You are on page 1of 295

‫بحار النوار‬

‫العلمة المجلسي ج ‪67‬‬

‫]‪[1‬‬

‫بحار النوار الجامعة لدرر أخبار الئمة الطهار تأليف العلم العلمة الحجة فخر‬
‫المة المولى الشيخ محمد باقر المجلسي " قدس ال سره " الجزء السابع‬
‫والستون دار إحياء التراث العربي بيروت لبنان الطبعة الثالثة المصححة‬
‫‪‍ 1403‬ه ‪ 1983 -‬م‬

‫]‪[1‬‬

‫بسم ال الرحمن الرحيم )‪) * (39‬باب( * * " )العدالة والخصال التى من كانت‬
‫فيه( " * * " )ظهرت عدالته‪ ،‬ووجبت اخوته‪ ،‬وحرمت غيبته( " * ‪- 1‬‬
‫ل‪ :‬أحمد بن إبراهيم بن بكر عن زيد بن محمد البغدادي‪ ،‬عن عبد ال ابن‬
‫أحمد بن عامر‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن الرضا‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬من عامل الناس فلم يظلمهم‪ ،‬وحدثهم فلم‬
‫يكذبهم‪ ،‬ووعدهم فلم يخلفهم‪ ،‬فهو ممن كملت مروته‪ ،‬وظهرت عدالته‪،‬‬
‫ووجبت اخوته‪ ،‬و حرمت غيبته )‪ .(1‬ن‪ :‬بالسانيد الثلثة مثله )‪ .(2‬صح‪:‬‬
‫عن الرضا‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم مثله )‪ - 2 .(3‬ل‪ :‬أبي‪ ،‬عن الكمنداني‪،‬‬
‫عن ابن عيسى‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن عبد ال ابن سنان‪ ،‬عن أبي عبد‬
‫ال عليه السلم قال‪ :‬ثلث من كن فيه أو جبن له أربعا على الناس‪ :‬من إذا‬
‫حدثهم لم يكذبهم‪ ،‬وإذا خالطهم لم يظلمهم‪ ،‬وإذا وعدهم لم يخلفهم‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .97‬عيون أخبار الرضا ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .30‬صحيفة‬
‫الرضا عليه السلم ص ‪.7‬‬

‫]‪[2‬‬

‫وجب أن يظهر في الناس عدالته‪ ،‬ويظهر فيهم مروته‪ ،‬وأن تحرم عليهم غيبته‪،‬‬
‫وأن تجب عليهم اخوته )‪ - 3 .(1‬لى‪ :‬ابن مسرور‪ ،‬عن ابن عامر‪ ،‬عن‬
‫عمه‪ ،‬عن الزدي‪ ،‬عن إبراهيم ابن زياد الكرخي‪ ،‬عن الصادق عليه السلم‬
‫قال‪ :‬من صلى خمس صلوات في اليوم والليلة في جماعة فظنوا به خيرا‪،‬‬
‫وأجيزوا شهادته )‪ - 4 .(2‬لى‪ :‬أبي‪ ،‬عن ابن قتيبة‪ ،‬عن حمدان بن‬
‫سليمان‪ ،‬عن نوح بن شعيب‪ ،‬عن محمد بن إسماعيل‪ ،‬عن صالح‪ ،‬عن‬
‫علقمة قال‪ :‬قال الصادق جعفر بن محمد عليهما السلم‪ :‬وقد قلت له‪ :‬يابن‬
‫رسول ال أخبرني عمن تقبل شهادته‪ ،‬ومن ل تقبل فقال‪ :‬يا علقمة كل من‬
‫كان على فطرة السلم جازت شهادته‪ ،‬قال‪ :‬فقلت له‪ :‬تقبل شهادة مقترف‬
‫بالذنوب ؟ فقال‪ :‬يا علقمة لو لم يقبل شهادة المقترفين للذنوب لما قبلت إل‬
‫شهادات النبياء والوصياء صلوات ال عليهم‪ ،‬لنهم هم المعصومون‬
‫دون سائر الخلق‪ ،‬فمن لم تره بعينك يرتكب ذنبا أو لم يشهد عليه بذلك‬
‫شاهدان‪ ،‬فهو من أهل العدالة والستر‪ ،‬وشهادته مقبولة‪ ،‬وإن كان في‬
‫نفسه مذنبا ومن اغتابه بما فيه فهو خارج عن ولية ال عزوجل داخل في‬
‫ولية الشيطان‪ ،‬ولقد حدثني أبي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم أن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله قال‪ :‬من اغتاب مؤمنا بما فيه‪ ،‬لم يجمع ال‬
‫بينهما في الجنة أبدا‪ ،‬ومن اغتاب مؤمنا بما ليس فيه انقطعت العصمة‬
‫بينهما وكان المغتاب في النار خالدا فيها وبئس المصير‪ .‬قال علقمة‪ :‬فقلت‬
‫للصادق عليه السلم‪ :‬يا ابن رسول ال إن الناس ينسبوننا إلى عظائم‬
‫المور‪ ،‬وقد ضاقت بذلك صدورنا‪ ،‬فقال عليه السلم‪ :‬يا علقمة إن رضا‬
‫الناس ل يملك‪ ،‬وألسنتهم ل تضبط‪ ،‬وكيف تسلمون مما لم يسلم منه أنبياء‬
‫ال ورسله وحجج ال عليهم السلم ألم ينسبوا يوسف عليه السلم إلى أنه‬
‫هم بالزنا ؟ ألم ينسبوا أيوب عليه السلم إلى أنه ابتلى بذنوبه ؟ ألم ينسبوا‬
‫داود عليه السلم إلى أنه تبع الطير حتى‬

‫)‪ (1‬الخصال‪ :‬ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .98‬أمالى الصدوق ص ‪.204‬‬

‫]‪[3‬‬

‫نظر إلى امرأة اوريا فهويها‪ ،‬وأنه قدم زوجها أمام التابوت حتى قتل ثم تزوج بها ؟‬
‫ألم ينسبوا موسى عليه السلم إلى أنه عنين وآذوه حتى برأه ال مما‬
‫قالوا ؟ وكان عند ال وجيها‪ ،‬ألم ينسبوا جميع أنبياء ال إلى أنهم سحرة‬
‫طلبة الدنيا ؟ ألم ينسبوا مريم بنت عمران عليهما السلم إلى أنها حملت‬
‫بعيسى من رجل نجار اسمه يوسف ؟ ألم ينسبوا نبينا محمدا صلى ال‬
‫عليه وآله إلى أنه شاعر مجنون ؟ ألم ينسبوه إلى أنه هوي امرأة زيد بن‬
‫حارثة فلم يزل بها حتى استخلصها لنفسه ؟ ألم ينسبوه يوم بدر‪ ،‬إلى أنه‬
‫أخذ لنفسه من المغنم قطيفة حمراء حتى أظهره ال عزوجل على القطيفة‬
‫وبرء نبيه عليه السلم من الخيانة وأنزل بذلك في كتابه " وما كان لنبي‬
‫أن يغل ومن يغلل يأت بما غل يوم القيمة " )‪ (1‬ألم ينسبوه إلى أنه عليه‬
‫السلم ينطق عن الهوى في ابن عمه علي عليه السلم حتى كذبهم ال‬
‫عزوجل فقال سبحانه‪ " :‬وما ينطق عن الهوى إن هو إل وحي يوحى " )‬
‫‪ (2‬ألم ينسبوه إلى الكذب في قوله أنه رسول من ال إليهم حتى أنزل ال‬
‫عزوجل عليه " ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا واوذوا‬
‫حتى أتيهم نصرنا " )‪ (3‬ولقد قال يوما‪ :‬عرج بي البارحة إلى السماء‪،‬‬
‫فقيل‪ :‬وال ما فارق فراشه طول ليلته‪ .‬وما قالوا في الوصياء أكثر من‬
‫ذلك‪ ،‬ألم ينسبوا سيد الوصياء عليه السلم إلى أنه كان يطلب الدنيا‬
‫والملك ؟ وأنه كان يوثر الفتنة على السكون ؟ وأنه يسفك دماء المسلمين‬
‫بغير حلها ؟ وأنه لو كان فيه خير ما امر خالد بن الوليد بضرب عنقه ؟ ألم‬
‫ينسبوه إلى أنه عليه السلم أراد أن يتزوج ابنة أبي جهل على فاطمة‬
‫عليها السلم وأن رسول ال صلى ال عليه وآله شكاه على المنبر إلى‬
‫المسلمين فقال‪ :‬إن عليا يريد أن يتزوج ابنة عدو ال على ابنة نبي ال !‬
‫أل إن فاطمة بضعة مني فمن آذاها فقد آذاني ومن سرها فقد سرني‪ ،‬ومن‬
‫غاظها فقد غاظني‪.‬‬

‫)‪ (1‬آل عمران‪ (2) .161 :‬النجم‪ (3) .3 :‬النعام‪.34 :‬‬

‫]‪[4‬‬

‫ثم قال الصادق عليه السلم‪ :‬يا علقمة ما أعجب أقاويل الناس في علي عليه السلم‬
‫؟ كم بين من يقول‪ :‬إنه رب معبود‪ ،‬وبين من يقول‪ :‬إنه عبد عاص‬
‫للمعبود‪ ،‬ولقد كان قول من ينسبه إلى العصيان أهون عليه من قول من‬
‫ينسبه إلى الربوبية يا علقمة ألم يقولوا ]في[ ال عزوجل‪ :‬إنه ثالث ثلثة ؟‬
‫ألم يشبهوه بخلقه ؟ ألم يقولوا‪ :‬إنه الدهر ؟ ألم يقولوا‪ :‬إنه الفلك ؟ ألم‬
‫يقولوا‪ :‬إنه جسم ؟ ألم يقولوا‪ :‬إنه صورة ؟ تعالى ال عن ذلك علوا كبيرا‪.‬‬
‫يا علقمة إن اللسنة التي يتناول ذات ال تعالى ذكره بما ل يليق بذاته‪،‬‬
‫كيف تحبس عن تناولكم بما تكرهونه " فاستعينوا بال واصبروا إن‬
‫الرض ل يورثها من يشآء من عباده والعاقبة للمتقين " فان بني‬
‫إسرائيل قالوا لموسى‪ " :‬اوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا " فقال‬
‫ال عزوجل‪ :‬قل لهم يا موسى‪ :‬عسى ربكم أن يهلك عدوكم ويستخلفكم في‬
‫الرض فينظر كيف تعملون )‪) * 40 .(1‬باب( * * " )ما به كمال‬
‫النسان‪ ،‬ومعنى المروة والفتوة( " * ‪ - 1‬مع‪ ،‬ل‪ :‬أحمد بن إبراهيم بن‬
‫الوليد‪ ،‬عن محمد بن أحمد الكاتب رفعه إلى أمير المؤمنين عليه السلم أنه‬
‫قال‪ :‬كمال الرجل بست خصال‪ :‬بأصغريه‪ ،‬وأكبريه وهيئتيه‪ ،‬فأما أصغراه‬
‫فقلبه ولسانه‪ ،‬إن قاتل قاتل بجنان‪ ،‬وإن تكلم تكلم بلسان وأما أكبراه فعقله‬
‫وهمته‪ ،‬وأما هيئتاه فماله وجماله )‪ - 2 .(2‬نهج‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه‬
‫السلم‪ :‬قدر الرجل على قدر همته‪ ،‬وصدقه على قدر مروته‪ ،‬وشجاعته‬
‫على قدر أنفته‪ ،‬وعفته على قدر غيرته )‪.(3‬‬
‫)‪ (1‬أمالى الصدوق‪ 63 :‬و ‪ ،64‬واليات في العراف‪ 128 :‬و ‪ (2) .129‬معاني‬
‫الخبار ص ‪ ،150‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ ،164‬وفيه " هيبتيه " بدل "‬
‫هيئتيه "‪ (3) .‬نهج البلغة تحت الرقم ‪ 47‬من الحكم‪.‬‬

‫]‪[5‬‬

‫‪ - 3‬مع‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن علي بن إبراهيم‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن محمد بن خالد البرقي عن‬
‫أبي قتادة القمي رفعه إلى أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬تذاكرنا أمر الفتوة‬
‫عنده فقال‪ :‬أتظنون أن الفتوة بالفسق والفجور ؟ إنما الفتوة طعام‬
‫موضوع‪ ،‬ونائل مبذول‪ ،‬وبشر معروف‪ ،‬وأذى مكفوف‪ ،‬فأما تلك فشطارة‬
‫وفسق‪ ،‬ثم قال‪ :‬ما المروة ؟ قلنا‪ :‬ل نعلم‪ ،‬قال‪ :‬المروة وال أن يضع الرجل‬
‫خوانه في فناء داره )‪) * 41 .(1‬باب( * * " )المنجيات والمهلكات( " *‬
‫‪ - 1‬ل‪ :‬ابن الوليد‪ ،‬عن الصفار‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن هارون بن‬
‫الجهم‪ ،‬عن ثوير بن أبي فاختة‪ ،‬عن المفضل بن صالح‪ ،‬عن سعد بن‬
‫طريف‪ ،‬عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلم قال‪ :‬ثلث‬
‫درجات‪ ،‬وثلث كفارات‪ ،‬وثلث موبقات‪ ،‬وثلث منجيات‪ ،‬فأما الدرجات‬
‫فإفشاء السلم‪ ،‬وإطعام الطعام‪ ،‬والصلة بالليل والناس نيام‪ ،‬والكفارات‬
‫إسباغ الوضوء في السبرات‪ ،‬والمشي بالليل والنهار إلى الصلوات‪،‬‬
‫والمحافظة على الجماعات‪ ،‬وأما الثلث الموبقات فشح مطاع وهوى متبع‪،‬‬
‫وإعجاب المرء بنفسه‪ ،‬وأما المنجيات فخوف ال في السر والعلنية‬
‫والقصد في الغنى والفقر‪ ،‬وكلمة العدل في الرضا والسخط )‪ .(2‬سن‪ :‬أبي‪،‬‬
‫عن هارون مثله )‪ .(3‬مع‪ :‬ابن الوليد‪ ،‬عن الصفار‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن‬
‫محمد البرقي‪ ،‬عن هارون ابن الجهم مثله إل أن فيه‪ :‬والمشي بالليل‬
‫والنهار إلى الجماعات‪ ،‬والمحافظة‬

‫)‪ (1‬معاني الخبار ص ‪ 119‬وفيه " بر معروف "‪ (2) .‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪(3) .41‬‬
‫المحاسن ص ‪ ،4‬وتراه في أمالي الصدوق ‪.329‬‬

‫]‪[6‬‬

‫على الصلوات )‪ - 2 .(1‬ل‪ :‬الخليل بن أحمد‪ ،‬عن ابن صاعد‪ ،‬عن يوسف بن موسى‬
‫القطان وأحمد بن منصور بن سيار معا‪ ،‬عن أحمد بن يونس‪ ،‬عن أيوب بن‬
‫عتبة‪ ،‬عن المفضل بن بكير‪ ،‬عن قتادة‪ ،‬عن أنس‪ ،‬عن رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله قال‪ :‬ثلث مهلكات وثلث منجيات‪ ،‬فالمنجيات خشية ال‬
‫عزوجل في السر والعلنية‪ ،‬والقصد في الفقر والغنى‪ ،‬والعدل في الرضا‬
‫والغضب‪ ،‬والثلث المهلكات شح مطاع‪ ،‬وهوى متبع وإعجاب المرء‬
‫بنفسه‪ ،‬وقد روي في حديث آخر عن الصادق عليه السلم أنه قال‪ :‬الشح‬
‫المطاع سوء الظن بال عزوجل )‪ .(2‬مع‪ :‬السبرات جمع سبرة وهو شدة‬
‫البرد وبها سمي الرجل سبرة )‪ - 3 .(3‬ل‪ :‬محمد بن علي بن الشاه‪ ،‬عن‬
‫أحمد بن محمد بن الحسين‪ ،‬عن أحمد بن خالد الخالدي‪ ،‬عن محمد بن‬
‫أحمد بن صالح‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن أنس بن محمد‪ ،‬عن أبيه عن جعفر بن‬
‫محمد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن علي بن أبي طالب صلوات ال عليهم‪ ،‬عن‬
‫النبي صلى ال عليه وآله أنه قال في وصيته له‪ :‬يا علي ثلث درجات‪،‬‬
‫وثلث كفارات‪ ،‬وثلث مهلكات‪ ،‬وثلث منجيات‪ ،‬فأما الدرجات فاسباغ‬
‫الوضوء في السبرات‪ ،‬وانتظار الصلة بعد الصلة‪ ،‬والمشي بالليل والنهار‬
‫إلى الجماعات‪ ،‬وأما الكفارات فإفشاء السلم وإطعام الطعام‪ ،‬والتهجد‬
‫بالليل والناس نيام‪ ،‬وأما المهلكات فشح مطاع‪ ،‬وهوى متبع‪ ،‬وإعجاب‬
‫المرء بنفسه‪ ،‬وأما المنجيات فخوف ال في السر والعلنية‪ ،‬والقصد في‬
‫الغنى والفقر‪ ،‬وكلمة العدل في الرضا والسخط )‪ .(4‬وفي حديث آخر عن‬
‫النبي صلى ال عليه وآله أنه لما سئل في المعراج‪ :‬فيما اختصم المل‬
‫العلى ؟ قال‪ :‬في الدرجات والكفارات قال‪ :‬فنوديت وما الدرجات‪ ،‬فقلت‪:‬‬

‫)‪ (1‬معاني الخبار ص ‪ (2) .314‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .42‬معاني الخبار ص‬


‫‪ (4) .314‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪.42‬‬

‫]‪[7‬‬

‫إسباغ الوضوء في السبرات‪ ،‬والمشي إلى الجماعات‪ ،‬وانتظار الصلة بعد الصلة‬
‫ووليتي وولية أهل بيتي حتى الممات‪ - 4 .‬ل‪ :‬ماجيلويه‪ ،‬عن عمه‪ ،‬عن‬
‫هارون‪ ،‬عن ابن زياد‪ ،‬عن جعفر بن محمد عن أبيه عليهما السلم أن‬
‫النبي صلى ال عليه وآله قال‪ :‬ثلث موبقات‪ :‬نكث الصفقة‪ ،‬وترك السنة‬
‫وفراق الجماعة‪ ،‬وثلث منجيات‪ :‬تكف لسانك‪ ،‬وتبكي على خطيئتك‪ ،‬وتلزم‬
‫بيتك )‪ - 5 .(1‬سن‪ :‬أبي‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن بزرج‪ ،‬عن الثمالي‪ ،‬عن‬
‫أبي عبد ال أو علي بن الحسين عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله‪ :‬ثلث منجيات وثلث مهلكات قالوا‪ :‬يارسول ال ما‬
‫المنجيات ؟ قال‪ :‬خوف ال في السر كأنك تراه‪ ،‬فان لم تكن تراه فانه يراك‪،‬‬
‫والعدل في الرضا والغضب‪ ،‬والقصد في الغنا والفقر‪ ،‬قالوا‪ :‬يا رسول ال‬
‫فما المهلكات ؟ قال‪ :‬هوى متبع‪ ،‬وشح مطاع‪ ،‬وإعجاب المرء بنفسه )‪.(2‬‬
‫ين‪ :‬ابن أبي عمير‪ ،‬بهذا السناد‪ ،‬عن علي بن الحسين عليه السلم مثله‪.‬‬
‫‪ - 6‬سن‪ :‬أبي‪ ،‬عن النوفلي‪ ،‬عن السكوني‪ ،‬عن الصادق‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن‬
‫علي عليهم السلم قال‪ :‬ثلث منجيات‪ :‬تكف لسانك‪ ،‬وتبكي على خطيئتك‪،‬‬
‫ويسعك بيتك‪ ،‬وقال عليه السلم‪ :‬طوبى لمن لزم بيته‪ ،‬وأكل قوته‪ ،‬واشتغل‬
‫بطاعة ربه‪ ،‬وبكى على خطيئته )‪ - 7 .(3‬سن‪ :‬محمد بن علي‪ ،‬عن الحسن‬
‫بن علي بن يوسف‪ ،‬عن سيف بن عميرة عن فيض بن المختار‪ ،‬عن أبي‬
‫عبد ال عليه السلم قال‪ :‬المنجيات‪ :‬إطعام الطعام‪ ،‬وإفشاء السلم‪،‬‬
‫والصلة بالليل والناس نيام )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .42‬المحاسن ص ‪ (3) .3‬المحاسن ص ‪(4) .4‬‬


‫المحاسن ص ‪.378‬‬

‫]‪[8‬‬

‫)‪) * (42‬باب( * * " )اصناف الناس‪ ،‬ومدح حسان الوجوه( " * * " )ومدح‬
‫البله( " * ‪ - 1‬يد‪ ،‬لى‪ :‬ابن موسى والقطان والسناني جميعا‪ ،‬عن ابن‬
‫زكريا القطان عن محمد بن العباس‪ ،‬عن محمد بن أبي السري‪ ،‬عن أحمد‬
‫بن عبد ال بن يونس‪ ،‬عن ابن طريف‪ ،‬عن ابن نباته قال‪ :‬لما جلس علي‬
‫عليه السلم بالخلفة‪ ،‬وبايعه الناس صعد المنبر وقال‪ :‬سلوني قبل أن‬
‫تفقدوني ! فقام إليه رجل من أقصى المسجد متوكئا على عكازة فلم يزل‬
‫يتخطا الناس حتى دنا منه‪ ،‬فقال‪ :‬يا أمير المؤمنين دلني على عمل إذا أنا‬
‫عملته نجاني ال من النار‪ ،‬فقال له‪ :‬اسمع يا هذا ثم افهم ثم استيقن قامت‬
‫الدنيا بثلثة‪ :‬بعالم ناطق مستعمل لعلمه‪ ،‬وبغني ل يبخل بماله على أهل‬
‫دين ال عزوجل‪ ،‬وبفقير صابر‪ ،‬فإذا كتم العالم علمه‪ ،‬وبخل الغني‪ ،‬ولم‬
‫يصبر الفقير‪ ،‬فعندها الويل والثبور‪ ،‬وعندها يعرف العارفون ل أن الدار‬
‫قد رجعت إلى بدئها أي إلى الكفر بعد اليمان‪ ،‬أيها السائل فل تغترن بكثرة‬
‫المساجد وجماعة أقوام أجسادهم مجتمعة‪ ،‬وقلوبهم شتى‪ .‬أيها الناس إنما‬
‫الناس ثلثة‪ :‬زاهد وراغب وصابر فأما الزاهد فل يفرح بشئ من الدنيا‬
‫أتاه‪ ،‬ول يحزن على شئ منها فاته‪ ،‬وأما الصابر فيتمناها بقلبه فان أدرك‬
‫منها شيئا صرف عنها نفسه لما يعلم من سوء عاقبتها‪ ،‬وأما الراغب فل‬
‫يبالي من حل أصابها أم من حرام‪ ،‬قال‪ :‬يا أمير المؤمنين فما علمة‬
‫المؤمن في ذلك الزمان ؟ قال‪ :‬ينظر إلى ما أوجب ال عليه من حق‬
‫فيتوله‪ ،‬وينظر إلى ما خالفه فيتبرأ منه‪ ،‬وإن كان حبيبا قريبا‪ ،‬قال‪ :‬صدقت‬
‫وال يا أمير المؤمنين ! ثم غاب الرجل فلم نره‪ ،‬فطلبه الناس فلم يجدوه‪،‬‬
‫فتبسم علي عليه السلم على المنبر ثم قال‪ :‬ما لكم هذا‬

‫]‪[9‬‬

‫أخي الخضر عليه السلم )‪ - 2 .(1‬مع‪ :‬أبي‪ ،‬عن الحميري‪ ،‬عن هارون‪ ،‬عن ابن‬
‫صدقة‪ ،‬عن جعفر بن محمد عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال النبي صلى‬
‫ال عليه وآله‪ :‬دخلت الجنة فرأيت أكثر أهلها البله‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬ما البله ؟‬
‫فقال‪ :‬العاقل في الخير‪ ،‬والغافل عن الشر‪ ،‬الذي يصوم في كل شهر ثلثة‬
‫أيام )‪ - 3 .(2‬ب‪ :‬هارون‪ ،‬عن ابن صدقة‪ ،‬عن جعفر‪ ،‬عن آبائه عليهم‬
‫السلم أن النبي صلى ال عليه آله قال‪ :‬دخلت الجنة فرأيت أكثر أهلها‬
‫البله‪ ،‬يعني بالبله المتغافل عن الشر‪ ،‬العاقل في الخير‪ ،‬والذين يصومون‬
‫ثلثة أيام في كل شهر )‪ - 4 .(3‬ما‪ :‬ابن المخلد‪ ،‬عن جعفر بن محمد بن‬
‫نصير الخالدي‪ ،‬عن القاسم بن محمد ابن حماد‪ ،‬عن جندل بن والق‪ ،‬عن‬
‫أبي مالك النصاري‪ ،‬عن أبي عبد الرحمن السدي‪ ،‬عن داود بن أبي هند‪،‬‬
‫عن أبي نضرة‪ ،‬عن أبي سعيد قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪:‬‬
‫اطلبوا الخير عند حسان الوجوه )‪ - 5 .(4‬ل‪ :‬أبي‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن البرقي‪،‬‬
‫عن الحسن بن علي بن فضال‪ ،‬عن ثعلبة‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم‬
‫قال‪ :‬الرجال ثلثة‪ :‬رجل بماله‪ ،‬ورجل بجاهه ورجل بلسانه‪ ،‬وهو أفضل‬
‫الثلثة )‪ - 6 .(5‬ل‪ :‬وبهذا السناد قال‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم‪:‬‬
‫الرجال ثلثة‪ :‬عاقل وأحمق وفاجر‪ ،‬فالعاقل‪ :‬الدين شريعته‪ ،‬والحلم‬
‫طبيعته‪ ،‬والرأي سجيته‪ ،‬إن سئل أجاب‪ ،‬وإن تكلم أصاب‪ ،‬وإن سمع وعى‪،‬‬
‫وإن حدث صدق‪ ،‬وإن أطمأن إليه أحد وفى‪ ،‬والحمق إن استنبه بجميل‬
‫غفل‪ ،‬وإن استنزل عن حسن ترك‬

‫)‪ (1‬أمالى الصدوق ص ‪ 206‬في حديث‪ (2) .‬معاني الخبار ص ‪ (3) .203‬قرب‬
‫السناد ص ‪ 50‬و ‪ (4) .51‬أمالى الطوسى ج ‪ 2‬ص ‪ (5) .8‬الخصال ج ‪1‬‬
‫ص ‪(*) .57‬‬

‫]‪[10‬‬

‫وإن حمل على جهل جهل‪ ،‬وإن حدث كذب‪ ،‬ل يفقه‪ ،‬وإن فقه لم يفقه‪ ،‬والفاجر إن‬
‫ائتمنته خانك‪ ،‬وإن صاحبته شأنك‪ ،‬وإن وثقت به لم ينصحك )‪ - 7 .(1‬ل‪:‬‬
‫أحمد بن محمد بن عبد الرحمن المقرئ‪ ،‬عن محمد بن جعفر الجرجاني‬
‫عن محمد بن الحسن الموصلي‪ ،‬عن محمد بن عاصم الطريفي‪ ،‬عن عياش‬
‫بن زيد بن الحسن‪ ،‬عن يزيد بن الحسن‪ ،‬عن موسى بن جعفر‪ ،‬عن أبيه‬
‫عليهما السلم قال‪ :‬الناس على أربعة أصناف‪ :‬جاهل متردي معانق لهواه‪،‬‬
‫وعابد متغوى كلما ازداد عبادة ازداد كبرا‪ ،‬وعالم يريد أن يوطأ عقباه‪،‬‬
‫ويحب محمدة الناس‪ ،‬وعارف على طريق الحق يحب القيام به فهو عاجز‬
‫أو مغلوب‪ ،‬فهذا أمثل أهل زمانك وأرجحهم عقل )‪ - 8 .(2‬ل‪ :‬أبي وابن‬
‫الوليد معا‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن النهدي رفعه إلى الحسن بن علي عليه السلم‬
‫قال‪ :‬الناس أربعة فمنهم من له خلق ول خلق ]له‪ ،‬ومنهم من له خلق ول‬
‫خلق له‪ ،‬قد ذهب الرابع وهو الذي ل خلق ول خلق له‪ ،‬وذلك شر الناس‬
‫ومنهم من له خلق وخلق[ فذلك خير الناس )‪ - 9 .(3‬ل‪ :‬ابن مسرور‪ ،‬عن‬
‫ابن بطة‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن أبيعه رفعه إلى زرارة ابن أوفى قال‪ :‬دخلت على‬
‫علي بن الحسين عليهما السلم فقال‪ :‬يا زرارة الناس في زماننا على ست‬
‫طبقات‪ :‬أسد‪ ،‬وذئب‪ ،‬وثعلب‪ ،‬وكلب‪ ،‬وخنزير‪ ،‬وشاة‪ :‬فأما السد فملوك‬
‫الدنيا يحب كل واحد منهم أن يغلب ول يغلب‪ ،‬وأما الذئب فتجاركم يذموا إذا‬
‫اشتروا‪ ،‬ويمدحوا إذا باعوا‪ ،‬وأما الثعلب فهؤلء الذين يأكلون بأديانهم ول‬
‫يكون في قلوبهم ما يصفون بألسنتهم‪ ،‬وأما الكلب يهر على الناس بلسانه‬
‫ويكرهه الناس من شره لسانه‪ ،‬وأما الخنزير فهؤلء المخنثون وأشباههم‬
‫ل يدعون إلى فاحشة إل أجابوا‪ ،‬وأما الشاة فالذين تجز شعورهم‪ ،‬ويؤكل‬
‫لحومهم‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .57‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .125‬الخصال ج ‪ 1‬ص‬


‫‪ ،112‬وما بين المعقوفتين ساقط من نسخة الكمبانى وهكذا من النسخة‬
‫المخطوطة‪.‬‬

‫]‪[11‬‬

‫ويكسر عظيم‪ ،‬فكيف تصنع الشاة بين أسد وذئب وثعلب وكلب وخنزير ؟ )‪- 10 .(1‬‬
‫ل‪ :‬أبي وابن الوليد معا عن محمد العطار وأحمد بن إدريس معا عن‬
‫الشعري‪ ،‬عن جعفر بن محمد بن عبد ال‪ ،‬عن ابن أبي يحيى الواسطي‪،‬‬
‫عمن ذكره أنه قال لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬أترى هذا الخلق كله من‬
‫الناس ؟ فقال‪ :‬الق منهم التارك للسواك‪ ،‬والمتربع في موضع الضيق‪،‬‬
‫والداخل فيما ل يعنيه‪ ،‬والمماري فيما ل علم له به‪ ،‬والمتمرض من غير‬
‫علة‪ ،‬والمتشعث من غير مصيبة‪ ،‬والمخالف على أصحابه في الحق وقد‬
‫اتفقوا عليه‪ ،‬والمفتخر يفتخر بآبائه وهو خلو من صالح أعمالهم فهو‬
‫بمنزلة الخلنج )‪ (2‬يقشر لحا عن لحا حتى يوصل إلى جوهريته‪ ،‬وهو كما‬
‫قال ال عزوجل " إن هم إل كالنعام بل هم أضل سبيل )‪ - 11 .(3‬ين‪:‬‬
‫بعض أصحابنا عن حنان بن سدير عن محمد بن طلحة عن زرارة عن أبي‬
‫جعفر عليه السلم قال‪ :‬سمعته يقول‪ :‬أيما عبد كان له صورة حسنة مع‬
‫موضع ل يشينه ثم تواضع ل كان من خالصة ال قال‪ :‬قلت‪ :‬ما موضع ل‬
‫يشينه ؟ قال‪ :‬ل يكون ضرب فيه سفاح‪ - 12 .‬ما‪ :‬جماعة‪ ،‬عن أبي‬
‫المفضل‪ ،‬عن عبد ال بن محمد بن عبيد‪ ،‬عن أبي الحسن الثالث عليه‬
‫السلم قال‪ :‬سمعته بسر من رأى يقول‪ :‬الغوغاء قتلة النبياء والعامة اسم‬
‫مشتق من العمى ما رضي ال أن شبههم بالنعام حتى قال " بل هم أضل‬
‫" )‪ - 13 .(4‬نهج‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم في صفة الغوغاء‪ :‬هم‬
‫الذين إذا اجتمعوا غلبوا‪ ،‬وإذا تفرقوا لم يعرفوا‪ ،‬وقيل‪ :‬بل قال‪ :‬إذا اجتمعوا‬
‫ضروا‪ ،‬وإذا تفرقوا نفعوا‪ ،‬فقيل‪ :‬قد علمنا مضرة اجتماعهم فما منفعة‬
‫افتراقهم ؟ فقال‪ :‬يرجع المهن‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .165‬الخلنج ‪ -‬كسمند ‪ -‬شجر كالطرفاء‪ ،‬زهره أحمر‬
‫وأصفر وأبيض‪ ،‬وحبه كالخردل وخشبه تصنع منها القصاع أصله‬
‫فارسي معرب‪ (3) .‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ ،39‬والية في الفرقان‪(4) .44 :‬‬
‫أمالي الطوسى ج ‪ 2‬ص ‪.226‬‬

‫]‪[12‬‬

‫إلى مهنهم‪ ،‬فينتفع الناس بهم كرجوع البناء إلى بنائه والنساج إلى منسجه‪ ،‬و‬
‫الخباز إلى مخبزه )‪ .(1‬وقال عليه السلم‪ :‬وقد اتي بجان ومعه غوغاء‬
‫فقال‪ :‬ل مرحبا بوجوه ل ترى إل عند كل سوءة )‪ - 14 .(2‬نهج‪ :‬من كلم‬
‫له عليه السلم‪ :‬شغل من الجنة والنار أمامه‪ ،‬ساع سريع نجا‪ ،‬وطالب‬
‫بطيئ رجا‪ ،‬ومقصر في النار هوى‪ ،‬اليمين والشمال مضلة‪ ،‬والطريق‬
‫الوسطى هي الجادة‪ ،‬عليها باقي الكتاب وآثار النبوة‪ ،‬ومنها منقذ السنة‪،‬‬
‫وإليها مصير العاقبة‪ ،‬هلك من ادعى‪ ،‬وخاب من افترى‪ ،‬من أبدى صفحته‬
‫للحق هلك عند جهلة الناس‪ ،‬وكفى بالمرء جهل أن ليعرف قدره‪ ،‬ل يهلك‬
‫على التقوى سنخ أصل‪ ،‬ول يظمأ عليها زرع قوم‪ ،‬فاستتروا ببيوتكم‪،‬‬
‫وأصلحوا ذات بينكم‪ ،‬والتوبة من ورائكم‪ ،‬فل يحمد حامد إل ربه‪ ،‬ول يلم‬
‫لئم إل نفسه )‪ - 15 .(3‬كتاب المامة والتبصرة‪ :‬عن القاسم بن علي‬
‫العلوي‪ ،‬عن محمد بن أبي عبد ال‪ ،‬عن سهل بن زياد‪ ،‬عن النوفلي‪ ،‬عن‬
‫السكوني‪ ،‬عن جعفر بن محمد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬طوبى لمن رآني‪ ،‬وطوبى لمن رآى من‬
‫رأني وطوبى لمن رآى من رآى من رأني‪ ،‬إلى السابع ثم سكت )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬نهج البلغة الرقم ‪ 199‬من الحكم‪ (2) .‬المصدر الرقم ‪ 200‬من الحكم‪(3) .‬‬
‫نهج البلغة الرقم ‪ 16‬من الخطب‪ (4) .‬رواه الصدوق في المالى ‪.241‬‬

‫]‪[13‬‬

‫)‪) (43‬باب( حب ال تعالى اليات‪ :‬البقرة‪ :‬ومن الناس من يتخذ من دون ال أندادا‬
‫يحبونهم كحب ال والذين آمنوا أشد حبا ل )‪ .(1‬آل عمران‪ :‬قل إن كنتم‬
‫تحبون ال فاتبعوني يحببكم ال ويغفر لكم ذنوبكم وال غفور رحيم )‪.(2‬‬
‫المائدة‪ :‬وقالت اليهود والنصارى نحن أبناء ال وأحباؤه قل فلم يعذبكم‬
‫بذنوبكم الية )‪ .(3‬وقال تعالى‪ :‬فسوف يأتي ال بقوم يحبهم ويحبونه )‪.(4‬‬
‫التوبة‪ :‬قل إن كان أباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال‬
‫اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من ال‬
‫ورسوله وجهاد في سبيله فتربصوا حتى يأتي ال بأمره وال ل يهدي‬
‫القوم الفاسقين )‪ .(5‬الشعراء‪ :‬فانهم عدو لي إل رب العالمين * الذي‬
‫خلقني فهو يهدين * والذي هو يطعمني ويسقين * وإذا مرضت فهو‬
‫يشفين * والذي يميتني ثم يحيين والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم‬
‫الدين )‪ .(6‬الجمعة‪ :‬قل يا أيها الذين هادوا إن زعمتم أنكم أولياء ال من‬
‫دون‬

‫)‪ (1‬البقرة‪ (2) .165 :‬آل عمران‪ (3) .31 :‬المائدة‪ (4) .20 :‬المائدة‪(5) .57 :‬‬
‫براءة‪ (6) .25 :‬الشعراء‪.81 - 77 :‬‬

‫]‪[14‬‬

‫الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين )‪ - 1 .(1‬لى‪ :‬الصائغ‪ ،‬عن محمد بن أيوب‪،‬‬
‫عن إبراهيم بن موسى‪ ،‬عن هشام ابن يوسف عن عبد ال بن سليمان‪،‬‬
‫عن محمد بن علي بن عبد ال بن عباس‪ ،‬عن أبيه عن ابن عباس قال‪:‬‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬أحبوا ال لما يغذوكم به من نعمة‪ ،‬و‬
‫أحبوني لحب ال عزوجل‪ ،‬وأحبوا أهل بيتي لحبي )‪ .(2‬ع‪ :‬محمد بن‬
‫الفضل‪ ،‬عن محمد بن إسحاق المذكر‪ ،‬عن أحمد بن العباس‪ ،‬عن أحمد بن‬
‫يحيى الكوفي‪ ،‬عن يحيى بن معين‪ ،‬عن هشام بن يوسف مثله )‪ .(3‬ما‪:‬‬
‫الفحام‪ ،‬عن المنصوري‪ ،‬عن عمر بن أبي موسى‪ ،‬عن عيسى بن أحمد عن‬
‫أبي الحسن الثالث‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن النبي صلى ال عليه وآله مثله )‪.(4‬‬
‫بشا‪ :‬أبو البركات عمر بن إبراهيم‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن أحمد‪ ،‬عن على‬
‫ابن عمر السكري‪ ،‬عن أحمد بن الحسن بن عبد الجبار‪ ،‬عن يحيى بن‬
‫معين مثله )‪ - 2 .(5‬لى‪ :‬أبي‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن ابن أبي الخطاب‪ ،‬عن محمد‬
‫بن سنان‪ ،‬عن المفضل‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬كان فيما ناجى‬
‫ال عزوجل به موسى بن عمران عليه السلم ]أن قال له‪ :‬يا ابن عمران !‬
‫كذب من زعم أنه يحبني فإذا جنه الليل نام عني أليس كل محب يحب خلوة‬
‫حبيبه ؟ ها أنا ذا يا ابن عمران[ )‪ (6‬مطلع على أحبائي إذا جنهم الليل‬
‫حولت أبصارهم من قلوبهم‪ ،‬ومثلت عقوبتي‬

‫)‪ (1‬الجمعة‪ ،6 :‬وفي النسخة المخطوطة بعد ذلك بياض نحو صفحة‪ ،‬وذلك لجل‬
‫كتابة التفسير ولم يكتب‪ (2) .‬أمالى الصدوق ص ‪ (3) .219‬علل الشرائع‬
‫ج ‪ 1‬ص ‪ (4) .113‬أمالى الطوسى ج ‪ 1‬ص ‪ (5) .285‬بشارة المصطفى‬
‫ص ‪ (6) .161‬ما بين العلمتين ساقط عن النسخة المخطوطة ونسخة‬
‫الكمبانى ج ‪ 67‬التصحيح بالعرض على المصدر‪.‬‬

‫]‪[15‬‬

‫بين أعينهم‪ ،‬يخاطبوني عن المشاهدة ويكلموني عن الحضور‪ ،‬يابن عمران هب لي‬


‫من قلبك الخشوع‪ ،‬ومن بدنك الخضوع‪ ،‬ومن عينك الدموع في ظلم الليل‪،‬‬
‫وادعني فانك تجدني قريبا مجيبا )‪ - 3 .(1‬لى‪ :‬ابن المتوكل‪ ،‬عن علي‪ ،‬عن‬
‫أبيه‪ ،‬عن ابن أبي عمير عمن سمع أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬ما أحب‬
‫ال عزوجل من عصاه ثم تمثل فقال‪ :‬تعصي الله وأنت تظهر حبه * هذا‬
‫محال في الفعال بديع لو كان حبك صادقا لطعته * إن المحب لمن يحب‬
‫مطيع )‪ - 4 .(2‬ثو‪ ،‬ل‪ :‬ماجيلويه‪ ،‬عن محمد العطار‪ ،‬عن الشعري‪ ،‬عن‬
‫سهل‪ ،‬عن إبراهيم بن داود اليعقوبي‪ ،‬عن أخيه سليمان باسناده رفعه قال‬
‫رجل للنبي صلى ال عليه وآله‪ :‬يارسول ال علمني شيئا إذا أنا فعلته‬
‫أحبني ال من السماء وأحبني الناس من الرض فقال له‪ :‬ارغب فيما عند‬
‫ال عزوجل يحبك ال‪ ،‬وازهد فيما عند الناس يحبك الناس )‪ - 5 .(3‬ل‪:‬‬
‫أبي‪ ،‬عن أحمد بن إدريس‪ ،‬عن الشعري‪ ،‬عن موسى بن جعفر البغدادي‪،‬‬
‫عن عبيد ال بن عبد ال بن عروة‪ ،‬عن شعيب‪ ،‬عن أبي بصير‪ ،‬عن أبي‬
‫عبد ال عليه السلم قال‪ :‬خمسة ل ينامون‪ :‬الهام بدم يسفكه )‪ (4‬وذو مال‬
‫كثير ل أمين له‪ ،‬والقائل في الناس الزور والبهتان عن عرض من الدنيا‬
‫يناله‪ ،‬والمأخوذ بالمال‬

‫)‪ (1‬أمالى الصدوق ص ‪ (2) .215‬أمالى الصدوق ص ‪ (3) .293‬الخصال ج ‪ 1‬ص‬


‫‪ (4) .32‬الهام جمع هامة وهى من طير الليل يألف المقابر وهو الصدى‬
‫وكانت العرب تزعم أن روح القتيل الذى ل يدرك بثأره تصير هامة وقيل‪:‬‬
‫يخلق من رأسه فتزقو عند قبره تقول‪ :‬اسقوني اسقوني فإذا ادرك بثاره‬
‫طارت‪ ،‬وهذا المعنى أراد جرير بقوله‪ :‬ومنا الذى أبكى صدى ابن مالك *‬
‫ونفر طيرا عن جعادة وقعا يقول قتل قاتله فنفرت الطير عن قبره‪.‬‬

‫]‪[16‬‬

‫الكثير ول مال له‪ ،‬والمحب حبيبا يتوقع فراقه )‪ - 6 .(1‬ما‪ :‬المفيد‪ ،‬عن التمار‪ ،‬عن‬
‫محمد بن القاسم النباري‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن الحسين بن سليمان‪ ،‬عن أبي‬
‫جعفر الطائي‪ ،‬عن وهب بن منبه قال‪ :‬قرأت في الزبور‪ :‬يا داود اسمع مني‬
‫ما أقول ‪ -‬والحق أقول ‪ :-‬من أتاني وهو يحبني أدخلته الجنة‪ ،‬الخبر )‪.(2‬‬
‫‪ - 7‬ع‪ :‬ابن المتوكل‪ ،‬عن السعد آبادي‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن عبد العظيم‬
‫الحسنى‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن عبد ال بن الفضل‪ ،‬عن شيخ من أهل‬
‫الكوفة‪ ،‬عن جده من قبل امه واسمه سليمان بن عبد ال الهاشمي قال‪:‬‬
‫سمعت محمد بن علي عليه السلم يقول‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله للناس وهم مجتمعون عنده‪ :‬أحبوا ال لما يغذوكم به من نعمة‪،‬‬
‫وأحبوني ل عزوجل ]وأحبوا[ قرابتي لي )‪ - 8 .(3‬ع‪ :‬طاهر بن محمد بن‬
‫إدريس‪ ،‬عن محمد بن عثمان الهروي‪ ،‬عن الحسن بن مهاجر‪ ،‬عن هشام‬
‫بن خالد‪ ،‬عن الحسن بن يحيى‪ ،‬عن صدقة بن عبد ال‪ ،‬عن هشام عن‬
‫أنس‪ ،‬عن النبي صلى ال عليه وآله‪ ،‬عن جبرئيل قال‪ :‬قال ال تبارك‬
‫وتعالى‪ :‬من أهان لي وليا فقد بارزني بالمحاربة‪ ،‬وما ترددت في شئ أنا‬
‫فاعله ما ترددت في قبض نفس المؤمن يكره الموت وأكره مساءته ول بد‬
‫له منه‪ ،‬وما يتقرب إلى عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه‪ ،‬ول يزال عبدي‬
‫يبتهل إلي حتى احبه ومن أحببته كنت له سمعا وبصرا ويدا وموئل‪ ،‬إن‬
‫دعاني أجبته وإن سألني أعطيته‪ ،‬وإن من عبادي المؤمن لمن يريد الباب‬
‫من العبادة فأكفه عنه لئل يدخله عجب ويفسده‪ ،‬وإن من عبادي المؤمنين‬
‫لمن ل يصلح إيمانه إل بالفقر ولو أغنيته لفسده ذلك‪ ،‬وإن من عبادي‬
‫المؤمنين لمن ل يصلح إيمانه إل بالغنى ولو أفقرته لفسده ذلك‪ ،‬وإن من‬
‫عبادي المؤمنين لمن ل يصلح إيمانه إل بالسقم‪ ،‬ولو صححت‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .142‬أمالى الطوسى ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .105‬علل الشرائع‬
‫ج ‪ 2‬ص ‪ 287‬وفي نسخة الصل رمز أمالى الصدوق وهو سهو‪.‬‬

‫]‪[17‬‬

‫جسمه لفسده ذلك‪ ،‬وإن من عبادي المؤمنين لمن ل يصلح إيمانه إل بالصحة ولو‬
‫أسقمته لفسده ذلك أني إدبر عبادي بعلمي بقلوبهم فاني عليم خيبر )‪.(1‬‬
‫بيان‪ :‬قال الشهيد طاب ثراه في قواعده في حديث القدسي‪ " :‬ما ترددت في‬
‫شئ أنا فاعله "‪ ..‬فان التردد على ال محال غير أنه لما جرت العادة أن‬
‫يتردد من يعظم الشخص ويكرمه في مساءته نحو الوالدين والصديق وأن‬
‫ل يتردد في مساءة من ل يكرمه ول يعظمه كالعدو والحية والعقرب بل إذا‬
‫خطر بالبال مساءته أوقعها من غير تردد‪ ،‬فصار التردد ل يقع إل في‬
‫موضع التعظيم والهتمام وعدمه ل يقع إل في موضع الحتقار وعدم‬
‫المبالة فحينئذ دل الحديث على تعظيم ال للمؤمن وشرف منزلته عنده‬
‫فعبر باللفظ المركب عما يلزمه‪ ،‬وليس مذكورا في اللفظ وإنما هو بالرادة‬
‫والقصد فكان معنى الحديث حينئذ " منزلة عبدي المؤمن عظيمة ومرتبته‬
‫" رفيعة فدل على تصرف النية في ذلك كله‪ .‬وقد أجاب بعض من عاصرناه‬
‫عن هذا الحديث بأن التردد إنما هو في السباب بمعنى أن ال يظهر‬
‫للمؤمن أسبابا يغلب على ظنه دنو الوفاة بها ليصير على الستعداد التام‬
‫للخرة ثم يظهر له أسبابا تبسط في أمله فيرجع إلى عمارة دنياه بما لبد‬
‫منه‪ ،‬ولما كانت هذه بصورة التردد ]أطلق عليها ذلك استعارة‪ ،‬وإذ كان‬
‫العبد المتعلق بتلك السباب بصورة المتردد[ أسند التردد إليه تعالى من‬
‫حيث أنه فاعل للتردد في العبد‪ ،‬وقيل‪ :‬إنه تعالى ل يزال يورد على المؤمن‬
‫سبب الموت حال بعد حال ليؤثر المؤمن الموت فيقبضه مريدا له‪ ،‬وإيراد‬
‫تلك الحوال المراد بها غاياتها من غير تعجيل بالغايات‪ ،‬من القادر على‬
‫التعجيل يكون ترددا بالنسبة إلى القادر من المخلوقين فهو بصورة المتردد‬
‫وإن لم يكن ثم ترددا ويؤيده الخبر المروي عن إبراهيم عليه السلم لما‬
‫أتاه ملك الموت ليقبض روحه وكره ذلك أخره ال إلى أن رأى شيخا هما‬
‫يأكل ولعابه يسيل على لحيته فاستفظع ذلك وأحب الموت وكذلك موسى‬
‫عليه السلم )‪ - 9 .(2‬ع‪ :‬السناني‪ ،‬عن محمد بن هارون‪ ،‬عن عبيد ال بن‬
‫موسى الحبال‪ ،‬عن محمد‬

‫)‪ (1‬علل الشرائع ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .12‬قد كانت النسخة مصحفة جدا صححناها‬
‫بالعرض على المصدر ص ‪.272‬‬

‫]‪[18‬‬

‫ابن الحسين الخشاب‪ ،‬عن محمد بن الحسن‪ ،‬عن يونس بن ظبيان قال‪ :‬قال الصادق‬
‫عليه السلم‪ :‬إن الناس يعبدون ال عزوجل على ثلثة أوجه‪ :‬فطبقة‬
‫يعبدونه رغبة إلى ثوابه فتلك عبادة الحرصاء‪ ،‬وهو الطمع‪ ،‬وآخرون‬
‫يعبدونه خوفا من النار فتلك عبادة العبيد‪ ،‬وهي الرهبة‪ ،‬ولكني أعبده حبا‬
‫له فتلك عبادة الكرام‪ ،‬وهو المن لقوله تعالى‪ " :‬وهم من فزع يومئذ‬
‫آمنون " )‪ " (1‬قل إن كنتم تحبون ال فاتبعوني يحببكم ال ويغفر لكم‬
‫ذنوبكم " )‪ (2‬فمن أحب ال عزوجل أحبه ال ومن أحبه ال عزوجل كان‬
‫من المنين )‪ - 10 .(3‬مع‪ :‬ماجيلويه‪ ،‬عن عمه‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن محمد‬
‫بن سنان‪ ،‬عن المفضل عن ابن ظبيان‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪:‬‬
‫من أحب أن يعلم ماله عند ال فليعلم ما ل عنده الخبر )‪ - 11 .(4‬ل‪:‬‬
‫الربعمائة قال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬من أراد منكم أن يعلم كيف‬
‫منزلته عند ال فلينظر كيف منزلة ال منه عند الذنوب كذلك منزلته عند‬
‫ال تبارك وتعالى )‪ - 12 .(5‬ما‪ :‬جماعة‪ ،‬عن أبي المفضل‪ ،‬عن محمد بن‬
‫جعفر الرزاز‪ ،‬عن أيوب ابن نوح بن دراج‪ ،‬عن الرضا‪ ،‬عن آبائه عليهم‬
‫السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬أوحى ال عزوجل إلى‬
‫نجيه موسى‪ :‬احببني وحببني إلى خلقي ! قال‪ :‬يا رب هذا احبك فكيف‬
‫احببك إلى خلقك ؟ قال‪ :‬اذكر لهم نعماي عليهم‪ ،‬وبلي عندهم‪ ،‬فانهم ل‬
‫يذكرون أو ل يعرفون مني إل كل الخير )‪.(1‬‬

‫)‪ (1‬النمل‪ (2) .89 :‬آل عمران‪ (3) .31 :‬علل الشرائع ج ‪ 1‬ص ‪ (4) .12‬معاني‬
‫الخبار ص ‪ (5) .236‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ (6) .159‬أمالى الطوسى ج ‪2‬‬
‫ص ‪.98‬‬

‫]‪[19‬‬

‫‪ - 13‬ل‪ :‬ابن الوليد‪ ،‬عن الصفار‪ ،‬عن اليقطيني‪ ،‬عن زكريا المؤمن‪ ،‬عن علي بن‬
‫أبي نعيم‪ ،‬عن أبي حمزة‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬إن ال تبارك‬
‫وتعالى يقول‪ :‬ابن آدم تطولت عليك بثلثة‪ :‬سترت عليك ما لو يعلم به أهلك‬
‫ما واروك وأوسعت عليك فاستقرضت منك فلم تقدم خيرا‪ ،‬وجعلت لك نظرة‬
‫عند موتك في ثلثك فلم تقدم خيرا )‪ - 14 .(1‬ما‪ :‬ابن مخلد‪ ،‬عن محمد بن‬
‫عمرو بن البختري‪ ،‬عن محمد بن يونس‪ ،‬عن عون بن عمارة‪ ،‬عن‬
‫سليمان بن عمران‪ ،‬عن أبي حازم المدني‪ ،‬عن ابن عباس في قوله تعالى‪:‬‬
‫" وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة " قال‪ :‬الظاهر السلم والباطنة ستر‬
‫الذنوب )‪ - 15 .(2‬ما‪ :‬جماعة‪ ،‬عن أبي المفضل‪ ،‬عن الحسن بن آدم‪ ،‬عن‬
‫الفضل بن يونس‪ ،‬عن محمد بن عكاشة‪ ،‬عن عمرو بن هاشم‪ ،‬عن جويبر‬
‫بن سعيد‪ ،‬عن الضحاك ابن مزاحم‪ ،‬عن علي عليه السلم والضحاك‪ ،‬عن‬
‫ابن عباس رضي ال عنه قال في قول ال تعالى‪ " :‬وأسبغ عليكم نعمه‬
‫ظاهرة وباطنة " قال‪ :‬أما الظاهرة فالسلم وما أفضل عليكم في الرزق‪،‬‬
‫وأما الباطنة فما ستره عليك من مساوي عملك )‪ - 16 .(3‬ما‪ :‬جماعة‪ ،‬عن‬
‫أبي المفضل‪ ،‬عن علي بن إسماعيل بن يونس‪ ،‬عن إبراهيم بن جابر‪ ،‬عن‬
‫عبد الرحيم الكرخي‪ ،‬عن هشام بن حسان‪ ،‬عن همام بن عروة‪ ،‬عن أبيه‪،‬‬
‫عن عايشة قالت‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬من لم يعلم فضل نعم‬
‫ال عليه إل في مطعمه ومشربه فقد قصر علمه ودنا عذابه )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .67‬أمالى الطوسى ج ‪ 2‬ص ‪ 6‬والية في لقمان‪) .20 :‬‬
‫‪ (3‬امالي الطوسى ج ‪ 2‬ص ‪ (4) .104‬أمالى الطوسى ج ‪ 2‬ص ‪.105‬‬

‫]‪[20‬‬

‫‪ - 17‬ما‪ :‬جماعة‪ ،‬عن أبي المفضل‪ ،‬عن عبد ال بن الحسين العلوي‪ ،‬عن جده‬
‫إبراهيم بن علي‪ ،‬عن أبيه علي بن عبيد ال قال‪ :‬حدثني شيخان بران من‬
‫أهلنا سيدان‪ ،‬عن موسى بن جعفر‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده أبي جعفر‪ ،‬عن أبيه‬
‫عليهم السلم وحدثنيه الحسين بن زيد بن علي ذو الدمعة‪ ،‬عن عمه عمر‬
‫بن علي‪ ،‬عن أخيه عن أبيه‪ ،‬عن جده الحسين صلى ال عليهم‪ .‬وقال أبو‬
‫جعفر عليه السلم‪ :‬حدثني عبد ال بن العباس وجابر بن عبد ال‬
‫النصاري وكان بدريا احديا شجريا )‪ (1‬وممن يحظ من أصحاب رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله في مودة أمير المؤمنين عليه السلم قالوا‪ :‬بينا رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله في مسجده في رهط من أصحابه فيهم أبو بكر‬
‫وأبو عبيدة وعمر وعثمان وعبد الرحمن ورجلن من قراء الصحابة من‬
‫المهاجرين عبد ال بن ام عبد ومن النصار ابي بن كعب وكانا بدريين فقرأ‬
‫عبد ال من السورة التي يذكر فيها لقمان حتى أتى على هذه الية "‬
‫وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنة " )‪ (2‬الية وقرأ ابي من السورة التي‬
‫يذكر فيها إبراهيم عليه السلم " وذكرهم بأيام ال أن في ذلك ليات لكل‬
‫صبار شكور " )‪ (3‬قالوا‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬آيام ال‬
‫نعماؤه وبلؤه ومثلته سبحانه ثم أقبل صلى ال عليه وآله على من شهده‬
‫من أصحابه فقال‪ :‬إني لتخولكم بالموعظة تخول مخافة السأمة عليكم‪،‬‬
‫وقد أوحى إلي ربي جل وتعالى أن اذكركم بأنعمه‪ ،‬وانذركم بما أفيض )‪(4‬‬
‫عليكم من كتابه‪ ،‬وتل " وأسبغ عليكم نعمه " الية ثم قال لهم‪ :‬قولوا الن‬
‫قولكم ما أول نعمة رغبكم ال فيها وبلكم بها ؟‬

‫)‪ (1‬نسبة إلى الشجرة‪ ،‬شجرة السمرة التى بايعهم رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫على أن ل يفروا في غزوة الحديبية‪ ،‬فسميت بيعة الرضوان لقوله تعالى‬
‫فيه‪ " :‬لقد رضى ال عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في‬
‫قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا "‪ (2) .‬لقمان‪(3) .20 :‬‬
‫ابراهيم‪ (4) .5 :‬في المصدر‪ :‬أقتص‪.‬‬

‫]‪[21‬‬

‫فخاض القوم جميعا فذكروا نعم ال التي أنعم عليهم وأحسن إليهم بها من المعاش‬
‫والرياش والذرية والزواج إلى ساير ما بلهم ال عزوجل به من أنعمه‬
‫الظاهرة‪ ،‬فلما أمسك القوم أقبل رسول ال صلى ال عليه وآله على علي‬
‫عليه السلم فقال‪ :‬يا أبا الحسن قل ! فقد قال أصحابك‪ ،‬فقال‪ :‬وكيف لي‬
‫بالقول فداك أبي وامي ؟ وإنما هدانا ال بك ؟ قال‪ :‬ومع ذلك فهات قل ! ما‬
‫أول نعمة بلك ال عزوجل وأنعم عليك بها ؟ قال‪ :‬أن خلقني جل ثناؤه ولم‬
‫أك شيئا مذكورا قال‪ :‬صدقت فما الثانية ؟ قال‪ :‬أن أحسن بي إذ خلقني‬
‫فجعلني حيا ل مواتا‪ ،‬قال‪ :‬صدقت فما الثالثة ؟ قال‪ :‬أن أنشأني فله الحمد‬
‫في أحسن صورة وأعدل تركيب قال‪ :‬صدقت فما الرابعة ؟ قال‪ :‬أن جعلني‬
‫متفكرا واعيا ل بلها ساهيا قال‪ :‬صدقت فما الخامسة ؟ قال‪ :‬أن جعل لي‬
‫شواعر أدرك ما ابتغيت بها وجعل لي سراجا منيرا‪ ،‬قال‪ :‬صدقت فما‬
‫السادسة ؟ قال‪ :‬أن هداني لدينه ولم يضلني عن سبيله‪ ،‬قال‪ :‬صدقت فما‬
‫السابعة ؟ قال‪ :‬أن جعل لي مردا في حياة ل انقطاع لها‪ ،‬قال‪ :‬صدقت فما‬
‫الثامنة ؟ قال‪ :‬أن جعلني ملكا مالكا ل مملوكا قال‪ :‬صدقت فما التاسعة ؟‬
‫قال‪ :‬أن سخر لي سماءه وأرضه وما فيهما وما بينهما من خلقه‪ ،‬قال‪:‬‬
‫صدقت فما العاشرة ؟ قال‪ :‬أن جعلنا سبحانه ذكرانا قواما على حلئلنا ل‬
‫إناثا‪ ،‬قال‪ :‬صدقت فما بعد هذا ؟ قال‪ :‬كثرت نعم ال يا نبى ال فطابت‪ ،‬وإن‬
‫تعدوا نعمة ال ل تحصوها‪ .‬فتبسم رسول ال صلى ال عليه وآله وقال‪:‬‬
‫لتهنك الحكمة ليهنك العلم يابا الحسن فأنت وارث علمي والمبين لمتي ما‬
‫اختلفت فيه من بعدي‪ ،‬من أحبك لدينك وأخذ بسبيلك فهو ممن هدي إلى‬
‫صراط مستقيم ومن رغب عن هداك وأبغضك وتخلك لقي ال يوم القيامة‬
‫ل خلق له )‪ - 18 .(1‬ص‪ :‬الصدوق‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن أحمد بن‬
‫محمد‪ ،‬عن عمرو بن‬

‫)‪ (1‬أمالى الطوسي ج ‪ 2‬ص ‪ 105‬و ‪.106‬‬

‫]‪[22‬‬

‫عثمان‪ ،‬عن أبي جميلة‪ ،‬عن جابر‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬أوحى ال تعالى‬
‫إلى موسى عليه السلم‪ :‬احببني وحببني إلى خلقي قال موسى‪ :‬يا رب إنك‬
‫لتعلم أنه ليس أحد أحب إلي منك فكيف لي بقلوب العباد ؟ فأوحى ال إليه‬
‫فذكرهم نعمتي وآلئي فانهم ل يذكرون مني إل خيرا‪ - 19 .‬ص‪ :‬الصدوق‪،‬‬
‫عن أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن أحمد ابن النضر‪ ،‬عن‬
‫إسرائيل رفعه إلى النبي صلى ال عليه وآله قال‪ :‬قال ال عزوجل لداود‬
‫عليه السلم‪ :‬أحببني وحببني إلى خلقي ! قال‪ :‬يا رب نعم أنا احبك فكيف‬
‫احببك إلى خلقك ؟ قال‪ :‬اذكر أيادي عندهم‪ ،‬فانك إذا ذكرت ذلك لهم‬
‫أحبوني‪ - 20 .‬سن‪ :‬أبي رفعه قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬من أراد‬
‫أن يعلم ما له عند ال فلينظر ما ل عنده )‪ .(1‬سن‪ :‬النوفلي‪ ،‬عن‬
‫السكوني‪ ،‬عن الصادق‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن النبي صلوات ال عليهم مثله )‪.(2‬‬
‫‪ - 21‬سن‪ :‬عبد الرحمان بن حماد‪ ،‬عن حنان بن سدير‪ ،‬عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬قال ال‪ :‬ما تحبب‬
‫إلي عبدي بشئ أحب إلي مما افترضته عليه‪ ،‬وإنه ليتحبب إلي بالنافلة‬
‫حتى احبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به‪ ،‬وبصره الذي يبصر به‪،‬‬
‫ولسانه الذي ينطق به‪ ،‬ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها‪ ،‬إذا‬
‫دعاني أجبته‪ ،‬وإذا سألني أعطيته‪ ،‬وما ترددت في شئ أنا فاعله كترددي‬
‫في موت المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته )‪ - 22 .(3‬مص‪ :‬قال‬
‫الصادق عليه السلم‪ :‬نجوى العارفين تدور على ثلثة اصول‪ :‬الخوف‬
‫والرجاء والحب‪ ،‬فالخوف فرع العلم‪ ،‬والرجاء فرع اليقين‪ ،‬والحب فرع‬
‫المعرفة‪ ،‬فدليل الخوف الهرب‪ ،‬ودليل الرجاء الطلب‪ ،‬ودليل الحب إيثار‬
‫المحبوب على ما سواه‪ ،‬فإذا تحقق العلم في الصدر خاف ]فإذا كثر المرء‬
‫في المعرفة خاف[‬

‫)‪ 1‬و ‪ (2‬المحاسن ص ‪ (3) .252‬المحاسن ‪.291‬‬

‫]‪[23‬‬

‫وإذا صح الخوف هرب‪ ،‬وإذا هرب نجا‪ ،‬وإذا أشرق نور اليقين في القلب شاهد‬
‫الفضل‪ ،‬وإذا تمكن من رؤية الفضل رجا‪ ،‬وإذا وجد حلوة الرجاء طلب‪،‬‬
‫وإذا وفق للطلب وجد‪ ،‬وإذا تجلى ضياء المعرفة في الفؤاد هاج ريح‬
‫المحبة‪ ،‬وإذا هاج ريح المحبة استأنس ظلل المحبوب‪ ،‬وآثر المحبوب‬
‫على ما سواه‪ ،‬وباشر أوامره ]وأجتنب نواهيه واختارهما على كل شئ‬
‫غيرهما‪ ،‬وإذا استقام على بساط النس بالمحبوب مع أداء أوامره واجتناب‬
‫نواهيه[ )‪ (1‬وصل إلى روح المناجاة والقرب ومثال هذه الصول الثلثة‬
‫كالحرم والمسجد والكعبة‪ ،‬فمن دخل الحرم أمن من الخلق‪ ،‬ومن دخل‬
‫المسجد أمنت جوارحه أن يستعملها في المعصية‪ ،‬ومن دخل الكعبة أمن‬
‫قلبه من أن يشغله بغير ذكر ال‪ .‬فانظر أيها المؤمن فان كانت حالتك حالة‬
‫ترضاها لحلول الموت‪ ،‬فاشكر ال على توفيقه وعصمته‪ ،‬وإن تكن الخرى‬
‫فانتقل عنها بصحة العزيمة‪ ،‬واندم على ما سلف من عمرك في الغفلة‪،‬‬
‫واستعن بال على تطهير الظاهر من الذنوب‪ ،‬وتنظيف الباطن من العيوب‪،‬‬
‫واقطع زيادة الغفلة عن نفسك‪ ،‬واطف نار الشهوة من نفسك )‪- 23 .(2‬‬
‫مص‪ :‬قال الصادق عليه السلم‪ :‬حب ال إذا أضاء على سر عبد أخله عن‬
‫كل شاغل وكل ذكر سوى ال عند ظلمة‪ ،‬والمحب أخلص الناس سر ال‪،‬‬
‫وأصدقهم قول‪ ،‬وأوفاهم عهدا‪ ،‬وأزكاهم عمل‪ ،‬وأصفاهم ذكرا‪ ،‬وأعبدهم‬
‫نفسا تتباهى الملئكة عند مناجاته وتفتخر برؤيته‪ ،‬وبه يعمر ال تعالى‬
‫بلده‪ ،‬وبكرامته يكرم عباده‪ ،‬يعطيهم إذا سألوه بحقه‪ ،‬ويدفع عنهم البليا‬
‫برحمته‪ ،‬فلو علم الخلق ما محله عند ال ومنزلته لديه ما تقربوا إلى ال‬
‫إل بتراب قدميه‪ .‬قال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬حب ال نار ل يمر على‬
‫شئ إل احترق ونور ال ل يطلع على شئ إل أضاء‪ ،‬وسحاب )‪ (3‬ال ما‬
‫يظهر من تحته شئ إل غطاه وريح ال ما تهب في شئ إل حركته‪ ،‬وماء‬
‫ال يحيى به كل شئ‪ ،‬وأرض ال‬
‫)‪ (1‬ما بين العلمتين ساقط من نسخة الكمبانى‪ (2) .‬مصباح الشريعة ص ‪ 2‬و ‪) .3‬‬
‫‪ (3‬سماء ال خ‪.‬‬

‫]‪[24‬‬

‫ينبت منها كل شئ‪ ،‬فمن أحب ال أعطاه كل شئ من المال والملك‪ .‬قال النبي صلى‬
‫ال عليه وآله‪ :‬إذا أحب ال عبدا من امتي قذف في قلوب أصفيائه وأرواح‬
‫ملئكته وسكان عرشه محبته ليحبوه فذلك المحب حقا‪ ،‬طوبى له ثم طوبى‬
‫له‪ ،‬وله عند ال شفاعة يوم القيامة )‪ - 24 .(1‬مص‪ :‬قال الصادق عليه‬
‫السلم‪ :‬المشتاق ل يشتهي طعاما‪ ،‬ول يلتذ بشراب ول يستطيب رقادا‪ ،‬ول‬
‫يأنس حميما‪ ،‬ول يأوي دارا‪ ،‬ول يسكن عمرانا‪ ،‬ول يلبس لينا‪ ،‬ول يقر‬
‫قرارا‪ ،‬ويعبد ال ليل ونهارا‪ ،‬راجيا أن يصير إلى ما اشتاق إليه‪ ،‬ويناجيه‬
‫بلسان شوقه معبرا عما في سريرته‪ ،‬كما أخبر ال عزوجل عن موسى‬
‫عليه السلم في ميعاد ربه بقوله‪ " :‬وعجلت إليك رب لترضى " )‪(2‬‬
‫وفسر النبي صلى ال عليه وآله عن حاله أنه ل أكل ول شرب ول نام ول‬
‫اشتهى شيئا من ذلك في ذهابه ومجيئه أربعين يوما‪ ،‬شوقا إلى ال‬
‫عزوجل‪ ،‬فإذا دخلت ميدان الشوق فكبر على نفسك ومرادك من الدنيا‪،‬‬
‫وودع جميع المألوفات‪ ،‬وأحرم )‪ (3‬عن سوى معشوقك‪ ،‬قد ولت بين‬
‫حياتك وموتك )‪ (4‬لبيك اللهم لبيك‪ ،‬أعظم ال أجرك‪ ،‬ومثل المشتاق مثل‬
‫الغريق ليس له همة إل خلصه وقد نسي كل شئ دونه )‪ - 25 .(5‬تم‪:‬‬
‫روى الحسين بن سيف صاحب الصادق عليه السلم في كتاب أصله الذي‬

‫)‪ (1‬مصباح الشريعة ص ‪ (2) .64‬طه‪ (3) .84 :‬في المصدر‪ :‬واصرفه عن سوى‬
‫مشوقك‪ ،‬وهو تصحيف‪ (4) .‬كذا في نسخة الكمبانى والنسخة المخطوطة‪،‬‬
‫وفي المصدر " ولب بين حياتك وموتك " من التلبية‪ ،‬ول وجه له‪ ،‬ولعل‬
‫الصحيح " فدولب " من الدولب‪ ،‬أي طوفوا بين الحياة والموت كما‬
‫تطوف بين الصفا والمروة‪ ،‬أو الصحيح " هرولت " من الهرولة وهى‬
‫السعي بين الصفا والمروة‪ (5) .‬المصدر ص ‪.65‬‬

‫]‪[25‬‬

‫أسنده إليه قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬ل يمحض رجل اليمان بال‬
‫حتى يكون ال أحب إليه من نفسه وأبيه وامه وولده وأهله وماله ومن‬
‫الناس كلهم‪ - 26 .‬نص‪ :‬علي بن الحسين‪ ،‬عن هارون بن موسى‪ ،‬عن‬
‫محمد بن همام‪ ،‬عن الحميري‪ ،‬عن عمر بن علي العبدي‪ ،‬عن داود الرقي‪،‬‬
‫عن ابن ظبيان‪ ،‬عن الصادق عليه السلم قال‪ :‬إن اولي اللباب الذين‬
‫عملوا بالفكرة‪ ،‬حتى ورثوا منه حب ال‪ ،‬فان حب ال إذا ورثه القلب‬
‫واستضاء به أسرع إليه اللطف‪ ،‬فإذا نزل اللطف صار من أهل الفوائد‪ ،‬فإذا‬
‫صار من أهل الفوائد تكلم بالحكمة ]وإذا تكلم بالحكمة[ صار صاحب فطنة‪،‬‬
‫فإذا نزل منزلة الفطنة عمل في القدرة‪ ،‬فإذا عمل في القدرة عرف الطباق‬
‫السبعة‪ ،‬فإذا بلغ هذه المنزلة صار يتقلب في فكر بلطف وحكمة وبيان‪ ،‬فإذا‬
‫بلغ هذه المنزلة جعل شهوته ومحبته في خالقه‪ ،‬فإذا فعل ذلك نزل المنزلة‬
‫الكبرى فعاين ربه في قلبه‪ ،‬وورث الحكمة بغير ما ورثه الحكماء وورث‬
‫العلم بغير ما ورثه العلماء‪ ،‬وورث الصدق بغير ما ورثه الصديقون‪ .‬إن‬
‫الحكماء ورثوا الحكمة بالصمت‪ ،‬وإن العلماء ورثوا العلم بالطلب وإن‬
‫الصديقين ورثوا الصدق بالخشوع وطول العبادة‪ ،‬فمن أخذه بهذه المسيرة‬
‫إما أن يسفل وإما أن يرفع وأكثرهم الذي يسفل ول يرفع‪ ،‬إذا لم يرع حق‬
‫ال ولم يعمل بما أمر به‪ ،‬فهذه صفة من لم يعرف ال حق معرفته ولم‬
‫يحبه حق محبته‪ ،‬فل يغرنك صلتهم وصيامهم ورواياتهم وعلومهم فانهم‬
‫حمر مسنفرة‪ .‬أقول‪ :‬تمامه في أبواب النصوص على الئمة عليهم السلم‪.‬‬
‫‪ - 27‬جع‪ :‬قال علي عليه السلم‪ :‬من أحب أن يعلم كيف منزلته عند ال ؟‬
‫فلينظر كيف منزلة ال عنده فان كل من خير له أمران‪ :‬أمر الدنيا وأمر‬
‫الخرة فاختار أمر الخرة على الدنيا‪ ،‬فذلك الذي يحب ال‪ ،‬ومن اختار أمر‬
‫الدنيا فذلك الذي ل منزلة ل عنده‪ .‬وقال الصادق عليه السلم‪ :‬القلب حرم‬
‫ال فل تسكن حرم ال غير ال )‪.(1‬‬

‫)‪ (1‬جامع الخبار ص ‪.28‬‬

‫]‪[26‬‬

‫‪ - 28‬مسكن الفؤاد‪ :‬للشهيد الثاني رفع ال مقامه‪ :‬في أخبار داود عليه السلم يا‬
‫داود أبلغ أهل أرضي أني حبيب من أحبني‪ ،‬وجليس من جالسني‪ ،‬ومونس‬
‫لمن أنس بذكري‪ ،‬وصاحب لمن صاحبني‪ ،‬ومختار لمن اختارني‪ ،‬ومطيع‬
‫لمن أطاعني‪ ،‬ما أحبني أحد أعلم ذلك يقينا من قلبه إل قبلته لنفسي‪،‬‬
‫وأحببته حبا ل يتقدمه أحد من خلقي‪ ،‬من طلبني بالحق وجدني ومن طلب‬
‫غيري لم يجدني فارفضوا يا أهل الرض ما أنتم عليه من غرورها‪،‬‬
‫وهلموا إلى كرامتي ومصاحبتي ومجالستي ومؤانستي‪ ،‬وآنسوني اؤنسكم‪،‬‬
‫واسارع إلى محبتكم‪ .‬وأوحى ال إلى بعض الصديقين أن لي عبادا من‬
‫عبيدي يحبوني واحبهم ويشتاقون إلي وأشتاق إليهم‪ ،‬ويذكروني وأذكرهم‪،‬‬
‫فان أخذت طريقهم أحببتك وإن عدلت عنهم مقتك‪ .‬قال‪ :‬يا رب وما‬
‫علمتهم ؟ قال‪ :‬يراعون الظلل بالنهار كما يراعي الشفيق غنمه‪ ،‬ويحنون‬
‫إلى غروب الشمس كما تحن الطير إلى أوكارها عند الغروب‪ ،‬فإذا جنهم‬
‫الليل‪ ،‬واختلط الظلم‪ ،‬وفرشت الفرش‪ ،‬ونصبت السرة‪ ،‬وخل كل حبيب‬
‫بحبيبه‪ ،‬نصبوا إلى أقدامهم‪ ،‬وافترشوا إلي وجوههم‪ ،‬وناجوني بكلمي‬
‫وتملقوني بأنعامي‪ ،‬مابين صارخ وباك‪ ،‬وبين متأوه وشاك‪ ،‬وبين قائم‬
‫وقاعد وبين راكع وساجد‪ ،‬بعيني ما يتحملوني من أجلي‪ ،‬وبسمعي ما‬
‫يشكون من حبي‪ .‬أول ما اعطيهم ثلثا‪ :‬الول أقذف من نوري في قلوبهم‪،‬‬
‫فيخبرون عني كما اخبر عنهم‪ ،‬والثاني لو كانت السماوات والرضون وما‬
‫فيهما من مواريثهم لستقللتها لهم‪ ،‬والثالث أقبل بوجهي عليهم‪ ،‬أفترى‬
‫من أقبلت عليه بوجهي يعلم أحد ما اريد أن اعطيه ؟ ‪ - 29‬اعلم الدين‬
‫للديلمي‪ :‬روي أن موسى عليه السلم قال‪ :‬يا رب أخبرني عن آية رضاك‬
‫عن عبدك‪ ،‬فأوحى ال تعالى إليه‪ :‬إذا رأيتني اهيئ عبدي لطاعتي وأصرفه‬
‫عن معصيتي‪ ،‬فذلك آية رضاي‪.‬‬

‫]‪[27‬‬

‫وفي رواية اخرى‪ :‬إذا رأيت نفسك تحب المساكين‪ ،‬وتبغض الجبارين فذلك آية‬
‫رضاي‪) 44 .‬باب( * " )القلب وصلحه وفساده‪ ،‬ومعنى السمع والبصر(‬
‫" * * " )والنطق والحياة الحقيقيات( " * اليات‪ ،‬البقرة‪ :‬ختم ال على‬
‫قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة )‪ (1‬وقال تعالى‪ :‬في قلوبهم‬
‫مرض فزادهم ال مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون )‪ (2‬وقال تعال‪:‬‬
‫صم بكم عمى فهم ل يرجعون )‪ (3‬وقال تعالى‪ :‬صم بكم عمي فهم ل‬
‫يعقلون )‪ (4‬ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهى كالحجارة أو أشد قسوة وإن‬
‫من الحجارة لما يتفجر منه النهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء‬
‫وإن منها لما يهبط من خشية ال وما ال بغافل عما تعملون )‪ (5‬وقال‬
‫تعالى‪ :‬واشربوا في قلوبهم العجل بكفرهم )‪ (6‬وقال‪ :‬تشابهت قلوبهم )‪.(7‬‬
‫آل عمران‪ :‬فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه )‪ (8‬وقال‬
‫تعالى‪ :‬ربنا ل تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا )‪ .(9‬المائدة‪ :‬وحسبوا أن ل تكون‬
‫فتنة فعموا وصموا ثم تاب ال عليهم ثم عموا وصموا كثير منهم وال‬
‫بصير بما يعملون )‪ (10‬وقال تعالى‪ :‬وجعلنا قلوبهم قاسية )‪ (11‬وقال‬
‫تعالى‪ :‬اولئك الذين لم يرد ال أن يطهر قلوبهم )‪.(12‬‬

‫)‪ (1‬البقرة‪ (6 - 2) .6 :‬البقرة‪ 10 :‬و ‪ 18‬و ‪ 171‬و ‪ 73‬و ‪ 93‬و ‪ 119‬على‬


‫الترتيب‪ (9 - 7) .‬آل عمران‪ 7 :‬و ‪ (12 - 10) .8‬المائدة‪.41 ،13 ،71 :‬‬
‫)*(‬

‫]‪[28‬‬
‫النعام‪ :‬إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم ال ثم إليه يرجعون )‪ (1‬وقال‬
‫تعالى‪ :‬والذين كذبوا بآياتنا صم وبكم في الظلمات )‪ (2‬وقال تعالى‪ :‬وجعلنا‬
‫على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا )‪ (3‬وقال‪ :‬ولكن قست‬
‫قلوبهم )‪ (4‬وقال‪ :‬قل أرأيتم إن أخذ ال سمعكم وأبصاركم وختم على‬
‫قلوبكم من إله غير ال يأتيكم به )‪ (5‬وقال تعالى‪ :‬فمن يرد ال أن يهديه‬
‫يشرح صدره للسلم ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا كأنما‬
‫يصعد في السماء كذلك يجعل ال الرجس على الذين ل يؤمنون )‪.(6‬‬
‫العراف‪ :‬ونطبع على قلوبهم فهم ل يسمعون )‪ (7‬وقال‪ :‬كذلك يطبع ال‬
‫على قلوب الكافرين )‪ (8‬وقال تعالى‪ :‬لهم قلوب ل يفقهون بها ولهم أعين‬
‫ل يبصرون بها ولم آذان ل يسمعون بها اولئك كالنعام بل هم أضل اولئك‬
‫هم الغافلون )‪ .(9‬النفال‪ :‬واعلموا أن ال يحول بين المرء وقلبه )‪(10‬‬
‫وقال‪ :‬إذ يقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض غر هؤلء دينهم )‪.(11‬‬
‫التوبة‪ :‬وطبع على قلوبهم فهم ل يفقهون )‪ (12‬وقال تعالى‪ :‬وطبع ال‬
‫على قلوبهم فهم ل يعلمون )‪ (13‬وقال سبحانه‪ :‬وأما الذين في قلوبهم‬
‫مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون )‪ (14‬وقال تعالى‪:‬‬
‫ثم انصرفوا صرف ال قلوبهم بأنهم قوم ل يفقهون )‪ .(15‬يونس‪ :‬ومنهم‬
‫من يستمعون إليك أفأنت تسمع الصم ولو كانوا ل يعقلون * ومنه من‬
‫يظنر إليك أفأنت تهدي العمي ولو كانوا ل يبصرون )‪ (16‬وقال‪ :‬إن في‬
‫ذلك ليات لقوم يسمعون )‪ (17‬وقال تعالى‪ :‬كذلك نطبع على قلوب‬
‫المعتدين )‪.(18‬‬

‫)‪ (6 - 1‬النعام‪ (9 - 7) .125 ،46 ،43 ،25 ،38 ،36 :‬العراف‪،100 ،99 :‬‬
‫‪ (11 - 10) .178‬النفال‪ (15 - 12) .50 ،24 :‬براءة‪،125 ،94 ،88 :‬‬
‫‪ (18 - 16) .128‬يونس‪.74 ،67 ،42 :‬‬

‫]‪[29‬‬

‫هود‪ :‬ما كانوا يستطيعون السمع وما كانوا يبصرون )‪ (1‬وقال تعالى‪ :‬مثل الفريقين‬
‫كالعمى والصم والبصير والسميع هل يستويان مثل أفل تذكرون )‪.(2‬‬
‫الرعد‪ :‬قل هل يستوي العمى والبصير أم هل يستوي الظلمات والنور إلى‬
‫قوله تعالى‪ :‬أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها فاحتمل السيل زبدا‬
‫رابيا ومما توقدون عليه في النار ابتغاء حلية أو متاع زبد مثله كذلك‬
‫يضرب ال الحق والباطل فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس‬
‫فيمكث في الرض كذلك يضرب ال المثال إلى قوله سبحانه‪ :‬أفمن يعلم‬
‫أنما انزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى إنما يتذكر اولوا اللباب )‪(3‬‬
‫وقال تعالى‪ :‬الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر ال أل بذكر ال تطمئن‬
‫القلوب )‪ .(4‬النحل‪ :‬أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون )‪ (5‬وقال‬
‫تعالى‪ :‬إن في ذلك ليات لقوم يسمعون )‪ (6‬وقال تعالى‪ :‬من عمل صالحا‬
‫من ذكر أو انثى وهو مؤمن فلنحيينه حيوة طيبة )‪ .(7‬أسرى‪ :‬ومن كان في‬
‫هذه أعمى فهو في الخرة أعمى وأضل سبيل )‪ .(8‬الكهف‪ :‬وربطنا على‬
‫قلوبهم )‪ (9‬وقال تعالى‪ :‬ول تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه‬
‫وكان أمره فرطا )‪ .(10‬النبياء‪ :‬لهية قلوبهم )‪ (11‬وقال تعالى‪ :‬قل إنما‬
‫انذركم بالوحي ول يسمع الصم الدعاء إذا ما ينذرون )‪ .(12‬الحج‪ :‬وبشر‬
‫المخبتين * الذين إذا ذكر ال وجلت قلوبهم )‪ (13‬وقال‬

‫)‪ (2 - 1‬هود‪ 20 :‬و ‪ 3) .24‬و ‪ (4‬الرعد‪ (7 - 5) .28 - 16 :‬النحل‪،65 ،21 :‬‬


‫‪ (8) .97‬أسرى‪ (10 - 9) .72 :‬الكهف‪ (12 - 11) .28 ،14 :‬النبياء‪:‬‬
‫‪ (13) .45 ،3‬الحج‪ 24 :‬و ‪.35‬‬

‫]‪[30‬‬

‫تعالى‪ :‬أفلم يسيروا في الرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها‬
‫فانها ل تعمى البصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور )‪ (1‬وقال‬
‫تعالى‪ :‬ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض والقاسية‬
‫قلوبهم )‪ .(2‬الفرقان‪ :‬أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون * إن هم إل‬
‫كالنعام بلهم أضل سبيل )‪ (3‬وقال تعالى‪ :‬والذين إذا ذكروا بآيات ربهم لم‬
‫يخروا عليها صما وعميانا )‪ .(4‬الشعراء‪ :‬يوم ل ينفع مال ول بنون إل من‬
‫أتى ال بقلب سليم )‪ (5‬وقال تعالى‪ :‬قالوا سواء علينا أوعظت أم لم تكن‬
‫من الواعظين )‪ (6‬وقال تعالى‪ :‬نزل به الروح المين على قلبك )‪ (7‬وقال‬
‫تعالى‪ :‬كذلك سلكناه في قلوب المجرمين ل يؤمنون به حتى يروا العذاب‬
‫الليم )‪ .(8‬النمل‪ :‬إنك ل تسمع الموتى ول تسمع الصم الدعاء إذا ولوا‬
‫مدبرين * وما أنت بهادي العمي عن ضللتهم إن تسمع إل من يؤمن‬
‫بآياتنا فهم مسلمون )‪] .(9‬الروم‪ :‬فانك ل تسمع الموتى ول تسمع الصم‬
‫الدعاء إذا ولود مدبرين وما أنت بهادي العمي عن ضللتهم إن تسمع إل‬
‫من يؤمن بآياتنا فهم مسلمون[ )‪ (10‬إلى قوله تعالى‪ :‬كذلك يطبع ال على‬
‫قلوب الذين ل يعلمون‪ .‬لقمان‪ :‬وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم‬
‫يسمعها كأن في اذنيه‬

‫)‪ (2 - 1‬الحج‪ (4 - 3) .53 ،46 :‬الفرقان‪ (8 - 5) .73 ،44 :‬الشعراء‪،136 ،89 :‬‬
‫‪ (9) .200 ،193‬النمل‪ 80 :‬و ‪ (10) .81‬ما بين العلمتين موجود في‬
‫نسخة الصل مضروبا عليه بالخط الحمر‪ ،‬وفيها بدل " الروم "‪ " :‬إلى‬
‫قوله تعالى " فاستظهرنا أن مصحح النسخة قد اشتبه عليه التيان في‬
‫سورة الروم ‪ 52‬و ‪ 53‬والنمل‪ ،‬فضرب على آيتى الروم زعما منه بأنهما‬
‫مكررتان‪ ،‬وقوله تعالى‪ " :‬كذلك يطبع ال على قلوب الذين ل يعلمون "‬
‫في سورة الروم ‪ ،58‬ل في النمل‪.‬‬

‫]‪[31‬‬

‫وقرا )‪ .(1‬التنزيل‪ :‬إن في ذلك لية لقوم يسمعون )‪ .(2‬الحزاب‪ :‬ما جعل ال لرجل‬
‫من قلبين في جوفه )‪ (3‬وقال تعالى‪ :‬وبلغت القلوب الحناجر )‪ (4‬وقال‬
‫تعالى‪ :‬وإذ تقول المنافقون والذين في قلوبهم مرض ما وعدنا ال ورسوله‬
‫إل غرورا )‪ (5‬وقال تعالى‪ :‬وقذف في قلوبهم الرعب )‪ (6‬وقال تعالى‪ :‬وال‬
‫يعلم ما في قلوبكم )‪ (7‬وقال تعالى‪ :‬ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن )‪ (8‬وقال‪:‬‬
‫لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض )‪ .(9‬فاطر‪ :‬وما يستوي‬
‫العمى والبصير ول الظلمات ول النور ول الظل ول الحرور وما يستوي‬
‫الحياء ول الموات إن ال يسمع من يشاء وما أنت بمسمع من في القبور‬
‫)‪ .(10‬يس‪ :‬وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا فأغشيناهم فهم ل‬
‫يبصرون )‪ (11‬وقال تعالى‪ :‬لينذر من كان حيا )‪ .(12‬الصافات‪ :‬وإن من‬
‫شيعته لبراهيم * إذ جاء ربه بقلب سليم )‪ .(13‬الزمر‪ :‬أفمن شرح ال‬
‫صدره للسلم فهو على نور من ربه فويل للقاسية قلوبهم من ذكر ال‬
‫اولئك في ضلل مبين * ال نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر‬
‫منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر ال )‪.(14‬‬

‫)‪ (1‬لقمان‪ (2) .7 :‬التنزيل‪ (9 - 3) .26 :‬الحزاب‪،53 ،51 ،26 ،12 ،10 ،4 :‬‬
‫‪ (10) .60‬فاطر‪ 11) .22 - 19 :‬و ‪ (12‬يس‪ 9 :‬و ‪ (13) .70‬الصافات‪:‬‬
‫‪ 83‬و ‪ (14) .84‬الزمر‪.22 - 21 :‬‬

‫]‪[32‬‬

‫المؤمن‪ :‬كذلك يطبع ال على كل قلب متكبر جبار )‪ (1‬وقال تعالى‪ :‬وما يستوي‬
‫العمى والبصير والذين آمنوا وعملوا الصالحات ول المسئ قليل ما‬
‫تتذكرون )‪ .(2‬السجدة‪ :‬فأعرض أكثرهم فهم ل يسمعون * وقالوا قلوبنا‬
‫في أكنة مما تدعوننا وفي آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب فاعمل إننا‬
‫عاملون )‪ (3‬وقال‪ :‬والذين ل يؤمنون في آذانهم وقر وهو عليهم عمى‬
‫اولئك ينادون من مكان بعيد )‪ .(4‬الزخرف‪ :‬أفأنت تسمع الصم أو تهدي‬
‫العمي ومن كان في ضلل مبين )‪ .(5‬الجاثية‪ :‬أفرأيت من اتخذ إلهه هواه‬
‫وأضله ال على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة‬
‫فمن يهديه من بعد ال أفل تذكرون )‪ .(6‬محمد‪ :‬ومنهم من يستمع إليك‬
‫حتى إذا خرجوا من عندك قالوا للذين اوتوا العلم ماذا قال آنفا اولئك الذين‬
‫طبع ال على قلوبهم واتبعوا أهوائهم )‪ (7‬وقال تعالى‪ :‬اولئك الذين لعنهم‬
‫ال فأصمهم وأعمى أبصارهم * أفل يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها‬
‫)‪ .(8‬الفتح‪ :‬هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع‬
‫إيمانهم )‪ .(9‬الحجرات‪ :‬اولئك الذين امتحن ال قلوبهم للتقوى )‪.(10‬‬

‫)‪ 1‬و ‪ (2‬المؤمن‪ 3) .58 ،35 :‬و ‪ (4‬السجدة‪ 4 :‬و ‪ (5) .44 ،5‬الزخرف‪(6) .40 :‬‬
‫الجاثية‪ 7) .23 :‬و ‪ (8‬القتال‪ (9) .23 ،16 :‬الفتح‪ (10) .4 :‬الحجرات‪:‬‬
‫‪.3‬‬

‫]‪[33‬‬

‫ق‪ :‬وجاء بقلب منيب )‪ (1‬وقال تعالى‪ :‬إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى‬
‫السمع وهو شهيد )‪ .(2‬الحديد‪ :‬ألم يأن للذين آمنوا آن تخشع قلوبهم لذكر‬
‫ال وما نزل من الحق ول يكونوا كالذين اوتوا الكتاب من قبل فطال عليهم‬
‫المد فقست قلوبهم وكثير منهم فاسقون )‪ .(3‬المجادلة‪ :‬اولئك كتب في‬
‫قلوبهم اليمان وأيدهم بروح منه )‪ .(4‬الصف‪ :‬فلما زاغوا أزاغ ال قلوبهم‬
‫)‪ .(5‬المنافقين‪ :‬فطبع على قلوبهم فهم ل يفقهون إلى قوله تعالى‪ :‬كأنهم‬
‫خشب مسندة )‪ .(6‬التغابن‪ :‬ومن يؤمن بال يهد قلبه )‪ .(7‬الملك‪ :‬وقالوا لو‬
‫كنا نسمع أو نعقل ماكنا في أصحاب السعير )‪ (8‬و قال تعالى‪ :‬أفمن يمشي‬
‫مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم )‪ .(9‬الم‬
‫نشرح‪ :‬ألم نشرح لك صدرك‪ - 1 .‬كا‪ :‬عن علي بن إبراهيم‪ ،‬عن ابن أبي‬
‫عمير‪ ،‬عن حماد‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬مامن قلب إل وله‬
‫اذنان على إحداهما ملك مرشد‪ ،‬وعلى الخرى شيطان مفتن‪ ،‬هذا يأمره‬
‫وهذا يزجره‪ :‬الشيطان يأمره بالمعاصي والملك يزجره عنها‬

‫)‪ 1‬و ‪ (2‬ق‪ (3) .37 ،33 :‬الحديد‪ (4) .16 :‬المجادلة‪ (5) .21 :‬الصف‪(6) .5 :‬‬
‫المنافقون‪ (7) .4 - 3 :‬التغابن‪ 8) .11 :‬و ‪ (9‬الملك‪.22 ،11 :‬‬

‫]‪[34‬‬

‫وهو قول ال عزوجل " عن اليمين وعن الشمال قعيد * ما يلفظ من قول إل لديه‬
‫رقيب عتيد " )‪ .(1‬تبيين‪ :‬اعلم أن معرفة القلب وحقيقته وصفاته مما خفي‬
‫على أكثر الخلق ولم يبين أئمتنا عليهم السلم ذلك إل بكنايات وإشارات‪،‬‬
‫والحوط لنا أن نكتفي من ذلك بما بينوه لنا من صلحه وفساده‪ ،‬وآفاته‬
‫ودرجاته‪ ،‬ونسعى في تكميل هذه ‪ -‬الخلقة العجيبة واللطيفة الربانية‪،‬‬
‫وتهذيبها عن الصفات الذميمة الشيطانية‪ ،‬وتحليتها بالخلق الملكية‬
‫الروحانية‪ ،‬لنستعد بذلك للعروج إلى أعلى مدارج الكمال وإفاضة المعارف‬
‫من حضرة ذي الجلل‪ ،‬ول يتوقف ذلك على معرفة حقيقة القلب ابتداء فانه‬
‫لو كان متوقفا على ذلك لوضح موالينا وأئمتنا عليهم السلم لنا ذلك‬
‫بأوضح البيان‪ ،‬وحيث لم يبينوا ذلك لنا فالحوط بنا أن نسكت عما سكت‬
‫عنه الكريم المنان‪ ،‬لكن نذكر هنا بعض ما قيل في هذا المقام‪ ،‬ونكتفي بذلك‬
‫وال المستعان‪ .‬فاعلم أن المشهور بين الحكماء ومن يسلك مسلكهم أن‬
‫المراد بالقلب النفس الناطقة‪ ،‬وهي جوهر روحاني متسوط بين العالم‬
‫الروحاني الصرف‪ ،‬والعالم ‪ -‬الجسماني‪ ،‬يفعل فيما دونه‪ ،‬وينفعل عما‬
‫فوقه‪ ،‬وإثبات الذن له على الستعارة والتشبيه‪ .‬قال بعض المحققين‪:‬‬
‫القلب شرف النسان وفضيلته التي بها فاق جملة من أصناف الخلق‬
‫باستعداده لمعرفة ال سبحانه‪ ،‬التي في الدنيا جماله وكماله وفخره وفي‬
‫الخرة عدته وذخره‪ ،‬وإنما استعد للمعرفة بقلبه ل بجارحة من جوارحه‬
‫فالقلب هو العالم بال‪ ،‬وهو العامل ل‪ ،‬وهو الساعي إلى ال‪ ،‬وهو‬
‫المتقرب إليه وإنما الجوارح أتباع له وخدم‪ ،‬وآلت يستخدمها القلب‪،‬‬
‫ويستعملها استعمال الملك للعبيد‪ ،‬واستخدام الراعي للرعية‪ ،‬والصانع‬
‫لللة‪ .‬والقلب هو المقبول عند ال إذا سلم من غير ال‪ ،‬وهو المحجوب‬
‫عن ال إذا صار مستغرقا بغير ال‪ ،‬وهو المطالب والمخاطب‪ ،‬وهو المثاب‬
‫والمعاقب‪ ،‬وهو الذي‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ ،266‬والية في سورة ق‪.18 :‬‬

‫]‪[35‬‬

‫يستسعد بالقرب من ال تعالى فيفلح إذا زكاه‪ ،‬وهو الذي يخيب ويشقى إذا دنسه‬
‫ودساه‪ .‬وهو المطيع ل بالحقيقة به‪ ،‬وإنما الذي ينتشر على الجوارح من‬
‫العبادات أنواره‪ ،‬وهو العاصي المتمرد على ال‪ ،‬وإنما الساري على‬
‫العضاء من الفواحش آثاره‪ ،‬وباظلمه واستنارته تظهر محاسن الظاهر‬
‫ومساويه إذ كل إناء يترشح بما فيه‪ .‬وهو الذي إذا عرفه النسان فقد‬
‫عرف نفسه‪ ،‬وإذا عرف نفسه فقد عرف ربه وهو الذي إذا جهله النسان‬
‫فقد جهل نفسه‪ ،‬وإذا جهل نفسه فقد جهل ربه ومن جهل بقلبه فهو بغيره‬
‫أجهل‪ ،‬وأكثر الخلق جاهلون بقلوبهم وأنفسهم‪ ،‬وقد حيل بينهم وبين‬
‫أنفسهم‪ ،‬فان ال يحول بين المرء وقلبه‪ ،‬وحيلولته بأن ل يوفقه لمشاهدته‬
‫ومراقبته ومعرفة صفاته وكيفية تقلبه بين أصبعين من أصابع الرحمن‬
‫وأنه كيف يهوى مرة إلى أسفل السافلين‪ ،‬ويتخفض إلى افق الشياطين‪،‬‬
‫وكيف يرتفع اخرى إلى أعلى عليين‪ ،‬ويرتقي إلى عالم الملئكة المقربين‪.‬‬
‫ومن لم يعرف قلبه ليراقبه ويراعيه‪ ،‬ويترصد ما يلوح من خزائن الملكوت‬
‫عليه وفيه‪ ،‬فهو ممن قال ال تعالى فيه‪ " :‬ول تكونوا كالذين نسوا ال‬
‫فأنساهم أنفسهم اولئك هم الفاسقون " )‪ (1‬فمعرفة القلب وحقيقة أوصافه‬
‫أصل الدين وأساس طريق السالكين‪ .‬فإذا عرفت ذلك فاعلم أن النفس‬
‫والروح والقلب والعقل ألفاظ متقاربة المعاني فالقلب يطلق لمعنيين أحدهما‬
‫اللحم الصنوبري الشكل المودع في الجانب اليسر من الصدر‪ ،‬وهو لحم‬
‫مخصوص‪ ،‬وفي باطنه تجويف‪ ،‬وفي ذلك التجويف دم أسود وهو منبع‬
‫الروح ومعدنه‪ ،‬وهذا القلب موجود للبهائم‪ ،‬بل هو موجود للميت‪ .‬والمعنى‬
‫الثاني هو لطيفة ربانية روحانية‪ ،‬لها بهذا القلب الجسماني تعلق وقد‬
‫تحيرت عقول أكثر الخلق في إدراك وجه علقته‪ ،‬فان تعلقها به يضاهي‬
‫تعلق‬

‫)‪ (1‬الحشر‪.19 :‬‬

‫]‪[36‬‬

‫العراض بالجسام‪ ،‬والوصاف بالموصوفات‪ ،‬أو تعلق المستعمل لللة باللة أو‬
‫تعلق المتمكن بالمكان‪ ،‬وتحقيقه يقتضي إفشاء سر الروح‪ ،‬ولم يتكلم فيه‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله فليس لغيره أن يتكلم فيه‪ .‬والروح أيضا‬
‫يطلق على معنيين أحدهما جسم لطيف منبعه تجويف القلب الجسماني‪،‬‬
‫وينتشر بواسطة العروق الضوارب إلى ساير أجزاء البدن‪ ،‬وجريانها في‬
‫البدن‪ ،‬وفيضان أنوار الحياة والحس والسمع والبصر والشم منها على‬
‫أعضائها يضاهي فيضان النور من السراج الذي يدار في زوايا الدار‪ ،‬فانه‬
‫ل ينتهي إلى جزء من البيت إل ويستنير به‪ .‬فالحياة مثالها النور الحاصل‬
‫في الحيطان‪ ،‬والروح مثالها السراج‪ ،‬وسريان الروح وحركتها في الباطن‬
‫مثاله مثال حركة السراج في جوانب البيت بتحريك محركه‪ ،‬والطباء إذا‬
‫أطلقوا اسم الروح أرادوا به هذا المعنى‪ ،‬وهو بخار لطيف أنضجته حرارة‬
‫القلب‪ .‬والمعنى الثاني هو اللطيفة الربانية العالمة المدركة من النسان‬
‫وهو الذي شرحناه في أحد معنيي القلب‪ ،‬وهو الذي أراده ال تعالى بقوله‪:‬‬
‫" يسئلونك عن الروح قل الروح من أمر ربي " )‪ (1‬وهو أمر عجيب‬
‫رباني يعجز أكثر العقول والفهام عن درك كنه حقيقته‪ .‬والنفس أيضا‬
‫مشترك بين معاني ويتعلق بغرضنا منه معنيان أحدهما أن يراد به المعنى‬
‫الجامع لقوة الغضب والشهوة في النسان‪ ،‬وهذا الستعمال هو الغالب على‬
‫الصوفية‪ ،‬لنهم يريدون بالنفس الصل الجامع للصفات المذمومة من‬
‫النسان فيقولون لبد من مجاهدة النفس وكسرها‪ ،‬وإليه الشارة بقوله‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك‪ .‬المعنى الثاني‬
‫هو اللطيفة التي ذكرناها‪ ،‬التي هو النسان في الحقيقة‪ ،‬وهي نفس‬
‫النسان وذاته‪ ،‬ولكنها توصف بأوصاف مختلفة بحسب أحوالها‪ ،‬فإذا‬
‫سكنت‬

‫)‪ (1‬أسرى‪.85 :‬‬

‫]‪[37‬‬

‫تحت المر وزايلها الضطراب بسبب معارضة الشهوات‪ ،‬سميت النفس المطمئنة‬
‫قال تعالى‪ " :‬يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية " )‬
‫‪ (1‬فالنفس بالمعنى الول ل يتصور رجوعها إلى ال‪ ،‬فانها مبعدة عن ال‬
‫تعالى‪ ،‬وهو من حزب الشيطان‪ ،‬وإذا لم يتم سكونها ولكنها صارت مدافعة‬
‫للنفس الشهوانية ومعترضة عليها‪ ،‬سميت النفس اللوامة‪ ،‬لنها تلوم‬
‫صاحبها عند تقصيره في عبادة مولها‪ ،‬قال ال تعالى‪ " :‬فل اقسم بالنفس‬
‫اللوامة " )‪ (2‬وإن تركت العتراض وأذعنت وأطاعت لمقتضى الشهوات‬
‫ودواعي الشيطان‪ ،‬سميت النفس المارة بالسوء قال ال تعالى إخبارا عن‬
‫يوسف عليه السلم‪ " :‬وما ابرئ نفسي إن النفس لمارة بالسوء " )‪(3‬‬
‫وقد يجوز أن يقال‪ :‬المارة بالسوء هي النفس بالمعنى الول فاذن النفس‬
‫بالمعنى الول مذمومة غاية الذم‪ ،‬وبالمعنى الثاني محمودة لنها نفس‬
‫النسان أي ذاته وحقيقته العالمة بال تعالى وبسائر المعلومات‪ .‬والعقل‬
‫أيضا مشتركة لمعان مختلفة والمناسب هنا معنيان أحدهما العلم بحقائق‬
‫المور أي صفته العلم الذي محله القلب‪ ،‬والثاني أنه قد يطلق ويراد به‬
‫المدرك المعلوم‪ ،‬فيكون هو القلب أعني تلك اللطيفة‪ .‬فاذن قد انكشف لك أن‬
‫معاني هذه السامي موجودة وهو القلب الجسماني والروح الجسماني‬
‫والنفس الشهوانية والعقل العلمي وهذه أربعة معان يطلق عليها اللفاظ‬
‫الربعة‪ ،‬ومعنى خامس وهي اللطيفة العالمة المدركة من النسان واللفاظ‬
‫الربعة بجملتها يتوارد عليها‪ ،‬فالمعاني خمسة واللفاظ أربعة وكل لفظ‬
‫اطلق لمعنيين‪ .‬وأكثر العلماء قد التبس عليهم اختلف هذه اللفاظ‬
‫وتواردها‪ ،‬فتراهم يتكلمون في الخواطر‪ ،‬ويقولون هذا خاطر العقل‪ ،‬وهذا‬
‫خاطر الروح‪ ،‬وهذا‬

‫)‪ (1‬الفجر‪ (2) .28 :‬القيامة‪ (3) .2 :‬يوسف‪.52 :‬‬

‫]‪[38‬‬
‫خاطر النفس‪ ،‬وهذا خاطر القلب‪ ،‬وليس يدري الناظر اختلف معاني هذه السماء‪.‬‬
‫وحيث ورد في الكتاب والسنة لفظ القلب‪ ،‬فالمراد به المعنى الذي يفقه من‬
‫النسان ويعرف حقيقة الشياء وقد يكنى عنه بالقلب الذي في الصدر لن‬
‫بين تلك اللطيفة وبين جسم القلب علقة خاصة‪ ،‬فانها وإن كانت متعلقة‬
‫بسائر البدن ومستعملة له ولكنها تتعلق به بواسطة القلب‪ ،‬فتعلقها الول‬
‫بالقلب فكأنه محلها ومملكتها وعالمها ومطيتها‪ ،‬ولذا شبه القلب بالعرش‪،‬‬
‫والصدر بالكرسي‪ .‬ثم قال في بيان تسلط الشيطان على القلب‪ :‬اعلم أن‬
‫القلب مثال قبة لها أبواب تنصب إليها الحوال من كل باب ومثاله أيضا‬
‫مثال هدف تنصب إليه السهام من الجوانب أو هو مثال مرآة منصوبة‬
‫يجتاز عليها أنواع الصور المختلفة‪ ،‬فيتراءى فيها صورة بعد صورة‪ ،‬ول‬
‫يخلو عنها‪ ،‬أو مثال حوض ينصب إليه مياه مختلفة من أنهار مفتوحة‬
‫إليه‪ ،‬وإنما مداخل هذه الثار المتجددة في القلب في كل حال اما من‬
‫الظاهر‪ ،‬فالحواس الخمس‪ ،‬وإما من الباطن فالخيال والشهوة والغضب‬
‫والخلق المركبة في مزاج النسان‪ ،‬فانه إذا أدرك بالحواس شيئا حصل‬
‫منه أثر في القلب‪ ،‬وإن كف عن الحساس والخيالت الحاصلة في النفس‪،‬‬
‫تبقى وينتقل الخيال من شئ إلى شئ‪ ،‬وبحسب انتقال الخيال ينتقل القلب‬
‫من حال إلى حال‪ .‬والمقصود أن القلب في التقلب والتأثر دائما من هذه‬
‫الثار وأخص الثار الحاصلة في القلب هي الخواطر‪ ،‬وأعني بالخواطر ما‬
‫يعرض فيه من الفكار والذكار وأعني به إدراكاته علوما إما على سبيل‬
‫التجدد‪ ،‬وإما على سبيل التذكر‪ ،‬فانها تسمى خواطر من حيث إنها تخطر‬
‫بعد أن كان القلب غافل عنها‪ ،‬والخواطر هي المحركات للرادات‪ ،‬فان‬
‫النية والعزم والرادة إنما تكون بعد خطور المنوي بالبال‪ ،‬ل محالة‪ ،‬فمبدأ‬
‫الفعال الخواطر ثم الخاطر يحرك الرغبة‪ ،‬والرغبة تحرك العزم‪ ،‬ويحرك‬
‫العزم النية والنية تحرك العضاء‪ .‬والخواطر المحركة للرغبة تنقسم إلى‬
‫ما يدعو إلى الشر أعني ما يضر في العاقبة‪ ،‬وإلى ما يدعو إلى الخير أعني‬
‫ما ينفع في الخرة‪ ،‬فهما خاطران مختلفان‬

‫]‪[39‬‬

‫فافتقرا إلى اسمين مختلفين فالخاطر المحمود يسمى إلهاما‪ ،‬والخاطر المذموم أعني‬
‫الداعي إلى الشر يسمى وسواسا‪ .‬ثم إنك تعلم أن هذه الخواطر حادثة‪ ،‬وكل‬
‫حادث لبد له من سبب ومهما اختلفت الحوادث دل على اختلف السباب‪،‬‬
‫هذا ما عرف من سنة ال عز وجل في ترتيب المسببات على السباب‬
‫فمهما استنار حيطان البيت بنور النار‪ ،‬وأظلم سقفه واسود بالدخان علمت‬
‫أن سبب السواد غير سبب الستنارة‪ ،‬كذلك لنوار القلب وظلماته سببان‬
‫مختلفان فسبب الخاطر الداعي إلى الخير يسمى ملكا وسبب الخاطر الداعي‬
‫إلى الشر يسمى شيطانا‪ ،‬واللطف الذي به يتهيأ القلب لقبول إلهام الملك‬
‫يسمى توفيقا والذي به يتهيأ لقبول وسواس الشيطان يسمى إغواء‬
‫وخذلنا فان المعاني المختلفة تفتقر إلى أسامي مختلفة‪ .‬والملك عبارة عن‬
‫خلق خلقه ال‪ ،‬شأنه إفاضة الخير‪ ،‬وإفادة العلم‪ ،‬وكشف الحق‪ ،‬والوعد‬
‫بالمعروف‪ ،‬وقد خلقه ال وسخره لذلك‪ ،‬والشيطان عبارة عن خلق شأنه‬
‫ضد ذلك‪ ،‬وهو الوعد بالشر‪ ،‬والمر بالفحشاء‪ ،‬والتخويف عند الهم بالخير‬
‫بالفقر‪ .‬والوسوسة في مقابلة اللهام‪ ،‬والشيطان في مقابلة الملك‪،‬‬
‫والتوفيق في مقابلة الخذلن‪ ،‬وإليه الشارة بقوله تعالى‪ " :‬ومن كل شئ‬
‫خلقنا زوجين لعلكم تذكرون " )‪ (1‬فان الموجودات كلها متقابلة مزدوجة‬
‫إل ال تعالى‪ ،‬فانه ل مقابل له‪ ،‬بل هو الواحد الحق الخالق للزواج كلها‪.‬‬
‫والقلب متجاذب بين الشيطان والملك‪ ،‬فقد قال صلى ال عليه وآله‪ :‬للقلب‬
‫لمتان لمة من الملك إيعاد بالخير‪ ،‬وتصديق بالحق‪ ،‬فمن وجد ذلك فليعلم‬
‫أنه من ال فليحمد ال‪ ،‬ولمة من العدو إيعاد بالشر وتكذيب بالحق‪ ،‬ونهي‬
‫عن الخير فمن وجد ذلك فليتعوذ من الشيطان ثم تل " الشيطان يعدكم‬
‫الفقر " )‪ (2‬الية‪ .‬ولتجاذب القلب بين هاتين اللمتين قال رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله‪ :‬قلب المؤمن بين‬

‫)‪ (1‬الذاريات‪ (2) .49 :‬البقرة‪.268 :‬‬

‫]‪[40‬‬

‫أصبعين من أصابع الرحمان‪ ،‬وال سبحانه منزه عن يكون له أصبع مركبة من دم‬
‫ولحم وعظم ينقسم بالنامل‪ ،‬ولكن روح الصبع سرعة التقليب والقدرة‬
‫على التحريك والتغيير‪ ،‬فانك ل تريد أصبعك لشخصها بل لفعلها في التقليب‬
‫والترديد‪ ،‬وكما أنك تتعاطى الفعال بأصابعك‪ ،‬فال تعالى إنما يفعل ما يفعله‬
‫باستسخار الملك والشيطان وهما مسخران بقدرته في تقليب القلوب‪ ،‬كما‬
‫أن أصابعك مسخرة لك في تقليب الجسام مثل‪ .‬والقلب بأصل الفطرة‬
‫صالح لقبول آثار ]الملئكة و[ الشياطين صلحا متساويا ليس يترجح‬
‫أحدهما على الخر‪ ،‬وإنما يترجح أحد الجانبين باتباع الهوى‪ ،‬والكباب‬
‫على الشهوات أو العراض عنها ومخالفتها‪ ،‬فان اتبع النسان مقتضى‬
‫الشهوة والغضب ظهر تسلط الشيطان بواسطة الهوى‪ ،‬وصار القلب عش‬
‫الشيطان ومعدنه‪ ،‬لن الهوى هو مرعى الشيطان ومرتعه‪ ،‬وإن جاهد‬
‫الشهوات ولم يسلطها على نفسه‪ ،‬وتشبه بأخلق الملئكة‪ ،‬صار قلبه‬
‫مستقر الملئكة ومهبطهم‪ .‬ولما كان ل يخلو قلب عن شهوة وغضب‬
‫وحرص وطمع وطول أمل إلى غير ذلك من صفات البشرية المتشعبة عن‬
‫الهوى‪ ،‬لجرم لم يخل قلب عن أن يكون للشيطان فيه جولن بالوسوسة‪،‬‬
‫ولذلك قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬مامنكم من أحد إل وله شيطان‬
‫قالوا‪ :‬ول أنت يارسول ال ؟ قال‪ :‬ول أنا‪ ،‬إل أن ال عزوجل أعانني عليه‬
‫فأسلم‪ ،‬فلم يأمرني إل بخير‪ .‬وإنما كان هذا لن الشيطان ل يتصرف إل‬
‫بواسطة الشهوة فمن أعانه ال على شهوته حتى صار ل ينبسط إل حيث‬
‫ينبغي‪ ،‬وإلى الحد الذي ينبغي‪ ،‬فشهوته ل تدعوه إلى الشر‪ ،‬فالشيطان‬
‫المتدرع بها ل يأمر إل بالخير‪ ،‬ومهما غلب على القلب ذكر الدنيا‬
‫ومقتضيات الهوى‪ ،‬وجد الشيطان مجال فوسوس‪ ،‬ومهما انصرف القلب‬
‫إلى ذكر ال تعالى ارتحل الشيطان‪ ،‬وضاق مجاله‪ ،‬وأقبل الملك وألهم‪.‬‬
‫فالتطارد بين جندي الملئكة والشياطين في معركة القلب دائم إلى أن ينفتح‬
‫القلب لحدهما فيسكن ويستوطن‪ ،‬ويكون اجتياز الثاني اختلسا وأكثر‬
‫القلوب‬

‫]‪[41‬‬

‫قد فتحها جنود الشيطان وملكوها‪ ،‬فامتلت بالوساوس الداعية إلى إيثار العاجلة‬
‫وإطراح الخرة‪ ،‬ومبدأ استيلئها اتباع الهوى‪ ،‬ول يمكن فتحها بعد ذلك إل‬
‫بتخلية القلب عن قوت الشيطان وهو الهوى والشهوات‪ ،‬وعمارته بذكر‬
‫ال‪ ،‬إذ هو مطرح أثر الملئكة‪ ،‬ولذلك قال ال تعالى‪ " :‬إن عبادي ليس لك‬
‫عليهم سلطان " )‪ (1‬وكل من اتبع الهوى فهو عبد الهوى ل عبد ال فلذلك‬
‫تسلط عليه الشيطان‪ ،‬وقال تعالى‪ " :‬أفرأيت من اتخذ إلهه هواه " )‪(2‬‬
‫إشارة إلى أن الهوى إلهه ومعبوده‪ ،‬فهو عبد الهوى ل عبد ال‪ .‬ول يمحو‬
‫وسوسة الشيطان عن القلب إل ذكر شئ سوى ما يوسوس به لنه إذا‬
‫حضر في القلب ذكر شئ انعدم عنه ما كان فيه من قبل‪ ،‬ولكن كل شئ‬
‫سوى ذكر ال‪ ،‬وسوى ما يتعلق به‪ ،‬فيجوز أن يكون أيضا مجال للشيطان‬
‫فذكر ال سبحانه هو الذي يؤمن جانبه‪ ،‬ويعلم أنه ليس للشيطان فيه‬
‫مجال‪ .‬ول يعالج الشيطان إل بضده‪ ،‬وضد جميع وساوس الشيطان ذكر ال‬
‫تعالى والستعاذة به‪ ،‬والتبري عن الحول والقوة‪ ،‬وهو معنى قولك‪ :‬أعوذ‬
‫بال من الشيطان الرجيم‪ ،‬ول حول ول قوة إل بال العلي العظيم‪ ،‬وذلك ل‬
‫يقدر عليه إل المتقون الذين الغالب عليهم ذكر ال‪ ،‬وإنما الشيطان يطوف‬
‫بقلوبهم في أوقات الفلتات على سبيل الخلسة قال ال تعالى‪ " :‬إن الذين‬
‫اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون " )‪ .(3‬وقال‬
‫مجاهد في قوله‪ " :‬من شر الوسواس الخناس " قال‪ :‬هو منبسط على‬
‫قلب النسان‪ ،‬فإذا ذكر ال سبحانه خنس وانقبض‪ ،‬وإذا غفل انبسط على‬
‫قلبه‪ .‬فالتطارد بين ذكر ال ووسوسة الشيطان‪ ،‬كالتطارد بين النور‬
‫والظلم‪ ،‬وبين الليل والنهار‪ ،‬ولتطاردهما قال ال تعالى‪ " :‬استحوذ عليهم‬
‫الشيطان فأنساهم‬
‫)‪ (1‬الحجر‪ (2) .42 :‬الجاثية‪ (3) .23 :‬العراف‪.201 :‬‬

‫]‪[42‬‬

‫ذكر ال " )‪ (1‬وفي الحديث إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم‪ ،‬فإذا ذكر‬
‫ال خنس‪ ،‬وإن نسي ال التقم قلبه‪ .‬وكما أن الشهوات ممتزجة بلحم‬
‫الدمي ودمه‪ ،‬فسلطنة الشيطان أيضا سارية في لحمه ودمه‪ ،‬ومحيطة‬
‫بالقلب من جوانبه‪ ،‬ولذا قال صلى ال عليه وآله‪ :‬إن الشيطان ليجري من‬
‫ابن آدم مجرى الدم‪ ،‬فضيقوا مجاريه بالجوع‪ ،‬وذلك لن الجوع يكسر‬
‫الشهوة‪ ،‬ومجرى الشيطان الشهوات‪ ،‬ولجل اكتناف الشهوات للقلب من‬
‫جوانبه قال ال تعالى إخبارا عن إبليس‪ " :‬لقعدن لهم صراطك المستقيم *‬
‫ثم لتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم " )‪.(2‬‬
‫وقال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬إن الشيطان قعد لبن آدم في طرقه‪،‬‬
‫فقعد له بطريق السلم‪ ،‬فقال له‪ :‬أتسلم وتترك دينك ودين آبائك ؟ فعصاه‬
‫فأسلم‪ ،‬ثم قعد له بطريق الهجرة فقال‪ :‬أتهاجر وتدع أرضك ونساءك ؟‬
‫فعصاه فهاجر‪ ،‬ثم قعد له بطريق الجهاد‪ ،‬فقال‪ :‬أتجاهد وهو تلف النفس‬
‫والمال ؟ فتقاتل فتقتل فتنكح نساؤك وتقسم مالك ؟ فعصاه فجاهد‪ ،‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬فمن فعل ذلك فمات كان حقا على ال أن‬
‫يدخله الجنة‪ ،‬فقد ذكر صلى ال عليه وآله معنى الوسوسة‪ ،‬فاذن‬
‫الوسواس معلوم بالمشاهدة‪ .‬وكل خاطر فله سبب‪ ،‬ويفتقر إلى اسم تعرفه‪،‬‬
‫فاسم سببه الشيطان‪ ،‬ول يتصور أن ينفك عنه آدمي‪ ،‬وإنما يختلفون‬
‫بعصيانه ومتابعته‪ ،‬ولذا قال صلى ال عليه وآله‪ :‬مامن أحد إل وله‬
‫شيطان‪ .‬وقد اتضح بهذا النوع من الستبصار معنى الوسوسة واللهام‪،‬‬
‫والملك والشيطان‪ ،‬والتوفيق والخذلن‪ ،‬فبعد هذا نظر من ينظر في ذات‬
‫الشيطان وأنه جسم لطيف أو ليس بجسم‪ ،‬وإن كان جسما فكيف يدخل في‬
‫بدن النسان ما هو جسم ؟ فهذا الن غير محتاج إليه في علم المعاملة‪ ،‬بل‬
‫مثال الباحث عن هذا كمثال‬

‫)‪ (1‬المجادلة‪ (2) .19 :‬العراف‪ 16 :‬و ‪.17‬‬

‫]‪[43‬‬

‫من دخل في ثوبه حية وهو محتاج إلى دفع ضراوتها )‪ (1‬فاشتغل بالبحث عن لونها‬
‫وطولها وعرضها‪ ،‬وذلك عين الجهل لمصادفة الخواطر الباعثة على‬
‫الشرور‪ ،‬وقد علمت‪ ،‬ودل ذلك على أنه عن سبب ل محالة‪ ،‬وعلم أن‬
‫الداعي إلى الشر المحذور المستقبل عدو فقد عرف العدو فينبغي أن يشتغل‬
‫بمجاهدته‪ .‬وقد عرف ال سبحانه عداوته في مواضع كثيرة من كتابه‬
‫ليؤمن به ويحترز عنه فقال تعالى‪ " :‬إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا‬
‫إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير " )‪ (2‬وقال تعالى‪ " :‬ألم‬
‫أعهد إليكم يا بني آدم أن ل تعبدوا الشيطان إنه لكم عدو مبين " )‪(3‬‬
‫فينبغي للعبد أن يشتغل بدفع العدو عن نفسه ل بالسؤال عن أصله ونسبه‬
‫ومسكنه‪ .‬نعم ينبغي أن يسأل عن سلحه ليدفعه عن نفسه‪ ،‬وسلح‬
‫الشيطان الهوى والشهوات‪ ،‬وذلك كاف للعالمين فأما معرفة صفة ذاته‬
‫وحقيقة الملئكة‪ ،‬فذلك ميدان العارفين المتغلغلين في علوم المكاشفات‪،‬‬
‫وليحتاج في المعاملة إلى معرفته إلى آخر ما حققه في هذا المقام‪ .‬وأقول‪:‬‬
‫ما ذكره أن دفع الشيطان ل يتوقف على معرفته حق لكن تأويل الملك‬
‫والشيطان بما أومأ عليه في هذا المقام‪ ،‬وصرح به في غيره مع تصريح‬
‫الكتاب بخلفه جرأة على ال تعالى وعلى رسوله‪ ،‬كما حققناه في المجلد‬
‫الرابع عشر والتوكل على ال العليم الخبير‪ ،‬وإنما بسطنا الكلم في هذا‬
‫المقام‪ ،‬ليسهل عليك فهم الخبار الماضية والتية‪ " .‬وشيطان مفتن "‬
‫بكسر التاء المشددة أو المخففة أي مضل في القاموس الفتنة بالكسر‬
‫الخبرة‪ ،‬وإعجابك بالشئ‪ ،‬فتنه يفتنه فتنا وفتونا وأفتنه‪ ،‬والضلل والثم‪،‬‬
‫والكفر‪ ،‬والفضيحة‪ ،‬والعذاب‪ ،‬وإذابة الذهب والفضة‪ ،‬والضلل‪ ،‬والجنون‬

‫)‪ (1‬يعنى لهجها وولعها بالنهش‪ (2) .‬فاطر‪ (3) .6 :‬يس‪.60 :‬‬

‫]‪[44‬‬

‫والمحنة واختلف الناس في الراء وفتنه يفتنه أوقعه في الفتنة كفتنه وأفتنه )‪(1‬‬
‫قال سبحانه‪ " :‬إذ يتلقى المتلقيان " )‪ (2‬قال البيضاوي‪ :‬؟ باذكر‪ ،‬أو‬
‫متعلق بأقرب يعني في قوله‪ " :‬ونحن أقرب إليه من حبل الوريد " أي هو‬
‫أعلم بحاله من كل قريب " حين يتلقى " أي يتلقى الحفيظان ما يتلفظ به "‬
‫عن اليمين وعن الشمال قعيد " أي عن اليمين قعيد وعن الشمال قعيد‪ ،‬أي‬
‫مقاعد كالجليس‪ ،‬فحذف الول لدللة الثاني عليه‪ ،‬كقوله‪ " :‬فاني وقيار بها‬
‫لغريب " وقيل يطلق الفعيل للواحد والمتعدد كقوله‪ " :‬والملئكة بعد ذلك‬
‫ظهير " )‪ " .(3‬ما يلفظ من قول " ما يرمى به من فيه " إل لديه رقيب "‬
‫ملك يرقب عمله " عتيد " معد حاضر‪ ،‬ولعله يكتب عليه ما فيه ثواب أو‬
‫عقاب انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬ظاهر أكثر الخبار الواردة من طريق الخاص والعام‬
‫أن المتلقيين والرقيب العتيد هما الملكان الكاتبان للعمال‪ ،‬فصاحب اليمين‬
‫يكتب الحسنات‪ ،‬وصاحب الشمال يكتب السيئات‪ ،‬وظاهر هذا الخبر أن‬
‫الرقيب والعتيد الملك والشيطان‪ ،‬بل المتلقيين أيضا‪ ،‬ويحتمل أن يكون هذا‬
‫بطن الية‪ ،‬أو يكون الرقيب العتيد صاحب اليمين‪ ،‬ويكون الزاجر والكاتب‬
‫متحدا‪ - 2 .‬كا‪ :‬عن الحسين بن محمد‪ ،‬عن أحمد بن إسحاق‪ ،‬عن سعدان‪،‬‬
‫عن أبي بصير عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن للقلب اذنين فإذا هم‬
‫العبد بذنب قال له روح اليمان‪ :‬ل تفعل ! وقال له الشيطان‪ :‬افعل ! وإذا‬
‫كان على بطنها نزع منه روح اليمان )‪ .(4‬بيان‪ " :‬فإذا هم العبد " للنفس‬
‫طريق إلى الخير وطريق إلى الشر‪ ،‬وللخير مشقة حاضرة زائلة‪ ،‬ولذة‬
‫غائبة دائمة‪ ،‬وللشر لذة حاضرة فانية‪ ،‬ومشقة غائبة باقية‪ ،‬والنفس يطلب‬
‫اللذة‪ ،‬ويهرب عن المشقة‪ ،‬فهو دائما متردد بين الخير‬

‫)‪ (1‬القاموس ج ‪ 4‬ص ‪ (2) .254‬ق‪ (3) .17 :‬التحريم‪ (4) .4 :‬الكافي ج ‪ 2‬ص‬
‫‪.267‬‬

‫]‪[45‬‬

‫والشر‪ ،‬فروح اليمان يأمره بالخير‪ ،‬وينهاه عن الشر‪ ،‬والشيطان بالعكس‪ ،‬وهنا‬
‫يحتمل وجوها‪ :‬الول أن يكون المراد به الملك كما صرح به في بعض‬
‫الخبار وسمي بروح اليمان لنه مؤيد له‪ ،‬وسبب لبقائه‪ ،‬فكأنه روحه وبه‬
‫حياته‪ .‬الثاني أن يراد به العقل‪ ،‬فانه أيضا كذلك‪ ،‬ومتى لم يغلب الهوى‬
‫والشهوات النفسانية العقل‪ ،‬لم يرتكب الخطيئة‪ ،‬فكأن العقل يفارقه في تلك‬
‫الحالة‪ .‬الثالث أن يراد به الروح النساني من حيث اتصافه باليمان‪ ،‬فانها‬
‫من هذه الجهة روح اليمان‪ ،‬فإذا غلبها الهوى ولم يعمل بمقتضاها فكأنها‬
‫فارقته‪ .‬الرابع أن يراد به قوة اليمان وكماله ونوره‪ ،‬فان كمال اليمان‬
‫باليقين واليقين بال واليوم الخر ل يجتمع مع ارتكاب الكبائر والذنوب‬
‫الموبقة‪ ،‬فمفارقته كناية عن ضعفه‪ ،‬فإذا ندم بعد انكسار الشهوة مما فعل‪،‬‬
‫وتفكر في الخرة وبقائها وشدة عقوباتها‪ ،‬وخلوص لذاتها‪ ،‬يقوى يقينه‬
‫فكأنه يعود إليه‪ .‬الخامس أن يراد به نفس اليمان‪ ،‬وتكون الضافة للبيان‬
‫فان اليمان الحقيقي ينافي ارتكاب موبقات المعاصي‪ ،‬كما اشير إليه‬
‫بقولهم عليهم السلم‪ " :‬ل يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن " فان من‬
‫آمن وأيقن بوجود النار وإيعاد ال تعالى على الزنا أشد العذاب فيها‪ ،‬كيف‬
‫يجترئ على الزنا وأمثالها‪ ،‬إذ لو أوعده بعض الملوك على فعل من الفعال‬
‫ضربا شديدا أو قتل بل ضربا خفيفا أو إهانة وعلم أن الملك سيطلع عليه ل‬
‫يرتكب هذا الفعل‪ ،‬وكذا لو كان صبي من غلمانه أو ضعيف من بعض خدمه‬
‫‪ -‬فكيف الجانب ‪ -‬حاضرا ل يفعل المور القبيحة‪ ،‬فكيف يجتمع اليمان بأن‬
‫الملك القادر القاهر الناهي المر مطلع على السراير‪ ،‬ول يخفى عليه‬
‫الضماير‪ ،‬مع ارتكاب الكبائر بحضرته‪ ،‬وهل هذا إل من ضعف اليمان‪،‬‬
‫ولذا قيل‪ :‬الفاسق إما كافر أو مجنون‪ .‬السادس أن يقال‪ :‬في الكافر ثلثة‬
‫أرواح هي موجودة في الحيوانات‪ ،‬وهي الروح الحيوانية‪ ،‬والقوة البدنية‪،‬‬
‫والقوة الشهوانية‪ ،‬فانهم ضيعوا الروح‬

‫]‪[46‬‬

‫التي بها يمتاز النسان عن سائر الحيوان وجعلوها تابعة للشهوات النفسانية‪،‬‬
‫والقوى البهيمية‪ ،‬فإما أن تفارقهم بالكلية كما قيل أو لما صارت باطلة‬
‫معطلة فكأنها فارقتهم ولذا قال تعالى‪ " :‬إن هم إل كالنعام بلهم أضل سبيل‬
‫" )‪ .(1‬وفي المؤمنين أربعة أرواح‪ ،‬فانه يتعلق بهم روح يصيرون به‬
‫أحياء بالحياة المعنوية البدية‪ ،‬فهي مع الرواح البدنية تصير أربعا‪ ،‬وفي‬
‫النبياء والوصياء عليهم السلم روح خامس‪ :‬هو روح القدس‪ ،‬وهذا‬
‫على بعض الوجوه قريب من الوجه الثالث‪ .‬والحاصل أن النسان في بدو‬
‫المر عند كونه نطفة جماد‪ ،‬ولها صورة جمادية ثم يترقى إلى درجة‬
‫النباتات‪ ،‬فتتعلق به نفس نباتية‪ ،‬ثم يترقى إلى أن تتعلق به نفس حيوانية‬
‫هي مبدء للحس والحركة‪ ،‬ثم يترقى إلى أن تتعلق به روح آخر هو مبدأ‬
‫اليمان‪ ،‬ومنشأ سائر الكمالت‪ ،‬ثم يترقى إلى أن يتعلق به روح القدس‬
‫فيحيط بجميع العوالم‪ ،‬ويصير محل لللهامات الربانية‪ ،‬والفاضات‬
‫السبحانية‪ .‬وقال بعضهم بناء على القول بالحركة في الجوهر‪ :‬أن الصورة‬
‫النوعية الجمادية المنوية تترقى وتتحرك إلى أن تصير نفسا نباتية ثم‬
‫تترقى إلى أن تصير نفسا حيوانية‪ ،‬وروحا حيوانيا ثم تترقى إلى أن تصير‬
‫نفسا مجردا على زعمه مدركة للكليات‪ ،‬ثم تترقى إلى أن تصير نفسا‬
‫قدسيا‪ ،‬وروح القدس وعلى زعمه يتحد بالعقل‪ .‬هذا ما حضرني مما يمكن‬
‫أن يقال في حل هذه الخبار‪ ،‬باختلف مسالك العلماء‪ ،‬ومذاهبهم في تلك‬
‫المور‪ ،‬والول أظهر على قواعد متكلمي المامية وظواهر الخبار‪ ،‬وال‬
‫المطلع على غوامض السرار‪ ،‬وحججه صلوات ال عليهم ما تعاقب الليل‬
‫والنهار‪ .‬وأقول‪ :‬البارز في قوله عليه السلم‪ " :‬على بطنها " راجع إلى‬
‫المرأة المزني بها في الزنا‪ ،‬ذكره على سبيل المثال‪.‬‬

‫)‪ (1‬الفرقان‪.44 :‬‬

‫]‪[47‬‬

‫‪ - 3‬كا‪ :‬عن محمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن عيسى‪ ،‬عن علي بن الحكم عن‬
‫سيف بن عميرة‪ ،‬عن أبان بن تغلب‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬ما‬
‫من مؤمن إل ولقلبه اذنان في جوفه‪ :‬اذن ينفث فيها الوسواس الخناس‪،‬‬
‫واذن ينفث فيها الملك‪ ،‬فيؤيد ال المؤمن بالملك‪ ،‬وذلك قوله‪ " :‬وأيدهم‬
‫بروح منه " )‪ .(1‬بيان‪ " :‬في جوفه " تأكيد لئل يتوهم أن المراد بهما‬
‫الذنان اللتان في الرأس‪ ،‬لن لهما أيضا طريقا إلى القلب‪ ،‬وقال‬
‫البيضاوي‪ " :‬من شر الوسواس " أي الوسوسة كالزلزال بمعنى الزلزلة‪،‬‬
‫وأما المصدر فبالكسر كالزلزال‪ ،‬والمراد به الموسوس سمي به مبالغة "‬
‫الخناس " الذي عادته أن يخنس أي يتأخر إذا ذكر النسان ربه " الذي‬
‫يوسوس في صدور الناس " إذا غفلوا عن ذكر ربهم‪ ،‬وذلك كالقوة‬
‫الوهمية‪ ،‬فانها تساعد العقل في المقدمات‪ ،‬فإذا آل المر إلى النتيجة‬
‫خنست وأخذت توسوسه وتشككه " من الجنة والناس " بيان للوسواس‬
‫أو للذي أو متعلق بيوسوس أي يوسوس في صدروهم من جهة الجنة‬
‫والناس‪ ،‬وقيل‪ :‬بيان للناس‪ ،‬على أن المراد به ما يعم القبيلين‪ ،‬وفيه‬
‫تعسف‪ ،‬إل أن يراد به الناسي كقوله‪ " :‬يوم يدع الداع " )‪ (2‬فان نسيان‬
‫حق ال يعم الثقلين )‪ .(3‬وقال الطبرسي قدس سره‪ :‬فيه أقوال‪ :‬أحدها أن‬
‫معناه من شر الوسوسة الواقعة من الجنة‪ ،‬والوسواس حديث النفس بما‬
‫هو كالصوت الخفي‪ ،‬وأصله الصوت الخفي‪ ،‬والوسوسة كالهمهمة‪ ،‬ومنه‬
‫قولهم‪ :‬فلن موسوس إذا غلب عليه ما يعتريه من المرة‪ ،‬يقال‪ :‬وسوس‬
‫يوسوس وسواسا ووسوسة وتوسوس‪ ،‬والخنوس الختفاء بعد الظهور‬
‫خنس يخنس‪ .‬وثانيها أن معناه من شر ذي الوسواس‪ ،‬وهو الشيطان كما‬
‫جاء في الثر أنه يوسوس فإذا ذكر ربه خنس‪ ،‬ثم وصفه ال تعالى بقوله‪:‬‬
‫" الذي يوسوس في‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ ،267‬والية في المجادلة ‪ (2) .22‬القمر‪ (3) .6 :‬انتهى كلم‬
‫البيضاوي‪.‬‬

‫]‪[48‬‬

‫صدور الناس " أي بالكلم الخفي الذي يصل مفهومه إلى قلوبهم من غير سماع‪،‬‬
‫ثم ذكر أنه " من الجنة " وهو الشياطين " والناس " عطف على‬
‫الوسواس‪ .‬وثالثها أن معناه من شر ذي الوسواس الخناس ثم فسره‬
‫بقوله‪ " :‬من الجنة والناس " فوسواس الجنة هو وسواس الشيطان‪ ،‬وفي‬
‫وسواس النس وجهان‪ :‬أحدهما أنه وسوسة النسان من نفسه‪ ،‬والثاني‬
‫إغواء من يغويه من الناس‪ ،‬ويدل عليه " شياطين النس والجن " )‪(1‬‬
‫فشيطان الجن يوسوس‪ ،‬وشيطان النس يأتي علنية ويري أنه ينصح‬
‫وقصده الشر‪ .‬قال مجاهد‪ :‬الخناس الشيطان إذا ذكر ال سبحانه خنس‬
‫وانقبض‪ ،‬وإذا لم يذكر ال انبسط على القلب‪ ،‬ويؤيده ما روي عن النبي‬
‫صلى ال عليه وآله أن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم‪ ،‬فإذا ذكر‬
‫ال سبحانه خنس وإن نسي التقم قلبه‪ ،‬فذلك الوسواس الخناس‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫الخناس معناه الكثير الختفاء بعد الظهور‪ ،‬وهو المستتر المختفي عن‬
‫أعين الناس‪ ،‬لنه يوسوس من حيث ل يرى بالعين‪ ،‬وقيل‪ :‬إن المعنى يلقي‬
‫الشغل في قلوبهم بوسواسه‪ ،‬والمراد أن له رفقا‪ ،‬به يوصل الوسواس إلى‬
‫الصدر وهو أغرب من خلوصه بنفسه إلى الصدر‪ .‬وروى العياشي عن‬
‫الصادق عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬ما من‬
‫مؤمن إل ولقلبه في صدره اذنان‪ :‬اذن ينفث فيها الملك‪ ،‬واذن ينفث فيها‬
‫الوسواس الخناس‪ ،‬فيؤيد ال المؤمن بالملك‪ ،‬وهو قوله سبحانه‪" :‬‬
‫وأيدهم بروح منه " )‪ .(2‬وقال رحمه ال في قوله تعالى‪ " :‬اولئك كتب‬
‫في قلوبهم اليمان " أي ثبت في قلوبهم اليمان بما فعل بهم من اللطاف‪،‬‬
‫فصار كالمكتوب‪ ،‬وقيل‪ :‬كتب في قلوبهم علمة اليمان‪ ،‬ومعنى ذلك أنها‬
‫سمة لمن شاهدهم من الملئكة على أنهم مؤمنون " وأيديهم بروح منه "‬
‫أي قواهم بنور اليمان‪ ،‬ويدل عليه قوله‪ " :‬وكذلك أوحينا إليك روحا من‬
‫أمرنا ماكنت تدري ما الكتاب ول اليمان " )‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬النعام‪ (2) .112 :‬انتهى كلم الطبرسي‪ (3) .‬الشورى‪.52 :‬‬

‫]‪[49‬‬

‫وقيل‪ :‬معناه قواهم بنور الحجج والبرهان حتى اهتدوا للحق وعملوا به‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫قواهم بالقرآن الذي هو حياة القلوب من الجهل‪ ،‬وقيل‪ :‬أيدهم بجبرئيل في‬
‫كثير من المواطن ينصرهم ويدفع عنهم )‪ .(1‬وقال البيضاوي‪ " :‬بروح‬
‫منه " أي من عند ال‪ ،‬وهو نور القلب أو القرآن أو النصر على العدو‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬الضمير لليمان فانه سبب لحياة القلب انتهى )‪ (2‬وروي عن طريق‬
‫العامة أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم )‪ .(3‬قال الزهري‪:‬‬
‫معناه أنه ل يفارق ابن آدم ما دام حيا كما ل يفارقه دمه وقال‪ :‬هذا على‬
‫طريق ضرب المثل‪ ،‬وجمهورهم حملوه على ظاهره‪ ،‬وقالوا‪ :‬إن الشيطان‬
‫جعل له هذا القدر من التطرق إلى باطن الدمي بلطافة هيئته فيجري في‬
‫العروق التي هي مجاري الدم إلى أن يصل إلى قلبه‪ ،‬فيوسوسه على حسب‬
‫ضعف إيمان العبد وقلة ذكره وكثرة غفلته‪ ،‬ويبعد عنه ويقل تسلطه‬
‫وسلوكه إلى باطنه بمقدار قوته ويقظته ودوام ذكره وإخلص توحيده‪.‬‬
‫ونقل عن ابن عباس أنه تعالى جعله بحيث يجري من بني آدم مجرى الدم‬
‫وصدور بني آدم مسكن له كما قال‪ " :‬من شر الوسواس " الخ والجنة‬
‫الشياطين وكما قال النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬إن الشيطان ليجثم على قلب‬
‫بني آدم له خرطوم كخرطوم الكلب إذا ذكر العبد ]ا[ ال عزوجل خنس أي‬
‫رجع على عقبيه‪ ،‬وإذا غفل عن ذكر ال وسوس )‪ (4‬فاشتق له اسمان من‬
‫فعليه‪ :‬الوسواس من وسوسته عند غفلة العبد والخناس من خنوسه عند‬
‫ذكر العبد‪ .‬قيل‪ :‬والناس عطف على الجنة‪ ،‬والنس ل يصل في وسوسته‬
‫بذاته إلى باطن‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ج ‪ 10‬ص ‪ (2) .255‬انوار التنزيل ص ‪ (3) .426‬مجمع البيان‬
‫ج ‪ 4‬ص ‪ 409‬في قوله تعالى " انه يراكم هو وقبيله " العراف‪) .27 :‬‬
‫‪ (4‬أخرجه السيوطي في الدر المنثور عن مجاميع حديثية‪(*) .‬‬

‫]‪[50‬‬

‫الدمي فكذا الجنة في وسوسته‪ ،‬واجيب بأن النس ليس له ما للجن من اللطافة‬
‫فعدم وصول النس إلى الجوف ل يستلزم عدم وصول الجن إليه‪ .‬ثم إن ال‬
‫تعالى بلطفه جعل للنسان حفظة من الملئكة‪ ،‬وأعطاهم قوى اللهام‬
‫واللمام بهم في بواطن النسان‪ ،‬في مقابلة لمة الشيطان كما روي أن‬
‫للملك لمة بابن آدم‪ ،‬وللشيطان لمة‪ :‬لمة الملك إيعاد بالخير‪ ،‬وتصديق‬
‫بالحق فمن وجد ذلك فليحمد ال‪ ،‬ولمة الشيطان إيعاد بالشر وتكذيب‬
‫بالحق‪ ،‬فمن وجد من ذلك شيئا فليستعذ بال من الشيطان‪ .‬وفي النهاية في‬
‫حديث ابن مسعود‪ :‬لبن آدم لمتان لمة من الملك ولمة من الشيطان‪ :‬اللمة‬
‫الهمة والخطرة تقع في القلب أراد إلمام الملك أو الشيطان به‪ ،‬والقرب منه‬
‫فما كان من خطرات الخير فهو من الملك‪ ،‬وما كان من خطرات الشر فهو‬
‫من الشيطان‪ - 4 .‬ل‪ :‬الخليل بن أحمد‪ ،‬عن محمد بن إبراهيم الدبيلي‪ ،‬عن‬
‫أبي عبد ال عليه السلم عن سفيان‪ ،‬عن مجاهد‪ ،‬عن الشعبي‪ ،‬عن‬
‫النعمان بن بشير قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله في النسان‬
‫مضغة إذا هي سلمت وصحت سلم بها سائر الجسد‪ ،‬فإذا سقمت سقم لها‬
‫سائر الجسد وفسد وهي القلب )‪ - 5 .(1‬شى‪ :‬في حديث إسحاق بن عمار‬
‫في قول ال " خذوا ما آتيناكم بقوة " )‪ (2‬أقوه في البدان أم قوة في‬
‫القلوب ؟ قال‪ :‬فيهما جميعا )‪ - 6 .(3‬ل‪ :‬الخليل‪ ،‬عن أبي العباس السراج‪،‬‬
‫عن قتيبة‪ ،‬عن رشيد بن سعد البصري‪ ،‬عن شراحيل بن يزيد‪ ،‬عن عبد ال‬
‫بن عمر وأبي هريرة‪ ،‬عن النبي صلى ال عليه وآله قال‪ :‬إذا طاب قلب‬
‫المرء طاب جسده‪ ،‬وإذا خبث القلب‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .18‬العراف‪ (3) .171 :‬تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص ‪.37‬‬

‫]‪[51‬‬

‫خبث الجسد )‪ - 7 .(1‬لى‪ :‬عن الصادق عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬شر العمى عمى القلب )‪ - 8 .(2‬ما‪ :‬فيما أوصى به أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم ابنه‪ :‬يا بنى إن من البلء الفاقة وأشد من ذلك‬
‫مرض البدن‪ ،‬وأشد من ذلك مرض القلب‪ ،‬وإن من النعم سعة المال‪،‬‬
‫وأفضل من ذلك صحة البدن‪ ،‬وأفضل من ذلك تقوى القلوب )‪ - 9 .(3‬مع‪:‬‬
‫أبي‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن الثمالي عن أبي‬
‫جعفر عليه السلم قال‪ :‬القلوب ثلثة‪ :‬قلب منكوس ل يعثر )‪ (4‬على شئ‬
‫من الخير وهو قلب الكافر‪ ،‬وقلب فيه نكتة سوداء فالخير والشر فيه‬
‫يعتلجان‪ ،‬فما كان منه أقوى غلب عليه‪ ،‬وقلب مفتوح فيه مصباح يزهر فل‬
‫يطفأ نوره إلى يوم القيامة وهو قلب المؤمن )‪ - 10 .(5‬مع‪ :‬العطار عن‬
‫أبيه‪ ،‬عن ابن أبان‪ ،‬عن ابن اورمة‪ ،‬عن محمد بن خالد‪ ،‬عن هارون‪ ،‬عن‬
‫المفضل‪ ،‬عن سعد الخفاف‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم‪ ،‬قال‪ :‬القلوب‬
‫أربعة‪ :‬قلب فيه نفاق وإيمان‪ ،‬وقلب منكوس‪ ،‬وقلب مطبوع‪ ،‬وقلب أزهر‬
‫أنور‪ ،‬قلت‪ :‬ما الزهر‪ ،‬قال فيه كهيئة السراج‪ ،‬فأما المطبوع فقلب‬
‫المنافق‪ ،‬وأما الزهر فقلب المؤمن إن أعطاه ال عزوجل شكر‪ ،‬وإن ابتله‬
‫صبر‪ ،‬وأما المنكوس فقلب المشرك‪ ،‬ثم قرأ هذه الية " أفمن يمشي مكبا‬
‫على وجهه أهدى أمن يمشي سويا على صراط مستقيم " )‪ (6‬وأما القلب‬
‫الذي فيه‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .18‬أمالي الصدوق ص ‪ (3) .292‬أمالي الطوسي ج ‪1‬‬
‫ص ‪ (4) .146‬في المصدر‪ :‬ل يعي‪ ،‬والعثور‪ :‬الطلع‪ ،‬والوعى‪ :‬الحفظ‬
‫والحتواء‪ (5) .‬معاني الخبار ‪ (6) .395‬الملك‪.23 :‬‬

‫]‪[52‬‬

‫إيمان ونفاق‪ ،‬فهم قوم كانوا بالطائف فان أدرك أحدهم أجله على نفاقه هلك‪ ،‬وإن‬
‫أدرك على إيمانه نجا )‪ - 11 .(1‬ل‪ :‬ابن المتوكل‪ ،‬عن السعد آبادي‪ ،‬عن‬
‫البرقي‪ ،‬عن النوفلي‪ ،‬عن السكوني‪ ،‬عن جعفر بن محمد‪ ،‬عن آبائه عليهم‬
‫السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬من علمات الشقاء جمود‬
‫العين وقسوة القلب‪ ،‬وشدة الحرص في طلب الرزق‪ ،‬والصرار على الذنب‬
‫)‪ - 12 .(2‬ل‪ :‬في وصية النبي صلى ال عليه وآله إلى علي عليه السلم‪:‬‬
‫يا علي أربع خصال من الشقاء‪ :‬جمود العين‪ ،‬وقساوة القلب‪ ،‬وبعد المل‪،‬‬
‫وحب البقاء )‪ - 13 .(3‬ع‪ :‬محمد بن موسى البرقي‪ ،‬عن علي بن محمد‬
‫ماجيلويه‪ ،‬عن البرقي عن أبيه‪ ،‬عن محمد بن سنان رفعه إلى أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم أنه قال‪ :‬أعجب ما في النسان قلبه وله مواد من‬
‫الحكمة‪ ،‬وأضداد من خلفها‪ ،‬فان سنح له الرجاء أذله الطمع وإن هاج به‬
‫الطمع أهلكه الحرص وإن ملكه اليأس قتله السف‪ ،‬وإن عرض له‬
‫الغضب‪ ،‬اشتد به الغيظ‪ ،‬وإن سعد بالرضا نسي التحفظ‪ ،‬وإن ناله الخوف‬
‫شغله الحذر‪ ،‬وإن اتسع له المن استلبته الغرة )‪ (4‬وإن جددت له النعمة‬
‫أخذته العزة‪ ،‬وإن أصابته مصيبة فضحه الجزع‪ ،‬وإن استفاد مال أطغاه‬
‫الغنى وإن عضته فاقة شغله البلء‪ ،‬وإن جهده الجوع قعد به الضعف‪ ،‬وإن‬
‫أفرط في الشبع كظته البطنة‪ ،‬فكل تقصير به مضر‪ ،‬وكل إفراط به مفسد )‬
‫‪ .(5‬شا‪ :‬مرسل مثله )‪ - 14 .(6‬ع‪ :‬بهذا السناد‪ ،‬عن محمد بن سنان‪ ،‬عن‬
‫بعض أصحابه‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم‬

‫)‪ (1‬معاني الخبار ‪ (2) .395‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .115‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪115‬‬
‫و ‪ (4) .116‬استلبه‪ :‬اختلسه‪ ،‬والغرة‪ :‬الغفلة‪ (5) .‬علل الشرايع ج ‪ 1‬ص‬
‫‪ .103‬وسيأتي مثله عن النهج‪ (6) .‬الرشاد ص ‪ 142‬و ‪.143‬‬

‫]‪[53‬‬

‫قال‪ :‬سمعته يقول لرجل‪ :‬اعلم يا فلن إن منزلة القلب من الجسد بمنزلة المام من‬
‫الناس‪ ،‬الواجب الطاعة عليهم‪ ،‬أل ترى أن جميع جوارح الجسد شرط‬
‫للقلب وتراجمة له مؤدية عنه‪ :‬الذنان والعينان والنف والفم واليدان‬
‫والرجلن والفرج فان القلب إذا هم بالنظر فتح الرجل عينيه‪ ،‬وإذا هم‬
‫بالستماع حرك اذنيه وفتح مسامعه فسمع‪ ،‬وإذا هم القلب بالشم استنشق‬
‫بأنفه فأدى تلك الرائحة إلى القلب‪ ،‬وإذا هم بالنطق تكلم باللسان‪ ،‬وإذا هم‬
‫بالحركة سعت الرجلن‪ ،‬وإذا هم بالشهوة تحرك الذكر‪ ،‬فهذه كلها مودية‬
‫عن القلب بالتحريك‪ ،‬وكذلك ينبغي للمام أن يطاع للمر منه )‪ .(1‬أقول‪ :‬قد‬
‫مضى )‪ (2‬في باب الغضاء عن عيوب الناس‪ ،‬عن الباقر عليه السلم أنه‬
‫قال‪ :‬إن القلوب بين أصبعين من أصابع ال‪ ،‬يقلبها كيف يشاء ساعة كذا‪،‬‬
‫وساعة كذا‪ - 15 .‬ل‪ :‬عن الصادق عليه السلم‪ ،‬عن حكيم أنه قال‪ :‬قلب‬
‫الكافر أقسى من الحجر )‪ - 16 .(3‬ل )‪ :(4‬أبي‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن الصبهاني‪،‬‬
‫عن المنقري‪ ،‬عن سفيان ابن عيينة‪ ،‬عن الزهري‪ ،‬عن علي بن الحسين‬
‫عليهما السلم في حديث طويل يقول فيه‪ :‬أل إن للعبد أربع أعين‪ :‬عينان‬
‫يبصر بهما أمر دينه ودنياه‪ ،‬وعينان يبصر بهما أمر آخرته‪ ،‬فإذا أراد ال‬
‫بعبد خيرا فتح له العينين اللتين في قلبه‪ ،‬فأبصر بهما الغيب وأمر آخرته‪،‬‬
‫وإذا أراد به غير ذلك ترك القلب بما فيه‪ - 17 .‬ب‪ :‬ابن سعد‪ ،‬عن الزدي‪،‬‬
‫عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن للقلب اذنين‪ :‬روح اليمان يساره‬
‫بالخير‪ ،‬والشيطان يساره بالشر فأيهما ظهر على صاحبه غلبه )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬علل الشرائع ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .103‬بل سيأتي في ج ‪ 75‬ص ‪ 48‬من أجزاء‬
‫المجلد السادس عشر كتاب العشرة تحت الرقم ‪ 9‬من باب الغضاء عن‬
‫عيوب الناس‪ (3) .‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ ،5‬وتراه في المعاني ‪ ،177‬المالي‪:‬‬
‫‪ (4) .146‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ 114‬وفي النسخة زيادة رمز ين وهو سهو‪.‬‬
‫)‪ (5‬قرب السناد ‪.24‬‬

‫]‪[54‬‬

‫‪ - 18‬فس‪ :‬سعيد بن محمد‪ ،‬عن بكر بن سهل‪ ،‬عن عبد الغني بن سعيد الثقفي عن‬
‫موسى بن عبد الرحمن‪ ،‬عن مقاتل بن سليمان‪ ،‬عن الضحاك بن مزاحم‪،‬‬
‫عن ابن عباس في قوله‪ " :‬من شر الوسواس الخناس " يريد الشيطان‬
‫على قلب ابن آدم له خرطوم مثل خرطوم الخنزير يوسوس ابن آدم إذا أقبل‬
‫على الدنيا وما ل يحب ال‪ ،‬فإذا ذكر ال عزوجل خنس يريد رجع )‪19 .(1‬‬
‫‪ -‬فس‪ " :‬إل من أتى ال بقلب سليم " قال‪ :‬القلب السليم الذي يلقى ال‬
‫وليس فيه أحد سواه )‪ - 20 .(2‬ن‪ ،‬لى‪ :‬ابن إدريس‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن سهل‪،‬‬
‫عن الحسن بن علي بن النعمان‪ ،‬عن ابن أسباط‪ ،‬عن ابن الجهم قال‪ :‬قلت‬
‫للرضا عليه السلم‪ :‬جعلت فداك أشتهي أن أعلم كيف أنا عندك ؟ فقال‪:‬‬
‫انظر كيف أنا عندك )‪ - 21 .(3‬ب‪ :‬ابن سعد‪ ،‬عن الزدي‪ ،‬عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬إن الشك والمعصية في‬
‫النار‪ ،‬ليسا منا ول إلينا‪ ،‬وإن قلوب المؤمنين لمطوية باليمان طيا‪ ،‬فإذا‬
‫أراد ال إنارة ما فيها فتحها بالوحي فزرع فيها الحكمة زارعها وحاصدها‬
‫)‪ - 22 .(4‬لى‪ :‬ما جيلويه‪ ،‬عن عمه‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن‬
‫المغيرة ومحمد بن سنان معا‪ ،‬عن طلحة بن زيد‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬كان أبي عليه السلم يقول‪ :‬ما شئ أفسد للقلب من الخطيئة‪،‬‬
‫إن القلب ليواقع الخطيئة فما تزال به حتى تغلب عليه فيصير أسفله أعله‬
‫وأعله أسفله )‪ .(5‬ما‪ :‬الغضايري‪ ،‬عن الصدوق مثله )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬تفسير القمي ذيل سورة الناس ص ‪ (2) .744‬تفسير القمي ص ‪(3) .473‬‬
‫عيون الخبار ج ‪ 1‬ص ‪ ،145‬أمالي الصدوق ‪ (4) .145‬قرب السناد ص‬
‫‪ (5) .25‬أمالي الصدوق ‪ (6) .239‬أمالي الطوسي ج ‪ 2‬ص ‪.53‬‬

‫]‪[55‬‬

‫‪ - 23‬ع‪ :‬أبي‪ ،‬عن محمد العطار‪ ،‬عن المقرئ الخراساني‪ ،‬عن علي بن جعفر‪ ،‬عن‬
‫أخيه‪ ،‬عن أبيه عليهم السلم قال‪ :‬أوحى ال عزوجل إلى موسى عليه‬
‫السلم يا موسى لتفرح بكثرة المال‪ ،‬ول تدع ذكري على كل حال‪ ،‬فان‬
‫كثرة المال تنسئ الذنوب وإن ترك ذكري يقسي القلوب )‪ - 24 .(1‬ع‪:‬‬
‫القطان‪ ،‬عن أحمد الهمداني‪ ،‬عن علي بن الحسن بن فضال عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫مروان بن مسلم‪ ،‬عن الثمالي‪ ،‬عن ابن طريف‪ ،‬عن ابن نباته قال‪ :‬قال‬
‫أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬ما جفت الدموع إل لقسوة القلوب‪ ،‬وما قست‬
‫القلوب إل لكثرة الذنوب )‪ - 25 .(2‬مص‪ :‬قال الصادق عليه السلم‪:‬‬
‫إعراب القلوب على أربعة أنواع‪ :‬رفع وفتح وخفض ووقف‪ ،‬فرفع القلب‬
‫في ذكر ال‪ ،‬وفتح القلب في الرضا عن ال‪ ،‬وخفض القلب في الشتغال‬
‫بغير ال‪ ،‬ووقف القلب في الغفلة عن ال‪ ،‬أل ترى أن العبد إذا ذكر ال‬
‫بالتعظيم خالصا ارتفع كل حجاب كان بينه وبين ال من قبل ذلك‪ ،‬وإذا انقاد‬
‫القلب لمورد قضاء ال بشرط الرضا عنه كيف ينفتح القلب بالسرور‬
‫والروح والراحة‪ ،‬وإذا اشتغل قلبه بشئ من أسباب الدنيا كيف تجده إذا‬
‫ذكر ال بعد ذلك وآياته منخفضا ]مظلما[ كبيت خراب خاويا‪ ،‬وليس فيه‬
‫العمارة ول مونس‪ ،‬وإذا غفل عن ذكر ال كيف تراه بعد ذلك موقوفا‬
‫محجوبا قد قسي وأظلم منذ فارق نور التعظيم‪ .‬فعلمة الرفع ثلثة أشياء‪:‬‬
‫وجود الموافقة‪ ،‬وفقد المخالفة‪ ،‬ودوام الشوق وعلمة الفتح ثلثة أشياء‪:‬‬
‫التوكل والصدق واليقين‪ ،‬وعلمة الخفض ثلثة أشياء العجب والرياء‬
‫والحرص‪ ،‬وعلمة الوقف ثلثة أشياء زوال حلوة الطاعة‪ ،‬وعدم مرارة‬
‫المعصية‪ ،‬والتباس العلم الحلل بالحرام )‪.(3‬‬

‫)‪ 1‬و ‪ (2‬علل الشرائع ج ‪ 1‬ص ‪ .77‬ط النجف الحروفية ص ‪ (3) .81‬مصباح‬
‫الشريعة ص ‪.3‬‬

‫]‪[56‬‬

‫‪ - 26‬ضا‪ :‬روي أن ل في عباده آنية وهو القلب‪ ،‬فأحبها إليه أصفاها وأصلبها‬
‫وأرقها‪ :‬أصلبها في دين ال‪ ،‬وأصفاها من الذنوب‪ ،‬وأرقها على الخوان‪.‬‬
‫‪ - 27‬شى‪ :‬عن هارون بن خارجة‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قلت‬
‫له‪ :‬إني أفرح من غير فرح أراه في نفسي‪ ،‬ول في مالي ول في صديقي‪،‬‬
‫وأحزن من غير حزن أراه في نفسي ول في مالي ول في صديقي ؟ قال‪:‬‬
‫نعم إن الشيطان يلم بالقلب فيقول‪ :‬لو كان لك عند ال خير ما أدال عليك‬
‫عدوك‪ ،‬ول جعل بك إليه حاجة‪ ،‬هل تنتظر إل مثل الذي انتظر الذين من‬
‫قبلك ؟ فهل قالوا شيئا‪ ،‬فذاك الذي يحزن من غير حزن‪ ،‬وأما الفرح فان‬
‫الملك يلم بالقلب فيقول‪ :‬إن كان ال أدال عليك عدوك‪ ،‬وجعل بك إليه‬
‫حاجة‪ ،‬فانما هي أيام قلئل أبشر بمغفرة من ال وفضل وهو قول ال‪" :‬‬
‫الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء وال يعدكم مغفرة منه وفضل " )‬
‫‪ - 28 .(1‬شى‪ :‬عن سلم قال‪ :‬كنت عند أبي جعفر عليه السلم فدخل عليه‬
‫حمران بن أعين فسأله عن أشياء‪ ،‬فلما هم حمران بالقيام قال لبي جعفر‬
‫عليه السلم‪ :‬اخبرك أطال ال بقاك وأمتعنا بك أنا نأتيك فما نخرج من‬
‫عندك حتى يرق قلوبنا وتسلو أنفسنا عن الدنيا‪ ،‬ويهون علينا ما في أيدي‬
‫الناس من هذه الموال ثم نخرج من عندك فإذا صرنا مع الناس والتجار‬
‫أحببنا الدنيا ؟ قال‪ :‬فقال أبو جعفر عليه السلم‪ :‬إنما هي القلوب مرة‬
‫يصعب عليها المر ومرة يسهل‪ .‬ثم قال أبو جعفر عليه السلم‪ :‬أما إن‬
‫أصحاب رسول ال صلى ال عليه وآله قالوا‪ :‬يارسول ال نخاف علينا‬
‫النفاق‪ ،‬قال‪ :‬فقال لهم‪ :‬ولم تخافون ذلك ؟ قالوا‪ :‬إنا إذا كنا عندك فذكرتنا‪،‬‬
‫روعنا ووجلنا ونسينا الدنيا وزهدنا فيها حتى كأنا نعاين الخرة والجنة‬
‫والنار‪ ،‬ونحن عندك‪ ،‬وإذا دخلنا هذه البيوت وشممنا الولد ورأينا العيال‬
‫والهل والمال يكاد أن نحول عن الحال التي كنا عليها عندك‪ ،‬وحتى كأنا لم‬
‫نكن على شئ ؟ أفتخاف علينا أن يكون هذا النفاق ؟ فقال لهم رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬كل هذا‬

‫)‪ (1‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪ ،150‬والية في البقرة ‪.268‬‬

‫]‪[57‬‬

‫من خطوات الشيطان ليرغبكم في الدنيا‪ ،‬وال لو أنكم تدومون على الحال التي‬
‫تكونون عليها وأنتم عندي في الحال التي وصفتم أنفسكم بها لصافحتكم‬
‫الملئكة ومشيتم على الماء‪ ،‬ولول أنكم تذنبون فتستغفرون ال لخلق ال‬
‫خلقا لكي يذنبوا ثم يستغفروا‪ ،‬فيغفر لهم إن المؤمن مفتن تواب أما تسمع‬
‫لقوله‪ :‬إن ال يحب التوابين )‪ (1‬واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه )‪- 29 .(2‬‬
‫شى‪ :‬عن أبي جميلة‪ ،‬عن عبد ال بن جعفر‪ ،‬عن أخيه قال‪ :‬إن للقلب‬
‫تلجلجا في الخوف يطلب الحق فإذا أصابه اطمأن به وقرأ " ومن يرد ال‬
‫أن يهديه يشرح صدره للسلم ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا‬
‫حرجا كأنما يصعد في السماء )‪ - 30] .(3‬شى‪ :[:‬عن سليمان بن خالد‬
‫قال‪ :‬قد سمعت أبا عبد ال عليه السلم أن ال إذا أراد بعبد خيرا نكت في‬
‫قلبه نكتة بيضاء‪ ،‬وفتح مسامع قلبه‪ ،‬ووكل به ملكا يسدده‪ ،‬وإذا أراد بعبد‬
‫سوء نكت في قلبه نكتة سوداء وشد عليه مسامع قلبه‪ ،‬ووكل به شيطانا‬
‫يضله ثم تل هذه الية " فمن يرد ال أن يهديه يشرح صدره " الية‪.‬‬
‫ورواه سليمان بن خالد عنه‪ " :‬نكتة من نور " ولم يقل بيضاء )‪31] .(4‬‬
‫‪ -‬شى[‪ :‬عن أبي بصير‪ ،‬عن خيثمة قال‪ :‬سمعت أبا جعفر عليه السلم‬
‫يقول‪ :‬إن القلب ينقلب من لدن موضعه إلى حنجرته ما لم يصب الحق فإذا‬
‫أصاب الحق قر ثم ضم أصابعه ثم قرأ هذه الية " فمن يرد ال أن يهديه‬
‫يشرح صدره للسلم ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا حرجا " قال‪:‬‬
‫وقال أبو عبد ال عليه السلم لموسى ابن أشيم‪ :‬أتدري ما الحرج ؟ قال‪:‬‬
‫قلت‪ :‬ل‪ ،‬فقال بيده وضم أصابعه كالشئ‬
‫)‪ (1‬البقرة‪ (2) .222 :‬هود‪ 90 :‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪ .109‬وترى مثله في‬
‫الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .423‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪ ،376‬والية في‬
‫النعام‪ (4) .125 :‬المصدر ج ‪ 1‬ص ‪ 376‬و ‪.377‬‬

‫]‪[58‬‬

‫المصمت ل يدخل فيه شئ ول يخرج منه شئ )‪ - 32 .(1‬شى‪ :‬عن حمزة بن‬


‫الطيار‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم في قول ال‪ " :‬يحول بين المرء‬
‫وقلبه " قال‪ :‬هو أن يشتهي الشئ بسمعه وبصره ولسانه ويده أما إن هو‬
‫غشي شيئا بما يشتهي فانه ل يأتيه إل وقلبه منكر ل يقبل الذي يأتي‪،‬‬
‫يعرف أن الحق ليس فيه‪ ،‬وفي خبر هشام عنه عليه السلم قال‪ :‬يحول‬
‫بينه وبين أن يعلم أن الباطل حق )‪ - 33 .(2‬شى‪ :‬عن حمزة بن الطيار‪،‬‬
‫عن أبي عبد ال عليه السلم " واعلموا أن ال يحول بين المرء وقلبه "‬
‫قال‪ :‬هو أن يشتهي الشئ بسمعه وبصره ولسانه ويده أما إنه ل يغشى‬
‫شيئا منها وإن كان يشتهيه فانه ل يأتيه إل وقلبه منكر ل يقبل الذي يأتي‪،‬‬
‫يعرف أن الحق ليس فيه )‪ - 34 .(3‬شى‪ :‬عن جابر‪ ،‬عن أبي جعفر عليه‬
‫السلم قال‪ :‬هذا الشئ يشتهيه الرجل بقلبه وسمعه وبصره‪ ،‬ل يتوق نفسه‬
‫إلى غير ذلك‪ ،‬فقد حيل بينه وبين قلبه‪ ،‬إل ذلك الشئ )‪ .(4‬وفي خبر يونس‬
‫بن عمار‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬يستيقن القلب أن الحق باطل‬
‫أبدا‪ ،‬ول يستيقن أن الباطل حق أبدا )‪ - 35 .(5‬شى‪ :‬عن عمرو بن أبي‬
‫المقدام‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إنما شيعتنا أصحاب الربعة‬
‫العين‪ :‬عين في الرأس‪ ،‬وعين في القلب‪ ،‬أل والخليق كلهم كذلك‪ ،‬أل‬
‫وإن ال فتح أبصاركم وأعمى أبصارهم‪ - 36 .‬جا‪ :‬أبو غالب الزراري‪ ،‬عن‬
‫الحميري‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن الهوازي عن محمد بن سنان‪ ،‬عن صالح‬
‫بن يزيد‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬تبحروا قلوبكم فان أنقاها من‬
‫حركة الواحش لسخط شئ من صنع ال فإذا وجدتموها كذلك فاسئلوه ما‬
‫شئتم )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪ (4 - 2) .377‬تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص ‪(5) .52‬‬


‫المصدر ج ‪ 2‬ص ‪ (6) .53‬أمالي المفيد‪ ،42 :‬ولفظ الحديث مصحف في‬
‫كل النسخ لم نتمكن من أصلحه‪.‬‬

‫]‪[59‬‬

‫‪ - 37‬غو‪ :‬روي أنس بن مالك قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬ناجى داود‬
‫ربه فقال‪ :‬إلهي لكل ملك خزانة فأين خزانتك ؟ قال جل جلله‪ :‬لي خزانة‬
‫أعظم من العرش‪ ،‬وأوسع من الكرسي‪ ،‬وأطيب من الجنة‪ ،‬وأزين من‬
‫الملكوت‪ :‬أرضها المعرفة‪ ،‬وسماؤها اليمان‪ ،‬وشمسها الشوق‪ ،‬وقمرها‬
‫المحبة‪ ،‬ونجومها الخواطر وسحابها العقل‪ ،‬ومطرها الرحمة‪ ،‬وأثمارها‬
‫الطاعة‪ ،‬وثمرها الحكمة‪ ،‬ولها أربعة أبواب‪ :‬العلم‪ ،‬والحلم‪ ،‬والصبر‪،‬‬
‫والرضا‪ ،‬أل وهي القلب‪ - 38 .‬كا‪ :‬علي بن إبراهيم‪ ،‬عن صالح بن‬
‫السندي‪ ،‬عن جعفر بن بشير‪ ،‬عن صباح الحذاء‪ ،‬عن أبي اسامة قال‪:‬‬
‫زاملت أبا عبد ال عليه السلم قال‪ :‬فقال لي‪ :‬اقرأ فافتتحت سورة من‬
‫القرآن فقرأتها فرق وبكى‪ ،‬ثم قال‪ :‬يا أبا اسامة ارعوا قلوبكم بذكر ال‬
‫عزوجل واحذروا النكت فانه يأتي على القلب تاراة أو ساعات ‪ -‬الشك من‬
‫صباح ‪ -‬ليس فيه إيمان ول كفر‪ ،‬شبه الخرقة البالية‪ ،‬أو العظم النخر يا أبا‬
‫اسامة أليس ربما تفقدت قلبك فل تذكر به خيرا ول شرا‪ ،‬ول تدري أين هو‬
‫؟ قال‪ :‬قلت له‪ :‬بلى إنه ليصيبني وأراه يصيب الناس‪ ،‬قال‪ :‬أجل ليس يعرى‬
‫منه أحد قال‪ :‬فإذا كان ذلك فاذكروا ال عزوجل‪ ،‬واحذروا النكت‪ ،‬فانه إذا‬
‫أراد بعبد خيرا نكت إيمانا‪ ،‬وإذا أراد به غير ذلك نكت غير ذلك‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪:‬‬
‫ما غير ذلك ؟ جعلت فداك ما هو ؟ قال‪ :‬إذا أرد كفرا نكت كفرا )‪- 39 .(1‬‬
‫اسرار الصلة‪ :‬عن النبي صلى ال عليه وآله قال‪ :‬قلب المؤمن أجرد‪ ،‬فيه‬
‫سراج يزهر‪ ،‬وقلب الكافر أسود منكوس‪ .‬وعن سفيان بن عيينة قال‪:‬‬
‫سألت ]الصادق[ عن قول ال عزوجل " إل من أتى ال بقلب سليم " قال‪:‬‬
‫السليم الذي يلقى ربه‪ ،‬وليس فيه أحد سواه‪ ،‬وقال‪ :‬وكل قلب فيه شك أو‬
‫شرك فهو ساقط‪ ،‬وإنما أرادوا الزهد في الدنيا لتفرغ قلوبهم للخرة‪ .‬وقال‬
‫النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬لول أن الشياطين يحومون على قلوب بني آدم‬
‫لنظروا إلى الملكوت‪.‬‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 8‬ص ‪.167‬‬

‫]‪[60‬‬

‫‪ - 40‬نوادر الراوندي‪ :‬باسناده‪ ،‬عن موسى بن جعفر‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪:‬‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬القلوب أربعة‪ :‬قلب فيه إيمان وليس‬
‫فيه قرآن‪ ،‬وقلب فيه إيمان وقرآن‪ ،‬وقلب فيه قرآن وليس فيه إيمان‪ ،‬وقلب‬
‫ل إيمان فيه ول قرآن فأما الول كالتمرة طيب طعمها ول طيب لها‪ ،‬والثاني‬
‫كجراب المسك طيب إن فتح وطيب إن وعاه‪ ،‬والثالث كالس طيب ريحها‬
‫وخبيث طعمها‪ ،‬والرابع كالحنظل خبيث ريحها وطعمها )‪ .(1‬وبهذا السناد‬
‫قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬إن ل آنية في الرض فأحبها إلى‬
‫ال ما صفا منها ورق وصلب‪ ،‬وهي القلوب فأما ما رق منها فالرقة على‬
‫الخوان وأما ما صلب منها فقول ]الرجل في الحق‪ ،‬ل يخاف في ال لومة‬
‫لئم‪ ،‬وأما ما صفا ما صفت من الذنوب[ )‪ .(2‬القصد إلى ال تعالى بالقلوب‬
‫أبلغ من إتعاب الجوارح بالعمال‪ .‬وقال الحسن بن علي العسكري عليهما‬
‫السلم‪ :‬إذا نشطت القلوب فأودعوها وإذا نفرت فودعوها‪ - 41 .‬نهج‪ :‬قال‬
‫أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬لقد علق بنياط هذا النسان بضعة وهي أعجب‬
‫ما فيه‪ ،‬وذلك القلب‪ ،‬وله مواد من الحكمة‪ ،‬وأضداد من خلفها‪ ،‬فان سنح‬
‫له الرجا أذله الطمع وإن أسعده الرضا نسي التحفظ‪ ،‬و ؟ له الخوف شغله‬
‫الحذر‪ ،‬وإن اتسع له المن ]استلبته الغرة‪ ،‬وإن جددت له النعمة أخذته‬
‫العزة[ )‪ (3‬وإن أصابته مصيبة فضحه الجزع‪ ،‬وإن أفاد مال أطغاه الغنى‪،‬‬
‫وإن‬

‫)‪ (1‬نوادر الراوندي ‪ (2) .4‬مابين العلمتين أضفناه من الصمدر ص ‪ ،7‬وقد مر‬
‫مرسل عن كتاب التكليف لبن أبى العزاقر الشلمغانى المعروف بفقه‬
‫الرضا عليه السلم تحت الرقم ‪ 26‬وأما قوله " القصد إلى ال " الخ فقد‬
‫تفحصنا نوادر الراوندي فلم نجده‪ ،‬ولم نعرف أنه من أي مصدر نقل كما‬
‫ل يدرى مقدار السقط الذي وقع من البين‪ (3) .‬مابين العلمتين ساقط عن‬
‫النسخة‪ ،‬صححناه بالعرض على المصدر‪.‬‬

‫]‪[61‬‬

‫عضته الفاقة شغله البلء‪ ،‬وإن جهده الجوع قعد به الضعف‪ ،‬وإن أفرط به الشبع‬
‫كظته البطنة‪ ،‬فكل تقصير به مضر‪ ،‬وكل إفراط له مفسد )‪ .(1‬وقال عليه‬
‫السلم‪ :‬أن للقلوب شهوة وإقبال وإدبارا فأتوها من قبل شهوتها وإقبالها‪،‬‬
‫فان القلب إذا اكره عمي )‪ .(2‬وقال عليه السلم‪ :‬إن القلوب تمل كما تمل‬
‫البدان‪ ،‬فابتغوا لها طرائف الحكمة )‪ .(3‬وقال عليه السلم‪ :‬أل وإن من‬
‫البلء الفاقة‪ ،‬وأشد من الفاقة مرض البدن‪ ،‬و أشد من مرض البدن مرض‬
‫القلب‪ ،‬أل وإن من النعم سعة المال‪ ،‬وأفضل من سعة المال صحة البدن‪،‬‬
‫وأفضل من صحة البدن تقوى القلوب )‪ - 42 .(4‬عدة الداعي‪ :‬روي عن‬
‫النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬على كل قلب جاثم من الشيطان فإذا ذكر اسم‬
‫ال خنس وذاب‪ ،‬وإذا ترك ذكر ال التقمه الشيطان فجذبه وأغواه واستزله‬
‫وأطغاه‪.‬‬

‫)‪ (1‬نهج البلغة تحت الرقم ‪ 108‬من الحكم‪ (2) .‬نهج البلغة الرقم ‪ 193‬من‬
‫الحكم‪ (3) .‬المصدر الرقم ‪ 91‬من الحكم‪ (4) .‬المصدر الرقم ‪ 388‬من‬
‫الحكم‪.‬‬
‫]‪[62‬‬

‫)‪) * (45‬باب( * * " )مراتب النفس‪ ،‬وعدم العتماد عليها‪ ،‬وما زينتها وزين لها(‬
‫" * * " )ومعنى الجهاد الكبر‪ ،‬ومحاسبة النفس ومجاهدتها( " * * "‬
‫)والنهى عن ترك الملذ والمطاعم( " * اليات‪ :‬البقرة‪ :‬زين للذين كفروا‬
‫الحيوة الدنيا )‪ .(1‬آل عمران‪ :‬زين للناس حب الشهوات من النساء‬
‫والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة والنعام‬
‫والحرث ذلك متاع الحيوة الدنيا وال عنده حسن المآب )‪ .(2‬النعام‪ :‬كذلك‬
‫زين للكافرين ما كانوا يعملون )‪ .(3‬التوبة‪ :‬زين لهم سوء أعمالهم )‪.(4‬‬
‫يونس‪ :‬كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون )‪ .(5‬يوسف‪ :‬وما ابرئ‬
‫نفسي إن النفس لمارة بالسوء إل ما رحم ربي إن ربي غفور رحيم )‪.(6‬‬
‫الرعد‪ :‬بل زين للذين كفروا مكرهم وصدوا عن السبيل ومن يضلل ال فما‬
‫له من هاد )‪.(7‬‬

‫)‪ (1‬البقرة‪ (2) .212 :‬آل عمران‪ (3) .14 :‬النعام‪ (4) .122 :‬براءة‪(5) .38 :‬‬
‫يونس‪ (6) .12 :‬يوسف‪ (7) .53 :‬الرعد‪.35 :‬‬

‫]‪[63‬‬

‫ابراهيم‪ :‬وقال الشيطان لما قضي المر إن ال وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم‬
‫وما كان لي عليكم من سلطان إل أن دعوتكم فاستجبتم لي فل تلوموني‬
‫ولوموا أنفسكم ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخي إني كفرت بما‬
‫أشركتمون من قبل )‪ .(1‬طه‪ :‬وكذلك سولت لي نفسي )‪ .(2‬الحج‪ :‬وجاهدوا‬
‫في ال حق جهاده هو اجتباكم )‪ .(3‬العنكبوت‪ :‬ومن جاهد فانما يجاهد‬
‫لنفسه إن ال لغني عن العالمين وقال تعالى‪ :‬والذين جاهدوا فينا لنهدينهم‬
‫سبلنا وإن ال لمع المحسنين )‪ .(4‬فاطر‪ :‬أفمن زين له سوء عمله فرآه‬
‫حسنا )‪ .(5‬المؤمن‪ :‬وكذلك زين لفرعون سوء عمله وصد عن السبيل وما‬
‫كيد فرعون إل في تباب )‪ .(6‬محمد‪ :‬أفمن كان على بينة من ربه كمن زين‬
‫له سوء عمله واتبعوا أهوائهم )‪ .(7‬الحشر‪ :‬يا أيها الذين آمنوا اتقوا ال‬
‫ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا ال إن ال خبير بما تعملون )‪ .(8‬القيمة‪:‬‬
‫ول اقسم بالنفس اللوامة )‪.(9‬‬

‫)‪ (1‬ابراهيم‪ (2) .21 :‬طه‪ (3) .96 :‬الحج‪ (4) .78 :‬العنكبوت‪ 6 :‬و ‪(5) .69‬‬
‫فاطر‪ (6) .8 :‬المؤمن‪ (7) .37 :‬القتال‪ (8) .14 :‬الحشر‪(9) .18 :‬‬
‫القيامة‪.2 :‬‬
‫]‪[64‬‬

‫الفجر‪ :‬يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية * فادخلي في‬
‫عبادي وادخلي جنتي )‪ .(1‬الشمس‪ :‬ونفس وما سويها * فألهمها فجورها‬
‫وتقويها * قد أفلح من زكيها * وقد خاب من دسيها )‪ - 1 .(2‬عدة الداعي‪:‬‬
‫قال النبي صلى ال عليه وآله أعدى عدوك نفسك التي بين جنبيك‪- 2 .‬‬
‫مع‪ ،‬ل‪ :‬في وصية أبي ذر قال النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬على العاقل أن‬
‫يكون له ساعات‪ :‬ساعة يناجى فيها ربه‪ ،‬وساعة يحاسب فيها نفسه‪،‬‬
‫وساعة يتفكر فيما صنع ال عزوجل إليه )‪ - 3 .(3‬لى‪ ،‬مع‪ :‬قال أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم‪ :‬من لم يتعاهد النقص من نفسه‪ ،‬غلب عليه الهوى‪،‬‬
‫ومن كان في نقص فالموت خير له )‪ - 4 .(4‬جا‪ ،‬ما‪ :‬المفيد‪ ،‬عن أحمد بن‬
‫الوليد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن الصفار‪ ،‬عن القاشاني عن الصبهاني‪ ،‬عن المنقري‪،‬‬
‫عن حفص‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬أل فحاسبوا أنفسكم قبل أن‬
‫تحاسبوا فان في القيامة خمسين موقفا كل موقف مقام ألف سنة‪ ،‬ثم تل‬
‫هذه الية " في يوم كان مقداره ألف سنة " الخبر )‪ - 5 .(5‬ما‪ :‬المفيد‪،‬‬
‫عن أحمد بن الوليد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن ابن عيسى عن ابن محبوب‪،‬‬
‫عن الثمالي قال‪ :‬قال‪ :‬كان علي بن الحسين عليهما السلم‪ :‬يقول‪ :‬ابن آدم‬
‫ل تزال بخير ما كان لك واعظ من نفسك‪ ،‬وما كانت المحاسبة من همك‪،‬‬
‫وما كان الخوف لك شعارا‪ ،‬والحزن لك دثارا‪ ،‬ابن آدم إنك ميت ومبعوث‪،‬‬
‫وموقوف‬

‫)‪ (1‬الفجر‪ (2) .30 - 27 :‬الشمس‪ (3) .10 - 7 :‬معاني الخبار ‪ ،334‬ول يوجد‬
‫في الخصال وانما تراه في أمالي الطوسي ج ‪ 2‬ص ‪ (4) .153‬أمالي‬
‫الصدوق ‪ ،237‬معاني الخبار ‪ (5) .198‬أمالي المفيد ‪ ،169‬أمالي‬
‫الطوسي ج ‪ 1‬ص ‪ ،34‬والية في السجدة‪.5 :‬‬

‫]‪[65‬‬

‫بين يدي ال عزوجل‪ ،‬ومسؤول فأعد جوابا )‪ .(1‬سر‪ :‬ابن محبوب مثله‪ .‬جا‪ :‬أحمد‬
‫بن الوليد مثله )‪ - 6 .(2‬ما‪ :‬فيما أوصى به أمير المؤمنين عليه السلم‬
‫ابنه الحسن صلوات ال عليهما‪ :‬يا بني للمؤمن ثلث ساعات‪ :‬ساعة‬
‫يناجى فيها ربه‪ ،‬وساعة يحاسب فيها نفسه‪ ،‬وساعة يخلو فيها بين نفسه‬
‫ولذتها فيما يحل ويحمد‪ ،‬وليس للمؤمن بد من أن يكون شاخصا في ثلث‪:‬‬
‫مرمة لمعاش‪ ،‬أو خطوة لمعاد‪ ،‬أو لذة في غير محرم )‪ - 7 .(3‬مع‪ ،‬لى‪:‬‬
‫ابن إدريس‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن محمد بن يحيى الخزاز‪ ،‬عن‬
‫موسى بن إسماعيل‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن موسى بن جعفر‪ ،‬عن آبائه عليهما‬
‫السلم قال‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬إن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله بعث سرية فلما رجعوا قال‪ :‬مرحبا بقوم قضوا الجهاد الصغر وبقي‬
‫عليهم الجهاد الكبر‪ ،‬قيل‪ :‬يارسول ال وما الجهاد الكبر ؟ قال‪ :‬جهاد‬
‫النفس ثم قال صلى ال عليه وآله‪ :‬أفضل الجهاد من جاهد نفسه التي بين‬
‫جنبيه )‪ .(4‬ختص‪ :‬عنه عليه السلم مثله )‪ - 8 .(5‬نوادر الراوندي‪:‬‬
‫باسناده‪ ،‬عن موسى بن جعفر‪ ،‬عن آبائه عليهما السلم‪ ،‬عن النبي صلى‬
‫ال عليه وآله مثله إلى قوله‪ :‬جهاد النفس )‪ - 9 .(6‬فس‪ " :‬ومن جاهد "‬
‫قال‪ :‬نفسه عن الشهوات واللذات والمعاصي " فانما يجاهد لنفسه إن ال‬
‫لغني عن العالمين " )‪.(7‬‬

‫)‪ (1‬أمالي الطوسي ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .114‬مجالس المفيد ‪ (3) .207‬أمالي الطوسى ج‬
‫‪ 1‬ص ‪ (4) .146‬معاني الخبار ‪ ،160‬أمالي الصدوق ‪(5) .279‬‬
‫الختصاص ‪ (6) .240‬نوادر الراوندي ص ‪ (7) .21‬تفسير القمي ‪495‬‬
‫والية في سورة العنكبوت‪.6 :‬‬

‫]‪[66‬‬

‫‪ - 10‬فس‪ :‬في رواية أبي الجارود‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم في قوله‪ " :‬للذين‬
‫أحسنوا الحسنى وزيادة " )‪ (1‬فأما الحسنى فالجنة‪ ،‬وأما الزيادة فالدنيا ما‬
‫أعطاهم ال في الدنيا لم يحاسبهم به في الخرة‪ ،‬ويجمع لهم ثواب الدنيا‬
‫والخرة ويثيبهم بأحسن أعمالهم في الدنيا والخرة‪ ،‬يقول ال‪ " :‬ول‬
‫يرهق وجوههم قتر ولذلة اولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون " )‪.(2‬‬
‫‪ - 11‬ما‪ :‬فيما كتب أمير المؤمنين عليه السلم إلى أهل مصر مع محمد بن‬
‫أبي بكر‪ " :‬عليكم بتقوى ال فانها تجمع الخير ول خير غيرها‪ ،‬ويدرك بها‬
‫من الخير ما ل يدرك بغيرها من خير الدنيا والخرة‪ ،‬قال ال عزوجل‪" :‬‬
‫وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا‬
‫حسنة ولدار الخرة خير ولنعم دار المتقين " )‪ .(3‬اعلموا يا عباد ال أن‬
‫المؤمن من يعمل لثلث من الثواب إما لخير فان ال يثيبه بعمله في دنياه‬
‫وقال ال سبحانه لبراهيم‪ " :‬وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الخرة لمن‬
‫الصالحين " )‪ (4‬فمن عمل ال تعالى أعطاه أجره في الدنيا والخرة‪،‬‬
‫وكفاه المهم فيهما‪ ،‬وقد قال ال تعالى " يا عبادي الذين آمنوا ‪ -‬اتقوا ربكم‬
‫‪ -‬للذين أحسنوا الحسنى وزيادة " والحسنى هي الجنة والزيادة هي الدنيا‪،‬‬
‫وإن ال تعالى يكفر بكل حسنة سيئة قال ال عزوجل‪ " :‬إن الحسنات‬
‫يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين " )‪ (5‬حتى إذا كان يوم القيامة حسبت‬
‫لهم حسناتهم ثم أعطاهم بكل واحدة عشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف قال‬
‫ال عزوجل‪ " :‬جزاء من ربك عطاء‬
‫)‪ (1‬يونس‪ (2) .26 :‬تفسير القمي ‪ (3) .287‬النحل‪ (4) .30 :‬العنكبوت‪(5) .27 :‬‬
‫هود‪(*) .114 :‬‬

‫]‪[67‬‬

‫حسابا " )‪ (1‬وقال‪ " :‬اولئك لهم جزاء الضعف بما عملوا وهم في الغرفات آمنون‬
‫" )‪ .(2‬فارغبوا في هذا رحمكم ال‪ ،‬واعملوا له‪ ،‬وتحاضوا عليه‪ ،‬واعلموا‬
‫يا عباد ال أن المتقين حازوا عاجل الخير وآجله‪ ،‬شاركوا أهل الدنيا في‬
‫دنياهم‪ ،‬ولم يشاركهم أهل الدنيا في آخرتهم‪ ،‬أباحهم ال في الدنيا ما كفاهم‬
‫به‪ ،‬وقال عز اسمه‪ " :‬قل من حرم زينة ال التي أخرج لعباده والطيبات‬
‫من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحيوة الدنيا خالصة يوم القيمة كذلك‬
‫نفصل اليات لقوم يعلمون " )‪ .(3‬سكنوا الدنيا بأفضل ما سكنت‪ ،‬وأكلوها‬
‫بأفضل ما اكلت‪ ،‬شاركوا أهل الدنيا في دنياهم‪ ،‬فأكلوا معهم من طيبات ما‬
‫يأكلون‪ ،‬وشربوا من طيبات ما يشربون ولبسوا من أفضل ما يلبسون‪،‬‬
‫وسكنوا من أفضل ما يسكنون‪ ،‬وتزوجوا من أفضل ما يتزوجون‪ ،‬وركبوا‬
‫من أفضل ما يركبون‪ ،‬أصابوا لذة الدنيا مع أهل الدنيا‪ ،‬وهم غدا جيران ال‬
‫يتمنون عليه فيعطيهم ما يتمنون‪ ،‬ل يرد لهم دعوة ول ينقص لهم نصيب‬
‫من اللذة‪ ،‬فإلى هذا يا عباد ال يشتاق إليه من كان له عقل ويعمل له تقوى‬
‫ال‪ ،‬ول حول ول قوة إل بال )‪ - 12 .(4‬ما‪ :‬جماعة‪ ،‬عن أبي المفضل‪،‬‬
‫عن عبد ال بن جعفر بن محمد بن أعين‪ ،‬عن زكريا بن يحيى بن صبيح‪،‬‬
‫عن خلف بن خليفة‪ ،‬عن سعيد بن عبيد‪ ،‬عن علي ابن ربيعة الوالبي‪ ،‬عن‬
‫علي بن أبي طالب عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪:‬‬
‫إن ال تبارك وتعالى حد لكم حدودا فل تعتدوها‪ ،‬وفرض عليكم فرائض فل‬
‫تضيعوها وسن لكم سننا فاتبعوها‪ ،‬وحرم عليكم حرمات فل تنتهكوها‪،‬‬
‫وعفي لكم عن أشياء رحمة منه من غير نسيان فل تكلفوها )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬النبأ‪ (2) .36 :‬سبأ‪ (3) .37 :‬العراف‪ (4) .31 :‬أمالي الطوسي ج ‪ 2‬ص ‪.25‬‬
‫)‪ (5‬أمالي الطوسي ج ‪ 2‬ص ‪.124‬‬

‫]‪[68‬‬

‫جا‪ :‬عبد ال بن جعفر مثله )‪ - 13 .(1‬ضا‪ :‬نروي أن سيدنا رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله رأى بعض أصحابه منصرفا من بعث كان بعثه‪ ،‬وقد انصرف‬
‫بشعثه وغبار سفره‪ ،‬وسلحه عليه‪ ،‬يريد منزله‪ ،‬فقال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬انصرفت من الجهاد الصغر إلى الجهاد الكبر‪ ،‬فقيل له‪ :‬أو جهاد‬
‫فوق الجهاد بالسيف ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬جهاد المرء نفسه‪ .‬ونروي في قول ال‬
‫تبارك وتعالى‪ :‬اعبروا يا اولي البصار قبل أن يعتبر بكم وأروي أن الهم‬
‫في الدين يذهب بذنوب المؤمن‪ ،‬ونروي أن الهموم ساعات الكفارات‬
‫وسألني رجل عما يجمع خير الدنيا والخرة‪ ،‬فقلت‪ :‬خالف نفسك‪- 14 .‬‬
‫مص‪ :‬قال الصادق عليه السلم‪ :‬من رعى قلبه عن الغفلة‪ ،‬ونفسه عن‬
‫الشهوة وعقله عن الجهل‪ ،‬فقد دخل في ديوان المتنبهين ثم من رعى عمله‬
‫عن الهوى‪ ،‬ودينه عن البدعة‪ ،‬وماله عن الحرام‪ ،‬فهو من جملة‬
‫الصالحين‪ .‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬طلب العلم فريضة على كل‬
‫مسلم ومسلمة‪ ،‬وهو علم النفس‪ ،‬فيجب أن يكون نفس المؤمن على كل‬
‫حال في شكر أو عذر‪ ،‬على معنى إن قبل ففضل‪ ،‬وإن رد فعدل‪ ،‬ويطالع‬
‫الحركات في الطاعات بالتوفيق‪ ،‬ويطالع السكون عن المعاصي بالعصمة‪،‬‬
‫وقوام ذلك كله بالفتقار إلى ال‪ ،‬والضطرار إليه والخشوع والخضوع‪،‬‬
‫ومفتاحها النابة إلى ال‪ ،‬مع قصر المل بدوام ذكر الموت وعيان الموقف‬
‫بين يدي الجبار‪ ،‬لن في ذلك راحة من الحبس‪ ،‬ونجاة من العدو وسلمة‬
‫النفس‪ ،‬والخلص في الطاعة بالتوفيق وأصل ذلك أن يرد العمر إلى يوم‬
‫واحد قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬الدنيا ساعة فاجعلها طاعة‪،‬‬
‫وباب ذلك كله ملزمة الخلوة بمداومة الفكرة‪ ،‬وسبب الخلوة القناعة‪،‬‬
‫وترك الفضول من المعاش‪ ،‬وسبب الفكرة الفراغ‪ ،‬وعماد الفراغ الزهد‪،‬‬
‫وتمام الزهد التقوى‪ ،‬وباب التقوى الخشية ودليل الخشية التعظيم ل‪،‬‬
‫والتمسك بتخليص طاعته وأوامره‪ ،‬والخوف والحذر والوقوف عن‬
‫محارمه‪ ،‬ودليلها العلم قال ال عزوجل‪ " :‬إنما يخشى ال من‬

‫)‪ (1‬أمالي المفيد ص ‪.102‬‬

‫]‪[69‬‬

‫عباده العلماء " )‪ - 15 .(1‬مص‪ :‬قال الصادق عليه السلم‪ :‬طوبى لعبد جاهد ل‬
‫نفسه وهواه‪ ،‬ومن هزم جند هواه ظفر برضا ال‪ ،‬ومن جاور عقله ]نفسه[‬
‫المارة بالسوء بالجهد والستكانة والخضوع على بساط خدمة ال تعالى‬
‫فقد فاز فوزا عظيما‪ ،‬ول حجاب أظلم وأوحش بين العبد وبين الرب من‬
‫النفس والهوى‪ ،‬وليس لقتلهما في قطعهما سلح وآلة‪ ،‬مثل الفتقار إلى‬
‫ال والخشوع والجوع‪ ،‬والظمأ بالنهار‪ ،‬والسهر بالليل‪ ،‬فان مات صاحبه‬
‫مات شهيدا‪ ،‬وإن عاش واستقام أداه عاقبته إلى الرضوان الكبر قال ال‬
‫عزوجل‪ " :‬والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وإن ال لمع المحسنين " )‬
‫‪ .(2‬وإذا رأيت مجتهدا أبلغ منك في الجتهاد‪ ،‬فوبخ نفسك ولمها وعيرها‬
‫وحثها على الزدياد عليه‪ ،‬واجعل لها زماما من المر‪ ،‬وعنانا من النهي‬
‫وسقها كالرائض للفاره الذي ل يذهب عليها خطوة منها إل وقد صحح‬
‫أولها وآخرها وكان رسول ال صلى ال عليه وآله يصلي حتى يتروم‬
‫قدماه‪ ،‬ويقول‪ :‬أفل أكون عبدا شكورا أراد أن يعتبر به امته‪ ،‬فل تغفلوا عن‬
‫الجتهاد‪ ،‬والتعبد والرياضة بحال‪ ،‬أل وإنك لو وجدت حلوة عبادة ال‪،‬‬
‫ورأيت بركاتها‪ ،‬واستضأت بنورها‪ ،‬لم تصبر عنها ساعة واحدة‪ ،‬ولو‬
‫قطعت إربا إربا‪ .‬فما أعرض من أعرض عنها إل بحرمان فوائد السبق من‬
‫العصمة والتوفيق‪ .‬قيل لربيع بن خثيم‪ :‬مالك ل تنام بالليل ؟ قال‪ :‬لني‬
‫أخاف البيات‪ ،‬من خاف البيات ل ينام )‪ - 16 .(3‬م‪ :‬قال رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله‪ :‬أل انبئكم بأكيس الكيسين وأحمق الحمقاء ؟ قالوا‪ :‬بلى‬
‫يارسول ال‪ ،‬قال‪ :‬أكيس الكيسين من حاسب نفسه‪ ،‬وعمل‬

‫)‪ (1‬مصباح الشريعة ص ‪ ،4‬والية في فاطر‪ (2) .28 :‬العنكبوت‪ (3) .69 :‬مصباح‬
‫الشريعة ‪.55‬‬

‫]‪[70‬‬

‫لما بعد الموت‪ ،‬وأحمق الحمقا من اتبع نفسه هواه وتمنى عل ال الماني فقال‬
‫الرجل‪ :‬يا أمير المؤمنين وكيف يحاسب الرجل نفسه ؟ قال‪ :‬إذا أصبح ثم‬
‫أمسى رجع إلى نفسه وقال‪ :‬يانفس إن هذا يوم مضى عليك ل يعود إليك‬
‫أبدا وال سائلك عنه فيما أفنيته‪ ،‬فما الذي عملت فيه ؟ أذكرت ال أم‬
‫حمدتيه ؟ أقضيت حق أخ مؤمن ؟ أنفست عنه كربته ؟ أحفظتيه بظهر‬
‫الغيب في أهله وولده ؟ أحفظتيه بعد الموت في مخلفيه ؟ أكففت عن غيبة‬
‫أخ مؤمن بفضل جاهك ؟ أأعنت مسلما ؟ ما الذي صنعت فيه ؟ فيذكر ماكان‬
‫منه‪ ،‬فان ذكر أنه جرى منه خير حمد ال عزوجل وكبره على توفيقه‪ ،‬وإن‬
‫ذكر معصية أو تقصيرا استغفر ال عزوجل وعزم على ترك معاودته ومحا‬
‫ذلك عن نفسه بتجديد الصلة على محمد وآله الطيبين وعرض بيعة أمير‬
‫المؤمنين على نفسه وقبولها‪ ،‬وإعادة لعن شانئيه وأعدائه‪ ،‬ودافعيه عن‬
‫حقوقه‪ ،‬فإذا فعل ذلك قال ال عزوجل‪ :‬لست اناقشك في شئ من الذنوب‬
‫مع موالتك أوليائي ومعاداتك أعدائي )‪ - 17 .(1‬جا‪ :‬الجعابي‪ ،‬عن ابن‬
‫عقدة‪ ،‬عن محمد بن سالم الزدي‪ ،‬عن موسى ابن القاسم‪ ،‬عن محمد بن‬
‫عمران البجلي قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬من لم يجعل له‬
‫من نفسه واعظا فان مواعظ الناس لن تغني عنه شيئا )‪ - 18 .(2‬جا‪ :‬علي‬
‫بن بلل‪ ،‬عن عبد ال بن راشد‪ ،‬عن الثقفي‪ ،‬عن أحمد بن شمر‪ ،‬عن عبد‬
‫ال بن ميمون المكي‪ ،‬عن الصادق‪ ،‬عن أبيه عليهما السلم أن أمير‬
‫المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلم اتي بخبيص )‪ (3‬فأبى أن يأكله‬
‫فقالوا له‪ :‬أتحرم ؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬ولكني أخشى أن تتوق إليه نفسي فأطلبه‪ ،‬ثم‬
‫تل هذه الية " أذهبتم طيباتكم في حيوتكم الدنيا واستمتعتم بها " )‪.(4‬‬
‫)‪ (1‬تفسير المام ‪ (2) .13‬مجالس المفيد ص ‪ (3) .25‬الخبيص‪ :‬الحلواء‪،‬‬
‫معروف‪ (4) .‬أمالي المفيد ص ‪ ،87‬والية في الحقاف‪.20 :‬‬

‫]‪[71‬‬

‫‪ - 19‬جا‪ :‬ابن قولويه‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن ابن أسباط عن‬
‫عمه يعقوب‪ ،‬عن أبي الحسن العبدي‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪:‬‬
‫ما كان عبد ليحبس نفسه على ال إل أدخله ال الجنة )‪ - 20 .(1‬ضه‪ :‬قال‬
‫العيص بن القاسم‪ :‬قلت للصادق عليه السلم‪ :‬حديث يروى عن أبيك عليه‬
‫السلم أنه قال‪ :‬ما شبع رسول ال صلى ال عليه وآله من خبز بر قط أهو‬
‫صحيح ؟ فقال‪ :‬ل ما أكل رسول ال صلى ال عليه وآله خبز بر قط‪ ،‬ول‬
‫شبع من خبز شعير قط‪ ،‬قالت عائشة‪ :‬ما شبع رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله من خبز الشعير حتى مات وقال النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬اللهم اجعل‬
‫رزق محمد قوتا‪ ،‬وقالت عايشة‪ :‬مازالت الدنيا علينا عسيرة كدرة حتى‬
‫قبض النبي صلى ال عليه وآله فلما قبض النبي صبت علينا صبا وقيل‪ :‬إن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله لم يأكل على خوان حتى مات ولم يأكل خبزا‬
‫مرققا حتى مات‪ .‬وروي علي بن أبي طالب عليه السلم عن أبي جحيفة‬
‫قال‪ :‬أتيت رسول ال صلى ال عليه وآله وأنا أتجشا فقال‪ :‬يابا جحيفة‬
‫اخفض جشاك )‪ (2‬فان أكثر الناس شبعا في الدنيا أطولهم جوعا يوم‬
‫القيامة قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬نور الحكمة الجوع‪ ،‬والتباعد‬
‫من ال الشبع‪ ،‬والقربة إلى ال حب المساكين والدنو منهم‪ ،‬ل تشبعوا‬
‫فيطفئ نور المعرفة من قلوبكم‪ ،‬ومن بات يصلي في خفة من الطعام بات‬
‫وحور العين حوله‪ ،‬وقال صلى ال عليه وآله‪ :‬لتميتوا القلوب بكثرة‬
‫الطعام والشراب‪ ،‬وإن القلوب تموت كالزروع إذا كثر عليه الماء‪- 21 .‬‬
‫جع‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬رجعنا من الجهاد الصغر إلى‬
‫الجهاد الكبر‪ ،‬وقال‪ :‬من غلب علمه هواه‪ ،‬فهو علم نافع‪ ،‬ومن جعل‬
‫شهوته تحت قدميه فر الشيطان من ظله‪ ،‬وقال صلى ال عليه وآله‪ :‬يقول‬
‫ال تعالى‪ :‬أيما عبد أطاعني لم أكله إلى غيري وأيما عبد عصاني وكلته‬
‫إلى نفسه‪ ،‬ثم لم ابال في أي واد هلك )‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬أمالي المفيد ص ‪ (2) .215‬التجشأ‪ :‬تكلف الجشأ‪ ،‬وهو صوت يخرج من الفم‬
‫مع ريح عند الشبع‪ (3) .‬جامع الخبار ‪.118‬‬

‫]‪[72‬‬
‫فلح السائل ومحاسبة النفس للشهيد الثاني )‪ (1‬مثله‪ - 22 .‬تم‪ :‬روي يحيى بن‬
‫الحسين بن هارون الحسني في كتاب أماليه باسناده إلى الحسن بن علي‬
‫قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬ل يكون العبد مؤمنا حتى يحاسب‬
‫نفسه أشد من محاسبة الشريك شريكه‪ ،‬والسيد عبده‪ - 23 .‬غو‪ :‬روي في‬
‫بعض الخبار أنه دخل على رسول ال صلى ال عليه وآله رجل اسمه‬
‫مجاشع فقال‪ :‬يارسول ال كيف الطريق إلى معرفة الحق ؟ فقال صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬معرفة النفس‪ ،‬فقال‪ :‬يارسول ال فكيف الطريق إلى موافقة‬
‫الحق‪ ،‬قال‪ :‬مخالفة النفس فقال‪ :‬يارسول ال فكيف الطريق إلى رضا الحق‬
‫؟ قال‪ :‬سخط النفس‪ ،‬فقال‪ :‬يارسول ال فكيف الطريق إلى وصل الحق‪،‬‬
‫قال‪ :‬هجر النفس‪ ،‬فقال‪ :‬يارسول ال فكيف الطريق إلى طاعة الحق ؟ قال‪:‬‬
‫عصيان النفس‪ ،‬فقال‪ :‬يارسول ال فكيف الطريق إلى ذكر الحق ؟ قال‪:‬‬
‫نسيان النفس‪ ،‬فقال‪ :‬يارسول ال فكيف الطريق إلى قرب الحق ؟ قال‪:‬‬
‫التباعد من النفس‪ ،‬فقال‪ :‬يارسول ال فكيف الطريق إلى انس الحق ؟ قال‪:‬‬
‫الوحشة من النفس‪ ،‬فقال‪ :‬يارسول ال فكيف الطريق إلى ذلك قال‪:‬‬
‫الستعانة بالحق على النفس‪ - 24 .‬ختص‪ :‬عن أبي الحسن موسى عليه‬
‫السلم قال‪ :‬ليس منا من لم يحاسب نفسه في كل يوم‪ ،‬فان عمل خيرا‬
‫استزاد ال منه‪ ،‬وحمد ال عليه‪ ،‬وإن عمل شرا استغفر ال منه وتاب إليه‬
‫)‪ .(2‬ين‪ :‬حماد بن عيسى‪ ،‬عن إبراهيم بن عمر عنه عليه السلم مثله‪ .‬كا‪:‬‬
‫علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن حماد بن عيسى مثله )‪ - 25 .(3‬ين‪ :‬فضالة‪ ،‬عن‬
‫الفضل بن عثمان‪ ،‬عن عبيد بن زرارة قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم‬
‫يقول‪ :‬إني لبغض )‪ (4‬رجل يرضي ربه بشئ ل يكون فيه أفضل‬

‫)‪ (1‬للسيد أبن طاوس خ ل ظ‪ (2) .‬الختصاص‪ (3) .243 :‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪) .453‬‬
‫‪ (4‬لقتص ظ‪.‬‬

‫]‪[73‬‬

‫منه‪ ،‬فان رأيته يطيل الركوع قلت‪ :‬يانفس وإن رأيته يطيل السجود قلت‪ :‬يانفس‪.‬‬
‫‪ - 26‬محاسبة النفس‪ :‬عن النبي صلى ال عليه وآله حاسبوا أنفسكم قبل‬
‫أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا‪ ،‬وتجهزوا للعرض الكبر‪ - 27 .‬نهج‪:‬‬
‫قال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬من حاسب نفسه ربح‪ ،‬ومن غفل عنها‬
‫خسر‪ ،‬ومن خاف أمن‪ ،‬ومن اعتبر أبصر‪ ،‬ومن أبصر فهم‪ ،‬ومن فهم علم )‬
‫‪ .(1‬وقال عليه السلم‪ :‬يا أسرى الرغبة اقصروا‪ ،‬فان المعرج على الدنيا ل‬
‫يروعه منها إل صريف أنياب الحدثان‪ ،‬أيها الناس تولوا من أنفسكم‬
‫تأديبها‪ ،‬واعدلوا بها عن ضراوة عاداتها )‪ .(2‬وقال عليه السلم‪ :‬كفاك‬
‫أدبا لنفسك اجتناب ما تكرهه من غيرك )‪) * .46 .(3‬باب( * * " )ترك‬
‫الشهوات والهواء( " * اليات‪ :‬النساء‪ :‬وال يريد أن يتوب عليكم ويريد‬
‫الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميل عظيما )‪ .(4‬الكهف‪ :‬ول تطع من‬
‫أغفلنا قلبه عن ذكرنا واتبع هواه وكان أمره فرطا )‪ .(5‬مريم‪ :‬فخلف من‬
‫بعدهم خلف أضاعوا الصلوة واتبعوا الشهوات فسوف‬

‫)‪ (1‬نهج البلغة الرقم ‪ 208‬من الحكم‪ (2) .‬نهج البلغة الرقم ‪ 359‬من الحكم‪(3) .‬‬
‫نهج البلغة الرقم ‪ 412‬من الحكم‪ (4) .‬النساء‪ (5) .77 :‬الكهف‪.28 :‬‬

‫]‪[74‬‬

‫يلقون غيا )‪ .(1‬طه‪ :‬فل يصدنك عنها من ل يؤمن بها واتبع هواه فتردى )‪.(2‬‬
‫الفرقان‪ :‬أفرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيل )‪.(3‬‬
‫القصص‪ :‬فان لم تستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهوائهم ومن أضل ممن‬
‫اتبع هواه بغير هدى من ال إن ال ل يهدي القوم الظالمين )‪ .(4‬الروم‪ :‬بل‬
‫اتبع الذين ظلموا أهوائهم بغير علم فمن يهدي من أضل ال وما لهم من‬
‫ناصرين )‪ .(5‬ص‪ :‬ول تتبع الهوى فيضلك عن سبيل ال )‪ .(6‬الجاثية‪:‬‬
‫أفرأيت من اتخذ إلهه هواه )‪ .(7‬محمد‪ :‬اولئك الذين طبع ال على قلوبهم‬
‫واتبعوا أهوائهم )‪ .(8‬القمر‪ :‬وكذبوا واتبعوا أهوائهم وكل أمر مستقر )‪.(9‬‬
‫النازعات‪ :‬وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى * فان الجنة‬
‫هي المأوى )‪ - 1 .(10‬ل‪ :‬أبي‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫عبد ال بن المغيرة عن السكوني‪ ،‬عن الصادق عليه السلم‪ ،‬عن آبائه‬
‫عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬طوبى لمن ترك‬
‫شهوة حاضرة لموعود لم يره )‪.(11‬‬

‫)‪ (1‬مريم‪ (2) .59 :‬طه‪ (3) .16 :‬الفرقان‪ (4) .43 :‬القصص‪ (5) .5 :‬الروم‪.29 :‬‬
‫)‪ (6‬ص‪ (7) .26 :‬الجاثية‪ (8) .23 :‬القتال‪ (9) .16 :‬القمر‪(10) .3 :‬‬
‫النازعات‪ (11) .41 - 40 :‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪.5‬‬

‫]‪[75‬‬

‫كتاب المامة والتبصرة‪ :‬عن القاسم بن علي العلوي‪ ،‬عن محمد بن أبي عبد ال‪،‬‬
‫عن سهل بن زياد‪ ،‬عن النوفلي‪ ،‬عن السكوني‪ ،‬عن جعفر بن محمد‪ ،‬عن‬
‫أبيه‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله مثله‪.‬‬
‫ثو‪ :‬ابن المغيرة باسناده‪ ،‬عن السكوني مثله )‪ .(1‬جا‪ :‬الصدوق‪ ،‬عن أبيه‪،‬‬
‫عن محمد العطار‪ ،‬عن ابن عبد الجبار‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن جميل بن‬
‫دراج‪ ،‬عن الصادق عليه السلم مثله‪ - 2 .‬ل‪ :‬ابن الوليد‪ ،‬عن الصفار‪ ،‬عن‬
‫ابن عيسى‪ ،‬عن الحسن بن علي بن فضال‪ ،‬عن عاصم بن حميد‪ ،‬عن أبي‬
‫عبيدة الحذاء‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬إن ال عزوجل يقول‪:‬‬
‫بجللي وجمالي وبهائي وعلئي وارتفاعي ل يؤثر عبد هواي على هواه‬
‫إل جعلت غناه في نفسه‪ ،‬وهمه في آخرته‪ ،‬وكففت عنه ضيعته‪ ،‬وضمنت‬
‫السماوات والرض رزقه‪ ،‬وكنت له من وراء تجارة كل تاجر )‪ .(2‬سن‪:‬‬
‫أبي‪ ،‬عن الوشاء‪ ،‬عن عبد ال بن سنان‪ ،‬عن الثمالي‪ ،‬عن أبي جعفر عليه‬
‫السلم مثله )‪ .(3‬ين‪ :‬النضر‪ ،‬عن ابن سنان‪ ،‬عن الثمالي‪ ،‬عنه عليه‬
‫السلم قال‪ :‬قال ال عز وجل‪ :‬وعزتي وجللي وعظمتي وقدرتي وبهائي‬
‫وعلوي ل يؤثر عبد وذكر مثله‪ - 3 .‬ل‪ :‬محمد بن أحمد السدي‪ ،‬عن محمد‬
‫بن أبي عمران‪ ،‬عن أحمد بن أبي بكر‪ ،‬عن علي بن أبي علي اللهبي‪ ،‬عن‬
‫محمد بن المنكدر‪ ،‬عن جابر بن عبد ال قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬إن أخوف ما أخاف على امتي الهوى وطول المل أما الهوى فانه‬
‫يصد عن الحق‪ ،‬وأما طول المل فينسي الخرة )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬ثواب العمال ‪ (2) .161‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .5‬المحاسن ‪ (4) .28‬الخصال‬
‫ج ‪ 1‬ص ‪ ،27‬وفي ذيل الحديث مثل ما سيأتي عن أمالي الطوسي‬
‫والمفيد‪.‬‬

‫]‪[76‬‬

‫ل‪ :‬أبي‪ ،‬عن محمد العطار‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن حماد بن عيسى عن عمر‬
‫بن اذينة‪ ،‬عن أبان بن أبي عياش‪ ،‬عن سليم بن قيس‪ ،‬عن أمير المؤمنين‬
‫عليه السلم مثله )‪ .(1‬ل‪ :‬ابن بندار‪ ،‬عن أبي العباس الحمادي‪ ،‬عن أحمد‬
‫بن محمد الشافعي‪ ،‬عن عمه إبراهيم بن محمد‪ ،‬عن علي بن أبي علي‬
‫اللهبي إلى آخر ما مضى )‪ .(2‬أقول‪ :‬وقد أثبتنا تلك الخبار تماما في كتاب‬
‫الروضة في باب مواعظ النبي صلى ال عليه وآله‪ ،‬وبعض الخبار في باب‬
‫المنجيات والمهلكات‪ ،‬وبعضها في باب العفاف من هذا المجلد الخامس‬
‫عشر‪ - 4 .‬ل‪ :‬أبي‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن الصبهاني‪ ،‬عن المنقري‪ ،‬عن حفص‪،‬‬
‫عن الصادق عليه السلم قال‪ :‬إني لرجو النجاة لهذه المة لمن عرف حقنا‬
‫منهم‪ ،‬إل لحد ثلثة‪ :‬صاحب سلطان جائر‪ ،‬وصاحب هوى‪ ،‬والفاسق‬
‫المعلن )‪ - 5 .(3‬مع‪ :‬ابن الوليد‪ ،‬عن الصفار‪ ،‬عن أيوب بن نوح‪ ،‬عن ابن‬
‫أبي عمير عن ابن عميرة‪ ،‬عن الثمالي‪ ،‬عن الصادق عليه السلم قال‪ :‬قال‬
‫أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬أشجع الناس من غلب هواه )‪ .(4‬لى‪:‬‬
‫السناني‪ ،‬عن السدي‪ ،‬عن النخعي‪ ،‬عن النوفلي‪ ،‬عن محمد بن سنان‪ ،‬عن‬
‫المفضل‪ ،‬عن ابن ظبيان‪ ،‬عن الصادق‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن أمير المؤمنين‬
‫عليهم السلم مثله )‪ - 6 .(5‬لى‪ ،‬مع‪ :‬في خبر الشيح الشامي قال زيد بن‬
‫صوحان‪ :‬يا أمير المؤمنين أي سلطان أغلب وأقوى ؟ قال‪ :‬الهوى )‪.(6‬‬

‫)‪ 1‬و ‪ (2‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .27‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (4) .59‬معاني الخبار ص‬
‫‪ (5) .195‬أمالي الصدوق ص ‪ (6) .14‬أمالي الصدوق ‪ ،237‬معاني‬
‫الخبار ص ‪.198‬‬

‫]‪[77‬‬

‫‪ - 7‬ما‪ :‬المفيد‪ ،‬عن الجعابي‪ ،‬عن محمد بن الوليد‪ ،‬عن عنبر بن محمد‪ ،‬عن شعبة‪،‬‬
‫عن سلمة بن جميل‪ ،‬عن أبي الطفيل عامر بن واثلة الكناني رحمه ال قال‪:‬‬
‫سمعت أمير المؤمنين عليه السلم يقول‪ :‬إن أخوف ما أخاف عليكم طول‬
‫المل واتباع الهوى‪ ،‬فأما طول المل فينسي الخرة‪ ،‬وأما اتباع الهوى‬
‫فيصد عن الحق أل وإن الدنيا قد تولت مدبرة والخرة قد أقبلت مقبلة ولكل‬
‫واحدة منهما بنون فكونوا من أبناء الخرة ول تكونوا من أبناء الدنيا فان‬
‫اليوم عمل ول حساب والخرة حساب ول عمل )‪ .(1‬جا‪ :‬الجعابي‪ ،‬عن‬
‫الفضل بن الحباب‪ ،‬عن مسلم بن عبد ال‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن محمد بن عبد‬
‫الرحمان‪ ،‬عن شعبة‪ ،‬عن سلمة بن كهيل‪ ،‬عن حبة العرني عنه عليه‬
‫السلم مثله )‪ - 8 .(2‬ثو‪ :‬العطار‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن الحسين بن إسحاق‪ ،‬عن‬
‫ابن مهزيار‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن منصور بن يونس‪ ،‬عن الثمالي‪ ،‬عن‬
‫علي بن الحسين عليهما السلم قال‪ :‬إن ال عزوجل يقول‪ :‬وعزتي‬
‫وعظمتي وجللي وبهائي وعلوي وارتفاع مكاني ل يؤثر عبد هواي على‬
‫هواه إل جعلت همه في آخرته‪ ،‬وغناه في قلبه‪ ،‬وكففت عليه ضيعته‪،‬‬
‫وضمنت السماوات والرض رزقه‪ ،‬وأتته الدنيا وهي راغمة )‪ .(3‬مشكوة‬
‫النوار‪ :‬مثله )‪ - 9 .(4‬سن‪ :‬محمد بن عبد الحميد العطار‪ ،‬عن عاصم بن‬
‫حميد‪ ،‬عن الثمالي‪ ،‬عن يحيى بن عقيل قال‪ :‬قال أمير المؤمنين علي عليه‬
‫السلم‪ :‬إني أخاف عليكم اثنين اتباع الهوى وطول المل‪ ،‬فأما اتباع الهوى‬
‫فانه يرد عن الحق‪ ،‬وأما طول المل‬

‫)‪ (1‬أمالي الطوسي ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .117‬أمالي المفيد‪ ،63 :‬وفيه أل وان الدنيا قد‬
‫ترحلت مدبرة‪ ،‬والخرة قد جاءت مقبلة‪ (3) .‬ثواب العمال ص ‪) .152‬‬
‫‪ (4‬مشكوة النوار ص ‪.16‬‬

‫]‪[78‬‬
‫فينسي الخرة )‪ - 10 .(1‬محص‪ :‬عن يونس‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪:‬‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬من أكل ما يشتهي لم ينظر ال إليه‬
‫حتى ينزع أو يترك‪ - 11 .‬الدرة الباهرة‪ :‬قال الجواد عليه السلم‪ :‬من أطاع‬
‫هواه أعطى عدوه مناه وقال عليه السلم‪ :‬راكب الشهوات لتستقال له‬
‫عثرة‪ - 12 .‬نهج‪ :‬قال عليه السلم‪ :‬من كرمت عليه نفسه هانت عليه‬
‫شهوته )‪ .(2‬وقال عليه السلم‪ :‬إن رسول ال صلى ال عليه وآله كان‬
‫يقول‪ :‬حفت الجنة بالمكاره‪ ،‬وحفت النار بالشهوات‪ ،‬واعلموا أنه مامن‬
‫طاعة ال شئ إل يأتي في شهوة فرحم ال رجل نزع عن شهوته‪ ،‬وقمع‬
‫هوى نفسه‪ ،‬فان هذه النفس أبعد شئ منزعا‪ ،‬وإنها ل تزال تنزع إلى‬
‫معصية في هوى‪ ،‬واعلموا عباد ال أن المؤمن ل يمسي ول يصبح إل‬
‫ونفسه ظنون عنده‪ ،‬فل يزال زاريا عليها‪ ،‬ومستزيدا لها‪ ،‬فكونوا‬
‫كالسابقين قبلكم‪ ،‬والماضين أمامكم‪ ،‬قوضوا من الدنيا تقويض الراحل‪،‬‬
‫وطووها طي المنازل إلى آخر الخطبة )‪ - 13 .(3‬كنز الكراجكى‪ :‬قال لقمان‬
‫لبنه‪ :‬يا بني من يرد رضوان ال يسخط نفسه كثيرا‪ ،‬ومن ل يسخط نفسه‬
‫ل يرضى به‪ ،‬ومن ل يكظم غيظه يشمت عدوه‪ - 14 .‬عدة الداعي‪ :‬عن‬
‫الباقر عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬يقول ال‬
‫عزوجل‪ :‬وعزتي وجللي وعظمتي وكبريائي ونوري وعلوي وارتفاع‬
‫مكاني ل يؤثر عبد هواه على هواي إل شتت أمره‪ ،‬ولبست عليه دنياه‬
‫وشغلت قلبه بها ولم اوته منها إل ما قدرت له‪ ،‬وعزتي وجللي وعظمتي‬
‫وكبريائي ونوري وعلوي وارتفاع مكاني ل يؤثر عبد هواي على هواه إل‬
‫استحفظته ملئكتي وكفلت السماوات والرض رزقه‪ ،‬وكنت له من وراء‬
‫تجارة كل تاجر‪ ،‬وأتته الدنيا‬

‫)‪ (1‬المحاسن ص ‪ (2) .211‬نهج البلغة تحت الرقم ‪ 449‬من الحكم‪ (3) .‬نهج‬
‫البلغة تحت الرقم ‪ 174‬من الخطب‪.‬‬

‫]‪[79‬‬

‫وهي راغمة‪ .‬مشكوة النوار‪ :‬نقل من المحاسن مثله )‪ - 15 .(1‬كا‪ :‬عن الحسين‬
‫بن محمد الشعري‪ ،‬عن المعلى‪ ،‬عن الحسن بن علي الوشاء‪ ،‬عن عاصم‬
‫بن حميد‪ ،‬عن أبي عبيدة‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬إن ال عزوجل‬
‫يقول‪ :‬وعزتي وجللي وعظمتي وعلوي وارتفاع مكاني ل يؤثر عبد هواي‬
‫على هوى نفسه إل كففت عليه ضيعته‪ ،‬وضمنت السماوات والرض رزقه‬
‫وكنت له من وراء تجارة كل تاجر )‪ .(2‬بيان‪ :‬قوله تعالى‪ " :‬وعزتي "‬
‫العزة القوة والشدة والغلبة وقيل‪ :‬عزته عبارة عن كونه منزها عن سمات‬
‫المكان‪ ،‬وذل النقصان‪ ،‬ورجوع كل شئ إليه وخضوعه بين يديه "‬
‫والعظمة " في صفة الجسام كبر الطول والعرض والعمق‪ ،‬وفي وصفه‬
‫تعالى عبارة عن تجاوز قدره عن حدود العقول والوهام حتى ل تتصور‬
‫الحاطة بكنه حقيقته عند ذوي الفهام‪ ،‬وعلوه علو عقلي على الطلق‬
‫بمعنى أنه ل رتبة أعلى من رتبته‪ ،‬وذلك لن أعلى مراتب الكمال العقلي‬
‫هو مرتبة العلية‪ ،‬ولما كانت ذاته المقدسة مبدأ كل موجود حسي وعقلي‬
‫لجرم كانت مرتبته أعلى المراتب العقلية مطلقا‪ ،‬وله العلو المطلق في‬
‫الوجود العاري عن الضافة إلى شئ وعن إمكان أن يكون فوقه ما هو‬
‫أعلى منه‪ ،‬وهذا معنى قول أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬سبق في العلو فل‬
‫أعلى منه‪ .‬وارتفاع مكانه كناية عن عدم إمكان الشارة إليه بالقول‬
‫والحواس‪ " .‬ل يؤثر عبد هواي على هوس نفسه " المراد بهوى النفس‬
‫ميلها إلى ما هو مقتضى طباعها من اللذات الحاضرة الدنيوية‪ ،‬والخروج‬
‫عن الحدود الشرعية وبايثار هواه سبحانه إعراضها عن هذا الميل‬
‫ورجوعها إلى ما يوجب قرب الحق تعالى ورضاه‪ ،‬وقد قال تعالى مخاطبا‬
‫لداود عليه السلم‪ " :‬يا داود إنا جعلناك خليفة‬

‫)‪ (1‬مشكوة النوار ص ‪ (2) .17‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.137‬‬

‫]‪[80‬‬

‫في الرض فاحكم بين الناس بالحق ول تتبع الهوى فيضلك عن سبيل ال إن الذين‬
‫يضلون عن سبيل ال لهم عذاب شديد بما نسوا يوم الحساب " )‪ (1‬فبين‬
‫سبحانه أن متابعة الهوى ‪ -‬أي ما تهوى النفس مخالفة ‪ -‬لتباع سبيل ال‬
‫وسلوك طريق الحق‪ ،‬ثم بين أن متابعة الهوى متفرع على نسيان يوم‬
‫الحساب فان من تذكر الخرة ونعيمها وعذابها‪ ،‬ل يتبع الهواء النفسانية‪،‬‬
‫والدواعي الشهوانية‪ .‬وقال سبحانه‪ " :‬فأما من طغى وآثر الحيوة الدنيا‬
‫فان الجحيم هي المأوى * وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى‬
‫فان الجنة هي المأوى " )‪ .(2‬فأشار إلى أن إيثار الحياة الدنيا مقابل لنهي‬
‫النفس عن الهوى‪ ،‬واتباع الهوى إيثار الحياة الدنيا ولذاتها على الخرة‪،‬‬
‫وقال سبحانه‪ " :‬أفرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيل " )‪(3‬‬
‫وقال عز من قائل‪ " :‬فان لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن‬
‫أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من ال " )‪ (4‬ومثله في الكتاب العزيز غير‬
‫عزيز‪ .‬قوله عليه السلم‪ " :‬إل كففت عليه ضيعته " قال في النهاية فيه‪:‬‬
‫امرت أن ل أكف شعرا ول ثوبا‪ ،‬يعني في الصلة يحتمل أن يكون بمعنى‬
‫المنع‪ ،‬أي ل أمنعهما من السترسال حال السجود ليقعا على الرض‪،‬‬
‫ويحتمل أن يكون بمعنى الجمع أي ل يجمعهما ويضمهما ومنه الحديث‪:‬‬
‫المؤمن أخو المؤمن يكف عليه ضيعته‪ ،‬أي يجمع عليه معيشته ويضمها‬
‫إليه‪ ،‬وقال في حديث سعد‪ :‬إني أخاف على العقاب الضيعة أي أنها تضيع‬
‫وتتلف‪ ،‬والضيعة في الصل المرة من الضياع‪ ،‬وضيعة الرجل في غير هذا‬
‫ما يكون منه معاشه كالصنعة والتجارة والزراعة وغير ذلك‪ ،‬ومنه‬
‫الحديث‪ :‬أفشى ال‬

‫)‪ (1‬سورة ص‪ (2) .26 :‬النازعات‪ (3) .41 - 38 :‬الجاثية‪ (4) .23 :‬القصص‪:‬‬
‫‪.50‬‬

‫]‪[81‬‬

‫عليه ضيعته أي أكثر عليه معاشه )‪ (1‬انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬هذه الفقرة تحتمل وجوها‪:‬‬
‫الول ما ذكره في النهاية أي جمعت عليه ضيعته ومعيشته‪ ،‬والتعدية بعلى‬
‫لتضمين معنى البركة أو الشفقة ونحوهما‪ ،‬أو على بمعنى إلى كما أومأ‬
‫إليه في النهاية فيحتاج أيضا إلى تضمين‪ .‬الثاني أن يكون الكف بمعنى‬
‫المنع‪ ،‬وعلى بمعنى عن‪ ،‬والضيعة بمعنى الضياع أي أمنع عنه ضياع‬
‫نفسه وماله وولده وسائر ما يتعلق به‪ ،‬ويؤيده ما سيأتي في رواية‬
‫الصدوق رحمه ال‪ :‬وكففت عنه ضيعته‪ .‬الثالث ما ذكره بعض المحققين‬
‫وتبعه غيره أنه من الكفاف وهو ما يفي بمعيشته مباركا عليه كفافا له‪ ،‬ول‬
‫يخفى بعده لفظا إذ ل تساعده اللغة‪ .‬قوله تعالى‪ " :‬وضمنت " على صيغة‬
‫المتكلم من باب التفعيل أي جعلت السماوات والرض ضامنتين لرزقه‬
‫كناية عن تسبيب السباب السماوية والرضية له وربما يقرأ بصيغة‬
‫الغايب على بناء المجرد‪ ،‬ورفع السماوات والرض‪ ،‬وهو بعيد " وكنت له‬
‫من وراء تجارة كل تاجر " الوراء فعال‪ ،‬ولمه همزة عند سيبويه وأبي‬
‫علي الفارسي وياء عند العامة وهو من ظروف المكان بمعنى قدام‪،‬‬
‫وخلف‪ ،‬والتجارة مصدر بمعنى البيع والشراء‪ ،‬للنفع‪ ،‬وقد يراد بها ما‬
‫يتجر فيه من المتعة ونحوها على تسمية المفعول باسم لمصدر‪ ،‬وهذه‬
‫الفقرة أيضا تحتمل وجوها‪ :‬الول أن يكون المعنى كنت له عقب تجارة كل‬
‫تاجر أسوقها إليه أي القي محبته في قلوب التجار ليتجروا له ويكفوا‬
‫مهماته‪ .‬الثاني أن يكون المعنى كنت له عوضا من تجارة كل تاجر فان كل‬
‫تاجر يتجر لمنفعة دنيوية أو اخروية ولما أعرض عن جميع ذلك كفلت أنا‬
‫ربح تجارته‪ ،‬وهذا معنى دقيق خطر بالبال لكن ل يناسب إل من‬

‫)‪ (1‬قال في اللسان‪ :‬أفشى ال ضيعته‪ :‬أي كثر عليه معاشه ليشغله عن الخرة‪،‬‬
‫وروى أفسد بالسين والمعروف المروى أفشى‪ ،‬أقول والظاهر من‬
‫الستعمال أنه دعاء عليه‪ ،‬قال في الساس‪ :‬فشت عليه ضيعته‪ :‬إذا‬
‫انتشرت عليه أموره ل يدرى بأيها يبدأ‪(*) .‬‬
‫]‪[82‬‬

‫بلغ في درجات المحبة أقصى مراتب الكمال‪ .‬الثالث الجمع بين المعنيين أي كنت له‬
‫بعد حصول تجارة كل تاجر له‪ .‬الرابع ما قيل‪ :‬إن كل تاجر في الدنيا للخرة‬
‫يجد نفع تجارته فيها من الحسنة ونعيمها وال سبحانه بذاته المقدسة‬
‫والتجليات اللئقة وراء هذا لهذا العبد‪ ،‬ففيه دللة على أن للزاهدين في‬
‫الجنة نعمة روحانية أيضا وهو قريب من الثالث‪ .‬الخامس أن يكون الوراء‬
‫بمعنى القدام أي كنت له أنيسا ومعينا ومحبا ومحبوبا قبل وصوله إلى نعيم‬
‫الخرة الذي هو غاية مقصود التاجرين لها‪ .‬السادس ما قيل‪ :‬أي أنا أتجر‬
‫له فأربح له مثل ربح جميع التجار‪ ،‬لو اتجروا له ول يخفى بعده‪ - 16 .‬كا‪:‬‬
‫عن محمد‪ ،‬عن أحمد‪ ،‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن العل‪ ،‬عن ابن سنان عن أبي‬
‫حمزة‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬قال ال عزوجل‪ :‬وعزتي وجللي‬
‫وعظمتي وبهائي وعلو ارتفاعي ل يؤثر عبد مؤمن هواي على هواه في‬
‫شئ من أمر الدنيا إل جعلت غناه في نفسه‪ ،‬وهمته في آخرته‪ ،‬وضمنت‬
‫السماوات والرض رزقه‪ ،‬وكنت له من وراء تجارة كل تاجر )‪ .(1‬بيان‪:‬‬
‫البهاء الحسن‪ ،‬والمراد الحسن المعنوي وهو التصاف بجميع الصفات‬
‫الكمالية " إل جعلت غناه في نفسه " أي أجعل نفسه غنية قانعة بما رزقته‬
‫ل بالمال فان الغني بالمال الحريص في الدنيا أحوج الناس وإنما الغنى‬
‫غنى النفس فكلمة " في " للتعليل‪ ،‬ويحتمل الظريفة أيضا بتكلف " وهمته‬
‫" أي عزمه وقصده في آخرته ففي للتعليل أيضا‪ ،‬أو المعنى أنها مقصورة‬
‫في آخرته ول يوجه همته إلى تحصيل الدنيا أصل‪ - 17 .‬كا‪ :‬عن محمد بن‬
‫يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن عيسى‪ ،‬عن ابن محبوب عن أبي محمد‬
‫الوابشي قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬احذروا أهواءكم كما‬
‫تحذرون أعداءكم فليس شئ أعدى للرجال من اتباع أهوائهم‪ ،‬وحصائد‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.137‬‬

‫]‪[83‬‬

‫ألسنتهم )‪ .(1‬بيان‪ " :‬احذروا أهواءكم " الهواء جمع الهوى وهو مصدر هويه‬
‫كرضيه إذا أحبه واشتهاه‪ ،‬ثم سمي به المهوي المشتهى‪ ،‬محمودا كان أو‬
‫مذموما‪ ،‬ثم غلب على المذموم‪ ،‬قال الجوهري‪ :‬كل خال هواء وقوله تعالى‪:‬‬
‫" وأفئدتهم هواء " يقال‪ :‬إنه ل عقول فيها‪ ،‬والهوى مقصورا هوى‬
‫النفس والجمع الهواء وهوي بالكسر يهوى هوى أي أحب‪ .‬الصمعي‬
‫هوى بالفتح يهوي هويا أي سقط إلى أسفل )‪ (2‬وقال الراغب‪ :‬الهوى ميل‬
‫النفس إلى الشهوة ويقال ذلك للنفس المائلة إلى الشهوة وقيل‪ :‬سمي بذلك‬
‫لنه يهوى بصاحبه في الدنيا إلى كل داهية وفي الخرة إلى الهاوية‪ ،‬وقد‬
‫عظم ال ذم اتباع الهوى‪ ،‬فقال‪ " :‬أفرأيت من اتخذ إلهه هواه " وقال‪" :‬‬
‫ول تتبع الهوى فيضلك عن سبيل ال " )‪ " (3‬واتبع هواه وكان أمره‬
‫فرطا " )‪ (4‬وقوله‪ " :‬ولئن اتبعت أهوائهم بعد الذي جائك من العلم " )‪(5‬‬
‫فانما قاله بلفظ الجمع تنبيها على أن لكل هوى غير هوى الخر ثم هوى‬
‫كل واحد ل يتناهى فاذن اتباع أهوائهم نهاية الضلل والحيرة قال‪ " :‬ول‬
‫تتبع أهواء الذين ل يعلمون " )‪ (6‬وقال‪ " :‬كالذي استهوته الشياطين في‬
‫الرض " )‪ " (7‬ول تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل " )‪ (8‬وقال‪" :‬‬
‫قل ل أتبع أهوائكم قد ضللت إذا " )‪ " (9‬ول تتبع أهوائهم وقل آمنت بما‬
‫أنزل ال‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .335‬الصحاح ج ‪ 6‬ص ‪ (3) .2537‬سورة ص‪(4) .26 :‬‬
‫الكهف‪ (5) .28 :‬البقرة‪ (6) .120 :‬الجاثية‪ (7) .18 :‬النعام‪(8) .71 :‬‬
‫المائدة‪ (9) .77 :‬النعام‪.56 :‬‬

‫]‪[84‬‬

‫من كتاب " )‪ " (1‬ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من ال " )‪ (2‬انتهى‪.‬‬
‫وأقول‪ :‬ينبغي أن يعلم أن ما تهواه النفس ليس كله مذموما وما ل تهواه‬
‫النفس ليس كله ممدوحا‪ ،‬بل المعيار ما مر في باب ذم الدنيا )‪ (3‬وهو أن‬
‫كل ما يرتكبه النسان لمحض الشهوة النفسانية واللذة الجسمانية‬
‫والمقاصد الفانية الدنيوية‪ ،‬ولم يكن ال مقصودا له في ذلك‪ ،‬فهو من‬
‫الهوى المذموم‪ ،‬ويتبع فيه النفس المارة بالسوء‪ ،‬وإن كان مشتمل على‬
‫زجر النفس عن بعض المشتهيات أيضا كمن يترك لذيد المأكل والمطعم‬
‫والملبس‪ ،‬ويقاسي الجوع والصوم والسهر للشتهار بالعبادة‪ ،‬وجلب قلوب‬
‫الجهال‪ ،‬وما يرتكبه النسان لطاعة أمره سبحانه وتحصيل رضاه وإن كان‬
‫مما تشتهيه نفسه وتهواه‪ ،‬فليس هو من الهوى المذموم كمن يأكل‬
‫ويشرب لمره تعالى بهما أو لتحصيل القوة على العبادة وكمن يجامع‬
‫الحلل لكونه مأمورا به‪ ،‬أو لتحصيل الولد الصالحين‪ ،‬أو لعدم ابتلئه‬
‫بالحرام‪ .‬فهؤلء وإن حصل لهم اللتذاذ بهذه المور لكن ليس مقصودهم‬
‫محض اللذة بل لهم في ذلك أغراض صحيحة إن صدقتهم أنفسهم ولم تكن‬
‫تلك من التسويلت النفسانية‪ ،‬والتخييلت الشيطانية‪ ،‬ولو لم يكن غرضهم‬
‫من ارتكاب تلك اللذات هذه المور‪ ،‬فليسوا بمعاقبين في ذلك إذا كان حلل‬
‫لكن إطاعة النفس في أكثر ما تشتهيه قد ينجر إلى ارتكاب الشبهات‬
‫والمكروهات‪ ،‬ثم إلى المحرمات‪ ،‬ومن حام حول الحمى أوشك أن يقع فيه‪.‬‬
‫فظهر أن كل ما تهواه النفس ليس مما يلزم اجتنابه‪ ،‬فان كثيرا من العلماء‬
‫قد يلتذون بعلمهم أكثر مما يلتذ الفساق بفسقهم‪ ،‬وكثيرا من العباد يأنسون‬
‫بالعبادات بحيث يحصل لهم الهم العظيم بتركها‪ ،‬وليس كل ما ل تشتهيه‬
‫النفس‬

‫)‪ (1‬الشورى‪ (2) .15 :‬القصص‪ ،50 :‬راجع مفردات غريب القرآن ‪(3) .548‬‬
‫يعنى باب ذم الدنيا والزهد فيها من الكافي‪.‬‬

‫]‪[85‬‬

‫يحسن ارتكابه‪ ،‬كأكل القاذورات والزنا بالجارية القبيحة‪ ،‬ويطلق أيضا الهوى على‬
‫اختيار ملة أو طريقة أو رأي لم يستند إلى برهان قطعي أو دليل من الكتاب‬
‫والسنة كمذاهب المخالفين‪ ،‬وآرائهم وبدعهم‪ ،‬فانها من شهوات أنفسهم‬
‫ومن أوهامهم المعارضة للحق الصريح‪ ،‬كما دلت عليه أكثر اليات‬
‫المتقدمة‪ .‬فذم الهوى مطلقا إما مبني على أن الغالب فيما تشتهيه النفس‬
‫أنها مخالفة لما ترتضيه العقل أو على أن المراد بالنفس النفس المعتادة‬
‫بالشر‪ ،‬الداعية إلى السوء والفساد‪ ،‬ويعبر عنها بالنفس المارة كما قال‬
‫تعالى‪ " :‬إن النفس لمارة بالسوء إل ما رحم ربي " )‪ (1‬أو صار الهوى‬
‫حقيقة شرعية في المعاصي والمور القبيحة التي تدعو النفس إليها‪،‬‬
‫والراء والملل والمذاهب الباطلة التي تدعو إليها الشهوات الباطلة‪،‬‬
‫والوهام الفاسدة‪ ،‬ل البراهين الحقة‪ " .‬فليس شئ أعدى للرجال " لن‬
‫ضرر العدو على فرض وقوعه راجع إلى الدنيا الزائلة‪ ،‬ومنافعها الفانية‪،‬‬
‫وضرر الهوى راجع إلى الخرة الباقية‪ " .‬وحصائد ألسنتهم " قال في‬
‫النهاية‪ :‬فيه وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إل حصائد ألسنتهم‬
‫أي ما يقطعونه من الكلم الذي لخير فيه‪ ،‬واحدتها حصيدة‪ ،‬تشبيها بما‬
‫يحصد من الزرع‪ ،‬وتشبيها للسان وما يقتطعه من القول بحد المنجل الذي‬
‫يحصد به‪ ،‬وقال الطيبي‪ :‬أي كلمهم القبيح كالكفر والقذف والغيبة وقال‬
‫الجوهري‪ :‬حصدت الزرع وغيره أحصده وأحصده حصدا والزرع محصود‬
‫وحصيد وحصيدة‪ ،‬وحصائد ألسنتهم الذي في الحديث هو ما قيل في الناس‬
‫باللسان وقطع به عليهم‪ - 18 .‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫عبد ال بن القاسم‪ ،‬عن أبي حمزة‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬يقول ال عزوجل‪ :‬وعزتي وجللي‬
‫وكبريائي ونوري وعلوي وارتفاع مكاني ل يؤثر عبد هواه على هواي إل‬
‫شتت عليه أمره ولبست عليه دنياه‪ ،‬وشغلت قلبه بها‪ ،‬ولم اوته‬

‫)‪ (1‬يوسف‪.53 :‬‬


‫]‪[86‬‬

‫منها إل ما قدرت‪ ،‬وعزتي وجللي وعظمتي ونوري وعلوي وارتفاع مكاني ل‬


‫يؤثر عبد هواي على هواه إل استحفظته ملئكتي وكفلت السماوات‬
‫والرضين رزقه‪ ،‬وكنت له من وراء تجارة كل تاجر‪ ،‬وأتته الدنيا وهي‬
‫راغمة )‪ .(1‬بيان‪ " :‬وعزتي " أقسم سبحانه تأكيدا لتحقيق مضمون‬
‫الخطاب‪ ،‬وتثبيته في قلوب السامعين‪ ،‬أول بعزته وهي القوة والغلبة‬
‫وخلف الذلة وعدم المثل والنظير‪ ،‬وثانيا بجلله وهو التنزه من النقائص‬
‫أو عن أن يصل إليه عقول الخلق أو القدرة التي تصغر لديها قدرة كل ذي‬
‫قدرة‪ ،‬وثالثا بعظمته وهي تنصرف إلى عظمة الشأن والقدر الذي يذل‬
‫عندها شأن كل ذي شأن أو هو أعظم من أن يصل إلى كنه صفاته احد‪،‬‬
‫ورابعا بكبريائه وهو كون جميع الخلئق مقهورا له منقادا لرادته‪،‬‬
‫وخامسا بنوره وهو هدايته التي بها يهتدي أهل السماوات والرضين إليه‬
‫وإلى مصالحهم ومراشدهم كما يهتدى بالنور‪ ،‬وسادسا بعلوه أي كونه‬
‫أرفع من أن يصل إليه العقول والفهام أو كونه فوق الممكنات بالعلية أو‬
‫تعاليه عن التصاف بصفات المخلوقين‪ ،‬وسابعا بارتفاع مكانه وهو كونه‬
‫أرفع من أن يصل إليه وصف الواصفين أو يبلغه نعت الناعتين‪ ،‬وكان‬
‫بعضها تأكيد لبعض‪ " .‬ل يؤثر " أي ل يختار " عبد هواه " أي ما يحبه‬
‫ويهواه " على هواي " أي على ما أرضاه وأمرت به " إل شتت عليه‬
‫أمره " على بناء المجرد أو التفعيل‪ ،‬في القاموس شت يشت شتا وشتاتا‬
‫وشتيتا فرق وافترق كانشت وتشتت وشتته ال وأشته )‪ (2‬وأقول‪ :‬تشتت‬
‫أمره إما كناية عن تحيره في أمر دينه‪ ،‬فان الذين يتبعون الهواء الباطلة‬
‫في سبل الضللة يتيهون‪ ،‬وفي طرق الغواية يهيمون‪ ،‬أو كناية عن عدم‬
‫انتظام امور دنياهم‪ ،‬فان من اتبع الشهوات ل ينظر في العواقب فيختل‬
‫عليه امور معاشه‪ ،‬ويسلب ال البركة عما في يده أو العم منهما وعلى‬
‫الثاني الفقرة الثانية تأكيد‪ ،‬وعلى الثالث تخصيص بعد التعميم " ولبست‬
‫عليه‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .335‬القاموس ج ‪ 1‬ص ‪.151‬‬

‫]‪[87‬‬

‫دنياه " أي خلطتها أو أشكلتها وضيقت عليه المخرج منهما‪ ،‬قال‪ :‬في المصباح‬
‫لبست المر لبسا من باب ضرب خلطته‪ ،‬وفي التنزيل " وللبسنا عليهم ما‬
‫يلبسون " )‪ (1‬والتشديد مبالغة وفي المر لبس بالضم ولبسة أيضا إشكال‬
‫والتبس المر أشكل ولبسته بمعنى خالطته‪ .‬وقال الراغب‪ :‬أصل اللبس‬
‫ستر الشئ‪ ،‬ويقال‪ :‬ذلك في المعاني يقال لبست عليه أمره قال تعالى‪" :‬‬
‫وللبسنا عليهم ما يلبسون ‪ -‬ول تلبسوا الحق بالباطل " )‪ " (2‬لم تلبسون‬
‫الحق بالباطل " )‪ " (3‬الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم " )‪ (4‬و يقال‬
‫في المر لبسة أي التباس ولبست فلنا‪ :‬خالطته )‪ " .(5‬وشغلت قلبه بها‬
‫" أي هو دائما في ذكرها وفكرها غافل عن الخرة و تحصيلها ول يصل‬
‫من الدنيا غاية مناه فيخسر الدنيا والخرة وذلك هو الخسران المبين " إل‬
‫استحفظته ملئكتي " أي أمرتهم بحفظه من الضياع والهلك في الدين‬
‫والدنيا " وكفلت السماوات والرضين رزقه " وقد مر " وضمنت " أي‬
‫جعلتهما ضامنين وكفيلين لرزقه‪ ،‬كناية عن تسبيب السباب السماوية‬
‫والرضية لوصول رزقه المقدر إليه‪ " .‬وكنت له من وراء تجارة كل تاجر‬
‫" أقول‪ :‬قد مر أنه يحتمل وجوها الول أن يكون المعنى كنت من وراء‬
‫تجارة التاجرين أي عقبها أسوقها إليه أي اسخر له قلوبهم له‪ ،‬والقي فيها‬
‫أن يدفعوا قسطا من أرباح تجاراتهم إليه الثاني أني أتجر له عوضا عن‬
‫تجارة كل تاجر له‪ ،‬لو كانوا اتجروا له الثالث أن المعنى أنا أي قربي وحبي‬
‫له عوضا عن المنافع الزائلة الفانية التي‬

‫)‪ (1‬النعام‪ (2) .9 :‬البقرة‪ (3) .42 :‬آل عمران‪ (4) .71 :‬النعام‪(5) .82 :‬‬
‫مفردات غريب القرآن ‪.447‬‬

‫]‪[88‬‬

‫تحصل للتجار في تجارتهم وبعبارة اخرى أنا مقصوده في تجارته المعنوية بدل عما‬
‫يقصده التجار من أرباحهم الدنيوية " فما ربحت تجارتهم وما كانوا‬
‫مهتدين " الرابع أن المعنى كنت له بعد أن أسوق إليه أرباح التاجرين‬
‫فتجتمع له الدنيا و ‪ -‬الخرة‪ ،‬وهي التجارة الرابحة‪ " .‬وأتته الدنيا وهي‬
‫راغمة " أي ذليلة منقادة كناية عن تيسر حصولها بل مشقة ول ذلة أو‬
‫مع هوانها عليه وليست لها عنده منزلة لزهده فيها‪ ،‬أو مع كرهها كناية‬
‫عن بعد حصولها له بحسب السباب الظاهرة‪ ،‬لعدم توسله بأسباب‬
‫حصولها وهذا معنى لطيف وإن كان بعيدا وفي القاموس الرغم الكره‬
‫ويثلث كالمرغمة رغمه كعلمه ومنعه كرهه والتراب كالرغام ورغم أنفي‬
‫ل مثلثة ذل عن كره وأرغمه ال أسخطه ورغمته فعلت شيئا على رغمه‪،‬‬
‫وفي النهاية أرغم ال أنفه أي ألصقه بالرغام‪ ،‬وهو التراب‪ ،‬هذا هو الصل‬
‫ثم استعمل في الذل والعجز عن النتصاف والنقياد على كره‪ - 19 .‬كا‪:‬‬
‫عن الحسين بن محمد‪ ،‬عن المعلى‪ ،‬عن الوشاء‪ ،‬عن عاصم بن حميد‪ ،‬عن‬
‫أبي حمزة‪ ،‬عن يحيى بن عقيل قال‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬إنما‬
‫أخاف عليكم اثنتين اتباع الهوى وطول المل‪ ،‬أما اتباع الهوى فانه يصد‬
‫عن الحق وأما طول المل فينسي الخرة )‪ .(1‬بيان‪ " :‬أما اتباع الهوى‬
‫فانه يصد عن الحق " لن حب الدنيا وشهواتها يعمي القلب عن رؤية‬
‫الحق وتمنع النفس عن متابعته‪ ،‬فان الحق والباطل متقابلن والخرة‬
‫والدنيا ضرتان متنافرتان والدنيا مع أهل الباطل‪ ،‬فاتباع الهوى إما يصير‬
‫سببا لشتباه الحق بالباطل في نظره‪ ،‬أو يصير باعثا على إنكار الحق مع‬
‫العلم به والول كعوام أهل الباطل‪ ،‬والثاني كعلمائهم‪ " .‬وطول المل " أي‬
‫ظن البقاء في الدنيا وتوقع حصول المشتهيات فيها بالماني الكاذبة‬
‫الشيطانية ينسي الموت والخرة وأهوالهما‪ ،‬فل يتوجه إلى تحصيل‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪(*) .336‬‬

‫]‪[89‬‬

‫الخرة وما ينفعه فيها ويخلصه من شدائدها‪ ،‬وإنما نسب الخوف منهما إلى نفسه‬
‫القدسية‪ ،‬لنه هو مولى المؤمنين والمتولي لصلحهم والراعي لهم في‬
‫معاشهم والداعي لهم إلى صلح معادهم‪ - 20 .‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن سهل بن‬
‫زياد‪ ،‬عن محمد بن الحسن بن شمون‪ ،‬عن عبد ال بن عبد الرحمان‬
‫الصم‪ ،‬عن عبد الرحمان بن الحجاج قال‪ :‬قال لي أبو الحسن عليه السلم‪:‬‬
‫اتق المرقى السهل إذا كان منحدره وعرا‪ ،‬وقال‪ :‬كان أبو عبد ال عليه‬
‫السلم يقول‪ :‬ل تدع النفس وهواها‪ ،‬فان هواها في رداها‪ ،‬وترك النفس‬
‫وما تهوى أذاها وكف النفس عما تهوى دواها )‪ .(1‬بيان‪ " :‬اتق المرقى‬
‫السهل " الخ المرقى والمرتقى والمرقاة موضع الرقى والصعود من رقيت‬
‫السلم والسطح والجبل علوته‪ ،‬والمنحدر الموضع الذي ينحدر منه أي ينزل‬
‫من النحدار وهو النزول‪ ،‬الوعر ضد السهل‪ ،‬قال الجوهري‪ :‬جبل وعر‬
‫بالتسكين ومطلب وعر قال الصمعي‪ :‬ول تقل وعر‪ ،‬أقول‪ :‬ولعل المراد به‬
‫النهي عن طلب الجاه والرياسة وسائر شهوات الدنيا ومرتفعاتها فانها وإن‬
‫كانت مؤاتية على اليسر والخفض‪ ،‬إل أن عاقبتها عاقبة سوء‪ ،‬والتخلص‬
‫من غوائلها وتبعاتها في غاية الصعوبة‪ .‬والحاصل أن متابعة النفس في‬
‫أهوائها والترقي من بعضها إلى بعض‪ ،‬وإن كانت كل واحدة منها في نظره‬
‫حقيرة‪ ،‬وتحصل له بسهولة‪ ،‬لكن عند الموت يصعب عليه ترك جميعها‪،‬‬
‫والمحاسبة عليها‪ ،‬فهو كمن صعد جبل بحيل شتى فإذا انتهى إلى ذروته‬
‫تحير في تدبير النزول عنها وأيضا تلك المنازل الدنية تحصل له في الدنيا‬
‫بالتدريج وعند الموت لبد من تركها دفعة ولذا تشق عليها سكرات الموت‬
‫بقطع تلك العلئق‪ ،‬فهو كمن صعد سلما درجة درجة‪ ،‬ثم سقط في آخر‬
‫درجة منه دفعة فكلما كانت الدرجات في الصعود أكثر كان السقوط منها‬
‫أشد ضررا وأعظم خطرا فلبد للعاقل أن يتفكر عند الصعود على درجات‬
‫الدنيا في شدة النزول عنها فل يرقى‬
‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.336‬‬

‫]‪[90‬‬

‫كثيرا ويكتفي بقدر الضرورة والحاجة‪ ،‬فهذا التشبيه البليغ على كل من الوجهين‬
‫من أبلغ الستعارات وأحسن التشبيهات‪ .‬وفي بعض النسخ " اتقي "‬
‫بالياء وكأنه من تصحيف النساخ ولذا قرأ بعض الشارحين أتقى بصيغة‬
‫التفضيل ]والمرقى ظ[ على البناء للمفعول وقرأ السهل مرفوعا ليكون‬
‫خبرا للمبتدأ وهو أتقى‪ ،‬أو يكون أتقي بتشديد التاء بصيغة المتكلم من باب‬
‫الفتعال فالسهل منصوب صفة للمرقى‪ ،‬وكل منهما ل يخلو من بعد‪ " .‬ل‬
‫تدع النفس وهواها " أي ل تتركها مع هواها‪ ،‬وما تهواه وتحبه من‬
‫الشهوات المردية " فان هواها في رداها " أي هلكها في الخرة بالهلك‬
‫المعنوي في القاموس‪ :‬ردى في البئر سقط كتردى وأرداه غيره ورداه‬
‫وردى كرضي ردى هلك وأرداه ورجل رد هالك قوله عليه السلم " أذاها‬
‫" الذى ما يؤذي النسان من مرض أو مكروه والشئ القذر وفي بعض‬
‫داؤها أي مرضها وهو أنسب بقوله " دواؤها " لفظا ومعنى وفي‬
‫القاموس الدواء مثلثة ما داويت به وبالقصر المرض‪.‬‬

‫]‪[91‬‬

‫)‪) * (47‬باب( * * " )طاعة ال ورسوله وحججه عليهم السلم والتسليم لهم( "‬
‫* * " )والنهى عن معصيتهم‪ ،‬والعراض عن قولهم وايذائهم( " *‬
‫اليات‪ :‬البقرة‪ :‬قالوا سمعنا وأطعنا )‪ .(1‬آل عمران‪ :‬قل أطيعوا ال‬
‫والرسول فان تولوا فان ال ل يحب الكافرين )‪ .(2‬وقال تعالى‪ :‬وأطيعوا‬
‫ال والرسول لعلكم ترحمون )‪ .(3‬النساء‪ :‬ومن يطع ال ورسوله يدخله‬
‫جنات تجري من تحتها النهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم * ومن‬
‫يعص ال ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين )‬
‫‪ .(4‬وقال تعالى‪ :‬ولو أنهم قالوا سمعنا وأطعنا واسمع وانظرنا لكان خيرا‬
‫لهم )‪ .(5‬وقال تعالى‪ :‬يا أيها الذين آمنوا أطيعوا ال وأطيعوا الرسول‬
‫واولي المر منكم فان تنازعتم في شئ فردوه إلى ال والرسول إن كنتم‬
‫تؤمنون بال واليوم الخر ذلك خير وأحسن تأويل )‪ .(6‬وقال تعالى‪ :‬ومن‬
‫يطع ال والرسول فاولئك مع الذين أنعم ال عليهم من‬

‫)‪ (1‬البقرة‪ (2) .285 :‬آل عمران‪ (3) .32 :‬آل عمران‪ (4) .131 :‬النساء‪ 13 :‬و‬
‫‪ (5) .14‬النساء‪ (6) .46 :‬النساء‪.59 :‬‬
‫]‪[92‬‬

‫النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقا )‪ .(1‬المائدة‪ :‬إذ قلتم‬
‫سمعنا وأطعنا )‪ .(2‬وقال تعالى‪ :‬وأطيعوا ال وأطيعوا الرسول واحذروا‬
‫فان توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلغ المبين )‪ .(3‬النفال‪ :‬وأطيعوا‬
‫ال ورسوله إن كنتم مؤمنين )‪ .(4‬وقال تعالى‪ :‬يا أيها الذين آمنوا أطيعوا‬
‫ال ورسوله ول تولوا عنه وأنتم تسمعون * ول تكونوا كالذين قالوا‬
‫سمعنا وهم ل يسمعون )‪ .(5‬التوبة‪ :‬ويطيعون ال ورسوله اولئك‬
‫سيرحمهم ال )‪ .(6‬النور‪ :‬ويقولون آمنا بال وبالرسول وأطعنا ثم يتولى‬
‫فريق منهم من بعد ذلك وما اولئك بالمؤمنين * وإذا دعوا إلى ال ورسوله‬
‫ليحكم بينهم إذا فريق منهم معرضون * وإن يكن لهم الحق يأتوا إليه‬
‫مذعنين * أفي قلوبهم مرض أم ارتابوا أم يخافون أن يحيف ال عليهم‬
‫ورسوله بل اولئك هم الظالمون * إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى ال‬
‫ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا واولئك هم المفلحون * ومن‬
‫يطع ال ورسوله ويخش ال ويتقه فاولئك هم الفائزون * وأقسموا بال‬
‫جهد أيمانهم لئن أمرتهم ليخرجن قل ل تقسموا طاعة معروفة إن ال خبير‬
‫بما تعملون * قل أطيعوا ال وأطيعوا الرسول فان تولوا فانما عليه ما حمل‬
‫وعليكم ما حملتم وإن تطيعوه تهتدوا وما على الرسول إل البلغ المبين ‪-‬‬
‫إلى قوله تعالى ‪ :-‬وأطيعوا الرسول لعلكم ترحمون )‪.(7‬‬

‫)‪ (1‬النساء‪ (2) .69 :‬المائدة‪ (3) .7 :‬المائدة‪ (4) .92 :‬النفال‪ (5) .1 :‬النفال‪:‬‬
‫‪ 20‬و ‪ (6) .12‬براءة‪ (7) .72 :‬النور‪.56 - 47 :‬‬

‫]‪[93‬‬

‫لقمان‪ :‬واتبع سبيل من أناب إلى ثم إلى مرجعكم فانبئكم بما كنتم تعملون )‪.(1‬‬
‫الحزاب‪ :‬وما كان لمؤمن ول مؤمنة إذا قضى ال ورسوله أمرا أن يكون‬
‫لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص ال ورسوله فقد ضل ضلل مبينا )‪.(2‬‬
‫وقال تعالى‪ :‬وما كان لكم أن تؤذوا رسول ال ‪ -‬إلى قوله تعالى ‪ :-‬إن الذين‬
‫يؤذون ال ورسوله لعنهم ال في الدنيا والخرة وأعد لهم عذابا مهينا )‬
‫‪ .(3‬وقال تعالى‪ :‬إن ال لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا * خالدين فيها أبدا‬
‫ل يجدون وليا ول نصيرا * يوم تقلب وجوههم في النار يقولون يا ليتنا‬
‫أطعنا ال وأطعنا الرسول * وقالوا ربنا إننا أطعنا سادتنا وكبراءنا فأضلونا‬
‫السبيل * ربنا آتهم ضعفين من العذاب والعنهم لعنا كبيرا * يا أيها الذين‬
‫آمنوا ل تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه ال مما قالوا وكان عند ال وجيها‬
‫‪ -‬إلى قوله سبحانه ‪ :-‬ومن يطع ال ورسوله فقد فاز فوزا عظيما )‪.(4‬‬
‫الزخرف‪ :‬واتبعون هذا صراط مستقيم )‪ .(5‬وقال تعالى‪ :‬فاتقوا ال‬
‫وأطيعون )‪ .(6‬محمد‪ :‬فأولى لهم * طاعة وقول معروف فإذا عزم المر‬
‫فلو صدقوا ال لكان خيرا لهم * فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في‬
‫الرض وتقطعوا أرحامكم * اولئك الذين لعنهم ال فأصمهم وأعمى‬
‫أبصارهم ‪ -‬إلى قوله تعالى ‪ :-‬ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط ال وكرهوا‬
‫رضوانه فأحبط أعمالهم )‪.(7‬‬

‫)‪ (1‬لقمان‪ (2) .15 :‬الحزاب‪ (3) .36 :‬الحزاب‪ (4) .57 - 53 :‬الحزاب‪- 64 :‬‬
‫‪ (5) .71‬الزخرف‪ (6) .61 :‬الزخرف‪ (7) .63 :‬القتال‪.28 - 21 :‬‬

‫]‪[94‬‬

‫وقال تعالى‪ :‬يا أيها الذين آمنوا أطيعوا ال وأطيعوا الرسول ول تبطلوا أعمالكم )‬
‫‪ .(1‬الفتح‪ :‬ومن يطع ال ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها النهار‬
‫ومن يتول يعذبه عذابا أليما )‪ .(2‬الحجرات‪ :‬يا أيها الذين آمنوا ل تقدموا‬
‫بين يدي ال ورسوله واتقوا ال إن ال سميع عليم )‪ .(3‬وقال تعالى‪ :‬وإن‬
‫تطيعوا ال ورسوله ليلتكم من أعمالكم شيئا إن ال غفور رحيم )‪.(4‬‬
‫المجادلة‪ :‬إن الذين يحادون ال ورسوله كبتوا كما كبت الذين من قبلهم‬
‫وقد أنزلنا آيات بينات وللكافرين عذاب مهين * يوم يبعثهم ال جميعا‬
‫فينبئهم بما عملوا أحصاه ال ونسوه وال على كل شئ شهيد )‪ .(5‬وقال‬
‫تعالى‪ :‬وأطيعوا ال ورسوله ‪ -‬إلى قوله تعالى ‪ " -‬أن الذين يحادون ال‬
‫ورسوله اولئك في الذلين كتب ال لغلبن أنا ورسلي إن ال قوي عزيز )‬
‫‪ .(6‬الحشر‪ :‬ذلك بأنهم شاقوا ال ورسوله ومن يشاق ال فان ال شديد‬
‫العقاب )‪ .(7‬وقال تعالى‪ :‬وما آتيكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا‬
‫واتقوا ال إن ال شديد العقاب )‪.(8‬‬

‫)‪ (1‬القتال‪ (2) .33 :‬الفتح‪ (3) .17 :‬الحجرات‪ (4) .1 :‬الحجرات‪(5) .14 :‬‬
‫المجادلة‪ (6) .6 - 5 :‬المجادلة‪ (7) .21 - 13 :‬الحشر‪ (8) .4 :‬الحشر‪:‬‬
‫‪.7‬‬

‫]‪[95‬‬

‫الصف‪ :‬وإذ قال موسى لقومه يا قوم لم تؤذونني وقد تعلمون أني رسول ال إليكم‬
‫فلما زاغوا أزاغ ال قلوبهم وال ل يهدي القوم الفاسقين )‪ .(1‬التغابن‪:‬‬
‫وأطيعوا ال وأطيعوا الرسول فان توليتم فانما على رسولنا البلغ المبين )‬
‫‪ .(2‬وقال تعالى‪ :‬واسمعوا وأطيعوا )‪ .(3‬الطلق‪ :‬وتلك حدود ال ومن يتعد‬
‫حدود ال فقد ظلم نفسه )‪ .(4‬نوح‪ :‬قال نوح رب إنهم عصوني واتبعوا من‬
‫لم يزده ماله وولده إل خسارا )‪ .(5‬أقول‪ :‬أكثر أخبار هذا الباب مذكورة في‬
‫مطاوي البواب السابقة واللحقة ول سيما في باب الطاعة والتقوى‪- 1 .‬‬
‫نهج‪ :‬عليكم بطاعة من ل تعذرون بجهالته )‪ - 2 .(6‬كا‪ :‬عن علي‪ ،‬عن‬
‫أبيه‪ ،‬عن البزنطي‪ ،‬عن محمد أخي غرام‪ ،‬عن محمد بن مسلم‪ ،‬عن أبي‬
‫جعفر عليه السلم قال‪ :‬ل يذهب بكم المذاهب‪ ،‬فوال ماشيعتنا إل من أطاع‬
‫ال عزوجل )‪ .(8‬بيان‪ " :‬ل يذهب بكم المذاهب " على بناء المعلوم‪،‬‬
‫والباء للتعدية‪ ،‬وإسناد ال ذهاب إلى المذاهب على المجاز‪ ،‬فان فاعله‬
‫النفس أو الشيطان أي ل يذهبكم المذاهب الباطلة إلى الضلل والوبال أو‬
‫على بناء المجهول أي ل يذهب بكم الشيطان في المذاهب‬

‫)‪ (1‬الصف‪ (2) .5 :‬التغابن‪ (3) .13 :‬التغابن‪ (4) .16 :‬الطلق‪ (5) .1 :‬نوح‪.21 :‬‬
‫)‪ (6‬نهج البلغة ج ‪ 2‬ص ‪ ،183‬الرقم ‪ 156‬من الحكم‪ (7) .‬الكافي ج ‪2‬‬
‫ص ‪.73‬‬

‫]‪[96‬‬

‫الباطلة من الماني الكاذبة‪ ،‬والعقائد الفاسدة‪ ،‬بأن تجترؤا على المعاصي اتكال على‬
‫دعوى التشيع والمحبة والولية من غير حقية‪ ،‬فانه ليس شيعتهم إل من‬
‫شايعهم في القوال والفعال‪ ،‬ل من ادعى التشيع بمحض المقال‪ - 3 .‬كا‪:‬‬
‫عن العدة‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن ابن فضال‪ ،‬عن عاصم بن حميد عن‬
‫أبي حمزة الثمالي‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬خطب رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله في حجة الوداع فقال‪ :‬يا أيها الناس وال ما من شئ يقربكم‬
‫من الجنة ويباعدكم عن النار إل وقد أمرتكم به‪ ،‬وما من شئ يقربكم من‬
‫النار ويباعدكم من الجنة إل وقد نهيتكم عنه‪ ،‬أل وإن الروح المين نفث‬
‫في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها فاتقوا ال وأجملوا في‬
‫الطلب‪ ،‬ول يحمل أحدكم استبطاء شئ من الرزق أن يطلبه بغير حله‪ ،‬فانه‬
‫ل يدرك ما عند ال إل بطاعته )‪ .(1‬بيان‪ :‬الروح المين جبرئيل عليه‬
‫السلم لنه سبب لحياة النفوس بالعلم وأمين على وحي ال إلى الرسل‪،‬‬
‫وفي النهاية فيه أن روح القدس نفث في روعي يعني جبرئيل أي أوحى‬
‫وألقى من النفث بالفم وهو شبيه بالنفخ وهو أقل من التفل لن التفل ل‬
‫يكون إل ومعه شئ من الريق " في روعي " أي في نفسي وخلدي انتهى‬
‫" حتى تستكمل رزقها " أي تأخذ رزقها المقدر على وجه الكمال " فاتقوا‬
‫ال " أي في خصوص طلب الرزق أو مطلقا " وأجملوا في الطلب " أي‬
‫اطلبوا طلبا جميل ول يكون كدكم كدا فاحشا‪ ،‬وفي المصباح أجملت في‬
‫الطلب رفقت‪ .‬قال الشيخ البهائي قدس سره‪ :‬يحتمل معنيين الول أن يكون‬
‫المراد ]اتقوا ال في هذا الكد الفاحش أي ل تقيموا عليه كما تقول‪ :‬اتق ال‬
‫في فعل كذا أي ل تفعله‪ ،‬والثاني أن يكون المراد[ )‪ (2‬أنكم إذا اتقيتموه ل‬
‫تحتاجون إلى هذا الكد والتعب ويكون إشارة إلى قوله تعالى‪ " :‬ومن يتق‬
‫ال يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث ل يحتسب " )‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .74‬مابين العلمتين ساقط من الكمبانى‪ (3) .‬الطلق‪2 :‬‬
‫و ‪.3‬‬

‫]‪[97‬‬

‫" ول يحصل أحدكم " أي ل يبعثه ويحدوه‪ ،‬والمصدر المسبوك من " أن "‬
‫المصدرية ومعمولها منصوب بنزع الخافض‪ ،‬أي ل يبعثكم استبطاء الرزق‬
‫على طلبه من غير حله‪ ،‬وسيأتي في خبر آخر ول يحملنكم استبطاء شئ‬
‫من الرزق أن تطلبوه بشئ من معصية ال فان ال تعالى قسم الرزاق بين‬
‫خلقه حلل ولم يقسمها حراما ومن اتقى ال وصبر أتاه رزقه من حله‪،‬‬
‫ومن هتك حجاب ستر ال عزوجل وأخذه من غير حله قص به من رزقه‬
‫الحلل وحوسب عليه يوم القيامة‪ .‬وأقول‪ :‬هذه الجمل كالتفسير لقوله عليه‬
‫السلم‪ " :‬فانه ل يدرك ما عند ال " أي من الثواب الجزيل والرزق‬
‫الحلل " إل بطاعته " في الوامر والنواهي‪ ،‬والحاصل أن قوله‪ " :‬ما‬
‫عند ال " يحتمل الرزق الحلل والدرجات الخروية والعم والول أوفق‬
‫بالتعليل‪ ،‬وكذا الثالث‪ ،‬وإن كان الثاني أظهر في نفسه‪ .‬واعلم أن الرزق‬
‫عند المعتزلة كل ماصح النتفاع به بالتغدي وغيره‪ ،‬وليس لحد منعه منه‪،‬‬
‫وليس الحرام عندهم رزقا‪ ،‬والحديث يدل عليه‪ .‬وعند الشاعرة كل ما‬
‫ينتفع به ذو حياة بالتغذي وغيره‪ ،‬وإن كان حراما‪ ،‬وخص بعضهم بالغذية‬
‫والشربة وسيأتي تمام القول في ذلك في كتاب المكاسب إنشاء ال تعالى‪.‬‬
‫‪ - 4‬كا‪ :‬عن أبي علي الشعري‪ ،‬عن محمد بن سالم‪ ،‬وأحمد بن أبي عبد‬
‫ال عن أبيه جميعا‪ ،‬عن أحمد بن النضر‪ ،‬عن عمرو بن شمر‪ ،‬عن جابر‪،‬‬
‫عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬قال لي‪ :‬يا جابر أيكتفي من ينتحل التشيع‬
‫أن يقول بحبنا أهل البيت ؟ فوال ماشيعتنا إل من اتقى ال وأطاعه‪ ،‬وما‬
‫كانوا يعرفون يا جابر إل بالتواضع والتخشع والمانة‪ ،‬وكثرة ذكر ال‪،‬‬
‫والصوم‪ ،‬والصلة‪ ،‬والبر بالوالدين‪ ،‬والتعهد للجيران من الفقراء وأهل‬
‫المسكنة‪ ،‬والغارمين‪ ،‬واليتام وصدق الحديث‪ ،‬وتلوة القرآن‪ ،‬وكف‬
‫اللسن عن الناس‪ ،‬إل من خير‪ ،‬وكانوا امناء عشائرهم في الشياء‪ .‬قال‬
‫جابر‪ :‬فقلت‪ :‬يا ابن رسول ال ما نعرف اليوم أحدا بهذه الصفة‪ ،‬فقال عليه‬
‫السلم‪ :‬يا جابر ل تذهبن بك المذاهب‪ ،‬حسب الرجل أن يقول‪ :‬احب‬

‫]‪[98‬‬
‫عليا وأتوله‪ ،‬ثم ل يكون مع ذلك فعال ؟ فلو قال‪ :‬إني احب رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله فرسول ال صلى ال عليه وآله خير من علي عليه السلم ثم‬
‫ليتبع سيرته‪ ،‬ول يعمل بسنته ما نفعه حبه إياه شيئا‪ ،‬فاتقوا ال واعملوا‬
‫لما عند ال‪ ،‬ليس بين ال وبين أحد قرابة أحب العباد إلى ال عزوجل‬
‫]وأكرمهم عليه[ أتقاهم وأعملهم بطاعته‪ .‬يا جابر فوال ما يتقرب إلى ال‬
‫تبارك وتعالى إل بالطاعة‪ ،‬وما معنا براءة من النار‪ ،‬ول على ال لحد من‬
‫حجة‪ ،‬من كان ل مطيعا فهو لنا ولي‪ ،‬ومن كان ل عاصيا فهو لنا عدو‪،‬‬
‫ول تنال وليتنا إل بالعمل والورع )‪ .(1‬لى‪ :‬عن ابن الوليد‪ ،‬عن البرقي‪،‬‬
‫عن أبيه‪ ،‬عن أحمد بن النضر مثله )‪ .(2‬ما‪ :‬عن المفيد‪ ،‬عن ابن أبي‬
‫حميد‪ ،‬عن ابن الوليد‪ ،‬عن الصفار‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن الحسين بن‬
‫سعيد‪ ،‬عن يونس بن عبد الرحمان‪ ،‬عن إبراهيم بن عمر اليماني‪ ،‬عن‬
‫جابر الجعفي مثله )‪ .(3‬مشكوة النوار‪ :‬مرسل مثله )‪ .(4‬تبيان‪ " :‬من‬
‫ينتحل التشيع " أي يدعيه من غير أن يتصف به‪ ،‬وفي غير كا " انتحل "‬
‫في القاموس انتحله وتنحله ادعاه لنفسه وهو لغيره " وما كانوا يعرفون‬
‫" على بناء المجهول والضمير راجع إلى الشيعة أو إلى خيار العباد أي‬
‫كان في زمن النبي وأمير المؤمنين وسائر الئمة الماضين صلوات ال‬
‫عليهم يعرفون الشيعة بتلك الصفات فمن لم يكن فيه تلك الخلل لم يكونوا‬
‫يعدونهم من الشيعة‪ ،‬أو كانوا موصوفين معروفين باتصافهم بها‪ " ،‬إل‬
‫بالتواضع " أي بالتذلل ل عند أوامره ونواهيه ولئمة الدين بتعظيمهم‬
‫وإطاعتهم‪ ،‬وللمؤمنين بتكريمهم وإظهار حبهم‪ ،‬وعدم التكبر عليهم‪،‬‬
‫وحسن العشرة معهم‪.‬‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .74‬أمالي الصدوق ص ‪ (3) .371‬أمالي الطوسي ج ‪2‬‬
‫ص ‪ (4) .365‬مشكاة النوار‪.59 :‬‬

‫]‪[99‬‬

‫والتخشع إظهار الخشوع‪ ،‬وهو التذلل ل مع الخوف منه‪ ،‬واستعمال الجوارح فيما‬
‫أمر ال به‪ ،‬وينسب إلى القلب وإلى الجوارح معا‪ ،‬والمانة ضد الخيانة أي‬
‫أداء حقوق ال والخلق‪ ،‬وعهودهم‪ ،‬وترك الغدر والخيانة فيها‪ ،‬وفي‪ .‬ما‬
‫والنابة أي التوبة والرجوع إلى ال‪ ،‬وكثرة ذكر ال‪ ،‬باللسان والقلب‬
‫والصوم عطف على الذكر‪ ،‬وفي ما " وبر الوالدين "‪ " .‬والتعهد للجيران‬
‫" أي رعاية أحوالهم وترك إيذائهم‪ ،‬وتحمل الذى عنهم وعيادة مرضاهم‬
‫وتشييع جنائزهم وعدم منع الماعون عنهم‪ ،‬وسيأتي الخلف في كون‬
‫الفقير أسوء حال أو المسكين والتخصيص بهما لكون رعايتهما أهم‪ ،‬وإل‬
‫يلزم رعاية الجيران مطلقا‪ ،‬وفي ما " وتعاهد الجيران "‪ " .‬والغارمين "‬
‫إما عطف على الفقراء أو على الجيران " وكانوا امناء عشائرهم " أي‬
‫يأتمنونهم ويعتمدون عليهم في جميع الشياء من الموال والفروج وحفظ‬
‫السرار " والعشاير " جمع العشيرة وهي القبيلة‪ ،‬وفي لى وغيره " فقال‬
‫جابر يا ابن رسول ال لست أعرف أحدا بهذه الصفة "‪ .‬قوله عليه السلم‪:‬‬
‫" ل تذهبن بك المذاهب " أي إلى الباطل والغترار وترك العمل " حسب‬
‫الرجل أن يقول " التركيب مثل حسبك درهم أي كافيك‪ ،‬وحرف الستفهام‬
‫مقدر وهو على النكار أي ل يكفيه ذلك " فعال " أي كثير الفعل لما‬
‫يقتضيه اعتقاده في متابعة الئمة عليهم السلم في جميع المور‪ ،‬وليست‬
‫هذه الفقرة في لى‪ ،‬قوله‪ " :‬فرسول ال " الظاهر أنها جملة معترضة‪،‬‬
‫وفي لي وبعض الكتب " ورسول ال " وهو أظهر‪ ،‬فتكون جملة حالية‪،‬‬
‫ويحتمل أن يكون على النسختين عطفا على احب ويكون داخل في مقول‬
‫القول أي لو قال المخالف‪ :‬إني احب رسول ال وهو أفضل من علي فكما‬
‫أنكم تتكلون على حب علي أنا أتكل على حب رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله لم يمكنكم إلزامه بالجواب‪ ،‬لنكم إذا قلتم ل ينفعكم حب محمد مع‬
‫مخالفته في القول بأوصيائه يمكنه أن يقول‪ :‬فكذا ل ينفعكم حب علي مع‬
‫مخالفتكم له في الفعال والقوال‪ ،‬وفي لى غيره " ل يعمل بعمله ول يتبع‬
‫سنته‬

‫]‪[100‬‬

‫ما نفعه "‪ .‬قوله عليه السلم‪ " :‬ليس بين ال وبين أحد قرابة " أي ليس بين ال‬
‫وبين الشيعة قرابة حتى يسامحهم ول يسامح مخالفيهم‪ ،‬مع كونهم‬
‫مشتركين معهم في مخالفته تعالى‪ ،‬أو ليس بينه وبين علي قرابة حتى‬
‫يسامح شيعة علي ول يسامح شيعة الرسول‪ ،‬والحاصل أن جهة القرب بين‬
‫العبد وبين ال إنما هي الطاعة والتقوى ولذا صار أئمتكم أحب الخلق إلى‬
‫ال‪ ،‬فلو لم تكن هذه الجهة فيكم لم ينفعكم شئ وفي لى " إلى ال وأكرمهم‬
‫عليه أتقاهم له وأعملهم بطاعته وال ما يتقرب إلى ال جل ثناؤه إل‬
‫بالطاعة ما معنا "‪ " .‬وما معنا براءة من النار " أي ليس معنا صك )‪(1‬‬
‫وحكم ببرائتنا وبراءة شيعتنا من النار وإن عملوا بعمل الفجار " ول على‬
‫ال لحد من حجة " أي ليس لحد على ال حجة إذا لم يغفر له بأن يقول‪:‬‬
‫كنت من شيعة علي عليه السلم فلم لم تغفر لي ؟ لن ال تعالى لم يحتم‬
‫بغفران من ادعى التشيع بل عمل‪ ،‬أو المعنى ليس لنا على ال حجة في‬
‫إنقاذ من ادعى التشيع من العذاب ويؤيده أن في ما " وما لنا على ال‬
‫حجة "‪ " .‬من كان ل مطيعا " كأنه جواب عما يتوهم في هذا المقام أنهم‬
‫عليهم السلم حكموا بأن شيعتهم وأولياءهم ل يدخولن النار فأجاب عليه‬
‫السلم بأن العاصي ل ليس بولي لنا ول تدرك وليتنا إل بالعمل بالطاعات‪،‬‬
‫والورع عن المعاصي‪ .‬قيل‪ :‬للورع أربع درجات‪ :‬الولى ورع التائبين‪،‬‬
‫وهو مايخرج به النسان من الفسق وهو المصحح لقبول الشهادة‪ ،‬الثانية‬
‫ورع الصالحين وهو الجتناب عن الشبهات خوفا منها‪ ،‬ومن الوقوع في‬
‫المحرمات‪ ،‬الثالثة ورع المتقين وهو ترك الحلل خوفا من أن ينجر إلى‬
‫الحرام‪ ،‬مثل ترك التحدث بأحوال الناس مخافة أن ينجر إلى الغيبة‪ ،‬الرابعة‬
‫ورع السالكين وهو العراض عما سواه تعالى خوفا من صرف ساعة من‬
‫العمر فيما ل يفيد زيادة القرب منه تعالى وإن علم أنه ل ينجر‬

‫)‪ (1‬الصك معرب چك‪ ،‬كتاب الحوالة‪.‬‬

‫]‪[101‬‬

‫إلى الحرام‪ .‬قوله عليه السلم‪ " :‬إل بالعمل " في لى وغيره إل بالورع والعمل‪5 .‬‬
‫‪ -‬كا‪ :‬عن علي‪ ،‬عن أبيه ومحمد بن إسماعيل‪ ،‬عن الفضل جميعا‪ ،‬عن ابن‬
‫أبي عمير‪ ،‬عن هشام بن الحكم‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إذا كان‬
‫يوم القيامة تقوم عنق من الناس فيأتون باب الجنة فيضربونه فيقال لهم‪:‬‬
‫من أنتم ؟ فيقولون‪ :‬نحن أهل الصبر‪ ،‬فيقال لهم‪ :‬على ما صبرتم ؟‬
‫فيقولون‪ :‬كنا نصبر على طاعة ال ونصبر عن معاصي ال‪ ،‬فيقول ال‬
‫عزوجل‪ :‬صدقوا أدخلوهم الجنة‪ ،‬وهو قول ال عزوجل‪ " :‬إنما يوفى‬
‫الصابرون أجرهم بغير حساب " )‪ .(1‬ايضاح‪ :‬في النهاية عنق أي جماعة‬
‫من الناس‪ ،‬وفي القاموس العنق بالضم وبضمتين الجماعة من الناس‬
‫والرؤساء " أجرهم بغير حساب " قيل‪ :‬أي أجرا ل يهتدي إليه حساب‬
‫الحساب ويظهر من الخبر أن المعنى أنهم ل يوقفون في موقف الحساب‪،‬‬
‫بل يذهب بهم إلى الجنة بغير حساب قال الطبرسي رحمه ال‪ :‬لكثرته ل‬
‫يمكن عده وحسابه وروى العياشي بالسناد‪ .‬عن عبد ال بن سنان‪ ،‬عن‬
‫أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬إذا‬
‫نشرت الدواوين‪ ،‬ونصبت الموازين لم ينصب لهل البلء ميزان‪ ،‬ولم ينشر‬
‫لهم ديوان‪ ،‬ثم تل هذه الية " إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب "‬
‫)‪ - 6 .(2‬كا‪ :‬عن حميد بن زياد‪ ،‬عن الحسن بن محمد بن سماعة‪ ،‬عن‬
‫بعض أصحابه عن أبان‪ ،‬عن عمر بن خالد‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم‬
‫قال‪ :‬يا معشر الشيعة شيعة آل محمد كونوا النمرقة الوسطى‪ :‬يرجع إليكم‬
‫الغالي‪ ،‬ويلحق بكم التالي‪ ،‬فقال له رجل من النصار‪ ،‬يقال له سعد‪ :‬جعلت‬
‫فداك ما الغالي ؟ قال‪ :‬قوم يقولون فينا مال نقوله في أنفسنا‪ ،‬فليس اولئك‬
‫منا ولسنا منهم‪ ،‬قال‪ :‬فما التالي ؟ قال‪ :‬المرتاد يريد الخير يبلغه الخير‬
‫يؤجر عليه‪.‬‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ ،75‬والية في الزمر‪ (2) .10 :‬مجمع البيان ج ‪ 8‬ص ‪.492‬‬
‫]‪[102‬‬

‫ثم أقبل علينا فقال‪ :‬وال ما معنا من ال براءة‪ ،‬ول بيننا وبين ال قرابة ول لنا على‬
‫ال حجة‪ ،‬ول يتقرب )‪ (1‬إلى ال إل بالطاعة‪ ،‬فمن كان منكم مطيعا ل‬
‫تنفعه وليتنا‪ ،‬ومن كان منكم عاصيا ل لم تنفعه وليتنا‪ ،‬ويحكم ل تغتروا‬
‫ويحكم ل تغتروا )‪ .(2‬بيان‪ :‬قال الجوهري‪ :‬النمرقة وسادة صغيرة‪ ،‬وكذلك‬
‫النمرقة بالكسر لغة حكاها يعقوب‪ ،‬وربما سموا الطنفسة التي فوق الرحل‬
‫نمرقة عن أبي عبيد )‪ (3‬وفي القاموس النمرق والنمرقة مثلثة الوسادة‬
‫الصغيرة أو الميثرة أو الطنفسة فوق الرحل‪ ،‬والنمرقة بالكسر من السحاب‬
‫ماكان بينه فتوق انتهى )‪ (4‬وكأن التشبيه بالنمرقة باعتبار أنها محل‬
‫العتماد‪ ،‬والتقييد بالوسطى لكونهم واسطة بين الفراد والتفريط‪ ،‬أو‬
‫التشبيه بالنمرقة الوسطى باعتبار أنها في المجالس صدر ومكان لصاحبه‬
‫يلحق به ويتوجه إليه من على الجانبين‪ .‬وقيل‪ :‬المراد كونوا أهل النمرقة‬
‫الوسطى‪ ،‬وقيل‪ :‬المراد إنه كما كانت الوسادة التي يتوسد عليها الرحل إذا‬
‫كانت رفيعة جدا أو خفيفة جدا ل تصلح للتوسد‪ ،‬بل لبد لها من حد من‬
‫الرتفاع والنخفاض حتى يصلح لذلك‪ ،‬كذلك أنتم في دينكم وأئمتكم ل‬
‫تكونوا غالين تجاوزون بهم عن مرتبتهم التي أقامهم ال عليها أو جعلهم‬
‫أهل لها‪ ،‬وهي المامة والوصاية النازلتان عن اللوهية والنبوة كالنصارى‬
‫الغالين في المسيح المعتقدين فيه اللوهية أو البنوة للله‪ ،‬ول تكونوا أيضا‬
‫مقصرين فيهم تنزلونهم عن مرتبتهم‪ ،‬وتجعلونهم كسائر الناس أو أنزل‪،‬‬
‫كالمقصرين من اليهود في المسيح المنزلين له عن مرتبته‪ ،‬بل كونوا‬
‫كالنمرقة الوسطى وهي المقتصدة للتوسد يرجع إليكم الغالي ويلحق بكم‬
‫التالي‪.‬‬

‫)‪ (1‬نتقرب خ ل‪ (2) .‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .75‬الصحاح ج ‪ 4‬ص ‪(4) .1561‬‬
‫القاموس ج ‪ 3‬ص ‪.286‬‬

‫]‪[103‬‬

‫قوله عليه السلم‪ " :‬ما ل نقوله في أنفسنا " كاللوهية‪ ،‬وكونهم خالقين للشياء‬
‫والنبوة " المرتاد يريد الخير يبلغه الخير " كأنه من قبيل وضع الظاهر‬
‫موضع المضمر أي يريد العمال الصالحة التي تبلغه أن يعملها‪ ،‬ولكن ل‬
‫يعمل بها يوجر عليه بمحض هذه النية‪ ،‬أو المعنى أنه المرتاد الطالب لدين‬
‫الحق وكماله وقوله‪ " :‬يبلغه الخير " جملة اخرى لبيان أن طالب الخير‬
‫سيجده ويوفقه ال لذلك كما قال تعالى‪ " :‬والذين جاهدوا فينا لنهدينهم‬
‫سبلنا " )‪ (1‬وقوله‪ " :‬يؤجر عليه " لبيان أنه بمحض الطلب مأجور‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬المرتاد الطالب للهتداء الذي ليعرف المام ومراسم الدين بعد يريد‬
‫التعلم ونيل الحق‪ " ،‬يبلغه الخير " بدل من " الخير " يعني يريد أن يبلغه‬
‫الخير ليؤجر عليه‪ ،‬وقيل‪ :‬المرتاد أي الطالب من ارتاد الرجل الشئ إذا‬
‫طلبه والمطلوب أعم من الخير والشر‪ ،‬فقوله‪ " :‬يريد الخير " تخصيص‬
‫وبيان للمعنى المراد ههنا " يبلغه الخير " من البلغ أو التبليغ وفاعله‬
‫معلوم بقرينة المقام‪ ،‬أي من يوصله إلى الخير المطلوب‪ ،‬ثم يؤجر عليه‬
‫لهدايته وإرشاده‪ .‬وأقول‪ :‬على هذا يمكن أن يكون فاعله الضمير الراجع‬
‫إلى النمرقة لما فهم سابقا أنه يلحق التالي بنفسه‪ ،‬وقيل جملة‪ " :‬يريد‬
‫الخير " صفة المرتاد‪ ،‬إذ اللم للعهد الذهني‪ ،‬وهو في حكم النكرة وجملة‬
‫" يبلغه " إما على المجرد من باب نصر أو على بناء الفعال أو التفعيل‬
‫استيناف بياني وعلى الول الخير مرفوع بالفاعلية إشارة إلى أن الدين‬
‫الحق لوضوح براهينه كأنه يطلبه ويصل إليه‪ ،‬وعلى الثاني والثالث‬
‫الضمير راجع إلى مصدر " يريد " " والخير " منصوب و " يؤجر عليه‬
‫" استيناف للستيناف الول لدفع توهم أن ل يؤجر لشدة وضوح المر‬
‫فكأنه اضطر إليه وأكثر الوجوه ل تخلو من تكلف وكأن فيه تصحيفا‬
‫وتحريفا‪ " .‬ول لنا على ال حجة " أي بمحض قرابة الرسول صلى ال‬
‫عليه وآله من غير عمل لنفسنا‪ ،‬ول لتخليص شيعتنا‪ " ،‬ول نتقرب "‬
‫بصيغة المتكلم والغائب‬

‫)‪ (1‬العنكبوت‪.69 :‬‬

‫]‪[104‬‬

‫المجهول " ويحكم ل تغتروا " في القاموس ويح لزيد وويحا له كلمة رحمة‪،‬‬
‫ورفعه على البتداء‪ ،‬ونصبه باضمار فعل‪ ،‬وويح زيد وويحه نصبهما به‬
‫أيضا أو أصله وي فوصلت بحاء مرة وبلم مرة وبباء مرة وبسين مرة )‬
‫‪ (1‬وفي النهاية ويح كلمة ترحم وتوجع‪ ،‬يقال‪ :‬لمن وقع في هلكة ل‬
‫يستحقها‪ ،‬وقد يقال‪ :‬بمعنى المدح والتعجب وهي منصوبة على المصدر‪،‬‬
‫وقد ترفع‪ ،‬وتضاف ول تضاف‪ ،‬يقال‪ :‬ويح زيد‪ ،‬وويحا له‪ ،‬وويح له‪- 7 .‬‬
‫كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن مفضل بن عمر قال‪ :‬كنت‬
‫عند أبي عبد ال عليه السلم فذكرنا العمال‪ ،‬فقلت أنا‪ :‬ما أضعف عملي ؟‬
‫فقال‪ :‬مه استغفر ال‪ ،‬ثم قال لي‪ :‬إن قليل العمل مع التقوى خير من كثير‬
‫بل تقوى قلت‪ :‬كيف يكون كثير بل تقوى ؟ قال‪ :‬نعم مثل الرجل يطعم‬
‫طعامه‪ ،‬ويرفق جيرانه‪ ،‬ويوطئ رحله‪ ،‬فإذا ارتفع له الباب من الحرام دخل‬
‫فيه‪ ،‬فهذا العمل بل تقوى‪ ،‬ويكون الخر ليس عنده فإذا ارتفع له الباب من‬
‫الحرام لم يدخل فيه )‪ .(2‬بيان‪ " :‬فذكرنا العمال " أي قلتها وكثرتها‪ ،‬أو‬
‫مدخليتها في اليمان " ما أضعف عملي " صيغة تعجب كما هو الظاهر أو‬
‫ما نافية واضعف بصيغة المتكلم أي ما أعد عملي ضعيفا‪ ،‬وعلى الول‬
‫يتوهم في نهيه عليه السلم وأمره بالستغفار منافاة لما مر في الخبار من‬
‫ترك العجب والعتراف بالتقصير‪ ،‬ويمكن الجواب عنه بوجوه‪ :‬الول ما‬
‫قيل‪ :‬إن النهي للفتوى بغير علم‪ ،‬ل للعتراف بالتقصير‪ .‬الثاني أنه كان‬
‫ذلك لستشمامه منه رائحة التكال على العمل‪ ،‬مع أن العمل‬

‫)‪ (1‬القاموس ج ‪ 1‬ص ‪ ،256‬وقال في ص ‪ :138‬ويب كويل‪ ،‬تقول‪ :‬ويبك وويب‬


‫لك وويب لزيد وويبا له‪ ..‬ومعنى الكل ألزمه ال ويل‪ ،‬وقال في ج ‪ 2‬ص‬
‫‪ :258‬ويس كلمة تستعمل في موضع رأفة واستملح للصبى‪ ،‬والويس‪:‬‬
‫الفقر‪ ،‬وما يريده النسان‪ ،‬ضد‪ (2) .‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.76‬‬

‫]‪[105‬‬

‫هين جدا في جنب التقوى لشتراط قبوله بها ولذا نبهه على ذلك‪ ،‬والحاصل أنه لما‬
‫كان كلمه مبنيا على أن المدار على قلة العمل وكثرته نهاه عن ذلك‪.‬‬
‫الثالث ما قيل‪ :‬إن القوال والفعال يختلف حكمها باختلف النيات‬
‫والقصود‪ ،‬وهو لم يقصد بهذا القول أن عمله ضعيف قليل بالنظر إلى‬
‫عظمة الحق وما يستحقه من العبادة‪ ،‬وإنما قصد به ضعفه وقلته لذاته‪،‬‬
‫وبينهما فرق ظاهر والول هو العتراف بالتقصير دون الثاني‪ .‬الرابع أنه‬
‫عليه السلم لما علم أن المفضل يعتد بعمله ويعده كثيرا‪ ،‬وإنما يقول ذلك‬
‫تواضعا وإخفاء للعمل نهاه عن ذلك‪ .‬وفي القاموس رفق فلنا نفعه‬
‫كأرفقه‪ ،‬ووطئ الرحل كناية عن كثرة الضيافة قال في القاموس‪ :‬رجل‬
‫موطأ الكناف كمعظم سهل دمث كريم مضياف‪ ،‬أو يتمكن في ناحيته‬
‫صاحبه‪ ،‬غير مؤذى ول ناب به موضعه )‪ (1‬وفي النهاية في قوله صلى‬
‫ال عليه وآله‪ :‬أحاسنكم أخلقا الموطؤن أكنافا هذا مثل وحقيقته من‬
‫التوطئة وهو التمهيد والتذليل‪ ،‬وفراش وطئ ل يؤذي جنب النائم‪،‬‬
‫والكناف الجوانب‪ ،‬أراد الذين جوانبهم وطئة يتمكن فيها من يصاحبهم ول‬
‫يتأذى‪ ،‬انتهى وقيل‪ :‬توطئة الرحل كناية عن التواضع والتذلل‪ " .‬فإذا‬
‫ارتفع له الباب من الحرام " أي ظهر له ما يدخله في الحرام من مال حرام‬
‫أو فرج حرام وغير ذلك " ليس عنده " أي العمل الكثير الذي كان عند‬
‫صاحبه‪ - 8 .‬كتاب المامة والتبصرة‪ :‬عن القاسم بن علي العلوي‪ ،‬عن‬
‫محمد بن أبي عبد ال‪ ،‬عن سهل بن زياد‪ ،‬عن النوفلي‪ ،‬عن السكوني‪ ،‬عن‬
‫جعفر بن محمد‪ ،‬عن أبيه عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله‪ :‬الطاعة قرة العين‪.‬‬
‫)‪ (1‬القاموس ج ‪ 1‬ص ‪.32‬‬

‫]‪[106‬‬

‫)‪) (48‬باب( * " )ايثار الحق على الباطل‪ ،‬والمر بقول الحق وان كان مرا( " *‬
‫اليات‪ :‬أسرى‪ :‬قل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا )‪.(1‬‬
‫سبا‪ :‬قل إن ربي يقذف بالحق علم الغيوب * قل جاء الحق وما يبدئ‬
‫الباطل وما يعيد )‪ .(2‬حمعسق‪ :‬ويمحوا ال الباطل ويحق الحق بكلماته إنه‬
‫عليم بذات الصدور )‪ .(3‬الزخرف‪ :‬لقد جئناكم بالحق ولكن أكثركم للحق‬
‫كارهون )‪ - 1 .(4‬لى )‪ (5‬مع‪ :‬سئل أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬أي الناس‬
‫أكيس ؟ قال‪ :‬من أبصر رشده من غيه‪ ،‬فمال إلى رشده )‪ - 2 .(6‬ل‪ :‬ابن‬
‫المتوكل‪ ،‬عن محمد العطار‪ ،‬عن الشعري‪ ،‬عن علي بن حسان رفعه إلى‬
‫زرارة‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن من حقيقة اليمان أن تؤثر‬
‫الحق وإن ضرك‪ ،‬على الباطل وإن نفعك‪ ،‬وأن ل يجوز‪ .‬منطقك علمك )‪.(7‬‬
‫‪ - 3‬ل‪ :‬الحسن بن علي ]بن محمد[ العطار‪ ،‬عن محمد بن محمود‪ ،‬عن‬
‫محمد ابن منصور وإسماعيل المكي وحمدان جميعا‪ ،‬عن المكي بن‬
‫إبراهيم‪ ،‬عن‬

‫)‪ (1‬أسرى‪ (2) .81 :‬سبأ‪ 48 :‬و ‪ (3) .49‬الشورى‪ (4) .24 :‬الزخرف‪(5) .78 :‬‬
‫أمالي الصدوق ص ‪ (6) .237‬معاني الخبار ص ‪ (7) .199‬الخصال ج ‪1‬‬
‫ص ‪.28‬‬

‫]‪[107‬‬

‫هشام بن حسان والحسن بن دينار‪ ،‬عن محمد بن واسع‪ ،‬عن عبد ال بن الصامت‪،‬‬
‫عن أبي ذر رحمه ال قال‪ :‬أوصاني رسول ال صلى ال عليه وآله بأن‬
‫أقول الحق وإن كان مرا )‪ .(1‬وتمام الخبر في أبواب المواعظ )‪ (2‬وفي‬
‫خبر آخر عن أبي ذر قال له النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬قل الحق وإن كان‬
‫مرا )‪ - 4 .(3‬نبه‪ :‬ابن أبي سمال‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم أنه‬
‫استفتاه رجل من أهل الجبل فأفتاه بخلف ما يحب فرأى أبو عبد ال‬
‫الكراهة فيه‪ ،‬فقال‪ :‬يا هذا اصبر على الحق فانه لم يصبر أحد قط لحق إل‬
‫عوضه ال ما هو خير له‪ - 5 .‬نهج‪ :‬قال عليه السلم‪ :‬ل يترك الناس شيئا‬
‫من أمر دينهم لستصلح دنياهم إل فتح ال عليهم ما هو أضر منه )‪.(4‬‬
‫وقال عليه السلم‪ :‬من أبدى صفحته للحق هلك )‪ .(5‬وقال عليه السلم‪ :‬إن‬
‫الحق ثقيل مرئ‪ ،‬وإن الباطل خفيف وبئ )‪ .(6‬وقال عليه السلم‪ :‬إن أفضل‬
‫الناس عند ال من كان العمل بالحق أحب إليه وإن نقصه وكثره‪ .‬من‬
‫الباطل وإن جر فائدة وزاده )‪ .(7‬وقال عليه السلم‪ :‬أيها الناس ل‬
‫تستوحشوا في طريق الهدى لقلة أهله‪ ،‬فان الناس اجتمعوا على مائدة‬
‫شبعها قصير‪ ،‬وجوعها طويل‪ ،‬وساق الكلم إلى قوله‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .3‬راجع ج ‪ 77‬ص ‪ (3) .73‬راجع معاني الخبار ص‬
‫‪ ،332‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ ،104‬أمالي الطوسي ج ‪ 2‬ص ‪ (4) .138‬نهج‬
‫البلغة ج ‪ 2‬ص ‪ (5) .166‬نهج البلغة ج ‪ 2‬ص ‪ (6) .187‬نهج‬
‫البلغة ج ‪ 2‬ص ‪ (7) .235‬نهج البلغة ج ‪ 1‬ص ‪.258‬‬

‫]‪[108‬‬

‫عليه السلم‪ :‬أيها الناس من سلك الطريق الواضح ورد الماء‪ ،‬ومن خالف وقع في‬
‫التيه )‪) * 49 .(1‬باب( * * " )العزلة عن شرار الخلق‪ ،‬والنس بال( "‬
‫* اليات‪ :‬الكهف‪ :‬وإذ اعتزلتموهم وما يعبدون إل ال فأووا إلى الكهف‬
‫ينشر لكم ربكم من رحمته ويهيئ لكم من أمركم مرفقا )‪ .(2‬مريم‪:‬‬
‫وأعتزلكم وما تدعون من دون ال وأدعوا ربي عسى أن ل أكون بدعاء‬
‫ربي شقيا * فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون ال وهبنا له إسحق‬
‫ويعقوب )‪ .(3‬العنكبوت‪ :‬فآمن له لوط وقال إني مهاجر إلى ربي إنه هو‬
‫العزيز الحكيم )‪ .(4‬الصافات‪ :‬قال إني ذاهب إلى ربي سيهدين )‪- 1 .(5‬‬
‫لى‪ :‬الدقاق‪ ،‬عن الصوفي‪ ،‬عن عبيد ال بن موسى الحبال‪ ،‬عن محمد بن‬
‫الحسين الخشاب‪ ،‬عن محمد بن محصن‪ ،‬عن يونس بن ظبيان قال‪ :‬قال‬
‫الصادق عليه السلم‪ :‬إن ال وجل وعز أوحى إلى نبي من أنبياء بني‬
‫إسرائيل إن أحببت أن تلقاني غدا في حظيرة القدس فكن في الدنيا وحيدا‬
‫غريبا مهموما محزونا مستوحشا من الناس‪ ،‬بمنزلة الطير الواحد‪ ،‬الذي‬
‫يطير في أرض القفار‪ ،‬ويأكل من رؤوس الشجار‬

‫)‪ (1‬نهج البلغة ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .199‬الكهف‪ (3) .16 :‬مريم‪ 48 :‬و ‪(4) .49‬‬
‫العنكبوت‪ (5) .26 :‬الصافات‪.99 :‬‬

‫]‪[109‬‬

‫ويشرب من ماء العيون‪ ،‬فإذا كان الليل أوى وحده‪ ،‬ولم يأو مع الطيور استأنس‬
‫بربه‪ ،‬واستوحش من الطيور )‪ - 2 .(1‬لى‪ :‬العطار‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن‬
‫الصبهاني‪ ،‬عن المنقري‪ ،‬عن حفص‪ ،‬عن الصادق عليه السلم قال‪ :‬إن‬
‫قدرتم أن ل تعرفوا فافعلوا‪ ،‬وما عليك إن لم يثن عليك الناس ؟ وما عليك‬
‫أن تكون مذموما عند الناس إذا كنت عند ال محمودا )‪ - 3 .(2‬ب‪ :‬ابن‬
‫سعد‪ ،‬عن الزدي قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬إن من أغبط أوليائي‬
‫عندي عبدا مؤمنا إذا حظ من صلح أحسن عبادة ربه‪ ،‬و عبد ال في‬
‫السريرة وكان غامضا في الناس‪ ،‬فلم يشر إليه بالصابع‪ ،‬وكان رزقه كفافا‬
‫فصبر عليه تعجلت به المنية فقل تراثه‪ ،‬وقلت بواكيه ‪ -‬ثلثا )‪- 4 .(3‬‬
‫فس‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬أيها الناس طوبى لمن لزم بيته‪،‬‬
‫وأكل كسرته‪ ،‬وبكى على خطيئته‪ ،‬وكان من نفسه في تعب‪ ،‬والناس منه‬
‫في راحة‪ - 5 .‬ل‪ :‬ماجيلويه‪ ،‬عن عمه‪ ،‬عن هارون‪ ،‬عن ابن زياد‪ ،‬عن‬
‫جعفر‪ ،‬عن أبيه عليهما السلم قال‪ :‬قال النبي صلى ال عليه وآله ثلث‬
‫منجيات‪ :‬تكف لسانك‪ ،‬وتبكي على خطيئتك‪ ،‬وتلزم بيتك )‪ - 6 .(4‬ل‪ :‬ابن‬
‫المتوكل‪ ،‬عن الحميري‪ ،‬عن ابن هشام‪ ،‬عن القداح‪ ،‬عن جعفر بن محمد‪،‬‬
‫عن آبائه‪ ،‬عن علي عليهم السلم قال‪ :‬قال عيسى بن مريم‪ :‬طوبى لمن‬
‫كان صمته فكرا ونظره عبرا‪ ،‬ووسعه بيته وبكى على خطيئته‪ ،‬وسلم‬
‫الناس من يده ولسانه )‪ - 7 .(5‬ل‪ :‬ابن الوليد‪ ،‬عن الصفار‪ ،‬عن ابن‬
‫معروف‪ ،‬عن علي بن مهزيار‬

‫)‪ (1‬أمالي الصدوق ص ‪ (2) .119‬أمالي الصدوق ص ‪ (3) .396‬قرب السناد ص‬


‫‪ (4) .28‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (5) .42‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪.142‬‬

‫]‪[110‬‬

‫رفعه قال‪ :‬يأتي على الناس زمان تكون العافية فيه عشرة أجزاء تسعة منها في‬
‫اعتزال الناس‪ ،‬وواحدة في الصمت )‪ - 8 .(1‬ثو‪ :‬ابن الوليد‪ ،‬عن محمد بن‬
‫يحيى‪ ،‬عن الشعري‪ ،‬عن ابن معروف مثله )‪ - 9] .(2‬مص‪ [:‬قال الصادق‬
‫عليه السلم‪ :‬صاحب العزلة متحصن بحصن ال ومحترس بحراسته‪ ،‬فيا‬
‫طوبى لمن تفرد به سرا وعلنية‪ ،‬وهو يحتاج إلى عشرة خصال‪ :‬علم‬
‫الحق والباطل‪ ،‬وتحبب الفقر‪ ،‬واختيار الشدة والزهد‪ ،‬واغتنام الخلوة‪،‬‬
‫والنظر في العواقب‪ ،‬ورؤية التقصير في العبادة‪ ،‬مع بذل المجهود‪ ،‬وترك‬
‫العجب‪ ،‬وكثرة الذكر بل غفلة‪ ،‬فان الغفلة مصطاد الشيطان‪ ،‬ورأس كل بلية‬
‫وسبب كل حجاب‪ ،‬وخلوة البيت عما ل يحتاج إليه في الوقت‪ .‬قال عيسى‬
‫بن مريم عليهما السلم‪ :‬اخزن لسانك لعمارة قلبك‪ ،‬وليسعك بيتك وفر من‬
‫الرياء وفضول معاشك‪ ،‬وابك على خطيئتك‪ ،‬وفر من الناس فرارك من‬
‫السد والفعى‪ ،‬فانهم كانوا دواء فصاروا اليوم داء‪ ،‬ثم الق ال متى شئت‪.‬‬
‫قال ربيع بن خثيم‪ :‬إن استطعت أن تكون في موضع ل تعرف ول تعرف‬
‫فافعل‪ .‬وفي العزلة صيانة الجوارح‪ ،‬وفراغ القلب‪ ،‬وسلمة العيش‪ ،‬وكسر‬
‫سلح الشيطان‪ ،‬والمجانبة به من كل سوء‪ ،‬وراحة الوقت‪ ،‬وما من نبي‬
‫ول وصي إل واختار العزلة في زمانه‪ ،‬إما في ابتدائه وإما في انتهائه )‪.(3‬‬
‫‪ - 10‬ين‪ :‬الجوهري‪ ،‬عن صفوان الجمال‪ ،‬عن المفضل قال‪ :‬سمعت أبا‬
‫عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬طوبى لعبد نوومة عرف الناس قبل معرفتهم‬
‫به‪ - 11 .‬الدرة الباهرة وعدة الداعي‪ :‬قال أبو محمد عليه السلم‪ :‬من آنس‬
‫بال استوحش من الناس‪.‬‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .54‬ثواب العمال ص ‪ (3) .162‬مصباح الشريعة ‪18‬‬
‫و ‪.19‬‬

‫]‪[111‬‬

‫‪ - 12‬دعوات الراوندي‪ :‬قال الباقر عليه السلم‪ :‬وجد رجل صحيفة فأتى بها رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله فنادى‪ :‬الصلة جامعة‪ ،‬فما تخلف أحد ذكر ول‬
‫انثى‪ ،‬فرقى المنبر فقرأها فإذا كتاب من يوشع بن نون وصي موسى‪ ،‬وإذا‬
‫فيها بسم ال الرحمن الرحيم إن ربكم بكم لرؤوف رحيم‪ ،‬أل إن خير عباد‬
‫ال التقي النقي الخفي وإن شر عباد ال المشار إليه بالصابع الخبر‪.‬‬
‫مهج‪ :‬باسنادنا إلى سعد بن عبد ال من كتابه رفعه قال‪ :‬قال أبو الحسن‬
‫الرضا عليه السلم‪ :‬وذكر نحوه )‪ - 13 .(1‬نهج‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه‬
‫السلم‪ :‬طوبى لمن لزم بيته وأكل قوته واشتغل بطاعة ربه‪ ،‬وبكى على‬
‫خطيئته‪ ،‬فكان من نفسه في شغل‪ ،‬والناس منه في راحة )‪ - 14 .(2‬عدة‬
‫الداعي‪ :‬روى عبيد بن زرارة‪ ،‬عن الصادق عليه السلم قال‪ :‬ما من مؤمن‬
‫إل وقد جعل ال له من إيمانه انسا يسكن إليه حتى لو كان على قلة جبل لم‬
‫يستوحش‪ .‬وروى الحلبي عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬خالط الناس‬
‫تخبرهم ومتى تخبرهم تقلهم )‪ .(3‬وعن أبي محمد العسكري عليه السلم‬
‫قال‪ :‬الوحشة من الناس على قدر الفطنة بهم‪ .‬وعن الباقر عليه السلم‬
‫قال‪ :‬ل يكون العبد عابدا ل حق عبادته حتى ينقطع عن الخلق كلهم إليه‪،‬‬
‫فحينئذ يقول‪ :‬هذا خالص لي فيقبله بكرمه‪ .‬وقال الكاظم عليه السلم لهشام‬
‫بن الحكم‪ :‬يا هشام الصبر على الوحدة علمة على‬

‫)‪ (1‬مهج الدعوات‪ (2) .385 :‬نهج البلغة ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .348‬يشبه هذا كلم‬
‫أمير المؤمنين عليه السلم كما في النهج ج ‪ 2‬ص ‪ " 247‬اخبر تقله "‬
‫وقد مر في ج ‪ 74‬ص ‪ 164‬والمعنى خالط الناس وعاشرهم في جلواتهم‬
‫وخلواتهم فإذا فعلت ذلك تخبرهم وتعرفهم حقيقة المعرفة ومتى تخبرهم‬
‫وتعرفهم تقليهم وتبغضهم‪.‬‬

‫]‪[112‬‬
‫قوة العقل‪ ،‬فمن عقل عن ال اعتزل أهل الدنيا والراغبين فيها‪ ،‬ورغب فيما عند‬
‫ال‪ ،‬وكان ال أنيسه في الوحشة‪ ،‬وصاحبه في الوحدة‪ ،‬وغناه في العيلة‪،‬‬
‫ومعزه من غير عشيرة‪ ،‬يا هشام قليل العمل مع العلم مقبول مضاعف‪،‬‬
‫وكثير العمل من أهل الجهل مردود‪ .‬وعن الهادي عليه السلم‪ :‬لو سلك‬
‫الناس واديا وسيعا لسلكت وادي رجل عبد ال وحده خالصا‪) * 50 .‬باب(‬
‫* * " )أن الغشية التى يظهرها الناس عند قراءة القرآن( " * * "‬
‫)والذكر من الشيطان( " * ‪ - 1‬لى‪ :‬ابن إدريس‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن الشعري‪،‬‬
‫عن محمد بن عبد الجبار‪ ،‬عن أبي عمران الرمني‪ ،‬عن عبد ال بن الحكم‪،‬‬
‫عن جابر‪ ،‬عن أبي جعفر الباقر عليه السلم قال‪ :‬قلت له‪ :‬إن قوما إذا‬
‫ذكروا بشئ من القرآن أو حدثوا به صعق أحدهم حتى يرى أنه لو قطعت‬
‫يداه ورجله لم يشعر بذلك‪ ،‬فقال‪ :‬سبحان ال ذاك من الشيطان‪ ،‬ما بهذا‬
‫امروا إنما هو اللين والرقة والدمعة والوجل )‪ .(1‬أقول‪ :‬سيجئ بعض‬
‫أخبار هذا الباب في باب آداب القراءة وأوقاتها وذم من يظهر الغشية‬
‫عندها من كتاب القرآن والذكر والدعاء )‪.(2‬‬

‫)‪ (1‬أمالي الصدوق ص ‪ (2) .154‬ومن ذلك ما رواه الكليني رحمه ال في باب من‬
‫يظهر الغشية عند قراءة القرآن ج ‪ 2‬ص ‪ ،666‬عن عدة من أصحابنا عن‬
‫سهل بن زياد عن يعقوب بن اسحاق الضبى عن أبي عمران الرمني‬
‫مثله وفيه بدل " ما بهذا امروا‪ " :‬ما بهذا نعتوا "‪ .‬والمعنى أن ال‬
‫عزوجل لم يوصف المؤمنين في كتابه العزيز بتلك الوصاف وانما‬
‫وصفهم باللين والرقة والوجل حيث قال‪ " :‬تقشعر منه جلود الذين‬
‫يخشون ربهم ثم تلين ‪- - -‬‬

‫]‪[113‬‬

‫)‪) * (51‬باب( * * " )النهى عن الرهبانية والسياحة‪ ،‬وساير ما يأمر به( " * *‬
‫" )أهل البدع والهواء( " * اليات‪ :‬التوبة‪ :‬العابدون السائحون )‪.(1‬‬
‫الحقاف‪ :‬ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في حيوتكم‬
‫الدنيا واستمتعتم بها فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في‬
‫الرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون )‪ .(2‬الحديد‪ :‬وجعلنا في قلوب الذين‬
‫اتبعوه رأفة ورحمة ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إل ابتغاء رضوان‬
‫ال فما رعوها حق رعايتها فآتينا الذين آمنوا منهم أجرهم وكثير منهم‬
‫فاسقون )‪.(3‬‬

‫‪ - - -‬جلودهم وقلوبهم لذكر ال " وقال‪ " :‬ترى أعينهم تفيض من الدمع " وقال‪:‬‬
‫" لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية ال "‬
‫وقال‪ " :‬وبشر المخبتين الذين إذا ذكر ال وجلت قلوبهم "‪ .‬وقال العلمة‬
‫المؤلف رضوان ال عليه‪ :‬المراد انهم يكذبون في ادعائهم عدم الشعور‬
‫وان مباديه بايديهم‪ ،‬لن الرقة والدمعة تدفعه‪ (1) .‬براءة‪(2) .113 :‬‬
‫الحقاف‪ (3) .20 :‬الحديد‪ ،27 :‬وقوله تعالى " ورهبانية " منصوب‬
‫بفعل مضمر يفسره قوله ابتدعوها‪ ،‬والتقدير‪ :‬ابتدعوا رهبانية ابتدعوها‪،‬‬
‫وقوله ما كتبناها عليهم في محل النصب لنه صفة لرهبانية‪ ،‬وابتغاء‬
‫رضوان ال نصب لنه بدل من " ها " في " كتبناها " والتقدير‪ :‬كتبنا‬
‫عليهم ابتغاء رضوان ال أي اتباع أوامره ولم نكتب عليهم الرهبانية قاله‬
‫الطبرسي في المجمع ج ‪ 9‬ص ‪- - - .242‬‬

‫]‪[114‬‬

‫التحريم‪ :‬يا أيها النبي لم تحرم ما أحل ال لك )‪ - 1 .(1‬لى‪ :‬ابن المتوكل‪ ،‬عن‬
‫السدي‪ ،‬عن محمد بن إسماعيل‪ ،‬عن عبد ال بن وهب البصري‪ ،‬عن‬
‫ثوابة بن مسعود‪ ،‬عن أنس قال‪ :‬توفي ابن لعثمان بن مظعون رضي ال‬
‫عنه فاشتد حزنه عليه‪ ،‬حتى اتخذ من داره مسجدا يتعبد فيه‪ ،‬فبلغ‬

‫‪ - - -‬أقول والظاهر أن " رهبانية " عطف على ما قبله‪ " :‬رأفة ورحمة "‬
‫والمعنى أنا جعلنا في قلوب الحواريين الذين اتبعوا عيسى عليه السلم‬
‫رأفة ورحمة من لدنا بحيث صارتا كالطبيعة الثانية لهم ليتحنوا على‬
‫ارشاد الجهال وهداية الضلل‪ ،‬وألهمنا الى قلوبهم بعد ما رفعنا عيسى‬
‫الينا أن يترهبوا في الصوامع والغيران ويتعبدوا فيها فرارا من جبابرة‬
‫بنى اسرائيل كما في قصة أصحاب الكهف‪ .‬لكنهم ابتدعوا في كيفيتها بما‬
‫لم نكتب عليهم‪ ،‬فانا انما نكتب على المتعبدين ابتغاء رضوان ال‪ ،‬وهو‬
‫متيسر بالعمال اليسيرة الخالصة لوجهه‪ ،‬ول يستلزم العمال الشاقة من‬
‫رفض النساء‪ ،‬والعزلة‪ ،‬وخشونة المطعم والملبس‪ ،‬وهم مع ما فرضوا‬
‫تلك الخصلة على أنفسهم‪ ،‬ونذروها ل لم يرعوها حق رعايتها‪ .‬قال ابن‬
‫مسعود‪ :‬كنت رديف رسول ال صلى ال عليه وآله على حمار فقال‪ :‬يا‬
‫ابن ام عبد ! هل تدرى من اين أحدثت بنو اسرائيل الرهبانية ؟ فقلت‪ :‬ال‬
‫ورسوله أعلم فقال‪ :‬ظهرت عليهم الجبابرة بعد عيسى عليه السلم‬
‫يعملون بمعاصي ال فقاتلهم أهل اليمان ثلث مرات فلم يبق منهم ال‬
‫القليل فقالوا ان ظهرنا لهؤلء أفنونا ولم يبق للدين أحد يدعو إليه فتعالوا‬
‫نتفرق في الرض الى أن يبعث ال النبي الذي وعدنا به عيسى عليه‬
‫السلم فتفرقوا في غيران الجبال وأحدثوا رهبانية الخبر‪ .‬راجع مجمع‬
‫البيان ج ‪ 9‬ص ‪ 243‬الدر المنثور ج ‪ 6‬ص ‪ (2) .177‬التحريم‪ ،1 :‬روى‬
‫علي بن ابراهيم باسناده عن ابن سيار عن أبي عبد ال عليه السلم في‬
‫هذه الية قال‪ :‬اطلعت عائشة وحفصة على النبي صلى ال عليه وآله‬
‫وهو مع مارية فقال النبي‪ :‬وال ل أقربها‪ ،‬فأمره ال أن يكفر عن يمينه‪،‬‬
‫راجع تفسير القمي ص ‪ .686‬وقد روى في ذلك روايات اخرى راجع‬
‫البحار ج ‪ 22‬ص ‪.246 - 227‬‬

‫]‪[115‬‬

‫ذلك رسول ال صلى ال عليه وآله فقال له‪ :‬يا عثمان إن ال تبارك وتعالى لم يكتب‬
‫علينا الرهبانية‪ ،‬إنما رهبانية امتي الجهاد في سبيل ال‪ .‬يا عثمان بن‬
‫مظعون للجنة ثمانية أبواب‪ ،‬وللنار سبعة أبواب‪ ،‬أفما يسرك أن ل تأتي بابا‬
‫منها إل وجدت ابنك إلى جنبك آخذا بحجزتك‪ ،‬يشفع لك إلى ربك ؟ قال‪،‬‬
‫بلى‪ ،‬فقال المسلمون‪ :‬ولنا يارسول ال في فرطنا )‪ (1‬ما لعثمان ؟ قال‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬لمن صبر منكم واحتسب‪ .‬ثم قال‪ :‬يا عثمان من صلى صلة الفجر في‬
‫جماعة‪ ،‬ثم جلس يذكر ال عز وجل حتى تطلع الشمس‪ ،‬كان له في‬
‫الفردوس سبعون درجة بعد ما بين كل درجتين كحضر الفرس الجواد‬
‫المضمر )‪ (2‬سبعين سنة‪ ،‬ومن صلى الظهر في جماعة كان له في جنات‬
‫عدن خمسون درجة‪ ،‬ما بين كل درجتين كحضر الفرس الجواد خمسين‬
‫سنة‪ ،‬ومن صلى العصر في جماعة كان له كأجر ثمانية من ولد إسماعيل‬
‫كل منهم رب بيت يعتقهم‪ ،‬ومن صلى المغرب في جماعة كان له كحجة‬
‫مبرورة وعمرة متقبلة‪ ،‬ومن صلى العشاء في جماعة كان له كقيام ليلة‬
‫القدر )‪ - 2 .(3‬ل‪ :‬ابن الوليد‪ ،‬عن الصفار‪ ،‬عن أبي الجوزا‪ ،‬عن ابن‬
‫علوان‪ ،‬عن عمر بن خالد‪ ،‬عن زيد بن علي‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن علي عليهم‬
‫السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬ليس في امتي رهبانية ول‬
‫سياحة ولزم يعني سكوت )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬الفرط ‪ -‬بالتحريك ‪ -‬المتقدم القوم الى الماء ليهيئ لهم الدلء والرشاء ويدير‬
‫الحياض ويستقى لهم‪ ،‬وهو فعل بمعنى فاعل ومنه الحديث أنا فرطكم‬
‫على الحوض ويطلق على ما لم يدرك من الولد لنه كالفرط يقدم على‬
‫باب الجنة يمهد لبويه أسباب الدخول في الجنة‪ (2) .‬الحضر ‪ -‬كقفل ‪-‬‬
‫ارتفاع الفرس في عدوه ووثوبه‪ ،‬والمضمر من الفرس ما روض على‬
‫العدو والوثوب حتى صار ضامرا قليل اللحم‪ ،‬فهو أقدر على الوثبة‬
‫والرتفاع‪ (3) .‬أمالي الصدوق ص ‪ (4) .40‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪.68‬‬

‫]‪[116‬‬
‫مع‪ :‬أبي‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن محمد بن الحسين‪ ،‬عن أبي الجوزاء مثله )‪ - 3 .(1‬ما‪ :‬ابن‬
‫مخلد‪ ،‬عن محمد بن جعفر بن نصير‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن مسروق عن‬
‫يحيى الجل قال‪ :‬سمعت بشرا يقول لجلسائه‪ :‬سيحوا فان الماء إذا صاح‬
‫طاب وإذا وقف تغير واصفر )‪ - 4 .(2‬فس‪ " :‬يا أيها الذين آمنوا ل‬
‫تحرموا طيبات ما أحل ال لكم " )‪ (3‬فانه حدثني أبي‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪،‬‬
‫عن بعض رجاله‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬نزلت هذه الية في‬
‫أمير المؤمنين عليه السلم وبلل وعثمان بن مظعون فأما أمير المؤمنين‬
‫عليه السلم فحلف أن لينام في الليل أبدا‪ ،‬وأما بلل فانه حلف أن ل يفطر‬
‫بالنهار أبدا‪ ،‬وأما عثمان بن مظعون فانه حلف ل ينكح أبدا‪ ،‬فدخلت امرأة‬
‫عثمان على عائشة وكانت امرأة جميلة فقالت عائشة‪ :‬مالي أراك متعطلة ؟‬
‫فقالت‪ :‬ولمن أتزين ؟ فوال ما قربني زوجي منذ كذا وكذا‪ ،‬فانه قد ترهب‬
‫ولبس المسوح وزهد في الدنيا‪ ،‬فلما دخل رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫أخبرته عائشة بذلك فخرج فنادى‪ :‬الصلة جامعة‪ ،‬فاجتمع الناس فصعد‬
‫المنبر فحمد ال وأثنى عليه ثم قال‪ :‬ما بال أقوام يحرمون على أنفسهم‬
‫الطيبات ؟ أل إني أنام الليل وأنكح‪ ،‬وأفطر بالنهار فمن رغب عن سنتي‬
‫فليس مني‪ ،‬فقام هؤلء فقالوا‪ :‬يارسول ال فقد حلفنا على ذلك‪ ،‬فأنزل ال‬
‫" ل يؤاخذكم ال باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم اليمان‬
‫فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو‬
‫تحرير رقبة‪ ،‬فمن لم يجد فصيام ثلثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم "‬

‫)‪ (1‬معاني الخبار ص ‪ 174‬والزم ‪ -‬بالفتح ‪ -‬الخطم والشد‪ ،‬يعنى خطم الشفة‬
‫وشدها بالسكوت وفي المصدر المطبوع " رم " بالمهملة‪ ،‬وهكذا في‬
‫عنوان الحديث " باب معنى الرم " وأظنه تصحيفا‪ (2) .‬أمالي الطوسي‬
‫ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .3‬المائدة‪.87 :‬‬

‫]‪[117‬‬

‫الية )‪ - 5 .(1‬غط‪ :‬الفزاري‪ ،‬عن محمد بن جعفر بن عبد ال‪ ،‬عن محمد بن أحمد‬
‫النصاري قال‪ :‬وجه قوم من المفوضة والمقصرة كامل بن إبراهيم المدني‬
‫إلى أبي محمد عليه السلم قال كامل‪ :‬فقلت في نفسي‪ :‬أسأله ليدخل الجنة‬
‫إل من عرف معرفتي وقال بمقالتي‪ ،‬قال‪ :‬فلما دخلت على سيدي أبي محمد‬
‫عليه السلم نظرت إلى ثياب بياض ناعمة عليه‪ ،‬فقلت في نفسي‪ :‬ولي ال‬
‫وحجته يلبس الناعم من الثياب ويأمرنا نحن بمواساة الخوان‪ ،‬وينهانا‬
‫عن لبس مثله‪ ،‬فقال متبسما‪ :‬يا كامل وحسر ذراعيه فإذا مسح أسود خشن‬
‫على جلده‪ ،‬فقال‪ :‬هذا ل وهذا لكم تمام الخبر )‪ - 6 .(2‬كش‪ (3) :‬محمد بن‬
‫مسعود قال كتب إلى الفضل بن شاذان يذكر عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن‬
‫إبراهيم بن عبد الحميد قال‪ :‬حججت وسكين النخعي فتبعد وترك النساء‬
‫والطيب والثياب والطعام الطيب‪ ،‬وكان ل يرفع رأسه داخل المسجد إلى‬
‫السماء‪ ،‬فلما قدم المدينة دنا عن أبي إسحاق فصلى إلى جانبه فقال‪ :‬جعلت‬
‫فداك إني اريد أن أسألك من مسائل‪ ،‬قال‪ :‬اذهب فاكتبها وأرسل بها إلى‬
‫فكتب جعلت فداك رجل دخله الخوف من ال عزوجل حتى ترك النساء‬
‫والطعام الطيب ول يقدر أن يرفع رأسه إلى السماء‪ ،‬وأما الثياب فشك فيها‪،‬‬
‫فكتب أما قولك في ترك النساء فقد علمت ما كان لرسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله من النساء‪ ،‬وأما قولك في ترك الطعام الطيب فقد كان رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله يأكل اللحم والعسل وأما قولك إنه دخله الخوف حتى‬
‫ليستطيع أن يرفع رأسه إلى السماء فأكثر من تلوة هذه اليات "‬
‫الصابرين والصادقين والقانتين والمنفقين والمستغفرين بالسحار " )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬تفسير القمي ص ‪ ،166‬والية الخيرة في المائدة‪ (2) .89 :‬غيبة الشيخ‬
‫الطوسي ص ‪ (3) .159‬رجال الكشي ‪ (4) .316‬آل عمران‪.17 :‬‬

‫]‪[118‬‬

‫‪ - 7‬الدرة الباهرة‪ :‬قال له الصوفية )‪ (1‬إن المأمون قد رد هذا المر إليك وأنت أحق‬
‫الناس به إل أنه تحتاج أن يتقدم منك تقدمك إلى لبس الصوف وما يحسن‬
‫لبسه‪ ،‬فقال‪ :‬ويحكم‪ ،‬إنما يراد من المام قسطه وعدله‪ ،‬إذا قال صدق‪ ،‬وإذا‬
‫حكم عدل‪ ،‬وإذ وعد أنجز " قل من حرم زينة ال التي أخرج لعباده‬
‫والطيبات من الرزق " )‪ (2‬إن يوسف عليه السلم لبس الديباج المنسوج‬
‫بالذهب‪ ،‬و جلس على متكآت آل فرعون‪ - 8 .‬نهج‪ :‬من كلم له عليه‬
‫السلم بالبصرة وقد دخل على العلء بن زياد الحارثي )‪ (3‬يعوده وهو من‬
‫أصحابه فلما رأى سعة داره قال ما كنت تصنع بسعة هذه الدار في الدنيا ؟‬
‫أما أنت إليها في الخرة كنت أحوج‪ ،‬وبلى إن شئت بلغت بها الخرة تقري‬
‫فيها الضيف‪ ،‬وتصل فيها الرحم وتطلع منها الحقوق مطالعها‪ ،‬فإذا أنت قد‬
‫بلغت بها الخرة‪ .‬فقال له العلء‪ :‬يا أمير المؤمنين أشكو إليك أخي عاصم‬
‫بن زياد‪ ،‬قال‪ :‬وما له ؟ قال لبس العباء )‪ (4‬وتخلى من الدنيا قال‪ :‬على به‪،‬‬
‫فلما جاء قال يا عدى نفسه لقد استهام بك الخبيث‪ ،‬أما رحمت أهلك‬
‫وولدك‪ ،‬أترى ال أحل لك الطيبات وهو يكره أن تأخذها ؟ أنت أهون على‬
‫ال من ذلك‪ ،‬قال‪ :‬يا أمير المؤمنين هذا أنت في خشونة ملبسك وجشوبة‬
‫مأكلك‪ ،‬قال‪ :‬ويحك إني لست كأنت إن ال تعالى فرض على أئمة الحق أن‬
‫يقدروا أنفسهم بضعفة الناس كيل يتبيغ بالفقير فقره )‪.(5‬‬
‫)‪ (1‬يعنى الرضا عليه السلم‪ ،‬كما سيجئ وقد أخرجه المؤلف في كتاب الحتجاج‬
‫راجع ج ‪ 10‬ص ‪ 351‬من هذه الطبعة وفيه سقط‪ ،‬وأخرج مثله الربلي‬
‫في كشف الغمة ج ‪ 3‬ص ‪ (2) .147‬العراف‪ (3) .32 :‬كذا في جميع‬
‫نسخ النهج‪ ،‬وقال ابن أبي الحديد في شرح النهج ج ‪ 3‬ص ‪ 11‬وفي ط‬
‫ص ‪ :17‬أن الصحيح هو الربيع بن زياد الحارثى فراجع‪ (4) .‬يعنى‬
‫الخشن من أثواب الصوف ل الكساء الذى يلبس اليوم فوق الثياب‪(5) .‬‬
‫نهج البلغة ج ‪ 1‬ص ‪ ،448‬تحت الرقم ‪ 207‬من الخطب‪.‬‬

‫]‪[119‬‬

‫‪ - 9‬كتاب الغارات‪ :‬لبراهيم بن محمد الثقفي رفعه عن جعفر بن محمد عليهما‬


‫السلم قال‪ :‬اتي علي عليه السلم بخبيص فأبى أن يأكله‪ ،‬قالوا‪ :‬أتحرمه ؟‬
‫قال‪ :‬ل‪ ،‬ولكني أخشى أن تتوق إليه نفسي‪ ،‬ثم تل " أذهبتم طيباتكم في‬
‫حيوتكم الدنيا "‪ .‬وعنه عليه السلم قال‪ :‬أعتق علي عليه السلم ألف‬
‫مملوك مما عملت يداه‪ ،‬وإن كان عندكم إنما حلواه التمر واللبن‪ ،‬وثيابه‬
‫الكرابيس‪ .‬وتزوج عليه السلم ليلى فجعل له حجلة فهتكها وقال‪ :‬احب‬
‫أهلي على ما هم فيه‪ - 10 .‬كتاب المسايل‪ :‬باسناده‪ ،‬عن علي بن جعفر‬
‫قال‪ :‬سألت أخي موسى عليه السلم عن الرجل المسلم هل يصلح أن يسيح‬
‫في الرض أو يترهب في بيت ل يخرج منه ؟ قال عليه السلم‪ :‬ل )‪ .(1‬قال‬
‫الكراجكى قدس ال روحه في كنز الفوائد‪ :‬لقد اضطررت يوما إلى الحضور‬
‫مع قوم من المتصوفين‪ ،‬فلما ضمنهم المجلس أخذوا فيما جرت به عادتهم‬
‫من الغناء والرقص‪ ،‬فاعتزلتهم إلى إحدى الجهات‪ ،‬وانضاف إلي رجل من‬
‫أهل الفضل والديانات‪ ،‬فتحادثنا ذم الصوفية على ما يصنعون‪ ،‬وفساد‬
‫أغراضهم فيما يتناولون‪ ،‬وقبح ما يفعلون من الحركة والقيام‪ ،‬وما يدخلون‬
‫على أنفسهم في الرقص من اللم‪ ،‬فكان الرجل لقولي مصوبا‪ ،‬وللقوم في‬
‫فعلهم مخطئا‪ .‬ولم نزل كذلك إلى أن غنى مغني القوم هذه البيات‪ :‬وما ام‬
‫مكحول المدامع ترتعي * ترى النس وحشا وهي تأنس بالوحش غدت‬
‫فارتعت ثم انتشت لرضاعه * فلم تلف شيئا من قوائمه الخمش فطافت‬
‫بذاك القاع ولها فصادمت * سباع الفل ينهشنه أيما نهش بأوجع مني يوم‬
‫ظلت أنامل * تودعني بالدر من شبك النقش‬

‫)‪ (1‬أخرجه في كتاب الحتجاج‪ ،‬راجع ج ‪ 10‬ص ‪ 255‬من هذه الطبعة الحديثة‪.‬‬

‫]‪[120‬‬
‫فلما سمع صاحبي ذلك نهض مسرعا مبادرا ففعل من القفز )‪ (1‬والرقص والبكاء‬
‫واللطم ما يزيد على ما فعله من قبله ممن كان يخطئه ويستجهله‪ ،‬وأخذ‬
‫يستعيد من الشعر ما ل يحسن استعادته‪ ،‬ول جرت عادتهم بالطرب على‬
‫مثله‪ ،‬وهو قوله‪ :‬فطافت بذاك القاع ولها فصادفت * سباع الفل ينهشنه‬
‫أيما نهش ويفعل بنفسه ما حكيت ول يستعيد غير هذا البيت حتى بلغ من‬
‫نفسه المجهود‪ ،‬ووقع كالمغشي عليه من الموت‪ ،‬فحيرني ما رأيت من‬
‫حاله‪ ،‬وأخذت افكر في أفعاله المضادة‪ ،‬لما سمعت من أقواله‪ ،‬فلما أفاق‬
‫من غشيته لم أملك الصبر دون سؤاله عن أمره‪ ،‬وسبب ما صنعه بنفسه‬
‫مع تجهيله من قبل لفاعله‪ ،‬وعن وجه استعادته من الشعر ما لم تجر‬
‫عادتهم باستعادة مثله‪ ،‬فقال لي‪ :‬لست أجهل ما ذكرت‪ ،‬ولي عذر واضح‬
‫فيما صنعت‪ ،‬اعلمك أن أبي كان كاتبا‪ ،‬وكان بي برا وعلي شفيقا‪ ،‬فسخط‬
‫السلطان عليه فقتله‪ ،‬فخرجت إلى الصحراء لشدة ما لحقني من الحزن‬
‫عليه‪ ،‬فوجدته ملقى والكلب ينهشون لحمه‪ ،‬فلما سمعت المغني يقول‪:‬‬
‫فطافت بذاك القاع ولها فصادفت * سباع الفل ينهشنه أيما نهش ذكرت‬
‫مالحق أبي‪ ،‬وتصور شخصه بين عيني‪ ،‬وتجدد حزنه علي‪ ،‬ففعلت الذي‬
‫رأيت بنفسي‪ .‬فندمت حينئذ على سوء ظني به‪ ،‬وتغممت له غما لحقه‬
‫واتعظت بقصته‪ - 11 .‬وقال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلغة )‪:(2‬‬
‫روي أن قوما من المتصوفة دخلوا بخراسان على علي بن موسى عليهما‬
‫السلم فقالوا له‪ :‬إن أمير المؤمنين عليه السلم فكر فيما وله ال من‬
‫المور‪ ،‬فرأكم أهل البيت أولى الناس أن تؤموا الناس‪ ،‬ونظر فيكم أهل‬
‫البيت فرآك أولى الناس بالناس‪ ،‬فرآى أن يرد هذا المر إليك‪ ،‬والمامة‬
‫تحتاج إلى من يأكل الجشب‪ ،‬ويلبس الخشن‪ ،‬ويركب الحمار‪ ،‬ويعود‬
‫المريض‪.‬‬

‫)‪ (1‬القفز‪ :‬الوثوب وأصله للظبى‪ (2) .‬شرح النهج ج ‪ 3‬ص ‪ .12‬وفي ط ‪.17‬‬

‫]‪[121‬‬

‫فقال لهم‪ :‬إن يوسف كان نبيا يلبس أقبية الديباج المزردة بالذهب‪ ،‬ويجلس على‬
‫متكآت آل فرعون ويحكم‪ ،‬إنما يراد من المام قسطه وعدله‪ :‬إذا قال صدق‪،‬‬
‫وإذا حكم عدل‪ ،‬وإذا وعد أنجز‪ ،‬إن ال لم يحرم لبوسا ول مطعما ثم قرأ‪" :‬‬
‫قل من حرم زينة ال التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق " الية )‪.(1‬‬
‫‪ - 12‬ثم قال ابن أبي الحديد‪ :‬رويت عن الشيوخ ورأيت بخط عبد ال بن‬
‫أحمد الخشاب رحمه ال أن الربيع بن زياد الحارثي أصابته نشابة في‬
‫جبينه فكانت تنتقض عليه في كل عام‪ ،‬فأتاه علي عليه السلم عائدا فقال‪:‬‬
‫كيف تجدك أبا عبد الرحمن ؟ قال‪ :‬أجدني يا أمير المؤمنين لو كان ل يذهب‬
‫ما بي إل بذهاب بصري لتمنيت ذهابه‪ ،‬قال‪ :‬وما قيمة بصرك عندك ؟ قال‪:‬‬
‫لو كانت لي الدنيا لفديته بها‪ ،‬قال‪ :‬لجرم ليعطينك ال على قدر ذلك‪ ،‬إن‬
‫ال يعطي على قدر اللم والمصيبة‪ ،‬وعنده تضعيف كثير‪ .‬قال الربيع‪ :‬يا‬
‫أمير المؤمنين أل أشكو إليك عاصم بن زياد أخي ؟ قال‪ :‬ماله ؟ قال‪ :‬لبس‬
‫العباء وترك الملء‪ ،‬وغم أهله وحزن ولده‪ ،‬فقال عليه السلم‪ :‬ادعوا لي‬
‫عاصما‪ ،‬فلما أتاه عبس في وجهه وقال‪ :‬ويحكم يا عاصم أترى ال أباح لك‬
‫اللذات‪ ،‬وهو يكره ما أخذت منها ؟ لنت أهون على ال من ذلك‪ ،‬أو ما‬
‫سمعته يقول‪ " :‬مرج البحرين يلتقيان " ثم قال‪ " :‬يخرج منهما اللؤلؤ‬
‫والمرجان " )‪ (2‬وقال‪ " :‬ومن كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية‬
‫تلبسونها " )‪ (3‬أما وال لبتذال نعم ال بالفعال أحب إليه من ابتذالها‬
‫بالمقال‪ ،‬وقد سمعتم ال يقول‪ " :‬وأما بنعمة ربك فحدث " )‪ (4‬وقوله‪" :‬‬
‫قل من حرم زينة ال التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق "‪.‬‬

‫)‪ (1‬العراف‪ (2) .32 :‬الرحمن ‪ (3) .19 - 22‬فاطر‪ (4) .35 :‬الضحى‪.11 :‬‬

‫]‪[122‬‬

‫إن ال خاطب المؤمنين بما خاطب به المرسلين فقال‪ " :‬يا أيها الذين آمنوا كلوا‬
‫من طيبات ما رزقناكم " )‪ (1‬وقال‪ " :‬يا أيها الرسل كلوا من الطيبات‬
‫واعملوا صالحا " )‪ (2‬وقال رسول ال صلى ال عليه وآله لبعض نسائه‪:‬‬
‫مالي أراك شعثاء مرهاء سلتاء )‪ (3‬؟ قال عاصم‪ :‬فلم اقتصرت يا أمير‬
‫المؤمنين على لبس الخشن‪ ،‬وأكل الجشب ؟ قال‪ :‬إن ال تعالى افترض‬
‫على أئمة العدل أن يقدروا لنفسهم بالقوم كيل يتبيغ بالفقير فقره‪ ،‬فما قام‬
‫علي عليه السلم حتى نزع عاصم العباءة ولبس ملءة )‪ - 13 .(4‬ف‪:‬‬
‫دخل سفيان الثوري على أبي عبد ال عليه السلم فرأى عليه ثياب بياض‬
‫كأنها غرقئ البيض )‪ (5‬فقال له‪ :‬إن هذا ]اللباس[ ليس من لباسك‪ ،‬فقال‬
‫له‪ :‬اسمع مني وع ما أقول لك‪ ،‬فانه خير لك عاجل وآجل‪ ،‬إن كنت أنت مت‬
‫على السنة والحق‪ ،‬ولم تمت على بدعة‪ .‬اخبرك أن رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله كان في زمان مقفر جشب )‪ (6‬فإذا أقبلت الدنيا فأحق أهلها بها‬
‫أبرارها ل فجارها‪ ،‬ومؤمنها ل منافقوها‪ ،‬ومسلموها ل كفارها فما أنكرت‬
‫يا ثوري ؟ فوال إني لمع ما ترى ما أتى علي مذ عقلت صباح ول مساء‬
‫ول في مالي حق أمرني أن أضعه موضعا إل وضعته‪.‬‬

‫)‪ (1‬المائدة‪ (2) .87 :‬المؤمنون‪ (3) .51 :‬الشعثاء‪ :‬التى اغبر رأسها وتلبد شعرها‬
‫وانتشر لقلة تعهده بالدهن‪ ،‬والمرهاء‪ :‬التى تركت الكتحال حتى تبيض‬
‫بواطن أجفانها وفي بعض النسخ " المرتاء " وهى التي أزالت الشعر‬
‫من حاجبيها‪ ،‬أو ل تختضبهما والسلتاء‪ :‬هي التي ل تختضب‪ (4) .‬يعنى‬
‫أنه ترك الثوب الخشن ولبس ثوبا واسعا ناعما أبيض‪ (5) .‬الغرقئ ‪-‬‬
‫كزبرج ‪ -‬القشرة الملتزقة ببياض البيض‪ ،‬شبهه بها للطافتها وشفوفها‬
‫ونعومتها وبياضها‪ (6) .‬في الكافي‪ :‬مقفر جدب‪ ،‬يعنى عام الضيق‬
‫والقحط‪.‬‬

‫]‪[123‬‬

‫فقال‪ :‬ثم أتاه قومه ممن يظهر التزهد‪ ،‬ويدعون الناس أن يكونوا معهم مثل الذي‬
‫هم عليه من التقشف )‪ (1‬فقالوا‪ :‬إن صاحبنا حصر عن كلمك‪ ،‬ولم‬
‫تحضره حجة‪ ،‬فقال لهم‪ :‬هاتوا حججكم‪ ،‬فقالوا‪ :‬إن حججنا من كتاب ال‬
‫قال لهم‪ :‬فأدلوا بها )‪ (2‬فانها أحق ما اتبع وعمل به‪ .‬فقالوا‪ :‬يقول ال‬
‫تبارك وتعالى يخبر عن قوم من أصحاب النبي صلى ال عليه وآله‪" :‬‬
‫ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فاولئك‬
‫هم المفلحون " )‪ (3‬فمدح فعلهم‪ ،‬وقال في موضع آخر‪ " :‬ويطعمون‬
‫الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا " )‪ (4‬فنحن نكتفي بهذا‪ ،‬فقال رجل‬
‫من الجلساء‪ :‬إنا ما رأيناكم )‪ (5‬تزهدون في الطعمة الطيبة ومع ذلك‬
‫تأمرون الناس بالخروج من أموالهم حتى تتمتعوا أنتم منها ؟ فقال ]له[‪:‬‬
‫أبو عبد ال عليه السلم دعوا عنكم ما ل ينتفع به‪ ،‬أخبروني أيها النفر‬
‫ألكم علم بناسخ القرآن من منسوخه ومحكمه من متشابهه‪ ،‬الذي في مثله‬
‫ضل من ضل‪ ،‬وهلك من هلك من هذه المة ؟ فقالوا له‪ :‬أو بعضه‪ ،‬فأما كله‬
‫فل‪ ،‬فقال لهم‪ :‬من ههنا اتيتم )‪ (6‬وكذلك أحاديث رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ .‬فأما ما ذكرتم من إخبار ال إيانا في كتابه عن القوم الذين أخبر‬
‫عنهم بحسن‬

‫)‪ (1‬المتقشف‪ :‬المتبلغ بقوت ومرقع‪ ،‬ومن ل يبالى بما تلطخ جسده‪ .‬يقال‪ :‬قشف‬
‫قشافة‪ :‬قذر جلده ولم يتعهد النظافة‪ ،‬وان كان مع ذلك يطهر نفسه بالماء‬
‫والغتسال وقشف فلن‪ :‬رثت هيئة وساءت حاله وضاق عيشه كما هو‬
‫سيرة المتصوفين‪ (2) .‬يقال أدلى بحجته‪ :‬إذا أحضرها واحتج بها‪(3) .‬‬
‫الحشر‪ (4) .9 :‬الدهر‪ (5) .8 :‬في الكافي‪ :‬انا رأيناكم‪ ،‬وهو الظاهر‪(6) .‬‬
‫اتى فلن ‪ -‬كعنى ‪ ،-‬وهى وتغير عليه حسه‪ ،‬فتوهم ما ليس بصحيح‬
‫صحيحا نقله الشرتوني عن التاج‪.‬‬

‫]‪[124‬‬
‫فعالهم‪ ،‬فقد كان مباحا جائزا‪ ،‬ولم يكونوا نهوا عنه‪ ،‬وثوابهم منه على ال‪ ،‬وذلك‬
‫أن ال جل وتقدس أمر بخلف ما عملوا به‪ ،‬فصار أمره ناسخا لفعلهم‪،‬‬
‫وكان نهي ال تبارك وتعالى رحمة للمؤمنين‪ ،‬ونظرا‪ ،‬لكي ل يضروا‬
‫بأنفسهم وعيالتهم منهم الضعفة الصغار‪ ،‬والولدان‪ ،‬والشيخ الفان‪،‬‬
‫والعجوز الكبيرة‪ ،‬الذين ل يصبرون على الجوع‪ ،‬فان تصدقت برغيفي ول‬
‫رغيف لي غيره‪ ،‬ضاعوا وهلكوا جوعا‪ .‬فمن ثم قال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬خمس تمرات أو خمس قرص أو دنانير أو دراهم يملكها‬
‫النسان وهو يريد أن يمضيها فأفضلها ما أنفقه النسان على والديه‪ ،‬ثم‬
‫الثانية على نفسه وعياله‪ ،‬ثم الثالثة القرابة وإخوانه المؤمنين‪ ،‬ثم الرابعة‬
‫على جيرانه الفقراء‪ ،‬ثم الخامسة في سبيل ال وهو أخسها أجرا‪ .‬وقال‬
‫النبي صلى ال عليه وآله للنصاري حيث أعتق عند موته خمسة أو ستة‬
‫من الرقيق‪ ،‬ولم يكن يملك غيرهم‪ ،‬وله أولد صغار‪ :‬لو أعلمتموني أمره‬
‫ما تركتكم تدفنونه مع المسلمين‪ ،‬ترك صبية صغارا يتكففون الناس ثم‬
‫قال‪ :‬حدثني أبي أن النبي صلى ال عليه وآله قال‪ :‬ابدأ بمن تعول الدنى‬
‫فالدنى‪ .‬ثم هذا ما نطق به الكتاب ردا لقولكم ونهيا عنه‪ ،‬مفروض من ال‬
‫العزيز الحكيم‪ ،‬قال‪ " :‬الذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك‬
‫قواما " )‪ (1‬أفل ترون أن ال تبارك وتعالى قال غير ما أراكم تدعون‬
‫]الناس إليه من الثرة على أنفسهم‪ ،‬وسمى من فعل ما تدعون[ )‪ (2‬إليه‬
‫مسرفا ؟ وفي غير آية من كتاب ال يقول‪ " :‬إنه ل يحب المسرفين " )‪(3‬‬
‫فنهاهم عن السراف‪ ،‬ونهاهم عن التقتير لكن أمر بين أمرين‪ :‬ل يعطي‬
‫جميع ما عنده‪ ،‬ثم يدعو ال أن يرزقه فل يستجيب له للحديث الذي جاء‬
‫عن النبي صلى ال عليه وآله‪ " .‬إن أصنافا من امتي ل يستجاب لهم‬
‫دعاؤهم‪ :‬رجل يدعو على والديه‬

‫)‪ (1‬الفرقان‪ (2) .67 :‬مابين العلمتين ساقط من نسخة التحف والكمبانى‪ ،‬أضفناه‬
‫من نسخة الكافي‪ (3) .‬النعام‪ ،141 :‬العراف‪.31 :‬‬

‫]‪[125‬‬

‫ورجل يدعو على غريم ذهب له بمال ولم يشهد عليه‪ ،‬ورجل يدعو على امرأته وقد‬
‫جعل ال تخلية سبيلها بيده‪ ،‬ورجل يقعد في البيت يقول‪ :‬يا رب ارزقني ول‬
‫يخرج يطلب الرزق‪ ،‬فيقول ال جل وعز‪ :‬عبدي ! أولم أجعل لك السبيل إلى‬
‫الطلب والضرب في الرض بجوارح صحيحة ؟ فتكون قد أعذرت فيما بيني‬
‫وبينك في الطلب لتباع أمري‪ ،‬ولكيل تكون كل على أهلك فان شئت‬
‫رزقتك‪ ،‬وإن شئت قترت عليك‪ ،‬وأنت معذور عندي‪ ،‬ورجل رزقه ال مال‬
‫كثيرا فأنفقه ثم أقبل يدعو يا رب ارزقني‪ ،‬فيقول ال‪ :‬ألم أرزقك رزقا‬
‫واسعا ؟ أفل اقتصدت فيه كما أمرتك‪ ،‬ولم تسرف كما نهيتك‪ ،‬ورجل يدعو‬
‫في قطيعة رحم "‪ .‬ثم علم ال نبيه كيف ينفق‪ ،‬وذلك أنه كان عنده أوقية‬
‫من ذهب‪ ،‬فكره أن تبيت عنده فصدق وأصبح ليس عنده شئ‪ ،‬وجاءه من‬
‫يسأله فلم يكن عنده ما يعطيه‪ ،‬فلمه السايل واغتم هو حيث لم يكن عنده‬
‫ما يعطيه‪ ،‬وكان رحيما رفيقا فأدب ال نبيه بأمره إياه فقال‪ " :‬ول تجعل‬
‫يدك مغلولة إلى عنقك ول تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا " )‪(1‬‬
‫يقول‪ :‬إن الناس قد يسألونك ول يعذرونك فإذا أعطيت جميع ما عندك كنت‬
‫قد حسرت من المال‪ .‬فهذه أحاديث رسول ال صلى ال عليه وآله يصدقها‬
‫الكتاب والكتاب يصدقه أهله من المؤمنين‪ ،‬وقال أبو بكر عند موته‪ :‬اوصي‬
‫بالخمس والخمس كثير فان ال قد رضي بالخمس فأوصى بالخمس‪ ،‬وقد‬
‫جعل ال له الثلث عند موته‪ ،‬ولو علم أن الثلث خير ]أ[ له أوصى به‪ .‬ثم‬
‫من قد علمتم بعده في فضله وزهده سليمان وأبو ذر‪ ،‬فأما سلمان فكان إذا‬
‫أخذ عطاءه رفع منه قوته لسنته‪ ،‬حتى يحضره عطاؤه من قابل‪ ،‬فقيل له‪:‬‬
‫يا أبا عبد ال أنت في زهدك تصنع هذا ؟ وإنك ل تدري لعلك تموت اليوم‬
‫أو غدا‪ ،‬وكان جوابه أن قال‪ :‬مالكم ل ترجون لي البقاء كما خفتم علي‬
‫الفناء‪ ،‬أو ما علمتم يا‬

‫)‪ (1‬أسرى‪.29 :‬‬

‫]‪[126‬‬

‫جهلة أن النفس قد تلتاث )‪ (1‬على صاحبها إذا لم يكن لها من العيش ما يعتمد عليه‬
‫فإذا هي أحرزت معيشتها اطمأنت‪ .‬فأما أبو ذر فكانت له نويقات وشويهات‬
‫)‪ (2‬يحلبها ويذبح منها إذا اشتهى أهله اللحم أو نزل به ضيف أو رآى‬
‫بأهل الماء الذين هم معه خصاصة نحر لهم الجزور أو من الشاء على قدر‬
‫ما يذهب عنهم قرم اللحم‪ ،‬فيقسمه بينهم‪ ،‬ويأخذ كنصيب أحدهم ل يفضل‬
‫عليهم‪ ،‬ومن أزهد من هؤلء ؟ وقد قال فيهم رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله ما قال‪ ،‬ولم يبلغ من أمرهما أن صارا ل يملكان شيئا البتة‪ ،‬كما‬
‫تأمرون الناس بالقاء أمتعتهم وشيئهم ويؤثرون به على أنفسهم‬
‫وعيالتهم‪ .‬واعلموا أيها النفر أني سمعت أبي يروي عن آبائه أن رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله قال يوما‪ :‬ما عجبت من شئ كعجبي من المؤمن‪،‬‬
‫إنه إن قرض جسده في دار الدنيا بالمقاريض‪ ،‬كان خيرا له‪ ،‬وإن ملك‬
‫مابين مشارق الرض ومغاربها كان خيرا له فكل ما يصنع ال به فهو خير‬
‫له‪ ،‬فليت شعري هل يحيق )‪ (3‬فيكم اليوم ما قد شرحت لكم أم أزيدكم ؟ أو‬
‫ما علمتم أن ال جل اسمه فرض على المؤمنين في أول المر أن يقاتل‬
‫الرجل منهم عشرة من المشركين‪ ،‬ليس له أن يولي وجهه عنهم‪ ،‬ومن‬
‫ولهم يومئذ دبره فقد تبوء مقعده من النار‪ ،‬ثم حولهم من حالهم رحمة‬
‫منه لهم‪ ،‬فصار الرجل منهم عليه أن يقاتل الرجلين من المشركين تخفيفا‬
‫من ال عن المؤمنين فنسخ الرجلن العشرة‪.‬‬

‫)‪ (1‬يعنى تلتف بصاحبها وتوسوسه بسوء الظن بال‪ (2) .‬نويقات جمع نويقة وهى‬
‫مصغر ناقة‪ ،‬وهكذا شويهات وشويهة وشاة‪ ،‬وقوله " بقرم اللحم "‬
‫محركة‪ ،‬القرم‪ :‬الشهوة والميل المفرط بأكل اللحم‪ (3) .‬يقال حاق القول‬
‫في القلب حيقا وحيقانا‪ :‬أخذ‪ ،‬وأصله من حاق فيه السيف‪ :‬إذا أثر وعمل‪،‬‬
‫وحاق الشفرة‪ :‬أي قطعت‪ ،‬فشبه حججه التي ألقاها ‪ -‬في المضي وفصل‬
‫الخصومة ‪ -‬بالسيف القاطع‪.‬‬

‫]‪[127‬‬

‫وأخبروني أيضا عن القضاة أجور منهم )‪ (1‬حيث يفرضون على الرجل منكم نفقة‬
‫امرأته إذا قال‪ :‬أنا زاهد وإنه ل شئ لي‪ ،‬فان قلتم جور ظلمتم أهل السلم‬
‫)‪ (2‬وإن قلتم بل عدل خصمتم أنفسكم‪ ،‬وحيث يردون صدقة من تصدق‬
‫على المساكين عند الموت بأكثر من الثلث‪ .‬أخبروني لو كان الناس كلهم‬
‫كما تريدون زهادا ل حاجة لهم في متاع غيرهم فعلى من كان يتصدق‬
‫بكفارات اليمان والنذور‪ ،‬والصدقات من فرض الزكاة من البل والغنم‬
‫والبقر‪ ،‬وغير ذلك من الذهب والفضة والنخل والزبيب وسائر ما قد وجبت‬
‫فيه الزكاة‪ ،‬إذا كان المر على ما تقولون ل ينبغي لحد أن يحبس شيئا من‬
‫عرض الدنيا إل قدمه‪ ،‬وإن كان به خصاصة‪ ،‬فبئس ما ذهبتم إليه‪ ،‬وحملتم‬
‫الناس عليه من الجهل بكتاب ال وسنة نبيه وأحاديثه التي يصدقها الكتاب‬
‫المنزل‪ ،‬وردكم إياها بجهالتكم وترككم النظر في غرائب القرآن من التفسير‬
‫بالناسخ من المنسوخ‪ ،‬والمحكم والمتشابه والمر والنهي‪ .‬وأخبروني أنتم‬
‫عن سليمان بن داود عليه السلم حيث سأل ال ملكا ل ينبغي لحد من‬
‫بعده‪ ،‬فأعطاه ال ذلك‪ ،‬وكان يقول الحق ويعمل به‪ ،‬ثم لم نجد ال عاب ذلك‬
‫عليه‪ ،‬ول أحدا من المؤمنين‪ ،‬وداود قبله في ملكه وشدة سلطانه‪ .‬ثم‬
‫يوسف النبي حيث قال لملك مصر " اجعلني على خزائن الرض إني حفيظ‬
‫عليم " )‪ (3‬فكان من أمره الذي كان ]أن[ اختار مملكة الملك‪ ،‬وما حولها‬
‫إلى اليمن‪ ،‬فكانوا يمتارون الطعام من عنده لمجاعة أصابتهم‪ ،‬وكان يقول‬
‫الحق‬

‫)‪ (1‬في الكافي‪ " :‬أجورة هم " وهى جمع جائر نحو جهلة جمع جاهل‪ (2) .‬في‬
‫نسخة الكافي‪ " :‬فان قلتم جورة ظلمكم أهل السلم وان قلتم بل عدول "‬
‫والمعنى ان قلتم أن القضاة جورة في ذلك ظلمكم أي نسبكم أهل السلم‬
‫الى الظلم في هذا القول‪ ،‬وعلى نسخة التحف‪ :‬نسبتم أهل السلم وهم‬
‫القضاة الحكام الى الظلم‪ ،‬فظلم من باب التفعيل للنسبة‪ ،‬ويحتمل التخفيف‪.‬‬
‫)‪ (3‬يوسف‪.56 :‬‬

‫]‪[128‬‬

‫ويعمل به‪ ،‬فلم نجد أحدا عاب ذلك عليه‪ .‬ثم ذو القرنين عبد أحب ال فأحبه‪ ،‬طوى‬
‫له السباب وملكه مشارق الرض ومغاربها وكان يقول بالحق‪ ،‬ويعمل به‬
‫ثم لم نجد أحدا عاب ذلك عليه‪ .‬فتأدبوا أيها النفر بآداب ال للمؤمنين‪،‬‬
‫واقتصروا على أمر ال ونهيه‪ ،‬و دعوا عنكم ما اشتبه عليكم مما ل علم‬
‫لكم به‪ ،‬وردوا العلم إلى أهله تؤجروا‪ ،‬و تعذروا عند ال‪ ،‬وكونوا في طلب‬
‫علم الناسخ من القرآن من منسوخه‪ ،‬ومحكمه من متشابهه‪ ،‬وما أحل ال‬
‫فيه مما حرم‪ ،‬فانه أقرب لكم من ال وأبعد لكم من الجهل‪ ،‬ودعوا الجهالة‬
‫لهلها‪ ،‬فان أهل الجهل كثير‪ ،‬وأهل العلم قليل وقد قال ال " فوق كل ذي‬
‫علم عليم " )‪ - 14 .(1‬نبه‪ :‬قيل إن سلمان رضي ال عنه جاء زائرا لبي‬
‫الدرداء فوجد ام الدرداء مبتذلة‪ ،‬فقال‪ :‬ما شأنك ؟ قالت‪ :‬إن أخاك ليست له‬
‫حاجة في شئ من أمر الدنيا‪ ،‬قال‪ :‬فلما جاء أبو الدرداء رحب لسلمان‬
‫وقرب إليه طعاما فقال لسلمان اطعم‪ ،‬فقال‪ :‬إني صائم‪ ،‬قال‪ :‬أقسمت عليك‬
‫إل ما طعمت‪ ،‬فقال‪ :‬ما أنا بآكل حتى تأكل‪ ،‬قال‪ :‬وبات عنده‪ ،‬فلما جاء الليل‬
‫قام أبو الدرداء فحبسه سلمان قال‪ :‬يا أبا الدرداء إن لربك عليك حقا وإن‬
‫لجسدك عليك حقا ولهلك عليك حقا فصم وأفطر‪ ،‬وصل ونم‪ ،‬وأعط كل ذي‬
‫حق حقه‪ ،‬فأتى أبو الدرداء النبي صلى ال عليه وآله فأخبره بما قال‬
‫سلمان‪ ،‬فقال له مثل قول سلمان )‪ - 15 .(2‬نوادر الراوندي‪ :‬باسناده‪ ،‬عن‬
‫جعفر بن محمد‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله يأتي أهل الصفة وكانوا ضيفان رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫كانوا هاجروا من أهاليهم وأموالهم إلى المدينة‪ ،‬فأسكنهم رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله صفة المسجد وهم‬

‫)‪ (1‬يوسف‪ ،76 :‬راجع نص الحديث في التحف ص ‪ 369 - 363‬الكافي ج ‪ 5‬ص‬


‫‪ ،70 - 65‬وأخرجه المؤلف رضوان ال عليه في تاريخ المام جعفر‬
‫الصادق عليه السلم ج ‪ 47‬ص ‪ 237 - 232‬من هذه الطبعة‪ (2) .‬تنبيه‬
‫الخاطر ج ‪ 1‬ص ‪.2‬‬

‫]‪[129‬‬
‫أربعمائة رجل‪ ،‬فكان يسلم عليهم بالغداة والعشي فأتاهم ذات يوم فمنهم من يخصف‬
‫نعله‪ ،‬ومنهم من يرقع ثوبه‪ ،‬ومنهم من يتفلى )‪ (1‬وكان رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله يرزقهم مدا مدا من تمر في كل يوم‪ .‬فقام رجل منهم فقال‪:‬‬
‫يارسول ال التمر الذي ترزقنا قد أحرق بطوننا فقال رسول ال‪ :‬أما إني لو‬
‫استطعت أن اطعمكم الدنيا لطعمتكم‪ ،‬ولكن من عاش منكم من بعدي يغدى‬
‫عليه بالجفان ويراح عليه بالجفان‪ ،‬ويغدو أحدكم في قميصة و يروح في‬
‫اخرى‪ ،‬وتنجدون بيوتكم كما تنجد الكعبة )‪ (2‬فقام رجل فقال‪ :‬يا رسول ال‬
‫أنا إلى ذلك الزمان بالشواق فمتى هو ؟ قال صلى ال عليه وآله‪ :‬زمانكم‬
‫هذا خير من ذلك الزمان‪ ،‬إنكم إن ملتم بطونكم من الحلل‪ ،‬توشكون أن‬
‫تملؤها من الحرام‪ .‬فقام سعد بن أشج فقال‪ :‬يارسول ال ما يفعل بنا بعد‬
‫الموت ؟ قال الحساب والقبر‪ ،‬ثم ضيقه بعد ذلك أو سعته‪ ،‬فقال‪ :‬يارسول‬
‫ال هل تخاف أنت ذلك ؟ فقال‪ :‬ل ولكن أستحيي من النعم المتظاهرة التي ل‬
‫اجازيها ول جزءا من سبعة‪ ،‬فقال سعد بن أشج إني اشهد ال واشهد‬
‫رسوله ومن حضرني أن نوم الليل علي حرام ]والكل بالنهار علي حرام‪،‬‬
‫ولباس الليل علي حرام‪ ،‬ومخالطة الناس علي حرام وإتيان النساء علي‬
‫حرام[ )‪ (3‬فقال رسول ال‪ :‬يا سعد لم تصنع شيئا كيف تأمر بالمعروف‬
‫وتنهى عن المنكر‪ ،‬إذا لم تخالط الناس‪ ،‬وسكون البرية بعد الحضر كفر‬
‫للنعمة‪ .‬نم بالليل‪ ،‬وكل بالنهار‪ ،‬والبس ما لم يكن ذهبا أو حريرا أو‬
‫معصفرا‪ ،‬وآت النساء‪ .‬يا سعد اذهب إلى بني المصطلق فانهم قد ردوا‬
‫رسولي فذهب إليهم فجاء بصدقة فقال رسول ال صلى ال عليه وآله‪:‬‬
‫كيف رأيتهم ؟ قال‪ :‬خير قوم ما رأيت قوما قط أحسن أخلقا فيما بينهم من‬
‫قوم بعثتني إليهم‪ .‬فقال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬إنه ل ينبغي لولياء‬
‫ال تعالى من أهل دار الخلود الذين كان لها سعيهم وفيها رغبتهم أن‬
‫يكونوا أولياء‬

‫)‪ (1‬تفلى‪ :‬أي نقى رأسه وثيابه من القمل ونحوه‪ (2) .‬نجد البيت ‪ -‬من باب التفعيل‬
‫‪ -‬زينه وعبارة اللسان‪ :‬نجدت البيت‪ :‬بسطته بثياب موشبة‪ (3) .‬زيادة‬
‫من المصدر‪.‬‬

‫]‪[130‬‬

‫الشيطان من أهل دار الغرور الذين ]كان[ لها سعيهم‪ ،‬وفيها رغبتهم‪ .‬ثم قال‪ :‬بئس‬
‫القوم قوم ل يأمرون بالمعروف ول ينهون عن المنكر‪ ،‬بئس القوم قوم‬
‫يقذفون المرين بالمعروف والناهين عن المنكر‪ ،‬بئس القوم قوم ل‬
‫يقومون ل تعالى بالقسط‪ ،‬بئس القوم قوم يقتلون الذين يأمرون الناس‬
‫بالقسط في الناس‪ ،‬بئس القوم قوم يكون الطلق عندهم أوثق من عهد ال‬
‫تعالى‪ ،‬بئس القوم قوم جعلوا طاعة إمامهم دون طاعة ال‪ ،‬بئس القوم قوم‬
‫يختارون الدنيا على الدين‪ ،‬بئس القوم قوم يستحلون المحارم والشهوات‬
‫والشبهات‪ .‬قيل‪ :‬يارسول ال فأي المؤمنين أكيس ؟ قال‪ :‬أكثرهم للموت‬
‫ذكرا‪ ،‬وأحسنهم له استعدادا اولئك هم الكياس )‪) * .52 .(1‬باب( * * "‬
‫اليقين والصبر على الشدايد في الدين " * اليات‪ :‬البقرة‪ :‬وبالخرة هم‬
‫يوقنون )‪ .(2‬وقال تعالى‪ :‬قد بينا اليات لقوم يوقنون )‪ (3‬وقال تعالى‬
‫مخاطبا لبراهيم عليه السلم‪ :‬أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي )‪.(4‬‬
‫النعام‪ :‬وليكون من الموقنين )‪ .(5‬الرعد‪ :‬يفصل اليات لعلكم بلقاء ربكم‬
‫توقنون )‪ .(6‬طه‪ :‬فالقي السحرة سجدا قالوا آمنا برب هارون وموسى *‬
‫قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر فلقطعن‬
‫أيديكم وأرجلكم‬

‫)‪ (1‬نوادر الراوندي ص ‪ 25‬و ‪ (4 - 2) .26‬البقرة‪ (5) .260 ،118 ،4 :‬النعام‪:‬‬


‫‪ (6) .75‬الرعد‪.2 :‬‬

‫]‪[131‬‬

‫من خلف ولصلبنكم في جذوع النخل ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى * قالوا لن‬
‫نؤثرك على ما جائنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما‬
‫تقضي هذه الحيوة الدنيا إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه‬
‫من السحر وال خير وأبقى )‪ .(1‬الشعراء‪ :‬قال رب السموات والرض وما‬
‫بينهما إن كنتم موقنين‪ :‬إلى قوله تعالى‪ :‬قالوا ل ضير إنا إلى ربنا منقلبون‬
‫* إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين )‪ .(2‬النمل‪ :‬وهم‬
‫بالخرة هم يوقنون )‪ .(3‬العنكبوت‪ :‬ومن الناس من يقول آمنا بال فإذا‬
‫اوذي في ال جعل فتنة الناس كعذاب ال ولئن جاء نصر من ربك ليقولن‬
‫إنا كنا معكم أو ليس ال بأعلم بما في صدور العالمين )‪ .(4‬لقمان‪ :‬وهم‬
‫بالخرة هم يوقنون )‪ .(5‬التنزيل‪ :‬وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما‬
‫صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون )‪ .(6‬الجاثية‪ :‬وفي خلقكم وما يبث من دابة‬
‫آيات لقوم يوقنون )‪ (7‬وقال تعالى‪ :‬وهدى ورحمة لقوم يوقنون )‪.(8‬‬
‫الذاريات‪ :‬وفي الرض آيات للموقنين * وفي أنفسكم أفل تبصرون )‪.(9‬‬

‫)‪ (1‬طه‪ (2) .73 - 70 :‬الشعراء‪ (3) .51 - 24 :‬النمل‪ (4) .3 :‬العنكبوت‪) .10 :‬‬
‫‪ (5‬لقمان‪ (6) .4 :‬السجدة‪ 7) .24 :‬و ‪ (8‬الجاثية‪ (9) .19 ،3 :‬الذاريات‪:‬‬
‫‪ 20‬و ‪.21‬‬
‫]‪[132‬‬

‫الطور‪ :‬بل ل يوقنون )‪ .(1‬الواقعة‪ :‬إن هذا لهو حق اليقين )‪ .(2‬الحاقة‪ :‬وإنه لحق‬
‫اليقين )‪ .(3‬التكاثر‪ :‬كل لو تعلمون علم اليقين * لترون الجحيم * ثم‬
‫لترونها عين اليقين )‪ .(4‬تفسير‪ " :‬وبالخرة هم يوقنون " أي يوقنون‬
‫إيقانا زال معه الشك‪ ،‬قال البيضاوي‪ :‬اليقين إتقان العلم بنفي الشك‬
‫والشبهة عنه بالستدلل‪ ،‬ولذلك ل يوصف به علم الباري تعالى ول العلوم‬
‫الضرورية )‪ " .(5‬ولكن ليطمئن قلبي " قال الطبرسي رحمه ال‪ :‬أي بلى‬
‫أنا مؤمن‪ ،‬ولكن سألت ذاك لزداد يقينا إلى يقيني‪ ،‬عن الحسن وقتادة‬
‫ومجاهد وابن جبير‪ ،‬وقيل لعاين ذلك ويسكن قلبي إلى علم العيان بعد علم‬
‫الستدلل‪ ،‬وقيل‪ :‬ليطمئن قلبي بأنك قد أجبت مسألتي واتخذتني خليل كما‬
‫وعدتني )‪ " .(6‬وليكون من الموقنين " )‪ (7‬قال‪ :‬أي من المتيقنين بأن‬
‫ال سبحانه هو خالق ذلك والمالك له‪ " .‬يفصل اليات " )‪ (8‬أي يأتي بآية‬
‫في أثر آية فصل فصل مميزا بعضها عن بعض‪ ،‬ليكون أمكن للعتبار‬
‫والتفكر‪ ،‬وقيل‪ :‬معناه يبين الدلئل بما يحدثه في السماوات والرض "‬
‫لعلكم بلقاء ربكم توقنون " أي لكي توقنوا بالبعث والنشور‬

‫)‪ (1‬الطور‪ (2) .36 :‬الواقعة‪ (3) .95 :‬الحاقة‪ (4) .51 :‬التكاثر‪ (5) .7 - 5 :‬أنوار‬
‫التنزيل ص ‪ 10‬مع اختلف‪ (6) .‬مجمع البيان ج ‪ 2‬ص ‪(7) .373‬‬
‫النعام‪ (8) .75 :‬الرعد‪(*) .2 :‬‬

‫]‪[133‬‬

‫وتعلموا أن القادر على هذه الشياء قادر على البعث بعد الموت‪ ،‬وفي هذا دللة‬
‫على وجوب النظر المؤدي إلى معرفة ال تعالى‪ ،‬وعلى بطلن التقليد‪،‬‬
‫ولول ذلك لم يكن لتفصيل اليات معنى‪ " .‬إن كنتم موقنين " )‪ (1‬أي بأن‬
‫الرب بهذه الصفة أو بأن هذه الشياء محدثة‪ ،‬وليست من فعلكم‪ ،‬والمحدث‬
‫لبد له من محدث " ل ضير " أي لضرر علينا فيما تفعله " إنا إلى ربنا‬
‫منقلبون " أي إلى ثواب ربنا راجعون " خطايانا " أي من السحر وغيره‪،‬‬
‫" أن كنا أول المؤمنين " أي لن كنا أول من صدق بموسى عند تلك الية‬
‫أو مطلقا‪ " .‬ومن الناس من يقول آمنا بال " )‪ (2‬بلسانه " فإذا اوذي في‬
‫ال " أي في دين ال أو في ذات ال " جعل فتنة الناس كعذاب ال " أي‬
‫إذا اوذي بسبب دين ال رجع عن الدين مخافة عذاب الناس كما ينبغي أن‬
‫يترك الكافر دينه مخافة عذاب ال فيسوى بين عذاب فان منقطع‪ ،‬وبين‬
‫عذاب دائم غير منقطع أبدا لقلة تمييزه‪ ،‬وسمى أذية الناس فتنة لما في‬
‫احتمالها من المشقة وقال علي بن إبراهيم )‪ :(3‬قال‪ :‬إذا آذاه إنسان أو‬
‫أصابه ضر أو فاقة أو خوف من الظالمين‪ ،‬دخل معهم في دينهم‪ ،‬فرأى أن‬
‫ما يفعلونه هو مثل عذاب ال الذي ل ينقطع‪ " ،‬ولئن جاء نصر من ربك "‬
‫أي فتح وغنيمة‪ ،‬وقال علي بن إبراهيم )‪ :(4‬يعني القائم عليه السلم "‬
‫ليقولن إنا كنا معكم " في الدين‪ ،‬فأشركونا‪ " :‬بما في صدور العالمين "‬
‫من الخلص والنفاق‪ " .‬وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا "‬
‫قال علي بن إبراهيم‪ :‬كان في علم ال أنهم يصبرون على ما يصيبهم‪،‬‬
‫فجعلهم أئمة )‪ " (5‬وكانوا بآياتنا يوقنون " أي ل يشكون فيها‪.‬‬

‫)‪ (1‬الشعراء‪ (2) .24 :‬العنكبوت‪ (4 - 3) .10 :‬تفسير القمى ص ‪ (5) .495‬تفسير‬
‫القمي ‪ ،513‬والية في سورة السجدة‪.24 :‬‬

‫]‪[134‬‬

‫" وفي خلقكم وما يبث من دابة " )‪ (1‬أي في خلقه إياكم بما فيكم من بدائع‬
‫الصنعة‪ ،‬وما يتعاقب عليكم من غرائب الحوال‪ ،‬من مبتدأ خلقكم إلى‬
‫انقضاء الجال‪ ،‬وفي خلق ما تفرق على وجه الرض من الحيوانات على‬
‫اختلف أجناسها ومنافعها‪ ،‬دللت واضحات على ما ذكرنا " لقوم يوقنون‬
‫" أي يطلبون علم اليقين بالتفكر والتدبر‪ " .‬لقوم يوقنون " لنهم به )‪(2‬‬
‫ينتفعون‪ " .‬وفي الرض آيات للموقنين " )‪ (3‬أي دلئل تدل على عظمة‬
‫ال وعلمه وقدرته وإرادته ووحدته وفرط رحمته " وفي أنفسكم " أي‬
‫وفي أنفسكم آيات إذ ما في العالم شئ إل وفي النسان له نظير يدل دللته‬
‫مع ما انفرد به من الهيآت النافعة والمناظر البهية والتركيبات العجيبة‪،‬‬
‫والتمكن من الفعال الغريبة‪ ،‬واستنباط الصنائع المختلفة‪ ،‬واستجماع‬
‫الكمالت المتنوعة‪ ،‬وفي المجمع وتفسير علي بن إبراهيم عن الصادق‬
‫عليه السلم‪ :‬يعني أنه خلقك سميعا بصيرا تغضب وترضى‪ ،‬وتجوع‬
‫وتشبع‪ ،‬وذلك كله من آيات ال )‪ " (4‬أفل تبصرون " أي تنظرون نظر‬
‫من يعتبر‪ " .‬إن هذا لهو حق اليقين " قال في المجمع‪ :‬أضاف الحق إلى‬
‫اليقين‪ ،‬وهما واحد للتأكيد‪ ،‬أي هذا الذي أخبرتك به من منازل هؤلء‬
‫الصناف الثلثة هو الحق الذي لشك فيه‪ ،‬اليقين الذي لشبهة فيه‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫تقديره حق المر اليقين )‪ " .(5‬كل لو تعلمون علم اليقين " قال الطبرسي‬
‫قدس سره‪ :‬أي لو تعلمون المر علما يقينا لشغلكم ما تعلمون من التفاخر‬
‫والتباهي بالعز والكثرة‪ ،‬وعلم اليقين هو‬

‫)‪ (1‬الجاثية‪ (2) .3 :‬أي بالقرآن‪ ،‬والية هكذا‪ :‬هذا بصائر للناس وهدى ورحمة‬
‫لقوم يوقنون الجاثية‪ (3) .19 :‬الذاريات‪ 20 :‬و ‪ (4) .21‬مجمع البيان ج‬
‫‪ 9‬ص ‪ ،156‬تفسير القمي ‪ (5) .448‬مجمع البيان ج ‪ 9‬ص ‪.228‬‬
‫]‪[135‬‬

‫العلم الذي يثلج به الصدر بعد اضطراب الشك فيه‪ ،‬ولهذا ل يوصف ال تعالى بأنه‬
‫متيقن " لترون الجحيم " يعني حين تبرز الجحيم في القيامة قبل دخولهم‬
‫إليها " ثم لترونها " يعني بعد الدخول إليها " عين اليقين " كما يقال‪:‬‬
‫حق اليقين‪ ،‬ومحض اليقين‪ ،‬ومعناه ثم لترونها بالمشاهدة إذا دخلتموها‬
‫وعذبتم بها انتهى )‪ .(1‬أقول‪ :‬وجعل بعض المحققين لليقين ثلث درجات‪:‬‬
‫الولى علم اليقين وهو العلم الذي حصل بالدليل كمن علم وجود النار‬
‫برؤية الدخان‪ ،‬والثانية عين اليقين‪ ،‬وهو إذا وصل إلى حد المشاهدة كمن‬
‫رأى النار‪ ،‬والثالثة حق اليقين وهو كمن دخل النار واتصف بصفاتها‪،‬‬
‫وسيأتي بعض القول فيها‪ - 1 .‬كا‪ :‬عن أبي علي الشعري‪ ،‬عن محمد بن‬
‫سالم‪ ،‬عن أحمد بن النضر‪ ،‬عن عمرو بن شمر‪ ،‬عن جابر قال‪ :‬قال لي أبو‬
‫عبد ال عليه السلم‪ :‬يا أخا جعف إن اليمان أفضل من السلم‪ ،‬وإن‬
‫اليقين أفضل من اليمان‪ ،‬وما من شئ أعز من اليقين )‪ .(2‬بيان‪ " :‬يا أخا‬
‫جعف " أي يا جعفي وهم قبيلة من اليمن )‪ (3‬وفي المصباح‪ :‬هو أخو‬
‫تميم‪ :‬أي واحد منهم‪ ،‬وفضل اليمان على السلم إما باعتبار الولية في‬
‫الول أو الذغان القلبي فيه مع العمال أو بدونها كما مر جميع ذلك‪،‬‬
‫وعلى أي معنى أخذت يعتبر في اليمان ما ل يعتبر في السلم‪ ،‬فهو أخص‬
‫وأفضل‪ ،‬وكذا اليقين يعتبر فيه أعل مراتب الجزم‪ ،‬بحيث يترتب عليه‬
‫الثار‪ ،‬ويوجب فعل الطاعات وترك المناهي‪ ،‬ول يعتبر ذلك في اليمان أي‬
‫في حقيقته‪ ،‬حتى يكون جميع أفراده‪ ،‬فهو أخص وأفضل أفراد اليمان‪ ،‬أو‬
‫يعتبر في اليقين عدم احتمال النقيض ول يعتبر ذلك في اليمان مطلقا كما‬
‫مر‪ ،‬والظهر أن التصديق الذي ل‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ج ‪ 10‬ص ‪ (2) .534‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .51‬جعفى بن سعد‬
‫العشيرة‪ :‬بطن من سعد العشيرة )من مذحج‪ ،‬من القحطانية( ابن مالك بن‬
‫أدد بن زيد بن يشجب بن عريب‪ ،‬والنسبة إليه كذلك جعفى‪.‬‬

‫]‪[136‬‬

‫يحتمل النقيض تختلف مراتبه حتى يصل إلى مرتبة اليقين كما أومأنا إليه سابقا‪" .‬‬
‫وما من شئ أعز من اليقين " أي أقل وجودا في الناس منه أو أشرف منه‬
‫والول أظهر إذ اليقين ل يجتمع مع المعصية‪ ،‬لسيما مع الصرار عليها‪،‬‬
‫وتارك ذلك نادر قليل‪ ،‬بل يمكن أن يدعى أن إيمان أكثر الخلق ليس إل‬
‫تقليدا وظنا يزول بأدنى وسوسة من النفس والشيطان‪ ،‬أل ترى أن الطبيب‬
‫إذا أخبر أحدهم بأن الطعام الفلني يضره أو يوجب زيادة مرضه أو‬
‫بطؤبرئه يحتمي من ذلك الطعام بمحض قول هذا الطبيب‪ ،‬حفظا لنفسه من‬
‫الضرر الضعيف المتوهم ول يترك المعصية الكبيرة مع إخبار ال ورسوله‬
‫وأئمة الهدى عليهم السلم بأنها مهلكة وموجبة للعذاب الشديد‪ ،‬وليس ذلك‬
‫إل لضعف اليمان وعدم اليقين‪ - 2 .‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن سهل‪ ،‬والحسين‬
‫بن محمد‪ ،‬عن المعلى جميعا‪ ،‬عن الوشاء عن أبي الحسن عليه السلم‬
‫قال‪ :‬سمعته يقول‪ :‬اليمان فوق السلم بدرجة‪ ،‬والتقوى فوق اليمان‬
‫بدرجة‪ ،‬واليقين فوق التقوى بدرجة‪ ،‬وما قسم في الناس شئ أقل من‬
‫اليقين )‪ .(1‬بيان‪ :‬يدل على أن التقوى أفضل من اليمان‪ ،‬والتقوى من‬
‫الوقاية وهي في اللغة فرط الصيانة‪ ،‬وفي العرف صيانة النفس عما‬
‫يضرها في الخرة‪ ،‬وقصرها على ما ينفعها فيها‪ ،‬ولها ثلث مراتب‪:‬‬
‫الولى وقاية النفس عن العذاب المخلد بتصحيح العقائد اليمانية‪ ،‬والثانية‬
‫التجنب عن كل ما يؤثم من فعل أو ترك وهو المعروف عند أهل الشرع‪،‬‬
‫والثالثة التوقي عن كل ما يشغل القلب عن الحق وهذه درجة الخواص بل‬
‫خاص الخاص‪ ،‬والمراد هنا أحد المعنيين الخيرين وكونه فوق اليمان‬
‫بالمعنى الثالث ظاهر على أكثر معاني اليمان التي سبق ذكرها وإن اريد‬
‫المعنى الثاني فالمراد باليمان إما محض العقائد الحقة أو مع فعل الفرائض‬
‫وترك الكبائر‪ ،‬بأن يعتبر ترك الصغائر أيضا في المعنى الثاني‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫باعتبار أن الملكة معتبرة فيها ل فيه‪ ،‬ول يخفى ما فيه‪.‬‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.51‬‬

‫]‪[137‬‬

‫وكون اليقين فوق التقوى كأنه يعين حملها على المعنى الثاني‪ ،‬وإل فيشكل الفرق‪،‬‬
‫لكن درجات المرتبة الخيرة أيضا كثيرة‪ ،‬فيمكن حمل اليقين على أعالي‬
‫درجاتها‪ ،‬وما قيل‪ :‬في الفرق أن التقوى قد يوجد بدون اليقين كما في‬
‫بعض المقلدين فهو ظاهر الفساد إذ ل توجد هذه الدرجة الكاملة من‬
‫التقوى لمن كان بناء إيمانه على الظن والتخمين‪ ،‬وقوله عليه السلم‪" :‬‬
‫وما قسم للناس " يدل على أن للستعدادات الذاتية والعنايات اللهية‬
‫مدخل في مراتب اليمان واليقين‪ ،‬كما مرت الشارة إليه‪ - 3 .‬كا‪ :‬عن‬
‫العدة‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن هارون بن الجهم أو غيره عن عمر ابن‬
‫أبان الكلبي‪ ،‬عن عبد الحميد الواسطي‪ ،‬عن أبي بصير قال‪ :‬قال لي أبو عبد‬
‫ال عليه السلم يابا محمد السلم درجة ؟ قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬واليمان على‬
‫السلم درجة ؟ قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬والتقوى على اليمان درجة ؟ قال‪ :‬قلت‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬قال‪ :‬واليقين على التقوى درجة ؟ قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬فما اوتي الناس أقل‬
‫من اليقين وإنما تمسكتم بأدنى السلم فاياكم أن ينفلت من أيديكم )‪.(1‬‬
‫بيان‪ " :‬السلم درجة " أي درجة من الدرجات أو أول درجة‪ ،‬وهو‬
‫استفهام أو خبر‪ ،‬ونعم يقع في جوابهما " على السلم " أي مشرفا أو‬
‫زايدا عليه " ما اوتي الناس أقل من اليقين " أي اليمان أقل من سائر ما‬
‫اعطي الناس من الكمالت‪ ،‬أو عزيز نادر فيهم كما مر‪ ،‬وقيل‪ :‬المعنى ما‬
‫اعطي الناس شيئا قليل من اليقين‪ ،‬ول يخفى بعده‪ ،‬وكأنه حمله على ذلك‬
‫ما سيأتي‪ :‬قوله عليه السلم‪ " :‬بأدنى السلم " كأن المراد بالسلم هنا‬
‫مجموع العقايد الحقة‪ ،‬بل مع قدر من العمال كما مر من اختلف معاني‬
‫السلم‪ ،‬ويحتمل أن يكون المراد بالخطاب غير المخاطب من ضعفاء‬
‫الشيعة وقيل‪ :‬المراد بأدنى السلم أدنى الدرجات إلى السلم‪ ،‬وهو‬
‫اليمان من قبيل يوسف أحسن إخوته‪ " .‬أن ينفلت من أيديكم " أي يخرج‬
‫من قلوبكم فجاءه فيدل على أن من لم يكن في درجة كاملة من اليمان‪،‬‬
‫فهو على خطر من زواله‪ ،‬فل يغتر من‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.52‬‬

‫]‪[138‬‬

‫لم يتق المعاصي بحصول العقائد له‪ ،‬فانه يمكن زواله عنه بحيث لم يعلم‪ ،‬فان‬
‫العمال الصالحة والخلق الحسنة حصون لليمان تحفظه من سراق‬
‫شياطين النس والجان‪ ،‬قال الجوهري‪ :‬يقال‪ :‬كان ذلك المر فلتة أي‬
‫فجاءة إذا لم يكن عن تدبر ول تردد‪ ،‬وأفلت الشئ وتفلت وانفلت بمعنى‬
‫وأفلته غيره‪ - 4 .‬كا‪ :‬عن علي بن إبراهيم‪ ،‬عن محمد بن عيسى‪ ،‬عن‬
‫يونس قال‪ :‬سألت أبا الحسن الرضا عليه السلم عن اليمان والسلم‬
‫فقال‪ :‬قال أبو جعفر عليه السلم‪ :‬إنما هو السلم‪ ،‬واليمان فوقه بدرجة‪،‬‬
‫والتقوى فوق اليمان بدرجة‪ ،‬واليقين فوق التقوى بدرجة‪ ،‬ولم يقسم بين‬
‫الناس شئ أقل من اليقين‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬فأي شئ اليقين ؟ قال‪ :‬التوكل على‬
‫ال‪ ،‬والتسليم ل‪ ،‬والرضا بقضاء ال‪ ،‬والتفويض إلى ال قلت‪ :‬فما تفسير‬
‫ذلك ؟ قال‪ :‬هكذا قال أبو جعفر عليه السلم )‪ .(1‬بيان‪ " :‬إنما هو السلم‬
‫" كأن الضمير راجع إلى الدين‪ ،‬لقوله تعالى‪ " :‬إن الدين عند ال السلم‬
‫" )‪ (2‬أو ليس أول الدخول في الدين إل درجة السلم قوله عليه السلم‪:‬‬
‫" التوكل على ال " تفسير اليقين بما ذكر من باب تعريف الشئ بلوازمه‬
‫وآثاره‪ ،‬فانه إذا حصل اليقين في النفس بال سبحانه ووحدانيته وعلمه‬
‫وقدرته وحكمته‪ ،‬وتقديره للشياء‪ ،‬وتدبيره فيها‪ ،‬ورأفته بالعباد ورحمته‬
‫يلزمه التوكل عليه في اموره‪ ،‬والعتماد عليه والوثوق به‪ ،‬وإن توسل‬
‫بالسباب تعبدا‪ ،‬والتسليم له في جميع أحكامه‪ ،‬ولخلفائه فيما يصدر عنهم‪،‬‬
‫والرضا بكل ما يقضي عليه على حسب المصالح من النعمة والبلء والفقر‬
‫والغنا والعز والذل وغيرها وتفويض المر إليه في دفع شر العادي‬
‫الظاهرة والباطنة‪ ،‬أورد المر بالكلية إليه في جميع المور‪ ،‬بحيث يرى‬
‫قدرته مضمحلة في جنب قدرته‪ ،‬وإرادته معدومة عند إرادته‪ ،‬كما قال‬
‫تعالى‪ " :‬وما تشاؤن إل أن يشاء ال " )‪ (3‬ويعبر عن هذه المرتبة بالفناء‬
‫في ال‪.‬‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .52‬آل عمران‪ (3) .19 :‬النسان‪ ،30 :‬التكوير‪.29 :‬‬

‫]‪[139‬‬

‫قوله عليه السلم‪ " :‬هكذا " الخ لما كان السائل قاصرا عن فهم حقائق هذه‬
‫الصفات‪ ،‬لم يجبه عليه السلم بالتفسير‪ ،‬بل أكد حقيته بالرواية عن والده‬
‫عليه السلم وقيل‪ :‬استبعد الراوي كون هذه المور تفسيرا لليقين‪ ،‬فأجاب‬
‫عليه السلم بأن الباقر عليه السلم كذا فسره‪ - 5 .‬كا‪ :‬عن محمد بن يحيى‪،‬‬
‫عن ابن عيسى‪ ،‬عن البزنطي‪ ،‬عن الرضا عليه السلم قال‪ :‬اليمان فوق‬
‫السلم بدرجة‪ ،‬والتقوى فوق اليمان بدرجة‪ ،‬واليقين فوق التقوى‬
‫بدرجة‪ ،‬ولم يقسم بين العباد شئ أقل من اليقين )‪ .(1‬بيان‪ :‬قال بعض‬
‫المحققين‪ :‬اعلم أن العلم والعبادة جوهران لجلهما كان كلما ترى وتسمع‪،‬‬
‫من تصنيف المصنفين‪ ،‬وتعليم المعلمين‪ ،‬ووعظ الواعظين ونظر‬
‫الناظرين‪ ،‬بل لجلهما انزلت الكتب‪ ،‬وارسلت الرسل‪ ،‬بل لجلهما خلقت‬
‫السماوات والرض‪ ،‬وما فيهما من الخلق‪ ،‬وناهيك لشرف العلم قول ال‬
‫عزوجل‪ " :‬ال الذي خلق سبع سموات ومن الرض مثلهن يتنزل المر‬
‫بينهن لتعلموا أن ال على كل شئ قدير وأن ال قد أحاط بكل شئ علما " )‬
‫‪ (2‬ولشرف العبادة قوله سبحانه‪ " :‬وما خلقت الجن والنس إل ليعبدون‬
‫" )‪ (3‬فحق للعبد أن ل يشتغل إل بهما ول يتعب إل لهما‪ ،‬وأشرف‬
‫الجوهرين العلم كما ورد " فضل العالم على ا‍ل ؟ كفضلي على أدناكم "‪.‬‬
‫والمراد بالعلم الدين أعني معرفة ال سبحانه وملئكته وكتبه ورسله‬
‫واليوم الخر قال ال عزوجل‪ " :‬آمن الرسول بما انزل إليه من ربه‬
‫والمؤمنون كل آمن بال وملئكته وكتبه ورسله " )‪ (4‬وقال تعالى‪ " :‬يا‬
‫أيها الذين آمنوا آمنوا بال ورسوله والكتاب الذي أنزل على رسوله‬
‫والكتاب الذي أنزل من قبل‪ ،‬ومن يكفر‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .52‬الطلق‪ (3) .12 :‬الذاريات‪ (4) .56 :‬البقرة‪.285 :‬‬

‫]‪[140‬‬
‫بال وملئكته وكتبه ورسله واليوم الخر فقد ضل ضلل بعيدا " )‪ .(1‬ومرجع‬
‫اليمان إلى العلم‪ ،‬وذلك لن اليمان هو التصديق بالشئ على ما هو عليه‬
‫ول محالة هو مستلزم لتصور ذلك الشئ كذلك بحسب الطاقة‪ ،‬وهما معنى‬
‫العلم‪ ،‬والكفر ما يقابله‪ ،‬وهو بمعنى الستر والغطاء ومرجعه إلى الجهل‬
‫وقد خص اليمان في الشرع بالتصديق بهذه الخمسة ولو إجمال فالعلم بها‬
‫لبد منه وإليه الشارة بقوله صلى ال عليه وآله‪ " :‬طلب العلم فريضة‬
‫على كل مسلم ومسلمة " ولكن لكل إنسان بحسب طاقته ووسعه " ل‬
‫يكلف ال نفسا إل وسعها " )‪ (2‬فان للعلم واليمان درجات مترتبة في‬
‫القوة والضعف‪ ،‬والزيادة والنقصان‪ ،‬بعضها فوق بعض‪ ،‬كما دلت عليه‬
‫الخبار الكثيرة‪ .‬وذلك لن اليمان إنما يكون بقدر العلم الذي به حياة‬
‫القلب‪ ،‬وهو نور يحصل في القلب بسبب ارتفاع الحجاب بينه وبين ال جل‬
‫جلله " ال ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور " )‪" (3‬‬
‫أفمن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في‬
‫الظلمات ليس بخارج منها " )‪ (4‬وليس العلم بكثرة التعلم إنما هو نور‬
‫يقذفه ال في قلب من يريد أن يهديه‪ .‬وهذا النور قابل للقوة والضعف‬
‫والشتداد والنقص كسائر النوار " وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا "‬
‫)‪ " (5‬وقل رب زدني علما " )‪ (6‬كلما ارتفع حجاب ازداد نور‪ ،‬فيقوى‬
‫اليمان ويتكامل إلى أن ينبسط نور فينشرح صدره‪ ،‬ويطلع على حقائق‬
‫الشياء‪ ،‬وتجلى له الغيوب‪ ،‬ويعرف كل شئ في موضعه‪ ،‬فيظهر له‬

‫)‪ (1‬النساء‪ (2) .136 :‬البقرة‪ (3) .286 :‬البقرة‪ (4) .257 :‬النعام‪(5) .122 :‬‬
‫النفال‪ (6) .2 :‬طه‪.114 :‬‬

‫]‪[141‬‬

‫صدق النبياء عليهم السلم في جميع ما أخبروا عنه إجمال وتفصيل على حسب‬
‫نوره‪ ،‬وبمقدار انشراح صدره‪ ،‬وينبعث من قلبه داعية العمل بكل مأمور‬
‫والجتناب عن كل محظور‪ ،‬فيضاف إلى نور معرفته أنوار الخلق‬
‫الفاضلة والملكات الحميدة " نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم " )‪" (1‬‬
‫نور على نور " )‪ .(2‬وكل عبادة تقع على وجهها تورث في القلب صفاء‬
‫يجعله مستعدا لحصول نور فيه‪ ،‬وانشراح ومعرفة ويقين‪ ،‬ثم ذلك النور‬
‫والمعرفة واليقين تحمله على عبادة اخرى وإخلص آخر فيها‪ ،‬يوجب نورا‬
‫آخر وانشراحا أتم‪ ،‬ومعرفة اخرى ويقينا أقوى‪ ،‬وهكذا إلى ما شاء ال جل‬
‫جلله‪ ،‬وعلى كل من ذلك شواهد من الكتاب والسنة‪ .‬ثم اعلم أن أوائل‬
‫درجات اليمان تصديقات مشوبة بالشكوك والشبه‪ ،‬على اختلف مراتبها‪،‬‬
‫ويمكن معها الشرك " وما يؤمن أكثرهم بال إل وهم مشركون " )‪(3‬‬
‫وعنها يعبر بالسلم في الكثر " قالت العراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن‬
‫قولوا أسلمنا ولما يدخل اليمان في قلوبكم " )‪ (4‬وأواسطها تصديقات ل‬
‫يشوبها شك ول شبهة " الذين آمنوا بال ورسوله ثم لم يرتابوا " )‪(5‬‬
‫وأكثر إطلق اليمان عليها خاصة " إنما المؤمنون الذين إذا ذكر ال‬
‫وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا وعلى ربهم يتوكلون "‬
‫)‪ (6‬وأواخرها تصديقات كذلك مع كشف وشهود وذوق وعيان ومحبة‬
‫كاملة ل سبحانه‪ ،‬وشوق تام إلى حضرته المقدسة " يحبهم ويحبونه أذلة‬
‫على المؤمنين أعزة على الكافرين‬

‫)‪ (1‬التحريم‪ (2) .8 :‬النور‪ (3) .35 :‬يوسف‪ (4) .106 :‬الحجرات‪(5) .14 :‬‬
‫الحجرات‪ (6) .15 :‬النفال‪.2 :‬‬

‫]‪[142‬‬

‫]يجاهدون في سبيل ال و[ ل يخافون لومة لئم ذلك فضل ال يؤتيه من يشاء " )‬
‫‪ .(1‬وعنها العبارة تارة بالحسان " الحسان أن تعبد ال كأنك تراه "‬
‫واخرى باليقان " وبالخرة هم يوقنون " )‪ .(2‬وإلى المراتب الثلث‬
‫الشارة بقوله عزوجل‪ " :‬ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح‬
‫فيما طمعوا إذا ما اتقوا وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا ثم اتقوا‬
‫وأحسنوا وال يحب المحسنين " )‪ (3‬وإلى مقابلته التي هي مراتب‬
‫الكفر‪ ،‬الشارة بقوله جل وعز‪ " :‬إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم‬
‫كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن ال ليغفر لهم ول ليهديهم سبيل " )‪(4‬‬
‫فنسبة الحسان واليقين إلى اليمان‪ ،‬كنسبة اليمان إلى السلم‪ .‬ولليقين‬
‫ثلث مراتب‪ :‬علم اليقين‪ ،‬وعين اليقين‪ ،‬وحق اليقين " كل لو تعلمون علم‬
‫اليقين * لترون الجحيم * ثم لترونها عين اليقين " )‪ " (5‬إن هذا لهو حق‬
‫اليقين " )‪ (6‬والفرق بينها إنما ينكشف بمثال‪ ،‬فعلم اليقين بالنار مثل هو‬
‫مشاهدة المرئيات بتوسط نورها‪ ،‬وعين اليقين بها هو معاينة جرمها‪،‬‬
‫وحق اليقين بها الحتراق فيها‪ ،‬وانمحاء الهوية بها‪ ،‬والصيرورة نارا‬
‫صرفا‪ ،‬وليس وراء هذا غاية ول هو قابل للزيادة‪ ،‬لو كشف الغطاء ما‬
‫ازددت يقينا‪ - 6 .‬كا‪ :‬عن الحسين بن محمد‪ ،‬عن معلى‪ ،‬عن الوشاء‪ ،‬عن‬
‫المثنى بن الوليد عن أبي بصير‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬ليس‬
‫شئ إل وله حد‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬جعلت فداك فما حد التوكل ؟ قال‪ :‬اليقين‪ ،‬قلت‪:‬‬
‫فما حد اليقين ؟ قال‪ :‬أن ل‬

‫)‪ (1‬المائدة‪ (2) .54 :‬البقرة‪ (3) .4 :‬المائدة‪ (4) .93 :‬النساء‪ (5) .137 :‬التكاثر‪:‬‬
‫‪ (6) .8 - 5‬الواقعة‪.95 :‬‬
‫]‪[143‬‬

‫تخاف مع ال شيئا )‪ .(1‬بيان‪ :‬قال المحقق الطوسي رحمه ال في أوصاف‬


‫الشراف‪ :‬اليقين اعتقاد جازم مطابق ثابت‪ ،‬ل يمكن زواله‪ ،‬وهو في‬
‫الحقيقة مؤلف من علمين‪ ،‬العلم بالمعلوم والعلم بأن خلف ذلك العلم‬
‫محال‪ ،‬وله مراتب‪ :‬علم اليقين‪ ،‬وعين اليقين وحق اليقين‪ .‬والمراد بالحد‬
‫هنا إما علمته أو تعريفه أو نهايته فعلى الول المعنى أن علمة التوكل‬
‫اليقين‪ ،‬وعلى الثاني تعريف له بلزمه‪ ،‬وعلى الثالث المعنى أن التوكل‬
‫ينتهي إلى اليقين‪ ،‬فانه إذا تمرن على التوكل وعرف آثاره‪ ،‬حصل له‬
‫اليقين بأن ال مدبر أمره‪ ،‬وأنه الضار النافع‪ ،‬وكذا الفقرة الثانية‪ ،‬تحتمل‬
‫الوجوه المذكورة‪ .‬وعدم الخوف من غير سبحانه ل ينافي التقية وعدم‬
‫إلقاء النفس إلى التهلكة إطاعة لمره تعالى‪ ،‬فان صاحب اليقين يفعلهما‬
‫خوفا منه تعالى كما أن التوكل ل ينافي التوسل بالوسائل والسباب‪ ،‬تعبدا‪،‬‬
‫مع كون العتماد على ال تعالى في جميع المور‪ - 7 .‬كا‪ :‬عن الحسين‪،‬‬
‫عن المعلى‪ ،‬عن الوشاء‪ ،‬عن عبد ال بن سنان‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم ومحمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن أبي‬
‫ولد الحناط وعبد ال بن سنان‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬من‬
‫صحة يقين المرء المسلم أن ل يرضي الناس بسخط ال‪ ،‬ول يلومهم على‬
‫ما لم يؤته ال‪ ،‬فان الرزق ل يسوقه حرص حريص‪ ،‬ول يرده كراهية‬
‫كاره‪ ،‬ولو أن أحدكم فر من رزقه كما يفر من الموت لدركه رزقه‪ ،‬كما‬
‫يدركه الموت‪ ،‬ثم قال‪ :‬إن ال بعدله وقسطه جعل الروح والراحة في اليقين‬
‫والرضا‪ ،‬وجعل الهم والحزن في الشك والسخط )‪ .(2‬بيان‪ " :‬من صحة‬
‫يقين المرء المسلم " أي من علمات كون يقينه بال‪ ،‬وبكونه‬

‫)‪ (2 - 1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.57‬‬

‫]‪[144‬‬

‫مالكا لنفعه وضره‪ ،‬وقاسما لرزقه على ما علم صلح دنياه وآخرته فيه‪ ،‬وأن ال‬
‫مقلب القلوب‪ ،‬وهي بيده يصرفها كيف يشاء‪ ،‬وأن الخرة الباقية خير من‬
‫الدنيا الفانية صحيحا غير معلول‪ ،‬ول مشوب بشك وشبهة‪ ،‬وأنه واقع‬
‫ليس محض الدعوى‪ " .‬أن ل يرضي الناس بسخط ال " بأن يوافقهم في‬
‫معاصيه تعالى طلبا لما عندهم من الزخارف الدنيوية أو المناصب الباطلة‪،‬‬
‫ويفتيهم بما يوافق رضاهم من غير خوف أو تقية‪ ،‬ول يأمرهم بالمعروف‪،‬‬
‫ول ينهاهم عن المنكر‪ ،‬من غير خوف ضرر أو عدم تجويز تأثير‪ ،‬بل‬
‫لمحض رعاية رضاهم وطلب التقرب عندهم‪ ،‬أو يأتي أبواب الظالمين‬
‫ويتذلل عندهم ل لتقية تجوزه‪ ،‬ول لمصلحة جلب نفع لمؤمن‪ ،‬أو لدفع‬
‫ضرر عنه‪ ،‬بل لطلب ما في أيديهم لسوء يقينه بال وبرازقيته‪ ،‬مع أنه‬
‫يترتب عليه خلف ما أمله‪ ،‬كما روي‪ :‬من أرضى الناس بسخط ال سخط‬
‫ال عليه وأسخط عليه الناس‪ .‬قوله عليه السلم‪ " :‬ول يلومهم على ما لم‬
‫يؤته ال " أي ل يذمهم ول يشكوهم على ترك صلتهم إياه بالمال وغيره‪،‬‬
‫فانه يعلم صاحب اليقين أن ذلك شئ لم يقدره ال له ول يرزقه إياه‪ ،‬لعدم‬
‫كون صلحه فيه مطلقا أو في كونه بيد هذا الرجل وبتوسطه‪ ،‬بل يوصله‬
‫إليه من حيث ل يحتسب‪ ،‬فل يلوم أحدا بذلك‪ ،‬لنه ينظر إلى مسبب السباب‬
‫ول ينظر إليها‪ ،‬ول يعترض على ال فيما فعل به وهذا اللوم يتضمن نوعا‬
‫من الشرك‪ ،‬حيث جعلهم الرازق والمعطي مع ال‪ ،‬وسخطا لقضاء ال‬
‫والموقن برئ منهما‪ ،‬فضمير " يؤته " راجع إلى المرء المسلم‪ ،‬وعائد ما‬
‫محذوف بتقدير إياه‪ .‬وقيل‪ :‬يحتمل أن يكون المراد أنه ل يلومهم على ما لم‬
‫يؤته ال إياهم فان ال خلق كل أحد على ما هو عليه وكل ميسر لما خلق‬
‫له فيكون كقوله عليه السلم لو علم الناس كيف خلق ال هذا الخلق لم يلم‬
‫أحد أحدا‪ ،‬ول يخفى بعده لسيما بالنظر إلى التعليل بقوله " فان الرزق ل‬
‫يسوقه حرص حريص " أي الرزق الذي‬

‫]‪[145‬‬

‫قدره ال للنسان ل يحتاج في وصوله إلى حرص‪ ،‬بل يأتيه بأدنى سعي أمر ال به‬
‫ول يرد هذا الرزق كراهة كاره لرزق نفسه لقلته أو للزهد أو كاره لرزق‬
‫غيره حسدا ويؤكد الول " ولو أن أحدكم " الخ‪ .‬وهذا يدل على أن الرزق‬
‫مقدر من ال تعالى ويصل إلى العبد البتة وفيه مقامان‪ :‬الول‪ :‬أن الرزق‬
‫هل يشمل الحرام أم ل ؟ فالمشهور بين المامية والمعتزلة الثاني‪ ،‬وبين‬
‫الشاعرة الول‪ .‬قال الرازي في تفسير قوله تعالى‪ " :‬ومما رزقناهم‬
‫ينفقون " )‪ (1‬الرزق في كلم العرب الحظ‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬كل شئ يؤكل أو‬
‫يستعمل‪ ،‬وقال آخرون الرزق هو ما يملك‪ ،‬وأما في عرف الشرع فقد‬
‫اختلفوا فيه‪ ،‬فقال أبو الحسن البصري الرزق هو تمكين الحيوان من‬
‫النتفاع بالشئ‪ ،‬والحظر على غيره أن يمنعه من النتفاع به‪ ،‬فإذا قلنا‬
‫رزقنا ال الموال فمعنى ذلك أنه مكننا من النتفاع بها والمعتزلة لما‬
‫فسسروا الرزق بذلك ل جرم قالوا‪ :‬الحرام ل يكون رزقا‪ ،‬وقال أصحابنا‪:‬‬
‫قد يكون رزقا‪ .‬حجة الصحاب من وجهين الول‪ :‬أن الرزق في أصل اللغة‬
‫هو الحظ والنصيب على ما بيناه‪ ،‬فمن انتفع بالحرام فذلك الحرام صار حظا‬
‫ونصيبا له فوجب أن يكون رزقا له‪ ،‬الثاني أنه تعالى قال‪ " :‬وما من دابة‬
‫في الرض إل على ال رزقها " )‪ (2‬وقد يعيش الرجل طول عمره ل يأكل‬
‫إل من السرقة‪ ،‬فوجب أن يقال‪ :‬إنه طول عمره لم يأكل من رزقه شيئا‪.‬‬
‫وأما المعتزلة فقد احتجوا بالكتاب والسنة والمعنى‪ ،‬أما الكتاب فوجوه‬
‫أحدها قوله تعالى‪ " :‬ومما رزقناهم ينفقون " مدحهم على النفاق مما‬
‫رزقهم ال تعالى فلو كان الحرام رزقا لوجب أن يستحقوا المدح إذا أنفقوا‬
‫من الحرام‪ ،‬وذلك‬

‫)‪ (1‬البقرة‪ (2) .3 :‬هود‪.6 :‬‬

‫]‪[146‬‬

‫باطل بالتفاق‪ ،‬وثانيها لو كان الحرام رزقا لجاز أن ينفق الغاصب منه لقوله تعالى‪:‬‬
‫" وأنفقوا مما رزقناكم " )‪ (1‬وأجمع المسلمون على أنه ل يجوز للغاصب‬
‫أن ينفق منه‪ ،‬بل يجب عليه رده‪ ،‬فدل على أن الحرام ل يكون رزقا‪،‬‬
‫وثالثها قوله تعالى‪ " :‬قل أرأيتم ما أنزل ال لكم من رزق فجعلتم منه‬
‫حراما وحلل قل آل أذن لكم " )‪ (2‬فبين أن من حرم رزق ال فهو مفتر‬
‫على ال‪ ،‬فثبت أن الحرام ل يكون رزقا‪ .‬وأما السنة فما رواه أبو الحسين‬
‫في كتاب الغرر باسناده عن صفوان بن امية قال‪ :‬كنا عند رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله إذ جاء عمرو بن مرة فقال‪ :‬يارسول ال إن ال كتب علي‬
‫الشقوة فل أراني ارزق إل من دفي بكفي فأذن لي في الغناء من غير‬
‫فاحشة‪ ،‬فقال عليه السلم‪ :‬ل آذن لك ول كرامة ول نعمة كذبت أي عدو‬
‫ال لقد رزقك ال طيبا فاخترت ما حرم ال عليك من رزقه‪ ،‬مكان ما أحل‬
‫ال لك من حلله‪ ،‬أما إنك لو قلت بعد هذه النوبة شيئا ضربتك ضربا‬
‫وجيعا‪ .‬وأما المعنى فهو أن ال تعالى منع المكلف من النتفاع به‪ ،‬وأمر‬
‫غيره بمنعه من النتفاع به‪ ،‬ومن منع من أخذ الشئ والنتفاع به‪ ،‬ل يقال‪:‬‬
‫إنه رزقه إياه‪ ،‬أل ترى أنه ل يقال‪ :‬إن السلطان رزق جنده مال قد منعهم‬
‫من أخذه‪ .‬الثاني‪ :‬أن الرزق هل يجب على ال إيصاله من غير سعي‬
‫وكسب أم لبد من الكسب والسعي فيه‪ ،‬ظاهر هذا الخبر وغيره الول‪ ،‬وقد‬
‫روى في النهج عن أمير المؤمنين عليه السلم أنه قيل له عليه السلم‪ :‬لو‬
‫سد على رجل باب بيت وترك فيه من أين كان يأتيه رزقه ؟ فقال عليه‬
‫السلم‪ :‬من حيث يأتيه أجله‪ ،‬وظاهر كثير من الخبار الثاني‪ ،‬وسيأتي تمام‬
‫الكلم فيه‪ ،‬في كتاب المكاسب إنشاء ال تعالى‪ .‬قوله عليه السلم‪" :‬‬
‫وقسطه " العطف للتفسير والتأكيد‪ ،‬وكذا الراحة أو الروح راحة القلب‬
‫وسكونه عن الضطراب‪ ،‬والراحة فراغ البدن‪ ،‬وعدم المبالغة‬

‫)‪ (1‬البقرة‪ (2) .254 :‬يونس‪.59 :‬‬

‫]‪[147‬‬
‫في الكتساب في اليقين برازقيته سبحانه ولطفه وسعة كرمه‪ ،‬وأنه ل يفعل بعباده‬
‫إل ما هو أصلح لهم‪ ،‬وأنه ل يصل إلى العباد إل ما قدر لهم " والرضا "‬
‫بما يصل من ال إليه وهو ثمرة اليقين " والحزن " بالضم والتحريك أيضا‬
‫إما عطف تفسير للهم أو الهم اضطراب النفس عند تحصيله‪ ،‬والحزن‬
‫جزعها واغتمامها بعد فواته " في الشك " أي عدم اطمينان النفس بما‬
‫ذكر في اليقين " والسخط " وعدم الرضا بقضاء ال المترتب على الشك‪،‬‬
‫ونعم ما قيل‪ :‬ما العيش إل في الرضا * والصبر في حكم القضا ما بات من‬
‫عدم الرضا * إل على جمر الغضا )‪ - 8 (1‬كا‪ :‬بالسناد‪ ،‬عن ابن محبوب‪،‬‬
‫عن هشام بن سالم قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬إن العمل‬
‫الدائم القليل على اليقين أفضل عند ال من العمل الكثير على غير يقين )‬
‫‪ .(2‬توضيح‪ :‬يدل على أن لكمال اليقين وقوة العقائد مدخل عظيما في قبول‬
‫العمال وفضلها‪ ،‬بل ل يحصل الخلص الذي هو روح العبادة وملكها إل‬
‫بها وكأن قيد الدوام معتبر في الثاني أيضا‪ ،‬ليظهر مزيد فضل اليقين‪،‬‬
‫ويحتمل أن يكون حذف قيد الدوام في الثاني للشعار بأن إحدى ثمرات‬
‫اليقين دوام العمل فان اليقين الذي هو سببه ل يزول‪ ،‬بخلف العمل الكثير‬
‫على غير يقين‪ ،‬فانه غالبا يكون متفرعا على غرض من الغراض تتبدل‬
‫سريعا‪ ،‬أو إيمان ناقص هو بمعرض الضعف والزوال على نهج قول أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم‪ :‬قليل مدوم عليه خير من كثير مملول منه‪ - 9 .‬كا‪:‬‬
‫عن الحسين بن محمد‪ ،‬عن المعلى‪ ،‬عن الوشاء‪ ،‬عن أبان‪ ،‬عن زرارة‬

‫)‪ (1‬الغضا‪ :‬شجر عظيم من الثل‪ ،‬واحدته غضاة‪ ،‬وخشبه من أصلب الخشب‪،‬‬
‫ولهذا يكون في فحمه صلبة‪ ،‬وهو حسن النار‪ ،‬وجمره يبقى زمانا طويل‬
‫ل ينطفئ‪ (2) .‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪(*) .57‬‬

‫]‪[148‬‬

‫عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم على المنبر‪ :‬ل‬
‫يجد أحدكم طعم اليمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه‪ ،‬وما أخطأه‬
‫لم يكن ليصيبه )‪ .(1‬تبيين‪ :‬قوله عليه السلم‪ " :‬طعم اليمان " قيل‪ :‬إن‬
‫فيه مكنية وتخييلية حيث شبه اليمان بالطعام في أنه غذاء للروح به ينمو‬
‫ويبلغ حد الكمال‪ ،‬كما أن الطعام غداء للبدن‪ ،‬قوله عليه السلم‪ " :‬لم يكن‬
‫ليخطئه " يحتمل أن يكون من المعتل أي يتجاوزه‪ ،‬أو من المهموز أي ل‬
‫يصيبه كما يخطئ السهم الرمية‪ ،‬قال الراغب‪ :‬الخطأ العدول عن الجهة‪،‬‬
‫وذلك أضرب أحدها‪ :‬أن يريد غير ما يحسن إرادته فيفعله‪ ،‬والثاني أن يريد‬
‫ما يحسن فعله ولكن يقع منه خلف ما يريد‪ ،‬وهذا قد أصاب في الرادة‪،‬‬
‫وأخطأ في الفعل‪ ،‬والثالث أن يريد ما ل يحسن فعله‪ ،‬ويتفق منه خلفه‪،‬‬
‫وهذا مخطئ في الرادة ومصيب في الفعل‪ ،‬فهو مذموم بقصده‪ ،‬وغير‬
‫محمود على فعله‪ ،‬وجمله المر أن من أراد شيئا واتفق منه غيره‪ ،‬يقال‪:‬‬
‫أخطأ وإن وقع منه كما أراده يقال‪ :‬أصاب‪ ،‬وقد يقال لمن فعل فعل ل يحسن‬
‫أو أراد إرادة لتجمل‪ :‬أنه أخطأ )‪ .(2‬وقال الجوهري‪ :‬في المعتل قولهم في‬
‫الدعاء إذا دعو للنسان خطى عنه السوء أي دفع عنه السوء تخطيته إذا‬
‫تجاوزته وتخطيت رقاب الناس وتخطيت إلى كذا ول تقل تخطأت )‪ .(3‬وفي‬
‫المصباح الخطأ مهموزا ضد الصواب يقصر ويمد‪ ،‬وهو اسم من أخطأ فهو‬
‫مخطئ قال أبو عبيدة‪ :‬خطئ خطأ من باب علم وأخطأ بمعنى واحد لمن‬
‫يذنب على غير عمد‪ ،‬وقال غيره‪ :‬خطأ في الدين وأخطأ في كل شئ عامدا‬
‫كان أو غير عامد وأخطأ الحق بعد عنه وأخطأه السهم تجاوزه ولم يصبه‪،‬‬
‫وتخفيف الرباعي جائز‪ ،‬وقال الزمخشري‪ :‬في الساس في المهموز‪ :‬ومن‬
‫المجاز لن يخطئك ما‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .57‬مفردات غريب القرآن‪ (3) .151 :‬الصحاح ص‬
‫‪ 2329‬ج ‪.6‬‬

‫]‪[149‬‬

‫كتب لك وما أخطأك لم يكن ليصيبك‪ ،‬وما أصابك لم يكن ليخطئك وقال في المعتل‪:‬‬
‫ومن المجاز تخطاه المكروه انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬فظهر أن الهمز أظهر‪ ،‬وحاصل‬
‫المعنى أن ما أصابه في الدنيا كان يجب أن يصيبه‪ ،‬ولم يكن بحيث يتجاوزه‬
‫إذا لم يبالغ السعي فيه‪ ،‬وما لم يصبه في الدنيا لم يكن يصيبه إذا بالغ في‬
‫السعي‪ ،‬أو المعنى أن ما أصابه في التقدير الزلي ل يتجاوزه‪ ،‬وإن قصر‬
‫في السعي وكذا العكس‪ ،‬وهذا الخبر بظاهره مما يوهم الجبر‪ ،‬ولذا اول‬
‫وخص بما لم يكلف العبد به‪ ،‬فعل وتركا أو بما يصل إليه بغير اختياره من‬
‫النعم والبليا والصحة والمرض وأشباهها‪ ،‬وقد مضى الكلم في أمثاله في‬
‫كتاب العدل‪ - 10 .‬كا‪ :‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن زيد‬
‫الشحام‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم أن أمير المؤمنين عليه السلم جلس‬
‫إلى حائط مائل يقضي بين الناس فقال بعضهم‪ :‬ل تقعد تحت هذا الحائط‬
‫فانه معور‪ ،‬فقال أمير المؤمنين عليه السلم حرس امرءا أجله‪ ،‬فلما قام‬
‫أمير المؤمنين سقط الحائط‪ ،‬قال‪ :‬وكان أمير المؤمنين مما يفعل هذا‬
‫وأشباهه‪ ،‬وهذا اليقين )‪ .(1‬توضيح‪ " :‬فانه معور " على بناء الفاعل من‬
‫باب الفعال أي ذو شق وخلل يخاف منه‪ ،‬أو على بناء المفعول من التفعيل‬
‫أو الفعال أي ذو عيب قال في النهاية‪ :‬العوار بالفتح العيب‪ ،‬وقد يضم‬
‫والعورة كل ما يستحيى منه إذا ظهر‪ ،‬وفيه رأيته وقد طلع في طريق‬
‫معورة أي ذات عورة يخاف فيها الضلل والنقطاع‪ ،‬وكل عيب وخلل في‬
‫شي فهو عورة‪ ،‬وفي الساس مكان معور‪ :‬ذو عورة‪ .‬قوله عليه السلم‪:‬‬
‫" حرس امرءا أجله " امرءا مفعول حرس " وأجله " فاعله وهذا مما‬
‫استعمل فيه النكرة في سياق الثبات للعموم‪ ،‬أي حرس كل امرئ أجله‬
‫كقوله أنجز حر ما وعد )‪ (2‬ويؤيده ما في النهج أنه قال عليه السلم‪ :‬كفى‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .58‬من المثال السائرة‪ :‬يقال‪ :‬نجز الوعد ينجز‪ ،‬وقال‬
‫الزهرى‪ :‬نجز الوعد ‪- - -‬‬

‫]‪[150‬‬

‫بالجل حارسا )‪ .(1‬ومن العجب ما ذكره بعض الشارحين أن امرأ مرفوع على‬
‫الفاعلية وأجله منصوب على المفعولية‪ ،‬والعكس محتمل‪ ،‬والمقصود‬
‫النكار لن أجل المرء ليس بيده حتى يحرسه انتهى‪ .‬ويشكل هذا بأنه يدل‬
‫على جواز إلقاء النفس إلى التهلكة‪ ،‬وعدم وجوب الفرار عما يظن عنده‬
‫الهلك‪ ،‬والمشهور عند الصحاب ]خلفه[ ويمكن أن يجاب عنه بوجوه‪:‬‬
‫الول أنه يمكن أن يكون هذا الجدار مما يظن عدم انهدامه في ذلك الوقت‪،‬‬
‫ولكن الناس كانوا يحترزون عن ذلك بالحتمال البعيد لشدة تعلقهم بالحياة‬
‫فأجاب عليه السلم بأن الجل حارس‪ ،‬ول يحسن الحذر عند الحتمالت‬
‫البعيدة لذلك‪ ،‬وإنما نحترز عند الظن بالهلك تعبدا‪ ،‬وهذا ليس من ذلك‬
‫]لكن[ قوله عليه السلم‪ " :‬فلما قام " الخ مما يبعد هذا الوجه ويقعده‪،‬‬
‫وإن أمكن توجيهه‪ .‬الثاني‪ :‬أن يقال‪ :‬هذا كان من خصائصه عليه السلم‬
‫وأضرابه‪ ،‬حيث كان يعلم وقت أجله باخبار النبي صلى ال عليه وآله‬
‫وغيره‪ ،‬فكان يعلم أن هذا الحائط ل يسقط في ذلك الوقت وإن كان مشرفا‬
‫على النهدام‪ ،‬لعدم الكذب في إخباره‪ ،‬وأما من لم يعلم ذلك فهو مكلف‬
‫بالحتراز‪ ،‬وكون هذا من اليقين لكونه متفرعا على اليقين بخبر‬

‫‪ - - -‬وانجزته أنا وكذلك نجزت به‪ ،‬وانما قال حر ولم يقل الحر‪ ،‬لنه حذر أن يسمى‬
‫نفسه حرا‪ ،‬فكان ذلك تمدحا‪ ،‬قال المفضل‪ :‬أول من قال ذلك الحارث بن‬
‫عمرو آكل المرار الكندى لصخر بن نهشل بن دارم‪ ،‬وذلك أن الحارث قال‬
‫لصخر‪ :‬هل أدلك على غنيمة على أن لى خمسها ؟ فقال صخر‪ :‬نعم‪ ،‬فدله‬
‫على ناس من اليمن فأغار عليهم بقومه‪ ،‬فظفروا وغنموا‪ ،‬فلما انصرفوا‬
‫قال له الحارث‪ :‬أنجز حر ما وعد‪ ،‬فأرسلها مثل راجع مجمع المثال ج ‪2‬‬
‫ص ‪ 332‬تحت الرقم ‪ (1) .4191‬راجع نهج البلغة الرقم ‪ 306‬من‬
‫الحكم‪.‬‬
‫]‪[151‬‬

‫النبي صلى ال عليه وآله‪ .‬الثالث أن يقال‪ :‬إنه من خصائصه عليه السلم على وجه‬
‫آخر‪ ،‬وهو أنه عليه السلم كان يعلم أن هذا الحائط ل ينهدم في هذا الوقت‪،‬‬
‫فلما علم أنه حان وقت سقوطه قام فسقط‪ ،‬ويؤيده ما رواه الصدوق في‬
‫التوحيد )‪ (1‬باسناده عن الصبغ ابن نباتة أن أمير المؤمنين عليه السلم‬
‫عدل من عند حائط آخر فقيل له‪ :‬يا أمير المؤمنين تفر من قضاء ال ؟‬
‫قال‪ :‬أفر من قضاء ال إلى قدر ال‪ ،‬ولعل المعنى أني لما علمت أنه ينهدم‬
‫وأعلم أن ال قدر لي أجل متأخرا عن هذا الوقت‪ ،‬فأفر من هذا إلى أن‬
‫يحصل لي القدر الذي قدره ال لي‪ ،‬أو المراد بقدر ال أمره وحكمه أي إنما‬
‫أفر من هذا القضاء بأمره تعالى ]أو المعنى أن الفرار أيضا من تقديره‬
‫تعالى[ فل ينافي كون الشياء بقضاء ال تعالى الفرار من البليا والسعي‬
‫لتحصيل ما يجب السعي له‪ ،‬فان كل ذلك داخل في علمه وقضائه‪ ،‬ول ينافي‬
‫شئ من ذلك اختيار العبد‪ ،‬كما حققناه في محله‪ .‬ويؤيد الوجوه كلها ماروي‬
‫في الخصال باسناده عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله‪ :‬خمسة ل يستجاب لهم أحدهم رجل مر بحايط مايل وهو‬
‫يقبل إليه ولم يسرع المشي حتى سقط عليه الخبر )‪ .(2‬الرابع ما قال‬
‫بعضهم‪ :‬التكليف بالفرار مختص بغير الموقن لن الموقن يتوكل على ال‪،‬‬
‫ويفوض أمره إليه‪ ،‬فيقيه عن كل مكروه‪ ،‬كما قال عزوجل‪ " :‬أليس ال‬
‫بكاف عبده " )‪ (3‬وكما قال مؤمن آل فرعون‪ " :‬وافوض أمري إلى ال‬
‫إن ال بصير بالعباد * فوقاه ال سيئات ما مكروا " )‪ (4‬وسر ذلك أن‬
‫المؤمن الموقن المنتهي إلى حد الكمال ل ينظر إلى السباب والوسايط في‬
‫النفع والضر‬

‫)‪ (1‬التوحيد ص ‪ (2) .377‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .143‬الزمر‪ (4) .36 :‬غافر‪:‬‬
‫‪.44‬‬

‫]‪[152‬‬

‫وإنما نظره إلى مسببها‪ ،‬وأما من لم يبلغ ذلك الحد من اليقين‪ ،‬فانه يخاطب بالفرار‬
‫قضاء لحق الوسائط‪ " .‬وهذا اليقين " أي من ثمرات اليقين بقضاء ال‬
‫وقدره وقدرته وحكمته ولطفه ورأفته وصدق أنبيائه ورسله‪ - 11 .‬كا‪ :‬عن‬
‫العدة‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن البزنطي‪ ،‬عن صفوان الجمال قال‪ :‬سألت أبا عبد‬
‫ال عليه السلم عن قول ال عزوجل‪ " :‬وأما الجدار فكان لغلمين يتيمين‬
‫في المدينة وكان تحته كنز لهما " )‪ (1‬فقال‪ :‬أما إنه ما كان ذهبا ول فضة‪،‬‬
‫وإنما كان أربع كلمات‪ :‬ل إله إل أنا من أيقن بالموت لم يضحك سنه‪ ،‬ومن‬
‫أيقن بالحساب لم يفرح قلبه‪ ،‬ومن أيقن بالقدر ]ة[ لم يخش إل ال )‪.(2‬‬
‫بيان‪ :‬قوله تعالى‪ " :‬أما الجدار " أقول‪ :‬هذا في قصة موسى والخضر‬
‫عليهما السلم كما مر تفسير اليات‪ ،‬وشرح القصة في كتاب النبوة )‪" (3‬‬
‫وكان تحته كنز لهما " قال الطبرسي رحمه ال‪ :‬الكنز هو كل مال مذخور‬
‫من ذهب أو فضة وغير ذلك واختلف في هذا الكنز فقيل‪ :‬كانت صحف علم‬
‫مدفونة تحته عن ابن عباس وابن جبير ومجاهد‪ ،‬قال ابن عباس‪ :‬ما كان‬
‫ذلك الكنز إل علما وقيل‪ :‬كان كنزا من الذهب والفضة رواه أبو الدرداء عن‬
‫النبي صلى ال عليه وآله وقيل‪ :‬كان لوحا من الذهب‪ ،‬وفيه مكتوب‪ :‬عجبا‬
‫لمن يؤمن بالقدر كيف يحزن ؟ عجبا لمن أيقن بالرزق كيف يتعب ؟ عجبا‬
‫لمن أيقن بالموت كيف يفرح ؟ عجبا لمن يؤمن بالحساب كيف يغفل ؟‬
‫عجبا لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها ؟ ل إله إل ال محمد‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله عن ابن عباس والحسن وروي ذلك عن‬
‫أبي عبد ال عليه السلم‪ .‬وفي بعض الروايات زيادة ونقصان‪ ،‬وهذا القول‬
‫يجمع القولين الولين لنه يتضمن أن الكنز كان مال كتب فيه علم فهو مال‬
‫وعلم " وكان أبوهما صالحا "‬

‫)‪ (1‬الكهف‪ (2) .82 :‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .58‬راجع ج ‪ 13‬ص ‪ 285‬وما بعده من‬
‫هذه الطبعة‪.‬‬

‫]‪[153‬‬

‫بين سبحانه أنه حفظ الغلمين بصلح أبيهما‪ ،‬ولم يذكر منهما صلحا عن ابن‬
‫عباس وروي عن أبي عبد ال عليه السلم أنه كان بينهما وبين ذلك الب‬
‫الصالح سبعة آباء وقال عليه السلم‪ :‬إن ال ليصلح بصلح الرجل المؤمن‬
‫ولده وولد ولده وأهل دويرته ودويرات حوله‪ ،‬فل يزالون في حفظ ال‬
‫لكرامته على ال )‪ " .(1‬فأراد ربك أن يبلغا أشدهما " قال البيضاوي‪ :‬أي‬
‫الحلم وكمال الرأي " ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك " أي مرحومين‬
‫من ربك‪ ،‬ويجوز أن يكون علة أو مصدرا لراد‪ ،‬فان إرادة الخير رحمة‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬يتعلق بمحذوف تقديره فعلت ما فعلت رحمة من ربك انتهى‪.(2) .‬‬
‫قوله عليه السلم‪ " :‬ماكان ذهبا ول فضة " أقول‪ :‬يدل على أن الخبار‬
‫الواردة بأنه كان من ذهب محمولة على التقية‪ ،‬ويمكن أن يحمل هذا الخبر‬
‫على أنه لم يكن كونه كنزا وادخاره وحفظ الخضر عليه السلم له لكونه‬
‫ذهبا بل للعلم الذي كان فيه‪ ،‬وإنما اقتصر على هذه الربع لن الولى‬
‫مشتملة على توحيد ال وتنزيهه عن كل ما ل يليق به سبحانه‪ ،‬والثانية‬
‫على تذكر الموت والستعداد لما بعده‪ ،‬والثالثة على تذكر أحوال القيامة‬
‫وأهوالها الموجب لعدم الفرح بلذات الدنيا والرغبة في زخارفها‪ ،‬والرابعة‬
‫على اليقين بالقضاء والقدر المتضمن لعدم الخشية من غير ال‪ ،‬وهي من‬
‫أعظم أركان اليمان ومن امهات الصفات الكمالية‪ " .‬لم يضحك سنه "‬
‫إنما نسب الضحك إلى السن لخراج التبسم فانه ممدوح وكان ضحك‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله تبسما وقراءته بالنصب بأن يكون المراد‬
‫بالسن العمر بعيد‪ ،‬وظاهر أن تذكر الموت والهوال التي بعده يصير‬
‫النسان مغموما مهموما متهيئا لرفع تلك الهوال‪ ،‬فل يدع في قلبه فرحا‬
‫من اللذات يصير سببا لضحكه‪ ،‬وكذا اليقين بالحساب ل يدع فرحا في قلب‬
‫اولي اللباب‪ ،‬وكذا من أيقن بأن جميع المور بقضاء ال وقدره علم أنه‬
‫الضار النافع في الدنيا والخرة‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ج ‪ 6‬ص ‪ (2) .488‬أنوار التنزيل ص ‪.252‬‬

‫]‪[154‬‬

‫فل يخشى ول يرجو غيره سبحانه‪ - 12 .‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن علي بن‬
‫الحكم‪ ،‬عن صفوان الجمال عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬كان أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم يقول‪ :‬ل يجد عبد طعم اليمان حتى يعلم أن ما‬
‫أصابه لم يكن ليخطئه وأن ما أخطأه لم يكن ليصيبه‪ ،‬وأن الضار النافع هو‬
‫ال عزوجل )‪ .(1‬بيان‪ " :‬وال هو الضار النافع " لن كل نفع وضرر‬
‫بتقديره تعالى وإن كان بتوسط الغير‪ ،‬وأن النفع والضرر الحقيقيان منه‬
‫تعالى وأما الضرر اليسير من الغير مع الجزاء الكثير في الخرة‪ ،‬فليس‬
‫بضرر حقيقة وكذا المنافع الفانية الدنيوية إذا كانت مع العقوبات الخروية‬
‫فهو عين الضرر‪ ،‬وبالجملة كل نفع وضرر يعتد بهما فهو من عنده تعالى‬
‫وأيضا كل نفع أو ضرر من غيره فهو بتوفيقه أو خذلنه سبحانه‪ - 13 .‬كا‪:‬‬
‫عن محمد بن يحيى‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن الوشاء‪ ،‬عن عبد ال بن سنان‪،‬‬
‫عن أبي حمزة‪ ،‬عن سعيد بن قيس الهمداني قال‪ :‬نظرت يوما في الحرب‬
‫إلى رجل عليه ثوبان فحركت فرسي فإذا هو أمير المؤمنين عليه السلم‬
‫فقلت‪ :‬يا أمير المؤمنين في مثل هذا الموضع ؟ فقال‪ :‬نعم يا سعيد بن‬
‫قيس‪ ،‬إنه ليس من عبد إل وله من ال عزوجل حافظ وواقية‪ ،‬معه ملكان‬
‫يحفظانه من أن يسقط من رأس جبل أو يقع في بئر فإذا نزل القضاء خليا‬
‫بينه وبين كل شئ )‪ .(2‬بيان‪ " :‬في مثل هذا الموضع " فيه تقدير أي‬
‫تكتفي بلبس القميص والزار من غير درع وجنة في مثل هذا الموضع ؟ "‬
‫حافظ " أي ملك حافظ لعماله " و " ملئكة " واقية " له من البليا‬
‫دافعة لها عنه‪ ،‬كما قال تعالى‪ " :‬له معقبات من بين يديه ومن خلقه‬
‫يحفظونه من أمر ال " )‪ (3‬وروى علي بن إبراهيم في تفسيرها عن أبي‬
‫الجارود عن أبي جعفر عليه السلم " من أمر ال " يقول‪ :‬بأمر ال من‬
‫أن يقع في ركي‬
‫)‪ 1‬و ‪ (2‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .58‬الرعد‪.11 :‬‬

‫]‪[155‬‬

‫أو يقع عليه حائط أو يصيبه شئ حتى إذا جاء القدر خلوا بينه وبينه‪ ،‬يدفعونه إلى‬
‫المقادير‪ ،‬وهما ملكان يحفظانه بالليل وملكان يحفظانه بالنهار يتعاقبانه‬
‫وروي عن أبي عبد ال عليه السلم أنه قال‪ :‬إنما نزلت " له معقبات من‬
‫خلفه ورقيب من بين يديه يحفظونه بأمر ال " )‪ .(1‬وقال الطبرسي رحمه‬
‫ال في سياق الوجوه المذكورة في تفسيرها‪ :‬والثاني أنهم ملئكة يحفظونه‬
‫من المهالك حتى ينتهوا به إلى المقادير فيحولون بينه وبين المقادير‪ ،‬عن‬
‫علي عليه السلم‪ ،‬وقيل‪ :‬هم عشرة أملك على كل آدمي يحفظونه من بين‬
‫يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر ال أي يطوفون به كما يطوف الموكل‬
‫بالحفظ وقيل‪ :‬يحفظون ما تقدم من عمله وما تأخر إلى أن يموت فيكتبونه‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬يحفظونه من وجوه المهالك والمعاطب‪ ،‬ومن الجن والنس والهوام‪،‬‬
‫وقال ابن عباس‪ :‬يحفظونه مما لم يقدر نزوله فإذا جاء المقدر بطل الحفظ‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬من أمر ال أي بأمر ال‪ ،‬وقيل‪ :‬يحفظونه عن خلق ال فمن بمعنى‬
‫عن‪ ،‬قال كعب‪ :‬لول أن ال وكل بكم ملئكة يذبون عنكم في مطعمكم‬
‫ومشربكم وعوراتكم لتخطفتكم الجن انتهى )‪ .(2‬وروى الصدوق ‪ -‬ره ‪ -‬في‬
‫التوحيد باسناده عن أبي حيان التيمي‪ ،‬عن أبيه و كان مع علي عليه‬
‫السلم يوم صفين ]وفيما بعد ذلك قال‪ :‬بينما علي بن أبي طالب يعبئ‬
‫الكتائب يوم صفين[ )‪ (3‬ومعاوية مستقبله على فرس له يتأكل تحته تأكل‬
‫)‪ (4‬وعلي عليه السلم على فرس رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫المرتجز‪ ،‬وبيده حربة رسول ال‪ ،‬وهو متقلد سيفه ذا الفقار‪ ،‬فقال رجل من‬
‫أصحابه‪ :‬احترس يا أمير المؤمنين فانا نخشى‬

‫)‪ (1‬تفسير القمي‪ (2) .337 :‬مجمع البيان ج ‪ 6‬ص ‪ (3) .281‬مابين العلمتين‬
‫ساقط من نسخة الكمبانى وهكذا نسخة المرآت المطبوعة ج ‪ 2‬ص ‪،84‬‬
‫أضفناه من المصدر‪ ،‬وقد أخرجه المؤلف في ج ‪ 41‬ص ‪ 1‬من هذه الطبعة‬
‫تماما‪ (4) .‬أي يتوهج ويحترق غضبا على راكبه كيف يمنعه عن العدو‬
‫في هذا الميدان‪.‬‬

‫]‪[156‬‬

‫أن يغتالك هذا الملعون‪ ،‬فقال عليه السلم‪ :‬لئن قلت ذاك إنه غير مأمون على دينه‪،‬‬
‫و إنه لشقى القاسطين وألعن الخارجين على الئمة المهتدين‪ ،‬ولكن كفى‬
‫بالجل حارسا ليس أحد من الناس إل ومعه ملئكة حفظة يحفظونه من أن‬
‫يتردى في بئر أو يقع على حائط أو يصيبه سوء‪ ،‬فإذا حان أجله خلوا بينه‬
‫وبين ما يصيبه وكذلك أنا إذا حان أجلي انبعث أشقاها فخضب هذه من هذا‬
‫‪ -‬وأشار إلى لحيته ورأسه ‪ -‬عهدا معهودا ووعدا غير مكذوب )‪ .(1‬وقيل‪:‬‬
‫التاء في قوله " واقية " للنقل إلى السمية‪ ،‬إذا المراد الواقية من‬
‫خصوص الموت‪ ،‬وقيل‪ :‬واقية أي جنة واقية كأنها من الصفات الغالبة‪ ،‬أو‬
‫التاء فيها للمبالغة عطف تفسيري للحافظ انتهى‪ - 14 .‬كا‪ :‬عن الحسين بن‬
‫محمد‪ ،‬عن المعلى‪ ،‬عن علي بن أسباط قال‪ :‬سمعت أبا الحسن الرضا عليه‬
‫السلم يقول‪ :‬كان في الكنز الذي قال ال عزوجل " وكان تحته كنز لهما "‬
‫)‪ (2‬كان فيه بسم ال الرحمن الرحيم عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح ؟‬
‫وعجبت لمن أيقن بالقدر كيف يحزن ؟ وعجبت لمن رأى الدنيا وتقلبها‬
‫بأهلها كيف يركن إليها ؟ وينبغي لمن عقل عن ال أن ليتهم ال في‬
‫قضائه‪ ،‬ول يستبطئه في رزقه‪ ،‬فقلت له‪ :‬جعلت فداك اريد أكتبه‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فضرب وال يده إلى الدواة ليضعها بين يدي‪ ،‬فتناولت يده فقبلتها وأخذت‬
‫الدواة فكتبته )‪ .(3‬بيان‪ :‬قوله‪ " :‬كان فيه " تأكيد لقوله‪ " :‬كان في الكنز‬
‫" واختلف الخبار في المكتوب في اللوح لضير فيه لن الجميع كان فيه‪،‬‬
‫واختلف العبارات للنقل بالمعنى مع أن الظاهر أنها لم تكن عربية‪ ،‬وفي‬
‫النقل من لغة إلى لغة كثيرا ما تقع تلك الختلفات‪ .‬فان قلت‪ :‬الحصر في‬
‫بعض الخبار )‪ (4‬بإنما ينافي تجويز الزيادة على الربع‬

‫)‪ (1‬التوحيد‪ (2) .367 :‬الكهف‪ (3) .82 :‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (4) .59‬في المرآت‪:‬‬
‫في الحديث ‪ ،6‬والمراد الحديث المرقم ‪.11‬‬

‫]‪[157‬‬

‫قلت‪ :‬الظاهر أن الحصر بالضافة إلى الذهب والفضة مع أن المضامين قريبة وإنما‬
‫التفاوت بالجمال والتفصيل‪ ،‬ونسبة التعجب إلى ال تعالى مجاز والغرض‬
‫الخبار عن ندرة الوقوع أو عدمه‪ .‬وقال بعض المحققين‪ :‬إنما اختلفت‬
‫ألفاظ الروايتين مع أنهما إخبار عن أمر واحد لنهما إنها تخبران عن‬
‫المعنى دون اللفظ‪ ،‬فلعل اللفظ كان غير عربي وأما ما يتراآى فيهما من‬
‫الختلف في المعنى‪ ،‬فيمكن إرجاع إحداهما إلى الخرى وذلك لن التوحيد‬
‫والتسمية مشتركان في الثناء‪ ،‬ولعلهما كانا مجتمعين فاكتفى في كل من‬
‫الروايتين بذكر أحدهما‪ .‬ومن أيقن بالقدر‪ ،‬علم أن ما أصابه لم يكن‬
‫ليخطئه‪ ،‬وما أخطأه لم يكن ليصيبه‪ ،‬فلم يحزن على ما فاته‪ ،‬ولم يخش إل‬
‫ال ومن أيقن بالحساب نظر إلى الدنيا بعين العبرة‪ ،‬ورأى تقلبها بأهلها‪،‬‬
‫فلم يركن إليها‪ ،‬فلم يفرح بما آتاه فهذه خصال متلزمة اكتفى في إحدى‬
‫الروايتين ببعضها وفي الخرى بآخر‪ .‬وأما قوله " ينبغي " إلى آخره‬
‫فلعله من كلم الرضا عليه السلم دون أن يكون من جملة ما في الكنز‪،‬‬
‫وعلى تقدير أن يكون من جملة ذلك‪ ،‬فذكره في إحدى الروايتين ل ينافي‬
‫السكوت عنه في الخرى انتهى‪ " .‬لمن عقل عن ال " أي حصل له‬
‫معرفة ذاته وصفاته المقدسة من علمه وحكمته ولطفه ورحمته‪ ،‬أو أعطاه‬
‫ال عقل كامل‪ ،‬أو علم المور بعلم ينتهي إلى ال بأن أخذه عن أنبيائه‬
‫وحججه عليهم السلم إما بل واسطة أو بواسطة‪ ،‬أو بلغ عقله إلى درجة‬
‫يفيض ال علومه عليه بغير تعليم بشر أو تفكر فيما أجرى ال على لسان‬
‫النبياء والوصياء‪ ،‬وفيما أراه من آياته في الفاق والنفس‪ ،‬وتقلب أحوال‬
‫الدنيا وأمثالها‪ ،‬والثاني أظهر لقول الكاظم عليه السلم لهشام‪ :‬يا هشام ما‬
‫بعث ال أنبياءه ورسله إلى عباده إل ليعقلوا عن ال‪ ،‬وقال أيضا‪ :‬إنه لم‬
‫يخف ال من لم يعقل عن ال ومن لم يعقل عن ال لم يعقد قلبه على معرفة‬
‫ثابتة يبصرها‪ ،‬ويجد حقيقتها في قلبه )‪.(1‬‬

‫)‪ (1‬راجع الكافي ج ‪ 1‬ص ‪ 16‬و ‪.18‬‬

‫]‪[158‬‬

‫" أن ل يتهم ال في قضائه " بأن يظن أن ما لم يقدره ال له خير مما قدر له أو‬
‫يفعل من السعي والجزع ما يوهم ذلك " ول يستبطئه " أي ل يعده بطيئا‬
‫في رزقه إن تأخر بأن يعترض عليه في البطاء بلسان الحال أو القال‪،‬‬
‫ويدل على رجحان كتابة الحديث‪ ،‬وعدم التكال على الحفظ‪ - 15 .‬كا‪ :‬عن‬
‫محمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن علي بن الحكم‪ ،‬عن عبد الرحمن‬
‫العرزمي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬كان قنبر غلم علي‬
‫يحب عليا عليه السلم حبا شديدا‪ ،‬فإذا خرج علي خرج على أثره بالسيف‪،‬‬
‫فرآه ذات ليلة فقال‪ :‬يا قنبر مالك ؟ فقال‪ :‬جئت لمشي خلفك يا أمير‬
‫المؤمنين‪ ،‬قال‪ :‬ويحك أمن أهل السماء تحرسني أو من أهل الرض ؟‬
‫فقال‪ :‬ل‪ ،‬بل من أهل الرض‪ ،‬فقال‪ :‬إن أهل الرض ل يستطيعون لي شيئا‬
‫إل باذن ال من السماء فارجع فرجع )‪ .(1‬بيان‪ :‬قنبر كان من موالي أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم ومن خواصه وقتله الحجاج لعنه ال على حبه عليه‬
‫السلم‪ ،‬قوله عليه السلم‪ " :‬فإذا خرج " روي أنه عليه السلم كان يخرج‬
‫في أكثر الليالي إلى ظهر الكوفة فيعبد ال هناك‪ " .‬إل باذن ال من السماء‬
‫" إنما نسب إلى السماء لن التقديرات فيها‪ ،‬والذن التخلية كما مر‪- 16 .‬‬
‫كا‪ :‬علي بن إبراهيم‪ ،‬عن محمد بن عيسى‪ ،‬عن يونس‪ ،‬عمن ذكره قال‪:‬‬
‫قيل للرضا عليه السلم‪ :‬إنك تتكلم بهذا الكلم والسيف يقطر دما ؟ فقال‪:‬‬
‫إن ل واديا من ذهب حماه بأضعف خلقه النمل‪ ،‬فلو رامت البخاتي لم تصل‬
‫إليه )‪ .(2‬بيان‪ " :‬بهذا الكلم " أي بدعوى المامة " والسيف " أي‬
‫سيف هارون " يقطر " على بناء المعلوم من باب نصر‪ ،‬و " دما " تمييز‬
‫وكونه من باب الفعال ودما مفعول بعيد‪ ،‬وفي القاموس البخت بالضم البل‬
‫الخراسانية كالبختية والجمع بخاتي وبخاتي وبخات انتهى‪ ،‬وذكر بعض‬
‫المؤرخين أن عسكر بعض الخلفاء وصلوا إلى موضع فنظروا عن جانب‬
‫الطريق إلى واد يلوح منها ذهب كثير‪ ،‬فلما توجهوا‬

‫)‪ 1‬و ‪ (2‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.59‬‬

‫]‪[159‬‬

‫إليها خرج إليهم نمل كثير كالبغال فقتلت أكثرهم‪ - 17 .‬كا‪ :‬عن محمد بن يحيى‪ ،‬عن‬
‫أحمد بن محمد‪ ،‬وعلي‪ ،‬عن أبيه جميعا‪ ،‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن أبي محمد‬
‫الوابشي وإبراهيم بن مهزم‪ ،‬عن إسحاق بن عمار قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال‬
‫عليه السلم يقول‪ :‬إن رسول ال صلى ال عليه وآله صلى بالناس الصبح‬
‫فنظر إلى شاب في المسجد وهو يخفق ويهوي برأسه مصفرا لونه‪ ،‬قد‬
‫نحف جسمه‪ ،‬وغارت عيناه في رأسه‪ ،‬فقال له رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬كيف أصبحت يا فلن ؟ قال‪ :‬أصبحت يارسول ال موقنا‪ ،‬فعجب‬
‫رسول ال من قوله وقال له‪ :‬إن لكل يقين حقيقة فما حقيقة يقينك ؟ فقال‪:‬‬
‫إن يقيني يارسول ال هو الذي أحزنني‪ ،‬وأسهر ليلي وأظمأ هواجرى‪،‬‬
‫فغزفت نفسي عن الدنيا وما فيها حتى كأني أنظر إلى عرش ربي وقد‬
‫نصب للحساب‪ ،‬وحشر الخليق لذلك‪ ،‬وأنا فيهم‪ ،‬وكأني أنظر إلى أهل‬
‫الجنة يتنعمون في الجنة ويتعارفون على الرائك متكئون‪ ،‬وكأني أنظر إلى‬
‫أهل النار وهم فيها معذبون مصطرخون‪ ،‬وكأني الن أسمع زفير النار‬
‫يدور في مسامعي‪ .‬فقال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬هذا عبد نور ال‬
‫قلبه باليمان‪ ،‬ثم قال له‪ :‬الزم ما أنت عليه‪ ،‬فقال الشاب‪ :‬ادع ال لي‬
‫يارسول ال أن ارزق الشهادة معك‪ ،‬فدعا له رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله فلم يلبث أن خرج في بعض غزوات النبي صلى ال عليه وآله‬
‫فاستشهد بعد تسعة نفر وكان هو العاشر )‪ .(1‬بيان‪ " :‬وهو يخفق ويهوي‬
‫برأسه " أي ينعس‪ ،‬فينحط رأسه للنعاس بكثرة العبادة في الليل‪ ،‬في‬
‫القاموس خفقت الراية تخفق وتخفق خفقا وخفقانا محركة اضطربت‬
‫وتحركت وفلن حرك رأسه إذا نعس كأخفق‪ ،‬وقال‪ :‬هوى هويا سقط من‬
‫علو إلى سفل انتهى‪ ،‬فقوله ويهوي برأسه كالتفسير لقوله‪ " :‬يخفق " أو‬
‫مبالغة في الخفق إذ يكفي فيه الحركة القليلة‪ ،‬ونحف كتعب وقرب نحافة‬
‫هزل " كيف أصبحت " أي على أي حال دخلت في الصباح ؟ أو كيف‬
‫صرت ؟‪.‬‬
‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.53‬‬

‫]‪[160‬‬

‫" فعجب رسول ال " كتعب أي تعجب منه لندرة مثل ذلك أو أعجبه وسر به قال‬
‫الراغب‪ :‬العجب والتعجب حالة تعرض للنسان عند الجهل بسبب الشئ‬
‫ولهذا قال بعض الحكماء‪ :‬العجب ما ل يعرف سببه‪ ،‬ولهذا قيل‪ :‬ل يصح‬
‫على ال التعجب إذ هو علم الغيوب‪ ،‬ويقال لما ل يعهد مثله‪ :‬عجب قال‬
‫تعالى‪ " :‬أكان للناس عجبا أن أوحينا " )‪ " (1‬كانوا من آياتنا عجبا " )‬
‫‪ " (2‬إنا سمعنا قرآنا عجبا " )‪ (3‬أي لم نعهد مثله ولم نعرف سببه‬
‫ويستعار تارة للمونق فيقال‪ :‬أعجبني كذا أي راقني‪ ،‬وقال تعالى‪ " :‬ومن‬
‫الناس من يعجبك " )‪ .(4‬قوله‪ " :‬إن لكل يقين " أي فرد من أفراده أو‬
‫صنف من أصنافه " حقيقة فما حقيقة يقينك " من أي نوع أو صنف ؟ أو‬
‫لكل يقين علمة تدل عليه فما علمة يقينك كما مر " هو الذي أحزنني "‬
‫أي في أمر الخرة " وأسهر ليلي " لحزن الخرة أو للستعداد لها أو‬
‫لحب عبادة ال ومناجاته " عجبا للمحب كيف ينام " والسناد مجازي أي‬
‫أسهرني في ليلي‪ ،‬وكذا في قوله‪ " :‬وأظمأ هواجري " مجاز عقلي أي‬
‫أظمأني عند الهاجرة وشدة الحر للصوم في الصيف‪ ،‬وإنما خصه لنه أشق‬
‫وأفضل‪ ،‬في القاموس الهاجرة نصف النهار عند زوال الشمس مع الظهر‪،‬‬
‫أو من عند زوالها إلى العصر‪ ،‬لن الناس يستكنون في بيوتهم كأنهم قد‬
‫تهاجروا شدة الحر‪ ،‬وقال‪ :‬عزفت نفسي عنه تعزف عزوفا زهدت فيه‬
‫وانصرفت عنه أو ملته‪ " .‬حتى كأني أنظر " أي شدة اليقين بأحوال‬
‫الخرة صيرني إلى حالة المشاهدة‪ ،‬والصطراخ الستغاثة‪ ،‬وزفير النار‬
‫صوت توقدها‪ ،‬في القاموس زفر يزفر زفرا وزفيرا أخرج نفسه بعد مده‬
‫إياه‪ ،‬والنار سمع لتوقدها صوت‪ ،‬وقال‪ :‬المسمع كمنبر الذن كالسامعة‪،‬‬
‫والجمع مسامع انتهى وقيل‪ :‬المسامع جمع جمع‬

‫)‪ (1‬يونس‪ (2) .2 :‬الكهف‪ (3) .9 :‬الجن‪ (4) .1 :‬البقرة‪ ،204 :‬راجع مفردات‬
‫غريب القرآن ‪.322‬‬

‫]‪[161‬‬

‫على غير قياس كمشابه وملمح جمع شبه ولمحة‪ .‬وقال بعض المحققين‪ :‬هذا‬
‫التنوير الذي اشير به في الحديث إنما يحصل بزيادة اليمان وشدة اليقين‬
‫فانهما ينتهيان بصاحبهما إلى أن يطلع على حقائق الشياء محسوساتها‬
‫ومعقولتها‪ ،‬فتنكشف له حجيها وأستارها‪ ،‬فيعرفها بعين اليقين على ماهي‬
‫عليه‪ ،‬من غير وصمة ريب أو شائبة شك‪ ،‬فيطمئن لها قلبه‪ ،‬ويستريح بها‬
‫روحه‪ ،‬وهذه هي الحكمة الحقيقية التي من اوتيها فقد اوتي خيرا كثيرا‬
‫وإليه أشار أمير المؤمنين عليه السلم بقوله‪ " :‬هجم بهم العلم على‬
‫حقائق المور‪ ،‬وباشروا روح اليقين‪ ،‬واستلنوا ما استوعره المترفون‪،‬‬
‫وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون وصحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة‬
‫بالملء العلى " )‪ .(1‬أراد عليه السلم بما استوعره المترفون يعني‬
‫المتنعمون رفض الشهوات البدنية وقطع التعلقات الدنيوية وملزمة‬
‫الصمت والسهر والجوع والمراقبة والحتراز عما ل يعني ونحو ذلك‪،‬‬
‫وإنما يتيسر ذلك بالتجافي عن دار الغرور‪ ،‬والترقي إلى عالم النور‪،‬‬
‫والنس بال‪ ،‬والوحشة عما سواه‪ ،‬وصيرورة الهموم جميعا هما واحدا‪،‬‬
‫وذلك لن القلب مستعد لن يتجلى فيه حقيقة الحق في الشياء كلها من‬
‫اللوح المحفوظ الذي هو منقوش بجميع ما قضى ال تعالى به إلى يوم‬
‫القيامة وإنما حيل بينه وبينها حجب كنقصان في جوهره أو كدورة تراكمت‬
‫عليه من كثرة الشهوات‪ ،‬أو عدول به عن جهة الحقيقة المطلوبة‪ ،‬أو‬
‫اعتقاد سبق إليه ورسخ فيه على سبيل التقليد‪ ،‬والقبول بحسن الظن‪ ،‬أو‬
‫جهل بالجهة التي منها يقع العثور على المطلوب وإلى بعض هذه الحجب‬
‫اشير في الحديث النبوي لو ل أن الشياطين يحومون على قلوب بني آدم‬
‫لنظروا إلى ملكوت السماء‪ - 18] .‬م‪ :‬قوله عزوجل‪ " :‬ثم قست قلوبكم من‬
‫بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد‬

‫)‪ (1‬راجع نهج البلغة تحت الرقم ‪ 147‬من الحكم‪ ،‬تحف العقول ص ‪ ،164‬ول‬
‫يذهب عليك أن كلمه عليه السلم هذا في صفات حجج ال عزوجل‬
‫وصدره‪ :‬اللهم بلى ل يخلو الرض من قائم ل بحجة اما ظاهرا مشهورا‬
‫أو خائفا مغمورا الخ‪.‬‬

‫]‪[162‬‬

‫قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه النهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء‬
‫وإن منها لما يهبط من خشية ال وما ال بغافل عما تعملون " )‪ (1‬قال‬
‫المام عليه السلم‪ :‬قال ال عزوجل‪ " :‬ثم قست "[ )‪ (2‬قلوبكم عست )‪(3‬‬
‫وجفت ويبست من الخير والرحمة " قلوبكم " معاشر اليهود " من بعد‬
‫ذلك " من بعد ما بينت من اليات الباهرات في زمان موسى عليه السلم‬
‫ومن اليات المعجزات التي شاهدتموها من محمد " فهي كالحجارة "‬
‫اليابسة لترشح برطوبة‪ ،‬ول ينتفض منها ما ينتفع به أي إنكم ل حق ال‬
‫تؤدون ول من أموالكم ول من حواشيها تتصدقون‪ ،‬ول بالمعروف‬
‫تتكرمون وتجودون‬
‫)‪ (1‬البقرة‪ (2) .74 :‬ما جعلناه بين المعقوفتين‪ ،‬أضفناه من المصدر )تفسير‬
‫المام( بقرينة المقام‪ ،‬وأما نسخة الكمبانى ونسخة الصل فكما عرفت في‬
‫المقدمة متحدة ال أن نسخة الصل تنتهى صحيفتها )اليمنى( عند قوله "‬
‫ملكوت السماء " وبعده بياض نصف صفحة‪ ،‬ثم يبتدئ صدر صحيفتها‬
‫)اليسرى( بقوله‪ " :‬قلوبكم عست " الخ وقد خط بالحمرة على لفظ "‬
‫قلوبكم " دللة على أنه لفظ القرآن الكريم‪ ،‬كما خط على سائر ألفاظ‬
‫الية‪ ،‬وأما في نسخة الكمبانى ص ‪ 64‬من الجزء الثاني للمجلد الخامس‬
‫عشر فقد كتب الجملتان متصل من دون فصل‪ ،‬قائل في هامشها‪ " :‬كذا‬
‫وجد في نسخة الصل وفي النسخة الصل بعد ملكوت السماء بياض "‪.‬‬
‫أقول‪ :‬أما الجملة الولى " ملكوت السماء " فهى آخر بيان الحديث كما‬
‫في شرح الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ 77‬من مرآت العقول‪ ،‬وأما الجملة الثانية "‬
‫قلوبكم عست " مع ما سقط من صدرها وترى بعدها من الذيل فانما‬
‫يناسب باب القلب وصلحه وفساده‪ ،‬ل هذا الباب وهذا الشتباه من سوء‬
‫تلفيق الجزوات بعد فوت المؤلف رحمه ال‪ ،‬وسيمر عليكم في اواسط‬
‫باب الخوف والرجاء وحسن الظن بال شطر من الحاديث وهى من باب‬
‫جوامع المكارم‪ (3) .‬قال الفيروزآبادي‪ :‬عسى النبات عساء وعسوا غلظ‬
‫ويبس‪ ،‬والليل اشتدت ظلمته‪ ،‬وقال الطبرسي في المجمع عند قوله‬
‫تعالى‪ :‬وقد بلغت من الكبر عتيا‪ :‬العتى والعسى بمعنى يقال عتا يعتو‬
‫عتوا وعتيا وعسى يعسو عسوا وعسيا فهو عات وعاس إذا غيره طول‬
‫الزمان الى حال اليبس والجفاف‪ ،‬وفي حرف ابى‪ " :‬وقد بلغت من الكبر‬
‫عسيا "‪.‬‬

‫]‪[163‬‬

‫ول الضيف تقرون‪ ،‬ول مكروبا تغيثون‪ ،‬ول بشئ من النسانية تعاشرون‬
‫وتعاملون‪ " .‬أو أشد قسوة " إنما هي في قساوة الحجار أو أشد قسوة‪،‬‬
‫أبهم على السامعين ولم يبين لهم كما يقول القائل‪ :‬أكلت خبزا أو لحما وهو‬
‫ل يريد به أني لأدري ما أكلت‪ ،‬بل يريد أن يبهم على السامع حتى ل يعلم‬
‫ماذا أكل‪ ،‬وإن كان يعلم أنه قد أكل‪ ،‬وليس معناه بل أشد قسوة لن هذا‬
‫استدراك غلط‪ ،‬وهو عزوجل يرتفع أن يغلط في خبر ثم يستدرك على نفسه‬
‫الغلط‪ ،‬لنه العالم بما كان وبما يكون‪ ،‬وما ل يكون أن لو كان كيف كان‬
‫يكون‪ ،‬وإنما يستدرك الغلط على نفسه المخلوق المنقوص‪ ،‬ول يريد به‬
‫أيضا فهي كالحجارة أو أشد أي وأشد قسوة‪ ،‬لن هذا تكذيب الول بالثاني‪،‬‬
‫لنه قال‪ " :‬فهي كالحجارة " في الشدة ل أشد منها ول ألين‪ ،‬فإذا قال بعد‬
‫ذلك‪ " :‬أو أشد " فقد رجع عن قوله الول‪ :‬أنها ليس بأشد‪ ،‬وهذا مثل لمن‬
‫يقول‪ :‬ل يجئ من قلوبكم خير ل قليل ول كثير‪ .‬فأبهم عزوجل في الول‬
‫حيث قال‪ :‬أو أشد وبين في الثاني أن قلوبهم أشد قسوة من الحجارة‪ ،‬ل‬
‫بقوله‪ :‬أو أشد قسوة‪ ،‬ولكن بقوله‪ " :‬وإن من الحجارة لما يتفجر منه‬
‫النهار " أي فهي في القساوة بحيث ل يجئ منها الخير وفي الحجارة ما‬
‫يتفجر منه النهار‪ ،‬فيجئ بالخير والغياث لبني آدم " وإن منها " من‬
‫الحجارة " لما يشقق فيخرج منه الماء " وهو ما يقطر منها الماء فهو‬
‫خير منها دون النهار التي يتفجر من بعضها‪ ،‬وقلوبهم ل يتفجر منها‬
‫الخيرات ول يشقق فيخرج منها قليل من الخيرات‪ ،‬وإن لم يكن كثيرا‪ .‬ثم‬
‫قال عزوجل‪ " :‬وإن منها " يعني من الحجارة " لما يهبط من خشية ال‬
‫" إذا اقسم عليها باسم ال وبأسماء أوليائه محمد وعلي وفاطمة والحسن‬
‫والحسين والطيبين من آلهم صلى ال عليهم وليس في قلوبكم شئ من هذه‬
‫الخيرات " وما ال بغافل عما تعملون " بل عالم به يجازيكم عنه بما هو‬
‫عادل عليكم وليس بظالم لكم‪ ،‬يشدد حسابكم ويؤلم عقابكم‪.‬‬

‫]‪[164‬‬

‫وهذا الذي وصف ال تعالى به قلوبهم ههنا نحو ما قال في سورة النساء‪ " :‬أم لهم‬
‫نصيب من الملك فإذا ل يؤتون الناس نقيرا " )‪ (1‬وما وصف به الحجار‬
‫ههنا نحو ما وصف في قوله تعالى‪ " :‬لو أنزلنا هذا القرآن على جبل‬
‫لرأيته خاشعا متصدعا من خشية ال " )‪ .(2‬وهذا التقريع من ال تعالى‬
‫لليهود والناصب واليهود جمعوا المرين واقترفوا الخطيئتين‪ ،‬فغلظ على‬
‫اليهود ما وبخهم به رسول ال صلى ال عليه وآله فقال جماعة من‬
‫رؤسائهم وذوي اللسن والبيان منهم‪ :‬يا محمد إنك تهجونا وتدعي على‬
‫قلوبنا ما ال يعلم منها خلفه إن فيها خيرا كثيرا نصوم ونتصدق ونواسي‬
‫الفقراء‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬إنما الخير ما اريد به وجه‬
‫ال تعالى وعمل على ما أمر ال تعالى به‪ ،‬فأما ما اريد به الرياء والسمعة‬
‫ومعاندة رسول ال صلى ال عليه وآله وأظهار العناد له والتمالك والشرف‬
‫عليه فليس بخير‪ ،‬بل هو الشر الخالص‪ ،‬وبال على صاحبه يعذبه ال به‬
‫أشد العذاب‪ .‬فقالوا له‪ :‬يا محمد أنت تقول هذا ونحن نقول‪ :‬بل ما تنفقه إل‬
‫لبطال أمرك‪ ،‬ودفع رياستك‪ ،‬ولتفريق أصحابك عنك‪ ،‬وهو الجهاد العظم‬
‫نأمل به من ال الثواب الجل الجسم وأقل أحوالنا أنا تساوينا في الدعوى‬
‫معك فأي فضل لك علينا ؟ فقال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬يا إخوة‬
‫اليهود إن الدعاوي يتساوى فيها المحقون والمبطلون‪ ،‬ولكن حجج ال‬
‫ودلئله تفرق بينهم‪ ،‬فتكشف عن تمويه المبطلين‪ ،‬وتبين عن حقائق‬
‫المحقين‪ ،‬ورسول ال محمد ل يغتنم جهلكم‪ ،‬ول يكلفكم التسليم له بغير‬
‫حجة‪ ،‬ولكن يقيم عليكم حجة ال التي ل يمكنكم دفاعها‪ ،‬ول تطيقون‬
‫المتناع من موجبها‪ ،‬ولو ذهب محمد يريكم آية من عنده لشككتم وقلتم إنه‬
‫متكلف مصنوع محتال فيه‪ ،‬معمول أو متواطأ عليه‪ ،‬وإذا اقترحتم أنتم‬
‫فاريكم ما تقترحون‪ ،‬لم يكن لكم أن تقولوا معمول أو متواطأ عليه‪ ،‬أو‬
‫متأتى بحيلة‬

‫)‪ (1‬النساء‪ (2) .52 :‬الحشر‪.21 :‬‬

‫]‪[165‬‬

‫ومقدمات‪ ،‬فما الذي تقترحون ؟ فهذا رب العالمين قد وعدني أن يظهر لكم ما‬
‫تقترحون ليقطع معاذير الكافرين منكم ويزيد في بصائر المؤمنين منكم‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬قد أنصفتنا يا محمد فان وفيت بما وعدت من نفسك من النصاف‬
‫وإل فأنت أول راجع من دعواك النبوة‪ ،‬وداخل في غمار المة ومسلم لحكم‬
‫التوراة ليعجزك عما نقترحه عليك‪ ،‬وظهور باطل دعواك فيما ترومه من‬
‫جهتك‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬الصدق ينبئ عنكم ل الوعيد )‬
‫‪ (1‬اقترحوا ما أنتم تقترحون ليقطع معاذيركم فيما تسألون‪ .‬فقالوا له‪ :‬يا‬
‫محمد زعمت أنه ما في قلوبنا شئ من مواساة الفقراء‪ ،‬ومعاونة الضعفاء‪،‬‬
‫والنفقة في إبطال الباطل وإحقاق الحق‪ ،‬وأن الحجار ألين من قلوبنا‬
‫وأطوع ل منا‪ ،‬وهذه الجبال بحضرتنا فهلم بنا إلى بعضها فاستشهده على‬
‫تصديقك وتكذيبنا‪ ،‬فان نطق بتصديقك فأنت المحق‪ ،‬يلزمنا اتباعك‪ ،‬وإن‬
‫نطق بتكذيبك أو صمت فلم يرد جوابك‪ ،‬فاعلم أنك المبطل في دعواك‪،‬‬
‫المعاند لهواك فقال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬نعم هلموا بنا إلى أيها‬
‫شئتم فأستشهده ليشهد لي عليكم فخرجوا إلى أوعر جبل رأوه‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا‬
‫محمد هذا الجبل فاستشهده‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وآله للجبل‪:‬‬
‫إني أسألك بجاه محمد وآله الطيبين الذين بذكر أسمائهم خفف ال العرش‬
‫على كواهل ثمانية من الملئكة‪ ،‬بعد أن لم يقدروا على تحريكه وهم خلق‬
‫كثير ليعرف عددهم إل ال عزوجل‪ ،‬وبحق محمد وآله الطيبين الذين بذكر‬
‫أسمائهم تاب ال على آدم‪ ،‬وغفر خطيئته‪ ،‬وأعاده إلى مرتبته‪ ،‬وبحق‬
‫محمد وآله الطيبين الذين بذكر أسمائهم وسؤال ال بهم رفع إدريس في‬
‫الجنة مكانا عليا لما شهدت لمحمد بما أودعك ال بتصديقه على هؤلء‬
‫اليهود‪ ،‬في ذكر قساوة‬

‫)‪ (1‬مثل سائر‪ ،‬يعنى أن الصدق يدفع عنك الغائلة في الحرب دون التهديد‪ .‬قال أبو‬
‫عبيدة‪ :‬هو ينبى غير مهموز‪ ،‬ويقال‪ :‬أصله الهمز من النباء‪ ،‬أي ان‬
‫الفعل يخبر عنك ل القول‪ ،‬راجع الصحاح ج ‪ 6‬ص ‪ ،2500‬وفي مجمع‬
‫المثال ج ‪ 1‬ص ‪ 398‬يقول‪ :‬انما ينبئ عدوك عنك أن تصدقه في‬
‫المحاربة وغيرها‪ ،‬ل أن توعده ول تنفد لما توعد به‪.‬‬
‫]‪[166‬‬

‫قلوبهم‪ ،‬وتكذيبهم في جحدهم‪ ،‬لقول محمد رسول ال صلى ال عليه وآله‪ .‬فتحرك‬
‫الجبل وتزلزل وفاض عنه الماء‪ ،‬ونادى‪ :‬يا محمد أشهد أنك رسول رب‬
‫العالمين‪ ،‬وسيد الخليق أجمعين‪ ،‬وأشهد أن قلوب هؤلء اليهود كما‬
‫وصفت أقسى من الحجارة‪ ،‬ل يخرج منها خير كما قد يخرج من الحجارة‬
‫الماء سيل وتفجرا وأشهد أن هؤلء كاذبون عليك فيما به يقذفونك من‬
‫الفرية على رب العالمين )‪ .(1‬أقول‪ :‬تمامه في أبواب معجزات النبي صلى‬
‫ال عليه وآله )‪ .(2‬قوله تعالى‪ " :‬أفتطمعون أن يؤمنوا لكم " الية )‪(3‬‬
‫قال المام عليه السلم‪ :‬فلما بهر رسول ال صلى ال عليه وآله هؤلء‬
‫اليهود بمعجزاته‪ ،‬وقطع معاذيرهم بواضح دللته‪ ،‬لم يمكنهم مراجعته في‬
‫حجته‪ ،‬ول إدخال التلبيس عليه في معجزاته‪ ،‬قالوا‪ :‬يا محمد قد آمنا بأنك‬
‫الرسول الهادي المهدي وأن عليا أخوك هو الوصي والولي‪ ،‬وكانوا إذا‬
‫خلوا باليهود الخرين يقولون لهم‪ :‬إن إظهارنا له اليمان به أمكن لنا من‬
‫مكروهه‪ ،‬وأعون لنا على اصطلمه واصطلم أصحابه‪ ،‬لنهم عند‬
‫اعتقادهم أننا معهم يقفوننا على أسرارهم ول يكتموننا شيئا‪ ،‬فنطلع عليهم‬
‫أعداءهم‪ ،‬فيقصدون أذاهم بمعاونتنا ومظاهرتنا في أوقات اشتغالهم‬
‫واضطرابهم‪ ،‬وفي أحوال تعذر المدافعة والمتناع من العداء عليهم‪.‬‬
‫وكانوا مع ذلك ينكرون على سائر اليهود الخبار للناس عما كانوا‬
‫يشاهدونه من آياته‪ ،‬ويعاينون من معجزاته‪ ،‬فأظهر ال محمدا رسوله‬
‫على قبح اعتقادهم وسوء دخيلتهم‪ ،‬وعلى إنكارهم على من اعترف بما‬
‫شاهده من آيات محمد وواضح بيناته وباهرات معجزاته‪ ،‬فقال عزوجل‪" :‬‬
‫أفتطمعون " أنت وأصحابك من علي وآله الطيبين " أن يؤمنوا لكم "‬
‫هؤلء اليهود الذين هم بحجج ال قد بهرتموهم‪ ،‬وبآيات‬

‫)‪ (1‬تفسير المام ص ‪ ،132 - 131‬وفي طبعة اخرى ص ‪ 115‬و ‪ (2) .116‬راجع‬
‫ج ‪ 17‬ص ‪ 336‬من هذه الطبعة الحديثة‪ (3) .‬البقرة‪ 75 :‬و ‪.76‬‬

‫]‪[167‬‬

‫ال ودلئله الواضحة قد قهرتموهم " أن يؤمنوا لكم " ويصدقوكم بقلوبهم ويبدوا‬
‫في الخلوات لشياطينهم شريف أحوالكم " وقد كان فريق منهم " يعني من‬
‫هؤلء اليهود من بني إسرائيل " يسمعون كلم ال " في أصل جبل طور‬
‫سيناء وأوامره ونواهيه " ثم يحرفونه " عما سمعوه إذا أدوه إلى من‬
‫وراءهم من ساير بني إسرائيل " من بعد ما عقلوه " وعلموا أنهم فيما‬
‫يقولونه كاذبون " وهم يعلمون " أنهم في قيلهم كاذبون )‪ .(1‬ثم أظهر ال‬
‫على نفاقهم الخر فقال‪ " :‬وإذا لقوا الذين آمنوا " كانوا إذا لقوا سلمان‬
‫والمقداد وأبا ذر وعمارا " قالوا آمنا " كايمانكم إيمانا بنبوة محمد مقرونا‬
‫باليمان بامامة أخيه علي بن أبي طالب عليه السلم وبأنه أخوه الهادي‪،‬‬
‫ووزيره المؤاتي وخليفته على امته‪ ،‬ومنجز عدته‪ ،‬والوافي بذمته‪،‬‬
‫والناهض بأعباء سياسته‪ ،‬وقيم الخلق الذائد لهم عن سخط الرحمن‬
‫الموجب لهم إن أطاعوه رضى الرحمن‪ ،‬وأن خلفاءه من بعده هم النجوم‬
‫الزاهرة‪ ،‬والقمار النيرة‪ ،‬والشمس المضيئة الباهرة وأن أولياءهم أولياء‬
‫ال‪ ،‬وأن أعداءهم أعداء ال‪ ،‬ويقول بعضهم‪ :‬نشهد أن محمدا صاحب‬
‫المعجزات‪ ،‬ومقيم الدللت الواضحات )‪ .(2‬وساق الحديث كما سيأتي في‬
‫أبواب معجزات الرسول صلى ال عليه وآله )‪ (3‬وباب غزوة بدر إلى‬
‫قوله‪ :‬فلما أفضى بعض هؤلء اليهود إلى بعض قالوا‪ :‬أي شئ صنعتم ؟‬
‫أخبرتموهم " بما فتح ال عليكم " من الدللت على صدق نبوة محمد‬
‫صلى ال عليه وآله وإمامة أخيه علي بن أبي طالب عليه السلم "‬
‫ليحاجوكم به عند ربكم " بأنكم كنتم قد علمتم هذا وشاهدتموه‪ ،‬فلم تؤمنوا‬
‫به ولم تطيعوه‪ ،‬وقد روا بجهلهم أنهم إن لم يخبروهم بتلك اليات لم تكن‬
‫له عليهم حجة في غيرها‪ ،‬ثم قال عزوجل‪ " :‬أفل تعقلون "‬

‫)‪ (1‬تفسير المام ص ‪ (2) .135‬تفسير المام ص ‪ (3) .136‬راجع ج ‪ 17‬ص ‪341‬‬
‫‪.345 -‬‬

‫]‪[168‬‬

‫أن هذا الذي يخبرونهم به مما فتح ال عليكم من دلئل نبوة محمد حجة عليكم عند‬
‫ربكم قال ال عزوجل‪ " :‬أو ل يعلمون " يعني أو ل يعلم هؤلء القائلون‬
‫لخوانهم " أتحدثونهم بما فتح ال عليكم "‪ " :‬أن ال يعلم ما يسرون "‬
‫من عداوة محمد صلى ال عليه وآله ويضمرون من أن إظهارهم اليمان‬
‫به أمكن لهم من اصطلمه وإبادة أصحابه " وما يعلنون " من اليمان‬
‫ظاهرا ليونسوهم ويقفوا به على أسرارهم فيذيعونها بحضرة من يضرهم‪،‬‬
‫وأن ال لما علم ذلك دبر لمحمد صلى ال عليه وآله تمام أمره ببلوغ غاية‬
‫ما أراده ال ببعثه‪ ،‬وأنه قيم أمره‪ ،‬وأن نفاقهم وكيدهم ل يضره )‪ .(1‬قوله‬
‫تعالى‪ " :‬ومنهم اميون " )‪ (2‬الية قال المام عليه السلم‪ :‬ثم قال ال‪ :‬يا‬
‫محمد ! ومن هؤلء اليهود اميون ل يقرؤن ول يكتبون كالمي منسوب‬
‫إلى الم أي هو كما خرج من بطن امه ليقرأ ول يكتب " ل يعلمون الكتاب‬
‫" المنزل من السماء‪ ،‬ول المتكذب به‪ ،‬ول يميزون بينهما " إل أماني " )‬
‫‪ (3‬أي إل أن يقرأ عليهم‪ ،‬ويقال لهم‪ :‬إن هذا كتاب ال وكلمه‪ ،‬ل يعرفون‬
‫إن قرئ من الكتاب خلف ما فيه " وإن هم إل يظنون " أي ما يقول لهم‪:‬‬
‫رؤساؤهم من تكذيب محمد في نبوته‪ ،‬وإمامة علي سيد عترته عليهم‬
‫السلم يقلدونهم مع أنهم محرم عليهم تقليدهم )‪ .(4‬ثم قال عزوجل‪" :‬‬
‫فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم " )‪ (5‬الية قال‬

‫)‪ (1‬تفسير المام ص ‪ 138‬و ‪ ،139‬وفي ط اخرى ص ‪ (2) .120‬البقرة‪(3) .76 :‬‬
‫الماني جمع المنية ولها معنيان أحدهما أن معناها التلوة‪ ،‬يقال تمنى‬
‫كتاب ال أي قرأ وتل‪ ،‬أي هم يتلون التوراة ول يدرونها عن الكسائي‬
‫والفراء‪ ،‬والثاني أن معناها البغية وما يتمنى ويقدر‪ ،‬أي هم يتمنون على‬
‫ال ما ليس لهم مثل قولهم لن تمسنا النار ال أياما معدودة وقولهم نحن‬
‫أبناء ال وأحباؤه‪ (4) .‬تفسير المام ص ‪ (5) .139‬البقرة‪.78 :‬‬

‫]‪[169‬‬

‫المام‪ :‬قال ال عزوجل‪ - :‬لقوم من هؤلء اليهود كتبوا صفة زعموا أنها صفة‬
‫النبي صلى ال عليه وآله وهو خلف صفته‪ ،‬وقالوا للمستضعفين‪ :‬هذه‬
‫صفة النبي المبعوث في آخر الزمان‪ ،‬إنه طويل‪ ،‬عظيم البدن والبطن‪،‬‬
‫أصهب الشعر‪ ،‬ومحمد بخلفه وهو يجئ بعد هذا الزمان بخمسمائة سنة‪،‬‬
‫وإنما أرادوا بذلك لتبقى لهم على ضعفائهم رياستهم‪ ،‬وتدوم لهم منهم‬
‫إصاباتهم ويكفوا أنفسهم مؤنة خدمة رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫وخدمة علي عليه السلم وأهل خاصته ‪ -‬فقال ال عزوجل‪ " :‬فويل لهم‬
‫مما كتبت أيديهم " من هذه الصفات المحرفات المخالفات لصفة محمد‬
‫وعلي عليهما السلم الشدة لهم من العذاب في أسوء بقاع جهنم " وويل‬
‫لهم " الشدة لهم من العذاب ثابتة مضافة إلى الولى مما يكسبونه من‬
‫الموال التي يأخذونها إذا أثبتوا عوامهم على الكفر بمحمد رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله والجحد لوصية أخيه علي ولي ال‪ " .‬وقالوا لن تمسنا‬
‫النار إل أياما معدودة " الية )‪ (1‬قال المام عليه السلم‪ :‬قال ال عزوجل‪:‬‬
‫" وقالوا "‪ :‬يعني اليهود المصرين المظهرين لليمان المسرين للنفاق‬
‫المدبرين على رسول ال وذويه بما يظنون أن فيه عطبهم " لن تمسنا‬
‫النار إل أياما معدودة " وذلك أنه كان لهم أصهار وإخوة رضاع من‬
‫المسلمين يسرون كفرهم عن محمد وصحبه وإن كانوا به عارفين صيانة‬
‫لهم لرحامهم وأصهارهم‪ ،‬قال لهم هؤلء‪ :‬لم تفعلون هذا النفاق الذي‬
‫تعلمون أنكم به عند ال مسخوط عليكم معذبون‪ ،‬أجابهم ذلك اليهود بأن‬
‫مدة ذلك العذاب الذي نعذب به لهذه الذنوب أيام معدودة تنقضي ثم نصير‬
‫بعد في النعمة في الجنان‪ ،‬فل نتعجل المكروه في الدنيا للعذاب الذي هو‬
‫بقدر أيام ذنوبنا‪ ،‬فانها تفنى وتنقضي ونكون قد حصلنا لذات الحرية من‬
‫الخدمة ولذات نعمة الدنيا ثم ل نبالي بما يصيبنا بعد‪ ،‬فانه إذا لم يكن دائما‬
‫فكأنه قد فنى فقال ال عزوجل‪ " :‬قل " يا محمد " اتخذتم عند ال عهدا "‬
‫أن عذابكم على كفركم بمحمد ودفعكم لياته في نفسه وفي علي وساير‬
‫خلفائه وأوليائه منقطع غير دائم بل ما هو إل عذاب دائم لنفاد له‪ ،‬فل‬
‫تجترؤا على الثام والقبايح‪ ،‬من الكفر بال وبرسوله وبوليه المنصوب‬
‫بعده على امته‪ ،‬ليسوسهم ويرعاهم سياسة الوالد‬

‫)‪ (1‬البقرة‪.80 :‬‬

‫]‪[170‬‬

‫الشفيق الرحيم الكريم لولده‪ ،‬ورعاية الحدب المشفق على خاصته " فلن يخلف ال‬
‫عهده " فلذلك أنتم بما تدعون من فناء عذاب ذنوبكم هذه في حرز " أم‬
‫تقولون على ال مال تعلمون " اتخذتم عهدا أم تقولون‪ ،‬بل أنتم في أيهما‬
‫ادعيتم كاذبون )‪ .(1‬توضيح‪ :‬عسا الشئ يبس وصلب‪ ،‬قوله‪ " :‬الصدق‬
‫بيني وبينكم " أي يجب أن نصدق فيما نقول ونأتي به ول نكتفي بالوعد‬
‫والوعيد وفي بعض النسخ ينبئ عنكم وهو أظهر‪ - 19 .‬م‪ " :‬ولقد آتينا‬
‫موسى الكتاب وقفينا من بعده بالرسل " )‪ (2‬الية قال المام عليه السلم‪:‬‬
‫قال ال عزوجل وهو يخاطب هؤلء اليهود الذين أظهر محمد صلى ال‬
‫عليه وآله الطيبين المعجزات لهم عند تلك الجبال ويوبخهم " ولقد آتينا‬
‫موسى الكتاب " التوراة المشتمل على أحكامنا وعلى ذكر فضل محمد وآله‬
‫الطيبين وإمامة علي بن أبي طالب عليه السلم وخلفائه بعده‪ ،‬وشرف‬
‫أحوال المسلمين له‪ ،‬وسوء أحوال المخالفين عليه " وقفينا من بعده‬
‫بالرسل " وجعلنا رسول في أثر رسول " وآتينا " أعطينا " عيسى بن‬
‫مريم البينات " اليات الواضحات إحياء الموتى وإبراء الكمه والبرص‬
‫والنباء بما يأكلون وبما يدخرون في بيوتهم " وأيدناه بروح القدس "‬
‫وهو جبرئيل وذلك حين رفعه من روزنة بيته إلى السماء وألقى شبهه على‬
‫من رام قتله‪ ،‬فقتل بدل منه وقيل هو المسيح )‪ - 20 .(3‬م‪ :‬قوله عزوجل‬
‫" وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم ال بكفرهم فقليل ما يؤمنون " )‪ (4‬قال‬
‫المام عليه السلم‪ :‬قال ال تعالى‪ " :‬وقالوا " يعني اليهود الذين أراهم‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله المعجزات المذكورات عند قوله " فهي‬
‫كالحجارة " الية " قلوبنا غلف " أوعية للخير والعلوم‪ ،‬قد أحاطت بها‬
‫واشتملت عليها‪ ،‬ثم هي مع‬

‫)‪ (1‬تفسير المام ص ‪ (2) .142 - 141‬البقرة‪ (3) .87 :‬تفسير المام ‪(4) .169‬‬
‫البقرة‪.88 :‬‬
‫]‪[171‬‬

‫ذلك ل تعرف لك يا محمد فضل مذكورا في شئ من كتب ال‪ ،‬ول على لسان أحد‬
‫من أنبياء ال‪ ،‬فقال ال ردا عليهم‪ " ،‬بل " ليس كما يقولون أوعية‬
‫للعلوم‪ ،‬ولكن قد " لعنهم ال " أبعدهم ال من الخير " فقليل ما يؤمنون‬
‫" قليل إيمانهم‪ ،‬يؤمنون ببعض ما أنزل ال ويكفرون ببعض فإذا كذبوا‬
‫محمدا في سائر ما يقول فقد صار ما كذبوا به أكثر‪ ،‬وما صدقوا به أقل‪،‬‬
‫وإذا قرئ غلف فانهم قالوا " قلوبنا غلف " في غطاء فل نفهم كلمك‬
‫وحديثك‪ ،‬كما قال ال تعالى‪ " :‬وقالوا قلوبنا في أكنة مما تدعونا إليه وفي‬
‫آذاننا وقر ومن بيننا وبينك حجاب " )‪ (1‬وكل القراءتين حق وقد قالوا‬
‫بهذه وبهذا جميعا‪ .‬ثم قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬معاشر اليهود‬
‫أتعاندون رسول رب العالمين‪ ،‬و تأبون العتراف بأنكم كنتم بذنوبكم من‬
‫الجاهلين‪ ،‬أن ال ل يعذب بها أحدا ول يزيل عن فاعل هذا عذابه أبدا إن‬
‫آدم عليه السلم لم يقترح على ربه المغفرة لذنبه إل بالتوبة‪ ،‬فكيف‬
‫تقترحونها أنتم مع عنادكم )‪ .(2‬توضيح‪ :‬قال الطبرسي رحمه ال القراءة‬
‫المشهورة غلف بسكون اللم وروي في الشواذ غلف بضم اللم عن أبي‬
‫عمرو فمن قرأ بتسكين اللم فهو جمع الغلف يقال للسيف إذا كان في‬
‫غلف أغلف‪ ،‬ومن قرأ بضم اللم فهو جمع غلف‪ ،‬فمعناه أن قلوبنا أوعية‬
‫العلم فما بالها )ل( تفهم )‪ - 21 .(3‬ب‪ :‬ابن عيسى عن البزنطي عن الرضا‬
‫عليه السلم قال‪ :‬اليمان أفضل من السلم بدرجة‪ ،‬والتقوى أفضل من‬
‫اليمان بدرجة‪ ،‬واليقين أفضل من التقوى بدرجة‪ ،‬ولم يقسم بين بني آدم‬
‫شيئا أقل من اليقين )‪ - 22 .(4‬جا )‪ (5‬ما‪ :‬محمد بن الحسين المقري‪ ،‬عن‬
‫علي بن محمد‪ ،‬عن أبي العباس‬

‫)‪ (1‬فصلت‪ (2) .5 :‬تفسير المام ص ‪ (3) .177‬مجمع البيان ج ‪ 1‬ص ‪(4) .156‬‬
‫أفضل من اليقين خ ل‪ ،‬راجع قرب السناد ص ‪ (5) .208‬مجالس المفيد‬
‫ص ‪.174‬‬

‫]‪[172‬‬

‫الحوص‪ ،‬عن محمد بن الحسين بن عيسى‪ ،‬عن سماعة‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬إن من اليقين أن ل ترضوا الناس بسخط ال‪ ،‬ول تلوموهم‬
‫على ما لم يؤتكم ال من فضله‪ ،‬فان الرزق ل يسوقه حرص حريص‪ ،‬ول‬
‫يرده كره كاره‪ ،‬ولو أن أحدكم فر من رزقه كما يفر من الموت لدركه كما‬
‫يدركه الموت )‪ - 23 .(1‬يد‪ :‬القطان‪ ،‬عن ابن زكريا‪ ،‬عن ابن حبيب‪ ،‬عن‬
‫علي بن زياد عن مروان بن معاوية‪ ،‬عن العمش‪ ،‬عن أبي حيان التيمي‪،‬‬
‫عن أبيه وكان مع علي بن أبي طالب عليه السلم يوم صفين وفيما بعد‬
‫ذلك قال‪ :‬بينما علي بن أبي طالب عليه السلم يعبئ الكتائب يوم صفين‬
‫ومعاوية مستقبله على فرس له يتأكل تحته تأكل و علي عليه السلم على‬
‫فرس رسول ال صلى ال عليه وآله المرتجز‪ ،‬وبيده حربة رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ ،‬و هو متقلد سيفه ذا الفقار‪ ،‬فقال رجل من أصحابه‪:‬‬
‫احترس يا أمير المؤمنين فانا نخشى أن يغتالك هذا الملعون‪ ،‬فقال عليه‬
‫السلم‪ :‬لئن قلت ذاك إنه غير مأمون على دينه )‪ (2‬وإنه لشقى القاسطين‪،‬‬
‫وألعن الخارجين على الئمة المهتدين‪ ،‬ولكن كفى بالجل حارسا‪ ،‬ليس أحد‬
‫من الناس إل ومعه لملئكة حفظة يحفظونه من أن يتردى في بئر أو يقع‬
‫عليه حائط أو يصيبه سوء‪ ،‬فإذا حان أجله خلوا بينه ]وبين ما يصيبه‬
‫فكذلك إنا إذا حان أجلي انبعث أشقاها فخضب هذه من هذا ‪ -‬وأشار إلى‬
‫لحيته و رأسه ‪ -‬عهدا معهودا[ )‪ (3‬ووعدا غير مكذوب )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬أمالي الطوسى ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .60‬انما يقول عليه السلم ذلك‪ ،‬فان الحرب في‬
‫دين السلم انما هو تحاكم إلى ال بانزال النصر على المحقين واهلك‬
‫المبطلين‪ ،‬خصوصا إذا كان بين فئتين مؤمنتين وأما الغتيال فهو خارج‬
‫عن حقيقة هذا التحاكم‪ ،‬منهى عنه بقوله صلى ال عليه وآله‪ :‬اليمان قيد‬
‫الفتك‪ .‬لكنه ‪ -‬يعنى معاوية ‪ -‬ل يراعى الدين ول يحارب تحاكما إلى ال‬
‫لنه يعلم أنه مبطل ولما كان غير مأمون على دينه ل يستبعد منه أن‬
‫يغتال عدوه‪ (3) .‬مابين العلمتين ساقط من الصل وهكذا نسخة الكمبانى‪.‬‬
‫)‪ (4‬توحيد الصدوق ‪ ،376‬وقد مر اليعاز إليه في شرح الحديث المرقم‬
‫‪.13‬‬

‫]‪[173‬‬

‫‪ - 24‬لى‪ :‬محمد بن أحمد السدي‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن الحسن العامري عن‬
‫إبراهيم بن عيسى السدوسي‪ ،‬عن سليمان بن عمرو‪ ،‬عن عبد ال بن‬
‫الحسن عن امه فاطمة بنت الحسين‪ ،‬عن أبيها عليهما السلم قال‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬إن صلح أول هذه المة بالزهد واليقين‪،‬‬
‫وهلك آخرها بالشح والمل )‪ - 25 .(1‬لى‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬خير ما القي في قلب اليقين )‪ - 26 .(2‬ل‪ :‬ابن الوليد‪ ،‬عن الصفار‪،‬‬
‫عن محمد بن عيسى‪ ،‬عن عثمان بن عيسى عن ابن مسكان‪ ،‬عن أبي عبد‬
‫ال عليه السلم قال‪ :‬لم يقسم بين العباد أقل من خمس اليقين‪ ،‬والقنوع‪،‬‬
‫والصبر‪ ،‬والشكر‪ ،‬والذي يكمل به هذا كله العقل )‪ - 27 .(3‬مع‪ :‬أبي‪ ،‬عن‬
‫سعد‪ ،‬عن البرقي عن أبيه رفعه إلى النبي صلى ال عليه وآله قال‪ :‬قلت‬
‫لجبرئيل‪ :‬ما تفسير اليقين ؟ قال‪ :‬المؤمن يعمل ل كأنه يراه فان لم يكن‬
‫يرى ال فان ال يراه‪ ،‬وأن يعلم يقينا أن ما أصابه لم يكن ليخطئه‪ ،‬وأن ما‬
‫أخطأه لم يكن ليصيبه الخبر )‪ - 28 .(4‬ع‪ :‬ابن المتوكل‪ ،‬عن الحميري‪،‬‬
‫عن محمد بن علي‪ ،‬عن ابن محبوب عن هشام بن سالم قال‪ :‬سمعت أبا‬
‫عبد ال عليه السلم يقول لحمران بن أعين‪ :‬يا حمران انظر إلى من هو‬
‫دونك‪ ،‬ول تنظر إلى من هو فوقك في المقدرة‪ ،‬فان ذلك أقنع لك بما قسم‬
‫لك‪ ،‬وأحرى أن تستوجب الزيادة من ربك‪ ،‬واعلم أن العمل الدائم القليل‬
‫على اليقين أفضل عند ال من العمل الكثير على غير يقين‪ ،‬واعلم أنه ل‬
‫ورع أنفع من تجنب محارم ال‪ ،‬والكف عن أذى المؤمنين واغتيابهم‪ ،‬ول‬
‫عيش أهنا من حسن الخلق‪ ،‬ول مال أنفع من القنوع باليسير المجزئ‪ ،‬ول‬
‫جهل أضر من‬

‫)‪ (1‬أمالي الصدوق ص ‪ (2) .137‬أمالي الصدوق ص ‪ (3) .292‬الخصال ج ‪ 1‬ص‬


‫‪ (4) .137‬معاني الخبار ص ‪.261‬‬

‫]‪[174‬‬

‫العجب )‪ - 29 .(1‬سن‪ :‬أبي‪ ،‬عن ابن سنان‪ ،‬عن ابن مسكان‪ ،‬عن أبي بصير‪ ،‬عن‬
‫أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬استقبل رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫حارثة بن مالك بن النعمان فقال له‪ :‬كيف أنت يا حارثة ؟ فقال‪ :‬يارسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله أصبحت مؤمنا حقا فقال له رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬يا حارثة لكل شئ حقيقة فما حقيقة يقينك ؟ قال‪ :‬يارسول ال‬
‫عزفت نفسي عن الدنيا‪ ،‬وأسهرت ليلي‪ ،‬وأظمأت هواجري‪ ،‬وكأني أنظر‬
‫إلى عرش ربي وقد وضع للحساب‪ ،‬وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون‬
‫وكأني أسمع عواء أهل النار في النار )‪ .(2‬فقال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬عبد نور ال قلبه لليمان‪ ،‬فاثبت‪ ،‬فقال‪ :‬يارسول ال ادع ال لي أن‬
‫يرزقني الشهادة‪ ،‬فقال‪ :‬اللهم ارزق حارثة الشهادة‪ ،‬فلم يلبث إل أياما حتى‬
‫بعث رسول ال صلى ال عليه وآله سرية فبعثه فيها‪ ،‬فقاتل فقتل سبعة أو‬
‫ثمانية ثم قتل )‪ - 30 .(3‬سن‪ :‬ابن محبوب‪ ،‬عن أبي محمد الوابشي‬
‫وإبراهيم بن مهزم‪ ،‬عن إسحاق بن عمار قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه‬
‫السلم يقول‪ :‬إن رسول ال صلى ال عليه وآله صلى بالناس الصبح‪،‬‬
‫فنظر إلى شاب من النصار وهو في المسجد يخفق ويهوي رأسه‪ ،‬مصفر‬
‫لونه نحيف جسمه‪ ،‬وغارت عيناه في رأسه‪ ،‬فقال له رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬كيف أصبحت يا فلن ؟ فقال‪ :‬أصبحت يارسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله موقنا‪ ،‬فقال‪ :‬فعجب رسول ال صلى ال عليه وآله من قوله‪:‬‬
‫وقال له‪ :‬إن لكل شئ حقيقة فما حقيقة يقينك ؟‬
‫)‪ (1‬علل الشرائع ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .246‬يقال‪ :‬تزاوروا‪ :‬أي زار بعضهم بعضا‪ ،‬وقال‬
‫في النهاية‪ :‬في حديث حارثة كأنى أسمع عواء أهل النار أي صياحهم‬
‫والعواء صوت السباع وكأنه بالذئب والكلب أخص‪ ،‬وفي القاموس عوى‬
‫يعوى عيا وعواء بالضم‪ :‬لوى خطمه ثم صوت ومد صوته ولم يفصح‬
‫منه رحمه ال‪ (3) .‬المحاسن ص ‪.246‬‬

‫]‪[175‬‬

‫قال‪ :‬إن يقيني يارسول ال هو أحزنني وأسهر ليلي وأظمأ هواجري‪ ،‬فعزفت نفسي‬
‫عن الدنيا وما فيها‪ ،‬حتى كأني أنظر إلى عرش ربي وقد نصب للحساب‬
‫وحشر الخلئق لذلك وأنا فيهم‪ ،‬وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتنعمون فيها‬
‫ويتعارفون على الرائك متكئين‪ ،‬وكأني أنظر إلى أهل النار فيها معذبون‬
‫يصطرخون‪ ،‬وكأني أسمع الن زفير النار يعزفون في مسامعي‪ ،‬قال‪ :‬فقال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله لصحابه‪ :‬هذا عبد نور ال قلبه لليمان‪ ،‬ثم‬
‫قال‪ :‬الزم ما أنت عليه‪ ،‬قال‪ :‬فقال له الشاب‪ :‬يارسول ال ادع لي أن ارزق‬
‫الشهادة معك فدعا له رسول ال صلى ال عليه وآله بذلك‪ ،‬فلم يلبث أن‬
‫خرج في بعض غزوات النبي صلى ال عليه وآله فاستشهد بعد تسعة نفر‬
‫وكان هو العاشر )‪.(1‬‬

‫)‪ (1‬المحاسن ص ‪ ،250‬قال العلمة المؤلف قدس سره في المرآت ج ‪ 2‬ص ‪:77‬‬
‫اعلم ان هاتين الروايتين تدلن على أن حارثة استشهد في زمن الرسول‬
‫صلى ال عليه وآله‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬وينافيه ما ذكره الشيخ في رجاله‬
‫حيث قال‪ :‬حارثة بن نعمان النصاري كنيته أبو عبد ال شهد بدرا واحدا‬
‫وما بعدهما من المشاهد وشهد مع أمير المؤمنين عليه السلم القتال‪:‬‬
‫وتوفي في زمن معاوية‪ .‬قال‪ :‬وهو خطأ لن المذكور في الخبر حارثة بن‬
‫مالك وجده النعمان وما ذكره الشيخ حارثة بن النعمان وهو غيره‪،‬‬
‫والعجب أن هذا الحديث مذكور في كتب العامة أيضا كما يظهر من‬
‫النهاية‪ ،‬وهذا الرجل غير مذكور في رجالهم‪ ،‬وكانه لعدم الرواية عنه‪،‬‬
‫كما أن أصحابنا لم يذكروه لذلك‪ .‬أقول‪ :‬عنون ابن حجر في الصابة تحت‬
‫الرقم ‪ 1532‬حارثة بن مالك بن نفيع وذكر نسبه الى مالك بن النجار‬
‫النصاري وهو الذى عنونه الشيخ في رجاله‪ ،‬وذكر ما ذكره على‬
‫التفصيل‪ ،‬وعنون تحت الرقم ‪ 1478‬الحارث بن مالك النصاري وأخرج‬
‫حديثه هذا عن عدة من الجوامع الحديثية بألفاظ مختلفة‪ ،‬وذكر أنه معضل‬
‫وأنهم ل يعولون على حديثه هذا لنه ضعيف أو ل يثبت موصول‪ .‬وأقول‪:‬‬
‫الظاهر أن هذا الحديث من سفاسف المتصوفة المتزهدة خصوصا‬
‫بملحظة ‪- - -‬‬
‫]‪[176‬‬

‫‪ - 31‬سن‪ :‬أبي‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن هشام بن سالم‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم في قول ال‪ " :‬لو تعلمون علم اليقين " قال‪ :‬المعاينة )‪- 32 .(1‬‬
‫سن‪ :‬أبي‪ ،‬عمن ذكره‪ ،‬عن عبد ال بن سنان‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم‬
‫قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬كفى باليقين غنى وبالعبادة شغل‬
‫)‪ .(2‬محص‪ :‬عن ابن سنان مثله‪ - 33 .‬سن‪ :‬أبي رفعه قال‪ :‬قال أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم في خطبة له‪ :‬أيها الناس سلوا ال اليقين‪ ،‬وارغبوا‬
‫إليه في العافية‪ ،‬فان أجل النعمة العافية‪ ،‬وخير مادام في القلب اليقين‪،‬‬
‫والمغبون من غبن دينه‪ ،‬والمغبوط من غبط يقينه‪ ،‬قال‪ :‬وكان علي بن‬
‫الحسين يطيل القعود بعد المغرب يسأل ال اليقين )‪ .(3‬محص‪ :‬عن أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم مثله إلى قوله‪ :‬والمغبوط من حسن يقينه‪- 34 .‬‬
‫سن‪ :‬محمد بن عبد الحميد‪ ،‬عن صفوان قال‪ :‬سألت أبا الحسن الرضا عليه‬
‫السلم عن قول ال لبراهيم‪ " :‬أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي " )‬
‫‪- - - - .(4‬‬

‫ما في بعضها انه كان في المسجد يخفق ويهوى برأسه‪ ،‬فانه من شعار المتصوفة‪.‬‬
‫وهكذا ما روى في الكافي انه بينا رسول ال في بعض اسفاره إذ لقيه‬
‫ركب فقالوا‪ :‬السلم عليك يارسول ال‪ :‬فقال‪ :‬ما أنتم ؟ فقالوا‪ :‬نحن‬
‫مؤمنون يارسول ال‪ .‬قال‪ :‬فما حقيقة ايمانكم ؟ قالوا‪ :‬الرضا بقضاء ال‪،‬‬
‫والتفويض الى ال‪ ،‬والتسليم لمر ال‪ ،‬فقال رسول ال‪ :‬علماء حكماء‬
‫كادوا أن يكونوا من الحكمة أنبياء الحديث‪ .‬فل ندرى أن هذه العصابة‬
‫التى كادوا أن يكونوا انبياء‪ ،‬من كانوا وعند من تعلموا الحكمة والعلم‬
‫النافع حتى ارتقوا هذه الدرجة العليا ؟ فان كانوا أصحابه فلم لم يعرفهم‬
‫رسول ال وسأل من أنتم ؟ أو ما أنتم ؟ ولم لم يعرفوا في الصحابة ولم‬
‫يشهروا‪ ،‬وان لم يكونوا من أصحابه‪ ،‬فعمن أخذوا الحكمة ؟ ومنبعها‬
‫وعاصمتها مدينة الرسول " صلى ال عليه واله "‪ (1) .‬المحاسن‪:‬‬
‫‪ ،247‬والية في سورة التكاثر‪ 2) .4 :‬و ‪ (3‬المحاسن‪ (4) .247 :‬البقرة‪:‬‬
‫‪.260‬‬

‫]‪[177‬‬

‫أكان في قلبه شك ؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬كان على يقين ولكنه أراد من ال الزيادة في يقينه )‬
‫‪ - 35 .(1‬سن‪ :‬ابن فضال‪ ،‬عن أبي جميلة‪ ،‬عن محمد الحلبي‪ ،‬عن أبي‬
‫عبد ال عليه السلم في قول ال‪ " :‬الذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة‬
‫أنهم إلى ربهم راجعون " )‪ (2‬قال‪ :‬يعملون ما عملوا من عمل وهم‬
‫يعلمون أنهم يثابون عليه‪ .‬وروى عثمان بن عيسى‪ ،‬عن سماعة‪ ،‬عن أبي‬
‫بصير‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬يعملون ويعلمون أنهم سيثابون‬
‫عليه )‪ - 36 .(3‬سن‪ :‬أبي‪ ،‬عن فضالة‪ ،‬عن داود بن فرقد‪ ،‬عن أبي عبد‬
‫ال عليه السلم قال‪ :‬أتى أعرابي رسول ال صلى ال عليه وآله فقال‪:‬‬
‫يارسول ال بايعني على السلم‪ ،‬فقال‪ :‬على أن تقتل أباك‪ ،‬فكف العرابي‬
‫يده وأقبل رسول ال صلى ال عليه وآله على القوم يحدثهم فقال‬
‫العرابي‪ :‬يارسول ال بايعني على السلم‪ ،‬فقال‪ :‬على أن تقتل أباك‪ ،‬قال‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬فبايعه رسول ال ثم قال رسول ال‪ :‬الن لم تتخذ من دون ال ول‬
‫رسوله ول المؤمنين وليجة‪ ،‬إني ل آمرك بعقوق الوالدين‪ ،‬ولكن صاحبهما‬
‫في الدنيا معروفا )‪ - 37 .(4‬سن‪ :‬ابن محبوب‪ ،‬عن جميل بن صالح‪ ،‬عن‬
‫أبي عبيدة الحذاء‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬إن اناسا أتوا رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله بعد ما أسلموا فقالوا‪ :‬يا رسول ال أيؤخذ الرجل‬
‫منا بما عمل في الجاهلية بعد إسلمه ؟ فقال‪ :‬من حسن إسلمه وصح يقين‬
‫إيمانه لم يأخذه ال بما عمل في الجاهلية‪ ،‬ومن سخف إسلمه ولم يصح‬
‫يقين إيمانه أخذه ال بالول والخر )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬المحاسن‪ (2) .247 :‬المؤمنون‪ (3) .60 :‬المحاسن‪ (4) .247 :‬المحاسن‪:‬‬
‫‪ ،248‬وفي هذا الباب من المحاسن احاديث اخر لم يخرجه المؤلف رحمه‬
‫ال‪ (5) .‬المحاسن‪.250 :‬‬

‫]‪[178‬‬

‫‪ - 38‬سن‪ :‬ابن يزيد وعبد الرحمن بن حماد معا‪ ،‬عن العبدي‪ ،‬عن عبد ال ابن‬
‫سنان قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬اليمان في القلب واليقين‬
‫خطرات )‪ - 39 .(1‬سن‪ :‬أبي‪ ،‬عن ابن سنان‪ ،‬عن محمد بن حكيم‪ ،‬عمن‬
‫حدثه‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال علي عليه السلم‪ :‬اعلموا أنه‬
‫ل يصغر ماضر يوم القيامة‪ ،‬ول يصغر ما ينفع يوم القيامة‪ ،‬فكونوا فيما‬
‫أخبركم ال كمن عاين )‪ - 40 .(2‬سن‪ :‬الوشاء‪ ،‬عن علي بن أبي حمزة‪،‬‬
‫عن أبي بصير قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬سلوا ربكم العفو‬
‫والعافية فانكم لستم من رجال البلء فانه من كان قبلكم من بني إسرائيل‬
‫شقوا بالمناشير على أن يعطوا الكفر فلم يعطوه )‪ - 41 .(3‬سن‪ :‬ابن‬
‫فضال‪ ،‬عن يونس بن يعقوب‪ ،‬عن عبد العلى قال‪ :‬قال لي رجل من‬
‫قريش‪ :‬عندي تمرة من نخلة رسول ال صلى ال عليه وآله قال‪ :‬فذكرت‬
‫ذلك لبي عبد ال عليه السلم فقال‪ :‬إنها ليست إل لمن عرفها )‪- 42 .(4‬‬
‫سن‪ :‬ابن بزيع‪ ،‬عن أبي إسماعيل السراج‪ ،‬عن خضرو بن عمرو قال‪ :‬قال‬
‫أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬إن المؤمن أشد من زبر الحديد‪ ،‬إن الحديد إذا‬
‫دخل النار لن وإن المؤمن لو قتل ونشر ثم قتل لم يتغير قلبه )‪- 43 .(5‬‬
‫سن‪ :‬أبي‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن أبي المغرا‪ ،‬عن إسحاق بن عمار‬
‫ويونس قال‪ :‬سألنا أبا عبد ال عليه السلم عن قول ال‪ " :‬خذوا ما‬
‫آتيناكم بقوة " أقوة البدان أو قوة في القلب ؟ قال‪ :‬فيهما جميعا )‪44 .(6‬‬
‫‪ -‬ضا‪ :‬روي‪ :‬كفى باليقين غنى وبالعبادة شغل‪ ،‬وإن اليمان بالقلب‬

‫)‪ (2 - 1‬المحاسن ص ‪ (3) .249‬المحاسن ص ‪ (4) .250‬المحاسن ص ‪(5) .249‬‬


‫المحاسن ص ‪ (6) .251‬المحاسن ص ‪ ،261‬والية في البقرة‪ 63 :‬و‬
‫‪.93‬‬

‫]‪[179‬‬

‫واليقين خطرات‪ .‬وأروي ما قسم بين الناس أقل من اليقين‪ ،‬وروي أن ال يبغض‬
‫من عباده المائلين‪ ،‬فل تزلوا عن الحق فمن استبدل بالحق هلك وفاتته‬
‫الدنيا وخرج منها ساخطا‪ - 45 .‬مص‪ :‬قال الصادق عليه السلم‪ :‬اليقين‬
‫يوصل العبد إلى كل حال سني ومقام عجيب‪ ،‬كذلك أخبر رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله عن عظم شأن اليقين حين ذكر عنده أن عيسى ابن مريم‬
‫كان يمشي على الماء‪ ،‬فقال‪ :‬لو زاد يقينه لمشى في الهواء‪ ،‬يدل بهذا أن‬
‫النبياء مع جللة محلهم من ال كانت تتفاضل على حقيقة اليقين ل غير‪،‬‬
‫ول نهاية بزيادة اليقين على البد‪ ،‬والمؤمنون أيضا متفاوتون في قوة‬
‫اليقين وضعفه‪ ،‬فمن قوي منهم يقينه فعلمته التبري من الحول والقوة إل‬
‫بال‪ ،‬والستقامة على أمر ال وعبادته ظاهرا وباطنا‪ ،‬قد استوت عنده‬
‫حالة العدم والوجود ]والزيادة والنقصان والمدح والذم والعز والذل لنه‬
‫يرى كلها من عين واحدة‪ ،‬ومن ضعف يقينه تعلق[ )‪ (1‬بالسباب ورخص‬
‫لنفسه بذلك واتبع العادات‪ ،‬وأقاويل الناس بغير حقيقة‪ ،‬وسعى في امور‬
‫الدنيا وجمعها وإمساكها‪ :‬مقر باللسان أنه ل مانع ول معطي إل ال وأن‬
‫العبد ل يصيب إل ما رزق وقسم له‪ ،‬والجهد ل يزيد الرزق‪ ،‬وينكر ذلك‬
‫بفعله وقلبه‪ ،‬قال ال عزوجل‪ " :‬يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم وال‬
‫أعلم بما يكتمون " )‪ .(2‬وإنما عطف ال تعالى بعباده حيث أذن لهم في‬
‫الكسب والحركات في باب العيش ما لم يتعدوا حدوده‪ ،‬ول يتركوا فرائضه‬
‫وسنن نبيه عليه السلم في جميع حركاتهم ول يعدلوا عن محجة التوكل‪،‬‬
‫ول يقفوا في ميدان الحرص‪ ،‬فأما إذا نسوا ذلك وارتبطوا بخلف ماحد‬
‫لهم‪ ،‬كانوا من الهالكين الذين ليس لهم في الحاصل إل الدعاوي الكاذبة‪،‬‬
‫وكل مكتسب ل يكون متوكل فل يستجلب من كسبه إلى نفسه إل حراما‬
‫وشبهة‪ ،‬وعلمته أن يؤثر ما يحصل من كسبه ويجوع‪ ،‬ول ينفق في‬

‫)‪ (1‬مابين العلمتين ساقط عن الصل‪ (2) .‬آل عمران‪.167 :‬‬


‫]‪[180‬‬

‫سبيل الدين ويمسك‪ ،‬والمأذون بالكسب من كان بنفسه مكتسبا‪ ،‬وبقلبه متوكل وإن‬
‫كثر المال عنده قام فيه كالمين عالما بأن كون ذلك المال وفوته سواء‪،‬‬
‫وإن أمسك أمسك ل‪ ،‬وإن أنفق أنفق فيما أمره ال عزوجل‪ ،‬ويكون منعه‬
‫وعطاؤه في ال )‪ - 46 .(1‬محص‪ :‬عن أبي بصير‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬ما من شئ إل وله حد قلت‪ :‬فما حد اليقين ؟ قال‪ :‬أن ل تخاف‬
‫]مع ال[ شيئا‪ - 47 .‬محص‪ :‬عن جابر الجعفي‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم أنه قال‪ :‬ل يجد رجل طعم اليمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن‬
‫ليخطئه‪ ،‬وما أخطأه لم يكن ليصيبه‪ .‬مشكوة النوار‪ :‬عن علي عليه السلم‬
‫مثله )‪ - 48 .(2‬محص‪ :‬عن يونس قال‪ :‬سألت أبا الحسن الرضا عليه‬
‫السلم عن اليمان والسلم فقال‪ :‬قال أبو جعفر عليه السلم‪ :‬إنما هو‬
‫السلم واليمان فوقه بدرجة‪ ،‬والتقوى فوق اليمان بدرجة‪ ،‬واليقين فوق‬
‫التقوى بدرجة‪ ،‬ولم يقسم بين الناس شئ أقل من اليقين‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬فأي‬
‫شئ اليقين ؟ قال‪ :‬التوكل على ال‪ ،‬والتسليم ل والرضا بقضاء ال‪،‬‬
‫والتوفيض إلى ال قلت‪ :‬ما تفسير ذلك ؟ قال‪ :‬هكذا قال أبو جعفر عليه‬
‫السلم‪ - 49 .‬محص‪ :‬عن عبد ال بن سنان‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم‬
‫قال‪ :‬اليمان في القلب واليقين خطرات‪ - 50 .‬كتاب الصفين‪ :‬لنصر بن‬
‫مزاحم‪ ،‬عن عمر بن سعد‪ ،‬عن مالك بن أعين عن زيد بن وهب قال‪ :‬إن‬
‫أهل الشام دنوا من علي عليه السلم يوم صفين فوال ما يزيده قربهم منه‬
‫إل سرعة في مشيه فقال له الحسن‪ :‬ما ضرك لو سعيت حتى تنتهي إلى‬
‫هؤلء الذين صبروا بعدك من أصحابك ؟ قال‪ :‬يا بنى إن لبيك يوما لن‬
‫يعدوه ول يبطئ به عند السعي‪ ،‬ول يعجل به‪ ،‬إلى المشي إن أباك وال ل‬
‫يبالي وقع‬

‫)‪ (1‬مصباح الشريعة‪ (2) .59 :‬مشكاة النوار ص ‪.12‬‬

‫]‪[181‬‬

‫على الموت أو وقع الموت عليه‪ .‬وعن عمرو بن شمر‪ ،‬عن جابر‪ ،‬عن أبي إسحاق‬
‫قال‪ :‬خرج علي عليه السلم يوم صفين وبيده عنيزة فمر على سعيد بن‬
‫قيس الهمداني فقال له سعيد‪ :‬أما تخشى يا أمير المؤمنين أن يغتالك أحد‬
‫وأنت قرب عدوك ؟ فقال له علي عليه السلم‪ :‬إنه ليس من أحد إل عليه‬
‫من ال حفظة يحفظونه من أن يتردى في قليب أو يخر عليه حائط أو‬
‫تصيبه آفة‪ ،‬فإذا جاء القدر خلوا بينه وبينه‪ - 51 .‬نهج‪ :‬سمع أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم رجل من الحرورية يتهجد ويقرأ فقال‪ :‬نوم على‬
‫يقين خير من صلة في شك )‪ .(1‬ومن خطبة له عليه السلم‪ :‬إنما سميت‬
‫الشبهة شبهة لنها تشبه الحق وأما أولياء ال فضياؤهم فيها اليقين‪،‬‬
‫ودليلهم سمت الهدى‪ ،‬وأما أعداء ال فدعاؤهم فيها الضلل‪ ،‬ودليلهم‬
‫العمى‪ ،‬فما ينجو من الموت من خافه ول يعطى البقاء من أحبه )‪ .(2‬ومن‬
‫كلم له عليه السلم لما خوف من الغيلة‪ :‬وإن علي من ال جنة حصينة‪،‬‬
‫فإذا جاء يومي انفرجت عني وأسلمتني فحينئذ يطيش السهم ول يبرأ الكلم‬
‫)‪ .(3‬وقال في وصيته لبنه الحسن عليهما السلم‪ :‬اطرح عنك واردات‬
‫المور بعزائم الصبر وحسن اليقين )‪ - 52 .(4‬مشكوة النوار‪ :‬عن أبي‬
‫جعفر عليه السلم قال‪ :‬قال علي عليه السلم في خطبة له طويلة‪ :‬اليمان‬
‫على أربع دعائم‪ :‬على الصبر‪ ،‬واليقين‪ ،‬والعدل‪ ،‬والتوحيد‪ .‬ومنه نقل من‬
‫المحاسن عن أبي عبد ال عليه السلم إن اليمان أفضل من السلم‬

‫)‪ (1‬نهج البلغة ج ‪ 2‬ص ‪ ،163‬الرقم ‪ 97‬من الحكم‪ (2) .‬نهج البلغة ج ‪ 1‬ص‬
‫‪ ،98‬الرقم ‪ 38‬من الخطب‪ (3) .‬نهج البلغة ج ‪ 1‬ص ‪ ،117‬الرقم ‪60‬‬
‫من الخطب‪ (4) .‬نهج البلغة ج ‪ 2‬ص ‪ 38‬الرقم ‪ 31‬من الحكم‪.‬‬

‫]‪[182‬‬

‫وإن اليقين أفضل من اليمان‪ ،‬وما من شئ أعز من اليقين )‪ .(1‬وعن صفوان‬


‫الجمال قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه السلم عن قول ال عزوجل‪ " :‬وأما‬
‫الجدار فكان لغلمين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما " فقال‪ :‬أما‬
‫إنه ماكان ذهبا ول فضة إنما كان أربع كلمات‪ :‬أنا ال ل إله إل أنا من أيقن‬
‫بالموت لم يضحك سنه‪ ،‬ومن أيقن بالحساب لم يفرح قلبه‪ ،‬ومن أيقن‬
‫بالقدر لم يخش إل ال )‪ .(2‬وقال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬الصبر من‬
‫اليقين‪ ،‬وعن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬كان قنبر غلم علي عليه‬
‫السلم يحب عليا حبا شديدا فإذا خرج علي عليه السلم خرج على أثره‬
‫بالسيف‪ ،‬فرآه ذات ليلة فقال‪ :‬يا قنبر مالك ؟ فقال‪ :‬جئت لمشي خلفك يا‬
‫أمير المؤمنين‪ ،‬فقال‪ :‬ويحك أمن أهل السماء تحرسني أو من أهل‬
‫الرض ؟ قال‪ :‬ل بل من أهل الرض‪ ،‬فقال‪ :‬إن أهل الرض ل يستطيعون‬
‫لو شاؤا إل باذن ال من السماء‪ ،‬فارجع قال‪ :‬فرجع‪ .‬وعنه عليه السلم‪:‬‬
‫ليس شئ إل له حد قال‪ :‬قلت‪ :‬جعلت فداك فما حد التوكل ؟ قال‪ :‬اليقين‪،‬‬
‫قلت‪ :‬فما حد اليقين ؟ قال‪ :‬ل تخاف ]مع ال[ شيئا‪ .‬وقال‪ :‬إن محمد بن‬
‫الحنفية كان رجل رابط الجأش‪ ،‬وكان الحجاج يلقاه فيقول له‪ :‬لقد هممت‬
‫أن أضرب الذي فيه عيناك‪ ،‬فيقول‪ :‬كل إن ل في كل يوم ثلثمائة وستين‬
‫لحظة فأرجو أن يكفيك باحداهن )‪ .(3‬وسأل أمير المؤمنين الحسن‬
‫والحسين عليهما السلم فقال لهما‪ :‬مابين اليمان واليقين ؟ فسكتا فقال‬
‫للحسن عليه السلم‪ :‬أجب يا أبا محمد قال‪ :‬بينهما شبر‪ ،‬قال‪ :‬وكيف ذاك ؟‬
‫قال‪ :‬لن اليمان ما سمعناه بآذاننا وصدقناه بقلوبنا‪ ،‬واليقين ما أبصرناه‬
‫بأعيننا واستدللنا به على ما غاب عنا )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬مشكاة النوار ص ‪ (2) .11‬مشكاة النوار ص ‪ (3) .12‬مشكاة النوار ص‬


‫‪ (4) .13‬مشكاة النوار ص ‪.15‬‬

‫]‪[183‬‬

‫ومنه عن الصادق عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬يأتي على‬
‫الناس زمان ل ينال فيه الملك إل بالقتل والتجبر‪ ،‬ول الغنى إل بالغصب‬
‫والبخل‪ ،‬ول المحبة إل باستخراج الدين واتباع الهوى‪ ،‬فمن أدرك ذلك‬
‫الزمان فصبر على البغضة وهو يقدر على المحبة‪ ،‬وصبر على الفقر وهو‬
‫يقدر على الغنى‪ ،‬وصبر على الذل وهو يقدر على العز‪ ،‬آتاه ال ثواب‬
‫خمسين صديقا ممن صدق به )‪ .(1‬ومنه عن عبد ال بن العباس قال‪:‬‬
‫اهدي إلى الرسول صلى ال عليه وآله بغلة أهداها كسرى له أو قيصر‪،‬‬
‫فركبها النبي صلى ال عليه وآله فأخذ من شعرها وأردفني خلفه‪ ،‬ثم قال‪:‬‬
‫يا غلم احفظ ال يحفظك‪ ،‬احفظ ال تجده أمامك‪ ،‬تعرف إلى ال عزوجل‬
‫في الرخاء يعرفك في الشدة‪ ،‬إذا سألت فاسأل ال‪ ،‬وإذا استعنت فاستعن‬
‫بال‪ ،‬قد مضى القلم بما هو كائن‪ ،‬فلو جهد الناس أن ينفعوك بأمر لم يكتبه‬
‫ال عليك لم يقدروا عليه فان استطعت أن تعمل بالصبر مع اليقين فافعل‪،‬‬
‫وإن لم تستطع فان في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا‪ ،‬واعلم أن الصبر‬
‫مع النصر‪ ،‬وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا )‪ .(2‬ومنه‪ :‬عن أبي‬
‫عبد ال عليه السلم قال‪ :‬الصبر رأس اليمان‪ ،‬وعنه عليه السلم قال‪:‬‬
‫الصبر من اليمان بمنزلة الرأس من الجسد‪ ،‬فإذا ذهب الرأس ذهب الجسد‬
‫كذلك إذا ذهب الصبر ذهب اليمان‪ .‬ومنه‪ :‬عن حفض بن غياث قال‪ :‬قال‬
‫لي أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬يا حفض إن من صبر صبرا قليل‪ ،‬وإن من‬
‫جزع جزعا قليل ثم قال‪ :‬عليك بالصبر في جميع امورك‪ ،‬فان ال تبارك‬
‫وتعالى بعث محمدا صلى ال عليه وآله فأمره بالصبر والرفق فقال‪" :‬‬
‫اصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميل * وذرني والمكذبين " )‪(3‬‬
‫وقال ال تبارك وتعالى‪ " :‬ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه‬
‫عداوة‬

‫)‪ (1‬مشكاة النوار ص ‪ (2) .19‬مشكاة النوار ص ‪ (3) .20‬المزمل‪(*) .10 :‬‬
‫]‪[184‬‬

‫كأنه ولي حميم * وما يلقيها إل الذين صبروا وما يلقيها إل ذو حظ عظيم " )‪(1‬‬
‫فصبر حتى نالوه بالعظائم ورموه بها تمام الحديث‪ .‬ومنه‪ :‬قال أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم‪ :‬وكل الرزق بالحمق‪ ،‬ووكل الحرمان بالعقل‪ ،‬ووكل‬
‫البلء باليقين والصبر‪ .‬ومنه‪ :‬عن مهران قال‪ :‬كتبت إلى أبي الحسن عليه‬
‫السلم أشكو إليه الدين وتغير الحال‪ ،‬فكتب لي‪ :‬اصبر تؤجر فانك إن لم‬
‫تصبر لم تؤجر‪ ،‬ولم ترد قضاء ال عزوجل )‪ .(2‬ومنه‪ :‬قال أمير المؤمنين‬
‫عليه السلم‪ :‬الصبر صبران‪ :‬صبر عند المصيبة حسن جميل‪ ،‬وأحسن من‬
‫ذلك الصبر عند ما حرم ال عليك الخبر‪ .‬وقال الباقر عليه السلم‪ :‬لما‬
‫حضرت أبي علي بن الحسين عليه السلم الوفاة ضمني إلى صدره ثم قال‪:‬‬
‫أي بني اوصيك بما أوصاني أبي حين حضرته الوفاة وبما ذكر أن أباه‬
‫عليه السلم أوصاه به ]أي بني ! اصبر على الحق وإن كان مرا‪ .‬عن أبي‬
‫جعفر عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬عجبا للمؤمن‬
‫إن ال عزوجل ل يقضي له قضاء[ )‪ (3‬إل كان له خيرا إن ابتلي صبر‪،‬‬
‫وإن اعطي شكر‪ .‬وقيل لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬من أكرم الخلق على ال‬
‫؟ قال‪ :‬من إذا اعطي شكر‪ ،‬وإذا ابتلي صبر )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬فصلت‪ (2) .34 :‬مشكاة النوار ص ‪ (3) .21‬مابين العلمتين ساقط من نسخة‬
‫الكمبانى‪ (4) .‬مشكاة النوار ص ‪.22‬‬

‫]‪[185‬‬

‫)‪) * (53‬باب( * * " )النية وشرائطها ومراتبها وكمالها وثوابها( " * * " )وأن‬
‫قبول العمل نادر( " * ‪ - 1‬كا‪ :‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن‬
‫مالك بن عطية‪ ،‬عن الثمالي‪ ،‬عن علي بن الحسين عليهما السلم قال‪ :‬ل‬
‫عمل إل بنية )‪ .(1‬تبيين‪ " :‬ل عمل إل بنية " أي ل عمل صحيحة كما‬
‫فهمه الكثر إل بنية وخص بالعبادات لنه لو كان المراد مطلق تصور‬
‫الفعل وتصور فائدته والتصديق بترتب الغاية عليه وانبعاث العزم من‬
‫النفس إليه فهذا لزم لكل فعل اختياري ومعلوم أنه ليس غرض الشارع‬
‫بيان هذا المعنى‪ ،‬بل لبد أن يكون المراد بها نية خاصة خالصة بها يضير‬
‫العمل كامل أو صحيحا‪ ،‬والصحة أقرب إلى نفي الحقيقة الذي هو الحقيقة‬
‫في هذا التركيب‪ ،‬فلبد من تخصيصها بالعبادات‪ ،‬لعدم القول باشتراط نية‬
‫القربة وأمثالها في غيرها‪ ،‬ولذا استدلوا به وبأمثاله على وجوب النية‬
‫وتفصيله في كتب الفروع‪ .‬وقال المحقق الطوسي قدس سره في بعض‬
‫رسائله‪ :‬النية هي القصد إلى الفعل‪ ،‬وهي واسطة بين العلم والعمل‪ ،‬إذ ما‬
‫لم يعلم الشئ لم يمكن قصده‪ ،‬وما لم يقصده لم يصدر عنه‪ ،‬ثم لما كان‬
‫غرض السالك العامل الوصول إلى مقصد معين كامل على الطلق وهو ال‬
‫تعالى لبد من اشتماله على قصد التقرب به‪ .‬وقال بعض المحققين‪ :‬يعني ل‬
‫عمل يحسب من عبادة ال تعالى ويعد من طاعته بحيث يصح أن يترتب‬
‫عليه الجر في الخرة‪ ،‬إل ما يراد به التقرب إلى ال تعالى‪ ،‬والدار الخرة‪،‬‬
‫أعني يقصد به وجه ال سبحانه أو التوصل إلى ثوابه أو الخلص من‬
‫عقابه‪ ،‬وبالجملة امتثال أمر ال تعالى فيما ندب عباده إليه ووعدهم‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.84‬‬

‫]‪[186‬‬

‫الجر عليه وإنما يأجرهم على حسب أقدارهم ومنازلهم ونياتهم‪ ،‬فمن عرف ال‬
‫بجماله وجلله ولطف فعاله فأحبه واشتاق إليه وأخلص عبادته له لكونه‬
‫أهل للعبادة ولمحبته له‪ ،‬أحبه ال‪ ،‬وأخلصه واجتباه‪ ،‬وقربه إلى نفسه‬
‫وأدناه قربا معنويا ودنوا رواحانيا كما قال في حق بعض من هذه صفته‪" :‬‬
‫وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب " )‪ .(1‬وقال أمير المؤمنين وسيد‬
‫الموحدين صلوات ال عليه‪ :‬ما عبدتك خوفا من نارك‪ ،‬ول طمعا في جنتك‪،‬‬
‫لكن وجدتك أهل للعبادة فعبدتك‪ ،‬ومن لم يعرف من ال سوى كونه إلها‬
‫صانعا للعالم‪ ،‬قادرا قاهرا عالما وأن له جنة ينعم بها المطيعين‪ ،‬ونارا‬
‫يعذب بها العاصين‪ ،‬فعبده ليفوز بجنته أو يكون له النجاة من ناره أدخله‬
‫ال تعالى بعبادته وطاعته الجنة‪ ،‬وأنجاه من النار ل محالة‪ ،‬كما أخبر عنه‬
‫في غير موضع في كتابه‪ .‬فانما لكل امرئ ما نوى‪ .‬فل تصغ إلى قول من‬
‫ذهب إلى بطلن العبادة‪ ،‬إذا قصد بفعلها تحصيل الثواب أو الخلص من‬
‫العقاب‪ ،‬زعما منه أن هذا القصد مناف للخلص الذي هو إرادة وجه ال‬
‫سبحانه وحده‪ ،‬وأن من قصد ذلك فانما قصد جلب النفع إلى نفسه ودفع‬
‫الضرر عنها ل وجه ال سبحانه‪ ،‬فان هذا قول من ل معرفة له بحقائق‬
‫التكاليف ومراتب الناس فيها‪ ،‬فان أكثر الناس يتعذر منهم العبادة ابتغاء‬
‫وجه ال بهذا المعنى لنهم ل يعرفون من ال إل المرجو والمخوف‪،‬‬
‫فغايتهم أن يتذكروا النار ويحذروا أنفسهم عقابها‪ ،‬ويتذكروا الجنة‬
‫ويرغبوا أنفسهم ثوابها‪ ،‬وخصوصا من كان الغالب على قلبه الميل إلى‬
‫الدنيا‪ ،‬فانه قلما ينبعث له داعية إلى فعل الخيرات لينال بها ثواب الخرة‪،‬‬
‫فضل عن عبادته على نية إجلل ال عزوجل لستحقاقه الطاعة‬
‫والعبودية‪ ،‬فانه قل من يفهمها فضل عمن يتعاطاها‪ .‬والناس في نياتهم في‬
‫العبادات على أقسام أدناهم من يكون عمله إجابة لباعث الخوف‪ ،‬فانه يتقي‬
‫النار‪ ،‬ومنهم من يعمل إجابة لباعث الرجاء‪ ،‬فانه يرغب‬
‫)‪ (1‬سورة ص‪.4 :‬‬

‫]‪[187‬‬

‫في الجنة وكل من القصدين وإن كان نازل بالضافة إلى قصد طاعة ال‪ ،‬وتعظيمه‬
‫لذاته ولجلله‪ ،‬ل لمر سواه‪ ،‬إل أنه من جملة النيات الصحيحة لنه ميل‬
‫إلى الموعود في الخرة وإن كان من جنس المألوف في الدنيا‪ .‬وأما قول‬
‫القائل إنه ينافي الخلص‪ ،‬فجوابه أنك ما تريد بالخلص ؟ إن أردت به أن‬
‫يكون خالصا للخرة ل يكون مشوبا بشوائب الدنيا والحظوظ العاجلة‬
‫للنفس‪ ،‬كمدح الناس‪ ،‬والخلص من النفقة بعتق العبد‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬فظاهر‬
‫أن إرادة الجنة والخلص من النار ل ينافيان الخلص بهذا المعنى‪ ،‬وإن‬
‫أردت بالخلص أن ل يراد بالعمل سوى جمال ال وجلله من غير شوب‬
‫من حظوظ النفس وإن كان حظا اخرويا فاشتراطه في صحة العبادة متوقف‬
‫على دليل شرعي وأنى لك به‪ ،‬بل الدلئل على خلفه أكثر من أن تذكر‪ ،‬مع‬
‫أنه تكليف بما ل يطاق بالنسبة إلى أكثر الخليق‪ ،‬لنهم ل يعرفون ال‬
‫بجماله وجلله‪ ،‬ول تتأتى منهم العبادة إل من خوف النار‪ ،‬أو للطمع في‬
‫الجنة‪ .‬وأيضا فان ال سبحانه قد قال " ادعوه خوفا وطمعا " )‪" (1‬‬
‫ويدعوننا رغبا و رهبا " )‪ (2‬فرغب ورهب‪ ،‬ووعد وأوعد‪ ،‬فلو كان مثل‬
‫هذه النيات مفسدا للعبادات لكان الترغيب والترهيب‪ ،‬والوعد والوعيد عبثا‬
‫بل مخل بالمقصود‪ .‬وأيضا فان أولياء ال قد يعملون بعض العمال للجنة‪،‬‬
‫وصرف النار لن حبيبهم يحب ذلك أو لتعليم الناس إخلص العمل للخرة‪،‬‬
‫إذا كانوا أئمة يقتدى بهم‪ ،‬هذا أمير المؤمنين سيد الولياء قد كتب كتابا‬
‫لبعض ما وقفه من أمواله فصدر كتابه بعد التسمية بهذا‪ " :‬هذا ما أوصى‬
‫به وقضى به في ماله عبد ال علي ابتغاء وجه ال ليولجني به الجنة‪،‬‬
‫ويصرفني به عن النار‪ ،‬ويصرف النار عني يوم تبيض وجوه وتسود‬
‫وجوه "‪.‬‬

‫)‪ (1‬السجدة‪ (2) .16 :‬النبياء‪.90 :‬‬

‫]‪[188‬‬

‫فان لم تكن العبادة بهذه النية صحيح لم يصح له أن يفعل ذلك‪ ،‬ويلقن به غيره‪،‬‬
‫ويظهره في كلمه‪ .‬إن قيل‪ :‬إن جنة الولياء لقاء ال وقربه‪ ،‬ونارهم فراقه‬
‫وبعده‪ ،‬فيجوز أن يكون أمير المؤمنين عليه السلم أراد ذلك‪ ،‬قلنا إرادة‬
‫ذلك ترجع إلى طلب القرب المعنوي والدنو الروحاني‪ ،‬ومثل هذه النية‬
‫مختص بأولياء ال كما اعترف به فغيرهم لماذا يعبدون وليس في الخرة‬
‫إل ال‪ ،‬والجنة والنار‪ ،‬فمن لم يكن من أهل ال وأوليائه ل يمكن له أن‬
‫يطلب إل الجنة أو يهرب إل من النار المعهودتين‪ ،‬إذ ليعرف غير ذلك وكل‬
‫يعمل على شاكلته‪ ،‬ولما يحبه ويهواه غير هذا ل يكون أبدا‪ .‬ولعل هذا‬
‫القائل لم يعرف معنى النية وحقيقتها‪ ،‬وأن النية ليست مجرد قولك عند‬
‫الصلة أو الصوم أو التدريس اصلي أو أصوم أو ادرس قربة إلى ال تعالى‬
‫ملحظا معاني هذه اللفاظ بخاطرك‪ ،‬ومتصورا لها بقلبك‪ ،‬هيهات إنما هذا‬
‫تحريك لسان وحديث نفس‪ ،‬وإنما النية المعتبرة انبعاث النفس وميلها و‬
‫توجهها إلى ما فيه غرضها ومطلبها‪ ،‬إما عاجل وإما آجل‪ .‬وهذا النبعات‬
‫والميل إذا لم يكن حاصل لها ل يمكنها اختراعه واكتسابه بمجرد النطق‬
‫بتلك اللفاظ‪ ،‬وتصور تلك المعاني‪ ،‬وما ذلك إل كقول الشبعان أشتهي‬
‫الطعام وأميل إليه‪ ،‬قاصدا حصول الميل والشتهاء‪ ،‬وكقول الفارغ أعشق‬
‫فلنا واحبه وأنقاد إليه واطيعه‪ ،‬بل ل طريق إلى اكتساب صرف القلب إلى‬
‫الشئ وميله إليه وإقباله عليه‪ ،‬إل بتحصيل السباب الموجبة لذلك الميل‬
‫والنبعاث واجتناب المور المنافية لذلك المضادة له‪ ،‬فان النفس إنما‬
‫تنبعث إلى الفعل وتقصده‪ ،‬وتميل إليه تحصيل للغرض المليم لها‪ ،‬بحسب‬
‫ما يغلب عليها من الصفات‪ .‬فإذا غلب على قلب المدرس مثل حب الشهرة‪،‬‬
‫وإظهار الفضيلة‪ ،‬وإقبال الطلبة إليه‪ ،‬فل يتمكن من التدريس بنية التقرب‬
‫إلى ال سبحانه بنشر العلم‬

‫]‪[189‬‬

‫وإرشاد الجاهلين‪ ،‬بل ل يكون تدريسه إل لتحصيل تلك المقاصد الواهية‪ ،‬و‬
‫الغراض الفاسدة‪ ،‬وإن قال بلسانه ادرس قربة إلى ال‪ ،‬وتصور ذلك بقلبه‬
‫و أثبته في ضميره‪ ،‬وما دام لم يقلع تلك الصفات الذميمة من قلبه ل عبرة‬
‫بنيته أصل‪ .‬وكذلك إذا كان قلبك عند نية الصلة منهمكا في امور الدنيا‪،‬‬
‫والتهالك عليها‪ ،‬والنبعاث في طلبها‪ ،‬فل يتيسر لك توجيهه بكليته‪،‬‬
‫وتحصيل الميل الصادق إليها‪ ،‬والقبال الحقيقي عليها‪ ،‬بل يكون دخولك‬
‫فيها دخول متكلف لها متبرم بها ويكون قولك اصلي قربة إلى ال كقول‬
‫الشبعان أشتهي الطعام‪ ،‬وقول الفارغ أعشق فلنا مثل‪ .‬والحاصل أنه ل‬
‫يحصل لك النية الكاملة المعتد بها في العبادات‪ ،‬من دون ذلك الميل‬
‫والقبال‪ ،‬وقمع ما يضاده من الصوارف والشغال‪ ،‬وهو ل يتيسر ال إذا‬
‫صرفت قلبك عن المور الدنيوية‪ ،‬وطهرت نفسك عن الصفات الذميمة‬
‫الدنية‪ ،‬وقطعت نظرك عن حظوظك العاجلة بالكلية‪ .‬وأقول‪ :‬أمر النية قد‬
‫اشتبه على كثير من علمائنا رضوان ال عليهم لشتباهه على المخالفين‪،‬‬
‫ولم يحققوا ذلك على الحق واليقين‪ ،‬وقد حقق شيخنا البهائي قدس ال‬
‫روحه شيئا من ذلك في شرح الربعين‪ ،‬وحققنا كثيرا من غوامض‬
‫أسرارها في كتاب عين الحيوة‪ ،‬ورسالة العقائد‪ ،‬فمن أراد تحقيق ذلك‬
‫فليرجع إليهما‪ - 2 .‬كا‪ :‬عن على‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن النوفلي‪ ،‬عن السكوني‪،‬‬
‫عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬نية‬
‫المؤمن خير من عمله‪ ،‬ونية الكافر شر من عمله‪ ،‬وكل عامل يعمل على‬
‫نيته )‪ .(1‬بيان‪ :‬هذا الحديث من الخبار المشهورة بين الخاصة والعامة‪،‬‬
‫وقد قيل فيه وجوه‪ :‬الول أن المراد بنية المؤمن اعتقاده الحق ول ريب أنه‬
‫خير من أعماله‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.84‬‬

‫]‪[190‬‬

‫إذ ثمرته الخلود في الجنة‪ ،‬وعدمه يوجب الخلود في النار‪ ،‬بخلف العمل‪ .‬الثاني أن‬
‫المراد أن النية بدون العمل خير من العمل بدون النية‪ ،‬ورد بأن العمل‬
‫بدون نية ل خير فيه أصل‪ ،‬وحقيقة التفضيل تقتضي المشاركة‪ ،‬ولو في‬
‫الجملة‪ .‬الثالث ما نقل عن ابن دريد وهو أن المؤمن ينوي خيرات كثيرة ل‬
‫يساعده الزمان على عملها‪ ،‬فكان الثواب المترتب على نياته أكثر من‬
‫الثواب المترتب على أعماله‪ .‬الرابع ما ذكره بعض المحققين وهو أن‬
‫المؤمن ينوي أن يوقع عباداته على أحسن الوجوه لن إيمانه يقتضي ذلك‪،‬‬
‫ثم إذا كان يشتغل بها ل يتيسر له ذلك‪ ،‬ول يتأتى كما يريد‪ ،‬فل يأتي بها كما‬
‫ينبغي‪ ،‬فالذي ينوي دائما خير من الذى يعمل في كل عبادة‪ ،‬وهذا قريب من‬
‫المعنى الول ويمكن الجمع بينهما ويؤيدهما الخبر الثالث والخامس )‪(1‬‬
‫وما رواه الصدوق ‪ -‬ره ‪ -‬في علل الشرائع بإسناده عن أبي جعفر عليه‬
‫السلم أنه كان يقول نية المؤمن خير من عمله‪ ،‬وذلك لنه ينوي من الخير‬
‫مال يدركه‪ ،‬ونية الكافر شر من عمله‪ ،‬وذلك لن الكافر ينوي الشر ويأمل‬
‫من الشر ما ل يدركه‪ ،‬وباسناده عن أبي عبد ال عليه السلم أنه قال له‬
‫زيد الشحام‪ :‬إني سمعتك تقول‪ :‬نية المؤمن خير من عمله‪ ،‬فكيف تكون‬
‫النية خيرا من العمل ؟ قال‪ :‬لن العمل إنما كان رئاء المخلوقين‪ ،‬والنية‬
‫خالصة لرب العالمين‪ ،‬فيعطي عزوجل على النية ما ل يعطي على العمل‪،‬‬
‫قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬إن العبد لينوي من نهاره أن يصلي بالليل‪،‬‬
‫فتغلبه عينه فينام‪ ،‬فيثبت ال له صلته ويكتب نفسه تسبيحا ويجعل نومه‬
‫صدقة )‪ .(2‬الخامس أن طبيعة النية خير من طبيعة العمل‪ ،‬لنه ل يترتب‬
‫عليها عقاب أصل بل إن كانت خيرا اثيب عليها‪ ،‬وإن كان شرا كان‬
‫وجودها كعدمها‬

‫)‪ (1‬يعنى الحديث الثالث والخامس في باب نية الكافي‪ ،‬وهو كذلك في ما نحن فيه‪.‬‬
‫)‪ (2‬علل الشرايع ج ‪ 2‬ص ‪ ،211‬وسيجئ تحت الرقم ‪ 18‬و ‪.19‬‬
‫]‪[191‬‬

‫بخلف العمل فان من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره‬
‫فصح أن النية بهذا العتبار خير من العمل‪ .‬وأقول‪ :‬يمكن أن يقال هذا في‬
‫الشر أيضا بناء على أن الكافر يعاقب على نيات الشر‪ ،‬وإنما العفو عن‬
‫المؤمنين‪ .‬السادس أن النية من أعمال القلب‪ ،‬وهو أفضل من الجوارح‪،‬‬
‫فعمله أفضل من عملها‪ ،‬أل ترى إلى قوله تعالى " أقم الصلوة لذكري " )‬
‫‪ (1‬جعل سبحانه الصلة وسيلة إلى الذكر‪ ،‬والمقصود أشرف من الوسيلة‪،‬‬
‫وأيضا فأعمال القلب مستورة عن الخلق‪ ،‬ل يتطرق إليها الرئاء وغيره‪،‬‬
‫بخلف أعمال الجوارح‪ .‬السابع أن المراد أن نية بعض العمال الشاقة‬
‫كالحج والجهاد خير من بعض العمال الخفية )‪ (2‬كتلوة آية من القرآن‬
‫والصدقة بدرهم مثل‪ .‬الثامن ما ذكره السيد المرتضى رضي ال عنه في‬
‫الغرر أن لفظة خير ليست اسم تفضيل‪ ،‬بل المراد أن نية المؤمن عمل خير‬
‫من جملة أعماله ومن تبعيضية وبه دفع التنافي بين هذا الحديث‪ ،‬وبين ما‬
‫يروى عنه صلى ال عليه وآله أفضل العمال أحمزها‪ ،‬ويجري هذا الوجه‬
‫في قوله‪ :‬ونية الكافر شر من عمله‪ ،‬فان المعنى فيه أيضا ليس معنى‬
‫التفضيل‪ ،‬بل المعنى شر من جملة عمله‪ .‬فان قيل‪ :‬كيف يصح هذا مع ما‬
‫ورد في الحديث من أن ابن آدم إذا هم بالحسنة كتبت له حسنة‪ ،‬وإذا هم‬
‫بالسيئة لم يكتب عليه شئ‪ ،‬حتى يعمل ؟ قلنا قد ذكرنا سابقا أن ظاهر بعض‬
‫الخبار أن ذلك مخصوص بالمؤمنين‪ .‬التاسع أن المراد بالنية تأثر القلب‬
‫عند العمل‪ ،‬وانقياده إلى الطاعة‪ ،‬وإقباله على الخرة‪ ،‬وانصرافه عن‬
‫الدنيا‪ ،‬وذلك يشتد بشغل الجوارح في الطاعات وكفها عن المعاصي‪ ،‬فان‬
‫بين الجوارح والقلب علقة شديدة يتأثر كل منهما بالخر‪ ،‬كما إذا حصل‬
‫للعضاء آفة سرى أثرها إلى القلب فاضطرب وإذا تألم القلب بخوف مثل‬
‫سرى أثره إلى الجوارح فارتعدت‪ ،‬والقلب هو المير المتبوع‬

‫)‪ (1‬طه‪ (2) .14 :‬الخفيفة ظ‪.‬‬

‫]‪[192‬‬

‫والجوارح كالرعايا والتباع‪ ،‬والمقصود من أعمالها حصول ثمرة القلب‪ .‬فل تظن‬
‫أن في وضع الجبهة على الرض غرضا من حيث إنه جمع بين الجبهة‬
‫والرض‪ ،‬بل من حيث إنه بحكم العادة يؤكد صفة التواضع في القلب‪ ،‬فان‬
‫من يجد في نفسه تواضعا فإذا استعان بأعضائه وصورها بصورة‬
‫التواضع‪ ،‬تأكد بذلك تواضعه‪ ،‬وأما من يسجد غافل عن التواضع‪ ،‬وهو‬
‫مشغول القلب بأغراض الدنيا فل يصل من وضع جبهته على الرض أثر‬
‫على قلبه‪ ،‬بل سجوده كعدمه نظرا إلى الغرض المطلوب منه‪ ،‬فكانت النية‬
‫روح العمل وثمرته‪ ،‬والمقصد الصلي من التكليف به‪ ،‬فكانت أفضل‪ .‬وهذا‬
‫الوجه قريب مما ذكره الغزالي في إحيائه‪ ،‬وهو أن كل طاعة تنتظم بنية‬
‫وعمل‪ ،‬وكل منهما من جملة الخيرات إل أن النية من الطاعتين خير من‬
‫العمل‪ ،‬لن أثر النية في المقصود أكثر من أثر العمل‪ ،‬لن صلح القلب هو‬
‫المقصود من التكليف‪ ،‬والعضاء آلت موصلة إلى المقصود‪ ،‬والغرض من‬
‫حركات الجوارح أن يعتاد القلب إرادة الخير‪ ،‬ويؤكد الميل إليه‪ ،‬ليتفرغ عن‬
‫شهوات الدنيا‪ ،‬ويقبل على الذكر والفكر‪ ،‬فبالضرورة يكون خيرا بالضافة‬
‫إلى الغرض قال ال تعالى‪ " :‬لن ينال ال لحومها ول دماؤها ولكن يناله‬
‫التقوى منكم " )‪ (1‬والتقوى صفة القلب وفي الحديث إن في الجسد‬
‫لمضغة إذا صلحت صلح لها سائر الجسد‪ .‬العاشر أن نية المؤمن هي‬
‫الباعثة له على عمل الخير‪ ،‬فهي أصل العمل وعلته والعمل فرعها‪ ،‬لنه ل‬
‫يحصل العمل ول يوجد إل بتصور المقصود الحقيقي والتصديق بحصوله‪،‬‬
‫وانبعاث النفس إليه‪ ،‬حتى يشتد العزم‪ ،‬ويوجد الفعل فبهذه الجهة هي‬
‫أشرف‪ ،‬وكذا نية الكافر سبب لعمله الخبيث فهي شر منه‪ .‬الحادي عشر أن‬
‫النية روح العمل‪ ،‬والعمل بمثابة البدن لها‪ ،‬فخيريته وشريته تابعتان‬
‫لخيرية النية وشريتها‪ ،‬كما أن شرافة البدن وخباثته تابعتان‬

‫)‪ (1‬الحج‪.37 :‬‬

‫]‪[193‬‬

‫لشرافة الروح وخباثته‪ ،‬فبهذا العتبار نية المؤمن خير من عمله‪ ،‬ونية الكافر شر‬
‫من عمله‪ .‬الثاني عشر أن نية المؤمن وقصده أول هو ال‪ ،‬وثانيا العمل‪،‬‬
‫لنه يوصل إليه‪ ،‬ونية الكافر وقصده غيره تعالى‪ ،‬وعمله يوصله إليه‪،‬‬
‫وبهذا العتبار صح ما ذكر‪ .‬وهذا الوجه وما تقدمه مستفادان من كلم‬
‫المحقق الطوسي قدس سره والوجوه المذكورة ربما يرجع بعضها إلى‬
‫بعض‪ ،‬وبعد ما أحطت خبرا بما ذكرناه نذكر ما هو أقوى عندنا بعد‬
‫العراض عن الفضول‪ ،‬وهو الحق الحقيق بالقبول‪ .‬فاعلم أن الشكالت‬
‫الناشئة من هذا الخبر إنما هو لعدم تحقيق معنى النية وتوهم أنها تصور‬
‫الغرض والغاية‪ ،‬وإخطارها بالبال‪ ،‬وإذا حققتها كما أومأنا إليه سابقا‪،‬‬
‫عرفت أن تصحيح النية من أشق العمال وأحمزها‪ ،‬وأنها تابعة للحالة‬
‫التي النفس متصفة بها‪ ،‬وكمال العمال وقبولها و فضلها منطو بها‪ ،‬ول‬
‫يتيسر تصحيحها إل باخراج حب الدنيا‪ ،‬وفخرها وعزها من القلب‪،‬‬
‫برياضات شاقة‪ ،‬وتفكرات صحيحة‪ ،‬ومجاهدات كثيرة‪ ،‬فان القلب سلطان‬
‫البدن‪ ،‬وكلما استولى عليه يتبعه سائر الجوارح‪ ،‬بل هو الحصن الذي كل‬
‫حب استولى عليه وتصرف فيه‪ ،‬يستخدم سائر الجوارح والقوى‪ ،‬ويحكم‬
‫عليها‪ ،‬ول تستقر فيه محبتان غالبتان‪ ،‬كما قال ال عزوجل‪ :‬يا عيسى ل‬
‫يصلح لسانان في فم واحد ول قلبان في صدر واحد‪ ،‬وكذلك الذهان )‪(1‬‬
‫وقال سبحانه‪ " :‬ما جعل ال لرجل من قلبين في جوفه " )‪ .(2‬فالدنيا‬
‫والخرة ضرتان ل يجتمع حبهما في قلب‪ ،‬فمن استولى على قلبه حب‬
‫المال ل يذهب فكره وخياله وقواه وجوارحه إل إليه‪ ،‬ول يعمل عمل إل‬
‫ومقصوده الحقيقي فيه تحصيله‪ ،‬وإن ادعى غيره‪ ،‬كان كاذبا‪ ،‬ولذا يطلب‬

‫)‪ (1‬راجع الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ ،343‬ثواب العمال ص ‪ (2) .240‬الحزاب‪.4 :‬‬

‫]‪[194‬‬

‫العمال التي وعد فيها كثرة المال ول يتوجه إلى الطاعات التي وعد فيها قرب ذي‬
‫الجلل‪ ،‬وكذا من استولى عليه حب الجاه ليس مقصوده في أعماله إل ما‬
‫يوجب حصوله‪ ،‬وكذا سائر الغراض الباطلة الدنيوية‪ ،‬فل يخلص العمل ل‬
‫سبحانه وللخرة إل باخراج حب هذه المور من القلب‪ ،‬وتصفيته عما‬
‫يوجب البعد عن الحق‪ .‬فللناس في نياتهم مراتب شتى بل غير متناهية‬
‫بحسب حالتهم‪ ،‬فمنها ما يوجب فساد العمل وبطلنه‪ ،‬ومنها ما يوجب‬
‫صحته‪ ،‬ومنها ما يوجب كماله‪ ،‬ومراتب كماله أيضا كثيرة فأما ما يوجب‬
‫بطلنه فل ريب في أنه إذا قصد الرئاء المحض أو الغالب‪ ،‬بحيث لو لم يكن‬
‫رؤية الغير له ل يعمل هذا العمل‪ ،‬إنه باطل ل يستحق الثواب عليه‪ ،‬بل‬
‫يستحق العقاب‪ ،‬كما دلت عليه اليات والخبار الكثيرة‪ ،‬وأما إذا ضم إلى‬
‫القربة غيرها بحيث كان الغالب القربة‪ ،‬ولو لم تكن الضميمة يأتي بها ففيه‬
‫إشكال‪ ،‬ول تبعد الصحة‪ ،‬ولو تعلق الرئاء ببعض صفاته المندوبة كاسباغ‬
‫الوضوء‪ ،‬وتطويل الصلة‪ ،‬فأشد إشكال‪ .‬ولو ضم إليها غير الرئاء كالتبريد‬
‫ففيه أقوال ثالثها التفصيل بالصحة‪ ،‬مع كون القربة مقصودة بالذات‬
‫والبطلن مع العكس‪ ،‬قال في الذكرى‪ :‬لو ضم إلى النية منافيا فالقرب‬
‫البطلن‪ ،‬كالرئاء‪ ،‬والندب في الواجب لن تنافي المرادات يستلزم تنافي‬
‫الرادات‪ ،‬وظاهر المرتضى الصحة بمعنى عدم العادة‪ ،‬ل بمعنى حصول‬
‫الثواب‪ ،‬ذكر ذلك في الصلة المنوي بها الرئاء‪ ،‬وهو يستلزم الصحة فيها‬
‫وفي غيرها مع ضم الرئاء إلى التقرب‪ ،‬ولو ضم اللزم كالتبرد قطع الشيخ‬
‫وصاحب المعتبر بالصحة‪ ،‬لنه فعل الواجب وزيادة غير منافية‪ ،‬ويمكن‬
‫البطلن لعدم الخلص الذي هو شرط الصحة‪ ،‬وكذا التسخن والنظافة‬
‫انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬لو ضم إلى القربة بعض المطالب المباحة الدنيوية فهل‬
‫تبطل عبادته ؟ ظاهر جماعة من الصحاب البطلن‪ ،‬ويشكل بأن صلوات‬
‫الحاجة والستخارة وتلوة القرآن والذكار والدعوات المأثورة للمقاصد‬
‫الدنيوية عبادات بل ريب‪ ،‬مع أن‬

‫]‪[195‬‬

‫تكليف خلو القصد عنها تكليف بالمحال والجمع بين الضدين‪ ،‬كأن يقول أحد‪ :‬ائت‬
‫الموضع الفلني لرؤية السد من غير أن يكون غرضك رؤيته‪ ،‬أو اذهب‬
‫إلى السوق واشتر المتاع من غير أن تقصد شراء المتاع‪ ،‬وقد ورد في‬
‫الخبار الكثيرة منافع دنيوية للطاعات ككون صلة الليل سببا لوسعة‬
‫الرزق‪ ،‬وكون الحج موجبا للغنا وأمثال ذلك كثيرة‪ ،‬فلو كانت هذه مخلة‬
‫بالقربة لكان ذكرها إغراء بالقبيح‪ ،‬إذ بعد السماع ربما يمتنع تخلية القصد‬
‫عنها‪ .‬نعم يمكن أن تؤل هذه القصود بالخرة إلى القربة‪ ،‬كأن يكون غرض‬
‫طالب الرزق صرفه في وجوه البر والتقوي به على الطاعة‪ ،‬ومن يكون‬
‫مقصوده من طول العمر تحصيل رضا الرب تعالى لكن هذا القصد ل يتحقق‬
‫واقعا وحقيقة إل لحاد المقربين‪ ،‬ول يتيسر لكثر الناس هذه النية وهذا‬
‫الغرض‪ ،‬إل بالنتحال والدعاوي الكاذبة‪ ،‬وتوهم أن الخطار بالبال نية‬
‫واقعية‪ ،‬وبينهما بعد المشرقين‪ .‬فالظاهر أنه يكفي لكونه طاعة وقربة كونه‬
‫بأمره سبحانه وموافقا لرضاه ومتضمنا لذكره والتوسل إليه وإن كان‬
‫المقصود تحصيل بعض المور المباحة لنيل اللذات المحللة وأما النيات‬
‫الكاملة والغراض العرية عن المطالب الدنية الدنيوية فهي تختلف بحسب‬
‫الشخاص والحوال‪ ،‬ولكل منهم نية تابعة لشاكلته وطريقته وحالته بل لكل‬
‫شخص في كل حالة نية تتبع تلك الحالة ولنذكر بعض منازلها ودرجاتها‪.‬‬
‫فالولى نية من تنبه وتفكر في شديد عذاب ال وأليم عقابه‪ ،‬فصار ذلك‬
‫موجبا لحط الدنيا ولذاتها عن نظره‪ ،‬فهو يعمل كل ما أراد من العمال‬
‫الحسنة ويترك ما ينتهي عنه من العمال السيئة‪ ،‬خوفا من عذابه‪ .‬الثانية‬
‫نية من غلب عليه الشوق إلى ما أعد ال للمحسنين في الجنة‪ ،‬من نعيمها‬
‫وحورها وقصورها‪ ،‬فهو يعبد ال لتحصيل تلك المور‪ ،‬وهاتان نيتان‬
‫صحيحتان على الظهر‪ ،‬وإن توهم الكثر بطلن العبادة بهما لغفلتم عن‬
‫معنى النية كما عرفت‪ ،‬والعجب أن العلمة رحمه ال ادعى اتفاق العدلية‬
‫على أن من‬

‫]‪[196‬‬

‫فعل فعل لطلب الثواب أو خوف العقاب‪ ،‬فانه ل يستحق بذلك ثوابا‪ .‬وأقول‪ :‬لهاتين‬
‫النيتين أيضا مراتب شتى بحسب اختلف أحوال الناس فان من الناس من‬
‫يطلب الجنة لحصول مشتهياته الجسمانية فيه‪ ،‬ومنهم من يطلبها لكونها‬
‫دار كرامة ال ومحل قرب ال‪ ،‬وكذا منهم من يهرب من النار للمها ومنهم‬
‫من يهرب منها لكونها دار البعد والهجران والحرمان ومحل سخط ال كما‬
‫قال أمير المؤمنين عليه السلم في الدعاء الذي علمه كميل بن زياد‬
‫النخعي‪ " :‬فلئن صيرتني في العقوبات مع أعدائك‪ ،‬وجمعت بيني وبين أهل‬
‫بلئك‪ ،‬وفرقت بيني وبين أحبائك وأوليائك‪ ،‬فهبني ياإلهي وسيدي صبرت‬
‫على عذابك‪ ،‬فكيف أصبر على فراقك ؟ وهبني صبرت على حر نارك‪،‬‬
‫فكيف أصبر عن النظر إلى كرامتك " ؟ إلى آخر ما ذكر في هذا الدعاء‬
‫المشتمل على جميع منازل المحبين‪ ،‬ودرجات العارفين‪ ،‬فظهر أن هاتين‬
‫الغايتين وطلبهما ل تنافيان درجات المقربين‪ .‬الثالثة نية من يعبد ال تعالى‬
‫شكرا له‪ ،‬فانه يتفكر في نعم ال التي ل تحصى عليه فيحكم عقله بأن شكر‬
‫المنعم واجب‪ ،‬فيعبده لذلك كما هو طريقة المتكلمين وقد قال أمير المؤمنين‬
‫صلوات ال عليه‪ :‬إن قوما عبدوا ال رغبة فتلك عبادة التجار وإن قوما‬
‫عبدوا ال رهبة فتلك عبادة العبيد‪ ،‬وإن قوما عبدوا ال شكرا فتلك عبادة‬
‫الحرار )‪ .(1‬الرابعة نية من يعبده حياء فانه يحكم عقله بحسن الحسنات‬
‫وقبح السيئات ويتذكر أن الرب الجليل مطلع عليه في جميع أحواله‪ ،‬فيعبده‬
‫ويترك معاصيه لذلك‪ ،‬وإليه يشير قول النبي صلى ال عليه وآله الحسان‬
‫أن تعبد ال كأنك تراه‪ ،‬فان لم تكن تراه فانه يراك )‪.(2‬‬

‫)‪ (1‬راجع نهج البلغة ج ‪ 2‬ص ‪ 197‬تحت الرقم ‪ 237‬من الحكم‪ (2) .‬راجع الدر‬
‫المنثور ج ‪ 1‬ص ‪ 93‬في حديث ابن عباس قال جلس رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله مجلسا فأتاه جبرئيل فجلس بين يدى رسول ال واضعا كفيه‬
‫على ركبتي رسول ال فقال‪ :‬حدثنى عن السلم ‪ -‬إلى أن قال‪ :‬قال‬
‫يارسول ال حدثنى ما الحسان ؟ قال‪ :‬الحسان أن تعمل ل ]أن تعبد ال[‬
‫كانك تراه الحديث‪.‬‬

‫]‪[197‬‬

‫الخامسة نية من يعبده تقربا إليه تعالى تشبيها للقرب المعنوي بالقرب المكاني‪،‬‬
‫وهذا هو الذي ذكره أكثر الفقهاء‪ ،‬ولم أر في كلمهم تحقيق القرب‬
‫المعنوي‪ ،‬فالمراد إما القرب بحسب الدرجة والكمال‪ ،‬إذ العبد لمكانه في‬
‫غاية النقص‪ ،‬عار عن جميع الكمالت‪ ،‬والرب سبحانه متصف بجميع‬
‫الصفات الكمالية فبينهما غاية البعد‪ ،‬فكلما رفع عن نفسه شيئا من‬
‫النقائص‪ ،‬واتصف بشئ من الكمالت‪ ،‬حصل له قرب ما بذلك الجناب‪ ،‬أو‬
‫القرب بحسب التذكر والمصاحبة المعنوية‪ ،‬فان من كان دائما في ذكر أحد‬
‫ومشغول بخدماته فكأنه معه‪ ،‬وإن كان بينهما غاية البعد بحسب المكان‪،‬‬
‫وفي قوة هذه النية إيقاع الفعل امتثال لمره تعالى أو موافقة لرادته أو‬
‫انقيادا وإجابة لدعوته أو ابتغاء لمرضاته‪ .‬فهذه النيات التي ذكرها أكثر‬
‫الصحاب وقالوا‪ :‬لو قصد ل مجردا عن جميع ذلك كان مجزيا‪ ،‬فانه تعالى‬
‫غاية كل مقصد‪ ،‬وإن كان يرجع إلى بعض المور السالفة‪ .‬السادسة نية‬
‫من عبد ال لكونه أهل للعبادة‪ ،‬وهذه النية الصديقين‪ ،‬كما قال أمير‬
‫المؤمنين صلوات ال عليه‪ :‬ما عبدتك خوفا من نارك‪ ،‬ول طمعا في جنتك‬
‫ولكن وجدتك أهل للعبادة فعبدتك‪ ،‬ول تسمع هذه الدعوى من غيرهم‪،‬‬
‫وإنما يقبل ممن يعلم منه أنه لو لم يكن ل جنة ول نار‪ ،‬بل لو كان على‬
‫الفرض المحال يدخل العاصي الجنة والمطيع النار‪ ،‬لختار العبادة لكونه‬
‫أهل لها‪ ،‬كما أنهم في الدنيا اختاروا النار لذلك‪ ،‬فجعلها ال عليهم بردا‬
‫وسلما‪ ،‬وعقوبة الشرار فجعلها ال عندهم لذة وراحة ونعيما‪ .‬السابعة‬
‫نية من عبد ال حبا له ودرجة المحبة أعلى درجات المقربين‪ ،‬والمحب‬
‫يختار رضا محبوبه‪ ،‬ول ينظر إلى ثواب ول يحذر من عقاب‪ ،‬وحبه تعالى‬
‫إذا استولى على القلب يطهره عن حب ما سواه‪ ،‬ول يختار في شئ من‬
‫المور إل رضا موله‪ .‬كما روى الصدوق ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬باسناده عن‬
‫الصادق عليه السلم أنه قال‪ :‬إن الناس‬

‫]‪[198‬‬

‫يعبدون ال على ثلثة أوجه‪ :‬فطبقة يعبدونه رغبة في ثوابه فتلك عبادة الحرصاء‬
‫وهو الطمع‪ ،‬وآخرون يعبدونه فرقا من النار فتلك عبادة العبيد‪ ،‬وهي‬
‫رهبة‪ ،‬ولكني أعبده حبا له عزوجل‪ ،‬فتلك عبادة الكرام وهو المن‪ ،‬لقوله‬
‫عزوجل " وهم من فزغ يومئذ آمنون " )‪ (1‬ولقوله عزوجل " قل إن كنتم‬
‫تحبون ال فاتبعوني يحببكم ال ويغفر لكم ذنوبكم " )‪ (2‬فمن أحب ال‬
‫أحبه ال‪ ،‬ومن أحبه ال عزوجل كان من المنين )‪ .(3‬وفي تفسير المام‬
‫عليه السلم قال علي بن الحسين عليه السلم‪ :‬إني أكره أن أ عبد ال‬
‫لغراض لي ولثوابه فأكون كالعبد الطمع المطيع‪ ،‬إن طمع عمل‪ ،‬وإل لم‬
‫يعمل وأكره أن أعبده لخوف عباده‪ ،‬فأكون كالعبد السوء إن لم يخف لم‬
‫يعمل‪ ،‬قيل‪ :‬فلم تعبده ؟ قال‪ :‬لما هو أهله بأياديه علي وإنعامه‪ ،‬وقال محمد‬
‫بن علي الباقر عليه السلم‪ :‬ل يكون العبد عابدا ل حق عبادته حتى ينقطع‬
‫عن الخلق كله إليه فحينئذ يقول‪ :‬هذا خالص لي فيتقبله بكرمه‪ ،‬وقال جعفر‬
‫بن محمد عليهما السلم‪ :‬ما أنعم ال عزوجل على عبد أجل من أن ل يكون‬
‫في قلبه مع ال غيره‪ ،‬وقال موسى بن جعفر عليه السلم أشرف العمال‬
‫التقرب بعبادة ال عزوجل‪ ،‬وقال علي الرضا عليه السلم‪ " :‬إليه يصعد‬
‫الكلم الطيب " قول ل إله إل ال محمد رسول ال علي ولي ال وخليفة‬
‫محمد رسول ال حقا وخلفاؤه خلفاء ال " والعمل الصالح يرفعه " علمه‬
‫في قلبه بأن هذا صحيح كما قلته بلساني )‪ .(4‬وأقول‪ :‬لكل من النيات‬
‫الفاسدة والصحيحة أفراد اخرى يعلم بالمقايسة مما ذكرنا‪ ،‬وهي تابعة‬
‫لحواله وصفاته‪ ،‬وملكاته الراسخة منبعثة عنها‪ ،‬ومن هذا يظهر سر أن‬
‫أهل الجنة يخلدون فيها بنياتهم‪ ،‬لن النية الحسنة تستلزم طينة‬

‫)‪ (1‬النمل‪ (2) .89 :‬آل عمران‪ (3) .31 :‬راجع علل الشرائع ج ‪ 1‬ص ‪(4) .12‬‬
‫تفسير المام ص ‪ .152‬وسيجئ مستقل تحت الرقم‪.33 :‬‬

‫]‪[199‬‬

‫طيبة‪ ،‬وصفات حسنة وملكات جميلة‪ ،‬تستحق الخلود بذلك‪ ،‬إذ لم يكن مانع العمل‬
‫من قبله فهو بتلك الحالة مهيئ للعمال الحسنة‪ ،‬والفعال الجميلة‪ ،‬والكافر‬
‫مهيئ لضد ذلك وبتلك الصفات الخبيئة المستلزمة لتلك النية الردية استحق‬
‫الخلود في النار‪ .‬وبما ذكرنا ظهر معنى قوله عليه السلم " وكل عامل‬
‫يعمل على نيته " أي عمل كل عامل يقع على وفق نيته في النقص‬
‫والكمال‪ ،‬والرد والقبول‪ ،‬والمدار عليها كما عرفت‪ ،‬وعلى بعض‬
‫الحتمالت المعنى أن النية سبب للفعل‪ ،‬وباعث عليه‪ ،‬ول يتأتى العمل إل‬
‫بها كما مر‪ - 3 .‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن خالد‪ ،‬عن علي بن‬
‫أسباط‪ ،‬عن محمد بن إسحاق بن الحسين بن عمرو‪ ،‬عن حسن بن أبان‪،‬‬
‫عن أبي بصير قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه السلم عن حد العبادة التي إذا‬
‫فعلها فاعلها كان مؤديا ؟ فقال‪ :‬حسن النية بالطاعة )‪ .(1‬بيان‪ :‬قد مضى‬
‫الكلم فيه والحاصل أنه حد العبادة الصحيحة المقبولة بالنية الحسنة غير‬
‫المشوبة مع طاعة المام‪ ،‬لنهما العمدة في الصحة والقبول فالحمل على‬
‫المبالغة‪ ،‬أو المراد بالطاعة التيان بالوجوه التي يطاع ال منها مطلقا‪- 4 .‬‬
‫كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن هشام بن سالم‪،‬‬
‫عن أبي بصير عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن العبد المؤمن الفقير‬
‫ليقول‪ :‬يا رب أرزقني حتى أفعل كذا وكذا من البر ووجوه الخير‪ ،‬فإذا علم‬
‫ال عزوجل ذلك منه بصدق نية كتب ال له من الجر مثل ما يكتب له لو‬
‫عمله‪ ،‬إن ال واسع كريم )‪ .(2‬تبيان‪ " :‬ليقول " أي بلسانه أو بقلبه أو‬
‫العم منهما " فإذا علم ال عزوجل ذلك " أي علم أنه إن رزقه يفي بما‬
‫يعده من الخير‪ ،‬فان كثيرا من المتمنيات و المواعيد كاذبة ل يفي النسان‬
‫به " إن ال واسع " أي واسع القدرة أو واسع العطاء‬

‫)‪ 1‬و ‪ (2‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪(*) .85‬‬

‫]‪[200‬‬
‫" كريم " بالذات فالثابة على نية الخير من سعة جوده وكرمه‪ ،‬ل من استحقاقهم‬
‫ذلك‪ .‬قال الشيخ البهائي قدس سره‪ :‬هذا الحديث يمكن أن يجعل تفسيرا‬
‫لقوله عليه السلم‪ " :‬نية المؤمن خير من عمله " فان المؤمن ينوي‬
‫كثيرا من هذه النيات فيثاب عليها‪ ،‬ول يتيسر العمل إل قليل انتهى‪ .‬وأقول‪:‬‬
‫النية تطلق على النية المقارنة للفعل‪ ،‬وعلى العزم المتقدم عليه سواء‬
‫تيسر العمل أم ل‪ ،‬وعلى التمني للفعل‪ ،‬وإن علم عدم تمكنه منه‪ ،‬والمراد‬
‫هنا أحد المعنيين الخيرين‪ ،‬ويمكن أن يقال‪ :‬إن النية لما كانت من الفعال‬
‫الختيارية القلبية‪ ،‬فل محالة يترتب عليها ثواب‪ ،‬وإذا فعل الفعل المنوي‬
‫يترتب عليه ثواب آخر‪ ،‬ول ينافي اشتراط العمل بها تعدد الثواب كما أن‬
‫الصلة صحتها مشروطة بالوضوء‪ ،‬ويترتب على كل منهما ثواب إذا‬
‫اقترنا‪ .‬فإذا لم يتيسر الفعل لعدم دخوله تحت قدرته‪ ،‬أو لمانع عرض له‪،‬‬
‫يثاب على العزم‪ ،‬وترتب الثواب عليه غير مشروط بحصول الفعل‪ ،‬بل بعدم‬
‫تقصيره فيه فالثواب الوارد في الخبر يحتمل أن يكون هذا الثواب فله مع‬
‫الفعل ثوابان‪ ،‬وبدونه ثواب واحد‪ ،‬فل يلزم كون العمل لغوا‪ ،‬ول كون ثواب‬
‫النية والعمل معا‪ ،‬كثوابها فقط‪ ،‬ويحتمل أن يكون ثواب النية كثوابها مع‬
‫العمل بل مضاعفة‪ ،‬ومع العمل يضاعف عشر أمثالها أو أكثر‪ .‬ويؤيده ما‬
‫سيأتي أن ال جعل لدم أن من هم من ذريته بسيئة لم تكتب عليه‪ ،‬وإن‬
‫عملها كتبت عليه سيئة‪ ،‬ومن هم منهم بحسنة فان لم يعملها كتبت له‬
‫حسنة‪ ،‬فان هو عملها كتبت له عشرا‪ ،‬وإن أمكن حمله على ما إذا لم‬
‫يعملها مع القدرة عليها‪ .‬وعلى ما حققنا أن النية تابعة للشاكلة والحالة‬
‫وأن كمالها ل يحصل إل بكمال النفس واتصافها بالخلق الرضية الواقعية‬
‫فل استبعاد في تساوي ثواب من عزم على فعل على وجه خاص من‬
‫الكمال‪ ،‬ولم يتيسر له‪ ،‬ومن فعله على هذا‬

‫]‪[201‬‬

‫الوجه‪ .‬وقيل‪ :‬إثابة المؤمن بنية أمر خير متفق عليه بين المة ورواه الخاصة‬
‫والعامة روى مسلم باسناده عن رسول ال صلى ال عليه وآله قال‪ :‬من‬
‫طلب الشهادة صادقا اعطيها ولو لم تصبه‪ ،‬وباسناد آخر عنه صلى ال‬
‫عليه وآله قال‪ :‬من سأل ال الشهادة بصدق بلغه ال منازل الشهداء‪ ،‬وإن‬
‫مات على فراشه‪ ،‬قال الماذري‪ :‬وفيهما دللة على أن من نوى شيئا من‬
‫أعمال البر ولم يفعله لعذر كان بمنزلة من عمله‪ ،‬وعلى استحباب طلب‬
‫الشهادة‪ ،‬ونية الخير‪ .‬وقد صرح بذلك جماعة من علمائهم حتى قال البي‪:‬‬
‫لو لم ينوه كان حاله حال المنافق ل يفعل الخير ول ينويه‪ - 5 .‬كا‪ :‬عن‬
‫علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن القاسم بن محمد‪ ،‬عن المنقري‪ ،‬عن أحمد بن يونس‪،‬‬
‫عن أبي هاشم قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬إنما خلد أهل النار في‬
‫النار لن نياتهم كانت في الدنيا أن لو خلدوا فيها أن يعصوا ال أبدا‪ ،‬وإنما‬
‫خلد أهل الجنة في الجنة لن نياتهم كانت في الدنيا أن لو بقوا فيها أن‬
‫يطيعوا ال أبدا‪ ،‬فبالنيات خلد هؤلء وهؤلء‪ ،‬ثم تل قوله تعالى‪ " :‬قل كل‬
‫يعمل على شاكلته " )‪ (1‬قال‪ :‬على نيته )‪ .(2‬بيان‪ :‬كأن الستشهاد بالية‬
‫مبني على ما حققنا سابقا أن المدار في العمال على النية التابعة للحالة‬
‫التي اتصفت النفس بها من العقائد والخلق الحسنة والسيئة فإذا كانت‬
‫النفس على العقائد الثابتة والخلق الحسنة الراسخة التي ل يتخلف عنها‬
‫العمال الصالحة الكاملة لو بقي في الدنيا أبدا فبتلك الشاكلة والحالة‬
‫استحق الخلود في الجنة‪ ،‬وإذا كانت على العقائد الباطلة والخلق الردية‬
‫التي علم ال تعالى أنه لو بقي في الدنيا أبدا لعصى ال تعالى دائما‪ ،‬فبتلك‬
‫الشاكلة استحق الخلود في النار‪ ،‬ل بالعمال التي لم يعملها‪ ،‬فل يرد أنه‬
‫ينافي الخبار الواردة في أنه إذا أراد السيئة ولم يعملها لم تكتب عليه‪ ،‬مع‬
‫أنه يمكن حمله على ما إذا لم تصر‬

‫)‪ (1‬أسرى ص ‪ (2) .84‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.85‬‬

‫]‪[202‬‬

‫شاكلة له‪ ،‬ولم تكن بحيث علم ال أنه لو بقي لتى بها‪ ،‬أو يحمل عدم كتابة السيئة‬
‫على المؤمنين‪ ،‬وهذا إنما هو في الكفار‪ ،‬وقد يستدل بهذا الخبر على أن كل‬
‫كافر يمكن في حقه التوبة واليمان ل يموت على الكفر‪ .‬أقول‪ :‬ويمكن أن‬
‫يستدل به على أن بالعزم على المعصية‪ ،‬يستحق العقاب وإن عفى ال عن‬
‫المؤمنين تفضل‪ ،‬وما ذكره المحقق الطوسي قدس سره في التجريد في‬
‫مسألة خلق العمال حيث قال‪ :‬وإرادة القبيح قبيحة‪ ،‬يدل على أنه يعد إرادة‬
‫العباد للحرام فعل قبيحا محرما‪ ،‬وهو الظاهر من كلم أكثر الصحاب سواء‬
‫كان تاما مستتبعا للقبيح أو عزما ناقصا غير مستتبع‪ ،‬لكن قد تقرر عندهم‬
‫أن إرادة القبيح إذا كانت غير مقارنة لفعل قبيح يتعلق بها العفو كما دلت‬
‫عليه الروايات وسيأتي بعضها‪ ،‬وأما إذا كانت مقارنة فلعله أيضا كذلك‪،‬‬
‫وادعى بعضهم الجماع على أن فعل المعصية ل يتعلق به إل إثم واحد‪،‬‬
‫ومن البعيد أن يتعلق به إثمان أحدهما بارادته والخر بايقاعه‪ .‬فيندفع‬
‫حينئذ التدافع بين ما ذكره المحقق رحمه ال من قبح إرادة القبيح وبين ما‬
‫هو المشهور من أن ال تعالى ل يعاقب بارادة الحرام‪ ،‬وإنما يعاقب بفعله‬
‫وما أوله به بعضهم من أن المراد أنه ل يعاقب العقوبة الخاصة بفعل‬
‫المعصية بمجرد إرادتها‪ ،‬ويثيب الثواب الخاص بفعل الطاعة بمجرد‬
‫إرادتها‪ ،‬ففيه أن شيئا من ذلك غير صحيح‪ ،‬فان الظاهر من النصوص أنه‬
‫تعالى ل يعاقب ول يؤاخذ على إرادة المعصية أصل‪ ،‬وأن الجماع قائم على‬
‫أن ثواب الطاعة ل يترتب على إرادتها‪ ،‬بل المترتب عليها نوع آخر من‬
‫الثواب يختلف باختلف الحوال المقارنة لها من خلوص النية وشدة الجد‬
‫فيها والستمرار عليها‪ ،‬إلى غير ذلك‪ ،‬ولمانع من أن تصير في بعض‬
‫الحوال أعظم من ثواب نفس الفعل الذي لم يكن لصاحبه تلك الرادة‬
‫البالغة الجامعة لهذه الخصوصيات‪ ،‬وكأن تتبع الثار المأثورة يغني عن‬
‫الطالة في هذا الباب‪ .‬وأقول‪ :‬قد عرفت بعض ما حققنا في ذلك وسيأتي‬
‫إنشاء ال تمام الكلم‬

‫]‪[203‬‬

‫عند شرح بعض الخبار في أواخر هذا المجلد‪ - 6 .‬كا‪ :‬عن علي بن إبراهيم‪ ،‬عن‬
‫محمد بن عيسى‪ ،‬عن أبي الحسن علي بن يحيى‪ ،‬عن أيوب بن أعين‪ ،‬عن‬
‫أبي حمزة‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬يؤتى يوم القيامة برجل فيقال له‪ :‬احتج‪ ،‬فيقول‪ :‬يا رب خلقتني‬
‫وهديتني فأوسعت علي فلم أزل اوسع على خلقك وايسر عليهم لكي تنشر‬
‫هذا اليوم رحمتك وتيسره‪ ،‬فيقول الرب جل ثناؤه وتعالى ذكره‪ :‬صدق‬
‫عبدي أدخلوه الجنة )‪ - 7 .(1‬كا‪ :‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن عمرو بن‬
‫عثمان‪ ،‬عن علي بن عيسى قال‪ :‬إن موسى ناجاه ال تبارك وتعالى فقال‬
‫في مناجاته وذكر حديثا قدسيا طويل إلى أن قال‪ :‬فاعمل كأنك ترى ثواب‬
‫عملك‪ ،‬لكي يكون أطمع لك في الخرة ل محالة )‪ - 8 .(2‬نهج‪ :‬هذا ما أمر‬
‫به عبد ال علي بن أبي طالب أمير المؤمنين في ماله ابتغاء وجه ال‪،‬‬
‫ليولجني به الجنة‪ ،‬ويعطيني المنة )‪ .(3‬وفيه‪ :‬وليس رجل ‪ -‬فاعلم ‪-‬‬
‫أحرص على جماعة امة محمد والفتها مني أبتغي بذلك حسن الثواب‬
‫وكريم المآ )‪ - 9 .(4‬لى‪ :‬باسناده إلى النبي صلى ال عليه وآله قال‪ :‬من‬
‫صام يوما تطوعا ابتغاء ثواب ال وجبت له المغفرة )‪ .(5‬بيان‪ :‬في هذه‬
‫الخبار كلها دللة على أن طلب الثواب والحذر من العقاب ل ينافي صحة‬
‫العمل وكماله والقربة فيه‪.‬‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 4‬ص ‪ (2) .40‬الكافي ج ‪ 8‬ص ‪ (3) .46‬نهج البلغة ج ‪ 2‬ص ‪،22‬‬
‫تحت الرقم ‪ 24‬من باب الكتب والرسائل‪ (4) .‬المصدر ج ‪ 2‬ص ‪،141‬‬
‫الرقم ‪ 78‬من باب الكتب‪ (5) .‬أمالي الصدوق ص ‪.329‬‬

‫]‪[204‬‬

‫‪ - 10‬فس‪ " :‬من كان يريد الحيوة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها‬
‫ل يبخسون " )‪ (1‬قال‪ :‬من عمل الخير على أن يعطيه ال ثوابه في الدنيا‬
‫أعطاه ثوابه في الدنيا وكان له في الخرة النار )‪ - 11 .(2‬ل‪ :‬ابن‬
‫المتوكل‪ ،‬عن الحميري‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن ابن محبوب عن مالك ابن‬
‫عطية‪ ،‬عن الثمالي‪ ،‬عن علي بن الحسين عليه السلم قال‪ :‬ل حسب‬
‫لقرشي ول عربي إل بتواضع‪ ،‬ول كرم إل بتقوى‪ ،‬ول عمل إل بنية‪ ،‬ول‬
‫عبادة إل بتفقه‪ ،‬أل وإن أبغض الناس إلى ال عزوجل من يقتدي بسنة إمام‬
‫ول يقتدي بأعماله )‪ - 12 .(3‬فس‪ " :‬قل كل يعمل على شاكلته " أي على‬
‫نيته " فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيل " )‪ (4‬فانه حدثني أبي‪ ،‬عن جعفر‬
‫بن إبراهيم‪ ،‬عن أبي الحسن الرضا عليه السلم قال‪ :‬إذا كان يوم القيامة‬
‫اوقف المؤمن بين يديه‪ ،‬فيكون هو الذي يلي حسابه‪ ،‬فيعرض عليه عمله‪،‬‬
‫فينظر في صحيفته فأول ما يرى سيأته فيتغير لذلك لونه‪ ،‬وترتعش‬
‫فرائصه‪ ،‬وتفزع نفسه‪ ،‬ثم يرى حسناته فتقر عينه‪ ،‬وتسر نفسه‪ ،‬وتفرح‬
‫روحه‪ ،‬ثم ينظر إلى ما أعطاه ال من الثواب فيشتد فرحه‪ ،‬ثم يقول ال‬
‫للملئكة‪ :‬هلموا الصحف التي فيها العمال التي لم يعملوها‪ ،‬قال‪ :‬فيقرؤنها‬
‫فيقولون‪ :‬وعزتك إنك لتعلم أنا لم نعمل منها شيئا فيقول‪ :‬صدقتم نويتموها‬
‫فكتبناها لكم ثم يثابون عليها )‪ - 13 .(5‬ع‪ ،‬ل )‪ (6‬لى‪ :‬السناني‪ ،‬عن محمد‬
‫بن هارون‪ ،‬عن عبيد ال بن موسى الطبري‪ ،‬عن محمد بن الحسين‬
‫الخشاب‪ ،‬عن محمد بن محصن‪ ،‬عن يونس بن ظبيان‬

‫)‪ (1‬هود‪ (2) .15 :‬تفسير القمى ص ‪ (3) .300‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (4) .12‬أسرى‪:‬‬
‫‪ (5) .84‬تفسير القمى ص ‪ (6) .387‬علل الشرائع ج ‪ 1‬ص ‪ 12‬الخصال‬
‫ج ‪ 1‬ص ‪.88‬‬

‫]‪[205‬‬

‫قال‪ :‬قال الصادق جعفر بن محمد عليهما السلم‪ :‬إن الناس يعبدون ال عزوجل‬
‫على ثلثة أوجه فطبقة يعبدونه رغبة في ثوابه‪ ،‬فتلك عبادة الحرصاء وهو‬
‫الطمع‪ ،‬وآخرون يعبدونه فرقا من النار فتلك عبادة العبيد‪ ،‬وهي رهبة‪،‬‬
‫ولكني أعبده حبا له عزوجل فتلك عبادة الكرام‪ ،‬وهو المن لقوله عزوجل‬
‫" وهم من فزع يومئذ آمنون " )‪ (1‬ولقوله عزوجل " قل إن كنتم تحبون‬
‫ال فاتبعوني يحببكم ال ويغفر لكم ذنوبكم " )‪ (2‬فمن أحب ال أحبه ال‪،‬‬
‫ومن أحبه ال عز وجل كان من المنين )‪ - 14 .(3‬لى‪ :‬ابن إدريس‪ ،‬عن‬
‫أبيه‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن الحسن بن علي بن فضال‪ ،‬عن الحسن بن‬
‫الجهم‪ ،‬عن الفضيل قال‪ :‬قال الصادق عليه السلم‪ :‬ما ضعف بدن عما‬
‫قويت عليه النية )‪ - 15 .(4‬ما‪ :‬المفيد‪ ،‬عن ابن قولويه‪ ،‬عن الكليني‪ ،‬عن‬
‫علي بن إبراهيم‪ ،‬عن اليقطيني عن يونس‪ ،‬عن أبي الوليد‪ ،‬عن الحسن بن‬
‫زياد قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬من صدق لسانه زكى عمله‪ ،‬ومن‬
‫حسنت نيته زيد في رزقه‪ ،‬ومن حسن بره بأهل بيته زيد في عمره )‪.(5‬‬
‫‪ - 16‬ل‪ :‬أبي‪ ،‬عن أحمد بن إدريس‪ ،‬عن الشعري‪ ،‬عن عبد ال بن محمد‬
‫الرازي‪ ،‬عن بكر بن صالح‪ ،‬عن أبي أيوب‪ ،‬عن محمد بن مسلم‪ ،‬عن أبي‬
‫عبد ال عليه السلم مثله وفيه " زاد ال " مكان " زيد " في الموضعين‬
‫)‪ - 17 .(6‬مع‪ :‬أبي‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن ابن يزيد‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن عبد‬
‫ال بن‬

‫)‪ (1‬النمل‪ (2) .89 :‬آل عمران‪ (3) .31 :‬أمالى الصدوق ص ‪ (4) .24‬أمالي‬
‫الصدوق ص ‪ (5) .198‬أمالي الطوسى ج ‪ 1‬ص ‪ (6) .250‬الخصال ج ‪1‬‬
‫ص ‪.44‬‬

‫]‪[206‬‬

‫سنان قال‪ :‬كنا جلوسا عند أبي عبد ال عليه السلم إذ قال له رجل من الجلساء‪:‬‬
‫جعلت فداك يا ابن رسول ال أتخاف علي أن أكون منافقا ؟ قال فقال له إذا‬
‫خلوت في بيتك نهارا أو ليل أليس تصلي ؟ فقال‪ :‬بلى‪ ،‬قال‪ :‬فلمن تصلي ؟‬
‫فقال‪ :‬ل عزوجل قال‪ :‬فكيف تكون منافقا وأنت تصلي ل عزوجل ل لغيره‬
‫)‪ - 18 .(1‬ع‪ :‬أبي‪ ،‬عن حبيب بن الحسين الكوفي‪ ،‬عن ابن أبي الخطاب‪،‬‬
‫عن أحمد بن صبيح‪ ،‬عن زيد الشحام قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه السلم‪:‬‬
‫إني سمعتك تقول‪ :‬نية المؤمن خير من عمله‪ ،‬فكيف تكون النية خيرا من‬
‫العمل ؟ قال‪ :‬لن العمل ربما كان رياء المخلوقين‪ ،‬والنية خالصة لرب‬
‫العالمين‪ ،‬فيعطي عزوجل على النية مال يعطي على العمل‪ .‬قال أبو عبد ال‬
‫عليه السلم‪ :‬إن العبد لينوي من نهاره أن يصلي بالليل فتغلبه عينه فينام‪،‬‬
‫فيثبت ال له صلته‪ ،‬ويكتب نفسه تسبيحا ويجعل نومه عليه صدقة )‪.(2‬‬
‫‪ - 19‬ع‪ :‬أبي‪ ،‬عن محمد العطار‪ ،‬عن الشعري‪ ،‬عن عمران بن موسى عن‬
‫الحسن بن علي بن النعمان‪ ،‬عن الحسن بن الحسين النصاري‪ ،‬عن بعض‬
‫رجاله‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم أنه كان يقول‪ :‬نية المؤمن أفضل من‬
‫عمله‪ ،‬وذلك لنه ينوي من الخير مال يدركه‪ ،‬ونية الكافر شر من عمله‪،‬‬
‫وذلك لن الكافر ينوي الشر ويأمل من الشر ما ل يدركه )‪ - 20 .(3‬ب‪:‬‬
‫هارون‪ ،‬عن ابن صدقة قال‪ :‬سئل جعفر بن محمد عليهما السلم عما قد‬
‫يجوز وعما ل يجوز من النية على الضمار في اليمين‪ ،‬فقال‪ :‬إن النيات قد‬
‫تجوز في موضع ول تجوز في آخر‪ ،‬فأما ما تجوز فيه فإذا كان مظلوما فما‬
‫حلف به ونوى اليمين فعلى نيته‪ ،‬وأما إذا كان ظالما فاليمين على نية‬
‫المظلوم‪ ،‬ثم قال‪ :‬ولو كانت النيات من أهل الفسق يؤخذ بها أهلها‪ ،‬إذا لخذ‬
‫كل من نوى الزنا بالزنا‪ ،‬وكل من نوى السرقة بالسرقة‪ ،‬وكل من نوى‬
‫القتل بالقتل‪ ،‬ولكن ال عدل كريم ]حكيم[‬
‫)‪ (1‬معاني الخبار ص ‪ 2) .142‬و ‪ (3‬علل الشرائع ج ‪ 2‬ص ‪(*) .211‬‬

‫]‪[207‬‬

‫ليس الجور من شأنه‪ ،‬ولكنه يثيب على نيات الخير أهلها وإضمارهم عليها‪ ،‬ول‬
‫يؤاخذ أهل الفسوق حتى يفعلوا )‪ .(1‬أقول‪ :‬روى هذا الخبر في موضع آخر‬
‫من هذا الكتاب بهذا السند وزاد في آخره زيادة هي هذه‪ :‬وذلك أنك قد ترى‬
‫من المحرم من العجم ليراد منه ما يراد من العالم الفصيح‪ ،‬وكذلك‬
‫الخرس في القراءة في الصلة والتشهد وما أشبه ذلك‪ ،‬فهذا بمنزلة العجم‬
‫المحرم ليراد منه ما يراد من العاقل المتكلم الفصيح ولو ذهب العالم‬
‫المتكلم الفصيح حتى يدع ما قد علم أنه يلزمه‪ ،‬وينبغي له أن يقوم به حتى‬
‫يكون ذلك منه بالنبطية والفارسية‪ ،‬فحيل بينه وبين ذلك بالدب‪ ،‬حتى يعود‬
‫إلى ما قد علمه وعقله‪ ،‬قال‪ :‬ولو ذهب من لم يكن في مثل حال العجمي‬
‫المحرم ففعل فعال العجمي والخرس على ما قد وصفنا إذا لم يكن أحد‬
‫فاعل لشئ من الخير‪ ،‬ول يعرف الجاهل من العالم )‪ - 21 .(2‬ما‪ :‬ابن‬
‫الصلت‪ ،‬عن ابن عقدة‪ ،‬عن المنذر بن محمد‪ ،‬عن أحمد بن يحيى الضبي‪،‬‬
‫عن موسى بن القاسم‪ ،‬عن أبي الصلت‪ ،‬عن الرضا عليه السلم عن آبائه‬
‫عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬لقول إل بعمل ول‬
‫قول ول عمل إل بنية‪ ،‬ول قول ول عمل ول نية إل باصابة السنة )‪22 .(3‬‬
‫‪ -‬ما‪ :‬ابن مخلد‪ ،‬عن أبي عمرو‪ ،‬عن محمد بن هشام المروزي‪ ،‬عن يحيى‬
‫ابن عثمان‪ ،‬عن بقية‪ ،‬عن إسماعيل البصري يعني ابن علية‪ ،‬عن أبان‪،‬‬
‫عن أنس قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬ل يقبل قول إل بعمل‪،‬‬
‫ول يقبل قول وعمل إل بنية‪ ،‬ول يقبل قول وعمل ونية إل باصابة السنة )‬
‫‪ - 23 .(4‬ما‪ :‬جماعة‪ ،‬عن أبي المفضل‪ ،‬عن علي بن أحمد بن سيابة‪ ،‬عن‬

‫)‪ (1‬قرب السناد ص ‪ .8‬ط النجف‪ (2) .‬قرب السناد ص ‪ 33‬و ‪ (3) .34‬أمالي‬
‫الطوسى ج ‪ 1‬ص ‪ (4) .347‬أمالي الطوسي ج ‪ 1‬ص ‪.396‬‬

‫]‪[208‬‬

‫عبد الرحمن بن كثير الهاشمي‪ ،‬عن حماد بن عيسى‪ ،‬عن ابن اذينة‪ ،‬عن الفضيل‬
‫قال‪ :‬سمعت الصادق والباقر عليهما السلم يحدثان عن آبائهما‪ ،‬عن أمير‬
‫المؤمنين صلوات ال عليهم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬نية‬
‫المؤمن أبلغ من عمله‪ ،‬وكذلك الفاجر )‪ - 24 .(1‬ير‪ :‬أحمد بن محمد‪ ،‬عن‬
‫محمد البرقي‪ ،‬عن إبراهيم بن إسحاق‪ ،‬عن أبي عثمان العبدي‪ ،‬عن جعفر‪،‬‬
‫عن أبيه‪ ،‬عن علي عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪:‬‬
‫ل قول إل بعمل‪ ،‬ول عمل إل بنية‪ ،‬ول عمل ول نية إل باصابة السنة )‪.(2‬‬
‫‪ - 25‬سن‪ :‬عن ابن فضال‪ ،‬عن محمد‪ ،‬عن الثمالي‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬لو نظر الناس إلى مردود العمال من السماء‪ ،‬لقالوا‪ :‬ما يقبل‬
‫ال من أحد عمل )‪ - 26 .(3‬سن‪ :‬النوفلي‪ ،‬عن السكوني‪ ،‬عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬نية المؤمن خير من‬
‫عمله‪ ،‬ونية الفاجر شر من عمله وكل عامل يعمل بنيته )‪ - 27 .(4‬سن‪:‬‬
‫الوشاء‪ ،‬عن ابن فضال‪ ،‬عن المثنى الحناط‪ ،‬عن محمد بن مسلم قال‪ :‬قال‬
‫أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬من حسنت نيته زاد ال في رزقه )‪- 28 .(5‬‬
‫سن‪ :‬بعض أصحابنا بلغ به خيثمة بن عبد الرحمن الجعفي قال‪ :‬سأل‬
‫عيسى بن عبد ال القمي أبا عبد ال عليه السلم وأنا حاضر فقال‪ :‬ما‬
‫العبادة ؟ فقال‪ :‬حسن النية بالطاعة من الوجه الذي يطاع ال منه‪ .‬وفي‬
‫حديث آخر قال‪ :‬حسن النية بالطاعة عن الوجه الذي امر به )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬أمالي الطوسي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .69‬بصائر الدرجات‪ (3) .11 :‬لم نجده في‬
‫مظانه‪ (4) .‬المحاسن ص ‪ (6 - 5) .260‬المحاسن ص ‪.261‬‬

‫]‪[209‬‬

‫‪ - 29‬سن‪ :‬علي بن الحكم‪ ،‬عن أبي عروة السلمي‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم‬
‫قال‪ :‬إن ال يحشر الناس على نياتهم يوم القيامة )‪ - 30 .(1‬سن‪:‬‬
‫القاساني‪ ،‬عن الصبهاني‪ ،‬عن المنقري‪ ،‬عن أحمد بن يونس عن أبي‬
‫هاشم قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه السلم عن الخلود في الجنة والنار‬
‫فقال‪ :‬إنما خلد أهل النار في النار‪ ،‬لن نياتهم كانت في الدنيا أن لو خلدوا‬
‫فيها أن يعصوا ال أبدا‪ ،‬وإنما خلد أهل الجنة في الجنة لن نياتهم كانت في‬
‫الدنيا أن لو بقوا فيها أن يطيعوا ال أبدا‪ ،‬فبالنيات خلد هؤلء وهؤلء‪ ،‬ثم‬
‫تل قوله‪ " :‬قل كل يعمل على شاكلته " )‪ (2‬أي على نيته )‪ .(3‬شى‪ :‬عن‬
‫أبي هاشم مثله )‪ - 31 .(4‬ضا‪ :‬أروي عن العالم عليه السلم أنه قال‪ :‬نية‬
‫المؤمن خير من عمله لنه ينوي خيرا من عمله‪ ،‬ونية الفاجر شر من‬
‫عمله وكل عامل يعمل على نيته‪ ،‬ونروى نية المؤمن خير من عمله‪ ،‬لنه‬
‫ينوي من الخير ما ل يطيقه ول يقدر عليه‪ ،‬وروي من حسنت نيته زاد ال‬
‫في رزقه‪ .‬وسألت العالم عليه السلم عن قول ال‪ " :‬خذوا ما آتيناكم بقوة‬
‫" )‪ (5‬قوة البدان أم قوة القلوب ؟ فقال‪ :‬جميعا‪ ،‬وقال‪ :‬ل قول إل بعمل‪،‬‬
‫ول عمل إل بنية‪ ،‬ول نية إل باصابة السنة‪ ،‬ونروي حسن الخلق سجية‬
‫ونية‪ ،‬وصاحب النية أفضل‪ ،‬ونروي ما ضعفت نية عن نية‪ .‬وأروي عنه‪:‬‬
‫نية المؤمن خير من عمله فسألته عن معنى ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬العمل يدخله الرياء‬
‫والنية ل يدخلها الرياء‪.‬‬
‫)‪ (1‬المحاسن ص ‪ (2) .262‬أسرى‪ (3) .84 :‬المحاسن ص ‪ (4) .262‬تفسير‬
‫العياشي ج ‪ 2‬ص ‪ (5) .316‬البقرة‪ 63 :‬و ‪.93‬‬

‫]‪[210‬‬

‫وسألت العالم عليه السلم عن تفسير نية المؤمن خير‪ ،‬قال‪ :‬إنه ربما انتهت‬
‫بالنسان حالة من مرض أو خوف فتفارقه العمال‪ ،‬ومعه نيته‪ ،‬فلذلك‬
‫الوقت نية المؤمن خير من عمله‪ .‬وفي وجه آخر أنها ل يفارقه عقله أو‬
‫نفسه والعمال قد يفارقه قبل مفارقة العقل والنفس‪ - 32 .‬مص‪ :‬قال‬
‫الصادق عليه السلم‪ :‬صاحب النية الصادقة صاحب القلب السليم لن‬
‫سلمة القلب من هواجس المحذورات بتخليص النية ل في المور كلها‬
‫قال ال عزوجل " يوم ل ينفع مال ول بنون * إل من أتى ال بقلب سليم "‬
‫)‪ (1‬وقال النبي صلى ال عليه وآله نية المؤمن خير من عمله‪ ،‬وقال عليه‬
‫السلم‪ :‬إنما العمال بالنيات‪ ،‬ولكل امرئ ما نوى ولبد للعبد من خالص‬
‫النية في كل حركة وسكون‪ ،‬لنه إذا لم يكن هذا المعنى يكون غافل‪،‬‬
‫والغافلون قد وصفهم ال تعالى فقال " اولئك كالنعام بل هم أضل سبيل "‬
‫)‪ (2‬وقال‪ " :‬اولئك هم الغافلون " )‪ .(3‬ثم النية تبدو من القلب علفي قدر‬
‫صفاء المعرفة‪ ،‬ويختلف على حسب اختلف الوقات في معنى قوته‬
‫وضعفه‪ ،‬وصاحب النية الخالصة نفسه وهواه مقهورتان تحت سلطان‬
‫تعظيم ال والحياء منه‪ ،‬وهو من طبعه وشهوته ومنيته‪ ،‬نفسه منه في‬
‫تعب والناس منه في راحة )‪] - 33 .(4‬م‪ [:‬قال علي بن الحسين عليهما‬
‫السلم‪ :‬إني أكره أن أ عبد ال ول غرض لي إل ثوابه‪ ،‬فأكون كالعبد الطمع‬
‫المطمع‪ :‬إن طمع عمل‪ ،‬وإل لم يعمل‪ ،‬وأكره أن ]ل[ أعبده إل لخوف عقابه‬
‫فأكون كالعبد السوء إن لم يخف لم يعمل‪ ،‬قيل فلم تعبده ؟ قال‪ :‬لما هو أهله‬
‫بأياديه علي وإنعامه‪.‬‬

‫)‪ (1‬الشعراء‪ 88 :‬و ‪ (3 - 2) .89‬العراف‪ (4) .179 :‬مصباح الشريعة ص ‪ 4‬و‬


‫‪.5‬‬

‫]‪[211‬‬

‫وقال محمد بن علي الباقر عليه السلم‪ :‬ل يكون العبد عابدا ل حق عبادته حتى‬
‫ينقطع عن الخلق كله إليه‪ ،‬فحينئذ يقول‪ :‬هذا خالص لي فيتقبله بكرمه‪.‬‬
‫وقال جعفر بن محمد عليه السلم‪ :‬ما أنعم ال عزوجل على عبد أجل من‬
‫أن ل يكون في قلبه مع ال غيره‪ .‬وقال موسى بن جعفر الكاظم عليه‬
‫السلم‪ :‬أشرف العمال التقرب بعبادة ال عزوجل‪ .‬وقال علي الرضا عليه‬
‫السلم " إليه يصعد الكلم الطيب " قول ل إله إل ال محمد رسول ال علي‬
‫ولي ال وخليفة محمد رسول ال حقا وخلفاؤه خلفاء ال " والعمل الصالح‬
‫يرفعه " علمه في قلبه بأن هذا صحيح كما قلته بلساني )‪ - 34 .(1‬جا‪ :‬أبو‬
‫غالب أحمد بن محمد‪ ،‬عن جده محمد بن سليمان‪ ،‬عن محمد بن الحسين‪،‬‬
‫عن محمد بن سنان‪ ،‬عن حمزة بن الطيار‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم‬
‫قال‪ :‬إنما قدر ال عون العباد على قدر نياتهم فمن صحت نيته تم عون ال‬
‫له‪ ،‬ومن قصرت نيته قصر عنه العون بقدر الذي قصر )‪ - 35 .(2‬غو‪:‬‬
‫عن النبي صلى ال عليه وآله إنما العمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما‬
‫نوى‪ ،‬فمن كانت هجرته إلى ال ورسوله فهجرته إلى ال ورسوله‪ ،‬ومن‬
‫كانت هجرته إلى دنيا يصيبها أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه‬
‫)‪ - 36 .(3‬كتاب قضاء الحقوق للصوري‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬نية المؤمن خير من عمله‪ - 37 .‬ما‪ :‬جماعة‪ ،‬عن أبي المفضل‪ ،‬عن‬
‫حنظلة بن زكريا‪ ،‬عن محمد بن علي بن حمزة‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن الرضا‪ ،‬عن‬
‫آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬لحسب إل‬
‫بالتواضع‪ ،‬ول كرم إل بالتقوى‪ ،‬ول عمل إل بالنية )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬تفسير المام ص ‪ ،152‬وقد مر في شرح الخبر الثاني من مرآت العقول ص‬


‫‪ (2) .198‬مجالس المفيد ص ‪ 48‬و ‪ (3) .49‬حديث متفق عليه راجع‬
‫صحيح البخاري كتاب اليمان ص ‪ 23‬في ط‪ (4) .‬أمالي الطوسي ج ‪2‬‬
‫ص ‪.203‬‬

‫]‪[212‬‬

‫‪ - 38‬ما‪ :‬جماعة‪ ،‬عن أبي المفضل‪ ،‬عن أحمد بن إسحاق الموسوي‪ ،‬عن أبيه‬
‫إسحاق بن العباس‪ ،‬عن إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفر‪ ،‬عن علي‬
‫بن جعفر وعلي بن موسى‪ ،‬عن موسى بن جعفر‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم‬
‫أن رسول ال صلى ال عليه وآله أغزى عليا في سرية وأمر المسلمين أن‬
‫ينتدبوا معه في سريته فقال رجل من النصار لخ له‪ :‬اغز بنا في سرية‬
‫علي لعلنا نصيب خادما أو دابة أو شيئا نتبلغ به‪ ،‬فبلغ النبي صلى ال عليه‬
‫وآله قوله‪ :‬فقال‪ :‬إنما العمال بالنيات‪ ،‬ولكل امرئ ما نوى‪ ،‬فمن غزا‬
‫ابتغاء ما عند ال عزوجل فقد وقع أجره على ال عزوجل‪ ،‬ومن غزا يريد‬
‫عرض الدنيا أو نوى عقال لم يكن له إل ما نوى )‪ - 39 .(1‬نهج‪ :‬قال عليه‬
‫السلم‪ :‬إن قوما عبدوا ال رغبة فتلك عبادة التجار وإن قوما عبدوا ال‬
‫رهبة فتلك عبادة العبيد‪ ،‬وإن قوما عبدوا ال شكرا فتلك عبادة الحرار )‬
‫‪ - 40 .(2‬الهداية‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬إنما العمال‬
‫بالنيات‪ ،‬وروي أن نية المؤمن خير من عمله ونية الكافر شر من عمله‪،‬‬
‫وروي أن بالنيات خلد أهل الجنة في الجنة‪ ،‬وأهل النار في النار‪ .‬وقال‬
‫عزوجل‪ " :‬قل كل يعمل على شاكلته " )‪ (3‬يعني على نيته‪ ،‬ول يجب على‬
‫النسان أن يجدد لكل عمل نية‪ ،‬وكل عمل من الطاعات إذا عمله العبد لم‬
‫يرد به إل ال عزوجل فهو عمل بنية‪ ،‬وكل عمل عمله العبد من الطاعات‬
‫يريد به غير ال فهو عمل بغير نية وهو غير مقبول‪.‬‬

‫)‪ (1‬أمالي الطوسي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .231‬نهج البلغة ج ‪ 2‬ص ‪ 197‬تحت الرقم‬
‫‪ 237‬من الحكم‪ (3) .‬أسرى‪.84 :‬‬

‫]‪[213‬‬

‫)‪) * (54‬باب( * * " )الخلص ومعنى قربه تعالى( " * اليات‪ :‬الفاتحة‪ :‬إياك‬
‫نعبد وإياك نستعين‪ .‬البقرة‪ :‬بلى من أسلم وجهه ل وهو محسن فله أجره‬
‫عند ربه ول خوف عليهم ول هم يحزنون )‪ .(1‬وقال تعالى‪ :‬ونحن له‬
‫مخلصون )‪ (2‬وقال‪ :‬وأتموا الحج والعمرة ل )‪ (3‬وقال‪ :‬ومن الناس من‬
‫يشري نفسه ابتغاء مرضاة ال وال رؤف بالعباد )‪ (4‬وقال تعالى‪ :‬وقوموا‬
‫ل قانتين )‪ (5‬وقال تعالى‪ :‬ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات ال‬
‫الية )‪ .(6‬آل عمران‪ :‬فان حاجوك فقل أسلمت وجهي ل ومن اتبعن )‪.(7‬‬
‫وقال تعالى‪ :‬ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها ومن يرد ثواب الخرة نؤته‬
‫منها وسنجزي الشاكرين )‪ .(8‬النساء‪ :‬واعبدوا ال ول تشركوا به شيئا )‬
‫‪ (9‬وقال‪ :‬ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات ال فسوف نؤتيه أجرا عظيما )‬
‫‪ (10‬وقال‪ :‬ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه ل وهو محسن واتبع ملة‬
‫إبراهيم حنيفا )‪ (11‬وقال‪ :‬إل الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بال‬
‫وأخلصوا دينهم ل فاولئك مع المؤمنين )‪.(12‬‬

‫)‪ (1‬البقرة‪ (2) .112 :‬البقرة‪ (3) .139 :‬البقرة‪ (4) .196 :‬البقرة‪(5) .207 :‬‬
‫البقرة‪ (6) .238 :‬البقرة‪ (7) .265 :‬آل عمران‪ (8) .20 :‬آل عمران‪:‬‬
‫‪ (9) .145‬النساء‪ (10) .35 :‬النساء‪ (11) .113 :‬النساء‪(12) .124 :‬‬
‫النساء‪.145 :‬‬

‫]‪[214‬‬

‫النعام‪ :‬إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والرض حنيفا مسلما وما أنا من‬
‫المشركين )‪ (1‬وقال تعالى‪ :‬قل إن صلوتي ونسكي ومحياى ومماتي ل رب‬
‫العالمين * ل شريك له وبذلك امرت وأنا أول المسلمين )‪ (2‬وقال تعالى‪:‬‬
‫ول تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه )‪.(3‬‬
‫العراف‪ :‬وادعوه مخلصين له الدين )‪ .(4‬يوسف‪ :‬إنه من عبادنا‬
‫المخلصين )‪ .(5‬اسرى‪ :‬وقضى ربك أن ل تعبدوا إل إياه )‪ .(6‬الكهف‪:‬‬
‫واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه )‪(7‬‬
‫وقال تعالى‪ :‬فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عمل صالحا ول يشرك بعبادة‬
‫ربه أحدا )‪ .(8‬مريم‪ :‬واذكر في الكتاب موسى إنه كان مخلصا إلى قوله‬
‫تعالى‪ :‬وقربناه نجيا )‪ .(9‬الحج‪ :‬حنفاء ل غير مشركين به )‪ .(10‬الروم‪:‬‬
‫فلت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ذلك خير للذين يريدون وجه‬
‫ال واولئك هم المفلحون )‪ .(11‬لقمان‪ :‬ومن يسلم وجهه إلى ال وهو‬
‫محسن فقد استمسك بالعروة الوثقى وإلى ال عاقبة المور )‪.(12‬‬
‫الصافات‪ :‬إل عباد ال المخلصين * اولئك لهم رزق معلوم * فواكه وهم‬

‫)‪ (1‬النعام‪ (2) .79 :‬النعام‪ (3) .163 :‬النعام‪ (4) .52 :‬العراف‪(5) .28 :‬‬
‫يوسف‪ (6) .24 :‬أسرى‪ (7) .23 :‬الكهف‪ (8) .28 :‬الكهف‪(9) .111 :‬‬
‫مريم‪ (10) .51 :‬الحج‪ (11) .31 :‬الروم‪ (12) .38 :‬لقمان‪.22 :‬‬

‫]‪[215‬‬

‫مكرمون * في جنات النعيم إلى قوله تعالى‪ :‬لمثل هذا فليعمل العاملون )‪ .(1‬ص‪:‬‬
‫وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب )‪ .(2‬الزمر‪ :‬فاعبد ال مخلصا له الدين أل‬
‫ل الدين الخالص )‪ .(3‬وقال تعالى‪ :‬قل إني امرت أن أ عبد ال مخلصا له‬
‫الدين وامرت لن أكون أول المسلمين إلى قوله تعالى‪ :‬قل ال أعبد مخلصا‬
‫له ديني فاعبدوا ما شئتم من دونه )‪ .(4‬وقال‪ :‬ضرب ال مثل رجل فيه‬
‫شركاء متشاكسون ورجل سلما لرجل هل يستويان مثل الحمد ل بل‬
‫أكثرهم ل يعلمون )‪ .(5‬المؤمن‪ :‬فادعوا ال مخلصين له الدين ولو كره‬
‫الكافرون )‪ .(6‬حمعسق‪ :‬من كان يريد حرث الخرة نزد له في حرثه ومن‬
‫كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وماله في الخرة من نصيب )‪ .(7‬الجن‪:‬‬
‫وأن المساجد ل فل تدعوا مع ال أحدا إلى قوله تعالى‪ :‬قل إنما أدعوا ربي‬
‫ول اشرك به أحدا )‪ .(8‬الدهر‪ :‬إنما نطعمكم لوجه ال ل نريد منكم جزاء‬
‫ول شكورا * إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا )‪ .(9‬الليل‪:‬‬
‫وسيجنبها التقى الذي يؤتي ماله يتزكى * وما لحد عنده من نعمة تجزى‬
‫إل ابتغاء وجه ربه العلى )‪ .(10‬البينة‪ :‬وما امروا إل ليعبدوا ال‬
‫مخلصين له الدين حنفاء )‪.(11‬‬

‫)‪ (1‬الصافات‪ (2) .61 - 40 :‬ص‪ (3) .40 :‬الزمر‪ (4) .3 - 2 :‬الزمر‪.14 - 12 :‬‬
‫)‪ (5‬الزمر‪ (6) .29 :‬المؤمن‪ (7) .14 :‬الشورى‪ (8) .20 :‬الجن‪- 18 :‬‬
‫‪ (9) .20‬الدهر‪ (10) .9 :‬الليل‪ (11) .17 :‬البينة‪.5 :‬‬
‫]‪[216‬‬

‫تفسير‪ " :‬إياك نعبد وإياك نستعين " أي نخصك بالعبادة والستعانة والمراد طلب‬
‫المعونة في المهمات كلها أو في أداء العبادات والضمير المستكن في‬
‫الفعلين للقاري ومن معه من الحفظة وحاضري صلة الجماعة أوله‬
‫ولسائر الموحدين أدرج عبادته في تضاعيف عبادتهم وخلط حاجته‬
‫بحاجتهم لعلها تقبل ببركتها ويجاب إليها ولهذا شرعت الجماعة‪ ،‬وقدم‬
‫المفعول للتعظيم والهتمام به‪ ،‬والدللة على الحصر وقيل‪ :‬لما نسب العبادة‬
‫إلى نفسه أوهم ذلك تبجحا واعتدادا منه بما يصدر عنه فعقبه بقوله "‬
‫وإياك نستعين " ليدل على أن العبادة أيضا مما ل تتم ول تستتب له إل‬
‫بمعونة منه وتوفيق‪ ،‬وقيل‪ :‬الواو للحال والمعنى نعبدك مستعينين بك‪ .‬وفي‬
‫تفسير المام عليه السلم في تفسيرها قال ال تعالى‪ :‬قولوا أيها الخلق‬
‫المنعم عليهم " إياك نعبد " إيها المنعم علينا نطيعك مخلصين مع التذلل‬
‫والخضوع بل رئاء ول سمعة " وإياك نستعين " منك نسأل المعونة على‬
‫طاعتك لنؤديها كما أمرت‪ ،‬و نتقي من دنيانا ما عنه نهيت‪ ،‬ونعتصم من‬
‫الشيطان ومن سائر مردة النس من المضلين ومن المؤذين الظالمين‬
‫بعصمتك )‪ " (1‬بلى من أسلم وجهه ل " قيل أي نفسه أو قصده فيدل‬
‫على الخلص‪ ،‬وقال الطبرسي‪ (2) :‬قيل‪ :‬معناه من أخلص نفسه ل بأن‬
‫سلك طريق مرضاته عن ابن عباس‪ ،‬وقيل‪ :‬وجه وجهه لطاعة ال وقيل‪:‬‬
‫فوض أمره إلى ال وقيل‪ :‬استسلم لمر ال وخضع وتواضع ل " وهو‬
‫محسن " في عمله وقيل‪ :‬وهو مؤمن‪ ،‬وقيل مخلص‪ " :‬فله أجره عند ربه‬
‫" أي فله جزاء عمله عند ال تعالى‪ .‬وفي تفسير المام عليه السلم " بلى‬
‫من أسلم وجهه ل " كما فعل الذين آمنوا برسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫لما سمعوا براهينه وحججه " وهو محسن " في عمله ل " فله أجره "‬
‫أي ثوابه عند ربه يوم فصل القضاء " ول خوف عليهم " حين يخاف‬
‫الكافرون ما يشاهدونه من العذاب " ول هم يحزنون " عند الموت لن‬
‫البشاره بالجنان تأتيهم انتهى )‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬تفسير المام ص ‪ (2) .18‬مجمع البيان ج ‪ 1‬ص ‪ ،187‬في آية البقرة‪) .112 :‬‬
‫‪ (3‬تفسير المام ص ‪.249‬‬

‫]‪[217‬‬

‫" ونحن له مخلصون " )‪ (1‬أي في اليمان والطاعة لنشرك به شركا جليا ول‬
‫خفيا‪ " .‬ل " )‪ (2‬أي لوجه ال خالصا ويدل على وجوب نية القربة فيهما‬
‫" من يشري " )‪ (3‬أي يبيع " نفسه " ببذلها " ابتغاء مرضاة ال " أي‬
‫طلبا لرضاه سبحانه‪ ،‬ويدل على أن طلب الرضا أيضا أحد وجوه القربة‬
‫وروت العامة والخاصة )‪ (4‬بأسانيد جمة أنها نزلت في أمير المؤمنين‬
‫عليه السلم حين بات على فراش رسول ال صلى ال عليه وآله وفي‬
‫تفسير المام عليه السلم " ومن الناس من يشري نفسه " يبعيها "‬
‫ابتغاء مرضات ال " فيعمل بطاعته ويأمر الناس بها‪ ،‬ويصبر على ما‬
‫يلحقه من الذى فيها يكون كمن باع نفسه وسلمها وتسلم مرضاة ال‬
‫عوضا منها فل يبالي ماحل بها بعد أن يحصل لها رضا ربها " وال رؤف‬
‫بالعباد " كلهم أما الطالبون لرضا ربهم فيبلغهم أقصى أمانيهم‪ ،‬ويزيدهم‬
‫عليها ما لم تبلغه آمالهم‪ ،‬وأما الفاجرون في دينه فيتأناهم ويرفق بهم‬
‫يدعوهم إلى طاعته ول يقطع ممن علم أنه سيتوب عن ذنبه التوبة‬
‫الموجبة له عظيم كرامته )‪ " .(5‬وقوموا ل " )‪ (6‬يدل على وجوب نية‬
‫القربة في القيام للصلة بل فيها‪ " .‬مثل الذين ينفقون " )‪ (7‬أي يخرجون‬
‫" أموالهم " في وجوه البر " ابتغاء مرضاة ال " أي لطلب رضاه فيدل‬
‫]على[ ظ اشتراط ترتب الثواب على الصدقات وسائر الخيرات بالقربة‪" .‬‬
‫فقل أسلمت وجهى ل " )‪ (8‬أي أخلصت نفسي وجملتي له ل اشرك فيها‬
‫غيره‪ ،‬قيل‪ :‬عبر عن النفس بالوجه لنه أشرف العضاء الظاهرة‪ ،‬ومظهر‬
‫القوى‬

‫)‪ (1‬البقرة‪ (2) .139 :‬يعنى الحج والعمرة في قوله تعالى‪ " :‬وأتموا الحج والعمرة‬
‫ل "‪ (3) .‬البقرة‪ (4) .207 :‬راجع ج ‪ 19‬ص ‪ 55‬باب الهجرة ومباديها‪،‬‬
‫وهكذا ج ‪ 36‬ص ‪ (5) .51 - 40‬تفسير المام ص ‪ (6) .284‬البقرة‪:‬‬
‫‪ (7) .238‬البقرة‪ (8) .265 :‬آل عمران‪.20 :‬‬

‫]‪[218‬‬

‫والحواس " ومن اتبعن " أي وأسلم من اتبعنى‪ " .‬ومن يرد ثواب الدنيا نؤته منها‬
‫" )‪ (1‬قال في المجمع‪ :‬قيل في معناه أقوال‪ :‬أحدها أن المراد من عمل‬
‫للدنيا لم نحرمه ما قسمنا له فيها من غير حظ في الخرة عن أبي إسحاق‬
‫أي فل تغتر بحاله في الدنيا‪ ،‬وثانيها من أراد بجهاده ثواب الدنيا وهو‬
‫النصيب من الغنيمة نؤته منها‪ ،‬فبين أن حصول الدنيا للنسان ليس‬
‫بموضع غبطة لنها مبذولة للبر والفاجر عن أبي علي الجبائي‪ ،‬وثالثها‬
‫من تعرض لثواب الدنيا بعمل النوافل مع مواقعة الكبائر جوزي بها في‬
‫الدنيا دون الخرة لحباط عمله بفسقه‪ ،‬وهذا على مذهب من يقول‬
‫بالحباط‪ " .‬ومن يرد ثواب الخرة نؤته منها " أي من يرد بالجهاد‬
‫وأعماله ثواب الخرة نؤته منها‪ ،‬فل ينبغي لحد أن يطلب بطاعاته غير‬
‫ثواب ال تعالى ومثله قوله تعالى‪ " :‬من كان يريد حرث الخرة نزد له في‬
‫حرثه " )‪ (2‬الية‪ ،‬وقريب منه قول النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬من طلب‬
‫الدنيا بعمل الخرة فماله في الخرة من نصيب " وسنجزي الشاكرين "‬
‫أي نعطيهم جزاء الشكر‪ ،‬وقيل‪ :‬معناه سنجزي الشاكرين من الرزق في‬
‫الدنيا لئل يتوهم أن الشاكر يحرم ما يعطى الكافر من نعيم الدنيا انتهى )‪.(3‬‬
‫وأقول‪ :‬الية على أظهر الوجوه تدل على اشتراط ثواب الخرة بقصد‬
‫القربة‪ ،‬وأما على بطلن العمل ففيه إشكال إل أن يظهر التلزم بين الصحة‬
‫واستحقاق الثواب الخروي‪ ،‬ويدل على أن قصد الثواب ل ينافي القربة كما‬
‫زعمه جماعة وعلى أن الثواب الدنيوي قد يترتب على العبادات الفاسدة‬
‫كعبادة إبليس وبعض الكفار‪ " .‬ول تشركوا به شيئا " )‪ (4‬أي ل تشركوا‬
‫في عبادته غيره‪ ،‬وهو يشمل الشرك‬

‫)‪ (1‬آل عمران‪ (2) .145 :‬الشورى‪ (3) .20 :‬مجمع البيان ج ‪ 2‬ص ‪(4) .515‬‬
‫النساء‪.35 :‬‬

‫]‪[219‬‬

‫الجلي والخفي‪ " .‬ومن يفعل ذلك " )‪ (1‬أي الصدقة أو المعروف أو الصلح بين‬
‫الناس أو المر بها‪ ،‬ويدل على اشتراط القربة في ترتب الثواب عليه‪" .‬‬
‫ومن أحسن دينا " )‪ (2‬قال الطبرسي رحمه ال‪ :‬هو في صورة الستفهام‬
‫والمراد به التقرير‪ ،‬ومعناه من أصوب طريقة وأهدى سبيل أي ل أحد‬
‫أصدق اعتقادا ممن أسلم وجهه ل أي استسلم‪ ،‬والمراد بوجهه هنا ذاته‬
‫ونفسه كما قال سبحانه‪ " :‬كل شئ هالك إل وجهه " )‪ (3‬والمعنى انقاد ل‬
‫بالطاعة ولنبيه صلى ال عليه وآله بالتصديق وقيل‪ :‬معنى أسلم وجهه ل‬
‫قصده سبحانه بالعبادة وحده‪ ،‬كما أخبر عن إبراهيم عليه السلم أنه قال‪:‬‬
‫" وجهت وجهي للذي فطر السموات والرض " )‪ (4‬وقيل‪ :‬معناه أخلص‬
‫أعماله ل أي أتى بها مخلصا ل " وهو محسن " أي فاعل للفعل الحسن‬
‫الذي أمره ال سبحانه‪ ،‬وقيل‪ :‬وهو محسن في جميع أقواله وأفعاله وقيل‪:‬‬
‫إن المحسن هو الموحد وروي عن النبي صلى ال عليه وآله أنه سئل عن‬
‫الحسان فقال‪ :‬أن تعبد ال كأنك تراه‪ ،‬فان لم تكن تراه فانه يراك " واتبع‬
‫ملة إبراهيم " أي اقتدى بدينه وسيرته وطريقته‪ ،‬يعني ما كان عليه‬
‫إبراهيم عليه السلم وأمر به بنيه من بعده‪ ،‬وأوصاهم به من القرار‬
‫بتوحيده وعدله وتنزيهه عما ل يليق به ومن ذلك الصلة إلى الكعبة‪،‬‬
‫والطواف حولها‪ ،‬وسائر المناسك " حنيفا " أي مستقيما على منهاجه‬
‫وطريقه )‪ .(5‬قوله تعالى‪ " :‬إل الذين تابوا " )‪ (6‬أي من النفاق "‬
‫وأصلحوا " ما أفسدوا‬
‫)‪ (1‬النساء‪ (2) .113 :‬النساء‪ (3) .124 :‬القصص‪ (4) .88 :‬النعام‪(5) .79 :‬‬
‫مجمع البيان ج ‪ 3‬ص ‪ (6) .116‬النساء‪.145 :‬‬

‫]‪[220‬‬

‫من أسرارهم وأحوالهم في حال النفاق " واعتصموا بال " وثقوا به وتمسكوا‬
‫بدينه " وأخلصوا دينهم ل " ل يريدون بطاعته إل وجهه " فاولئك مع‬
‫المؤمنين " ومن عدادهم في الدارين‪ " .‬وجهت وجهي " )‪ (1‬أي نفسي‬
‫أو وجه قلبي أو قصدي " حنيفا " أي مخلصا مائل عن الشرك إلى‬
‫الخلص " وما أنا من المشركين " ل بالشرك الجلي ول بالشرك الخفي‪.‬‬
‫" قل إن صلوتي " )‪ (2‬الخطاب للرسول صلى ال عليه وآله " ونسكي "‬
‫قال في المجمع‪ :‬قيل‪ :‬أي ديني وقيل‪ :‬عبادتي وقيل‪ :‬ذبيحتي للحج والعمرة‬
‫" ومحياى ومماتي " أي حياتي وموتي " ل رب العالمين " وإنما جمع‬
‫بين صلته وحياته وأحدهما من فعله والخر من فعل ال‪ ،‬فانهما جميعا‬
‫بتدبير ال تعالى‪ ،‬وقيل‪ :‬معناه صلتي ونسكي له عبادة وحياتي ومماتي له‬
‫ملكا وقدرة‪ ،‬وقيل‪ :‬إن عبادتي له لنها بهدايته ولطفه‪ ،‬ومحياي ومماتي‬
‫له‪ ،‬لنهما بتدبيره وخلقه‪ ،‬وقيل‪ :‬معنى قوله‪ " :‬محياي ومماتي ل " أن‬
‫العمال الصالحة التي تتعلق بالحياة في فنون الطاعات وما يتعلق بالممات‬
‫من الوصية والختم بالخيرات ل‪ ،‬وفيه تنبيه على أنه ل ينبغي أن يكون‬
‫النسان حياته لشهوته ومماته لورثته " ل شريك له " أي ل ثاني له في‬
‫اللهية‪ ،‬وقيل‪ :‬ل شريك له في العبادة‪ ،‬وفي الحياء والماتة " وبذلك‬
‫امرت " أي وبهذا أمرني ربي " وأنا أول المسلمين " من هذه المة‬
‫انتهى )‪ .(3‬وأقول‪ :‬يمكن أن يكون المراد بقوله‪ " :‬محياي ومماتي ل "‬
‫أني جعلت إرادتي ومحبتي موافقتين لرادة ال ومحبته في جميع المور‪،‬‬
‫حتى في الحياة والممات‪ ،‬فان أراد ال حياتي لأطلب الموت‪ ،‬وإذا أراد‬
‫موتي لأكرهها ول أشتهي الحياة‪ " .‬يريدون وجهه " )‪ (4‬قال الطبرسي‬
‫رحمه ال‪ :‬يعني يطلبون ثواب ال‬

‫)‪ (1‬النعام‪ (2) .79 :‬النعام‪ (3) .163 :‬مجمع البيان ج ‪ 4‬ص ‪ (4) .391‬النعام‪:‬‬
‫‪.52‬‬

‫]‪[221‬‬

‫ويعملون ابتغاء مرضاته‪ ،‬ل يعدلون بال شيئا عن عطا‪ ،‬قال الزجاج‪ :‬شهد ال لهم‬
‫بصدق النيات وأنهم مخلصون في ذلك له‪ ،‬أي يقصدون الطريق الذي‬
‫أمرهم بقصده‪ ،‬فكأنه ذهب في معنى الوجه إلى الجهة والطريق )‪ .(1‬وقال‬
‫في قوله تعالى‪ " :‬وادعوه مخلصين له الدين "‪ :‬هذا أمر بالدعاء‬
‫والتضرع إليه سبحانه على وجه الخلص أي ارغبوا إليه في الدعاء بعد‬
‫إخلصكم له الدين‪ ،‬وقيل‪ :‬معناه واعبدوه مخلصين له اليمان )‪ " .(2‬من‬
‫عبادنا المخلصين " )‪ (3‬قرئ بفتح اللم أي المصطفين المختارين للنبوة‬
‫وبكسرها أي المخلصين في العبادة والتوحيد‪ ،‬أي من عبادنا الذين أخلصوا‬
‫الطاعة ل وأخلصوا أنفسهم ل‪ " .‬أن ل تعبدوا إل إياه " )‪ (4‬كأنه شامل‬
‫للشرك الخفي أيضا‪ " .‬يريدون وجهه " في المجمع‪ :‬أي رضوانه وقيل‪:‬‬
‫تعظيمه والقربة إليه دون الرئاء والسمعة )‪ " .(5‬فمن كان يرجو لقاء ربه‬
‫" )‪ (6‬قال رحمه ال‪ :‬أي فمن كان يطمع في لقاء ثواب ربه ويأمله ويقر‬
‫بالبعث إليه والوقوف بين يديه‪ ،‬وقيل‪ :‬معناه فمن كان يخشى لقاء عقاب‬
‫ربه‪ ،‬وقيل‪ :‬إن الرجاء يشتمل على كلم المعنيين الخوف والمل " فليعمل‬
‫عمل صالحا " أي خالصا ل تعالى يتقرب به إليه " ول يشرك بعبادة ربه‬
‫أحدا " غيره من ملك أو بشر أو حجر أو شجر عن الحسن‪ ،‬وقيل‪ :‬معناه ل‬
‫يرائي عبادته أحدا وقال مجاهد‪ :‬جاء رجل إلى النبي صلى ال عليه وآله‬
‫فقال‪ :‬إني أتصدق وأصل‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ج ‪ 4‬ص ‪ (2) .306‬مجمع البيان ج ‪ 4‬ص ‪ 411‬في آية العراف‪:‬‬
‫‪ (3) .28‬يوسف‪ (4) .24 :‬أسرى‪ (5) .23 :‬مجمع البيان ج ‪ 6‬ص ‪465‬‬
‫في آية الكهف‪ (6) .28 :‬الكهف‪(*) .111 :‬‬

‫]‪[222‬‬

‫الرحم ول أصنع ذلك إل ل فيذكر ذلك مني واحمد عليه فيسرني ذلك وأعجب به‪،‬‬
‫فسكت رسول ال صلى ال عليه وآله ولم يقل شيئا فنزلت الية‪ ،‬قال عطا‪:‬‬
‫عن ابن عباس إن ال تعالى قال‪ :‬ول يشرك ]بعبادة ربه أحدا ولم يقل ول‬
‫يشرك[ به لنه أراد العمل الذي يعمل ل‪ ،‬ويحب أن يحمد عليه‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ولذلك يستحب للرجل أن يدفع صدقته إلى غيره ليقسمها كيل يعظمه من‬
‫يصله بها‪ .‬وروي عن النبي صلى ال عليه وآله أنه قال‪ :‬قال ال عزوجل‪:‬‬
‫أنا أغنى الشركاء عن الشرك‪ ،‬فمن عمل عمل أشرك فيه غيري فأنا منه‬
‫برئ‪ ،‬فهو للذي أشرك‪ ،‬أورده مسلم في الصحيح وروي عن عبادة بن‬
‫الصامت وشداد بن أوس قال‪ :‬سمعنا رسول ال صلى ال عليه وآله يقول‪:‬‬
‫من صلى صلة يرائي بها فقد أشرك‪ ،‬ومن صام صوما يرائي به‪ ،‬فقد‬
‫أشرك‪ ،‬ثم قرأ هذه الية‪ ،‬وروي أن أبا الحسن الرضا عليه السلم دخل‬
‫يوما على المأمون فرآه يتوضأ للصلة والغلم يصب على يده الماء‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫ل تشرك بعبادة ربك أحدا‪ ،‬فصرف المأمون الغلم‪ ،‬وتولى إتمام وضوئه‬
‫بنفسه وقيل‪ :‬إن هذه الية آخر آية نزلت من القرآن انتهى )‪ .(1‬وأقول‪:‬‬
‫الرواية الخيرة تدل على أن المراد بالشرك هنا الستعانة في العبادة‪ ،‬وهو‬
‫مخالف لسائر الخبار‪ ،‬ويمكن الجمع بحملها على العم منها فان الخلص‬
‫التام هو أن ل يشرك في القصد ول في العمل غيره سبحانه‪ " .‬إنه كان‬
‫مخلصا " )‪ (2‬في المجمع أخلص العبادة ل أو أخلص نفسه لداء الرسالة‬
‫" وقربناه نجيا " أي مناجيا كليما قال ابن عباس‪ :‬قربه ال وكلمه‪ ،‬ومعنى‬
‫هذا التقريب أنه أسمعه كلمه وقيل‪ :‬قربه حتى سمع صرير القلم الذي‬
‫كتبت به التوراة‪ ،‬وقيل‪ :‬وقربناه أي ورفعنا منزلته وأعلينا محله حتى صار‬
‫محله منا في الكرامة والمنزلة محل من قربه موله في مجلس كرامته‪،‬‬
‫فهو تقريب كرامة واصطفاء ل تقريب مسافة وإدناء‪ ،‬إذ هو سبحانه ل‬
‫يوصف بالحلول في مكان فيقرب‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ج ‪ 6‬ص ‪ 499‬وما بين العلمتين أضفناه من المصدر‪ (2) .‬مريم‪:‬‬
‫‪.51‬‬

‫]‪[223‬‬

‫عن بعد أو يبعد عن قرب‪ ،‬أو يكون أحد أقرب إليه من غيره )‪ " .(1‬حنفاء ل " أي‬
‫مستقيمي الطريقة على ما أمر ال‪ ،‬مائلين عن سائر الديان " غير‬
‫مشركين به " أي حجاجا مخلصين‪ ،‬وهم مسلمون موحدون كذا في‬
‫المجمع )‪ (2‬وفي التفسير عن الصادق عليه السلم غير مشركين به في‬
‫التوحيد‪ ،‬عن الباقر عليه السلم أنه سئل عنه وعن الحنيفية فقال‪ :‬هي‬
‫الفطرة التي فطر الناس عليها " ل تبديل لخلق ال " قال‪ :‬فطرهم ال على‬
‫المعرفة )‪ " .(3‬للذين يريدون وجه ال " )‪ (4‬أي الذين يقصدون‬
‫بمعروفهم إياه خالصا من دون رئاء وسمعة " واولئك هم المفلحون " أي‬
‫الفائزون بثواب ال‪ " .‬ومن يسلم وجهه إلى ال " في المجمع‪ :‬أي ومن‬
‫يخلص دينه ل ويقصد في أفعاله التقرب إلى ال " وهو محسن " فيها‬
‫فيفعلها على موجب العلم ومقتضى الشرع‪ ،‬وقيل‪ :‬إسلم الوجه إلى ال‬
‫تعالى هو النقياد إليه في أوامره ونواهيه وذلك يتضمن العلم والعمل "‬
‫فقد استمسك " أي فقد تعلق بالعروة الوثيقة التي ل يخشى انفصامها "‬
‫وإلى ال عاقبة المور " أي وعند ال ثواب ما صنع والمعنى وإلى ال‬
‫يرجع أواخر المور‪ ،‬على وجه ل يكون لحد التصرف فيها بالمر والنهي‬
‫انتهى )‪ " .(5‬إل عباد ال المخلصين " )‪ (6‬بالكسر أي الذين تنبهوا‬
‫بانذارهم فأخلصوا دينهم ل‪ ،‬وبالفتح أي الذين أخلصهم ال لدينه‪ ،‬وعلى‬
‫التقديرين الستثناء منقطع وعن الباقر عليه السلم عن النبي صلى ال‬
‫عليه وآله " لهم رزق معلوم " قال يعلمه الخدام فيأتون به‬
‫)‪ (1‬مجمع البيان ج ‪ 6‬ص ‪ (2) .518‬مجمع البيان ج ‪ 7‬ص ‪ 82‬والية في سورة‬
‫الحج‪ (3) .31 :‬راجع الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ 12‬و ‪ (4) .13‬الروم‪(5) .38 :‬‬
‫مجمع البيان ج ‪ 8‬ص ‪ ،321‬في آية لقمان‪ (6) .22 :‬الصافات‪.40 :‬‬

‫]‪[224‬‬

‫أولياء ال قبل أن يسألوهم إياه وأما قوله " فواكه وهم مكرمون " قال‪ :‬فانهم ل‬
‫يشتهون شيئا في الجنة إل اكرموا به‪ " .‬مخلصين له الدين " )‪ (1‬من‬
‫الشرك الجلي بل الخفي أيضا‪ " .‬فا عبد ال مخلصا له الدين " )‪ (2‬في‬
‫المجمع من شرك الوثان والصنام والخلص أن يقصد العبد بنيته وعمله‬
‫إلى خالقه ل يجعل ذلك لغرض الدنيا " أل ل الدين الخالص " والخالص‬
‫هو ما ل يشوبه الرئاء والسمعة‪ ،‬ول وجه من وجوه الدنيا‪ ،‬وقيل معناه أل‬
‫ل الطاعة بالعبادة التي يستحق بها الجزاء‪ ،‬فهذا ل وحده‪ ،‬ل يجوز أن‬
‫يكون لغيره‪ ،‬وقيل‪ :‬هو العتقاد الواجب في التوحيد والعدل والنبوة‬
‫والقرار بها والعمل بموجبها والبراءة‪ ،‬من كل دين سواها )‪ .(3‬وقال في‬
‫قوله تعالى‪ " :‬مخلصا له الدين " أي موحدا له ل أعبد معه سواه والعبادة‬
‫الخالصة هي التي ل يشوبها شئ من المعاصي " وامرت " أيضا " لن‬
‫أكون أول المسلمين " فيكون لي فضل السبق‪ " .‬مخلصا له ديني "‬
‫وطاعتي انتهى )‪ " (4‬فاعبدوا ما شئتم من دونه " تهديد وخذلن‪" .‬‬
‫ضرب ال مثل " )‪ (5‬أي للمشرك والموحد " متشاكسون " أي‬
‫متنازعون مختلفون " ورجل سلما لرجل " أي خالصا لواحد ليس لغيره‬
‫عليه سبيل‪ ،‬قيل‪ :‬مثل المشرك على ما يقتضيه مذهبه من أن يدعي كل‬
‫واحد من معبوديه عبوديته ويتنازعون فيه‪ ،‬بعبد يتشارك فيه جمع‬
‫يتجاذبونه ويتعاورونه في مهامهم المختلفة‪ ،‬في تحيره وتوزع قلبه‪:‬‬
‫والموحد بمن خلص لواحد ليس لغيره عليه سبيل‪ .‬وأقول‪ :‬قد مرت الخبار‬
‫الكثيرة في أنها نزلت في أمير المؤمنين عليه السلم وغاصبي‬

‫)‪ (1‬المؤمن‪ ،14 :‬لكنه مؤخر عن سورة الزمر‪ (2) .‬الزمر‪ 2 :‬و ‪ (3) .3‬مجمع‬
‫البيان ج ‪ 8‬ص ‪ (4) .488‬مجمع البيان ج ‪ 8‬ص ‪ ،493‬في آية الزمر‪:‬‬
‫‪ (5) .14 - 12‬الزمر‪.29 :‬‬

‫]‪[225‬‬

‫حقه )‪ (1‬وعلى التقادير يشعر بذم الشرك الخفي فان من أشركه في عبادته له‬
‫نصيب فيها ولذا يقول ال له يوم القيامة أنا أغنى الشركاء خذ ثواب‬
‫عبادتك ممن أشركته معي‪ " .‬من كان يريد حرث الخرة " )‪ (2‬أي ثوابها‪،‬‬
‫شبهه بالزرع من حيث إنه فائدة تحصل بعمل الدنيا‪ ،‬ولذلك قيل‪ " :‬الدنيا‬
‫مزرعة الخرة " " نزد له في حرثه " فنعطه بالواحد عشرا إلى سبعمائة‬
‫فما فوقها " ومن كان يريد حرث الدنيا " أي بعمله نفع الدنيا " نؤته منها‬
‫" أي شيئا منها على ما قسمنا له‪ ،‬ويحتمل أن يصير سببا لزيادة المنافع‬
‫الدنيوية " وما له في الخرة من نصيب " لبطلنه وإنما العمال بالنيات‪،‬‬
‫وإنما لكل امرئ ما نوى وفي التفسير عن الصادق عليه السلم المال‬
‫والبنون حرث الدنيا والعمل الصالح حرث الخرة‪ ،‬وقد يجمعهما ال لقوام‪.‬‬
‫وفي الكافي عنه عليه السلم من أراد الحديث لمنفعة الدنيا لم يكن له في‬
‫الخرة نصيب‪ ،‬ومن أراد به خير الخرة أعطاه ال خير الدنيا والخرة )‬
‫‪ .(3‬وفي المجمع عن النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬من كانت نيته الدنيا فرق‬
‫ال عليه أمره وجعل الفقر بين عينيه‪ ،‬ولم يأته من الدنيا إل ماكتب له‪،‬‬
‫ومن كانت نيته الخرة جمع ال شمله وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا‬
‫وهي راغمة )‪ .(4‬وفي الكافي عن الصادق عليه السلم في قوله تعالى‪" :‬‬
‫من كان يريد حرث الخرة "‪ .‬قال‪ :‬معرفة أمير المؤمنين عليه السلم‬
‫والئمة عليهم السلم‪ ،‬قيل‪ " :‬نزد له في حرثه " قال‪ :‬نزيده منها يستوفي‬
‫نصيبه من دولتهم " ومن كان يريد حرث الدنيا نؤته منها وماله في‬
‫الخرة من نصيب " قال‪ :‬ليس له في دولة الحق مع المام نصيب )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬راجع ج ‪ 24‬ص ‪ 160‬و ‪ (2) .161‬الشورى‪ (3) .20 :‬الكافي ج ‪ 1‬ص ‪،46‬‬
‫باب المستأكل بعلمه‪ (4) .‬مجمع البيان ج ‪ 9‬ص ‪ (5) .27‬الكافي ج ‪ 1‬ص‬
‫‪.436‬‬

‫]‪[226‬‬

‫" وأن المساجد ل " )‪ (1‬في الخبار الكثيرة أنها المساجد التي يسجد عليها‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬المساجد المعروفة‪ ،‬وقيل‪ :‬كل الرض " فل تدعوا مع ال أحدا "‬
‫أي ل تشركوا في دعائه وعبادته غيره‪ " .‬إنما نطعمكم لوجه ال " )‪(2‬‬
‫أي لطلب رضاه خالصا له مخلصا من الرئاء وطلب الجزاء " ل نريد منكم‬
‫جزاء ول شكورا " روى الصدوق رحمه ال في مجالسه باسناده عن‬
‫الصادق عليه السلم في حديث طويل يذكر فيه سبب نزول سورة هل أتى‬
‫في أصحاب الكساء عليهم السلم " ويطعمون الطعام على حبه " يقول‪:‬‬
‫على شهوتهم للطعام وإيثارهم له " مسكينا " من مساكين المسلمين "‬
‫ويتيما " من يتامى المسلمين " واسيرا " من اسارى المشركين‪،‬‬
‫ويقولون إذا أطعموهم " انما نطعمكم لوجه ال ل نريد منكم جزاء ول‬
‫شكورا " قال‪ :‬وال ما قالوا هذا لهم‪ ،‬ولكنهم أضمروه في أنفسهم فأخبر‬
‫ال بأضمارهم‪ ،‬يقولون‪ :‬ل نريد جزاء تكافؤننا به ول شكورا تثنون علينا‬
‫به‪ ،‬ولكنا إنما أطعمناكم لوجه ال وطلب ثوابه انتهى )‪ " .(3‬إنا نخاف من‬
‫ربنا يوما عبوسا " أي تعبس فيه الوجوه " قمطريرا " أي شديد العبوس‪.‬‬
‫" يؤتي ماله " )‪ (4‬في المجمع أي ينفقه في سبيل ال " يتزكى " يطلب‬
‫أن يكون عند ال زكيا ل يطلب بذلك رئاء ول سمعة " وما لحد عنده من‬
‫نعمة تجزى " أي ولم يفعل التقى ما فعله من إيتاء المال وإنفاقه في سبيل‬
‫ال ليد اسديت إليه يكافئ عليها ول ليد يتخذها عند أحد من الخلق " إل‬
‫ابتغاء وجه ربه العلى " أي ولكنه فعل ما فعل يبتغي به وجه ال ورضاه‬
‫وثوابه " ولسوف يرضى " أي ولسوف يعطيه ال من الجزاء والثواب ما‬
‫يرضى به فانه يعطيه كل ما تمنى‪ ،‬وما‬

‫)‪ (1‬الجن ‪ (2) .20 - 18‬الدهر‪ (3) .9 :‬أمالى الصدوق ص ‪(4) .157 - 155‬‬
‫الليل‪.17 :‬‬

‫]‪[227‬‬

‫لم يخطر بباله فيرضى به ل محالة انتهى )‪ " .(1‬مخلصين له الدين " )‪ (2‬أي ل‬
‫يشركون به شيئا " حنفاء " مائلين عن العقائد الزائغة‪ - 1 .‬سن‪ :‬عن‬
‫أبيه‪ ،‬عن يونس بن عبد الرحمن‪ ،‬عن عبد ال بن مسكان‪ ،‬عن أبي عبد‬
‫ال عليه السلم في قول ال‪ " :‬حنيفا مسلما " قال‪ :‬خالصا مخلصا ل‬
‫يشوبه شئ )‪ - 2 .(3‬كا‪ :‬علي بن إبراهيم‪ ،‬عن محمد بن عيسى‪ ،‬عن‬
‫يونس مثله إل أن فيه ليس فيه شئ من عبادة الوثان )‪ .(4‬بيان‪ :‬الحنيف‬
‫المائل إلى الدين الحق وهو الدين الخالص‪ ،‬والمسلم المنقاد ل في جميع‬
‫أوامره ونواهيه‪ ،‬ولما قال سبحانه‪ " :‬ماكان إبراهيم يهوديا ول نصرانيا‬
‫ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين " )‪ (5‬وجعل الحنيف‬
‫المسلم في مقابلة المشرك‪ ،‬فلذا فسر عليه السلم الحنيف أو الحنيف‬
‫المسلم بمن كان خالصا ل‪ ،‬مخلصا عمله من الشرك الجلي والخفي‪،‬‬
‫فالوثان أعم من الوثان الحقيقية والمجازية‪ ،‬فتشمل عبادة الشياطين في‬
‫إغوائها‪ ،‬وعبادة النفس في أهوائها كما قال تعالى‪ " :‬ألم أعهد إليكم يا بني‬
‫آدم أن ل تعبدوا الشيطان " )‪ (6‬وقال سبحانه‪ " :‬أرأيت من اتخذ إلهه‬
‫هواه " )‪ (7‬وقال عزوجل‪ " :‬اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون‬
‫ال " )‪ (8‬وقال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬معلون من عبد الدينار‬
‫والدرهم‪.‬‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ج ‪ 10‬ص ‪ (2) .502‬البينة‪ (3) .5 :‬المحاسن ص ‪(4) .251‬‬
‫الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (5) .15‬آل عمران‪ (6) .67 :‬يس‪ (7) .60 :‬الفرقان‪:‬‬
‫‪ (8) .43‬براءة‪.31 :‬‬
‫]‪[228‬‬

‫‪ - 3‬سن‪ :‬عن أبيه عمن رفعه إلى أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله‪ :‬يا أيها الناس إنما هو ال والشيطان‪ ،‬والحق والباطل‪،‬‬
‫والهدى والضلل‪ ،‬والرشد والغي‪ ،‬والعاجلة والعاقبة‪ ،‬والحسنات‬
‫والسيئات‪ ،‬فما كان من حسنات فلله‪ ،‬وما كان من سيئات فللشيطان )‪4 .(1‬‬
‫‪ -‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن أبيه مثله إل أن فيه والضللة والعاجلة‬
‫والجلة والعاقبة )‪ .(2‬بيان‪ " :‬إنما هو ال " الضمير راجع إلى المقصود‬
‫في العبادة أو العم منه ومن الباعث عليها‪ ،‬أو الموجود في الدنيا‬
‫والمقصود فيها‪ ،‬والغرض أن الحق والهدى والرشد والرعاية الجلة‬
‫والحسنات منسوب إلى ال‪ ،‬وأضدادها منسوبة إلى الشيطان‪ ،‬فما كان‬
‫خالصا ل فهو من الحسنات‪ ،‬وما كان للشيطان فيه مدخل فهو من‬
‫السيئات‪ ،‬ففي الكلم شبه قلب‪ ،‬أو المعنى أن الرب تعالى والحق والهدى‬
‫والرشد والجلة والحسنات في جانب وأضدادها في جانب آخر فالحسنات‬
‫ما يكون موافقا للحق ومعلوما بهداية ال‪ ،‬ويكون سببا للرشد والمنظور‬
‫فيه الدرجات الخروية دون اللذات الدنيوية وقربه تعالى‪ ،‬فهو منسوب إلى‬
‫ال‪ ،‬وإل فهو من خطوات الشيطان ووساوسه‪ .‬والرشد ما يوصل إلى‬
‫السعادة البدية والغي ما يؤدي إلى الشقاوة السرمدية والعاقبة عطف‬
‫تفسير للجلة على رواية الكافي‪ ،‬وكان المناسب لترتيب سائر الفقرات‬
‫تقديم الجلة على العاجلة‪ ،‬ولعله عليه السلم إنما غير السلوب لن الجلة‬
‫بعد العاجلة‪ .‬قال بعض المحققين‪ :‬اريد بالحسنات والسيئات العمال‬
‫الصالحة والسيئة المترتبتان على المور الثمانية الناشئتان منها‪ ،‬فما كان‬
‫من حسنات يعني مانشأ من الحق والهدى والرشد ورعاية العاقبة من‬
‫العمال الصالحة‪ ،‬وما كان من سيئات‬

‫)‪ (1‬المحاسن ص ‪ (2) .251‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.15‬‬

‫]‪[229‬‬

‫يعني مانشأ من الباطل والضللة والغي ورعاية العاجلة من العمال السيئة‪ ،‬فكل‬
‫من عمل عمل من الخير طاعة ل آتيا فيه بالحق على هدى من ربه‪،‬‬
‫ورشدة من أمره‪ ،‬ولعاقبة أمره‪ ،‬فهو حسنة يتقبله ال بقبول حسن‪ ،‬ومن‬
‫عمل عمل من الخير والشر طاعة للشيطان‪ ،‬آتيا فيه بالباطل‪ ،‬على ضللة‬
‫من نفسه‪ ،‬وغي من أمره ولعاجلة أمره‪ ،‬فهو سيئة مردود إلى من عمل‬
‫له‪ ،‬ومن عمل عمل مركبا من أجزاء بعضها ل‪ ،‬وبعضها للشيطان‪ ،‬فما‬
‫كان ل فهو ل‪ ،‬وما كان للشيطان فهو للشيطان‪ ،‬فمن يعمل مثقال ذرة‬
‫خيرا يره‪ ،‬ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره‪ ،‬فان أشرك بال الشيطان في‬
‫عمله أو في جزء من عمله‪ ،‬فهو مردود إليه لن ال ل يقبل الشريك كما‬
‫يأتي بيانه في باب الرئاء إنشاء ال‪ .‬وربما يقال‪ :‬إن كان الباعث اللهي‬
‫مساويا للباعث الشيطاني تقاوما وتساقطا وصار العمل ل له ول عليه‪،‬‬
‫وإن كان أحدهما غالبا على الخر بأن يكون أصل وسببا مستقل‪ ،‬ويكون‬
‫الخر تبعا غير مستقل‪ ،‬فالحكم للغالب إل أن ذلك مما يشتبه على النسان‬
‫في غالب المر‪ ،‬فربما يظن أن الباعث القوى قصد التقرب ويكون الغلب‬
‫على سره الحظ النفساني‪ ،‬فل يحصل المن إل بالخلص وقلما يستيقن‬
‫الخلص من النفس‪ ،‬فينبغي أن يكون العبد دائما مترددا بين الرد والقبول‪،‬‬
‫خائفا من الشوائب‪ ،‬وال الموفق للخير والسداد‪ - 5 .‬كا‪ :‬عن العدة عن‬
‫سهل‪ ،‬عن علي بن أسباط‪ ،‬عن أبي الحسن الرضا عليه السلم أن أمير‬
‫المؤمنين صلوات ال عليه كان يقول‪ :‬طوبى لمن أخلص ل العبادة‬
‫والدعاء‪ ،‬ولم يشغل قلبه بما ترى عيناه‪ ،‬ولم ينس ذكر ال بما تسمع اذناه‪،‬‬
‫ولم يحزن صدره بما اعطي غيره )‪ .(1‬بيان‪ " :‬طوبى " أي الجنة‪ ،‬أو‬
‫طيبها‪ ،‬أو شجرة فيها كما ورد في الخبر أو العيش الطيب‪ ،‬أو الخير " لمن‬
‫أخلص ل العبادة والدعاء "‪ ،‬أي لم يعبد ولم يدع غيره تعالى‪ ،‬أو كان‬
‫غرضه من العبادة والدعاء رضي ال سبحانه من غير رئاء‪.‬‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.16‬‬

‫]‪[230‬‬

‫" بما ترى عيناه " أي من زخارف الدنيا ومشتهياتها والرفعة والملك فيها " ولم‬
‫ينس ذكر ال " بالقلب واللسان " وبما تسمع اذناه " من الغنا وأصوات‬
‫الملهي وذكر لذات الدنيا والشهوات والشبهات المضلة والراء المبتدعة‪،‬‬
‫والغيبة والبهتان‪ ،‬وكل ما يلهي عن ال " ولم يحزن صدره بما اعطي‬
‫غيره " من أسباب العيش وحرمها والتصاف بهذه الصفات العلية إنما‬
‫يتيسر لمن قطع عن نفسه العلئق الدنية‪ ،‬وفي الخبر إشعار بأن الخلص‬
‫في العبادة ل يحصل إل لمن قطع عروق حب الدنيا من قلبه‪ ،‬كما سيأتي‬
‫تحقيقه إنشاء ال‪ - 6 .‬كا‪ :‬علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن القاسم بن محمد‪ ،‬عن‬
‫المنقري‪ ،‬عن سفيان بن عيينة‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم في قول ال‬
‫عزوجل‪ " :‬ليبلوكم أيكم أحسن عمل " )‪ (1‬قال‪ :‬ليس يعني أكثركم عمل‪،‬‬
‫ولكن أصوبكم عمل‪ ،‬وإنما الصابة خشية ال والنية الصادقة والخشية )‬
‫‪ (2‬ثم قال‪ :‬البقاء على العمل حتى يخلص أشد من العمل‪ .‬والعمل‬
‫الخالص‪ :‬الذي ل تريد أن يحمدك عليه أحد إل ال عزوجل‪ ،‬والنية أفضل‬
‫من العمل أل وإن النية هي العمل ثم تل قوله عزوجل‪ " :‬قل كل يعمل على‬
‫شاكلته " )‪ (3‬يعني على نيته )‪ .(4‬تبيين‪ :‬قوله‪ " :‬ليبلوكم " إشارة إلى‬
‫قوله تعالى‪ " :‬تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شئ قدير * الذي خلق‬
‫الموت والحيوة ليبلوكم أيكم أحسن عمل " " تبارك " أي تكاثر خيره من‬
‫البركة وهي كثرة الخير أو تزايد عن كل شئ وتعالى عنه في صفاته‬
‫وأفعاله‪ ،‬فان البركة تتضمن معنى الزيادة " الذي بيده الملك " أي بقبضة‬
‫قدرته التصرف في المور كلها " الذي خلق الموت والحيوة " أي قدرهما‬
‫أو أوجدهما وفيه دللة على أن الموت أمر وجودي‪ ،‬والمراد بالموت‬

‫)‪ (1‬الملك‪ (2) .2 :‬والحسنة خ ل‪ (3) .‬أسرى‪ (4) .84 :‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.16‬‬

‫]‪[231‬‬

‫الموت الطارئ على الحياة‪ ،‬أو العدم الصلي فانه قد يسمى موتا أيضا كما قال‬
‫تعالى‪ " :‬كنتم أمواتا فأحياكم " )‪ (1‬وتقديمه على الول لنه أدعى إلى‬
‫حسن العمل وأقوى في ترك الدنيا ولذاتها‪ ،‬وعلى الثاني ظاهر لتقدمه "‬
‫ليبلوكم " أي ليعاملكم معاملة المختبر " أيكم " مفعول ثان لفعل البلوى‬
‫باعتبار تضمينه معنى العلم‪ .‬ووجه التعليل أن الموت داع إلى حسن العمل‪،‬‬
‫لكمال الحتياج إليه بعده وموجب لعدم الوثوق بالدنيا ولذاتها الفانية‪،‬‬
‫والحياة نعمة تقتضي الشكر ويقتدر بها على العمال الصالحة‪ .‬وإن اريد‬
‫به العدم الصلي فالمعنى أنه نقلكم منه وألبسكم لباس الحياة لذلك الختبار‪،‬‬
‫ولما كان اتصافنا بحسن العمل يتحقق بكثرة العمل تارة وباصابته وشدة‬
‫رعاية شرائطه اخرى نفى الول بقوله " ليس يعني أكثركم عمل " لن‬
‫مجرد العمل من غير خلوصه وجودته ليس أمرا يعتد به بل هو تضييع‬
‫للعمر‪ ،‬وأثبت الثاني بقوله " ولكن أصوبكم عمل " لن صواب العمل‬
‫وجودته وخلوصه من الشوائب‪ ،‬ويوجب القرب منه تعالى‪ ،‬وله درجات‬
‫متفاوتة يتفاوت القرب بحسبها‪ .‬واسم ليس في قوله " ليس يعني "‬
‫ضمير عائد إلى ال عزوجل أو ضمير شأن وجملة " يعني " خبرها‪ .‬ثم‬
‫بين الصابة وحصرها في أمرين بقوله " إنما الصابة خشية ال والنية‬
‫الصادقة " وذكر الخشية ثانيا لعله من الرواة أو النساخ‪ ،‬فليست في بعض‬
‫النسخ ولو صحت يكون معناه خشية أن ل يقبل كما سيأتي في الخبر وهو‬
‫غير خشية ال‪ ،‬أو يقال‪ :‬النية الصادقة مبتدأ والخشية معطوف عليه‬
‫والخبر محذوف أي مقرونتان أو الخشية منصوب ليكون مفعول معه‬
‫فيكون الحاصل أن مدار الصابة على الخشية وتلزمها النية الصادقة وفي‬
‫بعض النسخ " والحسنة " أي كونه موافقا لمره تعالى ول يكون فيه‬
‫بدعة وفي أسرار الصلة للشهيد الثاني رحمه ال والنية الصادقة الحسنة‬
‫وهو أصوب‪.‬‬
‫)‪ (1‬البقرة‪.28 :‬‬

‫]‪[232‬‬

‫والحاصل أن العمدة في قبول العمل بعد رعاية أجزاء العبادة وشرائطها المختصة‪،‬‬
‫النية الخالصة والجتناب عن المعاصي كما قال تعالى‪ " :‬فمن كان يرجو‬
‫لقاء ربه فليعمل عمل صالحا ول يشرك بعبادة ربه أحدا " )‪ (1‬وقال‬
‫سبحانه‪ " :‬إنما يتقبل ال من المتقين " )‪ .(2‬قال الشيخ البهائي قدس‬
‫سره‪ :‬المراد بالنية الصادقة انبعاث القلب نحو الطاعة‪ ،‬غير ملحوظ فيه‬
‫شئ سوى وجه ال سبحانه‪ ،‬ل كمن يعتق عبده مثل ملحظا مع القربة‬
‫الخلص من مؤنته أو سوء خلقه أو يتصدق بحضور الناس لغرض الثواب‬
‫والثناء معا‪ ،‬بحيث لو كان منفردا لم يبعثه مجرد الثواب على الصدقة‪ ،‬وإن‬
‫كان يعلم من نفسه أنه لول الرغبة في الثواب لم يبعثه مجرد الرئاء على‬
‫العطاء‪ .‬ول كمن له ورد في الصلة وعادة في الصدقات‪ ،‬واتفق أن حضر‬
‫في وقتها جماعة فصار الفعل أخف عليه وحصل له نشاط ما بسبب‬
‫مشاهدتهم‪ ،‬وإن كان يعلم من نفسه أنهم لو لم يحضروا أيضا لم يكن يترك‬
‫العمل أو يفتر عنه البتة‪ .‬فأمثال هذه المور مما يخل بصدق النية‪،‬‬
‫وبالجملة فكل عمل قصدت به القربة وانضاف إليه حظ من حظوظ الدنيا‬
‫بحيث تركب الباعث عليه من ديني ونفسي فنيتك فيه غير صادقة‪ ،‬سواء‬
‫كان الباعث الديني أقوى من الباعث النفسي أو أضعف أو مساويا‪ .‬قال في‬
‫مجمع البيان‪ " :‬ليبلوكم أيكم أحسن عمل " أي ليعاملكم معاملة المختبر‬
‫بالمر والنهي فيجازي كل عامل بقدر عمله‪ ،‬وقيل‪ :‬ليبلوكم أيكم أكثر‬
‫للموت ذكرا وأحسن له استعدادا وأحسن صبرا على موته وموت غيره‬
‫وأيكم أكثر امتثال للوامر واجتنابا من النواهي في حال حياته‪ ،‬قال أبو‬
‫قتادة‪:‬‬

‫)‪ (1‬الكهف‪ (2) .111 :‬المائدة‪.27 :‬‬

‫]‪[233‬‬

‫سألت رسول ال صلى ال عليه وآله عن قوله تعالى‪ " :‬أيكم أحسن عمل " ما‬
‫عنى به ؟ فقال‪ :‬يقول‪ :‬أيكم أحسن عقل‪ ،‬ثم قال صلى ال عليه وآله‪ :‬أتمكم‬
‫عقل وأشدكم ل خوفا وأحسنكم فيما أمر ال به ونهى عنه نظرا‪ ،‬وإن كان‬
‫أقلكم تطوعا‪ .‬وعن ابن عمر عن النبي صلى ال عليه وآله أنه تل قوله‪" :‬‬
‫تبارك الذي بيده الملك " إلى قوله‪ " :‬أيكم أحسن عمل " ثم قال‪ :‬أيكم‬
‫أحسن عقل وأورع عن محارم ال وأسرع في طاعة ال‪ ،‬وعن الحسن‬
‫أيكم أزهد في الدنيا وأترك لها انتهى )‪ .(1‬وفي القاموس الصواب ضد‬
‫الخطا كالصابة‪ ،‬وقال‪ :‬الصابة التيان بالصواب وإرادته‪ .‬والبقاء على‬
‫العمل محافظته والشفاق عليه وحفظ عن الفساد‪ ،‬قال‪ :‬الجوهري أبقيت‬
‫على فلن إذا أرعيت عليه ]ورحمته[‪ ،‬يقال‪ :‬ل أبقى ال عليك إن أبقيت‬
‫على‪ ،‬والسم منه البقيا انتهى‪ .‬والحاصل أن رعاية العمل وحفظه عند‬
‫الشروع وبعده إلى الفراغ منه‪ ،‬وبعد الفراغ إلى الخروج من الدنيا حتى‬
‫يخلص عن الشوائب الموجبة لنقصه أو فساده أشد من العمل نفسه‪ ،‬كما‬
‫سيأتي في باب الرئاء عن أبي جعفر عليه السلم أنه قال‪ :‬البقاء على‬
‫العمل أشد من العمل‪ ،‬قال‪ :‬وما البقاء على العمل ؟ قال‪ :‬يصل الرجل بصلة‬
‫وينفق نفقة ل وحده ل شريك له فتكتب له سرا ثم يذكرها فتمحى وتكتب‬
‫له علنية ثم يذكرها فتمحى فتكتب له رئاء‪ ،‬ومن عرف معنى النية‬
‫وخلوصها علم أن إخلص النية أشد من جميع العمال كما سيأتي تحقيقه‬
‫إنشاء ال‪ .‬ثم بين عليه السلم معنى العمل الخالص بأنه هو العمل الذي ل‬
‫تريد أن يحمدك عليه أحد إل ال عزوجل‪ ،‬ل عند الفعل‪ ،‬ول بعده‪ ،‬أي يكون‬
‫خالصا عن أنواع الرئاء والسمعة وقد يقال‪ :‬لو كان سروره باعتبار أن ال‬
‫تعالى قبل عمله حيث أظهر جميله كما روي في الحديث القدسي عملك‬
‫الصالح عليك ستره وعلي أظهاره أو باعتبار أنه استدل باظهار جميله في‬
‫الدنيا على إظهار جميله في الخرة أو باعتبار رغبتهم إلى طاعة ال وميل‬
‫قلوبهم إليها‪ ،‬لم يقدح ذلك في الخلوص‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ج ‪ 10‬ص ‪.322‬‬

‫]‪[234‬‬

‫وإنما يقدح فيه إن كان لرفع منزلته عند الناس‪ ،‬وتعظيمهم واستجلب الفوائد منهم‬
‫فانه بذلك يصير مرائيا مشركا بالشرك الخفي وبه يحبط عمله‪ ،‬وهذا الكلم‬
‫له جهة صدق لكن قلما تصدق النفس في ذلك‪ ،‬فان لها حيل وتسويلت‬
‫لينجو منها إل المقربون‪ .‬وقال الشيخ البهائي روح ال روحه‪ :‬الخالص‬
‫في اللغة كلما صفا وتخلص ولم يمتزج بغيره‪ ،‬سواء كان ذلك الغير أدون‬
‫منه أول‪ ،‬فمن تصدق لمحض الرياء فصدقته خالصة لغة كمن تصدق‬
‫لمحض الثواب‪ ،‬وقد خص العمل الخالص في العرف بما تجرد قصد التقرب‬
‫فيه عن جميع الشوائب وهذا التجريد يسمى إخلصا وقد عرفه أصحاب‬
‫القلوب بتعريفات اخر‪ ،‬فقيل هو تنزيه العمل عن أن يكون لغير ال فيه‬
‫نصيب‪ ،‬وقيل‪ :‬إخراج الخلق عن معاملة الحق وقيل‪ :‬هو ستر العمل عن‬
‫الخليق وتصفيته عن العليق‪ ،‬وقيل‪ :‬أن ل يريد عامله عليه عوضا في‬
‫الدارين‪ ،‬وهذه درجة علية عزيزة المنال قد أشار إليها أمير المؤمنين عليه‬
‫السلم بقوله‪ :‬ما عبدتك خوفا من نارك‪ ،‬ول طمعا في جنتك‪ ،‬ولكن وجدتك‬
‫أهل للعبادة فعبدتك‪ .‬وقال رحمه ال‪ :‬ذهب كثير من علماء الخاصة والعامة‬
‫إلى بطلن العبادة إذا قصد بفعلها تحصيل الثواب‪ ،‬أو الخلص من العقاب‪،‬‬
‫وقالوا‪ :‬إن هذا القصد مناف للخلص‪ ،‬الذي هو إرادة وجه ال وحده‪ ،‬وأن‬
‫من قصد ذلك فانه قصد جلب النفع إلى نفسه‪ ،‬ودفع الضرر عنها ل وجه‬
‫ال سبحانه‪ ،‬كما أن من عظم شخصا أو أثنى عليه طمعا في ماله أو خوفا‬
‫من إهانته ل يعد مخلصا في ذلك التعظيم والثناء‪ .‬وممن بالغ في ذلك السيد‬
‫الجليل صاحب المقامات والكرامات رضي الدين علي بن طاوس قدس ال‬
‫روحه‪ ،‬ويستفاد من كلم شيخنا الشهيد في قواعده أنه مذهب أكثر‬
‫أصحابنا رضوان ال عليهم‪ .‬ونقل الفخر الرازي في التفسير الكبير اتفاق‬
‫المتكلمين على أن من عبد ال لجل الخوف من العقاب أو الطمع في‬
‫الثواب لم تصح عبادته‪ ،‬أورده عند تفسير قوله تعالى " ادعوا ربكم‬
‫تضرعا وخفية " )‪ (1‬وجزم في أوائل تفسير الفاتحة‬

‫)‪ (1‬العراف‪.55 :‬‬

‫]‪[235‬‬

‫بأنه لو قال اصلي لثواب ال أو الهرب من عقابه فسدت صلته‪ ،‬ومن قال بأن ذلك‬
‫القصد غير مفسد للعبادة‪ ،‬منع خروجها به عن درجة الخلص‪ ،‬وقال إن‬
‫إرادة الفوز بثواب ال والسلمة من سخطه ليس أمرا مخالفا لرادة وجه‬
‫ال سبحانه‪ ،‬وقد قال تعالى في مقام مدح أصفيائه " كانوا يسارعون في‬
‫الخيرات ويدعوننا رغبا و رهبا " )‪ (1‬أي للرغبة في الثواب والرهبة من‬
‫العقاب‪ ،‬وقال سبحانه " وادعوه خوفا وطمعا " )‪ (2‬وقال تعالى " يا أيها‬
‫الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون "‬
‫)‪ (3‬أي حال كونهم راجين للفلح أو لكي تفلحوا والفلح هو الفوز‬
‫بالثواب‪ ،‬نص عليه الشيخ أبو علي الطبرسي رحمه ال‪ .‬هذا ما وصل إلينا‬
‫من كلم هؤلء وللمناقشة فيه مجال أما قولهم إن تلك الرادة ليست‬
‫مخالفة لرادة وجه ال تعالى فكلم ظاهري قشري إذا لبون البعيد بين‬
‫إطاعة المحبوب والنقياد إليه لمحض حبه وتحصيل رضاه‪ ،‬وبين إطاعته‬
‫لغراض اخر أظهر من الشمس في رابعة النهار‪ ،‬والثانية ساقطة بالكلية‬
‫عن درجة العتبار عند اولي البصار‪ .‬وأما العتضاد باليتين الوليين‬
‫ففيه أن كثيرا من المفسرين ذكروا أن المعنى راغبين في الجابة راهبين‬
‫من الرد والخيبة وأما الية الثالثة فقد ذكر الطبرسي رحمه ال في مجمع‬
‫البيان أن معنى لعلكم تفلحون‪ :‬لكي تسعدوا‪ ،‬ول ريب أن تحصيل رضاه‬
‫سبحانه هو السعادة العظمى‪ ،‬وفسر‪ ،‬رحمه ال الفلح في قوله تعالى "‬
‫اولئك هم المفلحون " بالنجاح والفوز‪ ،‬وقال شيخ الطائفة في التبيان‪:‬‬
‫المفلحون هم المنجحون الذين أدركوا ما طلبوا من عند ال بأعمالهم‬
‫وإيمانهم‪ ،‬وفي تفسير البيضاوي المفلح الفائز بالمطلوب‪ ،‬ومثله في‬
‫الكشاف نعم فسر الطبرسي رحمه ال الفلح في قوله‪ " :‬قد أفلح‬
‫المؤمنون " بالفوز بالثواب‪ ،‬لكن مجيئه في هذه الية بهذا المعنى ل‬
‫يوجب‬

‫)‪ (1‬النبياء‪ (2) .90 :‬العراف‪ (3) .56 :‬الحج‪.77 :‬‬

‫]‪[236‬‬

‫حمله في غيرها أيضا عليه‪ ،‬وعلى تقدير حمله على هذا المعنى إنما يتم التقريب لو‬
‫جعلت جملة الترجي حالية ولو جعلت تعليلية كما جعله الطبرسي فل دللة‬
‫فيها على ذلك المدعى أصل كما ل يخفى‪ .‬هذا والولى أن يستدل بما رواه‬
‫الكليني بطريق حسن عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬العباد ثلثة‪ :‬قوم‬
‫عبدوا ال عزوجل خوفا فتلك عبادة العبيد‪ ،‬وقوم عبدوا ال تبارك وتعالى‬
‫طلبا للثواب فتلك عبادة الجراء‪ ،‬وقوم عبدوا ال حبا له فتلك عبادة‬
‫الحرار‪ ،‬وهي أفضل العبادة )‪ (1‬فان قوله عليه السلم‪ " :‬وهي أفضل‬
‫العبادة " يعطي أن العبادة على الوجهين السابقين ل يخلو من فضل أيضا‬
‫فتكون صحيحة وهو المطلوب‪ .‬ثم قال رحمه ال‪ :‬المانعون في نية العبادة‬
‫من قصد تحصيل الثواب أو دفع العقاب جعلوا هذا القصد مفسدا لها وإن‬
‫انضم إليه قصد وجه ال تعالى على ما يفهم من كلمهم أما بقية الضمائم‬
‫اللزمة الحصول مع العبادة نويت أو لم تنو كالخلص من النفقة بعتق‬
‫العبد في الكفارة والحمية في الصوم والتبرد في الوضوء وإعلم المأموم‬
‫الدخول في الصلة بالتكبير‪ ،‬ومماطلة الغريم بالتشاغل في الصلة‪،‬‬
‫وملزمته بالطواف والسعي‪ ،‬وحفظه المتاع بالقيام لصلة الليل وأمثال ذلك‬
‫فالظاهر أن قصدها عندهم مفسد أيضا بالطريق الولى‪ .‬وأما الذين ل‬
‫يجعلون قصد الثواب مفسدا فقد اختلفوا في الفساد بأمثال هذه الضمائم‬
‫فأكثرهم على عدمه‪ ،‬وبه قطع الشيخ في المبسوط‪ ،‬والمحقق في المعتبر‪،‬‬
‫والعلمة في التحرير والمنتهى‪ ،‬لنها تحصل ل محالة فل يضر قصدها‬
‫وفيه أن لزوم حصولها ل يستلزم صحة قصد حصولها والمتأخرون من‬
‫أصحابنا حكموا بفساد العباد بقصدها‪ ،‬وهو مذهب العلمة في النهاية‬
‫والقواعد وولده فخر المحققين في الشرح وشيخنا الشهيد في البيان لفوت‬
‫الخلص وهو الصح‪ .‬واحتمل شيخنا الشهيد في قواعده التفصيل بأن‬
‫القربة إن كانت هي المقصود‬
‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.84‬‬

‫]‪[237‬‬

‫بالذات‪ ،‬والضميمة مقصودة تبعا صحت العبادة‪ ،‬وإن انعكس المر أو تساويا بطلت‪،‬‬
‫هذا‪ .‬واعلم أن الضميمة إن كانت راجحة‪ ،‬ولحظ القاصد رجحانها وجوبا‬
‫أو ندبا كالحمية في الصوم لوجوب حفظ البدن والعلم بالدخول في‬
‫الصلة للتعاون على البر فينبغي أن ل تكون مضرة إذ هي حينئذ مؤكدة‪،‬‬
‫وإنما الكلم في الضمائم غير الملحوظة الرجحان‪ ،‬فصوم من ضم قصد‬
‫الحمية مطلقا صحيح مستحبا كان الصوم أو واجبا‪ ،‬معينا كان الواجب أو‬
‫غير معين‪ ،‬ولكن في النفس من صحة غير المعين شئ‪ ،‬وعدمها محتمل‪،‬‬
‫وال أعلم‪ .‬قوله عليه السلم‪ " :‬والنية أفضل من العمل " أي النية‬
‫الخالصة أو إخلص النية أفضل من العمل‪ ،‬والنية تطلق على إرادة إيقاع‬
‫الفعل‪ ،‬وعلى الغرض الباعث على الفعل‪ ،‬وعلى العزم على الفعل‪،‬‬
‫والولتان مقارنتان للفعل دون الثالثة‪ ،‬والولى ل تنفك فعل الفاعل المختار‬
‫عنها‪ ،‬والثانية الخلص فيها من أشق المور وأصعبها وبه تتفاضل‬
‫عبادات المكلفين‪ ،‬وهي روح العبادة‪ ،‬وبدونها ل تصح‪ ،‬وكلما كانت أخلص‬
‫عن الشوائب والغراض الفاسدة‪ ،‬كان العمل أكمل‪ ،‬ولذا ورد أن نية‬
‫المؤمن خير من عمله‪ .‬ول ينافي قوله صلى ال عليه وآله‪ :‬أفضل العمال‬
‫أحمزها إذ تصحيح النية أصعب من تصحيح العمل بمراتب شتى إذ ليس‬
‫المراد بالنية ما يتكلم به النسان عند الفعل‪ ،‬أو يتصوره ويخطره بباله‪ ،‬بل‬
‫هو الباعث الصلي والغرض الواقعي الداعي للنسان على الفعل‪ ،‬وهو‬
‫تابع للحالة التي عليها النسان‪ ،‬والطريقة التي يسلكها‪ ،‬فمن غلب عليه‬
‫حب الدنيا وشهواتها ل يمكنه قصد القربة وإخلص النية عن دواعيها‪،‬‬
‫فان نفسه متوجهة إلى الدنيا‪ ،‬وهمته مقصورة عليها‪ ،‬فما لم يقلع عن قلبه‬
‫عروق حب الدنيا ولم يستقر فيه طلب النشأة الخرى‪ ،‬وحب الرب العلى‪،‬‬
‫لم يمكنه إخلص النية واقعا عن تلك الغراض الدنية‪ ،‬وذلك متوقف على‬
‫مجاهدات عظيمة‪ ،‬ورياضات طويلة‪ ،‬وتفكرات صحيحة‪ ،‬واعتزال‬

‫]‪[238‬‬

‫عن شرار الخلق‪ ،‬فلذا ورد أن نية المؤمن خير من عمله‪ ،‬ومن عرف ذلك لم يحتج‬
‫إلى تأويل الخبر بما ستسمع من الوجوه )‪ (1‬مع ركاكة أكثرها وبعدها عن‬
‫نظم الكلم فلذا قال‪ " :‬النية أفضل من العمل " والسعي في تصحيحها أهم‪.‬‬
‫فان قيل‪ :‬العمل بل نية باطل‪ ،‬ومعها النية داخلة فيه فكيف يفضل النية على‬
‫العمل‪ ،‬فانه يوجب تفضيل الجزء على الكل قلنا المراد به أن العمل‬
‫المقرون بالنية نيته خير من سائر أجزائه‪ ،‬سواء جعلنا النية جزءا من‬
‫العمل أو شرطا فيه وقوله عليه السلم‪ :‬أل وإن النية هي العمل مبالغة في‬
‫اشتراط العمل بها وأنه ل اعتداد بالعمل بدونها‪ ،‬فكأنها عينه‪ ،‬ولذا أكد‬
‫بحرف التأكيد وحرف التنبيه واسمية الجملة‪ ،‬وتعريف الخبر باللم المفيد‬
‫للحصر‪ ،‬وضمير الفصل المؤكد له‪ .‬وقيل‪ :‬إشارة إلى دفع ما يتوهم من أن‬
‫المفضل عليه لبد أن يكون من جنس المفضل‪ ،‬والنية ليست من جنس‬
‫العمل‪ ،‬فأجاب عليه السلم بأن النية أيضا عمل من أعمال القلب‪ ،‬ول يخفى‬
‫ضعفه‪ .‬والستشهاد بالية الكريمة لبيان أن مدار العمل على النية صحة‬
‫وفسادا ونقصا وكمال‪ ،‬حيث قال‪ " :‬قل كل يعمل على شاكلته " يعني على‬
‫نيته‪ .‬وكأنه عليه السلم فسر الشاكلة التي تطلق غالبا على الحالة‬
‫والطريقة بالنية إيذانا بأن النية تابعة لحالة النسان وطريقته‪ ،‬كما أومأنا‬
‫إليه‪ ،‬وإن ورد بمعنى النية أيضا قال الفيروزآبادي‪ :‬الشاكلة الشكل‪،‬‬
‫والناحية والنية والطريقة‪ ،‬وقال في مجمع البيان‪ :‬أي كل واحد من المؤمن‬
‫والكافر يعمل على طبيعته وخليقته التي تخلق بها عن ابن عباس‪ ،‬وقيل‪:‬‬
‫على طريقته وسنته التي اعتادها‪ ،‬وقيل‪ :‬ما هو أشكل بالصواب وأولى‬
‫بالحق عنده عن الجبائي‪ ،‬قال‪ :‬ولهذا قال‪ " :‬فربكم أعلم بمن هو أهدى‬
‫سبيل " )‪ (2‬أي أنه يعلم أي الفريقين على الهدى ؟ وأيهما على الضلل ؟‬
‫وقيل‪ :‬معناه أنه أعلم بمن هو أصوب دينا وأحسن طريقة‪ ،‬وقال بعض‬
‫أرباب اللسان‪ :‬إن هذه الية أرجا آية في كتاب ال‪ ،‬لن الليق بكرمه‬

‫)‪ (1‬بل مر في ص ‪ (2) .193 - 189‬أسرى‪.84 :‬‬

‫]‪[239‬‬

‫سبحانه وجوده العفو عن عباده‪ ،‬فهو يعمل به انتهى‪ .‬ويمكن حمل النية هنا على‬
‫المعنى الثالث كما سيأتي في الخبر لكنه بعيد عن سياق هذا الخبر‪ ،‬وسيأتي‬
‫مزيد الكلم في ذلك في باب النية وباب الرئاء )‪ - 7 .(1‬كا‪ :‬بالسناد‬
‫المتقدم‪ ،‬عن ابن عيينة‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬سألته عن قول‬
‫ال عزوجل‪ " :‬إل من أتى ال بقلب سليم " )‪ (2‬قال‪ :‬القلب السليم الذي‬
‫يلقى ربه وليس فيه أحد سواه‪ ،‬وقال‪ :‬وكل قلب فيه شرك أو شك فهو‬
‫ساقط‪ ،‬وإنما أرادوا الزهد في الدنيا لتفرغ قلوبهم للخرة )‪ .(3‬بيان‪ :‬قوله‬
‫تعالى‪ " :‬إل من أتى ال " قال سبحانه في سورة الشعراء حكاية عن‬
‫إبراهيم عليه السلم حيث قال‪ " :‬ول تخزني يوم يبعثون " قال الطبرسي‬
‫قدس سره‪ :‬أي ل تفضحني ول تعيرني بذنب يوم يحشر الخلئق وهذا‬
‫الدعاء كان منه عليه السلم على وجه النقطاع إلى ال تعالى لما بينا أن‬
‫القبيح ل يجوز وقوعه من النبياء عليهم السلم‪ ،‬ثم فسر ذلك اليوم بأن‬
‫قال‪ " :‬يوم ل ينفع مال ول بنون " أي ل ينفع المال والبنون أحدا إذ ل‬
‫يتهيأ لذي مال أن يفتدي من شدائد ذلك اليوم به‪ ،‬ول يتحمل من صاحب‬
‫البنين بنوه شيئا من معاصيه " إل من أتى ال بقلب سليم " من الشرك‬
‫والشك عن الحسن ومجاهد‪ ،‬وقيل‪ :‬سليم من الفساد والمعاصي وإنما خص‬
‫القلب بالسلمة لنه إذا سلم القلب سلم سائر الجوارح من الفساد من حيث‬
‫إن الفساد بالجارحة ل يكون إل عن قصد بالقلب الفاسد وروي عن‬
‫الصادق عليه السلم أنه قال‪ :‬هو القلب الذي سلم من حب الدنيا‪ ،‬ويؤيده‬
‫قول النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬حب الدنيا رأس كل خطيئة انتهى )‪.(4‬‬
‫قوله عليه السلم‪ " :‬وليس فيه أحد سواه " أي أخرج عن قلبه حب ما‬
‫سوى‬

‫)‪ (1‬أراد باب النية وباب الرئاء من الكافي‪ ،‬أما في هذا الكتاب فباب الرئاء سيجئ‬
‫في أبواب الكفر‪ ،‬وباب النية فقد مر ص ‪ (2) .185‬الشعراء‪(3) .89 :‬‬
‫الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (4) .16‬مجمع البيان ج ‪ 7‬ص ‪.194‬‬

‫]‪[240‬‬

‫ال‪ ،‬والشتغال بغيره سبحانه‪ ،‬أو لم يختر في قلبه على رضا ال رضا غيره‪ ،‬أو‬
‫كانت أعماله ونياته كلها خالصة ل‪ ،‬لم يشرك فيها غيره‪ " .‬وكل قلب فيه‬
‫شرك " أعم من الشرك الجلي والخفي " أو شك " وهو ما يقابل اليقين‬
‫الذي يظهر أثره على الجوارح‪ ،‬فان كل معصية أو توسل بغيره سبحانه‬
‫يستلزم ضعفا في اليقين فالشك يشمله " فهو ساقط " أي عن درجة‬
‫العتبار أو بعيد عن الرب تعالى‪ " .‬وإنما أرادوا " أي النبياء والوصياء‬
‫" الزهد " وفي بعض النسخ‪ :‬أراد بالزهد أي أراد ال والباء زائدة يعني‬
‫أن الزهد في الدنيا ليس مقصودا لذاته‪ ،‬وإنما امر الناس به‪ ،‬لتكون قلوبهم‬
‫فارغة عن محبة الدنيا‪ ،‬صالحة لحب ال تعالى خالصة له عزوجل‪ ،‬ل‬
‫شركة فيها لما سوى ال‪ ،‬ول شك ناشئا من شدة محبتها لغير ال‪ - 8 .‬كا‪:‬‬
‫بالسناد المتقدم أيضا‪ ،‬عن ابن عيينة‪ ،‬عن السندي‪ ،‬عن أبي جعفر عليه‬
‫السلم قال‪ :‬ما أخلص عبد اليمان بال أربعين يوما أو قال‪ :‬ما أجمل عبد‬
‫ذكر ال أربعين يوما إل زهده ال في الدنيا‪ ،‬وبصره داءها ودواءها‪،‬‬
‫وأثبت الحكمة في قلبه‪ ،‬وأنطق بها لسانه‪ ،‬ثم تل " إن الذين اتخذوا العجل‬
‫سينالهم غضب من ربهم وذلة في الحيوة الدنيا وكذلك نجزي المفترين " )‬
‫‪ (1‬فل ترى صاحب بدعة ]إل ذليل[ أو مفتريا على ال عزوجل وعلى‬
‫رسوله وأهل بيته صلى ال عليه وآله إل ذليل )‪ .(2‬بيان‪ :‬إخلص اليمان‬
‫مما يشوبه من الشرك والرئاء والمعاصي‪ ،‬وأن يكون جميع أعماله خالصة‬
‫ل تعالى ولعل خصوص الربعين لن ال تعالى جعل انتقال النسان في‬
‫أصل الخلقة من حال إلى حال في أربعين يوما كالنتقال من النطفة إلى‬
‫العلقة‪ ،‬ومن العلقة إلى المضغة‪ ،‬ومن المضغة إلى العظام‪ ،‬ومنها إلى‬
‫اكتساء‬

‫)‪ (1‬العراف‪ (2) .151 :‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.16‬‬

‫]‪[241‬‬

‫اللحم‪ ،‬ولذا يوقف قبول توبة شارب الخمر إلى أربعين يوما كما ورد في الخبر‬
‫والزهد في الشئ تركه وعدم الرغبة فيه‪ .‬وداء الدنيا المعاصي والصفات‬
‫الذميمة‪ ،‬وما يوجب البعد عن ال تعالى‪ ،‬و دواؤها ما يوجب تركها‬
‫واجتنابها من الرياضات والمجاهدات والتفكرات الصحيحة وأمثالها‪ ،‬أو‬
‫المراد بدائها المراض القلبية الحاصلة من محبة الدنيا‪ ،‬ودواؤها ملزمة‬
‫ما يوجب تركها‪ ،‬وقيل‪ :‬أي قدر الضرورة منها والزائد عليه‪ ،‬أو ميل القلب‬
‫إليها وصرفه عنها أو الضار والنافع منها في الخرة أعني الطاعة‬
‫والمعصية والحكمة العلوم الحقة الواقعية وأصلها ومنبعها معرفة المام‪،‬‬
‫ولذا فسرت بها كما مر‪ .‬وفي مناسبة ذكر الية لما تقدم إشكال ويمكن أن‬
‫يقال في توجيهه وجوه‪ .‬الول ما خطر بالبال‪ ،‬وهو أنه لما ذكر فوائد‬
‫إخلص الربعين وقد أبدع جماعة من الصوفية فيها ما ليس في الدين دفع‬
‫عليه السلم توهم شموله لذلك بالستشهاد بالية‪ ،‬وأنها تدل على أن كل‬
‫مبتدع في الحكام ومفتر على ال ورسوله في ‪ -‬حكم من الحكام ذليل في‬
‫الدنيا والخرة لقوله تعالى " وكذلك نجزي المفترين " وقوله أو مفتريا‬
‫أي ل ترى مفتريا وبعبارة اخرى لما كان صحة العبادة وكمالها مشترطة‬
‫بأمرين الول كونها على وفق السنة‪ ،‬والثاني كونها خالصة لوجه ال‬
‫تعالى فأشار أول إلى الثاني وثانيا إلى الول فتأمل‪ .‬الثاني ما قيل إن الوجه‬
‫في تلوته عليه السلم الية التنبيه على أن من كانت عبادته ل عزوجل‬
‫واجتهاده فيها على وفق السنة بصره ال عيوب الدنيا فزهده فيها فصار‬
‫بسبب زهده فيها عزيزا لن المذلة في الدنيا إنما تكون بسبب الرغبة فيها‬
‫ومن كانت عبادته على وفق الهوى أعمى ال قلبه عن عيوب الدنيا‪ ،‬فصار‬
‫بسبب رغبته فيها ذليل فأصحاب البدع ل يزالون أذلء صغارا‪ ،‬ومن هنا‬
‫قال ال في متخذي العجل ما قال‪ .‬الثالث ما قيل أيضا أن الغرض من‬
‫تلوتها هو التنبيه على أن غير المخلص‬

‫]‪[242‬‬

‫مندرج فيها والوعيد متوجه إليه أيضا لنك قد عرفت أن قلبه ساقط لكونه ذا شرك‬
‫أو شك‪ ،‬وهما بدعة وافتراء على ال ورسوله والية على تقدير نزولها‬
‫في قوم مخصوصين ل يقتضي تخصيص الوعيد بهم‪ .‬الرابع ما خطر بالبال‬
‫أيضا وهو أن الخلص المذكور في صدر الخبر يشمل الخلص عن‬
‫الرئاء والبدعة وكل ما ينافي قبول العمل‪ ،‬فاستشهد لحد أجزائه بالية‪8 .‬‬
‫‪ -‬ل‪ :‬أبي‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن البزنطي‪ ،‬عن حماد بن عثمان عن‬
‫ابن أبي يعفور‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬خطب رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله الناس بمنى في حجة الوداع في مسجد الخيف فحمد ال‬
‫وأثنى عليه ثم قال‪ :‬نضر ال عبدا سمع مقالتي فوعاها ثم بلغها إلى من لم‬
‫يسمعها‪ ،‬فرب حامل فقه غير فقيه‪ ،‬ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه‬
‫ثلث ليغل عليهن قلب امرئ مسلم‪ :‬إخلص العمل ل والنصيحة لئمة‬
‫المسلمين‪ ،‬واللزوم لجماعتهم‪ ،‬فان دعوتهم محيطة من ورائهم المسلمون‬
‫إخوة تتكافأ دماؤهم يسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم )‪- 9 .(1‬‬
‫لى‪ :‬الوراق‪ ،‬عن علي بن مهرويه‪ ،‬عن داود بن سليمان‪ ،‬عن الرضا عن‬
‫آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬الدنيا كلها جهل‬
‫إل مواضع العلم والعلم كله حجة إل ما عمل به )‪ (2‬والعمل كله رياء إل ما‬
‫كان مخلصا‪ ،‬والخلص على خطر حتى ينظر العبد بما يختم له )‪ .(3‬يد‪:‬‬
‫محمد بن عمرو بن علي‪ ،‬عن علي بن الحسن المثنى‪ ،‬عن علي بن‬
‫مهرويه مثله‪ - 10 .‬ن‪ :‬بالسناد إلى دارم‪ ،‬عن الرضا عن آبائه عليهم‬
‫السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬ما أخلص عبد ال عزوجل‬
‫أربعين صباحا إل جرت ينابيع الحكمة‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .72‬يعنى أنه حجة عليه‪ (3) .‬لم نجده في المصدر‪.‬‬

‫]‪[243‬‬

‫من قلبه على لسانه )‪ - 11 .(1‬سن‪ :‬أبي‪ ،‬عن محمد بن سنان‪ ،‬عن خضر‪ ،‬عمن‬
‫سمع أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫ثلث من كن فيه أو واحدة منهن كان في ظل عرش ال يوم ل ظل إل ظله‪:‬‬
‫رجل أعطى الناس من نفسه ما هو سائلهم لها‪ ،‬ورجل لم يقدم رجل حتى‬
‫يعلم أن ذلك ل رضا أو يحبس‪ ،‬ورجل لم يعب أخاه المسلم بعيب حتى ينفي‬
‫ذلك العيب عن نفسه‪ ،‬فانه ل ينتفي عنه عيب إل بداله عيب‪ ،‬وكفى بالمرء‬
‫شغل بنفسه عن الناس )‪ - 12 .(2‬سن‪ :‬ابن محبوب‪ ،‬عن محمد بن القاسم‬
‫الهاشمي قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬قال رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله‪ :‬من أصبح من امتي وهمه غير ال فليس من ال )‪13 .(3‬‬
‫‪ -‬سن‪ :‬أبي‪ ،‬عمن رفعه إلى أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬يا أيها الناس إنما هو ال والشيطان‪ ،‬والحق‬
‫والباطل‪ ،‬والهدى والضلل‪ ،‬والرشد والغي‪ ،‬والعاجلة والعاقبة‪ ،‬والحسنات‬
‫والسيئات‪ ،‬فما كان من حسنات فمن ال وما كان من سيئات فللشيطان )‬
‫‪ - 14 .(4‬سن‪ :‬أبي‪ ،‬عن يونس بن عبد الرحمن‪ ،‬عن عبد ال بن مسكان‪،‬‬
‫عن أبي عبد ال عليه السلم في قول ال‪ " :‬حنيفا مسلما " قال‪ :‬خالصا‬
‫مخلصا ل يشوبه شئ )‪ - 15 .(5‬ين‪ ،‬سن‪ :‬عثمان بن عيسى‪ ،‬عن علي بن‬
‫سالم قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬قال ال عزوجل‪ :‬أنا خير‬
‫شريك من أشرك معي غيري في عمله‪ ،‬لم أقبله إل ما كان خالصا )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬عيون الخبار ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .69‬المحاسن ص ‪ (3) .5‬المحاسن ص ‪4) .204‬‬
‫و ‪ (5‬المحاسن ص ‪ (6) .251‬المحاسن ص ‪.252‬‬

‫]‪[244‬‬

‫‪ - 16‬سن‪ :‬أبي‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن ابن اذينة‪ ،‬عن إسماعيل بن يسار قال‪:‬‬
‫سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬إن ربكم لرحيم‪ ،‬يشكر القليل‪ ،‬إن‬
‫العبد ليصلي الركعتين يريد بها وجه ال فيدخله ال به الجنة )‪- 17 .(1‬‬
‫سن‪ :‬ابن أبي نجران‪ ،‬عن المفضل بن صالح‪ ،‬عن أبي جميلة‪ ،‬عن جابر‬
‫الجعفي رفعه قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬خرج ثلث نفر‬
‫يسيحون في الرض فبينا هم يعبدون ال في كهف في قلة جبل حتى بدت‬
‫صخرة من أعلى الجبل حتى التقمت باب الكهف‪ .‬فقال بعضهم لبعض‪ :‬عباد‬
‫ال وال ما ينجيكم مما وقعتم إل إن تصدقوا ال فهلم ما عملتم ل خالصا‬
‫فانما ابتليتم بالذنوب‪ ،‬فقال أحدهم‪ :‬اللهم إن كنت تعلم أني طلبت امرأة‬
‫لحسنها وجمالها‪ ،‬فأعطيت فيها مال ضخما حتى إذا قدرت عليها وجلست‬
‫منها مجلس الرجل من المرأة‪ ،‬ذكرت النار فقمت عنها فرقا منك‪ ،‬اللهم‬
‫فادفع عنا هذه الصخرة‪ ،‬فانصدعت حتى نظروا إلى الصدع‪ .‬ثم قال الخر‪:‬‬
‫اللهم إن كنت تعلم أني استاجرت قوما يحرثون كل رجل منهم بنصف‬
‫درهم‪ ،‬فلما فرغوا أعطيتهم اجورهم‪ ،‬فقال أحدهم‪ :‬قد عملت عمل اثنين‬
‫وال ل آخذ إل درهما واحدا‪ ،‬وترك ماله عندي‪ ،‬فبذرت بذلك النصف‬
‫الدرهم في الرض فأخرج ال من ذلك رزقا وجاء صاحب النصف الدرهم‬
‫فأراده فدفعت إليه ثمان عشرة آلف فان كنت تعلم أنما فعلته مخافة منك‬
‫فادفع عنا هذه الصخرة قال‪ :‬فانفجرت عنهم حتى نظر بعضهم إلى بعض‪.‬‬
‫ثم إن الخر قال‪ :‬اللهم إن كنت تعلم أن أبي وامي كانا نائمين فأتيتهما‬
‫بقعب من لبن فخفت ‪ -‬أن أضعه ‪ -‬أن تمج فيه هامة وكرهت أن اوقظهما‬
‫من نومهما فيشق ذلك عليهما‪ ،‬فلم أزل كذلك حتى استيقظا وشربا اللهم إن‬
‫كنت تعلم أني كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فادفع عنا هذه الصخرة‪،‬‬
‫فانفرجت لهم طريقهم‪ ،‬ثم قال‬
‫)‪ (1‬المحاسن ص ‪.253‬‬

‫]‪[245‬‬

‫النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬من صدق ال نجا )‪ - 18 .(1‬مص‪ :‬قال الصادق عليه‬
‫السلم‪ :‬الخلص يجمع حواصل العمال‪ ،‬وهو معنى مفتاحه القبول‪،‬‬
‫وتوقيعه الرضا‪ ،‬فمن تقبل ال منهى ورضي عنه فهو المخلص وإن قل‬
‫عمله‪ ،‬ومن ل يتقبل ال منه فليس بمخلص وإن كثر عمله‪ ،‬اعتبارا بآدم‬
‫عليه السلم وإبليس وعلمة القبول وجود الستقامة ببذل كل المحاب مع‬
‫إصابة علم كل حركة وسكون‪ .‬فالمخلص ذائب روحه بازل مهجته‪ ،‬في‬
‫تقويم ما به العلم والعمال‪ ،‬والعامل والمعمول بالعمل‪ ،‬لنه إذا أدرك ذلك‬
‫فقد ادرك الكل‪ ،‬وإذا فاته ذلك فاته الكل وهو تصفية معاني التنزيه في‬
‫التوحيد كما قال الول‪ :‬هلك العاملون إل العابدون وهلك العابدون إل‬
‫العالمون‪ ،‬وهلك العالمون إل الصادقون‪ ،‬وهلك الصادقون إل المخلصون‪،‬‬
‫وهلك المخلصون إل المتقون‪ ،‬وهلك المتقون إل الموقنون وإن الموقنين‬
‫لعلى خطر عظيم قال ال لنبيه صلى ال عليه وآله‪ " :‬واعبد ربك حتى‬
‫يأتيك اليقين " )‪ .(2‬وأدنى حد الخلص بذل العبد طاقته ثم ل يجعل لعمله‬
‫عند ال قدرا فيوجب به على ربه مكافاة بعمله‪ ،‬لعلمه أنه لو طالبه بوفاء‬
‫حق العبودية لعجز‪ ،‬وأدنى مقام المخلص في الدنيا السلمة من جميع‬
‫الثام‪ ،‬وفي الخرة النجاة من النار والفوز بالجنة )‪ - 19 .(3‬م‪ :‬وقال‬
‫محمد بن علي الرضا عليه السلم‪ :‬أفضل العبادة الخلص‪ ،‬وقال علي بن‬
‫محمد عليه السلم لو‪ :‬سلك الناس واديا شعبا لسلكت وادي رجل عبد ال‬
‫وحده خالصا وقال الحسن بن علي الزكي عليه السلم‪ :‬لو جعلت الدنيا‬
‫كلها لقمة واحدة ولقمتها من يعبد ال خالصا لرأيت أني مقصر في حقه‪،‬‬
‫ولو منعت الكافر منها حتى يموت‬

‫)‪ (1‬المحاسن ص ‪ (2) .253‬الحجر‪ (3) .99 :‬مصباح الشريعة ص ‪ 52‬و ‪.53‬‬

‫]‪[246‬‬

‫جوعا وعطشا ثم أذقته شربة من الماء لرأيت أني قد أسرفت )‪ - 20 .(1‬تم‪:‬‬


‫باسنادنا إلى هارون بن موسى التلعكبري‪ ،‬عن ابن عقدة‪ ،‬عن محمد بن‬
‫سالم بن جبهان‪ ،‬عن عبد العزيز‪ ،‬عن الحسن بن علي‪ ،‬عن سنان‪ ،‬عن‬
‫عبد الواحد‪ ،‬عن رجل‪ ،‬عن معاذ بن جبل قال‪ :‬قلت‪ :‬حدثني بحديث سمعته‬
‫من رسول ال صلى ال عليه وآله حفظته وذكرته في كل يوم من دقة ما‬
‫حدثك به‪ ،‬قال‪ :‬نعم وبكى معاذ فقلت‪ :‬اسكت فسكت ثم نادى‪ :‬بأبي وامي‬
‫حدثني وأنا رديفه قال‪ :‬فبينا نسير إذ يرفع بصره إلى السماء فقال‪ :‬الحمد‬
‫ل الذي يقضي في خلقه ما أحب قال‪ :‬يا معاذ قلت‪ :‬لبيك يارسول ال إمام‬
‫الخير ونبي الرحمة‪ ،‬فقال‪ :‬احدثك ما حدث نبي امته‪ ،‬إن حفظته نفعك‬
‫عيشك‪ ،‬وإن سمعته ولم تحفظه انقطعت حجتك عند ال‪ .‬ثم قال‪ :‬إن ال‬
‫خلق سبعة أملك قبل أن يخلق السماوات‪ ،‬فجعل في كل سماء ملكا قد‬
‫جللها بعظمته‪ ،‬وجعل على كل باب منها ملكا بوابا‪ ،‬فتكتب الحفظة عمل‬
‫العبد من حين يصبح إلى حين يمسي‪ ،‬ثم يرتفع الحفظة بعمله‪ ،‬له نور‬
‫كنور الشمس حتى إذا بلغ سماء الدنيا‪ ،‬فيزكيه ويكثره فيقول له‪ :‬قف‬
‫فاضرب بهذا العمل وجه صاحبه أنا ملك الغيبة فمن اغتاب ل أدع عمله‬
‫يجاوزني إلى غيري أمرني بذلك ربي‪ .‬قال‪ :‬ثم يجيئ من الغد ومعه عمل‬
‫صالح فيمر به ويزكيه ويكثره حتى يبلغ السماء الثانية فيقول الملك الذي‬
‫في السماء الثانية‪ :‬قف فاضرب بهذا العمل وجه صاحبه‪ ،‬إنما أراد بهذا‬
‫العمل غرض الدنيا أنا صاحب الدنيا لأدع عمله يتجاوزني إلى غيري‪ .‬قال‪:‬‬
‫ثم يصعد بعمل العبد مبتهجا بصدقة وصلة فتعجب الحفظة ويجاوزه إلى‬
‫السماء الثالثة فيقول الملك‪ :‬قف فاضرب بهذا العمل وجه صاحبه وظهره‪،‬‬
‫أنا ملك صاحب الكبر‪ ،‬فيقول‪ :‬إنه عمل وتكبر فيه على الناس في‬
‫مجالسهم‪ ،‬أمرني‬

‫)‪ (1‬تفسير المام ص ‪ 152‬ط ‪ ،1268‬وفي نسخة الكمبانى كما في الصل رمز‬
‫تفسير العياشي وهو سهو ظاهر‪.‬‬

‫]‪[247‬‬

‫ربي أن ل أدع عمله يتجاوزني إلى غيري‪ .‬قال‪ :‬وتصعد الحفظة بعمل العبد يزهر‬
‫كالكوكب الدرى في السماء له دوي بالتسبيح والصوم والحج فيمر به إلى‬
‫ملك السماء الرابعة فيقول له‪ :‬قف فاضرب بهذا العمل وجه صاحبه‬
‫وبطنه‪ ،‬أنا ملك العجب فانه كان يعجب بنفسه وإنه عمل وأدخل نفسه‬
‫العجب أمرني ربي ل أدع عمله يتجاوزني إلى غيري وأضرب به وجه‬
‫صاحبه‪ .‬قال‪ :‬وتصعد الحفظة بعمل العبد كالعروس المزفوفة إلى أهلها‬
‫فيمر به إلى ملك السماء الخامسة بالجهاد والصلة مابين الصلتين‪ ،‬ولذلك‬
‫رنين كرنين البل عليه ضوء كضوء الشمس‪ ،‬فيقول الملك‪ :‬قف أنا ملك‬
‫الحسد‪ ،‬فاضرب بهذا العمل وجه صاحبه وتحمله على عاتقه ]إنه كان‬
‫يحسد من يتعلم ويعمل ل بطاعته‪ ،‬فإذا رأي لحد فضل في العمل والعبادة‬
‫حسده ووقع فيه فيحمله على عاتقه[ ويلعنه عمله‪ .‬قال‪ :‬وتصعد الحفظة‬
‫فيمر بهم إلى ملك السماء السادسة فيقول الملك‪ :‬قف أنا صاحب الرحمة‪،‬‬
‫اضرب بهذا العمل وجه صاحبه‪ ،‬واطمس عينيه لن صاحبه لم يرحم شيئا‬
‫إذا أصاب عبدا من عباد ال ذنبا للخرة أو ضرا في الدنيا يشمت به أمرني‬
‫ربي أن ل أدع عمله يجاوزني إلى غيري‪ .‬وقال‪ :‬وتصعد الحفظة بعمل‬
‫العبد أعمال بفقه واجتهاد وورع‪ ،‬له صوت كالرعد وضوء كضوء البرق‪،‬‬
‫ومعه ثلثة آلف ملك فيمر بهم إلى ملك السماء السابعة فيقول الملك‪ :‬قف‬
‫واضرب بهذا العمل وجه صاحبه‪ ،‬أنا ملك الحجاب أحجب كل عمل ليس‬
‫ل‪ ،‬إنه أراد رفعة عند القواد‪ ،‬وذكرا في المجالس وصوتا في المدائن‪،‬‬
‫أمرني ربي أن ل أدع عمله يجاوزني إلى غيري ما لم يكن خالصا‪ .‬قال‪:‬‬
‫وتصعد الحفظة بعمل العبد مبتهجا به من خلق حسن‪ ،‬وصمت وذكر كثير‪،‬‬
‫تشيعه ملئكة السماوات السبعة بجماعتهم‪ ،‬فيطؤون الحجب كلها حتى‬
‫يقوموا بين يديه فيشهدوا له بعمل صالح ودعاء‪ ،‬فيقول ال‪ :‬أنتم حفظة‪،‬‬
‫عمل عبدي وأنا رقيب على ما نفسه عليه‪ ،‬لم يردني بهذا العمل‪ ،‬عليه‬
‫لعنتي‪ ،‬فيقول‬

‫]‪[248‬‬

‫الملئكة‪ :‬عليه لعنتك ولعنتنا‪ .‬قال‪ :‬ثم بكى معاذ وقال‪ :‬قلت‪ :‬يارسول ال ما أعمل ؟‬
‫قال‪ :‬اقتد بنبيك يا معاذ في اليقين‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬إنك أنت رسول ال وأنا معاذ‬
‫بن جبل قال‪ :‬وإن كان في عملك تقصير يا معاذ فاقطع لسانك عن إخوانك‪،‬‬
‫وعن حملة القرآن‪ ،‬ولتكن ذنوبك عليك ل تحملها على إخوانك‪ ،‬ول تزك‬
‫نفسك بتذميم إخوانك‪ ،‬ول ترفع نفسك بوضع إخوانك‪ ،‬ول تراء بعملك‪ ،‬ول‬
‫تدخل من الدنيا في الخرة‪ ،‬ول تفحش في مجلسك لكي يحذروك بسوء‬
‫خلقك‪ ،‬ولتناج مع رجل وعندك آخر‪ ،‬ول تتعظم على الناس فيقطع عنك‬
‫خيرات الدنيا‪ ،‬ول تمزق الناس فتمزقك كلب أهل النار قال ال‪" :‬‬
‫والناشطات نشطا " )‪ (1‬أتدري ما الناشطات ؟ كلب أهل النار‪ ،‬تنشط‬
‫اللحم والعظم‪ ،‬قلت‪ :‬من يطيق هذه الخصال ؟ قال‪ :‬يا معاذ أما إنه يسير‬
‫على من يسر ال عليه قال‪ :‬وما رأيت معاذا يكثر تلوة القرآن كما يكثر‬
‫تلوة هذا الحديث‪ .‬العدة‪ :‬روى أبو محمد جعفر بن أحمد القمي في كتابه‬
‫المنبي عن زهد النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬عن عبد الواحد عمن حدثه‪،‬‬
‫عن معاذ بن جبل مثله‪ - 21 .‬جع‪ :‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن‬
‫المؤمن ليخشع له كل شئ ويهابه كل شئ ثم قال‪ :‬إذا كان مخلصا ل أخاف‬
‫ال منه كل شئ حتى هوام الرض وسباعها وطير السماء‪ .‬وقال رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله‪ :‬إن ال ل ينظر إلى صوركم وأعمالكم وإنما ينظر‬
‫إلى قلوبكم )‪ - 22 .(2‬سن‪ :‬ابن محبوب‪ ،‬عن ابن رئاب‪ ،‬عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬من أحب ل‪ ،‬وأبغض ل‪ ،‬وأعطى ل‪ ،‬ومنع ل‪ ،‬فهو‬
‫ممكن يكمل إيمانه‪ .‬وعنه عليه السلم قال‪ :‬من أوثق عرى اليمان أن تحب‬
‫ل‪ ،‬وتبغض ل‪ ،‬وتعطى في ال‪ ،‬وتمنع في ال )‪.(3‬‬
‫)‪ (1‬النازعات‪ (2) .2 :‬جامع الخبار ص ‪ (3) .117‬المحاسن‪.263 :‬‬

‫]‪[249‬‬

‫‪ - 23‬نوادر الراوندي‪ :‬باسناده‪ ،‬عن موسى بن جعفر‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪:‬‬
‫قال علي عليه السلم في قوله تعالى‪ " :‬وأن المساجد ل " الية ما‬
‫سجدت به من جوارحك ل تعالى فل تدعوا مع ال أحدا )‪ - 24 .(1‬منية‬
‫المريد‪ :‬عن النبي صلى ال عليه وآله قال‪ :‬إن أولى الناس أن يقضى يوم‬
‫القيامة عليه رجل استشهد فاتي به فعرفه نعمه فعرفها قال‪ :‬فما عملت‬
‫فيها ؟ قال‪ :‬قاتلت فيك حتى استشهدت قال‪ :‬كذبت‪ ،‬ولكنك قاتلت ليقال‪،‬‬
‫جرئ فقد قيل ذلك ثم امر به فسحب على وجهه حتى القي في النار‪ ،‬ورجل‬
‫تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فاتي به فعرفه نعمه فعرفها قال‪ :‬فما عملت‬
‫فيها ؟ قال‪ :‬تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن‪ ،‬قال‪ :‬كذبت ولكنك‬
‫تعلمت ليقال‪ :‬عالم‪ ،‬وقرأت القرآن ليقال‪ :‬قارئ القرآن‪ ،‬فقد قيل‪ ،‬ثم امر به‬
‫فسحب على وجهه حتى القي في النار‪ .‬وقال صلى ال عليه وآله‪ :‬إنما‬
‫العمال بالنيات‪ ،‬وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى ال‬
‫ورسوله فهجرته إلى ال ورسوله‪ ،‬ومن كانت هجرته إلى أمر دنيا يصيبها‬
‫أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه‪ .‬وقال صلى ال عليه وآله‪ :‬نية‬
‫المؤمن خير من عمله‪ ،‬وفي لفظ آخر أبلغ من عمله‪ ،‬وقال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬إنما يبعث الناس على نياتهم وقال صلى ال عليه وآله مخبرا عن‬
‫جبرئيل عن ال عزوجل أنه قال‪ :‬الخلص سر من أسراري استودعته‬
‫قلب من أحببت من عبادي‪ - 25 .‬عدة الداعي‪ :‬عن النبي صلى ال عليه‬
‫وآله قال‪ :‬من أخلص ل أربعين يوما فجر ال ينابيع الحكمة من قلبه على‬
‫لسانه‪ .‬وعن أبي جعفر الجواد عليه السلم قال‪ :‬أفضل العبادة الخلص‪.‬‬
‫وعن الصادق عليه السلم قال‪ :‬ما أنعم ال عزوجل على عبد أجل من أن ل‬
‫يكون في قلبه مع ال عزوجل غيره‪ .‬وعن سيدة النساء صلوات ال عليها‬
‫قالت‪ :‬من أصعد إلى ال خالص عبادته‬

‫)‪ (1‬نوادر الراوندي ص ‪.30‬‬

‫]‪[250‬‬

‫أهبط ال عزوجل إليه أفضل مصلحته‪ .‬وعن العسكري عليه السلم قال‪ :‬لو جعلت‬
‫الدنيا كلها لقمة واحدة ثم لقمتها من يعبد ال خالصا لرأيت أني مقصر في‬
‫حقه‪ ،‬ولو منعت الكافر منها حتى يموت جوعا وعطشا ثم أذقته شربة من‬
‫الماء لرأيت أني قد أسرفت‪ .‬وكان عيسى عليه السلم يقول للحواريين‪ :‬إذا‬
‫كان صوم أحدكم فليدهن رأسه ولحيته‪ ،‬ويمسح شفتيه بالزيت لئل يرى‬
‫الناس أنه صائم‪ ،‬وإذا أعطى بيمينه فليخف عن شماله‪ ،‬وإذا صلى فليرخ‬
‫ستر بابه فان ال يقسم الثناء كما يقسم الرزق )‪ - 26 .(1‬أسرار الصلة‪:‬‬
‫عن سفيان بن عيينة‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم في قوله عزوجل‪" :‬‬
‫ليبلوكم أيكم أحسن عمل " قال‪ :‬ليس يعني أكثركم عمل‪ ،‬ولكن أصوبكم‬
‫عمل وإنما الصابة خشية ال تعالى‪ ،‬والنية الصادقة الحسنة‪ ،‬ثم قال‪:‬‬
‫البقاء على العمل حتى يخلص أشد من العمل‪ ،‬والعمل الخالص‪ :‬الذي ل‬
‫تريد أن يحمدك عليه أحد إل ال عزوجل‪ ،‬والنية أفضل من العمل‪ ،‬أل وإن‬
‫النية هي العمل‪ ،‬ثم تل قوله عزوجل‪ " :‬قل كل يعمل على شاكلته " يعني‬
‫على نيته‪ - 27 .‬مشكوة النوار‪ :‬عن أبي عبد ال عليه السلم في قول ال‬
‫عزوجل‪ " :‬حنيفا مسلما " قال‪ :‬خالصا مخلصا ل يشوبه شئ )‪.(2‬‬

‫)‪ (1‬عدة الداعي ص ‪ ،123‬ط هند‪ (2) .‬مشكاة النوار ص ‪.10‬‬

‫]‪[251‬‬

‫)‪) * (55‬باب( * * " )العبادة والختفاء فيها وذم الشهرة بها( " * ‪ - 1‬ب‪:‬‬
‫السندي بن محمد‪ ،‬عن أبي البختري‪ ،‬عن الصادق عليه السلم عن آبائه‬
‫عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬أعظم العبادة أجرا‬
‫أخفاها )‪ .(1‬أقول‪ :‬سيأتي في باب نوادر المواعظ ما أوحى ال إلى نبي من‬
‫أنبيائه‪ ،‬و أن العمل الصالح إذا كتمه العبد وأخفاه أبى ال عزوجل إل أن‬
‫يظهره ليزينه به مع ما يدخره له من ثواب الخرة )‪ - 2 .(2‬ثو‪ :‬ابن‬
‫الوليد‪ ،‬عن الصفار‪ ،‬عن محمد بن عيسى‪ ،‬عن عباس بن هلل قال‪ :‬سمعت‬
‫الرضا عليه السلم يقول‪ :‬المستتر بالحسنة تعدل سبعين حسنة‪ ،‬والمذيع‬
‫بالسيئة مخذول‪ ،‬والمستتر بالسيئة مغفور له )‪ - 3 .(3‬صح‪ :‬عن الرضا‪،‬‬
‫عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال علي بن أبي طالب عليه السلم من كنوز‬
‫الجنة إخفاء العمل‪ ،‬والصبر على الرزايا‪ ،‬وكتمان المصائب )‪ .(4‬محص‪:‬‬
‫عن جابر‪ ،‬عن علي عليه السلم مثله‪ - 4 .‬ختص‪ :‬عن العالم عليه السلم‬
‫قال‪ :‬المستتر بالحسنة له سبعون ضعفا‪ ،‬والمذيع له واحد‪ ،‬والمستتر‬
‫بالسيئة مغفور له‪ ،‬والمذيع له مخذول )‪ - 5 .(5‬ما‪ :‬الحسين بن عبيد ال‪،‬‬
‫عن علي بن محمد العلوي‪ ،‬عن محمد بن أحمد المكتب‪ ،‬عن أحمد بن‬
‫محمد الكوفي‪ ،‬عن علي بن الحسن بن فضال‪ ،‬عن أبيه‬

‫)‪ (1‬قرب السناد ص ‪ (2) .84‬وقد مر فيما مضى أيضا‪ ،‬راجع عيون اخبار الرضا‬
‫ص ‪ 153 - 152‬ط الحجرية‪ (3) .‬ثواب العمال ص ‪ (4) .162‬صحيفة‬
‫الرضا عليه السلم ‪ ،21‬وتراه في عيون الخبار ص ‪ 204‬ط الحجرية‪) .‬‬
‫‪ (5‬الختصاص‪.142 :‬‬

‫]‪[252‬‬

‫عن الرضا عليه السلم قال‪ :‬من شهر نفسه بالعبادة فاتهموه على دينه فان ال‬
‫عزوجل يبغض شهرة العبادة وشهرة اللباس‪ .‬ثم قال‪ :‬إن ال عزوجل إنما‬
‫فرض على الناس في اليوم والليلة سبع عشرة ركعة‪ ،‬من أتى بها لم يسأله‬
‫ال عزوجل عما سواها‪ ،‬وإنما أضاف رسول ال صلى ال عليه وآله إليها‬
‫مثليها‪ :‬ليتم بالنوافل ما يقع فيها من النقصان‪ ،‬وإن ال عزوجل ل يعذب‬
‫على كثرة الصلة والصوم ولكنه يعذب على خلف السنة )‪ - 6 .(1‬عدة‬
‫الداعي‪ :‬روي عنهم عليهم السلم أن فضل عمل السر على عمل الجهر‬
‫سبعون ضعفا‪ - 7 .‬ارشاد القلوب‪ :‬روي عن المفضل بن صالح قال‪ :‬قال‬
‫لي مولي الصادق عليه السلم يا مفضل إن ل تعالى عبادا عاملوه‬
‫بخالص من سره‪ ،‬فقابلهم بخالص من بره‪ ،‬فهم الذين تمر صحفهم يوم‬
‫القيامة فارغا فإذا وقفوا بين يديه ملها لهم من سر ما أسروا إليه‪ ،‬فقلت‪:‬‬
‫وكيف ذاك يا مولي ؟ فقال‪ :‬أجلهم أن تطلع الحفظة على ما بينه وبينهم‪.‬‬
‫‪ - 8‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن عمر بن يزيد‬
‫عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬في التوراة مكتوب يا ابن آدم تفرغ‬
‫لعبادتي أمل قلبك غنى ول أكلك إلى طلبك‪ ،‬وعلي أن أسد فاقتك‪ ،‬وأمل‬
‫قلبك خوفا مني‪ ،‬وإن ل تفرغ لعبادتي أمل قلبك شغل بالدنيا ثم ل أسد‬
‫فاقتك وأكلك إلى طلبك )‪ .(2‬بيان‪ :‬في القاموس تفرغ تخلى من الشغل أي‬
‫أجعل نفسك وقلبك فارغا عن أشغال الدنيا‪ ،‬وشهواتها وعلئقها‪ ،‬واللم‬
‫للتعليل أو للظرفية " أمل قلبك غنى " أي عن الناس " وعلي " بتشديد‬
‫الياء‪ ،‬والجملة حالية وربما يقرأ بالتخفيف عطفا على " أمل " بحسب‬
‫المعنى لنه في قوة على أن أمل‪ ،‬والول أظهر " وإن ل تفرغ " إن‬
‫للشرط ول نافية وأكلك بالجزم‪.‬‬

‫)‪ (1‬أمالي الطوسي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .263‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.83‬‬

‫]‪[253‬‬

‫‪ - 9‬كا‪ :‬عن علي بن إبراهيم‪ ،‬عن محمد بن عيسى‪ ،‬عن أبي جميلة قال‪ :‬قال أبو‬
‫عبد ال عليه السلم‪ :‬قال ال تبارك وتعالى‪ :‬يا عبادي الصديقين تنعموا‬
‫بعبادتي في الدنيا فانكم تتنعمون بها في الخرة )‪ .(1‬ايضاح‪ " :‬تنعموا‬
‫بعبادتي " الظاهر أن الباء صلة‪ ،‬فان الصديقين والمقربين يلتذون بعبادة‬
‫ربهم‪ ،‬ويتقوون بها‪ ،‬وهي عندهم أعظم اللذات الروحانية‪ ،‬وقيل الباء‬
‫سببية‪ ،‬فان العبادة سبب الرزق كما قال تعالى‪ " :‬ومن يتق ال يجعل له‬
‫مخرجا " )‪ (2‬وهو بعيد‪ " .‬فانكم تتنعمون بها " أي بأصل العبادة فانها‬
‫أشهى عندهم من اللذات الجسمانية‪ ،‬فهم يعبدون للذة ل للتكليف كما أن‬
‫الملئكة طعامهم التسبيح‪ ،‬وشرابهم التقديس‪ ،‬أو بسببها أو بقدرها أو‬
‫بعوضها والول أظهر‪ - 10 .‬كا‪ :‬عن علي‪ ،‬عن محمد بن عيسى‪ ،‬عن‬
‫يونس‪ ،‬عن عمرو بن جميع‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله‪ :‬أفضل الناس من عشق العبادة فعانقها وأحبها‬
‫بقلبه‪ ،‬وباشرها بجسده وتفرغ لها‪ ،‬فهو ل يبالي على ما أصبح من الدنيا‬
‫على عسر أم على يسر ؟ )‪ .(3‬بيان‪ :‬عشق من باب تعب والسم العشق‪،‬‬
‫وهو الفراط في المحبة أي أحبها حبا مفرطا من حيث كونه وسيلة إلى‬
‫القرب الذي هو المطلوب الحقيقي‪ ،‬وربما يتوهم أن العشق مخصوص‬
‫بمحبة المور الباطلة‪ ،‬فل يستعمل في حبه سبحانه وما يتعلق به‪ ،‬وهذا‬
‫يدل على خلفه وإن كان الحوط عدم إطلق السماء المشتقة منه على ال‬
‫تعالى بل الفعل المشتق منه أيضا بناء على التوقيف‪ .‬قيل‪ :‬ذكرت الحكماء‬
‫في كتبهم الطبية أن العشق ضرب من الماليخوليا والجنون والمراض‬
‫السوداوية‪ ،‬وقرروا في كتبهم اللهية أنه من أعظم الكمالت‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .83‬الطلق‪ (3) .3 :‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.83‬‬

‫]‪[254‬‬

‫والسعادات‪ ،‬وربما يظن أن بين الكلمين تخالفا‪ ،‬وهو من واهي الظنون‪ ،‬فان‬
‫المذموم هو العشق الجسماني الحيواني الشهواني‪ ،‬والممدوح هو‬
‫الروحاني النساني النفساني‪ ،‬والول يزول ويفنى بمجرد الوصال‬
‫والتصال‪ ،‬والثاني يبقى ويستمر أبد الباد وعلى كل حال‪ " .‬على ما أصبح‬
‫" أي على أي حال دخل في الصباح أو صار " أم على يسر " فيه دللة‬
‫على أن اليسر والمال ل ينافي حبه تعالى وحب عبادته‪ ،‬وتفريغ القلب عن‬
‫غيرها لجلها‪ ،‬وإنما المنافي له تعلق القلب به‪ - 11 .‬كا‪ :‬عن محمد بن‬
‫يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن عيسى‪ ،‬عن شاذان بن الخليل قال‪ :‬وكتبت‬
‫من كتابه باسناد له يرفعه إلى عيسى بن عبد ال ]قال‪ :‬قال عيسى بن عبد‬
‫ال[ لبي عبد ال عليه السلم جعلت فداك ما العبادة ؟ قال‪ :‬حسن النية‬
‫بالطاعة من الوجوه التي يطاع ال منها أما إنك يا عيسى ل تكون مؤمنا‬
‫حتى تعرف الناسخ من المنسوخ‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬جعلت فداك وما معرفة‬
‫الناسخ من المنسوخ ؟ قال‪ :‬فقال‪ :‬أليس تكون مع المام موطنا نفسك على‬
‫حسن النية في طاعته‪ ،‬فيمضي ذلك المام ويأتي إمام آخر فتوطن نفسك‬
‫على حسن النية في طاعته ؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬هذا معرفة الناسخ من‬
‫المنسوخ )‪ .(1‬بيان‪ " :‬حسن النية بالطاعة " كأن المعنى أن العبادة‬
‫الصحيحة المقبولة هي ما يكون مع النية الحسنة‪ ،‬الخالصة من شوائب‬
‫الرئاء والسمعة‪ ،‬وغيرها‪ ،‬مع طاعة أئمة الحق عليهم السلم‪ ،‬وتكون تلك‬
‫العبادة مأخوذة " من الوجوه التي يطاع ال منها " أي ل تكون مبتدعة‪،‬‬
‫بل تكون مأخوذة عن الدلئل الحقة والثار الصحيحة‪ ،‬أو تكون تلك الطاعة‬
‫مستندة إلى البراهين الواضحة‪ ،‬ليخرج منها طاعة أئمة الضللة‪ ،‬أو‬
‫المعنى شدة العزم في طاعة من تجب طاعته‪ ،‬حال كون تلك الطاعة من‬
‫الوجوه التي يطاع ال منها‪ ،‬أي لم تكن مخلوطة ببدعة ول رئاء ول سمعة‬
‫وهذا أنسب بما بعده وقيل‪ :‬يعني أن يكون له في طاعة من يعبده نية‬
‫حسنة‪ ،‬فان‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.83‬‬

‫]‪[255‬‬

‫تيسر له التيان بما وافق نيته‪ ،‬وإل فقد أدى ما عليه من العبادة بحسن نيته‪" .‬‬
‫أليس تكون " هذا المعنى للناسخ والمنسوخ موافق ومؤيد لما ورد في‬
‫الخبار في تفسير قوله تعالى‪ " :‬ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها‬
‫أو مثلها " )‪ (1‬أن المراد به ذهاب إمام ونصب إمام بعده‪ ،‬فهو خير منه أو‬
‫مثله‪ ،‬وقيل‪ :‬لعل المراد بهذه الوجوه الئمة عليهم السلم واحد بعد واحد‪،‬‬
‫لنهم الوجوه التي يطاع ال منها لرشادهم وهدايتهم‪ ،‬وبالطاعة‪ :‬الطاعة‬
‫المعلومة بتعليمهم وإطاعتهم والنقياد لهم وبحسن النية‪ :‬تعلق القلب بها‬
‫من صميمه بل منازعة ول مخاطرة ويحتمل أن يراد بالوجوه وجوه‬
‫العبادات وأنواعها وبحسن النية تخليصها عن شوائب النقص‪ - 12 .‬كا‪:‬‬
‫عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن جميل‪ ،‬عن هارون بن خارجة‪،‬‬
‫عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن العباد ]ة[ ثلثة قوم عبدوا ال‬
‫عزوجل خوفا فتلك عبادة العبيد‪ ،‬وقوم عبدوا ال تبارك وتعالى طلب‬
‫الثواب فتلك عبادة الجراء‪ ،‬وقوم عبدوا ال عزوجل حبا له فتلك عبادة‬
‫الحرار‪ :‬وهي أفضل العبادة )‪ .(2‬ايضاح‪ " :‬العباد ثلثة " في بعض‬
‫النسخ هكذا فل يحتاج إلى تقدير‪ ،‬وفي بعضها " العبادة " فيحتاج إلى‬
‫تقدير إما في العبادة أي ذوو العبادة أو في القوام أي عبادة قوم‪ ،‬وحاصل‬
‫المعنى أن العبادة الصحيحة المرتبة عليها الثواب والكرامة في الجملة‬
‫ثلثة أقسام‪ ،‬وأما غيرها كعبادة المرائين ونحوها‪ ،‬فليست بعبادة ول داخلة‬
‫في المقسم‪ " .‬فتلك عبادة العبيد " إذ العابد فيها شبيه بالعبيد في أنه يطيع‬
‫السيد خوفا منه وتحرزا من عقوبته‪ " .‬فتلك عبادة الجراء " فانهم‬
‫يعبدون للثواب كما أن الجير يعمل للجر‬

‫)‪ (1‬البقرة‪ (2) .106 :‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.84‬‬

‫]‪[256‬‬

‫" حبا له " أي لكونه محبا له والمحب يطلب رضا المحبوب‪ ،‬أو يعبده ليصل إلى‬
‫درجة المحبين‪ ،‬ويفوز بمحبة رب العالمين‪ ،‬والول أظهر‪ " .‬فتلك عبادة‬
‫الحرار " أي الذين تحرروا من رق الشهوات‪ ،‬وخلعوا من رقابهم طوق‬
‫طاعة النفس المارة بالسوء‪ ،‬الطالبة للذات والشهوات‪ ،‬فهم ل يقصدون‬
‫في عبادتهم شيئا سوى رضا عالم السرار‪ ،‬وتحصيل قرب الكريم الغفار‪،‬‬
‫ول ينظرون إلى الجنة والنار‪ ،‬وكونها أفضل العبادة ل يخفى على اولي‬
‫البصار‪ ،‬وفي صيغة التفضيل دللة على أن كل من الوجهين السابقين‬
‫أيضا عبادة صحيحة‪ ،‬ولها فضل في الجملة‪ ،‬فهو حجة على من قال‬
‫ببطلن عبادة من قصد التحرز عن العقاب أو الفوز بالثواب‪ - 13 .‬كا‪ :‬عن‬
‫علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن النوفلي‪ ،‬عن السكوني‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم‬
‫قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬ما أقبح الفقر بعد الغنى‪ ،‬وأقبح‬
‫الخطيئة بعد المسكنة‪ ،‬وأقبح من ذلك العابد ل ثم يدع عبادته )‪ .(1‬بيان‪" :‬‬
‫ما أقبح الفقر بعد الغنا " لعل المعنى قبحه عند الناس‪ ،‬وإن كان ممدوحا‬
‫عند ال‪ ،‬أو يكون محمول على من فعل ذلك باختياره بالسراف والتبذير أو‬
‫ترك الكسب وأشباهه‪ ،‬أو يكون المراد التعيش بعيش الفقراء بعد حصول‬
‫الغنا على سياق قوله عليه السلم‪ " :‬وأقبح الخطيئة بعد المسكنة " فان‬
‫الظاهر أن المراد به بيان قبح ارتكاب الخطايا بعد حصول الفقر والمسكنة‪،‬‬
‫لضعف الدواعي وقلة اللت والدوات‪ ،‬وإن احتمل أن يكون الغرض بيان‬
‫قبح الذنوب بعد كونه مبتلى بالفقر والمسكنة‪ ،‬فأغناه ال فارتكب بعد ذلك‬
‫الخطايا لتضمنه كفران النعمة‪ ،‬ونسيان الحالة السابقة ويحتمل أن يكون‬
‫المراد بالمسكنة التذلل ل بترك المعصية‪ ،‬فيكون نسب بما قبله وبعده‪" .‬‬
‫وأقبح " مبتدأ أو خبر فالعابد أيضا يحتملهما و " ثم يدع " عطف على‬
‫العابد إذ اللم في اسم الفاعل بمعنى الذي فهو بتقدير الذي يعبد ال ثم يدع‪.‬‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.84‬‬

‫]‪[257‬‬
‫‪ - 14‬كا‪ :‬عن الحسين بن محمد‪ ،‬عن المعلى‪ ،‬عن الوشاء‪ ،‬عن عاصم بن حميد عن‬
‫أبي حمزة‪ ،‬عن علي بن الحسين عليهما السلم قال‪ :‬من عمل بما افترض‬
‫ال فهو من أعبد الناس )‪) * (56) .(1‬باب( * * " )الطاعة والتقوى‬
‫والورع ومدح المتقين( " * * " )وصفاتهم وعلماتهم( " * * وان الكرم‬
‫به‪ ،‬وقبول العمل مشروط به * أقول‪ :‬قد مضى ما يناسب الباب في باب‬
‫طاعة ال ورسوله وحججه فل تغفل‪ .‬اليات‪ :‬البقرة‪ :‬الم ذلك الكتاب لريب‬
‫فيه هدى للمتقين * الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلة ومما رزقناهم‬
‫ينفقون * والذين يؤمنون بما انزل إليك وما انزل من قبلك وبالخرة هم‬
‫يوقنون * اولئك على هدى من ربهم واولئك هم المفلحون )‪ .(2‬وقال‬
‫تعالى‪ :‬وإياى فاتقون )‪ (3‬وقال تعالى‪ :‬واذكروا ما فيه لعلكم تتقون )‪(4‬‬
‫وقال تعالى‪ :‬وموعظة للمتقين )‪ .(5‬وقال تعالى‪ :‬ولو أنهم آمنوا واتقوا‬
‫لمثوبة من عند ال خير لو كانوا يعلمون )‪ .(6‬وقال تعالى‪ :‬واولئك هم‬
‫المتقون )‪ (7‬وقال تعالى‪ :‬حقا على المتقين )‪.(8‬‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .84‬البقرة‪ (5 - 3) .5 - 1 :‬البقرة‪(6) .66 ،63 ،41 :‬‬
‫البقرة‪ (8 - 7) .103 :‬البقرة‪.180 ،177 :‬‬

‫]‪[258‬‬

‫وقال تعالى‪ :‬ولكن البر من اتقى )‪ (1‬وقال سبحانه‪ :‬واتقوا ال لعلكم تفلحون )‪.(2‬‬
‫وقال تعالى‪ :‬واتقوا ال واعلموا أن ال مع المتقين )‪ .(3‬وقال تعالى‪:‬‬
‫واتقوا ال واعلموا أن ال شديد العقاب )‪ .(4‬وقال تعالى‪ :‬تزودوا فان خير‬
‫الزاد التقوى واتقون يا اولي اللباب )‪ .(5‬وقال سبحانه‪ :‬واتقوا ال‬
‫واعلموا أنكم إليه تحشرون )‪ .(6‬وقال تعالى‪ :‬وإذا قيل له اتق ال أخذته‬
‫العزة بالثم فحسبه جهنم ولبئس المهاد )‪ .(7‬وقال سبحانه‪ :‬واتقوا ال‬
‫واعلموا أن ال بما تعملون بصير )‪ .(8‬وقال تعالى‪ :‬وأن تعفوا أقرب‬
‫للتقوى )‪ .(9‬وقال تعالى‪ :‬واتقوا يوما ترجعون فيه إلى ال ثم توفى كل‬
‫نفس ما كسبت وهم ل يظلمون )‪ .(10‬آل عمران حاكيا عن عيسى عليه‬
‫السلم‪ :‬فاتقوا ال وأطيعون )‪ .(11‬وقال تعالى‪ :‬بلى من أوفى بعهده واتقى‬
‫فان ال يحب المتقين )‪ .(12‬وقال سبحانه‪ :‬يا أيها الذين آمنوا اتقوا ال‬
‫حق تقاته ول تموتن إل وأنتم مسلمون )‪.(13‬‬

‫)‪ (2 - 1‬البقرة‪ (5 - 3) .189 :‬البقرة‪ (6) .197 ،196 ،194 :‬البقرة‪(7) .203 :‬‬
‫البقرة‪ (9 - 8) .206 :‬البقرة‪ (10) .237 ،233 :‬البقرة‪ (11) .281 :‬آل‬
‫عمران‪ (12) .50 :‬آل عمران‪ (13) .76 :‬آل عمران‪.102 :‬‬
‫]‪[259‬‬

‫وقال تعالى‪ :‬وال عليم بالمتقين )‪ (1‬وقال تعالى‪ :‬وإن تصبروا وتتقوا ل يضركم‬
‫كيدهم شيئا )‪ (2‬وقال تعالى‪ :‬فاتقوا ال لعلكم تشكرون )‪ .(3‬وقال تعالى‪:‬‬
‫واتقوا ال لعلكم تفلحون واتقوا النار التي اعدت للكافرين وأطيعوا ال‬
‫والرسول لعلكم ترحمون )‪ .(4‬وقال تعالى‪ :‬وسارعوا إلى مغفرة من ربكم‬
‫وجنة عرضها السموات والرض اعدت للمتقين )‪ (5‬وقال تعالى‪ :‬وموعظة‬
‫للمتقين )‪ (6‬وقال‪ :‬للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم )‪ .(7‬وقال‪ :‬لكن‬
‫الذين اتقوا ربهم لهم جنات تجري من تحتها النهار خالدين فيها نزل من‬
‫عند ال وما عند ال خير للبرار )‪ .(8‬وقال‪ :‬واتقوا ال لعلكم تفلحون )‪.(9‬‬
‫النساء‪ :‬يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة ‪ -‬إلى قوله ‪-‬‬
‫واتقوا ال الذي تسائلون به والرحام إن ال كان عليكم رقيبا )‪ .(10‬وقال‪:‬‬
‫ولقد وصينا الذين اوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا ال وإن تكفروا‬
‫فان ل ما في السموات وما في الرض وكان ال غنيا حميدا )‪.(11‬‬
‫المائدة‪ :‬واتقوا ال إن ال شديد العقاب )‪ (12‬وقال جل وعل‪ :‬واتقوا ال‬
‫إن ال سريع الحساب )‪ (13‬وقال تعالى‪ :‬واتقوا ال إن ال عليم بذات‬
‫الصدور )‪ (14‬وقال تعالى‪ :‬اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا ال إن ال‬
‫خبير‬

‫)‪ (3 - 1‬آل عمران‪ (5 - 4) .123 ،120 ،115 :‬آل عمران‪(7 - 6) .133 - 130 :‬‬
‫آل عمران‪ (9 - 8) .172 ،138 :‬آل عمران‪ (10) .200 ،198 :‬النساء‪:‬‬
‫‪ (11) .1‬النساء‪ (14 - 12) .131 :‬المائدة‪.7 ،4 ،2 :‬‬

‫]‪[260‬‬

‫بما تعملون )‪ (1‬وقال سبحانه‪ :‬واتقوا ال وعلى ال فليتوكل المؤمنون )‪ .(2‬وقال‬


‫تعالى حاكيا عن ابن آدم‪ :‬قال‪ :‬إنما يتقبل ال من المتقين )‪ .(3‬وقال تعالى‪:‬‬
‫يا أيها الذين آمنوا اتقوا ال وابتغوا إليه الوسيلة جاهدوا في سبيله لعلكم‬
‫تفلحون )‪ (4‬وقال‪ :‬وهدى وموعظة للمتقين )‪ (5‬وقال‪ :‬واتقوا ال إن كنتم‬
‫مؤمنين )‪ .(6‬وقال تعالى‪ :‬ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفرنا عنهم‬
‫سيئاتهم ولدخلناهم جنات النعيم )‪ (7‬وقال‪ :‬واتقوا ال الذي أنتم به‬
‫مؤمنون )‪ .(8‬وقال تعالى‪ :‬واتقوا ال الذي إليه تحشرون )‪ (9‬وقال‪ :‬فاتقوا‬
‫ال يا اولى اللباب لعلكم تفلحون )‪ (10‬وقال تعالى‪ :‬قال اتقوا ال إن كنتم‬
‫مؤمنين )‪ .(11‬النعام‪ :‬ولدار الخرة خير للذين يتقون أفل تعقلون )‪.(12‬‬
‫وقال سبحانه‪ :‬وما على الذين يتقون من حسابهم من شئ ولكن ذكرى‬
‫لعلهم يتقون )‪ (13‬وقال جل وعل‪ :‬واتقوه وهو الذي إليه تحشرون )‪(14‬‬
‫وقال تعالى‪ :‬ذلكم وصيكم به لعلكم تتقون )‪ (15‬وقال تعالى‪ :‬واتقوا لعلكم‬
‫ترحمون )‪ .(16‬العراف‪ :‬ولباس التقوى ذلك خير )‪ .(17‬وقال سبحانه‪:‬‬
‫ولتتقوا ولعلكم ترحمون )‪ .(18‬وقال تعالى‪ :‬ولو أن أهل القرى آمنوا‬
‫واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والرض ولكن كذبوا فأخذناهم بما‬
‫كانوا يكسبون )‪.(19‬‬

‫)‪ (2 - 1‬المائدة‪ (3) .11 ،8 :‬المائدة‪ (11 - 4) .27 :‬المائدة‪،65 ،57 ،46 ،35 :‬‬
‫‪ (12) .112 ،103 ،99 ،91‬النعام‪ (13) .32 :‬النعام‪(16 - 14) .69 :‬‬
‫النعام‪ (18 - 17) .155 ،153 ،72 :‬العراف‪(19) .63 ،26 :‬‬
‫العراف‪.95 :‬‬

‫]‪[261‬‬

‫وقال تعالى‪ :‬والعاقبة للمتقين )‪ .(1‬وقال تعالى‪ :‬والدار الخرة خير للذين يتقون أفل‬
‫تعقلون )‪ .(2‬وقال تعالى‪ :‬خذوا ما آتيناكم بقوة واذكروا ما فيه لعلكم تتقون‬
‫)‪ .(3‬وقال‪ :‬إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم‬
‫مبصرون )‪ .(4‬النفال‪ :‬فاتقوا ال )‪ (5‬وقال تعالى‪ :‬يا أيها الذين آمنوا إن‬
‫تتقوا ال يجعل لكم فرقانا ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم وال ذو الفضل‬
‫العظيم )‪ .(6‬وقال تعالى‪ :‬واتقوا ال إن ال غفور رحيم )‪ .(7‬التوبة‪ :‬إن ال‬
‫يحب المتقين )‪ (8‬وقال‪ :‬واعلموا أن ال مع المتقين )‪ .(9‬وقال تعالى‪:‬‬
‫لمسجد اسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه إلى قوله‬
‫سبحانه‪ :‬أفمن أسس بنيانه على تقوى من ال ورضوان خير أم من أسس‬
‫بنيانه على شفا جرف هار فانهار به في نار جهنم )‪ .(10‬وقال تعالى‪ :‬يا‬
‫أيها الذين آمنوا اتقوا ال وكونوا مع الصادقين )‪ .(11‬وقال‪ :‬واعلموا أن‬
‫ال مع المتقين )‪ .(12‬يونس‪ :‬إن في اختلف الليل والنهار وما خلق ال‬
‫في السموات والرض ليات لقوم يتقون )‪ (13‬وقال تعالى‪ :‬فقل أفل تتقون‬
‫)‪ .(14‬وقال تعالى‪ :‬الذين آمنوا وكانوا يتقون * لهم البشرى في الحيوة‬
‫الدنيا‬

‫)‪ (1‬العراف‪ (2) .127 :‬العراف‪ (3) .168 :‬العراف‪ (4) .170 :‬العراف‪:‬‬
‫‪ (7 - 5) .200‬النفال‪ (9 - 8) .69 ،29 ،1 :‬براءة‪(10) .37 ،4 :‬‬
‫براءة‪ (12 - 11) .109 - 108 :‬براءة‪ (14 - 13) .124 ،119 :‬يونس‪:‬‬
‫‪(*) .31 ،6‬‬

‫]‪[262‬‬
‫وفي الخرة ل تبديل لكلمات ال ذلك هو الفوز العظيم )‪ .(1‬هود‪ :‬فاصبر إن العاقبة‬
‫للمتقين )‪ .(2‬يوسف‪ :‬ولجر الخرة خير للذين آمنوا وكانوا يتقون )‪.(3‬‬
‫وقال‪ :‬إنه من يتق ويصبر فان ال ل يضيع أجر المحسنين )‪ .(4‬وقال‬
‫تعالى‪ :‬ولدار الخرة خير للذين اتقوا أفل تعقلون )‪ .(5‬الرعد‪ :‬مثل الجنة‬
‫التي وعد المتقون * تجري من تحتها النهار اكلها دائم وظلها تلك عقبى‬
‫الذين اتقوا وعقبى الكافرين النار )‪ .(6‬الحجر‪ :‬إن المتقين في جنات‬
‫وعيون )‪ .(7‬النحل‪ :‬أن أنذروا أنه ل إله إل أنا فاتقون )‪ .(8‬وقال‪ :‬وقيل‬
‫للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة‬
‫ولدار الخرة خير ولنعم دار المتقين * جنات عدن يدخلونها تجري من‬
‫تحتها النهار لهم فيها ما يشاؤن كذلك يجزي ال المتقين )‪ .(9‬وقال‬
‫سبحانه‪ :‬إن ال مع الذين اتقوا والذينهم محسنون )‪ .(10‬مريم‪ :‬وكان تقيا‬
‫)‪ (11‬وقال تعالى‪ :‬قالت أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا )‪ (12‬وقال‬
‫سبحانه‪ :‬تلك الجنة التي نورث من عبادنا من كان تقيا )‪ (13‬وقال تعالى‪:‬‬
‫ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا )‪ (14‬وقال تعالى‪ :‬يوم‬

‫)‪ (1‬يونس‪ (2) .63 :‬هود‪ (3) .57 :‬يوسف‪ (4) .57 :‬يوسف‪ (5) .90 :‬يوسف‪:‬‬
‫‪ (6) .109‬الرعد‪ (7) .37 :‬الحجر‪ (8) .45 :‬النحل‪ (9) .2 :‬النحل‪- 30 :‬‬
‫‪ (10) .31‬النحل‪ (11) .128 :‬مريم‪ (12) .12 :‬مريم‪ (13) .17 :‬مريم‪:‬‬
‫‪ (14) .63‬مريم‪.72 :‬‬

‫]‪[263‬‬

‫نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا )‪ .(1‬طه‪ :‬وصرفنا فيه من الوعيد لعلهم يتقون أو‬
‫يحدث لهم ذكرا )‪ .(2‬وقال تعالى‪ :‬والعاقبة للتقوى )‪ .(3‬الحج‪ :‬يا أيها‬
‫الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شئ عظيم )‪ .(4‬وقال تعالى‪ :‬لن ينال‬
‫ال لحومها ول دماؤها ولكن يناله التقوى منكم )‪ .(5‬المؤمنون‪ :‬أفل‬
‫تتقون )‪ .(6‬النور‪ :‬وموعظة للمتقين )‪ .(7‬الفرقان‪ :‬قل أذلك خير أم جنة‬
‫الخلد التي وعد المتقون كانت لهم جزاء ومصيرا * لهم فيها ما يشاؤن‬
‫خالدين كان على ربك وعدا مسئول )‪ .(8‬وقال تعالى‪ :‬واجعلنا للمتقين‬
‫اماما )‪ .(9‬الشعراء‪ :‬أل يتقون )‪ (10‬وقال تعالى‪ :‬وازلفت الجنة للمتقين )‬
‫‪ .(11‬وقال تعالى‪ :‬إذ قال لهم أخوهم نوح أل تتقون * إني لكم رسول أمين‬
‫* فاتقوا ال وأطيعون )‪ .(12‬وقال تعالى‪ :‬واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون *‬
‫أمدكم بأنعام وبنين * وجنات وعيون * إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم‬
‫)‪ .(13‬وقال تعالى‪ :‬واتقوا ال الذي خلقكم والجبلة الولين )‪ .(14‬النمل‪:‬‬
‫وأنجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون )‪.(15‬‬
‫)‪ (1‬مريم‪ (3 - 2) .86 :‬طه‪ (5 - 4) .132 ،113 :‬الحج‪ (6) .37 ،1 :‬المؤمنون‪:‬‬
‫‪ (7) .23‬النور‪ (8) .34 :‬الفرقان‪ 15 :‬و ‪ (9) .16‬الفرقان‪- 10) .74 :‬‬
‫‪ (11‬الشعراء‪ (12) .90 ،11 :‬الشعراء‪ (13) .108 - 106 :‬الشعراء‪:‬‬
‫‪ (14) .135 - 132‬الشعراء‪ (15) .184 :‬النمل‪.13 :‬‬

‫]‪[264‬‬

‫القصص‪ :‬والعاقبة للمتقين )‪ .(1‬الروم‪ :‬واتقوه )‪ .(2‬الحزاب‪ :‬لستن كأحد من‬


‫النساء إن اتقيتن‪ .‬وقال تعالى‪ :‬واتقين ال إن ال كان على كل شئ شهيدا )‬
‫‪ .(3‬يس‪ :‬وإذا قيل لهم اتقوا ما بين أيديكم وما خلفكم لعلكم ترحمون )‪.(4‬‬
‫ص‪ :‬أم نجعل المتقين كالفجار )‪ (5‬وقال تعالى‪ :‬وإن للمتقين لحسن مآب *‬
‫جنات عدن مفتحة لهم البواب )‪ .(6‬الزمر‪ :‬قل يا عباد الذين آمنوا اتقوا‬
‫ربكم )‪ (7‬وقال تعالى‪ :‬يا عباد فاتقون )‪ .(8‬وقال تعالى‪ :‬لكن الذين اتقوا‬
‫ربهم لهم غرف من فوقها غرف مبنية تجري من تحتها النهار وعد ال ل‬
‫يخلف ال الميعاد )‪ .(9‬وقال تعالى‪ :‬والذي جاء بالصدق وصدق به اولئك‬
‫هم المتقون )‪ (10‬وقال تعالى‪ :‬وينجي ال الذين اتقوا بمفازتهم ل يمسهم‬
‫السوء ول هم يحزنون )‪ (11‬وقال تعالى‪ :‬وسيق الذين اتقوا ربهم إلى‬
‫الجنة ‪ -‬زمرا )‪ .(12‬السجدة‪ :‬ونجينا الذين آمنوا وكانوا يتقون )‪.(13‬‬
‫الزخرف‪ :‬والخرة عند ربك للمتقين‪ ،‬وقال تعالى‪ :‬الخلء بعضهم لبعض‬
‫يومئذ عدو إل المتقين * يا عباد ل خوف عليكم اليوم ول أنتم تحزنون )‬
‫‪ .(14‬الدخان‪ :‬إن المتقين في مقام أمين * في جنات وعيون )‪.(15‬‬

‫)‪ (1‬القصص‪ (2) .83 :‬الروم‪ (3) .31 :‬الحزاب‪ (4) .55 ،32 :‬يس‪- 5) .45 :‬‬
‫‪ (6‬ص‪ (8 - 7) .50 ،49 ،28 :‬الزمر‪ (9) .16 ،10 :‬الزمر‪(10) .20 :‬‬
‫الزمر‪ (12 - 11) .33 :‬الزمر‪ (13) .73 ،61 :‬السجدة‪(14) .18 :‬‬
‫الزخرف‪ 35 :‬و ‪ (15) .36‬الدخان‪.51 :‬‬

‫]‪[265‬‬

‫الجاثية‪ :‬وال ولي المتقين )‪ .(1‬محمد‪ :‬مثل الجنة التي وعد المتقون * فيها أنهار‬
‫من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة‬
‫للشاربين * وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من‬
‫ربهم كمن هو خالد في النار وسقوا ماء حميما فقطع أمعائهم إلى قوله‬
‫تعالى‪ :‬والذين اهتدوا زادهم هدى وآتيهم تقويهم )‪ .(2‬الحجرات‪ :‬واتقوا‬
‫ال إن ال سميع عليم )‪ (3‬وقال‪ :‬واتقوا ال لعلكم ترحمون )‪ (4‬وقال‬
‫تعالى‪ :‬إن أكرمكم عند ال أتقاكم )‪ .(5‬ق‪ :‬وازلفت الجنة للمتقين غير بعيد‬
‫)‪ .(6‬الذاريات‪ :‬إن المتقين في جنات وعيون * آخذين ما آتاهم ربهم إنهم‬
‫كانوا قبل ذلك محسنين * كانوا قليل من الليل ما يهجعون * وبالسحار هم‬
‫يستغفرون * وفي أموالهم حق للسائل والمحروم )‪ .(7‬الطور‪ :‬إن المتقين‬
‫في جنات وعيون * فاكهين بما آتيهم ربهم ووقيهم ربهم عذاب الجحيم )‬
‫‪ .(8‬القمر‪ :‬إن المتقين في جنات ونهر * في مقعد صدق عند مليك مقتدر )‬
‫‪ .(9‬الحشر‪ :‬واتقوا ال إن ال شديد العقاب )‪ .(10‬الممتحنة‪ :‬واتقوا ال‬
‫الذي أنتم به مؤمنون )‪ .(11‬التغابن‪ :‬فاتقوا ال ما استطعتم )‪.(12‬‬

‫)‪ (1‬الجاثية‪ (2) .18 :‬القتال‪ (5 - 3) .17 ،15 :‬الحجرات‪ (6) .13 ،10 ،1 :‬ق‪:‬‬
‫‪ (7) .31‬الذاريات‪ (8) .19 - 15 :‬الطور‪ (9) .18 - 17 :‬القمر‪ 54 :‬و‬
‫‪ (10) .55‬الحشر‪ (11) .7 :‬الممتحنة‪ (12) .11 :‬التغابن‪.16 :‬‬

‫]‪[266‬‬

‫الطلق‪ :‬واتقوا ال ربكم )‪ (1‬وقال تعالى‪ :‬ومن يتق ال يجعل له مخرجا ويرزقه‬
‫من حيث ل يحتسب )‪ .(2‬وقال تعالى‪ :‬ومن يتق ال يجعل له من أمره يسرا‬
‫)‪ (3‬وقال تعالى‪ :‬ومن يتق ال يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا )‪ (4‬وقال‬
‫سبحانه‪ :‬فاتقوا ال يا اولي اللباب )‪ .(5‬القلم‪ :‬إن للمتقين عند ربهم جنات‬
‫النعيم )‪ .(6‬النبأ‪ :‬إن للمتقين مفازا * حدائق وأعنابا * وكواعب أترابا *‬
‫وكأسا دهاقا )‪ .(7‬الليل‪ :‬وسيجنبها التقى الذي يؤتي ماله يتزكى )‪.(8‬‬
‫العلق‪ :‬أرأيت إن كان على الهدى * أو أمر بالتقوى )‪ .(9‬تفسير‪ " :‬الم "‬
‫سيأتي الكلم في الفواتح في كتاب القرآن إنشاء ال " ذلك الكتاب " في‬
‫تفسير المام عليه السلم يعني القرآن الذي افتتح بالم‪ ،‬هو ذلك الكتاب‬
‫الذي أخبرت به موسى ومن بعده من النبياء‪ ،‬وهم أخبروا بني إسرائيل‬
‫أني سأنزله عليك يا محمد " لريب فيه " ل شك فيه لظهوره عندهم "‬
‫هدى " بيان من الضللة " للمتقين " الذين يتقون الموبقات‪ ،‬ويتقون‬
‫تسليط السفه على أنفسهم‪ ،‬حتى إذا علموا ما يجب عليهم عملوا بما يوجب‬
‫لهم رضا ربهم )‪ (10‬وقيل‪ :‬إنما خص المتقين بالهتداء به لنهم‬
‫المنتفعون به‪ ،‬وذلك لن التقوى شرط في تحصيل المعرفة الحقة‪ " .‬الذين‬
‫يؤمنون بالغيب " أي بما غاب عن حواسهم من توحيد ال‪ ،‬ونبوة‬

‫)‪ (1‬الطلق‪ 1 :‬و ‪ 2) .2‬و ‪ (3‬الطلق‪ 4 :‬و ‪ (5) .5‬الطلق‪ (6) .10 :‬القلم‪) .34 :‬‬
‫‪ (7‬النبأ‪ (8) .33 - 31 :‬الليل‪ (9) .17 :‬العلق‪ (10) .12 :‬تفسير المام‪:‬‬
‫‪.29‬‬
‫]‪[267‬‬

‫النبياء‪ ،‬وقيام القائم‪ ،‬والرجعة والبعث والحساب والجنة والنار‪ ،‬وسائر المور التي‬
‫يلزمهم اليمان بها‪ ،‬مما ل يعرف بالمشاهدة‪ ،‬وإنما يعرف بدلئل نصبها‬
‫ال عزوجل عليه " ويقيمون الصلوة " باتمام ركوعها وسجودها‪ ،‬وحفظ‬
‫مواقيتها وحدودها وصيانتها مما يفسدها أو ينقصها " ومما رزقناهم "‬
‫من الموال والقوى والبدان والجاه والعلم " ينفقون " أي يتصدقون‬
‫يحتملون الكل‪ ،‬ويؤدون الحقوق لهاليها‪ ،‬ويقرضون ويسعفون الحاجات‬
‫ويأخذون بأيدي الضعفاء‪ :‬يقودون الضرائر‪ ،‬وينجونهم من المهالك‪،‬‬
‫ويحملون عنهم المتاع‪ ،‬ويحملون الراجلين على دوابهم‪ ،‬ويؤثرون من هو‬
‫أفضل منهم في اليمان على أنفسهم بالمال والنفس‪ ،‬ويساوون من كان في‬
‫درجتهم فيه بهما‪ ،‬ويعلمون العلم لهله ويروون فضائل أهل البيت عليهم‬
‫السلم لمحبيهم ولمن يرجون هدايته‪ ،‬وعن الصادق عليه السلم ومما‬
‫علمناهم يبثون‪ " .‬والذين يؤمنون بما انزل إليك " من القرآن أو الشريعة‬
‫" وما انزل من قبلك " من التوراة والنجيل والزبور وصحف إبراهيم‬
‫وسائر كتب ال المنزلة " وبالخرة " أي الدار التي بعد هذه الدنيا فيها‬
‫جزاء العمال الصالحة بأفضل ما عملوه‪ ،‬وعقاب العمال السيئة بمثل ما‬
‫كسبوه " هم يوقنون " ل يشكون‪ " .‬اولئك على هدى من ربهم " على‬
‫بيان وصواب وعلم بما أمرهم به " واولئك هم المفلحون " الناجون مما‬
‫منه يوجلون‪ ،‬الفائزون بما يؤملون‪ " .‬وإياى فاتقون " ل غيري‪ ،‬وقال‬
‫المام‪ :‬في كتمان أمر محمد وأمر وصيه )‪ " .(1‬واذكروا ما فيه " أي ما‬
‫في التوراة من جزيل ثوابنا على قيامكم به‪ ،‬وشديد عقابنا على إبائكم له‪،‬‬
‫وفي المجمع عن الصادق عليه السلم واذكروا ما في تركه في العقوبة )‬
‫‪ " (2‬لعلكم تتقون " أي لتتقوا المخالفة الموجبة للعقاب‪ :‬فتستحقوا بذلك‬
‫الثواب‪.‬‬

‫)‪ (1‬تفسير المام ص ‪ ،111‬والية في سورة البقرة‪ (2) .41 :‬مجمع البيان ج ‪1‬‬
‫ص ‪ ،128‬والية في البقرة‪.63 :‬‬

‫]‪[268‬‬

‫" ولو أنهم " )‪ (1‬أي الذين تعلموا السحر " واولئك هم المتقون " )‪ .(2‬حكم‬
‫بحصر المتقين في الموصوفين بالصفات السابقة في قوله‪ " :‬ولكن البر‬
‫من آمن بال " الخ‪ " .‬ولكن البر من اتقى " )‪ (3‬أي ما حرم ال كما روي‬
‫عن الصادق عليه السلم " واتقوا ال " أي في تغيير أحكامه " لعلكم‬
‫تفلحون " أي لكي تظفروا بالهدى والبر‪ " .‬واتقوا ال " )‪ (4‬أي في‬
‫النتقام فل تعتدوا إلى ما لم يرخص لكم " واعلموا أن ال مع المتقين "‬
‫فيحرسهم ويصلح شأنهم‪ " .‬واتقوا ال " )‪ (5‬أي في المحافظة على‬
‫أوامره ونواهيه وخصوصا في الحج " واعلموا أن ال شديد العقاب "‬
‫لمن لم يتقه‪ ،‬وخالف أمره‪ ،‬وتعدى حدوده‪ " .‬وتزودوا " )‪ (6‬أي لمعادكم‬
‫التقوى‪ ،‬وقيل‪ :‬كانوا يحجون من غير زاد فيكونون كل على الناس فامروا‬
‫أن يتزودوا ويتقوا البرام والتثقيل على الناس " واتقون يا اولي اللباب‬
‫" فان مقتضى اللب خشية ال عقب الحث على التقوى بأن يكون المقصود‬
‫بها هو ال سبحانه والتبري عما سواه‪ " .‬واتقوا ال " )‪ (7‬أي في مجامع‬
‫اموركم وفي تفسير المام عليه السلم واتقوا ال أيها الحاج المغفور لهم‬
‫سالف ذنوبهم بحجهم‪ ،‬المقرون بتوبتهم فل تعاودوا الموبقات فتعود إليكم‬
‫أثقالها ويثقلكم احتمالها‪ ،‬فل تغفر لكم إل بتوبة بعدها )‪ " (8‬واعلموا أنكم‬
‫إليه تحشرون " فيجازيكم بما تعملون‪ " .‬وإذا قيل له اتق ال " )‪ (9‬ودع‬
‫سوء صنيعك " أخذته العزة بالثم " أي‬

‫)‪ (1‬البقرة‪ (2) .103 :‬البقرة‪ (3) .177 :‬البقرة‪ (4) .189 :‬البقرة‪(5) .194 :‬‬
‫البقرة‪ (6) .196 :‬البقرة‪ (7) .197 :‬البقرة‪ (8) .203 :‬تفسير المام ص‬
‫‪ (9) .282‬البقرة‪.206 :‬‬

‫]‪[269‬‬

‫حملته النفة وحمية الجاهلية على الثم الذي يؤمر باتقائه وألزمته ارتكابه لجاجا‬
‫من قولك أخذته بكذا إذا حملته عليه وألزمته إياه‪ ،‬فيزداد إلى شره شرا‬
‫ويضيف إلى ظلمه ظلما " فحسبه جهنم " أي كفته جزاء وعذابا على‬
‫سوء فعله " ولبئس المهاد " أي الفراش يمهدها ويكون دائما فيها‪" .‬‬
‫واتقوا يوما " )‪ (1‬أي تأهبوا لمصيركم إليه " ثم توفى كل نفس ما كسبت‬
‫" من خير أو شر " وهم ل يظلمون " بنقص ثواب أو تضعيف عقاب‪" .‬‬
‫فاتقوا ال " )‪ (2‬أي في المخالفة " وأطيعون " أي فيما أدعوكم إليه‪" .‬‬
‫ومن أوفى بعهده " )‪ (3‬أي كل من أوفى بما عاهد عليه أي عهد كان "‬
‫واتقى " ال في ترك الخيانة والغدر فان ال يحبه‪ ،‬وفي وضع الظاهر‬
‫موضع المضمر إشعار بأن التقوى ملك المر‪ " .‬يا أيها الذين آمنوا اتقوا‬
‫ال حق تقاته " )‪ (4‬أي حق تقواه‪ ،‬وما يجب منها‪ ،‬وهو استفراغ الوسع‬
‫في القيام بالمواجب والجتناب عن المحارم وسيأتي الخبار في تفسيرها‪،‬‬
‫وروي أنها نسخت بقوله سبحانه‪ " :‬اتقوا ال ما استطعتم " )‪ " (5‬ول‬
‫تموتن إل وأنتم مسلمون " أي ول تكونن على حال سوى حال السلم‪ ،‬إذا‬
‫أدرككم الموت‪ ،‬وفي المجمع عن الصادق عليه السلم وأنتم مسلمون‬
‫بالتشديد ومعناه مستسلمون لما أتى النبي صلى ال عليه وآله منقادون له‬
‫)‪ .(6‬وروى العياشي عن الكاظم عليه السلم أنه قال لبعض أصحابه‪ :‬كيف‬
‫تقرأ هذه الية " يا أيها الذين آمنوا اتقوا ال حق تقاته ]ول تموتن إل‬
‫وأنتم " ماذا ؟ قال‪ " :‬مسلمون "[ فقال‪ :‬سبحان ال يوقع عليهم اليمان‬
‫فيسميهم مؤمنين ثم يسألهم‬

‫)‪ (1‬البقرة‪ (2) .281 :‬آل عمران‪ (3) .50 :‬آل عمران‪ (4) .76 :‬آل عمران‪.102 :‬‬
‫)‪ (5‬التغابن‪ (6) .16 :‬مجمع البيان ج ‪ 2‬ص ‪.482‬‬

‫]‪[270‬‬

‫السلم‪ ،‬واليمان فوق السلم ؟ قال‪ :‬هكذا يقرأ في قراءة زيد‪ ،‬قال عليه السلم‪:‬‬
‫إنما هي في قراءة علي عليه السلم وهو التنزيل الذي نزل به جبرئيل على‬
‫محمد صلى ال عليه وآله " إل وأنتم مسلمون " لرسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله ثم للمام من بعده )‪ " .(1‬وال عليم بالمتقين " )‪ (2‬بشارة‬
‫لفاعلي الخير وإشعار بأن التقوى مبدأ الخير وحسن العمل‪ " .‬وإن تصبروا‬
‫" )‪ (3‬أي على عداوتهم " وتتقوا " موالتهم ومخالطتهم " ل يضركم‬
‫كيدهم شيئا " لما وعد ال الصابرين والمتقين من الحفظ‪ " .‬لعلكم‬
‫تشكرون " )‪ (4‬ما أنعم به عليكم‪ " .‬واتقوا ال " )‪ (5‬أي فيما نهيتم عنه‬
‫" لعلكم تفلحون " أي رجاء فلحكم " واتقوا النار " الخ أي بالتجنب عن‬
‫مثل أفعالهم " لعلكم ترحمون " أي بطاعتهما ولعل وعسى في أمثال ذلك‬
‫دليل عزة التوصل إليها " وسارعوا " أي وبادروا " إلى مغفرة من ربكم‬
‫" أي إلى أسباب المغفرة وعن أمير المؤمنين عليه السلم إلى أداء‬
‫الفرائض )‪ " (6‬وجنة عرضها السموات والرض " عن الصادق عليه‬
‫السلم إذا وضعوهما كذا وبسط يديه إحداهما مع الخرى " اعدت للمتقين‬
‫" عن أمير المؤمنين عليه السلم فانكم لن تنالوها إل بالتقوى‪ " .‬نزل من‬
‫عند ال " )‪ (7‬النزل ما يعد للنازل من طعام وشراب وصلة " وما عند ال‬
‫" لكثرته ودوامه " خير للبرار " مما يتقلب فيه الفجار لقلته وسرعة‬

‫)‪ (1‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪ 193‬و ‪ (2) .194‬آل عمران‪ (3) .115 :‬آل عمران‪:‬‬
‫‪ (4) .120‬آل عمران‪ (5) .123 :‬آل عمران‪ (6) .133 - 130 :‬راجع‬
‫مجمع البيان ج ‪ 2‬ص ‪ (7) .502‬آل عمران‪.172 :‬‬

‫]‪[271‬‬

‫زواله وامتزاجه باللم‪ " .‬واتقوا ال لعلكم تفلحون " )‪ (1‬عن الصادق عليه‬
‫السلم يعني فيما أمركم به وافترض عليكم‪ " .‬من نفس واحدة " )‪ (2‬يعني‬
‫آدم على نبينا وآله وعليه السلم " كان عليكم رقيبا " أي حفيظا‪ " .‬فان‬
‫ل ما في السموات وما في الرض " )‪ (3‬أي مالك الملك كله ل يتضرر‬
‫بكفرانكم وعصيانكم‪ ،‬كما ل ينتفع بشكركم وتقواكم‪ ،‬وإنما وصاكم لرحمته‬
‫ل لحاجته " وكان ال غنيا " عن الخلق وعبادتهم " حميدا " في ذاته‬
‫حمد أو لم يحمد‪ " .‬شديد العقاب " )‪ (4‬فانتقامه أشد " واتقوا ال " )‪(5‬‬
‫أي فيما حرم عليكم " إن ال سريع الحساب " فيؤاخذكم بما جل ودق "‬
‫عليم بذات الصدور " )‪ .(6‬أي بخفياتها فضل عن جليات أعمالكم‪" .‬‬
‫وابتغوا إليه الوسيلة " )‪ (7‬أي ما تتوسلون به إلى ثوابه والزلفى منه من‬
‫فعل الطاعات وترك المعاصي بعد معرفة المام واتباعه من وسل إلى كذا‬
‫إذا تقرب إليه وقال علي بن إبراهيم‪ :‬تقربوا إليه بالمام )‪ " (8‬وجاهدوا‬
‫في سبيله " بمحاربة أعدائه الظاهرة والباطنة " لعلكم تفلحون "‬
‫بالوصول إلى ال والفوز إلى كرامته‪ " .‬وموعظة للمتقين " )‪ (9‬إنما‬
‫خصهم بالذكر مع عموم الموعظة‪ ،‬لنهم اختصوا بالنتفاع به‪ " .‬آمنوا "‬
‫)‪ (10‬أي بمحمد صلى ال عليه وآله وبما جاء به " سيئاتهم " أي التي‬
‫فعلوها ‪-‬‬

‫)‪ (1‬آل عمران‪ (2) .200 :‬النساء‪ (3) .1 :‬النساء‪ (4) .131 :‬المائدة‪(6 - 5) .2 :‬‬
‫المائدة‪ 4 :‬و ‪ (7) .7‬المائدة‪ (8) .35 :‬تفسير القمي ص ‪(9) .156‬‬
‫المائدة‪ (10) .46 :‬المائدة‪.65 :‬‬

‫]‪[272‬‬

‫قبل " ولدخلناهم " فان السلم يجب ما قبله وإن جل‪ " .‬واتقوا ال الذي أنتم به‬
‫مؤمنون " )‪ (1‬استدعاء إلى التقوى بألطف الوجوه‪ " .‬خير للذين يتقون‬
‫" )‪ (2‬لدوامها وخلوص لذاتها ومنافعها " أفل تعقلون " أي المرين خير‬
‫؟ " من حسابهم " )‪ (3‬أي من حساب الذين يخوضون في آياتنا " ولكن‬
‫ذكرى " أي عليهم أن يذكروهم " لعلهم يتقون " أي يجتنبون ذلك‪" .‬‬
‫لعلكم تتقون " )‪ (4‬أي الضلل والتفرق عن الحق‪ " .‬لعلكم ترحمون " )‬
‫‪ (5‬أي باتباع الكتاب والعمل بما فيه‪ " .‬ولباس التقوى " )‪ (6‬قيل أي‬
‫خشية ال‪ " .‬ولتتقوا " )‪ (7‬بسبب النذار " ولعلكم ترحمون " بالتقوى‪.‬‬
‫ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا " )‪ (8‬الشرك والمعاصي " لفتحنا عليهم‬
‫" أي لوسعنا عليهم الخيرات‪ ،‬ويسرناها لهم من كل جانب‪ ،‬بانزال المطر‪،‬‬
‫وإخراج النبات وغير ذلك‪ " .‬طائف من الشيطان " )‪ (9‬أي لمة منه كأنها‬
‫طافت بهم ودارت حولهم ولم تقدر أن تؤثر فيهم " تذكروا " ما أمر ال به‬
‫ونهي عنه " فإذا هم مبصرون " مواقع الخطاء‪ ،‬ومكائد الشيطان‪،‬‬
‫فيتحرزون عنها وفي الكافي )‪ (10‬والعياشي )‪ (11‬عن‬
‫)‪ (1‬المائدة‪ (2) .91 :‬النعام‪ (3) .32 :‬النعام‪ 4) .69 :‬و ‪ (5‬النعام‪ 153 :‬و‬
‫‪ 6) .155‬و ‪ (7‬العراف‪ (8) .63 ،26 :‬العراف‪ (9) .95 :‬العراف‪:‬‬
‫‪ (10) .200‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (11) .434‬تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص ‪ 43‬و‬
‫‪ 44‬في أحاديث‪ ،‬تحت الرقم ‪.130 - 128‬‬

‫]‪[273‬‬

‫الصادق عليه السلم هو العبد يهم بالذنب ثم يتذكر فيمسك‪ ،‬وفي التفسير إذا ذكرهم‬
‫الشيطان المعاصي وحملهم عليها يذكرون اسم ال فإذا هم مبصرون‪" .‬‬
‫يجعل لكم فرقانا " )‪ (1‬أي هداية في قلوبكم تفرقون بها بين الحق والباطل‬
‫وفي التفسير يعني العلم الذي تفرقون به بين الحق والباطل " ويكفر عنكم‬
‫سيئاتكم " قيل أي يسترها " ويغفر لكم " بالتجاوز والعفو عنها‪" .‬‬
‫واعلموا أن ال مع المتقين " )‪ (2‬بالهداية والنصرة والمعونة‪ " .‬لمسجد‬
‫اسس على التقوى " )‪ (3‬يعني مسجد قبا أسسه رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله وصلى فيه أيام مقامه بقبا‪ ،‬أولى بأن تصلي فيه من مسجد النفاق "‬
‫أفمن أسس بنيانه " أي بنيان دينه " على تقوى من ال ورضوان " قيل‪:‬‬
‫أي على قاعدة محكمة هي الحق الذي هو التقوى من ال‪ ،‬وطلب مرضاته‬
‫بالطاعة " على شفا جرف هار " أي على قاعدة هي أضعف القواعد‬
‫وأقلها بقاء وهو الباطل‪ ،‬والنفاق الذي مثله مثل شفا جرف هار في قلة‬
‫الثبات‪ ،‬والشفا الشفير وجرف الوادي جانبه الذي ينحفر أصله بالماء‪،‬‬
‫وتجرفته السيول‪ ،‬والهار الهائر الذي أشفى على السقوط والهدم " فانهار‬
‫به في نار جهنم " لما جعل الجرف الهار مجازا عن الباطل‪ ،‬قيل‪ " :‬فانهار‬
‫به " أي فهوي به الباطل " في نار جهنم " فكان المبطل أسس بنيانا على‬
‫شفير جهنم فطاح به إلى قعرها‪ " .‬وكونوا مع الصادقين )‪ (4‬في روايات‬
‫كثيرة أنهم الئمة عليهم السلم )‪ " .(5‬لقوم يتقون " )‪ (6‬العواقب " أفل‬
‫تتقون " )‪ (7‬عقابه في عبادة غيره‪.‬‬

‫)‪ (1‬النفال‪ (2) .29 :‬براءة‪ (3) .37 :‬براءة‪ 108 :‬و ‪ (4) .109‬براءة‪(5) .119 :‬‬
‫راجع ج ‪ 24‬ص ‪ 40 - 30‬من هذه الطبعة الحديثة‪ (7 - 6) .‬يونس‪،6 :‬‬
‫‪.31‬‬

‫]‪[274‬‬

‫" الذين آمنوا وكانوا يتقون " )‪ (1‬بيان لولياء ال أو استيناف خبره ما بعده "‬
‫لهم البشرى في الحيوة الدنيا " وهي الرؤيا الحسنة " وفي الخرة "‬
‫بشارة المؤمن عند الموت كما ورد في الخبار " ل تبديل لكلمات ال " ل‬
‫تغيير لقواله‪ ،‬ول خلف لمواعيده‪ ،‬وهو اعتراض " ذلك " إشارة إلى‬
‫كونهم مبشرين في الدارين‪ " .‬فاصبر " )‪ (2‬على مشاق الرسالة " إن‬
‫العاقبة " في الدنيا بالظفر وفي الخرة بالفوز " للمتقين " عن الشرك‬
‫والمعاصي‪ " .‬وكانوا يتقون " )‪ (3‬أي الشرك والفواحش " إنه من يتق "‬
‫ال )‪ " (4‬ويصبر " على البليات وعن المعاصي‪ " .‬مثل الجنة " )‪ (5‬أي‬
‫صفتها التي هي مثل في الغرابة " اكلها دائم " ل مقطوعة ول ممنوعة "‬
‫وظلها " كذلك‪ " .‬أن أنذروا " )‪ (6‬أي بأن أعلموا‪ ،‬من أنذرت بكذا إذا‬
‫علمته " قالوا خيرا " )‪ (7‬أطبقوا الجواب على السؤال معترفين بالنزال‪،‬‬
‫بخلف الجاحدين إذ قالوا أساطير الولين‪ ،‬وليس من النزال في شئ "‬
‫حسنة " مكافاة في الدنيا " ولدار الخرة خير " أي ولثوابهم في الخرة‬
‫خير منها‪ ،‬وهو عدة " للذين اتقوا " ويحتمل أن يكون بما بعده من تتمة‬
‫كلمهم بدل وتفسيرا لخيرا‪ ،‬وفي العياشي )‪ (8‬عن الباقر عليه السلم‬
‫ولنعم دار المتقين الدنيا " لهم فيها ما يشاؤن " من أنواع المشتهيات‪" .‬‬
‫مع الذين اتقوا " )‪ (9‬أي الشرك والمعاصي " والذينهم محسنون " في‬
‫أعمالهم‪.‬‬

‫)‪ (1‬يونس‪ (2) .63 :‬هود‪ (4 - 3) .49 :‬يوسف‪ (5) .90 ،57 :‬الرعد‪(6) .37 :‬‬
‫النحل‪ (7) .2 :‬النحل‪ (8) .30 :‬تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص ‪(9) .258‬‬
‫النحل‪.128 :‬‬

‫]‪[275‬‬

‫" إن كنت تقيا " )‪ (1‬أي تتقي ال وتحتفل بالستعاذة‪ ،‬وجواب الشرط محذوف دل‬
‫عليه ما قبله‪ ،‬أو متعلق بأعوذ فيكون مبالغة‪ " .‬من كان تقيا " )‪ (2‬في‬
‫أدعية نوافل شهر رمضان " سبحان من خلق الجنة لمحمد وآل محمد‪،‬‬
‫سبحان من يورثها محمدا وآل محمد وشيعتهم " ثم ننجي الذين اتقوا " )‬
‫‪ (3‬فيساقون إلى الجنة " ونذر الظالمين فيها جثيا " على هيئاتهم كما‬
‫كانوا " يوم نحشر المتقين " )‪ (4‬أي نجمعهم " إلى الرحمن " إلى ربهم‬
‫الذي غمرهم برحمته " وفدا " وافدين عليه كما يفد الوفاد على الملوك‬
‫منتظرين لكرامتهم وإنعامهم‪ " .‬لعلهم يتقون " )‪ (5‬المعاصي فيصير‬
‫التقوى لهم ملكة " أو يحدث لهم ذكرا " أي عظة واعتبارا حين يسمعونها‬
‫فيثبطهم عنها‪ ،‬ولهذه النكتة أسند التقوى إليهم والحداث إلى القرآن "‬
‫والعاقبة )‪ (6‬أي المحمودة " للتقوى " أي لذي التقوى‪ " .‬اتقوا ربكم " )‬
‫‪ (7‬في الحتجاج عن النبي صلى ال عليه وآله معاشر الناس التقوى‬
‫التقوى احذروا الساعة كما قال ال‪ :‬إن زلزلة الساعة شئ عظيم‪ ،‬وفي‬
‫التفسير قال‪ :‬مخاطبة للناس عامة‪ " .‬لن ينال ال " )‪ (8‬أي لن يصيب‬
‫رضاه ول يقع منه موقع القبول " لحومها " المتصدق بها " ول دماؤها‬
‫" المهراقة بالنحر من حيث إنها لحوم ودماء " ولكن يناله التقوى منكم "‬
‫أي ولكنه يصيبه ما يصحبه من تقوى قلوبكم التي تدعوكم إلى أمر ال‬
‫وتعظيمه‪ ،‬والتقرب إليه والخلص له‪ ،‬وفي الجوامع روي أن الجاهلية‬
‫كانوا إذا نحروا لطخوا البيت بالدم‪ ،‬فلما حج المسلمون أرادوا مثل‬

‫)‪ (1‬مريم‪ (2) .17 :‬مريم‪ (3) .63 :‬مريم‪ (4) .72 :‬مريم‪ (5) .86 :‬طه‪) .113 :‬‬
‫‪ (6‬طه‪ (7) .132 :‬الحج‪ (8) .1 :‬الحج‪.37 :‬‬

‫]‪[276‬‬

‫ذلك فنزلت )‪ (1‬وفي العلل عن الصادق عليه السلم أنه سئل ما علة الضحية قال‪:‬‬
‫إنه يغفر لصاحبها عند أول قطرة تقطر من دمها إلى الرض‪ ،‬وليعلم ال‬
‫من يتقيه بالغيب قال ال تعالى‪ " :‬لن ينال ال لحومها " الية ثم قال‪:‬‬
‫انظر كيف قبل ال قربان هابيل ورد قربان قابيل )‪ " .(2‬أفل تتقون " )‪(3‬‬
‫قيل‪ :‬أي أفل تخافون أن يزيل عنكم نعمه‪ " .‬وموعظة للمتقين " )‪(4‬‬
‫خصهم بها لنهم المنتفعون‪ " .‬واجعلنا للمتقين إماما " )‪ (5‬في الجوامع‬
‫عن الصادق عليه السلم إيانا عنى وفي رواية هي فينا‪ ،‬وعنه عليه السلم‬
‫إنما أنزل ال " واجعل لنا من المتقين إماما " وقد مرت الخبار الكثيرة‬
‫في ذلك )‪ " .(6‬أل يتقون " )‪ (7‬تعجيب من إفراطهم في الظلم واجترائهم‪.‬‬
‫" وازلفت الجنة " )‪ (8‬أي قربت بحيث يرونها من الموقف فيتبجحون‬
‫بأنهم المحشورون إليها‪ " .‬أل تتقون " )‪ (9‬ال فتتركوا عبادة غيره "‬
‫والجبلة الولين " )‪ (10‬قيل‪ :‬أي وذوي الجبلة الولين‪ ،‬يعني من تقدمهم‬
‫من الخلئق وفي التفسير الخلق الولين‪ " .‬وكانوا يتقون " )‪ (11‬أي‬
‫الكفر والمعاصي‪.‬‬

‫)‪ (1‬راجع الدر المنثور ج ‪ 4‬ص ‪ (2) .363‬علل الشرائع ج ‪ 2‬ص ‪ ،122‬الباب‬
‫‪ (3) .178‬المؤمنون‪ (4) .23 :‬النور‪ (5) .34 :‬الفرقان‪ (6) .74 :‬راجع‬
‫ج ‪ 24‬ص ‪ 136 - 132‬من هذه الطبعة الحديثة‪ (7) .‬الشعراء‪(8) .11 :‬‬
‫الشعراء‪ (10 - 9) .90 :‬الشعراء‪ (11) .184 ،106 :‬النمل‪.53 :‬‬

‫]‪[277‬‬

‫" والعاقبة للمتقين " )‪ (1‬أي لمن اتقى مال يرضاه ال‪ " .‬وإذا قيل لهم اتقوا " )‬
‫‪ (2‬في المجمع عن الصادق عليه السلم معناه اتقوا " ما بين أيديكم " من‬
‫الذنوب " وما خلفكم " من العقوبة " لعلكم ترحمون " أي لتكونوا راجين‬
‫رحمة ال‪ ،‬وجواب إذا محذوف دل عليه ما بعده كأنه قيل‪ :‬أعرضوا )‪" (3‬‬
‫لحسن مآب " )‪ (4‬أي مرجع " اتقوا ربكم " )‪ (5‬أي بلزوم طاعته "‬
‫فاتقون " )‪ (6‬ول تتعرضوا لما يوجب سخطي‪ " ،‬لهم غرف " )‪ (7‬قيل‪:‬‬
‫أي عللي بعضها فوق بعض " مبنية " بنيت بناء المنازل على الرض "‬
‫والذي جاء بالصدق " )‪ (8‬في التفسير محمد صلى ال عليه وآله "‬
‫وصدق به " أمير المؤمنين عليه السلم " بمفازتهم " )‪ (9‬بفلحهم "‬
‫وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة " )‪ (10‬إسراعا بهم إلى دار الكرامة‬
‫ويساقون راكبين " زمرا " أفواجا متفرقة على تفاوت مراتبهم في الشرف‬
‫وعلو الطبقة‪ " .‬الخلء يومئذ بعضهم لبعض عدو " )‪ (11‬في التفسير‬
‫يعني الصدقاء يعادي بعضهم بعضا‪ ،‬وقال الصادق عليه السلم‪ :‬أل كل‬
‫خلة كانت في الدنيا في غير ال عزوجل فانها تصير عداوة يوم القيامة "‬
‫إل المتقين " فان خلتهم لما كانت في ال تبقى نافعة أبد الباد‪ ،‬وفي الكافي‬
‫عن الصادق عليه السلم أنه قرأ هذه الية فقال‪ :‬وال ما أراد بهذا غيركم‪،‬‬
‫" يا عباد " حكاية لما ينادي به المتقون المتحابون في ال يومئذ‪ " .‬في‬
‫مقام " )‪ (12‬أي موضع إقامة " أمين " يأمن صاحبه عن الفة والنتقال‪.‬‬

‫)‪ (1‬القصص‪ (2) .83 :‬يس‪ (3) .45 :‬مجمع البيان ج ‪ 8‬ص ‪ (4) .426‬ص‪.49 :‬‬
‫)‪ (5‬الزمر‪ (6) .10 :‬الزمر‪ (7) .16 :‬الزمر‪ (8) .20 :‬الزمر‪(9) .33 :‬‬
‫الزمر‪ (10) .61 :‬الزمر‪ (11) .73 :‬الزخرف‪ (12) .67 :‬الدخان‪.5 :‬‬

‫]‪[278‬‬

‫" وال ولي المتقين " )‪ (1‬فوال ال بالتقى واتباع الشريعة‪ ،‬وفي التفسير هذا‬
‫تأديب لرسول ال صلى ال عليه وآله والمعنى لمته‪ " .‬مثل الجنة " )‪(2‬‬
‫أي أمثل الجنة " غير آسن " أي غير متغير الطعم والريح " لذة للشاربين‬
‫" أي لذيذة ل تكون فيها كراهة غائلة‪ ،‬وريح‪ ،‬ول غائلة سكر وخمار "‬
‫من عسل مصفى " أي لم يخالطه الشمع وفضلت النحل وغيرهما " كمن‬
‫هو خالد " أي كمثل من هو خالد " فقطع أمعائهم " من فرط الحرارة وفي‬
‫التفسير قال‪ :‬ليس من هو في هذه الجنة الموصوفة كمن هو في هذه النار‬
‫كما أن ليس عدو ال كوليه‪ " .‬واتقوا ال " )‪ (3‬أي في التقديم بين يدي‬
‫ال ورسوله " إن ال سميع " لقوالكم " عليم " بأفعالكم " واتقوا ال "‬
‫)‪ (4‬أي في مخالفة حكمه والهمال فيه " لعلكم ترحمون " على تقواكم‪" .‬‬
‫إن أكرمكم عند ال أتقيكم " )‪ (5‬فان بالتقوى تكمل النفوس‪ ،‬وتتفاضل‬
‫الشخاص‪ ،‬فمن أراد شرفا فليلتمس منها‪ ،‬وفي التفسير هو رد على من‬
‫يفتخر بالحساب والنساب‪ ،‬وقال رسول ال صلى ال عليه وآله يوم فتح‬
‫مكة‪ :‬يا أيها الناس إن ال قد أذهب عنكم نخوة الجاهلية وتفاخرها بآبائها‪،‬‬
‫إن العربية ليست بأب والد وإنما هو لسان ناطق فمن تكلم به فهو عربي‬
‫أما إنكم من آدم‪ ،‬وآدم من التراب‪ ،‬وإن أكرمكم عند ال أتقيكم )‪ .(6‬وفي‬
‫المجمع عن النبي صلى ال عليه وآله يقول ال تعالى يوم القيامة‪ :‬أمرتكم‬
‫فضيعتم ما عهدت إليكم فيه‪ ،‬ورفعتم أنسابكم‪ ،‬فاليوم أرفع نسبي وأضع‬
‫أنسابكم أين‬

‫)‪ (1‬الجاثية‪ (2) .18 :‬القتال‪ (3) .17 - 15 :‬الحجرات‪ (4) .1 :‬الحجرات‪) .10 :‬‬
‫‪ (5‬الحجرات‪ (6) .13 :‬راجع مثله في الكافي ج ‪ 8‬ص ‪.246‬‬

‫]‪[279‬‬

‫المتقون إن أكرمكم عند ال أتقيكم )‪ (1‬وعن الصادق عليه السلم أتقيكم أعملكم‬
‫بالتقية )‪ " .(2‬وازلفت الجنة للمتقين " )‪ (3‬أي قربت لهم " غير بعيد "‬
‫أي مكانا غير بعيد وفي التفسير أي زينت غير بعيد‪ ،‬قال‪ :‬بسرعة‪" .‬‬
‫آخذين ما آتيهم ربهم " )‪ (4‬أي قابلين لما أعطاهم راضين به ومعناه أن‬
‫كل ما آتاهم حسن مرضي متلقى بالقبول " إنهم كانوا قبل ذلك محسنين "‬
‫قد أحسنوا أعمالهم‪ ،‬وهو تعليل لستحقاقهم ذلك " كانوا قليل من الليل ما‬
‫يهجعون " أي ينامون‪ ،‬تفسير لحسانهم‪ ،‬عن الصادق عليه السلم كانوا‬
‫أقل الليالي يفوتهم ل يقومون فيها )‪ (5‬وعن الباقر عليه السلم كان القوم‬
‫ينامون ولكن كلما انقلب أحدهم قال‪ :‬الحمد ل ول إله إل ال وال أكبر "‬
‫وبالسحار هم يستغفرون " في التهذيب والمجمع عن الصادق عليه‬
‫السلم كانوا يستغفرون في الوتر في آخر الليل سبعين مرة )‪ " (6‬وفي‬
‫أموالهم حق " نصيب يستوجبونه على أنفسهم تقربا إلى ال وإشفاقا على‬
‫الناس " للسائل والمحروم " في الكافي عن الصادق عليه السلم قال‪:‬‬
‫المحروم المحارف الذي قد حرم كد يده في الشراء والبيع )‪ " .(7‬فاكهين‬
‫" )‪ (8‬ناعمين متلذذين‪ " .‬ونهر " )‪ (9‬قيل‪ :‬أي أنهار واكتفى باسم‬
‫الجنس أو سعة أو ضياء من النهار‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ج ‪ 9‬ص ‪ (2) .138‬راجع أمالي الطوسي ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .274‬ق‪:‬‬
‫‪ (4) .31‬الذاريات‪ (5) .19 - 15 :‬الكافي ج ‪ 3‬ص ‪ (6) .446‬مجمع‬
‫البيان ج ‪ 9‬ص ‪ (7) .155‬الكافي ج ‪ 3‬ص ‪ (8) .500‬الطور‪(9) .18 :‬‬
‫القمر‪.54 :‬‬

‫]‪[280‬‬
‫" في مقعد صدق " أي في مكان مرضي " عند مليك مقتدر " أي مقربين عند من‬
‫تعالى أمره في الملك والقتدار‪ ،‬بحيث أبهمه ذوو الفهام‪ " .‬واتقوا ال " )‬
‫‪ (1‬في مخالفة الرسول " إن ال شديد العقاب " لمن خالف وعن أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم‪ :‬واتقوا ال في ظلم آل محمد إن ال شديد العقاب‬
‫لمن ظلمهم‪ " .‬واتقوا ال الذي أنتم به مؤمنون " )‪ (2‬فان اليمان به مما‬
‫يقتضي التقوى منه‪ " .‬فاتقوا ال ما استطعتم " )‪ (3‬أي فابذلوا في تقواه‬
‫جهدكم وطاقتكم وفي المجمع التقاء المتناع من الردى باجتناب ما يدعو‬
‫إليه الهوى ول تنافي بين هذا وبين قوله‪ " :‬اتقوا ال حق تقاته " لن كل‬
‫واحد منهما إلزام لترك جميع المعاصي‪ ،‬فمن فعل ذلك فقد اتقى عقاب ال‪،‬‬
‫لن من لم يفعل قبيحا ول أخل بواجب فل عقاب عليه‪ ،‬إل أن في أحد‬
‫الكلمين تنبيها ]على[ أن التكليف ل يلزم العبد إل فيما يطيق‪ ،‬وكل أمر أمر‬
‫ال به فلبد أن يكون مشروطا بالستطاعة‪ .‬وقال قتادة‪ :‬قوله‪ " :‬فاتقوا ال‬
‫ما استطعتم " ناسخ لقوله‪ " :‬اتقوا ال حق تقاته " وكأنه يذهب إلى أن‬
‫فيه رخصة لحال التقية‪ ،‬وما جرى مجراها مما تعظم فيه المشقة‪ ،‬وإن‬
‫كانت القدرة حاصلة معه‪ ،‬وقال غيره‪ :‬ليس هذا بناسخ وإنما هو مبين‬
‫لمكان العمل بهما جميعا وهو الصحيح )‪ " .(4‬واتقوا ال ربكم " )‪ (5‬أي‬
‫في تطويل العدة والضرار بهن " ومن يتق ال " فيما أمره به ونهاه عنه‬
‫" يجعل له مخرجا " من كل كرب في الدنيا والخرة " ويرزقه من حيث ل‬
‫يحتسب " أي من وجه لم يخطر بباله وفي التفسير عن الصادق عليه‬
‫السلم في دنياه )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬الحشر‪ (2) .7 :‬الممتحنة‪ (3) .11 :‬التغابن‪ (4) .16 :‬مجمع البيان ج ‪ 10‬ص‬
‫‪ (5) .301‬الطلق‪ 1 :‬و ‪ (6) .2‬تفسير القمي ص ‪.686‬‬

‫]‪[281‬‬

‫وفي المجمع عن النبي صلى ال عليه وآله أنه قرأها فقال‪ :‬مخرجا من شبهات‬
‫الدنيا ومن غمرات الموت‪ ،‬وشدائد يوم القيامة )‪ (1‬وعنه صلى ال عليه‬
‫وآله إني لعلم آية لو أخذ بها الناس لكفتهم " ومن يتق ال " الية فما‬
‫زال يقولها ويعيدها )‪ (2‬وفي النهج مخرجا من الفتن ونورا من الظلم )‪(3‬‬
‫وفي المجمع عن الصادق عليه السلم " ويرزقه من حيث ل يحتسب "‬
‫أي يبارك له فيما آتاه )‪ .(4‬وفي الفقيه عنه عن آبائه عن علي عليهم‬
‫السلم من أتاه ال برزق لم يخط إليه برجله ولم يمده إليه يده‪ ،‬ولم يتكلم‬
‫فيه بلسانه‪ ،‬ولم يشد إليه ثيابه‪ ،‬ولم يتعرض له كان ممن ذكر ال عزوجل‬
‫في كتابه " ومن يتق ال " الية )‪ (5‬وفي الكافي عن الصادق عليه‬
‫السلم إن قوما من أصحاب رسول ال صلى ال عليه وآله لما نزلت هذه‬
‫الية أغلقوا البواب وأقبلوا على العبادة وقالوا‪ :‬كفينا فبلغ ذلك النبي‬
‫فأرسل إليهم فقال‪ :‬ما حملكم على ما صنعتم ؟ فقالوا‪ :‬يارسول ال تكفل لنا‬
‫بأرزاقنا‪ ،‬فأقبلنا على العبادة فقال‪ :‬إنه من فعل ذلك لم يستجب له‪ ،‬عليكم‬
‫بالطلب )‪ .(6‬وعنه عليه السلم‪ :‬هؤلء قوم من شيعتنا ضعفاء ليس‬
‫عندهم ما يتحملون به إلينا‪ ،‬فيسمعون حديثنا‪ ،‬ويقتبسون من علمنا‪،‬‬
‫فيرحل قوم فوقهم وينفقون أموالهم ويتعبون أبدانهم حتى يدخلوا علينا‪،‬‬
‫فيسمعوا حديثنا فينقلوه إليهم‪ ،‬فيعيه هؤلء ويضيعه هؤلء فاولئك الذين‬
‫يجعل ال عز ذكره لهم مخرجا ويرزقهم من حيث ل يحتسبون )‪.(7‬‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ج ‪ 10‬ص ‪ (2) .306‬أنوار التنزيل ص ‪ (3) .433‬نهج البلغة‬
‫تحت الرقم ‪ 181‬من الخطب‪ (4) .‬مجمع البيان ج ‪ 10‬ص ‪(5) .306‬‬
‫الفقيه ج ‪ 3‬ص ‪ (6) .101‬الكافي ج ‪ 5‬ص ‪ (7) .84‬الكافي ج ‪ 8‬ص‬
‫‪.178‬‬

‫]‪[282‬‬

‫" ومن يتق ال " )‪ (1‬في أحكامه فيراعي حقوقها " يجعل له من أمره يسرا " أي‬
‫يسهل عليه أمره ويوفقه للخير " ومن يتق ال " )‪ (2‬في أمره " يكفر‬
‫عنه سيئاته " فان الحسنات يذهبن السيئات " ويعظم له أجرا "‬
‫بالمضاعفة‪ " .‬جنات النعيم " )‪ (3‬أي جنات ليس فيها إل التنعم الخالص‪.‬‬
‫" مفازا " )‪ (4‬في التفسير قال‪ :‬يفوزون‪ ،‬وعن الباقر عليه السلم هي‬
‫الكرامات " حدائق وأعنابا " أي بساتين فيها أنواع الشجار المثمرة "‬
‫وكواعب " نساء فلكت ثديهن " أترابا " لدات عن سن واحد‪ ،‬وفي‬
‫التفسير عن الباقر عليه السلم " وكواعب أترابا " أي الفتيات الناهدات "‬
‫وكأسا دهاقا " أي ممتلية‪ - 1 .‬كا‪ :‬عن الحسين بن محمد‪ ،‬عن المعلى‪ ،‬عن‬
‫أبي داود المسترق‪ ،‬عن محسن الميثمي‪ ،‬عن يعقوب بن شعيب قال‪:‬‬
‫سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬ما نقل ال عزوجل عبدا من ذل‬
‫المعاصي إلى عز التقوى إل أغناه من غير مال‪ ،‬وأعزه من غير عشيرة‪،‬‬
‫وآنسه من غير بشر )‪ .(5‬بيان‪ " :‬من غير بشر " أي من غير أنيس من‬
‫البشر‪ ،‬بل ال مونسه كما قال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬اللهم إنك آنس‬
‫النسين بأوليائك‪ - 2 .‬ضه‪ ،‬شى‪ :‬عن أبي بصير‪ ،‬عن أبي جعفر عليه‬
‫السلم قال‪ :‬كان أمير المؤمنين عليه السلم يقول‪ :‬إن لهل التقوى‬
‫علمات يعرفون بها‪ :‬صدق الحديث‪ ،‬وأداء المانة‪ ،‬ووفاء بالعهد‪ ،‬وقلة‬
‫العجز والبخل‪ ،‬وصلة الرحام‪ ،‬ورحمة الضعفاء وقلة المؤاتاة للنساء‪،‬‬
‫وبذل المعروف‪ ،‬وحسن الخلق‪ ،‬وسعة الحلم‪ ،‬واتباع العلم‪ ،‬فيما يقرب إلى‬
‫ال‪ ،‬طوبى لهم وحسن مآب‪ .‬وطوبى شجرة في الجنة أصلها في دار رسول‬
‫ال‪ ،‬فليس من مؤمن إل وفي‬

‫)‪ (2 - 1‬الطلق‪ 4 :‬و ‪ (3) .5‬القلم‪ (4) .34 :‬النبأ‪ (5) .33 - 31 :‬الكافي ج ‪ 2‬ص‬
‫‪.76‬‬

‫]‪[283‬‬

‫داره غصن من أغصانها ل ينوي في قلبه شيئا إل آتاه ذلك الغصن‪ ،‬ولو أن راكبا‬
‫مجدا سار في ظلها مائة عام ما خرج منها‪ ،‬ولو أن غرابا طار من أصلها‬
‫ما بلغ أعلها حتى يبياض هرما إل ففي هذا فارغبوا‪ ،‬إن للمؤمن في نفسه‬
‫شغل والناس منه في راحة إذا جن عليه الليل فرش وجهه وسجد ل‬
‫بمكارم بدنه‪ ،‬يناجى الذي خلقه في فكاك رقبته أل فهكذا فكونوا )‪- 3 .(1‬‬
‫تفسير النعماني‪ :‬بالسناد المسطور في كتاب القرآن عن أمير المؤمنين‬
‫عليه السلم قال‪ :‬نسخ قوله تعالى‪ " :‬يا أيها الذين آمنوا اتقوا ال حق‬
‫تقاته " )‪ (2‬قوله تعالى‪ " :‬فاتقوا ال ما استطعتم " )‪ - 4 .(3‬كتاب صفات‬
‫الشيعة للصدوق‪ :‬باسناده‪ ،‬عن علي بن عبد العزيز قال‪ :‬قال أبو عبد ال‬
‫عليه السلم‪ :‬يا علي بن عبد العزيز ل يغرنك بكاؤهم فان التقوى في القلب‬
‫)‪ - 5 .(4‬دعوات الراوندي‪ :‬قال النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬من اتقى ال‬
‫عاش قويا وسار في بلد عدوه آمنا‪ - 6 .‬نهج‪ :‬قال عليه السلم‪ :‬كم من‬
‫صائم ليس له من صيامه إل الظمأ وكم من قائم ليس له من قيامه إل‬
‫العناء‪ ،‬حبذا نوم الكياس وإفطارهم )‪ .(5‬وقال عليه السلم‪ :‬اتقوا ال الذي‬
‫إن قلتم سمع‪ ،‬وإن أضمرتم علم وبادروا الموت الذي إن هربتم أدرككم‪،‬‬
‫وإن أقمتم أخذكم‪ ،‬وإن نسيتموه ذكركم )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .213‬آل عمران‪ (3) .102 :‬التغابن‪(4) .16 :‬‬
‫صفات الشيعة ص ‪ (5) .176‬نهج البلغة ج ‪ 2‬ص ‪ (6) .177‬نهج‬
‫البلغة ج ‪ 2‬ص ‪.190‬‬

‫]‪[284‬‬

‫وقال عليه السلم‪ :‬اتقوا ال تقية من شمر تجريدا‪ ،‬وجد تشميرا وانكمش في مهل‪،‬‬
‫وبادر عن وجل‪ ،‬ونظر في كرة الموئل‪ ،‬وعاقبة المصدر ومغبة المرجع )‬
‫‪ .(1‬وقال عليه السلم‪ :‬اتقوا ال بعض التقى‪ ،‬وإن قل‪ ،‬واجعل بينك وبين‬
‫ال سترا وإن رق )‪ .(2‬وقال عليه السلم‪ :‬التقى رئيس الخلق )‪ .(3‬وقال‬
‫عليه السلم‪ :‬أما بعد فاني اوصيكم بتقوى ال الذي ابتدأ خلقكم وإليه يكون‬
‫معادكم‪ ،‬وبه نجاح طلبتكم‪ ،‬وإليه منتهى رغبتكم‪ ،‬ونحوه قصد سبيلكم‪،‬‬
‫وإليه مرامي مفزعكم‪ ،‬فان تقوى ال دواء داء قلوبكم‪ ،‬وبصر عمى‬
‫أفئدتكم‪ ،‬وشفاء مرض أجسادكم‪ ،‬وصلح فساد صدوركم‪ ،‬وطهور دنس‬
‫أنفسكم وجلء غشاء أبصاركم‪ ،‬وأمن فزع جأشكم‪ ،‬وضياء سواد ظلمتكم‪.‬‬
‫فاجعلوا طاعة ال شعارا دون دثاركم‪ ،‬ودخيل دون شعاركم‪ ،‬ولطيفا بين‬
‫أضلعكم‪ ،‬وأميرا فوق اموركم‪ ،‬ومنهل لحين وردكم‪ ،‬وشفيعا لدرك طلبتكم‬
‫وجنة ليوم فزعكم‪ ،‬ومصابيح لبطون قبوركم‪ ،‬وسكنا لطول وحشتكم‪،‬‬
‫ونفسا لكرب مواطنكم‪ ،‬فان طاعة ال حرز من متالف مكتنفة‪ ،‬ومخاوف‬
‫متوقعة واوار نيران موقدة‪ ،‬فمن أخذ بالتقوى عزبت عنه الشدائد بعد‬
‫دنوها‪ ،‬واحلولت له المور بعد مرارتها‪ ،‬وانفرجت عنه المواج بعد‬
‫تراكمها‪ ،‬وأسهلت له الصعاب بعد انصبابها‪ ،‬وهطلت عليه الكرامة بعد‬
‫قحوطها‪ ،‬وتحدبت عليه الرحمة بعد نفورها وتفجرت عليه النعم بعد‬
‫نضوبها‪ ،‬ووبلت عليه البركة بعد ارذادها‪ .‬فاتقوا ال الذي نفعكم بموعظته‪،‬‬
‫ووعظكم برسالته‪ ،‬وامتن عليكم بنعمته‬

‫)‪ (1‬نهج البلغة ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .191‬نهج البلغة ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .198‬نهج البلغة‬
‫ج ‪ 2‬ص ‪.241‬‬

‫]‪[285‬‬

‫فعبدوا أنفسكم لعبادته‪ ،‬واخرجوا إليه من حق طاعته‪ ،‬إلى آخر الخطبة )‪- 8 .(1‬‬
‫كنز الكراجكى‪ :‬روي عن رسول ال صلى ال عليه وآله أنه قال‪ :‬خصلة‬
‫من لزمها أطاعته الدنيا والخرة وربح الفوز بالجنة قيل‪ :‬وما هي يارسول‬
‫ال ؟ قال‪ :‬التقوى من أراد أن يكون أعز الناس فليتق ال عزوجل‪ ،‬ثم تل‬
‫" ومن يتق ال يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث ل يحتسب " )‪- 8 .(2‬‬
‫عدة الداعي‪ :‬روى أحمد بن الحسين الميثمي عن رجل من أصحابه قال‪:‬‬
‫قرأت جوابا من أبي عبد ال عليه السلم إلى رجل من أصحابه أما بعد‬
‫فاني اوصيك بتقوى ال عزوجل‪ ،‬فان ال قد ضمن لمن اتقاه أن يحوله‬
‫عما يكره إلى ما يحب‪ ،‬و يرزقه من حيث ل يحتسب‪ ،‬إن ال عزوجل ل‬
‫يخدع عن جنته‪ ،‬ول ينال ما عنده إل بطاعته إنشاء ال تعالى‪ .‬وروى عبد‬
‫ال بن سنان‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬أيما مؤمن أقبل قبل ما‬
‫يحب ال‪ ،‬أقبل ال عليه قبل كل ما يحب‪ ،‬ومن اعتصم بال بتقواه عصمه‬
‫ال‪ ،‬ومن أقبل ال عليه وعصمه لم يبال لو سقطت السماء على الرض‪،‬‬
‫وإن نزلت نازلة على أهل الرض فشملهم بلية كان في حرز ال بالتقوى‬
‫من كل بلية‪ ،‬أليس ال تعالى يقول‪ " :‬إن المتقين في مقام أمين " )‪.(3‬‬
‫مشكوة النوار‪ :‬عنه عليه السلم مثله )‪ .(4‬وقال النبي صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬لو أن السموات والرض كانتا رتقا على عبد ثم اتقى ال لجعل ال له‬
‫منهما فرجا ومخرجا‪ .‬وسئل الصادق عليه السلم عن تفسير التقوى فقال‪:‬‬
‫أن ل يفقدك ال حيث أمرك ول يراك حيث نهاك‪.‬‬

‫)‪ (1‬نهج البلغة ج ‪ 1‬ص ‪ ،155‬تحت الرقم ‪ 81‬من الخطب‪ (2) .‬الطلق‪ 3 :‬و ‪) .4‬‬
‫‪ (3‬الدخان‪ (4) .51 :‬مشكاة النوار ص ‪.18‬‬

‫]‪[286‬‬

‫وقال النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬أصل الدين الورع‪ ،‬كن ورعا تكن أعبد الناس‪،‬‬
‫وكن بالعمل بالتقوى أشد اهتماما منك بالعمل بغيره‪ ،‬فانه ل يقل عمل‬
‫بالتقوى‪ ،‬وكيف يقل عمل يتقبل لقول ال عزوجل " إنما يتقبل ال من‬
‫المتقين " وفي الوحي القديم‪ :‬العمل مع أكل الحرام كناقل الماء في‬
‫المنخل‪ .‬وعنهم عليهم السلم‪ :‬جدوا واجتهدوا‪ ،‬وإن لم تعملوا فل تعصوا‪،‬‬
‫فان من يبني ول يهدم يرتفع بناؤه‪ ،‬وإن كان يسيرا وإن ]من يبني ويهدم‬
‫يوشك أن ل يرتفع بناؤه‪ .‬وروى محمد بن يعقوب يرفعه إلى أبي حمزة‬
‫قال‪ :‬كنت عند علي بن الحسين عليهما السلم فجاءه رجل فقال له[ يا أبا‬
‫محمد إني مبتلى بالنساء فأزني يوما وأصوم يوما أفيكون ذا كفارة لذا ؟‬
‫فقال له عليه السلم‪ :‬إنه ليس شئ أحب إلى ال عزوجل من أن يطاع فل‬
‫يعصى فل تزن ول تصم‪ ،‬فاجتذبه أبو جعفر عليه السلم إليه فأخذه بيده و‬
‫قال له‪ :‬تعمل عمل أهل النار‪ ،‬وترجو أن تدخل الجنة )‪ .(1‬وعن النبي صلى‬
‫ال عليه وآله قال‪ :‬ليجيئن أقوام يوم القيامة لهم من الحسنات كجبال‬
‫تهامة‪ ،‬فيؤمر بهم إلى النار‪ ،‬فقيل‪ :‬يا نبي ال أمصلون ؟ قال‪ :‬كانوا‬
‫يصلون ويصومون ويأخذون وهنا من الليل لكنهم كانوا إذا لح لهم شئ‬
‫من الدنيا وثبوا عليه‪ - 9 .‬مشكوة النوار‪ :‬نقل من المحاسن قال أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم‪ :‬التقوى سنخ اليمان وقيل لمير المؤمنين عليه‬
‫السلم‪ :‬صف لنا الدنيا فقال‪ :‬وما أصف لكم منها ؟ لحللها حساب‪،‬‬
‫ولحرامها عذاب‪ ،‬لو رأيتم الجل ومسيره للهيتم عن المل وغروره‪ ،‬ثم‬
‫قال‪ :‬من اتقى ال حق تقاته أعطاه ال انسا بل أنيس‪ ،‬وغناء بل مال‪،‬‬
‫وعزا بل سلطان‪ .‬وقال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬القيامة ]عرس المتقين‪.‬‬
‫وقال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬ل يغرنك[ بكاؤهم إنما التقوى في القلب‪.‬‬
‫وقال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬في قوله جل ثناؤه‪ " :‬هو أهل التقوى وأهل‬
‫المغفرة " )‪ (2‬قال‪ :‬أنا أهل أن يتقيني عبدى‪ ،‬فان لم يفعل فأنا أهل أن‬

‫)‪ (1‬راجع الكافي ج ‪ 5‬ص ‪ (2) .542‬المدثر‪.56 :‬‬


‫]‪[287‬‬

‫أغفر له )‪ .(1‬ومنه‪ :‬روي أن رسول ال صلى ال عليه وآله دخل البيت عام الفتح‬
‫ومعه الفضل بن عباس واسامة بن زيد ثم خرج فأخذ بحلقة الباب ثم قال‪:‬‬
‫الحمد ل الذي صدق عبده‪ ،‬وأنجز وعده‪ ،‬وغلب الحزاب وحده‪ ،‬إن ال‬
‫أذهب نخوة العرب وتكبرها بآبائها وكلكم من آدم‪ ،‬وآدم من تراب‪ ،‬وأكرمكم‬
‫عند ال أتقيكم )‪ - 11 .(2‬ومنه‪ :‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬العلماء‬
‫امناء‪ ،‬والتقياء حصون والعمال سادة‪ - 12 .‬شى‪ :‬عن أبي بصير قال‪:‬‬
‫سألت أبا عبد ال عليه السلم عن قول ال‪ " :‬اتقوا ال حق تقاته " )‪(3‬‬
‫قال‪ :‬منسوخة‪ ،‬قلت‪ :‬وما نسختها ؟ قال‪ :‬قول ال‪ " :‬اتقوا ال ما استطعتم‬
‫" )‪ - 13 .(4‬شى‪ :‬عن زيد بن أبي اسامة‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم‬
‫قال‪ :‬سألته عن قول ال‪ " :‬إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان‬
‫تذكروا فإذا هم مبصرون " )‪ (5‬قال‪ :‬هو الذنب يهم به العبد فيتذكر فيدعه‬
‫)‪ - 14 .(6‬شى‪ :‬عن علي بن أبي حمزة‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم‬
‫قال‪ :‬سألته عن قول ال إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان‬
‫تذكروا " ما ذلك الطائف ؟ قال‪ :‬هو السيئ يهم العبد به‪ ،‬ثم يذكر ال‬
‫فيبصر ويقصر‪ .‬أبو بصير عنه عليه السلم قال‪ :‬هو الرجل يهم بالذنب ثم‬
‫يتذكر فيدعه )‪.(7‬‬

‫)‪ (1‬مشكاة النوار‪ :‬ص ‪ (2) .44‬مشكاة النوار ص ‪ (3) .59‬آل عمران‪) .102 :‬‬
‫‪ (4‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪ ،194‬والية في التغابن‪ (5) .16 :‬العراف‪:‬‬
‫‪ (6) .201‬تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص ‪ (7) .43‬تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص‬
‫‪.44‬‬

‫]‪[288‬‬

‫‪ - 15‬صح‪ ،‬لى‪ :‬عن أمير المؤمنين عليه السلم عن النبي صلى ال عليه وآله قال‪:‬‬
‫أتقى الناس من قال الحق فيما له وعليه )‪ - 16 .(1‬لى‪ :‬عن أمير المؤمنين‬
‫عليه السلم لكرم أعز من التقوى‪ ،‬وسئل عليه السلم أي عمل أفضل ؟‬
‫قال‪ :‬التقوى )‪ .(2‬أقول‪ :‬قد أثبتناها وأمثالها بأسانيدها في أبواب المواعظ‬
‫وباب مكارم الخلق‪ - 17 .‬فس‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬أيها‬
‫الناس إن العربية ليست بأب والد‪ ،‬و إنما هو لسان ناطق‪ ،‬فمن تكلم به‬
‫فهو عربي أل إنكم ولد آدم‪ ،‬وآدم من تراب وأكرمكم عند ال أتقاكم )‪.(3‬‬
‫‪ - 18‬ل‪ :‬ابن المتوكل‪ ،‬عن محمد العطار‪ ،‬عن الشعري‪ ،‬عن القاشاني‬
‫عمن ذكره‪ ،‬عن عبد ال بن القاسم الجعفري‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم‬
‫قال‪ :‬القيامة عرس المتقين )‪ - 19 .(4‬ل‪ :‬عن علي بن الحسين عليه‬
‫السلم ل حسب لقرشي ول عربي إل بتواضع ول كرم إل بتقوى )‪20 .(5‬‬
‫‪ -‬ل‪ :‬الخليل بن أحمد‪ ،‬عن معاذ‪ ،‬عن الحسين المروزي‪ ،‬عن محمد بن‬
‫عبيد‪ ،‬عن داود الودي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن أبي هريرة‪ ،‬عن النبي صلى ال‬
‫عليه وآله قال‪ :‬أول ما يدخل النار من امتي الجوفان قالوا‪ :‬وما‬
‫الجوفان ؟ قال‪ :‬الفرج والفم‪ ،‬وأكثر ما يدخل به الجنة تقوى ال وحسن‬
‫الخلق )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬أمالي الصدوق ص ‪ (2) .14‬أمالي الصدوق ص ‪ (3) .193‬تفسير القمي ‪.642‬‬
‫)‪ (4‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (5) .10‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (6) .12‬الخصال ج ‪1‬‬
‫ص ‪.39‬‬

‫]‪[289‬‬

‫‪ - 21‬ما‪ :‬في وصية النبي صلى ال عليه وآله لبي ذر‪ :‬عليك بتقوى ال فانه رأس‬
‫المر كله )‪ .(1‬أقول‪ :‬سيأتي فيما كتب أمير المؤمنين عليه السلم لمحمد‬
‫بن أبي بكر مدح المتقين )‪ - 22 .(2‬ما‪ :‬المفيد‪ ،‬عن الجعابي‪ ،‬عن ابن‬
‫عقدة‪ ،‬عن سليمان بن محمد‪ ،‬عن محمد بن عمران‪ ،‬عن محمد بن عيسى‬
‫الكندي‪ ،‬عن الصادق عليه السلم قال‪ :‬من أخرجه ال من ذل المعصية إلى‬
‫عز التقوى أغناه ال بل مال‪ ،‬وأعزه بل عشيرة‪ ،‬وآنسه بل بشر‪ ،‬ومن‬
‫خاف ال عزوجل أخاف ال منه كل شئ‪ ،‬ومن لم يخف ال عز وجل أخافه‬
‫ال من كل شئ )‪ .(3‬ما‪ :‬عن المفيد‪ ،‬عن محمد بن محمد بن طاهر‪ ،‬عن‬
‫ابن عقدة مثله )‪ - 23 .(4‬ما‪ :‬المفيد‪ ،‬عن ابن قولويه‪ ،‬عن الكليني )‪(5‬‬
‫عن علي بن إبراهيم عن اليقطيني‪ ،‬عن حنان بن سدير‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن أبي‬
‫جعفر عليه السلم قال‪ :‬جلس جماعة من أصحاب رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله ينتسبون ويفتخرون‪ ،‬وفيهم سلمان رحمه ال فقال عمر‪ :‬ما‬
‫نسبك أنت يا سلمان ؟ وما أصلك ؟ فقال‪ :‬أنا سلمان بن عبد ال كنت ضال‬
‫فهداني ال بمحمد عليه السلم وكنت عائل فأغناني ال بمحمد عليه‬
‫السلم وكنت مملوكا فأعتقني ال بمحمد عليه السلم فهذا حسبي ونسبي‬
‫يا عمر‪ ،‬ثم خرج رسول ال صلى ال عليه وآله فذكر له سلمان ما قال‬
‫عمر‪ ،‬وما أجابه‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬يا معشر قريش إن‬
‫حسب المرء دينه‪ ،‬ومروته خلقه‪ ،‬وأصله عقله‪ ،‬قال ال تعالى‪ :‬يا أيها‬
‫الناس إنا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا‬

‫)‪ (1‬أمالي الطوسي ج ‪ 2‬ص ‪ 154‬وفي نسخة الصل رمز الخصال‪ (2) .‬أمالي‬
‫الطوسي ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .24‬أمالي الطوسي ج ‪ 1‬ص ‪ (4) .205‬أمالي‬
‫الطوسي ج ‪ 1‬ص ‪ (5) .139‬تراه في روضة الكافي ص ‪ 181‬مع‬
‫اختلف في اللفظ‪.‬‬
‫]‪[290‬‬

‫إن أكرمكم عند ال أتقيكم )‪ (1‬ثم أقبل على سلمان رحمه ال فقال له‪ :‬يا سلمان إنه‬
‫ليس لحد من هؤلء عليك فضل إل بتقوى ال عزوجل‪ ،‬فمن كنت أتقى‬
‫منه فأنت أفضل منه )‪ - 24 .(2‬ما‪ :‬المفيد‪ ،‬عن إسماعيل بن محمد الكاتب‪،‬‬
‫عن أحمد بن جعفر المالكي عن عبد ال بن أحمد بن حنبل‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫يحيى بن سعيد‪ ،‬عن سفيان‪ ،‬عن حبيب عن ميمون بن أبي شبيب‪ ،‬عن أبي‬
‫ذر رحمه ال قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬اتق ال حيث كنت‪،‬‬
‫وخالق الناس بخلق حسن‪ ،‬وإذا عملت سيئة فاعمل حسنة يمحوها )‪.(3‬‬
‫‪ - 25‬ما‪ :‬المفيد‪ ،‬عن محمد بن محمد بن طاهر‪ ،‬عن ابن عقدة‪ ،‬عن يحيى‬
‫بن الحسن العلوي‪ ،‬عن إسحاق بن موسى‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن أمير المؤمنين‬
‫عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬المتقون سادة‪،‬‬
‫والفقهاء قادة‪ ،‬والجلوس إليهم عبادة )‪ - 26 .(4‬ما‪ :‬ابن مخلد‪ ،‬عن جعفر‬
‫بن محمد بن نصير‪ ،‬عن الحارث بن محمد بن أبي اسامة‪ ،‬عن داود بن‬
‫المحبر‪ ،‬عن عباد‪ ،‬عن عبد ال بن دينار‪ ،‬عن ابن عمران‪ ،‬عن النبي صلى‬
‫ال عليه وآله قال‪ :‬كم من عاقل عقل عن ال عزوجل أمره‪ ،‬وهو حقير‬
‫عند الناس دميم المنظر‪ ،‬ينجو غدا‪ ،‬وكم من طريف اللسان‪ ،‬جميل المنظر‬
‫عند الناس‪ ،‬يهلك غدا في القيامة )‪ - 27 .(5‬ما‪ :‬جماعة‪ ،‬عن أبي المفضل‪،‬‬
‫عن الحسن بن محمد بن اشكاب‪ ،‬عن أبيه عن علي بن حفص المدايني‪،‬‬
‫عن أيوب بن سيار‪ ،‬عن محمد بن المنكدر‪ ،‬عن جابر بن عبد ال‬
‫النصاري قال‪ :‬أقبل العباس ذات يوم إلى رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫وكان العباس‬

‫)‪ (1‬الحجرات‪ (2) .11 :‬أمالي الطوسي ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .146‬أمالي الطوسي ج ‪1‬‬
‫ص ‪ (4) .189‬أمالي الطوسي ج ‪ 1‬ص ‪ (5) .229‬أمالي الطوسي ج ‪2‬‬
‫ص ‪.7‬‬

‫]‪[291‬‬

‫طوال حسن الجسم‪ ،‬فلما رآه النبي صلى ال عليه وآله تبسم إليه وقال‪ :‬إنك يا عم‬
‫لجميل فقال العباس‪ :‬ما الجمال بالرجل يارسول ال ؟ قال‪ :‬بصواب القول‬
‫بالحق قال‪ :‬فما الكمال ؟ قال‪ :‬تقوى ال عزوجل وحسن الخلق )‪- 28 .(1‬‬
‫مع‪ ،‬ع‪ :‬ماجيلويه‪ ،‬عن عمه‪ ،‬عن الكوفي‪ ،‬عن محمد بن سنان‪ ،‬عن‬
‫المفضل بن عمر‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬وقع بين سلمان وبين‬
‫رجل كلم فقال له‪ :‬من أنت وما أنت ؟ فقال سلمان‪ :‬أما اولي واولك‬
‫فنطفة قذرة‪ ،‬وأما اخراي واخراك فجيفة منتنة‪ ،‬فإذا كان يوم القيامة‬
‫ونصبت الموازين‪ ،‬فمن خف ميزانه فهو اللئيم‪ ،‬ومن ثقل ميزانه فهو‬
‫الكريم )‪ - 29 .(2‬ع‪ :‬ابن إدريس‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن الشعري‪ ،‬عن إبراهيم بن‬
‫هاشم‪ ،‬عن جعفر بن محمد بن إبراهيم الهمداني‪ ،‬عن العباس بن عامر‪،‬‬
‫عن إسماعيل بن دينار يرفعه إلى أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬افتخر‬
‫رجلن عند أمير المؤمنين عليه السلم فقال‪ :‬أتفتخران بأجساد بالية‪،‬‬
‫وأرواح في النار ؟ إن يكن لك عقل فان لك خلقا وإن يكن لك تقوى فان لك‬
‫كرما‪ ،‬وإل فالحمار خير منك ولست بخير من أحد‪ - 30 .‬مع‪ :‬الوراق‪ ،‬عن‬
‫سعد‪ ،‬عن إبراهيم بن مهزيار‪ ،‬عن أخيه‪ ،‬عن الحسن بن سعيد‪ ،‬عن‬
‫الحارث بن محمد بن النعمان‪ ،‬عن جميل بن صالح‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬من أحب أن يكون أكرم‬
‫الناس فليتق ال‪ ،‬ومن أحب أن يكون أتقى الناس فليتوكل على ال الخبر )‬
‫‪ .(3‬أقول‪ :‬قد مضى بعض الخبار في باب أصناف الناس في اليمان‪- 31 .‬‬
‫مع‪ :‬ابن الوليد‪ ،‬عن الصفار‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن النضر‪،‬‬
‫عن أبي الحسين‪ ،‬عن أبي بصير قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه السلم عن‬
‫قول ال‬

‫)‪ (1‬أمالي الطوسي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .112‬معاني الخبار ص ‪ (3) .207‬معاني‬


‫الخبار ص ‪.196‬‬

‫]‪[292‬‬

‫عزوجل‪ " :‬اتقوا ال حق تقاته " قال‪ :‬يطاع فل يعصى‪ ،‬ويذكر فل ينسى ويشكر‬
‫فل يكفر )‪ .(1‬ين‪ :‬النضر مثله‪ .‬سن‪ :‬عن أبيه‪ :‬عن النضر مثله )‪ .(2‬شى‪:‬‬
‫عن أبي بصير مثله )‪ - 32 .(3‬مع‪ :‬ابن المتوكل‪ ،‬عن الحميري‪ ،‬عن محمد‬
‫بن الحسين‪ ،‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن جميل بن صالح‪ ،‬عن الوليد بن عباس‬
‫قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬الحسب الفعال‪ ،‬والشرف المال‪،‬‬
‫والكرم التقوى )‪ - 33 .(4‬ما‪ :‬المفيد‪ ،‬عن الجعابي‪ ،‬عن ابن عقدة‪ ،‬عن‬
‫محمد بن هارون بن عبد الرحمن‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن عيسى بن أبي الورد‪ ،‬عن‬
‫أحمد بن عبد العزيز‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال أمير المؤمنين‬
‫عليه السلم‪ :‬ل يقل مع التقوى عمل‪ ،‬وكيف يقل ما يتقبل )‪ .(5‬جا‪:‬‬
‫الجعابي مثله )‪ .(6‬جا‪ :‬أحمد بن الوليد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن الصفار‪ ،‬عن ابن‬
‫معروف‪ ،‬عن ابن مهزيار‪ ،‬عن ابن فضال‪ ،‬عن ابن سنان‪ ،‬عن الفضيل بن‬
‫عثمان‪ ،‬عن الحذاء‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم مثله )‪.(7‬‬
‫)‪ (1‬معاني الخبار ص ‪ (2) .240‬المحاسن ص ‪ (3) .204‬تفسير العياشي ج ‪1‬‬
‫ص ‪ (4) .194‬معاني الخبار ص ‪ (5) .405‬أمالي الطوسي ج ‪ 1‬ص‬
‫‪ (6) .60‬أمالي المفيد ص ‪ (7) .26‬أمالي المفيد ص ‪.122‬‬

‫]‪[293‬‬

‫كا‪ :‬عن محمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن ابن سنان مثله )‪ .(1‬بيان‪" :‬‬
‫وكيف يقل ما يتقبل " لن ال يقول‪ " :‬إنما يتقبل ال من المتقين )‪34 .(2‬‬
‫‪ -‬فس‪ " :‬إن الصلوة تنهى عن الفحشاء والمنكر " )‪ (3‬قال‪ :‬من لم ينهه‬
‫الصلة عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من ال إل بعدا )‪ - 35 .(4‬فس‪ :‬أبي‪،‬‬
‫عن النضر‪ ،‬عن يحيى الحلبي‪ ،‬عن الثمالي‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم‬
‫قال‪ :‬يبعث ال يوم القيامة قوما بين أيديهم نور كالقباطى ثم يقال له‪ :‬كن‬
‫هباء منثورا ثم قال‪ :‬أما وال يا أبا حمزة إنهم كانوا يصومون ويصلون‪،‬‬
‫ولكن كانوا إذا عرض لهم شئ من الحرام أخذوه‪ ،‬وإذا ذكر لهم شئ من‬
‫فضل أمير ‪ -‬المؤمنين عليه السلم أنكروه‪ ،‬وقال‪ :‬والهباء المنثور هو‬
‫الذي تراه يدخل البيت في الكوة من شعاع الشمس )‪ - 36 .(5‬ص‪:‬‬
‫بالسناد إلى الصدوق‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن الوشاء‪،‬‬
‫عن الحسن بن الجهم‪ ،‬عن رجل‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه الصلة والسلم‬
‫قال‪ :‬كان في بني إسرائيل رجل يكثر أن يقول‪ :‬الحمد ل رب العالمين‪،‬‬
‫والعاقبة للمتقين‪ ،‬فغاظ إبليس ذلك فبعث إليه شيطانا فقال‪ :‬قل‪ :‬العاقبة‬
‫للغنياء‪ ،‬فجاءه فقال ذلك‪ ،‬فتحاكما إلى أول من يطلع عليهما على قطع يد‬
‫الذي يحكم عليه فلقيا شخصا فأخبراه بحالهما‪ ،‬فقال‪ :‬العاقبة للغنياء‬
‫فرجع‪ ،‬وهو يحمد ال ويقول‪ :‬العاقبة للمتقين‪ ،‬فقال له‪ :‬تعود أيضا فقال‪:‬‬
‫نعم على يدي الخرى فخرجا فطلع الخر فحكم عليه أيضا فقطعت يده‬
‫الخرى‪ ،‬وعاد أيضا يحمد ال‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .75‬المائدة ‪ (3) .27‬العنكبوت‪ (4) .45 :‬تفسير القمى‬
‫ص ‪ (5) .497‬تفسير القمي ص ‪.465‬‬

‫]‪[294‬‬

‫ويقول‪ :‬العاقبة للمتقين‪ ،‬فقال له‪ :‬تحاكمني على ضرب العنق ؟ فقال‪ :‬نعم فخرجا‬
‫فرأيا مثال فوقفا عليه فقال‪ :‬إني كنت حاكمت هذا وقصا عليه قصتهما قال‪:‬‬
‫فمسح يديه فعادتا ثم ضرب عنق ذلك الخبيث وقال‪ :‬هكذا العاقبة للمتقين‪.‬‬
‫‪ - 37‬سن‪ :‬أبي‪ ،‬عن هارون بن الجهم ومحمد بن سنان‪ ،‬عن الحسين بن‬
‫يحيى عن فرات بن أحنف‪ ،‬عن رجل من أصحاب علي عليه السلم قال‪ :‬إن‬
‫وليا ل وعدوا ل اجتمعا فقال ولي ال‪ :‬الحمد ل والعاقبة للمتقين‪ ،‬وقال‬
‫الخر‪ :‬الحمد ل والعاقبة للغنياء ‪ -‬وفي رواية اخرى والعاقبة للملوك ‪-‬‬
‫فقال ولي ال‪ :‬ارض بيننا بأول طالع يطلع من الوادي‪ ،‬قال‪ :‬فاطلع إبليس‬
‫في أحسن هيئة فقال ولي ال‪ :‬الحمد ل والعاقبة للمتقين‪ ،‬فقال الخر‪:‬‬
‫الحمد ل والعاقبة للملوك‪ ،‬فقال إبليس‪ :‬كذا )‪ - 38 .(1‬سن‪ :‬علي بن‬
‫السندي‪ ،‬عن المعلى بن محمد‪ ،‬عن ابن أسباط‪ ،‬عن عبد ال ابن محمد‬
‫صاب الحجال قال‪ :‬قلت لجميل بن دراج‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬إذا أتاكم شريف ]قوم[ فأكرموه ؟ قال‪ :‬نعم فقلت‪ :‬فما الحسب ؟ فقال‪:‬‬
‫الذي يفعل الفعال الحسنة بماله وغير ماله‪ ،‬فقلت‪ :‬فما الكرم ؟ فقال‪ :‬التقى‬
‫)‪ - 39 .(2‬ضا‪ :‬أروي من أراد أن يكون أعز الناس فليتق ال في سره‬
‫وعلنيته‪ .‬وأروي عن العالم عليه السلم في تفسير هذه الية )‪ " (3‬ومن‬
‫يتق ال يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث ل يحتسب " قال‪ :‬يجعل له‬
‫مخرجا في دينه ويرزقه من حيث ل يحتسب في دنياه‪ - 40 .‬مص‪ :‬قال‬
‫الصادق عليه السلم‪ :‬اتق ال وكن حيث شئت ومن أي قوم شئت‪ ،‬فانه ل‬
‫خلف لحد في التقوى‪ ،‬والمتقي محبوب عند كل فريق‪ ،‬وفيه جماع كل‬
‫خير ورشد‪ ،‬وهو ميزان كل علم وحكمة‪ ،‬وأساس كل طاعة مقبولة‬

‫)‪ (1‬المحاسن ص ‪ (2) .247‬المحاسن ص ‪ (3) .328‬الطلق‪.2 :‬‬

‫]‪[295‬‬

‫والتقوى ما ينفجر من عين المعرفة بال‪ ،‬يحتاج إليه كل فن من العلم‪ ،‬وهو ل‬


‫يحتاج إل إلى تصحيح المعرفة‪ ،‬بالخمود تحت هيبة ال وسلطانه‪ ،‬ومزيد‬
‫التقوى يكون من أصل اطلع ال عزوجل على سر العبد بلطفه‪ .‬فهذا أصل‬
‫كل حق وأما الباطل فهو ما يقطعك عن ال متفق عليه أيضا عند كل فريق‪،‬‬
‫فاجتنب عنه‪ ،‬وافرد سرك ل تعالى بل علقة قال النبي صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬أصدق كلمة قالتها العرب كلمة لبيد‪ :‬أل كل شئ ماخل ال باطل *‬
‫وكل نعيم ل محالة زائل فالزم ما أجمع عليه أهل الصفا والتقى‪ ،‬من اصول‬
‫الدين وحقائق اليقين والرضا والتسليم‪ ،‬ول تدخل في اختلف الخلق‬
‫ومقالتهم‪ ،‬فتصعب عليك‪ ،‬وقد اجتمعت المة المختارة بأن ال واحد ليس‬
‫كمثله شئ‪ ،‬وأنه عدل في حكمه يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد‪ ،‬ول يقال له‬
‫في شئ من صنعه‪ :‬لم ؟ ول كان ول يكون شئ إل بمشيته‪ ،‬وأنه قادر على‬
‫ما يشاء‪ ،‬صادق في وعده ووعيده‪ ،‬وأن القرآن كلمه وأنه مخلوق‪ ،‬وأنه‬
‫كان قبل الكون والمكان والزمان‪ ،‬وأن إحداث الكون والفناء عنده سواء‪،‬‬
‫ما ازداد بإحداثه علما ول ينقص بفنائه ملكه‪ ،‬عز سلطانه وجل سبحانه‪.‬‬
‫فمن أورد عليه ما ينقض هذا الصل فل تقبله‪ ،‬وجرد باطنك لذلك ترى‬
‫بركاته عن قريب‪ ،‬وتفوز مع الفائزين )‪ - 41 .(1‬مص‪ :‬قال الصادق عليه‬
‫السلم‪ :‬التقوى على ثلثة أوجه‪ :‬تقوى ال في ال وهو ترك الحلل فضل‬
‫عن الشبهة وهو تقوى خاص الخاص‪ ،‬وتقوى من ال وهو ترك الشبهات‬
‫فضل عن حرام‪ ،‬وهو تقوى الخاص‪ ،‬وتقوى من خوف النار والعقاب وهو‬
‫ترك الحرام وهو تقوى العام‪ ،‬ومثل التقوى كماء يجري في نهر ومثل هذه‬
‫الطبقات الثلث في معنى التقوى كأشجار مغروسة على حافة ذلك النهر‪،‬‬
‫من كل لون وجنس وكل شجرة منها يستمص الماء من ذلك النهر‪ ،‬على‬
‫قدر جوهره وطعمه‬

‫)‪ (1‬مصباح الشريعة ص ‪ 44‬و ‪.45‬‬

‫]‪[296‬‬

‫ولطافته وكثافته‪ ،‬ثم منافع الخلق من ذلك الشجار والثمار على قدرها وقيمتها قال‬
‫ال تعالى‪ " :‬صنوان وغير صنوان يسقى بماء واحد ويفضل بعضهما على‬
‫بعض في الكل " )‪ (1‬الية‪ .‬فالتقوى للطاعات كالماء للشجار‪ ،‬ومثل‬
‫طبايع الشجار والثمار في لونها وطعمها مثل مقادير اليمان‪ ،‬فمن كان‬
‫أعل درجة في اليمان وأصفا جوهرا بالروح كان أتقى‪ ،‬ومن كان أتقى‬
‫كانت عبادته أخلص وأطهر‪ ،‬ومن كان كذلك كان من ال أقرب‪ ،‬وكل عبادة‬
‫غير مؤسسة على التقوى فهو هباء منثور قال ال عزوجل‪ " :‬أفمن أسس‬
‫بنيانه على تقوى من ال ورضوان خير أمن أسس بنيانه على شفا جرف‬
‫هار فانهار به في نار جهنم " )‪ (2‬الية وتفسير التقوى ترك ما ليس‬
‫بأخذه بأس حذرا عما به بأس‪ ،‬وهو في الحقيقة طاعة‪ ،‬وذكر بل نسيان‪،‬‬
‫وعلم بل جهل مقبول غير مردود )‪) .57 .(3‬باب( * " )الورع واجتناب‬
‫الشبهات( " * ‪ - 1‬كا‪ :‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن أبي‬
‫المغرا‪ ،‬عن زيد الشحام‪ ،‬عن عمرو بن سعيد بن هلل الثقفي‪ ،‬عن أبي عبد‬
‫ال عليه السلم قال‪ :‬قلت له‪ :‬إني ل ألقاك إل في السنين فأخبرني بشئ‬
‫آخذ به فقال‪ :‬اوصيك بتقوى ال والورع والجتهاد‪ ،‬واعلم أنه ل ينفع‬
‫اجتهاد ل ورع فيه )‪ .(4‬بيان‪ :‬لعل المراد بالتقوى ترك المحرمات‪،‬‬
‫وبالورع ترك الشبهات‪ ،‬بل‬

‫)‪ (1‬الرعد‪ (2) .5 :‬براءة‪ (3) .109 :‬مصباح الشريعة ص ‪ 56‬و ‪ (4) .57‬الكافي‬
‫ج ‪ 2‬ص ‪.76‬‬

‫]‪[297‬‬
‫بعض المباحات‪ ،‬وبالجتهاد بذل الجهد في فعل الطاعات‪ ،‬يقال‪ :‬وقاه ال السوء‬
‫يقيه وقاية أي حفظه‪ ،‬واتقيت ال اتقاء أي حفظت نفسي من عذابه أو عن‬
‫مخالفته والتقوى اسم منه‪ ،‬والتاء مبدلة من واو‪ ،‬والصل وقوى من وقيت‬
‫لكل ابدل لزمت التاء في تصاريف الكلمة وفي النهاية‪ :‬فيه‪ :‬ملك الدين‬
‫الورع‪ ،‬الورع في الصل الكف عن المحارم‪ ،‬والتحرج منها‪ ،‬يقال‪ :‬ورع‬
‫الرجل يرع بالكسر فيهما‪ ،‬ورعا ورعة فهو ورع وتورع من كذا ثم استعير‬
‫للكف عن المباح والحلل " ل ينفع " أي نفعا كامل‪ - 2 .‬كا‪ :‬عن محمد بن‬
‫يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن الحسن بن محبوب‪ ،‬عن حديد بن حكيم‬
‫قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬اتقوا ال وصونوا دينكم بالورع‬
‫)‪ .(1‬بيان‪ :‬يدل على أن بترك الورع عن المحرمات يصير اليمان بمعرض‬
‫الضياع والزوال‪ ،‬فان فعل الطاعات وترك المعاصي حصون لليمان من أن‬
‫يذهب به الشيطان‪ - 3 .‬كا‪ :‬عن أبي علي الشعري‪ ،‬عن محمد بن عبد‬
‫الجبار‪ ،‬عن صفوان بن يحيى‪ ،‬عن يزيد بن خليفة قال‪ :‬وعظنا أبو عبد ال‬
‫عليه السلم فأمر وزهد‪ ،‬ثم قال‪ :‬عليكم بالورع‪ ،‬فانه ل ينال ما عند ال إل‬
‫بالورع )‪ .(2‬بيان‪ :‬فأمر أي بالطاعات وما يوجب الفوز بأرفع الدرجات‪،‬‬
‫وزهد على بناء التفعيل أي أمر بالزهد في الدنيا وترك مشتهياتها المانعة‬
‫عن قربه سبحانه قال الجوهري‪ :‬التزهيد في الشئ وعن الشئ خلف‬
‫الترغيب فيه‪ - 4 .‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن ابن فضال‪ ،‬عن أبي‬
‫جميلة‪ ،‬عن ابن أبي يعفور‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬ل ينفع‬
‫اجتهاد ل ورع فيه )‪ - 5 .(3‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫فضالة بن أيوب‪ ،‬عن الحسن‬

‫)‪ (2 - 1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .76‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.77‬‬

‫]‪[298‬‬

‫ابن زياد الصيقل‪ ،‬عن فضيل بن يسار قال‪ :‬قال أبو جعفر عليه السلم‪ :‬إن أشد‬
‫العبادة الورع )‪ .(1‬بيان‪ " :‬أن أشد العبادة الورع " إذ ترك المحرمات‬
‫أشق على النفس من فعل الطاعات‪ ،‬وأفضل العمال أحمزها‪ - 6 .‬كا‪ :‬عن‬
‫محمد بن يحيى‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن ابن بزيع‪ ،‬عن حنان بن سدير قال‪:‬‬
‫قال أبو الصباح الكناني لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬ما نلقى من الناس‬
‫فيك ؟ فقال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬وما الذي تلقى من الناس في ؟ !‬
‫فقال‪ :‬ل يزال يكون بيننا وبين الرجل الكلم فيقول‪ :‬جعفري خبيث‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫يعيركم الناس بي ؟ فقال له أبو الصباح‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬فما أقل وال من يتبع‬
‫جعفرا منكم‪ ،‬إنما أصحابي من اشتد ورعه‪ ،‬وعمل لخالقه‪ ،‬ورجا ثوابه‪،‬‬
‫هؤلء أصحابي )‪ .(2‬توضيح‪ :‬قال الشيخ البهائي رحمه ال‪ :‬يعلم منه أنه‬
‫لم يرتض عليه السلم ما قاله أبو الصباح‪ ،‬لما فيه من الخشونة وسوء‬
‫الدب " وعمل لخالقه " أي أخلص العمل ل " ورجا ثوابه " كأنه إشارة‬
‫إلى أن رجاء الثواب إنما يحسن مع الورع والطاعة‪ ،‬وإل فهو غرور كما‬
‫مر‪ ،‬وإلى أنه مع العمل أيضا ل ينبغي اليقين بالثواب لكثرة آفات العمل‪،‬‬
‫ويمكن أن يكون ما ذكره عليه السلم إيماء إلى أن ما تسمعون من‬
‫المخالفين إنما هو لعدم الطاعة إما بترك الطاعات والعمال الرضية أو‬
‫لترك ما أمرتكم به من التقية‪ - 7 .‬ما‪ :‬بالسناد المتقدم‪ ،‬عن حنان‪ ،‬عن أبي‬
‫سارة الغزال‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬قال ال عزوجل‪ :‬ابن آدم‬
‫اجتنب ما حرمت عليك تكن من أورع الناس )‪ .(3‬بيان‪ :‬كأن الورع‬
‫بالنسبة إلى من يجتنب المكروهات ويأتي بالسنن‪ ،‬ويجترئ على المحارم‬
‫وترك الطاعات كما هو الشايع بين الناس أو هو تعريض بأرباب البدع‬

‫)‪ (3 - 1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.77‬‬

‫]‪[299‬‬

‫الذين يحرمون ما أحل ال على أنفسهم ويسمونه ورعا أو تنبيه على أن الورع إنما‬
‫هو بترك المعاصي ل بالمبالغة في الطاعات والكثار منها‪ - 8 .‬كا‪ :‬عن‬
‫علي‪ ،‬عن أبيه وعلي بن محمد‪ ،‬عن القاسم بن محمد‪ ،‬عن سليمان‬
‫المنقري‪ ،‬عن حفص بن غياث قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه السلم عن‬
‫الورع من الناس فقال‪ :‬الذي يتورع عن محارم ال عزوجل )‪ - 9 .(1‬كا‪:‬‬
‫عن محمد بن يحيى‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن علي بن النعمان‪ ،‬عن أبي اسامة‬
‫قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬عليك بتقوى ال‪ ،‬والورع‬
‫والجتهاد وصدق الحديث‪ ،‬وأداء المانة‪ ،‬وحسن الخلق‪ ،‬وحسن الجوار‪،‬‬
‫وكونوا دعاة إلى أنفسكم بغير ألسنتكم وكونوا زينا ول تكونوا شينا‪،‬‬
‫وعليكم بطول الركوع والسجود‪ ،‬فان أحدكم إذا أطال الركوع والسجود‬
‫هتف إبليس من خلفه فقال‪ :‬يا ويله أطاع وعصيت‪ ،‬وسجد وأبيت )‪.(2‬‬
‫ايضاح‪ " :‬حسن الجوار " لكل من جاوره وصاحبه أو لجار بيته " وكونوا‬
‫دعاة " أي كونوا داعين للناس إلى طريقتكم المثلى ومذهبكم الحق‬
‫بمحاسن أعمالكم‪ ،‬ومكارم أخلقكم‪ ،‬فان الناس إذا رأوكم على سيرة حسنة‬
‫وهدي جميل نازعتهم أنفسهم إلى الدخول فيما ذهبتم إليه من التشيع‬
‫وتصويبكم فيما تقلدتم من طاعة أئمتكم عليهم السلم " وكونوا زينا " أي‬
‫زينة لنا " ول تكونوا شينا " أي عيبا وعارا علينا‪ .‬وفي النهاية في حديث‬
‫أبي هريرة إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكي يقول‪ :‬يا‬
‫ويله‪ ،‬الويل الحزن والهلك والمشقة من العذاب وكل من وقع في هلكة‬
‫دعا بالويل‪ ،‬ومعنى النداء فيه يا ويلي ويا حزني وياهلكي ويا عذابي‬
‫احضر فهذا وقتك وأوانك‪ ،‬فكأنه نادى الويل أن يحضره لما عرض له من‬
‫المر الفظيع وهو الندم على ترك السجود لدم عليه السلم وأضاف الويل‬
‫إلى ضمير الغائب‬

‫)‪ (2 - 1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.77‬‬

‫]‪[300‬‬

‫حمل على المعنى‪ ،‬وعدل عن حكاية قول إبليس يا ويلي كراهة أن يضيف الويل إلى‬
‫نفسه انتهى‪ .‬وقال النووي‪ :‬هو من أدب الكلم أنه إذا عرض في الحكاية‬
‫عن الغير ما فيه سوء‪ ،‬صرف الحاكي عن نفسه إلى الغيبة صونا عن‬
‫صورة إضافة السوء إلى نفسه انتهى‪ .‬وقيل‪ :‬الضمير راجع إلى الساجد‬
‫ودعا إبليس له بالعذاب والويل‪ ،‬أو هو من كلم المام والضمير لبليس‬
‫والجملة معترضة‪ ،‬ول يخفى بعدهما‪ ،‬ويحتمل على الول أن يكون المنادى‬
‫محذوفا نحو أل يا اسجدوا‪ ،‬أي يا قوم احضروا ويلي‪ - 9 .‬كا‪ :‬عن محمد‬
‫بن يحيى‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن علي بن أبي زياد‪ ،‬عن أبيه قال‪ :‬كنت عند‬
‫أبي عبد ال عليه السلم فدخل عيسى بن عبد ال القمي فرحب به وقرب‬
‫مجلسه‪ ،‬ثم قال‪ :‬يا عيسى بن عبد ال ليس منا ول كرامة من كان في‬
‫مصر فيه مائة ألف أو يزيدون‪ ،‬وكان في ذلك المصر أحد أورع منه )‪.(1‬‬
‫بيان‪ :‬قال الجوهري‪ :‬الرحب بالضم السعة‪ ،‬وقولهم مرحبا وأهل أي أتيت‬
‫سعة وأتيت أهل‪ ،‬فاستأنس ول تستوحش‪ ،‬وقد رحب به ترحيبا إذا قال له‪:‬‬
‫مرحبا‪ ،‬انتهى‪ ،‬وفي النهاية وقيل‪ :‬معناه رحب ال بك مرحبا فجعل المرحب‬
‫موضع الترحيب انتهى‪ .‬وقوله‪ " :‬ول كرامة " جملة معترضة أي ل كرامة‬
‫له عند ال‪ ،‬أو عندنا أو أعم منهما " فيه مائة ألف " أي من المخالفين أو‬
‫العم ويدل على مدح عيسى بن عبد ال‪ ،‬وروى الشيخ المفيد في مجالسه‬
‫حديثا يدل على مدح عظيم له‪ ،‬وأنه قال عليه السلم فيه‪ :‬هو منا أهل‬
‫البيت‪ ،‬وزعم الكثر أنه الشعري جد أحمد بن محمد والظهر عندي أنه‬
‫غيره لبعد ملقاة الشعري الصادق عليه السلم بل ذكروا أن له مسائل عن‬
‫الرضا عليه السلم‪ - 10 .‬كا‪ :‬عن محمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن‬
‫عيسى‪ ،‬عن ابن فضال‪ ،‬عن‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.78‬‬

‫]‪[301‬‬
‫علي بن عقبة‪ ،‬عن أبي كهمش‪ ،‬عن عمرو بن سعيد بن هلل قال‪ :‬قلت لبي عبد‬
‫ال عليه السلم‪ :‬أوصني قال‪ :‬اوصيك بتقوى ال‪ ،‬والورع والجتهاد‪،‬‬
‫واعلم أنه ل ينفع اجتهاد ل ورع فيه )‪ - 11 .(1‬كا‪ :‬عن محمد‪ ،‬عن أحمد‪،‬‬
‫عن علي بن الحكم‪ ،‬عن سيف بن عميرة‪ ،‬عن أبي الصباح الكناني‪ ،‬عن‬
‫أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬أعينونا بالورع‪ ،‬فانه من لقي ال عزوجل منكم‬
‫بالورع كان له عند ال فرجا‪ ،‬إن ال عزوجل يقول‪ " :‬ومن يطع ال‬
‫ورسوله فاولئك مع الذين أنعم ال عليهم من النبيين والصديقين والشهداء‬
‫والصالحين وحسن اولئك رفيقا " )‪ (2‬فمنا النبي‪ ،‬ومنا الصديق‪،‬‬
‫والشهداء والصالحون )‪ .(3‬تبيان " أعينونا بالورع " إشارة إلى أن‬
‫الئمة عليهم السلم متكفلون لنجاة شيعتهم من العذاب‪ ،‬فكلما كان ورعهم‬
‫أشد وأكمل‪ ،‬كانت الشفاعة عليهم أسهل‪ ،‬فالورع إعانة لهم عليهم السلم‬
‫على ذلك‪ ،‬فان قلت‪ :‬مع الورع أي حاجة إلى الشفاعة‪ ،‬فانه يجب عليه‬
‫سبحانه بمقتضى وعده إدخالهم الجنة وإبعادهم من العذاب ؟ قلت‪ :‬يحتمل‬
‫أن يكون المراد عدم تجشم الشفاعة أو يكون الورع ترك المعاصي فقط‪،‬‬
‫فل ينافي الحتياج إلى الشفاعة للتقصير في الواجبات‪ ،‬أو يكون المراد‬
‫بالورع ترك الكبائر أو أعم من ترك كل المعاصي أو بعضها‪ ،‬مع أنه‬
‫لاستبعاد في الحاجة إلى الشفاعة مع فعل الطاعات وترك المعاصي‬
‫لسرعة دخول الجنة أو التخلص من أهوال القيامة أو عدم الحساب أو‬
‫تخفيفه‪ " .‬كان له عند ال فرجا " اسم كان الضمير المستتر الراجع إلى‬
‫الورع‪ ،‬وقيل‪ :‬إلى اللقاء " وفرجا " بالجيم خبره‪ ،‬وربما يقرأ بالحاء‬
‫المهملة‪ ،‬وعلى التقديرين التنوين للتعظيم " من يطع ال ورسوله " في‬
‫سورة النساء " والرسول " وكأنه نقل‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .78‬النساء‪ (3) .69 :‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.78‬‬

‫]‪[302‬‬

‫بالمعنى‪ ،‬مع الشارة إلى ما في سورة النور " ومن يطع ال ورسوله ويخش ال‬
‫ويتقه فاولئك هم الفائزون " )‪ (1‬وإطاعة ال والرسول ل تكون إل مع‬
‫الورع فالستشهاد لذلك‪ ،‬وقيل‪ :‬المراد بطاعة ال ورسوله إطاعتهما في‬
‫العتقاد بامامة أئمة الهدى عليهم السلم وإن كان مع المعاصي‬
‫فالستشهاد للشفاعة‪ " .‬فمنا " أي من بني هاشم وكان المراد بالصديق‬
‫أمير المؤمنين عليه السلم وبالشهداء الحسنان عليهما السلم أو الحسين‬
‫وبالصالحين باقي الئمة عليهم السلم‪ ،‬أو المراد بالشهداء جميع الئمة‬
‫عليهم السلم وبالصالحين شيعتهم‪ ،‬وقد فسرت الية بالوجهين في‬
‫الخبار‪ - 12 .‬كا‪ :‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن ابن رئاب‪،‬‬
‫عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إنا لنعد الرجل مؤمنا حتى يكون لجميع‬
‫أمرنا متبعا ومريدا أل وإن من اتباع أمرنا وإرادته الورع‪ ،‬فتزينوا به‬
‫يرحمكم ال وكيدوا أعداءنا به ينعشكم ال )‪ .(2‬بيان‪ " :‬إنا لنعد الرجل‬
‫مؤمنا " هذا أحد معاني اليمان التي مضت " مريدا " أي لجميع أمرنا "‬
‫يرحمكم ال " جواب المر أو جملة دعائية وكذا قوله " ينعشكم ال "‬
‫يحتمل الوجهين " وكيدوا به " في أكثر النسخ بالياء المثناة أي حاربوهم‬
‫بالورع لتغلبوا أو ادفعوا به كيدهم‪ ،‬سمي كيدا مجازا أي الورع يصير سببا‬
‫لكف ألسنتهم عنكم‪ ،‬وترك ذمهم لكم‪ ،‬أو احتالوا بالورع ليرغبوا في دينكم‬
‫كما مر في قوله عليه السلم " كونوا دعاة " الخ وكأنه أظهر‪ .‬وفي بعض‬
‫النسخ بالياء الموحدة المشددة من الكبد بمعنى الشدة والمشقة أي‬
‫أوقعوهم في اللم والمشقة لنه يصعب عليهم ورعكم‪ ،‬والول أكثر وأظهر‬
‫" ينعشكم ال " أي يرفعكم ال في الدنيا والخرة‪ ،‬في القاموس نعشه ال‬
‫كمنعه رفعه كأنعشه ونعشه‪ ،‬وفلنا جبره بعد فقر‪ ،‬والميت ذكره ذكرا‬
‫حسنا‪.‬‬

‫)‪ (1‬النور‪ (2) .52 :‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.78‬‬

‫]‪[303‬‬

‫‪ - 13‬كا‪ :‬عن محمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن الحجال‪ ،‬عن العل‪ ،‬عن ابن‬
‫أبي يعفور قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬كونوا دعاة للناس بغير‬
‫ألسنتكم‪ ،‬ليروا منكم الورع والجتهاد والصلة والخير‪ ،‬فان ذلك داعية )‬
‫‪ .(1‬ايضاح‪ " :‬فان ذلك داعية " أي للمخالفين إلى الدخول في دينكم كما‬
‫مر والتاء للمبالغة‪ ،‬وسيأتي هذا الخبر في باب الصدق بأدنى تفاوت في‬
‫السند والمتن )‪ (2‬وفيه الصدق مكان الصلة‪ - 14 .‬كا‪ :‬عن الحسين بن‬
‫محمد‪ ،‬عن علي بن محمد بن سعد‪ ،‬عن محمد بن مسلم عن محمد بن‬
‫حمزة العلوي قال أخبرني عبيد ال بن علي‪ ،‬عن أبي الحسن الول عليه‬
‫السلم قال‪ :‬كثيرا ماكنت أسمع أبي يقول‪ :‬ليس من شيعتنا من ل يتحدث‬
‫المخدرات بورعه في خدورهن‪ ،‬وليس من أوليائنا من هو في قرية فيها‬
‫عشرة آلف رجل فيهم من خلق ال أورع منه )‪ .(3‬بيان‪ :‬في القاموس‬
‫الخدر بالكسر ستر يمد للجارية في ناحية البيت‪ ،‬وكل ما واراك من بيت‬
‫ونحوه والجمع خدور وأخدار‪ ،‬وبالفتح إلزام البنت الخدر كالخدار‬
‫والتخدير‪ ،‬وهي مخدور ومخدرة‪ ،‬ومخدرة انتهى )‪ (4‬والمعنى اشتهر‬
‫ورعه بحيث تتحدث النساء المستورات غير البارزات بورعه في بيوتهن‪،‬‬
‫وقيل إنه يدل على أن إظهار الصلح ليشتهر أمر مطلوب‪ ،‬ولكن بشرط أن‬
‫ل يكون لقصد الرياء والسمعة بل لغرض صحيح‪ ،‬مثل القتداء به‪،‬‬
‫والتحفظ من نسبة الفسق إليه ونحوهما وفيه نظر‪ - 15 .‬مع‪ :‬أبي‪ ،‬عن‬
‫سعد‪ ،‬عن الصبهاني‪ ،‬عن المنقري‪ ،‬عن فضيل بن عياض‪ ،‬عن أبي عبد‬
‫ال عليه السلم قال قلت له‪ :‬من الورع من الناس ؟ فقال‪ :‬الذي يتورع عن‬
‫محارم ال‪ ،‬ويجتنب هؤلء‪ ،‬وإذا لم يتق الشبهات وقع في الحرام‪ ،‬وهو ل‬
‫يعرفه‪.‬‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .78‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .105‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪(4) .79‬‬
‫القاموس‪ :‬ج ‪ 2‬ص ‪.18‬‬

‫]‪[304‬‬

‫وإذا رأى المنكر ولم ينكره وهو يقوى عليه‪ ،‬فقد أحب أن يعصى ال‪ ،‬ومن أحب أن‬
‫يعصى ال فقد بارز ال بالعداوة‪ ،‬ومن أحب بقاء الظالمين فقد أحب أن‬
‫يعصى ال إن ال تبارك وتعالى حمد نفسه على هلك الظلمة فقال " فقطع‬
‫دابر القوم الذين ظلموا والحمد ل رب العالمين " )‪ .(1‬فس‪ :‬أبي‪ ،‬عن‬
‫الصبهاني الحديث )‪ - 16 .(2‬مع‪ :‬في خبر أبي ذر‪ :‬يابا ذر ل عقل‬
‫كالتدبير ول ورع كالكف ول حسب كحسن الخلق )‪ - 17 .(3‬لى )‪ (4‬مع‪:‬‬
‫سئل أمير المؤمنين عليه السلم أي العمال أفضل عند ال ؟ قال التسليم‬
‫والورع )‪ - 18 .(5‬ل‪ :‬أبي‪ ،‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن عبد ال بن ميمون‪،‬‬
‫عن الصادق عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬فضل العلم أحب إلى ال عزوجل من فضل العبادة‪ ،‬وأفضل دينكم‬
‫الورع )‪ - 19 .(6‬ل‪ :‬أبي‪ ،‬عن محمد العطار‪ ،‬عن الشعري‪ ،‬عن أبي عبد‬
‫ال الرازي‪ ،‬عن علي بن سليمان بن رشيد‪ ،‬عن موسى بن سلم‪ ،‬عن أبان‬
‫بن سويد‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قلت‪ :‬ما الذي يثبت اليمان‬
‫في العبد ؟ قال‪ :‬الذي يثبته فيه الورع والذي يخرجه منه الطمع )‪- 20 .(7‬‬
‫ل‪ :‬الخليل بن أحمد‪ ،‬عن أبي منيع‪ ،‬عن هارون بن عبد ال‪ ،‬عن‬

‫)‪ (1‬معاني الخبار ص ‪ ،252‬والية في النعام‪ (2) .44 :‬تفسير القمي ص ‪) .188‬‬
‫‪ (3‬معاني الخبار ص ‪ (4) .335‬أمالي الصدوق ص ‪ (5) .238‬معاني‬
‫الخبار ص ‪ (6) .199‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (7) .6‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪.8‬‬

‫]‪[305‬‬

‫سليمان بن عبد الرحمان‪ ،‬عن خالد بن أبي خالد الزرق‪ ،‬عن محمد بن عبد‬
‫الرحمان وأظنه ابن أبي ليلى‪ ،‬عن نافع‪ ،‬عن ابن عمر‪ ،‬عن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله أنه قال‪ :‬أفضل العبادة الفقه وأفضل الدين الورع )‪.(1‬‬
‫‪ - 21‬ل‪ :‬فيما أوصى به رسول ال صلى ال عليه وآله عليا عليه السلم‪:‬‬
‫يا علي ثلث من لم تكن فيه لم يقم له عمل‪ :‬ورع يحجزه عن معاصي ال‬
‫عزوجل‪ ،‬وخلق يداري به الناس‪ ،‬وحلم يرد به جهل الجاهل )‪ .(2‬سن‪:‬‬
‫أبي‪ ،‬عن النوفلي‪ ،‬عن السكوني‪ ،‬عن الصادق‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم‬
‫عنه صلى ال عليه وآله مثله )‪ - 22 .(3‬ل‪ :‬قال النبي صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬كف عن محارم ال تكن أورع الناس‪ - 23 .‬لى‪ :‬العطار‪ ،‬عن أبيه‪،‬‬
‫عن الشعري‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن يونس‪ ،‬عن عبد ال بن سنان‪،‬‬
‫عن الصادق‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن الحسين بن علي عليهم السلم قال‪ :‬سئل أمير‬
‫المؤمنين صلوات ال عليه ما ثبات اليمان ؟ فقال‪ :‬الورع‪ ،‬فقيل له ما‬
‫زواله ؟ قال‪ :‬الطمع )‪ - 24 .(4‬لى‪ :‬في خطبة الوسيلة‪ :‬ل معقل أحرز من‬
‫الورع )‪ - 25 .(5‬ل‪ :‬ماجيلويه‪ ،‬عن عمه‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن ابن معروف‪،‬‬
‫عن أبي شعيب رفعه إلى أبي عبد ال عليه السلم قال أورع الناس من‬
‫وقف عند الشبهة‪ ،‬أعبد الناس من أقام الفرائض‪ ،‬أزهد الناس من ترك‬
‫الحرام‪ ،‬أشد الناس اجتهادا من ترك‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .17‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .62‬المحاسن ص ‪(4) .6‬‬
‫أمالي الصدوق ص ‪ (5) .174‬أمالي الصدوق ص ‪.193‬‬

‫]‪[306‬‬

‫الذنوب )‪ - 26 .(1‬ما‪ :‬ابن الحمامي‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن عبد ال‪ ،‬عن إسماعيل‬
‫بن محمد ابن أبي كثير‪ ،‬عن علي بن إبراهيم‪ ،‬عن السرى بن عامر قال‪:‬‬
‫صعد النعمان بن بشير‪ ،‬على المنبر بالكوفة‪ ،‬فحمد ال وأثنى عليه وقال‪:‬‬
‫سمعت رسول ال صلى ال عليه وآله يقول‪ :‬إن لكل ملك حمى وإن حمى‬
‫ال حلله وحرامه‪ ،‬والمشتبهات بين ذلك كما لو أن راعيا رعى إلى جانب‬
‫الحمى لم تلبث غنمه أن تقع في وسطه فدعوا المشتبهات )‪ - 27 .(2‬جا‪،‬‬
‫ما‪ :‬المفيد‪ ،‬عن ابن قولويه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن يونس‪ ،‬عن‬
‫كليب بن معاوية‪ ،‬عن الصادق عليه السلم قال‪ :‬أم وال إنكم لعلى دين ال‬
‫و ملئكته‪ ،‬فأعينونا على ذلك بورع واجتهاد‪ ،‬عليكم بالصلة والعبادة‪،‬‬
‫عليكم بالورع )‪ - 28 .(3‬ما‪ :‬المفيد‪ ،‬عن الحسين بن أحمد بن أبي‬
‫المغيرة‪ ،‬عن حيدر بن محمد‪ ،‬عن أبي عمرو الكشي‪ ،‬عن جعفر بن أحمد‪،‬‬
‫عن أيوب بن نوح‪ ،‬عن نوح بن دراج‪ ،‬عن إبراهيم المحاربي‪ ،‬عن أبي‬
‫عبد ال عليه السلم أنه قال‪ :‬اتقوا ال اتقوا ال عليكم بالورع و صدق‬
‫الحديث وأداء المانة وعفة البطن والفرج تكونوا معنا في الرفيع العلى )‬
‫‪ - 29 .(4‬ما‪ :‬الفحام‪ ،‬عن المنصوري‪ ،‬عن عم أبيه‪ ،‬عن أبي الحسن‬
‫الثالث عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال الصادق عليه السلم‪ :‬عليكم‬
‫بالورع فانه الدين الذي نلزمه و ندين ال به‪ ،‬ونريده ممن يوالينا‪ ،‬ل‬
‫تتعبونا بالشفاعة )‪ - 30 .(5‬ل‪ :‬الربعمائة )‪ (6‬قال أمير المؤمنين عليه‬
‫السلم‪ :‬من أحبنا فليعمل بعملنا‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .11‬أمالي الطوسي ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .390‬أمالي الطوسي‬
‫ج ‪ 1‬ص ‪ (4) .31‬أمالي الطوسي ج ‪ 1‬ص ‪ (5) .226‬أمالي الطوسي ج‬
‫‪ 1‬ص ‪ (6) .287‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪.155‬‬

‫]‪[307‬‬

‫وليستعن بالورع‪ ،‬فانه أفضل ما يستعان به في أمر الدنيا والخرة‪ - 31 .‬ل‪ :‬أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم قال‪ :‬شكر كل نعمة الورع عما حرم ال )‪- 32 .(1‬‬
‫ثو‪ :‬ابن الوليد‪ ،‬عن الصفار‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن‬
‫إبراهيم الكرخي‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬سمعته يقول‪ :‬ل يجمع‬
‫ال عزوجل لمؤمن الورع والزهد في الدنيا إل رجوت له الجنة )‪- 33 .(2‬‬
‫ثو‪ :‬أبي‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن أبي أيوب‬
‫عن الوصافي‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬كان فيما ناجى ال به‬
‫موسى عليه السلم أن يا موسى أبلغ قومك أنه ما تعبد لي المتعبدون بمثل‬
‫الورع عن محارمي‪ ،‬قال موسى‪ :‬فماذا أثبتهم على ذلك ؟ قال‪ :‬إني افتش‬
‫الناس عن أعمالهم ول افتشهم حياء منهم )‪ .(3‬اقول‪ :‬تمامه في باب‬
‫الزهد‪ - 34 .‬سن‪ :‬أبي‪ ،‬عن ابن سنان‪ ،‬عن أبي الجارود‪ ،‬عن أبي عبيدة‪،‬‬
‫عن أبي جميلة‪ ،‬عن أمير المؤمنين عليه السلم قال‪ :‬أيها الناس لخير في‬
‫دين لتفقه فيه‪ ،‬ول خير في دنيا لتدبير فيها‪ ،‬ول خير في نسك ل ورع فيه‬
‫)‪ - 35 .(4‬مص‪ :‬قال الصادق عليه السلم‪ :‬اغلق أبواب جوارحك عما‬
‫يرجع ضرره إلى قلبك‪ ،‬ويذهب بوجاهتك عند ال‪ ،‬وتعقب الحسرة والندامة‬
‫يوم القيامة‪ ،‬والحياء عما اجترحت من السيآت‪ ،‬والمتورع يحتاج إلى ثلثة‬
‫اصول‪ :‬الصفح عن عثرات الخلق أجمع‪ ،‬وترك خوضه )‪ (5‬فيهم‪ ،‬واستواء‬
‫المدح والذم‪ .‬وأصل الورع دوام المحاسبة‪ ،‬وصدق المقاولة‪ ،‬وصفاء‬
‫المعاملة‪ ،‬والخروج من كل شبهة‪ ،‬ورفض كل ]عيبة و[ ريبة‪ ،‬ومفارقة‬
‫جميع ما ل يعنيه‪ ،‬وترك فتح أبواب ل يدري كيف يغلقها‪ ،‬ول يجالس من‬
‫يشكل عليه الواضح‪ ،‬ول يصاحب مستخفي‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .11‬ثواب العمال ص ‪ 121‬ويأتى تمامه في ص ‪.314‬‬


‫)‪ (3‬ثواب العمال ص ‪ (4) .156‬المحاسن ص ‪ (5) .5‬خطيئته خ ل كما‬
‫في المصدر‪(*) .‬‬
‫]‪[308‬‬

‫الدين‪ ،‬ول يعارض من العلم ما ل يحتمل قلبه‪ ،‬ول يتفهمه من قائل‪ ،‬ويقطع من‬
‫يقطعه عن ال )‪ - 36 .(1‬سر‪ :‬من كتاب حريز‪ ،‬عن الفضيل عن أبي جعفر‬
‫عليه السلم قال‪ :‬قال لي‪ :‬يا فضيل أبلغ من لقيت من موالينا عنا السلم‪،‬‬
‫وقل لهم إني ل اغني عنهم من ال شيئا إل بالورع‪ ،‬فاحفظوا ألسنتكم‬
‫وكفوا أيديكم‪ ،‬وعليكم بالصبر والصلة إن ال مع الصابرين‪ - 37 .‬ما‪ :‬ابن‬
‫الصلت‪ ،‬عن ابن عقدة‪ ،‬عن محمد بن عيسى الضرير‪ ،‬عن محمد ابن زكريا‬
‫المكي‪ ،‬عن كثير بن طارق‪ ،‬عن زيد بن علي‪ ،‬عن أبيه عليه السلم قال‪:‬‬
‫الورع نظام العبادة‪ ،‬فإذا انقطع الورع ذهبت الديانة‪ ،‬كما أنه إذا انقطع‬
‫السلك اتبعه النظام )‪ - 38 (2‬مشكوة النوار‪ :‬نقل من كتاب المحاسن عن‬
‫أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬اتقوا ال وصونوا دينكم بالورع‪ .‬وعنه عليه‬
‫السلم قال‪ :‬ل ينفع اجتهاد ل ورع فيه‪ .‬وعنه عليه السلم قال‪ :‬لن أجدى‬
‫أحد عن أحد شيئا إل بالعمل ولن تنالوا ما عند ال إل بالورع )‪ .(3‬وعن‬
‫أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬قال ال عزوجل‪ :‬يا ابن آدم اجتنب ما حرمت‬
‫عليك تكن من أورع الناس‪ .‬وسئل الصادق عليه السلم من الورع من‬
‫الناس ؟ قال‪ :‬الذي يتورع عن محارم ال‪ .‬وعن الباقر عليه السلم قال‪:‬‬
‫عليك بتقوى ال والجتهاد في دينك واعلم أنه ل يغني عنك اجتهاد ليس‬
‫معه ورع‪ .‬وعن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬فيما ناجى ال تبارك وتعالى‬
‫به موسى صلوات ال‬

‫)‪ (1‬مصباح الشريعة ص ‪ (2) .23‬أمالي الطوسي ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .314‬مشكاة‬


‫النوار ص ‪ 44‬ومعنى لن أجدى أي ما أغنى أبدا‪.‬‬

‫]‪[309‬‬

‫عليه يا موسى ما تقرب إلى المتقربون بمثل الورع عن محارمي فاني أمنحهم‬
‫جنات عدني ل اشرك معهم أحدا )‪ .(1‬ومنه نقل من كتاب صفات الشيعة‬
‫عن ابن أبي يعفور قال‪ :‬قال لي أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬كونوا دعاة‬
‫الناس بغير ألسنتكم ليروا منكم الجتهاد والصدق والورع وعن خيثمة‪،‬‬
‫عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬دخلت عليه لودعه فقال‪ :‬أبلغ موالينا‬
‫السلم عنا‪ ،‬وأوصهم بتقوى ال العظيم‪ ،‬وأعلمهم يا خيثمة أنا لنغني‬
‫عنهم من ال شيئا إل بعمل‪ ،‬ولن ينالوا وليتنا إل بورع وإن أشد الناس‬
‫حسرة يوم القيامة من وصف عدل ثم خالفه إلى غيره )‪) * (58) .(2‬باب(‬
‫* الزهد ودرجاته اليات‪ :‬آل عمران‪ :‬لكيل تحزنوا على ما فاتكم ول ما‬
‫أصابكم )‪ .(3‬طه‪ :‬ول تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة‬
‫الحيوة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خير وأبقى )‪ .(4‬الحديد‪ :‬ما أصاب من‬
‫مصيبة في الرض ول في أنفسكم إل في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك‬
‫على ال يسير * لكيل تأسوا على ما فاتكم ول تفرحوا بما آتاكم وال ل‬
‫يحب كل مختال فخور )‪ - 1 .(5‬مع )‪ (6‬لى‪ :‬في خبر الشيخ الشامي‪ :‬سأل‬
‫أمير المؤمنين عليه السلم أي الناس‬

‫)‪ (1‬مشكاة النوار ص ‪ (2) .45‬مشكاة النوار ص ‪ (3) .46‬آل عمران‪(4) .153 :‬‬
‫طه‪ (5) .131 :‬الحديد‪ 22 :‬و ‪ (6) .23‬معاني الخبار ص ‪.199‬‬

‫]‪[310‬‬

‫خير عند ال عزوجل ؟ قال‪ :‬أخوفهم ل‪ ،‬وأعملهم بالتقوى‪ ،‬وأزهدهم في الدنيا )‬


‫‪ .(1‬كتاب الغايات‪ :‬مرسل مثله‪ - 2 .‬مع‪ :‬أبي‪ ،‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫النوفلي‪ ،‬عن السكوني‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قيل لمير‬
‫المؤمنين عليه السلم‪ :‬ما الزهد في الدنيا ؟ قال تنكب حرامها )‪- 3 .(2‬‬
‫مع‪ :‬ابن الوليد‪ ،‬عن الصفار‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن محمد بن سنان‪،‬‬
‫عن مالك بن عطية الحمسي‪ ،‬عن معروف بن خربوذ‪ ،‬عن أبي الطفيل‬
‫قال‪ :‬سمعت أمير المؤمنين عليه السلم يقول‪ :‬الزهد في الدنيا قصر المل‪،‬‬
‫وشكر كل نعمة الورع عما حرم ال عليك )‪ - 4 .(3‬مع‪ :‬ابن الوليد‪ ،‬عن‬
‫الصفار‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن الجهم بن الحكم عن السكوني قال‪ :‬قال أبو عبد‬
‫ال عليه السلم‪ :‬ليس الزهد في الدنيا باضاعة المال‪ ،‬ول بتحريم الحلل‪،‬‬
‫بل الزهد في الدنيا أن ل تكون بما في يدك أوثق منك بما في يد ال عزوجل‬
‫)‪ - 5 .(4‬مع‪ :‬ابن الوليد‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن الصبهاني‪ ،‬عن المنقري‪ ،‬عن‬
‫علي بن هاشم بن البريد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم أن رجل‬
‫سأله عن الزهد فقال‪ :‬الزهد عشرة أشياء وأعلى درجات الزهد أدنى‬
‫درجات الورع‪ ،‬وأعلى درجات الورع أدنى درجات اليقين‪ ،‬وأعلى درجات‬
‫اليقين أدنى درجات الرضا‪ ،‬أل وإن الزهد في آية من كتاب ال عزوجل "‬
‫لكيل تأسوا على ما فاتكم ول تفرحوا بما آتاكم " )‪ .(5‬دعوات الراوندي‪:‬‬
‫عن علي بن الحسين عليهما السلم مثله‪ - 6 .‬مع )‪ (6‬ن‪ ،‬لى‪ :‬المفسر‪،‬‬
‫عن أحمد بن الحسن الحسيني‪ ،‬عن الحسن‬

‫)‪ (1‬أمالي الصدوق ص ‪ (4 - 2) .237‬معاني الخبار ص ‪ (5) .251‬معاني الخبار‬


‫ص ‪ (6) .252‬معاني الخبار ص ‪.287‬‬

‫]‪[311‬‬
‫ابن علي بن الناصر‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن أبي جعفر الثاني‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده عليهم‬
‫السلم قال‪ :‬سئل الصادق عليه السلم عن الزاهد في الدنيا‪ ،‬قال‪ :‬الذي‬
‫يترك حللها مخافة حسابه‪ ،‬ويترك حرامها مخافة عذابه )‪ - 7 .(1‬لى‪ :‬قد‬
‫مضى في باب اليقين قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬إن صلح أول‬
‫هذه المة بالزهد واليقين‪ ،‬وهلك آخرها بالشح والمل )‪ - 8 .(2‬فس‪:‬‬
‫أبي‪ ،‬عن الصبهاني‪ ،‬عن المنقري‪ ،‬عن حفص قال‪ :‬قلت لبي عبد ال‬
‫عليه السلم‪ :‬جعلت فداك ما حد الزهد في الدنيا ؟ فقال‪ :‬فقد حده ال في‬
‫كتابه فقال عزوجل‪ " :‬لكيل تأسوا على ما فاتكم ول تفرحوا بما آتاكم " إن‬
‫أعلم الناس بال أخوفهم بال‪ ،‬وأخوفهم له أعلمهم به‪ ،‬وأعلمهم به‬
‫أزهدهم فيها )‪ .(3‬ل‪ ،‬لى‪ :‬أبي )‪ ،(4‬عن سعد‪ ،‬عن الصبهاني إلى قوله بما‬
‫آتيكم )‪ - 9 .(5‬ضه‪ :‬قال النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬إذا رأيتم الرجل قد‬
‫اعطي الزهد في الدنيا فاقتربوا منه‪ ،‬فانه يلقي الحكمة‪ .‬وقال صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬المؤمن بيته قصب‪ ،‬وطعامه كسر‪ ،‬ورأسه شعث وثيابه خلق‪،‬‬
‫وقلبه خاشع‪ ،‬ول يعدل بالسلمة شيئا‪ - 10 .‬فس‪ :‬أبي‪ ،‬عن الصبهاني‪،‬‬
‫عن المنقري رفعه قال‪ :‬قال رجل لعلي بن الحسين عليه السلم‪ :‬ما الزهد ؟‬
‫قال‪ :‬الزهد عشرة أجزاء فأعلى درجات الزهد أدنى درجات الرضا‪ ،‬أل وإن‬
‫الزهد في آية من كتاب ال " ليكل تأسوا على ما فاتكم ول تفرحوا بما‬
‫آتيكم " )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬أمالي الصدوق ص ‪ ،215‬عيون أخبار الرضا عليه السلم ج ‪ 2‬ص ‪(2) .52‬‬
‫أمالي الصدوق ص ‪ 137‬راجع ص ‪ 173‬فيما سبق‪ (3) .‬تفسير القمي‬
‫ص ‪ 493‬وتراه في الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (4) .128‬في المالى‪ :‬محمد بن‬
‫موسى المتوكل عن سعد الخ‪ (5) .‬أمالي الصدوق ص ‪ (6) .367‬تفسير‬
‫القمي ‪ 587‬والية في الحديد‪.23 :‬‬

‫]‪[312‬‬

‫أقول‪ :‬قد مضى في باب الورع عن أمير المؤمنين عليه السلم أزهد الناس من ترك‬
‫الحرام )‪ - 11 .(1‬ل‪ :‬ابن إدريس‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن الشعري‪ ،‬عن أحمد بن‬
‫محمد‪ ،‬عن بعض النوفليين ومحمد بن سنان رفعه إلى أمير المؤمنين عليه‬
‫السلم قال‪ :‬كونوا على قبول العمل أشد عناية منكم على العمل‪ ،‬الزهد في‬
‫الدنيا قصر المل‪ ،‬وشكر كل نعمة الورع عما حرم ال عزوجل‪ ،‬من أسخط‬
‫بدنه أرضى ربه‪ ،‬ومن لم يسخط بدنه عصى ربه )‪ - 12 .(2‬ل‪ :‬ماجيلويه‪،‬‬
‫عن محمد العطار‪ ،‬عن الشعري‪ ،‬عن سهل‪ ،‬عن إبراهيم بن داود‬
‫اليعقوبي‪ ،‬عن أخيه سليمان رفعه قال‪ :‬قال رجل للنبي صلى ال عليه وآله‬
‫يارسول ال علمني شيئا إذا أنا فعلته أحبني ال من السماء وأحبني الناس‬
‫من الرض‪ ،‬فقال له‪ :‬ارغب فيما عند ال عزوجل يحبك ال‪ ،‬وازهد فيما‬
‫عند الناس يحبك الناس )‪ - 13 .(3‬ل‪ :‬أبي‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن أيوب بن نوح‪،‬‬
‫عن الربيع بن محمد المسلي عن عبد العلى‪ ،‬عن نوف‪ ،‬عن أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم قال‪ :‬يا نوف طوبى للزاهدين في الدنيا الراغبين في‬
‫الخرة‪ ،‬اولئك الذين اتخذوا الرض بساطا‪ ،‬وترابها فراشا‪ ،‬وماءها طيبا‪،‬‬
‫والقرآن دثارا والدعاء شعارا وقرضوا من الدنيا تقريضا على منهاج‬
‫عيسى بن مريم عليه السلم الخبر )‪ - 14 .(4‬مع‪ :‬أبي‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن‬
‫البرقي‪ ،‬عن أبيه رفعه قال‪ :‬سأل النبي صلى ال عليه وآله جبرئيل عليه‬
‫السلم عن تفسير الزهد قال‪ :‬الزاهد يحب من يحب خالقه‪ ،‬ويبغض من‬
‫يبغض خالقه‪ ،‬ويتحرج من حلل الدنيا‪ ،‬ول يلتفت إلى حرامها‪ ،‬فان حللها‬
‫حساب‪ ،‬وحرامها عقاب‪ ،‬ويرحم جميع المسلمين كما يرحم نفسه ويتحرج‬
‫من‬

‫)‪ (1‬راجع الباب ‪ 57‬تحت الرقم ‪ 25‬ص ‪ (2) .305‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪(3) .11‬‬
‫الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (4) .32‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪.164‬‬

‫]‪[313‬‬

‫الكلم كما يتحرج من الميتة التي قد اشتد نتنها‪ ،‬ويتحرج عن حطام الدنيا وزينتها‪،‬‬
‫كما يتجنب النار أن يغشاها‪ ،‬وأن يقصر أمله‪ ،‬وكان بين عينيه أجله )‪.(1‬‬
‫‪ - 15‬ل )‪ (2‬لى‪ :‬محمد بن أحمد بن علي السدي‪ ،‬عن عبد ال بن سليمان‬
‫وعبد ال بن محمد الواهبي وأحمد بن عمير ومحمد بن أبي أيوب قالوا‪:‬‬
‫حدثنا عبد ال ابن هاني‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن عمه إبراهيم‪ ،‬عن ام الدرداء‪ ،‬عن‬
‫أبي الدرداء قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬من أصبح معافى في‬
‫جسده‪ ،‬آمنا في سربه‪ ،‬عنده قوت يومه فكأنما خيرت له الدنيا يا ابن خثعم‬
‫يكفيك منها ما سد جوعك‪ ،‬ووارى عورتك فان يكن بيت يكنك فذاك‪ ،‬وإن‬
‫تكن دابة تركبها فبخ بخ‪ ،‬وإل فالخبز وماء الجر‪ ،‬وما بعد ذلك حساب عليك‬
‫أو عذاب )‪ - 16 .(3‬ثو‪ :‬ابن الوليد‪ ،‬عن الصفار‪ ،‬عن ابن معروف‪ ،‬عن‬
‫ابن مهزيار‪ ،‬عن جعفر بن بشير‪ ،‬عن سيف‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم‬
‫قال‪ :‬من لم يستحي من طلب المعاش خفت مؤنته‪ ،‬ورخي باله‪ ،‬ونعم‬
‫عياله‪ ،‬ومن زهد في الدنيا أثبت ال الحكمة في قلبه‪ ،‬وأنطق بها لسانه‪،‬‬
‫وبصره عيوب الدنيا داءها ودواءها‪ ،‬وأخرجه منها سالما إلى دار السلم )‬
‫‪ - 7 .(4‬ثو‪ :‬أبي‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن أبي‬
‫أيوب عن الوصافي‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬كان فيما ناجى ال به‬
‫موسى عليه السلم على الطور أن يا موسى أبلغ قومك أنه ما يتقرب إلي‬
‫المتقربون بمثل البكاء من خشيتي‪ ،‬وما تعبد لي المتعبدون بمثل الورع‬
‫عن محارمي‪ ،‬ولتزين لي المتزينون بمثل الزهد في الدنيا عما بهم الغنا‬
‫عنه‪ .‬قال‪ :‬فقال موسى عليه السلم‪ :‬يا أكرم الكرمين فماذا أثبتهم على‬
‫ذلك ؟ فقال‪:‬‬

‫)‪ (1‬معاني الخبار ص ‪ (2) .261‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .77‬أمالي الصدوق ص‬


‫‪ (4) .232‬ثواب العمال ص ‪.151‬‬

‫]‪[314‬‬

‫يا موسى أما المتقربون إلي بالبكاء من خشيتي‪ ،‬فهم في الرفيق العلى ل يشركهم‬
‫فيه أحد وأما المتعبدون لي بالورع عن محارمي فاني افتش الناس عن‬
‫أعمالهم ول افتشهم حياء منهم‪ ،‬وأما المتقربون إلي بالزهد في الدنيا فاني‬
‫ابيحهم الجنة بحذافيرها‪ ،‬يتبوؤن منها حيث يشاؤن )‪ - 18 .(1‬سن‪ :‬أبي‬
‫رفعه قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم لرجل‪ :‬أحكم أهل الخرة ]أمر‬
‫آخرتهم[ كما أحكم أهل الدنيا أمر دنياهم فانما جعلت الدنيا شاهدا يعرف بها‬
‫ما غاب عنها من الخرة‪ ،‬فاعرف الخرة بها‪ ،‬ول تنظر إلى الدنيا إل‬
‫باعتبار )‪ - 19 .(2‬ضا‪ :‬أروي عن العالم عليه السلم أنه قال‪ :‬إن الدنيا قد‬
‫ترحلت مدبرة وإن الخرة قد ترحلت مقبلة‪ ،‬ولكل واحد منهما بنون‪،‬‬
‫فكونوا من أبناء الخرة‪ ،‬ول تكونوا من أبناء الدنيا‪ ،‬وكونوا من الزاهدين‬
‫في الدنيا الراغبين في الخرة‪ ،‬لن الزاهدين اتخذوا الرض بساطا‪،‬‬
‫والتراب فراشا‪ ،‬والماء طيبا وقرضوا الدنيا تقريضا‪ .‬أل من اشتاق إلى‬
‫الجنة سل عن الشهوات‪ ،‬ومن أشفق من النار رجع عن المحرمات ومن‬
‫زهد في الدنيا هانت عليه المصائب‪ ،‬أل إن ل عبادا شرورهم مأمونة‬
‫]وقلوبهم[ محزونة وأنفسهم عفيفة‪ ،‬وحوائجهم خفيفة‪ ،‬صبروا أياما‬
‫فصارت لهم العقبى راحة طويلة أما آناء الليل‪ ،‬فصافوا على أقدامهم‪،‬‬
‫وآناء النهار فخلصوا مخلصا وهم عابدون يسعون في فكاك رقابهم‪ ،‬بررة‬
‫أتقياء كأنهم القداح ينظر إليهم الناظر فيقول‪ :‬مرضى‪ .‬وروي عن المسيح‬
‫عليه السلم أنه قال للحواريين‪ :‬أكلي ما أنبتته الرض للبهايم وشربي ماء‬
‫الفرات بكفي‪ ،‬وسراجي القمر‪ ،‬وفراشي التراب‪ ،‬ووسادتي المدر ولبسي‬
‫الشعر‪ ،‬ليس لي ولد يموت‪ ،‬ول لي امرأة تحزن‪ ،‬ول بيت يخرب‪ ،‬ول مال‬
‫يتلف‪ ،‬فأنا أغنى ولد آدم‪ .‬وأروي عن العالم عليه السلم أنه سئل عن قول‬
‫ال تبارك وتعالى‪ " :‬وكان تحته‬

‫)‪ (1‬ثواب العمال ص ‪ (2) .156‬المحاسن ص ‪ 299‬وفيه أحكم أمر الخرة كما‬
‫الخ‪.‬‬
‫]‪[315‬‬

‫كنز لهما " )‪ (1‬فقال وال‪ :‬ما كان ذهبا ول فضة‪ ،‬ولكنه كان لوح من ذهب‪،‬‬
‫مكتوب عليه أربعة أحرف‪ :‬أنا ال ل إله إل أنا‪ ،‬من أيقن بالموت لم يضحك‬
‫سنه‪ ،‬ومن أيقن بالحساب لم يفرح قلبه‪ ،‬ومن أيقن بالقدر علم أنه ل يصيبه‬
‫إل ما قدر عليه‪ .‬وأروي من ملك نفسه إذا رغب وإذا رهب‪ ،‬وإذا اشتهى‬
‫وإذا غضب‪ ،‬حرم ال جسده على النار‪ .‬وسألت العالم عليه السلم عن‬
‫أزهد الناس قال‪ :‬الذي ل يطلب المعدوم حتى ينفد الموجود‪ - 20 .‬مص‪:‬‬
‫قال الصادق عليه السلم‪ :‬الزهد مفتاح باب الخرة‪ ،‬والبراءة من النار‪،‬‬
‫وهو تركك كل شئ يشغلك عن ال‪ ،‬عن غير تأسف على فوتها‪ ،‬ول إعجاب‬
‫في تركها‪ ،‬ول انتظار فرج منها‪ ،‬ول طلب محمدة عليها‪ ،‬ول عوض منها‪،‬‬
‫بل ترى فوتها راحة‪ ،‬وكونها آفة‪ ،‬وتكون أبدا هاربا من الفة‪ ،‬معتصما‬
‫بالراحة والزاهد الذي يختار الخرة على الدنيا‪ ،‬والذل على العز‪ ،‬والجهد‬
‫على الراحة والجوع على الشبع‪ ،‬وعاقبة الجل على محبة العاجل‪ ،‬والذكر‬
‫على الغفلة ويكون نفسه في الدنيا وقلبه في الخرة‪ .‬قال رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله‪ :‬حب الدنيا رأس كل خطيئة‪ ،‬أل ترى كيف أحب ما أبغضه‬
‫ال‪ ،‬وأي خطاء أشد جرما من هذا‪ .‬وقال بعض أهل البيت عليهم السلم‪:‬‬
‫لو كانت الدنيا بأجمعها لقمة في فم طفل لرجمناه‪ ،‬فكيف حال من نبذ حدود‬
‫ال وراء ظهره في طلبها‪ ،‬والحرص عليها والدنيا دار لو أحسنت إلى‬
‫ساكنها لرحمتك وأحسنت وداعك‪ .‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬لما‬
‫خلق ال الدنيا أمرها بطاعته‪ ،‬فأطاعت ربها فقال لها‪ :‬خالفي من طلبك‪،‬‬
‫ووافقي من خالفك‪ ،‬فهي على ما عهد إليها ال‪ ،‬وطبعها عليه )‪.(2‬‬

‫)‪ (1‬الكهف‪ (2) .82 :‬مصباح الشريعة ص ‪ 22‬و ‪.23‬‬

‫]‪[316‬‬

‫‪ - 21‬شى‪ :‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن بعض أصحابنا‪ ،‬عن رجل حدثه‪ ،‬عن أبي عبد‬
‫ال عليه السلم قال‪ :‬رفع عيسى بن مريم عليه السلم بمدرعة صوف من‬
‫غزل مريم‪ ،‬ومن نسج مريم‪ ،‬ومن خياطة مريم‪ ،‬فلما انتهى إلى السماء‬
‫نودي يا عيسى ألق عنك زينة الدنيا )‪ - 22 .(1‬جا‪ :‬المراغي عن الحسين‬
‫بن محمد‪ ،‬عن جعفر بن عبد ال العلوي‪ ،‬عن يحيى بن هاشم الغساني‪ ،‬عن‬
‫أبي عاصم النبيل‪ ،‬عن سفيان‪ ،‬عن أبي إسحاق‪ ،‬عن علقمة بن قيس‪ ،‬عن‬
‫نوف البكالي قال‪ :‬بت ]ليلة عند[ أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‬
‫السلم فرأيته يكثر الختلف من منزله وينظر إلى السماء قال‪ :‬فدخل‬
‫كبعض ماكان يدخل‪ ،‬قال‪ :‬أنائم أنت أم رامق ؟ فقلت‪ :‬بل رامق يا أمير‬
‫المؤمنين مازلت أرمقك منذ الليلة بعيني وأنظر ما تصنع‪ ،‬فقال‪ :‬يا نوف‬
‫طوبى للزاهدين في الدنيا الراغبين في الخرة‪ ،‬قوم يتخذون أرض ال‬
‫بساطا‪ ،‬وترابه وسادا‪ ،‬وكتابه شعارا ودعاءه دثارا‪ ،‬وماءه طيبا‪ ،‬يقرضون‬
‫الدنيا قرضا على منهاج المسيح عليه السلم‪ .‬ان ال تعالى أوحى إلى‬
‫عيسى عليه السلم يا عيسى عليك بالمنهاج الول تلحق ملحق‬
‫المرسلين‪ ،‬قل لقومك‪ :‬يا أخا المنذرين أن ل تدخلوا بيتا من بيوتي إل‬
‫بقلوب طاهرة‪ ،‬وأيد نقية‪ ،‬وأبصار خاشعة‪ ،‬فاني لأسمع من داع دعاءه‪،‬‬
‫ولحد من عبادي عنده مظلمة‪ ،‬ول أستجيب له دعوة ولي قبله حق لم‬
‫يرده إلي‪ .‬فان استطعت يا نوف أل تكون عريفا ول شاعرا ول صاحب‬
‫كوبة ول صاحب عرطبة فافعل‪ ،‬فان داود عليه السلم رسول رب العالمين‬
‫خرج ليلة من الليالي فنظر في نواحي السماء ثم قال‪ :‬وال رب داود إن‬
‫هذه الساعة لساعة ما يوافقها عبد مسلم يسأل ال فيها خيرا إل أعطاه‬
‫إياه‪ ،‬إل أن يكون عريفا أو شاعرا أو صاحب كوبة أو صاحب عرطبة )‪.(2‬‬
‫‪ - 23‬ضه‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬الزهد ثروة‪ ،‬والورع جنة‪،‬‬
‫وأفضل‬

‫)‪ (1‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .175‬مجالس المفيد ص ‪.85‬‬

‫]‪[317‬‬

‫الزهد إخفاء الزهد‪ ،‬الزهد يخلق البدان‪ ،‬ويحدد المال‪ ،‬ويقرب المنية ويباعد‬
‫المنية‪ ،‬من ظفر به نصب‪ ،‬ومن فاته تعب‪ ،‬ول كرم كالتقوى‪ ،‬ول تجارة‬
‫كالعمل الصالح‪ ،‬ول ورع كالوقوف عند الشبهة‪ ،‬ول زهد كالزهد في‬
‫الحرام‪ .‬الزهد كلمة بين كلمتين قال ال تعالى‪ " :‬لكيل تأسوا على ما فاتكم‬
‫ول تفرحوا بما آتيكم " )‪ (1‬فمن لم يأس على الماضي‪ ،‬ولم يفرح بالتي‪،‬‬
‫فقد أخذ الزهد بطرفيه‪ ،‬أيها الناس الزهادة قصر المل‪ ،‬والشكر عند النعم‪،‬‬
‫والورع عند المحارم فان عزب ذلك عنكم فل يغلب الحرام صبركم‪ ،‬ول‬
‫تنسوا عند النعم شكركم‪ ،‬فقد أعذر ال إليكم بحجج مسفرة ظاهرة‪ ،‬وكتب‬
‫بارزة العذر واضحة‪ - 24 .‬ين‪ :‬فضالة‪ ،‬عن عبد ال بن فرقد‪ ،‬عن أبي‬
‫كهمش‪ ،‬عن عبد المؤمن النصاري‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬استحيوا من ال حق الحياء‪ ،‬فقيل‪:‬‬
‫يارسول ال ومن يستحيي من ال حق الحيا ؟ فقال‪ :‬من استحيى من ال‬
‫حق الحياء فليكتب أجله بين عينيه‪ ،‬وليزهد في الدنيا وزينتها‪ ،‬ويحفظ‬
‫الرأس وما حوى‪ ،‬والبطن وما وعى‪ ،‬ول ينسى المقابر والبلى‪ - 25 .‬ين‪:‬‬
‫النضر‪ ،‬عن درست‪ ،‬عن إسحاق بن عمار‪ ،‬عن ميسر‪ ،‬عن أبي جعفر عليه‬
‫السلم قال‪ :‬لما نزلت هذه الية " ول تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا‬
‫منهم زهرة الحيوة الدنيا " )‪ (2‬استوى رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫جالسا ثم قال‪ :‬من لم يتعز بعزاء ال تقطعت نفسه حسرات على الدنيا‪،‬‬
‫ومن اتبع بصره ما في أيدي الناس طال همه ولم يشف غيظه‪ ،‬ومن لم‬
‫يعرف ل عليه نعمة إل في مطعم أو مشرب قصر علمه‪ ،‬ودنا عذابه‪- 26 .‬‬
‫ين‪ :‬ابن المغيرة‪ ،‬عن السكوني يرفع الحديث إلى أمير المؤمنين عليه‬
‫السلم قال‪ :‬قيل له‪ :‬ما الزهد في الدنيا ؟ قال‪ :‬حرامها فتنكبه‪ - 27 .‬ين‪:‬‬
‫ابن أبي عمير‪ ،‬عن هشام بن سالم‪ ،‬عن أبي يعقوب قال‪ :‬سمعت‬

‫)‪ (1‬الحديد‪ (2) .23 :‬طه‪.131 :‬‬

‫]‪[318‬‬

‫أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬إنا لنحب الدنيا وأن لنعطاها خير لنا‪ ،‬وما اعطي أحد‬
‫منها شيئا إل نقص من حظه من الخرة‪ - 28 .‬ين‪ :‬النضر‪ ،‬عن عاصم‪،‬‬
‫عن أبي بصير‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬جاءني ملك فقال‪ :‬يا محمد ربك يقرئك السلم ويقول لك‪ :‬إن‬
‫شئت جعلت لك بطحاء مكة رضراض ذهب‪ ،‬قال‪ :‬فرفع النبي صلى ال‬
‫عليه وآله رأسه إلى السماء فقال‪ :‬يا رب أشبع يوما فأحمدك‪ ،‬وأجوع يوما‬
‫فأسألك‪ - 29 .‬ما‪ :‬جماعة‪ ،‬عن أبي المفضل‪ ،‬عن عبد ال بن محمد بن‬
‫عبيد بن ياسين عن أبي الحسن الثالث‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال‬
‫أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬من أصبح والخرة همه استغنى بغير مال‬
‫واستأنس بغير أهل وعز بغير عشيرة )‪ - 30 .(1‬ما‪ :‬جماعة‪ ،‬عن أبي‬
‫المفضل‪ ،‬عن جعفر بن محمد الحسني‪ ،‬عن محمد بن علي بن الحسين بن‬
‫زيد‪ ،‬عن الرضا‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬إنما ابن آدم ليومه‪ ،‬فمن أصبح آمنا في سربه معافى في‬
‫جسده‪ ،‬عنده قوت يومه فكأنما خيرت له الدنيا )‪ - 31 .(2‬ما‪ :‬الحسين بن‬
‫إبراهيم‪ ،‬عن محمد بن وهبان‪ ،‬عن أحمد بن إبراهيم عن الحسن بن علي‬
‫الزعفراني‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن أبيه محمد‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن هشام بن‬
‫سالم‪ ،‬عن أبي اسامة‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قلت‪ :‬بلغنا أن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله لم يشبع من خبز بر ثلثة أيام قط قال‪ :‬فقال‬
‫أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬ما أكله قط قلت‪ :‬فأي شئ كان يأكل ؟ قال‪ :‬كان‬
‫طعام رسول ال صلى ال عليه وآله الشعير إذا وجده‪ ،‬وحلواه التمر‪،‬‬
‫ووقوده السعف )‪ - 32 .(3‬ما‪ :‬الحسين بن إبراهيم‪ ،‬عن محمد بن وهبان‪،‬‬
‫عن محمد بن أحمد بن زكريا‪ ،‬عن الحسن بن فضال‪ ،‬عن علي بن عقبة‪،‬‬
‫عن أبي كهمش‪ ،‬عن عمرو بن‬
‫)‪ (1‬أمالي الطوسي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .192‬أمالي الطوسي ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .201‬أمالي‬
‫الطوسي ج ‪ 2‬ص ‪.276‬‬

‫]‪[319‬‬

‫سعيد بن هلل قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬أوصني فقال‪ :‬اوصيك بتقوى‬
‫ال والورع والجتهاد‪ ،‬واعلم أنه ل ينفع اجتهاد ل ورع فيه‪ ،‬وانظر إلى‬
‫من هو دونك ول تنظر إلى من هو فوقك فكثيرا ما قال ال عزوجل لرسوله‬
‫صلى ال عليه وآله " ول تعجبك أموالهم ول أولدهم " )‪ (1‬وقال عز‬
‫ذكره‪ " :‬ول تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحيوة الدنيا‬
‫" )‪ (2‬فان نازعتك نفسك إلى شئ من ذلك فاعلم أن رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله كان قوته الشعير‪ ،‬وحلواه التمر‪ ،‬ووقوده السعف‪ ،‬وإذا اصبت‬
‫بمصيبة فاذكر مصابك برسول ال فان الناس لم يصابوا بمثله أبدا )‪.(3‬‬
‫‪ - 33‬الدرة الباهرة‪ :‬سئل الرضا عليه السلم عن صفة الزاهد فقال‪ :‬متبلغ‬
‫بدون قوته‪ ،‬مستعد ليوم موته‪ ،‬متبرم بحياته‪ - 34 .‬نهج‪ :‬قال عليه السلم‪:‬‬
‫أفضل الزهد إخفاء الزهد‪ .‬وقال عليه السلم‪ :‬ازهد في الدنيا يبصرك ال‬
‫عوراتها‪ ،‬ول تغفل فلست بمغفول عنك )‪ - 35 .(4‬نهج‪ :‬عن نوف البكالي‬
‫قال‪ :‬رأيت أمير المؤمنين عليه السلم ذات ليلة وقد خرج من فراشه‪ ،‬فنظر‬
‫إلى النجوم فقال‪ :‬يا نوف أراقد أنت أم رامق ؟ فقلت‪ :‬بل رامق يا أمير‬
‫المؤمنين‪ ،‬فقال‪ :‬يا نوف طوبى للزاهدين في الدنيا الراغبين في الخرة‬
‫اولئك قوم اتخذوا الرض بساطا وترابها فراشا‪ ،‬وماءها طيبا‪ ،‬والقرآن‬
‫شعارا والدعاء دثارا‪ ،‬ثم قرضوا الدنيا قرضا على منهاج المسيح عليه‬
‫السلم‪ .‬يا نوف إن داود عليه السلم قام في مثل هذه الساعة من الليل‬
‫فقال‪ :‬إنها ساعة ل يدعو فيها عبد ربه إل استجيب له‪ ،‬إل أن يكون عشارا‬
‫أو عريفا أو شرطيا أو صاحب عرطبة‪ ،‬وهي الطنبور أو صاحب كوبة‬
‫وهي الطبل‪ ،‬وقد قيل أيضا‪ :‬إن‬

‫)‪ (1‬براءة‪ (2) .85 :‬طه‪ (3) .131 :‬أمالي الطوسي ج ‪ 2‬ص ‪ (4) .294‬نهج‬
‫البلغة ج ‪ 2‬ص ‪.148‬‬

‫]‪[320‬‬

‫العرطبة الطبل والكوبة الطنبور )‪ .(1‬وقال عليه السلم‪ :‬الزهد كلمة بين كلمتين من‬
‫القرآن قال ال سبحانه " لكيل تأسوا على ما فاتكم ول تفرحوا بما آتاكم "‬
‫)‪ (2‬فلم لم يأس على الماضي ولم يفرح بالتي فقد أخذ الزهد بطرفيه )‪.(3‬‬
‫وقال عليه السلم‪ :‬أيها الناس الزهادة قصر المل‪ ،‬والشكر عند النعم‪،‬‬
‫والورع عند المحارم‪ ،‬فان عزب عنكم ذلك فل يغلب الحرام صبركم‪ ،‬ول‬
‫تنسوا عند النعم شكركم‪ ،‬فقد أعذر ال إليكم بحجج سافرة ظاهرة‪ ،‬وكتب‬
‫بارزة العذر واضحة )‪ - 36 .(4‬من خطبة له عليه السلم‪ :‬في صفة‬
‫الزهاد‪ :‬كانوا قوما من أهل الدنيا وليسوا من أهلها‪ ،‬فكانوا فيها كمن ليس‬
‫منها‪ ،‬عملوا فيها بما يبصرون‪ ،‬وبادروا فيها ما يحذرون‪ ،‬تقلب أبدانهم‬
‫بين ظهراني أهل الخرة‪ ،‬يرون أهل الدنيا يعظمون موت أجسادهم‪ ،‬وهم‬
‫أشد إعظاما لموت قلوب أحبائهم‪ - 37 .‬ومن كتاب كتبه إلى سهل بن‬
‫حنيف‪ :‬يا ابن حنيف فقد بلغني أن رجل من فتية أهل البصرة دعاك إلى‬
‫مأدبة فأسرعت إليها تستطاب لك اللوان و تنقل إليك الجفان‪ ،‬وما ظننت‬
‫أنك تجيب إلى طعام قوم عائلهم مجفو وغنيهم مدعو‪ ،‬فانظر إلى ما تقضمه‬
‫من هذا المقضم‪ ،‬فما اشتبه عليك علمه فالفظه وما أيقنت بطيب وجوهه‬
‫فنل منه‪ ،‬أل وإن لكل مأموم إماما يقتدي به‪ ،‬ويستضيئ بنور علمه أل وإن‬
‫إمامكم قد اكتفى من دنياه بطمريه‪ ،‬ومن طعمه بقرصيه أل وإنكم ل‬
‫تقدرون على ذلك‪ ،‬ولكن أعينوني بورع واجتهاد‪ ،‬فوال ما كنزت في‬
‫دنياكم تبرا‪ ،‬ول ادخرت من غنائمها وفرا‪ ،‬ول أعددت لبالي ثوبي طمرا‪.‬‬
‫إلى قوله عليه السلم‪ :‬ولو شئت لهتديت الطريق إلى مصفى هذا العسل‪،‬‬
‫ولباب‬

‫)‪ (1‬نهج البلغة ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .165‬الحديد‪ (3) .23 :‬نهج البلغة ج ‪ 2‬ص ‪.248‬‬
‫)‪ (4‬نهج البلغة ج ‪ 1‬ص ‪.141‬‬

‫]‪[321‬‬

‫هذا القمح‪ ،‬ونسائج هذا القز‪ ،‬ولكن هيهات أن يغلبني هواي‪ ،‬ويقودني جشعي إلى‬
‫تخير الطعمة‪ ،‬ولعل بالحجاز أو باليمامة من ل طمع له في القرص‪ ،‬ول‬
‫عهد له بالشبع‪ ،‬أو أن أبيت مبطانا وحولي بطون غرثى‪ ،‬وأكباد حرى‪،‬‬
‫فأكون كما قال القائل‪ :‬وحسبك داء أن تبيت ببطنة * وحولك أكباد تحن إلى‬
‫القد إلى آخر ما مر مشروحا في كتاب الفتن )‪ - 38 .(1‬عدة الداعي‪ :‬روي‬
‫أن نوحا عليه السلم عاش ألفي عام وخمسمائة عام ومضى من الدنيا ولم‬
‫يبن فيها بيتا‪ ،‬وكان إذا أصبح يقول‪ :‬ل امسي وإذا أمسى يقول‪ :‬ل اصبح‪،‬‬
‫وكذلك نبينا صلى ال عليه وآله خرج من الدنيا ولم يضع لبنة على لبنة‪.‬‬
‫وأما إبراهيم عليه السلم فكان لباسه الصوف وأكله الشعير‪ ،‬وأما يحيى‬
‫عليه السلم فكان لباسه الليف وأكله ورق الشجر‪ ،‬وأما سليمان عليه‬
‫السلم فقد كان مع ما هو فيه من الملك يلبس الشعر‪ ،‬وإذا جنه الليل شد‬
‫يديه إلى عنقه فل يزال قائما حتى يصبح باكيا‪ ،‬وكان قوته من سفائف‬
‫الخوص‪ ،‬يعملها بيده‪ .‬وروي أن نبينا صلى ال عليه وآله أصابه يوما‬
‫الجوع‪ ،‬فوضع صخرة على بطنه‪ ،‬ثم قال‪ :‬أل رب مكرم لنفسه وهو لها‬
‫مهين‪ ،‬أل رب نفس كاسية ناعمة في الدنيا جائعة عارية يوم القيامة‪ ،‬أل‬
‫رب متخوض متنعم فيما أفاء ال على رسوله ماله في الخرة من خلق‪،‬‬
‫أل إن عمل أهل الجنة حزنة بربوة أل إن عمل أهل النار كلمة سهلء‬
‫بشهوة‪ ،‬أل رب شهوة ساعة أورثت حزنا طويل يوم القيامة‪ .‬وقال سويد‬
‫بن غفلة‪ :‬دخلت على أمير المؤمنين عليه السلم بعد ما بويع بالخلفة‬
‫وهو جالس على حصير صغير‪ ،‬وليس في البيت غيره‪ ،‬فقلت‪ :‬يا أمير‬
‫المؤمنين بيدك بيت المال ولست أرى في بيتك شيئا مما يحتاج إليه البيت ؟‬
‫فقال عليه السلم‪ :‬يا ابن‬

‫)‪ (1‬نهج البلغة ج ‪ 2‬ص ‪.72‬‬

‫]‪[322‬‬

‫غفلة إن اللبيب ل يتأثث )‪ (1‬في دار النقلة‪ ،‬ولنا دار أمن قد نقلنا إليها خير متاعنا‪،‬‬
‫وإنا عن قليل إليها صائرون‪ .‬وكان عليه السلم إذا أراد أن يكتسي دخل‬
‫السوق فيشتري الثوبين فيخير قنبرا أجودهما‪ ،‬ويلبس الخر‪ ،‬ثم يأتي‬
‫النجار فيمد له إحدى كميه ويقول‪ :‬خذه بقدومك‪ ،‬ويقول‪ :‬هذه تخرج في‬
‫مصلحة اخرى ويبقي الكم الخرى بحالها‪ ،‬ويقول‪ :‬هذه تأخذ فيها من‬
‫السوق للحسن والحسين عليهما السلم )‪ .(2‬وقال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬ما تعبدوا ل بشئ مثل الزهد في الدنيا‪ .‬وقال عيسى عليه‬
‫السلم للحواريين‪ :‬ارضوا بدني الدنيا مع سلمة دينكم‪ ،‬كما رضي أهل‬
‫الدنيا بدني الدين مع سلمة دنياهم‪ ،‬وتحببوا إلى ال بالبعد منهم وأرضوا‬
‫ال في سخطهم‪ ،‬فقالوا‪ :‬فمن نجالس يا روح ال ؟ قال‪ :‬من يذكركم ال‬
‫رؤيته‪ ،‬ويزيد في علمكم منطقه‪ ،‬ويرغبكم في الخرة عمله )‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬يعنى ل يتخذ أثاثا للبيت يقال‪ :‬تأثث فلن‪ ،‬أصاب خيرا وفي الصحاح‪ :‬أصاب‬
‫رياشا وفي المفردات‪ :‬أصاب أثاثا‪ ،‬والثاث متاع البيت بل واحد وقيل هو‬
‫ما يتخذ للستعمال والمتاع ل للتجارة‪ (2) .‬يعنى أنه عليه السلم كان‬
‫يخيط من احدى كميه كيسا ليشترى فيه من السوق‪ (3) .‬عدة الداعي ص‬
‫‪.87‬‬

‫]‪[323‬‬

‫‪) * .59‬باب( * * " )الخوف والرجاء وحسن الظن بال تعالى( " * اليات‪:‬‬
‫البقرة‪ :‬وإياي فارهبون )‪ (1‬وقال تعالى‪ :‬وإياي فاتقون )‪ .(2‬وقال سبحانه‪:‬‬
‫إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل ال اولئك يرجون رحمت‬
‫ال )‪ .(3‬آل عمران‪ :‬ويحذركم ال نفسه وإلى ال المصير )‪ .(4‬وقال‪:‬‬
‫ويحذركم ال نفسه وال رؤف بالعباد )‪ .(5‬وقال سبحانه‪ :‬يظنون بال غير‬
‫الحق ظن الجاهلية )‪ .(6‬وقال سبحانه‪ :‬إنما ذلكم الشيطان يخوف أوليائه‬
‫فل تخافوهم وخافون إن كنتم مؤمنين )‪ .(7‬النساء‪ :‬وترجون من ال ما ل‬
‫يرجون )‪ .(8‬المائدة‪ :‬وقال رجلن من الذين يخافون أنعم ال عليهما‬
‫ادخلوا عليهم الباب )‪ .(9‬وقال تعالى حاكيا عن ابن آدم عليه السلم‪ :‬إني‬
‫أخاف ال رب العالمين )‪.(10‬‬

‫)‪ (2 - 1‬البقرة‪ (3) .41 - 40 :‬البقرة‪ (5 - 4) .218 :‬آل عمران‪ 28 :‬و ‪(6) .29‬‬
‫آل عمران‪ (7) .154 :‬آل عمران‪ (8) .175 :‬النساء‪ (9) .104 :‬المائدة‪:‬‬
‫‪ (10) .23‬المائدة‪.28 :‬‬

‫]‪[324‬‬

‫وقال تعالى‪ :‬ألم تعلم أن ال له ملك السموات والرض يعذب من يشاء ويغفر لمن‬
‫يشاء وال على كل شئ قدير )‪ .(1‬وقال تعالى‪ :‬فل تخشوا الناس واخشون‬
‫)‪ .(2‬وقال‪ :‬ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين )‪ .(3‬وقال سبحانه‪:‬‬
‫اعلموا أن ال شديد العقاب وأن ال غفور رحيم * ما على الرسول إل‬
‫البلغ وال يعلم ما تبدون وما تكتمون )‪ .(4‬النعام‪ :‬قل إني أخاف إن‬
‫عصيت ربي عذاب يوم عظيم * من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه وذلك‬
‫الفوز المبين )‪ .(5‬وقال‪ :‬وأنذر به الذين يخافون أن يحشروا إلى ربهم‬
‫ليس لهم من دونه ولي ول شفيع لعلهم يتقون )‪ .(6‬وقال حاكيا عن‬
‫إبراهيم عليه السلم‪ :‬وكيف أخاف ما أشركتم ول تخافون أنكم أشركتم بال‬
‫ما لم ينزل به عليكم سلطانا فأي الفريقين أحق بالمن إن كنتم تعلمون )‬
‫‪ .(7‬العراف‪ :‬أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون *‬
‫أفأمنوا مكر ال فل يأمن مكر ال إل القوم الخاسرون * أو لم يهد للذين‬
‫يرثون الرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على‬
‫قلوبهم فهم ل يسمعون )‪ .(8‬وقال‪ :‬وفي نسختها هدى ورحمة للذين هم‬
‫لربهم يرهبون )‪.(9‬‬

‫)‪ (1‬المائدة‪ (2) .40 :‬المائدة‪ (3) .44 :‬المائدة‪ (4) .84 :‬المائدة‪ (5) .99 :‬النعام‪:‬‬
‫‪ 15‬و ‪ (6) .16‬النعام‪ (7) .51 :‬النعام‪ (8) .81 :‬العراف‪) .99 - 97 :‬‬
‫‪ (9‬العراف‪.154 :‬‬
‫]‪[325‬‬

‫وقال تعالى‪ :‬قال عذابي اصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شئ فسأكتبها للذين‬
‫يتقون ويؤتون الزكوة والذينهم بآياتنا يؤمنون * الذين يتبعون الرسول‬
‫النبي المي إلى قوله‪ :‬اولئك هم المفلحون )‪ .(1‬النفال‪ :‬واتقوا فتنة ل‬
‫تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة واعلموا أن ال شديد العقاب )‪ .(2‬التوبة‪:‬‬
‫أتخشونهم فال أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين )‪ .(3‬وقال تعالى‪ :‬إنما‬
‫يعمر مساجد ال من آمن بال واليوم الخر وأقام الصلوة وآتى الزكوة ولم‬
‫يخش إل ال فعسى اولئك أن يكونوا من المهتدين )‪ .(4‬هود‪ :‬وكذلك أخذ‬
‫ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد * إن في ذلك لية لمن‬
‫خاف عذاب الخرة )‪ .(5‬يوسف‪ :‬أفأمنوا أن تأتيهم غاشية من عذاب ال أو‬
‫تأتيهم الساعة بغتة وهم ل يشعرون )‪ .(6‬الرعد‪ :‬وإن ربك لذو مغفرة‬
‫للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب )‪ .(7‬وقال تعالى‪ :‬ويخشون‬
‫ربهم ويخافون سوء الحساب )‪ .(8‬وقال تعالى‪ :‬أولم يروا أنا نأتي الرض‬
‫ننقصها من أطرافها وال يحكم ل معقب لحكمه وهو سريع الحساب )‪.(9‬‬
‫ابراهيم‪ :‬ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد )‪.(10‬‬

‫)‪ (1‬العراف‪ 156 :‬و ‪ (2) .157‬النفال‪ (3) .25 :‬براءة‪ (4) .13 :‬براءة‪) .18 :‬‬
‫‪ (5‬هود‪ 102 :‬و ‪ (6) .103‬يوسف‪ (7) .107 :‬الرعد‪ (8) .6 :‬الرعد‪:‬‬
‫‪ (9) .21‬الرعد‪ (10) .41 :‬ابراهيم‪.14 :‬‬

‫]‪[326‬‬

‫الحجر‪ :‬نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم * وأن عذابي لهو العذاب الليم )‪.(1‬‬
‫وقال سبحانه‪ :‬وكانوا ينحتون من الجبال بيوتا آمنين * فأخذتهم الصيحة‬
‫مصبحين * فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون )‪ .(2‬النحل‪ :‬أفأمن الذين‬
‫مكروا السيئات أن يخسف ال بهم الرض أو يأتيهم العذاب من حيث ل‬
‫يشعرون * أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين * أو يأخذهم على‬
‫تخوف فان ربكم لرؤف رحيم )‪ .(3‬وقال تعالى‪ :‬ول يسجد ما في السموات‬
‫وما في الرض من دابة والملئكة وهم ل يستكبرون * يخافون ربهم من‬
‫فوقهم ويفعلون ما يؤمرون * وقال ال ل تتخذوا إلهين اثنين إنما هو إله‬
‫واحد فاياي فارهبون * وله ما في السموات والرض وله الدين واصبا‬
‫أفغير ال تتقون )‪ .(4‬اسرى‪ :‬عسى ربكم أن يرحكم وان عدتم عدنا وجعلنا‬
‫جهنم للكافرين حصيرا * إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر‬
‫المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجرا كبيرا * وأن الذين ل‬
‫يؤمنون بالخرة أعتدنا لهم عذابا أليما )‪ .(5‬وقال تعالى‪ :‬ربكم أعلم بكم إن‬
‫يشأ يرحمكم وإن يشأ يعذبكم وما أرسلناك عليهم وكيل ‪ -‬إلى قوله تعالى‪:‬‬
‫ويرجون رحمته ويخافون عذابه إن عذاب ربك كان محذورا )‪ .(6‬طه‪ :‬إل‬
‫تذكرة لمن يخشى )‪.(7‬‬

‫)‪ (1‬الحجر‪ 49 :‬و ‪ (2) .50‬الحجر‪ 82 :‬و ‪ (3) .84‬النحل‪ (4) .47 - 45 :‬النحل‪:‬‬
‫‪ (5) .52 - 49‬أسرى‪ (6) .10 - 8 :‬أسرى‪ (7) .57 - 54 :‬طه‪.3 :‬‬

‫]‪[327‬‬

‫وقال تعالى‪ :‬أولم يهد لهم كم أهلكنا قبلهم من القرون يمشون في مساكنهم إن في‬
‫ذلك ليات لولي النهى )‪ .(1‬النبياء‪ :‬وهم من خشيته مشفقون )‪ .(2‬وقال‬
‫تعالى‪ :‬قل من يكلؤكم بالليل والنهار من الرحمن بل هم عن ذكر ربهم‬
‫معرضون ‪ -‬إلى قوله تعالى‪ :‬أفل يرون أنا نأتي الرض ننقصها من‬
‫أطرافها أفهم الغالبون )‪ .(3‬وقال سبحانه‪ :‬ولقد آتينا موسى وهرون‬
‫الفرقان وضياء وذكرا للمتقين * الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من‬
‫الساعة مشفقون )‪ .(4‬وقال تعالى‪ :‬وكانوا لنا خاشعين )‪ .(5‬الحج‪ :‬وبشر‬
‫المخبتين * الذين إذا ذكر ال وجلت قلوبهم )‪ .(6‬المؤمنون‪ :‬إن الذينهم من‬
‫خشية ربهم مشفقون إلى قوله تعالى‪ :‬والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة‬
‫أنهم إلى ربهم راجعون )‪ .(7‬النور‪ :‬يخافون يوما تتقلب فيه القلوب‬
‫والبصار )‪ .(8‬وقال تعالى‪ :‬ومن يطع ال ورسوله ويخش ال ويتقه‬
‫فاولئك هم الفائزون )‪ .(9‬الشعراء‪ :‬إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن‬
‫كنا أول المؤمنين )‪ .(10‬وقال تعالى‪ :‬والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم‬
‫الدين )‪.(11‬‬

‫)‪ (1‬طه‪ (2) .128 :‬النبياء‪ (3) .28 :‬النبياء‪ (4) .44 - 42 :‬النبياء‪.48 - 47 :‬‬
‫)‪ (5‬النبياء‪ ،90 :‬وفي نسخة الصل وهكذا نسخة الكمبانى ههنا تكرار‪.‬‬
‫)‪ (6‬الحج‪ (7) .34 :‬المؤمنون‪ (8) .60 - 57 :‬النور‪ (9) .37 :‬النور‪:‬‬
‫‪ (10) .52‬الشعراء‪ (11) .51 :‬الشعراء‪.82 :‬‬

‫]‪[328‬‬

‫النمل‪ :‬يا موسى ل تخف إني ل يخاف لدى المرسلون * إل من ظلم ثم بدل حسنا‬
‫بعد سوء فاني غفور رحيم )‪ (1‬القصص‪ :‬يا موسى أقبل ول تخف إنك من‬
‫المنين )‪ .(2‬العنكبوت‪ :‬من كان يرجو لقاء ال فان أجل ال لت وهو‬
‫السميع العليم )‪ .(3‬وقال تعالى‪ :‬يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه‬
‫تقلبون * وما أنتم بمعجزين في الرض ول في السماء ومالكم من دون ال‬
‫من ولي ول نصير * والذين كفروا بآيات ال ولقائه اولئك يئسوا من‬
‫رحمتي واولئك لهم عذاب أليم )‪ .(4‬لقمان‪ :‬يا أيها الناس اتقوا ربكم‬
‫واخشوا يوما ل يجزي والد عن ولده ول مولود هو جاز عن والده شيئا إن‬
‫وعد ال حق )‪ .(5‬الحزاب‪ :‬لقد كان لكم في رسول ال اسوة حسنة لمن‬
‫كان يرجو ال واليوم الخر وذكر ال كثيرا )‪ .(6‬وقال تعالى‪ :‬وتخشى‬
‫الناس وال أحق أن تخشاه )‪ .(7‬وقال سبحانه‪ :‬الذين يبلغون رسالت ال‬
‫ويخشونه ول يخشون أحدا إل ال وكفى بال حسيبا )‪ .(8‬فاطر‪ :‬إنما تنذر‬
‫الذين يخشون ربهم بالغيب وأقاموا الصلوة )‪ .(9‬وقال تعالى‪ :‬إنما يخشى‬
‫ال من عباده العلماء )‪ .(10‬يس‪ :‬إنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرحمن‬
‫بالغيب فبشره بمغفرة‬

‫)‪ (1‬النمل‪ (2) .10 - 11 :‬القصص‪ (3) .31 :‬العنكبوت‪ (4) .5 :‬العنكبوت‪) .23 :‬‬
‫‪ (5‬لقمان‪ (6) .33 :‬الحزاب‪ (7) .21 :‬الحزاب‪ (8) .37 :‬الحزاب‪.39 :‬‬
‫)‪ (9‬فاطر‪ (10) .18 :‬فاطر‪.28 :‬‬

‫]‪[329‬‬

‫وأجر كريم )‪ .(1‬ص‪ :‬إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار )‪ .(2‬الزمر‪ :‬أمن هو قانت‬
‫آناء الليل ساجدا وقائما يحذر الخرة ويرجو رحمة ربه )‪ .(3‬وقال تعالى‪:‬‬
‫قل إنى أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم إلى قوله تعالى‪ :‬ذلك يخوف‬
‫ال به عباده يا عباد فاتقون إلى قوله تعالى‪ :‬مثاني تقشعر منه جلود الذين‬
‫يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر ال )‪ .(4‬السجدة‪ :‬إن ربك‬
‫لذو مغفرة وذو عقاب أليم )‪ .(5‬حمعسق‪ :‬تكاد السموات يتفطرن من‬
‫فوقهن والملئكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الرض أل إن‬
‫ال هو الغفور الرحيم )‪ .(6‬وقال تعالى‪ :‬وما يدريك لعل الساعة قريب *‬
‫يستعجل بها الذين ل يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها‬
‫الحق )‪ .(7‬الفتح‪ :‬الظانين بال ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب ال‬
‫عليهم ولعنهم وأعد لهم جنهم وساءت مصيرا )‪ .(8‬ق‪ :‬من خشي الرحمن‬
‫بالغيب وقال تعالى‪ :‬فذكر بالقرآن من يخاف وعيد )‪ .(9‬الذاريات‪ :‬وتركنا‬
‫فيها آية للذين يخافون العذاب الليم )‪ .(10‬الطور‪ :‬قالوا إنا كنا من قبل في‬
‫أهلنا مشفقين * فمن ال علينا ووقانا‬

‫)‪ (1‬يس‪ (2) .11 :‬ص‪ (3) .46 :‬الزمر‪ (4) .9 :‬الزمر‪(5) .23 ،16 ،13 :‬‬
‫السجدة‪ (6) .43 :‬الشورى‪ (7) .5 :‬الشورى‪ (8) .18 - 17 :‬الفتح‪) .6 :‬‬
‫‪ (9‬ق‪ (10) .45 ،33 :‬الذاريات‪.37 :‬‬
‫]‪[330‬‬

‫عذاب السموم )‪ .(1‬الرحمن‪ :‬سنفرغ لكم أيها الثقلن * فبأي آلء ربكما تكذبان *‬
‫يا معشر الجن والنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السموات والرض‬
‫فانفذوا ل تنفذون إل بسلطان إلى قوله تعالى‪ :‬ولمن خاف مقام ربه جنتان‬
‫)‪ .(2‬الحشر‪ :‬لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من‬
‫خشية ال )‪ .(3‬الملك‪ :‬إن الذين يخشون ربهم بالغيب لهم مغفرة وأجر‬
‫كبير إلى قوله تعالى‪ :‬أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الرض فإذا هي‬
‫تمور * أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا فستعلمون كيف‬
‫نذير * ولقد كذب الذين من قبلهم فكيف كان نكير * أو لم يروا إلى الطير‬
‫فوقهم صافات ويقبضن ما يمسكهن إل الرحمن إنه بكل شئ بصير * أمن‬
‫هذا الذي هو جند لكم ينصركم من دون الرحمن إن الكافرون إل في غرور‬
‫* أمن هذا الذي يرزقكم إن أمسك رزقه بل لجوا في عتو ونفور )‪.(4‬‬
‫المعارج‪ :‬والذينهم من عذاب ربهم مشفقون * إن عذاب ربهم غير مامون‬
‫)‪ .(5‬نوح‪ :‬مالكم ل ترجون ل وقارا * وقد خلقكم أطوار )‪ .(6‬المدثر‪ :‬كل‬
‫بل ل يخافون الخرة ‪ -‬إلى قوله تعالى‪ :‬هو أهل التقوى وأهل المغفرة )‪.(7‬‬

‫)‪ (1‬الطور‪ 26 :‬و ‪ (2) .27‬الرحمن‪ (3) .34 - 31 :‬الحشر‪ (4) .21 :‬الملك‪- 12 :‬‬
‫‪ (5) .21‬المعارج‪ 27 :‬و ‪ (6) .28‬نوح‪ - 13 :‬و ‪ (7) .14‬المدثر‪- 53 :‬‬
‫‪.56‬‬

‫]‪[331‬‬

‫الدهر‪ :‬ويخافون يوما كان شره مستطيرا إلى قوله تعالى‪ :‬إنا نخاف من ربنا يوما‬
‫عبوسا قمطريرا * فوقيهم ال شر ذلك اليوم ولقيهم نضرة وسرورا إلى‬
‫قوله تعالى‪ :‬نحن خلقناهم وشددنا أسرهم وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديل إلى‬
‫قوله تعالى‪ :‬يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابا أليما )‪.(1‬‬
‫النازعات‪ :‬وأهديك إلى ربك فتخشى إلى قوله تعالى‪ :‬إن في ذلك لعبرة لمن‬
‫يخشى )‪ .(2‬وقال تعالى‪ :‬وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى‬
‫* فان الجنة هي المأوى )‪ .(3‬النفطار‪ :‬علمت نفس ما قدمت وأخرت * يا‬
‫أيها النسان ما غرك بربك الكريم * الذي خلقك * فسويك فعدلك * في أي‬
‫صورة ما شاء ركبك )‪ .(4‬البروج‪ :‬إن بطش ربك لشديد إلى قوله تعالى‪:‬‬
‫وهو الغفور الودود )‪ .(5‬العلى‪ :‬سيذكر من يخشى * ويتجنبها الشقى *‬
‫الذي يصلى النار الكبرى * ثم ل يموت فيها ول يحيى )‪ .(6‬البينة‪ :‬رضي‬
‫ال عنهم ورضوا عنه ذلك لمن خشي ربه )‪ .(7‬تفسير‪ " :‬وإياي فارهبون‬
‫" )‪ (8‬قيل‪ :‬الرهبة خوف معه تحرز ويدل على أن المؤمن ينبغي أن ل‬
‫يخاف أحدا إل ال " وإياي فاتقون " )‪ (9‬أي باليمان واتباع‬
‫)‪ (1‬الدهر‪ (2) .31 - 28 - 11 - 10 - 7 :‬النازعات‪ (3) .26 - 19 :‬النازعات‪:‬‬
‫‪ (4) .41 - 40‬النفطار‪ (5) .8 - 5 :‬البروج‪ (6) .14 - 12 :‬العلى‪10 :‬‬
‫‪ (7) .13 -‬البينة‪ 8) .8 :‬و ‪ (9‬البقرة‪ 40 :‬و ‪.41‬‬

‫]‪[332‬‬

‫الحق والعراض عن الدنيا وقيل‪ :‬الرهبة مقدمة التقوى‪ " .‬اولئك يرجون رحمة‬
‫ال " )‪ (1‬أقول كأن فيه دللة على أن الرجاء ل يكون إل مع العمل‪،‬‬
‫وبدونه غرة‪ ،‬وقيل‪ :‬أثبت لهم الرجاء إشعارا بأن العمل غير موجب و ل‬
‫قاطع في الدللة سيما والعبرة بالخواتيم‪ " .‬ويحذركم ال نفسه " )‪ (2‬قيل‪:‬‬
‫هو تهديد عظيم مشعر بتناهي المنهي في القبح وذكر النفس ليعلم أن‬
‫المحذر منه عقاب يصدر منه فل يؤبه دونه بما يحذر من الكفرة وكرره‬
‫ثانيا للتوكيد والتذكير " وال رؤف بالعباد " )‪ (3‬إشارة إلى أنه تعالى إنما‬
‫نهاهم وحذرهم رأفة بهم‪ ،‬ومراعاة لصلحهم‪ ،‬أو أنه لذو مغفرة وذو عقاب‬
‫فترجى رحمته ويخشى عذابه‪ " .‬يظنون بال غير الحق ظن الجاهلية " )‬
‫‪ (4‬هذا وصف لحال المنافقين في غزوة احد‪ ،‬قيل أي يظنون بال غير‬
‫الظن الحق الذي يحق أن يظن به‪ ،‬وظن الجاهلية بدله‪ ،‬وهو الظن‬
‫المختص بالملة الجاهلية وأهلها‪ ،‬أقول‪ :‬ويدل على حرمة سوء الظن بال‬
‫واليأس من رحمته‪ " .‬إنما ذلكم الشيطان " )‪ (5‬يعني من يعوقهم عن‬
‫العود إلى قتال الكفار بعد غزوة احد‪ ،‬وهو نعيم بن مسعود " وخافون "‬
‫أي في مخالفة أمري " إن كنتم مؤمنين " فان اليمان يقتضي إيثار خوف‬
‫ال على خوف الناس‪ " .‬وترجون " )‪ (6‬أي أيها المؤمنون " من ال "‬
‫الرحمة والنصرة " مال يرجون " أي الكفار فيدل على فضل الرجاء وأنه‬
‫من صفات المؤمنين‪.‬‬

‫)‪ (1‬البقرة‪ 2) .218 :‬و ‪ (3‬آل عمران‪ 28 :‬و ‪ (4) .29‬آل عمران‪ (5) .154 ،‬آل‬
‫عمران‪ (6) .175 :‬النساء‪.104 :‬‬

‫]‪[333‬‬

‫" من الذين يخافون " )‪ (1‬أي يخافون ال ويتقونه‪ ،‬ويدل على مدح الخوف " ألم‬
‫تعلم " )‪ (2‬الخطاب للنبي أو لكل أحد‪ ،‬وفيها تخويف وتبشير " فل تخشو‬
‫الناس واخشون " )‪ (3‬قيل‪ :‬نهي للحكام أن يخشوا غير ال في حكوماتهم‪.‬‬
‫" وأنذر " )‪ (4‬أي عظ وخوف " به " أي بالقرآن أو بال " الذين‬
‫يخافون أن يحشروا إلى ربهم " في المجمع يريد المؤمنين يخافون يوم‬
‫القيامة وما فيها من شدة الهوال‪ ،‬وقيل‪ :‬معناه يعلمون‪ ،‬وقال الصادق‬
‫عليه السلم‪ :‬أنذر بالقرآن من يرجون الوصول إلى ربهم برغبتهم فيما‬
‫عنده فان القرآن شافع مشفع " ليس لهم من دونه " أي غير ال " لعلهم‬
‫يتقون " أي كي يخافوا في الدنيا وينتهوا عما نهيتهم عنه )‪ " .(5‬وكيف‬
‫أخاف ما أشركتم " )‪ (6‬ول يتعلق به ضرر " ول تخافون أنكم أشركتم‬
‫بال " وهو حقيق بأن يخاف منه كل الخوف لنه إشراك للمصنوع‬
‫بالصانع وتسوية بين المقدور العاجز والقادر الضار النافع‪ " ،‬سلطانا "‬
‫أي حجة والحاصل أن الكفر والخطايا مظنة الخوف فل ينبغي معه المن‪.‬‬
‫" أفامن أهل القرى " )‪ (7‬أي المكذبون لنبينا " أن يأتيهم بأسنا ضحى "‬
‫أي ضحوة النهار‪ ،‬وهو في الصل اسم لضوء الشمس إذا أشرقت وارتفعت‬
‫" وهم يلعبون " أي يشتغلون بما ل ينفعهم " أفأمنوا مكر ال " مكر ال‬
‫استعارة لستدراجه العبد والخذ من حيث ل يحتسب وقال علي بن‬
‫إبراهيم‪ :‬المكر من ال العذاب )‪.(8‬‬

‫)‪ (1‬المائدة‪ (2) .23 :‬المائدة‪ (3) .40 :‬المائدة‪ (4) .44 :‬النعام‪ (5) .51 :‬مجمع‬
‫البيان ج ‪ 3‬ص ‪ 304‬و ‪ (6) .305‬النعام‪ (7) .81 :‬العراف‪.99 - 97 :‬‬
‫)‪ (8‬تفسير القمي ص ‪.219‬‬

‫]‪[334‬‬

‫وقال الطبرسي رحمه ال‪ :‬أي أفبعد هذا كله أمنوا عذاب ال أن يأتيهم من حيث ل‬
‫يشعرون‪ ،‬وسمى العذاب مكرا لنزوله بهم من حيث ل يعلمون كما أن المكر‬
‫ينزل بالممكور به من جهة الماكر من حيث ل يعلمه‪ ،‬وقيل إن مكر ال‬
‫استدراجه إياهم بالصحة والسلمة‪ ،‬وطول العمر وتظاهر النعمة‪ " ،‬فل‬
‫يأمن مكر ال إل القوم الخاسرون "‪ .‬يسئل عن هذا فيقال إن النبياء‬
‫والمعصومين أمنوا مكر ال وليسوا بخاسرين وجوابه من وجوه أحدها أن‬
‫معناه ل يأمن مكر ال من المذنبين إل القوم الخاسرون بدللة قوله سبحانه‬
‫" إن المتقين في مقام أمين " )‪ (1‬وثانيها أن معناه ل يأمن عذاب ال‬
‫للعصاة إل الخاسرون‪ ،‬والمعصومون ل يؤمنون عذاب ال للعصاة‪ ،‬ولهذا‬
‫سلموا من مواقعة الذنوب‪ ،‬وثالثها ل يأمن عقاب ال جهل بحكمته إل‬
‫الخاسرون ومعنى الية البانة عما يجب أن يكون عليه المكلف من الخوف‬
‫لعقاب ال ليسارع إلى طاعته واجتناب معاصيه‪ ،‬ول يستشعر المن من‬
‫ذلك فيكون قد خسر في دنياه وآخرته بالتهالك في القبائح )‪ " .(2‬أو لم يهد‬
‫للذين يرثون الرض " أي يخلفون من خل قبلهم في ديارهم وإنما عدى‬
‫يهد باللم لنه بمعنى يبين " أن لو نشاء " أي أنه لو نشاء " أصبناهم‬
‫بذنوبهم " أي بجزاء ذنوبهم كما أصبنا من قبلهم " ونطبع على قلوبهم "‬
‫مستأنف يعني ونحن نطبع على قلوبهم " فهم ل يسمعون " سماع تفهم‬
‫واعتبار‪ " .‬للذين هم لربهم يرهبون " )‪ (3‬أي يخشون ربهم فل يعصونه‬
‫ويعملون بما فيها )‪ " .(4‬عذابي اصيب به من أشاء " قال في المجمع‪:‬‬
‫أي ممن عصاني واستحقه بعصيانه‪ ،‬وإنما علقه بالمشية لجواز الغفران "‬
‫ورحمتي وسعت كل شئ " قال‬

‫)‪ (1‬الدخان‪ (2) .51 :‬مجمع البيان ج ‪ 4‬ص ‪ (3) .453‬العراف‪ (4) .154 :‬يعني‬
‫التوراة‪(*) .‬‬

‫]‪[335‬‬

‫الحسن وقتادة إن رحمته في الدنيا وسعت البر والفاجر وهي يوم القيامة للمتقين‬
‫خاصة‪ ،‬وقال العوفي وسعت كل شئ ولكن ل تجب إل للذين يتقون‪ ،‬وذلك‬
‫أن الكافر يرزق ويدفع عنه بالمؤمن لسعة رحمة ال للمؤمن‪ ،‬فيعيش‬
‫فيها‪ ،‬فإذا صار في الخرة وجب للمؤمنين خاصة كالمستضئ بنار غيره‪،‬‬
‫إذا ذهب صاحب السراج بسراجه‪ ،‬وقيل‪ :‬معناه أنها تسع كل شئ إن‬
‫دخلوها‪ ،‬فلو دخل الجميع فيها لوسعتهم إل أن فيهم من ليدخل فيها‬
‫لضلله " فسأكتبها للذين يتقون " أي فساوجب رحمتي للذين يتقون‬
‫الشرك أي يجتنبونه‪ ،‬وقيل‪ :‬يجتنبون الكبائر والمعاصي )‪ " .(1‬ل تصيبن‬
‫الذين ظلموا منكم خاصة " )‪ (2‬قيل‪ :‬بل يعمهم وغيرهم كالمداهنة في‬
‫المر بالمعروف والنهي عن المنكر وافتراق الكلمة وظهور البدع‪ ،‬وروى‬
‫العياشي في هذه الية قال‪ :‬أصابت الناس فتنة بعد ما قبض ال نبيه حتى‬
‫تركوا عليا وبايعوا غيره وهي الفتنة التي فتنوا بها‪ ،‬وقد أمرهم رسول ال‬
‫باتباع علي والوصياء من آل محمد عليهم السلم )‪ (3‬وفي المجمع عن‬
‫علي والباقر عليهما السلم أنهما قرءا " لتصيبن " )‪ " .(4‬فال أحق أن‬
‫تخشوه إن كنتم مؤمنين " )‪ (5‬بعقاب ال وثوابه ويدل على أن خشية ال‬
‫تعالى من لوازم اليمان " ولم يخش إل ال " )‪ (6‬قيل يعني في أبواب‬
‫الدين‪ ،‬وأن ل يختار على رضا ال رضا غيره‪ ،‬فان الخشية عن المحاذير‬
‫جبلية ل يكاد العاقل يتمالك عنها‪ ،‬وفي المجمع‪ :‬أي لم يخف سوى ال أحدا‬
‫من المخلوقين وهذا راجع إلى قوله " أتخشونهم " أي إن خشيتموهم فقد‬
‫ساويتموهم في الشراك‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ج ‪ 4‬ص ‪ (2) .486‬النفال‪ (3) .25 :‬تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص‬
‫‪ (4) .53‬مجمع البيان ج ‪ 4‬ص ‪ (5) .532‬براءة‪ (6) .13 :‬براءة‪.18 :‬‬
‫]‪[336‬‬

‫كما قال " فلما كتب عليهم القتال إذا فريق منهم يخشون الناس كخشية ال " الية‬
‫)‪ " .(1‬وكذلك " )‪ (2‬أي ومثل ذلك الخذ " أخذ ربك إذا أخذ القرى " أي‬
‫أهلها " وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد " أي وجيع صعب‪ ،‬وفي المجمع‬
‫عن النبي صلى ال عليه وآله أن ال يمهل الظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ثم‬
‫تل هذه الية )‪ " (3‬إن في ذلك " أي فيما نزل بالمم الهالكة " لية " أي‬
‫لعبرة " لمن خاف عذاب الخرة " لعلمه بأنه انموذج منه‪ " .‬غاشية من‬
‫عذاب ال " )‪ (4‬أي عقوبة تغشاهم وتشملهم " بغتة " أي فجاءة من غير‬
‫سابقة علمة " وهم ل يشعرون " باتيانها غير مستعدين لها‪ " .‬ويخافون‬
‫سوء الحساب " )‪ (5‬خصوصا فيحاسبون أنفسهم قبل أن يحاسبوا وروي‬
‫علي بن إبراهيم )‪ (6‬والكليني )‪ (7‬والصدوق )‪ (8‬والعياشي )‪ (9‬عن‬
‫الصادق عليه السلم‪ :‬أنه تل هذه الية حين وافى رجل استقصى حقه من‬
‫أخيه وقال أتراهم يخافون أن يظلمهم أو يجور عليهم‪ ،‬ولكنهم خافوا‬
‫الستقصاء والمداقة فسماه ال سوء الحساب‪ ،‬فمن استقصى فقد أساء‪،‬‬
‫وفي المجمع )‪ (10‬والعياشي )‪ (11‬عنه عليه السلم أن تحسب عليهم‬
‫السيئات‪ ،‬وتحسب لهم الحسنات‪ ،‬وهو الستقصاء‪ " .‬ننقصها من أطرافها‬
‫" )‪ (12‬قيل‪ :‬أي بذهاب أهلها‪ ،‬وفي الحتجاج عن‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ج ‪ 5‬ص ‪ (2) .14‬هود‪ 102 :‬و ‪ (3) .103‬مجمع البيان ج ‪10‬‬
‫ص ‪ (4) .191‬يوسف‪ (5) .107 :‬الرعد‪ (6) .21 :‬تفسير القمي ص‬
‫‪ (7) .340‬الكافي ج ‪ 5‬ص ‪ (8) .100‬معاني الخبار ص ‪(9) .246‬‬
‫تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص ‪ (10) .210‬مجمع البيان ج ‪ 6‬ص ‪(11) .289‬‬
‫تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص ‪ (12) .210‬الرعد‪.41 :‬‬

‫]‪[337‬‬

‫أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬يعني بذلك ما يهلك من القرون فسماه إتيانا‪ ،‬وفي‬
‫الفقيه عن الصادق عليه السلم أنه سئل عن هذه الية فقال‪ :‬فقد العلماء‪،‬‬
‫وقال علي بن إبراهيم هو موت علمائها )‪ (1‬وفي الكافي )‪ (2‬عن الباقر‬
‫عليه السلم قال‪ :‬كان علي بن الحسين عليهما السلم يقول‪ :‬إنه يسخي‬
‫نفسي في سرعة الموت والقتل فينا قول ال تعالى " أو لم يروا أنا نأتي‬
‫الرض ننقصها من أطرافها " وهو ذهاب العلماء " ل معقب لحكمه " أي‬
‫ل راد له‪ ،‬والمعقب الذي يعقب الشئ فيبطله " وهو سريع الحساب "‬
‫فيحاسبهم عما قليل‪ " .‬ذلك " )‪ (3‬أي إهلك الظالمين وإسكان المؤمنين "‬
‫لمن خاف مقامي " أي موقفي للحساب " وخاف وعيد " أي وعيدي‬
‫بالعذاب‪ " .‬نبئ عبادي " الية )‪ (4‬فيها حث على الرجاء والخوف معا‬
‫لكن في توصيف ذاته بالغفران والرحمة دون التعذيب ترجيح الرجاء‪" .‬‬
‫آمنين " )‪ (5‬من النهدام‪ ،‬ونقب اللصوص‪ ،‬وتخريب العداء لوثاقتها أو‬
‫من العذاب لفرط غفلتهم " ما كانوا يكسبون " أي من بناء البيوت‬
‫الوثيقة‪ ،‬واستكثار الموال والعدد‪ " .‬مكروا السيئات " )‪ (6‬أي المكرات‬
‫السيئات قيل‪ :‬هم الذين احتالوا لهلك النبياء والذين مكروا رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله وراموا صد أصحابه عن اليمان " أن يخسف ال بهم‬
‫الرض " كما خسف بقارون " أو يأتيهم العذاب من حيث ل يشعرون "‬
‫بغتة من جانب السماء‪ ،‬كما فعل بقوم لوط " أو يأخذهم في تقلبهم " إذا‬
‫جاؤوا وذهبوا في‬

‫)‪ (1‬تفسير القمي ص ‪ (2) .343‬الكافي ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .38‬ابراهيم‪(4) .14 :‬‬
‫الحجر‪ (5) .49 :‬الحجر‪ (6) .82 :‬النحل‪.84 :‬‬

‫]‪[338‬‬

‫متاجرهم وأعمالهم " فما هم بمعجزين " أي فليسوا بفائتين وما يريده ال بهم من‬
‫الهلك ل يمتنع عليه " أو يأخذهم على تخوف " قيل أي على مخافة بأن‬
‫يهلك قوما قبلهم فيتخوفوا فيأتيهم العذاب وهم متخوفون‪ ،‬أو على تنقص‬
‫بأن ينقصهم شيئا بعد شئ في أنفسهم وأموالهم حتى يهلكوا‪ ،‬من تخوفته‬
‫إذا تنقصته‪ ،‬وقال علي بن إبراهيم‪ :‬أي على تيقظ )‪ (1‬وبالجملة هو خلف‬
‫قوله " من حيث ل يشعرون "‪ .‬وروى العياشي عن الصادق عليه السلم‬
‫أنه قال‪ :‬هم أعداء ال وهم يمسخون ويقذفون ويسيخون في الرض )‪(2‬‬
‫وفي الكافي عن السجاد عليه السلم في كلم له في الوعظ والزهد في‬
‫الدنيا ول تكونوا من الغافلين المائلين إلى زهرة الدنيا الذين مكروا‬
‫السيئات‪ ،‬فان ال يقول‪ :‬في محكم كتابه " أفأمن الذين مكروا السيئات أن‬
‫يخسف ال بهم الرض " الية فاحذروا ما حذركم ال بما فعل بالظلمة في‬
‫كتابه لئل تأمنوا أن ينزل بكم بعض ما توعد به القوم الظالمين في الكتاب‪،‬‬
‫وال لقد وعظكم ال في كتابه بغيركم‪ ،‬فان السعيد من وعظ بغيره )‪" .(3‬‬
‫وهم ل يستكبرون " )‪ (4‬أي عن عبادته " يخافون ربهم من فوقهم " أي‬
‫يخافونه وهو فوقهم بالقهر " وهو القاهر فوق عباده " )‪ " (5‬ويفعلون‬
‫ما يؤمرون " في المجمع قد صح عن النبي صلى ال عليه وآله أن ل‬
‫ملئكة في السماء السابعة سجودا منذ خلقهم إلى يوم القيامة‪ ،‬ترعد‬
‫فرائصهم من مخافة ال‪ ،‬ل تقطر من دموعهم قطرة إل صار ملكا فإذا كان‬
‫يوم القيامة‪ ،‬رفعوا رؤوسهم وقالوا‪ :‬ما عبدناك حق عبادتك )‪.(6‬‬
‫)‪ (1‬تفسير القمى ص ‪ (2) .361‬تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .261‬الكافي ج ‪8‬‬
‫ص ‪ (4) .74‬النحل‪ (5) .49 :‬النعام‪ 18 :‬و ‪ (6) .61‬مجمع البيان ج ‪6‬‬
‫ص ‪.365‬‬

‫]‪[339‬‬

‫قال بعض أهل المعرفة‪ :‬إن أمثال هذه اليات تدل على أن العالم كله في مقام‬
‫الشهود والعبادة إل كل مخلوق له قوة التفكر‪ ،‬وليس إل النفوس الناطقة‬
‫النسانية والحيوانية خاصة من حيث أعيان أنفسهم ل من حيث هياكلهم‬
‫فان هياكلهم كسائر العالم في التسبيح له والسجود‪ ،‬فأعضاء البدن كلها‬
‫مسبحة ناطقة أل تراها تشهد على النفوس المسخرة لها يوم القيامة من‬
‫الجلود واليدي والرجل‪ ،‬واللسنة‪ ،‬والسمع والبصر‪ ،‬وجميع القوى‬
‫فالحكم ل العلي الكبير‪ " .‬إنما هو إله واحد " )‪ (1‬أكد العدد في الموضعين‬
‫دللة على العناية به فانك لو قلت إنما هو إله لخيل أنك أثبت اللهية ل‬
‫الوحدانية " فاياي فارهبون " كأنه قيل وأنا هو فاياي فارهبون ل غير "‬
‫وله ما في السموات والرض " خلقا وملكا " وله الدين " أي الطاعة "‬
‫واصبا " قيل أي لزما وروى العياشي عن الصادق عليه السلم قال‪:‬‬
‫واجبا )‪ " (2‬أفغير ال تتقون " ول ضار سواه كما ل نافع غيره كما قال‪:‬‬
‫" وما بكم من نعمة فمن ال " )‪ " .(3‬حصيرا " )‪ (4‬أي محبسا ل‬
‫يقدرون على الخروج منها أبدا " للتي هي أقوم " أي للطريقة التي هي‬
‫أقوم الطرق‪ ،‬وأشد استقامة‪ ،‬وفي الكافي عن الصادق عليه السلم أي‬
‫يدعو وعنه عليه السلم يهدي إلى المام )‪ (5‬وروى العياشي عن الباقر‬
‫عليه السلم يهدي إلى الولية )‪ " (6‬وأن الذين " أي يبشر المؤمنين‬
‫ببشارتين ثوابهم وعقاب أعدائهم‪ " .‬وما أرسلناك عليهم وكيل " )‪ (7‬أي‬
‫موكول إليك أمرهم‪ ،‬تجبرهم على‬

‫)‪ (1‬النحل‪ (2) .51 :‬تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .262‬النحل‪ (4) .53 :‬أسرى‪:‬‬
‫‪ (5) .10 - 8‬الكافي ج ‪ 1‬ص ‪ (6) .216‬تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص ‪.283‬‬
‫)‪ (7‬أسرى‪.57 - 54 :‬‬

‫]‪[340‬‬

‫اليمان‪ ،‬وإنما أرسلناك مبشرا ونذيرا فدارهم ومر أصحابك بالحتمال منهم " كان‬
‫محذورا " أي حقيقا بأن يحذره كل أحد حتى الملئكة والرسل‪ " .‬لمن‬
‫يخشى " )‪ (1‬أي لمن في قلبه خشية ورقة يتأثر بالنذار‪ " .‬أفلم يهد لهم‬
‫" )‪ (2‬قال علي بن إبراهيم‪ :‬أي يبين لهم " يمشون في مساكنهم " أي‬
‫يشاهدون آثار هلكهم " لولي النهى " أي لذوي العقول الناهية عن‬
‫التغافل والتعامي‪ " .‬وهم من خشيته " )‪ (3‬أي من عظمته ومهابته "‬
‫مشفقون " أي مرتعدون وأصل الخشية خوف مع تعظيم‪ ،‬ولذلك خص بها‬
‫العلماء والشفاق خوف مع اعتناء فان عدي بمن فمعنى الخوف فيه‬
‫أظهر‪ ،‬وإن عدي بعلى فبالعكس‪ " .‬قل من يكلؤكم " )‪ (4‬أي يحفظكم "‬
‫من الرحمن " أي من بأسه " إن أراد بكم " وفي لفظ الرحمن تنبيه على‬
‫أن ل كالئ غير رحمته العامة وأن اندفاعه بها مهلة " بل هم عن ذكر‬
‫ربهم معرضون " ل يخطرونه ببالهم فضل أن يخافوا بأسه‪ " .‬أنا نأتي‬
‫الرض " قيل‪ :‬أرض الكفرة " ننقصها من أطرافها " قيل‪ :‬أي بتسلط‬
‫المسلمين عليها‪ ،‬وهو تصوير لما يجريه ال على أيدي المسلمين " أفهم‬
‫الغالبون " رسول ال والمؤمنين‪ ،‬وفي الكافي والمجمع عن الصادق عليه‬
‫السلم ننقصها يعني بموت العلماء‪ ،‬قال‪ :‬نقصانها ذهاب عالمها‪ ،‬وقد مر‬
‫الكلم فيه‪ " .‬الفرقان " )‪ (5‬أي الكتاب الجامع لكونه فارقا بين الحق‬
‫والباطل‪ ،‬وضياء يستضاء به في ظلمات الحيرة والجهالة‪ ،‬وذكرا يتعظ به‬
‫المتقون " بالغيب " حال من الفاعل أو المفعول " مشقون " أي خائفون‪.‬‬
‫" وكانوا لنا خاشعين " )‪ (6‬أي مخبتين أو دائمي الوجل‪.‬‬

‫)‪ (1‬طه‪ (2) .3 :‬طه‪ (3) .128 :‬النبياء‪ (4) .28 :‬النبياء‪ 42 :‬و ‪(5) .44‬‬
‫النبياء‪ 47 :‬و ‪ (6) .48‬النبياء‪.90 :‬‬

‫]‪[341‬‬

‫" وبشر المخبتين " )‪ (1‬قيل‪ :‬أي المتواضعين أو المخلصين فان الخبات صفتهم‪،‬‬
‫قال علي بن إبراهيم‪ :‬أي العابد )‪ " (2‬وجلت قلوبهم " هيبة منه‪ ،‬لشراق‬
‫أشعة جلله عليها‪ " .‬من خشية ربهم مشفقون " )‪ (3‬قيل‪ :‬أي من خوف‬
‫عذابه حذرون " والذين يؤتون ما آتوا " قيل‪ :‬يعطون ما اعطوه من‬
‫الصدقات وقال علي بن إبراهيم‪ :‬من العبادة والطاعة‪ ،‬ويؤيده قراءة يأتون‬
‫ما أتوا في الشواذ )‪ (4‬وما يأتي من الروايات " وقلوبهم وجلة " أي‬
‫خائفة أن ل يقبل منهم‪ ،‬وأن ل يقع على الوجه اللئق فيؤاخذ به " أنهم‬
‫إلى ربهم راجعون " أي لن مرجعهم إليه أو من أن مرجعهم إليه‪ ،‬وهو‬
‫يعلم ما يخفى عليهم‪ ،‬وقد روى الكليني في الروضة باسناده عن أبي بصير‬
‫عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬سألته عن قول ال عزوجل‪ " :‬والذين‬
‫يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة " قال‪ :‬هي أشفاقهم ورجاؤهم‪ ،‬يخافون أن‬
‫ترد عليهم أعمالهم إن لم يطيعوا ال عز ذكره‪ ،‬ويرجون أن تقبل منهم )‬
‫‪ .(5‬وفي الصول باسناده عن حفص بن غياث‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم أنه قال في حديث‪ :‬أل ومن عرف حقنا‪ ،‬ورجا الثواب فينا‪ ،‬ورضي‬
‫بقوته نصف مد في كل يوم‪ ،‬وما ستر عورته‪ ،‬وما أكن رأسه‪ ،‬وهم وال‬
‫في ذلك خائفون وجلون ودوا أنه حظهم من الدنيا وكذلك وصفهم ال تعالى‬
‫فقال‪ " :‬والذين يؤتون " الية فقال‪ :‬ما الذي أتوا أتوا وال الطاعة مع‬
‫المحبة والولية‪ ،‬وهم في ذلك خائفون ليس خوفهم خوف شك ولكنهم‬
‫خافوا أن يكونوا مقصرين في محبتنا وطاعتنا )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬الحج‪ (2) .34 :‬تفسير القمي‪ (3) .440 :‬المؤمنون‪ (4) .57 :‬في الشواذ‬
‫قراءة النبي صلى ال عليه وآله وعائشة وابن عباس وقتادة والعمش‬
‫يأتون ما أتوا مقصورا‪ (5) .‬الكافي ج ‪ 8‬ص ‪ (6) .229‬الكافي ج ‪ 2‬ص‬
‫‪.457‬‬

‫]‪[342‬‬

‫وفي المجمع قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬معناه خائفة أن ل يقبل منهم وفي رواية‬
‫اخرى يؤتي ما آتى وهو خائف راج )‪ " .(1‬يخافون يوما " )‪ (2‬أي مع ما‬
‫هم عليه من الذكر والطاعة " تتقلب فيه القلوب والبصار " قيل أي‬
‫تضطرب وتتغير من الهول أو تتقلب أحوالها فتفقه القلوب ما لم تكن تفقه‪،‬‬
‫وتبصر البصار ما لم تكن تبصر‪ ،‬أو تتقلب القلوب من توقع النجاة وخوف‬
‫الهلك‪ ،‬والبصار من أي ناحية يؤخذ بهم ويؤتى كتابهم‪ " .‬ومن يطع ال‬
‫ورسوله " )‪ (3‬فيما يأمرانه " ويخشى ال " على ما صدر عنه من‬
‫الذنوب " ويتقه " فيما بقي من عمره " فاولئك هم الفائزون " بالنعيم‬
‫المقيم‪ " .‬أن كنا " )‪ (4‬أي لن كنا " أول المؤمنين " من أتباع فرعون أو‬
‫من أهل المشهد‪ " .‬أن يغفر لي خطيئتي " )‪ (5‬قيل ذكر ذلك هضما لنفسه‬
‫وتعليما للمة أن يجتنبوا المعاصي ويكونوا على حذر‪ ،‬وطلب لن يغفر لهم‬
‫ما يفرط منهم‪ ،‬و استغفارا لما عسى يندر منه من ترك الولى‪ " .‬ل تخف‬
‫" )‪ (6‬قيل أي من غيري ثقة بي أو مطلقا لقوله " إني ل يخاف لدي‬
‫المرسلون " حين يوحى إليهم من فرط الستغراق‪ ،‬فانهم أخوف الناس أي‬
‫من ال أول يكون لهم عندي سوء عاقبة‪ ،‬فيخافون منه " إل من ظلم "‬
‫المشهور أن الستثناء منقطع وقال علي بن إبراهيم‪ (7) :‬معنى " إل من‬
‫ظلم " ل من ظلم فوضع حرف مكان حرف‪ ،‬وقيل عاطفة قال في‬
‫القاموس‪ :‬وتكون عاطة بمنزلة‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ج ‪ 7‬ص ‪ (2) .110‬النور‪ (3) .37 :‬النور‪ (4) .52 :‬الشعراء‪:‬‬
‫‪ (5) .51‬الشعراء‪ (6) .82 :‬النمل‪ (7) .11 ،10 :‬تفسير القمي ص‬
‫‪.476‬‬
‫]‪[343‬‬

‫الواو " ل يخاف لدى المرسلون إل من ظلم " وقرئ في الشواذ " أل " بالفتح‬
‫والتخفيف‪ " .‬إنك من المنين " )‪ (1‬أي من المخاوف كما مر " من كان‬
‫يرجو لقاء ال " )‪ (2‬قيل المراد بلقاء ال الوصول إلى ثوابه أو إلى‬
‫العاقبة من الموت والبعث والحساب والجزاء على تمثيل حاله بحال عبد‬
‫قدم على سيده بعد زمان مديد وقد اطلع السيد على أحواله فاما أن يلقاه‬
‫ببشر لما رضي من أفعاله أو بسخط لما سخطه منها‪ ،‬وقال علي بن‬
‫إبراهيم‪ :‬قال‪ :‬من أحب لقاء ال جاءه الجل )‪ (3‬وفي التوحيد عن أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم يعني من كان يؤمن بأنه مبعوث فان وعد ال لت‬
‫من الثواب والعقاب‪ ،‬قال‪ :‬فاللقاء ههنا ليس بالرؤية‪ ،‬واللقاء هو البعث "‬
‫وهو السميع " لقوال العباد " العليم " بعقائدهم وأعمالهم‪ " .‬وإليه‬
‫تقلبون " )‪ (4‬أي تردون " وما أنتم بمعجزين " ربكم عن إدراككم " في‬
‫الرض ول في السماء " إن فررتم من قضائه بالتواري في إحداهما " من‬
‫ولي ول نصير " يحرسكم عن بلئه ولقائه بالبعث " اولئك يئسوا من‬
‫رحمتي " لنكارهم البعث والجزاء " واولئك لهم عذاب أليم " بكفرهم‪" .‬‬
‫ل يجزي والد عن ولده " )‪ (5‬أي ل يقضي عنه‪ ،‬وقرئ ل يجزئ من أجزأ‬
‫أي ل يغني " إن وعد ال حق " بالثواب والعقاب‪ " .‬اسوة حسنة " )‪(6‬‬
‫قيل‪ :‬أي خصلة حسنة من حقها أن يؤتسى بها كالثبات في الحرب ومقاساة‬
‫الشدائد " لمن كان يرجوا ال واليوم الخر " أي ثواب ال أو لقاءه ونعيم‬
‫الخرة أو أيام ال واليوم الخر خصوصا والرجاء يحتمل الصل‬

‫)‪ (1‬القصص‪ (2) .31 :‬العنكبوت‪ (3) .5 :‬تفسير القمي ص ‪ (4) .494‬العنكبوت‪:‬‬
‫‪ (5) .23‬لقمان‪ (6) .33 :‬الحزاب‪.21 :‬‬

‫]‪[344‬‬

‫والخوف وقرن بالرجاء كثرة الذكر المؤدية إلى ملزمة الطاعة فان المؤتسي‬
‫بالرسول من كان كذلك‪ " .‬وتخشى الناس " )‪ (1‬أي تعييرهم إياك " وال‬
‫أحق أن تخشاه " إن كان فيه ما يخشى " وكفى بال حسيبا " )‪ (2‬فينبغي‬
‫أن ل يخشى إل منه‪ " .‬الذين يخشون ربهم بالغيب " )‪ (3‬قيل‪ :‬أي غائبين‬
‫عن عذابه أو عن الناس في خلواتهم‪ ،‬أو غائبا عنهم عذابه " إنما يخشى‬
‫ال من عباده العلماء " )‪ (4‬إذ شرط الخشية معرفة المخشي‪ ،‬والعلم‬
‫بصفاته وأفعاله‪ ،‬فمن كان أعلم به كان أخشى منه ولذلك قال النبي صلى‬
‫ال عليه وآله‪ :‬إني أخشاكم ل وأتقاكم له‪ " ،‬إن ال عزيز غفور " تعليل‬
‫لوجوب الخشية لدللته على أنه معاقب للمصر على طغيانه‪ ،‬غفور للتائب‬
‫عن عصيانه‪ ،‬وفي المجمع عن الصادق عليه السلم يعني بالعلماء من‬
‫صدق قوله فعله‪ ،‬ومن لم يصدق قوله فعله فليس بعالم‪ ،‬وفي الحديث‬
‫أعلمكم بال أخوفكم ل )‪ (5‬وفي الكافي عن السجاد عليه السلم‪ :‬وما العلم‬
‫بال والعمل إل إلفان مؤتلفان‪ ،‬فمن عرف ال خافه‪ ،‬وحثه الخوف على‬
‫العمل بطاعة ال‪ ،‬وإن أرباب العلم وأتباعهم الذين عرفوا ال فعملوا له‬
‫ورغبوا إليه‪ ،‬وقد قال ال‪ " :‬إنما يخشى ال من عباده العلماء " )‪(6‬‬
‫وعن الصادق عليه السلم إن من العباد شدة الخوف من ال‪ ،‬ثم تل هذه‬
‫الية‪ ،‬وفي مصباح الشريعة عنه عليه السلم‪ :‬دليل الخشية التعظيم ل‬
‫والتمسك بخالص الطاعة‪ ،‬وأوامره‪ ،‬والخوف والحذر‪ ،‬ودليلهما العلم ثم‬
‫تل هذه الية )‪.(7‬‬

‫)‪ (1‬الحزاب‪ (2) .37 :‬الحزاب‪ (3) .39 :‬فاطر‪ (4) .18 :‬فاطر‪ (5) .28 :‬مجمع‬
‫البيان ج ‪ 8‬ص ‪ ،407‬وتراه في الكافي ج ‪ 1‬ص ‪ (6) .36‬الكافي ج ‪8‬‬
‫ص ‪ (7) .16‬مصباح الشريعة ص ‪.4‬‬

‫]‪[345‬‬

‫" إنما تنذر " )‪ (1‬أي إنذارا يترتب عليه الثر " من اتبع الذكر " قيل‪ :‬هو القرآن‬
‫وفي الحديث أنه علي عليه السلم " وخشي الرحمن بالغيب " قيل‪ :‬أي‬
‫خاف عقابه قبل حلوله ومعاينة أهواله‪ ،‬أو في سريرية ول يغتر برحمته‪،‬‬
‫فانه كما هو رحمن منتقم قهار‪ " .‬إنا أخلصناهم بخالصة " )‪ (2‬أي‬
‫جعلناهم خالصين لنا بخصلة خالصة لشوب فيها هي " ذكرى الدار "‬
‫تذكرهم للخرة دائما‪ ،‬فان خلوصهم في الطاعة بسببها وذلك لنه كان‬
‫مطمح نظرهم فيما يأتون ويذرون‪ ،‬جوار ال والفوز بلقائه‪ ،‬وإطلق الدار‬
‫للشعار بأنها الدار الحقيقية والدنيا معبر‪ " .‬أم من هو قانت " )‪ (3‬أي‬
‫قائم بوظائف الطاعات‪ " ،‬آناء الليل " أي ساعاته " يحذر الخرة ويرجو‬
‫رحمة ربه " يدل على مدح الجمع بين الخوف والرجاء‪ " .‬ذلك يخوف ال‬
‫به عباده " )‪ (4‬أي ذلك العذاب هو الذي يخوفهم به ليجتنبوا ما يوقعهم‬
‫فيه " يا عباد فاتقون " ول تتعرضوا لما يوجب سخطي‪ " .‬مثاني " )‪(5‬‬
‫في المجمع سمي بذلك لنه يثنى فيه القصص والخبار والحكام‬
‫والمواعظ‪ ،‬بتصريفها في ضروب البيان‪ ،‬ويثنى أيضا في التلوة فل يمل‬
‫لحسن مسموعه " تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم " أي يأخذهم‬
‫قشعريرة خوفا مما في القرآن من الوعيد " ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى‬
‫ذكر ال " إذا سمعوا ما فيه من الوعد بالثواب والرحمة‪ ،‬والمعنى أن‬
‫قلوبهم تطمئن وتسكن إلى ذكر ال الجنة والثواب فحذف مفعول الذكر للعلم‬
‫به‪ .‬وروي عن العباس بن‬
‫)‪ (1‬يس‪ (2) .11 :‬ص‪ (3) .46 :‬الزمر‪ (4) .9 :‬الزمر‪ (5) .16 :‬الزمر‪.23 :‬‬

‫]‪[346‬‬

‫عبد المطلب أن النبي صلى ال عليه وآله قال‪ :‬إذا اقشعر جلد العبد من خشية ال‬
‫تحاتت عنه ذنوبه كما تتحات عن الشجرة اليابسة ورقها‪ ،‬وقال قتادة‪ :‬هذا‬
‫نعت لولياء ال نعتهم ال بأن تقشعر جلودهم وتطمئن قلوبهم إلى ذكر ال‬
‫ولم ينعتهم بذهاب عقولهم والغشيان عليهم‪ ،‬إنما ذلك في أهل البدع وهو‬
‫من الشيطان )‪ " .(1‬تكاد السموات يتفطرن " )‪ (2‬أي يتشققن من عظمة‬
‫ال وروى علي بن إبراهيم عن الباقر عليه السلم أي يتصد عن " من‬
‫فوقهن " أي من جهتن الفوقانية أو من فوق الرضين " لمن في الرض‬
‫" قال‪ :‬للمؤمنين من الشيعة التوابين خاصة ولفظ الية عام والمعنى‬
‫خاص )‪ (3‬وفي الجوامع عن الصادق عليه السلم‪ :‬ويستغفرون لمن في‬
‫الرض من المؤمنين‪ " .‬قريب " )‪ (4‬أي إتيانها " يستعجل بها " أي‬
‫استهزاء " مشفقون " منها أي خائفون منها مع اعتناء بها لتوقع الثواب‬
‫" ويعلمون أنها الحق " الكائن ل محالة‪ " .‬الظانين بال ظن السوء " )‬
‫‪ (5‬وهو أن ل ينصر رسوله والمؤمنين " عليهم دائرة السوء " أي دائرة‬
‫ما يظنونه ويتربصونه بالمؤمنين ل يتخطاهم‪ " .‬من يخاف وعيد " )‪(6‬‬
‫فانه ل ينتفع به غيره‪ " .‬آية " )‪ (7‬أي علمة " للذين يخافون " فانهم‬
‫المعتبرون بها‪ " .‬مشفقين " )‪ (8‬قال علي بن إبراهيم‪ :‬أي خائفين من‬
‫العذاب " فمن ال علينا " بالرحمة " عذاب السموم " أي عذاب النار‬
‫النافذة في المسام نفوذ السموم‪ ،‬وقال علي بن إبراهيم‪:‬‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ج ‪ 8‬ص ‪ (2) .495‬الشورى‪ (3) .5 :‬تفسير القمى ص ‪) .595‬‬
‫‪ (4‬الشورى‪ (5) .17 :‬الفتح‪ (6) .6 :‬ق‪ (7) .45 :‬الذاريات‪(8) .37 :‬‬
‫الطور‪.26 :‬‬

‫]‪[347‬‬

‫السموم الحر الشديد )‪ " .(1‬سنفرغ لكم " )‪ (2‬قيل أي سنتجرد لحسابكم وجزائكم‬
‫وذلك يوم القيامة فانه ينتهي يومئذ شؤون الخلق كلها فل يبقى إل شأن‬
‫واحد وهو الجزاء‪ ،‬فجعل ذلك فراغا على سبيل التمثيل‪ ،‬وقيل تهديد‬
‫مستعار من قولك لمن تهدده سأفرغ لك فان المتجرد للشئ كان أقوى عليه‬
‫وأجد فيه‪ ،‬والثقلن الجن والنس " إن استطعتم أن تنفذوا " أي إن قدرتم‬
‫أن تخرجوا من جوانب السماوات والرض هاربين من ال فارين من‬
‫قضائه " فانفذوا " فاخرجوا " ل تنفذون " أي ل تقدرون على النفوذ "‬
‫إل بسلطان " قيل أي إل بقوة وقهر‪ ،‬وأنى لكم ذلك أو إن قدرتم أن تنفذوا‬
‫لتعلموا ما في السماوات والرض فانفذوا لتعلموا‪ ،‬لكن ل تنفذون ول‬
‫تعلمون إل ببينة نصبها ال فتعرجون عليها بأفكاركم‪ .‬وأقول‪ :‬قد مرت‬
‫الخبار في ذلك في كتاب المعاد‪ " .‬ولمن خاف مقام ربه " قال البيضاوي‬
‫)‪ (3‬أي موقفه الذي يقف فيه العباد للحساب أو قيامه على أحواله من قام‬
‫عليه إذا راقبه أو مقام الخائف عند ربه للحساب بأحد المعنيين‪ ،‬فأضاف‬
‫إلى الرب تفخيما وتهويل أو ربه ومقام مقحم للمبالغة " جنتان " جنة‬
‫للخائف النسي والخرى للخائف الجني فان الخطاب للفريقين والمعنى لكل‬
‫خائفين منكما‪ ،‬أو لكل واحد جنة لعقيدته واخرى لعمله‪ ،‬أو جنة لفعل‬
‫الطاعات‪ ،‬واخرى لترك المعاصي‪ ،‬أو جنة يثاب بها‪ ،‬واخرى يتفضل بها‬
‫عليه‪ ،‬أو روحانية وجسمانية‪ " .‬لو أنزلنا هذا القرآن على جبل " )‪(4‬‬
‫الية في المجمع‪ :‬تقديره لو كان‬

‫)‪ (1‬تفسير القمي ص ‪ (2) .650‬الرحمن‪ (3) .36 - 31 :‬أنوار التنزيل ص ‪) .419‬‬
‫‪ (4‬الحشر‪.21 :‬‬

‫]‪[348‬‬

‫الجبل مما ينزل عليه القرآن ويشعر به مع غلظه وجفاء طبعه وكبر جسمه لخشع‬
‫لمنزله وانصدع من خشيته‪ ،‬تعظيما لشأنه‪ ،‬فالنسان أحق بهذا لو عقل‬
‫الحكام التي فيه‪ ،‬وقيل‪ :‬معناه لو كان الكلم ببلغته يصدع الجبل لكان هذا‬
‫القرآن يصدعه وقيل إن المراد ما يقتضيه الظاهر بدللة قوله " وإن منها‬
‫لما يهبط من خشية ال " وهذا وصف للكافر بالقسوة‪ ،‬حيث لم يلن قلبه‬
‫بمواعظ القرآن الذي لو نزل على جبل لتخشع ويدل على أن هذا تمثيل‬
‫قوله " وتلك المثال " الخ )‪ " .(1‬بالغيب " )‪ (2‬أي يخافون عذابه غائبا‬
‫عنهم لم يعاينوه بعد‪ ،‬أو غائبين عنه أو عن أعين الناس‪ ،‬أو بالمخفي‬
‫فيهم‪ ،‬وهو قلوبهم " لهم مغفرة " لذنوبهم " وأجر كبير " يصغر دونه‬
‫لذائذ الدنيا " أأمنتم من في السماء " يعني الملئكة الموكلين على تدبير‬
‫هذا العالم " أن يخسف بكم الرض " فيغيبكم فيها كما فعل بقارون " فإذا‬
‫هي تمور " أي تضطرب " أن يرسل عليكم حاصبا " أي يمطر عليكم‬
‫حصباء " فستعلمون كيف نذير " أي كيف إنذاري إذا شاهدتم المنذر به‪،‬‬
‫ولكن ل ينفعكم العلم حينئذ " فكيف كان نكير " أي إنكاري عليهم بانزال‬
‫العذاب‪ ،‬وهو تسلية للرسول صلى ال عليه وآله وتهديد لقومه " صافات‬
‫" أي باسطات أجنحتهن في الجو عند طيرانها فانهن إذا بسطتها صففن‬
‫قوادمها " ويقبضن " أي وإذا ضربن بها جنوبهن وقتا بعد وقت‬
‫للستعانة به على التحريك " ما يمسكهن " في الجو على خلف الطبع "‬
‫إل الرحمن " الواسع رحمته كل شئ " إنه بكل شئ بصير " يعلم كيف‬
‫ينبغي أن يخلقه‪ " .‬أم من هذا الذي هو جند لكم " )‪ (3‬يعني أو لم تنظروا‬
‫في أمثال هذه الصنايع‪ ،‬فتعلموا قدرتنا على تعذيبكم بنحو خسف وإرسال‬
‫حاصب‪ ،‬أم هذا الذي تعبدونه من دون ال لكم جند ينصركم من دون ال أن‬
‫يرسل عليكم عذابه‪ ،‬فهو‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ج ‪ 9‬ص ‪ (2) .266‬الملك‪ (3) .12 :‬الملك‪.21 :‬‬

‫]‪[349‬‬

‫كقوله " أم لهم آلهة تمنعهم من دوننا " )‪ (1‬وفيه إشعار بأنهم اعتقدوا القسم‬
‫الثاني حيث أخرج مخرج الستفهام عن تعيين من ينصرهم " إل في غرور‬
‫" أي ل معتمد لهم " إن أمسك رزقه " أي بامساك المطر وسائر السباب‬
‫المحصلة و الموصلة له إليكم " بل لجوا " أي تمادوا " في عتو " أي‬
‫عناد " ونفور " أي شراد عن الحق لتنفر طباعهم عنه‪ " .‬مشفقون " )‬
‫‪ (2‬أي خائفون على أنفسهم " إن عذاب ربهم " اعتراض يدل على أنه ل‬
‫ينبغي لحد أن يأمن من عذاب ال‪ ،‬وإن بالغ في طاعته‪ " .‬ل ترجون ل‬
‫وقارا " )‪ (3‬قال البيضاوي‪ :‬أي ل تأملون له توقيرا أي تعظيما لمن عبده‬
‫وأطاعه‪ ،‬فتكونون على حال تأملون فيها تعظيمه إياكم أول تعتقدون له‬
‫عظمة فتخافوا عصيانه‪ ،‬وإنما عبر عن العتقاد التابع لدنى الظن مبالغة‬
‫" وقد خلقكم أطوارا " حال مقدرة للنكار من حيث إنها موجبة للرجاء‬
‫فان خلقهم أطوارا أي تارات إذ خلقهم أول عناصر‪ ،‬ثم مركبات تغذي‬
‫النسان ثم أخلطا ثم نطفا ثم علقا ثم مضغا ثم عظاما ولحوما ثم أنشأهم‬
‫خلقا آخر يدل على أنه يمكن أن يعيدهم تارة اخرى فيعظمهم بالثواب وعلى‬
‫أنه تعالى عظيم القدرة تام الحكمة )‪ .(4‬وقال علي بن إبراهيم‪ :‬في رواية‬
‫أبي الجارود‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم في قوله " ل ترجون ل وقارا "‬
‫يقول ل تخافون ل عظمة‪ ،‬وقال علي بن إبراهيم في قوله " وقد خلقكم‬
‫أطوارا " قال على اختلف الهواء والرادات والمشيات )‪ " (5‬كل " )‪(6‬‬
‫قيل ردع عن اقتراحهم اليات " بل ل يخافون الخرة " فلذلك‬

‫)‪ (1‬النبياء‪ (2) .43 :‬المعارج‪ 27 :‬و ‪ (3) .28‬نوح‪ 13 :‬و ‪ (4) .14‬أنوار‬
‫التنزيل‪ (5) .443 :‬تفسير القمي ص ‪ (6) .697‬المدثر‪(*) .56 - 53 :‬‬

‫]‪[350‬‬
‫أعرضوا عن التذكرة " هو أهل التقوى " أي حقيق بأن يتقى عقابه " وأهل‬
‫المغفرة " أي حقيق بأن يغفر عباده‪ ،‬وفي التوحيد عن الصادق عليه‬
‫السلم في هذه الية قال‪ :‬قال ال تعالى‪ :‬أنا أهل أن اتقى ول يشرك بي‬
‫عبدي شيئا‪ ،‬وأنا أهل إن لم يشرك بى أن ادخله الجنة‪ " .‬كان شره " )‪(1‬‬
‫قيل‪ :‬أي شدائده " مستطيرا " أي فاشيا منتشرا غاية النتشار وفيه إشعار‬
‫بحسن عقيدتهم‪ ،‬واجتنابهم عن المعاصي‪ ،‬وفي المجالس للصدوق )‪(2‬‬
‫عن الباقر عليه السلم يقول‪ :‬كلوحا عابسا وقال علي بن إبراهيم‪:‬‬
‫المستطير العظيم )‪ " (3‬يوما " أي عذاب يوم " عبوسا " أي يعبس فيه‬
‫الوجوه أو يشبه السد العبوس في ضراوته " قمطريرا " شديد العبوس‬
‫كالذي يجمع ما بين عينيه‪ ،‬وقال علي بن إبراهيم‪ :‬القمطرير الشديد "‬
‫ولقيهم نضرة وسرورا " عن الباقر عليه السلم نضرة في الوجوه‬
‫وسرورا في القلوب " وشددنا أسرهم " أي وأحكمنا ربط مفاصلهم‬
‫بالعصاب وقال علي بن إبراهيم‪ :‬أي خلقهم " بدلنا أمثالهم تبديل " أي‬
‫أهلكناهم وبدلنا أمثالهم في الخلقة وشدة السر يعني النشأة الخرة أو‬
‫المراد تبديلهم بغيرهم ممن يطيع في الدنيا " في رحمته " بالهداية‬
‫والتوفيق للطاعة وفي الكافي عن الكاظم عليه السلم في وليتنا‪" .‬‬
‫وأهديك إلى ربك " )‪ (4‬قيل‪ :‬أي وأرشدك إلى معرفته " فتخشى " بأداء‬
‫الواجبات وترك المحرمات إذ الخشية إنما تكون بعد المعرفة " لمن يخشى‬
‫" لمن كان شأنه الخشية " مقام ربه " أي مقامه بين يديه لعلمه بالمبدء‬
‫والمعاد " ونهى النفس عن الهوى " لعلمه بأن الهوى يرديه قال علي بن‬
‫إبراهيم‪ :‬هو العبد إذا وقف‬

‫)‪ (1‬النسان‪ 7 :‬إلى آخر السورة‪ (2) .‬أمالي الصدوق ص ‪ (3) .157 - 155‬تفسير‬
‫القمي ص ‪ (4) .707‬النازعات‪.26 - 19 :‬‬

‫]‪[351‬‬

‫على معصية ال وقدر عليها ثم تركها مخافة ال ونهى النفس عنها فمكافاته الجنة‬
‫)‪ " .(1‬علمت نفس ما قدمت وأخرت " )‪ (2‬أي من خير وشر وقيل‪ :‬وما‬
‫أخرت من سنة حسنة استن بها بعده‪ ،‬أو سنة سيئة استن بها بعده " ما‬
‫غرك بربك الكريم " أي أي شئ خدعك وجرأك على عصيانه قيل‪ :‬ذكر‬
‫الكريم للمبالغة في المنع عن الغترار‪ ،‬والشعار بما به يغره الشيطان‪،‬‬
‫فانه يقول‪ :‬افعل ما شئت فان ربك كريم ل يعذب أحدا وقيل‪ :‬إنما قال‬
‫سبحانه‪ " :‬الكريم " دون سائر أسمائه وصفاته‪ ،‬لنه كأنه لقنه الجواب‬
‫حتى يقول‪ :‬غرني كرم الكريم‪ ،‬وفي المجمع روي أن النبي صلى ال عليه‬
‫وآله لما تل هذه الية قال‪ :‬غره جهله )‪ " (3‬فسويك " جعل أعضاءك‬
‫سليمة مسواة معدة لمنافعها " فعدلك " جعل بنيتك معتدلة متناسبة‬
‫العضاء " في أي صورة ما شاء ركبك " أي ركبك في أي صورة شاء‪،‬‬
‫وما مزيدة وفي المجمع عن الصادق عليه السلم قال‪ :‬لو شاء ركبك على‬
‫غير هذه الصورة )‪ " .(4‬إن بطش ربك لشديد " )‪ (5‬مضاعف عنفه فان‬
‫البطش أخذ بعنف " وهو الغفور الودود " لمن تاب وأطاع‪ " .‬سيذكر من‬
‫يخشى " )‪ (6‬أي سيتعظ وينتفع بها من يخشى ال " ويتجنبها " أي‬
‫يتجنب الذكرى " النار الكبرى " قال‪ :‬نار يوم القيامة " ثم ل يموت فيها‬
‫" فيستريح " ول يحيى " حياة تنفعه‪ ،‬فيكون كما قال ال‪ " :‬ويأتيه‬
‫الموت من كل مكان وما هو بميت " )‪ " .(7‬ورضوا عنه " )‪ (8‬لنه‬
‫بلغهم أقصى أمانيهم " ذلك لمن خشي ربه " فان‬

‫)‪ (1‬تفسير القمي ص ‪ (2) .711‬النفطار‪ 3) .8 - 5 :‬و ‪ (4‬مجمع البيان ج ‪ 10‬ص‬


‫‪ 34‬ص ‪ (5) .449‬البروج‪ (6) .14 - 12 :‬العلى‪(7) .17 - 10 :‬‬
‫ابراهيم‪ (8) .17 :‬البينة‪.8 :‬‬

‫]‪[352‬‬

‫الخشية ملك المر والباعث على كل خير‪ - 1 .‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪،‬‬
‫عن علي بن حديد‪ ،‬عن منصور بن يونس‪ ،‬عن الحارث بن المغيرة أو‬
‫أبيه‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قلت له‪ :‬ما كان في وصيه لقمان‪،‬‬
‫قال‪ :‬كان فيها العاجيب‪ ،‬وكان أعجب ما ]كان[ فيها أن قال لبنه‪ :‬خف ال‬
‫عزوجل خيفة لو حبئته ببر الثقلين لعذبك‪ ،‬وارج ال رجاء لو جئته بذنوب‬
‫الثقلين لرحمك‪ .‬ثم قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬كان أبي عليه السلم‬
‫يقول‪ :‬إنه ليس من عبد مؤمن إل في قلبه نوران‪ :‬نور خيفة‪ ،‬ونور رجاء‪،‬‬
‫لو وزن هذا لم يزد على هذا ولو وزن هذا لم يزد على هذا )‪ .(1‬بيان‪:‬‬
‫العاجيب جمع العجوبة‪ ،‬وهي ما يعجبك حسنه أو قبحه‪ ،‬والمراد هنا‬
‫الول‪ ،‬ويدل على أنه ينبغي أن يكون الخوف والرجاء كلهما كاملين في‬
‫النفس ول تنافي بينهما فان ملحظة سعة رحمة ال وغنائه وجوده ولطفه‬
‫على عباده سبب الرجاء‪ ،‬والنظر إلى شدة بأس ال وبطشه وما أوعد‬
‫العاصين من عباده موجب للخوف‪ ،‬مع أن أسباب الخوف ترجع إلى نقص‬
‫العبد وتقصيره وسوء أعماله وقصوره عن الوصول إلى مراتب القرب‬
‫والوصال وانهماكه فيما يوجب الخسران والوبال‪ ،‬وأسباب الرجاء تؤول‬
‫إلى لطف ال ورحمته وعفوه وغفرانه ووفور إحسانه وكل منهما في أعل‬
‫مدارج الكمال‪ .‬قال بعضهم‪ :‬كلما يلقيك من مكروه ومحبوب ينقسم إلى‬
‫موجود في الحال وإلى موجود فيما مضى‪ ،‬وإلى منتظر في الستقبال‪ :‬فإذا‬
‫خطر ببالك موجود فيما مضى سمي فكرا وتذكرا وإن كان ما خطر بقلبك‬
‫موجودا في الحال سمي إدراكا وإن كان خطر ببالك وجود شئ في‬
‫الستقبال وغلب ذلك على قلبك سمي انتظارا وتوقعا‪ ،‬فان كان المنتظر‬
‫مكروها حصل منه ألم في القلب سمي خوفا وإشفاقا وإن كان محبوبا‬
‫حصل من انتظاره وتعلق القلب به وإخطار وجوده بالبال لذة‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.67‬‬

‫]‪[353‬‬

‫في القلب وارتياح يسمى ذلك الرتياح رجاء‪ .‬فالرجاء هو ارتياح القلب لنتظار ما‬
‫هو محبوب‪ ،‬ولكن ذلك المحبوب المتوقع لبد وأن يكون له سبب فان كان‬
‫انتظاره لجل حصول أكثر أسبابه‪ ،‬فاسم الرجاء عليه صادق‪ ،‬وإن كان ذلك‬
‫انتظارا مع عدم تهيئ أسبابه واضطرابها‪ ،‬فاسم الغرور والحمق عليه‬
‫أصدق من اسم الرجاء‪ ،‬وإن لم تكن السباب معلومة الوجود ول معلومة‬
‫النتفاء‪ ،‬فاسم التمني أصدق على انتظاره لنه انتظار من غير سبب‪.‬‬
‫وعلى كل حال‪ ،‬فل يطلق اسم الرجاء والخوف إل على ما يتردد فيه‪ ،‬أما ما‬
‫يقطع به فل‪ ،‬إذ ل يقال‪ :‬أرجو طلوع الشمس وقت الطلوع‪ ،‬وأخاف‬
‫غروبها وقت الغروب‪ ،‬لن ذلك مقطوع به‪ ،‬نعم يقال‪ :‬أرجو نزول المطر‬
‫وأخاف انقطاعه‪ .‬وقد علم أرباب القلوب أن الدنيا مزرعة الخرة‪ ،‬والقلب‬
‫كالرض‪ ،‬واليمان كالبذر فيه‪ ،‬والطاعات جارية مجرى تقليب الرض‬
‫وتطهيرها‪ ،‬ومجرى حفر النهار وسياقة الماء إليها‪ ،‬والقلب المستغرق‬
‫بالدنيا كالرض السبخة التي ل ينمو فيها البذر‪ ،‬ويوم القيامة الحصاد‪ ،‬ول‬
‫يحصد أحد إل ما زرع‪ ،‬ول ينمو زرع إل من بذر اليمان‪ ،‬وقلما ينفع إيمان‬
‫مع خبث القلب وسوء أخلقه‪ ،‬كما لينبو بذر في أرض سبخة‪ .‬فينبغي أن‬
‫يقاس رجاء العبد للمغفرة برجاء صاحب الزرع‪ ،‬فكل من طلب أرضا طيبة‬
‫وألقى فيها بذرا جيدا غير عفن ول مسوس‪ ،‬ثم أمده بما يحتاج إليه وهو‬
‫سياق الماء إليه في أوقاته ثم نقى الرض عن الشوك والحشيش‪ ،‬وكل ما‬
‫يمنع نبات البذر أو يفسده‪ ،‬ثم جلس منتظرا من فضل ال رفع الصواعق‬
‫واليات المفسدة إلى أن يثمر الزرع ويبلغ غايته‪ ،‬سمي انتظاره رجاء‪،‬‬
‫وإن بث البذر في أرض صلبة سبخة مرتفعة ل ينصب الماء إليها‪ ،‬ولم‬
‫يشغل بتعهد البذر أصل ثم انتظر حصاد الزرع يسمى انتظاره حمقا‬
‫وغرورا‪ ،‬ل رجاء‪ ،‬وإن بث البذر في أرض طيبة ولكن ل ماء لها‪ ،‬وينتظر‬
‫مياه المطار حيث لتغلب المطار ول يمتنع‪ ،‬سمي انتظاره تمنيا ل رجاء‪.‬‬

‫]‪[354‬‬
‫فإذا اسم الرجاء إنما يصدق على انتظار محبوب تمهدت جميع أسبابه الداخلة تحت‬
‫اختيار العبد‪ ،‬ولم يبق إل ما ليس يدخل تحت اختياره‪ ،‬وهو فضل ال‬
‫بصرف القواطع والمفسدات‪ .‬فالعبد إذا بث بذر اليمان‪ ،‬وسقاه بماء‬
‫الطاعة‪ ،‬وطهر القلب عن شوك الخلق الردية‪ ،‬وانتظر من فضل ال‬
‫تثبيته على ذلك إلى الموت‪ ،‬وحسن الخاتمة المفضية إلى المغفرة‪ ،‬كان‬
‫انتظاره رجاء حقيقيا محمودا في نفسه‪ ،‬باعثا له على المواظبة والقيام‬
‫بمقتضى اليمان في إتمام أسباب المغفرة إلى الموت‪ ،‬وإن انقطع عن بذر‬
‫اليمان تعهده بماء الطاعات‪ ،‬أو ترك القلب مشحونا برذائل الخلق‬
‫وانهمك في طلب لذات الدنيا‪ ،‬ثم انتظر المغفرة فانتظاره حمق وغرور كما‬
‫قال تعالى‪ " :‬فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا‬
‫الدنى ويقولون سيغفر لنا " )‪ (1‬وإنما الرجاء بعد تأكد السباب‪ ،‬ولذا قال‬
‫تعالى‪ " :‬إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل ال اولئك‬
‫يرجون رحمة ال " )‪ .(2‬وأما من ينهمك فيما يكرهه ال‪ ،‬ول يذم نفسه‬
‫عليه‪ ،‬ول يعزم على التوبة والرجوع‪ ،‬فرجاؤه المغفرة حمق كرجاء من‬
‫بث البذر في أرض سبخة وعزم أن ل يتعهدها بسقي ول تنقية‪ .‬فإذا عرفت‬
‫حقيقة الرجاء ومظنته‪ ،‬فقد عرفت أنها حالة أثمرها العلم بجريان أكثر‬
‫السباب‪ ،‬وهذه الحالة تثمر الجهد للقيام ببقية السباب على حسب المكان‬
‫فان من حسن بذره‪ ،‬وطابت أرضه‪ ،‬وغزر ماؤه‪ ،‬صدق رجاؤه فل يزال‬
‫يحمله صدق الرجاء على تفقد الرض وتعهده‪ ،‬وتنقية كل حشيش ينبت‬
‫فيه‪ ،‬ول يفتر عن تعهده أصل إلى وقت الحصاد‪ ،‬وهذا لن الرجاء يضاده‬
‫اليأس‪ ،‬واليأس يمنع من التعهد‪ ،‬والخوف ليس بضد للرجاء‪ ،‬بل هو رفيق‬
‫له وباعث آخر بطريق الرهبة‪ ،‬كما أن الرجاء باعث بطريق الرغبة انتهى‪.‬‬

‫)‪ (1‬العراف‪ (2) .169 :‬البقرة‪.218 :‬‬

‫]‪[355‬‬

‫ثم ظاهر الخبر أنه لبد أن يكون العبد دائما بين الخوف والرجاء‪ ،‬ل يغلب أحدهما‬
‫على الخر‪ ،‬إذ لو رجح الرجاء لزم المن ل في موضعه وقال تعالى‪" :‬‬
‫أفأمنوا مكر ال فل يأمن مكر ال إل القوم الخاسرون " )‪ (1‬ولو رجح‬
‫الخوف لزم اليأس الموجب للهلك‪ ،‬كما قال سبحانه‪ " :‬ول ييأس من روح‬
‫ال إل القوم الكافرون " )‪ .(2‬وقيل‪ :‬يستحب أن يغلب في حال الصحة‬
‫الخوف‪ ،‬فإذا انقضى الجل يستحب أن يغلب الرجاء ليلقى ال على حالة‬
‫هي أحب إليه‪ ،‬إذ هو سبحانه الرحمن الرحيم ويحب الرجاء‪ .‬وقيل‪ :‬ثمرة‬
‫الخوف الكف عن المعاصي‪ ،‬فعند دنو الجل زالت تلك الثمرة‪ ،‬فينبغي غلبة‬
‫الرجاء‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬الخوف ليس من الفضائل والكمالت العقلية في‬
‫النشأة الخرة‪ ،‬وإنما هو من المور النافعة للنفس في الهرب عن‬
‫المعاصي وفعل الطاعات مادامت في دار العمل‪ ،‬وأما عند انقضاء الجل‬
‫والخروج من الدنيا فل فائدة فيه‪ ،‬وأما الرجاء فانه باق أبدا إلى يوم‬
‫القيامة‪ ،‬ل ينقطع‪ ،‬لنه كلما نال العبد من رحمة ال أكثر‪ ،‬كان ازدياد طمعه‬
‫فيما عند ال أعظم وأشد‪ ،‬لن خزائن جوده وخيره ورحمته غير متناهية‬
‫لتبيد ول تنقص‪ ،‬فثبت أن الخوف منقطع‪ ،‬والرجاء أبدا ل ينقطع انتهى‪.‬‬
‫والحق أن العبد مادام في دار التكليف لبد له من الخوف والرجاء وبعد‬
‫مشاهدة امور الخرة يغلب عليه أحدهما ل محالة بحسب ما يشاهده من‬
‫أحوالها‪ - 2 .‬كا‪ :‬محمد بن الحسن‪ ،‬عن سهل بن زياد‪ ،‬عن يحيى بن‬
‫المبارك‪ ،‬عن عبد ال ابن جبلة‪ ،‬عن إسحاق بن عمار قال‪ :‬قال أبو عبد ال‬
‫عليه السلم‪ :‬يا إسحاق ! خف ال كأنك تراه وإن كنت ل تراه فانه يراك‪،‬‬
‫وإن كنت ترى أنه ل يراك فقد كفرت وإن كنت تعلم أنه يراك ثم برزت له‬
‫بالمعصية‪ ،‬فقد جعلته من أهون الناظرين‬

‫)‪ (1‬العراف‪ (2) .99 :‬يوسف‪.87 :‬‬

‫]‪[356‬‬

‫عليك )‪ .(1‬توضيح‪ :‬اعلم أن الرؤية تطلق على الرؤية بالبصر وعلى الرؤية القلبية‬
‫وهي كناية عن غاية النكشاف والظهور‪ ،‬والمعنى الول هنا أنسب‪ ،‬أي‬
‫خف ال خوف من يشاهده بعينه وإن كان محال‪ ،‬ويحتمل الثاني أيضا فان‬
‫المخاطب لما لم يكن من أهل الرؤية القلبية ولم يرتق إلى تلك الدرجة‬
‫العلية‪ ،‬فانها مخصوصة بالنبياء والوصياء عليهم السلم قال‪ :‬كأنك تراه‪،‬‬
‫وهذه مرتبة عين اليقين وأعلى مراتب السالكين‪ .‬وقوله‪ " :‬فان لم تكن‬
‫تراه " أي إن لم تحصل لك هذه المرتبة من النكشاف والعيان فكن بحيث‬
‫تتذكر دائما أنه يراك‪ ،‬وهذه مقام المراقبة كما قال تعالى‪ " :‬أفمن هو قائم‬
‫على كل نفس بما كسبت إن ال كان عليكم رقيبا " )‪ (2‬والمراقبة مراعاة‬
‫القلب للرقيب واشتغاله به‪ ،‬والمثمر لها هو تذكر أن ال تعالى مطلع على‬
‫كل نفس بما كسبت‪ ،‬وأنه سبحانه عالم بسرائر القلوب وخطراتها‪ ،‬فإذا‬
‫استقر هذا العلم في القلب جذبه إلى مراقبة ال سبحانه دائما‪ ،‬وترك‬
‫معاصيه خوفا وحياء والمواظبة على طاعته وخدمته دائما‪ .‬وقوله " وإن‬
‫كنت ترى " تعليم لطريق جعل المراقبة ملكة للنفس فتصير سببا لترك‬
‫المعاصي والحق أن هذه شبهة عظيمة للحكم بكفر أرباب المعاصي ول‬
‫يمكن التقصي عنها إل بالتكال على عفوه وكرمه سبحانه‪ ،‬ومن هنا يظهر‬
‫أنه ل يجتمع اليمان الحقيقي مع الصرار على المعاصي‪ ،‬كما مرت‬
‫الشارة إليه‪ " .‬ثم برزت له بالمعصية " أي أظهرت له المعصية أو من‬
‫البراز للمقاتلة كأنك عاديته وحاربته " و " عليك " متعلق بأهون‪- 3 .‬‬
‫كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن أحمد بن أبي عبد ال‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن حمزة بن عبد ال‬
‫الجعفري‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .67‬النساء‪.1 :‬‬

‫]‪[357‬‬

‫عن جميل بن دراج‪ ،‬عن أبي حمزة قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬من عرف‬
‫ال خاف ال‪ ،‬ومن خاف ال سخت نفسه عن الدنيا )‪ .(1‬بيان‪ :‬يقال سخي‬
‫عن الشئ يسخى من باب تعب ترك‪ ،‬ويدل على أن الخوف من ال لزم‬
‫لمعرفته كما قال تعالى‪ " :‬إنما يخشى ال من عباده العلماء " وذلك لن‬
‫من عرف عظمته وغلبته على جميع الشياء وقدرته على جميع الممكنات‬
‫باليجاد والفناء خاف منه وأيضا من علم احتياجه إليه في وجوده‪ ،‬وبقائه‬
‫وسائر كمالته في جميع أحواله خاف سلب ذلك منه‪ ،‬ومعلوم أن الخوف‬
‫من ال سبب لترك ملذ الدنيا وشهواتها الموجبة لسخط ال‪ - 4 .‬كا‪ :‬عن‬
‫محمد بن يحيى‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن ابن أبي نجران‪ ،‬عمن ذكره عن أبي‬
‫عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قلت له‪ :‬قوم يعملون بالمعاصي ويقولون نرجو‬
‫فل يزالون كذلك حتى يأتيهم الموت ؟ فقال‪ :‬هؤلء قوم يترجحون في‬
‫الماني كذبوا ليسوا براجين‪ ،‬إن من رجا شيئا طلبه ومن خاف من شئ‬
‫هرب منه‪ .‬ورواه علي بن محمد رفعه قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه السلم‪:‬‬
‫إن قوما من مواليك يلمون بالمعاصي ويقولون نرجو‪ ،‬فقال‪ :‬كذبوا ليسوا‬
‫لنا بموال اولئك قوم ترجحت بهم الماني من رجا شيئا عمل له‪ ،‬ومن خاف‬
‫من شئ هرب منه )‪ .(2‬بيان‪ " :‬ويقولون نرجو " أي رحمة ال وغفرانه‬
‫" حتى يأتيهم الموت " أي بل توبة ول تدارك والترجح تذبذب الشئ‬
‫المعلق في الهواء والتميل من جانب إلى جانب‪ ،‬وترجحت به الرجوحة‬
‫مالت‪ ،‬وهي حبل يعلق ويركبه الصبيان فكأنه عليه السلم شبه أمانيهم‬
‫بارجوحة يركبه الصبيان يتحرك بأدنى نسيم وحركة فكذا هؤلء يميلون‬
‫بسبب الماني من الخوف إلى الرجاء بأدنى وهم‪ ،‬و " في " يحتمل‬
‫الظرفية والسببية وكونه بمعنى " على "‪ ،‬ولما كان الخوف والرجاء‬
‫متلزمين ذكر الخوف أيضا فان رجاء كل شئ مستلزم للخوف من فواته‪،‬‬
‫وفي‬

‫)‪ 1‬و ‪ (2‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.68‬‬


‫]‪[358‬‬

‫القاموس‪ :‬ألم‪ :‬باشر اللمم‪ ،‬وبه‪ :‬نزل كلم‪ ،‬واللمم‪ :‬صغار الذنوب‪ " .‬ليسوا لنا‬
‫بموال " لن الموالة ليست مجرد القول بل هي اعتقاد ومحبة في الباطن‬
‫ومتابعة وموافقة في الظاهر ل ينفك أحدهما عن الخر وروى في نهج‬
‫البلغة عن أمير المؤمنين عليه السلم أنه قال بعد كلم طويل لمدع كاذب‬
‫أنه يرجو ال‪ :‬يدعي أنه يرجو ال‪ ،‬كذب وال العظيم‪ ،‬ما باله ل يتبين‬
‫رجاؤه في عمله وكل من رجا عرف رجاؤه في عمله إل رجاء ال‪ ،‬فانه‬
‫مدخول‪ ،‬وكل خوف محقق إل خوف ال فانه معلول‪ ،‬يرجو ال في الكبير‪،‬‬
‫ويرجو العباد في الصغير فيعطي العبد مال يعطي الرب فما بال ال جل‬
‫ثناؤه يقصر به عما يصنع لعباده أل تخاف أن تكون في رجائك له كاذبا أو‬
‫تكون ل تراه للرجاء موضعا‪ ،‬وكذلك إن هو خاف عبدا من عبيده أعطاه‬
‫من خوفه مال يعطي ربه فجعل خوفه من العباد نقدا وخوفه من خالقه‬
‫ضمارا ووعدا )‪ .(1‬وقال ابن ميثم في شرح هذا الكلم‪ :‬المدخول الذي فيه‬
‫شبهة وريبة‪ ،‬و المعلول الغير الخالص‪ ،‬والضمار الذي ل يرجى من‬
‫الموعود‪ .‬قال‪ :‬وبيان الدليل أن كل من رجا أمرا من سلطان أو غيره فانه‬
‫يخدمه الخدمة التامة‪ ،‬ويبالغ في طلب رضاه‪ ،‬ويكون عمله له بقدر قوة‬
‫رجائه له وخلوصه‪ ،‬ويرى هذا المدعي للرجاء غير عامل فيستدل‬
‫بتقصيره في العمال الدينية على عدم رجائه الخالص في ال‪ ،‬وكذلك "‬
‫كل خوف محقق إل خوف ال فانه معلول " توبيخ للسامعين في رجائه مع‬
‫تقصيرهم في العمال الدينية انتهى )‪ .(2‬والحاصل أن الحاديث الواردة‬
‫في سعة عفو ال سبحانه وجزيل رحمته و وفور مغفرته كثيرة جدا‪ ،‬ولكن‬
‫لبد لمن يرجوها ويتوقعها من العمل الخالص المعد لحصولها‪ ،‬وترك‬
‫النهماك في المعاصي المفوت لهذا الستعداد‪ ،‬كما عرفت‬

‫)‪ (1‬نهج البلغة تحت الرقم ‪ 158‬من الخطب‪ (2) .‬شرح النهج لبن ميثم ص‬
‫‪.329‬‬

‫]‪[359‬‬

‫في التمثيل بالبارزين سابقا‪ .‬فاحذر أن يغرك الشيطان‪ ،‬ويثبطك عن العمل‪ ،‬ويقنعك‬
‫بمحض الرجاء والمل‪ ،‬وانظر إلى حال النبياء والولياء‪ ،‬واجتهادهم في‬
‫الطاعات‪ ،‬وصرفهم العمر في العبادات‪ ،‬ليل ونهارا‪ ،‬أما كانوا يرجون عفو‬
‫ال ورحمته ؟ بلى وال إنهم كانوا أعلم بسعة رحمته‪ ،‬وأرجالها منك‪ ،‬ومن‬
‫كل أحد‪ ،‬ولكن علموا أن رجاء الرحمة من دون العمل غرور محض‪،‬‬
‫وسفه بحت‪ ،‬فصرفوا في العبادات أعمارهم وقصروا على الطاعات ليلهم‬
‫ونهارهم‪ - 5 .‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن بعض أصحابه‪ ،‬عن صالح‬
‫بن حمزة رفعه قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬إن من العبادة شدة‬
‫الخوف من ال عزوجل " إنما يخشى ال من عباده العلماء " )‪ (1‬وقال‬
‫جل ثناؤه‪ " :‬فل تخشوا الناس واخشوني " )‪ (2‬وقال تبارك وتعالى‪" :‬‬
‫ومن يتق ال يجعل له مخرجا " )‪ (3‬قال‪ :‬وقال أبو عبد ال عليه السلم‪:‬‬
‫إن حب الشرف والذكر ل يكونان في قلب الخائف الراهب )‪ .(4‬بيان‪ " :‬إن‬
‫من العبادة " أي من أعظم أسبابها‪ ،‬أو هي بنفسها عبادة أمر ال بها كما‬
‫سيأتي‪ ،‬والخوف مبدؤه تصور عظمة الخالق ووعيده‪ ،‬وأهوال الخرة‬
‫والتصديق بها‪ ،‬وبحسب قوة ذلك التصور وهذا التصديق يكون قوة الخوف‬
‫وشدته‪ ،‬وهي مطلوبة ما لم تبلغ حد القنوط‪ " .‬إنما يخشى ال من عباده‬
‫العلماء " هم الذين علموا عظمة ال وجلله وعزه وقهره وجوده وفضله‬
‫علما يقينيا يورث العمل‪ ،‬ومعاينة أحوال الخرة وأهوالها كما مر‪.‬‬

‫)‪ (1‬فاطر‪ (2) .28 :‬المائدة‪ (3) .44 :‬الطلق‪ (4) .2 :‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.69‬‬

‫]‪[360‬‬

‫وقال المحقق الطوسي قدس سره في أوصاف الشراف ما حاصله‪ :‬إن الخوف‬
‫والخشية وإن كانا بمعنى واحد في اللغة إل أن بينهما فرقا بين أرباب‬
‫القلوب وهو أن الخوف تألم النفس من المكروه المنتظر والعقاب المتوقع‪،‬‬
‫بسبب احتمال فعل المنهيات وترك الطاعات وهو يحصل لكثر الخلق وإن‬
‫كانت مراتبه متفاوتة جدا‪ ،‬والمرتبة العليا منه ل تحصل إل للقليل‪،‬‬
‫والخشية حالة نفسانية تنشأ عن الشعور بعظمة الرب وهيبته‪ ،‬وخوف‬
‫الحجب عنه‪ ،‬وهذه الحالة ل تحصل إل لمن اطلع على جلل الكبرياء وذاق‬
‫لذة القرب ولذلك قال سبحانه‪ " :‬إنما يخشى ال من عباده العلماء "‬
‫والخشية خوف خاص وقد يطلقون عليها الخوف أيضا انتهى‪ " .‬ومن يتق‬
‫ال يجعل له مخرجا " التقوى على مراتب أولها التبري عن الشرك وما‬
‫يوجب الخلود في النار‪ ،‬وثانيها التجنب عما يؤثم والتقاء عن العذاب‬
‫مطلقا‪ ،‬وثالثها التنزه عما يشغل القلب عن الحق‪ ،‬وبناء الكل على الخوف‬
‫من العقوبة والبعد عن الحق‪ .‬ولعل المراد هنا إحدى الخيرتين أي ومن‬
‫يتق ال خوفا منه يجعل له مخرجا من شدائد الدنيا والخرة كما روي عن‬
‫ابن عباس‪ ،‬أو من ضيق المعاش كما يشعر به قوله تعالى‪ " :‬ويرزقه من‬
‫حيث ل يحتسب " قيل‪ :‬وكأن السر في الول أن شدائد الدارين من الحرص‬
‫على الدنيا‪ ،‬واقتراف الذنوب‪ ،‬والغفلة عن الحق والمتقي منزه عن جميع‬
‫ذلك‪ ،‬وفي الثاني أن فيضه تعالى وجوده عام لبخل فيه وإنما المانع من‬
‫قبول فيضه هو بعد العبد عنه‪ ،‬وعدم استعداده له بالذنوب‪ ،‬فإذا اتقى منها‬
‫قرب منه تعالى‪ ،‬واستحق قبول فيضه بل تعب ول كلفة‪ ،‬فيجمع بذلك خير‬
‫الدنيا والخرة‪ " .‬إن حب الشرف والذكر " أي حب الجاه والرياسة والعزة‬
‫في الناس وحب الذكر والمدح والثناء منهم‪ ،‬والشهرة فيهم " ل يكونان‬
‫في قلب الخائف الراهب " لن حبهما من آثار الميل إلى الدنيا وأهلها‪،‬‬
‫والخائف الراهب منزه‬

‫]‪[361‬‬

‫عنه‪ ،‬وأيضا حبهما من المراض النفسانية المهلكة‪ ،‬والخوف والرهبة ينزهان‬


‫النفس عنها‪ ،‬وذكر الراهب بعد الخائف من قبيل ذكر الخاص بعد العام إذ‬
‫الرهبة بمعنى الخشية‪ ،‬وهي أخص من الخوف‪ - 6 .‬كا‪ :‬عن علي بن‬
‫إبراهيم‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن الحسن بن الحسين‪ ،‬عن محمد ابن سنان‪ ،‬عن‬
‫أبي سعيد المكاري‪ ،‬عن أبي حمزة الثمالي‪ ،‬عن علي بن الحسين عليهما‬
‫السلم قال‪ :‬إن رجل ركب البحر بأهله فكسر بهم فلم ينج ممن كان في‬
‫السفينة إل امرأة الرجل‪ ،‬فانها نجت على لوح من ألواح السفينة‪ ،‬حتى‬
‫الجئت إلى جزيرة من جزائر البحر‪ ،‬وكان في تلك الجزيرة رجل يقطع‬
‫الطريق ولم يدع ل حرمة إل انتهكها‪ ،‬فلم يعلم إل والمرأة قائمة على‬
‫رأسه‪ .‬فرفع رأسه إليها فقال‪ :‬إنسية أم جنية ؟ فقالت‪ :‬إنسية فلم يكلمها‬
‫كلمة حتى جلس منها مجلس الرجل من أهله فلما أن هم بها اضطربت فقال‬
‫لها‪ :‬ما لك تضطربين فقالت‪ :‬أفرق من هذا وأومأت بيدها إلى السماء قال‪:‬‬
‫فصنعت من هذا شيئا ؟ قالت‪ :‬ل وعزته‪ ،‬قال‪ :‬فأنت تفرقين منه هذا الفرق‬
‫ولم تصنعي من هذا شيئا ؟ وإنما استكرهتك استكراها فأنا وال أولى بهذا‬
‫الفرق والخوف وأحق منك‪ ،‬قال‪ :‬فقام ولم يحدث شيئا ورجع إلى أهله‪،‬‬
‫وليس له همة إل التوبة والمراجعة‪ .‬فبينما هو يمشى إذ صادفه راهب‬
‫يمشي في الطريق فحميت عليهما الشمس‪ ،‬فقال الراهب للشاب‪ :‬ادع ال‬
‫يظلنا بغمامة فقد حميت علينا الشمس‪ ،‬فقال الشاب‪ :‬ما أعلم أن لي عند‬
‫ربي حسنة فأتجاسر على أن أسأله شيئا قال‪ :‬فأدعوا أنا وتؤمن أنت‪ ،‬قال‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬فأقبل الراهب يدعو والشاب يؤمن فما كان بأسرع من أن أظلتهما‬
‫غمامة فمشيا تحتها مليا من النهار ثم انفرقت الجادة جادتين فأخذ الشاب‬
‫في واحدة و أخذ الراهب في واحدة‪ ،‬فإذا السحاب مع الشاب‪ ،‬فقال الراهب‪:‬‬
‫أنت خير مني لك استجيب ولم يستجب لي فخبرني ما قصتك ؟ فأخبره‬
‫بخبر المرأة فقال‪ :‬غفر لك ما مضى حيث دخلك الخوف‪ ،‬فانظر كيف تكون‬
‫فيما تستقبل )‪.(1‬‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.69‬‬

‫]‪[362‬‬
‫توضيح‪ " :‬ركب البحر " البحر مفعول به أو مفعول فيه أي ركب السفينة في‬
‫البحر‪ ،‬وقيل أراد بالبحر السفينة من قبيل تسمية الحال باسم المحل بقرينة‬
‫رجوع الضمير المستتر في قوله " فكسر " إليه والباء في " بأهله "‬
‫بمعنى " مع " و انتهاك الحرمة تناولها بما ل يحل والحرمة بالضم مال‬
‫يحل انتهاكه " فلم يعلم " أي تلك الواقعة إل في حالة كانت المرأة قائمة‬
‫على رأسها " مجلس الرجل " أي وقت الجماع ويقال فرق كتعب أي خاف‬
‫والمصدر الفرق بالتحريك‪ ،‬وصادفه وجده ولقيه‪ ،‬وحمي الشمس كرضي‬
‫اشتد حرها وتجاسر عليه اجترأ‪ ،‬وتؤمن على بناء التفعيل أي تقول آمين‪.‬‬
‫" فما كان " أي شئ أسرع من تظليل الغمامة‪ ،‬وفي النهاية الملي طائفة‬
‫من الزمان ل حد لها‪ ،‬يقال مضى ملي من النهار وملي من الدهر أي طائفة‬
‫منه‪ .‬ويدل على أن ترك كبيرة واحدة مع القدرة عليها‪ ،‬خوفا من ال‬
‫وخالصا لوجهه موجب لغفران الذنوب كلها ولو كان حق الناس لن الرجل‬
‫كان يقطع الطريق مع احتمال أن تكون المغفرة للخوف مع التوبة إلى ال‪،‬‬
‫والمراجعة إلى الناس في حقوقهم‪ ،‬كما يفهم من قوله وليس له همة إل‬
‫التوبة والمراجعة‪ - 7 .‬كا‪ :‬عن محمد بن يحيى‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن علي بن‬
‫النعمان‪ ،‬عن حمزة بن حمران قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪:‬‬
‫إن مما حفظ من خطب النبي صلى ال عليه وآله أنه قال‪ :‬أيها الناس إن‬
‫لكم معالم فانتهوا إلى معالمكم‪ ،‬وإن لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم أل إن‬
‫المؤمن يعمل بين مخافتين بين أجل قد مضى ل يدري ما ال صانع فيه‪،‬‬
‫وبين أجل قد بقي ل يدري ما ال قاض فيه‪ ،‬فليأخذ العبد المؤمن من نفسه‬
‫لنفسه ومن دنياه لخرته‪ ،‬وفي الشبيبة قبل الكبر‪ ،‬وفي الحياة قبل الممات‪،‬‬
‫فوال الذي نفس محمد بيده ما بعد الدنيا من مستعتب‪ ،‬وما بعدها من دار‬
‫إل الجنة والنار )‪ .(1‬تبيين‪ " :‬إن لكم معالم " في القاموس معلم الشئ‬
‫كمقعد مظنته‪ ،‬وما يستدل به‪ ،‬وفي الصحاح المعلم الثر يستدل به على‬
‫الطريق والمراد هنا إما اليات‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.70‬‬

‫]‪[363‬‬

‫القرآنية لسيما اليات الدالة على إمامة أئمة الدين‪ ،‬ووجوب متابعتهم‪ ،‬أو كل ما‬
‫يعلم منه حكم من أحكام الدين اصول وفروعا من الكتاب والسنة‪ ،‬بل‬
‫البراهين القاطعة العقلية أيضا‪ ،‬ويمكن شموله لكل ما يعتبر به من آيات‬
‫ال في الفاق و النفس‪ ،‬أو المراد بها أئمة الدين عليهم السلم فانهم‬
‫معالم الحلل والحرام والحكم والحكام كما مر في الخبار‪ ،‬والنهاية بالكسر‬
‫الغاية التي ينتهى إليها والمراد هنا إما المام بقرينة الفراد إذ ليس في كل‬
‫عصر إل إمام واحد‪ ،‬أو المراد نهاية كل شخص في القرب والكمال‪ ،‬بحسب‬
‫استعداده وقابليته‪ :‬وقيل المستقر في الجنة‪ ،‬والقرار دار القرار‪ ،‬وقيل‬
‫المراد به الجل الموعود وهو بعيد‪ .‬قوله " بين أجل قد مضى " المراد‬
‫بالجل هنا العمر‪ ،‬وقيل‪ :‬دل هذا على أن الخوف يطلق بالنسبة إلى ما‬
‫مضى‪ ،‬ول يخفى وهنه‪ ،‬لن الخوف ليس من الجل بل من العقوبة‬
‫المترتبة على ما عمل في ما مضى من العمر فالخوف من المستقبل بل‬
‫المعنى يعمل بين سبب مخافتين‪ .‬وقوله " ل يدري ما ال قاض فيه "‬
‫شامل للمصائب الدينية والدنيوية معا " فليأخذ العبد من نفسه لنفسه يعني‬
‫ليجتهد في الطاعة والعبادة ويروض نفسه بالعمال الصالحة في أيام قلئل‬
‫لراحة البد والنعيم المخلد " ومن دنياه لخرته " بأن ينفق ما حصله في‬
‫دنياه لتحصيل آخرته‪ " .‬وفي الشبيبه قبل الكبر " كذا في بعض النسخ "‬
‫الشبيبة " بالبائين كسفينة قال الجوهري الشباب الحداثة وكذلك الشبيبة‬
‫وهو خلف الشيب‪ ،‬وفي بعض النسخ " وفي الشبيبة " وهي كبر السن‬
‫وابيضاض الشعر‪ .‬وعلى الول وهو الظهر المعنى‪ :‬وليعمل في سن‬
‫الشباب قبل سن الشيخوخة لنه قد ل يصل إلى الكبر وإن وصل فالعمل في‬
‫الحالتين أفضل من العمل في حالة واحدة مع أن المرء في الشباب أقوى‬
‫على العمل منه في المشيب وإذا صار العمل ملكة في الشباب تصير سببا‬
‫لسهولة العمل عليه في المشيب وأيضا إذا أقبل‬

‫]‪[364‬‬

‫على الطاعات في شبابه ل يتكدر ول يرين مرآة قلبه بالفسوق والمعاصي‪ ،‬وإذا‬
‫أقبل على المعاصي وران قلبه بها قلما ينفك عنها ولو تركها قلما تصفو‬
‫نفسه من كدوراتها‪ .‬وعلى الثاني المراد بالكبر سن الهرم والزمن‪ ،‬أي‬
‫ينبغي أن يغتنم أوايل الشيخوخة للطاعة‪ ،‬قبل تعطل القوى وذهاب العقل‪،‬‬
‫فيكون قريبا من الفقرة التية " وفي الحياة قبل الممات " أي ينبغي أن‬
‫يغتنم كل جزء من الحياة ول يسوف العمل‪ ،‬لحتمال انقطاع الحياة بعده‪،‬‬
‫والمستعتب إما مصدر أو اسم مكان‪ ،‬والستعتاب السترضاء‪ ،‬قال في‬
‫النهاية‪ :‬أعتبني فلن إذا عاد إلى مسرتي واستعتب طلب أن يرضى عنه‪،‬‬
‫كما يقول استرضيته فأرضاني‪ ،‬والمعتب المرضى‪ ،‬ومنه الحديث ليتمنين‬
‫أحدكم الموت أما محسنا فلعله يزداد وأما مسيئا فلعله يستعتب أي يرجع‬
‫عن الساءة‪ ،‬ويطلب الرضا‪ ،‬ومنه الحديث ولبعد الموت من مستعتب أي‬
‫ليس بعد الموت من استرضاء لن العمال بطلت وانقضى زمانها وما بعد‬
‫الموت دار جزاء ل دار عمل‪ ،‬والعتبى الرجوع عن الذنب والساءة‪- 8 .‬‬
‫كا‪ :‬عن محمد بن يحيى‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن داود‬
‫الرقي‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم في قول ال عزوجل " ولمن خاف‬
‫مقام ربه جنتان " )‪ (1‬قال‪ :‬من علم أن ال يراه ويسمع ما يقول ويفعله‬
‫ويعلم ما يعمله من خير أو شر فيحجزه ذلك عن القبيح من العمال فذلك "‬
‫الذي خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى " )‪ .(2‬بيان‪ :‬قوله " فذلك‬
‫الذي " إشارة إلى تفسير آية اخرى تنبيها على تقارب مضموم اليتين‬
‫واتحاد الموصول في الموضعين‪ ،‬وأن نهي النفس عن الهوى مراد في تلك‬
‫الية أيضا‪ ،‬فان الخوف بدون ترك المعاصي ليس بخوف حقيقة ووحدة‬
‫الجنة فيها ل تنافي التثنية في الخرى لن المراد بها الجنس وأشار عليه‬
‫السلم إلى أن الخوف‬

‫)‪ (1‬الرحمن‪ (2) .46 :‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ 70‬والية في النازعات‪(*) .40 :‬‬

‫]‪[365‬‬

‫تابع للعلم كما قال سبحانه " إنما يخشى ال من عباده العلماء " )‪ - 9 .(1‬كا‪ :‬عن‬
‫محمد‪ ،‬عن أحمد‪ ،‬عن ابن سنان‪ ،‬عن ابن مسكان‪ ،‬عن الحسن ابن أبي‬
‫سارة قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬ل يكون المؤمن مؤمنا‬
‫حتى يكون خائفا راجيا وليكون خائفا راجيا حتى يكون عامل لما يخاف‬
‫ويرجو )‪ - 10 .(2‬كا‪ :‬عن علي بن إبراهيم‪ ،‬عن محمد بن عيسى‪ ،‬عن‬
‫يونس‪ ،‬عن فضيل بن عثمان‪ ،‬عن أبي عبيدة الحذاء‪ ،‬عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬المؤمن بين مخافتين‪ :‬ذنب قد مضى ل يدري ما صنع ال‬
‫فيه‪ ،‬وعمر قد بقي ل يدري ما يكتسب فيه من المهالك‪ ،‬فهو ل يصبح إل‬
‫خائفا ول يصلحه إل الخوف )‪ - 11 .(3‬سن‪ :‬عن الحسن بن علي بن‬
‫فضال‪ ،‬عن أبي جميلة‪ ،‬عن محمد الحلبي عن أبي عبد ال عليه السلم في‬
‫قول ال‪ " :‬الذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون "‬
‫)‪ (4‬قال‪ :‬يعملون ما عملوا من عمل‪ ،‬وهم يعلمون أنهم يثابون عليه )‪.(5‬‬
‫‪ - 12‬سن‪ :‬عن عثمان بن عيسى‪ ،‬عن سماعة‪ ،‬عن أبي بصير‪ ،‬عن أبي‬
‫عبد ال عليه السلم قال‪ :‬يعملون ويعلمون أنهم سيثابون عليه )‪- 13 .(6‬‬
‫الفقيه‪ :‬في مناهي النبي صلى ال عليه وآله من عرضت له فاحشة أو‬
‫شهوة فاجتنبها من مخافة ال عزوجل‪ ،‬حرم ال عليه النار‪ ،‬وآمنه من‬
‫الفزع الكبر‪ ،‬وأنجز له ما وعده في كتابه في قوله عزوجل‪ " :‬ولمن خاف‬
‫مقام ربه جنتان " )‪ - 14 .(7‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن ابن‬
‫محبوب‪ ،‬عن جميل بن صالح عن بريد بن معاوية‪ ،‬عن أبي جعفر عليه‬
‫السلم قال‪ :‬وجدنا في كتاب علي عليه السلم أن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله قال وهو على منبره‪ :‬والذي ل إله إل هو ما اعطي مؤمن‬

‫)‪ (1‬فاطر‪ (3 - 2) .28 :‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (4) .70‬المؤمنون‪(6 - 5) .60 :‬‬


‫المحاسن ص ‪ (7) .247‬فقيه من ل يحضره الفقيه ج ‪ 4‬ص ‪ 7‬و ‪.8‬‬
‫]‪[366‬‬

‫قط خير الدنيا والخرة إل بحسن ظنه بال ورجائه له وحسن خلقه والكف عن‬
‫اغتياب المؤمنين‪ ،‬والذي ل إله إل هو ل يعذب ال مؤمنا بعد التوبة‬
‫والستغفار إل بسوء ظنه بال وتقصير من رجائه وسوء خلقه واغتيابه‬
‫للمؤمنين والذي ل إله إل هو ل يحسن ظن عبد مؤمن بال إل كان ال عند‬
‫ظن عبده المؤمن لن ال كريم بيده الخيرات يستحيي أن يكون عبده‬
‫المؤمن قد أحسن به الظن ثم يخلف ظنه ورجاه‪ ،‬فأحسنوا بال الظن‬
‫وارغبوا إليه )‪ .(1‬بيان‪ :‬قوله عليه السلم‪ " :‬إل بحسن ظنه " قيل‪ :‬معناه‬
‫حسن ظنه بالغفران إذا ظنه حين يستغفر‪ ،‬وبالقبول إذا ظنه حين يتوب‪،‬‬
‫وبالجابة إذا ظنه حين يدعو‪ ،‬وبالكفاية إذا ظنها حين يستكفي لن هذه‬
‫صفات ل تظهر إل إذا حسن ظنه بال تعالى وكذلك تحسين الظن بقبول‬
‫العمل عند فعله إياه فينبغي للمستغفر والتائب والداعي والعامل أن يأتوا‬
‫بذلك موقنين بالجابة بوعد ال الصادق فان ال تعالى وعد بقبول التوبة‬
‫الصادقة والعمال الصالحة وأما لو فعل هذه الشياء وهو يظن أن ل يقبل‬
‫ول ينفعه فذلك قنوط من رحمة ال والقنوط كبيرة مهلكة وأما ظن المغفرة‬
‫مع الصرار وظن الثواب مع ترك العمال فذلك جهل وغرور يجر إلى‬
‫مذهب المرجئة‪ ،‬والظن هو ترجيح أحد الجانبين بسبب يقتضي الترجيح‪،‬‬
‫فإذا خل عن سبب فانما هو غرور وتمن للمحال‪ - 15 .‬كا‪ :‬عن محمد بن‬
‫يحيى‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن ابن بزيع‪ ،‬عن الرضا عليه السلم قال‪ :‬أحسن‬
‫الظن بال فان ال عزوجل يقول‪ :‬أنا عند حسن ظن عبدي المؤمن بي إن‬
‫خيرا فخيرا وإن شرا فشرا )‪ .(2‬بيان‪ " :‬أنا عند حسن ظن عبدي " أقول‪:‬‬
‫هذا الخبر مروي من طريق العامة أيضا وقال الخطابي‪ :‬معناه أنا عند ظن‬
‫عبدي في حسن عمله وسوء عمله‪ ،‬لن من حسن عمله حسن ظنه‪ ،‬ومن‬
‫ساء عمله ساء ظنه‪.‬‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .71‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.72‬‬

‫]‪[367‬‬

‫‪ - 16‬كا‪ :‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن الجوهري‪ ،‬عن المنقري‪ ،‬عن سفيان بن عيينة‬
‫قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬حسن الظن بال أن ل ترجو إل‬
‫ال ول تخاف إل ذنبك )‪ .(1‬بيان‪ :‬فيه إشارة إلى أن حسن الظن بال ليس‬
‫معناه ومقتضاه ترك العمل والجتراء على المعاصي اتكال على رحمة ال‪،‬‬
‫بل معناه أنه مع العمل ل يتكل على عمله‪ ،‬وإنما يرجو قبوله من فضله‬
‫وكرمه‪ ،‬ويكون خوفه من ذنبه وقصور عمله ل من ربه‪ ،‬فحسن الظن ل‬
‫ينافي الخوف بل لبد من الخوف وضمه مع الرجاء وحسن الظن كما مر‪.‬‬
‫‪ - 17‬كا‪ (2) :‬عن محمد بن يحيى‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن الهيثم بن أبي‬
‫مسروق‪ ،‬عن يزيد بن إسحاق شعر‪ ،‬عن الحسين بن عطية‪ ،‬عن أبي عبد‬
‫ال عليه السلم قال‪ :‬المكارم عشر فان استطعت أن تكون فيك فلتكن فانها‬
‫تكون في الرجل ول تكون في ولده وتكون في الولد ول تكون في أبيه‪،‬‬
‫وتكون في العبد ول تكون في الحر‪ ،‬قيل‪ :‬وماهن ؟ قال‪ :‬صدق البأس‪،‬‬
‫وصدق اللسان‪ ،‬وأداء المانة‪ ،‬وصلة الرحم‪ ،‬وإقراء الضيف‪ ،‬وإطعام‬
‫السائل‪ ،‬والمكافاة على الصنايع‪ ،‬والتذمم للجار‪ ،‬والتذمم للصاحب ورأسهن‬
‫الحياء )‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .72‬من هذا الحديث الى الحديث المرقم ‪ 22‬خمسة‬
‫أحاديث منقولة من الكافي باب المكارم‪ ،‬وكما ستطلع على مضامينها‪،‬‬
‫انما يناسب باب جوامع المكارم ‪ -‬وقد كان أراد المؤلف قدس ال سره‬
‫ذلك وكتب كتابه على صدر الصفحات ‪ -‬من نسخة الصل وهي عندنا " ‪-‬‬
‫جوامع المكارم " رمزا واشارة الى أنها من أحاديث باب جوامع المكارم‬
‫ليلحق بذاك الباب لكنه اختلط نظم الكراس فجعلت هذه الكراسة عند تجليد‬
‫الكتاب في هذا الموضع كما أشرنا إليه قبل ذلك‪ ،‬وقد اختل نظم تبييض‬
‫البحار بعد وفات مؤلفه رحمه ال‪ ،‬وهذا من ذاك‪ .‬كما سيجئ في هذا‬
‫الباب غير ذلك من هذا الختلل‪ (3) .‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.55‬‬

‫]‪[368‬‬

‫تبيين‪ :‬في القاموس‪ :‬الكرم محركة ضد اللؤم‪ :‬كرم بضم الراء كرامة فهو كريم‬
‫ومكرمة وأكرمه وكرمه عظمه ونزهه‪ ،‬والكريم الصفوح والمكرم‬
‫والمكرمة بضم رائهما فعل الكرم‪ ،‬وأرض مكرمة كريمة طيبة انتهى‪،‬‬
‫والمكارم جمع المكرمة أي الخلق والعمال الكريمة الشريفة التي توجب‬
‫كرم المرء وشرافته " فان استطعت " يدل على أن تحصيل تلك الصفات‬
‫أو كمالها ل يتيسر لكل أحد‪ ،‬فانها من العنايات الربانية والمواهب‬
‫السبحانية التابعة للطينات الحسنة الطيبة‪ ،‬وبين عليه السلم ذلك بقوله "‬
‫فانها تكون في الرجل ول تكون في ولده " مع شدة المناسبة والخلطة‬
‫والمعاشرة بينهما وكذا العكس‪ ،‬ول مدخل للشرافة النسبية في ذلك‪ ،‬ول‬
‫الكرامة الدنيوية‪ ،‬وبين عليه السلم ذلك بقوله " وتكون في العبد " الخ‪.‬‬
‫فان قيل‪ :‬إذا كانت هذه الصفات من المواهب الربانية فل اختيار للعباد فيها‬
‫فل يتصور التكليف بها والمذمة على تركها ؟ قلت‪ :‬يمكن أن يجاب عنه‬
‫بوجهين‪ :‬الول أن يكون المراد بالستطاعة سهولة التحصيل ل القدرة‬
‫والختيار‪ ،‬وتكون العناية اللهية سببا لسهولة المر ل التمكن منه‪ ،‬الثاني‬
‫أن تكون الستطاعة في المستحبات كاقراء الضيف وإطعام السائل والتذمم‬
‫والحياء ل في الواجبات كصدق اللسان وأداء المانة‪ .‬قوله عليه السلم "‬
‫صدق البأس " في بعض نسخ الكتاب ومجالس الشيخ وغيره )‪ (1‬بالياء‬
‫المثناة التحتانية وفي بعضها بالباء الموحدة‪ ،‬فعلى الول المراد به اليأس‬
‫عما في أيدي الناس وقصر النظر على فضله تعالى ولطفه‪ ،‬والمراد بصدقه‬
‫عدم كونه بمحض الدعوى من غير ظهور آثاره‪ ،‬إذ قد يطلق الصدق في‬
‫غير الكلم من أفعال الجوارح فيقال صدق في القتال إذا وفي حقه‪ ،‬وفعل‬
‫على ما يجب وكما يجب وكذب في القتال إذا كان بخلف ذلك‪ ،‬وقد يطلق‬
‫على مطلق الحسن نحو قوله تعالى " مقعد صدق ‪ -‬وقدم صدق "‪ .‬وعلى‬
‫الثاني المراد بالبأس إما الشجاعة والشدة في الحرب وغيره أي الشجاعة‬

‫)‪ (1‬راجع ج ‪ 69‬باب جوامع المكارم ص ‪.375‬‬

‫]‪[369‬‬

‫الحسنة الصادقة في الجهاد في سبيل ال وإظهار الحق والنهي عن المنكر‪ .‬أو من‬
‫البؤس والفقر كما قيل‪ :‬اريد بصدق البأس موافقة خشوع ظاهره و إخباته‪،‬‬
‫لخشوع باطنه وإخباته‪ ،‬ل يرى التخشع في الظاهر أكثر مما في باطنه‬
‫انتهى‪ ،‬وهو بعيد عن اللفظ إذ الظاهر حينئذ البؤس بالضم وهو خلف‬
‫المضبوط من الرسم‪ ،‬قال في القاموس‪ :‬البأس العذاب والشدة في الحرب‬
‫بؤس ككرم بأسا فهو بئيس شجاع وبئس كسمع بؤسا اشتدت حاجته‪،‬‬
‫والتباؤس التفاقر‪ ،‬و أن يرى تخشع الفقراء إخباتا وتضرعا أنتهى‪ ،‬وكأنه‬
‫أخذه من المعنى الخير ول يخفى ما فيه‪ .‬وقال بعضهم‪ " :‬صدق البأس "‬
‫أي الخوف أو الخضوع أو الشدة والفقر و منه البائس الفقير أو القوة‪:‬‬
‫وصدق الخوف من المعصية بأن يتركها‪ ،‬ومن التقصير في العمل بأن‬
‫يسعى في كماله‪ ،‬ومن عدم الوصول إلى درجة البرار بأن يسعى في‬
‫اكتساب الخيرات‪ ،‬وصدق الخضوع بأن يخضع ل ل لغيره‪ ،‬وصدق الفقر‬
‫بأن يترك عن نفسه هواها ومتمنياتها‪ ،‬وصدق القوة بأن يصرفها في‬
‫الطاعات انتهى وفي أكثرها تكلف مستغنى عنه‪ " .‬وأداء المانة " المانة‬
‫ضد الخيانة وما يؤتمن عليه وكأنها تعم المال والعرض والسر وغيرها من‬
‫حقوق ال وحقوق النبي والئمة عليهم السلم وسائر الخلق كما قال‬
‫تعالى‪ " :‬إن ال يأمركم أن تؤدوا المانات إلى أهلها " )‪ (1‬وقد فسرت‬
‫المانة في هذه الية وغيرها بالودايع والتكاليف والمامة والخلفة في‬
‫أخبار كثيرة مر بعضها‪ ،‬وفي النهاية قد تكرر في الحديث ذكر صلة الرحم‬
‫وهي كناية عن الحسان إلى القربين من ذوي النسب والصهار والتعطف‬
‫عليهم والرفق بهم‪ ،‬والرعاية لحوالهم وكذلك إن بعدوا وأساؤا‪ ،‬وقطع‬
‫الرحم ضد ذلك كله‪ ،‬يقال‪ :‬وصل رحمه يصلها وصل وصلة‪ ،‬والهاء فيها‬
‫عوض من الواو المحذوفة‪ ،‬فكأنه بالحسان إليهم وصل ما بينه وبينهم من‬
‫علقة القرابة والصهر انتهى وشمولها للصهار ل يخلو‬

‫)‪ (1‬النساء‪.58 :‬‬

‫]‪[370‬‬

‫من نظر‪ ،‬وإن كان حسنا‪ " .‬وإقراء الضيف " كذا في نسخ الكتاب وغيره إل في‬
‫رواية اخرى رواها الشيخ في المجالس موافقة المضامين لهذه الرواية‬
‫فان فيها قرى الضيف‪ ،‬وهو أظهر وأوفق لما في كتب اللغة‪ ،‬في القاموس‬
‫قرى الضيف قرى بالكسر والقصر والفتح والمد أضافه واستقرى واقترى‬
‫وأقرى طلب ضيافة انتهى‪ ،‬لكن قد نرى كثيرا من البنية مستعملة في‬
‫الخبار والعرف العام والخاص لم يتعرض لها اللغويون‪ ،‬وقد يقال الفعال‬
‫هنا للتعريض نحو أباع البعير‪ .‬وقيل‪ :‬إقراء الضيف طلبه للضيافة ولم أدر‬
‫من أين أخذه وكأنه أخذه من آخر كلم الفيروزآبادي ول يخفى ما فيه )‪(1‬‬
‫والقرى والطعام إما مختصان بالمؤمن أو بالمسلم مطلقا كما يدل عليه‬
‫بعض الخبار وإن كان يأباه بعضها أو العم منه ومن الكفار كما اشتهر‬
‫على اللسن أكرم الضيف ولو كان كافرا‪ ،‬أما الحربي فالظاهر العدم ثم هنا‬
‫يتفاوتان في الفضل بحسب تفاوت نية القاري أو المطعم‪ ،‬واحتياجهما‬
‫واستحقاق الضيف أو السائل وصلحهما‪ ،‬والغالب استحبابهما‪ ،‬وقد يجبان‬
‫عند خوف هلك الضيف والسائل‪ " .‬والمكافاة على الصنايع " أي‬
‫المجازاة على الحسان في القاموس كافأه مكافأة وكفاء جازاه‪ ،‬وفي‬
‫النهاية الصطناع افتعال من الضيعة وهي العطية والكرامة والحسان‪،‬‬
‫ولعلها من المستحبات والداب‪ ،‬لجواز الخذ من غير عوض‪ ،‬لما رواه‬
‫إسحاق بن عمار قال‪ :‬قلت له‪ :‬الرجل ]الفقير[ يهدي إلي الهدية يتعرض‬
‫لما عندي فاخذها ول اعطيه شيئا ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬هي لك حلل‪ ،‬ولكن ل تدع‬
‫أن تعطيه )‪.(2‬‬

‫)‪ (1‬ذكره مرة في اليائى‪ ،‬وقال‪ " :‬وأقرى‪ :‬طلب ضيافة ومرة اخرى في الواوى‬
‫وقال‪ " :‬وأقرى‪ :‬طلب القرى " ولو كان القرى بمعنى الضافة كان طلب‬
‫القرى طلب الضافة وهو المعنى الذى ذكره صاحب القيل‪ (2) .‬الكافي ج‬
‫‪ 5‬ص ‪.143‬‬

‫]‪[371‬‬
‫وهذا هو الشهر القوى‪ ،‬وعن الشيخ أن مطلق الهبة يقتضي الثواب )‪ (1‬ومقتضاه‬
‫لزوم بذله‪ ،‬وإن لم يطلبه الواهب‪ ،‬وهو بعيد وعن أبي الصلح أن هبة‬
‫الدنى للعلى تقتضي الثواب‪ ،‬فيعوض عنها بمثلها‪ ،‬وليجوز التصرف‬
‫فيها ما لم يعوض والظهر خلفه‪ ،‬نعم إن اشترط الواهب على المتهب‬
‫العوض وعينه لزم وإن أطلق ولم يتفقا على شئ فالظاهر أنه يلزم المتهب‬
‫مثل الموهوب أو قيمته إن أراد اللزوم‪ ،‬وهل يجب على المتهب الوفاء‬
‫بالشرط أو له التخيير فيه وفي رد العين فيه قولن‪ .‬وفي النهاية التذمم‬
‫للصاحب هو أن يحفظ ذمامه ويطرح عن نفسه ذم الناس له‪ ،‬إن لم‬
‫يحفظه‪ ،‬وفي القاموس تذمم استنكف‪ ،‬يقال‪ :‬لو لم أترك الكذب تأثما لتركته‬
‫تذمما‪ ،‬والحاصل أن يدفع الضرر عمن يصاحبه سفرا أو حضرا وعمن‬
‫يجاوره في البيت أو في المجلس أيضا أو من أجاره وآمنه خوفا من اللوم‬
‫والذم لكنه مقيد بما إذا لم ينته إلى الحمية والعصبية بأن يرتكب المعاصي‬
‫لعانته‪ ،‬في القاموس الجار المجاور والذي أجرته من أن يظلم‪ ،‬والمجير‬
‫والمستجير والحليف " ورأسهن الحياء " لن جميع ما ذكر إنما يحصل‬
‫ويتم بالحياء من ال أو من الخلق‪ ،‬فهي بالنسبة إليها كالرأس من البدن‪،‬‬
‫والحياء انقباض النفس عن القبائح وتركها لذلك‪ - 18 .‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن‬
‫البرقي‪ ،‬عن عثمان بن عيسى‪ ،‬عن عبد ال بن مسكان عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬إن ال عزوجل خص رسله بمكارم الخلق فامتحنوا‬
‫أنفسكم فان كانت فيكم فاحمدوا ال‪ ،‬واعلموا أن ذلك من خير‪ ،‬وإن ل تكن‬
‫فيكم فاسألوا ال وارغبوا إليه فيها‪ ،‬قال‪ :‬فذكر عشرة‪ :‬اليقين‪ ،‬والقناعة‪،‬‬
‫والصبر والشكر‪ ،‬والحلم‪ ،‬وحسن الخلق‪ ،‬والسخاء‪ ،‬والغيرة‪ ،‬والشجاعة‪،‬‬
‫والمروة قال‪ :‬وروى بعضهم بعد هذه الخصال العشرة وزاد فيها‪ :‬الصدق‪،‬‬
‫وأداء المانة )‪.(2‬‬

‫)‪ (1‬يعنى بالثواب المكافاة والجزاء وهو اصطلح أيضا‪ (2) .‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.56‬‬
‫)*(‬

‫]‪[372‬‬

‫بيان‪ :‬الخلق بالضم ملكة للنفس يصدر عنها الفعل بسهولة‪ ،‬ومنها ما تكون خلقية‪،‬‬
‫ومنها ما تكون كسبية بالتفكر والمجاهدة والممارسة‪ ،‬وتمرين النفس‬
‫عليها‪ ،‬فل ينافي وقوع التكليف بها‪ ،‬كما أن البخيل يعطي أول بمشقة‬
‫ومجادلة للنفس‪ ،‬ثم يكرر ذلك حتى يصير خلقا وعادة له‪ ،‬والمراد‬
‫بتخصيص الرسل بها أن الفرد الكامل منها مقصورة عليهم أو هم‬
‫مقصورون عليها‪ ،‬دون أضدادها فان الباء قد تدخل على المقصور‪ ،‬كما‬
‫هو المشهور‪ ،‬وقد تدخل على المقصور عليه أو المعنى خص الرسل بانزال‬
‫المكارم عليهم وأمرهم بتبليغها كما روي عن النبي صلى ال عليه وآله‪:‬‬
‫بعثت لتمم مكارم الخلق‪ " .‬واعلموا أن ذلك من خير " أي من خير‬
‫عظيم أراد ال بكم أو علم ال فيكم من صفاء طينتكم أو من عمل خير أو‬
‫نية خير صدر عنكم فاستحققتم أن يتفضل عليكم بذلك‪ ،‬أو اعلموا أن ذلك‬
‫من توفيق ال سبحانه ول يمكن تحصيل ذلك إل به‪ ،‬أو عدوه من الخيرات‬
‫العظيمة أو خص رسله من بين سائر الخلق بالنبوة والرسالة والكرامة‪،‬‬
‫بسبب مكارم الخلق التي علمها فيهم‪ .‬واليقين أعل مراتب اليمان‪ ،‬بحيث‬
‫يبعث على العمل بمقتضاه كما مر‪ ،‬والقناعة الجتزاء باليسير من‬
‫العراض المحتاج إليها‪ ،‬يقال‪ :‬قنع يقنع قناعة إذا رضي والظهر عندي‬
‫أنها الكتفاء بما أعطاه ال تعالى وعدم طلب الزيادة منه قليل كان أم‬
‫كثيرا‪ ،‬والصبر هو حبس النفس عن الجزع عند المصيبة وعن ترك‬
‫الطاعة لمشقتها وعن ارتكاب المعصية لغلبة شهوتها‪ ،‬والشكر مكافاة نعم‬
‫ال في جميع الحوال باللسان والجنان والركان‪ ،‬والحلم ضبط النفس عن‬
‫المبادرة إلى النتقام فيما يحسن ل مطلقا‪ .‬وحسن الخلق هو المعاشرة‬
‫الجميلة مع الناس بالبشاشة والتودد والتلطف والشفاق‪ ،‬واحتمال الذى‬
‫عنهم‪ ،‬والسخاء بذل المال بسهولة على قدر ليؤدي إلى السراف في‬
‫موضعه وأفضله ماكان بغير سؤال والغيرة الحمية في الدين‪ ،‬وترك‬
‫المسامحة فيما يرى في نسائه وحرمه من القبايح‪ ،‬ل تغير الطبع بالباطل‬
‫والحمية‬

‫]‪[373‬‬

‫فيه‪ ،‬والقتل والضرب بالظن من غير ثبوت شئ عليه شرعا وأمثال ذلك‪ ،‬والشجاعة‬
‫الجرأة في الجهاد مع أعادي الدين مع تحقق شرائطه‪ ،‬والمر بالمعروف‪،‬‬
‫والنهي عن المنكر‪ ،‬ومجاهدة النفس والشيطان‪ .‬والمروءة بالهمز وقد‬
‫يشدد الواو بتخفيف الهمزة‪ :‬هي النسانية‪ ،‬وهي صفات إذا كانت في‬
‫النسان يحق أن يسمى إنسانا أو يحق للنسان من حيث إنه إنسان أن يأتي‬
‫بها فهو مشتق من المرء فهي من امهات الصفات الكمالية قال في‬
‫المصباح‪ :‬المروءة آداب نفسانية تحمل مراعاتها النسان على الوقوف‬
‫عند محاسن الخلق وجميل العادات انتهى‪ ،‬وقريب منه معنى الفتوة ويعبر‬
‫عنها بالفارسية بمردي وجوانمردي‪ ،‬ويرجع أكثر ما يندرج فيه إلى البذل‬
‫والسخاء‪ ،‬وحسن المعاشرة‪ ،‬وكثرة النفع للعباد‪ ،‬والتيان بما يعظم عند‬
‫الناس من ذلك‪ .‬وروى الصدوق رحمه ال في معاني الخبار بسند مرفوع‬
‫إلى أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬تذاكرنا أمر الفتوة عنده‪ ،‬فقال‪ :‬أتظنون‬
‫أن الفتوة بالفسق والفجور ؟ إنما الفتوة طعام موضوع‪ ،‬ونائل مبذول‪،‬‬
‫وبشر معروف‪ ،‬وأذى مكفوف‪ ،‬وأما تلك فشطارة )‪ (1‬وفسق‪ ،‬ثم قال‪ :‬ما‬
‫المروءة ؟ قلنا‪ :‬ل نعلم‪ ،‬قال‪ :‬المروءة وال أن يضع الرجل خوانه في فناء‬
‫داره )‪ .(2‬قوله‪ " :‬قال وروى بعضهم " الظاهر أن فاعل قال‪ :‬البرقي‪،‬‬
‫حيث روى من كتابه ويحتمل ابن مسكان أيضا وعلى التقديرين قوله‪" :‬‬
‫روى وزاد فيها " تنازعا في الصدق‪ ،‬فقوله‪ :‬وزاد فيها تأكيد للكلم‬
‫السابق لئل يتوهم أنه أتى بهما بدل من خصلتين من العشر تركهما فلبد‬
‫من سقوط عشرة من الرواية الخيرة كما في الرواية التية أو إبدالها‬
‫باثنتي عشرة‪ ،‬ويحتمل أن يكون المراد بقوله‪ :‬وزاد فيها أنه زاد في الصل‬
‫العدد أيضا بما ذكرنا من البدال‪ ،‬وال أعلم بحقيقة الحال‪.‬‬

‫)‪ (1‬الشطارة بالفتح اعياء الرجل اهله لؤما وخبثا‪ ،‬وترك موافقتهم‪ (2) .‬معاني‬
‫الخبار ص ‪.119‬‬

‫]‪[374‬‬

‫‪ - 19‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن بكر بن صالح‪ ،‬عن جعفر بن محمد الهاشمي‪،‬‬
‫عن إسماعيل بن عباد قال بكر‪ :‬وأظنني قد سمعته من إسماعيل‪ ،‬عن عبد‬
‫ال بن بكير‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إنا لنحب من كان عاقل‬
‫فهما فقيها حليما مداريا صبورا صدوقا وفيا‪ ،‬إن ال عزوجل خص النبياء‬
‫بمكارم الخلق فمن كانت فيه فليحمد ال على ذلك‪ ،‬ومن لم تكن فيه‬
‫فليتضرع إلى ال عزوجل وليسأله إياها‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬جعلت فداك وماهن ؟‬
‫قال‪ :‬هن الورع‪ ،‬والقناعة والصبر‪ ،‬والشكر‪ ،‬والحلم‪ ،‬والحياء‪ ،‬والسخاء‪،‬‬
‫والشجاعة‪ ،‬والغيرة‪ ،‬والبر وصدق الحديث‪ ،‬وأداء المانة )‪ .(1‬بيان‪ :‬قد‬
‫مر تفسير العقل في أول الكتاب والظهر هنا أنه ملكة للنفس تدعو إلى‬
‫اختيار الخير والنافع‪ ،‬واجتناب الشرور والمضار‪ ،‬وبها تقوى النفس على‬
‫زجر الدواعي الشهوية والغضبية والوساوس الشيطانية‪ ،‬والفهم هو جودة‬
‫تهيئ الذهن لقبول ما يرد عليه من الحق‪ ،‬وينتقل من المبادي إلى المطالب‬
‫بسرعة والفقه العلم بالحكام من الحلل والحرام وبالخلق وآفات النفوس‬
‫وموانع القرب من الحق وقيل‪ :‬بصيرة قلبية في أمر الدين تابعة للعلم‬
‫والعمل‪ ،‬مستلزمة للخوف والخشية‪ .‬وقال الراغب‪ :‬الفقه هو التوصل إلى‬
‫علم غائب بعلم شاهد فهو أخص من العلم قال تعالى " فما لهؤلء القوم ل‬
‫يكادون يفقهون حديثا )‪ (2‬بأنهم قوم ل يفقهون " )‪ (3‬إلى غير ذلك من‬
‫اليات والفقه العلم بأحكام الشريعة‪ ،‬يقال‪ :‬فقه الرجل إذا صار فقيها‪،‬‬
‫وتفقه‪ :‬إذا طلبه فتخصص به قال تعالى " ليتفقهوا في الدين " )‪.(4‬‬
‫والمداراة الملطفة والملينة مع الناس وترك مجادلتهم ومناقشتهم‪ ،‬وقد‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .56‬النساء‪ (3) .78 :‬النفال‪ ،65 :‬براءة‪ ،127 :‬الحشر‪:‬‬
‫‪ (4) .13‬براءة‪.122 :‬‬
‫]‪[375‬‬

‫يهمز قال في القاموس‪ :‬درأه كجعله دفعه ودارأته داريته ودافعته ولينته ضد وفي‬
‫النهاية فيه كان ل يداري ول يماري أي ل يشاغب‪ ،‬ول يخالف‪ ،‬وهو‬
‫مهموز فأما المداراة في حسن الخلق والصحبة فغير مهموز وقد يهمز‬
‫انتهى‪ .‬والوفي الكثير الوفاء بعهود ال‪ ،‬وعهود الخلق‪ ،‬وهو قريب من‬
‫الصدق ملزم له كما قال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬الوفاء توأم الصدق )‬
‫‪ (1‬ويؤمي الحديث إلى التحريص على محبة الموصوف بالصفات‬
‫المذكورة‪ ،‬واختيار مصاحبته‪ ،‬والورع قريب من التقوى بل أخص منها‬
‫ببعض معانيها‪ ،‬فانه يعتبر فيه الكف عن الشبهات بل المكروهات‪ ،‬وبعض‬
‫المباحات‪ ،‬قال في النهاية فيه‪ :‬ملك الدين الورع‪ ،‬الورع في الصل الكف‬
‫عن المحارم والتحرج منه ثم استعير للكف عن المباح والحلل والبر هو‬
‫الحسان بالوالدين والقربين‪ ،‬بل بالناس أجمعين‪ ،‬وقد يطلق على جميع‬
‫العمال الصالحة والخيرات‪ - 20 .‬كا‪ :‬عن العدة‪ ،‬عن سهل‪ ،‬وعلي‪ ،‬عن‬
‫أبيه جميعا‪ ،‬عن ابن محبوب عن ابن رئاب‪ ،‬عن أبي حمزة‪ ،‬عن جابر بن‬
‫عبد ال قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله أل اخبركم بخير رجالكم ؟‬
‫قلنا‪ :‬بلى يارسول ال‪ ،‬قال‪ :‬إن من خير رجالكم التقي النقي السمح الكفين‪،‬‬
‫النقي الطرفين‪ ،‬البر بوالديه ول يلجئ عياله إلى غيره )‪ .(2‬توضيح‪ :‬بخير‬
‫رجالكم ربما يتوهم التنافي بين هذا وبين قوله " من خير رجالكم "‬
‫واجيب بأن المراد بالول الصنف وبالثاني كل فرد من هذا الصنف أو‬
‫الحصر في الول إضافي بالنسبة إلى من لم يوجد فيه الصفات المذكورة‬
‫دون الخير على الطلق‪ .‬وأقول‪ :‬يحتمل أن يكون عليه السلم أراد ذكر‬
‫الكل ثم اكتفى بذكر البعض أو المراد أن المتصف بكل من الصفات‬
‫المذكورة من جملة الخير أو المراد بقوله " بخير رجالكم " ببعضهم‪،‬‬
‫بقرينة الخير‪ ،‬ومرجعه إلى بعض الوجوه المتقدمة‬

‫)‪ (1‬نهج البلغة ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .100‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪.57‬‬

‫]‪[376‬‬

‫" التقي " أي من الشرك‪ ،‬وما يوجب الخروج من اليمان‪ ،‬أو من سائر المعاصي‬
‫أيضا فقوله " النقي الطرفين " تخصيص بعد التعميم أو المراد به‬
‫الحتراز عن الشبهات‪ ،‬والنقي النظيف الطاهر من الوساخ الجسمانية‬
‫والدناس النفسانية من رزائل العقائد والخلق‪ " .‬السمح الكفين " قال‪:‬‬
‫في نهاية سمح وأسمح إذا جاد وأعطى عن كرم وسخاء انتهى‪ ،‬والسناد‬
‫إلى الكفين لظهور العطاء منهما‪ ،‬والتثنية للمبالغة‪ ،‬أو إشارة إلى عطاء‬
‫الواجبات والمندوبات‪ " ،‬النقي الطرفين " أي الفرج عن الحرام والشبهة‬
‫واللسان عن الكذب والخناء‪ ،‬والفتراء والفحش‪ ،‬والغيبة‪ ،‬وسائر‬
‫المعاصي وماليفيد من الكلم أو الفرجين أو الفرج والفم عن أكل الحرام و‬
‫الشبهة أو المراد كريم البوين والول أظهر قال في النهاية‪ :‬طرفا النسان‬
‫لسانه وذكره ومنه قولهم‪ :‬ل يدري أي طرفيه أطول‪ ،‬وفيه وما أدري أي‬
‫طرفيه أسرع أراد حلقه ودبره أي أصابه القئ والسهال‪ ،‬فلم أدر أيهما‬
‫أسرع خروجا من كثرته انتهى والمعنى الثالث أيضا حسن لما روي عن‬
‫النبي صلى ال عليه وآله أن أكثر ما يدخل النار الجوفان‪ ،‬قالوا‪ :‬يارسول‬
‫ال وما الجوفان ؟ قال‪ :‬الفرج والفم )‪ (1‬وأيضا قرنوا في أخبار كثيرة في‬
‫بيان المهلكات بين شهوة البطن والفرج وروى في معاني الخبار أنه قال‪:‬‬
‫من ضمن لي مابين لحييه وما بين رجليه‪ ،‬ضمنت له الجنة‪ ،‬وحمله الكثر‬
‫على المعنى الول قال الصدوق رحمه ال‪ :‬يعني من ضمن لي لسانه‬
‫وفرجه‪ ،‬وأسباب البليا تنفتح من هذين العضوين انتهى‪ .‬البر بوالديه أي‬
‫المحسن إليهما والمطيع لهما‪ ،‬والمتحري لمحابهما " ول يلجئ عياله إلى‬
‫غيره " أي لم يضطرهم لعدم النفاق عليهم مع القدرة عليه‪ ،‬إلى السؤال‬
‫عن غيره‪ ،‬يقال‪ :‬ألجأته إليه ولجأته بالهمزة والتضعيف أي اضطررته‬
‫وكرهته )‪ - 21 .(2‬كا‪ :‬عن الحسين بن محمد‪ ،‬عن المعلى‪ ،‬عن الوشاء‪،‬‬
‫عن عبد ال بن سنان عن رجل من بني هاشم قال‪ :‬أربع من كن فيه كمل‬
‫إسلمه‪ ،‬ولو كان من قرنه‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .39‬في نسخة الصل هناك صفحة زائدة راجع بيانها في‬
‫مقدمتنا على هذا الجزء‪.‬‬

‫]‪[377‬‬

‫إلى قدمه خطايا لم تنقصه‪ :‬الصدق‪ ،‬والحياء‪ ،‬وحسن الخلق‪ ،‬والشكر )‪ .(1‬بيان‪:‬‬
‫كأن المراد برجل من بني هاشم الصادق عليه السلم عبر هكذا لشدة التقية‬
‫أو الرجل راو وضمير قال له عليه السلم‪ " :‬أربع " أي أربع خصال " لم‬
‫تنقصه " ضمير المفعول للسلم أو الموصول أي لم ينقصه شيئا من‬
‫السلم وقيل‪ :‬أي يوفقه ال للتوبة بسبب تلك الخصال‪ ،‬فل ينقصه شيئا‬
‫من ثواب الخرة‪ ،‬مع أن حصول تلك الصفات يوجب ترك أكثر المعاصي‬
‫ويستلزمه )‪ - 22 .(1‬لى‪ :‬أبي‪ ،‬عن سعد والحميري جميعا‪ ،‬عن ابن يزيد‪،‬‬
‫عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن البطائني‪ ،‬عن أبي بصير‪ ،‬عن الثمالي‪ ،‬عن علي‬
‫بن الحسين عليهما السلم قال‪ :‬كان في بني إسرائيل رجل ينبش القبور‬
‫فاعتل جار له فخاف الموت فبعث إلى النباش فقال‪ :‬كيف كان جواري لك ؟‬
‫قال‪ :‬أحسن جوار قال‪ :‬فان لي إليك حاجة‪ ،‬قال‪ :‬قضيت حاجتك‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فأخرج إليه كفنين فقال‪ :‬احب أن تأخذ أحبهما إليك وإذا دفنت فل تنبشني‪،‬‬
‫فامتنع النباش من ذلك وأبى أن يأخذه فقال له الرجل‪ :‬احب أن تأخذه فلم‬
‫يزل به حتى أخذ أحبهما ومات الرجل‪ .‬فلما دفن قال النباش‪ :‬هذا قد دفن‪،‬‬
‫فما علمه بأني تركت كفنه أو أخذته لخذنه فأتى قبره فنبشه فسمع صائحا‬
‫يقول ويصيح به‪ :‬ل تفعل‪ ،‬ففزع النباش من ذلك فتركه وترك ماكان عليه‪،‬‬
‫وقال لولده‪ :‬أي أب كنت لكم ؟ قالوا‪ :‬نعم الب كنت لنا‪ ،‬قال‪ :‬فان لي إليكم‬
‫حاجة قالوا‪ :‬قل ما شئت فانا سنصير إليه إنشاء ال‪ ،‬قال‪ :‬فاحب إذا أنا مت‬
‫أن تأخذوني فتحرقوني بالنار‪ ،‬فإذا صرت رمادا فدفوني )‪ (2‬ثم تعمدوا بي‬
‫ريحا عاصفا فذروا نصفي في البر ونصفي في البحر قالوا‪ :‬نفعل‪ .‬فلما مات‬
‫فعل بعض ولده ما أوصاهم به‪ ،‬فلما ذروه قال ال عزوجل للبر‪ :‬اجمع ما‬
‫فيك‪ ،‬وقال للبحر‪ :‬اجمع ما فيك‪ ،‬فإذا الرجل قائم بين يدى ال جل جلله قال‬
‫ال عزوجل‪ :‬ما حملك على ما أوصيت ولدك أن يفعلوه بك ؟ قال‪:‬‬

‫)‪ (1‬في نسخة الصل وهكذا الكمبانى تكرر هنا الحديث ‪ 20‬مع شرحها‪ (2) .‬يقال‬
‫دف الشئ‪ :‬استأصله ونسفه‪.‬‬

‫]‪[378‬‬

‫حملني على ذلك وعزتك خوفك‪ ،‬فقال ال جل جلله‪ :‬فاني سارضي خصومك وقد‬
‫آمنت خوفك وغفرت لك )‪ - 23 .(1‬لى‪ :‬أبي‪ ،‬عن الحميري‪ ،‬عن ابن أبي‬
‫الخطاب‪ ،‬عن الحسن بن علي ابن فضال‪ ،‬عن مثنى‪ ،‬عن ليث بن أبي سليم‪،‬‬
‫قال‪ :‬سمعت رجل من النصار يقول‪ :‬بينما رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫مستظل بظل شجرة في يوم شديد الحر‪ ،‬إذ جاء رجل فنزع ثيابه ثم جعل‬
‫يتمرغ في الرمضاء يكوي ظهره مرة‪ ،‬وبطنه مرة‪ ،‬وجبهته مرة‪ ،‬ويقول‪:‬‬
‫يانفس ذوقي فما عند ال عزوجل أعظم مما صنعت بك‪ ،‬ورسول ال ينظر‬
‫إلى مايصنع‪ ،‬ثم إن الرجل لبس ثيابه ثم أقبل فأومأ إليه النبي صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬بيده ودعاه فقال له‪ :‬يا عبد ال لقد رأيتك صنعت شيئا ما رأيت‬
‫أحدا من الناس صنعه فما حملك على ما صنعتك ؟ ]فقال الرجل‪ :‬حملني‬
‫على ذلك مخافة ال عزوجل وقلت لنفسي‪ :‬يانفس ذوقي فما عند ال أعظم‬
‫مما صنعت بك[ )‪ (2‬فقال النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬لقد خفت ربك حق‬
‫مخافته فان ربك ليباهي بك أهل السماء ثم قال لصحابه‪ :‬يا معاشر ]من‬
‫حضر ادنوا من صاحبكم حتى يدعو لكم‪ ،‬فدنوا منه فدعا لهم وقال لهم‪:‬‬
‫اللهم اجمع أمرنا على الهدى واجعل[ )‪ (3‬التقوى زادنا والجنة مآبنا )‪.(4‬‬
‫‪ - 24‬لى‪ :‬سئل أمير المؤمنين عليه السلم أي الناس خير عند ال عزوجل‬
‫؟ قال‪ :‬أخوفهم ل‪ ،‬وأعملهم بالتقوى‪ ،‬وأزهدهم في الدنيا )‪ - 25 .(5‬لى‪:‬‬
‫في خبر مناهي النبي صلى ال عليه وآله قال صلى ال عليه وآله‪ :‬من‬
‫عرضت له فاحشة أو شهوة فاجتنبها من مخافة ال عزوجل حرم ال عليه‬
‫النار‪ ،‬وآمنه من الفزع الكبر‪ ،‬وأنجز له ما وعده في كتابه في قوله "‬
‫ولمن خاف مقام ربه جنتان " )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬أمالي الصدوق ص ‪ 2) .197‬و ‪ (3‬مابين العلمتين ساقط من الصل والكمبانى‬


‫أضفناه من المصدر‪ (4) .‬أمالي الصدوق ص ‪ (5) .205‬أمالي الصدوق‬
‫ص ‪ (6) .237‬أمالي الصدوق ص ‪ ،257‬والية في سورة الرحمن‪.46 :‬‬

‫]‪[379‬‬

‫‪ - 26‬فس‪ :‬قال الصادق عليه السلم‪ :‬كفى بخشية ال علما وكفى بالغترار بال‬
‫جهل‪ - 27 .‬فس‪ " :‬وأما من خاف مقام ربه فنهى النفس عن الهوى فان‬
‫الجنة هي المأوى " )‪ (1‬قال‪ :‬هو العبد إذا وقف على معصية ال وقدر‬
‫عليها‪ ،‬ثم يتركها مخافة ال ونهى النفس عنها‪ ،‬فمكافأته الجنة )‪- 28 .(2‬‬
‫ل‪ :‬الخليل بن أحمد‪ ،‬عن ابن المعاذ‪ ،‬عن الحسين المروزي‪ ،‬عن عبد ال‬
‫بن عوف‪ ،‬عن الحسن قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬قال ال‬
‫تبارك وتعالى وعزتي وجللي لأجمع على عبدي خوفين‪ ،‬ول أجمع له‬
‫أمنين فإذا أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة‪ ،‬وإذا خافني في الدنيا أمنته‬
‫يوم القيامة )‪ .(3‬أقول‪ :‬قد مر كثير من الخبار في باب جوامع المكارم‬
‫وفي باب صفات الشيعة وسيأتي في أبواب المواعظ‪ - 29 .‬ل‪ :‬الخليل بن‬
‫أحمد‪ ،‬عن محمد بن إسحاق السراج‪ ،‬عن الوليد بن شجاع‪ ،‬عن علي بن‬
‫مسهر‪ ،‬عن عبيد ال بن عمر‪ ،‬عن نافع‪ ،‬عن ابن عمر قال‪ :‬قال رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬بينا ثلثة نفر فيمن كان قبلكم يمشون إذ أصابهم مطر‬
‫فأووا إلى غار فانطبق عليهم فقال بعضهم لبعض‪ :‬يا هؤلء وال ما ينجيكم‬
‫إل الصدق فليدع كل رجل منكم بما يعلم ال عزوجل أنه قد صدق فيه‪ .‬فقال‬
‫أحدهم‪ :‬اللهم إن كنت تعلم أنه كان لي أجير عمل لي على فرق )‪ (4‬ارز‬
‫فزرعته فصار من أمره إلى ]أن[ اشتريت من ذلك الفرق بقرا ثم أتاني‬
‫فطلب أجره فقلت‪ :‬اعمد إلى تلك البقر فسقها فقال‪ :‬إنما لي عندك فرق من‬
‫ارز‪ ،‬فقلت اعمد إلى تلك البقر فسقها فانها من ذلك فساقها‪ ،‬فان كنت تعلم‬
‫]أني فعلت ذلك‬

‫)‪ (1‬النازعات‪ (2) .41 :‬تفسير القمي ص ‪ (3) .711‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪(4) .39‬‬
‫الفرق مكيال يسع ستة عشر رطل‪.‬‬

‫]‪[380‬‬
‫من خشيتك ففرج عنا‪ ،‬فانساحت الصخرة عنهم‪ .‬وقال الخر‪ :‬اللهم إن كنت تعلم[ )‬
‫‪ (1‬أنه كان لي أبوان شيخان كبيران فكنت آتيهما كل ليلة بلبن غنم لي‪،‬‬
‫فأبطأت عليهما ذات ليلة فأتيتهما وقد رقدا وأهلي وعيالي يتضاغون من‬
‫الجوع )‪ (2‬وكنت ل أسقيهم حتى يشرب أبواي فكرهت أن اوقظهما من‬
‫رقدتهما‪ ،‬وكرهت أن أرجع فيستيقظا )‪ (3‬لشربهما‪ ،‬فلم أزل أنتظرهما حتى‬
‫طلع الفجر‪ ،‬فان كنت تعلم أني فعلت ذلك من خشيتك ففرج عنا فانساحت‬
‫عنهم الصخرة حتى نظروا إلى السماء‪ .‬وقال الخر‪ :‬اللهم إن كنت تعلم أنه‬
‫كانت لي ابنة عم أحب الناس إلي وإني راودتها عن نفسها فأبت على إل‬
‫أن آتيها بمائة دينار فطلبتها حتى قدرت عليها‪ ،‬فجئت بها فدفعتها إليه‬
‫فأمكنتني من نفسها فلما قعدت بين رجليها قالت‪ :‬اتق ال ول تفض الخاتم‬
‫إل بحقه‪ ،‬فقمت عنها وتركت لها المائة‪ ،‬فان كنت تعلم أني فعلت ذلك من‬
‫خشيتك ففرج عنا ففرج ال عزوجل عنهم فخرجوا )‪ .(4‬أقول‪ :‬قد مضى‬
‫باسناد آخر في باب قصة أصحاب الكهف )‪ (5‬وأوردناه بتغيير ما في باب‬
‫الخلص )‪ - 30 .(6‬ل‪ :‬أنواع الخوف خمسة‪ :‬خوف‪ ،‬وخشية‪ ،‬ووجل‪،‬‬
‫ورهبة‪ ،‬وهيبة‪:‬‬

‫)‪ (1‬مابين العلمتين ساقط من الصل أضفناه من المصدر‪ ،‬وقد تنبه لذلك مصحح‬
‫طبعة الكمبانى‪ ،‬لكنه استدرك السقط طبقا لرواية المحاسن المتقدمة في‬
‫باب الخلص فراجع‪ (2) .‬يقال‪ :‬تضاغى من الطوى‪ :‬تضور من الجوع‬
‫وصاح‪ ،‬ومنه قولهم " بات صبيانه يتضاغون من الجوع "‪ (3) .‬يعنى‬
‫يستيقظان لثر الجوع فل يأخذهما النوم ويبتليان بالسهر‪ (4) .‬الخصال ج‬
‫‪ 1‬ص ‪ (5) .87‬راجع ج ‪ 14‬ص ‪ 426‬و ‪ 421‬نقل عن أمالى الطوسى ج‬
‫‪ 2‬ص ‪ 10‬وص ‪ 252‬ط الحجرية وقصص النبياء‪ (6) .‬نقله عن‬
‫المحاسن ص ‪ 253‬راجع ص ‪ 244‬فيما مضى‪.‬‬

‫]‪[381‬‬

‫فالخوف للعاصين‪ ،‬والخشية للعالمين‪ ،‬والوجل للمخبتين‪ ،‬والرهبة للعابدين‪،‬‬


‫والهيبة للعارفين‪ ،‬أما الخوف فلجل الذنوب قال ال عزوجل‪ " :‬ولمن‬
‫خاف مقام ربه جنتان " )‪ (1‬والخشية لجل رؤية التقصير قال ال‬
‫عزوجل‪ " :‬إنما يخشى ال من عباده العلماء " )‪ (2‬وأما الوجل فلجل‬
‫ترك الخدمة قال ال عزوجل‪ " :‬الذين إذا ذكر ال وجلت قلوبهم " )‪(3‬‬
‫والرهبة لرؤية التقصير قال ال عزوجل‪ " :‬ويحذركم ال نفسه " )‪(4‬‬
‫يشير إلى هذا المعنى‪ .‬وروي عن النبي صلى ال عليه وآله أنه كان إذا‬
‫صلى سمع لصدره أزيز كأزيز المرجل من الهيبة‪ ،‬حدثنا بذلك أبو عبد ال‬
‫بن حامد رفعه إلى بعض الصالحين عليهم السلم )‪ - 31 .(5‬ما‪ :‬المفيد‪،‬‬
‫عن ابن قولويه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن ابن عيسى‪ ،‬عن ابن أسباط عن عمه‪ ،‬عن‬
‫أبي الحسن العبدي‪ ،‬عن الصادق عليه السلم قال‪ :‬ما كان عبد ليحبس‬
‫نفسه على ال إل أدخله ال الجنة )‪ - 32 .(6‬ما‪ :‬المفيد‪ ،‬عن الجعابي‪ ،‬عن‬
‫ابن عقدة‪ ،‬عن سليمان بن محمد الهمداني عن محمد بن عمران‪ ،‬عن‬
‫محمد بن عيسى الكندي‪ ،‬عن جعفر بن محمد عليهما السلم قال‪ :‬من خاف‬
‫ال عزوجل أخاف ال منه كل شئ‪ ،‬ومن لم يخف ال عزوجل أخافه ال‬
‫من كل شئ الخبر )‪ - 33 .(7‬ما‪ :‬المفيد‪ ،‬عن الحسن بن حمزة العلوي‪،‬‬
‫عن محمد بن عبد ال بن جعفر عن أبيه‪ ،‬عن هارون‪ ،‬عن ابن زياد‪ ،‬عن‬
‫جعفر بن محمد‪ ،‬عن أبيه عليهما السلم قال‪ :‬في‬

‫)‪ (1‬الرحمن‪ (2) .46 :‬فاطر‪ (3) .28 :‬النفال‪ (4) .2 :‬آل عمران‪ 28 :‬و ‪(5) .30‬‬
‫الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (6) .135‬أمالي الطوسي ج ‪ 1‬ص ‪ (7) .122‬أمالي‬
‫الطوسي ج ‪ 1‬ص ‪.139‬‬

‫]‪[382‬‬

‫حكمة آل داود ياآبن آدم كيف تتكلم بالهدى وأنت ل تفيق عن الردى يا ابن آدم‬
‫أصبح قلبك قاسيا وأنت لعظمة ال ناسيا فلو كنت بال عالما وبعظمته‬
‫عارفا لم تزل منه خائفا‪ ،‬ولمن وعده راجيا‪ ،‬ويحك كيف لتذكر لحدك‪،‬‬
‫وانفرادك فيه وحدك )‪ - 34 .(1‬ما‪ :‬المفيد‪ ،‬عن الجعابي‪ ،‬عن ابن عقدة‪،‬‬
‫عن محمد بن إسماعيل بن إبراهيم‪ ،‬عن عم أبيه الحسين بن موسى‪ ،‬عن‬
‫أبيه موسى بن جعفر‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن أمير المؤمنين عليهم السلم قال‪ :‬إن‬
‫المؤمن ل يصبح إل خائفا وإن كان محسنا‪ ،‬ول يمسي إل خائفا وإن كان‬
‫محسنا‪ ،‬لنه بين أمرين‪ :‬بين وقت قد مضى ل يدري ما ال صانع به‪ ،‬وبين‬
‫أجل قد اقترب ل يدري ما يصيبه من الهلكات الخبر )‪ - 35 .(2‬ما‪ :‬المفيد‪،‬‬
‫عن أحمد بن الوليد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن ابن عيسى عن ابن محبوب‪،‬‬
‫عن الثمالي قال‪ :‬كان علي بن الحسين عليهما السلم يقول‪ :‬ابن آدم ! ل‬
‫تزال بخير ماكان لك واعظ من نفسك‪ ،‬وما كانت المحاسبة من همك‪ ،‬وما‬
‫كان الخوف لك شعارا والحزن لك دثارا‪ ،‬ابن آدم ! إنك ميت ومبعوث‬
‫وموقوف بين يدي ال عزوجل‪ ،‬ومسؤول فأعد جوابا )‪ - 36 .(3‬ما‪:‬‬
‫بالسناد إلى أبي قتادة‪ ،‬عن صفوان قال‪ :‬قال الصادق عليه السلم للمعلى‬
‫بن خنيس‪ :‬يا معلى اعتزز بال يعززك ال‪ ،‬قال‪ :‬بماذا يا ابن رسول ال ؟‬
‫قال‪ :‬يا معلى خف ال يخف منك كل شئ الخبر )‪ - 37 .(4‬ما‪ :‬ابن بسران‪،‬‬
‫عن الحسن بن صفوان‪ ،‬عن عبد ال بن محمد‪ ،‬عن أبي خيثمة‪ ،‬عن‬
‫يعقوب بن إبراهيم‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن صالح بن كيسان‪ ،‬عن نافع أن عبد ال‬
‫بن عمر قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬بينما ثلثة رهط‬
‫يتماشون أخذهم المطر‬

‫)‪ (1‬أمالي الطوسي ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .206‬أمالي الطوسي ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .211‬أمالي‬
‫الطوسي ج ‪ 1‬ص ‪ (4) .114‬أمالي الطوسي ج ‪ 1‬ص ‪.310‬‬

‫]‪[383‬‬

‫فأووا إلى غار في جبل فبينما هم فيه انحطت صخرة فأطبقت عليهم فقال بعضهم‬
‫لبعض‪ :‬انظروا أفضل أعمال عملتموها فاسألوه بها لعله يفرج عنكم‪ .‬قال‬
‫أحدهم‪ :‬اللهم إنه كان لي والدان كبيران وكانت لي امرأة وأولد صغار‬
‫فكنت أرعى عليهم‪ ،‬فإذا أرحت عليهم غنمي بدأت بوالدي فسقيتهما فلم أت‬
‫حتى نام أبواي فطيبت الناء ثم حلبت ثم قمت بحلبي عند رأس أبوى‬
‫والصبية يتضاغون عند رجلي أكره أن أبدأ بهم قبل أبوى وأكره أن‬
‫اوقظهما من نومهما فلم أزل كذلك حتى أضاء الفجر اللهم إن كنت تعلم أني‬
‫فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا فرجة نرى منها السماء ففرج له فرجة‬
‫فرأى منها السماء‪ .‬وقال الخر‪ :‬اللهم إنه كان لي بنت عم فأحببتها حبا‬
‫كانت أعز الناس إلي فسألتها نفسها فقالت‪ :‬ل حتى تأتيني بمائة دينار‪،‬‬
‫فسعيت حتى جمعت مائة دينار فأتيتها بها فلما كنت بين رجليها قالت‪ :‬اتق‬
‫ال ول تفتح الخاتم إل بحقه‪ ،‬فقمت عنها اللهم إن كنت تعلم أني فعلت ذلك‬
‫ابتغاء وجهك فافرج عنا فيها فرجة ففرج ال لهم فيها فرجة‪ .‬وقال الثالث‪:‬‬
‫اللهم إني كنت استأجرت أجيرا بفرق ذرة‪ ،‬فلما قضى عمله عرضت عليه‬
‫فأبى أن يأخذها ورغب عنه فلم أزل اعتمل به حتى جمعت منه بقرا‬
‫ورعاءها فجاءني‪ ،‬وقال اتق ال وأعطني حقي ول تظلمني فقلت له‪ :‬اذهب‬
‫إلى تلك البقر ورعاتها فخذها‪ ،‬فذهب واستاقها اللهم إن كنت تعلم أني‬
‫فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما بقي منها ففرج ال عنهم فخرجوا‬
‫يتماشون )‪ - 38 .(1‬ع‪ :‬أبي‪ ،‬عن علي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن‬
‫هشام بن سالم‪ ،‬عن أبي العباس‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن‬
‫قوما أصابوا ذنوبا فخافوا منها وأشفقوا فجاءهم قوم آخرون فقالوا لهم‪:‬‬
‫مالكم ؟ فقالوا‪ :‬إنا أصبنا ذنوبا فخفنا منها وأشفقنا فقالوا لهم‪ :‬نحن نحملها‬
‫عنكم‪ ،‬فقال ال تبارك وتعالى‪ :‬يخافون وتجترؤن علي ؟ فأنزل ال عليهم‬
‫العذاب‪.‬‬

‫)‪ (1‬أمالي الطوسي ج ‪ 2‬ص ‪ ،10‬وقد مر الشارة إلى الحديث قبل ذلك‪ (2) .‬علل‬
‫الشرايع ج ‪ 2‬ص ‪.209‬‬
‫]‪[384‬‬

‫‪ - 39‬لى‪ :‬ابن البرقي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن حمزة بن عبد ال الجعفري عن‬
‫جميل بن دراج‪ ،‬عن الثمالي قال‪ :‬قال الصادق عليه السلم‪ :‬ارج ال رجاء‬
‫ل يجرئك على معاصيه وخف ال خوفا ل يؤيسك من رحمته )‪- 40 .(1‬‬
‫لى‪ :‬ابن المتوكل‪ ،‬عن السعد آبادي‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن القاشاني عن‬
‫الصبهاني‪ ،‬عن المنقري‪ ،‬عن حماد بن عيسى‪ ،‬عن الصادق عليه السلم‬
‫قال‪ :‬كان فيما أوصى به لقمان ابنه يا بني خف ال خوفا لو وافيته ببر‬
‫الثقلين خفت أن يعذبك وارج ال رجاء لو وافيته بذنوب الثقلين رجوت أن‬
‫يغفر لك )‪ .(2‬أقول‪ :‬قد مضى باسناد آخر في باب مواعظ لقمان )‪- 41 .(3‬‬
‫مع‪ :‬أبي‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن القاشاني‪ ،‬عمن ذكره‪ ،‬عن عبد ال‬
‫ابن القاسم‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬سمعته يقول‪ :‬الخائف من لم‬
‫يدع له الرهبة لسانا ينطق به )‪ - 42 .(4‬فس‪ :‬أني‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪،‬‬
‫عن عبد الرحمن بن الحجاج قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه السلم حديث‬
‫ترويه الناس فيمن يؤمر به آخر الناس إلى النار فقال‪ :‬أما إنه ليس كما‬
‫يقولون‪ ،‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬إن آخر عبد يؤمر به إلى‬
‫النار فإذا أمر به التفت فيقول الجبار‪ :‬ردوه فيردونه فيقول له‪ :‬لم التفت ؟‬
‫فيقول‪ :‬يا رب لم يكن ظني بك هذا فيقول‪ :‬وما كان ظنك بي ؟ فيقول‪ :‬يا‬
‫رب كان ظني بك أن تغفر لي خطيئتي‪ ،‬وتسكنني جنتك‪ ،‬قال‪ :‬فيقول الجبار‪:‬‬
‫يا ملئكتي وعزتي وجللي وآلئي وعلوي وارتفاع مكاني ما ظن بي‬
‫عبدي هذا ساعة من خير قط ولو ظن بي ساعة من خير ماروعته بالنار‪،‬‬
‫أجيزوا له كذبه وأدخلوه الجنة‪ .‬ثم قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪:‬‬
‫ليس من عبد يظن بال خيرا إل كان عند ظنه به‬

‫)‪ (1‬أمالي الصدوق ص ‪ (2) .10‬أمالي الصدوق ص ‪ (3) .397‬راجع ج ‪ 13‬ص‬


‫‪ 412‬من هذه الطبعة الحديثة‪ (4) .‬معاني الخبار ص ‪.238‬‬

‫]‪[385‬‬

‫وذلك قوله‪ " :‬وذلك ظنكم الذي ظننتم بربكم أدريكم فأصبحتم من الخاسرين " )‪.(1‬‬
‫‪ - 43‬ثو‪ :‬أبي‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن ابن يزيد‪ ،‬عن ابن أبي عمير مثله )‪ (2‬بتغيير‬
‫ما قد مضى في باب ما يظهر من رحمة ال في القيامة‪ .‬اقول‪ :‬قد مر بعض‬
‫الخبار في باب التوكل والتفويض‪ - 44 .‬ن‪ :‬جعفر بن نعيم‪ ،‬عن عمه‬
‫محمد بن شاذان‪] ،‬عن الفضل بن شاذان[ عن ابن بزيع‪ ،‬عن الرضا عليه‬
‫السلم قال‪ :‬أحسن بال الظن فان ال عزوجل يقول‪ :‬أنا عند حسن ظن‬
‫عبدي المؤمن بي إن خير فخير‪ ،‬وإن شر فشر )‪ - 45 .(3‬ما‪ :‬المفيد‪ ،‬عن‬
‫ابن قولويه‪ ،‬عن الكليني‪ ،‬عن عدة من أصحابه‪ ،‬عن أبن عيسى‪ ،‬عن ابن‬
‫محبوب‪ ،‬عن داود بن كثير‪ ،‬عن أبي عبيدة الحذاء‪ ،‬عن أبي جعفر عليه‬
‫السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬قال ال عزوجل‪ :‬ل يتكل‬
‫العاملون على أعمالهم التي يعملون بها لثوابي‪ ،‬فانهم لو اجتهدوا وأتعبوا‬
‫أنفسهم أعمارهم في عبادتي كانوا مقصرين‪ ،‬غير بالغين في عبادتهم كنه‬
‫عبادتي‪ ،‬فيما يطلبون من كرامتي والنعيم في جناتي ورفيع الدرجات العلى‬
‫في جواري‪ ،‬ولكن برحمتي فليثقوا وفضلي فليرجوا‪ ،‬وإلى حسن الظن بي‬
‫فليطمئنوا‪ ،‬فان رحمتي عند ذلك تدركهم وبمني ابلغهم رضواني والبسهم‬
‫عفوي‪ ،‬فانى أنا ال الرحمن الرحيم بذلك تسميت )‪ - 46 .(4‬ما‪ :‬الحفار‪،‬‬
‫عن محمد بن إبراهيم بن كثير‪ ،‬عن الحسن بن هانئ عن هانئ بن حماد بن‬
‫سلمة‪ ،‬عن يزيد الرقاشي‪ ،‬عن أنس قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬ل يموتن أحدكم حتى يحسن ظنه بال عزوجل‪ ،‬فان حسن الظن بال‬
‫عزوجل‬

‫)‪ (1‬تفسير القمى ص ‪ ،592‬والية في فصلت‪ (2) .23 :‬ثواب العمال ص ‪،157‬‬
‫وقد مضى في ج ‪ 7‬ص ‪ (3) .287‬عيون أخبار الرضا عليه السلم ج ‪2‬‬
‫ص ‪ 20‬في حديث‪ (4) .‬أمالي الطوسي ج ‪ 1‬ص ‪.215‬‬

‫]‪[386‬‬

‫ثمن الجنة )‪ - 47 .(1‬ل‪ :‬ابن المتوكل‪ ،‬عن محمد العطار‪ ،‬عن الشعري‪ ،‬عن محمد‬
‫بن آدم رفعه قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله يا علي ل تشاورن‬
‫جبانا فانه يضيق عليك المخرج ول تشاورن البخيل فانه يقصر بك عن‬
‫غايتك‪ ،‬ول تشاورن حريصا فانه يزين لك شرها‪ ،‬واعلم يا علي أن الجبن‬
‫والبخل والحرص غريزة واحدة يجمعها سوء الظن )‪ - 48 .(2‬ثو‪ :‬ابن‬
‫الوليد‪ ،‬عن الصفار‪ ،‬عن عباد بن سليمان‪ ،‬عن محمد بن سليمان‪ ،‬عن‬
‫أبيه‪ ،‬عن إسحاق بن عمار‪ ،‬عن الصادق عليه السلم قال‪ :‬يا إسحاق خف‬
‫ال كأنك تراه ]فان كنت ل تراه[ فانه يراك‪ ،‬فان كنت ترى أنه ]ل[ يراك‬
‫فقد كفرت‪ ،‬وإن كنت تعلم أنه يراك ثم استترت عن المخلوقين بالمعاصي‬
‫وبرزت له بها‪ ،‬فقد جعلته في حد أهون الناظرين إليك )‪ - 49 .(3‬ثو‪ :‬أبي‪،‬‬
‫عن سعد‪ ،‬عن محمد بن الحسين‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن حفص ابن‬
‫البختري قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬إن قوما أذنبوا ذنوبا كثيرة‬
‫فأشفقوا منها وخافوا خوفا شديدا وجاء آخرون فقالوا‪ :‬ذنوبكم علينا‪،‬‬
‫فأنزل ال عزوجل عليهم العذاب‪ ،‬ثم قال تبارك وتعالى‪ :‬خافوني واجترأتم )‬
‫‪ .(4‬سن‪ :‬أبي‪ ،‬عن ابن أبي عميره مثله )‪ - 50 .(5‬سن‪ :‬أبي رفعه إلى‬
‫سلمان رضوان ال عليه قال‪ :‬قال‪ :‬أضحكتني ثلث وأبكتني ثلث فأما‬
‫الثلث التي أبكتي ففراق الحبة رسول ال صلى ال عليه وآله ]وحزبه[‬
‫والهول عند غمرات الموت‪ ،‬والوقوف بين يدي رب العالمين‪ ،‬يوم تكون‬
‫السريرة‬

‫)‪ (1‬أمالي الطوسي ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .389‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .50‬ثواب العمال‬
‫ص ‪ (4) .133‬ثواب العمال ص ‪ (5) .216‬المحاسن ص ‪.116‬‬

‫]‪[387‬‬

‫علنية‪ ،‬ل أدري إلى الجنة أصير أم إلى النار‪ ،‬وأما الثلث التي أضحكتني فغافل‬
‫ليس بمغفول عنه‪ ،‬وطالب الدنيا والموت يطلبه‪ ،‬وضاحك ملء فيه ل يدري‬
‫أراض عنه سيده أم ساخط عليه )‪ - 51 .(1‬سن‪ :‬أبي‪ ،‬عن ابن فضال‪ ،‬عن‬
‫الحسن بن الجهم‪ ،‬عن بعض أصحابنا عن أبي جعفر عليه السلم قال‪:‬‬
‫يوقف عبد بين يدي ال يوم القيامة فيأمر به إلى النار فيقول‪ :‬ل وعزتك‬
‫ماكان هذا ظني بك ]فيقول‪ :‬ماكان ظنك بي ؟[ فيقول‪] :‬كان[ ظني بك أن‬
‫تغفر لي‪ ،‬فيقول‪ :‬قد غفرت لك‪ ،‬قال أبو جعفر عليه السلم‪ :‬أما وال ما ظن‬
‫به في الدنيا طرفة عين‪ ،‬ولو كان ظن به طرفة عين ما أوقفه ذلك الموقف‬
‫لما رأى من العفو )‪ .(2‬اقول‪ :‬أوردنا مثله في باب ما يظهر من رحمة ال‬
‫تعالى في القيامة )‪ - 52 .(3‬ص‪ :‬بالسناد إلى الصدوق باسناده إلى ابن‬
‫محبوب‪ ،‬عن أبي جمزة عن ابى جعفر عليه السلم قال‪ :‬خرجت امرأة بغى‬
‫]على[ شباب من بني إسرائيل فأفتنتهم فقال بعضهم‪ :‬لو كان العابد فلنا لو‬
‫رآها افتنته وسمعت مقالتهم فقالت‪ :‬وال لأنصرف إلى منزلي حتى أفتنه‬
‫فمضت نحوه في الليل فدقت عليه‪ ،‬فدلك )‪ (4‬فقالت‪ :‬آوي عندك فأبى عليها‬
‫فقالت‪ :‬إن بعض شباب بني إسرائيل راودوني عن نفسي فان أدخلتني وإل‬
‫لحقوني وفضحوني‪ .‬فلما سمع مقالتها فتح لها‪ ،‬فلما دخلت عليه رمت‬
‫بثيابها فلما رأى جمالها وهيئتها وقعت في نفسه‪ ،‬فضرب يده عليها ثم‬
‫رجعت إليه نفسه‪ ،‬وقد كان يوقد تحت قدر له فأقبل حتى وضع يده على‬
‫النار فقالت‪ :‬أي شئ تصنع ؟ ]فقال‪ [:‬احرقها لنها عملت العمل فخرجت‬
‫حتى أتت جماعة بني إسرائيل‪ ،‬فقالت‪ :‬الحقوا‬

‫)‪ (1‬المحاسن ص ‪ (2) .4‬المحاسن ص ‪ (3) .25‬راجع ج ‪ 7‬ص ‪(4) .290 - 286‬‬
‫أي ماطله ولم يفتح لها الباب وفي بعض النسخ ل توجد هذه الكلمة‪.‬‬

‫]‪[388‬‬

‫فلنا فقد وضع يده على النار‪ ،‬فأقبلوا فلحقوه وقد احترقت يده‪ - 53 .‬ص‪ :‬عن‬
‫هارون بن خارجة‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم أن عابدا كان في بني‬
‫إسرائيل فأضاف امرأة من بني إسرائيل فهم بها‪ ،‬فأقبل كلما هم بها قرب‬
‫أصبعا من أصابعه إلى النار فلم يزل ذلك دأبه حتى أصبح‪ ،‬فقال‪ :‬اخرجي‬
‫لبئس الضيف كنت لي‪ - 54 .‬ص‪ :‬الصدوق‪ ،‬عن أبيه ]عن سعد[ رفعه قال‬
‫كان يحيى بن زكريا يصلي ويبكي حتى ذهب لحم خده‪ ،‬وجعل لبدا وألزقه‬
‫بخده حتى يجري الدموع عليه وكان لينام فقال أبوه يا بني إني سألت ال‬
‫أن يرزقنيك لفرح بك وتقر عيني قم فصل قال فقال له يحيى‪ :‬إن جبرئيل‬
‫حدثني أن أمام النار مفازة ل يجوزها إل البكاؤن فقال يا بني فابك وحق لك‬
‫أن تبكي‪ - 55 .‬صح‪ :‬عن الرضا عليه السلم‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪:‬‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه وآله قال ال تبارك وتعالى يا ابن آدم ل‬
‫يغرنك ذنب الناس عن ذنبك‪ ،‬ول نعمة الناس من نعمة ال عليك‪ ،‬ول تقنط‬
‫الناس من رحمة ال تعالى وأنت ترجوها لنفسك )‪ .(1‬ن‪ :‬عنه عليه السلم‬
‫مثله )‪ - 56 .(2‬ضا‪ :‬روي أن ال تبارك وتعالى أوحى إلى داود عليه‬
‫السلم‪ :‬فلنة بنت فلنة معك في الجنة في درجتك‪ ،‬فسار إليها فسألها عن‬
‫عملها فخبرته فوجده مثل أعمال سائر الناس‪ ،‬فسألها عن نيتها فقالت‪ :‬ما‬
‫كنت في حالة فنقلني منها إلى غيرها إل كنت بالحالة التي نقلني إليها أسر‬
‫مني بالحالتي التي كنت فيها‪ ،‬فقال‪ :‬حسن ظنك بال عزوجل‪ .‬وأروي عن‬
‫العالم عليه السلم أنه قال‪ :‬وال ما اعطي مؤمن قط خير الدنيا والخرة إل‬
‫بحسن ظنه بال عزوجل‪ ،‬ورجائه منه‪ ،‬وحسن خلقه‪ ،‬والكف عن اغتياب‬
‫المؤمنين‪ ،‬وأيم ال ل يعذب ال مؤمنا بعد التوبة والستغفار إل بسوء‬
‫الظن‬

‫)‪ (1‬صحيفة الرضا عليه السلم ص ‪ (2) .4‬عيون أخبار الرضا ج ‪ 2‬ص ‪.29‬‬

‫]‪[389‬‬

‫بال وتقصيره من رجائه ل‪ ،‬وسوء خلقه‪ ،‬ومن اغتيابه للمؤمنين‪ ،‬وال ل يحسن‬
‫عبد مؤمن ظنا بال إل كان ال عند ظنه به‪ ،‬لن ال عزوجل كريم يستحيي‬
‫أن يخلف ظن عبده ورجائه‪ ،‬فأحسنوا الظن بال‪ ،‬وارغبوا إليه وقد قال ال‬
‫عزوجل‪ " :‬الظانين بال ظن السوء عليهم دائرة السوء " )‪ .(1‬وروي أن‬
‫داود عليه السلم قال‪ :‬يا رب ما آمن بك من عرفك‪ ،‬فلم يحسن الظن بك‪.‬‬
‫وروي أن آخر عبد يؤمر به إلى النار فيلتفت فيقول‪ :‬يا رب لم يكن هذا‬
‫ظني بك‪ ،‬فيقول‪ :‬ما كان ظنك بي ؟ قال‪ :‬كان ظني بك أن تغفر لي خطيئتي‬
‫وتسكني جنتك‪ ،‬فيقول ال عزوجل‪ :‬يا ملئكتي وعزتي وجللي وجودي‬
‫وكرمي وارتفاعي في علوي ما ظن بي عبدي خيرا ساعة قط ولو ظن بي‬
‫ساعة خيرا ماروعته بالنار‪ ،‬أجيزوا له كذبه‪ ،‬وأدخلوه الجنة‪ .‬ثم قال العالم‬
‫عليه السلم‪ :‬قال ال عزوجل‪ :‬أل ل يتكل العاملون على أعمالهم التي‬
‫يعملونها لثوابي‪ ،‬فانهم لو اجتهدوا وأتعبوا أنفسهم أعمارهم في عبادتي‪،‬‬
‫كانوا مقصرين غير بالغين في عباداتهم كنه عبادتي فيما يظنونه )‪(2‬‬
‫عندي من كرامتي‪ ،‬ولكن برحمتي فليثقوا‪ ،‬ومن فضلي فليرجوا‪ ،‬وإلى‬
‫حسن الظن ]بي[ فليطمئنوا فان رحمتي عند ذلك تدركهم‪ ،‬ومنتي تبلغهم‪،‬‬
‫ورضواني ومغفرتي يلبسهم‪ ،‬فاني أنا ال الرحمن الرحيم وبذلك سميت‪.‬‬
‫وأروي عن العالم عليه السلم أنه قال‪ :‬إن ال أوحى إلى موسى بن عمران‬
‫عليه السلم أن ]اجعل[ في الحبس رجلين من بني إسرائيل فحبسهما ثم‬
‫أمره باطلقهما قال‪ :‬فنظر إلى أحدهما فإذا هو مثل الهدبة‪ ،‬فقال له‪ :‬ما‬
‫الذي بلغ بك ما أرى منك ؟ قال‪ :‬الخوف من ال‪ ،‬ونظر إلى الخر لم‬
‫يتشعب منه شئ فقال له‪ :‬أنت وصاحبك كنتما في أمر واحد وقد رأيت بلغ‬
‫المر بصاحبك وأنت لم يتغير ؟ فقال له الرجل‪ :‬إنه كان ظني بال جميل‬
‫حسنا فقال‪ :‬يا رب قد سمعت مقالة عبديك فأيهما أفضل ؟ قال‪:‬‬

‫)‪ (1‬الفتح‪ (2) .6 :‬فيما يطلبونه خ‪.‬‬

‫]‪[390‬‬

‫صاحب الظن الحسن أفضل‪ .‬وأروي عن العالم عليه السلم‪ :‬أن ال أوحى إلى‬
‫موسى بن عمران عليه السلم يا موسى قل لبني إسرائيل أنا عند ظن‬
‫عبدي بي‪ ،‬فليظن بي ما شاء يجدني عنده‪ .‬ونروي‪ :‬من خاف ال سخت‬
‫نفسه عن الدنيا‪ ،‬ونروي خف ال كأنك تراه فان كنت ل تراه فانه يراك‪،‬‬
‫وإن كنت ل تدري أنه يراك فقد كفرت‪ ،‬وإن كنت تعلم أنه يراك ثم استترت‬
‫عن المخلوقين بالمعاصي وبرزت له بها‪ ،‬فقد جعلته أهون الناظرين إليك‪.‬‬
‫ونروي‪ :‬من رجا شيئا طلبه‪ ،‬ومن خاف من شئ هرب منه‪ ،‬مامن مؤمن‬
‫يجتمع في قلبه خوف ورجاء‪ ،‬إل أعطاه ال ما أمل‪ ،‬وأمنه مما يخاف‪.‬‬
‫ونروي‪ :‬من مات آمنا أن يسلب سلب‪ ،‬ومن مات خائفا أن يسلب أمن‬
‫السلب‪ - 57 .‬مص‪ :‬قال الصادق عليه السلم‪ :‬أوحى ال تعالى إلى داود‬
‫عليه السلم ذكر عبادي من آلئي ونعمائي فانهم لم يروا مني إل الحسن‬
‫الجميل‪ ،‬لئل يظنوا في الباقي إل مثل الذي سلف مني إليهم‪ ،‬وحسن الظن‬
‫يدعو إلى حسن العبادة‪ ،‬والمغرور يتمادى في المعصية‪ ،‬ويتمنى المغفرة‪،‬‬
‫ول يكون محسن الظن في خلق ال إل المطيع له‪ ،‬يرجو ثوابه‪ ،‬ويخاف‬
‫عقابه‪ .‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله يحكى عن ربه تعالى‪ :‬أنا عند‬
‫حسن ظن عبدي بي يا محمد فمن زاغ عن وفاء حقيقة موجبات ظنه بربه‪،‬‬
‫فقد أعظم الحجة على نفسه وكان من المخدوعين في أسر هواه )‪- 58 .(1‬‬
‫مص‪ :‬قال الصادق عليه السلم‪ :‬الخوف رقيب القلب‪ ،‬والرجاء شفيع‬
‫النفس ومن كان بال عارفا‪ ،‬كان من ال خائفا وإليه راجيا‪ ،‬وهما جناحا‬
‫اليمان‪ ،‬يطير العبد المحقق بهما إلى رضوان ال‪ ،‬وعينا عقله يبصر بهما‬
‫إلى وعد ال ووعيده والخوف طالع عدل ال ناهي وعيده‪ ،‬والرجاء داعي‬
‫فضل ال‪ ،‬وهو يحيي القلب والخوف يميت النفس‪.‬‬

‫)‪ (1‬مصباح الشريعة ‪ 58‬و ‪.59‬‬

‫]‪[391‬‬

‫قال النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬المؤمن بين خوفين‪ :‬خوف ما مضى‪ ،‬وخوف ما‬
‫بقي‪ ،‬وبموت النفس يكون حياة القلب‪ ،‬وبحياة القلب البلوغ إلى الستقامة‪،‬‬
‫ومن عبد ال على ميزان الخوف والرجاء ل يضل ويصل إلى مأموله‪،‬‬
‫وكيف ل يخاف العبد وهو غير عالم بما تختم صحيفته‪ ،‬ول له عمل يتوسل‬
‫به استحقاقا‪ ،‬ول قدرة له على شئ ول مفر‪ ،‬وكيف ل يرجو وهو يعرف‬
‫نفسه بالعجز‪ ،‬وهو غريق في بحر آلء ال ونعمائه‪ ،‬من حيث ل تحصى‬
‫ول تعد‪ ،‬فالمحب يعبد ربه على الرجاء بمشاهدة أحواله بعين سهر‪،‬‬
‫والزاهد يعبد على الخوف‪ .‬قال اويس لهرم بن حيان‪ :‬قد عمل الناس على‬
‫رجاء فقال‪ :‬بل نعمل على الخوف والخوف خوفان ثابت وعارض‪ ،‬فالثابت‬
‫من الخوف يورث الرجا‪ ،‬والعارض منه يورث خوفا ثابتا‪ ،‬والرجاء‬
‫رجاءان‪ :‬عاكف وباد‪ ،‬فالعاكف منه يقوى نسبة العبد )‪ (1‬والبادي منه‬
‫يصحح أمل العجز والتقصير والحياء )‪ - 59 .(2‬شى‪ :‬عن صفوان الجمال‬
‫قال‪ :‬صليت خلف أبي عبد ال عليه السلم فأطرق ثم قال‪ :‬اللهم لتؤمني‬
‫مكرك ثم جهم )‪ (3‬فقال‪ " :‬ل يأمن مكر ال إل القوم الخاسرون " )‪.(4‬‬
‫‪ - 60‬م‪ :‬قال ال تعالى‪ " :‬إن الذين آمنوا بال " )‪ (5‬وبما فرض اليمان‬
‫به من نبوة نبي ال وولية علي بن أبي طالب والطيبين من آله " والذين‬
‫هادوا " يعني اليهود " والنصارى " الذين زعموا أنهم في دين ال‬
‫متناصرون " والصابئين " الذين زعموا أنهم صبوا إلى دين ال وهم‬
‫بقولهم كاذبون " من آمن بال " من هؤلء‬

‫)‪ (1‬المحبة خ ل‪ (2) .‬مصباح الشريعة ص ‪ 60‬و ‪ (3) .61‬اختار في المصدر‬


‫المطبوع نسخة " جهر " بدل " جهم " والتجهم هو التعبس يقال‪:‬‬
‫جهمه‪ :‬استقبله بوجه مكفهر باسر‪ (4) .‬تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص ‪،23‬‬
‫والية في العراف‪ (5) .99 :‬البقرة‪.62 :‬‬

‫]‪[392‬‬
‫الكفار ونزع عن كفره ومن آمن من هؤلء المؤمنين في مستقبل أعمارهم وأخلص‬
‫ووفى بالعهد والميثاق المأخوذين عليه لمحمد وعلي وخلفائهما الطاهرين‬
‫" وعمل صالحا " من هؤلء المؤمنين " فلهم أجرهم " ثوابهم " عند‬
‫ربهم " في الخرة " ول خوف عليهم " هناك حين يخاف الفاسقون " ول‬
‫هم يحزنون " إذا حزن الظالمون لنهم لم يعملوا من مخافة ال ما يخاف‬
‫من فعله ول يحزن له‪ .‬ونظر أمير المؤمنين عليه السلم إلى رجل أثر‬
‫الخوف عليه‪ ،‬فقال‪ :‬ما بالك قال‪ :‬إني أخاف ال‪ ،‬فقال‪ :‬يا عبد ال خف‬
‫ذنوبك‪ ،‬وخف عدل ال عليك في مظالم عباده‪ ،‬وأطعه فيما كلفك‪ ،‬ول تعصه‬
‫فيما يصلحك‪ ،‬ثم ل تخف ال بعد ذلك فانه ل يظلم أحدا‪ ،‬ول يعذبه فوق‬
‫استحقاقه أبدا إل أن تخاف سوء العاقبة بأن تغير أو تبدل‪ ،‬فان أردت أن‬
‫يؤمنك ال سوء العاقبة‪ ،‬فاعلم أن ما تأتيه من خير فبفضل ال وتوفيقه‪،‬‬
‫وما تأتيه من سوء فبامهال ال وإنظاره إياك وحلمه وعفوه عنك )‪61 .(1‬‬
‫‪ -‬جا‪ :‬أحمد بن الوليد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن الصفار‪ ،‬عن ابن معروف‪ ،‬عن ابن‬
‫مهزيار‪ ،‬عن محمد بن سنان‪ ،‬عن الحسن بن أبي سارة قال‪ :‬سمعت أبا‬
‫عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬ل يكون العبد مؤمنا حتى يكون خائفا راجيا‪،‬‬
‫وليكون خائفا راجيا حتى يكون عامل لما يخاف ويرجو )‪ .(2‬ين‪ :‬ابن‬
‫سنان مثله‪ - 62 .‬جا‪ :‬بالسناد‪ ،‬عن ابن مهزيار‪ ،‬عن القاسم بن محمد‪،‬‬
‫عن علي قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه السلم‪ :‬عن قول ال عزوجل "‬
‫والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة " قال‪ :‬من شفقتهم ورجائهم يخافون‬
‫أن ترد إليهم أعمالهم إذا لم يطيعوا وهم يرجون أن يتقبل منهم )‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬تفسير المام ص ‪ (2) .125‬مجالس المفيد ص ‪ (3) .122‬مجالس المفيد ‪123‬‬
‫والية في المؤمنون ‪(*) .60‬‬

‫]‪[393‬‬

‫ين‪ :‬القاسم بن محمد مثله‪ - 63 .‬قيه‪ :‬ذكر أبو جعفر أحمد القمي في كتاب زهد‬
‫النبي صلى ال عليه وآله أن جبرئيل أتاه عند الزوال في ساعة لم يأته‬
‫فيها وهو متغير اللون‪ ،‬وكان النبي صلى ال عليه وآله يسمع حسه‬
‫وجرسه فلم يسمعه يومئذ‪ ،‬فقال له النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬يا جبرئيل !‬
‫مالك جئتني في ساعة لم تكن تجيئني فيها ؟ وأرى لونك متغيرا وكنت‬
‫أسمع حسك وجرسك فلم أسمعه ؟ فقال‪ :‬إني جئت حين أمر ال بمنافخ‬
‫النار‪ ،‬فوضعت على النار‪ .‬فقال النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬أخبرني عن‬
‫النار يا جبرئيل حين خلقها ال تعالى فقال‪ :‬ال سبحانه أوقد عليها ألف‬
‫عام فاحمرت ثم أوقد عليها ألف عام فابيضت ثم أوقد عليها ألف عام‬
‫فاسودت فهي سوداء مظلمة ل يضئ جمرها ول ينطفي لهبها‪ ،‬والذي بعثك‬
‫بالحق نبيا لو أن مثل خرق أبرة خرج منها على أهل الرض لحترقوا عن‬
‫آخرهم‪ ،‬ولو أن رجل دخل جهنم ثم اخرج منها لهلك أهل الرض جميعا‬
‫حين ينظرون إليه لما يرون به‪ ،‬ولو أن ذراعا من السلسلة التي ذكرها ال‬
‫تعالى في كتابه وضع على جميع جبال الدنيا لذابت عن آخرها‪ ،‬ولو أن‬
‫بعض خزان التسعة عشر نظر إليه أهل الرض لماتوا حين ينظرون إليه‪،‬‬
‫ولو أن ثيابا من ثياب أهل جهنم خرج إلى الرض لمات أهل الرض من‬
‫نتن ريحه‪ .‬فأكب النبي صلى ال عليه وآله‪ ،‬وأطرق يبكي وكذلك جبرئيل‪،‬‬
‫فلم يزال يبكيان حتى ناداهما ملك من السماء يا جبرئيل ويا محمد إن ال‬
‫قد أمنكما من أن تعصيانه فيعذبكما‪ .‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪:‬‬
‫رأيت في المنام رجل قد هوت صحيفته قبل شماله فجاءه خوفه من ال‬
‫فأخذ صحيفته فجعلها في يمينه‪ ،‬ورأيت رجل من امتي قد هوى في النار‬
‫فجاءته دموعه التي بكى من خشية ال فاستخرجه من ذلك‪ - 64 .‬ضه‪:‬‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬من كان بال أعرف كان من ال أخوف‬
‫و قال صلى ال عليه وآله‪ :‬يا ابن مسعود اخش ال بالغيب كانك تراه‪ ،‬فان‬
‫لم تره‪ ،‬فانه يراك‬

‫]‪[394‬‬

‫يقول ال تعالى " من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب * ادخلوها بسلم ذلك‬
‫يوم الخلود " )‪ .(1‬وروي أن النبي صلى ال عليه وآله كان يصلي وقلبه‬
‫كالمرجل يغلي من خشية ال تعالى‪ .‬وقال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬يا‬
‫بني خف ال خوفا أنك لو أتيته بحسنات أهل الرض لم يقبلها منك‪ ،‬وارج‬
‫ال رجاء أنك لو أتيته بسيأت أهل الرض غفرها لك‪ .‬وقال النبي صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬إذا اقشعر قلب المؤمن من خشية ال تحاتت عنه خطاياه كما‬
‫تتحات من الشجر ورقها‪ .‬وعن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬وجدنا في كتاب‬
‫علي بن أبي طالب عليه السلم أن رسول ال صلى ال عليه وآله قال وهو‬
‫على منبره‪ :‬وال الذي ل إله إل هو ما اعطي مؤمن خير الدنيا والخرة إل‬
‫بحسن ظنه بال‪ ،‬ورجائه وحسن خلقه‪ ،‬والكف عن اغتياب المؤمنين‪ ،‬وال‬
‫الذي ل إله إل هو ل يعذب ال مؤمنا بعد التوبة والستغفار إل بسوء ظنه‬
‫بال‪ ،‬وتقصير من رجائه بال‪ ،‬وسوء خلقه واغتيابه للمؤمنين‪ ،‬وال الذي‬
‫ل إله إل هو ل يحسن ظن عبد مؤمن بال إل كان ال عند ظن عبده‬
‫المؤمن به‪ ،‬لن ال كريم بيده الخيرات‪ ،‬يستحي أن يكون عبده المؤمن قد‬
‫أحسن به الظن والرجاء ثم يخلف ظنه ورجاءه له‪ ،‬فأحسنوا بال الظن‬
‫وارغبوا إليه‪ .‬وقال عليه السلم‪ :‬ليس من عبد ظن به خيرا إل كان عند‬
‫ظنه به وذلك قوله عزوجل " ذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرديكم فأصبحتم‬
‫من الخاسرين " )‪ .(2‬عنه عليه السلم قال‪ :‬قال داود النبي صلى ال‬
‫عليه‪ :‬يا رب ما آمن بك من عرفك فلم يحسن الظن بك‪ - 65 .‬مشكوة‬
‫النوار‪ :‬نقل عن كتاب المحاسن‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬وجدنا‬
‫في كتاب علي عليه السلم إلى آخر الخبار الثلثة )‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬ق‪ 33 :‬و ‪ (2) .34‬فصلت‪ (3) .23 :‬مشكاة النوار ص ‪ 35‬و ‪.36‬‬

‫]‪[395‬‬

‫روضة الواعضين‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬ل يموتن أحدكم إل وهو‬
‫يحسن الظن بال فان حسن الظن بال ثمن الجنة )‪ .(1‬ومن سائر الكتب‪:‬‬
‫عن أبي عبد ال عليه السلم قال كان في زمن موسى بن عمران رجلن‬
‫في الحبس فأما أحدهما فسمن وغلظ وأما الخر فنحل فصار مثل الهدبة‬
‫فقال موسى بن عمران للمسمن‪ :‬ما الذي أرى بك من حسن الحال في بدنك‬
‫؟ قال‪ :‬حسن الظن بال وقال للخر‪ :‬ما الذي أرى بك من سوء الحال في‬
‫بدنك ؟ قال‪ :‬الخوف من ال‪ ،‬فرفع موسى يده إلى ال تعالى فقال يا رب قد‬
‫سمعت مقالتهما فأعلمني أيهما أفضل ؟ فأوحى ال تعالى إليه صاحب‬
‫حسن الظن بي )‪ - 66 .(2‬كا‪ :‬عدة من أصحابنا‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن‬
‫ابن فضال‪ ،‬عن الحكم ابن مسكين‪ ،‬عن إسحاق بن عمار‪ ،‬عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬كان ملك في بني إسرائيل وكان له قاض وللقاضي أخ‪،‬‬
‫وكان رجل صدق وله امرأة قد ولدتها النبياء‪ ،‬فأراد الملك أن يبعث رجل‬
‫في حاجة فقال للقاضي‪ :‬أبغني رجل ثقة‪ ،‬فقال ما أعلم أحدا أوثق من أخي‪،‬‬
‫فدعاه ليبعثه فكره ذلك الرجل‪ ،‬وقال لخيه إني أكره أن اضيع امرأتي فعزم‬
‫عليه فلم يجد بدا من الخروج فقال لخيه‪ :‬يا أخي إني لست أخلف شيئا أهم‬
‫علي من امرأتي‪ ،‬فاخلفني فيها‪ ،‬وتول قضاء حاجتها قال‪ :‬نعم‪ .‬فخرج‬
‫الرجل وقد كانت المرأة كارهة لخروجه‪ ،‬فكان القاضي يأتيها و يسألها عن‬
‫حوائجها ويقوم لها فأعجبته فدعاها إلى نفسه فأبت عليه‪ ،‬فحلف عليها‬
‫لئن لم تفعل لنخبرن الملك أنك قد فجرت فقالت‪ :‬اصنع مابدا لك لست اجيبك‬
‫إلى شئ مما طلبت‪ ،‬فأتى الملك فقال‪ :‬إن امرأة أخي قد فجرت وقد حق ذلك‬
‫عندي‪ ،‬فقال له الملك‪ :‬طهرها فجاء إليها فقال‪ :‬إن الملك قد أمرني برجمك‬
‫فما تقولين تجيبني وإل رجمتك ؟ فقالت‪ :‬لست اجيبك فاصنع مابدا لك‪.‬‬

‫)‪ 1‬و ‪ (2‬مشكاة النوار ص ‪ 36‬و ‪.37‬‬

‫]‪[396‬‬

‫فأخرجها فحفر لها فرجمها ومعه الناس فلما ظن أنها قد ماتت تركها‪ .‬وانصرف‬
‫وجن بها الليل‪ ،‬وكان بها رمق‪ ،‬فتحركت فخرجت من الحفيرة ثم مشت‬
‫على وجهها حتى خرجت من المدينة فانتهت إلى دير فيها ديراني فنامت‬
‫على باب الدير فلما أصبح الديراني فتح الباب ورآها فسألها عن قصتها‬
‫فخبرته فرحمها وأدخلها الدير‪ ،‬وكان له ابن صغير لم يكن له غيره‪ ،‬وكان‬
‫حسن الحال فداواها حتى برئت من علتها واندملت ثم دفع إليها ابنه فكانت‬
‫تربيه‪ .‬وكان للديراني قهرمان )‪ (1‬يقوم بأمره فأعجبته فدعاها إلى نفسه‪،‬‬
‫فأبت فجهد بها فأبت‪ ،‬فقال‪ :‬لئن لم تفعلي لجتهدن في قتلك‪ ،‬فقالت‪ :‬اصنع‬
‫مابدا لك فعمد إلى الصبي فدق عنقه وأتى الديراني فقال له‪ :‬عمدت إلى‬
‫فاجرة قد فجرت فدفعت إليها ابنك فقتلته‪ ،‬فجاء الديراني فلما رآها قال لها‪:‬‬
‫ما هذا فقد تعلمين صنيعي بك فأخبرته بالقصة فقال لها‪] :‬ليس تطيب‬
‫نفسي أن تكون عندي‪ ،‬فاخرجي ! فأخرجها ليل ودفع إليها عشرين درهما‬
‫وقال لها‪ (2) [:‬تزودي هذه ال حسبك فخرجت ليل فأصبحت في قرية فإذا‬
‫فيها مصلوب على خشبة وهو حى فسألت عن قصته فقالوا‪ :‬عليه دين‬
‫عشرون درهما ومن كان عليه دين عندنا لصاحبه صلب حتى يؤدي إلى‬
‫صاحبه فأخرجت عشرين درهما ودفعتها إلى غريمه وقالت‪ :‬ل تقتلوه‬
‫فأنزلوه عن الخشبة فقال لها‪ :‬ما أحد أعظم علي منة منك‪ ،‬نجيتني من‬
‫الصلب ومن الموت‪ ،‬فأنا معك حيث ما ذهبت‪ .‬فمضى معها ومضت حتى‬
‫انتهيا إلى ساحل البحر فرأى جماعة وسفنا فقال لها‪ :‬اجلسي حتى أذهب‬
‫أنا أعمل لهم وأستطعم وآتيك به‪ ،‬فأتاهم فقال لهم‪ :‬ما في سفينتكم هذه ؟‬
‫قالوا‪ :‬في هذه تجارات وجوهر وعنبر وأشياء من التجارة وأما هذه فنحن‬
‫فيها‪ ،‬قال‪ :‬وكم يبلغ ما في سفينتكم‪ ،‬قالوا‪ :‬كثير لنحصيه قال‪:‬‬

‫)‪ (1‬القهرمان‪ :‬الوكيل‪ ،‬يكون أمين الدخل والخرج‪ ،‬فارسي دخيل ومعناه " كارفرما‬
‫" على ما في البرهان‪ (2) .‬مابين العلمتين ساقط من الصل‪.‬‬

‫]‪[397‬‬

‫فان معي شيئا هو خير مما في سفينتكم‪ ،‬قالوا‪ :‬وما معك ؟ قال‪ :‬جارية لم تروا‬
‫مثلها قط فقالوا‪ :‬بعناها قال‪ :‬نعم على شرط أن يذهب بعضكم فينظر إليها‬
‫ثم يجيئني فيشتريها ول يعلمها‪ ،‬ويدفع إلي الثمن ول يعلمها حتى أمضي‬
‫أنا‪ ،‬فقالوا‪ :‬ذلك لك‪ ،‬فبعثوا من نظر إليها فقال‪ :‬ما رأيت مثلها قط‬
‫فاشتروها منه بعشرة آلف درهم‪ ،‬ودفعوا إليه الدراهم‪ ،‬فمضى بها‪ ،‬فلما‬
‫أمعن أتوها فقالوا لها‪ :‬قومي وادخلي السفينة‪ ،‬قالت‪ :‬ولم ؟ قالوا‪ :‬قد‬
‫اشتريناك من مولك ؟ قالت‪ :‬ما هو بمولي قالوا‪ :‬لتقومين أو لنحملنك‪،‬‬
‫فقامت ومضت معهم‪ .‬فلما انتهوا إلى الساحل لم يؤمن بعضهم بعضا عليها‬
‫فجعلوها في السفينة التي فيها الجوهر والتجارة وركبوا هم في السفينة‬
‫الخرى فدفعوها‪ ،‬فبعث ال عزوجل عليهم رياحا فغرقتهم وسفينتهم ونجت‬
‫السفينة التي كانت فيها حتى انتهت إلى جزيرة من جزائر البحر وربطت‬
‫السفينة‪ ،‬ثم دارت في الجزيرة فإذا فيه ماء وشجر فيه ثمر‪ ،‬فقالت‪ :‬هذا‬
‫ماء أشرب منه‪ ،‬وثمر آكل منه‪ ،‬أ عبد ال في هذا الموضع فأوحى ال‬
‫عزوجل إلى نبي من أنبياء بني إسرائيل أن يأتي ذلك الملك‪ ،‬فيقول‪ :‬إن في‬
‫جزيرة من جزائر البحر خلقا من خلقي فاخرج أنت ومن في مملكتك حتى‬
‫أتوا خلقي هذا فتقروا له بذنوبكم ثم تسألوا ذلك الخلق أن يغفر لكم‪ ،‬فان‬
‫غفر لكم غفرت لكم‪ .‬فخرج الملك بأهل مملكته إلى تلك الجزيرة فرأوا امرأة‬
‫فتقدم إليها الملك فقال لها‪ :‬إن قاضي هذا أتاني فخبرني أن امرأة أخيه‬
‫فجرت‪ ،‬فأمرته برجمها ولم يقم عندي البينة‪ ،‬فأخاف أن أكون قد تقدمت‬
‫علي ما ل يحل لي فاحب أن تستغفري لي‪ ،‬فقالت‪ :‬غفر ال لك اجلس ثم‬
‫أتى زوجها ول يعرفها فقال‪ :‬إنه كان لي امرأة وكان من فضلها‬
‫وصلحها‪ ..‬وإني خرجت عنها وهي كارهة لذلك فاستخلفت أخي عليها‬
‫فلما رجعت سألت عنها فأخبرني أخي أنها فجرت فرجمها وأنا أخاف أن‬
‫أكون قد ضيعتها فاستغفري لي غفر ال لك‪ ،‬فقالت‪ :‬غفر ال لك اجلس‬
‫فأجلسته إلى جنب الملك‪ ،‬ثم أتى القاضى فقال‪ :‬إنه كان لخي امرأة وإنها‬

‫]‪[398‬‬

‫أعجبتني فدعوتها إلى الفجور فأبت فأعلمت الملك أنها قد فجرت وأمرني برجمها‬
‫فرجمتها‪ ،‬وأنا كاذب عليها‪ ،‬فاستغفري لي قالت‪ :‬غفر ال لك ثم أقبلت على‬
‫زوجها فقالت‪ :‬اسمع ! ثم تقدم الديراني فقص قصته‪ ،‬وقال‪ :‬أخرجتها‬
‫بالليل وأنا أخاف أن تكون قد لقيها سبع فقتلها‪ ،‬فقالت‪ :‬غفر ال لك اجلس‪،‬‬
‫ثم تقدم القهرمان فقص قصته فقالت للديراني‪ :‬اسمع غفر ال لك‪ ،‬ثم تقدم‬
‫المصلوب فقص قصته فقالت‪ :‬ل غفر ال لك‪ .‬قال‪ :‬ثم أقبلت على زوجها‬
‫فقالت‪ :‬أنا امرأتك‪ ،‬وكل ما سمعت فانما هو قصتي وليست لي حاجة في‬
‫الرجال‪ ،‬وأنا احب أن تأخذ هذه السفينة وما فيها‪ ،‬وتخلي سبيلي فأ عبد ال‬
‫عزوجل في هذه الجزيرة‪ ،‬فقد ترى ما لقيت من الرجال‪ ،‬ففعل وأخذ‬
‫السفينة وما فيها‪ ،‬وخلى سبيلها‪ ،‬وانصرف الملك وأهل مملتكه )‪- 67 .(1‬‬
‫ختص )‪ (2‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬من ترك معصية من مخافة‬
‫ال عزوجل أرضاه ال يوم القيامة‪ - 68 .‬ين‪ :‬فضالة‪ ،‬عن أبي المغرا‪ ،‬عن‬
‫أبي بصير‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم في قول ال تبارك وتعالى‪" :‬‬
‫يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة " )‪ (3‬قال‪ :‬يأتي ما أتى وهو خاش راج‪69 .‬‬
‫‪ -‬ين‪ :‬عثمان بن عيسى‪ ،‬عن سماعة‪ ،‬عن أبي بصير والنضر‪ ،‬عن عاصم‬
‫عن أبي عبد ال عليه السلم في قول ال‪ " :‬يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة‬
‫" قال‪ :‬يعملون ويعلمون أنهم سيثابون‪ - 70 .‬نوادر الراوندي‪ :‬باسناده‬
‫عن موسى بن جعفر‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬من قال‪ :‬إني خير الناس فهو من شر الناس‪ ،‬ومن قال‪* :‬‬
‫)هامش *( )‪ (1‬الكافي ج ‪ 5‬ص ‪ (2) .559 - 556‬في نسخة الصل‬
‫والكمبانى تكرر هنا الحديث السادس من دون شرحه راجع ص ‪(3) .361‬‬
‫المؤمنون‪.60 :‬‬

‫]‪[399‬‬

‫إني في الجنة فهو في النار )‪ - 71 .(1‬نهج‪ :‬قال عليه السلم‪ :‬ل تأمنن على خير‬
‫هذه المة عذاب ال يقول ال سبحانه‪ " :‬فل يأمن مكر ال إل القوم‬
‫الخاسرون " )‪ (2‬ول تيأسن لشر هذه المة من روح ال لقوله سبحانه‪" :‬‬
‫ل ييأس من روح ال إل القوم الكافرون " )‪ - 72 .(3‬عدة الداعي‪ :‬روي‬
‫عن العالم عليه السلم أنه قال‪ :‬وال ما اعطي مؤمن قط خير الدنيا‬
‫والخرة إل بحسن ظنه بال عزوجل‪ ،‬ورجائه له‪ ،‬وحسن خلقه والكف عن‬
‫اغتياب المؤمنين‪ ،‬وال تعالى ل يعذب عبدا بعد التوبة والستغفار‪ ،‬إل‬
‫بسوء ظنه وتقصيره في رجائه ل عزوجل‪ ،‬وسوء خلقه‪ ،‬واغتيابه‬
‫المؤمنين وليس يحسن ظن عبد مؤمن بال عزوجل إل كان ال عند ظنه‪،‬‬
‫لن ال كريم يستحيي أن يخلف ظن عبده ورجائه‪ ،‬فأحسنوا الظن بال‬
‫وارغبوا إليه فان ال تعالى يقول " الظانين بال ظن السوء عليهم دائرة‬
‫السوء وغضب ال عليهم " الية )‪ (4‬وقال أمير المؤمنين عليه السلم إن‬
‫استطعتم أن يحسن ظنكم بال‪ ،‬ويشتد خوفكم منه‪ ،‬فاجمعوا بينهما‪ ،‬فانما‬
‫يكون حسن ظن العبد بربه على قدر خوفه منه‪ ،‬و إن أحسن الناس بال‬
‫ظنا لشدهم منه خوفا‪ .‬علي بن محمد رفعه قال قلت لبي عبد ال عليه‬
‫السلم إن قوما من مواليك يلمون بالمعاصي‪ ،‬ويقولون‪ :‬نرجو‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫كذبوا اولئك ليسوا لنا بموال‪ ،‬اولئك قوم رجحت بهم الماني‪ ،‬ومن رجا‬
‫شيئا عمل له‪ ،‬ومن خاف شيئا هرب منه‪ .‬وقد روي أن إبراهيم عليه‬
‫السلم كان يسمع تأوهه على حد ميل حتى مدحه ال تعالى بقوله‪ " :‬إن‬
‫إبراهيم لحليم أواه منيب " )‪ (5‬وكان في صلته يسمع له أزيز‬

‫)‪ (1‬نوادر الراوندي ص ‪ (2) .11‬العراف‪ (3) .99 :‬نهج البلغة ج ‪ 2‬ص ‪،236‬‬
‫والية في يوسف‪ (4) .87 :‬عدة الداعي ص ‪ ،106‬والية في سورة‬
‫الفتح‪ (5) .6 :‬هود‪.75 :‬‬

‫]‪[400‬‬

‫كأزيز المرجل )‪ ،(1‬وكذلك كان يسمع من صدر سيدنا رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله مثل ذلك‪ .‬وكان أمير المؤمنين عليه السلم إذا أخذ في الوضوء يتغير‬
‫وجهه من خيفة ال تعالى وكانت فاطمة عليها السلم تنهج )‪ (2‬في الصلة‬
‫من خيفة ال تعالى‪ ،‬وكان الحسن إذا فرغ من وضوئه تتغير لونه‪ ،‬فقيل له‬
‫في ذلك‪ ،‬فقال حق على من أراد أن يدخل على ذي العرش أن تتغير لونه‪،‬‬
‫ويروى مثل هذا عن زين العابدين عليه السلم‪ .‬وروى المفضل بن عمر‪،‬‬
‫عن الصادق عليه السلم قال حدثني أبي‪ ،‬عن أبيه عليهما السلم أن‬
‫الحسن بن علي عليهما السلم كان أعبد الناس في زمانه وأزهدهم‬
‫وأفضلهم‪ ،‬وكان إذا حج حج ماشيا ورمى ماشيا وربما مشى حافيا وكان‬
‫إذا ذكر الموت بكى‪ ،‬وإذا ذكر البعث والنشور بكى‪ ،‬وإذا ذكر الممر على‬
‫الصراط بكى‪ ،‬وإذا ذكر العرض على ال تعالى ذكره شهق شهقة يغشى‬
‫عليه منها‪ ،‬وكان إذا قام في صلته ترتعد فرائصه بين يدي ربه عزوجل‪،‬‬
‫وكان إذا ذكر الجنة والنار اضطرب اضطراب السليم‪ ،‬وسأل ال الجنة‪،‬‬
‫وتعوذ بال من النار )‪ .(3‬وقالت عايشة‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله يحدثنا ونحدثه فإذا حضرت الصلة فكأنه لم يعرفنا ولم نعرفه )‪.(4‬‬
‫‪ - 73‬كتاب زيد النرسى‪ :‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬من عرف ال‬
‫خافه‪ ،‬ومن خاف ال حثه الخوف من ال على العمل بطاعته‪ ،‬والخذ‬
‫بتأديبه‪ ،‬فبشر المطيعين المتأدبين بأدب ال‪ ،‬والخذين عن ال‪ ،‬إنه حق‬
‫على ال أن ينجيه من مضلت الفتن‪ ،‬وما رأيت شيئا هو أضر لدين المسلم‬
‫من الشح‪ - 74 .‬مشكوة النوار‪ :‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬بعث‬
‫عيسى بن مريم رجلين‬

‫)‪ (1‬المرجل‪ :‬القدر‪ ،‬والزيز‪ :‬صوت غليانه قال الجوهري‪ :‬وفى الحديث‪ :‬أنه كان‬
‫يصلى ولجوفه أزيز كأزيز المرجل من البكاء‪ (2) .‬أي تتابع نفسه‬
‫وتنبهر‪ (3) .‬عدة الداعي ص ‪ (4) .108‬عدة الداعي ص ‪.109‬‬

‫]‪[401‬‬

‫من أصحابه في حاجة فرجع أحدهما مثل الشن البالي والخر شحما وسمينا‪ ،‬فقال‬
‫للذي مثل الشن‪ :‬ما بلغ منك ما أرى ؟ قال‪ :‬الخوف من ال‪ ،‬وقال للخر‬
‫السمين‪ :‬ما بلغ بك ما أرى ؟ فقال‪ :‬حسن الظن بال )‪ - 75 .(1‬نوادر على‬
‫بن اسباط‪ :‬عن هارون بن خارجة‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬كان‬
‫عابد من بني إسرائيل فطرقته امرأة بالليل فقالت له‪ :‬أضفني فقال‪ :‬امرأة‬
‫مع رجل ل يستقيم قالت‪ :‬إني أخاف أن يأكلني السبع فتأثم فخرج وأدخلها‬
‫قال و القنديل بيده فذهب يصعد به فقالت له أدخلتني من النور إلى )‪(2‬‬
‫الظلمة قال فرد القنديل فما لبث أن جاءته الشهوة فلما خشي على نفسه‬
‫قرب خنصره إلى النار فلم يزل كلما جاءته الشهوة أدخل أصبعه النار حتى‬
‫أحرق خمس أصابع فلما أصبح قال‪ :‬اخرجي فبئست الضيفة كنت لي‪.‬‬
‫)‪ (1‬مشكاة النوار ص ‪ (2) .36‬من الظلمة الى النور ظ‪.‬‬

‫]‪[402‬‬

‫كلمة المصحح‪ :‬بسم ال الرحمن الرحيم الحمد ل ‪ -‬والصلة والسلم على رسول‬
‫ال وعلى آله امناء ال‪ .‬وبعد‪ :‬فقد تفضل ال علينا حيث اختارنا وقيضنا‬
‫لتصحيح هذه الموسوعة الكبيرة وهي الباحثة عن المعارف السلمية‬
‫الدائرة بين المسلمين‪ :‬أعني بحار النوار الجامعة لدرر أخبار الئمة‬
‫الطهار عليهم الصلوات والسلم‪ .‬وهذا الجزء الذي نقدمه إلى القراء‬
‫الكرام هو الجزء الرابع من المجلد الخامس عشر‪ ،‬وقد اعتمدنا في تصحيح‬
‫الحاديث وتحقيقها على النسخة المصححة المشهورة بكمباني‪ ،‬بعد‬
‫تخريجها من المصادر‪ ،‬وتعيين موضع النص من المصدر وقابلناها مع‬
‫ذلك على النسخة الوحيدة من نسخة الصل لخزانة كتب الحبر الفاضل‬
‫حجة السلم الحاج الشيخ حسين المصطفوي دام إفضاله‪ ،‬ولبد ههنا من‬
‫تعريف لهذه النسخة ومبلغ قيمتها وأرجها في مقام التصحيح فنقول‪ :‬قد‬
‫جاء في ظهر هذه النسخة مرة هكذا‪ " :‬الجزء الثاني من كتاب اليمان‬
‫والكفر ومكارم الخلق وهو المجلد الخامش والعشر )!( من الكتاب )!(‬
‫من كتاب بحار النوار‪ ،‬وهي نسخة الصل ويكون فيه خطوط المصنف‬
‫طاب ثراه كثيرا "‪ .‬ثم صحح قوله‪ " :‬نسخة الصل " بقوله‪ " :‬كنسخة‬
‫الصل " وعلق عليه‪ " :‬وهي أبسط من نسخة الصل )‪ (1‬ولعله طاب‬
‫ثراه ألحق ثانيا ولم يلحق بالصل "‪ .‬وجاء في ظهرها مرة اخرى بغير هذا‬
‫الخط‪ " :‬الجزء الثاني من كتاب اليمان والكفر ومكارم الخلق وهو‬
‫المجلد الخامس عشر نسخة الصل بخط‬

‫)‪ (1‬لم نجد بين هذه النسخة وبين مطبوعة الكمبانى اختلفا يصدق هذا المقال‪.‬‬

‫]‪[403‬‬

‫المجلسي قدس سره‪ ،‬واستنسخ منها البحار المطبوع‪ ،‬وهي من نفايس الدهر‬
‫وغنائم الزمان‪ ،‬اشتريتها من السيد الصفهاني‪ .- " .‬والذي حققته من‬
‫مطالعتي وإشرافي عليها عند المقابلة أنها مسودة من نسخة الكتاب من‬
‫دون أن تخرج إلى البياض في حياة المؤلف ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬كانت جزوات‬
‫وكراسات قد كتب في أعلى ذروتها ‪ -‬تذكرة ‪ -‬من باب كذا وكذا ‪ -‬من باب‬
‫كذا وكذا‪ ،‬ومعذلك عند تأليف الجزوات وتنظيم الكراسات اشتبه المر على‬
‫ناظمها ومؤلفها كما ترى في ص ‪ 161‬و ‪ ،162‬ثم في ص ‪ 367‬و ‪.376‬‬
‫وهذه النسخة هي التي كانت عند مصححي طبعة أمين الضرب المشهور‬
‫بكمباني وكانت هي الصل استنسخوها للطبع حرفا بحرف بما كان فيها من‬
‫تكرار أو غلط أو تصحيف أو سقط وغير ذلك‪ ،‬وكل ذلك أصلحناها‬
‫وصححناها بعد العرض على المصدر وجعلنا السقطات بين هاتين‬
‫العلمتين )‪ (....‬ترى اليعاز إلى بعضها في ذيل الصفحات‪ .‬وقد تنبه‬
‫مصحح البحار الفاضل الحجة الحاج السيد محمد خليل الموسوي‬
‫الصفهاني رحمه ال لبعض هذه السقطات فاستدرك في هامش تلك‬
‫النسخة بخط يده وتوشيحه شطرا من حديث المحاسن )تراها ص ‪244‬‬
‫تحت الرقم ‪ 17‬من باب الخلص( وهذا مما يسلم لنا أن هذه النسخة كانت‬
‫عند مصححي طبعة الكمباني كما جاء في خاتمة الجزء الول من المجلد‬
‫الخامس عشر من طبعة الكمباني ولفظه‪ " :‬تم بعون ال وقد بذل جهده في‬
‫مقابلة هذا الكتاب مع نسخة الصل من خط مؤلفه قدس سره الجناب العلم‬
‫الفهام الشيخ محمد باقر مع أقل السادات والطلب محمد تقي الموسوي "‪.‬‬
‫ومما هو جدير بالذكر أن كاتب النسخة كان يكتب رمز المصادر في منتهى‬
‫الهامش منها ويخلي محله بياضا ليكتب الرموز بعد تمام الستنساخ‬
‫بالحمرة‪ ،‬ثم إنه جاء بعد ليكتب الرموز فاشتبه عليه أحيانا قراءتها فكتب‬
‫رمز ين بدل رمز سن لمشابهتهما في الكتابة كما في ص ‪ 243‬عند الرقم‬
‫‪ 14‬ورمز شى بدل رمز م كما في ص ‪ ،246‬وكتب رمز ل في كثير من‬
‫المواضع بصورة ك فانتقل تلك الغلط‬

‫]‪[404‬‬

‫في نسخة الكمبانى من دون أي تصحيح‪ ،‬لكنا صححنا كل ذلك‪ .‬وفي هذه النسخة‬
‫كلما ذكر تفسير اليات فهي بقلمه وخط يده الشريفة وهكذا في بعض‬
‫الموارد سطر أو سطران وأكثر وأما عناوين البواب فالمعهود من النسخ‬
‫المبيضة في حياته ‪ -‬ره ‪ -‬كتابتها بخط يده ولكن ل توجد في هذه النسخة‬
‫ول عنوان واحد‪ ،‬بل كلها مكتوبة بغير خطه‪ .‬إنه جاء بعد ليكتب الرموز‬
‫فاشتبه عليه أحيانا قراءتها فكتب رمز ين بدل رمز سن لمشابهتهما في‬
‫الكتابة كما في ص ‪ 243‬عند الرقم ‪ 14‬ورمز شى بدل رمز م كما في ص‬
‫‪ ،246‬وكتب رمز ل في كثير من المواضع بصورة ك فانتقل تلك الغلط‬

‫]‪[404‬‬

‫في نسخة الكمبانى من دون أي تصحيح‪ ،‬لكنا صححنا كل ذلك‪ .‬وفي هذه النسخة‬
‫كلما ذكر تفسير اليات فهي بقلمه وخط يده الشريفة وهكذا في بعض‬
‫الموارد سطر أو سطران وأكثر وأما عناوين البواب فالمعهود من النسخ‬
‫المبيضة في حياته ‪ -‬ره ‪ -‬كتابتها بخط يده ولكن ل توجد في هذه النسخة‬
‫ول عنوان واحد‪ ،‬بل كلها مكتوبة بغير خطه‪ .‬ويوجد في هذه النسخة أثناء‬
‫الباب ‪ 59‬باب الخوف والرجاء بعد الحديث المتمم للعشرين )راجع ص‬
‫‪ (376‬صفحة أولها‪ " :‬تداك الناس عليه ثلثة أيام متواليات " وآخرها‬
‫وهو السطر الخامس عشر " قال فرأينا ذلك "‪ ،‬وكتب في أعل ذروتها ‪-‬‬
‫تذكرة ‪ " -‬لبد أن يكتب صدر هذا الخبر من الكتاب الذي نقل هذا الخبر‬
‫عنه وليسئل مل ذو الفقار‪ (1) " ..‬والكلمة الخيرة غير مقروة‪ ،‬لكنا بعد‬
‫ما تفحصنا وجدناها منقولة في أحوال المام الصادق عليه الصلة والسلم‬
‫)ج ‪ 47‬ص ‪ 93‬و ‪ (94‬من طبعتنا هذه مستخرجة من نوادر علي بن أسباط‬
‫تحت الرقم ‪ 106‬من باب معجزاته واستجابة دعواته عليه السلم‪ ،‬فرأينا‬
‫الساقط من صدر الحديث ل يزيد عن ثلثة أسطر ولما لم يكن ليراده في‬
‫هذا الكتاب )المجلد الخامس عشر( وجه أضربنا عنه كما أضرب عليه في‬
‫مطبوعة الكمباني‪ .‬محمد الباقر البهبودى شوال المكرم ‪1386‬‬

‫)‪ (1‬الظاهر أنه كان أحد كتاب العلمة المؤلف‪(*) .‬‬

‫مكتبة يعسوب الدين عليه السلم اللكترونية‬

You might also like