Professional Documents
Culture Documents
][1
بحار النوار الجامعة لدرر أخبار الئمة الطهار تأليف العلم العلمة الحجة فخر
المة المولى الشيخ محمد باقر المجلسي )قدس ال سره( الجزء الخامس
والسبعون مؤسسة الوفاء بيروت -لبنان الطبعة الثانية المصححة 1403
ه 1983 .م مؤسسة الوفاء -بيروت -لبنان -صرب - 1457 :هاتف:
386868
][1
بسم ال الرحمن الرحيم - 49كتاب الغارات (1) :لبراهيم بن محمد الثقفي ،عن
أبي زكريا الجريري عن بعض أصحابه قال :خطبة لمير المؤمنين عليه
السلم الحمد ل نحمده ونستعينه ونعوذ بال من شرور أنفسنا ،ومن
سيئات أعمالنا .من يهدي ال فل مضل له ،ومن يضلل ال فل هادي له،
وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له ،وأشهد أن محمدا عبده و
رسوله انتجبه بالولية ،واختصه بالكرام ،وبعثه بالرسالة ،أحب خلقه
إليه .وأكرمهم عليه ،فبلغ رسالت ربه ،ونصح لمته ،وقضى الذي عليه.
اوصيكم بتقوى ال ،فان تقوى ال خير ما تواصت به العباد ،وأقربه من
رضون ال ،وخيره في عواقب المور .فبتقوى ال امرتم ،ولها خلقتم،
فاخشوا ال خشية ليست بسمعة ول تعذير ) (2فانه لم يخلقكم عبثا ،وليس
بتارككم سدى ) (3قد أحصى أعمالكم ،وسمى آجالكم ،وكتب آثاركم ،فل
تغرنكم الدنيا فإنها غرارة .،مغرور من اغتر بها ،وإلى فناء ما هي .نسأل
ال ربنا وربكم أن يرزقنا وإياكم خشية السعداء ،ومنازل الشهداء ومرافقة
النبياء ،فإنما نحن به وله.
) (1مخطوط (2) .عذر في المر تعذيرا :قصر فيه بعد جهد (3) .أي ل يترككم
مهمل باطل.
][2
- 50وبهذا السناد خطبة له عليه السلم :الحمد ل نحمدة تسبيحا ،ونمجده تمجيدا
نكبر عظمته لعز جلله ،ونهلله تهليل ،موحدا مخلصا ،ونشكره في
مصانعة الحسنى ،أهل الحمد والثناء العلى ،ونستغفره للحت من الخطايا،
ونستعفيه من متح ذنوب البليا ) (1ونؤمن بال يقينا في أمره ،ونستهدي
بالهدى العاصم المنقذ العازم بعزمات خير قدر )؟( موجب فضل عدل قضاء
نافذ بفوز سابق بسعادة في كتاب كريم مكنون ،ونعوذ بال من مضيق
مضائق السبل على أهلها بعد اتساع مناهج الحق لطمس آيات منير الهدى
بلبس ثياب مضلت الفتن ،ونشهد غير ارتياب ،حال دون يقين مخلص بأن
ال واحد موحد ،وفي وعده ،وثيق عقده ،صادق قوله ،ل شريك له في
المر ،ول ولي له من الذل ،نكبره تكبيرا ،لإله إل ال هو العزيز الحكيم.
ونشهد أن محمدا صلى ال عليه وآله عبده بعيث ال لوحيه ،ونبيه بعينه،
ورسوله بنوره ،مجيبا مذكرا مؤديا ،مبقيا مصابيح شهب ضياء مبصر.
وماحيا ماحقا مزهقا رسوم أباطيل خوض الخائضين ،بدار اشتباك ظلمة
كفر دامس ،فجل غواشي أظلم لجي راكد ) (2بتفصيل آياته من بعد
توصيل قوله وفصل فيه القول للذاكرين بمحكمات منه بينات ،ومشتبهات
يتبعها الزايغ قلبه ابتغاء التأويل تعرضا للفتن .والفتن محيطة بأهلها.
والحق نهج مستنير ،من يطع الرسول يطع ال ومن يطع ال يستحق
الشكر من ال بحسن الجزاء ،ومن يعص ال ورسوله يعاين عسر الحساب
لدى اللقاء ،قضاء بالعدل عند القصاص بالحق يوم إفضاء الخلق إلى
الخالق .أما بعد فمنصت سامع لواعظ نفعه إنصاته وصامت ذولب شغل
قلبه بالفكر في أمر ال حتى أبصر فعرف فضل طاعته على معصيته،
وشرف نهج ثوابه على احتلل من عقابه ،ومخبر النائل رضاه عند
المستوجبين غضبه عند تزايل الحساب .وشتى بين الخصلتين وبعيد تقارب
ما بينهما ،اوصيكم بتقوى ال بارئ الزواح وفالق الصباح.
) (1الحت بتشديد التاء السقوط ،والمتح استقاء الماء بالدلو ،والذنوب بفتح الذال
المعجمة :الدلو (2) .اللج :معظم الماء.
][3
- 51من كتاب مطالب السؤول ) (1لمحمد بن طلحة من كلم أمير المؤمنين عليه
السلم :ذمتي بما أقول رهينة وأنا به زعيم إن من صرحت ) (2له العبر
عما بين يديه من المثلت حجزه التقوى عن تقحم الشبهات ،أل وإن
الخطايا خيل شمس ) (3حمل عليها أهلها وخلعت لجمها فتقحمت بهم في
النار ،أل وإن التقوى مطايا ذلل حمل عليها أهلها واعطوا أزمتها فأوردتهم
الجنة .حق وباطل ولكل أهل ،فلئن أمر الباطل ) (4لقديما فعل ،ولئن قل
الحق فلربما ولعل ولقلما أدبر شئ فأقبل .لقد شغل من الجنة والنار أمامه.
ساع سريع نجا ،وطالب بطئ رجا ،ومقصر في النار هوى ،اليمين
والشمال مضلة ) (5والطريق الوسطى هي الجادة ،عليها باقي الكتاب )(6
وآثار النبوة ،ومنها منفذ السنة ،وإليها مصير العاقبة ،هلك من ادعى،
وخاب من افترى ،وخسر من باع الخرة بالولى ،ولكل نبأ مستقر وكل ما
هو آت قريب - 52 .ومنه (7) :لقد جاهرتكم العبر ،وزجرتم بما فيه
مزدجر ،وما يبلغ عن ال بعد رسل ال إل البشر ،أل وإن الغاية أمامكم،
وإن وراءكم الساعة ،تحدوكم تخففوا تلحقوا ،فانما ينتظر بأولكم آخركم )
.(8
) (1المصدر ص (2) .28الزعيم :الضامن .والتصريح :كشف المر وانكشافه) .
(3الشموس :معرب چموش (4) .أمر يأمر -من باب تعب :-كثر(5) .
أي طرفي الفراط والتفريط (6) .هو ما يبقى من أثر مشيه وموضع قدمه
كانه مشى على الطريق الوسطى .وقيل باقى الكتاب هو ما لم ينسخ منه
لكن الول هو الصواب (7) .مطالب السؤول ص (8) .33تحدوكم أي
تسوقكم .وقوله " تخففوا تلحقوا " أي تخففوا بالقناعة وترك الحرص أو
كناية عن عدم الركون الي الدنيا واتخاذها دار ممر ل دار مقر .والنتظار
بالول كناية - - -
][4
- 53وقال عليه السلم يوما وقد أحدق الناس به :احذركم الدنيا فانها منزل قلعة
وليست بدار نجعة ) (1هانت على ربها فخلط خيرها بشرها ،وحلوها
بمرها ،لم يضعها لوليائه ،ول يضنن بها علي أعدائه ،وهي دار ممر ل
دار مستقر ،والناس فيها رجلن رجل باع نفسه فأوبقها ) (2ورجل ابتاع
نفسه فأعتقها ،إن اعذوذب منها جانب فحل ،أمر منها جانب فأوبى )(3
أولها عناء ،وآخرها فناء ،من استغنى فيها فتن ومن اقتفر فيها حزن ،من
ساعاها فاتته ،ومن قعد عنها أتته ،ومن أبصر فيها بصرته ومن أبصر
إليها أعمته ،فالنسان فيها غرض المنايا ،مع كل جرعة شرق ،ومع كل
اكلة غصص ،ل تنال منها نعمة إل بفراق اخرى - 54 .وقال يوما في
مسجد الكوفة وعنده وجوه الناس :أيها الناس إنا قد أصبحنا في دهر
عنود ،وزمن شديد ،يعد فيه المحسن مسيئا ،ويزداد الظالم فيه عتوا ،ل
ننتفع بما علمنا ،ول نسأل عما جهلنا ،ول نتخوف قارعة حتى تحل بنا،
والناس على أربعة أصناف منهم من ل يمنعه الفساد في الرض إل مهانة
نفسه وكللة حده ونضيض وفره .ومنهم المصلت بسيفه ،المعلن بشره )
(4والمجلب بخيله ورجله ،قد أهلك نفسه ،وأوبق دينه لحطام ينتهزه أو
مقنب يقوده ،أو منبر يفرعه ) (5ولبئس المتجر أن ترى - - - -
عن كونهم كمن سبق من الرفقة إلى بلدة ل يؤذن لهم في دخولها ال بالجتماع
ولحوق الخرين أي لبد لكم من ترك هذه الدار ونزول دار القرار
والجتماع (1) .القلعة -بضم القاف -المال العارية أو ما ل يدوم.
والنجعة -بالضم -طلب الكلء وقوله " هانت " من المهانة (2) .أوبقها
أي أهلكها وأذلها (3) .أي يبتلى بالوباء (4) .القارعة :الداهية .ونض
الماء نضيضا :سال قليل قليل ،واصلت السيف هو اعلن الشر والفساد.
) (5النتهاز :النتظار .والمقنب :جماعة من الخيل تجتمع للغارة جمع
مقانب .وفرع الجبل :صعده.
][5
الدنيا لنفسك ثمنا ،ومما لك عند ال عوضا .ومنهم من يطلب الدنيا بعمل الخرة ول
يطلب الخرة بعمل الدنيا ،قد طأمن من شخصه ،وقارب من خطوه ،وشمر
من ثوبه ) (1وزخرف من نفسه المانة واتخذ سر ال تعالى ذريعة إلى
المعصية .ومنهم من أقعده عن طلب الملك ضؤولة نفسه ) (2وانقطاع
سببه ،فقصرته الحال على حاله ،فتحلى باسم القناعة ،وتزين بلباس أهل
الزهادة ،وليس من ذلك في مراح ،ول مغدى ) (3وبقي رجال غض
أبصارهم ذكر المرجع ،وأراق دموعهم خوف المحشر ،فهم بين شريد ناء،
وخائف مقموع ،وساكت مكعوم ) (4وداع مخلص ،وثكلن موجع قد
أخملتهم التقية ،وشملتهم الذلة فهم في بحر اجاج ،أفواههم خامرة )(5
وقلوبهم قرحة ،قد وعظوا حتى ملوا ،وقهروا حتى ذلوا ،وقتلوا حتى قلوا،
فلتكن الدنيا عندكم أصغر من حثالة القرظ ،وقراضة الجلم ) .(6واتعظوا
بمن كان قبلكم قبل أن يتعظ بكم من بعدكم ،وارفضوها ذميمة فانها رفضت
من كان أشغف بها منكم ،فياما أغر خداعها مرضعة ،وياما أضر نكالها
فاطمة - 55 .وقد نقل عنه عليه السلم أنه قال وقد اجتمع حوله خلق
كثير :اتقوا ال فما
) (1طأمن مقلوب طمأن أي سكن ،وطأمن منه أي سكنه ،وشمر ثوبه أي رفعه عن
ساقيه للتنزه والحتراز من النجاسة والقذارة (2) .الضؤولة -بالضم :-
الحقارة .ورجل ضئيل أي ضعيف نحيف (3) .المراح موضع يروح القوم
منه أو إليه .والمغدى اسم مكان من الغدو (4) .المقموع :المقهور.
والمكعوم :الملحم (5) .خمر -كضرب ونصر :-سكت ولم يتكلم(6) .
الحثالة -بالضم -ما يسقط من قشر الشعير والرز .والقرظ -بالتحريك -
ورق السلم يدبغ به الديم .وقراضة الجلم يعنى ريزه دم قيچى.
][6
خلق امرء عبثا فيلهو ،ول ترك سدى فيلغو ،وما دنياه التي تحسنت له بخلف من
الخرة التي قبحها سوء ظنه عنده ،وما المغرور بزخرفها الذي بناج من
عذاب ربه عند مرده إليه - 56 .وقال عليه السلم :عليكم بالعلم فانه صلة
بين الخوان ،ودال على المروة وتحفة في المجالس ،وصاحب في السفر،
ومونس في الغربة ،وإن ال تعالى يحب المؤمن العالم الفقيه ،الزاهد
الخاشع ،الحيي العليم ،الحسن الخلق ،المقتصد المنصف - 57 .وقال عليه
السلم :من تواضع للمتعلمين وذل للعلماء ساد بعلمه ،فالعلم يرفع
الوضيع ،وتركه يضع الرفيع ،ورأس العلم التواضع ،وبصره البراءة من
الحسد وسمعه الفهم ،ولسانه الصدق ،وقلبه حسن النية ،وعقله معرفة
أسباب المور ،و من ثمراته التقوى ،واجتناب الهوى ،واتباع الهدى،
ومجانبة الذنوب ،ومودة الخوان والستماع من العلماء ،والقبول منهم،
ومن ثمراته ترك النتقام عند القدرة واستقباح مقارفة الباطل ،واستحسان
متابعة الحق .وقول الصدق ،والتجافي عن سرور في غفلة ،وعن فعل ما
يعقب ندامة ،والعلم يزيد العاقل عقل ،ويورث متعلمه صفات حمد ،فيجعل
الحليم أميرا ،وذا المشورة وزيرا ،ويقمع الحرص ،ويخلع المكر ،ويميت
البخل ،ويجعل مطلق الوحش مأسورا ) (1وبعيد السداد قريبا - 58 .وقال
عليه السلم ) (2العقل عقلن عقل الطبع وعقل التجربة وكلهما يؤدي إلى
المنفعة ،والموثوق به صاحب العقل والدين ،ومن فاته العقل والمروة
فرأس ماله المعصية ،وصديق كل امرء عقله ،وعدوه جهله ،وليس العاقل
من يعرف الخير من الشر ،ولكن العاقل من يعرف خير الشرين ،ومجالسة
العقلء تزيد في الشرف ،والعقل الكامل قاهر الطبع السوء ،وعلى العاقل
أن يحصي على نفسه مساويها في الدين والرأي والخلق والدب فيجمع
ذلك في صدره أو في كتاب
][7
ويعمل في إزالتها - 59 .وقال عليه السلم :النسان ) (1عقل وصورة فمن أخطأه
العقل ولزمته الصورة لم يكن كامل ،وكان بمنزلة من ل روح فيه ،ومن
طلب العقل المتعارف فليعرف صورة الصول والفضول ،فإن كثيرا من
الناس يطلبون الفضول ويضعون الصول ،فمن أحرز الصل اكتفى به عن
الفضل ،وأصل المور في النفاق طلب الحلل لما ينفق والرفق في الطلب،
وأصل المور في الدين أن يعتمد على الصلوات ويجتنب الكبائر وألزم ذلك
لزوم ما ل غنى عنه طرفة عين ،وإن حرمته هلك ،فان جاوزته إلى الفقه
والعبادة فهو الحظ ،وإن أصل العقل العفاف وثمرته البراءة من الثام،
وأصل العفاف القناعة وثمرتها قلة الحزان .وأصل النجدة القوة وثمرتها
الظفر ،وأصل العقل ) (2القدرة وثمرتها السرور ،ول يستعان على الدهر
إل بالعقل ،ول على الدب إل بالبحث ،ول على الحسب إل بالوفاء ،ول
على الوقار إل بالمهابة ،ول على السرور إل باللين ،ول على اللب إل
بالسخاء ،ول على البذل إل بالتماس المكافأة ،ول على التواضع إل بسلمة
الصدر ،وكل نجدة يحتاج إلى العقل ،وكل معونة تحتاج إلى التجارب ،وكل
رفعة يحتاج إلى حسن احدوثة ،وكل سرور يحتاج إلى أمن ،وكل قرابة
يحتاج إلى مودة ،وكل علم يحتاج إلى قدرة ،وكل مقدرة تحتاج إلى بذل،
ول تعرض لما ل يعنيك بترك ما يعنيك .فرب متكلم في غير موضعه قد
أعطبه ذلك - 60 .وقال عليه السلم :ل تسترشد إلى الحزم بغير دليل العقل
فتخطئ منهاج الرأي فان أفضل العقل معرفة الحق بنفسه ،وأفضل العلم
وقوف الرجل عند علمه ،و أفضل المروة استبقاء الرجل ماء وجهه،
وأفضل المال ما وقي به العرض ،وقضيت به الحقوق - 61 .وعن عبد ال
بن عباس قال :ما انتفعت بكلم بعد رسول ال صلى ال عليه وآله
كانتفاعي
) (1المصدر ص (2) .49كذا وفي بعض النسخ " أصل الفعل ".
][8
بكتاب كتبه إلي علي بن أبي طالب عليه السلم فإنه كتب إلي :أما بعد ) (1فان
المرء قد يسره درك ما لم يكن ليفوته ،ويسوؤه فوت ما لم يكن ليدركه،
فليكن سرورك بما نلت من آخرتك ،وليكن أسفك على ما فاتك منها ،وما
نلت من دنياك فل تكثرن به فرحا ،وما فاتك منه فل تأس عليه جزعا،
وليكن همك فيما بعد الموت .والسلم - 62 .وقال عليه السلم لجماعة:
خذوا عني هذه الكلمات فلو ركبتم المطي حتى تنضوها ما صبتم مثلها )
:(2ل يرجون عبد إل ربه ،ول يخافن إل ذنبه ،ول يستحي إذا لم يعلم أن
يتعلم ،ول يستحي إذا سئل عما ل يعلم أن يقول :ل أعلم ،واعلموا أن
الصبر من اليمان بمنزلة الرأس من الجسد ،ول خير في جسد ل رأس له،
فاصبروا على ما كلفتموه رجاء ما وعدتموه - 63 .وقال عليه السلم:
الشئ شيئان شئ قصر عني لم ارزقه فيما مضى ول أرجوه فيما بقي،
وشئ ل أناله دون وقته ولو استعنت عليه بقوة أهل السماوات والرض،
فما أعجب أمر هذا النسان يسره درك ما لم يكن ليدركه ،ولو أنه فكر
لبصر ولعلم أنه مدبر ،واقتصر على ما تيسر ،ولم يتعرض لما تعسر،
واستراح قلبه مما استوعر ،فبأي هذين أفنى عمري ،فكونوا أقل ما
يكونون في الباطن أموال ،أحسن ما يكونون في الظاهر أحوال ،فان ال
تعالى أدب عباده المؤمنين العارفين أدبا حسنا فقال :جل من قائل" :
يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف تعرفهم بسيماهم ل يسئلون الناس
إلحافا " ) - 64 .(3وقال عليه السلم :ل يكون غنيا حتى يكون عفيفا ،ول
يكون زاهدا حتى يكون متواضعا ،ول يكون حليما حتى يكون وقورا ،ول
يسلم لك قلبك حتى تحب للمؤمنين ما تحب لنفسك ،وكفى بالمرء جهل أن
يرتكب ما نهي عنه ،وكفى به عقل
) (1المصدر ص .55وفى النهج مثله (2) .أنضى البعير :هزله (3) .البقرة.273 :
][9
أن يسلم عن شره ،فأعرض عن الجهل وأهله ،واكفف عن الناس ما تحب أن يكف
عنك ،وأكرم من صافاك وأحسن مجاورة من جاورك ،وألن جانبك واكفف
عن الذى ،واصفح عن سواء الخلق ،ولتكن يدك العليا إن استطعت،
ووطن نفسك على الصبر على ما أصابك ،وألهم نفسك القنوع ،واتهم
الرجاء ،وأكثر الدعاء تسلم من سورة الشيطان ول تناقس على الدنيا ،ول
تتبع الهوى ،وتوسط في الهمة تسلم ممن يتبع عثراتك ،ول تك صادقا حتى
تكتم بعض ما تعلم ،احلم عن السفيه يكثر أنصارك عليه ،عليك بالشيم
العالية تقهر من يعاديك ،قل الحق ،وقرب المتقين ،واهجر الفاسقين،
وجانب المنافقين ،ول تصاحب الخائنين - 65 .وقال عليه السلم :قل عند
كل شدة " ل حول ول قوة إل بال " تكف بها وقل عند كل نعمة " الحمد
ل " تزدد منها ،وقل إذا أبطأت عليك الرزاق " أستغفر ال " يوسع
عليك .عليك بالمحجة الواضحة التي ل تخرجك إلى عوج ،و ل تردك عن
منهج .الناس ثلث :عالم رباني ،ومتعلم على سبيل النجاة ،وهمج رعاع.
مفتاح .الجنة الصبر ،مفتاح الشرف التواضع ،مفتاح الغنى اليقين ،مفتاح
الكرم التقوى .من أراد أن يكون شريفا فيلزم التواضع ،عجب المرء بنفسه
أحد حساد عقله ،الطمأنينة قبل الحزم ضد الحزم ،المغتبط من حسن يقينه.
- 66وقال عليه السلم :اللهو يسخط الرحمن ويرضي الشيطان وينسى
القرآن ،عليكم بالصدق فان ال مع الصادقين ،المغبون من غبن دينه.
جانبوا الكذب فانه مجانب اليمان ،والصادق على سبيل نجاة وكرامة،
والكاذب على شفا هلك وهون .قولوا الحق تعرفوا به ،واعملوا الحق
تكونوا من أهله ،وأدوا المانة إلى من ائتمنكم ،ول تخونوا من خانكم،
وصلوا أرحام من قطعكم ،وعودوا بالفضل على من حرمكم ،أوفوا إذا
عاهدتم ،واعدلوا إذا حكمتم ،ل تفاخروا بالباء ،و ل تنابزوا باللقاب ،ول
تحاسدوا ،ول تباغضوا ،ول تقاطعوا ،وافشوا السلم ،و ردوا التحية
بأحسن منها ،وارحموا الرملة واليتيم ،وأعينوا الضعيف والمظلوم
وأطيبوا المكسب ،وأجملوا في الطلب.
][10
- 67وقال عليه السلم :ل راحة لحسود ،ول مودة لملول ،ول مروة لكذوب ،ول
شرف لبخيل ،ول همة لمهين ،ول سلمة لمن أكثر مخالطة الناس ،الوحدة
راحة والعزلة عبادة ،والقناعة غنية ،والقتصاد بلغة ) (1وعدل السلطان
خير من خصب الزمان ،والعزيز بغير ال ذليل ،والغني الشره فقير ) (2ل
يعرف الناس إل بالختبار ،فاختبر أهلك وولدك في غيبتك ،وصديقك في
مصيبتك ،وذا القرابة عند فاقتك ،وذا التودد والملق عند عطلتك ) (3لتعلم
بذلك منزلتك عندهم ،واحذر ممن إذا حدثته ملك ،وإذا حدثك غمك ،وإن
سررته أو ضررته سلك فيه معك سبيلك ،وإن فارقك ساءك مغيبه بذكر
سوأتك ،وإن مانعته بهتك وافترى ،وإن وافقته حسدك واعتدى ،وإن
خالفته مقتك ومارى ) (4يعجز عن مكافأة من أحسن إليه ،ويفرط على من
بغى عليه ،يصبح صاحبه في أجر ،ويصبح هو في وزر ،لسانه عليه لله،
ول يضبط قلبه قوله ،يتعلم للمراء ،ويتفقه للرياء ،يبادر الدنيا ،ويواكل
التقوى ،فهو بعيد من اليمان ،قريب من النفاق ،مجانب للرشد ،موافق
للغي فهو باغ غاو ،ل يذكر المهتدين - 68 .وقال عليه السلم (5) :ل
تحدث من غير ثقة فتكون كذابا ،ول تصاحب همازا فتعد مرتابا ،ول تخالط
ذا فجور فترى متهما ،ول تجادل عن الخائنين فتصبح ملوما وقارن أهل
الخير تكن منهم ،وباين أهل الشرتبن عنهم ،واعلم أن من الحزم العزم
واحذر اللجاج تنج من كبوته ) (6ول تخن من ائتمنك وإن خانك في أمانته،
ول
) (1الغنية -بالضم -اليسار والكفاية .والبلغة -بالضم أيضا :-ما يكفى من العيش
ول يفضل (2) .الشره :الحريص (3) .العطلة -بالضم :-البقاء بل عمل.
والمراد الفقر (4) .المماراة :المنازعة والمجادلة ) (5مطالب السؤول
ص (6) .56الكبوة السقوط على الوجه.
][11
تذع سر من أذاع سرك ،ول تخاطر بشئ رجاء ما هو أكثر منه ،وخذ الفضل ،و
أحسن البذل ،وقل للناس حسنا ،ول تتخذ عدو صديقك صديقا فتعادي
صديقك ،وساعد أخاك وإن جفاك ،وإن قطعته فاستبق له بقية من نفسك،
ول تضيعن حق أخيك فتعدم إخوته ،ول يكن أشقى الناس بك أهلك ،ول
ترغبن فيمن زهد فيك وليس جزاء من سرك أن تسوءه ،واعلم أن عاقبة
الكذب الذم ،وعاقبة الصدق النجاة - 69 .ونقل عنه عليه السلم :أنه رأى
جابر بن عبد ال -رضي ال عنه -وقد تنفس الصعداء ) (1فقال عليه
السلم :يا جبار على م تنفسك أعلى الدنيا ؟ فقال جابر :نعم فقال له :يا
جابر ملذ الدنيا سبعة :المأكول والمشروب والملبوس والمنكوح و
المركوب والمشموم والمسموع ،فألذ المأكولت العسل وهو بصق من
ذبابة ،وأحلى المشروبات الماء ،وكفى بإباحته وسباحته على وجه
الرض ،وأعلى الملبوسات الديباج وهو من لعاب دودة ،وأعلى المنكوحات
النساء وهو مبال في مبال ،ومثال لمثال ،وإنما يراد أحسن ما في المرأة
لقبح ما فيها ،وأعلى المركوبات الخيل وهو قواتل ،وأجل المشمومات
المسك وهو دم من سرة دابة ،وأجل المسموعات الغناء والترنم وهو إثم،
فما هذه صفته لم يتنفس عليه عاقل .قال جابر بن عبد ال :فوال ما
خطرت الدنيا بعدها على قلبي - 70 .وقال عليه السلم :في المثال:
بالصبر يناضل ) (2الحدثان ،الجزع من أنواع الحرمان ،العدل مألوف
والهوى عسوف ) (3والهجران عقوبة العشق ،البخل جلباب المسكنة ،ل
تأمنن ملول ،إزالة الرواسي أسهل من تأليف القلوب المتنافرة ،من اتبع
الهوى ضل ،الشجاعة صبر ساعة ،خير المور أوسطها ،القلب بالتعلل
رهين ،من ومقك
) (1الصعداء -بضم الصاد وفتح العين المهملتين -التنفس الطويل من هم أو تعب.
) (2ناضله مناضلة :باراه في رمى السهام وناضل عنه :حامى وجادل
ودافع عنه .وحدثان الدهر -بكسر الحاء وفتحها -نوائبه ومصائبه(3) .
العسوف -بفتح العين -الشديد العسف أي الجور .والظلم.
][12
أعتبك ) (1القلة ذلة ،المجاعة مسكنة ،خير أهلك من كفاك ،ترك الخطيئة أهون من
طلب التوبة ،من ولع بالحسد ولم به الشؤم ،كم تلف من صلف ،كم قرف
من سرف ) (2عدو عاقل خير من صديق أحمق ،التوفيق من السعادة،
والخذلن من الشقاوة ،من بحث عن عيوب الناس فبنفسه بدأ ،من كان في
حاجة أخيه كان ال في حاجته ،من سلم من ألسنة الناس كان سعيدا ،من
صحب الملوك تشاغل بالدنيا ،الفقر طرف من الكفر ،من وقع في ألسنة
الناس هلك ،من تحفظ من سقط الكلم أفلح ،كل معروف صدقة ،كم من
غريب خير من قريب ،لو القيت الحكمة على الجبال لقلقلتها ) ،(3كم من
غريق هلك في بحر الجهالة ،وكم عالم قد أهلكته الدنيا ،خير إخوانك من
واساك ،وخير منه من كفاك ،خير مالك ما أعانك على حاجتك ،خير من
صبرت عليه من لبد لك منه ،أحق من أطعت مرشد ل يعصيك ،من أحب
الدنيا جمع لغيره ،المعروف فرض ،واليام دول ،عند تناهي البلء يكون
الفرج ،من كان في النعمة جهل قدر البلية ،من قل سروره كان في الموت
راحته ،قد ينمي القليل فيكثر ،ويضمحل الكثير فيذهب .رب اكلة يمنع
الكلت ،أفلج الناس حجة من شهد له خصمه بالفلج ) (4السؤال مذلة،
والعطاء محبة ،من حفر لخيه بئرا كان ،بترديه فيها جديرا .أملك عليك
لسانك ،حسن التدبير مع الكفاف أكفى من الكثير مع السراف .الفاحشة
كاسمها ،مع كل جرعة شرقة ،مع كل أكلة غصة ،بحسب السرور يكون
التنغيص ،الهوى يهوي بصاحب الهوى ،عدو العقل الهوى ،الليل أخفى
للويل صحبة الشرار تورث سوء الظن بالخيار ،من أكثر من شئ عرف
به ،رب كثير هاجه صغير ،رب ملوم لذنب له ،الحر حر ولو مسه الضر،
ما ضل من
) (1ومقه :أحبه (2) .الصلف :التملق .والقرف :النكس من مرض (3) .القلقلة:
التحريك (4) .الفلج :الظفر.
][13
استرشد ،ول حار من استشار ،الحازم ل يستبد برأيه ،آمن من نفسك عندك من
وثقت به على سرك ،المودة بين الباء قرابة بين البناء - 71 .وقال عليه
السلم :من رضي عن نفسه كثر الساخط عليه ،ومن بالغ في الخصومة
أثم ،ومن قصر فيها ظلم ،من كرمت عليه نفسه هانت عليه شهوته ،إنه
ليس لنفسكم ثمن إل الجنة فل تبيعوها إل بها ،من عظم صغار المصائب
ابتله ال بكبارها ،الوليات مضامير الرجال ،ليس بلد أحق منك من بلد،
وخير البلد من حملك ،إذا كان في الرجل خلة رائعة فانتظر أخواتها،
الغيبة جهد العاجز ،رب مفتون بحسن القول فيه ،ما لبن آدم والفخر أوله
نطفة ،وآخره جيفة ،ل يرزق نفسه ،و ل يمنع حتفه ،الدنيا تغر وتضر
وتمر إن ال تعالى لم يرضها ثوابا بأوليائه ول عقابا لعدائه ،وإن أهل
الدنيا كركب بينا هم حلوا إذ صاح سائقهم فارتحلوا ،من صارع الحق
صرعه ،القلب مصحف البصر ) (1التقى رئيس الخلق ،ما أحسن تواضع
الغنياء للفقراء طلبا لما عند ال .وأحسن منه تيه الفقراء على الغنياء
إتكال على ال .كل مقتصر عليه كاف ) (2الدهر يومان يوم لك ويوم عليك،
فان كان لك فل تبطر ،وإن كان عليك فل تضجر ،من طلب شيئا ناله أو
بعضه ،الركون إلى الدنيا مع ما يعاين منها جهل ،والتقصير في حسن
العمل مع الوثوق بالثواب عليه غبن والطمأنينة إلى كل أحد قبل الختبار
عجز ،والبخل جامع لمساوي الخلق ،نعم ال على العبد مجلبة لحوائج
الناس إليه ،فمن قام ل فيها بما يجب عرضها للدوام والبقاء ،ومن لم يقم
فيها بما يجب عرضها للزوال والفناء ،الرغبة مفتاح النصب ،والحسد
مطية التعب .من علم أن كلمه من عمله قل كلمه إل فيما يعنيه من نظر
في عيوب الناس فأنكرها ثم حببها ) (3لنفسه فذلك الحمق بعينه ،العفاف
) (1استعار لفظ المصحف للقلب باعتبار انتقاشه بصور ما ينبغى التكلم به في لوح
الخيال وادراك الحس المشترك له من باطن فهو كالمصحف يقرأ منه) .
(2أي كل ما يمكن القتصار عليه فهو كاف (3) .في بعض النسخ " ثم
رضيها "(*) .
][14
زينة الفقر ،والشكر زينة الغنى ،رسولك ترجمان عقلك ،وكتابك أبلغ ما ينطق عنك.
الناس أبناء الدنيا ول يلم الرجل على حب أمه ،الطمع ضامن غير وفي ،و
الماني تعمى أعين البصائر ،ل تجارة كالعمل الصالح ،ول ربح كالثواب،
ول قائد كالتوفيق ،ول حسب كالتواضع ،ول شرف كالعلم ،ول ورع
كالوقوف عند الشبهة ،ول قرين كحسن الخلق ،ول عبادة كأداء الفرائض،
ول عقل كالتدبير ،ول وحدة أوحش من العجب ،ومن أطال المل أساء
العمل - 72 .وسمع عليه السلم ) (1رجل من الحرورية يقرأ ويتهجد
فقال :نوم على يقين خير من صلة في شك ،إذا تم العقل نقص الكلم ،قدر
الرجل قدر همته قيمة كل امرء ما يحسنه ،المال مادة الشهوات ،الناس
أعداء ما جهلوه ،أنفاس المرء خطاه إلى أجله - 73 .وقال عليه السلم:
احذركم الدنيا فإنها خضرة حلوة ،حفت بالشهوات ،و تحببت بالعاجلة )(2
وعمرت بالمال ،وتزينت بالغرور ،ول يؤمن فجعتها ،ول يدوم حبرتها )
(3ضرارة غدارة غرارة زائلة بائدة أكالة عوالة ،ل تعد و إذا تناهت إلى
امنية أهل الرضا بها ) (4والرغبة فيها أن يكون كما قال ال عز وجل " )
" (5كماء أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الرض فأصبح هشيما
تذروه الرياح ) (6على أن امرءا لم يكن فيها في حبرة إل أعقبته بعدها
عبرة ولم يلق
) (1مطالب السؤول ص (2) .57أي صارت محبوبة للناس بكونها لذة عاجلة.
والنفوس مولعة بحب العاجل (3) .الحبرة :النعمة والسرور (4) .باد أي
هلك .وغاله :أهلكه .وعداه يعدوه :جاوزه .والمنية :ما يتمناه النسان
أي يريده ويأمله (5) .الكهف (6) .45أي غاية موافقة الدنيا لهلها ل
يجاوز المثل المضروب لها في الكتاب الكريم والمراد بالماء المطر،
واختلط النبات به دخوله في خلل النبات عند النمو ،والهشيم نبت يابس
مكسر .وتذروه الرياح أي تطيره فيصير كأن لم يكن.
][15
من سرائها بطنا إل منحته من ضرائها ظهرا ) (1ولم تطله فيها ديمة رخاء إل
هتنت عليه مزنة بلء ) (2وحري إذا أصبحت له متنصرة أن تمسى له
متنكرة ،فإن جانب منها اعذوذب لمرء واحلولى أمر عليه جانب فأوبي،
وإن لقى امرء من غضارتها رغبا زودته من نوائبها تعبا ،ول يمسي امرء
منها في جناح أمن إل أصبح في خوافي خوف ) (3غرارة غرور ما فيها،
فانية فان من عليها ،من أقل منها استكثر مما يؤمنه ) (4ومن استكثر
منها لم يدم له وزال عما قليل عنه ،كم من واثق بها قد فجعته ،وذي
طمأنينة إليها قد صرعته ،وذي خدع قد خدعته ،وذي أبهة قد صيرته
حقيرا ،وذي نخوة قد صيرته خائفا فقيرا ،وذي تاج قد أكبته لليدين و الفم.
سلطانها دول ،وعيشها رنق ) (5وعذبها اجاج ،وحلوها صبر ،وغذائها
سمام وأسبابها رمام ) (6حيها بعرض موت وصحيحها بعرض سقم،
ومنيعها بعرض اهتضام عزيزها مغلوب ،وملكها مسلوب ،وضيفها
مثلوب ،وجارها محروب ) (7ثم من وراء
) (1الحبرة بالفتح :النعمة .والعبرة :الدمعة .والسراء مصدر بمعنى المسرة و
والضراء :الشدة .ويختص البطن بالسراء والظهر بالضراء لن القبال
يكون بالول كما أن الدبار بالثاني ،أو لن الترس يكون بطنه اليك
وظهره إلى عدوك (2) .الطل -بالفتح :-المطر الضعيف .والديمة -
بالكسر :-مطر يدوم في سكون بل رعد وبرق .وهتنت أي انصبت.
والحرى :الجدير والخليق (3) .الخوافى :ريشات من الجناح إذا ضم
الطائر جناحيه خفيت .وفى المثل " ليس القوادم كالخوافى " (4) .أي
من أخذ القليل من متاعها أخذ الكثير مما يؤمنه (5) .الدولة -بالفتح -
النقلب للزمان والجمع دول مثلثة .والرنق :الماء الكدر (6) .السمام -
بالكسر -جمع سم بالضم والفتح .والسبب في اصل الحبل الذى يتوصل
به إلى الماء ،ثم استعير لكل ما يتوصل به إلى الشئ .والرمم -بالكسر -
جمع رمة -بالضم -وهى قطعة جبل بالية (7) .المثلوب :الملوم ،وثلبه
أي عابه ولمه .والمحروب :المسلوب ماله
][16
ذلك هول المطلع ،وسكرات الموت والوقوف بين يدي الحكم العدل " ليجزي الذين
أساؤا بما عملوا ويجزي الذين أحسنوا بالحسنى " .ألستم في منازل من
كان أطول منكم أعمارا وآثارا ،وأعد منكم عديدا ،و أكثف جنودا ) (1وأشد
منكم عتودا ،تعبدوا الدنيا أي تعبد ،وآثروها أي إيثار ثم ظعنوا عنها
بالصغار .فهل بلغكم أن الدنيا سخت لهم بفدية ،أو أغنت عنهم فيما قد
أهلكهم من خطب ،بل قد أوهنتهم بالقوارع ) (2وضعضعتهم بالنوائب،
وعفرتهم للمناخر ،و أعانت عليهم ريب المنون ) (3فقد رأيتم تنكرها لمن
دان لها وأخلد إليها ،حتى ظعنوا عنها لفراق أمد إلى آخر المستند ،هل
أحلتهم إل الضنك ؟ أو زودتهم إل التعب ؟ أو نورت لهم إل الظلم ،أو
أعقبتهم إل النار ،فهذه تؤثرون ؟ أم على هذه تحرصون ؟ إلى هذه
تطمئنون ؟ يقول ال جل من قائل " :من كان يريد الحيوة الدنيا وزينتها
نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها ل يبخسون * اولئك الذين ليس لهم في
الخرة إل النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون " ).(4
فبئست الدار لمن ل يتهمها وإن لم يكن فيها على وجل منها ،إعلموا وأنتم
ل تعلمون أنكم تاركواها لبد ) (5فانما هي كما نعتها ال تعالى " لهو
ولعب " واتعظوا * )الهامش( * ) (1أي أكثر جنودا (2) .القوارع جمع
القارعة وهى الداهية (3) .أي سلطته عليهم وريب المنون :صروف
الدهر (4) .هود 18 :و (5) .19لعل العلم المأمور به هو اليقين المستتبع
وهو العمل أي أيقنوا بأنكم ستتركونها وترتحلون عنها وأنتم تعلمون ذلك
لكن علما ل يترتب عليه الثر .ويحتمل أن يكون المعنى اعلموا ذلك وأنتم
من أهل العلم وشأنكم المعرفة وتمييز الخير من الشر (6) .أي يبنون بكل
مكان مرتفع علما للمارة للعبث بمن يمر عليهم أو قصورا يفتخرون بها،
والمصانع جمع المصنع :مأخذ الماء ،وقيل قصور مشيدة وحصونا.
][17
بالذين كانوا يبنون بكل ريع آية تعبثون ويتخذون مصانع لعلهم يخلدون ) (1و
اتعظوا بالذين قالوا " :من أشد منا قوة " واتعظوا باخوانكم الذين نقلوا
إلى قبورهم ل يدعون ركبانا ،قد جعل لهم من الضريح أكنانا ومن التراب
أكفانا ومن الرفات جيرانا ،فهم جيرة ل يجيبون داعيا ،ول يمنعون ضيما )
(2قد بادت أضغانهم فهم كمن لم يكن وكما قال ال عزوجل " فتلك
مساكنهم لم تسكن من بعدهم إل قليل وكنا نحن الوارثين " ) (3استبدلوا
بظهر الرض بطنا ،وبالسعة ضيقا ،وبالهل غربة ،جاؤوها كما فارقوها
بأعمالهم إلى خلود البد كما قال عز من قائل " كما بدأنا أول خلق نعيده
وعدا علينا إنا كنا فاعلين " ) - 74 .(4وقال ) (5أيها الذام للدنيا أنت
المتجرم عليها أم هي المتجرمة عليك ) (6فقال قائل من الحاضرين بل أنا
المتجرم عليها يا أمير المؤمنين فقال له :فلم ذممتها ؟ أليست دار صدق
لمن صدقها ،ودار غنى لمن تزود منها ،ودار عافية لمن فهم عنها ؟
مسجد أحبائه ،ومصلى أنبيائه ،ومهبط الملئكة ،ومتجر أوليائه ،اكتسبوا
فيها الطاعة ،وربحوا فيها الجنة ،فمن ذا يذمها ؟ وقد آذنت بانتهائها،
ونادت بانقضائها وأنذرت ببلئها ،فان راحت بفجيعة فقد غدت بمبتغى،
وإن أعصرت بمكروه فقد أسفرت بمشتهى ) (7ذمها رجال يوم الندامة،
ومدحها آخرون ،حدثتهم فصدقوا ،وذكرتهم فتذكروا .فيا أيها الذام لها،
المغتر بغرورها متى غرتك ؟ أم متى استذمت إليك أبمصارع
) (1الريع :المكن المرتفع .و " آية " أي علما للمارة ببنهائها (2) .الضيم :الظلم
والتعدى .والضغن :الحقد ،الناحية ،الحضن ،الميل (3) .القصص) .58 :
(4النبياء (5) .104 :مطالب السؤول ص (6) .51تجرم على فلن إذا
ادعى على ذنبا لم أفعله (7) .أعصرت :دخلت في العصر .وأسفر الصبح
أي أضاء وأشرق.
][18
][19
قوم لم يبق من أكثرهم خبر ول أثر ،قل في الدنيا لبثهم ،وأعجل بهم إلى الخرة
بعثهم ،وأصبحتم حلول في ديارهم ،وظاعنين على آثارهم ،والمنايا بكم
تسير سيرا ما فيه أين ول بطوء ،نهاركم بأنفسكم دؤوب ) (1وليلكم
بأرواحكم ذهوب ،وأنتم تقتفون من أحوالهم حال ،وتحتذون من أفعالهم
مثال ،فل تغرنكم الحياة الدنيا فانما أنتم فيها سفر حلول ،والموت بكم
نزول ،فتلتضل فيكم مناياه ،وتمضي بكم مطاياه ،إلى دار الثواب والعقاب،
والجزاء والحساب ،فرحم ال من راقب ربه ،و خاف ذنبه ،وجانب هواه،
وعمل لخرته ،وأعرض عن زهرة الحياة الدنيا - 77 .وقال عليه السلم:
كأن قد زالت عنكم الدنيا كما زالت عمن كان قبلكم فأكثروا عباد ال
اجتهادكم فيها بالتزود من يومها القصير ليوم الخرة الطويل .فإنها دار
العمل ،والدار الخرة دار القرار والجزاء ،فتجافوا عنها فان المغتر من
اغتر بها ،لن تعد الدنيا إذا تناهت إليها امنية أهل الرغبة فيها ،المطمئنين
إليها المغترين بها أن تكون كما قال ال تعالى " (2) :كماء أنزلناه من
السماء فاختلط به نبات الرض مما يأكل الناس والنعام " أل إنه لم يصب
امرء منكم من هذه الدنيا حبرة إل أعقبتها عبرة ،ول يصبح امرء في حياة
إل وهو خائف منها أن تؤول جائحة أو تغير نعمه أو زوال عافيته،
والموت من وراء ذلكم ،وهول المطلع ،والوقوف بين يدي الحكم العدل
لتجزى كل نفس بما كسبت ويجزي الذين أساؤوا بما عملوا ويجزي الذين
أحسنوا بالحسنى - 78 .وقال عليه السلم :مالكم والدنيا فمتاعها إلى
انقطاع ،وفخرها إلى وبال ،وزينتها إلى زوال ،ونعيمها إلى بؤس،
وصحتها إلى سقم أو هرم ،ومآل ما فيها إلى نفاد وشيك ) (3وفناء قريب،
كل مدة فيها إلى منتهى ،وكل حي فيها إلى مقارنة البلى ،أليس لكم في آثار
الولين وآبائكم الماضين عبرة وتبصرة إن كنتم تعقلون ،ألم تروا إلى
الماضين منكم ل يرجعون ،وإلى الخلف الباقين ،منكم
) (1الين :الحين ،والتعب والمشقة والعياء .والدؤوب :الجد والتعب (2) .يونس:
(3) .26الوشيك السريع.
][20
ل يبقون ،أو لستم ترون أهل الدنيا يمسون ويصبحون على أحوال شتى ميت يبكى
وآخر يعزى ،وصريع مبتلى ،وعايد يعود ،ودنف بنفسه يجود ) (1وطالب
للدنيا والموت يطلبه ،وغافل وليس بمغفول عنه ،على أثر الماضي يمضى
الباقي وإلى ال عاقبة المور - 79 .وقال عليه السلم :انظروا إلى الدنيا
نظر الزاهدين فيها فإنها عن قليل تزيل الساكن وتفجع المترف ) (2فل
تغرنكم كثرة ما يعجبكم فيها لقلة ما يصحبكم منها ،فرحم ال امرءا تفكر
واعتبر ،وأبصر إدبار ما قد أدبر ،وحضور ما قد حضر فكان ما هو كائن
من الدنيا عن قليل لم يكن ،وكأن ما هو كائن من الخرة لم يزل وكل ما هو
آت قريب ،فكم من مومل مال يدركه ،وجامع مال يأكله ،ومانع مال يتركه،
ولعله من باطل جمعه ،أو حق منعه ،أصابه حراما ،وورثه عدوانا ،فاحتمل
ما ضره ،وباء بوزره ) (3وقدم على ربه آسفال لهفا خسر الدنيا والخرة
وذلك هو الخسران المبين - 80 .وقال عليه السلم :الدنيا مثل الحية لين
مسها ،قاتل سمها فأعرض عما يعجبك فيها لقلة ما يصحبك منها ،وكن
آنس ما يكون إليها أوحش ما تكون منها ) (4فإن صاحبها كلما اطمئن
منها ،إلى سرور أشخصته إلى مكروه ،فقد يسر المرء بما لم يكن ليفوته
وليحزن لفوات ما لم يكن ليصيبه أبدا وإن جهد ،فليكن سرورك بما قدمت
من عمل أو قول ،ولتكن أسفك على ما فرطت فيه من ذلك ،ول تكن
) (1الصريع :المطروح على الرض .والدنف :المريض .وجاد بنفسه أي سمح بها
عند الموت فكأنه يدفعها كما يدفع النسان ماله (2) .المترف -كمكرم :-
المتروك بنعمته يصنع فيها ما يشاء ول يمنع (3) .باء يبوء إليه :رجع
وباء بالحق أو بالذنب :أقر (4) .آنس حال و " ما " مصدرية وخبر كان
احذر أي كن حال انسك بها أحذر اكوانك منها .وقوله " فان صاحبها -
الخ " أي ان سكون صاحبها الي اللذة بها مستلزم العذاب المكروه في
الخرة.
][21
على ما فاتك من الدنيا حزينا ،وما أصابك منها فل تنعم به سرورا ،واجعل همك لما
بعد الموت فإن ما توعدون لت - 81 .وقال عليه السلم ) :(1انظروا إلى
الدنيا نظر الزاهدين فيها فانها وال عن قليل تشقي المترف ،وتحرك
الساكن ،وتزيل الثاوي ) (2صفوها مشوب بالكدر ،وسرورها منسوج
بالحزن ،وآخر حياتها مقترن بالضعف ،فل يعجبنكم ما يغركم منها ،فعن
كثب تنقلون عنها ) (3وكلما هو آت قريب ،و " هناك تبلو كل نفس ما
أسلفت وردوا إلى ال موليهم الحق وضل عنهم ما كانوا يفترون " ).(4
- 82وقال عليه السلم :احذركم الدنيا فإنها ليست بدار غبطة ،قد تزينت
بغرورها ،وغرت بزينتها لمن كان ينظر إليها ،فاعرفوها كنه معرفتها
فإنها دار هانت على ربها ،قد اختلط حللها بحرامها ،وحلوها بمرها،
وخيرها بشرها ،ولم يذكر ال شيئا اختصه منها لحد من أوليائه ول
أنبيائه ،ولم يصرفها من أعدائه ،فخيرها زهيد ،وشرها عتيد ) (5وجمعها
ينفد ،وملكها يسلب ،وعزها يبيد .فالمتمتعون من الدنيا تبكي قلوبهم وإن
فرحوا ،ويشتد مقتهم لنفسهم وإن اغتبطوا ببعض ما رزقوا ،الدنيا فانية
ل بقاء لها ،والخرة باقية ل فناء لها ،الدنيا مقبلة ،والخرة ملجأ الدنيا،
وليس للخرة منتقل ول منتهى ،من كانت الدنيا همه اشتد لذلك غمه ،ومن
آثر الدنيا على الخرة حلت به الفاقرة ).(6
) (1مطالب السؤول ص (2) .52الثاوى هو الذى قام في مكان (3) .الكثب:
القرب ،يقال :رماه من كثب أو عن كثب أي رماه إذ كان قريبا منه(4) .
أي في ذلك المقام تختبر كل نفس ما قدمت من عمل .وقوله تعالى" :
ردوا إلى ال " أي إلى جزائه ،وقوله " ضل عنهم " أي بطل وهلك
عنهم ما كانوا يدعونه افتراء على ال سبحانه (5) .العتيد :الحاضر
المهيأ (6) .الفاقرة :الداهية الشديدة.
][22
- 83وقال عليه السلم :إنما الدنيا دار فناء وعناء وغير وعبر ،فمن فنائها أنك
ترى الدهر موتر قوسه ،مفوق نبله ،يرمي الصحيح بالسقيم ،والحي
بالميت و البرئ بالمتهم ،ومن عنائها أنك ترى المرء يجمع مال يأكل،
ويبني مال يسكن ويأمل مال يدرك ،ومن غيرها أنك ترى المرحوم مغبوطا
والمغبوط مرحوما ،ليس بينهم إل نعيم زال أو مثلة حلت أو موت نزل،
ومن عبرها أن المرء يشرف عليه أمله حتى يختطفه دونه أجله- 84 .
وقال عليه السلم :اجعل الدنيا شوكا وانظر أين تضع قدمك منها فإن من
ركن إليها خذلته ،ومن أنس فيها أوحشته ،ومن يرغب فيها أوهنته ،ومن
انقطع إليها قتلته ،ومن طلبها أرهقته ،ومن فرح بها أترحته ) (1ومن
طمع فيها صرعته ،ومن قدمها أخرته ،ومن ألزمها هانته ،ومن آثرها
باعدته من الخرة ومن بعد من الخرة قرب إلي النار ،فهي دار عقوبة
وزوال وفناء وبلء ،نورها ظلمة وعيشها كدر ،وغنيها فقير ،وصحيحها
سقيم ،وعزيزها ذليل ،فكل منعم برغدها شقي ،وكل مغرور بزينتها
مفتون ،وعند كشف الغطاء يعظم الندم ،ويحمد الصدر أو يذم - 85 .وقال
عليه السلم يأتي على الناس زمان ل يعرف فيه إل الماحل ول يظرف فيه
إل الفاجر ) (2ول يؤتمن فيه إل الخائن ،ول يخون إل المؤتمن ،يتخذون
الفئ مغنما ،والصدقة مغرما ،وصلة الرحم منا ،والعبادة استطالة على
الناس وتعديا وذلك يكون عند سلطان النساء ،ومشاورة الماء ،وإمارة
الصبيان - 86 .وقال عليه السلم :احذروا الدنيا إذا أمات الناس الصلة،
وأضاعوا المانات ،واتبعوا الشهوات ،واستحلوا الكذب ،وأكلوا الربا،
وأخذوا الرشى وشيدوا البناء ،واتبعوا الهوى ،وباعوا الدين بالدنيا،
واستخفوا بالدماء وركنوا إلى الرياء ،وتقاطعت الرحام ،وكان الحلم
ضعفا ،والظلم فخرا
) (1الرهاق أن يحمل النسان على ما ل يطيقه .وأترحه أي أحزنه (2) .الماحل:
الساعي إلى السلطان .ول يظرف أي ل ينسب إلى الظرافة.
][23
والمراء فجرة ،والوزراء كذبة ،والمناء خونة ،والعوان ظلمة ،و القراء فسقة،
وظهر الجور ،وكثر الطلق وموت الفجأة ،وحليت المصاحف ،وزخرفت
المساجد ،وطولت المنابر ،ونقضت العهود ،وخربت القلوب ،و استحلوا
المعازف ،وشربت الخمور ،وركبت الذكور ،واشتغل النساء وشاركن
أزواجهن في التجارة حرصا على الدنيا ،وعلت الفروج السروج ،ويشبهن
بالرجال ،فحينئذ عدوا أنفسكم في الموتى ،ول تغرنكم الحياة الدنيا فإن
الناس اثنان بر تقي وآخر شقي ،والدار داران ل ثالث لهما ،والكتاب واحد
ل يغادر صغيرة ول كبيرة إل أحصاها ،أل وإن حب الدنيا رأس كل خطيئة،
وباب كل بلية ومجمع كل فتنة ،وداعية كل ريبة ،الويل لمن جمع الدنيا
وأورثها من ل يحمده ،وقدم على من ل يعذره ،الدنيا دار المنافقين،
وليست بدار المتقين ،فلتكن حظك من الدنيا قوام صلبك ،وإمساك نفسك،
وتزود لمعادك - 87 .وقال عليه السلم :يا دنيا يا دنيا أبي تعرضت ،أم إلي
تشوقت ،هيهات هيهات غري غيري قد بتتك ثلثة ،ل رجعة لي فيك،
فعمرك قصير ،وعيشك حقير وخطرك كبير ،آه من قلة الزاد ،ووحشة
الطريق - 88 .وقال عليه السلم :احذروا الدنيا فإن في حللها حساب وفي
حرامها عقاب وأولها عناء وآخرها فناء ،من صح فيها هرم ،ومن مرض
فيها ندم ،ومن استغنى فيها فتن ،ومن افتقر فيها حزن ،ومن أتاها فاتته،
ومن بعد عنها أتته ،ومن نظر إليها أعمته ،ومن بصر بها بصرته ،إن
أقبلت غرت ،وإن أدبرت ضرت - 89 .في وصفه المؤمنين ) (1قال عليه
السلم ،المؤمنون هم أهل الفضائل هديهم السكوت ،وهيئتهم الخشوع،
وسمتهم التواضع ) (2خاشعين ،غاضين أبصارهم عما حرم ال عليهم،
رافعين أسماعهم إلى العلم ،نزلت أنفسهم منهم في البلء كما نزلت في
الرخاء ،لول الجال التي كتبت عليهم لم تستقر أرواحهم في أبدانهم طرفة
) (1مطالب السؤول ص (2) .53الهدى -بالفتح :-الطريقة والسيرة .والسمت:
هيئه أهل الخير.
][24
عين ،شوقا إلى الثواب وخوفا من العقاب ،عظم الخالق في أنفسهم وصغر ما دونه
في أعينهم ،فهم كأنهم قد رأوا الجنة ونعيمها والنار وعذابها ،فقلوبهم
محزونة وشرورهم مأمونة ،وحوائجهم خفيفة ،وأنفسهم ضعيفة،
ومعونتهم لخوانهم عظيمة اتخذوا الرض بساطا ،وماءها طيبا ،ورفضوا
الدنيا رفضا ،وصبروا أياما قليلة فصارت عاقبتهم راحة طويلة ،تجارتهم
مربحة ،يبشرهم بها رب كريم ،أرادتهم الدنيا فلم يريدوها ،وطلبتهم
فهربوا منها .أما الليل فأقدامهم مصطفة ) (1يتلون القرآن يرتلونه ترتيل،
فإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا ،وتطلعت أنفسهم تشوقا )(2
فيصيرونها نصيب أعينهم وإذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها
بقلوبهم وأبصارهم ،فاقشعرت منها جلودهم ووجلت قلوبهم خوفا وفرقا )
(3نحلت لها أبدانهم ،وظنوا أن زفير جهنم وشهيقها وصلصلة حديدها في
آذانهم ،مكبين على وجوههم وأكفهم ،تجري دموعهم على خدودهم.
يجأرون إلى ال تعالى في فكاك رقابهم .وأما النهار فعلماء أبرار أتقياء ،قد
براهم الخوف فهم أمثال القداح ) (4إذا نظر إليهم الناظر يقول بهم مرض،
وما بهم مرض ،ويقول قد خولطوا وما خولطوا ) (5إذا ذكروا عظمة ال
وشدة سلطانه وذكروا الموت وأهوال القيامة وجفت قلوبهم
) (1اصطف القوم :قاموا صفوفا (2) .التطلع إلى الشئ :الستشراف له والنتظار
لوروده (3) .الفرق -بالتحريك :-الخوف .ونحلت أي هزلت وضعفت) .
(4برى السهم نحته .والقداح جمع قدح بالكسر فيهما وهو السهم قبل أن
يراش وينصل وهو كناية عن نحافة البدن وضعف الجسد (5) .خولط
فلن في عقله إذا اختل عقله وصار مجنونا .وخالطه إذا مازجه والمعنى
كما قاله بعض شراح النهج يظن الناظر بهم الجنون وما بهم من جنة بل
مازج قلوبهم أمر عظيم وهو الخوف فتولهوا لحله.
][25
وطاشت حلومهم وذهلت عقولهم ) (1فإذا استفاقوا من ذلك بادروا إلى ال بالعمال
الزاكية ،ل يرضون بالقليل ،ول يستكثرون الكثير ،فهم لنفسهم متهمون،
ومن أعمالهم مشفقون ،إن زكي أحدهم خاف ال وغايلة التزكية ) (2قال:
وأنا أعلم بنفسي من غيري وربي أعلم بي مني ،اللهم ل تؤاخذني بما
يقولون ،واجعلني كما يظنون ،واغفر لي مال يعلمون .ومن علمات أحدهم
أن يكون له حزم في لين ،وإيمان في يقين ،وحرص في تقوى ،وفهم في
فقه ،وحلم في علم ،وكيس في رفق ،وقصد في غنى ،وخشوع في عبادة
وتحمل في فاقة ،وصبر في شدة وإعطاء في حق ،وطلب لحلل ،ونشاط
في هدى ،وتحرج عن طمع ،وتنزه عن طبع ،وبر في استقامة ،واعتصام
بال من متابعة الشهوات ،واستعاذة به من الشيطان الرجيم ،يمسي وهمه
الشكر ،ويصبح وشغله الفكر ) (3اولئك المنون المطمئنون الذين يسقون
من كأس ل لغو فيها ول تأثيم ) - 90 (4وقال عليه السلم :المؤمنون هم
الذين عرفوا أمامهم ،فذبلت شفاههم وغشيت عيونهم ،وشحبت ألوانهم )
(5حتى عرفت في وجوههم غبرة الخاشعين .فهم عباد ال الذين مشوا
على الرض هونا ،واتخذوها بساطا ،وترابها فراشا ،فرفضوا الدنيا
وأقبلوا على الخرة على منهاج المسيح بن مريم ،إن شهدوا لم يعرفوا،
وإن غابوا لم يفتقدوا ،وإن مرضوا لم يعادوا ،صوام الهواجر ،قوام
الدياجر )) * (6الهامش( * ) (1وجف الشئ اضطرب ،والقلب :خفق.
وطاش أي ذهب عقله .والحلوم جمع حلم وهو العقل .والذهول .النسيان
والغيبة (2) .الغائلة الداهية والفساد والمهلكة .وغائلة التزكية عطف على
" ال " يعنى خاف ال أول وغائلة التزكية ثانيا (3) .في بعض النسخ "
يمسى وهمته الشكر ويصبح وشغله الذكر " (4) .أثمه من باب التفعيل
نسبه إلى الثم (5) .شحبت لونه :تغير من جوع أو مرض ونحوهما(6) .
الهواجر جمع الهاجرة وهى شدة حرارة النهار .والديجور :الظلم.
][26
يضمحل عندهم كل فتنة ،وينجلي عنهم كل شبهة ،اولئك أصحابي فاطلبوهم في
أطراف الرضين ،فإن لقيتم منهم أحدا فاسألوه أن يستغفر لكم 91 - .وقال
عليه السلم ) :(1شيعتنا المتباذلون في وليتنا ،المتحابون في مودتنا
المتوازرون في أمرنا ،الذين إن غضبوا لم يظلموا ،وإن رضوا لم يسرفوا،
بركة على من جاوروه ،سلم لمن خالطوه ،اولئك هم السائحون الناحلون،
الزابلون ،ذابلة شفاههم ،خميصة بطونهم ) (2متغيرة ألوانهم ،مصفرة
وجوههم كثير بكاؤهم جارية دموعهم .يفرح الناس ويحزنون ،وينام
الناس ويسهرون ،إذا شهدوا لم يعرفوا ،وإذا غابوا لم يفتقدوا ،وإذا خطبوا
البكار لم يزوجوا ،قلوبهم محزونة وشرورهم مأمونة ،وأنفسهم عفيفة،
وحوائجهم خفيفة ،ذبل الشفاه من العطش خمص البطون من الجوع،
عمش العيون من السهر ،الرهبانية عليهم ليحة ،والخشية لهم لزمة،
كلما ذهب منهم سلف خلف في موضعه خلف ،اولئك الذين يردون القيامة
وجوههم كالقمر ليلة البدر .تغبطهم الولون والخرون ،ول خوف عليهم
ول يحزنون - 92 .وقال عليه السلم :المؤمن يرغب فيما يبقى ويزهذ فيما
يفنى ،يمزج الحلم بالعلم ،والعلم بالعمل ،بعيد كسله ،دائم نشاطه ،قريب
أمله ،حي قلبه ،ذاكر لسانه ،ل يحدث بما ل يؤتمن عليه الصدقاء ،ول
يكتم شهادة العداء ،ل يعمل شيئا من الخير رياء ول يتركه حياء ،الخير
منه مأمول ،والشر منه مأمون ،إن كان في الذاكرين لم يكتب في الغافلين،
وإن كان في الغافلين كتب في الذاكرين ،ويعفو عمن ظلمه ،ويعطي من
حرمه ،ويصل من قطعه ،ويحسن إلى من أساء إليه ،ل يعزب حلمه ،ول
يعجل فيما يريبه ،بعيد جهله ،لين قوله ،قريب معروفه ،غائب منكره
صادق كلمه ،حسن فعله مقبل خيره ،مدبر شره ،في الزلزل وقور ،وفي
المكاره * )الهامش( * ) (1مطالب السؤول ص (2) .53نحل جسمه أي
سقم ،والناحل الرقيق الجسم من مرض أو تعب .وذبل النبات :قل ماؤه
وذهبت نضارته .والذبل :اليابسة الشفه .والخميصة أي الضامرة.
][27
صبور ،وفي الرخاء شكور ،ل يحيف على من يبغض ،ول يأثم فيمن يحب ،ول
يدعي ما ليس له ،ول يجحد حقا عليه ،يعترف بالحق قبل أن يشهد عليه،
ول يضيع ما استحفظ ،ول يرغب فيما ل تدعوه الضرورة إليه ،ل يتنابز
باللقاب ،ول يبغي على أحد ،ول يهزء بمخلوق ،ول يضار بالجار ،ول
يشمت بالمصائب ،مؤدب بأداء المانات ،مسارع إلى الطاعات ،محافظ
على الصلوات ،بطئ في المنكرات .ل يدخل على المور بجهل ،ول يخرج،
عن الحق بعجز ،إن صمت فل يغمه الصمت ،وإن نطق ل يقول الخطأ ،وإن
ضحك فل تعلو صوته سمعه ،ول يجمح به الغضب ) (1ول تغلبه الهوى،
ول يقهره الشح ،ول تملكه الشهوة ،يخالط الناس ليعلم ،ويصمت ليسلم،
ويسأل ليفهم ،ينصت إلى الخير ليعمل به ،ول يتكلم به ليفخر على ما
سواه ،نفسه منه في عناء والناس منه في راحة ،يتعب نفسه لخرته
ويعصي هواه لطاعة ربه ،بعده عمن تباعد منه نزاهة ،ودنوه ممن دنا منه
لين ورحمة ،ليس بعده بكبر ،ول قربه خديعة ،مقتد بمن كان قبله من أهل
اليمان ،إمام لمن بعده من البررة المتقين - 93 .وقال عليه السلم :طوبى
للزاهدين في الدنيا ،الراغبين في الخرة ،اولئك قوم اتخذوا أرض ال
مهادا ،وترابها وسادا ،وماءها طيبا ،وجعلوا الكتاب شعارا والدعاء دثارا،
وإن ال أوحى إلى عبده المسيح عليه السلم أن قل لبني إسرائيل ل تدخلوا
بيتا من بيوتي إل بقلوب طاهرة ،وأبصار خاشعة ،وأكف نقية ،وأعلمهم
أني ل اجيب لحد منهم دعوة ،ولحد من خلقي قبله مظلمة - 94 .وقال
عليه السلم :المؤمن وقور عند الهزاهز ،ثبوت عند المكاره ،صبور عند
البلء ،شكور عند الرخاء ،قانع بما رزقه ال ،ل يظلم العداء ،ول يتحامل
للصدقاء ) ،(2الناس منه راحة ونفسه منه في تعب ،العلم خليله ،والعقل
قرينه * )الهامش( * ) (1جمح الفرس :تغلب على راكبه ول ينقاد له(2) .
أي ل يحتمل الوزر لجلهم ،أو يتحمل عنهم مال يطيق التيان به من
المور المشاقة فيعجز عنها.
][28
والحلم وزيره ،والصبر أميره ،والرفق أخوه ،واللين والده - 95 .وقوله عليه
السلم لنوف البكالي :أتدري يا نوف من شيعتي ؟ قال :ل وال ،قال:
شيعتي الذبل الشفاه ،الخمص البطون ،الذين تعرف الرهبانية في
وجوههم ،رهبان بالليل ،أسد بالنهار ،الذين إذا جنهم الليل ائتزروا على
أوساطهم ،وارتدوا على أطرافهم ) (1وصفوا أقدامهم ،وافترشوا جباههم،
تجري دموعهم على خدودهم يجأرون إلى ال في فكاك أعناقهم ) (2وأما
النهار فحلماء علماء كرام نجباء أبرار أتقياء ،يا نوف شيعتي من لم يهر
هرير الكلب ،ولم يطمع طمع الغراب ،ولم يسأل الناس ولو مات جوعا ،إن
رأى مؤمنا أكرمه ،وإن رأى فاسقأهجره ،هؤلء وال شيعتي - 96 .قال
نوف :عرضت لي حاجة إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلم
فاستتبعت إليه جندب بن زهير والربيع بن خثيم وابن أخيه همام بن عبادة
بن خثيم وكان من أصحاب البرانس المتعبدين فأقبلنا إليه فألفيناه حين
خرج يؤم المسجد فأفضى ونحن معه إلى نفر متدينين قد أفاضوا في
الحدوثات تفكها وهم يلهى بعضهم بعضا ،فأسرعوا إليه قياما وسلموا
عليه ،فرد التحية ،ثم قال :من القوم ؟ فقالوا اناس من شيعتك يا أمير
المؤمنين ،فقال لهم :خيرا ،ثم قال :يا هؤلء مالي ل أرى فيكم سمة
شيعتنا ،وحلية أحبتنا ؟ ! فأمسك القوم حياء ،فأقبل عليه جندب والربيع
فقال له :ماسمة شيعتك يا أمير المؤمنين ؟ فسكت فقال همام -كان عابدا
مجتهدا -أسألك بالذي أكرمكم أهل البيت وخصكم وحباكم لما أنبأتنا بصفة
شيعتك ؟ فقال :ل تقسم فسأنبئكم جميعا ووضع يده على منكب همام وقال:
) (1أي يشدون المئزر على وسطهم احتياطا لستر العورة فانهم كانوا ل يلبسون
السراويل أو المراد شد الوسط بالزار كالمنطقة ليجمع الثياب .وقيل هو
كناية عن الهتمام في العبادة) .قاله المؤلف( وقوله " وارتدوا على
أطرافهم " أي يلبسون الرداءة أو يشدونها على أطرافهم ويشتملون بها.
) (2جأر إلى ال :تضرع ورفع صوته بالبكاء(*) .
][29
شيعتنا هم العارفون بال ،العاملون بأمر ال ،أهل الفضائل ،الناطقون بالصواب
مأكولهم القوت ،وملبسهم القتصاد ،ومشيهم التواضع ،بخعوا ل تعالى
بطاعته ) (1وخضعوا له بعبادته ،فمضوا غاضين أبصارهم عما حرم ال
عليهم ،واقفين أسماعهم على العلم بدينهم ،نزلت أنفسهم منهم في البلء
كالذي نزلت منهم في الرخاء ،رضوا عن ال تعالى بالقضاء ،فلول الجال
التي كتب ال تعالى لهم لم تستقر أرواحهم في أبدانهم طرفة عين ،شوقا
إلى لقاء ال والثواب ،وخوفا من أليم العقاب ،عظم الخالق في أنفسهم
وصغر ما دونه في أعينهم ،فهم والجنة كمن رآها فهم على أرائكها
متكئون .وهم والنار كمن رآها فهم فيها معذبون ،صبروا أياما قليلة،
فأعقبتهم راحة طويلة ،أرادتهم الدنيا فلم يريدوها ،وطلبتهم فأعجزوها،
أما الليل فصافون أقدامهم تالون لجزاء القرآن يرتلونه ترتيل ،يعظون
أنفسهم بأمثاله ،ويستشفون لدائهم بدوائه تارة ،وتارة يفترشون جباههم
وأنفسهم وركبهم وأطراف أقدامهم تجري دموعهم على خدودهم ،يمجدون
جبارا عظيما ويجأرون إليه في فكاك أعناقهم ،هذا ليلهم ،وأما نهارهم
فحلماء علماء بررة أتقياء ،براهم خوف باريهم ) (2فهم كالقداح تحسبهم
مرضى وقد خولطوا وما هم بذلك ،بل خامرهم من عظمة ربهم ،وشدة
سلطانه ما طاشت له قلوبهم ،وذهلت منه عقولهم ،فإذا اشتاقوا من ذلك
بادروا إلى ال تعالى بالعمال الزكية ،ل يرضون له بالقليل ،ول يستكثرون
له الجزيل فهم لنفسهم متهمون ،ومن أعمالهم مشفقون .يرى لحدهم قوة
في دين ،وحزما في لين ) (3وإيمانا في يقين ،وحرصا على
) (1بخع نفسه -بتقديم الباء على الخاء المعجمة المفتوحة :-أنهكها وكاد يهلكها
من غم أو غضب .وبخع -بكسر الخاء -بالحق :أقر وأذعن (2) .أي
نحتهم خوف ربهم ،فانما يخشى ال من عباده العلماء .والقداح جمع
القدح بالكسر فيهما :السهم (3) .الحزم في اللين أن يكون لينه حزما وفى
موضعه ،ل عن مهانة وذلة.
][30
علم ،وفهما في فقه ،وعلما في حلم ،وكيسا في قصد ،وقصدا في غنى ،وتجمل في
فاقة ،وصبرا في شدة ،وخشوعا في عبادة ،ورحمة في مجهود ،وإعطاء
في حق ورفقا في كسب ،وطلبا من حلل وتعففا في طمع ،وطمعا في غير
طبع ،ونشاطا في هدى ،واعتصاما في شهوة ،وبرا في استقامة ،ل يغره
ما جهله ،ول يدع إحصاء ما عمله ،يستبطئ نفسه في العمل وهو من
صالح عمله على وجل ،يصبح وشغله الذكر ويمسي وهمه الشكر ،يبيت
حذرا من سنة الغفلة ،ويصبح فرحا بما أصاب من الفضل والرحمة .وإن
استصعب عليه نفسه فيما تكره لم يطعها سؤلها مما إليه تسره ،رغبته
فيما يبقى ،وزهادته فيما يفنى ،قد قرن العلم بالعمل والعمل بالحلم ،ويظل
دائما نشاطه ،بعيدا كسله ،قريبا أمله ،قليل زل ،متوقعا أجله ،خاشعا قلبه،
ذاكرا ربه ،قانعة نفسه ،عازبا جهله ،محرزا دينه ،ميتا داؤه ،كاظما
غيظه ،صافيا خلقه آمنا منه جاره ،سهل أمره ،معدوما كبره ،متينا صبره،
كثيرا ذكره .ل يعمل شيئا من الخير رياء ،ول يتركه حياء .اولئك شيعتنا
وأحبتنا ومنا ومعنا ،آها وشوقا إليهم .فصاح همام صيحة ووقع مغشيا
عليه ،فحركوه فإذا هو قد فارق الدنيا -رحمه ال تعالى -فغسل وصلى
عليه أمير المؤمنين عليه السلم ونحن معه .فشيعته عليه السلم هذه
صفتهم وهي صفة المؤمنين .وتقدم بعضها - 97 .وقال عليه السلم:
الجنة التي أعدها ال تعالى للمؤمنين خطافة لبصار الناظرين فيها درجات
متفاضلت ،ومنازل متعاليات ،ل يبيد نعيمها ول يضمحل حبورها ول
ينقطع سرورها ول يظعن مقيمها ول يهرم خالدها ول يبؤس ساكنها ،آمن
سكانها من الموت فل يخافون ،صفالهم العيش ،ودامت لهم النعمة في
أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة
للشاربين وأنهار من عسل مصفى ولهم فيها من كل الثمرات ومغفرة من
ربهم .على فرش موزونة وأزواج مطهرة وحور عين كأنهن اللؤلؤ
المكنون ،وفاكهة كثيرة ل مقطوعة ول ممنوعة
][31
" والملئكة يدخلون عليهم من كل باب سلم عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ".
أقول :قد مضى في كتاب اليمان والكفر في باب المؤمن وصفاته خبر همام
وطلبه عنه عليه السلم ذكر صفات المؤمن وأنه عليه السلم قال الخطبة
بمسجد الكوفة بعدة طرق من كتب عديدة ولكن بينها أنواع من الختلفات،
وكذلك بينها وبين هذا الخبر فل تغفل ،ثم قد سبق في ذلك الباب كلم ابن
أبي الحديد من كون همام هذا هو همام بن شريح بن يزيد بن مرة،
والمذكور هنا ينافيه كما ل يخفى - 98 .جع (1) ،جاء رجل إلى أمير
المؤمنين عليه السلم فقال :جئتك لسأل عن أربعة مسائل ،فقال عليه
السلم :سل وإن كان أربعين .فقال :أخبرني ما الصعب وما الصعب ؟ وما
القريب وما القرب ؟ وما العجب وما العجب ؟ وما الواجب وما
الوجب ؟ .فقال عليه السلم :الصعب المعصية ،والصعب فوت ثوابها،
والقريب كل ما هو آت والقرب هو الموت ،والعجب هو الدنيا وغفلتنا فيها
أعجب ،والواجب هو التوبة ،وترك الذنوب هو الوجب - 99 .قيل :جاء
رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلم وقال :جئتك من سبعمائة فرسخ
لسألك عن سبع كلمات فقال عليه السلم :سل ما شئت ،فقال الرجل :أي
شئ أعظم من السماء ؟ وأي شئ أوسع من الرض ؟ وأي شئ أضعف من
اليتيم ؟ وأي شئ أحر من النار ؟ وأي شئ أبرد من الزمهرير ؟ وأي شئ
أغنى من البحر ؟ وأي شئ أقسى من الحجر ؟ قال أمير المؤمنين عليه
السلم :البهتان على البرئ أعظم من السماء والحق أوسع من الرض،
ونمائم الوشاة أضعف من اليتيم ) (2والحرص أحر من النار ،وحاجتك إلى
البخيل أبرد من الزمهرير ،والبدن القانع أغنى من البحر ،وقلب الكافر
أقسى من الحجر - 100 .ختص ) (3روى عن أمير المؤمنين عليه السلم
أنه قال :المفتخر بنفسه أشرف
][32
من المفتخر بأبيه لني أشرف من أبي والنبي صلى ال عليه وآله أشرف من أبيه
وإبراهيم أشرف من تارخ - 101 .قيل :وبم الفتخار ؟ قال :بإحدى ثلث:
مال ظاهر ،أو أدب بارع أو صناعة ل يستحي المرء منها - 102 .قيل:
لمير المؤمنين عليه السلم :كيف أصبحت يا أمير المؤمنين ؟ قال:
أصبحت آكل وأنتظر أجلي - 103 .قيل له عليه السلم :فما تقول في
الدنيا ؟ قال :فما أقول في دار أولها غم ،وآخرها الموت ،من استغنى فيها
افتقر ،ومن افتقر فيها حزن ،في حللها حساب وفي حرامها النار- 104 .
قيل :فمن أغبط الناس ؟ قال :جسد تحت التراب قد أمن من العقاب ويرجو
الثواب - 105 .وقال عليه السلم :من زار أخاه المسلم في ال ناداه ال
أيها الزائر طبت وطابت لك الجنة - 106 .وقال عليه السلم :ما قضى
مسلم لمسلم حاجة إل ناداه ال علي ثوابك ول أرضى لك بدون الجنة.
- 107وقال عليه السلم :ثلثة يضحك ال إليهم يوم القيامة :رجل يكون
على فراشه مع زوجته وهو يحبها فيتوضأ ويدخل المسجد فيصلي ويناجي
ربه ،ورجل أصابته جنابة ولم يصب ماء فقام إلى الثلج فكسره ثم دخل فيه
واغتسل ،ورجل لقى عدوا وهو مع أصحابه وجاءهم مقاتل فقاتل حتى قتل.
- 108وقال عليه السلم :التعزية تورث الجنة - 109 .وقال عليه السلم:
إذا حملت بجوانب سرير الميت خرجت من الذنوب كما ولدتك أمك- 110 .
وقال عليه السلم :من اشترى لعياله لحما بدرهم كان كمن أعتق نسمة من
ولد إسماعيل.
][33
- 111وقال عليه السلم :من شرب من سؤر أخيه تبركا به خلق ال بينهما ملكا
يستغفر لهما حتى تقوم الساعة - 112 .وقال عليه السلم :في سؤر
المؤمن شفاء من سبعين داء - 113 .ختص (1) :محمد بن الحسين ،عن
محمد بن سنان ،عن بعض رجاله عن أبي الجارود يرفعه قال :قال أمير
المؤمنين عليه السلم :من أوقف نفسه موقف التهمة فل يلومن من أساء
به الظن ،ومن كتم سره كانت الخيرة في يده ،وكل حديث جاوز اثنين
فشى ،وضع أمر أخيك على أحسنه حتى يأتيك منه ما يغلبك ،ول تظنن
بكلمة خرجت من أخيك سوءا وأنت تجد لها في الخير محمل ،وعليك
بإخوان الصدق فكثر في اكتسابهم عدة عند الرخاء ،وجندا عند البلء،
وشاور حديثك الذين يخافون ال ،وأحبب الخوان على قدر التقوى ،واتقوا
شرار النساء وكونوا من خيارهن على حذر ،إن أمرنكم بالمعروف
فخالفوهن حتى ل يطمعن في المنكر - 114 .ما ) (2عن جماعة ،عن أبي
المفضل ،عن محمد بن جعفر الرزاز ،عن أيوب بن نوح ،عن الشارب بن
ذراع ) (3عن أخيه يسار ،عن حمران ،عن أبي عبد ال عن أبيه عليهما
السلم ،عن جابر بن عبد ال قال :بينا أمير المؤمنين عليه السلم في
جماعة من أصحابه أنا فيهم إذ ذكروا الدنيا وتصرفها بأهلها فذمها رجل
فذهب في ذمها كل مذهب فقال له أمير المؤمنين عليه السلم :أيها الذام
للدنيا ،أنت المتجرم عليها أم هي المتجرمة عليك ؟ فقال :بل أنا المتجرم
عليها يا أمير المؤمنين ،قال :فبم تذمها ؟ أليست منزل صدق لمن صدقها،
ودار غنى لمن تزود منها ،ودار عافية لمن فهم عنها ،ومساجد أنبياء ال،
ومهبط وحيه ،ومصلى ملئكته ،ومتجر أوليائه ،اكتسبوا فيها الرحمة،
ورجوا فيها الجنة ،فمن ذا يذمها ؟ وقد آذنت ببينها ،ونادت بانقطاءها،
ونعت نفسها وأهلها
) (1المصدر ص 226وفيه محمد بن الحسن (2) .المالى ج 2ص (3) .207في
المصدر " بشار بن ذراع ".
][34
فمثلت ببلئها البلى ،وشوقت بسرورها إلى السرور ،تخويفا وترغيبا فابتكرت
بعافية ،وراحت بفجيعة ،فذمها رجال فرطوا غداة الندامة ،وحمدها آخرون
اكتسبوا فيه الخير ،فيا أيها الذام للدنيا ،المغتر بغرورها ! متى استذمت
إليك أو متى غرتك ؟ أم بمضاجع آبائك من البلى ،أم بمصارع امهاتك تحت
الثرى ،كم مرضت بيديك ،وعالجت بكفيك ،تلتمس لهم الشفاء ،وتستوصف
لهم الطباء ،لم تنفعهم بشفاعتك ،ولم تسعفهم في طلبتك ،مثلت لك -ويحك
-الدنيا بمصرعهم مصرعك ،و بمضجعهم مضجعك ،حين ل يغني بكاؤك،
ول ينفعك أحباؤك .ثم التفت إلى أهل المقابر فقال :يا أهل التربة ،ويا أهل
القربة أما المنازل فقد سكنت ،وأما الموال فقد قسمت ،وأما الزواج فقد
نكحت ،هذا خبر ما عندنا فما خبر ما عندكم ؟ ثم أقبل على أصحابه فقال:
وال لو أذن لهم في الكلم لخبروكم أن خير الزاد التقوى - 115 .ما )(1
عن جماعة ،عن أبي المفضل ،عن عبيد ال بن الحسين العلوي ،عن
محمد بن علي بن حمزة العلوي ،عن أبيه ،عن الرضا ،عن آبائه عليهم
السلم قال :قال أمير المؤمنين عليه السلم :الهيبة خيبة ) (2والفرصة
خلسته ،والحكمة ضالة المؤمن فاطلبوها ولو عند المشرك تكونوا أحق بها
وأهلها - 116 .ما ) (3عن أحمد بن محمد بن الصلت ،عن ابن عقدة ،عن
محمد بن عيسى الضرير ،عن محمد بن زكريا المكي ،عن كثير بن طارق،
عن زيد ،عن أبيه علي ابن الحسين عليهما السلم قال :خطب علي بن أبي
طالب عليه السلم بهذه الخطبة في يوم الجمعة فقال :الحمد ل المتوحد
بالقدم والزلية الذي ليس له غاية في دوامه ،ول له أولية ،أنشأ صنوف
البرية ل عن اصول كانت بدية ) (4وارتفع من مشاركة النداد
) (1المالى ج 2ص 237و (2) .238يعنى من تهيب أمرا خاب من ادراكه.
والخلسة -بضم الخاء :-الفرصة المناسبة وفى المثل " الخلسة سريعة
الفوت بطيئة العود " ويأتى نظيره عن قريب (3) .المالى ج 2ص
(4) .315البدء والبديئة :اول الحال والنشأة.
][35
وتعالى عن اتخاذ صاحبة وأولد ،هو الباقي بغير مدة ،والمنشئ ل بأعوان ،ل بآلة
فطر ،ول بجوارح صرف ما خلق ،ل يحتاج إلى محاولة التفكير ،ول
مزاولة مثال ول تقدير ،أحدثهم على صنوف من التخطيط والتصوير ،ل
بروية ول ضمير ،سبق علمه في كل المور ،ونفذت مشيته في كل ما يريد
في الزمنة والدهور ،وانفرد بصنعة الشياء فأتقنها بلطائف التدبير،
سبحانه من لطيف خبير ،ليس كمثله شئ وهو السميع البصير- 117 .
كتاب الغارات ) (1لبراهيم بن محمد الثقفي ،عن عبد الرحمن بن نعيم عن
أشياخ من قومه إن عليا عليه السلم كان كثيرا ما يقول في خطبته :أيها
الناس إن الدنيا قد أدبرت وآذنت أهلها بوداع ،وإن الخرة قد أقبلت وآذنت
باطلع ،أل وإن المضمار اليوم والسباق غدا ،أل وإن السبق الجنة،
والغاية النار ،أل وإنكم في إيام مهل من ورائه أجل يحثه عجل ،فمن عمل
في أيام مهله قبل حضور أجله نفعه عمله ،ولم يضره أمله ،أل وإن المل
يسهي القلب ويكذب الوعد ويكثر الغفلة ويورث الحسرة ،فاعزبوا عن
الدنيا ) (2كاشد ما أنتم عن شئ تعزبون ،فإنها من ورود صاحبها منها في
غطاء معنى ،وافزعوا إلى قوام دينكم بإقامة الصلة لوقتها و أداء الزكاة
لهلها ) (3والتضرع إلى ال والخشوع له ،وصلة الرحم ،وخوف المعاد
وإعطاء السائل ،وإكرام الضيف ،وتعلموا القرآن واعملوا به ،واصدقوا
الحديث وآثروه ،وأوفوا بالعهد إذا عاهدتم وأدوا المانة إذا ائتمنتم،
وارغبوا في ثواب ال وخافوا عقابه فاني لم أر كالجنة نام طالبها ،ول
كالنار نام هاربها ،فتزودوا من الدنيا ما تحوزوا به أنفسكم غدا من النار،
واعملوا بالخير تجزوا بالخير يوم يفوز أهل الخير بالخير.
) (1مخلوط (2) .عزب :بعد وغاب وخفى (3) .في بعض النسخ " أداء الزكاة
لمحلها ".
][36
) * - 16باب( * * " )ما جمع من جوامع كلم( " * أمير المؤمنين صلى ال عليه
وعلى ذريته :وقد جمع الجاحظ من علماء العامة مائة كلمة من مفردات
كلمه عليه السلم ،وهي رسالة معروفة شايعة ،وقد جمع بعض علمائنا
أيضا كلماته عليه السلم في كتاب نثر الللي ،والسيد الرضي -رحمه ال
-قد أورد كلماته عليه السلم في مطاوي نهج البلغة ،ول سيما في
أواخره ،وكذا في كتاب خصائص الئمة عليهم السلم ،ثم جمع بعده
المدي من أصحابنا أيضا كثيرا من ذلك في كتاب الغرر والدرر ،وهو كتاب
مشهور متداول .ثم قد أوردها مع كلمات النبي وسائر الئمة عليهم السلم
جماعة اخرى من العامة والخاصة أيضا في مؤلفاتهم ومنهم الحسن بن
علي بن شعبة في كتاب تحف العقول ،والحسين بن محمد بن الحسن في
كتاب النزهة الناظر ،والشهيد في كتاب الدرة الباهرة من الصداف
الطاهرة ،وكذا الشيخ علي بن محمد الليثي الواسطي في كتاب عيون الحكم
والمواعظ وخيرة المتعظ والواعظ ،الذي قد سمينا بكتاب العيون
والمجاسن ،وهو يشتمل على كثير من كلماته ،وكلمات باقي الئمة عليهم
السلم .وقد جمع الشيخ سعد بن عبد القاهر أيضا من علمائنا بين كلمات
النبي صلى ال عليه وآله المذكور في كتاب الشهاب للقاضي القضاعي من
العامة وبين كلماته عليه السلم المذكورة في النهج في كتاب مجمع
البحرين ونحن قد أوردنا كل كلم له عليه السلم وله خبر في باب يناسبه
في مطاوي هذا الكتاب أعني كتابنا بحار النوار بقدر المكان والن لنذكر
شطرا صالحا من ذلك إن شاء ال تعالى - 1 .ف ) :(1قال عليه السلم:
من كنوز الجنة البر وإخفاء العمل والصبر على
][37
الرزايا ) (1وكتمان المصائب - 2 .وقال عليه السلم :حسن الخلق خير قرين،
وعنوان صحيفة المؤمن حسن خلقه - 3 .وقال عليه السلم :الزاهد في
الدنيا من لم يغلب الحرام صبره ،ولم يشغل الحلل شكره - 4 .وكتب عليه
السلم :إلى عبد ال بن عباس ) :(2أما بعد فإن المرء يسره درك ما لم
يكن ليفوته ،ويسوؤه فوت ما لم يكن ليدركه ،فليكن سرورك بما نلته من
آخرتك ،وليكن أسفك على ما فاتك منها .ومانلته من الدنيا فل تكثرن به
فرحا ،وما فاتك منها فل تأسفن عليه حزنا ،وليكن همك فيما بعد الموت5 .
-وقال عليه السلم :في ذم الدنيا :أولها عناء وآخرها فناء ) ،(3في
حللها حساب وفي حرامها عقاب .من صح فيها أمن ،ومن مرض فيها
ندم ،من استغنى فيها فتن ،ومن افتقر فيها حزن ،من ساعاها فاتته )(4
ومن قعد عنها أتته ،ومن نظر إليها أعمته ،ومن نظر بها بصرته )- 6 .(5
وقال عليه السلم :احبب حبيبك هونا ما عسى أن يعصيك يوما ما )(6
وأبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما - 7 .وقال عليه
السلم :لغنى مثل العقل ،ول فقر أشد من الجهل - 8 .وقال عليه السلم:
قيمة كل امرء ما يحسن.
) (1الرزايا :جمع الرزية :المصيبة العظيمة (2) .منقول في النهج بادنى اختلف) .
(3العناء :النصب والتعب " (4) .ساعاها " أي غالبها في السعي ،وفى
كنز الفوائد " فاتنه " (5) .أي نظرها بعين الحقيقة نظر تأمل وتفكر.
وفى كنز الفوائد " ومن نظر إليها ألهته ومن تهاون بها نصرته "(6) .
الهون :الرفق ،السهل ،السكينة والمراد احببه حبا مقتصدا ل افراط فيه.
وأبغضه بغضا مقتصدا.
][38
) (1الهيبة .المخافة .والخيبة :عدم الظفر بالمطلوب .وقد مر آنفا (2) .طأطأ:
خفض وخضع (3) .أي احتقرها .يقال :أزرى به أي عابه ووضع من
حقه (4) .أمر لسانه أي جعله أميرا على نفسه - (5) .الشره :اشد
الحرص وطلب المال مع القناعة .والجزار :الذباح .والمتفاوت :المتباعد
وفى كنز الفوائد " إلى متفاوت المور " وفى النهج " من أومأ إلى
متفاوت خذلته الحيل " أي من طلب تحصيل المتباعدات وضم بعضها إلى
بعض لم ينجح فيها فخذلته الحيل والرغبة فيما يريد (6) .المقل :الفقير.
وفى النهج " في بلدته " (7) .الفطن - .بفتح فكسر :-الفاطن أي
صاحب الفطنة والحذاقة.
][39
الرضى ،الدب حلل جدد ) ،(1ومرتبة الرجل عقله ،وصدره خزانة سره والتثبت
حزم ،والفكر مرآه صافية ،والحلم سجية فاضلة ،والصدقة دواء منجح )
،(2وأعمال القوم في عاجلهم نصب أعينهم في آجلهم ،والعتبار تدبر
صلح ) ،(3والبشاشة فخ المودة - 14 .وقال عليه السلم :الصبر من
اليمان كمنزلة الرأس من الجسد ،فمن ل صبر له ل إيمان له - 15 .وقال
عليه السلم :أنتم في مهل ،من ورائه أجل ،ومعكم أمل يعترض دون
العمل ،فاغتنموا المهل ،وبادروا الجل ،وكذبوا المل ،وتزودوا من العمل،
هل من خلص ؟ أو مناص ؟ أو فرار ؟ أو مجاز ؟ أو معاذ ؟ أو ملذ ؟ أول
؟ فأنى تؤفكون - 16 .وقال عليه السلم :اوصيكم بتقوى ال فإنها غبطة
للطالب الراجي ،وثقة للهارب اللجي ،استشعروا التقوى شعارا باطنا،
واذكروا ال ذكرا خالصا تحيوا به أفضل الحياة ،وتسلكوا به طرق النجاة،
وانظروا إلى الدنيا نظر الزاهد المفارق ،فإنها تزيل الثاوي الساكن ).(4
وتفجع المترف المن ،ل يرجى منها ماولى فأدبر ،ول يدرى ما هو آت
منها فيستنظر وصل الرخاء منها بالبلء ،والبقاء منها إلى الفناء،
سرورها مشوب بالحزن ،والبقاء منها إلى الضعف والوهن - 17 .وقال
عليه السلم :إن الخيلء من التجبر ،والتجبر من النخوة ،والنخوة من
التكبر ،وإن الشيطان عدو حاضر يعدكم الباطل ،إن المسلم أخ المسلم
) (1الحلل :جمع الحلة -بالضم :-كل ثوب جديد .والجدد :جمع جديد (2) .انجحت
حاجته :قضيت ،والرجل :فاز وظفر بها (3) .كذا والصحيح " والعتبار
منذر صالح " كما في النهج .والفخ .المصيدة أي آلة يصاد بها .وفى
النهج " والبشاشة حبالة المودة " والحبالة -بالضم -شبكة الصيد(4) .
الثاوى :القائم .يعنى أن الدنيا تزيل من اقام بها واتخذها وطنا.
][40
فل تخاذلوا ول تنابزوا فإن شرايع الدين واحدة ،وسبله قاصدة ،فمن أخذ بها لحق،
ومن فارقها محق ،ومن تركها مرق ) .(1ليس المسلم بالكذوب إذا نطق
ول بالمخلف إذا وعد ،ول بالخائن إذا ائتمن - 18 .وقال عليه السلم:
العقل خليل المؤمن ،والحلم وزيره ،والرفق والده ،واللين أخوه .ول بد
للعاقل من ثلث :أن ينظر في شأنه ،ويحفظ لسانه ،ويعرف زمانه ،أل وإن
من البلء الفاقة ،وأشد من الفافة مرض البدن وأشد من مرض البدن
مرض القلب ،أل وإن من النعم سعة المال ،وأفضل من سعة المال صحة
البدن ،وأفضل من صحة البدن تقوى القلب - 19 .وقال عليه السلم :إن
للمؤمن ثلث ساعات :فساعة يناجي فيها ربه ،و ساعة يحاسب فيها
نفسه ،وساعة يخلي بين نفسه وبين لذاتها فيما يحل ويجمل .و ليس
للعاقل أن يكون شاخصا إل في ثلث :مرمة لمعاشه ) (2وخطوة لمعاده أو
لذة في غير محرم - 20 .وقال عليه السلم :كم مستدرج بالحسان إليه )
(3وكم من مغرور بالستر عليه ،وكم من مفتون بحسن القول فيه ،وما
ابتلى ال عبدا بمثل الملء له ) .(4قال ال عزوجل " :إنما نملي لهم
ليزدادوا إثما " ) - 21 .(5وقال عليه السلم :ليجتمع في قلبك الفتقار إلى
الناس والستغناء عنهم يكون افتقارك إليهم في لين كلمك وحسن بشرك )
(6ويكون استغناؤك عنهم في
) (1محق :هلك .ومرق :خرج من الدين بضللة أو بدعة (2) .رممت الشئ -
بالتئقيل :-اصلحته .والمرمة :الصلح (3) .استدرجه ال من حيث ل
يعلم بالنعام والحسان إليه ،وهو يعصى ال ول يعلم أن ذلك بلغا للحجة
عليه واقامة للمعذرة في أخذه (4) .الملء :المهال (5) .سورة آل
عمران (6) .178 :البشر -بالكسر :-بشاشة الوجه .والنزاهة :العفة
والبعد عن المكروه.
][41
نزاهة عرضك وبقاء عزك - 22 .وقال عليه السلم :ل تغضبوا ،ول تعضبوا )(1
افشوا السلم ،وأطيبوا الكلم - 23 .وقال عليه السلم :الكريم يلين إذا
استعطف واللئيم يقسوا إذا ألطف - 24 .وقال عليه السلم أل اخبركم
بالفقيه حق الفقيه ؟ من لم يرخص الناس في معاصي ال ،ولم يقنطهم من
رحمة ال ،ولم يؤمنهم من مكر ال ،ولم يدع القرآن رغبة عنه إلى ما
سواه ،ول خير في عبادة ليس فيها نفقه ،ول خير في علم ليس فيه تفكر
ول خير في قراءة ليس فيها تدبر - 25 .وقال عليه السلم :إن ال إذا جمع
الناس نادى فيهم مناد أيها الناس إن أقربكم اليوم من ال أشدكم منه خوفا،
وإن أحبكم إلى ال أحسنكم له عمل وإن أفضلكم عنده منصبا أعملكم )(2
فيما عنده رغبة ،وإن أكركم عليه أتقاكم - 26 .وقال عليه السلم :عجبت
لقوام يحتمون الطعام مخافة الذى كيف ل يحتمون الذنوب مخافة النار ؟
) (3وعجبت ممن يشتري المماليك بماله كيف ل يشتري الحرار بمعروفه
فيملكهم ؟ ثم قال :إن الخير والشر ل يعرفان إل بالناس ،فإذا أردت أن
تعرف الخير ) (4فاعمل الخير تعرف أهله ،وإذا أردت أن تعرف الشر
فاعمل الشر تعرف أهله - 27 .وقال عليه السلم :إنما أخشى عليكم اثنين:
طول المل ،واتباع الهوى أما طول المل فينسي الخرة ،وأما اتباع
الهوى ،فانه يصد عن الحق - 28 .وسأله رجل بالبصرة عن الخوان
فقال :الخوان صنفان :إخوان الثقة وإخوان المكاشرة ،فأما إخوان الثقة
فهم الكهف والجناح ) (5والهل و
) (1في بعض النسخ " ول تغضبوا " والصحيح كما في المتن " ول تعضبوا " أي
ل تقطعوا (2) .في بعض النسخ " أعلمكم " (3) .يحتمون أي يتقون) .
(4في بعض النسخ " أن تعمل الخير " (5) .المكاشرة -مفاعلة من
كشر كضرب -وكشر الرجل عن أسنانه أي أبدى وأظهر - - - -
][42
المال ،فإن كنت من أخيك على حد الثقة فابذل له مالك ويدك وصاف من صافاه )(1
وعاد من عاداه ،واكتم سره وعيبه ،وأظهر منه الحسن إعلم أيها السائل
أنهم أقل من الكبريب الحمر ،وأما إخوان المكاشرة فإنك تصيب منهم لذتك
فل تقطعن منهم لذتك ،ول تطلبن ما وراء ذلك من ضميرهم ،وابذل لهم ما
بذلوا لك من طلقة الوجه وحلوة اللسان - 29 .وقال عليه السلم :ل
تتخذن عدو صديقك صديقا فتعدي صديقك - 30 .وقال عليه السلم :ل
تصرم أخاك على ارتياب ول تقطعه دون استعتاب ) - 31 .(2وقال عليه
السلم :ينبغي للمسلم أن يجتنب مؤاخاة ثلثة :الفاجر ) (3والحمق،
والكذاب .فأما الفاجر فيزين لك فعله ،ويحب أنك مثله ،ول يعينك على أمر
دينك ومعادك ،فمقارنته جفاء وقسوة ،ومدخله عار عليك ) .(4وأما
الحمق فإنه ل يشير عليك بخير ،ول يرجه لصرف السوء عنك ولو جهد
نفسه ) (5وربما أراد نفعك فضرك ،فموته خير من حياته ،وسكوته خير
من نطقه ،و بعده خير من قربه .وأما الكذاب فإنه ل يهنئك معه عيش،
ينقل حديثك و ينقل إليك الحديث ،كلما أقنى أحدوثة مطاها باخرى مثلها )
(6حتى أنه
][43
يحدث بالصدق فل يصدق ،يغري بين الناس بالعداوة ) (1فيثبت الشحناء في
الصدور .فاتقوا ال وانظروا لنفسكم - 32 .وقال عليه السلم :ل عليك )
(2أن تصحب ذا العقل وإن لم تجمد كرمه ) (3ولكن انتفع بعقله واحترس
من سيئ أخلقه ،ول تدعن صحبة الكريم وإن لم تنتفع بعقله ،ولكن انتفع
بكرمه بعقلك ،وافرر الفرار كله من اللئيم الحمق - 33 .وقال عليه السلم:
الصبر ثلثة :الصبر على المصيبة ،والصبر على الطاعة والصبر عن
المعصية - 34 .وقال عليه السلم :من استطاع أن يمنع نفسه من أربعة
أشياء فهو خليق بأن ل ينزل به مكروه أبدا ،قيل :وما هن ؟ قال :العجلة،
واللجاجة ،والعجب والتواني - 35 .وقال عليه السلم :العمال ثلثة:
فرائض وفضائل ومعاصي ،فأما الفرائض فبأمر ال ومشيئته وبرضاه
وبعلمه وقدره ،يعملها العبد فينجو من ال بها .وأما الفضائل فليس بأمر
ال لكن بمشيئته وبرضاه وبعلمه وبقدره ،يعملها العبد فيثاب عليها .وأما
المعاصي فليس بأمر ال ول بمشيئته ول برضاه ،لكن بعلمه وبقدره
يقدرها لوقتها فيفعلها العبد باختياره فيعاقبه ال عليها ،لنه قد نهاه عنها
فلم ينته - 36 .وقال عليه السلم :يا أيها الناس إن ل في كل نعمة حقا،
فمن أداه زاده ومن قصر عنه خاطر بزوال النعمة وتعجل العقوبة ،فليراكم
ال من النعمة وجلين كما يراكم من الذنوب فرقين ) - 37 .(4وقال عليه
السلم :من ضيق عليه في ذات يده فلم يظن أن ذلك حسن نظر
) (1يغرى أي القى بينهم العداوة والشحناء :العداوة والبغضاء امتلت منها النفس
من شحن أي ملء .وفى الكافي " يفرق بين الناس بالعداوة فينبت
السخائم في الصدور " (2) .أي ل بأس بك ول حرج (3) .جمدت يده:
بخل " (4) .وجلين " أي خائفين " .فرفين " أي فزعين.
][44
من ال ]له[ فقد ضيع مأمول .ومن وسع عليه في ذات يده فلم يظن أن ذلك
استدراج من ال فقد أمن مخوفا ) - 38 .(1وقال عليه السلم يا أيها
الناس سلوا ال اليقين وارغبوا إليه في العافية فإن أجل النعم العافية،
وخير مادام في القلب اليقين ،والمغبون من غبن دينة والمغبوط من حسن
يقينه - 39 .وقال عليه السلم :ل يجد رجل طعم اليمان حتى يعلم أن ما
أصابه لم يكن ليخطئه ،وما أخطأه لم يكن ليصيبه - 40 .وقال عليه السلم:
ما ابتلي المؤمن بشئ هو أشد عليه من خصال ثلث يحرمها ،قيل :وماهن
؟ قال :المواساة في ذات يده ،والنصاف من نفسه ،وذكر ال كثيرا ،أما
إني ل أقول لكم :سبحان ال والحمد ل ،ولكن ذكر ال عند ما أحل له،
وذكر ال عند ما حرم عليه - 41 .وقال عليه السلم :من رضي من الدنيا
بما يجزيه كان أيسر ما فيه يكفيه ،و من لم يرض من الدنيا بما يجزيه لم
يكن فيها شئ يكفيه - 42 .وقال عليه السلم :المنية ل الدنية ،والتجلد ل
التبلد ) (2والدهر يومان :فيوم لك ويوم عليك ،فإذا كان لك فل تبطر ،وإذا
كان عليك فل تحزن ،فبكليهما ستختبر - 43 .وقال عليه السلم :أفضل
على من شئت يكن أسيرك - 44 .وقال عليه السلم :ليس من أخلق
المؤمن الملق ول الحسد إل في طلب -
) (1ذات يده :ما يملكه .ومأمول أي ما أمل ورجا .أي من كان في ضيق بحسب
المال ولم يظن ان ذلك احسانا من ال وامتحانا منه فقد ضيع أجرا
مأمول ،وهكذا إذا لم يظن أن نعمته استدرجا منه فقد أمن من مكر ال) .
(2المنية :الموت أي يكون الموت ول يكون ارتكاب الدنية .والتجلد:
تكلف الجلد -محركة -والصبر عليه .والتبلد :ضد التجلد والتلهف.
ونظير هذا الكلم منقول في النهج وفيه " والتقلل ول التوسل "(*) .
][45
العلم - 45 .وقال عليه السلم :أركان الكفر أربعة :الرغبة والرهبة والسخط
والغضب - 46 .وقال عليه السلم :الصبر مفتاح الدرك .والنجح عقبى من
صبر ) (1ولكل طالب حاجة وقت يحركه القدر - 47 .وقال عليه السلم:
اللسان معيار ،أطاشة الجهل ) (2وأرجحه العقل - 48 .وقال عليه السلم:
من طلب شفا غيظ بغير حق أذاقه ال هوانا بحق .إن ال عدوا ماكره49 .
-من قال عليه السلم :ما حار من استخار ،ول ندم من استشار )- 50 .(3
وقال عليه السلم :عمرت البلدان بحب الوطان - 51 .وقال عليه السلم:
ثلث من حافظ عليها سعد :إذا ظهرت عليك نعمة فأحمد ال ،وإذا أبطأ
عنك الرزق فاستغفر ال ،وإذا أصابتك شدة فأكثر من قول " :ل حول ول
قوة إل بال " - 52 .وقال عليه السلم :العلم ثلثة :الفقه للديان ،والطب
لبدان ،والنحو للسان - 53 .وقال عليه السلم :حق ال في العسر الرضى
والصبر ،وحقه في اليسر الحمد والشكر 54 .وقال عليه السلم :ترك
الخطيئة أيسر من طلب التوبة .وكم من شهوة ساعة قد أورثت حزنا
طويل .والموت فضح الدنيا ،فلم يترك لذي لب فيها فرحا ،ول لعاقل لذة.
- 55وقال عليه السلم :العلم قائد ،والعمل سائق ،والنفس حرون ).(4
- 56وقال عليه السلم :كن لما ل ترجو أرجى منك لما ترجوا ،فإن موسى
عليه السلم
) (1النجح -بالضم :-الفوز والظفر (2) .أطاشه أي خفه .وبالفارسية " يعنى سبك
ميكند اورا " (3) .الحور -بالفتح :-التحير والرجوع إلى النقصان(4) .
الحرون من الخيل :الذى ل ينقاد لراكبه فإذا استدرجريه وقف.
][46
خرج يقتبس لهله نارا فكلمه ال ورجع نبيا .وخرت ملكة سبأ فأسلمت مع سليمان
عليه السلم .وخرجت سحرة فرعون يطلبون العز لفرعون فرجعوا
مؤمنين - 57 .وقال عليه السلم :الناس بامرائهم أشبه منهم بآبائهم58 .
-وقال عليه السلم :أيها الناس اعلموا أنه ليس بعاقل من انزعج ) (1من
قول الزور فيه ،ول بحكيم من رضي بثناء الجاهل عليه .الناس أبناء ما
يحسنون ،وقدر كل امرء ما يحسن ،فتكلموا في العلم تبين أقداركم- 59 .
وقال عليه السلم :رحم ال امرء راغب ربه ) (2وتوكف ذنبه ،وكابر
هواه ،وكذب مناه ،زم نفسه من التقوى بزمام ،وألجمها من خشية ربها
بلجام ،فقادها إلى الطاعة بزمامها ،وقدعها عن المعصية بلجامها )(3
رافعا إلى المعاد طرفه ،متوقعا في كل أوان حتفه ،دائم الفكر ،طويل
السهر ،عزوفا عن الدنيا ،كدوحا لخرته ) ،(4جعل الصبر مطية نجاته،
والتقوى عدة وفاته ،ودواء ]داء[ جواه ) ،(5فاعتبر وقاس ،فوتر الدنيا
والناس ،يتعلم للتفقه والسداد ،قد وقر قلبه ذكر المعاد ،فطوى مهاده )(6
وهجر وساده ،قد عظمت فيما عند ال رغبته ،واشتدت منه رهبته ،يظهر
دون ما يكتم ،ويكتفي بأقل مما يعلم ،أولئك ودائع ال في بلده المدفوع
بهم عن عباده ،لو أقسم أحدهم على ال لبره ،آخر دعواهم أن الحمد ل
رب العالمين.
) (1ازعجه فانزعج :أقلقه وقلعه من مكانه فقلق وانقلع (2) .في بعض النسخ "
راقب دينه " .والتوكف :التجنب .والمكابرة :المعاندة والمغالبة (3) .قدع
الفرس باللجام :كبحه أي جذبه به لتقف وتجرى (4) .سهر سهرا -كفرح
-إذا لم ينم ليل .عزفت نفسه عن الشئ :انصرفت وزهدت فيه .والكدح:
السعي في مشقة وتعب (5) .الجوى :الحرقة وشدة الوجد من عشق أو
حزن (6) .طوى نقيض نشر .والمهاد :الفراش .وهجره أي تركه
وأعرض عنه.
][47
- 60وقال عليه السلم :وكل الرزق بالحمق ،ووكل الحرمان بالعقل ،ووكل البلء
بالصبر - 61 .وقال عليه السلم :للشعث ) (1يعزيه بأخيه عبد الرحمن:
إن جزعت فحق عبد الرحمن وفيت ،وإن صبرت فحق ال أديت ،على أنك
إن صبرت جرى عليك القضاء وأنت محمود ،وإن جزعت جرى عليك
القضاء وأنت مذموم ) (2فقال الشعث :إنا ل وإنا إليه راجعون فقال أمير
المؤمنين عليه السلم :أتدري ما تأويلها ؟ فقال الشعث :لنت غاية العلم
ومنتهاه فقال عليه السلم :أما قولك " :إنا ل " فإقرار منك بالملك .وأما
قولك " وإنا إليه راجعون " فإقرار منك بالهلك ) - 62 .(3وركب عليه
السلم يوما فمشى معه قوم فقال عليه السلم لهم :أما علمتم أن مشي
الماشي مع الراكب مفسدة للراكب ومذلة للماشي ،انصرفوا - 63 .وقال
عليه السلم :المور ثلثة :أمر بان لك رشده فاتبعه ) (4وأمر بان
) (1الظاهر هو اشعث بن قيس المكنى بأبى محمد ذكروه في جملة أصحاب رسول
ال صلى ال عليه وآله وكان اسر بعد النبي " ص " في ردة أهل ياسر
وعفا عنه أبو بكر وزوجه اخته ام فروة وكانت عوراء فولدت له محمد.
وكان أشعث سكن الكوفة وهو عامل عثمان على آذربيجان ،وكان أبا
زوجة عمر بن عثمان وكتب أمير المؤمنين عليه السلم إليه بعد فتح
البصرة فسار وقدم على على عليه السلم وحضر صفين ،ثم صار
خارجيا ملعونا .وقال ابن أبى الحديد كل فساد كان في خلفة أمير
المؤمنين عليه السلم وكل اضطراب فأصله الشعث ،و هو الذى شرك
في دمه عليه السلم ،وابنته جعدة سمت الحسن عليه السلم ،ومحمد ابنه
شرك في دم الحسين عليه السلم (2) .في النهج عزاه عن ابن له قال" :
يا اشعث ان تحزن على ابنك فقد استحقت منك ذلك الرحم .وان تصبر
ففى ال من كل مصيبة خلف .يا أشعث ان صبرت جرى عليك القدر وانت
مأجور ،وان جزعت جرى عليك القدر وأنت مأزوريا أشعث ابنك سرك
وهو بلء وفتنة و حزنك وهو ثواب ورحمة " (3) .الهلك -بالضم :-
الهلك (4) .في بعض النسخ " فارتكبه ".
][48
لك غيه فاجتنبه ،وأمر أشكل عليك فرددته إلى عالمه ) - 64 .(1وقال له عليه
السلم :جابر يوما :كيف أصبحت يا أمير المؤمنين ؟ فقال عليه السلم:
وبنا من نعم ال ربنا مال نحصيه مع كثرة ما نعصيه ،فل ندري ما نشكر،
أجميل ما ينشر أم قبيح ما يستر - 65 .وعزى عبد ال بن عباس ،عن
مولود صغير مات له ،فقال عليه السلم :لمصيبة في غيرك لك أجرها أحب
إلي من مصيبة فيك لغيرك ثوابها ،فكان لك الجر لبك ،وحسن لك العزاء
ل عنك ،وعوضك ال عنه مثل الذي عوضه منك - 66 .وقيل له :ما التوبة
النصوح ؟ فقال عليه السلم :ندم بالقلب ،واستغفار باللسان ،والقصد على
أن ل يعود ) - 67 .(2وقال عليه السلم :إنكم مخلوقون اقتدارا،
ومربوبون اقتسارا ) (3ومضمنون أجداثا ،وكائنون رفاتا ،ومبعوثون
أفرادا ومدينون حسابا ،فرحم ال عبدا اقترب فاعترف ،ووجل فعمل،
وحاذر فبادر ،وعمر فاعتبر ،وحذر فازدجر ،وأجاب فأناب ،وراجع فتاب،
واقتدى فاحتذى ) ،(4فباحث طلبا ،ونجا هربا ،وأفاد ذخيرة وأطاب سريرة،
وتأهب للمعاد ،واستظهر بالزاد ليوم رحيله ) (5ووجه سبيله ،و حال
حاجته ،وموطن فاقته ،فقدم أمامه لدار مقامه ،فمهدوا لنفسكم ،فهل
ينتظر أهل غضارة الشباب إل حواني الهرم ؟ وأهل بضاضة الصحة )(6
إل نوازل السقم ،وأهل مدة البقاء إل مفاجأة الفناء ،واقتراف الفوت ،ودنو
الموت ؟ !.
) (1في بعض النسخ " فرده إلى عالمه " (2) .في بعض النسخ " العقد على أن ل
يعود " (3) .في بعض النسخ ]انتشارا[ .والقتسار :عدم الختيار ،أي
رباهم ال من عند كونهم أجنة في بطون أمهاتهم إلى كبرهم من غير
اختيار منهم .وفى بعض النسخ " ومضمون أحداثا (4) .الحتذاء:
القتداء أي أتى بكل ما للقتداء من معنى (5) .استظهر بالزاد :استعان
به (6) .الحوانى جمع حين .والبضاضة :رقة اللون وصفاؤه.
][49
- 68وقال عليه السلم :اتقوا ال تقية من شمر تجريدا وجد تشميرا ،وانكمش في
مهل ،وأشفق في وجل ) (1ونظر في كثرة المال ،وعاقبة الصبر ،ومغبة
المرجع ) (2فكفى بال منتقما ونصيرا ،وكفى بالجنة ثوابا ونوال )(3
وكفى بالنار عقابا و نكال ،وكفى بكتاب ال حجيجا وخصيما )- 69 .(4
وسأله رجل عن السنة والبدعة والفرقة والجماعة .فقال عليه السلم :أما
السنة فسنة رسول ال صلى ال عليه وآله .وأما البدعة فما خالفها )(5
وأما الفرقة فأهل الباطل وإن كثروا ،وأما الجماعة فأهل الحق وإن قلوا.
وقال صلى ال وعليه وآله ) " :(6ل يرجو العبد إل ربه ول يخاف إل
ذنبه ،ول يستحي العالم إذا سئل عما ل يعلم أن يقول :ال أعلم )(7
والصبر من اليمان بمنزلة الرأس من الجسد - 70 .وقال له رجل:
أوصني .فقال عليه السلم :اوصيك أن ل يكونن لعمل الخير عندك غاية في
الكثرة ،ول لعمل الثم عندك غاية في القلة - 71 .وقال له آخر :أوصني،
فقال عليه السلم :ل تحدث نفسك بفقر ول طول عمر - 72 .وقال عليه
السلم :إن لهل الدين غلمات يعرفون بها :صدق الحديث وأداء المانة،
ووفاء بالعهد ،وصلة للرحام ،ورحمة للضعفاء ،وقلة مؤاتاة
) (1التشمير :السرعة والخفة .وانكمش أي أسرع وجد فيه .والمهل -بفتح فسكون
وبالتحريك -مصدر بمعنى الرفق والمهال (2) .المغبة -بفتح الميم
والغين وتشديد الباء :-العاقبة (3) .النوال :العطاء والنصيب(4) .
الحجيج :المغالب باظهار الحجة (5) .في بعض النسخ " فمن خالفها ".
) (6كذا في جميع النسخ (7) .في الكافي عن أبى عبد ال عليه السلم
قال " :للعالم إذا سئل عن شئ وهو ل يعلمه أن يقول :ال أعلم وليس
لغير العالم أن يقول ذلك .ج 1ص .42
][50
للنساء ) (1وبذل المعروف ،وحسن الخلق ،وسعة الحلم ،واتباع العلم ،وما يقرب
من ال زلفى ،وطوبى لهم وحسن مآب - 73 .وقال عليه السلم :ما أطال
]ال[ عبد المل إل أنسا ]ه[ العمل - 74 .وقال عليه السلم :ابن آدم أشبه
شئ بالمعيار :إما ناقص بجهل ،أو راجح بعلم - 75 .وقال عليه السلم:
سباب المؤمن فسق ،وقتاله كفر ،وحرمة ماله كحرمة دمه - 76 .وقال
عليه السلم :ابذل لخيك دمك ومالك ،ولعدوك عدلك ،وإنصافك وللعامة
بشرك وإحسانك ،تسلم على الناس يسلموا عليك - 77 .وقال عليه السلم:
سادة الناس في الدنيا السخياء ،وفي الخرة التقياء - 78 .وقال عليه
السلم :الشئ شيئان :فشئ غيري لم أرزقه فيما مضى ،ول آمله فيما بقي،
وشئ ل أناله دون وقته ،ولو أجلبت عليه بقوة السماوات والرض فبأي
هذين أفنى عمري - 79 .وقال عليه السلم :إن المؤمن إذا نظر اعتبر،
وإذا سكت تفكر ،وإذا تكلم ذكر ،وإذا استغنى شكر ،وإذا أصابته شدة صبر،
فهو قريب الرضى ،بعيد السخط يرضيه عن ال اليسير ،ول يسخطه
الكثير ،ول يبلغ بنيته إرادته في الخير ،ينوي كثيرا من الخير ويعمل
بطائفة منه ،ويتلهف على ما فاته من الخير كيف لم يعمل به ).(2
والمنافق إذا نظر لها ،وإذا سكت سها ،وإذا تكلم لغا ) (3وإذا استغنى طغا،
وإذا أصابته شدة ضغا ) (4فهو قريب السخط بعيد الرضي ،يسخط على ال
اليسير ،ول
) (1المواتاة :المطاوعة (2) .تلهف أي حزن عليه وتحسر " (3) .لها " أي لعب.
" سها " أي غفل ونسى وذهب قلبه إلى غيره .و " لغا " أي خطأ وتكلم
من غير تفكر وروية " (4) .ضغا " أي تذلل وضعف.
][51
يرضيه الكثير ،ينوي كثيرا من الشر ويعمل بطائفة منه ،ويتلهف على ما فاته من
الشر كيف لم يعمل به - 80 .وقال عليه السلم :الدنيا والخرة عدوان
متعاديان ،وسبيلن مختلفان ،من أحب الدنيا ووالها أبغض الخرة
وعاداها ،مثلهما مثل المشرق والمغرب ،والماشي بينهما ل يزداد من
أحدهما قربا إل ازداد من الخر بعدا - 81 .وقال عليه السلم :من خاف
الوعيد قرب عليه البعيد ) (1ومن كان من قوت الدنيا ل يشبع لم يكفه منها
ما يجمع .ومن سعى للدنيا فاتته ،ومن قعد عنها أتته إنما الدنيا ظل ممدود
إلى أجل معدود ،رحم ال عبدا سمع حكما فوعى ،ودعي إلى الرشاد فدنا،
وأخذ بحجزة ناج هاد فنجا ) (2قدم صالحا ،وعمل صالحا] ،قدم[ مذخورا،
واجتنب محذورا ،رمى غرضا )] (3وقدم عوضا[ ،كابر هواه ،وكذب مناه،
جعل الصبر مطية نجاته ،والتقوى عذة وفاته ) (4لزم الطريقة الغراء
والمحجة البيضاء ،واغتنم المهل ،وبادر الجل ،وتزود من العمل- 82 .
وقال عليه السلم لرجل :كيف أنتم ؟ فقال :نرجو ونخاف ،فقال عليه
السلم :من رجا شيئا طلبه ،ومن خاف شيئا هرب منه ،ما أدري ما خوف
رجل عرضت له شهوة فلم يدعها لما خاف منه ،وما أدري ما رجاء رجل
نزل به بلء فلم يصبر عليه لما يرجو - 83 .وقال عليه السلم لعباية بن
ربعي (5) :وقد سأله عن الستطاعة التي تقوم
) (1الوعيد يستعمل في الشر كما أن الوعد يستعمل في الخير غالبا (2) .الحجزة -
كغرفة :-معقد الزار ،واستعير لهدى الهادى ،ولزوم قصده والقتداء به.
) (3الغرض -بالتحريك :-الهدف الذى يرمى إليه .وكابر :عاند وغالب.
) (4العدة -بالضم -الستعداد وما أعددته .وفى الخبر " استعدوا للموت
" أي اطلبوا العدة للموت وهى التقوى .والغراء :البيضاء (5) .هو عباية
بن عمرو بن ربعى السدي من أصحاب أمير المؤمنين والحسن عليهما -
السلم بل من خواصهما ومعتمد عليه في الحديث(*) .
][52
ونقعد ونفعل :إنك سألت عن الستطاعة فهل تملكها من دون ال أو مع ال ،فسكت
عباية ،فقال له أمير المؤمنين عليه السلم :إن قلت :تملكها مع ال قتلتك،
وإن قلت :تملكها دون ال قتلتك] ،ف[ قال عباية :فما أقول ؟ قال عليه
السلم :تقول :إنك تملكها بال الذي يملكها من دونك ،فإن ملكك إياها كان
ذلك من عطائه ،و إن سلبكها كان ذلك من بلئه ،فهو المالك لما ملكك،
والقادر على ما عليه أقدرك ) - 84 .(1قال الصبغ بن نباتة ) :(2سمعت
أمير المؤمنين عليه السلم :يقول :أحدثكم بحديث ينبغي لكل مسلم أن
يعيه ،ثم أقبل علينا ،فقال عليه السلم :ما عاقب ال عبدا مؤمنا في هذه
الدنيا إل كان أجود وأمجد من أن يعود في عقابه يوم القيامة ،ول ستر ال
على عبد مؤمن في هذه الدنيا وعفا عنه إل كان أمجد وأجود وأكرم من أن
يعود في عفوه يوم القيامة ،ثم قال عليه السلم :وقد يبتلي ال المؤمن
بالبلية في بدنه أو ماله أو ولده أو أهله وتل هذه الية " :ما أصابكم من
مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير " ) (3وضم يده ثلث مرات
ويقول " :ويعفو عن كثير " - 85 .وقال عليه السلم :أول القطيعة
السجا ،ول تأس أحدا إذا كان ملول )(4
) (1في بعض النسخ " والقادر لما عليه قدرك " (2) .اصبغ بن نباتة المجاشعى
كان من خاصة أمير المؤمين عليه السلم وعمر بعده و روى عهده
لمالك الشتر الذى عهد إليه أمير المؤمنين عليه السلم لما وله مصر،
وروى أيضا وصية أمير المؤمنين إلى ابنه محمد الحنفية وكان يوم
صفين على شرطة الخميس وكان شيخا شريفا ناسكا عابدا وكان من
ذخائر على عليه السلم ممن قد بايعه على الموت ،وهو من فرسان أهل
العراق وكان عند سلمان رضى ال عنه وقت وفاته وبكائه على أمير
المؤمنين " ع " عند بابه لما ضربه ابن ملجم لعنه ال ودخوله عليه -
وهو معصوب الرأس بعمامة صفراء وقد نزف الدم واصفر وجه -
مشهور (3) .سورة الشورى (4) .30 :السجا :الستر ،سجا الليل يسجو:
ستر بظلمته .وفى النهج " ول تأمنن ملول "
][53
أقبح المكافات المجازاة بالساءة - 86 .وقال عليه السلم :أول إعجاب المرء
بنفسه فساد عقله .من غلب لسانه أمنه من لم يصلح خلئقه كثرث بوائقه
) (1من ساء خلقه مله أهله ،رب كلمة سلبت نعمة ،الشكر عصمة من
الفتنة ،الصيانة رأس المروة ،شفيع المذنب خضوعه ،أصل الحزم الوقوف
عند الشبهة ،في سعة الخلق كنوز الرزاق - 87 .وقال عليه السلم:
المصائب بالسوية مقسومة بين البرية ،ل ييأس لذنبك وباب التوبة
مفتوح ،الرشد في خلف الشهوة ،تأريخ المنى الموت ،النظر إلى البخيل
يقسي القلب ،النظر إلى الحمق يسخن العين ) ،(2السخاء فطنة ،واللوم
تغافل - 88 .وقال عليه السلم :الفقر الموت الكبر ،وقلة العيال أحد
اليسارين وهو نصف العيش ،والهم نصف الهرم ،وما عال امر اقتصد )
،(3وما عطب امرء استشار والصنيعة ل تصلح إل عند ذي حسب أو دين،
والسعيد من وعظ بغيره ،والمغبون ل محمود ول مأجور ،البر ل يبلى،
والذنب ل ينسى - 89 .وقال عليه السلم :اصطنعوا المعروف ) (4تكسبوا
الحمد .واستشعروا الحمد يؤنس بكم ]العقلء[ .ودعوا الفضول يجانبكم
السفهاء ،وأكرموا الجليس تعمر ناديكم ) ،(5وحاموا عن الخليط يرغب في
جواركم ،وأنصفوا الناس من أنفسكم يوثق بكم ،وعليكم بمكارم الخلق
فإنها رفعة ،وإياكم والخلق الدنية فإنها تضع الشريف وتهدم المجد90 .
-وقال عليه السلم :اقنع تعز.
) (1الخلئق :جمع خليقة :الطبيعة .والبوائق جمع بائقة :الشر والغائلة والداهية )
(2سخنت عينه :نقيض قرت (3) .أي ما افتقر امرء ان أخذ بالقتصاد.
وفى النهج " ما أعال " .وما عطب أي ما هلك (4) .اصطنعوا :اعطوا
واحسنوا واكرموا (5) .النادى :المجلس جمعه أندية.
][54
- 91وقال عليه السلم :الصبر جنة من الفاقة .والحرص علمة الفقر .والتجمل
اجتناب المسكنة .والموعظة كهف لمن لجأ إليها - 92 .وقال عليه السلم:
من كساه العلم ثوبه اختفى عن الناس عيبه - 93 .وقال عليه السلم :ل
عيش لحسود .ول مودة لملوك .ول مروة لكذوب - 94 .وقال عليه السلم:
تروح إلى بقاء عزك بالوحدة - 95 .وقال عليه السلم :كل عزيز داخل
تحت القدرة فذليل - 96 .وقال عليه السلم :أهلك الناس اثنان :خوف الفقر
وطلب الفخر - 97 .وقال عليه السلم :أيها الناس إياكم وحب الدنيا فإنها
رأس كل خطيئة ،وباب كل بلية ،وقران كل فتنة ،وداعي كل رزية )98 .(1
-وقال عليه السلم :جمع الخير كله في ثلث خصال :النظر والسكوت
والكلم فكل نظر ليس فيه اعتبار فهو سهو ،وكل سكوت ليس فيه فكرة
فهو غفلة ،وكل كلم ليس فيه ذكر فهو لغو ،فطوبى لمن كان نظره عبرة،
وسكوته فكرة ،و كلمه ذكرا ،وبكى على خطيئته ،وأمن الناس من شره.
- 99وقال عليه السلم :ما أعجب هذا النسان مسرور بدرك ما لم يكن
ليفوته محزون على فوت ما لم يكن ليدركه ولو أنه فكر لبصر ،وعلم أنه
مدبر ،وأن الرزق عليه مقدر ،ول قتصر على ما تيسر ،ولم يتعرض لما
تعسر ) - 100 .(2وقال عليه السلم إذا طاف في السواق ووعظهم قال:
يا معشر التجار قدموا الستخارة ،وتبركوا بالسهولة ،واقتربوا من
المبتاعين ) (3وتزينوا بالحلم ،وتناهوا عن اليمين ،وجانبوا الكذب،
وتخافوا عن الظلم ) (4وأنصفوا المظلومين ،ول تقربوا الربا " وأوفوا
الكيل والميزان ول تبخسوا الناس أشياءهم
) (1الرزية :المصيبة (2) .في بعض النسخ " ل قتصر على ما يتيسر ،ولم يتعرض
لما يتعسر " (3) .أي تغاربوا بالمشترى وامضوا المعاملة (4) .في بعض
النسخ " تجافوا ".
][55
ول تعثوا في الرض مفسدين " - 101 .وسئل أي شئ مما خلق ال أحسن ؟ فقال
عليه السلم :الكلم .فقيل :أي شئ مما خلق ال أقبح ؟ قال :الكلم ،ثم
قال :بالكلم ابيضت الوجوه ،وبالكلم اسودت الوجوه - 102 .وقال عليه
السلم :قولوا الخير تعرفوا ]به[ واعملوا به تكونوا من أهله - 103 .وقال
عليه السلم :إذا حضرت بلية فاجعلوا أموالكم دون أنفسكم ،وإذا نزلت
نازلة فاجعلوا أنفسكم دون دينكم ،واعلموا أن الهالك من هلك دينه ،و
الحرب من سلب دينه ) ،(1أل وإنه لفقر بعد الجنة ،ول غنى بعد النار.
- 104وقال عليه السلم :ل يجد عبد طعم اليمان حتى يترك الكذب هزله
وجده ) - 105 .(2وقال عليه السلم :ينبغي للرجل المسلم أن يجتنب
مؤاخاه الكذاب ،إنه يكذب حتى يجيئ بالصدق فما يصدق - 106 .وقال
عليه السلم :أعظم الخطايا اقتطاع مال امرء مسلم بغير حق )- 107 .(3
وقال عليه السلم :من خاف القصاص كف عن ظلم الناس - 108 .وقال
عليه السلم :ما رأيت ظالما أشبه بمظلوم من الحاسد - 109 .وقال عليه
السلم :العامل بالظلم ،والمعين عليه ،والراضي به شركاء ثلثة- 110 .
وقال عليه السلم :الصبر صبران :صبر عند المصيبة حسن ]جميل[ و
أحسن من ذلك الصبر عندما حرم ال عليك .والذكر ذكران :ذكر عند
المصيبة حسن جميل وأفضل من ذلك ذكر ال عند ما حرم ]ال[ عليك
فيكون ذلك حاجزا.
) (1الحرب الذى سلب ماله وترك بل شئ (2) .الهزل في الكلم :ضد الجد أي
المزح والهذى (3) .اقتطع مال فلن أي أخذه لنفسه.
][56
- 111وقال عليه السلم :اللهم ل تجعل بي حاجة إلى أحد من شرار خلقك ،وما
جعلت بي من حاجة فاجعلها إلى أحسنهم وجها ،وأسخاهم بها نفسا،
وأطلقهم بها لسانا وأقلهم علي بها منا - 112 .وقال عليه السلم :طوبى
لمن يألف الناس ويألفونه على طاعة ال - 113 .وقال عليه السلم :إن
من حقيقة اليمان أن يؤئر العبد الصدق حتى نفر عن الكذب حيث ينفع .ول
يعد المرء بمقالته علمه - 114 .وقال عليه السلم :أدوا المانة ولو إلى
قاتل ولد النبياء ) - 115 .(1وقال عليه السلم :التقوى سنخ اليمان.
- 116وقال عليه السلم :أل إن الذل في طاعة ال أقرب إلى العز من
التعاون بمعصية ال - 117 .وقال عليه السلم :المال والبنون حرث الدنيا،
والعمل الصالح حرث الخرة وقد جمعها ال لقوام - 118 .وقال عليه
السلم :مكتوب في التوارة في صحيفتين ،إحديهما :من أصبح على الدنيا
حزينا فقد أصبح لقضاء ال ساخطا ،ومن أصبح من المؤمنين يشكو
مصيبة نزلت به إلى من يخالفه على دينه فإنما يشكو ربه إلى عدوه .ومن
تواضع لغني طلبا لما عنده ذهب ثلثا دينه ) (2ومن قرأ القرآن فمات فدخل
النار فهو ممن يتخذ آيات ال هزوا .وقال :في الصحيفه الخرى :من لم
يستشر يندم ،ومن يستأثر من الموال يهلك ) (3والفقر الموت الكبر.
- 119وقال عليه السلم :النسان لبه لسانه ،وعقله دينه ،ومروته حيث
يجعل
) (1في كنز الفوائد " إلى قاتل النبياء " (2) .لن الخضوع لغير ال اذاء عمل
لغيره واستعظام المال ضعف في اليقين فلم يبق ال القرار باللسان(3) .
استأثر بالمال :اختص نفسه به واختاره.
][57
نفسه ،والرزق مقسوم ،واليام دول ،والناس إلى آدم شرع سواء ) - 120 .(1وقال
عليه السلم لكميل بن زياد :رويدك ل تشهر ) (2واخف شخصك ل تذكر،
تعلم تعلم .واصمت تسلم ،ل عليك إذا عرفك دينه ل تعرف الناس ول
يعرفونك - 121 .وقال عليه السلم :ليس الحكيم من لم يدار من ل يجد بدا
من مداراته - 122 .وقال عليه السلم :أربع لو ضربتم فيهن أكباد البل )
(3لكان ذلك يسيرا :ل يرجون أحد إل ربه ،ول يخافن إل ذنبه ،ول يستحي
أن يقول :ل أعلم إذا هو لم يعلم ،ول يستكبر أن يتعلم إذا لم يعلم- 123 .
وكتب إلى عبد ال بن العباس أما بعد فاطلب ما يعنيك واترك ما ل يعنيك،
فإن في ترك مال يعنيك درك ما يعنيك ،وإنما تقدم على ما أسلفت ل على ما
خلفت .وابن ما تلقاه غدا على ما تلقاه .السلم - 124 .وقال عليه السلم:
إن أحسن ما يألف به الناس قلوب أودائهم ،ونفوا به الضغن عن قلوب
أعدائهم :حسن البشر عند لقائهم ،والتفقد في غيبتهم ،والبشاشة بهم عند
حضورهم - 125 .وقال عليه السلم :ل يجد عبد طعم اليمان حتى يعلم أن
ما أصابه لم يكن ليخطئه ،وما أخطأه لم يكن ليصيبه - 126 .وقال عليه
السلم :يا رب ما أشقى جد من لم يعظم في عينه وقلبه ما رأى من ملكك
وسلطانك في جنب ما لم تر عينه وقلبه من ملكك وسلطانك .وأشقى منه
من لم يصغر في عينه وقلبه ما رأى وما لم يرمن ملكك وسلطانك في جنب
عظمتك وجللك ،لإله إل أنت سبحانك إني كنت من الظالمين - 127 .وقال
عليه السلم :إنما الدنيا فناء وعناء وغير وعبر فمن فنائها أنك
) " (1دول " أي ل ثبات فيها ول قرار .والشرع -بكسر فسكون وبفتحتين :-
المثل (2) .رويدك -مصدر -أي امهل (3) .ضرب أكباد البل في طلب
الشئ كناية من أن يرحل إليه.
][58
ترى الدهر موترا قوسه مفوقا نبله ) (1ل تخطئ سهامه ،ول تشفي جراحه ،يرمي
الصحيح بالسقم ،والحي بالموت ،ومن عنائها أن المرء يجمع ما ل يأكل،
ويبني ما ل يسكن ،ثم يخرج إلى ال ل ما ل حمل ول بناء نقل ،ومن
غيرها أنك ترى المغبوط مرحوما ،والمرحوم مغبوطا ،ليس بينهم إل نعيم
زال وبؤس نزل ،ومن عبرها أن المرء يشرف على أمله فيتخطفه أجله،
فل أمل مدروك ،ول مؤمل متروك فسبحان ]ال[ ما أعز سرورها وأظمأ
ريها وأضحى فيئها ،فكأن ما كان من الدنيا لم يكن وكأن ما هو كائن قد
كان] .و[ أن الدار الخرة هي دار المقام ودار القرار وجنة ونار .صار
أولياء ال إلى الجر بالصبر وإلى المل بالعمل - 128 .وقال عليه السلم:
من أحب السبل إلى ال جرعتان :جرعة غيظ تردها بحلم وجرعة حزن
تردها بصبر .ومن أحب السبل إلى ال قطرتان :قطرة دموع في جوف
الليل ،وقطرة دم في سبيل ال ،ومن أحب السبل إلى ال خطوتان :خطوة
امرء مسلم يشد بها صفا في سبيل ال ،وخطوة في صلة الرحم ]وهي[
أفضل من خطوة يشد ) (2بها صفا في سبيل ال - 129 .وقال عليه
السلم :ل يكون الصديق لخيه صديقا حتى يحفظه في نكبته وغيبته وبعد
وفاته - 130 .وقال عليه السلم :إن قلوب الجهال تستفزها الطماع،
وترهنها المنى وتستعلقها الخدائع ).(3
) (1موترا قوسه :مشد وترها " .مفوقا نبله " أي موضع فوقته في الوتر ليرمى
به .والفوق :موضع الوتر من رأس السهم حيث يقع الوتر (2) .في بعض
النسخ ]يشهد[ في الموضعين " (3) .تستفزها " أي تستخفها وتخرجها
من مقرها و " ترهنها المنى " في الكافي " ترتهنها " وهى اراده مال
يتوقع حصوله ،أو المراد بها ما يعرف للنسان من أحاديث النفس،
وتسويل الشيطان .أي تأخذها وتجعلها مشغولة بها ول تتركها ال
بحصول ما تتمناه ،كما أن الرهن ل ينفك ال بأداء المال وقوله" :
تستعلقها " بالعين المهملة ثم القاف أي تصيدها وتربطها - - - -
][59
- 131وقال عليه السلم :من استحكمت ]لي[ فيه خصلة من خصال الخير اغتفرت
ما سواها ول أغتفر فقد عقل ول دين ،مفارقة الدين مفارقة المن ،ول
حياة مع مخافة وفقد العقل فقد الحياة ول يقاس ]إل[ بالموات )- 132 .(1
وقال عليه السلم :من عرض نفسه للتهمة فل يلومن من أساء به الظن
ومن كتم سره كانت الخيرة في يده ) - 133 .(2قال عليه السلم :إن ال
يعذب ستة بستة :العرب بالعصبية ،والدهاقين بالكبر ،والمراء بالجور،
والفقهاء بالحسد ،والتجار بالخيانة ،وأهل الرستاق بالجهل - 134 .وقال
عليه السلم :أيها الناس اتقوا ال ،فإن الصبر على التقوى أهون من
الصبر على عذاب ال - 135 .وقال عليه السلم :الزهد في الدنيا قصر
المل وشكر كل نعمة والورع عن كل ما حرم ال - 136 .وقال عليه
السلم :إن الشياء لما ازدوجت ازدوج الكسل والعجز فنتج منهما الفقر )
.(3
- - - -بالحبال من قولهم " :علق الوحش بالحبالة " إذا تعوق وتشب فيها .وفى
بعض النسخ بالقافين أي تجعلها الخدائع منزعجة منقلعة من مكانها.
وفى بعضها بالغين المعجمة ثم القاف من قولهم " :استغلقني في بيعه "
أي لم يجعل لى خيارا في رده) .قاله المؤلف( ) (1كذا .وفى الكافي ج 1
ص " 27عن امير المؤمنين عليه السلم من استحكمت لى فيه خصلة
من خصال الخير احتملته عليها واعتفرت فقد ما سواها ،ول أغتقر فقد
عقل ول دين ،لن مفارقة الدين مفارقة المن فل يتهنأ بحياة مع مخافة،
وفقد العقل فقد الحياة ول يقاس ال بالموات " .واستحكمت أي أثبتت
وصارت ملكة راسخة :واحتملته أي قبلته ورحمته على تلك الخصلة.
وقوله " ل يقاس ال بالموات " ذلك لعدم اطلعه على وجوه مفاسده
ومصالحه وعدم اهتدائه إلى دفع مضاره وجلب منافعه (2) .الخيرة:
الخيار وذلك لن من أسر عزيمة فله الخيار بخلف من أفشاها (3) .في
بعض النسخ من المصدر " بينهما الفقر ".
][60
- 137وقال عليه السلم :أل إن اليام ثلثة :يوم مضى ل ترجوه ،ويوم بقي ل بد
منه ) (1ويوم يأتي ل تأمنه ،فالمس موعظة ،واليوم غنيمة ،وغدا ل
تدري من أهله ،أمس شاهد مقبول ،واليوم أمين مؤد ،وغد يجعل بنفسك
سريع الظعن ) (2طويل الغيبة ،أتاك ولم تأته .أيها الناس إن البقاء بعد
الفناء ،ولم تكن إل وقد ورثنا من كان قبلنا ،ولنا وارثون بعدنا،
فاستصلحوا ما تقدمون عليه بما تظعنون عنه واسلكوا سبل الخير ،ول
تستوحشوا فيها لقلة أهلها ،واذكروا حسن صحبة ال لكم فيها ،أل وإن
العواري اليوم ،والهبات غدا ،وإنما نحن فروع لصول قد مضت فما بقاء
الفروع بعد اصولها ،أيها الناس إنكم إن آثرتم الدنيا على الخرة أسرعتم
إجابتها إلى العرض الدنى ،ورحلت مطايا آمالكم إلى الغاية القصوى ،يورد
مناهل عاقبتها الندم ،وتذيقكم ما فعلت بالمم الخالية ،والقرون الماضية،
من تغير الحالت ،وتكون المثلت - 138 .وقال عليه السلم :الصلة
قربان كل تقي ،والحج جهاد كل ضعيف ولكل شئ زكاة وزكاة البدن
الصيام ،وأفضل عمل المرء انتظاره فرج ال ،والداعي بل عمل كالرامي
بل وتر ،ومن أيقن بالخلف جاد بالعطية ،استنزلوا الرزق بالصدقة
وحصنوا أموالكم بالزكاة ،ما عال امرء اقتصد ،والتقدير نصف العيش،
والتودد نصف العقل ،والهم نصف الهرم ،وقلة العيال أحد اليسارين ،ومن
حزن والديه عقهما ومن ضرب بيده على فخذه عند المصيبة حبط أجره،
والصنيعة ل تكون صنيعة إل عند ذي حسب أو دين ،وال ينزل الرزق
على قدر المصيبة ،فمن قدر رزقه ال ،ومن بذر حرمه ال ،والمانة تجر
الرزق ،والخيانة تجر الفقر ،ولو أراد ال بالنملة صلحا ما أنبت ]لها[
جناحا - 139 .وقال عليه السلم :متاع الدنيا حطام وتراثها كباب ،بلغتها
أفضل من
) (1في بعض النسخ من المصدر " ل تدمنه " أي ل تدومه (2) .الطعن :الرحلة.
][61
أثرتها ،وقلعتها أركن من طمأنينتها ) (1حكم بالفاقة على مكثرها ،واعين بالراحة
من رغب عنها ،من راقه رواؤها ) (2أعقبت ناظريه كمها ) (3ومن
استشعر شعفها ملت قلبه أشجانا ،لهن رقص على سويداء قلبه كرقيص
الزبدة على أعراض المدرجة ) (4هم يحزنه ،وهم يشغله ) (5كذلك حتى
يؤخذ بكظمه ،ويقطع أبهراه ،ويلقى هاما للقضاء ،طريحا هينا على ال
مداه ) (6وعلى البرار ملقاه ) (7وإنما ينظر المؤمن إلى الدنيا بعين
العتبار ويقتات منها ببطن الضطرار ،ويسمع فيها باذن النفث ).(8
) (1الحطام -كغراب :-ما تكسر من يبس النبات .والكباب -كغراب :-الكثير من
البل والغنم والتراب والطين اللزب وأمثالها .والبلغة :الكفاف .والثرة -
كقصبة :-الختيار واختصاص المرء بالشئ دون غيره .والقلعة :الرحلة.
) (2في بعض نسخ المصدر " من راقه زبرجها " وفى بعضها " من
فاقه رواها " .وراقه الشى :أعجبه ،والرواء -بضم الراء :-حسن
المنظر ،والزبرج :الزينة وكل شئ حسن والذهب (3) .الكمه - .محركة
:-العمى (4) .في بعض النسخ " من استشعف برواها " والشعف -
محركة :-الولوع وشدة التعلق وغلبة الحب .وفى بعض نسخ الحديث
والنهج " ومن استشعر الشعف بها " .والشجان :الحزان ،والرقص
الغليان والضطراب ،واستعار عليه السلم لفظ الرقص لتعاقب الحزان
والهموم واضطرابهما في قلبه .والزبدة ما يستخرج من اللبن بالمخض.
) (5في بعض نسخ المصدر " هم يعمره وهم يسفره " (6) .الكظم -
بالضم والتحريك :-مخرج النفس .والبهران :العرقان اللذان يخرجان
من القلب .والهامة :الجثة .والمدى :الغاية والمنتهى .وفى النهج " هينا
على ال فناؤه وعلى الخوان القاؤه " أي طرحه في قبره (7) .الملقى:
الموضع " (8) .يقتات " في بعض النسخ " بقبات " وهو تصحيف من
النساخ .وفى النهج " ويسمع فيها باذن المقت والبغاض " .ولعله هو
الصحيح.
][62
- 140وقال عليه السلم :تعلموا الحلم فإن الحلم خليل المؤمن ووزيره ،والعلم
دليله ،والرفق أخوه ،والعقل رفيقه ،والصبر أمير جنوده - 141 .وقال
عليه السلم لرجل تجاوز الحد في التقشف ) :(1يا هذا أما سمعت قول ال:
" وأما بنعمة ربك فحدث ) " (2فوال ل بتذالك نعم ال بالفعال أحب إليه
من ابتذالها بالمقال - 142 .وقال لبنه الحسن عليهما السلم :اوصيك
بتقوى ال ،وإقام الصلة لوقتها وإيتاء الزكاة عند محلها ،واوصيك بمغفرة
الذنب ،وكظم الغيظ ،وصلة الرحم والحلم عند الجاهل ،والتفقه في الدين،
والتثبت في المر ،والتعهد للقرآن ،وحسن الجوار ،والمر بالمعروف،
والنهي عن المنكر ،واجتناب الفواحش كلها في كل ما عصى ال فيه143 .
-وقال عليه السلم :قوام الدنيا بأربعة :بعالم مستعمل لعلمه ،وبغني باذل
لمعروفه ،وبجاهل ل يتكبر أن يتعلم ،وبفقير ل يبيع آخرته بدنيا غيره ،وإذا
عطل العالم علمه ،وأمسك الغني معروفه ،وتكبر الجاهل أن يتعلم ،وباع
الفقير آخرته بدنيا غيره فعليهم الثبور - 144 .وقال عليه السلم :من
استطاع أن يمنع نفسه من أربعة أشياء فهو خليق بأن ل ينزل به مكروه
أبدا ،قيل :وماهن يا أمير المؤمنين ؟ قال :العجلة ،واللجاجة والعجب،
والتواني - 145 .وقال عليه السلم :اعلموا عباد ال أن التقوى حصن
حصين ،والفجور حصن ذليل ،ل يمنع أهله ،ول يحرز من لجأ إليه ،أل
وبالتقوى تقطع حمة الخطايا ) (3وبالصبر على طاعة ال ينال ثواب ال،
وباليقين تدرك الغاية القصوى ،عباد ال إن ال لم يحظر على أوليائه ما
فيه نجاتهم ) (4إذ دلهم عليه ،ولم يقنطهم من رحمته
) (1تقشف الرجل في لباسه إذا لم يتعاهد النظافة (2) .سورة الضحى(3) .11 :
الحمة :السم .وحمة البرد :شدته (4) .لم يحظر أي لم يمنع .وفى بعض
نسخ المصدر " ما فيه تجارتهم ".
][63
لعصيانهم إياه إن تابوا إليه - 146 .وقال :الصمت حكم ،والسكوت سلمة،
والكتمان طرف من السعادة - 147 .وقال عليه السلم :تذل المور
للمقدور حتى تصير الفة في التدبير ) - 148 .(1وقال عليه السلم :ل يتم
مروة الرجل حتى يتفقه ]في دينه[ ويقتصد في معيشته ،ويصبر على
النائبة إذا نزلت به ،ويستعذب مرارة إخوانه - 149 .وسئل عليه السلم ما
المروة ؟ فقال :ل تفعل شيئا في السر تستحيي منه في العلنية- 150 .
وقال عليه السلم :الستغفار مع الصرار ذنوب مجددة - 151 .وقال عليه
السلم :سكنوا في أنفسكم معرفة ما تعبدون حتى ينفعكم ما تحركون من
الجوارج بعبادة من تعرفون - 152 .وقال عليه السلم :المستأكل بدينه
حظه من دينه ما يأكله - 153 .وقال عليه السلم :اليمان قول مقبول )(2
وعمل معمول وعرفان بالعقول - 154 .وقال عليه السلم :اليمان على
أربعة أركان التوكل على ال ،والتفويض إلى ال ،والتسليم لمر ال،
والرضى بقضاء ال ،وأركان الكفر أربعة :الرغبة والرهبة والغضب
والشهوة ) - 155 .(3وقال عليه السلم :من زهد في الدنيا ،ولم يجزع من
ذلها ،ولم ينافس في عزها ) (4هداه ال بغير هداية من مخلوق ،وعلمه
بغير تعليم ،وأثبت الحكمة في
) (1وفى النهج " تذل المور للمقادير حتى يكون الحتف في التدبير " .وأيضا في
موضع آخر منه " يغلب المقدار على التقدير حتى تكون الفة في التدبير
" .والتقدير :القياس (2) .وفى بعض النسخ " مقول " (3) .وفى الكافي
ج 2ص 289 ،47بتقديم وتأخير (4) .نافس فلنا في المر :فاخره
وباراه فيه.
][64
صدره ،وأجراها على لسانه - 156 .وقال عليه السلم :إن ل عبادا عاملوه
بخالص من سره ،فشكر لهم بخالص من شكره ،فأولئك تمر صحفهم يوم
القيامة فرغا ) (1فإذا وقفوا بين يديه مل هالهم من سر ما أسروا إليه.
- 157وقال عليه السلم :ذللوا أخلقكم بالمحاسن وقودوها إلى المكارم،
وعودوا أنفسكم الحلم ،واصبروا على اليثار على أنفسكم فيما تحمدون
عنه ،ول تداقوا الناس وزنا بوزن ) (2وعظموا أقداركم بالتغافل عن الدني
من المور ،وأمسكوا رمق الضعيف ) (3بجاهكم وبالمعونة له إن عجزتم
عما رجاه عندكم ،ول تكونوا بحاثين عما غاب عنكم ) (4فيكثر عائبكم )
،(5وتحفظوا من الكذب ،فإنه من أدنى الخلق قدرا وهو نوع من
الفحش ،وضرب من الدناءة ،وتكرموا بالتعامي عن الستقصاء -وروي
بالتعامس من الستقصاء - 158 .(6) -وقال عليه السلم :كفى بالجل
حرزا إنه ليس أحد من الناس إل ومعه حفظة من ال يحفظونه أن ل
يتردى في بئر ،ول يقع عليه حائط ،ول يصيبه سبع ،فإذا جاء أجله خلوا
بينه وبين أجله .أقول :وجدت في مناقب ابن الجوزي ) (7فصل في كلم
أمير المؤمنين عليه السلم فأحببت إيراده قال :قال أبو نعيم في الحلية1 :
-حدثنا عمربن محمد ،حدثنا الحسين بن محمد بن عفير ،حدثنا الحسن بن
علي ،حدثنا خلف بن تميم حدثنا عمر بن الرحال ،عن العلء بن المسيب،
عن
) (1فرغا أي خاليا فارغا (2) .أي ل تحاسبهم بالدقة في المور ول تستقصهم
فيها (3) .في بعض نسخ المصدر " من الضعيف " .والجاه :القدر
والشرف (4) .في بعض نسخ المصدر " بحانين " (5) .في بعض النسخ
" فيكبر غائبكم " (6) .تعامى فلن :اظهر من نفسه العمى والمراد
التغافل عنه .والتعامس :التغافل (7) .المصدر ص 77مع اختلف كثير.
][65
عبد خير قال :قال لي أمير المؤمنين عليه السلم :ليس الخير أن يكثر مالك وولدك،
ولكن الخير أن يكثر علمك ويعظم حلمك ]وأن تباهي الناس بعبادة ربك،
فإن أحسنت حمدت ال ،وإن أسأت استغفرت ال[ .ول خير في الدنيا إل
لحد رجلين :رجل أذنب ذنبا فهو يتدارك ذلك بتوبة ،أو رجل يسارع في
الخيرات .ول يقل عمل في تقوى ،وكيف يقل ما يتقبل - 2 .وقال أبو نعيم:
حدثنا أبي ،حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال :كتب إلي أحمد بن
إبراهيم بن هشام الدمشقي حدثنا أبو صفوان القاسم بن يزيد بن عوانة،
عن ابن حرث ،عن ابن عجلن ،عن جعفر بن محمد ،عن أبيه ،عن جده
عليهم السلم قال :شيع أمير المؤمنين عليه السلم جنازة فلما وضعت في
لحدها عج أهلها ) (1وبكوا فقال :ما تبكون ؟ أما وال لو عاينوا ما عاين
ميتهم لذهلهم ذلك عن البكاء عليه أما وال إن له إليهم لعودة ،ثم عودة،
حتى ل يبقي منهم أحدا ،ثم قام فيهم فقال :اوصيكم عباد ال بتقوى ال
الذي ضرب لكم المثال ،ووقت لكم الجال ،وجعل لكم أسماعا تعي ما
عناها ]وأبصارا لتجلوا عن غشاها[ وأفئدة تفهم ما دهاها ]في تركيب
صورها وما أعمرها[ فإن ال لم يخلقكم عبثا ،ولم يضرب عنكم الذكر
صفحا ،بل أكرمكم بالنعم السوابغ ]وأرفدكم بأوفر الروافغ ،وأحاط بكم
الحصاء ،وأرصد لكم الجزاء في السراء والضراء[ .فاتقوا ال عباد ال،
وجدوا في الطلب ،وبادروا بالعمل قبل ]مقطع النهمات ) (2و[ هاذم اللذات
) (3ومفرق الجماعات ،فإن الدنيا ل يدوم نعيمها ول تؤمن فجائعها،
غرور حائل ]وشبح فائل ) ،[(4وسناد مائل ،ونعيم زائل.
) (1عج يعج عجا :صاح ورفع صوته (2) .النهمة :بلوغ الهمة والشهوة في
الشئ ،يقال " له في هذا المر نهمة " أي شهوة و " قضى منه نهمته
" أي شهوته (3) .الهاذم بالذال المعجمة بمعنى الهادى ويستعمل مع
الموت (4) .الشبح :الشخص .وما ينظر بالعين من ابل وغنم وبناء.
والفائل -فاعل عن فال يفيل رأيه :أخطأ وضعف(*) .
][66
وجيد عاطل .فاتعظوا عباد ال بالعبر ]واعتبروا باليات والثر[ وازدجروا بالنذر
]وانتفعوا بالمواعظ[ فكأن قد علقتكم مخالب المنية ]وأحاطت بكم البلية
وضمكم بيت التراب[ ودهمتكم مفظعات المور بنفخة الصور ،وبعثرة
القبور وسياقة المحشر ،وموقف الحساب في المنشر ،وبرز الخلئق حفاة
عراة ،وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد ،ونوقش الناس على القليل
والكثير ،والفتيل والنقير ) (1وأشرقت الرض بنور ربها ،ووضع الكتاب
وجئ بالنبيين والشهداء وقضى بينهم بالحق وهم ل يظلمون " فارتجت )
(2لذلك اليوم البلد ،وخشع العباد وناد المناد من مكان قريب ،وحشرت
الوحوش ،وزوجت النفوس ]مكان مواطن الحشر ،وبدت السرار ،وهلكت
الشرار ،وارتجت الفئدة ،فنزلت بأهل النار من ال سطوة مجيحة،
وعقوبة منيحة ) [(3وبرزت الجحيم ،لها كلب ولجب ،وقصيف رعد )(4
وتغيظ ووعيد ،قد تأجج جحيمها ) (5وغل حميمها .فاتقوا ال عباد ال
تقية ]من كنع فخنع[ ) (6وجل و ]رحل[ وحذر فأبصر وازدجر ،فاحتث
طلبا ) (7ونجا هربا ،وقدم للمعاد ،واستظهر من الزاد وكفى بال منتقما،
وبالكتاب خصيما ]وحجيجا[ ،وبالجنة ثوابا ]ونعيما[ وبالنار وبال وعقابا،
وأستغفر ال لي ولكم.
) (1النقير .النكتة في ظهر النواة .وهو كناية عن القليل (2) .ارتج البحر:
اضطراب (3) .المجيحة :المهلكة والمستأصلة -والمنيحة أي الشديدة
المحرقة (4) .الكلب :الشدة ،واللجب :صوت الهياج واضطراب المواج.
وقصيف الرعد :شدة صوته (5) .التأجج :التلهب والضطرام (6) .كنع
أي جبن وهرب .وخنع أي خضع وذل .وجل أي خرج من بلده (7) .احتث
على المر واحتثه :حضه ونشطه على فعله.
][67
قلت ) :(1قد رفعت إلينا ألفاظا من هذا الكتاب يشتمل على فصل الخطاب حذفنا
إسنادها طلبا للختصار وخوفا للكثار - 3 .قوله عليه السلم :الدنيا دار
ممر ،والخرة دار مقر ،فخذوا من ممركم لمقركم ،ول تهتكوا أستاركم عند
من يعلم أسراركم ،وأخرجوا من الدنيا قلوبكم قبل أن تخرج منها أبدانكم،
ففيها اختبرتم ،ولغيرها خلقتم ،إن الجنازة إذا حملت قال الناس :ماذا
ترك ؟ وقالت الملئكة ماذا قدم ؟ فقدموا بعضا يكن لكم ول تؤخروا كل يكن
عليكم - 4 .وقال عليه السلم :إذا رأيتم ال تتابع نعمه عليكم وأنتم
تعصونه فاحذروه - 5 .وقال عليه السلم :من كفارة الذنوب العظام إغاثة
الملهوف ،والتنفس عن المكروب - 6 .وقال عليه السلم :إذا كنت في
إدبار والموت في إقبال فما أسرع الملتقى - 7 .وقال عليه السلم :من أطال
المل أساء العمل ،وسيئة تسوؤك خير من حسنة تسرك - 8 .وقال عليه
السلم :الدهر يخلق البدان ) (2ويجدد المال ،ويقرب المنية ويباعد
المنية ،من ظفر به تعب ،ومن فاته نصب - 9 .وقال عليه السلم :عجبت
لمن يقنط ومعه الستغفار - 10 .وقال عليه السلم :لكان في الرض
أمانان فرفع أحدهما وهو رسول ال صلى ال عليه وآله فتمسكوا بالخر
وهو الستغفار قال تعالى " وما كان ال ليعذبهم وأنت فيهم -الية "11 .
-وقال عليه السلم :من أصلح ما بينه وبين ال أصلح ال ما بينه وبين
الناس ،ومن عمل لخرته كفاه ال أمر دنياه ،ومن كان له في نفسه واعظ
كان عليه من ال حافظ - 12 .وقال عليه السلم :كم من مستدرج
بالحسان إليه ،ومغرور بالستر عليه ومفتون بحسن القول فيه ،وشتان
بين عملين عمل تذهب لذته ويبقى تبعته ،وعمل
) (1القائل هو سبط ابن الجوزى قاله في المناقب ص (2) .78خلق الثوب -بكسر
اللم :-بلى.
][68
تذهب مؤونته وتبقى أجره - 13 .وقال عليه السلم :استنزلوا الرزق بالصدقة،
فمن أيقن بالخلف جاد بالعطاء - 14 .وقال عليه السلم :من اعطى أربعا لم
يحرم أربعا :من اعطى الدعاء لم يحرم الجابة ،ومن اعطى التوبة لم يحرم
القبول ،ومن اعطى الستغفار لم يحرم المغفرة ،ومن اعطى الشكر لم
يحرم الزيادة ،وقال :مصداق ذلك في كتاب ال قال ال تعالى في الدعاء "
ادعوني أستجب لكم " وقال في التوبة " إنما التوبة على ال للذين
يعلمون السوء بجهالة -الية " وقال في الستغفار " ومن يعمل سوء أو
يظلم نفسه ثم يستغفر ال -الية " وقال في الشكر " لئن شكرتم لزيدنكم
" - 15 .وقال عليه السلم :الستغفار درجة العليين ،وهو اسم واقع على
ستة معان :أولها الندم على الفعل ،والثاني العزم على الترك وأن ل يعود،
والثالث تأدية الحقوق ليلقى ال تعالى وليس عليه تبعة ،والرابع أن يعمد
إلى كل فريضة فيؤدي حقها والخامس أن يذيب اللحم الذي نبت منه
السحت بالهموم والحزان حتى يكتسي لحما آخر من الحلل ،والسادس أن
يذيق جسمه ألم الطاعة كما أذاقه لذة المعصية - 16 .وقال صلوات ال
عليه :ل تكن ممن يريد الخرة بعمل الدنيا أو بغير عمل ،ويؤخر التوبة
بطول المل ،يقول في الدنيا قول الزاهدين ،ويعمل فيها عمل الراغبين ،إن
اعطى منها لم يشبع ،وإن ملك الكثير لم يقنع ،يأمر بالمعروف ول يأتمر،
وينهى ول ينتهي ،يحب الصالحين ول يعمل بعملهم ،ويبغض العاصين
وهو أحدهم ،يكره الموت لكثرة ذنوبه ويقيم على ما يكره ال منه ،تعجبه
نفسه إذا عوفي ويقنط إذا ابتلي ،إن أصابه بلء دعا مضطرا ،وإن ناله
رخاء أعرض مغترا ،تغلبه نفسه على ما يظن ،ول يغلبها على ما يستيقن،
إن استغنى بطر ،وإن افتقر قنط ،يقدم المعصية ويسوف التوبة ،يصف
العبر ول يعتبر ،ويبالغ في الموعظة ول يتعظ ،فهو من القول مكثر ،ومن
العمل مقل ،يناقش فيما يفنى ،ويسامح فيما يبقى ،يرى
][69
المغنم مغرما ،والمغرم مغنما ،يخشى الموت ول يبادر الفوت ،يستعظم من معاصي
غيره ما يستقله من معاصي نفسه ،ويستكثر من طاعته ما يحتقره من
طاعة غيره ،فهو على الناس طاعن ،ولنفسه مداهن ،اللغو مع الغنياء
أحب إليه من الذكر مع الفقراء يرشد غيره ويغوي نفسه " أتأمرون الناس
بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفل تعقلون " - 17 .وقال عليه
السلم :من أصبح على الدنيا حزينا أصبح لقضاء ال ساخطا ومن أصبح
يشكو مصيبة نزلت به إلى مخلوق مثله فإنما يشكو ربه ،ومن أتى غنيا
يتواضع له لجل دنياه ذهب ثلثا دينه .قالوا :ومعنى هذا أن المرء إنسان
بجسده وقلبه ولسانه والتواضع يحتاج فيه إلى استعمال الجسد واللسان
فإن أضاف إلى ذلك القلب ذهب جميع دينه - 18 .وقال عليه السلم :إن
قوما عبدوا ال رغبة فتلك عبادة التجار ،وإن قوما عبدوا ال رهبة فتلك
عبادة العبيد ،وإن قوما عبدوه شكرا فتلك عبادة الحرار - 19 .وقال عليه
السلم :احذروا نفار النعم فماكل شارد بمردود ) - 20 .(1وقال عليه
السلم :أفضل العمال ما اكرهت عليه نفسك - 21 .وقال عليه السلم :لو
لم يتواعد ال عباده على معصيته لكان الواجب أل يعصى شكرا لنعمه،
ومن ههنا أخذ القائل -وقيل إنها لمير المؤمنين عليه السلم :هب البعث
لم تأتنا رسله * وجاحمة النار لم تضرم أليس من الواجب المستحق *
حياء العباد من المنعم ) - 22 (2وقال عليه السلم :ما أكثر العبر :وما أقل
المعتبرين - 23 .وقال عليه السلم :أقل ما يلزمك ل تعالى أل تستعينوا
بنعمه على معاصيه - 24 .وقال عليه السلم :المدة وإن طالت قصيرة،
والماضي للمقيم عبرة ،والميت للحي عظة ،وليس المس عودة ،ول أنت
من غد على ثقة ،وكل لكل مفارق
) (1نفار النعم :النعم الزائلة .ونفورها بعدم أداء الحق منها .والشارد :النافر(2) .
جحم النار :أوقدها ،وجحمة النار توقدها ،وضرمت النار :اشتعلت.
][70
وبه ل حق ،فاستعدوا ليوم ل ينفع فيه مال ول بنون إل من أتى ال بقلب سليم.
واصبروا على عمل ل غنى لكم عن ثوابه ،وارجعوا عن عمل ل صبر لكم
على عقابه فإن الصبر على الطاعة أهون من الصبر على العذاب ،وإنما
أنتم نفس معدود ،وأمل ممدود ،وأجل محدود ،ولبد للجل أن يتناهى،
وللنفس أن يحصى ،وللعمل أن يطوى " وإن عليكم لحافظين كراما كاتبين
يعلمون ما تفعلون " - 25 .وقال عليه السلم :اتقوا معاصي ال في
الخلوات فإن الشاهد هو الحاكم - 26 .وقال عليه السلم :كم من مؤمل مال
يبلغه ،وبان مال يسكنه مما سوف يتركه ولعله من باطل جمعة ،أصابه
حراما ،واحتمل منه آثاما ،وربما استقبل النسان يوما ولم يستدبره ،ورب
مغبوط في أول يومه قامت بواكيه في آخره ،ومن ههنا أخذ القائل :يا راقد
الليل مسرورا بأوله * إن الحوادث قد يطرقن أسحارا أفنى القرون التي
كانت مسلطة * من الحوادث إقبال وإدبارا يا من يكابد دنيا ل بقاء لها *
يمسي ويصبح تحت الرض سيارا كم قد أبادت صروف الدهر من ملك *
قد كان في الرض نفاعا وضرارا - 27وقال عليه السلم :الزهد كله في
كلمتين من القرآن قال ال تعالى " :لكيل تأسوا على ما فاتكم ول تفرحوا
بما آتيكم " فمن لم يأس على الماضي ولم يفرح بالتي فهو الزاهد- 28 .
وقال عليه السلم :أفضل الزهد إخفاؤه - 29 .وقال عليه السلم :أخذوا من
ال ما حذركم من نفسه ،واخشوه خشية يظهر أثرها عليكم ،واعملوا بغير
رياء ول سمعة فان من عمل لغير ال وكله ال إلى من عمل له - 30 .وقال
عليه السلم :يوشك أن يفقد الناس ثلثا :درهما حلل ،ولسانا صادقا،
وأخا يستراح إليه - 31 .وقال عليه السلم :استعدوا للموت فقد أظلكم
غمامه ،وكونوا قوما صيح بهم فانتبهوا وانتهوا فما بينكم وبين الجنة
والنار سوى الموت ،وإن غاية تنقصها اللحظة
][71
وتهدمها الساعة لجديرة بقصر المدة ،وإن غائبا يحدوه الجديدان لحري بسرعة
الوبة ) .(1فرحم ال عبدا سمع حكمة فوعى ،ودعي إلى خلص نفسه
فدنا ،واستقام على الطريقة فنجا ،وأحب ربه ،وخاف ذنبه ،وقدم صالحا،
وعمل خالصا ،واكتسب مذخورا ،واجتنب محذورا ،ورمى غرضا ،وأحرز
عوضا ،وكابد هواه ،وكذب مناه ،وجعل الصبر مطية نجاته ،والتقوى عدة
عند وفاته ،ركب الطريق الغراء ،ولزم المحجة البيضاء واغتنم المهل،
وبادر الجل ،وتزود من العمل - 32 .وقال عليه السلم في صفة الدنيا:
دار أولها عناء ،وآخرها فناء ،وحللها فيه حساب ،وحرامها فيه عقاب،
من استغنى فيها فتن ،ومن افتقر فيها حزن ،ومن سعى إليها فاتته ،ومن
قعد عنها أتته ،ومن أبصر بها بصرته ،ومن أبصر إليها أعمته - 33 .وقال
عليه السلم :من لم يقنعه اليسير ) (2لم ينفعه الكثير - 34 .وقال عليه
السلم :عليك بمداراة الناس ،وإكرام العلماء ،والصفح عن زلت الخوان
فقد أدبك سيد الولين والخرين بقوله صلى ال عليه وآله " اعف عمن
ظلمك ،وصل من قطعك ،وأعط من حرمك " - 35 .وقال عليه السلم :وقد
مر على المقابر قال :السلم عليكم يا أهل القبور أنتم لنا سلف ،ونحن لكم
خلف ،وإنا إن شاء ال بكم لحقون ،أما المساكن فسكنت وأما الزواج
فنكحت ،وأما الموال فقسمت ،هذا خبر ما عندنا ،فليت شعري ما خبر ما
عندكم ،ثم قال :أما إنهم إن نطقوا لقالوا :وجدنا التقوى خير زاد.
) " (1غاية تنقصها اللحظة " الغاية هي الجل و " تنقصها " أي نتقص أمد
النتهاء إليها وكل لحظة تمر فهى تنقص في المد بيننا وبين الجل.
والساعة تهدم ركنا من ذلك المد وما كان كذلك فهو جدير بقصر المدة.
والمراد بالغائب :الموت .ويحدوه أي يسوقه .والمراد بالجديدان :الليل
والنهار .والوبة :الرجوع (2) .في المصدر " من لم ينفعه اليسير ".
][72
- 36وقال كميل بن زياد :سمع أمير المؤمنين -كرم ال وجهه -قائل ينشد أبيات
السود بن يعفر :ماذا اؤمل بعد آل محرق * تركوا منازلهم وبعد إباد فقال:
هل قرأتم " كم تركوا من جنات وعيون -الية " ) - 37] .(1وقال عليه
السلم :العجب ممن يدعو ويستبطئ الجابة وقد سد طريقها بالمعاصي[.
- 38وقال عليه السلم في وصف التائبين :غرسوا أشجار ذنوبهم نصب
عيونهم وقلوبهم وسقوها بمياه الندم ،فأثمرت لهم السلمة ،وأعقبتهم
الرضا والكرامة - 39 .وقال عليه السلم في صفة الولياء :قال أبو نعيم:
حدثنا عبد ال محمد ،حدثنا أبويحيى الرازي ،حدثنا هناد ،عن ابن الفضيل،
عن الحسن البصري قال :قال أمير المؤمنين -كرم ال وجهه -طوبى لمن
عرف الناس ولم يعرفه الناس اولئك مصابيح الهدى ،بهم يكشف ال عن
هذه المة كل فتنة مظلمة ،اولئك سيدخلهم ال في رحمة منه وفضل.
ليسوا بالمذاييع البذر ) (2ول الجفاة المرائين .المذياع الذي ل يكتم السر.
- 40وقال ابن أبي الدنيا :حدثنا علي بن الجعدي ،أخبرنا عمرو بن شمر
عن السدي ،عن أبي أراكة قال :صليت مع أمير المؤمنين عليه السلم
صلة الفجر فلما سلم انفتل عن يمينه ،ثم مكث كأن عليه كآبة حتى إذا
كانت الشمس على حائط المسجد قيد رمح أو رمحين ) (3قلب يده وقال لقد
رأيت أصحاب محمد صلى ال عليه وآله فما أرى اليوم شيئا يشبههم لقد
كانوا يصبحون شعثا غبرا صفرا ،بين أعينهم أمثال ركب المعزى ،قد باتو
ال سجدا وقياما ،يتلون كتاب ال ،يراوحون بين جباههم
) (1الدخان (2) .25 :والبذر -ككتف :-الذى يفشى السر (3) .القيد -بفتح القاف
:-القدر.
][73
وأقدامهم ) (1فإذا أصبحوا فذكروا ال مادوا كما تميد الشجر في يوم ريح عاصف
وهملت عيونهم ) (2حتى تبل ثيابهم وال لكأن القوم باتوا غافلين ،ثم
نهض فما رئي مفترا حتى ) (3ضربه اللعين ابن ملجم - 41 .وروى
مجاهد ،عن ابن عباس قال :قال أمير المؤمنين عليه السلم يومأ قد وصف
المؤمن فقال :حزنة في قلبه وبشره في وجهه ،وأوسع الناس صدرا،
وأرفعهم قدرا ،يكره الرفعة ،ول يحب السمعة ،طويل غمه ،بعيد همه ،كثير
صمته مشغول بما ينفعه ،صبور شكور ،قلبه بذكر ال معمور ،سهل
الخليقة لين العريكة - 42 .وفي رواية ،عن أبي أراكة ،وعن ابن عباس
أيضا قال :سمعنا أمير المؤمنين -كرم ال وجهه -يقول :أما بعد فإن ال
سبحانه خلق الخلئق حين خلقهم وهو غني عن طاعتهم ،ول يتضرر
بمعصيتهم لنه سبحانه ل تضره معصية من عصاه ،ول ينفعه طاعة من
أطاعه واتقاه ،فالمتقون في هذه الدار هم أهل الفضائل ،منطقهم الصواب،
وملبسهم القتصاد ،وعيشهم التواضع ،غضوا أبصارهم عن المحارم،
ووقفوا أسماعهم على العلم النافع ،ولول الرجاء لم تستقر أرواحهم في
أجسادهم طرفة عين شوقا إلى جزيل الثواب ،وخوفا من وبيل العقاب )(4
عظم الخالق في أنفسهم فصغر ما دونه في أعينهم ،فهم في الجنة كمن قد
رآها منعمون وفي النار كمن قد رآها معذبون ،قلوبهم محزونة ،وشرورهم
مأمونة ،أجسادهم نحيفة وحاجاتهم خفيفة صبروا اياما يسيرة فأعقبهم
راحة طويلة .أما الليل فصافون أقدامهم تالين كلم ربهم يحبرونه تحبيرا )
(5ويرتلونه
) (1المراوحة بين العملين أن يعمل هذا مرة ،وهذا مرة ،والمراوحة بين الرجلين
أن يقوم على كل مرة (2) .ماديميد - :تحرك .والريح العاصف :الشديدة.
وهملت عينه :فاضت دموعا (3) .فتر يفتر تفتيرا -سكن بعد حدة ولن
بعد شدة (4) .الوبيل :الشديد (5) .حبر الكلم أو الخط أو الشعر :حسنه
وزينه.
][74
ترتيل ،فإذا مروا بآية فيها تشويق ركنوا إليها طمعا ،وتطلعت نفوسهم إليها شوقا
وهلعا ) (1وإذا مروا بآية فيها تخويف أصغوا إليها بمسامع قلوبهم،
ومثلوا زفير جهنم في آذانهم ،فهم مفترشون جباههم وركبهم وأطراف
أقدامهم يجأرون إلى ال في فك رقابهم .وأما النهار فعلماء حلماء بررة
أتقياء ،قد براهم الخوف بري القداح ،ينظر إليهم الناظر فحسبهم مرضى
وما بالقوم مرض ،ويقول :قد خولطوا ،ولقد خالطهم أمر عظيم ل يرضون
في أعمالهم بالقليل ،ول يستكثرون الكثير ،فهم لنفسهم متهون ،ومن
أعمالهم مشفقون ،إذا زكى أحدهم خاف أشد الخوف يقول :أنا أعلم بنفسي
من غيري اللهم فل تؤاخذني بما يقولون ،واجعلني أفضل مما يظنون،
واغفر لي مال يعلمون ،ومن علمة أحدهم أنك ترى له قوة في دين،
وورعا في يقين ،وحزما في علم ،وعزما في حلم ،وقصدا في غنا،
وخشوعا في عبادة ،وتجمل في فاقة ،وصبرا في شدة ،وطلبا للحلل،
وتحرجا عن الطمع .يعمل العمال الصالحة على وجل ويجتهد في إصلح
ذات البين ،يمسي وهمه الشكر ،ويصبح وشغله الفكر ،الخير منه مأمول،
والشر منه مأمون ،ويعفو عمن ظلمه ويعطي من حرمه ،ويصل من قطعه
وفي الزلزل صبور ،وفي المكاره وقور ،وفي الرضا شكور ،ل ينابز
باللقاب ]ول يعرف العاب[ ول يؤذي الجار ،ول يشمت بالمصائب ،ول
يدخل في الباطل ،ول يخرج من الحق إن بغي عليه صبر ليكون ال تعالى
هو المنتقم له ،نفسه منه في عناء والناس منه في راحة ،أتعب نفسه
لخراه وزهد في الفاني شوقا إلى موله - 43 .قال عليه السلم في صفة
الفقيه قال أبو نعيم :حدثنا أبي ،حدثنا أبو جعفر محمد ابن إبراهيم بن
الحكم ،عن يعقوب ،عن إبراهيم الدورقي ،عن شجاع بن الوليد عن زياد
بن خيثمة ،عن أبي إسحاق ،عن عاصم بن ضمرة ،عن أمير المؤمنين -
كرم ال وجهه -قال :أل إن الفقيه كل الفقيه هو الذي لم يقنط الناس من
رحمة ال تعالى ول يؤمنهم من عذابه .ول يرخص لهم في معصيته ،ول
يدع القرآن رغبة في غيره
][75
ول خير في عبادة ل علم فيها ،ول خير في قراءة ل تدبر فيها - 44 .وسأله رجل
عن المروة فقال عليه السلم :إطعام الطعام ،وتعاهد الخوان وكف الذى
عن الجيران ،ثم قرأ " إن ال يأمر بالعدل والحسان -الية " )- 45 .(1
ومن وصاياه عليه السلم أخبرنا عبد الوهاب بن عبد ال المقري ،أخبرنا
محمد ابن ناصر ،أخبرنا عبد القادر بن يوسف ،أخبرنا أبو إسحاق
البرمكي ،حدثنا إسحاق بن سعد بن الحسن بن سفيان النسوي ،حدثنا جدي
الحسن بن سفيان ،حدثنا حرملة بن يحيى ،عن ابن وهب ،عن سفيان ،عن
السري بن إسماعيل ،عن عامر الشعبي قال :قال أمير المؤمنين -كرم ال
وجهه :يا أيها الناس خذوا عني هذه الكلمات فلو ركبتم المطي حتى
تنضوها ما أصبتم مثلها ل يرجون عبد ال ربه ،ول يخافن إل ذنبه ،ول
يستحي إذا لم يعلم أن يتعلم ،ول يستحي إذا سئل عما ل يعلم أن يقول :ل
أعلم ،واعلم أن الصبر من اليمان بمنزلة الرأس من الجسد ،ول خير في
جسد ل رأس له .وقد بلغني أن ال تعالى أوحى إلى نبي من أنبيائه أنه
ليس من أهل بيت ول أهل دار ول أهل قرية يكونون لي على ما احب
فيتحولون إلى ما أكره إل تحولت لهم مما يحبون إلى ما يكرهون ،ليس من
أهل دار ول قرية يكونون لي على ما أكره فيتحولون إلى ما أحب إل
تحولت لهم مما يكرهون إلى ما يحبون - 46 .ذكر وصيته عليه السلم
لكميل بن زياد :أخبرنا عبد الوهاب بن علي الصوفي أخبرنا علي بن محمد
بن عمر ،أخبرنا رزق ال بن عبد الوهاب التميمي ،أخبرنا أحمد بن علي
بن الباد ،أخبرنا حبيب بن الحسن القزاز ،حدثنا موسى بن إسحاق
النصاري ،حدثنا ضرار بن ضمرة ) (2حدثنا عاصم بن حميد ،حدثنا أبو
حمزة الثمالي ،عن عبد الرحمن بن جندب ،عن كميل بن زياد قال :أخذ
بيدي أمير المؤمنين -كرم ال وجهه -فأخرجني إلى ناحية الجبان فلما
أصحرنا جلس فتنفس الصعداء.
) (1النحل (2) .9 :في المصدر " ضرار بن صرد " وكذا في الحلية.
][76
ثم قال :يا كميل بن زياد إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها ،احفظ ما أقول لك:
الناس ثلثة :عالم رباني ،ومتعلم على سبيل نجاة ،وهمج رعاع ،أتباع كل
ناعق ،يميلون مع كل ريح ،لم يستضيئوا بنور العلم ،ولم يلجأوا إلى ركن
وثيق .يا كميل :العلم خير من المال .العلم يحرسك وأنت تحرس المال،
العلم يزكو على النفاق ،والمال يزول ،ومحبة العالم دين يدان به ،وبه
يكسب العالم الطاعة في حياته وجميل الحدوثة بعد مماته ،المال تنقصه
النفقة ،العلم حاكم ،والمال محكوم عليه .يا كميل مات خزان المال وهم
أحياء ،والعلماء باقون ما بقي الدهر ،أعيانهم مفقودة ،وأمثالهم في
القلوب موجودة .ثم قال :آه آه إن ههنا علما جما لو أصبت له حملة وأشار
بيده إلى صدره ثم قال :أللهم بلى قد أصبت لقنا غير مأمون عليه ،يستعمل
آلة الدين للدنيا يستظهر بنعم ال على عباده ،وبحججه على كتابه ،أو
معاند لهل الحق ينقدح الشك في قلبه بأول عارض من شبهة ،لذا ول
ذاك ،بل منهوما باللذات ،سلس القياد للشهوات ،مغري بجمع الموال
والدخار ،ليس من الدين في شئ ،أقرب شبها بالبهائم السائمة ،كذلك
يموت العلم بموت حامليه ،أللهم بلى لن تخلو الرض من قائم ل بحجة
لكيل تبطل حجج ال على عباده اولئك هم القلون عددا العظمون عند ال
قدرا ،بهم يحفظ ال دينه حتى يؤدونه إلى نظرائهم ،ويزرعونه في قلوب
أشباههم )وفي رواية بهم يحفظ ال حججه( هجم بهم العلم على حقيقة
المر فاستلنوا ما استوعر منه المترفون ،وأنسوا بما استوحش منه
الجاهلون ،صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل العلى ،اولئك
خلفاء ال في أرضه ،ودعاته إلى دينه آه ثم آه واشوقاه إلى رؤيتهم،
واستغفر ال لي ولك إذا شئت فقم - 47 .وصيته لبنيه عليه وعليهم
السلم ،وبه قال أبو حمزة الثمالي حدثنا إبراهيم بن سعيد ،عن الشعبي،
عن ضرار بن ضمرة قال :أوصى أمير المؤمنين عليه السلم
][77
بنيه فقال :يا بني عاشروا الناس بالمعروف معاشرة إن عشتم حنوا إليكم ،وإن متم
بكوا عليكم ،ثم قال :اريد بذاكم أن تهشوا لطلقتي * وأن تكثروا بعدي
الدعاء على قبري وأن يمنحوني في المجالس ودهم * وإن كنت عنهم
غائبا أحسنوا ذكري - 48وقال ابن عباس :سأل رجل أمير المؤمنين عليه
السلم فقال :أوصني فقال :ل تحدث نفسك بفقر ،ول بطول عمر- 49 .
وقال عليه السلم وقد سئل عن أحاديث رسول ال صلى ال عليه وآله من
رواية الشعبي عن ضرار بن ضمرة وعبد خير قال :قيل له :ما سبب
اختلف الناس في الحديث فقال الناس أربعة :منافق مظهر للسلم ،وقلبه
يأبى اليمان ،ل يتحرج عن الكذب كذب على رسول ال صلى ال عليه
وآله متعمدا ،فلو علم الناس حاله ما أخذوا عنه ،ولكنهم قالوا :صاحب
رسول ال صلى ال عليه وآله فأخذوا بقوله ،وقد أخبر ال عن المنافقين
بما أخبر ووصفهم بما وصف ثم إنهم عاشوا بعده فتقربوا إلى أئمة الضلل
والدعاة إلى النار بالزور والبهتان ،فولوهم العمال وجعلوهم على رقاب
الناس ،فأكلوا بهم الدنيا وإنما هم تبع للملوك إل من عصمه ال تعالى
ورجل سمع رسول ال صلى ال عليه وآله يقول :قول أو رآه يعمل عمل،
ثم غاب عنه ونسخ ذلك القول والفعل ،ولم يعلم ،فلو علم أنه نسخ ما حدث
به ،ولو علم الناس أيضا أنه نسخ لما نقلوه عنه .ورجل سمع رسول ال
صلى ال عليه وآله يقول قول فوهم فيه ،ولو علم أنه وهم فيه لما حدث
عنه ول عمل به ،ورجل لم يكذب ولم يغب حدث بما سمع وعمل به .فأما
الول فل اعتبار بروايته ،ول يحل الخذ عنه ،وأما الباقون فينزعون إلى
غاية ويرجعون إلى نهاية ،ويسقون من قليب واحد وكلمهم أشرق بنور
النبوة ضياؤه ومن الشجرة المباركة اقتبست ناره .وفي رواية إنه قال :في
أيدي الناس حقا وباطل ،وصدقا وكذبا ،وناسخا ومنسوخا ،وعاما وخاصا،
ومحكما ومتشابها ،وحفظا ووهما ،وقد كذب على رسول ال صلى ال
عليه وآله في عهده حتى قام خطيبا فقال :من كذب علي ]متعمدا[ فليتبوء
مقعده
][78
من النار ،وإنما يأتيك الحديث أربعة رجال ليس لهم خامس .وذكرهم ،قلت وقد
روي عن رسول ال صلى ال وعليه وآله هذا الحديث وهو قوله " من
كذب علي عامدا فليتبوء مقعده من النار " عدة من الصحابة منهم العشرة
) (1فأما الطريق إلى أمير المؤمنين فأنبأ غير واحد عن عبد الول
الصوفي أنبأ ابن المظفر الداودي ،أنبأ ابن أعين أنبأ السرخسي ،أنبأ
الفربري ،أنبأ البخاري ،أنبأ علي بن الجعد ،أنبأ شعبة عن منصور ،عن
ربعي بن خراش قال :سمعت عليا عليه السلم يقول :سمعت النبي صلى
ال عليه وآله يقول " :من كذب علي " وذكر متفق عليه وقد أخرجه أحمد
في المسند والجماعة - 50 .كشف ) :(2ذكر محمد بن طلحة أخبارا رواها
الجواد عليه السلم عن آبائه عليهم السلم عن علي عليه السلم قال:
بعثني النبي صلى ال عليه وآله إلى اليمن فقال لي وهو يوصيني :يا علي
ما حار من استخار ،ول ندم من استشار ،يا علي عليك بالدلجة ) (3فإن
الرض تطوى بالليل ما ل تطوى بالنهار ،يا على اغد باسم ال فإن ال
عزوجل بارك لمتي في بكورها - 51 .وقال عليه السلم :من استفاد أخا
في ال فقد استفاد بيتا في الجنة - 52 .وعنه عليه السلم :وقد سئل عن
حديث النبي صلى ال عليه وآله " إن فاطمة أحصنت فرجها فحرم ال
ذريتها على النار " فقال خاص للحسن والحسين - 53 .وعنه ،عن علي
عليه السلم قال في كتاب علي بن أبي طالب عليه السلم :ابن آدم أشبه
شئ بالمعيار ،إما راجح بعلم -وقال مرة بعقل -أو ناقص بجهل- 54 .
وعنه عن علي عليه السلم :قال لبي ذر -رضي ال عنه -إنما غضبت
ل عزوجل فارج من غضبت له ،إن القوم خافوك على دنياهم وخفتهم على
دينك ،وال لو كانت السماوات والرضون رتقا على عبد ثم اتقى ال لجعل
ال له منها مخرجا ،ل يؤنسنك إل الحق ،ول يوحشنك إل الباطل.
) (1في المصدر " مائة وعشرون من الصحابة ذكرتهم في كتابي المترجم بحق
اليقين " (2) .كشف الغمة ج 3ص 135في احوال المام التاسع أبى
جعفر الجواد عليه السلم (3) .الدلجة :السير في الليل.
][79
- 55وعنه عن علي عليه السلم إنه قال لقيس بن سعد وقد قدم عليه من مصر :يا
قيس إن للمحن غايات لبد أن تنتهي إليها فيجب على العاقل أن ينام لها
إلى إدبارها ،فإن مكابدتها بالحيلة عند إقبالها زيادة فيها - 56 .وعنه عليه
السلم قال :من وثق بال أراه السرور ،ومن توكل عليه كفاه المور،
والثقة بال حصن ل يتحصن فيه إل مؤمن أمين ،والتوكل على ال نجاة
من كل سوء وحرز من كل عدو .والدين عز ،والعلم كنز ،والصمت نور،
وغاية الزهد الورع ،ول هدم للدين مثل البدع ،ول أفسد للرجال من الطمع،
وبالراعي تصلح الرعية ،وبالدعاء تصرف البلية ،ومن ركب مركب الصبر
اهتدى إلى مضمار النصر ،ومن عاب عيب ،ومن شتم اجيب ،ومن غرس
أشجار التقى اجتنى ثمار المنى - 57 .وقال عليه السلم :أربع خصال تعين
المرء على العمل :الصحة والغنى والعلم والتوفيق - 58 .وقال :إن ل
عبادا يخصهم بالنعم ويقرها فيهم ما بذلوها فإذا منعوها نزعها عنهم وحو
لها إلى غيرهم - 59 .وقال :ما عظمت نعمة ال على أحد إل عظمت عليه
مؤونة الناس ،فمن لم يحتمل تلك المؤونة عرض النعمة للزوال- 60 .
وقال عليه السلم :أهل المعروف إلى اصطناعه أحوج من أهل الحاجه إليه
لن لهم أجره وفخره ،وذكره ،فمهما اصطنع الرجل من معروف فإنما يبدء
فيه بنفسه فل يطلبن شكر ما صنع إلى نفسه من غيره - 61 .وقال عليه
السلم :من أمل إنسانا فقد هابه ،ومن جهل شيئا عابه ،والفرصة خلسة،
ومن كثر همه سقم جسده ،والمؤمن ل يشتفي غيظه ،وعنوان صحيفة
المؤمن حسن خلقه .وقال في موضع آخر :عنوان صحيفة السعيد حسن
الثناء عليه - 62 .وقال عليه السلم :من استغنى بال افتقر الناس إليه،
ومن اتقى ال أحبه الناس وإن كرهوا.
][80
- 63وقال عليه السلم :عليكم بطلب العلم فإن طلبه فريضة ،والبحث عنه نافلة
وهو صلة بين الخوان ،ودليل على المروة ،وتحفة في المجالس ،وصاحب
في السفر وانس في الغربة - 64 .وقال عليه السلم :العلم علمان :مطبوع
ومسموع ،ول ينفع مسموع إذا لم يك مطبوع ،ومن عرف الحكمة لم
يصبر عن الزدياد منها ،الجمال في اللسان والكمال في العقل - 65 .وقال
عليه السلم :العفاف زينة الفقر ،والشكر زينة الغنى ،والصبر زينة البلء،
والتواضع زينة الحسب ،والفصاحة زينة الكلم ،والعدل زينة اليمان
والسكينة زينة العبادة ،والحفظ زينة الرواية ،وخفض الجناح زينة العلم،
وحسن الدب زينة العقل ،وبسط الوجه زينة الحلم ،واليثار زينة الزهد،
وبذل المجهود زينة النفس ،وكثرة البكاء زينة الخوف ،والتقلل زينة
القناعة ،وترك المن زينة المعروف ،والخشوع زينة الصلة .وترك ما ل
يعني زينة الورع - 66 .وقال عليه السلم :حسب المرء من كمال المروة
تركه مال يجمل به .ومن حيائه أن ل يلقى أحدا بما يكره .ومن عقله حسن
رفقه ،ومن أدبه أن ل يترك مال بد له منه .ومن عرفانه علمه بزمانه،
ومن ورعه غض بصره وعفة بطنه ،ومن حسن خلقه كفه أذاه ،ومن
سخائه بره بمن يجب حقه عليه ،وإخراجه حق ال من ماله ،ومن إسلمه
تركه مال يعنيه وتجنبه الجدال والمراء في دينه ،ومن كرمه ايثاره على
نفسه ،ومن صبره قلة شكواه ،ومن عقله إنصافه من نفسه ،ومن حلمه
تركه الغضب عند مخالفته ،ومن إنصافه قبوله الحق إذا بان له ،ومن
نصحه نهيه عما ل يرضاه لنفسه ،ومن حفظه جوارك تركه توبيخك عند
إساءتك مع علمه بعيونك ومن رفقه تركه عذلك عند غضبك بحضرة من
تكره ) (1ومن حسن صحبته لك إسقاطه عنك مؤونة أذاك ،ومن صداقته
كثرة موافقته وقلة مخالفته ،ومن صلحه شدة خوفه من ذنوبه ،ومن
شكره معرفة إحسان من أحسن إليه ،ومن تواضعه
][81
معرفته بقدره ،ومن حكمته علمه بنفسه ،ومن سلمته قلة حفظه لعيوب غيره،
وعنايته بإصلح عيوبه - 67 .وقال عليه السلم :لن يستكمل العبد حقيقة
اليمان حتى يؤثر دينه على شهوته ولن يهلك حتى يؤثر شهوته على
دينه - 68 .وقال عليه السلم :الفضائل أربعة أجناس :أحدها الحكمة
وقوامها في الفكرة والثاني العفة وقوامها في الشهوة ،والثالث القوة
وقوامها في الغضب .والرابع العدل وقوامه في اعتدال قوى النفس- 69 .
وقال عليه السلم :العامل بالظلم والمعين له والراضي به شركاء- 70 .
وقال عليه السلم :يوم العدل على الظالم أشد من يوم الجور على المظلوم.
- 71وقال عليه السلم :أقصد العلماء للمحجة الممسك عند الشبهة،
والجدل يورث الرياء ) (1ومن أخطأ وجوه المطالب خذلته الحيل ،والطامع
في وثاق الذل ،ومن أحب البقاء فليعد للمصائب قلبا صبورا - 72 .وقال
عليه السلم :العلماء غرباء لكثرة الجهال بينهم - 73 .وقال عليه السلم:
الصبر على المصيبة مصيبة على الشامت بها - 74 .وقال عليه السلم:
التوبة على أربعة دعائم :ندم بالقلب ،واستغفار باللسان وعمل بالجوارح،
وعزم أن ل يعود ،وثلث من عمل البرار إقامة الفرائض واجتناب المحارم
واحتراس من الغفلة في الدين ،وثلث يبلغن بالعبد رضوان ال :كثرة
الستغفار وخفض الجانب وكثرة الصدقة ،وأربع من كن فيه استكمل
اليمان :من أعطى ل ومنع في ال وأحب ل وأبغض فيه ،وثلث من كن
فيه لم يندم :ترك العجلة والمشورة والتوكل عند العزم على ال عزوجل.
- 75وقال عليه السلم :لو سكت الجاهل ما اختلف الناس - 76 .وقال
عليه السلم :مقتل الرجل بين لحييه ،والرأي مع الناة ،وبئس الظهير
الرأي الفطير ).(2
) (1في بعض نسخ المصدر " يورث الشك " (2) .الفطير :كل ما أعجل عن ادراكه
يقال " :اياك والرأى الفطير " أي بديهى - - - -
][82
- 77وقال عليه السلم :ثلث خصال تجتلب بهن المحبة :النصاف في المعاشرة
والمواساة في الشدة والنطواع ،والرجوع على قلب سليم ) - 78 .(1وقال
عليه السلم :فساد الخلق بمعاشرة السفهاء وصلح الخلق بمنافسة
العقلء ،والخلق أشكال فكل يعمل على شاكلته ،والناس إخوان ،فمن كانت
إخوته في غير ذات ال فإنها تحوز عداوة ،وذلك قوله تعالى " الخلء
يومئذ بعضهم لبعض عدو إل المتقين " ) - 79 .(2وقال عليه السلم :من
استحسن قبيحا كان شريكا فيه - 80 .وقال عليه السلم :كفر النعمة داعية
المقت ،ومن جازاك بالشكر فقد أعطاك أكثر مما أخذ منك - 81 .وقال عليه
السلم :ل يفسدك الظن على صديق وقد أصلحك اليقين له .ومن وعظ أخاه
سرا فقد زانه ،ومن وعظه علنية فقد شانه ،استصلح الخيار بإكرامهم
والشرار بتأديبهم ،والمودة قرابة مستفادة ،وكفى بالجل حرزا ،ول يزال
العقل والحمق يتغالبان على الرجل إلى ثمانية عشر سنة فإذا بلغها غلب
عليه أكثرهما فيه وما أنعم ال عزوجل على عبد نعمة فعلم أنها من ال إل
كتب ال جل اسمه له شكرها قبل أن يحمده عليها ،ول أذنب ذنبا فعلم أن
ال مطلع عليه إن شاء عذبه وإن شاء غفر له إل غفر ال له قبل أن
يستغفره - 82 .وقال عليه السلم :الشريف كل الشريف من شرفه علمه،
والسؤدد حق السؤدد ) (3لمن اتقى ال ربه ،والكريم ) (4من أكرم عن ذل
النار وجهه.
- - - -من غير روية (1) .النطواع :النقياد .والقياس النطياع بالياء(2) .
الزخرف (3) .67 :السؤدد :القدر الرفيع ،كرم المنصب ،السيادة (4) .كذا
والظاهر سقط " كل الكريم " من قلم الناسخ.
][83
- 83وقال عليه السلم :من أمل فاجرا كان أدنى عقوبته الحرمان - 84 .وقال عليه
السلم :اثنان عليلن أبدا :صحيح محتم ،وعليل مخلط ) .(1موت النسان
بالذنوب أكثر من موته بالجل ،وحياته بالبر أكثر من حياته بالعمر- 85 .
وقال عليه السلم :ل تعاجلوا المر قبل بلوغة فتندموا ،ول يطولن عليكم
المد فتقسوا قلوبكم ،وارحموا ضعفاءكم ،واطلبوا الرحمة من ال بالرحمة
لهم .من كتاب مطالب السؤول ) - 86 .(2من كلمه عليه السلم غرك
عزك ،فصار قصار ذلك ذلك ،فاخش فاحش فعلك فعلك بهذا تهدا- 87 .
ومن كلمه عليه السلم :العالم حديقة سياحها الشريعة ،والشريعة سلطان
تجب له الطاعة ،والطاعة سياسة يقوم بها الملك ،والملك راع يعضده
الجيش ،والجيش أعوان يكفلهم المال ،والمال رزق يجمعه الرعية،
والرعية سواد يستعبدهم العدل والعدل أساس به قوام العالم - 88 .نهج )
:(3قال عليه السلم :القاويل محفوظة والسرائر مبلوة ) (4وكل نفس بما
كسبت رهينة ،والناس منقوصون مدخولون إل من عصم ال ) (5سائلهم
متعنت ،ومجيبهم متكلف ،يكاد أفضلهم رأيا يرده عن فضل رأيه الرضا
والسخط ،ويكاد أصلبهم عودا تنكؤه اللحظة ،وتستحيله الكلمة الواحدة )
.(6معاشر الناس اتقوا ال
) (1احتمى المريض :امتنع ومنه اتقاه .وخلط المريض -من باب التفعيل :-أكل ما
يضره (2) .المصدر ص (3) .61المصدر أبواب الحكم تحت رقم ) .343
(4بلها ال واختبرها وعلمها .يريد أن ظاهر العمال وخفيها معلوم ل.
) (5منقوصون :أي مغبونون .أو مأخوذون عن رشدهم وكمالهم.
ومدخولون أي مغشوشون مصابون بالدخل -محركة -وهو مرض العقل
والقلب (6) .أصلبهم :أي أثبتهم قدما في دينه .وتنكؤه -كتمنعه -أي
تسيل جرحه وتأخذ بقلبه .واللحظة :النظرة إلى مشتهى .وتسحيلة:
تحوله عما هو عليه ،أراد اللحظة والكلمة ممن تستهويه الدنيا وتسحيله
لغيره.
][84
فكم من مؤمل ما ل يبلغه ،وبان ما ل يسكنه وجامع ما سوف يتركه ،ولعله من
باطل جمعه ،ومن حق منعه .أصابه حراما واحتمل به آثاما ،فباء بوزره،
وقدم على ربه آسفا لهفا ،قد خسر الدنيا والخرة ،ذلك هو الخسران
المبين - 89 .وقال عليه السلم (1) :المنية ول الدنية ؟ والتقلل ول
التوسل ) (2ومن لم يعط قاعدا لم يعط قائما ،والدهر يومان :يوم لك ويوم
عليك ،فإذا كان لك فل تبطر ،وإذا كان عليك فاصبر - 90 .وقال عليه
السلم (3) :مسكين ابن آدم :مكتوم الجل ،مكنون العلل ،محفوظ العمل،
تؤلمه البقة ،وتقتله الشرقة ،وتنتنه العرقة ) - 91 .(4كنز الكراجكى(5) :
وروي أن أمير المؤمنين عليه السلم مر على المدائن فلما رأى آثار
كسرى وقرب خرابها قال رجل ممن معه :جرت الرياح على رسوم ديارهم
* فكأنهم كانوا على ميعاد فقال أمير المؤمنين عليه السلم :أفل قلتم " كم
تركوا من جنات وعيون * وزروع ومقام كريم * ونعمة كانوا فيها فاكهين
* كذلك وأورثناها قوما آخرين * فما بكت عليهم السماء والرض وما
كانوا منظرين " ) - 92 .(6من كتاب مطالب السؤول ) (7لكمال الدين
محمد بن طلحة :من
) (1النهج أبواب الحكم تحت رقم (2) .396المنية :الموت .والدنية :التذلل
والنفاق .والتقليل :الكتفاء بالقليل .يعنى الشريف يرضى بالقليل ول
يتوسل إلى الناس أو الدنيا (3) .النهج أبواب الحكم تحت رقم (4) .419
البقة :حيوان عدسي مفرطح ،خبيث الرائحة ،لذاع .وشرق بريقه غص.
والعرقة واحدة العرق (5) .المصدر ص (6) .145الدخان 25 :إلى .29
) (7المصدر ص .61
][85
نظمه عليه السلم :دليلك أن الفقر خير من الغنى * وأن قليل المال خير من المثري
) (1لقاؤك مخلوقا عصى ال بالغنى * ولم تر مخلوقا عصى ال بالفقر
وقوله :لكل اجتماع من خليلين فرقة * وكل الذي دون الوفات قليل وإن
افتقادي واحدا بعد واحد * دليل على أن ل يدوم خليل وقوله :علل النفس
بالكفاف وإل * طلبت منك فوق ما يكفيها ما لما قد مضى ول للذي لم *
يأت من لذة لمستحليها إنما أنت طول مدة ما * عمرت كالساعة التي أنت
فيها وقوله عليه السلم يرثى رسول ال صلى ال عليه وآله :أمن بعد
تكفين النبي ودفنه * بأثوابه آسى على هالك ثوى رزينا رسول ال فينا فلن
نرى * بذاك عديل ما حيينا من الرزى وكان لنا كالحصن من دون أهله *
لهم معقل فيها حصين من العدى وكنا بمرآه نرى النور والهدى * صباح
مساء راح فينا أو اغتدى فقد غشيتنا ظلمة بعد موته * نهارا وقد زادت
على ظلمة الدجى فياخير من ضم الجوانح والحشا * ويا خير ميت ضمه
التراب والثرى كأن امور الناس بعدك ضمنت * سفينة موج البحر والبحر
قدسما ) (2وضاق فضاء الرض عنهم برحبه * لفقد رسول ال إذ قيل قد
مضى فقد نزلت للمسلمين مصيبة * كصدع الصفا ل شعب للصدع في
الصفا فلن يستقل الناس تلك مصيبة * ولن يجبر العظم الذي منهم وهى
وفي كل وقت للصلة يهيجه * بلل ويدعو باسمه كل من دعا
) (1المثرى من الثروة وهو كثير المال (2) .في المصدر " والبحر قد طمى "
وراجع في شرح مشكل هذه الشعار أواخر ج .12
][86
ويطلب أقوام مواريث هالك * وفينا مواريث النبوة والهدى وقد نقلت ) (1هذه
المرثية عنه بزيادة اخرى فما رأيت إسقاطها فأثبتها على صورتها وهي
هذه :أمن بعد تكفين النبي ودفنه * بأثوابه آسى على ميت ثوى لقد غاب
في وقت الظلم لدفنه * عن الناس من هو خير من وطئ الحصا رزينا
رسول ال فينا فلن نرى * لذاك عديل ما حيينا من الرزى رزينا رسول ال
فينا ووحيه * فخير خيار ما رزينا ول سوى فمثل رسول ال إذ حان يومه
* لفقدانه فليبك يا عيش من بكى وكان لنا كالحصن من دون أهله * لهم
معقل منه حصين من العدى وكنا برؤياه نرى النور والهدى * صباح مساء
راح فينا أو اغتدى فقد غشيتنا ظلمة بعد موته * نهارا فقد زادت على
ظلمة الدجى وكنا به شم النوف بنجوة * على موضع ل يستطاع ول يرى
فيا خير من ضم الجوانح والحشا * وياخير ميت ضمه التراب والثرى كأن
امور الناس بعدك ضمنت * سفينة موج البحر والبحر قد طمى وهم
كالسارى من توقع هجمة * من الشر يرجو من رجاها على شفا وضاق
فضاء الرض عنهم برحبه لفقد رسول ال إذ قيل قد قضى فيالنقطاع
الوحي عنا بنوره * إذا أمرنا أعشى لفقدك أو دجى لقد نزلت بالمسلمين
مصيبة * كصدع الصفا ل شعب للصدع في الصفا فيا حزننا إنا رزينا نبينا
* على حين تم الدين واشتدت القوى فلن يستقل الناس تلك مصيبة * ولن
يجبر العظم الذي منهم وهى كأنا لولى شبهة سفر ليلة * أضلوا الهدى ل
نجم فيها ول ضوا فيامن لمر اعترانا بظلمة ؟ * وكنت له بالنور فينا إذا
اعترى
) (1من كلم المؤلف أو أحد تلميذه لن ما يأتي من المراثى إلى قوله " الطرق
الناعي " ليس في مطالب السؤول.
][87
فتجلو العمى عنا فيصبح مسفرا * لنا الحق من بعد الرخا مسفر اللوا وتجلو بنور
ال عنا ووحيه * عمى الشرك حتى يذهب الشك والعمى تطاول ليلى أنني
ل أرى له * شبيها ولم يدرك له الخلق منتهى وفي كل وقت للصلة يهيجه
* بلل ويدعو باسمه كل من دعا يذكرني رؤيا الرسول بدعوة * ينوه فيها
باسمه كل من دعا فولى أبا بكر إمام صلتنا * وكان الرضا منا له حين
يجتبى أبى الصبر إل أن يقوم مقامه * وخاف بأن يقلب الصبر والعنا )(1
وقوله عليه السلم يرثيه صلى ال عليه وآله ) :(2أل طرق الناعي بليل
فراعني * وأرقني لما استهل مناديا فقلت له لما رأيت الذي أتى * أغير
رسول ال إذ كنت ناعيا فحقق ما أشفقت منه ولم يبل * وكان خليلي عزنا
وجماليا فوال ما أنساك أحمد ما مشت * بى العيس في أرض تجاوزن
واديا وكنت متى أهبط من الرض تلعة * أرى أثرا منه جديدا وعافيا شديد
جري الصدر نهد مصدر * هو الموت معذور عليه وعاديا ومما نقل عنه
عليه السلم قوله -وقيل هما لغيره :-زعم المنجم والطبيب كلهما * أن
ل معاد فقلت ذاك إليكما إن صح قولكما فلست بخاسر * أو صح قولي
فالوبال عليكما ومما نقل عنه عليه السلم قوله :ولي فرس للخير بالخير
ملجم * ولي فرس للشر بالشر مسرج فمن رام تقويمي فإني مقوم * ومن
رام تعويجي فإني معوج ومما نقل عنه عليه السلم قوله :ولو أني اطعت
حملت قومي * على ركن اليمامة والشأم
) (1كذا ،وما أدرى من أي كتاب نقلها هنا من نقلها مع لحن اللفاظ وتكرارها و ما
دس فيها من زيادة بعض البيات (2) .مطالب السؤول ص (*) .62
][88
ولكني متى أبرمت أمرا * تتازعني أقاويل الطغام وقوله يرثي عمه حمزة لما قتل
باحد :أتاني أن هندا حل صخر * دعت دركا وبشرت الهنودا فإن تفخر
بحمزة يوم ولى * مع الشهداء محتسبا شهيدا فإنا قد قتلنا يوم بدر * أبا
جهل وعتبة والوليدا وشيبة قد قتلنا يوم احد * علي أثوابه علقا جسيدا
فبوء في جهنم شر دار * عليه لم يجد عنها محيدا فما سيان من هو في
حميم * يكون شرابه فيها صديدا ومن هو في الجنان يدر فيها عليه الرزق
مغتبطا حميدا وقوله :أل أيها الموت الذي ليس تاركي * أرحني فقد أفنيت
كل خليل أراك بصيرا بالذين أحبهم * كانك تسعى نحوهم بدليل وقوله أيضا
فيه يرثيه :رأيت المشركين بغوا علينا * ولجو في الغواية والضلل وقالوا
نحن أكثر إذ نفرنا * غداة الروع بالسل النبال فان يبغوا ويفتخروا علينا *
بحمزة فهو في غرف العوالي فقد أودى بعتبة يوم بدر * وقد أبلى وجاهد
غير آل وقد غادرت كبشهم جهادا * بحمد ال طلحة في المجال فخر
لوجهه ورفع عنه * رقيق الحد حودث بالصقال وحضر لديه إنسان فقال:
يا أمير المؤمنين أسألك أن تخبرني عن واجب وأوجب وعجب وأعجب،
وصعب وأصعب ،وقريب وأقرب ؟ فما انبجس بيانه بكلماته ولخنس لسانه
في لهواته حتى أجابه عليه السلم بأبياته وقال :توب رب الورى واجب
عليهم * وتركهم للذنوب أوجب والدهر في صرفه عجيب * وغفلة الناس
فيه أعجب
][89
والصبر في النائبات صعب * لكن فوت الثواب أصعب وكلما يرتجى قريب *
والموت من كل ذاك أقرب فياما أوضح لذوي الهداية جوابه المتين ،ويا ما
أفصح عند اولى الدراية نظم خطابه المستبين ،فلقد عبر اسلوبا من علم
البيان مستوعرا عند المتأدبين ،ومهد مطلوبا من حقيقه اليمان مستعذبا
عند المقربين .وقال عليه السلم :إذا أقبلت الدنيا فأنفق منها فإنها ل بقى،
وإذا ما أدبرت فأنفق منها فإنها ل تفنى وأنشد :ل تبخلن بدنيا وهي مقبلة
* فليس ينقصها التبذير والسرف وإن تولت فأحرى أن تجود بها * فالحمد
منها إذا ما أدبرت خلف وقوله عليه السلم :إذا جادت الدنيا عليك فجد بها
* على الخلق طرا أنها تتقلب فل الجود يفنيها إذا هي أقبلت * ول البخل
يبقيها إذا هي تذهب وقوله عليه السلم :أصم عن الكلم المحفظات * وأحلم
والحلم بي أشبه وإني ل ترك بعض الكلم * لئل اجاب بما أكره إذا ما
اجتررت سفاه السفيه * علي فإني إذن أسفه فل تغترر برواء الرجال *
وإن زخرفوا لك أو موهوا فكم من فتى تعجب الناظرين * له ألسن وله
أوجه وقوله عليه السلم :أتم الناس أعلمهم بنقصه * وأقمعهم لشهوته
وحرصه فل تستغل عافية بشئ * ول تسترخصن داء لرخصه - 93الدرة
الباهرة من الصداف الطاهرة :(1) :قال أمير المؤمنين عليه السلم :العفو
عن المقر ل عن المصر ،وما أقبح الخشوع عند الحاجة ،والجفاء عند
الغناء
) (1مخطوط.
][90
بلء النسان من اللسان ،اللسان سبع إن خلى عنه عقر العافية ،والعافية عشرة
أجزاء تسعة منها في الصمت إل بذكر ال ،وواحد في ترك مجالسته
السفهاء ،والعاقل من رفض الباطل ،عماد الدين الورع ،وفساده الطمع.
- 94دعوات الراوندي ) :(1قال أمير المؤمنين عليه السلم :كيف يكون
حال من يفنى ببقائه ،ويسقم بصحته ،ويؤتى ما منه يفر .وقال عليه
السلم :في كل جرعة شرقة ،ومع كل اكلة غصة ،وقال :الناس في أجل
منقصوص وعمل محفوظ .نهج ) :(2قال :عيبك مستور ما أسعدك جدك.
- 95كنز الكراجكى ) :(3قال أمير المؤمنين عليه السلم :من ضاق صدره
لم يصبر على أداء حق ،من كسل لم يؤد حق ال ،من عظم أوامر ال أجاب
سؤاله ،من تنزه عن حرمات ال سارع إليه عفو ال ،ومن تواضع قلبه ل
لم يسأم بدنه من طاعة ال ،الداعي بل عمل كالرامي بل وتر ،ليس مع
قطيعة الرحم نماء ،ول مع الفجور غنى ،عند تصحيح الضمائر تغفر
الكبائر ،تصفية العمل خير من العمل ،عند الخوف يحسن العمل ،رأس
الدين صحة اليقين ،أفضل ما لقيت ال به نصيحة من قلب وتوبة من ذنب،
إياكم والجدال فإنه يورث الشك في دين ال ،بضاعة الخرة كاسدة
فاستكثروا منها في أوان كسادها ،دخول الجنة رخيص ،ودخول النار غال،
التقي سابق إلى كل خير ،من غرس أشجار التقى جنى ثمار الهدى ،الكريم
من أكرم عن ذل النار وجهه ،ضاحك معترف بذنبه أفضل من باك مدل على
ربه ،من عرف عيب نفسه اشتغل عن عيب غيره ،من نسي خطيئته
استعظم خطيئة غيره ،ومن نظر في عيوب الناس ورضيها لنفسه فذاك
الحمق بعينه ،كفاك أدبك لنفسك ما كرهته
) (1مخطوط (2) .المصدر باب الحكم والمواعظ تحت رقم .51والجد -بالفتح :-
الحظ أي ما دامت الدنيا مقبلة عليك (3) .المصدر ص .128
][91
لغيرك ،اتعظ بغيرك ول تكن متعظا بك ،ل خير في لذة تعقب ندامة ،تمام الخلص
تجنب المعاصي ،من أحب المكارم اجتناب المحارم ،جهل المرء بعيوبه من
أكبر ذنوبه ،من أحبك نهاك ،ومن أبغضك أغراك ،من أساء استوحش ،من
عاب عيب ومن شتم اجيب ،ادوا المانة ولو إلى قاتل النبياء ،الرغبة
مفتاح العطب ،والتعب مطية النصب ،والشر داع إلى التقحم في الذنوب،
ومن تورط في المور غير ناظر في العواقب فقد تعرض لمدرجات
النوائب ،من لزم الستقامة لزمته السلمة - 96 .وقال عليه السلم(1) :
العفاف زينة الفقر ،والشكر زينة الغنى ،والصبر زينة البلء ،والتواضع
زينة الحسب ،والفصاحة زينة الكلم ،والعدل زينة المارة والسكينة زينة
العبادة ،والحفظ زينة الرواية ،وخفض الجناح زينة العلم ،وحسن الدب
زينة العقل ،وبسط الوجه زينة الحلم ،واليثار زينة الزهد ،وبذل المجهود
زينة المعروف ،والخشوع زينة الصلة ،ترك مال يعني زينة الورع- 97 .
ومن بديع كلمه عليه السلم ) :(2إن رجل قطع عليه خطبته وقال له
صف لنا الدنيا فقال :أولها عناء وآخرها بلء ،حللها حساب ،حرامها
عقاب من صح فيها أمن ،ومن مرض فيها ندم ،ومن استغنى فيها فتن،
ومن افتقره فيها حزن ،ومن ساعاها فاتته ،ومن قعد عنها أتته ،ومن نظر
إليها ألهته ،ومن تهاون بها نصرته ،ثم عاود إلى مكانه من خطبته- 98 .
كنز الكراجكى ) :(3عن أمير المؤمنين عليه السلم :الجواد من بذل ما
يضن بنفسه .من كرم أصله حسن فعله .وقال عليه السلم ) :(4أزرى
بنفسه من استشعر الطمع ،من أهوى إلى متفاوت المور خذلته الرغبة،
أشرف الغنى ترك المنى ،من ترك الشهوات كان حرا ،الحرص مفتاح
التعب وداع إلى التقحم في الذنوب ،والشره جامع لمساوي العيوب
الحرص علمة الفقر ،من أطلق طرفه كثر أسفه ،قل ما تصدقك المنية،
رب
طمع كاذب ،وأمل خائب ،من لجأ إلى الرجاء سقطت كرامته ،همة الزاهد مخالفة
الهوى والسلو عن الشهوات ،ما هدم الدين مثل البدع ،ول أفسد الرجل
مثل الطمع ،إياك والماني فإنها بضائع النوكى ) (1لن يكمل العبد حقيقة
اليمان حتى يؤثر دينه على شهوته ،ولن يهلك حتى يؤثر شهوته على
دينه ،من تيقن أن ال سبحانه يراه وهو يعمل بمعاصيه فقد جعله أهون
الناظرين - 99 .وقال عليه السلم (2) :إياكم وسقطات السترسال فإنها ل
تستقال ) - 100 .(3وقال عليه السلم (4) :صديق كل إنسان عقله،
وعدوه جهله ،والعقول ذخائر ،والعمال كنوز ،والنفوس أشكال فما تشاكل
منها اتفق ،والناس إلى أشكالهم أميل - 101 .وقال عليه السلم(5) :
الفكرة مرآة صافية ،والعتبار منذر ناصح ،من تفكر اعتبر ،ومن اعتبر
اعتزل ،ومن اعتزل سلم ،العجب ممن خاف العقاب فلم يكف ورجا الثواب
فلم يعمل ،العتبار يقود إلى الرشاد ،كل قول ليس ل فيه ذكر فلغو ،وكل
صمت ليس فيه فكر فسهو ،وكل نظر ليس فيه اعتبار فلهو- 102 .
وتروى ) (6هذه البيات عن أمير المؤمنين عليه السلم :إذا كنت تعلم أن
الفراق * فراق الحياة قريب قريب وأن المعد جهاز الرحيل * ليوم الرحيل
مصيب مصيب وإن المقدم ما ل يفوت * على ما يفوت معيب معيب
) (1النوكى جمع أنوك وهو الحمق (2) .الكنز ص (3) .194السترسال في
الكلم :التساع والنبساط .واستقاله عثرته :سأله أن ينهضه من
سقوطه (4) .المصدر ص (5) .194المصدر ص (6) .255المصدر ص
.271
][93
وأنت على ذاك ل ترعوي * فأمرك عندي عجيب عجيب - 103قال أمير المؤمنين
عليه السلم ) :(1مازالت نعمة عن قوم ،ول غضارة عيش إل بذنوب
اجترحوها ،إن ال ليس بظلم للعبيد - 104 .وقال عليه السلم (2) :المرء
حيث يجعل نفسه ،من دخل مداخل السوءاتهم من عرض نفسه التهمة فل
يلومن من أساء به الظن ،من أكثر من شئ عرف به من مزح استخف به،
من اقتحم البحر غرق ،المزاح يورث العداوة ،من عمل في السر عمل
يستحيي منه في العلنية فليس لنفسه عنده قدر ،ما ضاع امرء عرف قدره
اعرف الحق لمن عرفه لك رفيعا كان أم وضيعا ،من تعدى الحق ضاق
مذهبه ،من جهل شيئا عاداه ،أسوء الناس حال من لم يثق بأحد لسوء
ظنه ،ولم يبق به أحد لسوء فعله ،ل دليل أنصح من استماع الحق ،من
نظف ثوبه قل همه ،الكريم يلين إذا استعطف ،واللئيم يقسو إذا لوطف.
حسن العتراف يهدم القتراف ،أخر الشر فإنك إذا شئت تعجلته ،أحسن إذا
أحببت أن يحسن إليك ،إذا جحد الحسان حسن المتنان ،العفو يفسد من
اللئيم بقدر إصلحه من الكريم ،من بالغ في الخصومة أثم ،ومن قصر عنها
خصم ،ل تظهر العداوة لمن ل سلطان لك عليه - 105 .وقال عليه السلم:
الهم نصف الهرم ،والسلمة نصف الغنيمة - 106 .أعلم الدين ) :(3قال
أمير المؤمنين عليه السلم :أفضل رداء تردى به الحلم وإن لم تكن حليما
فتحلم فإنه من تشبه بقوم أوشك أن يكون منهم .قال عليه السلم :الناس
في الدنيا صنفان :عامل في الدنيا للدنيا ،قد شغلته دنياه عن آخرته ،يخشى
على من يخلفه الفقر ،ويأمنه على نفسه ،فيفني عمره في منفعة غيره
وآخر عمل في الدنيا لما بعدها ،فجاءه الذي له من الدنيا بغير عمله فأصبح
ملكا ل يسأل ال تعالى شيئا فيمنعه.
][94
- 107وقال عليه السلم :عجبت للبخيل الذي استعجل الفقر الذي منه هرب وفاته
الغنى الذي إياه طلب ،يعيش في الدنيا عيش الفقراء ،ويحاسب في الخرة
حساب الغنياء ،وعجبت للمتكبر الذي كان بالمس نطفة وهو غدا جيفة،
وعجبت لمن شك في ال وهو يرى خلق ال ،وعجبت لمن نسي الموت
وهو يرى من يموت ،وعجبت لمن أنكر النشأة الخرة وهو يرى النشأة
الولى ،وعجبت لعامر الدنيا دار الفناء ،وهو نازل دار البقاء - 108 .وقال
عليه السلم :الفقيه كل الفقيه الذي ل يقنط الناس من رحمة ال ،ول
يؤمنهم من مكر ال ،ول يؤيسهم من روح ال ،ول يرخص لها في
معاصي ال) * .17 .باب( * * " )ما صدر عن أمير المؤمنين عليه
السلم في العدل( " * * " )في القسمة ووضع الموال في مواضعها( "
* - 1ف ) :(1أما بعد أيها الناس فإنا نحمد ربنا وإلهنا وولي النعمة علينا
ظاهرة وباطنة ،بغير حول منا ول قوة إل امتنانا علينا وفضل ليبلونا
أنشكر أم نكفر فمن شكر زاده ،ومن كفر عذبه .وأشهد أن ل إله ال ال
وحده ل شريك له أحدا صمدا .وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ،بعثه رحمة
للعباد والبلد والبهائم والنعام نعمة أنعم بها ومنا وفضل صلى ال عليه
وآله .فأفضل الناس -أيها الناس -عند ال منزلة وأعظمهم عند ال خطرا
أطوعهم لمر ال وأعملهم بطاعة ال وأتبعهم لسنة رسول ال صلى ال
عليه وآله وأحياهم لكتاب ال فليس لحد من خلق ال عندنا فضل إل
بطاعة ال ،وطاعة رسوله ،واتباع كتابه ،وسنة نبيه صلى ال عليه وآله
هذا كتاب ال بين أظهرنا ،وعهد نبي ال وسيرته فينا ،ل يجهلها إل جاهل
مخالف معاند عن ال عزو جل ،يقول ال " :يا أيها الناس إنا خلقناكم من
ذكر
][95
وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند ال أتقيكم ) " (1فمن اتقى
ال فهو الشريف المكرم المحب ،وكذلك أهل طاعته وطاعة رسول ال،
يقول ال في كتابه " :إن كنتم تحبون ال فاتبعوني يحببكم ال ويغفر لكم
ذنوبكم وال غفور رحيم ) .(2وقال " :وأطيعوا ال واطيعوا الرسول فان
توليتم فإن ال ل يحب الكافرين ) ." (3ثم صاح بأعلى صوته :يا معاشر
المهاجرين والنصار ،ويا معاشر المسلمين أتمنون على ال وعلى رسوله
بإسلمكم ،ول ولرسوله المن عليكم إن كنتم صادقين .ثم قال :أل إنه من
استقبل قبلتنا ،وأكل ذبيحتنا ،وشهد أن ل إله إل ال وأن محمدا عبده
ورسوله أجرينا عليه أحكام القرآن ،وأقسام السلم ،ليس لحد على أحد
فضل إل بتقوى ال وطاعته ،جعلنا ال وإياكم من المتقين ،وأوليائه
وأحبائه الذين ل خوف عليهم ول هم يحزنون .ثم قال :أل إن هذه الدنيا
التي أصبحتم تتمنونها وترغبون فيها ،وأصبحت تعظكم وترميكم ليست
بداركم ول منزلكم الذي خلقتم له ،ول الذي دعيتم إليه أل وإنها ليست
بباقية لكم ول تبقون عليها .فل يغرنكم عاجلها فقد حذرتموها ووصفت لكم
وجربتموها ،فأصبحتم ل تحمدون عاقبتها .فسابقوا -رحمكم ال -إلى
منازلكم التي امرتم أن تعمروها فهي العامرة التي ل تخرب أبدا ،والباقية
التي ل تنفد رغبكم ال فيها ودعاكم إليها ،وجعل لكم الثواب فيها .فانظروا
يا معاشر المهاجرين والنصار ،وأهل دين ال ما وصفتم به في كتاب ال
ونزلتم به عند رسول ال صلى ال عليه وآله وجاهدتم عليه فيما فضلتم به
أبالحسب والنسب ؟ أم بعمل وطاعة ،فاستتموا نعمه عليكم -رحمكم ال -
بالصبر لنفسكم والمحافظة على
) (1سورة الحجرات (2) .14 :سورة آل عمران (3) .31 :مضمون مأخوذ من
الية 32سورة آل عمران.
][96
من استحفظكم ال من كتابه .أل وإنه ل يضركم تواضع شئ من دنياكم بعد حفظكم
وصية ال والتقوى ،ول ينفعكم شئ حافظتم عليه من أمر دنياكم بعد
تضييع ما امرتم به من التقوى ،فعليكم عباد ال بالتسليم لمره والرضا
بقضائه والصبر على بلئه .فأما هذا الفئ فليس لحد فيه على أحد أثرة )
(1قد فرغ ال عزوجل من قسمه فهو مال ال ،وأنتم عباد ال المسلمون،
وهذا كتاب ال ،به أقررنا ،وعليه شهدنا وله أسلمنا ،وعهد نبينا بين
أظهرنا .فسلموا -رحمكم ال -فمن لم يرض بهذا فليتول كيف شاء ،فإن
العامل بطاعة ال ،والحاكم بحكم ال ل وحشة عليه " اولئك الذين ل خوف
عليهم ول هم يحزنون " " ،اولئك هم المفلحون " ونسأل ال ربنا وإلهنا
أن يجعلنا وإياكم من أهل طاعته ،وأن يجعل رغبتنا ورغبتكم فيما عنده.
أقول ما سمعتم ،وأستغفر ال لي ولكم - 2 .ف ) :(2لما رأت طائفة من
أصحابه بصفين ما يفعله معاوية بمن انقطع إليه وبذله لهم الموال -
والناس أصحاب دنيا -قالوا لمير المؤمنين عليه السلم :أعط هذا المال،
وفضل الشراف ومن تخوف خلفه وفراقه .حتى إذا استتب ) (3لك ما
تريد عدت إلى أحسن ما كنت عليه من العدل في الرعية والقسم بالسوية )
.(4فقال :أتأمروني أن أطلب النصر بالجور فيمن وليت عليه من أهل
السلم وال ل أطور به ماسمر به سمير ) (5وما أم نجم في السماء نجما
) (6ولو كان مالهم
) (1الثرة -محركة :-الختيار واختصاص المرء باحسن شئ دون غيره(2) .
التحف ص (3) .185استتب :استقام واطرد واستمر (4) .رواه الشيخ
أبو على ابن الشيخ في أماليه مع اختلف يسير أشرنا إلى بعضها (5) .ل
أطور به :ل أقاربه .والسمير :الدهر أي ل أقاربه مدى الدهر ول أفعله
أبدا .وفى المالى )أتأمروني أن أطلب النصر بالجور وال ل افعلن ما
طلعت شمس ولح في السماء نجم وال لو كان مالى لواسيت بينهم
وكيف وانما هو أموالهم( (6) .أم :قصد أي ما قصد نجم نجما.
][97
مالي لسويت بينهم فكيف وإنما هي أموالهم .ثم أزم طويل ساكتا ) ،(1ثم قال :من
كان له مال فإياه والفساد ،فإن إعطاءك المال في غير وجهه تبذير )(2
وإسراف وهو يرفع ذكر صاحبه في الناس ويضعه عند ال ) .(3ولم يضع
امرء ماله في غير حقه وعند غير أهله إل حرمه شكرهم وكان خيره
لغيره ،فإن بقي معه منهم من يريه الود .ويظهر له الشكر ،فإنما هو ملق
وكذب ) (4وإنما يقرب لينال من صاحبه مثل الذي كان يأتي إليه قبل ،فان
زلت بصاحبة النعل واحتاج إلى معونته ومكافأته فأشر خليل وآلم خدين )
(5مقالة جهال مادام عليهم منعما ،وهو عن ذات ال بخيل ،فأي حظ أبور
وأخس من هذا الحظ ؟ ! .وأي معروف أضيع وأقل عائدة من هذا المعروف
؟ ! .فمن أتاه مال فليصل به القرابة ،وليحسن به الضيافة ،وليفك به العاني
) (6والسير وليعن به الغارمين وابن السبيل والفقراء والمهاجرين،
وليصبر نفسه على الثواب والحقوق ،فإنه يحوز بهذه الخصال شرفا في
الدنيا ) (7ودرك فضائل الخرة.
) (1أزم :امسك (2) .في بعض النسخ " في غيره تبذير " وفى المالى " في غير
حقه تبذير " (3) .في المالى " وهو وان كان ذكرا لصاحبه في الدنيا
والخرة فهو يضيعه عند ال " (4) .ملق -بفتح فكسر ككذب مصدر :-
التودد والتذلل والظهار باللسان من الكرام والود ما ليس في القلب.
وفى المالى " وكان لغيره ودهم فان بقى معه من يوده يظهر له الشكر -
الخ " (5) .كذا ولعله ألم فصحف والخدين :الحبيب والصديق(6) .
العانى :السائل (7) .في المالى " فان النور بهذه الخصال شرف مكارم
الدنيا ".
][98
) * .18باب( * * " )ما أوصى به أمير المؤمنين عليه السلم عند وفاته( " * جا،
ما ) :(1عن المفيد ،عن عمر بن محمد المعروف بابن الزيات ،عن محمد
بن همام السكافي ،عن جعفر بن محمد بن مالك ،عن أحمد بن سلمة
الغنوي ،عن محمد بن الحسن العامري ،عن أبي معمر ،عن أبي بكر بن
عياش ،عن الفجيع العقيلي قال :حدثني الحسن بن علي بن أبي طالب
عليهما السلم قال :لما حضرت والدي الوفاة أقبل يوصي فقال :هذا ما
أوصى به علي بن أبي طالب أخو محمد رسول ال وابن عمه وصاحبه أول
وصيتي أشهد أن ل إله إل ال وأن محمدا رسوله وخيرته ،اختاره بعلمه،
وارتضاه لخيرته ،وأن ال باعث من في القبور ،وسائل الناس عن
أعمالهم ،عالم بما في الصدور ثم إني اوصيك يا حسن وكفى بك وصيا بما
أوصاني به رسول ال صلى ال عليه وآله ،فإذا كان ذلك يا بني ألزم بيتك،
وابك على خطيئتك ،ول تكن الدنيا أكبر همك ،واوصيك يا بني بالصلة عند
وقتها ،والزكاة في أهلها عند محلها ،والصمت عند الشبهة ،والقتصاد
والعدل في الرضا والغضب ،وحسن الجوار ،وإكرام الضيف ،ورحمة
المجهود وأصحاب البلء ،وصلة الرحم ،وحب المساكين ومجالستهم،
والتواضع فإنه من أفضل العبادة ،وقصر المل ،واذكر الموت ،وازهد في
الدنيا فإنك رهين موت ،وغرض بلء ،وصريع سقم ،واوصيك بخشية ال
في سر أمرك وعلنيتك وأنهاك عن التسرع بالقول والفعل ،وإذا اعرض
شئ من أمر الخرة فابدء به ،وإذا عرض شئ من أمر الدنيا فتأن حتى
تصيب رشدك فيه ،وإياك ومواطن التهمة والمجلس المظنون به السوء،
فإن قرين السوء يغير جليسه ،وكن ل يا بني عامل وعن الخنى زجورا )
(2وبالمعروف آمرا ،وعن المنكر ناهيا ،وواخ الخوان في ال
) (1مجالس المفيد ص 129وامالي الطوسى ج 1ص (2) .6الخنى -مقصورا :-
الفحش.
][99
وأحب الصالح لصلحه ،ودار الفاسق عن دينك .وأبغضه بقلبك ،وزايله بأعمالك
كيل تكون مثله ،وإياك والجلوس في الطرقات ،ودع الممارات ومجاراة من
ل عقل له ول علم ،واقصد يا بني في معيشتك ،واقتصد في عبادتك،
وعليك فيها بالمر الدائم الذي تطيقه ،وألزم الصمت تسلم ،وقدم لنفسك
تغنم ،وتعلم الخير تعلم ،وكن ل ذاكرا على كل حال ،وارحم من أهلك
الصغير ،ووقر منهم الكبير ،ول تأكلن طعاما حتى تصدق منه قبل أكله،
وعليك بالصوم فإنه زكاة البدن وجنة لهله ،وجاهد نفسك ،واحذر جليسك،
واجتنب عدوك ،وعليك بمجالس الذكر وأكثر من الدعاء فاني لم آلك يا بني
نصحا ،وهذا فراق بيني وبينك .واوصيك بأخيك محمد خيرا فإنه شقيقك
وابن أبيك وقد تعلم حبي له .وأما أخوك الحسين فهو ابن امك ول اريد
الوصاة بذلك ) ،(1وال الخليفة عليكم ،وإياه أسأل أن يصلحكم وأن يكف
الطغاة والبغاة عنكم ،والصبر الصبر حتى ينزل ال المر ،ول قوة إل بال
العلي العظيم - 2 .ف ) :(2وصيته عليه السلم عند الوفاة :هذا ما أوصى
به علي بن أبي طالب .أوصى المؤمنين بشهادة أن ل إله إل ال وحده ل
شريك له وأن محمدا عبده ورسوله ،أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره
على الدين كله ولو كره المشركون ،وصلى ال على محمد وسلم .ثم إن
صلتي ونسكي ومحياي ومماتي ل رب العالمين ،ل شريك له وبذلك امرت
وأنا أول المسلمين .ثم إني اوصيك يا حسن وجميع ولدي ،وأهل بيتي،
ومن بلغه كتابي من المؤمنين بتقوى ال ربكم ،ول تموتن إل وأنتم
مسلمون ،واعتصموا بحبل ال جميعا ول تفرقوا ،فإني سمعت رسول ال
صلى ال عليه وآله يقول " :صلح ذات البين أفضل من عامة الصلة
والصوم " وإن المبيرة وهي الحالقة للدين ) (3فساد ذات البين،
) (1في أمالى الطوسى " ول ازيد الوطأة بذلك " (2) .التحف ص .197وفى
الكافي باب صدقات النبي " ص " (3) .في الكافي " من عامة الصلة
والصيام .وان المبيرة الحالقة للدين فساد ذات البين ".
][100
ول قوة إل بال .انظروا ذوي أرحامكم فصلوهم يهون ال عليكم الحساب .ال ال
في اليتام ) (1ل يضيعوا بحضرتكم ،فقد سمعت رسول ال صلى ال عليه
وآله يقول " :من عال يتيما حتى يستغني أوجب ال له بذلك الجنة كما
أوجب لكل مال اليتيم النار " .ال ال في القرآن فل يسبقنكم إلى العلم )(2
به غيركم .ال ال في جيرانكم ،فإن رسول ال صلى ال عليه وآله أوصى
بهم ،ما زال يوصي بهم حتى ظننا أنه سيورثهم .ال ال في بيت ربكم فل
يخلو منكم ما بقيتم ،فإنه إن ترك لم تناظروا .وأدنى ما يرجع به من أمه أن
يغفر له ما سلف ) .(3ال ال في الصلة ،فإنها خير العمل ،إنها عماد
دينكم .ال ال في الزكاة ،فإنها تطفئ غضب ربكم .ال ال في صيام شهر
رمضان ،فإن صيامه جنة من النار .ال ال في الفقراء والمساكين،
فشاركوهم في معائشكم .ال ال في الجهاد بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم،
فإنما يجاهد رجلن إمام هدى أو مطيع له مقتد بهداه .ال ال في ذرية
نبيكم ،ل تظلمن بين أظهركم وأنتم تقدرون على المنع عنهم .ال ال في
أصحاب نبيكم الذين لم يحدثوا حدثا ولم يأووا محدثا ،فإن رسول ال صلى
ال عليه وآله أوصى بهم ولعن المحدث منهم ومن غيرهم ،والمؤوي
للمحدثين .ال ال في النساء وما ملكت أيمانكم ،فإن آخر ما تكلم به نبيكم
أن قال " :اوصيكم بالضعيفين :النساء وما ملكت أيمانكم " .الصلة،
الصلة ،الصلة ،ل تخافوا في ال لومة لئم يكفكم من أرادكم
) (1في الكافي " ل يغيروا أفواههم ول يضيعوا بحضرتكم " (2) .في الكافي " إلى
العمل به " " (3) .من أمه " أي من قصده.
][101
وبغي عليكم ) .(1قولوا للناس حسنا كما أمركم ال ،ول تتركوا المر بالمعروف،
والنهي عن المنكر فيولي ال أمركم شراركم ،ثم تدعون فل يستجاب لكم
عليهم .عليكم يا بني بالتواصل والتباذل والتبادر ،وإياكم والتقاطع والتدابر
والتفرق ،وتعاونوا على البر والتقوى ،ول تعاونوا على الثم والعدوان،
واتقوا ال إن ال شديد العقاب ،وحفظكم ال من أهل بيت وحفظ نبيكم فيكم
) (2استودعكم ال وأقرأ عليكم السلم ،ورحمة ال وبركاته .ثم لم يزل
يقول :ل إله إل ال حتى مضى) * .19 .باب( * * " )مواعظ الحسن بن
على عليهما السلم( " * - 1مع ) :(3الطالقاني ،عن محمد بن سعيد بن
يحيي ،عن إبراهيم بن الهيثم ،عن امية البلدي ،عن أبيه ،عن المعافى بن
عمران ،عن إسرائيل ،عن المقدام بن شريح ابن هاني ،عن أبيه شريح
قال :سئل أمير المؤمنين عليه السلم عن ابنه الحسن بن علي عليهما
السلم فقال :يا بني ما العقل ؟ قال :حفظ قلبك ما استودعته ،قال :فما
الحزم ؟ قال :أن تنتظر فرصتك وتعاجل ما أمكنك ،قال :فما المجد ؟ قال:
حمل المغارم وابتناء المكارم ،قال :فما السماحة ؟ قال :إجابة السائل وبذل
النائل ) ،(4قال :فما الشح ؟ قال :أن ترى القليل سرفا ،وما أنفقت تلفا،
وقال :فما الرقة ؟ قال :طلب اليسير ،ومنع الحقير ،قال :فما الكلفة ؟ قال:
التمسك بمن ل يؤمنك ،والنظر فيما ل يعنيك ،قال :فما الجهل ؟ قال :سرعة
الوثوب على الفرصة قبل الستمكان منها
) (1في الكافي " يكفيكم ال من أذاكم وبغى عليكم " (2) .أي حفظ رعايته وامتثال
أمره .وفى الكافي بتقديم " نبيكم " على " فيكم " (3) .معاني الخبار
ص (4) .401النائل :ما ينال.
][102
والمتناع عن الجواب ،ونعم العون الصمت في مواطن كثيرة وإن كنت فصيحا .ثم
أقبل على الحسين ابنه عليهما السلم فقال له :يا بني ما السؤدد ؟ قال:
اصطناع -العشيرة واحتمال الجريرة ،قال :فما الغنى ؟ قال :قلة أمانيك،
والرضا بما يكفيك ؟ قال :فما الفقر ؟ قال :الطمع وشدة القنوط ،قال :فما
اللؤم ؟ قال :احراز المرء نفسه ،وإسلمه عرسه ،قال :فما الخرق ؟ قال:
معاداتك أميرك ،ومن يقدر على ضرك ونفعك .ثم التفت إلى الحارث العور
فقال :يا حارث علموا هذه الحكم أولدكم فإنها زياده في العقل والحزم
والرأي - 2 .ف ) :(1أجوبة الحسن بن علي عليهما السلم عن مسائل
سأله عنها أمير المؤمنين عليه السلم أو غيره في معان مختلفة .قيل له
عليه السلم :ما الزهد ؟ قال :الرغبة في التقوى والزهادة في الدنيا .قيل:
فما الحلم ؟ قال :كظم الغيظ وملك النفس .قيل :ما السداد ؟ قال :دفع المنكر
بالمعروف قيل :فما الشرف ؟ قال :إصطناع العشيرة وحمل الجريرة .قيل:
فما النجدة ؟ ) (2قال :الذب عن الجار والصبر في المواطن والقدام عند
الكريهة .قيل :فما المجد ؟ قال :أن تعطي في الغرم ) (3وأن تعفو عن
الجرم .قيل :فما المروة ؟ قال :حفظ الدين وإعزاز النفس ولين الكنف )(4
وتعهد الصنيعة وأداء الحقوق ،والتحبب إلى الناس .قيل فما الكرم ؟ قال:
البتداء بالعطية قبل
][103
المسألة وإطعام الطعام في المحل ) (1قيل :فما الدنيئة ؟ قال :النظر في اليسير
ومنع الحقير .قيل :فما اللؤم ؟ قال :قلة الندى وأن ينطق بالخنى ) .(2قيل:
فما السماح ؟ قال :البذل في السراء والضراء .قيل :فما الشح ؟ قال :أن
ترى ما في يديك شرفا وما أنفقته تلفا .قيل :فما الخاء ؟ قال :الخاء في
الشدة والرخاء .قيل :فما الجبن ؟ قال :الجرأة على الصديق والنكول عن
العدو .قيل :فما الغنى ؟ قال :رضى النفس بما قسم لها وإن قل .قيل :فما
الفقر ؟ قال :شره النفس إلى كل شئ .قيل :فما الجود ؟ قال :بذل المجهود.
قيل :فما الكرم ؟ قال :الحفاظ في الشدة والرخاء ) (3قيل :فما الجرأة ؟
قال :مواقفة القران ) .(4قيل :فما المنعة ؟ قال :الشدة البأس ومنازعة
أعز الناس ) .(5قيل :فما الذل ؟ قال :الفرق عند المصدوقة ) .(6قيل :فما
الخرق ؟ قال :مناواتك أميرك ومن يقدر على ضرك ) .(7قيل :فما السناء ؟
قال :إتيان الجميل وترك القبيح ) .(8قيل :فما الحزم ؟ قال :طول الناة
والرفق بالولة والحتراس
) (1المحل -بالفتح :-الشدة والجدب .يقال :زمان ما حل أي مجدب (2) .اللؤم -
مصدر من لؤم الرجل لؤما وملءمة -كان دنى الصل شحيح النفس فهو
لئيم .والندى -كعمي :-الجود والفضل والخير .والخنى -مقصورا :-
الفحش في الكلم (3) .الحفاظ -ككتاب :-الذب عن المحارم والمنع لها
والمحافظة على العهد والوفاء والتمسك بالود (4) .في بعض النسخ "
قيل :فما الجزاء " .والمواقفة -بتقديم القاف :-المحاربة ،يقال :واقفه
في الحرب أو الخصومة أي وقف كل منهما مع الخر (5) .المنعة :العز
والقوة .ولعل المراد بالبأس والمنازعة :الجهاد في ال أو الهيبة في
أعين الناس .وبأعز الناس أقواهم (6) .الفرق -محركة :-الخوف
والفزع .والمصدوقة :الصدق (7) .المناواة :المعاداة (8) .السناء -
بالمهملة ممدودا :-الرفعة.
][104
من جميع الناس ) .(1قيل :فما الشرف ؟ قال :موافقة الخوان وحفظ الجيران .قيل:
فما الحرمان ؟ قال :تركك حظك وقد عرض عليك .قيل :فما السفه ؟ قال:
اتباع الدناة ومصاحبة الغواة .قيل :فما العي ) (2؟ قال :العبث باللحية
وكثرة التنحنح عند المنطق .قيل :فما الشجاعة ؟ قال :مواقفة القران
والصبر عند الطعان .قيل فما الكلفة ؟ قال :كلمك فيما ل يعنيك .قيل :وما
السفاه ) (3؟ قال :الحمق في ماله المتهاون بعرضه .قيل :فما اللؤم ؟
قال :إحراز المرء نفسه وإسلمه عرسه ) - 3 .(4ف ) :(5ومن حكمه
عليه السلم :أيها الناس إنه من نصح ل وأخذ قوله دليل هدي للتي هي
أقوم ،ووفقه ال للرشاد ،وسدده للحسنى ،فإن جار ال آمن محفوظ،
وعدوه خائف مخذول ،فاحترسوا من ال بكثرة الذكر ،واخشوا ال
بالتقوى ،وتقربوا إلى ال بالطاعة فإنه قريب مجيب ،قال ال تبارك
وتعالى " :وإذا سألك عبادي عني فإني قريب اجيب دعوة الداع إذا دعان
فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون ) " (6فاستجيبوا ل وآمنوا
به ،فإنه ل ينبغي لمن عرف عظمة ال أن يتعاظم ،فإن رفعة الذين يعلمون
عظمة ال أن يتواضعوا و ]عز[ الذين يعرفون ما جلل ال أن يتذللوا ]له[
وسلمة الذين يعلمون ما قدرة ال أن يستسلموا له ،ول ينكروا أنفسهم
) (1الناة :الوقار والحلم .وفى بعض النسخ " الناة " (2) .العى :العجر في
الكلم (3) .السفاه -بالكسر :-الجهل وأيضا جمع سفيه (4) .العرس -
بالكسر :-حليلة الرجل ورحلها (5) .التحف ص 227ومضمون هذا
الخبر مروى في روضة الكافي عن أمير المؤمنين )ع( في خطبته التى
خطبها بذى قار ول عجب أن يشتبه الكلمان لن مستقاهما من قليب
ومفرغهما من ذنوب كما قال المعصوم عليه السلم (6) .سورة البقرة
.182
][105
بعد المعرفة ،ول يضلوا بعد الهدى ) .(1واعلموا علما يقينا أنكم لن تعرفوا التقى
حتى تعرفوا صفة الهدى ) (2ولن تمسكوا بميثاق الكتاب حتى تعرفوا الذي
نبذه ،ولن تتلوا الكتاب حق تلوته حتى تعرفوا الذي حرفه ،فإذا عرفتم ذلك
عرفتم البدع والتكلف ،ورأيتم الفرية على ال والتحريف ،ورأيتم كيف
يهوي من يهوي .ول يجهلنكم الذين ل يعلمون .والتمسوا ذلك عند أهله،
فإنهم خاصة نور يستضاء بهم ،وأئمة يقتدى بهم ،بهم عيش العلم وموت
الجهل ،وهم الذين أخبركم حلمهم عن جهلهم ) (3وحكم منطقهم عن
صمتهم ،وظاهرهم عن باطنهم ،ل يخالفون الحق ول يختلفون فيه .وقد
خلت لهم من ال سنة ) (4ومضى فيهم من ال حكم ،إن في ذلك لذكرى
للذاكرين ،واعقلوه إذا سمعتموه عقل رعايته ول تعقلوه عقل روايته ،فإن
رواة الكتاب كثير ،ورعاته قليل ،وال المستعان - 4 .ف ) :(5وروى عنه
عليه السلم في قصار هذه المعاني - 1 :قال عليه السلم :ما تشاور قوم
إل هدوا إلى رشدهم - 2 .وقال عليه السلم :اللؤم أن ل تشكر النعمة- 3 .
وقال عليه السلم لبعض ولده :يا بني ل تواخ أحدا حتى تعرف موارده
) (1في بعض النسخ " ول ينكرن أنفسهم بعد المعرفة ول يضلن بعد الهدى "(2) .
في بعض النسخ " حتى تعرفوا بصبغة الهدى " (3) .كذا .ولعل الضمير
في " جهلهم " راجع إلى المخالفين كما يظهر من السياق والمعنى
أخبركم حلمهم عن جهل مخالفيهم .أو عن عدم جهلهم أوانه تصحيف "
جهدهم " .وفى الروضة " هم عيش العلم وموت الجهل ،يخبركم حكمهم
عن علمهم وظاهرهم عن باطنهم الخ " (4) .في بعض النسخ " من ال
سبقة " (5) .التحف .333
][106
ومصادره فإذا استنبطت الخبرة ) (1ورضيت العشرة فآخه على إقالة العثرة
والمواساة في العسرة - 4 .وقال عليه السلم :ل تجاهد الطلب جهاد
الغالب ،ول تتكل على القدر اتكال المستسلم فإن ابتغاء الفضل من السنة،
والجمال في الطلب من العفة ،وليست العفة بدافعة رزقا ،ول الحرص
بجالب فضل ،فإن الرزق مقسوم ،واستعمال الحرص استعمال المآثم- 5 .
وقال عليه السلم :القريب من قربته المودة وإن بعد نسبه ،والبعيد من
باعدته المودة وإن قرب نسبه ،ل شئ أقرب من يد إلى جسد ،وإن اليد تفل
فتقطع وتحسم ) - 6 .(2وقال عليه السلم :من اتكل على حسن الختيار
من ال لم يتمن ) (3أنه في غير الحال التي اختارها ال له - 7 .وقال عليه
السلم :الخير الذي ل شر فيه :الشكر مع النعمة ،والصبر على النازلة8 .
-وقال عليه السلم لرجل أبل من علة ) :(4إن ال قد ذكرك فاذكره ،وأقالك
فاشكره ) - 9 .(5وقال عليه السلم :العار أهون من النار - 10 .وقال عليه
السلم عند صلحه لمعاوية :إنا وال ماثنانا عن أهل الشام بالسلمة
][107
والصبر ،فثبت السلمة ) (1بالعداوة والصبر بالجزع ،وكنتم في مبداكم إلى صفين
ودينكم أمام دنياكم وقد أصبحتم اليوم ودنياكم أمام دينكم - 11 .وقال عليه
السلم :ما أعرف أحدا إل وهو أحمق فيما بينه وبين ربه - 12 .وقيل له:
فيك عظمة فقال عليه السلم :بل في عزة قال ال " :ول العزة ولرسوله
وللمؤمنين )." (2
) (1فيه تصحيف والصحيح " فسلبت السلمة " كما في اسد الغابة ج 2ص 13
وهذه الخطبة تكشف الغطاء عن سر صلح المام المجتبى سبط المصطفى
عليهما آلف التحية والثناء .مختارها في هذا الكتاب وكتاب الملحم
والفتن للسيد بن طاووس رحمة ال وتمامها في كتاب اسد الغابة قد
يعجبنى ذكرها بنصها :قال الجزرى " :أخبرنا أبو محمد القاسم بن على
بن الحسن الدمشقي اجازة أخبرنا أبى أخبرنا أبو السعود ،حدثنا أحمد بن
محمد بن العجلى ،أخبرنا محمد بن محمد ابن أحمد العكبرى ،أخبرنا
محمد بن أحمد بن خاقان ،أخبرنا أبو بكر بن دريد قال :قام الحسن بعد
موت أبيه أمير المؤمنين فقال بعد حمد ال عزوجل :انا وال ماثنانا عن
أهل الشأم شك ول ندم وانما كنا نقاتل أهل الشأم بالسلمة والصبر،
فسلبت السلمة بالعداوة ،والصبر بالجزع ،وكنتم في منتدبكم إلى صفين
ودينكم أمام دنياكم ،فاصبحتم اليوم ودنياكم أمام دينكم ،أل وانا لكم كما
كنا ولستم لنا كما كنتم ،أل وقد اصبحتم ،بين قتيلين قتيل بصفين تبكون
له ،وقتيل بالنهروان تطلبون بثاره ،فاما الباقي فخاذل ،وأما الباكى فثائر،
أل وان معاوية دعانا إلى أمر ليس فيه عزول نصفة ،فان اردتم الموت
رددناه عليه وحاكمناه إلى ال عزوجل بظباء السيوف ،وان أردتم الحياة
قبلناه واخذنا لكم الرضى " .فناداه القوم من كل جانب :البقية البقية فلما
أفردوه امضى الصلح " .انتهى ،وقوله " :البقية البقية " تحذير يعنى
احفظ البقية (2) .المنافقون .8 :وفى نسخة " فيكم " مكان " فيك ".
ورواه الساروى في المناقب وفيه " :فيك عظمة ".
][108
- 13وقال عليه السلم في وصف أخ كان له صالح ) :(1كان من أعظم الناس في
عيني ،صغر الدنيا في عينه ) (2كان خارجا من سلطان الجهالة ،فل يمد
يدا إل على ثقة لمنفعة ،كان ل يشتكي ول يتسخط ول يتبرم ،كان أكثر
دهره صامتا ،فإذا قال بذ القائلين ) (3كان ضعيفا مستضعفا ،فإذا جاء الجد
فهو الليث عاديا ) .(4كان إذا جامع العلماء على أن يستمع أحرص منه
على أن يقول ،كان إذا غلب على الكلم لم يغلب على السكوت ،كان ل يقول
مال يفعل ،ويفعل مال يقول ،كان إذا عرض له أمر ان ل يدري أيهما أقرب
إلى ربه نظر أقربهما من هواه فخالفه ،كان ل يلوم أحدا على ما قد يقع
العذر في مثله - 14 .وقال عليه السلم :من أدام الختلف إلى المسجد
أصاب إحدى ثمان :آية محكمة ،وأخا مستفادا ،وعلما مستطرفا ،ورحمة
منتظرة ،وكلمة تدله على الهدى ،أو ترده عن ردى ،وترك الذنوب حياء أو
خشية.
) (1رواه الكليني )ره( في الكافي عن الحسن بن على عليهما السلم بنحو أبسط.
وأورده الرضى )ره( في النهج عن أمير المؤمنين عليه السلم هكذا "
وقال )ع( كان لى فيما مضى اخ في ال -الخ " قال ابن ميثم :ذكر هذا
الفصل ابن المقفع في ادبه ونسبه إلى الحسن ابن على عليهما السلم
والمشار إليه قيل :أبو ذر الغفاري وقيل :هو عثمان بن مظعون انتهى.
وقيل :ل يبعد أن يكون المراد به أباه عليه السلم عبر عنه عليه السلم
هكذا لمصلحة (2) .أي كان أعظم الصفات التى صارت سببا لعظمته في
عينى هو أن صغر الدنيا في عينه ،والصغر كعنب وقفل :خلف الكبر
وبمعنى الذل والهوان وهو خبر " كان " وفاعل " عظم " ضمير الخ
وضمير " به " عائد إلى الموصول والباء للسببية (3) .يتبرم أي ل
يتسأم ول يتضجر ول يغتم .وبذ القائلين .أي غلبهم وسبقهم وفاقهم(4) .
" كان ضعيفا مستضعفا " كناية عن تواضعه ولين كلمه وسجاحة
أخلقه " .فإذا جاء الجد كان ليثا عاديا " الليث :السد وهو كناية عن
التصلب في ذات ال وترك المداهنة في أمر الدين واظهار الحق وفى لفظ
الجد بعد ذكر الضعف أشعار بذلك .ولعل المراد البسالة في الحرب
والشجاعة.
][109
- 15ورزق غلما فأتته قريش تهنيه فقالوا :يهنيك الفارس ،فقال عليه السلم :أي
شئ هذا القول ؟ ولعله يكون راجل ،فقال له جابر :كيف نقول يا ابن رسول
ال ؟ فقال عليه السلم :إذا ولد لحدكم غلم ؟ فأتيتموه فقولوا له :شكرت
الواهب وبورك لك في الموهوب ،بلغ ال به أشده ) (1ورزقك بره- 16 .
وسئل عن المروة ؟ فقال عليه السلم :شح الرجل على دينه ،وإصلحه
ماله ،وقيامه بالحقوق - 17 .وقال عليه السلم :إن أبصر البصار ما نفذ
في الخير مذهبه .وأسمع السماع ما وعى التذكير وانتفع به .أسلم القلوب
ما طهر من الشبهات - 18 .وسأله رجل أن يخيله ) (2قال عليه السلم:
إياك أن تمدحني فأنا أعلم بنفسي منك ،أو تكذبني فإنه ل رأي لمكذوب ،أو
تغتاب عندي أحدا .فقال له الرجل :ائذن لي في النصراف ،فقال عليه
السلم :نعم إذا شئت - 19 .وقال عليه السلم :إن من طلب العبادة تزكى
لها ،إذا أضرت النوافل بالفريضة فارفضواها ،اليقين معاذ للسلمة ،من
تذكر بعد السفر اعتد ،ول يغش العاقل من استنصحه ،بينكم وبين الموعظة
حجاب العزة ،قطع العلم عذر المتعلمين ) ،(3كل معاجل يسأل النظرة )،(4
وكل مؤجل يتعلل بالتسويف - 20 .وقال عليه السلم :اتقوا ال عباد ال
وجدوا في الطلب وتجاه الهرب ،وبادروا العمل قبل مقطعات النقمات )(5
وهاذم اللذات ،فإن الدنيا ل يدوم نعيمها ول تؤمن فجيعها ول تتوقى في
مساويها ،غرور حائل ،وسناد مائل ) ،(6فاتعظوا
) (1وفى بعض النسخ " رشده " .ورواه الكليني في الكافي قسم الفروع (2) .في
بعض النسخ " يعظه " مكان يخيله أي يغيره وهو أيضا كناية عن
الموعظة (3) .كذا وفى كلم أبيه عليه السلم في النهج " المعللين ") .
(4النظرة :المهال والتأخير (5) .النقمات :جمع نقمة :اسم من النتقام.
) (6السناد -ككتاب :-النافة الشديدة القوية .ومن الشئ عماده.
][110
][111
أمره ،ويهيئ له رشده ،ويفلجه بحجته ،ويبيض وجهه ،ويعطيه رغبته مع الذين
أنعم ال عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك
رفيقا - 6 .كشف ) :(1عن الحسن بن علي عليهما السلم قال :ل أدب لمن
ل عقل له ،ول مروة لمن ل همة له ،ول حياء لمن ل دين له ،ورأس العقل
معاشرة الناس بالجميل ،وبالعقل تدرك الداران جميعا ،ومن حرم من العقل
حرمهما جميعا .وقال عليه السلم :علم الناس علمك وتعلم علم غيرك
فتكون قد أتقنت علمك وعلمت ما لم تعلم .وسئل عليه السلم عن الصمت
فقال :هو ستر العمى ،وزين العرض ،وفاعله في راحة وجليسه آمن .وقال
عليه السلم :هلك الناس في ثلث :الكبر والحرص والحسد ،فالكبر هلك
الدين وبه لعن إبليس ،والحرص عدو النفس وبه اخرج آدم من الجنة،
والحسد رائد السوء ومنه قتل قابيل هابيل .وقال عليه السلم :ل تأت رجل
إل أن ترجو نواله وتخاف يده ،أو يستفيد من علمه ،أو ترجو بركة دعائه،
أو تصل رحما بينك وبينه .وقال عليه السلم :دخلت على أمير المؤمنين
عليه السلم وهو يجود بنفسه لما ضربه ابن ملجم فجزعت لذلك فقال لي:
أتجزع فقلت :وكيف ل أجزع وأنا أراك على حالك هذه فقال عليه السلم:
أل اعلمك خصال أربع إن أنت حفظتهن نلت بهن النجاة وإن أنت ضيعتهن
فاتك الداران ،يا بني ل غنى أكبر من العقل ،ول فقر مثل الجهل ،ول
وحشة أشد من العجب ،ول عيش ألذ من حسن الخلق] .فهذه سمعت عن
الحسن يرويها عن أبيه عليهما السلم فاروها إن شئت في مناقبه أو
مناقب أبيه[ ) .(2وقال عليه السلم :ما رأيت ظالما أشبه بمظلوم من
حاسد .وقال عليه السلم :اجعل ما طلبت من الدنيا فلن تظفر به بمنزلة ما
لم يخطر ببالك ،واعلم أن مروة القناعة والرضا أكثر من مروة العطاء،
وتمام الصنيعة خير من ابتدائها
) (1كشف الغمة ج 2ص (2) .196بين القوسين كلم الردبيلى في )كشف( ول
يناسب هذا الكتاب.
][112
وسئل عن العقوق فقال :أن تحرمهما وتهجرهما ) .(1وروي أن أباه عليا عليه
السلم قال له :قم فاخطب لسمع كلمك ،فقام فقال :الحمد ل الذي من تكلم
سمع كلمه ،ومن سكت علم ما في نفسه ،ومن عاش فعليه رزقه ،ومن
مات فإليه معاده ،أما بعد فإن القبور محلتنا ،والقيامة موعدنا ،وال
عارضنا ،إن عليا باب من دخله كان مؤمنا ،ومن خرج عنه كان كافرا.
فقام إليه علي عليه السلم فالتزمه فقال :بأبي أنت وامي " ذرية بعضها
من بعض وال سميع عليم " .ومن كلمه عليه السلم :يا ابن آدم عف عن
محارم ال تكن عابدا ،ومن ارض بما قسم ال سبحانه تكن غنيا ،وأحسن
جوار من جاورك تكن مسلما ،وصاحب الناس بمثل ما تحب أن يصاحبوك
به تكن عدل ،إنه كان بين أيديكم أقوام يجمعون كثيرا ويبنون مشيدا،
ويأملون بعيدا ،أصبح جمعهم بوارا وعملهم غرورا ،ومساكنهم قبورا ،يا
ابن آدم إنك لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من بطن امك فخذ مما في
يديك لما بين يديك ،فإن المؤمن يتزود ،والكافر يتمتع ،وكان عليه السلم
يتلو بعد هذه الموعظة " :وتزودوا فإن خير الزاد التقوى " .ومن كلمه
عليه السلم إن هذا القرآن فيه مصابيح النور وشفاء الصدور ،فليجل جال
بضوئه وليلجم الصفة فإن التلقين ) (2حياة القلب البصير ،كما يمشي
المستنير في الظلمات بالنور - 7 .د ) :(3قال عليه السلم :العقل حفظ قلبك
ما استودعته ،والحزم أن تنتظر فرصتك ،وتعاجل ما أمكنك ،والمجد حمل
المغارم وابتناء المكارم ،والسماحة إجابة السائل ،وبذل النائل ،والرقة
طلب اليسير ومنع الحقير ،والكلفة
) (1يعنى الوالدين (2) .كذا وفى المصدر " وليلجم الصفة قلبه فان التفكير حياة
القلب البصير " والصواب كما في الكافي ج 2ص " 599فليجل جال
بصره ،وليبلغ الصفة نظره فان التفكر حياة قلب البصير " (3) .مخطوط.
][113
التمسك لمن ل يؤاتيك ،والنظر بما ل يعنيك ،والجهل وإن كنت فصيحا .وقال عليه
السلم :ما فتح ال عزوجل على أحد باب مسألة فخزن عنه باب الجابة،
ول فتح الرجل باب عمل فخزن عنه باب القبول ،ول فتح لعبد باب شكر
فخزن عنه باب المزيد .وقيل له عليه السلم :كيف أصبحت يا ابن رسول
ال صلى ال عليه وآله ؟ قال :أصبحت ولي رب فوقي ،والنار أمامي،
والموت يطلبني ،والحساب محدق بي ،وأنا مرتهن بعملي ل أجد ما احب،
ول أدفع ما أكره ،والمور بيد غيري ،فإن شاء عذبني وإن شاء عفا عني،
فأي فقير أفقر مني ؟ .وقال عليه السلم :المعروف ما لم يتقدمه مطل ،ول
يتبعه من ،والعطاء قبل السؤال من أكبر السؤدد .وسئل عليه السلم عن
البخل :فقال :هو أن يرى الرجل ما أنفقه تلفا وما أمسكه شرفا ،وقال عليه
السلم :من عدد نعمه محق كرمه .وقال عليه السلم :الوحشة من الناس
على قدر الفطنة بهم .وقال عليه السلم :الوعد مرض في الجود ،والنجاز
دواؤه .وقال عليه السلم :النجاز دواء الكرم .وقال عليه السلم :ل تعاجل
الذنب بالعقوبة واجعل بينهما للعتذار طريقا .وقال عليه السلم :المزاح
يأكل الهيبة ،وقد أكثر من الهيبة الصامت .وقال عليه السلم :المسؤول حر
حتى يعد ومسترق المسؤول حتى ينجز ) .(1وقال عليه السلم :المصائب
مفاتيح الجر .وقال عليه السلم :النعمة محنة فإن شكرت كانت نعمة ،فإن
كفرت صارت نقمة .وقال عليه السلم :الفرصة سريعة الفوت بطيئة العود.
وقال عليه السلم :ل يعرف الرأي إل عند الغضب .وقال عليه السلم :من
قل ذل ،وخير الغنى القنوع ،وشر الفقر الخضوع.
) " (1يعد " مضارع من وعد ،والمسترق هو السائل يعنى هو الذى يطلب الرق.
][114
وقال عليه السلم :كفاك من لسانك ما أوضح لك سبيل رشدك من غيك - 8 .د:
روي أن أمير المؤمنين عليه السلم قال للحسن عليه السلم :قم فاخطب
لسمع كلمك فقام وقال :الحمد ل الذي من تكلم سمع كلمه ،ومن سكت
علم ما في نفسه ،ومن عاش فعليه رزقه ،ومن مات فإليه معاده ،وصلى
ال على محمد وآله الطاهرين وسلم .أما بعد فإن القبور محلتنا ،والقيامة
موعدنا ،وال عارضنا ،وإن عليا باب من دخله كان آمنا ،ومن خرج منه
كان كافرا ،فقام إليه عليه السلم فالتزمه وقال :بأبي أنت وامي ذرية
بعضها من بعض وال سميع عليم - 9 .د :اعتل أمير المؤمنين عليه
السلم بالبصرة فخرج الحسن عليه السلم يوم الجمعة فصلى الغداة
بالناس فحمد ال وأثنى عليه وصلى على نبيه صلى ال عليه وآله ،ثم قال:
إن ال لم يبعث نبيا إل اختار له نفسا ورهطا وبيتا والذي بعث محمدا
بالحق ل ينقص أحد من حقنا إل نقصه ال من علمه ،ول يكون علينا دولة
إل كانت لنا عاقبة ،ولتعلمن نبأه بعد حين - 10 .د :قال مولينا الحسن عليه
السلم :إن ال عزوجل أدب نبيه أحسن الدب فقال " :خذ العفو وأمر
بالعرف وأعرض عن الجاهلين ) " (1فلما وعى الذي أمره قال تعالى" :
ما آتيكم الرسول فخذوه وما نهيكم عنه فانتهوا ) " (2فقال لجبرئيل عليه
السلم :وما العفو ؟ قال :أن تصل من قطعك ،وتعطي من حرمك ،وتعفو
عمن ظلمك ،فلما فعل ذلك أوحى ال إليه " إنك لعلى خلق عظيم )." (3
وقال :السداد دفع المنكر بالمعروف ،والشرف اصطناع العشيرة وحمل
الجريرة ،والمروة العفاف وإصلح المرء ماله ،والرقة النظر في اليسير
ومنع الحقير ،واللؤم إحراز المرء نفسه وبذله عرسه ،السماحة البذل في
العسر واليسر ،الشح أن ترى ما في يديك شرفا ،وما أنفقته تلفا ،الخاه
الوفاء في الشدة
][115
][116
وقال عليه السلم :صاحب الناس مثل ما تحب أن يصاحبوك به .وكان يقول عليه
السلم :ابن آدم إنك لم تزل في هدم عمرك منذ سقطت من بطن امك ،فخذ
مما في يديك لما بين يديك ،فإن المؤمن يتزود وإن الكافر يتمتع ،وكان
ينادي مع هذه الموعظة " وتزودوا فإن خير الزاد التقوى "* .20 .
)باب( * * " )مواعظ الحسين بن أمير المؤمنين صلوات ال عليهما( " *
- 1لى ) :(1ابن المتوكل ،عن السعد آبادي ،عن البرقي ،عن أبيه ،عن
محمد بن سنان ،عن المفضل ،عن الصادق ،عن أبيه ،عن جده عليهم
السلم قال :سئل الحسين بن علي عليهما السلم فقيل له :كيف أصبحت يا
ابن رسول ال ؟ قال :أصبحت ولي رب فوقي ،والنار أمامي ،والموت
يطلبني ،والحساب محدق بي ،وأنا مرتهن بعملي ،ل أجد ما احب ،ول أدفع
ما أكره ،والمور بيد غيري ،فإن شاء عذبني وإن شاء عفا عني ،فاي
فقير أفقر مني ؟ - 2 .ف ) :(2عن الحسين عليه السلم في قصار هذه
المعاني - 1 :قال عليه السلم :في مسيره إلى كربل ) :(3إن هذه الدنيا قد
تغيرت وتنكرت ،وأدبر معروفها ،فلم يبق منها إل صبابة كصابة الناء،
وخسيس عيش كالمرعى الوبيل ) ،(4أل ترون أن الحق ل يعمل به ،وأن
الباطل ل ينتهى
][117
عنه ،ليرغب المؤمن في لقاء ال محقا ،فإني ل أرى الموت إل الحياة ،ول الحياة
مع الظالمين إل برما .إن الناس عبيد الدنيا والدين لعق على ألسنتهم )(1
يحوطونه مادرت معائشهم فإذا محصوا بالبلء ) (2قل الديانون - 2وقال
عليه السلم لرجل اغتاب عنده رجل :يا هذا كف عن الغيبة فإنها إدام كلب
النار - 3 .وقال عنده رجل :إن المعروف إذا اسدي إلى غير أهله ضاع )(3
فقال الحسين عليه السلم :ليس كذلك ،ولكن تكون الصنيعة مثل وابل
المطر تصيب البر والفاجر - 4 .وقال عليه السلم :ما أخذ ال طاقة أحد إل
وضع عنه طاعته ،ول أخذ قدرته إل وضع عنه كلفته - 5 .وقال عليه
السلم :إن قوما عبدوا ال رغبة فتلك عبادة التجار ،وإن قوما عبدوا ال
رهبة فتلك عبادة العبيد ،وإن قوما عبدوا ال شكرا فتلك عبداة الحرار،
وهي أفضل العبادة - 6 .وقال له رجل :ابتداء كيف أنت عافاك ال ؟ فقال
عليه السلم له :السلم قبل الكلم عافاك ال ،ثم قال عليه السلم :ل تأذنوا
لحد حتى يسلم - 7 .وقال عليه السلم :الستدراج من ال سبحانه لعبده
أن يسبغ عليه النعم ويسلبه الشكر - 8 .وكتب إلى عبد ال بن العباس حين
سيره عبد ال بن الزبير ) (4إلى
) (1في بعض النسخ " لغو على ألسنتهم " (2) .محص ال الرجل :اختبره(3) .
اسدي إليه :أحسن إليه .والوابل :المطر الشديد (4) .انما وقع هذا
التسيير بعد قتل المختار الناهض الوحيد لطلب ثار المام السبط المفدى
فالكتاب هذا ل يمكن أن يكون للحسين السبط عليه السلم ولعله لولده
الطاهر على بن الحسين السجاد سلم ال عليهما فاشتبه على الراوى
على بن الحسين بالحسين بن على صلوات ال عليهم.
][118
اليمن :أما بعد بلغني أن ابن الزبير سيرك إلى الطائف فرفع ال لك بذلك ذكرا وحط
به عنك وزرا وإنما يبتلى الصالحون .ولو لم توجر إل فيما تحت لقل الجر
) ،(1عزم ال لنا ولك بالصبر عند البلوى ،والشكر عند النعمى ) (2ول
أشمت بنا ول بك عدوا حاسدا أبدا ،والسلم - 9 .وأتاه رجل فسأله فقال
عليه السلم :إن المسألة ل تصلح إل في غرم فادح ،أو فقر مدقع ،أو
حمالة مقطعة ) ،(3فقال الرجل :ما جئت إل في إحديهن ،فأمر له بمائة
دينار - 10 .وقال لبنه علي بن الحسين عليهما السلم :أي بني إياك وظلم
من ل يجد عليك ناصرا إل ال عزوجل - 11 .وسأله رجل عن معنى قول
ال " :وأما بنعمة ربك فحدث ) " (4قال عليه السلم :أمره أن يحدث بما
أنعم ال به عليه في دينه - 12 .وجاءه رجل من النصار يريد أن يسأله
حاجة فقال عليه السلم :يا أخا النصار صن وجهك عن بذلة المسألة )(5
وارفع حاجتك في رقعة ،فإني آت فيها ما سارك إن شاء ال ،فكتب :يا أبا
عبد ال إن لفلن علي خمسمائة دينار وقد ألح بي فكلمه ينظرني إلى
ميسرة ،فلما قرأ الحسين عليه السلم الرقعة دخل إلى منزله فأخرج صرة
) (6فيها ألف دينار ،وقال عليه السلم له :أما خمسمائة فاقض بها دينك
وأما خمسمائة فاستعن بها على دهرك ،ول ترفع حاجتك إل إلى أحد ثلثة:
إلى
) (1في بعض النسخ " لقاء الجر " (2) .والنعمى :الدعة والراحة وخفض
العيش (3) .الغرم :أداء شئ لزم ،وما يلزم أداؤه ،والضرر والمشقة.
والفادح :الصعب المثقل .والمدقع :الملصق بالتراب .والحمالة :الدية
والغرامة والكفالة (4) .سورة الضحى (5) .11 :البذلة :ترك الصون) .
(6الصرة -بالضم فالتشديد :-ما يصر فيه الدراهم والدينار.
][119
ذي دين ،أو مروة ،أو حسب ،فأما ذو الدين فيصون دينه ،وأما ذوالمروة فإنه
يستحيي لمروته ،وأما ذو الحسب فيعلم أنك لم تكرم وجهك أن تبذله له في
حاجتك ،فهو يصون وجهك أن يردك بغير قضاء حاجتك - 13 .وقال عليه
السلم :الخوان أربعة :فأخ لك وله ،وأخ لك ،وأخ عليك وأخ ل لك ول له.
فسئل عن معنى ذلك ؟ فقال عليه السلم :الخ الذي هو لك وله فهو الخ
الذي يطلب بإخائه بقاء الخاء ول يطلب بإخائه موت الخاء ،فهذا لك وله
لنه إذا تم الخاء طابت حياتهما جميعا ،وإذا دخل الخاء في حال التناقص
بطل جميعا .والخ الذي هو لك فهو الخ الذي قد خرج بنفسه عن حال
الطمع إلى حال الرغبة ،فلم يطمع في الدنيا إذا رغب في الخاء ،فهذا موفر
) (1عليك بكليته .والخ الذي هو عليك فهو الخ الذي يتربص بك الدوائر
) (2ويغشي السرائر ،ويكذب عليك بين العشائر ،وينظر في وجهك نظر
الحاسد ،فعليه لعنة الواحد .والخ الذي ل لك ول له فهو الذي قد مله ال
حمقا فأبعده سحقا ) (3فتراه يؤثر نفسه عليك ويطلب شحا ما لديك- 14 .
وقال عليه السلم :من دلئل علمات القبول :الجلوس إلى أهل العقول.
ومن علمات أسباب الجهل المماراة لغير أهل الكفر ) (4ومن دلئل العالم
انتقاده لحديثه ،وعلمه بحقائق فنون النظر - 15 .وقال عليه السلم :إن
المؤمن اتخذ ال عصمته ،وقوله مرآته .فمرة ينظر في نعت المؤمنين،
وتارة ينظر في وصف المتجبرين ،فهو منه في لطائف ،ومن نفسه في
تعارف ،ومن فطنته في يقين ،ومن قدسه على تمكين ).(5
) (1في بعض النسخ " موفور عليك " (2) .الدوائر .النوائب ،يقال :دارت الدوائر
أي نزلت الدواهي والنوائب (3) .أي فابعده ال من رحمته بعدا(4) .
الممارة :المجادلة والمنازعة .وفى بعض النسخ " لغير أهل الفكر ") .
(5أي ومن طهارة نفسه على قدرة وسلطنة.
][120
- 16وقال عليه السلم :إياك وما تعتذر منه ،فإن المؤمن ل يسيئ ول يعتذر
والمنافق كل يوم يسيئ ويعتذر - 17 .وقال عليه السلم :للسلم سبعون
حسنة ،تسع وستون للمبتدئ وواحدة للراد - 18 .وقال عليه السلم:
البخيل من بخل بالسلم - 19 .وقال عليه السلم :من حاول امرا )(1
بمعصية ال كان أفوت لما يرجو ،وأسرع لما يحذر ) - 3 .(2ف )(3
موعظة منه عليه السلم :أوصيكم بتقوى ال واحذركم أيامه وأرفع لكم
أعلمه ،فكان المخوف قد أفد بمهول وروده ،ونكير حلوله ،وبشع مذاقه،
فاعتلق مهجكم ) (4وحال بين العمل وبينكم ،فبادروا بصحة الجسام في
مدة العمار كأنكم ببغتات طوارقه ) (5فتنقلكم من ظهر الرض إلى بطنها،
ومن علوها إلى سفلها ،ومن انسها إلى وحشتها ،ومن روحها وضوئها
إلى ظلمتها ،ومن سعتها إلى ضيقها ،حيث ل يزار حميم ،ول يعاد سقيم،
ول يجاب صريخ .أعاننا ال وإياكم على أهوال ذلك اليوم ،ونجانا وإياكم
من عقابه ،وأوجب لنا ولكم الجزيل من ثوابه .عباد ال فلو كان ذلك قصر
مرماكم ومدى مظعنكم ) (6كان حسب العامل
) (1في بعض النسخ " من حاول أمرءا " (2) .في بعض النسخ " أسرع لمجئ ما
يحذر " (3) .التحف ص (4) .239أفد -كفرح :-عجل ودنا وأزف.
والمهول :ذوالهول .وبشع :ضد حسن وطيب أي كريه الطعم والرائحة.
والمهج -كغرف :-جمع مهجة -كغرفة :-الدم ،أو دم القلب والمراد به
الروح (5) .بغتات :جمع بغتة .والطوارق :جمع الطارقة :الداهية(6) .
القصر :الجهد والغاية .والمرمى :مصدر ميمى أو مكان الرمى وزمانه.
والمدى :الغاية والمنتهى .ويذهل :ينسى ويسلو -من الذهول :-الذهاب
عن المر - - - - -
][121
شغل يستفرغ عليه أحزانه ،ويذهله عن دنياه ،ويكثر نصبه لطلب الخلص منه،
فكيف وهو بعد ذلك مرتهن باكتسابه ،مستوقف على حسابه ،ل وزير له
يمنعه ،ول ظهير عنه يدفعه ،ويومئذ ل ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من
قبل أو كسبت في إيمانها خيرا ،قل انتظروا إنا منتظرون .اوصيكم بتقوى
ال فإن ال قد ضمن لمن اتقاه أن يحوله عما يكره إلى ما يحب ،ويرزقه
من حيث ل يحتسب ،فإياك أن تكون ممن يخاف على العباد من ذنوبهم،
ويأمن العقوبة من ذنبه ،فإن ال تبارك وتعالى ل يخدع عن جنته ول ينال
ما عنده إل بطاعته إن شاء ال - 4 .كشف ) :(1خطب الحسين عليه
السلم فقال :أيها الناس نافسوا في المكارم ،وسارعوا في المغانم ،ول
تحتسبوا بمعروف لم تعجلوا ،واكسبوا الحمد بالنجح ،ول تكتسبوا بالمطل
ذما ،فمهما يكن لحد عند أحد صنيعة له رأى أنه ل يقوم بشكرها فال له
بمكافأته ،فإنه أجزل عطاء وأعظم أجرا ،واعلموا أن حوائج الناس إليكم
من نعم ال عليكم فل تملوا النعم فتحور نقما ) ،(2واعلموا أن المعروف
مكسب حمدا ،ومعقب أجرا ،فلو رأيتم المعروف رجل رأيتموه حسنا جميل
تسر الناظرين ،ولو رأيتم اللؤم رأيتموه سمجا ) (3مشوها تنفر منه
القلوب وتغض دونه البصار .أيها الناس من جاد ساد ،ومن بخل رذل،
وإن أجود الناس من أعطى من ل يرجوه ،وإن أعفى الناس من عفا عن
قدرة ،وإن أوصل الناس من وصل من
- - - -بدهشة .أي لو كانت الدنيا آخر أمركم وليس وراءها شئ لجدير بأن النسان
يجد ويتعب ويسعى لطلب الخلص من الموت وتبعاته ويشغل عن غيره.
) (1كشف النعمة ج 2ص (2) .241حار يحور حورا :رجع(3) .
السمج :القبيح.
][122
قطعه ،والصول على مغارسها بفروعها تسموا ،فمن تعجل لخيه خيرا وجده إذا
قدم عليه غدا ،ومن أراد ال تبارك وتعالى بالصنيعة إلى أخيه كافأه بها في
وقت حاجته ،وصرف عنه من بلء الدنيا ما هو أكثر منه ،ومن نفس كربة
مؤمن فرج ال عنه كرب الدنيا والخرة ،ومن أحسن أحسن ال إليه ،وال
يحب المحسنين - 5 .وخطب عليه السلم ) (1فقال :إن الحلم زينة،
والوفاء مروة ،والصلة نعمة ،والستكبار صلف ) (2والعجلة سفه،
والسفه ضعف ،والغلو ورطة ،ومجالسة أهل الدناءة شر ،ومجالسة أهل
الفسق ريبة - 6 .كشف ) :(3وأما شعر الحسين عليه السلم فقد ذكر
الرواة له شعرا ووقع إلي شعره عليه السلم بخط الشيخ عبد ال بن أحمد
بن الخشاب النحوي )ره( وفيه قال أبو مخنف لوط بن يحيى :أكثر ما
يرويه الناس من شعر سيدنا أبي عبد ال الحسين عليهما السلم إنما هو
ما تمثل به وقد أخذت شعره من مواضعه واستخرجته من مظانه وأماكنه،
ورويته عن ثقات الرجال منهم عبد الرحمن بن نجبة الخزاعي وكان عارفا
بأمر أهل البيت عليهم السلم ومنهم :المسيب بن رافع المخزومي وغيره
رجال كثير ولقد أنشدني يوما رجل من ساكني سلع ) (4هذه البيات فقلت
له اكتبنيها فقال لي :ما أحسن رداءك هذا ،وكنت قد اشتريته يومي ذاك
بعشرة دنانير فطرحته عليه فاكتبنيها وهي :قال أبو عبد ال الحسين بن
علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصى عليه
السلم :ذهب الذين احبهم * وبقيت فيمن ل احبه في من أراه يسبني *
ظهر المغيب ول اسبه
يبغى فسادي ما استطاع * وأمره مما أربه حنقا يدب إلى الضراء * وذاك مما ل
أدبه ويرى ذباب الشر من * حولي يطن ول يذبه وإذا خبا وغر الصدور *
فل يزال به يشبه ) (1أفل يعيج بعقله * أفل يتوب إليه لبه ) (2أفل يرى
أن فعله * مما يسور إليه غبه حسبي بربي كافيا * ما أختشى والبغي
حسبه ولقل من يبغى عليه * فما كفاه ال ربه ) (3وقال عليه السلم :إذا
ما عضك الدهر فل تجنح إلى خلق * ول تسأل سوى ال تعالى قاسم
الرزق فلو عشت وطوفت من الغرب إلى الشرق * لما صادفت من يقدر أن
يسعد أو يشقى وقال عليه السلم :ال يعلم أن ما يبدي يزيد لغيره * وبأنه
لم يكتسبه بغيره وبميره ) (4لو أنصف النفس الخؤن لقصرت من سيره *
ولكان ذلك منه أدنى شره من خيره كذا بخط ابن الخشاب " شره "
بالضافة ،وأظنه وهما منه لنه ل معنى له على الضافة ،والمعنى أنه لو
أنصف نفسه أدنى النصاف شره على المفعولية .من خيره أي صار ذا
خير .قال عليه السلم :إذا استنصر المرء امرءا ل يدي له * فناصره
والخاذلون سواء
) (1خبا أي سكن .ووغر الصدور :حرها .ويشبه أي يشعله ويوقده (2) .يعيج أي
يقيم ويرجع .ويثوب أي يرجع ،واللب :العقل (3) .في بعض النسخ " ال
كفاه ال ربه " (4) .غار الرجل .وغار لهم .ومار لهم ،ومار بهم وهى
الغيرة والميرة.
][124
أنا ابن الذي قد تعلمون مكانه * وليس على الحق المبين طخاء ) (1أليس رسول
ال جدي ووالدي * أنا البدران خل النجوم خفاء ألم ينزل القرآن خلف
بيوتنا * صباحا ومن بعد الصباح مساء ينازعني وال بيني وبينه * يزيد
وليس المر حيث يشاء فيا نصحاء ال أنتم ولته * وأنتم على أديانه امناء
بأي كتاب أم بأية سنة * تناولها عن أهلها البعداء وهي طويلة ،وقال عليه
السلم (2) :أنا الحسين بن علي بن أبي * طالب البدر بأرض العرب ألم
تروا وتعلموا أن أبي * قاتل عمرو ومبير مرحب ولم يزل قبل كشوف
الكرب * مجليا ذلك عن وجه النبي أليس من أعجب عجب العجب * أن
يطلب البعد ميراث النبي " وال قد أوصى بحفظ القرب " وقال عليه
السلم (3) :ما يحفظ ال يصن * ما يضع ال يهن من يسعد ال يلن * له
الزمان إن خشن أخي اعتبر ل تغترر * كيف ترى صرف الزمن يجزى بما
اوتي من * فعل قبيح أو حسن أفلح عبد كشف * الغطاء عنه ففطن وقر
عينا من رأى * إن البلء في اللسن فماز من ألفاظه * في كل وقت ووزن
) (1الطخاء :السحاب المرتفع ،وما في السماء طخية -بالضم -أي شئ من
السحاب .والطخياء :الليلة المظلمة وظلم طاخ (2) .الكشف :ج 2ص
(3) .248المصدر :ج 2ص .248
][125
وخاف من لسانه * عزبا حديدا فخزن ومن يكن معتصما * بال ذي العرش فلن
يضره شئ ومن * يعدى على ال ومن من يأمن ال يخف * وخائف ال
أمن وما لما يثمره الخوف من ال ثمن يا عالم السر كما * يعلم حقا ما
علن صلى على جدي أبي القاسم ذي النور المنن أكرم من حي ومن * لفف
ميتا في كفن وامنن علينا بالرضى * فأنت أهل للمنن وأعفنا في ديننا من
* كل خسر وغبن ما خاب من خاب كمن * يوما إلى الدنيا ركن طوبى لعبد
كشفت * عنه غبابات الوسن والموعد ال وما * يقض به ال يكن وهي
طويلة ،وقال عليه السلم ) :(1أبي علي وجدي خاتم الرسل *
والمرتضون لدين ال من قبلي وال يعلم والقرآن ينطقه * إن الذي بيدي
من ليس يملك لي ما يرتجى بامرء ل قائل عذل * ول يزيغ إلى قول ول
عمل ول يرى خائفا في سره وجل * ول يحاذر من هفو ول زلل يا ويح
نفسي ممن ليس يرحمها * أما له في كتاب ال من مثل أماله في حديث
الناس معتبر * من العمالقة العادية الول يا أيها الرجل المغبون شيمته *
إني ورثت رسول ال عن رسل أأنت أولى به من آله فبما * ترى اعتللت
وما في الدين من علل وفيها أبيات اخر.
][126
وقال عليه السلم :يا نكبات الدهر دولي دولي * وأقصري إن شئت أو أطيلي )(1
منها :رميتني رمية ل مقيل * بكل خطب فادح جليل وكل عبء أيد ثقيل *
أول ما رزئت بالرسول وبعد بالطاهرة البتول * والوالد البر بنا الوصول
وبالشقيق الحسن الجليل * والبيت ذي التأويل والتنزيل وزورنا المعروف
من جبريل * فما له في الزرء من عديل ما لك عني اليوم من عدول *
وحسبي الرحمن من منيل قال :تم شعر مولينا الشهيد أبي عبد ال الحسين
بن علي بن أبي طالب عليهما السلم وهو عزيز الوجود - 7 .جع ):(2
روي أن الحسين بن علي عليهما السلم جاءه رجل وقال :أنا رجل عاص
ول أصبر عن المعصية فعظني بموعظة فقال عليه السلم :افعل خمسة
أشياء واذنب ما شئت ،فأول ذلك :ل تأكل زرق ال واذنب ما شئت،
والثاني :اخرج من ولية ال واذنب ما شئت ،والثالث :اطلب موضعا ل
يراك ال واذنب ما شئت ،والرابع :إذا جاء ملك الموت ليقبض روحك
فادفعه عن نفسك واذنب ما شئت ،والخامس :إذا أدخلك مالك في النار فل
تدخل في النار واذنب ما شئت - 8 .ختص ) :(3قال الصادق عليه السلم:
حدثني أبي ،عن أبيه عليهما السلم أن رجل من أهل الكوفة كتب إلى
الحسين بن علي عليهما السلم :يا سيدي أخبرني بخير الدنيا والخرة
فكتب عليه السلم :بسم ال الرحمن الرحيم أما بعد فإن من طلب رضى ال
بسخط الناس كفاه ال امور الناس ،ومن طلب رضى الناس بسخط ال
وكله ال إلى الناس والسلم - 9 .الدرة الباهرة ) :(4قال الحسين بن علي
عليهما السلم :إن حوائج الناس إليكم
) (1دال اليام :دارت .ودال الزمان :انقلب من حال إلى حال (2) .جامع الخبار
الفصل 89وفيه عن علي بن الحسين (3) .الختصاص ص (4) .225
مخطوط.
][127
من نعم ال عليكم فل تملوا النعم .وقال عليه السلم :اللهم ل تستدرجني بالحسان،
ول تؤدبني بالبلء .وقال عليه السلم :من قبل عطاءك فقد أعانك على
الكرم .وقال عليه السلم :مالك إن لم يكن لك كنت له ،فل تبق عليه فإنه ل
يبقى عليك وكله قبل أن يأكلك - 10 .كنز الكراجكى ) :(1قال الحسين بن
علي عليهما السلم يوما لبن عباس :ل تتكلمن فيما ل يعنيك فإني أخاف
عليك الوزر ،ول تتكلمن فيما يعنيك حتى ترى للكلم موضعا ،فرب متكلم
قد تكلم بالحق فعيب ،ول تمارين حليما ول سفيها ،فان الحليم يقليك،
والسفيه يؤذيك ،ول تقولن في أخيك المؤمن إذا توارى عنك إل ما تحب أن
يقول فيك إذا تواريت عنه ،واعمل عمل رجل يعلم أنه مأخوذ بالجرام،
مجزي بالحسان ،والسلم .وبلغه عليه السلم كلم نافع بن جبير ) (2في
معاوية وقوله " :إنه كان يسكته الحلم وينطقه العلم " ،فقال :بل كان
ينطقه البطر ويسكته الحصر - 11 .أعلم الدين ) (3قال الحسين بن علي
عليهما السلم :اعلموا أن حوائج الناس إليكم من نعم ال عليكم فل تملوا
النعم فتتحول إلى غيركم ،واعلموا أن المعروف مكسب حمدا ومعقب أجرا،
فلو رأيتم المعروف رجل لرأيتموه حسنا جميل يسر الناظرين ،ويفوق
العالمين ،ولو رأيتم اللؤم رأيتموه سمجا قبيحا مشوها تنفر منه القلوب
وتغض دونه البصار ،ومن نفس كربة مؤمن فرج ال تعالى عنه كرب
الدنيا والخرة ،من أحسن أحسن ال إليه ،وال يحب المحسنين .وتذاكروا
العقل عند معاوية فقال الحسين عليه السلم :ل يكمل العقل إل باتباع
الحق ،فقال معاوية :ما في صدوركم إل شئ واحد .وقال عليه السلم :ل
تصفن لملك دواء فإن نفعه لم يحمدك وإن ضره اتهمك.
) (1المصدر :ص (2) .194ابن مطعم يكنى أبا محمد أو أبا عبد ال مات سنة .99
) (3مخطوط.
][128
وقال عليه السلم :رب ذنب أحسن من العتذار منه .وقال عليه السلم :مالك إن لم
يكن لك كنت له منفقا ،فل تنفقه بعدك فيكن ذخيرة لغيرك وتكون أنت
المطالب به المأخوذ بحسابه ،اعلم .أنك ل تبقى له ،ول يبقى عليك ،فكله
قبل أن يأكلك .وكان عليه السلم يرتجز يوم قتل ويقول :الموت خير من
ركوب العار * والعار خير من دخول النار وال من هذا وهذا جار وقال
عليه السلم :دراسة العلم لقاح المعرفة ،وطول التجارب زيادة في العقل،
والشرف التقوى ،والقنوع راحة البدان ،ومن أحبك نهاك ،ومن أبغضك
أغراك .وقال عليه السلم :من أحجم عن الرأي وعييت به الحيل كان
الرفق مفتاحه )) * .21 .(1باب( * * " )وصايا على بن الحسين عليهما
السلم ومواعظه وحكمه( " * - 1ف ) :(2من كلمه عليه السلم في
الزاهدين :إن علمة الزاهدين في الدنيا الراغبين في الخرة تركهم كل
خليط وخليل ،ورفضهم كل صاحب ل يريد ما يريدون .أل وإن العامل لثواب
الخرة هو الزاهد في عاجل زهرة الدنيا ،الخذ للموت أهبته ) (3الحاث
على العمل قبل فناء الجل ،ونزول ما لبد من لقائه ،وتقديم الحذر قبل
الحين ) (4فإن ال عزوجل يقول " :حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب
ارجعون لعلي أعمل صالحا
) (1أحجم عن الشئ :كف أو نكص هيبة (2) .التحف ص (3) .272الهبة :العدة
والسباب (4) .الحين -بالفتح :-الهلك.
][129
فيما تركت ) " (1فلينزلن أحدكم اليوم نفسه في هذه الدنيا كمنزلة المكرور إلى
الدنيا ،النادم على ما فرط فيها من العمل الصالح ليوم فاقته .واعلموا عباد
ال ! أنه من خاف البيات تجافى عن الوساد ،وامتنع من الرقاد )(2
وأمسك عن بعض الطعام والشراب من خوف سلطان أهل الدنيا ،فكيف -
ويحك -يا ابن آدم من خوف بيات سلطان رب العزة ؟ وأخذه الليم وبياته
لهل المعاصي والذنوب مع طوارق المنايا ) (3بالليل والنهار ،فذلك البيات
الذي ليس منه منجى ،ول دونه ملتجأ ،ول منه مهرب .فخافوا ال أيها
المؤمنون من البيات خوف أهل التقوى ،فإن ال يقول " :ذلك لمن خاف
مقامي وخاف وعيد ) ." (4فاحذروا زهرة الحياة الدنيا وغرورها
وشرورها ،وتذكروا ضرر عاقبة الميل إليها ،فإن زينتها فتنة وحبها
خطيئة .واعلم -ويحك -يا ابن آدم أن قسوة البطنة ،وفترة الميلة ،وسكر
الشبع ،وغرة الملك ) (5مما يثبط ويبطئ عن العمل وينسي الذكر ،ويلهي
عن اقتراب الجل ،حتى كأن المبتلى بحب الدنيا به خبل من سكر الشراب )
(6وأن العاقل عن ال ،الخائف منه ،العامل له ليمرن نفسه ويعودها
الجوع ،حتى ما تشتاق إلى الشبع ،وكذلك تضمر الخيل لسبق الرهان ).(7
) (1المؤمنون (2) .100 :البيات :الهجوم على العداء ليل .وتجافي :تنحى،
والوسادة -بالتثليث :المخدة والمتكاء .والرقاد :النوم (3) .المنايا :جمع
المنية أي الموت .وطوارق المنية :دواهي الموت (4) .سورة ابراهيم:
(5) .18البطنة -بالكسر :-المتلء الشديد من الكل .وفى بعض النسخ
" نشوة البطنة وفطرة الميلة " والميلة :الرغبة .وفى بعض النسخ "
عزة الملك " والعزة :الحمية والغلبة (6) .الخبل -بالتحريك :-اصابة
الجنون وفساد في العقل (7) .تضمير الفرس أن تعلفه حتى يسمن ثم
ترده عن القوت وذلك في أربعين يوما.
][130
فاتقوا ال عباد ال تقوى مؤمل ثوابه ،وخاف عقابه ) ،(1فقد ل أنتم أعذرو أنذر
وشوق وخوف ،فل أنتم إلى ما شوقكم إليه من كريم ثوابه تشتاقون
فتعملون ،ول أنتم مما خوفكم به من شديد عقابه وأليم عذابه ترهبون
فتنكلون ) (2وقد نبأكم ال في كتابه أنه " :من يعمل من الصالحات وهو
مؤمن فل كفران لسعيه وإنا له كاتبون ) ." (3ثم ضرب لكم المثال في
كتابه وصرف اليات لتحذروا عاجل زهرة الحياة الدنيا فقال " :إنما
أموالكم وأولدكم فتنة وال عنده أجر عظيم ) " (4فاتقوا ال ما استطعتم
واسمعوا وأطيعوا ،فاتقوا ال واتعظوا بمواعظ ال .وما أعلم إل كثيرا منكم
قد نهكته ) (5عواقب المعاصي فما حذرها ،وأضرت بدينه فما مقتها .أما
تسمعون النداء من ال بعيبها وتصغيرها حيث قال " :اعلموا أنما الحيوة
الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الموال والولد كمثل
غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ثم يكون حطاما وفي الخرة
عذاب شديد .ومغفرة من ال ورضوان وما الحيوة الدنيا إل متاع الغرور *
سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والرض اعدت
للذين آمنوا بال ورسله ذلك فضل ال يؤتيه من يشاء وال ذو الفضل
العظيم ) ." (6وقال " :يا أيها الذين آمنوا اتقوا ال ولتنظر نفس ما قدمت
لغد واتقوا ال إن ال خبير بما تعملون * ول تكونوا كالذين نسوا ال
فأنسيهم أنفسهم اولئك هم الفاسقون )." (7
) (1الخاف :الشديد الخوف (2) .تنكلون :تنكصون وتخافون (3) .سورة النبياء:
(4) .94سورة التغابن (5) .15 :نهكه :بالغ في عقوبته .ونهك العمى
فلنا :هزلته وأضنته .وفى بعض النسخ " لقد هلكته " (6) .سورة
الحديد (7) .21 - 20 :سورة الحشر.19 - 18 :
][131
فاتقوا ال عباد ال وتفكروا واعملوا لما خلقتم له ،فإن ال لم يخلقكم عبثا ولم
يترككم سدى ،قد عرفكم نفسه ،وبعث إليكم رسوله ،وأنزل عليكم كتابه،
فيه حلله وحرامه ،وحججه وأمثاله ،فاتقوا ال فقد احتج عليكم ربكم
فقال :ألم نجعل له عينين * ولسانا وشفتين * وهديناه النجدين ) :(1فهذه
حجة عليكم فاتقوا ال ما استطعتم فإنه ل قوة إل بال ول تكلن إل عليه
وصلى ال على محمد ]نبيه[ وآله - 2 .ف ) :(2كتابه عليه السلم إلى
محمد بن مسلم الزهري يعظه ).(3
) (1سورة البلد (2) .10 - 8 :التحف ص (3) 274 .محمد بن مسلم بن عبيدال
بن عبد ال بن شهاب الزهري على ما يظهر من كتب التراجم من
المنحرفين عن أمير المؤمنين وأبنائه عليهم السلم كان أبوه مسلم مع
مصعب بن الزبير وجده عبيدال مع المشركين يوم بدر ،وكان هو أكثر
عمره عامل لبنى مروان ويتقلب في دنياهم ،جعله هشام بن عبد الملك
معلم أولده وأمره أن يملى على أولده أحاديث فأملى عليهم أربعمائة
حديث .وأنت خبير بأن الذى خدم بنى امية منذ خمسين سنة ما مبلغ
علمه وماذا حديثه ومعلوم أن كل ما أملى من هذه الحاديث هو ما يروق
هؤلء ول يكون فيه شئ من فضل على عليه السلم وولده .ومن هنا
أطراه علماؤهم ورفعوه فوق منزلته بحيث تعجب ابن حجر من كثرة ما
نشره من العلم .روى ابن أبى الحديد في شرح النهج على ما حكاه
صاحب تنقيح -المقال )ره( -عن جرير بن عبد الحميد عن محمد بن
شيبة قال :شهدت الزهري وعروة بن الزبير في مسجد النبي صلى ال
عليه وآله جالسان يذكران عليا عليه السلم ونال منه فبلغ ذلك على بن
الحسين عليهما السلم فجاء حتى وقف عليهما فقال :أما أنت يا عروة
فان أبي حاكم أباك إلى ال فحكم لبي على أبيك ،وأما أنت يا زهرى فلو
كنت بمكة لريتك كرامتك .وفى رجال الشيخ الطوسى والعلمة وابن داود
والتفرشى أنه عدو ،وفى المحكى عن السيد بن طاووس في التحرير
الطاووسي أن سفيان بن سعيد والزهرى عدوان متهمان .وبالتأمل في
رسالة المام عليه السلم يعلم صدق ما قلناه.
][132
كفانا ال وإياك من الفتن ورحمك من النار ،فقد أصبحت بحال ينبغي لمن عرفك بها
أن يرحمك ،فقد أثقلتك نعم ال بما أصح من بدنك ،وأطال من عمرك،
وقامت عليك حجج ال بما حملك من كتابه ،وفقهك فيه من دينه ،وعرفك
من سنة نبيه محمد صلى ال عليه وآله ،فرض لك في كل نعمة أنعم بما
عليك وفي كل حجة احتج بها عليك الفرض فما قضى إل ابتلى شكرك في
ذلك ،وأبدى فيه فضله عليك ) (1فقال " :لئن شكرتم لزيدنكم ولئن كفرتم
إن عذابي لشديد ) ." (2فانظر أي رجل تكون غدا إذا وقفت بين يدي ال
فسألك عن نعمه عليك كيف رعيتها ،وعن حججه عليك كيف قضيتها ،ول
تحسبن ال قابل منك بالتعذير ول راضيا منك بالتقصير ،هيهات هيهات
ليس كذلك ،أخذ على العلماء في كتابه إذ قال " :لتبيننه للناس ول تكتمونه
) " (3واعلم أن أدنى ما كتمت وأخف ما احتملت أن آنست وحشة الظالم،
وسهلت له طريق الغي بدنوك منه حين دنوت ،وإجابتك له حين دعيت ،فما
أخوفني أن تكون تبوء بإثمك غدا مع الخونة ،وأن تسأل عما أخذت
بإعانتك على ظلم الظلمة ،إنك أخذت ما ليس لك ممن أعطاك ،ودنوت ممن
لم يرد على أحد حقا ،ولم ترد باطل حين أدناك ،وأحببت من حاد ال )(4
أو ليس بدعائه إياك حين دعاك جعلوك قطبا أداروا بك رحى مظالمهم،
وجسرا يعبرون عليك إلى بلياهم وسلما إلى ضللتهم ،داعيا إلى غيهم،
سالكا سبيلهم ،يدخلون بك الشك على العلماء ،ويقتادون بك قلوب الجهال
إليهم ،فلم يبلغ أخص وزرائهم ،ول أقوى أعوانهم إل دون ما بلغت من
إصلح فسادهم،
) (1في بعض النسخ " فرضى لك في كل نعمة أنعم بها عليك وفى كل حجة أحتج
بها عليك الفرض بما قضى ال ابتلى شكرك .الخ " (2) .سورة ابراهيم:
(3) .7سورة آل عمران (4) .187 :في بعض النسخ " وأجبت من حاد
ال ".
][133
واختلف الخاصة والعامة إليهم .فما أقل ما أعطوك في قدر ما أخذوا منك ،وما
أيسر ما عمروا لك ،فيكف ما خربوا عليك .فانظر لنفسك فإنه ل ينظر لها
غيرك وحاسبها حساب رجل مسؤول .وانظر كيف شكرك لمن غذاك بنعمه
صغيرا وكبيرا ،فما أخوفني أن تكون كما قال ال في كتابه " :فخلف من
بعدهم خلف ورثوا الكتاب يأخذون عرض هذا الدنى ويقولون سيغفر لنا )
" (1إنك لست في دار مقام .أنت في دار قد آذنت برحيل ،فما بقاء المرء
بعد قرنائه .طوبى لمن كان في الدنيا على وجل ،يا بؤس لمن يموت وتبقى
ذنوبه من بعده .احذر فقد نبئت ،وبادر فقد اجلت ،إنك تعامل من ل يجهل،
وإن الذي يحفظ عليك ل يغفل ،تجهز فقد دنا منك سفر بعيد ،وداو ذنبك فقد
دخله سقم شديد .ول تحسب أني أردت توبيخك وتعنيفك وتعييرك ) (2لكني
أردت أن ينعش ال ما ]قد[ فات من رأيك ،ويرد إليك ما عزب من دينك )
(3وذكرت قول ال تعالى في كتابه " :وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين )
." (4أغفلت ذكر من مضى من أسنانك وأقرانك وبقيت بعدهم كقرن
أعضب ) .(5أنظر هل ابتلوا بمثل ما ابتليت ،أم هل وقعوا في مثل ما وقعت
فيه ،أم هل تراهم
) (1سورة العراف (2) .168 :عنفه :لمه وعتب عليه ولم يرفق به .وينعش ال
ما فات أي يجبر ويتدارك (3) .عزب -بالعين المهملة والزاى المعجمة
:-بعد (4) .سورة الذاريات (5) .55 :العضب :المكسور القرن .ولعل
المراد :بقيت كاحد قرنى العضب .والعضباء :الشاة المكسورة القرن.
][134
ذكرت خيرا علموه ) (1وعلمت شيئا جهلوه ،بل حظيت ) (2بما حل من حالك في
صدور العامة وكلفهم بك ،إذ صاروا يقتدون برأيك ،ويعملون بأمرك .إن
أحللت أحلوا وإن حرمت حرموا ،وليس ذلك عندك ،ولكن أظهرهم عليك
رغبتهم فيما لديك ذهاب علمائهم وغلبة الجهل عليك وعليهم ،وحب
الرئاسة وطلب الدنيا منك ومنهم .أما ترى ما أنت فيه من الجهل والغرة،
وما الناس فيه من البلء والفتنة ،قد ابتليتهم وفتنتهم بالشغل عن مكاسبهم
مما رأوا ،فتاقت نفوسهم ) (3إلى أن يبلغوا من العلم ما بلغت ،أو يدركوا
به مثل الذي أدركت ،فوقعوا منك في بحر ل يدرك عمقه ،وفي بلء ل يقدر
قدره .فال لنا ولك وهو المستعان .أما بعد فأعرض عن كل ما أنت فيه
حتى تلحق بالصالحين الذين دفنوا في أسما لهم ) (4لصقة بطونهم
بظهورهم ،ليس بينهم وبين ال حجاب ،ول تفتنهم الدنيا ول يفتنون بها،
رغبوا فطلبوا ،فما لبثوا أن لحقوا ،فإذا كانت الدنيا تبلغ من مثلك هذا
المبلغ مع كبر سنك ورسوخ علمك وحضور أجلك ،فكيف يسلم الحدث في
سنه ،الجاهل في علمه ،المأفون في رأيه ) ،(5المدخول في عقله .إنا ل
وإنا إليه راجعون .على من المعول ؟ وعند من المستعتب ؟ نشكو إلى ال
بثنا ) (6وما نرى فيك ،ونحتسب عند ال مصيبتنا بك .فانظر كيف شكرك
لمن غذاك بنعمه صغيرا وكبيرا ،وكيف إعظامك لمن
) (1في بعض النسخ " أم هل ترى ذكرت خيرا علموه وعملت شيئا جهلوه " .وفى
بعضها " أم هل تراه ذكرا خيرا عملوه وعملت شيئا جهلوه " (2) .من
الحظ .رجل حظى إذا كان ذا منزلة (3) .تافت :اشتافت (4) .السمال:
جمع سمل -بالتحريك :-الثوب الخلق البالى (5) .المأفون :الذى ضعف
رأيه .والمدخول في عقله :الذى دخل في عقله الفساد (6) .المعول:
المعتمد والمستغاث .واستعتبه :استرضاه .والبث :الحال ،الشتات ،أشد
الحزن(*) .
][135
جعلك بدينه في الناس جميل ،وكيف صيانتك لكسوة من جعلك بكسوته في الناس
ستيرا ،وكيف قربك أو بعدك ممن أمرك أن تكون منه قريبا ذليل .مالك ل
تنتبه من نعستك ،وتستقيل من عثرتك ،فتقول :وال ما قمت ل واحدا
أحييت به له دينا أو أمت له فيه باطل ،فهذا شكرك من استحملك ) (1ما
أخوفني أن تكون كمن قال ال تعالى في كتابه " :أضاعوا الصلوة واتبعوا
الشهوات فسوف يلقون غيا ) " (2استحملك كتابه ،واستودعك علمه
فأضعتها ،فنحمد ال الذي عافانا مما ابتلك به ،والسلم - 3 .ف ):(3
وروى عنه عليه السلم في قصار هذه المعاني - 1 :وقال عليه السلم:
الرضى بمكروه القضاء أرفع درجات اليقين - 2 .وقال عليه السلم :من
كرمت عليه نفسه هانت عليه الدنيا - 3 .وقيل له :من أعظم الناس خطرا )
(4؟ فقال عليه السلم :من لم ير الدنيا خطرا لنفسه - 4 .وقال بحضرته
رجل :اللهم أغنني عن خلقك ) .(5فقال عليه السلم :ليس هكذا :إنما
الناس بالناس ،ولكن قل :اللهم أغنني عن شرار خلقك - 5 .وقال عليه
السلم :من قنع بما قسم ال له فهو من أغنى الناس ) - 6 .(6وقال عليه
السلم :ل يقل عمل مع تقوى ،وكيف يقل ما يتقبل - 7 .وقال عليه السلم:
اتقوا الكذب الصغير منه والكبير في كل جد وهزل،
) (1استحملك :سألك أن يحمل .وفى بعض النسخ " من استعملك " .أي سألك أن
يعمل (2) .سورة مريم (3) .59 :التحف ص (4) .278الخطر -
بالتحريك :-الخطير أي ذو قدر ومقام (5) .في بعض النسخ " من خلقك
" (6) .في بعض النسخ " كان " موضع " فهو ".
][136
فان الرجل إذا كذب في الصغير اجترأ على الكبير ) - 8 .(1وقال عليه السلم :كفى
بنصر ال لك أن ترى عدوك يعمل بمعاصي ال فيك - 9 .وقال عليه
السلم :الخير كله صيانة النسان نفسه - 10 .وقال عليه السلم لبعض
بنيه :يا بني إن ال رضيني لك ولم يرضك لي ،فأوصاك بي ولم يوصني
بك ،عليك بالبر تحفة يسيرة - 11 .وقال له رجل :ما الزهد ؟ فقال عليه
السلم :الزهد عشرة أجزاء ) :(2فأعلى درجات الزهد أدنى درجات
الورع ،وأعلى درجات الورع أدنى درجات اليقين ،وأعلى درجات اليقين
أدنى درجات الرضى .وإن الزهد في آية من كتاب ال " :لكيل تأسوا على
ما فاتكم ول تفرحوا بما آتيكم ) - 12 ." (3وقال عليه السلم :طلب
الحوائج إلى الناس مذلة للحياة ،ومذهبة للحياء ،واستخفاف بالوقار وهو
الفقر الحاضر .وقلة طلب الحوائج من الناس هو الغنى الحاضر- 13 .
وقال عليه السلم :إن أحبكم إلى ال أحسنكم عمل ،وإن أعظمكم عند ال
عمل أعظمكم فيما عند ال رغبة ،وإن أنجاكم من عذاب ال أشدكم خشية
ل ،وإن أقربكم من ال أوسعكم خلقا ،وإن أرضاكم عند ال أسبغكم على
عياله ) ،(4وإن أكرمكم على ال أتقاكم ل.
) (1رواه الكليني في الكافي ج 2ص 338وفيه بعد قوله " :على الكبير " " :أما
علمتم أن رسول ال صلى ال عليه وآله قال :ما يزال العبد يصدق حتى
يكتبه ال صديقا ،وما يزال العبد يكذب حتى يكتبه ال كذابا " (2) .رواه
الكليني في الكافي ج 2ص 129باسناده عن هاشم بن بريد عن أبيه أن
رجل سأل على بن الحسين عليهما السلم عن الزهد فقال :عشرة أشياء.
الحديث .وفى ص :62عنه عليه السلم أيضا وفيه عشرة أجزاء وهكذا
رواه الصدوق في الخصال (3) .سورة الحديد (4) .23 :وكذا في الكافي
والفقيه .وفى بعض النسخ " أسعاكم على عياله ".
][137
- 14وقال عليه السلم لبعض بنيه :يا بني انظر خمسة فل تصاحبهم ول تحادثهم
ول ترافقهم في طريق ،فقال :يا أبه من هم ) (1؟ قال عليه السلم :إياك
ومصاحبة الكذاب ،فإنه بمنزلة السراب يقرب لك البعيد ،ويبعد لك القريب.
وإياك ومصاحبة الفاسق فإنه بايعك باكلة ) (2أو أقل من ذلك ،وإياك
ومصاحبة البخيل فإنه يخذلك في ماله أحوج ما تكون إليه .وإياك
ومصاحبة الحمق ،فإنه يريد أن ينفعك فيضرك ،وإياك ومصاحبة القاطع
لرحمه ،فإني وجدته ملعونا في كتاب ال ) - 15 .(3وقال عليه السلم :إن
المعرفة وكمال دين المسلم تركه الكلم فيما ل يعنيه وقلة مرائه وحلمه
وصبره وحسن خلقه ) - 16 .(4وقال عليه السلم ابن آدم ! إنك ل تزال
بخير ما كان واعظ من نفسك ،وما كانت المحاسبة من همك ،وما كان
الخوف لك شعارا ،والحذر لك دثارا ) .(5ابن آدم ! إنك ميت ومبعوث
وموقوف بين يدي ال عزوجل ،فأعد له جوابا ).(6
) (1في الكافي ج 2ص " 641يا أبه من هم عرفنيهم " (2) .الكلة -بضم
الهمزة :-اللقمة (3) .رواه الكليني )ره( في الكافي ج 2ص 641وفيه:
فانى وجدته ملعونا في كتاب ال عزوجل في ثلثة مواضع :قال ال
عزوجل " :فهل عسيتم ان توليتم أن تفسدوا في الرض وتقطعوا
أرحامكم .أولئك الذين لعنهم ال فاصمهم وأعمى أبصارهم " .وقال
عزوجل " :الذين ينقضون عهد ال من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر ال
به أن يوصل ويفسدون في الرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار ".
وقال في البقرة " :الذين ينقضون عهد ال من بعد ميثاقه ويقطعون ما
أمر ال به أن يوصل ويفسدون في الرض اولئك هم الخاسرون "(4) .
رواه الصدوق )ره( في الخصال والكليني )ره( في الكافي ج 2ص 240
وفيهما " ان المعرفة بكمال دين المسلم " (5) .ورواه المفيد )ره( في
أماليه وفيه " والحزن دثارا " .وهكذا في أمالى الشيخ (6) .في المالى
" ابن آدم انك ميت ومبعوث بين يدى ال .الخ.
][138
- 17وقال عليه السلم :ل حسب لقرشي ول لعربي إل بتواضع ،ول كرم إل
بتقوى ،ول عمل إل بنية ،ول عبادة إل بالتفقه .أل وإن أبغض الناس إلى
ال من يقتدي بسنة إمام ول يقتدي بأعماله - 18 .وقال عليه السلم:
المؤمن من دعائه على ثلث :إما أن يدخر له ،وإما إن يعجل له ،وإما أن
يدفع عنه بلء يريد أن يصيبه - 19 .وقال عليه السلم :إن المنافق ينهى
ول ينتهي ،ويأمر ول يأتي ،إذا قام إلى الصلة اعترض ،وإذا ركع ربض،
وإذا سجد نقر ) (1يمسي وهمه العشاء ولم يصم ) (2ويصبح وهمه النوم
ولم يسهر ،والمؤمن خلط عمله بحمله ،يجلس ليعلم ) (3وينصت ليسلم ،ل
يحدث بالمانة الصدقاء ،ول يكتم الشهادة للبعداء ،ول يعمل شيئا من
الحق رئاء ،ول يتركه حياء .إن زكي خاف مما يقولون ،ويستغفر ال لما
ل يعلمون ،ول يضره جهل من جهله - 20 .ورأى عليه السلم عليل قد
برئ فقال عليه السلم له :يهنئك الطهور من الذنوب إن ال قد ذكرك
فاذكره ،وأقالك فاشكره.
) (1رواه الكليني في الكافي ج 2ص 396عن أبى حمزة عنه عليه السلم وفيه "
يأمر بما ل يأتي وإذا قام إلى الصلة اعترض ،قلت :يا ابن رسول ال وما
العتراض ؟ قال :اللتفات .وإذا ركع ربض -الخ " .والربوض استقرار
الغنم وشبهه على الرض وكأن المراد انه يسقط نفسه على الرض من
قبل أن يرفع رأسه من الركوع كاسقاط الغنم عند ربوضه .والنقر التقاط
الطائر الحب بمنقاره .أي خف السجود .ورواه الصدوق رحمه ال في
المالى المجلس 74بتقديم وتأخير مع زيادة (2) .العشاء -بالفتح:
الطعام الذى يتعشى به (3) .رواه الكليني في الكافي ج 2ص 231وفيه
" يصمت ليسلم وينطق ليغنم ،ل يحدث أمانته الصدقاء ول يكتم شهادته
من البعداء -إلى أن قال :-ل يغره قول من جهله ويخاف أحصاء ما
عمله ".
][139
- 21وقال عليه السلم :خمس لو رحلتم فيهن لنضيتموهن ) (1وما قدرتم على
مثلهن :ل يخاف عبد إل ذنبه ،ول يرجو إل ربه ،ول يستحي الجاهل إذا
سئل عما ل يعلم أن يتعلم .والصبر من اليمان بمنزلة الرأس من الجسد،
ول إيمان لمن ل صبر له - 22 .وقال عليه السلم :يقول ال :يا ابن آدم
ارض بما آتيتك تكن من أزهد الناس .ابن آدم ! إعمل بما افترضت عليك
تكن من أعبد الناس .ابن آدم ! اجتنب مما حرمت عليك تكن من أورع
الناس - 23 .وقال عليه السلم :كم من مفتون بحسن القول فيه ،وكم من
مغرور بحسن الستر عليه ،وكم من مستدرج بالحسان إليه - 24 .وقال
عليه السلم :يا سوأتاه لمن غلبت إحداته عشراته - .يريد أن السيئة
بواحدة ،والحسنة بعشرة - 25 .-وقال عليه السلم :إن الدنيا قد ارتحلت
مدبرة .وإن الخرة قد ترحلت مقبلة ،ولكل واحد منهما بنون ،فكونوا من
أبناء الخرة ،ول تكونوا من أبناء الدنيا ،فكونوا من الزاهدين في الدنيا،
والراغبين في الخرة ،لن الزاهدين اتخذوا أرض ال بساطا ،والتراب
فراشا ،والمدر وسادا ،والماء طيبا ،وقرضوا المعاش من الدنيا تقريضا.
اعلموا أنه من اشتاق إلى الجنة سارع إلى الحسنات وسل عن الشهوات )
(2ومن أشفق من النار بادر بالتوبة إلى ال من ذنوبه ،وراجع عن
المحارم .ومن زهد
) (1أنضت الدابة :هزلتها السفار .والظاهر أن الضمير راجع إلى المطية التى تفهم
من فحوى الكلم ،وقد مضى هذا الكلم أيضا عن أمير المؤمنين عليه
السلم كرارا ،وفى بعض النسخ " لو دخلتم فيهن ل بعتموهن " .ورواه
الصدوق في الخصال عن أمير المؤمنين عليه السلم بدون قوله " ل
نضيتموهن " (2) .سل عن الشئ :نسيه وهجره .واشفق :خاف وحذر.
ورواه الكليني في الكافي ج 2ص 132بادنى تفاوت.
][140
في الدنيا هانت عليه مصائبها ولم يكرهها .وإن ل عزوجل لعبادا قلوبهم معلقة
بالخرة وثوابها ،وهم كمن رأى أهل الجنة في الجنة مخلدين منعمين،
وكمن رأى أهل النار في النار معذبين ،فاولئك شرورهم وبوائقهم عن
الناس مأمونة ،وذلك أن قلوبهم عن الناس مشغولة بخوف ال فطرفهم
عن الحرام مغضوض ،وحوائجهم إلى الناس خفيفة ،قبلوا اليسير من ال
في المعاش وهو القوت ،فصبروا أياما قصارى لطول الحسرة يوم القيامة.
- 26وقال له رجل :إني لحبك في ال حبا شديدا ،فنكس عليه السلم
رأسه ) (1ثم قال :اللهم إني أعوذ بك أن احب فيك وأنت لي مبغض .ثم قال
له :احبك للذي تحبني فيه - 27 .وقال عليه السلم :إن ال ليبغض البخيل
السائل الملحف - 28 .وقال عليه السلم :رب مغرور مفتون يصبح لهيا
ضاحكا ،يأكل ويشرب وهو ل يدري لعله قد سبقت له من ال سخطة يصلى
بها نار جهنم ) - 29 .(2وقال عليه السلم :إن من أخلق المؤمن النفاق
على قدر القتار ) .(3والتوسع على قدر التوسع ،وإنصاف الناس من
نفسه ،وابتداؤه إياهم بالسلم - 30 .وقال عليه السلم :ثلث منجيات
للمؤمن :كف لسانه عن الناس واغتيابهم ،وإشغاله نفسه بما ينفعه لخرته
ودنياه ،وطول البكاء على خطيئته - 31 .وقال عليه السلم :نظر المؤمن
في وجه أخيه المؤمن للمودة والمحبة له عبادة - 32 .وقال عليه السلم:
ثلث من كن فيه من المؤمنين كان في كنف ال ) (4وأظله ال يوم القيامة
في ظل عرشه ،وآمنه من فزع اليوم الكبر :من أعطى من نفسه
) (1نكس رأسه :طأطأه وخفضه (2) .في بعض النسخ " يصله بها في نار جهنم
" (3) .القتار :القلة والتضيق في الرزق (4) .كنف ال -بالتحريك :-
ظله وحضنه.
][141
ما هو سائلهم لنفسه ،ورجل لم يقدم يدا ول رجل حتى يعلم أنه في طاعة ال قدمها
أو في معصيته .ورجل لم يعب أخاه بعيب حتى يترك ذلك العيب من نفسه،
وكفى بالمرء شغل بعيبه لنفسه عن عيوب الناس - 33 .وقال عليه
السلم :ما من شئ أحب إلى ال بعد معرفته من عفة بطن وفرج ،وما
]من[ شئ أحب إلى ال من أن يسأل - 34 .وقال لبنه محمد عليهما
السلم :افعل الخير إلى كل من طلبه منك ،فإن كان أهله فقد أصبت
موضعه ،وإن لم يكن بأهل كنت أنت أهله ،وإن شتمك رجل عن يمينك ثم
تحول إلى يسارك واعتذر إليك فاقبل عذره ) - 35 .(1وقال عليه السلم:
مجالس الصالحين داعية إلى الصلح ) (2وآداب العلماء زيادة في العقل،
وطاعة ولة المر تمام العز ،واستنماء المال تمام المروة ) (3وإرشاد
المستشير قضاء لحق النعمة ،وكف الذى من كمال العقل .وفيه راحة
للبدن عاجل وآجل ) - 36 .(4وكان علي بن الحسين عليهما السلم إذا قرأ
هذه الية " :وإن تعدوا نعمة ال ل تحصوها ) " (5يقول عليه السلم:
سبحان من لم يجعل في أحد من معرفة نعمه إل
) (1رواه الكليني في الروضة وفيها " وان لم يكن أهله كنت أنت أهله " (2) .في
الكافي " مجالسة الصالحين داعية إلى الصلح " (3) .في الكافي "
طاعة ولة العدل تمام العز ،واستثمار المال تمام المروة " (4) .قال
الفيض -رحمه ال :-في كلمه عليه السلم ترغيب إلى المعاشرة مع
الناس والمؤانسة بهم واستفادة كل فضيلة من أهلها وزجر عن العتزال
والنقطاع اللذين هما منبت النفاق ومغرس الوسواس والحرمان عن
المشرب التم المحمدى والمقام المحمود الجمعى ،والموجب لترك كثير
من الفضائل والخيرات وفوت السنن الشرعية وآداب الجمعة والجماعات
وانسداد أبواب مكارم الخلق (5) .سورة ابراهيم .37 :أي ل تحصروها
ول تطيقوا عد أنواعها فضل من أفرادها فانها غير متناهية .قاله
البيضاوى.
][142
المعرفة بالتقصير عن معرفتها ،كما لم يجعل في أحد من معرفة إدراكه أكثر من
العلم بأنه ل يدركه ،فشكر عزوجل معرفة العارفين بالتقصير عن معرفته،
وجعل معرفتهم بالتقصير شكرا ،كما جعل علم العالمين أنهم ل يدركونه
إيمانا ،علما منه أنه قد ]ر[ وسع العباد فل يجاوزون ذلك - 37 .وقال عليه
السلم :سبحان من جعل العتراف بالنعمة له حمدا ،سبحان من جعل
العتراف بالعجز عن الشكر شكرا - 4 .ما ) :(1عن الحسين بن إبراهيم
القزويني ،عن محمد بن وهبان ،عن أحمد بن إبراهيم ،عن الحسن بن
علي الزعفراني ،عن البرقي ،عن أبيه ،عن ابن أبي عمير ،عن هشام بن
سالم ،عن الثمالي قال :سمعت علي بن الحسين عليهما السلم وهو يقول:
عجبا للمتكبر الفخور الذي كان بالمس نطفة وهو غدا جيفة ،والعجب كل
العجب لمن شك في ال وهو يرى الخلق ،والعجب كل العجب لمن أنكر
الموت وهو يموت في كل يوم وليلة ،والعجب كل العجب لمن نكر النشأة -
الخرى ،وهو يرى النشأة الولى ،والعجب كل العجب لمن عمل لدار الفناء
وترك دار البقاء - 5 .الدرة الباهرة ) :(2قال علي بن الحسين عليهما
السلم :خف ال تعالى لقدرته عليك ،واستحي منه لقربه منك ،ول تعادين
أحدا وإن ظننت أنه ل يضرك ول تزهدن صداقة أحد ،وإن ظننت أنه ل
ينفعك ،فإنك ل تدري متى ترجو صديقك ،ول تدري متى تخاف عدوك ،ول
يعتذر إليك أحد إل قبلت عذره ،وإن علمت أنه كاذب ،وليقل عيب الناس
على لسانك .وقال عليه السلم :من عتب على الزمان طالت معتبته .وقال
عليه السلم :ما استغنى أحد بال إل افتقر الناس إليه ،ومن اتكل على
حسن اختيار ال عزوجل له لم يتمن أنه في غير الحال التي اختارها ال
تعالى له.
][143
وقال عليه السلم :الكريم يبتهج بفضله ،واللئيم يفتخر بملكه - 6 .لى ) :(1عن
أبيه ،عن الحميري ،عن أحمد بن محمد ،عن ابن محبوب عن عبد ال بن
غالب ،عن أبيه ،عن سعيد بن المسيب قال :كان علي بن الحسين عليهما
السلم يعظ الناس يزهدهم في الدنيا ،ويرغبهم في أعمال الخرة بهذا
الكلم في كل جمعة في مسجد الرسول صلى ال عليه وآله وحفظ عنه
وكتب ،وكان يقول :أيها الناس اتقول ال واعلموا أنكم إليه ترجعون "
فتجد كل نفس ما عملت -في هذه الدنيا -من خير محضرا ،وما عملت من
سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ،ويحذركم ال نفسه " ويحك ابن
آدم الغافل وليس بمغفول عنه ،ابن آدم إن أجلك أسرع شئ إليك ،قد أقبل
نحوك حثيثا ) (2يطلبك ،ويوشك أن يدركك ،وكأن قد أوفيت أجلك ،وقبض
الملك روحك ،وصرت إلى منزل وحيدا فرد إليك فيه روحك ،واقتحم عليك
فيه ملكاك منكر ونكير لمساءلتك ،وشديد امتحانك ،أل وإن أول ما يسألنك
عن ربك الذي كنت تبعده ،وعن نبيك الذي ارسل إليك ،وعن دينك الذي
كنت تدين به ،وعن كتابك الذي كنت تتلوه ،وعن إمامك الذي كنت تتوله،
ثم عن عمرك فيما أفنيته ،ومالك من أين اكتسبته ،وفيما أتلفته ،فخذ
حذرك وانظر لنفسك ،وأعد للجواب قبل المتحان ،والمسألة والختبار،
فإن تك مؤمنا تقيا عارفا بدينك ،متبعا للصادقين ،مواليا لولياء ال لقاك
ال حجتك ،وأنطق لسانك بالصواب فأحسنت الجواب ،فبشرت بالجنة
والرضوان من ال والخيرات الحسان واستقبلتك الملئكة بالروح
والريحان وإن لم تكن كذلك تلجلج لسانك ،ودحضت حجتك ،وعييت عن
الجواب ) (3وبشرت بالنار ،واستقبلتك ملئكة العذاب ،بنزل من حميم
وتصلية جحيم ).(4
][144
فاعلم ابن آدم إن من وراء هذا ما هو أعلم وأفظع وأوجع للقلوب يوم القيامة " ذلك
يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود " ويجمع ال فيه الولين
والخرين ذلك يوم ينفخ في الصور وتبعثر فيه القبور ،ذلك يوم الزفة إذ
القلوب لدى الجناجر كاظمين ) (1ذلك يوم ل تقال فيه عثرة ،ول تؤخذ من
أحد فيه فدية ،ول تقبل من أحد فيه معذرة ،ول لحد فيه مستقبل توبة،
ليس إل الجزاء بالحسنات ،والجزاء بالسيئات ،فمن كان من المؤمنين
عمل في هذه الدنيا مثقال ذرة من خير وجده ومن كان عمل من المؤمنين
في هذه الدنيا مثقال ذرة من شر وجده .فاحذروا أيها الناس من المعاصي
والذنوب فقد نهاكم ال عنها وحذركموها في الكتاب الصادق والبيان
الناطق ول تأمنوا مكر ال وشدة أخذه عند ما يدعوكم إليه الشيطان اللعين
من عاجل الشهوات واللذات في هذه الدنيا فإن ال يقول :إن الذين اتقوا إذا
مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون ) " (2فاشعروا قلوبكم
-ل أنتم -خوف ال ،وتذكروا ما قد وعدكم ال في مرجعكم إليه من حسن
ثوابه ،كما قد خوفكم من شديد العقاب ،فإنه من خاف شيئا حذره ،ومن
حذر شيئا نكله ،فل تكونوا من الغافلين المائلين إلى زهرة الحياة الدنيا
فتكونوا من الذين مكروا السيئات ،وقد قال ال تعالى " أفامن الذين مكروا
السيئات أن يخسف ال بهم الرض أو يأتيهم العذاب من حيث ل يشعرون
* أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين * أو يأخذهم على تخوف فإن
ربكم لرؤف رحيم ) ." (3فاحذروا ما قد حذركم ال ،واتعظوا بما فعل
بالظلمة في كتابه ،ول تأمنوا أن ينزل بكم بعض ما تواعد به القوم
الظالمين في الكتاب ،تال لقد وعظتم بغيركم ،وإن السعيد من وعظ بغيره،
ولقد أسمعكم ال في الكتاب ما فعل
) (1أزف الرحيل :قرب .وفى المصدر " لدى الحناجر كاظمة " (2) .العراف:
.201والطائف :الخيال أو الوسوسة ما يقال له بالفارسية " خيال " )(3
النحل 44 :إلى .47وتقلبهم أي إذا كانوا في اسفارهم أو مشغولين في
تجاراتهم .وقوله " على تخوف " أي تنقص شيئا فشيئا حتى يهلك
الجمبع.
][145
بالقوم الظالمين من أهل القرى قبلكم حيث قال " :وكم أهلكنا من قرية كانت ظالمة
وأنشأنا بعدها قوما آخرين * فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون
)يعني يهربون( * ل تركضوا وارجعوا إلى ما اترفتم فيه ومساكنكم لعلكم
تسئلون )فلما آتيهم العذاب( قالوا يا ويلنا إنا كنا ظالمين * فما زالت تلك
دعويهم حتى جعلناهم حصيدا خامدين ) " (1وأيم ال إن هذه لعظة لكم
وتخويف إن اتعظتم وخفتم .ثم رجع إلى القول من ال في الكتاب على أهل
المعاصي والذنوب .فقال " :ولئن مستهم نفحة من عذاب ربك ليقولن يا
ويلنا إنا كنا ظالمين ) " (2فإن قلتم أيها الناس :إن ال إنما عنى بهذا أهل
الشكر فكيف ذاك وهو يقول " :ونضع الموازين القسط ليوم القيمة فل
تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين )
" (3؟ .اعلموا عباد ال أن أهل الشرك ل تنصب لهم الموازين ،ول تنشر
لهم الدواوين وإنما تنشر الدواوين لهل السلم ،فاتقوا ال عباد ال
واعلموا أن ال لم يختر هذه الدنيا وعاجلها لحد من أوليائه ،ولم يرغبهم
فيها وفي عاجل زهرتها ،وظاهر بهجتها ،وإنما خلق الدنيا وخلق أهلها
ليبلوهم أيهم أحسن عمل لخرته ،وأيم ال لقد ضرب لكم فيها المثال،
وصرف اليات لقوم يعقلون ،فكونوا أيها المؤمنون من القوم الذين يعقلون
ول قوة إل بال ،وازهدوا فيما زهدكم ال فيه من عاجل الحياة الدنيا فإن
ال يقول وقوله الحق " إنما مثل الحيوة الدنيا كماء أنزلناه من السماء
فاختلط به نبات الرض -الية ) " (4فكونوا عباد ال من القوم الذين
يتفكرون ،ول تركنوا إلى الدنيا فإن ال قد قال لمحمد نبيه صلى ال عليه
وآله ولصحابه
) (1النبياء 12 :إلى .15وفى المصحف " وكم قصمنا " وقوله " :اترفتم " أي
متعتم .وقوله " خامدين " أي ميتين كخمود النار إذا طفئت(2) .
النبياء 46 :وقوله " :نفحة " أي وقعة خفيفة (3) .النبياء(4) .47 :
يونس.24 :
][146
" ول تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار ) " (1ول تركنوا إلى زهرة الحياة
الدنيا وما فيها ركون من اتخذها دار قرار ومنزل استيطان ،فإنها دار قلعة
وبلغة ،ودار عمل ،فتزودوا العمال الصالحة منها قبل أن تخرجوا منها،
وقبل الذن من ال في خرابها ،فكأن قد أخربها الذي عمرها أول مرة
وابتدأها وهو ولي ميراثها .وأسأل ال لنا ولكم العون على تزود التقوى،
والزهد فيها ،جعلنا ال وإياكم من الزاهدين في عاجل زهرة الحياة الدنيا،
والراغبين العاملين لجل ثواب الخرة فإنما نحن به وله .ف ) (2مرسل
مثله - 7 .لى ) (3عن عبد ال بن النصر التيمي ،عن جعفر بن محمد
المالكي ،عن عبد ال بن محمد بن عمرو الطروش ،عن صالح بن زياد،
عن عبد ال بن ميمون السكري ،عن عبد ال بن معز الودي ،عن عمران
بن سليم ،عن سويد بن غفلة ،عن طاووس اليماني قال :مررت بالحجر
فإذا أنا بشخص راكع وساجد فتأملته فإذا هو علي بن الحسين عليهما
السلم فقلت :يا نفس رجل صالح من أهل بيت النبوة وال لغتمن دعاءه
فجعلت أرقبه حتى فرغ من صلته ورفع باطن كفيه إلى السماء وجعل
يقول " :سيدي سيدي هذه يداي قد مددتهما إليك بالذنوب مملوءة،
وعيناي بالرجاء ممدودة ،وحق لمن دعاك بالندم تذلل أن تجيبه بالكرم
تفضل ،سيدي أمن أهل الشقاء فاطيل بكائي ؟ أم من أهل السعادة خلقتني
فابشر رجائي ) ،(4سيدي الضرب المقامع خلقت أعضائي ؟ أم لشرب
الحميم خلقت أمعائي ؟ سيدي لو أن عبدا استطاع الهرب من موله لكنت
أول الهاربين منك ،لكني أعلم أني ل أفوتك ،سيدي لو أن عذابي مما يزيد
في ملكك لسألتك الصبر عليه ،غير أني أعلم أنه
) (1هود .113 :ول تركنوا أي ل تميلوا (2) .التحف :ص (3) .249المجلس
التاسع والثلثون ص (4) .132كذا.
][147
ل يزيد في ملكك طاعة المطيعين ،ول ينقص منه معصية العاصين ،سيدي ما أنا
وما خطري ؟ هب لي بفضلك ،وجللني بسترك ،واعف عن توبيخي بكرم
وجهلك ،إلهي وسيدي ارحمني مصروعا على الفراش تقلبني أيدي أحبتي،
وارحمني مطروحا على المغتسل يغسلني صالح جيرتي ،وارحمني محمول
قد تناول القرباء أطراف جنازتي ،وارحم في ذلك البيت المظلم وحشتي
وغربتي ووحدتي " .قال طاووس :فبكيت حتى عل نحيبي فالتفت إلي
فقال :ما يبكيك يا يماني أو ليس هذا مقام المذنبين ؟ فقلت :حبيبي حقيق
على ال أن ل يردك ،وجدك محمد صلى ال عليه وآله ،قال :فبينا نحن
كذلك إذ أقبل نفر من أصحابه فالتفت إليهم فقال :معاشر أصحابي اوصيكم
بالخرة ،ولست اوصيكم بالدنيا ،فإنكم بها مستوصون ،وعليها حريصون.
وبها مستمسكون ،معاشر أصحابي إن الدنيا دار ممر ،والخرة دار مقر،
فخذوا من ممركم لمقركم ،ول تهتكوا أستاركم عند من ل يخفى عليه
أسراركم ،وأخرجوا من الدنيا قلوبكم قبل أن تخرج منها أبدانكم ،أما رأيتم
وسمعتم ما استدرج به من كان قبلكم من المم السالفة والقرون الماضية،
لم تروا كيف فضح مستورهم ،وأمطر مواطر الهوان عليهم بتبديل
سرورهم بعد خفض عيشهم ،ولين رفاهيتهم ،صاروا حصائد النقم،
ومدارج المثلث ،أقول قولي هذا وأستغفر ال لي ولكم - 8 .ما ) :(1عن
المفيد ،عن أحمد بن الوليد ،عن أبيه ،عن سعد ،عن ابن عيسى ،عن ابن
محبوب ،عن الثمالي قال :كان علي بن الحسين عليهما السلم يقول :ابن
آدم ل يزال بخير ما كان لك واعظ من نفسك ،وما كانت المحاسبة من
همك ،وما كان الخوف لك شعارا ،والحزن لك دثارا ،ابن آدم إنك ميت
ومبعوث وموقوف بين يدي ال عزوجل ومسؤول فأعد جوابا - 9 .ل ):(2
عن ابن المتوكل ،عن الحميري ،عن ابن عيسى ،عن ابن
][148
محبوب ،عن ابن عطية ،عن الثمالي ،عن علي بن الحسين عليهما السلم قال :ل
حسب لقرشي ول لعربي إل بتواضع ،ول كرم إل بتقوى ،ول عمل إل بنية،
ول عبادة إل بتفقه ،أل وإن أبغض الناس إلى ال عزوجل من يقتدي بسنة
إمام ول يقتدي بأعماله - 10 .ل ) :(1عن أبيه ،عن سعد ،عن القاسم بن
محمد ،عن سليمان بن داود ،عن عبد الرزاق ،عن معمر ،عن الزهري
قال :قال علي بن الحسين عليهما السلم :أشد ساعات ابن آدم ثلث
ساعات :الساعة التي يعاين فيها ملك الموت ،والساعة التي يقوم فيها من
قبره ،والساعة التي يقف فيها بين يدي ال تبارك وتعالى ،فإما إلى الجنة
وإما إلى النار ،ثم قال :إن نجوت يا ابن آدم عند الموت فأنت أنت ،وإل
هلكت ،وإن نجوت يا ابن آدم حين توضع في قبرك فأنت أنت وإل هلكت،
وإن نجوت يا ابن آدم في مقام القيامة فأنت أنت وإل هلكت ،وإن نجوت يا
آدم حين يحمل الناس على الصراط فأنت أنت وإل هلكت ،وإن نجوت يا ابن
آدم حين يقوم الناس لرب العالمين فأنت أنت وإل هلكت ،ثم تل " :ومن
ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ) " (2قال :هو القبر وإن لهم فيه لمعيشة
ضنكا ،وال إن القبر لروضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار ،ثم
أقبل على رجل من جلسائه فقال له :قد علم ساكن السماء ساكن الجنة من
ساكن النار ،فأي الرجلين أنت وأي الدارين دارك .كتاب الغايات ) (3لجعفر
بن أحمد القمي )ره( مرسل مثله - 11 .ف ) :(4موعظة وزهد وحكمة:
كفانا ال وإياكم كيد الظالمين ،وبغي الحاسدين ،وبطش الجبارين،
) (1الخصال ج 1ص (2) .59المؤمنون (3) .100 :مخطوط (4) .التحف :ص
.252ورواه الكليني في الروضة والمفيد في المجالس.
][149
) (1الهامد :البالى المسود المتغير واليابس من النبات والشجر .والهشيم :اليابس
متكسر من كل شجر وكلء ،أصله المكسور .والبائد :الهالك (2) .في
الروضة وامالي المفيد " ركون من اتخذها دار قرار ومنزل استيطان "
وفى الروضة " وال لكم مما فيها عليها لدليل وتنبيها من تصريف
أيامها " (3) .الخميل :الخامل وهو الساقط الذى ل نباهة له (4) .في
بعض النسخ " لمتنبه " (5) .في بعض النسخ الروضة " ملمات الفتن
" وفى المالى " مضلت الفتن " (6) .في بعض النسخ " لمثبطة
القلوب " وفى بعضها وفى المالى " ليذر القلوب عن تنبيهها " وفى
بعض النسخ " لتثبط القلوب عن نيتها " وفى الروضة " لتثبط القلوب
عن تنبيهها " (7) .من اضاقة الصفة إلى الموصوف .وفى المالى " عن
وجود الهدى ".
][150
وتجافى عن لذاتها ،ورغب في دائم نعيم الخرة ،وسعى لها سعيها ،وراقب الموت،
وشنأ الحياة مع القوم الظالمين ،فعند ذلك نظر إلى ما في الدنيا بعين نيرة
حديدة النظر ) (1وأبصر حوادث الفتن ،وضلل البدع ،وجور الملوك
الظلمة ،فقد لعمري استدبرتم من المور الماضية في اليام الخالية من
الفتن المتراكمة ،والنهماك فيها ما تستدلون به ]على[ تجنب الغواة وأهل
البدع والبغي والفساد في الرض بغير الحق .فاستعينوا بال ،وارجعوا إلي
طاعته وطاعة من هو أولى بالطاعة من طاعة من اتبع واطيع .فالحذر
الحذر من قبل الندامة والحسرة ،والقدوم على ال ،والوقوف بين يديه.
وتال ما صدر قوم قط عن معصية ال إل إلى عذابه ،وما آثر قوم قط الدنيا
على الخرة إل ساء منقلبهم وساء مصيرهم .وما العلم بال ) (2والعمل
بطاعته إل إلفان مؤتلفان ،فمن عرف ال خافه ،فحثه الخوف على العمل
بطاعة ال ،وإن أرباب العلم واتباعهم الذين عرفوا ال فعملوا له ورغبوا
إليه وقد قال ال " :إنما يخشى ال من عباده العلمؤا ) " (3فل تلتمسوا
شيئا مما في هذه الدنيا بمعصية ال ،واشتغلوا في هذه الدنيا بطاعة ال،
واغتنموا أيامها واسعوا لما فيه نجاتكم غدا من عذاب ال ،فإن ذلك أقل
للتبعة ،وأدنى من العذر وأرجا للنجاة .فقدموا أمر ال وطاعته وطاعة من
أوجب ال طاعته بين يدي المور كلها ول تقدموا المور الواردة عليكم
من طاعة الطواغيت ،وفتنة زهرة الدنيا بين يدي أمر ال وطاعته وطاعة
أولي المر منكم ،واعلموا أنكم عبيدال ونحن معكم ،يحكم علينا وعليكم
سيد حاكم غدا وهو موقفكم ومسائلكم ،فاعدوا الجواب قبل الوقوف
والمسألة والعرض على رب العالمين " يومئذ ل تكلم نفس إل بإذنه ".
واعلموا أن ال ل يصدق كاذبا ،ول يكذب صادقا ،ول يرد عذر مستحق،
) (1في بعض النسخ والروضة " بعين قرة " (2) .في بعض النسخ والمالي "
وما العز بال " (3) .سورة فاطر.25 :
][151
ول يعذر غير معذور ،بل ل الحجة على خلقه بالرسل والوصياء بعد الرسل .فاتقوا
ال واستقبلوا من إصلح أنفسكم ) (1وطاعة ال وطاعة من تولونه فيها،
لعل نادما قد ندم على ما فد فرط بالمس في جنب ال ،وضيع من حق ال )
(2واستغفروا ال وتوبوا إليه ،فإنه يقبل التوبة ،ويعفوا عن السيئات،
ويعلم ما تفعلون ،وإياكم وصحبة العاصين ،ومعونة الظالمين ،ومجاورة
الفاسقين .احذروا فتنتهم وتباعدوا من ساحتهم ،واعلموا أنه من خالف
أولياء ال ودان بغير دين ال واستبد بأمره دون أمر ولي ال في نار
تلتهب ،تأكل أبدانا ]قد غابت عنها أرواحها[ غلبت عليها شقوتها ]فهم
موتى ل يجدون حر النار ) [(3فاعتبروا يا اولى البصار واحمدوا ال على
ما هداكم .واعلموا أنكم ل تخرجون من قدرة ال إلى غير قدرته وسيرى
ال عملكم ثم إليه تحشرون فانتفعوا بالعظة وتأدبوا بآداب الصالحين- 12 .
جا ) :(4عن أحمد بن الوليد ،عن أبيه ،عن الصفار ،عن ابن معروف عن
ابن مهزيار ،عن ابن محبوب ،عن ابن عطية ،عن الثمالي قال :ما سمعت
بأحد من الناس كان أزهد من علي بن الحسين عليهما السلم إل ما بلغني
عن علي بن أبي طالب عليه السلم .ثم قال أبو حمزة :كان علي بن
الحسين عليهما السلم إذا تكلم في الزهد ووعظ أبكى من بحضرته ،قال
أبو حمزة :فقرأت صحيفة فيها كلم زهد من كلم علي بن الحسين عليهما
السلم وكتبتها فيها وأتيته به فعرضته عليه فعرفه ،وصححه وكان فيها
بسم ال الرحمن الرحيم كفانا ال وإياكم كيد الظالمين -إلى آخر الخبر.
) (1في الروضة " في اصلح أنفسكم " (2) .في الروضة " من حقوق ال "(3) .
ما بين القوسين في الموضعين كان في هامش بعض نسخ المصدر .وفى
الروضة " فهم موتى ل يجدون حر النار ولو كانوا أحياء لوجدوا مضض
حر النار " (4) .مجالس المفيد ص .116
][152
- 13جا ) :(1عن أحمد بن الوليد ،عن أبيه ،عن الصفار ،عن ابن عيسى ،عن
صفوان ،عن ابن حازم ،عن علي بن الحسين عليهما السلم قال :قال
رسول ال صلى ال عليه وآله :ما من خطوة أحب إلى ال من خطوتين:
خطوة يسد بها صفا في سبيل ال تعالى ،وخطوة إلى ذي رحم قاطع
يصلها ،وما من جرعة أحب إلى ال من جرعتين :جرعة غيظ يردها
مؤمن بحلم ،وجرعة جزع يردها مؤمن بصبر .وما من قطرة أحب إلى ال
من قطرتين :قطرة دم في سبيل ال ،وقطرة دمع في سواد الليل من خشية
ال .كتاب الغايات ) (2عن أبي حمزة الثمالي قال :سمعت علي بن الحسين
عليهما السلم يقول :مامن خطوة -إلى آخر الحديث - 14 .جا ) :(3عن
أحمد الوليد ،عن أبيه ،عن الصفار ،عن أبي معروف ،عن ابن مهزيار،
عن ابن حديد ،عن علي بن النعمان رفعه قال :كان علي بن الحسين
عليهما السلم يقول :ويح من غلبت واحدته عشرته ،وكان أبو عبد ال
عليه السلم يقول :المغبون من غبن عمره ساعة بعد ساعة ،وكان علي
بن الحسين عليهما السلم يقول :أظهر اليأس من الناس فإن ذلك من
الغنى ،وأقل طلب الحوائج إليهم فان ذلك فقر حاضر ،وإياك وما يعتذر منه،
وصل صلة مودع ،وإن استطعت أن تكون اليوم خيرا منك أمس وغدا
خيرا منك اليوم فافعل - 15 .جا ) :(4بهذا السناد ،عن ابن مهزيار ،عن
علي بن النعمان ،عن ابن مسكان ،عن ابن فرقد ،عن الزهري ،عن
أحدهما عليهما السلم أنه قال :ويل لقوم ل يدينون ال بالمر بالمعروف
والنهي عن المنكر ،وقال :من قال :ل إله إل ال فلن يلج ملكوت السماء
حتى يتم قوله بعمل صالح ،ول دين لمن دان ال بطاعة الظالم ،ثم قال:
وكل القوم ألهاهم التكاثر حتى زاروا المقابر.
][153
- 16جا ) :(1بهذا السناد ،عن ابن مهزيار ،عن ابن محبوب ،عن الثمالي قال:
سمعت علي بن الحسين عليهما السلم يقول :من عمل بما افترض ال
عليه فهو من خير الناس ،ومن اجتنب ما حرم ال عليه فهو من أعبد
الناس ومن أورع الناس ،ومن قنع بما قسم ال له فهو من أغنى الناس.
- 17عم ) :(2روي أن علي بن الحسين عليهما السلم رأى يوما الحسن
البصري وهو يقص عند الحجر السود فقال له عليه السلم أترضى يا
حسن نفسك للموت ؟ قال :ل ،قال :فعملك للحساب ؟ قال :ل ،قال :فثم دار
للعمل غير هذه الدار ؟ قال :ل ،قال :فلله في أرضه معاذ غير هذا البيت ؟
قال :ل ،قال :فلم تشغل الناس عن الطواف .وقيل له :يوما إن الحسن
البصري قال :ليس العجب ممن هلك كيف هلك ؟ وإنما العجب ممن نجا
كيف نجا ،فقال عليه السلم :أنا أقول :ليس العجب ممن نجا كيف نجا وأما
العجب ممن هلك كيف هلك مع سعة رحمة ال - 18 .كشف ) :(3عن أبي
الطفيل عامر بن واثلة قال :كان علي بن الحسين عليهما السلم إذا تل هذه
الية " يا أيها الذين آمنوا اتقوا ال وكونوا مع الصادقين ) " (4يقول
اللهم ارفعني في أعلى درجات هذه الندبة ،وأعني بعزم الرادة ،وهبني
حسن المستعقب من نفسي ،وخذني منها حتى تتجرد خواطر الدنيا عن
قلبي من برد خشيتي منك ،وارزقني قلبا ولسانا يتجاريان في ذم الدنيا
وحسن التجافي منها حتى ل أقول إل صدقا ) (5وأرني مصاديق إجابتك
بحسن توفيقك حتى أكون في كل حال حيث أردت.
) (1مجالس المفيد ص (2) 109اعلم الورى ص (3) .255كشف النعمة ج 2
ص (4) .306التوبة (5) .119 :في المصدر " ال صدقت ".
][154
فقد قرعت بي باب فضلك فاقة ) * (1بحد سنان نال قلبي فتوقها وحتى متى أصف
محن الدنيا ومقام الصديقين ،وانتحل عزما من إرادة مقيم بمدرجة الخطايا
أشتكى ذل ملكة الدنيا وسوء أحكامها علي وقد رأيت وسمعت لو كنت
أسمع في أداة فهم أو أنظر بنور يقظه .وكل القي نكبة وفجيعة * وكأس
مرارات ذعافا أذوقها ) (2وحتى متى أتعلل بالماني وأسكن إلى الغرور
واعبد نفسي للدنيا على غضاضة سوء العتداد من ملكاتها ،وأنا أعرض
لنكبات الدهر علي أتربص اشتمال البقاء ،وقوارع الموت تختلف حكمي
في نفسي ويعتدل حكم الدنيا .وهن المنايا أي واد سلكته * عليها طريقي
أو علي طريقها وحتى متى تعدني الدنيا فتخلف ،وأئتمنها فتخون ،ل تحدث
جدة إل بخلوق جدة ) ،(3ول تجمع شمل إل بتفريق شمل حتى كأنها
غيرى محجبة ضنا تغار علي اللفة ،وتحسد أهل النعم .فقد آذنتني بانقطاع
وفرقة * وأومض لي من كل افق بروقها ) (4ومن أقطع عذرا من مغذ
سيرا ) (5يسكن إلى معرس غفلة بأدواء نبوة الدنيا ) (6ومرارة العيش،
وطيب نسيم الغرور ،وقد أمرت تلك الحلوة على القرون الخالية وحال ذلك
النسيم هبوات ) (7وحسرات ،وكانت حركات فسكنت ،وذهب كل عالم بما
فيه.
) (1في بعض النسخ " قد فزعت إلى باب فضلك فاقة " (2) .الذعاف -كغراب:
السم (3) .الجدة بتشديد الدال :-الخرقة .جدة الثوب :كونه جديدا(4) .
أومض البرق :لمع خفيفا وظهر (5) .أغذ في السير :أسرع(6) .
التعريس :النزول في السفر في موضع للستراحة ثم الرتحال عنه
والموضع معرس .والنبوة :ما ارتفع من الرض يقال هو يشكو نبوة
الزمان وجفوته (7) .الهبوات :جمع الهبوة :الغبار.
][155
فما عيشة إل تزيد مرارة * ول ضيقة إل ويزداد ضيقها فكيف يرقا دمع لبيب أو
يهدأ طرف متوسم ) (1على سوء أحكام الدنيا وما تفجأ به أهلها من
تصرف الحالت ،وسكون الحركات ،وكيف يسكن إليها من يعرفها وهي
تفجع الباء بالبناء ،وتلهى البناء عن الباء ،تعدمهم أشجان قلوبهم )(2
وتسلبهم قرة عيونهم .وترمي قساوات القلوب بأسهم * وجمر فراق ل
يبوخ حريقها ) (3وما عسيت أن أصف عن محن الدنيا ،وأبلغ من كشف
الغطاء عما وكل به دور الفلك من علوم الغيوب ولست أذكر منها إل قتيل
أفنته ،أو مغيب ضريح تجافت عنه ) (4فاعتبر أيها السامع بهلكات المم،
وزوال النقم ،وفظاعة ما تسمع وترى من سوء آثارها في الديار الخالية،
والرسوم الفانية ،والربوع الصموت ) .(5وكم عاقل أفنت فلم تبك شجوه )
* (6ولبد أن تفنى سريعا لحوقها فانظر بعين قلبك إلى مصارع أهل البذخ
) (7وتأمل معاقل الملوك ،ومصانع الجبارين ) ،(8وكيف عركتهم الدنيا
بكلكل الفناء ) (9وجاهرتهم بالمنكرات
) (1رقأ الدمع :سكن وجف .وهدأ :سكن (2) .الشجان جمع الشجن وهو الهم
والحزن (3) .باخ النار أي سكن وخمد (4) .تجافى :أي تنحى ولم يلزم
مكانه -وبالفارسية يعنى پهلو خالي كرد (5) .أي الدور الخاليات(6) .
في المصدر " وكم عالم أفنت " .والشجو :الهم والحزن ،والحاجة يقال
" له عندي شجو " أي حاجة ،والشوط من البكاء (7) .البذخ :الترفع
والتكبر (8) .معاقل الملوك يحتمل أن يكون المراد كبراء الملوك وسادتهم
ويحتمل أن يكون المراد القصور والحصون .ويحتمل كليهما .وقوله "
مصانع الجبارين " معناه القصور والقرى والحصون والدور(9) .
عركته الدنيا أي حنكه .والكل كل جمع الكلكل :الصدر أو ما بين
الترقوتين.
][156
وسحبت عليهم أذيال البوار ،وطحنتهم طحن الرحى للحب ،واستودعتهم هوج
الرياح ) (1تسحب عليهم أذيالها فوق مصارعهم في فلوات الرض .فتلك
مغانيهم وهذي قبورهم ) * (2توارثها أعصارها وقبورها أيها المجتهد في
آثار من مضى من قبلك من امم السالفة ،توقف وتفهم ،وانظر أي عز ملك
أو نعيم انس أو بشاشة ألف إل نغصت أهله قرة أعينهم ،وفرقتهم أيدي
المنون ،فألحقتهم بتجافيف التراب فأضحوا في فجوات قبورهم يتقلبون
وفي بطون الهلكات عظاما ورفاتا وصلصال في الرض هامدون ).(3
وآليت ل تبقى الليالي بشاشة ) * (4ول جدة إل سريعا خلوقها وفي مطالع
أهل البرزخ ،وخمود تلك الرقدة ،وطول تلك القامة طفيت مصابيح النظر،
واضمحلت غوامض الفكر ،وذم الغفول أهل العقول ،وكم بقيت متلذذا في
طوامس هوامد تلك الغرفات فنوهت بأسماء الملوك ،وهتفت بالجبارين )
(5ودعوت الطباء والحكماء ،وناديت معادن الرسالة والنبياء ،أتململ
تململ السليم ) (6وأبكي بكاء الحزين ،انادي ولت حين مناص ) .(7سوى
أنهم كانوا فبانوا وأنني * على جدد قصد سريعا لحوقها وتذكرت مراتب
الفهم ،وغضاضة فطن العقول ،بتذكر قلب جريح،
) (1الهوج جمع الهوجاء وهى من الرياح التى ل تستوى في هبوبها وتقلع البيوت.
) (2المغانى :المواضع والمنازل (3) .الهامد :البالى (4) .آليت أي
حلفت .والبشاشة السرور والبتهاج (5) .طمس الشئ :درس وانمحى،
ونوه الشئ من باب التفعيل -رفعه ،أو دعاه برفع الصوت ،أو رفع ذكره.
وهتف الحمامة أي صاتت أو مدت صوتها .وهتفت الحمامة :ناحت(6) .
تململ أي تقلب على فراشه مرضا أو غما .والسليم :اللديغ أو الجريح
المشرف على الموت (7) .المناص :الخلص الغضاضة :الذلة
والمنقصة.
][157
فصدعت الدنيا عما التذ بنواظر فكرها من سوء الغفلة ،ومن عجب كيف يسكن إليها
من يعرفها ،وقد استذهلت عقله بسكونها ،وتزين المعاذير وخسأت
أبصارهم عن عيب التدبير ،وكلما تراءت اليات ونشرها من طي الدهر،
عن القرون الخالية الماضية ،وحالهم ومآلهم ،وكيف كانوا وما الدنيا
وغرور اليام .وهل هي إل لوعة من ورائها * جوى قاتل أو حتف نفس
يسوقها ) (1وقد أغرق في ذم الدنيا الدلء على طرق النجاة من كل عالم،
فبكت العيون شجن القلوب فيها دما ،ثم درست تلك المعالم فتنكرت الثار،
وجعلت في برهة من محن الدنيا وتفرقت ورثة الحكمة ،وبقيت فردا كقرن
العضب ) (2وحيدا أقول فل أجد سميعا ،وأتوجع فل أجد مشتكى .وإن
أبكهم أجرض وكيف تجلدي * وفي القلب مني لوعة ل اطيقها ) (3وحتى
متى أتذكر حلوة مذاق الدنيا ،وعذوبة مشارب أيامها ،وأقتفي آثار
المريدين ،وأتنسم أرواح الماضين ) (4مع سبقهم إلى الغل والفساد،
وتخلفي عنهم في فضالة طرق الدنيا منقطعا من الخلء ،فزادني جليل
الخطب لفقدهم جوى وخانني الصبر حتى كأنني أول ممتحن ،أتذكر معارف
الدنيا وفراق الحبة .فلو رجعت تلك الليالي كعهدها * رأت أهلها في
صورة ل تروقها فمن أخص بمعاتبتي ؟ ومن أرشد بندبتي ،ومن أبكى،
ومن أدع أشجو بهلكة الموات ،أم بسوء خلف الحياء ،وكل يبعث حزني
ويستأثر بعبراتي ومن يسعدني فأبكي وقد سلبت القلوب لبها ،ورق الدمع،
وحق للداء أن يذوب على طول مجانبة الطباء ،وكيف بهم وقد خالفوا
المرين ،وسبقهم زمان الهادين ،ووكلوا إلى أنفسهم يتنسكون في
الضللت في دياجير الظلمات.
) (1الجوى .الحرقة وشدة الحزن وتطاول المرض (2) .العضب :الظبى الذى
انكسر احد قرينه (3) .أجرض أي أهلك .واللوعة :الحرق وألمه (4) .في
بعض النسخ " أرواح الصالحين ".
][158
حيارى وليل القوم داج نجومه * طوامس ل تجري بطئ خفوقها ) (1وقال عليه
السلم (2) :من ضحك ضحكة مج من عقله مجة علم .وقال عليه السلم:
إن الجسد إذا لم يمرض يأشر ،ول خير في جسد يأشر ) .(3وقال عليه
السلم :فقد الحبة غربة .وقال عليه السلم :من قنع بما قسم ال له فهو
من أغنى الناس - 10 .كتاب نثر الدرر ) (4لمنصور بن الحسن البي :نظر
علي بن الحسين عليهما السلم إلى سائل يبكي فقال :لو أن الدنيا كانت في
كف هذا ،ثم سقطت منه ما كان ينبغي له أن يبكي عليها .وسئل عليه
السلم - :لم -اوتم النبي صلى ال عليه وآله من أبويه ؟ فقال :لئل يوجب
عليه حق المخلوق ) .(5وقال لبنه :يا بني إياك ومعاداة الرجال فإنه لن
يعدمك ) (6مكر حليم أو مفاجأة لئيم .وبغله عليه السلم قول نافع بن جبير
) (7في معاوية حيث قال :كان يسكته الحلم وينطقه العلم ،فقال :كذب بل
كان يسكته الحصر وينطقه البطر .وقيل له :من أعظم الناس خطرا قال:
من لم ير للدنيا خطرا لنفسه .قال وروي لنا الصاحب )ره( ،عن أبي محمد
الجعفري ،عن أبيه ،عن عمه جعفر ،عن أبيه عليهم السلم قال :قال رجل
لعلي بن الحسين عليهما السلم :ما أشد بغض
) (1خفق النجم :غاب .والليل :ذهب أكثره .والطائر :طار .الرجل في البلد :ذهب) .
(2كشف الغمة ج 2ص (3) .314أشر يأشر أي بطر ومرح(4) .
مخطوط (5) .يعنى في وجوب الطاعة (6) .في كتاب نزهة الناظر
للحلواني ص " 32فانك لن تعدم " (7) .نافع بن جبير بن مطعم النوفلي
يكنى أبا محمد أو أبا عبد ال المدنى مات سنة تسع وتسعين.
][159
قريش لبيك ؟ قال :لنه أورد أولهم النار وألزم آخرهم العار ،قال ثم جرى ذكر
المعاصي فقال :عجبت لمن يحتمي عن الطعام لمضرته ،ول يحتمي من من
الذنب لمعرته ) .(1وقيل له عليه السلم :كيف أصبحت قال :أصبحنا
خائفين برسول ال وأصبح جميع أهل السلم آمنين به .وسمع عليه
السلم رجل كان يغشاه ) (2يذكر رجل بسوء ،فقال :إياك والغيبة فإنه إدام
كلب النار .ومما أورد محمد بن الحسن بن حمدون في كتاب التذكرة من
كلمه عليه السلم قال :ل يهلك مؤمن بين ثلث خصال :شهادة أن ل إله
إل ال وحده ل شريك له ،وشفاعة رسول ال صلى ال عليه وآله ،وسعة
رحمة ال عزوجل .خف ال عزوجل لقدرته عليك ،واستحي منه لقربه
منك ،إذا صليت صل صلة مودع ،وإياك وما يعتذر منه ،وخف ال خوفا
ليس بالتعذير .وقال عليه السلم :إياك والبتهاج بالذنب فان البتهاج به
أعظم من ركوبه .وقال عليه السلم :هلك من ليس له حكيم يرشده ،وذل
من ليس له سفيه يعضده - 19 .ضه :(3) :قال علي بن الحسين عليهما
السلم :مليك عزيز ل يرد قضاؤه * عليم حكيم نافذ المر قاهر عنا كل ذي
عز لعزة وجهه * فكل عزيز للمهيمن صاغر ) (4لقد خشعت واستسلمت
وتضاءلت ) * (5لعزة ذي العرش الملوك الجبابر وفي دون ما عاينت من
فجعاتها * إلى رفضها داع وبالزهد آمر
) (1المعرة :الثم والمساءة ،والذى والجناية (2) .غشى يغشى غشيا .المر فلنا:
غطاه وحل به ،والمكان :أتاه (3) .روضة الواعظين ص (4) .523عنا
يعنو له أي خضع وذل (5) .تضاءل أي صغر وضعف وتصاغر وتقاصر.
وفى المصدر " تصغرت "
][160
فجد ول تغفل فعيشك زائل * وأنت إلى دار المنية صائر ول تطلب الدنيا فإن طلبها
* فإن نلت منها غبها لك ضائر - 20ختص ) :(1قال :جاء رجل إلى علي
بن الحسين عليهما السلم يشكو إليه حاله فقال :مسكين ابن آدم له في كل
يوم ثلث مصائب ل يعتبر بواحدة منهن ولو اعتبر لهانت عليه المصائب
وأمر الدنيا ،فأما المصيبة الولى فاليوم الذي ينقص من عمره ،قال :وإن
ناله نقصان في ماله اغتم به ،والدرهم يخلف عنه والعمر ل يرده شئ،
والثانية أنه يستوفى رزقه ،فان كان حلل حوسب عليه ،وإن كان حراما
عوقب عليه ،قال :والثالثة أعظم من ذلك قيل :وما هي قال :مامن يوم
يمسي إل وقد دنى من الخرة مرحلة ل يدري على الجنة أم على النار.
وقال :أكبر ما يكون ابن آدم اليوم الذي يلد من امه .قالت الحكماء :ما
سبقه إلى هذا أحد - 21 .اعلم الدين ) (2قال علي بن الحسين عليهما
السلم :ل يهلك مؤمن بين ثلث خصال :شهادة أن ل إله إل ال وحده ل
شريك له وشفاعة رسول ال صلى ال عليه وآله وسعة رحمة ال .وقال
عليه السلم :خف ال تعالى لقدرته عليك واستحي منه لقربه منك .وقال
عليه السلم :ل تعادين أحدا وإن ظننت أنه ل يضرك ،ول تزهدن في
صداقة أحد وإن ظننت أنه ل ينفعك فإنه ل تدري متى تخاف عدوك ،ومتى
ترجو صديقك .وإذا صليت فصل صلة مودع .وقال عليه السلم في جواب
من قال :إن معاوية يسكته الحلم وينطقه العلم ،فقال :بل كان يسكته
الحصر وينطقه البطر .وقال عليه السلم :لكل شئ فاكهة وفاكهة السمع
الكلم الحسن .وقال عليه السلم :من رمى الناس بما فيهم رموه بما ليس
فيه ،ومن لم يعرف داءه
أفسده دواؤه .وقال عليه السلم لولده محمد الباقر عليه السلم :كف الذى رفض
البذاء ) ،(1واستعن على الكلم بالسكوت ،فإن للقول حالت تضر ،فاحذر
الحمق .وقال عليه السلم :ل تمتنع من ترك القبيح وإن كنت قد عرفت به
ول تزهد في مراجعة الجهل ،وإن كنت قد شهرت بخلفه وإياك والرضا
بالذنب فإنه أعظم من ركوبه ،والشرف في التواضع ،والغنى في القناعة.
وقال عليه السلم :ما استغنى أحد بال إل افتقر الناس إليه .وقال عليه
السلم :خير مفاتيح المور الصدق ،وخير خواتيمها الوفاء .وقال عليه
السلم :كل عين ساهرة ) (2يوم القيامة إل ثلث عيون :عين سهرت في
سبيل ال ،وعين غضت عن محارم ال ،وعين فاضت من خشية ال .وقال
عليه السلم :الكريم يبتهج بفضله ،واللئيم يفتخر بملكه .وقال عليه
السلم :إياك والغيبة فإنها إدام كلب النار .وقال عليه السلم :من اتكل
على حسن اختيار ال عزوجل لم يتمن أنه في حال غير حال التي اختارها
ال له .قيل :تشاجر هو عليه السلم وبعض الناس في مسائل من الفقه
فقال عليه السلم :يا هذا إنك لو صرت إلى منازلنا لريناك آثار جبرئيل في
رحالنا ،أفيكون أحد أعلم بالسنة منا .وقال عليه السلم :إذا صلى تبرز إلى
مكان خشن يتخفى ويصلى فيه ،وكان كثير البكاء ،قال :فخرج يوما في حر
شديد إلى الجبال ليصلي فيه فتبعه مولى له ،وهو ساجد على الحجارة وهي
خشنة حارة وهو يبكي فجلس موله حتى فرغ فرفع رأسه فكأنه قد غمس
رأسه ووجهه في الماء من كثرة الدموع فقال له موله :يا مولي أما آن
لحزنك أن ينقضي ؟ فقال :ويحك إن يعقوب نبي بن نبي كان له
) (1البذاء :الكلم القبيح والفحش (2) .العين الساهرة هي العين التى لم تنم ليل.
][162
اثنى عشر ولدا فغيب عنه واحد منهم فبكى حتى ذهب بصره واحد ودب ظهره
وشاب رأسه من الغم ،وكان ابنه حيا يرجو لقاءه ،فإني رأيت أبي وأخي
وأعمامي وبني عمي ثمانية عشر مقتلين صرعى تسفي عليهم الريح
فكيف ينقضي حزني وترقأ عبرتي) * .22 .باب( * * " )وصايا الباقر
عليه السلم( " * - 1ف ) :(1وصيته عليه السلم لجابر بن يزيد الجعفي
) (2روي عنه عليه السلم أنه قال له :يا جابر اغتنم من أهل زمانك
خمسا :إن حضرت لم تعرف .وإن غبت لم تفتقد .وإن شهدت لم تشاور.
وإن قلت لم يقبل قولك .وإن خطبت لم تزوج .واوصيك بخمس :إن ظلمت
فل تظلم ،وإن خانوك فل تخن .وإن كذبت فل تغضب .وإن مدحت فلل
تفرح .وإن ذممت فل تجزع .وفكر فيما قيل فيك ،فإن عرفت من نفسك ما
قيل فيك فسقوطك من عين ال عزوجل عند غضبك من الحق أعظم عليك
مصيبة مما خفت من سقوطك من أعين الناس .وإن كنت على خلف على
قيل فيك ،فثواب اكتسبته من غير أن يتعب بدنك .واعلم بأنك ل تكون لنا
وليا حتى لو اجتمع عليك أهل مصرك وقالوا :إنك رجل سوء لم يحزنك
ذلك ،ولو قالوا :إنك رجل صالح لم يسرك
) (1التحف ص (2) .284الجعفي -على زنة الكرسي :-نسبة إلى جعف بن سعد
العشيرة بن مذحج أبى حى باليمن .وهو جابر بن يزيد بن الحرث بن عبد
يغوث الجعفي من اصحاب الباقر والصادق عليها السلم وخدم المام أبا
جعفر عليه السلم سنينا متوالية مات رحمه ال في أيام الصادق عليه
السلم سنة ثمان وعشرين ومائة.
][163
ذلك ولكن أعرض نفسك على ]ما في[ كتاب ال ،فإن كنت سالكا سبيله ،زاهدا في
تزهيده ،راغبا في ترغيبه ،خائفا من تخويفه فاثبت وأبشر ،فإنه ل يضرك
ما قيل فيك .وإن كنت مبائنا للقرآن فماذا الذي يغرك من نفسك .إن المؤمن
معنى بمجاهدة نفسه ليغلبها على هواها فمرة يقيم أودها ) (1ويخالف
هواها في محبة ال ،ومرة تصرعه نفسه فيتبع هواها فينعشه ال فينتعش
) (2ويقيل ال عثرته فيتذكر ،ويفزع إلى التوبة والمخافة فيزداد بصيرة
ومعرفة لما زيد فيه من الخوف ،وذلك بأن ال يقول " :إن الذين اتقوا إذا
مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون ) " (3يا جابر استكثر
لنفسك من ال قليل الرزق تخلصا إلى الشكر ،واستقلل من نفسك كثير
الطاعة ل إزراء على النفس ) (4وتعرضا للعفو ،وادفع عن نفسك حاضر
الشر بحاضر العلم ،واستعمل حاضر العلم بخالص العمل ،وتحرز في
خالص العمل من عظيم الغفلة بشدة التيقظ ،واستجلب شدة التيقظ بصدق
الخوف ،و احذر خفي التزين ) (5بحاضر الحياة ،وتوق مجازفة الهوى
بدللة العقل ) (6وقف عند غلبة الهوى باسترشاد العلم ،واستبق خالص
العمال ليوم الجزاء ،وانزل ساحة
) (1الود -محركة :-العوج .وقد يأتي بمعنى القوة (2) .نعشه ال :رفعه وأقامه
وتداركه من هلكة وسقطة .وينعش أي ينهض -وينشط (3) .سورة
العراف .200 :والطائف فاعل من طاف يطوف أي الخيال والوسوسة) .
(4أزرى على النفس :عابها وعاتبها .ويحتمل أن يكون :ازدراء -من
باب الفتعال -أي احتقارا واستخفافا (5) .وفى بعض النسخ " خفى
الرين " أي الدنس (6) .جازف في كلمه :تكلم بدون تبصر وبل روية.
وجازف في البيع :بايعه بل كيل ول وزن ول عدد ،وجازف بنفسه :خاطر
بها.
][164
القناعة باتقاء الحرص ) (1وادفع عظيم الحرص بإيثار القناعة ،واستجلب حلوة
الزهادة بقصر المل ،واقطع أسباب الطمع ببرد اليأس ،وسد سبيل العجب
بمعرفة النفس ،وتخلص إلى راحة النفس بصحة التفويض ،واطلب راحة
البدن بإجمام القلب ) (2وتخلص إلى إجمام القلب بقلة الخطأ ،وتعرض
لرقة القلب بكثرة الذكر في الخلوات ،واستجلب نور القلب بدوام الحزن،
وتحرز من إبليس بالخوف الصادق ،وإياك والرجاء الكاذب ،فإنه يوقعك
في الخوف الصادق وتزين ل عزوجل بالصدق في العمال ،وتحبب إليه
بتعجيل النتقال ،و إياك والتسويف فإنه بحر يغرق فيه الهلكي ،وإياك
والغفلة ففيها تكون قساوة القلب ،وإياك والتواني فيما ل عذر لك فيه،
فإليه يلجأ النادمون ،واسترجع سالف الذنوب بشدة الندم وكثرة الستغفار،
وتعرض للرحمة وعفو ال بحسن المراجعة ،واستعن على حسن المراجعة
بخالص الدعاء والمناجات في الظلم ،و تخلص إلى عظيم الشكر باستكثار
قليل الرزق واستقلل كثير الطاعة ،واستجلب زيادة النعم بعظيم الشكر،
وتوسل إلى عظيم الشكر بخوف زوال النعم ،واطلب بقاء العز بإماتة
الطمع ،وادفع ذل الطمع بعز اليأس ،واستجلب عز اليأس ببعد الهمة،
وتزود من الدنيا بقصر المل ،وبادر بإنتهاز البغية ) (3عند إمكان
الفرصة ،ول إمكان كاليام الخالية مع صحة البدان ،وإياك والثقة بغير
المأمون فإن للشر ضراوة كضراوة الغذاء (4) .واعلم أنه ل علم كطلب
السلمة ،ول سلمة كسلمة القلب ،ول عقل كمخالفة الهوى .ول خوف
كخوف حاجز ،ول رجاء كرجاء معين ،ول فقر
) (1في بعض النسخ " وانزل ساعة القناعة بانفاء الحرص " (2) .الجمام -
بالفتح :-الراحة .وأجم نفسه أي أتركها (3) .البغية :مصدر بغى الشئ
أي طلبه .وانتهاز البغية :اغتنامها والنهوض إليها مبادرا (4) .الضراوة:
العتياد ،مصدر ضرى بالشئ :أي اعتاده.
][165
كفقر القلب ،ول غنى كغنى النفس ،ول قوة كغلبة الهوى ،ول نور كنور اليقين ول
يقين كاستصغارك الدنيا ،ول معرفة كمعرفتك بنفسك ،ول نعمة كالعافية،
ول عافية كمساعدة التوفيق ،ول شرف كبعد الهمة ،ول زهد كقصر المل،
ول حرص كالمنافسة في الدرجات ) (1ول عدل كالنصاف ،ول تعدي
كالجور ،ول جور كموافقة الهوى ،ول طاعة كأداء الفرائض ،ول خوف
كالحزن ،ول مصيبة كعدم العقل ،ول عدم عقل كقلة اليقين ،ول قلة يقين
كفقد الخوف ،ول فقد خوف كقلة الحزن على فقد الخوف ،ول مصيبة
كاستهانتك بالذنب ورضاك بالحالة التي أنت عليها ،ول فضيلة كالجهاد،
ول جهاد كمجاهدة الهوى ،ول قوة كرد الغضب ،ول معصية كحب البقاء )
(2ولذل كذل الطمع ،وإياك والتفريط عند إمكان الفرصة ،فإنه ميدان
يجري لهله بالخسران - 2 .ف ) :(3ومن كلمه عليه السلم لجابر أيضا
خرج يوما وهو يقول :أصبحت وال يا جابر محزونا مشغول القلب ،فقلت:
جعلت فداك ما حزنك وشغل قلبك كل هذا علي الدنيا ؟ فقال عليه السلم :ل
يا جابر ولكن حزن هم الخرة ،يا جابر من دخل قلبه خالص حقيقة اليمان
شغل عما في الدنيا من زينتها ،إن زينة زهرة الدنيا إنما هو لعب ولهو،
وإن الدار الخرة لهي الحيوان .يا جابر إن المؤمن ل ينبغي له أن يركن
ويطمئن إلى زهرة الحياة الدنيا .واعلم أن أبناء الدنيا هم أهل غفلة وغرور
وجهالة ،وأن أبناء الخرة هم المؤمنون العاملون الزاهدون ،أهل العلم
والفقه ،وأهل فكرة واعتبار واختبار ،ل يملون من ذكر ال.
) (1المنافسة :المفاخرة والمباراة (2) .يعنى البقاء في هذه الدنيا الدنية لستلزامه
البعد عن جوار الرب تعالى (3) .التحف ص 286ورواه الكليني في
الكافي ج 2ص 133عن ابى عبد ال المؤمن عن جابر " قال :دخلت
على ابى جعفر عليه السلم فقال :يا جابر وال انى لمحزون و انى
لمشغول القلب ...الخ " ورواه على بن عيسى الربلي في كشف الغمة
أيضا مع اختلف.
][166
) (1في بعض النسخ " استنبهت " وفى الكافي والكشف " استيقظت " (2) .في
الكافي " هذا مثل " (3) .في بعض النسخ " ما استودعتك " وفى
الكافي والكشف " ما استرعاك " (4) .قال الفيض رحمه ال :أي ان تكن
الدنيا عندك على غير ما وصفت لك فتكون تطمئن إليها فعليك أن تتحول
فيها إلى دار ترضى فيها ربك يعنى أن تكون في الدنيا ببدنك وفى الخرة
بروحك تسعى في فكاك رقبتك وتحصيل رضا بك حتى يأتيك الموت.
وليست في -بعض النسخ لفظة " غير " وعلى هذا فل حاجة إلى التكلف
في معناه .والستعتاب السترضاء (5) .التحف ص 288ورواه الكليني
)ره( في الكافي ج 5ص 8عن على بن ابراهيم عن أبيه عن القاسم بن
محمد وعلى بن محمد القاسانى عن المنقرى عن حفص بن غياث عن
أبى عبد ال عليه السلم قال " :سأل رجل عن حروب أمير المؤمنين
عليه السلم وكان القائل من محبينا فقال :بعث ال محمدا صلى ال عليه
وآله بخمسة أسياف -الخ " .ورواه شيخ الطائفة )ره( أيضا في التهذيب
ص 46من المجلد الثاني والصدوق )ره( في الخصال.
][167
حروب أمير المؤمنين صلوات ال عليه فقال عليه السلم له :بعث ال محمدا صلى
ال عليه وآله بخمسة أسياف :ثلثة منها شاهرة ل تغمد ) (1حتى تضع
الحرب أو زارها ،ولن تضع الحرب أوزارها حتى تطلع الشمس من
مغربها ،فإذا طلعت الشمس من مغربها أمن الناس كلهم في ذلك اليوم،
فيومئذ ل ينفع نفسا إيمانها لم تكن أمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا
) .(2وسيف مكفوف ) (3وسيف منها مغمود ،سله إلى غيرنا وحكمه إلينا.
فأما السيوف الثلثة الشاهرة :فسيف على مشركي العرب قال ال عزوجل
" اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لهم كل
مرصد ) " ." (4فإن تابوا )أي آمنوا( وأقاموا الصلوة وآتوا الزكوة
فإخوانكم في الدين ) " (5هؤلء ل يقبل منهم إل القتل أو الدخول في
السلم وأموالهم فيئ ،وزراريهم سبي على ماسن رسول ال صلى ال
عليه وآله فإنه سبي وعفا وقبل الفداء .والسيف الثاني على أهل الذمة قال
ال سبحانه " :وقولوا للناس حسنا ) " (6نزلت هذه الية في أهل الذمة
ونسخها قوله " :قاتلوا الذين ل يؤمنون بال ول باليوم الخر ول يحرمون
ما حرم ال ورسوله ول يدينون دين الحق من الذين
) (1الشاهرة :المجردة من الغمد .وقوله " .حتى تضع الحرب أوزارها " أي
ينقضى .والوزار :اللت والثقال .ولعل طلوع الشمس من مغربها كناية
عن أشراط الساعة وقيام القيامة .كما قاله الفيض رحمه ال في الوافى) .
(2قوله " :كسبت في ايمانها خيرا " أي ل ينفع يومئذ نفسا غير مقدمة
ايمانها أو مقدمة ايمانها غير كاسبة في ايمانها خيرا (3) .في بعض
النسخ " وسيف ملفوف " وكذا في تفسيره .ومغمود أي مستور في
غلفه .وسله :اخراجه من غلفه (4) .سورة التوبة (5) .5 :سورة
التوبة (6) .11 :سورة البقرة.78 :
][168
اوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) " (1فمن كان منهم في
دار السلم فلن يقبل منهم إل الجزية أو القتل وما لهم فيئ .وذراريهم
سبي ،فإذا قبلوا الجزية على أنفسهم حرم علينا سبيهم ،وحرمت أموالهم،
وحلت لنا مناكحهم ) (2ومن كان منهم في دار الحرب حل لنا سبيهم
وأموالهم ،ولم تحل لنا مناكحتهم ،ولم يقبل منهم إل دخول دار السلم )(3
والجزية أو القتل .والسيف الثالث على مشركي العجم كالترك والديلم
والخزر ) (4قال ال عزوجل في أول السورة التي يذكر فيها الذين كفروا
فقص قصتهم ثم قال " :فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم ) (5فشدوا
الوثاق * فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها ) " (6فأما
قوله " :فإما منا بعد " يعني بعد السبي منهم " وإما فداء " يعني المفاداة
بينهم وبين أهل السلم ،فهؤلء لن يقبل منهم إل القتل أو الدخول في
السلم ول يحل لنا نكاحهم ) (7ماداموا في دار الحرب .وأما السيف
المكفوف فسيف على أهل البغي والتأويل قال ال " :وإن طائفتان من
المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما )صلحا( فإن بغت إحديهما على الخرى
فقاتلوا التي تبغي حتى تفيئ إلى أمر ال ) " (8فلما نزلت هذه الية قال
رسول
) (1سورة التوبة (2) .30 :في الكافي والتهذيب " مناكحتهم " (3) .فيهما " يعنى
الترك والديلم والخزر -بالتحريك والخاء المعجمة والزاى ثم الراء :-
جيل من الناس ضيقة العيون (4) .فيهما " ال الدخول في دار السلم ".
) (5أي أكثرتم قتلهم واغلظتموهم .من الثخن (6) .سورة محمد(7) .4 :
فيهما " مناكحتهم " (8) .سورة الحجرات ،9 :وهذه الية أصل في قتال
المسلمين ودليل على وجوب قتال أهل البغى وعليها بنى أمير المؤمنين
عليه السلم قتال الناكثين والقاسطين والمارقين واياها عنى رسول ال
صلى ال عليه وآله حين قال لعمار بن ياسر " :تقتلك الفئة الباغية ".
][169
ال صلى ال عليه وآله :إن منكم من يقاتل بعدي على التأويل كما قاتلت على
التنزيل ،فسئل النبي صلى ال عليه وآله من هو ؟ فقال :خاصف النعل،
يعني أمير المؤمنين عليه السلم ،و قال عمار بن ياسر " :قاتلت بهذه
الراية مع رسول ال صلى ال عليه وآله ثلثا ) (1وهذه الرابعة ،وال لو
ضربونا حتى يبلغوا بنا السعفات من هجر ) (2لعلمنا أنا على الحق وأنهم
على الباطل " .وكانت السيرة فيهم من أمير المؤمنين عليه السلم مثل ما
كان من رسول ال صلى ال عليه وآله في أهل مكة يوم فتحها فإنه لم
يسب لهم ذرية وقال :من أغلق بابه فهو آمن ،وكذلك قال أمير المؤمنين
عليه السلم يوم البصرة نادى فيهم ل تسبوا لهم ذرية ول تدففوا على
جريح ) (3ول تتبعوا مدبرا ومن أغلق بابه ،وألقى سلحه فهو آمن.
والسيف المغمود فالسيف الذي يقام به القصاص قال ال عزوجل" :
النفس بالنفس والعين بالعين ) " (4فسله إلى أولياء المقتول ،وحكمه
إلينا .فهذه السيوف التي بعث ال بها محمدا صلى ال عليه وآله فمن
جحدها أو جحد واحدا منها أو شيئا من سيرها وأحكامها فقد كفر بما أنزل
ال تبارك وتعالى على محمد نبيه صلى ال عليه وآله.
) (1يوم بدر ويوم أحد ويوم حنين (2) .السعف -بالتحريك :-جريدة النخل أو
ورقه قيل مادامت بالخوص فإذا زال عنها قيل :جريدة ،وأكثر ما يقال إذا
يبست وإذا كانت رطبة فهى شطبة .والهجر -بالتحريك :-بلدة باليمن.
واسم لجميع أرض البحرين .وانما خص هجر لبعد المسافة أو لكثرة
النخل بها (3) .دفف على الجريح :أجهزه عليه وأتم قتله ،وفى بعض
النسخ " ول تذيعوا على جريح " وفى الكافي والتهذيب " ل تجهزوا
على جريح " والجهاز على الجريح :اتمام قتله والسراع فيه(4) .
سورة المائدة.47 :
][170
- 4ف ) :(1موعظة :وحضره ذات يوم جماعة من الشيعة فوعظهم وحذرهم وهم
ساهون لهون ،فأغاظه ذلك فأطرق مليا ،ثم رفع رأسه إليهم ،فقال :إن
كلمي لو وقع طرف منه في قلب أحدكم لصار ميتا .أل يا أشباحا بل
أرواح ،و ذبابا بل مصباح كأنكم خشب مسندة ) (2وأصنام مريدة ،أل
تأخذون الذهب من الحجر ؟ أل تقتبسون الضياء من النور الزهر ،؟ أل
تأخذون اللؤلؤ من البحر ؟ خذوا الكلمة الطيبة ممن قالها وإن لم يعمل بها،
فإن ال يقول " :الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه أولئك الذين هداهم
ال ) ." (3ويحك يا مغرور أل تحمد من تعطيه فانيا ويعطيك باقيا ،درهم
يفنى بعشرة تبقى إلى سبعمائة ضعف مضاعفة من جواد كريم ،آتاك ال
عند مكافأة ) ،(4هو مطعمك وساقيك وكاسيك ومعافيك وكافيك وساترك
ممن يراعيك ،من حفظك في -ليلك ونهارك ،وأجابك عند اضطرارك،
وعزم لك على الرشد في اختبارك .كأنك قد نسيت ليالي أوجاعك وخوفك
دعوته فاستجاب لك ،فاستوجب بجميل صنيعه الشكر ،فنسيته فيمن ذكر،
وخالفته فيما أمر .ويلك إنما أنت لص من لصوص الذنوب ) (5كلما
عرضت لك شهوة أو
) (1التحف ص (2) .291شبههم عليه السلم في عدم النتفاع بهم بالخشب
المسندة إلى الحائط والصنام المنحوتة من الخشب وان كانت هياكلهم
معجبة وألسنتهم ذلقة .وفى بعض النسخ " و اصنام مربذة " (3) .سورة
الزمر (4) .18 :اشارة إلى قوله تعالى في سورة البقرة " .261 :مثل
الذين ينفقون أموالهم في سبيل ال كمثل حبة انبتت سبع سنابل في كل
سنبلة مائة حبة وال يضاعف لمن يشاء وال واسع عليم " (5) .اللص
-بالكسر :-فعل الشئ في ستر -ومنه قيل للسارق :لص .وجمعه
لصوص.
][171
ارتكاب ذنب سارعت إليه وأقدمت بجهلك عليه ،فارتكبته كأنك لست بعين ال ،أو
كأن ال ليس لك بالمرصاد ،يا طالب الجنة ما أطول نومك وأكل مطيتك،
وأوهى همتك ) (1فلله أنت من طالب ومطلوب ،ويا هاربا من النار ما أحث
مطيتك إليها ،وما أكسبك لما يوقعك فيها .انظروا إلي هذه القبور سطورا
بأفناء الدور ،تدانوا في خططهم ) (2وقربوا في مزارهم ،وبعدوا في
لقائهم ،عمروا فخربوا ،وأنسوا فأوحشوا ،وسكنوا فازعجوا ،وقطنوا
فرحلوا ) (3فمن سمع بدان بعيد وشاحط قريب ) ،(4وعامر مخرب ،وآنس
موحش ،وساكن مزعج ،و قاطن مرحل غير أهل القبور ؟ .يا ابن اليام
الثلث :يومك الذي ولدت فيه ،ويومك الذي تنزل فيه قبرك ويومك الذي
تخرج فيه إلى ربك ،فياله من يوم عظيم .يا ذوي الهيئة المعجبة ،والهيم
المعطنة ) (5مالي أرى أجسامكم عامرة وقلوبكم دامرة ،أوما وال لو
عاينتم ما أنتم ملقوه ،وما أنتم إليه صائرون لقلتم " :يا ليتنا نرد ول
نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين ) " (6وقال جل من قائل " :بل
بدالهم ما كانوا يخفون -ولوا ردوا لعادوا لمما نهوا عنه وإنهم لكاذبون )
." (7
) (1أوهى فلنا :أضعفه وجعله واهيا (2) .الخطط :جمع خطة -بالكسر :-ما
يخيطه النسان من الرض ليعلم أنه قد أحتازها ليبنيها دارا .والرض
التى تنزلها ولم ينزلها نازل قبلك -وبالضم :-المر والخصلة(3) .
القاطن :المقيم (4) .الشاحط :البعيد (5) .الهيم :البل العطاش .العطن -
بالنحريك :-وطن البل ومبركها حول الماء .وأعطنت البل :حبسها عند
الماء فبركت بعد الورود .وعطنت البل :رويت ثم بركت (6) .سورة
النعام (7) .27 :سورة النعام.28 .
][172
- 5ف ) :(1وروى عنه عليه السلم في قصار هذه المعاني - 1 .وقال عليه
السلم :صانع المنافق بلسانك ،وأخلص مودتك للمؤمن ،وإن جالسك
يهودي فأحسن مجالسته - 2 .وقال عليه السلم :ما شيب شئ بشئ أحسن
من حلم بعلم ) - 3 .(2وقال عليه السلم :الكمال كل الكمال التفقه في
الدين ،والصبر على النائبة ،وتقدير المعيشة 4 .وقال عليه السلم :وال
المتكبر ينازع ال رداءه - 5 .وقال عليه السلم :يوما لمن حضره ما
المروة ؟ فتكلموا ،فقال :صلى ال عليه وآله :المروة أن ل تطمع فتذل،
وتسأل فتقل ) (3ول تبخل فتشتم ،ول تجهل فتخصم ،فقيل :ومن يقدر على
ذلك ؟ فقال عليه السلم :من أحب أن يكون كالناظر في الحدقة )(4
والمسك في الطيب ،وكالخليفة في يومكم هذا في القدر - 6 .وقال يوما
رجل عنده :اللهم أغننا عن جميع خلقك .فقال أبو جعفر عليه السلم :ل
تقل هكذا ،ولكن قل :اللهم أغننا عن شرار خلقك ،فإن المؤمن ل يستغني
عن أخيه - 7 .وقال عليه السلم :قم بالحق واعتزل مال يعنيك ،وتجنب
عدوك ،واحذر صديقك من القوام إل المين من خشي ال ،ول تصحب
الفاجر ،ول تطلعه على سرك ،واستشر في أمر الذين يخشون ال- 8 .
وقال عليه السلم :صحبة عشرين سنة قرابة - 9 .وقال عليه السلم :إن
استطعت أن ل تعامل أحدا إل ولك الفضل عليه فافعل.
) (1التحف ص (2) .292الشوب :الخلط (3) .يقل الرجل :قل ماله (4) .الناظر:
سواد الصغر الذى فيه انسان العين .والحدقة .سواد العين العظم.
][173
- 10وقال عليه السلم :ثلثة من مكارم الدنيا والخرة :أن تعفو عمن ظلمك،
وتصل من قطعك .وتحلم إذا جهل عليك - 11 .وقال عليه السلم :الظلم
ثلثة :ظلم ل يغفره ال ،وظلم يغفره ال ،وظلم ل يدعه ال ،فأما الظلم
الذي ل يغفره ال فالشرك بال ،وأما الظلم الذي يغفره ال فظلم الرجل
نفسه فيما بينه وبين ال ،وأما الظلم الذي ل يدعه ال فالمدائنة بين العباد
) - 12 .(1وقال عليه السلم :ما من عبد يمتنع من معونة أخيه المسلم
والسعي له في حاجته قضيت أولم تقض إل ابتلي بالسعي في حاجة فيما
يأثم عليه ول يوجر ،وما من عبد يبخل بنفقة ينفقها فيما يرضي ال إل
ابتلي بأن ينفق أضعافها فيما أسخط ال - 13 .وقال عليه السلم :في كل
قضاء ال خير للمؤمن - 14 .وقال عليه السلم :إن ال كره إلحاح الناس
بعضهم على بعض في المسألة و أحب ذلك لنفسه .إن ال جل ذكره يحب
أن يسأل ويطلب ما عنده - 15 .وقال عليه السلم :من لم يجعل له من
نفسه واعظا ،فإن مواعظ الناس لن تغني عنه شيئا - 16 .وقال عليه
السلم :من كان ظاهره أرجح من باطنه خف ميزانه - 17 .وقال عليه
السلم :كم من رجل قد لقى رجل فقال له :كب ال عدوك ) (2وماله من
عدو إل ال - 18 .وقال عليه السلم :ثلثة ل يسلمون :الماشي إلى
الجمعة ،والماشي خلف جنازة وفي بيت الحمام - 19 .وقال عليه السلم:
عالم ينتفع بعلمه أفضل من سبعين ألف عابد - 20 .وقال عليه السلم :ل
يكون العبد عالما حتى ل يكون حاسدا لمن فوقه ول محقرا لمن دونه.
) (1المدائنة من الدين أي ظلم العباد عند المعاملة ) (2كب فلنا :صرعه .وقلبه
على رأسه.
][174
- 21وقال عليه السلم :ما عرف ال من عصاه وأنشد :تعصي الله وأنت تظهر
حبه * هذا لعمرك في الفعال بديع لو كان حبك صادقا لطعته * إن المحب
لمن أحب مطيع - 22وقال عليه السلم :إنما مثل الحاجة إلى من أصاب
ماله حديثا كمثل الدرهم في فم الفعي أنت إليه محوج ) (1وأنت منها على
خطر - 23 .وقال عليه السلم :ثلث خصال ل يموت صاحبهن أبدا حتى
يرى وبالهن :البغي .وقطيعة الرحم .واليمين الكاذبة يبارز ال بها ،وإن
أعجل الطاعة ثوابا لصلة الرحم وإن القوم ليكونون فجارا فيتواصلون
فتنمى أموالهم ويثرون ) (2وإن اليمين الكاذبة وقطيعة الرحم ليذران
الديار بلقع من أهلها ) - 24 (3وقال عليه السلم :ل يقبل عمل إل
بمعرفة .ول معرفة إل بعمل .ومن عرف دلته معرفته علي العمل .ومن لم
يعرف فل عمل له - 25 .وقال عليه السلم :إن ال جعل للمعروف أهل من
خلقه ،حبب إليهم المعروف وحبب إليهم فعاله ،ووجه لطلب المعروف
الطلب إليهم ويسر لهم قضاءه كما يسر الغيث للرض المجدبة ليحييها
ويحيي أهلها ) (4وإن ال جعل للمعروف أعداء من خلقه بغض إليهم
المعروف وبغض إليهم فعاله .وحظر على طلب المعروف التوجه إليهم
وحظر عليهم قضاءه كما يحظر الغيث عن الرض المجدبة ليهلكها ويهلك
أهلها وما يعفو ال عنه أكثر - 26 .وقال عليه السلم :اعرف المودة في
قلب أخيك بما له في قلبك.
) (1أحوج إليه :افتقر .وأحوجه :جعله محتاجا " (2) .يثرون " أي يكثرون مال.
يقال :ثرا الرجل :كثر ماله " (3) .ليذران " أي ليدعان ويتركان من
وذره أي ودعه " .بلقع " جمع بلقع :-الرض القفر (4) .المجدبة :ذو
جدب وهو ضد الخصب ويأتى ايضا بمعني الماحل.
][175
- 27وقال عليه السلم :اليمان حب وبغض ) - 28 .(1وقال عليه السلم :وال ما
شيعتنا إل من اتقى ال وأطاعه ،وما كانوا يعرفون إل بالتواضع والتخشع
وأداء المانة وكثرة ذكر ال والصوم والصلة والبر بالوالدين وتعهد
الجيران من الفقراء وذوي المسكنة والغارمين واليتام ،و صدق الحديث
وتلوة القرآن وكف اللسن عن الناس إل من خير ،وكانوا امناء عشائرهم
في الشياء - 29 .وقال :عليه السلم :أربع من كنوز البر :كتمان الحاجة،
وكتمان الصدقة ،وكتمان الوجع ،وكتمان المصيبة - 30 .وقال عليه
السلم :من صدق لسانه زكي عمله ،ومن حسنت نيته زيد في رزقه ومن
حسن بره بأهله زيد في عمره - 31 .وقال عليه السلم :إياك والكسل
والضجر فإنهما مفتاح كل شر ،من كسل لم يؤد حقا ،ومن ضجر لم يصبر
على حق - 32 .وقال عليه السلم :من استفاد أخا في ال على إيمان بال
ووفاء بإخائه طلبا لمرضات ال فقد استفاد شعاعا من نور ال ،وأمانا من
عذاب ال ،وحجة يفلج بها يوم القيامة ) (2وعزا باقيا ،وذكرا ناميا ،لن
المؤمن من ال عزوجل ل موصول ول مفصول ،قيل له عليه السلم :ما
معني ل موصول ول مفصول ؟ قال :ل موصول به إنه هو ول مفصول منه
إنه من غيره - 33 .وقال عليه السلم :كفى بالمرء غشا لنفسه أن يبصر
من الناس ما يعمي عليه من أمر نفسه ،أو يعيب غيره ) (3بما ل يستطيع
تركه أو يؤذي جليسه بما ل يعنيه.
) (1المراد الحب في ال والبغض فيه كما جاء في الحاديث (2) .يفلج أي يفوز
ويظفر ويغلب بها .وفلج الحجة :أثبتها .وفلج الرجل :ظفر بما طلب،
وعلى خصمه :غلبه - .وعلى القوم فاز (3) .في بعض النسخ " أو يعير
غيره ".
][176
- 34وقال عليه السلم :التواضع الرضا بالمجلس دون شرفه ،وأن تسلم على من
لقيت ،وأن تترك المراء وإن كنت محقا - 35 .وقال عليه السلم :إن
المؤمن أخ المؤمن ل يشتمه ول يحرمه ول يسئ به الظن - 36 .وقال
عليه السلم :لبنه :اصبر نفسك على الحق ،فإنه من منع شيئا في -حق
اعطي في باطل مثليه - 37 .وقال عليه السلم :من قسم له الخرق حجب
منه اليمان ) - 38 .(1وقال عليه السلم :إن ال يبغض الفاحش
المتفحش - 39 .وقال عليه السلم :إن ل عقوبات في القلوب والبدان:
ضنك في المعيشة ووهن في العبادة .وما ضرب عبد بعقوبة أعظم من
قسوة القلب - 40 .وقال عليه السلم :إذا كان يوم القيامة نادى مناد أين
الصابرون ؟ فيقوم فئام من الناس ) .(2ثم ينادي مناد أين المتصبرون ؟
فيقوم فئام من الناس .قلت :جعلت فداك ما الصابرون والمتصبرون ؟ فقال
عليه السلم الصابرون على أداء الفرائض ،والمتصبرون على ترك
المحارم - 41 .وقال عليه السلم :يقول ال :ابن آدم ! اجتنب ما حرمت
عليك تكن من أورع الناس - 42 .وقال عليه السلم :أفضل العبادة عفة
البطن والفرج - 43 .وقال عليه السلم :البشر الحسن ) (3وطلقة الوجه
مكسبة للمحبة ،و قربة من ال .وعبوس الوجه وسوء البشر مكسبة
للمقت وبعد من ال - 44 .وقال عليه السلم :ما تذرع إلي بذريعة ،ول
توسل بوسيلة هي أقرب له
) (1الخرق :ضعف العقل والرأى ،الجهل ،الحمق ،ضد الرفق (2) .الفئام -ككتاب
:-الجماعة من الناس .وفسر في خطب أمير المؤمنين عليه السلم بمائة
ألف (3) .البشر -بالكسر -طلقة الوجه وبشاشته .والمقت :البغض.
][177
مني إلى ما يحب من يد سالفة مني إليه أتبعتها اختها ليحسن حفظها وربها ،لن
منع الواخر يقطع لسان شكر الوائل ) (1وما سمحت لي نفسي برد بكر
الحوائج - 45 .وقال عليه السلم :الحياء واليمان مقرونان في قرن ،فإذا
ذهب أحدهما تبعه صاحبه - 46 .وقال عليه السلم :إن هذه الدنيا تعاطاها
البر والفاجر ،وإن هذا الدين ل يعطيه ال إل أهل خاصته ) - 47 .(2وقال
عليه السلم :اليمان إقرار وعمل .والسلم إقرار بل عمل - 48 .وقال
عليه السلم :اليمان ما كان في القلب .والسلم ما عليه التناكح والتوارث
وحقنت به الدماء .واليمان يشرك السلم ،والسلم ل يشرك اليمان49 .
-وقال عليه السلم :من علم باب هدى فله مثل أجر من عمل به ،ول
ينقص أولئك من أجورهم شيئا .ومن علم باب ضلل كان عليه مثل أوزار
من عمل به ،ول ينقص أولئك من أوزارهم شيئا - 50 .وقال عليه السلم:
ليس من أخلق المؤمن الملق والحسد إل في طلب العلم ) - 51 .(3وقال
عليه السلم :للعالم إذا سئل عن شئ وهو ل يعلمه أن يقول :ال أعلم،
وليس لغير العالم أن يقول ذلك ،وفي خبر آخر يقول :ل أدري لئل يوقع
) (1الظاهر أن المراد التتابع في الحسان والعمل وفى حديث آخر عن الصادق
عليه السلم " قال :ما من شئ أسر إلى من يد اتبعها الخرى لن منع
الواخر يقطع لسان شكر الوائل " ذكره البى (2) .التعاطى :التناول.
وتناول ما ل يحق .والتنازع في الخذ والقيام به .وفى بعض النسخ " ل
يعطيه ال أهل ال خاصة " (3) .الملق -بالتحريك :-التملق وهو الود
واللطف وأن يعطى في اللسان ما ليس في القلب.
][178
في قلب السائل شكا - 52 .وقال عليه السلم :أول من شق لسانه بالعربية إسماعيل
بن إبراهيم عليهما السلم وهو ابن ثلث عشرة سنة ،وكان لسانه على
لسان أبيه وأخيه ،فهو أول من نطق بها وهو الذبيح - 53 .وقال عليه
السلم :أل أنبئكم بشئ إذا فعلتموه يبعد السلطان والشيطان منكم ؟ فقال
أبو حمزة :بلى ،أخبرنا به حتى نفعله ،فقال عليه السلم :عليكم بالصدقة
فبكروا بها ،فإنها تسود وجه إبليس وتكسر شرة السلطان الظالم عنكم في
يومكم ذلك ) .(1وعليكم بالحب في ال والتودد ) (2والموازرة على العمل
الصالح ،فإنه يقطع دابرهما -يعني السلطان والشيطان .-وألحوا في
الستغفار ،فإنه ممحاة للذنوب - 54 .وقال عليه السلم :إن هذا اللسان
مفتاح كل خير وشر ،فينبغي للمؤمن أن يختم على لسانه كما يختم علي
ذهبه وفضته ،فإن رسول ال صلى ال عليه وآله قال " :رحم ال مؤمنا
أمسك لسانه من كل شر ،فإن ذلك صدقة منه على نفسه ) " (3ثم قال
عليه السلم :ل يسلم أحد من الذنوب حتى يخزن لسانه - 55 .وقال عليه
السلم :من الغيبة أن تقول في أخيك ما ستره ال عليه ،فأما المر الظاهر
منه مثل الحدة والعجلة ،فل بأس أن تقوله .وإن البهتان أن تقول في أخيك
ما ليس فيه ).(4
) (1الشرة -بالكسر فالفتح مشددة :-الشر والغضب والحدة (2) .وفى بعض
النسخ " المودة " (3) .في الكافي ج 2ص 114عن على بن ابراهيم
باسناده عن الحلبي رفعه قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله" :
أمسك لسانك فانها صدقة تصدق بها على نفسك ثم قال :ول يعرف عبد
حقيقة اليمان حتى يخزن من لسانه " أقول :قوله " :فانها " أي
المساك والتأنيث بتأويل الخصلة (4) .رواه الكليني )ره( في الكافي ج 2
ص 358باسناده عن الصادق عليه السلم والصدوق في معاني الخبار
أيضا عنه عليه السلم .والحدة -بالكسر :-ما يعترى النسان من
الغضب والنزق .والعجلة -بالتحريك .-السرعة والمبادرة في المور من
غير تأمل.
][179
- 56وقال عليه السلم :إن أشد الناس حسرة يوم القيامة عبد وصف عدل ثم
خالفه إلى غيره ) - 57 .(1وقال عليه السلم :عليكم بالورع والجتهاد،
وصدق الحديث ،وأداء المانة إلى من ائتمنكم عليها برا كان أو فاجرا ،فلو
أن قاتل علي بن أبي طالب عليه السلم ائتمنني على أمانة لديتها إليه58 .
-وقال عليه السلم :صلة الرحام تزكي العمال ،وتنمي الموال ،وتدفع
البلوى ،وتيسر الحساب ،وتنسئ في الجل ) - 59 .(2وقال عليه السلم:
أيها الناس إنكم في هذه الدار أغراض تنتضل فيكم المنايا ،لن يستقبل أحد
منكم يوما جديدا من عمره إل بانقضاء آخر من أجله ،فأية اكلة ليس فيها
غصص ؟ أم أي شربة ليس فيها شرق ؟ ) (3استصلحوا ما تقدمون عليه
بما تظعنون عنه ) ،(4فان اليوم غنيمة ،وغدا ل تدري لمن هو ،أهل الدنيا
سفر ) (5يحلون عقد رحالهم في غيرها ،قد خلت منا اصول نحن فروعها،
فما بقاء الفرع بعد أصله ،أين الذين كانوا أطول أعمارا منكم ؟ وأبعد
آمال ؟ .أتاك يا ابن آدم مال ترده ،وذهب عنك مال يعود ،فل تعدن عيشا
منصرفا عيشا .مالك منه إل لذة تزدلف بك إلى حمامك ؟ ! ) (6وتقربك من
) (1رواه الكليني )ره( في الكافي ج 2ص 300باسناده عن الصادق عليه السلم.
) " (2تزكى العمال " أي تنميها في الثواب أو تطهرها أو تصيرها
مقبولة .والنساء -بالفتح :-التأخير ) (3غص غصصا بالطعام :اعترض
في حلقه شئ منه فمنعه التنفس .وشرق بالماء أو بريقه :غص(4) .
الظعن :الرحال والسير (5) .السفر -بالفتح فالسكون -جمع سافر ،أي
المسافرون (6) .الحمام -ككتاب :-قضاء الموت وقدره أي تقربك إلى
موتك .واخترم :أهلك .والسواد المخترم :الشخص الذى مات .يقال:
اخترمهم الدهر وتخرمهم أي افتطعهم واستأصلهم.
][180
أجلك ؟ ! فكأنك قد صرت الحبيب المفقود والسواد المخترم .فعليك بذات نفسك ودع
ما سواها واستعن بال يعنك ) - 60 .(1وقال عليه السلم :من صنع مثل
ما صنع إليه فقد كافأه ،ومن أضعف كان شكورا ومن شكر كان كريما،
ومن علم أنه ما صنع كان إلى نفسه لم يستبطئ الناس في شكرهم ولم
يستزدهم في مودتهم ،فل تلتمس من غيرك شكر ما آتيته إلى نفسك
ووقيت به عرضك ،واعلم أن طالب الحاجة لم يكرم وجهه عن مسألتك
فأكرم وجهك عن رده - 61 .وقال عليه السلم :إن ال يتعهد عبده المؤمن
بالبلء كما يتعهد الغائب أهله بالهدية ،ويحميه عن الدنيا كما يحمي الطيب
المريض - 62 .وقال عليه السلم :إن ال يعطي الدنيا من يحب ويبعض.
ول يعطي دينه إل من يحب - 63 .وقال عليه السلم :إنما شيعة علي عليه
السلم المتباذلون في وليتنا ،المتحابون في مودتنا ،المتزاورون لحياء
أمرنا ،الذين إذا غضبوا لم يظلموا ،وإذا رضوا لم يسرفوا ،بركة على من
جاوروا ،سلم لمن خالطوا - 64 .وقال عليه السلم :الكسل يضر بالدين
والدنيا - 65 .وقال عليه السلم :لو يعلم السائل ما في المسألة ما سأل أحد
أحدا .ولو يعلم المسؤول ما في المنع ما منع أحد أحدا - 66 .وقال عليه
السلم :إن ل عبادا ميامين مياسير ،يعيشون ويعيش الناس في -أكنافهم،
وهم في عباده مثل القطر .ول عباد ملعين مناكيد ،ل يعيشون ول يعيش
الناس في أكنافهم وهم في عباده مثل الجراد ل يقعون على شئ إل أتوا
عليه ).(2
) (1في بعض النسخ " يغنك " (2) .الميامين :جمع ميمون بمعنى ذو اليمن
والبركة .والمياسير :جمع موسر بمعنى الغنى وذو اليسر .والمناكيد جمع
نكد -بفتح الكاف وكسره وسكونه :-عسر ،قليل الخير .وأتوا عليه أي
أهلكوه وأفنوه.
][181
- 67وقال عليه السلم :قولوا للناس أحسن ما تحبون أن يقال لكم ،فإن ال يبغض
اللعان السباب الطعان على المؤمنين ،الفاحش المتفحش ،السائل الملحف،
ويحب الحيي الحليم العفيف المتعفف ) - 68 .(1وقال عليه السلم :إن ال
يحب إفشاء السلم - 6 .ل ) :(2عن الطالقاني ،عن محمد بن جرير
الطبري ،عن أبي صالح الكناني ،عن يحيى بن عبد الحميد الحماني ،عن
شريك ،عن هشام بن معاذ قال :كنت جليسا لعمر بن عبد العزيز حيث دخل
المدينة فأمر مناديه فنادى من كانت له مظلمة أو ظلمة فليأت الباب فأتى
محمد بن علي عليهما السلم -يعني الباقر -عليه السلم فدخل إليه موله
مزاحم فقال :إن محمد بن علي بالباب فقال له :أدخله يا مزاحم ،قال :فدخل
وعمر يمسح عينيه من الدموع فقال له محمد بن علي عليهما السلم :ما
أبكاك يا عمر ؟ فقال هشام :أبكاه كذا وكذا يا ابن رسول ال صلى ال عليه
وآله ،فقال محمد بن علي عليهما السلم :يا عمر إنما الدنيا سوق من
السواق منها خرج قوم بما ينفعهم ومنها خرجوا بما يضرهم ،وكم من
قوم قد ضرهم بمثل الذي أصبحنا فيه حتى أتاهم الموت ،فاستوعبوا
فخرجوا من الدنيا ملومين لما لم يأخذوا لما أحبوا من الخرة عدة ،ول مما
كرهوا جنة ،قسم ما جمعوا من ل يحمدهم ،وصاروا إلى من ل يعذرهم
فنحن وال محقون أن ننظر إلى تلك العمال التي كنا نغبطهم بها
فنوافقهم ،وننظر إلى تلك العمال التي كنا نتخوف عليهم منها ،فنكف
عنها فاتق ال ،واجعل في قلبك اثنتين تنظر الذي تحب أن يكون معك إذا
قدمت على ربك فقدمه بين يديك ،وتنظر الذي تكرهه أن يكون معك إذا
قدمت على ربك فابتغ به البدل
) (1يقال :ألحف في المسألة الحافا إذا ألح فيها ولزمها ،وهو موجب لبغض الرب
حيث أعرض عن الغنى الكريم وسأل الفقير اللئيم .وأنشد بعضهم :ال
يبغض ان تركت سؤاله * وبنو آدم حين يسأل يغضب ) (2الخصال ج 1
ص .51
][182
ول تذهبن إلى سلعة قد بارت ) (1على من كان قبلك ترجو أن تجوز عنك ،واتق ال
يا عمر ،وافتح البواب ،وسهل الحجاب ،وانصر المظلوم ،ورد المظالم )
.(2ثم قال :ثلث من كن فيه استكمل اليمان بال ،فجثا عمر على ركبتيه
وقال :إيه يا أهل بيت النبوة فقال :نعم يا عمر من إذا رضي لم يدخله
رضاه في الباطل ،وإذا غضب لم يخرجه غضبه من الحق ،ومن إذا قدر لم
يتناول ما ليس له ،فدعا عمر بدواة في قرطاس وكتب :بسم ال الرحمن
الرحيم هذا ما رد عمربن عبد العزيز ظلمة محمد بن علي فدك - 7 .ما )
:(3عن المفيد ،عن ابن قولويه ،عن الكليني ،عن علي ،عن أبيه ،عن
اليقطيني ،عن يونس ،عن عمرو بن شمر ،عن جابر قال :دخلنا على أبي
جعفر عليه السلم ونحن جماعة بعد ما قضينا نسكنا فودعناه وقلنا له:
أوصنا يا ابن رسول ال فقال :ليعن قويكم ضعيفكم ،وليعطف غنيكم على
فقيركم ،ولينصح الرجل أخاه كنصحه لنفسه ،واكتموا أسرارنا ،ول تحملوا
الناس على أعناقنا ،وانظروا أمرنا وما جاءكم عنا فإن وجدتموه للقرآن
موافقا فخذوا به ،وإن لم تجدوه موافقا فردوه ،وإن اشتبه المر عليكم
فقفوا عنده ،وردوه إلينا حتى نشرح لكم من ذلك ما شرح لنا ،فإذا كنتم كما
اوصيناكم ،لم تعدوا إلى غيره فمات منكم ميت قبل أن يخرج قائمنا كان
شهيدا وإن أدرك قائمنا فقتل معه كان له أجر شهيدين ،ومن قتل بين يديه
عدوا لنا كان له أجر عشرين شهيدا - 8 .ما ) :(4عن الفحام ،عن عمه،
عن محمد بن جعفر ،عن محمد بن المثنى ،عن أبيه ،عن عثمان بن زيد،
عن جابر بن يزيد الجعفي قال :خدمت سيد النام أبا جعفر محمد بن علي
عليهما السلم ثمانية عشرة سنة فلما أردت الخروج ودعته فقلت له:
) (1السلعة :المتاع .وبار السوق أو السلعة أي كسد (2) .في المصدر " الظالم ".
) (3المالى ج 1ص (4) .236المصدر :ج 1ص 302
][183
أفدني ،فقال :بعد ثمانية عشر سنة يا جابر ؟ قلت :نعم إنكم بحر ل ينزف ول يبلغ
قعره ) (1قال :يا جابر بلغ شيعتي عني السلم وأعلمهم أنه ل قرابة بيننا
و بين ال عزوجل ،ول يتقرب إليه إل بالطاعة له ،يا جابر من أطاع ال
وأحبنا فهو ولينا ،ومن عصى ال لم ينفعه حبنا .يا جابر من هذا الذي سأل
ال فلم يعطه ؟ أو توكل عليه فلم يكفه ؟ أو وثق به فلم ينجه ؟ .يا جابر
أنزل الدنيا منك كمنزل نزلته تريد التحول وهل الدنيا إل دابة ركبتها في
منامك فاستيقظت وأنت على فراشك غير راكب .ول أحد يعبأ بها ،أو كثوب
لبسته ،أو كجارية وطئتها .يا جابر الدنيا عند ذوي اللباب كفيئ الظلل .ل
إله إل ال إعزاز لهل دعوته ،الصلة بيت الخلص وتنزيه عن الكبر،
والزكاة تزيد في الرزق ،و الصيام والحج تسكين القلوب ،القصاص
والحدود حقن الدماء ،وحبنا أهل البيت نظام الدين ،وجعلنا ال وإياكم من
الذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون - 9 .مع ) :(2عن
الوليد ،عن الصفار ،عن ابن عيسى ،عن محمد بن خالد البرقي عن
هارون بن الجهم ،عن المفضل بن صالح ،عن سعد السكاف ،عن أبي
جعفر عليه السلم قال :ثلث درجات وثلث كفارات وثلث موبقات )(3
وثلث منجيات فأما الدرجات فافشاء السلم ،وإطعام الطعام ،والصلة
بالليل والناس نيام ،و أما الكفارات فإسباغ الوضوء في السبرات ،والمشي
بالليل والنهار إلى الجماعات والمحافظة على الصلوات ،وأما الموبقات
فشح مطاع ،وهوى متبع ،وإعجاب المرء بنفسه ،وأما المنجيات فخوف
ال في السر والعلنية ،والقصد في الغنى و
) (1ل ينزف أي ل يفنى ماؤها على كثرة الستقاء (2) .معاني الخبار :ص 314
ورواه في الخصال ج 1ص 41بسند آخر (3) .الموبقة :المهلكة،
والموبقات المهلكات من المعاصي والذنوب.
][184
الفقر ،وكلمة العدل في الرضا والسخط .قال :مصنف هذا الكتاب )ره( ) (1روي عن
الصادق عليه السلم أنه قال :الشح المطاع سوء الظن بال عزوجل ،وأما
السبرات فجمع سبرة وهو شدة البرد ،وبها سمي الرجل سبرة - 10 .سن
) :(2عن أبان ،عن عبد الرحمن بن سيابة ،عن أبي النعمان ،عن أبي
جعفر عليه السلم قال :العجب كل العجب للشاك في قدرة ال وهو يرى
خلق ال ،والعجب كل العجب للمكذب بالنشأة الخرى وهو يرى النشأة
الولى ،والعجب كل العجب للمصدق بدار الخلود وهو يعمل لدار الغرور،
والعجب كل العجب للمختال الفخور ،الذي خلق من نطفة ثم يصير جيفة،
وهو فيما بين ذلك ول يدري كيف يصنع به - 11 .جا ) :(3عن أحمد بن
الوليد ،عن أبيه ،عن الصفار ،عن ابن معروف ،عن ابن مهزيار ،عن ابن
حديد ،عن علي بن النعمان ،عن إسحاق بن عمار ،عن أبي النعمان العجلي
قال :قال أبو جعفر عليه السلم :يا أبا النعمان ل تحققن علينا كذبا فتسلب
الحنيفية ،يا أبا النعمان ل تستأكل بنا الناس فل تزيدك ال بذلك إل فقرا ،يا
أبا النعمان ل ترأس فتكون ذنبا ،يا أبا النعمان إنك موقوف ومسؤول ل
محالة ،فإن صدقت صدقناك ،وإن كذبت كذبناك ،يا أبا النعمان ل يغرك
الناس عن نفسك فإن المر يصل إليك دونهم ،ول تقطعن نهارك بكذا وكذا
فإن معك من يحفظ عليك ،وأحسن فلم أر شيئا أسرع دركا ول أشد طلبا من
حسنة لذنب قديم - 12 .كشف ) :(4من كتاب الحافظ بن عبد العزيز عن
الحجاج بن أرطاة
) (1يعنى الصدوق (2) .المحاسن ص 242تحت رقم (3) .230مجالس المفيد:
ص ،108المجلس الثالث والعشرون (4) .كشف الغمة ج 2ص 333
إلى .362
][185
قال :قال أبو جعفر عليه السلم :يا ابن أرطاة كيف تواسيكم ؟ قلت :صالح يا أبا
جعفر ،قال :يدخل أحدكم يده في كيس أخيه فيأخذ حاجته إذا احتاج إليه ؟
قلت :أما هذا فل ،فقال له :لو فعلتم ما احتجتم - 13 .عن أبي حمزة
الثمالي قال :حدثني أبو جعفر محمد بن علي عليهما السلم قال :ل تصحبن
خمسة ول تحادثهم ول تصاحبهم في طريق .وقد سبق ذكره في -أخبار
أبيه عليهما السلم ) - 14 .(1وعن حسين بن حسن قال :كان محمد بن
علي عليهما السلم يقول :سلح اللئام قبيح الكلم - 15 .وعن جابر
الجعفي قال :قال لي محمد بن علي عليهما السلم :يا جابر إني لمحزون،
وإني لمشتغل القلب ،قلت :وما حزنك وما شغل قلبك ؟ قال :يا جابر إنه من
دخل قلبه صافي خالص دين ال شغله عما سواه ،يا جابر ما الدنيا وما
عسى أن يكون ،إن هو إل مركب ركبته ،أو ثوب لبسته ،أو امرأة أصبتها،
يا جابر إن المؤمنين لم يطمئنوا إلى الدنيا للبقاء فيها ،ولم يأمنوا قدوم
الخرة عليهم ،ولم يصمهم عن ذكر ال ما سمعوا بآذانهم من الفتنة ،ولم
يعمهم عن نور ال ما رأوا بأعينهم من الزينة ففازوا ثواب البرار ،وإن
أهل التقوى أيسر أهل الدنيا مؤونة ،وأكثرهم لك معونة ،إن نسيت ذكروك،
وإن ذكرت أعانوك ،قوالين بحق ال عزوجل ،قوامين بأمر ال ،وقطعوا
محبتهم لمحبة ربهم ،ونظروا إلى ال وإلى محبته بقلوبهم ،وتوحشوا من
الدنيا بطاعة مليكهم ،وعلموا أن ذلك منظور إليه من شأنهم ،فأنزل الدنيا
بمنزلة نزلت به وارتحلت عنه ،أو كمال أصبته في منامك فاستيقظت
وليس معك منه شئ ،احفظ ال ما استرعاك من دينه وحكمته - 16 .وفى
كتاب حلية الولياء عن خلف بن حوشب ،عن أبي جعفر محمد ابن علي
عليهما السلم قال :اليمان ثابت في القلب ،واليقين ،خطرات ،فيمر اليقين
][186
بالقلب فيصير كأنه زبر الحديد ،ويخرج منه فيصير كأنه خرقة بالبة .وعنه عليه
السلم أنه قال :ما دخل قلب امرء شئ من الكبر إل نقص من عقله مثل ما
دخله من ذلك ،قل ذلك أو كثر - 17 .وعن سفيان الثوري قال :سمعت
منصورا يقول :سمعت محمد بن علي ابن الحسين عليهم السلم يقول:
الغنى والعز يجولن في قلب المؤمن فإذا وصل إلى مكان فيه التوكل
أقطناه - 18 .وعن زيد بن خيثمة ،عن أبي جعفر عليه السلم قال:
الصواعق يصيب المؤمن وغير المؤمن ،ول تصيب الذاكر - 19 .وعن
ثابت ،عن محمد بن علي بن الحسين عليهم السلم في قوله تعالى " اولئك
يجزون الغرفة بما صبروا " ) (1قال :الغرفة :الجنة ،بما صبروا على
الفتن في الدار الدنيا - 20 .وعن أبي حمزة الثمالي ،وعن أبي جعفر عليه
السلم في قوله " :وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا " ) (2قال :بما
صبروا على الفقر ومصائب الدنيا - 21 .وعن جابر ،عن أبي جعفر عليه
السلم قال :شيعتنا من أطاع ال - 22 .وعن جعفر بن محمد ،عن أبيه
عليهما السلم قال :إياكم والخصومة فإنها تفسد القلب وتورث النفاق23 .
-وعن ابن المبارك قال :قال محمد بن علي بن الحسين عليهم السلم :من
أعطى الخلق والرفق فقد اعطي الخير والراحة ،وحسن حاله في دنياه
وآخرته ،ومن حرم الخلق والرفق كان ذلك سبيل إلى كل شر وبلية إل من
عصمه ال - 24 .وعن يوسف بن يعقوب ،عن أخيه ،عن أبي جعفر عليه
السلم قال :شيعتنا ثلثة أصناف صنف يأكلون الناس بنا ،وصنف كالزجاج
ينم ) (3وصنف كالذهب الحمر
) (1الفرقان (2) .76 :الدهر (3) .13 :يعنى ل يكتم السر وأذاع ما في باطنه من
السرار.
][187
كلما ادخل النار ازداد جودة - 25 .وعن الصمعي قال محمد بن علي عليهما السلم
لبنه :يا بني إياك والكسل والضجر فإنهما مفتاح كل شر ،إنك إن كسلت لم
تؤد حقا وإن ضجرت لم تصبر على حق - 26 .وعن حجاج ،عن أبي جعفر
عليه السلم قال :أشد العمال ثلثة :ذكر ال على كل حال ،وإنصافك
]الناس من نفسك[ ومواساة الخ في المال - 27 .قال البي في كتاب نثر
الدرر ) (1قال عليه السلم لبنه جعفر عليه السلم :إن ال خبأ ثلثة
أشياء في ثلثة أشياء :خبأ رضاه في طاعته ،فل تحقرن من الطاعة شيئا،
فلعل رضاه فيه ،وخبأ سخطه في معصيته فل تحقرن من المعصية شيئا،
فلعل سخطه فيه ،وخبأ أولياءه في خلقه فل تحقرن أحدا فلعل الولي ذلك.
- 28واجتمع عنده ناس من بني هاشم وغيرهم فقال :اتقوا ال شيعة آل
محمد ،وكونوا النمرقة الوسطى ،يرجع إليكم الغالي ،ويلحق بكم التالي،
قالوا له :وما الغالي ؟ قال :الذي يقول فينا مال نقوله في أنفسنا ،قالوا:
فما التالي ؟ قال :التالي الذي يطلب الخير فيزيد به خيرا ،وال ما بيننا
وبين ال قرابة ،ول لنا على ال من حجة ،ول يتقرب إليه إل بالطاعة،
فمن كان منكم مطيعا ل يعمل بطاعته نفعته وليتنا أهل البيت ،ومن كان
منكم عاصيا ل يعمل معاصيه لم تنفعه وليتنا ويحكم ل تغتروا -ثلثا ) .-
- 29 (2وقال عليه السلم :إن قوما عبدوا ال شكرا فتلك عبادة الحرار.
- 30وقال عليه السلم لبنه :يا بني إذا أنعم ال عليك بنعمة فقل :الحمد
ل ،وإذا حزنك أمر فقل :ل حول ول قوة إل بال ،وإذا أبطأ عنك رزق فقل:
أستغفر ال - 31 .وقال ابن حمدون في تذكرته :قال محمد بن علي عليهما
السلم :توقى الصرعة خير من سؤال الرجعة.
) (1راجع كشف الغمة ج 2ص (2) .360أي قالها ثلث مرات.
][188
- 32وقيل له :من أعظم الناس قدرا ؟ قال :من لم يرى الدنيا لنفسه قدرا- 33 .
وقال أبو عثمان الجاحظ :جمع محمد صلح شأن الدنيا بحذافيرها في -
كلمتين فقال :صلح شأن المعاش والتعاشر ملء مكيال :ثلثان فطنة ،وثلث
تغافل - 34 .الدرة الباهرة ) :(1قال الباقر عليه السلم :إن ال خبأ ثلثة
في ثلثة :خبأ رضاه في طاعته ،فل تحقرن من الطاعة شيئا ،فلعل رضاه
فيه .وخبأ سخطه في معصيته فل تحقرن من المعصية شيئا ،فلعل سخطه
فيه .وخبأ أولياءه في خلقه فل تحقرن أحدا ،فلعله الولي - 35 .وقال عليه
السلم :الغلبة بالخير فضيلة ،وبالشر قبيحة - 36 .وقيل له عليه السلم:
من أعظم الناس قدرا ؟ فقال :من ل يرى الدنيا لنفسه قدرا - 37 .وقال
عليه السلم :ما يأخذ المظلوم من دين الظالم أكثر مما يأخذ الظالم من دنيا
المظلوم - 38 .وقال عليه السلم :من كان ظاهره أرجح من باطنه خف
ميزانه - 39 .اعلم الدين ) :(2قال :محمد بن علي الباقر عليهما السلم
كن لما ل ترجو أرجا منك لما ترجو فإن موسى عليه السلم خرج ليقتبس
نارا فرجع نبيا مرسل - 40 .وقال لبعض شيعته :إنا ل نغني عنكم من ال
شيئا إل بالورع ،وإن وليتنا ل تدرك إل بالعمل ،وإن أشد الناس يوم
القيامة حسرة من وصف عدل وأتى جورا - 41 .وقال عليه السلم :إذا
علم ال تعالى حسن نية من أحد اكتنفه بالعصمة - 42 .وقال عليه السلم:
صانع المنافق بلسانك وأخلص ودك للمؤمنين ،وإن جالسك يهودي فأحسن
مجالسته.
][189
- 43وقال عليه السلم :الوقوف عند الشبهة خير من القتحام في الهلكة وتركك
حديثا لم تروه خير من روايتك حديثا لم تحصه ،إن على كل حق نورا ،وما
خالف كتاب ال فدعوه ،إن أسرع الخير ثوابا البر ،وإن أسرع الشر عقوبة
البغي ،وكفى بالمرء عيبا أن ينظر إلى ما يعمى عنه من نفسه ،ويعير
الناس بما ل ينفيه عن نفسه ،أو يتكلم بكلم ل يعنيه - 44 .وقال عليه
السلم :من عمل بما يعلم علمه ال ما لم يعلم - 45 .واجتمع عنده جماعة
من بني هاشم وغيرهم فقال لهم :اتقوا ال شيعة آل محمد وكونوا النمرقة
الوسطى يرجع إليكم الغالي ويلحق بكم التالي ،قالوا له :وما الغالي ؟ قال
الذي يقول فينا مال نقوله في أنفسنا ،قالوا :وما التالي ؟ قال :الذي يطلب
الخير فيزيد به خيرا ،إنه وال ما بيننا وبين ال من قرابة ،ول لنا عليه
حجة ،ول يتقرب إلى ال إل بالطاعة ،فمن كان منكم مطيعا ل يعمل
بطاعته نفعته وليتنا أهل البيت ،ومن كان منكم عاصيا ل يعمل بمعاصيه
لم تنفعه وليتنا ،ويحكم ل تغتروا - 46 .وقال لبعض شيعته وقد أراد سفرا
فقال له :أوصني فقال :ل تسيرن سيرا وأنت خاف ،ول تنزلن عن دابتك
ليل إل ورجلك في خف ،ول تبولن في نفق ،ول تذوقن بقلة ول تشمها
حتى تعلم ما هي ،ول تشرب من سقاء حتى تعرف ما فيه ،ول تسيرن إل
مع من تعرف ،واحذر من ل تعرف - 47 .وقيل له عليه السلم :من أعظم
الناس قدرا فقال :من ل يبالي في يد من كانت الدنيا - 48 .وقال عليه
السلم تعلموا العلم فإن تعلمه حسنة وطلبه عبادة ،ومذاكرته تسبيح،
والبحث عنه جهاد ،وتعلمه صدقة ،وبذله لهله قربة ،والعلم ثمار الجنة،
وانس في الوحشة ،وصاحب في الغربة ،ورفيق في الخلوة ،ودليل على
السراء ،وعون على الضراء ،ودين عند الخلء ،وسلح عند العداء،
يرفع ال به قوما فيجعلهم في الخير سادة ،وللناس أئمة ،يقتدى بفعالهم،
ويقتص
][190
آثارهم ،ويصلي عليهم كل رطب ويابس وحيتان البحر وهوامه وسباع البر
وأنعامه) * .23 .باب( * * " )مواعظ الصادق جعفر بن محمد عليهما
السلم ووصاياه( " * * " )وحكمه( " * - 1لى ) :(1عن ابن ادريس،
عن أبيه ،عن محمد بن أبي الصهبان ،عن محمد ابن زياد ،عن أبان
الحمر ،عن الصادق جعفر بن محمد عليهما السلم أنه جاء إليه رجل فقال
له :بأبي أنت وامي يا ابن رسول ال علمني موعظة .فقال له عليه السلم:
إن كان ال تبارك وتعالى قد تكفل بالرزق فاهتمامك لماذا ؟ وإن كان الرزق
مقسوما فالحرص لماذا ،وإن كان الحساب حقا فالجمع لماذا ،وإن كان
الثواب عن ال حقا فالكسل لماذا ،وإن كان الخلف من ال عزوجل حقا
فالبخل لماذا ،وإن كان العقوبة من ال عزوجل النار فالمعصية لماذا ،وإن
كان الموت حقا فالفرح لماذا ،وإن كان العرض على ال حقا فالمكر لماذا،
وإن كان الشيطان عدوا فالغفلة لماذا ،وإن كان الممر على الصراط حقا
فالعجب لماذا ،وإن كان كل شئ بقضاء وقدر فالحزن لماذا ،وإن كانت
الدنيا فانية فالطمأنينة إليها لماذا ؟ ! .ل ) :(2عن ابن وليد ،عن الصفار،
عن ابن عيسى ،عن أبيه ،عن ابن أبي عمير ،عن أبان مثله ،وفيه بعد
قوله " فالمعصية لماذا " " :وإن كان الموت حقا فالفرج لماذا " وليس
فيه " ،وإن كان الشيطان عدوا فالغفلة لماذا " - 2 .لى ) (3عن العطار،
عن أبيه ،عن الشعري ،عن الجاموراني ،عن ابن أبي عثمان ،عن محمد
بن أبي حمزة ،عن معاوية بن وهب ،عن أبي عبد ال -
) (1المجلس الثاني ص (2) .5الخصال ج 2ص (3) .61المجلس الثالث
والربعون ص .148
][191
الصادق جعفر بن محمد عليهما السلم قال :تبع حكيم حكيما سبعمائة فرسخ في
سبع كلمات فلما لحق به قال له :يا هذا ما أرفع من السماء ،وأوسع من
الرض ،وأغنى من البحر ،وأقسى من الحجر ،وأشد حرارة من النار،
وأشد بردا من الزمهرير ،وأثقل من الجبال الراسيات .فقال له :يا هذا الحق
أرفع من السماء ،والعدل أوسع من الرض ،وغنى النفس أغنى من البحر،
وقلب الكافر أقسى من الحجر ،والحريص الجشع أشد حرارة من النار،
واليأس من روح ال عزوجل أشد بردا من الزمهرير والبهتان على البرئ
أثقل من الجبال الراسيات .ل ) :(1عن ما جيلويه ،عن محمد العطار مثله.
كتاب الغايات ) (2للشيخ جعفر بن أحمد القمي مرسل مثله - 3 .لى )(3
عن جعفر بن الحسن ،عن محمد بن جعفر بن بطة ،وعن البرقي عن أبيه،
عن محمد بن سنان ،عن ابن مسكان ،عن أبي عبد ال الصادق عليه
السلم قال :إن أحق الناس بأن يتمنى للناس الغنى البخلء لن الناس إذا
استغنوا كفوا عن أموالهم ،وإن أحق الناس بأن يتمنى للناس الصلح أهل
العيوب لن الناس إذا صلحوا كفوا عن تتبع عيوبهم ،وإن أحق الناس بأن
يتمنى للناس الحلم أهل السفه الذين يحتاجون أن يعفى ،عن سفههم،
فأصبح أهل البخل يتمنون فقر الناس ،وأصبح أهل العيوب يتمنون معايب
الناس ،وأصبح أهل السفه يتمنون سفه الناس .وفي الفقر الحاجة إلى
البخيل وفي الفساد طلب عورة أهل العيوب ،وفي السفة المكافأة بالذنوب.
- 4ب ) :(4عن ابن سعد ،عن الزدي ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال:
كم من نعمة ال عزوجل على عبده في غير عمله ،وكم من مؤمل أمل
والخيار في غيره ،وكم من ساع إلى حتفه وهو مبطئ عن حظه.
) (1الخصال ج 2ص (2) .5مخطوط (3) .المجلس الحادى والستون ص ) .233
(4قرب السناد ص .19
][192
ما :(1) -عن المفيد ،عن ابن قولويه ،عن أبيه ،عن سعد ،عن ابن عيسى عن
مسكان ،عن بكر بن محمد عن الصادق عليه السلم مثله - 5 .ل ) :(2عن
ما جيلويه ،عن عمه ،عن البرقي ،عن ابن معروف ،عن أبي شعيب يرفعه
إلى أبي عبد ال عليه السلم قال ،أورع الناس من وقف عند الشبهة ،أعبد
الناس من أقام الفرائض ،أزهد الناس من ترك الحرام ،أشد الناس اجتهادا
من ترك الذنوب - 6 .ل ) :(3عن القاسم بن محمد السراج ،عن محمد بن
أحمد الضبي ،عن محمد ابن عبد العزيز الدينوري ،عن عبيدال بن موسى
العبسي ،عن سفيان الثوري قال :لقيت الصادق جعفر بن محمد عليهما
السلم فقلت له :يا ابن رسول ال أوصني فقال لي :يا سفيان ل مروة
لكذوب ،ول أخ لملوك ،ول راحة لحسود ،ول سؤدد لسيئ الخلق ،فقلت :يا
ابن رسول ال زدني ،فقال لي :يا سفيان ثق بال تكن مؤمنا ،وارض بما
قسم ال لك تكن غنيا ،وأحسن مجاورة من جاورت تكن مسلما ،ول
تصحب الفاجر فيعلمك من فجوره ،وشاور في أمرك الذين يخشون ال
عزوجل .قلت :يا ابن رسول ال زدني فقال :لي :يا سفيان من أراد عزا بل
عشيرة ،وغنى بل مال ،و هيبة بل سلطان فلينتقل عن ذل معصية ال إلى
عز طاعته ،قلت :زدني يا ابن رسول ال ،فقال لي :يا سفيان أمرني والدي
عليه السلم بثلث ونهاني عن ثلث فكان فيما قال لي :يا بني من يصحب
صاحب السوء ل يسلم ،ومن يدخل مداخل السوء يتهم ومن ل يملك لسانه
يندم ،ثم أنشدني :عود لسانك قول الخير تحظ به * إن اللسان لما عودت
معتاد موكل بتقاضي ما سننت له * في الخير والشر كيف تعتاد
) (1المالى ج 1ص (2) .132الخصال ج 1ص (3) .11المصدر ج 1ص .8
][193
- 7فس ) (1عن أبيه ،عن القاسم بن محمد ،عن المنقري ،عن حفص بن -غياث
قال :قال أبو عبد ال عليه السلم :يا حفص ما منزلة الدنيا من نفسي إل
بمنزلة الميتة إذا اضطررت إليها أكلت منها ،يا حفص :إن ال تبارك
وتعالى علم ما العباد عاملون ،وإلى ماهم صائرون ،فحلم عنهم عند
أعمالهم السيئة ،لعلمه السابق فيهم ،فل يغرنك حسن الطلب ممن ل يخاف
الفوت ،ثم تل قوله :تلك الدار الخرة -الية " ) (2وجعل يبكي ويقول:
ذهب وال الماني عند هذه الية .ثم قال فازوا وال البرار ،أتدري من
هم ؟ هم الذين ل يؤذون الذر ،كفى بخشية ال علما ،وكفى بالغترار بال
جهل ،يا حفص إنه يغفر للجاهل سبعون ذنبا قبل أن يغفر للعالم ذنب واحد،
ومن تعلم وعلم وعمل بما علم دعي في ملكوت السماوات عظيما ،فقيل:
تعلم ل ،وعمل ل ،وعلم ل .قلت :جعلت فداك فما حد الزهد في الدنيا ؟
فقال :فقد حد ال في كتابه فقال عزوجل " لكيل تأسوا على ما فاتكم ول
تفرحوا بما آتيكم " ) (3إن أعلم الناس بال أخوفهم ل ،وأخوفهم له
أعلمهم به ،وأعلمهم به أزهدهم فيها .فقال له رجل يا ابن رسول ال
أوصني فقال :اتق ال حيث كنت فإنك ل تستوحش - 8 .ل ) :(4عن أبيه،
عن محمد العطار ،عن الشعري ،عن يعقوب بن -يزيد ،عن محمد بن
جعفر ) (5بإسناده قال :قال أبو عبد ال عليه السلم :ليس للبحر جار ،ول
للملك صديق ،ول للعافية ثمن ،وكم من منعم عليه وهو ل يعلم.
) (1تفسير على بن ابراهيم ص (2) .493القصص .83 :وتمام الية " نجعلها
للذين ل يريدون علوا في الرض ول فسادا والعاقبة للمتقين "(3) .
الحديد (4) .23 :الخصال ج 1ص (5) .106يعنى محمد بن جعفر
الخزاز من أصحاب الرضا عليه السلم.
][194
- 9ل ) :(1ابن المتوكل ،عن السعد آبادي ،عن البرقي ،عن أبيه رفعه إلى أبي عبد
ال عليه السلم أنه قال :خمس من خمسة محال :النصيحة من الحاسد
محال ،والشفقة من العدو محال ،والحرمة من الفاسق محال ،والوفاء من
المرأة محال ،والهيبة من الفقير محال - 10 .ل ) :(2عن أبيه ،عن محمد
العطار ،عن الشعري ،عن موسى بن عمر ،عن أبي علي بن راشد ،رفعه
إلى الصادق عليه السلم أنه قال :خمس هن كما أقول :ليست لبخيل راحة،
ول لحسود لذة ،ول لملوك وفاء ،ول لكذاب مروة ،ول يسود سفيه- 11 .
ل ) :(3عن أبيه ،عن محمد العطار ،عن الشعري ،عن الجاموراني ،عن
درست ،عن أبي خالد السجستاني ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال:
خمس خصال من لم تكن فيه خصلة منها فليس فيه كثير مستمتع :أولها
الوفاء ،والثانية التدبير ،والثالثة الحياء ،والرابعة حسن الخلق ،والخامسة
-وهي تجمع هذه الخصال -الحرية :(4) - 12 .وقال عليه السلم خمس
خصال من فقد منهن واحدة لم يزل ناقص العيش ،زائل العقل ،مشغول
القلب فأولها صحة البدن ،والثانية المن ،والثالثة السعة في الرزق،
والرابعة النيس الموافق ،قلت :وما النيس الموافق ؟ قال :الزوجة
الصالحة ،والولد الصالح ،والخليط الصالح ،والخامسة -وهي تجمع هذه
الخصال -الدعة - 13 .ل ) :(5عن أبيه ،عن أحمد بن إدريس ،عن
الشعري ،عن الجاموراني عن أبي عثمان ،عن أحمد بن عمر الحلل ،عن
يحيى الحلبي قال :سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول :سبعة يفسدون
أعمالهم :الرجل الحليم ذو العلم الكثير ل يعرف
) (1الخصال ج 1ص (2) .129المصدر ج 1ص (3) .130و ) (4المصدر ج 1
ص (5) .136المصدر ج 2ص .5
][195
بذلك ول يذكر به ،والحكيم الذي يدين ماله كل كاذب منكر لما يؤتى إليه ،والرجل
الذي يأمن ذا المكر والخيانة ،والسيد الفظ الذي ل رحمة له ،و الم التي ل
تكتم عن الولد السر وتفشي عليه ،والسريع إلى لئمة إخوانه ،والذي
يجادل أخاه مخاصما له - 14 .ل ) :(1عن العطار ،عن أبيه ،عن
الشعري ،عن الجاموراني ،عن ابن أبي عثمان ،عن أحمد بن عمر ،عن
يحيى الحلبي قال :سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول :ل يطمعن ذوالكبر
في الثناء الحسن ،ول الخب في كثرة الصديق ،ول السيئ الدب في
الشرف ،ول البخيل في صلة الرحم ،ول المستهزئ بالناس في صدق
المودة ،ول القليل الفقه في القضاء ،ول المغتاب في السلمة ،ول الحسود
في راحة القلب ،ول المعاقب على الذنب الصغير في السؤدد ،ول القليل
التجربة المعجب برأيه في رئاسة - 15 .ل ) :(2عن المفسر أحمد بن
الحسن الحسيني ،عن أبي محمد العسكري عن آبائه عليهم السلم قال:
كتب الصادق عليه السلم إلى بعض الناس :إن أردت أن يختم بخير عملك
حتى تقبض وأنت في أفضل العمال فعظم ل حقه أن تبذل نعمائه في
معاصيه ،وأن تغتر بحلمه عنك .وأكرم كل من وجدته يذكرنا أو ينتحل
مودتنا ثم ليس عليك صادقا كان أو كذابا إنما لك نيتك وعليه كذبه- 16 .
ما ) :(3عن المفيد ،عن ابن قولويه ،عن محمد الحميري ،عن أبيه ،عن
البرقي عن شريف بن سابق ،عن الفضل بن عبد الملك ،عن أبي عبد ال،
عن آبائه عليهم السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :أول
عنوان صحيفة المؤمن بعد موته ما يقول الناس فيه إن خيرا فخيرا وإن
شرا فشرا ،وأول تحفة المؤمن أن يغفر ال له ولمن تبع جنازته ،ثم قال:
يا فضل ل يأتي المسجد من كل قبيلة إل وافدها ،ومن كل أهل
) (1المصدر ج 2ص (2) .53لم أجده (3) .المالى ج 1ص .45
][196
بيت إل نجيبها ،يا فضل ل يرجع صاحب المسجد بأقل من إحدى ثلث :إما دعاء
يدعو به يدخل ال به الجنة ،وإما دعاء يدعو به فيصرف ال عنه بلء
الدنيا ،وإما أخ يستفيده في ال عزوجل .ثم قال :قال رسول ال " :ما
استفاد امرء مسلم فائدة بعد فائدة السلم مثل أخ يستفيده في ال :ثم قال:
يا فضل ل تزهدوا في فقراء شيعتنا فإن الفقير منهم ليشفع يوم القيامة في
مثل ربيعة ومضر ،ثم قال :يا فضل إنما سمي المؤمن مؤمنا لنه يؤمن
على ال فيجيز ال أمانه ،ثم قال :أما سمعت ال تعالى يقول في أعدائكم إذا
رأوا شفاعة الرجل منكم لصديقه يوم القيامة " :فما لنا من شافعين ول
صديق حميم ) - 17 ." (1ما ) :(2عن المفيد ،عن حسن بن حمزة
الحسني ،عن علي بن إبراهيم في كتابه على يد أبي نوح الكاتب ،عن أبيه،
عن ابن بزيع ،عن عبيد ال بن عبد ال عن أبي عبد ال جعفر بن محمد
الصادق عليه السلم أنه قال لصحابه :اسمعوا مني كلما هو خير لكم من
الدهم الموقفة ) (3ل يتكلم أحدكم بما ل يعنيه ،وليدع كثيرا من الكلم فيما
يعنيه ،حتى يجد له موضعا ،فرب متكلم في غير موضعه جنى على نفسه
بكلمه ،ول يمارين أحدكم سفيها ول حليما فإنه من مارى حليما أقصاه،
ومن مارى سفيها أرداه ،واذكروا أخاكم إذا غاب عنكم بأحسن ما تحبون
أن تذكروا به إذا غبتم عنه ،واعملوا عمل من يعلم أنه مجازى بالحسان
مأخوذ بالجترام - 18 .ما ) :(4عن المفيد ،عن ابن قولويه ،عن الكليني،
عن علي بن إبراهيم عن محمد بن عيسى ،عن يونس ،عن محمد بن زياد،
عن رفاعة قال :سمعت أبا عبد ال عليه السلمل يقول :أربع في التوراة
وإلى جنبهن أربع :من أصبح على الدنيا
) (1الشعراء (2) .100 :المالى ج 1ص (3) .229الدهم جمع أدهم :أجود
الفرس .ودابة موقفة التى في قوائمها خطوط سود (4) .المالى ج 1ص
233ورواه المفيد في المجالس ص .111
][197
حزينا فقد أصبح على ربه ساخطا ،ومن أصبح يشكر مصيبة نزلت به فإنما يشكر
ربه ،ومن أتى غنيا فتضعضع له ليصيب من دنياه فقد ذهب ثلثا دينه ،ومن
دخل النار ممن قرأ القرآن فإنما هو ممن كان يتخذ آيات ال هزوا ،والربع
التي إلى جنبهن كما تدين تدان ،ومن ملك استأثر ،ومن لم يستشر ندم،
والفقر هو الموت الكبر - 19 .ما ) :(1باسناد أبي قتادة قال :قال أبو عبد
ال عليه السلم :ليس لحاقن رأي ،ول لملوك صديق ،ول لحسود غنى،
وليس بحازم من لم ينظر في العواقب والنظر في العواقب تلقيح للقلوب.
- 20ما ) ،(2عن جماعة ،عن أبي المفضل ،عن أحمد بن هودة ،عن
إبراهيم ابن إسحاق ،عن عبد ال بن حماد النصاري ،عن عبد العزيز بن
محمد قال :دخل سفيان الثوري على أبي عبد ال جعفر بن محمد عليهما
السلم وأنا عنده فقال له جعفر :يا سفيان إنك رجل مطلوب وأنا رجل
تسرع إلي اللسن ،فسل عما بد الك ،فقال :ما أتيتك يا ابن رسول ال إل
لستفيد منك خيرا ،قال :يا سفيان إني رأيت المعروف ليتم إل بثلث:
تعجيله وستره وتصغيره ،فإنك إذا عجلته هنأته وإذا سترته أتممته وإذا
صغرته عظم عند من تسديه إليه ،يا سفيان إذا أنعم ال على أحد منكم
بنعمة فليحمد ال عزوجل ،وإذا استبطئ الرزق فليستغفر ال ،وإذا حزنه
أمر قال ل حول ول قوة إل بال العلي العظيم ،يا سفيان ثلث أيما ثلث:
نعمت العطية الكلمة الصالحة يسمعها المؤمن فينطوي عليها حتى يهديها
إلى أخيه المؤمن .وقال عليه السلم :المعروف كاسمه وليس شئ أعظم
من المعروف إل ثوابه ،وليس كان من يحب أن يصنع المعروف يصنعه،
ول كل من يرغب فيه يقدر عليه ،ول كل من يقدر عليه يؤذن له فيه ،فإذا
اجتمعت الرغبة والقدرة والذن فهنالك تمت السعادة للطالب والمطلوب
إليه.
][198
- 21ع ) :(1عن ابن المتوكل ،عن الحميري ،عن اليقطيني محمد بن عيسى ،عن
ابن محبوب ،عن هشام بن سالم قال :سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول
لحمران :يا حمران انظر إلى من هو دونك ،ول تنظر إلي من هو فوتك في
المقدرة ،فإن ذلك أقنع لك بما قسم لك ،وأحرى أن تستوجب الزيادة من
ربك .واعلم أن العمل الدائم القليل على اليقين أفضل عند ال من العمل
الكثير على غير يقين .و اعلم أنه ل ورع أنفع من تجنب محارم ال والكف
عن أذي المؤمنين واغتيابهم ،ول عيش أهنأ من حسن الخلق ،ول مال
أنفع من القنوع باليسير المجزي ،ول جهل أضر من العجب - 22 .ع ):(2
عن ابن المتوكل ،عن السعد آبادي ،عن البرقي ،عن عبد العظيم الحسني،
عن ابن أبي عمير ،عن عبد ال بن الفضل ،عن خاله محمد بن سليمان
عن رجل ،عن محمد بن علي عليهما السلم أنه قال لمحمد بن مسلم :ل
تغرنك الناس من نفسك فإن المر يصل إليك دونهم ،ول تقطع النهار عنك
كذا وكذا ،فإن معك من يحصي عليك ،ول تستصغرن حسنة تعملها فإنك
تراها حيث تسرك ،ول تستصغرن سيئة تعمل بها فإنك تراها حيث
تسوؤك ،وأحسن فإني لم أر شيئا قط أشد طلبا ول أسرع دركا من حسنة
محدثة لذنب قديم .جا ) (3عن أحمد بن الوليد ،عن أبيه ،عن الصفار ،عن
ابن معروف ،عن ابن مهزيار ،عن فضالة ،عن عبد ال بن زيد ،عن ابن
أبي يعفور ،عن أبي عبد ال عليه السلم مثله .وزاد في آخره :إن ال جل
اسمه يقول " :إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين )." (4
) (1علل الشرائع الباب الثاني والخمسون بعد الثلثمائة ص (2) .559المصدر
الحديث التاسع والربعون من الباب الخر ص .599وهذا اشتباه من
جامع الكتاب حيث أورد حديث باقر عليه السلم في هذا الباب(3) .
المجالس ص (4) .108هود.114 :
][199
- 23مع ) :(1عن ماجيلويه ،عن عمه ،عن البرقي ،عن أبيه ،عن محمد بن -
سنان ،عن المفضل ،عن ابن ظبيان قال :قال أبو عبد ال عليه السلم:
إعلم أن الصلة حجزة ال في الرض فمن أحب أن يعلم ما يدرك من نفع
صلته فلينظر فإن كانت صلته حجزته عن الفواحش والمنكر فإنما أدرك
من نفعها بقدر ما احتجز ،ومن أحب أن يعلم ماله عند ال فليعلم مال
عنده ،ومن خل بعمل فلينظر فيه فإن كان حسنا جميل فليمض عليه ،وإن
كان سيئا قبيحا فليجتنبه فان ال عزوجل أولى بالوفاء والزيادة .من عمل
سيئة في السر فليعمل حسنة في السر ،ومن عمل سيئة في العلنية فليعمل
حسنة في العلنية - 24 .سن ) :(2عن حماد بن عيسى ،عن عبد الحميد
الطائي ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :كتب معي إلى عبد ال بن
معاوية وهو بفارس :من اتقى ال وقاه ،ومن شكره زاده ،ومن أقرضه
جزاه - 25 .سن ) :(3عن أحمد بن محمد ،عن علي بن حديد ،عن أبي
اسامة قال :سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول :عليكم بتقوى ال،
والورع ،والجتهاد ،وصدق الحديث ،وأداء المانة ،وحسن الخلق ،وحسن
الجوار ،وكونوا دعاة إلى أنفسكم بغير ألسنتكم ،وكونوا زينا ول تكونوا
شينا ،وعليكم بطول الجود والركوع فإن أحدكم إذا طال الركوع يهتف
إبليس من خلفه ،وقال :يا ويلتاه أطاعوا وعصيت وسجدوا وأبيت- 26 .
ص ) :(4عن الصدوق رحمه ال بإسناده ،عن ابن سنان ،عن الصادق
عليه السلم قال :ل تمزح فيذهب نورك ،ول تكذب فيذهب بهاؤك ،وإياك
وخصلتين :الضجر والكسل فإنك إن ضجرت لم تصبر على حق ،وإن
كسلت لم تؤد حقا ،قال:
) (1معاني الخبار :ص (2) .236المحاسن للبرقي ص 3تحت رقم (3) .2
المصدر :ص 18تحت رقم (4) .50قصص النبياء مخطوط.
][200
وكان المسيح عليه السلم يقول :من كثر همه سقم بدنه ،ومن ساء خلقه عذب
نفسه ،ومن كثر كلمه كثر سقطه ،ومن كثر كذبه ذهب بهاؤه ،ومن لحى
الرجال ذهب مروته - 27 .مص ) :(1قال الصادق عليه السلم أفضل
الوصايا وألزمها أن ل تنسى ربك ،وأن تذكره دائما ،ول تعصيه ،وتعبده
قاعدا وقائما ،ول تغتر بنعمته ،واشكره أبدا ،ول تخرج من تحت أستار
عظمته وجلله فتضل ،وتقع في ميدان الهلك ،وإن مسك البلء والضر،
وأحرقتك نيران المحن واعلم أن بلياه محشوة بكراماته البدية ،ومحنه
مورثة رضاه وقربه ولو بعد حين ،فيالها من مغنم لمن علم ووفق لذلك.
- 28روى أن رجلل استوصى رسول ال صلى ال عليه وآله فقال :ل
تغضب قط ،فإن فيه منازعة ربك فقال :زدني ،قال إياك وما يعتذر فيه فإن
فيه الشرك الخفي فقال :زدني ،فقال :صار صلة مودع فإن فيها الوصلة
والقربي ،فقال :زدني ،فقال عليه السلم استحي من ال استحياءك من
صالحي جيرانك فإن فيها زيادة اليقين ،وقد أجمع ال تعالى ما يتواصى به
المتواصون من الولين والخرين في خصلة واحدة وهي التقوى ،قال ال
عزوجل " :ولقد وصينا الذين اوتوا الكتاب من قبلكم وإياكم أن اتقوا ال )
" (2وفيه جماع كل عبادة صالحة ،وصل من وصل إلى الدرجات العلى،
والرتبة القصوى ،وبه عاش من عاش مع ال بالحياة الطيبة ،والنس
الدائم ،قال ال عزوجل " :إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند
مليك مقتدر ) - 29 ." (3كشف ) :(4قال محمد بن طلحة قال :مالك بن
أنس قال :جعفر عليه السلم
) (1مصباح الشريعة ص 50الباب الثالث والسبعون (2) .النساء(3) .131 :
القمر (4) .54 :كشف الغمة ج 2ص .368
][201
يوما لسفيان الثوري :يا سفيان إذا أنعم ال عليك بنعمة فأحببت بقاءها فأكثر من
الحمد والشكر على ال قال ال عزوجل في كتابه العزيز " :لئن شكرتم
لزيدنكم ) " (1وإذا استبطأت الرزق فأكثر من الستغفار فإن ال عزوجل
قال في كتابه " استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم
مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ) " (2يعني في الدنيا " ويجعل لكم جنات
" يعني في الخرة .يا سفيان إذا حزنك أمر من سلطان أو غيره فأكثر من
قول " ل حول ول قوة إل بال " فإنها مفتاح الفرج وكنز من كنوز الجنة.
- 30وقال ابن أبي حازم ) (3كنت عند جعفر بن محمد عليهما السلم إذا
جاء آذنه فقال :سفيان الثوري بالباب ،فقال :ائذن له ،فدخل فقال له جعفر:
يا سفيان إنك رجل يطلبك السلطان وأنا أتقي السلطان قم فاخرج غير
مطرود ،فقال سفيان :حدثني حتى أسمع وأقوم ،فقال جعفر :حدثني أبي
عن جدي أن رسول ال صلى ال عليه وآله قال :من أنعم ال عليه نعمة
فليحمد ال ،ومن استبطأ الرزق فليستغفر ال ،ومن حزنه أمر فليقل :ل
حول ول قوة إل بال ،فلما قام سفيان قال جعفر :خذها يا سفيان ثلثا وأي
ثلث - 31 .وكان يقول عليه السلم :ل يتم المعروف إل بثلثة :تعجيله
وتصغيره وستره - 32 .وسئل عليه السلم لم حرم ال الربا ؟ قال :لئل
يتمانع الناس المعروف - 33 .وذكر بعض أصحابه ) (4قال :دخلت على
جعفر عليه السلم وموسى ولده بين يديه وهو يوصيه بهذه الوصية فكان
مما حفظت منه أن قال :يا بني اقبل وصيتي
) (1ابراهيم (2) .7 :نوح 10 :إلى (3) .12كشف الغمة ج 2ص (4) .358
المصدر :ج 2ص (*) .369
][202
واحفظ مقالتي ،فإنك إن حفظتها تعش سعيدا وتمت حميدا ،يا بني إنه من قنع بما
قسم ال له استغنى ،ومن مد عينيه إلى ما في يد غيره مات فقيرا ،ومن لم
يرض بما قسم ال عزوجل اتهم ال تعالى في قضائه ،ومن استصغر زلة
نفسه استعظم زلة غيره ،ومن استصغر زلة غيره استعظم زله نفسه ،يا
بني من كشف حجاب غيره انكشفت عورات نفسه ،ومن سل سيف البغي
قتل به ،ومن حفر لخيه بئرا سقط فيها ،ومن دخل مداخل السفهاء حقر،
ومن خالط العلماء وقر ،ومن دخل مداخل السوء اتهم .يا بني قل الحق لك
وعليك ،وإياك والنميمة فإنها تزرع الشحناء في قلوب الرجال .يا بني إذا
طلبت الجود فعليك بمعادنه ،فإن للجود معادن وللمعادن اصول وللصول
فروعا وللفروع ثمرا ،ول يطيب ثمر إل بفرع ول فرع إل بأصل ،ول أصل
إل بمعدن طيب .يا بني إذا زرت فزر الخيار ول تزر الفجار ،فإنهم صخرة
ل ينفجر ماؤها وشجرة ل يخضر ورقها ،وأرض ل يظهر عشبها .قال علي
بن موسى عليه السلم :فما ترك أبي هذه الوصية إلى أن مات - 34 .ونقل
أنه ) (1كان رجل من أهل السواد يلزم جعفرا عليه السلم ففقده فسئل عنه
فقال له رجل -يريد أن يستنقص به :-إنه نبطي فقال جعفر عليه السلم:
أصل الرجل عقله ،وحسبه دينه ،وكرمه تقواه ،والناس في آدم مستوون،
فاستحيا ذلك القائل - 35 .وقال سفيان الثوري :سمعت جعفر الصادق عليه
السلم يقول :عزت السلمة حتى لقد خفي مطلبها ،فإن يكن في شئ
فيوشك أن يكون في الخمول فإن طلبت في خمول فلم توجد فيوشك أن
تكون في الصمت ،فإن طلبت في الصمت فلم توجد فيوشك أن تكون في
التخلي ،فإن طلبت في التخلي فلم توجد فيوشك أن تكون في كلم السلف -
][203
الصالح ،والسعيد من وجد في نفسه خلوة يشغل بها - 36 .وقال الحافظ ) (1عبد
العزيز :وقال إبراهيم بن مسعود قال :كان رجل من التجار يختلف إلى
جعفر بن محمد عليهما السلم يخاطبه ويعرفه بحسن حال فتغيرت حاله
فجعل يشكو إلى جعفر عليه السلم فقال :فل تجزع وإن اعسرت يوما *
فقد أيسرت في زمن طويل ول تيأس فأن اليأس كفر * لعل ال يغني عن
قليل ول تظنن بربك ظن سوء فإن ال أولى بالجميل (2) - 37وعن عبد
ال بن أبي يعفور ،عن جعفر بن محمد عليهما السلم قال :بني النسان
على خصال فمهما بني عليه فإنه ل يبنى على الخيانة والكذب - 38 .وقال
الحافظ ) (3عبد العزيز :روي عن جابر بن عون قال :قال رجل لجعفر بن
محمد عليهما السلم :إنه وقع بيني وبين قوم منازعة في امور وإني اريد
أن أتركه فيقال لي :إن تركك له ذل ،فقال جعفر بن محمد عليهما السلم:
إن الذليل هو الظالم - 39 .وعن إسماعيل بن جعفر بن محمد ،عن جده
عليهما السلم قال :قال رسول ال صلى ال عليه وآله :من حسن إسلم
المرء تركه مال يعنيه - 40 .وقال الحافظ ) (4أبو نعيم :روي عن محمد
بن بشير ،عن جعفر بن محمد عليهما السلم أوحى ال تعالى إلى الدنيا أن
اخدمي من خدمني وأتعبي من خدمك (5) - 41 .وعن الصمعي قال :قال
جعفر بن محمد عليهما السلم :الصلة قربان كل تقي ،والحج جهاد كل
ضعيف ،وزكاة البدن الصيام ،والداعي بل عمل
) (1الكشف :ج 2ص (2) .374المصدر :ج 2ص (3) .375المصدر :ج 2ص
(4) .377المصدر ج 2ص (5) .395المصدر ج 2ص .396
][204
كالرامي بل وتر ،واستنزلوا الرزق بالصدقة ،وحصنوا أموالكم بالزكاة ،وما عال
من اقتصد ،والتقدير نصف العيش ،والتودد نصف العقل ،وقلة العيال أحد -
اليسارين ،من حزن والديه فقد عقهما ،ومن ضرب بيده ]على فخذه[ عند
المصيبة فقد حبط أجره ،والصنيعة ل تكون صنيعة إل عند ذي حسب أو
دين ،وال عزوجل ينزل الصبر على قدر المصيبة ،وينزل الرزق على قدر
المؤونة ،ومن قدر معيشته رزقه ال ،ومن بذر معيشته حرمه ال- 42 .
وعن بعض أصحاب جعفر عليه السلم قال :دخلت عليه وموسى عليه
السلم بين يديه وهو يوصيه بهذه الوصية فكان مما حفظت منها أن قال:
يا بني اقبل وصيتي واحفظ مقالتي ،فإنك إن حفظتها تعش سعيدا وتمت
حميدا .يا بني من قنع بما قسم له استغنى ،ومن مد عينيه إلى ما في يد
غيره مات فقيرا ،ومن لم يرض بما قسم له اتهم ال في قضائه ،ومن
استصغر زلة غيره استعظم زله نفسه ،ومن استصغر زلة نفسه استعظم
زلة غيره .يا بني من كشف حجاب غيره تكشف عورات بيته ،ومن سل
سيف البغي قتل به ،ومن احتفر لخيه بئرا سقط فيها ،ومن دخل السفهاء
حقر ،ومن خالط العلماء وقر ،ومن دخل مداخل السوء اتهم .يا بني إياك
أن تزري بالرجال فيزرى بك ،وإياك والدخول فيمال يعنيك فتذل ،يا بني قل
الحق لك وعليك تستشار من بين أقرانك .يا بني كن لكتاب ال تاليا،
وللسلم فاشيا ،وبالمعروف آمرا ،وعن المنكر ناهيا ،ولمن قطعك واصل،
ولمن سكت عنك مبتدئا ،ولمن سألك معطيا ،وإياك والنميمة فانها تزرع
الشحناء في قلوب الرجال ،وإياك والتعرض لعيوب الناس فمنزلة
المعترض لعيوب الناس كمنزلة الهدف .يا بني إذا طلبت الجود فعليك
بمعادنه ،فإن للجود معادن ،وللمعادن اصول ،وللصول فروعا ،وللفروع
ثمرا ،ول يطيب ثمر إل بفرع ،ول فرع إل بأصل ،ول أصل ثابت إل بمعدن
طيب.
][205
يا بني إذا زرت فز الخيار ول تزر الفجار فإنهم صخرة ل يتفجر ماؤها وشجرة ل
يخضر ورقها وأرض ل يظهر عشبها .قال علي بن موسى عليه السلم:
فما ترك أبي هذه الوصية إلى أن توفي (1) - 43 .وعن عنبسة الخثعمي
وكان من الخيار قال :سمعت جعفر بن -محمد عليهما السلم يقول :إياكم
والخصومة في الدين فإنها تشغل القلب وتورث النفاق - 44 .وقال عليه
السلم :إذا بلغك عن أخيك شئ يسوؤك فل تغتم به فإنه إن كان كما يقول
كانت عقوبة عجلت وإن كانت على غير ما يقول :كانت حسنة لم تعلمها،
قال :وقال موسى عليه السلم :يا رب أسألك أن ل يذكرني أحد إل بخير،
قال :ما فعلت ذلك لنفسي - 45 .وقال البي ) :(2سئل جعفر بن محمد
عليهما السلم لما صار الناس يكلبون أيام الغلء على الطعام ويزيد
جوعهم على العادة في الرخص ؟ قال :لنهم بنو الرض فإذا قحطت
قحطوا وإذا خصبت خصبوا - 46 .وشكى إليه عليه السلم رجل جاره
فقال :اصبر عليه ،فقال :ينسبني الناس إلى الذل فقال :إنما الذليل من ظلم.
وقال عليه السلم :أربعة أشياء القليل منها كثير :النار والعداوة والفقر
والمرض (3) - 47 .وقال عليه السلم إذا أقبلت الدنيا على المرء أعطته
محاسن غيره ،و إذا أعرضت عنه سلبته محاسن نفسه (4) - 48 .ومر به
عليه السلم رجل وهو يتغدى فلم يسلم فدعاه إلى الطعام فقيل له :السنة
أن يسلم ثم يدعى ،وقد ترك السلم على عمد ،فقال :هذا فقه عراقي فيه
بخل.
) (1الكشف :ج 2ص (2) .398المصدر :ج 2ص .414والبي :عز الدين ابن
زينب الحسن بن أبى طالب اليوسفي تلميذ المحقق ومن أعلم القرن
السابع (3) .المصدر :ج 2ص (4) .416المصدر :ج 2ص .417
][206
- 49وقال عليه السلم :القرآن ظاهره أنيق ،وباطنه عميق - 50 .وقال عليه
السلم :من أنصف من نفسه رضي حكما لغيره - 51 .وقال عليه السلم) :
(1أكرموا الخبز فإن ال أنزل له كرامة ،قيل :وما كرامته قال :أن ل
يقطع ،ول يوطأ ،وإذا حضر لم ينتظر به غيره ) - 52 .(2وقال عليه
السلم :حفظ الرجل أخاه بعد وفاته في تركته كرم - 53 .وقال عليه
السلم :ما من شئ أسر إلي من يد أتبعها الخرى لن منع الواخر بقطع
لسان شكر الوائل - 54 .وقال عليه السلم :إني لملق أحيانا فاتاجر ال
بالصدقة ) - 55 .(3وقال عليه السلم :ل يزال العز قلقا حتى يأتي دارا قد
استشعر أهلها اليأس مما في أيدي الناس فيوطنها - 56 .وقال عليه
السلم :إذا دخلت إلى منزل أخيك فاقبل الكرامة كلها ما خل الجلوس في
الصدور - 57 .وقال عليه السلم :كفارة عمل السلطان الحسان إلى
الخوان - 58 .واشتكى مرة فقال :اللهم اجعله أدبا لغضبا - 59 .وقال
عليه السلم :البنات حسنات والبنون نعم ،والحسنات يثاب عليها والنعم
مسؤول عنها - 60 .وقال عليه السلم :إياك وسقطة السترسال فانها ل
تستقال - 61 .وقيل له عليه السلم :ما طعم الماء ؟ قال :طعم الحياة- 62 .
وقال عليه السلم :من لم يستحى من العيب ويرعوى ) (4عند الشيب
ويخشى ال بظهر الغيب فل خير فيه - 63 .وقال عليه السلم :وإن خير
العباد من يجتمع فيه خمس خصال :إذا أحسن
) (1الكشف :ج 2ص (2) .417في المصدر " سواه " (3) .أملق الرجل أنفق
ماله حتى قل (4) .ارعوى من الجهل :كف عنه.
][207
استبشر ،وإذا أساء استغفر ،وإذا اعطى شكر ،وإذا ابتلى صبر ،وإذا ظلم غفر64 .
-وقال عليه السلم :إياكم وملحاة الشعراء ) (1فانهم يضنون بالمدح
ويجودون بالهجاء .وقال عليه السلم :إني ل سارع إلى حاجة عدوي خوفا
أن أرده فيستغني عني - 65 .كان عليه السلم يقول :اللهم إنك بما أنت له
أهل من العفو أولى مني بما أنا أهل له من العقوبة - 66 .وأتاه عليه
السلم أعرابي وقيل :بل أتى أباه الباقر عليه السلم فقال :أرأيت ال حين
عبدته فقال :ما كنت لعبد شيئا لم أره ،قال :كيف رأيته ؟ قال :لم تره
البصار بمشاهدة العيان ،ولكن رأته القلوب بحقيقة اليمان ،ل يدرك
بالحواس ول يقاس بالناس ،معروف باليات ،منعوت بالعلمات ،هو ال
الذي ل إله إل هو ،فقال العرابي ،ال أعلم حيث يجعل رسالته - 67 .وقال
عليه السلم :يهلك ال ستا بست المراء بالجور والعرب بالعصبية
والدهاقين بالكبر ،والتجار بالخيانة ،وأهل الرستاق بالجهل ،والفقهاء
بالحسد - 68 .وقال عليه السلم :منع الموجود سوء ظن بالمعبود- 69 .
وقال عليه السلم :صلة الرحام منسأة في العمار ،وحسن الجوار عمارة
للدنيا ،وصدقة السر مثراة للمال - 70 .وقال له أبو جعفر ) :(2يا أبا عبد
ال أل تعذرني من عبد ال بن حسن وولده يبثون الدعاة ويريدون الفتنة،
قال :قد عرفت المر بيني وبينهم فإن أقنعتك مني آية من كتاب ال تعالى
تلوتها عليك ؟ قال :هات ،قال " :لئن اخرجوا ل يخرجون معهم ولئن
قوتلوا ل ينصرونهم ولئن نصروهم ليولن الدبار ثم ل ينصرون )" (3
) (1الملحاة :المنازعة والمخاصمة .والضن :البخل (2) .يعنى الدوانيقي(3) .
الحشر.12 :
][208
وقال :كفاني وقبل بين عينيه - 71 .وقال :عليه السلم لرجل أحدث سفرا يحدث ال
لك رزقا وألزم ما عودت منه الخير - 72 .قال عليه السلم :دعا ال الناس
في الدنيا بآبائهم ليتعارفوا وفي الخرة بأعمالهم ليجازوا ،فقال " :يا أيها
الذين آمنوا " " يا أيها الذين كفروا " - 73 .وقال عليه السلم :من أيقظ
فتنة فهو اكلها - 74 .وقال عليه السلم :إن عيال المرء اسراؤه ،فمن أنعم
ال عليه نعمة فليوسع على اسرائه فإن لم يفعل أوشك أن تزول تلك
النعمة - 75 .وكان عليه السلم يقول :السريرة إذا صلحت قويت العلنية.
- 76وقال عليه السلم :ما يصنع العبد أن يظهر حسنا ويسر سيئا ،أليس
يرجع إلى نفسه فيعلم أن ليس كذلك ،وال عزوجل يقول " :بل النسان
على نفسه بصيرة ) - 77 ." (7وقال له أبو حنيفة :يا أبا عبد ال ما
أصبرك على الصلة فقال :ويحك يا نعمان أما علمت أن الصلة قربان كل
تقي :وأن الحج جهاد كل ضعيف ،و لكل شئ زكاة وزكاة البدن الصيام،
وأفضل العمال انتظار الفرج من ال ،الداعي بل عمل كالرامي بل وتر،
فاحفظ هذه الكلمات يا نعمان :استنزلوا الرزق بالصدقة ،وحصنوا المال
بالزكاة ،وما عال امرء اقتصد ،والتقدير نصف العيش :والتودد نصف
العقل ،والهرم نصف الهم ،وقلة العيال أحد اليسارين ،من أحزن والديه فقد
عقهما ،ومن ضرب يده على فخذه عند المصيبة حبط أجره ،والصنيعة ل
يكون صنيعة إل عند ذي حسب ودين ،وال ينزل الرزق على قدر المؤونة،
وينزل الصبر على قدر المصيبة ،ومن أيقن بالخلف جاد بالعطية ،ولو أراد
ال بالنمل خيرا ما أنبت لها جناحا.
زاد ابن حمدون في روايته ومن قدر معيشته رزقه ال ،ومن بذر حرمه ال ولم
يورد " ولو أراد ال بالنملة " - 78 .وقيل له عليه السلم :ما بلغ بك من
حبك موسى ؟ قال :وددت أن ليس لي ولد غيره حتى ل يشركه في حبي له
أحد - 79 .وقال :ثلثة اقسم بال أنها الحق :ما نقص مال من صدقه ول
زكاة ،ول ظلم أحد بظلمة فقدر أن يكافي بها فكظمها إل أبدله ال مكانها
عزا ،ول فتح عبد على نفسه باب مسألة إل فتح عليه باب فقر - 80 .وقال
عليه السلم :ثلثة ل يزيد ال بها المرء المسلم إل عزا :الصفح عمن
ظلمه والعطاء لمن حرمه ،والصلة لمن قطعه - 81 .وقال عليه السلم:
من اليقين أل ترضى الناس بما يسخط ال ،ول تذمهم على ما لم يؤتك ال،
ول تحمدهم على ما رزق ال ،فإن الرزق ل يسوقه حرص حريص ،ول
يصرفه كره كاره ،ولو أن أحدكم فر من رزقه كما يفر من الموت لدركه
الرزق كما يدركه الموت - 82 .وقال عليه السلم :مروة الرجل في نفسه
نسب لعقبه وقبيلته - 83 .وقال عليه السلم :من صدق لسانه زكي عمله،
ومن حسنت نيته زيد في رزقه ومن حسن بره بأهل بيته زيد في عمره.
- 84وقال عليه السلم :خذ من حسن الظن بطرف تروح به قلبك ويروح
به أمرك ) - 85 .(1وقال عليه السلم :المؤمن إذا غضب لم يخرجه
غضبه من حق ،وإذا رضي لم يدخله رضاه في باطل ،والذي إذا قدر لم
يأخذ أكثر مما له - 86 .ومن تذكرة ابن حمدون قال الصادق عليه السلم:
تأخير التوبة اغترار ،وطول التسويف حيرة ،والئتلء ) (2على ال
عزوجل هلكة ،والصرار أمن ،ول يأمن مكر ال إل القوم الخاسرون.
) (1في الكشف :ج 2ص " 420ويرخ به أمرك " (2) .أي الحكم والحتم.
][210
- 87وقال عليه السلم :ما كل من أراد شيئا قدر عليه ،ول كل من قدر على شئ
وفق له ،ول كل من وفق أصاب له موضعا ،فإذا اجتمع النية والقدرة
والتوفيق والصابة فهناك تجب السعادة - 88 .وقال عليه السلم :صلة
الرحم تهون الحساب يوم القيامة قال ال تعالى " والذين يصلون ما أمر
ال به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب )- 89 ." (1
وقال عليه السلم ) (2وقد قيل بحضرته :جاور ملكا أو بحرا ،فقال هذا
الكلم محال والصواب ل تجاور ملكا ول بحرا لن الملك يؤذيك ،والبحر ل
يرويك - 90 .وسئل عليه السلم :عن فضيلة لمير المؤمنين عليه السلم
لم يشركه فيها غيره ،قال :فضل القربين بالسبق ،وسبق البعدين
بالقرابة - 91 .وعنه عليه السلم قال " :بسم ال الرحمن الرحيم " تيجان
العرب - 92 .وقال عليه السلم :صحبة عشرين يوما قرابة - 93 .كا من
الروضة ) (3علي بن إبراهيم ،عن أبيه ،عن ابن فضال ،عن حفص
المؤذن ،عن أبي عبد ال عليه السلم ،وعن محمد بن إسماعيل بن بزيع )
(4عن محمد بن سنان عن إسماعيل بن جابر ،عن أبي عبد ال عليه
السلم أنه كتب بهذه الرسالة إلى أصحابه وأمرهم بمدارستها والنظر فيها،
وتعاهدها والعمل بها ،فكانوا يضعونها في مساجد بيوتهم ،فإذا فرغوا من
الصلة نظروا فيها .قال :وحدثني الحسن بن محمد ،عن جعفر بن محمد
بن مالك الكوفي ،عن القاسم ابن الربيع الصحاف عن إسماعيل بن مخلد
السراج عن أبي عبد ال عليه السلم قال :خرجت هذه الرسالة من أبي
عبد ال عليه السلم إلى أصحابه :بسم ال الرحمن الرحيم أما بعد فاسألوا
ال ربكم العافية ،وعليكم بالدعة ) (5والوقار والسكينة،
) (1الرعد (2) .21 :يعنى البى المترجم في ص (3) .205المصدر الحديث الول.
) (4معطوف على ابن فضال لن ابراهيم بن هاشم أحد رواته(5) .
الدعة :الخفض والطمأنينة.
][211
وعليكم بالحياء والتنزه عما تنزه عنه الصالحون قبلكم ،وعليكم بمجاملة ) (1أهل
الباطل ،تحملوا الضيم منهم ،وإياكم ومماظتهم ،دينوا فيما بينكم وبينهم إذا
أنتم جالستموهم وخالطتموهم ونازعتموهم الكلم ،فإنه ل بد لكم من
مجالستهم ومخالطتهم ومنازعتهم الكلم بالتقية التي أمركم ال أن تأخذوا
بها فيما بينكم و بينهم ،فإذا ابتليتم بذلك منهم فإنهم سيؤذونكم وتعرفون
في وجوههم المنكر و لول أن ال تعالى يدفعهم عنكم لسطوا ) (2بكم وما
في صدورهم من العداوة والبغضاء أكثر مما يبدون لكم ،مجالسكم
ومجالسهم واحدة ،وأرواحكم وأرواحهم مختلفة ل تأتلف ،ل تحبونهم أبدا
ول يحبونكم ،غير أن ال تعالى أكرمكم بالحق و بصركموه ولم يجعلهم من
أهله فتحاملونهم وتصبرون عليهم ول مجاملة لهم ول صبر لهم على شئ
) (3وحيلهم ووسواس بعضهم إلى بعض فإن أعداء ال إن استطاعوا
صدوكم عن الحق ،يعصمكم ال من ذلك .فاتقوا ال وكفوا ألسنتكم إل من
خير وإياكم أن تذلقوا ) (4ألسنتكم
][212
بقول الزور والبهتان والثم والعدوان ،فإنكم إن كففتم ألسنتكم عما يكرهه ال مما
نهاكم عنه كان خيرا لكم عند ربكم ،من أن تذلقوا ألسنتكم به فإن ذلق
اللسان فيما يكرهه ال وفيما ينهى عنه ) (1مرداة للعبد عند ال ومقت من
ال وصمم وبكم و عمي يورثه ال إياه يوم القيامة فتصيروا كما قال ال "
صم بكم عمى فهم ل يعقلون ) " (2يعني ل ينطقون " ول يؤذن لهم
فيعتذرون " .وإياكم وما نهاكم ال عنه أن تركبوه وعليكم بالصمت إل فيما
ينفعكم ال به من أمر آخرتكم ويأجركم عليه ،وأكثروا من التهليل
والتقديس والتسبيح والثناء على ال والتضرع إليه والرغبة فيما عنده من
الخير الذي ل يقدر قدره ول يبلغ كنهه أحد ،فاشغلوا ألسنتكم بذلك عما
نهى ال عنه من أقاويل الباطل التي تعقب أهلها خلودا في النار من مات
عليها ولم يتب إلى ال ولم ينزع عنها ،وعليكم بالدعاء فإن المسلمين لم
يدركوا نجاح الحوائج عند ربهم بأفضل من الدعاء والرغبة إليه والتضرع
إلى ال والمسألة له ،فارغبوا فيما رغبكم ال فيه وأجيبو ال إلى ما دعاكم
إليه ) (3لتفلحوا وتنجحوا من عذاب ال ،وإياكم أن تشره أنفسكم إلى شئ
مما حرم ال عليكم فإن من انتهك ما حرم ال عليه ههنا في الدنيا حال ال
بينه وبين الجنة ونعيمها ولذتها وكرامتها القائمة الدائمة لهل الجنة أبد
البدين .واعلموا أنه بئس الحظ الخطر لمن خاطر ال بترك طاعة ال
وركوب معصيته ،فاختار أن ينتهك محارم ال في لذات دنيا منقطعة زائلة
عن أهلها على خلود نعيم في الجنة ولذاتها وكرامة أهلها ،ويل لولئك ،ما
أخيب حظهم وأخسر كرتهم ،وأسوء حالهم عند ربهم يوم القيامة،
استجيروا ال أن يجيركم في مثالهم أبدا ،وأن
) (1في بعض النسخ " وما نهى عنه " .والمرادة بغير الهمزة مفعلة من الردى
بمعنى الهلك وفى بعضها " أن تزلقوا ألسنتكم " بالزاى (2) .البقرة:
(3) .167زاد في بعض النسخ " لتفلحوا وتنجحوا من عذاب ال ".
والشره :غلبة الحرص.
][213
يبتليكم بما ابتلهم به ،ول قوة لنا ولكم إل به .فاتقوا ال أيتها العصابة الناجية إن
أتم ال لكم ما أعطاكم به فإنه ل يتم المر حتى يدخل عليكم مثل الذي دخل
على الصالحين قبلكم وحتى تبتلوا في أنفسكم وأموالكم ) (1وحتى تسمعوا
من أعداء ال أذى كثيرا فتصبروا وتعركوا بجنوبكم ) (2وحتى يستذلوكم
ويبغضوكم ،وحتى يحملوا عليكم الضيم فتحملوه منهم ،تلتمسون بذلك
وجه ال والدار الخرة ،وحتى تكظموا الغيظ الشديد في الذى في ال
عزوجل يجترمونه ) (3إليكم ،وحتى يكذبوكم بالحق ،ويعادوكم فيه،
ويبغضكم عليه ،فتصبروا على ذلك منهم ،ومصداق ذلك كله في كتاب ال
الذي أنزله جبرئيل عليه السلم على نبيكم ،سمعتم قول ال عزوجل لنبيكم
صلى ال عليه وآله " :فاصبر كما صبر اولوا العزم من الرسل ول
تستعجل لهم " ) (4ثم قال :وإن يكذبوك " فقد كذبت رسل من قبلك
فصبروا على ما كذبوا واذوا ) " (5فقد كذب نبي ال والرسل من قبله
واوذوا مع التكذيب بالحق ،فإن سركم ) (6أمر ال فيهم الذي خلقهم له في
الصل -أصل الخلق -من الكفر الذي سبق في علم ال أن يخلقهم له في
الصل ،ومن الذين سماهم ال في كتابه في قوله " وجعلنا منهم
) (1قال المؤلف :لعل المراد :اتقوا ال ول تتركوا التقوى عن الشرك والمعاصي
عند ارادة اتمام ما أعطاكم من دين الحق ،ثم بين عليه السلم التمام بانه
انما يكون بالبتلء والفتتان وتسليط من يؤذيكم عليكم .فالمراد المر
بالتقوى عند البتلء بالفتن وذكر فائدة البتلء بانه سبب لتمام اليمان
فلذا يبتليكم (2) .يقال :عرك الذى بجنبه أي احتمله (3) .في القاموس:
اجترم عليهم واليهم جريمة :جنى جناية (4) .الحقاف .35 :وفيها "
ولقد " (5) .النعام (6) .34 :في النسخة المصححة التى أومأ إليها
المؤلف قوله " ان سركم " متصل بما سيأتي في آخر الرسالة " أن
تكونوا مع نبى ال محمد صلى ال عليه وآله إلى آخر الرسالة.
][214
أئمة يدعون إلى النار ) " (1فتدبروا هذا واعقلوه ول تجهلوه ،فانه من يجهل هذا
وأشباهه مما افترض ال عليه في كتابه مما أمر ال به ونهى عنه ترك
دين ال وركب معاصيه ،فاستوجب سخط ال فأكبه ال على وجهه في
النار .وقال :أيتها العصابة المرحومة المفلحة إن ال أتم لكم ما آتاكم من
الخير ،واعلموا أنه ليس من علم ال ول من أمره أن يأخذ أحد من خلق
ال في دينه بهوى ورأي ول مقائيس قد أنزل ال القرآن وجعل فيه تبيان
كل شئ ،وجعل للقرآن ولتعلم القرآن أهل ل يسع أهل القرآن الذين آتاهم
ال علمه أن يأخذوا فيه بهوى ول رأى ول مقائيس ،أغناهم ال عن ذلك
بما آتاهم من علمه وخصهم به ووضعه عندهم كرامة من ال أكرمهم بها
وهم أهل الذكر الذين أمر ال هذه المة بسؤالهم ،وهم الذين من سألهم
وقد سبق في علم ال أن يصدقهم ويتبع أثرهم أرشدوه وأعطوه من علم
القرآن ما يهتدي به إلى ال بإذنه وإلى جميع سبل الحق وهم الذين ل
يرغب عنهم وعن مسألتهم وعن علمهم الذي أكرمهم ال به وجعله عندهم
إل من سبق عليه في علم ال الشقاء في أصل الخلق تحت الظلة )(2
فأولئك الذين يرغبون عن سؤال أهل الذكر والذين آتاهم ال علم القرآن
ووضعه عندهم وأمر بسؤالهم ،واولئك الذين يأخذون بأهوائهم وآرائهم
ومقائيسهم حتى دخلهم الشيطان لنهم جعلوا أهل اليمان في علم القرآن
عند ال كافرين ،وجعلوا أهل الضللة في علم القرآن عند ال مؤمنين،
وحتى جعلوا ما أحل ال في كثير من المر حراما ،وجعلوا ما حرم ال في
كثير من المر حلل ،فذلك أصل ثمرة أهوائهم ،وقد عهد إليهم رسول ال
صلى ال عليه وآله قبل موته فقالوا :نحن بعد ما قبض ال عزوجل
رسوله يسعنا أن نأخذ بما اجتمع عليه رأي الناس بعد ما قبض ال
عزوجل رسوله صلى ال عليه وآله وبعد عهده الذي عهده إلينا وأمرنا به
مخالفا ل ولرسوله صلى ال عليه وآله فما أحد أجر أعلى ال ول أبين
ضللة ممن أخذ بذلك ،وزعم أن ذلك يسعه وال إن ال على خلقه أن
يطيعوه ويتبعوا أمره في حياة محمد صلى ال عليه وآله
) (1القصص 41 :وفيها " وجعلناهم ائمة يدعون " (2) .أي عالم الرواح.
][215
وبعد موته ،هل يستطيع اولئك أعد ال أن يزعموا أن أحدا ممن أسلم مع محمد
صلى ال عليه وآله أخذ بقوله ورأيه ومقائيسه ،فإن قال :نعم فقد كذب
على ال وضل ضلل بعيدا ،وإن قال :ل لم يكن لحد أن يأخذ برأيه وهواه
ومقائيسه فقد أقر بالحجة على نفسه وهو ممن يزعم أن ال يطاع ويتبع
أمره بعد قبض رسول ال صلى ال عليه وآله وقد قال ال -وقوله الحق
" :-وما محمد إل رسول قد خلت من قبله الرسل أفائن مات أو قتل انقلبتم
على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر ال شيئا وسيجزي ال
الشاكرين ) ." (1وذلك لتعلموا أن ال يطاع ويتبع أمره في حياة محمد
صلى ال عليه وآله وبعد قبض ال محمدا صلى ال عليه وآله وكما لم يكن
لحد من الناس مع محمد صلى ال عليه وآله أن يأخذ بهواه ول رأيه ول
مقائيسه خلفا لمر محمد صلى ال عليه وآله فكذلك لم يكن لحد من
الناس بعد محمد صلى ال عليه وآله أن يأخذ بهواه ول رأيه ول مقائيسه.
وقال :دعوا رفع أيديكم في الصلة إل مرة واحدة حين تفتتح الصلة )(2
فإن الناس قد شهروكم بذلك .وال المستعان ول حول ول قوة إل بال.
وقال :أكثروا من أن تدعوا ال فإن ال يحب من عباده المؤمنين أن
يدعوه ،وقد وعد ]ال[ عباده المؤمنين بالستجابة ،وال مصير دعاء
المؤمنين يوم القيامة لهم عمل يزيدهم به في الجنة فأكثروا ذكر ال ما
استطعتم في كل ساعة من ساعات الليل والنهار ،فإن ال أمر بكثرة الذكر
له ،وال ذاكر لمن ذكره من
) (1آل عمران (2) .144 :اعلم أن رفع اليدين في تكبير الفتتاح ل خلف في أنه
مطلوب للشارع بين العامة والخاصة .والمشهور بين الصحاب
الستحباب وذهب السيد -ره -من علمائنا إلى الوجوب ،وأما الرفع في
سائر التكبيرات فالمشهور بين الفريقين أيضا استحبابه .وقال الثوري
وأبو حنيفة والنخعي :ل رفع ال عند الفتتاح وذهب السيد -ره -إلى
الوجوب في جميع التكبيرات .ولما كان في زمانه عليه السلم عدم
استحباب الرفع أشهر بين العامة فلذا منع الشيعة عن ذلك لئل يشهروا
بذلك فيعرفونهم) .قاله المؤلف(.
][216
) (1النعام (2) 120 :جواب للمر أي انكم إذا جاملتم الناس عشتم مع المن وعدم
حمل الناس على رقابكم بالعمل بطاعة ربكم فيما أمركم به من التقية .في
بعض نسخ المصدر " تجمعون " فيكون حال عن ضميري الخطاب أي
ان أجمعوا طاعة ال مع المجاملة ،ل بأن تتابعوهم في المعاصي
وتشاركوهم في دينهم بل بالعمل بالتقية فيما أمركم ال فيه بالتقية )قاله
المؤلف((*) .
][217
واتباع الهواء ) (1أل إن اتباع الهواء واتباع البدع بغير هدى من ال ضلل وكل
ضللة بدعة وكل بدعة في النار ،ولن ينال شئ من الخير عند ال إل
بطاعته والصبر والرضا لن الصبر والرضا من طاعة ال ،واعلموا أنه لن
يؤمن عبد من عبيده حتى يرضى عن ال فيما صنع ال إليه وصنع به على
ما أحب وكره ،ولن يصنع ال بمن صبر ورضي عن ال إل ما هو أهله
وهو خير له مما أحب وكره .وعليكم بالمحافظة على الصلوات والصلة
الوسطى وقوموا ل قانتين كما أمر ال به المؤمنين في كتابه من قبلكم
وإياكم ) (2وعليكم بحب المساكين المسلمين فإنه من حقرهم وتكبر عليهم
فقد زل عن دين ال ،وال له حاقر ماقت ،وقد قال أبونا رسول ال صلى
ال عليه وآله " :أمرني ربي بحب المساكين المسلمين ]منهم[ " واعلموا
أن من حقر أحدا من المسلمين ألقى ال عليه المقت منه والمحقرة حتى
يمقته الناس ،وال له أشد مقتا ،فاتقوا ال في إخوانكم المسلمين المساكين
فإن لهم عليكم حقا أن تحبوهم ،فإن ال أمر رسوله صلى ال عليه وآله
بحبهم فمن لم يحب من أمر ال بحبه فقد عصى ال ورسوله ،ومن عصى
ال ورسوله ومات على ذلك مات وهو من الغاوين .وإياكم والعظمة والكبر
فإن الكبر رداء ال عزوجل فمن نازع ال رداءه قصمه ال وأذله يوم
القيامة .وإياكم أن يبغي بعضكم على بعض فانها ليست من خصال
الصالحين فإنه من بغي صير ال بغيه على نفسه ،وصارت نصرة ال لمن
بغي عليه ،ومن نصره ال غلب وأصاب الظفر من ال ،وإياكم أن يحسد
بعضكم بعضا فإن الكفر أصله الحسد ،وإياكم أن تعينوا على مسلم مظلوم
فيدعوا ال عليكم ويستجاب له فيكم ،فان أبانا رسول ال صلى ال عليه
وآله كان يقول " :إن دعوة المسلم المظلوم مستجابة " وليعن بعضكم
بعضا ،فإن أبانا رسول ال صلى ال عليه وآله كان يقول " :إن معاونة
المسلم
) (1هذا من قبيل المماشاة مع الخصم أي لو كان البدعة تنفع ويرضى الرحمن بها
على فرض المحال كان اتباع السنة أنفع " (2) .اياكم " عطف على
المؤمنين.
][218
خير وأعظم أجرا من صيام شهر واعتكافه في المسجد الحرام " إياكم وإعسار أحد
من إخوانكم المسلمين أن تعسروه ) (1بالشئ يكون لكم قبله وهو معسر،
فإن أبانا رسول اله صلى ال عليه وآله كان يقول " :ليس للمسلم أن
يعسر مسلما ،ومن أنظر معسرا أظله ال بظله يوم ل ظل إل ظله " .وإياكم
أيتها العصابة المرحومة المفضلة على من سواها وحبس حقوق ال قبلكم
يوما بعد يوم ،وساعة بعد ساعة ،فإنه من عجل حقوق ال قبله كان ال
أقدر على التعجيل له إلى مضاعفة الخير في العاجل والجل ،وإنه من أخر
من حقوق ال قبله كان ال أقدر على تأخير رزقه ،ومن حبس ال رزقه لم
يقدر أن يرزق نفسه ،فأدوا إلى ال حق ما رزقكم يطيب ال لكم بقيته،
وينجز لكم ما وعدكم من مضاعفته لكم الضعاف الكثيرة التي ل يعلم
عددها ولكنه فضله إل ال رب العالمين .وقال :اتقوا ال أيتها العصابة
وإن استطعتم أل يكون منكم محرج المام )(2
) (1عسر الغريم يعسره :طلب منع على عسرته .كأعسره) .القاموس( )" (2
محرج المام " في الصحاح :أحرجه إليه :ألجأه .وفيه :سعى به إلى
الوالى إذا وشى به يعنى نمه وذمه عنده .وقال المؤلف :الظاهر أن المراد
ل تكونوا محرج المام أي بأن تجعلوه مضطرا إلى شئ ل يرضى به ،ثم
بين عليه السلم بان المحرج هو الذى يذم أهل الصلح عند المام ويشهد
عليهم بفساد وهو كاذب في ذلك فيثبت ذلك بظاهر حكم الشريعة عند
المام فيلزم المام أن يلعنهم فإذا لعنهم .وهم غير مستحقين لذلك تصير
اللعنة عليهم رحمة وترجع اللعنة إلى الواشى الكاذب الذى ألجأ المام إلى
ذلك ،أو المراد أنه ينسب الواشى إلى أهل الصلح عند المام شيئا
بمحضر جماعة يتقى منهم المام فيضطر المام إلى أن يلعن من نسب
إليه ذلك تقية ،ويحتمل أن يكون المراد أن محرج المام هو من يسعى
بأهل الصلح إلى أئمة الجور ويجعلهم معروفين عند أئمة الجور بالتشيع
فيلزم أئمة الحق لرفع الضرر عن أنفسهم وعن أهل الصلح أن يلعنوهم
ويتبرؤوا منهم فيصير اللعنة إلى الساعين وأئمة الجور معا وعلى هذا
المراد باعدء ال أئمة الجور .وقوله " :إذا - - -
][219
فإن محرج المام هو الذي يسعى بأهل الصلح من أتباع المام ،المسلمين لفضله
الصابرين على أداء حقه ،العارفين بحرمته ،واعلموا أنه من نزل بذلك
المنزل عند المام فهو محرج المام فإذا فعل ذلك عند المام أحرج المام
إلى أن يلعن أهل الصلح من أتباعه من المسلمين لفضله ،الصابرين على
أداء حقه ،العارفين بحرمته فإذا لعنهم لحراج أعداء ال المام صارت
لعنته رحمة من ال عليهم وصارت اللعنة من ال ومن ملئكته ورسله
على اولئك .واعلموا أيتها العصابة إن السنة من ال قد جرت في
الصالحين قبل ،وقال :من سره أن يلقى ال وهو مؤمن حقا ]حقا[ فليتول
ال ورسوله والذين آمنوا وليبرء إلى ال من عدوهم ،ويسلم لما انتهى
إليه من فضلهم لن فضلهم ل يبلغه ملك مقرب ول نبي مرسل ول من دون
ذلك ،ألم تسمعوا ما ذكر ال من فضل أتباع الئمة الهداة وهم المؤمنون
قال " :اولئك مع الذين أنعم ال عليهم من النبيين والصديقين والشهداء
والصالحين وحسن اولئك رفيقا ) " (1فهذا وجه من وجوه فضل أتباع
الئمة فكيف بهم وفضلهم ،ومن سره أن يتم ال له إيمانه حتى يكون
مؤمنا حقا حقا فليف ل بشروطه التي اشترطها على المؤمنين فإنه قد
اشترط مع وليته وولية رسوله وولية أئمة المؤمنين إقام الصلة وإيتاء
الزكاة وإقراض ال قرضا حسنا واجتناب الفواحش ما ظهر منها وما بطن،
فلم يبق شئ مما فسر مما حرم ال إل وقد دخل في جملة قوله ) .(2فمن
دان ال فيما بينه وبين ال مخلصا ل ولم يرخص لنفسه في ترك شئ من
هذا فهو عند ال في حزبه الغالبين ،وهو من
- - - -فعل ذلك عند المام " يؤيد المعنى الول .هذه من الوجوه التى خطر بالبال
وال أعلم ومن صدر عنه صلوات ال عليه انتهى (1) .النساء(2) .69 :
أي في الفواحش .فقوله " اجتناب الفواحش " يشمل اجتناب جميع
المحرمات وقوله " فمن دان ال " أي عبد ال فيما بينه وبين ربه أي
مختفيا .ول ينظر إلى غيره ،ول يلتفت إلى من سواه.
][220
المؤمنين حقا .وإياكم والصرار على شئ مما حرم ال في ظهر القرآن وبطنه وقد
قال ال تعالى " :ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون )) " (1إلى ههنا
رواية قاسم بن -الربيع( ) (2يعني المؤمنين قبلكم إذا نسوا شيئا مما
اشترط ال في كتابه عرفوا أنهم قد عصوا في تركهم ذلك الشئ فاستغفروا
ولم يعودوا إلى تركه فذلك معنى قول ال عزوجل " :ولم يصروا على ما
فعلوا وهم يعلمون " .واعلموا أنه إنما أمر ونهى ليطاع فيما أمر به
ولينتهي عما نهى عنه ،فمن اتبع أمره فقد أطاعه وقد أدرك كل شئ من
الخير عنده ،ومن لم ينته عما نهى ال عنه فقد عصاه ،فإن مات على
معصيته أكبه ال على وجهه في النار .واعلموا أنه ليس بين ال وبين أحد
من خلقه ملك مقرب ول نبي مرسل ول من دون ذلك من خلقه كلهم إل
طاعتهم له ،فاجتهدوا في طاعة ال إن سركم أن تكونوا مؤمنين حقا حقا،
ول قوة إل بال .وقال عليه السلم :وعليكم بطاعة ربكم ما استطعتم فإن
ال ربكم .واعلموا أن السلم هو التسليم والتسليم هو السلم ،فمن سلم
فقد أسلم ،ومن لم يسلم فل إسلم له ،ومن سره أن يبلغ إلى نفسه في
الحسان فليطع ال فانه من أطاع ال فقد أبلغ إلى نفسه في الحسان،
وإياكم ومعاصي ال أن تركبوها فانه من انتهك معاصي ال فركبها فقد
أبلغ في الساءة إلى نفسه وليس بين الحسان والساءة منزلة ،فلهل
الحسان عند ربهم الجنة ،ولهل الساءة عند ربهم النار ،فاعملوا بطاعة
ال واجتنبوا معاصيه ،اعلموا أنه ليس يغني عنكم من ال أحد من خلقه
شيئا ،ل ملك مقرب ول نبي مرسل ول من دون ذلك ،فمن سره أن تنفعه
شفاعة الشافعين عند ال فليطلب إلى ال أن يرضى عنه.
) (1آل عمران (2) .145 :أي ما يذكر بعده لم يكن في رواية القاسم بل كان في
رواية حفص و اسماعيل.
][221
) (1النساء (2) .145 :الفرق -محركة :-الخوف وفى أكثر النسخ " ل يعرفن ".
) (3النساء.88 :
][222
" أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الرض أم نجعل المتقين
كالفجار ) " (1أكرموا أنفسكم عن أهل الباطل ول تجعلوا ال تبارك وتعالى
-وله المثل العلى -وإمامكم ودينكم الذي تدينون به عرضة ) (2لهل
الباطل فتغضبوا ال عليكم فتهلكوا .فمهل مهل يا أهل الصلح ل تتركوا
أمر ال وأمر من أمركم بطاعته فيغير ال ما بكم من نعمة ،أحبوا في ال
من وصف صفتكم ،وأبغضوا في ال من خالفكم ،وابذلوا مودتكم
ونصيحتكم ]لمن وصف صفتكم[ ول تبتذلوها لمن رغب عن صفتكم
وعاداكم عليها وبغا ]ل[ كم الغوائل هذا أدبنا أدب ال فخذوا به وتفهموه
واعقلوه ول تنبذوه وراء ظهوركم ،ما وافق هداكم أخذتم به وما وافق
هواكم طرحتموه ولم تأخذوا به .وإياكم والتجبر على ال ،واعلموا أن عبدا
لم يبتل بالتجبر على ال إل تجبر على دين ال ،فاستقيموا ل ول ترتدوا
على أعقابكم فتنقلبوا خاسرين أجارنا ال وإياكم من التجبر على ال ،ول
قوة لنا ولكم إل بال .وقال عليه السلم :إن العبد إذا كان خلقه ال في
الصل -أصل الخلق -مؤمنا لم يمت حتى يكره ال إليه الشر ويباعده عنه
ومن كره ال إليه الشر وباعده عنه عافاه ال من الكبر أن يدخله والجبرية
فلنت عريكته ،وحسن خلقه ،وطلق وجهه ،وصار عليه وقار السلم
وسكينته وتخشعه ،وورع عن محارم ال ،واجتنب مساخطه ،ورزقه ال
مودة الناس ومجاملتهم ،وترك مقاطعة الناس والخصومات ولم يكن منها
ول من أهلها في شئ ،وإن العبد إذا كان ال خلقه في الصل -أصل الخلق
-كافرا ) (3لم يمت حتى يحبب إليه الشر ،ويقر به منه ،فإذا حبب إليه
) (1ص (2) .28 :العرضة :الحيلة (3) .ظاهر هذا الكلم هو الجبر الباطل في
مذهب أهل البيت عليهم السلم وسلب الختيار ومخالف لصريح القرآن
قوله تعالى " :فطرة ال التى فطر الناس عليها ل تبديل لخلق ال "
فيجب تأويله أو التوقف ورد علمه إلى أهله.
][223
الشر وقربه منه ابتلى بالكبر والجبرية ) (1فقسا قلبه وساء خلقه ،وغلظ وجهه،
وظهر فحشه وقل حياؤه ،وكشف ال سره ،وركب المحارم فلم ينزع عنها،
وركب معاصي ال وأبغض طاعته وأهلها فبعد ما بين حال المؤمن وحال
الكافر .سلوا ال العافية واطلبوها إليه ول حول ول قوة إل بال ،صبروا
النفس على البلء في الدنيا فإن تتابع البلء فيها والشدة في طاعة ال
ووليته وولية من أمر بوليته خير عاقبة عند ال في الخرة من ملك
الدنيا وإن طال تتابع نعيمها وزهرتها وغضارة عيشها في معصية ال
وولية من نهى ال عن وليته وطاعته فإن ال أمر بولية الئمة الذين
سماهم ال في كتابه في قوله " :وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا ) " (2وهم
الذين أمر ال بوليتهم وطاعتهم ،والذين نهى ال عن وليتهم وطاعتهم
وهم أئمة الضللة الذين قضى ال أن يكون لهم دول في الدنيا على أولياء
ال الئمة من آل محمد يعملون في دولتهم بمعصية ال ومعصية رسوله
ليحق عليهم كلمة العذاب ،وليتم ) (3أن تكونوا مع نبي ال محمد صلى ال
عليه وآله والرسل من قبله ،فتدبروا ما قص ال عليكم في كتابه مما ابتلى
به أنبياءه وأتباعهم المؤمنين ،ثم سلوا ال أن يعطيكم الصبر على البلء
في السراء والضراء والشدة والرخاء مثل الذي أعطاهم ،وإياكم ومماظة
أهل الباطل وعليكم بهدى الصالحين ووقارهم وسكينتهم وحلمهم وتخشعهم
وورعهم عن محارم ال وصدقهم ووفائهم واجتهادهم ل في العمل
بطاعته ،فانكم إن لم تفعلوا ذلك لم تنزلوا عند ربكم منزلة الصالحين قبلكم.
واعلموا أن ال إذا أراد بعبد خيرا شرح صدره للسلم فإذا أعطاه ذلك
أنطق لسانه بالحق وعقد قلبه عليه فعمل به ،فإذا جمع ال له ذلك تم له
إسلمه وكان عند ال إن مات على ذلك الحال من المسلمين حقا ،وإذا لم
يرد ال تعالى بعبد
) (1الجبرية -بكسر الجيم والراء وسكون الباء .وبكسر الباء أيضا وبفتح الجيم
وسكون الباء :-التكبر .والعريكة :الطبيعة (2) .النبياء (3) .73 :هذا
موضع آخر من مواضع الختلف في النسخ وفى النسخة التى أشرنا
إليها هكذا " وليتم أمر ال فيهم الذى خلقهم له في الصل " إلى آخر ما
مر في ص (*) .213
][224
خيرا وكله إلى نفسه ،وكان صدره صيقا حرجا فإن جرى على لسانه حق لم يعقد
قلبه عليه ،وإذا لم يعقد قلبه عليه لم يعطه ال العمل به ،فإذا اجتمع ذلك
عليه حتى يموت وهو على تلك الحال كان عند ال من المنافقين ،وصار ما
جرى على لسانه من الحق الذي لم يعطه ال أن يعقد قلبه عليه ولم يعطه
العمل به حجة عليه ،فاتقوا ال وسلوه أن يشرح صدوركم للسلم وأن
يجعل ألسنتكم تنطق بالحق حتى يتوفاكم وأنتم على ذلك وأن يجعل منقلبكم
منقلب الصالحين قبلكم ،ول قوة إل بال ،والحمد ل رب العالمين .من سره
أن يعلم أن ال يحبه فليعمل بطاعة ال وليتبعنا ،ألم يستمع قول ال
عزوجل لنبيه صلى ال عليه وآله " :قل إن كنتم تحبون ال فاتبعوني
يحببكم ال ويغفر لكم ذبوبكم ) " (1وال ل يطيع ال عبد أبدا إل أدخل ال
عليه في طاعته اتباعنا ،ول وال ل يتبعنا عبد أبدا إل أحبه ال ،ول وال
ل يدع أحد اتباعنا أبدا إل أبغضنا ،ول وال ل يبغضنا أحد أبدا إل عصى
ال ،ومن مات عاصيا ل أخزاه ال وأكبه على وجهه في النار ،والحمد ل
رب العالمين - 94 .كا ) (2عن علي بن محمد ،عمن ذكره ،عن محمد بن
الحسين ،وحميد بن زياد ،عن الحسن بن محمد الكندي جميعا ،عن أحمد
بن الحسن الميثمي ،عن رجل من أصحابه قال :قرأت جوابا من أبي عبد
ال عليه السلم إلى رجل من أصحابه :أما بعد فإني اوصيك بتقوى ال فإن
ال قد ضمن لمن اتقاه أن يحوله عما يكره إلى ما يحب ويرزقه من حيث ل
يحتسب ،فإياك أن تكون ممن تخاف على العباد من ذنوبهم ،ويأمن العقوبة
من ذنبه فإن ال عزوجل ل يخدع عن جنته ،ول ينال ما عنده إل بطاعته
إن شاء ال - 95 .كا ) :(3عن علي ،عن أبيه ،عن القاسم بن محمد ،عن
سليمان بن -
) (1آل عمران (2) .31 :الكافي ج 8ص .49تحت رقم (3) .9المصدر :ج 8ص
128تحت رقم .98
][225
داود المنقري ،عن حفص بن غياث ،عن أبى عبد ال عليه السلم قال :قال :إن
قدرتم أن ل تعرفوا فافعلوا ،وما عليك إن لم يثن الناس عليك أن تكون
مذموما عند الناس إذا كنت محمودا عند ال تبارك وتعالى ،إن أمير
المؤمنين عليه السلم كان يقول " :ل خير في الدنيا إل لجد رجلين :رجل
يزداد فيها كل يوم إحسانا ،ورجل يتدارك منيته بالتوبه ،وأنى له بالتوبة،
فوال أن لو سجد حتى ينقطع عنقه ما قبل ال عزوجل منه عمل إل
بوليتنا أهل البيت ،أل ومن عرف حقنا أو رجا الثواب بنا ،ورضي بقوته
نصف مد كل يوم ،وما يستر به عورته ،وما أكن به رأسه وهم مع ذلك
وال خائفون وجلون ودوا أنه حظهم من الدنيا ) (1وكذلك وصفهم ال
عزوجل حيث يقول " :والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة ) " (2وما
الذي أتوا به أتوا وال بالطاعة مع المحبة والولية وهم في ذلك خائفون
أل يقبل منهم ،وليس وال خوفهم خوف شك فيما هم فيه من إصابة الدين،
ولكنهم خافوا أن يكونوا مقصرين في محبتنا وطاعتنا .ثم قال :إن قدرت
على أن ل تخرج من بيتك فافعل فإن عليك في خروجك أن ل تغتاب ول
تكذب ول تحسد ول ترائي ول تصنع ول تداهن .ثم قال ،نعم صومعة
المسلم بيته يكف فيه بصره ولسانه ونفسه وفرجه ،إن من عرف نعمة ال
بقلبه استوجب المزيد من ال عزوجل قبل أن يظهر شكرها على لسانه
ومن ذهب يرى أن له على الخر فضل فهو من المستكبرين ،فقلت له :إنما
يرى أن له عليه فضل بالعافية إذ رآه مرتكبا للمعاصي ؟ فقال :هيهات
هيهات فلعله أن يكون قد غفر له ما أتى وأنت موقوف تحاسب أما تلوت
قصة سحرة موسى عليه السلم ؟ .ثم قال :كم من مغرور بما قد أنعم ال
عليه ،وكم من مستدرج بستر ال عليه ،وكم من مفتون بثناء الناس عليه،
ثم قال :إني لرجو النجاة
) (1أي هم راضون بما قدر لهم من التقية في الدنيا ول يريدون أكثر من ذلك حذرا
من أن يصير سببا لطغيانهم )منه رحمه ال( (2) .المؤمنون.60 :
][226
لمن عرف حقنا من هذه المة إل لحد ثلثة :صاحب سلطان جائر ،وصاحب هوى،
والفاسق المعلن .ثم قال " :قل إن كنتم تحبون ال فاتبعوني يحببكم ال "
) (1ثم قال :يا حفص الحب أفضل من الخوف ،ثم قال :وال ما أحب ال
من أحب الدنيا ووالى غيرنا ،ومن عرف حقنا وأحبنا فقد أحب ال تبارك
وتعالى .فبكى رجل فقال :أتبكي لو أن أهل السماوات والرض كلهم
اجتمعوا يتضرعون إلى ال عزوجل أن ينجيك من النار ويدخلك الجنة لم
يشفعوا فيك ]ثم كان لك قلب حي لكنت أخوف الناس ل عزوجل في تلك
الحال[ .ثم قال :يا حفص كن ذنبا ول تكن رأسا ،يا حفص قال رسول ال
صلى ال عليه وآله " :من خاف ال كل لسانه " .ثم قال :بينا موسى بن
عمران يعظ أصحابه إذ قام رجل فشق قميصة فأوحى ال عزوجل إليه يا
موسى قل له :ل تشق قميصك ولكن اشرح لي عن قلبك .ثم قال :مر
موسى بن عمران عليه السلم برجل من أصحابه وهو ساجد فانصرف من
حاجته وهو ساجد على حاله ،فقال له موسى عليه السلم :لو كانت حاجتك
بيدي لقضيتها لك ،فأوحى ال عزوجل إليه يا موسى لو سجد حتى ينقطع
عنقه ما قبلته حتى يتحول عما أكره إلى ما احب - 96 .د ) :(2قال السفيان
الثوري للصادق عليه السلم :ل أقوم حتى تحدثني فقال عليه السلم له:
أما إني احدثك وما كثرة الحديث لك بخير ،يا سفيان إذا أنعم ال عليك
بنعمة فأحببت بقاءها ودوامها فأكثر من الحمد والشكر عليها ،فإن ال
عزوجل قال في كتابه " لئن شكرتم لزيدنكم " ) (3فإذا استبطأت الرزق
فأكثر من الستغفار فإن ال تعالى قال " :استغفروا ربكم إنه كان غفارا.
يرسل السماء عليكم مدارا .ويمددكم
) (1آل عمران (2) .31 :العدد القوية ،مخطوط (3) .ابراهيم.7 :
][227
بأموال وبنين )يعني في الدنيا( ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ) " (1يعني في
الخرة ،يا سفيان إذا حزنك أمر من سلطان أو غيره فأكثر من قول :ل
حول ول قوة إل بال ،فإنها مفتاح الفرج ،وكنز من كنوز الجنة ،فعقد
سفيان بيده وقال :ثلثا وأي ثلث ،قال مولنا الصادق عليه السلم :عقلها
وال ولينفعنه بها) 97 .ين ) :(2عن فضالة ،عن أبي المغرا ،عن زيد
الشحام ،عن عمرو بن سعيد بن هلل قال :قلت لبي عبد ال عليه السلم:
إني ل ألقاك إل في السنين فأوصني بشئ حتى آخذ به قال :اوصيك بتقوى
ال والورع والجتهاد ،وإياك أن تطمع إلى من فوقك ،وكفى بما قال ال
عزوجل لرسوله " :ول تعجبك أموالهم ول أولدهم ) " (3وقال " :ول
تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا منهم زهرة الحيوة الدنيا ) " (4فإن
خفت شيئا من ذلك فاذكر عيش رسول ال صلى ال عليه وآله فإنما كان
قوته من الشعير ،وحلواؤه من التمرو وقيده من السعف إذا وجده ) (5إذا
أصبت بمصيبة في نفسك أو مالك أو ولدك فاذكر مصائبك برسول ال صلى
ال عليه وآله فإن الخلئق لم يصابوا بمثله قط - 98 .ين :عن فضالة ،عن
الفضيل بن عثمان ،عن أبي عبد ال عليه السلم قال :قلت له :أوصني
قال :اوصيك بتقوى ال ،وصدق الحديث ،وأداء المانة ،وحسن الصحابة
لمن صحبك ،وإذا كان قبل طلوع الشمس وقبل الغروب فعليك بالدعاء
واجتهد ول تمتنع من شئ تطله من ربك ،ول تقول هذا مال أعطاه ،وداع
فإن ال يفعل ما يشاء - 99 .ين :عن فضالة ،عن بشر الهذلي ،عن عجلن
أبي صالح قال :قال أبو عبد ال عليه السلم :أنصف الناس من نفسك.
وواسهم من مالك ،وارض لهم بما ترضى
) (1نوح (2) .12 - 10 :مخطوط (3) .التوبة (4) .87 :طه (5) .131 :الوقيد
والوقاد والوقود كلها بمعنى ،يعني ما توقد به النار.
][228
لنفسك ،واذكر ال كثيرا ،وإياك والكسل والضجر ،فإنك إذا كسلت لم تؤد إلى ال
حقه ،وإذا ضجرت لم تؤد إلى أحد حقه - 100 .من خط الشهيد رحمه ال
قيل للصادق عليه السلم :على ما ذا بنيت أمرك ؟ فقال :على أربعة أشياء:
علمت أن عملي ل يعمله غيري فاجتهدت ،وعلمت أن ال عزوجل مطلع
علي فاستحييت ،وعلمت أن رزقي ل يأكله غيري فاطمأننت ،وعلمت أن
آخر أمري الموت فاستعددت - 101 .وقال عليه السلم :إذا أراد ال بعبد
خزيا أجرى فضيحته على لسانه - 102 .الدرة الباهرة (1) :قال الصادق
عليه السلم :من كان الحزم حارسه ،والصدق جليسه ،عظمت بهجته،
وتمت مروته ،ومن كان الهوى مالكه ،والعجز راحته ،عاقاه عن السلمة،
وأسلماه إلى الهلكة - 103 .وقال عليه السلم :جاهل سخي أفضل من
ناسك بخيل - 104 .وقال عليه السلم :اللهم إنك بما أنت له أهل من العفو
أولى بما أنا له أهل من العقوبة - 105 .وقال عليه السلم :من سئل فوق
قدره استحق الحرمان ،العز أن تذل للحق ،إذا لزمك ،من أمك فأكرمه،
ومن استخف بك فأكرم نفسك عنه ،أولى الناس بالعفو أقدرهم على
العقوبة ،وأنقص الناس عقل من ظلم دونه ،ولم يصفح عمن اعتذر إليه،
حشمة النقباض أبقى للعرض وانس التلفي ) ،(2الهوى يقظان والعقل
نائم ،ل تكونن أول مشير ،وإياك والرأي الفطير ،وتجتنب ارتجال الكلم
مروة الرجل في نفسه نسب لعقبه وقبيلته - 106 .وقيل في مجلسه عليه
السلم :جاور ملكا أو بحرا فقال :هذا كلم محال ،والصواب ل تجاور ملكا
ول بحرا لن الملك يؤذيك ،والبحر ل يرويك ،إذا كان يوم القيامة وجمع
ال الخلئق سألهم عما عهد إليهم ولم يسألهم عما قضى عليهم -قاله في
القضاء والقدر .-من أمل رجل هابه ،ومن قصر عن شئ عابه.
- 107ف ) (1ومن كلمه عليه السلم سماه بعض الشيعة نثر الدرر- 1 :
الستقصاء فرقة النتقاد عداوة ،قلة الصبر فضيحة ،إفشاء السر سقوط،
السخاء فطنة ،اللوم تغافل - 2 .ثلثة من تمسك بهن نال من الدنيا والخرة
بغيته ) :(2من اعتصم بال ،ورضي بقضاء ال ،وأحسن الظن بال- 3 .
ثلثة من فرط فيهن كان محروما :استماحة جواد ،ومصاحبة عالم،
واستمالة سلطان - 4 .ثلثة تورث المحبة :الدين ،والتواضع ،والبذل- 5 .
من برئ من ثلثة نال ثلثة :من برئ من الشر نال العز ،ومن برئ من
الكبر نال الكرامة ،ومن برئ من البخل نال الشرف - 6 .ثلثة مكسبة
للبغضاء :النفاق .والظلم .والعجب - 7 .ومن لم تكن فيه خصلة من ثلثة لم
يعد نبيل ) :(3من لم يكن له عقل يزينه أو جدة تغنيه ) (4أو عشيرة
تعضده - 8 .ثلثة تزري بالمرء ) :(5الحسد .والنميمة .والطيش- 9 .
ثلثة ل تعرف إل في ثلث مواطن :ل يعرف الحليم إل عند الغضب .ول
الشجاع إل عند الحرب .ول أخ إل عند الحاجة - 10 .ثلث من كن فيه فهو
منافق وإن صام وصلى :من إذا حدث كذب .وإذا وعد أخلف .وإذا ائتمن
خان - 11 .احذر من الناس ثلثة :الخائن .والظلوم .والنمام ،لن من خان
) (1التحف (2) .315 :البغية :ما يرغب فيه ويطلب أي المطلوب (3) .النبيل:
ذوالنجابة (4) .الجدة -مصدر وجد يجد ،كعدة :-الغنى والقدرة(5) .
ازرى به :عابه ووضعه من حقه .والطيش :النزق والخفة.
][230
لك خانك ،ومن ظلم لك سيظلمك .ومن نم إليك سينم عليك - 12 .ل يكون المين
أمينا حتى يؤتمن على ثلثة فيؤديها :على الموال والسرار والفروج.
وإن حفظ اثنين وضيع واحدة فليس بأمين - 13 .ل تشاور أحمق ،ول
تستعن بكذاب ،ول تثق بمودة ملوك ،فان الكذاب يقرب لك البعيد ويبعد لك
القريب ،والحمق يجهد لك نفسه ول يبلغ ما تريد والملوك أوثق ما كنت به
خذلك ،وأوصل ما كنت له قطعك - 14 .أربعة ل تشبع من أربعة :أرض من
مطر ،وعين من نظر ،وانثى من ذكر ،وعالم من علم - 15 .أربعة تهرم
قبل أوان الهرم :أكل القديد ،والقعود على النداوة ،والصعود في الدرج.
ومجامعة العجوز ) - 16 .(1النساء ثلث :فواحدة لك ،وواحدة لك وعليك.
وواحدة عليك ل لك ،فأما التي هي لك فالمرأة العذراء ،وأما التي هي لك
وعليك فالثيب .وأما التي هي عليك للك فهي المتبع التي لها ولد من
غيرك - 17 .ثلث من كن فيه كان سيدا :كظم الغيظ ،والعفو عن المسيئ،
والصلة بالنفس والمال - 18 .ثلثة ل بد لهم من ثلث :لبد للجواد من
كبوة ،وللسيف من نبوة ،وللحليم من هفوة ) - 19 .(2ثلثة فيهن البلغة:
التقرب من معنى البغية ،والتبعد من حشو الكلم والدللة بالقليل على
الكثير - 20 .النجاة في ثلث :تمسك عليك لسانك .ويسعك بيتك .وتندم
على خطيئتك - 21 .الجهل في ثلث :في تبدل الخوان ،والمنابذة بغير
بيان ) (3والتجسس
) (1القديد :اللحم المقدد .يقال :قدداللحم أي جعله قطعا وجففه (2) .الكبوة:
السقطة ،المرة من كبا يكبو كبوا لوجهه :انكب على وجهه .ونبا ينبو
نبوة السيف :كل ولم يقطع .والهفوة :الزلة والسقطة (3) .المنابذة:
المخالفة والمفارقة ،يقال :نابذه أي خالفه وفارقه عن عداوة ولعل
المراد :المخالفة بل جهة وعلة.
][231
عما ل يعني - 22 .ثلث من كن فيه كن عليه :المكر .والنكث .والبغي .وذلك قول
ال " :ول يحيق المكر السيئ إل بأهله ) " ." (1فانظر كيف كان عاقبة
مكرهم إنا دمرناهم وقومهم أجمعين ) " (2وقال جل وعز " :ومن نكث
فإنما ينكث على نفسه ) ." (3وقال " :يا أيها الناس إنما بغيكم على
أنفسكم متاع الحيوة الدنيا ) - 23 .(4ثلث يحجزن المرء عن طلب
المعالي :قصر الهمة :وقلة الحيلة ،و ضعف الرأي - 24 .الحزم في ثلثة )
:(5الستخدام للسلطان ،والطاعة للوالد ،والخضوع للمولى - 25 .النس
في ثلث :في الزوجة الموافقة ،والولد البار ،والصديق المصافي )26 .(6
-من رزق ثلثا نال ثلثا وهو الغنى الكبر :القناعة بما اعطي ،واليأس
مما في أيدي الناس ،وترك الفضول - 27 .ل يكون الجواد جوادا إل بثلثة:
يكون سخيا بماله على حال اليسر والعسر ،وأن يبذله للمستحق ،ويرى أن
الذي أخذه من شكر الذي اسدي إليه ) (7أكثر مما أعطاه.
) (1فاطر .41 :ل يحيق أي ل يحيط (2) .النمل (3) .52 :الفتح (4) .10 :يونس:
(5) .24الحزم :ضبط الرجل أمره والحذر من فواته والخذ فيه بالثقة) .
(6صافى فلنا :أخلص له الود (7) .في بعض النسخ :يسدى إليه ".
][232
- 28ثلثة ل يعذر المرء فيها :مشاورة ناصح ،ومداراة حاسد ،والتحبب إلى
الناس - 29 .ل يعد العاقل عاقل حتى يستكمل ثلثا :إعطاء الحق من نفسه
على حال الرضا والغضب ،وأن يرضى للناس ما يرضى لنفسه ،واستعمال
الحلم عند العثرة - 30 (1) .ل تدوم النعم إل بعد ثلث ) :(2معرفة بما يلزم
ال سبحانه فيها ،وأداء شكرها ،ول يعيب فيها - 31 .ثلث من ابتلي
بواحدة منهن تمنى الموت :فقر متتابع ،وحرمة فاضحة ،وعدو غالب32 .
-من لم يرغب في ثلث ابتلي بثلث :من لم يرغب في السلمة ابتلي
بالخذلن ،ومن لم يرغب في المعروف ابتلي بالندامة .ومن لم يرغب في
الستكثار من الخوان ابتلي بالخسران - 33 .ثلث يجب على كل إنسان
تجنبها :مقارنة الشرار ،ومحادثة النساء ،ومجالسة أهل البدع- 34 .
ثلثة تدل على كرم المرء :حسن الخلق ،وكظم الغيظ ،وغض الطرف35 .
-من وثق بثلثة كان مغرورا :من صدق بما ل يكون ،وركن إلى من ل
يثق به ،وطمع في ما ل يملك - 36 .ثلثة من استعملها أفسد دينه ودنياه:
من ]أ[ ساء ظنه ،وأمكن من سمعه ،وأعطى قياده حليلته ) - 37 .(3أفضل
الملوك من اعطي ثلث خصال :الرأفة ،والجود والعدل.
) (1العثرة :الزلة .والسقطة (2) .في بعض النسخ " ال بثلث " (3) .القياد :حبل
يقاد به .والحليلة :الزوجة.
][233
- 38وليس يحب للملوك أن يفرطوا في ثلث ) :(1في حفظ الثغور ،وتفقد المظالم،
واختيار الصالحين لعمالهم - 39 .ثلث خلل ) (2تجب للملوك على
أصحابهم ورعيتهم :الطاعة لهم ،والنصيحة لهم في المغيب والمشهد،
والدعاء بالنصر والصلح - 40 .ثلثة تجب على السلطان للخاصة
والعامة :مكافأة المحسن بالحسان ليزدادوا رغبة فيه .وتغمد ذنوب
المسيئ ليتوب ويرجع عن غيه ) (3وتألفهم جميعا بالحسان والنصاف.
- 41ثلثة أشياء من احتقرها من الملوك وأهملها تفاقمت عليه :خامل
قليل الفضل شذ عن الجماعة ) ،(4وداعية إلى بدعة جعل جنته المر
بالمعروف والنهي عن المنكر ،وأهل بلد جعلوا لنفسهم رئيسا يمنع
السلطان من إقامة الحكم فيهم - 42 .العاقل ل يستخف بأحد .وأحق من ل
يستخف به ثلثة :العلماء ،والسلطان ،والخوان ،لنه من استخف بالعلماء
أفسد دينه ،ومن استخف بالسلطان أفسد دنياه ،ومن استخف بالخوان
أفسد مروته - 43 .وجدنا بطانة السلطان ثلث طبقات ) :(5طبقة موافقة
للخير وهي بركة عليها وعلى السلطان وعلى الرعية .وطبقة غايتها
المحاماة على ما في أيديها فتلك ل محمودة ول مذمومة ،بل هي إلى الدم
أقرب .وطبقة موافقة للشر وهي مشؤومة مذمومة عليها وعلى السلطان.
) (1يفرطوا فيه :يقصروا وأظهروا العجز فيه (2) .الخلل -بالكسر :-جمع خلة.
و -بالفتح :-الخصلة (3) .في بعض النسخ " عن عتبه " (4) .تفاقم
المر :عظم ولم يجر على استواء .والخامل :الساقط الذى ل نباهة له.
وشذ عنهم أي انفرد واعتزل (1) .البطانة :الخاصة.
][234
- 44ثلثة أشياء يحتاج الناس طرا إليها :المن والعدل والخصب ) - 45 .(1ثلثة
تكدر العيش :السلطان الجائر ،والجار السوء والمرأة البذية ) - 46 .(2ل
تطيب السكنى إل بثلث :الهواء الطيب ،والماء الغزير العذب ،والرض
الخوارة ) - 47 .(3ثلثة تعقب الندامة :المباهاة ،والمفاخرة ،والمعازة )
- 48 .(4ثلثة مركبة في بني آدم :الحسد ،والحرص ،والشهوة - 49 .من
كانت فيه خلة من ثلثة انتظمت فيه ثلثتها في تفخيمه وهيبته وجماله:
من كان له ورع ،أو سماحة ،أو شجاعة - 50 .ثلث خصال من رزقها كان
كامل :العقل ،والجمال ،والفصاحة - 51 .ثلثة تقضى لهم بالسلمة إلى
بلوغ غايتهم :المرأة إلى انقضاء حملها والملك إلى أن ينفد عمره،
والغائب إلى حين إيابه - 52 .ثلثة تورث الحرمان :اللحاح في المسألة،
والغيبة ،والهزء ) - 53 .(5ثلثة تعقب مكروها :حملة البطل ) (6في
الحرب في غير قرصة وإن رزق الظفر ،وشرب الدواء من غير علة وإن
سلم منه ،والتعرض للسلطان وإن ظفر الطالب بحاجته منه - 54 .ثلث
خلل يقول كل إنسان إنه على صواب منها :دينه الذي يعتقده ،وهواه الذي
يستعلى عليه ،وتدبيره في اموره.
) (1الخصب -بالكسر :-كثرة العشب والخير .وفى بعض النسخ " والخضب " أي
سفح الجبل وجانبه وصوت القوس .والول أظهر (2) .البذية :السفيه
والتى أفحش في منطقها (3) .الغزير :الكثير .وأرض خوارة :السهلة
اللينة (4) .المعازة :المعارضة في العز (5) .الهزء -بالفتح والضم :-
الستهزاء والستخفاف (6) .الحملة -بفتح فسكون ،-الكرة في الحرب.
][235
][236
- 63إن المرء يحتاج في منزله وعياله إلى ثلث خلل يتكلفها وإن لم يكن في
طبعه ذلك :معاشرة جميلة ،وسعة بتقدير .وغيرة بتحصن ) - 64 .(1كل
ذي صناعة مضطر إلى ثلث خلل يجتلب بها المكسب وهو :أن يكون
حاذقا بعمله ،مؤديا للمانة فيه ،مستميل لمن استعمله ) - 65 .(2ثلث من
ابتلي بواحدة منهن كان طائح العقل ) :(3نعمة مولية .وزوجة فاسدة ).(4
وفجيعة بحبيب - 66 .جبلت الشجاعة على ثلث طبائع ،لكل واحدة منهن
فضيلة ليست للخرى :السخاء بالنفس ،والنفة من الذل ) ،(5وطلب
الذكر ،فإن تكاملت في الشجاع كان البطل الذي ل يقام لسبيله ،والموسوم
بالقدام في عصره .وإن تفاضلت فيه بعضها على بعض كانت شجاعته في
ذلك الذي تفاضلت فيه أكثر وأشد إقداما - 67 .ويجب للوالدين على الولد
ثلثة أشياء :شكرهما على كل حال .وطاعتهما فيما يأمرانه وينهيانه عنه
في غير معصية ال .ونصيحتهما في السر والعلنية وتجب للولد على
والده ثلث خصال :إختياره لوالدته .وتحسين اسمه .والمبالغة في تأديبه )
- 68 .(6تحتاج الخوة فيما بينهم إلى ثلثة أشياء ،فإن استعملوها وإل
تباينوا وتباغضوا وهي :التناصف .والتراحم .ونفي الحسد ).(7
) (1في بعض النسخ " بحسن " أي تزين به أو صار حسنا (2) .أي عطوفا عليه.
واستماله :أماله واستعطفه (3) .طاح يطوح وطاح يطيح :تاه وأشرف
على الهلك (4) .في بعض النسخ " مفسدة " (5) .النفة :اسم من أنف
-كتعب :-كرهه وترفع وتنزه عنه (6) .في بعض نسخ المصدر " وتجب
للولد على والدته ثلث خصال " (7) .يقال :تناصفوا أي أنصف بعضهم
بعضا .وتراحموا :رحم بعضهم بعضا.
][237
- 69إذا لم تجتمع القرابة على ثلثة أشياء تعرضوا لدخول الوهن عليهم وشماتة
العداء بهم وهي :ترك الحسد فيما بينهم ،لئل يتحزبوا فيتشتت أمرهم.
والتواصل ليكون ذلك حاديا ) (1لهم على اللفة ،والتعاون لتشملهم العزة.
- 70ل غنى بالزوج عن ثلثة أشياء فيما بينه وبين زوجته وهي الموافقة
ليجتلب بها موافقتها ومحبتها وهواها ،وحسن خلقة معها ،واستعماله
استمالة قلبها بالهيئة الحسنة في عينها ،وتوسعته عليها .ول غنى
بالزوجة فيما بينها وبين زوجها الموافق لها عن ثلث خصال وهن:
صيانة نفسها عن كل دنس حتى يطمئن قلبه إلى الثقة بها في حال
المحبوب والمكروه ،وحياطته ) (2ليكون ذلك عاطفا عليها عند زلة تكون
منها ،وإظهار العشق له بالخلبة ) (3والهيئة الحسنة لها في عينه- 71 .
ل يتم المعروف إل بثلث خلل :تعجيله ،وتقليل كثيره ،وترك المتنان به.
- 72والسرور في ثلث خلل :في الوفاء ،ورعاية الحقوق ،والنهوض
في النوائب - 73 .ثلثة يستدل بها على إصابة الرأي ) :(4حسن اللقاء،
وحسن الستماع ،وحسن الجواب - 74 .الرجال ثلثة :عاقل .وأحمق.
وفاجر ،فالعاقل إن كلم أجاب وإن نطق أصاب ،وإن سمع وعى .الحمق إن
تكلم عجل ،وإن حدث ذهل وإن حمل على القبيح فعل .والفاجر إن ائتمنته
خانك وإن حدثته شأنك.
) (1أي يحدوهم ويسيرهم .ويحتمل أن يكون " هاديا " .وقد يقرء في بعض النسخ
" حاويا " (2) .حاطه حياطة :حفظه وتعهده (3) .الخلبة -بكسر الخاء
:-الحذيعة باللسان أو بالقول الطيب (4) .كذا .والظاهر " أصالة الرأى
"(*) .
][238
- 75الخوان ثلثة :فواحد كالغذاء الذي يحتاج إليه كل وقت فهو العاقل .والثاني
في معنى الداء وهو الحمق .والثالث في معنى الدواء فهو اللبيب- 76 .
ثلثة أشياء تدل على عقل فاعلها :الرسول على قدر من أرسله ،والهدية
على قدر مهديها ،والكتاب على قدر ]عقل[ كاتبه - 77 .العلم ثلثة :آية
محكمة ،وفريضة عادلة ،وسنة قائمة - 78 .الناس ثلثة :جاهل يأبى أن
يتعلم ،وعالم قد شفه علمه ،وعاقل يعمل لدنياه وآخرته ) - 79 .(1ثلثة
ليس معهن غربة :حسن الدب ،وكف الذى ،ومجانبة الريب - 80 .اليام
ثلثة :فيوم مضى ل يدرك ،ويوم الناس فيه ،فينبغي أن يغتنموه .وغدا إنما
في أيديهم أمله ) - 81 .(2من لم تكن فيه ثلث خصال لم ينفعه اليمان:
حلم يرد به جهل الجاهل .وورع يحجزه عن طلب المحارم .وخلق يداري به
الناس - 82 .ثلث من كن فيه استكمل اليمان ،من إذا غضب لم يخرجه
غضبه من الحق .وإذا رضي لم يخرجه رضاه إلى الباطل .ومن إذا قدر
عفا - 83 .ثلث خصال يحتاج إليها صاحب الدنيا :الدعة من غير توان )
(3والسعة مع قناعة .والشجاعة من غير كسلن - 84 .ثلثة أشياء ل
ينبغي للعاقل أن ينساهن على كل حال :فناء الدنيا وتصرف الحوال.
والفات التي ل أمان لها - 85 .ثلثة أشياء ل ترى كاملة في واحد قط:
اليمان .والعقل .والجتهاد.
) (1في بعض النسخ " للدنيا والخرة " .وشفه :هزله ،رقه ،أوهنه (2) .قال بعض
الشعراء :ما فات مضى وما سيأتيك فأين * قم فاغتنم الفرصة بين
العدمين ) (3أي من غير فتور ،والدعة :خفض العيش والراحة.
][239
- 86الخوان ثلثة :مواس بنفسه .وآخر مواس بماله وهما الصادقان في الخاء.
وآخر يأخذ منك البلغة ) (1ويريدك لبعض اللذة ،فل تعده من أهل الثقة.
- 87ل يستكمل عبد حقيقة اليمان حتى تكون فيه خصال ثلث :الفقة في
الدين ،وحسن النقدير في المعيشة ،والصبر على الرزايا .ول قوة إل بال
العلي العظيم - 108 .ف ) :(2وروي عنه عليه السلم في قصار هذه
المعاني - 1 :قال صلوات ال عليه :من أنصف الناس من نفسه رضي به
حكما لغيره - 2 .وقال عليه السلم :إذا كان الزمان زمان جوز وأهله أهل
غدر فالطمأنينة إلى كل أحد عجز ) - 3 .(3وقال عليه السلم :إذا اضيف
البلء كان من البلء عافية - 4 .وقال عليه السلم :إذا أردت أن تعلم صحة
ما عند أخيك فاغضبه فإن ثبت لك على المودة فهو أخوك وإل فل- 5 .
وقال عليه السلم :ل تعتد بمودة أحد حتى تغضبة ثلث مرات - 6 .وقال
عليه السلم :ل تثقن بأخيك كل الثقة ،فإن صرعة السترسال ل تستقال )
- 7 .(4وقال عليه السلم :السلم درجة ،واليمان على السلم درجة،
واليقين
) (1أي ما يبلغه ويكفيه (2) .التحف ص (3) .357في بعض النسخ " فل طمأنينة
إلى كل أحد " (4) .الصرعة -بالفتح :المرة من صرع - .وبالضم -
المبالغ في الصرع أي من يصرعه الناس كثيرا .والسترسال :الطمأنينة
والستيناس إلى الغير والثقة فيما يحدثه وأصل السترسال :السكون
والثبات .وقد مضى نظير هذا الكلم فيما تقدم .وفى بعض نسخ الحديث "
فان سرعة السترسال ".
][240
على اليمان درجة ) .(1وما أوتي الناس أقل من اليقين - 8 .وقال عليه السلم:
إزالة الجبال أهون من إزالة قلب عن موضعه - 9 .وقال عليه السلم:
اليمان في القلب واليقين خطرات - 10 .وقال عليه السلم :الرغبة في
الدنيا تورث الغم والحزن ) (2والزهد في الدنيا راحة القلب والبدن- 11 .
وقال عليه السلم :من العيش دار يكرى ،خبز يشرى - 12 .وقال عليه
السلم لرجلين تخاصما بحضرته :أما إنه لم يظفر بخير من ظفر بالظلم.
ومن يفعل السوء بالناس فل ينكر السوء إذا فعل به - 13 .وقال عليه
السلم :التواصل بين الخوان في الحضر التزاور ،والتواصل في السفر
المكاتبة - 14 .وقال عليه السلم :ل يصلح المؤمن إل على ثلث خصال:
التفقه في الدين ،وحسن التقدير في المعيشة ،والصبر على النائبة- 15 .
وقال عليه السلم :المؤمن ل يغلبه فرجه ،ول يفضحه بطنه - 16 .وقال
عليه السلم :صحبة عشرين سنة قرابة - 17 .وقال عليه السلم :ل تصلح
الصنيعة إل عند ذي حسب أو دين ،وما أقل من يشكر المعروف- 18 .
وقال عليه السلم :إنما يؤمر بالمعروف وينهى عن المنكر مؤمن فيتعظ،
أو جاهل فيتعلم .فأما صاحب سوط وسيف فل ) - 19 .(3وقال عليه
السلم :إنما يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر من كانت فيه ثلث خصال:
عالم بما يأمر ،عالم بما ينهى .عادل فيما يأمر ،عادل فيما ينهى ،رفيق بما
يأمر ،رفيق بما ينهى.
) (1كذا وفى الكافي " والتقوى على اليمان درجة واليقين على التقوى درجة ") .
(2في بعض النسخ " تورث النقم والحزن " (3) .لنه ل يؤثر فيهما
كثيرا لنهما صاحبا قدرة وسلطنة ومغروران بما في أيديهما.
][241
- 20وقال عليه السلم :من تعرض لسلطان ) (1جائر فأصابته منه بلية لم يؤجر
عليها ولم يرزق الصبر عليها - 21 .وقال عليه السلم :إن ال أنعم على
قوم بالمواهب فلم يشكروه فصارت عليهم وبال ،وابتلى قوما بالمصائب
فصبروا فكانت عليهم نعمة - 22 .وقال عليه السلم :صلح حال التعايش
والتعاشر ملء مكيال ) (2ثلثاه فطنة ،وثلثه تغافل - 23 .وقال عليه
السلم :ما أقبح النتقام بأهل القدار ) - 24 .(3وقيل له :ما المروة ؟ فقال
عليه السلم :ل يراك ال حيث نهاك ،ول يفقدك من حيث أمرك - 25 .وقال
عليه السلم :اشكر من أنعم عليك ،وأنعم على من شكرك ،فإنه ل إزالة
للنعم إذا شكرت ،ول إقامة لها إذا كفرت .والشكر زيادة في النعم .وأمان
من الفقر - 26 .وقال عليه السلم :فوت الحاجة خير من طلبها من غير
أهلها ،وأشد من المصيبة سوء الخلق منها - 27 .وسأله رجل :أن يعلمه
ما ينال به خير الدنيا والخرة ول يطول عليه ) (4؟ فقال عليه السلم :ل
تكذب - 28 .وقيل له :ما البلغة ؟ فقال عليه السلم :من عرف شيئا قل
كلمه فيه ،وإنما سمي البليغ لنه يبلغ حاجته بأهون سعيه.
) (1أي تصدى لطلب فضله واحسانه (2) .في بعض النسخ " على مكيال "
وتعايش القوم :عاشوا مجتمعين على الفة ومودة وتعاشر القوم :تخالطوا
وتصاحبوا (3) .الظاهر أن المراد من يقدر عليهم الرزق والمعيشة أي
الضعفاء :والقدار :جمع قدر " (4) .ول يطول " بالتخيف أي ل يجعله
طويل بل مختصرا موجزا.
][242
- 29وقال عليه السلم :الدين غم بالليل ،وذل بالنهار - 30 .وقال عليه السلم ،إذا
صلح أمر دنياك فاتهم دينك - 31 .وقال عليه السلم :بروا آبائكم يبركم
أبناؤكم ،وعفوا عن نساء الناس تعف نساؤكم - 32 .وقال عليه السلم:
من ائتمن خائنا على أمانة لم يكن له على ال ضمان ) - 33 .(1وقال عليه
السلم :لحمران بن أعين :يا حمران انظر من هو دونك في المقدرة )(2
ول تنظر إلى من هو فوقك ،فإن ذلك أقنع لك بما قسم ال لك ،وأحرى أن
تستوجب الزيادة منه عزوجل .واعلم أن العمل الدائم القليل على اليقين
أفضل عند ال من العمل الكثير على غير يقين واعلم أنه ل ورع أنفع من
تجنب محارم ال ،والكف عن أذى المؤمنين واغتيابهم .ول عيش أهنأ من
حسن الخلق ،ول مال أنفع من القناعة باليسير المجزئ ،ول جهل أضر من
العجب - 34 .وقال عليه السلم :الحياء على وجهين فمنه ضعف ،ومنه
قوة وإسلم وإيمان - 35 .وقال عليه السلم :ترك الحقوق مذلة ،وإن
الرجل يحتاج إلى أن يتعرض فيها للكذب - 36 .وقال عليه السلم :إذا سلم
الرجل من الجماعة أجزأ عنهم .وإذا رد واحد من القوم أجزأ عنهم.
) (1الضمان -بالفتح :-ما يلتزم بالرد (2) .المقدرة -بتثليث الدال :-القوة
والغنى .وحمران -كسكران -وقيل - :كسبحان -ابن أعين كاحمد -
الشيباني الكوفى تابعي مشكور يكنى أبا الحسن وقيل :أبا حمزة من
أصحاب الصادقين بل من حواريهما عليهما السلم ولقى على بن الحسين
عليهما السلم وكان من أكابر مشايخ الشيعة المفضلين الذين ل يشك
فيهم ،وكان أحد حملة القرآن وقرأ على أبى جعفر الباقر عليه السلم
وقيل :أن حمزة أحد القراء السبعة قرأ عليه وكان عالما بالنحو واللغة.
][243
- 37وقال عليه السلم :السلم تطوع والرد فريضة ) - 38 .(1وقال عليه السلم:
من بدأ بكلم قبل سلم فل تجيبوه ) - 39 .(2وقال عليه السلم :إن تمام
التحية للمقيم المصافحة ،وتمام التسليم على المسافر المعانقة - 40 .وقال
عليه السلم :تصافحوا ،فانها تذهب بالسخيمة ) - 41 .(3وقال عليه
السلم :اتق ال بعض التقى وإن قل ،ودع بينك وبينه سترا وإن رق- 42 .
وقال عليه السلم :من ملك نفسه إذا غضب وإذا رغب وإذا رهب وإذا
اشتهى حرم ال جسده على النار - 43 .وقال عليه السلم :العافية نعمة
خفية ) (4إذا وجدت نسيت ،وإذا عدمت ذكرت - 44 .وقال عليه السلم:
ل في السراء نعمة التفضل ،وفي الضراء نعمة التطهر ) - 45 .(5وقال
عليه السلم :كم من نعمة ل على عبده في غير أمله ،وكم من مؤمل أمل
الخيار في غيره ،وكم من ساع إلى حتفه وهو مبطئ عن حظه - 46 .وقال
عليه السلم :قد عجز من لم يعد لكل بلء صبرا ،ولكل نعمة شكرا ولكل
عسر يسرا .اصبر نفسك عند كل بلية ورزية في ولد أو في مال ،فإن ال
إنما يقبض عاريته وهبته ليبلو شكرك وصبرك - 47 .وقال عليه السلم:
مامن شئ إل وله حد .قيل :فما حد اليقين ؟ قال عليه السلم :أن ل تخاف
شيئا.
) (1تطوع :تبرع ،والمراد أن السلم تطوع ابتداء (2) .في الكافي " من بدأ بالكلم
قبل السلم فل تجيبوه " (3) .السخيمة :الضغينة والحقد في النفس(4) .
وفى بعض النسخ " :خفيفة " (5) .التفضل :النيل من الفضل .والتطهر:
التنزه عن الدناس أي المعاصي.
][244
- 48وقال عليه السلم :ينبغي للمؤمن أن يكون فيه ثمان خصال :وقور عند
الهزاهز ) ،(1صبور عند البلء ،شكور عند الرخاء ،قانع بما رزقه ال ،ل
يظلم العداء ،ول يتحمل الصدقاء ) ،(2بدنه منه في تعب ،والناس منه
في راحة - 49 .وقال عليه السلم :إن العلم خليل المؤمن ،والحلم وزيره،
والصبر أمير جنوده ،والرفق أخوه ،واللين والده - 50 .وقال أبو عبيدة )
:(3ادع ال لي أن ل يجعل رزقي على أيدي العباد .فقال عليه السلم :أبى
ال عليك ذلك إل أن يجعل أرزاق العباد بعضهم من بعض ،ولكن أدع ال
أن يجعل رزقك على أيدي خيار خلقه ،فإنه من السعادة ،ول يجعله على
أيدي شرار خلقه ،فإنه من الشقاوة - 51 .وقال عليه السلم :العامل على
غير بصيرة كالسائر على غير طريق ،فل تزيده سرعة السير إل بعدا52 .
-وقال عليه السلم في قول ال عزوجل " :اتقوا ال حق تقاته )" (4
قال :يطاع فل يعصى ،ويذكر فل ينسى ،ويشكر فل يكفر - 53 .وقال عليه
السلم :من عرف ال خاف ال ،ومن خاف ال سخت نفسه عن الدنيا ).(5
- 54وقال عليه السلم :الخائف من لم تدع له الرهبة لسانا ينطق به.
) (1الوقور -للمذكر والمؤنث :-ذو وقار .الهزاهز :الفتن التى يهز الناس .و تطلق
على الشدائد والحروب " (2) .يتحمل " أي ول يحمل على الصدقاء ول
يتكلف عليهم وفى الكافي ج 2ص " 232ل يتحامل للصدقاء " أي ما
يشق عليهم ويضر بحالهم (3) .الظاهر أنه أبو عبيدة الحذاء زياد بن
عيسى الكوفى من أصحاب الباقر والصادق عليهما السلم ومات في
زمان الصادق عليه السلم (4) .آل عمران (5) .97 :سخيت نفسي عنه
أي تركته ولم تنازعني إليه نفسي(*) .
][245
- 55وقيل له عليه السلم :قوم يعملون بالمعاصي ويقولون :نرجو ،فل يزالون
كذلك حتى يأتيهم الموت .فقال :هؤلء قوم يترجحون في الماني كذبوا
ليس يرجون ) (1إن من رجا شيئا طلبه ،ومن خاف من شئ هرب منه.
- 56وقال عليه السلم :إنا لنحب من كان عاقل عالما فهما فقيها حليما
مداريا صبورا صدوقا وفيا ) ،(2إن ال خص النبياء عليهم السلم بمكارم
الخلق ،فمن كانت فيه فليحمد ال على ذلك ومن لم تكن فيه فليتضرع إلى
ال وليسأله إياها وقيل له :وما هي ؟ قال عليه السلم :الورع والقناعة
والصبر والشكر والحلم والحياء والسخاء والشجاعة والغيرة وصدق
الحديث والبر وأداء المانة واليقين وحسن الخلق والمروة - 57 .وقال
عليه السلم :من أوثق عرى اليمان أن تحب في ال وتبغض في ال
وتعطي في ال وتمنع في ال - 58 .وقال عليه السلم :ل يتبع الرجل بعد
موته إل ثلث خلل :صدقة أجراها ال له في حياته فهي تجري له بعد
موته ،وسنة هدى يعمل بها ،وولد صالح يدعو له - 59 .وقال عليه
السلم :إن الكذبة لتنقض الوضوء إذا توضأ الرجل للصلة ،وتفطر الصيام
فقيل له :إنا نكذب فقال عليه السلم :ليس هو باللغو ولكنه الكذب على ال
وعلى رسوله وعلى الئمة صلوات ال عليهم ،ثم قال :إن الصيام ليس من
الطعام ول من الشراب وحده ،إن مريم عليها السلم قالت " :إني نذرت
للرحمن صوما ) " (3أي صمتا ،فاحفظوا ألسنتكم وغضوا أبصاركم ،ول
تحاسدوا ول تنازعوا ،فإن الحسد يأكل اليمان كما تأكل النار الحطب.
) (1كذا وفى الكافي " كذبوا ليسوا براجين " .ترجح في القول :تميل فيه )(2
الوفى :الكثير الوفاء .وأيضا الذى يعطى الحق ويأخذ الحق والجمع
اوفياء كأصدقاء (3) .مريم.27 :
][246
) (1في بعض النسخ " من اعلم ال ما ل يعلم اهتز عرشه " (2) .تفقده أي طلبه
عند غيبته.
][247
ملمة العلماء وذمهم أن يرجى له خير الدنيا والخرة ،وينبغي للعاقل أن يكون
صدوقا ليؤمن على حديثه ،وشكورا ليستوجب الزيادة - 71 .وقال عليه
السلم :ليس لك أن تأتمن الخائن وقد جربته ،وليس لك أن تتهم من
ائتمنت - 72 .وقيل له :من أكرم الخلق على ال ؟ فقال عليه السلم:
أكثرهم ذكرا ل وأعملهم بطاعة ال .قلت :فمن أبغض الخلق إلى ال ؟ قال
عليه السلم :من يتهم ال .قلت :أحد يتهم ال ؟ قال عليه السلم :نعم من
استخار ال فجاءته الخيرة بما يكره فيسخط فذلك يتهم ال ،قلت :ومن ؟
قال :يشكو ال ؟ قلت :واحد يشكوه ؟ قال عليه السلم :نعم ،من إذا ابتلي
شكى بأكثر مما أصابه .قلت :ومن ؟ قال :إذا اعطي لم يشكر وإذا ابتلي لم
يصبر .قلت :فمن أكرم الخلق على ال ؟ قال عليه السلم :من إذا اعطي
شكر ،وإذا ابتلي صبر - 73 .وقال عليه السلم :ليس لملول ) (1صديق،
ول لحسود غنى ،وكثرة النظر في الحكمة تلقح العقل - 74 .وقال عليه
السلم :كفى بخشية ال علما ،وكفى بالغترار به جهل - 75 .وقال عليه
السلم :أفضل العبادة العلم بال والتواضع له - 76 .وقال عليه السلم:
عالم أفضل من ألف عابد وألف زاهد وألف مجتهد ) - 77 .(2وقال عليه
السلم :إن لكل شئ زكاة ،وزكاة العلم أن يعلمه أهله - 78 .وقال عليه
السلم :القضاة أربعة ثلثة في النار وواحد في الجنة :رجل قضى بجور
وهو يعلم فهو في النار ،ورجل قضى بجور وهو ل يعلم فهو في النار،
ورجل قضى بحق وهو ل يعلم فهو في النار ،ورجل قضى بحق وهو يعلم
فهو في الجنة.
) (1الملول :ذو الملل ،صفة بمعنى الفاعل .وقد يقرء " لملوك " كما مر كرارا
وفى الخصال " للملك " وفى بعض نسخ أمالى الشيخ " للملوك "(2) .
أي الذى يجتهد في العبادة.
][248
- 79وسئل عن صفة العدل من الرجل ؟ فقال عليه السلم :إذا غض طرفه عن
المحارم ،ولسانه عن المآثم ،وكفه عن المظالم - 80 .وقال عليه السلم:
كلما حجب ال عن العباد فموضوع عنهم حتى يعرفهموه - 81 .وقال عليه
السلم :لداود الرقي ) :(1تدخل يدك في فم التنين ) (2إلى المرفق خير لك
من طلب الحوائج إلى من لم يكن له وكان ) - 82 .(3وقال عليه السلم:
قضاء الحوائج إلى ال ،وأسبابها -بعد ال -العباد تجري على أيديهم ،فما
قضى ال من ذلك فاقبلوا من ال بالشكر ،وما زوي عنكم ) (4منها فاقبلوه
عن ال بالرضا والتسليم والصبر فعسى أن يكون ذلك خيرا لكم ،فإن ال
أعلم بما يصلحكم وأنتم ل تعلمون - 83 .وقال عليه السلم :مسألة ابن آدم
لبن آدم فتنة ،إن أعطاه حمد من لم يعطه ،وإن رده ذم من لم يمنعه.
) (1الرقى -بفتح الراء وقيل :بكسرها وتشديد القاف -نسبة إلى الرقة اسم
لمواضع ،بلدة بقوهستان وأخريان من بساتين بغداد صغرى وكبرى
وبلدة اخرى في غربي بغداد وقرية كبيرة أسفل منها بفرسخ على الفرات
غربي النبار وهيت ،كانت مصيف آل المنذر ملوك العراق ومنتزه الرشيد
العباسي .قال علماء الرجال " :وهى التى ينصرف إليها اطلق لفظ الرقة
منها داود الرقى " وهو داود بن كثير بن أبى خالد الرقى مولى بنى أسد
من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلم ثقة وله أصل وكتاب ،عاش
إلى زمان الرضا عليه السلم (2) .التنين -كسكيت :-الحوت والحية
العظيمة كنيته أبو مرداس .قيل " :انه شر من الكوسج وفى فمه أنياب
مثل أسنة الرماح وهو طويل كالنخلة السحوق ،أحمر العينين مثل الدم،
واسع الفم والجوف ،براق العينين ،يبلع كثيرا من حيوان البر والبحر ،إذا
تحرك يموج البحر لقوته الشديدة " (3) .وفى بعض النسخ " فكان "
وهو الصوب (4) .زواه -من باب رمى :-نحاه ومنعه .وعنه طواه
وصرفه .والشى :جمعه وقبضه.
][249
][250
-وهي تجمع هذه الخصال -أن ل يسلمك عند النكبات - 91 .وقال عليه السلم:
مجاملة الناس ثلث العقل ) - 92 .(1وقال عليه السلم :ضحك المؤمن
تبسم - 93 .وقال عليه السلم :ما ابالي إلى من ائتمنت خائنا أو مضيعا )
- 94 .(2وقال عليه السلم للمفضل ) :(3اوصيك بست خصال تبلغهن
شيعتي ،قلت :وما هن يا سيدي ؟ قال عليه السلم :أداء المانة إلى من
ائتمنك ،وأن ترضى لخيك ما ترضى لنفسك ،واعلم أن للمور أواخر
فاحذر العواقب .وأن للمور بغتات ) (4فكن على حذر .وإياك ومرتقي جبل
سهل إذا كان المنحدر وعرا ) (5ول تعدن أخاك وعدا ليس في يدك وفاؤه.
- 95وقال عليه السلم :ثلث لم يجعل ال لحد من الناس فيهن رخصة:
بر الوالدين برين كانا أو فاجرين ،ووفاء بالعهد للبر والفاجر ،وأداء
المانة إلى البر والفاجر - 96 .وقال عليه السلم :إني لرحم ثلثة وحق
لهم أن يرحموا ،عزيز أصابته مذلة بعد العز ،وغني أصابته حاجة بعد
الغنى .وعالم يستخف به أهله والجهلة - 97 .وقال عليه السلم :من تعلق
قلبه بحب الدنيا تعلق من ضررها بثلث خصال :هم ل يفنى .وأمل ل يدرك.
ورجاء ل ينال.
) (1المجاملة :حسن الصنيعة مع الناس والمعاملة بالجميل (2) .أي ل فرق عندي
بين الخائن والمضيع ،أو المراد ان الرجل إذا ائتمن احدا فل يبالى به إذا
كان خائنا أو مضيعا (3) .هو أبو عبد ال مفضل بن عمر الجعفي الكوفى
من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلم .قيل :هو من شيوخ أصحاب
الصادق عليه السلم وخاصته وبطانته وثقاته الفقهاء الصالحين صاحب
رسالة المعروف بتوحيد المفضل المروى عن الصادق عليه السلم(4) .
البغتات -جمع بغتة -أي الفجأة (5) .المنحدر :مكان النحدار أي الهبوط
والنزول .والوعر :ضد السهل أي المكان الصلب وهو الذى مخيف
الوحش.
][251
- 98وقال عليه السلم :المؤمن ل يخلق على الكذب ول على الخيانة ،وخصلتان ل
يجتمعان في المنافق :سمت حسن ) (1وفقة في سنة - 99 .وقال عليه
السلم :الناس سواء كأسنان المشط ،والمرء كثير بأخيه ) (2ول خير في
صحبة من لم ير لك مثل الذي يرى لنفسه - 100 .وقال عليه السلم :من
زين اليمان الفقه ،ومن زين الفقه الحلم ،ومن زين الحلم الرفق ،ومن
زين الرفق اللين ،ومن زين اللين السهولة - 101 .وقال عليه السلم :من
غضب عليك من إخوانك ثلث مرات فلم يقل فيك مكروها فأعده لنفسك.
- 102وقال عليه السلم :يأتي على الناس زمان ليس فيه شئ أعز من أخ
أنيس وكسب درهم حلل - 103 .وقال عليه السلم :من وقف نفسه موقف
التهمة فل يلومن من أساء به الظن ،ومن كتم سره كانت الخيرة في يده )
(3وكل حديث جاوز اثنين فاش ) (4وضع أمر أخيك على أحسنه ،ول
تطلبن بكلمة خرجت من أخيك سوءا وأنت تجد لها في الخير محمل.
وعليك بإخوان الصدق ،فإنهم عدة عند الرخاء ) (5وجنة
) (1السمت :الطريق والمحجة .وأيضا .هيئة أهل الخير وهى المراد هنا أي السكينة
والوقار وحسن السيرة والطريقة واستقامة المنظر والهيئة .يقال :فلن
حسن -السمت أي حسن المذهب في المور كلها (2) .أي ليس هو وحده
بل هو كثير بأخيه (3) .الخيرة -بفتح فسكون أو بكسر ففتح :-الختيار.
) (4قال الشاعر :كل سر جاوز الثنين شاع * كل علم ليس في القرطاس
ضاع ) (5العدة -بالضم :-الستعداد وما أعددته أي هيأته للحوادث
والنوائب و -بالفتح :-الجماعة.
][252
عند البلء ،وشاور في حديثك الذين يخافون ال ،وأحبب الخوان على قدر التقوى،
واتق شرار النساء وكن من خيارهن على حذر ،وإن أمرنكم بالمعروف
فخالفوهن حتى ل يطمعن منكم في المنكر - 104 .وقال عليه السلم:
المنافق إذا حدث عن ال وعن رسوله كذب ،وإذا وعد ال ورسوله أخلف.
وإذا ملك خان ال ورسوله في ماله ،وذلك قول ال عزوجل " :فأعقبهم
نفاقا في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا ال ما وعدوه وبما كانوا
يكذبون ) " (1وقوله :وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا ال من قبل فأمكن
منهم وال عليم حكيم ) - 105 ." (2وقال عليه السلم :كفى بالمرء خزيا
أن يلبس ثوبا يشهره ) .(3أو يركب دابة مشهورة ،قلت :وما الدابة
المشهورة ؟ قال :البلقاء ) - 106 .(4وقال عليه السلم :ل يبلغ أحدكم
حقيقة اليمان حتى يحب أبعد الخلق منه في ال ،ويبغض أقرب الخلق منه
في ال - 107 .وقال عليه السلم :من أنعم ال عليه نعمة فعرفها بقلبه
وعلم أن المنعم عليه ال فقد أدى شكرها ،وإن لم يحرك لسانه ،ومن علم
أن المعاقب على الذنوب ال فقد استغفر ،وإن لم يحرك به لسانه ،وقرأ" :
إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه -الية - 108 .(5) " -وقال عليه
السلم :خصلتين مهلكتين ) :(6تفتي الناس برأيك أو تدين بما ل تعلم.
) (1التوبة (2) .78 :النفال (3) .72 :في بعض النسخ " لشهرة " (4) .البلقاء:
مؤنث البلق -كحمراء وأحمر :-الذى كان في لونه سواد وبياض(5) .
البقرة (6) .284 :كذا .تقدير الكلم :اتق خصلتين.
][253
- 109وقال عليه السلم لبي بصير ) :(1يا أبا محمد ل تفتش الناس عن أديانهم
فتبقى بل صديق - 110 .وقال عليه السلم :الصفح الجميل أن ل تعاقب
على الذنب ،والصبر الجميل الذي ليس فيه شكوى - 111 .قال عليه
السلم :أربع من كن فيه كان مؤمنا وإن كان من قرنه إلى قدمه ذنوبا:
الصدق والحياء :وحسن الخلق ،والشكر - 112 .وقال عليه السلم :ل
تكون مؤمنا حتى تكون خائفا راجيا ،ول تكون خائفا راجيا حتى تكون
عامل لما تخاف وترجو - 113 .وقال عليه السلم :ليس اليمان بالتحلي
ول بالتمني ولكن اليمان ما خلص في القلوب وصدقته العمال- 114 .
وقال عليه السلم :إذا زاد الرجل على على الثلثين فهو كهل .وإذا زاد
على الربعين فهو شيخ - 115 .وقال عليه السلم :الناس في التوحيد على
ثلثة أوجه :مثبت وناف ومشبه ،فالنافي مبطل والمثبت مؤمن .والمشبه
مشرك - 116 .وقال عليه السلم :اليمان إقرار وعمل ونية .والسلم
إقرار وعمل ) - 117 .(2وقال عليه السلم ل تذهب الحشمة ) (3بينك
وبين أخيك وابق منها ،فإن ذهاب الحشمة ذهاب الحياء ،وبقاء الحشمة
بقاء المودة.
) (1هو يحيى بن أبى القاسم اسحاق السدي الكوفى المكنى بابى بصير وأبى محمد
المتوفى سنة 150امامى ثقة عدل من أصحاب الجماع ومن خواص
أصحاب الباقرين عليهما السلم ،وقد أفرد جماعة من العلماء رسالة في
ترجمته واطال الكلم فيه صاحب تنقيح المقال وقيل :هو خال شعيب
العقرقوفى (2) .المراد بالنية :الخلص والقرار بالقلب (3) .الحشمة:
الحياء .النقباض .الغضب .واحتشم :غضب ،انقبض ،استحيا.
][254
- 118وقال عليه السلم :من احتشم أخاه حرمت وصلته .ومن اغتمه سقطت
حرمته - 119 .وقيل له :خلوت بالعقيق ) (1وتعجلت الوحدة .فقال عليه
السلم :لو ذقت حلوة الوحدة لستوحشت من نفسك .ثم قال عليه السلم:
أقل ما يجد العبد في الوحدة من مداراة الناس ) - 120 .(2وقال عليه
السلم :ما فتح ال على عبد بابا من الدنيا إل فتح عليه من الحرص مثليه
) - 121 .(3وقال عليه السلم :المؤمن في الدنيا غريب ،ل يجزع من
ذلها ،ول يتنافس أهلها في عزها - 122 .وقيل له :أين طريق الراحة ؟
فقال عليه السلم :في خلف الهوى ،قيل :فمتى يجد الراحة ؟ فقال عليه
السلم :عند أول يوم يصير في الجنة - 123 .وقال عليه السلم :ل يجمع
ال لمنافق ول فاسق حسن السمت والفقه وحسن الخلق أبدا - 124 .وقال
عليه السلم :طعم الماء الحياة ،وطعم الخبز القوة ،وضعف البدن وقوته
من شحم الكليتين ) .(4وموضع العقل الدماغ .والقسوة والرقة في القلب.
) (1خل به يخلو خلوة وخلوا وخلء :اجتمع معه على خلوة .وخل الرجل بنفسه:
انفرد .والعقيق :خرز أحمر والواحدة العقيقة .وفى بعض النسخ "
العفيفة " .ولعل المراد بها امرأة الرجل وهى كناية عن الوحدة
والنزواء .أي انك مقيم في بيتك ولم تخرج إلى الناس (2) .كذا .والظاهر
سقطت كلمة " الراحة " قبل " من " (3) .حرص على حفظ ما ناله
وحرص على الزيادة (4) .أي منوطة به .وفى الحديث " ل يستلقين
أحدكم في الحمام فانه يذيب شحم الكليتين " .وفى حديث آخر " ادمانه
كل يوم يذيب شحم الكليتين " .مكارم الخلق.
][255
- 125وقال عليه السلم :الحسد حسدان :حسد :فتنة وحسد غفلة ،فأما حسد
الغفلة فكما قالت الملئكة حين قال ال " :إني جاعل في الرض خليفة
قالوا أتجعل فيما من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس
لك ) " (1أي اجعل ذلك الخليفة منا ولم يقولوا ،حسدا لدم من جهة الفتنة
والرد والجحود .والحسد الثاني الذي يصير به العبد إلى الكفر والشرك فهو
حسد إبليس في رده على ال وإبائه عن السجود لدم عليه السلم- 126 .
وقال عليه السلم :الناس في القدرة على ثلثة أوجه :رجل يزعم أن المر
مفوض إليه فقد وهن ال في سلطانه فهو هالك .ورجل يزعم أن ال أجبر
العباد على المعاصي وكلفهم ما ل يطيقون ،فقد ظلم ال في حكمه فهو
هالك .ورجل يزعم أن ال كلف العباد ما يطيقونه ولم يكلفهم مال يطيقونه،
فإذا أحسن حمد ال وإذا أساء استغفر ال فهذا مسلم بالغ - 127 .وقال
عليه السلم :المشي المستعجل يذهب ببهاء المؤمن ويطفئ نوره- 128 .
وقال عليه السلم :إن ال يبغض الغني الظلوم - 129 .وقال عليه السلم:
الغضب ممحقة لقلب الحكيم ،ومن لم يملك غضبه لم يملك عقله- 130 .
وقال الفضيل بن العياض ) :(2قال لي أبو عبد ال عليه السلم :أتدري من
) (1سورة البقرة (2) .28 :هو أبو على الفضل بن عياض بن مسعود بن بشر
التميمي الفندينى الزاهد الصوفى المشهور أحد رجال الطريقة ولد
بأبيورد من بل خراسان وقيل :بسمرقند ونشأ بأبيورد من أصحاب
الصادق عليه السلم ثقه عظيم المنزلة قيل :لكنه عامى .وحكى أنه كان
في أول أمره شاطرا يقطع الطريق بين أبيورد وسرخس وكان سبب
توبته أنه عشق جارية فبينما هو يرتقى الجدران إليها سمع تاليا يتلو" :
ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر ال " .فقال :يا رب قد آن،
فرجع وأوى الليل إلى خربة فإذا فيها رفقة فقال بعضهم :نرتحل وقال
بعضهم حتى نصبح فان فضيل على الطريق يقطع علينا فتاب الفضيل
وآمنهم فصار من كبار - - - - -
][256
الشحيح ؟ قلت :هو البخيل ،فقال عليه السلم :الشح أشد من البخل ،إن البخيل
يبخل بما في يده والشحيح يشح على ما في أيدي الناس وعلى ما في يده،
حتى ل يرى في أيدي الناس شيئا إل تمنى أن يكون له بالحل والحرام ،ل
يشبع ول يننفع بما رزقه ال - 131 .وقال عليه السلم :إن البخيل من
كسب مال من غير حله ،وأنفقه في غير حقه - 132 .وقال عليه السلم
لبعض شيعته :ما بال أخيك يشكوك ؟ فقال :يشكوني أن استقصيت عليه
حقي .فجلس عليه السلم مغضبا ثم قال :كأنك إذا استقصيت عليه حقك لم
تسئ ،أرأيتك ما حكى ال عن قوم يخافون سوء الحساب ،أخافوا أن يجور
ال عليهم ؟ ل .ولكن خافوا الستقصاء فسماه ال سوء الحساب .فمن
استقصى فقد أساء - 133 .وقال عليه السلم :كثرة السحت يمحق الرزق )
- 134 .(1وقال عليه السلم سوء الخلق نكد ).(2
- - - -السادات ،قدم الكوفة وسمع الحدث بها ،ثم انتقل إلى مكة وجاور بها إلى أن
مات في المحرم سنة 187وقبره بها .وله كلمات ومواعظ مشهورة وكان
له ولدا يسعى بعلى الفضيل وهو أفضل من أبيه في الزهد والعبادة فكان
شابا سربا من كبار الصالحين وهو معدود من الذين قتلهم محبة ال فلم
يتمتع بحياته كثيرا وذلك انه كان يوما في المسجد الحرام واقعا بقرب ماء
زمزم فسمع قارئا يقرأ " :وترى المجرمين يومئذ مقرنين في الصفاد
سرابيلهم من قطران وتغشى وجوههم النار " فصعق ومات" (1) .
السحت " -بالضم :-المال الحرام وكل ما ل يحل كسبه .وفى بعض
النسخ " الصخب " وفى بعضها " السخب " والسخب والصخب -
بالتحريك :-الصيحة واضطراب الصوات (2) .نكد العيش -كعلم :-
اشتد وعسر - .والرجل :ضاق خلقه ،وضد يسر وسهل ،فهو نكد -
بسكون الكاف وفتحها وكسرها -أي شؤم عسر - .وبالضم :-قيل الخير
والعطاء.
][257
- 135وقال عليه السلم :إن اليمان فوق السلم بدرجة والتقوى فوق اليمان
بدرجة وبعضه من بعض ) ،(1فقد يكون المؤمن في لسانه بعض الشئ
الذي لم يعد ال عليه النار وقال ال " :إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه
نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخل كريما ) " (2ويكون الخر وهو الفهم
لسانا ) (3وهو أشد لقاء للذنوب وكلهما مؤمن .واليقين فوق التقوى
بدرجة .ولم يقسم ) (4بين الناس شي أشد من اليقين .إن بعض الناس أشد
يقينا من بعض وهم مؤمنون وبعضهم أصبر من بعض على المصيبة
وعلى الفقر وعلى المرض وعلى الخوف وذلك من اليقين - 136 .وقال
عليه السلم :إن الغنى والعز يجولن ،فإذا ظفرا بموضع التوكل أوطناه )
- 137 .(5وقال عليه السلم :حسن الخلق من الدين وهو يزيد في الرزق.
- 138وقال عليه السلم :الخلق خلقان أحدهما نية والخر سجية .قيل:
فأيهما أفضل ؟ قال عليه السلم :النية ،لن صاحب السجية مجبول على
أمر ل يستطيع غيره ،وصاحب النية يتصبر على الطاعة تصبرا فهذا
أفضل - 139 .وقال عليه السلم :إن سرعة ائتلف قلوب البرار إذا التقوا
وإن لم يظهروا التودد بألسنتهم كسرعة اختلط ماء السماء بماء النهار.
وإن بعد ائتلف قلوب الفجار إذا التقوا وإن أظهرا التودد بألسنتهم كبعد
البهائهم من التعاطف
) (1أي ان اليمان بعضه فوق بعض وبعضه أعلى درجة من بعض فاليمان ذو
مراتب (2) .النساء (3) .35الفهم -ككتف :-السريع الفهم ولعل المراد
لممه فيكون الخر أشد لما من غيره من جهة اللسان (4) .في بعض
النسخ " ولم يقم " .وفى الكافي " وما قسم في الناس شئ أقل من
اليقين " (5) .أوطناه أي اتخذاه وطنا وأقاما فيه.
][258
وإن طال اعتلفها ) (1على مذود واحد ) - 140 .(2وقال عليه السلم :السخي
الكريم الذي ينفق ماله في حق ال - 141 .وقال عليه السلم :يا أهل
اليمان ومحل الكتمان تفكروا وتذكروا عند غفلة الساهين - 142 .قال
المفضل بن عمر ) ،(3سألت أبا عبد ال عليه السلم عن الحسب ؟ فقال
عليه السلم :المال .قلت :فالكرم ؟ قال عليه السلم :التقوى .قلت:
فالسؤدد ) (4قال عليه السلم :السخاء ويحك أما رأيت حاتم طي ) (5كيف
ساد قومه وما كان بأجودهم موضعا ) - 143 .(6وقال عليه السلم:
المروة مروتان :مروة الحضر ومروة السفر ،فأما مروة الحضر فتلوة
القرآن ،وحضور المساجد ،وصحبة أهل الخير ،والنظر في التفقه .وأما
مروة السفر :فبذل الزاد ،والمزاح في غير ما يسخط ال وقلة الخلف على
من صحبك وترك الرواية عليهم إذا أنت فارقتهم - 144 .وقال عليه
السلم :اعلم أن ضارب علي عليه السلم بالسيف وقاتله لو ائتمنني
واستنصحني واستشارني ثم قبلت ذلك منه لديت إليه المانة - 145 .وقال
سفيان :قلت لبي عبد ال عليه السلم :يجوز أن يزكي الرجل نفسه ؟ قال:
نعم إذا اضطر إليه ،أما سمعت قول يوسف " :اجعلني على خزائن الرض
) (1اعتلفت الدابة :أكلت (2) .المذود -كمنبر :-معتلف الدواب (3) .هو المفضل
من عمر المعروف الذى تقدم ذكره ص (4) .250السؤدد -أحد مصادر
ساد يسود :-يعنى الشرف والمجد (5) .هو حاتم بن عبد ال الطائى كان
جوادا يضرب به المثل في الجود وكان شجاعا شاعرا .وأخبار حاتم
مذكورة في الغانى وعقد الفريد والمستطرف وغيرها :وابنه عدى بن
حاتم كان من أصحاب رسول ال صلى ال عليه وآله وخواص أصحاب
أمير المؤمنين عليه السلم وترجمة حالته وقصته وكلمه في محضر
معاوية بعد فوت على عليه السلم مشهورة ومذكورة في السير
والتواريخ (6) .أي ل يكون موضعه جيدا من جهة الحسب النسب.
][259
إني حفيظ عليم ) " (1وقول العبد الصالح " :أنا لكم ناصح أمين )- 146 ." (2
وقال عليه السلم :أوحى ال إلى داود عليه السلم :يا داود تريد واريد،
فإن اكتفيت بما اريد مما تريد كفيتك ما تريد .وإن أبيت إل ما تريد أتعبتك
فيما تريد وكان ما اريد - 147 .قال محمد بن قيس ) (3سألت أبا عبد ال
عليه السلم عن الفئتين يلتقيان من أهل الباطل أبيعهما السلح ؟ فقال
عليه السلم ،بعهما ما يكنهما الدرع والخفتان ) (4والبيضة ونحو ذلك.
- 148وقال عليه السلم :أربع ل تجري في أربع :الخيانة والغلول
والسرقة والرياء ،ل تجري في حج ول عمرة ول جهاد ول صدقة- 149 .
وقال عليه السلم :إن ال يعطي الدنيا من يحب ويبغض ول يعطي اليمان
إل أهل صفوته من خلقه - 150 .وقال عليه السلم :من دعا الناس إلى
نفسه وفيهم من هو أعلم منه فهو مبتدع ضال - 151 .قيل له :ما كان في
وصية لقمان ؟ فقال عليه السلم :كان فيها العاجيب وكان من أعجب ما
فيها أن قال لبنه :خف ال خيفة لو جئته ببر الثقلين لعذبك
) (1يوسف .55 :والظاهر أن سفيان هو سفيان الثوري المعروف الذى تقدم آنفا) .
(2العراف (3) .66 :محمد بن قيس في أصحاب الصادق عليه السلم
مشترك بين محمد بن قيس البجلى الثقة صاحب كتاب قضايا أمير
المؤمنين عليه السلم ،ومحمد بن قيس السدي من فقهاء الصادقين
عليهما السلم واعلم الرؤساء المأخوذ عنهم الحلل والحرام والفتيا
والحكام -و هم أصحاب الصول المدونة والمصنفات المشهورة -
ومحمد بن قيس أبى نصر السدي الكوفى وجه من وجوه العرب بالكوفة
وكان خصيصا بعمر بن عبد العزيز ثم يزيد بن عبد الملك ،و كان أحدهما
أنفذه إلى بلد الروم في فداء المسلمين وله أيضا كتاب (4) .الخفتان -
بالفتح :-ضرب من الثياب .دخيل.
][260
وارج ال رجاء لو جئته بذنوب الثقلين لرحمك .ثم قال أبو عبد ال عليه السلم :ما
من مؤمن إل وفي قلبه نوران :نور خيفة ونور رجاء ،لو وزن هذا لم يزد
على هذا ،ولو وزن هذا لم يزد على هذا - 152 .قال أبو بصير (1) :سألت
أبا عبد ال عليه السلم عن اليمان ؟ فقال عليه السلم :اليمان بال أن ل
يعصي ،قلت :فما السلم ؟ فقال عليه السلم :من نسك نسكنا وذبح
ذبيحتنا - 153 .وقال عليه السلم :ل يتكلم أحد بكلمة هدى فيؤخذ بها إل
كان له مثل أجر من أخذ بها .ول يتكلم بكلمة ضللة فيؤخذ بها إل كان
عليه مثل وزر من أخذ بها - 154 .وقيل له :إن النصارى يقولون :إن ليلة
الميلد في أربعة وعشرين من كانون فقال :كذبوا ،بل في النصف من
حزيران ويستوي الليل والنهار في النصف من أزار ) - 155 .(2وقال
عليه السلم :كان إسماعيل أكبر من إسحاق بخمس سنين .وكان الذبيح
إسماعيل عليه السلم أما سمع قول إبراهيم عليه السلم " :رب هب لي
من الصالحين ) " (3إنما سأل ربه أن يرزقه غلما من الصالحين فقال في
سورة الصافات " :فبشرناه بغلم حليم ) " (4يعني إسماعيل ،ثم قال" :
وبشرناه بإسحق نبيا من الصالحين ) ." (5فمن زعم أن إسحاق أكبر من
إسماعيل فقد كذب بما أنزل ال من القرآن - 156 .وقال عليه السلم:
أربعة من أخلق النبياء عليهم السلم :البر والسخاء والصبر على النائبة
والقيام بحق المؤمن.
) (1هو يحيى بن أبى القاسم الذى مر ترجمته آنفا (2) .لستاذنا العلمة الميرزا أبو
الحسن الشعرانى هنا تحقيق راجع شرح اصول الكافي للمولى صالح
المازندرانى ج 4ص (3) .351الصافات (4) .98 :الصافات(5) .99 :
الصافات.112 :
][261
- 157وقال عليه السلم :ل تعدن مصيبة اعطيت عليها الصبر واستوجبت عليها
من ال ثوابا بمصيبة ،إنما المصيبة أن يحرم صاحبها أجرها وثوابها إذا لم
يصبر عند نزولها - 158 .وقال عليه السلم :إن ل عبادا من خلقه في
أرضه يفزع إليهم في حوائج الدنيا والخرة ،اولئك هم المؤمنون حقا،
آمنون يوم القيامة .أل وإن أحب المؤمنين إلى ال من أعان المؤمن الفقير
من الفقر في دنياه ومعاشه ،ومن أعان ونفع ودفع المكروه عن المؤمنين.
- 159وقال عليه السلم :إن صلة الرحم والبر ليهونان الحساب
ويعصمان من الذنوب ،فصلوا إخوانكم وبروا إخوانكم ،ولو بحسن السلم
ورد الجواب - 160 .قال سفيان الثوري :دخلت على الصادق عليه السلم
فقلت له :أوصني بوصية أحفظها من بعدك ؟ قال عليه السلم :وتحفظ يا
سفيان ؟ قلت :أجل يا ابن بنت رسول ال ،قال عليه السلم يا سفيان :ل
مروة لكذوب ،ول راحة لحسود ،ول إخاء لملوك ،ول خلة لمختال .ول
سؤدد لسيئ الخلق ) (1ثم أمسك عليه السلم فقلت :يا ابن بنت رسول ال
زدني ؟ فقال عليه السلم :يا سفيان ثق بال تكن عارفا .وارض بما قسمه
لك تكن غنيا .صاحب بمثل ما يصاحبونك به تزدد إيمانا .ول تصاحب
الفاجر فيعلمك من فجوره .وشاور في أمرك الذين يخشون ال عزوجل .ثم
أمسك عليه السلم فقلت :يا ابن بنت رسول ال زدني ؟ فقال عليه السلم:
يا سفيان من أراد عزا بل سلطان وكثرة بل إخوان وهيبة بل مال فلينتقل
من ذل معاصي ال إلى عز طاعته .ثم أمسك عليه السلم فقلت :يا ابن بنت
رسول ال زدني ؟ فقال عليه السلم :يا سفيان أدبني أبي عليه السلم
بثلث ونهاني عن ثلث :فأما اللواتي أدبني بهن فانه قال لي :يا بني من
يصحب صاحب السوء ل يسلم .ومن ل يقيد ألفاظه يندم ،ومن يدخل مداخل
السوء يتهم .قلت :يا ابن بنت رسول ال فما الثلث اللواتي نهاك عنهن ؟
قال عليه السلم :نهاني أن اصحاب حاسد نعمة ،وشامتا بمصيبة ،أو حامل
نميمة.
) (1وفى بعض النسخ " لختال " .والسودد والسؤدد :الشرف والمجد.
][262
) (1عسر الرجل :ضاق خلقه ،وضد يسر وسهل .والنكد -بفتح وضم :-قليل الخير
والعطاء .وقد مر.
][263
- 167وقال عليه السلم :المال أربعة آلف .واثنا عشر ألف درهم كنز .ولم يجتمع
عشرون ألفا من حلل .وصاحب الثلثين ألفا هالك .وليس من شيعتنا من
يملك مائة ألف درهم - 168 .وقال عليه السلم :من صحة يقين المرء
المسلم أن ل يرضي الناس بسخط ال .ول يحمدهم على ما رزق ال .ول
يلومهم على ما لم يؤته ال ،فإن رزقه ) (1ل يسوقه حرص حريص ول
يرده كره كاره .ولو أن أحدكم فر من رزقه كما يفر من الموت لدركه رزقه
قبل موته كما يدركه الموت - 169 .وقال عليه السلم :من شيعتنا من ل
يعدو صوته سمعه ،ولشحنه اذنه ) (2ول يمتدح بنا معلنا ) .(3ول يواصل
لنا مغضبا .ول يخاصم لنا وليا ول يجالس لنا عائبا .قال له مهزم ):(4
فيكف أصنع بهؤلء المتشيعة ؟ ) (5قال عليه السلم :فيهم التمحيص
وفيهم التمييز وفيهم التنزيل ) (6تأتي عليهم سنون تفنيهم وطاعون
يقتلهم واختلف يبددهم .شيعتنا من ل يهر هرير الكلب ) (7ول يطمع طمع
الغراب ول يسأل وإن مات جوعا .قلت :فأين أطلب هؤلء ؟ قال عليه
السلم :اطلبهم في أطراف الرض
) (1مروى في الكافي ج 2ص 57وفيه " فان الرزق ل يسوقه حرص حريص ول
يرده كراهية كاره " (2) .كذا .وفى الكافي " ول شحناؤه بدنه "(3) .
في بعض نسخ المصدر " ول يمتدح بمعاملنا " .قوله " :ول يواصل لنا
مغضبا " أي ل يواصل عدونا (4) .هو مهزم بن أبى برزة السدي
الكوفى كان من أصحاب الباقر والصادق والكاظم عليهما السلم (5) .في
بعض نسخ المصدر " الشيعة " (6) .التمحيص :الختبار والمتحان.
وفيهم التنزيل أي نزول البلية والعذب ،وفى الكافي " وفيهم التبديل "
والسنون :جمع سنة أي القحط والجدب (7) .الهرير :صوت الكلب دون
نباحه من قلة صبره على البرد.
][264
اولئك الخفيض عيشهم ) (1المنتقلة دارهم ،الذين إن شهدوا لم يعرفوا ،وإن غابوا
لم يفتقدوا وإن مرضوا لم يعادوا .وإن خطبوا لم يزوجوا .وإن رأوا منكرا
أنكروا .وإن خاطبهم جاهل سلموا ،وإن لجأ إليهم ذو الحاجة منهم رحموا.
وعند الموت هم ل يحزنون .لم تختلف قلوبهم وإن رأيتهم اختلفت بهم
البلدان - 170 .وقال عليه السلم :من أراد أن يطول ال عمره فليقم أمره.
ومن أراد أن يحط وزره فليرخ ستره ) .(2ومن أراد أن يرفع ذكره فليخمل
أمره ) - 171 .(3وقال عليه السلم :ثلث خصال هن أشد ما عمل به
العبد :إنصاف المؤمن من نفسه ،ومواساة المرء لخيه ،وذكر ال على كل
حال ،قيل له :فما معنى ذكر ال على كل حال ؟ قال عليه السلم :يذكر ال
عند كل معصية يهم بها فيحول بينه وبين المعصية - 172 .وقال عليه
السلم ،الهمز زيادة في القرآن ).(4
) (1خفض العيش :دناءته ،أي القليل المكفى (2) .أرخى الستر :أرسله وأسدله.
والمراد بالستر الحياء والخوف (3) .أخمله :جعله خامل أي خفيا،
مستورا .وفى بعض نسخ المصدر " فليحمل " وفى بعضها " فليجمل "
) (4في رجال النجاشي في ترجمة أبان بن تغلب عن محمد بن موسى بن
أبى مريم صاحب اللؤلؤ قال :سمعت أبان بن تغلب -وما رأيت أحدا أقرأ
منه -قد يقول " :انما الهمز رياضة " وذكر قراءته -إلى آخر كلمه.
وذكر بعض العلماء في الهامش :قد فصل في كتب الصرف أن العرب قد
اختلف في كيفية التكلم بالهمزة فالقريش وأكثر أهل الحجاز خففها لنها
أدخل حروف الحلق ولها نبرة كريهة يجرى مجرى التهوع فثقلت بذلك
على اللفظ ،وعن أمير المؤمنين عليه السلم أنه قال " :ينزل القرآن
بلسان قريش وليسوا بأهل نبر -أي همز -ولول أن جبرئيل نزل بالهمزة
على النبي صلى ال عليه وآله ما همزنا " وأما باقى العرب كتميم وقيس
حققها قياسا لها على سائر الحروف .وقول أبان هذا " انما الهمز رياضة
" اختيار منه -ره -لغة قريش على غيرها يقول :انما الهمز أي التكلم
بها والفصاح عنها مشقة ورياضة بل ثمر فلبد فيها من التخفيف.
انتهى.
][265
- 173وقال عليه السلم :إياكم ) (1والمزاح ،فانه يجر السخيمة ويورث الضغينة
وهو السب الصعر - 174 .وقال الحسن بن راشد ) :(2قال أبو عبد ال
عليه السلم :إذا نزلت بك نازلة فل تشكها إلى أحد من أهل الخلف ولكن
اذكرها لبعض إخوانك ،فانك لن تعدم خصلة من أربع خصال :إما كفاية،
وإما معونة بجاه ،أو دعوة مستجابة :أو مشورة برأي - 175 .وقال عليه
السلم :ل تكونن دوارا في السواق ول تكن شراء دقائق الشياء بنفسك،
فإنه يكره للمرء ذي الحسب والدين أن يلي دقائق الشياء بنفسه ) (3إل
في ثلثة أشياء :شراء العقار والرقيق والبل - 176 .وقال عليه السلم :ل
تكلم بما ل يعنيك ،ودع كثيرا من الكلم فيما يعنيك حتى تجد له موضعا.
فرب متكلم تكلم بالحق بما يعنيه في غير موضعه فتعب ،ول تمارين سفيها
ول حليما ،فان الحليم يغلبك والسفيه يرديك ،واذكر أخاك إذا تغيب بأحسن
ما تحب أن يذكرك به إذا تغيبت عنه ،فان هذا هو العمل ،واعمل عمل من
يعلم أنه مجزي بالحسان مأخوذ بالجرام - 177 .وقال له يونس ):(4
لولئي لكم وما عرفني ال من حقكم أحب
) (1وفى بعض النسخ " اياك " (2) .هو الحسن بن راشد مولى بنى العباس
بغدادي كوفى من أصحاب الصادق عليه السلم وأدرك الكاظم عليه
السلم وروى عنه أيضا .ويمكن أن يكون هو حسن بن راشد الطفاوى
من أصحاب الصادق عليه السلم يروى عن الضعفاء له ،كتاب نوادر،
كثير العلم (3) .دقائق الشياء :محقراتها .والعقار :الضيعة ،المتاع ،وكل
ما له أصل وقرار .والعقار في الحاديث كل ملك ثابت له أصل كالرض
والضياع والنخل .والرقيق :المملوك للذكر والنثى (4) .الظاهر أنه أبو
على يونس بن يعقوب بن قيس البجلى الكوفى من أصحاب الصادق
والكاظم والرضا عليهم السلم ،ثقة معتمد عليه من أصحاب الصول
المدونة ومن أعلم الرؤساء المأخوذ عنهم الحلل والحرام والحكام
والفتيا وله كتاب وكان يتوكل لبي الحسن عليه السلم (*) - - - -
][266
إلي من الدنيا بحذافيرها .قال يونس :فتبينت الغضب فيه ،ثم قال عليه السلم :يا
يونس قستنا بغير قياس ما الدنيا وما فيها هل هي إل سد فورة ،أو ستر،
عورة وأنت لك بمحبتنا الحياة الدائمة - 178 .وقال عليه السلم :يا شيعة
آل محمد إنه ليس منا من لم يملك نفسه عند الغضب ،ولم يحسن صحبة
من صحبه ،ومرافقة من رافقه ،ومصالحة من صالحه ،و مخالفة من
خالفه .يا شيعة آل محمد اتقوا ال ما استطعتم ول حول ول قوة إل بال.
- 179وقال عبدالعلي ) :(1كنت في حلقة بالمدينة فذكروا الجود فأكثروا
فقال رجل منهم يكنى أبا دلين :إن جعفرا وإنه لول أنه -ضم يده .-فقال
لي أبو عبد ال عليه السلم :تجالس أهل المدينة ؟ قلت :نعم ،قال عليه
السلم :فما حدثت بلغني فقصصت عليه الحديث ،فقال عليه السلم :ويح
أبي دلين إنما مثله مثل الريشة تمر بها الريح فتطيرها ) (2ثم قال :قال
رسول ال صلى ال عليه وآله :كل معروف صدقة وأفضل
- - - -امه منية بنت عمار بن أبى معاوية الدهنى اخت معاوية بن عمار -مات
رحمه ال في أيام الرضا عليه السلم بالمدينة وبعث إليه أبو الحسن
الرضا عليه السلم بحنوطه وكفنه وجميع ما يحتاج إليه (1) .هو عبد
العلى مولى آل سام من أصحاب الصادق عليه السلم وأنه اذن له في
الكلم لنه يقع ويطير ،وقد تضمن عدة اخبار أنه عليه السلم دعاه إلى
الكل معه من طعامه المعتاد ومن طعام اهدى له .ويمكن أن يكون الراوى
هو عبد العلى بن أعين العجلى مولهم الكوفى من أصحاب الصادق
عليه السلم .وقيل باتحادهما (2) .الريشة :واحدة الريش وهو للطائر
بمنزلة الشعر لغيره .ولعل المراد أنه في خفته كالريشة تتبع كل ناعق
وتميل مع كل ريح وهو لم يستضئ بنور العلم الحقيقي ولم يلجأ إلى ركن
وثيق .وأبو دلين في بعض النسخ " أبا دكين " -بالتصغير -والصحيح
ابن دكين وهو فضل بن دكين المكنى بأبى نعيم كان من أكابر محدثي
قدماء السلم وروى عنه كل الطائفتين ولد سنة 130وقدم بغداد فنزل
الرميلة وهى محلة بها فاجتمع - - - - -
][267
الصدقة صدقة عن ظهر غنى ) (1وابدأ بمن تعول ،واليد العليا خير من السفلى .ول
يلوم ال على الكفاف ،أتظنون أن ال بخيل وترون أن شيئا أجود من ال
إن الجواد السيد من وضع حق ال موضعه .وليس الجواد من يأخذ المال
من غير حله ويضع في غير حقه ،أما وال إني لرجو أن ألقى ال ولم
أتناول ما ل يحل بي وما ورد علي حق ال إل أمضيته ،وما بت ليلة قط
ول في مالي حق لم أرده - 180 .وقال عليه السلم :لرضاع بعد فطام )
(2ول وصال في صيام ،ول يتم بعد احتلم ،ولصمت يوم إلى الليل ،ول
تعرب بعد الهجرة (3) ،ول هجرة بعد -
- - - - -الهجرة التارك لهذا المر بعد معرفته " .فل يعبد أن يراد بالكلم معنى
عاما يشمل إليه أصحاب الحديث ونصبوا له كرسيا صعد عليه وأخذ يعظ
الناس ويذكرهم ويروى لهم الحاديث وتوفى بالكوفة سنة (1) .210قال
الجزرى :وفيه خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى أي ما كان عفوا قد
فضل عن غنى ،وقيل :أراد ما فضل عن العيال والظهر قد يزاد في مثل
هذا اشباعا للكلم وتمكينا ،كأن صدقته مستندة إلى ظهر قوى من المال.
انتهى .مثله " :خير الصدقة ما أبقيت غنى " أي أبقيت بعدها لك ولعيالك
غنى والمراد نفس الغنى لكنه اضيف لليضاح والبيان كما قيل :ظهر
الغيب والمراد نفس الغيب فالضافة بيانية طلبا للتأكيد كما في حق اليقين
ودار الخرة .والمراد باليد العليا :المعطية المتعففة .واليد السفلى:
المانعة أو السائلة (2) .أي كل طفل شرب اللبن بعد فصله عن الرضاع
من امرأة اخرى لم ينشر ذلك الرضاع الحرمة ،لنه رضاع بعد فطام" .
ول وصال في صيام " أي يحرم ذلك الصوم فل يجوز " .ول يتم بعد
احتلم " أي ل يطلق اليتيم على الصبى الذى فقد أباه إذا احتلم وبلغ
واليتم -بفتح وضم :-مصدر يتم ييتم فهو يتيم " .ول صمت يوم إلى
الليل " أي ليس صومه صوما ول يكون مشروعا فل فضيلة له وفى
الحديث " صوم الصمت حرام " " (3) .ل تعرب بعد الهجرة " أي يحرم
اللتحاق ببلد الكفر والقامة فيها من غير عذر ،وفى الخبر " من الكفر
التعرب بعد الهجرة " .وروى أيضا " أن المتعرب بعد - - - -
][268
الفتح ،ول طلق قبل النكاح ،ولعتق قبل ملك ،ول يمين لولد مع والده ) (1ول
للمموك مع موله ،ول للمرأة مع زوجها ،ول نذر في معصية ،ول يمين
في قطيعة - 181 .وقال عليه السلم :ليس من أحد -وإن ساعدته المور
-بمستخلص غضارة عيش ) (2إل من خلل مكروه ،ومن انتظر بمعاجلة
الفرصة مؤاجلة الستقصاء ) (3سلبته اليام فرصته لن من شأن اليام
السلب ،وسبيل الزمن الفوت - 182 .وقال عليه السلم :المعروف زكاة
النعم ،والشفاعة زكاة الجاه ،والعلل زكاة البدان ،والعفو زكاة الظفر ،وما
اديت زكاته فهو مأمون السلب - 183 .وكان عليه السلم يقول عند
المصيبة " :الحمد ل الذي لم يجعل مصيبتي في ديني والحمد ل الذي لو
شاء أن تكون مصيبتي أعظم مما كانت ]كانت[ والحمد ل على المر الذي
شاء أن يكون وكان ".
- - - - -كل مورد بحسب الزمان والمقام .ولذا قيل " :التعرب بعد الهجرة في
زماننا هذا أن يشتغل النسان بتحصيل العلم ثم يتركه ويصير منه غريبا
" .ولعل المراد بالفتح فتح مكة أو مطلق الفتح فيراد به معنى عاما )(1
لعل المراد به نفى الصحة فل ينعقد من الصل كما يمكن أن يراد بها نفى
اللزوم فينعقد ال أنه ل يلزم ) (2الغضارة -بالفتح :-طيب العيش يقال:
انهم لفى غضارة من العيش أي في خير وخصب -من غضر غضارة :-
أخصب ،طاب عيشه ،كثر ماله " .من خلل مكروه " بفتح الخاء أي
المكروهات .وخلل الديار بالكسر :ما بين بيوتها أو ما حوالى حدودها.
ولعل المراد ان النيل بغضارة العيش لكل احد ل تحصل ال بعد التعب
والمشقة (3) .لعل المراد ان من وجد الفرصة ولم يستقدمها وينتظر زمنا
حتى يستوفى من المطلوب بنحو أتم ذهبت هذه الفرصة أيضا ولم ينل
بشئ من المطلوب أبدا.
][269
- 184وقال عليه السلم :يقول ال :من استنقذ حيرانا من حيرته سميته حميدا
وأسكنته جنتي ) - 185 .(1وقال عليه السلم :إذا أقبلت دنيا قوم كسوا
محاسن غيرهم ،وإذا أدبرت سلبوا محاسن أنفسهم - 186 .وقال عليه
السلم :البنات حسنات والبنون نعم ،فالحسنات تثاب عليهن والنعمة تسال
عنها - 109 .ف ) :(2ومن حكمه عليه السلم ل يصلح من ل يعقل )(3
ول يعقل من ل يعلم ،وسوف ينجب من يفهم ،ويظفر من يحلم ،والعلم
جنة ،والصدق عز ،والجهل ذل ،و الفهم مجد ) (4والجود نجح ،وحسن
الخلق مجلبة للمودة ،والعالم بزمانه ل تهجم عليه اللوابس ) (5والحزم
مشكاة الظن ) (6وال ولي من عرفه وعدو من تكلفه والعاقل غفور
والجاهل ختور ) ،(7وإن شئت أن تكرم فلن ،وأن شئت أن تهان فاخشن،
ومن كرم أصله لن قلبه ،ومن خشن عنصره غلظ كبده ) (8ومن فرط
تورط ) (9ومن خاف العاقبة تثبت فيها ل يعلم ،ومن هجم على أمر بغير
علم جدع أنف نفسه ) ،(10ومن لم يعلم لم يفهم ،ومن لم يفهم لم يسلم،
ومن لم يسلم لم يكرم ومن لم يكرم تهضم ،ومن تهضم كان ألوم )(11
ومن كان كذلك كان أحرى أن
) (1في بعض نسخ المصدر " اسميه " ،قوله " :حميدا " .وفى بعض النسخ" :
جهيدا " ويمكن أن يقرأ " جهبذأ " (2) .التحف (3) .356 :رواها
الكليني في الكافي ج 1ص 26وفيه " ل يفلح من ل يعقل "(4) .
المجد :العز والرفعة .والنجح :الفوز والظفر (5) .اللبس -بالفتح :-
الشبهة ،أي ل تدخل عليه الشبهات (6) .المشكاة :كوة غير نافذة،
وأيضا :ما يوضع فيها المصباح .وفى الكافي " والحزم مساءة الظن "
والمساءة مصدر ميمى (7) .ختر -كضرب ونصر -ختورا :خبث وفسد.
والختر :الغدر والخديعة (8) .العنصر :الصل " .وغلظ كبده " أي قسا
قلبه (9) .أي من قصر في طلب الحق وفعل الطاعات أوقع نفسه في
ورطات المهالك (10) .أي ذل نفسه (11) .تهضم من باب التفعيل .وفى
بعض النسخ " يهضم " في الموضعين أي يظلم ويغضب.
][270
يندم ،إن قدرت أن ل تعرف فافعل ،وما عليك إذا لم يثن الناس عليك وما عليك أن
تكون مذموما عند الناس إذا كنت عند ال محمودا ،إن أمير المؤمنين عليه
السلم كان يقول " :ل خير في الحيادة إل لحد رجلين :رجل يزداد كل يوم
فيها إحسانا ورجل يتدارك منيته بالتوبة ) ." (1إن قدرت أن ل تخرج من
بيتك فافعل وإن عليك في خروجك أن ل تغتاب ول تكذب ول تحسد ول
ترائي ول تتصنع ول تداهن .صومعة المسلم بيته ،يحبس فيه نفسه
وبصره ولسانه وفرجه .إن من عرف نعمة ال بقلبه استوجب المزيد من
ال قبل أن يظهر شكرها على لسانه .ثم قال عليه السلم :كم من مغرور
بما أنعم ال عليه ،وكم من مستدرج بستر ال عليه ،وكم من مفتون بثناء
الناس عليه .إني لجور النجاة لمن عرف حقنا من هذه المة إل ]ل[ أحد
ثلثة :صاحب سلطان جائر ،وصاحب هوى ،والفاسق المعلن ،الحب أفضل
من الخوف ،وال ما أحب ال من أحب الدنيا ووالي غيرنا ومن عرف حقنا
وأحبنا فقد أحب ال ،كن ذنبا ول تكن رأسا ،قال رسول ال صلى ال عليه
وآله " من خاف كل لسانه " - 110 .سر (2) :ابن محبوب ،عن الهيثم بن
واقد الجزري قال :سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول :من أخرجه ال
من ذل المعاصي إلى عز التقوى أغناه ال بل مال وأعزه بل عشيرة،
وآنسه بل بشر ،ومن خاف ال خاف منه كل شئ ،ومن لم يخف ال أخافه
ال من كل شئ ،ومن رضي من ال باليسير من المعاش رضي ال عنه
باليسير من العمل ،ومن لم يستحي من طلب الحلل وقنع به خفت مؤونته
ونعم أهله ،ومن زهد في الدنيا أثبت ال الحكمة في قلبه وأنطق به لسانه،
وبصره عيوب الدنيا داءها ودواءها وأخرجه من الدنيا سالما إلى دار
السلم - 111 .سر (3) :من كتاب أبي القاسم بن قولويه ،عن عنبسة
العابد قال :قال رجل لبي عبد ال عليه السلم :أوصني قال :أعد جهازك،
وقدم زادك وكن وصي
) (1في بعض نسخ الكافي " سيئته بالتوبة " (2) .و ) (3السرائر باب النوادر آخر
أبواب الكتاب.
][271
نفسك ،ل تقل لغيرك يبعث إليك بما يصلحك - 112 .أقول :روى الشهيد الثاني -
رحمه ال (1) -بإسناده عن ابن قولويه ،عن أبيه ،عن سعد ،عن ابن
عيسى ،عن أبيه ،عن عبد ال بن سليمان النوفلي قال :كنت عند جعفر بن
محمد الصادق عليه السلم قال :فإذا بمولى لعبدال النجاشي قد ورد عليه
فسلم وأوصل إليه كتابه ففضة وقرأه فإذا أول سطر فيه بسم ال الرحمن
الرحيم أطال ال بقاء سيدي وجعلني من كل سوء فداءه ول أراني فيه
مكروها فانه ولي ذلك والقادر عليه ،إعلم سيدي ومولي إني بليت بولية
الهواز فإن رأى سيدي أن يحد لي حدا أو يمثل لي مثل لستدل به على ما
يقر بني إلى ال عزوجل وإلى رسوله ويلخص في كتابه ما يرى لي العمل
به وفيما بذله وابتذله وأين أضع زكاتي وفيمن أصرفها وبمن آنس وإلى
من أستريح ومن أثق وآمن وألجأ إليه في سري ؟ فعسى أن يخلصني ال
بهدايتك ودللتك ،فانك حجة ال على خلقه ،وأمينه في بلده ل زالت نعمته
عليك .قال عبد ال بن سليمان فأجابه أبو عبد ال عليه السلم :بسم ال
الرحمن الرحيم جاملك ال بصنعه ،ولطف بك بمنه ،وكلك برعايته ،فانه
ولي ذلك .أما بعد فقد جاء إلي رسولك بكتابك فقرأته ،وفهمت جميع ما
ذكرته ،وسألت عنه ،وزعمت أنك بليت بولية الهواز فسرني ذلك و
ساءني ،وساخبرك بما ساءني من ذلك ،وما سرني إن شاء ال تعالى فأما
سروري بوليتك فقلت :عسى أن يغيث ال بك ملهوفا خائفا من أولياء آل
محمد صلى ال عليه وآله ويعز بك ذليلهم ويكسو بك عاريهم ،ويقوي بك
ضعيفهم ،ويطفئ بك نار المخالفين عنهم ،وأما الذي ساءني من ذلك فان
أدنى ما أخاف عليك أن تعثر بولي لنا فل تشم حظيرة القدس ،فاني ملخص
لك جميع ما سألت عنه إن أنت عملت به ،ولم تجاوزه
) (1كتاب الغيبة الملحق بكشف الفوائد ص 264وقد مر بعضه في مواعظ النبي
صلى ال عليه وآله ج 77ص 189مع اختلف في بعض الموارد.
والظاهر المنقول ههنا من نسخة وهنالك من نسخة اخرى وكان فيهما
اختلف.
][272
رجوت أن تسلم إن شاء ال تعالى .أخبرني يا عبد ال أبي ،عن آبائه ،عن علي بن
أبي طالب عليه السلم عن رسول ال صلى ال عليه وآله أنه قال " :من
استشاره أخوه المؤمن فلم يمحضه النصيحة سلبه ال لبه " .واعلم أني
سأشير عليك برأي إن أنت عملت به تخلصت مما أنت متخوفه واعلم أن
خلصك ونجاتك من حقن الدماء وكف الذى من أولياء ال والرفق
بالرعية والتأني ،وحسن المعاشرة مع لين في غير ضعف ،وشدة في غير
عنف ،و مدارأة صاحبك ومن يرد عليك من رسله .وارتق فتق رعيتك )(1
بأن توفقهم على ما وافق الحق والعدل إن شاء ال .إياك والسعاة وأهل
النمايم فل يلتزقن منهم بك أحد ،ول يراك ال يوما وليلة وأنت تقبل منهم
صرفا ول عدل ،فيسخط ال عليك ويهتك سترك ،واحذر مكر خوز الهواز
) (2فان أبي أخبرني ،عن آبائه ،عن أمير المؤمنين عليه السلم أنه قال:
" اليمان ل يثبت في قلب يهودي ول خوزي أبدا " فأما من تأنس به
تستريح إليه وتلجئ امورك إليه فذلك الرجل الممتحن المستبصر المين
الموافق لك على دينك ،وميز أعوانك وجرب الفريقين ) (3فان رأيت هنالك
رشدا فشأنك وإياه .وإياك أن تعطي درهما ،أو تخلع ثوبا ،أو تحمل على
دابة في غير ذات ال لشاعر أو مضحك أو متمزح إل أعطيت مثله في ذات
ال ،ولتكن جوائزك و عطاياك وخلعك للقواد والرسل والجناد )(4
وأصحاب الرسائل وأصحاب الشرط والخماس ،وما أردت أن تصرفه في
وجوه البر والنجاح العتق والصدقة والحج و
) (1الرتق :ضد الفتق أي أصلح ذات بينهم (2) .الخوز بالمعجمتين وضم أولهما
جيل من الناس واسم لجميع بلد خوزستان (3) .أي اجعل لهم علمة
يعرفون بها وعلى هذا فمعنى " جرب الفريقين أي جرب من تأنس
وأعوانك ،ويمكن أن يراد بتمييز العوان تشخيص العدو والصديق منهم
فيكون التجربة متعلقة بهما (4) .كذا .وفى نسخة " الخبار "(*) .
][273
المشرب والكسوة التي تصلي فيها وتصل بها والهدية التي تهديها إلى ال تعالى
عزوجل وإلى رسوله صلى ال عليه وآله من أطيب كسبك ،يا عبد ال
اجهد أن ل تكنز ذهبا ول فضة فتكون من أهل هذه الية التي قال ال
عزوجل " الذين يكنزون الذهب والفضة ول ينفقونها في سبيل ال )" (1
ول تستصغرن من حلو أو فضل طعام تصرفه في بطون خالية لتسكن بها
غضب ال تبارك وتعالى .واعلم أني سمعت من أبي يحدث من آبائه عن
أمير المؤمنين عليه السلم أنه سمع النبي صلى ال عليه وآله يقول
لصحابه يوما " :ما آمن بال واليوم الخر من بات شبعان و جاره جائع
" فقلنا :هلكنا يا رسول ال ،فقال :من فضل طعامكم ومن فضل تمركم
ورزقكم وخلقكم وخرقكم تطفئون بها غضب الرب ) (2وسانبئك بهوان
الدنيا وهوان شرفها على ما مضى من السلف والتابعين .فقد حدثني محمد
بن علي بن الحسين قال عليه السلم :لما تجهز الحسين عليه السلم إلى
الكوفة أتاه ابن عباس فنا شده ال والرحم أن يكون هو المقتول بالطف
فقال :أنا أعروف بمصرعي منك وما وكدي من الدنيا إل فراقها ) ،(3أل
اخبرك يا ابن عباس بحديث أمير المؤمنين عليه السلم والدنيا ؟ فقال له:
بلى لعمري إني لحب أن تحدثني بأمرها ،فقال أبي :قال علي بن الحسين
عليه السلم :سمعت أبا عبد ال الحسين عليه السلم يقول :حدثني أمير
المؤمنين عليه السلم قال :إني كنت بفدك في بعض حيطانها ،وقد صارت
لفاطمة عليها السلم قال :فإذا أنا بامرأة قد هجمت علي وفي يدي مسحاة
وأنا أعمل بها ،فلما نظرت إليها طار قلبي مما تداخلني من جمالها
فشبهتها ببثينة بنت عامر الجمحي وكانت من أجمل نساء قريش فقالت :يا
ابن أبي طالب هل
) (1التوبة (2) .35 :قوله " :فقلنا هلكنا " أي هكنا بما قلت ،أو نحن نشبع
وجيراننا يبيتون جياعا وليس عندنا ما يشبعهم ،فقال صلى ال عليه
وآله " :من فضل طعامكم " أي انفقوا فضل طعامكم وفضل ثيابكم وان
كان خلقا باليا خرقا ،تسكن به غضب ربكم (3) .الوكد -كفلس :-المراد،
والمقصد ،والهم .و -كقفل :-السعي والجهد.
][274
لك أن تتزوج بي فاغنيك عن هذه المسحاة وأدلك على خزائن الرض فيكون لك
الملك ما بقيت ولعقبك من بعدك ؟ فقال لها :من أنت حتى أخطبك من أهلك
فقالت :أنا الدنيا قال لها :فارجعي واطلبي زوجا غيري ]فلست من شأني[.
وأقبلت على مسحاتي وأنشأت أقول :لقد خاب من عزته دنيا دنية * وما
هي إن غرت قرونا بنائل أتتنا على زي العزيز بثينة * وزينتها في مثل تلك
الشمائل فقلت لها :غري سواي فإنني * عزوف عن الدنيا فلست بجاهل
وما أنا والدنيا فان محمدا * أحل صريعا بين تلك الجنادل ) (1وهبها أتتنا
بالكنوز ودرها * وأموال قارون وملك القبائل أليس جميعا للفناء مصيرنا
* ويطلب من خزانها بالطوائل ) (2فغري سواي إنني غير راغب * بما
فيك من ملك وعز ونائل فقد قنعت نفسي بما قد رزقته * فشأنك يا دنيا
وأهل الغوائل فاني أخاف ال يوم لقائه * وأخشى عذابا دائما غير زائل "
فخرج من الدنيا وليس في عنقه تبعة لحد حتى لقى ال محمودا غير ملوم
ول مذموم .ثم اقتدت به الئمة من بعده بما قد بلغكم لم يتلطخوا بشئ من
بوائقها صلوات ال عليهم أجمعين وأحسن مثواهم .وقد وجهت إليك
بمكارم الدنيا والخرة ،وعن الصادق المصدق رسول ال فان أنت عملت
بما نصحت لك في كتابي هذا ثم كانت عليك من الذنوب والخطايا كمثل
أوزان الجبال وأمواج البحار رجوت ال أن يتجافى عنك عزوجل بقدرته .يا
عبد ال إياك أن تخيف مؤمنا فان أبي محمد بن علي حدثني ،عن أبيه ،عن
جده علي بن أبي طالب عليه السلم أنه كان يقول " :من نظر إلى مؤمن
نظرة ليخيفه بها
][275
أخافه ال يوم ل ظل إل ظله ،وحشره في صورة الذر لحمه وجسده وجميع أعضائه
حتى يورده مورده " .وحدثني أبي ،عن آبائه ،عن علي عليه السلم عن
النبي صلى ال عليه وآله أنه قال :من أغاث لهفانا من المؤمنين أغاثه ال
يوم ل ظل إل ظله ،وآمنه يوم الفزع الكبر ،وآمنه عن سوء المنقلب ،ومن
قضى لخيه المؤمن حاجة قضى ال له حوائج كثيرة إحديها الجنة ،ومن
كسا أخاه المؤمن من عرى كساه ال من سندس الجنة وإستبرقها و
حريرها ولم يزل يخوض في رضوان ال مادام على المكسو منها سلك،
ومن أطعم أخاه من جوع أطعمه ال من طيبات الجنة ،ومن سقاه من ظمأ
سقاه ال من الرحيق المختوم رية ،ومن أخدم أخاه أخدمه ال من الولدان
المخلدين ،وأسكنه مع أوليائه الطاهرين ،ومن حمل أخاه المؤمن من رحله
حمله ال على ناقة من نوق الجنة ،وباهى به الملئكة المقربين يوم
القيامة ،ومن زوج أخاه المؤمن امرأة يأنس بها ويشد عضده ويستريح
إليها ،زوجه ال من الحور العين ،وآنسه بمن أحب من الصديقين من أهل
بيت نبيه وإخوانه وآنسهم به ،ومن أعان أخاه المؤمن على سلطان جائر
أعانه ال على إجازة الصراط عند زلزلة القدام ،ومن زار أخاه المؤمن
إلى منزله ل لحاجة منه إليه كتب من زوار ال ،وكان حقيقا على ال أن
يكرم زائره " .يا عبد ال وحدثني أبي ،عن آبائه ،عن علي عليه السلم
أنه سمع رسول ال صلى ال عليه وآله يقول لصحابه يوما " :معاشر
الناس إنه ليس بمؤمن من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه ،فل تتبعوا عثراة
المؤمنين فانه من اتبع عثرة مؤمن اتبع ال عثراته يوم القيامة وفضحه
في جوف بيته " .وحدثني أبي عن علي عليه السلم أنه قال " :أخذ ال
ميثاق المؤمن أن ل يصدق في مقالته ول ينتصف من عدوه ،وعلى أن ل
يشفي غيظه إل بفضيحة نفسه ،لن كل مؤمن ملجم ،وذلك لغاية قصيرة
وراحة طويلة ،أخذ ال ميثاق المؤمن على أشياء
][276
أيسرها عليه مؤمن مثله يقول بمقالته ،يبغيه ويحسده ،والشيطان يغويه ويمقته ،و
السلطان يقفو أثره ،ويتبع عثراته ،وكافر بالذي هو مؤمن به يرى سفك
دمه دينا وإباحة حريمه غنما ،فما بقاء المؤمن بعد هذا " .يا عبد ال
وحدثني أبي ،عن آبائه ،عن علي عليهم السلم ،عن النبي صلى ال عليه
وآله قال " :نزل جبرئيل عليه السلم فقال :يا محمد إن ال يقرء عليك
السلم ويقول :اشتققت للمؤمن اسما من أسمائي سميته مؤمنا فالمؤمن
مني وأنا منه ،من استهان بمؤمن فقد استقبلني بالمحاربة " .يا عبد ال
وحدثني أبي ،عن آبائه عليهم السلم ،عن علي عليه السلم عن النبي
صلى ال عليه وآله أنه قال يوما " :يا علي ل تناظر رجل حتى تنظر في
سريرته ،فان كانت سريرته حسنة فان ال عزوجل لم يكن ليخذل وليه وإن
كانت سريرته ردية فقد يكفيه مساويه ،فلو جهدت أن تعمل به أكثر مما
عمله من معاصي ال عزوجل ما قدرت عليه " .يا عبد ال وحدثني أبي،
عن آبائه ،عن علي عليه السلم عن النبي صلى ال عليه وآله قال" :
أدنى الكفر أن يسمع الرجل عن أخيه الكلمة فيحفظها عليه يريد أن يفضحه
بها اولئك لخلق لهم ) ." (1يا عبد ال وحدثني أبي ،عن آبائه ،عن علي
عليه السلم أنه قال " :من قال في مؤمن ما رأت عيناه وسمعت اذناه ما
يشينه ويهدم مروته ،فهو من الذين قال ال عزوجل " :إن الذين يحبون
أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم ) ." (2يا عبد ال
وحدثني أبي ،عن آبائه ،عن علي عليه السلم أنه قال :من روى عن أخيه
المؤمن رواية يريد بها هدم مروته وثلبه أو بقه ال بخطيئته ) (3حتى
يأتي
) (1أي ل نصيب لهم في الخرة (2) .النور (3) .19 :ثلبه أي عابه ولمه واغتابه
أو سبه .وأوبقه أي أهلكه وذل .وفى بعض النسخ " بخطبه " والخطب
المر العظيم المكروه.
][277
بمخرج مما قال ،ولن يأتي بالمخرج منه أبدا ،ومن أدخل على أخيه المؤمن سرورا
فقد أدخل على أهل البيت عليهم السلم سرورا ومن أدخل على أهل البيت
سرورا فقد أدخل على رسول ال صلى ال عليه وآله سرورا ،ومن أدخل
على رسول ال صلى ال عليه وآله سرورا فقد سر ال ،ومن سر ال
فحقيق عليه أن يدخله الجنة حينئذ " .ثم إني اوصيك بتقوى ال ،وإيثار
طاعته ،والعتصام بحبله فانه من اعتصم بحبل ال فقد هدي إلى صراط
مستقيم ،فاتق ال ول تؤثر أحدا على رضاه وهواه فانه وصية ال عزوجل
إلى خلقه ل يقبل منهم غيرها ول يعظم سواها ،واعلم أن الخلئق لم
يوكلوا بشئ أعظم من التقوى ،فانه وصيتنا أهل البيت ،فان استطعت أن ل
تنال من الدنيا شيئا تسأل عنه غدا فافعل .قال عبد ال بن سليمان :فلما
وصل كتاب الصادق عليه السلم إلى النجاشي نظر فيه فقال :صدق وال
الذي ل إله إل هو مولي ،فما عمل أحد بما في هذا الكتاب إل نجا ،فلم يزل
عبد ال يعمل به في أيام حياته - 113 .كتاب الربعين ) (1في قضاء
حقوق المؤمنين وأعلم الدين :قال جعفر ابن محمد الصادق عليه السلم:
المؤمن يداري ول يماري .وقال عليه السلم :من اعتدل يوماه فهو
مغبون ،ومن كان في غده شرا من يومه فهو مفتون ،ومن لم يتفقد
النقصان في نفسه دام نقصه ،ومن دام نقصه فالموت خير له ،ومن أدب
من غير عمد كان للعفو أهل .وقال عليه السلم :اطلبوا العلم ولو بخوض
اللجج وشق المهج .وقال عليه السلم لجاهل سخي خير من ناسك بخيل.
وسئل عليه السلم عن التواضع فقال :هو أن ترضى من المجلس بدون
شرفك وأن تسلم على من لقيت ،وأن تترك المراء وإن كنت محقا .وقال
عليه السلم :إذا دق العرض استصعب جمعه .وقال عليه السلم :المؤمن
إذا غضب لم يخرجه غضبه من حق ،وإذا رضي لم يدخله رضاه في باطل.
والذي إذا قدر لم يأخذ أكثر من ماله.
) (1مخطوط.
][278
وقال عليه السلم :كتاب ال عزوجل على أربعة أشياء :على العبارة والشارة،
واللطائف ،والحقائق ،فالعبارة للعوام ،والشارة للخواص ،واللطائف
للولياء والحقائق للنبياء .وقال عليه السلم :من سأل فوق قدره استحق
الحرمان .وقال عليه السلم :من أكرمك فأكرمه ،ومن استخفك فأكرم
نفسك عنه .وقال عليه السلم :من أخلق الجاهل الجابة قبل أن يسمع،
والمعارضة قبل أن يفهم ،والحكم بما ل يعلم .وقال عليه السلم :سرك من
دمك فل تجريه في غير أوداجك .وقال عليه السلم :صدرك أوسع لسرك.
وقال عليه السلم :أولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة وأنقص الناس
عقل من ظلم من دونه ،ولم يصفح عمن اعتذر إليه ،والقادر على الشئ
سلطان .وقال عليه السلم :إن القلب يحيى ويموت فإذا حيي فأدبه
بالتطوع ،وإذا مات فاقصره على الفرائض .وقال عليه السلم :ل تحدث
من تخاف أن يكذبك ،ول تسأل من تخاف أن يمنعك ،ول تثق إلى من تخاف
أن يعذبك ) (1ومن لم يواخ إل من ل عيب فيه قل صديقه ،ومن لم يرض
من صديقه إل بايثاره على نفسه دام سخطه ،ومن عاتب على كل ذنب كثر
تبعته .وقال عليه السلم :من عذب لسانه زكي عقله ،ومن حسنت نيته زيد
في رزقه ومن حسن بره بأهله زيد في عمره .وقال عليه السلم :إن
الزهاد في الدنيا نور الجلل عليهم ،وأثر الخدمة بين أعينهم ،وكيف ل
يكونون كذلك وإن الرجل لينقطع إلى بعض ملوك الدنيا فيرى عليه أثره
فكيف بمن ينقطع إلى ال تعالى ل يرى أثره عليه .وقال عليه السلم :صلة
الرحم تهون الحساب يوم القيامة قال ال تعالي " :والذين يصلون ما أمر
ال به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب )." (2
][279
) * .24باب( * " )ما روى عن الصادق عليه السلم من وصاياه لصحابه( " - 1
ف ) :(1وصيته عليه السلم لعبدال بن جندب ) (2روي أنه عليه السلم
قال :يا عبد ال لقد نصب إبليس حبائله في دار الغرور فما يقصد فيها إل
أولياءنا ،ولقد جلت الخرة في أعينهم حتى ما يريدون بها بدل ،ثم قال :آه
آه على قلوب حشيت نورا وإنما كانت الدنيا عندهم بمنزلة الشجاع الرقم )
(3والعدو العجم ) (4أنسوا بال واستوحشوا مما به استأنس المترفون،
أولئك أوليائي حقا ،وبهم تكشف كل فتنة وترفع كل بلية .يا ابن جندب حق
على كل مسلم يعرفنا أن يعرض عمله في كل يوم وليلة على نفسه فيكون
محاسب نفسه ،فان رأى حسنة استزاد منها .وإن رأى سيئة استغفر منها
لئل يخزي يوم القيامة .طوبى لعبد لم يغبط الخاطئين على ما أوتوا من -
) (1التحف ص (2) .301بضم الكاف وسكون النون وفتح الدال .هو عبد ال بن
جندب البجلى الكوفى ثقة جليل القدر من أصحاب الصادق والكاظم
والرضا عليهم السلم وانه من المخبتين وكان وكيل لبي ابراهيم وأبى
الحسن عليهما السلم .كان عابدا رفيع المنزلة لديهما على ما ورد في
الخبار .ولما مات رحمه ال قام مقامه على بن مهزيار (3) .حشيت أي
ملت .والشجاع -بالكسر والضم :-الحية العظيمة التى تواثب الفارس
وربما قلعت رأس الفارس وتكون في الصحارى ويقوم على ذنبه.
والرقم :الحية التى فيها سواد وبياض وهو أخبث الحيات ،ويحتمل أن
يكون " الشجاع القرع " وهو حية قد تمعط شعر رأسها لكثرة سمها) .
(4العجم الدابة وسميت به لنها ل تتكلم .وكل من ل يقدر على الكلم أو
ل يفهم الكلم فهو أعجم.
][280
نعيم الدنيا وزهرتها ،طوبى لعبد طلب الخرة وسعى لها ،طوبى لمن لم تلهه الماني
الكاذبة .ثم قال عليه السلم :رحم ال قوما كانوا سراجا ومنارا ،كانوا دعاة
س ]وا[ كمن يذيع أسرارنا .يا ابن جندب إلينا بأعمالهم ومجهود طاقتهم ،لي
إنما المؤمنون الذين يخافون ال ،ويشفقون أن يسلبوا ما اعطوا من
الهدى ،فإذا ذكروا ال ونعماءه وجلوا وأشفقوا ،وإذا تليت عليهم آياته
زادتهم إيمانا مما أظهره من نفاذ قدرته ،وعلى ربهم يتوكلون .يا ابن
جندب قديما عمر الجهل وقوي أساسه وذلك ل تخاذهم دين ال لعبا حتى
لقد كان المتقرب منهم إلى ال بعمله يريد سواه أولئك هم الظالمون .يا ابن
جندب لو أن شيعتنا استقاموا لصافحتهم الملئكة ،ولظلهم الغمام ،و
لشرقوا نهارا ،ولكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم ،ولما سألوا ال شيئا
إل أعطاهم .يا ابن جندب ل تقل في المذنبين من أهل دعوتكم إل خيرا،
واستكينوا إلى ال في توفيقهم ،وسلوا التوبة لهم ،فكل من قصدنا وتولنا،
ولم يوال عدونا وقال ما يعلم ،وسكت عما ل يعلم أو أشكل عليه فهو في
الجنة .يا ابن جندب يهلك المتكل على عمله ،ول ينجو المجترئ على
الذنوب الواثق برحمة ال .قلت :فمن ينجو ؟ قال :الذين هم بين الرجاء
والخوف ،كأن قلوبهم في مخلب طائر شوقا إلى الثواب وخوفا من العذاب.
يا ابن جندب من سره أن يزوجه ال الحور العين ،ويتوجه بالنور فليدخل
على أخيه المؤمن السرور .يا ابن جندب أقل النوم بالليل والكلم بالنهار،
فما في الجسد شئ أقل شكرا من العين واللسان ،فان ام سليمان قالت
لسليمان عليه السلم :يا بني إياك و النوم ،فإنه يفقرك يوم يحتاج الناس
إلى أعمالهم .يا ابن جندب إن للشيطان مصائد يصطاد بها فتحاموا شباكه )
(1ومصائده
) (1فتحاموا شباكه :اجتنبوها وتوقوها .والشباك -جمع شبكة -بالتحريك :-شركة
الصياد يعنى حبائل الصيد.
][281
قلت :يا ابن رسول ال وما هي ؟ قال :أما مصائده فصد عن بر الخوان ،وأما
شباكه فنوم عن قضاء الصلوات التي فرضها ال ،أما إنه ما يعبد ال بمثل
نقل القدام إلى بر الخوان وزيارتهم ،ويل للساهين عن الصلوات ،النائمين
في الخلوات ،المستهزئين بال وآياته في الفترات ) " (1أولئك )الذين( ل
خلق لهم في الخرة ول يكلمهم ال ]ول ينظر إليهم[ يوم القيمة ول
يزكيهم ولهم عذاب أليم ) ." (2يا ابن جندب من أصبح مهموما لسوى
فكاك رقبته فقدهون عليه الجليل ورغب من ربه في الوتح الحقير )(3
ومن غش أخاه وحقره وناواه ) (4جعل ال النار مأواه ،ومن حسد مؤمنا
انماث اليمان في قلبه كما ينماث الملح في الماء .يا ابن جندب الماشي في
حاجة أخيه كالساعي بين الصفا والمروة ،وقاضي حاجته كالمتشحط بدمه
في سبيل ال يوم بدر واحد ،وما عذب ال امة إل عند استهانتهم بحقوق
فقراء إخوانهم .يا ابن جندب بلغ معاشر شيعتنا وقل لهم :ل تذهبن بكم
المذاهب فوال ل تنال وليتنا إل بالورع والجتهاد في الدنيا ومواساة
الخوان في ال .وليس من شيعتنا من يظلم الناس .يا ابن جندب إنما
شيعتنا يعرفون بخصال شتى :بالسخاء والبذل للخوان وبأن يصلوا
الخمسين ليل ونهارا ،شيعتنا ل يهرون هرير الكلب ،ول يطمعون طمع
الغراب ،ول يجاورون لنا عدوا ،ول يسألون لنا مبغضا ،ولو ماتوا جوعا،
شيعتنا ل يأكلون الجري ) (5ول يمسحون على الخفين ،ويحافظون على
الزوال ،ول
) (1الفترة :الضعف والنكسار ،والمراد بها زمان ضعف الدين (2) .آل عمران:
(3) .77كذا في الوافى " الوتح الحقير " والوتح -بالتحريك وككتف :-
القيل التافه مى الشئ .وفى أكثر نسخ المصدر " الربح " (4) .أي عاداه
وأصله الهمزة من النوء .بمعنى النهوض والطلوع (5) .الجرى -كذمي
:-سمك طويل أملس وليس عليه فصوص .وقيل :مارماهى.
][282
يشربون مسكرا .قلت :جعلت فداك فأين أطلبهم ؟ قال عليه السلم :على رؤوس
الجبال وأطراف المدن .وإذا دخلت مدينة فسل ) (1عمن ل يجاورهم ول
يجاورونه فذلك مؤمن كما قال ال " :وجاء من أقصا المدينة رجل يسعى )
" (2وال لقد كان حبيب النجار وحده .يا ابن جندب كل الذنوب مغفورة
سوى عقوق أهل دعوتك ،وكل البر مقبول إل ما كان رئاء .يا ابن جندب
أحبب في ال وابغض في ال ،واستمسك بالعروة الوثقى ،واعتصم بالهدى
يقبل عملك فإن ال يقول " :وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم
اهتدى ) " (3فل يقبل إل اليمان ،ول إيمان إل بعمل ،ول عمل إل بيقين،
ول يقين إل بالخشوع وملكها كلها الهدى ،فمن اهتدى يقبل عمله وصعد
إلى الملكوت متقبل " وال يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم ) ." (4يا
ابن جندب إن أحببت أن تجاور الجليل في داره ،وتسكن الفردوس في
جواره فلتهن عليك الدنيا ،واجعل الموت نصب عينك ،ول تدخر شيئا لغد،
و اعلم أن لك ما قدمت وعليك ما أخرت .يا ابن جندب من حرم نفسه كسبه
فإنما يجمع لغيره ،ومن أطاع هواه فقد أطاع عدوه ،من يثق بال يكفه ما
أهمه من أمر دنياه وآخرته ويحفظ له ما غاب عنه .وقد عجز من لم يعد
لكل بلء صبرا ولكل نعمة شكرا ،ولكل عسر يسرا ،صبر نفسك عند كل
بلية في ولد أو مال ،أو رزية ) (5فانما يقبض عاريته ويأخذ
) (1الظاهر أن مراده عليه السلم في دولة الفسق وزمن الكفر (2) .يس(3) .19 :
طه .84 :وفى المصدر :ال من آمن وعمل صالحا ثم اهتدى "(4) .
البقرة (5) .210 :الرزية :المصيبة أصله من رزأ أي أصاب منه شيئا
ونقض .وفى بعض النسخ " أو ذرية " وهى الصواب.
][283
هبته ليبلو فيهما صبرك وشكرك ،وارج ال رجاء ل يجرئك على معصيته ،وخفه
خوفا ل يؤيسك من رحمته ،ول تغتر بقول الجاهل ول بمدحه فتكبر وتجبر
و تعجب بعملك ،فان أفضل العمل العبادة والتواضع ،فل تضيع مالك
وتصلح مال غيرك ما خلفته وراء ظهرك ،واقنع بما قسمه ال لك ،ول
تنظر إل إلى ما عندك ،ول تتمن ما لست تناله ،فان من قنع شبع ،ومن لم
يقنع لم يشبع ،وخذ حظك من آخرتك ،ول تكن بطرا في الغنى ،ول جزعا
في الفقر ،ول تكن فظا غليظا يكره الناس قربك ول تكن واهنا يحقرك من
عرفك ،ول تشار ) (1من فوقك ،ول تسخر بمن هو دونك ،ول تنازع المر
أهله ،ول تطع السفهاء ،ول تكن مهينا تحت كل أحد ،ول تتكلن على كفاية
أحد ،وقف عند كل أمر حتى تعرف مدخله من مخرجه قبل أن تقع فيه
فتندم ،واجعل قلبك قريبا تشاركه ) (2واجعل علمك والدا تتبعه ،واجعل
نفسك عدوا تجاهده ،وعارية تردها ،فانك قد جعلت طبيب نفسك ،وعرفت
آية الصحة وبين لك الداء ،ودللت على الدواء .فانظر قيامك على نفسك،
وإن كانت لك يد عند إنسان فل تفسدها بكثرة المنن والذكر لها ،و لكن
اتبعها بأفضل منها ،فان ذلك أجمل بك في أخلقك ،وأوجب للثواب في
آخرتك ،وعليك بالصمت تعد حليما -جاهل كنت أو عالما -فإن الصمت
زين لك عند العلماء ،وستر لك عند الجهال .يا ابن جندب إن عيسى بن
مريم عليه السلم قال لصحابه " :أرأيتم لو أن أحدكم مر بأخيه فرأى
ثوبه قد انكشف عن بعض عورته أكان كاشفا عنها كلها أم يرد عليها ما
انكشف منها ؟ قالوا :بل نرد عليها ،قال :كل ،بل تكشفون عنها كلها -
فعرفوا أنه مثل ضربه لهم -فقيل :يا روح ال وكيف ذلك ؟ قال :الرجل
منكم يطلع على العورة من أخيه فل يسترها .بحق أقول لكم إنكم ل
تصيبون ما تريدون إل بترك ما تشتهون ،ول تنالون ما تأملون إل بالصبر
على ما تكرهون.
) (1ول تشار أي ول تخاصم (2) .في بعض النسخ " تتنازله " وفى بعضها "
تشاوره ".
][284
إياكم والنظرة فانها تزرع في القلب الشهوة ،وكفى بها لصاحبها فتنة .طوبى لمن
جعل بصره في قلبه ولم يجعل بصره في عنيه ل تنظروا في عيوب الناس
كالرباب و انظروا في عيوبكم كهيئة العبيد .إنما الناس رجلن مبتلى
ومعافي ،فارحموا المبتلى واحمدوا ال على العافية " .يا ابن جندب صل
من قطعك ،واعط من حرمك ،وأحسن إلى من أساء إليك وسلم على من
سبك ،وأنصف من خاصمك ،واعف عمن ظلمك ،كما أنك تحب أن يعفى
عنك ،فاعتبر بعفو ال عنك ،أل ترى أن شمسه أشرقت على البرار و
الفجار ،وأن مطره ينزل على الصالحين والخاطئين .يا ابن جندب ل
تتصدق على أعين الناس ليزكوك ،فانك إن فعلت ذلك فقد استوفيت أجرك،
ولكن إذا أعطيت بيمينك فل تطلع عليها شمالك ،فإن الذي تتصدق له سرا
يجزيك علنية على رؤوس الشهاد في اليوم الذي ل يضرك أن ل يطلع
الناس على صدقتك .واخفض الصوت ،إن ربك الذي يعلم ما تسرون وما
تعلنون ،قد علم ما تريدون قبل أن تسألوه ،وإذا صمت فل تغتب أحدا ،ول
تلبسوا صيامكم بظلم ،ول تكن كالذي يصوم رئاء الناس ،مغبرة وجوههم،
شعثة رؤوسهم ،يابسة أفواههم لكي يعلم الناس أنهم صيام .يا ابن جندب
الخير كله أمامك ،وإن الشر كله أمامك ،ولن ترى الخير والشر إل بعد
الخرة ،لن ال عزوجل جعل الخير كله في الجنة والشر كله في النار،
لنهما الباقيان ،والواجب على من وهب ال له الهدى وأكرمه باليمان
وألهمه رشده ،وركب فيه عقل يتعرف به نعمه ،وآتاه علما وحكما يدبر به
أمر دينه ودنياه ) (1أن يوجب على نفسه أن يشكر ال ول يكفره ،وأن
يذكر ال ول ينساه وأن يطيع ال ول يعصيه ،للقديم الذي تفرد له بحسن
النظر ،وللحديث الذي أنعم عليه بعد إذ أنشأه مخلوقا ،وللجزيل الذي
وعده ،والفضل الذي لم يكلفه من طاعته فوق طاقته وما يعجز عن القيام
به وضمن له العون على تيسير ما حمله من ذلك
) " (1الواجب " مبتدأ وخبره جملة " أن يوجب على نفسه الخ ".
][285
وندبه إلى الستعانة على قليل ما كلفه وهو معرض ) (1عما أمره وعاجز عنه قد
لبس ثوب الستهانة فيما بينه وبين ربه ،متقلدا لهواه ،ماضيا في
شهواته ،مؤثرا لدنياه على آخرته ،وهو في ذلك يتمنى جنان الفردوس،
وما ينبغي لحد أن يطمع أن ينزل بعمل الفجار منازل البرار .أما إنه لو
وقعت الواقعة ،وقامت القيامة ،وجاءت الطامة ،ونصب الجبار الموازين
لفصل القضاء ،وبرز الخلئق ليوم الحساب أيقنت عند ذلك لمن تكون
الرفعة والكرامة ،وبمن تحل الحسرة والندامة ،فاعمل اليوم في الدنيا بما
ترجو به الفوز في الخرة .يا ابن جندب قال ال حل وعز في بعض ما
أوحي " :إنما اقبل الصلة ممن يتواضع لعظمتي ،ويكف نفسه عن
الشهوات من أجلي ،ويقطع نهاره بذكري ،ول يتعظم على خلقي ،ويطعم
الجائع ويكسو العاري ويرحم المصاب ويؤوي الغريب ) (2فذلك يشرق
نوره مثل الشمس ،أجعل له في الظلمة نورا وفي الجهالة حلما ،أكله
بعزتي ) (3وأستحفظه ملئكتي ،يدعوني فالبيه ،ويسألني فاعطيه ،فمثل
ذلك العبد عندي كمثل جنات الفردوس ل يسبق أثمارها ،ول تتغير عن
حالها .يا ابن جندب السلم عريان ،فلباسه الحياء ،وزينته الوقار،
ومروته العمل الصالح ،وعماده الورع ،ولكل شئ أساس ،وأساس السلم
جبنا أهل البيت .يا ابن جندب إن ال تبارك وتعالى سورا من نور ،محفوفا
بالزبرجد و الحرير ،منجدا بالسندس ) (4والديباج ،يضرب هذا السور بين
أوليائنا وبين أعدائنا ،فإذا على الدماغ وبلغت القلوب الحناجر ونضجت
الكباد من طول
) (1الضمير يرجع إلى " من وهب ال " (2) .في بعض النسخ " ويواسى الغريب
" يقال :واسى الرجل أي آساه وعاونه (3) .كل ال فلنا :حفظه
وحرسه (4) .منجدأ أي مزينا.
][286
الموقف ادخل في هذا السور أولياء ال ،فكانوا في أمن ال وحرزه ،لهم فيها ما
تشتهي النفس وتلذ العين .وأعداء ال قد ألجمهم العرق ،وقطعهم
الفرق ،وهم ينظرون إلى ما أعد ال لهم ،فيقولون " :ما لنا ل نرى رجال
كنا نعدهم من الشرار ) " (1فينظر إليهم أولياء ال فيضحكون منهم،
فذلك قوله عزوجل " :اتخذناهم سخريا أم زاغت عنهم البصار )." (2
وقوله " :فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون * على الرائك ينظرون
) " (3فل يبقى أحد ممن أعان مؤمنا من أوليائنا بكلمة إل أدخله ال الجنة
بغير حساب - 2 .ف ) :(4وصيته عليه السلم لبي جعفر محمد بن
النعمان الحول )(5
) (1ص (2) 26 :ص (3) .63 :المطففين (4) .35 ،34 :التحف ص (5) .307
هو أبو جعفر محمد بن على بن النعمان الكوفى المعروف عندنا بصاحب
الطاق أو مؤمن الطاق والمخالفون يلقبونه شيطان الطاق ،كان صيرفيا
في طاق المحامل بالكوفة يرجع إليه في النقد فيخرج كما ينقد فيقال:
شيطان الطاق وهو من أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلم كان
رحمه ال ثقة ،متكلما ،حاذقا ،كثير العلم ،حسن الخاطر ،حاضر الجواب
حكى عن أبى خالد الكابلي أنه قال :رأيت أبا جعفر صاحب الطاق وهو
قاعد في الروضة قد قطع أهل المدينة ازاره وهو دائب يجيبهم ويسألونه
فدنوت منه وقلت :ان أبا عبد ال عليه السلم نهانا عن الكلم .فقال:
وأمرك أن تقول لي ؟ فقلت :ل وال ولكنه أمرنى أن ل اكلم أحدا قال:
فاذهب وأطعه فيما أمرك .فدخلت على أبى عبد ال عليه السلم فأخبرته
بقصة صاحب الطاق وما قلت له وقوله :اذهب وأطعه فيما أمرك .فتبسم
أبو عبد ال عليه السلم وقال :يا أبا خالد ان صاحب الطاق يكلم الناس
فيطير وينقض وأنت ان قصوك لن تطير اه .وله مع أبى حنيفة حكايات
نقلها المؤرخون وأهل السير فمنها أنه لما مات الصادق عليه السلم رأى
أبو حنيفة مؤمن الطاق فقال له :مات امامك ،قال :نعم أما امامك فمن
المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم .وله كتب منها كتاب المامة وكتاب
المعرفة - - - -
][287
قال أبو جعفر :قال لي الصادق عليه السلم :إن ال عزوجل عير أقواما في القرآن
بالذاعة فقلت له :جعلت فداك أين قال ؟ قال :قوله " :وإذا جاءهم أمر من
المن أو الخوف أذاعوا به ) " (1ثم قال :المذيع علينا سرنا كالشاهر
بسيفه علينا ،رحم ال عبدا سمع بمكنون علمنا فدفنه تحت قدميه .وال
إني لعلم بشراركم من البيطار بالدواب ،شراركم الذين ل يقرؤون القرآن
إل هجرا ،ول يأتون الصلة إل دبرا ،ول يحفظون ألسنتهم ) .(2إعلم أن
الحسن بن علي عليهما السلم لما طعن واختلف الناس عليه سلم المر
لمعاوية فسلمت عليه الشيعة " عليك السلم يا مذل المؤمنين " ،فقال
عليه السلم " :ما أنا بمذل المؤمنين ولكني معز المؤمنين ،إني لما رأيتكم
ليس بكم عليهم قوة سلمت المر لبقى أنا وأنتم بين أظهرهم ،كما عاب
العالم السفينة لتبقى لصحابها وكذلك نفسي وأنتم لنبقى بينهم " .يا ابن
النعمان إني ل حدث الرجل منكم بحديث فيتحدث به عني فأستحل بذلك
لعنته ول براءة منه .فان أبي كان يقول " :وأي شئ أقر للعين من التقية،
إن التقية جنة المؤمن ) (3ولول التقية ما عبد ال " .وقال ال عزوجل" :
ل يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ،ومن يفعل ذلك فليس
من ال في شئ إل أن تتقوا منهم تقيه )." (4
][288
يا ابن النعمان إياك والمراء ،فانه يحبط عملك .وإياك والجدال ،فانه يوبقك .وإياك
وكثرة الخصومات ،فانها تبعدك من ال .ثم قال :إن من كان قبلكم كانوا
يتعلمون الصمت وأنتم تتعلمون الكلم ،كان أحدهم إذا أراد التعبد يتعلم
الصمت قبل ذلك بعشر سنين فإن كان يحسنه ويصبر عليه تعبد وإل قال:
ما أنا لما أروم بأهل ) ،(1إنما ينجو من أطال الصمت عن الفحشاء وصبر
في دولة الباطل على الذى ،اولئك النجباء الصفياء الولياء حقا وهم
المؤمنون .إن أبغضكم إلي المتراسون ) (2المشاؤون بالنمائم ،الحسدة
لخوانهم ،ليسوا مني ول أنا منهم .إنما أوليائي الذين سلموا لمرنا
واتبعوا آثارنا واقتدوا بنا في كل امورنا .ثم قال :وال لو قدم أحدكم ملء
الرض ذهبا على ال ،ثم حسد مؤمنا لكان ذلك الذهب مما يكوى به في
النار .يا ابن النعمان إن المذيع ليس كقاتلنا بسيفه بل هو أعظم وزرا ،بل
هو أعظم وزرا ،بل هو أعظم وزرا .يا ابن النعمان إنه من روى علينا
حديثا ) (3فهو ممن قتلنا عمدا ولم يقتلنا خطاء .يا ابن النعمان إذا كانت
دولة الظلم فامش واستقبل من تتقيه بالتحية ،فان المتعرض للدولة قاتل
نفسه ) (4وموبقها ،إن ال يقول " :ول تلقوا بأيديكم إلى التهلكة )." (5
) (1رام الشئ يروم روما ،أراده (2) .تراس القوم الخبر :تساروه .وارتس الخبر
في الناس :فشا وانتشر .ويحتمل أن يكون كما في بعض نسخ الحديث "
المترأسون " بالهمزة من ترأس أي صار رئيسا (3) .في بعض النسخ "
حديثنا " (4) .كان ذلك إذا حفظ بها اصول السلم وأساس الدين
وضرورياته وال فل يجوز بل حرام فليس هذا بعمل التقية (5) .البقرة:
.195
][289
يا ابن النعمان إنا أهل بيت ل يزال الشيطان يدخل فينا من ليس منا ول من أهل
ديننا ،فإذا رفعه ونظر إليه الناس أمره الشيطان فيكذب علينا ،وكلما ذهب
واحد جاء آخر .يا ابن النعمان من سئل عن علم ،فقال :ل أدري فقد ناصف
العلم ،والمؤمن يحقد ما دام في مجلسه ،فإذا قام ذهب عنه الحقد .يا ابن
النعمان إن العالم ل يقدر أن يخبرك بكل ما يعلم ،لنه سر ال الذي أسره
إلى جبرئيل عليه السلم وأسره جبرئيل عليه السلم إلى محمد صلى ال
عليه وآله وأسره محمد صلى ال عليه وآله إلى علي عليه السلم ،وأسره
علي عليه السلم إلى الحسن عليه السلم ،وأسره الحسن عليه السلم إلى
الحسين عليه السلم ،وأسره الحسين عليه السلم إلى علي عليه السلم،
وأسره علي عليه السلم إلى محمد عليه السلم ،وأسره محمد عليه السلم
إلى من أسره ،فل تعجلوا فوال لقد قرب هذا المر ثلث مرات فأذعتموه،
فأخره ال ،وال مالكم سر إل وعدوكم أعلم به منكم .يا ابن النعمان ابق
على نفسك فقد عصيتني .ل تذع سري ،فان المغيرة بن سعيد ) (1كذب
على أبي وأذاع سره فأذاقه ال حر الحديد .وإن أبا الخطاب
) (1كان هو من الكذابين الغالين كبنان والحارث الشامي وعبد ال بن عمر بن
الحرث وأبى الخطاب وحمزة بن عمارة البربري وصائد النهدي ومحمد
بن فرات وأمثالهم ممن اعيروا اليمان فانسلخ منهم وانهم يدسون
الحاديث في كتب الحديث حتى أنهم عليهم السلم قالوا :ل تقبلوا علينا
ما خالف قول ربنا وسنة نبينا .ول تقبلوا علينا ال ما وافق الكتاب
والسنة .وفى المستدرك عن قاضى مصر نعمان بن محمد بن منصور
المعروف بأبى حنيفة المغربي المتوفى 363صاحب دعائم السلم أنه
ذكر قصة الغلة في عصر أمير المؤمنين عليه السلم واحراقه اياهم
بالنار ثم قال :وكان في أعصار الئمة من ولده عليهم السلم من قبل ذلك
ما يطول الخبر بذكرهم كالمغيرة بن سعيد من أصحاب أبى جعفر محمد
بن على عليهما السلم ودعائه فاستزله الشيطان -إلى أن قال- :
واستحل المغيرة وأصحابه المحارم كلها وأباحوها وعطلوا الشرائع
وتركوها و انسلخوا من السلم جملة ،وبانوا من جميع شيعة الحق
واتباع الئمة ،وأشهر - - - - -
][290
كذب علي وأذاع سري فأذاقه ال حر الحديد ،ومن كتم أمرنا زينه ال به في الدنيا
والخرة وأعطاه حظه ،ووقاه حر الحديد وضيق المحابس ،إن بني
إسرائيل قحطوا حتى هلكت المواشي والنسل فدعا ال موسى بن عمران
عليه السلم فقال :يا موسى إنهم أظهروا الزنى والربا وعمروا الكنائس
وأضاعوا الزكاة ،فقال :إلهي تحنن
- - -أبو جعفر عليه السلم لعنهم والبراءة منهم الخ .وقد تظافرت الروايات بكونه
كذابا كان يكذب على أبى جعفر عليه السلم وفى رواية عن أبى عبد ال
عليه السلم أنه يقول " :كان المغيرة بن سعيد تتعمد الكذب على أبى
ويأخذ كتب أصحابه وكان أصحابه المستترون بأصحاب أبى يأخذون
الكتب من أصحاب أبى فيدفعونها إلى المغيرة فكان يدس فيها الكفر
والزندقة ويسدوها إلى أبى ثم يدفعها إلى أصحابه فيأمرهم أن يبثوها في
الشيعة فكل ما كان في كتب أصحاب أبى من الغلو فذاك مما دسه المغيرة
بن سعيد في كتبهم " وفى رواية قال أبو جعفر عليه السلم :هل تدرى ما
مثل المغيرة ؟ قال -الراوى :-قلت :ل .قال عليه السلم :مثله مثل بلعم
بن باعور .قلت :ومن بلعم ؟ قال عليه السلم :الذى قال ال عزوجل" :
الذى آتيناه آياتنا فانسلخ منها فاتبعه الشيطان وكان من الغاوين " .وأما
أبو الخطاب فهو محمد بن مقلص أبى زينب السدي الكوفى البراد يكنى
أبا ظبيان غال ملعون من أصحاب أبى عبد ال عليه السلم في أول أمره
ثم أصابه ما أصاب المغيرة فانسلخ من الدين وكفر ،وردت روايات كثيرة
في ذمه ولعنه وحكى عن قاضى نعمان أنه ممن استحل المحارم كلها
ورخص لصحابه فيها وكانوا كلما ثقل عليهم أداء فرض أتوه فقالوا :يا
أبا الخطاب خفف عنا ،فيأمرهم بتركه حتى تركوا جميع الفرائض
واستحلوا جميع المحارم وأباح لهم أن يشهد بعضهم لبعض بالزور وقال:
من عرف المام حل له كل شئ كان حرم عليه ،فبلغ أمره جعفر بن محمد
عليهما السلم فلم يقدر عليه بأكثر من أن يلعنه ويتبرأ منه وجمع
أصحابه فعرفهم ذلك وكتب إلى البلدان بالبراءة منه وباللعنة عليه وعظم
أمره على أبى عبد ال عليه السلم واستفظعه واستهاله انتهى ،ولعنه
الصادق عليه السلم ودعا عليه باذاقة حر الحديد فاستجاب ال دعاءه
فقتله عيسى بن موسى العباسي والى الكوفة .ولمزيد الطلع راجع
الرجال لبي عمر والكشى -رحمه ال .-
][291
برحمتك عليهم ) (1فإنهم ل يعقلون .فأوحى ال إليه أني مرسل قطر السماء
ومختبرهم بعد أربعين يوما .فأذاعوا ذلك وأفشوه ،فحبس عنهم القطر
أربعين سنة وأنتم قد قرب أمركم فأذعتموه في مجالسكم .يا أبا جعفر مالكم
وللناس كفوا عن الناس ،ول تدعوا أحدا إلى هذا المر ) ،(2فوال لو أن
أهل السماوات ]والرض[ اجتمعوا على أن يضلوا عبدا يريد ال هداه ما
استطاعوا أن يضلوه .كفوا عن الناس ول يقل :أحدكم أخي وعمي وجاري.
فإن ال عزوجل إذا أراد بعبد خيرا طيب روحه ،فل يسمع معروفا إل
عرفه ،ول منكرا إل أنكره ،ثم قذف ال في قلبه كلمة يجمع بها أمره .يا
ابن النعمان إن أردت أن يصفو لك ود أخيك فل تمازحنه ،ول تمارينه ،ول
تباهينه ) (3ول تشارنه ،ول تطلع صديقك من سرك إل على ما لو اطلع
عليه عدوك لم يضرك ،فإن الصديق قد يكون عدوك يوما .يا ابن النعمان ل
يكون العبد مؤمنا حتى يكون فيه ثلث سنن :سنة من ال وسنة من
رسوله وسنة من المام ،فأما السنة من ال عزوجل فهو أن
) (1تحنن عليه :ترحم عليه (2) .أي كفوا عن دعوتهم إلى دين الحق في زمن شدة
التقية .قال عليه السلم هذا الكلم في زمان العسرة والشدة على
المؤمنين في دولة العباسية ،وحاصل الكلم أن من يريد ال هدايته لن
يستطيع أحد أن يضله وهكذا من لم يرد ال أن يهديه لن يستطيع أحد أن
يهديه .ورواه الكليني في الكافي ج 2ص 213عن ثابت بن سعيد وفيه
" ل تدعو أحدا إلى أمركم فوال لو أن أهل الرضين اجتمعوا على أن
يهدوا عبدا يريد ال ضللته ما استطاعوا على أن يهدوه ولو أن أهل
السماوات وأهل الرضين اجتمعوا على أن يضلوا عبدا ..الخ " (3) .أي
ل تفاخرنه .و " ل تشارنه " أي ول تخاصمنه.
][292
يكون كتوما للسرار يقول ال جل ذكره " :عالم الغيب فل يظهر على غيبه أحدا )
" (1وأما التي من رسول ال صلى ال عليه وآله فهو أن يداري الناس
ويعاملهم بالخلق الحنيفية ،وأما التي من المام فالصبر في البأساء
والضراء حتى يأتيه ال بالفرج .يا ابن النعمان ليست البلغة بحدة
اللسان ،ول بكثرة الهذيان ،ولكنها إصابة المعنى وقصد الحجة .يا ابن
النعمان من قعد إلى ساب أولياء ال فقد عصى ال .ومن كظم غيظا فينا ل
يقدر على إمضائه كان معنا في السنام العلى ) .(2ومن استفتح نهاره
بإذاعة سرنا سلط ال عليه حرالحديد وضيق المجالس .يا ابن النعمان ل
تطلب العلم لثلث :لترائي به ،ول لتباهي ]به[ ،ول لتماري ول تدعه
لثلث :رغبة في الجهل ،وزهادة في العلم :واستحياء من الناس ،والعلم
]ال[ مصون كالسراج المطبق عليه .يا ابن النعمان إن ال عزوجل إذا أراد
بعبد خيرا نكت في قلبه نكتة بيضاء ،فجال القلب بطلب الحق .ثم هو إلى
أمركم أسرع من الطير إلى وكره ) .(3يا ابن النعمان إن حبنا أهل البيت -
ينزله ال من السماء من خزائن تحت العرش كخزائن الذهب والفضة ول
ينزله إل بقدر ،ول يعطيه إل خير الخلق ،وإن له غمامة كغمامة القطر،
فإذا أراد ال أن يخص به من أحب من خلقه أذن لتلك الغمامة فتهطلت كما
تهطل السحاب ) (4فتصيب الجنين في بطن امه.
) (1الجن (2) .26 :أي في الدرجة الرفيعة العالية (3) .الوكر :عش الطائر أي بيته
وموضعه (4) .تهطل المطر :نزل متتابعا عظيم القطر.
][293
- 3ف ) :(1رسالته عليهما السلم إلى جماعة شيعته وأصحابه ) (2أما بعد فسلوا
ربكم العافية .وعليكم بالدعة والوقار ) (3والسكينة والحياء والتنزه عما
تنزه عنه الصالحون منكم .وعليكم بمجاملة أهل الباطل ،تحملوا الضيم
منهم ،وإياكم ومماظتهم ) (4دينوا فيما بينكم وبينهم -إذا أنتم جالستموهم
وخالطتموهم و نازعتموهم الكلم ،فانه لبد لكم من مجالستهم ومخالطتهم
ومنازعتهم -بالتقية ) (5التي أمركم ال بها ،فإذا ابتليتم بذلك منهم فإنهم
سيؤذونكم ويعرفون في وجوهكم المنكر .ولو ل أن ال يدفعهم عنكم
لسطوا بكم ) (6وما في صدورهم من العداوة و البغضاء أكثر مما يبدون
لكم ،مجالسكم ومجالسهم واحدة إن العبد إذا كان ال خلقه في الصل -
أصل الخلق -مؤمنا لم يمت حتى يكره إليه الشر ويباعده منه ومن كره ال
إليه الشر وباعده منه عافاه ال من الكبر أن يدخله والجبرية فلنت
عريكته ) (7وحسن خلقه وطلق وجهه ،وصار عليه وقار السلم وسكينته
وتخشعه ،وورع عن محارم ال واجتنب مساخطه ،ورزقه ال مودة الناس
و مجاملتهم ،وترك مقاطعة الناس والخصومات ،ولم يكن منها ول من
أهلها في شئ .وإن العبد إذا كان ال خلقه في الصل -أصل الخلق -كافرا
) (8لم يمت
) (1التحف ص (2) .313هذ الرسالة مختارة من التى رواها الكليني )ره( في
الروضة ونقله المؤلف في هذا الجزء ص (3) .210الدعة :الخفض
والطمأنينة (4) .المجاملة :المعاملة بالجميل .والضيم :الظلم .والمماظة -
بالمعجمة :-شدة المنازعة والمخاصمة مع طول اللزوم " (5) .بالتقية
" متعلق بدينوا وما بينهما معترض (6) .السطو :القهر .أي وثبوا عليكم
وقهروكم ،وفى بعض النسخ " لبطشوا بكم " (7) .العريكة :الطيبعة
والخلق والنفس (8) .مر كلم فيه ص .222
][294
حتى يحبب إليه الشر ويقر به منه ،فإذا حبب إليه الشر وقر به منه ابتلي بالكبر
والجبرية ،فقسا قلبه وساء خلقه وغلظ وجهه وظهر فحشه وقل حياؤه
وكشف ال ستره وركب المحارم فلم ينزع عنها وركب معاصي ال
وأبغض طاعته وأهلها ،فبعد ما بعد حال المؤمن والكافر ،فسلوا ال العافية
واطلبوها إليه ول حول ول قوة إل بال .أكثروا من الدعاء ،فان ال يحب
من عباده الذين يدعونه ،وقد وعد عباده المؤمنين الستجابة ،وال مصير
دعاء المؤمنين يوم القيامة لهم عمل يزيدهم به في الجنة .وأكثروا ذكر ال
ما استطعتم في كل ساعة من ساعات الليل والنهار فان ال أمر بكثرة
الذكر له ،وال ذاكر من ذكره من المؤمنين ،إن ال لم يذكره أحد من عباده
المؤمنين إل ذكره بخير .وعليكم بالمحافظة على الصلوات والصلة
الوسطى وقوموا ل قانتين ،كما أمر ال به المؤمنين في كتابه من قبلكم.
وعليكم بحب المساكين المسلمين ،فإن من حقرهم وتكبر عليهم فقد زل
عن دين ال وال له حاقر ماقت ) (1وقد قال أبونا رسول ال صلى ال
عليه وآله " :أمرني ربي بحب المساكين المسلمين منهم " .واعلموا أن
من حقر أحدا من المسلمين ألقى ال عليه المقت منه والمحقرة حتى يمقته
الناس ) (2أشد مقتا ،فاتقوا ال في إخوانكم المسلمين المساكين ،فان لهم
عليكم حقا أن تحبوهم فان ال أمر نبيه صلى ال عليه وآله بحبهم ،فمن لم
يحب من أمر ال بحبه فقد عصى ال و رسوله ومن عصى ال ورسوله
ومات على ذلك مات من الغاوين .إياكم والعظمة والكبر ،فان الكبر رداء
ال ،فمن نازع ال رداءه قصمه ال وأذله يوم القيامة .إياكم أن يبغي
بعضكم على بعض ،فإنها ليست من خصال الصالحين ،فانه من بغى صير
ال بغيه على نفسه وصارت نصرة ال لمن بغي عليه .ومن نصره ال
غلب
) (1حقره استصغره وهان قدره وصغر .ومقت فلنا :أبغضه (2) .المحقرة:
الحقارة أي الذلة والهوان.
][295
وأصاب الظفر من ال .إياكم أن يحسد بعضكم بعضا ،فان الكفر أصله الحسد ).(1
إياكم أن تعينوا على مسلم مظلوم فيدعو ال عليكم ويستجاب له فيكم ،فان
أبانا رسول ال صلى ال عليه وآله يقول " :إن دعوة المسلم المظلوم
مستجابة " .إياكم أن تشره نفوسكم ) (2إلى شئ مما حرم ال عليكم ،فانه
من انتهك ما حرم ال عليه ههنا في الدنيا حال ال بينه وبين الجنة
ونعيمها ولذتها و كرامتها القائمة الدائمة لهل الجنة أبد البدين - 4 .ما )
:(3عن الحسين بن إبراهيم ،عن محمد بن وهبان ،عن محمد بن أحمد بن
زكريا ،عن الحسين علي بن فضال ،عن علي بن عقبة ،عن أبي كهمش،
عن عمرو ابن سعيد بن هلل قال :قلت لبي عبد ال عليه السلم :أوصني
فقال :اوصيك بتقوى ال والورع والجتهاد ،واعلم أنه ل ينفع اجتهاد
لورع فيه ،وانظر إلى من هو دونك ول تنظر إلى من هو فوقك فكثيرا ما
قال ال عزوجل لرسوله صلى ال عليه وآله " :فل تعجبك أموالهم ول
أولدهم " ) (4وقال عز ذكره " :ول تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجا
منهم زهرة الحيوة الدنيا " ) (5فان نازعتك نفسك إلى شئ من ذلك فاعلم
أن رسول ال صلى ال عليه وآله كان قوته الشعير ،وحلواه التمر،
ووقوده السعف .وإذا أصبت بمصيبة فاذكر مصابك برسول ال صلى ال
عليه وآله فان الناس لم يصابوا بمثله أبدا ولن يصابوا بمثله أبدا.
) (1لن الشيطان أول من حسد فكفر وأخرجه ال من الجنة (2) .شره فلن -كفرح
:-غلب حرصه واشتد ميله (3) .المالى ج 2ص (4) .294التوبة55 :
و .85المنافقون 4 :نظيرها (5) .طه.131 :
][296
) * .25باب( * * " )مواعظ موسى بن جعفر وحكمه عليهما السلم( " * - 1ف
) :(1وصيته عليه السلم لهشام وصفته للعقل :إن ال تبارك وتعالى )(2
بشر أهل العقل والفهم في كتابه فقال " :فبشر عباد الذين يستمعون القول
) (1التحف ص (2) .383رواه الكليني في المجلد الول من كتابه الكافي مع
اختلف نشير إليه .وهشام هو أبو محمد وقيل :أبو الحكم هشام بن الحكم
البغدادي الكندى مولى بنى شيبان ممن اتفق الصحاب على وثاقته وعظم
قدره ورفعة منزلته عند الئمة عليهم السلم ،وكانت له مباحث كثيرة مع
المخالفين في الصول وغيرها ،صحب أبا عبد ال وبعده أبا الحسن
موسى عليهما السلم وكان من أجلة أصحاب أبى عبد ال عليه السلم
وبلغ من مرتبة علوه عنده أنه دخل عليه بمنى وهو غلم أول ما اختط
عارضاه وفى مجلسه شيوخ الشيعة كحمران بن أعين وقيس الماصر
ويونس بن يعقوب وأبى جعفر الحول وغيرهم فرفعه على جماعتهم
وليس فيهم ال من هو أكبر سنا منه ،فلما رأى أبو عبد ال عليه السلم
أن ذلك الفعل كبر على أصحابه قال " :هذا ناصرنا بقلبه ولسانه ويده ".
وكان له أصل وله كتب كثيرة ،وان الصحاب كانوا يأخذون عنه .مولده
بالكوفة ومنشاؤه واسط وتجارته بغداد وكان بياع الكرابيس وينزل الكرخ
من مدينة السلم بغداد في درب الجنب ،ثم انتقل إلى الكوفة في أواخر
عمره ونزل قصر وضاح وتوفى سنة 199أو 179في أيام الرشيد
مستترا وكان لستتاره قصة مشهورة في المناظرات ،وترحم عليه الرضا
عليه السلم وقيل في شأنه " :انه من متكلمي الشيعة وبطائنهم ومن
دعى له الصادق عليه السلم فقال :أقول لك ما قال رسول ال صلى ال
عليه وآله لحسان :ل تزل مؤيدا بروح القدس ما نصرتنا بلسانك .وهو
الذى فتق الكلم في المامة وهذب المذهب وسهل طريق الحجاج فيه.
وكان حاذقا بصناعة الكلم ،حاضر الجواب .وكان أول من أصحاب الجهم
بن صفوان ثم انتقل إلى القول بالمامة بالدلئل والنظر وهو منقطعا إلى
البرامكة ملزما ليحيى بن خالد وكان القيم بمجالس كلمه ونظره ثم تبع
----
][297
فيتبعون أحسنه اولئك الذين هديهم ال وأولئك هم اولوا اللباب ) ." (1يا هشام بن
الحكم إن ال عزوجل أكمل للناس ) (2الحجج بالعقول ،و أفضى إليهم
بالبيان ،ودلهم على ربوبيته بالدلء ،فقال " :وإلهكم إله واحد ل إله إل
هو الرحمن الرحيم ) " ." (3إن في خلق السموات والرض واختلف
الليل والنهار " -إلى قوله -ليات لقوم يعقلون ) ." (4يا هشام قد جعل
ال عز وجل ذلك دليل على معرفته بأن لهم مدبرا ،فقال " :وسخر لكم
الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره إن في ذلك ليات
لقوم يعقلون ) ." (5وقال " :حم * والكتاب المبين * إنا جعلناه قرآنا
عربيا لعلكم تعقلون ) " (6وقال " :ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا
وينزل من السماء ماء فيحيي به الرض بعد موتها إن في ذلك ليات لقوم
يعقلون ) ." (7يا هشام ثم وعظ أهل العقل ورغبتهم في الخرة ،فقال" :
وما الحيوة الدنيا إل لعب ولهو وللدار الخرة خير للذين يتقون أفل تعقلون
) ." (8وقال:
- - - -الصادق عليه السلم فانقطع إليه وتوفى بعد نكبة البرامكة بمدة يسيره
وقيل :بل في خلفة المأمون .وان العامة طعنوا فيه .وورد في الخبار ذم
له من جهة القول بالتجسم وان الصحاب اخذوا في الذب عنه تنزيها
لساحته عن ذلك ،ووردت روايات في مدحه ودل على جللته هذه
الروايات المذكورة في المتن الجامعة لبواب الخير والفلح (1) .الزمر:
(2) .19في بعض النسخ " أكمل الناس " (3) .البقرة(4) .162 :
البقرة .163 :والمراد باختلفهما ذهابهما ومجيئهما (5) .النحل) .12 :
(6الزخرف (7) .3 ،2 ،1 :الروم " .23 :خوفا " أي للمسافر .و "
طمعا " للحاضر (8) .النعام.32 :
][298
" وما اوتيتم من شئ فمتاع الحيوة الدنيا وزينتها وما عند ال خير وأبقى أفل
تعقلون ) ." (1يا هشام ثم خوف الذين ل يعقلون عذابه ،فقال عزوجل" :
ثم دمرنا الخرين * وإنكم لتمرون عليهم مصبحين * وبالليل أفل تعقلون )
." (2يا هشام ثم بين أن العقل مع العلم ،فقال " :وتلك المثال نضربها
للناس وما يعقلها إل العالمون ) ." (3يا هشام ثم ذم الذين ل يعقلون.
فقال " :وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل ال قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا
أولو كان آباؤهم ل يعقلون شيئا ول يهتدون " ) (4وقال " :إن شر
الدواب عند ال الصم البكم الذين ل يعقلون " ) .(5وقال " :ولئن سألتهم
من خلق السموات والرض ليقولن ال قل الحمدل بل أكثرهم ل يعقلون )
." (6ثم ذم الكثرة ،فقال " :وإن تطع أكثر من في الرض يضلوك عن
سبيل ال ) " (7وقال " :ولكن أكثرهم ل يعلمون ) " ." (8وأكثرهم
) (1القصص (2) .60 :الصافات (3) .139 ،138 ،137 :العنكبوت(4) .43 :
البقرة .165 :ألفينا أي وجدنا (5) .النفال .22 :ومثلها قوله تعالى في
سورة البقرة .166 ،41 :وسورة يونس ،43 :وسورة الفرقان.46 :
وسورة الحشر (6) .14 :هذه الية في سورة لقمان 24 :وفيه " بل
أكثرهم ل يعلمون " كما في بعض نسخ الكافي ولعله سهو من الراوى أو
اشتباه من النساخ (7) .النعام (8) .116 :النعام .37 :ونظيرها قوله
تعالى " :بل أكثرهم ل يعلمون " .النحل 77 :وآية .103وسورة النبياء
آية .24وسورة النمل آية .62وسورة لقمان- - - - .24 :
][299
ل يشعرون ) ." (1يا هشام ثم مدح القلة ،فقال " :وقليل من عبادي الشكور )(2
" .وقال " :وقليل ماهم ) " (3وقال " :وما آمن معه إل قليل ) ." (4يا
هشام ثم ذكر أولي اللباب بأحسن الذكر وحلهم بأحسن الحلية ،فقال" :
يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إل
أولوا اللباب ) :" (5يا هشام إن ال يقول " :إن في ذلك لذكرى لمن كان
له قلب ) " (6يعني العقل .وقال " :ولقد آتينا لقمن الحكمة ) " (7قال:
الفهم والعقل .يا هشام إن لقمان قال لبنه " :تواضع للحق تكن أعقل
الناس ) .(8يا بني إن الدنيا بحر عميق قد غرق فيه عالم كثير ،فلتكن
سفينتك فيها تقوى ال ،وحشوها اليمان ) (9وشراعها التوكل ،وقيمها
العقل ،ودليلها العلم ،وسكانها الصبر ".
- -وسورة الزمر 30 :وكذا قوله تعالى " :بل أكثرهم ل يعقلون " سورة
العنكبوت 63 :وقوله تعالى " :وأكثرهم ل يعقلون " سورة المائدة:
(1) .102مضمون مأخوذ من آى القرآن (2) .سبأ (3) .13 :ص.23 :
" ما " تأكيد القلة (4) .هود (5) .42 :البقرة .272 :ونظيرها في سورة
آل عمران .187 :وسورة الرعد 19 :وسورة ص ،28 :وسورة الزمر:
.12وسورة المؤمن (6) .56 :ق (7) .36 :لقمان .11 :إلى هنا كان في
الكافي بتقديم وتأخير (8) .وزاد في الكافي :وان الكيس لدى الحق يسير
" (9) .الحشو :ماحشى بن الشئ أي ملء به والظاهر أن ضمير " فيها
" يرجع إلى - - - -
][300
يا هشام لكل شئ دليل ،ودليل العاقل التفكر ،ودليل التفكر الصمت .ولكل شئ مطية،
ومطية العاقل التواضع ) (1وكفى بك جهل أن تركب ما نهيت عنه .يا
هشام لو كان في يدك جوزة وقال الناس] :في يدك[ لؤلوة ما كان ينفعك
وأنت تعلم أنها جوزة ،ولو كان في يدك لؤلؤة وقال الناس :إنها جوزة ما
ضرك وأنت تعلم أنها لؤلؤة .يا هشام ما بعث ال أنبياءه ورسله إلى عباده
إل ليعقلوا عن ال ،فأحسنهم استجابة أحسنهم معرفة ل .وأعلمهم بأمر
ال أحسنهم عقل ،وأعقلهم ) (2أرفعهم درجة في الدنيا والخرة .يا هشام
مامن عبد إل وملك آخذ بناصيته ،فل يتواضع إل رفعه ال ول يتعاظم إل
وضعه ال .يا هشام إن ل على الناس حجتين حجة ظاهرة وحجة باطنة،
فأما الظاهرة فالرسول والنبياء .والئمة وأما الباطنة فالعقول .يا هشام إن
العاقل ،الذي ل يشغل الحلل شكره ،ول يغلب الحرام صبره .يا هشام من
سلط ثلثا على ثلث فكأنما أعان هواه على هدم عقله :من أظلم نور فكره
) (3بطول أمله ،ومحا طرائف حكمته بفضول كلمه ،وأطفأ نور عبرته
بشهوات نفسه ،فكأنما أعان هواه على هدم عقله ،ومن هدم عقله أفسد
عليه دينه ودنياه.
- - -الدنيا وضمير حشوها وما بعده يرجع إلى السفينة .وفى بعض النسخ " فلتكن
سفينتك منها " .و " حشوها " في بعض النسخ " جسرها " .وشراع
السفينة -بالكسر :-ما يرفع فوقها من ثوب وغيره ليدخل فيه الريح
فتجريها (1) .في الكافي مكان العاقل " العقل " في الموضعين (2) .في
الكافي " وأكملهم عقل " (3) .في الكافي " من أظلم نور تفكره ".
][301
يا هشام كيف يزكو عند ال عملك وأنت قد شغلت عقلك عن أمر ربك ،وأطعت
هواك على غلبة عقلك .يا هشام الصبر على الوحدة علمة قوة العقل ،فمن
عقل عن ال تبارك وتعالى اعتزل أهل الدنيا والراغبين فيها ،ورغب فيما
عند ربه ]وكان ال[ آنسه في الوحشة وصاحبه في الوحدة ،وغناه في
العيلة ،ومعزه في غير عشيرة ) .(1يا هشام نصب الخلق لطاعة ال )(2
ول نجاة إل بالطاعة ،والطاعة بالعلم .والعلم بالتعلم ،والتعلم بالعقل يعتقد )
(3ول علم إل من عالم رباني ،ومعرفة العالم بالعقل .يا هشام قليل العمل
من العاقل مقبول مضاعف ،وكثير العمل من أهل الهوى والجهل مردود .يا
هشام إن العاقل رضي بالدون من الدنيا مع الحكمة .ولم يرض بالدون من
الحكمة مع الدنيا ،فلذلك ربحت تجارتهم .يا هشام إن كان يغنيك ما يكفيك
فأدنى ما في الدنيا يكفيك .وإن كان ل يغنيك ما يكفيك فليس شئ من الدنيا
يغنيك .يا هشام إن العقلء تركوا فضول الدنيا فكيف الذنوب ،وترك الدنيا
من الفضل وترك الذنوب من الفرض ) .(4يا هشام إن العقلء زهدوا في
الدنيا ورغبوا في الخرة ،لنهم علموا أن
) (1العيلة :الفاقة (2) .نصب -من باب علم :-تعب وأعيا .وفى الكافي " ونصب
الحق لطاعة ال " (3) .اعتقد الشئ :نقيض حله .وفى بعض النسخ "
يعتقل " هو أيضا نقيض حل أي يمسك ويشد (4) .وزاد في الكافي " يا
هشام ان العاقل نظر إلى الدنيا والى أهلها فعلم أنها ل تنال ال بالمشقة
ونظر إلى الخرة فعلم انها ل تنال ال بالمشقة ،فطلب بالمشقة أبقاهما "
][302
الدنيا طالبة ومطلوبة ،والخرة طالبة ومطلوبة ) (1فمن طلب الخرة طلبته الدنيا
حتى يستوفى منها رزقه ومن طلب الدنيا طلبته الخرة فيأتيه الموت فيفسد
عليه دنياه وآخرته .يا هشام من أراد الغنى بل مال ،وراحة القلب من
الحسد ،والسلمة في الدين فليتضرع إلى ال في مسألته بأن يكمل عقله،
فمن عقل قنع بما يكفيه ،ومن قنع بما يكفيه استغنى ،ومن لم يقنع بما
يكفيه لم يدرك الغنى أبدا .يا هشام إن ال عزوجل حكى عن قوم صالحين
أنهم قالوا " :ربنا ل تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك
أنت الوهاب ) " (2حين علموا أن القلوب تزيغ وتعود إلى عماها ورادها )
.(3إنه لم يخف ال من لم يعقل عن ال ،ومن لم يعقل عن ال لم يعقد قلبه
على معرفة ثابتة يبصرها ويجد حقيقتها في قلبه ،ول يكون أحد كذلك إل
من كان قوله لفعله مصدقا ،وسره لعلنيته موافقا ،لن ال لم يدل )(4
على الباطن الخفي من العقل إل بظاهر منه وناطق عنه .يا هشام كان أمير
المؤمنين عليه السلم يقول :ما من شئ عبد ال به ) (5أفضل من العقل
وماتم عقل امرء حتى يكون فيه خصال شتى ،الكفر والشر منه مأمونان )
.(6والرشد والخير منه مأمولن ) (7وفضل ماله مبذول ،وفضل قوله
مكفوف ،نصيبه
) (1في الكافي " أن الدنيا طالبة مطلوبة وأن الخرة طالبة ومطلوبة (2) .آل
عمران (3) .7 :الردى :الهلك (4) .في بعض النسخ " ل يدل "(5) .
في الكافي " ما عبد ال بشئ " (6) .الكفر في العتقاد ،والشر في القول
والعمل ،والكل ينشأ من الجهل ،وفى بعض النسخ " مأمون "(7) .
الرشد في العتقاد والخير في القول والكل ناش من العقل .وفى بعض
النسخ " مأمول ".
][303
من الدنيا القوت ،ول يشبع من العلم دهره ،الذل أحب إليه مع ال من العز مع
غيره ،والتواضع أحب إليه من الشرف ،يستكثر قليل المعروف من غيره،
ويستقل كثير المعروف من نفسه .ويرى الناس كلهم خيرا منه وأنه شرهم
في نفسه .وهو تمام المر ) .(1يا هشام من صدق لسانه زكي عمله ،ومن
حسنت نيته زيد في رزقه ،ومن حسن بره بإخوانه وأهله مد في عمر .يا
هشام ل تمنحوا الجهال الحكمة فتظلموها ) ،(2ول تمنعوها أهلها
فتظلموهم .يا هشام كما تركوا لكم الحكمة فاتركوا لهم الدنيا ) .(3يا هشام
ل دين لمن ل مروة له ،ول مروة لمن ل عقل له ،وإن أعظم الناس قدرا
الذي ل يرى الدنيا لنفسه خطرا ) ،(4أما إن أبدانكم ليس لها ثمن إل
الجنة ،فل تبيعوها بغيرها ).(5
) (1أي ملك المر وتمامه في أن يكون النسان كامل تام العقل هو كونه متصفا
بمجموعة هذه الخصال (2) .ل تمنحوا الجهال أي ل تعطوهم ول
تعلموهم .والمنحة :العطاء (3) .في الكافي ههنا " يا هشام ان العاقل ل
يكذب وان كان فيه هواه " (4) .أي قدرا ورفعة .والخطر :الحظ
والنصيب والقدر والمنزلة (5) .ههنا كلم نقله صاحب الوافى عن استاذه
-رحمهما ال -قال :ذلك لن البدان في التناقص يوما فيوما لتوجه
النفس منها إلى عالم آخر فان كانت النفس سعيدة كانت غاية سعيه في
هذه الدنيا وانقطاع حياته البدنية إلى ال سبحانه والى نعيم الجنة لكونه
على منهج الهداية والستقامة فكأنه باع بدنه بثمن الجنة معاملة مع ال
تعالى ولهذا خلقه ال عزوجل وان كانت شقية كانت غاية سعيه وانقطاع
أجله وعمره إلى مقارنة الشيطان وعذاب النيران لكونه على طريق
الضللة فكأنه باع بدنه بثمن الشهوات الفانية واللذات الحيوانية التى
ستصير نيرانات محرقة مؤلمة وهى اليوم كامنة مستورة عن حواس أهل
الدنيا وستبرز يوم القيامة " وبرزت الجحيم لمن يرى " معاملة مع
الشيطان وخسر هنالك المبطلون.
][304
يا هشام إن أمير المؤمنين عليه السلم كان يقول ) " :(1ل يجلس في صدر
المجلس إل رجل فيه ثلث خصال :يجيب إذا سئل ،وينطق إذا عجز القوم
عن الكلم ،ويشير بالرأي الذي فيه صلح أهله ،فمن لم يكن فيه شئ
منهن فجلس فهو أحمق " .وقال الحسن بن علي عليهما السلم " :إذا
طلبتم الحوائج فاطلبوها من أهلها " قيل :يا ابن رسول ال ومن أهلها ؟
قال " :الذين قص ال في كتابه وذكرهم فقال " :إنما يتذكر أولو اللباب )
" (2قال :هم أولو العقول " .وقال علي بن الحسين عليهما السلم:
مجالسة الصالحين داعية إلى الصلح .وأدب العلماء ) (3زيادة في العقل،
وطاعة ولة العدل تمام العز ،واستثمار المال ) (4تمام المروة ،وإرشاد
المستشير قضاء لحق النعمة ،وكف الذى من كمال العقل وفيه راحة البدن
عاجل وآجل " .يا هشام إن العاقل ل يحدث من يخاف تكذيبه ،ول يسأل
من يخاف منعه ،ول يعد مال يقدر عليه ،ول يرجو ما يعنف برجائه )(5
ول يتقدم على ما يخاف العجز عنه ) (6وكان أمير المؤمنين عليه السلم
يوصي أصحابه يقول " :أوصيكم بالخشية
) (1في الكافي " ان من علمة العاقل أن يكون فيه ثلث خصال :يجيب إذا سئل
وينطق إذا عجز القوم عن الكلم .ويشير بالرأى الذى يكون فيه صلح
أهله ،فمن لم يكن فيه من هذه الخصال الثلث شئ فهو أحمق ،ان أمير
المؤمنين عليه السلم قال :ل يجلس في صدر المجلس ال رجل فيه هذه
الخصال الثلث أو واحدة منهن -الخ " (2) .الزمر (3) .12 :في الكافي
" وآداب العلماء " (4) .أي استنماؤه بالكسب والتجارة " (5) .التعنيف:
اللؤم والتوبيخ والتقريع .والمراد ان العاقل ل يرجو فوق ما يستحقه وما
لم يستعده (6) .في الكافي " ول يقدم على ما يخاف فوته بالعجز عنه ".
أي ل يبادر إلى فعل قبل أوانه خوفا من أن يفوته بالعجز عنه في وقته.
][305
) (1في بعض نسخ المصدر " وتعطفوا " (2) .في بعض نسخ المصدر " واياكم
والبخل وعليكم بالسخاء " " (3) .وما حوى " أي ما حواه الرأس من
الوهام والفكار بأن يحفظها ول يبديها ويمكن أن يكون المراد ما حواه
الرأس من العين والذن وسائر المشاعر بأن يحفظها عما يحرم عليه.
وما وعى أي ما جمعه من الطعام والشراب بأن ل يكونا من حرام .والبلى
-بالكسر :-الندراس والضمحلل (4) .المحفوفة :المحيطة .والمكاره:
جمع مكرهة -بفتح الراء وضمها :-ما يكرهه النسان ويشق عليه.
والمراد أن الجنة محفوفة بما يكره النفس من القوال والفعال فتعمل
بها ،فمن عمل بها دخل الجنة ،والنار محفوفة بلذات النفس وشهواتها،
فمن اعطى نفسه لذتها وشهوتها دخل النار (5) .الذؤابة من كل شئ:
أعله .ومن السيف :علقته .ومن السوط :طرفه .ومن الشعر :ناصيته.
وعتا يعتو عتوا ،وعتى يعتى عتيا بمعنى واحد أي استكبر وتجاوز الحد،
والعتو :الطغيان والتجاوز عن الحدود والتجبر.
][306
من ضرب غير ضاربه وقتل غير قاتله ،ومن تولى غير مواليه فهو كافر بما أنزل
ال على نبيه محمد صلى ال عليه وآله ،ومن أحدث حدثا ) ،(1أو آوى
محدثا لم يقبل ال منه يوم القيامة صرفا ول عدل .يا هشام أفضل ما يتقرب
به العبد إلى ال بعد المعرفة به :الصلة ،وبر الوالدين ،وترك الحسد
والعجب والفخر .يا هشام أصلح أيامك الذي هو أمامك ،فانظر أي يوم هو،
وأعد له الجواب ،فإنك موقوف ومسؤول ،وخذ موعظتك من الدهر وأهله،
فإن الدهر طويلة قصيرة فاعمل كانك ترى ثواب عملك لتكن أطمع في ذلك.
واعقل عن ال وانظر ) (2في تصرف الدهر وأحواله ،فإن ما هو آت من
الدنيا كما ولى منها ،فاعتبر بها .وقال علي بن الحسين عليهما السلم" :
إن جميع ما طلعت عليه الشمس في مشارق الرض ومغاربها بحرها
وبرها وسهلها وجبلها عند ولي من أولياء ال وأهل المعرفة بحق ال
كفيئ الظلل -ثم قال عليه السلم :-أول حر يدع ]هذه[ اللماظة لهلها )
- (3يعني الدنيا -فليس لنفسكم ثمن إل الجنة فل تبيعوها بغيرها ،فإنه
من رضي من ال بالدنيا فقد رضي بالخسيس " .يا هشام إن كل الناس
يبصر النجوم ،ولكن ل يهتدي بها إل من يعرف مجاريها ومنازلها ،وكذلك
أنتم تدرسون الحكمة ،ولكن ل يهتدي بها منكم إل من عمل بها .يا هشام
إن المسيح عليه السلم قال للحواريين " :يا عبيد السوء يهولكم طول
النخلة ) (4وتذكرون شوكها ومؤونة مراقيها ،وتنسون طيب ثمرها
) (1الحدث :المر الحادث الذى ليس بمعتاد ول معروف في السنة " (2) .عقل عن
ال " :عرف عنه وبلغ عقله إلى حد يأخذ العلم عن ال فكأنه أخذ العلم
عن كتاب ال وسنة نبيه صلى ال عليه وآله (3) .اللماظة -بالضم -بقية
الطعام في الفم .وأيضا بقية الشئ القليل .والمراد بها هنا الدنيا(4) .
يهولكم أي يفزعكم وعظم عليكم.
][307
ومرافقها ) .(1كذلك تذكرون مؤونة عمل الخرة فيطول عليكم أمده .و تنسون ما
تفضون إليه من نعيمها ونورها وثمرها ) (2يا عبيد السوء نقوا القمح
وطيبوه وأدقوا طحنه تجدوا طعمه ويهنئكم أكله ،كذلك فأخلصوا اليمان
وأكملوه تجدوا حلوته وينفعكم غبه ) ،(3بحق أقول لكم ،لو وجدتم سراجا
يتوقد بالقطران ) (4في ليلة مظلمة لستضأتم به ولم يمنعكم منه ريح نتنه.
كذلك ينبغي لكم أن تأخذوا الحكمة ممن وجدتموها معه ،ول يمنعكم منه
سوء رغبته فيها .يا عبيد الدنيا بحق أقول لكم :ل تدركون شرف الخرة إل
بترك ما تحبون ،فل تنظروا بالتوبة غدا ،فان دون غد يوما وليلة وقضاء
ال ) (5فيهما يغدوا ويروح .بحق أقول لكم :إن من ليس عليه دين من
الناس أروح وأقل هما ممن عليه الدين وإن أحسن القضاء ،وكذلك من لم
يعمل الخطيئة أروح هما عمل الخطيئة وإن أخلص التوبة وأناب ،وأن
صغار الذنوب ومحقراتها ) (6من مكائد إبليس ،يحقرها لكم ويصغرها في
أعينكم فتجتمع وتكثر فتحيط بكم .بحق أقول لكم :إن الناس في الحكمة
رجلن :فرجل أتقنها بقوله وصدقها بفعله ،ورجل أتقنها
) (1مؤونة المراقى :شدة الرتقاء .والمرافق :المنافع وهى جمع مرفق -بالفتح :-
ما انتفع به (2) .المد :الغاية ومنتهى الشئ ،يقال :طال عليهم المد أي
الجل .والنور -بالفتح :-الزهرة (3) .الغب -بالكسر :-العاقبة .وأيضا
بمعنى البعد (4) .القطران -بفتح القاف وسكون الطاء وكسرها أو بكسر
القاف وسكون الطاء :-سيال دهنى شبيه النفط ،يتخذ من بعض الشجار
كالصنوبر والرز فيهنأ به البل الجربى ويسرع فيه اشعال النار .وقوله:
" نتنه " أي خبث رائحته (5) .كناية عن الموت فانه يأتي في الغداة
والرواح (6) .في بعض النسخ " ومحقرتها ".
][308
بقوله وضيعها بسوء فعله ،فشتان بينهما ،فطوبى للعلماء بالفعل وويل للعلماء
بالقول .يا عبيد السوء اتخذوا مساجد ربكم سجونا لجسادكم وجباهكم،
واجعلوا قلوبكم بيوتا للتقوى ،ول تجعلوا قلوبكم مأوى للشهوات ،إن
أجزعكم عند البلء لشدكم حبا للدنيا ،وإن أصبركم على البلء لزهدكم في
الدنيا ،يا عبيد السوء ل تكونوا شبيها بالحداء الخاطفة ) (1ول بالثعالب
الخادعة ول بالذئاب الغادرة ،ول بالسد العاتية كما تفعل بالفراس )(2
كذلك تفعلون بالناس ،فريقا تخطفون وفريقا تخدعون وفريقا تغدرون بهم
) .(3بحق أقول لكم :ل يغني عن الجسد أن يكون ظاهره صحيحا وباطنه
فاسدا ،كذلك ل تغني أجسادكم التي قد أعجبتكم وقد فسدت قلوبكم .وما
يغني عنكم أن تنقوا جلودكم وقلوبكم دنسة .ل تكونوا كالمنخل ) (4يخرج
منه الدقيق الطيب ويمسك النخالة ،كذلك أنتم تخرجون الحكمة من أفواهكم
ويبقي الغل في صدوركم ،يا عبيد الدنيا إنما مثلكم مثل السراج يضيئ
للناس ويحرق نفسه ،يا بني إسرائيل زاحموا العلماء في مجالسهم ولو
جثوا على الركب ) ،(5فإن ال يحيي القلوب الميتة بنور الحكمة كما يحيي
الرض الميتة بوابل المطر )." (6
) (1الحداء -بالكسر :-جمع حدأة -كعنبة :-طائر من الجوارح وهو نوع من
الغراب يخطف الشياء ،والخاطفة من خطف الشئ يخطف كعلم يعلم :-
استلبه بسرعة والغادرة :الخائنة .والعاتى :الجبار (2) .الفريسة :ما
يفترسه السد ونحوه .وفى بعض النسخ " بالفراش " (3) .في بعض
النسخ " وفريقا تقدرون بهم " (4) .المنخل -بضم الميم والخاء أو بفتح
الخاء :-ما ينخل به .والنخالة -بالضم :-ما بقى في المنخل من القشر
ونحوه (5) .جثا يجثو .وجثى يجثى :جلس على ركبته أو قام على أطراف
الصابع .وفى بعض النسخ " حبوا " أي زحفا على الركب من حبا يحبو
وحبى يحبى " إذا مشى على أربع (6) .الوابل :المطر الشديد الضخم
القطر.
][309
يا هشام مكتوب في النجيل " طوبى للمتراحمين ،اولئك هم المرحومون يوم
القيامة ،طوبى للمصلحين بين الناس ،اولئك هم المقربون يوم القيامة،
طوبى للمطهرة قلوبهم ،اولئك هم المتقون يوم القيامة ،طوبى للمتواضعين
في الدنيا ،اولئك يرتقون منابر الملك يوم القيامة " .يا هشام قله المنطق
حكم عظيم ،فعليكم بالصمت ،فإنه دعة حسنة وقلة وزر وخفة من الذنوب.
فحصنوا باب الحلم ،فإن بابه الصبر ،وإن ال عزوجل يبغض الضحاك من
غير عجب ،والمشاء إلى غير أرب ) (1ويجب على الوالي أن يكون
كالراعي ل يغفل عن رعيته ول يتكبر عليهم ،فاستحيوا من ال في
سرائركم ،كما تستحيون من الناس في علنيتكم ،واعلموا أن الكلمة من
الحكمة ضالة المؤمن ،فعليكم بالعلم قبل أن يرفع ،ورفعه غيبة عالمكم بين
أظهركم .يا هشام تعلم من العلم ما جهلت ،وعلم الجاهل مما علمت ،عظم
العالم لعلمه ودع منازعته ،وصغر الجاهل لجهله ،ول تطرده ،ولكن قربه
وعلمه .يا هشام إن كل نعمة عجزت عن شكرها بمنزلة سيئة تؤاخذ بها،
وقال أمير المؤمنين صلوات ال عليه " :إن ل عبادا كسرت قلوبهم خشية
فأسكتتهم عن المنطق ،وإنهم لفصحاء عقلء ،يستبقون إلى ال بالعمال
الزكية ،ل يستكثرون له الكثير ،ول يرضون لهم من أنفسهم بالقليل ،يرون
في أنفسهم أنهم أشرار وأنهم لكياس وأبرار " ) .(2يا هشام الحياء من
اليمان واليمان في الجنة ،والبذاء من الجفاء ) (3والجفاء في النار.
) (1المشاء :الكثير المشى .وأيضا النمام والمراد ههنا الول .والرب -بفتحتين :-
الحاجة (2) .الكياس :جمع كيس -كسيد :-الفطن ،الظريف ،الحسن
الفهم والدب (3) .البذاء :الفحش .والبذى -على فعيل :-السفيه والذى
أفحش في منطقه.
][310
يا هشام المتكلمون ثلثة :فرابح وسالم وشاجب ) (1فأما الرابح فالذاكر ل .وأما
السالم فالساكت .وأما الشاجب فالذي يخوض في البال ،إن ال حرم الجنة
على كل فاحش بذي ،قليل الحياء ،ل يبالي ما قال ول ما قيل فيه ،وكان أبو
ذر -رضي ال عنه -يقول " :يا مبتغي العلم إن هذا اللسان مفتاح خير
ومفتاح شر ،فاختم على فيك كما تختم على ذهبك وورقك " .يا هشام بئس
العبد عبد يكون ذا وجهين وذا لسانين ،يطري أخاه إذا شاهده ) (2ويأكله
إذا غاب عنه ،إن أعطي حسده وإن ابتلي خذله ،إن أسرع الخير ثوابا البر.
وأسرع الشر عقوبة البغي ،وإن شر عباد ال من تكره مجالسته لفحشه،
وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إل حصائد ألسنتهم .ومن حسن
إسلم المرء ترك ما ل يعنيه .يا هشام ل يكون الرجل مؤمنا حتى يكون
خائفا راجيا ،ول يكون خائفا راجيا حتى يكون عامل لما يخاف ويرجو .يا
هشام قال ال عزوجل :عزتي وجللي وعظمتي وقدرتي وبهائي وعلوي
في مكاني ل يؤثر عبد هواي على هواه إل جعلت الغنى في نفسه ،وهمه
في آخرته ،وكففت ]عليه[ ضيعته ) (3وضمنت السماوات والرض رزقه،
وكنت له من وراء تجارة كل تاجر ) .(4يا هشام الغضب مفتاح الشر.
وأكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا ،وإن خالطت الناس فإن استطعت أن
ل تخالط أحدا منهم إل من كانت يدك عليه العليا ) (5فافعل.
) (1الشاجب :الهذاء المكثار أي كثير الهذيان وكثير الكلم .وأيضا الهالك .و هو
النسب (2) .أي يحسن الثناء وبالغ في مدحه إذا شاهده ،ويعيبه بالسوء
ويذمه إذا غاب (3) .الضيعة -بالفتح :-حرفة الرجل وصناعته وفى
بعض النسخ " صنعته " (4) .أي مضافا على ربح تجارتهم (5) .اليد
العلياء :المعطية المتعففة.
][311
يا هشام عليك بالرفق .فإن الرفق يمن والخرق شؤم ،إن الرفق والبر وحسن الخلق
يعمر الديار ،ويزيد في الرزق ) .(1يا هشام قول ال " :هل جزاء الحسان
إل الحسان ) " (2جرت في المؤمن والكافر والبر والفاجر .من صنع إليه
معروف فعليه أن يكافئ به ،وليست المكافأة أن تصنع كما صنع حتى ترى
فضلك ،فإن صنعت كما صنع فله الفضل بالبتداء ) .(3يا هشام إن مثل
الدنيا مثل الحية مسها لين وفي جوفها السم القاتل ،يحذرها الرجال ذووا
العقول ،ويهوي إليها الصبيان بأيديهم .يا هشام اصبر على طاعة ال،
واصبر عن معاصي ال ،فانما الدنيا ساعة ،فما مضى منها فليس تجد له
سرورا ول حزنا ،وما لم يأت منها فليس تعرفه ،فاصبر على تلك الساعة
التي أنت فيها فكأنك قد اغتبطت ) .(4يا هشام مثل الدنيا مثل ماء البحر
كلما شرب منه العطشان ازداد عطشا حتى يقتله .يا هشام إياك والكبر،
فإنه ل يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من كبر .الكبر رداء ال،
فمن نازعه رداءه أكبه ال في النار على وجهه .يا هشام ليس منا من لم
يحاسب نفسه في كل يوم ،فإن عمل حسنا استزاد منه وإن عمل سيئا
استغفر ال منه وتاب إليه .يا هشام تمثلت الدنيا للمسيح عليه السلم في
صورة امرأة زرقاء فقال لها :كم تزوجت ؟ فقالت :كثيرا ،قال :فكل طلقك ؟
قالت :ل بل كل قتلت ،قال المسيح عليه السلم :فويح لزواجك الباقين،
كيف ل يعتبرون بالماضين.
) (1كذا (2) .الرحمن (3) .60 :أي له الفضيلة بسبب ابتدائه بالحسان ،فهو أفضل
منك (4) .اغتبط :كان في مسرة وحسن حال .وفى بعض النسخ " قد
احتبطت ".
][312
يا هشام إن ضوء الجسد في عينه ،فإن كان البصر مضيئا استضاء الجسد كله .وإن
ضوء الروح العقل ،فإذا كان العبد عاقل كان عالما بربع وإذا كان عالما
بربه أبصر دينه .وإن كان جاهل بربه لم يقم له دين ،وكما ل يقوم الجسد
إل بالنفس الحية فكذلك ل يقوم الدين إل بالنية الصادقة ،ول تثبت النية
الصادقة إل بالعقل .يا هشام إن الزرع ينبت في السهل ول ينبت في الصفا
) (1فكذلك الحكمة تعمر في قلب المتواضع ،ول تعمر في قلب المتكبر
الجبار ،لن ال جعل التواضع آلة العقل ،وجعل التكبر من آلة الجهل ،ألم
تعلم أن من شمخ إلى السقف ) (2برأسه شجه ) (3ومن خفض رأسه
استظل تحت وأكنه ،وكذلك من لم يتواضع ل خفضه ال .ومن تواضع ل
رفعه .يا هشام ما أقبح الفقر بعد الغنى ،وأقبح الخطيئة بعد النسك ،وأقبح
من ذلك العابد ل ثم يترك عبادته .يا هشام ل خير في العيش إل لرجلين:
لمستمع واع ،وعالم ناطق .يا هشام ما قسم بين العباد أفضل من العقل،
نوم العاقل أفضل من سهر الجاهل ما بعث ال نبيا إل عاقل حتى يكون
عقله أفضل من جميع جهد المجتهدين .وما أدى العبد فريضة من فرائض
ال حتى عقل عنه ) .(4يا هشام قال رسول ال صلى ال عليه وآله " .إذا
رأيتم المؤمن صموتا فادنوا منه ،فانه يلقى الحكمة .والمؤمن قليل الكلم
كثير العمل والمنافق كثير الكلم قليل العمل " .يا هشام أوحى ال تعالى
إلى داود عليه السلم " قل لعبادي :ل تجعلوا بيني وبينهم
) (1الصفا :الحجر الصلد الضخم (2) .شمخ -من باب منع :-عل ورفع (3) .أي
كسره وجرحه (4) .أي ما يؤدى العبد فريضة من فرائض ال حتى عرف
ال إلى حد التعقل ،أو أخذ عنه.
][313
عالما مفتونا بالدنيا فيصدهم عن ذكري ،وعن طريق محبتي ومناجاتي ،اولئك
قطاع الطريق من عبادي ،إن أدنى ما أنا صانع بهم أن أنزع حلوة محبتي
) (1ومناجاتي من قلوبهم .يا هشام من تعظم في نفسه لعنته ملئكة
السماء وملئكة الرض ،ومن تكبر على إخوانه واستطال عليهم فقد ضاد
ال ) (2ومن ادعى ما ليس له فهو أعنى لغير رشده ) .(3يا هشام أوحى
ال تعالى إلى داود عليه السلم " يا داود حذر ،فأنذر ) (4أصحابك عن
حب الشهوات ،فإن المعلقة قلوبهم شهوات الدنيا قلوبهم محجوبة عني ".
يا هشام إياك والكبر على أوليائي والستطالة بعلمك فيمقتك ال ،فل تنفعك
بعد مقته دنياك ول آخرتك .وكن في الدنيا كساكن دار ليست له ،إنما ينتظر
الرحيل .يا هشام مجالسة أهل الدين شرف الدنيا والخرة ،ومشاورة العاقل
الناصح يمن وبركة ورشد وتوفيق من ال ،فإذا أشار ) (5عليك العاقل
الناصح فإياك والخلف فإن في ذلك العطب ) .(6يا هشام إياك ومخالطة
الناس والنس بهم إل أن تجد منهم عاقل ومأمونا فآنس به واهرب من
سائرهم كهربك من السباع الضارية ) (7وينبغي للعاقل إذا
) (1في بعض النسخ " عبادتي " (2) .استطال عليهم :أي تفضل عليهم (3) .أعنى
اعناء -يائى -الرجل :أذاه وكلفه ما يشق عليه .وفى بعض النسخ "
أعنى لغيره " أي يدخل غيره في العناء والتعب (4) .في بعض النسخ "
وانذر " وفى بعضها " ونذر " (5) .في بعض النسخ " فإذا استشار ".
) (6العطب :الهلك (7) .الضارى :الحيوان السبع ،من ضرى الكلب
بالصيد يضرى :تعوده وأولع به وأيضا :تطعم بلحمه ودمه.
][314
عمل عمل أن يستحيي من ال ،وإذا تفرد له بالنعم أن يشارك في عمله أحدا غيره )
(1وإذا خر بك ) (2أمر ان ل تدري أيهما خير وأصوب ،فانظر أيهما أقرب
إلى هواك فخالفه ،فإن كثير الصواب في مخالفة هواك ،وإياك أن تغلب
الحكمة وتضعها في الجهالة ) (3قال هشام :فقلت له :فإن وجدت رجل
طالبا له غير أن عقله ل يتسع لضبط ما القي إليه ؟ قال عليه السلم:
فتلطف له في النصيحة ،فان ضاق قلبه ]ف[ ل تعرضن نفسك للفتنة ،واحذر
رد المتكبرين ،فإن العلم يذل على أن يملى على من ل يفيق ) (4قلت :فإن
لم أجد من يعقل السؤال عنها قال عليه السلم :فاغتنم جهله عن السؤال
حتى تسلم من فتنة القول وعظيم فتنة الرد ،واعلم أن ال لم يرفع
المتواضعين بقدر تواضعهم ،ولكن رفعهم بقدر عظمته ومجده ،ولم يؤمن
الخائفين بقدر خوفهم ولكن آمنهم بقدر كرمه وجوده ،ولم يفرج
المحزونين ) (5بقدر حزنهم ولكن بقدر رأفته ورحمته .فما ظنك بالرؤوف
الرحيم الذي يتودد إلى من يؤذيه بأوليائه ،فكيف بمن يؤذى فيه ،وما ظنك
بالتواب
) (1كذا .أي إذا اختص العاقل بنعمة ينبغى له أن يشارك غيره في هذه النعمة بأن
يعطيه منها .وفى بعض النسخ " إذ تفرد له " .والظاهر سقطت لفظة "
ل " من قوله " أن يشارك " والمعنى واضح (2) .في بعض النسخ "
وإذا مر بك أمران " وخربه أمر أي نزل به وأهمه (3) .قال المؤلف -
رحمه ال :-وفيه حذفا وايصال أي تغلب على الحكمة أي يأخذها منك
قهرا من ل يستحقها بأن يقرأ على صيغة المجهول أو على المعلوم أي
تغلب على الحكمة فانها تأبى عمن ل يستحقها .ويحتمل أن يكون بالفاء
والتاء من الفلت بمعنى الطلق فانهم يقولون :انفلت منى كلم أي
صدر بغير روية .وفى بعض النسخ المنقولة من الكتاب " واياك أن تطلب
الحكمة وتضعها في الجهال " (4) .الفاقة :الرجوع عن السكر والغماء
والغفلة إلى حال الستقامة .وفى بعض النسخ " فان العلم يدل على أن
يحمل على من ل يفيق " وفى بعضها " يجلى " مكان يملى (5) .في
بعض النسخ " ولم يفرح المحزونين ".
][315
الرحيم الذي يتوب على من يعاديه ،فكيف بمن يترضاه ) (1ويختار عداوة الخلق
فيه .يا هشام من أحب الدنيا ذهب خوف الخرة من قلبه ،وما اوتي عبد
علما فازداد للدنيا حبا إل ازداد من ال بعدا ،وازداد ال عليه غضبا .يا
هشام إن العاقل اللبيب من ترك مال طاقة له به ،وأكثر الصواب في خلف
الهوى ،ومن طال أمله ساء عمله .يا هشام لو رأيت مسير الجل للهاك
عن المل .يا هشام إياك والطمع ،وعليك باليأس مما في أيدي الناس،
وأمت الطمع من المخلوقين ،فإن الطمع مفتاح للذل ) (2واختلس العقل
واختلق المروات ) .(3وتدنيس العرض ،والذهاب بالعلم وعليك
بالعتصام بربك والتوكل عليه .وجاهد نفسك لتردها عن هواها ،فإنه
واجب عليك كجهاد عدوك ،قال هشام :فقلت له :فاي العداء أوجبهم
مجاهدة قال عليه السلم :أقربهم إليك وأعداهم لك وأضرهم بك وأعظمهم
لك عداوة وأخفاهم لك شخصا مع دنوه منك ،ومن يحرض ) (4أعداءك
عليك وهو إبليس الموكل بوسواس ]من[ القلوب فله فلتشتد عداوتك ).(5
ول يكونن أصبر على مجاهدتك لهلكتك منك على صبرك لمجاهدته ،فإنه
أضعف منك ركنا في قوته ) (6وأقل منك ضررا في كثرة شره.
) (1يترضاه :أي يطلب رضاه (2) .في بعض النسخ " الذل " (3) .الختلق:
الفتراء .وفى بعض النسخ " واخلق " والظاهر أنه جمع خلق -
بالتحريك -أي البالى .والعرض :النفس والخليقة المحمودة -وأيضا :ما
يفتخر النسان من حسب وشرف (4) .وفى بعض النسخ " ومن يحرص
" (5) .في بعض النسخ " فلتشد " (6) .الركن :العز والمنعة .وأيضا:
ما يقوى به .والمر العظيم .أي ل يكون صبره في المجاهدة قوى منأك
فمع قوته وكثرة شره أضعف منك ركنا وأقل ضررا.
][316
إذا أنت اعتصمت بال فقد هديت إلى صراط مستقيم .يا هشام من أكرمه ال بثلث
فقد لطف به :عقل يكفيه مؤونة هواه ،وعلم يكفيه مؤونة جهله ،وغنى
يكفيه مخافة الفقر .يا هشام احذر هذه الدنيا واحذر أهلها ،فإن الناس فيها
على أربعة أصناف :رجل متردي معانق لهواه ،ومتعلم مقري ) (1كلما
ازداد علما ازداد كبرا ،يستعلى ) (2بقراءته وعلمه على من هو دونه،
وعابد جاهل يستصغر من هو دونه في عبادته ،يحب أن يعظم ويوقر ،وذو
بصيرة عالم عارف بطريق الحق يحب القيام به ،فهو عاجز أو مغلوب ول
يقدر على القيام بما يعرف ] -ه[ فهو محزون مغموم بذلك ،فهو أمثل أهل
زمانه ) (3وأوجههم عقل .يا هشام أعرف العقل وجنده ،والجهل وجنده
تكن من المهتدين ،قال هشام :فقلت جعلت فداك ل نعرف إل ما عرفتنا ؟
فقال عليه السلم :يا هشام إن ال خلق العقل وهو أول خلق خلقه ال من
الروحانيين عن يمين العرش من نوره ) (4فقال له :أدبر فأدبر .ثم قال له:
أقبل فأقبل .فقال ال عزوجل :خلقتك خلقا ]عظيما[ وكرمتك على جميع
خلقي .ثم خلق الجهل من البحر الجاج الظلماني ،فقال له :أدبر فأدبر ،ثم
قال له :أقبل ،فلم يقبل .فقال له :استكبرت فلعنه .ثم جعل للعقل خمسة
) (1فاعل من قرأوفى بعض النسخ " متقرى " (2) .في بعض النسخ " يستعلن
" (3) .المثل :الفضل (4) .عن يمين العرش أي أقوى جانبيه
وأشرفهما .و " من نوره " أي من نور ذاته " .فقال له الخ " مضى
بيان ما فيه في أوائل ج 77من كلمات رسول ال صلى ال عليه وآله في
حكمه مواعظه فليطلبه هنا .قوله عليه السلم " :فل يكون خلفا أعظم
منه " إذ به يقوم كل شئ فيكون أكرم من كل مخلوق .والجهل يكون منبع
الشرور فله قابلية لكل شر.
][317
وسبعين جندا ،فلما رأى الجهل ما كرم ال به العقل وما أعطاه أضمر له العداوة
فقال الجهل :يا رب هذا خلق مثلي خلقته وكرمته وقويته وأنا ضده ول قوة
لي به أعطني من الجند مثل ما أعطيته ؟ فقال تبارك وتعالى :نعم ،فإن
عصيتني بعد ذلك أخرجتك وجندك من جواري ومن رحمتي ،فقال :قد
رضيت .فأعطاه ال خمسة وسبعين جندا ،فكان مما أعطى العقل من
الخمسة والسبعين جندا (1) :الخير ،وهو وزير العقل .وجعل ضده الشر،
وهو وزير الجهل .اليمان ،الكفر .التصديق ،التكذيب .الخلص ،النفاق.
الرجاء ،القنوط .العدل ،الجور .الرضى ،السخط .الشكر ،الكفران .اليأس،
الطمع .التوكل ،الحرص .الرأفة ،الغلظة .العلم ،الجهل .العفة ،التهتك.
الزهد ،الرغبة .الرفق ،الخرق .الرهبة ،الجرأة .التواضع ،الكبر .التؤدة )
،(2العجلة .الحلم ،السفه .الصمت ،الهذر ) .(3الستسلم ،الستكبار.
التسليم ،التجبر .العفو ،الحقد .الرحمة ،القسوة .اليقين ،الشك .الصبر،
الجزع .الصفح ،النتقام .الغنى ،الفقر .التفكر ،السهو .الحفظ ،النسيان.
التواصل ،القطيعة .القناعة ،الشره ) .(4المؤاساة ،المنع .المودة ،العداوة.
) (1المذكور هنا 71جندا وفى الكافي ثمانية وسبعون لكنه تكرر بعض الجنود ول
يخفى أن الجنود أكثر لكن ذكر منها الهم (2) .التؤدة -بالضم :-الرزانة
والتأنى ،يقال :توأد في المر أي تأتى وتمهل (3) .الهذر -بالتحريك :-
الهذيان والكلم الذى ل يعبأ به ،يقال :هذر فلن في منطقه -من باب
ضرب ونصر .-خلط وتكلم بما ل ينبغى (4) .الشره -بالتحريك -مصدر
باب فرح :-الحرص يقال :شره إلى الطعام :اشتد ميله إليه .ويمكن أن
يكون كما في بعض النسخ " الشرة " بالكسر فالتشديد أي الحدة
والحرص.
][318
) (1التطاول :التكبر والترفع (2) .الغباوة :الغفلة وقلة الفطنة (3) .المماكرة:
المخادعة (4) .التسويف :المطل والتأخير (5) .في بعض النسخ "
النفى ،الحسد " ولعله تصحيف .وفى بعضها " النقى " (6) .القح -
بالضم -الجافي .ويمكن أن يكون قحة مصدر وقح :الوقاحة وقلة الحياء.
وفى بعض النسخ " القيحة " (7) .القوام -بالفتح :-العدل والعتدال.
والمكاثرة :المفاخرة والمغالبة في الكثرة بالمال أو العدد (8) .في بعض
النسخ " المخافة التهاون " (9) .في بعض النسخ " صدق الحديث،
النميمة ".
][319
يا هشام ل تجمع ) (1هذه الخصال إل لنبي أو وصي أو مؤمن امتحن ال قلبه
لليمان .وأما سائر ذلك من المؤمنين فإن أحدهم ل يخلو من أن يكون فيه
بعض هذه الجنود من أجناد العقل ويتخلص من جنود الجهل .فعند ذلك
يكون في الدرجة العليا مع النبياء والوصيا عليهم السلم .وفقنا ال
وإياكم لطاعته - 2 .لى :عن أبيه ،عن محمد العطار ،عن جعفر بن محمد
بن مالك ،عن سعيد بن عمرو ،عن إسماعيل بن بشر بن عمار قال :كتب
هارون الرشيد إلى أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلم :عظني
وأوجز ،فكتب إليه :ما من شئ تراه عينيك إل وفيه موعظة - 3 .ف ):(2
وروى عنه عليه السلم في قصار هذه المعاني - 1 .وقال عليه السلم:
ينبغي لمن عقل عن ال أن ل يستبطئه ) (3في رزقه ول يتهمه في قضائه.
- 2وقال :سألته عن اليقين ؟ فقال عليه السلم :يتوكل على ال ويسلم ال
ويرضى بقضاء ال ويفوض إلى ال - 3 .وقال عبد ال بن يحيى ):(4
كتبت إليه في دعاء " الحمد ل منتهى علمه " فكتب عليه السلم :ل
تقولن منتهى علمه ،فإنه ليس لعلمه منتهى .ولكن قل :منتهى رضاه- 4 .
وسأله رجل عن الجواد ؟ فقال عليه السلم :إن لكلمك وجهين ،فإن كنت
تسأل عن المخلوقين ،فإن الجواد ،الذي يؤدي ما افترض ال عليه،
والبخيل من بخل بما افترض ال ،وإن كنت تعني الخالق فهو الجواد إن
أعطى وهو الجواد إن منع ،لنه إن أعطاك أعطاك ما ليس لك وإن منعك
منعك ما ليس لك - 5 .وقال لبعض شيعته :أي فلن ! إتق ال وقل الحق
وإن كان فيه هلكك
) (1في بعض النسخ " ل تجتمع " (2) .التحف ص (3) .408أي ل يجده بطيئا) .
(4رواه الصدوق -رحمه ال -في التوحيد باب العلم باسناده عن
الكاهلى عن موسى بن جعفر عليهما السلم .وعبد ال بن يحيى الكاهلى
السدي الكوفى أخو اسحاق بن يحيى من وجوه أصحاب الصادق والكاظم
عليهما السلم وله كتاب(*) .
][320
فإن فيه نجاتك ،أي فلن ! اتق ال ودع الباطل وإن كان فيه نجاتك ،فإن فيه هلكك.
- 6وقال له وكيله :وال ما خنتك .فقال عليه السلم له :خيانتك وتضييعك
علي مالي سواء ،والخيانة شرهما عليك - 7 .وقال عليه السلم ،إياك أن
تمنع في طاعة ال ،فتنفق مثليه في معصية ال - 8 .وقال عليه السلم:
المؤمن مثل كفتي الميزان كلما زيد في إيمانه زيد في بلئه - 9 .وقال عليه
السلم :عند قبر حضره ) (1إن شيئا هذا آخره لحقيق أن يزهد في أوله،
وإن شيئا هذا أوله لحقيق أن يخاف آخره - 10 .وقال عليه السلم :من
تكلم في ال هلك ،ومن طلب الرئاسة هلك ،ومن دخله العجب هلك- 11 .
وقال عليه السلم :اشتدت مؤونة الدنيا والدين :فأما مؤونة الدنيا فإنك ل
تمد يدك إلى شئ منها إل وجدت فاجرا قد سبقك إليه ،وأما مؤونة الخرة
فإنك ل تجد أعوانا يعينونك عليه - 12 .وقال عليه السلم :أربعة من
الوسواس :أكل الطين ،وفت الطين ،وتقليم الظفار بالسنان ،وأكل اللحية.
وثلث يجلين البصر :النظر إلى الخضرة ،والنظر إلى الماء الجاري،
والنظر إلى الوجه الحسن - 13 .وقال عليه السلم :ليس حسن الجوار كف
الذى ،ولكن حسن الجوار الصبر على الذى - 14 .وقال عليه السلم :ل
تذهب الحشمة بينك وبين أخيك ) (2وابق منها ،فإن ذهابها ذهاب الحياء.
- 15وقال عليه السلم لبعض ولده :يا بني إياك أن يراك ال في معصية
نهاك عنها .وإياك أن يفقدك ال عند طاعة أمرك بها ،وعليك بالجد ،ول
تخرجن نفسك
) (1وفى بعض النسخ " حفره " (2) .الحشمة :النقباض والستحياء.
][321
من التقصير في عبادة ال وطاعته ،فإن ال ل يعبد حق عبادته ،وإياك والمزاح،
فإنه يذهب بنور إيمانك ويستخف مروتك ،وإياك والضجر والكسل ،فإنهما
يمنعان حظك من الدنيا والخرة - 16 .وقال عليه السلم :إذا كان الجور
أغلب من الحق لم يحل لحد أن يظن بأحد خيرا حتى يعرف ذلك منه- 17 .
وقال عليه السلم :ليس القبلة على الفم إل للزوجة والولد الصغير- 18 .
وقال عليه السلم :اجتهدوا في أن يكون زمانكم أربع ساعات :ساعة
لمناجات ال ،وساعة لمر المعاش ،وساعة لمعاشرة الخوان والثقات
الذين يعرفونكم عيوبكم ويخلصون لكم في الباطن ،وساعة تخلون فيها
للذاتكم في غير محرم ،و بهذه الساعة تقدرون على الثلث ساعات .ل
تحدثوا أنفسكم بفقر ول بطول عمر ،فإنه من حدث نفسه بالفقر بخل ،ومن
حدثها بطول العمر يحرص ،اجعلوا لنفسكم حظا من الدنيا بإعطائها ما
تشتهي من الحلل ومال يثلم المروة ومال سرف فيه .واستعينوا بذلك على
أمور الدين ،فإنه روي " ليس منا من ترك دنياه لدينه أو ترك دينه لدنياه
" - 19 .وقال عليه السلم :تفقهوا في دين ال فإن الفقه مفتاح البصيرة
وتمام العبادة والسبب إلى المنازل الرفيعة والرتب الجليلة في الدين
والدنيا .وفضل الفقيه على العابد كفضل الشمس على الكواكب .ومن لم
يتفقه في دينه لم يرض ال له عمل - 20 .وقال عليه السلم لعلي بن
يقطين ) :(1كفارة عمل السلطان الحسان إلى الخوان.
) (1هو على بن يقطين بن موسى مولى بنى أسد كوفى الصل سكن بغداد من
أصحاب الصادق والكاظم عليهما السلم قال الشيخ في الفهرست :على
بن يقطين -رحمه ال -ثقة جليل القدر له منزلة عظيمة عند أبى الحسن
موسى عليه السلم ،عظيم المكان في الطائفة .وكان يقطين من وجوه
الدعاة .فطلبه مروان فهرب ،وابنه على بن يقطين هذا -رحمه ال -ولد
بالكوفة سنة 124وهربت به امه وبأخيه عبيد بن يقطين إلى المدينة فلما
ظهرت الدولة الهاشمية ظهر يقطين وعادت ام على بعلى وعبيد فلم يزل
يقطين بخدمة السفاح وأبى جعفر - - - - -
][322
- 21وقال عليه السلم :كلما أحدث الناس من الذنوب ما لم يكونوا يعملون ،أحدث
ال لهم من البلء ما لم يكونوا يعدون - 22 .وقال عليه السلم :إذا كان
المام عادل كان له الجر وعليك الشكر .وإذا كان جائرا كان عليه الوزر
وعليك الصبر - 23 .وقال أبو حنيفة ) (1حججت في أيام أبي عبد ال
الصادق عليه السلم فلما
- - - - - -المنصور ومع ذلك كان يتشيع ويقول بالمامة وكذلك ولده وكان -رحمه
ال -يحمل الموال إلى أبى عبد ال جعفر الصادق عليه السلم ونم خبره
إلى المهدى فصرف ال عنه كيدهما وتوفى على بن يقطين بمدينة السلم
ببغداد سنة 182وسنه يومئذ 57سنة وصلى عليه ولى العهد محمد بن
الرشيد ،وتوفى أبوه بعده سنة 185ولعلى بن يقطين كتب منها كتاب ما
سأل عن الصادق عليه السلم من الملحم وكتاب مناظرة الشاك
بحضرته .انتهى .وكان وفات على بن يقطين في أيام كان أبو الحسن
عليه السلم محبوسا في سجن هارون ببغداد وبقى عليه السلم أربع
سنين فيه بعد على بن يقطين .وله أيضا مسائل عن أبى الحسن عليه
السلم واستأذنه في ترك عمل السلطان فلم يأذن له وقال عليه السلم" :
ل تفعل فان لنا بك أنسا ولخوانك لك عزا وعسى أن يجبر ال بك كسرا
ويكسر بك نائرة المخالفين عن أوليائه يا على كفارة أعمالكم الحسان
إلى اخوانكم " .وضمن على بن يقطين لبي الحسن عليه السلم أن ل
يأتيه ولى له ال أكرمه .فضمن أبو الحسن عليه السلم له ثلث خصال:
ل يظله سقف سجن أبدا ول يناله حد سيف أبدا ول يدخل الفقر فيه أبدا) .
(1هو نعمان بن ثابت بن زوطى أحد الئمة الربعة كان جده من الفرس
من موالى تيم ال بن ثعلبة فمسه الرق فاعتق فكان أبو حنيفة من أبناء
الفرس ولد سنة 80بالكوفة وكان خزازا يبيع الخز ،صاحب الرأى
والقياس والفتاوى المعروفة في الفقه وقال هو بالقياس والستحسان
حتى أنه قاس في امور معاشه أيضا ،وهو أول من قاس في السلم،
وقيل :أجاز وضع الحديث على وفق مذهبه وعدوه أيضا من المرجئة
الذين يقولون ل تضر مع اليمان معصية ،رد على رسول ال صلى ال
عليه وآله أربعمائة حديث أو أكثر فقال :لو أدركني - - - - -
][323
أتيت المدينة دخلت داره فجلست في الدهليز أنتظر إذنه إذ خرج صبي يدرج )،(1
فقلت :يا غلم أين يضع الغريب الغائط من بلدكم ؟ قال :على رسلك ) .(2ثم
جلس مستندا إلى الحائط .ثم قال :توق شطوط النهار ومساقط الثمار
وأفنية المساجد وقارعة الطريق ) .(3وتوار خلف جدار ،وشل ثوبك )(4
ول تستقبل القبلة ول تستدبرها ،وضع حيث شئت ،فأعجبني ما سمعت من
الصبي فقلت له ،ما اسمك ؟ فقال :أنا موسى بن جعفر بن محمد بن علي
بن الحسين بن علي بن أبي طالب .فقلت له :يا غلم ممن المعصية ؟ فقال
عليه السلم إن السيئات ل تخلو من إحدى ثلث :إما أن تكون من ال -
وليست منه -فل ينبغي للرب أن يعذب العبد على ما ل
- - -رسول ال لخذ بكثير من قولى ،ونقل الخطيب في تاريخ بغداد بعضها ويعاب
عليه بقواعد العربية .مات سنة 150واتفق أنه في يوم وفاته ولد
الشافعي ودفن في مقبرة الخيزران ببغداد وهى مشهورة معروفة عند
العامة بالمام العظم وبنى شرف الملك أبو سعد محمد بن منصور
الخوارزمي مستوفى مملكة السلطان ملكشاه السلجوقي على قبره مشهدا
وقبة وبنى عنده مدرسة كبيرة للحنفية وقيل :ان الذى أمر ببناء هذه
العمارة هو الب أرسلن محمد والد السلطان ملكشاه وكان المير أبو سعد
نائبا عليها .وفى الخبار :ان أبا حنيفة :جاء يوما إلى الصادق عليه
السلم ليسمع منه وخرج عليه السلم يتوكأ على عصا فقال له أبو حنيفة
يا ابن رسول ال ما بلغت من السن ما يحتاج منه إلى العصا قال :هو
كذلك ولكنها عصا رسول ال صلى ال عليه وآله اردت أتبرك بها فوثب
أبو حنيفة إليها وقال له :اقبلها يا ابن رسول ال ؟ فحسر عليه السلم
عن ذراعه وقال :وال لقد علمت أن هذا بشر رسول ال صلى ال عليه
وآله وان هذا من شعره فما قبلته وتقبل عصاه (1) .درج الصبى :مشى
قليل في أول ما يمشى (2) .الرسل والرسلة :الرفق والتمهل .يقال :على
رسلك يا رجل أي على مهلك (3) .قارعة الطريق :أعله ومعظمه وهى
موضع قرع المارة (4) .أي ارفع ثوبك - .من شال يشول شول الشئ أي
رفعه.
][324
يرتكب .وإما أن تكون منه ومن العبد -وليست كذلك -فل ينبغي للشريك القوي أن
يظلم الشريك الضعيف .وإما أن تكون من العبد -وهي منه -فإن عفا
فبكرمه وجوده .وإن عاقب فبذنب العبد وجريرته .قال أبو حنيفة:
فانصرفت ولم ألق أبا عبد ال عليه السلم واستغنيت بما سمعت- 24 .
وقال له أبو أحمد الخراساني :الكفر أقدم أم الشرك ) (1؟ فقال عليه السلم
له :مالك ولهذا ما عهدي بك تكلم الناس .قلت :أمرني هشام بن الحكم )(2
أن أسألك] .ف[ -قال :قل له :الكفر أقدم ،أول من كفر إبليس " أبى
واستكبر وكان من الكافرين ) " (3والكفر شئ واحد والشرك يثبت واحدا
ويشرك معه غيره - 25 .ورأى رجلن يتسابان فقال عليه السلم :البادي
أظلم ووزره ووزر صاحبه عليه ما لم يعتد المظلوم - 26 .وقال عليه
السلم :ينادي مناد يوم القيامة :أل من كان له على ال أجر فليقم ،فل
يقوم إل من عفا ،وأصلح فأجره على ال - 27 .وقال عليه السلم :السخي
الحسن الخلق في كنف ال ،ل يتخلى ال عنه حتى يدخله الجنة .وما بعث
ال نبيا إل سخيا .ومازال أبي يوصيني بالسخاء وحسن الخلق حتى مضى.
- 28وقال السندي بن شاهك -وكان الذي وكله الرشيد بحبس موسى
عليه السلم -لما حضرته الوفاة :دعني اكفنك .فقال عليه السلم :إنا أهل
بيت ،حج صرورتنا ) (4ومهور نسائنا وأكفاننا من طهور أموالنا.
) (1رواه الكليني في الكافي ج 2ص 385عن موسى بن بكر الواسطي والعياشي
في تفسيره .عنه قال :سألت أبا الحسن موسى عليه السلم عن الكفر
والشرك أيهما أقدم -إلى آخر الية (2) .-وكذا في تفسير العياشي ولكن
في الكافي " هشام بن سالم " (3) .البقرة (4) .32 :الصرور -بالصاد
المهملة -الذى لم يتزوج أو لم يحج.
][325
- 29وقال عليه السلم لفضل بن يونس :أبلغ خيرا وقل خيرا ول تن إمعة )(1
قلت :وما المعة ؟ قال :ل تقل :أنا مع الناس ،وأنا كواحد من الناس .إن
رسول ال صلى ال عليه وآله قال " :يا أيها الناس إنما هما نجدان نجد
خير ونجد شر ،فل يكن نجد الشر أحب إليكم من نجد الخير )- 30 ." (2
وروي أنه مر برجل من أهل السواد دميم المنظر ) ،(3فسلم عليه و نزل
عنده وحادثه طويل .ثم عرض عليه السلم عليه نفسه في القيام بحاجة إن
عرضت له ،فقيل له :يا ابن رسول ال أتنزل إلى هذا ثم تسأله عن
حوائجه ،وهو إليك أحوج ؟ فقال عليه السلم :عبد من عبيدال وأخ في
كتاب ال وجار في بلد ال ،يجمعنا وإياه خير الباء آدم عليه السلم
وأفضل الديان السلم ولعل الدهر يرد من حاجاتنا إليه،
) (1فضل بن يونس الكاتب البغدادي عده الشيخ من أصحاب الكاظم عليه السلم
وقال :أصله كوفى تحول إلى بغداد مولى واقفى .انتهى .ووثقه النجاشي،
وروى الكشى ما يدل على غاية اخلصه للمام الكاظم عليه السلم قال:
وجدت بخط محمد بن الحسن بن بندار القمى في كتابه حدثنى على بن
ابراهيم عن محمد بن سالم قال :لما حمل سيدى موسى بن جعفر عليهما
السلم إلى هارون جاء إليه هشام بن ابراهيم العباسي فقال له يا سيدى
قد كتبت لى صك إلى الفضل ابن يونس فتسأله أن يروج أمرى فركب إليه
أبو الحسن فدخل عليه حاجبه وقال :يا سيدى ! أبو الحسن موسى عليه
السلم بالباب فقال :ان كنت صادقا فأنت حر ولك كذا وكذا ،فخرج الفضل
حافيا يعدو حتى وصل إليه فوقع على قدميه يقبلهما ،ثم سأله أن يدخل
فقال له :اقض حاجة هشام بن ابراهيم فقضاها ،ثم قال :يا سيدى قد
حضر الغذاء فتكرمني أن تتغذى عندي فقال :هات فجاء بالمائدة وعليها
البوارد فأجال أبو الحسن عليه السلم يده في البارد ثم قال :البارتجال
اليد فيه وجاؤوا بالحار فقال أبو الحسن عليه السلم :الحار حمى (2) .ال
مع والمعة -بالكسر فالتشديد -قيل :أصله " انى معك " (3) .النجد:
الطريق الواضح المرتفع .وقوله عليه السلم " :انما هما نجدان "
فالظاهر اشارة إلى قوله في سورة البلد " 10فهديناه النجدين "(4) .
دميم المنظر أي قبيح المنظر من دم دمامة :كان حقيرا وقبح منظره.
][326
فيرانا -بعد الزهو عليه ) - (1متواضعين بين يديه ،ثم قال عليه السلم :نواصل
من ل يستحق وصالنا مخافة أن نبقى بغير صديق - 31وقال عليه السلم:
ل تصلح المسألة إل في ثلثة :في دم منقطع ) (2أو غرم مثقل أو حاجة
مدقعة - 32 .وقال عليه السلم :عونك للضعيف من أفضل الصدقة- 33 .
وقال عليه السلم :تعجب الجاهل من العاقل أكثر من تعجب العاقل من
الجاهل - 34 .وقال عليه السلم :المصيبة للصابر واحدة وللجازع اثنتان.
- 35وقال عليه السلم :يعرف شدة الجور من حكم به عليه - 4 .ف ):(3
روي عن موسى بن جعفر عليه السلم أنه قال :صلة النوافل قربان إلى
ال لكل مؤمن ،والحج جهاد كل ضعيف ،ولكل شئ زكاة وزكاة الجسد
صيام النوافل ،وأفضل العبادة بعد المعرفة انتظار الفرج ،ومن دعا قبل
الثناء على ال والصلة على النبي صلى ال عليه وآله كان كمن رمى
بسهم بل وتر ،ومن أيقن بالخلف جاد بالعطية وإن امرء اقتصد ،والتدبير
نصف العيش ،والتودد إلى الناس نصف العقل ،وكثرة الهم يورث الهرم،
والعجلة هي الخرق ،وقله العيال أحد اليسارين ،ومن أحزن والديه فقد
عقهما ،ومن ضرب بيده على فخذه ،أو ضرب بيده الواحدة على الخرى
عند المصيبة فقد حبط أجره ،والمصيبة ل تكون مصيبة يستوجب صاحبها
أجرها إل بالصبر والسترجاع عند الصدمة ،والصنيعة ل تكون صنيعة إل
عند ذي دين أو حسب،
) (1الزهو :الفخر والكبر .قال الشاعر :ل تهين الفقير علك أن * تركع يوما والدهر
قد رفعه ) (2أي دم من ليس لقاتله مال حتى يؤدى ديته .والمدقعة:
الشديدة يفضى صاحبه إلى الدقعاء أي التراب أو يفضى صاحبه إلى الدقع
وهو سوء احتمال الفقر .والمدقع الملصق بالتراب والذى ل يكون عنده
ما يتقى به التراب (3) .التحف ص .403
][327
وال ينزل المعونة على قدر المؤونة ،وينزل الصبر على قدر المصيبة ،ومن اقتصد
وقنع بقيت عليه النعمة ،ومن بذر وأسرف زالت عنه النعمة ،وأداء المانة
والصدق يجلبان الرزق ،والخيانة والكذب يجلبان الفقر والنفاق ،وإذا أراد
ال بالذرة ) (1شرا أنبت لها جناحين فطارت فأكلها الطير ،والصنيعة ل تتم
صنيعة عند المؤمن لصاحبها إل بثلثة أشياء :تصغيرها وسترها
وتعجيلها ،فمن صغر الصنيعة عند المؤمن فقد عظم أخاه ،ومن عظم
الصنيعة عنده فقد صغر أخاه ومن كتم ما أوله ) (2من صنيعة فقد كرم
فعاله ،ومن عجل ما وعد فقد هنئ ) (3العطية - 5 .كشف ) :(4قال البي
في كتاب نثر الدرر :سمع موسى عليه السلم رجل يتمنى الموت فقال له:
هل بينك وبين ال قرابة يحاميك لها ؟ قال :ل ،قال :فهل لك حسنات قدمتها
تزيد على سيئاتك ؟ قال :ل ،قال :فأنت إذا تتمنى هلك البد .وقال عليه
السلم :من استوى يوماه فهو مغبون ،ومن كان آخر يوميه شرهما فهو
ملعون ،ومن لم يعرف الزيادة في نفسه فهو في نقصان ،ومن كان إلى
النقصان فالموت خير له من الحياة .وروي عنه عليه السلم :أنه قال:
اتخذوا القيان فإنه لهن فطنا وعقول ،ليست لكثير من النساء .كأنه أراد
النجابة في أولدهن .قلت :القيان جمع قينة وهي المة مغنية كانت أو غير
مغنية .قال أبو عمر :وكل عبد هو عند العرب قين والمة قينة ،وبعض
الناس يظن القينة ،المغنية خاصة وليس كذلك.
) (1في بعض النسخ " بالنملة " (2) .يقال :أوله معروفا أي صنعه إليه (3) .هنى
الطعام -من باب علم :-تهنأ به أي ساغ له الطعام ولذ .وفى بعض
النسخ " هنوء " -من باب شرف :-صار هنيئا .وفى بعضها " فقد هنأ
" من باب التفعيل (4) .كشف الغمة ج 3ص .42
][328
وقال :ابن حمدون في تذكرته ) (1قال موسى بن جعفر عليه السلم :وجدت علم
الناس في أربع :أولها أن تعرف ربك ،والثانية أن تعرف ما صنع بك،
والثالثة أن تعرف ما أراد منك ،والرابعة أن تعرف ما يخرجك من دينك.
معنى هذه الربع :الولى وجوب معرفة ال تعالى الذي هي اللطف ،الثانية
معرفة ما صنع بك من النعم التي يتعين عليك لجلها الشكر والعبادة،
الثالثة أن تعرف ما أراده منك فيما أوجبه عليك وندبك إلى فعله لتفعله على
الحد الذي أراده منك فتستحق بذلك الثواب ،والرابعة أن تعرف الشئ الذي
يخرجك عن طاعة ال فتجتنبه - 6 .كش ) ،(2عن حمدويه ،عن الحسن بن
موسى ،عن إسماعيل بن مهران ،عن محمد بن منصور الخزاعي ،عن
علي بن سويد السائي ) (3قال :كتبت إلى أبي الحسن موسى عليه السلم
وهو في الحبس أسأله فيه عن حاله وعن جواب مسائل كتبت بها إليه
فكتب بسم ال الرحمن الرحيم :الحمد ال العلي العظيم الذي بعظمته ونوره
أبصر قلوب المؤمنين ،وبعظمته ونوره عاداه الجاهلون ،وبعظمته ابتغى
إليه الوسيلة بالعمال المختلفة والديان الشتى ،فمصيب ومخطئ ،وضال
ومهتدي ،وسميع وأصم ،وأعمى وبصير ،وحيران ،فالحمد ل الذي عرف
وصف دينه بمحمد صلى ال عليه وآله .أما بعد فإنك امرء أنزلك ال من
آل محمد بمنزلة خاصة مودة بما ألهمك من رشدك وبصرك من أمر دينك
بفضلهم ،ورد المور إليهم والرضا بما قالوا -في كلم طويل -وقال :ادع
إلى صراط ربك فينا من رجوت إجابته ول تحصر حصرنا )(4
) (1المصدر :ج 3ص (2) .45اختيار رجال الكشى ص (3) .386السائى نسبة
إلى ساية :اسم واد من حدود الحجاز .وقيل :قرية من قرى المدينة
المشرفة ،وقيل :انها قرية بمكة ،وقيل واد بين الحرمين .وقال في منهج
المقال قرية بالمدينة (4) .في بعض النسخ " ول تحصن بحصن رياء ".
][329
ووال آل محمد صلى ال عليه وآله ،ول تقل لما بلغك عنا أو نسب إلينا " :هذا باطل
" وإن كنت تعرف خلفه فإنك ل تدري لما قلناه وعلى أي وجه وصفناه،
آمن بما أخبرتك ،ول تفش ما استكتمتك ،أخبرك أن من أوجب حق أخيك
أن ل تكتمه شيئا ينفعه لمر دنياه ولمر آخرته ) - 7 .(1كا ) :(2عن
العدة ،عن سهل ،عن إسماعيل بن مهران ،عن محمد بن منصور
الخزاعي ،عن علي بن سويد .ومحمد بن يحيى ،عن محمد بن الحسين،
عن محمد بن إسماعيل بن بزيع ،عن عمه حمزة بن بزيع ،عن علي بن
سويد ،والحسن بن محمد ،عن محمد بن أحمد النهدي ،عن إسماعيل بن
مهران ،عن محمد بن منصور ،عن على بن سويد قال :كتبت إلى أبي
الحسن موسى عليه السلم وهو في الحبس كتابا أسأله عن حاله وعن
مسائل كثيرة ،فاحتبس الجواب علي أشهر ثم أجابني بجواب هذه نسخته:
بسم ال الرحمن الرحيم الحمد ل العلي العظيم الذي بعظمته ونوره أبصر
قلوب المؤمنين ،وبعظمته ونوره عاداه الجاهلون ،وبعظمته ونوره ابتغى
من في السماوات ومن في الرض إليه الوسيلة بالعمال المختلفة،
والديان المتضادة ،فمصيب ومخطئ ،وضال ومهتد ،وسميع وأصم،
وبصير وأعمى وحيران ،فالحمد ل الذي عرف ووصف دينه محمد صلى
ال عليه وآله ) .(3أما بعد فإنك امرء أنزلك ال من آل محمد بمنزلة
خاصة وحفظ مودة ما
) (1في المصدر " ل من دنياه ول من آخرته " (2) .في الكافي ج 8ص ) .124
" (3عرف ووصف " كذا في بعض النسخ ،فقوله " عرف " بتخفيف
الراء أي عرف محمد دينه ووصفه .وفى بعض النسخ " عز ووصف "
أي عز هو تعالى ووصف الخلق دينه محمد وفى بعض النسخ " محمدا
" بالنصب فعرف بتشديد الراء .والول أظهر وأصوب.
][330
استرعاك من دينه ) (1وما ألهمك من رشدك ،وبصرك من أمر دينك بتفضيلك إياهم
وبردك المور إليهم كتبت تسألني عن امور كنت منها في تقية ،ومن
كتمانها في سعة ،فلما انقضى سلطان الجبابرة وجاء سلطان ذي السلطان
العظيم ) (2بفراق الدنيا المذمومة إلى أهلها العتاة على خالقهم ) (3رأيت
أن افسر لك ما سألتني عنه مخافة أن يدخل الحيرة على ضعفاء شيعتنا من
قبل جهالتهم ،فاتق ال عز ذكره وخص بذلك المر أهله ،واحذر أن تكون
سبب بلية على الوصياء أو حارشا عليهم ) (4بإفشاء ما استودعتك،
وإظهار ما استكتمتك ،ولن تفعل إن شاء ال ،إن أول ما أنهى إليك أني
أنعى إليك نفسي في ليالي هذه ،غير جازع ول نادم ول شاك فيما هو كائن
مما قد قضى ال عزوجل وحتم ،فاستمسك بعروة الدين -آل محمد -
والعروة الوثقى ،الوصي بعد الوصي ،والمسالمة لهم ،والرضا بما قالوا،
ول تلتمس دين من ليس من شيعتك ،ول تحبن دينهم ،فإنهم الخائنون
الذين خانوا ال ورسوله وخانوا أماناتهم ،وتدري ما خانوا أماناتهم
ائتمنوا على كتاب ال فحرفوه وبدلوه ودلوا على ولة المر منهم
فانصرفوا عنهم ،فأذاقهم ال لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون.
) " (1حفظ مودة " كانه معطوف على قوله " منزلة " أي جعلك تحفظ مودة امر
استرعاك وهو دينه ،ويمكن أن يقرء حفظ على صيغة الماضي ليكون
معطوفا على قوله " أنزلك " (2) .أي كنت أتقى هذه الظلمة في أن أكتب
جوابك لكن في تلك اليام دنا أجلى وانقضت أيامى ول يلزمنى الن التقية
وجاء سلطان ال فل أخاف من سلطانهم " (3) .المذمومة إلى أهلها "
لعل المراد أنها مذمومة بما يصل منها إلى أهلها الذين ركنوا إليها كما
يقال :استذم إليه أي فعل ما يذمه على فعله ،يحتمل أن تكون إلى بمعنى
اللم أو بمعنى عند أي انما هي لهم بئست الدار وأما للصالحين فنعمت
الدار فان فيها يتزودون لدار القرار (4) .التحريش الغراء على الضرر،
والحرش :الصيد ،ويطلق على الخديعة والمعنى الول هنا أنسب.
][331
وسألت عن رجلين اغتصبا رجل مال كان ينفقه على الفقراء والمساكين وأبناء
السبيل وفى سبيل ال فلما اغتصباه ذلك لم يرضيا حيث غصباه حتى حمله
إياه كرها فوق رقبته إلى منازلهما فلما أحرزاه توليا إنفاقه أيبلغان بذلك
كفرا ولعمري لقد نافقا قبل ذلك وردا على ال عزوجل كلمه ،وهزئا
برسوله صلى ال عليه وآله وهما الكافران عليهما لعنة ال والملئكة
والناس أجمعين ،وال مادخل قلب أحد منهما شئ من اليمان منذ
خروجهما من حاليتهما ،وما ازداد إل شكا كانا خداعين ،مرتابين ،منافقين
حتى توفتهما ملئكة العذاب إلى محل الخزي في دار المقام .وسألت عمن
حضر ذلك الرجل وهو يغصب ماله ويوضع على رقبته منهم عارف ومنكر
فاولئك أهل الردة الولى من هذه المة فعليهم لعنة ال والملئكة والناس
أجمعين .وسألت عن مبلغ علمنا وهو على ثلثة وجوه :ماض وغابر
وحادث ،فأما الماضي فمفسر ،وأما الغابر فمزبور ،أما الحادث فقذف في
القلوب ونقر في السماع ،وهو أفضل علمنا ،ول نبي بعد نبينا محمد صلى
ال عليه وآله ) .(1وسألت عن امهات أولدهم وعن نكاحهم وعن طلقهم،
فأما أمهات أولدهم فهن عواهر إلى يوم القيامة ) (2نكاح بغير ولي
وطلق بغير عدة ) (3وأما من دخل في دعوتنا فقد هدم إيمانه ضلله
ويقينه شكه .وسألت عن الزكاة فيهم ،فما كان من الزكاة فأنتم أحق به لنا
قد أحللنا
) (1أي ل يتوهم أن القاء الملك مستلزم للنبوة بل يكون للئمة عليهم السلم ول
نبوة بعد نبينا (2) .العواهر :الزوانى لن تلك السبايا لما سبين بغير اذن
المام فكلهن أو خمسهن للمام ولم يرخص المام لغير الشيعة في
وطيهن (3) .أي طلقهم طلق في غير الزمان الذى يمكن فيه انشاء
العدة أي طهر غير المواقعة مع أنه تعالى قال " وطلقوهن لعدتهن
واحصوا العدة ".
][332
ذلك لكم من كان منكم ،وأين كان .وسألت عن الضعفاء فالضعيف من لم ترفع إليه
حجة ،ولم يعرف الختلف ،فإذا عرف الختلف فليس بضعيف .وسألت
عن الشهادت لهم ،فأقم الشهادة ل عزوجل ولو على نفسك ]أ[ و الوالدين
والقربين فيما بينك وبينهم ،فإن خفت على أخيك ضيما ) (1فل ،وادع إلى
شرائط ال ) (2عز ذكره بمعرفتنا من رجوت إجابته ،ول تحصن بحصن
رياء ) ،(3ووال آل محمد عليهم السلم ول تقل لما بلغك عنا ونسب إلينا:
" هذا باطل " وإن كنت تعرف منا خلفه فإنك ل تدري لما قلناه ،وعلى إي
وجه وصفناه ،آمن بما اخبرك ،ول تفش ما استكتمناك من خبرك ،إن من
واجب حق أخيك أن ل تكتمه شيئا تنفعه به لمر دنياه وآخرته ،ول تحقد
عليه وإن أساء ،وأجب دعوته إذا دعاك ،ول تخل بينه وبين عدوه من
الناس وإن كان أقرب إليه منك ،وعده في مرضه ،ليس من أخلق
المؤمنين الغش ول الذى ول الخيانة ول الكبر ول الخنا ول الفحش ول
المر به ،فإذا رأيت المشوه العرابي في جحفل جرار فانتظر فرجك )(4
ولشيعتك المؤمنين فإذا انكسفت الشمس فارفع بصرك إلى السماء وانظر
ما فعل ال عزوجل بالمجرمين ،فقد فسرت لك جمل مجمل وصلى ال على
محمد وآله الخيار.
) (1الضيم :الظلم يعنى إذا كان يعلم مثل أن المدعى عليه معسر ويعلم أنه مع
شهادته يجبره الحاكم على أدائه فل يلزم اقامة تلك الشهادة (2) .أي إلى
الشرائط التى اشترطها ال على الناس بسبب معرفة الئمة من وليتهم
ومحبتهم وطاعتهم والتبرى من أعدائهم ومخالفيهم ،ويحتمل أن يكون
المراد بالشرائط الوعد والوعيد والتأكيد والتهديد الذى ورد في أصل
المعرفة وتركها (3) .في بعض النسخ " ول تحضر حصن زناء "(4) .
الجحفل -كجعفر :-الجيش الكبير ،ويقال :كتيبة جرارة أي ثقيلة السير
لكثرتها.
][333
- 8الدرة الباهرة ) :(1قال الكاظم عليه السلم :المعروف غل ل يفكه إل مكافأة أو
شكر ،لو ظهرت الجال افتضحت المال ،من ولده الفقر أبطره الغنى ،من
لم يجد للساءة مضضا ) (2لم يكن للحسان عنده موقع ،ما تساب اثنان
إل انحط العلى إلى مرتبة السفل - 9 .اعلم الدين ) :(3قال موسى بن
جعفر عليهما السلم ،أولى العلم بك مال يصلح لك العمل إل به ،وأوجب
العمل عليك ما أنت مسؤول عن العمل به ،وألزم العلم لك ما دلك على
صلح قلبك ،وأظهر لك فساده ،وأحمد العلم عاقبة ما زاد في علمك
العاجل ،فل تشتغلن بعلم مال يضرك جهله ،ول تغفلن عن علم ما يزيد في
جهلك تركه .وقال عليه السلم :لو ظهرت الجال افتضحت المال .وقال
عليه السلم :من أتى إلى أخيه مكروها فبنفسه بدأ .وقال عليه السلم :من
لم يجد للساءة مضضا لم يكن عنده للحسان موقعا .وقال عبد المؤمن
النصاري :دخلت على المام أبي الحسن موسى بن -جعفر عليهما السلم
وعنده محمد بن عبد ال الجعفري ،فتبسمت إليه فقال :أتحبه ؟ فقلت :نعم
وما أحببته إل لكم ،فقال عليه السلم :هو أخوك والمؤمن أخو المؤمن
لمه وأبيه وإن لم يلده أبوه ،ملعون من اتهم أخاه ،ملعون من غش أخاه،
ملعون من لم ينصح أخاه ،ملعون من اغتاب أخاه .وقال عليه السلم :ما
تساب اثنان إل انحط العلى إلى مرتبة السفل .وقدم على الرشيد رجل من
النصار يقال له :نفيع ،وكان عارفا فحضر يوما باب الرشيد وتبعه عبد
العزيز بن عمر بن عبد العزيز ،وحضر موسى بن -
][334
جعفر عليهما السلم على حمار له فتلقاه الحاجب بالكرام والجلل وأعظمه من
كان هناك وعجل له الذن فقال نفيع لعبد العزيز :من هذا الشيخ فقال له:
أو ما تعرفه هذا شيخ آل أبي طالب هذا موسى بن جعفر عليه السلم فقال
نفيع :ما رأيت أعجب من هؤلء القوم يفعلون هذا برجل لو يقدر على
زوالهم عن السرير لفعل أما إن خرج لسوءنه فقال له عبد العزيز :ل تفعل
فإن هؤلء أهل بيت قلما تعرض لهم أحد بخطاب إل وسموه في الجواب
وسمة يبقى عارها عليه أبد الدهر ،وخرج موسى عليه السلم فقام إليه
نفيع فأخذ بلجام حماره ثم قال له :من أنت قال :يا هذا إن كنت تريد النسب
فأنا ابن محمد حبيب ال ابن إسماعيل ذبيح ال ابن إبراهيم خليل ال ،وإن
كنت تريد البلد فهو الذي فرض عزوجل عليك وعلى المسلمين إن كنت
منهم الحج إليه ،وإن كنت تريد المفاخرة فوال ما رضي مشركي قومي
مسلمي قومك أكفاء لهم حتى قالوا :يا محمد اخرج لنا أكفاءنا من قريش،
خل عن الحمار فخلى عنه ويده ترعد ،وانصرف بخزي فقال له عبد
العزيز :ألم أقل لك .وقيل حج الرشيد فلقي موسى عليه السلم على بغلة له
فقال للرشيد :من مثلك في حسبك ونسبك وتقدمك يلقاني على بغلة ؟ فقال:
تطأطأت عن خيلء الخيل ،وارتفعت عن ذلة الحمير) * .26 .باب( * "
)مواعظ الرضا عليه السلم( " 1 -ف ) :(1روي عنه عليه السلم في
قصار هذه المعاني - 1 .قال الرضا عليه السلم :ل يكون المؤمن مؤمنا
حتى تكون فيه ثلث خصال :سنة من ربه ،وسنة من نبيه صلى ال عليه
وآله ،وسنة من وليه عليه السلم .فأما السنة من ربه فكتمان السر ،وأما
السنة من نبيه صلى ال عليه وآله فمدارأة الناس ،وأما السنة من وليه
][335
عليه السلم فالصبر في البأساء والضراء - 2 .وقال عليه السلم :صاحب النعمة
يجب أن يوسع على عياله - 3 .وقال عليه السلم :ليس العبادة الصيام
والصلة ،وإنما العبادة كثرة التفكر في أمر ال - 4 .وقال عليه السلم :من
أخلق النبياء التنظف - 5 .وقال عليه السلم :ثلث من سنن المرسلين:
العطر ،وإحفاء الشعر ،وكثرة الطروقة ) - 6 .(1وقال عليه السلم :لم
يخنك المين ،ولكن ائتمنت الخائن - 7 .وقال عليه السلم :إذا أراد ال
أمرا سلب العباد عقولهم ،فأنفذ أمره وتمت إرادته .فإذا أنفذ أمره رد إلى
كل ذي عقل عقله ،فيقول :كيف ذا ومن أين ذا - 8 .وقال عليه السلم:
الصمت باب من أبواب الحكمة ،إن الصمت يكسب المحبة ،إنه دليل على
كل خير - 9 .وقال عليه السلم :مامن شئ من الفضول إل وهو يحتاج إلى
الفضول من الكلم - 10 .وقال عليه السلم :الخ الكبر بمنزلة الب- 11 .
وسئل عليه السلم عن السفلة فقال :من كان له شئ يلهيه عن ال- 12 .
وكان عليه السلم :يترب الكتاب ) (2ويقول :ل بأس به ،وكان إذا أراد أن
يكتب تذكرات حوائجه كتب بسم ال الرحمن الرحيم أذكر إن شاء ال ،ثم
يكتب ما يريد - 13 .وقال عليه السلم :إذا ذكرت الرجل وهو حاضر فكنه،
وإذا كان غائبا فسمه - 14 .وقال عليه السلم :صديق كل امرء عقله،
وعدوه جهله - 15 .وقال عليه السلم :التودد إلى الناس نصف العقل16 .
-وقال عليه السلم :إن ال يبغض القيل والقال وإضاعة المال وكثرة
السؤال.
) (1الحفاء :القص .والطروقة :الجماع .وفى بعض النسخ " واخفاء السر "(2) .
أي يجعل عليه التراب ليجفه .ترب وأترب الشئ :جعل عليه التراب.
][336
- 17وقال عليه السلم :ليتم عقل امرء مسلم حتى تكون فيه عشر خصال :الخير
منه مأمول ،والشر منه مأمون ،يستكثر قليل الخير من غيره ،ويستقل
كثير الخير من نفسه ،ل يسأم من طلب الحوائج إليه ،ول يمل من طلب
العلم طول دهره ،الفقر في ال أحب إليه من الغنى ،والذل في ال أحب إليه
من العز في عدوه ،والخمول أشهى إليه من الشهره ،ثم قال عليه السلم:
العاشرة وما العاشرة ،قيل له :ماهي ؟ قال عليه السلم :ل يرى أحدا إل
قال :هو خير مني وأتقى .إنما الناس رجلن :رجل خير منه وأتقى ،ورجل
شر منه وأدنى ،فإذا لقى الذي شر منه وأدنى قال :لعل خير هذا باطن وهو
خير له ،وخيري ظاهر وهو شر لي .وإذا رأى الذي هو خير منه وأتقى
تواضع له ليلحق به ،فإذا فعل ذلك فقد عل مجده ،وطاب خيره ،و حسن
ذكره ،وساد أهل زمانه - 18 .وسأله رجل عن قول ال " :ومن يتوكل
على ال فهو حسبه ) " (1؟ فقال عليه السلم :للتوكل درجات :منها أن
تثق به في أمرك كله فيما فعل بك ،فما فعل بك كنت راضيا وتعلم أنه لم
يألك خيرا ونظرا ) .(2وتعلم أن الحكم في ذلك له ،فتتوكل عليه بتفويض
ذلك إليه .ومن ذلك اليمان بغيوب ال التي لم يحط علمك بها فوكلت علمها
إليه وإلى امنائه عليها ووثقت به فيها وفي غيرها - 19 .وسأله أحمد بن
نجم ) (3عن العجب الذي يفسد العمل ؟ فقال عليه السلم :للعجب درجات:
منها أن يزين للعبد سوء عمله فيراه حسنا فيعجبه ويحسب أنه يحسن
صنعا .ومنها أن يؤمن العبد بربه فيمن على ال ) (4ول المنة عليه فيه.
) (1الطلق (2) .3 :أل في المر :قصر وأبطأ وترك الجهد ومنه يقال " :لم يأل
جهدا " (3) .رواه الكليني -رحمه ال -في الكافي ج 2ص 313
والصدوق -رضوان ال عليه -في معاني الخبار باسناده عن على بن
سويد المدينى عن أبى الحسن موسى عليه السلم .وأما أحمد ابن نجم
هذا لم نجد اليعاز إليه في معاجم الرجال (4) .وفى بعض النسخ " فيمتن
".
][337
- 20قال الفضل ) (1قلت لبي الحسن الرضا عليه السلم :يونس بن عبد الرحمن
يزعم أن المعرفة إنما هي اكتساب .قال عليه السلم :لما أصاب ،إن ال
يعطي اليمان من يشاء فمنهم من يجعله مستقرا فيه ومنهم من يجعله
مستودعا عنده ،فأما المستقر فالذي ل يسلبه ال ذلك أبدا ،وأما المستودع
فالذي يعطاه الرجل ثم يسلبه إياه - 21 .وقال صفوان بن يحيى ) (2سألت
الرضا عليه السلم عن المعرفة هل للعباد
) (1الظاهر أنه الفضل بن سنان ولعله ابن سهل ذو الرياستين وزير المأمون وقد
مضى ترجمته .ويونس بن عبد الرحمن هو أبو محمد مولى آل يقطين
ثقة من أصحاب الكاظم والرضا عليهما السلم ،كان وجها في أصحابنا
متقدما عظيم المنزلة قال ابن النديم " :يونس بن عبد الرحمن من
أصحاب موسى بن جعفر عليهما السلم من موالى آل يقطين علمة
زمانه كثير التصنيف والتأليف على مذاهب الشيعة " ثم عد كتبه .انتهى.
وكان يونس من أصحاب الجماع ولد في أيام هشام بن عبد الملك ورأى
جعفر بن محمد عليهما السلم بين الصفا والمروة ولم يرو عنه وروى
عن الكاظم والرضا عليهما السلم وكان الرضا عليه السلم يشير إليه في
العلم والفتيا وكان ممن بذل على الوقف مال جزيل مات -رحمه ال -
سنة (2) .208هو أبو محمد صفوان بن يحيى البجلى الكوفى ،بياع
السابرى من أصحاب المام السابع والثامن والتاسع عليهم السلم وأقروا
له بالفقه والعلم ،ثقة من أصحاب الجماع وكان وكيل الرضا عليه السلم
وصنف كتبا كثيرة وكان من الورع والعبادة ما لم يكن أحد في طبقته.
وكان اوثق أهل زمانه عند أصحاب الحديث وأعبدهم ،كان يصلى كل يوم
خمسين ومائة ركعة ويصوم في السنة ثلثة أشهر ،ويخرج زكاة ماله كل
سنة ثلث مرات وذاك أنه اشترك هو وعبد ال بن جندب وعلى بن
النعمان في بيت ال الحرام فتعاقدوا جميعا ان مات واحد منهم يصلى من
بقى بعده صلته ويصوم عنه ويحج عنه ويزكى عنه مادام حيا فمات
صاحباه وبقى صفوان بعدهما وكان يفى لهما بذلك وكان يصلى عنهما
ويزكى عنهما ويصوم عنهما ويحج عنهما وكل شئ من البر والصلح
يفعل لنفسه كذلك يفعله عن صاحبيه .كما في جش وصه .وروى عن
أربعين رجل من أصحاب أبى عبد ال عليه السلم .وله كتب كثيرة مثل
كتب الحسين بن سعيد وله مسائل عن أبى الحسن موسى عليه السلم
وروايات .مات -رحمه ال -بالمدينة وبعث إليه أبو جعفر بحنوطه
وكفنه وأمر اسماعيل بن موسى بالصلة عليه.
][338
فيها صنع ؟ قال عليه السلم :ل .قلت :لهم فيها أجر ؟ قال عليه السلم :نعم طول
عليهم بالمعرفة ،وتطول عليهم بالصواب ) - 22 .(1وقال الفضيل بن يسار
) (2سألت الرضا عليه السلم عن أفاعيل العباد مخلوقة هي أم غير
مخلوقة ؟ قال عليه السلم :هي وال مخلوقة -أراد خلق تقدير ل خلق
تكوين .-ثم قال عليه السلم :إن اليمان أفضل من السلم بدرجة،
والتقوى أفضل من اليمان بدرجة ،واليقين أفضل من اليمان بدرجة ،ولم
يعط بنو آدم أفضل من اليقين - 23 .وسئل عن خيار العباد ؟ فقال عليه
السلم :الذين إذا أحسنوا استبشروا ،وإذا أساؤوا استغفروا ،وإذا اعطوا
شكروا ،وإذا ابتلوا صبروا ،وإذا غضبوا عفوا - 24 .وسئل عليه السلم
عن حد التوكل ؟ فقال عليه السلم :أن ل تخاف أحدا إل ال - 25 .وقال
عليه السلم :من السنة إطعام الطعام عند التزويج - 26 .وقال عليه
السلم :اليمان أربعة أركان :التوكل على ال ،والرضا بقضاء ال،
والتسليم لمر ال ،والتفويض إلى ال ،وقال العبد الصالح ) " :(3وأفوض
أمري إلى ال فوقاه ال سيئات ما مكروا " - 27 .وقال عليه السلم :صل
رحمك ولو بشربة من ماء ،وأفضل ما توصل به الرحم كف الذي عنها،
وقال :في كتاب ال " :ول تبطلوا صدقاتكم بالمن والذى )- 28 ." (4
وقال عليه السلم :إن من علمات الفقه :الحلم والعلم ،والصمت باب من
أبواب الحكمة .إن الصمت يكسب المحبة ،إنه دليل على كل خير.(5) .
) (1كذا .وتطول عليه :امتن عليه (2) .الفضيل بن يسار من أصحاب المام
الصادق عليه السلم ومات في أيامه ،ولعله كان قاسم بن الفضيل أو
محمد بن الفضيل لنهما من أصحاب الرضا عليه السلم (3) .أراد عليه
السلم بالعبد الصالح مؤمن آل فرعون والية في سورة غافر(4) .44 :
البقرة (5) .266 :وفى بعض النسخ " على كل حق ".
][339
- 29وقال عليه السلم :إن الذي يطلب من فضل يكف به عياله أعظم أجرا من
المجاهد في سبيل ال - 30 .وقيل له :كيف أصبحت ؟ فقال عليه السلم:
أصبحت بأجل منقوص ،وعمل محفوظ ،والموت في رقابنا ،والنار من
ورائنا ،ول تدري ما يفعل بنا - 31 .وقال عليه السلم :خمس من لم تكن
فيه فل ترجوه لشئ من الدنيا والخرة :من لم تعرف الوثاقة في أرومته )
.(1والكرم في طباعه ،والرصانة في خلقه ) (2والنبل في نفسه ،والمخافة
لربه - 32 .وقال عليه السلم :ما التقت فئتان قط إل نصر أعظمهما عفوا.
- 33وقال عليه السلم :السخي يأكل من طعام الناس ليأكلوا من طعامه،
والبخيل ل يأكل من طعام الناس لئل يأكلوا من طعامه - 34 .وقال عليه
السلم :إنا أهل بيت نرى وعدنا علينا دينا كما صنع رسول ال صلى ال
عليه وآله - 35 .وقال عليه السلم :يأتي على الناس زمان تكون العافية
فيه عشرة أجزاء :تسعة منها في اعتزال الناس وواحد في الصمت- 36 .
وقال له معمر بن خلد ) :(3عجل ال فرجك .فقال عليه السلم .يا معمر
ذاك فرجكم أنتم ،فأما أنا فوال ما هو إل مزود فيه كف سويق مختوم
بخاتم - 37 .وقال عليه السلم :عونك للضعيف أفضل من الصدقة- 38 .
وقال عليه السلم :ل يستكمل عبد حقيقة اليمان حتى تكون فيه خصال
ثلث :التفقة في الدين .وحسن التقدير في المعيشة .والصبر على الرزايا.
) (1الرومة :الصل (2) .رصن -كشرف -أي استحكم واشتد وثبت .والنبل -
بالضم :-الفضل والنجابة .وفى بعض النسخ " والرزانة في خلقه ") .
(3هو أبو خلد معمر بن خلد بن أبى خلد بغدادي ثقة من أصحاب
الرضا عليه السلم وله كتب.
][340
- 39وقال عليه السلم لبي هاشم داود بن القاسم الجعفري ) :(1يا داود إن لنا
عليكم حقا برسول ال صلى ال عليه وآله ،وإن لكم علينا حقا .فمن عرف
حقنا وجب حقه ،ومن لم يعرف حقنا فل حق له - 40 .وحضر عليه
السلم :يوما مجلس المأمون وذو الرياستين حاضر ،فتذاكروا الليل
والنهار وأيهما خلق قبل صاحبه .فسأل ذو الرياستين الرضا عليه السلم
عن ذلك ؟ فقال عليه السلم له :تحب أن اعطيك الجواب من كتاب ال أم
حسابك ؟ فقال :أريده أول من الحساب ،فقال عليه السلم :أليس تقولون:
إن طالع الدنيا السرطان ،وإن الكواكب كانت في أشرافها ؟ قال :نعم .قال:
فزحل في الميزان ،والمشتري في السرطان ،والمريخ في الجدي ،والزهرة
في الحوت ،والقمر في الثور ،والشمس في وسط السماء في الحمل ،وهذا
ل يكون إل نهارا .قال :نعم .قال :فمن كتاب ال ؟ قال عليه السلم :قوله:
" ل الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ول الليل سابق النهار " أي أن
النهار سبقه ).(2
) (1هو أبو هاشم داود بن القاسم بن اسحاق بن عبد ال بن جعفر بن أبى طالب ثقة
جليل القدر عظيم المنزلة عند الئمة ،وقد شاهد جماعة منهم :المام
الثامن إلى المام الثاني عشر عليهم السلم وله موقع جليل عندهم وكان
منقطعا إليهم وروى عنهم وله منهم أخبار ورسائل وروايات من دلئل
أبى الحسن الهادى عليه السلم وقال :ما دخلت على أبى الحسن وأبى
محمد عليهما السلم ال رأيت منهما دللة وبرهانا .وقال السيد ابن
طاووس " :انه من وكلء الناحية الذين ل تختلف الشيعة فيهم " كان
أبو هاشم عالما اديبا ورعا زاهدا ناسكا ولم يكن في آل أبى طالب مثله
في زمانه في علو النسب وكان مقدما عند السلطان توفى -رحمه ال -
سنة .261وكان أبو القاسم بن اسحاق أمير اليمن رجل جليل وهو ابن
خالة مولنا الصادق عليه السلم لن ام حكيم بنت القاسم بن محمد بن
أبى بكراخت ام فرودة ام مولنا الصادق عليه السلم (2) .رواه الطبرسي
-رحمه ال -في المجمع عند بيان الية من تفسير العياشي عن الشعث
بن حاتم هكذا " قال :كنت بخراسان حيث اجتمع الرضا عليه السلم
والفضل بن - - - -
][341
- 41قال علي بن شعيب ) (1دخلت على أبي الحسن الرضا عليه السلم ،فقال لي:
يا علي من أحسن الناس معاشا ؟ قلت :يا سيدي أنت أعلم به مني .فقال
عليه السلم :يا علي بن حسن معاش غيره في معاشه .يا علي بن أسوء
الناس معاشا ؟ قلت :أنت أعلم ،قال :من لم يعش غيره في معاشه .يا علي
أحسنوا جوار النعم فإنها وحشية ما نأت عن قوم فعادت إليهم ).(2
- - - -سهل والمأمون في ايوان الحبرى بمرو فوضعت المائدة فقال الرضا عليه
السلم :ان رجل من بنى اسرائيل سألني بالمدينة فقال :النهار خلق قبل
أم الليل ،فما عندكم ؟ قال :فأداروا الكلم فلم يكن عندهم في ذلك شئ،
فقال الفضل للرضا عليه السلم :أخبرنا بها -أصلحك ال -قال :نعم من
القرآن أم من الحساب ؟ قال له الفضل :من جهة الحساب فقال :قد علمت
يا فضل أن طالع الدنيا السرطان والكواكب في مواضع شرفها ؟ فزحل في
الميزان والمشترى في السرطان والشمس في الحمل والقمر في الثور
فذلك يدل على كينونة الشمس في الحمل في العاشر في الطالع في وسط
السماء فالنهار خلق قبل الليل .وفى قوله تعالى " ل الشمس ينبغى لها
أن تدرك القمر ول الليل سابق النهار " أي قد سبقه النهار .انتهى .أقول:
لما كان وجود الليل والنهار أمران منتزعان من الشمس وحركته فهما
مولودان لدورتها .وتقدم المر النتزاعي على منشأ النتزاع مما ريب
فيه .وبعبارة اخرى لما كان وجود الليل والنهار فرع وجود الشمس فإذا
كان الشمس كان النهار فإذا كان النهار كان الليل .فوجود الليل منتزع من
النهار .فتأمل .وفى قوله عليه السلم " :أم حسابك " اشارة إلى أن
الجواب على وفق مذهب السائل .والية في سورة يس (1) .40 :قال
صاحب تنقيح المقال -ره -لم اقف عليه بهذا العنوان في كتب الرجال
وانما وقفنا فيها على على بن أبى شعيب المدائني وقال :له كتاب صغير
والظاهر كونه اماميا (2) .الجوار -بالكسر -مصدر بمعنى المجاورة.
ونأت عن قوم أي بعدت عنه .والمراد ان النعمة وحشية فيجب على من
أصابها ونال منها ان أراد بقاءها ودوامها ان يعامل معها معاملة الحيوان
الوحشى الذى إذا هرب لم يعد.
][342
يا علي إن شر الناس من منع رفده ،وأكل وحده ،وجلد عبده - 42 .وقال له عليه
السلم رجل في يوم الفطر :إني أفطرت اليوم على تمر وطين القبر .فقال
عليه السلم :جمعت السنة والبركة - 43 .وقال عليه السلم لبي هاشم
الجعفري :يا أبا هاشم العقل حباء من ال ،والدب كلفة ،فمن تكلف الدب
قدر عليه ،ومن تكلف العقل لم يزدد بذلك إل جهل ) - 44 .(1وقال أحمد
بن عمر ) (2والحسين بن يزيد :دخلنا على الرضا عليه السلم فقلنا :إنا
كنا في سعة من الرزق وغضارة من العيش فتغيرت الحال بعض التغير
فادع ال أن يرد ذلك إلينا ؟ فقال عليه السلم :أي شئ تريدون تكونون
ملوكا ؟ أيسركم أن تكونوا مثل طاهر وهرثمة ) (3وإنكم على خلف ما
أنتم عليه ؟ فقلت:
) (1الحباء -بالكسر :-العطية .والمراد ان العقل غريزة موهبة من ال فكان في
فطرة النسان وجبلته فليس للكسب فيه أثر فمن لم يكن فيه عقل ليس له
صلحية اكتساب العقل بخلف الدب فان الدب هو السيرة والطريقة
الحسنة في المحاورات والمعاشرات فيمكن للنسان تحصيله بأن يتجشمه
ويتكلفه .وأبو هاشم الجعفري هو داود بن القاسم بن اسحاق بن عبد ال
ابن جعفر بن أبى طالب الذى تقدم شرح حاله في ص (2) .340هو أحمد
بن عمر بن أبى شعبة الحلبي ثقة من أصحاب المام السابع والثامن
عليهما السلم وله كتاب .وأما الحسين بن يزيد هو ابن عبد الملك
النوفلي المتطبب من أصحاب المام الثامن .كان أديبا شاعرا سكن الرى
ومات بها -رحمه ال (3) .-الظاهر هو أبو الطيب أو أبو طلحة طاهر
بن الحسين بن مصعب بن زريق بن ماهان الملقب بذو اليمينين والى
خراسان كان من أكبر قواد المأمون والمجاهدين في تثبيت دولته ،كان
جده زريق بن ماهان أو باذان مجوسيا فأسلم على يد طلحة الطلحات
الخزاعى المشهور بالكرم والى سجستان وكان موله ،ولذلك اشتهر
الطاهر بالخزاعى ،وكان هو الذى سيره المأمون من خراسان إلى
محاربة أخيه المين محمد بن زبيدة ببغداد لما خلع المأمون بيعته وسير
المين على بن عيسى بن ماهان لدفعه فالتقيا بالرى وقتل < - - - -
][343
ل وال ما سرني أن لي الدنيا بما فيها ذهبا وفضة وإني على خلف ما أنا عليه.
فقال عليه السلم :إن ال يقول " :اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادي
الشكور ) ." (1أحسن الظن بال ،فإن من حسن ظنه بال كان ال عند
ظنه ) (2ومن رضي بالقليل من الرزق قبل منه اليسير من العمل ،ومن
رضي باليسير من الحلل خفت مؤونته ونعم أهله ،وبصره ال داء الدنيا
ودواءها ،وأخرجه منها سالما إلى دار السلم.
- - -على بن عيسى وكسر جيش المين وتقدم الطاهر إلى بغداد وأخذ ما في
طريقه من البلد وحاصر بغداد وقتل المين سنة 198وحمل برأسه إلى
خراسان وعقد للمأمون على الخلفة فلما استقل المأمون بالملك كتب إليه
وهو مقيم ببغداد وكان واليا عليها بأن يسلم إلى الحسن بن سهل جميع
ما افتتحه من البلد وهى العراق وبل الجبل وفارس وأهواز والحجاز
واليمن وأن يتوجه هو إلى الرقة ،ووله الموصل وبلد الجزيرة والشأم
والمغرب فكان فيها إلى أن قدم المأمون بغداد فجاء إليه وكان المأمون
يرعاه لمناصحته وخدمته ولقبه ذو اليمينين وذلك لنه ضرب شخصا
بيساره فقده نصفين في وقعته مع على بن عيسى بن ماهان حتى قال
بعض الشعراء " :كلتا يديك يمين حين تضربه " فبعثه إلى خراسان
فكان واليا عليها إلى أن توفى سنة 207بمرو وهو الذى أسس دولة آل
طاهر في خراسان وما والها من 205إلى 259وكان طاهر من أصحاب
الرضا عليه السلم كان متشيعا وينسب التشيع أيضا إلى بنى طاهر كما
في مروج الذهب وغيره .ولد طاهر سنة 159في توشنج من بلد
خراسان وله عهد إلى ابنه وهو من أحسن الرسائل .وهرثمة هو هرثمة
بن أعين كان أيضا من قواد المأمون وفى خدمته وكان مشهورا معروفا
بالتشيع محبا لهل البيت من أصحاب الرضا عليه السلم بل من خواصه
وأصحاب سره ويأخذ نفسه انه من شيعته وكان قائما بمصالحه وكانت له
محبة تامة واخلص كامل له ،توفى بمرو سنة 200في السجن(1) .
سبأ (2) .12 :قيل :معناه أنه عزوجل عند ظن عبده في حسن عمله
وسوء عمله لن من حسن عمله حسن ظنه ومن ساء عمله ساء ظنه.
][344
- 45وقال له ابن السكيت ) :(1ما الحجة على الخلق اليوم ؟ فقال عليه السلم:
العقل يعرف به الصادق على ال فيصدقه ،والكاذب على ال فيكذبه .فقال
ابن السكيت :هذا وال هو الجواب.
) (1هو أبو يوسف يعقوب بن اسحاق الدورقى الهوازي من رجال الفرس،
المعروف بابن السكيت كان أحد أعلم اللغويين وجهابذة المتأدبين ،حامل
لواء علم العربية والدب والشعر واللغة ويتصرف في أنواع العلوم ،ثقة
جليل القدر عظيم المنزلة وكان من عظماء الشيعة ومن خواص أصحاب
المام التاسع والعاشر ،وكان المتوكل الخليفة العباسي قد ألزمه تأديب
أولده وكان في أول أمره يؤدب مع أبيه بمدينة السلم في درب القنطرة
صبيان العامة حتى احتاج إلى الكسب فجعل يتعلم النحو .وكان أبوه رجل
صالحا وأديبا عالما وكان من أصحاب الكسائي ،حسن المعرفة بالعربية
وحكى عنه أنه كان قد حج فطاف بالبيت وسعى وسأل ال تعالى أن يعلم
ابنه العلم .كان لبن السكيت تصانيف جيدة مفيدة منها اصلح المنطق في
اللغة ،ونقل عن ابن خلكان أنه قال بعد نقل كلم " :ول شك أنه من الكتب
النافعة الممتعة الجامعة لكثير من اللغة ول يعرف في حجمه مثله في بابه
وقد عنى به جماعة واختصره الوزير أبو القاسم الحسين بن على
المعروف بابن المغربي .وهذبه الخطيب أبو زكريا التبريزي -إلى أن قال
:-ولم يكن بعد ابن العرابي أعلم باللغة من ابن السكيت الخ " .كان
مولده -رحمه ال -في حوالى سنة 185وعاش نحو ثمان وخمسين
سنة وقتله المتوكل العباسي وسببه ان المتوكل قال له يوما :أيما أحب
ابناى هذان أي المعتز والمؤيد أم الحسن والحسين -عليهما السلم -؟
فقال ابن السكيت :وال ان قنبرا خادم على بن أبى طالب خير منك ومن
أبنيك .فقال المتوكل للتراك :سلوا لسانه من قفاه ،ففعلوا فمات .وقيل:
أثنى على الحسن والحسين )ع( ،ولم يذكرا بنيه فأمر المتوكل فداسوا
بطنه فحمل إلى داره فمات بعد غد ذلك اليوم -رحمة ال عليه(*) .
][345
- 46وقال عليه السلم :ل يقبل الرجل يد الرجل فإن قبلة يده كالصلة له )47 .(1
-وقال عليه السلم :قبلة الم على الفم ،وقبلة الخت على الخد ،وقبلة
المام بين عينيه - 48 .وقال عليه السلم :ليس لبخيل راحة ،ول لحسود
لذة ،ول لملوك وفاء ول لكذوب مروة - 2 .ما ) :(2عن جماعة ،عن أبي
المفضل ،عن مسعر بن علي بن زياد ،عن حريز بن سعد بن أحمد بن
مالك ،عن العباس بن المأمون ،عن أبيه قال :قال لي علي بن موسى
الرضا عليهما السلم ثلثة موكل بها ثلثة :تحامل اليام علي ذوي
الدوات الكاملة ،واستيلء الحرمان على المتقدم في صنعته ،ومعاداة
العوام على أهل المعرفة .أقول :قد مضى بعض حكمه عليه السلم في
النظم في أبواب أحواله عليه السلم - 3 .ص ) :(3بإسناده إلى الصدوق،
عن أبيه ،عن سعد ،عن ابن عيسى ،عن علي بن سيف ،عن محمد بن
عبيدة قال :دخلت على الرضا عليه السلم فبعث إلى صالح بن سعيد
فحضرنا جميعا فوعظنا ثم قال :إن العابد من بني إسرائيل لم يكن عابدا
حتى يصمت عشر سنين ،فإذا صمت عشر سنين كان عابدا ثم قال :قال أبو
جعفر عليه السلم :كن خيرا ل شر معه ،كن ورقا ل شوك معه ،ول تكن
شوكا ل ورق معه ،وشرا ل خير معه ،ثم قال إن ال تعالى يبغض القيل
والقال ،وإيضاع المال ،وكثرة السؤال ،ثم قال :إن بني إسرائيل شددوا
فشدد ال عليهم قال لهم موسى عليه السلم :اذبحوا بقرة ،قالوا :ما
لونها ،فلم يزالوا شددوا حتى ذبحوا بقرة يمل جلدها ذهبا ،ثم قال إن علي
بن أبي طالب عليه السلم قال :إن الحكماء ضيعوا الحكمة لما وضعوا عند
غير أهلها.
) (1في الكافي ج 2ص 185باسناده عن رفاعة بن موسى عن أبى عبد ال عليه
السلم قال :ل يقبل رأس أحد ول يده ال يد رسول ال أو من اريد به
رسول ال صلى ال عليه وآله (2) .المالى ج 2ص (3) .98مخطوط.
][346
- 4ضا ) :(1سلوا ربكم العافية في الدنيا والخرة ،فإنه أروي عن العالم أنه " قال
الملك الخفي :إذا حضرت ) (2لم يؤبه لها ،وإن غابت عرف فضلها "
واجتهدوا أن يكون زمانكم أربع ساعات ساعة ل لمناجاته ،وساعة لمر
المعاش ،وساعة لمعاشرة الخوان الثقات ،والذين يعرفونكم عيوبكم
ويخلصون لكم في الباطن ،وساعة تخلون فيها للذاتكم ،وبهذه الساعة
تقدرون على الثلث الساعات ،ل تحدثوا أنفسكم بالفقر ،ول بطول العمر،
فإنه من حدث نفسه بالفقر بخل ،ومن حدثها بطول العمر حرص ،اجعلوا
لنفسكم حظا من الدنيا بإعطائها ما تشتهي من الحلل ،وما لم يثلم المروة
ول سرف فيه ،واستعينوا بذلك على امور الدنيا فإنه نروي " ليس منا من
ترك دنياه لدينه ،ودينه لدنياه " ،وتفقهوا في دين ال فإنه أروي " من لم
يتفقه في دينه ما يحظئ أكثر مما يصيب ،فإن الفقه مفتاح البصيرة ،وتمام
العبادة ،والسبب إلى المنازل الرفيعة ،وحاز المرء المرتبة الجليلة في
الدين والدنيا ،فضل الفقيه على العباد كفضل الشمس على الكواكب ،ومن
لم يتفقه في دينه لم يزك ال له عمل " .وأروي عن العالم عليه السلم أنه
قال " :لو وجدت شابا من شبان الشيعة ل يتفقه لضربته ضربة بالسيف "
وروي غيري عشرون سوطا ،وأنه قال " :تفقهوا وإل أنتم أعراب جهال
" .وروي أنه قال " :منزلة الفقيه في هذا الوقت كمنزلة النبياء في بني
إسرائيل " .روي " أن الفقيه يستغفر له ملئكة السماء وأهل الرض
والوحش والطير وحيتان البحر " وعليكم بالقصد في الغنى والفقر ،والبر
من القليل والكثير فإن ال تبارك وتعالى يعظم شقة التمرة حتى يأتي يوم
القيامة كجبل احد .إياكم والحرص والحسد فإنهما أهلكا المم السالفة،
وإياكم والبخل فإنها عاهة ل تكون في حر ول مؤمن ،إنها خلف اليمان.
) (1فقه الرضا عليه السلم باب حق النفوس من باب الديات (2) .أي إذا حضرت
العافية ل يلتفت إليها وإذا غابت ظهر فضلها.
][347
عليكم بالتقية ،فإنه روي " من ل تقية له ل دين له " ،وروي " تارك التقية كافر
" وروي " اتق حيث ل يتقى ،التقية دين منذ أول الدهر إلى آخره "
وروي " أن أبا عبد ال عليه السلم كان يمضي يوما في أسواق المدينة
وخلفه أبو الحسن موسى فجذب رجل ثوب أبي الحسن ثم قال له :من
الشيخ فقال :ل أعرف ) .(1تزاوروا تحابوا وتصافحوا ول تحاشموا فانه
روي " المحتشم والمحتشم ) (2في النار " ل تأكلوا الناس بآل محمد فإن
التأكل بهم كفر ،ل تستقلوا قليل الرزق فتحرموا كثيره ،عليكم في اموركم
بالكتمان في امور الدين والدنيا فإنه روي " أن الذاعة كفر " وروي "
المذيع والقاتل شريكان " وروي " ما تكتمه من عدوك فل يقف عليه
وليك " ل تغضبوا من الحق إذا صدعتم ،ول تغرنكم الدنيا فإنها ل تصلح
لكم كما ل تصلح لمن كان قبلكم ممن اطمأن إليها ،وروي " أن الدنيا سجن
المؤمن ،والقبر بيته ،والجنة مأواه ،والدنيا جنة الكافر ،والقبر سجنه،
والنار مأواه " .عليكم بالصدق وإياكم والكذب فإنه ل يصلح إل لهله،
أكثروا من ذكر الموت فإنه أروي " أن ذكر الموت أفضل العبادة ".
وأكثروا من الصلواة على محمد وآله عليهم السلم والدعاء للمؤمنين
والمؤمنات في آناء الليل والنهار فإن الصلة على محمد وآله أفضل أعمال
البر ،واحرصوا على قضاء حوائج المؤمنين وإدخال السرور عليهم ودفع
المكروه عنهم ،فإنه ليس شئ من العمال عند ال عزوجل بعد الفرائض
أفضل من إدخال السرور على المؤمن .ل تدعوا العمل الصالح والجتهاد
في العبادة اتكال على حب آل محمد عليهم السلم،
) (1سأل الرجل عن أبى الحسن من الرجل يعنى أبا عبد ال فقال أبو الحسن عليه
السلم " انى ل أعرف " فقط بدون ذكر مفعول ل أعرف ،وهذا من
أحسن التورية (2) .حشمه :آذاه وأغضبه بتسميعه ما يكره .واحتشم منه
وعنه غضب وانقبض واستحيا .وفى بعض النسخ " ول تحاشموا " أي
ل تغاضبوا فان المتغاضبان في النار.
][348
ل تدعوا حب آل محمد عليهم السلم والتسليم لمرهم اتكال على العبادة فإنه ل يقبل
أحدهما دون الخر .واعلموا أن رأس طاعة ال سبحانه التسليم لما
عقلناه ،وما لم نعقله ،فان رأس المعاصي الرد عليهم ،وإنما امتحن ال
عزوجل الناس بطاعته لما عقلوه وما لم يعقلوه إيجابا للحجة وقطعا
للشبهة ،واتقوا ال وقولوا قول سديدا يصلح لكم أعمالكم ويدخلكم جنات
تجري من تحتها النهار ومساكن طيبة في جنات عدن ،ول يفوتنكم خير
الدنيا فإن الخرة ل تلحق ول تنال إل بالدنيا - 5 .ضا ) :(1نروي " انظر
إلى من هو دونك في المقدرة ،ول تنظر إلى من هو فوقك ،فإن ذلك أقنع لك
وأحرى أن تستوجب الزيادة ،واعلم أن العمل الدائم القليل على اليقين
والبصيرة أفضل عند ال من العمل الكثير على غير يقين والجهد ،واعلم
أنه ل ورع أنفع من تجنب محارم ال ،والكف عن أذى المؤمن ،ول عيش
أهنأ من حسن الخلق ،ول مال أنفع من القنوع ،ول جهل أضر من العجب،
ول تخاصم العلماء ول تلعبهم ول تحاربهم ول تواضعهم ) " (2ونروي
" من احتمل الجفا لم يشكر النعمة " " وأروي عن العالم عليه السلم أنه
قال " :رحم ال عبدا حببنا إلى الناس ولم يبغضنا إليهم ،وأيم ال لو
يروون محاسن كلمنا لكانوا أعز ولما استطاع أحد أن يتعلق عليهم بشئ
" .وأروي عن العالم أنه قال " :عليكم بتقوى ال والورع والجتهاد وأداء
المانة وصدق الحديث ،وحسن الجوار ،فبهذا جاء محمد صلى ال عليه
وآله ،صلوا في عشائركم ،وصلوا أرحامكم ،وعودوا مرضاكم ،واحضروا
جنائزكم ،كونوا زينا ول تكونوا شينا ،حببونا إلى الناس ،ول تبغضونا ،جر
وإلينا كل مودة ،وادفعوا عنا كل قبيح ،وما قيل فينا من خير فنحن أهله،
وما قيل فينا من شر فما نحن
) (1فقه الرضا عليه السلم أواخر باب مكارم الخلق (2) .كذا .وواضعه أي
راهنه ،وفى المر :واقفه فيه ،وواضعه البيع :تاركه ،والرهان :أبطله.
][349
كذلك ،الحمدل رب العالمين " .ويروى " أن رجل قال للصادق السلم والرحمة
عليه :يا ابن رسول ال فيم المروة فقال :أل يراك ]ال[ حيث نهاك ،ول
يفقدك حيث أمرك - 6 .كشف ) (1قال البي في نثر الدرر ،سئل الرضا
عليه السلم عن صفة الزاهد ،فقال :متبلغ بدون قوته ،مستعد ليوم موته،
متبرم بحياته .وسئل عليه السلم عن القناعة فقال :القناعة تجتمع إلى
صيانة النفس وعز القدر ،وطرح مؤن الستكثار ) ،(2والتعبد لهل الدنيا،
ول يسلك الطريق القناعة إل رجلن إما متعلل ) (3يريد أجر الخرة ،أو
كريم متنزه عن لئام الناس .وامتنع عنده رجل من غسل اليد قبل الطعام،
فقال :اغسلها والغسلة الولى لنا ،وأما الثانية فلك ،فإن شئت فاتركها .قال
عليه السلم (4) :في قول ال تعالى " :فاصفح الصفح الجميل ) " (5قال:
عفو بغير عتاب .وفي قوله " خوفا وطمعا " ) (6قال خوفا للمسافر،
وطمعا للمقيم - 7 .ومن تذكرة ) (7ابن حمدون قال عليه السلم :من
رضي من ال عزوجل بالقليل من الرزق رضي منه بالقليل من العمل،
وقال :ل يعدم المرء دائرة السوء مع نكث الصفقة ) (8ول يعدم تعجيل
العقوبة مع ادراء البغي ،وقال :الناس ضربان بالغ ل يكتفي وطالب ل يجد.
) (1كشف الغمة ج 3ص (2) .96في بعض النسخ " مؤونة الستكثار " (3) .في
بعض النسخ " متعبد " (4) .المصدر ج 3ص (5) .99غافر(6) .84 :
الرعد (7) .13 :كشف الغمة ج 3ص (8) .100نكث الصفقة أي نقض
العهد .وبالفارسية " پيمان شكنى ".
][350
- 8كش ) :(1عن حمدويه عن الحسن بن موسى ،عن إسماعيل بن مهران )(2
عن أحمد بن محمد قال :كتب الحسين بن مهران إلى أبي الحسن الرضا
عليه السلم كتابا قال فكان )يمشي( شاكا في وقوفه قال :فكتب إلى أبي
الحسن يأمره وينهاه ،فأجابه أبو الحسن بجواب وبعث به إلى أصحابه
فنسخوه ورد ]وا[ إليه لئل يستره حسين بن مهران وكذلك كان يفعل إذا
سئل عن شئ فأحب ستر الكتاب فهذه نسخة الكتاب الذي أجابه به :بسم
ال الرحمن الرحيم عافانا ال وإياك جائني كتابك تذكر فيه الرجل الذي
عليه الجناية والعين ) (3وتقول :أخذته وتذكر ما تلقاني به وتبعث إلي
بغيره فاحتججت فيه فأكثرت وعميت ) (4عليه أمرا وأردت الدخول في
مثله تقول إنه عمل ) (5في أمري بعقله وحيلته نظرا منه لنفسه وإرادة أن
تميل إليه قلوب الناس ليكون مثله المر بيده وليته ) (6يعمل فيه برأيه
ويزعم أني طاوعته فيما أشار به علي وهذا أنت تشير علي فيما يستقيم
عندك في العقل والحيلة بعدك ،ل يستقيم المر إل بأحد أمرين إما قبلت
المر على ما كان يكون عليه ،وإما أعطيت القوم ما طلبوا وقطعت عليهم،
وإل فالمر عندنا معوج ،والناس غير مسلمين ما في أيديهم من مال
وذاهبون به ،فالمر ليس بعقلك ول بحيلتك يكون ،ول تفعل الذي نحلته
بالراي والمشورة ) (7ولكن المر إلى ال عزوجل وحده ل شريك له يفعل
في خلقه ما يشاء ،من يهدي ال فل مضل له ،ومن يضلله فل هادي له،
ولن تجد له مرشدا ،فقلت :واعمل في أمرهم واحتل فيه فكيف لك بالحيلة
وال يقول " :وأقسموا بال جهد أيمانهم ل يبعث ال من يموت بلى وعدا
عليه حقا في التورية والنجيل -إلى قوله عزوجل -وليقترفوا ما هم
مقترفون " ) (8فلو تجيبهم فيما سألوا عنه استقاموا
) (1اختيار رجال الكشى ص (2) .500في التحرير الطاووسي " اسماعيل ابن
موسى " (3) .في المصدر " الخيانة والغبن " (4) .في المصدر "
عممت " (5) .في بعض النسخ " بقول انه عمل في أمرى " (6) .في
المصدر " المر بيده واليه يعمل " (7) .في بعض النسخ " والشهرة ".
) (8النعام.113 :
][351
وأسلموا وقد كان مني ما أنكرت ) (1وأنكروا من بعدي ومدلي بقائي ،وما كان ذلك
إل رجاء الصلح لقول أمير المؤمنين عليه السلم " :واقتربوا واقتربوا
وسلوا وسلوا فان العليم يفيض فيضا وجعل يمسح بطنه ويقول :ما ملئ
طعاما ولكن ملته علما وال ما آية انزلت في بر ول بحر ول سهل ول
جبل إل أني أعلمها وأعلم فيمن نزلت " وقول أبي عبد ال عليه السلم:
إلى ال أشكو أهل المدينة إنما أنا فيهم كالشعر انتقل يريدونني أل أقول
الحق وال ل أزال أقول الحق حتى أموت فلما قلت :حقا اريد به حقن
دمائكم وجمع أمركم على ما كنتم عليه أن يكون سركم مكتوما عندكم غير
فاش في غيركم ،وقد قال رسول ال صلى ال عليه وآله سرا أسره ال
تعالى إلى جبرئيل ،وأسره جبرئيل إلى محمد صلى ال عليه وآله ،وأسره
محمد صلى ال عليه وآله إلى علي ،وأسره علي إلى من شاء ،ثم قال قال
أبو جعفر ثم أنتم تحدثون به في الطريق فأردت حيث مضى صاحبكم أن
ألف أمركم عليكم لئل تضعوه في غير موضعه ول تسألوا عنه غير أهله
فيكون في مسألتكم إياهم هلككم ،فلما دعا إلى نفسه ) (2ولم يكن داخله
" ،ثم قلتم :ل بد إذا كان ذلك منه يثبت على ذلك ول يتحول عنه إلى غيره
قلت ) (3لنه كان له من التقية والكف أولى ،وأما إذا تكلم فقد لزمه
الجواب فيما يسأل عنه وصار الذي كنتم تزعمون أنكم تذمون به فإن المر
مردود إلى غيركم وإن الفرض عليكم اتباعهم فيه إليكم فصبرتم ) (4ما
استقام في عقولكم وآرائكم وصح به القياس عندكم بذلك لزما لما زعمتم
من أن ل يصح أمرنا زعمتم حتى يكون ذلك علي لكم فإن قلتم لم يكن كذلك
لصاحبكم فصار المر ان وقع إليكم نبذتم أمر ربكم وراء ظهوركم فل أتبع
أهواءكم قد ظلت إذا وما أنا من المهتدين ،وما كان بد من أن تكونوا كما
كان من قبلكم قد اخبرتم أنها السنن والمثال القذة بالقذة وما كان يكون ما
طلبتم من الكف أول ومن الجواب آخرا شفاء لصدوركم
) (1في المصدر " ما كان منى ما امرتك وأنكروا " (2) .في المصدر " فكم دعا
إلى نفسه " (3) .في بعض النسخ " قلتم " (4) .في بعض النسخ "
فصيرتم ".
][352
ولذهاب شككم وقد كان بد من أن يكون ما قد كان منكم ول يذهب عن قلوبكم حتى
يذهبه ال عنكم ،ولو قدر الناس كلهم على أن يحبونا ويعرفوا حقنا
ويسلموا لمرنا فعلوا ،ولكن ال يفعل ما يشاء ويهدي إليه من أناب ،فقد
أجبتك في مسائل كثيرة فانظر أنت ومن أراد المسائل منها وتدبرها فإن لم
يكن في المسائل شفاء فقد مضى إليكم مني ما فيه حجة ومعتبر وكثرة
المسائل معتبة عندنا مكروهة إنما يريد أصحاب المسائل المحنة ليجدوا
سبيل إلى الشبهة والضللة ،ومن أراد لبسا لبس ال عليه ووكله إلى
نفسه ول ترى أنت وأصحابك إني أجبت بذلك وإن شئت صمت فذاك إلي ل
ما تقوله أنت وأصحابك ل تدرون كذا وكذا ،بل لبد من ذلك إذا نحن منه
على يقين وأنتم منه في شك ) - 9 .(1د ) :(2من كتاب الذخيرة قال
الرضا :من حاسب نفسه ربح ،ومن غفل عنها خسر ،ومن خاف أمن،
ومن اعتبر أبصر ،ومن أبصرفهم ،ومن فهم علم ،وصديق الجاهل في
تعب ،وأفضل المال ما وقي به العرض ،وأفضل العقل معرفة النسان
نفسه ،والمؤمن إذا غضب لم يخرجه غضبه عن حق ،وإذا رضي لم يدخله
رضاه في باطل ،وإذا قدر لم يأخذ أكثر من حقه .وقال عليه السلم:
الغوغاء قتلة النبياء ) (3والعامة اسم مشتق من العمى ،ما رضي ال لهم
أن شبههم بالنعام حتى قال " :بل هم أضل سبيل " ) .(4وقال عليه
السلم :قال لي المأمون :هل رويت شيئا من الشعر ؟ قلت :ورويت منه
الكثير ،فقال :أنشدني أحسن ما رويته في الحلم فأنشدته ) :(5إذا كان
دوني من بليت بجهله * أبيت لنفسي أن اقابل بالجهل وإن كان مثلي في
محلي من النهى * هربت لحلمي كي أجل عن المثل
) (1اعلم أن النسخ في هذا المكتوب مشوة ل يسعنا تصحيها (2) .العدد القوية:
مخطوط (3) .كذا (4) .الفرقان (5) .47 :رواه الصدوق في كتاب عيون
أخبار الرضا عليه السلم ص .304
][353
وإن كنت أدنى منه في الفضل والحجى * عرفت له حق التقدم والفضل قال
المأمون :من قائله ؟ قلت :بعض فتياننا قال :فأنشدني أحسن ما رويته في
السكوت عن الجاهل ،فقلت :إني ليهجرني الصديق تجنبا * فاريه أن
الهجرة أسبابا وأراه إن عاتبته أغريته * فأرى له ترك العتاب عتابا وإذا
ابتليت بجاهل متحلم * يجد المحال من المور صوابا أوليته عني السكوت
وربما * كان السكوت عن الجواب جوابا فقال :من قائله ؟ قلت بعض
فتياننا .ومن كتاب النزهة قال :مولينا الرضا عليه السلم من رضي من ال
عزوجل بالقليل من الرزق رضي ال منه بالقليل من العمل ،من كثرت
محاسنه مدح بها واستغنى التمدح بذكرها ) (1من شبه ال بخلقه فهو
مشرك ،ومن نسب إليه ما نهى عنه فهو كافر به ،من لم تتابع رأيك في
صلحه فل تصغ إلى رأيه وانتظر به أن يصلحه شر ،ومن طلب المر من
وجهه لم يزل ،وإن زل لم تخذله الحيلة ،ل يعدم المرء دائرة الشر مع نكث
الصفقة ،ول يعدم تعجيل العقوبة مع ادراع البغي .الناس ضربان بالغ ل
يكتفي وطالب ل يجد ،طوبى لمن شغل قلبه بشكر النعمة ،ل يختلط
بالسلطان في أول اضطراب المور يعني أول المخالطة ) (2القناعة تجمع
إلى صيانة النفس وعز القدرة وطرح مؤونة الستكثار ،والتعبد لهل
الدنيا ،ول يسلك طريق القناعة إل رجلن إما متعبد يريد أجر الخرة أو
كريم يتنزه عن لئام الناس .كفاك من يريد نصحك بالنميمة ما يجد من سوء
الحساب في العاقبة ،السترسال بالنس يذهب المهابة .وقال عليه السلم
للحسن بن سهل في تغريته :التهنية بآجل الثواب أولى من التعزية على
عاجل المصيبة .وقال عليه السلم :من صدق الناس كرهوه ،المسكنة
مفتاح البؤس ،إن للقلوب
][354
إقبال وإدبارا ونشاطا وفتورا فإذا أقبلت بصرت وفهمت وإذا أدبرت كلت وملت،
فخذوها عند إقبالها ونشاطها واتركوها عند إدبارها وفتورها ،ل خير في
المعروف إذا رخص .وقال عليه السلم للصوفية لما قالوا له :إن المأمون
قد رد هذا المر إليك وإنك لحق الناس به إل أنه يحتاج من يتقدم منك
بقدمك إلى لبس الصوف ) (1وما يخشن لبسه :ويحكم إنما يراد من المام
قسطه وعدله ،إذا قال صدق ،وإذا حكم عدل ،وإذا وعد أنجز ،والخير
معروف " قل من حرم زينة ال التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق "
وإن يوسف الصديق لبس الديباج المنسوج بالذهب وجلس على متكآت
فرعون .قال عليه السلم في صفة الزاهد :متبلغ بدون قوته ،مستعد ليوم
موته ،متبرم بحياته .وقال في تفسير " فاصفح الصفح الجميل " ):(2
عفو بغير عتاب .وقال للمأمون لما أراد قتل رجل :إن ال ل يزيدك بحسن
العفو إل عزا ،فعفا عنه .وقال بعض أصحابه :روي لنا عن الصادق عليه
السلم أنه قال " :ل جبر ول تفويض بل أمر بين أمرين " فما معناه ؟
قال :من زعم أن ال فوض أمر الخلق والرزق إلى عباده فقد قال
بالتفويض ،قلت :يا ابن رسول ال والقائل به مشرك ؟ فقال :نعم ،ومن قال
بالجبر فقد ظلم ال تعالى ،فقلت :يا ابن رسول ال فما أمر بين أمرين ؟
فقال :وجود السبيل إلى إتيان ما امروا به ،وترك ما نهوا عنه .وقال وقد
قال له رجل :إن ال تعالى فوض إلى العباد أفعالهم ؟ فقال :هم أضعف من
ذلك وأقل ،قال :فجبرهم ؟ قال :هو أعدل من ذلك وأجل ،قال :فكيف تقول ؟
قال :نقول :إن ال أمرهم ونهاهم وأقدرهم على ما أمرهم به و نهاهم عنه.
سأله عليه السلم الفضل بن الحسن بن سهل الخلق مجبورون ؟ قال :ال
أعدل من أن يجبر ويعذب ،قال :فمطلقون ؟ قال :ال أحكم أن يهمل عبده
ويكله إلى نفسه.
) (1في بعض النسخ " والعزم ذخيرة البد " (2) .جمع الخليقة (3) .كذا.
][356
أن يأتي إلى أحد إل مثل ما يؤتى إليه ،إن أتى إليه سيئة واراها بالحسنة ،كاظم
الغيظ ،عاف عن الناس ،وال يحب المحسنين - 10 .الدرة الباهرة ):(1
قال الرضا عليه السلم :من شبه ال بخلقه فهو مشرك ،ومن نسب إليه ما
نهى عنه فهو كافر .وقال عليه السلم :من طلب المر من وجهه لم يزل
فإن زل لم تخذله الحيلة .وقال عليه السلم :ل يعدم المرء دائرة السوء مع
نكث الصفقة ،ول يعدم تعجيل العقوبة مع ادراع البغي .وقال عليه السلم:
النس يذهب المهابة ،والمسألة مفتاح في البؤس .وأراد المأمون قتل رجل
فقال له عليه السلم :ما تقول يا أبا الحسن ؟ فقال :إن ال ل يزيد بحسن
العفو إل عزا ،فعفا عنه .وقال عليه السلم :اصحب السلطان بالحذر،
والصديق بالتواضع ،والعدو بالتحرز ،والعامة بالبشر .وقال عليه السلم:
المشية الهتمام بالشئ ،والرادة إتمام ذلك الشئ - 11 .كنز الكراجكى )
:(2عن محمد بن أحمد بن شاذان القمي ،عن أبيه ،عن أحمد بن محمد بن
صالح ،عن سعد بن عبد ال ،عن أيوب بن نوح قال :قال الرضا عليه
السلم :سبعة أشياء بغير سبعة أشياء من الستهزاء :من استغفر بلسانه
ولم يندم بقلبه فقد استهزء بنفسه ،ومن سأل ال التوفيق ولم يجتهد فقد
استهزء بنفسه .ومن استحزم ولم يحذر فقد استهزء بنفسه ،ومن سأل ال
الجنة ولم يصبر على الشدائد فقد استهزء بنفسه ،ومن تعوذ بال من النار
ولم يترك شهوات الدنيا فقد استهزء بنفسه ،ومن ذكر ال ولم يستبق إلى
لقائه فقد استهزء بنفسه - 12 .اعلم الدين ) :(3قال الرضا عليه السلم:
من رضي عن ال تعالى بالقليل من
][357
الرزق رضي ال منه بالقليل من العمل .وقال عليه السلم :من شبه ال بخلقه فهو
مشرك ،ومن نسب إليه ما نهى عنه فهو كافر .وقال عليه السلم :ل يسلك
طريق القناعة إل رجلن إما متعبد يريد أجر الخرة أو كريم يتنزة من لئام
الناس .وقال عليه السلم :السترسال بالنس يذهب المهابة .وقال عليه
السلم :من صدق الناس كرهوه .وقال عليه السلم للحسن بن سهل :وقد
عزاه بموت ولده :التهنية بآجل الثواب أولى من التعزية على عاجل
المصيبة .وقال عليه السلم :إن للقلوب إقبال وإدبارا ونشاطا وفتورا ،فإذا
أقبلت بصرت وفهمت ،وإذا أدبرت كلت وملت ،فخذوها عند إقبالها
ونشاطها ،واتركوها عند إدبارها وفتورها .وقال عليه السلم للحسن بن
سهل وقد سأله عن صفة الزاهد فقال عليه السلم :متبلغ بدون قوته،
مستعد ليوم موته ،متبرم بحياته .وقال عليه السلم في تفسير قوله تعالى:
" فاصفح الصفح الجميل " فقال :عفوا من غير عقوبة ول تعنيف ول
عتب .واتي المأمون برجل يريد أن يقتله والرضا عليه السلم جالس فقال:
ما تقول يا أبا الحسن ؟ فقال :إن ال تعالى ل يزيدك بحسن العفو إل عزا،
فعفا عنه .وسئل عليه السلم عن المشية والرادة فقال :المشية الهتمام
بالشئ والرادة إتمام ذلك الشئ .وقال عليه السلم :الجل آفة المل،
والعرف ذخيرة البد ،والبر غنيمة الحازم ،والتفريط مصيبة ذوي القدرة،
والبخل يمزق ،العرض ،والحب داعي المكاره ،وأجل الخلئق وأكرمها
اصطناع المعروف ،وإغاثة الملهوف ،وتحقيق
][358
][359
التلف ،والغنيمة في المنقلب ،إن ال عزوجل يقي بالتقوى عن العبد ما عزب عنه
عقله ) (1ويجلي بالتقوى عنه عماه وجهله ،وبالتقوى نجى نوح ومن معه
في السفينة وصالح ومن معه من الصاعقة ،وبالتقوى فاز الصابرون
ونجت تلك العصب ) (2من المهالك ولهم إخوان على تلك الطريقة،
يلتمسون تلك الفضيلة ،نبذوا طغيانهم من اليراد بالشهوات لما بلغهم في
الكتاب من المثلت ،حمدوا ربهم على ما رزقهم وهو أهل الحمد ،وذموا
أنفسهم على ما فرطوا وهم أهل الذم ،واعلموا أن ال تبارك وتعالى الحليم
العليم إنما غضبه على من لم يقبل منه رضاه ،وإنما يمنع من لم يقبل منه
عطاه ،وإنما يضل من لم يقبل منه هداه ،ثم أمكن أهل السيئات من التوبة
بتبديل الحسنات ،دعا عباده في الكتاب إلى ذلك بصوت رفيع لم ينقطع ولم
يمنع دعاء عباده ،فلعن ال الذين يكتمون ما أنزل ال وكتب على نفسه
الرحمة ،فسبقت قبل الغضب فتمت صدقا وعدل ،فليس يبتدء العباد
بالغضب قبل أن يغضبوه ،وذلك من علم اليقين وعلم التقوى ،وكل امة قد
رفع ال عنهم علم الكتاب حين نبذوه وولهم عدوهم حين تولوه .وكان من
نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرفوا حدوده ،فهم يروونه ول يرعونه،
والجهال يعجبهم حفظهم للرواية ،والعلماء يحزنهم تركهم للرعاية ،وكان
من نبذهم الكتاب أن ولوه الذين ل يعلمون ) (3فأوردوهم الهوى،
وأصدروهم إلى الردى وغيروا عرى الدين ،ثم ورثوه في السفه والصبا )
(4فالمة يصدرون عن أمر
) (1عزب أي بعد ،وفى بعض النسخ " نفى بالتقوى عن العبد ما عزب عنه عقله
" (2) .العصب :جمع العصبة أو هي من الرجال والخيل والطير ما بين
العشرة إلى الربعين (3) .أي جعلوا ولى الكتاب والقيم عليه والحاكم به
الذين ل يعلمونه وجعلوهم رؤساء على أنفسهم يتبعونهم في الفتاوى
وغيرها (4) .أي جعلوه ميراثا يرثه كل سفيه جاهل أو صبى غير عاقل.
وقوله " :بعد أمر ال " أي صدوره أو الطلع عليه أو تركه ،والورود
والصدور كنايتان عن التيان للسؤال والخذ والرجوع بالقبول .كما قال
المؤلف.
][360
الناس بعد أمر ال تبارك وتعالى وعليه يردون ،بئس للظالمين بدل ولية الناس بعد
ولية ال ) (1وثواب الناس بعد ثواب ال ،ورضا الناس بعد رضا ال،
فأصبحت المة كذلك وفيهم المجتهدون في العبادة على تلك الضللة،
معجبون مفتونون فعبادتهم فتنة لهم ولمن اقتدى بهم ،وقد كان في الرسل
ذكرى للعابدين ،إن نبيا من النبياء كان يستكمل الطاعة ) (2ثم يعصي ال
تبارك وتعالى في الباب الواحد فيخرج به من الجنة ) (3وينبذ به في بطن
الحوت ،ثم ل ينجيه إل العتراف والتوبة .فاعرف أشباه الحبار والرهبان
الذين ساروا بكتمان الكتاب وتحريفه فما ربحت تجارتهم وما كانوا
مهتدين ،ثم اعرف أشباههم من هذه المة الذين أقاموا حروف الكتاب
وحرفوا حدوده ) (4فهم مع السادة والكبرة فإذا تفرقت قادة الهواء كانوا
مع أكثرهم دنيا وذلك مبلغهم من العلم ) ،(5ل يزالون كذلك في
) " (1ولية الناس " هو المخصوص بالذم (2) .اشار به إلى يونس عليه السلم.
والمراد بعصيانه غضبه على قومه وهربه منهم بغير اذن ربه ،روى أنه
لما وعد قومه بالعذاب خرج من بينهم قبل أن يأمره ال تعالى .واعلم أن
العصيان هنا ترك الفضل والولى وذلك لنه لم يكن هناك أمر من ال
تعالى حتى عصاه بترك التيان به أو نهى منه حتى خالفه بارتكابه
فاطلق لفظ العصيان مجاز عن ترك الولى والفضل وذلك بالنسبة إلى
درجات كمالهم بمنزلة العصيان (3) .اطلق الجنة على الدنيا لعل
بالضافة إلى بطن الحوت .كما في الوفى (4) .شبه هؤلء العباد وعلماء
العوام المفتونين بالحطام بالحبار والرهبان لشرائهم الدنيا بالخرة
بكتمانهم العلم وتحريفهم الكلم عن مواضعها وأكل أموال الناس بالباطل
وصدهم عن سبيل ال كما أنهم كانوا كذلك على ما وصفهم ال في القرآن
في عدة مواضع ،والمراد بالسادة والكبرة السلطين والحكام وأعوانهم
الظلمة .والكلم يدل على أن التحريف الواقع في القرآن كان في معناه ل
في ألفاظه كما توهمه بعض من ل خبرة له بمعاريض الكلم (5) .اشارة
إلى الية 31من سورة النجم " فأعرض عمن تولى عن ذكرنا ".
والطبع -بالتحريك :-الرين و -بالسكون -الختم.
][361
طمع وطبع ،ول يزال يسمع صوت إبليس على ألسنتهم بباطل كثير ،يصبر منهم
العلماء على الذى والتعنيف ،ويعيبون على العلماء بالتكليف ) (1والعلماء
في أنفسهم خانة إكتموا النصيحة ،إن رأوا تائها ضال ل يهدونه ،أو ميتا ل
يحيونه ،فبئس ما يصنعون لن ال تبارك وتعالى أخذ عليهم الميثاق في
الكتاب أن يأمروا بالمعروف وبما امروا به وأن ينهوا عما نهوا عنه ،وأن
يتعاونوا على البر والتقوى ول يتعاونوا على الثم والعدوان ،فالعلماء من
الجهال في جهد وجهاد إن وعظت قالوا :طغت وإن علموا الحق ) (2الذي
تركوا قالوا :خالفت ،وإن اعتزلوهم قالوا :فارقت وإن قالوا :هاتوا برهانكم
على ما تحدثون ،قالوا :نافقت وإن أطاعوهم ]قالوا [:عصت ال عزوجل )
(3فهلك جهال فيما ل يعلمون ،اميون فيما يتلون ،يصدقون بالكتاب عند
التعريف ويكذبون به عند التحريف ،فل ينكرون .اولئك أشباه الحبار
والرهبان ،قادة في الهوى ،سادة في الردى ،وآخرون منهم جلوس بين
الضللة والهدى ل يعرفون إحدى الطائفتين من الخرى ،يقولون ما كان
الناس يعرفون هذا ،ول يدرون ما هو وصدقوا ،تركهم رسول ال صلى ال
عليه وآله على البيضاء ) (4ليلها من نهارها لم يظهر فيهم بدعة ولم يبدل
فيهم سنة ل خلف عندهم ول اختلف ،فلما غشى الناس ظلمة خطاياهم،
صاروا إمامين داع إلى ال تبارك وتعالى ،وداع إلى النار ،فعند ذلك نطق
الشيطان فعلى صوته على لسان أوليائه وكثر خيله ورجله ) (5وشارك في
المال والولد من أشركه ،فعمل بالبدعة ،وترك الكتاب والسنة ،ونطق
أولياء ال بالحجة وأخذوا بالكتاب والحكمة فتفرق من ذلك
) " (1منهم " أي من أشباه الحبار والرهبان " العلماء " يعنى العلماء بال
الربانيين " بالتكليف " يعنى تكليفهم بالحق (2) .في بعض النسخ "
عملوا الحق " (3) .ليس في بعض النسخ " قالوا " (4) .يعنى
الشريعة ،الواضح مجهولها عن معلومها وعالمها عن جاهلها(5) .
الخيل :جماعة الفرسان والرجل :جماعة المشاة أي أعوانه القوية
والضعيفة.
][362
اليوم أهل الحق وأهل الباطل وتخاذل ) (1وتهادن أهل الهدى وتعاون أهل الضللة
حتى كانت الجماعة مع فلن وأشباهه ،فاعرف هذا الصنف وصنف آخر
فأبصرهم رأي العين تحيا ) (2وألزمهم حتى ترد أهلك ،فان الخاسرين
الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة أل ذلك هو الخسران المبين .إلى
ههنا رواية الحسين ،وفي رواية محمد بن يحيى زيادة " :لهم علم
بالطريق فإن كان دونهم بلء فل تنظر إليهم فإن كان دونهم ) (3عسف من
أهل العسف وخسف ) (4ودونهم بليا تنقضي ثم تصير إلى رخاء .ثم اعلم
أن إخوان الثقة ذخائر بعضهم لبعض ولول أن تذهب بك الظنون عني )(5
لجليت لك عن أشياء من الحق غطيتها ولنشرت لك أشياء من الحق
كتمتها ،ولكني أتقيك واستبقيك ،وليس الحليم الذي ل يتقى أحدا في مكان
التقوى ،والحلم لباس العالم فل تعرين ومنه والسلم " - 3 .كا ):(6
رسالة أيضا منه إليه ،عن محمد بن يحيى ،عن محمد بن الحسين ،عن
محمد بن إسماعيل بن بزيع ،عن عمه حمزة بن بزيع قال :كتب أبو جعفر
عليه السلم إلي سعد الخير:
) (1أي تركوا نصرة الحق .وفى بعض النسخ " تخادن " من الخدن وهو الصديق.
وتهادن من المهادنة بمعنى المصالحة ،وفى بعض النسخ " تهاون " أي
عن نصرة الحق وهذا أنسب بالتخاذل كما أن التهادن أنسب بالتخادن) .
(2في بعض نسخ المصدر " نجباء " وفى بعضها " نجيا " (3) .في
بعض النسخ " إليه فان دونهم " وهو الصواب أي فل ينظرون إلى
البلء لنها تنقضي ول تبقى (4) .العسف :الجور والظلم وهو في الصل
أن يأخذ المسافر على غير طريق ول جادة ول علم .قيل :هو ركوب المر
من غير روية .والخسف :النقصان والهوان .وقوله " :تنقضي " جزاء
الشرط (5) .أي يصير ظنك السيئ بى سببا ل نحرافك عنى وعدم اصغائك
إلى بعد ذلك (6) .الكافي ج 8ص 56تحت رقم .17
][363
بسم ال الرحمن الرحيم أما بعد فقد جائني كتابك تذكر فيه معرفة مال ينبغي تركه.
وطاعة من رضا ال رضاه ،فقبلت من ذلك لنفسك ما كانت نفسك مرتهنة
لو تركته تعجب ) (1إن رضا ال وطاعته ونصيحته ل تقبل ول توجد ول
تعرف إل في عباد غرباء ،أخلء من الناس ،قد اتخذهم الناس سخريا لما
يرمونهم به من المنكرات ،وكان يقال :ل يكون المؤمن مؤمنا حتى يكون
أبغض إلى الناس من جيفة الحمار ) (2ولول أن يصيبك من البلء مثل
الذي أصابنا فتجعل فتنة الناس كعذاب ال ،واعيذك بال وإيانا من ذلك
لقربت على بعد منزلتك .واعلم رحمك ال أنا ل ننال محبة ال إل ببغض
كثير من الناس ول وليته إل بمعاداتهم ،وفوت ذلك قليل يسير لدرك ذلك
من ال لقوم يعلمون .يا أخي إن ال عزوجل جعل في كل من الرسل بقايا
من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى ويصبرون معهم على الذى،
يجيبون داعي ال ،ويدعون إلى ال فأبصرهم رحمك ال فإنهم في منزلة
رفيعة وإن أصابتهم في الدنيا وضيعة ،إنهم يحيون بكتاب ال الموتى
ويبصرون بنور ال من العمى ،كم من قتيل ل بليس قد أحيوه ،وكم من
تائه ضال قد هدوه ،يبذلون دماءهم دون هلكة العباد ،وما أحسن أثرهم
على العباد وأقبح آثار العباد عليهم - 4 .الدرة الباهرة ) (3قال أبو جعفر
الجواد عليه السلم :كيف يضيع من اله كافله ؟
) (1في بعض النسخ " فعجب " (2) .المستفاد من قوله عليه السلم " :تذكر فيه
-إلى آخره " -ان سعدا ذكر في كتابه أنه عرف كذا وأنه قبل منه لنفسه
كذا وانه تعجب من كذا بأن يكون إلى قوله " :ومن جيفة الحمار " من
كلم سعد ويحتمل أن يكون فعجب أو تعجب إلى اختلف النسختين من
كلم المام عليه السلم .وقوله " :أخلء " .جمع خلو -بالكسر -وهو
الخالى عن الشئ ويكون بمعنى المنفرد ويقال :اخلء إذا انفرد أي هم
أخلء عن أخلق عامة الناس وأطوارهم الباطلة أو منفردون عن الناس
معتزلون عن شرارهم) .المرآة( ) (3مخطوط.
][364
وكيف ينجو من ال طالبه ؟ ومن انقطع إلى غير ال وكله ال إليه ،ومن عمل على
غير علم ما يفسد أكثر مما يصلح ،القصد إلى ال تعالى بالقلوب أبلغ من
إتعاب الجوارح بالعمال ،من أطاع هواه أعلى عدوه مناه ،من هجر
المدارأة قاربه المكروه ،و من لم يعرف الموارد أعيته المصادر ،ومن انقاد
إلى الطمأنينة قبل الخبرة فقد عرض نفسه للهلكة وللعاقبة المتعبة ،من
عتب من غير ارتياب أعتب من غير استعتاب ،راكب الشهوات ل تستقال
له عثرة ،اتئد تصب أوتكد ) (1الثقة ]بال[ ثمن لكل غال وسلم إلى كل
عال ،إياك ومصاحبة الشرير فإنه كالسيف المسلول يحسن منظره ويقبح
أثره ) (2إذا نزل القضاء ضاق الفضاء ،كفى بالمرء خيانة أن يكون أمينا
للخونة ،غنى المؤمن غناه عن الناس ،نعمة ل تشكر كسيئة ل تغفر ،ل
يضرك سخط من رضاه الجور ،من لم يرض من أخيه بحسن النية لم يرض
بالعطية - 5 .اعلم الدين ) :(3قال أبو جعفر محمد بن علي الجواد عليهما
السلم :كيف يضيع من ال كافله ؟ وكيف ينجو من ال طالبه ؟ ومن انقطع
إلى غير ال وكله ال إليه ،ومن عمل على غير علم ما أفسد أكثر مما
يصلح .وقال عليه السلم :من أطاع هواه أعطى عدوه مناه .وقال عليه
السلم :من هجر المدارأة قارنه المكروه ،ومن لم يعرف الموارد أعيته
المصادر ،ومن انقاد إلى الطمأنينة قبل الخبرة فقد عرض نفسه للهلكة
والمعاقبة المتعبة .وقال عليه السلم :قد عاداك من ستر عنك الرشد اتباعا
لما تهواه .وقال عليه السلم :راكب الشهوات ل تقال عثرته .وقال عليه
السلم :الثقة بال تعالى ثمن لكل غال ،وسلم إلى كل عال .وقال عليه
السلم :إياك ومصاحبة الشرير فإنه كالسيف يحسن منظره ويقبح أثره.
) (1اتئد في أمرك -من باب الفتعال -أي تثبت .والتؤدة :الرزانة .وكاد يفعل وكيد
أي قارب (2) .السيف المسلول هو الذى اخرج من غمده وبالفارسية
شمشير كشيده شده (3) .مخطوط.
][365
وقال عليه السلم :الحوائج تطلب بالرجاء وهي تنزل بالقضاء ،والعافية أحسن
عطاء .وقال عليه السلم :إذا نزل القضاء ضاق الفضاء .وقال عليه
السلم :ل تعادي أحدا حتى تعرف الذي بينه وبين ال تعالى ،فإن كان
محسنا فإنه ل يسلمه إليك وإن كان مسيئا فان علمك به يكفيكه فل تعاده.
وقال عليه السلم :ل تكن وليا ل في العلنية ،عدوا له في السر .وقال
عليه السلم :التحفظ على قدر الخوف .وقال عليه السلم :عز المؤمن في
غناه عن الناس .وقال عليه السلم :نعمة ل تشكر كسيئة ل تغفر .وقال
عليه السلم :ل يضرك سخط من رضاه الجور .وقال عليه السلم :من لم
يرض من أخيه بحسن النية لم يرض منه بالعطية .وقال عليه السلم:
اليام تهتك لك المر عن السرار الكامنة .وقال عليه السلم :تعرف عن
الشئ إذا صنعته لقلة صحبته إذا أعطيته )) * .28.(1باب( * * "
)مواعظ ابى الحسن الثالث عليه السلم وحكمه( " * - 1ف ) :(2قال أبو
الحسن الثالث عليه السلم - 1 :الشاكر أسعد بالشكر منه بالنعمة التي أو
جبت الشكر ،لن النعم متاع ،والشكر نعم وعقبى - 2 .وقال عليه السلم:
إن ال جعل الدنيا دار بلوى ،والخرة دار عقبى ،وجعل بلوى الدنيا لثواب
الخرة سببا وثواب الخرة من بلوى الدنيا عوضا - 3 .وقال عليه السلم:
إن الظالم الحالم يكاد أن يعفى على ظلمه بحمله ،وإن المحق السفيه ،يكاد
أن يطفئ نور حقه بسفهه - 4 .وقال عليه السلم :من جمع لك وده ورأيه
فاجمع له طاعتك - 5 .وقال عليه السلم :من هانت عليه نفسه فل تأمن
شره.
) (1كذا .وفى بعض النسخ " ل تعرف " (2) .التحف ص .483
][366
- 6وقال عليه السلم :الدنيا سوق ربح فيها قوم وخسر آخرون - 2 .كشف ):(1
من دلئل الحميري عن فتح بن يزيد الجرجاني قال :ضمني وأبا الحسن
طريق منصر في من مكة إلى خراسان وهو سائر إلى العراق فسمعته وهو
يقول :من اتقى ال يتقى ،ومن أطاع ال يطاع ،قال :فتلطفت إلى الوصول
إليه ،فسلمت عليه فرد علي السلم وأمرني بالجلوس وأول ما ابتدأني به
أن قال :يا فتح من أطاع الخالق لم يبال بسخط المخلوق ،ومن أسخط
الخالق فأيقن أن يحل به الخالق سخط المخلوق ،وإن الخالق ل يوصف إل
بما وصف به نفسه ،وأنى يوصف الخالق الذي تعجز الحواس أن تدركه،
والوهام أن تناله ،والخطرات أن تحده ،والبصار عن الحاطة به ،جل عما
يصفه الواصفون ،وتعالى عما ينعته الناعتون ،نأى في قربه ،وقرب في
نأيه ،فهو في نأيه قريب ،وفي قربه بعيد ،كيف الكيف فل يقال كيف ،وأين
الين فل يقال أين ،إذ هو منقطع الكيفية والينية ،هو الواحد الحد الصمد،
لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ،فجل جلله ،أم كيف يوصف بكنهه.
محمد ،وقد قرنه الجليل باسمه ،وشركه في عطائه ،وأوجب لمن أطاعه
جزاء طاعته إذ يقول " :وما نقموا إل أن أغنيهم ال ورسوله من فضله "
) (2وقال يحكي قول من ترك طاعته وهو يعذبه بين أطباق نيرانها
وسرابيل قطرانها " :يا ليتنا أطعنا ال وأطعنا الرسول " ) (3أم كيف
يوصف بكنهه من قرن الجليل طاعتهم بطاعة رسوله حيث قال " :أطيعوا
ال وأطيعوا الرسول واولي المر منكم " ) (4وقال " :ولو ردوه إلى ]ال
وإلى[ الرسول وإلى اولي المر منهم " ) (5وقال " :إن ال يأمركم أن
تودوا المانات إلى أهلها " ) (6وقال " :فسئلوا أهل الذكر
) (1كشف الغمة ج 3ص (2) .176التوبة (3) .75 :الحزاب (4) .66 :النساء:
(5) .59النساء .83 :بدون ما بين القوسين ) (6النساء.58 :
][367
إن كنتم ل تعلمون " ) .(1يا فتح كما ل يوصف الجليل جل جلله والرسول والخليل
وولد البتول فكذلك ل يوصف المؤمن المسلم لمرنا ،فنبينا أفضل النبياء،
وخليلنا أفضل الخلء ،و ]وصيه[ أكرم الوصياء ،اسمهما أفضل السماء،
وكينتهما ) (2أفضل الكنى وأحلها ،لو لم يجالسنا إل كفو لم يجالسنا أحد،
ولو لم يزوجنا إل كفو لم يزوجنا احد ،أشد الناس تواضعا ،أعظمهم حلما،
وأنداهم كفا ،وأمنعهم كنفا ،ورث عنهما أوصياؤهما علمهما ،فاردد إليهما
المر وسلم إليهم ،أماتك ال مماتهم ،وأحياك حياتهم ،إذا شئت رحمك ال.
قال فتح :فخرجت فلما كان الغد تلطفت في الوصول إليه فسلمت عليه فرد
علي السلم فقلت :يا ابن رسول ال أتأذن لي في مسألة اختلج في صدري
أمر هاليلتي ،قال :سل وإن شرحتها فلي ،وإن أمسكتها فلي ،فصحح نظرك
وتثبت في مسألتك ،واصغ إلى جوابها سمعك ،ول تسأل مسألة تعنت
واعتن بما تعتني به ،فإن العالم والمتعلم شريكان في الرشد ،مأموران
بالنصيحة ،منهيان عن الغش ،وأما الذي اختلج في صدرك ليلتك فإن شاء
العالم أنبأك بإذن ال ،إن ال لم يظهر على غيبه أحدا إل من ارتضى من
رسول ،فكل ما كان عند الرسول كان عند العالم ،وكل ما اطلع عليه
الرسول فقد اطلع أوصياؤه عليه ،كيل تخلو أرضه من حجة يكون معه علم
يدل على صدق مقالته ،وجواز عدالته .يا فتح عسى الشيطان أراد اللبس
عليك فأوهمك في بعض ما أودعتك وشككك في بعض ما أنبأتك حتى أراد
إزالتك عن طريق ال وصراطه المستقيم ،فقلت :من أيقنت أنهم كذا فهم
أرباب ؟ معاذ ال إنهم مخلوقون مربوبون مطيعون ل ،داخرون راغبون،
فإذا جاءك الشيطان من قبل ما جاءك فاقمعه بما أنبأتك به ،فقلت :جعلت
فداك فرجت عني وكشفت ما لبس الملعون علي بشرحك فقد كان أوقع
][368
بخلدي ) (1أنكم أرباب ،قال :فسجد أبو الحسن عليه السلم وهو يقول في سجوده:
" راغما لك يا خالقي داخرا خاضعا " قال :فلم يزل كذلك حتى ذهب ليلي،
ثم قال :يا فتح كدت أن تهلك وتهلك ،وما ضر عيسى إذا هلك من هلك،
فاذهب إذا شئت رحمك ال .قال :فخرجت وأنا فرح بما كشف ال عني من
اللبس بأنهم هم ،وحمدت ال على ما قدرت عليه ،فلما كان في المنزل
الخر دخلت عليه وهو متك ،وبين يديه حنطة مقلوة ) (2يعبث بها وقد
كان أوقع الشيطان في خلدي أنه ل ينبغي أن يأكلوا ويشربوا إذ كان ذلك
آفة والمام غير مأوف ؟ فقال :اجلس يا فتح فإن لنا بالرسل اسوة كانوا
يأكلون ويشربون ويمشون في السواق ،وكل جسم مغذو بهذا إل الخالق
الرازق لنه جسم الجسام وهو لم يجسم ،،ولم يجزأ بتناه ،ولم يتزايد ،ولم
يتناقص ،مبرء من ذاته ما ركب في ذات من جسمه ،الواحد الحد الصمد
الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد ،منشئ الشياء مجسم الجسام،
وهو السميع العليم ،اللطيف الخبير ،الرؤف الرحيم ،تبارك وتعالى عما
يقول الظالمون علوا كبيرا ،لو كان كما يوصف لم يعرف الرب من
المربوب ،ول الخالق من المخلوق ،ول المنشئ من المنشأ ولكنه فرق بينه
وبين من جسمه ،وشيئ الشياء إذ كان ل يشبهه شئ يرى ،ول يشبه
شيئا - 3 .الدرة الباهرة ) :(3قال أبو الحسن الثالث عليه السلم :من
رضي عن نفسه كثر الساخطون عليه ،الغنى قلة تمنيك والرضا بما يكفيك،
والفقر شرة النفس وشدة القنوط ،والراكب الحرون أسير نفسه )(4
والجاهل أسير لسانه ،الناس في الدنيا بالموال وفي الخرة بالعمال.
) (1الخلد -بالتحريك :-الضمير والباطن (2) .قلى اللحم وغيره :أنضجه في
المقلى .شايد مراد گندم بريان باشد (3) .مخطوط (4) .الحرون الشموس
معرب چموش.
][369
وقال عليه السلم لشخص وقد أكثر من إفراط الثناء عليه :اقبل على ما شأنك فإن
كثرة الملق يهجم على الظنة ،وإذا حللت من أخيك في محل الثقة فاعدل
عن الملق إلى حسن النية .المصيبة للصابر واحدة ،وللجازع اثنتان،
العقوق ثكل من لم يثكل ،الحسد ماحي الحسنات والدهر جالب المقت،
والعجب صارف عن طلب العلم داع إلى الغمط ) (1والجهل ،والبخل أذم
الخلق ،والطمع سجية سيئة ،والهزء فكاهة السفهاء وصناعة الجهال،
والعقوق يعقب القلة وتؤدى إلى الذلة - 4 .اعلم الدين ) :(2قال أبو
الحسن الثالث عليه السلم :من رضي عن نفسه كثر الساخطون عليه.
وقال عليه السلم :المقادير تريك ما لم يخطر ببالك .وقال عليه السلم :من
أقبل مع ...ولي مع انقضائه ) .(3وقال عليه السلم :راكب الحرون أسير
نفسه ،والجاهل أسير لسانه .وقال عليه السلم :الناس في الدنيا بالموال
وفي الخرة بالعمال .وقال عليه السلم :المراء يفسد الصداقة القديمة،
ويحلل العقدة والوثيقة ،وأقل ما فيه أن يكون فيه المغالبة ،والمغالبة اس
أسباب القطيعة .وقال عليه السلم :العتاب مفتاح الثقال ،والعتاب خير من
الحقد .وقال عليه السلم :المصيبة للصابر واحدة ،وللجازع اثنتان .وقال
يحيى بن عبد الحميد :سمعت أبا الحسن عليه السلم يقول لرجل ذم إليه
ولدا له فقال :العقوق ثكل من لم يثكل .وقال عليه السلم :الهزل فكاهة
السفهاء ،وصناعة الجهال .وقال عليه السلم في بعض مواعظه :السهر
ألذ للمنام ،والجوع يزيد في طيب الطعام) .يريد به الحث على قيام الليل
وصيام النهار(.
][370
وقال عليه السلم :اذكر مصرعك بين يدي أهلك ،ول طبيب يمنعك ،ول حبيب
ينفعك .وقال عليه السلم :اذكر حسرات التفريط بأخذ تقديم الحزم .وقال
عليه السلم :الغضب على من تملك لؤم .وقال عليه السلم :الحكمة ل
تنجع في الطباع الفاسدة .وقال عليه السلم :خير من الخير فاعله ،وأجمل
من الجميل قائله ،وأرجح من العلم حامله ،وشر من الشر جالبه ،وأهول
من الهول راكبه .وقال عليه السلم :إياك والحسد فإنه يبين فيك ول يعمل
في عدوك .وقال عليه السلم :إذا كان زمان العدل فيه أغلب من الجور
فحرام أن يظن بأحد سوءا حتى يعلم ذلك منه ،وإذا كان زمان الجور أغلب
فيه من العدل فليس لحد أن يظن بأحد خيرا ما لم يعلم ذلك منه .وقال عليه
السلم للمتوكل في جواب كلم دار بينهما :ل تطلب الصفا ممن كدرت
عليه ،ول الوفاء لمن غدرت به ،ول النصح ممن صرفت سوء ظنك إليه،
فإنما قلب غيرك كقلبك له .وقال له وقد سأله عن العباس ) :(1ما تقول بنو
أبيك فيه ؟ فقال :ما يقولون في رجل فرض ال طاعته على الخلق وفرض
طاعة العباس عليه .وقال عليه السلم :القوا النعم بحسن مجاورتها
والتمسوا الزيادة فيها بالشكر عليها ،واعلموا أن النفس أقبل شئ لما
أعطيت وأمنع شئ لما منعت) * .29 .باب( * * " )مواعظ أبى محمد
العسكري عليهما السلم وكتبه إلى اصحابه( " * - 1ف ) :(2قال عليه
السلم :ل تمار فيذهب بهاؤك .ول تمازح فيجترأ عليك.
][371
- 2وقال عليه السلم :من رضي بدون الشرف من المجلس لم يزل ال وملئكته
يصلون عليه حتى يقوم - 3 .وكتب عليه السلم إلى رجل سأله دليل :من
سأل آية أو برهانا فاعطي ما سأل ،ثم رجع عمن طلب منه الية عذب
ضعف العذاب .ومن صبر اعطي التأييد من ال .والناس مجبولون على
حيلة إيثار الكتب المنشرة ،نسأل ال السداد ) (1فإنما هو التسليم أو
العطب ول عاقبة المور - 4 .وكتب إليه بعض شيعته يعرفه اختلف
الشيعة ،فكتب عليه السلم :إنما خاطب ال العاقل .والناس في على
طبقات :المستبصر على سبيل نجاة ،متمسك بالحق ،متعلق بفرع الصل،
غير شاك ول مرتاب ،ل يجد عني ملجأ .وطبقة لم تأخذ الحق من أهله،
فهم كراكب البحر يموج عند موجه ويسكن عند سكونه .وطبقة استحوذ
عليهم الشيطان ،شأنهم الرد على أهل الحق ودفع الحق بالباطل حسدا من
عند أنفسهم .فدع من ذهب يمينا وشمال ،فإن الراعي إذا أراد أن يجمع
غنمه جمعها بأهون سعي .وإياك والذاعة وطلب الرئاسة ،فإنهما يدعوان
إلى الهلكة - 5] .وقال عليه السلم :من الذنوب التي ل تغفر :ليتني ل
اؤاخذ إل بهذا ) .(2ثم قال عليه السلم :الشراك في الناس أخفى من دبيب
النمل على المسح السود في الليلة المظلمة ) - 6 .(3وقال عليه السلم:
بسم ال الرحمن الرحيم أقرب إلى اسم ال العظم من سواد العين إلى
بياضها[.
) (1أي من عادة الناس أن يكتبوا كتبا مزورة وينتشرونها .والعطب :الهلك(2) .
أي قول الرجل المذنب ذلك إذا قيل له :ل تعص (3) .المسح -بالكسر :-
البلس والتقيد بالسود تأكيد في اخفائه وعدم رؤيته بخلف ما إذا كان
غير السود لنه ربما يمكن أن يراه إذا كان أبيضا.
][372
- 7وخرج في بعض توقيعاته عليه السلم عند اختلف قوم من شيعته في أمره:
مامني أحد من آبائي بمثل مامنيت به من شك هذه العصابة في ،فإن كان
هذا المر أمرا اعتقدتموه ودنتم به إلى وقت ثم ينقطع فللشك موضع .وإن
كان متصل ما اتصلت امور ال فما معنى هذا الشك ؟ ؟ - 8 .وقال عليه
السلم :حب البرار للبرار ثواب للبرار .وحب الفجار للبرار فضيلة
للبرار .وبغض الفجار للبرار زين للبرار ،وبغض البرار للفجار خزي
على الفجار - 9 .وقال عليه السلم :من التواضع السلم على كل من تمر
به ،والجلوس دون شرف المجلس - 10 .وقال عليه السلم :من الجهل
الضحك من غير عجب - 11 .وقال عليه السلم :من الفواقر التي تقصم
الظهر ) (1جار إن رأى حسنة أخفاها وإن رأى سيئة أفشاها - 12 .وقال
عليه السلم لشيعته :أوصيكم بتقوى ال ،والورع في دينكم ،والجتهاد ل،
وصدق الحديث ،وأداء المانة إلى من ائتمنكم من بر أو فاجر ،وطول
السجود ،وحسن الجوار ،فبهذا جاء محمد صلى ال عليه وآله ،صلوا في
عشائرهم واشهدوا جنائزهم وعودوا مرضاهم ) (2وأدوا حقوقهم ،فإن
الرجل منكم إذا ورع في دينه وصدق في حديثه ،وأدى المانة وحسن خلقه
مع الناس قيل :هذا شيعي فيسرني ذلك .اتقوا ال وكونوا زينا ول تكونوا
شينا ،جروا إلينا كل مودة ،وادفعوا عنا كل قبيح ،فإنه ما قيل فينا من
حسن فنحن أهله ،وما قيل فينا من سوء فما نحن كذلك .لنا حق في كتاب
ال ،وقرابة من رسول ال ،وتطهير من ال ل يدعيه أحد غيرنا إل كذاب.
أكثروا ذكر ال وذكر الموت وتلوة القرآن والصلة على النبي صلى ال
عليه وآله ،فإن الصلة على رسول ال عشر حسنات .احفظوا ما
) (1الفواقر :جمع فاقرة أي الداعية العظيمة فكأنها تكسر فقر الظهر (2) .الضمير
يرجع إلى المخالفين أو مطلق الناس .وفى المصدر كلها بضمير الخطاب.
][373
وصيتكم به ،واستودعكم ال ،وأقرأ عليكم السلم - 13 .وقال عليه السلم :ليست
العبادة كثرة الصيام والصلة ،وإنما العبادة كثرة التفكر في أمر ال- 14 .
وقال عليه السلم :بئس العبد عبد يكون ذا وجهين وذا لسانين ،يطري
أخاه شاهدا ) (1ويأكله غائبا ،إن اعطي حسده ،وإن ابتلي خانه )- 15 (2
وقال عليه السلم :الغضب مفتاح كل شر] - 16 .وقال عليه السلم:
لشيعته في سنة ستين ومائتين :أمرناكم بالتختم في اليمين ونحن بين
ظهرانيكم ) .(3والن نأمركم بالتختم في الشمال لغيبتنا عنكم إلى أن يظهر
ال أمرنا وأمركم ،فانه من أدل دليل عليكم في وليتنا -أهل البيت .-
فخلعوا خواتيمهم من أيمانهم بين يديه ولبسوها في شمائلهم .وقال عليه
السلم لهم :حدثوا بهذا شبعتنا - 17 [.وقال عليه السلم :أقل الناس راحة
الحقود ) - 18 .(4وقال عليه السلم :أورع الناس من وقف عند الشبهة،
أعبد الناس من أقام على الفرائض ،أزهد الناس من ترك الحرام ،أشد
الناس اجتهادا من ترك الذنوب - 19 .وقال عليه السلم :إنكم في آجال
منقوصة ،وأيام معدودة ،والموت يأتي بغتة ،من يزرع خيرا يحصد غبطة،
ومن يزرع شرا يحصد ندامة ،لكل زارع ما زرع ،ل يسبق بطيئ بحظه،
ول يدرك حريص ما لم يقدر له ،من اعطي خيرا فال أعطاه ،ومن وقي
شرا فال وقاه.
) (1أطرا فلنا :أحسن الثناء عليه وبالغ في مدحه (2) .في بعض النسخ " خذله
" (3) .أي بينكم وفى جماعتكم (4) .الحقود :الكثير الحقد.
][374
- 20وقال عليه السلم :المؤمن بركة على المؤمن وحجة على الكافر - 21 .وقال
عليه السلم :قلب الحمق في فمه وفم الحكيم في قلبه - 22 .وقال عليه
السلم :ل يشغلك رزق مضمون من عمل مفروض - 23 .وقال عليه
السلم :من تعدى في طهوره كان كناقضه - 24 .وقال عليه السلم :ما
ترك الحق عزيز إل ذل ،ول أخذه به ذليل إل عز - 25 .وقال عليه السلم:
صديق الجاهل تعب - 26 .وقال عليه السلم :خصلتان ليس فوقهما شئ:
اليمان بال ونفع الخوان - 27 .وقال عليه السلم :جرأة الولد على والده
في ضعره تدعو إلى العقوق في كبره - 28 .وقال عليه السلم :ليس من
الدب إظهار الفرح عند المحزون - 29 .وقال عليه السلم :خير من الحياة
ما إذا فقدته بغضت الحياة ،وشر من الموت ما إذا نزل بك أحببت الموت.
- 30وقال عليه السلم :رياضة الجاهل ورد المعتاد عن عادته كالمعجز.
- 31وقال عليه السلم :التواضع نعمة ل يحسد عليها - 32 .وقال عليه
السلم :ل تكرم الرجل بما يشق عليه - 33 .وقال عليه السلم :من وعظ
أخاه سرا فقد زانه .ومن وعظه علنية فقد شانه - 34 .وقال عليه السلم:
ما من بلية إل ول فيها نعمة تحيط بها - 35 .وقال عليه السلم :ما أقبح
بالمؤمن أن تكون له رغبة تذله - 2 .ف ) :(1كتابه عليه السلم إلى
إسحاق بن إسماعيل النيسابوري :سترنا ال ) (2وإياك بستره وتولك في
جميع أمورك بصنعه ،فهمت كتابك يرحمك ال ونحن بحمد ال ونعمته أهل
بيت نرق على أوليائنا ونسر بتتابع إحسان ال إليهم وفضله لديهم و نعتد
بكل نعمة ينعمها ال تبارك وتعالى عليهم ،فأتم ال عليك يا إسحاق وعلى
) (1التحف ص (2) .484هو ثقة من أصحاب أبى محمد العسكري عليه السلم
وممن كانت ترد عليهم التوقيعات أيضا.
][375
من كان مثلك -ممن قد رحمه ال وبصره بصيرتك -نعمته .وقدر تمام نعمته دخول
الجنة وليس من نعمة وإن جل أمرها وعظم خطرها إل والحمد ل تقدست
أسماؤه عليها مؤد شكرها ،وأنا أقول ) (1الحمد ل أفضل ما حمده حامده
إلى أبد البد بما من ال عليك من رحمته ونجاك من الهلكة وسهل سبيلك
على العقبة .وأيم ال إنها ) (2لعقبة كؤود ،شديد أمرها ،صعب مسلكها،
عظيم بلؤها ،قديم في الزبر الولى ذكرها .ولقد كانت منكم في أيام
الماضي عليه السلم إلى أن مضى لسبيله وفي أيامي هذه امور كنتم فيها
عندي غير محمودي الرأي ول مسددي التوفيق .فاعلم يقينا إسحاق أنه
من خرج من هذه الدنيا أعمى فهو في الخرة أعمى وأضل سبيل .يا
إسحاق ) (3ليس تعمى البصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور،
وذلك قول ال في محكم كتابه حكاية عن الظالم إذا يقول " :رب لم
حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا * قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك
اليوم تنسى ) ." (4وأى آية أعظم من حجة ال على خلقه وأمينه في بلده
وشهيده على عباده من بعد من سلف من آبائه الولين النبيين وآبائه
الخرين الوصيين عليهم أجمعين السلم ورحمة ال وبركاته .فأين يتاه بكم
) (5وأين تذهبون كالنعام على وجوهكم ،عن الحق تصدفون ،وبالباطل
تؤمنون ،وبنعمة ال تكفرون ،أو تكونون ممن يؤمن ببعض الكتاب ،ويكفر
ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم ومن غيركم إل خزي في الحياة الدنيا
وطول عذاب في الخرة الباقية ،وذلك وال الخزي العظيم .إن ال بمنه
ورحمته لما فرض عليكم الفرائض لم يفرض ذلك عليكم لحاجة منه إليكم
) (1في بعض النسخ " فأنا أقول " (2) .في بعض النسخ " وانها أيم ال "(3) .
في بعض النسخ " يا ابن اسماعيل " (4) .طه (5) .126 :تاه يتيه :ضل
وذهب متحيرا(*) .
][376
بل رحمة منه -ل إله إل هو -عليكم ليميز الخبيث من الطيب وليبتلي ما في
صدوركم وليمحص ما في قلوبكم ،لتسابقوا إلى رحمة ال ولتتفاضل
منازلكم في جنته ،ففرض عليكم الحج والعمرة وإقام الصلة وإيتاء الزكاة
والصوم والولية وجعل لكم بابا تستفتحون به أبواب الفرائض ومفتاحا إلى
سبيله ،لول محمد صلى ال عليه وآله والوصياء من ولده لكنتم حيارى )
(1كالبهائم ل تعرفون فرضا من الفرائض وهل تدخل مدينة ) (2إل من
بابها ،فلما من عليكم بإقامة الولياء بعد نبيكم ،قال ال في كتابه " :أليوم
أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم السلم دينا )" (3
ففرض عليكم لوليائه حقوقا أمركم بأدائها ليحل لكم ما وراء ظهوركم من
أزواجكم وأموالكم ومآكلكم ومشاربكم ،قال ال " :قل ل أسئلكم عليه أجرا
إل المودة في القربى ) " (4واعلموا أن من يبخل فإنما يبخل عن نفسه
وال الغني وأنتم الفقراء ،ل إله إل هو .ولقد طالت المخاطبة فيما هو لكم
وعليكم .ولول ما هو يحب ال من تمام النعمة من ال عليكم لما رأيتم لي
خطا ول سمعتم مني حرفا من بعد مضي الماضي عليه السلم وأنتم في
غفلة مما إليه معادكم ) .(5ومن بعد إقامتي لكم إبراهيم بن عبده )(6
وكتابي الذي حمله إليكم محمد بن موسى النيسابوري وال المستعان على
كل حال .وإياكم أن تفرطوا في جنب ال فتكونوا من الخاسرين .فبعدا
وسحقا لمن رغب عن طاعة ال ولم يقبل مواعظ أوليائه .فقد أمركم ال
بطاعته وطاعة رسوله وطاعة أولي المر ،رحم ال ضعفكم وغفلتكم و
) (1الحيارى -بالفتح والضم :-جمع حيران (2) .في بعض النسخ " قرية "(3) .
المائدة (4) .5 :الشورى (5) .23 ،في بعض النسخ " معاذكم "(6) .
ابراهيم بن عبده ومحمد بن موسى النيسابوري كانا من أصحاب الهادى
والعسكري عليهما السلم وروى الكشى -ره -بعض توقيعات في
حقهما.
][377
صبركم على أمركم ،فما أغر النسان بربه الكريم ،ولو فهمت الصم الصلب بعض
ما هو في هذا الكتاب لتصدعت ) (1قلقا وخوفا من خشية ال ،ورجوعا
إلى طاعة ال ،اعملوا ما شئتم " فسيرى ال عملكم ورسوله والمؤمنون
ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون ) " (2والحمد
ل رب العالمين وصلى ال على محمد وآله أجمعين .كش ) :(3حكى بعض
الثقات بنيسابور أنه خرج لسحاق بن إسماعيل من أبي محمد عليه السلم
توقيع فوقع عليه السلم :يا إسحاق بن إسماعيل سترنا ال وإياك بستره
إلى آخر الخبر مع تغيير وزيادات أوردتها في أبواب تاريخه عليه السلم.
- 3الدرة الباهرة ) :(4قال أبو محمد العسكري عليه السلم :إن للسخاء
مقدارا فإن زاد عليه فهو سرف ،وللحزم مقدارا فإن زاد عليه فهو جبن،
وللقتصاد مقدارا فإن زاد عليه فهو بخل ،وللشجاعة مقدارا ،فإن زاد عليه
فهو تهور .كفاك أدبا تجنبك ما تكره من غيرك ،احذر كل ذكي ساكن
الطرف ،ولو عقل أهل الدنيا حزبت ،خير إخوانك من نسي ذنبك إليه،
أضعف العداء كيدا من أظهر عداوته ،حسن الصورة جمال ظاهر ،وحسن
العقل جمال باطن ،من أنس بال استوحش من الناس ،من لم يتق وجوه
الناس لم يتق ال ،جعلت الخباثت في بيت وجعل مفتاحه الكذب ،إذا نشطت
القلوب فأودعوها وإذا نفرت فودعوها .اللحاق بمن ترجو خير من المقام
مع من ل تأمن شره ،من أكثر المنام رأى الحلم )الظاهر أنه عليه السلم
يعني أن طلب الدنيا كالنوم وما يصير منها كالحلم( .وقال عليه السلم:
الجهل خصم والحلم حكم ،ولم يعرف راحة القلب من لم يجرعه
) (1في بعض النسخ " لصدعت " (2) .اقتباس من الية الواردة في سورة التوبة:
(3) .106مختار رجال الكشى ص (4) .481مخطوط.
][378
الحلم غصص الغيظ .إذا كان المقضي كائنا فالضراعة لماذا ؟ نائل الكريم يحببك إليه
ونائل اللئيم يضعك لديه ،من كان الورع سجيته ،والفضال حليته انتصر
من أعدائه بحسن الثناء عليه ،وتحصن بالذكر الجميل من وصول نقص
إليه .وقال بعض الثقات :وجدت بخطه عليه السلم مكتوبا على ظهر كتاب:
قد صعدنا ذرى الحقائق بأقدام النبوة والولية ،ونورنا السبع الطرائق
بأعلم الفتوة ،فنحن ليوث الوغى ،وغيوث الندى ،وفينا السيف والقلم في
العاجل ،ولواء الحمد والعلم في الجل ،وأسباطنا خلفاء الدين وحلفاء
اليقين ،ومصابيح المم ،ومفاتيح الكرم ،فالكليم البس حلة الصطفاء لما
عهدنا منه الوفاء ،وروح القدس في جنان الصاقورة ذاق من حدائقنا
الباكورة ) (1وشيعتنا الفئة الناجية ،والفرقة الزاكية ،صاروا لنا ردءا
وصونا وعلى الظلمة إلبا وعونا ،وسينفجر لهم ينابيع الحيوان بعد لظى
النبران لتمام الطواوية والطواسين من السنين .أقول :هذه حكمة بالغة
ونعمة سابغة تسمعها الذان الصم وتقصر عليها الجبال الشم صلوات ال
عليهم وسلمه - 4 .أعلم الدين ) :(2قال أبو محمد الحسن العسكري عليه
السلم :من مدح غير المستحق فقد قام مقام المتهم .وقال عليه السلم :ل
يعرف النعمة إل الشاكر ،ول يشكر النعمة إل العارف .وقال عليه السلم:
ادفع المسألة ما وجدت التحمل يمكنك فإن لكل يوم رزقا جديدا .واعلم أن
اللحاح في المطالب يسلب البهاء ويورث التعب والعناء ،فاصبر حتى يفتح
ال لك بابا يسهل الدخول فيه فما أقرب الصنيع من الملهوف ،والمن من
الهارب المخوف ،فربما كانت الغير نوع من أدب ال ،والحظوظ مراتب،
) (1كذا .والصاقورة :السماء الثالثة .وباطن القحف المشرف على الدماغ والمراد
الول .والباكورة :أول ما يدرك من الفاكهة ،وأول كل شئ (2) .مخطوط.
][379
فل تعجل على ثمرة لم تدرك ،وإنما تنالها في أوانها ،واعلم أن المدبر لك أعلم
بالوقت الذي يصلح حالك فيه ،فثق بخيرته في جميع امورك يصلح حالك،
ول تعجل بحوائجك قبل وقتها ،فيضيق قلبك وصدرك ويخشاك القنوط،
واعلم أن للسخاء مقدارا ،فان زاد عليه فهو سرف ،وأن للحزم مقدارا فإن
زاد عليه فهو تهور ،واحذر كل ذكي ساكن الطرف ،ولو عقل أهل الدنيا
خربت .وقال عليه السلم :خير إخوانك من نسي ذنبك وذكر إحسانك إليه.
وقال عليه السلم :أضعف العداء كيدا من أظهر عداوته .وقال عليه
السلم :حسن الصورة جمال ظاهر ،وحسن العقل جمال باطن .وقال عليه
السلم :أولى الناس بالمحبة منهم من أملوه .وقال عليه السلم :من آنس
بال استوحش الناس ،وعلمة النس بال الوحشة من الناس .وقال عليه
السلم :جعلت الخبائث في بيت والكذب مفاتيحها .وقال عليه السلم :إذا
نشطت القلوب فأودعوها ،وإذا نفرت فودعوها .وقال عليه السلم :اللحاق
بمن ترجو خير من المقام مع من ل تأمن شره .وقال عليه السلم :الجهل
خصم ،والحلم حكم ،ولم يعرف راحة القلوب من لم يجرعه الحلم غصص
الصبر والغيظ .وقال عليه السلم :من ركب ظهر الباطل نزل به دار
الندامة .وقال عليه السلم :المقادير الغالبة ل تدفع بالمغالبة ،والرزاق
المكتوبة ل تنال بالشره ،ول تدفع بالمساك عنها .وقال عليه السلم :نائل
الكريم يحببك إليه ويقربك منه ،ونائل اللئيم يباعدك منه ويبغضك إليه.
وقال عليه السلم :من كان الورع سجيته ،والكرم طبيعته ،والحلم خلته
كثر صديقه ،والثناء عليه ،وانتصر من أعدائه بحسن الثناء عليه .وقال
عليه السلم :السهر ألذ للمنام والجوع أزيد في طيب الطعام) .رغب به
عليه السلم على صوم النهار وقيام الليل(.
][380
وقال عليه السلم :إن الوصول إلى ال عزوجل سفر ل يدرك إل بامتطاء الليل .من
لم يحسن ان يمنع لم يحسن ان يعطي .وقال عليه السلم للمتوكل :ل تطلب
الصفا ممن كدرت عليه ول النصح ممن صرفت سوء ظنك إليه فإنما قلب
غيرك لك كقلبك له) * .30 .باب( * * " )مواعظ القائم عليه السلم
وحكمه( " * - 1الدرة الباهرة من الصداف الطاهرة :مما كتبه عليه
السلم جوابا لسحاق بن يعقوب إلى العمري -رحمه ال -أما ظهور
الفرج فإنه إلى ال وكذب الوقاتون ،وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها
إلى رواة حديثنا فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة ال ،وأما المتلبسون بأموالنا
فمن استحل منها شيئا فأكل فإنما يأكل النيران ،وأما الخمس فقد ابيح
لشيعتنا وجعلوا منه في حل إلى وقت ظهور أمرنا لتطيب ولدتهم ول
تخبث ،وأما علة ما وقع من الغيبة فإن ال عزوجل قال " :يا أيها الذين
آمنوا ل تسئلوا عن أشياء إن تبدلكم تسؤكم ) " (1إنه لم يكن أحد من
آبائي إل وقد وقعت في عنقه بيعة لطاغية زمانه وإني أخرج حين أخرج
ول بيعة لحد من الطواغيت في عنقي ،وأما وجه النتفاع بي في غيبتي
فكالنتفاع بالشمس إذا غيبها عن البصار السحاب ،وإني أمان لهل
الرض كما أن النجوم أمان لهل السماء) * .31 .باب( * )وصية المفضل
بن عمر لجماعة الشيعة( - 1ف ) :(2اوصيكم بتقوى ال وحده ل شريك
له وشهادة أن ل إله إل ال
][381
وأن محمدا عبده ورسوله .اتقوا ال وقولوا قول معروفا .وابتغوا رضوان ال
واخشوا سخطه .وحافظوا على سنة ال ول تتعدوا حدود ال .وراقبوا ال
في جميع اموركم .وارضوا بقضائه فيما لكم وعليكم .أل وعليكم بالمر
بالمعروف والنهي عن المنكر .أل ومن أحسن إليكم فزيدوه إحسانا واعفوا
عمن أساء إليكم .وافعلوا بالناس ما تحبون أن يفعلوه بكم .أل وخالطوهم
بأحسن ما تقدرون عليه وإنكم أحرى أن ل تجعلوا عليكم سبيل .عليكم
بالفقه في دين ال والورع عن محارمه وحسن الصحابة لمن صحبكم برا
كان أو فاجرا .أل وعليكم بالورع الشديد ،فإن ملك الدين الورع .صلوا
الصلوات لمواقيتها وأدوا الفرائض على حدودها .أل ول تقصروا فيما
فرض ال عليكم وبما يرضى عنكم ،فإني سمعت أبا عبد ال عليه السلم
يقول " :تفقهوا في دين ال ول تكونوا أعرابا ،فإنه من لم يتفقه في دين
ال لم ينظر ال إليه يوم القيامة " .وعليكم بالقصد في الغنى والفقر.
واستعينوا ببعض الدنيا على الخرة ،فإني سمعت أبا عبد ال عليه السلم
يقول " :استعينوا ببعض هذه على هذه ول تكونوا كل على الناس ".
عليكم بالبر بجميع من خالطتموه وحسن الصنيع إليه .أل وإياكم والبغي،
فإن أبا عبد ال عليه السلم كان يقول " :إن أسرع الشر عقوبة البغي ".
أدوا ما افترض ال عليكم من الصلة والصوم وسائر فرائض ال وأدوا
الزكاة المفروضة إلى أهلها فإن أبا عبد ال عليه السلم قال " :يا مفضل
قل لصحابك :يضعون الزكاة في أهلها وإني ضامن لما ذهب لهم " .عليكم
بولية آل محمد صلى ال عليه وآله .أصلحوا ذات بينكم ول يغتب بعضكم
بعضا .تزاوروا وتحابوا وليحسن بعضكم إلى بعض .وتلقوا وتحدثوا ول
يبطنن بعضكم عن بعض ) (1وإياكم والتصارم
) (1في بعض النسخ " ول يبطئن " ولعل المراد ول ينسأ بعضكم بعضا ،يقال :بطا
عليه وأبطا أي أخره .والتصارم التقاطع.
][382
وإياكم والهجران فإني سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول " :وال ل يفترق
رجلن من شيعتنا على الهجران إل برئت من أحدهما ولعنته وأكثر ما أفعل
ذلك بكليهما ،فقال له معتب ) :(1جعلت فداك هذا الظالم فما بال المظلوم ؟
قال :لنه ل يدعو أخاه إلى صلته ،سمعت أبي وهو يقول " :إذا تنازع
اثنان من شيعتنا ففارق أحدهما الخر فليرجع المظلوم إلي صاحبه حتى
يقول له :يا أخي أنا الظالم حتى ينقطع الهجران فيما بينهما ،إن ال تبارك
وتعالى حكم عدل يأخذ للمظلوم من الظالم " .ل تحقروا ول تجفوا فقراء
شيعة آل محمد عليهم السلم وألطفوهم وأعطوهم من الحق الذي جعله ال
لهم في أموالكم وأحسنوا إليهم .ل تأكلوا الناس بآل محمد ،فإني سمعت أبا
عبد ال عليه السلم يقول " :افترق الناس فينا على ثلث فرق :فرقة
أحبونا انتظار قائمنا ليصيبوا من دنيانا ،فقالوا وحفظوا كلمنا وقصروا
عن فعلنا ،فسيحشرهم ال إلى النار .وفرقة أحبونا وسمعوا كلمنا ولم
يقصروا عن فعلنا ،ليستأكلوا الناس بنا فيمل ال بطونهم نارا يسلط عليهم
الجوع والعطش .وفرقة أحبونا وحفظوا قولنا وأطاعوا أمرنا ولم يخالفوا
فعلنا فاولئك منا ونحن منهم " ول تدعوا صلة آل محمد عليهم السلم من
أموالكم :من كان غنيا فبقدر غناه ومن كان فقيرا فبقدر فقره ،فمن أراد أن
يقضي ال له أهم الحوائج إليه فليصل آل محمد وشيعتهم بأحوج ما يكون
إليه من ماله .ل تغضبوا من الحق إذا قيل لكم .ول تبغضوا أهل الحق إذا
صدعوكم به ،فإن المؤمن ل يغضب من الحق إذا صدع به .وقال أبو عبد
ال عليه السلم مرة وأنا معه :يا مفضل كم أصحابك ؟ فقلت :وقليل ،فلما
انصرفت إلى الكوفة أقبلت علي الشيعة فمزقوني كل ممزق :يأكلون لحمي
ويشتمون عرضي حتى أن بعضهم استقبلني فوثب في وجهي وبعضهم قعد
لي في
) (1متعب -بضم الميم وفتح العين وتشديد التاء المكسورة -هو مولى أبى عبد ال
عليه السلم بل من خواص أصحابه وأيضا من أصحاب المام السابع
عليه السلم ،ثقه وقد روى عن أبى عبد ال عليه السلم انه قال :موالى
عشرة خيرهم معتب.
][383
سكك الكوفة يريد ضربي ،ورموني بكل بهتان حتى بلغ ذلك أبا عبد ال عليه
السلم ،فلما رجعت إليه في السنة الثانية كان أول ما استقبلني به بعد
تسليمه علي أن قال ،يا مفضل ما هذا الذي بلغني أن هؤلء يقولون لك
وفيك ؟ قلت :وما علي من قولهم ،قال " :أجل بل ذلك عليهم ،أيغضبون
بؤس لهم ،إنك قلت :إن أصحابك قليل .ل وال ماهم لنا شيعة ولو كانوا لنا
شيعة ما غضبوا من قولك وما اشمأزوا منه ،لقد وصف ال شيعتنا بغير
ماهم عليه ،وما شيعة جعفر إل من كف لسانه وعمل لخالقه ورجا سيده
وخاف ال حق خيفته ،ويحهم أفيهم من قد صار كالحنايا من كثرة
الصلة ؟ أو قد صار كالتائه من شدة الخوف ،أو كالضرير من الخشوع ،أو
كالضني من الصيام ،أو كالخرس من طول الصمت والسكوت ،أو هل فيهم
من قد أدأب ليله من طول القيام وأدأب نهاره من الصيام ،أو منع نفسه
لذات الدنيا ونعيمها خوفا من ال وشوقا إلينا -أهل البيت -أنى يكونون لنا
شيعة وإنهم ليخاصمون عدونا فينا حتى يزيدوهم عداوة وانهم ليهرون
هرير الكلب ويطمعون طمع الغراب ،أما إني لول أنني أتخوف عليهم أن
اغريهم بك لمرتك أن تدخل بيتك وتغلق بابك ثم ل تنظر إليهم ما بقيت
ولكن إن جاؤوك فاقبل منهم ،فإن ال قد جعلهم حجة على أنفسهم واحتج
بهم على غيرهم " .ل تغرنكم الدنيا وما ترون فيها من نعيمها وزهرتها
وبهجتها وملكها فإنها ل تصلح لكم ،فوال ما صلحت لهلها) * .32 .باب(
* * " )قصة بلوهر ويوذاسف( " * - 1ك ) (1عن أبي علي أحمد بن
الحسن القطان عن الحسن بن علي العسكري ) (2قال :حدثنا محمد بن
زكريا أن ملكا من ملوك الهند كان كثير الجند ،واسع المملكة،
) (1كمال الدين ص 317مع اختلف فيه (2) .هو أحد مشايخ أبى على القطان.
][384
مهيبا في أنفس الناس ،مظفرا علي العداء ،وكان مع ذلك عظيم النهمه ) (1في
شهوات الدنيا ولذاتها وملهيها ،مؤثرا لهواه ،مطيعا له ،وكان أحب الناس
إليه وأنصحهم له في نفسه من زين له حاله وحسن رأيه ،وأبغض الناس
إليه و أغشهم له في نفسه من أمره بغيرها وترك أمره فيها ،وكان قد
أصاب الملك فيها في حداثة سنه وعنفوان شبابه وكان له رأي أصيل
ولسان بليغ ومعرفة بتدبير الناس و ضبطهم ،فعرف الناس ذلك منه
فانقادوا له ،وخضع له كل صعب وذلول ،واجتمع له سكر الشباب وسكر
السلطان ،والشهوة والعجب ،ثم قوي ذلك ما أصاب من الظفر على من
ناصبه والقهر لهل مملكته ،وانقياد الناس له ،فاستطال على الناس
واحتقرهم ،ثم ازداد عجبا برأيه ونفسه لما مدحه الناس وزينوا أمره
عنده ،فكان ل همة له إل الدنيا وكانت الدنيا له مؤاتية ل يريد منها شيئا إل
ناله ،غير أنه كان مئناثا ) (2ل يولد له ذكر ،وقد كان الدين فشا في أرضه
قبل ملكه وكثر أهله ،فزين له الشيطان عداوة الدين وأهله وأضر بأهل
الدين فأقصاهم مخافة على ملكه وقرب أهل الوثان ،وصنع لهم أصناما
من ذهب وفضة ،وفضلهم و شرفهم ،وسجد لصنامهم .فلما رأى الناس
ذلك منه سارعوا إلى عبادة الوثان والستخفاف بأهل الدين ثم إن الملك
سأل يوما عن رجل من أهل بلده كانت له منه منزلة حسنة ومكانة رفيعة
وكان أراد أن يستعين به على بعض اموره ويحبوه ويكرمه ،فقيل له أيها
الملك إنه قد خلع الدنيا وخلي منها ولحق بالنساك فثقل ذلك على الملك ،و
شق عليه ،ثم إنه أرسل إليه فاوتي به ،فلما نظر إليه في زي النساك
وتخشعهم
) (1النهمة -بفتح النون -بلوغ الهمة والشهوة في الشئ ويقال :ل في هذا المر
نهمة " أي شهوة (2) .المئناث :التى اعتادت أن تلد الناث وكذلك الرجل
لنهما يستويان في مفعال .ويقابله المذكار وهى التى تلد الذكور كثيرا.
][385
زبره وشتمه ) (1وقال له :بينا أنت من عبيدي وعيون أهل مملكتي ووجههم
وأشرافهم إذ فضحت نفسك وضيعت أهلك ومالك واتبعت أهل البطالة
والخسارة حتى صرت ضحكة ومثل ،وقد كنت أعددتك لمهم اموري،
والستعانة بك على ما ينوبني ،فقال له :أيها الملك إن لم يكن لي عليك حق
فلعقلك عليك حق ،فاستمع قولي بغير غضب ،ثم ائمر بما بدا لك بعد الفهم
والتثبيت ،فإن الغضب عدو العقل ،ولذلك يحول ما بين صاحبه وبين الفهم،
قال له الملك :قل ما بدا لك .قال الناسك :فإني أسألك أيها الملك أفي ذنبي
على نفسي عتبت علي أم في ذنب مني إليك سالف ؟ .قال الملك :إن ذنبك
إلى نفسك أعظم الذنوب عندي ،وليس كلما أراد رجل من رعيتي أن يهلك
نفسه أخلي بينه وبين ذلك ،ولكني أعد إهلكه لنفسه كإهلكه لغيره ممن
أنا وليه والحاكم عليه وله ،فأنا أحكم عليك لنفسك وآخذ لها منك إذ ضيعت
أنت ذلك ،فقال له الناسك :أراك أيها الملك ل تأخذني إل بحجة ول نفاذ
لحجة إل عند قاض ،وليس عليك من الناس قاض ،لكن عندك قضاة وأنت
لحكامهم منفذ ،وأنا ببعضهم راض ،ومن بعضهم مشفق .قال الملك :وما
أولئك القضاة ،قال :أما الذي أرضى قضاءه فعقلك ،وأما الذي أنا مشفق
منه فهواك ،قال الملك :قل ما بدا لك وأصدقني خبرك ومتى كان هذا رأيك ؟
ومن أغواك ؟ قال :أما خبري فإني كنت سمعت كلمة في حداثة سني وقعت
في قلبي فصارت كالحبة المزروعة ثم لم تزل تنمي حتى صارت شجرة إلى
ما ترى ،وذلك ؟ أني كنت قد سمعت قائل يقول :يحسب الجاهل المر الذي
هو ل شئ شيئا والمر الذي هو الشئ ل شئ ،ومن لم يرفض المر الذي
هو ل شئ لم ينل المر الذي هو شئ ،ومن لم يبصر المر الذي هو الشئ
لم تطب نفسه برفض المر الذي هو ل شئ ،والشئ هو الخرة ،ول شئ
هو الدنيا ،فكان لهذه الكلمة عندي قرار لني وجدت الدنيا حياتها موتا
وغناها فقرا ،وفرحها ترحا ،وصحتها سقما ،و
][386
قوتها ضعفا ،وعزها ذل ،وكيف ل تكون حياتها موتا ،وإنما يحيى فيها صاحبها
ليموت ،وهو من الموت على يقين ،ومن الحياة على قلعة ،وكيف ل يكون
غناؤها فقرا وليس اصيب أحد منها شيئا إل احتاج لذلك الشئ إلى شئ آخر
يصلحه و إلى أشياء ل بدله منها .ومثل ذلك أن الرجل ربما يحتاج إلى دابة
فإذا أصابها احتاج إلى علفها وقيمها ومربطها ) (1وأدواتها ،ثم احتاج لكل
شئ من ذلك إلى شئ آخر يصلحه ،وإلى أشياء ل بدله منها ،فمتى تنقضي
حاجة من هو كذلك وفاقته ؟ وكيف ل يكون فرحها ترحا وهي مرصدة لكل
من أصاب منها قرة أعين أن يرى من ذلك المر بعينه أضعافه من الحزن،
إن رأى سرورا في ولده فما ينتظر من الحزان في موته وسقمه وجايحة
إن أصابته أعظم من سروره به ،وإن رأى السرور في مال فما يتخوف من
التلف أن يدخل عليه أعظم من سروره بالمال ،فإذا كان المر كذلك فأحق
الناس بأن ل يتلبس بشئ منها من عرف هذا منها ،وكيف ل يكون صحتها
سقما وإنما صحتها من أخلطها وأصح أخلطها وأقربها من الحياة الدم،
وأظهر ما يكون النسان دما أخلق ما يكون صاحبه بموت الفجأة ،والذبحة
والطاعون ) (2والكلة والبرسام ،وكيف ل تكون قوتها ضعفا وإنما تجمع
القوى فيها ما يضره ويوبقه ،وكيف ل يكون عزها ذل ولم ير فيها عز قط
إل أورث أهلها ذل طويل ،غير أن أيام الغر قصيرة ،وأيام الذل طويلة،
فأحق الناس بذم الدنيا من بسطت له الدنيا فأصاب حاجته منها ،فهو يتوقع
كل يوم وليلة وساعة وطرفة عين أن يعدى على ماله فيحتاج ،وعلى
حميمه فيختطف ،وعلى جمعه فينهب ،وأن يؤتى بنيانه من القواعد فيهدم،
وأن يدب الموت إلى جسده فيستأصل ويفجع بكل ما هو به ضنين.
) (1المربط -بفتح الباء وكسرها -موضع ربط الدواب (2) .الذبحة -بضم الذال
وفتح الباء والعامة تسكن الباء -ورم حار في العضلت من جانب
الحلقوم التى بها يكون البلع .وقال العلمة :وقد يطلق الذبحة على
الختناق .والشيخ ل يفرق بينهما ،وقيل هي ورم اللوزتين )بحر
الجواهر(.
][387
فأذم إليك أيها الملك الدنيا الخذة ما تعطي ،والمورثة بعد ذلك التبعة ،السالبة لمن
تكسو ،والمورثة بعد ذلك العرى ،المواضعة لمن ترفع ،والمورثة بعد ذلك
الجزع ،التاركة لمن يعشقها ،والمورثة بعد ذلك الشقوة ،المغوية لمن
أطاعها واغتر بها ،الغدارة بمن ائتمنها وركن إليها ،هي المركب القموص
) (1والصاحب الخؤون ،والطريق الزلق ،والمهبط المهوي ،هي المكرمة
التي ل تكرم أحدا إل أهانته ،المحبوبة التي ل تحب أحدا ،الملزومة التي ل
تلزم أحدا ،يوفى لها وتغدر ،ويصدق لها وتكذب ،وينجز لها وتخلف ،هي
المعوجة لمن استقام بها ،المتلعبة بمن استمكنت ) (2منه ،بينا هي
تطعمه إذ حولته مأكول ،وبينا هي تخدمه إذ جعلته خادما ،وبينا هي
تضحكه إذ ضحكت منه ،وبينا هي تشتمه إذ شتمت منه ) (3وبينا هي
تبكيه إذا بكت عليه ،وبينا هي قد بسطت يده بالعطية إذ بسطتها بالمسألة،
وبينا هو فيها عزيز إذ أذلته ،وبينا هو فيها مكرم إذ أهانته ،وبينا هو فيها
معظم إذ صار محقورا ،وبينا هو فيها رفيع إذ وضعته ،وبينا هي له مطيعة
إذ عصته ،وبينا هو فيها مسرور إذ أخزنته ،وبينا هو فيها شبعان إذ
أجاعته ،وبينا هو فيها حي إذ أماتته .فأف لها من دار إذ كان هذا فعالها،
وهذه صفتها ،تضع التاج على رأسه غدوة وتعفر خده بالتراب عشية،
وتجعلها في الغلل غدوة ]تحلى اليدي بأسورة الذهب عشية ،وتجعلها
في الغلل غدوة -خ ل[ وتقعد الرجل على السرير غدوة ،وترمي به في
السجن عشية ،تفرش له الديباج عشية ،وتفرش له التراب غدوة ،وتجمع
له الملهي والمعازف غدوة ،وتجمع عليه النوائح والنوادب عشية تحبب
إلى أهله قربه عشية وتحبب إليهم بعده غدوة ،تطيب ريحه غدوة وتنتن
ريحه عشية ،فهو متوقع لسطواتها ،غير ناج من فتنتها وبلئها ،تمتع
نفسه من
) (1القموص -على وزن چموش -وبمعناه (2) .في بعض النسخ " استمسكت ".
) (3في بعض النسخ " وبينا هي تشمته إذا تشمت منه ".
][388
أحاديثها وعينه من أعاجيبها ،ويده مملؤة من جمعها ،ثم تصبح الكف صفرا،
والعين هامدة ،ذهب ما ذهب ،وهوى ما هوى ،وبادماباد ،وهلك ما هلك،
تجد في كل من كل خلفا ،وترضى بكل من كل بدل ،تسكن دار كل قرن قرنا،
وتطعم سؤر كل قوم قوما ،تقعد الراذل مكان الفاضل ،والعجزة مكان
الحزمة ) (1تنقل أقواما من الجدب إلى الخصب ) ،(2ومن الرجلة إلى
المركب ومن البؤس إلى النعمة ،ومن الشدة إلى الرخاء ،ومن الشقاء إلى
الخفض والدعة ،حتى إذا غمستهم في ذلك انقلبت بهم فسلبتهم الخصب،
ونزعت منهم القوة ،فعادوا إلى أبأس البؤس ،وأفقر الفقر ،وأجدب الجدب.
فأما قولك أيها الملك في إضاعة الهل وتركهم فإني لم أضيعهم ،ولم
أتركهم ،بل وصلتهم وانقطعت إليهم ،ولكني كنت وأنا أنظر بعين مسحورة
ل أعرف بها الهل من الغرباء ،ول العداء من الولياء ،فلما انجلى عني
السحر استبدلت بالعين المسحورة عينا صحيحة ،واستنبت العداء من
الولياء ،والقرباء من الغرباء ،فإذا الذين كنت أعدهم أهلين وأصدقاء
وإخوانا وخلطاء إنما هم سباع ضارية ) (3ل همة لهم إل أن تأكلني وتأكل
بي ،غير أن اختلف منازلهم في ذلك على قدر القوة ،فمنهم كالسد في
شدة السورة ) (4ومنهم كالذئب في الغارة والنهبة ،ومنهم كالكلب في
الهرير والبصبصة ،ومنهم كالثعلب في الحيلة والسرقة ،فالطرق واحدة
والقلوب مختلفة .فلو أنك أيها الملك في عظيم ما أنت فيه من ملكك ،وكثرة
من تبعك من أهلك وجنودك وحاشيتك وأهل طاعتك ،نظرت في أمرك
عرفت أنك وحيد فريد ،ليس معك أحد من جميع أهل الرض ،وذلك أنك قد
عرفت أن عامة المم
) (1في بعض النسخ " الفجرة مكان البررة " (2) .الجدب :القحط ،مقابل الخصب.
) (3الضارى من الكلب ما لهج بالصيد وتعود أكله (4) .السورة :الحدة.
][389
عدو لك ،وأن هذه المة التي اوتيت الملك عليها كثيرة الحسد ) (1من أهل العداوة
والغش لك الذين هم أشد عداوة لك من السباع الضارية ،وأشد حنقا عليك
من كل المم الغريبة ،وإذا صرت إلى أهل طاعتك ومعرفتك وقرابتك وجدت
لهم قوما يعملون عمل بأجر معلوم ،يحرصون مع ذلك أن ينقصوك من
العمل فيزدادوك من الجر ،وإذا صرت إلى أهل خاصتك وقرابتك صرت إلى
قوم جعلت كدك وكدحك ) (2ومهنأك وكسبك لهم ،فأنت تؤدي إليهم كل يوم
الضريبة ،وليس كلهم وإن وزعت بينهم جميع كدك عنك براض فإن أنت
حبست عنهم ذلك فليس منهم البتة براض ،أفل ترى أنك أيها الملك وحيد
ل أهل لك ول مال .فأما أنا فإن لي أهل ومال وإخوانا وأخواتا وأولياء ،ل
يأكلوني ،ول يأكلون بي ،يحبوني واحبهم ،فل يفقد الحب بيننا ،ينصحوني
وأنصحهم فل غش بيننا ،ويصدقوني واصدقهم فل تكاذب بيننا ،ويوالوني
واواليهم فل عداوة بيننا ،ينصروني وأنصرهم فل تخاذل بيننا ،يطلبون
الخير الذي إن طلبته معهم لم يخافوا أن أغلبهم عليه أو أستأثر به دونهم،
فل فساد بيننا ول تحاسد ،يعملون لي وأعمل لهم باجور ل تنفد ول يزال
العمل قائما بيننا ،هم هداتي إن ضللت ،ونور بصري إن عميت ،وحصني
إن اتيت ،ومجني أن رميت ) (3وأعواني إذا فزعت ،وقد تنزهنا عن
البيوت والمخاني ) (4فل يزيدها وتركنا الذخاير والمكاسب لهل الدنيا فل
تكاثر بيننا ،ول تباغى ،ول تباغض ،ول تفاسد ،ول تحاسد ،ول تقاطع،
فهؤلء أهلي أيها الملك وإخواني وأقربائي وأحبائي ،أحببتهم وانقطعت
إليهم ،وتركت الذين كنت أنظر إليهم بالعين المسحورة لما عرفتهم،
والتمست السلمة منهم.
) (1في بعض النسخ " الحشد " وهو الجماعة (2) .الكد :السعي والجد ،والكدح
في العمل :المجاهدة فيه (3) .المجن :الترس وكل ما وقى من السلح) .
(4لعله جمع خان وهو الحانوت والفندق .وفى بعض النسخ " المخابى
".
][390
فهذه الدنيا أيها الملك التي أخبرتك أنها ل شئ فهذا نسبها وحسبها ومسيرها إلى
ما قد سمعت ،قد رفضتها لما عرفتها ،وأبصرت المر الذي هو الشئ فإن
كنت تحب أيها الملك أن أصف لك ما أعرف عن أمر الخرة التي هي الشئ
فاستعد إلى السماع ،تسمع غير ما كنت تسمع به من الشياء .فلم يزده
الملك عليه إل أن قال له :كذبت لم تصب شيئا ،ولم تظفر إل بالشقاء
والعناء ،فاخرج ول تقيمن في شئ من مملكتي ،فإنك فاسد مفسد .وولد
للملك في تلك اليام بعد إياسه من الذكور غلم لم ير الناس مولودا مثله قط
حسنا وجمال وضياء ،فبلغ السرور من الملك مبلغا عظيما كاد يشرف منه
على هلك نفسه من الفرح ،وزعم أن الوثان التي كان يعبدها هي التي
وهبت له الغلم ،فقسم عامة ما كان في بيوت أمواله على بيوت أوثانه،
وأمر الناس بالكل والشرب سنة وسمى الغلم يوذاسف ،وجمع العلماء
والمنجمين لتقويم ميلده ،فرفع المنجمون إليه أنهم يجدون الغلم يبلغ من
الشرف والمنزلة مال يبلغه أحد قط في أرض الهند ،واتفقوا على ذلك
جميعا ،غير أن رجل قال :ما أظن الشرف والمنزلة والفضل الذي وجدناه
يبلغه هذا الغلم إل شرف الخرة ول أحسبه إل أن يكون إماما في الدين
والنسك وذا فضيلة في درجات الخرة لني أرى الشرف الذي تبلغه ليس
يشبه شيئا من شرف الدنيا وهو شبيه بشرف الخرة .فوقع ذلك القول من
الملك موقعا كاد أن ينغصه سروره بالغلم ،وكان المنجم الذي أخبره بذلك
من أوثق المنجمين في نفسه وأعلمهم وأصدقهم عنده ،وأمر الملك للغلم
بمدينة فأخلها وتخير له من الظؤرة ) (1والخدم كل ثقة وتقدم إليهم أن ل
يذكر فيما بينهم موت ول آخرة ول حزن ول مرض ول فناء حتى تعتاد ذلك
ألسنتهم وتنساه قلوبهم ،وأمرهم إذا بلغ الغلم أن ل ينطقوا عنده بذكر شئ
مما يتخوفونه عليه خشية أن يقع في قلبه منه شئ فيكون ذلك داعية إلى
اهتمامه
][391
بالدين والنسك ،وأن يتحفظوا ويتحرزوا من ذلك ،ويتفقد بعضهم من بعض ،وازداد
الملك عند ذلك حنقا على النساك مخافة على ابنه .وكان لذلك الملك وزير
قد كفل أمره وحمل عنه مؤونة سلطانه ،وكان ل يخونه ول يكذبه ول
يكتمه ،ول يؤثر عليه ،ول يتواني في شئ من علمه ،ول يضيعه ،وكان
الوزيز مع ذلك رجل لطيفا طلقا معروفا بالخير يحبه الناس ويرضون به
إل أن أحباء الملك وأقربائه كانوا يحسدونه ،ويبغون عليه ،ويستثقلون
بمكانه .ثم إن الملك خرج ذات يوم إلى الصيد ومعه ذلك الوزير فأتى به في
شعب من الشعاب على رجل قد أصابته زمانة شديدة في رجليه ،ملقى في
أصل شجرة ل يستطيع براحا ) (1فسأله الوزير عن شأنه فأخبره أن
السباع أصابته ،فرق له الوزير فقال له الرجل :ضمني إليك واحملني إلى
منزلك فإنك تجد عندي منفعة فقال الوزير :إني لفاعل وإن لم أجد عندك
منفعة ،ولكن يا هذا ما المنفعة التي تعدينها ،هل تعمل عمل أو تحسن شيئا
؟ فقال الرجل :نعم أنا أرتق الكلم ) (2فقال ،وكيف ترتق الكلم ؟ قال :إذا
كان فيه فتق أرتقه حتى ل يجيئ من قبله فساد ،فلم ير الوزير قوله شيئا،
وأمر بحمله إلى منزله وأمر له بما يصلحه حتى إذ كان بعد ذلك احتال
أحباء الملك للوزير وضربوا له المور ظهرا وبطنا فاجمع رأيهم على أن
دسوا رجل منهم إلى الملك ،فقال له :أيها الملك إن هذا الوزير يطمع في
ملكك أن يغلب عليه عقبك من بعدك فهو يصانع الناس على ذلك ،ويعمل
عليه دائبا ،فإن أردت أن تعلم صدق ذلك فأخبره أنه قد بدا لك أن ترفض
الملك وتلحق بالنساك ،فإنك سترى من فرحه بذلك ما تعرف به أمره ،وكان
القوم قد عرفوا من الوزير رقة عند ذكر فناء الدنيا والموت ولينا للنساك
وحبا لهم فعملوا فيه من الوجه الذي ظنوا أنهم يظفرون بحاجتهم منه،
فقال الملك :لئن
) (1أي ل يستطيع تحول (2) .رتق الفتق :أصلحه .يقال هو راتق أي مصلح المر.
][392
هجمت منه على هذا لم أسأل عما سواه ،فلما أن دخل عليه الوزير قال له الملك:
إنك قد عرفت حرصي على الدنيا وطلب الملك وإني ذكرت ما مضى من
ذلك فلم أجد معي منه طائل ،وقد عرفت أن الذى بقي منه كالذي مضى فإنه
يوشك أن ينقضي ذلك كله بأجمعه فل يصير في يدي منه شئ ،وأنا اريد أن
أعمل في حال الخرة عمل قويا على قدر ما كان من عملي في الدنيا وقد
بدالي أن الحق بالنساك واخلي هذا العمل لهله فما رأيك ؟ قال :فرق
الوزير لذلك رقة شديدة حتى عرف الملك ذلك منه ،ثم قال :أيها الملك إن
الباقي وإن كان عزيزا لهل أن يطلب وإن الفاني وإن استمكنت منه لهل
أن يرفض ونعم الرأي رأيت ،وإني لرجو أن يجمع ال لك مع الدنيا شرف
الخرة ،قال :فكبر ذلك على الملك ووقع منه كل موقع ولم يبدله شيئا غير
أن الوزير عرف الثقل في وجهه فانصرف إلى أهله كئيبا حزينا ل يدري
من أين أتي ول من دهاه ) (1ول يدري ما دواء الملك فيما استنكر عليه
فسهر لذلك عامة الليل ،ثم ذكر الرجل الذي زعم أنه يرتق الكلم فأرسل
إليه فاتي به فقال له :إنك كنت ذكرت لي ذكرا من رتق الكلم فقال الرجل
أجل فهل احتجت إلى شئ من ذلك ؟ فقال الوزير :نعم اخبرك أني صحبت
هذا الملك قبل ملكه ومنذ صار ملكا فلم أستنكره فيما بيني وبينه قط لما
يعرفه من نصيحتي وشفقتي وإيثاري إياه على نفسي وعلى جميع الناس،
حتى إذا كان هذا اليوم استنكرته استنكارا شديدا ل أظن خيرا عنده بعده،
فقال له الراتق :هل لذلك سبب أو علة ،قال الوزير :نعم دعاني أمس وقال
لي كذا وكذا فقلت له كذا وكذا ،فقال :من ههنا جاء الفتق وأنا أرتقه إن
شاء ال .إعلم أن الملك قد ظن أنك تحب أن ينجلي هو عن ملكه وتخلفه
أنت فيه فإذا كان عند الصبح فاطرح عنك ثيابك وحليتك وألبس أوضع ما
تجده من ذي النساك واشهره ثم احلق رأسك وامض على وجهك إلى باب
الملك فإن الملك سيدعو بك ويسألك عن الذي صنعت فقل له :هذا الذي
دعوتني إليه ول
][393
ينبغي لحد أن يشير على صاحبه بشئ إل واساه فيه وصبر عليه ،وما أظن الذي
دعوتني إليه إل خيرا مما نحن فيه ،فقم إذا بدا لك ،ففعل الوزير ذلك فتخلى
عن نفس الملك ما كان فيها عليه .ثم أمر الملك بنفي النساك من جميع
بلده وتوعدهم بالقتل ،فجدوا في الهرب والستخفاء ،ثم إن الملك خرج
ذات يوم متصيدا فوقع بصره على شخصين من بعيد فأرسل إليهما فاتي
بهما فإذا هما ناسكان فقال لهما :ما بالكما لن تخرجا من بلدي قال :قد
أتتنا رسلك ونحن على سبيل الخروج ،قال :ولم خرجتما راجلين ،قال :لنا
قوم ضعفاء ليس لنا دواب ول زاد ول نستطيع الخروج إل بالتقصير ،قال
الملك :إن من خاف الموت أسرع بغير دابة ،ول زاد فقال له :إنا ل نخاف
الموت بل ل ننظر قرة عين في شئ من الشياء إل فيه .قال الملك :وكيف
ل تخافان الموت وقد زعمتما أن رسلنا لما أتتكم وأنتم على سبيل الخروج
أفليس هذا هو الهرب من الموت ؟ قال :إن الهرب من الموت ليس من
الفرق ) (1فل تظن أنا فرقناك ولكنا هربنا من أن يعينك على أنفسنا،
فأسف الملك وأمر بهما أن يحرقا بالنار ،وأذن في أهل مملكته بأخذ النساك
وتحريقهم بالنار فتجرد رؤساء عبدة الوثان في طلبهم وأخذوا منهم بشرا
كثيرا وأحرقوهم بالنار ،فمن ثم صار التحريق سنة باقية في أرض الهند،
وبقي في جميع تلك الرض قوم قليل من النساك كرهوا الخروج من البلد،
واختاروا الغيبة والستخفاء ليكونوا دعاة وهداة لمن وصلوا إلى كلمه.
فنبت ابن الملك أحسن نبات في جمسه وعقله وعلمه ورأيه ،ولكنه لم
يؤخذ بشئ من الداب إل بما يحتاج إليه الملوك مما ليس فيه ذكر موت ول
زوال ول فناء واوتى الغلم من العلم والحفظ شيئا كان عند الناس من
العجائب ،وكان أبوه ل يدري أيفرح بما اوتي ابنه من ذلك أو يحزن له لما
يتخوف عليه أن يدعوه ذلك إلى ما قيل فيه .فلما فطن الغلم بحصرهم إياه
في المدينة ومنعهم إياه من الخروج والنظر والستماع وتحفظهم عليه
ارتاب لذلك وسكت عنه وقال في نفسه هؤلء أعلم بما
][394
يصلحني مني حتى إذا ازداد بالسن والتجربة علما قال :ما أرى لهؤلء علي فضل
وما أنا بحقيق أن اقلدهم أمري ،فأراد أن يكلم أباه إذا دخل عليه ويسأله
عن سبب حصره إياه ،ثم قال :ما هذا المر إل من قبله وما كان ليطلعني
عليه ولكني حقيق أن ألتمس علم ذلك من حيث أرجو إدراكه ،وكان في
خدمه رجل كان ألطفهم به وأرأفهم به ،وكان الغلم إليه مستأنسا فطمع
الغلم في إصابة الخبر من قبل ذلك الرجل فازداد له ملطفة وبه استيناسا،
ثم إن الغلم واضعه الكلم في بعض الليل باللين وأخبره أنه بمنزلة والده
وأولى الناس به ،ثم أخذه بالترغيب والترهيب وقال له :إني لظن هذا
الملك سائر لي بعد والدي وأنت فيه سائر أحد رجلين إما أعظم الناس فيه
منزلة وإما أسوء الناس حال ،قال له الحاضن ) (1وبأي شئ أتخوف في
ملكك سوء الحال قال :بأن تكتمني اليوم أمرا أفهمه غدا من غيرك ،فأنتقم
منك بأشد ما أقدر عليك ،فعرف الحاضن منه الصدق وطمع منه في الوفاء
فأفشى إليه خبره ،والذي قال المنجمون لبيه ،والذي حذر أبوه من ذلك،
فشكر له الغلم ذلك وأطبق عليه حتى إذا دخل عليه أبوه .قال :يا أبه إني
وإن كنت صبيا فقد رأيت في نفسي واختلف حالي أذكر من ذلك ما أذكر
وأعرف بمال أذكر منه ما أعرف وأنا أعرف أني لم أكن على هذا المثال
وأنك لم تكن على هذه الحال ،ول أنت كائن عليها إلى البد وسيغيرك الدهر
عن حالك هذه ،فلئن كنت أردت أن تخفي عني أمر الزوال فما خفي علي
ذلك ،ولئن كنت حبستني عن الخروج وحلت بيني وبين الناس لكيل تتوق
نفسي إلى غير ما أنا فيه لقد تركتني بحصرك إياي ،وإن نفسي لقلقة مما
تحول بيني وبينه حتى مالي هم غيره ،ول أردت سواه ،حتى ل يطمئن
قلبي إلى شئ مما أنا فيه ول أنتفع به ول آلفه ،فخل عني وأعلمني بما
تكره من ذلك وتحذره حتى أجتنبه وأوثر موافقتك ورضاك على ما
سواهما.
) (1الحاضن فاعل من حضنه أي جعله في حضنه والحضن ما دون البط إلى
الكشح أو الصدر والعضدان وما بينهما أي الحافظ والمؤدب.
][395
فلما سمع الملك ذلك من ابنه على أنه قد علم ما الذي يكرهه وأنه من حبسه
وحصره ل يزيده إل إغراء وحرصا على ما يحال بينه وبينه ،فقال :يا بني
ما أردت بحصري إياك إل أن انحي عنك الذى ،فل ترى إل ما يوافقك ول
تسمع إل ما يسرك ،فأما إذا كان هواك في غير ذلك فإن آثر الشياء عندي
ما رضيت وهويت .ثم أمر الملك أصحابه أن يركبوه في أحسن زينة وأن
ينحوا عن طريقه كل منظر قبيح ،وأن يعدوا له المعازف والملهي ففعلوا
ذلك ،فجعل بعد ركبته تلك يكثر الركوب ،فمر ذات يوم على طريق قد غفلوا
عنه فأتى على رجلين من السؤال ) (1أحدهما قد تورم وذهب لحمه،
واصفر جلده ،وذهب ماء وجهه ،وسمج منظره ،والخر أعمى يقوده قائد،
فلما رأى ذلك اقشعر منهما وسأل عنهما فقيل له :إن هذا المورم من سقم
باطن ،وهذا العمى من زمانة ،فقال ابن الملك :وإن هذا البلء ليصيب
غير واحد ؟ قالوا :نعم فقال :هل يأمن أحد من نفسه أن يصيبه مثل هذا ؟
قالوا :ل ،وانصرف يومئذ مهموما ثقيل محزونا باكيا مستخفا بما هو فيه
من ملكه وملك أبيه فلبث بذلك أياما .ثم ركب ركبة فأتى في مسيره على
شيخ كبير قد انحنى من الكبر ،وتبدل خلقه ،وابيض شعره ،واسود لونه،
وتقلص جلده ) ،(2وقصر خطوه فعجب منه وسأل عنه ،فقالوا :هذا الهرم،
فقال :وفي كم يبلغ الرجل ما أرى ؟ قالوا :في مائة سنة أو نحو ذلك،
وقال :فما وراء ذلك ؟ قالوا :الموت ،قال :فما يخلى بين الرجل وبين ما
يريد من المدة ؟ قالوا :ل وليصيرن إلى هذا في قليل من اليام ،فقال:
الشهر ثلثون يوما والسنة اثنا عشر شهرا وانقضاء العمر مائة سنة فما
أسرع اليوم في الشهر ،وما أسرع الشهر في السنة ،وما أسرع السنة في
العمر فانصرف الغلم ،وهذا كلمه يبديه ويعيده مكررا له.
) (1في بعض النسخ " فأتى عليه رجلن من السؤال " (2) .تقلص أي انضم
وانزوى.
][396
ثم سهر ليلته كلها وكان له قلب حي ذكي وعقل ل يستطيع معه نسيانا ول غفلة،
فعله الحزن والهتمام فانصرف نفسه عن الدنيا وشهواتها وكان في ذلك
يداري أباه ويتلطف عنده وهو مع ذلك قد أصغى بسمعه إلى كل متكلم
بكلمة طمع أن يسمع شيئا يدله على غير ما هو فيه ،وخل بحاضنه الذي
كان أفضى إليه بسره ،فقال له :هل تعرف من الناس أحدا شأنه غير شأننا،
قال :نعم قد كان قوم يقال لهم :النساك ،رفضوا الدنيا وطلبوا الخرة ،ولهم
كلم ،وعلم ل يدرى ما هو ،غير أن الناس عادوهم وأبغضوهم وحرقوهم
ونفاهم الملك عن هذه الرض ،فل يعلم اليوم ببلدنا منهم أحد فإنهم قد
غيبوا أشخاصهم ينتظرون الفرج ،وهذه سنة في أولياء ال قديمة
يتعاطونها في دول الباطل ،فاغتص لذلك الخبر فؤاده ،وطال به اهتمامه،
وصار كالرجل الملتمس ضالته التي ل بدله منها ،وذاع خبره في آفاق
الرض وشهر بتفكره وجماله وكماله وفهمه وعقله وزهادته في الدنيا
وهوانها عليه .فبلغ ذلك رجل من النساك يقال له :بلوهر ،بأرض يقال لها:
سرانديب ،وكان رجل ناسكا حكيما فركب البحر حتى أتى أرض سولبط،
ثم عمد إلى باب ابن الملك فلزمه وطرح عنه زي النساك ولبس زي التجار
وتردد إلى باب ابن الملك حتى عرف الهل والحباء والداخلين إليه ،فلما
استبان له لطف الحاضن بابن الملك ،وحسن منزلته منه أطاف به بلوهر
حتى أصاب منه خلوة ،فقال له :إني رجل من تجار سرانديب ،قدمت منذ
أيام ،ومعي سلعة عظيمة نفيسة الثمن ،عظيمة القدر ،فأردت الثقة لنفسي
فعليك وقع اختياري ،وسلعتي خير من الكبريت الحمر ،وهي تبصر
العميان ،وتسمع الصم ،وتداوي من السقام ،وتقوي من الضعف ،وتعصم
من الجنون ،وتنصر على العدو ،ولم أر بهذا أحدا هو أحق بها من هذا
الفتى فإن رأيت أن تذكر له ذلك ذكرته فان كان له فيها حاجة ادخلتني
عليه ،فإنه لم يخف عنه فضل سلعتي لو قد نظر إليها ،قال الحاضن:
للحكيم إنك لتقول شيئا ما سمعنا به من أحد قبلك ول أرى بك بأسا وما
مثلي يذكر مال يدري به ما هو ،فأعرض علي سلعتك أنظر إليها فإن رأيت
شيئا ينبغي لي أن أذكره ذكرته ،قال له
][397
بلوهر :إني رجل طبيب وإني لرى في بصرك ضعفا فأخاف إن نظرت إلى سلعتي
أن يلتمع بصرك ،ولكن ابن الملك صحيح البصر حدث السن ولست أخاف
عليه أن ينظر إلى سلعتي فإن رأى ما يعجبه كانت له مبذولة على ما يحب،
وإن كان غير ذلك لم تدخل عليه مؤونة ول منقصة ،وهذا أمر عظيم ل
يسعك أن تحرمه إياه أو تطويه دونه ،فانطلق الحاضن إلى ابن الملك
فأخبره خبر الرجل فحس قلب ابن الملك بأنه قد وجد حاجته ،فقال :عجل
إدخال الرجل علي ليل وليكن ذلك في سر وكتمان ،فإنه مثل هذا ل يتهاون
به .فأمر الحاضن بلوهر بالتهيئ للدخول عليه ،فحمل معه سفطا فيه كتب
له ،فقال الحاضن :ما هذا السفط ؟ قال بلوهر :في هذا السفط سلعتي فإذا
شئت فأدخلني عليه فانطلق به حتى أدخله عليه فلما دخل عليه بلوهر سلم
عليه وحياه وأحسن ابن الملك إجابته ،وانصرف الحاضن ،وقعد الحكيم
عند الملك فأول ما قال له بلوهر :رأيتك يا ابن الملك زدتني في التحية على
ما تصنع بغلمانك وأشراف أهل بلدك ؟ قال ابن الملك :ذلك لعظيم ما
رجوت عندك ،قال بلوهر :لئن فعلت ذلك بي فقد كان رجل من الملوك في
بعض الفاق يعرف بالخير ويرجى فبينا هو يسير يوما في موكبه إذ عرض
له في مسيره رجلن ماشيان ،لباسهما الخلقان ،وعليهما أثر البؤس
والضر ،فلما نظر إليهما الملك لم يتمالك أن وقع على الرض فحياهما
وصافحهما ،فلما رأى ذلك وزراؤه اشتد جزعهم مما صنع الملك فأتوا أخا
له وكان جريا عليه فقالوا :إن الملك أزرى بنفسه ،وفضح أهل مملكته،
وخر عن دابته لنسانين دنيين ،فعاتبه على ذلك كيل يعود ،ولمه على ما
صنع ،ففعل ذلك أخ الملك فأجابه الملك بجواب ل يدري ما حاله فيه أساخط
عليه الملك أم راض عنه ،فانصرف إلى منزله حتى إذا كان بعد أيام أمر
الملك مناديا وكان يسمى منادي الموت فنادى في فناء داره ،وكانت تلك
سنتهم فيمن أرادوا قتله ،فقامت النوائح والنوادب في دار أخ الملك ولبس
ثياب الموتى وانتهى إلى باب الملك وهو يبكي بكاء شديدا ونتف شعره،
فلما بلغ ذلك الملك دعا به ،فلما أذن له الملك دخل
][398
عليه ووقع على الرض ونادى بالويل والثبور ورفع يده بالتضرع فقال له الملك:
اقترب أيها السفيه أنت تجزع من مناد نادى من بابك بأمر مخلوق وليس
بأمر خالق ،وأنا أخوك وقد تعلم أنه ليس لك إلي ذنب أقتلك عليه ،ثم أنتم
تلومونني على وقوعي إلى الرض حين نظرت إلى منادي ربي إلي وأنا
أعرف منكم بذنوني ،فاذهب فإني قد علمت أنه إنما استغرك وزرائي
وسيعلمون خطأهم .ثم أمر الملك بأربعه توابيت فصنعت له من خشب فطل
تابوتين منها بالذهب وتابوتين بالقار ،فلما فرغ منها مل تابوتي القار ذهبا
وياقوتا وزبر جدا ومل تابوتي الذهب جيفا ودما وعذرة وشعرا ،ثم جمع
الوزراء والشراف الذين ظن أنهم أنكروا صنيعه بالرجلين الضعيفين
الناسكين فعرض عليهم التوابيت الربعة وأمرهم بتقويمها ،فقالوا :أما في
ظاهر المر وما رأينا ومبلغ علمنا فإن تابوتي الذهب لثمن لهما لفضلهما
وتابوتي القار ل ثمن لهما لرذالتهما ،فقال الملك :أجل هذا لعلمكم بالشياء
ومبلغ رأيكم فيها ،ثم أمر بتابوتي القار فنزعت عنهما صفايحهما فأضاء
البيت بما فيها من الجواهر فقال :هذا مثل الرجلين الذين ازدريتم لباسهما
وظاهرهما وهما مملو ان علما وحكمة وصدقا وبرا وسائر مناقب الخير
الذي هو أفضل من الياقوت واللؤلؤ والجوهر والذهب .ثم أمر بتابوتي
الذهب فنزع عنهما أبوابهما فاقشعر القوم من سوء منظرهما وتاذوا
بريحهما ونتنهما ،فقال الملك وهذان مثل القوم المتزينين بظاهر الكسوة
واللباس وأجوافهما مملوة جهالة وعمى وكذبا وجورا وسائر أنواع الشر
التي هي أفضع وأشنع وأقذر من الجيف .قال القوم :قد فقهنا واتعظنا أيها
الملك .ثم قال بلوهر :هذا مثلك يا ابن الملك فيما تلقيتني به من التحية
والبشر فانتصب يوذاسف ابن الملك وكان متكئا ،ثم قال :زذني مثل قال
الحكيم :إن الزارع خرج ببذره الطيب ليبذره ،فلما مل كفه ونثره وقع
بعضه على حافة الطريق فلم يلبثان أن التقطه الطير ووقع بعضه على
صفاة قد أصابها ندى وطين،
][399
فمكث حتى اهتز .فلما صارت عروقه إلى يبس الصفاة مات ويبس ،ووقع بعضه
بأرض ذات شوك فنبت حتى سنبل ،وكاد أن يثمر فمنعه الشوك فأبطله،
وأما ما كان منه وقع في الرض الطيبة وإن كان قليل فإنه سلم وطاب
وزكى ،فالزارع حامل الحكمة ،وأما البذر ففنون الكلم ،وأما ما وقع منه
على حافة الطريق فالتقطه الطير فمال يجاوز السمع منه حتى يمر صفحا،
وأما ما وقع على الصخرة في الندى فيبس حين بلغت عروقه الصفاة فما
استحله صاحبه حتى سمعه بفراغ قلبه وعرفه بفهمه ولم يفقه بحصافة
وليته ،وأما ما نبت منه وكاد أن يثمر فمنعه الشوك فأهلكه فما وعاه
صاحبه حتى إذا كان عند العمل به حفته الشهوات فأهلكته ،وأما ما زكي
وطاب وسلم منه وانتفع به رآه البصر ووعاه الحفظ ،وأنفذه العزم بقمع
الشهوات وتطهير القلوب من دنسها .قال ابن الملك :إني أرجو أن يكون ما
تبذره أيها الحكيم ما يزكو ويسلم ويطيب فاضرب لي مثل الدنيا وغرور
أهلها بها .قال بلوهر :بلغنا أن رجل حمل عليه فيل مغتلم ) (1فانطلق
موليا هاربا وأتبعه الفيل حتى غشيه فاضطره إلى بئر فتدلى فيها وتعلق
بغصنين نابتين على شفير البئر ووقعت قدماه على رؤوس حيات ،فلما
تبين له الغصنين فإذا في أصلهما جرذان يقرضان الغصنين أحدهما أبيض
والخر أسود ،فلما نظر إلى تحت قدميه ،فإذا رؤس أربع أفاع قد طلعن من
جحرهن ،فلما نظر إلى قعر البئر إذا بتنين فاغرفاه ) (2نحوه يريد التقامه،
فلما رفع رأسه إلى أعل الغصنين إذا عليهما شئ من عسل النحل فتطعم
من ذلك العسل فألهاه ما طعم منه ،وما نال من لذة العسل وحلوته عن
الفكر في أمر الفاعي اللواتي ل يدري متى يبادرنه وألهاه عن التنين الذي
ل يدري كيف مصيره بعد وقوعه في لهواته .أما البئر فالدنيا مملوة آفات
وبليا وشرور ،وأما الغصنان فالعمر ،وأما
) (1أي شديد الشهوة يعنى فيل مست ،اغتلم الشراب :اشتدت سورته (2) .الفاغر
الفاتح فاه.
][400
الجرذان فالليل والنهار يسرعان في الجل ،وأما الفاعي الربعة فالخلط الربعة
التي هي السموم القاتلة من المرة والبلغم والريح والدم التي ل يدري
صاحبها متى تهيج به ،وأما التنين الفاغرفاه ليلتقمه فالموت الراصد
الطالب ،وأما العسل الذي اغتر به المغرور فما ينال الناس من لذة الدنيا
وشهواتها ونعيمها ودعتها من لذة المطعم والمشرب والشم واللمس
والسمع والبصر .قال ابن الملك :إن هذا المثل عجيب وأن هذا التشبيه
حق ،فزدني مثل للدنيا وصاحبها المغرور بها المتهاون بما ينفعه فيها ؟
قال بلوهر ،زعموا أن رجل كان له ثلثة قرناء ،وكان قد آثر أحدهم على
الناس جميعا ،ويركب الهوال والخطار بسببه ويغرر بنفسه له ،ويشغل
ليله ونهاره في حاجته ،وكان القرين الثاني دون الول منزلة وهو على
ذلك حبيب إليه مشفق عنده ،ويكرمه ويلطفه ويخدمه ويطيعه ويبذل له
ول يغفل عنه ،وكان القرين الثالث محقورا مستثقل ،ليس له من وده
وماله إل أقله حتى إذا نزل بالرجل المر الذي يحتاج فيه إلى قرنائه
الثلثة ،فأتاه جلوزة الملك ليذهبوا به ففزع إلى قرينه الول فقال له :قد
عرفت إيثاري إياك وبذل نفسي لك ،وهذا اليوم يوم حاجتي إليك فماذا
عندك ؟ قال :ما أنا لك بصاحب وإن لي أصحابا يشغلوني عنك ،هم اليوم
أولى بي منك ولكن لعلي ازودك ثوبين لتنتفع بهما .ثم فزع إلى قرينه
الثاني ذي المحبة واللطف ،فقال له :قد عرفت كرامتي إياك ولطفي بك
وحرصي على مسرتك ،وهذا يوم حاجتي إليك فماذا عندك ؟ فقال :إن أمر
نفسي يشغلني عنك وعن أمرك ،فاعمد لشأنك ،واعلم أنه قد انقطع الذي
بيني وبينك وأن طريقي غير طريقك إل أني لعلي أخطو معك خطوات
يسيرة ل تنتفع بها ،ثم أنصرف إلى ما هو أهم إلي منك .ثم فزع إلى قرينه
الثالث الذي كان يحقره ويعصيه ول يلتفت إليه أيام رخائه فقال له :إني
منك لمستح ولكن الحاجة اضطرتني إليك فماذا لي عندك ؟ قال:
][401
لك عندي المواساة ،والمحافظة عليك ،وقلة الغفلة عنك ،فابشر وقر عينا فإني
صاحبك الذي ل يخذلك ول يسلمك ،فل يهمك قلة ما أسلفتني واصطنعت
إلي ،فإني قد كنت أحفظ لك ذلك وأوفره عليك كله ،ثم لم أرض لك بعد ذلك
به حتى اتجرت لك به فربحت أرباحا كثيرة ،فلك اليوم عندي من ذلك
أضعاف ما وضعت عندي منه فأبشر ،وإني أرجو أن يكون في ذلك رضي
الملك عنك اليوم وفرجا مما أنت فيه .فقال الرجل عند ذلك :ما أدري على
أي المرين أنا أشد حسرة عليه على ما فرطت في القرين الصالح أم على
ما اجتهدت فيه من المحبة لقرين السوء ؟ .قال بلوهر :فالقرين الول هو
المال والقرين الثاني هو الهل والولد ،والقرين الثالث هو العمل الصالح.
قال ابن الملك :إن هذا هو الحق المبين فزدني مثل للدنيا وغرورها و
صاحبها المغرور بها ،المطمئن إليها .قال بلوهر :كان أهل مدينة يأتون
الرجل الغريب الجاهل بأمرهم فيملكونه عليهم سنة فل يشك أن ملكه دائم
عليهم لجهالته بهم فإذا انقضت السنة أخرجوه من مدينتهم عريانا مجردا
سليبا ،فيقع في بلء وشقاء لم يحدث به نفسه ،فصار ما مضى عليه من
ملكه وبال وحزنا ومصيبة وأذى ،ثم إن أهل المدينة أخذوا رجل آخر
فملكوه عليهم فلما رأى الرجل غربته فيهم لم يستأنس بهم وطلب رجل من
أهل أرضه خبيرا بأمرهم حتى وجده فأفضى إليه بسر القوم وأشار إليه أن
ينظر إلى الموال التي في يديه فيخرج منها ما استطاع الول فالول حتى
يحرزه في المكان الذي يخرجونه إليه فإذا أخرجه القوم صار إلى الكفاية
والسعة بما قدم وأحرز ،ففعل ما قال له الرجل ولم يضيع وصيته .قال
بلوهر :وإني لرجو أن تكون ذلك الرجل يا ابن الملك الذي لم يستأنس
بالغرباء ولم يغتر بالسلطان ،وأنا الرجل الذي طلبت ولك عندي الدللة
والمعرفة والمعونة .قال ابن الملك :صدقت أيها الحكيم أنا ذلك الرجل وأنت
ذلك الرجل
][402
وأنت طلبتي التي كنت طلبتها فصف لي أمر الخرة تاما ،فأما الدنيا فلعمري لقد
صدقت ولقد رأيت منها ما يدلني على فنائها ويزهدني فيها ،ولم يزل أمرها
حقيرا عندي .قال بلوهر :إن الزهادة في الدنيا يا ابن الملك مفتاح الرغبة
إلى الخرة ،ومن طلب الخرة فأصاب بابها دخل ملكوتها وكيف ل تزهد
في الدنيا وقد آتاك ال من العقل ما آتاك ،وقد ترى أن الدنيا كلها وإن
كثرت إنما يجمعها أهلها لهذه الجساد الفانية ،والجسد لقوام له ،ول
امتناع به ،فالحر يذيبه ،والبرد يجمده ،والسموم يتخلله ،والماء يغرقه،
والشمس تحرقه ،والهواء يسقمه ،والسباع يفترسه ،والطير تنقره،
والحديد يقطعه ،والصدم يحطمه ،ثم هو معجون بطينة من ألوان السقام
والوجاع والمراض ،فهو مرتهن بها ،مترقب لها ،وجل منها ،غير طامع
في السلمة منها ،ثم هو مقارن الفات السبع التي ل يتخلص منها ذو جسد
وهي الجوع والظمأ والحر والبرد والوجع والخوف والموت .فأما ما سألت
منه من المر الخرة ،فإني أرجو أن تجد ما تحسبه بعيدا قريبا ،وما كنت
تحسبه عسيرا يسيرا ،وما كنت تحسبه قليل كثيرا .قال ابن الملك :أيها
الحكيم أرأيت القوم الذين كان والدي حرقهم بالنار ونفاهم أهم أصحابك ؟
فقال :نعم ،قال :فإنه بلغني أن الناس اجتمعوا على عداوتهم وسوء الثناء
عليهم ،قال بلوهر :نعم قد كان ذلك ،قال :فما سبب ذلك أيها الحكيم ؟ قال
بلوهر :أما قولك يا ابن الملك في سوء الثناء عليهم فما عسى أن يقولون
فيمن يصدق ول يكذب ،ويعلم ول يجهل ،ويكف ول يؤذي ،ويصلي ول
ينام ،ويصوم ول يفطر ،ويبتلي فيصبر ،ويتفكر فيعتبر ،ويطيب نفسه عن
الموال والهلين ،ول يخافهم الناس على أموالهم وأهليهم .قال ابن الملك:
فكيف اتفق الناس على عداوتهم وهم فيما بينهم مختلفون ؟ قال بلوهر:
مثلهم في ذلك مثل كلب اجتمعوا على جيفة تنهشها ويهار بعضها بعضا،
مختلفة اللوان والجناس فبينا هي تقبل على الجيفة ازدنى رجل منهم
فترك بعضهن بعضا وأقبلن على الرجل فيهرن عليه جميعا معاويات عليه
وليس للرجل في جيفتهن حاجة
][403
ول أراد أن ينازعهن فيها ،ولكن هن عرفن غربته منهن فاستوحشن منه واستأنس
بعضهن ببعض وإن كن مختلفات متعاديات فيما بينهن من قبل أن يرد
الرجل عليهن .قال بلوهر :فمثل الجيفة متاع الدنيا ومثل صنوف الكلب
ضروب الرجال الذين يقتتلون على الدنيا ويهرقون دماءهم وينفقون لها
أموالهم ،ومثل الرجل الذي اجتمعت عليه الكلب ول حاجة له في جيفهن
كمثل صاحب الدين الذي رفض الدنيا وخرج منها ،فليس ينازع فيها أهلها
ول يمنع ذلك الناس من أن يعادونه لغربته عندهم ،فإن عجبت فاعجبت من
الناس أنهم ل همة لهم إل الدنيا وجمعها والتكاثر والتفاخر والتغالب عليها
حتى إذا رأوا من قد تركها في أيديهم وتخلى عنها كانوا له أشد قتال عليه
وأشد حنقا منهم للذي يشاحهم عليها فأي حجة ل يا ابن الملك أدحض من
تعاون المختلفين على من ل حجة لهم عليه ؟ قال ابن الملك أعمد لحاجتي،
قال بلوهر :إن الطبيب الرفيق إذ رأى الجسد قد أهلكته الخلط الفاسدة
فأراد أن يقويه ويسمنه لم يغذه بالطعام الذي يكون منه اللحم والدم والقوة
لنه يعلم أنه متى أدخل الطعام على الخلط الفاسدة أضر بالجسد ولم
ينفعه ولم يقوه ،ولكن يبدأ بالدوية والحمية من الطعام ،فإذا أذهب من
جسده الخلط الفاسدة أقبل عليه بما يصلحه من الطعام فحينئذ يجد طعم
الطعام ويسمن ويقوي ويحمل الثقل بمشية ال عزوجل .وقال ابن الملك
أيها الحكيم :أخبرني ماذا تصيب من الطعام والشراب ؟ قال الحكيم :زعموا
أن ملكا من الملوك كان عظيم الملك كثير الجند والموال وأنه بداله أن
يغزو ملكا آخر ليزداد ملكا إلى ملكه ومال إلى ماله ،فسار إليه بالجنود
والعدد والعدة ،والنساء والولد والثقال ،فأقبلوا نحوه فظهروا عليه
واستباحوا عسكره فهرب وساق امرأته وأولده صغارا فألجأه الطلب عند
المساء إلى أجمة على شاطئ النهر فدخلها مع أهله وولده وسيب دوابه
مخافة أن تدل عليه
][404
بصهيلها فبأتوا في الجمة وهم يسمعون وقع حوافر الخيل من كل جانب فأصبح
الرجل ل يطيق براحا ،وأما النهر فل يستطيع عبوره ،وأما الفضاء فل
يستطيع الخروج إليه لمكان العدو ،فهم في مكان ضيق قد أذاهم البرد
وأهجرهم الخوف وطواهم الجوع ،وليس لهم طعام ول معهم زاد ول إدام،
وأولده ضعار جياع يبكون من الضر الذي قد أصابهم فمكث بذلك يومين،
ثم إن أحد بنيه مات فألقوه في النهر فمكث بعد ذلك يوما آخر فقال الرجل
لمرأته إنا مشرفون على الهلك جميعا وإن بقي بعضنا وهلك بعضنا كان
خيرا من أن نهلك جميعا وقد رأيت أن أعجل ذبح صبي من هؤلء الصبيان
فنجعله قوتا لنا ولولدنا إلى أن يأتي ال عزوجل بالفرج فإن أخرنا ذلك
هزل الصبيان حتى ل يشبع لحومهم وتضعف حتى ل نستطيع الحركة ان
وجدنا إلى ذلك سبيل ،وطاوعته امرأته فذبح بعض أولده ووضعوه بينهم
ينهشونه ،فما ظنك يا ابن الملك بذلك المضطر أأكل الكلب المستكثر يأكل ؟
أم أكل المضطر المستقل ؟ قال ابن الملك :بل أكل المستقل ،قال الحكيم:
كذلك أكلي وشربي يا ابن الملك في الدنيا .فقال له ابن الملك :أرأيت هذا
الذي تدعوني إليه أيها الحكيم أهو شئ نظر الناس فيه بعقولهم وألبابهم
حتى اختاروه على ما سواه لنفسهم أم دعاهم ال إليه فأجابوا ،قال
الحكيم :عل هذا المر ولطف عن أن يكون من أهل الرض أو برأيهم
دبروه ،ولو كان من أهل الرض لدعوا إلى عملها وزينتها وحفظها
ودعتها ونعيمها ولذتها ولهوها ولعبها وشهواتها ،ولكنه أمر غريب
ودعوة من ال عزوجل ساطعة ،وهدى مستقيم ناقض على أهل الدنيا
أعمالهم ،مخالف لهم ،عائب عليهم ،وطاعن ناقل لهم عن أهوائهم ،داع
لهم إلى طاعة ربهم ،وإن ذلك لبين لمن تنبه ،مكتوم عنده عن غير أهله
حتى يظهر ال الحق بعد خفائه ويجعل كلمته العليا وكلمة الذين جهلوا
السفلى .قال ابن الملك صدقت أيها الحكيم .ثم قال الحكيم :إن من الناس من
تفكر قبل مجيئ الرسل عليهم السلم فأصاب ،ومنهم من دعته الرسل بعد
مجيئها فأجاب وأنت يا ابن الملك ممن تفكر بعقله فأصاب.
][405
قال ابن الملك :فهل تعلم أحدا من الناس يدعو إلي التزهيد في الدنيا غيركم ؟ قال
الحكيم :أما في بلدكم هذه فل وأما في سائر المم ففيهم قوم ينتحلون
الدين بألسنتهم ولم يستحقوه بأعمالهم ،فاختلف سبيلنا وسبيلهم ،قال ابن
الملك :كيف صرتم أولى بالحق منهم وإنما أتاكم هذا المر الغريب من حيث
أتاهم ؟ قال الحكيم :الحق كله جاء من عند ال عزوجل وإنه تبارك وتعالى
دعا العباد إليه فقبله قوم بحقه وشروطه حتى أدوه إلى أهله كما امروا ،لم
يظلموا ولم يخطئوا ولم يضيعوا ،وقبله آخرون فلم يقوموا بحقه وشروطه،
ولم يؤدوه إلى أهله ،ولم يكن لهم فيه عزيمة ،ول على العمل به نية
ضمير ،فضيعوه واستثقلوه فالمضيع ل يكون مثل الحافظ ،والمفسد ل
يكون كالمصلح ،والصابر ل يكون كالجازع ،فمن ههنا كنا نحن أحق به
منهم وأولى .ثم قال الحكيم :إنه ليس يجري على لسان أحد منهم من الدين
والتزهيد والدعاء إلى الخرة إل وقد اخذ ذلك عن أصل الحق ) (1الذي
عنه أخذنا ،ولكنه فرق بيننا وبينهم أحداثهم التي أحدثوا وابتغاؤهم الدنيا
وإخلدهم إليها ،وذلك أن هذه الدعوة لم تزل تأتي وتظهر في الرض مع
أنبياء ال ورسله صلوات ال عليهم في القرون الماضية على ألسنة
مختلفة متفرقة ،وكان أهل دعوة الحق أمرهم مستقيم ،وطريقهم واضح،
ودعوتهم بينة ،ل فرقة فيهم ول اختلف ،فكانت الرسل عليهم السلم إذا
بلغوا رسالت ربهم ،واحتجوا ل تبارك وتعالى على عباده بحجة وإقامة
معالم الدين وأحكامه ،قبضهم ال عزوجل إليه عند انقضاء آجالهم ومنتهى
مدتهم ،ومكثت المة من المم بعد نبيها برهة من دهرها ل تغير ول تبدل
ثم صار الناس بعد ذلك يحدثون الحداث ويبتغون الشهوات ،ويضيعون
العلم ،فكان العالم البالغ المستبصر منهم يخفى شخصه ول يظهر علمه،
فيعرفونه باسمه ول يهتدون إلى مكانه ول يبقى منهم إل الخسيس من أهل
العلم ،يستخف به أهل الجهل والباطل ،فيخمل العلم ويظهر الجهل ،وتتناس
القرون فل يعرفون إل الجهل،
][406
ويزداد الجهال استعلء وكثرة ،والعلماء خمول وقلة ،فحولوا معالم ال تبارك
وتعالى عن وجوهها ،وتركوا قصد سبيلها ،وهم مع ذلك مقرون بتنزيله،
متبعون شبهه ابتغاء تأويله ،متعلقون بصفته ،تاركون لحقيقته ،نابذون
لحكامه ،فكل صفة جاءت الرسل تدعوا إليها فنحن لهم موافقون في تلك
الصفة ،مخالفون لهم في أحكامهم وسيرتهم ،ولسنا نخالفهم في شئ إل
ولنا عليهم الحجة الواضحة والبينة العادلة من نعت ما في أيديهم من
الكتب المنزلة من ال عزوجل فكل متكلم منهم يتكلم بشئ من الحكمة فهي
لنا وهي بيننا وبينهم تشهد لنا عليهم بأنها توافق صفتنا وسيرتنا وحكمنا
وتشهد عليهم بأنها مخالفة لسنتهم وأعمالهم ،فليسوا يعرفون من الكتاب
إل وصفه ،ول من الذكر إل اسمه ،فليسوا بأهل الكتاب حقيقة حتى يقيموه.
قال ابن الملك :فما بال النبياء والرسل عليهم السلم يأتون في زمان دون
زمان ؟ قال الحكيم :إنما مثل ذلك كمثل ملك كانت له أرض موات ل عمران
فيها ،فلما أراد أن يقبل عليها بعمارته أرسل إليها رجل جلدا أمينا ناصحا،
ثم أمره أن يعمر تلك الرض وأن يغرس فيها صنوف الشجر وأنواع
الزرع ،ثم سمى له الملك ألوانا من الغرس معلومة ،وأنواعا من الزرع
معروفة ،ثم أمره أن ل يعدو ما سمى له وأن ل يحدث فيها من قبله شيئا لم
يكن أمره به سيده ،وأمره أن يخرج لها نهرا ويسد عليها حائطا ،ويمنعها
من أن يفسدها مفسد ،فجاء الرسول الذي أرسله الملك إلى تلك الرض
فأحياها بعد موتها وعمرها بعد خرابها ،وغرس فيها وزرع من الصنوف
التي أمره بها ،ثم ساق نهر الماء إليها حتى نبت الغرس واتصل الزرع ،ثم
لم يلبث قليل حتى مات قيمها ،وأقام بعده من يقوم مقامه وخلف من بعده
خلف خالفوا من أقامه القيم بعده وغلبوه على أمره ،فأخربوا العمران،
وطموا النهار ،فيبس الغرس ،وهلك الزرع ،فلما بلغ الملك خلفهم على
القيم بعد رسوله وخراب أرضه أرسل إليها رسول آخر يحييها ويعيدها
ويصلحها كما كانت في منزلتها الولى ،وكذلك النبياء والرسل عليهم
السلم يبعث ال عزوجل الواحد بعد الواحد فيصلح أمر الناس بعد فساده.
][407
قال ابن الملك أيخص النبياء والرسل عليهم إذا جاءت بما يبعث به أم تعم ؟ .قال
بلوهر :إن النبياء والرسل إذا جاءت تدعوا عامة الناس فمن أطاعهم كان
منهم ،ومن عصاهم لم يكن منهم ،وما تخلو الرض قط من أن يكون ل
عزوجل فيها مطاع من أنبيائه ورسله ومن أوصيائه ،وإنما مثل ذلك مثل
طائر كان في ساحل البحر يقال له قدم ) (1يبيض بيضا كثيرا وكان شديد
الحب للفراخ وكثرتها ،وكان يأتي عليه زمان يتعذر عليه فيه ما يريده من
ذلك ،فل يجد بدا من اتخاذ أرض اخرى حتى يذهب ذلك الزمان فيأخذ
بيضه مخافة عليه من أن يهلك من شفقته فيفرقه في أعشاش الطير
فتحضن الطير بيضته مع بيضتها وتخرج فراخه مع فراخها ،فإذا طال مكث
فراخ قدم مع فراخ الطير ألفها بعض فراخ الطير واستأنس بها فإذا كان
الزمان الذي ينصرف فيه قدم إلى مكانه مر بأعشاش الطير وأو كارها
بالليل فأسمع فراخه وغيرها صوته فإذا سمعت فراخه صوته تبعته وتبع
فراخه ما كان ألفها من فراخ سائر الطير ولم يجبه ما لم يكن من فراخ ول
ما لم يكن ألف فراخه وكان قد يضم إليه من أجابه من فراخه حبا للفراخ،
و كذلك النبياء إنما يستعرضون الناس جميعا بدعائهم فيجيبهم أهل
الحكمة والعقل لمعرفتهم لفضل الحكمة ،فمثل الطير الذي دعا بصوته مثل
النبياء والرسل التي تعم الناس بدعائهم ،ومثل البيض المتفرق في
أعشاش الطير مثل الحكمة ،ومثل سائر فراخ الطير التي ألفت فراخ قدم
مثل من أجاب الحكماء قبل مجيئ الرسل ،لن ال عزوجل جعل لنبيائه
ورسله من الفضل والرأي ما لم يجعل لغيرهم من الناس ،وأعطاهم من
الحجج والنور والضياء ما لم يعط غيرهم ،وذلك لما يريد من بلوغ رسالته
ومواقع حججه ،وكانت الرسل إذا جاءت وأظهرت دعوتها أجابهم من
الناس أيضا من لم يكن أجاب الحكماء وذلك لما جعل ال عزوجل على
دعوتهم من الضياء والبرهان .قال ابن الملك :أفرأيت ما يأتي به الرسل
والنبياء إذ زعمت أنه ليس
) (1في بعض النسخ " قرم " ولعل الصواب " قرلى ".
][408
بكلم الناس وكلم ال عزوجل وهو كلم وكلم ملئكته كلم ،قال الحكيم :أما رأيت
الناس لما أرادوا أن يفهموا بعض الدواب والطير ما يريدون من تقدمها
وتأخرها وإقبالها وإدبارها لم يجدوا الدواب والطير يحتمل كلمهم الذي هو
كلمهم ،فوضعوا من النقر والصفير والرجز ما يبلغوا به حاجتهم وما
عرفوا أنها تطيق حمله ،وكذلك العباد يعجزوا أن يعلموا كلم ال عزوجل
وكلم ملئكته على كنهه وكماله ولطفه وصفته قصار ما تراجع الناس
بينهم من الصوات التي سمعوا بها الحكمة شبيها بما وضع الناس
للدواب ،والطير ولم يمنع ذلك الصوت مكان الحكمة المخبرة في تلك
الصوات من أن تكون الحكمة واضحة بينهم ،قوية منيرة شريفة عظيمة،
ولم يمنعها من وقوع معانيها على مواقعها وبلوغ ما احتج به ال عزوجل
على العباد فيها فكان الصوت للحكمة جسدا ومسكنا ،وكانت الحكمة
للصوت نفسا وروحا ،ول طاقة للناس أن ينفذوا غور كلم الحكمة ،ول
يحيطوا به بعقولهم ،فمن قبل ذلك تفاضلت العلماء في علمهم ،فل يزال
عالم يأخذ علمه من عالم حتى يرجع العلم إلى ال عزوجل الذي جاء من
عنده ،وكذلك العلماء قد يصيبون من الحكمة والعلم ما ينجيهم من الجهل،
ولكن لكل ذي فضل فضله ،كما أن الناس ينالون من ضوء الشمس ما
ينتفعون به في معائشهم وأبدانهم ول يقدرون أن ينفذوها بأبصارهم فهي
كالعين الغزيرة الظاهر مجراها المكنون عنصرها ،فالناس قد يجيبون بما
ظهر لهم من مائها ،ول يدركون غورها وهي كالنجوم الزاهرة التي يهتدى
بها الناس ،ول يعلمون مساقطها ،فالحكمة أشرف وأرفع وأعظم مما
وصفناها به كله ،هي مفتاح باب كل خير يرتجى ،والنجاة من كل شر
يتقى ،وهي شراب الحياة التي من شرب منه لم يمت أبدا ،والشفاء للسقم
الذي من استشفى به لم يسقم أبدا ،والطريق المستقيم الذي من سلكه لم
يضل أبدا ،هي حبل ال المتين الذي ل يخلقه طول التكرار ،من تمسك به
انجلى عنه العمى ،ومن اعتصم به فاز واهتدى ،وأخذ بالعروة الوثقى.
قال ،فما بال هذه الحكمة التي وصفت بما وصفت من الفضل والشرف
][409
والرتفاع والقوة والمنفعة والكمال والبرهان ل ينتفع بها الناس كلهم جميعا ؟ .قال
الحكيم :إنما مثل الحكمة كمثل الشمس الطالعة على جميع الناس البيض
والسود منهم ،والصغير والكبير ،فمن أراد النتفاع بها لم تمنعه ولم يحل
بينه وبينها من أقربهم وأبعدهم ،ومن لم يرد النتفاع بها فل حجة له
عليها ،ول تمنع الشمس على الناس جميعا ،ول يحول بين الناس وبين
النتفاع بها ،وكذلك الحكمة وحالها بين الناس إلى يوم القيامة ،والحكمة
قد عمت الناس جميعا إل أن الناس يتفاضلون في ذلك ،والشمس ظاهرة إذ
طلعت على البصار الناظرة فرقت بين الناس على ثلثة منازل فمنهم
الصحيح البصر الذي ينفعه الضوء ويقوي على النظر ،ومنهم العمى
القريب من الضوء الذي لو طلعت عليه شمس أو شموس لم تغن عنه
شيئا ،ومنهم المريض البصر الذي ل يعد في العميان ول في أصحاب
البصر ،كذلك الحكمة هي شمس القلوب إذا طلعت تفرق على ثلث منازل:
منزل لهل البصر الذين يعقلون الحكمة فيكونون من أهلها ،ويعملون بها،
ومنزل لهل العمى الذين تنبوا الحكمة عن قلوبهم لنكارهم الحكمة وتركهم
قبولها كما ينبوضوء الشمس عن العميان ،ومنزلة لهل مرض القلوب
الذين يقصر علمهم ويضعف عملهم ويستوي فيهم السيئ والحسن ،والحق
والباطل ،وإن أكثر من تطلع عليه الشمس وهي الحكمة ممن يعمى عنها.
قال ابن الملك :فهل يسع الرجل الحكمة فل يجيب إليها حتى يلبث زمانا
ناكبا عنها ،ثم يجيب ويراجعها ؟ قال بلوهر :نعم هذا أكثر حالت الناس في
الحكمة .قال ابن الملك :ترى والدي سمع شيئا من هذا الكلم قط ؟ قال
بلوهر :ل أراه سمع سماعا صحيحا رسخ في قلبه ول كلمه فيه ناصح
شفيق .قال ابن الملك :وكيف ترك ذلك الحكماء منه طول دهرهم ؟ قال
بلوهر :تركوه لعلمهم بمواضع كلمهم ،فربما تركوا ذلك ممن هو أحسن
إنصافا وألين عريكة ،وأحسن استماعا من أبيك حتى أن الرجل ليعاش
الرجل طول عمره بينهما الستيناس والمودة والمفاوضة ،ول يفرق بينهما
شئ إل الدين والحكمة،
][410
وهو متفجع عليه ،متوجع له ،ثم ل يفضي إليه أسرار الحكمة إذ لم يره لها موضعا.
وقد بلغنا أن ملكا من الملوك كان عاقل قريبا من الناس ،مصلحا لمورهم،
حسن النظر والنصاف لهم ،وكان له وزير صدق صالح يعينه على
الصلح ويكفيه مؤونته ويشاوره في اموره ،وكان الوزير أديبا عاقل ،له
دين وورع ونزاهة على الدنيا ) ،(1وكان قد لقي أهل الدين ،وسمع
كلمهم ،وعرف فضلهم ،فأجابهم وانقطع إليهم بإخائه ووده ،وكانت له من
الملك منزلة حسنة وخاصة ،وكان الملك ل يكتمه شيئا من أمره ،وكان
الوزير له أيضا بتلك المنزلة ،إل أنه لم يكن ليطلعه على أمر الدين ،ول
يفاوضه أسرار الحكمة ،فعاشا بذلك زمانا طويل ،وكان الوزير كلما دخل
على الملك سجد الصنام وعظمها وأخذ شيئا في طريق الجهالة والضللة
تقية له فأشفق الوزير على الملك من ذلك واهتم به واستشار في ذلك
أصحابه وإخوانه ،فقالوا له :انظر لنفسك وأصحابك فإن رأيته موضعا
للكلم فكلمه وفاوضه وإل فإنك إنما تعينه على نفسك ،وتهيجه على أهل
دينك ،فإن السلطان ل يغتر به ،ول تؤمن سطوته ،فلم يزل الوزير على
اهتمامه به مصافيا له ،رفيقا به رجاء أن يجد فرصة فينصحه أو يجد
للكلم موضعا فيفاوضه ،وكان الملك مع ضللته متواضعا سهل قريبا،
حسن السيرة في رعيته ،حريصا على إصلحهم ،متفقدا لمورهم،
فاصطحب الوزير الملك على هذا برهة من زمانه .ثم إن الملك قال للوزير
ذات ليلة من الليالي بعدما هدأت العيون :هل لك أن تركب فنسير في
المدينة فننظر إلى حال الناس وآثار المطار التي أصابتهم في هذه اليام ؟
فقال الوزير :نعم فركبا جميعا يجولن في نواحي المدينة فمرا في بعض
الطريق على مزبلة تشبه الجبل ،فنظر الملك إلى ضوء النار تبدو في ناحية
المزبلة ،فقال للوزير :إن لهذه النار لقصة فأنزل بنا نمشي حتى ندنو منها
فنعلم خبرها ،ففعل ذلك فلما انتهيا إلى مخرج الضوء وجدا نقبا شبيها
بالغار ،وفيه مسكين من المساكين ثم نظرا في الغار من حيث ل يراهما
الرجل فإذا الرجل مشوه الخلق ،عليه ثياب
][411
خلقان من خلقان المزبلة ،متكئ على متكاء قد هيأه من الزبل ،وبين يديه إبريق
فخار ،فيه شراب وفي يده طنبور ،يضرب بيده وامرأته في مثل خلقه
ولباسه قائمة بين يديه تسقيه إذا استسقى منها ،وترقص له إذا ضرب،
وتحييه بتحية الملوك ،كلما شرب وهو يسميها سيدة النساء ،وهما يصفان
أنفسهما بالحسن والجمال وبينهما من السرور والضحك والطرب مال
يوصف ،فقام الملك على رجليه مليا والوزير ينظر كذلك ويتعجبان من
لذتهما وإعجابهما بما هما فيه ،ثم انصرف الملك والوزير فقال الملك :ما
أعلمني وإياك أصابنا الدهر من اللذة والسرور والفرح مثل ما أصاب هذين
الليلة مع أني أظنهما يصنعان كل ليلة مثل هذا ،فاغتنم الوزير ذلك منه،
ووجد فرصة فقال له :أخاف أيها الملك أن يكون دنيانا هذه من الغرور،
ويكون ملكك وما نحن فيه من البهجة والسرور في أعين من يعرف
الملكوت الدائم مثل هذه المزبلة ،ومثل هذين الشخصين اللذين رأيناهما،
وتكون مساكننا وما شيدنا منها عند من يرجو مساكن السعادة وثواب
الخرة مثل هذا الغار في أعيننا ،وتكون أجسادنا عند من يعرف الطهارة
والنضارة والحسن والصحة مثل جسد هذه المشوه الخلق في أعيننا،
ويكون تعجبهم عن إعجابنا بما نحن فيه كتعجبنا من إعجاب هذين
الشخصين بما هما فيه .قال الملك وهل تعرف لهذه الصفة أهل ؟ قال
الوزير :نعم ،قال الملك :من هم ؟ قال الوزير :أهل الدين الذين عرفوا ملك
الخرة ونعيمها فطلبوه ،قال الملك :وما ملك الخرة ؟ قال الوزير هو النعيم
الذي ل بؤس بعده ،والغنى الذي ل فقر بعده ،والفرح الذي ل ترح بعده،
والصحة التي ل سقم بعدها ،والرضى الذي ل سخط بعده ،والمن الذي ل
خوف بعده ،والحياة التي ل موت بعدها ،والملك الذي ل زوال له ،التي هي
دار البقاء ودار الحيوان ،التي ل انقطاع لها ،ول تغير فيها ،رفع ال
عزوجل عن ساكنيها فيها السقم والهرم والشقاء والنصب والمرض
والجوع والظمأ والموت ،فهذه صفة ملك الخرة وخبرها أيها الملك.
][412
قال الملك :وهل تدركون إلى هذه الدار مطلبا وإلى دخولها سبيل ؟ قال الوزير :نعم
هي مهيأة لمن طلبها من وجه مطلبها ،ومن أتاها من بابها ظفر بها ،قال
الملك :ما منعك أن تخبرني بهذا قبل اليوم ؟ قال الوزير :منعني من ذلك
إجللك والهيبة لسلطانك ،قال الملك :لئن كان هذا المر الذي وصفت يقينا
فل ينبغي لنا أن نضيعه ول نترك العمل به في إصابته ،ولكنا نجتهد حتى
يصح لنا خبره ،قال الوزير :أفتأمرني أيها الملك أن اواظب عليك في ذكره
والتكرير له ؟ قال الملك :بل آمرك أن ل تقطع عني ليل ول نهارا ،ول
تريحني ول تمسك عني ذكره فإن هذا أمر عجيب ل يتهاون به ،ول يغفل
عن مثله ،وكان سبيل ذلك الملك والوزير إلى النجاة .قال ابن الملك :ما أنا
بشاغل نفسي بشئ من هذه المور عن هذا السبيل ولقد حدثت نفسي
بالهرب معك في جوف الليل حيث بدالك أن تذهب .قال بلوهر :وكيف
تستطيع الذهاب معي والصبر على صحبتي وليس لي جحر يأويني ،ول
دابة تحملني ،ول أملك ذهبا ول فضة ،ول أدخر غذاء العشاء ،ول يكون
عندي فضل ثوب ،ول أستقر ببلدة إل قليل حتى أتحول عنها ول أتزود من
أرض إلى أرض اخرى رغيفا أبدا .قال ابن الملك :إني أرجو أن يقويني
الذي قواك ،قال بلوهر :أما إنك إن أبيت إل صحبتي كنت خليقا أن تكون
كالفتى الذي صاهر الفقير .قال يوذاسف :وكيف كان ذلك ؟ قال بلوهر:
زعموا أن فتى كان من أولد الغنياء فأراد أبوه أن يزوجه ابنة عم له ذات
جمال ومال ،فلم يوافق ذلك الفتى ولم يطلع أباه على كراهته حتى خرج من
عنده متوجها إلى أرض اخرى ،فمر في طريقه على جارية عليها ثياب
خلقان لها ،قائمة على باب بيت من بيوت المساكين فأعجبته الجارية ،فقال
لها :من أنت أيتها الجارية ؟ قالت :ابنة شيخ كبير في هذا البيت ،فنادى
الفتى الشيخ فخرج إليه فقال له :هل تزوجني ابنتك هذه ؟ قال :ما أنت
بمتزوج لبنات الفقراء وأنت فتى من الغنياء ،قال :أعجبتني هذه الجارية
ولقد خرجت هاربا من امرأة ذات حسب ومال أرادوا مني تزويجها،
فكرهتها
][413
فزوجني ابنتك فإنك واجد عندي خيرا إن شاء ال .قال الشيخ :كيف ازوجك ابنتي
ونحن ل تطيب أنفسنا أن تنقلها عنا ،ول أحتسب مع ذلك أن أهلك يرضون
أن تنقلها إليهم ،قال الفتى :فنحن معكم في منزلكم هذا ،قال الشيخ :إن
صدقت فيما تقول فاطرح عنك زيك وحليتك هذه ،قال :ففعل الفتى ذلك وأخذ
أطمارا رثة من أطمارهم فلبسها وقعد معهم ،فسأله الشيخ عن شأنه
وعرض له بالحديث حتى فتش عقله فعرف أنه صحيح العقل وأنه لم
يحمله على ما صنع السفه ،فقال له الشيخ :أما إذا اخترتنا ورضيت بنا فقم
معي إلى هذا السرب فأدخله فإذا خلف منزله بيوت ومساكن لم ير مثله قط
سعة وحسنا ،وله خزائن من كل ما يحتاج إليه ،ثم دفع إليه مفاتيحه وقال:
إن كل ما ههنا لك فاصنع به ما أحببت ،فنعم الفتى أنت وأصاب الفتى ما
كان يريده .قال يوذاسف :إني لرجو أن أكون أنا صاحب هذا المثل إن
الشيخ فتش عقل هذا الغلم حتى وثق به ،فلعلك تطول بي على تفتيش
عقلي فأعلمني ما عندك في ذلك ،قال الحكيم :لو كان هذا المر إلي ل
كتفيت منك بأدنى المشافهة ولكن فوق رأسي سنة قد سنها أئمة الهدى في
بلوغ الغاية في التوفيق ،وعلم ما في الصدور فإني أخاف إن خالفت السنة
أن أكون قد أحدثت بدعة ،وأنا منصرف عنك الليلة وحاضر بابك في كل
ليلة ،ففكر في نفسك بهذا واتعظ به ،وليحضرك فهمك وتثبت ول تعجل
بالتصديق لما يورده عليك همك حتى تعلمه بعد التؤدة والناة وعليك
بالحتراس في ذلك أن يغلبك الهوى والميل إلى الشبهة والعمى ،واجتهد
في المسائل التي تظن أن فيها شبهة ،ثم كلمني فيها وأعلمني رأيك في
الخروج إذا أردت ،وافترقا على هذا تلك الليلة .ثم عاد الحكيم إليه فسلم
عليه ودعا له ،ثم جلس فكان من دعائه أن قال :أسأل ال الول الذي لم
يكن قبله شئ ،والخر الذي ل يبقى معه شئ ،والباقي الذي ل فناء له،
والعظيم الذي ل منتهى له ،والواحد الفرد الصمد الذي ليس معه غيره،
والقاهر الذي ل شريك له ،البديع الذي ل خالق معه،
][414
القادر الذي ليس له ضد ،الصمد الذي ليس له ند ،الملك الذي ليس معه أحد أن
يجعلك ملكا عدل ،إماما في الهدى ،قائدا إلى التقوى ،ومبصرا من العمى،
وزاهدا في الدنيا ،ومحبا لذوي النهى ،ومبغضا لهل الردى ،حتى يفضي
بنا وبك إلى ما وعد ال أوليائه على ألسنة أنبيائه من جنته ورضوانه ،فإن
رغبتنا إلى ال في ذلك ساطعة ،ورهبتنا منه باطنة ،وأبصارنا إليه
شاخصة ) (1وأعناقنا له خاضعة ،وامورنا إليه صائرة .فرق ابن الملك
لذلك الدعاء رقة شديدة ،وازداد في الخير رغبة ،وقال متعجبا من قوله:
أيها الحكيم أعلمني كم أتى لك من العمر ؟ فقال :اثنتا عشر سنة ،فارتاع
لذلك ابن الملك ،وقال :ابن اثنتى عشرة سنة طفل وأنت مع ما أرى من
التكهل كابن ستين سنة .قال الحكيم :أما المولد فقد راهق الستين سنة،
ولكنك سألتني عن العمر وإنما العمر الحياة ،ول حياة إل في الدين والعمل
به ،والتخلي من الدنيا ولم يكن ذلك لي إل من اثنتى عشرة سنة ،فأما قبل
ذلك فإني كنت ميتا ولست أعتد في عمري بأيام الموت ،قال ابن الملك:
كيف تجعل الكل والشارب والمتقلب ميتا ؟ قال الحكيم :لنه شارك الموتى
في العمى والصم والبكم وضعف الحياة وقلة الغنى ،فلما شاركهم في
الصفة وافقهم في السم .قال ابن الملك :لئن كنت ل تعد حياتك تلك حياة
ول غبطة ما ينبغي لك أن تعد ما تتوقع من الموت موتا ،ول تراه مكروها،
قال الحكيم :تغريري في الدخول عليك بنفسي يا ابن الملك مع علمي
لسطوة أبيك على أهل ديني يدلك على أني ل أرى الموت موتا ،ول أرى
هذه الحياة حياة ،ول ما أتوقع من الموت مكروها ،فكيف يرغب في الحياة
من قد ترك حظه منها ؟ أو يهرب من الموت من قد أمات نفسه بيده ،أول
ترى يا ابن الملك أن صاحب الدين قد رفض الدنيا من أهله وماله وما ل
يرغب فيها إل له ) (2واحتمل من نصب العبادة مال يريحه منه إل
) (1في بعض النسخ " وأبصارنا إليه خاشعة " (2) .كذا.
][415
الموت ،فما حاجة من ل يتمتع بلذة الحياة إلى الحياة ؟ أو يهرب من ل راحة له إل
في الموت من الموت .قال ابن الملك :صدقت أيها الحكيم فهل يسرك أن
ينزل بك الموت من غد ؟ قال الحكيم :بل يسرني أن ينزل بي الليلة دون غد
فإنه من عرف السيئ والحسن وعرف ثوابهما من ال عزوجل ترك السيئ
مخافة عقابه ،وعمل الحسن رجاء ثوابه ،ومن كان موقنا بال وحده
مصدقا بوعده فإنه يحب الموت لما يرجو بعد الموت من الرخاء ويزهد في
الحياة لما يخاف على نفسه من الشهوات الدنيا والمعصية ل فيها فهو
يحب الموت مبادرة من ذلك ،فقال ابن الملك :إن هذا لخليق أن يبادر
الهلكة لما يرجو في ذلك من النجاة ،فاضرب لي مثل امتنا هذه وعكوفها
على أصنامها .قال الحكيم :إن رجل كان له بستان يعمره ويحسن القيام
عليه إذ رأى في بستانه ذات يوم عصفورا واقعا على شجرة من شجرة
البستان يصيب من ثمرها فغاضه ذلك فنصب فخا فصاده ،فلما هم بذبحه
أنطقه ال عزوجل بقدرته ،فقال لصاحب البستان :إنك تهتم بذبحي وليس
في ما يشبعك من جوع ول يقويك من ضعف فهل لك في خير عما هممت
به ؟ قال الرجل :ما هو ؟ قال العصفور :تخلى سبيلي واعلمك ثلث كلمات
إن أنت حفظتهن كن خيرا لك من أهل ومال هو لك ،قال :قد فعلت فأخبرني
بهن ،قال العصفور :احفظ عني ما أقول لك :ل تأس على ما فاتك ول
تصدقن بما ل يكون ،ول تطلبن مال تطيق ،فلما قضى الكلمات خلى سبيله،
فطار فوقع على بعض الشجار ،ثم قال للرجل :لو تعلم ما فاتك مني لعلمت
أنك قد فاتك مني عظيم جسيم من المر ،فقال الرجل وماذاك ؟ قال
العصفور :لو كنت قضيت على ما هممت به من ذبحي لستخرجت من
حوصلتي درة كبيضة الوزة فكان لك في ذلك غنى الدهر ،فلما سمع الرجل
منه ذلك أسر في نفسه ندما على ما فاته ،وقال :دع منك ما مضى ،وهلم
أنطلق بك إلى منزلي فأحسن صحبتك وأكرم مثواك ،فقال له العصفور :أيها
الجاهل ما أراك حفظتني إذا ظفرت
][416
بي ،ول انتفعت بالكلمات التي فتديت بها منك نفسي ،ألم أعهد إليك أل تأس على ما
فاتك ول تصدق مال يكون ،ول تطلب مال يدرك ؟ أما أنت متفجع على ما
فاتك وتلتمس مني رجعتي إليك وتطلب مال تدرك وتصدق أن في حوصلتي
درة كبيضة الوزة ،وجميعي أصغر من بيضها ،وقد كنت عهدت إليك أن ل
تصدق بما ل يكون .وأن امتكم صنعوا أصنامهم بأيديهم ثم زعموا أنها هي
التي خلقتهم وخفظوها من أن تسرق مخافة عليها وزعموا أنها هي التي
تحفظهم ،وأنفقوا عليها من مكاسبهم وأموالهم ،وزعموا أنها هي التي
ترزقهم فطلبوا من ذلك مال يدرك وصدقوا بما ل يكون فلزمهم منه ما لزم
صاحب البستان ،قال ابن الملك :صدقت أما الصنام فإني لم أزل عارفا
بأمرها ،زاهدا فيها ،آيسا من خيرها ،فأخبرني بالذي تدعوني إليه والذي
ارتضيته لنفسك ما هو ؟ قال بلوهر :جماع الدين أمران أحدهما معرفة ال
عزوجل والخر العمل برضوانه ،قال ابن الملك :وكيف معرفة ال
عزوجل ؟ قال الحكيم :أدعوك إلى أن تعلم أن ال واحد ليس له شريك ،لم
يزل فردا ربا ،وما سواه مربوب ،وأنه خالق وما سواه مخلوق ،وأنه قديم
وما سواه محدث ،وأنه صانع وما سواه مصنوع ،وأنه مدبر وما سواه
مدبر ،وأنه باق وما سواه فان ،وأنه عزيز وما سواه ذليل ،وأنه ل ينام ول
يغفل ول يأكل ول يشرب ول يضعف ول يغلب ول يعجز ،ول يعجزه شئ،
لم تمتنع منه السماوات والرض والهواء والبر والبحر ،وأنه كون الشياء
ل من شئ ،وأنه لم يزل ول يزال ،ول تحدث فيه الحوادث ،ول تغيره
الحوال ،ول تبدله الزمان ول يتغير من حال إلى حال ،ول يخلو منه
مكان ،ول يشتغل به مكان ،ول يكون من مكان أقرب منه إلى مكان ،ول
يغيب عنه شئ ،عالم ل يخفى عليه شئ ،قدير ل يفوته شئ ،وأن تعرفه
بالرأفة والرحمة والعدل ،وأن له ثوابا أعده لمن أطاعه ،وعذابا أعده لمن
عصاه ،وأن تعمل ل برضاه ،وتجتنب سخطه.
][417
قال ابن الملك :فما يرضي الواحد الخالق من العمال ؟ قال الحكيم :يا ابن الملك أن
تطيعه ول تعصيه ،وأن تأتي إلى غيرك ما تحب أن يؤتى إليك ،وتكف عن
غيرك ما تحب أن يكف عنك في مثله ،فإن ذلك عدل وفي العدل رضاه،
وفي اتباع آثار أنبياء ال ورسله بأن ل تعدو سنتهم .قال ابن الملك :زدني
أيها الحكيم تزهيدا في الدنيا وأخبرني بحالها .قال الحكيم :إني لما رأيت
الدنيا دار تصرف وزوال وتقلب من حال إلى حال ،ورأيت أهلها فيها
أغراضا للمصائب ،ورهائن للمتالف ،ورأيت صحة بعدها سقما ،وشبابا
بعده هرما ،وغنى بعده فقرا ،وفرحا بعده حزنا ،وعزا بعده ذل ،ورخاء
بعده شدة ،وأمنا بعده خوفا ،وحياة بعدها مماة ،ورأيت أعمارا قصيرة،
وحتوفا راصدة ) (1وسهاما قاصدة ،وأبدانا ضعيفة مستسلمة ،غير
ممتنعة ول حصينة ،عرفت أن الدنيا منقطعة بالية فانية ،وعرفت بما ظهر
لي منها ما غاب عني منها ،وعرفت بظاهرها باطنها ،وغامضها
بواضحها ،وسرها بعلنيتها ،و صدورها بورودها ،فحذرتها لما عرفتها،
وفررت منها لما أبصرتها ،بينا ترى المرء فيها مغتبطا محبورا ) (2وملكا
مسرورا ) (3في خفض ودعة ونعمة وسعة في بهجة من شبابة ،وحداثة
من سنه ،وغبطة من ملكه ،وبهاء من سلطانه ،وصحة من بدنه إذا انقلبت
الدنيا به أسر ما كان فيها نفسا ،وأقر ما كان فيها عينا ،فأخرجته من
ملكها وغبطتها وخفضها ودعتها وبهجتها ،فأبدلته بالعز ذل وبالفرح
ترحا ،وبالسرور حزنا ،وبالنعمة بؤسا ،وبالغني فقرا ،وبالسعة ضيقا،
وبالشباب هرما ،وبالشرف ضعة ،وبالحياة موتا ،فدلته في حفرة ضيقة
شديدة الوحشة ،وحيدا فريدا غريبا ،قد فارق الحبة وفارقوه ،خذله إخوانه
فلم يجد عندهم دفعا ،وصار عزه وملكه وأهله وماله نهبة من بعده ،كأن لم
يكن في الدنيا ولم يذكر فيها ساعة قط ولم
) (1الحتف الموت من غير قتل والجمع حتوف .والراصد :المراقب (2) .أي
مسرورا والحبر -بفتح الحاء وكسرها -السرور والجمع حبور وأحبار.
) (3في بعض النسخ " مشعوفا ".
][418
يكن له فيها خطر ،ولم يملك من الرض حظا قط فل تتخذ فيها يا ابن الملك دارا،
ول تتخذن فيها عقدول عقارا ،فاف لها وتف .قال ابن الملك :اف لها ولمن
يغتر بها إذ كان هذا حالها ورق ابن الملك وقال :زدني أيها الحكيم من
حديثك فإنه شفاء لما في صدري .قال الحكيم :إن العمر قصير ،والليل
والنهار يسرعان فيه ،والرتحال من الدنيا حثيث قريب ،وإنه وإن طال
العمر فيها فإن الموت نازل ،والظاعن ل محالة راحل فيصير ما جمع فيها
مفرقا ،وما عمل فيها متبرا ،وما شيد فيها خرابا ،ويصير اسمه مجهول،
وذكره منسيا ،وحسبه خامل وجسده باليا ،وشرفه وضيعا ،ونعمته وبال،
وكسبه خسارا ،ويورث سلطانه ،ويستذل عقبه ،ويستباح حريمه ،وتنقض
عهوده ،وتخفر ذمته ،وتدرس آثاره ،ويوزع ماله ،ويطوى رحله ،ويفرح
عدوه ويبيد ملكه ،ويورث تاجه ،ويخلف على سريره ،ويخرج من مساكنه
مسلوبا مخذول فيذهب به إلى قبره فيدلى في حفرته في وحدة وغربة
وظلمة ووحشة ومسكنة وذلة ،قد فارق الحبة ،وأسلمته العصبة فل
تؤنس وحشته أبدا ،ول ترد غربته أبدا ،واعلم أنها يحق على المرء اللبيب
من سياسة نفسه خاصة كسياسة المام العادل الحازم الذي يؤدب العامة،
ويستصلح الرعية ،ويأمرهم بما يصلحهم ،وينهاهم عما يفسدهم ،ثم يعاقب
من عصاه منهم ،ويكرم من أطاعه منهم ،فكذلك للرجل اللبيب أن يؤدب
نفسه في جميع أخلقها وأهوائها وشهواتها وأن تحملها وإن كرهت على
لزوم منافعها فيما أحبت وكرهت ،وعلى اجتناب مضارها ،وأن يجعل
لنفسه عن نفسه ثوابا وعقابا من مكانها من السرور إذا أحسنت ،ومن
مكانها من الغم إذا أساءت ،ومما يحق على ذي العقل فيما ورد عليه من
اموره ،والخذ بصوابها ،وينهى نفسه عن خطائها ،وأن يحتقر عمله
ونفسه في رأيه لكيل يدخله عجب ،فإن ال عزوجل قد مدح أهل العقل وذم
أهل العجب ،ومن ل عقل له ،وبالعقل يدرك كل خير بإذن ال تبارك
وتعالى ،وبالجهل تهلك النفوس ،وإن من أوثق
][419
الثقات عند ذوي اللباب ما أدركته عقولهم ،وبلغته تجاربهم ،ونالته أبصارهم في
الترك للهواء والشهوات ،وليس ذو العقل بجدير أن يرفض ما قوي على
حفظه من العمل احتقارا له إذا لم يقدر على ما هو أكثر منه ،وإنما هذا من
أسلحة الشيطان الغامضة التي ل يبصرها إل من تدبرها ،ول يسلم منها إل
من عصمه ال منها ،ومن أسلحته سلحان أحدهما إنكار العقل أن يوقع
في قلب النسان العاقل أنه ل عقل له ول بصر ول منفعة له في عقله
وبصره ،ويريد أن يصده عن محبة العلم وطلبه ،ويزين له الشتغال بغيره
من ملهي الدنيا ،فإن أتبعه النسان من هذا الوجه فهو ظفره ،وإن عصاه
وغلبه فرغ إلى السلح الخر وهو أن يجعل النسان إذا عمل شيئا وأبصره
عرض له بأشياء ل يبصرها ليغمزه ويضجره بما ل يعلم حتى يبغض إليه
ما هو فيه بتضعيف عقله عنده ،وبما يأتيه من الشبهة ،ويقول :ألست ترى
أنك ل تستكمل هذا المر ول تطيقه أبدا فبم تعني نفسك وتشقيها فيما ل
طاقة لك به ،فبهذا السلح صرع كثيرا من الناس ،فاحترس من أن تدع
اكتساب علم ما تعلمه وأن تخدع عما اكتسبت منه ،فإنك في دار قد استحوذ
على أكثر أهلها الشيطان بألوان حيله ووجوه ضللته ،ومنهم من قد ضرب
على سمعه وعقله وقلبه فتركه ل يعلم شيئا ،ول يسأل عن علم ما جهل
منه كالبهيمة ،وإن لعامتهم أديانا مختلفة فمنهم المجتهدون في الضللة
حتى أن بعضهم ليستحل دم بعض وأموالهم ،ويموه ضللتهم بأشياء من
الحق ليلبس عليهم دينهم ،ويزينه لضعيفهم ،ويصدهم عن الدين القيم،
فالشيطان وجنوده دائبون في إهلك الناس ،وتضليلهم ل يسأمون ول
يفترون ول يحصى عددهم إل ال ،ول يستطاع دفع مكائدهم إل بعون من
ال عزوجل والعتصام بدينه ،فنسأل ال توفيقا لطاعته ونصرا على
عدونا ،فإنه ل حول ول قوة إل بال .قال ابن الملك :صف لي ال سبحانه
وتعالى حتى كأني أراه قال :إن ال تقدس ذكره ل يوصف بالرؤية ،ول يبلغ
بالعقول كنه صفته ،ول تبلغ اللسن كنه مدحته ،ول يحيط العباد من علمه
إل بما علمهم منه على ألسنة أنبيائه عليهم السلم
][420
بما وصف به نفسه ،ول تدرك الوهام عظم ربوبيته ،هو أعلى من ذلك وأجل وأعز
وأعظم وأمنع وألطف ،فتاح للعباد من علمه بما أحب ،وأظهرهم من صفته
على ما أراد ،وأدلهم على معرفته ومعرفة ربوبيته بإحداث ما لم يكن،
وإعدام ما أحدث .قال ابن الملك :وما الحجة ؟ قال :إذا رأيت شيئا مصنوعا
غاب منك صانعه علمت بعقلك أن له صانعا ،فكذلك السماء والرض وما
بينهما ،فأي حجة أقوى من ذلك .قال ابن الملك :فأخبرني أيها الحكيم أبقدر
من ال عزوجل يصيب الناس ما يصيبهم من السقام والوجاع والفقر
والمكاره أو بغير قدر .قال بلوهر :ل بل بقدر ،قال :فأخبرني عن أعمالهم
السيئة ،قال :إن ال عزوجل من سيئ أعمالهم برئ ولكنه عزوجل أوجب
الثواب العظيم لمن أطاعه والعقاب الشديد لمن عصاه .قال :فأخبرني من
أعدل الناس ومن أجورهم ،ومن أكيسم ومن أحمقهم ،ومن أشقاهم ومن
أسعدهم ؟ قال :أعدلهم أنصفهم من نفسه وأجورهم من كان جوره عنده
عدل وعدل أهل العدل عنده جورا ،وأما أكيسهم فمن أخذ لخرته اهبتها )
،(1وأحمقهم من كانت الدنيا همه ،والخطايا عمله ،وأسعدهم من ختم
عاقبة عمله بخير ،وأشقاهم من ختم له بما يسخط ال عزوجل .ثم قال :من
دان الناس بما إن دين بمثله هلك فذلك المسخط ل ،المخالف لما يحب،
ومن دانهم بما إن دين بمثله صلح فذلك المطيع ل الموافق لما يحب
المجتنب لسخطه ،ثم قال :ل تستقبحن الحسن وإن كان في الفجار ،ول
تستحسنن القبيح وإن كان في البرار .ثم قال له :أخبرني أي الناس أولى
بالسعادة ؟ وأيهم أولى بالشقاوة ؟ قال بلوهر :أولهم بالسعادة المطيع ل
عزوجل في أمره ،والمجتنب لنواهيه ،وأولهم بالشقاوة العامل بمعصية
ال ،التارك لطاعته ،المؤثر لشهوته على رضى ال
][421
عزوجل ،قال :فأي الناس أطوعهم ل عزوجل ؟ قال :أتبعهم لمره ،وأقواهم في
دينه ،وأبعدهم من العمل بالسيئات ،قال :فما الحسنات والسيئات ؟ قال:
الحسنات صدق النية والعمل ،والقول الطيب ،والعمل الصالح ،والسيئات
سوء النية ،و سوء العمل ،والقول السيئ ،قال :فما صدق النية ؟ قال:
القتصاد في الهمة ،قال :فما سوء القول ؟ قال :الكذب ،قال :فما سوء
العمل ؟ قال :معصية ال عزوجل قال :أخبرني كيف القتصاد في الهمة ؟
قال :التذكر لزوال الدنيا وانقطاع أمرها ،والكف عن المور التي فيها
النقمة والتبعة في الخرة .قال :فما السخاء ؟ قال :إعطاء المال في سبيل
ال عزوجل ،قال :فما الكرم ؟ قال :التقوى ،قال :فما البخل ؟ قال :منع
الحقوق عن أهلها وأخذها من غير وجهها ،قال :فما الحرص ؟ قال:
الخلد إلى الدنيا ،والطماح إلى المور التي فيها الفساد ،وثمرتها عقوبة
الخرة ،قال :فما الصدق ؟ قال :طريقة في الدين بأن ل يخادع المرء نفسه
ول يكذبها ،قال :فما الحمق ؟ قال :الطمأنينة إلى الدنيا و ترك ما يدوم
ويبقى ،قال :فما الكذب ؟ قال :أن يكذب المرء نفسه فل يزال بهواه شعفا
ولدينه مسوفا ،قال :أي الرجال أكملهم في الصلح ؟ قال :أكملهم في العقل
وأبصرهم بعواقب المور ،وأعملهم بخصومة ،وأشدهم منهم احتراسا،
قال :أخبرني ما تلك العاقبة وما اولئك الخصماء الذين يعرفهم العاقل
فيحترس منهم ؟ قال :العاقبة الخرة ،والعناء الدنيا ،قال :فما الخصماء ؟
قال :الحرص والغضب والحسد و الحمية والشهوة والرياء واللجاجة .قال:
أي هؤلء الذين عددت أقوى وأجدر أن ل يسلم منه ؟ قال :الحرص أقل
رضا وأفحش غضبا ،والغضب أجور سلطانا وأقل شكرا وأكسب للبغضاء،
والحسد أسوء الخيبة للنية ،وأخلف للظن ،والحمية أشد لجاجة وأفضع
معصية ،والحقد أطول توقدا وأقل رحمة وأشد سطوة ،والرياء أشد خديعة،
وأخفى اكتنانا وأكذب ،واللجاجة أعي حصومة ،وأقطع معذرة.
][422
قال :أي مكائد الشيطان للناس في هلكهم أبلغ ؟ قال :تعميته عليهم البر والثم
والثواب والعقاب وعواقب المور في ارتكاب الشهوات ،قال :أخبرني
بالقوة التي قوى ال عزوجل بها العباد في تغالب تلك المور السيئة
والهواء المردية ؟ قال :العلم والعقل والعمل بهما ،وصبر النفس عن
شهواتها ،والرجاء للثواب في الدين ،وكثرة الذكر لفناء الدنيا ،وقرب
الجل ،والحتفاظ من أن ينقض ما يبقى بما يفنى ،واعتبار ماضي المور
بعاقبتها ،والحتفاظ بما ل يعرف إل عند ذوي العقول ،وكف النفس عن
العادة السيئة وحملها على العادة الحسنة ،والخلق المحمود ،وأن يكون
أمل المرء بقدر عيشه حتى يبلغ غايته ،فإن ذلك هو القنوع وعمل الصبر
والرضا بالكفاف واللزوم للقضاء والمعرفة بما فيه في الشدة من التعب
وما في الفراط من الغتراف ،وحسن العزاء عمافات ،وطيب النفس عنه
وترك معالجة مال يتم ،والصبر بالمور التي إليها يرد ،واختيار سبيل
الرشد على سبيل الغي ،وتوطين النفس على أنه إن عمل خيرا جزي به
وإن عمل شرا جزي به ،والمعرفة بالحقوق والحدود في التقوى ،وعمل
النصيحة ،وكف النفس عن اتباع الهوى وركوب الشهوات ،وحمل المور
على الرأي والخذ بالحزم والقوة ،فإن أتاه البلء أتاه وهو معذور غير
ملوم .قال ابن الملك :أي الخلق أكرم وأعز ؟ قال :التواضع ولين الكلمة
للخوان في ال عزوجل ،قال :أي العبادة أحسن ؟ قال :الوقار والمودة
قال :فاخبرني أي الشيم أفضل ؟ قال :حب الصالحين ،قال :أي الذكر
أفضل ؟ قال :ما كان في المر بالمعروف والنهي عن المنكر ،قال :فأي
الخصوم ألد ؟ قال :ترك الذنوب ،قال ابن الملك :أخبرني أي الفضل
أفضل ؟ قال :الرضا بالكفاف ،قال :أخبرني أي الدب أحسن ؟ قال :أدب
الدين ،قال :أي الشئ أجفا ؟ قال السلطان العاتي ،والقلب القاسي ،قال :أي
شئ أبعد غاية ؟ قال :عين الحريص التي ل يشبع من الدنيا ،قال :أي
المور أخبث عاقبة ؟ قال :التماس رضى الناس في سخط ال عزوجل،
قال :أي شئ أسرع تقلبا ،قال :قلوب الملوك الذين يعملون للدنيا،
][423
قال :فأخبرني أي الفجور أفحش ؟ قال :إعطاء عهد ال والغدر فيه ،قال :فأي شئ
أسرع انقطاعا ،قال :مودة الفاسق ،قال :فأي شئ أخون ؟ قال :لسان
الكاذب ،قال :فأي شئ أشد اكتتاما ؟ قال :شر المرائي المخادع ،قال :فأي
شئ أشبه بأحوال الدنيا ؟ قال :أحلم النائم ،قال :أي الرجال أفضل رضى ؟
قال :أحسنهم ظنا بال عزوجل وأتقاهم وأقلهم غفلة عن ذكر ال وذكر
الموت وانقطاع المدة ،قال :أي شئ من الدنيا أقر للعين ؟ قال :الولد
الديب والزوجة الموافقة المؤاتية المعينة على أمر الخرة ،قال :أي الداء
ألزم في الدنيا ؟ قال :الولد السوء والزوجة السوء اللذين ل يجد منهما بدا،
قال :أي الخفض أخفض ؟ قال :رضى المرء بحظه واستيناسه بالصالحين.
ثم قال ابن الملك للحكيم :فرغ لي ذهنك فقد أردت مساءلتك عن أهم
الشياء إلي بعد إذ بصرني ال عزوجل من أمري ما كنت به جاهل،
ورزقني من الدين ما كنت منه آيسا .قال الحكيم :سل عما بدالك ،قال ابن
الملك :أرأيت من اوتي الملك طفل ودينه عبادة الوثان وقد غذي بلذات
الدنيا واعتادها ونشأ فيها إلى أن كان رجل وكهل ل ينتقل من حالته تلك
في جهالته بال تعالى ذكره وإعطائه نفسه شهواتها متجردا لبلوغ الغاية
فيما زين له من تلك الشهوات مشتغل بها ،مؤثرا لها ،جريا عليها ،ل يرى
الرشد إل فيها ،ول تزيده اليام إل حبا لها واغترارا بها وعجبا وحبا لهل
ملته ورأيه وقد دعته بصيرته في ذلك إلى أن جهل أمر آخرته وأغفلها
فاستخفها وسها عنها قساوة قلب وخبث نية وسوء رأي ،واشتدت عداوته
لمن خالفه من أهل الدين والستخفاء بالحق والمغيبين لشخاصهم انتطارا
للفرج من ظلمه وعداوته هل يطمع له إن طال عمره في النزوع عما هو
عليه ؟ والخروج منه إلى ما الفضل فيه بين والحجة فيه واضحة ؟ والحظ
جزيل من لزوم ما أبصرت من الدين فيأتي ما يرجى له ]بعد[ مغفرة ما قد
سلف من ذنوبه وحسن الثواب في مآبه .قال الحكيم :قد عرفت هذه
الصفة ،وما دعاك إلى هذه المسألة ؟.
][424
قال ابن الملك :ما ذاك منك بمستنكر لفضل ما اوتيت من الفهم وخصصت به من
العلم .قال الحكيم :أما صاحب هذه الصفة فالملك والذي دعاك إليه العناية
بما سألت عنه ،والهتمام به من أمره ،والشفقة عليه من عذاب ما أوعد
ال عزوجل من كان على مثل رأيه وطبعه وهواه ،مع ما نويت من ثواب
ال تعالى ذكره في أداء حق ما أوجب ال عليك له ،وأحسبك تريد بلوغ
غاية العذر في التلطف لنفاذه و إخراجه عن عظيم الهول ودائم البلء
الذي ل انقطاع له من عذاب ال إلى السلمة وراحة البد في ملكوت
السماء .قال ابن الملك :لم تحرم حرفا عما أردت فأعلمني رأيك فيما عنوت
من أمر الملك وحاله التي أتخوف أن يدركه الموت عليها فتصيبه الحسرة
والندامة حين ل اغني عنه شيئا فاجعلني منه على يقين وفرج عني فأنا به
مغموم شديد الهتمام به فإني قليل الحيلة فيه .قال الحكيم :أما رأينا فإنا ل
نبعد مخلوقا من رحمة ال خالقه عزوجل ول نأيس له منها مادام فيه
الروح ،وإن كان عاتيا طاغيا ضال لما قد وصف ربنا تبارك وتعالى به
نفسه من التحنن والرأفة والرحمة ودل عليه من اليمان وما أمر به من
الستغفار والتوبة وفي هذا فضل الطمع لك في حاجتك إن شاء ال،
وزعموا أنه كان في زمن من الزمان ملك عظيم الصوت في العلم ،رفيق
سايس يحب العدل في امته والصلح لرعيته ،عاش بذلك زمانا بخير حال،
ثم هلك فجزعت عليه امته وكان بامرأة له حمل فذكر المنجمون والكهنة
أنه غلم وكان يدبر ملكهم من كان يلي ذلك في زمان ملكهم فاتفق المر
كما ذكره المنجمون والكهنة وولد من ذلك الحمل غلم فأقاموا عند ميلده
سنة بالمعازف والملهي والشربة والطعمة ،ثم إن أهل العلم منهم والفقه
والربانيين قالوا لعامتهم :إن هذا المولود إنما هو هبة من ال تعالى وقد
جعلتم الشكر لغيره وإن كان هبة من غير ال عزوجل فقد
][425
أديتم الحق إلى من أعطاكموه واجتهدتم في الشكر لمن رزقكموه ،فقال لهم العامة:
ما وهبه لنا إل ال تبارك وتعالى ،ول امتن به علينا غيره ،قال العلماء:
فإن كان ال عزوجل هو الذي وهبه لكم فقد أرضيتم غير الذي أعطاكم
وأسخطتم ال الذي وهبه لكم فقالت لهم الرعية :فأشيروا لنا أيها الحكماء
وأخبرونا أيها العلماء فنتبع قولكم ونتقبل نصيحتكم ،ومرونا بأمركم .قالت
العلماء :فإنا نرى لكم أن تعدلوا عن اتباع مرضات الشيطان بالمعازف
والملهي والمسكر إلى ابتغاء مرضات ال عزوجل وشكره على ما أنعم به
عليكم أضعاف شكركم للشيطان حتى يغفر لكم ما كان منكم قالت الرعية :ل
تحمل أجسادنا كل الذي قلتم وأمرتم به ،قالت العلماء :يا أولى الجهل كيف
أطعتم من ل حق له عليكم وتعصون من له الحق الواجب عليكم وكيف
قويتم على مال ينبغي وتضعفون عما ينبغي ؟ ! قالوا لهم :يا أئمة الحكماء
عظمت فينا الشهوات وكثرت فينا اللذات فقوينا بما عظم فينا منها على
العظيم من مشكلها و ضعفت منا النيات فعجزنا عن حمل المثقلت فارضوا
منا في الرجوع عن ذلك يوما فيوما ،ول تكلفونا كل هذا الثقل .قالوا لهم:
يا معشر السفهاء ألستم أبناء الجهل وإخوان الضلل حين خفت عليكم
الشقوة وثقلت عليكم السعادة ،قالوا لهم :أيها السادة الحكماء والقادة
العلماء إنا نستجير من تعنيفكم إيانا بمغفرة ال عزوجل ونستتر من
تعييركم لنا بعفوه فل تؤنبونا ) (1ول تعيرونا بضعفنا ول تعيبوا الجهالة
علينا فإنا إن أطعنا ال مع عفوه وحلمه وتضعيفه الحسنات أو اجتهدنا في
عبادته مثل الذي بذلنا لهوانا من الباطل بلغنا حاجتنا وبلغ ال عزوجل بنا
غايتنا ورحمنا كما خلقنا ،فلما قالوا ذلك أقرهم علماؤهم ورضوا قولهم
فصلوا وصاموا وتعبدوا وأعظموا الصدقات سنة كاملة ،فلما انقضى ذلك
منهم قالت الكهنة إن الذي صنعت هذه المة على هذا المولود يخبر أن هذا
الملك يكون فاجرا ويكون بارا ،ويكون متجبرا ويكون متواضعا ويكون
مسيئا ويكون محسنا .وقال المنجمون مثل ذلك ،فقيل لهم :كيف قلتم ذلك ؟
قال الكهنة :قلنا هذا من قبل اللهو والمعازف والباطل الذي صنع عليه ،وما
صنع عليه من ضده
][426
بعد ذلك ،وقال المنجمون :قلنا ذلك من قبل استقامة الزهرة والمشتري ،فنشأ الغلم
بكبر ل يوصف عظمته ،ومرح ل ينعت ،وعدوان ل يطاق فعسف وجار
وظلم في الحكم وغشم وكان أحب الناس إليه من وافقه على ذلك وأبغض
الناس إليه من خالفه في شئ من ذلك ،واغتر بالشباب والصحة والقدرة
والظفر والنظر فامتل سرورا وإعجابا بما هو فه ورأى كلما يحبه وسمع
كلما اشتهى حتى بلغ اثنين و ثلثين سنة ،ثم جمع نساء من بنات الملوك
وصبيانا والجواري والمخدرات وخيله المطهمات العناق ) (1وألوان
مراكبه الفاخرة ووصائفه وخدامه الذين يكونون في خدمته فأمرهم أن
يلبسوا أجد ثيابهم ويتزينوا بأحسن زينتهم وأمر ببناء مجلس مقابل مطلع
الشمس ،صفائح أرضه الذهب مفضضا بأنواع الجواهر ،طوله مائة
وعشرون ذراعا وعرضه ستون ذراعا مزخر فاسقفه وحيطانه ،قد زين
بكرائم الحلي وصنوف الجوهر واللؤلؤ النظيم وفاخره ،وأمر بضروب
الموال فاخرجت من الخزائن ونضدت سماطين ) (2أمام مجلسه ،وأمر
جنوده وأصحابه وقواده وكتابه وحجابه وعظماء أهل بلده وعلمائهم
فحضروا في أحسن هيئتهم وأجمل جمالهم وتسلح فرسانه وركبت خيوله
في عدتهم ،ثم وقفوا على مراكزهم ومراتبهم صفوفا وكراديس ،وإنما أراد
بزعمه أن ينظر إلى منظر رفيع حسن تسر به نفسه وتقر به عينه ،ثم
خرج فصعد إلى مجلسه فأشرف على مملكته فخروا له سجدا ،فقال لبعض
غلمانه :قد نظرت في أهل مملكتي إلى منظر حسن وبقي أن أنظر إلى
صورة وجهي فدعا بمرآة فنظر إلى وجهه فبينا هو يقلب طرفه فيها إذ
لحت له شعرة بيضاء من لحيته كغراب أبيض بين غربان سود ،واشتد
منها ذعره وفزعه ) (3وتغير في عينه حاله وظهرت الكآبة والحزن في
وجهه وتولى السرور منه .ثم قال في نفسه :هذا حين نعي إلى شبابي
وبين لي أن ملكي في ذهاب واوذنت
) (1أي تام الحسن (2) .نضد المتاع -بشد الضاد وتخفيفها -رتبه وضم بعضه إلى
بعض متسقا أو مركوما .والسماط :الشئ المصطف .وسماط الطريق
جانباه (3) .الذعر :الخوف والفزع.
][427
بالنزول عن سرير ملكي ،ثم قال :هذه مقدمة الموت ورسول البلء ) (1لم يحجبه
عني حاجب ،ولم يمنعه عني حارس ،فنعى إلى نفسي وأذن لي بزوال
ملكي فما أسرع هذا في تبديل بهجتي وذهاب سروري ،وهدم قوتي ،لم
يمنعه مني الحصون ولم تدفعه عني الجنود ،هذا سالب الشباب والقوة،
وما حق العز والثروة ،ومفرق الشمل وقاسم التراث بين الولياء
والعداء ،مفسد المعاش ،ومنغص اللذات ومخرب العمارات ومشتت
الجمع ،وواضع الرفيع ،ومذل المنيع ،قد أناخت بي أثقاله ) (2ونصب لي
حباله .ثم نزل عن مجلسه حافيا ماشيا ،وقد صعد إليه محمول ،ثم جمع
إليه جنوده ودعا إليه ثقاته فقال :أيها المل ماذا صنعت فيكم وما أتيت
إليكم منذ ملكتكم ووليت اموركم ؟ قالوا له :أيها الملك المحمود عظم بلؤك
عندنا وهذه أنفسنا مبذولة في طاعتك ،فمرنا بأمرك ،قال :طرقني عدو
نحيف ) (3لم تمنعوني منه حتى نزل بي وكنتم عدتي وثقاتي ،قالوا :أيها
الملك أين هذا العدو ؟ أيرى أم ل يرى ؟ قال :يرى بأثر ول يرى عينه،
قالوا :أيها الملك هذه عدتنا كما ترى وعندنا سكن وفينا ذووا الحجى
والنهى ،فأرناه نكفك ما مثله يكفى ،قال :قد عظم الغترار مني بكم
ووضعت الثقة في غير موضعها حين اتخذتكم وجعلتكم لنفسي جنة ،وإنما
بذلت لكم الموال ورفعت شرفكم وجعلتكم البطانة دون غيركم لتحفظوني
من العداء وتحرسوني منهم ،ثم أيدتكم على ذلك بتشييد البلدان وتحصين
المدائن والثقة من الصلح ونحيت عنكم الهموم ) (4وفرغتكم للنجدة
) (1في بعض النسخ " رسول البلى " (2) .أناخ البلء على فلن :أقام عليه،
وأناخ به الحاجة :أنزلها به .أناخ الجمل :أبركه (3) .طرق القوم :أتاهم
ليل (4) .نحاه عنه أي أبعده عنه وأزاله -والنجدة :الشجاعة والشدة
والبأس.
][428
والحتفاظ ،ولم أكن أخشى أن اراع معكم ول أتخوف المنون على بنياني وأنتم
عكوف مطيفون به فطرقت وأنتم حولي واتيت وأنتم معي ،فلئن كان هذا
ضعف منكم فما أخذت أمري بثقة وإن كانت غفلة منكم فما أنتم بأهل
النصيحة ول علي بأهل الشفقة ،قالوا :أيها الملك أما شئ نطيق دفعه
بالخيل والقوة فليس بواصل إليك إن شاء ال ونحن أحياء ،وأما ما ل يرى
فقد غيب عنا علمه وعجزت قوتنا عنه .قال :أليس اتخذتكم لتمنعوني من
عدوي ،قالوا :بلي ،قال :فمن أي عدو تحفظوني من الذي يضرني أو من
الذي ل يضرني ؟ قالوا :من الذي يضرك ؟ قال :أفمن كل ضار لي أو من
بعضهم ؟ قالوا :من كل ضار ،قال :فإن رسول البلى قد أتاني ينعى إلى
نفسي وملكي ويزعم أنه يريد خراب ما عمرت وهدم ما بنيت وتفريق ما
جمعت .وفساد ما أصلحت وتبذير ما أحرزت وتبديل ما عملت وتوهين ما
وثقت ،وزعم أن معه الشماتة من العداء وقد قرت بي أعينهم فإنه يريد
أن يعطيهم مني شفاء صدورهم وذكر أنه سيهزم جيشي ويوحش انسي
ويذهب عزي ويؤتم ولدي ويفرق جموعي ويفجع بي إخواني وأهلي
وقرابتي ويقطع أوصالي ويسكن مساكن أعدائي ،قالوا :أيها الملك إنما
نمنعك من الناس والسباع والهوام ودواب الرض ،فأما البلء فل طاقة لنا
به ول قوة لنا عليه ول امتناع لنا منه ،فقال :فهل من حيلة في دفع ذلك
مني ؟ قالوا :ل ،قال :فشئ دون ذلك تطيقونه ؟ قالوا :وما هو ؟ قال:
الوجاع والحزان والهموم ،قالوا :أيها الملك إنما قد قدر هذه الشياء
قوي لطيف وذلك يثور من الجسم والنفس وهو يصل إليك إذا لم يوصل ول
يحجب عنك وإن حجب ) (1قال :فأمر دون ذلك ،قالوا :وما هو ؟ قال :ما
قد سبق من القضاء .قالوا :أيها الملك ومن ذا غالب القضاء فلم يغلب ؟
ومن ذاكابره فلم يقهر ؟ قال :فماذا عندكم ؟ قالوا :ما نقدر على دفع
القضاء ،وقد أصبت التوفيق والتسديد فماذا الذي تريد ،قال :اريد أصحابا
يدوم عهدهم ويفوا لي وتبقى لي إخوتهم ول
][429
يحجبهم عني الموت ول يمنعهم البلى عن صحبتي ول يشتمل بهم المتناع عن
صحبتي ) (1ول يفردوني إن مت ،ول يسلموني إن عشت ،ويدفعون عني
ما عجزتم عنه من أمر الموت .قالوا :أيها الملك ومن هؤلء الذين
وصفت ؟ قال :هم الذين أفسدتهم باستصلحكم ،قالوا :أيها الملك أفل
تصطنع عندنا وعندهم معروفا فإن أخلقك تامة ورأفتك عظيمة ؟ قال :إن
في صحبتكم إياي السم القاتل ،والصمم والعمى في طاعتكم ،والبكم في
موافقتكم ،قالوا :كيف ذاك أيها الملك ؟ قال :صارت صحبتكم إياي في
الستكثار وموافقتكم على الجمع ،وطاعتكم إياي في الغتفال فبطأتموني
عن المعاد ،وزينتم لي الدنيا ،ولو نصحتموني ذكرتموني الموت ،ولو
أشفقتم علي ذكرتموني البلء ،وجمعتم لي ما يبقى ،ولم تستكثروا لي ما
يفنى ،فإن تلك المنفعة التي ادعيتموها ضرر ،وتلك المودة عداوة ،وقد
رددتها عليكم ل حاجة لي فيها منكم .قالوا :أيها الملك الحكيم المحمود قد
فهمنا مقالتك وفي أنفسنا إجابتك وليس لنا أن نحتج عليك فقد رأينا مكان
الحجة ،فسكوتنا عن حجتنا فساد لملكنا ،وهلك لدنيانا وشماتة لعدونا،
وقد نزل بنا أمر عظيم بالذي تبدل من رأيك وأجمع عليه أمرك قال :قولوا:
آمنين واذكروا ما بدالكم غير مرعوبين فإني كنت إلى اليوم مغلوبا بالحمية
والنفة وأنا اليوم غالب لهما ،وكنت إلى اليوم مقهورا لهما وأنا اليوم قاهر
لهما ،وكنت إلى اليوم ملكا عليكم فقد صرت عليكم مملوكا ،وأنا اليوم
عتيق وأنتم من مملكتي طلقاء ،قالوا :أيها الملك ما الذي كنت مملوكا إذ
كنت علينا ملكا ،قال :كنت مملوكا لهواي مقهورا بالجهل مستعبدا
لشهواتي فقد قطعت تلك الطاعة عني ونبذتها خلف ظهري ،قالوا :فقل ما
أجمعت أيها الملك ؟ قال :القنوع والتخلي لخرتي وترك هذا الغرور ونبذ
هذا الثقل عن ظهري والستعداد للموت ،والتأهب للبلء ،فإن رسوله
عندي قد ذكر أنه قد أمر بملزمتي والقامة معي
) (1في بعض النسخ " ول يستحيل بهم الطماع عن نصيحتي " وفى بعضها " ل
يستميل ".
][430
حتى يأتيني الموت ،فقالوا :أيها الملك ومن هذا الرسول الذي قد أتاك ولم نره ،وهو
مقدمة الموت الذي ل نعرفه ،قال :أما الرسول فهذا البياض يلوح بين
السواد ،وقد صاح في جميعه بالزوال فأجابوا وأذعنوا ،وأما مقدمة الموت
فالبلء الذي هذا البياض طرقه .قالوا :أيها الملك أفتدع مملكتك وتهمل
رعيتك وكيف ل تخاف الثم في تعطيل امتك ألست تعلم أن أعظم المر في
استصلح الناس وأن رأس الصلح الطاعة للمة والجماعة ،فكيف ل
تخاف من الثم ،وفي هلك العامة من الثم فوق الذي ترجو من الجر في
صلح الخاصة ،ألست تعلم أن أفضل العبادة العمل وأن أشد العمل
السياسة ،فإنك أيها الملك ما في يديك عدل على رعيتك ،مستصلح لها
بتدبيرك ،فإن لك من الجر بقدر ما استصلحت ،ألست أيها الملك إذا خليت
ما في يديك من صلح امتك فقد أردت فسادهم ،وإذا أردت فسادهم فقد
حملت من الثم فيهم أعظم مما أنت تصيب من الجر في خاصة يديك.
ألست أيها الملك قد علمت أن العلماء قالوا :من أتلف نفسا فقد استوجب
لنفسه الفساد ،ومن أصلحها فقد استوجب الصلح لبدنه ،وأي فساد أعظم
من رفض هذه الرعية التي أنت إمامها والقامة في هذه المة التي أنت
نظامها حاشا لك أيها -الملك أن تخلع عنك لباس الملك الذي هو الوسيلة
إلي شرف الدنيا والخرة ،قال :قد فهمت الذي ذكرتم وعقلت الذي وصفتم
فإن كنت إنما أطلب الملك عليكم للعدل فيكم والجر من ال تعالى ذكره في
استصلحكم بغير أعوان يرفدونني ووزراء يكفونني فما عسيت أن أبلغ
بالوحدة فيكم ألستم جميعا نزعا إلى الدنيا وشهواتها ولذاتها ول آمن أن
اخلد إلى الدنيا التي أرجو أن أدعها وأرفضها ،فإن فعلت ذلك أتاني الموت
على غرة ،فأنزلني عن سرير ملكي إلى بطن الرض وكساني التراب بعد
الديباج والمنسوج بالذهب ونفيس الجوهر ،وضمني إلى الضيق بعد
السعة ،وألبسني الهوان بعد الكرامة ،فأصبر فريدا بنفسي ليس معي أحد
منكم في الوحدة ،قد أخرجتموني من العمران ،وأسلمتموني إلى الخراب،
][431
وخليتم بين لحمي وسباع الطير وحشرات الرض فأكلت مني النملة فما فوقها من
الهوام وصار جسدي دودا وجيفة قذرة ،الذل لي حليف ،والعز مني غريب
أشدكم حبا إلي أسرعكم إلى دفني ،والتخلية بيني وبين ما قدمت من عملي،
أسلفت من ذنوبي ،فيورثني ذلك الحسرة ،ويعقبني الندامة ،وقد كنتم
وعدتموني أن تمنعوني من عدوي الضار فإذا أنتم ل منع عندكم ول قوة
على ذلك لكم ول سبيل لكم ،أيها المل إني محتال لنفسي إذ جئتم بالخداع،
ونصبتم لي شراك الغرور ) .(1فقالوا :أيها الملك المحمود لسنا الذي كنا
كما أنك لست الذي كنت ،وقد أبد لنا الذي أبد لك ،وغيرنا الذي غيرك ،فل
ترد علينا توبتنا وبذل نصيحتنا ،قال :أنا مقيم فيكم ما فعلتم ذلك ومفارقكم
إذا خالفتموه ،فأقام ذلك الملك في ملكه وأخذ جنوده بسيرته واجتهدوا في
العبادة فخصبت بلدهم وغلبوا عدوهم وازداد ملكهم حتى هلك ذلك الملك،
وقد صار فيهم بهذه السيرة اثنين وثلثين سنة فكان جميع ما عاش أربعا
وستين سنة .قال يوذاسف :قد سررت بهذا الحديث جدا ،فزدني من نحوه
أزدد سرورا ولربي شكرا .قال الحكيم :زعموا أنه كان ملك من الملوك
الصالحين وكان له جنود يخشون ال عزوجل ويعبدونه ،وكان في ملك
أبيه شدة من زمانهم والتفرق فيما بينهم وتنقص العدو من بلدهم ،وكان
يحثهم على تقوى ال عزوجل وخشيته والستعانة به ومراقبته والفزع
إليه ،فلما ملك ذلك الملك قهر عدوه واستجمعت رعيته وصلحت بلده
وانتظم له الملك ،فلما رأى ما فضل ال عزوجل به أترفه ذلك وأبطره
وأطغاه حتى ترك عبادة ال عزوجل وكفر نعمه ،وأسرع في قتل من عبد
ال ودام ملكه وطالت مدته حتى ذهل الناس عما كانوا عليه من الحق قبل
][432
ملكه ونسوه وأطاعوه فيما أمرهم به وأسرعوا إلى الضللة ،فلم يزل على ذلك
فنشاء فيه الولد وصار ل يعبد ال عزوجل فيهم ول يذكر بينهم اسمه ول
يحسبون أن لهم إلها غير الملك ،وكان ابن الملك قد عاهد ال عزوجل في
حياة أبيه إن هو ملك يوما أن يعمل بطاعة ال عزوجل بأمر لم يكن من
قبله من الملوك يعملون به ول يستطيعونه ،فلما ملك أنساه الملك رأيه
الول ونيته التي كان عليها ،وسكر سكر صاحب الخمر ،فلم يكن يصحو
ويفيق ) .(1وكان من أهل لطف الملك رجل صالح أفضل أصحابه منزلة
عنده ،فتوجع له مما رأى من ضللته في دينه ونسيانه ما عاهد ال عليه،
وكان كلما أراد أن يعظه ذكر عتوه وجبروته ولم يكن بقي من تلك المة
غيره وغير رجل آخر في ناحية أرض الملك ل يعرف مكانه ول يدعى
باسمه .فدخل ذات يوم على الملك بجمجمة قد لفها في ثيابه ،فلما جلس
عن يمين الملك انتزعها عن ثيابه ثم وطئها برجله فلم يزل يفركها )(2
بين يدي الملك وعلى بساطه حتى دنس مجلس الملك بما تحات من تلك
الجمجمة ،فلما رأى الملك ما صنع غضب من ذلك غضبا شديدا ،وشخصت
إليه أبصار جلسائه واستعدت الحرس بأسيافهم انتظارا لمره إياهم ،بقتله
والملك في ذلك مالك لغضبه ،وقد كانت الملوك في ذلك الزمام مع جبروتهم
وكفرهم ذوي أناة وتؤدة ،استصلحا للرعية على عمارة أرضهم ليكون
ذلك أعون للجلب وأدى للخراج ،فلم يزل الملك ساكتا على ذلك حتى قام من
عنده ،فلف تلك الجمجمة في ثوبه ،ثم فعل ذلك في اليوم الثاني والثالث
فلما رأى أن الملك ل يسأله عن تلك الجمجمة ،ول يستنطقه في شئ من
شأنها أدخل مع تلك الجمجمة ميزانا وقليل من تراب فلما صنع بالجمجمة
ما كان يصنع أخذ الميزان وجعل في إحدى كفيته درهما وفي الخرى
بوزنه ترابا ثم جعل ذلك
) (1صحا السكران :ذهب سكره وأفاق (2) .فرك الثوب :دلكه ،الشئ عن الثوب
أزاله وحكه حتى تفتت.
][433
التراب في عين تلك الجمجمة ثم أخذ قبضة من التراب فوضعها في موضع الفم من
تلك الجمجمة .فلما رأى الملك ما صنع قل صبره وبلغ مجهوده ،فقال لذلك
الرجل :قد علمت أنك إنما اجترأت على ما صنعت لمكانك مني وإدللك
علي ،وفضل منزلتك عندي ،ولعلك تريد بما صنعت أمرا ،فخر الرجل للملك
ساجدا وقبل قدميه ،وقال :أيها الملك أقبل علي بعقلك كله فإن مثل الكلمة
كمثل السهم إذا رمى به في أرض لينة يثبت فيها وإذا رمى في الصفا لم
يثبت ومثل الكلمة كمثل المطر إذا أصاب أرضا طيبة مزروعة ينبته فيها،
وإذا أصاب السباخ لم ينبت ،وإن أهواء الناس متفرقة ،والعقل والهوى
يصطرعان في القلب ،فإن غلب هوى العقل عمل الرجل بالطيش والسفه،
وإن كان الهوى هو المغلوب لم يوجد في أمر الرجل سقطة ،فإني لم أزل
منذ كنت غلما احب العلم وأرغب فيه وأوثره على المور كلها ،فلم أدع
علما إل بلغت منه أفضل مبلغ ،فبينا أنا ذات يوم أطوف بين القبور إذ قد
بصرت بهذه الجمجمة بارزة من قبور الملوك ،فغاظني موقعها وفراقها
جسدها غضبا للملوك فضممتها إلي وحملتها إلى منزلي فألبستها الديباج
ونضحتها بالماء الورد والطيب ووضعتها على الفرش وقلت إن كان من
جماجم الملوك فسيؤثر فيها إكرامي إياها ،وترجع إلى جمالها وبهائها،
وإن كانت من جماجم المساكين فإن الكرامة ل تزيدها شيئا ففعلت ذلك بها
أياما فلم أستنكر من هيئتها شيئا فلما رأيت ذلك دعوت عبدا هو أهون
عبدي عندي فأهانها فإذا هي في حالة واحدة عند الهانة والكرام ،فلما
رأيت ذلك أتيت الحكماء فسألتهم عنها فلم أجد عندهم علما بها ،ثم علمت
أن الملك منتهى العلم ومأوى الحلم فأتيتك خائفا على نفسي فلم يكن لي أن
أسألك عن شئ حتى تبدأني به واحب أن تخبرني أيها الملك أجمجمة ملك
أم جمجمة مسكين فإنها لما أعياني أمرها تفكرت في أمرها وفي عينها
التي كانت ل يملؤها شئ حتى لو قدرت على ما دون السماء من شئ
تطلعت إلى أن تتناول ما فوق السماء ،فذهبت أنظر ما الذي يسدها ويملها
فإذا وزن درهم من تراب قد سدها وملها ،و
][434
نظرت إلى فيها ) (1الذي لم يكن يمله شئ فملءته قبضة من تراب ،فإن أخبرتني
أيها الملك أنها جمجمة مسكين احتججت عليك بأني قد وجدتها وسط قبور
الملوك ،ثم أجمع جماجم ملوك وجماجم مساكين فإن كان لجماجمكم عليها
فضل ،فهو كما قلت ،وإن أخبرتني بأنها من جماجم الملوك أنبأتك أن ذلك
الملك الذي كانت هذه جمجمته قد كان من بهاء الملك وجماله وعزته في
مثل ما أنت فيه اليوم فحاشاك أيها الملك أن تصير إلى حال هذه الجمجمة
فتوطأ بالقدام وتخلط بالتراب ويأكلك الدود وتصبح بعد الكثرة قليل وبعد
العزة ذليل ،وتسعك حفرة طولها أدنى من أربعة أذرع ،ويورث ملكك
وينقطع خبرك ويفسد صنايعك ويهان من أكرمت ويكرم من أهنت
ويستبشر أعداءك ويضل أعوانك ويحول التراب دونك ،فإن دعوناك لم
تسمع ،وإن أكرمناك لم تقبل ،وإن أهناك لم تغضب ،فيصير بنوك يتامى
ونساؤك أيامى ) (2وأهلك يوشك أن يستبدلن أزواجا غيرك .فلما سمع
الملك ذلك فزع قلبه وانسكبت عيناه يبكى ويقول ويدعو بالويل ،فلما رأي
الرجل ذلك علم أن قوله قد استمكن من الملك ،وقوله قد أنجع فيه زاده ذلك
جرأة عليه وتكريرا لما قال ،فقال له الملك :جزاك ال عني خيرا وجزا من
حولي من العظماء شرا ،لعمري لقد علمت ما أردت بمقالتك هذه وقد
أبصرت أمري فسمع الناس خبره فتوجهوا أهل الفضل إليه وختم له بالخير
وبقي عليه إلى أن فارق الدنيا .قال ابن الملك :زدني من هذا المثل قال
الحكيم :زعموا أن ملكا كان في أول الزمان وكان حريصا على أن يولد له
وكان ل يدع شيئا مما يعالج به الناس أنفسهم إل أتاه وصنعه ،فلما طال
ذلك عليه من أمره حملت امرأة له من نسائه فولدت له غلما فلما نشأ
وترعرع ) (3خطا ذات يوم خطوة فقال :معادكم تجفون ،ثم خطا اخرى
فقال :تهرمون ،ثم خطا الثالثة فقال :ثم تموتون ،ثم عاد كهيئته
) (1يعنى فمها (2) .أي ل زوج لهن (3) .ترعرع الصبى نشأ وشب.
][435
يفعل كما يفعل الصبي .فدعا الملك العلماء والمنجمين فقال :أخبروني خبر ابني هذا
فنظروا في شأنه وأمره فأعياهم أمره ،فلم يكن عندهم فيه علم ،فلما رأى
الملك أنه ليس عندهم فيه علم دفعه إلى المرضعات فأخذن في إرضاعه إل
أن منجما منهم قال :إنه سيكون إماما ،وجعل عليه حراسا ل يفارقونه حتى
إذا شب انسل يوما من عند مرضعيه والحرس فأتى السوق فإذا هو بجنازة
فقال :ما هذا قالوا :إنسانا مات قال :ما أماته ؟ قالوا :كبر وفنيت أيامه
ودنى أجله فمات ،قال :وكان صحيحا حيا يمشي ويأكل ويشرب ؟ قالوا:
نعم ،ثم مضى فإذا هو برجل شيخ كبير فقام ينظر إليه متعجبا منه ،فقال:
ما هذا ؟ قالوا :رجل شيخ كبير قد فنى شبابه وكبر ،قال :وكان صغيرا ثم
شاب ؟ قالوا :نعم ،ثم مضى فإذا هو برجل مريض مستلقى على ظهره،
فقام ينظر إليه ويتعجب منه ،فسألهم ما هذا ؟ قالوا :رجل مريض ،فقال:
أو كان هذا صحيحا ثم مرض ؟ قالوا :نعم قال :وال لئن كنتم صادقين فإن
الناس لمجنونون .فافتقد الغلم عند ذلك فطلب فإذا هو بالسوق فأتوه
فأخذوه وذهبوا به فأدخلوه البيت ،فلما دخل البيت استلقى على قفاه ينظر
إلى خشب سقف البيت و يقول :كيف كان هذا ؟ قالوا :كانت شجرة ثم
صارت خشبا ،ثم قطع ،ثم بني هذا البيت ،ثم جعل هذا الخشب عليه ،فبينا
هو في كلمه إذا رسل الملك إلى الموكلين به :انظروا هل يتكلم أو يقول
شيئا ؟ قالوا :نعم وقد وقع في كلم ما نظنه إل وسواسا ،فلما رأى الملك
ذلك وسمع جميع ما لفظ به الغلم ،دعا العلماء فسألهم فلم يجد فيه عندهم
علما إل الرجل الول فأنكر قوله فقال بعضهم :أيها الملك لو زوجته ذهب
عنه الذي ترى ،وأقبل وعقل وأبصر فبعث الملك في الرض يطلب ويلتمس
له امرأة فوجدت له امرأة من أحسن الناس وأجملهم فزوجها منه ،فلما
أخذوا في وليمة عرسه أخذ اللعبون يلعبون والزمارون يزمرون ،فلما
سمع الغلم جلبتهم )(1
) (1جلب القوم :ضجوا واختلطت اصواتهم .والجلب والمجلب -بشد اللم :-
المصوت.
][436
وأصواتهم قال :ما هذا ؟ قالوا :هؤلء لعابون وزمارون جمعوا لعرسك ،فسكت
الغلم ،فلما فرغوا من العرس وأمسوا ،دعا الملك امرأة ابنه فقال لها :إنه
لم يكن لي ولد غير هذا الغلم ،فلما دخلت عليه فألطفي به وأقربي منه
وتحببي إليه ،فلما دخلت المرأة عليه أخذت تدنو منه وتتقرب إليه ،فقال
الغلم على رسلك ) (1فإن الليل طويل ،بارك ال فيك ،واصبري حتى نأكل
ونشرب ،فدعا بالطعام فجعل يأكل فلما فرغ جعلت المرأة تشرب فلما أخذ
الشراب منها نامت .فقام الغلم فخرج من البيت ،وانسل من الحرس
والبوابين حتى خرج وتردد في المدينة ،فلقيه غلم مثله من أهل المدينة
فأتبعه وألقى ابن الملك عنه تلك الثياب التي كانت عليه ولبس ثياب الغلم،
وتنكر جهده وخرجا جميعا من المدينة فسارا ليلتهما حتى إذا قرب الصبح
خشيا الطلب فكمنا ،فاتيت الجارية عند الصبح فوجدوها نائمة فسألوها أين
زوجك ؟ قالت :كان عندي الساعة ،فطلب الغلم فلم يقدر عليه ،فلما أمسى
الغلم وصاحبه سارا ثم جعل يسيران الليل ويكمنان النهار حتى خرجا من
سلطان أبيه ،ووقعا في ملك سلطان آخر .وقد كان لذلك الملك الذي صارا
إلى سلطانه ابنة قد جعل لها أن ل يزوجها أحدا إل من هوته ورضيته،
وبنى لها غرفة عالية مشرفة على الطريق فهي فيها جالسة تنظر إلى كل
من أقبل وأدبر فبينما هي كذلك إذ نظرت إلى الغلم يطوف في السوق
وصاحبه معه في خلقانه ،فأرسلت إلى أبيها إني قد هويت رجل فإن كنت
مزوجي أحدا من الناس فزوجني منه واتيت ام الجارية فقيل لها :إن ابنتك
قد هويت رجل وهي تقول كذا وكذا ،فأقبلت إليها فرحة حتى تنظر إلى
الغلم فأروها إياه فنزلت امها مسرعة حتى دخلت على الملك ،فقالت :إن
ابنتك قد هويت غلما فأقبل الملك ينظر إليه ،ثم قال أرونيه فأروه من بعد
فأمر أن يلبس ثيابا اخرى ونزل فسأله واستنطقه وقال :من أنت ومن أين
أنت ؟ قال الغلم :وما سؤالك عني أنا رجل من مساكين الناس ،فقال :إنك
لغريب ،وما يشبه لونك ألوان
][437
أهل هذه المدينة ،فقال الغلم :ما أنا بغريب ،فعالجه الملك أن يصدقه قصته فأبى،
فأمر الملك اناسا أن يحرسوه وينظروا أين يأخذ ،ول يعلم بهم ،ثم رجع
الملك إلى أهله فقال :رأيت رجل كأنه ابن الملك وماله حاجة فيما تراودونه
عليه ،فبعث إليه فقيل له :إن الملك يدعوك ،فقال الغلم :وما أنا والملك
يدعوني ومالي إليه حاجة وما يدري من أنا ،فانطلق به على كره منه حتى
دخل على الملك فأمر بكرسي فوضع له فجلس عليه ودعى الملك امرأته
وابنته فأجلسهما من وراء الحجاب خلفه فقال له الملك :دعوتك لخير ،إن
لي ابنه قد رغبت فيك اريد أن ازوجها منك فإن كنت مسكينا أغنيناك
ورفعناك وشرفناك ،قال الغلم :مالي فيما تدعوني إليه حاجة ،فإن شئت
ضربت لك مثل أيها الملك ؟ قال :فافعل .قال الغلم :زعموا أن ملكا من
الملوك كان له ابن وكان لبنه أصدقاء صنعوا له طعاما ودعوه إليه فخرج
معهم فأكلوا وشربوا حتى سكروا فناموا فاستيقظ ابن الملك في وسط الليل
فذكر أهله فخرج عائدا إلى منزله ،ولم يوقظ أحدا منه فبينا هو في مسيره
إذ بلغ منه الشراب فبصر بقبر على الطريق فظن أنه مدخل بيته فدخله فإذا
هو بريح الموتى فحسب ذلك لما كان به السكر أنه رياح طيبة فإذا هو
بعظام ل يحسبها إل فرشه الممهدة ،فإذا هو بجسد قد مات حديثا وقد أروح
فحسبه أهله فقام إلى جانبه فاعتنقه وقبله وجعل يعبث به عامة ليله فأفاق
حين أفاق ونظر حين نظر فإذا هو على جسد ميت وريح منتنة ،قد دنس
ثيابه وجلده ،ونظر إلى القبر وما فيه من الموتى ،فخرج وبه من السوء ما
يختفي به من الناس أن ينظروا إليه متوجها إلى باب المدينة ،فوجده
مفتوحا فدخله حتى أتى أهله فرأى أنه قد انعم عليه حيث لم يلقه أحد،
فألقى عنه ثيابه تلك واغتسل ولبس لباسا اخرى وتطيب .عمرك ال أيها
الملك أتراه راجعا إلى ما كان فيه وهو يستطيع ؟ قال :ل ،قال :فإني أنا
هو ،فالتفت الملك إلى امرأته وابنته ،وقال :قد أخبرتكم أنه ليس له فيما
تدعونه رغبة ،قالت امها :لقد قصرت في النعت لبنتي والوصف لها أيها
الملك
][438
ولكني خارجة إليه ومتكلمة ،فقال الملك للغلم :إن امرأتي تريد أن تكلمك وتخرج
إليك ولم تخرج إلى أحد قبلك ،فقال الغلم :لتخرج إن أحبت ،فخرجت
وجلست فقالت للغلم :تعال إلى ما قد ساق ال إليك من الخير والرزق
فأزوجك ابنتي فإنك لو قد رأيتها وما قسم ال عزوجل لها من الجمال
والهيئة لغتبطت ،فنظر الغلم إلى الملك فقال :أفل أضرب لك مثل ؟ قال:
بلى .قال :إن سراقا تواعدوا أن يدخلوا خزانة الملك ليسرقوا ،فنقبوا حائط
الخزانة فدخلوها فنظروا إلى متاع لم يروا مثله قط ،وإذا هم بقلة من ذهب
مختومة بالذهب فقالوا ل نجد شيئا أعلى من هذه القلة هي ذهب مختومة
بالذهب والذي فيها أفضل من الذي رأينا فاحتملوها ومضو بها حتى دخلوا
غيضة ل يأمن بعضهم بعضا عليها ففتحوها فإذا في وسطها أفاع ،فوثبن
في وجوههم فقتلنهم أجمعين .عمرك ال أيها الملك أفترى أحدا علم بما
أصابهم ومالقوه يدخل يده في تلك القلة وفيها من الفاعي ؟ قال :ل ،قال:
فإني أنا هو ،فقالت الجارية لبيها :ائذن لي فأخرج إليه بنفسي واكلمه فإنه
لو قد نظر إلي وإلى جمالي وحسني وهيئتي وما قسم ال عزوجل لي من
الجمال لم يتمالك أن يجيب ،فقال الملك للغلم :إن ابنتي تريد أن تخرج إليك
ولم تخرج إلى رجل قط ،قال :لتخرج أن أجبت ،فخرجت عليه وهي أحسن
الناس وجها وقدا وطرفا وهيكل ،فسلمت على الغلم وقالت للغلم :هل
رأيت مثلي قط أو أتم أو أجمل أو أكمل أو أحسن ؟ وقد هويتك وأحببتك،
فنظر الغلم إلى الملك ،فقال :أفل أضرب لها مثل ؟ قال :بلى .قال الغلم:
زعموا أيها الملك إن ملكا له ابنان فأسر أحدهما ملك آخر فحبسه في بيت
وأمر أن ل يمر عليه أحد إل رماه بحجر ،فمكث بذلك حينا ،ثم إن أخاه قال
لبيه :ائذن لي فأنطلق إلى أخي فافديه ،وأحتال له ،قال :فانطلق وخذ معك
ما شئت من مال ومتاع ودواب ،فاحتمل معه الزاد والراحلة وانطلق
][439
معه المغنيات والنوائح فلما دنا من مدينة ذلك الملك أخبر الملك بقدومه فأمر الناس
بالخروج إليه وأمر له بمنزل خارج من المدينة فنزل الغلم في ذلك المنزل
فلما جلس فيه ونشر متاعه وأمر غلمانه أن يبيعوا الناس ويساهلوهم في
بيعهم ويسامحوهم ففعلوا ذلك فلما رأى الناس قد شغلوا بالبيع انسل ودخل
المدينة وقد علم أين سجن أخيه ،ثم أتى السجن فأخذ حصاة فرمى بها
لينظر ما بقي من نفس أخيه ،فصاح حين أصابته الحصاة .وقال :قتلتني
ففزع الحرس عند ذلك و خرجوا إليه وسألوه لم صحت وما شأنك وما
بدالك وما رأيناك تكلمت ونحن نعذبك منذ حين ويضربك ويرميك كل من
يمر بك بحجر ،ورماك هذا الرجل بحصاة فصحت منها ؟ فقال :إن الناس
كانوا من أمري على جهالة ورماني هذا على علم فانصرف أخوه راجعا
إلى منزله ومتاعه ،وقال للناس :إذا كان غدا فأتوني أنشر عليكم بزا
ومتاعا لم تروا مثله قط فانصرفوا يومئذ حتى إذا كان من الغد غدوا عليه
بأجمعهم فأمر بالبز فنشروا وأمر بالمغنيات والنايحات وكل صنف معه مما
يلهى به الناس فأخذوا في شأنهم فاشتغل الناس فأتى أخاه فقطع عنه
أغلله ،وقال :أنا اداويك فاختلسه وأخرجه من المدينة فجعل على جراحاته
دواء كان معه حتى إذا وجد راحة أقامه على الطريق ،ثم قال له :انطلق
فإنك ستجد سفينة قد سيرت لك في البحر ،فانطلق سائرا فوقع في جب فيه
تنين وعلى الجب شجرة نابتة فنظر إلى الشجرة فإذا على رأسها اثنا عشر
غول وفي أسفلها اثنا عشر سيفا ،وتلك السيوف مسلولة معلقة فلم يزل
يتحمل ويحتال حتى أخذ بغصن من الشجرة فتعلق به وتخلص وسار حتى
أتى البحر فوجد سفينة قد اعدت له إلى جانب الساحل فركب فيها حتى أتوا
به أهله .عمرك ال أيها الملك أتراه عائد إلى ما قد عاين ولقى ،قال :ل،
قال :فإني أنا هو فيئسوا منه ،فجاء الغلم الذي صحبه من المدينة وقال:
اذكرني لها وأنكحنيها فقال الغلم للملك إن هذا يقول إني احب أن ينكحنيها
الملك ،فقال :ل أفعل قال :أفل أضرب لك مثل ؟ قال :بلى.
][440
قال :إن رجل كان في قوم فركبوا سفينة فساروا في البحر ليالي وأياما ثم انكسرت
سفينتهم بقرب جزيرة في البحر فيها الغيلن فغرقوا كلهم سواه وألقاه
البحر إلى الجزيرة ،وكانت الغيلن يشرفن من الجزيرة إلى البحر فأتى
غول فهويها ونكحها حتى إذا كان من الصبح قتلته وقسمت أعضاءه بين
صواحباتها واتفق مثل ذلك لرجل آخر فأخذته ابنة ملك الغيلن فانطلقت به
فبات معها ينكحها وقد علم الرجل ما لقي من كان قبله فليس ينام حذرا
حتى إذا كان مع الصبح قامت الغولة فانسل الرجل حتى أتى الساحل فإذا
هو بسفينة فنادى أهلها واستغاث بهم فحملوه حتى أتوا به أهله فأصبحت
الغيلن فأتوا الغولة التي باتت معه فقالوا لها أين الرجل الذي بات معك ؟
قالت :إنه قد فرمني فكذبوها وقالوا :أكلته واستأثرت به علينا فنقتلنك إن
لم تأتنا به فمرت في الماء حتى أتته في منزله ورحله فدخلت عليه
وجلست عنده وقالت له :ما لقيت في سفرك هذا ،قال :لقيت بلء خلصني
ال منه وقص عليها ذلك فقالت وقد تخلصت ؟ قال :نعم فقالت أنا الغولة
وجئت لخذك فقال لها :أنشدك ال أن تهلكيني فإني أدلك على مكان رجل،
قالت إني أرحمك فانطلقا حتى دخل على الملك ،قالت اسمع منا أصلح ال
الملك إني تزوجت بهذا الرجل وهو من أحب الناس إلي ،ثم إنه كرهني
وكره صجتي فانظر في أمرنا فلما رآها الملك أعجبه جمالها فخل بالرجل
فساره وقال :إني قد أحببت أن تتركها فأتزوجها قال :نعم أصلح ال الملك
ما تصلح إل لك فتزوج بها الملك وبات معها حتى إذا كانت مع السحر
ذبحته وقطعت أعضاءه وحملته إلى صواحباتها أفترى أيها الملك أحدا يعلم
بهذا ،ثم ينطلق إليه ؟ قال :ل ،قال الخاطب للغلم فإني ل افارقك ول حاجة
لي فيما أردت .فخرجا من عند الملك يعبدان ال جل جلله ويسيحان في
الرض ،فهدى ال عزوجل بهما اناسا كثيرا وبلغ شأن الغلم وارتفع ذكره
في الفاق فذكر والده ،وقال :لو بعثت إليه لستنقذته مما هو فيه ،فبعث
إليه رسول فأتاه فقال له :إن ابنك يقرئك السلم وقص عليه خبره وأمره
فأتاه والده وأهله فاستنقذهم مما كانوا فيه.
][441
ثم إن بلوهر رجع إلى منزله واختلف إلى يوذاسف أياما حتى عرف أنه فتح له
الباب ودله على السبيل ،ثم تحول من تلك البلد إلى غيرها وبقي يوذاسف
حزينا مغتما فمكث بذلك حتى بلغ وقت خروجه إلى النساك لينادي بالحق
ويدعو إليه أرسل ال عزوجل ملكا من الملئكة فلما رأى منه خلوة ظهر
له وقام بين يديه ،ثم قال له :لك الخير والسلمة أنت إنسان بين البهائم
الظالمين الفاسقين من الجهال أتيتك بالتحية من الحق وإله الخلق بعثني
إليك لبشرك وأذكر لك ما غاب عنك من امور دنياك وآخرتك ،فاقبل
بشارتي ومشورتي ول تغفل عن قولي ،اخلع عنك الدنيا وانبذ عنك
شهواتها وازهد في الملك الزائل ،والسلطان الفاني الذي ل يدوم وعاقبته
الندم والحسرة ،واطلب الملك الذي ل يزول والفرح الذي ل ينقضي
والراحة التي ل يتغير وكن صديقا مقسطا ،فإنك تكون إمام الناس تدعوهم
إلى الجنة .فلما سمع يوذاسف كلمه خر بين يدي ال عزوجل ساجدا،
وقال :إني لمر ال تعالى مطيع وإلى وصيته منته ،فمرني بأمرك فإني لك
حامد ولمن بعثك إلي شاكر فإنه رحمني ورؤف بي ولم يرفضني بين
العداء فإني كنت بالذي أتيت له مهتما ،قال الملك :إني أرجع إليك بعد أيام
ثم اخرجك فتهيأ للخروج ول تغفل عنه ،فوطن يوذاسف نفسه على
الخروج وجعل همته كله فيه ولم يطلع على ذلك أحدا حتى إذا جاء وقت
خروجه أتى الملك في جوف الليل والناس نيام ،فقال له :قم فاخرج ول
تؤخر ذلك ،فقام ولم يفش سره إلى أحد من الناس غير وزيره فبينا هو
يريد الركوب إذ أتاه رجل شاب جميل كان قد ملكهم بلده فسجد له .وقال
أين تذهب :يا ابن الملك وقد أصابنا العسر أيها المصلح الحكيم الكامل:
وتتركنا وتترك ملكك وبلدك ،أقم عندنا فإنا كنا منذ ولدت في رخاء
وكرامة ولم تنزل بنا عاهة ول مكروه ،فسكته يوذاسف وقال له :امكث
أنت في بلدك ودار أهل مملكتك فأما أنا فذاهب حيث بعثت وعامل ما امرت
به فإن أنت اعنتني
][442
كان لك في عملي نصيبا ،ثم ركب فسار ما قضى ال له أن يسير ،ثم إنه نزل عن
فرسه ووزيره يقود فرسه ويبكي أشد البكاء ،ويقول ليوذاسف بأي وجه
أستقبل أبويك ؟ وبما أجيبهما عنك وبأي عذاب أو موت يقتلني ،وأنت
كيف تطيق العسر والذى الذي لم تتعوده وكيف ل تستوحش وأنت لم تكن
وحدك يوما قط ؟ وجسدك كيف تحمل الجوع والظمأ والتقلب على الرض
والتراب ،فسكته وعزاه ووهب له فرسه والمنطقة فجعل يقبل قدميه
ويقول :ل تدعني وراءك يا سيدي اذهب بي معك حيث خرجت فإنه ل
كرامة لي بعدك وإنك إن تركتني ولم تذهب بي معك خرجت في الصحراء
ولم أدخل مسكنا فيه إنسان أبدا ،فسكته أيضا وعزاه ،وقال :ل تجعل في
نفسك إل خيرا فإني باعث إلى الملك وموصيه فيك أن يكرمك و يحسن
إليك .ثم نزع عنه لباس الملك ودفعه إلى وزيره وقال له :البس ثيابي
وأعطاه الياقوته التي كان يجعلها في رأسه ،وقال :انطلق بها معك وفرسي
وإذا أتيته فاسجد له وأعطه هذه الياقوتة وأقرئه السلم ثم الشراف وقل
لهم :إني لما نظرت فيما بين الباقي والزائل رغبت في الباقي وزهدت في
الزائل ولما استبان لي أصلي و حسبي وفضلت بينهما وبين العداء
والقرباء رفضت العداء والقرباء وانقطعت إلي أصلي وحسبي ،فأما
والدي فإنه إذا أبصر الياقوتة طابت نفسه ،فإذا أبصر كسوتي عليك ذكرني
وذكر حبي لك ومودتي إياك ،فمنعه ذلك أن يأتي إليك مكروها .ثم رجع
وزيره وتقدم يوذاسف أمامه يمشي حتى بلغ فضاء واسعا فرفع رأسه
فرأى شجرة عظيمة على عين من ماء أحسن ما يكون من الشجر وأكثرها
فرعا وغصنا وأحلها ثمرا ،وقد اجتمع إليها من الطير مال يعد كثرة ،فسر
بذلك المنظر وفرح به ،وتقدم إليه حتى دنامنه ،وجعل يعبره في نفسه
ويفسره فشبه الشجر بالبشرى التي دعا إليها وعين الماء بالحكمة والعلم،
والطير بالناس الذين يجتمعون إليه ويقبلون منه الدين ،فبينا هو قائم إذ
أتاه أربعة من الملئكة
][443
عليهم السلم يمشون بين يديه فأتبع آثارهم حتى رفعوه في جو السماء واوتي من
العلم والحكمة ما عرف به الولى والوسطى والخرى ،والذي هو كائن ،ثم
أنزلوه إلى الرض وقرنوا معه قرينا من الملئكة الربعة فمكث في تلك
البلد حينا ثم إنه أتى أرض سولبط فلما بلغ والده قدومه خرج يسير هو
والشراف فأكرموه و قربوه ،واجتمع إليه أهل بلده مع ذوي قرابته
وحشمه وقعدوا بين يديه وسلموا عليه وكلمهم الكلم الكثير وفرش لهم
اليناس وقال لهم :اسمعوا إلي بأسماعكم وفرغوا إلي قلوبكم لستماع
حكمة ال عزوجل التي هي نور النفس وتقروا بالعلم الذي هو الدليل على
سبيل الرشاد ،وأيقظوا عقولكم وافهموا الفصل الذي بين الحق والباطل،
والضلل والهدى .واعلموا أن هذا هو دين الحق الذي أنزله ال عزوجل
على النبياء والرسل عليهم السلم ،والقرون الولى ،فخصنا ال عزوجل
به في هذا القرن برحمته بنا ورأفته ورحمته وتحننه علينا وفيه خلص
من نار جهنم إل أنه ل ينال النسان ملكوت السماوات ول يدخلها أحد إل
باليمان وعمل الخير ،فاجتهدوا فيه لتدركوا به الراحة الدائمة والحياة
التي ل تنقطع أبدا ومن آمن منكم بالدين فل يكونن إيمانه طمعا في الحياة
ورجاء ملك الرض وطلب مواهب الدنيا ،وليكن إيمانكم طمعا في ملكوت
السماوات ورجاء الخلص وطلب النجاة من الضللة وبلوغ الراحة والفرج
في الخرة ،فإن ملك الرض وسلطانها زائل ،ولذاتها منقطعة ،فمن اغتر
بها هلك وافتضح ،لو قد وقف على ديان الدين الذي ل يدين إل بالحق ،فإن
الموت مقرون مع أجسادكم وهو يتراصد أرواحكم أن يكبكبها مع الجساد.
واعلموا أنه كما أن الطير لين يقدر على الحياة والنجاة من العداء من
اليوم إلى غد هذه إل بقوة من البصر والجناحين والرجلين ،فكذلك النسان
ل يقدر على الحياة والنجاة إل بالعمل واليمان وأعمال الخير الكاملة،
فتفكر أيها الملك أنت والشراف فيما تستمعون وافهموا واعتبروا،
واعبروا البحر مادامت السفينة ،واقطعوا المسافة مادام الدليل والظهر
والزاد ،واسلكوا سبيلكم مادام المصباح،
][444
][445
دنا منه صغر حتي انتهى إليه فوجده لقمة فأكلها فوجدها أطيب شئ أكله ،ثم مضى
فوجد طستا من ذهب قال :أمرني ربي أن أكتم هذا فحفر له وجعله فيه
وألقى عليه التراب ،ثم مضى فالتفت فإذا الطست قد ظهر ،فقال :قد فعلت
ما أمرني ربي عزوجل ،فمضى فإذا هو بطير وخلفه بازي وطاف الطير
حوله فقال :أمرني ربي عزوجل أن أقبل هذا ففتح كمه فدخل الطير فيه،
فقال له البازي :أخذت صيدي وأنا خلفه منذ أيام ،فقال :إن ربي عزوجل
أمرني أن ل اويس هذا ،فقطع من فخذه قطعة فألقاها إليه ،ثم مضى ،فلما
مضى فإذا هو بلحم ميتة منتن مدود ،فقال :أمرني ربي أن أهرب من هذا
فهرب منه ،ورجع ورأى في المنام كأنه قد قيل له :إنك قد فعلت ما أمرت
به فهل تدري ماذا كان ؟ قال :ل ،قيل له :أما الجبل فهو الغضب إن العبد
إذا غضب لم ير نفسه وجهل قدره من عظم الغضب ،فإذا حفظ نفسه
وعرف قدره وسكن غضبه كانت عاقبته كاللقمة الطيبة التي أكلتها وأما
الطست فهو العمل الصالح إذا كتمه العبد وأخفاه أبى ال عزوجل إل أن
يظهره ليزينه به مع ما يدخر له من ثواب الخرة .وأما الطير فهو الرجل
الذي يأتيك بنصيحة فاقبله واقبل نصيحته .وأما البازي فهو الرجل الذي
يأتيك في حاجة فل تؤيسه .وأما اللحم المنتن فهو الغيبة فاهرب منها- 2 .
لى ) :(1عن ابن مسرور ،عن ابن عامر ،عن عمه ،عن التفليسي ،عن
السمندي قال :سمعت أبا عبد ال عليه السلم :يقول :كان في بني إسرائيل
مجاعة حتى نبشوا الموتى فأكلوهم ،فنبشوا قبرا فوجدوا فيه لوحا مكتوبا:
أنا فلن النبي نبش قبري حبشي :ما قدمناه وجدناه ،وما أكلناه ربحناه،
وما خلفناه خسرناه - 3 .ل ) :(2عن ما جيلويه ،عن محمد العطار ،عن
الشعري ،عن صالح يرفعه
بإسناده قال :أربعة القليل منها كثير ،النار القليل منها كثير ،والنوم القليل منه
كثير ،والمرض القليل منه كثير ،والعداوة القليل منها كثير - 4 .ما ):(1
عن المفيد ،عن الكاتب ،عن عبد الصمد بن علي ،عن محمد بن هارون،
عن أبي طلحة الخزاعي ،عن عمر بن عباد ،عن أبي فرات ) (2قال :قرأت
في كتاب لوهب بن منبه ،وإذا مكتوب في صدر الكتاب :هذا ما وضعت
الحكماء في كتبها :الجتهاد في عبادة ال أربح تجارة ،ول مال أعود من
العقل ،ول فقر أشد من الجهل ،وأدب تستفيده خير من ميراث ،وحسن
الخلق خير رفيق ،والتوفيق خير قائد ،ول ظهر أوثق من المشاورة ،ول
وحشة أوحش من العجب ،ول تطمعن صاحب الكبر في حسن الثناء عليه.
- 5ما ) :(3بالسناد ،عن أبي قتادة ،عن أبي عبد ال عليه السلم :قال:
وصية ورقة بن نوفل لخديجة بنت خويلد عليها السلم إذا دخل عليها يقول
لها :يا بنت أخي ل تمار جاهل ول عالما فإنك متى ماريت جاهل أذلك،
ومتي ماريت عالما منعك علمه ،وإنما يسعد بالعلماء من أطاعهم ،أي بنية
إياك وصحبة الحمق الكذاب ،فإنه يريد نفعك فيضرك ،ويقرب منك البعيد،
ويبعد عنك القريب ،إن ائتمنته خانك ،وإن ائتمنك أهانك ،وإن حدثك كذبك،
وإن حدثته كذبك وأنت منه بمنزلة السراب الذي يحسبه الظمآن ماء حتى
إذا جاءه لم يجده شيئا ،واعلمي أن الشاب الحسن الخلق مفتاح للخير
مغلق للشر وأن الشاب الشحيح الخلق مغلق للخير مفتاح للشر ،واعملي
أن الجر إذا انكسر لم يشعب ولم يعد طينا - 6 .ما ) :(4عن ابن مخلد ،عن
جعفر بن محمد بن نصير ،عن أحمد بن محمد بن
) (1المالى ج 1ص (2) .185في المصدر " أبى تراب " (3) .المالى ج 1ص
(4) .308المصدر ج 2ص .8
][447
مسروق قال :أنشدني بعض أصحابنا .اجعل تلدك في المهم من المور إذا اقترب
حسن التصبر ما استطعت فإنه نعم السبب لتسه عن أدب الصغير وإن
شكى ألم التعب ودع الكبير لشأنه كبر الكبير عن الدب ل تصحب النطف
المريب فقر به إحدى الريب واعلم بأن ذنوبه تعدى كما يعدى الجرب - 7
ل ،مع ) :(1عن العطار ،عن أبيه ،عن الشعري ،عن أبي عبد ال الرازي،
عن ابن عثمان ،عن محمد بن أبي حمزة ،عن محمد بن وهب ،عن أبي
عبد ال عليه السلم :قال :تبع حكيم حكيما سبعمائة فرسخ في سبع كلمات
فلما لحق به قال له :يا هذا ما أرفع من السماء ؟ وأوسع من الرض ؟
وأغني من البحر ؟ وأقسى من الحجر ؟ وأشد حرارة من النار ؟ وأشد بردا
من الزمهرير ؟ وأثقل من الجبال الراسيات ؟ فقال له :يا هذا إن الحق أرفع
من السماء ،والعدل أوسع من الرض ،وغنى النفس أغنى من البحر،
وقلب الكافر أقسى من الحجر ،والحريص الجشع أشد حرارة من النار،
واليأس من روح ال عزوجل أشد بردا من الزمهرير ،والبهتان على البرئ
أثقل من الجبال الراسيات - 8 .لى ) :(2عن ابن البرقي ،عن أبيه ،عن
جده ،عن الحسن بن علي بن فضال ،عن ابن حميد ،عن الثمالي قال :دعا
حذيفة بن اليمان ابنه عنده موته فأوصى إليه وقال :يا بني أظهر اليأس
مما في أيدي الناس فإن فيه الغنى ،وإياك وطلب الحاجات إلى الناس فإنه
فقر حاضر ،وكن اليوم خيرا منك أمس ،وإذا أنت صليت فصل صلة مودع
للدنيا ،كأنك ل ترجع ،وإياك وما يعتذر منه - 9 .ل ) :(3عن أبيه ،عن
علي ،عن أبيه ،عن النوفلي ،عن السكوني،
][448
عن جعفر بن محمد ،عن أبيه عليهما السلم قال :قام أبو ذر -رحمه ال -عند
الكعبة فقال :أنا جندب بن سكن ،فاكتنفه الناس فقال :لو أن أحدكم أراد
سفرا ل تخذ فيه من الزاد ما يصلحه ،فسفر يوم القيامة أما تريدون فيه ما
يصلحكم ،فقام إليه رجل فقال :أرشدنا ،فقال :صم يوما شديد الحر للنشور،
وحج حجة لعظائم المور وصل ركعتين في سواد الليل لوحشة القبور،
كلمة خير تقولها ،وكلمة شر تسكت عنها ،أو صدقة منك على مسكين لعلك
تنجو بها ،يا مسكين من يوم عسير ،اجعل الدنيا درهمين درهما أنفقته
على عيالك ،ودرهما قدمته لخرتك ،والثالث يضر ول ينفع فل ترده ،اجعل
الدنيا كلمتين :كلمة في طلب الحلل ،وكلمة للخرة ،والثالثة تضر ول تنفع
ل تردها ،ثم قال :قتلني هم يوم ل أدركه .جا ) :(1عن أحمد بن الوليد ،عن
أبيه ،عن الصفار ،عن أحمد بن محمد بن الوليد ) (2عن أبيه ،عن أحمد
بن النضر ،عن عمرو بن شمر ،عن جابر ،عن أبي جعفر عليه السلم
مثله - 10 .جا ،ما ) :(3عن المفيد ،عن الكاتب ،عن الزعفراني ،عن
الثقفي عن حبيب بن بصير ) (4عن أحمد بن بشير ،عن هشام بن محمد،
عن أبيه محمد بن السائب ،عن إبراهيم بن محمد اليماني ،عن عكرمة قال:
سمعت عبد ال بن العباس يقول لبنه علي بن عبد ال :ليكن كنزك الذي
تدخره العلم ،كن به أشد اغتباطا منك بكثرة الذهب الحمر ،فإني مودعك
كلما إن أنت وعيته اجتمع لك به خير أمر الدنيا والخرة ل تكن ممن
يرجو الخرة بغير عمل ،ويؤخر التوبة الطول المل ،ويقول في الدنيا قول
الزاهدين ،ويعمل فيها عمل الرغبين إن اعطي منها لم يشبع وإن منع منها
لم يقنع ،يعجز عن شكر ما اوتي ويبغي الزيادة فيما بقي ويأمر بما ل
يأتي ،يحب الصالحين ول يعمل عملهم ،ويبغض الفجار وهو أحدهم،
ويقول :لم أعمل فأتعني أل أجلس فأتمني ،فهو يتمني المغفرة وقد دأب في
المعصية قد عمر
) (1مجالس المفيد ص 125و (2) .126في المصدر محمد بن محمد بن الوليد) .
(3مجالس المفيد ،195والمالي ج 1ص (4) .110في المجالس "
حبيب بن نصر ".
][449
ما يتذكر فيه من تذكر يقول فيما ذهب :لو كنت عملت ونصبت كان ذخرا لي
ويعصي ربه تعالى فيما بقي غير مكترث ،إن سقم ندم على العمل ) (1وإن
صح أمن واغتر وأخر العمل ،معجبا بنفسه ما عوفي ،وقانطا إذا ابتلي ،إن
رغب أشر ،وإن بسط له هلك ،تغلبه نفسه على ما يظن ول يغلبها على ما
يستيقن ،ل يثق من الرزق بما قد ضمن له ،ول يقنع بما قسم له ،لم يرغب
قبل أن ينصب ،ول ينصب فيما يرغب ،إن استغنى بطر ،وإن افتقر قنط،
فهو يبتغي الزيادة وإن لم يشكر ،ويضيع من نفسه ما هو أكبر ،يكره
الموت ل ساءته ول يدع الساءة في حياته ،إن عرضت شهوته واقع
الخطيئة ثم تمنى التوبة ،وإن عرض له عمل الخرة دافع ،يبلغ في الرغبة
حين يسأل ،ويقصر في العمل حين يعمل ،فهو بالطول مدل وفي العمل
مقل ،يبادر في الدنيا ،يعبأ بمرض فإذا أفاق واقع الخطايا ولم يعرض،
يخشى الموت ول يخاف الفوت ،يخاف على غيره بأقل من ذنبه ،ويرجو
لنفسه بدون عمله ،وهو على الناس طاعن ،ولنفسه مداهن ،يرجو المانة
ما رضي ويرى الخيانة إن سخط ،إن عوفي ظن أنه قد تاب وإن ابتلي طمع
في العافية وعاد ،ل يبيت قائما ،ول يصبح صائما ،يصبح وهمه الغذاء،
ويمسي ونيته العشاء وهو مفطر ،يتعوذ بال من فوقه ول ينجو بالعوذ
منه من هو دونه ،يهلك في بغضه إذا أبغض ول يقصر في حبه إذا أحب،
يغضب في اليسير ،ويعصي على الكثير ،فهو يطاع ويعصي ال ،وال
المستعان - 11 .ص ) :(2عن الصدوق ،عن محمد العطار ،عن الحسن بن
إسحاق ،عن علي بن مهزيار ،وعن الحسين بن سعيد ،عن عثمان بن
عيسى ،عن ابن مسكان ،عن منذر ،عن أبي جعفر عليه السلم قال :لما
فارق موسى الخضر قال موسى أوصني ،فقال الخضر :ألزم ما ل يضرك
معه شئ كما ل ينفعك من غيره شئ ،إياك واللجاجة والمشي إلى غير
حاجة ،والضحك في غير تعجب ،يا ابن عمران ل تعيرن أحدا بخطيئته،
وابك على خطيئتك - 12 .ك ) :(3عن الحسن بن عبد ال ،عن علي بن
الحسين بن إسماعيل،
) (1كذا والظاهر " على ترك العمل " (2) .مخطوط (3) .كمال الدين ص .101
][450
عن محمد بن زكريا ،عن مهدي بن ساق ،عن عبد ال بن عباس ،عن أبيه قال:
جمع قس بن ساعدة ولده فقال :إن المعا تكفيه البقلة وترويه المذقة ،ومن
عيرك شيئا ففيه مثله ،ومن ظلمك وجد من يظلمه ،متى عدلت على نفسك
عدل عليك من فوقك ،فإذا نهيت عن شئ فابدأ بنفسك ،ول تجمع ما ل
تأكل ،ول تأكل مال تحتاج إليه ،وإذا ادخرت فل تكونن كنزك إل فعلك ،وكن
عف العيلة مشترك الغنى تسد قومك ،ول تشاورن مشغول وإن كان حازما
ول جائعا وإن كان فهما ،ول مذعورا وإن كان ناصحا ،ول تضعن في
عنقك طوقا ل يمكنك نزعه إل بشق نفسك ،وإذا خاصمت فاعدل ،وإذا قلت
فاقتصد ،ول تستود عن أحدا دينك وإن قربت قرابته فإنك إذا فعلت ذلك لم
تزل وجل ،وكان المستودع بالخيار في الوفاء بالعهد ،وكنت له عبدا ما
بقيت ،فإن جنى عليك كنت أولى بذلك ،وإن وفى كان الممدوح دونك ،عليك
بالصدقة فانها تكفر الخطيئة وكان قس ل يستودع دينه أحدا وكان يتكلم
بما يخفى معناه على العوام ول يستدركه إل الخواص - 13 .صح ) :(1عن
الرضا عن آبائه ،عن الحسين بن علي عليهم السلم قال :وجد لوح تحت
حائط مدينة من المدائن مكتوب فيه أنا ال ل إله إل أنا ،ومحمد نبيي،
عجبت لمن أيقن بالموت كيف يفرح ،وعجبت لمن أيقن بالقدر كيف يحزن،
وعجبت لمن اختبر الدنيا ]كيف[ يطمئن إليها ،وعجبت لمن أيقن بالحساب
كيف يذنب - 14 .جا ) :(2عن علي بن محمد القرشي ،عن علي بن
الحسن بن فضال ،عن الحسن بن نصير ،عن أبيه ،عن عبد الغفار بن
القاسم ،عن المنهال بن عمرو ،عن محمد ابن علي بن الحنفية قال :سمعته
يقول :ما لك من عيشك إل لذة تزدلف بك إلى حمامك ،ويقر بك إلى نومك،
فأي اكلة ليس معها غصص ؟ أو شربة ليس معها شرق ،فتأمل أمرك
فكأنك قد صرت الحبيب المفقود والخيال المخترم ،أهل الدنيا أهل سفر ل
يحلون عقد رحالهم إل في غيرها.
][451
- 15جا ) :(1عن أحمد بن الوليد ،عن أبيه ،عن الصفار ،عن ابن معروف ،عن
ابن مهزيار ،عن الهوازي ،عن النضر ،وابن أبي نجران معا ،عن عاصم،
عن أبي بصير ،عن أبي جعفر عليه السلم إنه قال :إن أبا ذر -رحمة ال
عليه -كان يقول :يا مبتغي العلم كأن شيئا من الدنيا لم يكن شيئا إل عمل
ينفع خيره ويضر شره إل من رحمه ال ،يا مبتغي العلم ل يشغلك أهل ول
مال عن نفسك أنت يوم تفارقهم كضيف بت فيهم ثم غدوت من عندهم إلى
غيرهم والدنيا والخرة كمنزل نزلته ثم عدلت عنه إلى غيره ،وما بين
الموت والبعث إل كنومة نمتها ثم استيقظت منها ،يا مبتغي العلم قدم
لمقامك بين يدي ال فإنك مرتهن بعملك وكما تدين تدان ،يا مبتغي العلم
صل قبل أن ل تقدر على ليل ول نهار تصلي فيه ،إنما مثل الصلة لصاحبها
بإذن ال كمثل رجل دخل على سلطان فأنصت له حتى فرغ من حاجته كذلك
المرء المسلم مادام في صلته لم يزل ال ينظر إليه حتى يفزع من صلته،
يا مبتغي العلم تصدق قبل أن ل تقدر أن تعطي شيئا ول تمنع منه ،إنما مثل
الصدقة لصاحبها كمثل رجل طلبه القوم بدم ،فقال :ل تقتلوني واضربوا لي
أجل ل سعى في مرضاتكم ،كذلك المرء المسلم بإذن ال كلما تصدق
بصدقة حل بها عقدة في رقبته ،حتى يتوفى ال أقواما وقد رضي عنهم
ومن رضي ال عنه فقد عتق من النار ،يا مبتغي العلم إن قلبا ليس منه من
الحق شئ كالبيت الخراب الذي ل عامر له ،يا مبتغي العلم إن هذا اللسان
مفتاح خير ومفتاح شر فاختم على قلبك كما تختم على ذهبك وورقك ،يا
مبتغي العلم إن هذه المثال نضربها للناس وما يعقلها إل العالمون .ما ) -
:(2عن جماعة من أبي المفضل ،عن محمد بن القاسم بن زكريا ،عن
عباد بن يعقوب ،عن عاصم بن حميد ،عن يحيى بن القاسم يعني أبا بصير
عنه عليه السلم مثله وفيه :يا باغي العلم في المواضع وفي بعض
الفقرات تقديم وتأخير - 16 .ما ) (3بإسناده عن موسى بن بكر ،عن العبد
الصالح عليه السلم قال :بكى
) (1المصدر :ص (2) .106المالى ج 2ص (3) .157المالى ج 2ص .313
][452
أبو ذر من خشية ال تعالى حتى اشتكى بصره فقيل له :لو دعوت ال يشفي بصرك
فقال :إني عن ذلك مشغول وما هو بأكبر همي قالوا :وما يشغلك عنه،
قال :العظيمتان الجنة والنار - 17 .ما ) :(1بإسناده ،عن موسى بن بكر،
عن العبد الصالح عليه السلم قال :سئل أبو ذر ما مالك ؟ قال :عملي ،قيل
له :إنما نسألك عن الذهب والفضة ،فقال :ما اصبح فل امسي وما امسى
فل اصبح ،لنا كندوج نرفع فيه خير متاعنا ،سمعت رسول ال صلى ال
عليه وآله يقول " :كندوج المؤمن قبره " - 18 .ما ) :(2بإسناده ،عن
موسى بن بكر ،عن العبد الصالح عليه السلم قال :قال أبو ذر -ره :-
جزى ال عني الدنيا مذمة بعد رغيفين من الشعير أتغذى بأحدهما وأتعشى
بالخر ،وبعد شملتي الصوف أئتزر بإحديهما وأرتدي بالخرى - 19 .الدرة
الباهرة ) :(3أوصى آدم ابنه شيث عليه السلم بخمسة أشياء وقال له:
اعمل بها وأوص بها بنيك من بعدك ،أولها :ل تركنوا إلى الدنيا الفانية
فإني ركنت إلى الجنة الباقية فما صحب لي واخرجت منها ،الثانية ل
تعملوا برأي نسائكم فإني عملت بهوى امرأتي وأصابتني الندامة ،الثالثة
إذا عزمتم على أمر فانظروا إلى عواقبه فإني لو نظرت في عاقبة أمري لم
يصبني ما أصابني ،الرابعة إذا نفرت قلوبكم من شئ فاجتنبوه فإني حين
دنوت من الشجرة ل تناول منها نفر قلبي فلو كنت امتنعت من الكل ما
أصابني ما أصابني .نقل من خط الشهيد -قدس ال روحه -ينسب إلى
محمد بن الحنفية :من كرمت عليه نفسه هانت عليه الدنيا - 20 .دعوات
الراوندي ) :(4أوحى ال إلى عزير عليه السلم يا عزير إذا وقعت في
معصية ،فل تنظر إلى صغرها ولكن انظر من عصيت ،وإذا اوتيت رزقا
مني فل تنظر إلى قلته ولكن انظر إلى من أهداه ،وإذا نزلت بك بلية فل
تشك إلى
][453
خلقي كما ل أشكوك إلى ملئكتي عند صعود مساويك وفضائحك - 21 .عدة الداعي
) :(1أوحى ال تعالى إلى داود عليه السلم يا داود إني وضعت خمسة في
خمسة ،والناس يطلبونها في خمسة غيرها فل يجدونها :وضعت العلم في
الجوع والجهد وهم يطلبونه في الشبع والراحة فل يجدونه ،وضعت العز
في طاعتي وهم يطلبونه في خدمة السلطان فل يجدونه ،ووضعت الغنى
في القناعة وهم يطلبونه في كثرة المال فل يجدونه ،ووضعت رضاي في
سخط النفس وهم يطلبونه في رضا النفس فل يجدونه ،ووضعت الراحة
في الجنة وهم يطلبونها في الدنيا فل يجدونها - 22 .كتاب المسلسلت:
حدثني أبو القاسم علي بن محمد بن علي العلوي قال :سمعت محمد بن
أحمد السناني ،سمعت محمد العلوي العريضي يقول :سمعت عبد العظيم
بن عبد ال الحسني ،يقول :سمعت أحمد بن عيسى العلوي يقول :سمعت
أبا صادق يقول :سمعت الصادق جعفر بن محمد عليهما السلم يقول:
تمثيل لبي ذرالغفاري -ره -أنت في غفلة وقلبك ساه * نفد العمر
والذنوب كما هي جمة حصلت عليك جميعا * في كتاب وأنت عن ذاك
ساهي لم تبادر بتوبة منك حتى * صرت شيخا وحبلك اليوم واهي عجبا
منك كيف تضحك جهل * وخطاياك قد بدت للهى فتفكر في نفسك اليوم
جهدا * واسل عن نفسك الكرى ياتاهي ) - 23 (2كتاب الغايات ) :(3عن
علي بن الحسين عليه السلم قال :كان أحد ما أوصى به الخضر موسى بن
عمران أنه قال :ل تعيرن أحدا بذنب فإن أحب المور إلى ال ثلثة القصد
في الجدة والعفو في المقدرة ،والرفق لعباد ال ،وما رفق أحد بأحد في
الدنيا إل رفق ال له يوم القيامة ،ورأس الحكمة مخافة ال - 24 .ختص )
:(4عن أبي عبد ال الصادق عليه السلم قال :قال سلمان الفارسي:
) (1المصدر :ص (2) .126الكرى :النعاس (3) .مخطوط (4) .الختصاص ص
.230ورواه الصدوق في الخصال ج 1ص .158
][454
عجبت بست ،ثلثة أضحكتني وثلثة أبكتني ،فأما التي أبكتني ففراق الحبة محمد
صلى ال عليه وآله وهول المطلع والوقوف بين يدي ال عزوجل ،وأما
التي أضحكتني فطالب الدنيا والموت يطلبه ،وغافل وليس بمغفول عنه،
وضاحك ملء فيه ول يدري أرضي له أم سخط - 25 .ختص ) :(1عن سعد
بن عبد ال رفعه قال :تبع حكيم حكيما تسع مائة فرسخ فلما لحقه قال :يا
هذا ما أرفع من السماء ؟ وما أوسع من الرض ؟ وما أغنى من البحر ؟
وما أقسى من الحجر وما أشد حرارة من النار وما أشد بردا من الزمهرير،
وما أثقل من الجبال الراسيات ؟ فقال :الحق أرفع من السماء ،والعدل
أوسع من الرض ،وغنى النفس أغنى من البحر ،وقلب الكافر أقسى من
الحجر ،والحريص الجشع أشد حرارة من النار ،واليأس من قريب أشد
بردا الزمهرير ،والبهتان عن البرئ أثقل من الجبال الراسيات - 26 .كنز
الكراجكى ) :(2قيل لبعضهم :كيف حالك ؟ فقال :كيف حال من يفنى ببقائه،
ويسقم بسلمته ،ويؤتى من مأمنه .وقيل لبعض حكماء العرب :من أنعم
الناس عيشا ؟ قال :من تحلى بالعفاف ورضي بالكفاف ،وتجاوز ما يخاف
إلى ما ل يخاف ،وقيل :فمن أعلمهم ؟ قال :من صمت فادكر ،ونظر
فاعتبر ،ووعظ فازدجر .وروي أن ال تعالى يقول :يا ابن آدم في كل يوم
يؤتى رزقك وأنت تحزن ،وينقص عمرك وأنت ل تحزن ،تطلب ما يطغيك
وعندك ما يكفيك .وقيل :أغبط الناس ؟ من اقتصد فقنع ،ومن قنع فك رقبته
من عبودية الدنيا وذل المطامع .وقيل :الفقير من طمع ،والغني من قنع.
وقيل :من كان له من نفسه واعظ كان عليه من ال حافظ.
وقيل :ل يزال العبد بخير مادام له واعظ من نفسه ،وكانت محاسبته من همه،
ووعظ رجل فقال :عباد ال الحذر الحذر فوال لقد ستر حتى كأنه قد غفر،
ولقد أمهل حتى كأنه قد أهمل .وقيل :العجب لمن يغفل وهو يعلم أنه ل
يغفل عنه ،ولمن يهنئه عيشه وهو ل يعلم إلى ماذا يصير أمره .وقيل :إن
للباقي بالفاني معتبرا ،وللخر بالول مزدجرا ،فالسعيد ل يركن إلى الخدع،
ول يغتر بالطمع .وقال آخر :كيف أؤخر عملي ولست أدري متى يحل
أجلي ،أم كيف تشتد حاجتي إلى الدنيا وليست بداري ،أم كيف أجمع وفي
غيرها قراري ،أم كيف ل امهد لرجعتي قبل انصراف مدتي .وقال عمر بن
الخطاب لبي ذر -ره :-عظني :قال له :ارض بالقوت ،وخف الفوت،
واجعل صومك الدنيا وفطرك الموت .وقال آخر :عجبا لمن يكتحل عينه
برقاد والموت ضجيعها على وساد .وقال آخر :نظرنا فوجدنا الصبر على
طاعة ال أهون من الصبر على عذاب ال .وقال آخر :عجبا لمن يحتمي
من الطيبات مخافة الداء ،ول يحتمي من الذنوب مخافة النار .وقيل :كيف
يصفو عيش من هو مسؤول عما عليه ،مأخوذ بما لديه ،محاسب على ما
وصل إليه .وقال آخر :عجبا لمن يحسر عن الواضحة ) (1وقد يعمل
بالفاضحة .وقيل :إذا فللت ) (2فارجع ،وإذا أذنبت فاقلع ،وإذا أسأت فاندم،
وإذا ائتمنت فاكتم .وقال المسيح عليه السلم :تعملون للدنيا وأنتم ترزقون
فيها بغير عمل ،ول تعملون
) (1الواضحة مقدم الضراس (2) .في المصدر " :إذا زللت ".
][456
للخرة وأنتم ل ترزقون فيها إل بعمل .وقال عليه السلم :إذا عملت الحسنة فأله
عنها فإنها عند من ل يضيعها ،وإذا عملت السيئة فاجعلها نصب عينك.
وقيل لحكيم :لم تدمن ) (1إمساك العصا ولست بكبير ول مريض قال:
لعلم أني مسافر .وقيل :من أحسن عبادة ال في شيبته لقاه ال الحكمة
في بلوغه أشده وذلك قوله سبحانه " :ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما
وكذلك نجزى المحسنين ) " (2ول بأس أن يعذل المقصر المقصر ).(3
وقال بعضهم :ل يمنعكم معاشر السامعين سوء ما تعلمون منا أن تقبلوا
أحسن ما تسمعون منا .قال الخليل بن أحمد :اعمل بعلمي ول تنظر إلى
عملي ينفعك علمي ول يضرك تقصيري ،نعوذ بال أن يكون ما علمنا حجة
علينا ل لنا ،انظر يا أخي إلى نفسك ول تكن ممن جمع علم العلماء
وطرائف الحكماء وجرى في العمل مجرى السفهاء .وروي أن ) (4امرأة
العزيز وقفت على الطريق فمرت بها المواكب حتى مر يوسف عليه
السلم ،فقالت :الحمدل الذي جعل العبيد ملوكا بطاعته ،والحمد ل الذي
جعل الملوك عبيدا بمعصيته .وذكروا أن المتمناة ابنة النعمان بن المنذر
دخلت على بعض ملوك الوقت فقالت :إنا كنا ملوك هذه البلدة يجبى إلينا
خراجها ويطيعنا أهلها فصاح بنا صائح الدهر فشق عصانا وفرق ملنا،
وقد أتيتك في هذا اليوم أسألك ما أستعين به على صعوبة الوقت ،فبكى
الملك وأمر لها بجائزة حسنة فلما أخذتها أقبلت بوجهها
) (1ادمن الشئ :أدامه (2) .يوسف (3) .23 :العذل :اللوم (4) .الكنز :ص .145
][457
عليه فقالت :إني محييك بتحية كنا نحيى بها فأصغى إليها ،فقالت :شكوتك يدا
افتقرت بعد غنى ،ولطلتك ) (1يدا استغنت بعد فقر ،وأصاب ال بمعروفك
مواضعه ،وقلدك المنن في أعناق الرجال ،ول أزال ال عن عبد نعمة إل
جعلك السبب لردها عليه والسلم .فقال اكتبوها في ديوان الحكمة .وعن
محمد بن علي الزدي البصري ) (2رفعه إلى أبي شهاب قال :قد بلغني أن
عيسى بن مريم عليه السلم قال للدنيا :يا امرأة كم لك من زوج ؟ قالت:
كثير ،قال :فكلهم طلقك ،قالت :ل ،بل كلهم قتلت ،قال :هؤلء الباقون ل
يعتبرون بإخوانهم الماضين كيف توردينهم المهالك واحدا واحدا فيكونوا
منك على حذر ؟ قالت :ل .وبلغنا ) (3أن كلم ال تعالى الذي أنزله على
بني إسرائيل إني أنا ال ل إله إل أنا ذوبكة مفقر الزناة ،وتارك تاركي
الصلة عراة .وقال ابن عباس -ره (4) -خمس خصال تورث خمسة
أشياء :ما فشت الفاحشة في قوم قط إل أخذهم ال بالموت ،وما طففت قوم
الميزان إل أخذهم ال بالسنين ،وما نقض قوم العهد إل سلط ال عليهم
عدوهم ،وما جار قوم في الحكم إل كان القتل بينهم ،وما منع قوم الزكاة إل
سلط ال عليهم عدوهم .وقال لقمان الحكيم لبنه في وصيته :يا بني أحثك
على ست خصال ،ليس منها خصلة إل وهي تقربك إلى رضوان ال
عزوجل ،وتباعدك من سخطه :الولى أن تعبد ال ل تشرك به شيئا،
والثانية الرضا بقدر ال فيما أحببت أو كرهت ،والثالثة أن تحب في ال
وتبغض في ال ،والرابعة أن تحب للناس ما تحب لنفسك وتكره لهم ما
تكره لنفسك ،والخامسة تكظم الغيظ وتحسن إلى من أساء إليك ،والسادسة
ترك الهوى ومخالفة الردى.
) (1في المصدر " ول ملكتك " (2) .الكنز :ص (3) .159المصدر :ص ) .271
(4المصدر :ص .272
][458
- 27أعلم الدين ) :(1وصية لقمان لولده قال :يا بني أقم الصلة فإنما مثلها في
دين ال كمثل عمود الفسطاط فإن العمود إن استقام استقام الطناب
والوتاد والظلل ،وإن لم يستقم لم ينفع وتد ول طنب ول ظلل ،أي نبي
صاحب العلماء وجالسهم وزرهم في بيوتهم لعلك أن تشبههم فتكون منهم.
اعلم يا نبي إني قد ذقت الصبر وأنواع المر فلم أجد أمر من الفقر ،فإذا
افتقرت يوما فاجعل فقرك بينك وبين ال ،ول تحدث الناس بفقرك فتهون
عليهم ،ثم سل في الناس هل من أحد وثق بال فلم ينجه ،يا بني توكل على
ال ثم سل في الناس من ذا الذي أحسن الظن بال فلم يكن عند حسن ظنه
به ،يا بني من يرد رضوان ال يسخط نفسه كثيرا ،ومن ل يسخط نفسه ل
يرضى ربه ،ومن ل يكظم غيظه يشمت عدوه ،يا نبي تعلم الحكمة تشرف
بها فإن الحكمة تدل على الدين ،وتشرف العبد على الحر ،وترفع المسكين
على الغني ،وتقدم الصغير على الكبير ،وتجلس المسكين مجالس الملوك،
وتزيد الشريف شرفا ،والسيد سؤددا ،والغني مجددا ،وكيف يظن ابن آدم
أن يتهيأ له أمر دينه ومعيشته بغير حكمة ولن يهيئ ال عزوجل أمر الدنيا
والخرة إل بالحكمة ،ومثل الحكمة بغير طاعة مثل الجسد بغير نفس ومثل
الصعيد بغير ماء ،ول صلح للجسد بغير نفس ول للصعيد بغير ماء ول
للحكمة بغير طاعة .قدتم كتاب الروضة من كتاب بحار النوار ويتلوه كتاب
الطهارة والصلوة إن شاء ال تعالى والحمد ل وحده.
) (1مخطوط .إلى هنا تم المجلد السابع عشر وتم ما علقت عليه .وأرجو من المولى
سبحانه القبول .وأشكر الستاذ المعظم السيد جلل الدين المحدث
الرموى أبقاه ال تعالى علما للحق حيث تفضل بارسال نسختين
مخطوطتين من الكتاب حين وقوفه على طبعه وذلك بعد ما خرج من
الطبع ما جاوز الثلث من الكتاب فالواجب علينا أن نسدى جمل الثناء إليه
والشكر له .وأنا القل على أكبر الغفاري 1386ه.
][459
كلمة المصحح :بسم ال الرحمن الرحيم نحمدك اللهم على التوفيق ،ونصلي على
رسولك وآله هداة الطريق .أما بعد :فاني لمغتبط بهذه الفرصة التي اتيحت
لي لتصحيح هذا الجزء الذي هو في أجزاء الكتاب كالكواكب الدري ،وفي
نظام هذا السلك المنضد كالدر -الوضئ .لما فيه من عقائل الدب ،وكرائم
الخطب ،وينابيع الحكم ،والمواعظ والزواجر والعبر ،ومحاسن الكتب
والثر ما يشفي الغليل من غلته ،ويبرئ
][459
كلمة المصحح :بسم ال الرحمن الرحيم نحمدك اللهم على التوفيق ،ونصلي على
رسولك وآله هداة الطريق .أما بعد :فاني لمغتبط بهذه الفرصة التي اتيحت
لي لتصحيح هذا الجزء الذي هو في أجزاء الكتاب كالكواكب الدري ،وفي
نظام هذا السلك المنضد كالدر -الوضئ .لما فيه من عقائل الدب ،وكرائم
الخطب ،وينابيع الحكم ،والمواعظ والزواجر والعبر ،ومحاسن الكتب
والثر ما يشفي الغليل من غلته ،ويبرئ عليل من علته ،ويطهر النفوس
عن درن الرذائل ،ويرحض القلوب عن ظلمة -الثام ،فمن امتثل أوامره
وائتمر ،وانتهى عن نواهيه وازدجر ،واتعظ بمواعظه واعتبر ،فهو أفضل
من تقمص وائتزر .والكتاب بما في غضونه من الدروس الراقية يغنينا عن
سرد جمل الثناء عليه أو تسطير الكلم في إطرائه ،غير أنه لم يخرج في
زمان مؤلفه الفحل والبطل ،وسارع إلى رحمة ربه الكريم ولم يمهله الجل.
فبقي مسودة دون تصحيح ألفاظه ،وتفسير غرائبه ولغاته .فهو مع كونه
جؤنة مشحونة بنفائس العلق ،ذوحظ وافر من السقاط والغلط،
فقاسيت ما قاسيت في تصحيحه ،ولم آل جهدا في تحقيقه ،وتحملت
المشاق في توضيحه ،ولم أرم الطناب في تعليقه .مع أن الباع قصير،
والمر خطير .ولست بمستعظم عملي ،ول مستكثر جهدي ،وما ابرء
نفسي ،وأنا معترف بأن الذي خلق من عجل قلما يسمل من الخطأ والزلل،
فالمرجو من أساتذتي العظام أن يمروا على هفواتي مر الكرام ،فان
العصمة ل الملك العلم ،وما توفيقي إل بال عليه توكلت وإليه انيب .على
اكبر الغفاري