You are on page 1of 259

‫بحار النوار‬

‫العلمة المجلسي ج ‪82‬‬

‫]‪[1‬‬

‫بحار النوار الجامعة لدرر أخبار الئمة الطهار تأليف العلم العلمة الحجة فخر‬
‫المة المولى الشيخ محمد باقر المجلسي )قدس ال سره( الجزء الثاني‬
‫والثمانون دار إحياء التراث العربي بيروت ‪ -‬لبنان الطبعة الثالثة‬
‫المصححة ‪‍ 1403‬ه ‪ 1983 -‬م‬

‫]‪[1‬‬

‫بسم ال الرحمن الرحيم )‪) * (23‬باب( * * " )القراءة وآدابها وأحكامها( " *‬
‫اليات‪ :‬النحل‪ :‬فإذا قرأت القرآن فاستعذ بال من الشيطان الرجيم )‪.(1‬‬
‫المزمل‪ :‬ورتل القرآن ترتيل )‪.(2‬‬

‫)‪ (1‬النحل‪ ،98 :‬لكن خطاب الية الكريمة متوجه إلى النبي صلى ال عليه وآله‬
‫فتكون الستعاذة المأمور بها فرضا عليه وسنة لمته صلى ال عليه وآله‬
‫بالقتداء والتأسى‪ ،‬لكونها سنة في فريضة‪ :‬الخذ بها هدى وتركها‬
‫ضللة وكل ضللة سبيلها إلى النار‪ (2) .‬المزمل‪ ،4 :‬والية توجب ترتيل‬
‫القرآن بمعنى قراءته مرتل منسقا سورة بعد سورة حتى يأتي على‬
‫آخرها‪ ،‬قال عزوجل‪ :‬يا ايها المزمل قم الليل ال قليل نصفه أو انقص منه‬
‫قليل أو زد عليه ورتل القرآن ترتيل( فأمر رسوله صلى ال عليه وآله‬
‫وسلم أول بتهجد الليل ثم بترتيل القرآن‪ ،‬ال أن أمره بقيام الليل مستقل‬
‫من أمهات الكتاب‪ ،‬وأمره بالترتيل غير مستقل من المتشابهات بها‪ ،‬فأوله‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله إلى الصلة بعد تكبيرة الحرام قبل‬
‫الركوع‪ ،‬فتكون سنة في فريضة الخذ بها هدى وتركها ضللة‪ ،‬ومن‬
‫تركها عمدا بطلت صلته لعراضه عن سنة الرسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ .‬وانما قلنا بقراءته سورة بعد سورة حتى يأتي على آخرها‪ ،‬لطلق‬
‫لفظ القرآن والطلق في كلم الحكيم محكم‪ ،‬وأما امكان ذلك في تهجد‬
‫ليلة‪ ،‬أو صلوات يوم وليلة = ]*[‬

‫]‪[2‬‬
‫= = فلن سورة المزمل من أوائل السور النازلة على النبي صلى ال عليه وآله‪،‬‬
‫وقد قيل بأنها ثالث ثلثة‪ :‬نزلت أول سورة العلق ثم القلم ثم المزمل‪ ،‬وان‬
‫كان ل يخلو عن بعد بملحظة مضمون اليات الكريمة‪ .‬وكيف كان‪ ،‬لزم‬
‫قوله عزوجل‪) :‬ورتل القرآن ترتيل( نزول صدر السورة وفيها هذه الية‬
‫الشريفة ‪ -‬في ظرف كان يمكن قراءة سور القرآن منسقا ومنضدا ومرتل‬
‫في تهجد واحد‪ ،‬ولعله لم تكن السور النازلة قبلها تربو على عدد‬
‫الصابع‪ ،‬وسيأتى تأييد ذلك في الية المتممة للعشرين من هذه السورة‪.‬‬
‫وأما الترتيل‪ :‬فهو معنى ل يتعلق ال بالشئ ذى الجزاء المختلفة والمراد‬
‫تنسيق تلك الجزاء وتنضيدها أحسن نضد واتساق‪ ،‬وانتظامها سلكا‬
‫واحدا يقع كل جزء موقعه الخاص به المناسب له من حيث الترتيب‪ ،‬يقال‬
‫ثغر مرتل‪ :‬إذا كان مستوى النبات حسن التنضيد‪ ،‬كلم رتل‪ :‬حسن‬
‫التأليف‪ ،‬ترتل في الكلم‪ :‬ترسل وتأنق في قراءته بتبيين الحروف وأداء‬
‫الوقوف وحسن تنسيقها‪ ،‬ل يندمج بعضها في بعض‪ .‬وأما القرآن الكريم‪،‬‬
‫فلما كان مشتمل على سور متعددة‪ ،‬وكل سورة في طيها آيات وكل آية‬
‫مركب من جملت‪ ،‬وكل جملة من كلمات‪ ،‬وكل كلمة من حروف‪ ،‬كان‬
‫ترتيل القرآن بقراءته سورة بعد سورة ل أقل من قراءة سورتين في‬
‫ركعة‪ ،‬ليتم معنى التنسيق والتنضيد وترتيل السورة بقراءة آياتها مرتبة‬
‫منسقة من دون تقديم وتأخير بين‪ .‬آياتها المتناسقة وبل زيادة فيها‬
‫ونقيصة منها‪ ،‬ومنه الوقف عند تمام الية الشريفة ‪ -‬كما كان يفعله‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله لئل يندمج الية في الية‪ .‬وأما ترتيل الية‬
‫فبقراءة جملتها منظمة مترسلة ومنه حفظ الوقوف‪ ،‬وترتيل الجملة‬
‫بقراءة الكلمات بعضها اثر بعض من دون ريث وسكتة‪ ،‬ومنه رعاية‬
‫الوقف بالحركة و الوصل بالسكون‪ ،‬وترتيل الكلمة بترسيل الحروف‬
‫متسقة وتبيينها من مخارجها منتظمة ل يندمج بعضها في بعض‪ .‬ومن‬
‫الترتيل وحسن الترسل في القراءة أن يتانق في اعلء صوته حين‬
‫القراءة كما = ]*[‬

‫]‪[3‬‬

‫وقال سبحانه‪ :‬فاقرؤا ما تيسر من القرآن )‪.(1‬‬

‫= = يتأنق الخطيب المصقع يتصوب بصوته تارة ويتصعد به اخرى حسب مقتضى‬
‫المقام‪ ،‬فلو عل بصوته في كلمة ثم خفض صوته بالكلمة بعدها وهكذا‬
‫بحيث صار مخالفا لطبع القراءة كان خارجا عن الترتيل الواجب عليه‬
‫بالسنة‪ ،‬والكلم في السراع بالقراءة والبطاء فيها كالكلم في اعلء‬
‫الصوت واخفاضها ليا بلى‪ .‬ويؤيد هذا المعنى بل يصرح به قوله تعالى‪:‬‬
‫)وقال الذين كفروا لول نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به‬
‫فؤادك ورتلناه ترتيل( الفرقان‪ ،33 :‬لن المعنى انا أنزلنا القرآن متفرقا‬
‫بين قطعاتها سورة سورة لنثبت به فؤادك بانزال كل سورة عند الحاجة‬
‫إليها ولتقرءه على الناس على مكث‪ ،‬فيتعلموه ويتأنسوا به‪ .‬لكنه معذلك‬
‫لم يكن التفريق بين قطعة وقطعة وبين سورة وسورة‪ ،‬وآية وآية كتفرقة‬
‫الدقل ونثره ونثر الشذر بانقطاع سلكه‪ ،‬بل رتلناه ترتيل يتسق نظام آياته‬
‫و ينتظم نطاق قصصه وعبره‪ ،‬ويتنضد سياق حكمه وأمثاله‪ ،‬وزواجره‬
‫ورغائبه‪ ،‬مع ما في طيها من أحكام المعاملت والعبادات وقد وقع كل‬
‫موقعه بحسن التأليف والترصيف‪ (1) .‬المزمل‪ ،20 :‬وقد كان على‬
‫المؤلف العلمة أن ينقل تمام الية لمسيس الحاجة إليها‪ ،‬وها أناذا أنقلها‬
‫مع ما يتعلق بها من البحاث‪ :‬قال عزوجل‪) :‬ان ربك يعلم أنك تقوم أدنى‬
‫من ثلثى الليل ونصفه وثلثه )اشارة إلى ما نزل في صدر السورة من‬
‫أمره صلى ال عليه وآله بقيام الليل في هذه الوقات المعينة ثلث مرات‬
‫متهجدا ثم أمره بترتيل القرآن سورة بعد سورة حتى يأتي على آخرها في‬
‫تمام تهجده( و )هكذا يعلم أنه تقوم( طائفة من الذين معك )رغبة في‬
‫حسن ثواب ال من المقام المحمود‪ ،‬واقتداء وتأسيا بك رجاء ل وفى‬
‫اليوم الخر‪ ،‬لكنه ليس لهم طاقة كطاقتك‪ .‬ول رغبة كرغبتك‪ ،‬ول هم‬
‫يحفظون ويتذكرون سور القرآن بتمامها( وال يقدر الليل والنهار )فتارة‬
‫يقصر الليل ويطول النهار وتارة بالعكس‪ ،‬فل يسع الوقت لقراءة القرآن‬
‫بتمام سوره(‪) .‬وعلى أي حال وعلة( علم أن لن تحصوه )أي لن تحصوا‬
‫القرآن بقراءة تمام = ]*[‬

‫]‪[4‬‬

‫وقال تعالى‪ :‬فأقرؤا ما تيسر منه‪ .‬تفسير‪) :‬فإذا قرأت القرآن( أي أردت قراءته‪،‬‬
‫ونقل عليه الجماع‪ ،‬قال في‬

‫= = سوره وترتيله سورة سورة‪ ،‬خصوصا في مستقبل أمركم حيث ينزل عليكم‬
‫سائر القرآن بسوره السبع الطوال والمثاني والمئين والمفصل( فتاب‬
‫عليكم )وخفف عنكم حيث كتب على نفسه الرحمة من تشريع دين سمحة‬
‫سهلة( فاقرؤا ما تيسر من القرآن )أي فل يلزمكم بعدئذ أن ترتلوا القرآن‬
‫بتمامه سورة بعد سورة‪ ،‬بل اقرؤا ما تيسر لكم من سور القرآن‪ ،‬كل‬
‫بحسب حاله وفراغه وذكره حتى ل يختل عليكم أمر المعاد والمعاش‪،‬‬
‫والنوم واليقظة‪ .‬فالمراد من قوله عزوجل‪) :‬ما تيسر من القرآن( بقرينة‬
‫لفظ اليسر والمقابلة بقوله )علم أن لن تحصوه( هو سورة كاملة يتيسر‬
‫قراءتها ويكون تذكرها وحفظها وتعلمها وترتيلها سهل يسيرا‪ ،‬كل على‬
‫حسب حاله‪ ،‬كما صرح بذلك في قوله عزوجل‪) :‬ولقد يسرنا القرآن للذكر‬
‫فهل من مدكر( حيث نزل القرآن سورة سورة وجعل لكل سورة نسقا‬
‫ونضدا في ترتيب آياتها‪ ،‬فمن كان ذا ذكر قوى يقدر أن يحفظ أمثال سورة‬
‫البقرة من السبع الطوال‪ ،‬ومن كان على دون ذلك يحفظ أمثال سورة‬
‫الحجر من المئين ومن كان دون ذلك يحفظ أمثال سورة الرحمن من‬
‫المفصل‪ ،‬ومن كان يغلب عليه النسيان فل أقل من أنه يحفظ السور‬
‫القصار‪ .‬وقد كان تنبه لذلك من المتقدمين ابن سيرين حيث قال لرجل‪ :‬ل‬
‫تقل سورة خفيفة‪ ،‬ولكن قل سورة ميسرة لن ال يقول‪) :‬ولقد يسرنا‬
‫القرآن للذكر( أخرجه ابن المنذر عنه على ما في الدر المنثور ج ‪ 6‬ص‬
‫‪ .135‬ثم قال عزوجل‪ :‬علم أن سيكون منكم مرضى )فيشغله هم الوجع‬
‫من قراءة القرآن( وآخرون يضربون في الرض )عند أسفارهم( يبتغون‬
‫من فضل ال )فليس لهم كثير فراغ( وآخرون يقاتلون في سبيل ال‬
‫)اشارة إلى ما سيؤل إليه أمر المة بالقتال مع المشركين فيخافون أن‬
‫يفتنهم الذين كفروا( فاقرؤا ما تيسر منه )في هذه الحالت‪ ،‬فانه ل أقل‬
‫من قراءة سورة واحدة خفيفة يسيرة كسورة النصر ثلث آيات‪ ،‬ومن‬
‫رغب عن قراءة القرآن مطلقا فل صلة له على أي حالة كانت‪ .‬ول يذهب‬
‫عليك أن هذا الحكم كان قبل نزول قوله تعالى في سورة الحجر‪[*] = = :‬‬

‫]‪[5‬‬

‫مجمع البيان‪ (1) :‬معناه إذا أردت يا محمد قراءة القرآن فاستعذ بال من شر‬
‫الشيطان المرجوم المطرود الملعون‪ ،‬وهذا كما يقال‪ :‬إذا أكلت فاغسل‬
‫يديك‪ ،‬وإذا صليت فكبر‪ ،‬ومنه )إذا قمتم إلى الصلة فاغسلوا وجوهكم(‬
‫والستعاذة استدفاع الدنى بالعلى على وجه الخشوع والتذلل‪ ،‬وتأويله‬
‫استعذ بال من وسوسة الشيطان عند قراءتك لتسلم في التلوة من الزلل‬
‫وفي التأويل من الخطل‪ ،‬والستعاذة عند التلوة مستحبة غير واجبة بل‬
‫خلف في الصلة‪ ،‬وخارج الصلة انتهى‪ .‬وفي كيفية الستعاذة عند القراء‬
‫اختلف كثير‪ ،‬فقال ابن كثير وعاصم وأبو عمرو‪) :‬أعوذ بال من الشيطان‬
‫الرجيم( ونافع وابن عامر والكسائي كذلك بزيادة )إن ال هو السميع‬
‫العليم( وحمزة )نستعيذ بال من الشيطان الرجيم( وأبو حاتم )أعوذ بال‬
‫السميع العليم من الشيطان الرجيم( والشهر بيننا الول والخير‪ ،‬وفي‬
‫بعض رواياتنا )أستعيذ بال من الشيطان الرجيم( وزاد في بعضها )إن ال‬
‫هو السميع العليم( وفي بعضها )أعوذ بال السميع العليم من الشيطان‬
‫الرجيم‪ ،‬وأعوذ بال أن يحضرون( وفي بعضها )أعوذ بال من الشيطان‬
‫الرجيم إن ال هو الفتاح العليم(‪ .‬قال الشهيد ‪ -‬ره ‪ -‬في الذكرى في سنن‬
‫القراءة‪ :‬فمنها الستعاذة قبل القراءة في الركعة الولى خاصة من كل‬
‫صلة‪ ،‬لعموم فإذا قرأت القرآن أي أردت القراءة‪ ،‬ولما روى أبو سعيد‬
‫الخدري )‪ (2‬أن النبي صلى ال عليه وآله كان يقول قبل القراءة‪ :‬أعوذ‬
‫بال من‬

‫= = )ولقد آتيناك سبعا من المثانى والقرآن العظيم( الية‪ ،87 :‬وبعد ما نزلت الية‬
‫وجعل سورة الفاتحة في قبال القرآن العظيم كأنها في كفة والقرآن العظيم‬
‫في كفة‪ ،‬اختارها النبي صلى ال عليه وآله بدل من قراءة قرآن كامل‪،‬‬
‫وجعلها في أول الركعة‪ ،‬وقال‪ :‬ل صلة ال بفاتحة الكتاب وخير المصلين‬
‫على ما خيرهم ال في آية المزمل بقراءة سورة ميسرة بعدها على حسب‬
‫حالهم حتى أنه يمكنهم أن يجتزئوا من قراءة السورة بقراءة الحمد في‬
‫حال المرض والسفر‪ ،‬فان الفاتحة أيضا سورة ميسرة‪ ،‬والحمد ل رب‬
‫العالمين‪ (1) .‬مجمع البيان ج ‪ 6‬ص ‪ (2) .384‬الذكرى‪[*] .191 :‬‬

‫]‪[6‬‬

‫الشيطان الرجيم‪ ،‬ولرواية الحلبي )‪ (1‬عن الصادق عليه السلم وصورته ما روى‬
‫الخدري‪ ،‬وروي أعوذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم‪ ،‬ورواه البزنطي‬
‫عن معاوية بن عمار )‪ (2‬عن الصادق عليه السلم واختاره المفيد في‬
‫المقنعة‪ ،‬وروى )‪ (3‬سماعة أستعيذ بال من الشيطان الرجيم إن ال هو‬
‫السميع العليم‪ ،‬وقال ابن البراج‪ :‬يقول‪) :‬أعوذ بال السميع العليم من‬
‫الشيطان الرجيم إن ال هو السميع العليم(‪ .‬وللشيخ أبي علي ابن الشيخ‬
‫العظم أبي جعفر الطوسي قول بوجوب التعوذ للمر به‪ ،‬وهو غريب‪ ،‬لن‬
‫المر هنا للندب بالتفاق‪ ،‬وقد نقل فيه والده في الخلف الجماع‪ ،‬وقد‬
‫روى الكليني )‪ (4‬عن أبي جعفر عليه السلم إذا قرأت بسم ال الرحمن‬
‫الرحيم فل تبال أن ل تستعيذ‪ .‬ثم قال ‪ -‬ره ‪ :-‬ل تتكرر الستعاذة عندنا‬
‫وعند الكثر‪ ،‬ولو نسيها في الولى لم يأت بها في الثانية‪ ،‬انتهى‪ .‬وأقول‪:‬‬
‫الظاهر التخيير بين أنواع الستعاذة الواردة في النصوص‪ ،‬ولول الخبار‬
‫الكثيرة لتأتى القول بوجوب الستعاذة في كل ركعة يقرء فيها بل في غير‬
‫الصلة عند كل قراءة )‪ (5‬لكن الخبار الكثيرة تدل على الستحباب‪ ،‬وتدل‬
‫بظواهرها على‬

‫)‪ (1‬تراه في التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .152‬أخرجه في الذكرى‪ ،‬ولم يعثر عليه في‬
‫الكتب الربعة‪ (3) .‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪ (4) .177‬الكافي ج ‪ 3‬ص ‪،313‬‬
‫ولما روى أيضا أن الشياطين إذا سمعوا )بسم ال الرحمن الرحيم( ولوا‬
‫على أدبارهم نفورا‪ ،‬وبعد نفورهم وتوليهم مدبرين ل حاجة إلى الستعاذة‬
‫منهم‪ ،‬فتكون البسملة كالستعاذة بل هو أحسن‪ (5) .‬قد عرفت في ج ‪83‬‬
‫ص ‪ 166‬أن الية من المتشابهات‪ ،‬ظاهرها الستقلل‪ ،‬وليس كذلك‪ ،‬فل‬
‫يجوز اتباعها البعد تأويلها‪ ،‬وقد أولها رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫وأهل بيته عليهم السلم إلى الركعة الولى من الصلة‪ ،‬فالمتبع سنته‬
‫صلى ال عليه وآله وسلم ل يجوز التخطي عنها أبدا وانما لم تجب‬
‫الستعاذة في حال الختيار كسائر السنن ولم تبطل الصلة بتعمد تركها‬
‫لكون البسملة خلفا عن الستعاذة‪ ،‬على ما عرفت‪[*] .‬‬

‫]‪[7‬‬

‫اختصاصه بالركعة الولى والجماع المنقول والعمل المستمر مؤيد‪ ،‬ومن مخالفة‬
‫ولد الشيخ يعلم معنى الجماع الذي ينقله والده قدس سره )‪ (1‬وهو أعرف‬
‫بمسلك أبيه ومصطلحاته‪) .‬ورتل القرآن ترتيل( قال في الصحاح‪ :‬الترتيل‬
‫في القراءة الترسل فيها والتبيين من غير بغي‪ ،‬وفي النهاية التأني فيها‬
‫والتمهل‪ ،‬وتبيين الحروف والحركات تشبيها بالثغر المرتل‪ ،‬وهو المشبه‬
‫بنور القحوان‪ .‬وفي المغرب الترتيل في الذان وغيره أن ل يعجل في‬
‫إرسال الحروف‪ ،‬بل يتثبت فيها ويبينها تبيينا‪ ،‬ويوفيها حقها من الشباع‪،‬‬
‫من غير إسراع‪ ،‬من قولهم ثغر مرتل ورتل مفلج مستوى النسبة حسن‬
‫التنضيد‪ .‬وقال المحقق في المعتبر‪ :‬هو تبيينها من غير مبالغة‪ ،‬قال‪ :‬وربما‬
‫كان واجبا إذا اريد به النطق بالحروف‪ ،‬بحيث ل يدمج بعضها في بعض‪،‬‬
‫ويمكن حمل الية عليه لن المر عند الطلق للوجوب‪ ،‬وتبعه العلمة في‬
‫المنتهى وقال في النهاية‪ :‬يعني به بيان الحروف وإظهارها ول يمد بحيث‬
‫يشبه الغناء وقال في الذكرى‪ :‬هو حفظ الوقوف وأداء الحروف‪ .‬وقال في‬
‫مجمع البيان )‪ (2‬أي بينه بيانا واقرءه على هينتك وقيل معناه ترسل فيه‬
‫ترسل‪ ،‬وقيل‪ :‬تثبت فيه تثبتا وروي عن أمير المؤمنين عليه السلم في‬
‫معناه أنه قال‪ :‬بينه بيانا ول تهذه هذ الشعر‪ ،‬ول تنثره نثر الرمل‪ ،‬ولكن‬
‫أقرع به القلوب القاسية‪،‬‬

‫)‪ (1‬كان الشيخ قدس سره يذهب إلى قاعدة اللطف بأن على المام الغائب ‪ -‬أرواح‬
‫العالمين له الفداء ‪ -‬أن يظهر الحق من الحكام عند اشراف المة على‬
‫خلف الحق لئل تجتمع شيعته على الخطاء‪ ،‬وكان قدس سره رئيس‬
‫المذهب في وقته ل يشذ العلماء المتفقهون عن حوزته‪ ،‬فإذا عنون‬
‫مسألة فقهية وبحث فيها ولم يخالف معه أحد ممن ل يعرف شخصه‬
‫ونسبه‪ ،‬ولم ينقل خلف فيه ممن هو كذلك ادعى الشيخ قدس سره‬
‫الجماع على المسألة و لو كان ولده أو السيد المرتضى وأمثالهما ممن‬
‫يعرف شخصه ونسبه مخالفا في المسألة‪ .‬فافهم ذلك‪ (2) .‬مجمع البيان ج‬
‫‪ 9‬ص ‪[*] .377‬‬
‫]‪[8‬‬

‫ول يكونن هم أحدكم آخر السورة‪ ،‬وروى أبو بصير عن أبي عبد ال عليه السلم‬
‫في هذا قال‪ :‬هو أن تتمكث فيه وتحسن به صوتك انتهى‪ .‬وعد الشهيد ‪ -‬ره‬
‫‪ -‬في النفلية الترتيل من المستحبات‪ ،‬وقال‪ :‬هو تبيين الحروف بصفاتها‬
‫المعتبرة من الهمس والجهر والستعلء والطباق والغنة وغيرها‪،‬‬
‫والوقف التام والحسن‪ ،‬وعند فراغ النفس مطلقا‪ ،‬وفسر الشهيد الثاني ‪-‬‬
‫ره ‪ -‬التام بالذي ل يكون للكلم قبله تعلق بما بعده لفظا ول معنى‪ ،‬والحسن‬
‫بالذي يكون له تعلق من جهة اللفظ دون المعنى‪ ،‬ثم قال‪ :‬ومن هنا يعلم أن‬
‫مراعاة صفات الحروف المذكورة وغيرها ليس على وجه الوجوب‪ ،‬كما‬
‫يذكره علماء فنه‪ ،‬مع إمكان أن يريدوا تأكيد الفعل كما اعترفوا في‬
‫اصطلحهم على الوقف الواجب‪ .‬ثم قال‪ :‬ولو حمل المر بالترتيل على‬
‫الوجوب كان المراد ببيان الحروف إخراجها من مخارجها على وجه يتميز‬
‫بعضها عن بعض‪ ،‬بحيث ل يدمج بعضها في بعض وبحفظ الوقوف مراعاة‬
‫ما يخل بالمعنى ويفسد التركيب‪ ،‬ويخرج عن اسلوب القرآن الذي هو‬
‫معجز بغريب اسلوبه وبلغة تركيبه انتهى‪ .‬فظهر مما ذكرنا أن الذي يظهر‬
‫من كلم اللغويين هو أن الترتيل الترسل والتأني وعليه حمل الية جماعة‬
‫من أصحابنا وغيرهم كما عرفت‪ ،‬لكن لما روى الخاص والعام عن أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم وابن عباس تفسيره بحفظ الوقوف وأداء الحروف‪،‬‬
‫وفي بعض الروايات وبيان الحروف تمسك به أصحاب التجويد‪ ،‬وفسروه‬
‫بهذا الوجه و تبعهم الشهيد قدس سره وكثير ممن تأخر عنه‪ ،‬وتبعوهم في‬
‫تفسيرهم الحديث حيث فسروه على قواعدهم ومصطلحاتهم‪ .‬ولقد أحسن‬
‫الوالد قدس سره حيث قال‪ :‬الترتيل الواجب هو أداء الحروف من‬
‫المخارج‪ ،‬وحفظ أحكام الوقوف‪ ،‬بأن ل يقف على الحركة ول يصل‬
‫بالسكون فانهما غير جائزين باتفاق القراء وأهل العربية‪ ،‬والترتيل‬
‫المستحب هو أداء الحروف بصفاتها المحسنة لها‪ ،‬وحفظ الوقوف التي‬
‫استحبها القراء وبينوها في تجاويدهم‪ .‬والحاصل أنه إن حملنا الترتيل في‬
‫الية على الوجوب كما هو دأبهم في أوامر‬

‫]‪[9‬‬

‫القرآن‪ ،‬فليحمل على ما اتفقوا على لزوم رعايته من حفظ حالتي الوصل الوقف‪ ،‬و‬
‫أداء حقهما من الحركة والسكون‪ ،‬أو العم منه ومن ترك الوقف في وسط‬
‫الكلمة اختيارا ومنع الشهيد ‪ -‬ره ‪ -‬من السكوت على كل كلمة بحيث يخل‬
‫بالنظم‪ ،‬فلو ثبت تحريمه كان أيضا داخل فيه‪ ،‬ولو حمل المر على الندب‬
‫أو العم كان مختصا أو شامل لرعاية الوقف على اليات مطلقا كما ذكره‬
‫جماعة من أكابر أهل التجويد‪ .‬ويشمل أيضا على المشهور رعاية ما‬
‫اصطلحوا عليه من الوقف اللزم والتام والحسن والكافي والجائز والمجوز‬
‫والمرخص والقبيح‪ ،‬لكن لم يثبت استحباب رعاية ذلك عندي‪ ،‬لن تلك‬
‫الوقوف من مصطلحات المتأخرين‪ ،‬ولم تكن في زمان أمير المؤمنين عليه‬
‫السلم‪ ،‬فل يمكن حمل كلمه عليه السلم عليه إل أن يقال‪ :‬غرضه عليه‬
‫السلم رعاية الوقف على ما يحسن بحسب المعنى على ما يفهمه القارئ‪،‬‬
‫ول ينافي هذا حدوث تلك الصطلحات بعده‪ .‬ويرد عليه أيضا أن هذه‬
‫الوقوف إنما وضعوها على حسب ما فهموه من تفاسير اليات‪ ،‬وقد وردت‬
‫الخبار الكثيرة كما سيأتي في أن معاني القرآن ل يفهمها إل أهل بيت نزل‬
‫عليهم القرآن‪ ،‬ويشهد له أنا نرى كثيرا من اليات كتبوا فيها نوعا من‬
‫الوقف بناء على ما فهموه‪ ،‬ووردت الخبار المستفيضة بخلف ذلك‬
‫المعنى‪ ،‬كما أنهم كتبوا الوقف اللزم في قوله سبحانه )وما يعلم تأويله إل‬
‫ال( على آخر الجللة لزعمهم أن الراسخين في العلم ل يعلمون تأويل‬
‫المتشابهات‪ ،‬وقد وردت الخبار المستفيضة في أن الراسخين هم الئمة‬
‫عليهم السلم‪ ،‬وهم يعلمون تأويلها‪ ،‬مع أن المتأخرين من مفسري العامة‬
‫والخاصة رجحوا في كثير من اليات تفاسير ل توافق ما اصطلحوا عليه‬
‫في الوقوف‪ .‬ولعل الجمع بين المعينين لورود الخبار على الوجهين‬
‫وتعميمه بحيث يشمل الواجب والمستحب من كل منهما حتى أنه يراعى في‬
‫الوقف ترك قلة المكث بحيث ينافي التثبت والتأني‪ ،‬وكثرة المكث بحيث‬
‫ينقطع الكلم ويتبدد النظام‪ ،‬فيكره أو يصل إلى حد يخرج عن كونه قارئا‬
‫فيحرم على المشهور‪ ،‬أولى وأظهر تكثيرا للفائدة‬

‫]‪[10‬‬

‫ورعاية لتفاسير العلماء واللعويين‪ ،‬وأخبار الئمة الطاهرين صلوات ال عليهم‬


‫أجمعين‪ ،‬وال يعلم حقائق كلمه المجيد‪) .‬فاقرؤا ما تيسر من القرآن(‬
‫استدل به بعض الصحاب على وجوب القراءة في الصلة حيث دل المر‬
‫على الوجوب‪ ،‬وأجمعوا على أنها ل تجب في غير الصلة‪ ،‬فتجب فيها‪،‬‬
‫وعلى هذه الطريقة استدلوا به على وجوب السورة حيث قالوا المر‬
‫للوجوب وما تيسر عام فوجب قراءة كل ما تيسر لكن وجوب الزائد على‬
‫مقدار الحمد والسورة في الصلة منفي بالجماع فبقى وجوب السورة‬
‫سالما عن المعارض‪ .‬واجيب بأنه يجوز أن تكون كلمة ما نكرة موصوفة ل‬
‫موصولة حتى يفيد العموم فالمعنى شيئا ما تيسر أي اقرؤا مقدار ما أردتم‬
‫وأحببتم‪ ،‬ولعل ذلك أظهر لكونه المتبادر عرفا كما يقال أعطه ما تيسر‪،‬‬
‫وكونه أنسب بسياق الية‪ ،‬وغرض التخفيف والمتثال المقصود بيانه بها‬
‫والتفريع على قوله )فتاب عليكم( واستلزامه التفصي عن مثل هذا‬
‫التخصيص الذى هو في غاية البعد‪ .‬وأيضا الية واقعة في سياق آيات‬
‫صلة الليل والظاهر كون المراد القراءة في صلة الليل أو في الليل مطلقا‬
‫على الندب والستحباب كما سيأتي‪ .‬وقيل‪ :‬المراد بالقراءة الصلة تسمية‬
‫للشئ باسم بعض أجزائه‪ ،‬وعنى بها صلة الليل‪ ،‬ثم نسخ بالصلوات‬
‫الخمس‪ ،‬وقيل المر في غير الصلة‪ ،‬فقيل على الوجوب نظرا في‬
‫المعجزة‪ ،‬ووقوفا على دلئل التوحيد‪ ،‬وإرسال الرسل‪ ،‬وقيل على‬
‫الستحباب فقيل أقله في اليوم والليلة خمسون آية‪ ،‬وقيل مائة‪ ،‬وقيل‬
‫مائتان كذا ذكره في كنز العرفان‪ ،‬ومع تطرق تلك الحتمالت التي أكثرها‬
‫أظهر من التخصيص يشكل الستدلل بعموم اليات‪ ،‬وسيأتي تمام القول‬
‫فيه وفي قوله تعالى )فاقرؤا ما تيسر منه(‪ - 1 .‬تفسير المام‪ :‬قال عليه‬
‫السلم الذى ندبك ال إليه وأمرك به عند قراءة القرآن )أعوذ بال السميع‬
‫العليم من الشيطان الرجيم( فان أمير المؤمنين عليه السلم قال إن قوله‬
‫)أعوذ بال( أمتنع بال )السميع( لمقال الخيار والشرار‪ ،‬ولكل من‬
‫المسموعات‬

‫]‪[11‬‬

‫من العلن والسرار )العليم( بأفعال الفجار والبرار وبكل شئ مما كان وما يكون‬
‫وما ل يكون أن لو كان كيف كان يكون )من الشيطان( هو البعيد من كل‬
‫خير الرجيم المرجوم باللعن المطرود من بقاع الخير‪ ،‬والستعاذة هي مما‬
‫قد أمر ال به عباده عند قراءتهم القرآن‪ ،‬فقال‪) :‬فإذا قرأت القرآن( )‪(1‬‬
‫الية‪ - 2 .‬المجازات النبوية‪ :‬للسيد الرضي قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬كل صلة ل يقرء فيها بفاتحه الكتاب فهي خداج‪ .‬وروي بلفظ‬
‫آخر وهو قوله‪ :‬كل صلة ل قراءة فيها فهي خداج‪ .‬قال السيد رضي ال‬
‫عنه هذه استعارة عجيبة لنه صلى ال عليه وآله جعل الصلة التي ل‬
‫يقرء فيها ناقصة بمنزلة الناقة إذا ولدت ولدا ناقص الخلقة أو ناقص المدة‬
‫ويقال أخدج الرجل صلته إذا لم يقرء فيها وهو مخدج وهي مخدجه‪ ،‬وقال‬
‫بعض أهل اللغة يقال خدجت الناقة إذا ألقت ولدها قبل أوان النتاج‪ ،‬وإن‬
‫كان تام الخلقة‪ ،‬و أخدجت إذا ألقته ناقص الخلق‪ ،‬وإن كان تام الحمل‪،‬‬
‫فكأنه صلى ال عليه وآله قال‪ :‬كل صلة ليقرء فيها فهي نقصان )‪- 3 .(2‬‬
‫قرب السناد‪ :‬عن عبد ال بن الحسن‪ ،‬عن جده علي بن جعفر‪ ،‬عن أخيه‬
‫موسى عليه السلم قال‪ :‬سألته عن الرجل يكون مستعجل يجزيه أن يقرء‬
‫في الفريضة بفاتحة الكتاب وحدها ؟ قال‪ :‬ل بأس )‪ .(3‬تبيين‪ :‬ل خلف بين‬
‫الصحاب في وجوب القراءة في الصلة‪ ،‬وإليه ذهب أكثر المخالفين‪،‬‬
‫وليست بركن في الصلة عند الكثر حتى أن الشيخ نقل الجماع عليه‪،‬‬
‫وحكى في المبسوط القول بركنيتها عن بعض الصحاب‪ ،‬والول أصح‬
‫للروايات‬
‫)‪ (1‬تفسير المام‪ (2) .6 :‬المجازات النبوية‪ ،70 :‬وزاد بعده‪) :‬ال أنها مع نقصانها‬
‫مجزية‪ ،‬و ذلك كما يقال في قوله عليه السلم ل صلة لجار المسجد ال‬
‫في المسجد‪ ،‬وانما أراد به نفى الفضل ل نفى الصل‪ ،‬فكأنه قال ل صلة‬
‫كاملة أو فاضلة ال في المسجد وان كانت مجزية في غير المسجد الخ‪) .‬‬
‫‪ (3‬قرب السناد‪ 96 :‬ط حجر ص ‪ 127‬ط نجف‪[*] .‬‬

‫]‪[12‬‬

‫الكثيرة المستفيضة الدالة على عدم إعادة الصلة بتركها نسيانا‪ ،‬وتجب في‬
‫الفريضة الثنائية وفي الوليين من غيرها الحمد عند علمائنا أجمع على ما‬
‫نقله جماعة من الصحاب وهل يتعين الفاتحة في النافلة ؟ القرب ذلك‬
‫وقال في التذكرة‪ :‬ل تجب قراءة الفاتحة فيها للصل‪ ،‬والصوب اشتراط‬
‫الفاتحة فيها كسائر واجبات الصلة إل ما أخرجه الدليل‪ .‬ول خلف بين‬
‫الصحاب في جواز القتصار على الحمد وحدها في النوافل مطلقا وفي‬
‫الفرائض عند الضرورة كالخوف والمرض وضيق الوقت‪ ،‬ونقل التفاق‬
‫على ذلك العلمة في المنتهى والمحقق في المعتبر‪ ،‬واختلفوا في وجوب‬
‫السورة عند عدم الضرورة فذهب الكثر إلى الوجوب‪ ،‬والشيخ في النهاية‬
‫وابن الجنيد وسلر والمحقق في المعتبر إلى الستحباب‪ ،‬ومال إليه في‬
‫المنتهى واختاره جماعة من المتأخرين والخبار في ذلك متعارضة‬
‫فبعضها يدل على وجوب السورة الكاملة‪ ،‬وأكثر الخبار المعتبرة تدل على‬
‫عدم الوجوب‪ :‬فبعضها يدل على عدم وجوب السورة أصل‪ ،‬وبعضها على‬
‫جواز الكتفاء ببعض السورة وهي أكثر‪ .‬ويظهر من الشيخ في المبسوط‬
‫وابن الجنيد الميل إلى هذه الخبار‪ ،‬والقول بوجوب شئ مع الحمد إما‬
‫سورة كاملة أو بعض سورة قال في المبسوط قراءة سورة بعد الحمد‬
‫واجب على أنه إن قرء بعض السورة ل نحكم ببطلن الصلة‪ ،‬وقال ابن‬
‫الجنيد‪ :‬ولو قرئ بام الكتاب وبعض سورة في الفرائض أجزء‪ ،‬وهذا مما‬
‫يضعف استدلل أكثر المتأخرين بتلك الخبار تمسكا بعدم القول بالفصل‪،‬‬
‫وبالجملة القول بعدم وجوب السورة الكاملة قوي من حيث الخبار‪،‬‬
‫والحتياط يقتضي عدم ترك السورة إل عند الضطرار‪ ،‬وإنما عدل الكثر‬
‫عن تلك الخبار إلى الوجوب‪ ،‬لن عدم الوجوب قول المخالفين إل شاذا‬
‫منهم‪ ،‬وهذا مما يؤكد الحتياط‪ .‬وهذا الخبر مما استدل به على الوجوب‪،‬‬
‫وأجاب القائلون بالستحباب بأن دللته بالمفهوم ول يعارض المنطوق‪،‬‬
‫ويمكن حمله على الستحباب‪ ،‬بل يمكن أن يستدل به على الندب إذ‬
‫الستعجال أعم من أن يكون لحاجة ضرورية أو غيرها‪ ،‬مع أن مفهومه‬
‫ثبوت البأس عند عدمه‪ ،‬وهو أعم من الحرمة‪.‬‬
‫]‪[13‬‬

‫‪ - 4‬قرب السناد‪ :‬عن عبد ال بن الحسن‪ ،‬عن جده علي بن جعفر قال‪ :‬سألت أخي‬
‫موسى عليه السلم عن رجل قرء سورتين في ركعة‪ ،‬قال‪ :‬إذا كانت نافلة‬
‫فل بأس‪ ،‬فأما الفريضة فل يصلح )‪ .(1‬بيان‪ :‬ظاهره كراهة القران بين‬
‫السورتين في ركعة في الفريضة‪ ،‬وعدمها في النافلة وأما جواز القران في‬
‫النافلة فل خلف فيه بين الصحاب‪ ،‬بل ظاهرهم التفاق على عدم الكراهة‬
‫أيضا‪ ،‬وقد دلت عليه أخبار كثيرة عموما وفي خصوص كثير من النوافل‬
‫كصلة الوتر وصلة أمير المؤمنين عليه السلم وصلة فاطمة وصلة‬
‫النبي صلى ال عليه وآله وغيرها‪ ،‬والولى عدم القران فيما لم يرد فيه‬
‫بالخصوص لطلق بعض الخبار‪ .‬وأما القران في الفريضة فذهب الشيخ‬
‫في الستبصار وابن إدريس والمحقق وجمهور المتأخرين إلى الكراهة‪،‬‬
‫وذهب الشيخ في النهاية والخلف والمبسوط إلى أنه غير جائز‪ ،‬بل قال في‬
‫الخيرين إنه مفسد‪ ،‬وإليه ذهب المرتضى في النتصار‪ ،‬وادعى عليه‬
‫الجماع‪ ،‬والخبار فيها متعارضة‪ ،‬ويمكن الجمع بينها بوجهين‪ :‬أحدهما‬
‫حمل أخبار المنع على الكراهة‪ ،‬وثانيهما حمل أخبار الجواز على التقية‪،‬‬
‫والول أظهر‪ ،‬والثاني أحوط‪ .‬وقال الشهيد الثاني ‪ -‬ره ‪ -‬يتحقق القران‬
‫بقراءة أزيد من سورة‪ ،‬وإن لم يكمل الثانية‪ ،‬بل بتكرير السورة الواحدة أو‬
‫بعضها‪ ،‬ومثله تكرار الحمد‪ ،‬وفيه نظر لنه ينافي تجويزهم العدول قبل‬
‫تجاوز النصف‪ ،‬وكثير من الروايات تدل على جواز قراءة أكثر من سورة‪،‬‬
‫وعلى أي حال‪ ،‬فالظاهر كون موضع الخلف قراءة الزايد على أنه جزء‬
‫من القراءة المعتبرة في الصلة‪ ،‬إذ ل خلف ظاهرا في جواز القنوت‬
‫ببعض اليات وإجابة المسلم بلفظ القرآن‪ ،‬والذان للمستأذن بقوله‬
‫)ادخلوها بسلم( ونحو ذلك‪ - 5 .‬قرب السناد‪ :‬بالسناد المتقدم عن علي‬
‫بن جعفر‪ ،‬عن أخيه عليه السلم قال‪ :‬سألته عن الرجل يقرء في الفريضة‬
‫سورة النجم أيركع بها ؟ أو يسجد ثم يقوم فيقرء بغيرها ؟ قال‪ :‬يسجد ثم‬
‫يقوم فيقرء بفاتحة الكتاب ويركع‪ ،‬ول يعود يقرء في الفريضة‬

‫)‪ (1‬قرب السناد‪ 93 :‬ط حجر ص ‪ 122‬ط نجف‪[*] .‬‬

‫]‪[14‬‬

‫بسجدة )‪ - 6 .(1‬كتاب المسائل‪ :‬لعلي بن جعفر عنه عليه السلم مثله إل أن فيه‪:‬‬
‫ويركع‪ ،‬وذلك زيادة في الفريضة فل يعودن يقرء السجدة في الفريضة )‬
‫‪ .(2‬بيان‪ :‬المشهور بين الصحاب عدم جواز قراءة العزيمة في الفرائض‪،‬‬
‫ونقل جماعة عليه الجماع‪ ،‬وقال ابن الجنيد‪ :‬لو قرء سورة من العزائم في‬
‫النافلة سجد‪ ،‬وإن كان في فريضة أومأ‪ ،‬فإذا فرغ قرأها وسجد‪ ،‬وظاهره‬
‫جواز القراءة في الفريضة‪ ،‬وربما يحمل كلمه على أن المراد باليماء ترك‬
‫قراءة السجدة مجازا وهو بعيد جدا‪ ،‬نعم يمكن حمله على الناسي‪ ،‬وهذه‬
‫الرواية تدل ظاهرا على جواز قراءتها في الفريضة و السجود في أثنائها‬
‫ويمكن حملها على الناسي أو على التقية‪ .‬ثم الظاهر من كلم القائلين‬
‫بالتحريم بطلن الصلة بقراءتها‪ ،‬وقال في المعتبر‪ :‬والتحقيق أنا إن قلنا‬
‫بوجوب سورة مضافة إلى الحمد وحرمنا الزيادة‪ ،‬لزم المنع من قراءة‬
‫سورة العزيمة‪ ،‬وإن أجزنا أحدهما لم يمنع ذلك‪ ،‬إذا لم يقرء موضع‬
‫السجود وقال في الذكرى‪ :‬لو قرأها سهوا في الفريضة ففي وجوب‬
‫الرجوع منها ما لم يتجاوز النصف وجهان‪ ،‬وإن تجاوز ففي جواز الرجوع‬
‫أيضا وجهان‪ ،‬والمنع أقرب‪ ،‬وإن منعناه أومأ بالسجود ثم ليقضها‪ ،‬ويحتمل‬
‫وجوب الرجوع ما لم يتجاوز السجدة وهو أقرب انتهى ملخصا‪ .‬وإذا أتم‬
‫السورة ناسيا فظاهر الشهيد أنه يومئ ثم يقضي‪ ،‬وبه قطع الشهيد الثاني‬
‫والعلمة خير بين اليماء والقضاء‪ ،‬وقال ابن إدريس‪ :‬مضى في صلته ثم‬
‫قضى‪ ،‬والحوط اختيار الول مع العادة أو العمل بهذا الخبر مع العادة‪،‬‬
‫ولو استمع في الفريضة قال العلمة في النهاية‪ :‬أومأ أو سجد بعد الفراغ‪،‬‬
‫والجمع بينهما أحوط‪ ،‬وقرب العلمة تحريم الستماع في الفريضة‬
‫كالقراءة‪ ،‬ول يخلو من تأمل‪ .‬كل ذلك في الفريضة فأما في النافلة‬
‫فالمشهور جواز قراءتها‪ ،‬ووجوب السجود‬

‫)‪ (1‬قرب السناد‪ 93 :‬ط حجر‪ 121 :‬ط نجف‪ (2) .‬المسائل ‪ -‬البحار ج ‪ 10‬ص‬
‫‪[*] .285‬‬

‫]‪[15‬‬

‫في الثناء ثم يقوم فيتم القراءة‪ ،‬ولو كانت السجدة آخر السورة استحب له بعد‬
‫القيام قراءة الحمد ليركع عن قراءة لرواية الحلبي )‪ (1‬وقال الشيخ‪ :‬يقرء‬
‫الحمد وسورة أو آية معها‪ ،‬ولو نسي السجدة حتى ركع سجد إذا ذكر‪،‬‬
‫لصحيحة محمد بن مسلم )‪ (2‬ولو كان مع إمام ولم يسجد إمامه ولم يتمكن‬
‫من السجدة أومأ للروايات الكثيرة‪ ،‬والحوط القضاء بعدها أيضا‪ - 7 .‬قرب‬
‫السناد‪ :‬عن عبد ال بن الحسن‪ ،‬عن جده علي بن جعفر‪ ،‬عن أخيه موسى‬
‫عليه السلم قال‪ :‬سألته عن إمام قرأ السجدة فأحدث قبل أن يسجد كيف‬
‫يصنع ؟ قال‪ :‬يقدم غيره فيسجد ويسجدون‪ ،‬وينصرف‪ ،‬فقد تمت صلتهم )‬
‫‪ .(3‬بيان‪ :‬روى هذا الخبر في التهذيب )‪ (4‬بسند صحيح عن علي بن‬
‫جعفر‪ ،‬والجواب هكذا‪ ،‬قال‪ :‬يقدم غيره فيتشهد ويسجد وينصرف هو‪ ،‬وقد‬
‫تمت صلتهم‪ .‬والخبر يحتمل وجوها‪ :‬الول أن يكون فاعل التشهد‬
‫والسجود والنصراف جميعا المام الول فيكون التشهد محمول على‬
‫الستحباب للنصراف عن الصلة‪ ،‬والسجود للتلوة لعدم اشتراط الطهارة‬
‫فيه‪ .‬الثاني أن يكون فاعل الولين المام الثاني‪ ،‬بناء على أن المام قد ركع‬
‫معهم‪ ،‬والمراد بقول السائل قبل أن يسجد قبل سجود الصلة ل سجود‬
‫التلوة‪ ،‬ول يخفى بعده‪ .‬الثالث أن يكون فاعل التشهد المام الثاني أي يتم‬
‫الصلة بهم وعبر عنه بالتشهد‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 3‬ص ‪ ،318‬الستبصار ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .319‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪.219‬‬


‫)‪ (3‬قرب السناد ص ‪ 94‬ط حجر ص ‪ 123‬ط نجف‪ (4) .‬التهذيب ج ‪1‬‬
‫ص ‪ ،220‬ولعل المراد بقوله )قرأ السجدة( أي السجدة الولى من صلته‬
‫)فأحدث قبل أن يسجد( أي الثانية‪ ،‬بقرينة أن لكل ركعة سجدتان‪،‬‬
‫والجواب ظاهر‪ ،‬فان المام يقدم غيره ليسجد بهم السجدة الثانية‬
‫ويسجدون‪ ،‬وينصرف هو ليتوضأ ويبنى على صلته‪ ،‬وعلى هذا الوجه‬
‫ليس الرواية من الباب‪[*] .‬‬

‫]‪[16‬‬

‫لنه آخر أفعالها‪ ،‬ويسجد المام الول للتلوة وينصرف‪ .‬الرابع أن يكون فاعل‬
‫الولين المام الثاني‪ ،‬ويكون المراد بالتشهد إتمام الصلة بهم وبالسجود‬
‫سجود التلوة أي يتم الصلة بهم ويسجد للتلوة بعد الصلة‪ .‬وأما على ما‬
‫في قرب السناد فالمعنى يسجد المام الثاني بالقوم إما في أثناء الصلة‬
‫كما هو الظاهر أو بعده على احتمال بعيد‪ ،‬وينصرف أي المام الول بعد‬
‫السجود منفردا أو قبله‪ ،‬بناء على اشتراط الطهارة فيه‪ ،‬وهو أظهر من‬
‫الخبر‪ .‬وعلى التقادير يدل على جواز قراءة العزيمة في الفريضة‪ ،‬ول‬
‫يمكن حمله على النافلة لعدم جواز الجماعة فيها‪ ،‬ويكن حمله على‬
‫المشهور على النسيان أو على التقية ومع قطع النظر عن الشهرة يمكن‬
‫حمل أخبار المنع على الكراهة‪ - 8 .‬قرب السناد وكتاب المسائل‪:‬‬
‫بسنديهما عن علي بن جعفر‪ ،‬عن أخيه موسى عليه السلم قال‪ :‬سألته عن‬
‫رجل أراد سورة فقرأ غيرها هل يصلح له أن يقرأ نصفها ثم يرجع إلى‬
‫السورة التي أراد ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬ما لم يكن قل هو ال أحد‪ ،‬وقل يا أيها‬
‫الكافرون )‪ .(1‬وسألته عن القراءة في الجمعة بما يقرء ؟ قال‪ :‬بسورة‬
‫الجمعة وإذا جاءك المنافقون وإن أخذت في غيرها وإن كان قل هو ال أحد‬
‫فاقطعها من أولها وارجع إليها )‪ .(2‬بيان‪ :‬في كتاب المسائل في السؤال‬
‫الول هكذا )هل يصلح له بعد أن يقرأ( نصفها أن يرجع(‪ .‬ثم اعلم أنه‬
‫يستفاد من الخبر أحكام‪ :‬الول‪ :‬جواز العدول عن غير الجحد والتوحيد بعد‬
‫قراءة نصف السورة إلى غيرها والمشهور بين الصحاب جواز العدول من‬
‫سورة إلى اخرى في غير السورتين‪ ،‬ما لم يتجاوز النصف‪ ،‬واعتبر ابن‬
‫إدريس والشهيد في الذكرى عدم بلوغ النصف‪ ،‬وأسنده في الذكرى إلى‬
‫الكثر‪ ،‬واعترف جماعة من الصحاب بأن التحديد بمجاوزة النصف أو‬

‫)‪ (1‬قرب السناد ص ‪ 95‬ط حجر ‪ 124‬ط نجف المسائل ج ‪ 10‬ص ‪ 275‬من‬
‫البحار‪ (2) .‬قرب السناد ص ‪ 97‬ط حجر ص ‪ 128‬ط نجف‪[*] .‬‬

‫]‪[17‬‬

‫بلوغه غير موجود في النصوص وهو كذلك وما ورد في هذا الخبر إنما وقع التقييد‬
‫في كلم السائل )‪ (1‬ومع اعتباره يوافق أحد القولين‪ ،‬وسائر الروايات‬
‫مطلقة بجواز العدول إل موثقة ابن بكير )‪ (2‬عن عبيد بن زرارة عن أبي‬
‫عبد ال عليه السلم في الرجل يريد أن يقرأ السورة فيقرأ غيرها‪ ،‬فقال‪ :‬له‬
‫أن يرجع ما بينه وبين أن يقرأ ثلثيها‪ ،‬وهذا التفصيل لم يقل به أحد‪ ،‬ويمكن‬
‫حمله على كراهة العدول بعد الثلثين‪ ،‬فلو ثبت إجماع على عدم جواز‬
‫العدول بعد النصف كان حجة والظاهر عدمه فالقول بالجواز مطلقا متجه‬
‫والحتياط ظاهر‪ .‬الثاني‪ :‬عدم جواز العدول عن السورتين إلى غيرهما عدا‬
‫ما استثني‪ ،‬والمشهور تحريم العدول عنهما مطلقا في غير ما سيأتي‪،‬‬
‫ونقل المرتضى في النتصار إجماع الفرقة عليه‪ ،‬وذهب المحقق في‬
‫المعتبر إلى الكراهة‪ ،‬وتوقف فيه العلمة في المنتهى والتذكرة وهو في‬
‫محله‪ .‬الثالث‪ :‬جواز العدول عن التوحيد والجحد أيضا إلى الجمعة‬
‫والمنافقين في صلة الجمعة واستحبابه وهو المشهور بين الصحاب لكن‬
‫قيده أكثر الصحاب بعدم تجاوز النصف في السورتين‪ ،‬وقال في الشرايع‬
‫في أحكام الجمعة‪ :‬وإذا سبق المام إلى قراءة سورة فليعدل إلى الجمعة‬
‫والمنافقين ما لم يتجاوز نصف السورة إل في سورة الجحد والتوحيد‪ ،‬وهو‬
‫ظاهر إطلق ابن الجنيد والسيد‪ ،‬ولعل جواز العدول أقوى‪ .‬ثم المشهور‬
‫جواز العدول عن السورتين كما هو ظاهر هذا الخبر والروايات التي‬
‫أوردها الصحاب في كتبهم إنما تضمنت جواز العدول عن التوحيد فقط‬
‫وربما يتمسك في ذلك بعدم القول بالفصل‪ ،‬وفيه إشكال‪ ،‬ولذا توقف بعض‬
‫المتأخرين في العدول عن الجحد‪ ،‬ول يبعد كون هذا الخبر بانضمام الشهرة‬
‫بين القدماء المتأخرين كافيا في إثباته‪.‬‬

‫)‪ (1‬راجع في ذلك ج ‪ 82‬ص ‪ (2) .346‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪[*] .220‬‬

‫]‪[18‬‬
‫ثم اعتبار عدم تجاوز النصف في جواز العدول عنهما مصرح به في كلم الكثر‬
‫وكثير من عبارات الصحاب مجمل والخبار مطلقة‪ ،‬وربما يستند في ذلك‬
‫إلى ما رواه الشيخ عن صباح بن صبيح )‪ (1‬قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه‬
‫السلم رجل أراد أن يصلي الجمعة فقرأ بقل هو ال أحد‪ ،‬قال‪ :‬يتمها‬
‫ركعتين ثم يستأنف‪ ،‬بأن الجمع بينها وبين ساير الروايات يقتضي حملها‬
‫على بلوغ النصف‪ ،‬وسائرها على عدمه‪ ،‬وهذا هو التفصيل الذى صرح به‬
‫الصدوق وابن إدريس‪ ،‬ول يخفى ما فيه‪ ،‬بل الجمع بالتخيير أقرب كما‬
‫يشعر به كلم الكليني ‪ -‬ره ‪ .(2) -‬ثم إنه اشترط الشيخ علي والشهيد‬
‫الثاني قدس ال روحهما في جواز العدول عن السورتين أن يكون الشروع‬
‫فيهما نسيانا‪ ،‬ولعل التعميم أظهر‪ ،‬كما هو المستفاد من إطلق أكثر‬
‫الروايات‪ .‬ثم إن المذكور في كثير من عبارات الصحاب في هذه المسألة‬
‫ظهر الجمعة‪ ،‬وفي كثير منها إجمال‪ ،‬والظاهر اشتراك الحكم عندهم بين‬
‫الظهر والجمعة بل خلف في عدم الفرق بينهما‪ ،‬والخبار إنما وردت بلفظ‬
‫الجمعة‪ ،‬والظاهر أنها تطلق على ظهر يوم الجمعة مجازا‪ ،‬وربما يقال إنها‬
‫مشتركة بين الجمعة والظهر اشتراكا معنويا وهو غير ثابت‪ ،‬والعلمة في‬
‫التذكرة عمم الحكم في الظهرين‪ ،‬وتبعه الشهيد الثاني ول مستند له‪ ،‬ونقل‬
‫عن الجعفي تعميم الحكم في صلة الجمعة وصبحها والعشاء ليلة الجمعة‪،‬‬
‫ودليله غير معلوم‪ ،‬ولو تعسر التيان ببقية السورة للنسيان أو حصول‬
‫ضرر بالتمام فقد صرح الصحاب بجواز العدول‪ .‬الرابع‪ :‬ذكر أكثر‬
‫الصحاب وجوب البسملة للسورة المخصوصة‪ ،‬فقالوا لو قرأها بعد الحمد‬
‫من غير قصد سورة فل يعيدها‪ ،‬ومع العدول يعيد البسملة وعللوا‬

‫)‪ (1‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .247‬حيثما روى باسناده عن محمد بن مسلم‪ ،‬عن‬
‫أحدهما في الرجل يريد أن يقرء بسورة الجمعة في الجمعة فيقرء قل هو‬
‫ال أحد ؟ قال‪ :‬يرجع إلى سورة الجمعة‪ .‬ثم قال بعده‪ :‬وروى أيضا‪ :‬يتمها‬
‫ركعتين ثم يستأنف‪ .‬راجع ج ‪ 3‬ص ‪ 426‬من الكافي‪[*] .‬‬

‫]‪[19‬‬

‫ذلك بأن البسملة صالحة لكل سورة فل يتعين لحدى السور إل بالتعيين‪ ،‬فلو قصد‬
‫بها سورة وعدل إلى غيرها فل يحسب من المعدول إليها‪ .‬وفيه نظر لنا ل‬
‫نسلم أن للنية مدخل في صيرورة البسملة جزء من السورة بل الظاهر أنه‬
‫إذا أتى بالبسملة فقد أتى بشئ يصلح لن يكون جزء لكل سورة‪ ،‬وليس لها‬
‫اختصاص بسورة معينة‪ ،‬فإذا أتى ببقية الجزاء فقد أتى بجميع أجزاء‬
‫السورة المعينة كما إذا كتب بسملة بقصد سورة تم كتب بعدها غيرها ل‬
‫يقال‪ :‬إنه لم يكتب هذه السورة بتمامها‪ ،‬ولو تم ما ذكروه يلزم أن يحتاج‬
‫كل كلمة مشتركة بين السورتين إلى القصد‪ ،‬مثل الحمد ل والظاهر أنه لم‬
‫يقل به أحد‪ .‬ويمكن أن يستدل بهذا الخبر على عدم لزوم نية البسملة لنه‬
‫إذا كان مريدا لسورة اخرى فقد قرأ البسملة لها ففي صورة عدم العدول‬
‫يكون قد اكتفى ببسملة قصد بها اخرى‪ ،‬ولو قيل لعله عند قراءة السورة‬
‫قصد البسملة لها‪ ،‬قلنا إطلق الخبر يشمل ما إذا نسي السورة بعد قراءة‬
‫البسملة للخرى‪ ،‬وعدم التفصيل في الجواب دليل العموم‪ - 9 .‬الخصال‪:‬‬
‫عن أبيه‪ ،‬عن سعد بن عبد ال‪ ،‬عن محمد بن عيسى‪ ،‬عن القاسم بن‬
‫يحيى‪ ،‬عن جده الحسن‪ ،‬عن أبي بصير ومحمد بن مسلم‪ ،‬عن أبي عبد‬
‫ال‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن أمير المؤمنين عليهم السلم قال‪ :‬أعطوا كل سورة‬
‫حقها ]حظها[ من الركوع والسجود )‪ .(5‬وقال عليه السلم‪ :‬تقرأ في صلة‬
‫الجمعة في الولى الحمد والجمعة‪ ،‬وفي الثانية الحمد والمنافقين )‪.(2‬‬
‫وقال عليه السلم‪ :‬إذا فرغتم من المسبحات الخيرة فقولوا‪ :‬سبحان ال‬
‫العلى‪ ،‬وإذا قرأتم إن ال وملئكته يصلون على النبي فصلوا عليه في‬
‫الصلة كنتم أو في غيرها‪ ،‬وإذا قرأتم والتين فقولوا في آخرها‪ :‬ونحن على‬
‫ذلك من الشاهدين‪ ،‬وإذا قرأتم قولوا آمنا بال‪ ،‬فقولوا آمنا بال‪ ،‬حتى‬
‫تبلغوا إلى قوله مسلمون )‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ (3 - 2) .164‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ 165‬و ‪[*] .166‬‬

‫]‪[20‬‬

‫توضيح‪ :‬المشهور بين الصحاب استحباب الجمعة والمنافقين في ظهري الجمعة‬


‫وصلة الجمعة‪ ،‬وظاهر الصدوق وجوبها في ظهر يوم الجمعة واختاره أبو‬
‫الصلح ونقل في الشرايع قول بوجوب السورتين في الظهرين يوم الجمعة‬
‫ول يعلم قائله‪ ،‬وربما يظن أنه وهم من كلم الصدوق ذلك‪ ،‬وهو بعيد من‬
‫مثله‪ ،‬وظاهر السيد وجوب السورتين في صلة الجمعة ولعل الظهر‬
‫الستحباب في الجميع والحوط عدم الترك وهذا الخبر يدل على رجحان‬
‫قرائتهما في الجمعة‪ ،‬ويدل صدور الخبر على مرجوحية القران بين‬
‫السورتين في ركعة‪ ،‬وحمل على الفريضة‪ ،‬كما عرفت‪ - 10 .‬العياشي‪ :‬عن‬
‫يونس بن عبد الرحمن عمن رفعه قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه السلم‬
‫)ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم( قال‪ :‬هي سورة الحمد وهى‬
‫سبع آيات منها بسم ال الرحمن الرحيم وإنما سميت المثانى لنها تثنى في‬
‫الركعتين )‪ .(1‬ومنه‪ :‬عن أبى حمزة‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪:‬‬
‫سرقوا أكرم آية في كتاب ال بسم ال الرحمن الرحيم )‪ .(2‬ومنه‪ :‬عن‬
‫صفوان الجمال قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬ما أنزل ال من السماء‬
‫كتابا إل وفاتحته بسم ال الرحمن الرحيم‪ ،‬وإنما كان يعرف انقضاء‬
‫السورة بنزول بسم ال الرحمن الرحيم ابتداء للخرى )‪ .(3‬ومنه‪ :‬عن‬
‫الحسن بن خرزاد قال‪ :‬روي عن أبى عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إذا أم‬
‫الرجل القوم جاء شيطان إلى الشيطان الذي هو قرين المام‪ ،‬فيقول هل‬
‫ذكر ال ؟ يعنى هل قرء بسم ال الرحمن الرحيم ؟ فان قال‪ :‬نعم هرب منه‪،‬‬
‫وإن قال‪ :‬ل‪ ،‬ركب عنق المام ودلى رجليه في صدره‪ ،‬فلم يزل الشيطان‬
‫إمام القوم حتى يفرغوا من صلتهم )‪ .(4‬ومنه‪ :‬عن أبي بكر الحضرمي‬
‫قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬إذا كانت لك حاجة فاقرأ‬

‫)‪ (1‬تفسر العياشي ج ‪ 2‬ص ‪ 250‬والية في الحجر‪ (3 - 2) .87 :‬تفسير العياشي‬


‫ج ‪ 1‬ص ‪ (4) .19‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪[*] .20‬‬

‫]‪[21‬‬

‫المثاني وسورة اخرى‪ ،‬وصل ركعتين وادع ال‪ ،‬قلت‪ :‬أصلحك ال وما المثانى ؟‬
‫قال‪ :‬فاتحة الكتاب‪ :‬بسم ال الرحمن الرحيم‪ ،‬الحمد ل رب العالمين )‪.(1‬‬
‫ومنه‪ :‬عن عيسى بن عبد ال‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن علي عليه السلم‬
‫قال‪ :‬بلغه أن اناسا ينزعون بسم ال الرحمن الرحيم‪ ،‬فقال‪ :‬هي آية من‬
‫كتاب ال أنساهم إياها الشيطان )‪ .(2‬ومنه‪ :‬عن خالد بن المختار قال‪:‬‬
‫سمعت جعفر بن محمد عليه السلم يقول‪ :‬ما لهم قاتلهم ال عمدوا إلى‬
‫أعظم آية في كتاب ال فزعموا أنها بدعة إذا أظهروها وهى بسم ال‬
‫الرحمن الرحيم )‪ .(3‬ومنه‪ :‬عن محمد بن مسلم قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال‬
‫عن قول ال )لقد آتيناك سبعا من المثانى والقرآن العظيم( فقال‪ :‬فاتحة‬
‫الكتاب يثنى فيها القول )‪ .(4‬قال‪ :‬وقال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬إن‬
‫ال تعالى من على بفاتحة الكتاب من كنز الجنة فيها بسم ال الرحمن‬
‫الرحيم الية التى يقول ال تعالى فيها )وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده‬
‫ولوا على أدبارهم نفورا والحمد ل رب العالمين ]الرحمن الرحيم[ دعوى‬
‫أهل الجنة حين شكروا ال حسن الثواب )مالك يوم الدين( قال جبرئيل ما‬
‫قالها مسلم قط إل صدقه ال وأهل سماواته )إياك نعبد( إخلص للعبادة‬
‫)وإياك نستعين( أفضل ما طلب به العباد حوائجهم )اهدنا الصراط المستقيم‬
‫صراط الذين أنعمت عليهم( صراط النبياء‪ ،‬وهم الذين أنعم ال عليهم‬
‫)غير المغضوب عليهم( اليهود )وغير الضالين( النصارى )‪ .(5‬بيان‪ :‬هذه‬
‫الخبار تدل على أن البسملة جزء من الفاتحة وبعضها على أنها جزء من‬
‫كل سورة‪ ،‬وقال في الذكرى‪ :‬بسم ال الرحمن الرحيم آية من الفاتحة ومن‬
‫كل سورة خل براءة إجماعا منا‪ ،‬ثم قال‪ :‬وابن الجنيد يرى أن البسملة في‬
‫الفاتحة بعضها وفى‬
‫)‪ (3 - 1‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪ (5 - 4) .21‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪[*] .22‬‬

‫]‪[22‬‬

‫غيرها افتتاح لها )‪ (1‬وهو متروك انتهى‪ ،‬وما ورد من تجويز تركها في السورة‬
‫إما مبنى على عدم وجوب السورة الكاملة أو محمول على التقية لقول‬
‫بعض المخالفين بالتفصيل‪ - 11 .‬العياشي‪ :‬عن محمد بن علي الحلبي‪ ،‬عن‬
‫أبى عبد ال عليه السلم أنه كان يقرأ )مالك يوم الدين( ويقرأ )إهدنا‬
‫السراط المستقيم( )‪ .(2‬ومنه‪ :‬عن داود بن فرقد قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال‬
‫عليه السلم يقرء ما ل احصي‪ :‬ملك يوم الدين )‪ .(3‬بيان‪ :‬قرأ عاصم‬
‫والكسائي مالك والباقون ملك‪ ،‬وقد يؤيد الولى بموافقة قوله تعالى )يوم ل‬
‫تملك نفس لنفس شيئا والمر يومئذ ل( )‪ (4‬والثانية بوجوه خمسة الول‬
‫أنها أدخل في التعظيم‪ ،‬الثاني أنها أنسب بالضافة إلى يوم الدين‪ ،‬كما يقال‬
‫ملك العصر‪ ،‬الثالث أنها أوفق بقوله تعالى )لمن الملك اليوم ل الواحد‬
‫القهار( )‪ (5‬الرابع أنها أشبه بما في خاتمة الكتاب من وصفه سبحانه‬
‫بالملكية بعد الربوبية‪ ،‬فيناسب الفتتاح الختتام‪ ،‬الخامس أنها غنية عن‬
‫توجيه وصف المعرفة بما ظاهره التنكير‪ ،‬وإضافة اسم الفاعل إلى الظرف‬
‫لجرائه مجرى المفعول به توسعا‪ ،‬والمراد مالك المور كلها في ذلك اليوم‬
‫وسوغ وصف المعرفة به إرادة معنى المضى تنزيل‬

‫)‪ (1‬بمعنى أنها سابع سبعة من آياتها التى قال ال عزوجل )ولقد آتيناك سبعا(‬
‫فحكم بكونها جزءا من الفاتحة‪ ،‬وأما أنها كالجزء من سائر السور‪ ،‬فانها‬
‫جعلت كالمفتاح تفتتح بها وكان جبرئيل عليه السلم حين ينزل بأول‬
‫السورة من سور القرآن يفتتحها بالبسملة ثم ل يأتي بها ال عند افتتاح‬
‫سورة أخرى فالبسملة آية واحدة‪ ،‬جعلت في افتتاح سورة الحمد جزءا‬
‫ومفتاحا لسائر سور القرآن عند قراءتها‪ ،‬لكنها خارجة عنها كالباب‬
‫ومفتاحه‪ ،‬ولذلك يجهر أهل البيت عليهم الصلة والسلم بالبسملة حتى‬
‫في الصلوات التى يخافت بقراءتها‪ (3 - 2) .‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪22‬‬
‫و ‪ (4) .24‬النفطار‪ (5) .19 :‬غافر‪[*] .16 :‬‬

‫]‪[23‬‬

‫للمحقق الوقوع منزلة ما وقع أو إرادة الستمرار الثبوتي‪ ،‬وأما قراءة ملك فغنية‬
‫عن التوجيه لنها من قبيل كريم البلد‪ .‬وفي أخبارنا وردت القراءتان‪ ،‬وإن‬
‫كان مالك أكثر‪ ،‬وهذا مما يرجحه‪ ،‬وهذا الخبر ظاهره أنه سمعه عليه‬
‫السلم يقرء في الصلواة الكثيرة وفي غيرها ملك دون مالك‪ ،‬ويحتمل أن‬
‫يكون المراد تكرار الية في الصلة الواحدة على وفق الرواية التية فيدل‬
‫على جواز تكرار بعض اليات‪ ،‬وعدم كونه من القران المنهى عنه‪- 12 .‬‬
‫العياشي‪ :‬عن الزهري قال‪ :‬كان علي بن الحسين عليه السلم إذا قرأ‬
‫)مالك يوم الدين يكررها حتى يكاد أن يموت )‪ .(1‬ومنه‪ :‬عن داود بن‬
‫فرقد‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم أنه قال‪ :‬اهدنا الصراط المستقيم يعني‬
‫أمير المؤمنين عليه السلم )‪ .(2‬ومنه‪ :‬عن معاوية بن وهب قال‪ :‬سألت‬
‫أبا عبد ال عليه السلم عن قول ال )غير المغضوب عليهم ول الضالين(‬
‫قال‪ :‬هم اليهود والنصارى )‪ .(3‬ومنه‪ :‬عن رجل‪ ،‬عن ابن أبي عمير رفعه‬
‫في قوله )غير المغضوب عليهم وغير الضالين( قال‪ :‬هكذا نزلت‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫المغضوب عليهم فلن وفلن وفلن‪ ،‬والنصاب و )الضالين( الشكاك الذين‬
‫ل يعرفون المام )‪ .(4‬بيان‪ :‬قال البيضاوي وقرئ )وغير الضالين( ونسبه‬
‫في مجمع البيان إلى علي عليه السلم وإلى أهل البيت عليهم السلم‬
‫)صراط من أنعمت( لكن المشهور بين الصحاب عدم جواز قراءة الشواذ‬
‫في الصلة‪ ،‬بل في غيرها أيضا‪ ،‬ول خلف في جواز قراءة أي السبع شاء‬
‫واختلفوا في بقية العشر ورجح في الذكرى جوازها مدعيا تواترها كالسبع‬
‫والحوط القتصار على السبع‪ .‬ثم المشهور بين المفسرين أن المغضوب‬
‫عليهم هم اليهود لقوله تعالى فيهم‬

‫)‪ (1‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪ (4 - 2) .23‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪[*] .24‬‬

‫]‪[24‬‬

‫)من لعنه ال وغضب عليه( )‪ ،(1‬والضالين هم النصارى لقوله تعالى فيهم )قد‬
‫ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا( )‪ ،(2‬ويظهر من الخبار أنهما يشملهما وكل‬
‫من خرج عن الحق بعلم أو بغير علم‪ ،‬وقد مر القول فيه وسيأتي‪- 13 .‬‬
‫قرب السناد‪ :‬عن عبد ال بن الحسن‪ ،‬عن جده علي بن جعفر‪ ،‬عن أخيه‬
‫عليه السلم قال‪ :‬سألته عن رجل افتتح الصلة فقرأ السورة ولم يقرأ‬
‫بفاتحة الكتاب معها ؟ أيجزيه أن يفعل ذلك متعمدا لعجلة كانت ؟ قال‪ :‬ل‬
‫يتعمد ذلك‪ ،‬فان نسي فقرأه في الثانية أجزأه )‪ .(3‬وسألته عن الرجل يقرء‬
‫في الفريضة بفاتحة الكتاب وسورة اخرى في النفس الواحد‪ ،‬هل يصلح‬
‫ذلك أوما عليه إن فعل ؟ قال‪ :‬إن شاء قرأ بالنفس الواحد‪ ،‬وإن شاء في‬
‫غيره فل بأس )‪ .(4‬وسألته عن الرجل يقرء في صلته هل يجزيه أن ل‬
‫يحرك لسانه وأن يتوهم توهما ؟ قال‪ :‬ل بأس )‪ .(5‬وسألته عن الرجل‬
‫يصلي أله أن يقرأ في الفريضة فيمر بالية فيها التخويف فيبكي ويردد‬
‫الية ؟ قال‪ :‬يردد القرآن ما شاء وإن جاءه البكا فل بأس )‪ .(6‬وسألته عن‬
‫الرجل يقرأ سورة واحدة في الركعتين من الفريضة وهو يحسن غيرها فان‬
‫فعل فما عليه ؟ قال‪ :‬إذا أحسن غيرها فل يفعل وإن لم يحسن غيرها فل‬
‫بأس‪ ،‬وإن فعل فل شئ عليه‪ ،‬ولكن ل يعود )‪ .(7‬وسألته عن رجل صلى‬
‫العيدين وحده أو الجمعة هل يجهر فيها بالقراءة ؟ قال‪:‬‬

‫)‪ (1‬المائدة‪ (2) .60 :‬المائدة‪ (3) .77 :‬قرب السناد ص ‪ 118‬ط نجف‪(5 - 4) .‬‬
‫قرب السناد ص ‪ 122‬ط نجف‪ (6) .‬قرب السناد ص ‪ 123‬ط نجف‪(7) .‬‬
‫قرب السناد‪ 95 :‬ط حجر‪ 124 ،‬ط نجف‪[*] .‬‬

‫]‪[25‬‬

‫ل يجهر إل المام‪ .‬قال‪ :‬وقال أخي‪ :‬يا علي بما تصلي في ليلة الجمعة ؟ قلت‪:‬‬
‫بسورة الجمعة وإذا جاءك المنافقون‪ ،‬فقال‪ :‬رأيت أبي يصلي في ليلة‬
‫الجمعة بسورة الجمعة وقل هو ال أحد‪ ،‬وفي الفجر بسورة الجمعة وسبح‬
‫اسم ربك العلى‪ ،‬وفي الجمعة بسورة الجمعة وإذا جاءك المنافقون )‪.(1‬‬
‫توضيح‪ :‬ل خلف بين الصحاب في وجوب القراءة في الفريضة‪ ،‬ووجوب‬
‫الحمد في الوليين‪ ،‬والمشهور عدم ركنيتها‪ ،‬بل نقل الشيخ عليه الجماع‪،‬‬
‫لكن حكى في المبسوط عن بعض الصحاب القول بركنيتها‪ ،‬والجواب عن‬
‫السؤال الول محمول على الذكر بعد الركوع‪ ،‬ويدل على عدم ركنية‬
‫الفاتحة والقراءة في الثانية محمولة على الذكر قوله عليه السلم‪) :‬وإن‬
‫شاء في غيره(‪ ،‬أقول‪ :‬في كتاب المسائل )‪ (2‬هكذا )وإن شاء أكثر فل شئ‬
‫عليه( ويدل على جواز قراءة سورة وأكثر بنفس واحد‪ ،‬قال في الذكرى‪:‬‬
‫يستحب الوقوف على مواضعه وأجودها التام ثم الحسن‪ ،‬ثم الجائز‪ ،‬ثم‬
‫قال‪ :‬ويجوز الوقف على ما شاء‪ ،‬والوصل‪ .‬ثم ذكر هذه الرواية‪ ،‬ثم قال نعم‬
‫يكره قراءة التوحيد بنفس واحد لما رواه محمد بن يحيى بسنده إلى‬
‫الصادق عليه السلم‪ ،‬انتهى‪ .‬قوله‪) :‬أن ل يحرك لسانه( قال في الذكرى‪:‬‬
‫أقل الجهر أن يسمع من قرب منه إذا كان يسمع‪ ،‬وحد الخفات إسماع‬
‫نفسه إن كان يسمع‪ ،‬وإل تقديرا‪ ،‬قال في المعتبر‪ :‬وهو إجماع العلماء‪ ،‬ثم‬
‫قال‪ :‬فان قلت قد روى علي بن جعفر‪ ،‬عن أخيه‪ :‬ل بأس أن ل يحرك لسانه‬
‫يتوهم توهما ؟ قلت‪ :‬حمله الشيخ على من كان في موضع تقية لمرسلة‬
‫محمد بن أبي حمزة عنه عليه السلم )‪ (3‬يجزيك من القراءة معهم مثل‬
‫حديث النفس‪ .‬قوله عليه السلم‪) :‬يردد القرآن ما شاء( يدل على جواز‬
‫تكرير الية‪ ،‬وأنه ليس‬

‫)‪ (1‬قرب السناد ص ‪ 124‬ط نجف‪ (2) .‬المسائل ‪ -‬البحار ج ‪ 10‬ص ‪ ،276‬ورواه‬
‫في التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .220‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪[*] .256‬‬
‫]‪[26‬‬

‫من القران المنهي عنه كما توهم‪ .‬قوله عليه السلم‪) :‬إذا أحسن غيرها فل يفعل(‬
‫يدل على كراهة قراءة سورة واحدة في الركعتين‪ ،‬كما ذكره أكثر‬
‫الصحاب‪ ،‬واستثنى بعضهم سورة التوحيد‪ ،‬كما مرت الشارة إليه في خبر‬
‫حماد‪ ،‬وقال في الذكرى روى في التهذيب )‪ (1‬عن زرارة قلت لبي جعفر‬
‫عليه السلم اصلي بقل هو ال أحد فقال‪ :‬نعم قد صلى رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله في كلتا الركعتين بقل هو ال أحد لم يصل قبلها ول بعدها بقل‬
‫هو ال أحد أتم منها‪ ،‬قلت‪ :‬تقدم كراهة أن يقرأ بالسورة الواحدة في‬
‫الركعتين‪ ،‬فيمكن أن يستثنى من ذلك قل هو ال أحد لهذا الحديث‪،‬‬
‫ولختصاصها بمزيد الشرف أو فعله النبي صلى ال عليه وآله لبيان‬
‫جوازه‪ ،‬انتهى‪ ،‬ونحو ذلك قال الشهيد الثاني ‪ -‬ره ‪ -‬في شرح النفلية‪ .‬ثم‬
‫اعلم أنه ربما يحمل هذا على تبعيض السورة في الركعتين‪ ،‬ول يخفى بعده‬
‫والشتراط بعدم علم غيرها يأبى عنه‪ ،‬ويدل على عدم استحباب الجهر في‬
‫العيدين وظهر الجمعة للمنفرد وسيأتي القول فيه‪ .‬وقال في الذكرى‪ :‬وافق‬
‫المرتضى الصدوق في قراءة المنافقين في صبح الجمعة‪ ،‬ورواه الشيخ في‬
‫المبسوط وهو في خبر ربعي وحريز )‪ (2‬رفعاه إلى أبي جعفر عليه السلم‬
‫قال‪ :‬إذا كانت ليله الجمعة يستحب أن يقرأ في العتمة سورة الجمعة وإذا‬
‫جاءك المنافقون‪ ،‬وفي صلة الصبح مثل ذلك‪ ،‬وخير ابن أبي عقيل بين‬
‫المنافقين وبين الخلص‪ ،‬وقال الشيخان بل يقرء في الثانية قل هو ال‬
‫أحد‪ ،‬وهو موجود في رواية الكناني )‪ (3‬وأبي بصير )‪ (4‬عن الصادق‬
‫عليه السلم وطريقه رجال الواقفة لكنه مشهور‪ .‬ثم قال‪ :‬ويستحب قراءة‬
‫الجمعة في أول المغرب ليلة الجمعة والعلى في الثانية لرواية أبي بصير‬
‫عن الصادق عليه السلم‪ ،‬وقال في المصباح والقتصاد‪ :‬يقرء في الثانية‬
‫التوحيد لرواية أبي الصباح‪ ،‬ويستحب قراءة الجمعة والعلى في العشاء‬
‫ليلة الجمعة لرواية‬

‫)‪ (1‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .161‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪ (4 - 3) .247‬التهذيب ج ‪1‬‬


‫ص ‪[*] .246‬‬

‫]‪[27‬‬

‫أبي الصباح أيضا‪ ،‬ورواه أبو بصير عنه عليه السلم أيضا‪ ،‬وقال ابن أبي عقيل‪:‬‬
‫يقرء في الثانية المنافقين ووافق في الول على الجمعة لرواية حريز‬
‫السالفة والول أشهر وأظهر في الفتوى‪ ،‬انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬الظهر التخيير‬
‫بين الجميع لورود الرواية في الكل‪ - 14 .‬قرب السناد‪ :‬عن أحمد بن‬
‫محمد بن عيسى‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي‪ ،‬عن الرضا‬
‫عليه السلم قال‪ :‬يقرء في ليلة الجمعة الجمعة وسبح اسم ربك العلى‬
‫وفي الغداة الجمعة وقل هو ال أحد‪ ،‬وفي الجمعة الجمعة والمنافقين‪،‬‬
‫والقنوت في الركعة الولى قبل الركوع )‪ - 15 .(1‬الخصال‪ :‬عن الخليل‪،‬‬
‫عن الحسين بن حمدان‪ ،‬عن إسماعيل بن مسعود عن يزيد بن ذريع‪ ،‬عن‬
‫سعيد بن أبي عروبة‪ ،‬عن قتادة‪ ،‬عن الحسن أن سمرة بن جندب وعمران‬
‫بن حصين تذاكرا فحدث سمرة أنه حفظ عن رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫سكتتين سكتة إذا كبر وسكتة إذا فرغ من قراءته عند ركوعه‪ ،‬ثم إن قتادة‬
‫ذكر السكتة الخيرة إذا فرغ من قراءة غير المغضوب عليهم ول الضالين‪:‬‬
‫أي حفظ ذلك سمرة وأنكره عليه عمران ابن حصين‪ ،‬قال‪ :‬فكتبا في ذلك‬
‫إلى ابي بن كعب وكان في كتابه إليهما أو في رده عليهما أن سمرة قد‬
‫حفظ‪ .‬قال الصدوق ‪ -‬ره ‪ -‬إن النبي صلى ال عليه وآله إنما سكت بعد‬
‫القراءة لئل يكون التكبير موصول بالقراءة‪ ،‬وليكون بين القراءة والتكبير‬
‫فصل‪ ،‬وهذا يدل على أنه لم يقل آمين بعد فاتحة الكتاب سرا ول جهرا‪ ،‬لن‬
‫المتكلم سرا أو علنية ل يكون ساكتا‪ ،‬وفي ذلك حجة قوية للشيعة على‬
‫مخالفيهم في قولهم آمين بعد الفاتحة‪ ،‬ول قوة إل بال )‪ .(2‬تأييد‪ :‬قال‬
‫الشهيد قدس سره في الذكرى‪ :‬يستحب السكوت إذا فرغ من الحمد‬
‫والسورة‪ ،‬فهما سكتتان لرواية إسحاق بن عمار عن الصادق‪ ،‬عن أبيه‬
‫عليهما السلم أن رجلين من أصحاب رسول ال صلى ال عليه وآله اختلفا‬
‫في رسول ال‪ ،‬فكتبا إلى ابي بن كعب كم كانت لرسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله من سكتة ؟ قال‪ :‬كانت له سكتتان إذا فرغ من ام القرآن‪،‬‬

‫)‪ (1‬قرب السناد ص ‪ 158‬ط حجر ص ‪ 211‬ط نجف‪ (2) .‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪،38‬‬
‫ورواه في التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪ 221‬عن اسحاق بن عمار‪[*] .‬‬

‫]‪[28‬‬

‫وإذا فرغ من السورة وفي رواية حماد )‪ (1‬تقدير السكتة بعد السورة بنفس‪ ،‬وقال‬
‫ابن الجنيد روى سمرة وابي بن كعب عن النبي صلى ال عليه وآله أن‬
‫السكتة الولى بعد تكبيرة الفتتاح‪ ،‬والثانية بعد الحمد‪ ،‬ثم قال‪ :‬الظاهر‬
‫استحباب السكوت عقيب الحمد في الخيرتين قبل الركوع وكذا عقيب‬
‫التسبيح‪ - 16 .‬العلل‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد بن عبد ال‪ ،‬عن محمد بن الوليد‪،‬‬
‫عن محمد بن الفضل‪ ،‬عن سليمان بن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬صليت‬
‫خلف أبي جعفر عليه السلم فقرأ بفاتحة الكتاب وآي من البقرة‪ :‬وجاء أبي‬
‫فسأل فقال‪ :‬يا بنى إنما صنع ذا ليفقهكم ويعلمكم )‪ .(2‬بيان‪ :‬روى في‬
‫التهذيب عن الحسين بن سعيد‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن أبان بن عثمان‪،‬‬
‫عن إسماعيل بن الفضل قال‪ :‬صلى بنا أبو عبد ال عليه السلم أو أبو‬
‫جعفر عليه السلم فقرأ بفاتحة الكتاب وآخر سورة المائدة‪ ،‬فلما سلم التفت‬
‫إلينا فقال‪ :‬أما إني إنما أردت أن اعلمكم )‪ .(3‬والظاهر أن هذا الخبر غيره‪،‬‬
‫وسليمان لعله ابن عبد ال بن الحسن‪ ،‬والمسؤول عبد ال و )أبي( زيد من‬
‫النساخ‪ ،‬والتعليم في الخبرين الظاهر أنه تعليم جواز الكتفاء ببعض‬
‫السورة‪ ،‬وعدم وجوب تمامها أو عدم وجوب السورة مطلقا كما فهمه‬
‫الكثر أو تعليم التقية كما فهمه الشيخ في التهذيب ول يخفى ما فيه‪ ،‬إذ‬
‫يفهم من كلمه أنه لم يكن المقام مقام تقية‪ ،‬وفعل الصلة على وجه التقية‬
‫في غير مقام التقية بعيد جدا إل أن يقال‪ :‬هو مبني على عدم وجوب تمام‬
‫السورة وعلمهم عليه السلم أن في مقام التقية ينبغي ترك المستحب‬
‫والكتفاء بالبعض‪ ،‬وحمله على نافلة يجوز القتداء فيها أو صلة اليات‬
‫في غاية البعد‪ ،‬فالظاهر منه عدم وجوب تمام السورة مطلقا‪ - 17 .‬العلل‪:‬‬
‫عن أبيه‪ ،‬عن علي بن إبراهيم‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن إسماعيل بن مرار عن‬
‫يونس‪ ،‬عن جماعة من أصحابنا قال‪ :‬سئل أبو عبد ال عليه السلم ما‬
‫العلة التي من أجلها ل يحل للرجل أن يصلي وعلى شاربه الحنا قال‪ :‬لنه‬
‫ل يتمكن من القراءة والدعاء )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬راجع ج ‪ 84‬ص ‪ 189‬بذيلها‪ (2) .‬علل الشرايع ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .28‬التهذيب ج‬
‫‪ 1‬ص ‪ (4) .220‬علل الشرايع ج ص ‪[*] .32‬‬

‫]‪[29‬‬

‫ومنه‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد بن عبد ال‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن عيسى‪ ،‬عن أحمد بن‬
‫محمد البزنطي وغيره‪ ،‬عن أبان‪ ،‬عن مسمع بن عبد الملك قال‪ :‬سمعت أبا‬
‫عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬ل يصلي المختضب‪ ،‬قلت‪ :‬جعلت فداك ولم ؟‬
‫قال‪ :‬إنه محصر )‪ .(1‬ومنه‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد بن عبد ال‪ ،‬عن يعقوب‬
‫بن يزيد‪ ،‬عن حماد‪ ،‬عن حريز عن زرارة‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم في‬
‫حديث طويل يقول‪ :‬اقرأ سورة الجمعة والمنافقين فان قراءتهما سنة يوم‬
‫الجمعة في الغداة والظهر والعصر‪ ،‬ول ينبغي لك أن تقرأ بغيرهما في‬
‫صلة الظهر يعني يوم الجمعة‪ ،‬إماما كنت أو غير إمام )‪ - 18 .(2‬التوحيد‬
‫والعيون‪ :‬عن علي بن أحمد الدقاق‪ ،‬عن محمد بن جعفر السدي عن محمد‬
‫بن إسماعيل البرمكي‪ ،‬عن الحسين بن الحسن‪ ،‬عن بكر بن زياد‪ ،‬عن عبد‬
‫العزيز ابن المهتدي قال‪ :‬سألت الرضا عليه السلم عن التوحيد‪ ،‬فقال‪ :‬كل‬
‫من قرأ قل هو ال أحد وآمن بها‪ ،‬فقد عرف التوحيد‪ ،‬قلت‪ :‬كيف نقرؤها ؟‬
‫قال‪ :‬كما يقرء الناس وزاد فيه كذلك ال ربي كذلك ال ربي )‪ .(3‬بيان‪ :‬في‬
‫أكثر كتب الحديث في هذا الخبر )كذلك ال ربي( ثلث مرات )‪ (4‬وعد‬
‫الشهيد في النفلية من مستحبات القراءة قول كذلك ال ربي ثلث مرات‬
‫خاتمة التوحيد‪ ،‬واستدل عليه الشهيد الثاني في شرحها بهذه الرواية‪ ،‬وبما‬
‫رواه عبد الرحمن‬

‫)‪ (1‬علل الشرايع ج ‪ 2‬ص ‪ ،42‬راجع شرح ذلك ج ‪ 84‬ص ‪ 263‬باب حكم‬
‫المختضب في الصلة‪ (2) .‬علل الشرائع ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .45‬التوحيد ص‬
‫‪ 284‬ط مكتبة الصدوق‪ ،‬عيون الخبار ج ‪ 1‬ص ‪ (4) .134‬لكنه مخالف‬
‫لسائر الروايات كما رواه في الكافي ج ‪ 1‬ص ‪ ،91‬مع ما في سائر‬
‫الروايات التى تصرح بأن النبي صلى ال عليه وآله كان يقول بعد )ال‬
‫الصمد(‪ :‬ال أحد ال الصمد‪ ،‬وعند تمام السورة )كذلك ال ربى كذلك ال‬
‫ربى( اشارة إلى اليتين الخيرتين‪ ،‬راجع في ذلك ج ‪ 92‬ص ‪[*] .218‬‬

‫]‪[30‬‬

‫ابن الحجاج )‪ (1‬عن الصادق عليه السلم أن أباه كان إذا قرأ قل هو ال أحد وفرغ‬
‫منها قال‪ :‬كذلك ال أو كذاك ال ربي‪ - 19 .‬العيون عن محمد بن علي بن‬
‫الشاه‪ ،‬عن أبي بكر بن عبد ال النيسابوري‪ ،‬عن عبد ال بن أحمد الطا‪،‬‬
‫عن أبيه‪ ،‬وعن أحمد بن إبراهيم الخوزي‪ ،‬عن إبراهيم بن مروان‪ ،‬عن‬
‫جعفر بن محمد بن زياد‪ ،‬عن أحمد بن عبد ال الهروي‪ ،‬وعن الحسين بن‬
‫محمد الشناني‪ ،‬عن علي بن محمد بن مهرويه‪ ،‬عن داود بن سليمان‬
‫جميعا عن الرضا‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال علي بن أبي طالب‬
‫عليه السلم صلى بنا رسول ال صلى ال عليه وآله صلة السفر فقرء في‬
‫الولى قل يا أيها الكافرون‪ ،‬وفي الخرى قل هو ال أحد‪ ،‬ثم قال‪ :‬قرأت لكم‬
‫ثلث القرآن وربعه )‪ .(2‬صحيفة الرضا عليه السلم بسنده عنه عليه‬
‫السلم مثله )‪ - 20 .(3‬مجالس ابن الشيخ‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن المفيد‪ ،‬عن ابن‬
‫قولويه‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد بن عبد ال‪ ،‬عن علي بن عمر العطار قال‪:‬‬
‫دخلت على أبي الحسن العسكري عليه السلم يوم الثلثاء فقال‪ :‬لم أرك‬
‫أمس قال‪ :‬كرهت الحركة في يوم الثنين‪ ،‬قال‪ :‬يا علي من أحب أن يقيه‬
‫ال شر يوم الثنين فليقرأ في أول ركعة من صلة الغداة هل أتى على‬
‫النسان ثم قرأ أبو الحسن عليه السلم )فوقيهم ال شر ذلك اليوم ولقيهم‬
‫نضرة وسرورا( )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪ ،171‬وفيه تكرار الجملة مرتين‪ ،‬فل يصلح اخراجه شاهدا‬
‫نعم ما روى في خبر رجاء بن أبى الضحاك عن الرضا عليه السلم‬
‫)العيون ج ‪ 2‬ص ‪ (183‬أنه كان إذا قرأ قل هو ال أحد قال سرا )ال أحد(‬
‫فإذا فرغ منها قال‪ :‬كذلك ال ربنا ‪ -‬ثلثا ‪ -‬يصلح لكونه شاهدا على ذلك‪،‬‬
‫ال أن الخبر ضعيف‪ .‬والخبر ل ينافى ما أشرنا إليه من العتبار حيث‬
‫صرح عليه السلم بمتن الية الولى عند تمامها وأشار إلى اليات الثلث‬
‫الخيرة بقوله )كذلك ال ربنا( ثلث مرات آخر السورة‪ ،‬ال أنه خلف‬
‫سنة النبي صلى ال عليه وآله‪ (2) .‬عيون الخبار ج ‪ 2‬ص ‪(3) .37‬‬
‫صحيفة الرضا ص ‪ (4) .20‬امالي الطوسى ج ‪ 1‬ص ‪[*] .228‬‬

‫]‪[31‬‬

‫‪ - 21‬الحتجاج‪ :‬قال‪ :‬كتب محمد الحميري إلى القائم عليه السلم روي في ثواب‬
‫القرآن في الفرائض وغيرها أن العالم عليه السلم قال‪ :‬عجبا لمن لم يقرأ‬
‫في صلته إنا أنزلناه في ليلة القدر كيف تقبل صلته ؟ وروي ما زكت‬
‫صلة من لم يقرأ فيها قل هو ال أحد‪ ،‬وروي أن من قرأ في فرائضه‬
‫الهمزة اعطي من الثواب قدر الدنيا‪ ،‬فهل يجوز أن يقرأ الهمزة ويدع هذه‬
‫السور التي ذكرناها‪ ،‬مع ما قد روي أنه ل تقبل صلته ول تزكو إل بهما ؟‬
‫التوقيع‪ :‬الثواب في السور على ما قد روي‪ ،‬وإذا ترك سورة مما فيها‬
‫الثواب وقرء قل هو ال أحد وإنا أنزلناه لفضلهما اعطي ثواب ما قرء‬
‫وثواب السورة التي ترك‪ ،‬ويجوز أن يقرأ هاتين السورتين وتكون صلته‬
‫تامة‪ ،‬ولكن يكون قد ترك الفضل )‪ .(1‬فلح السائل‪ :‬رأيت في كتاب مشايخ‬
‫خواص من الشيعة لمولنا أبي الحسن علي ابن محمد ومولنا الحسن بن‬
‫علي العسكريين ما هذا لفظ السائل ولفظه عليه السلم ثم ذكر هذه الرواية‬
‫)‪ .(2‬غيبة الشيخ‪ :‬عن جماعة‪ ،‬عن محمد بن أحمد بن داود القمي‪ ،‬عن‬
‫محمد بن عبد ال الحميري مثله )‪ .(3‬بيان‪ :‬لعله مخير بين قراءة القدر في‬
‫الولى والتوحيد في الثانية‪ ،‬وبين العكس‪ ،‬وهذا الخبر ل يدل على تعين‬
‫الثاني كما توهم إذ الواو ل تدل على الترتيب‪ ،‬والخبر ورد في الوجهين‬
‫جميعا‪ ،‬وقال الصدوق ‪ -‬ره ‪ -‬إنما يستحب قراءة القدر في الولى والتوحيد‬
‫في الثانية‪ ،‬لن القدر سورة النبي صلى ال عليه وآله وأهل بيته‪ ،‬فيجعلهم‬
‫المصلي وسيلة إلى ال تعالى لنه بهم وصل إلى معرفته‪ ،‬وأما التوحيد‬
‫فالدعاء على أثرها مستجاب‪ - 22 .‬الخصال‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد بن عبد‬
‫ال‪ ،‬عن أيوب بن نوح‪ ،‬عن عبد ال بن المغيرة‪ ،‬عن معاذ بن مسلم‪ ،‬عن‬
‫أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬ل تدع أن تقرأ قل هو ال أحد وقل‬

‫)‪ (1‬الحتجاج ص ‪ (2) .269‬فلح السائل لم نجده‪ (3) .‬الغيبة ص ‪[*] .246‬‬

‫]‪[32‬‬

‫يا أيها الكافرون في سبعة مواطن‪ :‬في الركعتين قبل الفجر‪ ،‬وركعتي الزوال‪،‬‬
‫والركعتين بعد المغرب‪ ،‬والركعتين في أول صلة الليل‪ ،‬وركعتي الحرام‪،‬‬
‫وركعتي الفجر إذا أصبحت بها‪ ،‬وركعتي الطواف‪ .‬قال الصدوق رضي ال‬
‫عنه‪ :‬المر بقراءة هاتين السورتين في هذه السبعة المواطن على‬
‫الستحباب ل على الوجوب )‪ .(1‬الهداية‪ :‬عنه عليه السلم‪ ،‬مرسل مثله )‬
‫‪ .(2‬بيان‪ :‬قال في الذكرى‪ :‬من سنن القراءة اختيار ما تضمنته رواية معاذ‬
‫بن مسلم‪ ،‬وذكر الرواية‪ ،‬ثم قال‪ :‬قال الشيخ وفي رواية اخرى أنه يقرأ في‬
‫هذا كله بقل هو ال أحد في الولى وفي الثانية بقل يا أيها الكافرون ]إل في‬
‫الركعتين قبل الفجر فانه يبدء بقل يا أيها الكافرون[ ثم يقرأ في الثانية بقل‬
‫هو ال أحد )‪ (3‬هذا حكاية الشيخ لكلم أبي جعفر الكليني ‪ -‬ره ‪ -‬ولم يذكرا‬
‫سند الرواية‪ ،‬انتهى‪ .‬وقال الشهيد الثاني قدس سره المراد بالصباح بها‬
‫أن يفعل بعد انتشار الصبح وظهوره كثيرا إذ قبله يستحب قراءة طوال‬
‫المفصل فيها‪ ،‬والظاهر أن حد الصباح ظهور الحمرة أو ما قاربه‪ ،‬بحيث‬
‫تطلع ولما يفرغ‪ ،‬لن تأخيرها إلى ذلك الوقت مكروه‪ ،‬فإذا خاف الوصول‬
‫إليه خففها وكذا إذا وصل إليه بالفعل‪ - 23 .‬العيون‪ :‬عن تميم بن عبد ال‬
‫القرشي عن أبيه‪ ،‬عن أحمد بن علي النصاري‪ ،‬عن رجاء بن أبي الضحاك‬
‫قال‪ :‬كان الرضا عليه السلم في طريق خراسان قراءته في جميع‬
‫المفروضات في الولى الحمد وإنا أنزلناه‪ ،‬وفي الثانية الحمد وقل هو ال‬
‫أحد إل في صلة الغداة والظهر والعصر يوم الجمعة‪ ،‬فانه كان يقرء فيها‬
‫بالحمد وسورة الجمعة والمنافقين‪ ،‬وكان يقرء في صلة العشاء الخرة‬
‫ليلة الجمعة في الولى الحمد وسورة الجمعة وفي الثانية الحمد وسبح اسم‬
‫ربك‪.‬‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .5‬الهداية ص ‪ 38‬ط السلمية‪ (3) .‬الكافي ج ‪ 3‬ص‬
‫‪ ،316‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪ 155‬وما بين العلمتين ساقط من الكمبانى ]*[‬

‫]‪[33‬‬

‫وكان يقرء في صلة الغداة يوم الثنين ويوم الخميس في الولى الحمد وهل أتى‬
‫على النسان‪ ،‬وفي الثانية الحمد وهل أتيك حديث الغاشية‪ ،‬وكان يجهر‬
‫بالقراءة في المغرب والعشاء وصلة الليل والشفع والوتر والغداة‪ ،‬ويخفي‬
‫القراءة في الظهر والعصر وكان يسبح في الخراوين يقول‪ :‬سبحان ال‬
‫والحمد ل ول إله إل ال ]وال أكبر[ ثلث مرات‪ ،‬وكان قنوته في جميع‬
‫صلته )رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت العز الجل الكرم(‪.‬‬
‫وكان إذا أقام في بلدة عشرة أيام صائما ل يفطر‪ ،‬فإذا جن الليل بدأ بالصلة‬
‫قبل الفطار‪ ،‬وكان في الطريق يصلي فرائضه ركعتين ركعتين إل المغرب‪،‬‬
‫فانه كان يصليها ثلثا ول يدع نافلتها ول يدع صلة الليل والشفع والوتر‬
‫وركعتي الفجر في سفر ول حضر‪ .‬وكان ل يصلي من نوافل النهار في‬
‫السفر شيئا وكان يقول بعد كل صلة يقصرها سبحان ال والحمد ل ول‬
‫إله إل ال وال أكبر ثلثين مرة‪ ،‬ويقول‪ :‬هذا تمام الصلة وما رأيته صلى‬
‫الضحى في سفر ول حضر‪ ،‬وكان ل يصوم في السفر شيئا‪ .‬وكان عليه‬
‫السلم يبدء في دعائه بالصلة على محمد وآله‪ ،‬ويكثر من ذلك في الصلة‬
‫وغيرها‪ ،‬وكان يكثر بالليل في فراشه من تلوة القرآن‪ ،‬فإذا مر بآية فيها‬
‫ذكر جنة أو نار بكى‪ ،‬وسأل ال الجنة وتعوذ بال من النار‪ ،‬وكان عليه‬
‫السلم يجهر ببسم ال الرحمن الرحيم في جميع صلواته بالليل والنهار‪.‬‬
‫وكان إذا قرأ قل هو ال أحد قال سرا‪ :‬ال أحد‪ ،‬فإذا فرغ منها قال‪ :‬كذلك‬
‫ال ربنا ثلثا وكان إذا قرأ قل يا أيها الكافرون قال في نفسه سرا‪ :‬يا أيها‬
‫الكافرون‪ ،‬فإذا فرغ منها قال‪ :‬ربي ال وديني السلم ثلثا‪ ،‬وكان إذا قرأ‬
‫والتين والزيتون قال عند الفراغ منها‪ :‬بلى‪ ،‬وأنا على ذلك من الشاهدين‪،‬‬
‫وكان إذا قرأ ل اقسم بيوم القيمة قال عند الفراغ منها‪ :‬سبحانك اللهم بلى‪،‬‬
‫وكان يقرء في سورة الجمعة قل ما عند ال خير من اللهو ومن التجارة‬
‫]للذين اتقوا[ وال خير الرازقين‪ .‬وكان إذا فرغ من الفاتحة قال‪ :‬الحمد ل‬
‫رب العالمين‪ ،‬فإذا قرأ سبح اسم ربك‬

‫]‪[34‬‬

‫العلى‪ ،‬قال سرا‪ :‬سبحان ربي العلى‪ ،‬وإذا قرأ يا أيها الذين آمنوا قال‪ :‬لبيك اللهم‬
‫لبيك‪ ،‬سرا )‪ .(1‬بيان‪ :‬ذكر الكثر استحباب قراءة هل أتى في غداة الثنين‬
‫والخميس‪ ،‬و اقتصروا عليه وزاد الصدوق قراءة الغاشية في الثانية وقال‬
‫من قرأهما وقاه ال شر اليومين والتسبيح في الخراوين ليس فيه وال‬
‫أكبر في أكثر النسخ المصححة القديمة‪ ،‬وإنما رأيناها ملحقة في بعض‬
‫النسخ الجديدة‪ .‬وقال في الذكرى‪ :‬من سنن القراءة أنه إذا ختم والشمس‬
‫وضحيها‪ ،‬فليقل صدق ال وصدق رسوله‪ ،‬وإذا قرأ آل خير أما يشركون‪،‬‬
‫قال‪ :‬ال خير ال أكبر‪ ،‬وإذا قرأ ثم الذين كفروا بربهم يعدلون‪ ،‬قال كذب‬
‫العادلون بال‪ ،‬وإذا قرأ الحمد ل الذي لم يتخذ ولدا ‪ -‬إلى ‪ -‬وكبره تكبيرا‪،‬‬
‫قال ال أكبر ثلثا وروى ذلك )‪ (2‬عمار عن الصادق عليه السلم‪ .‬ثم قال‪:‬‬
‫وروى عبد ال المزني مرسل )‪ (3‬عن الصادق عليه السلم ينبغي للعبد إذا‬
‫صلى أن يرتل قراءته وإذا مر بآية فيها ذكر الجنة والنار سأل ال الجنة‬
‫وتعوذ بال من النار‪ ،‬وإذا مر بيا أيها الذين آمنوا قال‪ :‬لبيك ربنا‪ .‬قلت‪ :‬هذه‬
‫الرواية تدل على جواز التلبية في الصلة‪ ،‬ومثلها رواية أبي جرير )‪(4‬‬
‫عن الكاظم عليه السلم قال‪ :‬إن الرجل إذا كان في الصلة فدعاه الوالد‬
‫فليسبح فإذا دعته الوالدة فليقل لبيك انتهى‪ - 24 .‬العيون‪ :‬عن علي بن‬
‫عبد ال بن الوراق‪ ،‬عن سعد بن عبد ال‪ ،‬عن يعقوب ابن يزيد‪ ،‬عن محمد‬
‫بن حسان وأبي محمد النيلي‪ ،‬عن الحسين بن عبد ال‪ ،‬عن محمد بن علي‬
‫بن شاهويه‪ ،‬عن أبي الحسن الصائغ‪ ،‬عن عمه قال‪ :‬خرجت مع الرضا‬
‫عليه السلم إلى‬

‫)‪ (1‬عيون الخبار ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .183 - 180‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪(3) .221‬‬
‫التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪ (4) .162‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪[*] .236‬‬

‫]‪[35‬‬

‫خراسان فما زاد في الفرائض على الحمد وإنا أنزلناه في الولى‪ ،‬والحمد وقل هو‬
‫ال أحد في الثانية )‪ - 25 .(1‬قرب السناد‪ :‬عن محمد بن عبد الحميد‬
‫وعبد الصمد بن محمد معا‪ ،‬عن حنان ابن سدير قال‪ :‬صليت خلف أبي عبد‬
‫ال عليه السلم المغرب فتعوذ باجهار أعوذ بال السميع العليم من‬
‫الشيطان الرجيم‪ ،‬وأعوذ بال أن يحضرون‪ ،‬ثم جهر ببسم ال الرحمن‬
‫الرحيم )‪ .(2‬بيان‪ :‬قال في الذكرى‪ :‬من سنن القراءة الستعاذة قبلها في‬
‫الركعة الولى خاصة من كل صلة ويستحب السرار بها‪ ،‬ولو في‬
‫الجهرية‪ ،‬قاله الكثر‪ ،‬ونقل الشيخ فيه الجماع منا وروى حنان بن سدير )‬
‫‪ (3‬قال‪ :‬صليت خلف أبي عبد ال عليه السلم فتعوذ باجهار ثم جهر ببسم‬
‫ال الرحمن الرحيم‪ ،‬ويحمل على الجواز انتهى وأقول‪ :‬لم أر مستندا‬
‫للسرار‪ ،‬والجماع لم يثبت‪ ،‬والرواية تدل على استحباب الجهر خصوصا‬
‫للمام ل سيما في المغرب‪ ،‬إذ الظاهر اتحاد الواقعة في الروايتين‪ ،‬ويؤيده‬
‫عموم ما ورد في إجهار المام في سائر الذكار إل ما أخرجه الدليل‪ .‬نعم‬
‫ورد في صحيحة صفوان )‪ (4‬قال‪ :‬صليت خلف أبي عبد ال عليه السلم‬
‫أياما فكان يقرأ في فاتحة الكتاب بسم ال الرحمن الرحيم‪ ،‬فإذا كانت صلة‬
‫ل يجهر فيها بالقراءة جهر ببسم ال الرحمن الرحيم وأخفى ما سوى ذلك‪،‬‬
‫وإنه يدل على استحباب الخفات في الستعاذة لن قوله ما سوى ذلك‬
‫يشملها‪ ،‬ويمكن أن يقال لعله عليه السلم‪ :‬لم يتعوذ في تلك الصلوات‬
‫والستدلل موقوف على التيان بها وهو بعيد إذ تركه عليه السلم‬
‫الستعاذة في صلوات متوالية بعيد لكن دخولها في ما سوى ذلك غير‬
‫معلوم إذ يحتمل أن يكون المراد بما سوى ذلك من القراءة أو من الفاتحة‬
‫بل هو الظاهر من السياق‪ ،‬وإل فمعلوم‬

‫)‪ (1‬عيون الخبار ج ‪ 2‬ص ‪ 206‬في حديث‪ (2) .‬قرب السناد ‪ 58‬ط حجر‪(3) .‬‬
‫التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪ (4) .218‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪[*] .153‬‬

‫]‪[36‬‬
‫أنه عليه السلم كان يجهر بالتسبيحات والتشهدات والقنوتات وسائر الذكار‪،‬‬
‫والستعاذة ليست بداخلة في القراءة ول في الفاتحة بل هي من مقدماتها‬
‫وال يعلم‪ - 26 .‬التوحيد‪ :‬عن أحمد بن الحسين‪ ،‬عن محمد بن سليمان‪،‬‬
‫عن محمد بن يحيى عن محمد بن عبد ال الرقاشي‪ ،‬عن جعفر بن سليمان‪،‬‬
‫عن يزيد الرشك‪ ،‬عن مطرف بن عبد ال‪ ،‬عن عمران بن حصين أن النبي‬
‫صلى ال عليه وآله بعث سرية واستعمل عليها عليا عليه السلم فلما‬
‫رجعوا سألهم فقالوا كل خير غير أنه قرأ بنا في كل الصلة بقل هو ال‬
‫أحد‪ ،‬فقال‪ :‬يا علي لم فعلت هذا ؟ فقال‪ :‬لحبي لقل هو ال أحد‪ ،‬فقال النبي‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬ما أحببتها حتى أحبك ال عزوجل )‪ .(1‬مجمع البيان‪:‬‬
‫عن عمران مثله )‪ - 27 .(2‬ثواب العمال‪ :‬عن محمد بن الحسن بن‬
‫الوليد‪ ،‬عن محمد بن يحيى العطار عن محمد بن أحمد الشعري‪ ،‬عن سهل‬
‫بن الحسن‪ ،‬عن محمد بن علي بن أسباط‪ ،‬عن عمه يعقوب‪ ،‬عن أبي‬
‫الحسن العبدي قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬من قرأ قل هو ال أحد‬
‫وإنا أنزلناه في ليلة القدر وآية الكرسي في كل ركعة من تطوعه فقد فتح‬
‫ال له بأعظم أعمال الدميين‪ ،‬إل من أشبهه أو زاد عليه )‪ .(3‬دعوات‬
‫الراوندي‪ :‬عن أبي الحسن العبدي مثله‪ .‬فلح السائل‪ :‬باسناده إلى‬
‫التلعكبري عن آخرين‪ ،‬عن الكليني‪ ،‬عن محمد بن الحسن وغيره‪ ،‬عن‬
‫سهل‪ ،‬عن محمد بن علي مثله )‪ .(4‬أقول‪ :‬سيأتي في باب فضايل السور‬
‫عن الباقر عليه السلم أنه قال‪ :‬من قرأ سورة الدخان في فرائضه ونوافله‬
‫بعثه ال من المنين يوم القيامة وأظله تحت عرشه‪ ،‬وحاسبه حسابا‬
‫يسيرا‪ ،‬وأعطاه كتابه بيمينه )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬التوحيد ص ‪ ،94‬ط مكتبة الصدوق‪ (2) .‬المجمع ج ‪ 10‬ص ‪ (3) .567‬ثواب‬
‫العمال ص ‪ (4) .31‬فلح السائل ص ‪ 127‬و ‪ (5) .128‬ثواب العمال‬
‫ص ‪[*] .103‬‬

‫]‪[37‬‬

‫وعنه عليه السلم قال‪ :‬من أدمن في فرائضه ونوافله قراءة سورة ق وسع ال‬
‫عليه رزقه‪ ،‬و أعطاه كتابه بيمينه وحاسبه حسابا يسيرا )‪ .(1‬وعن علي‬
‫بن الحسين عليه السلم قال‪ :‬من قرأ سورة الممتحنة في فرائضه ونوافله‬
‫امتحن ال قلبه لليمان‪ ،‬ونور له بصره‪ ،‬ول يصيبه فقر أبدا‪ ،‬ول جنون‬
‫في بدنه‪ ،‬ول في ولده )‪ .(2‬وعن الباقر عليه السلم قال‪ :‬من قرأ سورة‬
‫الصف وأد من قراءتها في فرائضه ونوافله‪ ،‬صفه ال مع ملئكته وأنبيائه‬
‫المرسلين إن شاء ال )‪ .(3‬وعن الصادق عليه السلم قال‪ :‬من الواجب‬
‫على كل مؤمن إذا كان لنا شيعة أن يقرأ في ليلة الجمعة بالجمعة وسبح‬
‫اسم ربك العلى‪ ،‬وفي صلة الظهر بالجمعة والمنافقين‪ ،‬فإذا فعل ذلك‬
‫فكأنما يعمل بعمل رسول ال صلى ال عليه وآله وكان جزاؤه وثوابه على‬
‫ال الجنة )‪ .(4‬وعنه عليه السلم قال‪ :‬من قرأ سورة التغابن في فريضته‬
‫كانت شفيعة له يوم القيامة‪ ،‬و شاهد عدل عند من يجيز شهادتها‪ ،‬ثم ل‬
‫يفارقها حتى تدخله الجنة )‪ .(5‬وعنه عليه السلم قال‪ :‬من قرأ سورة‬
‫الطلق والتحريم في فريضة أعاذه ال من أن يكون يوم القيامة ممن‬
‫يخاف أو يحزن‪ ،‬وعوفي من النار‪ ،‬وأدخله ال الجنة بتلوته اياهما‬
‫ومحافظته عليهما‪ ،‬لنهما للنبي صلى ال عليه وآله )‪ .(6‬وعنه عليه‬
‫السلم قال‪ :‬من قرأ تبارك الذي بيده الملك في المكتوبة قبل أن ينام لم يزل‬
‫في أمان ال حتى يصبح‪ ،‬وفي أمانه يوم القيامة حتى يدخل الجنة )‪.(7‬‬
‫وعنه عليه السلم قال‪ :‬من قرأ سورة ن والقلم في فريضته أو نافلته آمنه‬
‫ال عزوجل من أن يصيبه فقر أبدا‪ ،‬وأعاذه إذا مات من ضمة القبر )‪.(8‬‬
‫وعنه عليه السلم قال‪ :‬أكثروا قراءة الحاقة فان قراءتها في الفرائض‬
‫والنوافل من اليمان‬

‫)‪ (1‬ثواب العمال ص ‪ (5 - 2) .104‬ثواب العمال ص ‪ (8 - 6) .107‬ثواب‬


‫العمال ص ‪[*] .108‬‬

‫]‪[38‬‬

‫بال ورسوله لنها إنما نزلت في أمير المؤمنين عليه السلم ومعاوية ولم يسلب‬
‫قارئها دينه حتى يلقى ال عزوجل )‪ .(1‬وعنه عليه السلم قال‪ :‬أي عبد‬
‫قرأ إنا أرسلنا نوحا محتسبا صابرا في فريضة أو نافلة أسكنه ال تعالى‬
‫مساكن البرار‪ ،‬وأعطاه ثلث جنان مع جنته كرامة من ال‪ ،‬وزوجه مائتي‬
‫حوراء وأربعة آلف ثيب إن شاء ال )‪ .(2‬وعنه عليه السلم قال‪ :‬من قرأ‬
‫سورة المزمل في العشاء الخرة أو في آخر الليل كان له الليل والنهار‬
‫شاهدين مع سورة المزمل‪ ،‬وأحياه ال حياة طيبة وأماته ميتة طيبة )‪.(3‬‬
‫وعن الباقر عليه السلم قال‪ :‬من قرأ في الفريضة سورة المدثر كان حقا‬
‫على ال عزوجل أن يجعله مع محمد صلى ال عليه وآله في درجته ول‬
‫يدركه في حياة الدنيا شقاء أبدا )‪ .(4‬وعنه عليه السلم قال‪ :‬من قرأ هل‬
‫أتى على النسان في كل غداة خميس زوجه ال من الحور ثمان مائة‬
‫عذراء وأربعة آلف ثيب وحوراء من الحور العين وكان مع محمد صلى‬
‫ال عليه وآله )‪ .(5‬وعن الصادق عليه السلم قال‪ :‬من قرأ هاتين‬
‫السورتين وجعلهما نصب عينيه في صلة الفريضة والنافلة‪ :‬إذا السماء‬
‫انفطرت وإذا السماء انشقت‪ ،‬لم يحجبه ال من حاجة‪ ،‬ولم يحجزه من ال‬
‫حاجز‪ ،‬ولم يزل ينظر ال إليه حتى يفرغ من الحساب )‪ .(6‬وعنه عليه‬
‫السلم قال‪ :‬من قرأ في الفريضة ويل للمطففين أعطاه ال من يوم القيمة‬
‫من النار‪ ،‬ولم تره ول يراها ول يمر على جسر جهنم ول يحاسب يوم‬
‫القيمة )‪ .(7‬وعنه عليه السلم قال‪ :‬من قرأ والسماء ذات البروج في‬
‫فرائضه فانها سورة النبيين‪ ،‬كان محشره وموقفه مع النبيين والمرسلين )‬
‫‪ .(8‬وعنه عليه السلم قال‪ :‬من كانت قراءته في فرائضه بالسماء‬
‫والطارق كانت له عند ال يوم القيامة جاه ومنزلة‪ ،‬وكان من رفقاء النبيين‬
‫وأصحابهم في الجنة )‪ .(9‬وعنه عليه السلم قال‪ :‬من قرأ سبح اسم ربك‬
‫العلى في فريضة أو نافلة قيل له يوم القيامة‪:‬‬

‫)‪ (1‬ثواب العمال ص ‪ (4 - 2) .108‬ثواب العمال ص ‪ (9 - 5) .109‬ثواب‬


‫العمال ص ‪[*] .110‬‬

‫]‪[39‬‬

‫ادخل من أي أبواب الجنان شئت إنشاء ال )‪ .(1‬وعنه عليه السلم قال‪ :‬من أدمن‬
‫قراءة هل أتيك حديث الغاشية في فريضة أو نافلة غشاه ال برحمته في‬
‫الدنيا والخرة وآتاه المن يوم القيامة من عذاب النار )‪ .(2‬وعنه عليه‬
‫السلم قال‪ :‬اقرؤا سورة الفجر في فرائضكم ونوافلكم فانها سورة الحسين‬
‫بن على من قرأها كان مع الحسين عليه السلم يوم القيامة في درجة من‬
‫الجنة إن ال عزيز حكيم )‪ .(3‬وعنه عليه السلم قال‪ :‬من كان قراءته في‬
‫فريضته ل اقسم بهذا البلد كان في الدنيا معروفا أنه من الصالحين‪ ،‬وكان‬
‫في الخرة معروفا أن له من ال مكانا وكان يوم القيامة من رفقاء النبيين‬
‫والشهداء والصالحين )‪ .(4‬وعنه عليه السلم قال‪ :‬من قرأ والتين في‬
‫فرائضه ونوافله اعطي من الجنة حتى يرضى إن شاء ال )‪ .(5‬وعنه عليه‬
‫السلم قال من قرأ إنا أنزلناه في ليلة القدر في فريضة من فرائض ال‪،‬‬
‫نادى مناد يا عبد ال غفر ال لك ما مضى فاستأنف العمل )‪ .(6‬وعنه عليه‬
‫السلم قال‪ :‬ل تملوا من قراءة إذا زلزلت الرض‪ ،‬فان من كانت قراءته في‬
‫نوافله لم يصبه ال عزوجل بزلزلة أبدا‪ ،‬ولم يمت بها ول بصاعقة ول بآفة‬
‫من آفات الدنيا‪ ،‬فإذا مات امر به إلى الجنة فيقول ال عزوجل‪ :‬عبدي‬
‫أبحتك جنتي فاسكن منها حيث شئت وهويت‪ ،‬ل ممنوعا ول مدفوعا )‪.(7‬‬
‫وعنه عليه السلم قال‪ :‬من قرأ سورة ألهيكم التكاثر في فريضة كتب ال‬
‫له ثواب وأجر مائة شهيد‪ ،‬ومن قرأها في نافلة كتب له ثواب خمسين‬
‫شهيدا‪ ،‬وصلى معه في فريضته أربعون صفا من الملئكة إن شاء ال )‪.(8‬‬
‫وعنه عليه السلم قال‪ :‬من قرأ والعصر في نوافله بعثه ال يوم القيامة‬
‫مشرقا وجهه‪،‬‬
‫)‪ (1‬ثواب العمال ص ‪ (5 - 2) .110‬ثواب العمال ص ‪ (7 - 6) .111‬ثواب‬
‫العمال ص ‪ (8) .112‬ثواب العمال ص ‪[*] .113‬‬

‫]‪[40‬‬

‫ضاحكا سنه‪ ،‬قريرا عينه‪ ،‬حتى يدخل الجنة )‪ .(1‬وعنه عليه السلم قال‪ :‬من قرأ‬
‫ويل لكل همزة في فرائضه نفت عنه الفقر‪ ،‬وجلبت عليه الرزق‪ ،‬وتدفع‬
‫عنه ميتة السوء )‪ .(2‬وعنه عليه السلم قال‪ :‬من قرأ في فرائضه ألم تر‬
‫كيف فعل ربك شهد له يوم القيامة كل سهل وجبل ومدر بأنه كان من‬
‫المصلين‪ ،‬وينادي له يوم القيامة مناد صدقتم على عبدي‪ ،‬قبلت شهادتكم‬
‫له وعليه‪ ،‬أدخلوه الجنة‪ ،‬ول تحاسبوه فانه ممن أحبه واحب عمله )‪.(3‬‬
‫قال الصدوق ‪ -‬ره ‪ -‬عند ذكر هذا الخبر‪ :‬من قرأ سورة الفيل فليقرأ معها‬
‫ليلف في ركعة فريضة فانهما جميعها سورة واحدة ول يجوز التفرد‬
‫بواحدة منهما في ركعة فريضة‪ .‬وعن الباقر عليه السلم قال‪ :‬من قرأ‬
‫سورة أرأيت الذي يكذب بالدين في فرائضه ونوافله كان فيمن قبل ال‬
‫عزوجل صلته وصيامه‪ ،‬ولم يحاسبه بما كان منه في الحياة الدنيا )‪.(4‬‬
‫وعن الصادق عليه السلم قال‪ :‬من كان قراءته إنا أعطيناك الكوثر في‬
‫فرائضه ونوافله‪ ،‬سقاه ال من الكوثر يوم القيامة‪ ،‬وكان محدثه عند‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله في أصل طوبى )‪ .(5‬وعنه عليه السلم‬
‫قال‪ :‬من قرأ قل يا أيها الكافرون وقل هو ال أحد في فريضة من الفرائض‬
‫غفر ال له ولوالديه‪ ،‬وما ولدا‪ ،‬وإن كان شقيا محي من ديوان الشقياء‪،‬‬
‫واثبت في ديوان السعداء‪ ،‬وأحياه ال سعيدا وأماته شهيدا وبعثه شهيدا )‬
‫‪ .(6‬وعنه عليه السلم قال‪ :‬من قرأ إذا جاء نصر ال والفتح في نافلة أو‬
‫فريضة نصره ال على جميع أعدائه وجاء يوم القيامة ومعه كتاب ينطق‬
‫قد أخرجه ال من جوف قبره فيه أمان من جسر جهنم ومن النار‪ ،‬ومن‬
‫زفير جهنم‪ ،‬فل يمر على شئ يوم القيامة إل بشره وأخبره بكل خير حتى‬
‫يدخل الجنة‪ ،‬ويفتح له في الدنيا من أسباب الخير ما لم يتمن ولم يخطر‬
‫على‬

‫)‪ (3 - 1‬ثواب العمال ص ‪ (6 - 5) .113‬ثواب العمال ص ‪[*] .114‬‬

‫]‪[41‬‬

‫قلبه )‪ .(1‬وعنه عليه السلم قال‪ :‬من مضى به يوم واحد فصلى فيه خمس صلوات‬
‫ولم يقرأ فيها بقل هو ال أحد‪ ،‬قيل له‪ :‬يا عبد ال لست من المصلين )‪.(2‬‬
‫وعنه عليه السلم قال‪ :‬من مضت له جمعة ولم يقرأ فيها بقل هو ال أحد‬
‫ثم مات مات على دين أبي لهب )‪ .(3‬بيان‪ :‬جميع هذه الخبار مأخوذة من‬
‫كتاب ثواب العمال للصدوق ‪ -‬ره ‪ -‬وستأتي بأسانيدها في كتاب القرآن )‬
‫‪ (4‬وأكثرها ضعيفة السند على المشهور مأخوذة من تفسير الحسن ابن‬
‫علي بن أبي حمزة‪ ،‬والخبران الخيران ظاهرهما وجوب قراءة التوحيد في‬
‫الجملة في الصلة‪ ،‬وغيرها‪ ،‬ولم أر قائل به ولعله لضعف سندهما عندهم‬
‫والحوط العمل بهما‪ - 28 .‬المحاسن‪ :‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن جميل‪ ،‬عن‬
‫أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬أيما مؤمن حافظ على صلة الفريضة فصلها‬
‫لوقتها‪ ،‬فليس هو من الغافلين فان قرأ فيها بمائة آية فهو من الذاكرين )‬
‫‪ .(5‬ومنه‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن إبراهيم بن إسحاق‪ ،‬عن أبي عثمان العبدي‪ ،‬عن‬
‫الصادق‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪:‬‬
‫قراءة القرآن في الصلة أفضل من قراءة القرآن في غير الصلة )‪29 .(6‬‬
‫‪ -‬فقه الرضا‪ :‬قال عليه السلم‪ :‬ل تقرء في صلة الفريضة والضحى وألم‬
‫نشرح‪ .‬وألم تر كيف‪ ،‬وليلف ؟ ول المعوذتين فانه قد نهي عن قراءتهما‬
‫في الفرائض‪ ،‬لنه روي أن والضحى وألم نشرح سورة واحدة وكذلك ألم‬
‫تر كيف وليلف سورة واحدة‪ ،‬وأن المعوذتين من الرقية ليستا من القرآن‬
‫أدخلوهما في القرآن‪ ،‬وقيل‪ :‬إن جبرئيل علمهما رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله فان أردت قراءة بعض هذه السور الربع فاقرأ والضحى وألم‬

‫)‪ (3 - 1‬ثواب العمال ص ‪ (4) .115‬راجع ج ‪ 92‬أبواب فضائل السور‪(5) .‬‬


‫المحاسن ص ‪ (6) .51‬المحاسن ص ‪ ،122‬في حديث‪[*] .‬‬

‫]‪[42‬‬

‫نشرح‪ ،‬ولم تفصل بينهما‪ ،‬وكذلك ألم تر كيف وليلف‪ ،‬وأما المعوذتان فل تقرأهما‬
‫في الفرائض‪ ،‬ول بأس في النوافل )‪ .(1‬وقال العالم عليه السلم اقرأ في‬
‫صلة الغداة المرسلت وإذا الشمس كورت‪ ،‬ومثلهما من السورة في الظهر‬
‫إذا السماء انفطرت وإذا زلزلت ومثلهما‪ ،‬وفي العصر العاديات والقارعة‬
‫ومثلهما وفي المغرب والتين وقل هو ال أحد ومثلهما‪ ،‬وفي يوم الجمعة‬
‫وليلة الجمعة سورة الجمعة والمنافقين )‪ .(2‬وقال عليه السلم‪ :‬ول تقرء‬
‫في المكتوبة سورة ناقصة ول بأس به في النوافل‪ .‬وقال العالم عليه‬
‫السلم‪ :‬ل تجمع بين السورتين في الفريضة )‪ .(3‬وسئل عن رجل يقرأ في‬
‫المكتوبة نصف السورة ثم ينسى فيأخذ في الخرى حتى يفرغ منها ثم يذكر‬
‫قبل أن يركع‪ ،‬قال‪ :‬ل بأس به )‪ .(4‬وتقرأ في صلواتك كلها يوم الجمعة‬
‫وليلة الجمعة سورة الجمعة والمنافقين وسبح اسم ربك العلى‪ ،‬وإن‬
‫نسيتها أو في واحدة منها فل إعادة عليك‪ ،‬فان ذكرتها من قبل أن تقرأ‬
‫نصف سورة فارجع إلى سورة الجمعة وإن لم تذكرها إل بعد ما قرأت‬
‫نصف سورة فامض في صلتك )‪ .(5‬بيان‪ :‬كون السور الربع اثنتين‬
‫سيأتي الكلم فيه‪ ،‬وأما النهي عن قراءة المعوذتين في الفريضة فلعله‬
‫محمول على التقية‪ ،‬قال في الذكرى‪ :‬أجمع علماؤنا وأكثر العامة على أن‬
‫المعوذتين بكسر الواو من القرآن العزيز‪ ،‬وأنه يجوز القراءة بهما في‬
‫فرض الصلة ونفلها‪ ،‬وعن ابن مسعود أنهما ليستا من القرآن‪ ،‬وإنما‬
‫انزلتا لتعويذ الحسن والحسين عليهما السلم وخلفه انقرض‪ ،‬واستقر‬
‫الجماع الن من الخاصة والعامة على ذلك‪ ،‬انتهى‪.‬‬

‫)‪ (1‬فقه الرضا ص ‪ (2) .9‬فقه الرضا ص ‪ 11‬س ‪ (4 - 3) .11‬فقه الرضا ص ‪11‬‬
‫س ‪ (5) .20‬فقه الرضا ص ‪[*] .12‬‬

‫]‪[43‬‬

‫قوله عليه السلم )فيأخذ في الخرى( موافق لما رواه الشيخ في الصحيح )‪ (1‬عن‬
‫أبي عبد ال عليه السلم في الرجل يقرء في المكتوبة بنصف السورة ثم‬
‫ينسى فيأخذ في اخرى حتى يفرغ منها ثم يذكر قبل أن يركع‪ ،‬قال‪ :‬يركع‬
‫ول يضره‪ .‬أقول‪ :‬يحتمل الخبر وجهين‪ :‬الول أنه نسي فابتدأ بسورة اخرى‬
‫وأتمها فيدل على أنه ل بأس بالعدول عن سورة إلى اخرى نسيانا‪ ،‬وإن‬
‫بلغ النصف‪ ،‬والثاني أن يسهى فيقرأ النصف الخر من سورة اخرى فيدل‬
‫على عدم وجوب سورة كاملة‪ ،‬ولعله أظهر في الخبر‪ ،‬وإن كان هنا حمله‬
‫على الول أوفق بما مر‪ .‬قال في الذكرى‪ :‬هذا ل دللة فيه على اعتبار‬
‫النصف‪ ،‬إذ مفهوم السم ليس فيه حجة نعم يظهر منه على بعد استحباب‬
‫قراءة السورة انتهى‪ .‬قوله )وسبح اسم ربك العلى( لعل الواو بمعنى أو‬
‫أي اقرأ في الثانية في بعضها المنافقين وفي بعضها العلى كما عرفت‪،‬‬
‫والجزء الخير يدل على اعتبار مجاوزة النصف في الجملة‪ - 30 .‬مصباح‬
‫الشريعة‪ :‬قال الصادق عليه السلم‪ :‬من قرأ القرآن ولم يخضع ل‪ ،‬ولم‬
‫يرق قلبه‪ ،‬ول يكتسي حزنا ووجل في سره‪ ،‬فقد استهان بعظيم شأن ال‬
‫تعالى‪ ،‬وخسر خسرانا مبينا‪ ،‬فقارئ القرآن يحتاج إلى ثلثة أشياء‪ :‬قلب‬
‫خاشع‪ ،‬وبدن فارغ‪ ،‬وموضع خال‪ ،‬فإذا خشع ل قلبه فر منه الشيطان‬
‫الرجيم‪ ،‬قال ال عزوجل )فإذا قرأت القرآن فاستعذ بال من الشيطان‬
‫الرجيم( وإذا تفرغ نفسه من السباب تجرد قلبه للقراءة فل يعترضه‬
‫عارض‪ ،‬فيحرم بركة نور القرآن وفوائده‪ ،‬وإذا اتخذ مجلسا خاليا واعتزل‬
‫من الخلق بعد أن أتى بالخصلتين الولتين استأنس روحه وسره بال‪،‬‬
‫ووجد حلوة مخاطبات ال عزوجل عباده الصالحين‪ ،‬وعلم لطفه بهم‪،‬‬
‫ومقام اختصاصه لهم بفنون كراماته‪ ،‬وبدايع إشاراته فإذا شرب كأسا من‬
‫هذا المشروب ل يختار على ذلك الحال حال‪ ،‬ول على ذلك الوقت وقتا‪ ،‬بل‬
‫يؤثره على كل طاعة وعبادة لن فيه المناجاة مع الرب بل واسطة‪.‬‬

‫)‪ (1‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪[*] .190‬‬

‫]‪[44‬‬

‫فانظر كيف تقرأ كتاب ربك‪ ،‬ومنشور وليتك‪ ،‬وكيف تجيب أوامره ونواهيه‪ ،‬وكيف‬
‫تمتثل حدوده‪ ،‬فانه كتاب عزيز ل يأتيه الباطل من بين يديه ول من خلفه‬
‫تنزيل من حكيم حميد فرتله ترتيل‪ ،‬وقف عند وعده ووعيده‪ ،‬وتفكر في‬
‫أمثاله ومواعظه واحذر أن تقع من إقامتك حروفه في إضاعة حدوده )‪.(1‬‬
‫‪ - 31‬السرائر‪ :‬نقل من كتاب حريز قال‪ :‬قال أبو جعفر عليه السلم‪ :‬ل‬
‫تقرن بين سورتين في الفريضة في ركعة فانه أفضل‪ .‬وقال‪ :‬قال زرارة قال‬
‫أبو جعفر عليه السلم‪ :‬ل قران بين سورتين في ركعة ول قران بين‬
‫اسبوعين في فريضة ول نافلة‪ ،‬ول قران بين الصومين‪ ،‬ول قران بين‬
‫صلتين‪ ،‬ول قران بين فريضة ونافلة )‪ - 32 .(2‬فلح السائل‪ :‬روى أبو‬
‫المفضل محمد بن عبد ال‪ ،‬عن جععر بن محمد بن مسعود العياشي‪ ،‬عن‬
‫أبيه‪ ،‬عن جعفر بن أحمد‪ ،‬عن العمركي‪ ،‬عن يعقوب بن يزيد‪ ،‬عن أحمد بن‬
‫عبدوس‪ ،‬عن محمد بن دادنة‪ ،‬عن محمد بن الفرج أنه كتب إلى الرجل‬
‫عليه السلم يسأله عما يقرء في الفرائض‪ ،‬وعن أفضل ما يقرء به فيها‪،‬‬
‫فكتب عليه السلم إليه إن أفضل ما يقرأ في الفرائض إنا أنزلناه في ليلة‬
‫القدر‪ ،‬وقل هو ال أحد )‪ - 33 .(3‬كتاب المسائل‪ :‬لعلي بن جعفر‪ ،‬عن أخيه‬
‫موسى عليه السلم قال‪ :‬سألته عمن ترك القراءة ما حاله ؟ قال‪ :‬إن كان‬
‫متعمدا فل صلة له‪ ،‬وإن كان نسي فل بأس )‪ .(4‬ومنه‪ :‬قال‪ :‬سألته عن‬
‫الرجل يفتتح السورة فيقرء بعضها ثم يخطئ فيأخذ في غيرها حتى يختمها‬
‫ثم يعلم أنه قد أخطأ هل له أن يرجع في الذي فتح‪ ،‬وإن كان قد ركع‬
‫وسجد ؟ قال‪ :‬إن كان لم يركع فليرجع إن أحب وإن ركع فليمض )‪.(5‬‬
‫وسألته عن الرجل يخطئ في قراءته هل له أن ينصت ساعة ويتذكر ؟ قال‪:‬‬

‫)‪ (1‬مصباح الشريعة ص ‪ 13‬و ‪ (2) .14‬السرائر ص ‪ (3) .472‬فلح السائل ص‬


‫‪ (2) .162‬المسائل ‪ -‬البحار ج ‪ 10‬ص ‪ (5) .271‬المسائل ‪ -‬البحار ج‬
‫‪ 10‬ص ‪[*] .274‬‬

‫]‪[45‬‬
‫ل بأس )‪ .(1‬وسألته عن الرجل يقرأ في صلته هل يجزيه أن ل يخرج وأن يتوهم‬
‫توهما ؟ قال‪ :‬ل بأس )‪ - 34 .(2‬الهداية‪ :‬قال الصادق عليه السلم ل تقرن‬
‫بين السورتين في الفريضة‪ ،‬فأما في النافلة فل بأس‪ ،‬ول تقرأ في‬
‫الفريضة شيئا من العزائم الربع‪ ،‬وهي سجدة لقمان )‪ (3‬وحم السجدة‪،‬‬
‫والنجم‪ ،‬وسورة اقرأ باسم ربك‪ ،‬ول بأس أن تقرأ بها في النافلة‪ ،‬وموسع‬
‫عليك أي سورة قرأت في فرائضك إل أربع سور‪ :‬وهي والضحى وألم‬
‫نشرح في ركعة لنهما جميعا سورة واحدة‪ ،‬وليلف وألم تر كيف في‬
‫ركعة‪ ،‬لنهما جميعا سورة واحدة ول تنفرد بواحدة من هذه الربع سور‬
‫في ركعة فريضة )‪ - 35 .(4‬الخرائج‪ :‬للراوندي باسناده عن داود الرقي‬
‫قال‪ :‬صليت صلة الفجر خلف الصادق عليه السلم فقرأ في الركعة الولى‬
‫الحمد ووالضحى‪ ،‬وفي الثانية الحمد وقل هو ال أحد ثم قنت )‪ .(5‬أقول‪:‬‬
‫تمامه في باب معجزاته عليه السلم )‪ - 36 .(6‬المعتبر والمنتهى‪ :‬نقل من‬
‫جامع أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي‪ ،‬عن المفضل قال‪ :‬سمعت أبا‬
‫عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬ل تجمع بين سورتين في ركعة واحدة إل‬
‫الضحى وألم نشرح‪ ،‬وسورة الفيل وليلف قريش )‪.(7‬‬

‫)‪ (1‬المسائل ‪ -‬البحار ‪ 10‬ص ‪ (2) .275‬المسائل ‪ -‬البحار ج ‪ 10‬ص ‪(3) .276‬‬
‫يعنى سورة السجدة التى وقعت في المصحف الشريف بعد سورة لقمان‪،‬‬
‫وهذا اصطلح‪ (4) .‬الهداية‪ (5) .31 :‬ل يوجد في الخرائج المطبوع‪(6) .‬‬
‫راجع ج ‪ 47‬ص ‪ 104‬و ‪ 105‬من هذه الطبعة الحديثة‪ (7) .‬المعتبر ص‬
‫‪[*] .178‬‬

‫]‪[46‬‬

‫مجمع البيان‪ :‬نقل من تفسير العياشي‪ ،‬عن المفضل بن صالح مثله )‪ .(1‬بيان‪:‬‬
‫المشهور بين الصحاب كون الضحى وألم نشرح سورة واحدة‪ ،‬وكذا الفيل‬
‫وليلف‪ ،‬ونسبه المحقق إلى رواية الصحاب‪ ،‬وقال الشيخ في الستبصار‪:‬‬
‫)‪ (2‬هاتان السورتان يعني الضحى وألم نشرح سورة واحدة عند آل محمد‬
‫عليه وعليهم السلم‪ ،‬وينبغي أن يقرأهما موضعا واحدا‪ ،‬ول يفصل بينهما‬
‫ببسم ال الرحمن الرحيم في الفرائض‪ ،‬وقال في التهذيب )‪ (3‬وعندنا أنه ل‬
‫يجوز قراءة هاتين السورتين إل في ركعة‪ ،‬وهو مشعر بالتفاق عليه‪.‬‬
‫واختلفوا في أنه هل يقرأ بينهما البسملة أم ل ؟ والكثر على ترك البسملة‪،‬‬
‫وليس في الروايات دللة على كونها سورة واحدة إل ما مر من فقه الرضا‬
‫عليه السلم‪ ،‬ولعل الصدوق أخذه منه وتبعه غيره‪ ،‬ولكن سيأتي بعض‬
‫الروايات المرسلة الدالة على ذلك وغاية ما يدل عليه غيرها من الروايات‬
‫جواز الجمع بينهما في ركعة وأما عدم جواز النفراد باحداهما فل يظهر‬
‫عنها‪ ،‬ورواية الخرائج يدل على الجواز‪ .‬ويدل عليه أيضا ما رواه الشيخ‬
‫في الصحيح )‪ (4‬عن زيد الشحام قال‪ :‬صلى بنا أبو عبد ال عليه السلم‬
‫فقرأ بنا بالضحى وألم نشرح‪ ،‬وحمله الشيخ على أن المراد أنه قرأهما في‬
‫ركعة‪ ،‬ول يخفى بعده‪ ،‬ويؤيده ما رواه أيضا في الصحيح )‪ (5‬عن زيد‬
‫الشحام قال صلى أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬فقرأ في الولى والضحى وفي‬
‫الثانية ألم نشرح‪ ،‬وحمله الشيخ على النافلة‪ ،‬وتعاضد الخبرين مع اتحاد‬
‫راويهما يبعد هذا الحمل‪ .‬وقال في المعتبر بعد إيراد رواية البزنطي‬
‫المتقدمة وما رواه الشيخ في الصحيح عن زيد الشحام )‪ (6‬قال‪ :‬صلى بنا‬
‫أبو عبد ال عليه السلم الفجر فقرأ الضحى وألم نشرح في ركعة واحدة‪:‬‬
‫ما تضمنته الروايتان دال على الجواز‪ ،‬وليس بصريح في الوجوب الذي‬
‫ادعوه‪.‬‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ج ‪ 10‬ص ‪ (2) .544‬الستبصار ج ‪ 1‬ص ‪ (6 - 3) .162‬التهذيب‬


‫ج ‪ 1‬ص ‪[*] .154‬‬

‫]‪[47‬‬

‫وهل تعاد البسملة في الثانية ؟ قال الشيخ في التبيان‪ :‬ل‪ ،‬وقال بعض المتأخرين‬
‫تعاد لنها آية من كل سورة‪ ،‬والوجه أنهما إن كانتا سورتين فلبد من‬
‫إعادة البسملة وإن كانتا سورة واحدة كما ذكر علم الهدى والمفيد وابن‬
‫بابويه فل إعادة‪ ،‬للتفاق على أنها ليست آيتين من سورة واحدة‪ ،‬وإنما‬
‫قال الشبه أنها ل تعاد‪ ،‬لن المستند التمسك بقضية مسلمة في المذهب‪،‬‬
‫وهي أن البسملة آية من كل سورة فبتقدير كونهما سورة واحدة يلزم عدم‬
‫العادة‪ .‬ولقائل أن يقول‪ :‬ل نسلم أنهما سورة واحدة بل لم ل تكونان‬
‫سورتين وإن لزم قراءتهما في الركعة الواحدة‪ ،‬على ما ادعوه ؟ ويطالب‬
‫بالدللة في كونهما سورة واحدة‪ ،‬وليس في قراءتهما في الركعة الواحدة‬
‫دللة على ذلك‪ ،‬وقد تضمنت رواية المفضل تسميتهما سورتين‪ ،‬ونحن فقد‬
‫بينا أن الجمع بين السورتين في الفريضة مكروه فيستثنيان في الكراهة‬
‫انتهى‪ .‬ول يخفى حسنه ومتانته وغرابة اختلف الروايات الثلث المنتهية‬
‫إلى الشحام في قضية واحدة وحكم واحد‪ - 37 .‬مجمع البيان‪ :‬روى‬
‫أصحابنا أن الضحى وألم نشرح سورة واحدة‪ ،‬و كذا سورة ألم تر كيف‬
‫وليلف قريش‪ ،‬قال‪ :‬وروى العياشي‪ ،‬عن أبي العباس‪ ،‬عن أحدهما‬
‫عليهما السلم قال‪ :‬ألم تر كيف فعل ربك وليلف قريش سورة واحدة‪،‬‬
‫قال‪ :‬وروي أن ابي بن كعب لم يفصل بينهما في مصحفه )‪ - 38 .(1‬ثواب‬
‫العمال‪ :‬من قرأ سورة الفيل فليقرأ معها ليلف فانهما جميعا سورة‬
‫واحدة )‪ - 39 .(2‬الشرايع‪ :‬روى أصحابنا أن الضحى وألم نشرح سورة‬
‫واحدة‪ ،‬وكذا الفيل وليلف )‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ج ‪ 10‬ص ‪ (3) .544‬ثواب العمال ص ‪ ،114‬وقد مر ص ‪40‬‬


‫أنه كلم الشيخ الصدوق قدس سره‪ (2) .‬الشرايع ص ‪[*] .14‬‬

‫]‪[48‬‬

‫‪ - 40‬تفسير المام‪ ،‬والعيون‪ ،‬ومجالس الصدوق‪ :‬عن أبي محمد العسكري عليه‬
‫السلم قال‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬إن بسم ال الرحمن الرحيم‬
‫آية من فاتحة الكتاب‪ ،‬و هي سبع آيات تمامها ببسم ال الرحمن الرحيم )‬
‫‪ - 41 .(1‬ثواب العمال‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد بن عبد ال‪ ،‬عن يعقوب بن‬
‫يزيد عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن هشام أو بعض أصحابنا عمن حدثه‪ ،‬عن أبي‬
‫عبد ال عليه السلم قال‪ :‬من قرأ سورة الرحمن فقال عند كل‪) :‬فبأي آلء‬
‫ربكما تكذبان( ل بآلئك رب اكذب‪ ،‬فان قرأها ليل مات شهيدا‪ ،‬وإن قرأها‬
‫نهارا مات شهيدا )‪ .(1‬ومنه‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن محمد بن يحيى‪ ،‬عن محمد بن‬
‫أحمد‪ ،‬عن محمد بن حسان‪ ،‬عن إسماعيل بن مهران‪ ،‬عن الحسن بن علي‬
‫بن أبي حمزة‪ ،‬عن علي بن شجرة‪ ،‬عن بعض أصحابه‪ :‬عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬إذا قرأتم تبت يدا أبي لهب فادعوا على أبي لهب‪ ،‬فانه‬
‫كان من المكذبين الذين يكذبون بالنبي صلى ال عليه وآله وبما جاء به من‬
‫عند ال )‪ - 42 .(2‬دعائم السلم‪ :‬عن جعفر بن محمد عليه السلم قال‪:‬‬
‫تعوذ بعد التوجه من الشيطان تقول‪ :‬أعوذ بال السميع العليم من الشيطان‬
‫الرجيم )‪ .(3‬وعن جعفر بن محمد‪ ،‬عن أبيه عليه السلم‪ ،‬عن جابر قال‪:‬‬
‫قال لي رسول ال صلى ال عليه وآله كيف تقرأ إذا قمت في الصلة ؟ قال‪:‬‬
‫قلت‪ :‬الحمد ل رب العالمين‪ ،‬قال‪ :‬قل‪ :‬بسم ال الرحمن الرحيم‪ ،‬الحمد ل‬
‫رب العالمين )‪ .(4‬وروينا عنهم صلوات ال عليهم أنهم قالوا يبتدء بعد‬
‫بسم ال الرحمن الرحيم في كل ركعة بفاتحة الكتاب‪ .‬ويقرء في الركعتين‬
‫الوليين من كل صلة بعد فاتحة‬

‫)‪ (1‬تفسير المام ص ‪ ،13‬عيون الخبار ج ‪ 1‬ص ‪ ،302‬أمالى الصدوق ص ‪.106‬‬


‫)‪ (1‬ثواب العمال‪ (2) .105 :‬ثواب العمال‪ (3) .115 :‬دعائم السلم‬
‫ج ‪ 1‬ص ‪ (4) .157‬دعائم السلم ج ‪ 1‬ص ‪[*] .159‬‬

‫]‪[49‬‬
‫الكتاب بسورة‪ ،‬وحرموا أن يقال بعد قراءة )فاتحة الكتاب(‪ :‬آمين‪ ،‬كما تقول العامة‬
‫)‪ .(1‬قال جعفر بن محمد عليهما السلم إنما كانت النصارى تقولها )‪.(2‬‬
‫وعنه عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬ل‬
‫تزال امتي بخير وعلى شريعة من دينها حسنة جميلة ما لم يتخطوا القبلة‬
‫بأقدامهم‪ ،‬ولم ينصرفوا قياما كفعل أهل الكتاب‪ ،‬ولم تكن لهم ضجة بآمين )‬
‫‪ .(3‬وروينا عن جعفر بن محمد عليه السلم أنه قال‪ :‬يقرء في الظهر‬
‫والعشاء الخرة مثل والمرسلت‪ ،‬وإذا الشمس كورت‪ ،‬وفي العصر‬
‫والعاديات والقارعة‪ ،‬وفي المغرب مثل قل هو ال أحد‪ ،‬وإذا جاء نصر ال‪،‬‬
‫وفي الفجر أطول من ذلك )‪ .(4‬وليس في هذا شئ موقت‪ ،‬وقد ذكرنا ما‬
‫ينبغي من التخفيف في صلة الجماعة وأن يصلي بصلة أضعفهم‪ ،‬لن‬
‫فيهم ذا الحاجة والعليل والضعيف‪ ،‬وأن الفضل لمن صلى وحده وقدر على‬
‫التطويل أن يطول‪ ،‬ول بأس أن يقرأ في الفجر بطوال المفصل وفي الظهر‬
‫والعشاء الخرة بأوساطه وفي العصر والمغرب بقصاره )‪ .(5‬وروينا عن‬
‫جعفر بن محمد عليه السلم أنه قال‪ :‬من بدأ بالقراءة في الصلة بسورة ثم‬
‫رأى أن يتركها ويأخذ في غيرها فله ذلك‪ ،‬ما لم يأخذ في نصف السورة‬
‫الخرى إل أن يكون بدأ بقل هو ال أحد‪ ،‬فانه ل يقطعها‪ ،‬وكذلك سورة‬
‫الجمعة أو سورة المنافقين في الجمعة‪ ،‬ل يقطعهما إلى غيرهما‪ ،‬وإن بدأ‬
‫بقل هو ال أحد وقطعها و رجع إلى سورة الجمعة أو سورة المنافقين في‬
‫صلة الجمعة يجزيه خاصة )‪ .(6‬وروينا عنه عن أبيه‪ ،‬عن آبائه عن على‬
‫صلوات ال عليهم أن رسول ال صلى ال عليه وآله نهى أن يقرأ في‬
‫صلة فريضة بأقل من سورة ونهى عن تبعيض السور في الفرايض و‬
‫كذلك ل يقرن فيها بين سورتين بعد فاتحة الكتاب‪ ،‬ورخص في التبعيض‬
‫والقران في النوافل )‪.(7‬‬

‫)‪ (5 - 1‬دعائم السلم ج ‪ 1‬ص ‪ ،160‬وفيه بدل )حرموا( كرهوا‪ (7 - 6) .‬دعائم‬


‫السلم ج ‪ 1‬ص ‪[*] .161‬‬

‫]‪[50‬‬

‫وروينا عن علي عليه السلم أنه سئل عن قول ال عزوجل‪) :‬ورتل القرآن ترتيل(‬
‫قال‪ :‬بينه تبيينا ول تنثره نثر الدقل‪ ،‬ول تهذه هذ الشعر‪ ،‬قفوا عند عجائبه‪،‬‬
‫وحركوا به القلوب‪ ،‬ول يكن هم أحدكم آخر السورة )‪ .(1‬وعن جعفر بن‬
‫محمد عليه السلم أنه قال‪ :‬القراءة في الصلة سنة‪ ،‬وليست من فرائض‬
‫الصلة‪ ،‬فمن نسي القراءة لم يكن عليه إعادة‪ ،‬ومن تركها متعمدا لم تجزه‬
‫صلته‪ ،‬لنه ل يجزي تعمد ترك السنة )‪ .(2‬قال‪ :‬وأدنى ما يجب في الصلة‬
‫تكبيرة الفتتاح والركوع والسجود‪ ،‬من غير أن يتعمد ترك شئ مما هو‬
‫عليه من حدود الصلة‪ ،‬ومن ترك القراءة متعمدا أعاد الصلة‪ ،‬ومن نسي‬
‫فل شئ عليه )‪ .(3‬توضيح‪ :‬ما لم يتخطوا القبلة‪ ،‬لعل المراد النهي عن‬
‫المشي في أثناء الصلة إلى القبلة ثم الرجوع إلى موضعه‪ ،‬وأما آمين فقال‬
‫الفيروز آبادي هو بالمد والقصر وقد يشدد الممدود‪ ،‬ويمال أيضا‪ ،‬عن‬
‫الواحدي في الوسيط اسم من أسماء ال تعالى أو معناه اللهم استجب أو‬
‫كذلك مثله فليكن أو كذلك فافعل‪ ،‬وقال الجزري هو اسم مبني على الفتح‪،‬‬
‫ومعناه اللهم استجب وقيل معناه كذلك فليكن يعني الدعاء‪ ،‬و قال‬
‫الزمخشري إنه صوت سمي به الفعل الذي هو استجب انتهى‪ .‬والمشهور‬
‫بين الصحاب تحريمه وبطلن الصلة به‪ ،‬ونقل الشيخان وجماعة إجماع‬
‫الصحاب عليه‪ ،‬وقال الصدوق رحمه ال ل يجوز أن يقال بعد فاتحة‬
‫الكتاب‪ :‬آمين‪ ،‬لن ذلك كان يقوله النصارى‪ ،‬ونقل عن ابن الجنيد أنه جوز‬
‫التأمين عقيب الحمد وغيرها‪ ،‬ومال إليه المحقق في المعتبر‪ ،‬وبعض‬
‫المتأخرين والول أحوط بل أقوى‪ :‬إذا كان بعد الحمد وقصد استحبابه على‬
‫الخصوص‪ ،‬وأما في القنوت و ساير الحوال فالحوط تركه‪ ،‬وإن كان في‬
‫الحكم بالتحريم والبطال إشكال‪ .‬وقال في النهاية‪ :‬في حديث ابن مسعود‬
‫أهذا كهذ الشعر‪ ،‬ونثرا كنثر الدقل‬

‫)‪ (2 - 1‬دعائم السلم ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .161‬المصدر نفسه ج ‪ 1‬ص ‪[*] .162‬‬

‫]‪[51‬‬

‫أراد تهذ القرآن هذا فتسرع فيه كما تسرع في قراءة الشعر‪ ،‬والهذ سرعة القطع‪،‬‬
‫والدقل ردي التمر‪] ،‬ويابسه وما ليس له اسم خاص فيراه ليبسه ورداءته‬
‫ل يجتمع ويكون هباء منثورا[ أي كما تتساقط الرطب اليابس من العذق إذا‬
‫هز انتهى‪ .‬أقول‪ :‬حمل تلك الفقرتين على السراع‪ ،‬ويمكن حمل نثر الدقل‬
‫في رواية الكتاب على كثرة التأني والفصل بين الحروف كثيرا‪ ،‬فتكون‬
‫كالدقل المنثور واحد ههنا وآخر في موضع آخر‪ ،‬فان التأسيس أولى من‬
‫التأكيد‪ ،‬والمراد بالسنة ههنا ما ظهر وجوبه منها كما مر مرارا‪- 43 .‬‬
‫كتاب العلل‪ :‬لمحمد بن علي بن إبراهيم قال‪ :‬قوله أعوذ بال‪ :‬أي أمتنع‬
‫وأحترز بال من الشيطان الرجيم‪ ،‬ومعنى الرجيم أي الملئكة ترجمه‬
‫بالنجوم‪ ،‬والدليل على ذلك قول ال عزوجل )ولقد جعلنا في السماء بروجا‬
‫و زيناها للناظرين * وحفظناها من كل شيطان رجيم( )‪ (1‬أي يرجم‬
‫بالنجوم‪ .‬وحدثني أبي عن جدي‪ ،‬عن عمر بن إبراهيم‪ ،‬عن يونس‪ ،‬عن‬
‫علي بن يحيى‪ ،‬عن أبي بصير‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم أنه سئل عن‬
‫تفسير بسم ال الرحمن الرحيم‪ ،‬فقال الباء بهاء ال‪ ،‬والسين سناء ال‪،‬‬
‫والميم ملك ال‪ ،‬وال إله كل شئ‪ ،‬والرحمن بجميع خلقه‪ ،‬والرحيم‬
‫بالمؤمنين خاصة‪ ،‬وقال بسم ال الرحمن الرحيم أحق ما جهر به في‬
‫الصلة‪ ،‬لقول ال عزوجل )وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على‬
‫أدبارهم نفورا( )‪ .(2‬ومنه‪ :‬قال تفسير الحمد ل رب العالمين يعني الشكر‬
‫ل‪ ،‬وهو أمر ولفظه خبر والمر مضمر فيه‪ ،‬ومعناه قل الحمد ل رب‬
‫العالمين‪ ،‬ومعنى )رب( أي خالق )والعالمين( كل مخلوق خلقه ال‬
‫)الرحمن( بجميع خلقه )الرحيم( بالمؤمنين خاصة )ملك يوم الدين( يعني‬
‫يوم الحساب‪ ،‬والدليل على ذلك قوله‪) :‬وقالوا‬

‫)‪ (1‬الحجر‪ (2) .16 - 17 :‬أسرى‪[*] .46 :‬‬

‫]‪[52‬‬

‫يا ويلنا هذا يوم الدين( )‪ - (1‬الحق يوم الحساب والمجازاة )إياك نعبد( مخاطبة من‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله ل عزوجل )وإياك نستعين( مثل ذلك )إهدنا‬
‫الصراط المستقيم( حدثني أبي عن جدي‪ ،‬عن حماد بن عيسى‪ ،‬عن‬
‫الحلبي‪ ،‬عن أبي ‪ -‬عبد ال عليه السلم قال‪ :‬الصراط المستقيم لمير‬
‫المؤمنين عليه السلم )صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم(‬
‫يعني النصاب )ول الضالين( يعني اليهود والنصارى‪ ،‬ووصف أبو عبد ال‬
‫عليه السلم الصراط فقال‪ :‬ألف سنة صعود‪ ،‬وألف سنة هبوط‪ ،‬وألف سنة‬
‫حدال فأول ما نزل على رسول ال صلى ال عليه وآله بمكة بعد أن نبئ‬
‫الحمد‪ .‬ومنه‪ :‬قال تفسير‪) :‬إنا أنزلناه في ليلة القدر( قال الصادق عليه‬
‫السلم نزل القرآن في ليلة القدر إلى البيت المعمور جملة‪ ،‬ثم نزل من‬
‫البيت المعمور على رسول ال صلى ال عليه وآله في طول عشرين سنة‬
‫)وما أدريك ما ليلة القدر( ومعنى ليلة القدر أن ال تبارك و تعالى يقدر‬
‫فيها الجال والرزاق‪ ،‬وما يكون في السنة من موت أو حياة أو جدب أو‬
‫خصب أو شدة أو رخاء أو خير أو شر )تنزل الملئكة( على إمام الزمان‬
‫مع روح القدس‪ .‬وقوله تبارك وتعالى‪) :‬تنزل الملئكة والروح فيها باذن‬
‫ربهم( ويدفعون ما كتبوه إلى المام ويلقي ال ذلك إلى رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله ثم إلى أمير المؤمنين ثم إلى الئمة عليهم السلم واحدا بعد‬
‫واحد حتى يلقوه إلى المام‪ .‬وقوله )ليلة القدر خير من ألف شهر( قال إن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله رأى في نومه كأن قرودا تصعد منبره‪،‬‬
‫فغمه ذلك‪ ،‬فأنزل ال عزوجل )إنه أنزلناه في ليلة القدر * وما أدريك ما‬
‫ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر( ‪ -‬تملكها بنو امية ليس فيها‬
‫ليلة القدر‪ ،‬وقوله )من كل أمر سلم( قال تحية المام يحيى بها إلى أن‬
‫يطلع الفجر )هي حتى مطلع الفجر( يعني هذه الليلة‪ .‬ومنه‪ :‬قال‪ :‬تفسير‬
‫)قل هو ال أحد( وكان سبب نزول سورة الخلص أن اليهود سألوا رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله عن نسبة ال عزوجل فأنزل ال عزوجل هو ال‬
‫الحد الواحد‬

‫)‪ (1‬الصافات‪[*] .20 :‬‬

‫]‪[53‬‬

‫الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد‪ ،‬فمعنى الحد أي أنه ليس بذي‬
‫أبعاض جوارح مختلفة مبعضة‪ ،‬وليس فيه جوانب ول أطراف‪ ،‬ومعنى‬
‫الواحد أنه نور واحد بل اختلف‪ ،‬والصمد الذي ل مدخل فيه )لم يلد( أي لم‬
‫يحدث مثل حدث النسان )ولم يولد( أي لم يتحلل منه شئ )ولم يكن له‬
‫كفوا أحد( أي ليس له كفو ول نظير‪ .‬ومنه‪ :‬قال تفسير‪) :‬قل يا أيها‬
‫الكافرون( وكان سبب نزلها أن قريشا قالت لرسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله تعبد آلهتنا سنة‪ ،‬ونعبد إلهك سنة‪ ،‬وتعبد آلهتنا شهرا ونعبد إلهك‬
‫شهرا‪ ،‬فأنزل ال عزوجل )قل يا أيها الكافرون * ل أعبد ما تعبدون * ول‬
‫أنتم عابدون ما أعبد * ول أنا عابد ما عبدتم * ول أنتم عابدون ما أعبد *‬
‫لكم دينكم ولي ]دين( فقال صلى ال عليه وآله‪ :‬ربي ال و[ ديني السلم‬
‫ثلثا‪ .‬ومنه‪ :‬قال‪ :‬أقل ما يجب في الصلة من القرآن‪ :‬الحمد وسورة‪ ،‬ثلث‬
‫آيات‪ .‬ومنه‪ :‬قال‪ :‬علة إسقاط بسم ال الرحمن الرحيم من سورة براءة أن‬
‫البسملة أمان‪ ،‬والبراءة كانت إلى المشركين فأسقط منها المان‪ .‬بيان‪ :‬في‬
‫القاموس قوس حدال كغراب تطامنت إحدى سيتيها قوله ثلث آيات لعل‬
‫المراد به سوى البسملة‪ ،‬فان أقصر السور الكوثر ومع البسملة أربع آيات‪.‬‬
‫‪ - 44‬المعتبر‪ :‬نقل من جامع البزنطي‪ ،‬عن عبد الكريم بن عمرو‪ ،‬عن‬
‫محمد الحلبي‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬سألته أقول إذا فرغت من‬
‫فاتحة الكتاب آمين ؟ قال‪ :‬ل‪ - 45 .‬السرائر‪ :‬نقل من كتاب النوادر لمحمد‬
‫بن علي بن محبوب‪ ،‬عن محمد ابن الحسين‪ ،‬عن صفوان‪ ،‬عن عبد ال بن‬
‫بكير‪ ،‬عن زرارة‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬إنما يكره أن يجمع بين‬
‫السورتين في الفريضة فأما في النافلة فل بأس )‪ .(1‬ومنه‪ :‬من الكتاب‬
‫المذكور عن الحسين بن سعيد‪ ،‬عن القروى‪ ،‬عن أبان‬

‫)‪ (1‬السرائر‪[*] .478 :‬‬

‫]‪[54‬‬

‫عن عمر بن يزيد قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه السلم أقرأ سورتين في ركعة ؟ قال‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬قلت‪ :‬أليس يقال أعط كل سورة حقها من الركوع والسجود ؟ فقال‪:‬‬
‫ذلك في الفريضة‪ ،‬فأما في النافلة فل بأس به )‪ - 46 .(1‬العلل والعيون‪:‬‬
‫عن عبد الواحد بن عبدوس‪ ،‬عن علي بن محمد بن قتيبة عن الفضل بن‬
‫شاذان‪ ،‬عن الرضا عليه السلم فان قال‪ :‬فلم امروا بالقراءة في الصلة ؟‬
‫قيل لئل يكون القرآن مهجورا مضيعا‪ ،‬وليكون محفوظا مدروسا‪ ،‬فل‬
‫يضمحل و ل يجهل‪ .‬فان قال‪ :‬فلم بدئ بالحمد في كل قراءة دون سائر‬
‫السور ؟ قيل لنه ليس شئ من القرآن والكلم جمع فيه من جوامع الخير‬
‫والحكمة ما جمع في سورة الحمد وذلك أن قوله‪) :‬الحمد ل( إنما هو أداء‬
‫لما أوجب ال تعالى على خلقه من الشكر وشكر لما وفق عبده للخير )رب‬
‫العالمين( تمجيد له وتحميد وإقرار بأنه هو الخالق المالك ل غيره )الرحمن‬
‫الرحيم( استعطاف وذكر للئه ونعمائه على جميع خلقه )مالك يوم الدين(‬
‫إقرار بالبعث والحساب والمجازاة‪ ،‬وإيجاب له ملك الخرة كما اوجب له‬
‫ملك الدنيا )إياك نعبد( رغبة وتقرب إلى ال عزوجل و إخلص بالعمل له‬
‫دون غيره )وإياك نستعين( استزادة من توفيقه وعبادته واستدامة لما أنعم‬
‫عليه ونصره )اهدنا الصراط المستقيم( استرشاد به واعتصام بحبله‪،‬‬
‫واستزادة في المعرفة بربه وبعظمته وبكبريائه )صراط الذين أنعمت‬
‫عليهم( توكيد في السؤال والرغبة وذكر لما قد تقدم من نعمه على أوليائه‪،‬‬
‫ورغبة في مثل تلك النعم )غير المغضوب عليهم( استعاذة من أن يكون من‬
‫المعاندين الكافرين المستخفين به وبأمره و نهيه )ول الضالين( اعتصام‬
‫من أن يكون من الضالين الذين ضلوا عن سبيله من غير معرفة وهم‬
‫يحسبون أنهم يحسنون صنعا‪ ،‬فقد اجتمع فيه من جوامع الخير والحكمة‬
‫في أمر الخرة والدنيا ما ل يجمعه شئ من الشياء )‪.(2‬‬

‫)‪ (1‬السرائر ص ‪ (2) .478‬علل الشرايع ج ‪ 1‬ص ‪ ،247‬عيون الخبار ج ‪ 2‬ص‬


‫‪[*] .107‬‬

‫]‪[55‬‬

‫تبيين قوله عليه السلم‪) :‬لئل يكون القرآن مهجورا( أي لو لم يجب قراءته في‬
‫الصلة لتركوها لتساهلهم في المندوبات‪ ،‬وليكون محفوظا لحفظ المعجز‬
‫والمواعظ والخبار والحقايق والحكام‪ ،‬التي اشتمل القرآن عليها‪) .‬وذلك‬
‫أن قوله )الحمد ل( إنما هو أداء( أي لما علم ال سبحانه عجز عبيده عن‬
‫التيان بحمده‪ ،‬حمد نفسه بدل عن خلقه‪ ،‬أو أنه تعالى علمهم ليشكروه وإل‬
‫لم يعرفوا طريق حمده وشكره وقوله‪) :‬وشكر( تخصيص بعد التعميم أي‬
‫شكر له على جميع نعمه لسيما نعمة التوفيق للعبادة )تمجيد له وتحميد(‬
‫التمجيد ذكر ما يدل على المجد والعظمة والتحميد ذكر ما يدل على النعمة‪،‬‬
‫ودللته عليهما ظاهرة‪ ،‬وأما القرار بالتوحيد فلن العالم ما يعلم به‬
‫الصانع‪ ،‬وهو كل ما سوى ال‪ ،‬وجمع ليدل على جميع أنواعه‪ ،‬فإذا كان‬
‫ال خالق الجميع ومدبرهم ومربيهم‪ ،‬فيكون هو الواجب وغيره من آثاره‪،‬‬
‫والستعطاف لن ذكره تعالى بالرحمانية والرحيمية نوع من طلب الرحمة‪،‬‬
‫بل أكمله‪ .‬وأقول‪ :‬لما أشار الشهيدان رفع ال درجتهما في النفلية وشرحها‬
‫إلى ما احتوى عليه هذا الخبر من الحكم والفوائد‪ ،‬نذكر كلمهما ليضاحه‪:‬‬
‫قال‪ :‬ويلزمه استحضار التوفيق للشكر عند أول الفاتحة‪ ،‬وعند كل شكر‪،‬‬
‫لن التوفيق لقوله‪) :‬الحمد ل( المشتمل على غرائب المعاني وجلئل‬
‫الشكر نعمة من ال تعالى على القارئ‪ ،‬وفقه لها بتعليمه الشكر له‪ ،‬بهذه‬
‫الصيغة الشريفة‪ ،‬وليستحضر أن جملة الفراد المحمود عليها والنعم‬
‫الظاهرة والباطنة عليه‪ ،‬كلها من ال تعالى إما بواسطة أو بغير واسطة‬
‫فان الواسطة فيها كلها رشحة من رشحات جوده‪ ،‬ونفحة من نفحات‬
‫فضله‪ ،‬ليناسب كون جملة )الحمد ل الجواد( ويطابق المعنى المدلول عليه‬
‫للعتقاد‪ .‬واستحضار التوحيد الحقيقي عند قوله‪) :‬رب العالمين( حيث‬
‫وصفه بكونه ربا ومالكا لجميع العالمين‪ ،‬من النس والجن والملئكة‬
‫وغيرهم‪ ،‬واستحضار‬

‫]‪[56‬‬

‫التمجيد‪ ،‬وهو النسبة إلى المجد والكرم‪ ،‬وذكر اللء وهي هنا النعماء مطلقا على‬
‫جميع الخلق عند )الرحمن الرحيم( الدالين على إفاضة النعم الدقيقة‬
‫والجليلة على القوابل في الدنيا والخرة‪ ،‬إذ كل من ينسب إليه الرحمة فهو‬
‫مستفيض من لطفه وإنعامه‪ ،‬ومرجع الكل إلى ساحل جوده وإكرامه‪ ،‬وعند‬
‫ذلك ينبعث الرجاء‪ ،‬وهو أحد المقامين العليين‪ .‬واستحضار الختصاص ل‬
‫تعالى بالخلق والملك عند )مالك يوم الدين( فانه وإن كان مالكا لغيره من‬
‫اليام وغيرها‪ ،‬إل أنه ربما يظهر على الجاهل مشاركة غيره بواسطة تغلب‬
‫ظاهري بخلف ذلك اليوم‪ ،‬فانه المنفرد فيه بنفوذ المر‪ ،‬وحقيقة الملك‬
‫بغير منازع‪ ،‬لمن الملك اليوم ؟ ل الواحد القهار‪ .‬مع إحضار البعث‬
‫والجزاء والحساب‪ ،‬وملك الخرة الواقعة في ذلك اليوم‪ ،‬فينبعث لذلك‬
‫الخوف‪ ،‬وهو المقام الثاني ويثبت في القلب لطروه وعدم المعارض له‪،‬‬
‫فيغلب على الرجاء‪ ،‬وهي الحالة اللئقة بالسالكين عند المحققين وفي هذا‬
‫الترتيب العجيب إشارة إلى برهانه‪ ،‬وليعلم أن هذه الوصاف الثلثة جامعة‬
‫لمراتب الوجود من ابتدائه إلى انتهائه‪ ،‬متصل باليوم الخر الذي هو الغاية‬
‫الدائمة‪ .‬فالول إشارة إلى وصف البداع واليجاد‪ ،‬وهو أول النعم‬
‫المستحقة للحمد والوصفان الوسطان إشارة إلى حالة دوامه وما يشتمل‬
‫عليه من النعم في حالة بقائه‪ ،‬والثالث إشارة إلى آخر حالته ونهاية أمره‬
‫التي ل آخر لها‪ ،‬وحقيق لمن جرت عليه هذه الوصاف ‪ -‬من كونه موجدا‬
‫منعما بالنعم كلها ظاهرها وباطنها‪ ،‬وعاجلها وآجلها‪ ،‬على جميع العالمين‪،‬‬
‫مالكا لمورهم يوم الدين‪ ،‬من ثواب وعقاب ‪ -‬أن يكون مختصا بالحمد‪ ،‬ل‬
‫أحد يشاركه فيه على الحقيقة‪ .‬وإذا أحطت بذلك وفزت بفضيلتي الرجاء‬
‫والخوف‪ ،‬فترق منه إلى استحضار الخلص والرغبة إلى ال وحده عند‬
‫)إياك نعبد( حيث قد خصصته تعالى بالعبادة التي هي أقصى غاية الخضوع‬
‫والتذلل‪ ،‬ومن ثم لم تستعمل إل في الخضوع ل تعالى وارتقيت من مقام‬
‫البعد عن مقاربة جنابه إلى مقام الفوز بلذيذ خطابه‪ ،‬والستزادة من‬

‫]‪[57‬‬

‫توفيقه وعبادته‪ ،‬واستدامة ما أنعم ال على العباد عند )إياك نستعين( حيث قدمت‬
‫الوسيلة على طلب الحاجة‪ ،‬ليكون أدعى للجابة‪ ،‬واستعنت به في جميع‬
‫امورك من غير التفات إلى فرد منها ول إلى جميعها‪ ،‬لقصور العبادة‬
‫وحسور الوهم عن الحاطة بتفاصيل ما تحتاج إليه‪ ،‬وتفتقر إلى عونه‬
‫عليه‪ .‬واستحضار السترشاد به والعتصام بحبله‪ ،‬والستزادة في المعرفة‬
‫به سبحانه والقرار بعظمته وكبريائه عند )اهدنا الصراط المستقيم( وأشار‬
‫بكون طلب الهداية متناول للسترشاد والعتصام‪ ،‬والستزادة من المعرفة‬
‫والقرار بالنعمة إلى مطلب شريف‪ ،‬وهو أن هداية ال تعالى متنوع أنواعا‬
‫كثيرة تجمعها أربعة أجناس مرتبة‪ :‬أولها إفاضة القوى التي بها يتمكن‬
‫المرء من الهتداء إلى مصالحه‪ ،‬كالقوة العقلية‪ ،‬والحواس الباطنة‪،‬‬
‫والمشاعر الظاهرة‪ .‬وثانيها نصب الدلئل الفارقة بين الحق والباطل‪،‬‬
‫والصلح والفساد‪ ،‬و إليه أشار تعالى بقوله‪) :‬وهديناه النجدين( )‪ (1‬وقال‬
‫تعالى‪) :‬فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى( )‪ .(2‬وثالثها الهداية‬
‫بارسال الرسل وإنزال الكتب وإليه أشار بقوله‪) :‬وجعلناهم أئمة يهدون‬
‫بأمرنا( )‪ (3‬وقوله تعالى‪) :‬إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم( )‪(4‬‬
‫ورابعها أن يكشف عن قلوبهم السرائر ويريهم الشياء بالوحي اللهي‪ ،‬أو‬
‫باللهام والمنامات الصادقة‪ ،‬وهذا القسم يختص بنيله النبياء والولياء‬
‫وإليه أشار تعالى بقوله‪) :‬اولئك الذين هدى ال فبهديهم اقتده( )‪ (5‬وقوله‬
‫تعالى‪) :‬والذين جاهدوا‬

‫)‪ (1‬البلد‪ (2) .10 :‬فصلت‪ (3) .17 :‬النبياء‪ (4) .73 :‬أسرى‪ (5) .9 :‬النعام‪:‬‬
‫‪[*] .90‬‬

‫]‪[58‬‬

‫فينا لنهدينهم سبلنا( )‪ .(1‬فالسترشاد به إشارة إلى الجنس الول وهو واضح‪،‬‬
‫والعتصام إلى الثاني فان أصله المتناع بالشئ ول شك أن نصب الدلة‬
‫وإقامة السبل الفارقة بين الحق والباطل‪ ،‬والصلح والفساد‪ ،‬عصمة لمن‬
‫تمسك بها من الهلكة‪ ،‬وجنة لهم من الضللة والستزادة في المعرفة إلى‬
‫الثالث فان العالم وإن كان دليل على ال تعالى بآثاره الظاهرة وآياته‬
‫الباهرة المتظافرة‪ ،‬إل أن النبياء والرسل عليهم السلم والكتب المطهرة‬
‫تهدي للتي هي أقوم للتقوى‪ ،‬وتزيد في المعرفة على الوجه التم‪ ،‬ويرشد‬
‫إلى ما ل يفي العقل بدركة‪ ،‬والقرار بعظمته وكبريائه إلى المقام الرابع‬
‫فان من ارتقى إلى تلك الغاية‪ ،‬ووصل إلى شريف تلك المرتبة‪ ،‬وانغمس‬
‫في أنوار تلك الهيبة‪ ،‬واغترف من بحار السرار اللهية‪ ،‬اعترف بمزيد‬
‫الكبرياء‪ ،‬بل اضمحل وفنى في تلك المرتبة وعرف أن كل شئ هالك إل‬
‫وجهه‪ .‬فإذا طلب العارف الهداية إلى الصراط المستقيم‪ ،‬فمطلبه هذه‬
‫المنزلة لتمكنه مما سبق‪ ،‬والناس فيها على حسب مراتبهم‪ ،‬والصراط‬
‫المستقيم المستوي مشترك بين الجميع‪ ،‬وإذا توجه المصلي إلى ذلك‬
‫الجناب العلي وسأل ذلك المطلب السنى‪ ،‬فليترق إلى استحضار التأكيد في‬
‫السؤال والرغبة‪ ،‬والتذكر لما تقدم من نعمه على أوليائه وطلبه متلها‪ ،‬عند‬
‫قوله‪) :‬صراط الذين أنعمت عليهم( من النبيين والصديقين والشهداء‬
‫والصالحين‪ .‬وإنما طلب الهداية إلى سلوك طريق المذكورين التي هي نعم‬
‫اخروية أو كان وسيلة إليها‪ ،‬حذفا لما سواهما من النعم الدنيوية عن درجة‬
‫العتبار‪ ،‬وتحقيقا وتفخيما لها من بين ساير الغيار‪ ،‬فان أصل النعمة‬
‫الحالة التي يستلذها النسان‪ ،‬ونعم ال وإن كانت ل تحصى‪ ،‬كما قال‬
‫تعالى‪) :‬وإن تعدوا نعمة ال ل تحصوها( )‪ (2‬تنحصر في جنسين دنيوي‬
‫واخروي‪ ،‬والول قسمان موهبي وكسبي‪ ،‬والموهبي‬

‫)‪ (1‬العنكبوت‪ (2) .69 :‬ابراهيم‪[*] .34 :‬‬

‫]‪[59‬‬

‫قسمان روحاني كنفخ الروح فيه‪ ،‬وإشراقه بالعقل وما يتبعه من القوى‪ ،‬كالفهم و‬
‫الفكر والنطق‪ ،‬وجسماني كتخليق البدن والقوى الحالة فيه‪ ،‬والهيئات‬
‫العارضة له من الصحة وكمال العضاء‪ ،‬والكسبي تزكية النفس وتخليتها‬
‫عن الرذائل وتحليتها بالخلق والملكات الفاضلة وتزيين البدن بالهيئات‬
‫المطبوعة والحلي المستحسنة‪ ،‬و حصول الجاه والمال‪ ،‬والثاني أن يرضى‬
‫عنه ويغفر ما سلف منه‪ ،‬ويؤويه في أعل عليين مع الملئكة المقربين أبد‬
‫البدين‪ .‬والمراد من النعمة المطلوبة هنا التي توكد الرغبة فيها وسؤال‬
‫مثلها‪ ،‬هو القسم الخير‪ ،‬وما يكون وصلة إلى نيله من القسم الول‪ ،‬وما‬
‫عدا ذلك يشترك في نيله المؤمن والكافر‪ ،‬واستحضار الستدفاع لكونه من‬
‫المعاندين والكافرين المستخفين بالوامر والنواهي عند الباقي من‬
‫السورة‪ ،‬والمعنى طلب سبيل من أفاض عليهم نعمة الهداية دون الذين‬
‫غضب عليهم من الكفار والزائغين من اليهود والنصارى وغيرهم من‬
‫الضالين‪ .‬ولنكتف في شرح الخبر بما ذكره الفاضلن الشهيدان نور ال‬
‫ضريحهما‪ ،‬ومن أراد أبسط من ذلك‪ ،‬فليرجع إلى ما أورده والدي قدس ال‬
‫روحه في شرح الفقيه‪ ،‬و ما أوردته في بعض كتبي الفارسية‪ ،‬وسيأتي‬
‫تفسير الفاتحة وساير السور التي تقرء في الصلة وفضلها‪ ،‬وساير‬
‫الخبار في كون البسملة جزء من السور في كتاب القرآن إنشاء ال‬
‫الرحمن‪ - 47 .‬تفسير المام والعيون‪ :‬قال عليه السلم‪ :‬قال أمير المؤمنين‬
‫عليه السلم‪ :‬فاتحة الكتاب أعطاها ال محمدا صلى ال عليه وآله وامته‪،‬‬
‫بدأ فيها بالحمد والثناء عليه‪ ،‬ثم ثنى بالدعاء ل عزوجل‪ :‬ولقد سمعت‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله يقول‪ :‬قال ال عزوجل‪ :‬قسمت الحمد بيني‬
‫وبين عبدي‪ :‬فنصفها لي‪ ،‬ونصفها لعبدي‪ ،‬ولعبدي ما سأل‪ ،‬إذا قال العبد‪:‬‬
‫)بسم ال الرحمن الرحيم( قال ال عزوجل‪ :‬بدأ عبدي باسمي حق علي أن‬
‫اتمم له اموره‪ ،‬وابارك له في أحواله‪ .‬فإذا قال‪) :‬الحمد ل رب العالمين(‬
‫قال ال عزوجل‪ :‬حمد لي عبدي‪ ،‬و‬

‫]‪[60‬‬

‫علم أن النعم التي له من عندي‪ ،‬والبليا التي اندفعت عنه بتطولي‪ ،‬اشهدكم أني‬
‫اضعف له نعم الدنيا إلى نعيم الخرة‪ ،‬وأدفع عنه بليا الخرة‪ ،‬كما دفعت‬
‫عنه بليا الدنيا‪ ،‬فإذا قال‪) :‬الرحمن الرحيم( قال ال عزوجل‪ :‬شهد لي بأني‬
‫الرحمن الرحيم اشهدكم لوفرن من رحمتي حظه‪ ،‬ولجزلن من عطائي‬
‫نصيبه‪ ،‬فإذا قال‪) :‬مالك يوم الدين( قال ال عزوجل‪ :‬اشهدكم كما اعترف‬
‫بأني أنا المالك ليوم الدين‪ ،‬لسهلن يوم الحساب حسابه‪ ،‬ول تقبلن‬
‫حسناته‪ ،‬ول تجاوزن عن سيئاته‪ .‬فإذا قال العبد‪) :‬إياك نعبد( قال ال‬
‫عزوجل‪ :‬صدق عبدي إياي يعبد‪ ،‬لثيبنه عن عبادته ثوابا يغبطه كل من‬
‫خالفه في عبادته لي‪ ،‬فإذا قال‪) :‬وإياك نستعين( قال ال عزوجل بي‬
‫استعان وإلى التجاء‪ ،‬اشهدكم لعيننه على أمره ولغيثنه في شدايده‪،‬‬
‫ولخذن بيده يوم القيامة عند نوائبه‪ .‬وإذا قال‪) :‬اهدنا الصراط المستقيم(‬
‫إلى آخرها‪ ،‬قال ال عزوجل‪ :‬هذا لعبدي ولعبدي ما سأل‪ ،‬قد استجبت‬
‫لعبدي‪ ،‬وأعطيته ما أمل‪ ،‬وآمنته مما منه وجل‪ .‬قيل‪ :‬يا أمير المؤمنين‬
‫أخبرنا عن )بسم ال الرحمن الرحيم( أهي من فاتحة الكتاب ؟ قال‪ :‬نعم‪،‬‬
‫كان رسول ال صلى ال عليه وآله يقرؤها ويعدها آية منها‪ ،‬ويقول‪ :‬فاتحة‬
‫الكتاب هي السبع المثاني‪ ،‬فضلت ببسم ال الرحمن الرحيم‪ ،‬وهي الية‬
‫السابعة منها )‪ - 48 .(1‬مجمع البيان‪ :‬عن فضيل بن يسار‪ ،‬عن أبي عبد‬
‫ال عليه السلم قال‪ :‬إذا قرأت الفاتحة وقد فرغت من قراءتها وأنت في‬
‫الصلة فقل‪ :‬الحمد ل رب العالمين )‪ .(2‬ومنه‪ :‬عن الفضيل بن يسار قال‪:‬‬
‫أمرني أبو جعفر عليه السلم أن أقرأ قل هو ال‬

‫)‪ (1‬تفسير المام‪ 27 :‬و ‪ ،28‬عيون الخبار ج ‪ 1‬ص ‪ ،300‬واللفظ للول‪ ،‬و تراه‬
‫في أمالى الصدوق‪ (2) .105 :‬مجمع البيان ج ‪ 1‬ص ‪[*] .31‬‬

‫]‪[61‬‬

‫أحد‪ ،‬فأقول إذا فرغت منها‪ :‬كذلك ال ربي ثلثا )‪ .(1‬ومنه‪ :‬عن داود بن الحصين‪،‬‬
‫عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إذا قرأت قل يا أيها الكافرون‪ ،‬فقل‪ :‬يا‬
‫أيها الكافرون‪ ،‬وإذا قلت ل أعبد ما تعبدون‪ ،‬فقل أ عبد ال وحده وإذا قلت‬
‫لكم دينكم ولي دين‪ ،‬فقل ربي ال وديني السلم )‪ .(2‬ومنه‪ :‬عن البراء بن‬
‫عازب قال‪ :‬لما نزلت هذه الية )أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى( ؟‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬سبحانك اللهم وبلى‪ ،‬وهو المروي عن‬
‫أبي جعفر وأبي عبد ال عليهما السلم )‪ - 49 .(3‬الذكرى‪ :‬نقل من كتاب‬
‫البزنطي‪ ،‬عن أبي العباس‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم في الرجل يريد أن‬
‫يقرء السورة فيقرأ في اخرى ؟ قال‪ :‬يرجع إلى التي يريد‪ ،‬وإن بلغ النصف‬
‫)‪ - 50 .(4‬السرائر‪ :‬نقل من نوادر البزنطي‪ ،‬عن العل‪ ،‬عن محمد بن‬
‫مسلم‪ ،‬عن أحدهما عليهما السلم قال‪ :‬سألته عن الرجل يقرء السجدة‬
‫فينساها حتى يركع ويسجد قال‪ :‬يسجد إذا ذكر إذا كانت من العزائم )‪.(5‬‬
‫بيان‪ :‬ظاهره جواز قراءة السجدة في الفريضة‪ ،‬والتيان بها فيها حيث‬
‫ذكر‪ ،‬ويمكن حمله على النافلة‪ - 51 .‬تفسير على بن ابراهيم‪ :‬عن علي بن‬
‫الحسين‪ ،‬عن أحمد بن أبي عبد ال عن علي بن سيف بن عميرة‪ ،‬عن‬
‫أبيه‪ ،‬عن أبي بكر الحضرمي قال‪ :‬قلت لبي جعفر عليه السلم إن ابن‬
‫مسعود كان يمحو المعوذتين من المصحف‪ ،‬فقال‪ :‬كان أبي يقول‪ :‬إنما فعل‬
‫ذلك‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ج ‪ 10‬ص ‪ (2) .567‬مجمع البيان ج ‪ 10‬ص ‪ (3) .553‬مجمع‬
‫البيان ج ‪ 10‬ص ‪ (4) .402‬الذكرى‪ (5) .195 :‬السرائر ص ‪[*] .496‬‬

‫]‪[62‬‬

‫ابن مسعود برأيه‪ ،‬وهما من القرآن )‪ - 52 .(1‬طب الئمة‪ :‬عن أبى عبد ال عليه‬
‫السلم أنه سئل عن المعوذتين أهما من القرآن ؟ فقال عليه السلم‪ :‬هما‬
‫من القرآن‪ ،‬فقال الرجل‪ :‬إنهما ليستا من القرآن في قراءة ابن مسعود ول‬
‫في مصحفه ؟ فقال عليه السلم‪ :‬أخطأ ابن مسعود‪ ،‬أو قال‪ :‬كذب ابن‬
‫مسعود‪ ،‬هما من القرآن‪ ،‬فقال الرجل فأقرأ بهما في المكتوبة ؟ فقال‪ :‬نعم )‬
‫‪ - 53 .(2‬قرب السناد‪ :‬عن هارون بن مسلم‪ ،‬عن مسعدة بن صدقة قال‪:‬‬
‫سمعت جعفر بن محمد ‪ -‬وسئل عما قد يجوز وعما ل يجوز من النية من‬
‫الضمار في اليمين ‪ -‬قال إن النيات قد تجوز في موضع ول تجوز في آخر‪،‬‬
‫فأما ما تجوز فيه فإذا كان مظلوما فما حلف به ونوى اليمين فعلى نيته‪،‬‬
‫فأما إذا كان ظالما فاليمين على نية المظلوم‪ .‬ثم قال‪ :‬لو كانت النيات من‬
‫أهل الفسق يؤخذ بها أهلها إذا لخذ كل من نوى الزنا بالزنا‪ ،‬وكل من نوى‬
‫السرقة بالسرقة‪ ،‬وكل من نوى القتل بالقتل‪ ،‬و لكن ال تبارك وتعالى عدل‬
‫كريم ليس الجور من شأنه‪ ،‬ولكنه يثيب على نيات الخير أهلها‪ ،‬وإضمارهم‬
‫عليها‪ ،‬ول يؤاخذ أهل الفسوق حتى يعملوا‪ ،‬وذلك أنك قد ترى من المحرم‬
‫من العجم ما ل يراد منه ما يراد من العالم الفصيح‪ ،‬وكذلك الخرس في‬
‫القراءة في الصلة والتشهد وما أشبه ذلك‪ ،‬فهذا بمنزلة العجم المحرم‪ ،‬ل‬
‫يراد منه ما يراد من العالم المتكلم الفصيح‪ ،‬ولو ذهب العالم المتكلم‬
‫الفصيح حتى يدع ما قد علم أنه يلزمه ويعمل به‪ ،‬وينبغي له أن يقوم به‪،‬‬
‫حتى يكون ذلك منه بالنبطية والفارسية‪ ،‬لحيل بينه وبين ذلك بالدب‪ ،‬حتى‬
‫يعود إلى ما قد علمه وعقله‪ ،‬قال‪ :‬ولو ذهب من لم يكن في مثل حال‬
‫العجمي والخرس ]ففعل فعال العجمي والخرس[ على ما قد وصفنا إذا‬
‫لم يكن أحد فاعل لشئ من الخير‪ ،‬ول يعرف الجاهل من العالم )‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬تفسير القمى‪ (2) .744 :‬طب الئمة‪ (3) .114 :‬قرب السناد ص ‪ 24‬ط حجر‪:‬‬
‫‪ 34‬ط نجف‪[*] .‬‬

‫]‪[63‬‬

‫توضيح‪ :‬قال في النهاية‪ :‬فيه فأرسل إلى ناقة محرمة‪ :‬المحرمة هي التي لم تركب‬
‫ولم تذلل‪ ،‬وفي الصحاح جلد محرم لم تتم دباغته‪ ،‬وسوط محرم لم يلين‬
‫بعد‪ ،‬وناقة محرمة أي لم تتم رياضتها بعد‪ ،‬وقال‪ :‬كل من ل يقدر على‬
‫الكلم أصل فهو أعجم ومستعجم‪ ،‬والعجم الذي ل يفصح ول يبين كلمه‬
‫انتهى ويمكن أي يقرأ العجم بالضم وبالتحريك‪ .‬ثم إن أول الخبر يدل على‬
‫جواز التورية في اليمين‪ ،‬وأن المدار على نية المحق من الخصمين كما‬
‫ذكره الصحاب‪ ،‬وسيأتي في بابه‪ ،‬ثم ذكر عليه السلم حكم نية أهل‬
‫المعاصي وعزمهم عليها إذا لم يأتوا بها وأنه ل يعاقبهم ال عليها‪ ،‬ونية‬
‫أرباب الطاعات وعزمهم عليها وأنه يثيبهم عليها وإن لم يأتوا بها‪ ،‬ثم ذكر‬
‫عليه السلم نظيرا لختلف النيات في الحكم وجوازها بالنسبة إلى بعض‬
‫الشخاص‪ ،‬وعدمه بالنسبة إلى بعض‪ ،‬وهو أن العجمي أو العجم الذي لم‬
‫يصحح القراءة بعد‪ ،‬أول يمكنه أداء الحروف من مخارجها‪ ،‬يجوز له أن‬
‫يأتي بكل ما تيسر منها بخلف العالم المتكلم الفصيح القادر على صحيح‬
‫القراءة أو تصحيحها ل يصح منه ما يصح من العجم الذي لم يصحح‬
‫القراءة وتضيق الوقت عنه أول يمكنه التصحيح أصل كاللكن‪ ،‬فالمراد‬
‫بالمحرم من العجم من ل يقدر على صحيح القراءة ولم يصححها بعد‪ ،‬شبه‬
‫بالدابة التي لم تركب ولم تذلل‪ .‬والعجم إن قرئ بالضم الحيوانات العجم أو‬
‫العجم الذي ل يفصح الكلم‪ ،‬و يمكن أن يراد به الحيوان حقيقة أي لم‬
‫يكلف ال البهيمة العجماء ما كلف النسان العاقل القادر على التعلم والتكلم‬
‫والفصاح بالكلم والول أظهر وأصوب‪ ،‬لقوله مثل حال العجمي المحرم‪،‬‬
‫وإن قرئ بالتحريك فظاهر‪ .‬ثم بين ذلك بالخرس فانه يجوز منه الخطار‬
‫بالبال‪ ،‬ويجزيه ذلك‪ ،‬ول يجوز ذلك للقادر على الكلم‪ ،‬ويحتمل أن يكون‬
‫جميع ذلك بيانا لعدله وكرمه سبحانه لنه ل يكلف نفسا إل وسعها‪ ،‬بل ل‬
‫يطلب منها جهدها‪ ،‬ووسع على العباد و رضي منهم ما يسهل عليهم‪ ،‬ولم‬
‫يجعل في الدين من حرج‪[*] .‬‬

‫]‪[64‬‬

‫فيستفاد من الخبر أحكام‪ :‬الول‪ :‬وجوب تعلم القراءة والذكار‪ ،‬ول خلف فيه بين‬
‫الصحاب‪ .‬الثاني‪ :‬أنه مع ضيق الوقت عن التعلم تجزيه الصلة كيف ما‬
‫أمكن‪ ،‬وذكر الصحاب أنه إن أمكنه القراءة في المصحف وجب‪ ،‬وقد مر‬
‫أنه ل يبعد جواز القراءة فيه مع القدرة على الواجب بظهر القلب‪ ،‬والحوط‬
‫تركه‪ ،‬وقالوا إن أمكنه اليتمام وجب وليس ببعيد‪ ،‬فان لم يمكنه شئ‬
‫منهما‪ ،‬فان كان يحس الفاتحة ول يحسن السورة فل خلف في جواز‬
‫الكتفاء بها وإن كان يحسن بعض الفاتحة فان كان آية قرأها وإن كان‬
‫بعضها ففي قراءته أقوال الول الوجوب‪ ،‬الثاني عدمه والعدول إلى الذكر‬
‫الثالث وجوب قراءته إن كان قرآنا وهو المشهور‪ ،‬وهل يقتصر على الية‬
‫التي يعلمها من الفاتحة أو يعوض عن الفائت بتكرار قراءتها أو بغيرها‬
‫من القرآن أو الذكر عند تعذره قولن‪ ،‬والخير أشهر‪ .‬ثم إن علم غيرها من‬
‫القرآن فهل يعوض عن الفائت بقراءة ما يعلم من الفاتحة مكررا بحيث‬
‫يساويها أم يأتي ببدله من سورة اخرى‪ ،‬فيه أيضا قولن‪ ،‬وهل يراعي في‬
‫البدل المساواة في اليات أو في الحروف أو فيهما جميعا أقوال‪ .‬ولو لم‬
‫يحسن شيئا من الفاتحة فالمشهور أنه يجب عليه أن يقرأ بدلها من غيرها‬
‫إن علمه‪ ،‬وقيل إنه مخير بينه وبين الذكر‪ ،‬والخلف في وجوب المساواة‬
‫وعدمه وكيفية المساواة ما مر‪ ،‬فلو لم يحسن شيئا من القرآن سبح ال‬
‫تعالى وهلله وكبره بقدر القراءة أو مطلقا‪ ،‬والخبر مجمل بالنسبة إلى‬
‫جميع تلك الحكام لكن يفهم منه غاية التوسعة فيها‪ ،‬وأكثر القوال فيها لم‬
‫يستند إلى نص‪ ،‬وما يمكن فيه الحتياط فرعايته أولى‪ .‬الثالث‪ :‬عدم جواز‬
‫الترجمة مع القدرة‪ ،‬ول خلف فيه بين الصحاب ووافقنا عليه أكثر العامة‬
‫خلفا لبي حنيفة‪ ،‬فانه جوز الترجمة مع القدرة‪ .‬الرابع‪ :‬جواز الترجمة مع‬
‫عدم القدرة كما هو الظاهر من قوله حتى يكون منه بالنبطية والفارسية‪،‬‬
‫وحمله على القراءة الملحونة التي يأتي بها النبطي والعجمي‬

‫]‪[65‬‬

‫بعيد جدا‪ ،‬فيدل بمفهومه على جواز ذلك لغير القادر‪ ،‬وهذا هو المشهور بين‬
‫الصحاب لكن اختلفوا في أنه هل يأتي بترجمة القرآن أو ترجمة الذكر مع‬
‫عدم القدرة عليهما و القدرة على ترجمتهما معا‪ ،‬ولعل ترجمة القرآن‬
‫أولى‪ .‬الخامس‪ :‬أن الخرس تصح صلته بدون القراءة والذكار‪ ،‬ويمكن‬
‫أن يفهم منه الخطار بالخصوص على بعض الحتمالت والمشهور بين‬
‫الصحاب فيه أنه يحرك لسانه بها ويعقد بها قلبه‪ ،‬وزاد بعض المتأخرين‬
‫الشارة باليد‪ ،‬لما رواه الكليني بسند ضعيف )‪ (1‬عن السكوني عن أبي‬
‫عبد ال أن عليا عليه السلم قال‪ :‬تلبية الخرس وتشهده وقراءة القرآن‬
‫في الصلة تحريك لسانه وإشارته بأصبعه‪ ،‬والشيخ اكتفى بتحريك اللسان‪،‬‬
‫ومرادهم بعقد القلب إما إخطار اللفاظ بالبال‪ ،‬أو فهم المعاني كما هو ظاهر‬
‫الذكرى‪ ،‬وهو في غاية البعد‪ - 54 .‬مجمع البيان‪ :‬نقل عن الشيخ الطوسي‬
‫قال‪ :‬روي عنهم عليهم السلم جواز القراءة بما اختلفت القراء فيه )‪.(2‬‬
‫‪ - 55‬الخصال‪ :‬عن محمد بن علي ماجيلويه‪ ،‬عن محمد بن يحيى‪ ،‬عن‬
‫محمد بن أحمد‪ ،‬عن أحمد بن هلل‪ ،‬عن عيسى بن عبد ال الهاشمي‪ ،‬عن‬
‫أبيه‪ ،‬عن آبائه قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬أتاني آت من ال‪،‬‬
‫فقال‪ :‬إن ال يأمرك أن تقرأ القرآن على حرف واحد‪ ،‬فقلت‪ :‬يا رب وسع‬
‫على امتي فقال‪ :‬إن ال يأمرك أن تقرأ القرآن على سبعة أحرف )‪ .(3‬بيان‪:‬‬
‫الخبر ضعيف ومخالف للخبار الكثيرة كما ستأتي‪ ،‬وحملوه على القراءات‬
‫السبعة‪ ،‬ول يخفى بعده لحدوثها بعده صلى ال عليه وآله‪ ،‬وسنشبع القول‬
‫في ذلك في كتاب القرآن إنشاء ال )‪ (4‬ول ريب في أنه يجوز لنا الن أن‬
‫نقرأ موافقا لقراءاتهم المشهورة‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 3‬ص ‪ (2) .315‬مجمع البيان ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .13‬الخصال ج ‪ 2‬ص‬
‫‪ (4) .12‬راجع ج ‪ 92‬ص ‪ 106 - 78‬باب أن للقرآن ظهرا وبطنا‪ ،‬وفيه‬
‫نقل عن الخصال = = ]*[‬

‫]‪[66‬‬

‫كما دلت عليه الخبار المستفيضة إلى أن يظهر القائم عليه السلم‪ ،‬ويظهر لنا‬
‫القرآن على حرف واحد‪ ،‬وقراءة واحدة‪ ،‬رزقنا ال تعالى إدراك ذلك‬
‫الزمان‪ - 56 .‬كتاب المجتنى‪ :‬للسيد ابن طاوس رحمه ال نقل من كتاب‬
‫الوسائل إلى المسائل تأليف أحمد بن علي بن أحمد قال‪ :‬بلغنا أن رجل كان‬
‫بينه وبين بعض المتسلطين عداوة شديدة حتى خافه على نفسه‪ ،‬وأيس‬
‫معه من حياته وتحير في أمره‪ ،‬فرأي ذات ليلة في منامه كأن قائل يقول‪:‬‬
‫عليك بقراءة سورة ألم تر كيف في إحدى ركعتي الفجر وكان يقرؤها كما‬
‫أمره فكفاه ال شر عدوه في مدة يسيرة‪ ،‬وأقر عينه بهلك عدوه قال‪ :‬ولم‬
‫يترك قراءة هذه السورة في إحدى ركعتي الفجر إلى أن مات‪ .‬بيان‪ :‬هذا‬
‫المنام ل حجة فيه‪ ،‬ولو عمل به أحد فالحوط قراءتها في نافلة الفجر لما‬
‫عرفت‪ - 57 .‬مشكوة النوار‪ :‬عن علي بن الحسين عليه السلم قال‪ :‬لو‬
‫مات من بين المشرق والمغرب لما استوحشت‪ ،‬لو كان القرآن معي‪ ،‬وإذا‬
‫كان قرأ من القرآن )مالك يوم الدين( كررها وكاد أن يموت مما دخل عليه‬
‫من الخوف )‪ - 58 .(1‬البلد المين‪ :‬من كتاب طريق النجاة لبن الحداد‬
‫العاملي باسناده عن أبي جعفر الجواد عليه السلم قال‪ :‬من قرأ سورة‬
‫القدر في صلة رفعت في عليين مقبولة مضاعفة ومن قرأها ثم دعا رفع‬
‫دعاؤه إلى اللوح المحفوظ مستجابا )‪ - 59 .(2‬كتاب زيد الزراد‪ :‬قال‪:‬‬
‫سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬أنا ضامن لكل من كان من شيعتنا إذا‬
‫قرء في صلة الغداة من يوم الخميس هل أتى على النسان ثم‬

‫= = ج ‪ 2‬ص ‪ 10‬العياشي ج ‪ 1‬ص ‪ 11‬باسناده عن حماد بن عثمان قال‪ :‬قلت‬


‫لبي عبد ال عليه السلم ان الحاديث تختلف عنكم‪ ،‬قال‪ :‬فقال عليه‬
‫السلم‪ :‬ان القرآن نزل على سبعة أحرف وأدنى ما للم أن يفتى على‬
‫سبعة وجوه‪ ،‬ثم قال‪ :‬هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب(‪(1) .‬‬
‫مشكاة النوار‪ (2) .120 :‬راجع البحار ج ‪ 92‬ص ‪ 329‬باب فضائل‬
‫سورة القدر‪[*] .‬‬

‫]‪[67‬‬

‫مات من يومه أو ليلته أن يدخل الجنة آمنا بغير حساب‪ ،‬على ما فيه من ذنوب و‬
‫عيوب‪ ،‬ولم ينشر ال له ديوان الحساب يوم القيامة‪ ،‬ول يسأل مسألة‬
‫القبر‪ ،‬وإن عاش كان محفوظا مستورا مصروفا عنه آفات الدنيا كلها‪ ،‬ولم‬
‫يتعرص له شئ من هوام الرض إلى الخميس الثاني إنشاء ال‪.‬‬

‫]‪[68‬‬
‫)‪) (24‬باب( * " )الجهر والخفات وأحكامهما( " * اليات‪ :‬اسرى‪ :‬وإذا ذكرت‬
‫ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم نفورا )‪ .(1‬وقال سبحانه‪ :‬ول‬
‫تجهر بصلوتك ول تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيل )‪.(2‬‬

‫)‪ (1‬أسرى‪ (2) .46 :‬أسرى‪ ،110 :‬والظاهر من لفظ الية الشريفة أن المراد‬
‫بالجهر والمخافتة اجهار الصلة علنية واخفاتها سرا حيث ل يراه أحد‬
‫من الحانب‪ ،‬على ما أشرنا إليه قبل ذلك في ج ‪ 82‬ص ‪ .318‬فالنبى‬
‫صلى ال عليه وآله بعد ما فرض عليه في الية ‪ 78‬من هذه السورة ‪-‬‬
‫سورة السراء ‪ -‬صلتا المغرب والفجر‪ ،‬كان يجهر بهما علنية في فناء‬
‫الكعبة الشريفة‪ ،‬يصلى هناك منفردا وأحيانا مع زوجته خديجة وابن عمه‬
‫على عليهم السلم فاشتد ذلك على قريش حتى آذوه بالسب والشتم ورمى‬
‫الحصا‪ ،‬وبلغ أمرهم إلى أن ألقوا عليه سلى ناقة وأراد بعضهم أن يدمغ‬
‫رأسه صلى ال عليه وآله بحجر‪ ،‬فكفاه ال شره‪ ،‬فل جرم انتقل إلى بيته‬
‫ليصلى مخافتة فنزلت هذه الية‪ ،‬وأمره أن يتطلب ويتجسس ويبتغى بين‬
‫هذين المرين منهجا‪ ،‬فتذاكر النبي صلى ال عليه وآله مع الرقم ابن أبى‬
‫الرقم المخزومى واختار داره ‪ -‬وهى في أصل الصفا على يسار الصاعد‬
‫إليه ‪ -‬للصلة ثم لقراءة القرآن والنذار به‪ ،‬حتى نزل قوله تعالى‪:‬‬
‫)فاصدع بما تؤمر و أعرض عن المشركين * انا كفيناك المستهزئين(‬
‫الحجر‪ 94 :‬و ‪ .95‬ينص على ذلك قوله عزوجل في ذيل الية )وابتغ بين‬
‫ذلك سبيل( حيث ان البتغاء وهو الجتهاد في الطلب على ما صرح به‬
‫الراغب ل يناسب ال ما حملنا الية عليه‪ ،‬وأما لو حملنا الجهر والخفات‬
‫على جهر القراءة والخفات بها من حيث مد الصوت وعدمه فمع أنه =‬
‫]*[‬

‫]‪[69‬‬

‫تفسير‪) :‬ولوا على أدبارهم نفورا( قال الطبرسي رحمه ال‪ :‬أي أدبروا عنك‬

‫= خلف ظاهر اللفظ حيث ل ذكر في الية من القراءة والذكر‪ ،‬ل وجه لقوله‬
‫عزوجل )وابتغ( أي تطلب وتفحص أمرا بين المرين‪ ،‬حيث أن قراءة بين‬
‫القراءتين‪ :‬الجهر والخفات ليس يخفى كيفيتها على أحد‪ ،‬حتى يؤمر‬
‫بابتغائه وطلبه مع اجتهاد‪ .‬على أنه لو كان المراد ذلك‪ ،‬لكان على النبي‬
‫صلى ال عليه وآله أن يمتثل هذا المر بقراءة القرآن قراءة متعارفة بين‬
‫القراءتين‪ ،‬مع أنه صلى ال عليه وآله جهر في بعض الصلوات وأخفت‬
‫في بعضها‪ ،‬و هذا ضد ما أمر به القرآن العزيز وخلف عليه بكل شقى‬
‫المسألة‪ .‬فعلى هذا ل وجه لعنوان الية الكريمة في هذا الباب‪ ،‬بل الية‬
‫التى تتكفل لبيان الجهر بالقراءة والخفات بها وامتثل أمرها النبي صلى‬
‫ال عليه وآله فأخفت في بعض الصلوات وجهر ببعضها الخر على ما‬
‫عرف من سنته صلى ال عليه وآله‪ ،‬هو قوله عزوجل‪) :‬وإذا قرئ‬
‫القرآن فاستمعوا له و أنصتوا لعلكم ترحمون * واذكر ربك في نفسك‬
‫تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والصال ول تكن من‬
‫الغافلين( العراف‪ 204 :‬و ‪ .205‬واليتان كلتاهما من المتشابهات على‬
‫ما عرفت معنى المتشابه في ج ‪ 83‬ص ‪ ،166‬ال أن الية الولى آلت‬
‫بتأويله صلى ال عليه وآله إلى صلة الجماعة فأوجب على المأمومين‬
‫أن ينصتوا لقراءة المام في الصلة‪ ،‬ومعلوم أن النصات ل يكون ال عند‬
‫الجهار بالقراءة‪ ،‬ثم في الية الثانية أمره صلى ال عليه وآله أن يذكر‬
‫ربه في نفسه تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول الذى يناسب معنى‬
‫التضرع والخيفة‪ ،‬بالغدو والصال والغدو على ما يدل عليه قوله عزوجل‬
‫)غدوها شهر ورواحها شهر( وقوله تعالى )آتنا غداءنا لقد لقينا من‬
‫سفرنا هذا نصبا(‪ :‬الظهر وقت النهار والصيل وقت العصر‪ ،‬فآلت أمره‬
‫إلى صلة الظهر والعصر بتأويل النبي صلى ال عليه وآله فصلى صلتي‬
‫العصرين بالخفات بذكره تعالى من أول الصلة إلى خاتمتها حتى الذكار‬
‫والتسبيحات وحد الخفات هذا أن يكون قراءة دون الجهر من القول في‬
‫النفس كما هو ظاهر‪ .‬فالواجب الجهر بقراءة القرآن في غير صلتي‬
‫الظهرين وأما الذكار والتسبيحات فهو مخير بين أن يجهر بها أو يخافت‬
‫ولعل الجهر بها تبعا للجهر بالقراءة أولى‪ ،‬وأما صلتا النهار والصيل‪،‬‬
‫فالقراءة والذكار كلها سواء‪ ،‬يخافت بها مطلقا‪ ،‬وسيمر عليك في طى‬
‫الباب أخبار عن الئمة المعصومين عليهم السلم ينص على ذلك‪.‬‬

‫]‪[70‬‬

‫مدبرين نافرين‪ ،‬والمعني بذلك كفار قريش‪ ،‬وقيل هم الشياطين عن ابن عباس‪،‬‬
‫وقيل معناه إذا سمعوا بسم ال الرحمن الرحيم )‪ (1‬ولوا‪) .‬ول تجهر‬
‫بصلوتك( فيه أقوال‪ :‬أحدها أن معناه ل تجهر باشاعة صلتك عند من‬
‫يؤذيك‪ ،‬ول تخافت بها عند من يلتمسها منك‪ ،‬قال الطبرسي ره روي أن‬
‫النبي صلى ال عليه وآله كان إذا صلى جهر في صلته حتى يسمع‬
‫المشركون‪ ،‬فشتموه و آذوه فأمره سبحانه بترك الجهر‪ ،‬وكان ذلك بمكة‬
‫في أول المر‪ ،‬وروي ذلك عن أبى جعفر وأبي عبد ال عليهما السلم )‪(2‬‬
‫وقال في الكشاف‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه وآله يرفع صوته‬
‫بقراءته‪ ،‬فإذا سمعه المشركون لغوا وسبوا‪ ،‬فأمره بأن يخفض من صوته‪،‬‬
‫و المعنى ول تجهر حتى تسمع المشركين ول تخافت بها حتى ل تسمع من‬
‫خلفك‪ ،‬وابتغ بين الجهر والمخافتة سبيل وسطا‪ .‬وثانيها‪ :‬ل تجهر بصلتك‬
‫كلها ول تخافت بها كلها )وابتغ بين ذلك سبيل( أي التبعيض على ما عين‬
‫من السنة‪ .‬وثالثها‪ :‬أن المراد بالصلة الدعاء وهو بعيد‪ .‬ورابعها‪ :‬أن يكون‬
‫خطابا لكل واحد من المكلفين أو من باب إياك أعني واسمعي يا جارة أي ل‬
‫تعلنها إعلنا يوهم الريا ول تسترها بحيث يظن بك تركها والتهاون بها‪.‬‬
‫وخامسها‪ :‬ل تجهر جهرا يشتغل به من يصلي بقربك‪ ،‬ول تخافت حتى ل‬
‫تسمع نفسك كما قال أصحابنا إن الجهر أن ترفع صوتك شديدا والمخافتة‬
‫ما دون سمعك‪ ،‬وابتغ بين ذلك سبيل أي بين الجهر الشديد والمخافتة‪ ،‬فل‬
‫يجوز الفراط ول التفريط‪ ،‬ويجب الوسط والعدل‪ ،‬لكن قد علم من السنة‬
‫الشريفة اختيار بعض أفراد هذا الوسط في بعض الصلوات كالجهر غير‬
‫العالي شديدا للرجل في الصبح واوليي‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ج ‪ 6‬ص ‪ (2) .418‬مجمع البيان ج ‪ 6‬ص ‪*] .446‬‬

‫]‪[71‬‬

‫المغرب والعشاء‪ ،‬وكالخفات ل جدا بحيث يلحق بحديث النفس في غيرها من‬
‫الفرائض‪ ،‬وما نسب إلى أبي جعفر عليه السلم وأبي عبد ال عليه السلم‬
‫ل ينافي ذلك‪ .‬وسادسها‪ :‬ما رواه العياشي عن الباقر عليه السلم ل تجهر‬
‫بولية علي ول بما أكرمته به حتى آمرك بذلك‪ ،‬ول تخافت بها يعني ل‬
‫تكتمها عليا وأعلمه بما أكرمته به )وابتغ بين ذلك سبيل( سلني أن آذن لك‬
‫أن تجهر بأمر علي بوليته‪ ،‬فاذن له باظهاره يوم غدير خم )‪ .(1‬أقول‪:‬‬
‫وهذا بطن الية ول ينافي العمل بظاهرها‪ .‬ثم اعلم أن المشهور بين‬
‫الصحاب وجوب الجهر والخفاف في مواضعهما في الفرائض وأنه تبطل‬
‫الصلة بتركهما عالما عامدا‪ ،‬ونقل عليه الشيخ في الخلف الجماع‬
‫والمنقول عن السيد المرتضى رضي ال عنه أنهما من وكيد السنن‪ ،‬وعن‬
‫ابن الجنيد أيضا القول باستحبابهما‪ ،‬ول يخلو من قوة كما ستعرف‪ ،‬ول‬
‫يخفى أن الية على الوجه الخامس الذي هو أظهر الوجوه‪ ،‬يؤيد‬
‫الستحباب إذ التوسط الذي يظهر منها شامل لحدي الجهر وإلخفات‬
‫وتخصيص بعضها ببعض خلف الظاهر‪ .‬وأما حدهما فقال في التذكرة أقل‬
‫الجهر أن يسمع غيره القريب تحقيقا أو تقديرا‪ ،‬وحد الخفات أن يسمع‬
‫نفسه أو بحيث يسمع لو كان سميعا باجماع العلماء وقريب منه كلم‬
‫المنتهى والمحقق في المعتبر‪ ،‬وجماعة من الصحاب‪ ،‬ويرد عليه أن مع‬
‫إسماع نفسه يسمع القريب أيضا غالبا‪ ،‬وضبط هذا الحد بينهما في غاية‬
‫الشكال إن أمكن ذلك‪ ،‬ولذا قال بعض المتأخرين‪ :‬الجهر هو ظهور جوهر‬
‫الصوت والخفات هو إخفاء الصوت وهمسه‪ ،‬وإن سمع القريب‪ ،‬ومنهم‬
‫من أحالهما على العرف ولعله أظهر‪ .‬والظاهر أنه ل فرق بين الداء‬
‫والقضاء في الوجوب والستحباب كما يدل عليه كلم الصحاب وذهبوا إلى‬
‫أن الجاهل فيهما معذور‪ ،‬والجهر إنما يجب على القول به في القراءة دون‬
‫الذكار‪ ،‬ونقل في المنتهى اتفاق الصحاب على استحباب‬

‫)‪ (1‬تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .319‬‬

‫]‪[72‬‬

‫الجهار في صلة الليل‪ ،‬والخفات في صلة النهار‪ - 1 .‬تفسير على بن ابراهيم‪:‬‬


‫عن أبيه‪ ،‬عن الصباح‪ ،‬عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد ال عليه السلم‬
‫في قوله‪) :‬ول تجهر بصلتك ول تخافت بها( قال‪ :‬الجهر بها رفع الصوت‪،‬‬
‫والتخافت ما لم تسمع نفسك باذنك واقرأ ما بين ذلك )‪ .(1‬ومنه‪ :‬بهذا‬
‫السناد عنه عليه السلم قال‪ :‬الجهار رفع الصوت عاليا والمخافتة ما لم‬
‫تسمع نفسك )‪ .(2‬قال‪ :‬وروي أيضا عن أبي جعفر الباقر عليه السلم في‬
‫هذه الية قال الجهار أن ترفع صوتك يسمعه من بعد عنك‪ ،‬والخفات أن ل‬
‫تسمع من معك إل سرا ]يسيرا[ خ ل )‪ .(3‬بيان‪ :‬يحتمل أن يكون الغرض‬
‫بيان حد الجهر في الصلة مطلقا أو للمام‪ ،‬و هذا وجه قريب لتفسير الية‬
‫أي ينبغي أن يقرأ فيما يجهر فيه من الصلوات بحيث ل يتجاوز الحد في‬
‫العلو‪ ،‬ول يكون بحيث ل يسمعه من قرب منه فيكون إخفاتا أول يسمعه‬
‫المأمومون فيكون مكروها‪ ،‬وعليه حمل الصدوق في الفقيه الية حيث قال‪:‬‬
‫و اجهر بجميع القراءة في المغرب والعشاء الخرة والغداة من غير أن‬
‫تجهد نفسك أو ترفع صوتك شديدا‪ ،‬وليكن ذلك وسطا‪ ،‬لن ال عزوجل‬
‫يقول‪) :‬ول تجهر بصلوتك( الية وستسمع الخبار في ذلك‪ - 2 .‬العياشي‪:‬‬
‫عن المفضل قال‪ :‬سمعته وسئل عن المام هل عليه أن يسمع من خلفه‬
‫وإن كثروا ؟ قال‪ :‬يقرء قراءة وسطا‪ ،‬يقول ال تبارك وتعالى‪) :‬ول تجهر‬
‫بصلوتك ول تخافت بها( )‪ .(4‬ومنه‪ :‬عن عبد ال بن سنان عنه عليه‬
‫السلم مثله )‪ .(5‬ومنه‪ :‬عن سماعة بن مهران‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم في قول ال‪) :‬ول تجهر بصلوتك ول تخافت بها( قال‪ :‬المخافتة ما‬
‫دون سمعك‪ ،‬والجهر أن ترفع صوتك شديدا )‪.(6‬‬

‫)‪ (3 - 1‬تفسير القمى‪ (6 - 4) .391 :‬تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .318‬‬

‫]‪[73‬‬

‫ومنه‪ :‬عن زرارة وحمران ومحمد بن مسلم‪ ،‬عن أبي جعفر وأبي عبد ال عليهما‬
‫السلم في قوله تعالى‪) :‬ول تجهر بصلوتك( الية قال‪ :‬كان رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله إذا كان بمكة جهر بصلته فيعلم بمكانه المشركون‪،‬‬
‫فكانوا يؤذونه‪ ،‬فانزلت هذه الية عند ذلك )‪ .(1‬ومنه‪ :‬عن سليمان‪ ،‬عن‬
‫أبي عبد ال عليه السلم في قول ال‪) :‬ول تجهر بصلتك( الية قال‪:‬‬
‫الجهر بها رفع الصوت‪ ،‬والمخافتة ما لم تسمع اذناك‪ ،‬وبين ذلك قدر ما‬
‫تسمع اذنيك )‪ .(2‬ومنه‪ :‬عن الحلبي قال‪ :‬قال أبو جعفر لبي عبد ال عليه‬
‫السلم يا بني عليك بالحسنة بين السيئتين تمحوهما‪ ،‬قال‪ :‬وكيف ذلك يا‬
‫أبه ؟ قال‪ :‬مثل قول ال‪) :‬ول تجهر بصلتك( سيئة )ول تخافت بها( سيئة‬
‫)وابتغ بين ذلك سبيل( حسنة الخبر )‪ .(3‬ومنه‪ :‬عن أبي بصير‪ ،‬عن أبي‬
‫جعفر عليه السلم في هذه الية قال‪ :‬نسختها )فاصدع بما تؤمر( )‪.(4‬‬
‫بيان‪ :‬لعل المراد نسخ بعض معانيها بالنسبة إليه صلى ال عليه وآله‬
‫والظاهر من الخبار الواردة في تفسير الية عدم وجوب الجهر والخفات‪،‬‬
‫وأن المصلي مخير بين أقل مراتب الخفات وأكثر مراتب الجهر في جميع‬
‫الصلوات‪ ،‬وحملها على التبعيض بعيد‪ - 3 .‬العياشي‪ :‬عن زيد بن علي قال‪:‬‬
‫دخلت على أبي جعفر عليه السلم فذكر )بسم ال الرحمن الرحيم( فقال‪:‬‬
‫تدري ما نزل في )بسم ال الرحمن الرحيم( ؟ فقلت ل‪ ،‬فقال‪ :‬إن رسول ال‬
‫كان أحسن الناس صوتا بالقرآن‪ ،‬وكان يصلي بفناء الكعبة يرفع صوته‪،‬‬
‫وكان عتبة وشيبة ابنا ربيعة وأبو جهل وجماعة منهم يستمعون قراءته‪،‬‬
‫قال‪ :‬وكان يكثر ترداد )بسم ال الرحمن الرحيم( فيرفع بها صوته‪،‬‬
‫فيقولون إن‬

‫)‪ (1‬تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص ‪ (3 - 2) .318‬تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص ‪(4) ،319‬‬


‫تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص ‪ ،252‬والية في سورة الحجر‪[*] .94 :‬‬

‫]‪[74‬‬

‫محمدا ليردد اسم ربه تردادا فيأمرون من يقوم فيستمع عليه ويقولون إذا جاز‬
‫)بسم ال الرحمن الرحيم( فأعلمنا حتى نقوم فنستمع قراءته فأنزل ال في‬
‫ذلك وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ‪ -‬بسم ال الرحمن الرحيم ‪ -‬ولوا‬
‫على أدبارهم نفورا )‪ .(1‬ومنه‪ :‬عن زرارة عن أحدهما عليه السلم قال‪:‬‬
‫في بسم ال الرحمن الرحيم قال‪ :‬هو الحق فاجهر به‪ ،‬وهي الية التي قال‬
‫ال‪) :‬وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ‪ -‬بسم ال الرحمن الرحيم ‪ -‬ولوا‬
‫على أدبارهم نفورا( كان المشركون يتسمعون إلى قراءة النبي صلى ال‬
‫عليه وآله فإذا قرء )بسم ال الرحمن الرحيم( نفروا وذهبوا‪ ،‬فإذا فرغ منه‬
‫عادوا وتسمعوا )‪ .(2‬ومنه‪ :‬عن منصور بن حازم‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه وآله إذا صلى بالناس جهر ببسم‬
‫ال الرحمن الرحيم‪ ،‬فتخلف من خلفه من المنافقين عن الصفوف‪ ،‬فإذا‬
‫جازها في السورة عادوا إلى مواضعهم‪ ،‬وقال بعضهم لبعض إنه ليردد اسم‬
‫ربه تردادا إنه ليحب ربه‪ ،‬فأنزل ال )وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده(‬
‫الية )‪ (3‬ومنه‪ :‬عن أبي حمزة الثمالي قال‪ :‬قال لي أبو جعفر عليه السلم‬
‫ياثمالي إن الشيطان ليأتي قرين المام فيسأله هل ذكر ربه ؟ فان قال‪ :‬نعم‬
‫اكتسع فذهب‪ ،‬وإن قال‪ :‬ل ركب على كتفيه‪ ،‬وكان إمام القوم حتى‬
‫ينصرفوا‪ ،‬قال‪ :‬قلت‪ :‬جعلت فداك‪ ،‬وما معنى قوله ذكر ربه ؟ قال‪ :‬الجهر‬
‫ببسم ال الرحمن الرحيم )‪ .(4‬بيان‪ :‬الظاهر المراد بقرين المام الشيطان‬
‫الذي وكله به‪ ،‬ويحتمل الملك لكنه بعيد وقال الفيروز آبادي اكتسع الفحل‬
‫خطر وضرب فخذيه بذنبه والكلب بذنبه استثفر‪ ،‬وقال الجزري‪ :‬فلما‬
‫تكسعوا فيها أي تأخروا عن جوابها ولم يردوه انتهى‪ - 4 .‬الذكرى‪ :‬قال‬
‫ابن أبي عقيل‪ :‬تواترت الخبار عنهم عليهم السلم أن ل تقية في الجهر‬
‫بالبسملة‪.‬‬

‫)‪ (3 - 1‬تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص ‪ ،295‬في آية السراء‪ (4) .45 :‬تفسير العياشي‬
‫ج ‪ 2‬ص ‪[*] .296‬‬

‫]‪[75‬‬

‫‪ - 5‬الخصال‪ :‬عن أحمد بن محمد بن الهيثم وأحمد بن الحسن ومحمد بن أحمد‬


‫والحسين بن إبراهيم وعبد ال بن محمد وعلي بن عبد ال الوراق‪ ،‬عن‬
‫أحمد بن يحيى ابن زكريا‪ ،‬عن بكر بن عبد ال بن حبيب‪ ،‬عن تميم بن‬
‫بهلول‪ ،‬عن أبي معاوية‪ ،‬عن العمش‪ ،‬عن الصادق عليه السلم قال‪:‬‬
‫الجهار ببسم ال الرحمن الرحيم في الصلة واجب )‪ - 6 .(1‬العيون‪ :‬عن‬
‫عبد الواحد بن محمد بن عبدوس‪ ،‬عن علي بن محمد بن قتيبة‪ ،‬عن الفضل‬
‫بن شاذان عن الرضا عليه السلم فيما كتب للمأمون قال‪ :‬الجهار ببسم‬
‫ال الرحمن الرحيم في جميع الصلوات سنة )‪ .(2‬توضيح‪ :‬المشهور بين‬
‫الصحاب استحباب الجهر بالبسملة في مواضع الخفات للمام والمنفرد‬
‫في الوليين والخريين‪ ،‬ونقل السيد وابن إدريس عن بعض الصحاب‬
‫القول باختصاص ذلك بالمام دون غيره‪ ،‬وهو المنقول عن ابن الجنيد‪،‬‬
‫وخصه ابن إدريس بالوليين‪ ،‬بل قال بعدم جواز الجهر بها في الخيرتين‪،‬‬
‫ونقل الجماع على جواز الخفات بها فيهما‪ ،‬وأوجب أبو الصلح الجهر‬
‫بها في اوليي الظهر والعصر في ابتداء الحمد والسورة التي تليها وأوجب‬
‫ابن البراج الجهر بها فيما يخافت فيه‪ ،‬وأطلق‪ ،‬والظاهر رجحان الجهر في‬
‫الجميع للمام والمنفرد‪ ،‬والستحباب أقوى وعدم الترك أحوط‪ ،‬لطلق‬
‫الوجوب في بعض الخبار‪ .‬وأما ترك التقية فيها فهو خلف المشهور‬
‫والخبار التي وصلت إلينا ل تدل على ذلك إل ما سيأتي برواية صاحب‬
‫الدعائم‪ ،‬ويشكل تخصيص عمومات التقية بأمثال ذلك‪ - 7 .‬المصباح‬
‫للشيخ‪ :‬قال‪ :‬روي عن أبي محمد العسكري عليه السلم أنه قال‪ :‬علمات‬
‫المؤمن خمس‪ :‬صلة الحدى والخمسين‪ ،‬وزيارة الربعين‪ ،‬والتختم‬
‫باليمين‪ ،‬وتعفير‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .151‬عيون الخبار ج ‪ 2‬ص ‪[*] .123‬‬

‫]‪[76‬‬

‫الجبين‪ ،‬والجهر ببسم ال الرحمن الرحيم )‪ - 8 .(1‬فقه الرضا‪ :‬قال عليه السلم‪:‬‬
‫أسمع القراءة والتسبيح اذنيك فيما ل تجهر فيه من الصلوات بالقراءة‪،‬‬
‫وهي الظهر والعصر‪ ،‬وارفع فوق ذلك فيما تجهر فيه بالقراءة )‪ .(2‬قال‪:‬‬
‫وسألت العالم عليه السلم عن القنوت يوم الجمعة إذا صليت وحدي أربعا‪،‬‬
‫فقال‪ :‬نعم في الركعة الثانية خلف القراءة‪ ،‬فقلت‪ :‬أجهر فيها بالقراءة ؟‬
‫قال‪ :‬نعم )‪ - 9 .(3‬الخصال‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد بن عبد ال‪ ،‬عن محمد بن‬
‫عيسى‪ ،‬عن القاسم ابن يحيى‪ ،‬عن جده الحسن‪ ،‬عن أبي بصير ومحمد بن‬
‫مسلم‪ ،‬عن الصادق‪ ،‬عن أبيه عن جده عليه السلم قال‪ :‬قال أمير المؤمنين‬
‫عليه السلم إذا صليت فأسمع نفسك القراءة والتكبير والتسبيح )‪- 10 .(4‬‬
‫العياشي‪ :‬عن زرارة‪ ،‬عن أحدهما عليهما السلم قال‪ :‬ل يكتب الملك إل ما‬
‫أسمع نفسه‪ ،‬وقال ال‪) :‬واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة( )‪ (5‬قال‪ :‬ل‬
‫يعلم ثواب ذلك الذكر في نفس العبد لعظمته إل ال )‪ .(6‬ومنه‪ :‬عن إبراهيم‬
‫بن عبد الحميد يرفعه قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله )واذكر ربك‬
‫في نفسك( ]تضرعا[ يعني مستكينا )وخيفة( يعني خوفا من عذابه )ودون‬
‫الجهر من القول( يعني دون الجهر من القراءة )بالغدو والصال( يعني‬
‫بالغداة والعشي )‪ .(7‬بيان‪ :‬لعل الذكر النفساني في الخبرين محمول على‬
‫غير قراءة الصلة‪.‬‬

‫)‪ (1‬مصباح المتهجد‪ (2) .551 :‬فقه الرضا ص ‪ 7‬س ‪ (3) .35‬فقه الرضا ص ‪11‬‬
‫س ‪ (4) .18‬لم نجده في الخصال المطبوع‪ (5) .‬العراف‪ 6) .205 :‬و‬
‫‪ (7‬تفسير العياشي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .44‬‬

‫]‪[77‬‬

‫‪ - 11‬قرب السناد‪ :‬عن عبد ال بن الحسن‪ ،‬عن جده علي بن جعفر‪ ،‬عن أخيه‬
‫عليه السلم قال‪ :‬سألته عن رجل صلى العيدين وحده والجمعة‪ ،‬هل يجهر‬
‫فيهما بالقراءة ؟ قال‪ :‬ل يجهر إل المام )‪ .(1‬قال‪ :‬وسألته عن الرجل‬
‫يصلي الفريضة ما يجهر فيه بالقراءة هل عليه أن يجهر قال‪ :‬إن شاء‬
‫جهر‪ ،‬وإن شاء لم يفعل )‪ .(2‬بيان‪ :‬هذا الخبر صريح في الستحباب‪،‬‬
‫وحمله الشيخ على التقية‪ ،‬وقال المحقق في المعتبر وهو تحكم من الشيخ ‪-‬‬
‫ره ‪ -‬فان بعض الصحاب ل يرى وجوب الجهر بل يستحبه مؤكدا انتهى‪،‬‬
‫وحمله بعضهم على الجهر العالي وهو بعيد‪ .‬وروى الصدوق ره في‬
‫الصحيح )‪ (3‬عن زرارة‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم في رجل جهر فيما ل‬
‫ينبغي الجهر فيه‪ ،‬أو أخفى فيما ل ينبغي الخفات فيه‪ ،‬فقال‪ :‬أي ذلك فعل‬
‫متعمدا فقد نقض صلته‪ ،‬وعليه العادة‪ ،‬وإن فعل ذلك ناسيا أو ساهيا أول‬
‫يدري فل شئ عليه‪ ،‬وقد تمت صلته‪ ،‬وهذا مستند الوجوب وفي بعض‬
‫النسخ نقص بالمهملة فهو أيضا يؤيد الستحباب‪ ،‬وفي بعضها بالمعجمة‬
‫فيمكن حمله على تأكد الستحباب وكذا المر بالعادة‪ ،‬والمسألة في غاية‬
‫الشكال‪ ،‬ول يترك الحتياط فيها‪ - 12 .‬العلل‪ :‬عن حمزة بن محمد العلوي‪،‬‬
‫عن علي بن إبراهيم‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن علي بن معبد‪ ،‬عن الحسين بن خالد‪،‬‬
‫عن محمد بن أبي حمزة قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه السلم لي علة يجهر‬
‫في صلة الفجر وصلة المغرب وصلة العشاء الخرة ؟ وسائر الصلوات‬
‫مثل الظهر والعصر ل يجهر فيها ؟ فقال‪ :‬لن النبي صلى ال عليه وآله لما‬
‫أسري‬

‫)‪ (1‬قرب السناد ص ‪ 98‬ط حجر ص ‪ 129‬ط نجف‪ (2) .‬قرب السناد‪ 94 :‬ط‬
‫حجر‪ 123 :‬ط نجف‪ ،‬ومعنى السؤال أن الرجل إذا صلى بالفرائض التى‬
‫يجهر فيها بالقراءة هل عليه أن يجهر بغير القراءة من الذكار أيضا ؟‬
‫فقال عليه السلم هو مخير ان شاء جهر وان شاء لم يجهر‪ (3) .‬الفقيه‬
‫ج ‪ 1‬ص ‪ ،227‬وقوله عليه السلم‪) :‬ان فعل ذلك ناسيا أو ساهيا أو ل‬
‫يدرى فل شئ عليه( جار في سنن الصلة كلها‪[*] .‬‬

‫]‪[78‬‬

‫به إلى السماء كان أول صلة فرض ال عليه صلة الظهر يوم الجمعة‪ ،‬فأضاف ال‬
‫إليه الملئكة يصلون خلفه‪ ،‬فأمر نبيه صلى ال عليه وآله أن يجهر‬
‫بالقراءة ليتبين لهم فضله‪ ،‬ثم فرض عليه العصر‪ ،‬ولم يضف إليه أحدا من‬
‫الملئكة‪ ،‬فأمره أن يخفي القراءة لنه لم يكن وراءه أحد‪ ،‬ثم فرض عليه‬
‫المغرب وأضاف إليه الملئكة فأمره بالجهار و كذلك العشاء الخرة‪ ،‬فلما‬
‫كان قرب الفجر نزل ففرض ال عليه الفجر وأمره بالجهار ليبين للناس‬
‫فضله كما بين للملئكة فلهذه العلة يجهر فيها )‪ .(1‬كتاب العلل‪ :‬لمحمد بن‬
‫علي بن إبراهيم باسناده‪ ،‬عن محمد بن حمران عنه عليه السلم مثله‪.‬‬
‫بيان‪ :‬في علل محمد بن علي بن إبراهيم وفي الفقيه )‪ (2‬هكذا‪) :‬لي علة‬
‫يجهر في صلة الجمعة وصلة المغرب وصلة العشاء الخرة وصلة‬
‫الغداة( وهو الصواب كما يدل عليه الجواب ولعل المراد بالظهر صلة‬
‫الجمعة أو العم منه ومن الظهر‪ ،‬ليكون مطابقا للسؤال‪ - 13 .‬العلل‪ :‬عن‬
‫أبيه‪ ،‬عن عبد ال بن جعفر‪ ،‬عن علي بن بشار‪ ،‬عن موسى عليه السلم‬
‫أنه سأل أخاه علي بن محمد عليه السلم فيما سأل عنه يحيى بن أكثم‪ ،‬عن‬
‫صلة الفجر لم يجهر فيها بالقراءة وهي من صلوات النهار‪ ،‬وإنما يجهر‬
‫في صلة الليل ؟ قال‪ :‬لن النبي صلى ال عليه وآله كان يغلس بها لقربها‬
‫من الليل )‪ - 14 .(3‬مجالس الصدوق والخصال‪ :‬عن محمد بن علي‬
‫ماجيلويه‪ ،‬عن محمد بن أبي القاسم‪ ،‬عن أحمد بن أبي عبد ال البرقي‪،‬‬
‫عن علي بن الحسين البرقي‪ ،‬عن عبد ال ابن جبلة‪ ،‬عن معاوية بن عمار‪،‬‬
‫عن الحسن بن عبد ال‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جده الحسن ابن علي عليه السلم‬
‫قال‪ :‬جاء نفر من اليهود إلى رسول ال صلى ال عليه وآله فسألوه عن‬
‫مسائل فكان فيما سألوه أن قالوا‪ :‬لم يجهر في ثلث صلوات ؟ قال‪ :‬لنه‬
‫يتباعد منه لهب النار مقدار‬

‫)‪ (1‬علل الشرايع ج ‪ 2‬ص ‪ 12‬في حديث‪ (2) .‬الفقيه ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .202‬علل‬
‫الشرايع ج ‪ 2‬ص ‪[*] .13‬‬

‫]‪[79‬‬

‫ما يبلغه صوته‪ ،‬ويجوز على الصراط‪ ،‬ويعطي السرور حتى يدخل الجنة )‪- 15 .(1‬‬
‫العيون‪ :‬عن تميم بن عبد ال القرشي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن أحمد بن علي‬
‫النصاري‪ ،‬عن رجاء بن أبي الضحاك أن الرضا عليه السلم في طريق‬
‫خراسان كان يجهر بالقراءة في المغرب والعشاء الخرة وصلة الليل‬
‫والشفع والوتر‪ ،‬ويخفي القراءة في الظهر والعصر‪ ،‬وكان يجهر ببسم ال‬
‫الرحمن الرحيم في جميع صلواته بالليل والنهار )‪ - 16 .(2‬قرب السناد‪:‬‬
‫عن عبد الصمد بن محمد ومحمد بن عبد الحميد‪ ،‬عن حنان بن سدير قال‪:‬‬
‫صليت خلف أبي عبد ال عليه السلم فتعوذ باجهار ثم جهر ببسم ال‬
‫الرحمن الرحيم )‪ - 17 .(3‬مجالس ابن الشيخ‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن أبي عمر بن‬
‫مهدي‪ ،‬عن ابن عقدة عن الحسن بن علي بن عفان‪ ،‬عن أبي حفص‬
‫الصائغ قال‪ :‬صليت خلف جعفر بن محمد بن علي عليه السلم فجهر ببسم‬
‫ال الرحمن الرحيم )‪ - 18 .(4‬العلل‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد بن عبد ال‪ ،‬عن‬
‫أحمد بن محمد بن خالد‪ ،‬عن علي بن أسباط‪ ،‬عن عمه يعقوب بن سالم أنه‬
‫سأل أبا عبد ال عليه السلم عن الرجل يقوم آخر الليل فيرفع صوته‬
‫بالقرآن‪ ،‬فقال‪ :‬ينبغي للرجل إذا صلى بالليل أن يسمع أهله لكي يقوم قائم‬
‫ويتحرك المتحرك )‪ - 19 .(5‬كنز الكراجكى‪ :‬باسناده عن رجاله مرفوعا‬
‫إلى أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إذا كان يوم القيامة يقبل قوم على نجائب‬
‫من نور ينادون بأعلى أصواتهم‪) :‬الحمد ل‬

‫)‪ (1‬أمالى الصدوق ص ‪ (2) .117‬عيون الخبار ج ‪ 2‬ص ‪ (3) ،182‬قرب السناد‬
‫ص ‪ 58‬ط حجر ‪ 78‬ط نجف‪ (4) .‬أمالى الطوسى ج ‪ 1‬ص ‪(5) .279‬‬
‫علل الشرايع ج ‪ 2‬ص ‪[*] .53‬‬

‫]‪[80‬‬

‫الذي صدقنا وعده‪ ،‬وأورثنا أرضه نتبوء من الجنة حيث نشاء( )‪ (1‬قال‪ :‬فتقول‬
‫الخلئق‪ :‬هذه زمرة النبياء‪ ،‬فإذا النداء من قبل ال عزوجل‪ :‬هؤلء شيعة‬
‫علي بن أبي طالب‪ ،‬فهم صفوتي من عبادي‪ ،‬وخيرتي من بريتي‪ ،‬فتقول‬
‫الخلئق‪ :‬إلهنا و سيدنا بما نالوا هذه الدرجة ؟ فإذا النداء من ال‪ :‬بتختمهم‬
‫في اليمين‪ ،‬وصلتهم إحدى وخمسين‪ ،‬وإطعامهم المسكين‪ ،‬وتعفيرهم‬
‫الجبين‪ ،‬وجهرهم ببسم ال الرحمن الرحيم‪ .‬أعلم الدين‪ :‬للديلمي من كتاب‬
‫الحسين بن سعيد‪ ،‬عن صفوان باسناده عن أبي عبد ال عليه السلم مثله‪.‬‬
‫‪ - 20‬تأويل اليات الباهرة‪ :‬نقل من تفسير محمد بن العباس بن ماهيار‬
‫عن محمد بن وهبان‪ ،‬عن محمد بن علي بن رجيم‪ ،‬عن العباس بن محمد‪،‬‬
‫عن أبيه‪ ،‬عن الحسن ابن علي بن أبي حمزة البطائني‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن أبي‬
‫بصير قال‪ :‬سأل جابر الجعفي أبا عبد ال عليه السلم عن تفسير قوله‬
‫تعالى‪) :‬وإن من شيعته لبراهيم( )‪ (2‬فقال عليه السلم‪ :‬إن ال سبحانه‬
‫لما خلق إبراهيم كشف له عن بصره فنظر فرأى نورا إلى جنب العرش‪،‬‬
‫فقال‪ :‬إلهي ما هذا النور ؟ فقيل له‪ :‬هذا نور محمد صلى ال عليه وآله‬
‫صفوتي من خلقي‪ ،‬ورأى نورا إلى جنبه فقال‪ :‬إلهي وما هذا النور ؟ فقيل‬
‫له‪ :‬هذا نور علي بن أبي طالب عليه السلم ناصر ديني‪ ،‬ورأى إلى جنبهم‬
‫ثلثة أنوار‪ ،‬فقال‪ :‬إلهي وما هذه النوار ؟ فقيل له‪ :‬هذا نور فاطمة فطمت‬
‫محبيها من النار‪ ،‬ونور ولديها الحسن والحسين‪ ،‬فقال‪ :‬إلهي وأرى تسعة‬
‫أنوار قد حفوا بهم‪ ،‬قيل يا إبراهيم هؤلء الئمة من ولد علي وفاطمة‪.‬‬
‫فقال‪ :‬إلهي وسيدي أري أنوارا قد أحدقوا بهم ل يحصي عددهم إل أنت‪،‬‬
‫قيل يا إبراهيم هؤلء شيعتهم شيعة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‬
‫السلم‪ ،‬فقال إبراهيم وبم تعرف شيعتهم ؟ قال‪ :‬بصلة الحدى والخمسين‪،‬‬
‫والجهر ببسم ال الرحمن الرحيم والقنوت قبل الركوع‪ ،‬والتختم في‬
‫اليمين‪ ،‬فعند ذلك قال إبراهيم‪ :‬اللهم اجعلني من شيعة أمير المؤمنين !‬
‫قال‪ :‬فأخبر ال تعالى في كتابه فقال‪) :‬وإن من شيعته‬

‫)‪ (1‬الزمر‪ (2) .74 :‬الصافات‪[*] .83 :‬‬


‫]‪[81‬‬

‫لبراهيم( )‪ - 21 .(1‬كتاب المحتضر‪ :‬للشيخ حسن بن سليمان من كتاب السيد‬


‫حسن بن كبش باسناده عن الصادق عليه السلم قال‪ :‬إذا كان يوم القيامة‬
‫تقبل أقوام على نجائب من نور‪ ،‬ينادون بأعلى أصواتهم )الحمد ل الذي‬
‫أنجزنا وعده‪ ،‬الحمد ل الذي أورثنا أرضه نتبوء من الجنة حيث شئنا( قال‬
‫فتقول الخلئق‪ :‬هذه زمرة النبياء فإذا النداء من عند ال عزوجل‪ :‬هؤلء‬
‫شيعة علي بن أبي طالب‪ ،‬وهو صفوتي من عبادي وخيرتي‪ ،‬فتقول‬
‫الخلئق إلهنا وسيدنا بما نالوا هذه الدرجة ؟ فإذا النداء من قبل ال‬
‫عزوجل نالوها بتختمهم في اليمين‪ ،‬وصلتهم إحدى وخمسين‪ ،‬وإطعامهم‬
‫المسكين‪ ،‬وتعفيرهم الجبين‪ ،‬وجهرهم في الصلة ببسم ال الرحمن‬
‫الرحيم‪ - 22 .‬دعائم السلم‪ :‬روينا عن رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫وعن علي والحسن و الحسين وعلي بن الحسين ومحمد بن علي وجعفر‬
‫بن محمد عليهم السلم أنهم كانوا يجهرون ببسم ال الرحمن الرحيم فيما‬
‫يجهر فيه بالقراءة من الصلوات في أول فاتحة الكتاب‪ ،‬و أول السورة في‬
‫كل ركعة‪ ،‬ويخافتون بها فيما يخافت فيه من السورتين جميعا )‪ .(2‬قال‬
‫الحسن بن علي عليه السلم اجتمعنا ولد فاطمة على ذلك )‪ .(3‬وقال جعفر‬
‫بن محمد عليه السلم التقية ديني ودين آبائي‪ ،‬ول تقية في ثلث‪ :‬شرب‬
‫المسكر‪ ،‬والمسح على الخفين‪ ،‬وترك الجهر ببسم ال الرحمن الرحيم )‪.(4‬‬
‫بيان‪ :‬الخفات بالبسملة في الخفاتية محمول على التقية‪ ،‬قال في التذكرة‪:‬‬
‫يجب الجهر بالبسملة في مواضع الجهر‪ ،‬ويستحب في مواضع الخفات في‬
‫أول الحمد وأول السورة عند علمائنا‪ ،‬وقال الشافعي‪ :‬يستحب الجهر بها‬
‫قبل الحمد‪ ،‬وقبل السورة في الجهرية والخفاتية‪ ،‬وبه قال عمرو ابن زبير‬
‫وابن عباس وابن عمر وأبو هريرة وعطا وطاؤوس وابن جبير ومجاهد‪،‬‬
‫وقال الثوري والوزاعي وأبو حنيفة وأحمد وأبو عبيد ل يجهر بها بحال‪،‬‬
‫وقال النخعي الجهر بها بدعة‪ ،‬وقال مالك المستحب أن ل يقرأ بها‪ ،‬وقال‬
‫ابن أبي ليلى والحكم وإسحاق‪ :‬إن جهر فحسن‪ ،‬وإن‬

‫)‪ (1‬الصافات‪ (4 - 2) .83 :‬دعائم السلم ج ‪ 1‬ص ‪[*] .160‬‬

‫]‪[82‬‬

‫أخفت فحسن‪ - 23 .‬السرائر‪ :‬نقل من كتاب النوادر لمحمد بن علي بن محبوب‪ ،‬عن‬
‫العباس عن حماد بن عيسى‪ ،‬عن معاوية بن عمار قال‪ :‬قلت لبي عبد ال‬
‫عليه السلم‪ :‬الرجل ل يرى أنه صنع شيئا في الدعاء وفي القراءة حتى‬
‫يرفع صوته فقال ل بأس إن علي بن الحسين عليه السلم كان أحسن‬
‫الناس صوتا بالقرآن‪ ،‬وكان يرفع صوته حتى يسمع أهل الدار‪ ،‬وإن أبا‬
‫جعفر عليه السلم كان أحسن صوتا بالقرآن‪ ،‬وكان إذا قام من الليل وقرء‬
‫صوته فيمر به مار الطريق من السقائين وغيرهم‪ ،‬فيقومون فيستمعون‬
‫إلى قراءته )‪ .(1‬بيان‪ :‬يدل على جواز الجهر في القراءة والذكار مطلقا‪،‬‬
‫بل استحبابه‪ ،‬وحمل على الجهرية ونوافل الليل‪ ،‬ويحمل حسن الصوت‬
‫على ما إذا لم يصل إلى حد الغناء‪ :‬بأن يكون جوهر الصوت حسنا‪ ،‬أو يضم‬
‫إليه تحزين صوت ل يظهر فيه الترجيع‪ - 24 .‬العياشي‪ :‬عن أبي حمزة‪،‬‬
‫عن أبى جعفر عليه السلم قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه وآله يجهر‬
‫ببسم ال الرحمن الرحيم ويرفع صوته بها‪ ،‬فإذا سمعها المشركون ولوا‬
‫مدبرين فأنزل ال )وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على أدبارهم‬
‫نفورا( )‪ - 25 .(2‬تفسير على بن ابراهيم‪ :‬بأسانيد جمة عن ابن اذينة قال‪:‬‬
‫قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬بسم ال الرحمن الرحيم أحق ما جهر بها‪:‬‬
‫وهي الية التي قال ال عزوجل‪) :‬وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا‬
‫على أدبارهم نفورا( )‪ .(3‬ومنه‪ :‬في قوله تعالى )وإذا ذكرت ربك( الية قال‬
‫كان رسول ال صلى ال عليه وآله إذا تهجد بالقرآن تسمع قريش لحسن‬
‫قراءته‪ ،‬وكان إذا قرأ بسم ال الرحمن الرحيم فروا عنه )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬السرائر ص ‪ (2) .476‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪ ،20‬والية في سورة أسرى‪:‬‬


‫‪ (3) .45‬تفسير القمى‪ (4) .25 :‬تفسير القمى ص ‪[*] .382‬‬

‫]‪[83‬‬

‫‪ - 26‬قرب السناد‪ :‬بسنده عن علي بن جعفر‪ ،‬عن أخيه عليه السلم قال‪ :‬سألته‬
‫عن المرءة تؤم النساء ما حد رفع صوتها بالقراءة ؟ قال‪ :‬بقدر ما تسمع )‬
‫‪ .(1‬قال‪ :‬وسألته عن النساء هل عليهن جهر بالقراءة ؟ قال‪ :‬ل إل أن‬
‫تكون امرأة تؤم النساء فتجهر بقدر ما تسمع قراءتها )‪ .(2‬قال‪ :‬وسألته‬
‫عن الرجل هل يصلح له أن يجهر بالتشهد والقول في الركوع والسجود‬
‫والقنوت ؟ قال‪ :‬إن شاء جهر وإن شاء لم يجهر )‪ .(3‬بيان‪ :‬يدل على عدم‬
‫وجوب الجهر على النساء‪ ،‬ونقل عليه الفاضلن والشهيدان إجماع‬
‫العلماء‪ ،‬لكن لبد من إسماع نفسها كما دلت عليه الرواية‪ ،‬ولو جهرت ولم‬
‫يسمعها الجنبي‪ ،‬فالظاهر الجواز‪ ،‬ولو سمعها الجنبي فالمشهور بين‬
‫المتأخرين بطلنها‪ ،‬بناء على أن صوت الجنبي عورة‪ ،‬وهو في محل‬
‫المنع‪ ،‬وإن كان مشهورا إذ لم يقم عليه دليل‪ .‬ثم الظاهر من كلم الكثر‬
‫وجوب الخفات عليها في موضعه‪ ،‬وربما أشعر بعض عباراتهم بثبوت‬
‫التخيير لها مطلقا‪ ،‬وقال الفاضل الردبيلي قدس سره‪ :‬ل دليل على وجوب‬
‫الخفات على المرءة في الخفاتية‪ ،‬وهو كذلك إل أن الحوط موافقة‬
‫المشهور‪ ،‬ويدل الخبر على جهرها إذا كانت إماما‪ ،‬ولعله على الستحباب‪.‬‬
‫‪ - 27‬العيون والعلل‪ :‬عبد الواحد بن محمد بن عبدوس‪ ،‬عن علي بن محمد‬
‫بن قتيبة‪ ،‬عن الفضل بن شاذان فيما رواه عن الرضا عليه السلم من‬
‫العلل قال‪ :‬فان قال‪ :‬لم جعل الجهر في بعض الصلواة ولم يجعل في بعض ؟‬
‫قيل‪ :‬لن الصلوات التي ل يجهر فيها إنما هي صلوات تصلى في أوقات‬
‫مظلمة‪ ،‬فوجب أن يجهر فيهما‪ ،‬لن يمر المار فيعلم أن ههنا جماعة‪ ،‬فان‬
‫أراد أن يصلي صلى‪ ،‬ولنه إن لم ير جماعة تصلي سمع وعلم ذلك من‬
‫جهة السماع‪ ،‬والصلتان اللتان ل يجهر فيهما فانهما بالنهار‪ ،‬وفي أوقات‬
‫مضيئة فهي تدرك من جهة الرؤية‪ ،‬فل يحتاج فيها إلى السماع )‪.(4‬‬

‫)‪ (2 - 1‬قرب السناد‪ 100 :‬ط حجر ص ‪ 132‬و ‪ 133‬ط نجف‪ (3) .‬قرب السناد‪:‬‬
‫‪ 91‬ط حجر‪ 120 :‬ط نجف‪ (4) .‬عيون الخبار ج ‪ 2‬ص ‪ ،109‬علل‬
‫الشرايع ج ‪ 1‬ص ‪[*] .249‬‬

‫]‪[84‬‬

‫‪ - 28‬كتاب الروضة وفضائل ابن شاذان‪ :‬باسنادهما إلى عبد ال بن أبي أوفى عن‬
‫النبي صلى ال عليه وآله أنه قال‪ :‬لما خلق ال إبراهيم الخليل كشف ال‬
‫عن بصره فنظر إلى جانب العرش فرأى أنوار النبي صلى ال عليه وآله‬
‫والئمة عليهم السلم فقال‪ :‬إلهي وسيدي أرى عدة أنوار حولهم ل يحصي‬
‫عدتهم إل أنت‪ ،‬قال‪ :‬يا إبراهيم ! هؤلء شيعتهم ومحبوهم‪ ،‬قال‪ :‬إلهي وبما‬
‫يعرف شيعتهم ومحبوهم ؟ قال‪ :‬بصلة الحدى والخمسين‪ ،‬والجهر ببسم‬
‫ال الرحمن الرحيم‪ ،‬والقنوت قبل الركوع‪ ،‬وسجدة الشكر والتختم باليمين‬
‫)‪ .(1‬أقول‪ :‬تمامه في باب نص ال على الئمة عليهم السلم )‪- 29 .(2‬‬
‫تفسير فرات بن ابراهيم‪ :‬عن يحيى بن زياد رفعه‪ ،‬عن عمرو بن شمر‬
‫قال‪ :‬سألت جعفر بن محمد عليهما السلم أني أؤم قومي فأجهر ببسم ال‬
‫الرحمن الرحيم ؟ قال‪ :‬نعم حق فاجهر بها قد جهر بها رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله‪ .‬ثم قال‪ :‬إن رسول ال صلى ال عليه وآله كان من أحسن الناس‬
‫صوتا بالقرآن‪ ،‬فإذا قام من الليل يصلي جاء أبو جهل والمشركون‬
‫يستمعون قراءته‪ ،‬فإذا قال‪) :‬بسم ال الرحمن الرحيم( وضعوا أصابعهم‬
‫في آذانهم وهربوا فإذا فرغ من ذلك جاؤوا فاستمعوا‪ ،‬وكان أبو جهل‬
‫يقول‪ :‬إن ابن أبي كبشة ليردد اسم ربه إنه ليحبه‪ ،‬فقال جعفر‪ :‬صدق وإن‬
‫كان كذوبا‪ .‬قال‪ :‬فأنزل ال )وإذا ذكرت ربك في القرآن وحده ولوا على‬
‫أدبارهم نفورا( وهو بسم ال الرحمن الرحيم )‪.(3‬‬
‫)‪ (1‬الروضة‪ ،34 :‬الفضائل‪ (2) .167 :‬راجع ج ‪ 36‬ص ‪ 214‬من هذه الطبعة‪(3) .‬‬
‫تفسير فرات‪[*] .85 :‬‬

‫]‪[85‬‬

‫)‪) " (25‬باب( " * " )التسبيح والقراءة في الخيرتين )‪ - 1 * " ((1‬السرائر‪:‬‬
‫نقل من كتاب النوادر لمحمد بن علي بن محبوب‪ ،‬عن العباس عن حماد‬
‫بن عيسى‪ ،‬عن معاوية بن عمار‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قلت‪:‬‬
‫الرجل يسهو عن القراءة في الركعتين الولتين فيذكر في الركعتين‬
‫الخيرتين أنه لم يقرأ‪،‬‬

‫)‪ (1‬ومن اليات المتعلقة بالباب قوله تعالى في سورة النصر‪) :‬إذا جاء نصر ال و‬
‫الفتح * ورأيت الناس يدخلون في دين ال أفواجا * فسبح بحمد ربك‬
‫واستغفره انه كان توابا( والظاهر من )إذا( الشرطية نزول السورة قبل‬
‫فتح مكة بل قبل نصرة المسلمين على قريش في غزوة الحزاب كأنه‬
‫يقول عزوجل‪ :‬إذا نصرك ال على قريش في غزوة الحزاب ثم أتاك‬
‫الفتح فتح مكة ثم رأيت الناس يدخلون في دين ال أفواجا وفدا وفدا كما‬
‫جاءه الوفود مسلمين في سنة التسع‪ ،‬فحينئذ فاعلم أن أمرك قد دنا‬
‫للتمام فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان توابا‪ .‬وقوله عزوجل‪) :‬فسبح‬
‫بحمد ربك واستغفره( أمر غير مستقل من المتشابهات بأم الكتاب‪ ،‬ولذلك‬
‫بعد ما حصل الشرائط الثلثة في سنة التسع‪ ،‬وآن لرسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله أن يمتثل أمر هذه الية أوله إلى ركعات السنة السبعة الداخلة‬
‫في الفرائض‪ ،‬فسبح ال عزوجل فيها وحمده ثم استغفره‪ ،‬بدل عن قراءة‬
‫الفاتحة وحدها‪ .‬ولما كان رسول ال صلى ال عليه وآله يخافت بهذه‬
‫الركعات السبعة‪ ،‬لم يشتهر عند العامة أمر التسبيح بدل القراءة‪ ،‬ولذلك‬
‫أوجب أحمد والشافعي من العامة قراءة الفاتحة في الخيرتين وأوجبها‬
‫مالك في ثلث ركعات وجوز التسبيح في الرابعة فقط‪ ،‬وأبو حنيفة خير‬
‫بين الفاتحة والتسبيح‪ ،‬وجوز السكوت أيضا كأنه توهم أن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله كان يسكت عند القيام للخيرتين والظاهر أن رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله كان يقرء بفاتحة الكتاب حتى جاء سنة تسع‬
‫فانتقل إلى التسبيح والتحميد‪ ،‬واللزم علينا القتداء بسنته ال حدث‬
‫فالحدث‪[*] = = .‬‬

‫]‪[86‬‬
‫قال‪ :‬أتم الركوع والسجود ؟ قلت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬إني أكره أن أجعل آخر صلتي أولها )‬
‫‪ .(1‬بيان‪ :‬أي ل يقرء أصل بل يسبح‪ ،‬فان القراءة للوليين والتسبيح‬
‫للخيرتين أو ل يقرء الحمد والسورة معا‪ ،‬وسيأتي ما يؤيد الخير‪- 2 .‬‬
‫الحتجاج‪ :‬فيما كتب محمد بن عبد ال الحميري إلى القائم عليه السلم‬
‫سأله عن الركعتين الخيرتين قد كثرت فيهما الروايات‪ ،‬فبعض يرى أن‬
‫قراءة الحمد وحدها أفضل‪ ،‬وبعض يرى أن التسبيح فيهما أفضل‪ ،‬فالفضل‬
‫ليهما لنستعمله ؟ فأجاب عليه السلم‪ :‬قد نسخت قراءة ام الكتاب في‬
‫هاتين الركعتين التسبيح‪ ،‬والذي نسخ التسبيح قول العالم عليه السلم كل‬
‫صلة ل قراءة فيها فهي خداج‪ ،‬إل للعليل أو من يكثر عليه السهو فيتخوف‬
‫بطلن الصلة عليه )‪ - 3 .(2‬السرائر‪ :‬نقل من كتاب حريز قال‪ :‬وهو من‬
‫جلة المشيخة عن زرارة قال‪ :‬قال أبو جعفر عليه السلم‪ :‬ل تقرأ في‬
‫الركعتين الخيرتين من الربع الركعات المفروضات شيئا إماما كنت أو‬
‫غير إمام‪ ،‬قلت‪ :‬فما أقول فيهما ؟ قال‪ :‬إن كنت إماما فقل‪) :‬سبحان ال‬
‫والحمد ل ول إله إل ال( ثلث مرات ثم تكبر وتركع‪ ،‬وإن كنت خلف إمام‬
‫)‪ (3‬فل تقرأ شيئا في الوليين وأنصت لقراءته‪ ،‬ول تقولن شيئا في‬
‫الخيرتين‪ ،‬فان ال عزوجل يقول للمؤمنين )وإذا قرئ القرآن( يعني في‬
‫الفريضة خلف المام )فاستمعوا‬

‫= = فبحكم الية الكريمة يجب علينا وجوبا غير ركني أن نسبح ال ونحمده ثم‬
‫نستغفره من ذنوبنا في هاتين الركعتين‪ ،‬كما أرشدنا بذلك علماء التأويل‬
‫من أهل بيت العصمة عليهم صلوات ال الرحمن‪ ،‬وسيمر عليك في الباب‬
‫أحاديث تؤيد ذلك بحول ال وقوته‪ (1) .‬السرائر‪ (2) .476 :‬الحتجاج‪:‬‬
‫‪ ،274‬لكنك قد عرفت أن المنسوخ هو قراء الفاتحة وسيعود الكلم فيه‪) .‬‬
‫‪ (3‬يعنى اماما من أئمة الجمهور جيث يقرؤن في كل الركعات بفاتحة‬
‫الكتاب = ]*[‬

‫]‪[87‬‬

‫له وأنصتوا لعلكم ترحمون( والخريان تبع الوليين )‪ .(1‬قال زرارة‪ :‬قال أبو جعفر‬
‫عليه السلم‪ :‬كان الذي فرض ال على العباد من الصلة عشرا فزاد رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله سبعا وفيهن السهو وليس فيهن قراءة‪ ،‬فمن شك‬
‫في الوليين أعاد حتى يحفظ‪ ،‬ويكون على يقين‪ ،‬ومن شك في الخريين‬
‫عمل بالوهم )‪ .(2‬بيان‪ :‬روى ابن إدريس هذا الخبر من كتاب حريز في‬
‫باب كيفية الصلة‪ ،‬و زاد فيه بعد ل إله إل ال )وال أكبر( ورواه في آخر‬
‫الكتاب في جملة ما استطرفه من كتاب حريز ولم يذكر فيه التكبير‪ ،‬والنسخ‬
‫المتعددة التي رأينا متفقة على ما ذكرنا ويحتمل أن يكون زرارة رواه على‬
‫الوجهين ورواهما حريز عنه في كتابه لكنه بعيد جدا‪ ،‬والظاهر زيادة‬
‫التكبير من قلمه ‪ -‬ره ‪ -‬أو من النساخ‪ ،‬لن ساير المحدثين رووا هذه‬
‫الرواية بدون التكبير‪ ،‬وزاد في الفقيه )‪ (3‬وغيره بعد التسبيحات )تكملة‬
‫تسع تسبيحات( ويؤيده أنه نسب في المعتبر وفي التذكرة القول بتسع‬
‫تسبيحات إلى حريز وذكرا هذه الرواية‪ - 4 .‬العلل‪ :‬عن حمزة بن محمد‬
‫العلوي‪ ،‬عن علي بن إبراهيم‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن علي بن معبد‪ ،‬عن الحسين‬
‫بن خالد‪ ،‬عن محمد بن أبي حمزة قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬لي‬
‫شئ صار التسبيح في الخيرتين أفضل من القراءة ؟ قال‪ :‬لنه لما كان في‬
‫الخيرتين ذكر ما يظهر من عظمة ال عزوجل فدهش‪ ،‬وقال‪) :‬سبحان ال‬
‫والحمد ل ول إله إل ال وال أكبر( فلذلك العلة صار التسبيح أفضل من‬
‫القراءة )‪.(4‬‬

‫= = فيجب عليك النصات في الوليين انصاتا لقراءته‪ ،‬وفى الخيرتين لنهم يفتون‬
‫بذلك ويجعلونهما تبعا للوليين‪ (1) .‬السرائر‪ 471 :‬و ‪ (2) .45‬السرائر‪:‬‬
‫‪ (3) .472‬فقيه من ل يحضره الفقيه ج ‪ 1‬ص ‪ (4) .256‬علل الشرايع ج‬
‫‪ 2‬ص ‪ ،12‬وهذا ذيل حديث تقدم في الباب السابق تحت الرقم‪[*] .11 :‬‬

‫]‪[88‬‬

‫ومنه‪ :‬عن عبد الواحد بن عبدوس‪ ،‬عن علي بن محمد بن قتيبة‪ ،‬عن الفضل بن‬
‫شاذان فيما رواه من العلل عن الرضا عليه السلم قال‪ :‬فان قال‪ :‬فلم جعل‬
‫القراءة في الركعتين الولتين والتسبيح في الخيرتين ؟ قيل‪ :‬للفرق بين ما‬
‫فرضه ال عزوجل من عنده وبين ما فرضه من عند رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله )‪ - 5 .(1‬المعتبر‪ :‬روى زرارة قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه‬
‫السلم عن الخيرتين من الظهر ؟ قال‪ :‬تسبح وتحمد ال وتستغفر لذنبك )‬
‫‪ - 6 .(2‬الهداية‪ :‬سبح في الخراوين إماما كنت أو غير إمام‪ ،‬تقول‪:‬‬
‫)سبحان ال والحمد ل ول إله إل ال( وفي الثالثة وال أكبر ثم تكبر‬
‫وتركع )‪ - 7 .(3‬العيون‪ :‬عن تميم بن عبد ال القرشي‪ ،‬عن أحمد بن على‬
‫النصاري‪ ،‬عن رجاء بن أبي الضحاك أنه صحب الرضا عليه السلم من‬
‫المدينة إلى مرو فقال‪ :‬كان يسبح في الخراوين يقول‪) :‬سبحان ال والحمد‬
‫ل ول إله إل ال( ثلث مرات ثم يركع )‪ .(4‬بيان‪ :‬في بعض النسخ زيد في‬
‫آخرها )وال أكبر( والموجود في النسخ القديمة المصححة كما نقلنا بدون‬
‫التكبير‪ ،‬والظاهر أن الزيادة من النساخ تبعا للمشهور‪ .‬ثم اعلم أنه ل‬
‫خلف بين الصحاب في جواز التسبيحات بدل الحمد في الخيرتين من‬
‫الرباعية وثالثة المغرب‪ ،‬ونقل جماعة عليه الجماع‪ ،‬والخبار بذلك‬
‫مستفيضة بل متواترة‪ ،‬واختلف في مقدارها‪ ،‬فقال الشيخ في النهاية‬
‫والقتصاد‪ :‬إنها ثلث مرات )سبحان ال والحمد ل ول إله إل ال وال‬
‫أكبر( فتكون اثنتي عشرة تسبيحة‪ ،‬وهو‬

‫)‪ (1‬علل الشرايع ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .249‬المعتبر ص ‪ 171‬ووجه الحديث ما أشرنا‬


‫إليه من قوله تعالى‪) :‬فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان توابا(‪(3) .‬‬
‫الهداية ص ‪ 31‬ط السلميه‪ (4) .‬عيون الخبار ج ‪ 2‬ص ‪[*] .182‬‬

‫]‪[89‬‬

‫المنقول عن ظاهر ابن أبي عقيل غير أنه قال‪ :‬يقول سبعا أو خمسا وأدناه ثلث‪.‬‬
‫ونقل عن السيد رضي ال عنه أنها عشر تسبيحات بحذف التكبير في‬
‫الوليين دون الثالثة وهو مختار الشيخ في المبسوط والجمل وابن البراج‬
‫وسلر‪ .‬وذهب المفيد والشيخ في الستبصار وجماعة إلى وجوب الربع‬
‫على الترتيب المذكورة مرة‪ ،‬وذهب ابن بابويه إلى أنها تسعة بحذف‬
‫التكبير في الثلث وأسنده في المعتبر والتذكرة و الذكرى إلى حريز بن عبد‬
‫ال السجستاني من قدماء الصحاب‪ ،‬وهو منسوب إلى أبي الصلح‪ ،‬لكن‬
‫العلمة في المنتهى نسب إليه القول بثلث تسبيحات وقال ابن إدريس‬
‫يجزي المستعجل أربع وغيره عشر‪ ،‬ونقل عن ابن الجنيد أنه قال‪ :‬والذي‬
‫يقال في مكان القراءة تحميد وتسبيح وتكبير يقدم ما شاء‪ .‬وقال في‬
‫المعتبر بعد إيراد الروايات التي بعضها يدل على إجزاء مطلق الذكر‪:‬‬
‫الوجه جواز الكل وقال في الذكرى‪ :‬ذهب صاحب البشرى جمال الدين ابن‬
‫طاووس إلى إجزاء الجميع‪ ،‬فيظهر منهما الكتفاء بمطلق الذكر‪ ،‬وقواه في‬
‫الذكرى‪ ،‬وقال العلمة في المنتهى القرب عدم وجوب الستغفار‪ ،‬وهو‬
‫مشعر بوجود القول بوجوبه‪ ،‬وقال سيد المحققين في المدارك‪ :‬الولى‬
‫الجمع بين التسبيحات الربع والستغفار وإن كان الكل مجزيا إنشاء ال‪.‬‬
‫أقول‪ :‬والذي يظهر لي من مجموع الخبار جواز الكتفاء بمطلق الذكر ثم‬
‫الفضل اختيار التسع‪ ،‬لنه أكثر وأصح أخبارا‪ ،‬وهو مختار قدماء‬
‫المحدثين النسين بالخبار‪ ،‬المطلعين على السرار‪ :‬كحريز والصدوق‬
‫قدس ال روحهما‪ ،‬ثم الربع مرة لما رواه الكليني والشيخ )‪ (1‬عن محمد‬
‫بن إسماعيل‪ ،‬عن الفضل بن شاذان‪ ،‬عن حماد‪ ،‬عن حريز‪ ،‬عن زرارة‬
‫قال‪ :‬قلت لبي جعفر عليه السلم‪ :‬ما يجزي من القول في الركعتين‬
‫الخيرتين ؟ قال‪ :‬أن يقول‪) :‬سبحان ال والحمد ل ول إله إل ال وال‬
‫أكبر( ويكبر ويركع‪ ،‬ول يضر جهالة محمد بن إسماعيل لكونه من مشايخ‬
‫إجازة كتاب الفضل ولتأيدها بالخبار الكثيرة الدالة على إجزاء مطلق‬
‫الذكر‪.‬‬
‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 3‬ص ‪ ،319‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪ 162‬باسناده عن الكليني‪[*] .‬‬

‫]‪[90‬‬

‫والفضل ضم الستغفار إلى أيهما اختار‪ ،‬لدللة بعض الخبار المعتبرة عليه فقد‬
‫روى الشيخ في الصحيح عن عبيد بن زرارة قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه‬
‫السلم عن الركعتين الخيرتين من الظهر‪ ،‬قال تسبح وتحمد ال وتستغفر‬
‫لذنبك‪ ،‬وإن شئت فاتحة الكتاب فانها تحميد ودعاء )‪ (1‬وقد مر مثله من‬
‫المعتبر )‪ (2‬برواية زرارة‪ ،‬ويحتمل اتحادهما والشتباه في الراوي‪،‬‬
‫والدعاء الذي ورد في بعض الروايات يمكن حمله على الستغفار‪ .‬وأما‬
‫العشرة فلم أر رواية تدل عليها‪ ،‬وربما يتوهم ذلك من رواية زرارة‬
‫المتقدمة ول يخفى وهنه فانه ظاهر أن التكبير للركوع‪ ،‬ولعلهم جمعوا‬
‫بذلك بين روايتي الربع والتسع‪ ،‬وليكونوا عاملين بهما‪ ،‬وإن كانوا من‬
‫جهة غير عاملين بشئ منهما‪ ،‬وكذا الثنتي عشرة لم أقف لها على رواية‬
‫سوى ما سيأتي في فقه الرضا عليه السلم وخبر زرارة على ما نقله ابن‬
‫إدريس في موضع وخبر ابن أبي الضحاك وقد عرفت حالهما والشتباه‬
‫فيهما ويمكن الكتفاء بما سيأتي مع تأيده بالشهرة العظيمة بين الصحاب‬
‫لثبات الستحباب‪ ،‬مع أنه فرد كامل لفراد مطلق الذكر‪ ،‬وموافق للحتياط‪،‬‬
‫فالعمل به ل يبعد عن الصواب‪ .‬واستدل لبن الجنيد بما رواه الشيخ في‬
‫الصحيح )‪ (3‬عن عبيدال بن علي الحلبي‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم‬
‫قال‪ :‬إذا قمت في الركعتين ل تقرأ فيهما فقل الحمد ل وسبحان ال وال‬
‫أكبر‪ ،‬وهذا مما يؤيد ما اخترنا من إجزاء مطلق الذكر‪ ،‬وقال المحقق ‪ -‬ره‬
‫‪ -‬في المعتبر بعد إيراد هذه الرواية‪ :‬ل تقرأ ليس نهيا بل هي بمعنى‬

‫)‪ (1‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪ 162‬وقد عرفت الوجه في ذلك‪ ،‬وأما قوله )وان شئت فاتحة‬
‫الكتاب فانها تحميد ودعاء( يفيد بتعليله أنها غير مجزية‪ ،‬فان الفاتحة‬
‫وان تضمنت الحمد والدعاء لكنها ل تتضمن التسبيح والستغفار‪،‬‬
‫والظاهر حمل الحديث على التقية لكونه فتوى أبى حنيفة‪ (2) .‬مضى‬
‫تحت الرقم‪ (3) .5 :‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪[*] .162‬‬

‫]‪[91‬‬

‫غير‪ ،‬كأنه قال‪ :‬غير قاري‪ ،‬انتهى وهو ظاهر‪ ،‬والفاء تدل عليه لدخولها على‬
‫الجزاء غالبا‪ .‬ومما يؤيد التوسعة ما رواه الكليني في الحسن )‪ (1‬عن‬
‫زرارة‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم في جملة حديث قال‪ :‬فزاد النبي صلى‬
‫ال عليه وآله في الصلة سبع ركعات هي سنة ليس فيهن قراءة‪ ،‬إنما هو‬
‫تسبيح وتهليل وتكبير ودعاء‪ .‬وما رواه الصدوق بسند ل يخلو من قوة عن‬
‫أبي بصير )‪ (2‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬أدنى ما يجزي من القول‬
‫في الركعتين الخيرتين ثلث تسبيحات يقول‪ :‬سبحان ال سبحان ال‬
‫سبحان ال‪ .‬وما رواه الشيخ بسند فيه جهالة )‪ (3‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬إن شئت فاقرأ فاتحة الكتاب‪ ،‬وإن شئت فاذكر ال‪ .‬ثم اعلم أنهم‬
‫اختلفوا في أفضلية التسبيح أو القراءة في الخيرتين فذهب الصدوق وابن‬
‫أبي عقيل وابن إدريس إلى أفضلية التسبيح مطلقا وظاهر الشيخ في أكثر‬
‫كتبه المساواة‪ ،‬ويظهر من الستبصار التخيير للمنفرد‪ ،‬وأفضلية القراءة‬
‫للمام‪ ،‬ونقل عن ابن الجنيد أنه قال‪ :‬يستحب للمام التسبيح إذا تيقن أنه‬
‫ليس معه مسبوق‪ ،‬وإن علم دخول المسبوق أو جوزه قرأ ليكون ابتداء‬
‫الصلة للداخل بقراءة يقرء فيها‪ ،‬والمنفرد يجزيه مهما فعل‪ .‬وقال العلمة‬
‫في المنتهى‪ :‬الفضل للمام القراءة‪ ،‬وللمأموم التسبيح‪ ،‬وقواه في التذكرة‪،‬‬
‫وهذا القول ل يخلو من قوة إذ به يجمع بين أكثر الخبار‪ ،‬وإن كان بعض‬
‫الخبار يأبى عنه‪ ،‬وذهب جماعة من محققي المتأخرين إلى ترجيح‬
‫التسبيح مطلقا وحملوا الخبار الدالة على أفضلية القراءة للمام أو مطلقا‬
‫على التقية‪ ،‬لن الشافعي وأحمد يوجبان القراءة في الخيرتين‪ ،‬ومالكا‬
‫يوجبها في ثلث ركعات من‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 3‬ص ‪ (2) .273‬الفقيه ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .256‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪.162‬‬
‫]*[‬

‫]‪[92‬‬

‫الرباعية‪ ،‬وأبا حنيفة خير بين الحمد والتسبيح‪ ،‬وجوز السكوت‪ ،‬ويرد عليه أن‬
‫التخيير مع أفضلية القراءة أو التفصيل بين المام والمنفرد مما لم يقل به‬
‫أحد من العامة‪ ،‬فل تقبل الحمل على التقية نعم يمكن حمل أخبار التسوية‬
‫المطلقة على التقية لقول أبي حنيفة بها ويمكن ترجيح القراءة بقوله‬
‫تعالى‪) :‬فاقرؤا ما تيسر من القرآن( وربما يرجح بما ورد في فضيلة‬
‫الفاتحة‪ ،‬وبأنه ل خلف في كيفيتها وعددها بخلف التسبيح‪ ،‬وبرواية‬
‫الحميري مع قوة سندها لنه يظهر من الشيخ في الغيبة )‪ (1‬والتهذيب أنها‬
‫منقولة بأسانيد معتبرة مع ما ورد من قولهم عليهم السلم‪ :‬خذوا بالحدث‪.‬‬
‫فان قيل يرد عليها وجوه من الشكال‪ :‬الول أن النسخ بعد زمن الرسول‬
‫صلى ال عليه وآله ل وجه له )‪ (2‬الثاني أن الخبر يدل على عدم صحة‬
‫صلة ل فاتحة فيها أصل‪ ،‬ل إذا لم يقرأ بها في الخيرتين )‪ (3‬الثالث‬
‫مخالفته لساير الخبار الصحيحة والمعتبرة )‪.(4‬‬
‫)‪ (1‬ل يوجد هذا التوقيع في غيبة الشيخ‪ ،‬ول في التهذيب‪ ،‬ولذلك لم يخرجه الشيخ‬
‫الحر العاملي في وسائله ال عن الحتجاج‪ ،‬ول استدرك عليه العلمة‬
‫النوري في مستدركه والمؤلف نفسه قدس سره حيث ذكر التوقيعات في‬
‫ج ‪ 53‬ص ‪ 198 - 150‬لم يخرجه ال عن الحتجاج‪ ،‬وكيف كان الخبر‬
‫مرسل في الحتجاج ضعيف بالكتابة محمول على التقية لذلك‪ ،‬فان التقاء‬
‫في الكتابة والتوقيع أكثر كما هو واضح‪ ،‬وسيأتى مزيد توضيح لذلك‪(2) .‬‬
‫وسيأتى أن المر بالعكس‪ (3) ،‬هذا إذا كان الحتجاج بالخبر المروى عن‬
‫العالم )كل صلة ل قراءة فيها فهى خداج( واما إذا احتج بخبر التوقيع‬
‫ومتنه )قد نسخت قراءة أم الكتاب في هاتين الركعتين ‪ -‬يعنى الخيرتين ‪-‬‬
‫التسبيح( فل وجه لهذا الكلم‪ (4) .‬بل هذا التوقيع بذيله يخالف صدره‬
‫حيث يستثنى ويقول‪) :‬ال للعليل أو من يكثر عليه السهو فيتخوف بطلن‬
‫الصلة عليه( ول وجه لهذا الستثناء من حيث العتبار‪ ،‬ولم يرد به‬
‫رواية عن الئمة المعصومين‪ ،‬ول قال به أحد من الفقهاء‪ .‬كما هو‬
‫واضح‪ .‬والظاهر عندي أن ابن روح قده اتقى في صدر هذا الفتوى وأفتى‬
‫بفتوى الجمهور تقية‪ ،‬ثم استدرك الحق في ذيله وقال‪) :‬ال للعليل( الخ‬
‫حتى يعرف العارف أنه ل يوجب قراءة = ]*[‬

‫]‪[93‬‬

‫ويمكن أن يجاب عن الول بأن المراد بالعالم الرسول صلى ال عليه وآله لنها‬
‫مروية عنه عليه السلم )‪ (1‬كما مر نقل من المجازات النبوية‪ ،‬وإن كان‬
‫المراد بالعالم غيره فهو رواه عنه صلى ال عليه وآله والنسخ إنما وقع‬
‫في زمانه‪ ،‬فيكون الخبار الواردة في التسبيح لبيان الحكم المنسوخ )‪(2‬‬
‫ويحتمل أن يكون المراد بنسخ التسبيح نسخ أفضليته لئل يلزم طرح جميع‬
‫أخبار التسبيح‪.‬‬

‫= = الفاتحة‪ ،‬وال فالعليل الذى يتمكن من قراءة التسبيحات المعروفة كيف ل‬


‫يتمكن من قراءة الفاتحة ؟ وكيف يكثر السهو من قراءة الفاتحة ول يكثر‬
‫من التسبيحات ؟ مع أن السهو في الركعتين الخيرتين يمكن تداركه‬
‫مطلقا لكونهما سنة في فريضة يجوز الوهم فيهما‪ .‬وقد كان رحمه ال‬
‫يستعمل التقية شديدا‪ ،‬كما مر شطر من سيرته في باب أحوال السفراء ج‬
‫‪ 51‬ص ‪ 357 - 356‬نقل من كتاب الغيبة للشيخ الطوسى قدس سره ص‬
‫‪ ،251 - 250‬ولذلك ترى أنه يستدل في فتواه ذلك بما ل يروى ال من‬
‫طرق الجمهور‪ ،‬ويحتج بالحديث على الوجه الذى يحتجون به على ما‬
‫ستعرف‪ (1) .‬هذا هو المتعين وقد أشرنا في ج ‪ 53‬ص ‪ 167‬أن المراد‬
‫بالعالم في توقيعه هذا )وقد تكرر ثلث مرات عند المسألة ‪ 24‬و ‪26‬‬
‫وهذه المسألة ‪ (22‬هو رسول ال صلى ال عليه وآله والحديث هذا رواه‬
‫الجمهور في كتبهم كأبى داود في سننه ج ‪ 1‬ص ‪ 88‬وأخرجه السيوطي‬
‫في الجامع الصغير عن مسند أحمد والسنن الكبرى للبيهقي‪ ،‬وأخرجه في‬
‫مشكاة المصابيح ص ‪ 68‬وقال‪ :‬متفق عليه‪ ،‬وأما من طرقنا فلم ينقل في‬
‫واحد منها وانما نقلوه من كتب الجمهور نقل مرسل كما نقله السيد في‬
‫المجازات النبوية وقد مر في ص ‪ 11‬من هذا المجلد‪ (2) .‬بل قد عرفت‬
‫أن المر بالعكس‪ ،‬حيث نسخت قراءة أم الكتاب بالتسبيح بعد نزول قوله‬
‫تعالى‪) :‬فسبح بحمد ربك واستغفره انه كان توابا(‪ .‬على أنه كيف يقول‬
‫شيعي بأن أئمة أهل البيت عليهم السلم لم يعرفوا الناسخ من المنسوخ‬
‫حتى أمروا شيعتهم بالتسبيح المنسوخ في غير واحد من رواياتهم‬
‫وفتاواهم ؟ وعندي أنه قدس سره أشار ببطلن هذا النسخ إلى بطلن‬
‫الفتوى وكونه صادرا على وجه التقية‪[*] .‬‬

‫]‪[94‬‬

‫وعن الثاني بأنه عليه السلم علم أن مراد الرسول صلى ال عليه وآله اشتمال كل‬
‫ركعة منها على الفاتحة )‪ (1‬والظهر عندي حمله على قراءة المام إذا‬
‫علم أن معه مسبوقا أو مطلقا لحتمال ذلك )‪ (2‬لئل يكون قراءة المسبوق‬
‫بالركعتين بغير فاتحة الكتاب إذا قرأ‬

‫)‪ (1‬احتج المخالفون بالحديث النبوى على أن قراءة الفاتحة واجب في كل ركعة‬
‫أخذا بالطلق وغاية ما يمكن لتوجيه احتجاجهم أن كل ركعة في حد ذاتها‬
‫صلة تامة بركوعها وسجودها ال أن الركعة قد تنفرد وحدها كما في‬
‫الوتر وركعة الحتياط وقد تضم إليها ركعة أو ركعات‪ ،‬فكما ل يقتصر‬
‫بقراءة الفاتحة في الركعة الولى عن الثانية فهكذا في الثانية والرابعة‪.‬‬
‫وهذا الحتجاج ساقط على مذهبنا حيث ان اطلق الحديث لو سلم فقد كان‬
‫على اطلقه إلى سنة تسع وبعدها نسخت القراءة بقوله عزوجل )فسبح‬
‫بحمد ربك واستغفره انه كان توابا( وعلى المستدل بالحديث أن يأتي‬
‫بشاهد يشهد أنه صلى ال عليه وآله قال ذلك بعد سنة تسع في أواخر‬
‫عمره الشريف‪ ،‬وأنى له بالثبات ؟‪ .‬بل النسخ والتقييد مروى من طريق‬
‫أهل السنة أيضا على ما نقله في المعتبر ص ‪ 171‬عن على عليه السلم‬
‫أنه قال‪) :‬اقرء في الوليين وسبح في الخيرتين( ولذلك اختلف فقهاء‬
‫الجمهور على ما عرفت‪ (2) .‬هذا إذا كان على المام الجهر بالقراءة في‬
‫الخيرتين وأما بعد أنه ل يجهر بالقراءة فيهما اجماعا واتفاقا‪ ،‬فل معنى‬
‫لتحمل المام عن المأموم حيث ل انصات‪ ،‬على أن المسلم في محله اتحاد‬
‫وظيفة المام مع المنفرد‪ ،‬فان امام الجماعة انما يصلى صلة نفسه وانما‬
‫هو على المأموم أن يتحفظ على وظيفة نفسه في صلته ويراعى وظائف‬
‫الجماعة أيضا بالمتابعة و غيرها‪ ،‬فل وجه لهذا الحمل ول لهذا الفتوى‪.‬‬
‫وأما الحاديث الواردة في ذلك‪ ،‬فانما وردت تقية حيث كان شيعتهم عليهم‬
‫السلم في ذاك الظرف مبتلين بالحضور في جماعاتهم والعمل بفتاواهم‬
‫ظاهرا‪ ،‬ولذلك أفتى ابن روح في التوقيع تقية حيث كان يصل هذا الحكم‬
‫من الحميرى إلى جماعة الشيعة ويعملون به جهارا‪ ،‬وال لم نجوز حمل‬
‫الخبر على التقية بمعنى اتقاء الشيخ ابن روح قدس ال سره أن = ]*[‬

‫]‪[95‬‬

‫في الخيرتين التسبيح‪ ،‬ويمكن حمله على المسبوق كذلك فيكون موافقا لقول من‬
‫قال بتعين القراءة أو أولويتها له كما ستعرف ومن هذين الوجهين يعرف‬
‫الجواب عن الثالث ويمكن حمله على التقية أيضا‪ .‬ولننبه على أحكام‬
‫ضرورية في ذلك تعم البلوى بها‪ :‬الول‪ :‬من نسي القراءة في الوليين‪،‬‬
‫هل تتعين عليه القراءة في الخيرتين ؟ فالمشهور أن التخيير بحاله‪ ،‬وقال‬
‫الشيخ في المبسوط بأولوية القراءة حينئذ‪ ،‬وظاهره في الخلف تعين‬
‫القراءة والخبار في ذلك مختلفة‪ ،‬ولعل بناء التخيير أقوى‪ ،‬ول يبعد كون‬
‫القراءة له أفضل‪ ،‬لما رواه الشيخ )‪ (1‬بسند مرسل عن أبي جعفر عليه‬
‫السلم قال‪ :‬قال لي‪ :‬أي شئ يقول هؤلء في الرجل إذا فاتته مع المام‬
‫ركعتان ؟ قال‪ :‬يقولون يقرء في الركعتين بالحمد وسورة‪ ،‬فقال‪ :‬هذا يقلب‬
‫صلته فيجعل أولها آخرها ؟ فقلت‪ :‬فكيف يصنع ؟ قال‪ :‬يقرء بفاتحة‬
‫الكتاب في كل ركعة‪ .‬الثاني‪ :‬هل يجب الخفات في التسبيحات ؟ قيل‪ :‬نعم‪،‬‬
‫تسوية بين البدل و المبدل‪ ،‬كما اختاره الشهيد ‪ -‬ره ‪ -‬وقيل‪ :‬ل‪ ،‬وإليه ذهب‬
‫ابن إدريس والول أحوط والثاني أقوى‪ ،‬ويدل بعض الخبار ظاهرا على‬
‫رجحان الجهر ولم أر به قائل‪ .‬الثالث‪ :‬المشهور أنه لو شك في عدده بنى‬
‫على القل تحصيل للبراءة اليقينية وهو قوي‪.‬‬

‫= = يظهر المخالفون على توقيعه ذلك ويعرفوا فتواه على خلفهم فيؤذوه‪ .‬وذلك‬
‫لنه يفتى في المسألة ‪ 6‬من هذا التوقيع بجواز المتعة وفى المسألة ‪11‬‬
‫بوضع تربة الحسين عليه السلم مع الميت وفى المسألة ‪ 14‬و ‪13‬‬
‫بجواز اتخاذ السبحة للتسبيح و اللوح للسجدة من طين قبره وهو شرك‬
‫عندهم وفى المسألة ‪ 15‬بأن الصلة أمام قبر المام غير جائزة بل يصلى‬
‫خلفه أو يمينه أو يساره ول يتقدم عليه وفى المسألة ‪ 27‬يفتى بسقوط‬
‫آجل المهر بعد الزفاف وهو قول أهل البيت عليهم السلم وفى المسألة‬
‫‪ 29‬يفتى بالمسح على الرجلين‪ ،‬وهكذا‪ (1) .‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪[*] .259‬‬
‫]‪[96‬‬

‫‪ - 8‬فقه الرضا‪ :‬قال عليه السلم‪ :‬واقرء في الركعتين الخرتين إن شئت الحمد‬
‫وحده‪ ،‬وإن شئت سبحت ثلث مرات )‪ .(1‬وقال عليه السلم في موضع‬
‫آخر‪ :‬تقرء فاتحة الكتاب وسورة في الركعتين الوليين وفي الركعة‬
‫الخراوين الحمد وحده‪ ،‬وإل فسبح فيها ثلثا ثلثا تقول‪) :‬سبحان ال‬
‫والحمد ل ول إله إل ال وال أكبر( تقولها في كل ركعة منها ثلث مرات )‬
‫‪ - 9 (2‬جمال السبوع‪ :‬باسناده الصحيح عن محمد بن الحسن الصفار‪،‬‬
‫عن إبراهيم ابن هاشم‪ ،‬عن أبي عبد ال البرقي يرفعه إلى أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬قال له رجل‪ :‬جعلت فداك أخبرني عن قول ال تبارك‬
‫وتعالى وما وصف من الملئكة )يسبحون الليل والنهار ل يفترون( )‪ (3‬ثم‬
‫قال‪) :‬إن ال وملئكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه‬
‫وسلموا تسليما( )‪ (4‬كيف ل يفترون وهم يصلون على النبي صلى ال‬
‫عليه وآله فقال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬إن ال تبارك وتعالى لما خلق‬
‫محمدا صلى ال عليه وآله أمر الملئكة فقال‪ :‬انقصوا من ذكري بمقدار‬
‫الصلة على محمد‪ ،‬فقول الرجل صلى ال على محمد في الصلة مثل قوله‬
‫سبحان ال والحمد ل ول إله إل ال وال أكبر )‪ .(5‬بيان‪ :‬يدل على جواز‬
‫الصلوة في جميع أحوال الصلة‪ ،‬وعلى أنها تجزي عن التسبيحات )‪(6‬‬
‫وأن المطلوب في الخيرتين الربع‪ ،‬وإن أمكن المناقشة في الخيرين‪.‬‬

‫)‪ (1‬فقه الرضا ص ‪ 8‬س ‪ (2) .16‬فقه الرضا ص ‪ 7‬س ‪ (3) ،34‬النبياء‪) .20 :‬‬
‫‪ (4‬الحزاب‪ (5) .56 :‬جمال السبوع‪ (6) .235 .‬وفى امالي الصدوق‪:‬‬
‫‪ :45‬قال الرضا عليه السلم‪ :‬الصلة على محمد وآله تعدل عند ال‬
‫عزوجل التسبيح والتهليل والتكبير‪[*] .‬‬

‫]‪[97‬‬

‫)‪) " * (26‬باب( " * * " )الركوع وأحكامه وآدابه وعلله( " * اليات‪ :‬البقرة‪:‬‬
‫واركعوا مع الراكعين )‪ .(1‬آل عمران‪ :‬مخاطبا لمريم عليها السلم‪:‬‬
‫واركعي مع الراكعين )‪ .(2‬الحج‪ :‬يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا )‪.(3‬‬
‫ص‪ :‬وخر راكعا وأناب )‪ .(4‬الواقعة‪ :‬فسبح باسم ربك العظيم )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬البقرة‪ .43 :‬والية توجب الجتماع للصلة ويكون الملك في ادراك الجماعة‬
‫الركوع‪ ،‬وسيجيئ البحث عنها في محله‪ (2) .‬آل عمران‪ ،43 :‬وتدل الية‬
‫على شرافة عظيمة لها حيث أمرها بالصلة جماعة‪ ،‬مع أنه ل جماعة‬
‫على النساء‪ ،‬فهى صلوات ال عليها أنثى وليس الذكر كالنثى‪(3) .‬‬
‫الحج‪ .77 :‬وتمامها‪) :‬واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون(‪ ،‬والية‬
‫من أمهات الكتاب توجب على المؤمنين عبادة الرب وهى الصلة‬
‫المفروضة ويبين كيفيتها بالركوع أول ثم السجود‪ ،‬ويسميها خير الفعال‬
‫كما نودى عليها بحى على خير العمل‪ (4) .‬ص‪ ،24 :‬ومعنى الخرور‪:‬‬
‫الوقوع على الرض من غير تمالك فالمراد هو السجود بعد الوصول إلى‬
‫هيئة الركوع واستقبال الرض بباطن الكفين كما عرفت في ج ‪ 84‬ص‬
‫‪ 193‬و ‪ ،195‬فالية ل تناسب الباب‪ (5) .‬الواقعة‪ 74 ،‬و ‪ ،96‬الحاقة‪:‬‬
‫‪ ،52‬والية من المتشابهات أولها رسول ال صلى ال عليه وآله إلى‬
‫ركوع الصلة‪ ،‬وصوره التسبيح )سبحان ربى العظيم وبحمده( على ما‬
‫سيجئ‪[*] .‬‬

‫]‪[98‬‬

‫المرسلت‪ :‬وإذا قيل لهم اركعوا ل يركعون * ويل يومئذ للمكذبين )‪ .(1‬تفسير‪:‬‬
‫)واركعوا مع الراكعين( قال الطبرسي ‪ -‬رحمه ال ‪ (2) -‬الركوع النحناء‬
‫والنخفاض في اللغة )‪ (3‬وقال ابن دريد الراكع الذي يكبو على وجهه‪،‬‬
‫ومنه‬

‫)‪ (1‬المرسلت‪ (2) .48 :‬مجمع البيان ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .97‬وأصل الركوع هو‬
‫النحناء‪ ،‬وهو بالنسبة إلى النسان ل يكون ال إلى القدام حيث ان قامته‬
‫يتكسر طبعا وخلقة بتكسر عجزه إلى خلف فيتحصل النحناء إلى قدام‪.‬‬
‫ولنحنائه حد محدود بالطبع والفطرة‪ ،‬وهو عندما يصل الكفان إلى‬
‫الركبتين حتى يردهما إلى خلف ويعتمد عليهما بثقل البدن ليستقر كل‬
‫عضو موضعه الفطري الطبيعي ويحصل الطمأنينة والستقرار طبعا‪.‬‬
‫ولول ذلك لكان تماسك ثقل البدن في الهواء بتجاذب أوتار العصاب‬
‫قسريا فيكون الركوع غير طبيعي كالذى يسجد ول يمكن جبهته من‬
‫الرض وانما يماسها بالرض بتماسك العصاب‪ ،‬أو يقوم على احدى‬
‫رجليه ويتكئ عليها بثقله ويجعل الخرى كالشلء تماس الرض من دون‬
‫اعتماد عليها‪ ،‬أو يقعد للتشهد ول يمكن اليتيه من الرض كالذى بمقعدته‬
‫دمل ل يقدر على القعود والجلوس المتعارف‪ .‬فكما أن القيام الطبيعي ل‬
‫يكون ال بالعتماد على الرجلين‪ ،‬والسجدة الطبيعية ل تكون ال بتقسيم‬
‫ثقله على مساجده السبعة كل مسجد بحسب حاله‪ ،‬والجلوس الطبيعي ل‬
‫يكون ال بتمكن الليتين من الرض ليحصل القرار والمنة طبعا وفطرة ل‬
‫قسرا فكذلك الركوع ل يكون طبيعيا ال بوضع كفيه على ركبتيه وردهما‬
‫إلى خلف ثم العتماد عليهما‪ ،‬وان التقم عين ركبتيه وهو أصل المفصل‬
‫بكفيه فهو أوفق بطبيعة الركوع كما هو ظاهر‪ .‬وقد مر شطر من هذا‬
‫البيان في بحث السجود ج ‪ 84‬ص ‪ ،196 - 194‬وأن النبي صلى ال‬
‫عليه وآله قال‪ :‬ان ابن آدم يسجد على سبعة أعظم بناء على انصراف‬
‫المر إلى الكيفية الطبيعية للمأمور به‪ ،‬ان شئت راجعه‪ .‬على أن المسلم‬
‫من سنة النبي صلى ال عليه وآله أنه كان يضع يديه على ركبتيه‬
‫ويردهما إلى خلف‪ ،‬و = = ]*[‬

‫]‪[99‬‬

‫الركوع في الصلة‪ ،‬وقال صاحب العين‪ :‬كل شئ ينكب لوجهه فيمس ركبتيه الرض‬
‫أو ل يمس بعد أن يطأطئ رأسه فهو راكع‪ .‬قال‪ :‬وإنما خص الركوع‬
‫بالذكر‪ ،‬وهو من أفعال الصلة بعد قوله‪) :‬وأقيموا الصلة( لحد وجوه‬
‫أحدها أن الخطاب لليهود‪ ،‬ولم يكن في صلتهم ركوع )‪ (1‬فكان الحسن‬
‫ذكر المختص دون المشترك لنه أبعد من اللبس‪ ،‬وثانيها أنه عبر بالركوع‬
‫عن الصلة لنه أول ما يشاهد من الفعال التي يستدل بها على أن النسان‬
‫يصلي فكأنه كرر ذكر الصلة تأكيدا‪ ،‬وثالثها أنه حث على صلة الجماعة‬
‫لتقدم ذكر الصلة في أول الية انتهى‪) .‬اركعوا واسجدوا( قيل أي صلوا‬
‫فانهما من أعظم أركانها‪ ،‬وافعلوهما فيها‪ ،‬كما رواه الشيخ )‪ (2‬في الموثق‬
‫عن سماعة قال‪ :‬سألته عن الركوع والسجود هل نزل في القرآن ؟ فقال‪:‬‬
‫نعم قول ال عزوجل‪) :‬يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا( الخبر وقيل‪:‬‬
‫كان الناس أول ما أسلموا يسجدون بل ركوع‪ ،‬ويركعون بل سجود‪،‬‬
‫فامروا أن تكون صلتهم بركوع وسجود‪) .‬وخر راكعا( قال الطبرسي )‪(3‬‬
‫أي صلى ل تعالى وأناب إليه‪ ،‬وقيل سقط ساجدا ل ورجع إليه‪ ،‬وقد يعبر‬
‫عن السجود بالركوع‪ ،‬قال الحسن إنما قال‪ :‬وخر راكعا لنه ل يصير ساجدا‬
‫حتى يركع‪.‬‬

‫= = لما كان هذه سنة في فريضة‪ ،‬كان الخذ بها هدى وتركها ضللة‪ ،‬وكل ضللة‬
‫في النار‪ ،‬فإذا ركع المصلى ولم يضع يديه على ركبتيه من دون عذر‪،‬‬
‫فأيا ما فعل‪ :‬وضع يديه على ظهره ! أو أرسلهما إلى الرض كهيئة الذى‬
‫يريد أن يأخذ شيئا من الرض ! أو قبضهما إلى صدره كالنساء ! ! أو‬
‫جعلهما إلى الذقان فهم مقمحون ! ! أيا ما فعل‪ ،‬فقد خرج عن السنة إلى‬
‫البدعة وكل بدعة ضللة وكل ضللة في النار‪ (1) .‬ويرد هذا قوله‬
‫عزوجل خطابا لمريم عليها السلم‪) :‬واركعى مع الراكعين( )‪ (2‬التهذيب‬
‫ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .155‬مجمع البيان ج ‪ 8‬ص ‪[*] .471‬‬

‫]‪[100‬‬
‫وقال في قوله تعالى‪) :‬فسبح باسم ربك العظيم( )‪ (1‬أي فبرئ ال تعالى مما يقولون‬
‫في وصفه‪ ،‬ونزهه عما ل يليق بصفاته‪ ،‬وقيل معناه قل سبحان ربي العظيم‬
‫)‪ (2‬فقد صح عن النبي صلى ال عليه وآله أنه لما نزلت هذه الية قال‪:‬‬
‫اجعلوها في ركوعكم انتهى‪ ،‬وروى الصدوق في الفقيه مرسل مثله )‪.(3‬‬
‫)وإذا قيل لهم اركعوا ل يركعون( قال الطبرسي‪ :‬أي صلوا ل يصلون قال‬
‫مقاتل‪ :‬نزلت في ثقيف حين أمرهم رسول ال صلى ال عليه وآله بالصلة‬
‫فقالوا ل ننحني فان ذلك مسبة علينا‪ ،‬فقال عليه السلم‪ :‬ل خير في دين‬
‫ليس فيه ركوع وسجود‪ ،‬وقيل إن المراد بذلك يوم القيامة حين يدعون إلى‬
‫السجود‪ ،‬فل يستطيعون‪ ،‬عن ابن عباس انتهى‪ .‬ثم اعلم أنه ل خلف في‬
‫وجوب الركوع في الصلة بل هو من ضروريات الدين ول خلف بين‬
‫الصحاب في كونه ركنا في الجملة )‪ (4‬وذهب الشيخ في المبسوط إلى أنه‬
‫ركن في الوليين وفي ثالثة المغرب دون غيرها وسيأتي تحقيقه‪- 1 .‬‬
‫المحاسن‪ :‬عن ابن فضال‪ ،‬عن ابن بكير‪ ،‬عن زرارة‪ ،‬عن أبي جعفر عليه‬
‫السلم قال‪ :‬بينا رسول ال صلى ال عليه وآله جالس في المسجد إذ دخل‬
‫رجل فقام يصلي فلم يتم ركوعه )‪ (1‬مجمع البيان ج ‪ 9‬ص ‪ (2) .224‬ال‬
‫أنه صلى ال عليه وآله زاد على لفظ الية قوله‪) :‬وبحمده( لسائر اليات‬
‫التى تأمره بأن يسبح بحمد ربه كما في غير واحد من اليات‪ (3) .‬الفقيه ج‬
‫‪ 1‬ص ‪ (4) .207‬بل هو ركن مطلقا إذا كانت الصلة حين حصول الطمأنينة‬
‫والمنة لقوله تعالى عزوجل )فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلة( على ما أشرنا‬
‫إليه في ج ‪ 84‬ص ‪ ،90‬والدليل على ركنيته قوله‪ :‬عزوجل في آية الحج‬
‫)اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم( وأوضح منه قوله‪ :‬عزوجل )انما وليكم‬
‫ال ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلة ويؤتون الزكاة وهم‬
‫راكعون( المائدة‪ ،55 :‬حيث يصرح بأن هذه الزكاة دفعت حين ركوع‬
‫الصلة‪ ،‬فالية من حيث الدللة على كون الركوع جزءا من الصلة من‬
‫أمهات الكتاب‪ ،‬فيكون ركنا مفروضا تبطل الصلة بتركها عمدا وسهوا‬
‫وجهل‪[*] .‬‬

‫]‪[101‬‬

‫ول سجوده‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬نقر كنقر الغراب‪ ،‬لئن مات هذا‬
‫وهكذا صلته ليموتن على غير ديني )‪ - 2 .(1‬أربعين الشهيد‪ :‬باسناده عن‬
‫شيخ الطائفة‪ ،‬عن أبي الحسن بن أحمد القمي‪ ،‬عن محمد بن الحسن بن‬
‫الوليد‪ ،‬عن محمد بن الحسن الصفار‪ ،‬عن يعقوب بن يزيد عن محمد بن‬
‫أبي عمير‪ ،‬عن عمر بن اذينة‪ ،‬عن زرارة مثله‪ .‬بيان‪ :‬يدل على وجوب‬
‫الطمأنينة بقدر الذكر في الركوع والسجود‪ ،‬وادعى عليه الجماع جماعة‪.‬‬
‫وذهب الشيخ في الخلف إلى أنها ركن )‪ (2‬والمشهور خلفه و هو‬
‫الصح‪ - 3 .‬العيون والعلل‪ :‬عن ابن عبدوس‪ ،‬عن ابن قتيبة‪ ،‬عن الفضل‬
‫فيما رواه من العلل عن الرضا عليه السلم قال‪ :‬فان قال‪ :‬فلم جعل التسبيح‬
‫في الركوع والسجود قيل‪ :‬لعلل منها أن يكون العبد مع خضوعه وخشوعه‬
‫وتعبده وتورعه واستكانته و تذل وتواضعه وتقربه إلى ربه مقدسا له‬
‫ممجدا مسبحا معظما شاكرا لخالقه و رازقه‪ ،‬فل يذهب به الفكر والماني‬
‫إلى غير ال )‪ .(3‬فان قال‪ :‬فلم جعل ركعة وسجدتين ؟ قيل‪ :‬لن الركوع من‬
‫فعل القيام‪ ،‬و السجود من فعل القعود‪ ،‬وصلة القاعد على النصف من‬
‫صلة القائم‪ ،‬فضوعف السجود ليستوي بالركوع‪ ،‬فل يكون بينهما تفاوت‬
‫لن الصلة إنما هي ركوع وسجود )‪ .(4‬وفي العلل بعد قوله‪) :‬لخالقه‬
‫ورازقه(‪) :‬وليستعمل التسبيح والتحميد كما‬

‫)‪ (1‬المحاسن ص ‪ (2) .79‬ل ريب في أن الطمأنينة في كل الصلة ركن لقوله‬


‫تعالى‪) :‬فإذا أمنتم فاذكروا ال كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون( وقوله‬
‫تعالى‪) :‬فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلة( على ما مر في ج ‪ 84‬ص ‪ 90‬وج‬
‫‪ 82‬ص ‪ ،314‬لكنها تنصرف إلى فرائض الصلة فل تجب ال في الركوع‬
‫والسجود لخطة يتحقق بها هيئة الركوع والسجود فقط‪ ،‬ل بمقدار الذكر‪.‬‬
‫)‪ (3‬عيون الخبار ج ‪ 2‬ص ‪ (4) .107‬عيون الخبار ج ‪ 2‬ص ‪[*] .108‬‬

‫]‪[102‬‬

‫استعمل التكبير والتهليل‪ ،‬وليشغل قلبه وذهنه بذكر ال‪ ،‬ولم يذهب به الفكر‬
‫والماني إلى غير ال( )‪ - 4 .(1‬قرب السناد‪ :‬عن عبد ال بن الحسن‪،‬‬
‫عن جده علي بن جعفر‪ ،‬عن أخيه موسى عليه السلم قال‪ :‬سألته عن‬
‫الرجل قرأ في ركوعه من سورة غير السورة التي كان يقرؤها‪ ،‬قال‪ :‬إن‬
‫كان فرغ فل بأس في السجود‪ ،‬وأما الركوع فل يصلح )‪ .(2‬كتاب المسائل‪:‬‬
‫لعلي بن جعفر عنه عليه السلم مثله وفيه قال‪ :‬إن نزع بآية فل بأس في‬
‫السجود )‪ .(3‬قال‪ :‬وسألته عن الرجل هل يصلح له أن يقرأ في ركوعه أو‬
‫سجوده الشئ يبقى عليه من السورة يكون يقرؤها ؟ قال‪ :‬أما في الركوع‬
‫فل يصلح‪ ،‬وأما في السجود فل بأس )‪ .(4‬بيان‪ :‬الفرق بين الركوع‬
‫والسجود في ذلك غير معهود في كلم الصحاب‪ ،‬و المشهور كراهة‬
‫القراءة فيهما مطلقا كما ورد النهي في ساير الخبار‪ ،‬ويمكن حمل هذا‬
‫على النافلة‪ ،‬والرواية الولى على ما في كتاب المسائل يمكن حملها على‬
‫استخراج ذكر من القرآن أو تسبيح سوى التسبيح المشهور فيقرؤه بدل‬
‫من التسبيح‪ ،‬بناء على إجزاء مطلق الذكر أو مطلق التسبيح‪ ،‬أو حمل هذا‬
‫على الجواز وأخبار المنع على الكراهة‪ ،‬ول يبعد حمل أخبار النهي على‬
‫التقية لشتهارها بين العامة‪ ،‬وكون رجالها في أكثرها رجال العامة‪،‬‬
‫والحوط الترك في الفريضة‪ .‬قال في المنتهى‪ :‬ل تستحب القراءة في‬
‫الركوع والسجود‪ ،‬وهو وفاق لما رواه علي عليه السلم أن النبي صلى‬
‫ال عليه وآله نهى عن قراءة القرآن في الركوع والسجود‪ ،‬رواه الجمهور‬

‫)‪ (1‬علل الشرائع ج ‪ 1‬ص ‪ 247‬و ‪ (2) .249‬قرب السناد ص ‪ 92‬ط حجر‪(3) .‬‬
‫المسائل ‪ -‬البحار ج ‪ 10‬ص ‪ (4) .283‬قرب السناد‪ 92 :‬ط حجر‪120 :‬‬
‫ط نجف‪ ،‬والمراد ما إذا بقى عليه بعض السورة‪ ،‬فيقرء باقيها في‬
‫السجود ل في الركوع‪[*] .‬‬

‫]‪[103‬‬

‫ولنها عبادة فتستفاد كيفيتها من صاحب الشرع عليه السلم‪ ،‬وقد ثبت أنه لم يقرأ‬
‫فيهما‪ ،‬فلو كان مستحبا لنقل فعله‪ .‬وقال‪ :‬يستحب أن يدعو في ركوعه لنه‬
‫موضع إجابة لكثرة الخضوع فيه‪ .‬وقال في الدروس‪ :‬تكره قراءة القرآن‬
‫في الركوع والسجود‪ ،‬وقال في الذكري‪ :‬كره الشيخ القراءة في الركوع‪،‬‬
‫وكذا يكره عنده في السجود والتشهد‪ ،‬وقد روى العامة عن علي عليه‬
‫السلم عن النبي صلى ال عليه وآله أنه قال‪ :‬أل إني نهيت أن أقرأ راكعا‬
‫أو ساجدا‪ ،‬و لعله ثبت طريقه عند الشيخ ‪ -‬ره ‪ -‬وقد روى في التهذيب‬
‫قراءة المسبوق مع التقية في ركوعه‪ ،‬وروى عن عمار )‪ (1‬عن الصادق‬
‫عليه السلم في الناسي حرفا من القرآن ل يقرؤه راكعا بل ساجدا‪- 5 .‬‬
‫العلل‪ :‬عن علي بن حاتم‪ ،‬عن إبراهيم بن علي‪ ،‬عن أحمد بن محمد‬
‫النصاري عن الحسين بن علي العلوي‪ ،‬عن أبي حكيم الزاهد‪ ،‬عن أحمد‬
‫بن عبد ال قال‪ :‬قال رجل لمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬يا ابن عم خير‬
‫خلق ال ما معنى مد عنقك في الركوع ؟ قال‪ :‬تأويله آمنت بوحدانيتك ولو‬
‫ضربت عنقي )‪ .(2‬ومنه‪ :‬عن علي بن حاتم‪ ،‬عن القاسم بن محمد‪ ،‬عن‬
‫حمدان بن الحسين‪ ،‬عن الحسن بن الوليد‪ ،‬عن الحسين بن إبراهيم‪ ،‬عن‬
‫محمد بن زياد‪ ،‬عن هشام بن الحكم‪ ،‬عن أبي الحسن موسى عليه السلم‬
‫قال‪ :‬قلت له‪ :‬لي علة يقال في الركوع‪) :‬سبحان ربي العظيم وبحمده(‬
‫ويقال في السجود‪) :‬سبحان ربي العلى وبحمده( قال‪ :‬يا هشام إن ال‬
‫تبارك وتعالى لما اسري بالنبي صلى ال عليه وآله وكان من ربه كقاب‬
‫قوسين أو أدنى‪ ،‬رفع له حجاب من حجبه فكبر رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله سبعا حتى رفع له سبع حجب‪ ،‬فلما ذكر ما رأى من عظمة ال ارتعدت‬
‫فرائصه‪ ،‬فانبرك على ركبتيه وأخذ يقول‪) :‬سبحان ربي العظيم وبحمده(‬
‫فلما اعتدل من ركوعه قائما ونظر إليه في موضع أعلى من ذلك الموضع‬
‫خر على وجهه وجعل يقول‪) :‬سبحان ربي العلى وبحمده( فلما قال سبع‬
‫مرات‬
‫)‪ (1‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .221‬علل الشرايع ج ‪ 2‬ص ‪[*] .10‬‬

‫]‪[104‬‬

‫سكن ذلك الرعب فلذلك جرت به السنة )‪ - 6 .(1‬مجالس الشيخ‪ :‬عن الحسين بن‬
‫إبراهيم‪ ،‬عن محمد بن وهبان‪ ،‬عن محمد بن إسماعيل بن حبان‪ ،‬عن محمد‬
‫بن الحسين الحفص‪ ،‬عن عباد بن يعقوب‪ ،‬عن أبي علي خلد‪ ،‬عن أبي‬
‫عبد ال عليه السلم قال‪ :‬اتقوا ال وأحسنوا الركوع والسجود‪ ،‬وكونوا‬
‫أطوع عباد ال‪ ،‬فانكم لن تنالوا وليتنا إل بالورع الخبر )‪ - 7 .(2‬كتاب‬
‫الغارات‪ :‬لبراهيم بن محمد الثقفي‪ ،‬عن يحيى بن صالح‪ ،‬عن مالك ابن‬
‫خالد‪ ،‬عن عبد ال بن الحسن‪ ،‬عن عباية قال‪ :‬كتب أمير المؤمنين عليه‬
‫السلم إلى محمد بن أبي بكر انظر ركوعك وسجودك‪ ،‬فان النبي صلى ال‬
‫عليه وآله كان أتم الناس صلة وأحفظهم لها وكان إذا ركع قال‪) :‬سبحان‬
‫ربي العظيم( ثلث مرات‪ ،‬وإذا رفع صلبه قال‪) :‬سمع ال لمن حمده‪ .‬اللهم‬
‫لك الحمد ملء سمواتك وملء أرضك وملء ما شئت من شئ( فإذا سجد‬
‫قال‪) :‬سبحان ربي العلى وبحمده( ثلث مرات‪ - 8 .‬عدة الداعي‪ :‬روى‬
‫سعيد القماط عن الفضل قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬جعلت فداك‬
‫علمني دعاء جامعا‪ ،‬فقال لي‪ :‬احمد ال‪ ،‬فانه ل يبقى أحد يصلي إل دعا لك‬
‫يقول‪) :‬سمع ال لمن حمده(‪ - 9 .‬قرب السناد‪ :‬عن السندي بن محمد‪ ،‬عن‬
‫أبي البختري‪ ،‬عن الصادق‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن علي عليهم السلم قال‪ :‬ل قراءة‬
‫في ركوع ول سجود‪ ،‬إنما فيهما المدحة ل عزوجل ثم المسألة فابتدئوا‬
‫قبل المسألة بالمدحة ل عزوجل ثم اسألوا بعد )‪ .(3‬بيان‪ :‬يدل على‬
‫استحباب الذكر والدعاء في الركوع كما مر‪ ،‬قال في الذكري‪ :‬يستحب الذكر‬
‫أمام التسبيح إجماعا‪ ،‬وذكر الدعاء التي ثم قال‪ :‬قال ابن الجنيد‪ :‬ل بأس‬
‫بالدعاء فيهما يعني الركوع والسجود لمر الدين والدنيا من غير أن يرفع‬
‫يديه في الركوع عن ركبتيه‪ ،‬ول عن الرض في سجوده‪ (1) .‬علل‬
‫الشرايع ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .22‬أمالى الطوسى ج ‪ 2‬ص ‪ 292‬في حديث‪(3) .‬‬
‫قرب السناد ص ‪ 66‬ط حجر ‪ 88‬ط نجف‪[*] .‬‬

‫]‪[105‬‬

‫‪ - 10‬الخصال‪ :‬عن حمزة العلوي‪ ،‬عن علي بن إبراهيم‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن عبد ال بن‬
‫المغيرة‪ ،‬عن السكوني‪ ،‬عن الصادق عليه السلم عن آبائه‪ ،‬عن علي‬
‫عليهم السلم قال‪ :‬سبعة ل يقرؤن القرآن‪ :‬الراكع‪ ،‬والساجد‪ ،‬وفي الكنيف‪،‬‬
‫وفي الحمام‪ ،‬والجنب‪ ،‬والنفساء والحائض )‪ .(1‬الهداية‪ :‬مرسل مثله )‪.(2‬‬
‫‪ - 11‬العيون‪ :‬عن محمد بن الحسن بن الوليد‪ ،‬عن محمد بن الحسن‬
‫الصفار‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن عيسى‪ ،‬عن محمد بن إسماعيل بن بزيع‬
‫قال‪ :‬رأيت الرضا عليه السلم إذا سجد يحرك ثلث أصابع من أصابعه‬
‫واحدة بعد واحدة تحريكا خفيفا كأنه يعد التسبيح ثم يرفع رأسه‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ورأيته يركع ركوعا أخفض من ركوع كل من رأيته ركع‪ ،‬كان إذا ركع جنح‬
‫بيديه )‪ .(3‬توضيح‪ :‬يدل على جواز عد التسبيحات بالصابع‪ ،‬ولعله عليه‬
‫السلم فعل ذلك لبيان الجواز إذ الظاهر أنه ل يحتاج إلى ذلك ول يسهو‪،‬‬
‫قال في الذكرى‪ :‬قال ابن الجنيد‪ :‬لوعد التسبيح في ركوعه وسجوده وحفظ‬
‫على نفسه صلته لم أر بذلك بأسا‪ ،‬ولو نسي التسبيح إل أنه لبث راكعا‬
‫وساجدا بمقدار تسبيحة واحدة أجزأه‪ ،‬ومفهومه أنه لو لم يلبث لم يجزه‬
‫فيكون إشارة إلى أن الطمأنينة ركن كقول الشيخ وال أعلم‪ - 12 .‬العلل‪:‬‬
‫عن أبيه‪ ،‬عن أحمد بن إدريس‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن يحيى الشعري عن‬
‫يوسف بن الحارث‪ ،‬عن عبد ال بن يزيد المنقري‪ ،‬عن موسى بن أيوب‬
‫الغافقي‪ ،‬عن عمه إياس بن عامر‪ ،‬عن عقبة بن عامر الجهني أنه قال‪ :‬لما‬
‫انزلت )فسبح باسم ربك العظيم( قال لنا رسول ال صلى ال عليه وآله‪:‬‬
‫اجعلوها في ركوعكم فلما نزلت )سبح اسم ربك العلى( قال لنا رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله‪ :‬اجعلوها في سجودكم )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .10‬الهداية‪ (3) .40 :‬عيون الخبار ج ‪ 2‬ص ‪ 7‬و ‪) .8‬‬
‫‪ (4‬علل الشرايع ج ‪ 2‬ص ‪[*] .23‬‬

‫]‪[106‬‬

‫‪ - 13‬معاني الخبار‪ :‬عن حمزة العلوي‪ ،‬عن علي بن إبراهيم‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن‬
‫أبي عمير‪ ،‬عن حماد‪ ،‬عن الحلبي‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال‬
‫علي عليه السلم‪ :‬نهاني رسول ال صلى ال عليه وآله ول أقول نهاكم‬
‫عن التختم بالذهب‪ ،‬وعن ثياب القسي‪ ،‬وعن مياثر الرجوان‪ ،‬وعن‬
‫الملحف المفدمة‪ ،‬وعن القراءة وأنا راكع‪ .‬قال الصدوق ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬قال‬
‫حمزة بن محمد‪ :‬القسي ثياب يؤتى بها من مصر فيها حرير‪ ،‬وأصحاب‬
‫الحديث يقولون القسي بكسر القاف‪ ،‬وأهل مصر يقولون القسي تنسب إلى‬
‫بلد يقال لها‪ :‬القس‪ ،‬هكذا ذكره العبيد بن سلم‪ ،‬وقال قد رأيتها ولم يعرفها‬
‫الصمعي انتهى )‪ .(1‬أقول‪ :‬والمفدم هو الثوب المشبع حمرة وقد مر )‪.(2‬‬
‫‪ - 14‬معاني الخبار‪ :‬عن محمد بن هارون الزنجاني‪ ،‬عن علي بن عبد‬
‫العزيز عن القاسم بن سلم رفعه قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪:‬‬
‫إني قد نهيت عن القراءة في الركوع والسجود فأما الركوع فعظموا ال‬
‫فيه‪ ،‬وأما السجود فأكثروا فيها الدعاء فانه قمن أن يستجاب لكم )‪.(3‬‬
‫قوله‪) :‬قمن( كقولك جدير وحرى )أن يستجاب لكم( )‪ .(4‬ونهى صلى ال‬
‫عليه وآله أن يذبح الرجل في الصلة كما يذبح الحمار‪ ،‬ومعناه أن يطأطئ‬
‫الرجل رأسه في الركوع حتى يكون أخفض من ظهره‪ .‬وكان عليه السلم‬
‫إذا ركع لم يصوب رأسه ولم يقنعه‪ ،‬معناه أنه لم يرفعه حتى يكون أعلى‬
‫من جسده ولكن بين ذلك‪ .‬والقناع رفع الرأس وإشخاصه قال ال تعالى‪:‬‬
‫)مهطعين مقنعي رؤسهم( )‪(5‬‬

‫)‪ (1‬معاني الخبار‪ ،301 :‬وتراه في الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .139‬راجع ج ‪ 76‬ص‬
‫‪ (3) .290‬معاني الخبار‪ 278 :‬في حديث‪ (4) .‬معاني الخبار ص ‪.280‬‬
‫)‪ (5‬ابراهيم‪[*] .44 :‬‬

‫]‪[107‬‬

‫والذي يستحب من هذا أن يستوي ظهر الرجل ورأسه في الركوع‪ ،‬لن رسول ‪ -‬ال‬
‫صلى ال عليه وآله كان إذا ركع لو صب على ظهره ماء لستقر‪ ،‬وقال‬
‫الصادق عليه السلم‪ :‬ل صلة لمن لم يقم صلبه في ركوعه وسجوده )‪.(1‬‬
‫بيان‪ :‬قال الفيروز آبادي القمين الخليق الجدير كالقمن ككتف وجبل‪ ،‬و قال‬
‫في النهاية‪ :‬فيه أنه نهى أن يدبح الرجل في الصلة‪ ،‬هو الذي يطأطي‬
‫رأسه في الركوع حتى يكون أخفض من ظهره‪ ،‬وقيل دبح تدبيحا إذا طأطأ‬
‫رأسه‪ ،‬ودبح ظهره إذا ثناه فارتفع وسطه كأنه سنام قال الزهري رواه‬
‫الليث بالذال المعجمة وهو تصحيف والصحيح بالمهملة‪ :‬وقال في‬
‫المعجمة‪ :‬ذبح الرجل إذا طأطأ رأسه للركوع‪ ،‬ومنه الحديث أنه نهى عن‬
‫التذبيح في الصلة هكذا جاء في رواية والمشهور بالمهملة انتهى‪ .‬أقول‪:‬‬
‫أكثر نسخ الكتاب بالمعجمة‪ .‬وقال في النهاية فيه كان إذا ركع ل يصوب‬
‫رأسه ول يقنعه‪ ،‬صوب رأسه نكسه وصوب يده أي حطها ول يقنعه أي ل‬
‫يرفعه حتى يكون أعلى من ظهره‪ ،‬وقد أقنعه يقنعه إقناعا‪ .‬وقال في‬
‫الذكرى‪ :‬يكره في الركوع خمسة أشياء‪ :‬التبازخ وهو تسريح الظهر و‬
‫إخراج الصدر‪ ،‬وهو بالزاء والخاء المعجمتين‪ ،‬الثاني التدبيح بالخاء‬
‫والحاء وهو أن يقبب الظهر ويطأطئ الرأس روي ذلك في نهي النبي صلى‬
‫ال عليه وآله‪ ،‬وروي أيضا بالذال المعجمة والدال أعرف‪ ،‬والنهي للكراهة‬
‫هنا‪ - 15 .‬ثواب العمال‪ :‬عن محمد بن موسى بن المتوكل‪ ،‬عن محمد بن‬
‫يحيى العطار‪ ،‬عن محمد بن أحمد الشعري‪ ،‬عن السندي بن ربيع‪ ،‬عن‬
‫سعيد بن جناح قال‪ :‬كنت عند أبي جعفر عليه السلم في منزله بالمدينة‬
‫فقال مبتدئا‪ :‬من أتم ركوعه لم تدخله وحشة في قبره )‪ .(2‬دعوات‬
‫الراوندي‪ :‬عنه عليه السلم مثله‪ (1) .‬معاني الخبار‪ (2) .280 :‬ثواب‬
‫العمال ص ‪[*] .31‬‬

‫]‪[108‬‬
‫‪ - 16‬ثواب العمال‪ :‬عن محمد بن علي ماجيلويه‪ ،‬عن محمد بن يحيى العطار عن‬
‫محمد بن أحمد الشعري‪ ،‬عن أحمد بن محم بن عيسى‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن عبد‬
‫ال‪ ،‬عن محمد بن أبي حمزة‪ ،‬عن أبيه قال‪ :‬قال أبو جعفر عليه السلم‪:‬‬
‫من قال في ركوعه وسجوده وقيامه‪ :‬اللهم صل على محمد وآل محمد‪،‬‬
‫كتب ال له ذلك بمثل الركوع والسجود والقيام )‪ .(1‬توضيح أي ضاعف‬
‫ثواب تلك العمال بسبب الصلة‪ ،‬ويدل على استحبابها في تلك الحوال‪،‬‬
‫وقال في الدروس‪ :‬تجوز الصلة عن النبي وآله في الركوع والسجود وقال‬
‫في الذكرى‪ :‬وتجوز الصلة على النبي وآله في الركوع والسجود بل‬
‫يستحب‪ - 17 .‬مصباح الشريعة‪ :‬قال الصادق عليه السلم‪ :‬ل يركع عبد‬
‫ال ركوعا على الحقيقة‪ ،‬إل زينه ال بنور بهائه وأظله في ظلل كبريائه‪،‬‬
‫وكساه كسوة أصفيائه‪ ،‬والركوع أول‪ ،‬والسجود ثاني‪ ،‬فمن أتى بمعنى‬
‫الول صلح للثاني‪ ،‬وفي الركوع أدب وفي السجود قرب‪ ،‬ومن ل يحسن‬
‫الدب ل يصلح للقرب‪ ،‬فاركع ركوع خاشع ل بقلبه‪ ،‬متذلل وجل ]دخل[ ظ‬
‫تحت سلطانه‪ ،‬خافض له بجوارحه‪ ،‬خفض خائف حزن على ما يفوته من‬
‫فائدة الراكعين‪ .‬حكي أن الربيع بن خثيم كان يسهر الليل إلى الفجر في‬
‫ركعة واحدة‪ ،‬فإذا هو أصبح تزفر وقال‪ :‬آه سبق المخلصون وقطع بنا‪.‬‬
‫واستوف ركوعك باستواء ظهرك‪ ،‬وانحط عن همتك في القيام بخدمته إل‬
‫بعونه‪ ،‬وفر بالقلب من وساوس الشيطان وخدايعه ومكائده‪ ،‬فان ال تعالى‬
‫يرفع عباده بقدر تواضعهم له‪ ،‬ويهديهم إلى اصول التواضع والخضوع‬
‫والخشوع بقدر اطلع عظمته على سرائرهم )‪ - 18 .(2‬السرائر‪ :‬نقل من‬
‫كتاب النوادر للبزنطي‪ ،‬عن ابن بكير‪ ،‬عن حمزة‬

‫)‪ (1‬ثواب العمال ص ‪ (2) .32‬مصباح الشريعة ص ‪[*] .12‬‬

‫]‪[109‬‬

‫ابن حمران والحسن بن زياد قال‪ :‬دخلنا على أبي عبد ال عليه السلم وعنده قوم‬
‫فصلى بهم العصر وكنا قد صلينا العصر‪ ،‬فعددنا له في كل ركعة )سبحان‬
‫ربي العظيم( ثلثا وثلثين مرة‪ .‬وقال أحدهما في حديثه )وبحمده( في‬
‫الركوع والسجود معا‪ ،‬سواء‪ .‬قال ابن إدريس‪ :‬ومعنى ذلك وال أعلم أنه‬
‫كان يعلم أن القوم كانوا يحبون أن يطول بهم في الصلة ففعل‪ ،‬لنه ينبغي‬
‫للمام إذا صلى بقوم أن يخفف بهم )‪ .(1‬بيان‪ :‬قال في الذكرى‪ :‬ظاهر‬
‫الشيخ وابن الجنيد وكثير أن السبع نهاية الكمال في التسبيح‪ ،‬وفي رواية‬
‫هشام إشارة إليه‪ ،‬لكن روى حمزة بن حمران والحسن ابن زياد‪ ،‬وذكر هذه‬
‫الرواية‪ ،‬ثم قال‪ :‬وروى أبان بن تغلب )‪ (2‬أنه عد على الصادق عليه‬
‫السلم في الركوع والسجود ستين تسبيحة‪ ،‬قال في المعتبر‪ :‬الوجه‬
‫استحباب ما ل يحصل معه السأم إل أن يكون إماما‪ ،‬وهو حسن‪ ،‬ولو علم‬
‫من المأمومين حب الطالة استحب له أيضا التكرار‪ - 19 .‬السرائر‪ :‬نقل‬
‫من كتاب النوادر لمحمد بن علي بن محبوب‪ ،‬عن أحمد عن محمد بن أبي‬
‫عمير‪ ،‬عن هشام بن الحكم قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬ما من كلمة‬
‫أخف على اللسان ول أبلغ من )سبحان ال( قلت فيجزي أن أقول في‬
‫الركوع والسجود مكان التسبيح ل إله إل ال والحمد ل وال أكبر ؟ قال‪:‬‬
‫نعم كل ذا ذكر ال )‪ .(3‬بيان‪ :‬يدل على الكتفاء بمطلق الذكر في الركوع‪،‬‬
‫ول خلف بين الصحاب في وجوب الذكر فيه‪ ،‬واختلفوا في موضعين‪:‬‬
‫الول‪ :‬أنه هل يكفي مطلق الذكر أم يتعين فيه التسبيح ؟ والثاني هو‬
‫المشهور بل نقل جماعة عليه الجماع‪ ،‬والول مذهب الشيخ في المبسوط‬
‫والجمل‪ ،‬وكثير من المتأخرين‪ ،‬وهو أقوى لهذا الخبر وغيره من الخبار‬
‫الصحيحة والحسنة‪.‬‬

‫)‪ (1‬السرائر ص ‪ (2) .465‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .221‬السرائر ص ‪[*] .475‬‬

‫]‪[110‬‬

‫الثاني‪ :‬القائلون بالتسبيح اختلفوا على أقوال‪ :‬الول جواز التسبيح مطلقا ذهب إليه‬
‫السيد في النتصار‪ ،‬الثاني وجوب تسبيحة واحدة كبرى وهي )سبحان ربي‬
‫العظيم وبحمده( ذهب إليه الشيخ في النهاية‪ ،‬الثالث التخيير بين واحدة‬
‫كبرى وثلث صغريات وهي سبحان ال وهو ظاهر الصدوق والشيخ في‬
‫التهذيب‪ ،‬الرابع وجوب ثلث على المختار وواحدة على المضطر‪ ،‬وهو‬
‫منسوب إلى أبي الصلح‪ ،‬الخامس نسب في التذكرة القول بوجوب ثلث‬
‫تسبيحات كبريات إلى بعض علمائنا‪ ،‬وعلى القول بوجوب التسبيح لعل‬
‫الول أقوى‪ ،‬والخير أحوط وبالعمل أحرى‪ ،‬والظهر على التقادير‬
‫استحباب )وبحمده( لخلو كثير من الروايات عنه‪ ،‬وإن اشتملت الصحاح‬
‫عليه‪ - 20 .‬فلح السائل‪ :‬يقول في ركوعه ما روي عن الباقر عليه‬
‫السلم‪) :‬اللهم لك ركعت ولك خشعت وبك آمنت‪ ،‬ولك أسلمت وعليك‬
‫توكلت وأنت ربي‪ ،‬خشع لك سمعي وبصري ومخي وعصبي وعظامي وما‬
‫أقلته قدماي ل رب العالمين( )‪ .(1‬وروينا باسنادنا إلى أبي جعفر ابن‬
‫بابويه فيما رواه في كتاب زهد مولنا علي ابن أبي طالب عليه السلم‪ ،‬عن‬
‫الحسين بن سعيد‪ ،‬عن عثمان بن سعيد عن المفضل بن صالح عن أبي‬
‫الصباح‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬كان على يركع فيسيل عرقه‬
‫حتى يطأ في عرقه من طول قيامه )‪ .(2‬فإذا رفع المصلي رأسه من‬
‫الركوع قال‪) :‬سمع ال لمن حمده الحمد ل رب العالمين أهل الكبرياء‬
‫والعظمة والجود والجبروت( )‪ .(3‬تبيين أقول‪ :‬نسخ الحديث والدعاء في‬
‫دعاء الركوع مختلفة ففي الكافي والتهذيب )‪ (4‬في صحيحة زرارة عن‬
‫الباقر عليه السلم ثم اركع وقل ]رب[ )اللهم لك ركعت ولك أسلمت‬

‫)‪ (1‬فلح السائل ص ‪ (2) .132‬فلح السائل‪ (3) .109 :‬فلح السائل‪(4) .133 :‬‬
‫الكافي ج ‪ 3‬ص ‪ ،319‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪[*] .156‬‬

‫]‪[111‬‬

‫وبك آمنت وعليك توكلت وأنت ربي خشع لك سمعي وبصري وشعري وبشري و‬
‫لحمي ودمى ومخي وعصبي وعظامي وما أقلته قدماي غير مستنكف ول‬
‫مستكبر ول مستحسر‪ ،‬سبحان ربي العظيم وبحمده ‪ -‬ثلث مرات في‬
‫ترسل‪ .‬وفي الفقيه )‪) (1‬اللهم لك ركعت وخشعت ولك أسلمت وبك آمنت‬
‫وعليك توكلت وأنت ربي خشع لك وجهي وسمعي وبصري وشعرى‬
‫وبشري ولحمي ودمي ومخي وعصبي وعظامي وما أقلت الرض مني ل‬
‫رب العالمين‪ .‬وذكر الشهيد ‪ -‬ره ‪ -‬في الذكري كما في الكافي وفي النفلية‬
‫نحوا مما في فلح السائل‪ .‬وقال الشهيد الثاني قدس سره‪ :‬ومعنى ما أقلته‬
‫قدماي أي حملتاه وقامتا به ومعناه جميع جسمي وفي التيان به بعد قوله‬
‫خشع لك سمعي وبصري الخ تعميم بعد التخصيص وقوله‪) :‬ل رب‬
‫العالمين( يمكن كونه خبر مبتدأ محذوف أي جميع ذلك ل وإن كان قد ذكر‬
‫أن بعضه ل فان بعضه وهو قوله‪) :‬وبك آمنت وعليك توكلت( لم يدل لفظه‬
‫على كونه له‪ ،‬ويمكن كونه بدل من قوله لك سمعي إلى آخره إبدال الظاهر‬
‫من المضمر والتفت من الخطاب إلى الغيبة انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬يحتمل كون ما‬
‫أقلته مبتدءا ول خبره‪ ،‬والستنكاف النفة من العبادة والستكبار طلب‬
‫الكبر من غير استحقاق‪ ،‬والستحسار بالحاء والسين المهملتين التعب أي‬
‫ل أجد من الركوع تعبا ول كلل ول مشقة بل أجد لذة وراحة وأما الدعاء‬
‫بعد التسميع كما ذكره فهو مأخوذ من مصباح الشيخ‪ ،‬ولم أر به رواية‪،‬‬
‫وفي صحيحة زرارة ثم قل سمع ال لمن حمده وأنت منتصب قائم الحمدل‬
‫رب العالمين أهل الجبروت والكبرياء والعظمة ل رب العالمين وفي بعض‬
‫الكتب بعد قوله والعظمة الحمد ل رب العالمين‪ .‬وفي نهاية الشيخ بعد‬
‫التسميع والتحميد أهل الجود والجبروت والكبرياء و العظمة‪ ،‬وفي النفلية‬
‫والحمد ل رب العالمين أهل الكبرياء والجود والعظمة ]ا[ ل‬

‫)‪ (1‬الفقيه ج ‪ 1‬ص ‪[*] .205‬‬

‫]‪[112‬‬
‫رب العالمين وقال الشهيد الثاني رحمه ال‪ :‬هكذا وجدته بخط المصنف ‪ -‬ره ‪-‬‬
‫باثبات اللف في ال آخرا‪ ،‬وفي بعض نسخ الرسالة بخط غيره ل بغير‬
‫ألف وهو الموافق لرواية زرارة عن الباقر عليه السلم برواية التهذيب‬
‫وخط الشيخ أبي جعفر رحمه ال ثم على ما هنا يمكن كون أهل الكبرياء‬
‫مبتدءا‪ ،‬وال خبره‪ ،‬ويمكن كون أهل صفة ثانية ل‪ ،‬وال رب العالمين‬
‫مستأنفا إما مبتدء وخبر أو خبر مبتدأ محذوف تقديره ذلك أو هو‪ ،‬ونحو‬
‫ذلك‪ ،‬وعلى حذف اللف يمكن كون ل رب العالمين تأكيدا لما سبق ويكون‬
‫الجود والعظمة معطوفين على الكبرياء مجرورين وكونه خبرا للجود‬
‫والعظمة معطوفة عليه‪ ،‬وكونه خبرا للعظمة فتكون مرفوعة والجود‬
‫مجرورا على ما سبق‪ ،‬و في الذكرى اقتصر على قوله رب العالمين وهو‬
‫أوضح‪ ،‬واتفق كثير على أن صدر الرواية )الحمد ل رب العالمين أهل‬
‫الجبروت والكبرياء والعظمة( خلف ما ذكر في الرسالة انتهى‪ .‬ثم اعلم أن‬
‫ظاهر الصحاب عموم استحباب التسميع للمام والمأموم والمنفرد وبهذا‬
‫التعميم صرح المحقق والعلمة قدس ال روحهما في المعتبر والمنتهى‬
‫وأسنداه إلى علمائنا وهو الظاهر من أكثر الخبار‪ .‬وقال بعض أفاضل‬
‫المتأخرين‪ :‬ولو قيل باستحباب التحميد خاصة للمأموم كان حسنا لما رواه‬
‫الكليني في الصحيح )‪ (1‬عن جميل بن دراج قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه‬
‫السلم قلت‪ :‬ما يقول الرجل خلف المام إذا قال‪ :‬سمع ال لمن حمده ؟ قال‪:‬‬
‫يقول‪ :‬الحمد ل رب العالمين ويخفض من الصوت انتهى‪ ،‬ول يخفى ضعف‬
‫دللته على التخصيص ول يتأتى تخصيص الخبار الكثيرة به‪ .‬وروى‬
‫العامة عن أبي هريرة‪ ،‬عن النبي صلى ال عليه وآله أنه قال‪ :‬إذا قال‬
‫المام سمع ال لمن حمده فقولوا‪ :‬اللهم ربنا لك الحمد )‪ ،(2‬وقال أبو‬
‫حنيفة ومالك‪ :‬ل يزيد المام على سمع ال لمن حمده ول المأموم على ربنا‬
‫لك الحمد‪ ،‬فيمكن حمل الخبر‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .320‬رواه في مشكاة المصابيح ص ‪ ،82‬وقال‪ :‬متفق‬


‫عليه‪ ،‬وزاد بعده‪ :‬فانه من وافق قوله قول الملئكة غفر له ما تقدم من‬
‫ذنبه‪[*] .‬‬

‫]‪[113‬‬

‫على التقية أيضا‪ .‬وقال في الذكري‪ :‬نقل في المعتبر عن الخلف‪ ،‬أن المام‬
‫والمأموم يقولن الحمد ل رب العالمين أهل الكبرياء والعظمة‪ ،‬ثم قال‪:‬‬
‫وهو مذهب علمائنا‪ ،‬وأنكر في المعتبر ربنا ولك الحمد‪ ،‬وذكر أن المروي‬
‫ما ذكره الشيخ قال في المبسوط‪ :‬وإن قال ربنا ولك الحمد لم تفسد صلته‬
‫وروايتنا ل واو فيها‪ .‬والعامة مختلفون في ثبوتها وسقوطها‪ ،‬فمنهم من‬
‫أسقطها لنها زيادة ل معنى لها وهو منسوب إلى الشافعي‪ ،‬والكثر على‬
‫ثبوتها‪ ،‬فمنهم من زعم أنها واو العطف و المعطوف هنا مقدر والواو يدل‬
‫عليه وتقديره ربنا حمدناك ولك الحمد‪ ،‬فيكون ذلك أبلغ في الحمد‪ ،‬وزعم‬
‫بعضهم أن الواو قد تكون مقحمة في كلم العرب‪ ،‬وهذه منها لورود‬
‫اللفظين في الخبار الصحاح عندهم‪ .‬قال ابن أبي عقيل‪ :‬وروي اللهم لك‬
‫الحمد ملء السموات وملء الرض وملء ما شئت من شئ بعد )‪ (1‬والذي‬
‫أنكره في المعتبر تدفعه قضية الصل والخبر حجة عليه‪ ،‬وطريقه صحيح‪،‬‬
‫وإليه ذهب صاحب الفاخر‪ ،‬واختاره ابن الجنيد ولم يقيده بالمأموم‪.‬‬
‫واستحب في الذكر هنا )بال أقوم وأقعد( وذهب ابن أبي عقيل في ظاهر‬
‫كلمه وابن إدريس ‪ -‬وصرح به أبو الصلح وابن زهرة ‪ -‬إلى أنه يقول‪:‬‬
‫)سمع ال لمن حمده( في حال ارتفاعه‪ ،‬وباقي الذكار بعد انتصابه‪ ،‬وهو‬
‫مردود بالخبار المصرحة بأن الجميع بعد انتصابه‪ ،‬وهو قول الكثر انتهى‪.‬‬
‫أقول‪ :‬إنما عدل المحقق قدس سره وغيره عن )ربنا لك الحمد( لشتهاره‬
‫بين العامة‪ ،‬وذلك مما يحدث الريب فيه‪ ،‬وكذا عدلوا عما رواه ابن أبي‬
‫عقيل لذلك‬

‫)‪ (1‬أخرجه في مشكاة المصابيح ص ‪ 82‬عن صحيح مسلم باسناده عن أبى سعيد‬
‫الخدرى قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال عليه وآله إذا رفع رأسه من‬
‫الركوع قال‪ :‬اللهم ربنا لك الحمد ملء السماوات وملء الرض وملء ما‬
‫شئت من شئ بعد‪ ،‬أهل الثناء والمجد‪ ،‬أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد‪،‬‬
‫اللهم ل مانع لما أعطيت ول معطى لما منعت‪ ،‬ول ينفع ذا الجد منك‬
‫الجد(‪[*] .‬‬

‫]‪[114‬‬

‫ولعله اختاره لنهم رووه عن علي عليه السلم برواية عبد ال بن أبي رافع أو‬
‫وصل إليه خبر آخر‪ .‬فائدة اعلم أن المشهور بين الصحاب أن استحباب‬
‫رفع اليدين إنما هو في حال التكبير وأنه ليس في حال الرفع من الركوع‬
‫تكبير ول رفع يد حتى أن المحقق في المعتبر قال‪ :‬رفع اليدين بالتكبير‬
‫مستحب في كل رفع ووضع‪ ،‬إل في الرفع من الركوع فانه يقول‪) :‬سمع‬
‫ال لمن حمده( من غير تكبير ول رفع يد‪ ،‬وهو مذهب علمائنا‪ .‬ثم قال بعد‬
‫فاصلة‪ :‬وقد روي في بعض أخبارنا استحباب رفع اليدين عند الرفع من‬
‫الركوع أيضا روى ذلك معاوية بن وهب )‪ (1‬قال‪ :‬رأيت أبا عبد ال عليه‬
‫السلم يرفع يديه إذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع وإذا سجد وإذا رفع‬
‫رأسه من السجود‪ ،‬وإذا أراد السجود للثانية‪ ،‬وروى ابن مسكان )‪ (2‬عن‬
‫أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬يرفع يديه كلما أهوى إلى الركوع والسجود‪،‬‬
‫وكلما رفع رأسه من ركوع وسجود وقال‪ :‬هي العبودية‪ .‬وقال في الذكرى‬
‫بعد نقل الروايتين‪ :‬وظاهرهما مقارنة الرفع للرفع وعدم تقييد الرفع‬
‫بالتكبير‪ ،‬فلو ترك التكبير فظاهرهما استحباب الرفع والحديثان أوردهما‬
‫في التهذيب ولم ينكر منهما شيئا وهما يتضمنان رفع اليدين عند رفع‬
‫الرأس من الركوع‪ ،‬ولم أقف على قائل باستحبابه إل ابني بابويه وصاحب‬
‫الفاخر‪ ،‬ونفاه ابن أبي عقيل والفاضل‪ ،‬وهو ظاهر ابن الجنيد والقرب‬
‫استحبابه لصحة سند الحديثين وأصالة الجواز وعموم أن الرفع زينة‬
‫الصلة واستكانة من المصلي‪ ،‬وحينئذ يبتدئ بالرفع عند ابتداء رفع الرأس‬
‫وينتهي بانتهائه‪ ،‬وعليه جماعة من العامة انتهى‪ .‬أقول‪ :‬ميل أكثر العامة‬
‫إلى استحباب الرفع‪ ،‬صار سببا لرفع الستحباب عند أكثرنا‪.‬‬

‫)‪ 1‬و ‪ (2‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪ ،155‬والول عن معاوية بن عمار ل معاوية بن وهب‪.‬‬


‫]*[‬

‫]‪[115‬‬

‫وقال في الذكرى‪ :‬يستحب للمام رفع صوته بالذكر في الركوع و الرفع‪ ،‬وأما‬
‫المأموم فيسر‪ ،‬وأما المنفرد فمخير إل التسميع فانه جهر لصحيحة زرارة‪.‬‬
‫‪ - 21‬دعائم السلم‪ :‬عن جعفر بن محمد عليه السلم أنه قال‪ :‬إذا ركعت‬
‫فضع كفيك على ركبتيك‪ ،‬وابسط ظهرك‪ ،‬ول تقنع رأسه ول تصوبه‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫كان رسول ال صلى ال عليه وآله إذا ركع لو صب على ظهره ماء لستقر‬
‫وقال‪ :‬فرج أصابعك على ركبتيك في الركوع‪ ،‬وأبلغ أطراف أصابعك عيون‬
‫الركبتين )‪ .(1‬وعنه عليه السلم أنه قال‪ :‬وقل في الركوع )سبحان ربي‬
‫العظيم( ثلث مرات )‪ .(2‬ومما رويناه مما يقال في الركوع‪ ،‬عن جعفر بن‬
‫محمد عليه السلم‪ :‬اللهم لك ركعت ولك خشعت وبك آمنت وعليك توكلت‬
‫وأنت ربي خشع لك سمعي وبصري وشعري وبشرى ولحمي ودمي ومخي‬
‫وعصبي وعظامي وما أقلت قدماي غير مستنكف ول مستكبر ول‬
‫مستحسر عن عبادتك والخشوع لك والتذلل لطاعتك سبحان ربي العظيم‬
‫وبحمده ثلث مرات )‪ .(3‬وعنه عليه السلم أنه قال‪ :‬وإذا رفعت رأسك من‬
‫الركوع فقل‪) :‬سمع ال لمن حمده( ثم تقول‪ :‬ربنا لك الحمد )‪ .(4‬وروينا‬
‫عنه أيضا وعن آبائه الطاهرين عليهم السلم في القول بعد الركوع وجوها‬
‫كثيرة منها أن تقول‪ :‬ربنا لك الحمد الحمد ل رب العالمين‪ ،‬أهل الجبروت‬
‫والكبرياء و العظمة والجلل والقدرة‪ ،‬اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني‬
‫وارفعني فاني لما أنزلت إلى من خير فقير‪ ،‬فهذا وما هو في معناه يقوله‬
‫من صلى لنفسه‪ ،‬ويجزئ في صلة الجماعة أن يقول‪) :‬سمع ال لمن‬
‫حمده( يجهر بها ويقول في نفسه ربنا لك الحمد ثم يكبر ويسجد )‪- 22 .(5‬‬
‫السرائر‪ :‬نقل من كتاب النوادر لمحمد بن علي بن محبوب‪ ،‬عن محمد‬

‫)‪ 1‬و ‪ (2‬دعائم السلم ج ‪ 1‬ص ‪ (5 - 3) .162‬دعائم السلم ج ‪ 1‬ص ‪[*] .163‬‬

‫]‪[116‬‬

‫ابن أبي الصهبان‪ ،‬عن عبد الرحمن بن أبي نجران‪ ،‬عمن ذكره‪ ،‬عن مسمع أبي‬
‫سيار عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬يجزيك من القول في الركوع‬
‫والسجود ثلث تسبيحات أو قدرهن مترسل‪ ،‬وليس له ول كرامة أن يقول‬
‫سبح سبح سبح )‪ .(1‬بيان‪ :‬ظاهره جواز الكتفاء بثلث تسبيحات صغريات‬
‫أو قدرهن من ساير الذكار‪ ،‬واستحباب التأني وذم الستعجال‪- 23 .‬‬
‫الهداية‪ :‬قال الصادق عليه السلم سبح في ركوعك ثلثا تقول‪) :‬سبحان‬
‫ربي العظيم وبحمده( ثلث مرات‪ ،‬وفي السجود ثلث مرات )سبحان ربي‬
‫العلى وبحمده( لن ال عزوجل لما أنزل على نبيه )فسبح باسم ربك‬
‫العظيم( قال النبي صلى ال عليه وآله‪ :‬اجعلوها في ركوعكم‪ ،‬فلما أنزل ال‬
‫)سبح اسم ربك العلى( قال‪ :‬اجعلوها في سجودكم‪ ،‬فان قلت سبحان ال‬
‫سبحان ال سبحان ال أجزأك‪ ،‬وتسبيحة واحدة تجزي للمعتل والمريض‬
‫والمستعجل )‪ - 24 .(2‬المحاسن‪ :‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن عمر بن يزيد قال‪:‬‬
‫سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬إذا أحسن المؤمن عمله ضاعف ال‬
‫عمله لكل حسنة سبع مائة‪ ،‬و ذلك قول ال تبارك وتعالى )وال يضاعف‬
‫لمن يشآء( )‪ (3‬فأحسنوا أعمالكم التي تعملونها لثواب ال‪ ،‬فقلت له‪ :‬وما‬
‫الحسان ؟ قال‪ :‬فقال‪ :‬إذا صليت فأحسن ركوعك وسجودك‪ ،‬وإذا صمت‬
‫فتوق كل ما فيه فساد صومك‪ ،‬وإذا حججت فتوق ما يحرم عليك في حجك‬
‫وعمرتك‪ ،‬قال‪ :‬وكل عمل تعمله فليكن نقيا من الدنس )‪ - 25 .(4‬العلل‪:‬‬
‫لمحمد بن علي بن إبراهيم‪ ،‬سئل أمير المؤمنين عليه السلم ما معنى‬
‫الركوع ؟ فقال‪ :‬معناه آمنت بك ولو ضربت عنقي‪ ،‬ومعنى قوله‪) :‬سبحان‬
‫ربي العظيم وبحمده( فسبحان ال أنفة ل عزوجل‪ ،‬وربي خالقي‪ ،‬والعظيم‬
‫هو العظيم‬

‫)‪ (1‬السرائر‪ (2) .475 :‬الهداية‪ (3) .32 :‬البقرة‪ (4) .261 :‬المحاسن‪[*] .254 :‬‬

‫]‪[117‬‬

‫في نفسه غير موصوف بالصغر‪ ،‬وعظيم في ملكه وسلطانه‪ ،‬وأعظم من أن‬
‫يوصف‪ ،‬تعالى ال‪ .‬قوله‪) :‬سمع ال لمن حمده( فهو أعظم الكلمات‪ ،‬فلها‬
‫وجهان‪ :‬فوجه منه معناه أن حمد ال سمعه‪ ،‬والوجه الثاني يدعو لمن حمد‬
‫ال‪ ،‬فيقول اللهم اسمع لمن حمدك‪ .‬وقال الصادق عليه السلم‪ :‬أقل ما يجب‬
‫من التسبيح في الركوع والسجود فثلث تسبيحات لبد منها يكون في‬
‫خمس صلوات مائة وثلث وخمسون تسبيحة‪ ،‬ففي الظهر ست وثلثون‪،‬‬
‫وفي العصر ست وثلثون‪ ،‬وفي المغرب سبع وعشرون‪ ،‬وفي العتمة ست‬
‫وثلثون‪ ،‬وفي الفجر ثمان عشرة‪ - 26 .‬السرائر‪ :‬نقل من كتاب الحسن بن‬
‫محبوب‪ ،‬عن الحرث بن الحول عن بريد العجلي قال‪ :‬قلت لبي جعفر عليه‬
‫السلم أيهما أفضل في الصلة كثرة القراءة أو طول اللبث في الركوع‬
‫والسجود ؟ قال‪ :‬فقال‪ :‬كثرة اللبث في الركوع والسجود في الصلة أفضل‪،‬‬
‫أما تسمع لقول ال تعالى‪) :‬فاقرؤا ما تيسر منه وأقيموا الصلة( )‪ (1‬إنما‬
‫عنى باقامة الصلة طول اللبث في الركوع والسجود‪ ،‬قلت‪ :‬فأيهما أفضل‬
‫كثرة القراءة أو كثرة الدعاء ؟ فقال‪ :‬كثرة الدعاء أفضل‪ ،‬أما تسمع لقول‬
‫ال لنبيه صلى ال عليه وآله‪) :‬قل ما يعبؤ بكم ربي لول دعاؤكم( )‪.(2‬‬
‫توضيح‪ :‬قوله عليه السلم‪) :‬إنما عنى( لعله عليه السلم استدل بالمقابلة‬
‫في الية‪ ،‬وأنه لما ذكر الكتفاء في القراءة بما تيسر ثم أمر باقامة الصلة‪،‬‬
‫وعمدة أجزاء الصلة الركوع والسجود‪ ،‬فيفهم منها طول اللبث فيهما أو‬
‫يقال يفهم من القامة العتدال و الستواء‪ ،‬فينبغي أن يكون الركوع‬
‫والسجود مثل القراءة والول أظهر‪ - 27 .‬الذكرى‪ :‬قال‪ :‬قال روى الحسين‬
‫بن سعيد باسناده إلى أبي بصير‪ ،‬عن الصادق عليه السلم أنه كان يقول‬
‫بعد رفع رأسه‪) :‬سمع ال لمن حمده‪ ،‬الحمد ل رب‬

‫)‪ (1‬المزمل‪ (2) .20 :‬السرائر‪ ،272 :‬والية في الفرقان‪[*] .77 :‬‬

‫]‪[118‬‬

‫العالمين بحول ال وقوته أقوم وأقعد أهل الكبرياء والعظمة والجبروت( )‪ .(1‬قال‪:‬‬
‫وباسناده الصحيح عن محمد بن مسلم‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪:‬‬
‫إذا قال المام )سمع ال لمن حمده( قال من خلفه )ربنا لك الحمد( وإن كان‬
‫وحده إماما أو غيره قال‪ :‬سمع ال لمن حمده الحمد ل رب العالمين )‪.(2‬‬
‫ومنه‪ :‬عن إسحاق بن عمار‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم أن عليا عليه‬
‫السلم كان يعتدل في الركوع مستويا حتى يقال لو صب الماء على ظهره‬
‫لستمسك‪ ،‬وكان يكره أن يحدر رأسه ومنكبيه في الركوع )‪- 28 .(3‬‬
‫العلل‪ :‬علي بن أحمد‪ ،‬عن محمد بن أبي عبد ال‪ ،‬عن موسى بن عمران‬
‫عن الحسين بن يزيد‪ ،‬عن علي بن أبي حمزة‪ ،‬عن أبي بصير قال‪ :‬قلت‬
‫لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬لم صارت الصلة ركعتين وأربع سجدات ؟ قال‪:‬‬
‫لن ركعة من قيام بركعتين من جلوس )‪ - 29 .(4‬قرب السناد وكتاب‬
‫المسائل‪ :‬باسنادهما عن علي بن جعفر‪ ،‬عن أخيه موسى عليه السلم قال‪:‬‬
‫سألته عن تفريج الصابع في الركوع أسنة هو ؟ قال‪ :‬من شاء فعل‪ ،‬ومن‬
‫شاء ترك )‪ .(5‬بيان‪ :‬ل ينافي جواز الترك استحبابه الذي دلت عليه الخبار‬
‫الخر‪ ،‬والمراد أنه ليس سنة مؤكدة‪ ،‬أو ليس من الواجبات التي ظهرت‬
‫من السنة قال في المنتهى‪ :‬يستحب للمصلي وضع الكفين على عيني‬
‫الركبتين مفرجات الصابع عند الركوع‪ ،‬و هو مذهب العلماء كافة‪ ،‬إل ما‬
‫روي عن ابن مسعود أنه كان إذا ركع طبق يديه و جعلهما بين ركبتيه‪،‬‬
‫وفي الذكرى عد التطبيق من مكروهات الركوع‪ ،‬ول يحرم على القرب‪،‬‬
‫وهو قول أبي الصلح والفاضلين‪ ،‬وظاهر الخلف وابن الجنيد التحريم‬

‫)‪ 1‬و ‪ (2‬الذكرى‪ (3) .199 :‬الذكرى‪ (4) .198 :‬علل الشرايع ج ‪ 2‬ص ‪(5) .25‬‬
‫قرب السناد‪ 94 :‬ط حجر‪ 123 :‬ط نجف‪ ،‬المسائل ‪ -‬البحار ج ‪ 10‬ص‬
‫‪[*] .260‬‬

‫]‪[119‬‬

‫وحينئذ يمكن البطلن للنهي عن العبادة‪ ،‬والصحة لن النهي عن وصف خارج‪.‬‬


‫وعد أيضا من المكروهات الركوع ويده تحت ثيابه‪ ،‬وقال ابن الجنيد‪ :‬ولو‬
‫ركع ويداه تحت ثيابه جاز ذلك‪ ،‬إذا كان عليه ميرز أو سراويل‪ ،‬وقال أبو‬
‫الصلح‪ :‬يكره إطلق اليدين في الكمين أو تحت الثياب وأطلق انتهى‬
‫والتفصيل الذي ذكره ابن الجنيد دلت عليه رواية )‪ (1‬عمار عن الصادق‬
‫عليه السلم‪ - 30 .‬قرب السناد‪ :‬عن عبد ال بن الحسن‪ ،‬عن جده علي‬
‫بن جعفر‪ ،‬عن أخيه موسى عليه السلم قال‪ :‬سألته عن الرجل يكون راكعا‬
‫أو ساجدا فيحكه بعض جسده هل يصلح له أن يرفع يده من ركوعه أو‬
‫سجوده فيحكه مما حكه ؟ قال‪ :‬ل بأس إذا شق عليه‪ ،‬والصبر إلى أن يفرغ‬
‫أفضل )‪ - 31 .(2‬المعتبر‪ :‬عن معاوية بن عمار وابن مسلم والحلبي قالوا‪:‬‬
‫وبلغ بأطراف أصابعك عين الركبة‪ ،‬فان وصلت أطراف أصابعك في‬
‫ركوعك إلى ركبتيك أجزأك ذلك واحب أن تمكن كفيك من ركبتيك‪ ،‬فإذا‬
‫أردت أن تسجد فارفع يديك بالتكبير وخر ساجدا )‪ .(3‬المنتهى‪ :‬في‬
‫الصحيح عن الثلثة نحوه إلى قوله من ركبتيك )‪ .(4‬بيان‪ :‬يدل على‬
‫الكتقاء بالنحناء بمقدار ما يمكن وصول أطراف الصابع إلى الركبتين‪،‬‬
‫وعبارات الصحاب في ذلك مختلفة‪ ،‬فمن بعضها يظهر ذلك‪ ،‬ومن بعضها‬
‫وصول الكفين إلى الركبتين كما ذكره في المعتبر أو الراحتين كما ذكره في‬
‫التذكرة وادعيا عليه الجماع من غير أبي حنيفة‪ ،‬ولعلهما سامحا في‬
‫التعبير‪ ،‬بل مرادهما وصول جزء من اليد كما في المنتهى‪ ،‬ويدل عليه أن‬
‫في المعتبر استدل عليه بهذه‬
‫)‪ (1‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .238‬قرب السناد ص ‪ 88‬ط و ‪ 114‬ط‪ (3) .‬المعتبر‬
‫ص ‪ (4) .179‬المنتهى ج ‪ 1‬ص ‪[*] .281‬‬

‫]‪[120‬‬

‫الرواية مع صراحتها في الكتفاء بوصول رؤوس الصابع‪ ،‬وصرح الشيخ على‬


‫والشهيد الثاني رحمه ال بأن وصول شئ من رؤوس الصابع غير كاف‪،‬‬
‫ول ريب أنه أحوط ونقلوا الجماع على عدم وجوب وضع اليد‪ ،‬وأن‬
‫المعتبر إمكان وصولها وأما الوضع فهو مستحب‪ ،‬ويظهر من بعض‬
‫الخبار )‪ (1‬الوجوب‪ ،‬والحوط عدم الترك إل لضرورة‪ - 32 .‬المعتبر‪:‬‬
‫روى جماعة منهم زرارة عن الباقر عليه السلم قال‪ :‬ثم قل سمع ال لمن‬
‫حمده أهل الجود والكبرياء والعظمة‪ - 33 .‬مشكوة النوار‪ :‬من كتاب‬
‫المحاسن‪ ،‬عن إسحاق بن عمار قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يعظ‬
‫أهله ونساءه وهو يقول لهن‪ :‬ل تقلن في ركوعكن وسجودكن أقل من ثلث‬
‫تسبيحات‪ ،‬فانكن إن فعلتن لم يكن أحسن عمل منكن )‪ .(2‬أقول‪ :‬قد مضى‬
‫بعض الخبار في باب علل الصلة‪ ،‬وباب وصف الصلة‪ ،‬وباب التكبير‪،‬‬
‫وسيأتي بعضها في باب السجود‪.‬‬

‫)‪ (1‬كالنبوي الذى استدل به الصحاب في كتبهم الفقهية )إذا ركعت فضع كفيك على‬
‫ركبتيك( رواه النسائي في سننه ج ‪ 2‬ص ‪ ،180‬البغوي في مصابيحه ج‬
‫‪ 1‬ص ‪ 55‬عن أنس وما مر عن الدعائم ص ‪ (2) .115‬مشكاة النوار‬
‫ص ‪[*] .261‬‬

‫]‪[121‬‬

‫)‪) * (27‬باب( * * ))السجود وآدابه وأحكامه(( * اليات )‪ (1‬آل عمران‪ :‬يا مريم‬
‫اقتني لربك واسجدي واركعي مع‬

‫)‪ (1‬ومن عمدتها في الباب قوله تعالى‪ :‬في سورة النساء ‪) 101‬وإذا كنت فيهم‬
‫فأقمت لهم الصلة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا‬
‫فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك( الية‪،‬‬
‫حيث انها من أمهات الكتاب تصرح بأن أقل الصلة ل تكون ال ركعتين ل‬
‫يقتصر عن ذلك حتى في السفر حين ل يكون المخافة من العدو أن يفتنكم‬
‫ولو بحيلة مثل ذلك‪ .‬وأن السجدة من أجزاء الصلة‪ ،‬وأنها ليست بأول‬
‫جزء من أجزائها المفروضة‪ ،‬بل يكون قبلها الركوع‪ ،‬كما مر في ص ‪97‬‬
‫عند قوله تعالى‪) :‬يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم‬
‫وافعلوا الخير لعلكم تفلحون( الحج‪ .77 :‬ولذلك قال على عليه السلم ان‬
‫اول صلة احدكم الركوع )التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪ .(161‬فعلى هذا تكون‬
‫السجدة فرضا فتكون ركنا تبطل الصلة بالخلل بها عمدا وسهوا وجهل‪.‬‬
‫وأما سائر اليات التى عنونها المؤلف العلمة في الباب‪ ،‬فبعضها من‬
‫المتشابهات بأم الكتاب وهو قوله عزوجل في الحجر‪) :‬فسبح بحمد ربك‬
‫وكن من الساجدين * واعبد ربك حتى يأتيك اليقين( ولذلك أولها النبي‬
‫صلى ال عليه وآله إلى الصلة فزاد في كل ركعة سجدة أخرى‪ ،‬فتكون‬
‫هذه السجدة الخيرة سنة في فريضة تبطل الصلة بتركها عمدا فقط ل‬
‫سهوا وجهل ونسيانا على حد سائر السنن‪ .‬وبعضها سجدة العزائم كآية‬
‫التنزيل والسجدة والنجم وسيأتى في محله أنها سجدة الصلة المنسوخة‬
‫كيفيتها ؟ فان الصلة في صدر السلم كانت بل ركوع‪ :‬كان يكبر المصلى‬
‫ثم يقرء القرآن سورة سورة حتى إذا قرء سورة السجدة وبلغ آيتها سجد‬
‫من قيام‪ ،‬ثم بعد = = ]*[‬

‫]‪[122‬‬

‫الراكعين )‪ .(1‬العراف‪ :‬ويسبحونه وله يسجدون )‪ .(2‬الرعد‪ :‬ول يسجد من في‬


‫السموات والرض طوعا وكرها وظللهم بالغدو والصال )‪ .(3‬الحجر‪:‬‬
‫فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين )‪ .(4‬النحل‪ :‬ول يسجد ما في‬
‫السموات وما في الرض من دابة والملئكة وهم ل يستكبرون )‪.(5‬‬
‫اسرى‪ :‬إن الذين اوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون للذقان سجدا‬
‫ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعول * ويخرون للذقان يبكون‬
‫ويزيدهم خشوعا )‪.(6‬‬

‫= = تمام السجدة يقوم إلى السجدة الثانية ليتم الصلة بعدها ويسلم‪ .‬ولما نسخت‬
‫هذه الكيفية في الصلة بآية الحج ‪ - 77‬وقد نزلت بالمدينة ‪ -‬صارت‬
‫عزيمة في غير الصلة‪ ،‬وحرم قراءتها في الصلة‪ ،‬لوجوب السجدة عند‬
‫قراءتها فرضا وعزيمة وهى زيادة في الصلة عمدا‪ ،‬فتكون مبطل لها‪،‬‬
‫وسيأتى مزيد الكلم فيه‪ .‬وأما سائرها‪ ،‬فهى سجدة التلوة المسنونة‪،‬‬
‫وسيجئ الكلم فيها مستوعبا في محله الباب ‪ (1) .30‬آل عمران‪) .43 :‬‬
‫‪ (2‬العراف‪ (3) .206 :‬الرعد‪ 15 ،‬والية تدل بظاهرها على أن المراد‬
‫بالسجود هو الوقوع على الرض كما عرفت في ج ‪ 84‬ص ‪ 194‬و ‪.195‬‬
‫)‪ (4‬الحجر‪ (5) .98 :‬النحل‪ (6) .49 :‬اسرى‪[*] 109 - 107 :‬‬

‫]‪[123‬‬
‫الحج‪ :‬ألم تر أن ال يسجد له من في السموات ومن في الرض والشمس و القمر‬
‫والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس وكثير حق عليه‬
‫العذاب )‪ .(1‬وقال تعالى‪ :‬يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا )‪.(2‬‬
‫الفرقان‪ :‬وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا‬
‫وزادهم نفورا )‪ .(3‬النمل‪ :‬أل يسجدوا ل الذي يخرج الخبء في السموات‬
‫والرض )‪ .(4‬التنزيل‪ :‬إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذكروا بها خروا سجدا‬
‫وسبحوا بحمد ربهم وهم ل يستكبرون )‪ .(5‬السجدة‪ :‬ل تسجدوا للشمس‬
‫ول للقمر واسجدوا ل الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون )‪ .(6‬النجم‪:‬‬
‫فاسجدوا ل واعبدوا )‪ .(7‬الجن‪ :‬وأن المساجد ل فل تدعوا مع ال أحدا )‬
‫‪ .(8‬تفسير‪ :‬في هذه اليات دللة ما على وجوب السجود‪ ،‬وحسنه في‬
‫الجملة‪ ،‬ففي بعضها عبر عن الصلة به‪ ،‬فتدل على اشتمالها عليه‪،‬‬
‫وبعضها ظاهره سجود الصلة وبعضها سجود التلة‪.‬‬

‫)‪ (4‬الحج‪ (5) .18 :‬الحج‪ ،77 :‬وقد مر الكلم في الية ص ‪ 97‬من هذا المجلد‪) .‬‬
‫‪ (6‬الفرقان‪ (7) .60 :‬النمل‪ (8) .25 :‬التنزيل‪ (9) .15 :‬السجدة‪) .37 :‬‬
‫‪ (0‬النجم‪ (1) .62 :‬الجن‪[*] .18 :‬‬

‫]‪[124‬‬

‫قوله تعالى‪) :‬وله يسجدون( قال الطبرسي رحمه ال )‪ :(1‬أي يخضعون‪ ،‬و قيل‪:‬‬
‫يصلون‪ ،‬وقيل يسجدون في الصلة‪ ،‬وهي أول سجدات القرآن‪ ،‬فعند أبي‬
‫حنيفة واجبة‪ ،‬وعند الشافعي سنة مؤكدة‪ ،‬وإليه ذهب أصحابنا‪ .‬وقال في‬
‫قوله )‪) (2‬ول يسجد( اختلف في معناه على قولين أحدهما أنه يجب‬
‫السجود ل تعالى إل أن المؤمن يسجد له طوعا‪ ،‬والكافر كرها بالسيف‪،‬‬
‫والثاني أن معناه الخضوع‪ ،‬وقيل المراد بالظل الشخص‪ ،‬فان من يسجد‬
‫يسجد ظله معه‪ ،‬قال الحسن‪ :‬يسجد ظل الكافر ول يسجد الكافر‪ ،‬ومعناه‬
‫عند أهل التحقيق أنه يسجد شخصه دون قلبه‪ ،‬وقيل‪ :‬إن الظلل هنا على‬
‫ظاهرها‪ ،‬والمعنى في سجودها تمايلها من جانب إلى جانب وانقيادها‬
‫للتسخير بالطول والقصر انتهى‪ .‬وروى علي بن إبراهيم )‪ (3‬عن الباقر‬
‫عليه السلم أنه قال‪ :‬أما من يسجد من أهل السموات طوعا‪ :‬فالملئكة‬
‫يسجدون ل طوعا‪ ،‬ومن يسجد من أهل الرض فمن ولد في السلم فهو‬
‫يسجد له طوعا‪ ،‬وأما من يسجد له كرها فمن جبر على السلم‪ ،‬وأما من‬
‫لم يسجد فظله يسجد له بالغداة والعشي‪ .‬وقال علي بن إبراهيم )‪ (4‬تحريك‬
‫كل ظل خلقه ال هو سجوده ل‪ ،‬لنه ليس شئ إل له ظل يتحرك بتحركه‪،‬‬
‫وتحوله سجوده‪ .‬وقال‪ :‬ظل المؤمن يسجد طوعا وظل الكافر يسجد كرها‪،‬‬
‫وهو نموهم وحركتهم وزيادتهم ونقصانهم )‪ .(5‬وقد مر الكلم فيه في‬
‫كتاب السماء والعالم‪.‬‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ج ‪ 4‬ص ‪ ،516‬آخر سورة العراف‪ (2) .‬مجمع البيان ج ‪ 5‬ص‬
‫‪ 284‬سورة الرعد‪ (3) .15 :‬تفسير القمى ص ‪ (4) .338‬تفسير القمى‬
‫ص ‪ (5) .361‬تفسير القمى‪[*] .338 :‬‬

‫]‪[125‬‬

‫وقال الطبرسي )‪) (1‬وكن من الساجدين( أي المصلين عن ابن عباس‪ ،‬قال‪ :‬وكان‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله إذا حزبه أمر فزع إلى الصلة‪ ،‬وقيل كن من‬
‫الذين يسجدون ل ويوجهون بعبادتهم إليه‪ .‬وقال في قوله سبحانه )‪) (2‬إن‬
‫الذين اوتوا العلم من قبله( أي اعطوا علم التوراة من قبل نزول القرآن‬
‫كعبد ال بن سلم وغيره‪ ،‬فعلموا صفة النبي صلى ال عليه وآله قبل‬
‫مبعثه عن ابن عباس‪ ،‬وقيل إنهم أهل العلم من أهل الكتاب وغيرهم‪ ،‬وقيل‬
‫إنهم امة محمد صلى ال عليه وآله )إذا يتلى عليهم( القرآن )يخرون‬
‫للذقان سجدا( أي يسقطون على وجوههم ساجدين عن ابن عباس وقتادة‪،‬‬
‫وإنما خص الذقن لن من سجد كان أقرب شئ منه إلى الرض ذقنه‪،‬‬
‫والذقن مجمع اللحيين )ويقولون سبحان ربنا( أي تنزيها لربنا عما يضيف‬
‫إليه المشركون )إن كان وعد ربنا لمفعول( إنه كان وعد ربنا مفعول حقا‬
‫يقينا )ويخرون للذقان يبكون( أي ويسجدون باكين إشفاقا من التقصير‬
‫في العبادة‪ ،‬وشوقا إلى الثواب وخوفا من العقاب )ويزيدهم( ما في القرآن‬
‫من المواعظ )خشوعا( أي تواضعا ل تعالى واستسلما لمر ال وطاعته‬
‫انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬سيأتي تفسير السجود على الذقان بمعناه الظاهر كما رواه‬
‫الكليني )‪ (3‬عن علي بن محمد باسناد له قال‪ :‬سئل أبو عبد ال عليه‬
‫السلم عمن بجبهته علة ل يقدر على السجود عليها ؟ قال‪ :‬يضع ذقنه‬
‫على الرض إن ال تعالى يقول‪) :‬ويخرون للذقان سجدا( فيمكن أن يكون‬
‫في المم السالفة سجودهم هكذا )‪ (4‬والستشهاد بالية لمناسبة أنه لما‬
‫كان الذقن مسجدا للمم السابقة‪ ،‬فلذا صار مع الضرورة مسجدا لهذه المة‬
‫أيضا‪ ،‬ويحتمل أن يكون المراد بالية سجودهم في حال الضرورة‪ ،‬وعلي‬
‫بن‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ج ‪ 6‬ص ‪ (2) .347‬مجمع البيان ج ‪ 6‬ص ‪ (3) .445‬الكافي ج ‪3‬‬
‫ص ‪ (4) .334‬قد عرفت في ج ‪ 84‬ص ‪ ،195‬أن هذه السجدة سيرة‬
‫القسيسين والرهبان ينبطحون على الرض ويضعون أذقانهم على‬
‫الرض‪] *] .‬‬
‫]‪[126‬‬

‫إبراهيم )‪ (1‬فسر أول الذقان بالوجه‪ ،‬والذين اوتوا العلم بقوم من أهل الكتاب آمنوا‬
‫برسول ال صلى ال عليه وآله ثم ذكر الرواية التية فيمكن أن يكون كل‬
‫المعنيين مقصودين في الية‪ .‬ثم اعلم أن الفاضلين استدل بهذه الية على‬
‫وجوب السجود على الذقن مع تعذر الجبينين )‪ (2‬قال‪ :‬إذا صدق عليه‬
‫السجود وجب أن يكون مجزيا في المر به‪ ،‬و يرد عليه أن السجود‬
‫المأمور به غير هذا المعنى‪ ،‬بدليل عدم صحة الجتزاء به في حال‬
‫الختيار‪ ،‬فل يحصل به امتثال المر بالسجود‪ ،‬فالعمدة في ذلك الخبار‬
‫المؤيدة بالشهرة بين الصحاب‪) .‬ألم تر أن ال يسجد له من في السموات‬
‫ومن في الرض( من العقلء )و الشمس( أي وتسجد الشمس الخ وصف‬
‫سبحانه هذه الشياء بالسجود وهو الخضوع والذل والنقياد لخالقها فيما‬
‫يريد منها )وكثير من الناس( يعني المؤمنين الذين يسجدون ل تعالى‬
‫)وكثير حق عليه العذاب( أي ممن أبى السجود ول يوحده سبحانه )‪.(3‬‬
‫)وإذا قيل لهم( أي للمشركين )اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن( أي أنا‬
‫ل نعرف الرحمن‪ ،‬فانهم لم يكونوا يعرفون ال بهذا السم )وزادهم( ذكر‬
‫الرحمن )نفورا( عن اليمان )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬تفسير القمى‪ (2) .391 :‬قد عرفت في ج ‪ 84‬ص ‪ ،195‬أن السجدة على الذقن‬
‫غير مجز لعدم كونها سجدة بالطبع‪ ،‬وأن السجدة طبيعة تقع على سبعة‬
‫أعضاء‪ :‬الجبهة والكفين والركبتين وأصابع الرجلين‪ ،‬وأما خبر الكافي‬
‫فمع أنه مرسل مخالف لسائر الروايات المرة بوضع أحد الجبينين عند‬
‫تعذر الجبهة‪ ،‬أو حفر حفيرة لتقع الدمل في الحفيرة ويقع السجود على‬
‫أطرافه‪ (3) .‬مجمع البيان ج ‪ 7‬ص ‪ ،76‬في سورة الحج‪ (4) .18 :‬مجمع‬
‫البيان ج ‪ 7‬ص ‪ ،176‬في سورة الفرقان‪[*] .60 :‬‬

‫]‪[127‬‬

‫)أل يسجدوا( أي فصدهم أل يسجدوا‪ ،‬أو زين لهم أل يسجدوا أو ل يهتدون إلى أن‬
‫يسجدوا فل زائدة )الذي يخرج الخبء( أي ما خفي لغيره وإخراجه إظهاره‬
‫فهو يشمل إبداع جميع الشياء‪) .‬إنما يؤمن بآياتنا( قال الطبرسي رحمه‬
‫ال )‪ (1‬أي يصدق بالقرآن وساير حججنا )الذين إذا ذكروا بها( أي وعظوا‬
‫بها تذكروا واتعظوا بمواعظها بأن )خروا سجدا( أي ساجدين شكرا ل‬
‫سبحانه على أن هداهم بمعرفته‪ ،‬وأنعم عليهم بفنون نعمته )وسبحوا بحمد‬
‫ربهم( أي نزهوه عما ل يليق به من الصفات‪ ،‬وعظموه وحمدوه )وهم ل‬
‫يستكبرون( عن عبادته ول يستنكفون من طاعته‪ ،‬ول يأنفون أن يعفروا‬
‫وجوههم صاغرين له‪ .‬أقول‪ :‬فيها إيماء إلى حسن التسبيح والتحميد في‬
‫السجود‪ ،‬ويمكن حمل الية على السجدات الواجبة أو العم منها ومن‬
‫المندوبة‪ ،‬وإن لم يذكره المفسرون‪) .‬ل تسجدوا للشمس( )‪ (2‬الخ يدل على‬
‫عدم جواز السجود لغير الخالق‪ ،‬ووجوب السجود له‪ ،‬وعدم صحة العبادة‬
‫بدون السجود )واسجدوا ل( يدل على وجوب السجود والخلص فيه‪،‬‬
‫واستدل به على وجوب السجود عند تلوة الية وسماعها‪ ،‬ول يخفى ما‬
‫فيه‪) .‬وأن المساجد ل( )‪ (3‬قد مر تفسيرها في باب المساجد‪ ،‬وقد فسرت‬
‫في أخبارنا بالمساجد السبعة كما ستعرف‪ ،‬فيدل على عدم جواز السجود‬
‫بتلك المساجد السبعة لغيره تعالى وقد مر في صحيحة حماد تفسيرها‬
‫بالمساجد السبعة‪ .‬ويؤيده ما رواه في الكافي )‪ (4‬عن أبي عمرو الزبيري‪،‬‬
‫عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن ال فرض اليمان على جوارح ابن‬
‫آدم وقسمه عليها‪ ،‬وفرقه فيها‪ ،‬وساق‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ج ‪ 8‬ص ‪ ،329‬في سورة التنزيل‪ (2) .15 :‬فصلت‪(3) .37 :‬‬
‫الجن‪ ،18 :‬راجع شرح ذلك في ج ‪ 84‬ص ‪ (4) .196‬الكافي ج ‪ 2‬ص‬
‫‪[*] .36‬‬

‫]‪[128‬‬

‫الحديث الطويل إلى أن قال‪ :‬وفرض على الوجه السجود له بالليل والنهار في‬
‫مواقيت الصلة فقال‪) :‬يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم‬
‫وافعلوا الخير لعلكم تفلحون( )‪ (1‬وهذه فريضة جامعة على الوجه واليدين‬
‫والرجلين‪ ،‬وقال في موضع آخر‪) :‬وأن المساجد ل فل تدعوا مع ال‬
‫أحدا(‪ .‬وفي الفقيه )‪ (2‬في وصية أمير المؤمنين عليه السلم لبنه محمد‬
‫ابن الحنفية قال ال عز و جل‪) :‬وأن المساجد ل( الية يعني بالمساجد‬
‫الوجه واليدين والركبتين والبهامين‪ - 1 .‬العياشي‪ :‬عن أبي جعفر الثاني‬
‫عليه السلم أنه سأله المعتصم عن السارق من أي موضع يجب أن يقطع ؟‬
‫فقال‪ :‬إن القطع يجب أن يكون من مفصل اصول الصابع‪ ،‬فيترك الكف‪،‬‬
‫قال‪ :‬وما الحجة في ذلك ؟ قال‪ :‬قول رسول ال صلى ال عليه وآله‪:‬‬
‫السجود على سبعة أعضاء‪ :‬الوجه‪ ،‬واليدين‪ ،‬والركبتين‪ ،‬والرجلين‪ ،‬فإذا‬
‫قطعت يده من الكرسوع والمرفق لم يبق له يد يسجد عليها‪ ،‬وقال ال‪:‬‬
‫)وأن المساجد ل( يعني به هذه العضاء السبعة التي يسجد عليها )فل‬
‫تدعوا مع ال أحدا( وما كان ل فل يقطع الخبر )‪ - 2 .(3‬غيبة الشيخ‪ :‬عن‬
‫جماعة‪ ،‬عن محمد بن أحمد بن داود القمي قال‪ :‬كتب محمد ابن عبد ال بن‬
‫جعفر الحميري إلى الناحية المقدسة يسأل عن المصلى يكون في صلة‬
‫الليل في ظلمة فإذا سجد يغلط بالسجادة ويضع جبهته على مسح أو نطع‪،‬‬
‫فإذا رفع رأسه وجد السجادة هل يعتد بهذه السجدة أم ل يعتد بها ؟ فوقع‬
‫عليه السلم‪ :‬ما لم يستو جالسا فل شئ عليه في رفع رأسه لطلب الخمرة‬
‫)‪ .(4‬الحتجاج‪ :‬عن الحميري مثله )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬الحج‪ (2) .77 :‬الفقيه ج ص )‪ (3‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪ 320‬في حديث‪) .‬‬
‫‪ (4‬غيبة الشيخ‪ (5) .248 :‬الحتجاج‪[*] .270 :‬‬

‫]‪[129‬‬

‫‪ - 3‬قرب السناد‪ :‬عن عبد ال بن الحسن‪ ،‬عن جده علي بن جعفر‪ ،‬عن أخيه‬
‫موسى عليه السلم قال‪ :‬سألته عن الرجل يسجد على الحصاة فل يمكن‬
‫جبهته من الرض‪ ،‬قال‪ :‬يحرك جبهته حتى يمكن وينحي الحصاة عن‬
‫جبهته ول يرفع رأسه )‪ .(1‬توفيق‪ :‬تعارضت الخبار في جواز رفع الرأس‬
‫وإعادة السجود‪ ،‬عند وقوع الجبهة على ما ل يصح السجود عليه أو عدم‬
‫تمكن الجبهة‪ ،‬وعدمه‪ ،‬فالشيخ حمل أخبار الجواز على ما إذا لم يمكن‬
‫وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه أو تمكنها بدون الرفع‪ ،‬وأخبار‬
‫عدم الجواز على ما إذا أمكن بدونه‪ ،‬ويمكن حمل أخبار الجواز على النافلة‬
‫كما هو مورد الخبر الول‪ ،‬والعدم على الفريضة‪ ،‬أو الولى على الجواز‬
‫والثانية على الكراهة‪ .‬قال في المنتهى‪ :‬لو وقعت جبهته على المرتفع جاز‬
‫أن يرفع رأسه ويسجد على المساوي‪ ،‬لنه لم يحصل كمال السجود‪ ،‬فيجوز‬
‫العود لتحصيل الكمال‪ ،‬ويؤيده ما رواه الشيخ عن الحسين بن حماد )‪(2‬‬
‫قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬أسجد فتقع جبهتي على الموضع‬
‫المرتفع‪ ،‬فقال‪ :‬ارفع رأسك ثم ضعه‪ ،‬ول يعارض ذلك ما رواه الشيخ في‬
‫الصحيح عن معاوية بن عمار )‪ (3‬قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬إذا‬
‫وضعت جبهتك على نبكة فل ترفعها ولكن جرها على الرض‪ ،‬وروى نحوه‬
‫عن الحسين بن حماد )‪ (4‬عنه عليه السلم وعن يونس عنه عليه السلم‪.‬‬
‫ثم قال‪ :‬لنا نحمل هذه الخبار على ما إذا كان مقدار المرتفع لبنة فما دون‪،‬‬
‫فلو رفع رأسه حينئذ لزمه أن يزيد سجدة متعمدا وهو غير سائغ‪ .‬وقال في‬
‫الذكرى‪ :‬لو وقعت الجبهة على ما ل يصح السجود عليه فان كان أعلى من‬
‫لبنة رفعها ثم سجد لعدم صدق مسمى السجود‪ ،‬وإن كان لبنة فما دون‪،‬‬
‫فالولى أن يجر‪ ،‬ول يرفع لئل يلزم تعدد السجود‪ ،‬وعلى ذلك دلت رواية‬
‫الحسين بن‬

‫)‪ (1‬قرب السناد ص ‪ 93‬ط حجر‪ 122 :‬ط نجف‪ 2) .‬و ‪ (3‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪.222‬‬
‫)‪ (4‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪[*] .225‬‬
‫]‪[130‬‬

‫حماد‪ ،‬ثم حمل روايات المنع على غير المرتفع‪ ،‬وكذا فعل المحقق في المعتبر‪ ،‬ولعل‬
‫بعض ما ذكرنا من الوجوه أوجه‪ ،‬إذ عدم تحقق السجود الشرعي كما يكون‬
‫في الرتفاع زائدا على اللبنة يكون في وقوع الجبهة على ما ل يصح‬
‫السجود عليه أو عدم الستقرار فيه‪ ،‬وأما أصل حقيقة السجود شرعا‬
‫وعرفا ولغة‪ ،‬فالظاهر أنه يتحقق مع قدر من النحناء ووضع الجبهة‪،‬‬
‫ويلزمهم أنه إذا وضع جبهته على أزيد من لبنة مرات ل يتحقق معها الفعل‬
‫الكثير‪ ،‬ل يكون مبطل لصلته‪ ،‬ولعلهم ل يقولون به فالظاهر أن جواز ذلك‬
‫للضرورة ومع عدمها ل يجوز الرفع كما هو ظاهر الشيخ‪ .‬ثم تحريك‬
‫الجبهة وتنحية الحصاة في الخبر إما لعدم الستقرار‪ ،‬أو لعدم الكتفاء بأقل‬
‫من الدرهم كما قيل‪ ،‬أو لتحقق المستحب من إيصال الدرهم فما زاد‪،‬‬
‫وبالجملة ل يمكن الستدلل به على وجوب الدرهم‪ - 4 .‬قرب السناد‪ :‬عن‬
‫عبد ال بن الحسن‪ ،‬عن جده علي بن جعفر‪ ،‬عن أخيه عليه السلم قال‪:‬‬
‫سألته عن المرءة إذا سجدت يقع بعض جبهتها على الرض وبعضها‬
‫يغطيه الشعر‪ ،‬هل يجوز ؟ قال‪ :‬ل حتى تضع جبهتها على الرض )‪.(1‬‬
‫بيان‪ :‬المشهور بين الصحاب إجزاء إيصال جزء من الجبهة إلى ما يصح‬
‫السجود عليه‪ ،‬وذهب الصدوق وابن إدريس والشهيد في الذكرى إلى‬
‫وجوب مقدار الدرهم‪ ،‬وظاهر ابن الجنيد وجوب وضع كل الجبهة على‬
‫الرض‪ ،‬فانه قيد إجزاء مقدار الدرهم بما إذا كان بالجبهة علة‪ ،‬وهذا الخبر‬
‫يؤيده‪ ،‬والقوى حمله على الستحباب لمعارضة الخبار الكثيرة المعتبرة‬
‫الدالة على إجزاء المسمى )‪ (2‬قال في الذكرى‪ :‬يستحب للمرءة أن ترفع‬
‫شعرها عن جبهتها‪ ،‬وإن كان يصيب الرض بعضها لزيادة التمكن لرواية‬
‫علي بن جعفر‪ ،‬والظاهر أنه على الكراهة‪ ،‬وقال‬

‫)‪ (1‬قرب السناد‪ 133 :‬ط نجف‪ 101 :‬ط حجر‪ (2) .‬قد ظهر مما مر ص ‪ 98‬وج‬
‫‪ 84‬ص ‪ 194‬أن الجبهة يجب أن تقع على شئ يمكن معه أن تتمكن‬
‫بثقلها عليه‪ ،‬والظاهر أنه ل أقل من سعة الدرهم‪ ،‬ال أن يكون خشنة جدا‬
‫أو مشمسا شديد الحرارة ل يقدر الساجد أن يمكن جبهته منه ويعتمد‬
‫عليه بالقاء الثقل عليه‪[*] .‬‬

‫]‪[131‬‬

‫ابن الجنيد‪ :‬ل يستحب للمرءة أن تطول قصتها حتى يستر شعرها بعض جبهتها عن‬
‫الرض أو ما تسجد عليه‪ - 5 .‬الكافي‪ :‬في الصحيح عن أبي عبيدة قال‪:‬‬
‫سمعت أبا جعفر عليه السلم يقول وهو ساجد‪) :‬أسألك بحق حبيبك محمد‬
‫صلى ال عليه وآله إل بدلت سيأتي حسنات‪ ،‬وحاسبتني حسابا يسيرا( ثم‬
‫قال في الثانية‪) :‬أسألك بحق حبيبك محمد إل كفيتني مؤنة الدنيا و كل هول‬
‫دون الجنة( وقال في الثالثة‪) :‬أسألك بحق حبيبك محمد لما غفرت لي‬
‫الكثير من الذنوب والقليل‪ ،‬وقبلت مني عملي اليسير( ثم قال في الرابعة‪:‬‬
‫)أسئلك بحق حبيبك محمد لما أدخلتني الجنة‪ ،‬وجعلتني من سكانها‪ ،‬ولما‬
‫نجيتني من سفعات النار برحمتك‪ .‬وصلى ال على محمد وآله )‪ .(1‬ومنه‪:‬‬
‫بسند قريب من الصحيح عن جميل قال‪ :‬قال لي أبو عبد ال عليه السلم‪:‬‬
‫أي شئ تقول إذا سجدت ؟ قلت‪ :‬علمني جعلت فداك ما أقول‪ ،‬قال‪ :‬قل )يا‬
‫رب الرباب ويا ملك الملوك‪ ،‬وياسيد السادات‪ ،‬ويا جبار الجبابرة‪ ،‬ويا إله‬
‫اللهة‪ ،‬صل على محمد وآل محمد‪ ،‬وافعل بي كذا وكذا( ثم قال‪) :‬فاني‬
‫عبدك ناصيتي في قبضتك( ثم ادع بما شئت‪ ،‬واسأله فانه جواد ول‬
‫يتعاظمه شئ )‪ - 6 .(2‬كتاب عاصم بن حميد‪ :‬عن أبي بصير‪ ،‬عن أبي‬
‫جعفر عليه السلم قال‪ :‬سألته عن الرجل يرفع موضع جبهته في المسجد‪،‬‬
‫فقال إني احب أن أضع وجهي في مثل قدمي‪ ،‬وأكره أن يضعه الرجل ]على‬
‫مرتفع[ ظ )‪ .(3‬ومنه‪ :‬عن سعيد بن يسار قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه‬
‫السلم‪ :‬أدعو وأنا راكع أو ساجد ؟ قال‪ :‬فقال‪ :‬نعم ادع وأنت ساجد‪ ،‬فان‬
‫أقرب ما يكون العبد إلى ال وهو‬

‫)‪ (1‬الكافي ج ‪ 3‬ص ‪ (2) .322‬المصدر نفسه ص ‪ (3) .323‬رواه الشيخ في‬
‫التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪ ،158‬ولفظه في آخره )انى أحب أن أضع وجهى في‬
‫موضع قدمى وكرهه( واستدركه العلمة النوري على صاحب الوسائل‬
‫من كتاب عاصم بن حميد ولفظه )أن يصنعه الرجل(‪ .‬وما استظهرناه‬
‫أوفق بالسياق‪[*] .‬‬

‫]‪[132‬‬

‫ساجد‪ ،‬ادع ال عزوجل لدنياك وآخرتك‪ - 7 .‬العلل‪ :‬عن علي بن سهل‪ ،‬عن إبراهيم‬
‫بن علي‪ ،‬عن أحمد بن محمد النصاري‪ ،‬عن الحسن بن علي العلوي‪ ،‬عن‬
‫أبي حكيم الزاهد‪ ،‬عن أحمد ابن علي الراهب قال‪ :‬قال رجل لمير المؤمنين‬
‫عليه السلم‪ :‬يا ابن عم خير خلق ال ما معنى السجدة الولى ؟ فقال‪:‬‬
‫تأويله اللهم إنك منها خلقتني يعني من الرض و رفع رأسك ومنها‬
‫أخرجتنا‪ ،‬والسجدة الثانية وإليها تعيدنا ورفع رأسك من الثانية ومنها‬
‫تخرجنا تارة اخرى‪ .‬قال الرجل‪ :‬ما معني رفع رجلك اليمنى وطرحك‬
‫اليسرى في التشهد ؟ قال‪ :‬تأويله اللهم أمت الباطل وأقم الحق )‪ .(1‬ومنه‪:‬‬
‫عن محمد بن الحسن‪ ،‬عن محمد بن الحسن الصفار‪ ،‬عن إبراهيم بن هاشم‬
‫عن النوفلي‪ ،‬عن السكوني‪ ،‬عن الصادق‪ ،‬عن أبيه عليهما السلم قال‪ :‬إذا‬
‫سجد أحدكم فليباشر بكفيه الرض لعل ال يصرف عنه الغل يوم القيامة )‬
‫‪ .(2‬ثواب العمال‪ :‬عن علي بن إبراهيم‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن النوفلي مثله )‪.(3‬‬
‫بيان‪ :‬المراد بالرض التراب والحجر وغيرهما من وجه الرض أو التراب‬
‫فقط أو ما يصح عليه السجود تغليبا أو العم منه ايضا بأن يكون المراد‬
‫العتماد عليهما ول يخفى بعد ما عدا الول‪ - 8 .‬العلل‪ :‬عن محمد بن علي‬
‫ماجيلويه‪ ،‬عن محمد بن يحيى‪ ،‬عن محمد بن أحمد الشعري‪ ،‬عن إبراهيم‬
‫بن إسحاق‪ ،‬عن عبد ال بن حماد‪ ،‬عن أبي بصير قال‪ :‬قلت لبي عبد ال‬
‫عليه السلم‪ :‬جعلت فداك الرجل يكون في السفر فيقطع عليه الطريق فيبقى‬
‫عريانا في سراويل‪ ،‬ول يجد ما يسجد عليه ويخاف إن سجد على الرمضاء‬
‫احترقت وجهه‬

‫)‪ (1‬علل الشرايع ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .25‬علل الشرايع ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .20‬ثواب العمال‪:‬‬
‫‪ 31‬و ‪[*] .32‬‬

‫]‪[133‬‬

‫قال‪ :‬يسجد على ظهر كفه فانها أحد المساجد )‪ .(1‬بيان‪ :‬لعل التعليل لتخصيص‬
‫السجدة بكونها على ظهر الكف‪ ،‬لن بطنها إلى المساجد‪ ،‬فإذا سجد على‬
‫بطنها فات إيصال البطن إلى الرض‪ ،‬وقيل‪ :‬تعليل للسجود على الكف‬
‫بمناسبة أنها أحد المساجد‪ ،‬وقيل‪ :‬المراد أن كفك أحد مساجدك على‬
‫الرض‪ ،‬فإذا وضعت جبهتك عليها صارت موضوعة على الرض‬
‫بتوسطها‪ ،‬و يحتمل أن يكون المراد أنها أحد الشياء التي جوز الشارع‬
‫السجود عليها في حال الضرورة‪ - 9 .‬تفسير على بن ابراهيم‪) :‬وأن‬
‫المساجد ل فل تدعوا مع ال أحدا( قال‪ :‬المساجد السبعة التي يسجد‬
‫عليها‪ :‬الكفان والركبتان والبهامان والجبهة )‪ .(2‬ومنه‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫الصباح‪ ،‬عن إسحاق بن عمار قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه السلم رجل‬
‫بين عينيه قرحة ل يستطيع أن يسجد عليها ؟ قال‪ :‬يسجد ما بين طرف‬
‫شعره‪ ،‬فان لم يقدر سجد على حاجبه اليمن‪ ،‬فان لم يقدر فعلى حاجبه‬
‫اليسر فان لم يقدر فعلى ذقنه‪ ،‬قلت‪ :‬على ذقنه ؟ قال‪ :‬نعم أما تقرأ كتاب‬
‫ال عزوجل )يخرون للذقان سجدا( )‪ .(3‬تنقيح‪ :‬المشهور بين الصحاب‬
‫أنه إن كان بجبهته دمل أو جراح حفر له حفيرة ليقع السليم على الرض‪،‬‬
‫فان تعذر سجد على إحدى الجبينين‪ ،‬وذهب الصدوق و والده إلى وجوب‬
‫تقديم اليمن‪ ،‬فان تعذر فعلى ذقنه‪ ،‬وقال الشيخ في المبسوط‪ :‬إن كان هناك‬
‫دمل أو جراح ولم يتمكن من السجود عليه‪ ،‬سجد على أحد جانبيه‪ ،‬فان لم‬
‫يتمكن من السجود عليه سجد على ذقنه وإن جعل لموضع الدمل حفرة‬
‫يجعله فيها كان جائزا‪ ،‬وقدم ابن حمزة السجود على أحد الجانبين على‬
‫الحفرة‪ ،‬والشهر‬
‫)‪ (1‬علل الشرايع ج ‪ 2‬ص ‪ 29‬و ‪ (2) .30‬تفسير القمى‪ (3) .700 :‬تفسير القمى‪:‬‬
‫‪ ،391‬في‪ .‬آية السراء‪[*] .109 :‬‬

‫]‪[134‬‬

‫أقوى لهذا الخبر‪ ،‬وإن لم يتعرضوا له‪ ،‬ولما رواه الشيخ )‪ (1‬عن مصادف قال‪:‬‬
‫خرج بي دمل وكنت أسجد على جانب فرأى أبو عبد ال عليه السلم أثره‬
‫فقال لي‪ :‬ما هذا ؟ فقلت ل أستطيع أن أسجد من أجل الدمل‪ ،‬فانما أسجد‬
‫منحرفا‪ ،‬فقال لي‪ :‬ل تفعل ذلك ! احفر حفيرة واجعل الدمل في الحفيرة حتى‬
‫تقع جبهتك على الرض‪ ،‬وهل يجب كشف الذقن من اللحية عند السجود‬
‫عليه ؟ قال الشهيد الثاني‪ :‬نعم استنادا إلى أن اللحية ليست من الذقن‪،‬‬
‫فيجب كشفه مع المكان‪ ،‬وقيل ل يجب‪ ،‬لطلق الخبر ولعله أقرب‪- 10 .‬‬
‫قرب السناد‪ :‬عن محمد بن عيسى اليقطيني‪ ،‬عن عبد ال بن ميمون‬
‫القداح‪ ،‬عن الصادق‪ ،‬عن أبيه عليهما السلم قال‪ :‬يسجد ابن آدم على‬
‫سبعة أعظم‪ :‬يديه و رجليه وركبتيه وجبهته )‪ .(2‬ومنه‪ :‬عن عبد ال بن‬
‫الحسن‪ ،‬عن جده علي بن جعفر‪ ،‬عن أخيه عليه السلم قال‪ :‬سألته عن‬
‫الرجل يسجد ثم ل يرفع يديه من الرض حتى يسجد الثانية‪ ،‬هل يصلح له‬
‫ذلك ؟ قال‪ :‬ذلك نقص في الصلة )‪ .(3‬بيان‪) :‬ذلك نقص في الصلة( في‬
‫أكثر النسخ بالصاد المهملة‪ ،‬وفي بعضها بالمعجمة‪ ،‬فعلى الول ظاهره‬
‫الجواز‪ ،‬ول خلف بين الصحاب في وجوب الجلوس والطمأنينة بين‬
‫السجدتين نقل الجماع عليه جماعة‪ - 11 .‬الخصال‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن علي بن‬
‫إبراهيم‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن حماد‪ ،‬عن حريز‪ ،‬عن زرارة‪ ،‬عن أبي جعفر عليه‬
‫السلم قال‪ :‬السجود على سبعة أعظم‪ :‬الجبهة والكفين والركبتين‬
‫والبهامين‪ ،‬وترغم بأنفك‪ ،‬أما المفترض فهذه السبعة وأما الرغام فسنة )‬
‫‪(4‬‬

‫)‪ (1‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .158‬قرب السناد‪ 12 :‬ط حجر‪ 17 ،‬ط نجف‪ ،‬ورواه‬
‫ابن ادريس نقل من جامع البزنطى ج ‪ 496‬من سرائره‪ (3) .‬قرب‬
‫السناد‪ 96 :‬ط حجر‪ 126 :‬ط نجف‪ (4) .‬الخصال ج ‪ 2‬ص‪[*] .5 :‬‬

‫]‪[135‬‬

‫‪ - 12‬مجالس الصدوق والخصال‪ :‬في بعض أخبار المناهي عن النبي صلى ال‬
‫عليه وآله أن ال كره النفخ في الصلة )‪ - 13 .(1‬الخصال‪ :‬عن أحمد بن‬
‫محمد بن هيثم‪ ،‬عن أحمد بن يحيى بن زكريا‪ ،‬عن بكر بن عبد ال بن‬
‫حبيب‪ ،‬عن تميم بن بهلول‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن الحسين بن مصعب قال‪ :‬قال أبو‬
‫عبد ال عليه السلم‪ :‬يكره النفخ في الرقى والطعام وموضع السجود )‪.(2‬‬
‫ومنه‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد بن عبد ال‪ ،‬عن محمد بن عيسى اليقطيني‪ ،‬عن‬
‫القاسم ابن يحيى‪ ،‬عن جده الحسن‪ ،‬عن أبي بصير ومحمد بن مسلم‪ ،‬عن‬
‫الصادق عليه السلم‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه‬
‫السلم ل ينفخ الرجل في موضع سجوده‪ ،‬ول ينفخ في طعامه‪ ،‬ول في‬
‫شرابه‪ ،‬ول في تعويذه )‪ - 14 .(3‬العلل‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد بن عبد ال‪،‬‬
‫عن يعقوب بن يزيد‪ ،‬عن صفوان‪ ،‬عن ابن مسكان‪ ،‬عن ليث قال‪ :‬قلت لبي‬
‫عبد ال عليه السلم‪ :‬الرجل يصلي فينفخ في موضع جبهته‪ ،‬قال‪ :‬ليس به‬
‫بأس‪ ،‬إنما يكره ذلك أن يؤذي من إلى جانبه )‪ .(4‬بيان‪ :‬حمل هذا على‬
‫الجواز‪ ،‬وما مر على الكراهة‪ ،‬ويمكن تقييد الخبار السابقة بهذا الخبر كما‬
‫فعله الشيخ في الستبصار‪ ،‬ويمكن حمل هذا الخبر على قبل الصلة‬
‫والخبار المطلقة على حال الصلة كما يدل عليه خبر المناهي‪ ،‬فالمراد‬
‫بقوله‪) :‬يصلي( يريد الصلة‪ ،‬لكن يأبى عنه بعض الخبار المصرحة‬
‫بجوازه في الصلة ما لم يؤذ أحدا‪ ،‬ويمكن القول بالكراهة مطلقا وتكون مع‬
‫اليذاء أشد‪ - 15 .‬المحاسن‪ :‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن علي بن حديد‪ ،‬عن‬
‫أبي اسامة قال سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬عليكم بتقوى ال‪،‬‬
‫والورع والجتهاد‪ ،‬وصدق الحديث‬

‫)‪ (1‬أمالى الصدوق‪ ،181 :‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .102‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪،76‬‬
‫والرقى كهدى جمع رقية بالضم كاللقمة‪ ،‬والمراد التعويذ والنفث فيه‪،‬‬
‫راجع ج ‪ 95‬ص ‪ 6 - 4‬باب ما يجوز من النشرة‪ (3) .‬الخصال ج ‪ 2‬ص‬
‫‪ (4) .156‬علل الشرايع ج ‪ 2‬ص ‪[*] .34‬‬

‫]‪[136‬‬

‫وأداء المانة‪ ،‬وحسن الجوار‪ ،‬وكونوا دعاة إلى أنفسكم بغير ألسنتكم‪ ،‬وكونوا زينا‪،‬‬
‫ول تكونوا شينا‪ ،‬وعليكم بطول السجود والركوع‪ ،‬فان أحدكم إذا أطال‬
‫الركوع والسجود‪ ،‬يهتف إبليس من خلفه وقال‪ :‬يا ويلتاه أطاعوا وعصيت‪،‬‬
‫وسجدوا وأبيت )‪ - 16 .(1‬مصباح الشريعة‪ :‬قال الصادق عليه السلم‪ :‬ما‬
‫خسر وال من أتى بحقيقة السجود‪ ،‬ولو كان في العمر مرة واحدة‪ ،‬وما‬
‫أفلح من خل بربه في مثل ذلك الحال شبيها بمخادع لنفسه‪ ،‬غافل له عما‬
‫أعد ال للساجدين‪ :‬من انس العاجل‪ ،‬وراحة الجل‪ ،‬ولبعد أبدا عن ال من‬
‫أحسن تقربه في السجود‪ ،‬ولقرب إليه أبدا من أساء أدبه‪ ،‬وضيع حرمته‪،‬‬
‫بتعليق قلبه بسواه في حال سجوده‪ ،‬فاسجد سجود متواضع ذليل علم أنه‬
‫خلق من تراب يطأه الخلق‪ ،‬وأنه ركب من نطفة يستقذرها كل أحد وكون‬
‫ولم يكن‪ .‬وقد جعل ال معنى السجود سبب التقرب إليه بالقلب والسر‬
‫والروح‪ ،‬فمن قرب منه بعد من غيره‪ ،‬أل يرى في الظاهر أنه ل يستوي‬
‫حال السجود إل بالتواري عن جميع الشياء‪ ،‬والحتجاب عن كل ما تراه‬
‫العيون‪ ،‬كذلك أراد ال تعالى أمر الباطن فمن كان قلبه متعلقا في صلته‬
‫بشئ دون ال‪ ،‬فهو قريب من ذلك الشئ‪ ،‬بعيد من حقيقة ما أراد ال منه‬
‫في صلته‪ ،‬قال ال عزوجل‪) :‬ما جعل ال لرجل من قلبين في جوفه( )‪(2‬‬
‫وقال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬قال ال عزوجل‪ :‬ل أطلع على قلب‬
‫عبد فأعلم منه حب الخلص لطاعتي لوجهي‪ ،‬وابتغاء مرضاتي إل توليت‬
‫تقويمه وسياسته ومن اشتغل في صلته بغيري فهو من المستهزئين‬
‫بنفسه‪ ،‬ومكتوب اسمه في ديوان الخاسرين )‪ - 17 .(3‬فلح السائل‪ :‬تقول‬
‫في السجود ما رواه الكليني ‪ -‬ره ‪ -‬عن الحلبي‪ ،‬عن‬

‫)‪ (1‬المحاسن‪ (2) .18 :‬الحزاب‪ (3) .4 :‬مصباح الشريعة ‪ 12‬و ‪[*] .13‬‬

‫]‪[137‬‬

‫أبي عبد ال عليه السلم وفيه زيادة برواية اخرى‪) :‬اللهم لك سجدت وبك آمنت‬
‫ولك أسلمت وعليك توكلت وأنت ربي‪ ،‬سجد لك سمعي وبصري وشعري‬
‫وعصبي و عظامي‪ ،‬سجد وجهي البالي الفاني للذي خلقه وصوره وشق‬
‫سمعه وبصره‪ ،‬تبارك ال أحسن الخالفين( )‪ .(1‬وروى الكليني عن‬
‫الفضيل بن يسار‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬كان علي بن الحسين‬
‫عليه السلم إذا قام إلى الصلة تغير لونه‪ ،‬فإذا سجد لم يرفع رأسه حتى‬
‫يرفض عرقا ثم يرفع رأسه من السجدة الولى ويقول‪ :‬اللهم اعف عني‬
‫واغفر لي وارحمني واجبرني واهدني إني لما أنزلت إلى من خير فقير )‬
‫‪ .(2‬بيان‪ :‬ما ذكره من دعاء السجود موافق لما في مصباح الشيخ‪ ،‬وفيه‬
‫)وجهي الفاني البالي( وكذا ذكره الشهيد في النفلية‪ ،‬وفي الكافي )‪(3‬‬
‫والتهذيب )‪ (4‬وأنت ربي سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره‬
‫والحمد ل رب العالمين تبارك ال أحسن الخالقين( روياه في الحسن عن‬
‫الحلبي‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم ثم قال‪ :‬فإذا رفعت رأسك فقل بين‬
‫السجدتين )اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني‪ ،‬وادفع عني إني لما أنزلت‬
‫إلى من خير فقير‪ ،‬تبارك ال رب العالمين‪ .‬وفي الذكرى ذكر دعاء السجود‬
‫كما في الكافي‪ ،‬ثم قال‪ :‬وإن قال‪ :‬خلقه وصوره كان حسنا‪ ،‬ثم قال في‬
‫الدعاء بين السجدتين‪ :‬روي عن النبي صلى ال عليه وآله أنه كان يقول‬
‫بينهما )اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني وعافني إني لما أنزلت إلى من‬
‫خير فقير تبارك ال رب العالمين( وأسقط ابن جنيد تبارك ال إلى آخرها‪،‬‬
‫وزاد سمعت و أطعت غفرانك ربنا وإليك المصير‪ - 18 .‬جامع البزنطى‪:‬‬
‫نقل من خط بعض الفاضل‪ ،‬عن الحلبي‪ ،‬عن الصادق عليه السلم قال‪ :‬إذا‬
‫سجدت فل تبسط ذراعيك كما يبسط السبع ذراعيه‪ ،‬ولكن‬

‫)‪ (2 - 1‬فلح السائل‪ (3) .133 :‬الكافي ج ‪ (4) .3 321‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪.156‬‬
‫]*[‬

‫]‪[138‬‬

‫اجنح بهما‪ ،‬فان رسول ال صلى ال عليه وآله كان يجنح بهما حتى يرى بياض‬
‫إبطيه‪ - 19 .‬كتاب المسائل‪ :‬لعلي بن جعفر‪ ،‬عن أخيه موسى عليه السلم‬
‫قال‪ :‬سألته عن الرجل يسجد فيضع يده على نعله هل يصلح ذلك ؟ قال‪ :‬ل‬
‫بأس )‪ - 20 .(1‬نوادر الراوندي‪ :‬باسناده‪ ،‬عن موسى بن جعفر‪ ،‬عن آبائه‬
‫عليهم السلم قال قال علي عليه السلم في قوله تعالى‪) :‬وأن المساجد ل(‬
‫ما سجدت به من جوارحك ل تعالى )فل تدعو مع ال أحدا( )‪- 21 .(2‬‬
‫مجمع البيان‪ :‬روي أن المعتصم سأل أبا جعفر محمد بن علي بن موسى‬
‫الرضا عليه السلم عن قوله تعالى‪) :‬وأن المساجد ل( فقال‪ :‬هي العضاء‬
‫السبعة التي يسجد عليها )‪ - 22 .(3‬دعائم السلم‪ :‬عن جعفر بن محمد‬
‫عليه السلم قال‪ :‬إذا تصوبت للسجود فقدم يديك إلى الرض قبل ركبتيك‬
‫بشئ )‪ .(4‬وعنه عليه السلم قال‪ :‬إذا سجدت فلتكن كفاك على الرض‬
‫مبسوطتين‪ ،‬وأطراف أصابعك حذاء اذنيك‪ ،‬نحو ما تكون إذا رفعتهما‬
‫بالتكبير‪ ،‬واجنح بمرفقيك‪ ،‬و ل تفترش ذراعيك‪ ،‬وأمكن جبهتك وأنفك من‬
‫الرض‪ ،‬واخرج يديك من كميك وباشر بهما الرض أو ما تصلي عليه‪ ،‬ول‬
‫تسجد على كور العمامة‪ ،‬حسر عن جبهتك ! وأقل ما يجزي أن يصيب‬
‫الرض عن جبهتك قدر درهم )‪ .(5‬وعنه عليه السلم أنه قال‪ :‬وقل في‬
‫السجود‪) :‬سبحان ربي العلى( ثلث مرات )‪ .(6‬ومما روينا عنهم عليهم‬
‫السلم فيمن صلى لنفسه أن يقول في سجوده‪) :‬اللهم لك‬

‫)‪ (1‬المسائل ‪ -‬البحار ج ‪ 10‬ص ‪ (2) .253‬نوادر الراوندي‪ ،30 :‬والية في سورة‬
‫الجن‪ (3) .18 :‬مجمع البيان ج ‪ 10‬ص ‪ (5 - 4) .372‬دعائم السلم ج‬
‫‪ 1‬ص ‪ (6) .163‬دعائم السلم ج ‪ 1‬ص ‪[*] .164‬‬

‫]‪[139‬‬

‫سجدت وبك آمنت وعليك توكلت وأنت ربي وإلهي سجد وجهي للذي خلقه وشق‬
‫سمعه وبصره ل رب العالمين‪ ،‬سبحان ربي العلى وبحمده( ثلث مرات‬
‫ويقول بين السجدتين‪ :‬اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني وارفعني )‪.(1‬‬
‫بيان‪ :‬إخراج اليد عن الكم وإيصالها الرض على الستحباب‪ ،‬كما ذكر‬
‫الصحاب‪ ،‬وعدم السجود على كور العمامة لكونها من الثياب‪ ،‬ومنع‬
‫الشيخ من السجود على ما هو حامل له ككور العمامة وطرف الرداء‪ ،‬قال‬
‫في الذكرى‪ :‬فان قصد لكونه من جنس ما ل يسجد عليه فمرحبا بالوفاق‪،‬‬
‫وإن جعل المانع نفس الحمل كما هو مذهب بعض العامة طولب بدليل‬
‫المنع‪ - 23 .‬الهداية‪ :‬السجود على سبعة أعظم‪ :‬على الجبهة‪ ،‬والكفين‪،‬‬
‫والركبتين والبهامين‪ ،‬والرغام بالنف سنة من تركها لم تكن له صلة )‬
‫‪ - 24 .(2‬العلل‪ :‬لمحمد بن علي بن إبراهيم‪ :‬سئل أمير المؤمنين عليه‬
‫السلم عن معنى السجود‪ ،‬فقال‪ :‬معناه منها خلقتني يعني من التراب ورفع‬
‫رأسك من السجود معناه منها أخرجتني‪ ،‬والسجدة الثانية‪ ،‬وإليها تعيدني‪،‬‬
‫ورفع رأسك من السجدة الثانية ومنها تخرجني تارة اخرى‪ ،‬ومعنى قوله‬
‫سبحان ربي العلى‪ ،‬فسبحان أنفة ل‪ ،‬و ربي خالقي‪ ،‬والعلى أي عل‬
‫وارتفع في سماواته‪ ،‬حتى صار العباد كلهم دونه و قهرهم بعزته‪ ،‬ومن‬
‫عنده التدبير وإليه تعرج المعارج‪ .‬وقالوا أيضا في علة السجود مرتين‪ :‬أن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله لما اسري به إلى السماء ورأى عظمة ربه‬
‫سجد‪ ،‬فلما رفع رأسه رأى من عظمته ما رأى فسجد أيضا فصار سجدتين‪.‬‬
‫‪ - 25‬مجالس الصدوق‪ :‬عن محمد بن علي بن الفضل‪ ،‬عن محمد بن عمار‬
‫القطان عن الحسين بن علي الزعفراني‪ ،‬عن إسماعيل بن إبراهيم العبدي‪،‬‬
‫عن سهل‪ ،‬عن ابن محبوب‪ ،‬عن الثمالي قال‪ :‬دخلت مسجد الكوفة فإذا أنا‬
‫برجل عند السطوانة السابعة‬

‫)‪ (1‬دعائم السلم ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .164‬الهداية‪[*] .32 :‬‬

‫]‪[140‬‬

‫قائما يصلي ويحسن ركوعه وسجوده‪ ،‬فجئت لنظر إليه فسبقني إلى السجود‬
‫فسمعته يقول في سجوده‪) :‬اللهم إن كنت قد عصيتك فقد أطعتك في أحب‬
‫الشياء إليك وهو اليمان بك‪ ،‬منا منك به على لمن به مني عليك‪ ،‬ولم‬
‫أعصك في أبغض الشياء إليك‪ :‬لم أدع لك ولدا‪ ،‬ولم أتخذ لك شريكا منا‬
‫منك على لمن مني عليك‪ ،‬و عصيتك في أشياء على غير مكاشرة مني ول‬
‫مكابرة‪ ،‬ول استكبار عن عبادتك‪ ،‬ول جحود لربوبيتك‪ ،‬ولكن ابتعت هواي‬
‫وأضلني الشيطان بعد الحجة والبيان فان تعذبني فبذنبي غير ظالم لي‪ ،‬وإن‬
‫ترحمني فبجودك ورحمتك يا أرحم الراحمين(‪ .‬ثم انفتل وخرج من باب‬
‫كندة فتبعته حتى أتى مناخ الكلبيين فمر بأسود فأمره بشئ لم أفهمه‪،‬‬
‫فقلت‪ :‬من هذا ؟ فقال‪ :‬هذا علي بن الحسين عليه السلم فقلت‪ :‬جعلني ال‬
‫فداك ما أقدمك هذا الموضع ؟ فقال‪ :‬الذي رأيت )‪ - 26 .(1‬المقنعة‪ :‬ثم‬
‫يرفع رأسه من السجدة الولى ويقول وهو جالس )اللهم اغفر لي‬
‫وارحمني وادفع عني واجبرني إني لما أنزلت إلى من خير فقير( )‪27 .(2‬‬
‫‪ -‬كتاب زيد النرسى‪ :‬عن سماعة بن مهران قال‪ :‬رأيت أبا عبد ال عليه‬
‫السلم إذا سجد بسط يديه على الرض بحذاء وجهه وفرج بين أصابع‬
‫يديه‪ ،‬ويقول‪ :‬إنهما يسجدان كما يسجد الوجه‪ .‬بيان‪ :‬تفريج الصابع خلف‬
‫المشهور وساير الخبار من استحباب ضم الصابع بل ادعى عليه في‬
‫المنتهى الجماع‪ ،‬وقال ابن الجنيد‪ :‬يفرق البهام عنها‪ ،‬فيمكن حمل الخبر‬
‫على بيان الجواز أو العذر أو على خصوص البهام على مختار ابن الجنيد‪،‬‬
‫و إن كان بعيدا‪.‬‬

‫)‪ (1‬أمالى الصدوق‪ (2) .188 :‬المقنعة‪[*] .16 :‬‬

‫]‪[141‬‬

‫دقيقة اعلم أن المشهور بين الصحاب أن السجدتين معا ركن‪ ،‬وأما إحداهما فليست‬
‫ركنا‪ ،‬وههنا خلف في موضعين‪ :‬أحدهما أن الخلل بالسجدتين معا مبطل‬
‫في الخيرتين كالوليين أم ل‪ ،‬واختار الشيخ الثاني خلفا للمشهور كما‬
‫سيأتي الثاني أن الخلل بالسجدة الواحدة سهوا هل هو مبطل أم ل ؟‬
‫وعلى الخير معظم الصحاب وقال في الذكرى‪ :‬بل هو اجماع‪ ،‬وكلم ابن‬
‫أبي عقيل يومئ إلى الول لصدق الخلل بالركن‪ ،‬إذ الماهية المركبة تفوت‬
‫بفوات جزء منها‪ .‬ويرد على المشهور أن الركن إن كان مسمى السجود‬
‫يلزم بطلن الصلة بالسجدتين والثلث عمدا وسهوا‪ ،‬وإن كان السجدتين‬
‫يلزم بطلن الصلة بترك واحدة منهما سهوا‪ ،‬واجيب عنه بوجوه مدخولة‬
‫أوردوها في كتبهم‪ ،‬ول فائدة في إيرادها‪ .‬وربما يتوهم اندفاع الشبهة بما‬
‫يومي إليه خبر المعراج بأن الولى كأنت بأمره تعالى والثانية أتى بها‬
‫الرسول صلى ال عليه وآله من قبل نفسه‪ ،‬فتكون الولى فريضة وركنا‬
‫والثانية سنة بالمعنى المقابل للفريضة‪ ،‬وغير ركن )‪.(1‬‬

‫)‪ (1‬قد عرفت في صدر الباب أن آية النساء‪ ،101 :‬قد فرضت لكل ركعة سجدة‬
‫فتكون ركنا تبطل الصلة بالخلل به عمدا وسهوا وجهل‪ ،‬وزاد رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله سجدة أخرى معها فتكون سنة تبطل الصلة‬
‫بالخلل بها عمدا فقط‪ ،‬ل سهوا ول نسيانا ول جهل‪ .‬وهذا هو الفرق بين‬
‫الفرض الذي هو ركن وبين السنة التى هي واجب غير ركني‪ .‬وأما أن‬
‫الخلل بالفرض أو السنة كيف يكون ؟ فهو أمر يتعلق بنفس العمل‬
‫وماهيته ل بعنوان آخر‪ ،‬فترك الركن اخلل به مطلقا‪ ،‬كترك الطهارة‬
‫والوقت والقبلة )باستدبارها( وترك الركوع والسجود‪ ،‬وأما زيادة الركن‬
‫فقد يتحقق ويتحصل لذاته كزيادة الركوع وقد ل يتحصل لذاته كزيادة‬
‫القبلة والوقت والطهور وكلها ركن‪ ،‬وقد ل يتحصل لعارض كالسجدة‪،‬‬
‫حيث ضم إليها سجدة أخرى سنة‪ ،‬فكلما زيد على الولى سجدة كانت‬
‫سجدة ثانية بعنوان السنة‪ .‬فالزائد في السجدة ل يمكنه ان يزيد في‬
‫الفرض الذى هو ركن‪ ،‬وانما يزيد في = = ]*[‬

‫]‪[142‬‬

‫ويرد عليه بعد تسليم دللة خبر المعراج عليه أنه ل ينفع في دفع الفساد‪ ،‬بل يزيده‬
‫إذ ل يعقل حينئذ زيادة الركن أصل‪ ،‬لن السجدة الولى ل تتكرر إل بأن‬
‫يفرض أنه سها عن الولى وسجد اخرى بقصد الولى‪ ،‬فيلزم زيادة الركن‬
‫بسجدتين أيضا مع أنه يلزم أنه إذا سجد ألف سجدات بغير هذا الوجه لم‬
‫يكن زاد ركنا على أنه لو اعتبرت النية في ذلك يلزم بطلن صلة من ظن‬
‫أنه سجد الولى ثم سجد بنية الخيرة فظهر له بعد الصلة ترك الولى‪ ،‬ولم‬
‫يقل به أحد‪ .‬وقيل في دفعه وجه آخر أيضا وهو أن الركن هو أحد المرين‬
‫من إحداهما وكلتيهما‪ ،‬ويرد عليه أنه إذا سجد ثلث سجدات سهوا يلزم‬
‫بطلن صلته حينئذ‪ .‬وقال بعض الفاضل ممن قرب عصرنا يدفع الشكال‬
‫بأن يقال‪ :‬الركن المفهوم المردد بين السجدة الواحدة بشرط ل‪ ،‬والسجدتين‬
‫بشرط ل‪ ،‬وثلث سجدات بشرط ل‪ ،‬إذ ترك الركن حينئذ إنما يكون بعدم‬
‫تحقق السجدة مطلقا وإذا سجد أربع سجدات أو أكثر لم يتحقق الركن‬
‫أيضا‪ ،‬ويرد عليه أنه ل خلف في أن بطلن الصلة فيما إذا أتى بأربع أو‬
‫أكثر إنما هو لزيادة الركن ل لتركه ويلزم على هذا الوجه أن يكون البطلن‬
‫لترك الركن وعدم تحققه ل لزيادته‪ .‬ويخطر بالبال وجه آخر لدفع الشكال‬
‫على سياق هذا الوجه لكنه أخصر وأفيد وهو أن يكون الركن المفهوم‬
‫المردد بين سجدة واحدة بشرط ل وسجدتين ل بشرط شئ‪ ،‬فإذا أتى بواحدة‬
‫سهوا فقد أتى بفرد من الركن وكذا إذا أتى بهما‪ ،‬ول ينتفي الركن إل‬
‫بانتفاء الفردين‪ ،‬بأن ل يسجد أصل‪ ،‬وإذا سجد ثلث سجدات لم يأت إل‬
‫بفرد واحد وهو الثنان ل بشرط شئ‪ ،‬وأما الواحدة الزائدة فليست فردا له‬
‫لكونها مع اخرى‪ ،‬وما هو فرد له على هذا الوجه هو بشرط أن ل يكون‬
‫معها شئ‪ ،‬وإذا أتى‬

‫= = السنة التى كان عنوانها سجدة اخرى‪ ،‬أو سجدة ثانية‪ ،‬فالذي أتى بها ان كان‬
‫أتى بها عمدا بطلت صلته لجل السنة ل لجل الفرض‪ ،‬وان أتى بها‬
‫سهوا ل زال يأتي بها بعنوان السنة‪ .‬وأما الذى سها عن الولى وزعم أنه‬
‫لم يأت بها فأتى بها ثانية بعنوان الفرض‪ ،‬لم يزد في الفرض ال بزعمه‪،‬‬
‫فان الفرض هو الولى حقيقة وواقعا ل زعما‪[*] .‬‬
‫]‪[143‬‬

‫بأربع فما زاد أتى بفردين من الثنتين‪ .‬وهذا وجه متين لم أر أحدا سبقني إليه‪ ،‬ومع‬
‫ذلك ل يخلو من تكلف‪ .‬والظهر في الجواب أن يقال‪ :‬غرض المعترض إما‬
‫إيراد الشكال على الحاديث الواردة في هذا الباب‪ ،‬أو على كلم الصحاب‪،‬‬
‫والول ل وجه له لخلو الروايات عن ذكر الركن ومعناه وعن هذه القواعد‬
‫الكلية‪ ،‬بل إنما ورد حكم كل من الركان بخصوصه )‪ (1‬وورد حكم السجود‬
‫هكذا‪ ،‬فل إشكال يرد عليها‪ ،‬وأما الثاني فغير وارد عليه أيضا‪ ،‬لتصريحهم‬
‫بحكم السجود فهو مخصص للقاعدة الكلية كما خصصت تلك القاعدة بغيره‬
‫مما ذكر في كلمهم‪ ،‬وفصل في زبرهم‪ ،‬وأمثال تلك المناقشات بعد ظهور‬
‫المرام ل طائل تحتها‪ ،‬كما ل يخفى على ذوي النهى‪.‬‬

‫)‪ (1‬لم يرد في الباب ال قوله عليه السلم‪) :‬ل تعاد الصلة ال من خمس‪ :‬الطهور‬
‫والوقت والقبلة والركوع والسجود(‪ ،‬والحديث باطلقه ل يشمل ال موارد‬
‫تركها سهوا وجهل وعمدا ونسيانا‪ ،‬وأما موارد الخلل بها بالزيادة‬
‫فظاهر الخبر منصرف عنه‪[*] .‬‬

‫]‪[144‬‬

‫)‪) " (28‬باب( " * " )ما يصح السجود عليه )‪ (1‬وفضل السجود( " * * ))على‬
‫طين القبر المقدس(( * ‪ - 1‬قرب السناد وكتاب المسائل‪ :‬باسنادهما‪ ،‬عن‬
‫علي بن جعفر عن أخيه عليه السلم قال‪ :‬سألته عن الرجل هل يجزيه أن‬
‫يضع الحصير أو البوريا على‬

‫)‪ (1‬ومن اليات التى تتعلق بالباب قوله عزوجل‪) :‬يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذى‬
‫خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون * الذى جعل لكم الرض فراشا‬
‫والسماء بناء( البقرة‪ 21 :‬و ‪ ،22‬حيث انه عزوجل أمر بعبادته‪ ،‬وهى‬
‫الصلة التى تتخلص بالركوع والسجود على ما دل عليه قوله عزوجل )يا‬
‫أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم‬
‫تفلحون( الحج‪ ،77 :‬ثم وصف الرب بأنه الذى جعل الرض فراشا‬
‫والسماء بناء‪ ،‬ارشادا إلى أن منة الرب عزوجل بهاتين النعمتين مما‬
‫يقتضى عبادته بالسجود له عزوجل‪ .‬فعلى هذا يجب على المصلى العابد‬
‫ل أن يعبده ويصلى ويسجد له على الرض )و معناه بالفارسية خاك كما‬
‫عرفت في ج ‪ 81‬ص ‪ (165‬ويأتى بالعبادة تحت السماء الذى هو بناء ال‬
‫عزوجل قال‪) :‬والسماء بنيناها بأيد( الذاريات‪ ،47 :‬ل يرغب عن هاتين‬
‫النعمتين عند عبادته بأن يسجد على فراش غير فراشه ويدخل تحت‬
‫سقف مظلل غير سمائه‪ .‬وأما النباتات التى تنبت من الرض وموادها‬
‫وأملحها بوسيلة الماء فما دامت رطبة تغلب عليها المائية حكمها حكم‬
‫الماء ل يسجد عليها‪ ،‬وإذا يبست وغلبت عليها الرضية‪ ،‬فالسجود عليها‬
‫جائزة ال إذا كانت ملبوسا أو مأكول فيترك السجدة عليها‪ ،‬لئل يتوهم‬
‫المتوهم من المنافقين أو ينقم المستهزئ من المشركين أن المسلمين انما‬
‫يعبدون زخرف الدنيا وزينتها‪ .‬هذا هو الفرض من ذلك‪ ،‬وأما السنة‪ ،‬فلما‬
‫كانت الرض مختلطة بالرمل والحصا = ]*[‬

‫]‪[145‬‬

‫الفراش وغيره من المتاع ثم يصلي عليه ؟ قال‪ :‬إن كان يضطر إلى ذلك فل بأس )‬
‫‪ .(1‬وسألته عن الرجل هل يجزيه أن يقوم إلى الصلة على فراشه فيضع‬
‫على الفراش مروحة أو عودا ثم يسجد عليه ؟ قال‪ :‬إن كان مريضا فليضع‬
‫مروحة وأما العود فل يصلح )‪ .(2‬وسألته عن الرجل هل يصلح أن يقوم‬
‫في الصلة على القت والتبن والشعير وأشباهه‪ ،‬ويضع مروحة ويسجد‬
‫عليها ؟ قال‪ :‬ل يصلح له إل أن يكون مضطرا )‪ .(3‬وسألته عن الرجل‬
‫يوذيه حر الرض في الصلة‪ ،‬ول يقدر على السجود‪ ،‬هل يصلح له أن‬
‫يضع ثوبه إذا كان قطنا أو كتانا ؟ قال‪ :‬إذا كان مضطرا فليفعل )‪ .(4‬وسألته‬
‫عن الطين يطرح فيه التبن حتى يطين به المسجد أو البيت أيصلى فيه ؟‬
‫قال‪ :‬ل بأس )‪ .(5‬وسألته عن البواري يبل قصبها بماء قذر أيصلح الصلة‬
‫عليها إذا يبست ؟ قال‬

‫= = غالبا ‪ -‬خصوصا سفاح الجبال وأطرافها حيث تغلب عليها الرمل والحصا‬
‫والسبخة كما في المدينة ومكة وأمثالهما‪ ،‬عمد رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله وسلم إلى خمرة معمولة من سعف النخل وسجد عليها فصارت سنة‬
‫متبعة‪ .‬وانما فعل صلى ال عليه وآله ذلك تخفيفا لمته من أن يوجب‬
‫عليهم حمل جراب من التراب الخالص ليسجدوا عليها حين الصلة‪ ،‬نعم‬
‫كان بوسعه صلى ال عليه وآله وسلم أن يأمر المسلمين بأن يعملوا لوحا‬
‫سعته مقدار درهم من الطين الحر يأخذوه معهم لسجدة الصلة‪ ،‬ولكن لم‬
‫يأمرهم بذلك والناس حديثو عهد بالسلم‪ ،‬لئل يتوهم متوهم من‬
‫المنافقين أو يستهزء به مستهزء من المشركين أنه رفض آلهة آبائه‬
‫واتخذ الها لنفسه يعبده ويضع جبهته عليه كما أن الشيعة منذ عملت هذا‬
‫اللوح واتخذته مسجدا لجبهتهم حين السجود‪ ،‬أخذا بالفضل السهل‪،‬‬
‫وهو السجود على الرض الخالصة‪ ،‬نقمت عليهم المخالفون بأنها أصنام‬
‫لهم‪ ،‬وأنى لهم التناوش من مكان بعيد‪ (4 - 1) .‬قرب السناد ص ‪ 112‬ط‬
‫نجف ص ‪ 86‬ط حجر‪ (5) .‬قرب السناد‪ 127 :‬ط نجف‪ 97 :‬ط حجر‪[*] .‬‬
‫]‪[146‬‬

‫عليه السلم‪ :‬ل بأس )‪ .(1‬قال‪ :‬وسألته عن القعدة والقيام على جلود السباع‬
‫وركوبها وبيعها أيصلح ذلك ؟ قال‪ :‬ل بأس ما لم يسجد عليها )‪ .(2‬وسألته‬
‫عن الرجل يسجد فتحول عمامته وقلنسوته بين جبهته وبين الرض قال‪:‬‬
‫ل يصلح حتى يضع جبهته على الرض )‪ .(3‬وسألته عن فراش حرير‬
‫ومصلى حرير ومثله من الديباج هل يصلح للرجل النوم عليه والتكاءة‬
‫والصلة عليه ؟ قال‪ :‬يفرشه ويقوم عليه ول يسجد عليه )‪ .(4‬توضيح‪:‬‬
‫تقييد الجواز في جواب السؤال الول والثاني والثالث بالضطرار‬
‫والمرض‪ ،‬لعدم الستقرار التام‪ ،‬وأما العود فالظاهر أنه ل خلف في جواز‬
‫السجود عليه‪ ،‬وفي صحيحة زرارة )‪ (5‬فاسجد على المروحة وعلى‬
‫السواك وعلى عود‪ ،‬والنهي لعله محمول على الكراهة كما هو الظاهر‪،‬‬
‫لعدم إيصال قدر الدرهم‪ ،‬أو على الحرمة بناء على لزم هذا المقدار‪ ،‬أو‬
‫على عود لم يتحقق معه استقرار الجبهة‪ .‬ثم اعلم أنه أجمع الصحاب على‬
‫أنه ل يجوز السجود على ما ليس من الرض ول نباتها‪ ،‬ودلت عليه‬
‫الخبار المستفيضة ونقلوا الجماع أيضا على عدم جواز السجود على ما‬
‫يؤكل أو يلبس عادة إل القطن والكتان‪ ،‬فانه نقل عن المرتضى في بعض‬
‫رسالته تجويز الصلة عليهما على كراهية‪ ،‬واستحسنه في المعتبر‬
‫والمشهور عدم الجواز وهو أقوى وأحوط والخبار الدالة على الجواز‬
‫محمولة على التقية أو الضرورة‪ ،‬ويمكن حمل بعضها على ما قبل النسج‬
‫والغزل‪ ،‬وقد جوز العلمة في النهاية السجود عليهما قبلهما‪ ،‬والحوط‬
‫ترك ذلك أيضا كما هو المشهور‪.‬‬

‫)‪ (1‬قرب السناد ص ‪ 127‬ط نجف ‪ 97‬ط حجر‪ (2) .‬قرب السناد‪ 150 :‬ط نجف‪) .‬‬
‫‪ (3‬قرب السناد‪ 121 :‬ط نجف ص ‪ 92‬ط حجر‪ (4) .‬قرب السناد‪112 :‬‬
‫ط نجف ص ‪ 86‬ط حجر‪ (5) .‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪[*] .224‬‬

‫]‪[147‬‬

‫وأما البواري المبلولة بالماء القذر فالمراد بالقذر إما غير النجس‪ ،‬أو محمول على‬
‫ما إذا جففتها الشمس‪ ،‬وظاهره عدم اشتراط طهارة موضع الجبهة‪ ،‬وقد‬
‫مر الكلم فيه‪ - 2 .‬العلل‪ :‬عن علي بن أحمد‪ ،‬عن محمد بن جعفر السدي‪،‬‬
‫عن محمد بن إسماعيل البرمكي‪ ،‬عن علي بن عباس‪ ،‬عن عمر بن عبد‬
‫العزيز‪ ،‬عن هشام بن الحكم قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬أخبرني‬
‫عما يجوز السجود عليه وعما ل يجوز ؟ قال‪ :‬السجود ل يجوز إل على‬
‫الرض أو ما أنبتت الرض إل ما اكل أو لبس‪ ،‬فقلت له‪ :‬جعلت فداك ما‬
‫العلة في ذلك ؟ قال‪ :‬لن السجود هو الخضوع ل عزوجل‪ ،‬فل ينبغي أن‬
‫يكون على ما يؤكل ويلبس‪ ،‬لن أبناء الدنيا عبيد ما يأكلون ويلبسون‪،‬‬
‫والساجد في سجوده في عبادة ال عزوجل‪ ،‬فل ينبغي أن يضع جبهته في‬
‫سجوده على معبود أبناء الدنيا الذين اغتروا بغرورها‪ ،‬والسجود على‬
‫الرض أفضل‪ ،‬لنه أبلغ في التواضع والخضوع ل عزوجل )‪ .(1‬ومنه‪:‬‬
‫عن أبيه‪ ،‬عن محمد العطار‪ ،‬عن محمد بن أحمد الشعري‪ ،‬عن السياري‬
‫أن بعض أهل المداين كتب إلى أبي الحسن الماضي عليه السلم يسأله عن‬
‫الصلة على الزجاج قال‪ :‬فلما نفذ كتابي إليه فكرت فقلت هو مما أنبتت‬
‫الرض‪ ،‬وما كان لي أن أسأل عنه قال‪ :‬فكتب‪ :‬ل تصل على الزجاج‪ ،‬فان‬
‫حدثتك نفسك أنه مما أنبتت الرض فانه مما أنبتت الرض ولكنه من الرمل‬
‫والملح وهما ممسوخان‪ .‬قال الصدوق ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬ليس كل رمل‬
‫ممسوخا‪ ،‬ول كل ملح‪ ،‬ولكن الرمل والملح الذي يتخذ منه الزجاج‬
‫ممسوخان )‪ - 3 .(2‬كشف الغمة‪ :‬نقل من دليل الحميري‪ ،‬عن محمد بن‬
‫الحسين بن مصعب المدايني أنه كتب إليه عليه السلم وذكر مثله وفي‬
‫آخره‪ :‬فانه من الرمل والملح‪ ،‬و‬

‫)‪ (1‬علل الشرايع ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .30‬علل الشرايع ج ‪ 2‬ص ‪[*] .31‬‬

‫]‪[148‬‬

‫الملح سبخ )‪ .(1‬ايضاح‪ :‬لعل السائل زعم أن المراد بما أنبتت الرض كل ما حصل‬
‫منها‪ ،‬قوله عليه السلم‪) :‬ممسوخان( أي مستحيلن خارجان عن اسم‬
‫الرض‪ ،‬ويدل على عدم جواز السجود على الرمل ولم أر به قائل‪ ،‬ويمكن‬
‫أن يقال الرمل مؤيد للمنع‪ ،‬ومناط التحريم الملح أو المعنى أنهما استحيل‬
‫حتى صارا زجاجا‪ ،‬فلو كان أصله من الرض أيضا لم يصح السجود عليه‪،‬‬
‫ولعل هذا مراد الصدوق ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬وإن كان بعيدا من عبارته‪ ،‬وإل فل‬
‫يعرف له معنى محصل‪ ،‬وعلى ما في رواية الحميري يرتفع الشكال رأسا‪.‬‬
‫‪ - 4‬العلل‪ :‬بالسناد المقدم‪ ،‬عن الشعري‪ ،‬عن علي بن الحسن‪ ،‬عن أحمد‬
‫ابن إسحاق القمي‪ ،‬عن ياسر الخادم قال مر بي أبو الحسن عليه السلم‬
‫وأنا اصلي على الطبري‪ ،‬وقد ألقيت عليه شيئا‪ ،‬فقال لي‪ :‬مالك ل تسجد‬
‫عليه ؟ أليس هو من نبات الرض ؟ قال محمد بن أحمد‪ :‬وسألت أحمد بن‬
‫إسحاق عن ذلك فقال‪ :‬قد رويته )‪ .(2‬بيان‪ :‬حمله أكثر الصحاب على‬
‫التقية حمل له على الثوب الطبري ول يبعد أن يراد به الحصير الطبري فل‬
‫يحتاج إلى ذلك‪ - 5 .‬العلل‪ :‬عن محمد بن الحسن‪ ،‬عن محمد بن الحسن‬
‫الصفار‪ ،‬عن العباس بن معروف‪ ،‬عن محمد بن يحيى الصيرفي‪ ،‬عن حماد‬
‫بن عثمان‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬سمعته يقول‪ :‬السجود على‬
‫ما أنبتت الرض إل ما اكل أو لبس )‪ - 6 .(3‬الخصال‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد‪،‬‬
‫عن محمد بن عيسى‪ ،‬عن القاسم بن يحيى عن جده الحسن‪ ،‬عن أبي‬
‫بصير ومحمد بن مسلم‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم ل يسجد الرجل على كدس حنطة ول شعير‪ ،‬ول على‬
‫لون مما يؤكل ول‬

‫)‪ (1‬كشف الغمة ج ‪ 3‬ص ‪ 245‬في دلئل المام أبى الحسن الهادى عليه السلم‪2) .‬‬
‫‪ (3 -‬علل الشرايع ج ‪ 2‬ص ‪[*] .30‬‬

‫]‪[149‬‬

‫يسجد على الخبز )‪ .(1‬بيان‪ :‬الكدس بالضم الحب المحصود المجموع ذكره الفيروز‬
‫آبادي والظاهر أن النهي لعدم جواز السجود عليه‪ ،‬ويحتمل كونه للقيام‬
‫والقعود فوقه لمنافاته لحترام الطعام‪ - 7 .‬الخصال‪ :‬عن أحمد بن محمد بن‬
‫الهيثم وجماعة من مشايخه‪ ،‬عن أحمد ابن يحيى‪ ،‬عن بكر بن عبد ال‪،‬‬
‫عن تميم بن بهلول‪ ،‬عن أبي معاوية‪ ،‬عن العمش عن الصادق عليه‬
‫السلم قال‪ :‬ل يسجد إل على الرض أو ما أنبتت الرض‪ ،‬إل المأكول‬
‫والقطن والكتان )‪ - 8 .(2‬الحتجاج‪ :‬قال‪ :‬كتب الحميري إلى القائم عليه‬
‫السلم يسأله عن السجدة على لوح من طين القبر‪ ،‬وهل فيه فضل ؟ فأجاب‬
‫عليه السلم يجوز ذلك وفيه الفضل )‪ .(3‬بيان‪ :‬يدل على أن عمل الطين‬
‫لوحا ل يخرجه عن الفضل كما توهم‪ - 9 .‬تحف العقول‪ :‬قال الصادق عليه‬
‫السلم وكل شئ يكون غذاء النسان في مطعمه أو مشربه أو ملبسه فل‬
‫تجوز الصلة عليه‪ ،‬ول السجود‪ ،‬إل ما كان من نبات الرض من غير ثمر‬
‫قبل أن يصير مغزول‪ ،‬فإذا صار غزل فل تجوز الصلة عليه‪ ،‬إل في حال‬
‫الضرورة )‪ .(4‬بيان‪ :‬يدل على ما ذهب إليه العلمة في النهاية من جواز‬
‫السجود على القطن والكتان قبل الغزل وقد مر‪ - 10 .‬فقه الرضا‪ :‬قال عليه‬
‫السلم‪ :‬إذا سجدت فليكن سجودك على الرض أو على شئ ينبت من‬
‫الرض مما يلبس ول تسجد على الحصر المدنية لن سيورها من جلود‪،‬‬
‫ول تسجد على شعر ول على وبر ول على صوف ول على جلود ول على‬
‫أبريسم‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .165‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .151‬الحتجاج‪) .274 :‬‬
‫‪ (4‬تحف العقول ص ‪ 355‬ط السلمية‪[*] .‬‬

‫]‪[150‬‬
‫ول على زجاج ول على ما يلبس به النسان‪ ،‬ول على حديد ول على الصفر ول‬
‫على الشبه )‪ (1‬ول على النحاس ول على الرصاص ول على آجر يعني‬
‫المطبوخ‪ ،‬ول على الريش ول على شئ من الجواهر وغيره من الفنك‬
‫والسمور والحواصل والثعالب‪ ،‬ول على بساط فيها الصور والتماثيل‪ ،‬وإن‬
‫كانت الرض حارة تخاف على جبهتك أن تحرق أو كانت ليلة مظلمة خفت‬
‫عقربا أو حية أو شوكة أو شيئا يؤذيك فل بأس أن تسجد على كمك إذا كان‬
‫من قطن أو كتان‪ .‬فان كان في جبهتك علة ل تقدر على السجود أو دمل‬
‫فاحفر حفيرة‪ ،‬فإذا سجدت جعلت الدمل فيها‪ ،‬وإن كان على جبهتك علة ل‬
‫تقدر على السجود من أجلها‪ ،‬فاسجد على قرنك اليمن‪ ،‬فان تعذر عليه‬
‫فعلى قرنك اليسر‪ ،‬فان لم تقدر عليه فاسجد على ظهر كفك فان لم تقدر‬
‫عليه فاسجد على ذقنك‪ ،‬يقول ال تبارك وتعالى )إن الذين أوتوا العلم من‬
‫قبله إذا يتلى عليهم يخرون للذقان سجدا ‪ -‬إلى قوله ‪ -‬ويزيدهم خشوعا( )‬
‫‪ .(2‬ول بأس بالقيام ووضع الكفين والركبتين والبهامين على غير‬
‫الرض‪ ،‬و ترغم بأنفك ومنخريك في موضع الجبهة من قصاص الشعر إلى‬
‫الحاجبين مقدار درهم‪ ،‬ويكون سجودك إذا سجدت تتخوى كما يتخوى‬
‫البعير الضامر عند بروكه‪ ،‬تكون شبه المعلق‪ ،‬ول يكون شئ من جسدك‬
‫على شئ منه )‪ .(3‬بيان‪ :‬قوله عليه السلم‪ :‬لن سيورها‪ ،‬كذا ذكره في‬
‫الفقيه نقل من رسالة والده‪ ،‬إليه‪ ،‬والظهر أن يقال‪ :‬لن لحمتها أو سداها‬
‫من جلد إذ السيور ل يكون إل من جلد‪ ،‬وهو مأخوذ من خبر علي بن‬
‫الريان )‪ (4‬قال‪ :‬كتب بعض أصحابنا إليه يعني‬

‫)‪ (1‬الشبه‪ :‬حجر يشبه الكهرباء في لينه وخفته في لون السواد مع لمعان‪ ،‬يتخذ‬
‫للزينة‪ ،‬وقد يجعل فصا للخاتم‪ (2) .‬أسرى‪ (3) .109 - 108 :‬فقه الرضا‬
‫ص ‪ (4) .9‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪ ،223‬الكافي ج ‪ 3‬ص ‪[*] .331‬‬

‫]‪[151‬‬

‫أبا جعفر عليه السلم عن الصلة عن الخمرة المدنية فقال‪ :‬صل فيها ما كان معمول‬
‫بخيوطة ول تصل على ما كان معمول بسيورة‪ ،‬قال‪ :‬فتوقف أصحابنا‬
‫فأنشدتهم بيت شعر لتأبط شرا الفهمي )‪ .(1‬كأنها خيوطة ماري تغار وتفتل‬
‫وماري رجل حبال يفتل الخيوط أقول‪ :‬كأن توقفهم لجمعه عليه السلم بين‬
‫الجمعية والتاء‪ ،‬ولعلهما كانتا في خطه عليه السلم منقوطتين فاستشهد‬
‫الراوي لجوازه بالبيت‪ ،‬وقوله‪) :‬كأنها( تمام المصراع السابق‪ ،‬وهو هكذا‪.‬‬
‫وأطوى على الخمص الحوايا كأنها * خيوطة ماري تغار وتفتل يقال‪ :‬أغار‬
‫أي شد القتل‪ .‬ثم اعلم أن الفرق بين ما كان بخيوط أو بسيور أن ما كان‬
‫بخيوط ل تظهر الخيوط في وجهه كما هو المشاهد بخلف السيور‪ ،‬فانها‬
‫تظهر إما بأن تغطيه جميعا فالنهي للحرمة أو بعضه بحيث ل يصل من‬
‫الجبهة بقدر الدرهم إلى الحصير‪ ،‬فبناء على اشتراطه على الحرمة أيضا‬
‫وإل فعلى الكراهة‪ ،‬قال في الذكرى‪ :‬لو عملت الخيوط من جنس ما يجوز‬
‫السجود عليه فل إشكال في جواز السجود عليها‪ ،‬ولو عملت بسيور فان‬
‫كانت مغطاة بحيث تقع الجبهة على الخوص صح السجود أيضا‪ ،‬ولو‬
‫وقعت على السيور لم يجز‪ ،‬وعليه دلت رواية ابن الريان‪ ،‬وأطلق في‬
‫المبسوط جواز السجود على المعمولة بالخيوط انتهى‪ .‬وأما الجر )‪(2‬‬
‫فظاهر الكثر جواز السجود عليه ولم ينقلوا فيه خلفا مع‬

‫)‪ (1‬هو ثابت بن جابر أحد رآبيل العرب من مضر بن نزار‪ ،‬لنه تأبط جفير سهام‬
‫وأخذ قوسا أو تأبط سكينا فأتى ناديهم فوجأ بعضهم‪ ،‬والفهمي نسبة إلى‬
‫فهم بن عمرو‪ ،‬بطن من قيس بن عيلن وهم بنوفهم بن عمرو بن قيس‬
‫بن عيلن بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان وفى الكافي والتهذيب‬
‫نسبه إلى العدوان‪ ،‬وهو عدوان بن عمرو بن قيس ابن عيلن‪ (2) .‬ل‬
‫يجوز السجود عليه‪ ،‬لنه خرج عن كونه أرضا تنبت فهو كالرمل والرماد‬
‫والنورة والجص المطبوخ‪[*] .‬‬

‫]‪[152‬‬

‫أن الشيخ جعل من الستحالة المطهرة صيرورة التراب خزفا ولذا تردد فيه بعض‬
‫المتأخرين وهذا الخبر يدل على المنع وهو أحوط وحكم الشهيد بالكراهة‪،‬‬
‫ولعله للخروج عن هذا الشكال‪ ،‬أو الخلف إن كان فيه‪ .‬قوله عليه السلم‬
‫)فان لم تقدر فاسجد على ظهر كفك( كذا عبارة رسالة والد الصدوق وأكثر‬
‫ما هنا مطابق لها‪ ،‬ويرد عليه أن هذا ليس على سياق ما تقدم‪ ،‬وليس في‬
‫الخبار هذا بين تلك المراتب‪ ،‬بل ذكر في خبر آخر أنه إن لم يقدر على‬
‫السجود على الرض لشدة الحر سجد على ظهر كفه كما مر‪ ،‬ولعل المراد‬
‫هنا أنه إن لم يقدر على السجود على الرض لخشونتها سجد على ظهر‬
‫الكف لكونه ألين‪ ،‬والمراد بالقرن هنا الجبين مجازا‪ .‬قوله عليه السلم‪:‬‬
‫)كما يتخوى( الظاهر أن التشبيه في عدم إلصاق البطن بالرض وعدم‬
‫إلصاق العضاء بعضها ببعض‪ ،‬وإلقاء الخوى بينها‪ ،‬ويحتمل أن يكون‬
‫التشبيه في أصل البروك أيضا فان البعير يسبق بيديه قبل رجليه عند‬
‫بروكه‪ ،‬قال في النهاية‪ :‬فيه أنه كان إذا سجد خوى أي جافى بطنه عن‬
‫الرض ورفعها‪ ،‬وجافى عضديه عن جنبيه حتى يخوي ما بين ذلك‪ ،‬ففي‬
‫القاموس خوى في سجوده تخوية تجافى وفرج ما بين عضديه وجنبيه‪،‬‬
‫والخواء بالمد الهواء بين الشيئين‪ - 11 .‬المحاسن‪ :‬عن علي بن أسباط‪،‬‬
‫عن علي بن جعفر‪ ،‬عن أخيه قال‪ :‬سألته عن ركوب جلود السباع قال‪ :‬ل‬
‫بأس ما لم يسجد عليها )‪ - 12 .(1‬فقه الرضا‪ :‬قال عليه السلم‪ :‬كل شئ‬
‫يكون غذاء النسان في المطعم والمشرب من الثمر والكثر فل تجوز‬
‫الصلة عليه‪ ،‬ول على ثياب القطن والكتان والصوف والشعر والوبر‪ ،‬ول‬
‫على الجلد إل على شئ ل يصلح للبس فقط‪ ،‬وهو مما يخرج من الرض إل‬
‫أن تكون في حال الضرورة )‪.(2‬‬

‫)‪ (1‬المحاسن ص ‪ (2) .629‬فقه الرضا ص ‪[*] .41‬‬

‫]‪[153‬‬

‫بيان‪ :‬الكثر بالفتح وبالتحريك شحم النخلة الذي في وسطها‪ - 13 .‬كتاب المسائل‪:‬‬
‫لعلي بن جعفر‪ ،‬عن أخيه موسى عليه السلم قال‪ :‬سألته عن الرجل يكون‬
‫على المصلى أو على الحصير فيسجد فيقع كفه على المصلى أو أطراف‬
‫أصابعه وبعض كفه خارج عن المصلى على الرض قال‪ :‬ل بأس )‪14 .(1‬‬
‫‪ -‬مصباح الشيخ‪ :‬روى معاوية بن عمار قال‪ :‬كان لبي عبد ال عليه‬
‫السلم خريطة ديباج صفراء فيها تربة أبي عبد ال عليه السلم فكان إذا‬
‫حضرت الصلة صبه على سجادته وسجد عليه‪ ،‬ثم قال عليه السلم‪:‬‬
‫السجود على تربة الحسين عليه السلم يخرق الحجب السبع )‪ .(2‬دعوات‬
‫الراوندي‪ :‬عنه عليه السلم مثله‪ .‬بيان‪ :‬خرق الحجب كناية عن قبول‬
‫الصلة ورفعها إلى السماء‪ - 15 .‬كتاب العلل‪ :‬لمحمد بن علي بن إبراهيم‪:‬‬
‫ل يسجد على شئ من الحبوب ول على الثمار‪ ،‬ول على مثل البطيخ‬
‫والقثاء والخيار‪ ،‬مما ل ساق له‪ ،‬ول على الجلود ول على الشعر ول على‬
‫الصوف ول على الوبر ول على الريش ول على الثياب إل من ضرورة من‬
‫شدة الحر والبرد‪ ،‬ول على الطين والثلج‪ ،‬ول على شئ مما يؤكل ول على‬
‫الصهروج‪ ،‬ول على الرماد ول على الزجاج‪ .‬ثم قال‪ :‬والعلة في الصهروج‬
‫أن فيه دقيقا ونورة‪ ،‬ول تحل عليه الصلة ول على الثلج لنه رجز‬
‫وسخطة‪ ،‬ول على الماء والطين لنه ل يتمكن من السجود ويتأذى به‪،‬‬
‫والعلة في السجود على الرض من بين المساجد أن السجود على الجبهة‬
‫ل يجوز إل ل تعالى‪ ،‬ويجوز أن تقف بين يدي مخلوق على رجليك‬
‫وركبتيك ويديك ول يجوز السجود على الجبهة إل ل تعالى فلهذه العلة ل‬
‫يجوز أن يسجد على ما يسجد عليه‪ ،‬ويضع عليه هذه المواضع‪ .‬بيان‪ :‬قال‬
‫في القاموس‪ :‬الصاروج النورة واختلطها‪ ،‬وقال الصهريج‪ :‬كقنديل حوض‬
‫يجتمع فيه الماء‪ ،‬والمصهرج المعمول بالصاروج‪.‬‬

‫)‪ (6‬قرب السناد ص ‪ 93‬ط حجر ص ‪ 122‬ط نجف‪ (2) .‬المصباح ص ‪[*] .511‬‬
‫]‪[154‬‬

‫واعلم أن المشهور بين الصحاب عدم جواز السجود على الصاروج والرماد‬
‫والنورة أي بعد الطبخ‪ ،‬وكذا الجص‪ ،‬قال في التذكرة‪ :‬لو لم يخرج‬
‫بالستحالة عن اسم الرض جاز كالسبخة والرمل وأرض الجص والنورة‬
‫على كراهة ثم قال‪ :‬ويحرم السجود على الزجاج‪ ،‬قال في المبسوط‪ :‬لما‬
‫فيه من الستحالة‪ ،‬وكذا منع من الرماد‪ ،‬ويحرم على القير والصهروج‬
‫وفي رواية المعلى )‪ (1‬الجواز وهي محمولة على الضرورة انتهى‪- 16 .‬‬
‫الهداية‪ :‬قال الصادق عليه السلم‪ :‬اسجدوا على الرض أو على ما أنبتت‬
‫الرض إل ما اكل أو لبس )‪ - 17 .(2‬العلل للصدوق‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن محمد‬
‫بن يحيى العطار‪ ،‬عن محمد بن أحمد الشعري‪ ،‬عن يعقوب بن يزيد رفعه‬
‫إلى أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬السجود على الرض فريضة وعلى غير‬
‫ذلك سنة )‪ .(3‬تبيين‪ :‬هذا الخبر يحتمل وجوها الول ما ذكره الكثر من أن‬
‫السجود على الرض ثوابه ثواب الفريضة وعلى ما أنبتته ثوابه ثواب‬
‫السنة‪ ،‬الثاني أن المستفاد من أمر ال تعالى بالسجود إنما هو وضع‬
‫الجبهة على الرض إذ هو غاية الخضوع والعبودية‪ ،‬وأما جواز وضعها‬
‫على غير الرض فانما استفيد من فعل النبي صلى ال عليه وآله وقوله‬
‫رخصة ورحمة‪ ،‬الثالث أن يكون المراد بالرض أعم منها ومما أنبتته‬
‫والمراد بغير الرض تعيين شئ خاص للسجود كالخمرة واللوح أو‬
‫الخريطة من طين الحسين عليه السلم وهو بعيد‪ ،‬وإن كان يؤيده في‬
‫الجملة ما رواه في الكافي )‪ (4‬مرسل أنه قال‪ :‬السجود على الرض‬
‫فريضة وعلى الخمرة سنة‪ - 18 .‬المحاسن‪ :‬عن علي بن الحكم عمن ذكره‬
‫قال‪ :‬رأيت أبا عبد ال عليه السلم في‬

‫)‪ (1‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .169‬الهداية لم نجده‪ (3) .‬علل الشرايع ج ‪ 2‬ص ‪،30‬‬
‫وقد عرفت وجه الحديث في صدر الباب‪ (4) .‬الكافي ج ‪ 3‬ص ‪[*] .331‬‬

‫]‪[155‬‬

‫المحمل يسجد على القرطاس وأكثر ذلك يومي إيماء )‪ .(1‬توضيح‪ :‬اعلم أن الشهيد‬
‫الثاني ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬نقل الجماع على جواز السجود على القرطاس في‬
‫الجملة‪ ،‬وإطلق الخبار يقتضي عدم الفرق بين المتخذ من القطن‬
‫والبريسم وغيرهما‪ ،‬واعتبر العلمة في التذكرة كونه مأخوذا من غير‬
‫البريسم لنه ليس بأرض ول نباتها‪ ،‬وهو تقييد للنص بل دليل‪ ،‬واعتبر‬
‫الشهيد في البيان كونه مأخوذا من نبات‪ ،‬وفي الدروس عدم كونه من‬
‫حرير أو قطن أو كتان‪ .‬وقال في الذكرى‪ :‬الكثر اتخاذ القرطاس من القنب‬
‫فلو اتخذ من البريسم فالظاهر المنع إل أن يقال‪ :‬ما اشتمل عليه من أخلط‬
‫النورة مجوز له‪ ،‬وفيه بعد لستحالتها عن اسم الرض‪ ،‬ولو اتخذ من‬
‫القطن أو الكتان أمكن بناؤه على جواز السجود عليهما‪ ،‬وقد سلف‪ ،‬وأمكن‬
‫أن يقال المانع اللبس حمل للقطن والكتان المطلقين على المقيد‪ ،‬فحينئذ‬
‫يجوز السجود على القرطاس وإن كان منهما لعدم اعتياد لبسه وعليه‬
‫يخرج جواز السجود على ما لم يصلح للبس من القطن والكتان‪ .‬وقال ‪ -‬ره‬
‫‪ -‬روى داود بن فرقد )‪ (2‬عن صفوان أنه رأى أبا عبد ال عليه السلم في‬
‫المحمل يسجد على قرطاس وفي رواية جميل بن دراج )‪ (3‬عنه عليه‬
‫السلم أنه كره أن يسجد على قرطاس عليه كتابة لشتغاله بقراءته‪ ،‬ول‬
‫يكره في حق المي ول في القاري إذا كان هناك مانع من البصر‪ ،‬كذا قاله‬
‫الشيخ في المبسوط وابن إدريس وفي النفس من القرطاس شئ من حيث‬
‫اشتماله على النورة المستحيلة إل أن يقال الغالب جوهر القرطاس أو يقال‬
‫جمود النورة يرد إليها اسم الرض‪ ،‬ويختص المكتوب بأن أجرام الحبر‬
‫مشتملة غالبا على‬

‫)‪ (1‬المحاسن ص ‪ (2) .373‬رواه الشيخ باسناده عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن عبد‬
‫الرحمان بن أبى نجران‪ ،‬عن صفوان الجمال‪ ،‬وأما ما رواه داود بن فرقد‬
‫فقد رواه باسناده‪ ،‬عن على بن مهزيار قال‪ :‬سأل داود ابن فرقد أبا‬
‫الحسن عليه السلم عن القراطيس والكواغذ المكتوبة عليها هل يجوز‬
‫السجود عليها أم ل ؟ فكتب عليه السلم‪ :‬يجوز‪ ،‬راجع التهذيب ج ‪ 1‬ص‬
‫‪ (3) .224‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪[*] .223‬‬

‫]‪[156‬‬

‫شئ من المعادن إل أن يكون هناك بياض يصدق عليه السم‪ .‬وربما يخيل أن لون‬
‫الحبر عرض والسجود في الحقيقة إنما هو على القرطاس وليس بشئ‪،‬‬
‫لن العرض ل يقوم بغير حامله‪ ،‬والمداد أجسام محسوسة مشتملة على‬
‫اللون‪ ،‬وينسحب البحث في كل مصبوغ من النبات وفيه نظر انتهى‪ .‬ول‬
‫يبعد القول بالجواز لكونها في العرف لونا وإن كانت في الحقيقة أجساما‬
‫وأكثر اللوان كذلك‪ ،‬والحوط ترك السجود إذا لم تكن فيه فرج تكفى‬
‫للسجود‪ ،‬وأما الشكالت الواردة في القرطاس فيدفعها إطلقات النصوص‬
‫وإن أمكن الجواب عن كل منها فلم نتعرض لها لقلة الجدوى‪ - 19 .‬كتاب‬
‫المسائل‪ :‬لعلي بن جعفر‪ ،‬عن أخيه موسى عليه السلم قال‪ :‬سألته عن‬
‫الرجل هل يجزيه أن يسجد في السفينة على القير ؟ قال‪ :‬ل بأس )‪.(1‬‬
‫بيان‪ :‬اعلم أن الخبار مختلفة في جواز السجود على القير وعدمه ويمكن‬
‫الجمع بينها بوجهين‪ :‬أحدهما حمل أخبار الجواز على التقية‪ ،‬والثاني حمل‬
‫أخبار النهي على الكراهة‪ ،‬والول أحوط بل أقوى للشهرة العظيمة بين‬
‫الصحاب بحيث ل يكاد يظهر مخالف في المنع‪ ،‬بل ربما يدعى عليه‬
‫الجماع‪ ،‬واتفاق المخالفين على الجواز‪ ،‬ولولهما لكان الجمع الثاني‬
‫أوجه‪ - 20 .‬دعائم السلم‪ :‬عن جعفر بن محمد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن‬
‫علي عليهم السلم أن رسول ال صلى ال عليه وآله قال‪ :‬إن الرض بكم‬
‫برة تتيممون منها‪ ،‬وتصلون عليها في الحياة وهي لكم كفات في الممات‪،‬‬
‫وذلك من نعمة ال له الحمد‪ ،‬فأفضل ما يسجد عليه المصلي الرض النقية‬
‫)‪ .(2‬وروينا عن جعفر بن محمد عليهما السلم أنه قال‪ :‬ينبغي للمصلي أن‬
‫يباشر بجبهته الرض ويعفر وجهه في التراب‪ ،‬لنه من التذلل ل )‪.(3‬‬
‫وعنه عليه السلم أنه قال‪ :‬ل بأس بالسجود على ما تنبت الرض غير‬
‫الطعام كالكلء‬

‫)‪ (1‬المسائل ‪ -‬البحار ج ‪ 10‬ص ‪ (3 - 2) .283‬دعائم السلم ج ‪ 1‬ص ‪[*] .178‬‬

‫]‪[157‬‬

‫وأشباهها )‪ .(1‬وروينا عن علي عليه السلم أن رسول ال صلى ال عليه وآله‬


‫صلى على حصير )‪ .(2‬وعن جعفر بن محمد عليهما السلم أنه صلى على‬
‫الخمرة )‪ .(3‬والخمرة منسوج يعمل من سعف النخل ويوصل بالخيوط‪،‬‬
‫وهو صغير على قدر ما يسجد عليه المصلي أو فويق ذلك قليل )‪ ،(4‬فإذا‬
‫اتسع عن ذلك حتى يقف عليه المصلي ويسجد عليه ويكفي جسده كله عند‬
‫سقوطه للسجود فهو حصير حينئذ وليس بخمرة‪ .‬وعن جعفر بن محمد‬
‫عليهما السلم أنه نهى عن السجود على الكم وأمر بابراز اليدين وبسطهما‬
‫على الرض‪ ،‬أو على ما يصلي عليه عند السجود )‪ .(5‬وروى عن أبيه‪،‬‬
‫عن آبائه‪ ،‬عن رسول ال صلى ال عليه وآله أنه نهى أن يسجد المصلي‬
‫على ثوبه أو على كمه أو على كور عمامته )‪ .(6‬بيان‪ :‬الكفات بالكسر‬
‫الشئ الذي يكفت فيه الشئ أي يضم‪ ،‬ومنه قوله تعالى )ألم نجعل الرض‬
‫كفاتا( )‪ (7‬وقال الجوهري‪ :‬كار العمامة على رأسه يكورها كورا أي لثها‬
‫وكل دور كور‪ - 21 .‬المعتبر‪ :‬عن الحلبي‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم‬
‫قال‪ :‬سألته عن الصلة على البساط والشعر والطنافس قال‪ :‬ل تسجد عليه‪،‬‬
‫وإذا قمت عليه وسجدت على الرض فل بأس وإن بسطت عليه الحصير‬
‫وسجدت على الحصير فل بأس )‪.(8‬‬

‫)‪ (3 - 1‬دعائم السلم ج ‪ 1‬ص ‪ (4) .178‬قال الجوهرى‪ :‬الخمرة ‪ -‬بالضم ‪-‬‬
‫سجادة تعمل من سعف النخل وترمل بالخيوط‪ .‬أقول‪ :‬انما سميت سجادة‬
‫بعد ما اتخذها رسول ال صلى ال عليه وآله مسجدا لجبهته الكريمة وأما‬
‫قبل ذلك فقد كانت خمرة يخمر بها رأس الجام حذرا من أن يقع فيه شئ‬
‫من الهوام‪ (6 - 5) .‬دعائم السلم ج ‪ 1‬ص ‪ (7) .179‬المرسلت‪) .25 :‬‬
‫‪ (8‬المعتبر ص ‪[*] .158‬‬

‫]‪[158‬‬

‫‪ - 22‬قرب السناد وكتاب المسائل‪ :‬باسنادهما عن علي بن جعفر‪ ،‬عن أخيه عليه‬
‫السلم قال‪ :‬سألته عن الرجل يقعد في المسجد ورجله خارجة منه أو‬
‫أسفل من المسجد وهو في صلته قال‪ :‬ل بأس )‪ .(1‬بيان‪ :‬قد مر أن‬
‫الظاهر أن المراد بالمسجد مصله الذي يصلي عليه‪ - 23 .‬قرب السناد‪:‬‬
‫عن عبد ال بن الحسن‪ ،‬عن جده علي بن جعفر‪ ،‬عن أخيه عليه السلم‬
‫قال‪ :‬سألته عن الرجل هل يصلح له أن يصلي على الحشيش النابت والثيل‬
‫وهو يجد أرضا جددا ؟ قال‪ :‬ل بأس )‪ - 24 .(2‬مجالس ابن الشيخ‪ :‬عن‬
‫والده الجليل‪ ،‬عن ابن مخلد‪ ،‬عن أبي عمرو السماك عن يحيى بن أبي‬
‫طالب‪ ،‬عن أبي بكر الحنفي‪ ،‬عن سفيان‪ ،‬عن ابن الزبير‪ ،‬عن جابر أن‬
‫النبي صلى ال عليه وآله وسلم عاد مريضا فرآه يصلي على وسادة‬
‫فأخذها فرمى بها وأخذ عودا ليصلي عليه‪ ،‬فأخذه فرمى به‪ ،‬وقال‪ :‬على‬
‫الرض إن استطعت‪ ،‬وإل فأوم إيماء‪ ،‬واجعل سجودك أخفض من ركوعك‬
‫)‪ .(3‬بيان‪ :‬قد سبق الكلم في العود‪ ،‬ويمكن حمله هنا على أنه كان في‬
‫صدر السلم السجود على الرض متعينا ثم نسخ مع أن الخبر عامي‬
‫ضعيف‪ - 25 .‬ارشاد القلوب‪ :‬للديلمي قال‪ :‬كان الصادق عليه السلم ل‬
‫يسجد إل على تربة الحسين عليه السلم تذلل ل واستكانة إليه )‪- 26 .(4‬‬
‫المجازات النبوية‪ :‬عن النبي صلى ال عليه وآله أنه قال‪) :‬تمسحوا‬
‫بالرض فانها بكم برة(‪ .‬قال السيد‪ :‬هذه استعارة أي أنها كالم للبرية لن‬
‫خلقهم ومعاشهم عليها‪ ،‬ورجوعهم إليها‪ ،‬وأنهم يقولون الرض ولود‬
‫يريدون كثرة إنشاء الخلق واستيلدهم‬

‫)‪ (1‬قرب السناد ص ‪ 124‬ط نجف‪ ،‬وقد مر في ج ‪ 83‬ص ‪ (2) .286‬قرب السناد‬
‫ص ‪ 87‬ط حجر‪ 114 :‬ط نجف‪ (3) .‬أمالى الطوسى ج ‪ 1‬ص ‪(4) .396‬‬
‫ارشاد القلوب ص ‪[*] .141‬‬

‫]‪[159‬‬

‫عليها‪ ،‬وكونها برة من صفات الم‪ .‬والكلم يحتمل وجهين أحدهما أن يكون المراد‬
‫التيمم منها في حال الحدث والجنابة‪ ،‬والوجه الخر أن يكون المراد‬
‫مباشرة ترابها بالجباه في حال السجود عليها وتعفير الوجوه فيها‪ ،‬أو‬
‫يكون هذا القول أمر تأديب ل أمر وجوب‪ ،‬لنه يجوز السجود على غير‬
‫الرض أيضا إل أن مباشرتها بالسجود أفضل‪ ،‬وقد روي أن النبي صلى ال‬
‫عليه وآله كان يسجد على الخمرة وهي الحصير الصغير يعمل من سعف‬
‫النخل )‪ .(1‬أقول‪ :‬قد مر في باب التيمم وأبواب المكان أخبار كثيرة عن‬
‫النبي صلى ال عليه وآله أنه قال‪ :‬جعلت لي الرض مسجدا وطهورا )‪.(2‬‬

‫)‪ (1‬المجازات النبوية ص ‪ (2) .173‬راجع ج ‪ 83‬ص ‪[*] .284 - 276‬‬

‫]‪[160‬‬

‫)‪) * (29‬باب( * * " )فضل السجود واطالته واكثاره( " * اليات‪ :‬الفتح‪ :‬والذين‬
‫معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضل من‬
‫ال ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود )‪ .(1‬العلق‪ :‬واسجد‬
‫واقترب )‪ .(2‬تفسير‪) :‬تريهم ركعا سجدا( يدل على فضل الركوع‬
‫والسجود‪ ،‬قال الطبرسي‪ (3) :‬هذا إخبار عن كثرة صلتهم ومداومتهم‬
‫عليها )يبتغون فضل من ال ورضوانا( أي يلتمسون بذلك زيادة نعمهم من‬
‫ال ويطلبون مرضاته‪ .‬أقول‪ :‬فيه دللة على أنه لو ضم في نية العبادة‬
‫مزيد البركات الدنيوية ل يضر بالخلص‪ ،‬وأن كثرة الصلة والركوع‬
‫والسجود موجبة لذلك ولرضاه سبحانه )سيماهم في وجوههم( قال‬
‫الطبرسي ‪ -‬ره ‪ :-‬أي علمتهم يوم القيامة أن تكون مواضع سجودهم أشد‬
‫بياضا عن ابن عباس وعطية‪ ،‬قال شهر بن حوشب‪ :‬تكون مواضع‬
‫سجودهم كالقمر ليلة البدر‪ ،‬وقيل‪ :‬هو التراب على الجباه لنهم يسجدون‬
‫على التراب ل على الثواب‪ ،‬وقيل‪ :‬هو الصفرة والنحول‪ ،‬قال الحسن‪ :‬إذا‬
‫رأيتهم حسبتهم مرضى وما هم بمرضى وقال عطاء الخراساني‪ :‬دخل في‬
‫هذه الية كل من صلى الخمس انتهى‪ .‬أقول‪ :‬يحتمل أن يكون المراد به‬
‫الثر الذي يظهر في الجبهة من كثرة السجود‪ ،‬ويؤيده ما رواه الشيخ عن‬
‫السكوني )‪ (4‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال علي عليه السلم إني‬
‫لكره للرجل أن أرى جبهته جلحاء ليس فيها أثر السجود وستأتي‬

‫)‪ (1‬الفتح‪ (2) .29 :‬العلق‪ ،19 :‬آية السجدة‪ (3) .‬مجمع البيان ج ‪ 9‬ص ‪(4) .127‬‬
‫التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪[*] .225‬‬

‫]‪[161‬‬

‫الخبار في ذلك‪) .‬واسجد واقترب( قال الطبرسي )‪ :(1‬واسجد ل وأقترب من‬


‫ثوابه‪ ،‬وقيل‪ :‬معناه وتقرب إليه بطاعته‪ ،‬وقيل معناه‪ :‬اسجد يا محمد ل‬
‫لتقرب منه‪ ،‬فان أقرب ما يكون العبد من ال إذا سجد له‪ ،‬وقيل‪ :‬واسجد أي‬
‫وصل ل واقترب من ال‪ ،‬وفي الحديث عن ابن مسعود أن رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله قال‪ :‬أقرب ما يكون العبد من ال إذا كان ساجدا وقيل‪ :‬المراد‬
‫به السجود لقراءة هذه السورة والسجود هنا فرض وهو من العزائم‪- 1 .‬‬
‫العلل‪ :‬عن محمد بن محمد بن عصام‪ ،‬عن الكليني‪ ،‬عن علي بن محمد‪،‬‬
‫عن محمد ابن إسماعيل‪ ،‬عن موسى بن جعفر‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن‬
‫محمد بن علي الباقر عليه السلم قال‪ :‬كان لبي عليه السلم في موضع‬
‫سجوده آثاره ناتئة وكان يقطعها في السنة مرتين‪ ،‬في كل مرة خمس‬
‫ثفنات‪ ،‬فسمي ذا الثفنات لذلك )‪ .(2‬بيان‪ :‬قال الجوهرى الثفنة واحدة ثفنات‬
‫البعير‪ ،‬وهي ما يقع من أعضائه على الرض إذا استناخ وغلظ كالركبتين‬
‫وغيرهما‪ - 2 .‬العلل والخصال‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن اليقطيني‪ ،‬عن‬
‫القاسم بن يحيى‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن أبي بصير ومحمد بن مسلم‪ ،‬عن أبي عبد‬
‫ال عليه السلم قال‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم أطيلوا السجود‪ ،‬فما‬
‫من عمل أشد على إبليس من أن يرى ابن آدم ساجدا‪ ،‬لنه امر بالسجود‬
‫فعصى‪ ،‬وهذا امر بالسجود فأطاع ونجا )‪ - 3 .(3‬العيون‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫سعد بن عبد ال‪ ،‬عن يعقوب بن يزيد‪ ،‬عن الحسن ابن علي الوشا‪ ،‬عن‬
‫الرضا عليه السلم قال‪ :‬إذا نام العبد وهو ساجد‪ ،‬قال ال تبارك و تعالى‪:‬‬
‫عبدي قبضت روحه وهو في طاعتي )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ج ‪ 10‬ص ‪ (2) .516‬علل الشرايع ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .222‬علل‬
‫الشرايع ج ‪ 2‬ص ‪ ،29‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .158‬عيون الخبار ج ‪1‬‬
‫ص ‪[*] .281‬‬

‫]‪[162‬‬

‫ومنه‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن عيسى‪ ،‬عن الوشا‪ ،‬عن الرضا‬
‫عليه السلم قال‪ :‬أقرب ما يكون العبد من ال عزوجل وهو ساجد‪ ،‬وذلك‬
‫في قوله تبارك وتعالى‪) :‬واسجد واقترب( )‪ .(1‬ومنه‪ :‬بهذا السناد‪ ،‬عن‬
‫الرضا عليه السلم قال‪ :‬إذا نام العبد وهو ساجد‪ ،‬قال ال عزوجل للملئكة‪:‬‬
‫انظروا إلى عبدي قبضت روحه وهو في طاعتي )‪ .(2‬ومنه‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫سعد ومحمد بن يحيى العطار معا‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن عيسى‪ ،‬عن عبد‬
‫ال الحجال‪ ،‬عن سليمان الجعفري قال‪ :‬قال الرضا عليه السلم‪ :‬جاءت‬
‫ريح وأنا ساجد‪ ،‬وجعل كل إنسان يطلب موضعا وأنا ساجد ملح في الدعاء‬
‫على ربي عزوجل حتى سكنت )‪ - 4 .(3‬العلل‪ :‬عن محمد بن الحسن بن‬
‫الوليد‪ ،‬عن محمد بن الحسن الصفار‪ ،‬عن العباس بن معروف‪ ،‬عن سعدان‬
‫بن مسلم‪ ،‬عن أبي بصير قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬يا أبا محمد‬
‫عليك بطول السجود‪ ،‬فان ذلك من سنن الوابين )‪ - 5 .(4‬العيون‪ :‬فيما‬
‫كتب الرضا عليه السلم للمأمون بالسند المتقدم قال‪ :‬ومن دين الئمة‬
‫عليهم السلم الورع والعفة والصدق والصلح وطول السجود )‪- 6 .(5‬‬
‫مجالس الصدوق‪ :‬عن محمد بن الحسن‪ ،‬عن محمد بن الحسن الصفار‪،‬‬
‫عن العباس بن معروف‪ ،‬عن علي بن مهزيار‪ ،‬عن جعفر بن محمد‬
‫الهاشمي‪ ،‬عن أبي جعفر العطار‪ ،‬عن الصادق عليه السلم قال‪ :‬جاء رجل‬
‫إلى رسول ال صلى ال عليه وآله فقال‪ :‬يا رسول ال كثرت ذنوبي‬
‫وضعف عملي‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬أكثر السجود فانه‬
‫يحط الذنوب‬

‫)‪ (1‬عيون الخبار ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .7‬عيون الخبار ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .8‬عيون الخبار‬
‫ج ‪ 2‬ص ‪ (4) .7‬علل الشرايع ج ‪ 2‬ص ‪ (5) .29‬عيون الخبار ج ‪ 2‬ص‬
‫‪[*] .122‬‬

‫]‪[163‬‬

‫كما تحط الريح ورق الشجر )‪ - 7 .(1‬العلل‪ :‬عن محمد بن موسى بن المتوكل‪ ،‬عن‬
‫علي بن الحسين السعد آبادي عن أحمد بن أبي عبد ال البرقي‪ ،‬عن أبيه‪،‬‬
‫عن ابن أبي عمير عمن ذكره قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬لم اتخذ‬
‫ال عزوجل إبراهيم خليل ؟ قال‪ :‬لكثرة سجوده على الرض )‪- 8 .(2‬‬
‫ثواب العمال‪ :‬عن ابن الوليد‪ ،‬عن الصفار‪ ،‬عن ابن معروف‪ ،‬عن موسى‬
‫ابن القاسم‪ ،‬عن صفوان بن يحيى‪ ،‬عن كليب الصيداوي‪ ،‬عن أبي عبد ال‪،‬‬
‫عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬من سجد‬
‫سجدة حط عنه بها خطيئة‪ ،‬و رفع له بها درجة )‪ .(3‬ومنه‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫سعد‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن الحسين بن سعيد‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن‬
‫معاوية بن عمار قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه السلم يقول‪ :‬إن العبد إذا‬
‫أطال السجود حيث ل يراه أحد‪ ،‬قال الشيطان‪ :‬واويله أطاعوا وعصيت‪،‬‬
‫وسجدوا وأبيت )‪ .(4‬المقنع‪ :‬مرسل مثله )‪ - 9 .(5‬ثواب العمال بالسناد‬
‫المتقدم‪ ،‬عن الحسين‪ ،‬عن فضالة‪ ،‬عن العل‪ ،‬عن زيد الشحام قال‪ :‬قال أبو‬
‫عبد ال عليه السلم‪ :‬أقرب ما يكون العبد إلى ال وهو ساجد )‪ .(6‬بيان‪:‬‬
‫قوله عليه السلم‪) :‬وهو ساجد( حال وقع موقع الخبر‪ ،‬قال الشيخ الرضي‬

‫)‪ (1‬أمالى الصدوق ص ‪ (2) .299‬علل الشرايع ج ‪ 1‬ص ‪ 32‬و ‪ (3) .33‬ثواب‬
‫العمال ص ‪ (4) .31‬ثواب العمال ص ‪ ،32‬وتراه في المحاسن‪) .18 :‬‬
‫‪ (5‬المقنع ‪ 45‬ط حجر‪ (6) .‬ثواب العمال‪[*] .32 :‬‬
‫]‪[164‬‬

‫رضي ال عنه في شرح الكافية‪ :‬إن كانت الحال جملة اسمية وقعت خبرا فعند غير‬
‫الكسائي يجب معها واو الحال‪ ،‬قال صلى ال عليه وآله‪) :‬أقرب ما يكون‬
‫العبد من ربه وهو ساجد( إذ الحال فضلة وقد وقعت موقع العمدة فيجب‬
‫معها علمة الحالية‪ ،‬لن كل واقع غير موقعه ينكر‪ ،‬وجوز الكسائي‬
‫تجردها عن الواو لوقوعها موقع خبر المبتدء‪ ،‬فتقول ضربي زيدا أبوه‬
‫قائم‪ - 10 .‬مجالس الشيخ‪ :‬الحسين بن إبراهيم‪ ،‬عن محمد بن وهبان‪ ،‬عن‬
‫أحمد بن إبراهيم‪ ،‬عن الحسن بن علي الزعفراني‪ ،‬عن البرقي‪ ،‬عن أبيه‪،‬‬
‫عن ابن أبي عمير عن هشام‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن قوما‬
‫أتوا رسول ال صلى ال عليه وآله فقالوا‪ :‬يارسول ال اضمن لنا على‬
‫ربك الجنة‪ ،‬قال‪ :‬فقال‪ :‬على أن تعينوني بطول السجود‪ ،‬قالوا‪ :‬نعم يا‬
‫رسول ال‪ ،‬فضمن لهم الجنة الخبر )‪ - 11 .(1‬دعوات الراوندي‪ :‬سأل‬
‫ربيعة بن كعب النبي صلى ال عليه وآله أن يدعو له بالجنه فأجابه وقال‪:‬‬
‫أعني بكثرة السجود‪ .‬وقال الصادق عليه السلم السجود منتهى العبادة من‬
‫بني آدم‪ - 12 .‬أعلم الدين‪ :‬عن أمير المؤمنين عليه السلم قال‪ :‬جاء رجل‬
‫إلى النبي صلى ال عليه وآله فقال‪ :‬علمني عمل يحبني ال عليه‪ ،‬ويحبني‬
‫المخلوقون‪ ،‬ويثري ال مالي‪ ،‬ويصح بدني‪ ،‬ويطيل عمري‪ ،‬ويحشرني‬
‫معك‪ ،‬قال هذه ست خصال تحتاج إلى ست خصال إذا أردت أن يحبك ال‬
‫فخفه واتقه‪ ،‬وإذا أردت أن يحبك المخلوقون فأحسن إليهم وارفض ما في‬
‫أيديهم‪ ،‬وإذا أردت أن يثري ال مالك فزكه‪ ،‬وإذا أردت أن يصح ال بدنك‬
‫فأكثر من الصدقة‪ ،‬وإذا أردت أن يطيل ال عمرك فصل ذوي أرحامك وإذا‬
‫أردت أن يحشرك ال معي فأطل السجود بين يدي ال الواحد القهار‪- 13 .‬‬
‫أربعين الشهيد‪ :‬باسناده عن الصدوق‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد بن عبد ال عن‬
‫أحمد بن محمد بن عيسى‪ ،‬عن الحسين بن سعيد‪ ،‬عن النضر بن سويد‪،‬‬
‫عن يحيى الحلبي‪ ،‬عن محمد بن مروان‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم‬
‫قال‪ :‬جاء رجل ودخل إلى النبي صلى ال عليه وآله وسلم‬

‫)‪ (1‬أمالى الطوسى ج ‪ 2‬ص ‪ 277‬في حديث‪[*] .‬‬

‫]‪[165‬‬

‫فقال‪ :‬يا رسول ال صلى ال عليه وآله إني اريد أن اسألك فقال له رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله‪ :‬سل ما شئت‪ ،‬قال‪ :‬تحمل لي على ربك الجنة‪ ،‬قال‪ :‬تحملت‬
‫لك‪ ،‬ولكن أعني على ذلك بكثرة السجود‪ .‬بيان‪ :‬اريد بالتحمل هنا الضمان‪،‬‬
‫لن الضامن يتحمل الدين عن المضمون عنه‪ ،‬أو الشفاعة قال الجوهري‬
‫تحمل الحمالة أي حملها‪ ،‬والحمالة ما تتحمله عن القوم من الدية أو‬
‫الغرامة‪ ،‬وقال الجزري‪ :‬في حديث قيس قال تحملت بعلي على عثمان في‬
‫أمر أي استشفعت به إليه‪ - 14 .‬أربعين الشهيد‪ :‬باسناده عن الكليني‬
‫بسنده الصحيح‪ ،‬عن عبد ال بن سنان‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪:‬‬
‫مر بالنبي رجل وهو يعالج في بعض حجراته فقال‪ :‬يا رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله أل أكفيك ؟ قال‪ :‬شأنك‪ ،‬فلما فرغ قال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬حاجتك ؟ قال‪ :‬الجنة‪ ،‬فأطرق رسول ال صلى ال عليه وآله ثم قال‪:‬‬
‫نعم‪ ،‬فلما ولى قال له‪ :‬يا عبد ال أعنا بطول السجود )‪ - 15 .(1‬الخرايج‪:‬‬
‫روي عن منصور الصيقل قال‪ :‬حججت فمررت بالمدينة فأتيت قبر رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله فسلمت عليه‪ ،‬ثم التفت فإذا أنا بأبي عبد ال عليه‬
‫السلم ساجدا فجلست حتى مللت‪ ،‬ثم قلت لسبحن ما دام ساجدا فقلت‪:‬‬
‫سبحان ربي العظيم و بحمده أستغفر ال ربي وأتوب إليه ثلث مائة مرة‬
‫ونيفا وستين مرة‪ ،‬فرفع رأسه ثم نهض‪ .‬فأتبعته وأنا أقول في نفسي‪ :‬إن‬
‫أذن لي دخلت عليه ثم قلت له‪ :‬جعلت فداك أنتم تصنعون هكذا فكيف ينبغي‬
‫لنا أن نصنع ؟ فلما أن وقفت على الباب خرج إلى مصادف فقال‪ :‬ادخل يا‬
‫منصور‪ ،‬فدخلت فقال‪ :‬لي مبتدئا‪ :‬يا منصور إنكم إن أكثرتم أو أقللتم فوال‬
‫ما يقبل إل منكم )‪.(2‬‬

‫)‪ (1‬راجع الكافي ج ‪ 3‬ص ‪ (2) .266‬ل يوجد في مختار الخرائج المطبوع‪[*] .‬‬

‫]‪[166‬‬

‫‪ - 16‬العيون‪ :‬عن أحمد بن زياد‪ ،‬عن علي بن إبراهيم‪ ،‬عن محمد بن الحسن‬
‫المدني‪ ،‬عن عبد ال بن الفضل‪ ،‬عن أبيه في حديث طويل أنه دخل على‬
‫أبي الحسن موسى عليه السلم‪ :‬قال‪ :‬فإذا أنا بغلم أسود بيده مقص يأخذ‬
‫اللحم من جبينه وعرنين أنفه من كثرة سجوده )‪ - 17 .(1‬كتاب الملهوف‪:‬‬
‫عن علي بن الحسين عليه السلم أنه برز إلى الصحراء فتبعه مول له‬
‫فوجده ساجدا على حجارة خشنة‪ ،‬فأحصى عليه ألف مرة ل إله إل ال حقا‬
‫حقا‪ ،‬ل إله إل ال تعبدا ورقا‪ ،‬ل إله إل ال إيمانا وصدقا‪ .‬ثم رفع رأسه )‬
‫‪ - 18 .(2‬مشكوة النوار‪ :‬نقل من المحاسن‪ ،‬عن ابن اسامة‪ ،‬عن أبي عبد‬
‫ال قال‪ :‬اقرء من ترى أنه يطيعني ويأخذ بقولي منهم السلم وأوصهم‬
‫بتقوى ال‪ ،‬و الورع في دينهم‪ ،‬والجتهاد ل‪ ،‬وصدق الحديث‪ ،‬وأداء‬
‫المانة‪ ،‬وطول السجود وحسن الجوار‪ ،‬فبهذا جاء محمد صلى ال عليه‬
‫وآله الحديث )‪ .(3‬وعن إسماعيل بن عمار قال‪ :‬قال لي أبو عبد ال عليه‬
‫السلم‪ :‬اوصيك بتقوى ال والورع وصدق الحديث وأداء المانة وحسن‬
‫الجوار وكثرة السجود فبذلك أمرنا محمد صلى ال عليه وآله وسلم )‪.(4‬‬
‫وعن أبي بصير قال‪ :‬قال لي أبو عبد ال عليه السلم‪ :‬يا أبا محمد عليكم‬
‫بالورع والجتهاد وصدق الحديث وأداء المانة وحسن الصحابة لمن‬
‫صحبكم وطول السجود فان ذلك من سنن الوابين )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬عيون الخبار ج ‪ 1‬ص ‪ 77‬في حديث طويل‪ (2) .‬الملهوف‪ (3) .174 :‬مشكاة‬
‫النوار‪ 65 :‬في حديث‪ (4) .‬مشكاة النوار‪ (5) .66 :‬مشكاة النوار‪:‬‬
‫‪[*] .146‬‬

‫]‪[167‬‬

‫وقال سمعته يقول‪ :‬الوابون هم التوابون )‪ - 19 .(1‬كتاب زيد الزراد‪ :‬عن أبي عبد‬
‫ال عليه السلم قال‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬إني لكره للرجل أن‬
‫تكون جبهته جلحاء ليس فيها شئ من أثر السجود ‪ -‬وبسط راحته ‪ -‬إنه‬
‫يستحب للمصلي أن يكون ببعض مساجده شئ من أثر السجود فانه ل يأمن‬
‫أن يموت في موضع ل يعرف‪ ،‬فيحضره المسلم فل يدري على ما يدفنه‪.‬‬

‫)‪ (1‬مشكاة النوار‪ 109 :‬و ‪[*] .146‬‬

‫]‪[168‬‬

‫)‪) (30‬باب( * " )سجود التلوة( " * اليات‪ :‬النشقاق‪ :‬وإذا قرئ عليهم القرآن‬
‫ل يسجدون )‪ .(1‬تفسير‪ :‬قال الطبرسي ره )‪ (2‬عطف على قوله‪) :‬فمالهم‬
‫ل يؤمنون( أي ما الذي يصرفهم عن اليمان وعن السجود ل تعالى إذا‬
‫يتلى عليهم القرآن‪ ،‬وقيل معنى ل يسجدون ل يصلون ل تعالى‪ ،‬وفي خبر‬
‫مرفوع عن أبي هريرة قال‪ :‬قرء رسول ال صلى ال عليه وآله إذا السماء‬
‫انشقت فسجد‪ .‬أقول‪ ::‬ول يبعد حمله على السجدات الواجبة أو العم منها‬
‫ومن المندوبة وقد مر ساير اليات التي يحتمل فيها ذلك في باب السجود‪.‬‬
‫‪ - 1‬كتاب المسائل‪ :‬لعلي بن جعفر‪ ،‬عن أخيه موسى عليه السلم قال‪:‬‬
‫سألته عن الرجل يكون في صلة في جماعة فيقرء إنسان السجدة كيف‬
‫يصنع ؟ قال‪ :‬يومي برأسه )‪ .(3‬قال‪ :‬وسألته عن الرجل يكون في صلته‬
‫فيقرء آخر السجدة‪ ،‬قال‪ :‬يسجد إذا سمع شيئا من العزائم الربع‪ ،‬ثم يقوم‬
‫فيتم صلته إل أن يكون في فريضة فيومي برأسه إيماء )‪ - 2 .(4‬شرح‬
‫النفلية‪ :‬للشهيد الثاني روي أنه يقول في سجدة اقرأ‪ :‬إلهي آمنا بما كفروا‪،‬‬
‫وعرفنا منك ما أنكروا‪ ،‬وأجبناك إلى ما دعوا إلهي العفو العفو‪- 3 .‬‬
‫السرائر‪ :‬نقل من كتاب النوادر لمحمد بن علي بن محبوب‪ ،‬عن محمد‬
‫)‪ (1‬النشقاق‪ (2) .21 :‬مجمع البيان ج ‪ 10‬ص ‪ (4 - 3) .462‬المسائل ‪ -‬البحار ج‬
‫‪ 10‬ص ‪[*] .279‬‬

‫]‪[169‬‬

‫ابن الحسين‪ ،‬عن محمد بن يحيى الخزاز‪ ،‬عن غياث‪ ،‬عن جعفر‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫علي عليهم السلم قال‪ :‬ل تقضي الحائض الصلة‪ ،‬ول تسجد إذا سمعت‬
‫السجدة )‪ .(1‬ومنه‪ :‬من الكتاب المذكور‪ ،‬عن علي بن خالد‪ ،‬عن أحمد بن‬
‫الحسن‪ ،‬عن عمرو بن سعيد‪ ،‬عن مصدق بن صدقة‪ ،‬عن عمار الساباطي‬
‫قال‪ :‬سئل أبو عبد ال عليه السلم عن الرجل إذا قرئ العزائم كيف‬
‫يصنع ؟ قال‪ :‬ليس فيها تكبير إذا سجدت‪ ،‬ول إذا قمت‪ ،‬ولكن إذا سجدت‬
‫قلت ما تقول في السجود )‪ - 4 .(2‬العلل‪ :‬عن جعفر بن محمد بن مسرور‪،‬‬
‫عن الحسين بن محمد بن عامر‪ ،‬عن عمه عبد ال‪ ،‬عن محمد بن أبي‬
‫عمير‪ ،‬عن حماد‪ ،‬عن الحلبي‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬سألته‬
‫عن الرجل يقرء السجدة وهو على ظهر دابته ؟ قال‪ :‬يسجد حيث توجهت‬
‫به‪ ،‬فان رسول ال صلى ال عليه وآله كان يصلي على ناقته وهو مستقبل‬
‫المدينة‪ ،‬يقول ال عز وجل‪) :‬فأينما تولوا فثم وجه ال( )‪ - 5 .(3‬العياشي‪:‬‬
‫عن حماد بن عثمان عنه عليه السلم مثله )‪ - 6 .(4‬مجمع البيان‪ :‬روى‬
‫عبد ال بن سنان‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬العزائم )الم تنزيل‪،‬‬
‫وحم السجدة‪ ،‬والنجم إذا هوى‪ ،‬واقرأ باسم ربك( وما عداها في جميع‬
‫القرآن مسنون‪ ،‬وليس بمفروض )‪ .(5‬ومنه‪ :‬قال‪ :‬عن أئمتنا عليهم السلم‬
‫أن السجود في سورة فصلت عند قوله‪) :‬إن كنتم إياه تعبدون( )‪- 7 .(6‬‬
‫غوالى اللئالى‪ :‬روي في الحديث أنه لما نزل قوله تعالى‪) :‬واسجد‬

‫)‪ (1‬السرائر‪ 477 :‬راجع ج ‪ 81‬ص ‪ (2) .118‬السرائر ص ‪ (3) .476‬علل‬


‫الشرايع ج ‪ 2‬ص ‪ 47‬و ‪ (4) .48‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪(5) .57‬‬
‫مجمع البيان ج ‪ 10‬ص ‪ (6) .516‬مجمع البيان ج ‪ 9‬ص ‪[*] .15‬‬

‫]‪[170‬‬

‫واقترب( سجد النبي صلى ال عليه وآله فقال في سجوده‪ :‬أعوذ برضاك من‬
‫سخطك وبمعافاتك من عقوبتك‪ ،‬وأعوذ بك منك‪ ،‬ل احصي ثناء عليك أنت‬
‫كما أثنيت على نفسك‪ - 8 .‬السرائر‪ :‬نقل من كتاب النوادر لحمد بن محمد‬
‫بن أبي نصر‪ ،‬عن عبد ال ابن المغيرة‪ ،‬عن عبد ال بن سنان‪ ،‬عن الوليد‬
‫بن صبيح‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال فيمن قرء السجدة وعنده رجل‬
‫على غير وضوء قال‪ :‬يسجد )‪ .(1‬ومنه‪ :‬عن علي بن رئاب‪ ،‬عن الحلبي‬
‫قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬يقرء الرجل السجدة وهو على غير‬
‫وضوء قال‪ :‬يسجد إذا كانت من العزائم )‪ - 9 .(2‬الخصال‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫سعد بن عبد ال‪ ،‬عن أحمد بن محمد‪ ،‬عن أحمد ابن محمد بن أبي نصر‪،‬‬
‫عن داود بن سرحان‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إن العزائم أربع‪:‬‬
‫اقرأ باسم ربك الذي خلق‪ ،‬والنجم‪ ،‬وتنزيل السجدة‪ ،‬وحم السجدة )‪10 .(3‬‬
‫‪ -‬المعتبر‪ :‬نقل من جامع البزنطي عن محمد بن مسلم‪ ،‬عن أبي جعفر عليه‬
‫السلم فيمن يقرأ السجدة من القرآن من العزائم‪ :‬ل يكبر حين يسجد‪ ،‬ولكن‬
‫يكبر إذا رفع رسه )‪ - 11 (4‬السرائر‪ :‬نقل من نوادر أحمد بن محمد بن‬
‫أبي نصر‪ ،‬عن العل‪ ،‬عن محمد بن مسلم قال‪ :‬سألته عن الرجل يقرأ‬
‫بالسورة فيها السجدة فينسى‪ ،‬فيركع و يسجد سجدتين‪ ،‬ثم يذكر بعد‪ ،‬قال‪:‬‬
‫يسجد إذا كانت من العزائم‪ ،‬والعزائم أربع‪ :‬الم تنزيل‪ ،‬وحم السجدة‪،‬‬
‫والنجم‪ ،‬واقرأ باسم ربك‪ ،‬وكان علي بن الحسين عليه السلم يعجبه أن‬
‫يسجد في كل سورة فيها سجدة )‪ - 12 .(5‬العلل‪ :‬عن محمد بن محمد بن‬
‫عصام‪ ،‬عن الكليني‪ ،‬عن الحسين بن الحسن الحسيني وعلي بن محمد بن‬
‫عبد ال جميعا‪ ،‬عن إبراهيم بن إسحاق الحمر‪ ،‬عن عبد الرحمن بن‬

‫)‪ (2 - 1‬السرائر ص ‪ (3) .465‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (4) .120‬المعتبر‪(5) .200 :‬‬


‫السرائر‪[*] .496 :‬‬

‫]‪[171‬‬

‫عبد ال الخزاعي‪ ،‬عن نصر بن مزاحم‪ ،‬عن عمرو بن شمر‪ ،‬عن جابر‪ ،‬عن أبي‬
‫جعفر عليه السلم قال‪ :‬إن أبي عليه السلم ما ذكر ل نعمة عليه إل سجد‬
‫ول قرأ آية من كتاب ال عزوجل فيها سجدة إل سجد‪ ،‬إلى أن قال فسمي‬
‫السجاد لذلك )‪ - 13 .(1‬قرب السناد وكتاب المسائل‪ :‬باسنادهما‪ ،‬عن علي‬
‫بن جعفر‪ ،‬عن أخيه عليه السلم قال‪ :‬سألته عن الرجل يقرأ في الفريضة‬
‫سورة النجم أيركع بها أو يسجد ثم يقوم فيقرء بغيرها ؟ قال‪ :‬يسجد ثم‬
‫يقوم فيقرء فاتحة الكتاب ثم يركع‪ ،‬ول يعود يقرء في الفريضة بسجدة )‬
‫‪ .(2‬قال‪ :‬وسألته عن إمام يقرء السجدة فأحدث قبل أن يسجد كيف يصنع ؟‬
‫قال‪ :‬يقدم غيره فيسجد ويسجدون وينصرف فقد تمت صلتهم )‪- 14 .(3‬‬
‫دعائم السلم‪ :‬مواضع السجود في القرآن خمسة عشر موضعا )‪(4‬‬

‫)‪ (1‬علل الشرايع ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .222‬قرب السناد‪ 93 :‬ط حجر‪ 121 :‬ط نجف‪،‬‬
‫المسائل المطبوع في البحار ج ‪ 10‬ص ‪ 285‬مع اختلف‪ (3) .‬قرب‬
‫السناد‪ 94 :‬ط حجر ص ‪ 123‬ط نجف‪ ،‬وقد مر شرح ذلك في الباب ‪45‬‬
‫باب القراءة وآدابها تحت الرقم ص ‪ (4) .15‬في العراف‪ 206 :‬قوله‬
‫تعالى‪) :‬ان الذين عند ربك ل يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله‬
‫يسجدون( والظاهر من الية أن السجدة في حد نفسها عبادة خصوصا إذا‬
‫كانت معها تسبيح‪ ،‬فإذا يستفاد منها حرمة السجود لغير ال عزوجل‬
‫باليات التى تنهى عن عبادة غير ال‪ - 2 .‬وفى الرعد‪ 16 :‬قوله تعالى‪:‬‬
‫)ول يسجد من في السموات والرض طوعا و كرها وظللهم بالغدو‬
‫والصال( ويفيد بفحواه أن السجدة انما تكون بالوقوع على الرض‬
‫كالظلل يفترش عليها وقد عرفت في ج ‪ 84‬ص ‪ 193‬وجه الستدلل به‪.‬‬
‫‪ - 3‬وفى النحل‪ ،50 - 48 :‬قوله تعالى‪) :‬أولم يروا إلى ما خلق ال من‬
‫شئ يتفيؤ ظلله عن اليمين والشمائل سجدا ل وهم داخرون * ول‬
‫يسجد ما في السموات وما في = ]*[‬

‫]‪[172‬‬

‫أولها آخر العراف‪ ،‬وفي سورة الرعد )وظللهم بالغدو والصال( وفي النحل‬
‫)ويفعلون ما يؤمرون( وفي بني إسرائيل )ويزيدهم خشوعا( وفي كهيعص‬
‫)خروا‬

‫= = الرض من دابة والملئكة وهم ل يستكبرون * يخافون ربهم من فوقهم‬


‫ويفعلون ما يؤمرون(‪ - 4 .‬وفى السراء‪ 109 - 107 :‬قوله تعالى‪ :‬قل‬
‫آمنوا به أول تؤمنوا ان الذين أوتوا العلم من قبله إذا يتلى عليهم يخرون‬
‫للذقان سجدا * ويقولون سبحان ربنا ان كان وعد ربنا لمفعول *‬
‫ويخرون للذقان يبكون ويزيدهم خشوعا( وقد عرفت أن السجود على‬
‫الذقان سيرة النصارى ينبطحون على الرض كالعمود إذا سجد‪ ،‬ولكن‬
‫المسلمين تبعا لقدوتهم يسجدون على سبعة أعظم‪ - 5 .‬وفى مريم‪58 :‬‬
‫قوله تعالى بعد ما ذكر جمعا من الرسل‪) :‬اولئك الذين أنعم ال عليهم من‬
‫النبيين من ذرية آدم وممن حملنا مع نوح ومن ذرية ابراهيم واسرائيل و‬
‫ممن هدينا واجتبينا إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا(‪- 6 .‬‬
‫وفى الحج‪ 18 :‬قوله تعالى‪) :‬ألم تر أن ال يسجد له من في السموات‬
‫ومن في الرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب‬
‫وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن ال فماله من مكرم ان‬
‫ال يفعل ما يشاء(‪ - 7 .‬وأما قوله عزوجل في الية‪) 77 :‬يا أيها الذين‬
‫آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون( فقد‬
‫عرفت في ص ‪ ،97‬أن الية من امهات الكتاب توجب التعبد والعبادة‬
‫بالركوع ثم السجود‪ ،‬وهى صلة المسلمين الن‪ ،‬يمتثلون أمرها بفعل‬
‫الصلة آناء الليل والنهار‪ ،‬فل وجه للسجود عند قراءتها‪ ،‬وال لكانت‬
‫السجدة عندها فرضا عزيمة لمر بها ل ندبا مسنونا ولكانت الركوع قبلها‬
‫أيضا فرضا كما هو ظاهر‪ - 8 .‬وفى الفرقان‪ 60 :‬قوله تعالى في وصف‬
‫المشركين‪) :‬وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما‬
‫تأمرنا وزادهم نفورا(‪ - 9 .‬وفى النمل‪ 25 :‬و ‪ 26‬قوله تعالى بعد ما‬
‫وصف أهل سبأ بقوله )وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون ال(‪:‬‬
‫)أل يسجدوا ل الذى يخرج الخبء في السموات والرض ]*[‬

‫]‪[173‬‬

‫سجدا وبكيا( وفي الحج )إن ال يفعل ما يشاء( وفيها )وافعلوا الخير لعلكم تفلحون(‬
‫وفي الفرقان )وزادهم نفورا( وفي النمل )رب العرش العظيم( وفي تنزيل‬
‫السجدة )وهم ل يستكبرون( وفي ص )وخر راكعا وأناب( وفي حم السجدة‬

‫= = ويعلم ما تخفون وما تعلنون * ال ل اله ال هو رب العرش العظيم(‪- 10 .‬‬


‫وفى الم تنزيل )السجدة(‪ 15 :‬قوله عزوجل‪) :‬انما يؤمن بآياتنا الذين إذا‬
‫ذكروا بها خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم وهم ل يستكبرون( وهى‬
‫احدى العزائم الربع‪ - 11 .‬وفى ص ‪ 24‬قوله عزوجل في وصف داود‬
‫عليه السلم‪) :‬وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راكعا وأناب(‬
‫وعنوان الية الكريمة في سجود التلوة والجماع على كون السجدة عند‬
‫قراءتها مسنونة مندوبة‪ ،‬يسلم أن الخرور على الرض كانت سجدة ل‬
‫ركوعا كما توهم‪ ،‬وقد مر الكلم في الية ج ‪ 84‬ص ‪ 196‬وسيأتى في‬
‫الباب التى انشاء ال تعالى‪ - 12 .‬وفى السجدة )فصلت( ‪ 37‬قوله‬
‫عزوجل‪) :‬ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر ل تسجدوا للشمس‬
‫ول للقمر واسجدوا ل الذى خلقهن ان كنتم اياه تعبدون( و هي الثانية‬
‫من العزائم الربع وتفيد بسياقها أن السجدة عبادة ل عزوجل‪ - 13 .‬وفى‬
‫النجم‪ 62 :‬قوله عزوجل‪) :‬أفمن هذا الحديث تعجبون * وتضحكون ول‬
‫تبكون * وأنتم سامدون * فاسجدوا ل واعبدوا( وهى الثالثة من العزائم‬
‫الربع‪ :‬و يظهر منها أيضا أن السجدة في حد نفسها عبادة ل كما مر‪.‬‬
‫‪ - 14‬وفى النشقاق‪ 21 :‬قوله تعالى‪) :‬فما لهم ل يؤمنون * وإذا قرئ‬
‫عليهم القرآن ل يسجدون(‪ - 15 .‬وفى العلق‪ 19 :‬قوله تعالى‪ :‬بعد ما ذكر‬
‫في )‪) :(10 - 9‬أرأيت الذى ينهى * عبدا إذا صلى(‪) :‬كل ل تطعه واسجد‬
‫واقترب( وهى الخيرة من العزائم الربع‪ ،‬وتصرح بسياقها أن الصلة‬
‫كانت حينئذ بقراءة القرآن ثم السجود من دون ركوع‪ .‬ولعلهم كانوا‬
‫يقرؤن القرآن ويرتلونه سورة بعد سورة على ما عرفت في ص ‪ 1‬و ‪2‬‬
‫= = ]*[‬

‫]‪[174‬‬
‫)إن كنتم إياه تعبدون( وفي آخر النجم‪ ،‬وفي إذا السماء انشقت )وإذا قرء عليهم‬
‫القرآن ل يسجدون( وآخر اقرأ باسم ربك )‪ .(1‬وروينا عن أبي جعفر محمد‬
‫بن علي عليه السلم أنه قال‪ :‬العزائم من سجود القرآن أربع‪ :‬في الم تنزيل‬
‫السجدة‪ ،‬وحم السجدة‪ ،‬والنجم‪ ،‬واقرأ باسم ربك‪ ،‬قال‪ :‬فهذه العزائم لبد من‬
‫السجود فيها‪ ،‬وأنت في غيرها بالخيار‪ ،‬إن شئت فاسجد‪ ،‬وإن شئت فل‬
‫تسجد )‪.(2‬‬

‫= = ثم إذا ارادوا أن يسجدوا قرؤا سورة فصلت أو الم تنزيل حتى إذا بلغوا آية‬
‫السجدة خروا سجدا ل وسبحوا بحمد ربهم داخرين غير مستكبرين‪،‬‬
‫واحتسبوا بها سجدة واحدة على حد احتسابنا بالركعات‪ ،‬ثم قاموا وقرؤا‬
‫بقية السورة ثم سورة أخرى وأخرى حتى إذا أرادوا أن يسجدوا السجدة‬
‫الخرة وينصرفوا عن صلتهم‪ ،‬قرؤا سورة النجم أو سورة العلق إلى‬
‫آخرها ثم وقعوا ساجدين بحمد ربهم‪ 1) .‬و ‪ (2‬دعائم السلم ج ‪ 1‬ص‬
‫‪ 214‬و ‪ ،215‬وانما صارت سجدة فصلت والنجم و العلق عزيمة فريضة‬
‫لظاهر المر بها في القرآن العزيز‪ ،‬واما سجدة الم تنزيل لما فيها من‬
‫الغراء الشديد والشارة إلى أنها سجدة العبادة التى يسجدها المؤمنون‬
‫فقط بقوله )انما( وقوله‪) :‬وهم ل يستكبرون( أي عن العبادة مع أن‬
‫المشركين يستكبرون‪ ،‬وقوله بعدها‪) :‬تتجافى جنوبهم عن المضاجع‬
‫يدعون ربهم خوفا وطمعا( يعنى صلة الليل التى سن لهم في سورة‬
‫المزمل وغيرها‪ .‬وانما صارت سائر السجدات مسنونا لنها ل تأمر‬
‫بالسجدة ول تحكى سجدة قدماء المسلمين في صلواتهم بل انما تحكى‬
‫سجدة الملئكة الذين عند ربنا )العراف‪ (206 :‬أو سجدة من في‬
‫السموات والرض طوعا وكرها من دابة أو ملئكة )الرعد‪ 16 :‬والنحل‪:‬‬
‫‪ (49‬أو سجدتهم مع سجدة الشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر‬
‫)الحج‪ (18 :‬أو سجدة النصارى على أذقانهم )أسرى‪ (109 - 107 ،‬أو‬
‫سجدة النبياء المتقدمين وأممهم )مريم‪ (24 :58 :‬أو يوبخ المشركين‬
‫بأنهم ل يسجدون ل )الفرقان‪ ،60 :‬النمل‪ ،25 :‬النشقاق‪[*] .(21 :‬‬

‫]‪[175‬‬

‫قال‪ :‬وكان علي بن الحسين عليه السلم يعجبه أن يسجد فيهن كلهن )‪ .(1‬وعن‬
‫جعفر بن محمد عليه السلم أنه قال‪ :‬من قرأ السجدة أو سمعها من قارئ‬
‫يقرؤها وكان يستمع قراءته‪ ،‬فليسجد‪ ،‬فان سمعها وهو في صلة فريضة‬
‫من غير إمام أومأ برأسه‪ ،‬وإن قرأها وهو في الصلة سجد وسجد معه من‬
‫خلفه إن كان إماما‪ ،‬ول ينبغي للمام أن يتعمد قراءة سورة فيها سجدة في‬
‫صلة فريضة )‪ .(2‬وعنه أنه قال‪ :‬ومن قرأ السجدة أو سمعها سجد أي‬
‫وقت كان ذلك مما تجوز الصلة فيه أو ل تجوز‪ ،‬وعند طلوع الشمس وعند‬
‫غروبها‪ ،‬ويسجد وإن كان على غير طهارة‪ ،‬وإذا سجد فل يكبر ول يسلم‬
‫إذا رفع‪ ،‬وليس في ذلك غير السجود و يسبح ويدعو في سجوده بما تيسر‬
‫من الدعاء )‪ .(3‬وعنه عليه السلم أنه قال‪ :‬إذا قرأ المصلي سجدة انحط‬
‫فسجد ثم قام فابتدء من حيث وقف‪ ،‬فان كانت في آخر السورة فليسجد ثم‬
‫يقوم فيقرأ بفاتحة الكتاب و يركع ويسجد )‪ .(4‬وعن أبي جعفر محمد بن‬
‫علي عليه السلم أنه قال‪ :‬إذا قرأت السجدة وأنت جالس فاسجد متوجها‬
‫إلى القبلة‪ ،‬وإذا قرأتها وأنت راكب فاسجد حيث توجهت فان رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله كان يصلي على راحلته وهو متوجه إلى المدينة بعد‬
‫انصرافه من مكة يعني النافلة‪ ،‬قال‪ :‬وفي ذلك قول ال‪) :‬فأينما تولوا فثم‬
‫وجه ال( )‪.(5‬‬

‫= = نعم لما كانت اليات بسياقها تغرى إلى السجود ل عزوجل‪ ،‬ل بما أنها سجدة‬
‫في صلة لهم‪ ،‬كان النبي صلى ال عليه وآله يسجد عند قراءتها أدبا‬
‫وايذانا بأنا أيضا ساجدون ل طوعا كما تسجد الملئكة ل نستكبر كما‬
‫يستكبر المشركون عن السجود ل عزوجل‪ ،‬فتكون سنة في غير فريضة‬
‫الخذ بها فضيلة وتركها إلى غير خطيئة‪ (1) .‬دعائم السلم ج ‪ 1‬ص‬
‫‪ ،215‬والظاهر أن المراد سجدته عليه السلم في المواضع الخمسة‬
‫عشر‪ ،‬ل في كل مورد ذكر فيه السجدة كما عرفت عن العلل تحت الرقم‬
‫‪ (3 - 2) .12‬دعائم السلم ج ‪ 1‬ص ‪ (5 - 4) .215‬دعائم السلم ج ‪1‬‬
‫ص ‪[*] .216‬‬

‫]‪[176‬‬

‫فروع * )لبد من التعرض لها لفهم تلك الخبار( * الول‪ :‬ل خلف بين الصحاب‬
‫في أن سجدات القرآن خمس عشرة كما مر ونقل الشهيد إجماع الصحاب‬
‫عليه‪ ،‬وقال الصدوق ويستحب أن يسجد في كل سورة فيها سجدة‪ ،‬فيدخل‬
‫فيه آل عمران عند قوله‪) :‬يا مريم اقنتي لربك واسجدي( )‪ (1‬و غيرها‬
‫ويؤمي إليه ما مر في خبر العلل‪ ،‬والواجب منها الربع المشهورة‪ ،‬ول‬
‫خلف فيه بين الصحاب‪ ،‬وقد سبقت الخبار الدالة عليه‪ .‬الثاني‪ :‬ل خلف‬
‫بين الصحاب في وجوب السجود على القارئ والمستمع‪ ،‬و إنما اختلفوا‬
‫في السامع من غير إصغاء‪ ،‬فذهب الشيخ إلى عدم وجوبه عليه )‪ (2‬ونقل‬
‫الجماع عليه في الخلف‪ ،‬وقال ابن إدريس‪ :‬يجب السجود على السامع‬
‫وذكر أنه إجماع الصحاب‪ ،‬والخبار مختلفة‪ ،‬ويمكن الجمع بينها بحمل ما‬
‫دل على المر بالسجود على الستحباب أو حمل ما دل على عدم الوجوب‬
‫على التقية‪ ،‬لموافقته لمذهب العامة وهو أحوط‪ .‬الثالث‪ :‬الظهر أن موضع‬
‫السجود في الربع بعد الفراغ من الية‪ ،‬وقال المحقق في المعتبر قال‬
‫الشيخ في الخلف‪ :‬موضع السجدة في حم السجدة عند قوله‪) :‬واسجدوا‬
‫ل( وقال في المبسوط )إن كنتم إياه تعبدون( والول أولى‪ ،‬وقال الشافعي‬
‫وأهل الكوفة عند قوله‪) :‬وهم ل يسأمون( لنا أن المر بالسجود مطلق‬
‫ويكون للفور‪ ،‬فل يجوز التأخير‪ .‬وقال في الذكرى‪ :‬ليس كلم الشيخ‬
‫صريحا فيه ول ظاهرا‪ ،‬بل ظاهره السجود عند تمام الية لنه ذكر في أول‬
‫المسألة أن موضع السجود في حم عند قوله )واسجدوا‬

‫)‪ (1‬آل عمران‪ (2) .43 :‬لن الملك درك معنى الية وتعقل المر بالسجود حتى‬
‫يتوجه إليه المر و ليس ال بالصغاء‪[*] .‬‬

‫]‪[177‬‬

‫ل الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون(‪ .‬ثم قال‪ :‬وأيضا قوله‪) :‬فاسجدوا ل الذي‬
‫خلقهن( أمر والمر يقتضي الفور عندنا‪ ،‬وذلك يقتضي السجود عقيل‬
‫الية‪ ،‬ومن المعلوم أن آخر الية )تعبدون( ولن تخلل السجود في أثناء‬
‫الية يؤدي إلى الوقوف على المشروط دون الشرط وإلى ابتداء القاري‬
‫بقوله‪) :‬إن كنتم إياه تعبدون( وهو مستهجن عند القراء‪ ،‬ولنه ل خلف‬
‫فيه بين المسلمين‪ ،‬إنما الخلف في تأخير السجود إلى يسأمون‪ ،‬فان ابن‬
‫عباس والثوري وأهل الكوفة والشافعي يذهبون إليه والول هو المشهور‬
‫عند الباقين فإذا ما اختاره في المعتبر ل قائل به‪ ،‬فان احتج بالفور قلنا هذا‬
‫القدر ل يخل بالفور‪ ،‬وإل لزم وجوب السجود في باقي الي العزايم عند‬
‫صيغة المر وحذف ما بعده من اللفظ‪ ،‬ولم يقل به أحد انتهى كلمه رفع ال‬
‫مقامه‪ ،‬ول يخفى متانته‪ .‬ورأيت في بعض تعليقات الشيخ البهائي قدس‬
‫سره قول بعض الصحاب بوجوب السجود عند التلفظ بلفظ السجدة في‬
‫جميع السجدات الربع‪ ،‬ولم أر هذا القول في كلم غيره وقد صرح في‬
‫الذكرى بعدم القول به فلعله اشتباه‪ .‬الرابع‪ :‬هل الطهارة شرط فيها ؟‬
‫القرب عدمه )‪ (1‬والروايات في الحائض متعارضة ووجوبه عليها أقوى‪،‬‬
‫والحوط لها عدم الستماع‪ ،‬والسجود مع السماع‪ ،‬ثم القضاء بعد الطهر‪،‬‬
‫قال في الذكرى‪ :‬الظهر أن الطهارة غير شرط في هذا السجود للصل‬
‫ولرواية أبي بصير )‪ (2‬وفي النهاية منع من سجود الحائض‪ ،‬وابن الجنيد‬
‫ظاهره اعتبار الطهارة وأما ستر العورة والطهارة من الخبث واستقبال‬
‫القبلة فظاهر الكثر أنه ل خلف في عدم اشتراطها‪ ،‬ويظهر الخلف فيها‬
‫أيضا من بعضهم‪ ،‬و القوى عدمه‪.‬‬
‫)‪ (1‬دليل الطهارة من آيات ال الحكيم انما توجه إلى الصلة‪ ،‬ول ريب أن سجدة‬
‫التلوة انما كانت صلة قبل ايجاب الركوع وأما بعده إلى الن فل تكون‬
‫صلة ول بحكم الصلة وهو ظاهر‪ (2) .‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪[*] .219‬‬

‫]‪[178‬‬

‫الخامس‪ :‬اختلف الصحاب في غير الجبهة من أعضاء السجود‪ ،‬هل يجب وضعها‬
‫والسجود عليها ؟ واختلفوا أيضا في وجوب وضع الجبهة على ما يصح‬
‫السجود عليه‪ ،‬والحوط رعاية جميع ذلك‪ ،‬وإن لم يقم دليل مقنع على‬
‫الشتراط‪ ،‬قال في الذكرى‪ :‬وفي اشتراط السجود على العضاء السبعة أو‬
‫الكتفاء بالجبهة نظر من أنه السجود المعهود‪ ،‬ومن صدقه بوضع الجبهة‪،‬‬
‫وكذا في السجود على ما يصح السجود عليه في الصلة من التعليل هناك‪:‬‬
‫بأن الناس عبيد ما يأكلون ويلبسون‪ ،‬وهو يشعر بالتعميم‪ .‬السادس‪:‬‬
‫المشهور بين الصحاب عدم وجوب التكبير لها والذكر فيها‪ ،‬وقال أكثر‬
‫العامة بوجوب التكبير قبلها‪ ،‬نعم يستحب التكبير عند الرفع‪ ،‬وظاهر‬
‫الشهيد في الذكرى والشيخ في المبسوط والخلف الوجوب‪ ،‬وصرح‬
‫العلمة في المنتهى وغيره بالستحباب‪ ،‬وهو أقوى‪ ،‬والحوط عدم الترك‬
‫لورود المر به في الخبار‪ ،‬وقال في المنتهى‪ :‬يستحب أن يقول في‬
‫سجوده )إلهي آمنا بما كفروا‪ ،‬وعرفنا منك ما أنكروا وأجبناك إلى ما دعوا‬
‫فالعفو العفو( قاله ابن بابويه )‪ (1‬وقال أيضا‪ :‬وقد روي أنه يقال في سجدة‬
‫العزائم )ل إله إل ال حقا حقا‪ ،‬ل إله إل ال إيمانا وتصديقا‪ ،‬ل إله إل ال‬
‫عبودية ورقا‪ ،‬سجدت لك يا رب تعبدا ورقا‪ ،‬ل مستنكفا ول مستكبرا بل أنا‬
‫عبد ذليل خائف مستجير( انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬قال الصدوق‪ :‬في مجالسه )‪(2‬‬
‫فيما وصف لصحابه من دين المامية وأما سجدة العزايم فيقال فيها‪ :‬ل إله‬
‫إل ال حقا حقا إلى قوله‪ :‬مستجير‪ ،‬وقال‪ :‬ويكبر إذا رفع رأسه‪ .‬وقال‬
‫الشهيد في البيان‪ :‬وفي المعتبر للراوندي من قرأ في نافلة اقرأ سجد‪ ،‬وقال‬
‫إلهي آمنا إلى قوله‪) :‬إلهى العفو العفو( ثم يرفع رأسه ويكبر‪ ،‬وروي أنه‬
‫يقال‪ :‬في العزائم )ل إله إل ال حقا حقا إلى قوله‪) :‬تعبدا ورقا( وقال فيه‪:‬‬
‫وروى ابن‬

‫)‪ (1‬الفقيه ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .201‬أمالى الصدوق‪[*] .382 :‬‬

‫]‪[179‬‬

‫محبوب )‪ (1‬عن عمار‪ ،‬عن الصادق عليه السلم ل تكبر إذا سجدت‪ ،‬ول إذا قمت‬
‫وإذا سجدت قلت ما تقول في السجود‪ ،‬وهو خيرة ابن الجنيد‪ ،‬وقال يكبر‬
‫لرفعه منها إن كان في صلة خاصة‪ .‬أقول‪ :‬وروى الكليني في الصحيح‪،‬‬
‫عن أبي عبيدة الحذاء )‪ (2‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إذا قرأ أحدكم‬
‫السجدة من العزائم فليقل في سجوده )سجدت لك تعبدا ورقا ل مستكبرا‬
‫عن عبادتك ول مستنكفا ول متعظما بل أنا عبد ذليل خائف مستجير‪.‬‬
‫السابع‪ :‬قيل‪ :‬وقت نيتها الهوي إليها‪ ،‬وقيل عند وضع الجبهة‪ ،‬ولعل‬
‫التخيير أقوى‪ ،‬وقيل يجوز عند استدامة الوضع وفيه إشكال‪ ،‬وإن كان‬
‫المر في النية هينا‪ .‬الثامن‪ :‬نقلوا الجماع على فوريتها فلو أخرها عن‬
‫الفراغ من الية بما يخرج به عن الفورية أثم‪ ،‬وهل تصير حينئذ قضاء أم‬
‫تبقى مدة العمر أداء ؟ اختار في المعتبر الثاني وفي الذكرى الول‪ ،‬ولعل‬
‫المعتبر مختار المعتبر‪ ،‬وكونه على الفور ل يوجب القضاء بفواته كالحج‬
‫وصلة الزلزلة‪ ،‬ولعله ل حاجة إلى نية الداء والقضاء وكذا الكلم في‬
‫المستحب‪ .‬التاسع‪ :‬قال في الذكرى‪ :‬تتعدد السجدة بتعدد السبب‪ ،‬سواء‬
‫تخلل السجود أول‪ ،‬لقيام السبب وأصالة عدم التداخل‪ ،‬وروى محمد بن‬
‫مسلم )‪ (3‬عن الباقر عليه السلم قال‪ :‬سألته عن الرجل يتعلم السورة من‬
‫العزائم فيعاد عليه مرارا في المقعد الواحد‪ ،‬قال عليه السلم‪ :‬عليه أن‬
‫يسجد كل ما سمعها‪ ،‬وعلى الذي يعلمه أيضا أن يسجد‪ .‬أقول‪ :‬ل شك مع‬
‫تخلل السجود في التعدد‪ ،‬وأما مع عدمه فالحكم به مشكل‪ ،‬إذ ل نسلم أن‬
‫الصل عدم التداخل‪ ،‬بل تدل أخبار كثيرة على أنه إذا‬

‫)‪ (1‬السرائر ص ‪ (2) .476‬الكافي ج ‪ 3‬ص ‪ (3) .328‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪.220‬‬


‫]*[‬

‫]‪[180‬‬

‫اجتمعت ل عليك حقوق كفاك حق واحد‪ ،‬والخبر وإن كان صحيحا ل يدل على هذا‬
‫الشق‪ ،‬والحوط العمل بالمشهور‪ .‬العاشر‪ :‬قال في المنتهى‪ :‬إذا قرأ السجدة‬
‫على الراحلة في السفر وأمكنه السجود وجب‪ ،‬وإن لم يتمكن أومأ‬
‫بالسجود‪ ،‬حيث كان وجهه‪ ،‬لن عليا عليه السلم أومأ على الراحلة‪ ،‬نقله‬
‫الجمهور‪ ،‬ولو كان ماشيا وأمكن السجود على الرض وجب وإل أومأ‪.‬‬
‫أقول‪ :‬قد مر بعض الخبار والحكام في باب القراءة وباب الحيض‪.‬‬

‫]‪[181‬‬

‫)‪) * (31‬باب( * * " )الدب في الهوى إلى السجود والقيام عنه )‪" * * " ((1‬‬
‫)والتكبير عند القيام من التشهد( " * * " )وجلسة الستراحة( " * ‪- 1‬‬
‫معاني الخبار‪ :‬عن أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني‪ ،‬عن علي بن‬
‫إبراهيم‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن عمرو بن جميع قال‪ :‬قال أبو‬
‫عبد ال عليه السلم‪ :‬ل بأس في القعاء في الصلة بين السجدتين‪ ،‬وبين‬
‫الركعة الولى والثانية‪ ،‬وبين الركعة الثالثة والرابعة‪ ،‬وإذا أجلسك المام‬
‫في موضع يجب أن تقوم فيه‪ ،‬فتجاف ! ول يجوز القعاء في موضع‬
‫التشهدين إل من علة لن المقعي ليس بجالس إنما جلس بعضه على‬
‫بعض‪ ،‬والقعاء أن يضع الرجل أليتيه على عقبيه في تشهديه‪ ،‬فأما الكل‬
‫مقعيا فل بأس به لن رسول ال صلى ال عليه وآله قد أكل مقعيا )‪- 2 .(2‬‬
‫قرب السناد‪ :‬عن عبد ال بن الحسن عن جده علي بن جعفر‪ ،‬عن أخيه‬
‫عليه السلم قال‪ :‬سألته عن القيام من التشهد من الركعتين الوليين‪ ،‬كيف‬
‫يصنع ؟ يضع ركبتيه ويديه على الرض ثم ينهض أو كيف يصنع ؟ قال‪:‬‬
‫ما شاء صنع و ل بأس )‪ - 3 .(3‬الحتجاج‪ :‬قال‪ :‬كتب‪ :‬الحميري إلى القائم‬
‫عليه السلم يسأله عن المصلي إذا‬

‫)‪ (1‬من اليات المتعلقة بالباب قوله تعالى‪) :‬وخر راكعا وأناب( ص‪ ،24 :‬على ما‬
‫عرفت ج ‪ 84‬ص ‪ ،195‬وهكذا ج ‪ 85‬ص ‪ .97‬وهكذا قوله تعالى في‬
‫وصف المنافقين )وإذا قاموا إلى الصلة قاموا كسالى( النساء‪ 142 :‬على‬
‫ما عرفت في ج ‪ 84‬ص ‪ (2) .202‬معاني الخبار‪ (3) .300 :‬قرب‬
‫السناد ص ‪ 92‬حجر ‪ 121‬ط نجف‪[*] .‬‬

‫]‪[182‬‬

‫قام من التشهد الول إلى الركعة الثالثة‪ ،‬هل يجب عليه أن يكبر ؟ فان بعض‬
‫أصحابنا قال‪ :‬ل يجب عليه التكبير ويجزيه أن يقول‪) :‬بحول ال وقوته‬
‫أقوم وأقعد( فوقع عليه السلم إن فيه حديثين أما أحدهما فانه إذا انتقل من‬
‫حالة إلى حالة اخرى فعليه التكبير‪ ،‬وأما الخر فانه روي إذا رفع رأسه من‬
‫السجدة الثانية فكبر ثم جلس ثم قام فليس عليه في القيام بعد القعود تكبير‪،‬‬
‫وكذلك التشهد الول يجري هذا المجرى وبأيهما أخذت من جهة التسليم‬
‫كان ثوابا )‪ .(1‬غيبة الشيخ‪ :‬عن جماعة من مشايخه‪ ،‬عن محمد بن أحمد‬
‫بن داود القمي‪ ،‬عن محمد بن عبد ال الحميري مثله )‪ .(2‬بيان‪ :‬المشهور‬
‫بين الصحاب عدم مشروعية التكبير عند القيام من التشهد الول‪ ،‬وقال‬
‫المفيد ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬باستحبابه عنده‪ ،‬وعدم استحبابه للقنوت‪ ،‬واعترض‬
‫عليه الشيخ في التهذيب والشهيد في الذكرى بأنه يكون حينئذ عدد‬
‫تكبيرات الصلوات أربعا وتسعين مع ورود الرواية بأن عددها خمس‬
‫وتسعون‪ ،‬قال الشهيد‪ :‬مع أنه روي بعدة طرق منها رواية محمد بن مسلم‬
‫)‪ (3‬عن الصادق عليه السلم في القيام من التشهد يقول‪) :‬بحول ال‬
‫وقوته أقوم وأقعد( وفي بعضها )بحولك وقوتك أقوم وأقعد( وفي بعضها‬
‫)وأركع وأسجد( ولم يذكر في شئ منها التكبير‪ ،‬فالقرب سقوطه للقيام‬
‫وثبوته للقنوت‪ ،‬وبه كان يفتي المفيد وفي آخر عمره رجع عنه‪ ،‬قال‬
‫الشيخ‪ :‬ولست أعرف بقوله هذا حديثا أصل انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬لعل مستند‬
‫المفيد هذا الخبر‪ ،‬لكن هذا ل يقتضي إسقاط تكبير القنوت إل لتصحيح العدد‬
‫المذكور‪ ،‬مع أنه ل يصح أيضا‪ ،‬فالولى مع القول به حمل العدد‬

‫)‪ (1‬الحتجاج‪ ،270 :‬وهذا التوقيع وأمثاله يؤذن بأن ابن روح كان يفتى مستندا‬
‫إلى الروايات حين لم يمكنه الوصول إلى المام عليه السلم وقد أحسن‬
‫في فتواه اول بتقديم الخاص على العام وأخطأ ثانيا حيث جوز العمل‬
‫بالعام مع انصرافه عن المورد‪.‬‬

‫)‪ (2‬غيبة الشيخ ص ‪ (3) .247‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪[*] .159‬‬

‫]‪[183‬‬

‫على التكبيرات المتعينة أو المؤكدة‪ ،‬والعمل بالمشهور أولى‪ .‬ثم إن الخبر يدل على‬
‫التخيير عند تعارض الخبار‪ - 4 .‬الخصال‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن‬
‫اليقطيني‪ ،‬عن القاسم بن يحيى‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن أبي بصير ومحمد بن مسلم‪،‬‬
‫عن أبي عبد ال عليه السلم عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم‪ :‬اجلسوا في الركعتين حتى تسكن جوارحكم‪ ،‬ثم‬
‫قوموا‪ ،‬فان ذلك من فعلنا )‪ - 5 .(1‬السرائر‪ :‬نقل من كتاب النوادر لمحمد‬
‫بن علي بن محبوب‪ ،‬عن أحمد عن الحسين‪ ،‬عن محمد بن الفضيل‪ ،‬عن‬
‫سعد الجلب‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬كان أمير المؤمنين عليه‬
‫السلم يبرء من القدرية في كل ركعة ويقول‪) :‬بحول ال وقوته أقوم‬
‫وأقعد( )‪ .(2‬ومنه‪ :‬من الكتاب المذكور‪ ،‬عن العباس‪ ،‬عن عبد ال بن‬
‫المغيرة‪ ،‬عن عبد ال ابن سنان‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬إذا‬
‫قمت من السجود قلت‪) :‬اللهم بحولك وقوتك أقوم وأقعد وأركع وأسجد( )‬
‫‪ .(3‬ومنه‪ :‬نقل من كتاب حريز قال‪ :‬قال أبو جعفر عليه السلم‪ :‬ل بأس‬
‫بالقعاء فيما بين السجدتين‪ ،‬ول ينبغي القعاء بين التشهد في الجلوس‬
‫وإنما التشهد في الجلوس وليس المقعي بجالس )‪ - 6 .(4‬فلح السائل‪:‬‬
‫قال‪ :‬روى الكليني باسناده‪ ،‬عن أبي بكر الحضرمي قال‪ :‬قال أبو عبد ال‬
‫عليه السلم‪ :‬إذا قمت من الركعة فاعتمد على كفيك‪ ،‬وقل‪) :‬بحول ال‬
‫وقوته أقوم وأقعد( فان عليا عليه السلم كان يفعل ذلك )‪.(5‬‬
‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .165‬السرائر ص ‪ (3) .475‬السرائر ص ‪(4) .476‬‬
‫السرائر ص ‪ (5) .472‬فلح السائل ص ‪ ،134‬وتراه في الكافي ج ‪ 3‬ص‬
‫‪ ،338‬وقوله عليه السلم بحول ال وقوته أقوم وأقعد‪ ،‬وان كان بظاهره‬
‫يؤمئ إلى القيام قراءة الصلة والقعود للتشهد = ]*[‬

‫]‪[184‬‬

‫‪ - 7‬نوادر الراوندي‪ :‬باسناده عن موسى بن جعفر‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪:‬‬
‫كان علي عليه السلم إذا رفع رأسه من السجدتين قال‪ :‬ل إله إل ال )‪.(1‬‬
‫‪ - 8‬العلل‪ :‬عن علي بن حاتم‪ ،‬عن القاسم بن محمد‪ ،‬عن حمدان بن‬
‫الحسين عن الحسين بن الوليد‪ ،‬عن طلحة السلمي أنه‪ :‬سأل أبا عبد ال‬
‫عليه السلم لي علة توضع اليدان إلى الرض في السجود قبل الركعتين ؟‬
‫قال‪ :‬لن اليدين بهما مفتاح الصلة )‪ - 9 .(2‬دعائم السلم‪ :‬عن جعفر بن‬
‫محمد عليهما السلم قال‪ :‬إذا أردت القيام من السجود فل تعجن بيديك‪،‬‬
‫يعني تعتمد عليهما وهي مقبوضة‪ ،‬ولكن ابسطهما بسطا‪ ،‬واعتمد عليهما‬
‫وانهض قائما )‪ .(3‬وعن علي عليه السلم أنه كان يقول إذا نهض من‬
‫السجود للقيام‪ :‬اللهم بحولك وقوتك أقوم وأقعد )‪ - 10 .(4‬كتاب زيد‬
‫النرسى‪ :‬عن أبي الحسن موسى عليه السلم أنه كان إذا رفع رأسه في‬
‫صلته من السجدة الخيرة جلس جلسة ثم نهض للقيام‪ ،‬وبادر بركبتيه من‬
‫الرض قبل يديه‪ ،‬وإذا سجد بادر بهما الرض قبل ركبتيه‪ .‬ومنه‪ :‬قال‪:‬‬
‫سمعت أبا الحسن عليه السلم يقول‪ :‬إذا رفعت رأسك من آخر سجدتك‬

‫)‪ (1‬مثل‪ ،‬لكن المراد منه القيام بالطاعات والقعود عن المعاصي‪ ،‬فان المراد‬
‫بالحول هو حالة التدافع والتنافر‪ ،‬ويتعلق بترك الفعال المذمومة ‪ -‬مثل ‪-‬‬
‫نفرة عنها وقعودا منها‪ ،‬والمراد بالقوة هو قوة الفعل وايجاد العمل‬
‫والتسبب بالسباب الكونية‪ ،‬ويتعلق بالفعال المحمودة ‪ -‬مثل ‪ -‬ميل إليها‬
‫وقياما بها‪ .‬فإذا قعد عن المعاصي‪ ،‬فقد قعد بحول ال ومشيئته‪ ،‬وإذا قام‬
‫بالطاعات فقد قام بها بقوة ال ومشيئته‪ ،‬ول حول ول قوة ال بال‬
‫العزيز‪ ،‬في كلتا الحالتين‪ ،‬وهذا معنى البراءة من القدرية ومقالتهم‪(1) .‬‬
‫نوادر الراوندي ص ‪ (2) .41‬علل الشرايع ج ‪ 2‬ص ‪ 20‬و ‪ 21‬؟‪- 3) .‬‬
‫‪ (4‬دعائم السلم ج ‪ 1‬ص ‪[*] .164‬‬

‫]‪[185‬‬

‫في الصلة‪ ،‬قبل أن تقوم‪ ،‬فاجلس جلسة ثم بادر بركبتيك إلى الرض قبل يديك‪،‬‬
‫وابسط يديك بسطا واتك عليهما ثم قم‪ ،‬فان ذلك وقار المؤمن الخاشع لربه‪،‬‬
‫ول تطيش من سجودك مبادرا إلى القيام كما يطيش هؤلء القشاب في‬
‫صلتهم‪ .‬بيان‪ :‬قال في النهاية‪ :‬فيه اغفر للقشاب هي جميع قشب يقال‪:‬‬
‫رجل قشب خشب بالكسر إذا كان ل خير فيه‪ .‬فوائد جليلة‪ :‬اعلم أنه يستفاد‬
‫من تلك الخبار أحكام‪:‬‬

‫الول‪ :‬ابتداء في الجلوس بوضع اليدين قبل الركبتين‪ ،‬وقد مر أن استحبابه‬


‫إجماعي عند الصحاب‪ .‬الثاني‪ :‬استحباب البتداء برفع الركبتين قبل‬
‫اليدين عند القيام وهو أيضا إجماعي عندهم‪ .‬الثالث‪ :‬كراهة العجن‬
‫باليدين عند القيام‪ ،‬قال في الذكرى‪ :‬إذا قام واعتمد على يديه بسطهما ول‬
‫يعجن بهما ذكره الجعفي ورواه الشيخ والكليني )‪ (1‬عن الحلبي عن‬
‫الصادق عليه السلم‪ .‬الرابع‪ :‬ل خلف بين الصحاب في رجحان الجلوس‬
‫بعد الرفع من السجدة الثانية في الركعة الولى والثالثة‪ ،‬ويسمى بجلسة‬
‫الستراحة‪ ،‬والمشهور استحبابه‪ ،‬و أوجبه المرتضى ‪ -‬ره ‪ -‬وهو أحوط‪،‬‬
‫وإن كان الول أقوى‪ ،‬وقال ابن الجنيد‪ :‬إذا رفع رأسه من السجدة الثانية‬
‫في الركعة الولى والثالثة‪] ،‬وجلس[ ظ حتى يماس ألياه الرض أو‬
‫اليسرى وحدها يسيرا ثم يقوم‪ ،‬جاز ذلك‪ ،‬وقال علي بن بابويه‪ :‬ل بأس‬
‫أن ل يقعد في النافلة‪ ،‬كذا ذكر في الذكرى‪ .‬الخامس‪ :‬استحباب الدعاء‬
‫عند القيام‪ ،‬قال في الذكرى في سياق مستحباب السجود‪ :‬ومنها الدعاء‬
‫في جلسة الستراحة بقوله )بحول ال وقوته أقوم وأقعد وأركع وأسجد(‬
‫قاله في المعتبر‪ ،‬والذي ذكره علي بن بابويه وولده والجعفي وابن الجنيد‬
‫و‬

‫)‪ (1‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪ ،222‬الكافي ج ‪ 3‬ص ‪[*] .336‬‬

‫]‪[186‬‬

‫المفيد وسلر وأبو الصلح وابن حمزة وهو ظاهر الشيخ ‪ -‬ره ‪ -‬أن هذا القول‬
‫يقوله عند الخذ في القيام‪ ،‬وهو الصح لرواية عبد ال بن سنان )‪ (1‬عن‬
‫الصادق عليه السلم إذا قمت من السجود قلت‪ :‬اللهم ربي بحولك وقوتك‬
‫أقوم وأقعد وإن شئت قلت‪ :‬وأركع وأسجد‪ ،‬وفي رواية محمد بن مسلم )‪(2‬‬
‫عنه عليه السلم إذا قام الرجل من السجود قال‪) :‬بحول ال أقوم وأقعد(‬
‫وعنه عليه السلم )‪ (3‬إذا تشهدت ثم قمت فقل )بحول ال أقوم وأقعد(‪،‬‬
‫وعن رفاعة )‪ (4‬عنه عليه السلم كان علي عليه السلم إذا نهض من‬
‫الوليين قال‪ :‬بحولك وقوتك أقوم و أقعد انتهى والظاهر التخيير بين تلك‬
‫الذكار‪ ،‬والفضل التيان بها عند الخذ في القيام‪ .‬السادس‪ :‬كراهة القعاء‪،‬‬
‫واختلف كلم الصحاب وكلم أهل اللغة في حكمه وتفسيره‪ ،‬أما حكمه‬
‫فذهب الكثر إلى كراهته‪ ،‬وادعى الشيخ في الخلف الجماع عليه‪ ،‬ونقله‬
‫المحقق في المعتبر عن معاوية بن عمار ومحمد بن مسلم من القدماء‪،‬‬
‫وذهب الشيخ في المبسوط والمرتضى إلى عدم كراهته‪ ،‬وقال الصدوق‪ :‬ل‬
‫بأس بالقعاء بين السجدتين‪ ،‬ول بأس بن بين الولى والثانية‪ ،‬وبين الثالثة‬
‫والرابعة‪ ،‬ول يجوز القعاء في التشهدين وتبعه ابن إدريس إل في التشهد‪.‬‬
‫وتركه أفضل وفي التشهد آكد‪ .‬ثم اعلم أن أكثر الروايات المشتملة على‬
‫النهي عن القعاء مخصوصة بالجلوس بين السجدتين‪ ،‬وكذا عبارات كثير‬
‫من الصحاب‪ ،‬وصرح الشهيد ‪ -‬ره ‪ -‬بتعميم الحكم بالنسبة إلى جلسة‬
‫الستراحة أيضا وظاهر كلمه كون ذلك مذهب الكثر‪ ،‬ونسب العلمة في‬
‫النهاية كراهة القعاء إلى الكثر حالة الجلوس مطلقا‪ ،‬وصرح الشهيد‬
‫الثاني قدس سره بعموم الحكم لجميع حالت الجلوس ولعله أقوى‪ .‬وأما‬
‫تفسيره فقد قال الجوهري أقعى الكلب إذا جلس على استه مفترشا رجليه‪،‬‬
‫و ناصبا يديه‪ ،‬وقد جاء النهي عن القعاء في الصلة وهو أن يضع أليتيه‬
‫على عقبيه بين السجدتين‪ ،‬وهذا تفسير الفقهاء‪ ،‬وأما أهل اللغة فالقعاء‬
‫عندهم أن يلصق الرجل أليتيه‬

‫)‪ (2 - 1‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪ (4 - 3) .158‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪[*] .159‬‬

‫]‪[187‬‬

‫بالرض وينصب ساقيه ويتساند إلى ظهره‪ .‬وقال الجزري في النهاية‪ :‬فيه أنه نهى‬
‫عن القعاء في الصلة‪ ،‬القعاء أن يلصق الرجل أليتيه بالرض وينصب‬
‫ساقيه وفخذيه‪ ،‬ويضع يديه على الرض كما يقعي الكلب‪ ،‬وقيل‪ :‬هو أن‬
‫يضع أليتيه على عقبيه بين السجدتين‪ ،‬والقول الول‪ ،‬ومنه الحديث أنه‬
‫عليه السلم أكل مقعيا أراد أنه كان يجلس عند الكل على وركيه مستوفزا‬
‫غير متمكن‪ .‬وقال الفيروز آبادي‪ :‬أقعى في جلوسه‪ :‬تساند إلى ما وراءه‪،‬‬
‫والكلب جلس على استه‪ .‬وقال المطرزي في المغرب‪ :‬القعاء أن يلصق‬
‫أليتيه بالرض وينصب ساقيه ويضع يديه على الرض كما يقعي الكلب‬
‫وتفسير الفقهاء أن يضع أليتيه على عقبيه بين السجدتين وهو عقب‬
‫الشيطان‪ .‬وقال المحقق نور ال ضريحه في المعتبر‪ :‬يستحب الجلوس بين‬
‫السجدتين متوركا وقال في المبسوط‪ :‬الفضل أن يجلس متوركا ولو جلس‬
‫مقعيا بين السجدتين وبعد الثانية جاز‪ ،‬وقال الشافعي وأبو حنيفة وأحمد‪:‬‬
‫يجلس مفترشا لرواية أبي حميد الساعدي وكيفية التورك أن يجلس على‬
‫وركه اليسرى ويخرج رجليه جميعا ويفضي بمقعدته إلى الرض ويجعل‬
‫رجله اليسرى على الرض وظاهر قدمه اليمنى على باطن قدمه اليسرى‬
‫وكيفية الفتراش أن يجلس على رجله اليسرى ويخرج رجله اليمنى من‬
‫تحته وينصبها ويجعل بطون أصابعها على الرض معتمدا عليها إلى‬
‫القبلة‪ .‬وقال علم الهدى‪ :‬يجلس مماسا بوركه اليسر مع ظاهر فخذه‬
‫اليسرى الرض رافعا فخذه اليمنى على عرقوبه اليسر‪ ،‬وينصب طرف‬
‫إبهام رجله اليمنى على الرض ويستقبل بركبتيه معا القبلة‪ ،‬وما ذكره‬
‫الشيخ أولى‪ .‬ثم قال ‪ -‬ره ‪ :-‬يكره القعاء بين السجدتين قاله في الجمل‪،‬‬
‫وبه قال معاوية بن عمار منا ومحمد بن مسلم والشافعي وأبو حنيفة‬
‫وأحمد‪ ،‬وقال الشيخ بالجواز‪ ،‬وإن كان التورك أفضل‪ ،‬وبه قال علم الهدى‪،‬‬
‫لنا ما رووه عن علي عليه السلم قال‪ :‬قال رسول ال‬

‫]‪[188‬‬

‫صلى ال عليه وآله‪ :‬ول تقع بين السجدتين‪ ،‬وعن أنس قال‪ :‬قال رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله‪ :‬إذا رفعت رأسك من السجود فل تقع كما يقعي الكلب‪ ،‬ومن‬
‫طريق الصحاب ما رواه أبو بصير )‪ (1‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪:‬‬
‫ل تقع بين السجدتين‪ ،‬والدليل على أن النهي ليس للتحريم ما رواه )‪(2‬‬
‫عبيدال الحلبي‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬ل بأس بالقعاء في‬
‫الصلة بين السجدتين‪ ،‬والقعاء أن يعتمد بصدور قدميه على الرض‬
‫ويجلس على عقبيه وقال بعض أهل اللغة‪ :‬هو أن يجلس على أليتيه ناصبا‬
‫فخذيه مثل إقعاء الكلب والمعتمد الول لنه تفسير الفقهاء وبحثهم على‬
‫تقديره‪ .‬وقال العلمة ‪ -‬ره ‪ -‬في المنتهى‪ :‬مثل هذا الكلم من أوله إلى آخره‬
‫وقال‪ :‬القعاء عبارة عن أن يعتمد بصدور قدميه على الرض ويجلس على‬
‫عقبه‪ ،‬وقال بعض أهل اللغة‪ :‬هو أن يجلس الرجل على أليتيه ناصبا فخذيه‬
‫مثل إقعاء الكلب‪ ،‬والول أولى لنه تفسير الفقهاء وبحثهم فيه‪ .‬وقال‬
‫الشهيد رفع ال مقامه عند ذكر مستحبات السجود‪ :‬ومنها التورك بين‬
‫السجدتين بأن يجلس على وركه اليسرى ويخرح رجليه جميعا من تحته‪،‬‬
‫ويجعل رجله اليسرى على الرض وظاهر قدمه اليمنى على باطن‬
‫اليسرى‪ ،‬ويفضي بمقعدته إلى الرض كما في خبر حماد )‪ ،(3‬وروى ابن‬
‫مسعود التورك عن النبي صلى ال عليه وآله‪ .‬ول يستحب عندنا‬
‫الفتراش‪ ،‬وهو أن يثني رجليه اليسرى فيبسطها ويجلس عليها وينصب‬
‫رجله اليمنى ويخرجها من تحته‪ ،‬ويجعل بطون أصابعه على الرض‬
‫معتمدا عليها‪ ،‬ليكون أطرافها إلى القبلة‪ ،‬ويظهر من خبر )‪ (4‬زرارة عن‬
‫الباقر عليه السلم كراهيته حيث قال‪ :‬وإياك والقعود على قدميك فتتأذى‬
‫بذلك ول تكون قاعدا على الرض إنما قعد بعضك على بعض‪ .‬وقال ابن‬
‫الجنيد في الجلوس بين السجدتين‪ :‬يضع أليتيه على بطن قدميه‪ ،‬ول يقعد‬
‫على مقدم رجليه وأصابعهما‪ ،‬ول يقعي إقعاء الكلب‪.‬‬
‫)‪ (2 - 1‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .222‬راجع ج ‪ 84‬ص ‪ 185‬مشروحا‪ (4) .‬التهذيب‬
‫ج ‪ 1‬ص ‪ 157‬في حديث‪[*] .‬‬

‫]‪[189‬‬

‫ثم قال ‪ -‬ره ‪ -‬بعد ذكر جلسة الستراحة‪ :‬ويكره القعاء فيها وفي الجلوس بين‬
‫السجدتين على الشهر‪ .‬ثم قال بعد نقل كلم المحقق وغيره‪ :‬وصورة‬
‫القعاء أن يعتمد بصدر قدميه على الرض ويجلس على عقبيه‪ ،‬قاله في‬
‫المعتبر‪ ،‬ونقل عن بعض أهل اللغة أنه الجلوس على أليتيه ناصبا فخذيه‬
‫إقعاء الكلب‪ ،‬والمعتمد الول‪ ،‬ومثله قال الشهيد الثاني ‪ -‬ره ‪ -‬في شرح‬
‫النفلية‪ ،‬وشرح الرشاد وغيرهما‪ ،‬والسيد في المدارك‪ ،‬ول نطيل الكلم‬
‫بذكر كلم غيرهم من أصحابنا فانهم لم يذكروا إل مثل ما نقلنا‪ .‬وقال‬
‫البغوي من علماء العامة في شرح السنة بعد ما روى باسناده عن الحارث‬
‫عن علي عليه السلم قال لي رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬يا علي احب‬
‫لك ما احب لنفسي وأكره لك ما أكره لنفسي‪ ،‬ل تقرأ وأنت راكع‪ ،‬ول أنت‬
‫ساجد‪ ،‬ول تصل وأنت عاقص شعرك‪ ،‬فانه كفل الشيطان‪ ،‬ول تقع بين‬
‫السجدتين‪ :‬على كراهية القعاء بين السجدتين أكثر أهل العلم‪ ،‬وقد صح‬
‫عن عائشة قالت كان رسول ال صلى ال عليه وآله ينهى عن عقبة‬
‫الشيطان والقعاء قال أبو عبيد‪ :‬هو جلوس النسان على أليتيه ناصبا‬
‫فخذيه واضعا يديه على الرض من إقعاء الكلب والسبع‪ ،‬وليس هذا معنى‬
‫الحديث من القعاء‪ ،‬وتفسير أصحاب الحديث في عقبة الشيطان وفي‬
‫القعاء واحد‪ ،‬وهو أن يضع أليتيه على عقبيه مستوفزا غير مطمئن إلى‬
‫الرض‪ .‬وذهب بعض أهل العلم إلى القعاء بين السجدتين‪ ،‬قال طاوس‪:‬‬
‫قلت لبن عباس في القعاء على القدمين قال‪ :‬هي السنة‪ ،‬قال طاوس‪:‬‬
‫رأيت العبادلة يفعلون ذلك‪ :‬عبد ال ابن عمر‪ ،‬وابن عباس‪ ،‬وابن الزبير‪،‬‬
‫قال أبو سليمان الخطابي وقد روى عن ابن عمر أنه قال لبنيه‪ :‬ل تقتدوا‬
‫بي في القعاء فاني إنما فعلت هذا حين كبرت‪ ،‬وروى عن ابن عمر أنه‬
‫كان يضع يديه بالرض بين السجدتين فل يفارقان الرض حتى يعيد‬
‫السجود‪ ،‬و هكذا يفعل من أقعى‪ ،‬وكان يفعل ذلك حين كبرت سنه قال‬
‫الخطابي ويشبه أن يكون حديث القعاء منسوخا‪ ،‬والحاديث الثابتة في‬
‫صفة صلة رسول ال صلى ال عليه وآله عن أبي حميد ووائل بن حجر‬
‫أنه قعد بين السجدتين مفترشا قدمه اليسرى‪ ،‬وقد رويت‬

‫]‪[190‬‬

‫الكراهة في القعاء عن جماعة من الصحابة‪ ،‬وكرهه النخعي ومالك والشافعي‬


‫وأحمد و إسحاق وأصحاب الرأي وعامة أهل العلم انتهى‪ .‬وقال الرافعي في‬
‫شرح الوجيز في الجلوس بين السجدتين‪ :‬والمشهور أنه يجلس مفترشا‬
‫وكذلك رواه أبو حميد الساعدي‪ ،‬وفي قول يضجع قدميه ويجلس على‬
‫صدورهما وعن مالك أن المصلي يتورك في جميع جلسات الصلة‪ ،‬وقال‬
‫في وصف التشهد ويجزي القعود على أي هيئة اتفق‪ ،‬لكن السنة في‬
‫القعود حال الصلة الفتراش وفي القعود في آخرها التورك كذلك روي عن‬
‫أبي حميد في صلة رسول ال صلى ال عليه وآله‪ ،‬وقال أبو حنيفة‪ :‬السنة‬
‫فيهما الفتراش‪ ،‬وقال مالك‪ :‬السنة فيهما التورك‪ ،‬وقال أحمد‪ :‬إن كانت‬
‫الصلة ذات تشهدين تورك في الخير‪ ،‬وإن كانت ذات تشهد واحد افترش‬
‫فيه‪ .‬والفتراش أن يضجع رجله اليسرى بحيث يلي ظهرها الرض‬
‫ويجلس عليها و ينصب اليمنى ويضع أطراف أصابعها على الرض‬
‫موجهة إلى القبلة والتورك أن يخرج رجليه وهما على هيئتهما في‬
‫الفتراش من جهة يمينه‪ ،‬ويمكن وركه من الرض‪ ،‬و خص الفتراش‬
‫بالتشهد الول لن المصلي مستوفز للحركة يبادر إلى القيام عند تمامه‪،‬‬
‫وهو من الفتراش أهون‪ ،‬والتورك هيئة السكون والستقرار فخص بآخر‬
‫الصلة انتهى‪ .‬وقال بعض شراح صحيح مسلم في خبر رواه عن عائشة‬
‫أن النبي صلى ال عليه وآله كان إذا رفع رأسه من السجدة لم يسجد حتى‬
‫يستوي جالسا‪ ،‬وكان يفرش رجله اليسرى وينصب رجله اليمنى‪ ،‬وكان‬
‫ينهى عن عقبة الشيطان‪ ،‬قال‪ :‬قولها )وكان يفرش رجله اليسرى(‪ :‬معناه‬
‫يجلس مفترشا وفيه حجة لبي حنيفة ومن وافقه أن الجلوس في الصلة‬
‫يكون مفترشا‪ ،‬سواء فيه جميع الجلسات‪ ،‬وعند مالك متوركا بأن يخرج‬
‫رجله اليسرى من تحته ويفضي بوركه إلى الرض‪ ،‬وقال الشافعي‪ :‬السنة‬
‫أن يجلس كل الجلسات مفترشا إل الجلسة التي يعقبها السلم‪ ،‬والجلسات‬
‫عند الشافعي أربع‪ :‬الجلوس بين السجدتين‪ ،‬وجلسة الستراحة عقب كل‬
‫ركعة يعقبها قيام‪ ،‬والجلسة للتشهد الول‪ ،‬والجلسة للتشهد الخير‪،‬‬
‫فالجميع يسن مفترشا إل الخيرة‪.‬‬

‫]‪[191‬‬

‫قولها )عقبة الشيطان( بضم العين‪ ،‬وفي رواية اخرى )عقب الشيطان( بفتح العين‬
‫وكسر القاف‪ ،‬وفسره أبو عبيد وغيره بالقعاء المنهى عنه‪ ،‬وهو أن‬
‫يلصق ألييه بالرض وينصب ساقيه ويضع يديه على الرض كما يفترش‬
‫الكلب وغيره من السباع‪ ،‬وهو مكروه باتفاق العلماء بهذا التفسير‪ ،‬وأما‬
‫القعاء الذي ذكره مسلم بعد هذا في حديث ابن عباس أنه سنة فهو غير‬
‫هذا كما سنفسره‪ .‬ثم قال في باب القعاء بعد نقل حديث ابن عباس أنه‬
‫سنة‪ :‬اعلم أن القعاء ورد فيه حديثان ففي هذا الحديث أنه سنة‪ ،‬وفي‬
‫حديث آخر النهي عنه رواه الترمذي وغيره من رواية علي عليه السلم‬
‫وابن ماجة من رواية أنس وأحمد بن حنبل من رواية سمرة وأبي هريرة‬
‫والبيهقي من رواية سمرة وأنس وأسانيدها كلها ضعيفة‪ .‬وقد اختلف‬
‫العلماء في حكم القعاء وفي تفسيره اختلفا كثيرا لهذه الحاديث والصواب‬
‫الذي ل معدل عنه أن القعاء نوعان‪ :‬أحدهما أن يلصق ألييه بالرض‬
‫وينصب ساقيه ويضع يديه على الرض كاقعاء الكلب‪ ،‬هكذا فسره أبو‬
‫عبيدة معمر بن المثنى وصاحبه أبو عبيد القاسم بن سلم‪ ،‬وآخرون من‬
‫أهل اللغة‪ ،‬وهذا النوع هو المكروه الذي ورد فيه النهي‪ ،‬والنوع الثاني أن‬
‫يجعل ألييه على عقبيه بين السجدتين وهذا هو مراد ابن عباس أنه سنة‪،‬‬
‫وقد نص الشافعي على استحبابه في الجلوس بين السجدتين‪ ،‬وحمل حديث‬
‫ابن عباس عليه جماعات من المحققين منهم البيهقي والقاضي عياض‬
‫وآخرون‪ .‬قال القاضي‪ :‬وقد روي عن جماعة من الصحابة والسلف أنهم‬
‫كانوا يفعلونه‪ ،‬قال‪ :‬وكذا جاء مفسرا عن ابن عباس )من السنة أن تمس‬
‫عقبيك ألييك( فهذا هو الصواب في تفسير حديث ابن عباس‪ ،‬وقد ذكرنا أن‬
‫الشافعي نص على استحبابه في الجلوس بين السجدتين‪ ،‬وله نص آخر‬
‫وهو الشهر أن السنة فيه الفتراش‪ ،‬وحاصله أنهما سنتان‪ ،‬وأيهما‬
‫أفضل ؟ فيه قولن انتهى‪ .‬أقول‪ :‬بعد ما أحطت خبرا بما ذكرنا ل يخفى‬
‫عليك أن القعاء يطلق على معان‪ :‬الول الجلوس على الليين ونصب‬
‫الساقين‪ ،‬وهو الشهر بين اللغوين‪،‬‬

‫]‪[192‬‬

‫الثاني الجلوس على العقبين مطلقا كما هو الظاهر من كلم أكثر العامة‪ ،‬الثالث ما‬
‫اتفق عليه كلم أصحابنا من وضع صدور القدمين على الرض ووضع‬
‫الليين على القدمين ولعل مراد أكثر العامة أيضا هذا المعنى‪ ،‬لن الجلوس‬
‫على العقبين حقيقة ل يتحقق إل بهذا الوجه‪ ،‬فانه إذا جعل ظهر قدمه على‬
‫الرض يقع الجلوس على بطن القدمين لعلى العقبين‪ .‬ويؤيده قول‬
‫الجزري عند تفسير إقعائه صلى ال عليه وآله عند الكل أنه كان يجلس‬
‫عند الكل على وركيه مستوفزا غير متمكن‪ ،‬فان المستعجل هكذا يجلس‪ ،‬و‬
‫أما الجالس على بطون القدمين فهو متمكن مستقر وقال الجوهري‪:‬‬
‫استوفز في قعدته إذا قعد قعودا منتصبا غير مطمئن‪ ،‬ومثله ما ذكره‬
‫البغوي في تفسير القعاء‪ .‬وأيضا اعتذار ابن عمر بالضعف والكبر يدل‬
‫على ذلك‪ ،‬فان الضعف يقتضي عدم تغيير القدمين عما كانتا عليه في حالة‬
‫السجود‪ ،‬ول يتمكن من الجلوس ثم يعود إلى السجود‪ ،‬ولذا قال الخطابي‪:‬‬
‫معناه أنه كان يضع يديه بالرض بين السجدتين فل تفارقان الرض حتى‬
‫يعيد السجود‪ ،‬وهكذا يفعل من أقعى‪ ،‬وما هو المشاهد من العوام من‬
‫الفريقين‪ ،‬حيث يجلسون هكذا بين السجدتين لسهولته عليهم‪ ،‬شاهد بذلك‪.‬‬
‫وأما التشبيه باقعاء الكلب فل يلزم أن يكون كامل من كل جهة بل يكفي أنه‬
‫يشبهه في النحناء عند الجلوس والعتماد على الرجلين واليدين‪ ،‬لسيما‬
‫إذا لم يرفع يديه من الرض‪ ،‬وأما الجلوس على القدمين بدون ذلك فهو‬
‫أبعد من مشابهة إقعاء الكلب كما ل يخفى‪ .‬فإذا تمهد هذا فاعلم أن المعنى‬
‫الول خلف ما هو المستحب من التورك‪ ،‬وأما إثبات كراهته فهو مشكل‬
‫لنه ل يدل على كراهته ظاهرا إل أخبار القعاء‪ ،‬و هي ظاهرة في معنى‬
‫آخر مشتهر بين الصحاب‪ ،‬ويؤيده ما ورد في حديث زرارة عن أبي جعفر‬
‫عليه السلم‪ :‬ول تقع على قدميك‪ .‬إذ الظاهر من القعاء على القدمين أن‬
‫يكون الجلوس عليهما‪ ،‬وإن لم تكن ظاهرة في معنى آخر فمجرد الحتمال‬
‫ل يكفي للستدلل‪ .‬فان قلت‪ :‬الشتهار بين اللغويين يؤيده‪ ،‬قلنا الشهرة‬
‫بين علماء الفريقين في‬

‫]‪[193‬‬

‫خلفه يعارضه‪ ،‬والولى ترك هذا الجلوس لشتهار هذا المعنى بين اللغويين‪،‬‬
‫واحتمله بعض علمائنا كما عرفت مع أنه خلف ما هو السنة في هذا‬
‫الجلوس‪ ،‬والفرق بين ترك السنة وارتكاب المكروه ضعيف‪ ،‬بل قيل‬
‫باستلزامه له‪ .‬وأما المعنى الثالث فقد عرفت أن المشهور بين علمائنا بل‬
‫علماء المخالفين أيضا كراهته‪ ،‬وكفى بذلك مرجحا وقد ورد في اللغة بهذا‬
‫المعنى‪ ،‬وقد عرفت ما يؤيده وتجويز ابن عمر وأضرابه ذلك وعملهم به‬
‫يؤيد أن النهي إنما ورد في ذلك للرد عليهم وأما ما ورد في صحيحة‬
‫الحلبي من عدم البأس فل ينافي الكراهة بل قيل إنه يؤيدها‪ .‬وأما الجلوس‬
‫على القدمين من غير أن يكون صدر القدمين على الرض الذي نسميها‬
‫المعنى الثاني‪ ،‬فهو خلف المستحب أيضا‪ ،‬ولم أر من أصحابنا من قال‬
‫بكراهته بل يظهر من كلم ابن الجنيد أنه قال باستحبابه كما مر‪ ،‬وقد اتفقت‬
‫كلمة أصحابنا في تفسير القعاء المكروه بما عرفت‪ ،‬فاثبات كراهته مما‬
‫يوهمه إطلق كلم بعض اللغويين والمخالفين مشكل‪ .‬فان قيل‪ :‬ما مر من‬
‫قول أبي جعفر عليه السلم في صحيحة زرارة )ول تقع على قدميك(‬
‫وقوله عليه السلم في صحيحته الخرى )إياك والقعود على قدميك فتتأذى‬
‫بذلك ول تكون قاعدا على الرض فيكون إنما قعد بعضك على بعض فل‬
‫تصبر للتشهد والدعاء( يدلن على شمول النهي لهذا الفرد أيضا‪ .‬قلنا‪ :‬أما‬
‫الخبر الول فقد ورد النهي فيه عن القعاء على القدمين ل مطلق القعود‬
‫عليهما فيتوقف الستدلل به على أن القعاء موضوع لخصوص هذا الفرد‬
‫أو لما يشمله وقد عرفت ما فيه‪ ،‬نعم بظاهره ينفي المعنى الول من القعاء‬
‫كما أومأنا إليه‪ ،‬وأما الخبر الثاني فهو وارد في الجلوس للتشهد ل بين‬
‫السجدتين‪ ،‬ولو ارتكبنا التكلف في ذلك بأن العلة التي ذكرها في التشهد‬
‫تحصل في غيره‪ ،‬فيتعدى الحكم إليه كما قيل‪ ،‬فمع أنه يمكن المناقشة فيه‬
‫بمنع جريان العلة إذ الدعاء والذكر في التشهد أكثر منهما بين السجدتين‪،‬‬
‫ل نسلم أنه يدل على هذا المعنى‪ ،‬إذ يحتمل أن يكون المراد به النهي عن‬
‫أن يجعل باطن قدميه على الرض غير موصل أليتيه إليها رافعا فخذيه و‬

‫]‪[194‬‬

‫ركبتيه إلى قريب ذقنه‪ ،‬كما يتجافى المسبوق‪ .‬بل الخبر الول أيضا يحتمل ذلك‬
‫فيظهر معنى آخر للقعاء والفرق بينه وبين المعنى الول من المعاني‬
‫الثلثة بالصاق الليتين بالرض وعدمه‪ ،‬وربما احتمل كلم ابن الجنيد‬
‫أيضا ذلك‪ ،‬حيث قال )ول يقعد على مقدم رجليه وأصابعهما( هذا المعنى‬
‫أيضا‪ ،‬والتعليل الوارد في الخبر أيضا شديد النطباق على هذا الوجه‪ ،‬ولو‬
‫سلم عدم إرادة هذا المعنى‪ ،‬فالتعليل الوارد في الخبر بالقعاء بالمعنى‬
‫المشهور بين الصحاب ألصق‪ .‬وبالجملة الظهر حمل القعاء المنهى عنه‬
‫على ما هو المشهور بين الصحاب ولكن الحوط والولى ترك الجلوس‬
‫على الوجوه الربعة التي ذكرنا أنها من محتملت الخبار‪ ،‬بل يحتمل أن‬
‫يكون المراد النهي عن جميعها إن جوزنا استعمال اللفظ في المعنيين‬
‫الحقيقيين‪ ،‬أو المعنى الحقيقي والمجازي معا‪ ،‬وال تعالى يعلم وحججه‬
‫صلوات ال عليهم حقايق أحكامه تعالى‪.‬‬

‫]‪[195‬‬

‫)‪) * (32‬باب( * * " )القنوت وآدابه وأحكامه( " * اليات‪ :‬البقرة‪ :‬وقوموا ل‬
‫قانتين )‪ .(1‬آل عمران‪ :‬يا مريم اقتني لربك )‪ .(2‬تفسير‪ :‬القنوت يطلق في‬
‫اللغة على خمسة معان‪ :‬الدعاء‪ ،‬والطاعة‪ ،‬والسكون والقيام في الصلة‪،‬‬
‫والمساك عن الكلم‪ ،‬ذكره في القاموس‪ ،‬وذكر ابن الثير معاني اخرى‬
‫كالخشوع‪ ،‬والصلة‪ ،‬والعبادة‪ ،‬والقيام‪ ،‬وطول القيام‪ ،‬وقال الجوهري‪:‬‬
‫القنوت الطاعة‪ ،‬هذا هو الصل‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪) :‬القانتين والقانتات( )‬
‫‪ (3‬ثم سمي القيام في الصلة قنوتا‪ ،‬وقريب منه كلم ابن فارس‪ ،‬وهو في‬
‫اصطلح الفقهاء الدعاء في أثناء الصلة في محل معين سواء كان معه‬
‫رفع اليدين أم ل‪ ،‬وربما يطلق على الدعاء مع رفع اليد‪ .‬ثم إن المشهور‬
‫بين الصحاب استحبابه‪ ،‬وقال الصدوق في الفقيه‪ :‬سنة واجبة من تركه‬
‫عمدا أعاد‪ ،‬ونقل عن ظاهر ابن أبي عقيل القول بوجوبه في الصلوات‬
‫الجهرية والول لعله أقوى‪ .‬واستدل بالية الولى على مذهب الصدوق‬
‫ويرد عليه أن القنوت جاء في اللغة‬

‫)‪ (1‬البقرة‪ ،238 :‬وقد مر في ج ‪ 82‬ص ‪ 278‬ما يتعلق بالمقام‪ ،‬ونزيد هنا أن الية‬
‫من المتشابهات بأم الكتاب‪ ،‬فأول رسول ال صلى ال عليه وآله قيامها‬
‫وقنوتها إلى الصلة فتكون سنة في فريضة الخذ بها هدى وتركها ضللة‬
‫وكل ضللة في النار على حد سائر السنن التى تبطل الصلة بتعمد تركها‬
‫رغبة عنها‪ ،‬كما قال به الصدوق في الفقيه ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .207‬آل‬
‫عمران‪ (3) .43 :‬الحزاب‪[*] .35 :‬‬

‫]‪[196‬‬

‫لمعان‪ ،‬فيجوز أن يكون المراد به في الية الطاعة أو غيرها من المعاني المتقدمة‪،‬‬


‫فل يختص بالدعاء‪ ،‬ولو سلم أن المراد به الدعاء فيمكن أن يراد به الدعاء‬
‫الذي يتحقق في ضمن القراءة‪ ،‬لن الفاتحة مشتملة على الدعاء‪ ،‬فل دللة‬
‫في الية على الدعاء المخصوص‪ ،‬على أن الختصاص بالصلة الوسطى‬
‫قائم كما مر في الخبر أيضا‪ ،‬فيحتاج إلى التمسك بعدم القائل بالفصل وفي‬
‫إثباته عسر‪ .‬والمفسرون أيضا اختلفوا في تفسيره قال في مجمع البيان )‬
‫‪ :(1‬قال ابن عباس‪ :‬معناه داعين‪ ،‬والقنوت هو الدعاء في الصلة حال‬
‫القيام‪ ،‬وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد ال عليهما السلم وقيل‬
‫طائعين‪ ،‬وقيل خاشعين‪ ،‬وقيل ساكنين‪ ،‬وقال في الكشاف )قوموا ل‬
‫قانتين( ذاكرين ال في قيامكم‪ ،‬والقنوت أن تذكر ال قائما وعن عكرمة‬
‫كانوا يتكلمون في الصلة فنهوا وقال مجاهد هو الركود وكف اليدي‬
‫والبصر‪ ،‬وروي أنه إذا قام أحدهم إلى الصلة هاب الرحمن أن يمد بصره‬
‫أو يلتفت أو يقلب الحصا أو يحدث نفسه بشئ من امور الدنيا‪ .‬وكذا الكلم‬
‫في الية الثانية وتزيد على الولى بأنها متعلقة بالمم السالفة‪ ،‬قال‬
‫الطبرسي ‪ -‬ره ‪) (2) -‬اقنتي لربك( أي اعبديه وأخلصي له العبادة‪ ،‬عن‬
‫ابن جبير وقيل‪ :‬معناه أديمي الطاعة له‪ ،‬وقيل أطيلي القيام في الصلة‪- 1 .‬‬
‫العيون والعلل‪ :‬عن عبد الواحد بن عبدوس‪ ،‬عن علي بن محمد بن قتيبة‬
‫عن الفضل بن شاذان في العلل التي رواها عن الرضا عليه السلم‪ :‬فان‬
‫قال‪ :‬فلم جعل الدعاء في الركعة الولى قبل القراءة‪ ،‬ولم جعل في الركعة‬
‫الثانية القنوت بعد القراءة ؟ قيل‪ :‬لنه أحب أن يفتح قيامه لربه وعبادته‬
‫بالتحميد والتقديس والرغبة والرهبة‪ ،‬ويختمه بمثل ذلك‪ ،‬ويكون في القيام‬
‫عند القنوت بعض الطول فأحرى أن يدرك المدرك الركوع فل تفوته‬
‫الركعتان في الجماعة )‪.(3‬‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .343‬مجمع البيان ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .440‬عيون‬
‫الخبار ج ‪ 2‬ص ‪ ،106‬علل الشرايع ج ‪ 1‬ص ‪[*] .247‬‬

‫]‪[197‬‬
‫‪ - 2‬العيون‪ :‬بالسناد المتقدم عن الفضل فيما كتب الرضا عليه السلم للمأمون من‬
‫شرايع الدين قال عليه السلم‪ :‬والقنوت سنة واجبة في الغداة والظهر‬
‫والعصر والمغرب والعشاء الخرة )‪ - 3 .(1‬الخصال‪ :‬عن ستة من‬
‫مشايخه رضي ال عنهم عن أحمد بن يحيى بن زكريا‪ ،‬عن بكر بن عبد‬
‫ال‪ ،‬عن تميم بن بهلول‪ ،‬عن أبي معاوية‪ ،‬عن العمش‪ ،‬عن الصادق عليه‬
‫السلم قال‪ :‬القنوت في جميع الصلوات سنة واجبة في الركعة الثانية قبل‬
‫الركوع وبعد القراءة‪ ،‬وقال فرائض الصلة سبع‪ :‬الوقت‪ ،‬والطهور‪،‬‬
‫والتوجه‪ ،‬والقبلة‪ ،‬والركوع والسجود‪ ،‬والدعاء )‪ .(2‬بيان‪ :‬قد عرفت أنه ل‬
‫يمكن الستدلل بالسنة على الستحباب )‪ (3‬ول بالوجوب على المعنى‬
‫المصطلح‪ ،‬لشيوع استعمال الول فيما ظهر من السنة‪ ،‬واجبا كان أم ندبا‪،‬‬
‫والثاني في السنن الكيدة في الخبار‪ ،‬وقد يستدل بالجزء الخير على‬
‫وجوبه بحمل الدعاء على القنوت‪ ،‬وقد عرفت احتمال كون المراد به قراءة‬
‫الفاتحة لشتمالها على الدعاء‪ ،‬ولذا تسمى سورة الدعاء أيضا‪ ،‬مع أنه‬
‫يمكن حمل الفرض على ما يشمل السنة المؤكدة لوجود المعارض‪،‬‬
‫والحوط عدم الترك‪ .‬ثم إن الخبر يدل على كون القنوت قبل الركوع كما هو‬
‫المشهور بين الصحاب وحكى العلمة في المنتهى اتفاق الصحاب عليه‪،‬‬
‫ويظهر من المحقق في المعتبر الميل إلى التخيير بين فعله قبل الركوع‬
‫وبعده‪ ،‬وإن كان الول أظهر لما رواه الشيخ عن أبي جعفر عليه السلم‬
‫قال‪ :‬القنوت قبل الركوع وإن شئت بعده )‪ (4‬وفي سند الرواية‬

‫)‪ (1‬عيون الخبار ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .123‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .151‬ال بعد ملحظة‬
‫ما صح عن طرق الفريقين أنه صلى ال عليه وآله قال‪ :‬السنة سنتان‪:‬‬
‫سنة في فريضة الخذ بها هدى وتركها ضللة ‪ -‬وكل ضللة في النار ‪-‬‬
‫وسنة في غير فريضة الخذ بها فضيلة وتركها إلى غير خطيئة‪(4) .‬‬
‫التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪[*] .160‬‬

‫]‪[198‬‬

‫ضعف‪ ،‬والمشهور أقوى وأحوط‪ ،‬والظاهر أن قنوت الوتر أيضا قبل الركوع‪ ،‬و‬
‫يستحب الدعاء أيضا بعده فيها لرواية وردت فيه وسماه في المعتبر قنوتا‪،‬‬
‫والعلمة في المنتهى جوز قنوت الوتر قبل الركوع وبعده وفيه نظر‬
‫والولى إما الجمع بينهما أو الكتفاء بما قبل الركوع‪ ،‬وسيأتي حكم قنوت‬
‫الجمعة‪ - 4 .‬تحف العقول‪ :‬عن الرضا عليه السلم‪ :‬فيما كتب للمأمون‬
‫قال‪ :‬كل القنوت قبل الركوع وبعد القراءة )‪ - 5 .(1‬كتاب المسائل‪ :‬لعلي بن‬
‫جعفر‪ ،‬عن أخيه عليه السلم قال‪ :‬سألته عن رجل نسي القنوت حتى ركع‬
‫ما حاله ؟ قال عليه السلم‪ :‬تمت صلته ول شئ عليه )‪ .(2‬بيان‪ :‬المشهور‬
‫بين الصحاب استحباب القنوت بعد الركوع لمن نسيه قبله‪ ،‬وقال في‬
‫المنتهى‪ :‬ل خلف عندنا في استحباب التيان بالقنوت بعد الركوع مع‬
‫نسيانه قبله‪ ،‬وأما أنه هل هو أداء أو قضاء ؟ ففيه تردد‪ ،‬ثم قرب كونه‬
‫قضاء‪ .‬والظاهر أنه ل حاجة إلى نية الداء والقضاء‪ ،‬وهذا الخبر إنما يدل‬
‫على عدم وجوب القضاء‪ ،‬ولعله لم يقل به أحد‪ ،‬ول ينافي استحبابه مع‬
‫ورود الخبار الكثيرة به‪ ،‬ولو لم يذكره بعد الركوع أيضا استحب قضاؤه‬
‫بعد الصلة‪ ،‬كما ذكره الكثر‪ ،‬ودلت عليه الرواية‪ ،‬واحتمال الداء هنا‬
‫ضعيف جدا‪ - 6 .‬الحتجاج‪ :‬كتب الحميري إلى القائم عليه السلم يسأله‬
‫عن القنوت في الفريضة إذا فرغ من دعائه أن يرد يديه على وجهه‬
‫وصدره‪ ،‬للحديث الذي روي )‪ (3‬أن ال‬

‫)‪ (1‬تحف العقول ص ‪ 440‬ط السلمية وفيه‪ :‬القنوت في أربع صلوات‪ :‬في الغداة‬
‫والمغرب والعتمة ويوم الجمعة وصلة الظهر‪ (2) .‬المسائل ‪ -‬البحار ج‬
‫‪ 10‬ص ‪ (3) .280‬روى عن أبى عبد ال عليه السلم قال‪ :‬ما أبرز عبد‬
‫يده إلى ال العزيز الجبار ال استحيى ال عزوجل أن يردها صفرا حتى‬
‫يجعل فيها من فضل رحمته ما يشاء‪ ،‬فإذا دعا أحدكم فل يرد يده حتى‬
‫يسمح على وجهه ورأسه‪ ،‬تراه في الفقيه ج ‪ 1‬ص ‪ ،107‬اصول الكافي‬
‫ج ‪ 2‬ص ‪ ،471‬والحديث بظاهره منصرف في الدعاء غير القنوت‪[*] .‬‬

‫]‪[199‬‬

‫عزوجل أجل من أن يرد يدي عبده صفرا بل يملؤها من رحمته‪ .‬أم ل يجوز‪ ،‬فان‬
‫بعض أصحابنا ذكر أنه عمل في الصلة )‪ .(1‬فأجاب عليه السلم‪ :‬رد‬
‫اليدين من القنوت على الرأس والوجه غير جائز في الفرائض والذي عليه‬
‫العمل فيه إذا رجع يده في قنوت الفريضة وفرغ من الدعاء أن يرد بطن‬
‫راحتيه مع صدره تلقاء ركبتيه على تمهل ويكبر ويركع‪ ،‬والخبر صحيح‪،‬‬
‫وهو في نوافل النهار والليل دون الفرائض‪ ،‬والعمل به فيها أفضل )‪.(2‬‬
‫ايضاح‪ :‬هذا التفصيل لم أره في كلم الصحاب بل قال الكثر بعدم استحباب‬
‫مسح الوجه بعده‪ ،‬وقال بعضهم باستحبابه مطلقا‪ ،‬قال في المنتهى‪ :‬هل‬
‫يستحب أن يمسح وجهه بيديه عند الفراغ من الدعاء ؟ قيل‪ :‬نعم‪ ،‬ولم‬
‫يبثت‪ ،‬وقال في الذكرى‪ :‬ويمسح وجهه بيديه ويمرهما على لحيته‬
‫وصدره‪ ،‬قاله الجعفي‪ ،‬وهو مذهب بعض العامة انتهى‪ ،‬والحوط تركه في‬
‫المكتوبة للرواية من غير معارض‪ - 7 .‬مجالس الصدوق‪ :‬عن أحمد بن‬
‫زياد الهمداني‪ ،‬عن علي بن إبراهيم عن أبيه‪ ،‬عن صفوان‪ ،‬عن أبي أيوب‪،‬‬
‫عن أبي بصير‪ ،‬عن الصادق‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم عن أبي ذر ‪ -‬رحمه‬
‫ال ‪ -‬قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬أطولكم قنوتا في دار الدنيا‬
‫أطولكم راحة يوم القيامة في الموقف )‪ .(3‬ثواب العمال‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫أحمد بن إدريس‪ ،‬عن محمد بن أحمد بن يحيى الشعري‪ ،‬عن علي بن‬
‫إسماعيل‪ ،‬عن صفوان مثله )‪ - 8 .(4‬الخصال‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن أحمد بن‬
‫إدريس‪ ،‬عن محمد بن أحمد الشعري عن إبراهيم بن إسحاق عن ابن بزيع‬
‫رفعه إلى أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬سبعة مواطن‬

‫)‪ (1‬قد عرفت الوجه في ذلك في ج ‪ 84‬ص ‪ ،326‬راجعه‪ (2) .‬الحتجاج‪.272 :‬‬
‫وفى مطبوعة الكمبانى نقل الحديث من قرب السناد و هو سهو‪(3) .‬‬
‫أمالى الصدوق‪ (4) .304 :‬ثواب العمال‪[*] .31 :‬‬

‫]‪[200‬‬

‫ليس فيها دعاء موقت‪ :‬الصلة على الجنازة‪ ،‬والقنوت‪ ،‬والمستجار‪ ،‬والصفا‪،‬‬
‫والمروة والوقوف بعرفات‪ ،‬وركعتي الطواف )‪ .(1‬الهداية‪ :‬مرسل مثله )‬
‫‪ - 9 .(2‬معاني الخبار والخصال‪ :‬في خبر أبي ذر ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬أنه سأل‬
‫النبي صلى ال عليه وآله وسلم أي الصلة أفضل ؟ قال‪ :‬طول القنوت )‪.(3‬‬
‫‪ - 10‬العيون‪ :‬عن جعفر بن نعيم بن شاذان‪ ،‬عن عمه محمد بن شاذان‪،‬‬
‫عن الفضل بن شاذان‪ ،‬عن ابن بزيع قال‪ :‬سألت الرضا عليه السلم عن‬
‫القنوت في الفجر والوتر قال‪ :‬قبل الركوع )‪ .(4‬أقول‪ :‬قد مضى في خبر‬
‫رجاء بن أبي الضحاك القنوت في الصلوات وقنوت الوتر وقال‪ :‬كان قنوت‬
‫الرضا عليه السلم في جميع صلواته )رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم‬
‫إنك أنت العز الجل الكرم( )‪ - 11 .(5‬مجالس ابن الشيخ‪ :‬عن ابن‬
‫الصلت‪ ،‬عن ابن عقدة‪ ،‬عن القاسم ابن جعفر بن أحمد‪ ،‬عن عباد بن أحمد‬
‫القزويني‪ ،‬عن عمه‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن جابر عن إبراهيم بن عبد العلى‪ ،‬عن‬
‫سويد بن غفلة‪ ،‬عن عمرو أبي بكر وعلي و عبد ال بن العباس قال كلهم‬
‫قنت في الفجر وعثمان أيضا قنت في الفجر )‪ .(6‬ومنه‪ :‬بالسناد‪ ،‬عن‬
‫عباد‪ ،‬عن عمه‪ ،‬عن أبي المجالد‪ ،‬عن زيد بن وهب عن أبي المنذر‬
‫الجهني‪ ،‬عن النبي صلى ال عليه وآله وسلم قال‪ :‬ل تنسين الستغفار في‬
‫صلتك فانها‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .10‬الهداية‪ (3) .40 :‬معاني الخبار‪ ،332 :‬الخصال ج‬
‫‪ 2‬ص ‪ 103‬في حديث‪ (4) .‬عيون الخبار ج ‪ 2‬ص ‪ (5) .18‬راجع عيون‬
‫الخبار ج ‪ 2‬ص ‪ (6) .182‬أمالى الطوسى ج ‪ 1‬ص ‪[*] .357‬‬

‫]‪[201‬‬
‫ممحاة للخطايا باذن ال )‪ - 12 .(1‬المحاسن‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن محمد بن إسماعيل‬
‫رفعه إلى أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬قال النبي صلى ال عليه وآله لعلي‬
‫عليه السلم‪ :‬عليك برفع يديك إلى ربك وكثرة تقلبهما )‪ .(2‬ومنه‪ :‬عن‬
‫أبيه‪ ،‬عن أبي إسماعيل قال‪ :‬سأل رجل شريكا ونحن حضور‪ ،‬فقال‪ :‬ما‬
‫تقول في رجل على باب داره مسجد ل يقنت فيه‪ ،‬ووراء ذلك المسجد‬
‫مسجد يقنت فيه ؟ قال يأتي المسجد الذي يقنت فيه‪ ،‬فقال‪ :‬ما تقول في‬
‫رجل يرى القنوت فسهى ولم يقنت ؟ قال‪ :‬يسجد سجدتي السهو‪ ،‬فقال‪ :‬ما‬
‫تقول في رجل لم ير القنوت فيها‪ ،‬فقنت‪ ،‬فضحك وقال‪ :‬هذا رجل سهى‬
‫فأصاب )‪ - 13 .(3‬فقه الرضا‪ :‬عليه السلم قال عليه السلم‪ :‬اقنت في‬
‫أربع صلوات‪ :‬الفجر‪ ،‬والمغرب‪ ،‬والعتمة‪ ،‬وصلة الجمعة‪ ،‬والقنوت كلها‬
‫قبل الركوع بعد الفراغ من القراءة‪ ،‬وأدنى القنوت ثلث تسبيحات )‪.(4‬‬
‫وسألت العالم عليه السلم عن القنوت يوم الجمعة إذا صليت وحدي أربعا‪،‬‬
‫فقال‪ :‬نعم في الركعة الثانية خلف القراءة‪ ،‬فقلت‪ :‬أجهر فيها بالقراءة ؟‬
‫فقال‪ :‬نعم )‪ - 14 .(5‬العياشي‪ :‬عن زرارة‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم في‬
‫قوله‪) :‬قوموا ل قانتين( قال‪ :‬مطيعين راغبين )‪ .(6‬ومنه‪ :‬عن عبد ال بن‬
‫سنان‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم في قوله‪) :‬قوموا ل قانتين( قال‪:‬‬
‫إقبال الرجل على صلته‪ ،‬ومحافظته على وقتها )‪.(7‬‬

‫)‪ (1‬أمالى الطوسى ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .356‬المحاسن‪ (3) .17 :‬المحاسن‪(4) .324 :‬‬
‫فقه الرضا‪ 8 :‬س ‪ (5) .33‬فقه الرضا‪ 11 :‬س ‪ (7 - 6) .19‬تفسير‬
‫العياشي ج ‪ 1‬ص ‪[*] .127‬‬

‫]‪[202‬‬

‫وفي رواية سماعة )وقوموا ل قانتين( قال‪ :‬هو الدعاء )‪ - 15 .(1‬السرائر‪ :‬نقل‬
‫من كتاب حريز‪ ،‬عن زرارة‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال القنوت كلها‬
‫جهار )‪ .(2‬بيان‪ :‬قال في الذكري‪ :‬يستحب الجهر في القنوت في الجهرية‬
‫والخفاتية للرواية الصحيحة )‪ (3‬وقال الجعفي والمرتضى ‪ -‬رحمهما ال ‪-‬‬
‫أنه تابع للصلة في الجهر والخفات لعموم‪) :‬صلة النهار عجماء وصلة‬
‫الليل جهر( قلنا الخاص مقدم وقال ابن الجنيد‪ :‬يستحب أن يجهر به المام‬
‫ليؤمن من خلفه على دعائه‪ ،‬فان أراد لفظ آمين فسيأتي أنه مبطل‪ ،‬وإن‬
‫أراد الدعاء بالستجابة فل بأس‪ ،‬وهل يسر به المأموم ؟ القرب نعم‪،‬‬
‫لعموم قول الصادق عليه السلم )‪ (4‬ينبغي للمام أن يسمع من خلفه كل ما‬
‫يقول‪ ،‬ول ينبغي لمن خلفه أن يسمعه شيئا مما يقول انتهى‪ .‬أقول‪ :‬بين‬
‫الخبرين عموم من وجه فليس أحدهما أولى بالتخصيص من الخر إل أن‬
‫يقال‪ :‬أخبار عدم إسماع المأموم أكثر‪ ،‬وال يعلم‪ - 16 .‬السرائر‪ :‬نقل من‬
‫نوادر محمد بن علي بن محبوب‪ ،‬عن محمد بن الحسين عن الحسن بن‬
‫علي بن فضال‪ ،‬عن أبي إسحاق ثعلبة‪ ،‬عن عبد ال بن هلل قال‪ :‬قلت لبي‬
‫عبد ال عليه السلم إن حالنا قد تغيرت‪ ،‬قال‪ :‬فادع في صلتك الفريضة‪،‬‬
‫قلت‪ :‬أيجوز في الفريضة فاسمي حاجتي للدين والدنيا ؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬فان‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله قد قنت ودعا على قوم بأسمائهم وأسماء‬
‫آبائهم وعشائرهم‪ ،‬وفعله علي عليه السلم من بعده )‪ - 17 .(5‬رجال‬
‫الكشى‪ :‬عن محمد بن الحسن البراثي‪ ،‬عن أبي علي الفارسي عن إبراهيم‬
‫بن عقبة قال‪ :‬كتبت إلى العسكري عليه السلم جعلت فداك قد عرفت هؤلء‬

‫)‪ (1‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .128‬السرائر ص ‪ (3) .472‬رواه في الفقيه ج‬


‫‪ 1‬ص ‪ (4) .209‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪ (5) .260‬السرائر‪[*] .476 :‬‬

‫]‪[203‬‬

‫الممطورة فأقنت عليهم في الصلة‪ :‬قال‪ :‬نعم‪ ،‬اقنت عليهم في صلتك )‪ .(1‬ومنه‪:‬‬
‫عن حمدويه‪ ،‬عن محمد بن عيسى‪ ،‬عن إبراهيم مثله )‪ .(2‬ايضاح‪ :‬قال في‬
‫الذكرى‪ :‬يجوز الدعاء فيه للمؤمنين بأسمائهم‪ ،‬والدعاء على الكفرة‬
‫والمنافقين‪ ،‬لن النبي صلى ال عليه وآله دعا في قنوته لقوم بأعيانهم‬
‫وعلى آخرين بأعيانهم كما روي أنه قال‪ :‬اللهم أنج الوليد بن الوليد‪،‬‬
‫وسلمة بن هشام‪ ،‬وعياش ابن ربيعة‪ ،‬والمستضعفين من المؤمنين‪ ،‬واشدد‬
‫وطأتك على مضر ورعل وذكوان‪ ،‬وقنت أمير المؤمنين عليه السلم في‬
‫صلة الغداة فدعا على أبي موسى وعمرو بن العاص ومعاوية وأبي‬
‫العور وأشياعهم‪ ،‬قاله ابن أبي عقيل انتهى‪ .‬والممطورة الواقفية لقبوا‬
‫بذلك لنهم لكثرة ضررهم على الشيعة وافتتانهم بهم‪ ،‬كانوا كالكلب التي‬
‫أصابها المطر وابتلت ومشت بين الناس‪ ،‬فل محالة يتنجس الناس بها‪،‬‬
‫فكذلك هؤلء في اختلطهم بالمامية وافتتانهم بهم‪ - 19 .‬جامع البزنطى‪:‬‬
‫نقل من خط بعض الفاضل‪ ،‬عن جميل‪ ،‬عن زرارة عن أبي جعفر عليه‬
‫السلم قال‪ :‬تقول في القنوت‪ :‬اللهم اغفر لي وارحمني وعافني إنك على‬
‫كل شئ قدير‪ - 20 .‬مجمع البيان‪ :‬في تفسير قوله تعالى‪) :‬وتبتل إليه‬
‫تبتيل( روي عن محمد بن مسلم وزرارة وحمران‪ ،‬عن أبي جعفر وأبي‬
‫عبد ال عليهم السلم أن التبتل هنا رفع اليدين في الصلة )‪ .(3‬وفي رواية‬
‫أبي بصير قال‪ :‬هو رفع يديك إلى ال وتضرعك إليه )‪ - 14 .(4‬الهداية‪:‬‬
‫المواطن التي ليس فيها دعاء موقت‪ :‬الصلة على الجنازة‪ ،‬والقنوت‪،‬‬
‫والمستجار‪ ،‬والصفا‪ ،‬والمروة‪ ،‬والوقوف بعرفات‪ ،‬وركعتي‬
‫)‪ (1‬رجال الكشى ص ‪ (2) .391‬رجال الكشى ص ‪ 3) .392‬و ‪ (4‬مجمع البيان ج‬
‫‪ 10‬ص ‪ ،279‬والية في المزمل‪[*] .8 :‬‬

‫]‪[204‬‬

‫الطواف )‪ - 21 .(1‬أربعين الشهيد‪ :‬باسناده عن الصدوق‪ ،‬عن المظفر العلوي‪ ،‬عن‬


‫جعفر ابن محمد بن مسعود العياشي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن محمد بن نمير‪ ،‬عن‬
‫أحمد بن محمد بن عيسى عن الحسين بن سعيد‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن‬
‫أبي أيوب الخزاز‪ ،‬عن محمد بن مسلم‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم في‬
‫قول ال‪) :‬فما استكانوا لربهم وما يتضرعون( )‪ (2‬قال‪ :‬التضرع رفع‬
‫اليدين بالدعاء )‪ .(3‬بيان‪ :‬قال في الذكرى في آداب القنوت‪ :‬يستحب رفع‬
‫اليدين به تلقاء وجهه مبسوطتين‪ ،‬يستقبل ببطونهما السماء‪ ،‬وبظهورهما‬
‫الرض‪ ،‬قاله الصحاب وروى عبد ال بن سنان )‪ (4‬عن الصادق عليه‬
‫السلم وترفع يديك حيال وجهك‪ ،‬وإن شئت تحت ثوبك وتتلقى بباطنهما‬
‫السماء‪ ،‬وقال المفيد‪ :‬يرفع يديه حيال صدره‪ ،‬وحكى في المعتبر قول بجعل‬
‫باطنهما إلى الرض وتفرق البهام عن الصابع‪ ،‬قاله ابن إدريس‪،‬‬
‫ويستحب نظره إلى بطونهما‪ ،‬ذكره الجماعة ويجوز ترك الرفع للتقية‬
‫انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬روى في الكافي هذا الخبر بسند آخر صحيح عن محمد بن‬
‫مسلم )‪ (5‬هكذا قال‪ :‬الستكانة هي الخضوع‪ ،‬والتضرع رفع اليدين‬
‫والتضرع بهما‪ .‬وبسند آخر )‪ (6‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬الرغبة‬
‫أن تستقبل ببطن كفيك إلى السماء‪ ،‬والرهبة أن تجعل ظهر كفيك إلى‬
‫السماء‪ ،‬وقوله‪) :‬وتبتل إليه تبتيل( قال‬

‫)‪ (1‬الهداية‪ ،40 :‬وقد مرت الشارة إليه تحت الرقم ‪ (2) .8‬المؤمنون‪(3) .75 :‬‬
‫رواه الصدوق في المعاني ص ‪ (4) .369‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪(5) .172‬‬
‫الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (6) .480‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪[*] .479‬‬

‫]‪[205‬‬

‫الدعاء باصبع واحدة تشير بها‪ ،‬والتضرع تشير بأصبعيك وتحركهما‪ ،‬والبتهال‬
‫رفع اليدين وتمدهما‪ ،‬وذلك عند الدمعة ثم ادع‪ .‬وفي رواية اخرى )‪ (1‬عنه‬
‫عليه السلم قال‪ :‬ذكر الرغبة‪ :‬وأبرز باطن راحتيه إلى السماء‪ ،‬وهكذا‬
‫الرهبة‪ :‬وجعل ظهر كفيه إلى السماء‪ ،‬وهكذا التضرع‪ :‬وحرك أصابعه‬
‫يمينا وشمال‪ ،‬وهكذا التبتل‪ :‬ويرفع أصابعه مرة ويضعها مرة وهكذا‬
‫البتهال‪ :‬ومد يديه تلقاء وجهه إلى القبلة‪ ،‬ول يبتهل حتى تجري الدمعة‪.‬‬
‫وبسند صحيح )‪ (2‬عن محمد بن مسلم قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه‬
‫السلم يقول مر بي رجل وأنا أدعو في صلتي بيساري‪ ،‬فقال‪ :‬يا أبا عبد‬
‫ال بيمينك‪ ،‬فقلت‪ :‬يا عبد ال إن ل تبارك وتعالى حقا على هذه كحقه على‬
‫هذه‪ .‬وقال‪ :‬الرغبة تبسط يديك وتظهر باطنهما‪ ،‬والرهبة تبسط يديك‬
‫وتظهر ظهرهما‪ ،‬والتضرع تحرك السبابة اليسرى ترفعها إلى السماء‬
‫رسل وتضعها‪ ،‬و البتهال تبسط يدك وذراعك إلى السماء‪ ،‬والبتهال حين‬
‫ترى أسباب البكاء‪ .‬وفي رواية اخرى )‪ (3‬عن أبي بصير عنه عليه السلم‬
‫قال‪ :‬سألته عن الدعاء ورفع اليدين فقال‪ :‬على أربعة أوجه‪ ،‬أما التعوذ‬
‫فتستقبل القبلة بباطن كفيك‪ ،‬وأما الدعاء في الرزق فتبسط كفيك وتفضي‬
‫بباطنهما إلى السماء‪ ،‬وأما التبتل فايماؤك بأصبعك السبابة‪ ،‬وأما البتهال‬
‫فرفع يديك تجاوز بهما رأسك‪ ،‬ودعاء التضرع أن تحرك أصبعك السبابة‬
‫مما يلي وجهك وهو دعاء الخيفة‪ .‬وأقول‪ :‬سيأتي ساير الخبار في ذلك مع‬
‫أسرار تلك الشارات في كتاب الدعاء )‪ (4‬والظاهر جواز إعمالها في قنوت‬
‫الصلة كما يدل عليه بعض الخبار‪ - 23 .‬الذكرى‪ :‬قال‪ :‬روى علي بن‬
‫إسماعيل الميثمي في كتابه باسناده إلى الصادق عليه السلم صل يوم‬
‫الجمعة الغداة بالجمعة والخلص‪ ،‬واقنت في الثانية بقدر‬

‫)‪ 1‬و ‪ (2‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .480‬الكافي ج ‪ 2‬ص ‪ (4) .481‬راجع ج ‪ 93‬ص‬
‫‪ 323 - 304‬من هذه الطبعة‪[*] .‬‬

‫]‪[206‬‬

‫ما قمت في الركعة الولى )‪ .(1‬ومنه‪ :‬ورد عنهم عليهم السلم‪ :‬أفضل الصلة ما‬
‫طال قنوتها )‪ - 23 .(2‬فلح السائل‪ :‬قال‪ :‬يقول في قنوته‪ :‬ل إله إل ال‬
‫الحليم الكريم‪ ،‬ل إله إل ال العلي العظيم‪ ،‬سبحان ال رب السموات السبع‪،‬‬
‫ورب الرضين السبع وما فيهن وما بينهن وما تحتهن‪ ،‬ورب العرش‬
‫العظيم‪ ،‬وسلم على المرسلين‪ ،‬والحمد ل رب العالمين )‪- 24 .(3‬‬
‫المقنعة‪ :‬إذا فرغ من قراءة السورة بعد الحمد رفع يديه بالتكبير ثم قلبهما‪،‬‬
‫فجعل باطنهما إلى السماء وظاهرهما إلى الرض‪ ،‬وقنت فقال‪) :‬ل إله إل‬
‫ال الحليم الكريم( وساق مثله إل أنه أسقط الرب قبل الرضين وما تحتهن‬
‫وزاد )اللهم صل على محمد وآل محمد‪ ،‬وعافني واعف عني وآتني في‬
‫الدنيا حسنة وفي الخرة حسنة‪ ،‬وقني برحمتك عذاب النار( ويدعو بما‬
‫أحب )‪ .(4‬المهذب‪ :‬لبن البراج مثله إل أن فيه )وعافني واغفر لي‬
‫واعف(‪ .‬بيان‪ :‬وردت كلمات الفرج بطرق مختلفة قد سبق بعضها في كتاب‬
‫الجنائز )‪ (5‬وفي رواية أبي بصير في قنوت الجمعة )‪ (6‬ل إله إل ال رب‬
‫السموات( مكان )سبحان ال( وكذا في المصباح )‪ (7‬أيضا وليس في‬
‫الرواية وفي بعض نسخ المصباح )وما تحتهن( وفي بعض نسخه )وهو‬
‫رب العرش( وليس في الرواية ول في المصباح )وسلم على المرسلين(‬
‫والحوط تركه‪ ،‬وقد ورد النهي عن قوله في قنوت الجمعة عن أبي الحسن‬
‫الثالث )( كما سيأتي في باب صلة الجمعة إنشاء ال‪.‬‬

‫)‪ (2 - 1‬الذكرى‪ (3) .158 :‬فلح السائل‪ (4) .134 :‬المقنعة‪ (5) .16 :‬راجع ج‬
‫‪ 81‬ص ‪ 230‬باب آداب الحتضار‪ (6) .‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪(8 - 7) .119‬‬
‫مصباح المتهجد ص ‪[*] .251‬‬

‫]‪[207‬‬

‫وقال في الذكرى‪ :‬ويجوز أن يقول فيها هنا )وسلم على المرسلين( ذكر ذلك‬
‫جماعة من الصحاب منهم المفيد وابن البراج وابن زهرة‪ ،‬وسئل عنه‬
‫الشيخ نجم الدين في الفتاوى فجوزه لنه بلفظ القرآن‪ ،‬ولورود النقل‬
‫انتهى‪ .‬أقول‪ :‬قد عرفت خلو ما وصل إلينا من النصوص عنه‪ ،‬ثم إن‬
‫الصحاب ذكروا أن أفضل القنوت كلمات الفرج‪ .‬ولم أره مرويا إل في‬
‫قنوت الجمعة وقنوت الوتر‪ ،‬ونسبه بعضهم إلى الرواية‪ .‬قال في الذكرى‪:‬‬
‫أفضل ما يقال فيه كلمات الفرج قال ابن إدريس‪ :‬وروي أنها أفضله‪ ،‬وقد‬
‫ذكره الصحاب‪ ،‬وفي المبسوط والمصباح هي أفضل‪ ،‬وروى سعد بن أبي‬
‫خلف )‪ (1‬عن الصادق عليه السلم قال‪ :‬يجزيك في القنوت )اللهم اغفر لنا‬
‫وارحمنا وعافنا واعف عنا في الدنيا والخرة إنك على كل شئ قدير( وفي‬
‫النهاية أدناه )رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك العز الكرم( وعن‬
‫أبي بصير )‪ (2‬قال‪ :‬سألته عن أدنى القنوت‪ ،‬فقال‪ :‬خمس تسبيحات‪ ،‬وقال‬
‫ابن أبي عقيل والجعفي والشيخ‪ :‬أقله ثلث تسبيحات‪ .‬واختار ابن أبي‬
‫عقيل الدعاء بما روي عن أمير المؤمنين عليه السلم في القنوت اللهم‬
‫إليك شخصت البصار‪ ،‬ونقلت القدام‪ ،‬ورفعت اليدي‪ ،‬ومدت العناق‪،‬‬
‫وأنت دعيت باللسن‪ ،‬وإليك سرهم ونجواهم في العمال‪ ،‬ربنا افتح بيننا‬
‫وبين قومنا بالحق وأنت خير الفاتحين‪ ،‬اللهم إنا نشكو إليك غيبة نبينا وقلة‬
‫عددنا‪ ،‬وكثرة عدونا‪ ،‬وتظاهر العداء علينا‪ ،‬ووقوع الفتن بنا‪ ،‬ففرج ذلك‬
‫اللهم بعدل تظهره‪ ،‬وإمام حق تعرفه إله الحق آمين رب العالمين‪ .‬قال‪:‬‬
‫وبلغني أن الصادق عليه السلم كان يأمر شيعته أن يقنتوا بهذا بعد كلمات‬
‫الفرج‪ ،‬قال ابن الجنيد‪ :‬وأدناه رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم‪ ،‬قال‪:‬‬
‫والذي استحب فيه ما يكون فيه حمدال وثناء عليه والصلة على رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله‬

‫)‪ (1‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .159‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪[*] .225‬‬


‫]‪[208‬‬

‫والئمة صلوات ال عليهم‪ ،‬وأن يتخير لنفسه من الدعاء وللمسلمين ما هو مباح له‬
‫انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬ليس آمين في هذا الدعاء في ساير الروايات كما سيأتي‪،‬‬
‫والحوط تركه لما عرفت‪ ،‬ثم اعلم أنه منع سعد بن عبد ال من الدعاء في‬
‫القنوت بالفارسية‪ ،‬و جوزه الصفار‪ ،‬واختاره ابن بابويه‪ ،‬والشيخ في‬
‫النهاية وغيرهما‪ ،‬والحوط عدم التيان به بغير العربية‪ ،‬وإن كان الجواز‬
‫ل يخلو من قوة‪ - 25 .‬العيون‪ :‬تميم بن عبد ال القرشي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫أحمد بن علي النصاري‪ ،‬عن رجاء بن أبي الضحاك فيما ذكر من عمل‬
‫الرضا عليه السلم في طريق خراسان قال‪ :‬كان عليه السلم إذا زالت‬
‫الشمس قام فصلى ست ركعات ويسلم في كل ركعتين ويقنت فيهما في‬
‫الثانية قبل الركوع وبعد القراءة إلى أن قال‪ :‬ثم يقيم ويصلي الظهر إلى أن‬
‫قال‪ :‬ثم سجد سجدة الشكر فإذا رفع رأسه قام فصلى ست ركعات يقرأ في‬
‫كل ركعة الحمد وقل هو ال أحد‪ ،‬ويسلم في كل ركعتين ويقنت في ثانية كل‬
‫ركعتين قبل الركوع وبعد القراءة‪ ،‬ثم يؤذن ثم يصلي ركعتين ويقنت في‬
‫الثانية إلى قوله‪ ،‬فإذا غابت الشمس توضأ وصلى المغرب ثلثا بأذان‬
‫وإقامة‪ ،‬ويقنت في الثانية قبل الركوع وبعد القراءة‪ ،‬إلى قوله فيصلي أربع‬
‫ركعات بتسليمتين يقنت في كل ركعتين في الثانية قبل الركوع وبعد‬
‫القراءة‪ ،‬إلى قوله ثم قام إلى صلة الليل فيصلي ثمان ركعات يقنت في كل‬
‫ركعتين في الثانية قبل الركوع ثم يقوم فيصلي ركعتي الشفع ويقنت في‬
‫الثانية قبل الركوع وبعد القراءة‪ ،‬فإذا سلم قام وصلى ركعة الوتر ويقنت‬
‫فيها قبل الركوع وبعد القراءة إلى قوله‪ :‬وكان قنوته في جميع صلواته‪:‬‬
‫رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم إنك أنت العز الكرم )‪ .(1‬توفيق‪ :‬هذا‬
‫الخبر صريح في استحباب القنوت في صلة الشفع‪ ،‬وقد شملها عموم‬
‫الخبار الصحيحة الصريحة الواردة بأن القنوت في كل صلة في الثانية‬
‫قبل الركوع‬

‫)‪ (1‬عيون الخبار ج ‪ 2‬ص ‪[*] .181‬‬

‫]‪[209‬‬

‫وروى الشيخ في الصحيح )‪ (1‬عن ابن سنان‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪:‬‬
‫القنوت في المغرب في الركعة الثانية‪ ،‬وفي العشاء والغداة مثل ذلك‪ ،‬وفي‬
‫الوتر في الركعة الثالثة‪ .‬ولهذا الخبر مال بعض المتأخرين في العصر‬
‫السابق إلى سقوط القنوت في الشفع‪ ،‬مع أنه ل دللة فيه إل بالمفهوم‪،‬‬
‫والمنطوق مقدم‪ ،‬ولم يستثنها أحد من قدماء الصحاب‪ .‬فيمكن حمل الخبر‬
‫على أن القنوت المؤكد الذي يستحب إطالته إنما هو في الثالثة‪ ،‬ويمكن‬
‫حمله على التقية أيضا‪ ،‬لن أكثر المخالفين يعدون الشفع والوتر صلة‬
‫واحدة ويقنتون في الثالثة‪ - 26 .‬دعائم السلم‪ :‬روينا عن أهل البيت‬
‫عليهم السلم في الدعاء في قنوت الفجر وجوها كثيرة منها )اللهم عذب‬
‫الكافرين بك‪ ،‬والمنافقين والجاحدين لوليائك الئمة من أهل بيت نبيك‬
‫الطاهرين‪ ،‬اللهم اغفر لي وللمؤمنين والمؤمنات‪ ،‬وأصلح ذات بينهم‪،‬‬
‫وألف كلمتهم‪ ،‬وثبت في قلوبهم اليمان والحكمة‪ ،‬وثبتهم على ملة نبيك‪،‬‬
‫وانصرهم على عدوك وعدوهم اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن‬
‫عافيت وقني شر ما قضيت‪ ،‬إنك تقضي ول يقضى عليك‪ ،‬ول يذل من‬
‫واليت‪ ،‬تباركت ربنا وتعاليت‪ ،‬ل إله إل أنت أستغفرك وأتوب إليك‪ ،‬وأسئلك‬
‫يا رب في الدنيا حسنة وفي الخرة حسنة‪ ،‬وأسألك أن تقينا عذاب النار )‬
‫‪ - 27 .(2‬الفقيه‪ :‬عن زرارة‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬تقول في‬
‫قنوت الفريضة في اليام كلها إل في الجمعة )اللهم إني أسئلك لي والوالدي‬
‫ولولدي وأهل بيتي وإخواني فيك اليقين والعفو والمعافاة والرحمة‬
‫والعافية في الدنيا والخرة )‪ - 28 .(3‬التذكرة‪ :‬عن الحسن بن علي عليه‬
‫السلم قال‪ :‬علمني رسول ال كلمات في القنوت أقولهن )اللهم اهدني‬
‫فيمن هديت‪ ،‬وعافني فيمن عافيت‪ ،‬وتولني فيمن‬

‫)‪ (1‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .159‬دعائم السلم ج ‪ 1‬ص ‪ 206‬و ‪ 207‬مع اختلف‪.‬‬
‫)‪ (3‬الفقيه ج ‪ 1‬ص ‪ ،209‬والظاهر أنه ليس من حديث زرارة راجعه‪.‬‬
‫]*[‬

‫]‪[210‬‬

‫توليت‪ ،‬وبارك لي فيما أعطيت‪ ،‬وقني شر ما قضيت‪ ،‬إنك تقضي ول يقضى عليك‬
‫إنه ل يذل من واليت‪ ،‬تباركت ربنا وتعاليت‪ - 29 .‬كتاب محمد بن المثنى‪:‬‬
‫عن جعفر بن محمد بن شريح‪ ،‬عن ذريح المحاربي قال‪ :‬قال الحرث بن‬
‫المغيرة النضري لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬إن أبا معقل المزني حدثني‬
‫عن أمير المؤمنين عليه السلم أنه صلى بالناس المغرب فقنت في الركعة‬
‫الثانية ولعن معاوية وعمرو بن العاص وأبا موسى الشعري وأبا العور‬
‫السلمي قال عليه السلم‪ :‬الشيخ صدق فالعنهم‪.‬‬

‫]‪[211‬‬

‫)‪) " (33‬باب آخر( " * " )في القنوتات الطويلة المروية عن أهل البيت( " * *‬
‫" )عليهم السلم( " * ‪ - 1‬مهج الدعوات‪ :‬قال السيد ‪ -‬ره ‪ :-‬وجدت في‬
‫الصل الذي نقلت منه هذه القنوتات‪ ،‬ما هذا لفظه‪ :‬مما يأتي ذكره بغير‬
‫إسناد‪ ،‬ثم وجدت بعد سطر هذه القنوتات إسنادها في كتاب عمل رجب‬
‫وشعبان وشهر رمضان‪ ،‬تأليف أحمد بن عبد ال ابن عياش )‪ (1‬رحمه ال‬
‫فقال‪ :‬حدثني أبو الطيب الحسن بن أحمد بن محمد بن عمر ابن عبد ال بن‬
‫الصباح القزويني وأبو الصباح محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن‬
‫البغدادي الكاتبان قال‪ :‬جرى بحضرة شيخنا فقيه العصابة ذكر مولنا أبي‬
‫محمد الحسن ابن أمير المؤمنين عليه السلم فقال رجل من الطالبيين‪ :‬إنما‬
‫ينقم منه الناس تسليم هذا المر إلى ابن أبي سفيان‪ ،‬فقال شيخنا رأيت‬
‫مولنا أبا محمد عليه السلم أعظم شأنا وأعلى مكانا وأوضح برهانا من‬
‫أن يقدح في فعل له اعتبار المعتبرين‪ ،‬أو يعترضه شك الشاكين وارتياب‬
‫المرتابين‪ ،‬ثم أنشأ يحدث فقال‪ :‬لما مضى سيدنا الشيخ أبو جعفر محمد بن‬
‫عثمان بن سعيد العمري رضي ال عنه وأرضاه‪ ،‬وزاده علوا فيما أوله‪،‬‬
‫ففرغ من أمره‪ ،‬جلس الشيخ أبو القاسم الحسين بن روح بن أبي بحر زاد‬
‫ال توفيقه للناس في بقية النهار يومه في دار الماضي رضي ال عنه‬
‫فأخرج إليه ذكاء الخادم البيض مدرجا وعكازا وحقة خشب مدهونة‪ ،‬فأخذ‬
‫العكاز فجعلها في حجره على فخذيه‪ ،‬وأخذ المدرج بيمينه‪ ،‬والحقة‬
‫بشماله‪ ،‬فقال لورثته في هذا المدرج ذكر ودايع فنشره‪ ،‬فإذا هي أدعية‬
‫وقنوت موالينا الئمة من آل محمد صلى ال عليه وآله‪ ،‬فأضربوا عنها‪،‬‬
‫وقالوا‪ :‬ففي الحقة جوهر ل محالة‪ ،‬قال لهم‪ :‬تبيعونها ؟‬

‫)‪ (1‬في المصدر‪ :‬أحمد بن محمد بن عبد ال بن عباس‪[*] .‬‬

‫]‪[212‬‬

‫فقالوا بكم ؟ قال‪ :‬يا أبا الحسن ‪ -‬يعني ابن شبيب الكوثاري ‪ -‬ادفع إليهم عشرة‬
‫دنانير ! فامتنعوا فلم يزل يزيدهم ويمتنعون إلى أن بلغ مائة دينار‪ ،‬فقال‬
‫لهم إن بعتم‪ ،‬وإل ندمتم‪ ،‬فاستجابوا للبيع‪ ،‬وقبضوا المائة الدينار‪ ،‬واستثنى‬
‫عليهم المدرج والعكاز )‪ .(1‬فلما انفصل المر قال‪ :‬هذه عكاز مولنا أبي‬
‫محمد الحسن بن علي بن محمد بن علي الرضا عليه السلم التي كانت في‬
‫يده يوم توكيله سيدنا الشيخ عثمان بن سعيد العمري رحمه ال ووصيته‬
‫إليه وغيبته إلى يومنا هذا‪ ،‬وهذه الحقة فيها خواتيم الئمة فأخرجها فكانت‬
‫كما ذكر من جواهرها ونقوشها وعددها‪ .‬وكان في المدرج قنوت موالينا‬
‫الئمة عليهم السلم وفيه قنوت مولنا أبي محمد الحسن ابن أمير‬
‫المؤمنين عليه السلم أملها علينا من حفظه‪ ،‬فكتبناها على ما سطر في‬
‫هذه المدرجة وقال احتفظوا بها كما تحتفظون بمهمات الدين‪ ،‬وعزمات رب‬
‫العالمين عزوجل‪ ،‬وفيها بلغ إلى حين‪ .‬قنوت سيدنا الحسن عليه السلم )‬
‫‪ .(2‬يامن بسلطانه ينتصر المظلوم‪ ،‬وبعونه يعتصم المكلوم‪ ،‬سبقت مشيتك‪،‬‬
‫وتمت كلمتك‪ ،‬وأنت على كل شئ قدير‪ ،‬وبما تمضيه خبير‪ ،‬يا حاضر كل‬
‫غيب‪ ،‬ويا عالم كل سر‪ ،‬وملجأ كل مضطر‪ ،‬ضلت فيك الفهوم‪ ،‬وتقطعت‬
‫دونك العلوم‪ ،‬و أنت ال الحى القيوم الدائم الديموم‪ ،‬قد ترى ما أنت به‬
‫عليم‪ ،‬وفيه حكيم‪ ،‬وعنه حليم‪ ،‬وأنت بالتناصر على كشفه والعون على كفه‬
‫غير ضائق‪ ،‬وإليك مرجع كل أمر كما عن مشيتك مصدره‪ ،‬وقد أبنت عن‬
‫عقود كل قوم‪ ،‬وأخفيت سراير آخرين وأمضيت ما قضيت‪ ،‬وأخرت ما ل‬
‫فوت عليك فيه‪ ،‬وحملت العقول ما تحملت في غيبك‪ ،‬ليهلك من هلك عن‬
‫بينة‪ ،‬ويحيى من حي عن بينة‪ ،‬وإنك أنت السميع العليم‪ ،‬الحد البصير‪.‬‬
‫وأنت اللهم المستعان‪ ،‬وعليك التوكل‪ ،‬وأنت ولي ما توليت‪ ،‬لك المر‬

‫)‪ (1‬ولعله قدس سره صالحهم على ذلك‪ ،‬وال فالبيع غررى باطل‪ (2) .‬مهج‬
‫الدعوات ص ‪[*] .58‬‬

‫]‪[213‬‬

‫كله‪ ،‬تشهد النفعال‪ ،‬وتعلم الختلل‪ ،‬وترى تخاذل أهل الخبال وجنوحهم إلى ما‬
‫جنحوا إليه من عاجل فان‪ ،‬وحطام عقباه حميم آن‪ ،‬وقعود من قعد وارتداد‬
‫من ارتد وخلوي من النصار‪ ،‬وانفرادي من الظهار‪ ،‬وبك أعتصم وبحبلك‬
‫أستمسك و عليك أتوكل‪ .‬اللهم فقد تعلم أني ما ذخرت جهدي‪ ،‬ول منعت‬
‫وجدي‪ ،‬حتى انفل حدي وبقيت وحدي‪ ،‬فاتبعت طريق من تقدمني في كف‬
‫العادية‪ ،‬وتسكين الطاغية‪ ،‬عن دماء أهل المشايعة‪ ،‬وحرست ما حرسه‬
‫أوليائي من أمر آخرتي ودنياي فكنت لغظيهم أكظم‪ ،‬وبنظامهم أنتظم‪،‬‬
‫ولطريقهم أتسنم‪ ،‬وبميسمهم أتسم‪ ،‬حتى يأتي نصرك و أنت ناصر الحق‬
‫وعونه‪ ،‬وإن بعد المدى من المرتاد‪ ،‬ونأى الوقت عن إفناء الضداد‪ .‬اللهم‬
‫صل على محمد وآله‪ ،‬وأخرجهم مع النصاب في سرمد العذاب‪ ،‬وأعم عن‬
‫الرشد أبصارهم وسكعهم في غمرات لذاتهم حتى تأخذهم بغتة وهم‬
‫غافلون‪ ،‬وسحرة وهم نائمون‪ ،‬بالحق الذي تظهره‪ ،‬واليد التي تبطش بها‪،‬‬
‫والعلم الذي تبديه‪ ،‬إنك كريم عليم‪ .‬ودعا عليه السلم في قنوته‪ :‬اللهم إنك‬
‫الرب الرؤف الملك العطوف المتحنن المألوف‪ ،‬وأنت غياث الحيران‬
‫الملهوف‪ ،‬ومرشد الضال المكفوف‪ ،‬تشهد خواطر أسرار المسرين‬
‫كمشاهدتك أقوال الناطقين‪ ،‬أسألك بمغيبات علمك في بواطن سرائر‬
‫المسرين إليك‪ ،‬أن تصلي على محمد وآله صلة نسبق بها من اجتهد من‬
‫المتقدمين‪ ،‬ونتجاوز فيها من يجتهد من المتأخرين وأن تصل الذي بيننا‬
‫وبينك صلة من صنعته لنفسك واصطنعته لعينك‪ ،‬فلم تتخطفه خاطفات‬
‫الظنن‪ ،‬ول واردات الفتن‪ ،‬حتى نكون لك في الدنيا مطيعين‪ ،‬وفي الخرة‬
‫في جوارك خالدين‪.‬‬
‫]‪[214‬‬

‫قنوت المام الحسين بن علي عليه السلم )‪ .(1‬اللهم منك البدء ولك المشية‪ ،‬ولك‬
‫الحول ولك القوة‪ ،‬وأنت ال الذي ل إله إل أنت‪ ،‬جعلت قلوب أوليائك مسكنا‬
‫لمشيتك‪ ،‬ومكمنا لرادتك‪ ،‬وجعلت عقولهم مناصب أوامرك ونواهيك‪ ،‬فأنت‬
‫إذا شئت ما تشاء حركت من أسرارهم كوامن ما أبطنت فيهم‪ ،‬وأبدأت من‬
‫إرادتك على ألسنتهم ما أفهمتهم به عنك في عقودهم بعقول تدعوك وتدعو‬
‫إليك بحقايق ما منحتهم به‪ ،‬وإني لعلم مما علمتني مما أنت المشكور على‬
‫ما منه أريتني‪ ،‬وإليه آويتني‪ .‬اللهم وإني مع ذلك كله عائذ بك‪ ،‬لئذ بحولك‬
‫وقوتك‪ ،‬راض بحكمك الذي سقته إلي في علمك‪ ،‬جار بحيث أجريتني‪،‬‬
‫قاصد ما أممتني‪ ،‬غير ضنين بنفسي فيما يرضيك عني إذ به قد رضيتني‪،‬‬
‫ول قاصر بجهدي عما إليه ندبتني‪ ،‬مسارع لما عرفتني‪ ،‬شارع فيما‬
‫أشرعتني‪ ،‬مستبصر ما بصرتني‪ ،‬مراع ما أرعيتني‪ ،‬فل تخلني من‬
‫رعايتك‪ ،‬ول تخرجني من عنايتك‪ ،‬ول تقعدني عن حولك‪ ،‬ول تخرجني عن‬
‫مقصد أنال به إرادتك‪ ،‬واجعل على البصيرة مدرجتي‪ ،‬وعلى الهداية‬
‫محجتي‪ ،‬وعلى الرشاد مسلكي‪ ،‬حتى تنيلني وتنيل بي امنيتي‪ ،‬وتحل بي‬
‫على ما به أردتني‪ ،‬وله خلقتني‪ ،‬وإليه آويتني‪ ،‬وأعذ أولياءك من الفتتان‬
‫بي‪ ،‬وفتنهم برحمتك لرحمتك في نعمتك تفتين الجتباء‪ ،‬والستخلص‬
‫بسلوك طريقتي‪ ،‬واتباع منهجي‪ ،‬و ألحقني بالصالحين من آبائي وذوي‬
‫رحمي‪ .‬ودعا في قنوته‪ :‬اللهم من أوى إلى مأوى فأنت مأواي‪ ،‬ومن لجا‬
‫إلى ملجأ فأنت ملجأي اللهم صل على محمد وآل محمد‪ ،‬واسمع ندائي‪،‬‬
‫وأجب دعائي‪ ،‬واجعل عندك مآبي ومثواي‪ ،‬واحرسني في بلواي من افتنان‬
‫المتحان‪ ،‬ولمة الشيطان‪ ،‬بعظمتك التي ل يشوبها ولع نفس بتفتين‪ ،‬ول‬
‫وارد طيف بتظنين‪ ،‬ول يلم بها فرج حتى تقلبني إليك بارادتك غير ظنين‬
‫ول مظنون‪ ،‬ول مراب ول مرتاب‪ ،‬إنك أنت أرحم الراحمين‪.‬‬

‫)‪ (1‬مهج الدعوات ص ‪[*] .59‬‬

‫]‪[215‬‬

‫قنوت المام زين العابدين عليه السلم )‪ .(1‬اللهم إن جبلة البشرية‪ ،‬وطباع‬
‫النسيانية‪ ،‬وما جرت عليه تركيبات النفسية وانعقدت به عقود النسية‪،‬‬
‫تعجز عن حمل واردات القضية إل ما وفقت له أهل الصطفاء‪ ،‬وأعنت‬
‫عليه ذوي الجتباء‪ .‬اللهم وإن القلوب في قبضتك‪ ،‬والمشية لك في ملكتك‪،‬‬
‫وقد تعلم أي رب ما الرغبة إليك في كشفه واقعة لوقاتها بقدرتك‪ ،‬واقفة‬
‫بحدك من إرادتك‪ ،‬وإني لعلم أن لك دار جزاء من الخير والشر مثوبة‬
‫وعقوبة‪ ،‬وأن لك يوما تأخذ فيه بالحق وأن أناتك أشبه الشياء بكرمك‪،‬‬
‫وأليقها بما وصفت به نفسك في عطفك وتراؤفك‪ ،‬وأنت بالمرصاد لكل ظالم‬
‫في وخيم عقباه وسوء مثواه‪ .‬اللهم وإنك قد أوسعت خلقك رحمة وحلما‪،‬‬
‫وقد بدلت أحكامك‪ ،‬وغيرت سنن نبيك وتمرد الظالمون على خلصائك‪،‬‬
‫واستباحوا حريمك‪ ،‬وركبوا مراكب الستمرار على الجرأة عليك‪ ،‬اللهم‬
‫فبادرهم بقواصف سخطك‪ ،‬وعواصف تنكيلتك واجتثاث غضبك‪ ،‬وطهر‬
‫البلد منهم‪ ،‬وعف عنها آثارهم‪ ،‬واخطط من قاعاتها و مظانها منارهم‪،‬‬
‫واصطلمهم ببوارك حتى ل تبقي منهم دعامة لناجم‪ ،‬ول علما لم ول‬
‫مناصا لقاصد‪ ،‬ول رائدا لمرتاد‪ .‬اللهم امح آثارهم‪ ،‬واطمس على أموالهم‬
‫وديارهم‪ ،‬وامحق أعقابهم‪ ،‬وافكك أصلبهم‪ ،‬وعجل إلى عذابك السرمد‬
‫انقلبهم‪ ،‬وأقم للحق مناصبه‪ ،‬واقدح للرشاد زناده‪ ،‬وأثر للثار مثيره‪ ،‬وأيد‬
‫بالعون مرتاده‪ ،‬ووفر من النصر زاده‪ ،‬حتى يعود الحق بحدبه‪ ،‬وتنير معالم‬
‫مقاصده‪ ،‬ويسلك أهله بالمنة حق سلوكه‪ ،‬إنك على كل شئ قدير‪ .‬ودعا في‬
‫قنوته‪ :‬اللهم أنت المبين البائن‪ ،‬وأنت المكين الماكن الممكن‪ ،‬اللهم صل‬
‫على‬

‫)‪ (1‬مهج الدعوات‪[*] .61 :‬‬

‫]‪[216‬‬

‫آدم بعيد فطرتك‪ ،‬وبكر حجتك‪ ،‬ولسان قدرتك‪ ،‬والخليفة في بسيطتك‪ ،‬وأول مجتبى‬
‫للنبوة برحمتك‪ ،‬وساحف شعر رأسه تذلل لك في حرمك لعزتك‪ ،‬ومنشئ‬
‫من التراب نطق إعرابا بوحدانيتك‪ ،‬وعبد لك أنشأته لمتك‪ ،‬ومستعيذ بك‬
‫من مس عقوبتك‪ ،‬وصل على ابنه الخالص من صفوتك‪ ،‬والفاحص عن‬
‫معرفتك والغائص المأمون عن مكنون سريرتك‪ ،‬بما أوليته من نعمك‬
‫ومعونتك‪ ،‬وعلى من بينهما من النبيين والمرسلين والصديقين والشهداء‬
‫والصالحين‪ .‬وأسئلك اللهم حاجتي التي بيني وبينك ل يعلمها أحد غيرك‪،‬‬
‫أن تأتي على قضائها وإمضائها في يسر منك وعافية‪ ،‬وشد أزر وحط‬
‫وزر‪ ،‬يامن له نور ل يطفى‪ ،‬وظهور ل يخفى‪ ،‬وامور ل تكفى‪ .‬اللهم إني‬
‫دعوتك دعاء من عرفك وتبتل إليك‪ ،‬وآل بجميع بدنه إليك سبحانك طوت‬
‫البصار في صنعتك مديدتها‪ ،‬وثنت اللباب عن كنهك أعنتها‪ ،‬فأنت المدرك‬
‫غير المدرك‪ ،‬والمحيط غير المحاط‪ ،‬وعزتك لتفعلن وعزتك لتفعلن‬
‫]وعزتك لتفعلن[‪ .‬قنوت المام أبى جعفر محمد الباقر عليه السلم )‪(1‬‬
‫اللهم إن عدوي قد استسن في غلوائه‪ ،‬واستمر في عدوانه‪ ،‬وأمن بما‬
‫شمله من الحلم عاقبة جرأته عليك‪ ،‬وتمرد في مباينتك‪ ،‬ولك اللهم لحظات‬
‫سخط بياتا وهم نائمون‪ ،‬ونهارا وهم غافلون‪ ،‬وجهرة وهم يلعبون‪ ،‬وبغتة‬
‫وهم ساهون‪ ،‬وإن الخناق قد اشتد‪ ،‬والوثاق قد احتد‪ ،‬والقلوب قد شجيت‪،‬‬
‫والعقول قد تنكرت‪ ،‬و الصبر قد أودى‪ ،‬وكاد تنقطع حبائله‪ ،‬فانك لبالمرصاد‬
‫من الظالم‪ ،‬ومشاهدة من الكاظم‪ ،‬ل يعجلك فوت درك‪ ،‬ول يعجزك احتجاز‬
‫محتجز‪ ،‬وإنما مهلته استثباتا و حجتك على الحوال البالغة الدامغة ولعبدك‬
‫ضعف البشرية وعجز النسيانية‪ ،‬ولك سلطان اللهية وملكة الربوبية‪،‬‬
‫وبطشة الناة وعقوبة التأبيد‪ .‬اللهم فان كان في المصابرة لحرارة المعان‬
‫من الظالمين‪ ،‬وكيد من نشاهد من‬

‫)‪ (1‬مهج الدعوات‪[*] .63 :‬‬

‫]‪[217‬‬

‫المبدلين‪ ،‬رضي لك ومثوبة منك فهب لنا مزيدا من التأييد‪ ،‬وعونا من التسديد‪ ،‬إلى‬
‫حين نفوذ مشيتك فيمن أسعدته وأشقيته من بريتك وامنن علينا بالتسليم‬
‫لمحتومات أقضيتك‪ ،‬والتجرع لواردات أقدارك‪ ،‬وهب لنا محبة لما أحببت‬
‫في متقدم ومتأخر ومتعجل ومتأجل‪ ،‬واليثار لما اخترت في مستقرب‬
‫ومستبعد‪ ،‬ول تخلنا اللهم مع ذلك من عواطف رأفتك ورحمتك وكفايتك‬
‫وحسن كلءتك بمنك وكرمك‪ .‬ودعا عليه السلم في قنوته‪ .‬يا من يعلم‬
‫هواجس السرائر‪ ،‬ومكامن الضمائر‪ ،‬وحقايق الخواطر‪ ،‬يامن هو لكل غيب‬
‫حاضر‪ ،‬ولكل منسي ذاكر‪ ،‬وعلى كل شئ قادر‪ ،‬وإلى الكل ناظر‪ ،‬بعد‬
‫المهل‪ ،‬وقرب الجل‪ ،‬وضعف العمل‪ ،‬وأرأب المل‪ ،‬وآن المنتقل وأنت يا‬
‫ال الخر كما أنت الول‪ ،‬مبدئ ما أنشأت‪ ،‬ومصيرهم إلى البلى ومقلدهم‬
‫أعمالهم‪ ،‬ومحملها ظهورهم إلى وقت نشورهم من بعثة قبورهم‪ ،‬عند‬
‫نفخة الصور‪ ،‬و انشقاق السماء بالنور‪ ،‬والخروج بالمنشر إلى ساحة‬
‫المحشر‪ ،‬ل يرتد إليهم طرفهم وأفئدتهم هواء‪ ،‬متراطمين في غمة مما‬
‫أسلفوا‪ ،‬ومطالبين بما احتقبوا‪ ،‬ومحاسبين هناك على ما ارتكبوا‪.‬‬
‫الصحائف في العناق منشورة‪ ،‬والوزار على الظهور مأزورة‪ ،‬ل انفكاك‬
‫ول مناص‪ ،‬ول محيص عن القصاص‪ ،‬قد أفحمتهم الحجة وحلوا في حيرة‬
‫المحجة‪ ،‬همسوا الضجة‪ ،‬معدول بهم عن المحجة‪ ،‬إل من سبقت له من ال‬
‫الحسنى‪ ،‬فنجي من هول المشهد‪ ،‬وعظيم المورد‪ ،‬ولم يكن ممن في الدنيا‬
‫تمرد‪ ،‬ول على أولياء ال تعند ولهم استعبد‪ ،‬وعنهم بحقوقهم تفرد‪ .‬اللهم‬
‫فان القلوب قد بلغت الحناجر‪ ،‬والنفوس قد علت التراقي‪ ،‬والعمار قذ‬
‫نفدت بالنتظار‪ ،‬ل عن نقص استبصار‪ ،‬ول عن اتهام مقدار‪ ،‬ولكن لما‬
‫تعاني من ركوب معاصيك‪ ،‬والخلف عليك في أوامرك ونواهيك‪ ،‬والتلعب‬
‫بأوليائك و مظاهرة أعدائك‪ ،‬اللهم فقرب ما قد قرب‪ ،‬وأورد ما قد دنى‪،‬‬
‫وحقق ظنون الموقنين وبلغ المؤمنين تأميلهم من إقامة حقك ونصر دينك‪،‬‬
‫وإظهار حجتك والنتقام من أعدائك‪.‬‬
‫]‪[218‬‬

‫قنوت المام جعفر الصادق عليه السلم )‪ .(1‬يا من سبق علمه‪ ،‬ونفذ حكمه‪ ،‬وشمل‬
‫حلمه‪ ،‬صل على محمد وآل محمد‪ ،‬و أزل حلمك عن ظالمي‪ ،‬وبادره‬
‫بالنقمة‪ ،‬وعاجله بالستيصال‪ ،‬وكبه لمنخره‪ ،‬و اغصصه بريقه‪ ،‬واردد‬
‫كيده في نحره‪ ،‬وحل بيني وبينه بشغل شاغل مولم‪ ،‬وسقم دائم‪ ،‬وامنعه‬
‫التوبة‪ ،‬وحل بينه وبين النابة‪ ،‬واسلبه روح الراحة‪ ،‬واشدد عليه الوطأة‪،‬‬
‫وخذ منه بالمخنق‪ ،‬وحشرجه في صدره‪ ،‬ول تثبت له قدما‪ ،‬وأثكله ونكله‬
‫واجتثه واستأصله وجثه وجث نعمتك عنه‪ ،‬وألبسه الصغار‪ ،‬واجعل عقباه‬
‫النار‪ ،‬بعد محو آثاره‪ ،‬وسلب قراره‪ ،‬وإجهار قبيح آصاره‪ ،‬وأسكنه دار‬
‫بواره‪ ،‬ول تبق له ذكرا‪ ،‬ول تعقبه من مستخلف أجرا‪ .‬اللهم بادره ثلثا‬
‫اللهم عاجله ثلثا اللهم ل تؤجله ثلثا اللهم خذه ثلثا اللهم اسلبه التوفيق‬
‫ثلثا اللهم ل تنهضه‪ ،‬اللهم ل ترثه‪ ،‬اللهم ل تؤخره‪ ،‬اللهم عليك به اللهم‬
‫اشدد قبضتك عليه‪ ،‬اللهم بك اعتصمت عليه‪ ،‬وبك استجرت منه‪ ،‬وبك‬
‫تواريت عنه‪ ،‬وبك استكففت دونه‪ ،‬وبك استترت من ضرائه‪ .‬اللهم‬
‫احرسني بحراستك منه‪ ،‬ومن عداتك‪ ،‬واكفني بكفايتك كيده وكيد بغاتك‪،‬‬
‫اللهم احفظني بحفظ اليمان‪ ،‬وأسبل علي سترك الذي سترت به رسلك عن‬
‫الطواغيت‪ ،‬وحصني بحصنك الذي وقيتهم به من الجوابيت‪ ،‬اللهم أيدني‬
‫منك بنصر ل ينفك‪ ،‬وعزيمة صدق ل تحل‪ ،‬وجللني بنورك‪ ،‬واجعلني‬
‫متدرعا بدرعك الحصينة الواقية‪ ،‬واكلني بكلءتك الكافية‪ ،‬إنك واسع لما‬
‫تشاء‪ ،‬وولي من لك توالى‪ ،‬وناصر من إليك أوى‪ ،‬وعون من بك استعدى‪،‬‬
‫وكافي من بك استكفى‪ ،‬والعزيز الذي ل يمانع عما يشاء‪ ،‬ول قوة إل بال‪،‬‬
‫وهو حسبي وعليه توكلت وهو رب العرش العظيم‪.‬‬

‫)‪ (1‬مهج الدعوات‪[*] .64 :‬‬

‫]‪[219‬‬

‫ودعا عليه السلم في قنوته‪ :‬يا مأمن الخائف‪ ،‬وكهف اللهف‪ ،‬وجنة العائذ‪ ،‬وغوث‬
‫اللئذ‪ ،‬خاب من اعتمد سواك‪ ،‬وخسر من لجأ إلى دونك‪ ،‬وذل من اعتز‬
‫بغيرك‪ ،‬وافتقر من استغنى عنك‪ .‬إليك اللهم المهرب‪ ،‬ومنك اللهم المطلب‪،‬‬
‫اللهم قد تعلم عقد ضميري عند مناجاتك وحقيقة سريرتي عند دعائك‪،‬‬
‫وصدق خالصتي باللجاء إليك فأفزعني إذا فزعت إليك ول تخذلني إذا‬
‫اعتمدت عليك‪ ،‬وبادرني بكفايتك‪ ،‬ول تسلبني وفق عنايتك‪ ،‬وخذ ظالمي‬
‫الساعة الساعة أخذ عزيز مقتدر عليه‪ ،‬مستأصل شأفته‪ ،‬مجتث قائمته‪،‬‬
‫حاط دعامته‪ ،‬مبير له مدمر عليه‪ .‬اللهم بادره قبل أذيتي‪ ،‬واسبقه بكفايتي‬
‫كيده وشره ومكروهه وغمزه وسوء عقده وقصده‪ ،‬اللهم إني إليك فوضت‬
‫أمري‪ ،‬وبك تحصنت منه‪ ،‬ومن كل يتعمدني بمكروهه‪ ،‬ويترصدني بأذيته‪،‬‬
‫ويصلت لي بطانته‪ ،‬ويسعى على بمكائده‪ .‬اللهم كد لي ول تكد على‪ ،‬وامكر‬
‫لي ول تمكر بي‪ ،‬وأرني الثار من كل عدو أو مكار‪ ،‬ول يضرني ضار وأنت‬
‫وليي‪ ،‬ول يغلبني مغالب وأنت عضدي‪ ،‬ول تجري علي مساءة وأنت‬
‫كنفي‪ ،‬اللهم بك استدرعت واعتصمت‪ ،‬وعليك توكلت ول حول ول قوة إل‬
‫بك‪ .‬قنوت المام موسى بن جعفر عليه السلم )‪ :(1‬يا مفزع الفازع‪،‬‬
‫ومأمن الهالع‪ ،‬ومطمع الطامع‪ ،‬وملجأ الضارع‪ ،‬يا غوث اللهفان‪ ،‬ومأوى‬
‫الحيران‪ ،‬ومروي الظمآن‪ ،‬ومشبع الجوعان‪ ،‬وكاسي العريان‪ ،‬وحاضر كل‬
‫مكان‪ ،‬بل درك ول عيان‪ ،‬ول صفة ول بطان‪ ،‬عجزت الفهام‪ ،‬وضلت‬
‫الوهام عن موافقة صفة دابة من الهوام‪ ،‬فضل عن الجرام العظام‪ ،‬مما‬
‫أنشأت حجابا لعظمتك وأنى يتغلغل إلى ما وراء ذلك مما ل يرام‪ ،‬تقدست يا‬
‫قدوس‬

‫)‪ (1‬مهج الدعوات‪[*] .66 :‬‬

‫]‪[220‬‬

‫عن الظنون والحدوس‪ ،‬وأنت الملك القدوس‪ ،‬باري الجسام والنفوس‪ ،‬ومنخر‬
‫العظام ومميت النام‪ ،‬ومعيدها بعد الفناء والتطميس‪ ،‬وأسألك يا ذا القدرة‬
‫والعلء‪ ،‬والعز والثناء‪ ،‬أن تصلي على محمد وآله اولي النهى‪ ،‬والمحل‬
‫الوفى‪ ،‬والمقام العلى‪ ،‬وأن تعجل ما قد تأجل‪ ،‬وتقدم ما قد تأخر‪ ،‬وتأتي‬
‫بما قد وجب إتيانه وتقرب ما قد تأخر في النفوس الحصرة أوانه‪ ،‬وتكشف‬
‫البأس وسوء اللباس‪ ،‬وعوارض الوسواس الخناس‪ ،‬في صدور الناس‪،‬‬
‫وتكفينا ما قد رهقنا‪ ،‬وتصرف عنا ما قد ركبنا‪ ،‬وتبادر اصطلم الظالمين‪،‬‬
‫ونصر المؤمنين‪ ،‬والدالة من العاندين‪ ،‬آمين يا رب العالمين‪ .‬ودعا عليه‬
‫السلم في قنوته‪ :‬اللهم إني وفلن بن فلن عبدان من عبيدك‪ ،‬نواصينا‬
‫بيدك‪ ،‬تعلم مستقرنا ومستودعنا‪ ،‬ومنقلبنا ومثوانا‪ ،‬وسرنا وعلنيتنا‪ ،‬تطلع‬
‫على نياتنا وتحيط بضمائرنا علمك بما نبديه كعلمك بما نخفيه‪ ،‬ومعرفتك‬
‫بما نبطنه كمعرفتك بما نظهره‪ ،‬ول ينطوي عندك شئ من أمورنا‪ ،‬ول‬
‫يستتر دونك حال من أحوالنا‪ ،‬ول منك معقل يحصننا‪ ،‬ول حرز يحرزنا‪ ،‬ول‬
‫مهرب لنا نفوتك به‪ ،‬ول يمنع الظالم منك حصونه ول يجاهدك عنه جنوده‪،‬‬
‫ول يغالبك مغالب بمنعة‪ ،‬ول يعازك معاز بكثرة‪ ،‬أنت مدركه أينما سلك‪،‬‬
‫وقادر عليه أينما لجأ‪ .‬فمعاذ المظلوم منا بك‪ ،‬وتوكل المقهور منا عليك‪،‬‬
‫ورجوعه إليك‪ ،‬يستغيث بك إذا خذله المغيث‪ ،‬ويستصرخك إذا قعد عنه‬
‫النصير‪ ،‬ويلوذ بك إذا نفته الفنية ويطرق بابك إذا غلقت عنه البواب‬
‫المرتجة‪ ،‬ويصل إليك إذا احتجبت عنه الملوك الغافلة‪ ،‬تعلم ما حل به قبل‬
‫أن يشكوه إليك‪ ،‬وتعلم ما يصلحه قبل أن يدعوك له‪ ،‬فلك الحمد سميعا‬
‫لطيفا عليما خبيرا‪ .‬وأنه قد كان في سابق علمك‪ ،‬ومحكم قضائك‪ ،‬وجاري‬
‫قدرك‪ ،‬ونافذ أمرك وماضي مشيتك في خلقك أجمعين‪ ،‬شقيهم وسعيدهم‪،‬‬
‫وبرهم وفاجرهم‪ ،‬أن جعلت لفلن بن فلن على قدرة فظلمني بها وبغى‬
‫على بمكانها‪ ،‬واستطال وتعزز بسلطانه‬

‫]‪[221‬‬

‫الذي خولته إياه‪ ،‬وتجبر وافتخر بعلو حاله الذي نولته‪ ،‬وغره إملؤك له‪ ،‬وأطغاه‬
‫حلمك عنه‪ ،‬فقصدني بمكروه عجزت عن الصبر عليه‪ ،‬وتعمدني بشر‬
‫ضعفت عن احتماله ولم أقدر على النتصاف منه لضعفي‪ ،‬ول على‬
‫النتصار لقلتي‪ ،‬فوكلت أمره إليك‪ ،‬و توكلت في شأنه عليك‪ ،‬وتوعدته‬
‫بعقوبتك‪ ،‬وحذرته ببطشك‪ ،‬وخوفته نقمتك‪ ،‬فظن أن حلمك عنه من ضعف‪،‬‬
‫وحسب أن إملءك له عن عجز‪ ،‬ولم تنهه واحدة عن اخرى‪ ،‬ول انزجر‬
‫عن ثانية باولى‪ .‬لكنه تمادى في غيه‪ ،‬وتتابع في ظلمه‪ ،‬ولج في عدوانه‪،‬‬
‫واستثرى في طغيانه جرأة عليك‪ ،‬يا سيدي ومولي‪ ،‬وتعرضا لسخطك‬
‫الذي ل ترده عن الظالمين‪ ،‬وقلة اكتراث ببأسك الذي ل تحبسه عن‬
‫الباغين‪ .‬فها أنا ذا يا سيدي مستضعف في يده ]يه[ مستضام تحت‬
‫سلطانه‪ ،‬مستذل بفنائه‪ ،‬مغلوب مبغي على مرعوب وجل خائف مروع‬
‫مقهور‪ ،‬قد قل صبري‪ ،‬وضاعت حيلتي وانغلقت على المذاهب إل إليك‪،‬‬
‫وانسدت عني الجهات إل جهتك‪ ،‬والتبست على اموري في دفع مكروهه‬
‫عني‪ ،‬واشتبهت على الراء في إزالة ظلمه‪ ،‬وخذلني من استنصرته من‬
‫خلقك‪ ،‬وأسلمني من تعلقت به من عبادك‪ .‬فاستشرت نصيحي فأشار علي‬
‫بالرغبة إليك‪ ،‬واسترشدت دليلي فلم يدلني إل عليك‪ ،‬فرجعت إليك يا مولي‬
‫ساغرا راغما مستكينا عالما أنه ل فرج لي إل عندك ول خلص لي إل بك‪،‬‬
‫أنتجز وعدك في نصرتي‪ ،‬وإجابة دعائي‪ ،‬لن قولك الحق الذي ل يرد ول‬
‫يبدل‪ ،‬وقد قلت تباركت وتعاليت )ومن بغي عليه لينصرنه ال( وقلت جل‬
‫ثناؤك وتقدست أسماؤك )ادعوني أستجب لكم(‪ .‬فأنا فاعل ما أمرتني به ل‬
‫منا عليك‪ ،‬وكيف أمن به وأنت عليه دللتني‪ ،‬فاستجب لي كما وعدتني‪،‬‬
‫يامن ل يخلف الميعاد‪ .‬وإني لعلم يا سيدي أن لك يوما تنتقم فيه من الظالم‬
‫للمظلوم‪ ،‬وأتيقن أن لك وقتا تأخذ فيه من الغاصب للمغصوب لنه ل يسبقك‬
‫معاند ول يخرج من قبضتك منابذ‪ ،‬ول تخاف فوت فائت‪ ،‬ولكن جزعى‬
‫وهلعي ل يبلغان الصبر على أناتك وانتظار حلمك‪ ،‬فقدرتك يا سيدي فوق‬

‫]‪[222‬‬
‫كل قدرة‪ ،‬وسلطانك غالب كل سلطان‪ ،‬ومعاد كل أمد إليك وإن أمهلته‪ ،‬ورجوع كل‬
‫ظالم إليك وإن أنظرته‪ ،‬وقد أضرني يا سيدي حلمك عن فلن وطول أناتك‬
‫له وإمهالك إياه‪ ،‬فكاد القنوط يستولي علي لول الثقة بك‪ ،‬واليقين بوعدك‪.‬‬
‫فان كان في قضائك النافذ‪ ،‬وقدرتك الماضية‪ ،‬أنه ينيب أو يتوب‪ ،‬أو يرجع‬
‫عن ظلمي ويكف عن مكروهي‪ ،‬وينتقل عن عظيم ما ركب مني‪ ،‬فصل‬
‫اللهم على محمد وآل محمد‪ ،‬وأوقع ذلك في قلبه الساعة الساعة قبل إزالة‬
‫نعمتك التي أنعمت بها علي وتكدير معروفك الذي صنعته عندي‪ .‬وإن كان‬
‫علمك به غير ذلك‪ ،‬من مقامه على ظلمي‪ ،‬فاني أسألك يا ناصر المظلومين‬
‫المبغي عليهم إجابة دعوتي‪ ،‬فصل على محمد وآل محمد وخذه من مأمنه‬
‫أخذ عزيز مقتدر‪ ،‬وافجأه في غفلته مفاجأة مليك منتصر‪ ،‬واسلبه نعمته‬
‫وسلطانه‪ ،‬وافضض عنه جموعه وأعوانه ومزق ملكه كل ممزق‪ ،‬وفرق‬
‫أنصاره كل مفرق‪ ،‬وأعره من نعمتك التي ل يقابلها بالشكر‪ ،‬وانزع عنه‬
‫سربال عزك الذي لم يجازه باحسان‪ .‬واقصمه يا قاصم الجبابرة‪ ،‬وأهلكه يا‬
‫مهلك القرون الخالية‪ ،‬وأبره يا مبير المم الظالمة‪ ،‬واخذله يا خاذل الفرق‬
‫الباغية‪ ،‬وابتر عمره وابتزه ملكه‪ ،‬وعف أثره‪ ،‬واقطع خبره‪ ،‬وأطف ناره‪،‬‬
‫وأظلم نهاره‪ ،‬وكور شمسه‪ ،‬وأزهق نفسه‪ ،‬واهشم سوقه‪ ،‬وجب سنامه‪،‬‬
‫وأرغم أنفه‪ ،‬وعجل حتفه‪ .‬ول تدع له جنة إل هتكتها‪ ،‬ول دعامة إل‬
‫قصمتها‪ ،‬ول كلمة مجتمعة إل فرقتها‪ ،‬ول قائمة علو إل وضعتها‪ ،‬ول ركنا‬
‫إل وهنته‪ ،‬ول سببا إل قطعته‪ ،‬و أرنا أنصاره عباديد بعد اللفة‪ ،‬وشتى بعد‬
‫اجتماع الكلمة‪ ،‬ومقنعي الرؤس بعد الظهور على المة‪ ،‬واشف بزوال‬
‫أمره القلوب الوجلة‪ ،‬والفئدة اللهفة‪ ،‬والمة المتحيرة‪ ،‬والبرية الضايعة‪.‬‬
‫وأدل ببواره الحدود المعطلة‪ ،‬والسنن الداثرة‪ ،‬والحكام المهملة‪ ،‬والمعالم‬
‫المغيرة‪ ،‬واليات المحرفة‪ ،‬والمدارس المهجورة‪ ،‬والمحاريب المجفوة‪،‬‬
‫والمشاهد‬

‫]‪[223‬‬

‫المهدومة‪ ،‬وأشبع به الخماص الساغبة‪ ،‬واروبه اللهوات اللغبة‪ ،‬والكباد الظامئة‬


‫وأرح به القدام المتعبة‪ ،‬وأطرقه بليلة لاخت لها‪ ،‬وبساعة ل مثوى فيها‪،‬‬
‫وبنكبة ل انتعاش معها‪ ،‬وبعثرة ل إقالة منها‪ ،‬وأبح حريمه‪ ،‬ونغص نعيمه‪،‬‬
‫وأره بطشتك الكبرى‪ ،‬ونقمتك المثلى‪ ،‬وقدرتك التي فوق قدرته‪ ،‬وسلطانك‬
‫الذي هو أعز من سلطانه‪ .‬واغلبه لي بقوتك القوية‪ ،‬ومحالك الشديد‪،‬‬
‫وامنعني منه بمنعك الذي كل خلق فيه ذليل‪ ،‬وابتله بفقر ل تجبره‪ ،‬وبسوء‬
‫ل تسترة‪ ،‬وكله إلى نفسه فيما يريد إنك فعال لما تريد‪ ،‬وأبرئه من حولك‬
‫وقوتك وكله إلى حوله وقوته‪ ،‬و أزل مكره بمكرك‪ ،‬وادفع مشيته بمشيتك‪،‬‬
‫وأسقم جسده‪ ،‬وأيتم ولده‪ ،‬وانقص أجله‪ ،‬وخيب أمله‪ ،‬وأدل دولته‪ ،‬وأطل‬
‫عولته‪ ،‬واجعل شغله في بدنه‪ ،‬ول تفكه من حزنه‪ ،‬وصير كيده في ضلل‪،‬‬
‫وأمره إلى زوال‪ ،‬ونعمته إلى انتقال‪ ،‬وجده في سفال‪ ،‬وسلطانه في‬
‫اضمحلل‪ ،‬وعاقبته إلى شر مآل‪ ،‬وأمته بغيظه‪ ،‬إن أمته‪ ،‬وأبقه بحسرته إن‬
‫أبقيته‪ ،‬وقني شره وهمزه ولمزه وسطوته وعداوته‪ ،‬والمحه لمحة تدمر‬
‫بها عليه‪ ،‬فانك أشد بأسا وأشد تنكيل‪ .‬قنوت المام على بن موسى الرضا‬
‫عليه السلم )‪ .(1‬الفزع الفزع إليك يا ذا المحاضرة‪ ،‬والرغبة الرغبة إليك‬
‫يا من به المفاخرة وأنت اللهم مشاهد هواجس النفوس‪ ،‬ومراصد حركات‬
‫القلوب‪ ،‬ومطالع مسرات السرائر‪ ،‬من غير تكلف ول تعسف‪ ،‬وقد ترى‬
‫اللهم ما ليس عنك بمنطوي‪ ،‬و لكن حلمك آمن أهله عليه جرأة وتمردا‬
‫وعتوا وعنادا‪ ،‬وما يعانيه أولياؤك من تعفية آثار الحق ودروس معالمه‪،‬‬
‫وتزيد الفواحش‪ ،‬واستمرار أهلها عليها‪ ،‬و ظهور الباطل‪ ،‬وعموم‬
‫التغاشم‪ ،‬والتراضي بذلك في المعاملت والمتصرفات‪ ،‬قد جرت به العادات‪،‬‬
‫وصار كالمفروضات والمسنونات‪ .‬اللهم فبادرنا منك بالعون الذي من‬
‫أعنته به فاز‪ ،‬ومن أيدته لم يخف لمز‬

‫)‪ (1‬مهج الدعوات‪[*] .72 :‬‬

‫]‪[224‬‬

‫لماز‪ ،‬وخذ الظالم أخذا عنيفا‪ ،‬ول تكن له راحما ول به رؤفا‪ ،‬اللهم اللهم اللهم‬
‫بادرهم‪ ،‬اللهم عاجلهم‪ ،‬اللهم ل تمهلهم‪ ،‬اللهم غادرهم بكرة وهجرة‬
‫وسحرة وبياتا وهم نائمون‪ ،‬وضحى وهم يلعبون‪ ،‬ومكرا وهم يمكرون‪،‬‬
‫وفجأة وهم آمنون‪ .‬اللهم بددهم وبدد أعوانهم واغلل أعضادهم‪ ،‬واهزم‬
‫جنودهم‪ ،‬وافلل حدهم واجتث سنامهم‪ ،‬وأضعف عزائمهم‪ ،‬اللهم امنحنا‬
‫أكتافهم‪ ،‬وبدلهم بالنعم النقم‪ ،‬وبدلنا من محاذرتهم وبغيهم السلمة‪،‬‬
‫واغنمناهم أكمل المغنم‪ ،‬اللهم ل ترد عنهم بأسك الذي إذا حل بقوم فساء‬
‫صباح المنذرين‪ .‬ودعا عليه السلم في قنوته‪ :‬يامن شهد خواطر السرار‬
‫مشاهدة ظواهر جاريات الخبار‪ ،‬عجز قلبي عن جميل فنون القدار‪،‬‬
‫وضعفت قوتي عن النهوض بفوادح المكار‪ ،‬ولمم الشيطان‪ ،‬و وسوسة‬
‫النفس بالطغيان المتتابعة في الليل والنهار بالعصيان‪ ،‬فان عصمتني بعصم‬
‫البرار ومنحتني منح أهل الستبصار‪ ،‬وأعنتني بتعجيل النتصار‪ ،‬وإل فأنا‬
‫من واردي النار‪ ،‬اللهم فصل على محمد وآله‪ ،‬وجللني عصمة تدرء عني‬
‫الصرار‪ ،‬وتحط بها عن ظهري ما أثقله من الصار‪ .‬أقول‪ :‬ليس هذا‬
‫الدعاء في أكثر النسخ ولعله من زيادات بعض القاصرين‪ ،‬ول يشبه ساير‬
‫ما روي عن الطاهرين‪ ،‬وفي رواية الكفعمي مكانه الدعاء الذي سنذكره‬
‫برواية الصدوق ره في العيون أوله )اللهم يا ذا القدرة الجامعة( ثم كتب‬
‫في حاشيته‪ :‬هذا الدعاء لم يذكره السيد ابن طاوس ره بل ذكر في آخر‬
‫الكتاب المذكور ولم يفعل كما فعل في قنوت غيره من الئمة عليهم السلم‪،‬‬
‫فأحببت أن أضع هذا الدعاء في هذا المكان لتكون القنوتات كلها على‬
‫وتيرة واحدة‪ ،‬وهذا الدعاء ذكره الطبرسي رحمه ال في كتابه كتاب كنوز‬
‫النجاح‪ .‬ورواه أبو جعفر ابن بابويه‪ ،‬ثم ذكر الحديث كما سيأتي‪ ،‬ولنرجع‬
‫إلى سياق الحديث في الدعية على الروايتين‪.‬‬

‫]‪[225‬‬

‫قنوت المام محمد بن موسى عليه السلم )‪ .(1‬اللهم منايحك متتابعة‪ ،‬وأياديك‬
‫متوالية‪ ،‬ونعمك سابغة‪ ،‬وشكرنا قصير‪ ،‬وحمدنا يسير‪ ،‬وأنت بالتعطف‬
‫على من اعترف جدير‪ ،‬اللهم وقد غص أهل الحق بالريق‪ ،‬وارتبك أهل‬
‫الصدق في المضيق‪ ،‬وأنت اللهم بعبادك وذوي الرغبة إليك شفيق‪،‬‬
‫وباجابة دعائهم وتعجيل الفرج عنهم حقيق‪ .‬اللهم فصل على محمد وآل‬
‫محمد وبادرنا منك بالعون الذي ل خذلن بعده‪ ،‬و النصر الذي ل باطل‬
‫يتكأده‪ ،‬وأتح لنا من لدنك متاحا فياحا يأمن فيه وليك‪ ،‬ويخيب فيه عدوك‪،‬‬
‫وتقام فيه معالمك‪ ،‬وتظهر فيه أوامرك‪ ،‬وتنكف فيه عوادي عداتك‪ ،‬اللهم‬
‫بادرنا منك بدار الرحمة‪ ،‬وبادر أعداءك من بأسك بدار النقمة‪ ،‬اللهم أعنا‬
‫وأغثنا وارفع نقمتك عنا وأحلها بالقوم الظالمين‪ .‬ودعا في قنوته‪ :‬اللهم‬
‫أنت الول بل أولية معدودة والخر بل آخرية محدودة‪ ،‬أنشأتنا ل لعلة‬
‫اقتسارا‪ ،‬واخترعتنا ل لحاجة اقتدارا‪ ،‬وابتدعتنا بحكمتك اختيارا‪ ،‬وبلوتنا‬
‫بأمرك ونهيك اختبارا‪ ،‬وأيدتنا باللت‪ ،‬ومنحتنا بالدوات‪ ،‬وكلفتنا الطاقة‪،‬‬
‫وجشمتنا الطاعة‪ ،‬فأمرت تخييرا‪ ،‬ونهيت تحذيرا‪ ،‬وخولت كثيرا‪ ،‬وسألت‬
‫يسيرا‪ ،‬فعصي أمرك فحلمت‪ ،‬وجهل قدرك فتكرمت‪ ،‬فأنت رب العزة‬
‫والبهاء‪ ،‬والعظمة والكبرياء‪ ،‬و الحسان والنعماء‪ ،‬والمن واللء‪ ،‬والمنح‬
‫والعطاء‪ ،‬والنجاز والوفاء‪ ،‬ل تحيط القلوب لك بكنه‪ ،‬ول تدرك الوهام لك‬
‫صفة‪ ،‬ول يشبهك شئ من خلقك‪ ،‬ول يمثل بك شئ من صنعتك‪ ،‬تباركت أن‬
‫تحس أو تمس أو تدركك الحواس الخمس وأنى يدرك مخلوق خالقه‪،‬‬
‫وتعاليت ياإلهي عما يقول الظالمون علوا كبيرا‪ .‬اللهم أدل لوليائك من‬
‫أعدائك الظالمين الباغين الناكثين القاسطين المارقين‪ ،‬الذين أضلوا عبادك‪،‬‬
‫وحرفوا كتابك‪ ،‬وبدلوا أحكامك‪ ،‬وجحدوا حقك‪ ،‬و جلسوا مجالس أوليائك‬
‫جرءة منهم عليك‪ ،‬وظلما منهم لهل بيت نبيك‪ ،‬عليهم‬

‫)‪ (1‬مهج الدعوات‪[*] .73 :‬‬

‫]‪[226‬‬
‫سلمك وصلواتك ورحمتك وبركاتك‪ ،‬فضلوا وأضلوا خلقك‪ ،‬وهتكوا حجاب سرك‬
‫عن عبادك‪ ،‬واتخذوا اللهم مالك دول‪ ،‬وعبادك خول‪ ،‬وتركوا اللهم عالم‬
‫أرضك في بكماء عمياء ظلماء مدلهمة‪ ،‬فأعينهم مفتوحة‪ ،‬وقلوبهم عمية‪،‬‬
‫ولم تبق لهم اللهم عليك من حجة‪ ،‬لقد حذرت اللهم عذابك‪ ،‬وبينت نكالك‬
‫ووعدت المطيعين إحسانك‪ ،‬وقدمت إليهم بالنذر‪ ،‬فآمنت طائفة‪ ،‬وأيدت‬
‫اللهم الذين آمنوا على عدوك‪ ،‬وعدو أوليائك‪ ،‬فأصبحوا ظاهرين‪ ،‬وإلى‬
‫الحق داعين‪ ،‬وللمام المنتظر القائم بالقسط تابعين وجدد اللهم على‬
‫أعدائك وأعدائهم نارك‪ ،‬وعذابك الذي ل تدفعه عن القوم الظالمين‪ .‬اللهم‬
‫صل على محمد وآل محمد‪ ،‬وقو ضعف المخلصين لك بالمحبة‪ .‬المشايعين‬
‫لنا بالموالت‪ ،‬المتبعين لنا بالتصديق والعمل‪ ،‬المؤازرين لنا بالمواساة‬
‫فينا‪ ،‬المحيين ذكرنا عند اجتماعهم‪ ،‬وشدد اللهم ركنهم وسدد لهم اللهم‬
‫دينهم الذي ارتضيته لهم‪ ،‬وأتمم عليهم نعمتك‪ ،‬وخلصهم واستخلصهم‪،‬‬
‫وسد اللهم فقرهم‪ ،‬والمم اللهم شعث فاقتهم‪ ،‬واغفر اللهم ذنوبهم‬
‫وخطاياهم‪ ،‬ول تزغ قلوبهم بعد إذ هديتهم ول تخلهم أي رب بمعصيتهم‪،‬‬
‫واحفظ لهم ما منحتهم به من الطهارة بولية أوليائك‪ ،‬والبراءة من‬
‫أعدائك‪ ،‬إنك سميع مجيب‪ ،‬وصلى ال على محمد وآله الطاهرين أجمعين‪.‬‬
‫قنوت المام مولنا الزكي على بن محمد بن على الرضا عليهم السلم )‪(1‬‬
‫مناهل كراماتك بجزيل عطياتك مترعة‪ ،‬وأبواب مناجاتك لمن أمك مشرعة‪،‬‬
‫وعطوف لحظاتك لمن ضرع إليك غير منقطعة‪ ،‬وقد ألجم الحذار‪ ،‬واشتد‬
‫الضطرار وعجز عن الصطبار أهل النتظار‪ ،‬وأنت اللهم بالمرصد من‬
‫المكار‪ ،‬اللهم وغير مهمل مع المهال‪ ،‬واللئذ بك آمن‪ ،‬والراغب إليك‬
‫غانم‪ ،‬والقاصد اللهم لبابك سالم‪ ،‬اللهم فعاجل من قد استن في طغيانه‪،‬‬
‫واستمر على جهالته لعقباه في كفرانه‪ ،‬وأطمعه حلمك عنه في نيل إرادته‪،‬‬
‫فهو يتسرع إلى أوليائك بمكارهه‪ ،‬ويواصلهم بقبايح مراصده‪ ،‬ويقصدهم‬
‫في مظانهم بأذيته‪.‬‬

‫)‪ (1‬مهج الدعوات‪[*] .75 :‬‬

‫]‪[227‬‬

‫اللهم اكشف العذاب عن المؤمنين‪ ،‬وابعثه جهرة على الظالمين‪ ،‬اللهم اكفف العذاب‬
‫عن المستجيرين‪ ،‬واصببه على المغترين‪ ،‬اللهم بادر عصبة الحق بالعون‪،‬‬
‫وبادر أعوان الظلم بالقصم‪ ،‬اللهم أسعدنا بالشكر‪ ،‬وامنحنا النصر‪ ،‬وأعذنا‬
‫من سوء البداء و العاقبة والختر‪ .‬ودعا عليه السلم في قنوته‪ :‬يامن تفرد‬
‫بالربوبية‪ ،‬وتوحد بالواحدانية‪ ،‬يامن أضاء باسمه النهار‪ ،‬وأشرقت به‬
‫النوار‪ ،‬وأظلم بأمره حندس الليل‪ ،‬وهطل بغيثه وابل السيل‪ ،‬يامن دعاه‬
‫المضطرون فأجابهم‪ ،‬ولجأ إليه الخائفون‪ ،‬فأمنهم‪ ،‬وعبده الطائعون‬
‫فشكرهم‪ ،‬وحمده الشاكرون فأثابهم‪ ،‬ما أجل شأنك‪ ،‬وأعلى سلطانك‪ ،‬وأنفذ‬
‫أحكامك‪ .‬أنت الخالق بغير تكلف‪ ،‬والقاضي بغير تحيف حجتك البالغة‪،‬‬
‫وكلمة الدامغة‪ ،‬بك اعتصمت‪ ،‬وتعوذت من نفثات العندة‪ ،‬ورصدات الملحدة‬
‫الذين ألحدوا في أسمائك ورصدوا بالمكارة لوليائك‪ ،‬وأعانوا على قتل‬
‫أنبيائك وأصفيائك‪ ،‬وقصدوا لطفاء نورك باذاعة سرك‪ ،‬وكذبوا رسلك‪،‬‬
‫وصدوا عن آياتك‪ ،‬واتخذوا من دونك ودون رسولك ودون المؤمنين‬
‫وليجة‪ ،‬رغبة عنك‪ ،‬وعبدوا طواغيتهم وجوابيتهم بدل منك‪ ،‬فمننت على‬
‫أوليائك بعظيم نعمائك‪ ،‬وجدت عليهم بكريم آلئك‪ ،‬وأتممت لهم ما أوليتهم‬
‫بحسن جزائك‪ ،‬حفظا لهم من معاندة الرسل‪ ،‬وضلل السبل‪ ،‬وصدقت لهم‬
‫بالعهود ألسنة الجابة‪ ،‬وخشعت لك بالعقود قلوب النابة‪ .‬أسئلك اللهم‬
‫باسمك الذي خشعت له السماوات والرض‪ ،‬وأحييت به موات الشياء‪،‬‬
‫وأمت به جميع الحياء‪ ،‬وجمعت به كل متفرق‪ ،‬وفرقت به كل مجتمع‪،‬‬
‫وأتممت به الكلمات‪ ،‬وأريت به كبرى اليات‪ ،‬وتبت به على التوابين‪،‬‬
‫وأخسرت به عمل المفسدين فجعلت عملهم هباء منثورا‪ ،‬وتبرتهم تتبيرا‬
‫أن تصلى على محمد وآل محمد‪ ،‬وأن تجعل شيعتي من الذين حملوا‬
‫فصدقوا‪ ،‬واستنطقوا فنطقوا‪ ،‬آمنين مأمونين‪ .‬اللهم إني أسئلك لهم توفيق‬
‫أهل الهدى‪ ،‬وأعمال أهل اليقين‪ ،‬ومناصحة أهل التوبة‪ ،‬وعزم أهل الصبر‪،‬‬
‫وتقية أهل الورع‪ ،‬وكتمان الصديقين‪ ،‬حتى يخافوك ‪-‬‬

‫]‪[228‬‬

‫اللهم مخافة تحجزهم عن معاصيك‪ ،‬وحتى يعملوا بطاعتك لينالوا كرامتك‪ ،‬وحتى‬
‫يناصحوا لك وفيك خوفا منك‪ ،‬وحتى يخلصوا لك النصيحة في التوبة حبا‬
‫لهم‪ ،‬فتوجب لهم محبتك التي أوجبتها للتوابين‪ ،‬وحتى يتوكلوا عليك في‬
‫امورهم كلها حسن ظن بك‪ ،‬وحتى يفوضوا إليك امورهم ثقة بك‪ .‬اللهم ل‬
‫تنال طاعتك إل بتوفيقك‪ ،‬ول تنال درجة من درجات الخير إل بك‪ ،‬اللهم يا‬
‫مالك يوم الدين‪ ،‬العالم بخفايا صدور العالمين‪ ،‬طهر الرض من نجس أهل‬
‫الشرك‪ ،‬وأخرس الخراصين عن تقولهم على رسولك الفك‪ ،‬اللهم اقصم‬
‫الجبارين‪ ،‬و أبر المفترين‪ ،‬وأيد الفاكين الذين إذا تتلى عليهم آيات‬
‫الرحمان قالوا أساطير الولين‪ .‬وأنجز لي وعدك إنك ل تخلف الميعاد‪،‬‬
‫وعجل فرج كل طالب مرتاد‪ ،‬إنك لبالمرصاد للعباد‪ ،‬وأعوذ بك من كل لبس‬
‫ملبوس‪ ،‬ومن كل قلب عن معرفتك محبوس ومن نفس تكفر إذا أصابها‬
‫بؤس‪ ،‬ومن واصف عدل عمله عن العدل معكوس‪ ،‬ومن طالب للحق وهو‬
‫عن صفات الحق منكوس‪ ،‬ومن مكتسب اثم باثمه مركوس‪ ،‬ومن وجه عند‬
‫تتابع النعم عليه عبوس‪ ،‬أعوذ بك من ذلك كله‪ ،‬ومن نظيره وأشكاله‬
‫وأمثاله إنك عليم حكيم‪ .‬قنوت مولنا الوفى الحسن بن على العسكري‬
‫عليهما السلم )‪ (1‬يامن غشي نوره الظلمات‪ ،‬يامن أضاءت بقدسه الفجاج‬
‫المتوعرات‪ ،‬يامن خشع له أهل الرض والسماوات‪ ،‬يامن بخع له بالطاعة‬
‫كل متجبرعات‪ ،‬يا عالم الضمائر المستخفيات‪ ،‬وسعت كل شئ رحمة‬
‫وعلما‪ ،‬فاغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم‪ ،‬وعاجلهم‬
‫بنصرك الذي وعدتهم إنك ل تخلف الميعاد‪ ،‬وعجل اللهم اجتياح أهل الكيد‪،‬‬
‫وأوبهم إلى شر دار في أعظم نكال‪ ،‬وأقبح مثاب‪ .‬اللهم إنك حاضر أسرار‬
‫خلقك‪ ،‬وعالم بضمائرهم‪ ،‬ومستغن لول الندب باللجأ إلى تنجز ما وعدت‬
‫اللجين عن كشف مكامنهم‪ ،‬وقد تعلم يا رب ما اسره وابديه‬

‫)‪ (1‬مهج الدعوات ص ‪[*] .77‬‬

‫]‪[229‬‬

‫وانشره وأطويه واظهره واخفيه على متصرفات أوقاتي وأصناف حركاتي في جميع‬
‫حاجاتي وقد ترى يا رب ما قد تراطم فيه أهل وليتك‪ ،‬واستمر عليهم من‬
‫أعدائك‪ ،‬غير ظنين في كرم‪ ،‬ول ضنين بنعم‪ ،‬لكن الجهد يبعث على‬
‫الستزادة‪ ،‬وما أمرت به من الدعاء إذا أخلص لك اللجا يقتضي إحسانك‬
‫شرط الزيادة‪ ،‬وهذه النواصي والعناق خاضعة لك بذل العبودية‪،‬‬
‫والعتراف بملكة الربوبية‪ ،‬داعية بقلوبها‪ ،‬ومشخصات إليك في تعجيل‬
‫النالة‪ ،‬وما شئت كان‪ ،‬وما تشاء كائن‪ ،‬أنت المدعو المرجو المأمول‬
‫المسئول ل ينقصك نائل وإن اتسع‪ ،‬ول يحلفك سائل وإن ألح وضرع‬
‫ملكك‪ ،‬ل يخلقه التنفيد وعزك الباقي على التأبيد‪ ،‬وما في العصار من‬
‫مشيتك بمقدار‪ ،‬وأنت ال ل إله إل أنت الرؤف الجبار‪ ،‬اللهم أيدنا بعونك‪،‬‬
‫واكنفنا بصونك‪ ،‬وأنلنا منال المعتصمين بحبلك المستظلين بظلك‪ .‬ودعا‬
‫عليه السلم في قنوته وأمر أهل قم بذلك لما شكوا من موسى بن بغا‪:‬‬
‫الحمد ل شاكرا لنعمائه‪ ،‬واستدعاء لمزيده‪ ،‬واستخلصا به دون غيره‪،‬‬
‫وعياذا به من كفرانه‪ ،‬واللحاد في عظمته وكبريائه‪ ،‬حمد من يعلم أن ما‬
‫به من نعماء فمن عند ربه‪ ،‬وما مسه من عقوبة فبسوء جناية يده‪ ،‬وصلى‬
‫ال على محمد عبده ورسوله و خيرته من خلقه‪ ،‬وذريعة المؤمنين إلى‬
‫رحمته‪ ،‬وآله الطاهرين ولة أمره‪ .‬اللهم إنك ندبت إلى فضلك‪ ،‬وأمرت‬
‫بدعائك‪ ،‬وضمنت الجابة لعبادك‪ ،‬ولم تخيب من فزع إليك برغبة‪ ،‬وقصد‬
‫إليك بحاجة‪ ،‬ولم ترجع يد طالبة صفرا من عطائك‪ ،‬ول خائبة من نحل‬
‫هباتك‪ ،‬وأي راحل رحل إليك فلم يجدك قريبا‪ ،‬أو أي وافد وفد عليك‬
‫فاقتطعته عوائد الرد دونك‪ ،‬بل أي محتفر من فضلك لم يمهه فيض جودك‬
‫وأي مستنبط لمزيدك أكدى دون استماحة سجال عطيتك‪ .‬اللهم وقد قصدت‬
‫إليك برغبتي‪ ،‬وقرعت باب فضلك يد مسئلتي‪ ،‬وناجاك بخشوع الستكانة‬
‫قلبي‪ ،‬ووجدتك خير شفيع لي إليك‪ ،‬وقد علمت ما يحدث من طلبتي قبل أن‬
‫يخطر بفكري‪ ،‬أو يقع في خلدي‪ ،‬فصل اللهم دعائي إياك باجابتي‪ ،‬واشفع‬
‫مسئلتي بنجح طلبتي‪ ،‬اللهم وقد شملنا زيغ الفتن‪ ،‬واستولت علينا غشوة‬
‫الحيرة‪ ،‬وقارعنا‬

‫]‪[230‬‬

‫الذل والصغار‪ ،‬وحكم علينا غير المأمونين في دينك‪ ،‬وابتز امورنا معادن البن ممن‬
‫عطل حكمك‪ ،‬وسعى في إتلف عبادك‪ ،‬وإفساد بلدك‪ .‬اللهم وقد عاد فيئنا‬
‫دولة بعد القسمة‪ ،‬وإمارتنا غلبة بعد المشورة‪ ،‬وعدنا ميراثا بعد الختيار‬
‫للمة‪ ،‬فاشتريت الملهي والمعازف بسهم اليتيم والرملة‪ ،‬وحكم في أبشار‬
‫المؤمنين أهل الذمة‪ ،‬وولي القيام بامورهم فاسق كل قبيلة‪ ،‬فل ذائد‬
‫يذودهم عن هلكة‪ ،‬ول راع ينظر إليهم بعين الرحمة‪ ،‬ول ذو شفقة يشبع‬
‫الكبد الحرى من مسغبة‪ ،‬فهم اولو ضرع بدار مضيعه‪ ،‬واسراء مسكنة‬
‫وحلفاء كآبة وذلة‪ .‬اللهم وقد استحصد زرع الباطل‪ ،‬وبلغ نهايته‪ ،‬واستحكم‬
‫عموده‪ ،‬واستجمع طريده‪ ،‬وخذرف وليده‪ ،‬وبسق فرعه‪ ،‬وضرب بجرانه‪،‬‬
‫اللهم فأتح له من الحق يدا حاصدة تصرع قائمه‪ ،‬وتهشم سوقه‪ ،‬وتجب‬
‫سنامه‪ ،‬وتجدع مراغمه‪ ،‬ليستخفي الباطل بقبح صورته‪ ،‬ويظهر الحق‬
‫بحسن حليته‪ .‬اللهم ول تدع للجور دعامة إل قصمتها‪ ،‬ول جنة إل هتكتها‪،‬‬
‫ول كلمة مجتمعة إل فرقتها‪ ،‬ول سرية ثقل إل خففتها‪ ،‬ول قائمة علو إل‬
‫حططتها‪ ،‬ول رافعة علم إل نكستها‪ ،‬ول خضراء إل أبرتها‪ .‬اللهم فكور‬
‫شمسه‪ ،‬وحط نوره‪ ،‬واطمس ذكره‪ ،‬وأرم بالحق رأسه‪ ،‬وفض جيوشه‪،‬‬
‫وأرعب قلوب أهله‪ ،‬اللهم ول تدع منه بقية إل أفنيت‪ ،‬ول بنية إل سويت‬
‫ول حلقة إل فصمت‪ ،‬ول سلحا إل أفللت‪ ،‬ول كراعا إل اجتحت‪ ،‬ول حاملة‬
‫علم إل نكست‪ .‬اللهم وأرنا أنصاره عباديد بعد اللفة‪ ،‬وشتى بعد اجتماع‬
‫الكلمة‪ ،‬ومقنعي الرؤس بعد الظهور على المة‪ ،‬وأسفر لنا عن نهار العدل‪،‬‬
‫وأرناه سرمدا ل ظلمة فيه‪ ،‬ونورا ل شوب معه‪ ،‬وأهطل علينا ناشئته‪،‬‬
‫وأنزل علينا بركته‪ ،‬وأدل له ممن ناواه‪ ،‬و انصره على من عاداه‪ .‬اللهم‬
‫وأظهر به الحق وأصبح به في غسق الظلم وبهم الحيرة‪ ،‬اللهم وأحي به‬
‫القلوب الميتة‪ ،‬وأجمع به الهواء المتفرقة‪ ،‬والراء المختلفة‪ ،‬وأقم به‬
‫الحدود المعطلة‪ ،‬و‬

‫]‪[231‬‬

‫الحكام المهملة‪ ،‬وأشبع به الخماص الساغبة‪ ،‬وأرح به البدان المتعبة‪ ،‬كما‬


‫ألهجتنا بذكره‪ ،‬وأخطرت ببالنا دعاءك له‪ ،‬ووفقتنا للدعاء إليه وحياشة‬
‫أهل الغفلة عليه‪ ،‬و أسكنت في قلوبنا محبته‪ ،‬والطمع فيه‪ ،‬وحسن الظن‬
‫بك‪ ،‬لقامة مراسمه‪ ،‬اللهم فلت لنا منه على أحسن يقين يا محقق الظنون‬
‫الحسنة‪ ،‬ويا مصدق المال المبطئة‪ .‬اللهم وأكذب به المتألين عليك فيه‪،‬‬
‫واخلف به ظنون القانطين من رحمتك واليسين منه‪ ،‬اللهم اجعلنا سببا من‬
‫أسبابه‪ ،‬وعلما من أعلمه‪ ،‬ومعقل من معاقله‪ ،‬ونضر وجوهنا بتحليته‪،‬‬
‫وأكرمنا بنصرته‪ ،‬واجعل فينا خيرا تظهرنا له وبه‪ ،‬ول تشمت بنا حاسدي‬
‫النعم‪ ،‬والمتربصين بنا حلول الندم‪ ،‬ونزول المثل‪ ،‬فقد ترى يا رب براءة‬
‫ساحتنا‪ ،‬وخلو ذرعنا من الضمار لهم على إحنة‪ ،‬والتمني لهم وقوع‬
‫جائحة‪ ،‬وما تنازل من تحصينهم بالعافية‪ ،‬وما أضبوا لنا من انتهاز‬
‫الفرصة‪ ،‬وطلب الوثوب بنا عند الغفلة‪ ،‬اللهم وقد عرفتنا من أنفسنا‪،‬‬
‫وبصرتنا من عيوبنا‪ ،‬خلل نخشى أن تقعد بنا عن استيهال إجابتك‪ ،‬وأنت‬
‫المتفضل على غير المستحقين‪ ،‬والمبتدئ بالحسان غير السائلين فلت لنا‬
‫في أمرنا على حسب كرمك وجودك وفضلك وامتنانك‪ ،‬إنك تفعل ما تشاء‬
‫وتحكم ما تريد‪ ،‬إنا إليك راغبون‪ ،‬ومن جميع ذنوبنا تائبون‪ .‬اللهم والداعي‬
‫إليك‪ ،‬والقائم بالقسط من عبادك‪ ،‬الفقير إلى رحمتك‪ ،‬المحتاج إلى معونتك‪،‬‬
‫على طاعتك إذا ابتدأته بنعمتك‪ ،‬وألبسته أثواب كرامتك‪ ،‬وألقيت عليه محبة‬
‫طاعتك‪ ،‬وثبت وطأته في القلوب من محبتك‪ ،‬ووفقته للقيام بما أغمض فيه‬
‫أهل زمانه من أمرك‪ ،‬وجعلته مفزعا لمظلومي عبادك‪ ،‬وناصرا لمن ل يجد‬
‫له ناصرا غيرك ومجددا لما عطل من أحكام كتابك‪ ،‬ومشيدا لما رد من‬
‫أعلم سنن نبيك‪ ،‬عليه وآله سلمك وصلواتك ورحمتك وبركاتك‪ ،‬فاجعله‬
‫اللهم في حصانة من بأس المعتدين‪ ،‬و أشرق به القلوب المختلفة من بغاة‬
‫الدين‪ ،‬وبلغ به أفضل ما بلغت به القائمين بقسطك من أتباع النبيين‪ .‬اللهم‬
‫وأذلل به من لم تسهم له في الرجوع إلى محبتك‪ ،‬ومن نصب له العداوة‬
‫وارم بحجرك الدامغ من أراد التأليب على دينك باذلله‪ ،‬وتشتيت جمعه‪،‬‬
‫واغضب‬

‫]‪[232‬‬

‫لمن ل ترة له ول طائلة‪ ،‬وعادى القربين والبعدين فيك منا منك عليه ل منا منه‬
‫عليك‪ .‬اللهم فكما نصب نفسه غرضا فيك للبعدين‪ ،‬وجاد ببذل مهجته لك‬
‫في الذب عن حريم المؤمنين‪ ،‬ورد شر بغاة المرتدين المريبين‪ ،‬حتى أخفى‬
‫ما كان جهر به من المعاصي‪ ،‬وأبدى ما كان نبذه العلماء وراء ظهورهم‬
‫مما أخذت ميثاقهم على أن يبينوه للناس ول يكتموه‪ ،‬ودعا إلى إفرادك‬
‫بالطاعة‪ ،‬وأل يجعل لك شريكا من خلقك يعلو أمره على أمرك‪ ،‬مع ما‬
‫يتجرعه فيك من مرارات الغيظ الجارحة بمواس القلوب‪ ،‬وما يعتوره من‬
‫الغموم‪ ،‬ويفرغ عليه من أحداث الخطوب‪ ،‬ويشرق به من الغصص التي ل‬
‫تبتلعها الحلوق‪ ،‬ول تحنو عليها الضلوع‪ ،‬من نظرة إلى أمر من أمرك‪ ،‬ول‬
‫تناله يده بتغييره ورده إلى محبتك‪ .‬فاشدد اللهم أزره بنصرك‪ ،‬وأطل باعه‬
‫فيما قصر عنه من إطراد الراتعين حماك وزده في قوته بسطة من تأييدك‪،‬‬
‫ول توحشنا من انسه‪ ،‬ول تخترمه دون أمله من الصلح الفاشي في أهل‬
‫ملته‪ ،‬والعدل الظاهر في امته‪ .‬اللهم وشرف بما استقبل به من القيام‬
‫بأمرك لدى موقف الحساب مقامه‪ ،‬وسر نبيك محمدا صلواتك عليه وآله‬
‫برؤيته‪ ،‬ومن تبعه على دعوته‪ ،‬وأجزل له على ما رأيته قائما به من أمرك‬
‫ثوابه‪ ،‬وأبن قرب دنوه منك في حياته‪ ،‬وارحم استكانتنا من بعده‪،‬‬
‫واستخذاءنا لمن كنا نقمعه به إذ أفقدتنا وجهه‪ ،‬وبسطت أيدي من كنا‬
‫نبسط أيدينا عليه لنرده عن معصيته‪ ،‬وافتراقنا بعد اللفة والجتماع تحت‬
‫ظل كنفه‪ ،‬وتلهفنا عند الفوت على ما أقعدتنا عنه من نصرته‪ ،‬وطلبنا من‬
‫القيام بحق ما ل سبيل لنا إلى رجعته‪ .‬واجعله اللهم في أمن مما يشفق‬
‫عليه منه‪ ،‬ورد عنه من سهام المكايد ما يوجهه أهل الشنآن إليه‪ ،‬وإلى‬
‫شركائه في أمره ومعاونيه على طاعة ربه‪ ،‬الذين جعلتهم سلحه وحصنه‬
‫ومفزعه وأنسه الذين سلوا عن الهل والولد‪ ،‬وجفوا الوطن‪ ،‬وعطلوا‬
‫الوثير من المهاد‪ ،‬ورفضوا تجاراتهم‪ ،‬وأضروا بمعايشهم‪ ،‬وفقدوا في‬
‫أنديتهم بغير‬

‫]‪[233‬‬

‫غيبة عن مصرهم‪ ،‬وخالفوا البعيد ممن عاضدهم على أمرهم‪ ،‬وقلوا القريب ممن‬
‫صد عنهم وعن جهتهم‪ ،‬فائتلفوا بعد التدابر والتقاطع في دهرهم‪ ،‬وقلعوا‬
‫السباب المتصلة بعاجل حطام الدنيا‪ ،‬فاجعلهم اللهم في أمن حرزك‪ ،‬وظل‬
‫كنفك‪ ،‬ورد عنهم بأس من قصد إليهم بالعداوة من عبادك‪ ،‬وأجزل لهم على‬
‫دعوتهم من كفايتك ومعونتك‪ ،‬و أيدهم بتأييدك ونصرك‪ ،‬وأزهق بحقهم‬
‫باطل من أراد إطفاء نورك‪ ،‬اللهم وامل كل افق من الفاق وقطر من‬
‫القطار قسطا وعدل ومرحمة وفضل‪ ،‬واشكرهم على حسب كرمك وجودك‬
‫ما مننت به على القائمين بالقسط من عبادك‪ ،‬وادخرت لهم من ثوابك ما‬
‫ترفع لهم به الدرجات‪ ،‬إنك تفعل ما تشاء وتحكم ما تريد‪ .‬قنوت مولنا‬
‫الحجة بن الحسن عليهما السلم )‪ .(1‬اللهم صل على محمد وآل محمد‪،‬‬
‫وأكرم أولياءك بانجاز وعدك‪ ،‬وبلغهم درك ما يأملون من نصرك‪ ،‬واكفف‬
‫عنهم بأس من نصب الخلف عليك‪ ،‬وتمرد بمنعك على ركوب مخالفتك‪،‬‬
‫واستعان برفدك على فل حدك‪ ،‬وقصد لكيدك بأيدك‪ ،‬ووسعته حلما لتأخذه‬
‫على جهرة‪ ،‬أو تستأصله على غرة‪ ،‬فانك اللهم قلت وقولك الحق )حتى إذا‬
‫أخذت الرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتيها أمرنا‬
‫ليل أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالمس كذلك نفصل اليات لقوم‬
‫يتفكرون( وقلت‪) :‬فلما آسفونا انتقمنا منهم( وإن الغاية عندنا قد تناهت‪،‬‬
‫وإنا لغضبك غاضبون وإنا على نصر الحق متعاصبون‪ ،‬وإلى ورود أمرك‬
‫مشتاقون‪ ،‬ولنجاز وعدك مرتقبون‪ ،‬و لحول وعيدك بأعدائك متوقعون‪.‬‬
‫اللهم فأذن بذلك‪ ،‬وافتح طرقاته‪ ،‬وسهل خروجه‪ ،‬ووطئ مسالكه‪ ،‬واشرع‬
‫شرائعه‪ ،‬وأيد جنوده وأعوانه‪ ،‬وبادر بأسك القوم الظالمين‪ ،‬وابسط سيف‬
‫نقمتك على أعدائك المعاندين‪ ،‬وخذ بالثار‪ ،‬إنك جواد مكار‪.‬‬

‫)‪ (1‬مهج الدعوات ص ‪[*] .84‬‬

‫]‪[234‬‬

‫ودعا عليه السلم في قنوته‪ :‬اللهم مالك الملك‪ ،‬تؤتي الملك من تشاء‪ ،‬وتنزع الملك‬
‫ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شئ‬
‫قدير‪ ،‬يا ماجد يا جواد‪ ،‬يا ذا الجلل والكرام‪ ،‬يا بطاش‪ ،‬يا ذا البطش‬
‫الشديد‪ ،‬يا فعال لما يريد‪ ،‬يا ذا القوة المتين‪ ،‬يا رؤف يا رحيم‪ ،‬يا لطيف يا‬
‫حي حين ل حي‪ .‬اللهم أسئلك باسمك المخزون المكنون الحي القيوم الذي‬
‫استأثرت به في علم الغيب عندك‪ ،‬ولم يطلع عليه أحد من خلقك‪ ،‬وأسألك‬
‫باسمك الذي تصور به خلقك في الرحام كيف تشاء‪ ،‬وبه تسوق إليهم‬
‫أرزاقهم في أطباق الظلمات‪ ،‬من بين العروق والعظام‪ ،‬وأسألك باسمك‬
‫الذي ألفت به بين قلوب أوليائك‪ ،‬وألفت بين الثلج والنار ل هذا يذيب هذا‬
‫ول هذا يطفئ هذا‪ .‬وأسألك باسمك الذي كونت به طعم المياه‪ ،‬وأسألك‬
‫باسمك الذى أجريت به الماء في عروق النبات بين أطباق الثرى‪ ،‬وسقت‬
‫الماء إلى عروق الشجار بين الصخرة الصماء‪ ،‬وأسألك باسمك الذي‬
‫كونت به طعم الثمار وألوانها‪ ،‬وأسألك باسمك الذي به تبدئ وتعيد‪،‬‬
‫وأسألك باسمك الفرد الواحد المتفرد بالوحدانية المتوحد بالصمدانية‬
‫وأسألك باسمك الذي فجرت به الماء من الصخرة الصماء‪ ،‬وسقته من‬
‫حيث شئت‪ ،‬وأسألك باسمك الذي خلقت به خلقك‪ ،‬ورزقتهم كيف شئت‪،‬‬
‫وكيف شاؤوا‪ .‬يامن ل تغيره اليام والليالي‪ ،‬أدعوك بما دعاك به نوح حين‬
‫ناداك‪ ،‬فأنجيته ومن معه‪ ،‬وأهلكت قومه‪ ،‬وأدعوك بما دعاك به إبراهيم‬
‫خليلك حين ناداك فأنجيته و جعلت النار عليه بردا وسلما‪ ،‬وأدعوك بما‬
‫دعاك به موسى كليمك حين ناداك‪ ،‬ففرقت له البحر فأنجيته وبني إسرائيل‪،‬‬
‫وأغرقت فرعون وقومه في اليم‪ ،‬وأدعوك بما دعاك به عيسى عليه السلم‬
‫روحك حين ناداك فنجيته من أعدائه‪ ،‬وإليك رفعته‪ ،‬وأدعوك بما دعاك به‬
‫حبيبك وصفيك ونبيك محمد صلى ال عليه وآله فاستجبت له‪ ،‬ومن‬
‫الحزاب نجيته‪ ،‬وعلى أعدائك نصرته‪ ،‬وأسألك باسمك الذي إذا دعيت به‬
‫أجبت‪ ،‬يامن له الخلق والمر‪ ،‬يامن أحاط بكل شئ علما‪ ،‬وأحصى كل شئ‬
‫عددا‪.‬‬

‫]‪[235‬‬
‫يامن ل تغيره اليام والليالي‪ ،‬ول تتشابه عليه الصوات‪ ،‬ول تخفى عليه اللغات ول‬
‫يبرمه إلحاح الملحين أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد خيرتك من‬
‫خلقك‪ ،‬فصل عليهم بأفضل صلواتك‪ ،‬وصل على جميع النبيين والمرسلين‬
‫الذين بلغوا عنك الهدى وعقدوا لك المواثيق بالطاعة‪ ،‬وصل على عبادك‬
‫الصالحين‪ .‬يا من ل يخلف الميعاد ! أنجز لي ما وعدتني‪ ،‬وأجمع لي‬
‫أصحابي وصبرهم و انصرني على أعدائك وأعداء رسولك ول تخيب‬
‫دعوتي‪ ،‬فاني عبدك ابن عبدك‪ ،‬ابن أمتك‪ ،‬أسير بين يديك‪ .‬سيدي أنت الذي‬
‫مننت علي بهذا المقام‪ ،‬وتفضلت به علي دون كثير من خلقك أسألك أن‬
‫تصلي على محمد وآل محمد‪ ،‬وأن تنجز لي ما وعدتني إنك أنت الصادق‬
‫ول تخلف الميعاد وأنت على كل شئ قدير‪ .‬توضيح‪ :‬قوله )واستثنى‬
‫عليهم( أي شرط على ورثة محمد بن عثمان أن ل يأخذوا منه المدرج‬
‫والعكاز‪ .‬أقول‪ :‬روى الكفعمي في البلد المين )‪ (1‬هذه القنوتات وزاد في‬
‫أولها دعاء صنمي قريش ودعاء آخر مرويين عن أمير المؤمنين عليه‬
‫السلم كما سيأتي‪ ،‬وكتب في الهامش‪ :‬هذا القنوت المتقدم لمير المؤمنين‬
‫عليه السلم لم يذكره السيد في مهجه بل ذكر قنوتات الئمة الحد عشر‬
‫عليهم السلم وابتد بذكر قنوت الحسن عليه السلم فأحببت أن أضع قنوت‬
‫مولنا أمير المؤمنين عليه السلم في هذا المكان‪ ،‬لتكون القنوتات كعدد‬
‫الثني عشر‪ ،‬والعيون المنبجسة من الحجر‪ ،‬ثم زاد في موضعين آخرين‬
‫أشرنا إليهما‪ ،‬ولنوضح بعض ما يحتاج إلى اليضاح من تلك الدعية‪.‬‬
‫)المكلوم( المجروح‪) ،‬والديموم( في اللغة الفلة الواسعة‪ ،‬ولعلة استعير‬
‫هنا لسعة جوده ورحمته تعالى‪ ،‬ويحتمل أن يكون مبالغة في الدوام على‬
‫خلف القياس‪ ،‬و )الصدر( الرجوع‪ ،‬والمراد هنا الحدوث والصدور )وقد‬
‫أبنت عن عقود كل قوم( أي أظهرت عقائدهم وضمائرهم التي يخفونها )ما‬
‫تحملت( على صيغة الغيبة أي كلفتها ما يمكنها إدراكه والوصول إليه على‬
‫ما تعلمه بعلمك المغيب عن حواس الخلق وعقولهم‬

‫)‪ (1‬البلد المين ص ‪.570 - 551‬‬

‫]‪[236‬‬

‫فالظرفية مجازية‪ ،‬أو بصيغة الخطاب أي أظهرت لها ما كنت عالما بها في الدرجة‬
‫التي لم تصل إليها عقول الخلق‪ ،‬فالظرف متعلق بتحملت أو حال من‬
‫فاعله‪) .‬وأنت ولي ما توليت( أي أنت المستحق لما توليت من خلق‬
‫الشياء وحفظها وتربيتها وأمر العباد بأن يعبدوك وأولى بجميع ذلك‬
‫)تشهد النفعال( أي ما نتحمله من ظلم الظالمين‪ ،‬وفي القاموس )الخبال(‬
‫كسحاب النقصان والهلك والعناء‪ ،‬والخابل المفسد‪ ،‬وقال‪ :‬جنح جنوحا‬
‫مال‪ ،‬وجنوح الليل إقباله‪ ،‬وقال‪ :‬أنى االحميم انتهى حره فهوآن‪ ،‬والعادية‬
‫الخيل تعدو‪ ،‬والرجال يعدون‪ ،‬ويقال‪ :‬دفعت عنك عادية فلن أي ظلمه‬
‫وشره‪ ،‬وأهل المشايعة‪ :‬المراد به شيعتهم عليهم السلم‪) .‬لغيظهم أكظم(‬
‫هذا هو الظاهر وفي أكثر النسخ )لكظمهم أكظم( وهو ل يخلو من تكلف إذ‬
‫كظم الغيظ رده وحبسه‪ ،‬وفي بعضها ككظمهم وهو أقرب وفي بعضها‬
‫لكنظهم بالنون قال الفيروز آبادي‪ :‬كنظه المر يكنظه ويكنظه بلغ مشقته‬
‫وغمه ومله والكنظة بالضم الضغطة‪ .‬وقال‪ :‬المدى‪ :‬الغاية‪ ،‬وقال‪ :‬سكع‬
‫كمنع وفرح مشى مشيا متعسفا ل يدري أين يأخذ من بلد ال وتحير‬
‫كتسكع وتسكع تمادى في الباطل‪ ،‬والمكفوف أي العمى أو الممنوع عن‬
‫الخير والرشد‪ ،‬والظنن كعنب جمع الظنة بالكسر بمعنى التهمة‪ ،‬و المكمن‬
‫محل الكمون والستخفاء‪) .‬مناصب أوامرك( أي نصبت في عقولهم‬
‫أوامرك ونواهيك بحيث ل يغفلون عنهما طرفة عين )ما أممتني( أي ما‬
‫قصدتني به أو ما أمرتني بقصده وجعلتني قاصدا له يقال‪ :‬أمه وأممه أي‬
‫قصده )ول تقعدني عن حولك( أي ل تجعلني عاجزا عن نيل حولك و‬
‫تأييدك‪ ،‬ولعل الظهر )ول تفقدني حولك(‪ .‬والمدرجة مصدر ميمي أو اسم‬
‫مكان من درج دروجا أي مشى‪ ،‬والمحجة جادة الطريق )وتنيل بي( أي‬
‫توصل إلي وإلى غيري بسببي ما أتمناه لنفسي ولهم من الهداية والكرامة‬
‫والتأييد‪) .‬أويت بي( على بناء المجرد أي آويتني ولعله كان كذلك )وفتنهم(‬
‫أي امتحنهم أوصفهم وخلصهم مما يكدرهم‪ ،‬من قولهم فتنت الذهب إذا‬
‫أدخلته النار لتخليصه‬

‫]‪[237‬‬

‫)تفتين الجتباء( أي اختبارا يصير سببا لجتبائهم واستخلصهم من الشك والشرك‪،‬‬


‫ل اختبارا يوضح عن ضللهم وكفرهم‪ ،‬وفي القاموس اللمم محركة‬
‫الجنون‪ ،‬وصغار الذنوب‪ ،‬وإصابته من الجن لمة أي مس أو قليل‪ ،‬واللمة‬
‫الشدة‪ .‬وقال‪ :‬ولع به كوجل ولعا محركة استخف وكذب‪ ،‬وبحقه ذهب وما‬
‫أدري ما ولعه ما حسبه‪ ،‬وأولعه به أغراه به وقال‪ :‬الطيف الغضب‬
‫والجنون والخيال في المنام أو مجيئه في النوم‪ ،‬وقال الظنين المتهم‪ ،‬ولعل‬
‫المراد بالمظنون هنا المظنون به السوء تأكيدا للظنين‪ ،‬أو المراد بالظنين‬
‫المتهم في الدين‪ ،‬وبالظنون المتهم في العمال‪ ،‬والريب الظنة والتهمة‪،‬‬
‫وقد رابني وأرابني‪ ،‬وارتاب شك وبه اتهمه ذكره الفيروز آبادي‪) .‬واقعة(‬
‫بالنصب حال من الموصول باعتبار المعنى‪ ،‬فان المراد به المصيبة النازلة‬
‫والقضية الواقعة‪ ،‬وتذكير الضمير في كشفه باعتبار اللفظ أو بالرفع خبرا‬
‫لمبتدأ مخذوف‪ ،‬والدعامة بالكسر عماد البيت‪ ،‬ونجم الشئ ظهر‪ ،‬والمناص‬
‫الملجأ والمفر والرائد الذي يرسل في طلب الكلء‪ ،‬والرتياد الطلب‪،‬‬
‫والزناد بالكسر جمع الزند بالفتح‪ ،‬وهو العود الذي يقدح به النار والضمير‬
‫راجع إلى الحق والثأر بالهمزة وقد يخفف طلب الدم‪ ،‬وإثارة الغبار‬
‫تهييجه‪ ،‬وضمير )مثيره( إما راجع إلى الثار أو إلى الحق وسائر الضماير‬
‫تحتمل وجوها ل تخفى على المتأمل‪ .‬والبكر بالكسر أول كل شئ‪ ،‬وسحف‬
‫رأسه أي حلقه )والغائص المأمون( سيد النبياء صلى ال عليه وآله‬
‫)مديدتها( أي نظرتها الممدودة المبسوطة طوتها عن إدراك صنعتك‬
‫لعجزها عنه‪ ،‬وثنت اللباب أي عطفت‪ ،‬ويقال‪ :‬استسن أي كبر سنه ذكره‬
‫الفيروز آبادي‪ ،‬وقال‪ :‬الغلواء بالضم وفتح اللم وتسكن الغلو‪ ،‬وأول‬
‫الشباب وسرعته كالغلوان بالضم أي واظب على غلوه في العداوة حتى كبر‬
‫سنه‪ ،‬وفي رواية الكفعمي استسر بالراء وهو أنسب بما بعده‪ ،‬والخناق‬
‫ككتاب الحبل يخنق به‪ ،‬وكغراب داء يمنع معه نفوذ النفس إلى الرية‬
‫والقلب‪ ،‬ويقال أيضا‪ :‬أخذ بخناقه بالكسر والضم ومخنقه أي بحلقه‪،‬‬
‫والوثاق ويكسر ما يشد به‪) .‬قد شجيت( في بعض النسخ بالجيم والياء‬
‫المثناة التحتانية أي حزنت‪ ،‬والشجو الهم‬

‫]‪[238‬‬

‫والحزن‪ ،‬وفي بعضها شجبت بالجيم والباء الموحدة أي هلكت‪ ،‬وفي بعضها بالحاء‬
‫المهملة والباء الموحدة أي تغيرت‪ ،‬وفي بعضها محيت على المجهول من‬
‫المحو و الول أظهر‪ .‬قد أودى أي هلك‪ ،‬والحبائل عروق الظهر‪ ،‬والضمير‬
‫راجع إلى الصبر‪ ،‬و )المرصاد( الطريق والمكان يرصد فيه العدو )ل‬
‫يعجلك( على بناء الفعال أي ل يصير خوف فوت إدراك أمر سببا لعجلتك‬
‫فيه‪ ،‬إذ ل يفوتك شئ‪ ،‬وإنما يعجل من يخاف الفوت )احتجاز محتجز( أي‬
‫امتناع ممتنع‪ ،‬والستثبات التثبت والتأني في المر‪) .‬لحرارة المعان( أي‬
‫من اعين بكثرة الموال والجنود‪ ،‬فصار بذلك قويا وقال الفيروز آبادي‪:‬‬
‫الكمد بالفتح وبالتحريك تغير اللون وذهاب صفائه‪ ،‬والحزن الشديد‪،‬‬
‫ومرض القلب منه‪ ،‬والكلءة بالكسر الحراسة‪ ،‬وقال‪ :‬هجس الشئ في‬
‫صدره يهجس خطر بباله‪ ،‬أو هو أن يحدث نفسه في صدره مثل الوسواس‬
‫)بعد المهل( المهل بالتحريك المهلة والرفق‪ ،‬أي بعد وامتد مهلتك وتأنيك‬
‫في عقابي‪ ،‬أو أخذ من يعاديني‪) .‬وأرأب المل( قال في القاموس‪ ،‬رأب‬
‫الصدع كمنع أصلحه وشعبه كأرابه وبينهم أصلح‪ ،‬والرأب الجمع والشد‬
‫يقال راب الصدع إذا شعبه وراب الشئ إذا جمعه و شده برفق‪ .‬أقول‪ :‬لعل‬
‫المعنى أن المل يصلح أحوالي ويخفف أحزاني‪ ،‬ولعل النسب أراب غير‬
‫مهموز أي أوقعني في الريب بأنه ل يصدقني‪ ،‬وفي بعض النسخ )وآب( أي‬
‫رجع )وآن المنتقل( أي النتقال إلى الخرة‪ ،‬وانشقاق السماء بالنور لعله‬
‫إشارة إلى قوله سبحانه )يوم تشقق السماء بالغمام( )‪ (1‬بأن يكون الغمام‬
‫مشتمل على النور لنزول الملئكة فيها‪) .‬ل يرتد إليهم طرفهم( أي ل ترجع‬
‫إليهم أعينهم‪ ،‬ول يطبقونها ول يغمضونها )وأفئدتهم هواء( أي قلوبهم‬
‫خالية من كل شئ فزعا وخوفا‪ ،‬وقيل خالية من كل سرور وطمع في الخير‬
‫لشدة ما يرون من الهوال كالهواء الذي بين السماء والرض‬

‫)‪ (1‬الفرقان‪[*] .25 :‬‬

‫]‪[239‬‬

‫وقيل خالية من عقولهم‪ ،‬وقيل زائلة عن مواضعها قد ارتفعت إلى حلوقهم ل تخرج‬
‫ول تعود إلى أماكنها‪ ،‬بمنزلة الشئ الزاهد في جهات مختلفة المتردد في‬
‫الهواء‪ .‬وفي القاموس‪ :‬رطمه أدخله في أمر ل يخرج منه فارتطم‪ ،‬والراطم‬
‫اللزم للشئ وارتطم عليه المر لم يقدر على الخروج منه‪ ،‬والشئ ازدحم‬
‫وتراكم‪ ،‬وقال احتقبه واستحقبه ادخره‪ ،‬وقال‪ :‬وزره كوعده وزرا بالكسر‬
‫حمله فهو موزور‪ ،‬وقوله صلى ال عليه وآله ارجعن مأزورات غير‬
‫مأجورات‪ ،‬للزدواج‪ ،‬ولوا فرد لقيل موزورات‪ ،‬وقال‪ :‬المحيص المحيد‪،‬‬
‫والمعدل والمميل والمهرب‪ ،‬والفحام السكات‪) .‬ول عن اتهام مقدار( أي‬
‫ليس جزع القلوب ناشيا عن قلة الستبصار واليقين ول عن اتهام قدر ال‬
‫وقضائه بأنهما وقعا على خلف المصلحة‪ ،‬أو قدرة ال سبحانه بأن ننسبها‬
‫إلى ضعف‪ ،‬وفي بعض النسخ )ول عن إبهام مقدار( بالباء الموحدة أي‬
‫ليس ناشيا عن أن مقدار زمان البلء مبهم ل تعلم نهايته‪ ،‬والول أظهر‪.‬‬
‫)ولكن لما يعانى( على بناء المفعول أو بالتاء على بناء الفاعل‪ ،‬بأن يكون‬
‫المستتر راجعا إلى القلوب والنفوس‪ ،‬وفي بعض النسخ )لما يعاين( وهو‬
‫أيضا يشمل الوجهين السابقين‪ ،‬وقال الجوهري‪ :‬كبه لوجهه أي صرعه‬
‫فأكب هو لوجهه‪ ،‬والمنخر بفتح الميم وكسر الخاء ثقب النف‪ ،‬وقد تكسر‬
‫الميم إتباعا لكسرة الخاء ويقال غصصت بالماء أغص إذا شرقت به‬
‫ويقال‪ :‬أغصصته فاغتص‪ .‬والدعاء لمنع التوبة والنابة لعله لغاية شقاوة‬
‫المدعو عليه بحيث ل يستحق الرحمة واللطف بوجه‪ ،‬ويمكن حملهما على‬
‫التوبة الظاهرة مع عدم الشرائط‪ ،‬و حملهما على التوبة والنابة اللغويين‬
‫أي الرجوع إلى الظلم والعدوان بعيد جدا‪ .‬وقال في النهاية الوطء في‬
‫الصل الدوس بالقدم‪ ،‬فسمي به الغزو والقتل‪ ،‬لن من يطأ على الشئ‬
‫برجله فقد استقصى في هلكه وإهانته‪ ،‬ومنه الحديث اللهم اشدد وطأتك‬
‫على مضر‪ ،‬أي خذهم أخذا شديدا‪ ،‬وقال‪ :‬الحشرجة الغرغرة عند الموت‬
‫وتردد النفس‪.‬‬

‫]‪[240‬‬
‫أقول‪ :‬ل يظهر من كتب اللغة تعديته بنفسه ول بفي يقال‪ :‬حشرج صدره‪ ،‬ويمكن أن‬
‫يقرأ هنا وحشرجة عطفا على المخنق وإن كان بعيدا‪) .‬وأثكله( أي ابتله‬
‫بالثكل وهو بالضم فقد الولد ونكله‪ :‬أي ابتله بما يكون نكال وعبرة له أو‬
‫لغيره أو العم‪ ،‬وقال الجوهري‪ :‬جثه قلعه واجتثه اقتلعه )وجثه وجث‬
‫نعمتك عنه( في بعض النسخ بالجيم والثاء المثلثة فيهما وقد مر وفي‬
‫بعضها بالحاء المهملة وبالتاء المثناة‪ ،‬قال الجوهري‪ :‬الحت حتك الورق‬
‫من الغصن والمني من الثوب‪ ،‬وقال‪ :‬الصغار بالفتح والضيم‪ ،‬وقال‪ :‬الصر‬
‫الذنب والثقل وقال‪ :‬البوار الهلك‪) .‬من مستخلف( بكسر اللم أي من جهة‬
‫من مات وخلفه بعده‪ ،‬وفي أكثر النسخ بفتح اللم ول يستقيم إل بتكلف‪،‬‬
‫بأن يكون المعنى ل تعقبه أجرا من بين المستخلفين‪ ،‬أو من جهة‬
‫الستخلف‪ ،‬بأن يكون مصدرا ميميا )ل تنهضه( أي ل تقمه وفي أكثر‬
‫النسخ ل تنهنهه يقال نهنهه الرجل فتنهنهه أي كففته وزجرته فكف وهو‬
‫ل يناسب إل بتكلف مر مثله ول ترثه أي ل ترحمه‪ ،‬قال الجوهري‪ :‬رثيت‬
‫الميت ورثوته بكيته وعددت محاسنه‪ ،‬ورثا له أي رق له‪) .‬استكففت( أي‬
‫طلبت كفه عني أو جعلت نفسي مكفوفا ممنوعا منه‪ ،‬وفي بعض النسخ‬
‫استكهفت أي جعلت نفسي في كهف تمنعني منه )وكيد بغاتك( أي البغاة‬
‫من عبادك أو الذين يبغون دينك وأولياءك شرا )بحفظ اليمان( أي بأن‬
‫تحفظ إيماني أو مع حفظه‪ ،‬أو بما تحفظ به أهل اليمان‪ ،‬أو بحفظ يقتضيه‬
‫اليمان‪ ،‬وفي بعض النسخ بحفظك اليمان‪ ،‬وهو يؤيد الول‪ ،‬والستعداء‬
‫طلب العدوى أي النصرة‪ ،‬واللهف الحزين المتحسر )وصدق خالصتي(‬
‫أي نيتي الخالصة‪ .‬وقال الجوهري يقال‪ :‬فزعت إليه فأفزعني أي لجأت‬
‫إليه فأغاثني‪ ،‬وقال‪ :‬الشأفة قرحة تخرج في أصل القدم فتكوى فتذهب‪،‬‬
‫يقال في المثل‪ :‬استأصل ال شأفته أي أذهبه ال كما أذهب تلك القرحة‬
‫بالكي‪ ،‬وقال‪ :‬تبره تتبيرا كسره وأهلكه‪ ،‬وقال‪ :‬الدمار الهلك يقال‪ :‬دمره‬
‫تدميرا ودمر عليه بمعنى‪ ،‬وقال‪ :‬الراصد للشئ‬

‫]‪[241‬‬

‫الراغب له‪ ،‬تقول رصده يرصده رصدا ورصدا والرصد الترقب‪ ،‬ويقال‪ :‬أصلت‬
‫سيفه أي جرده من غمده‪ ،‬والظبات جمع ظبة بالضم فيهما‪ ،‬وظبة السيف‬
‫طرفه انتهى‪ .‬والغرثان كالجوعان وزنا ومعنى‪) ،‬ول بطلن( أي من غير‬
‫أن يطلع أحد على أسرارك وبواطن امورك‪ ،‬من قولهم بطنت هذا المر أي‬
‫عرفت باطنه )عن موافقة( صفة دابة أي مصادفتها والطلع عليها )مما‬
‫أنشأت حجابا لعظمتك( أي خلقت السموات والحجب حجابا وساترا عما‬
‫خلقت عند العرش من آثار عظمتك‪ ،‬أو المراد بالحجاب ما يكون واسطة‬
‫بين الشيئين‪ ،‬أي تلك الجرام مما يوصل الناس إلى إدراك عظمتك‪ ،‬والول‬
‫أظهر‪) .‬وأنى يتغلغل( أي يدخل إلى ما وراء ذلك أي ما هو خلف ما خلقته‬
‫حجابا من أنوار العرش وأسرار الملكوت‪ ،‬أو ما وراء جميع المخلوقات من‬
‫كنه الذات والصفات والحدوس جمع الحدس‪ ،‬ومنخر العظام أي جاعلها‬
‫ناخرة بالية متفتتة‪ ،‬والتطميس مبالغة في الطمس بمعنى المحو‬
‫والستيصال‪ ،‬والطموس الدروس والمحاء‪ ،‬والمحل عطف على النهى‪.‬‬
‫)الوفى( أي العلى‪ ،‬من قولهم أوفى عليه‪ ،‬أي أشرف )ما قد تأخر في‬
‫النفوس الحصرة( أي الضيقة‪ ،‬كما قال سبحانه )حصرت صدورهم( )‪(1‬‬
‫أي ضاقت‪ ،‬أي تقدم المور التي عدتها النفوس الضيقة لقلة صبرها‬
‫متأخرة أوانها واستبطؤها من فرج المؤمنين ودفع الظالمين‪ ،‬وأشباه ذلك‪.‬‬
‫)وسوء الباس( وفي بعض النسخ اللباس إشارة إلى قوله تعالى‪) :‬فأذاقها‬
‫ال لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون( )‪ (2‬ويمكن أن يقرأ البأس‬
‫واليأس بتخفيف الهمزة للسجع‪ ،‬ويقال‪ :‬رهقه بالكسر يرهقه بالفتح أي‬
‫غشيه‪ ،‬والدالة الغلبة‪.‬‬

‫)‪ (1‬النساء‪ (2) .90 :‬النحل‪[*] .112 :‬‬

‫]‪[242‬‬

‫)مستقرنا ومستودعنا( إشارة إلى قوله تعالى‪) :‬وما من دابة إل على ال رزقها‬
‫ويعلم مستقرها ومستودعها( )‪ (1‬في مجمع البيان )‪ (2‬أي يعلم موضع‬
‫قرارها والموضع الذي أودعها فيه‪ ،‬وهو أصلب الباء وأرحام المهات‪،‬‬
‫وقيل مستقرها حيث تأوي إليه من الرض‪ ،‬ومستودعها حيث تموت‬
‫وتبعث منه‪ ،‬وقيل مستقرها أي ما استقر عليه‪ ،‬ومستودعها أي ما تصير‬
‫إليه انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬يحتمل أن يكون المراد بالمستقر الجنة أو النار‬
‫وبالمستودع ما يكون فيه في عالم البرزخ‪ ،‬أو المستقر الجساد الصلية‪،‬‬
‫والمستودع الجساد المثالية‪ ،‬أو المراد بالمستقر الذي استقر فيه اليمان‪،‬‬
‫وبالمستودع الذي اعير اليمان ثم سلب منه كما ورد في تفسير قوله‬
‫سبحانه )فمستقر ومستودع( )‪ (3‬أي تعلم منا من هو مستقر ومن هو‬
‫مستودع‪) .‬ومنقلبنا ومثوانا( وفي بعض النسخ )متقلبنا( وهو أنسب بقوله‬
‫تعالى‪) :‬و ال يعلم متقلبكم ومثويكم( )‪ (4‬قال الطبرسي رحمه ال )‪ (5‬أي‬
‫متصرفكم في أعمالكم في الدنيا ومصيركم في الخرة إلى الجنة أو إلى‬
‫النار‪ ،‬وقيل‪ :‬متقلبكم في أصلب الباء إلى أرحام المهات )ومثويكم( أي‬
‫مقامكم في الرض‪ ،‬وقيل متقلبكم من ظهر إلى بطن‪ ،‬ومثويكم في القبور‪،‬‬
‫وقيل منصرفكم بالنهار ومضجعكم بالليل‪ ،‬والمعنى أنه عالم بجميع أحوالكم‬
‫فل يخفي عليه شئ منها انتهى‪) .‬ول حرز( وفي بعض النسخ )ول وزر(‬
‫وهو بالتحريك الملجأ )نفوتك به( أي ل يمكنك إدراكنا والظفر بنا بسببه‪،‬‬
‫وقال الجوهري منعت الرجل عن الشئ فامتنع منه‪ ،‬وفلن في عز ومنعة‬
‫بالتحريك‪ ،‬وقد يسكن‪ ،‬ويقال المنعة جمع مانع‬

‫)‪ (1‬هود‪ (2) .6 :‬المجمع ج ‪ 5‬ص ‪ (3) .144‬النعام‪ (4) .98 :‬القتال‪(5) .19 :‬‬
‫المجمع ج ‪ 9‬ص ‪ 102‬و ‪[*] .103‬‬

‫]‪[243‬‬

‫مثل كافر وكفرة‪ ،‬أي هو في عز ومن يمنعه من عشيرته‪ ،‬وقال‪ :‬عازه أي غالبه‬
‫)فمعاذ المظلوم( مصدر أي عياذه والتخويل التمليك‪ ،‬والتنويل العطاء‪،‬‬
‫والملء المهال وتعمدني أي قصدني عمدا وفي بعض النسخ بالمعجمة‬
‫أي غمرني بشر أحاط بي‪ ،‬و في القاموس انتصف منه استوفى حقه منه‬
‫كامل حتى صار كل على النصف سواء‪ ،‬و قال‪ :‬انتصر منه انتقم‪) .‬لقلتي(‬
‫أي قلة أعواني أو ذات يدي أو ذلتي )واستثرى( أي طلب الثروة وكثرة‬
‫المال‪ ،‬وفي بعض النسخ بالشين وهو أظهر‪ ،‬قال الجوهري‪ :‬شرى الرجل‬
‫واستشرى إذا لج في المر وقال‪) :‬ما أكترث له( ما ابالي به‪ ،‬وقال الضيم‬
‫الظلم‪ ،‬فهو مضيم ومستضام أي مظلوم‪ ،‬وقال‪ :‬نابذه الحرب كاشفه‪ ،‬وقال‬
‫أباده ال أهلكه وقال‪ :‬بترت الشئ بترا قطعته قبل التمام‪ ،‬وقال‪ :‬بزه يبزه‬
‫بزا سلبه‪ ،‬وابترزت الشئ استلبته وقال‪ :‬عفت الريح المنزل درسته‪ ،‬وعفا‬
‫المنزل يعفو درس يتعدى ول يتعدى‪ ،‬وعفتها الريح شدد للمبالغة انتهى‪.‬‬
‫ولعل إطفاء النار كناية عن محو الثار‪ ،‬وذهاب العز والعتبار‪ ،‬فان الحي‬
‫لبد أن يوقد نارا كما يقال‪ :‬ما بالدار نافخ ضرمة أو نار‪ ،‬أو المراد بالنار‬
‫النور أو الشر والضرر والفتنة كما يقال‪ .‬إطفاء النائرة‪ ،‬وتكوير الشمس‬
‫إذهاب نوره كما قال تعالى‪) :‬إذا الشمس كورت(‪ .‬والزهاق إخراج النفس‬
‫والهلك‪ ،‬والهشم كسر الشئ اليابس‪ ،‬والسوق جمع الساق‪ ،‬والجب‬
‫القطع‪ ،‬والسنام بالفتح معروف وجب سنامه كناية عن إذهاب ما يوجب‬
‫عزه ورفعته‪ ،‬والحتف الموت‪ ،‬و )ل قائمة علو( أي قائمة توجب العلو‬
‫وقال الجوهري السبب الحبل‪ ،‬والسبب أيضا كل شئ يتوصل به إلى غيره‪،‬‬
‫وقال العباديد الفرق من الناس الذاهبون في كل وجه‪ ،‬قال سيبويه ل واحد‬
‫له‪ ،‬واحده على فعلول أو فعليل أو فعلل في القياس‪ ،‬وقال‪ :‬أمر شت أي‬
‫متفرق‪ ،‬وقوم شتى وأشياء شتى‪ .‬وقال‪ :‬قال أبو يوسف‪ :‬أقنع رأسه إذا‬
‫رفعه‪ ،‬قال‪ :‬ومنه قوله تعالى‪) :‬مهطعين‬

‫]‪[244‬‬
‫مقنعي رؤسهم( )‪ .(1‬قوله عليه السلم‪) :‬القلوب الوجلة( في بعض النسخ النغلة‬
‫قال الجوهري‪ :‬نغل قلبه علي أي ضغن يقال نغلت نياتهم أي فسدت )وأدل(‬
‫الدالة الغلبة‪ ،‬وفي البلد المين )وأحي ببواره( وهو أظهر‪ ،‬والبوار‬
‫الهلك‪ ،‬وقال الجوهري الدثور الدروس وقد دثر الرسم وتداثر‪ ،‬والمدارس‬
‫محال الدرس ودرس الكتاب معروف )والمحاريب المجفوة( الجفاء خلف‬
‫البر‪ ،‬وقد جفوت الرجل أجفوه جفاء فهو مجفو‪ ،‬ويحتمل أن يكون من‬
‫الجفا بمعنى البعد‪ ،‬أي بعد الناس عنها‪ ،‬وفي بعض النسخ المجفوءة‬
‫بالهمز من جفأت القدر أي كفأتها وأملتها فصببت ما فيها ذكره الجوهري‪.‬‬
‫وقال فلن خميص الحشا أي ضامر البطن‪ ،‬والجمع خماص والخمصة‬
‫الجوعة وقال‪ :‬سغب بالكسر يسغب سغبا أي جاع‪ ،‬فهو ساغب وسغبان‪،‬‬
‫واللهوات جمع اللهات وهي اللحمات في سقف أقصى الفم‪ ،‬وقال الفيروز‬
‫آبادي لغب لغويا كمنع وسمع وكرم أعيا أشد العياء وألغبه السير وتلغبه‪،‬‬
‫واللغب ما بين الثنايا من اللحم والريش الفاسد ولغب عليهم كمنع أفسد‪،‬‬
‫وفي بعض النسخ اللغية بالياء المثناة فهو أيضا بمعنى الفاسدة‪ .‬قوله‬
‫عليه السلم‪) :‬ل اخت لها( أي ل مثل لها في الشدة أو تكون اخرى لياليه‬
‫ل تكون له ليلة بعدها‪) ،‬ل مثوى فيها( أي ل قرار له فيها لشدة الحزان‬
‫والوجاع والمخاوف‪ ،‬أو يكون ساعة ارتحاله عن الدنيا يقال‪ :‬ثوى‬
‫بالمكان أي أقام به‪) .‬وبنكبة ل انتعاش معها( قال في القاموس‪ :‬النكبة‬
‫بالفتح المصيبة ونكبه الدهر نكبا ونكبا بلغ منه أو أصابه بنكبة‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫نعشه ال كمنعه رفعه‪ ،‬وانتعش العاثر‪ :‬انتهض من عثرته‪ .‬أقول‪ :‬ل يبعد‬
‫أن يكون في الصل بكبة فانه أنسب بالنتعاش‪ ،‬قال في القاموس كبه قلبه‬
‫وصرعه كأكبه والكبة الرمي في الهوة‪ .‬وإباحة الحريم كناية عن ذهاب‬
‫حرمته من بين الخلق بحيث ل يبالون بايقاع‬

‫)‪ (1‬ابراهيم‪[*] .43 :‬‬

‫]‪[245‬‬

‫شئ من الضرر به‪ ،‬والتنغيص التكدير‪ ،‬وقال في النهاية المحال بالكسر‪ :‬الكيد‪،‬‬
‫وقيل المكر‪ ،‬وقيل القوة والشدة وميمه أصلية‪ ،‬وفي الصحاح العولة رفع‬
‫الصوت بالبكاء وكذلك العويل‪ ،‬وقال الجد الحظ والبخت‪ ،‬والسفال نقيض‬
‫العلو‪ ،‬و الهمز واللمز كلهما بمعنى العيب قال تعالى‪) :‬ويل لكل همزة‬
‫لمزة( وربما يفرق بينهما بأن الهمز العيب بظهر الغيب واللمز العيب في‬
‫الوجه‪ :‬أو الهمز العيب باللسان واللمز العيب بالشارة بالعين وغيرها‪.‬‬
‫وقال الجوهري‪ :‬لمحه وألمحه إذا أبصره بنظر خفيف‪ ،‬والسم اللمحة‪،‬‬
‫وقال الدمار الهلك يقال دمره تدميرا ودمر عليه بمعنى وقال‪ :‬يقال‪ :‬نكل به‬
‫تنكيل إذا جعله نكال وعبرة لغيره‪ ،‬وقال حاضرته جاثيته عند السلطان‬
‫وهو كالمغالبة و المكاثرة‪ ،‬وقال الهاجس الخاطر يقال‪ :‬هجس في صدري‬
‫شئ يهجس أي حدس‪ ،‬وقال الراصد للشئ الراقب له‪ ،‬والترصد الترقب‪.‬‬
‫والسرائر جمع السريرة وهي السر الذي يكتم وإضافة المسرات على بناء‬
‫المفعول إليه للمبالغة‪ ،‬والمعاناة مقاساة الشدايد‪ ،‬وفي بعض النسخ‬
‫)يعاينه( بتقديم الياء وكلمة )من( على الول تعليلية‪ ،‬وعلى الثاني بيانية‪،‬‬
‫والتغاشم قبول الغشم‪ ،‬وهو الظلم‪ ،‬وقال الجوهري الهجر والهاجرة‪ :‬نصف‬
‫النهار عند اشتداد الحر‪ ،‬و قال السحرة بالضم السحر العلى‪ ،‬وفي‬
‫القاموس فجأه كسمعه ومنعه فجاءة وفجأة هجم عليه‪ ،‬وقال‪ :‬بدده تبديدا‬
‫فرقه‪) .‬وافلل أعضادهم( أي اكسر أو اهزم أعوانهم‪ ،‬يقال‪ :‬فله أي ثلمه‪،‬‬
‫وفل القوم هزمهم‪ ،‬ول يبعد أن يكون في الصل )وافتت أعضادهم( فانه‬
‫يقال‪ :‬فت في ساعده وفي عضده أي أضعفه‪ ،‬والجث والجتثاث القطع‬
‫وانتزاع الشجر من أصله )اللهم امنحنا أكتافهم( لعله كناية عن التسلط‬
‫عليهم أي اجعلنا مسلطين عليهم يحيث نركب أكتافهم‪ ،‬وقد مر في حديث‬
‫بدر فاركبوا أكتافهم‪ ،‬وملكنا أكنافهم أي نواحيهم و بلدهم وأكنافها‪.‬‬
‫والغصة بالضم ما اعترض في الحلق يقال‪ :‬غصصت بالكسر والفتح يغص‬
‫غصصا‬

‫]‪[246‬‬

‫فأنت غاص ذكره الفيروز آبادي‪ ،‬وقال‪ :‬ربكه خلطه فارتبك‪ ،‬وفلنا ألقاه في وحل‬
‫فارتبك فيه‪ ،‬وقال تكأد الشئ تكلفه وكابده وصلى به وتكأدني المر شق‬
‫على كتكاءدني‪ ،‬وقال‪ :‬تاح له الشئ يتوح تهيأ كتاح يتيح‪ ،‬وأتاحه ال‬
‫فاتيح انتهى‪ ،‬ولعل المتاح مصدر ميمي ويحتمل اسم المكان وفي بعض‬
‫النسخ متاحا فياحا وفي القاموس فاح المسك انتشرت رائحته وبحر فياح‬
‫واسع‪ .‬قوله عليه السلم‪) :‬تنكف( في بعض النسخ بالتخفيف على بناء‬
‫المفعول أي تنقطع وفي بعضها بالتشديد على بناء المعلوم أي تدفع‪ ،‬وفي‬
‫القاموس جشم المر كسمع جشما وجشامة تكلفه على مشقة كتجشمه‬
‫وأجشمني إياه وجشمني‪ ،‬وقال الدولة انقلب الزمان والعقبة في المال‪،‬‬
‫والجمع دول مثلثة‪ ،‬وقال الخول محركة ما أعطاك ال من النعم والعبيد‬
‫والماء وغيرهم من الحاشية‪ ،‬وقال في النهاية في حديث أشراط الساعة‬
‫)إذا كان المغنم دول( جمع دولة بالضم‪ ،‬وهو ما يتداول من المال فيكون‬
‫لقوم دون قوم‪ ،‬وقال فيه )إذا بلغ بنو أبي العاص ثلثين كان عباد ال‬
‫خول( أي خدما وعبيدا يعني أنهم يستخدمونهم ويستعبدونهم‪) .‬عالم‬
‫أرضك( بكسر اللم أي المام أو العم )في بلية بكماء( أو بفتح اللم أي‬
‫جميع العباد في فتنة بكماء ل يهتدى فيها بوجه ول ينطق أحد فيها لرفعها‪،‬‬
‫وهذا أنسب‪ ،‬وفي القاموس ادلهم الظلم كثف وأسود مدلهم مبالغة وقال‬
‫في النهاية‪) ،‬اللهم المم شعثنا( يقال لممت الشئ ألمه لما إذا جمعة أي‬
‫اجمع ما تشتت من أمرنا وقال‪ :‬الشعت انتشار المر‪) .‬وقد ألجم الحذار( أي‬
‫منعنا عن السؤال منك الحذر عن العقوبة‪ ،‬أو الرد أو منعنا عن التكلم‬
‫والتعرض للمور المحاذرة والتحرز عن ضرر العادي وهو أظهر و )غير‬
‫مهمل مع المهال( أي إمهاله سبحانه وتأخير العذاب ليس من جهة‬
‫الهمال و ترك العقوبة بالكلية بل لمصلحة في التأخير )من قد استن( أي‬
‫كبر سنه وطال عمره في الطغيان‪ ،‬والقصم بالكسر‪ ،‬والختر العذر‪،‬‬
‫والحندس بالكسر الليل المظلم والظلمة‪.‬‬

‫]‪[247‬‬

‫وفي القاموس الهطل المطر الضعيف الدائم وتتابع المطر المتفرق العظيم القطر وقد‬
‫هطل يهطل‪ ،‬وقال‪ :‬الوابل المطر الشديد الضخم القطر وفي بعض النسخ‬
‫)بعينه( أي بعلمه وفي بعضها )بغيثه( وقوله‪) :‬وابل السيل( أي الوابل‬
‫الذي يصير سببا لجريان السيل أو الوابل الذي ينزل كالسيل أو نسبة‬
‫الهطول والوبل إلى السيل على التوسع‪ .‬وقال الجوهري‪ :‬دمغه دمغا شجه‬
‫حتى بلغت الشجة الدماغ‪ ،‬وقال‪ :‬النفث شبيه بالنفخ والنفاثات في العقد‬
‫السواحر )وتقية أهل الورع( في بعض النسخ بالتاء المثناة الفوقانية‪ ،‬وفي‬
‫بعضها بالباء الموحدة التحتانية‪ ،‬ويحتمل أن يكون إشارة إلى قوله تعالى‪:‬‬
‫)اولو بقية ينهون عن الفساد في الرض( )‪ (1‬قال البيضاوي‪ :‬أي بقية من‬
‫الرأي والعقل واولو فضل‪ ،‬وإنما سمي بقية لن الرجل يستبقي فضل ما‬
‫يخرجه‪ ،‬و يجوز أن يكون مصدرا كالتقية أي ذوي إبقاء على أنفسهم‬
‫وصيانه من العذاب‪ ،‬ولعل الخير هنا أفضل‪ .‬وفي القاموس الخرص‬
‫والحرز والكذب وكل قول بالظن )كل طالب( أي للحق )مرتاد( للرشد أو‬
‫للفرج‪ ،‬وفي القاموس المرصاد الطريق والمكان يرصد فيه العدو‪ ،‬وقال‬
‫لبس عليه المر يلبسه خلطه انتهى‪ ،‬والملبوس تأكيد من قبيل ليل أليل‪،‬‬
‫وقال الجوهري الركس رد الشئ مقلوبا وقد ركسه وأركسه بمعنى )وال‬
‫أركسهم بما كسبوا( )‪ (2‬أي ردهم إلى كفرهم‪ ،‬والعبوس بالضم كلوح‬
‫الوجه وبالفتح الكالح‪ ،‬وفي الصحاح استخفيت منه أي تواريت‪ ،‬والجتياح‬
‫الستيصال و )أو بهم( على بناء التفعيل من الوب بمعنى الرجوع‪ ،‬وفي‬
‫بعض النسخ )وأوبهم( وفي بعضها )و آوهم( على بناء الفعال من أوى‬
‫يأوي‪ ،‬والكل مناسب‪ ،‬والخيران أظهر‪ ،‬و المثاب المرجع‪ .‬قوله عليه‬
‫السلم‪) :‬عن كشف مكامنهم( متعلق بقوله مستغن‪ ،‬وقوله‪) :‬باللجاء(‬

‫)‪ (1‬هود‪ (2) .116 :‬النساء‪[*] .88 :‬‬


‫]‪[248‬‬

‫متعلق بالندب‪ ،‬والباء بمعنى إلى‪ ،‬وقوله )إلى تنجز( متعلق باللجاء ويحتمل تعلقه‬
‫بالندب‪ ،‬فقوله باللجاء متعلق بالتنجز والول أظهر‪ ،‬ويقال ندبه إلى المر‬
‫كنصره دعاه وحثه وتنجز الحاجة طلب نجحها وتنجز العدة طلب إنجازها‬
‫أي أنت مستغن عن أن ينكشف الخلق ما كمنوه وأخفوه في ضمايرهم من‬
‫الحاجات والمطالب إل أنك رغبت وأمرت باللتجاء إلي طلب إنجاز ما‬
‫وعدته اللجين إليك ويقال‪ :‬طوى الحديث أي كتمه‪) .‬ما قد تراطم( أي‬
‫المور التي وقع فيها أصفياؤك وأولياؤك من جهة المخالفين ول يمكنهم‬
‫التخلص منها‪ ،‬قال الجوهري رطمته في الوحل رطما فارتطم هو‪ ،‬أي‬
‫ارتبك فيه‪ ،‬وارتطم عليه أمر‪ :‬إذا لم يقدر على الخروج منه )غير ظنين(‬
‫أي متهم‪ ،‬حال عن ضمير الخطاب‪) ،‬ول ضنين( أي بخيل )ولكن الجهد(‬
‫أي الشدة يبعث على طلب زيادة الكرام والنعمة بدفع البلية‪) .‬وما أمرت به‬
‫من الدعاء إذا أخلص( على بناء المجهول أو المعلوم أي الداعي لك اللجأ‬
‫أي يكون التجاؤه خالصا لك فيه ول يرجو غيرك )يقتضي إحسانك( بالرفع‬
‫)شرط الزيادة( بالنصب أي أن تشرط له الزيادة في الكرم وتحكم له بها‪،‬‬
‫والعائد محذوف أي )له( وبسبب الدعاء‪ ،‬ويحتمل العكس بأن يكون‬
‫الحسان منصوبا و الشرط مرفوعا أي ما شرطت من إجابة دعاء الداعين‬
‫والزيادة على ما طلبوا منك أن تحسن إليهم بسبب الدعاء‪ ،‬ويحتمل النصب‬
‫فيهما بأن يكون المرفوع في )يقتضي( راجعا إلى الموصول‪ ،‬والحسان‬
‫مفعوله‪ ،‬والشرط منصوبا بنزع الخافض أي بشرط الزيادة والوعد بها‪.‬‬
‫)بملكة الربوبية( أي المالكية التي هي من جهة الخالقية والربوبية‪ ،‬أو‬
‫صفة الربوبية )ومشخصات( أي مخرجات إليك‪ ،‬قال الجوهري شخص من‬
‫بلد إلى بلد شخوصا أي ذهب وأشخصه غيره‪ ،‬وفي بعض النسخ‬
‫)محصنات( أي محفوظات بتضمين معنى الخروج ومثله‪ ،‬وفي بعضها‬
‫)محضات( من الحض بمعنى التحريص والنالة العطاء وإيصال الخير‪،‬‬
‫والنائل العطاء كالنول‪ ،‬أي ل ينقص خزائنك كثرة‬

‫]‪[249‬‬

‫العطاء‪ ،‬وألحف السائل ألح‪ ،‬أي اللحاح في دعائك ليس من اللحاح المذموم‪ ،‬فانك‬
‫تحب الملحين أو في جنب سعة قدرتك وخزائنك كلما لج السائلون وأخذوا‬
‫ل يعد إلحافا وإلحاحا‪ ،‬وقال الفيروز آبادي ضرع إليه ويثلث ضرعا محركة‬
‫وضراعة خضع وذل واستكان‪ ،‬أو كفرح ومنع تذلل فهو ضارع وضرع‬
‫ككتف‪ ،‬وككرم ضعف فهو ضرع محركة من قوم ضرع‪ .‬قوله عليه السلم‪:‬‬
‫)ل يخلقه التفنيد( أي ل يبليه الفناء‪ ،‬فان كل ما يكون في معرض الفناء‬
‫يلحقه البلى‪ ،‬وما في العصار‪ :‬أي كل ما ينشؤ في الزمان والعصار‬
‫بسبب مشيتك فهو بمقدار يوافق الحكمة‪ ،‬أو بتقدير وتدبير‪ ،‬وليس‬
‫بالهمال والتفاق‪ ،‬وقال الجوهري كنفت الرجل أكنفه أي حطته وصنته‪،‬‬
‫والمنال مصدر أو المعنى اوصل يدي إلى حيث يصل إليه أيدي المعتصمين‬
‫بحبل ال المتين‪ .‬وموسى بن بغا كان من التراك من امراء المهدي‬
‫والمعتمد‪ ،‬وكان بغا أبوه من امرائهم )واستخلصا له به( أي أحمده طلبا‬
‫لخلص نفسي من العقوبات خالصا له مستعينا به‪ ،‬أو طلبا لخلص‬
‫الدعاء والعبادة له بعونه‪ ،‬وفي بعض النسخ )وبه( واللحاد في العظمة‬
‫التيان بما ينافي عظمته سبحانه‪ ،‬والعتقاد بها قول وعقل وعمل )ندبت‬
‫إلى فضلك( إشارة إلى قوله تعالى )واسألوا ال من فضله( )‪ .(1‬قوله عليه‬
‫السلم‪) :‬لم يمهه( بفتح الياء وكسر الميم وسكون الهاء وفي بعض النسخ‬
‫بضم الياء على بناء الفعال‪ ،‬قال الجوهري ماهت الركية تموه وتميه وتماه‬
‫موها إذا ظهر ماؤها وكثر‪ ،‬ومهت الرجل ومهته بكسر الميم وضمها إذا‬
‫سقيته الماء‪ ،‬و أمهت الرجل والسكين إذا سقيتهما‪ ،‬وأمهت الدواة صببت‬
‫فيها الماء‪ .‬وفي بعض النسخ لم يمهه بضم الياء وسكون الميم وكسر‬
‫الهاء‪ ،‬قال في الصحاح حفر البئر حتى أمهى لغة في أماه على القلب‪،‬‬
‫وقال‪ :‬نبط الماء نبع وأنبط الحفار بلغ الماء‪ ،‬والستنباط الستخراج‪ ،‬وقال‬
‫الكدية الرض الصلبة وأكدى الحافر إذا بلغ الكدية فل يمكنه أن يحفر‪،‬‬
‫وحفر فأكدى‪ :‬إذا بلغ إلى الصلب‪ ،‬وأكديت‬

‫)‪ (1‬النساء‪[*] .32 :‬‬

‫]‪[250‬‬

‫الرجل عن الشئ رددته عنه‪ ،‬وأكدى الرجل إذا قل خيره‪ ،‬وقوله تعالى‪) :‬وأعطى‬
‫قليل وأكدى( )‪ (1‬أي قطع القليل وقال المايح الذي ينزل البئر فيملؤ الدلو‬
‫وذلك إذا قل ماؤها‪ ،‬واستمحت الرجل سألته العطاء‪ ،‬وقال‪ :‬السجل الدلو إذا‬
‫كان فيه ماء قل أو كثر والجمع السجال انتهى‪ ،‬ول يخفى لطف تلك‬
‫الستعارات والترشيحات على المتأمل‪ .‬والخلد البال يقال‪ :‬وقع ذلك في‬
‫خلدي أي في روعي وقلبي ذكره الجوهري )واشفع مسئلتي( أي اجعلها‬
‫شفعا وزوجا بقضاء حاجتي )زيغ الفتن( أي الميل إلى الباطل الذي يحدث‬
‫من الفتن‪ ،‬وفي الصحاح جعل على بصره غشوة مثلثة وغشاوة أي غطاء‪:‬‬
‫ومنه قوله تعالى‪) :‬فأغشيناهم فهم ل يبصرون( )‪ (2‬أقول‪ :‬وإضافتها إلى‬
‫الحيرة إما لمية أو من قبيل لجين الماء‪ ،‬وفي بعض النسخ بالعين‬
‫المهملة‪ ،‬وقال الجوهري العشوة أن يركب أمرا على غير بيان يقال‪:‬‬
‫أوطأتني عشوة وعشوة وعشوة أي أمرا ملتبسا‪ ،‬وذلك إذا أخبرته بما‬
‫أوقعته به في حيرة أو بلية‪ ،‬ومقارعة البطال قرع بعضهم بعضا‪ ،‬وقوارع‬
‫الدهر شدائده‪ ،‬وابتز امورنا أي سلبها عنا‪) .‬معادن البن( أي الذينهم محال‬
‫العيوب الفاضحة من العلة المعروفة وغيرها كما اشتهر بها رءساؤهم‪،‬‬
‫وقد ورد في الخبر أنه ل يتسمى بأمير المؤمنين بغير استحقاقه إل من‬
‫ابتلى بتلك العلة الشنيعة التي تذهب بالحياء رأسا وبه اول قوله تعالى‪) :‬إن‬
‫يدعون من دونه إل إناثا( )‪ (3‬كما مر في موضعه وفي القاموس أبنه بشئ‬
‫يأبنه و يأبنه اتهمه فهو مأبون بخير أو شر‪ ،‬فان أطلقت فقلت مأبون فهو‬
‫للشر وأبنه وأبنه تأبينا عابه في وجهه‪ ،‬والبنة بالضم العقدة في العود‪،‬‬
‫والعيب‪ ،‬والرجل الخفيف والحقد‪ ،‬قوله‪) :‬دولة بعد القسمة( أي بعد ما قسم‬
‫ال بيننا‪ ،‬بقوله‪) :‬ما أفاء ال‬

‫)‪ (1‬النجم‪ (2) .34 :‬يس‪ (3) .9 :‬النساء‪[*] .117 :‬‬

‫]‪[251‬‬

‫على رسوله من أهل القرى فلله وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن‬
‫السبيل كيل يكون دولة بين الغنياء منكم( )‪ .(1‬قال الطبرسي رحمه ال )‬
‫‪) (2‬من أهل القرى( أي من أموال الكفار أهل القرى )فلله( يأمركم فيه بما‬
‫أحب )وللرسول( بتمليك ال إياه )ولذي القربى( يعنى أهل بيت رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله وقرابته‪ ،‬وهم بنو هاشم )واليتامى والمساكين و ابن‬
‫السبيل( منهم )كيل يكون دولة( الدولة اسم للشئ الذي يتداوله القوم بينهم‬
‫يكون لهذا مرة ولهذا مرة أي لئل يكون الفئ متداول بين الرؤساء منكم‬
‫يعمل فيه كما كان يعمل في الجاهلية‪ .‬قال ابن جني‪ :‬منهم من ل يفصل بين‬
‫الدولة والدولة ومنهم من يفصل بينهما فقال‪ :‬الدولة بالفتح للملك‪ ،‬وبالضم‬
‫للملك‪ .‬وقال الجوهري‪ :‬المشورة الشورى وكذلك المشورة بضم الشين‬
‫)وعدنا ميراثا( أي عاد حقنا وخلفتنا ميراثا‪ ،‬أو عادت أنفسنا ميراثا‬
‫يملكوننا ويتصرفون فينا‪ ،‬و يحبسوننا ويظلموننا خليفة منهم بعد خليفة‬
‫وباغ بعد باغ )بعد الختيار للمة( أي بعد ما اختارنا ال للمة أو بعد‬
‫اختيارهم للمة غيرنا‪ .‬وفي الصحاح المعازف الملهي والعازف اللعب‬
‫بها‪ ،‬والمغني‪ ،‬وقال‪ :‬الرملة المرءة التي ل زوج لها )في أبشار المؤمنين(‬
‫أي أبدانهم ودمائهم وفروجهم )أهل الذمة( حقيقة أو الذين هم كفار وإنما‬
‫حكم باسلمهم في زمان الهدنة‪ ،‬فهم بمنزلة أهل الذمة‪ .‬وقال الجوهري‪:‬‬
‫الذياد الطرد تقول ذدته عن كذا وذدت البل سقتها وطردتها ورجل ذائد‬
‫وذواد أي حامي الحقيقة دفاع )والمسغبة( المجاعة‪ ،‬وقال الفيروز آبادي‪:‬‬
‫هو بدار مضيعة كمعيشة ومهلكة أي بدار ضياع‪ .‬قوله عليه السلم‪:‬‬
‫)وحلفاء كآبة( أي صاروا ملزمين للكآبة والذل‪ ،‬فكأنهم صاروا‬
‫)‪ (1‬الحشر ص ‪ (2) .7‬مجمع البيان ج ‪ 9‬ص ‪[*] .261‬‬

‫]‪[252‬‬

‫حلفاء لهما‪ ،‬والحليفان هما اللذان تحالفا وتعاقدا على أن ينصر كل منها صاحبه و‬
‫يعاضده‪ ،‬وقال الجوهري‪ :‬استحصد الزرع حان له أن يحصد‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫استجمع السيل اجتمع من كل موضع‪ .‬وقال الفيروز آبادي‪ :‬الخذروف‬
‫كعصفور شئ يدوره الصبي بخيط في يديه فيسمع له دوى والسريع في‬
‫جريه وخذرف أسرع‪ ،‬والناء مله والسيف حدده‪ ،‬وفلنا بالسيف قطع‬
‫أطرافه‪ ،‬وقال الوليد‪ :‬المولود والصبي والعبد‪ ،‬وقال‪ :‬بسق النخل بسوقا‬
‫طال‪ ،‬وقال في النهاية‪ :‬الجران باطن العنق‪ ،‬ومنه حديث عائشة حتى‬
‫ضرب الحق بجرانه أي قر قراره واستقام‪ ،‬كما أن البعير إذا برك واستراح‬
‫مد عنقه على الرض‪ ،‬وقال الجوهري‪ :‬جران البعير مقدم عنقه من مذبحه‬
‫إلى منخره‪) .‬وتجب سنامه( وفي بعض النسخ وتجذ بالذال المعجمة من‬
‫جذذت الشئ كسرته وقطعته‪ ،‬وفي بعضها وتجز بالزاي من جززت البر‬
‫والنخل والصوف أجزه جزا‪ ،‬والجدع قطع النف‪ ،‬والمرغم بفتح العين‬
‫وكسرها النف‪ ،‬والسرية القطعة من الجيش وإضافتها إلى الثقل من قبيل‬
‫إضافة الموصوف إلى الصفة كمقعد صدق‪ .‬وفي قوله‪) :‬ول رافعة علم( من‬
‫قبيل إضافة الصفة إلى الموصوف بأن يكون الرافعة بمعنى المرتفعة‬
‫والمرفوعة‪ ،‬أو المعنى العلم التي ترفع صاحبها‪ ،‬وتأنيث العلم لنه بمعنى‬
‫الراية‪ ،‬ويحتمل أن يكون من إضافة العامل إلى المعمول‪ ،‬أي الجماعة‬
‫الرافعة للعلم‪ ،‬فنسبة التنكيس إليها على التوسع‪ ،‬وليست هذه الفقرة في‬
‫المصباح‪ ،‬والنكس والتنكيس رد الشئ مقلوبا على رأسه‪ .‬وقال الجوهري‪:‬‬
‫قولهم )أباد ال خضراءهم( أي سوادهم ومعظمهم‪ ،‬وأنكره الصمعي‪ ،‬وقال‬
‫إنما يقال‪ :‬أباد ال غضراءهم أي خيرهم وغضارتهم )وأرعب( وفي‬
‫المصباح )وأوغر( وقال الجوهري‪ :‬الوغرة شدة توقد الحر‪ ،‬ومنه قيل في‬
‫صدره على وغر بالتسكين أي ضغن وعداوة وتوقد من الغيظ‪ ،‬وقال فصم‬
‫الشئ كسره من غير أن يبين‪ ،‬وقال الفيروز آبادي‪ :‬الكراع كغراب من‬
‫البقر والغنم بمنزلة الوظيف من الفرس وهو مستدق الساق واسم يجمع‬
‫الخيل )ول حاملة علم( الكلم فيه كما مر )إل نكست( وفي‬

‫]‪[253‬‬

‫المصباح )إل نكبت( بالباء‪ ،‬قال في القاموس‪ :‬نكبه تنكيبا نحاه والنكب الطرح‪،‬‬
‫ونكب الناء أهراق ما فيه‪ ،‬والكنانة نثر ما فيها‪ ،‬ونكبه الدهر نكبا ونكبا‬
‫بلغ منه أو أصابه بنكبة‪ .‬وقال في النهاية‪ :‬فيه كان إذا رأى ناشئا في افق‬
‫السماء أي سحابا لم يتكامل اجتماعه واصطحابه‪ ،‬وقال الجوهري‪ :‬النشؤ‬
‫أول ما ينشؤ من السحاب وناشئة الليل أول ساعاته‪ ،‬ونشأت السحابة‬
‫ارتفعت‪ :‬وأنشأها ال‪) .‬وأدل له( هذا الضمير وما بعده إما راجع إلى نهار‬
‫العدل‪ ،‬فهو كناية عن المام أو نهار العدل أيامه‪ ،‬والضمائر راجعة إليه‬
‫بقرينة المقام )وأصبح به( أي أظهر صبح الحق به وإن لم يأت بهذا‬
‫المعنى في اللغة‪ ،‬أو المعنى ائت به صباحا وأظهره لنا في أول نهار العدل‪،‬‬
‫قال في النهاية‪ :‬فيه أصبحوا بالصبح أي صلوها عند طلوع الصبح‪ ،‬يقال‪:‬‬
‫أصبح الرجل إذا دخل في الصبح‪ ،‬وقال الجوهري‪ :‬الغسق أول ظلمة الليل‪،‬‬
‫وقد غسق الليل يغسق إذا أظلم‪) .‬وكما ألهجتنا( أي أنطقتنا‪ ،‬وقال الفيروز‬
‫آبادي‪ :‬اللهجة اللسان‪ ،‬وقال‪ :‬حاش الصيد‪ :‬جاءه من حواليه ليصرفه إلى‬
‫الحبالة كأحاشه وأحوشه‪ ،‬والبل جمعها وساقها‪ ،‬وفي النهاية فهو‬
‫يحوشهم أي يجمعهم يقال‪ :‬حشت عليه الصيد وأحشته إذا نفرته نحوه‬
‫وسقته إليه وجمعته عليه‪ ،‬واحتوش القوم على فلن جعلوه وسطهم‪) .‬فلت‬
‫لنا منه( أي أعطنا بسببه ما نأمله من الجر أو أعطنا من المور المتعلقة‬
‫به من ظهوره وكوننا أنصاره وأشباه ذلك ما يناسب حسن يقيننا فيه‪ ،‬وفي‬
‫بعض النسخ على بناء الفعال وفي بعضها على المجرد )المتألين عليك‬
‫فيه( أي الذين يقسمون و يحلفون أنك ل تأتي به ول تنصره‪ ،‬وقال في‬
‫النهاية‪) :‬فيه من يتأل على ال يكذبه( أي من حكم عليه وحلف كقولك وال‬
‫ليدخلن ال فلنا النار‪ ،‬ولينجحن ال سعي فلن وهو من اللية اليمين‬
‫يقال‪ :‬آلى يؤلي إيلء وتألى يتألى تأليا‪ ،‬والسم اللية‪ .‬وقال‪ :‬المعاقل‬
‫الحصون واحدها معقل‪ ،‬والمثل العقوبات )وخلو ذرعنا( أي اعمالنا‪ ،‬قال‬
‫الجوهري‪ :‬أصل الذرع إنما هو بسط اليد‪ ،‬ول يبعد أن يكون في الصل‬

‫]‪[254‬‬

‫)درعنا( بالدال المهملة المكسورة أي قميصنا لشتماله على الصدر أو زرعنا‬


‫بالزاي فيكون انسب بالساحة‪ ،‬وقال الجوهري يقال‪ :‬في صدره على إحنة‬
‫أي حقد‪ ،‬وقال الجائحة الشدة التي تجتاح المال من سنة أو فتنة‪) .‬وما‬
‫تنازل( كأنه عطف على براءة أي ترى ما تتابع نزوله عليهم من تحصينهم‬
‫بالعافية‪ ،‬وفي البلد المين )ما يتناول( على بناء المفعول‪ ،‬وفي بعض نسخ‬
‫المصباح )وما يتناولهم( ولعله أظهر‪ .‬وقال الجوهري‪ :‬ضبأت في الرض‬
‫ضبأ وضبوءا إذا اختبأت‪ ،‬قال الصمعي‪ :‬ضبأ لصق بالرض وأضبأ الرجل‬
‫على الشئ إذا سكت عليه وكتمه‪ ،‬فهو مضبئ عليه‪ ،‬وفي المصباح )من‬
‫انتظار الفرصة وطلب الغفلة( قوله عليه السلم‪) :‬تقعد بنا( أي تعجزنا قال‬
‫الفيروز آبادي‪ :‬وقعد به أعجزه‪ ،‬قوله عليه السلم‪) :‬وثبت وطاءة( قال‬
‫الجوهري‪ :‬الوطأة موضع القدم أي جعلت له في قلوب المؤمنين مدخل‬
‫ومنزل ثبت أثره فيها من محبتك التي جعلت له في قلوبهم‪ ،‬أو بسبب أنك‬
‫التي تحبه أو أنه يحبك‪ .‬قوله عليه السلم‪ :‬لما دثر‪ ،‬ففي بعض النسخ‬
‫درس وفي أكثرها )ورد( وفي بعضها )رد( والولن أظهر إذ الدثور‬
‫والدروس محو الثار )وأشرق به( الشراق لزم على المشهور واستعمل‬
‫هنا متعديا ويحتمل أن يكون من قولهم أشرق عدوه أي أغصه بريقه )من‬
‫لم تسهم له( أي لم تجعل له سهما ونصيبا من الرجوع إلى محبتك أو‬
‫محبوبك‪ ،‬وقال الفيروز آبادي‪ :‬التأليب التحريض والفساد‪) .‬ل ترة له( أي‬
‫لم يطلب أحد الجنايات التي وقعت عليه وعلى أهل بيته‪ ،‬والطائلة الفضل‬
‫والقدرة والغناء والسعة‪ ،‬ذكر الفيروز آبادي‪ ،‬أي ليس لحد عليه فضل‬
‫وإحسان أو لم يكن له ولهل بيته قدرة على دفع من يعاديهم‪ ،‬وفي بعض‬
‫النسخ لمن ل قوة له ول طاقة‪ .‬قوله عليه السلم‪) :‬بمواس القلوب( أي‬
‫عجل حزن القلوب من السى بالفتح بمعنى الحزن‪ ،‬وفي بعض النسخ‪:‬‬
‫)لحواس القلوب( وفي بعضها )لحواشي القلوب( وفي بعضها )بمواس‬
‫القلوب( بتشديد السين أي بما يمسها من الحزان وكل منها ل يخلو من‬
‫تكلف )ويفرغ‬

‫]‪[255‬‬

‫عليه( كناية عن كثرة الورود‪ ،‬والخطوب المور العظيمة‪ ،‬وشرق بريقه كفرح‬
‫غص‪ ،‬وقال الجوهري‪ :‬فلن أحنى الناس ضلوعا عليك أي أشفقهم عليك‬
‫وحنوت عليه أي عطفت‪ .‬ثم اعلم أن من قوله عليه السلم )واغضب لمن‬
‫ل ترة له( إلى هنا‪ ،‬بعض الفقرات إرجاع الضماير فيها إلى الرسول صلى‬
‫ال عليه وآله أنسب‪ ،‬وفي بعضها إلى إمام العصر‪ ،‬ولعل الخير أوفق‪،‬‬
‫وإن احتمل التفريق أيضا‪ ،‬وبعض الفقرات ل محيص عن حملها على‬
‫الخير‪ .‬وقال الجوهري‪ :‬رتعت الماشية ترتع رتوعا أي أكلت ما شاءت‪،‬‬
‫وقال حميته حماية إذا دفعت عنه‪ ،‬وهذا شئ حمى على فعل أي محظور ل‬
‫يقرب‪ ،‬وقال‪ :‬البسطة السعة‪ ،‬وقال اخترمهم الدهر وتخرمهم أي اقتطعهم‬
‫واستأصلهم )وأبن( أي أظهر للناس قربه منك )في حياته( بأن تظهره‬
‫وتنصره‪ ،‬وإضافة القرب إلى الدنو للتأكيد‪ ،‬وفي بعض النسخ )في حبوته(‬
‫أي بما تحبوه وتكرمه به من الغلبة والنصرة من بعده‪ ،‬أي بعد غيبته‪ ،‬وفي‬
‫بعض النسخ بضم الباء‪ ،‬وقال الجوهري‪ :‬استخذيت خضعت وقد يهمز‪،‬‬
‫والشنآن بالتحريك والتسكين البغض‪ ،‬وسل عنه نسيه‪ ،‬وفي النهاية‪ ،‬وثر‬
‫وثارة فهو وثير أي وطئ لين‪ .‬والندية جمع النادي وهو مجلس القوم‬
‫ومتحدثهم‪ ،‬وفي المصباح )فقدوا أنديتهم( على بناء المعلوم )بغير غيبة(‬
‫أي ليس عدم حضور المجالس لغيبة‪ ،‬بل لمباينتهم القوم في أطوارهم‬
‫وأديانهم‪ ،‬أو لشتغالهم بمهمات المور‪ ،‬وفي بعض النسخ بغير غنية‬
‫بالنون والياء المثناة أي من غير استغناء لهم عن بلدهم‪ ،‬بل يهجرون‬
‫الوطان لمصالح الدين مع شدة حاجتهم إليها‪) .‬وحالفوا البعيد( أي على‬
‫التناصر والتعاون وفي بعض النسخ )خاللوا( من الخلة بمعنى الصداقة‬
‫بفك الدغام‪ ،‬وقال الفيروز آبادي‪ :‬قله كرماه ورضيه أبغضه وكرهه غاية‬
‫الكراهة فتركه أوقله في الهجر وقليه في البغض‪ ،‬قوله عليه السلم‪) :‬ما‬
‫مننت( أي بما مننت‪ ،‬أو هو مفعول اشكرهم أي أعطهم شكرا ما مننت وفي‬
‫بعض النسخ )على ما مننت( أي شكرا كائنا على نحو ما مننت‪ ،‬واليد‬
‫القوة‪.‬‬

‫]‪[256‬‬

‫)وأن الغاية عندنا قد تناهت( أي ظننا أنه لم يبق لمهالهم أمد لكثرة طغيانهم أو أنا‬
‫ل ننتظر أمرا لقتالهم ونصرة إمامنا سوى أمرك له بالخروج ول نوقفه‬
‫على أمر آخر‪ .‬قوله )متعاصبون( أي يتعصب كل منا لصاحبه في نصرة‬
‫الحق‪ ،‬والثأر بالهمزة وقد يخفف طلب الدم‪ ،‬وفي النهاية المجد في كلم‬
‫العرب الشرف الواسع‪ ،‬ورجل ماجد مفضال كثير الخير شريف‪ ،‬وقيل‪ :‬إذا‬
‫قارن شرف الذات حسن الفعال سمي مجدا والجلل العظمة‪ ،‬والكرام‬
‫النعام‪ ،‬والمتين الشديد القوي الذي ل يلحقه في أفعاله مشقة ول كلفة ول‬
‫تعب‪ ،‬والمتانة الشدة‪) ،‬والرؤف( الرحيم بعباده العطوف عليهم بألطافه‪.‬‬
‫واللطيف هو الذي اجتمع له الرفق في الفعل والعلم بدقايق المصالح‪،‬‬
‫وإيصالها إلى من قدرها له من خلقه‪ ،‬وقد مر شرح أسماء ال سبحانه في‬
‫كتاب التوحيد‪ .‬وقال الفيروز آبادي‪ :‬استأثر بالشئ استبد به وخص به‬
‫نفسه )والمتفرد بالواحدانية( إذ الواحد من جميع الجهات الحقيقية ليس إل‬
‫ال سبحانه المتوحد بالصمدانية أي بكونه مقصودا إليه في جميع امور‬
‫الخلق غير محتاج إليهم في شئ من اموره‪) .‬وعقدوا له المواثيق( أي في‬
‫قلوبهم لنفسهم أو على عبادك بأن يطيعوك بهذا المقام‪ ،‬أي القامة على‬
‫الولية‪ - 2 .‬أقول‪ :‬زاد الكفعمي في القنوت الثاني )‪ (1‬للعسكري عليه‬
‫السلم بعد قوله )وتحكم ما تريد( زيادة وقال الشيخ في المصباح الكبير‬
‫عند ذكر أدعية قنوت الوتر‪ :‬ويستحب أن يزاد الدعاء في الوتر وذكر‬
‫القنوت مع الزيادة وهي هذه )وتحكم ما تريد‪ ،‬وصلى ال على خيرته من‬
‫خلقه محمد وآله الطهار‪ ،‬اللهم إني أجد هذه الندبة حيث امتحت دللتها‪،‬‬
‫ودرست أعلمها‪ ،‬وعفت إل ذكرها‪ ،‬وتلوة الحجة بها‪ ،‬اللهم إني أجد بيني‬
‫وبينك مشتبهات تقطعني دونك‪ ،‬ومبطآت أقعدني عن إجابتك‪ ،‬وقد علمت‬
‫أن عبدك ل يرحل إليك إل بزاد‪ ،‬وأنك ل تحجب عن خلقك إل أن تحجبهم‬
‫العمال‬

‫)‪ (1‬البلد المين‪[*] .568 :‬‬

‫]‪[257‬‬
‫دونك‪ ،‬وقد علمت أن زاد الراحل إليك عزم إراة يختارك بها ويصير بها إلى ما‬
‫يؤدي إليك‪ .‬اللهم وقد ناداك بعزم الرادة قلبي‪ ،‬واستبقني نعمتك بفهم‬
‫حجتك لساني وما تيسر لي من إرادتك اللهم فل اختزلن عنك‪ ،‬وأنا أؤمك‪،‬‬
‫ول اختلجن عنك وأنا أتحراك‪ ،‬اللهم وأيدنا بما تستخرج به فاقة الدنيا من‬
‫قلوبنا‪ ،‬وتنعشنا من مصارع هوانها‪ ،‬وتهدم به عنا ما شيد من بنيانها‪،‬‬
‫وتسقينا بكأس السلوة عنها‪ ،‬حتى تخلصنا لعبادتك‪ ،‬وتورثنا ميراث‬
‫أوليائك‪ ،‬الذين ضربت لهم المنازل إلى قصدك‪ ،‬وآنست وحشتهم حتى‬
‫وصلوا إليك‪ .‬اللهم وإن كان هوى من هوى الدنيا أو فتنة من فتنتها علق‬
‫بقلوبنا حتى قطعنا عنك‪ ،‬أو حجبنا عن رضوانك‪ ،‬أو قعد بنا عن إجابتك‪،‬‬
‫اللهم فاقطع كل حبل من حبالها جذبنا عن طاعتك وأعرض بقلوبنا عن أداء‬
‫فرائضك‪ ،‬واسقنا عن ذلك سلوة وصبرا يوردنا على عفوك ويقومنا على‬
‫مرضاتك إنك ولي ذلك‪ .‬اللهم واجعلنا قائمين على أنفسنا باحكامك‪ ،‬حتى‬
‫تسقط عنا مؤن المعاصي‪ ،‬واقمع الهواء أن تكون مساورة‪ ،‬وهب لنا وطء‬
‫آثار محمد وآله صلواتك عليه وآله و اللحوق بهم‪ ،‬حتى نرفع للدين أعلمه‬
‫ابتغاء اليوم الذي عندك‪ ،‬اللهم فمن علينا بوطي آثار سلفنا‪ ،‬واجعلنا خير‬
‫فرط لمن ائتم بنا‪ .‬فانك على كل شئ قدير‪ ،‬وذلك عليك سهل يسير‪ ،‬وأنت‬
‫أرحم الراحمين‪ ،‬وصلى ال على سيدنا محمد النبي وآله البرار‪ ،‬وسلم‬
‫تسليما )‪ .(1‬بيان‪ :‬قال الجوهري‪ :‬الختزال القتطاع يقال‪ :‬اختزله عن‬
‫القوم‪ ،‬وقال‪ :‬اختلجه جذبه فانتزعه وقال‪ :‬نعشه ال ينعشه رفعه‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫ساوره أي واثبه ويقال‪ :‬إن لغضبه لسورة‪ ،‬وهو سوار أي وثاب‪ ،‬وفي‬
‫بعض النسخ مشاورة بالشين المعجمة وفيه تكلف‪) .‬ابتغاء اليوم الذي‬
‫عندك( أي يوم ظهور دولة القائم عليه السلم‪ - 3 .‬العيون‪ :‬عن علي بن‬
‫عبد ال الوراق والحسين بن أحمد المؤدب وحمزة‬

‫)‪ (1‬البلد المين‪[*] .568 :‬‬

‫]‪[258‬‬

‫ابن محمد العلوي وأحمد بن زياد الهمداني‪ ،‬عن علي بن إبراهيم بن هاشم‪ ،‬عن‬
‫أبيه عن عبد السلم بن صالح الهروي قال‪ :‬وحدثنا أبو محمد جعفر بن‬
‫نعيم بن شاذان‪ ،‬عن أحمد بن إدريس‪ ،‬عن إبراهيم بن هاشم‪ ،‬عن عبد‬
‫السلم بن صالح الهروي قال‪ :‬رفع إلى المأمون أن أبا الحسن علي بن‬
‫موسى الرضا عليه السلم يعقد مجالس الكلم‪ ،‬والناس يفتنون بعلمه‪،‬‬
‫فأمر محمد بن عمرو الطوسى حاجب المأمون فطرد الناس عن مجلسه‪،‬‬
‫وأحضره‪ ،‬فلما نظر إليه المأمون زبره واستخف به فخرج أبو الحسن عليه‬
‫السلم من عنده مغضبا وهو يدمدم بشفتيه ويقول‪) :‬وحق المصطفى‬
‫والمرتضى وسيدة النساء لنتزلن من حول ال عزوجل بدعائي عليه ما‬
‫يكون سببا لطرد كلب أهل هذه الكورة إياه واستخفافهم به‪ ،‬وبخاصته‬
‫وعامته‪ .‬ثم إنه عليه السلم انصرف إلى مركزه واستحضر الميضأة‬
‫وتوضأ وصلى ركعتين‪ ،‬وقنت في الثانية فقال‪) :‬اللهم يا ذا القدرة الجامعة‪،‬‬
‫والرحمة الواسعة‪ ،‬والمنن المتتابعة‪ ،‬واللء المتوالية‪ ،‬واليادي الجميلة‪،‬‬
‫والمواهب الجزيلة‪ ،‬يامن ل يوصف بتمثيل ول يمتثل بنظير‪ ،‬ول يغلب‬
‫بظهير‪ ،‬يامن خلق فرزق‪ ،‬وألهم فأنطق‪ ،‬وابتدع فشرع وعل فارتفع‪ ،‬وقدر‬
‫فأحسن‪ ،‬وصور فأتقن‪ ،‬واحتج فأبلغ‪ ،‬وأنعم فأسبغ‪ ،‬و أعطى فأجزل‪ ،‬ومنح‬
‫فأفضل‪ ،‬يامن سما في العز ففات خواطف البصار‪ ،‬ودنا في اللطف فجاز‬
‫هواجس الفكار‪ ،‬يامن تفرد بالملك فل ند له في ملكوت سلطانه‪ ،‬وتوحد‬
‫بالكبرياء فل ضد له في جبروت شأنه‪ .‬يا من حارت في كبرياء هيبته‬
‫دقائق لطائف الوهام‪ ،‬وانحسرت دون إدراك عظمته خطائف أبصار النام‪،‬‬
‫يا عالم خطرات قلوب العالمين‪ ،‬ويا شاهد لحظات أبصار الناظرين‪ ،‬يامن‬
‫عنت الوجوه لهيبته‪ ،‬وخضعت الرقاب لجللته‪ ،‬ووجلت القلوب من خيفته‪،‬‬
‫وارتعدت الفرائص من فرقه‪ ،‬يابدي ]بديع[ ياقوي‪ ،‬يا علي يا رفيع صل‬
‫على من شرفت الصلة بالصلة عليه‪ ،‬وانتقم لي ممن ظلمني واستخف‬
‫بي‪ ،‬وطرد الشيعة عن بابي‪ ،‬وأذقه مرارة الذل والهوان كما أذاقنيها‪،‬‬
‫واجعله طريد الرجاس‬

‫]‪[259‬‬

‫وشريد النجاس‪ ،‬والحمد ل رب العالمين‪ ،‬وصلى ال على محمد وآله الطيبين‬


‫الطاهرين )‪ .(1‬بيان‪) :‬بتمثيل( أي بالتشبيه بالمخلوقين )ول يغلب بظهير(‬
‫أي ل يغلبه أحد بمعاونة معاون‪ ،‬ويمكن أن يقرء على البناء للفاعل‪ ،‬لكن‬
‫البناء للمفعول أنسب بساير الفقرات‪ ،‬وهو المضبوط في النسخ )فشرع(‬
‫أي في الخلق أو أحدث الشرائع والول أظهر )يامن سما في العز( أي عل‬
‫وارتفع فيه أو به )ففات خواطف البصار( أي البصار الخاطفة والخطف‬
‫استلب الشئ‪ ،‬ولعله هنا كناية عن إدراك الشياء بسرعة ويقال‪ :‬خطف‬
‫الشيطان السمع أي استرقه‪ ،‬ويحتمل على بعد أن يكون الفاعل هنا بمعنى‬
‫المفعول أي البصار المختطفة‪ ،‬أي أن البصار تختطف لغلبة نوره‪ ،‬فل‬
‫تدركه كما قال ال تعالى‪) :‬يكاد البرق يخطف أبصارهم( )‪ (2‬وفي بعض‬
‫النسخ )خواطر البصار( فالمراد بالبصار البصائر أو الخواطر التي تحدث‬
‫بعد البصار‪ ،‬وفوته عنها عدم إدراكها له‪) .‬فجاز هواجس الفكار( أي‬
‫تجاوز عما يهجس في الخواطر أي أدركها وأدرك ما هو أخفى منها مما‬
‫هو كامن في النفوس‪ ،‬ول يبعد أن يكون بالحاء المهملة‪ ،‬من الحيازة‬
‫والمضبوط بالجيم‪ ،‬وفي القاموس هجس الشئ في صدره يهجس خطر‬
‫بباله أو هو أن يحدث نفسه في صدره مثل الوساوس )يامن عنت الوجوه(‬
‫أي خضعت‪ ،‬و الفرائض أوداج العنق والفريصة أيضا اللحمة بين الجنب‬
‫والكتب‪ ،‬ل تزال ترعد من الدابة‪ .‬و )البدئ( المبدئ‪ ،‬وهو الذي أنشأ‬
‫الشياء واخترعها ابتداء من غير مثال سابق‪ ،‬كالبديع‪ ،‬فانه أيضا بمعنى‬
‫المبدع‪ ،‬وهو الخالق ل عن مثال أو مادة‪ ،‬و المنيع الذي يمتنع من شر من‬
‫يعاديه بذاته بغير معاون‪ ،‬ويقال‪ :‬فلن في عز و منعة‪ ،‬والشريد الطريد من‬
‫طردته وأبعدته وفرقته‪.‬‬

‫)‪ (1‬عيون الخبار ج ‪ 2‬ص ‪ 172‬و ‪ 173‬في حديث طويل‪ (2) .‬البقرة‪[*] .20 :‬‬

‫]‪[260‬‬

‫‪ - 4‬مصباح الشيخ‪ :‬وغيره يستحب أن يقنت في الفجر بعد القراءة وقبل الركوع‬
‫فيقول‪) :‬ل إله إل ال الحليم الكريم‪ ،‬ل إله إل ال العلي العظيم‪ ،‬سبحان ال‬
‫رب السموات السبع ورب الرضين السبع وما فيهن وما بينهن ورب‬
‫العرش العظيم‪ ،‬وسلم على المرسلين‪ ،‬والحمد ل رب العالمين‪ ،‬يا ال‬
‫الذي ليس كمثله شئ وهو السميع العليم‪ ،‬أسألك أن تصلي على محمد وآل‬
‫محمد‪ ،‬وأن تعجل فرجهم‪ ،‬اللهم من كان أصبح وثقته ورجاؤه غيرك فأنت‬
‫ثقتي ورجائي في المور كلها‪ ،‬يا أجود من سئل‪ ،‬ويا أرحم من استرحم‪،‬‬
‫ارحم ضعفي‪ ،‬وقلة حيلتي‪ ،‬وامنن علي بالجنة طول منك‪ ،‬وفك رقبتي من‬
‫النار‪ ،‬وعافني في نفسي وفي جميع اموري برحمتك يا أرحم الراحمين‪5 .‬‬
‫‪ -‬البلد المين وجنة المان‪ :‬هذا الدعاء رفيع الشأن عظيم المنزلة و رواه‬
‫عبد ال بن عباس عن علي عليه السلم أنه كان يقنت به‪ ،‬وقال‪ :‬إن‬
‫الداعي به كالرامي مع النبي صلى ال عليه وآله في بدر واحد وحنين‬
‫بألف ألف سهم‪ .‬الدعاء‪ :‬اللهم العن صنمي قريش وجبتيها وطاغوتيها‬
‫وإفكيها‪ ،‬وابنتيهما اللذين خالفا أمرك وأنكرا وحيك‪ ،‬وجحدا إنعامك‪،‬‬
‫وعصيا رسولك‪ ،‬وقلبا دينك وحرفا كتابك‪ ،‬وعطل أحكامك‪ ،‬وأبطل‬
‫فرائضك‪ ،‬وألحدا في آياتك‪ ،‬وعاديا أولياءك وواليا أعداءك‪ ،‬وخربا بلدك‪،‬‬
‫وأفسدا عبادك‪ .‬اللهم العنهما وأنصارهما فقد أخربا بيت النبوة‪ ،‬ورد ما‬
‫بابه‪ ،‬ونقضا سقفه‪ ،‬وألحقا سماءه بأرضه‪ ،‬وعاليه بسافله‪ ،‬وظاهره‬
‫بباطنه‪ ،‬واستأصل أهله‪ ،‬وأبادا أنصاره‪ .‬وقتل أطفاله‪ ،‬وأخليا منبره من‬
‫وصيه ووارثه‪ ،‬وجحدا نبوته‪ ،‬وأشركا بربهما‪ ،‬فعظم ذنبهما وخلدهما في‬
‫سقر ! وما أدريك ما سقر ؟ ل تبقي ول تذر‪ .‬اللهم العنهم بعدد كل منكر‬
‫أتوه‪ ،‬وحق أخفوه‪ ،‬ومنبر علوه‪ ،‬ومنافق ولوه ومؤمن أرجوه‪ ،‬وولي‬
‫آذوه‪ ،‬وطريد آووه‪ ،‬وصادق طردوه‪ ،‬وكافر نصروه‪ ،‬وإمام قهروه‪ ،‬وفرض‬
‫غيروه‪ ،‬وأثر أنكروه‪ ،‬وشر أضمروه‪ ،‬ودم أراقوه‪ ،‬وخبر بدلوه‪ ،‬وحكم‬
‫قلبوه‪ ،‬وكفر أبدعوه‪ ،‬وكذب دلسوه‪ ،‬وإرث غصبوه‪ ،‬وفيئ اقتطعوه‪ ،‬و‬
‫]‪[261‬‬

‫سحت أكلوه‪ ،‬وخمس استحلوه وباطل أسسوه‪ ،‬وجور بسطوه‪ ،‬وظلم نشروه‪ ،‬ووعد‬
‫أخلفوه‪ ،‬وعهد نقضوه‪ ،‬وحلل حرموه وحرام حللوه‪ ،‬ونفاق أسروه‪ ،‬وغدر‬
‫أضمروه وبطن فتقوه‪ ،‬وضلع كسروه‪ ،‬وصك مزقوه‪ ،‬وشمل بددوه‪ ،‬وذليل‬
‫أعزوه‪ ،‬وعزيز أذلوه‪ ،‬وحق منعوه‪ ،‬وإمام خالفوه‪ .‬اللهم العنهما بكل آية‬
‫حرفوها‪ ،‬وفريضة تركوها‪ ،‬وسنة غيروها‪ ،‬وأحكام عطلوها‪ ،‬وأرحام‬
‫قطعوها‪ ،‬وشهادات كتموها‪ ،‬ووصية ضيعوها‪ ،‬وأيمان نكثوها ودعوى‬
‫أبطلوها‪ ،‬وبينة أنكروها‪ ،‬وحيلة أحدثوها‪ ،‬وخيانة أوردوها‪ ،‬وعقبة‬
‫ارتقوها ودباب دحرجوها‪ ،‬وأزياف لزموها ]وأمانة خانوها[ ظ‪ .‬اللهم‬
‫العنهما في مكنون السر وظاهر العلنية لعنا كثيرا دائبا أبدا دائما سرمدا ل‬
‫انقطاع لمده‪ ،‬ول نفاد لعدده‪ ،‬ويغدو أوله ول يروح آخره‪ ،‬لهم ولعوانهم‬
‫و أنصارهم ومحبيهم ومواليهم والمسلمين لهم‪ ،‬والمائلين إليهم‬
‫والناهضين بأجنحتهم والمقتدين بكلمهم‪ ،‬والمصدقين بأحكامهم‪ .‬ثم يقول‪:‬‬
‫اللهم عذبهم عذابا يستغيث منه أهل النار آمين رب العالمين( أربع مرات‪،‬‬
‫ودعا عليه السلم في قنوته‪ :‬اللهم صل على محمد وآل محمد‪ ،‬وقنعني‬
‫بحللك عن حرامك‪ ،‬وأعذني من الفقر إني أسأت وظلمت نفسي‪ ،‬واعترفت‬
‫بذنوبي‪ ،‬فها أنا واقف بين يديك‪ ،‬فخذ لنفسك رضاها من نفسي‪ ،‬لك العتبى‬
‫ل أعود‪ ،‬فان عدت فعد على بالمغفرة والعفو‪ ،‬ثم قال عليه السلم‪ :‬العفو‬
‫العفو مائة مرة‪ ،‬ثم قال‪ :‬أستغفر ال العظيم من ظلمي وجرمي و إسرافي‬
‫على نفسي وأتوب إليه‪ ،‬مائة مرة‪ ،‬فلما فرغ عليه السلم من الستغفار‬
‫ركع وسجد وتشهد وسلم )‪ .(1‬بيان‪ :‬قال الكفعمي رحمه ال‪ ،‬عند ذكر‬
‫الدعاء الول‪ :‬هذا الدعاء من غوامض السرار‪ ،‬وكرائم الذكار‪ ،‬وكان‬
‫أمير المؤمنين عليه السلم يواظب في ليله ونهاره وأوقات أسحاره‪،‬‬
‫والضمير )في جبتيها وطاغوتيها وإفكيها( راجع إلى قريش و‬

‫)‪ (1‬البلد المين‪[*] .552 - 551 :‬‬

‫]‪[262‬‬

‫من قرأ )جبتيهما وطاغوتيهما وإفكيهما( على التثنية فليس بصحيح‪ ،‬لن الضمير‬
‫حينئذ يكون راجعا في اللغة إلى جبتي الصنمين وطاغوتيهما وإفكيهما‪،‬‬
‫وذلك ليس مراد أمير المؤمنين عليه السلم وإنما مراده عليه السلم لعن‬
‫صنمي قريش‪ ،‬ووصفه عليه السلم لهذين الصنمين بالجبتين والطاغوتين‬
‫والفكين تفخيما لفسادهما وتعظيما لعنادهما‪ ،‬وإشارة إلى ما أبطله من‬
‫فرائض ال‪ ،‬وعطله من أحكام رسول ال صلى ال عليه وآله‪ .‬والصنمان‬
‫هما الفحشاء والمنكر‪ .‬قال شارح هذا الدعاء‪ :‬الشيخ العالم أبو ‪ -‬السعادات‬
‫أسعد بن عبدالقاهر في كتابه رشح البلء في شرح هذا الدعاء‪ ،‬الصنمان‬
‫الملعونان‪ ،‬هما الفحشاء والمنكر‪ ،‬وإنما شبهتهما عليه السلم بالجبت‬
‫والطاغوت لوجهين‪ :‬إما لكون المنافقين يتبعونهما في الوامر والنواهي‬
‫غير المشروعة‪ ،‬كما اتبع الكفار هذين الصنمين‪ ،‬وإما لكون البراءة منهما‬
‫واجبة لقوله تعالى‪) :‬فمن يكفر بالطاغوت ويؤمن بال فقد استمسك‬
‫بالعروة الوثقى( )‪ .(1‬وقوله‪) :‬اللذين خالفا أمرك( إشارة إلى قوله تعالى‪:‬‬
‫)يا أيها الذين آمنوا أطيعوا ال وأطيعوا الرسول( )‪ (2‬فخالفا ال ورسوله‬
‫في وصيه بعد ما سمعا من النص عليه ما ل يحتمله هذا المكان‪ ،‬ومنعاه‬
‫في حقه فضلوا وأضلوا وهلكوا وأهلكوا وإنكارهما الوحي إشارة إلى قوله‬
‫تعالى‪) :‬بلغ ما انزل إليك من ربك فان لم تفعل فما بلغت رسالته( )‪.(3‬‬
‫)وجحدهما النعام( إشارة إلى أنه تعالى بعث محمدا صلى ال عليه وآله‬
‫رحمة للعالمين‪ ،‬ليتبعوا أوامره‪ ،‬ويجتنبوا نواهيه‪ ،‬فإذا أبوا أحكامه وردوا‬
‫كلمته فقد جحدوا نعمته وكانوا كما قال سبحانه‪) :‬كلما جاءهم رسول بما ل‬
‫تهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون( )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬البقرة‪ (2) .256 :‬النساء‪ (3) .59 :‬المائدة‪ (4) .67 :‬المائدة‪[*] .70 :‬‬

‫]‪[263‬‬

‫وأما عصيانهم الرسول صلى ال عليه وآله فلقوله صلى ال عليه وآله‪ :‬يا علي من‬
‫أطاعك فقد أطاعني‪ ،‬ومن عصاك فقد عصاني‪ ،‬وأما قلبهما الدين فهو‬
‫إشارة إلى ما غيراه من دين ال كتحريم عمر المتعتين وغير ذلك مما ل‬
‫يحتمله هذا المكان وأما تغييرهما الفرض إشارة إلى ما روي عنه عليه‬
‫السلم أنه رأى ليلة السرى مكتوبا على ورقة من آس أني افترضت محبة‬
‫علي على امتك‪ ،‬فغيروا فرضه‪ ،‬ومهدوا لمن بعدهم بغضه‪ ،‬وسبه حتى‬
‫سبوه على منابرهم ألف شهر‪ .‬و )المام المقهور منهم( يعني نفسه عليه‬
‫السلم‪ ،‬ونصرهم الكافر إشارة إلى كل من خذل عليا عليه السلم وحاد ال‬
‫ورسوله‪ ،‬وهو سبحانه يقول‪) :‬ل تجد قوما يؤمنون بال واليوم الخر‬
‫يوادون من حاد ال( )‪ (1‬الية )وطردهم الصادق( إشارة إلى أبي ذر طرده‬
‫عثمان إلى الربذة‪ ،‬وقد قال النبي صلى ال عليه في حقه‪ :‬ما أظلت‬
‫الخضراء ول أقلت الغبراء الحديث )وإيواؤهم الطريد( وهو الحكم بن أبي‬
‫العاص طرده النبي صلى ال عليه وآله فلما تولى عثمان آواه )وإيذائهم‬
‫الولي( يعني عليا عليه السلم )وتوليتهم المنافق( إشارة إلى معاوية‬
‫وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة والوليد بن عتبة و عبد ال بن أبي‬
‫سرح والنعمان بن بشير )وإرجائهم المؤمن( إشارة إلى أصحاب علي عليه‬
‫السلم كسلمان والمقداد وعمار وأبي ذر‪ ،‬والرجاء التأخير‪ ،‬ومنه قوله‬
‫تعالى‪) :‬أرجه وأخاه( )‪ (2‬مع أن النبي صلى ال عليه وآله كان يقدم هؤلء‬
‫وأشباههم على غيرهم‪ .‬والحق المخفي هو الشارة إلى فضائل علي عليه‬
‫السلم وما نص عليه النبي صلى ال عليه وآله في الغدير وكحديث الطاير‬
‫وقوله عليه السلم‪ :‬يوم خيبر لعطين الراية غدا الحديث‪ ،‬و حديث السطل‬
‫والمنديل‪ ،‬وهوي النجم في داره‪ ،‬ونزول هل أتى فيه وغير ذلك مما ل‬
‫يتسع لذكره هذا الكتاب‪ :‬وأما المنكرات التي أتوها فكثيرة جدا وغير‬
‫محصورة عدا حتى روي أن‬

‫)‪ (1‬المجادلة‪ (2) .22 :‬العراف‪[*] .111 :‬‬

‫]‪[264‬‬

‫عمر قضى في الجده بسبعين قضية غير مشروعة‪ ،‬وقد ذكر العلمة قدس ال سره‬
‫في كتاب كشف الحق ونهج الصدق‪ ،‬فمن أراد الطلع على جملة مناكرهم‪،‬‬
‫وما صدر من الموبقات عن أولهم وآخرهم‪ ،‬فعليه بالكتاب المذكور‪ ،‬وكذا‬
‫كتاب الستغاثة في بدع الثلثة وكتاب مسالب الغواصب في مثالب‬
‫النواصب‪ ،‬وكتاب الفاضح‪ ،‬وكتاب الصراط المستقيم‪ ،‬وغير ذلك مما ل‬
‫يحتمل هذا المكان ذكر الكتب فضل عما فيها‪ .‬وقوله‪) :‬فقد أخربا بيت‬
‫النبوة اه( إشارة إلى ما فعله الول والثاني مع علي عليه السلم وفاطمة‬
‫عليها السلم من اليذاء‪ ،‬وأرادا إحراق بيت علي عليه السلم بالنار‪،‬‬
‫وقاداه قهرا كاجمل المخشوش‪ ،‬وضغطا فاطمة عليها السلم في بابها حتى‬
‫سقطت بمحسن‪ ،‬وأمرت أن تدفن ليل لئل يحضر الول والثاني جنازتها‬
‫وغير ذلك من المناكير‪ .‬وعن الباقر عليه السلم ما اهرقت محجمة دم إل‬
‫وكان وزرها في أعناقهما إلى يوم القيامة‪ ،‬من غير أن ينتقص من وزر‬
‫العاملين شئ‪ ،‬وسئل زيد بن علي بن الحسين عليهما السلم وقد أصابه‬
‫سهم في جبينه‪ :‬من رماك به ؟ قال‪ :‬هما رمياني‪ ،‬هما قتلني‪ .‬وقوله‪:‬‬
‫)وحرفا كتابك( يريد به حمل الكتاب على خلف مراد الشرع لترك أوامره‬
‫ونواهيه‪ ،‬ومحبتهما العداء إشارة إلى الشجرة الملعونة بني امية‬
‫ومحبتهما لهم‪ ،‬حتى مهدا لهم أمر الخلفة بعدهما‪ ،‬وجحدهما اللء‬
‫كجحدهما النعماء‪ ،‬و قد مر ذكره‪ ،‬وتعطيلهما الحكام يعلم مما تقدم‪ ،‬وكذا‬
‫إبطال الفرائض‪ ،‬واللحاد في الدين الميل عنه‪) .‬ومعاداتهما الولياء(‬
‫إشارة إلى قوله تعالى‪) :‬إنما وليكم ال ورسوله( )‪ (1‬الية )وتخريبهما‬
‫البلد وإفسادهما العباد( هو مما هدموا من قواعد الدين‪ ،‬وتغييرهم أحكام‬
‫الشريعة‪ ،‬وأحكام القرآن‪ ،‬وتقديم المفضول على الفاضل )والثر الذي‬
‫أنكروه( إشارة إلى استيثار النبي صلى ال عليه وآله عليا من بين أفاضل‬
‫أقاربه و‬
‫)‪ (1‬المائدة‪[*] .55 :‬‬

‫]‪[265‬‬

‫جعله أخا ووصيا‪ ،‬وقال له‪ :‬أنت مني بمنزلة هارون من موسى وغير ذلك ثم بعد‬
‫ذلك كلها أنكروه )والشر الذي آثروه( هو إيثارهم الغير عليه‪ ،‬وهو إيثار‬
‫شر متروك مجهول على خير مأخوذ معلوم‪ ،‬هذا مثل قوله عليه السلم‪:‬‬
‫)علي خير البشر من أبى فقد كفر(‪) .‬والدم المهراق( هو جميع من قتل من‬
‫العلويين‪ ،‬لنهم أسسوا ذلك كما ذكرناه من قبل من كلم الباقر عليه السلم‬
‫)ما اهرقت محجمة دم( اه حتى قيل * وأريتكم أن الحسين اصيب في يوم‬
‫الثقيفة * )‪ (1‬والخبر المبدل منهم عن النبي صلى ال عليه وآله كثير‬
‫كقولهم أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة وغير ذلك مما هو مذكور في‬
‫مظانه‪ .‬والكفر المنصوب‪ :‬هو أن النبي صلى ال عليه وآله نصب عليا‬
‫عليه السلم علما للناس وهاديا فنصبوا كافرا وفاجرا‪ ،‬والرث المغصوب‪:‬‬
‫هو فدك فاطمة عليها السلم‪ ،‬والسحت المأكول هي التصرفات الفاسدة في‬
‫بيت مال المسلمين‪ ،‬وكذا ما حصلوه من ارتفاع الفدك من التمر والشعير‪،‬‬
‫فانها كانت سحتا محضا‪ ،‬والخمس المستحل‪ :‬هو الذي جعله سبحانه لل‬
‫محمد صلى ال عليه وآله فمنعوهم إياه واستحلوه حتى أعطى عثمان‬
‫مروان بن الحكم خمس افريقية وكان خمس مائة ألف دينار بغيا وجورا‪،‬‬
‫والباطل المؤسس‪ :‬هي الحكام الباطلة التي أسسوها وجعلوها قدوة لمن‬
‫بعدهم‪ ،‬والجور المبسوط هو بعض جورهم الذي مر ذكره‪) .‬والنفاق الذي‬
‫أسروه( هو قولهم في أنفسهم لما نصب النبي صلى ال عليه وآله عليا‬
‫عليه السلم للخلفة قالوا‪ :‬وال ل نرضى أن تكون النبوة والخلفة لبيت‬
‫واحد‪ ،‬فلما توفي النبي صلى ال عليه وآله أظهر واما أسروه من النفاق‪،‬‬
‫ولهذا قال علي عليه السلم‪ :‬والذي فلق الحبة و برئ النسمة ما أسلموا‪،‬‬
‫ولكن استسلموا‪ :‬أسروا الكفر‪ ،‬فلما رأوا أعوانا عليه أظهروه‪ .‬وأما الغدر‬
‫المضمر‪ :‬هو ما ذكرناه من إسرارهم النفاق‪ ،‬والظلم المنشور كثير أوله‬
‫أخذهم الخلفة منه عليه السلم بعد فوت النبي صلى ال عليه وآله‪،‬‬
‫والوعد المخلف هو ما وعدوا‬

‫)‪ (1‬راجع كشف الغمة ج ‪ 2‬ص ‪[*] .69‬‬

‫]‪[266‬‬

‫النبي صلى ال عليه وآله من قبولهم ولية علي عليه السلم واليتمام به فنكثوه‪،‬‬
‫والمانة الذي خانوها هي ولية علي عليه السلم في قوله تعالى‪) :‬إنا‬
‫عرضنا المانة على السموات( الية )‪ .(1‬والنسان هم لعنهم ال‪ ،‬والعهد‬
‫المنقوض‪ :‬هو ما عاهدهم به النبي صلى ال عليه وآله يوم الغدير على‬
‫محبة علي عليه السلم ووليته‪ ،‬فنقضوا ذلك‪ .‬والحلل المحرم كتحريم‬
‫المتعتين‪ ،‬وعكسه كتحليل الفقاع وغير ذلك‪ ،‬و والبطن المفتوق بطن عمار‬
‫بن ياسر ضربه عثمان على بطنه فأصابه الفتق‪ ،‬والضلع المدقوق والصك‬
‫الممزوق إشارة إلى ما فعله مع فاطمة عليها السلم من مزق صكها ودق‬
‫ضلعها‪ ،‬والشمل المبدد هو تشتيت شمل أهل البيت عليهم السلم وكذا‬
‫شتتوا بين التأويل والتنزيل وبين الثقلين الكبر والصغر‪ ،‬وإعزاز الذليل‬
‫وعكسه معلوما المعنى وكذا الحق الممنوع‪ ،‬وقد تقدم ما يدل على ذلك‪.‬‬
‫والكذب المدلس مر معناه في قوله عليه السلم )وخبر بدلوه( والحكم‬
‫المقلب مر معناه في أول الدعاء في قوله عليه السلم )وقلبا دينك( والية‬
‫المحرفة مر معناه في قوله عليه السلم‪) :‬حرفا كتابك( والفريضة‬
‫المتروكة هي مواله أهل البيت عليهم السلم لقوله تعالى )قل ل أسألكم‬
‫عليه أجرا إل المودة في القربى( )‪ (2‬والسنة المغيرة كثيرة ل تحصى‪،‬‬
‫وتعطيل الحكام يعلم مما تقدم‪ ،‬والبيعة المنكوثة هي نكثهم بيعته كما فعل‬
‫طلحة والزبير‪ ،‬والرسوم الممنوعة هي الفئ والخمس ونحو ذلك‪،‬‬
‫والدعوى المبطلة إشارة إلى دعوى الخلفة وفدك‪ ،‬والبينة المنكرة هي‬
‫شهادة علي والحسنين عليهم السلم وام أيمن لفاطمة عليها السلم فلم‬
‫يقبلوها‪ .‬والحيلة المحدثة هي اتفاقهم أن يشهدوا على علي عليه السلم‬
‫بكبيرة توجب الحد إن لم يبايع‪ ،‬وقوله‪ :‬وخيانة أوردوها إشارة إلى يوم‬
‫الثقيفة لما احتج النصار على أبي بكر بفضائل علي عليه السلم وأنه‬
‫أولى بالخلفة‪ ،‬فقال أبو بكر‪ :‬صدقتم ذلك ولكنه نسخ بغيره لني سمعت‬
‫النبي صلى ال عليه وآله يقول‪ :‬إنا أهل بيت أكرمنا ال بالنبوة ولم يرض‬
‫لنا‬

‫)‪ (1‬الحزاب‪ (2) .72 :‬الشورى‪[*] .23 :‬‬

‫]‪[267‬‬

‫بالدنيا وأن ال لن يجمع لنا بين النبوة والخلفة‪ ،‬وصدقه عمر وأبو عبيدة و سالم‬
‫مولى حذيفة على ذلك‪ ،‬وزعموا أنهم سمعوا هذا الحديث من النبي صلى‬
‫ال عليه وآله كذبا وزورا فشبهوا على النصار والمة‪ ،‬والنبي صلى ال‬
‫عليه وآله قال‪ :‬من كذب على متعمدا فليتبوء مقعده في النار‪ .‬وقوله‪:‬‬
‫)وعقبة ارتقوها( إشارة إلى أصحاب العقبة وهم أبو بكر وعمر و عثمان‬
‫وطلحة والزبير وأبو سفيان ومعاوية ابنه وعتبة بن أبي سفيان وأبو‬
‫العور السلمي والمغيرة بن شعبة وسعد بن أبي وقاص وأبو قتادة وعمرو‬
‫بن العاص وأبو ‪ -‬موسى الشعري اجتمعوا في غزوة تبوك على كؤد ل‬
‫يمكن أن يجتاز عليها إل فرد رجل أو فرد جمل‪ ،‬وكان تحتها هوة مقدار‬
‫ألف رمح من تعدى عن المجرى هلك من وقوعه فيها‪ ،‬وتلك الغزوة كانت‬
‫في أيام الصيف‪ .‬والعسكر تقطع المسافة ليل فرارا من الحر فلما وصلوا‬
‫إلى تلك العقبة أخذوا دبابا كانوا هيؤها من جلد حمار‪ ،‬ووضعوا فيها حصى‬
‫وطرحوها بين يدي ناقة النبي صلى ال عليه وآله لينفروها به فتلقيه في‬
‫تلك الهوة فيهلك صلى ال عليه وآله‪ .‬فنزل جبرئيل عليه السلم على النبي‬
‫صلى ال عليه وآله بهذه الية )يحلفون بال ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر‬
‫وكفروا بعد إسلمهم وهموا بما لم ينالوا( )‪ (1‬الية وأخبره بمكيدة القوم‪،‬‬
‫فأظهر ال تعالى برقا مستطيل دائما حتى نظر النبي صلى ال عليه وآله‬
‫إلى القوم وعرفهم وإلى هذه الدباب التي ذكرناها أشار عليه السلم بقوله‪:‬‬
‫)ودباب دحرجوها( وسبب فعلهم هذا مع النبي صلى ال عليه وآله كثرة‬
‫نصه على علي عليه السلم بالولية والمامة والخلفة‪ ،‬وكانوا من قبل‬
‫نصه أيضا يسوؤنه لن النبي صلى ال عليه وآله سلطه على كل من‬
‫عصاه من طوائف العرب‪ ،‬ققتل مقاتليهم‪ ،‬وسبا ذراريهم‪ ،‬فما من بيت إل‬
‫وفي قلبه ذحل‪ ،‬فانتهزوا في هذه الغزوة هذه الفرصة‪ ،‬وقالوا إذا هلك‬
‫محمد صلى ال عليه وآله رجعنا إلى المدينة‪ ،‬ونرى رأينا في هذا المر من‬
‫بعده‪ ،‬وكتبوا بينهم كتابا فعصم ال نبيه منهم‪ ،‬وكان من فضيحتهم ما‬
‫ذكرناه‪.‬‬

‫)‪ (1‬براءة‪[*] .74 :‬‬

‫]‪[268‬‬

‫وقوله‪ :‬وأزياف لزموها( الزياف جمع زيف‪ ،‬وهو الدرهم الردى غير المسكوك‬
‫الذي ل ينتفع به أحد‪ ،‬شبه أفعالهم الردية وأقوالهم الشنيعة بالدرهم الزيف‬
‫الذي ل يظهر في البقاع‪ ،‬ول يشترى به متاع‪ ،‬فلفعالهم الفضيحة وأقوالهم‬
‫الشنيعة‪ ،‬وذكرهم ال تعالى في قوله‪) :‬والذين كفروا أعمالهم كسراب‬
‫بقيعة( )‪) .(1‬والشهادات المكتومة( هي ما كتموا من فضائله ومناقبه التي‬
‫ذكرها النبي صلى ال عليه وآله وهي كثيرة جدا وغير محصورة عدا‬
‫)والوصية المضيعة( هي قول النبي صلى ال عليه وآله اوصيكم بأهل‬
‫بيتي وآمركم بالتمسك بالثقلين‪ ،‬وإنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض‪،‬‬
‫وأمثال ذلك انتهى كلمه قدس سره‪ .‬قوله‪) :‬لن الضمير( ل يخفى ما فيه إذ‬
‫ل مانع حينئذ من إرجاع الضمير إلى الصنمين‪ ،‬ول ريب في أن تأنيث‬
‫الضماير أظهر‪ ،‬لكن العلة معلولة‪ ،‬قوله‪) :‬إلى استيثار النبي صلى ال عليه‬
‫وآله( الظاهر أن المراد بالثر إما الخبر وآثار النبي صلى ال عليه وآله‬
‫ولعله حمل الثر على الذي آثر ال ورسوله‪ ،‬واختاره على غيره‪ ،‬وهو‬
‫بعيد لفظا ويحتمل أن يكون في نسخته )وأثير( على فعيل‪ .‬قوله‪) :‬الزياف‬
‫جمع زيف( أقول‪ :‬في بعض النسخ بالراء المهملة جمع ريف بالكسر‪ ،‬وهي‬
‫أرض فيها زرع وخصب‪ ،‬والسعة في المأكل والمشرب‪ ،‬وما قارب الماء‬
‫من أرض العرب‪ ،‬أو حيث الخضر والمياه و الزروع‪ ،‬ول يخفى مناسبة‬
‫الكل‪ .‬ثم إنا بسطنا الكلم في مطاعنهما في كتاب الفتن‪ ،‬وإنما ذكرنا هنا ما‬
‫أورده الكفعمي ليتذكر من يتلو الدعاء بعض مثالبهما لعنة ال عليهما‬
‫وعلى من يتولهما‪ - 6 .‬مهج الدعوات )‪ :(2‬ومن ذلك دعاء وجدناه بخط‬
‫الرضي الموسوي رضوان ال عليه نذكره بلفظه‪ ،‬وتنظر المراد منه‪ .‬بسم‬
‫ال الرحمن الرحيم وجدت في كتاب القاضي علي بن محمد الفزاري أيده‬
‫ال‬

‫)‪ (1‬النور‪ (2) .39 :‬مهج الدعوات‪[*] .406 :‬‬

‫]‪[269‬‬

‫قال‪ :‬قرءت علي أبي جعفر الزاهد أحمد بن محمد بن عيسى العلوي وذكر أنه‬
‫لبعض الئمة يقنت بها‪ ،‬كتبته بنيشابور من نسخة أبي الحسن أحمد بن‬
‫محمد بن كسرى بن يسار ابن قيراط البلخي ويعرف بدعاء السامري‪ :‬بسم‬
‫ال ما شاء ال توجها بالدعاء إلى ال‪ ،‬بسم ال ما شاء ال تقربا بالتضرع‬
‫إلى ال‪ ،‬بسم ال ما شاء ال توسل بالتطلب إلى ال‪ ،‬بسم ال ما شاء ال‬
‫تعبدا ل‪ ،‬بسم ال ما شاء ال تلطفا ل‪ ،‬بسم ال ما شاء ال تذلل ل‪ ،‬بسم‬
‫ال ما شاء ال تخشعا ل بسم ال ما شاء ال استكانة ل‪ ،‬بسم ال ما شاء‬
‫ال استعانة بال‪ ،‬بسم ال ما شاء ال استغاثة بال‪ ،‬بسم ال ما شاء ال ل‬
‫حول ول قوة إل بال‪ ،‬بسم ال ما شاء ال كان بسم ال ما شاء ال ل قوة‬
‫إل بال أستغفر ال المستعان‪ .‬بسم ال ما شاء ال ل إله إل ال الحليم‬
‫الكريم‪ ،‬بسم ال ما شاء ال ل إله إل ال العلي العظيم‪ ،‬بسم ال ما شاء ال‬
‫رب السموات السبع ورب الرضين السبع وما فيهن وما بينهن وما عليهن‬
‫وهو رب العرش العظيم‪ ،‬ل إله إل ال هو رب العرش الكريم بسم ال ما‬
‫شاء ال ل إله إل ال الول قبل كل شئ‪ ،‬بسم ال ما شاء ال ل إله إل ال‬
‫الخر بعد كل شئ‪ ،‬بسم ال ما شاء ال ل إله إل ال سبحان ال ربنا رب‬
‫العزة عما يصفون‪ ،‬وسلم على المرسلين‪ ،‬والحمد ل رب العالمين‪ .‬يا ال‬
‫يالطيف‪ ،‬يا ل الذي ليس كمثله شئ‪ ،‬وأنت السميع البصير‪ ،‬صل على‬
‫محمد وعلى أئمة المؤمنين من آله كلهم‪ ،‬وعجل فرجهم‪ ،‬وضاعف أنواع‬
‫العذاب على أعدائهم‪ ،‬وثبت شيعتهم على طاعتك وطاعتهم وعلى دينك‬
‫ومنهاجهم‪ ،‬ول تنزع منهم سيدي شيئا من صالح ما أعطيتهم برحمتك‪ .‬يا‬
‫ال يا رحمن يا رحيم‪ ،‬يا مقلب القلوب والبصار ل تزغ قلوبهم بعد إذ‬
‫هديتهم‪ ،‬وهب لهم من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب‪ ،‬يا ال يا حي يا قيوم‬
‫أسئلك أن تجعل الصلة كلها على من صليت عليهم‪ ،‬وأن تجعل اللعائن كلها‬
‫على من لعنتهم وأن تبدء بالذين ظلما آل رسولك‪ ،‬وغصبا حقوق أهل بيت‬
‫نبيك‪ ،‬وشرعا غير دينك اللهم فضاعف عليهما عذابك‪ ،‬وغضايبك ولعناتك‬
‫ومخازيك‪ ،‬بعدد ما في علمك‪ ،‬و‬

‫]‪[270‬‬

‫بحسب استحقاقهما من عدلك‪ ،‬وأضعاف أضعاف أضعافه‪ ،‬بمبلغ قدرتك عاجل غير‬
‫آجل‪ ،‬بجميع سلطانك‪ .‬ثم بسائر الظلمة من خلقك بأهل بيت نبيك بحق‬
‫محمد وآله الطيبين الطاهرين الزاهرين‪ ،‬صلواتك عليهم أجمعين‪ ،‬بحسب‬
‫ما أحاط به علمك في كل زمان وفي كل أوان‪ ،‬ولكل شأن وبكل لسان‪،‬‬
‫وعلى كل مكان ومع كل بيان وكذا كل إنسان أبدا دائما واصل ما دامت‬
‫الدنيا والخرة‪ ،‬يا ذا الفضل والثناء‪ ،‬والطول‪ ،‬لك الحمد ل إله إل أنت‬
‫سبحانك يا ال وبحمدك‪ ،‬ترحمت على خلقك‪ ،‬فهديتهم إلى دعائك‪ ،‬فقولك‬
‫الحق في كتابك‪ ،‬وإذا سألك عبادي عني فاني قريب اجيب دعوة الداع إذا‬
‫دعاني‪ .‬فلبيك لبيك لبيك ربنا وسعديك‪ ،‬والخير في يديك‪ ،‬والمهدي من‬
‫هديت عبيدك داعيك منتصب بين يديك‪ ،‬ورقك وراجيك‪ ،‬منتهى عن‬
‫معاصيك‪ ،‬وسألك من فضلك يصلي لك وحدك ل شريك لك‪ ،‬بك ولك ومنك‬
‫وإليك‪ ،‬ل منجا ول ملتجأ منك إل إليك‪ ،‬تباركت وتعاليت‪ ،‬سبحانك ربنا‬
‫وحنانيك‪ ،‬سبحانك وتعاليت‪ ،‬سبحانك ربنا ورب البيت الحرام‪ ،‬سبحانك ربنا‬
‫والرغبة إليك‪ ،‬سبحانك ربنا و رب الورى‪ ،‬ترى ول ترى‪ ،‬وأنت بالمنظر‬
‫العلى‪ ،‬وإليك الرجعى‪ ،‬وإليك الممات والمحيا ولك الخرة والولى‪ ،‬ولك‬
‫القدرة والحجة والمر والنهي‪ ،‬وأنت الغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا‬
‫ثم اهتدى‪ .‬فآمنا بك يا سيدي وسألناك واهتدينا لك بمن هديتنا بهم من‬
‫بريتك المختار من المتقين‪ ،‬محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين الخيرين‬
‫الفاضلين الزاهدين المرضيين صلواتك عليهم أجمعين‪ .‬اللهم فصل عليهم‬
‫بجميع صلواتك‪ ،‬وعجل فرجهم بعز جللك‪ ،‬وأدخلنا بهم فيمن هديت‪،‬‬
‫وعافنا بهم فيمن عافيت‪ ،‬وتولنا بهم فيمن توليت‪ ،‬وارزقنا بهم فيمن‬
‫رزقت‪ ،‬وبارك لنا بهم فيما أعطيت‪ ،‬وقنا بهم جميع شرور ما قدرت‬
‫وقضيت فانك تقضي ول يقضى عليك‪ ،‬وتذل ول يذل من واليت‪ ،‬وتجير ول‬
‫يجار عليك‬

‫]‪[271‬‬
‫والمصير والمعاد إليك‪ ،‬آمنا بك يا سيدي وتوكلنا عليك‪ ،‬وسمعنا لك يا سيدي‬
‫وفوضنا إليك‪ .‬اللهم إنا نعوذ بك من أن نذل ونخزى‪ ،‬ونعوذ بك من درك‬
‫الشقاء‪ ،‬ومن شماتة العداء‪ ،‬ومن سوء القضاء‪ ،‬ومن تتابع الفناء والبلء‬
‫ومن الوباء ومن جهد البلء‪ ،‬وحرمان الدعاء‪ ،‬ومن سوء المنظر في‬
‫أنفس أهل بيت نبيك محمد صلواتك عليهم‪ ،‬وفي أديانهم في جميع ما‬
‫تفضلت وتتفضل به عليهم‪ ،‬ما عاشوا وعند وفاتهم وبعد وفاتهم ونعوذ بك‬
‫يا سيدي من الخزي في الحيوة الدنيا‪ ،‬ومن المرد إلى النار‪ .‬هذا مقام العائذ‬
‫بك من النار ! أعوذ بك يا سيدي من النار‪ ،‬هذا مقام الهارب إليك من النار‪،‬‬
‫أهرب إليك إلهي من النار‪ ،‬هذا مقام المستجير بك من النار‪ ،‬أستجير بك يا‬
‫سيدي وإلهي من النار‪ ،‬هذا مقام التائب الراغب إليك في فكاك رقبتي من‬
‫النار‪ ،‬هذا مقام التائب إليك الضارع إليك الطالب إليك في عتق رقبتي من‬
‫النار‪ .‬هذا مقام من باء بخطيئته‪ ،‬وتاب وأناب إلى ربه‪ ،‬وتوجه بوجهه إلى‬
‫الذي فطر السموات والرض عالم الغيب والشهادة على ملة إبراهيم‬
‫ومنهاجه‪ ،‬وعلى دين محمد صلى ال عليه وآله وشريعته‪ ،‬وعلى ولية‬
‫علي وإمامته‪ ،‬وعلى نهج الوصياء والولياء المختارين من ذريتهما‬
‫المخصوصين بالمامة والطهارة والوصاية والحكمة‪ ،‬والتسمية بالسبطين‬
‫الحسن والحسين عليها السلم‪ ،‬سيدي شباب أهل الجنة أجمعين‪ ،‬وبعلي‬
‫بن الحسين سيد العابدين‪ ،‬وبمحمد بن علي باقر علم الدين‪ ،‬وبجعفر بن‬
‫محمد الصادق عن رب العالمين‪ ،‬وبموسى بن جعفر العبد الصالح‪ ،‬وبعلي‬
‫بن موسى الرضا من المرضيين‪ ،‬وبمحمد بن علي التقي من المتقين‪،‬‬
‫وبعلي بن محمد الطاهر من المطهرين‪ ،‬و بالحسن بن علي الهادي من‬
‫المهديين‪ ،‬وبابن الحسن المبارك من المباركين‪ ،‬وعلى سننهم وسبلهم‬
‫وحدودهم ونحوهم وأمهم وأمرهم وتقواهم وسنتهم وسيرتهم وقليلهم‬
‫وكثيرهم حيا وميتا‪ ،‬وشكرا لدينا على ذلك دائما‪ .‬فيا ال يا نور كل نور‪ ،‬يا‬
‫صادق النور‪ ،‬يا من صفته نور‪ ،‬يا مدهر الدهور‬

‫]‪[272‬‬

‫يا مدبر المور‪ ،‬يا مجري البحور‪ ،‬يا باعث من في القبور‪ ،‬يا مجري الفلك لنوح‪ ،‬يا‬
‫ملين الحديد لداود‪ ،‬يا مؤتي سليمان ملكا عظيما‪ ،‬يا كاشف الضر عن‬
‫أيوب‪ ،‬يا جاعل النار بردا وسلما على إبراهيم‪ ،‬يا فادي ابنه بالذبح‬
‫العظيم‪ ،‬يا مفرج هم يعقوب‪ ،‬يا منفس غم يوسف‪ ،‬يا مكلم موسى تكليما‪ ،‬يا‬
‫مؤيد عيسى بالروح تأييدا‪ ،‬يا فاتح لمحمد فتحا مبينا‪ ،‬ويا ناصره نصرا‬
‫عزيزا‪ ،‬يا جاعل للخلق لسان صدق عليا يا مذهب عن أهل بيت محمد‬
‫الرجس ومطهرهم تطهيرا‪ .‬أسألك أن تجعل فواضل صلواتك وبركاتك‬
‫وزاكياتك ومغفرتك ونواميك و رضوانك ورأفتك ورحمتك ومحبتك وتحيتك‬
‫وصلواتك على جميع أهل طاعتك من خلقك‪ ،‬على محمد وعليهم وعلى‬
‫جميع أجسادهم وأرواحهم‪ ،‬وعلى كل من أحببت الصلة عليه من جميع‬
‫خلقك‪ ،‬بعدد ما في علمك‪ .‬وآمنت يا ال بك وبهم‪ ،‬وبجميع من أمرت‬
‫باليمان من جميع خلقك‪ ،‬و آمنت يا ال بك وبجميع أسرار آل محمد‬
‫وعلنيتهم وظاهرهم وباطنهم‪ ،‬ومعروفهم حيا وميتا‪ ،‬أشهد أنهم في علم‬
‫ال وطاعته كمحمد صلوات ال عليه وعليهم أجمعين‪ ،‬بعدد ما في علم ال‬
‫في كل زمان‪ ،‬وفي كل حين وأوان‪ ،‬وفي كل شأن وبكل لسان‪ ،‬و على كل‬
‫مكان أبدا دائما واصل‪ ،‬ما دامت الدنيا والخرة بك وبجميع رحمتك يا أرحم‬
‫الراحمين‪ .‬يا ال يا متعالي المكان‪ ،‬يا رفيع البنيان‪ ،‬يا عظيم الشأن‪ ،‬يا‬
‫عزيز السلطان يا ذاالنور والبرهان‪ ،‬يا ذاالقدرة والبنيان‪ ،‬يا هادي لليمان‪،‬‬
‫يا مخوف الحكام‪ ،‬يا مخشي النتقام‪ ،‬يا ذا الملك والمعارج‪ ،‬يا ذا العدل‬
‫والرغائب‪ ،‬أسألك أن تصلي على محمد وآل محمد عليه وعليهم السلم‪،‬‬
‫المتقين الزاهدين بجميع صلواتك‪ ،‬وأن تعجل فرجهم بعز جللك‪ ،‬وأن‬
‫تضاعف أنواع العذاب واللعائن بعدد ما في علمك على مبغضيهم ومعاديهم‬
‫وغاصبيهم ومناويهم‪ ،‬والتاركين أمرهم‪ ،‬والرادين عليهم‪ ،‬والجاحدين لهم‪،‬‬
‫والصادين عنهم‪ ،‬والباغين سواهم‪ ،‬والغاصبين حقوقهم‪ ،‬والجاحدين‬
‫فضلهم‪.‬‬

‫]‪[273‬‬

‫والناكثين عهدهم‪ ،‬والمتلشين ذكرهم‪ ،‬والمستأكلين برسمهم‪ ،‬والواطئين لسمتهم‪،‬‬


‫والناشين خلقهم‪ ،‬والناصبين عداوتهم‪ ،‬والمانعين لهم‪ ،‬والناكثين‬
‫لتباعهم‪ .‬اللهم فأبح حريمهم‪ ،‬وألق الرعب في قلوبهم‪ ،‬وخالف بين‬
‫كلمتهم‪ ،‬وأنزل عليهم رجزك وعذابك وغضائبك ومخازيك ودمارك ودبارك‬
‫وسفالك ونكالك وسخطك وسطواتك وبأسك وبوارك ونكالتك ووبالك‬
‫وبلءك وهلكك وهوانك وشقاءك وشدائدك ونوازلك ونقماتك ومعارك‬
‫ومضارك وخزيك وخذلنك ومكرك و متالفك وقوامعك وعوارتك وأوراطك‬
‫وأوتارك وعقابك بمبلغ ما أحاط به علمك‪ ،‬وبعدد أضعاف أضعاف أضعاف‬
‫استحقاقهم من عدلك‪ ،‬من كل زمان وفي كل أوان وبكل شأن وبكل مكان‪،‬‬
‫وبكل لسان ومع كل بيان أبدا دائما واصل ما دامت الدنيا والخرة بك‬
‫وبجميع قدرتك يا أقدر القادرين‪ ،‬يا رب‪ ،‬الرباب‪ ،‬يا معتق الرقاب يا كريم‬
‫يا وهاب‪ ،‬يا رحيم يا تواب‪ ،‬أنت تدعوني حتى أكله‪ ،‬وأنا عبدك‪ ،‬وقد‬
‫عظمت ذنوبي عندك‪ ،‬وخفت أل أستحق إجابتك‪ ،‬وعفوك ورحمتك أجل‬
‫وأعظم من ذنوبي حتى ل أقنط من رحمتك ول أيئس من حسن إجابتك‬
‫فلتسعني رحمتك ولينلني حسن إجابتك برأفتك‪ ،‬وأكرمني سابغ عطائك‪،‬‬
‫وسعة فضلك‪ ،‬والرضا بأقدارك بغير فقر وفاقة‪ ،‬وتبلغني سؤلي ونجاح‬
‫طلبتي‪ ،‬وعن حسن إجابتك إلحاحي‪ ،‬وعن جملة اعترافي واستغفاري‪.‬‬
‫أستغفرك إلهي وسيدي لجميع ما كرهته مني بجميع الستغفارات لك‪،‬‬
‫وتبت إليك من جميع ما كرهته مني بأفضل التوبات لديك‪ ،‬مصليا على‬
‫محمد وأهل بيته الطيبين الطاهرين بجميع صلواتك‪ ،‬ولعنا أعداءك‬
‫وأعداءهم قبل كل شئ ومع كل شئ وعند كل شئ ولكل شئ وفي كل شئ‬
‫وبعد كل شئ ومع كل شئ‪ ،‬ولكل شئ وفي كل شئ على أفضل محبتك‬
‫ومرضاتك حيا وميتا حتى ترضى وتمحوني من الشقياء المحرومين‬
‫إجابتك‪ ،‬وتكتبني من السعداء المستحقين إجابتك‪ ،‬فانك سيدي تمحو ما‬
‫تشاء وتثبت وعندك ام الكتاب‪ ،‬ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا‬
‫مع الشاهدين واتبعنا الرسول ووالينا الولي وتأممنا الئمة فاكتبنا مع‬

‫]‪[274‬‬

‫الشاهدين وأدخلنا بهم في عبادك الصالحين‪ ،‬وانصرنا بهم على القوم الكافرين‪،‬‬
‫وبجميع رحمتك يا أحم الراحمين‪ .‬ثم قل سبعين مرة‪ :‬أستغفر ال الذي ل‬
‫إله إل هو الحي القيوم لجميع ذنوبي وأسأله أن يتوب علينا برحمته‪ ،‬ثم‬
‫اركع وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين )‪ .(1‬بيان‪) :‬التسمية‬
‫من السمو( بمعنى الرفعة أو خصوا بالتسمية للمامة أو بالسماء‬
‫المذكورة بعده‪ ،‬وهو أظهر‪ ،‬وأمهم أي قصدهم أو مقصودهم‪ ،‬وشكر الدنيا‬
‫أي ألزمت على ذلك شكرا علينا وفي ذمتنا ولعل فيه تصحيفا أو سقطا‬
‫)بعدد ما في علم ال( متعلق بالصلوات )بك وبجميع رحمتك( لعل الباء‬
‫فيهما للقسم أو للملبسة‪ ،‬أي ما دامتا متلبسين بك وبرحمتك‪ ،‬أو متعلقان‬
‫بالصلة‪ ،‬فالباء للسببية ويحتمل تعلقهما بقوله‪) :‬أسئلك( المذكور بعد ذلك‪،‬‬
‫أو بمثله مقدرا والظاهر أن فيه أيضا سقطا‪) .‬يا مخوف الحكام( أي يخاف‬
‫الناس من أحكامك على العباد في الدنيا و الخرة )والمتلشين ذكرهم( أي‬
‫الذين يسعون في أن يكون ذكرهم بين الناس كذكرهم أو يفرقون ويمحون‬
‫ذكرهم ولم يرد بالمعنيين في اللغة‪ ،‬وقد يستعمل في العرف فيهما‪ ،‬لكن في‬
‫الثاني ل يستعمل متعديا‪ ،‬وفي القاموس اللش الطرد واللشلشة كثرة التردد‬
‫وكونهما مأخوذين منه يحتاج إلى مزيد تكلف لفظا ومعنى‪ ،‬وإن كان هذا‬
‫القلب في المضاعف شايعا‪) .‬والمستأكلين برسمهم( أي الذين يأكلون‬
‫أموالهم وأموال المسلمين بادعاء رسمهم وأثرهم‪ ،‬أو بالمرسوم المقرر‬
‫لهم من ال )والناشين خلقهم( قال الجوهري نشيت منه ريحا نشوة‬
‫بالكسر أي شممت ويقال أيضا‪ :‬نشيت الخبر إذا تخبرت و نظرت من أين‬
‫جاء‪ ،‬والخلق النصيب الوافر من الخير‪ ،‬فالمعنى الطالبين نصيبهم و‬
‫المستخبرين عنه ليأخذوه‪ ،‬وفي بعض النسخ بالسين المهملة وهو أنسب‬
‫وفي بعضها‬

‫)‪ (1‬مهج الدعوات‪[*] .413 :‬‬


‫]‪[275‬‬

‫بالفاء بكسر الخاء فيكون الناشين مخففا من نشأ‪ ،‬والدبار بالكسر المعاداة و بالفتح‬
‫الهلك‪ ،‬والسفال بالفتح نقيض العلو يقال‪ :‬سفل ككرم وعلم ونصر سفال و‬
‫سفال‪ ،‬والشقاء الشدة والعسر‪ ،‬والمعرة الثم والذى والغرم والدية‬
‫والجناية وتلون الوجه غضبا‪ ،‬والورطة الهلكة وكل أمر تعسر النجاة منه‪،‬‬
‫والوتر الذحل‪ ،‬والظلم فيه كالترة‪ .‬قوله‪) :‬استحقاقهم( أي بحسب عقول‬
‫الخلق )من عدلك( أي حال كونها ناشئة من عدلك ول تزيد على استحقاقهم‬
‫الواقعي‪ ،‬أو المراد استحقاقهم بالذات فل ينافي زيادتهما بحسب ما يصل‬
‫ضرر أفعالهم إلى الخلق‪ ،‬وهذا أحد الوجوه المذكورة في فائدة اللعن‬
‫عليهم‪ ،‬فان جميع الخلق طالبون للحقوق منهم بحسب ما وصل إليهم من‬
‫الضرر من منع المام عن إقامة العدل‪ ،‬وبيان الحكام‪ ،‬وإقامة الحدود‪،‬‬
‫فلعنهم طلب لحقهم فيستحقون بذلك مضاعفة العذاب‪) .‬حتى أكله( أي‬
‫يحصل لي الكلل بتكرر الدعوة )حتى ل أقنط( أي تدعوني لكيل أقنط‪.‬‬
‫وأقول‪ :‬هذا الدعاء كان سقيما جدا وعسى أن يتيسر لنا نسخة يمكننا‬
‫تصحيحه منها‪ ،‬أو لغيرنا‪ ،‬ولذا أوردناه‪ ،‬وكانت نسخة السيد أيضا كذلك‬
‫حيث قال بعد تمام الدعاء‪) :‬أقول‪ :‬هذا آخر لفظ الدعاء المذكور‪ ،‬وفيه ما‬
‫يحتاج إلى استدراك وتحقيق امور( انتهى ولعل أكثر تلك القنوتات بالصلة‬
‫المستحبة أنسب‪ ،‬ل سيما صلة الوتر‪.‬‬

‫]‪[276‬‬

‫)‪) * (34‬باب( * * " )التشهد وأحكامه )‪ * " ((1‬اليات‪ :‬الحزاب‪ :‬إن ال‬
‫وملئكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا‬

‫)‪ (1‬ومن اليات التى تتعلق بالباب على مبنى أهل بيت النبي صلى ال عليه وآله‪،‬‬
‫قوله تعالى‪) :‬قل انما أمرت أن أ عبد ال ول أشرك به إليه أدعو واليه‬
‫مآب( الرعد‪ ،36 :‬وقوله تعالى‪) :‬انما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذى‬
‫حرمها وله كل شئ وأمرت أن أكون من المسلمين( النمل‪ ،92 :‬وقوله‬
‫تعالى‪) :‬قل انى أمرت أن أ عبد ال مخلصين له الدين وأمرت لن أكون‬
‫أول المسلمين( الزمر‪ .12 - 11 :‬واليات تأمر النبي صلى ال عليه وآله‬
‫بأن يكون في عبادته مخلصا ل وأن يكون من المسلمين أو أول‬
‫المسلمين الذين يشهدون أن ل اله ال ال وأن محمدا رسول ال وأن‬
‫الساعة آتية ل ريب فيها وأن ال يبعث من في القبور‪ .‬فاصول السلم‬
‫هي الشهادة والعتراف بهذه المور الثلثة فهى واجبة‪ ،‬ال أن النبي‬
‫صلى ال عليه وآله أولها إلى الصلة وجلس لداء هذه الشهادات عند‬
‫آخر ركعة من الفرائض وهى الركعة الثانية من كل صلة وهكذا عند آخر‬
‫ركعة من ركعات السنة‪ ،‬سواء كانت داخلة في الفرض كالركعة الثالثة في‬
‫المغرب‪ ،‬والركعة الرابعة من الظهرين والعشاء الخرة‪ ،‬أولم تكن داخلة‬
‫في الفرض كالنوافل اليومية‪ .‬ول يذهب عليك أن ألفاظ الشهادة غير‬
‫مذكورة في متن القرآن الكريم ولذلك كان المصلى في أداء تلك الشهادات‬
‫مختارة ينشئ من عنده كيف يشاء‪ ،‬كل على قدر بيانه وحسن أدائه‪،‬‬
‫والحسن القتداء بالنبي وآله في ذلك حيث أخذوا الشهادة بتلك المور‬
‫من شتات ألفاظ القرآن الكريم في غير واحد من الموارد وسيجيئ بيانه‬
‫في الحاديث التى تمر عليك في الباب‪[*] .‬‬

‫]‪[277‬‬

‫صلوا عليه وسلموا تسليما )‪ .(1‬تفسير‪ :‬المشهور أن الصلة من ال الرحمة‪ ،‬ومن‬


‫غيره طلبها‪ ،‬وظاهر الية وجوب الصلة على النبي صلى ال عليه وآله‬
‫في الجملة‪ ،‬واختلف الصحاب في وجوب الصلة على النبي وآله عليهم‬
‫السلم في التشهد فالمشهور بين الصحاب الوجوب بل نقل جماعة‬

‫)‪ (1‬الحزاب‪ ،56 :‬والية تأمر المؤمنين بالصلة على النبي وآله‪ ،‬ثم التسليم‬
‫عليهم‪ ،‬ال أنها من المتشابهات بأم الكتاب أولها النبي صلى ال عليه‬
‫وآله إلى الصلة بعد أداء الشهادات أو الشهادتين ‪ -‬وفى الثانية منها‬
‫ذكره صلى ال عليه وآله بالرسالة ‪ -‬ردا للمتشابه إلى أمه‪ ،‬فيجب على‬
‫المسلمين خاصة أن يصلوا عليه وعلى آله بعد الفراغ من تلك الشهادات‬
‫ثم يسلموا عليه وعلى آله عند تمام الصلة لتكون خاتمة الصلة المحللة‬
‫لغيرها‪ .‬فالذي يتشهد في الركعة الثانية من صلته ويريد أن يقوم للثالثة‬
‫يتشهد بتلك الشهادات ويصلى على النبي وآله ول يسلم عليهم‪ ،‬وأما‬
‫الذى يتشهد في الركعة الخرة من صلته‪ ،‬فيتشهد بتلك الشهادات‬
‫ويصلى على النبي وآله ثم يسلم عليهم جمعاء بقوله )السلم عليكم و‬
‫رحمة ال وبركاته( ويخرج عن صلته أو يفرد النبي صلى ال عليه وآله‬
‫خاصة بقوله )السلم عليك أيها النبي ورحمة ال وبركاته( ويخرج بذلك‬
‫عن الصلة‪ ،‬ثم يسلم على أهله وآله بقوله‪) :‬السلم عليكم ورحمة ال‬
‫وبركاته(‪ ،‬كما كانوا يفعلون في صدر السلم‪ .‬وأما قوله )السلم علينا‬
‫وعلى عباد ال الصالحين( فلم يرد به أمر من القرآن الكريم ال عند‬
‫الدخول في بيت ليس فيه أهله‪ ،‬وهو قوله تعالى‪) :‬فإذا دخلتم بيوتا‬
‫فسلموا على أنفسكم تحية من عند ال مباركة طيبة( النور‪ .61 :‬فيكون‬
‫هذا التسليم حشوا ل من الصلة ول من تعقيباتها‪ .‬ولعلهم زادوها في‬
‫تشهد الصلة بعد تسليمهم على النبي منفردا‪ ،‬حسدا منهم لهل بيت النبي‬
‫صلى ال عليه وآله أن يسلموا عليهم بعد الصلة على النبي‪ ،‬وهم الذين‬
‫فرقوا بين النبي وآله في الصلة أيضا‪ ،‬رغم أنف راوي الصحيح كعب بن‬
‫عجرة حيث روى عن النبي صلى ال عليه وآله في حديثه أنه صلى ال‬
‫عليه وآله وسلم قال عند ما سئل عن كيفية الصلة عليه‪ :‬قولوا اللهم‬
‫صل على محمد وآل محمد كما صليت على ابراهيم وآل ابراهيم انك حميد‬
‫مجيد‪.‬‬

‫]‪[278‬‬

‫اتفاق الصحاب عليه‪ ،‬ولم يذكرها الصدوق أصل ول والده في التشهد الول‪ ،‬وعن‬
‫ابن الجنيد أنه قال‪ :‬تجزي الشهادتان إذا لم تخل الصلة من الصلة على‬
‫محمد وآله في أحد التشهدين‪ .‬واحتج الفاضلن على الوجوب بورود المر‬
‫بها في هذه الية ول تجب في غير الصلة إجماعا فتجب في الصلة في‬
‫حال التشهد‪ ،‬ويرد عليه‪ :‬أنه يجوز أن يكون المراد بالصلة عليه صلى ال‬
‫عليه وآله العتناء باظهار شرفه وتعظيم شأنه‪ ،‬فل يدل على المدعى‪ ،‬أو‬
‫يكون المراد الكلم الدال على الثناء عليه وهو حاصل بالشهادة بالرسالة‪،‬‬
‫وبالجملة إثبات أن المراد الصلة المتعارفة محل إشكال‪ ،‬على أن المر‬
‫المطلق ل يقتضي التكرار‪ ،‬فغاية ما يلزم من الية وجوب الصلة في العمر‬
‫مرة‪ ،‬وإثبات أن القول بذلك خلف الجماع كما ادعاه الفاضلن ل يخلو‬
‫عن عسر‪ ،‬لكن الخبار وردت من الجانبين في أن الية نزلت في الصلة‬
‫عليه صلى ال عليه وآله بالمعنى المعهود‪ ،‬مع الصلة على الل أيضا كما‬
‫مر في بابها‪ ،‬فيندفع بعض اليرادات‪ .‬وقال المحقق في المعتبر‪ :‬أما الصلة‬
‫على النبي صلى ال عليه وآله فانها واجبة في التشهدين وبه قال علماؤنا‬
‫أجمع‪ :‬وقال الشيخ هي ركن‪ ،‬وبه قال أحمد‪ ،‬وقال الشافعي‪ :‬مستحبة في‬
‫الولى وركن من الصلة في الخيرة‪ ،‬وأنكر أبو حنيفة ذلك واستحبهما في‬
‫الموضعين وبه قال مالك‪ ،‬لن النبي صلى ال عليه وآله لم يعلمه‬
‫العرابي‪ ،‬ولن النبي صلى ال عليه وآله قال لبن مسعود عقيب ذكر‬
‫الشهادتين‪ :‬فإذا قلت ذلك فقد تمت صلتك‪ ،‬أو قضيت صلتك‪ ،‬لنا ما رووه‬
‫عن عائشة قالت سمعت رسول ال صلى ال عليه وآله يقول‪ :‬ل تقبل‬
‫صلة إل بطهور‪ ،‬و بالصلة على‪ ،‬ورووه عن أنس عن النبي صلى ال‬
‫عليه وآله ولنه لو لم تجب الصلة عليه في التشهد لزم أحد المرين إما‬
‫خروج الصلة عليه عن الوجوب‪ ،‬أو وجوبها في غير الصلة‪ ،‬ويلزم من‬
‫الول خروج المر عن الوجوب‪ ،‬ومن الثاني مخالفة الجماع‪ .‬ل يقال‪:‬‬
‫ذهب الكرخي إلى وجوبها في غير الصلة في العمر مرة‪ ،‬وقال الطحاوي‪:‬‬
‫كل ما ذكر‪ ،‬قلنا‪ :‬الجماع سبق الكرخي والطحاوي فل عبرة بخروجهما‪ .‬ثم‬
‫قال ‪ -‬ره ‪ :-‬وأما قول الشيخ إنها ركن فان عنى الوجوب والبطلن بتركها‬
‫]‪[279‬‬

‫عمدا‪ ،‬فهو صواب‪ ،‬وإن عنى ما نفسر به الركن فل‪ .‬ثم قال في الستدلل على‬
‫وجوب الصلة على آله صلى ال عليه وآله بعد قوله‪ :‬وهو مذهب علمائنا‪:‬‬
‫وبه قال التويجي من أصحاب الشافعي وأحد الروايتين عن أحمد‪ ،‬وقال‬
‫الشافعي يستحب‪ ،‬لنا ما رواه كعب بن عجرة قال‪ :‬كان رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله يقول‪ :‬في صلته اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت‬
‫على إبراهيم وآل إبراهيم إنه حميد مجيد فتجب متابعته لقوله صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬صلوا كما رأيتموني اصلي‪ ،‬وحديث جابر الجعفي عن أبي‬
‫جعفر عليه السلم عن ابن مسعود النصاري قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬من صلى صلة ولم يصل فيها على وعلى أهل بيتي لم تقبل‬
‫منه‪ ،‬واقتران الهل به في الحكم دليل الوجوب لما بيناه من وجوب الصلة‬
‫عليه انتهى‪ .‬واستدل أيضا بالية على وجوب الصلة عليه صلى ال عليه‬
‫وآله كلما ذكر بما مر من التقريب ونقل العلمة في المنتهى الجماع على‬
‫عدم الوجوب كما مر من المحقق أيضا‪ ،‬وذهب صاحب كنز العرفان إلى‬
‫وجوبها ونقله عن الصدوق‪ ،‬وإليه ذهب الشيخ البهائي في بعض كتبه‪.‬‬
‫وللعامة هنا أقوال مختلفة‪ ،‬قال في الكشاف‪ :‬الصلة على رسول ال صلى‬
‫ال عليه وآله واجبة‪ ،‬وقد اختلفوا فمنهم من أوجبها كلما جرى ذكره‪ ،‬وفي‬
‫الحديث من ذكرت عنده فلم يصل على فدخل النار فأبعده ال‪ ،‬ويروى أنه‬
‫قيل‪ :‬يارسول ال أرأيت قول )ال إن ال وملئكته يصلون على النبي( فقال‬
‫عليه السلم‪ :‬هذا من العلم المكنون‪ ،‬ولول أنكم سألتموني عنه ما أخبرتكم‬
‫به‪ ،‬إن ال وكل بي ملكين‪ ،‬فل اذكر عند عبد مسلم فيصلي على إل قال‬
‫ذانك الملكان‪ :‬غفر ال لك‪ ،‬وقال ال وملئكته جوابا لذينك الملكين آمين‪،‬‬
‫ول اذكر عند عبد مسلم فل يصلي على إل قال ذانك الملكان ل غفر ال لك‪،‬‬
‫وقال ال وملئكته لذينك الملكين آمين‪ ،‬ومنهم من قال‪ :‬يجب في كل مجلس‬
‫مرة‪ ،‬وإن تكرر ذكره‪ :‬كما قيل في آية السجدة وتسميت العاطس‪ ،‬وكذلك‬
‫كل دعاء في أوله وآخره‪ ،‬ومنهم من أوجبهما في العمر مرة‪ ،‬وكذا قال في‬
‫إظهار الشهادتين والذي يقتضيه الحتياط الصلة عند كل ذكر لما ورد في‬
‫الخبار انتهى‪ .‬وما عده أحوط‬

‫]‪[280‬‬

‫فل ريب في أنه أحوط بل هو المتعين‪ ،‬للخبار الكثيرة الدالة على وجوبها كما‬
‫سيأتي في باب الصلة عليه في كتاب الدعاء‪ ،‬وإن كان في بعضها ضعف‬
‫على المشهور لكن كثرتها وتعاضدها بالية مما يجبر ضعفها‪ ،‬وسيأتي‬
‫تمام القول فيها وفي فروعها في محله‪ ،‬وقد مر في صحيحة الفضلء في‬
‫خبر المعراج أن ال تعالى أمر النبي صلى ال عليه وآله بالصلة عليه‬
‫وعلى أهل بيته في التشهد‪ ،‬فقول الصدوق بوجوبها كل ما ذكر صلى ال‬
‫عليه وآله وعدم وجوبها في التشهد مما يوهم التناقض إل أن يقال‪:‬‬
‫يوجبها من حيث الذكر عموما ل من حيث الجزئية خصوصا‪ ،‬وهذا ل يخلو‬
‫من وجه‪ ،‬وبه يمكن الجمع بين الخبار‪ .‬وأما قوله سبحانه‪) :‬وسلموا‬
‫تسليما( فقيل المراد به‪ :‬انقادوا له في المور كلها وأطيعوه‪ ،‬وقد وردت‬
‫الخبار الكثيرة في أن المراد به التسليم لهم عليهم السلم في كل ما صدر‬
‫عنهم من قول أو فعل‪ ،‬وعدم العتراض عليهم في شئ كما مر في كتاب‬
‫العلم وقيل‪ :‬سلموا عليه بأن تقولوا السلم عليك يا رسول ال‪ ،‬ونحو ذلك‪،‬‬
‫وربما رجح هذا بالمقارنة بالصلة‪ ،‬وقد يحمل على المعنيين معا وعلى‬
‫التقديرين فيه دللة على وجوب السلم في الجملة‪ ،‬فهو إما في ضمن‬
‫التسليم المخرج من الصلة‪ ،‬كما قيل‪ ،‬و استدل به عليه على قياس‬
‫الصلة‪ ،‬أو يقول السلم عليك أيها النبي ورحمة ال و بركاته‪ ،‬قبل التسليم‬
‫المخرج كما في الكنز‪ ،‬والستدلل بنحو ما مر‪ ،‬مع أن الظاهر التسليم على‬
‫النبي فل يشمل نحو التسليم المخرج‪ ،‬واحتمل المحقق الردبيلي قدس سره‬
‫وجوبه في حال حياته صلى ال عليه وآله وغيره الستحباب مطلقا أو‬
‫مؤكدا في الصلة ويشكل الستدلل لقيام ما سبق من الحتمال‪ - 1 .‬ثواب‬
‫العمال‪ :‬عن محمد بن علي ماجيلويه‪ ،‬عن عمه محمد بن أبي القاسم‪ ،‬عن‬
‫محمد بن علي الكوفي‪ ،‬عن أبي جميلة‪ ،‬عن محمد بن هارون‪ ،‬عن أبي عبد‬
‫ال عليه السلم قال‪ :‬إذا صلى أحدكم ولم يصل على النبي صلى ال عليه‬
‫وآله في صلته‪ ،‬يسلك بصلته غير سبيل الجنة )‪.(1‬‬

‫)‪ (1‬ثواب العمال ص ‪ ،187‬ووجه الحديث ما عرفت من أن الصلة عليه صلى ال‬
‫عليه وآله سنة في فريضة الخذ بها هدى وتركها ضللة وكل ضللة‬
‫سبيلها إلى النار‪[*] .‬‬

‫]‪[281‬‬

‫المحاسن‪ :‬عن محمد بن علي‪ ،‬عن أبي جميلة مثله )‪ .(1‬مجالس الصدوق‪ :‬عن‬
‫جعفر بن محمد بن مسرور‪ ،‬عن الحسين بن محمد بن عامر عن عمه عبد‬
‫ال‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن أبي جميلة‪ ،‬عن محمد بن هارون عنه عليه‬
‫السلم مثله إل أن فيه ولم يذكر النبي صلى ال عليه وآله )‪- 2 .(2‬‬
‫المحاسن‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن محمد بن سنان‪ ،‬عن ابن مسكان‪ ،‬عن أبي عبد‬
‫ال عليه السلم قال‪ :‬سئل عن رجل صلى الفريضة فلما رفع رأسه من‬
‫السجدة الثانية من الرابعة أحدث‪ ،‬فقال‪ :‬أما صلته فقد مضت‪ ،‬وأما التشهد‬
‫فسنة في الصلة‪ ،‬فليتوضأ وليعد إلى مجلسه أو مكان نظيف فيتشهد )‪.(3‬‬
‫بيان‪ :‬رواه الشيخ بسند موثق ل يقصر عن الصحيح )‪ (4‬ثم قال‪ :‬يحتمل أن‬
‫يكون إنما سئل عمن أحدث بعد الشهادتين وإن لم يستوف باقي تشهده‪،‬‬
‫فلجل ذلك قال‪ :‬تمت صلته‪ ،‬ولو كان قبل ذلك لكان يجب عليه إعادة‬
‫الصلة على ما بيناه‪ .‬وأما قوله )وأما التشهد فسنة( معناه ما زاد على‬
‫الشهادتين‪ ،‬ويكون ما أمره به من إعادته بعد أن يتوضأ محمول على‬
‫الستحباب انتهى‪ .‬وربما يحمل على التقية‪ ،‬لقول بعض العامة باستحباب‬
‫التشهد‪ ،‬والظهر حمله على أن وجوبه ظهر من السنة ل من القرآن‬
‫فيكون من الركان‪ ،‬والحدث الواقع بعد الفراغ من أركان الصلة ل يوجب‬
‫بطلنها كما يدل عليه صحيحة )‪ (5‬زرارة أيضا واختاره الصدوق ‪ -‬ره ‪-‬‬
‫ول ينافي وجوب التشهد‪ ،‬وما ورد من المر بالعادة في خبر قاصر السند‪،‬‬
‫يمكن حمله على الستحباب والحوط العمل بهذا الخبر ثم العادة‪ - 3 .‬فقه‬
‫الرضا‪ :‬قال عليه السلم أدنى ما يجزي من التشهد الشهادتان )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬المحاسن‪ (2) .95 :‬أمالى الصدوق ص ‪ (3) .346‬المحاسن ص ‪ ،325‬وقد مر‬
‫في ج ‪ 84‬ص ‪ 302‬مع شرح‪ (5 - 4) .‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪ (6) .226‬فقه‬
‫الرضا‪ 9 :‬س ‪[*] .6‬‬

‫]‪[282‬‬

‫بيان‪ :‬ظاهره عدم وجوب الصلة على النبي آله‪ ،‬ويمكن حمله على أنها من لوازم‬
‫الشهادتين‪ ،‬فكأنها داخلة فيهما‪ ،‬أو أنها واجبة برأسها غير داخلة في‬
‫التشهد‪ ،‬قال الشيخ البهائي قدس سره‪ :‬لعل الوجه في خلو بعض الخبار‬
‫عن الصلة أن التشهد هو النطق بالشهادتين‪ ،‬فانه تفعل من الشهادة‪ ،‬وهي‬
‫الخبر القاطع‪ ،‬وأما الصلة على النبي وآله فليست في الحقيقة تشهدا‪،‬‬
‫وسؤال السائل إنما وقع في التشهد‪ ،‬فأجابه المام عما سأله عنه انتهى‪.‬‬
‫واعلم أن المشهور بين الصحاب أن التشهد الواجب إنما يحصل بأن‬
‫يقول‪) :‬أشهد أن ل إله إل ال‪ ،‬وأشهد أن محمدا رسول ال( ثم يصلي على‬
‫النبي وآله‪ .‬وما زاد على ذلك فهو مندوب‪ ،‬وقيل‪ :‬الواجب أن يقول‪) :‬أشهد‬
‫أن ل إله إل ال وحده ل شريك له‪ ،‬وأشهد أن محمدا عبده ورسوله‪ ،‬اللهم‬
‫صل على محمد وآل محمد( وهو أحوط والظاهر أنه مجز اتفاقا‪ ،‬ولو قال‪:‬‬
‫)أشهد أن ل إله إل ال وأن محمدا رسول ال( أو قال )أشهد أن ل إله إل‬
‫ال وأن محمدا رسوله( أو )عبده ورسوله( أو قال‪) :‬أشهد أن ل إله إل‬
‫ال‪ ،‬أشهد أن محمدا عبده ورسوله( من غير واو أو غير الترتيب‪ ،‬فل يبعد‬
‫الجزاء والحوط العدم‪ - 4 .‬مشكاة النوار‪ :‬نقل من المحاسن عن أبي عبد‬
‫ال عليه السلم في قول ال عزوجل )إن ال وملئكته يصلون على النبي(‬
‫)‪ (1‬الية قال‪ :‬اثنوا عليه وسلموا عليه صلى ال عليه وآله قلت‪ :‬فكيف‬
‫علم الرسول أنها كذلك ؟ قال‪ :‬كشف له الغطاء )‪ - 5 .(2‬كتاب عاصم بن‬
‫حميد‪ :‬عن منصور بن حازم‪ ،‬عن بكر بن حبيب الحمسي قال‪ :‬سألت أبا‬
‫جعفر عليه السلم عن التشهد كيف كانوا يقولون ؟ قال‪ :‬كانوا يقولون‬
‫أحسن ما يعلمون‪ ،‬ولو كان موقتا هلك الناس‪ .‬بيان‪ :‬حمل على التحيات‬
‫وسائر الدعية المستحبة فيه‪ - 6 .‬كتاب جعفر بن محمد بن شريح‪ :‬عن‬
‫حميد بن شعيب‪ ،‬عن جابر الجعفي‬

‫)‪ (1‬الحزاب‪ (2) .56 :‬مشكاة النوار ص ‪ 17‬في حديث‪[*] .‬‬

‫]‪[283‬‬

‫قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال يقول‪ :‬إذا صلى أحدكم فنسي أن يذكر محمدا وآله في صلته‬
‫سلك بصلته غير سبيل الجنة ول تقبل صلة إل أن يذكر فيها محمد وآل‬
‫محمد‪ .‬بيان‪ :‬لعل النسيان بمعنى الترك أو محمول على نسيان مستند إلى‬
‫تقصيره وعدم اهتمامه‪ - 7 .‬الخصال‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد بن عبد ال‪ ،‬عن‬
‫محمد بن عيسى اليقطيني‪ ،‬عن القاسم بن يحيى‪ ،‬عن جده الحسن‪ ،‬عن أبي‬
‫بصير ومحمد بن مسلم‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم عن آبائه عليهم‬
‫السلم قال‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم‪ :‬إذا قال العبد في التشهد في‬
‫الخيرتين وهو جالس )أشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له‪ ،‬وأشهد‬
‫أن محمدا عبده ورسوله وأن الساعة آتية ل ريب فيها وأن ال يبعث من‬
‫في القبور( ثم أحدث حدثا فقد تمت صلته )‪ .(1‬بيان‪ :‬ظاهره وجوب‬
‫التشهد في الصلة‪ ،‬أما وجوب الشهادتين عقيب كل ثنائية وفي آخرة‬
‫الثلثية والرباعية‪ ،‬فنقل الجماع عليه جماعة من الصحاب‪ ،‬واقتصر‬
‫الصدوق في المقنع على الشهادتين‪ ،‬ولم يذكر الصلة على النبي وآله‪ ،‬ثم‬
‫قال‪ :‬و أدنى ما يجزئ من التشهد الشهادتان‪ ،‬أو يقول‪ :‬بسم ال وبال ثم‬
‫يسلم‪ ،‬وحكم في الذكرى بأنه معارض باجماع المامية‪ ،‬والوجوب أحوط‬
‫وأقوى‪ .‬وأما وجوب الصلة على النبي وآله في التشهد فقد مر الكلم فيه‪،‬‬
‫وربما يستدل بهذا الخبر وأمثاله على عدم وجوبها‪ ،‬وفيه نظر إذ عدم‬
‫ناقضية الحدث بينها وبين الصلة ل يدل على عدم الجزئية كما سيأتي على‬
‫أنه ل ينافي الوجوب من حيث العموم بوجه‪ ،‬وأيضا عدم التمامية أعم من‬
‫البطلن‪ ،‬وما يدل عليه بحسب المفهوم من وجوب قوله‪) :‬وأن الساعة‬
‫آتية( إلى آخره فليس بمعتبر لمعارضته الجماع والخبار الكثيرة المعتبرة‪.‬‬
‫‪ - 8‬العلل‪ :‬بالسناد المتقدم في باب السجود قال‪ :‬سئل أمير المؤمنين عليه‬
‫السلم ما معنى رفع رجلك اليمنى وطرحك اليسرى في التشهد ؟ قال‪:‬‬
‫تأويله اللهم أمت الباطل‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪[*] .166‬‬


‫]‪[284‬‬

‫وأقم الحق )‪ - 9 .(1‬معاني الخبار‪ :‬عن أحمد بن الحسن القطان‪ ،‬عن أحمد بن‬
‫يحيى بن زكريا‪ ،‬عن بكر بن عبد ال بن حبيب بن بهلول‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫عبد ال بن الفضل الهاشمي قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬ما معنى‬
‫قول المصلي في تشهده )ل ما طاب و طهر‪ ،‬وما خبث فلغيره( قال‪ :‬ما‬
‫طاب وطهر كسب الحلل من الرزق‪ ،‬وما خبث فالربا )‪ .(2‬بيان‪ :‬لعل ما‬
‫ذكر على سبيل المثال‪ ،‬فان الظاهر عمومه‪ ،‬فان كل ما طاب وطهر من‬
‫العقايد والعمال والمكاسب والموال وغير ذلك‪ ،‬فهي ل‪ ،‬ويصل إليه‬
‫ويحصل بتوفيقه‪ ،‬وما خبث عن جميع ذلك فهي للشيطان وغيره وبسببهم‪.‬‬
‫‪ - 10‬العلل والعيون‪ :‬عن عبد الواحد بن عبدوس‪ ،‬عن علي بن محمد ابن‬
‫قتيبة‪ ،‬عن الفضل بن شاذان فيما رواه من العلل‪ ،‬عن الرضا عليه السلم‬
‫قال‪ :‬فان قال‪ :‬فلم جعل التشهد بعد الركعتين ؟ قيل‪ :‬لنه كما قدم قبل‬
‫الركوع والسجود الذان و الدعاء والقراءة فكذلك أيضا أمر بعدها بالتشهد‬
‫والتحميد والدعاء )‪ - 11 .(3‬مصباح الشريعة‪ :‬قال الصادق عليه السلم‪:‬‬
‫التشهد ثناء على ال‪ ،‬فكن عبدا له بالسر خاضعا له بالفعل‪ ،‬كما أنك عبد‬
‫له بالقول والدعوى‪ ،‬وصل صدق لسانك بصفاء صدق سرك‪ ،‬فانه خلقك‬
‫عبدا وأمرك أن تعبده بقلبك ولسانك وجوارحك وأن تحقق عبوديتك له‬
‫وربوبيته لك‪ ،‬وتعلم أن نواصي الخلق بيده‪ ،‬فليس لهم نفس ول لحظة إل‬
‫بقدرته ومشيته‪ ،‬وهم عاجزون عن إتيان أقل شئ في مملكته إل باذنه‬
‫وإرادته‪ ،‬قال ال عزوجل‪) :‬وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة‬
‫من أمرهم سبحان ال عما يشركون( )‪ (4‬فكن له عبدا شاكرا بالقول‬
‫والدعوى‬

‫)‪ (1‬علل الشرايع ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .25‬معاني الخبار ص ‪ (3) .175‬علل الشرايع ج‬
‫‪ 1‬ص ‪ :249‬عيون الخبار ج ‪ 2‬ص ‪ (4) .108‬القصص‪[*] .69 :‬‬

‫]‪[285‬‬

‫وصل صدق لسانك بصفاء سرك فانه خلقك فعزوجل أن تكون إرادة ومشية لحد إل‬
‫بسابق إرادته ومشيته‪ .‬فاستعمل العبودية في الرضا بحكمته‪ ،‬وبالعبادة في‬
‫أداء أوامره‪ ،‬وقد أمرك بالصلة على حبيبه محمد صلى ال عليه وآله‬
‫فأوصل صلته بصلته‪ ،‬وطاعته بطاعته‪ ،‬وشهادته بشهادته‪ ،‬وانظر إلى‬
‫أن ل تفوتك بركات معرفة حرمته‪ ،‬فتحرم عن فائدة صلته وأمره‬
‫بالستغفار لك‪ ،‬والشفاعة فيك‪ ،‬إن أتيت بالواجب في المر والنهي والسنن‬
‫و الداب‪ ،‬وتعلم جليل مرتبته عند ال عزوجل )‪ - 12 .(1‬تفسير المام‬
‫عليه السلم‪ :‬قوله عزوجل‪) :‬وأقيموا الصلة( )‪ (2‬هو إقامة الصلة بتمام‬
‫ركوعها وسجودها ومواقيتها‪ ،‬وأداء حقوقها التي إذا لم تؤد بحقوقها لم‬
‫يتقبلها رب الخلئق‪ ،‬أتدرون ما تلك الحقوق ؟ فهو إتباعها بالصلة على‬
‫محمد وعلي وآلهما منطويا على العتقاد بأنهم أفضل خيرة ال‪،‬‬
‫والقوامون بحقوق ال‪ ،‬والنصار لدين ال‪ .‬وقال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬إن العبد إذا أصبحت أقبل ال تعالى عليه وملئكته ليستقبل ربه‬
‫عزوجل بصلته‪ ،‬فيوجه إليه رحمته‪ ،‬ويفيض عليه كرامته‪ ،‬فان وفى بما‬
‫أخذ عليه فأدى الصلة على ما فرضت‪ ،‬قال ال تعالى للملئكة‪ :‬خزان‬
‫جنانه وحملة عرشه‪ :‬قد وفى عبدي هذا‪ ،‬أو فواله‪ ،‬وإن لم يف قال ال‬
‫تعالى‪ :‬لم يوف عبدي هذا وأنا الحليم الكريم‪ ،‬فان تاب تبت عليه‪ ،‬وإن أقبل‬
‫على طاعتي أقبلت عليه برضواني ورحمتي‪ .‬ثم قال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬وإن كسل عما يريد‪ ،‬قصرت في قصوره حسنا و بهاء وجلل‪،‬‬
‫وشهرت في الجنان بأن صاحبها مقصر‪ .‬وقال رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله‪ :‬وذلك أن ال عزوجل أمر جبرئيل ليلة المعراج فعرض علي قصور‬
‫الجنان‪ ،‬فرأيتها من الذهب والفضة ملطها المسك والعنبر‪ ،‬غير أني‬

‫)‪ (1‬مصباح الشريعة‪ 13 :‬و ‪ (2) .14‬الية ‪ 83‬من سورة البقرة‪[*] .‬‬

‫]‪[286‬‬

‫رأيت لبعضها شرفا عالية‪ ،‬ولم أر لبعضها‪ ،‬فقلت‪ :‬يا جبرئيل ما بال هذه بل شرف‬
‫كما لسائر تلك القصور ؟ فقال‪ :‬يا محمد هذه قصور المصلين فرائضهم‪،‬‬
‫الذين يكسلون عن الصلة عليك‪ ،‬وعلى آلك بعدها‪ ،‬فان بعث مادة لبناء‬
‫الشرف من الصلة على محمد وآله الطيبين بنيت له الشرف‪ ،‬وإل بقيت‬
‫هكذا‪ ،‬فيقال حتى يعرف في الجنان أن القصر الذي ل شرف له هو الذي‬
‫كسل صاحبه بعد صلته عن الصلة على محمد و آله الطيبين‪ .‬ورأيت فيها‬
‫قصورا وسيعة مشرفة عجيبة الحسن‪ ،‬ليس لها أمامها دهليز‪ ،‬ول بين‬
‫يديها بستان‪ ،‬ول خلفها‪ ،‬فقلت‪ :‬ما بال هذه القصور ل دهليز بين يديها ؟‬
‫ول بستان خلف قصرها ؟ فقال‪ :‬يا محمد هذه قصور المصلين الخمس‬
‫الصلوات‪ ،‬الذين يبذلون بعض وسعهم في قضاء حقوق إخوانهم المؤمنين‬
‫دون جميعها‪ ،‬فلذلك قصورهم مسترة )‪ (1‬بغير دهليز أمامها‪ ،‬ول بساتين‬
‫خلفها )‪ - 13 .(2‬ومنه‪ :‬إذا قعد المصلي للتشهد الول والتشهد الثاني قال‬
‫ال تعالى‪ :‬يا ملئكتي قد قضى خدمتي وعبادتي‪ ،‬وقعد يثني علي ويصلي‬
‫على محمد نبيي لثنين عليه في ملكوت السموات والرض ولصلين على‬
‫روحه في الرواح‪ ،‬فإذا صلى على أمير المؤمنين عليه السلم في صلته‬
‫قال‪ :‬لصلين عليك كما صليت عليه‪ ،‬ولجعلنه شفيعك كما استشفعت به )‬
‫‪ .(3‬بيان‪ :‬الخبر الول ظاهره استحباب الصلة‪ ،‬لكن يحتمل كون المراد به‬
‫الصلة في التعقيب ل في التشهد‪ ،‬بل هو أظهر‪ ،‬والثاني يدل على استحباب‬
‫الصلة على أمير المؤمنين صلوات ال عليه في التشهد إما في ضمن‬
‫الصلوات على الل أو على الخصوص أو العم والوسط أظهر‪- 14 .‬‬
‫السرائر‪ :‬نقل من كتاب حريز عن زرارة قال‪ :‬قال أبو جعفر عليه السلم‪:‬‬

‫)‪ (1‬في المطبوع من المصدر‪ :‬مستعمرة‪ (2) .‬تفسير المام‪ (3) .166 :‬تفسير‬
‫المام‪[*] .240 :‬‬

‫]‪[287‬‬

‫ل بأس بالقعاء فيما بين السجدتين‪ ،‬ول ينبغي القعاء في موضع السجود‪ ،‬إنما‬
‫التشهد في الجلوس وليس المقعي بجالس )‪ .(1‬بيان‪ :‬يدل على كراهة‬
‫القعاء في التشهد‪ ،‬والمشهور استحباب التورك‪ ،‬وقال ابن بابويه والشيخ‪:‬‬
‫ل يجوز القعاء وعلله الصدوق بما في الخبر‪ - 15 .‬فلح السائل‪ :‬يقول في‬
‫التشهد‪ :‬بسم ال وبال‪ ،‬والسماء الحسنى كلها ل‪ ،‬أشهد أن ل إله إل ال‬
‫وحده ل شريك له‪ ،‬وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل على محمد‬
‫وآل محمد‪ ،‬وتقبل شفاعته في امته وارفع درجته( وإن اقتصر على‬
‫الشهادة ل جل جلله بالواحدانية‪ ،‬ولمحمد صلى ال عليه وآله بالرسالة‪،‬‬
‫وعلى الصلة عليه وآله أجزءه ذلك )‪ .(2‬وقال رحمه ال‪ :‬يقول في تشهد‬
‫الفريضة‪ :‬بسم ال وبال والسماء الحسنى كلها ل أشهد أن ل إله إل ال‬
‫وحده ل شريك له‪ ،‬وأشهد أن محمدا عبده ورسوله‪ ،‬أرسله بالهدى ودين‬
‫الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون‪ .‬التحيات ل‪ ،‬والصلواة‬
‫الطيبات الطاهرات الزاكيات الرائحات الغاديات الناعمات ل‪ ،‬ما طاب ل‪،‬‬
‫وطهر وزكى وخلص‪ ،‬وما خبث فلغير ال‪ .‬أشهد أن ل إله إل ال وحده ل‬
‫شريك له‪ ،‬وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين‬
‫يدي الساعة وأشهد أن الجنة حق وأن النار حق وأن الساعة آتية ل ريب‬
‫فيها وأن ال يبعث من في القبور‪ ،‬وأشهد أن ربي نعم الرب‪ ،‬وأن محمدا‬
‫نعم الرسول‪ ،‬أشهد‪ :‬ما على الرسول إل البلغ المبين‪ .‬اللهم صل على‬
‫محمد وآل محمد‪ ،‬وارحم محمدا وآل محمد‪ ،‬وبارك على محمد وآل محمد‪،‬‬
‫كأفضل ما صليت وباركت ورحمت وترحمت وتحننت على إبراهيم وآل‬
‫إبراهيم إنك حميد مجيد‪ ،‬السلم عليك أيها النبي ورحمة ال وبركاته‪،‬‬
‫السلم على جميع أنبياء ال وملئكته ورسله‪ ،‬السلم على الئمة الهادين‬
‫المهديين‪ ،‬السلم‬

‫)‪ (1‬السرائر‪ (2) .472 :‬فلح السائل‪[*] .134 :‬‬


‫]‪[288‬‬

‫علينا وعلى عباد ال الصالحين )‪ - 16 .(1‬مصباح الشيخ‪ :‬في تشهد النافلة‬


‫والتشهد الول يقول‪ :‬بسم ال وبال والسماء الحسنى كلها ل‪ ،‬أشهد أن‬
‫ل إله إل ال وحده ل شريك له‪ ،‬وأشهد أن محمدا عبده ورسوله‪ ،‬اللهم‬
‫صل على محمد وآل محمد‪ ،‬وتقبل شفاعته في امته وقرب وسيلته‪ ،‬وارفع‬
‫درجته‪ .‬وذكر في التشهد الثاني ما ذكره السيد إلى آخره‪ .‬أقول‪ :‬وذكر‬
‫الشيخ نحو ذلك في النهاية والصدوق في المقنع )‪ (2‬أيضا بأدنى تغيير في‬
‫الترتيب وغيره‪ - 17 .‬اعلم الدين‪ :‬للديلمي عن النبي صلى ال عليه وآله‬
‫قال‪ :‬من صلى ولم يذكر الصلة على وعلى آلي‪ ،‬سلك به )‪ (3‬غير طريق‬
‫الجنة‪ ،‬وكذلك من ذكرت عنده ولم يصل على‪ - 18 .‬المحاسن‪ :‬عن أبيه‪،‬‬
‫عن محمد بن مهران‪ ،‬عن القاسم الزيات‪ ،‬عن عبد ال بن حبيب بن جندب‬
‫قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه السلم‪ :‬إني اصلي المغرب مع هؤلء فاعيدها‬
‫فأخاف أن يتفقدوني‪ ،‬قال‪ :‬إذا صليت الثالثة فمكن في الرض أليتيك ثم‬
‫انهض وتشهد وأنت قائم ثم اركع واسجد‪ ،‬فانهم يحسبون أنها نافلة )‪.(4‬‬
‫بيان‪ :‬يدل على جواز قراءة التشهد قائما عند التقية‪ ،‬ولم أره في كلم‬
‫الصحاب ول خلف في وجوب الجلوس فيه في حال الختيار‪ ،‬وادعى في‬
‫المنتهى عليه الجماع‪ ،‬ويدل على جواز إيقاع هيئة الركوع والسجود‪ ،‬وإن‬
‫لم يقصد بهما الصلة تقية‪ ،‬وعمومات التقية مؤيدة للحكمين‪ - 19 .‬دعائم‬
‫السلم‪ :‬عن جعفر بن محمد عليهما السلم أنه كان يقول في التشهد‬
‫الول‪) :‬بسم ال وبال‪ ،‬والسماء الحسنى كلها ل‪ ،‬أشهد أن ل إله إل ال‬
‫وحده‬

‫)‪ (1‬فلح السائل‪ (2) .162 :‬المقنع ص ‪ 29‬ط السلمية‪ (3) .‬بصلته ظ‪(4) .‬‬
‫المحاسن‪[*] .325 :‬‬

‫]‪[289‬‬

‫ل شريك له‪ ،‬وأشهد أن محمدا عبده ورسوله‪ ،‬اللهم صل على محمد وآله محمد‪،‬‬
‫وتقبل شفاعته في امته وصل على أهل بيته )‪ .(1‬وعنه عليه السلم أنه‬
‫كان يقول في التشهد الخر‪ ،‬وهو الذي ينصرف به من الصلة )بسم ال‪،‬‬
‫التحيات ل‪ ،‬الطيبات الطاهرين‪ ،‬الصلوات الزاكيات الحسنات الغاديات‬
‫الرائحات الناعمات السابغات ل‪ ،‬ما طاب وصلح وخلص وزكى فلله‪ ،‬أشهد‬
‫أن ل إله إل ال وحده ل شريك له‪ ،‬وأشهد أن محمدا عبده ورسوله‪،‬‬
‫أرسله بالهدى ودين الحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة‪ ،‬أشهد أن ال‬
‫نعم الرب‪ ،‬وأن محمدا صلى ال عليه وآله نعم الرسول ‪ -‬ثم أثن على ربك‬
‫بما قدرت عليه من الثناء الحسن‪ ،‬وصل على محمد وآله ثم سل لنفسك‪،‬‬
‫وتخير من الدعاء ما أحببت‪ ،‬فإذا فرغت من ذلك فسلم على النبي صلى ال‬
‫عليه وآله تقول‪) :‬السلم عليك أيها النبي ورحمة ال وبركاته‪ ،‬السلم على‬
‫محمد بن عبد ال‪ ،‬السلم على محمد رسول ال‪ ،‬السلم علينا وعلى عباد‬
‫ال الصالحين( )‪ - 20 .(2‬العلل‪ :‬لمحمد بن علي بن إبراهيم‪ :‬علة وضع‬
‫الرجلين اليمنى على اليسرى في التشهد‪ :‬سئل أمير المؤمنين عليه السلم‬
‫عن معنى ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬معناه اللهم أمت الباطل وأقم الحق وعلة التشهد في‬
‫الركعتين أن الصلة كانت أول ما أمر ال بها ركعتين ثم أضاف إليها رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله ركعتين‪ ،‬فمن أجل ذلك يتشهد في الركعتين‬
‫الوليين‪ .‬ومعنى التشهد في الرابعة )التحيات ل الصلوات الطيبات‬
‫الطاهرات( فهو لطف حسن وثناء على ال عزوجل‪ ،‬وقوله‪) :‬ل ما طاب‬
‫وطهر( يعني ما خلص في القلب وصفي في النية فلله‪ ،‬وما خبث يعني ما‬
‫عمل رياء )فلغير ال( وأقل ما يجب من التشهد‪ :‬أشهد أن ل إله إل ال‬
‫وحده ل شريك له‪ ،‬وأشهد أن محمدا عبده‪ - 21 .‬قرب السناد‪ :‬عن عبد‬
‫ال بن الحسن‪ ،‬عن جده علي بن جعفر‪ ،‬عن‬

‫)‪ (1‬دعائم السلم ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .164‬دعائم السلم ج ‪ 1‬ص ‪8 [*] .165‬‬

‫]‪[290‬‬

‫أخيه موسى عليه السلم قال‪ :‬سألته عن رجل ترك التشهد حتى سلم كيف يصنع ؟‬
‫قال إن ذكر قبل أن يسلم فليتشهد‪ ،‬وعليه سجدتا السهو‪ ،‬وإن ذكر أنه قال‪:‬‬
‫أشهد أن ل إله إل ال أو بسم ال أجزأه في صلته‪ ،‬وإن لم يتكلم بقليل ول‬
‫كثير حتى سلم أعاد الصلة )‪ .(1‬بيان‪ :‬لم أر عامل به من الصحاب بل‬
‫المشهور قضاء التشهد وسجدتا السهو كما سيأتي‪ ،‬نعم قال ابن إدريس‪:‬‬
‫إذا كان المنسي التشهد الخير‪ ،‬وأحدث ما ينقض طهارته قبل التيان به‬
‫يجب عليه إعادة الصلة وهو أيضا خلف المشهور ويمكن حمل الخبر‬
‫عليه‪ ،‬والظهر حمله على الستحباب‪ ،‬وروى في التهذيب قريبا منه عن‬
‫عمار الساباطي )‪ (2‬ولو قضى التشهد وسجد للسهو ثم أعاد الصلة كان‬
‫أحوط‪ - 22 .‬المعتبر‪ :‬أفضل التشهد ما رواه أبو بصير‪ ،‬عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬إذا جلست في الثانية فقل‪ :‬بسم ال وبال الحمدل‪ ،‬وخير‬
‫السماء ل‪ ،‬أشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له‪ ،‬وأن محمدا عبده‬
‫ورسوله أرسله بالحق بشيرا و نذيرا بين يدي الساعة‪ ،‬أشهد أن ربي نعم‬
‫الرب‪ ،‬وأن محمدا نعم الرسول‪ ،‬اللهم صل على محمد وآل محمد‪ ،‬وتقبل‬
‫شفاعته في امته وارفع درجته‪ ،‬ثم تحمد ال مرتين أو ثلثا ثم تقوم‪ .‬فإذا‬
‫جلست في الرابعة قلت‪) :‬بسم ال وبال‪ ،‬والحمد ل وخير السماء ل‬
‫أشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له‪ ،‬وأشهد أن محمدا عبده ورسوله‪،‬‬
‫أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة‪ ،‬أشهد أنك نعم الرب‪ ،‬وأن‬
‫محمدا نعم الرسول التحيات ل‪ ،‬والصلوات الطاهرات الطيبات الزاكيات‬
‫الغاديات الرائحات السابغات الناعمات ل‪ ،‬ما طاب وزكى وطهر وما خلص‬
‫وصفي فلله‪ .‬أشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له‪ ،‬وأشهد أن محمدا‬
‫عبده ورسوله‪،‬‬

‫)‪ (1‬قرب السناد‪ 90 :‬ط حجر ص ‪ 118‬ط نجف‪ (2) .‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪[*] .226‬‬

‫]‪[291‬‬

‫أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة‪ ،‬وأشهد أن الساعة آتية ل ريب فيها‪،‬‬
‫وأن ال يبعث من في القبور‪ ،‬اللهم صل على محمد وآل محمد‪ ،‬وبارك على‬
‫محمد وآل محمد‪ ،‬وسلم على محمد وآل محمد‪ ،‬وترحم على محمد وآل‬
‫محمد‪ ،‬كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد‬
‫مجيد‪ .‬اللهم صل على محمد وآل محمد‪ ،‬وامنن على بالجنة‪ ،‬وعافني من‬
‫النار ثم قل )السلم عليك أيها النبي ورحمة ال وبركاته السلم على أنبياء‬
‫ال ورسله‪ ،‬السلم علينا وعلى عباد ال الصالحين )‪ .(1‬بيان‪ :‬روى الشيخ‬
‫هذا الحديث بسند موثق عن أبي بصير )‪ (2‬وفيه في التشهد الول )أشهد‬
‫أنك نعم الرب( بدون الواو‪ ،‬وساق التشهد الثاني إلى قوله‪) :‬بين يدي‬
‫الساعة أشهد أن ربي نعم الرب وأن محمدا نعم الرسول وأشهد أن الساعة‬
‫آتية ل ريب فيها وأن ال يبعث من في القبور الحمد ل الذي هدانا لهذا وما‬
‫كنا لنهتدي لول أن هدينا ال الحمد ل رب العالمين‪ ،‬اللهم صل على محمد‬
‫وآل محمد( وساق إلى قوله )إنك حميد مجيد اللهم صل على محمد وآل‬
‫محمد‪ ،‬واغفر لنا ولخواننا الذين سبقونا باليمان‪ ،‬ول تجعل في قلوبنا غل‬
‫للذين آمنوا ربنا إنك رؤف رحيم اللهم صل على محمد وآل محمد وامنن‬
‫على بالجنة وعافني من النار اللهم صل على محمد وآل محمد واغفر‬
‫للمؤمنين والمؤمنات ولمن دخل بيتي مؤمنا ول تزد الظالمين إل تبارا‪ ،‬ثم‬
‫قل‪ :‬السلم عليك أيها النبي ورحمة ال وبركاته‪ ،‬السلم على أنبياء ال‬
‫ورسله‪ ،‬السلم على جبريل وميكائيل والملئكة المقربين‪ ،‬السلم على‬
‫محمد بن عبد ال خاتم النبيين ل نبي بعده‪ ،‬السلم علينا وعلى عباد ال‬
‫الصالحين(‪ .‬ثم اعلم أن الشيخ وأكثر الصحاب ذكروا في افتتاح التشهد‬
‫بسم ال وبال والسماء الحسنى كلها ل كما عرفت‪ ،‬وفي الرواية كما‬
‫رأيت‪ ،‬ويظهر من الشهيدين قدس ال روحهما أنهما لم يريا رواية موافقة‬
‫للمشهور نعم قد مر في صحيحة ابن‬
‫)‪ (1‬المعتبر‪ (2) .190 :‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪[*] .162‬‬

‫]‪[292‬‬

‫اذينة )‪ (1‬وغيرها في ذكر الصلة في المعراج هكذا )بسم ال وبال ول إله إل ال‬
‫و السماء الحسنى كلها ل( وقد سبق ما نقلنا )‪ (2‬من فقه الرضا عليه‬
‫السلم موافقا للمشهور ولعل الصدوق أخذ منه وتبعه القوم‪ ،‬وربما يؤيده‬
‫حديث الدعائم فكل من الطرق الثلثة حسن وإن كان بعضها أقوى سندا‬
‫وبعضها أوفق للمشهور‪ .‬وقال الشهيد الثاني رحمه ال في شرح النفلية‪:‬‬
‫اختصاص التحيات بالتشهد الخير موضع وفاق بين الصحاب‪ ،‬فل تحيات‬
‫في الول إجماعا‪ ،‬فلو أتى فيه بها لغير تقية معتقدا لشرعيتها مستحبا أثم‪،‬‬
‫واحتمل البطلن‪ ،‬ولو لم يعتقد استحبابها فل إثم من حيث العتقاد‪ ،‬وتوقف‬
‫المصنف في الذكرى في بطلن الصلة حينئذ وعدم البطلن متجه لنها‬
‫ثناء على ال تعالى‪ .‬وقال الشهيد في الذكرى‪ :‬ل تحيات في التشهد الول‬
‫باجماع الصحاب‪ ،‬غير أن أبا الصلح قال فيه‪) :‬بسم ال وبال والحمد ل‬
‫والسماء الحسنى كلها ل‪ ،‬ل ما طاب وزكى ونمى وخلص وما خبث‬
‫فلغير ال( وتبعه ابن زهرة‪ .‬وقال في النفلية وروي مرسل عن الصادق‬
‫عليه السلم جواز التسليم على النبياء ونبينا صلى ال عليه وآله في‬
‫التشهد الول ولم يثبت‪ ،‬قال الشارح‪ :‬من حيث إرسال خبره و عدم القائل‬
‫به من الصحاب انتهى‪ .‬والتحية ما يحيى به من سلم وثناء ونحوهما‪،‬‬
‫وقد يفسر التحيات بالعظمة والملك والبقاء‪ ،‬قال في النهاية‪ :‬التحيات جمع‬
‫تحية قيل أراد بها السلم يقال‪ :‬حياك ال أي سلم عليك‪ ،‬وقيل التحية‬
‫الملك‪ ،‬وقيل البقاء‪ ،‬وإنما جمع التحية لن ملوك الرض يحيون بتحيات‬
‫مختلفة‪ ،‬فيقال لبعضهم‪ :‬أبيت اللعن‪ ،‬ولبعضهم‪ :‬أنعم صباحا ولبعضهم اسلم‬
‫كثيرا ولبعضهم عش ألف سنة‪ ،‬فقيل للمسلمين قولوا التحيات ل أي‬
‫اللفاظ التي تدل على السلم والملك والبقاء هي ل عزوجل‪ ،‬والتحية تفعلة‬
‫من الحياة‪ ،‬وإنما ادغمت لجتماع المثال‪ ،‬والهاء لزمة لها‪ ،‬والتاء‬

‫)‪ (1‬راجع ج ‪ 82‬ص ‪ (2) .242‬راجع ج ‪ 84‬ص ‪ 209‬باب وصف الصلة‪[*] .‬‬

‫]‪[293‬‬

‫زائدة انتهى‪ .‬وقال في شرح السنة بعد إيراد الوجه المتقدم عن القتيبي‪ :‬قلت‪ :‬وشئ‬
‫مما كان يحيون به الملوك ل يصلح الثناء على ال‪ ،‬وقيل التحيات ل هي‬
‫أسماء ال تعالى )السلم المؤمن المهيمن الحي القيوم( يريد التحية بهذه‬
‫السماء ل عزوجل‪ ،‬وقوله‪) :‬الصلوات ل( أي الرحمة ل على العباد‬
‫كقوله تعالى )اولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة( )‪ (1‬وقيل الصلوات‬
‫الدعية ل انتهى‪ .‬وقال في النهاية الصلوات ل أي الدعية التي يراد بها‬
‫تعظيم ال تعالى هو مستحقها ل يليق بأحد سواه انتهى‪ .‬وقال البي في‬
‫شرح صحيح مسلم‪ :‬الصلوات هي الصلوات المعروفة‪ ،‬وقيل الدعوات‬
‫والتضرع‪ ،‬وقيل الرحمة‪ ،‬أي ال المتفضل بها‪ .‬وقال الطيبي إن العبد لما‬
‫وجه التحيات المباركات إلى ال تعالى اتجه لسائل أن يقول‪ :‬فما للعبد‬
‫حينئذ ؟ فاجيب بأن الصلوات الطيبات ل‪ ،‬فانه عزوجل يوجهها إليه جزاء‬
‫لما فعل انتهى‪ .‬والغاديات الكائنة وقت الغدو‪ ،‬والرائحات الكائنة في وقت‬
‫الرواح‪ ،‬وهو من زوال الشمس إلى الليل‪ ،‬وما قبله غدو‪ ،‬والسابغات‬
‫الكاملت الوافيات‪ ،‬و المراد بالناعمات ما يقرب من معنى الطيبات‪ ،‬والتبار‬
‫الهلك‪ ،‬وخلص بفتح اللم كما ذكره ابن إدريس وغيره‪ - 23 .‬المهذب‪:‬‬
‫لبن البراج في التشهد الول يقول‪) :‬بسم ال وبال و السماء الحسنى‬
‫كلها ل‪ ،‬أشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له‪ ،‬وأشهد أن محمدا عبده‬
‫ورسوله أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة‪ ،‬اللهم صل على‬
‫محمد وآل محمد‪ ،‬وتقبل شفاعته في امته وارفع درجته‪ .‬وفي الثاني مثله‬
‫إلى قوله عبده ورسوله‪ ،‬أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله‬
‫ولو كره المشركون‪ ،‬التحيات ل‪ ،‬والصلوات الطيبات الطاهرات‬

‫)‪ (1‬البقرة‪[*] .157 :‬‬

‫]‪[294‬‬

‫الزاكيات الرائحات الناعمات الغاديات المباركات‪ ،‬ل ما طاب وطهر وزكى وخلص‬
‫ونمى‪ ،‬وما خبث فلغير ال‪ ،‬أشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له‪،‬‬
‫وأشهد أن محمدا عبده ورسوله‪ ،‬أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي‬
‫الساعة‪ ،‬وأشهد أن الجنة حق‪ ،‬وأن النار حق وأن الساعة آتية ل ريب‬
‫فيها‪ ،‬وأن ال يبعث من في القبور‪ ،‬اللهم صل على محمد وآل محمد‪،‬‬
‫وارحم محمدا وآل محمد‪ ،‬كأفضل ما صليت وباركت وترحمت و تحننت‬
‫على إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد السلم عليك أيها النبي ورحمة‬
‫ال وبركاته‪ ،‬السلم على جميع أنبياء ال وملئكته ورسله‪ ،‬السلم على‬
‫الئمة الطاهرين الهادين المهديين‪ ،‬السلم علينا وعلى عباد ال‬
‫الصالحين‪ ،‬السلم عليكم ورحمة ال وبركاته‪ .‬أقول‪ :‬قد مضى بعض‬
‫الخبار في باب علل الصلة‪ ،‬وفي باب آداب الهوي إلى السجود‪ ،‬وباب‬
‫وصف الصلة‪ ،‬وسيأتي بعضها في باب الشك والسهو‪.‬‬

‫]‪[295‬‬
‫)‪) (35‬باب( * " )التسليم وآدابه وأحكامه( " * اليات‪ :‬الحزاب‪ :‬يا أيها الذين‬
‫آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما )‪ .(1‬أقول‪ :‬قد مر الكلم فيها في الباب‬
‫السابق واستدلل القوم بها على وجوب التسليم‪ ،‬قال في كنز العرفان )‪(2‬‬
‫في تفسير هذه الية استدل بعض شيوخنا على وجوب التسليم المخرج من‬
‫الصلة بما تقريره‪ :‬شئ من التسليم واجب ول شئ منه في غير التشهد‬
‫بواجب فيكون وجوبه في الصلة‪ ،‬وهو المطلوب‪ ،‬أما الصغرى فلقوله‪:‬‬
‫)سلموا( الدال على الوجوب‪ ،‬وأما الكبرى فللجماع‪ ،‬وفيه نظر لجواز‬
‫كونه بمعنى النقياد‪ ،‬سلمنا لكنه سلم على النبي لسياق الكلم‪ ،‬وقضية‬
‫العطف‪ ،‬وأنتم ل تقولون إنه المخرج من الصلة‪ ،‬بل المخرج غيره‪ .‬ثم‬
‫قال‪ :‬واستدل بعض شيوخنا المعاصرين على أنه يجب إضافة السلم عليك‬
‫أيها النبي ورحمة ال وبركاته إلى التشهد الخير بالتقريب المتقدم‪ ،‬قيل‬
‫عليه إنه خرق للجماع‪ ،‬لنقل العلمة الجماع على استحبابه‪ ،‬ويمكن‬
‫الجواب بمنع الجماع على عدم وجوبه والجماع المنقول على مشروعيته‬
‫وراجحيته وهو أعم من الوجوب والندب )‪ .(3‬ثم قال‪ :‬وبالجملة الذي يغلب‬
‫على ظني الوجوب‪ ،‬واستدل ببعض الخبار‪ .‬أقول‪ :‬يؤيد عدم الجماع ما‬
‫ذكره في الذكرى حيث قال‪ :‬قال صاحب الفاخر أقل المجزي من عمل‬
‫الصلة في الفريضة تكبيرة الفتتاح‪ ،‬وقراءة الفاتحة في الركعتين‬

‫)‪ (1‬الحزاب‪ ،56 :‬وقد مر الكلم فيه في الباب السابق‪ (2) .‬كنز العرفان ج ‪ 1‬ص‬
‫‪ 141‬ط المكتبة المرتضوية‪ (3) .‬كنز العرفان ج ‪ 1‬ص ‪ 142‬ذكره بوجه‬
‫أبسط‪[*] .‬‬

‫]‪[296‬‬

‫أو ثلث تسيحات‪ ،‬والركوع والسجود‪ ،‬وتكبيرة واحدة بين السجدتين والشهادة في‬
‫الجلسة الولى وفي الخيرة الشهادتان‪ ،‬والصلة على النبي وآله عليهم‬
‫السلم والتسليم والسلم عليك أيها النبي ورحمة ال وبركاته‪ .‬ثم قال‬
‫الشهيد رحمه ال‪ :‬وكلم هذا يشتمل على أشياء ل تعد من المذهب‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫ثم قال‪ :‬يسلم إن كان إماما بواحدة تلقاء وجهه في القبلة‪ ،‬السلم عليكم‬
‫يرفع بها صوته وإذا كانوا صفوفا خلف إمام سلم القوم على أيمانهم وعلى‬
‫شمائلهم‪ ،‬ومن كان في آخر الصف فعليه أن يسلم على يمينه فقط‪ ،‬ومن‬
‫كان وحده أجزأ منه السلم الذي في آخر التشهد‪ ،‬ويزيد في آخره السلم‬
‫عليكم يميل أنفه عن يمينه قليل‪ ،‬وعنى بالذي في آخر التشهد قوله‪:‬‬
‫)السلم على رسول ال صلى ال عليه وآله وعلى أهل بيته‪ ،‬السلم على‬
‫نبي ال‪ ،‬السلم على محمد بن عبد ال خاتم النبيين ورسول رب العالمين‪،‬‬
‫السلم عليك أيها النبي ورحمة ال وبركاته‪ ،‬السلم على الئمة المهديين‬
‫الراشدين‪ ،‬السلم علينا وعلى عباد ال الصالحين( انتهى‪ .‬ثم اعلم أن‬
‫الصحاب اختلفوا في التسليم فذهب المرتضى وأبو الصلح وسلر وابن‬
‫أبي عقيل والراوندي وصاحب الفاخر وابن زهرة إلى الوجوب‪ ،‬والشيخان‬
‫وابن البراج وابن إدريس وجماعة إلى الستحباب‪ ،‬ونسبه في الذكرى إلى‬
‫أكثر القدماء‪ ،‬واختاره العلمة في عدة من كتبه‪ .‬واختلفوا أيضا في أنه هل‬
‫هو جزء من الصلة أم خارج عنها ؟ قال المرتضى‪ :‬لم أجد لصحابنا فيه‬
‫نصا )‪ (1‬ويقوى عندي أنها من الصلة‪ ،‬والخبار في المقامين‬

‫)‪ (1‬قد عرفت في مطاوى أبحاثنا السابقة أن قوله صلى ال عليه وآله )تحريم‬
‫الصلة التكبير و تحليلها التسليم( يفيد أنهما كالبرزخ بين الجزء الداخل‬
‫والخارج‪ ،‬فان بعد التكبير يحكم وضعا بأن الرجل داخل في الصلة يحرم‬
‫عليه ما ينافى الصلة قول وعمل‪ ،‬وبعد التسليم يحكم وضعا بأن المصلى‬
‫خرج من الصلة وحل له اتيان كل شئ مما حرم عليه بالتحريم‪ .‬ال أن‬
‫التحريم ل يتحقق ال بعد تمام التكبيرة من راء )أكبر( بحيث لو عرض‬
‫]*[‬

‫]‪[297‬‬

‫متعارضة‪ ،‬ويشكل الجزم بأحد الطرفين‪ ،‬وان كان الستحباب والخروج ل يخلوان‬
‫من قوة‪ ،‬فالحتياط يقتضي التيان به‪ ،‬ونية الوحوب والندب غير ضرور‬
‫لسيما إذا لم يعلم أحدهما‪ ،‬وأما الحكام المترتبة عليهما فسيأتي أكثرها‪،‬‬
‫ولها مدارك مخصوصة نتكلم فيها إنشاء ال تعالى‪ - 1 .‬قرب السناد‪ :‬عن‬
‫عبد ال بن الحسن‪ ،‬عن جده علي بن جعفر‪ ،‬عن أخيه عليه السلم قال‪:‬‬
‫سألته عن تسليم الرجل خلف المام في الصلة كيف ؟ قال‪ :‬تسليمة واحدة‬
‫عن يمينك إذا كان عن يمينك أحد أو لم يكن )‪ .(1‬بيان‪ :‬ذهب الصحاب إلى‬
‫أن المنفرد يسلم تسليمة واحدة إلى القبلة‪ ،‬وقال الشيخ وأكثر الصحاب‪:‬‬
‫ويومئ بمؤخر عينيه إلى يمينه‪ ،‬ول تساعده الخبار‪ ،‬وقال الكثر‪ :‬يسلم‬
‫المام واحدة إلى القبلة ويومئ إلى اليمين بصفحة وجهه‪ ،‬وقال ابن‬
‫الجنيد‪ :‬إذا كان المام في صف سلم عن جانبيه‪ ،‬وقال المأموم يسلم عن‬
‫الجانبين إن كان على يساره أحد وإل فعن يمينه‪ ،‬ويؤمي بصفحة الوجه‪،‬‬
‫وقال الصدوق يرد المأموم على المام بواحدة‪ ،‬ثم يسلم عن جانبيه‬
‫بتسليمتين وجعل ابنا بابويه الحائط عن يساره كافيا في التسليمتين‬
‫للمأموم‪ ،‬كذا فهمه القوم من كلمهما وقال في الذكرى‪:‬‬

‫له عارض وأراد تأخير الصلة جاز له أن يمتنع من اتمام التكبيرة والنصراف إلى‬
‫ما يريده من المشاغل من دون اثم‪ ،‬وأما التسليم فبالعكس بمعنى أنه لو‬
‫قال المصلى أثناء الصلة )السلم( أو )السلم عليك( سهوا كان أو عمدا‬
‫ولو لم يتمه بقوله )أيها النبي ورحمة ال وبركاته( يخرج عن الصلة‪،‬‬
‫ويكون آثما في الثاني دون الول‪ ،‬وأما إذا وقع في محله آخر الصلة‬
‫فيجب عليه اتمامه‪ ،‬سواء قلنا بخروجه أول الكلمة أو آخرها‪ (1) .‬قرب‬
‫السناد ص ‪ 96‬حجر ‪ 126‬ط نجف‪ ،‬والحديث وما في معناه خرج تقية‪،‬‬
‫لن جمهور المخالفين على أن التسليم المخرج عن الصلة هو تسليم‬
‫المصلى على نفسه بقوله )السلم علينا وعلى عباد ال الصالحين( ان لم‬
‫يكن معه أحد‪ ،‬وان كان معه أحد فتسليمه على سائر من معه عن يمينه‬
‫أو يساره‪ ،‬أو تلقاء وجهه فل وجه لستدلل الصحاب بهذه الحاديث‪.‬‬
‫]*[‬

‫]‪[298‬‬

‫ول بأس باتباعهما لنهما جليلن‪ ،‬ل يقولن إل عن ثبت‪ .‬وقال في الفقيه‪ :‬وإن كنت‬
‫خلف إمام تأتم به فسلم تجاه القبلة واحدة ردا على المام‪ ،‬وتسلم على‬
‫يمينك واحدة‪ ،‬وعلى يسارك واحدة إل أن ل يكون على يسارك إنسان فل‬
‫تسلم على يسارك إل أن تكون بجنب الحائط فتسلم على يسارك‪ ،‬و ل تدع‬
‫التسليم على يمينك‪ ،‬كان على يمينك أحد أو لم يكن‪ .‬وقال الوالد قدس‬
‫سره‪ :‬الظاهر أنه أخذه مما رواه في العلل عن المفضل بن عمر )‪ (1‬لن ما‬
‫ذكره سابقا مأخوذ منه‪ ،‬وظاهر كلمه أنه إذا كان على يساره الحائط يسلم‬
‫على اليسار كما فهمه الصحاب‪ ،‬وظاهر الخبر أنه إذا كان على يمينه‬
‫الحائط ل يسلم على اليمين بل على اليسار‪ ،‬وهو غريب إل أن يحمل قوله‪:‬‬
‫)ول تدع التسليم( على غير صورة الحائط‪ ،‬ليكون مطابقا للرواية‪ ،‬انتهى‬
‫كلمه رفع مقامه‪ .‬ول يخفى أن ما يستفاد من الخبر أنسب وأوفق بالعتبار‬
‫وسيأتي الخبر‪ .‬ثم إنه اختلفت الخبار في إيماء المام‪ ،‬ففي بعضها يسلم‬
‫إلى القبلة‪ ،‬وفي بعضها إلى اليمين‪ ،‬وربما يجمع بينهما بأنه يبتدئ أول من‬
‫القبلة‪ ،‬ثم يختمه مائل إلى اليمين‪ ،‬أو أنه ل يميل كثيرا ليخرج عن حد‬
‫القبلة‪ ،‬بل يميل بوجهه قليل‪ ،‬والظهر حملها على التخيير‪ ،‬ويؤيده ما في‬
‫فقه الرضا عليه السلم حيث قال‪ :‬ثم سلم عن يمينك‪ ،‬وإن شئت يمينا‬
‫وشمال‪ ،‬وإن شئت تجاه القبلة‪ .‬وأما المأموم فقال السيد في المدارك‪:‬‬
‫ليست فيما وقفت عليه من الروايات دللة على اليماء بصفحة الوجه‪ ،‬ول‬
‫يخفى أن ظاهر هذا الخبر اليماء بالوجه‪ ،‬إذ ل يعقل من التسليم عن اليمين‬
‫إل ذلك‪ ،‬وأما الكتفاء بذكر اليمين في هذا الخبر فهو إما محمول على ما‬
‫إذا لم يكن على يساره أحد‪ ،‬أو على أقل المجزي‪ ،‬فان الثاني مستحب‬
‫اتفاقا‪.‬‬
‫)‪ (1‬سيأتي تحت الرقم‪[*] .9 :‬‬

‫]‪[299‬‬

‫وكذا يدل على ذلك ما رواه الشيخ عن أبي بصير )‪ (1‬عن أبي عبد ال عليه السلم‬
‫قال‪ :‬إذا كنت إماما فانما التسليم أن تسلم على النبي صلى ال عليه وآله‬
‫وتقول‪ :‬السلم علينا وعلى عباد ال الصالحين( فإذا قلت ذلك فقد انقطعت‬
‫الصلة ثم تؤذن القوم فتقول وأنت مستقبل القبلة )السلم عليكم( وكذلك إذا‬
‫كنت وحدك‪ ،‬تقول‪) :‬السلم علينا وعلى عباد ال الصالحين( مثل ما سلمت‬
‫وأنت إمام‪ ،‬فإذا كنت في جماعة فقل مثل ما قلت‪ ،‬وسلم على من على‬
‫يمينك وشمالك‪ ،‬فان لم يكن على شمالك أحد فسلم على الذين على يمينك‬
‫ول تدع التسليم عن يمينك إن لم يكن على شمالك أحد‪ ،‬فان ظاهر التسليم‬
‫على اليمين والشمال ذلك والحمل على القصد بعيد لسيما وقد قوبل بقوله‪:‬‬
‫)وأنت مستقبل القبلة(‪ - 2 .‬المعتبر‪ :‬نقل من جامع البزنطي عن عبد‬
‫الكريم‪ ،‬عن أبي بصير قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه السلم إذا كنت وحدك‬
‫فسلم تسليمة واحدة عن يمينك )‪ .(2‬بيان‪ :‬قال في المعتبر‪ :‬أما الشارة‬
‫بمؤخر العين‪ ،‬فقد ذكره الشيخ في النهاية‪ ،‬وهو من المستحب عنده‪،‬‬
‫وربما أيده ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي في جامعه وذكر‬
‫الخبر‪ ،‬وقد عرفت أن ظاهر الخبر اليماء بالوجه‪ ،‬ولعله قدس سره جمع‬
‫بذلك بين الخبار‪ ،‬وقد مر وجوه اخرى للجمع‪ ،‬وقال في الذكرى‪ :‬ل إيماء‬
‫إلى القبلة بشئ من صيغتي التسليم المخرج من الصلة بالرأس ول بغيره‬
‫إجماعا‪ ،‬وإنما المام والمنفرد يسلمان تجاه القبله بغير إيماء وأما المأموم‬
‫فالظاهر أنه يبتدئه مستقبل القبلة‪ ،‬ثم يختمه باليماء إلى الجانب اليمن أو‬
‫اليسر‪ ،‬ثم قال‪ :‬ويستحب عند ذكر النبي صلى ال عليه وآله بالتسليم عليه‬
‫اليماء إلى القبلة بالراس‪ ،‬قاله المفيد وسلر‪ ،‬وهو حسن في البلد التي‬
‫يكون قبره صلى ال عليه وآله في قبلة المصلي انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬لو لم يكن‬
‫قولهما مأخوذا من خبر فهذا الوجه ناقص عن إفادة المرام وال أعلم‬
‫بحقائق الحكام‪.‬‬

‫)‪ (1‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .160‬المعتبر ص ‪[*] .191‬‬

‫]‪[300‬‬

‫‪ - 3‬الخصال عن ستة من مشايخه منهم علي بن عبد ال الوراق‪ ،‬عن أحمد بن‬
‫محمد بن زكريا‪ ،‬عن بكر بن عبد ال بن جبيب‪ ،‬عن تميم بن بهلول‪ ،‬عن‬
‫أبي معاوية‪ ،‬عن العمش‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬ل يقال في‬
‫التشهد الول )السلم علينا وعلى عباد ال الصالحين( لن تحليل الصلة‬
‫هو التسليم‪ ،‬وإذا قلت هذا فقد سلمت )‪ .(1‬العيون‪ :‬عن عبد الواحد بن‬
‫عبدوس‪ ،‬عن علي بن محمد بن قتيبة‪ ،‬عن الفضل بن شاذان‪ ،‬عن الرضا‬
‫عليه السلم فيما كتب للمأمون مثله إل أن فيه ل يجوز أن تقول )‪.(2‬‬
‫توضيح وتنقيح اعلم أن الصحاب اختلفوا فيما يجب من صيغة التسليم‪،‬‬
‫فذهب الكثر إلى أنه )السلم عليكم( قال في الدروس‪ :‬وعليه الموجبون‪،‬‬
‫وذكر في البيان أن السلم علينا لم يوجبه أحد من القدماء‪ ،‬وأن القائل‬
‫بوجوب التسليم يجعلها مستحبة كالتسليم على النبياء والملئكة‪ ،‬غير‬
‫مخرجة من الصلة‪ ،‬والقائل بندب التسليم يجعلها مخرجة‪ .‬وذهب المحقق‬
‫إلى التخيير بين الصيغتين‪ ،‬وأن الواجبة ما تقدم منهما‪ ،‬وتبعه العلمة‪،‬‬
‫وأنكره الشهيد في الذكرى والبيان‪ ،‬فقال في الذكرى‪ :‬إنه قول محدث في‬
‫زمان المحقق أو قبله بزمان يسير‪ ،‬ونقل اليماء إلى ذلك من شرح رسالة‬
‫سلر‪ ،‬وقال في موضع آخر‪ :‬إنه قوي متين إل أنه ل قائل به من القدماء‪،‬‬
‫وكيف يخفى عليهم مثله لو كان حقا‪ ،‬مع أنه قد قال بذلك في الرسالة‬
‫اللفية واللمعة الدمشقية‪ ،‬وهي من آخر ما صنفه‪ .‬وذهب صاحب الجامع‬
‫يحيى بن سعيد إلى وجوب )السلم علينا وعلى عباد ال الصالحين(‬
‫وتعيينها للخروج من الصلة‪ ،‬وأنكره في الذكرى فقال‪ :‬إنه خروج عن‬
‫الجماع من حيث ل يشعر به قائله‪ ،‬ونسب المحقق في المعتبر هذا القول‬
‫إلى الشيخ وخطأه الشهيد في هذه النسبة‪ ،‬وذهب صاحب الفاخر إلى‬
‫وجوب السلم على النبي صلى ال عليه وآله وجعل ذلك من جملة أقل‬
‫المجزي في الصلة كما عرفت‪.‬‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .151‬عيون الخبار ج ‪ 2‬ص ‪[*] .123‬‬

‫]‪[301‬‬

‫ثم الظاهر أن الواجب على القول بوجوب التسليم )السلم عليكم( خاصة‪ ،‬وبه قال‬
‫ابن بابويه وابن أبي عقيل وابن الجنيد‪ ،‬وقال أبو الصلح‪ :‬يجب )السلم‬
‫عليكم ورحمة ال( وذهب ابن زهرة إلى وجوب )وبركاته( أيضا‪ ،‬وقال في‬
‫المنتهى‪ :‬ولو قال )السلم عليكم ورحمة ال( جاز‪ ،‬وإن لم يقل )وبركاته(‬
‫بل خلف ويخرج به من الصلة‪ ،‬واختلف الصحاب فيما يخرج به المكلف‬
‫من الصلة‪ ،‬فقيل يتعين للخروج )السلم عليكم( وهو قول أكثر القائلين‬
‫بوجوب التسليم‪ ،‬ومنهم من قال إنه يخرج من الصلة بقوله )السلم علينا‬
‫وعلى عباد ال الصالحين( وإن وجب التيان بالسلم عليكم بعد ذلك‪ ،‬وهو‬
‫صاحب البشرى قال في الذكرى‪ :‬وقال صاحب البشرى‪ :‬السيد جمال الدين‬
‫بن طاوس وهو مضطلع بعلم الحديث وطرقه ورجاله‪ :‬ل مانع أن يكون‬
‫الخروج بالسلم علينا وأن يجب )السلم عليكم ورحمة ال وبركاته( بعده‪،‬‬
‫للحديث الذي رواه ابن اذينة عن الصادق عليه السلم في وصف صلة‬
‫النبي صلى ال عليه وآله في السماء أنه لما صلى امر أن يقوم للملئكة‬
‫)السلم عليكم ورحمة ال وبركاته( إل أن يقال‪ :‬هذا في المام دون غيره‪،‬‬
‫قال‪ :‬ومما يؤكد وجوبه رواية زرارة ومحمد بن مسلم )‪ (1‬عن الباقر عليه‬
‫السلم قال‪ :‬إذا فرغ من الشهادتين فقد مضت صلته وإن كان مستعجل في‬
‫أمر يخاف أن يفوته فسلم وانصرف أجزأه انتهى‪ .‬وذهب المحقق‪ ،‬والعلمة‬
‫في المنتهى‪ ،‬والشهيد في اللمعة والرسالة إلى التخيير بينهما‪ ،‬وأنه يخرج‬
‫من الصلة بكل منهما‪ ،‬ولو جمع بينهما يحصل الخروج بالمتقدم منهما‪،‬‬
‫وقد سمعت إنكار الشهيد لذلك في الذكرى‪ ،‬وقال في البيان‪ :‬بعد البحث عن‬
‫الصيغة الولى‪ :‬وأوجبها بعض المتأخرين وخير بينهما وبين السلم‬
‫عليكم‪ ،‬وجعل الثانية منهما مستحبة‪ ،‬وارتكب جواز السلم علينا وعلى‬
‫عباد ال الصالحين بعد السلم عليكم‪ ،‬ولم يذكر ذلك في خبر ول مصنف‪،‬‬
‫بل القائلون بوجوب التسليم واستحبابها يجعلونها مقدمة‪ ،‬وذهب يحيى بن‬
‫سعيد إلى تعيين الخروج بالصيغة الولى‪ .‬وأما القائلون باستحباب‬
‫التسليمتين فمنهم من قال إنه يخرج من الصلة بالفراغ‬

‫)‪ (1‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪[*] .266‬‬

‫]‪[302‬‬

‫من الصلة على النبي صلى ال عليه وآله‪ ،‬ومنهم من قال إنه يخرج من الصلة‬
‫بالتسليم‪ ،‬وهو ظاهر الشيخين‪ .‬إذا عرفت هذا فالذي يقتضي الجمع بين‬
‫الخبار التخيير بين الصيغتين‪ ،‬واستحباب الجمع بينهما بتقديم السلم‬
‫علينا‪ ،‬وهذا أحوط مع قصد القربة بهما من غير تعرض للوجوب والندب‪،‬‬
‫والخبار في السلم علينا أكثر‪ ،‬والسلم عليكم بين الصحاب أشهر ويظهر‬
‫من بعض الخبار كخبر أبي بصير المتقدم أن آخر أجزاء الصلة قول‬
‫المصلي السلم علينا‪ ،‬وبه ينصرف عن الصلة‪ ،‬وبعد النصراف عنها‬
‫بذلك يأتي بالتسليم للذن وإيذان المأمومين بالنصراف‪ .‬قال في الذكرى‪:‬‬
‫وبعد هذا كله فالحتياط للدين التيان بالصيغتين جمعا بين القولين‪ ،‬وليس‬
‫ذلك بقادح في الصلة بوجه من الوجوه باديا بالسلم علينا وعلى عباد ال‬
‫الصالحين‪ ،‬ل بالعكس فانه لم يأت به خبر منقول‪ ،‬ول مصنف مشهور‪،‬‬
‫سوى ما في بعض كتب المحقق ‪ -‬ره ‪ -‬ويعتقد ندب السلم علينا ووجوب‬
‫الصيغة الخرى‪ ،‬وإن أبى المصلي إل إحدى الصيغتين فالسلم عليكم‬
‫ورحمة ال وبركاته مخرجة بالجماع انتهى‪ ،‬ول يخفى جودة ما أفاده ‪ -‬ره‬
‫‪ -‬إل ما ذكره في اعتقاد الوجوب والندب‪ .‬وهل يجب نية الخروج على‬
‫القول بوجوبه ؟ الجود عدمه‪ ،‬لعدم الدليل عليه وقال في المنتهى‪ :‬لم أجد‬
‫لصحابنا نصا فيه‪ ،‬وقال الشيخ في المبسوط‪ :‬ينبغي أن ينوى بها وربما‬
‫يقال بالوجوب كما يظهر من صاحب الجامع‪ - 4 .‬المعتبر‪ ،‬والمنتهى‪،‬‬
‫والتذكرة‪ :‬نقل من جامع البزنطي‪ ،‬عن عبد ال ابن أبي يعفور قال‪ :‬سألت‬
‫أبا عبد ال عن تسليم المام وهو مستقبل القبلة‪ ،‬قال‪ :‬يقول‪ :‬السلم عليكم‬
‫)‪ - 5 .(1‬الخصال‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد‪ ،‬عن اليقطيني‪ ،‬عن القاسم بن‬
‫يحيى‪ ،‬عن جده الحسن‪ ،‬عن أبي بصير ومحمد بن مسلم‪ ،‬عن الصادق‬
‫عليه السلم قال‪ :‬قال أمير المؤمنين عليه السلم‪:‬‬

‫)‪ (1‬المعتبر ص ‪[*] .191‬‬

‫]‪[303‬‬

‫إذا انفتلت من الصلة فانفتل عن يمينك )‪ .(1‬بيان‪ :‬رواه في الفقيه )‪ (2‬باسناده عن‬
‫محمد بن مسلم‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬إذا انصرفت من الصلة‬
‫فانصرف عن يمينك‪ ،‬وهو يحتمل وجهين أحدهما اليماء بالسلم إلى‬
‫اليمين‪ ،‬وثانيهما أن يكون المراد أنه إذا فرغ من التعقيب وأراد الذهاب‬
‫لحاجة فليذهب من جهة اليمين كما فهمه الصدوق حيث أورده في باب‬
‫مفرد بعد الفراغ من ذكر التعقيب وسائر أحكام الصلة‪ ،‬وبعد أن ذكر‬
‫اللتفات في التسليم سابقا‪ ،‬ولعله أظهر وأبعد من التخصيص والتأويل‪- 6 .‬‬
‫المناقب‪ :‬لبن شهر آشوب‪ ،‬عن أبي حازم قال‪ :‬سئل علي بن الحسين‬
‫عليهما السلم ما افتتاح الصلة ؟ قال‪ :‬التكبير‪ ،‬قال‪ :‬ما تحريمها ؟ قال‪:‬‬
‫التكبير‪ ،‬قال‪ :‬ما تحليلها ؟ قال‪ :‬التسليم )‪ - 7 .(3‬قرب السناد‪ :‬عن محمد‬
‫بن عبد الحميد‪ ،‬عن يونس بن يعقوب قال‪ :‬قلت لبي الحسن الول عليه‬
‫السلم‪ :‬صليت بقومي صلة فقمت ولم اسلم عليهم نسيت فقالوا‪ :‬ما سلمت‬
‫علينا‪ ،‬قال‪ :‬ألم تسلم وأنت جالس ؟ قلت‪ :‬بلى‪ ،‬قال‪ :‬فل شئ عليك‪ ،‬ولو‬
‫شئت حين قالوا لك‪ ،‬استقبلتهم بوجهك فقلت‪) :‬السلم عليكم( )‪ .(4‬بيان‪:‬‬
‫روى الشيخ أيضا هذا الخبر في الموثق عن يونس )‪ (5‬وفيه )ولو نسيت‬
‫حيث قالوا( ولعل ما هنا أصوب‪ ،‬وظاهره أنه كان قال‪) :‬السلم علينا وعلى‬
‫عباد ال الصالحين( ولم يأت بالعبارة التي جرت العادة بسلم بعضهم على‬
‫بعض بها وهي السلم‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .166‬الفقيه ج ‪ 1‬ص ‪ ،345‬ورواه الشيخ في التهذيب‬


‫ج ‪ 1‬ص ‪ ،226‬والكليني في الكافي ج ‪ 3‬ص ‪ (3) .338‬مناقب آل أبى‬
‫طالب ج ‪ 4‬ص ‪ 130‬في حديث مر بشرحه في ج ‪ 84‬ص ‪ 244‬و ‪) .245‬‬
‫‪ (4‬قرب السناد ص ‪ 128‬ط حجر‪ 173 ،‬ط نجف‪ (5) .‬راجع التهذيب ج‬
‫‪ 1‬ص ‪[*] .235‬‬

‫]‪[304‬‬

‫عليكم‪ ،‬فقالوا له‪ :‬ما سلمت علينا‪ ،‬فل يدل على عدم وجوب التسليم كما استدل به‪،‬‬
‫بل على الوجوب أدل‪ ،‬نعم يدل على عدم وجوب السلم عليكم بعد السلم‬
‫علينا وظاهر الخبر استحباب تحويل الوجه إلى المأمومين عند قوله‬
‫)السلم عليكم( وتخصيصه بالسهو بعيد‪ ،‬نعم على ما في قرب السناد‬
‫الحكم مخصوص بما إذا بدأ بقوله )السلم علينا( وفيه وجه بحسب‬
‫العتبار أيضا لنه قد خرج بالصيغة الولى عن الصلة‪ ،‬فل يضره‬
‫اللتفات‪ ،‬وبه يمكن الجمع بين أكثر الخبار بحمل التسليم إلى القبلة‪ ،‬على‬
‫ما إذا لم يأت بالصيغة الولى أو على الصيغة الولى واللتفات على‬
‫الصيغة الثانية‪ .‬قال في الذكرى عند ذكر اليماء‪ :‬فيه دللة ما على‬
‫استحباب التسليم‪ ،‬أو على أن التسليم وإن وجب ل يعد جزءا من الصلة‪،‬‬
‫إذ يكره اللتفات في الصلة عن الجانبين ويحرم إن استلزم استدبارا‪،‬‬
‫ويمكن أن يقال‪ :‬التسليم وإن كان جزء من الصلة إل أنه خرج من حكم‬
‫القبلة بدليل من خارج‪ .‬أقول‪ :‬على ما ذكرنا ل حاجة إلى التخصيص‬
‫والتكلف‪ - 8 .‬الخصال‪ :‬عن جعفر بن محمد بن بندار‪ ،‬عن سعيد بن أحمد‬
‫بن أبي سالم‪ ،‬عن يحيى بن الفضل الوراق‪ ،‬عن إسحاق بن إبراهيم‪ ،‬عن‬
‫سليمان بن سلمة‪ ،‬عن بقية بن الوليد‪ ،‬عن الزيادي‪ ،‬عن الزهري‪ ،‬عن‬
‫أنس أن رسول ال صلى ال عليه وآله كان يسلم تسليمة واحدة )‪.(1‬‬
‫ومنه‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد بن عبد ال‪ ،‬عن أحمد بن محمد بن عيسى‪ ،‬عن‬
‫أحمد ابن محمد البزنطي‪ ،‬عن ثعلبة‪ ،‬عن ميسر‪ ،‬عن أبي جعفر عليه‬
‫السلم قال‪ :‬شيئان يفسد الناس بهما صلتهم‪ ،‬قول الرجل )تبارك اسمك‬
‫وتعالى جدك( وإنما هو شئ قالته الجن بجهالة‪ ،‬فحكى ال عنهم‪ ،‬وقول‬
‫الرجل )السلم علينا وعلى عباد ال الصالحين( )‪ .(2‬بيان‪ :‬قد مر أن‬
‫المراد به قول )السلم علينا في التشهد الول(‪ - 9 .‬العلل‪ :‬عن علي بن‬
‫أحمد بن محمد‪ ،‬عن محمد بن جعفر السدي‪ ،‬عن محمد بن‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .18‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ ،26‬وقد مر في ج ‪ 84‬ص ‪320‬‬


‫‪ 322 -‬مع شرح مبسوط راجعه‪[*] .‬‬

‫]‪[305‬‬
‫إسماعيل البرمكي‪ ،‬عن علي بن العباس‪ ،‬عن القاسم بن ربيع‪ ،‬عن محمد بن سنان‪،‬‬
‫عن المفضل بن عمر قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه السلم عن العلة التي‬
‫من أجلها وجب التسليم في الصلة‪ ،‬قال‪ :‬لنه تحليل الصلة‪ ،‬قلت‪ :‬فلي‬
‫علة يسلم على اليمين‪ ،‬ول يسلم على اليسار ؟ قال‪ :‬لن الملك الموكل الذي‬
‫يكتب الحسنات على اليمين‪ ،‬والذي يكتب السيئات على اليسار‪ ،‬والصلة‬
‫حسنات ليس فيها سيئات‪ ،‬فلهذا يسلم على اليمين دون اليسار‪ .‬قلت‪ :‬فلم ل‬
‫يقال‪ :‬السلم عليك‪ ،‬والملك على اليمين واحد ؟ ولكن يقال‪) :‬السلم عليكم(‬
‫؟ قال‪ :‬ليكون قد سلم عليه وعلى من على اليسار‪ ،‬وفضل صاحب اليمين‬
‫عليه باليماء إليه‪ ،‬قلت‪ :‬فلم ل يكون اليماء في التسليم بالوجه كله‪ ،‬ولكنه‬
‫كان بالنف لمن يصلي وحده‪ ،‬وبالعين لمن يصلي بقوم ؟ قال‪ :‬لن مقعد‬
‫الملكين من ابن آدم الشدقين‪ ،‬فصاحب اليمين على الشدق اليمن‪ ،‬وتسليم‬
‫المصلي عليه‪ ،‬ليبثت له صلته في صحيفته‪ ،‬قلت‪ :‬فلم يسلم المأموم ثلثا ؟‬
‫قال‪ :‬تكون واحدة ردا على المام‪ ،‬وتكون عليه وعلى ملئكته‪ ،‬وتكون‬
‫الثانية على من على يمينه والملكين الموكلين به‪ ،‬وتكون الثالثة على من‬
‫على يساره وملكيه الموكلين به‪ ،‬ومن لم يكن على يساره أحد لم يسلم على‬
‫يساره إل أن يكون يمينه إلى الحائط ويساره إلى المصلي معه خلف المام‪،‬‬
‫فيسلم على يساره‪ .‬قلت‪ :‬فتسليم المام على من يقع ؟ قال‪ :‬على ملئكته‬
‫والمأمومين‪ ،‬يقول لملئكته‪ :‬اكتبا سلمة صلتي لما يفسدها‪ ،‬ويقول لمن‬
‫خلفه سلمتم وأمنتم من عذاب ال عزوجل‪ .‬قلت‪ :‬فلم صار تحليل الصلة‬
‫التسليم ؟ قال‪ :‬لنه تحية الملكين‪ ،‬وفي إقامة الصلة بحدودها وركوعها‬
‫وسجودها وتسليمها سلمة العبد من النار وفي قبول صلة العبد يوم‬
‫القيامة قبول سائر أعماله‪ ،‬فإذا سلمت له صلته سلمت جميع أعماله وإن‬
‫لم تسلم صلته وردت عليه رد ما سواه من العمال الصالحة )‪.(1‬‬

‫)‪ (1‬علل الشرايع ج ‪ 2‬ص ‪ 48‬و ‪[*] .49‬‬

‫]‪[306‬‬

‫بيان‪ :‬هذا الخبر مع ضعفه ‪ -‬على المشهور ‪ -‬مشتمل على امور مخالفة لقوال‬
‫الصحاب وسائر الخبار‪ .‬الول‪ :‬اليماء بالنف لمن يصلي وحده‪،‬‬
‫والمشهور اليماء بالعين‪ ،‬ولم يقل به أحد إل صاحب الفاخر كما مر مع أنه‬
‫ل يمكن اليماء به إل مع الوجه‪ ،‬ولعل المراد اليماء القليل بالوجه بحيث‬
‫ينحرف النف عن القبلة‪ ،‬والتخصيص به من بين أجزاء الوجه لرتفاعه‪،‬‬
‫فهو كالشاخص المنصوب عليه‪ ،‬وكالشاقول لستعلم استوائه وانحرافه‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬النحراف بالعين للمام مع أن المشهور النحراف بالوجه إل أن‬
‫يحمل أن المراد به انحراف قليل يرى بعينه بعض المأمومين‪ ،‬أو انحراف‬
‫كثير يرى كلهم أو أكثرهم‪ .‬الثالث‪ :‬قعود الملكين على الشدقين ‪ -‬بكسر‬
‫الشين وقد يفتح ‪ -‬بمعنى طرف الفم مع أن المشهور أن مقعدهما العاتقان‪،‬‬
‫ويمكن الجمع بأن جلوسهما على العاتقين‪ ،‬ورؤسهما على طرفي الفم‪،‬‬
‫لستماع ما به يتكلم‪ .‬الرابع‪ :‬تسليم المأموم ثلثا كما هو مختار الصدوق‪،‬‬
‫ويمكن حمله على الستحباب‪ .‬الخامس‪ :‬الكتفاء بالتسليم على اليسار إذا‬
‫كان اليمين إلى الحائط‪ ،‬ولم أر به قائل وإن أمكن تخصيص الخبار العامة‬
‫به‪ .‬قوله عليه السلم‪) :‬وفي إقامة الصلة( يحتمل أن يكون تتمة لما سبق‬
‫أي يحيي الملكين ليحيوه بالسلم‪ ،‬ولما كان سلمهم متضمنا للدعاء‬
‫بسلمة أعماله وقبولها ودعاء الملك مستجاب‪ ،‬فلبد من التسليم لتحصيل‬
‫هذا النفع العظيم‪ ،‬والفضل العميم ويمكن أن يكون علة اخرى بأن يتضمن‬
‫دعاء بعض المصلين لبعضهم بمثل هذا الدعاء الجامع الكريم‪ ،‬أو هو‬
‫بشارة لهم من ال بذلك كما ورد في الخبر‪ - 10 .‬معاني الخبار‪ :‬عن أحمد‬
‫بن الحسن القطان‪ ،‬عن أحمد بن يحيى ابن زكريا‪ ،‬عن بكر بن عبد ال بن‬
‫حبيب‪ ،‬عن تميم بن بهلول‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن عبد ال‬

‫]‪[307‬‬

‫ابن الفضل قال‪ :‬سألت أبا عبد ال عليه السلم عن معنى التسليم في الصلة‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫التسليم علمة المن‪ ،‬وتحليل الصلة‪ ،‬قلت‪ :‬وكيف ذلك جعلت فداك ؟ قال‪:‬‬
‫كان الناس فيما مضى إذا سلم عليهم وارد أمنوا شره‪ ،‬وكانوا إذا ردوا‬
‫عليه أمن شرهم‪ ،‬وإن لم يسلم لم يأمنوه‪ ،‬وإن لم يردوا على المسلم لم‬
‫يأمنهم‪ ،‬وذلك خلق في العرب‪ ،‬فجعل التسليم علمة للخروج من الصلة‬
‫وتحليل للكلم وأمنا من أن يدخل في الصلة ما يفسدها‪ ،‬والسلم اسم من‬
‫أسماء ال عزوجل وهو واقع من المصلي على ملكي ال الموكلين به )‪.(1‬‬
‫بيان‪ :‬قوله عليه السلم وأمنا أي إيذانا بأنهم فرغوا من الصلة‪ ،‬فل يصدر‬
‫منهم بعد ذلك ما يفسدها مما يعمل في أثناء الصلة‪ ،‬أو دعاء بالمن عن‬
‫عدم القبول‪ ،‬وفي النهاية التسليم مشتق من السلم اسم ال تعالى لسلمته‬
‫من العيب والنقص وقيل معناه أن ال مطلع عليكم فل تغفلوا‪ ،‬وقيل معناه‬
‫اسم السلم عليكم أي اسم ال عليك إذ كان اسم ال يذكر على العمال‬
‫توقعا لجتماع معاني الخيرات فيه‪ ،‬وانتفاء عوارض الفساد عنه‪ ،‬وقيل‬
‫معناه سلمت مني فاجعلني أسلم منك‪ ،‬من السلمة بمعنى السلم انتهى‪،‬‬
‫وقال النووي أي اسم ال عليك أي أنت في حفظه كما يقال‪ :‬ال معك‪- 11 .‬‬
‫العلل والعيون‪ :‬بالسناد المتقدم في علل الفضل‪ ،‬عن الرضا عليه السلم‪:‬‬
‫فان قال قائل‪ :‬فلم جعل التسليم تحليل الصلة‪ ،‬ولم يجعل بدله تكبيرا أو‬
‫تسبيحا أو ضربا آخر ؟ قيل‪ :‬لنه لما كان في الدخول في الصلة تحريم‬
‫الكلم للمخلوقين والتوجه إلى الخالق‪ ،‬كانت تحليلها كلم المخلوقين‪،‬‬
‫والنتقال عنها‪ ،‬وابتداء المخلوقين بالكلم إنما هو بالتسليم )‪- 12 .(2‬‬
‫مصباح الشريعة‪ :‬قال الصادق عليه السلم‪ :‬معنى السلم في دبر كل صلة‬
‫المان‪ ،‬أي من أدى أمر ال وسنة نبيه خالصا ل خاشعا فيه فله المان من‬
‫بلء الدنيا‪ ،‬وبراءة من عذاب الخرة‪ ،‬والسلم اسم من أسماء ال تعالى‬
‫أودعه خلقه‪،‬‬

‫)‪ (1‬معاني الخبار‪ (2) .176 - 175 :‬علل الشرايع ج ‪ 1‬ص ‪ ،249‬عيون الخبار‬
‫ج ‪ 2‬ص ‪[*] .108‬‬

‫]‪[308‬‬

‫ليستعملوا معناه في المعاملت والمانات والنصافات‪ ،‬وتصديق مصاحبتهم فيما‬


‫بينهم وصحة معاشرتهم‪ ،‬فان أردت أن تضع السلم موضعه‪ ،‬وتؤدي معناه‬
‫فاتق ال و ليسلم منك دينك وقلبك وعقلك ول تدنسها بظلمة المعاصي‪،‬‬
‫ولتسلم حفظتك أل تبرمهم وتملهم وتوحشهم منك بسوء معاملتك معهم ثم‬
‫صديقك ثم عدوك فان من لم يسلم منه من هو أقرب إليه‪ ،‬فالبعد أولى‪،‬‬
‫ومن لم يضع السلم مواضعه هذه‪ ،‬فل سلم‪ ،‬ول سلم‪ ،‬وكان كاذبا في‬
‫سلمه‪ ،‬وإن أفشاه في الخلق‪ .‬واعلم أن الخلق بين فتن ومحن في الدنيا‪،‬‬
‫إما مبتل بالنعمة ليظهره شكره وإما مبتل بالشدة ليظهر صبره‪ ،‬والكرامة‬
‫في طاعته والهوان في معصيته‪ ،‬ول سبيل إلى رضوانه إل بفضله‪ ،‬ول‬
‫وسيلة إلى طاعته إل بتوفيقه‪ ،‬ول شفيع إليه إل باذنه ورحمته )‪- 13 .(1‬‬
‫فلح السائل‪ :‬يقول‪) :‬السلم عليك أيها النبي ورحمة ال و بركاته‪ ،‬السلم‬
‫على جميع أنبياء ال وملئكته ورسله‪ ،‬السلم على الئمة الهادين‬
‫المهديين‪ ،‬السلم علينا وعلى عباد ال الصالحين( ثم يسلم إن كان إماما أو‬
‫منفردا تجاه القبلة‪ ،‬يومئ بمؤخر عينه إلى يمينه‪ ،‬وإن كان مأموما سلم‬
‫عن يمينه ويساره إن كان على يساره أحد‪ ،‬وإن لم يكن كفاه التسليم عن‬
‫يمينه )‪ - 14 .(2‬دعائم السلم‪ :‬عن جعفر بن محمد عليه السلم قال‪ :‬إذا‬
‫قضيت التشهد فسلم عن يمينك وعن شمالك‪ ،‬تقول‪) :‬السلم عليكم ورحمة‬
‫ال وبركاته( )‪ .(3‬بيان‪ :‬قال الشهيد رحمه ال في الذكرى‪ :‬روى علي بن‬
‫جعفر )‪ (4‬أنه رأى موسى وإسحاق ومحمدا يسلمون على الجانبين‬
‫)السلم عليكم ورحمة ال‪ ،‬السلم عليكم ورحمة ال( ويبعد أن يختص‬
‫الرؤية بهم مأمومين ل غير‪ ،‬بل الظاهر الطلق‬

‫)‪ (1‬مصباح الشريعة ص ‪ (2) .14‬فلح السائل‪ (3) .163 :‬دعائم السلم ج ‪ 1‬ص‬
‫‪ (4) .165‬رواه في التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪[*] .226‬‬
‫]‪[309‬‬

‫خصوصا ومنهم المام عليه السلم‪ ،‬ففيه دللة على استحباب التسليمتين للمام‬
‫والمنفرد أيضا غير أن الشهر الواحدة فيهما انتهى ويمكن حمل التعدد‬
‫على التقية‪ ،‬والخلف بينهم مشهور في ذلك‪ - 15 .‬السرائر‪ :‬نقل من كتاب‬
‫النوادر لمحمد بن علي بن محبوب‪ ،‬عن أحمد بن الحسن بن علي بن‬
‫الفضال‪ ،‬عن علي بن يعقوب الهاشمي‪ ،‬عن مروان بن مسلم‪ ،‬عن أبي‬
‫كهمش‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬سألته عن الركعتين الولتين إذا‬
‫جلست فيهما للتشهد فقلت وأنا جالس‪) :‬السلم عليك أيها النبي ورحمة‬
‫ال و بركاته( انصراف هو ؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬ولكن إذا قلت‪) :‬السلم علينا وعلى‬
‫عباد ال الصالحين( فهو النصراف )‪ - 16 .(1‬العلل‪ :‬لمحمد بن علي بن‬
‫إبراهيم‪ :‬السلم معناه تحية‪ ،‬وذلك قول ال عزوجل يحكي عن أهل الجنة‬
‫فقال‪) :‬دعويهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلم( )‪ (2‬والوجه الثاني‬
‫معناه أمان‪ ،‬وذلك قوله‪) :‬وقال لهم خزنتها سلم عليكم طبتم فادخلوها‬
‫خالدين( )‪ (3‬والدليل على ذلك أنه أمان قوله‪) :‬هو ال الذي ل إله إل هو‬
‫الملك القدوس السلم المؤمن المهيمن( )‪ (4‬فمعنى المؤمن أنه يؤمن‬
‫أولياءه من عذابه‪ .‬وسئل أمير المؤمنين عليه السلم عن علة قول المام‬
‫)السلم عليكم( فقال‪ :‬يترجم عن ال عزوجل فيقول في ترجمته أمان لكم‬
‫من عذابكم يوم القيامة‪ ،‬وأقل ما يجزي من السلم )السلم عليك أيها النبي‬
‫ورحمة ال وبركاته( وما زاد على ذلك ففيه الفضل‪ ،‬لقول ال عزوجل‪:‬‬
‫)فمن تطوع خيرا فهو خير له( )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬السرائر‪ (2) .467 :‬يونس‪ (3) .10 :‬الزمر‪ (4) .73 :‬الحشر‪(5) .23 :‬‬
‫البقرة‪[*] .184 :‬‬

‫]‪[310‬‬

‫بيان‪ :‬القول بالكتفاء بهذا التسليم منه غريب‪ - 17 .‬الهداية‪ :‬قال الصادق عليه‬
‫السلم‪ :‬تحريم الصلة التكبير‪ ،‬وتحليلها التسليم )‪ .(1‬بيان‪ :‬استدل به‬
‫المحقق في المعتبر على وجوب التسليم‪ ،‬ثم قال‪ :‬ل يقال‪ :‬كون التحليل‬
‫بالتسليم ل يستلزم انحصار التحليل فيه‪ ،‬بل يمكن أن يكون به وبغيره لنا‬
‫نقول‪ :‬الظاهر إرادة حصر التحليل فيه‪ ،‬لنه مصدر مضاف إلى الصلة‪،‬‬
‫فيتناول كل تحليل يضاف إليها‪ ،‬ولن التسليم وقع خبرا عن التحليل‪ ،‬فيكون‬
‫مساويا أو أعم من المبتدء‪ ،‬فلو وقع التحليل بغيره لكان المبتدأ أعم من‬
‫الخبر‪ ،‬ولن الخبر إذا كان مفردا كان هو المبتدأ‪ ،‬والمعنى أن الذي صدق‬
‫عليه أنه تحليل للصلة صدق عليه التسليم انتهى‪ .‬واورد عليه بأنا ل نسلم‬
‫تعين مساواة الخبر للمبتدأ فيما نحن فيه‪ ،‬ولكون إضافة المصدر للعموم‪،‬‬
‫إذ كما أنها تكون للستغراق تكون لغيره كالجنس والعهد على أن التحليل‬
‫قد يحصل بغير التسليم كالمنافيات‪ ،‬وإن لم يكن التيان بها جائزا وحينئذ‬
‫لبد من تأويل التحليل بالتحليل الذي قدره الشارع‪ ،‬وحينئذ كما أمكن إرادة‬
‫التحليل الذي قدره الشارع على سبيل الوجوب‪ ،‬أمكن إرادة التحليل الذي‬
‫قدره الشارع على الستحباب )‪ (2‬وليس للول على الخير ترجيح واضح‪.‬‬
‫أقول‪ :‬ل ريب في ظهور تلك العبارة في الحصر كقرينتها لتعريف الخبر‬
‫وغيره‪ ،‬لكن مع المعارض تقبل التأويل‪.‬‬

‫)‪ (1‬الهداية‪ (2) .31 :‬قد عرفت أنه ل وجه لهذا الكلم حيث أن التحليل والتسليم‬
‫كالحكم الوضعي لن يجعل الشارع التسليم محلل لمنافيات الصلة‬
‫استحبابا‪[*] .‬‬

‫]‪[311‬‬

‫فائدة قال في الذكرى‪ :‬يستحب أن يقصد المام التسليم على النبياء والئمة و‬
‫الحفظة والمأمومين لذكر اولئك وحضور هؤلء‪ ،‬والصيغة صيغة خطاب‬
‫والمأموم يقصد باولى التسليمتين الرد على المام‪ ،‬فيحتمل أن يكون على‬
‫سبيل الوجوب لعموم قوله‪) :‬وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها‬
‫أوردوها( )‪ (1‬ويحتمل أن يكون على سبيل الستحباب‪ ،‬لنه ل يقصد به‬
‫التحية‪ ،‬وإنما الغرض بها اليذان بالنصراف من الصلة كما مر في خبر‬
‫أبي بصير‪ ،‬وجاء في خبر عمار بن موسى )‪ (2‬قال‪ :‬سألت أبا عبد ال‬
‫عليه السلم عن التسليم ما هو ؟ فقال‪ :‬هو إذن‪ ،‬والوجهان ينسحبان في‬
‫رد المأموم على مأموم آخر‪ ،‬وروى أمامة عن سمرة قال أمرنا رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله أن نسلم على أنفسنا وأن يسلم بعضنا على بعض‪،‬‬
‫وعلى القول بوجوب الرد يكفي في القيام به واحد‪ ،‬فيستحب الباقي‪ .‬وإذا‬
‫اقترن تسليم المأموم والمام أجزأ ول يجب ردها وكذلك إذا اقترن تسليم‬
‫المأمومين لتكافؤهم في التحية‪ ،‬ويقصد المأموم بالثانية النبياء والحفظة‬
‫و المأمومين‪ ،‬وأما المنفرد فيقصد بتسليمه ذلك‪ ،‬ولو أضاف تسليمتين‪.‬‬
‫أقول‪ :‬كأنه يرى أن التسليمتين ليستا للرد‪ ،‬بل هما عبادة محضة متعلقة‬
‫بالصلة‪ ،‬ولما كان الرد واجبا في غير الصلة لم يكف عنه تسليم الصلة‪،‬‬
‫وإنما قدم الرد لنه واجب مضيق إذ هو حق الدمي‪ ،‬والصحاب يقولون إن‬
‫التسليمة تؤدي وظيفتي الرد والتعبد به في الصلة‪ ،‬كما سبق مثله في‬
‫اجتزاء العاطس في حال رفع رأسه من الركوع بالتحميد عن العطسة وعن‬
‫وظيفة الصلة‪ ،‬وهذا يتم حسنا على القول باستحباب التسليم‪ ،‬وأما على‬
‫القول بوجوبه فظاهر الصحاب أن الولى من المأموم للرد على المام‪،‬‬
‫والثانية للخراج من الصلة‪ ،‬ولهذا احتاج إلى تسليمتين‪.‬‬
‫)‪ (1‬النساء‪ (2) .86 :‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪[*] .226‬‬

‫]‪[312‬‬

‫ويمكن أن يقال‪ :‬ليس استحباب التسليمتين في حقه لكون الولى ردا‪ ،‬والثانية‬
‫مخرجة‪ ،‬لنه إذا لم يكن على يساره أحد اكتفى بالواحدة عن يمينه‪ ،‬و‬
‫كانت محصلة للرد والخروج من الصلة‪ ،‬وإنما شرعية الثانية ليعمم‬
‫السلم من على الجانبين لنه بصيغة الخطاب‪ ،‬فإذا وجهه إلى أحد الجانبين‬
‫اختص به‪ ،‬وبقي الجانب الخر بغير تسليم‪ ،‬ولما كان المام غالبا ليس‬
‫على جانبيه أحد اختص بالواحدة‪ ،‬وكذا المنفرد‪ ،‬ولذا حكم ابن الجنيد كما‬
‫تقدم أن يسلم المام إذا كان في صف عن جانبيه انتهى‪ .‬وأقول‪ :‬الظاهر أن‬
‫الصدوق بنى حكمه بالثلث على الخبر المتقدم‪ ،‬ل على تلك الوجوه‪ ،‬نعم‬
‫تصلح حكمة للحكم كما يؤمي إليه الخبر‪ - 18 .‬المقنع‪ :‬ثم سلم وقل‪) :‬اللهم‬
‫أنت السلم‪ ،‬ومنك السلم‪ ،‬ولك السلم‪ ،‬وإليك يعود السلم‪ ،‬السلم عليك‬
‫أيها النبي ورحمة ال وبركاته‪ ،‬السل على الئمة الراشدين المهتدين‪،‬‬
‫السلم على جميع أنبياء ال ورسله وملئكته السلم علينا وعلى عباد ال‬
‫الصالحين( فإذا كنت إماما فسلم وقل‪) :‬السلم عليكم( مرة واحدة وأنت‬
‫مستقبل القبلة‪ ،‬وتميل بعينك إلى يمينك‪ ،‬وإن لم تكن إماما تميل بأنفك إلى‬
‫يمينك‪ ،‬وإن كنت خلف إمام تأتم به فتسلم تجاه القبلة واحدة ردا على‬
‫المام‪ ،‬وتسلم على يمينك واحدة‪ ،‬وعلى يسارك واحدة‪ ،‬إل أن ل يكون على‬
‫يسارك أحد فل تسلم على يسارك‪ ،‬إل أن تكون بجنب الحائط فتسلم على‬
‫يسارك ول تدع التسليم على يمينك‪ ،‬كان على يسارك أحد أو لم يكن )‪.(1‬‬

‫)‪ (1‬المقنع‪ ،29 :‬ط السلمية‪[*] .‬‬

‫]‪[313‬‬

‫)‪) " * (36‬باب( " * * " )فضل التعقيب وشرائطه وآدابه( " * اليات‪ :‬ق‪:‬‬
‫وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب * ومن الليل فسبحه‬
‫وأدبار السجود )‪ .(1‬النشراح‪ :‬فإذا فرغت فانصب * وإلى ربك فارغب )‬
‫‪ .(2‬تفسير‪) :‬وأدبار السجود( ظاهره التسبيح بعد الصلوات )‪ (3‬كما روي‬
‫عن ابن عباس ومجاهد‪ ،‬وقيل المراد به الركعتان بعد المغرب‪ ،‬وقيل‬
‫النوافل بعد المفروضات‪ ،،‬روي أنه الوتر من آخر الليل رواه الطبرسي عن‬
‫أبي عبد ال عليه السلم و التسبيح قبل طلوع الشمس وقبل الغروب يشمل‬
‫تعقيب الصبح والعصر‪ ،‬وسيأتي القول فيه في باب أدعية الصباح‬
‫والمساء‪) .‬فإذا فرغت فانصب( النصب التعب أي فاتعب ول تشتغل‬
‫بالراحة‪ ،‬والمعنى إذا فرغت من الصلة المكتوبة فانصب في الدعاء )وإليه‬
‫فارغب( في المسألة‬

‫)‪ (1‬ق‪ 39 :‬و ‪ (2) .40‬النشراح آخر السورة‪ 8 - 7 :‬والظاهر منها أن المراد إذا‬
‫حصل لك فراغ من المشاغل فانصب نفسك قائما لعبادة ربك وارغب إليه‬
‫بجهدك‪ ،‬فل تكون الية من باب التعقيب‪ (3) .‬وانما عبر بأدبار السجود‪،‬‬
‫لكون الصلة في أول السلم سجدة بل ركوع على ما عرفت ص ‪173‬‬
‫باب سجود التلوة‪ ،‬ويظهر منها أن التعقيب انما تكون بعد الفريضة‪،‬‬
‫بالمداومة على هيئة الجلوس بعد تمام الصلة‪ ،‬فان المصلى في دبر‬
‫الصلة يكون جالسا مفترشا أو متوركا على الخلف فيه‪ ،‬والمر‬
‫بالتسبيح وهو قوله‪) :‬فسبحه( بأن يقول )سبحان ال وبحمده( وأمثال‬
‫ذلك توجه إليه في تلك الحالة‪[*] .‬‬

‫]‪[314‬‬

‫يعطك‪ ،‬عن جماعة من المفسرين‪ ،‬وهو المروي عن أبي جعفر وأبي عبد ال‬
‫عليهما السلم‪ .‬وفي مجمع البيان قال الصادق عليه السلم هو الدعاء في‬
‫دبر الصلة وأنت جالس واستدل بالفاء على الشتغال به بغير فصل‪ .‬وفي‬
‫الية أقوال اخر الول إذا فرغت من الفرائض فانصب في قيام الليل عن‬
‫ابن مسعود‪ ،‬الثاني إذا فرغت من دنياك فانصب في عبادة ربك عن الجبائي‬
‫ومجاهد في رواية‪ ،‬الثالث إذا فرغت من جهاد أعدائك فانصب في عبادة‬
‫ربك عن الحسن وابن زيد الرابع إذا فرغت من جهاد عدوك فانصب في‬
‫جهاد نفسك‪ ،‬الخامس إذا فرغت علي أداء الرسالة فانصب لطلب الشفاعة‪،‬‬
‫قيل أي استغفر للمؤمنين‪ ،‬وفي المجمع وسئل عن ابن طلحة عن هذه الية‬
‫فقال‪ :‬القول فيه كثير‪ ،‬وقد سمعنا أنه يقال إذا صححت فاجعل صحتك‬
‫وفراغك نصبا في العبادة )‪) .(1‬وإلى ربك فارغب( أي بجميع حوائجك‬
‫وامورك‪ ،‬ول ترغب إلى غيره بوجه‪ ،‬قيل‪ :‬ويجوز عطفه على الجزاء‬
‫والشرط‪ .‬أقول‪ :‬وقد مر تأويلت اخر لهذه الية في أبواب اليات النازلة في‬
‫أمير ‪ -‬المؤمنين صلوات ال عليه‪ ،‬وستأتي الخبار في تأويلها‪ ،‬ولنذكر‬
‫بعض ما قيل في حقيقة التعقيب وشرايطه‪ .‬قال شيخنا البهائي نور ال‬
‫ضريحه‪ :‬لم أظفر في كلم أصحابنا قدس ال أرواحهم بكلم شاف فيما هو‬
‫حقيقة التعقيب شرعا‪ ،‬بحيث لو نذر التعقيب لنصرف إليه‪ ،‬ولو نذر لمن‬
‫هو مشتغل بالتعقيب في الوقت الفلني لستحق المنذور إذا كان مشتغل به‬
‫فيه‪ ،‬وقد فسره بعض اللغويين كالجوهري وغيره بالجلوس بعد الصلة‬
‫لدعاء أو مسألة وهذا يدل بظاهره على أن الجلوس داخل في مفهومه‪،‬‬
‫وأنه لو اشتغل بعد الصلة بالدعاء قائما أو ماشيا أو مضطجعا لم يكن ذلك‬
‫تعقيبا‪ .‬وفسره بعض فقهائنا بالشتغال عقيب الصلة بدعاء أو ذكر وما‬
‫أشبه ذلك‪ ،‬ولم يذكر الجلوس‪ ،‬ولعل المراد بما أشبه الدعاء والذكر‪ :‬البكاء‬
‫من خشية ال‬

‫)‪ (1‬مجمع البيان ج ‪ 10‬ص ‪[*] .509‬‬

‫]‪[315‬‬

‫تعالى والتفكر في عجائب مصنوعاته‪ ،‬والتذكر بجزيل آلئه‪ ،‬وما هو من هذا القبيل‪.‬‬
‫وهل يعد الشتغال بمجرد تلوة القرآن بعد الصلة تعقيبا لم أظفر في كلم‬
‫الصحاب بتصريح في ذلك‪ ،‬والظاهر أنه تعقيب أما لو ضم إليه الدعاء فل‬
‫كلم في صدق التعقيب على المجموع المركب منها‪ ،‬وربما يلوح ذلك من‬
‫بعض الخبار‪ ،‬و ربما يظن دللة بعضها على اشتراط الجلوس في‬
‫التعقيب‪ ،‬كما روي )‪ (1‬عن أمير ‪ -‬المؤمنين عليه السلم أنه قال‪ :‬قال‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله‪ :‬أيما امرئ مسلم جلس في مصله الذي‬
‫صلى فيه الفجر يذكر ال حتى تطلع الشمس كان له من الجر كحاج رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله فان جلس فيه حتى يكون ساعة تحل فيه الصلة‪،‬‬
‫فصلى ركعتين أو أربعا غفر له ما سلف‪ ،‬وكان له من الجر كحاج بيت ال‪.‬‬
‫وما روي )‪ (2‬عن الصادق عليه السلم عن آبائه‪ ،‬عن أمير المؤمنين‬
‫عليهم السلم أنه قال‪ :‬من صلى فجلس في مصله إلى طلوع الشمس كان‬
‫له سترا من النار‪ ،‬وغيرهما من الحاديث المتضمنة للجلوس بعد الصلة‪،‬‬
‫والحق أنه ل دللة فيها على ذلك‪ ،‬بل غاية ما يدل عليه كون الجلوس‬
‫مستحبا أيضا أما أنه معتبر في مفهوم التعقيب فل وقس عليه عدم مفارقة‬
‫مكان الصلة‪ .‬وفي رواية وليد بن صبيح )‪ (3‬عن أبي عبد ال عليه السلم‬
‫قال‪ :‬التعقيب أبلغ في طلب الرزق من الضرب في البلد‪ ،‬يعني بالتعقيب‬
‫الدعاء بعقب الصلة‪ ،‬وهذا التفسير أعني تفسير التعقيب بالدعاء عقيب‬
‫الصلة‪ ،‬لعله من الوليد بن صبيح أو من بعض رجال السند‪ ،‬وأكثرهم من‬
‫أجلء أصحابنا‪ ،‬وهو يعطي باطلقه عدم اشتراطه بشئ من الجلوس‪،‬‬
‫والكون في المصلى والطهارة‪ ،‬واستقبال القبلة‪ ،‬وهذه المور إنما هي‬
‫شروط كماله‪ ،‬فقد ورد أن المعقب ينبغي أن يكون علي هيئة المتشهد في‬
‫استقبال‬

‫)‪ (1‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .174‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪ (3) .227‬التهذيب ج ‪ 1‬ص‬


‫‪[*] .164‬‬
‫]‪[316‬‬

‫القبلة‪ ،‬والتورك‪ .‬وأما ما رواه )‪ (1‬هشام بن سالم قال‪ :‬قلت لبي عبد ال عليه‬
‫السلم‪ :‬إني أخرج واحب أن أكون معقبا فقال‪ :‬إن كنت على وضوء فأنت‬
‫معقب‪ ،‬فالظاهر أن مراده أن لمستديم الوضوء مثل ثواب المعقب ل أنه‬
‫معقب حقيقة‪ .‬وهل يشترط في صدق اسم التعقيب شرعا اتصاله بالصلة‪،‬‬
‫وعدم الفصل الكثير بينه وبينها ؟ الظاهر نعم‪ ،‬وهل يعتبر في الصلة كونها‬
‫واجبة أو يحصل حقيقة التعقيب بعد النافلة أيضا ؟ إطلق التفسيرين‬
‫السابقين يقتضي العموم‪ ،‬وكذلك إطلق رواية ابن صبيح وغيرها‪،‬‬
‫والتصريح بالفرائض في بعض الروايات ل يقتضي تخصيصها بها وال‬
‫أعلم انتهى‪ .‬وقال الشهيد رفع ال درجته في الذكرى‪ :‬قد ورد أن المعقب‬
‫يكون على هيئة المتشهد في استقبال القبلة‪ ،‬وفي التورك‪ ،‬وأن ما يضر‬
‫بالصلة يضر بالتعقيب انتهى‪ .‬وربما احتمل بعض الصحاب كون محص‬
‫الجلوس بعد الصلة بتلك الهيئة تعقيبا‪ ،‬وإن لم يقرء دعاء‪ ،‬ول ذكرا ول‬
‫قرآنا‪ ،‬وهو بعيد‪ ،‬بل الظاهر تحقق التعقيب بقراءة شئ من الثلثة بعد‬
‫الصلة أو قريبا منها عرفا‪ ،‬على أي حال كان والجلوس والستقبال‬
‫والطهارة من مكملته‪ ،‬نعم ورد في بعض التعقيبات ذكر بعض تلك‬
‫الشرائط كما سيأتي فيكون شرطا فيها بخصوصها في حال الختيار‪ ،‬وإن‬
‫احتمل أن يكون فيها أيضا من المكملت‪ ،‬ويكون استحبابه فيها أشد منه‬
‫في غيرها‪ ،‬و الفضل والحوط رعاية شروط الصلة فيه مطلقا بحسب‬
‫المكان‪ .‬وأما رواية هشام فيحتمل وجوها‪ :‬الول أن المدار في التعقيب‬
‫على الطهارة ول يشترط فيه الستقبال والجلوس وغيرهما‪ ،‬الثاني أنك ما‬
‫دمت على وضوء يكتب لك ثواب التعقيب‪ ،‬وإن لم تقرأ شيئا فكيف إذا‬
‫قرأت‪ ،‬الثالث أن الوضوء في تلك الحال يصير عوضا من الجلوس‪،‬‬
‫ويستدرك لك ما فات بسبب فواته‪ ،‬ويؤيد الولين‬

‫)‪ (1‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪[*] .227‬‬

‫]‪[317‬‬

‫والثاني أكثر ما رواه في الفقيه )‪ (1‬مرسل عن الصادق عليه السلم قال‪ :‬المؤمن‬
‫معقب ما دام على وضوئه‪ .‬وقال الشهيد قدس سره في النفلية ووظائفه‬
‫عشر‪ :‬القبال عليه بالقلب‪ ،‬و البقاء على هيئة التشهد‪ ،‬وعدم الكلم أي‬
‫قبله وخلله‪ ،‬والحدث بل الباقي على طهارة معقب وإن انصرف‪ ،‬وعدم‬
‫الستدبار‪ ،‬ومزايلة المصلى‪ ،‬وكل مناف صحة الصلة أو كمالها‪ ،‬وملزمة‬
‫المصلى في الصبح إلى الطلوع‪ ،‬وفي الظهر والمغرب إلى الثانية‪ .‬وقال‬
‫الشهيد الثاني ‪ -‬رحمه ال ‪ :-‬كل ذلك وظائف كماله‪ ،‬وإل فانه يتحقق‬
‫بدونها‪ - 1 .‬مجالس الصدوق والعيون‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن علي بن إبراهيم‪،‬‬
‫عن محمد ابن عيسى اليقطيني‪ ،‬عن أحمد بن عبد ال القروي‪ ،‬عن أبيه‬
‫قال‪ :‬دخلت على الفضل ابن الربيع وهو جالس على سطح‪ ،‬فقال لي‪ :‬ادن‬
‫فدنوت حتى حاذيته‪ ،‬قال لي‪ :‬أشرف إلى البيت في الدار‪ ،‬فأشرفت‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫ما ترى في البيت ؟ قلت‪ :‬ثوبا مطروحا‪ ،‬فقال‪ :‬انظر حسنا فتأملت فنظرت‬
‫فتيقنت‪ ،‬فقلت‪ :‬رجل ساجد‪ ،‬فقال لي‪ :‬تعرفه ؟ قلت‪ :‬ل قال‪ :‬هذا مولك‪،‬‬
‫قلت‪ :‬ومن مولي فقال‪ :‬تتجاهل علي ؟ فقلت‪ :‬ما أتجاهل‪ ،‬ولكني ل أعرف‬
‫لي مولى‪ ،‬فقال‪ :‬هذا أبو الحسن موسى بن جعفر إني أتفقده الليل والنهار‬
‫فلم أجد في وقت من الوقات إل على الحالة التي اخبرك بها‪ .‬إنه يصلي‬
‫الفجر فيعقب ساعة في دبر صلته إلى أن تطلع الشمس‪ ،‬ثم يسجد سجدة‬
‫فل يزال ساجدا حتى تزول الشمس‪ ،‬وقد وكل من يترصد الزوال فلست‬
‫أدري متى يقول الغلم قد زالت الشمس إذ يثبت فيبتدئ بالصلة من غير‬
‫أن يجدد وضوء فأعلم أنه لم ينم في سجوده ول أغفى‪ ،‬فل يزال كذلك إلى‬
‫أن يفرغ من صلة العصر‪ ،‬قاذا صلى العصر سجد سجدة فل يزال ساجدا‬
‫إلى أن تغيب الشمس‪ ،‬فإذا غابت الشمس وثب من سجدته فصلى المغرب‬
‫من غير أن يحدث حدثا‪ ،‬ول يزال في صلته وتعقيبه إلى أن يصلي العتمة‪،‬‬
‫فإذا صلى العتمة أفطر على شوئ يؤتى به‪ ،‬ثم يجدد الوضوء‬

‫)‪ (1‬الفقيه ج ‪ 1‬ص ‪[*] .359‬‬

‫]‪[318‬‬

‫ثم يسجد ثم يرفع رأسه فينام نومة خفيفة‪ ،‬ثم يقوم فيجدد الوضوء‪ ،‬ثم يقوم فل‬
‫يزال يصلي في جوف الليل حتى يطلع الفجر‪ ،‬فلست أدري متى يقول الغلم‬
‫إن الفجر قد طلع إذ قد وثب هو لصلة الفجر‪ .‬فهذا دأبه منذ حول ؟ إلي‪،‬‬
‫فقلت‪ :‬اتق ال ول تحدثن في أمره حدثا يكون منه زوال النعمة‪ ،‬فقد تعلم‬
‫أنه لم يفعل أحد بأحد منهم سوء إل كانت نعمته زائلة‪ ،‬فقال‪ :‬قد أرسلوا إلي‬
‫في غير مرة يأمرونني بقتله فلم اجبهم إلى ذلك‪ ،‬وأعلمتهم أني ل أفعل ذلك‬
‫ولو قتلوني ما أجبتهم إلى ما سألوني )‪ .(1‬أقول‪ :‬تمامه في باب أحواله‬
‫عليه السلم‪ - 2 .‬الخصال‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد بن عبد ال‪ ،‬عن محمد بن‬
‫عيسى اليقطيني‪ ،‬عن القاسم بن يحيى‪ ،‬عن جده الحسن بن راشد‪ ،‬عن أبي‬
‫بصير ومحمد بن مسلم‪ ،‬عن أبي عبد ال‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال‬
‫أمير المؤمنين عليه السلم المنتظر وقت الصلة بعد الصلة من زوار ال‬
‫عزوجل‪ ،‬وحق على ال تعالى أن يكرم زائره‪ ،‬وأن يعطيه ما سأل )‪.(2‬‬
‫وقال عليه السلم‪ :‬اطلبوا الرزق فيما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس‬
‫فانه أسرع في طلب الرزق من الضرب في الرض‪ ،‬وهي الساعة التي‬
‫يقسم ال فيها الرزق في عباده )‪ .(3‬وقال‪ :‬إذا فرغ أحدكم من الصلة‬
‫فليرفع يديه إلى السماء ولينصب في الدعاء فقال عبد ال بن سبا‪ :‬يا أمير‬
‫المؤمنين ! أليس ال في كل مكان ؟ قال عليه السلم‪ :‬بلى‪ ،‬قال‪ :‬فلم يرفع‬
‫العبد يديه إلى السماء ؟ قال‪ :‬أما تقرء )وفي السماء رزقكم وما توعدون(‬
‫)‪ (4‬فمن أين يطلب الرزق إل من موضعه‪ ،‬وموضع الرزق ما وعد ال عز‬

‫)‪ (1‬ل يوجد في أمالى الصدوق والحديث في عيون الخبار ج ‪ 1‬ص ‪(2) .107‬‬
‫الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .169‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ (4) .156‬الذاريات‪.22 :‬‬
‫]*[‬

‫]‪[319‬‬

‫وجل السماء )‪ .(1‬بيان‪ :‬الضرب في الرض المسافرة فيها والمراد هنا السفر‬
‫للتجارة‪ ،‬مع أنه قد ورد أن تسعة أعشار الرزق في التجارة‪ ،‬ومع ذلك‬
‫التعقيب أبلغ منها في طلبه‪ ،‬و ذلك لن المعقب يكل أمره إلى ال ويشتغل‬
‫بطاعته بخلف التاجر‪ ،‬فانه يطلب بكدة ويتكل على السبب وقد مر أنه من‬
‫كان ل كان ال له‪) .‬وفي السماء رزقكم( قيل أي أسباب رزقكم‪ ،‬أو تقديره‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬المراد بالسماء السحاب وبالرزق المطر‪ ،‬لنه سبب القوات )وما‬
‫توعدون( أي من الثواب لن الجنة فوق السماء السابعة أو لن العمال‬
‫وثوابها مكتوبة مقدرة في السماء‪ ،‬والحاصل أنه لما كان تقدير الرزق‬
‫وأسبابه في السماء والمثوبات الخروية وتقديراتها في السماء‪ ،‬فناسب‬
‫رفع اليد إليها في طلب المور الدنيوية والخروية في التعقيب وغيره‪.‬‬
‫وابن سبا هو الذي كان يزعم أن أمير المؤمنين عليه السلم إله وأنه نبيه‬
‫واستتابه أمير المؤمنين عليه السلم ثلثه أيام فلم يتب فأحرقه‪- 3 .‬‬
‫مجالس الصدوق‪ :‬عن الحسين بن أحمد بن إدريس‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن محمد‬
‫بن أحمد الشعري‪ ،‬عن أحمد بن محمد البرقي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن وهب بن‬
‫وهب عن الصادق‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬قال ال جل جلله‪ :‬يا ابن آدم أطعني فيما أمرتك ول تعلمني ما‬
‫يصلحك )‪ .(2‬ومنه‪ :‬بهذا السناد قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‬
‫قال‪ :‬ال جل جلله‪ :‬يا ابن آدم اذكرني بعد الغداة ساعة وبعد العصر ساعة‬
‫أكفك ما أهمك )‪ .(3‬ثواب العمال‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن علي بن الحسين السعد‬
‫آبادي‪ ،‬عن أحمد بن أبي عبد ال البرقي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن أحمد بن النضر‪،‬‬
‫عن عمر بن شمر‪ ،‬عن أحمد بن أبي عبد ال البرقي‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن أحمد‬
‫بن النضر‪ ،‬عن عمر بن شمر‪ ،‬عن‬
‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .165‬أمالى الصدوق ص ‪ (3) .192‬أمالى الصدوق‪:‬‬
‫‪[*] .193‬‬

‫]‪[320‬‬

‫جابر‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم عن النبي صلى ال عليه وآله )‪ - 4 .(1‬مجالس‬
‫الصدوق‪ :‬عن محمد بن الحسن‪ ،‬عن محمد بن الحسن الصفار‪ ،‬عن‬
‫إبراهيم بن هاشم‪ ،‬عن الحسن بن محبوب‪ ،‬عن سعد بن طريف‪ ،‬عن عمير‬
‫بن مأمون العطاردي قال‪ :‬رأيت الحسن بن علي عليهما السلم يقعد في‬
‫مجلسه حين يصلي الفجر حتى تطلع الشمس‪ ،‬وسمعته يقول‪ :‬سمعت‬
‫رسول ال صلى ال عليه وآله يقول‪ :‬من صلى الفجر ثم جلس في مجلسه‬
‫يذكر ال عزوجل حتى تطلع الشمس ستره ال عزوجل من النار‪ ،‬ستره ال‬
‫عزوجل من النار‪ ،‬ستره ال عزوجل من النار )‪ - 5 .(2‬ثواب العمال‬
‫ومجالس الصدوق‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد بن عبد ال‪ ،‬عن أحمد بن أبي عبد‬
‫ال‪ ،‬عن أبي الجوزاء‪ ،‬عن الحسين بن علوان‪ ،‬عن عمرو بن خالد‪ ،‬عن‬
‫عاصم بن أبي النجود السدي‪ ،‬عن ابن عمر‪ ،‬عن الحسن بن علي قال‪:‬‬
‫سمعت أبي علي بن أبي طالب عليه السلم يقول‪ :‬قال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وآله‪ :‬أيما امرئ مسلم جلس في مضله الذي يصلي فيه الفجر يذكر‬
‫ال عزوجل حتى تطلع الشمس‪ ،‬كان له من الجر كحاج بيت ال‪ ،‬وغفر‬
‫له‪ ،‬فان جلس فيه حتى يكون ساعة تحل فيه الصلة فصلى ركعتين أو‬
‫أربعا غفر له ما سلف من ذنبه وكان له من الجر كحاج بيت ال )‪.(3‬‬

‫بيان‪ :‬الظاهر أن الصلة محمولة على التقية بل قوله تحل فيها الصلة ‪- 6‬‬
‫الخصال‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن سعد بن عبد ال‪ ،‬عن القاسم بن محمد الصبهاني‬
‫عن سليمان بن داود المنقري‪ ،‬عن حماد بن عيسى‪ ،‬عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬إن ال عزوجل فرض عليكم الصلواة الخمس في أفضل‬
‫الساعات‪ ،‬فعليكم بالدعاء في أدبار الصلوات )‪.(4‬‬

‫)‪ (1‬ثواب العمال ص ‪ (2) .42‬أمالى الصدوق‪ (3) .343 :‬أمالى الصدوق‪.349 :‬‬
‫ثواب العمال‪ ،41 :‬وقد مر ص ‪ (4) .315‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪[*] .134‬‬

‫]‪[321‬‬

‫ومنه باسناده عن سعيد بن علقة‪ ،‬عن أمير المؤمنين عليه السلم قال‪ :‬التعقيب‬
‫بعد الغداة وبعد العصر يزيد في الرزق )‪ - 7 .(1‬العيون‪ :‬بأسانيد عن‬
‫الرضا‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪:‬‬
‫من أدى فريضة فله عند ال دعوة مستجابة )‪ .(2‬صحيفة الرضا‪ :‬عنه‬
‫عليه السلم عن آبائه عليهم السلم مثله )‪ .(3‬مجالس ابن الشيخ‪ :‬عن‬
‫جماعة‪ ،‬عن أبي المفضل‪ ،‬عن عبد ال بن أحمد ابن عامر‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫الرضا‪ ،‬عن آبائه عليهم السلم مثله )‪ - 8 .(4‬ومنه‪ :‬عن أبي محمد‬
‫الفحام‪ ،‬عن محمد بن أحمد المنصوري‪ ،‬عن عيسى بن أحمد عم أبيه‪ ،‬عن‬
‫أبي الحسن العسكري‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن الصادق عليهم السلم قال‪ :‬ثلثة‬
‫أوقات ل يحجب فيها الدعاء عن ال‪ :‬في أثر المكتوبة‪ ،‬وعند نزول القطر‪،‬‬
‫وظهور آية معجزة ل في أرضه )‪ .(5‬ومنه‪ :‬بهذا السناد عنه عن آبائه‬
‫عليهم السلم‪ ،‬عن النبي صلى ال عليه وآله قال‪ :‬من أدى ل مكتوبة فله‬
‫في أثرها دعوة مستجابة‪ ،‬قال ابن الفحام‪ :‬رأيت وال أمير المؤمنين عليه‬
‫السلم في النوم فسألته عن الخبر فقال‪ :‬صحيح إذا فرغت من المكتوبة‬
‫فقل وأنت ساجد )اللهم بحق من رواه وروي عنه‪ ،‬صل على جماعتهم‬
‫وافعل بي كيت وكيت )‪ .(6‬بيان‪ :‬الضمير في رواه لعله راجع إلى هذا‬
‫الخبر‪ ،‬فيحتمل اختصاص الدعاء بهذا الراوي‪ ،‬ول يبعد أن يكون المراد‬
‫الستشفاع بالئمة )‪ (7‬ل بهذا اللفظ‪ ،‬بل‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ (2) .93‬عيون الخبار ج ‪ 2‬ص ‪ (3) .28‬صحيفة الرضا‬
‫عليه السلم‪ (4) .15 :‬أمالى الطوسى ج ‪ 2‬ص ‪ 210‬وتراه في أمالى‬
‫المفيد‪ (5) :76 :‬أمالى الطوسى ج ‪ 1‬ص ‪ (6) .287‬أمالى الطوسى ج ‪1‬‬
‫ص ‪ (7) .295‬أو يكون المراد بمن رواه‪ ،‬أبا الحسن العسكري وآباءه‬
‫عليهم السلم( ل من روى عنه من الرواة والمراد بمن روى عنه هو‬
‫النبي صلى ال عليه وآله‪[*] .‬‬

‫]‪[322‬‬

‫بما ورد في سائر الدعية بأن يقول‪ :‬بحق محمد وعلي الخ لنهم داخلون فيمن‬
‫روى هذا الخبر وروي عنه‪ ،‬وفي بعض الكتب بدون الضمير فيعم‪ .‬وقال‬
‫الجوهري‪ :‬قال أبو عبيدة‪ :‬يقال‪ :‬كان من المر كيت وكيت‪ ،‬بالفتح وكيت‬
‫وكيت بالكسر‪ ،‬والتاء فيها هاء في الصل فصارت تاء في الوصل‪- 9 .‬‬
‫الخصال‪ :‬فيما أوصى به النبي صلى ال عليه وآله إلى علي عليه السلم‬
‫ثلث درجات‪ :‬إسباغ الوضوء في السبرات‪ ،‬وانتظار الصلة بعد الصلة‪،‬‬
‫والمشي بالليل والنهار إلى الجماعات )‪ .(1‬أقول‪ :‬قد مضى مثله باسناد‬
‫آخر في أبواب المكارم )‪ - 10 .(2‬المحاسن‪ :‬في رواية إبراهيم بن عبد‬
‫الحميد‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬من أقام في مسجد بعد صلته‬
‫انتظارا للصلة‪ ،‬فهو ضيف ال‪ ،‬وحق على ال أن يكرم ضيفه )‪ .(3‬ومنه‪:‬‬
‫عن موسى بن القاسم‪ ،‬عن علي بن جعفر‪ ،‬عن أخيه موسى عليه السلم‪،‬‬
‫عن أبيه عليه السلم قال‪ :‬ما من مؤمن يؤدي فريضة من فرائض ال إل‬
‫كان عند أدائها دعوة مستجابة )‪ .(4‬ومنه‪ :‬عن علي بن حديد‪ ،‬عن منصور‬
‫بن يونس‪ ،‬عمن ذكره‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬من صلى صلة‬
‫فريضة وعقب إلى اخرى‪ ،‬فهو ضيف ال‪ ،‬وحق على ال أن يكرم ضيفه )‬
‫‪ .(5‬ومنه‪ :‬عن أبيه‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن هشام بن سالم‪ ،‬عن أبي عبد‬
‫ال عليه السلم‬

‫)‪ (1‬الخصال ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .42‬راجع ج ‪ 70‬ص ‪ (3) .7 - 5‬المحاسن‪(4) .48 :‬‬
‫المحاسن‪ (5) .50 :‬المحاسن‪[*] .52 :‬‬

‫]‪[323‬‬

‫قال‪ :‬إن العبد إذا قام يعني في الصلة فقام لحاجته يقول ال تبارك وتعالى‪ :‬أما يعلم‬
‫عبدي أني أنا الذي أقضي الحوائج )‪ - 11 .(1‬تفسير العياشي‪ :‬عن‬
‫الحسين بن مسلم‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬قلت له‪ :‬جعلت فداك‬
‫إنهم يقولون إن النوم بعد الفجر مكروه‪ ،‬لن الرزاق تقسم في ذلك‬
‫الوقت ؟ فقال‪ :‬الرزاق موظوفة مقسومة‪ ،‬ول فضل يقسمه من طلوع‬
‫الفجر إلى طلوع الشمس‪ ،‬وذلك قوله‪) :‬واسئلوا ال من فضله( ثم قال‪:‬‬
‫وذكر ال بعد طلوع الفجر أبلغ في طلب الرزق من الضرب في الرض )‬
‫‪ - 12 .(2‬فلح السائل‪ :‬روينا باسنادنا إلى محمد بن علي بن محبوب من‬
‫أصل كتاب له بخط جدي أبي جعفر الطوسي باسناده إلى الصادق عليه‬
‫السلم عن آبائه عليهم السلم قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وآله‪:‬‬
‫منجلس في مصله ثابتا رجله وكل ال به ملكا‪ ،‬فقال له‪ :‬ازدد شرفا تكتب‬
‫لك الحسنات‪ ،‬وتمحى عنك السيئات‪ ،‬وتبنى لك الدرجات حتى تنصرف )‪.(3‬‬
‫‪ - 13‬دعائم السلم‪ :‬مرسل مثله‪ ،‬فيه ثانيا رجليه يذكر ال‪ ،‬وكل ال به‬
‫ملكا يقول له )‪ - 14 .(4‬كتاب الخوان‪ :‬للصدوق باسناده عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬ثلثة من خالصة ال عزوجل يوم القيامة‪ :‬رجل زار أخاه‬
‫في ال عزوجل فهو زور ال‪ ،‬و على ال أن يكرم زوره‪ ،‬ويعطيه ما سأل‪،‬‬
‫ورجل دخل المسجد فصلى وعقب انتظارا للصلة الخرى‪ ،‬فهو ضيف ال‬
‫وحق على ال أن يكرم ضيفه‪ ،‬والحاج والمعتمر فهذا وفد ال‪ ،‬وحق على‬
‫ال أن يكرم وفده )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬المحاسن‪ (2) 252 :‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪ 240‬والية في سورة النساء‪:‬‬
‫‪ (3) .23‬فلح السائل‪ 163 :‬و ‪ 164‬وفيه ثانيا رجله‪ (4) .‬دعائم السلم‬
‫ج ‪ 1‬ص ‪ (5) .165‬كتاب مصادقة الخوان‪[*] .28 :‬‬
‫]‪[324‬‬

‫بيان‪ :‬الزور بالفتح جمع زائر كالسفر جمع سافر‪ - 14 .‬مجالس الشيخ‪ :‬عن المفيد‪،‬‬
‫عن إبراهيم بن الحسن بن جمهور‪ ،‬عن أبي بكر المفيد الجرجرائي‪ ،‬عن‬
‫أبي الدنيا المعمر المغربي‪ ،‬عن أمير المؤمنين عليه السلم قال‪ :‬قال رسول‬
‫ال صلى ال عليه وآله‪ :‬من صلى وجلس في مجلسه يتوقع صلة بعدها‪،‬‬
‫صلت عليه الملئكة وصلتهم‪ :‬اللهم اغفر له وارحمه )‪ - 15 .(1‬عدة‬
‫الداعي‪ :‬عن الصادق عليه السلم أن ال عزوجل فرض عليكم الصلوات‬
‫في أحب الوقات إليه‪ ،‬فاسئلوا ال حوائجكم عقيب فرائضكم )‪ .(2‬وروى‬
‫فضل البقباق عن الصادق عليه السلم قال‪ :‬يستحب الدعاء في أربعة‬
‫مواطن‪ :‬في الوتر وبعد الفجر‪ ،‬وبعد الظهر‪ ،‬وبعد المغرب‪ ،‬وفي رواية أنه‬
‫يسجد بعد المغرب ويدعو في سجوده )‪ - 16 .(3‬المحاسن‪ :‬عن الحسن بن‬
‫محبوب‪ ،‬عن الحسين بن صالح بن حي قال‪ :‬سمعت أبا عبد ال عليه‬
‫السلم يقول‪ :‬من توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى ركعتين فأتم ركوعها‬
‫وسجودها‪ ،‬ثم جلس فأثنى على ال وصلى على رسول ال صلى ال عليه‬
‫وآله ثم سأل ال حاجته‪ ،‬فقد طلب الخير من مظانه‪ ،‬ومن طلب الخير من‬
‫مظانه لم يخب )‪ - 17 .(4‬فلح السائل‪ :‬روى محمد بن مسلم عن أحدهما‬
‫عليهما السلم قال‪ :‬الدعاء دبر الصلة المكتوبة أفضل من الدعاء دبر‬
‫التطوع كفضل المكتوبة على التطوع )‪ .(5‬وعن أبي الحسن العسكري‪ ،‬عن‬
‫أبيه‪ ،‬عن آبائه‪ ،‬عن علي بن أبي طالب عليهم السلم أنه قال‪ :‬من صلى ل‬
‫سبحانه صلة مكتوبة فله في أثرها دعوة مستجابة )‪ .(6‬وروي عن الباقر‬
‫عليه السلم قال‪ :‬الدعاء بعد الفريضة أفضل من الصلة تنفل )‪.(7‬‬

‫)‪ (1‬ل يوجد في المطبوع من المصدر‪ 2) .‬و ‪ (3‬عدة الداعي ص ‪ (4) .43‬المحاسن‬
‫ص ‪ (7 - 5) .52‬فلح السائل لم نجده‪[*] .‬‬

‫]‪[325‬‬

‫الدعائم‪ :‬عنه عليه السلم مثله )‪ .(1‬توضيح‪ :‬لعله محمول على غير النوافل‬
‫المرتبة جمعا‪ - 18 .‬اختيار ابن الباقي‪ :‬روي عن النبي صلى ال عليه وآله‬
‫وسلم أنه قال‪ :‬إذا فرغ العبد من الصلة ولم يسأل ال تعالى حاجته يقول‬
‫ال تعالى لملئكته انظروا إلى عبدي فقد أدى فريضتي ولم يسأل حاجته‬
‫مني‪ ،‬كأنه قد استغنى عني‪ ،‬خذوا صلته فاضربوا بها وجهه‪ - 19 .‬قرب‬
‫السناد‪ :‬عن هارون بن مسلم‪ ،‬عن مسعدة بن صدقة‪ ،‬عن أبي عبد ال‬
‫عليه السلم قال‪ :‬كان أبي يقول في قول ال تبارك وتعالى )فإذا فرغت‬
‫فانصب * وإلى ربك فارغب( فإذا قضيت الصلة بعد أن تسلم وأنت جالس‪،‬‬
‫فانصب في الدعاء من أمر الخرة والدنيا‪ ،‬فإذا فرغت من الدعاء فارغب‬
‫إلى ال عزوجل أن يتقبلها منك )‪ - 20 .(2‬دعائم السلم‪ :‬قال أبو جعفر‬
‫محمد بن علي عليهما السلم‪ :‬المسألة قبل الصلة وبعدها مستجاب )‪.(3‬‬
‫وعن جعفر بن محمد عليهما السلم أنه قال‪ :‬في قول ال عزوجل )فإذا‬
‫فرغت فانصب * وإلى ربك فارغب( قال‪ :‬الدعاء بعد الفريضة‪ ،‬إياك أن‬
‫تدعه فان فضله بعد الفريضة كفضل الفريضة على النافلة ثم قال‪ :‬إن ال‬
‫عزوجل يقول‪) :‬ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي‬
‫سيدخلون جهنم داخرين( )‪ (4‬فأفضل العبادة الدعاء‪ ،‬وإياه عنى )‪.(5‬‬
‫وسئل عليه السلم عن قول ال )إن إبراهيم لحليم أواه منيب( )‪ (6‬قال‪:‬‬
‫الواه الدعاء )‪.(7‬‬

‫)‪ (1‬دعائم السلم ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .166‬قرب السناد ص ‪ 5‬ط حجر‪ (3) .‬دعائم‬
‫السلم ج ‪ 1‬ص ‪ (4) .166‬المؤمن‪ (5) .60 :‬دعائم السلم ج ‪ 1‬ص‬
‫‪ (6) .166‬هود‪ (7) .75 :‬دعائم السلم ج ‪ 1‬ص ‪[*] .166‬‬

‫]‪[326‬‬

‫وعن أبي عبد ال عليه السلم أنه سئل عن رجلين دخل المسجد في وقت واحد‬
‫وافتتحا الصلة فكان دعاء أحدهما أكثر‪ ،‬وكان قرآن الخر أكثر أيهما‬
‫أفضل ؟ قال كل فيه فضل‪ ،‬وكل حسن‪ ،‬قيل‪ :‬قد علمنا ذلك‪ ،‬ولكن أردنا أن‬
‫نعلم أيهما أفضل ؟ قال‪ :‬الدعاء أفضل أما سمعت ال عزوجل يقول‪:‬‬
‫)ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم‬
‫داخرين( هي العبادة وهي أفضل )‪ .(1‬بيان‪ :‬ظاهره أن السؤال عن القراءة‬
‫والدعاء في الصلة‪ ،‬والكثر حملوه عليهما بعد الصلة في التعقيب‪،‬‬
‫ويحتمل العم أيضا‪ ،‬والول أظهر‪ - 21 .‬الهداية‪ :‬روي أن ال عزوجل‬
‫يقول‪ :‬يا ابن آدم اذكرني بعد الغداة ساعة‪ ،‬وبعد العصر ساعة‪ ،‬أكفك ما‬
‫أهمك‪ ،‬والتعقيب بعد صلة الغداة أبلغ في طلب الرزق من الضرب في‬
‫الرض )‪ .(2‬وقد روي أن المؤمن معقب ما دام على وضوئه )‪ .(3‬وقال ‪-‬‬
‫ره ‪ :-‬إذا انصرفت من الصلة فانصرف عن يمينك )‪ .(4‬بيان‪ :‬قال في‬
‫المنتهى‪ :‬يستحب له إذا أراد أن ينصرف النصراف عن يمينه خلفا‬
‫للجمهور‪ ،‬لنا ما رواه الصدوق في الصحيح عن محمد بن مسلم )‪ (5‬عن‬
‫أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬إذا انصرفت من صلتك فانصرف عن يمينك‪،‬‬
‫احتجوا بما رواه مهلب أنه صلى مع النبي صلى ال عليه وآله فكان‬
‫ينصرف عن شقيه‪ ،‬والجواب أنه مستحب فيجوز تركه في بعض الوقات‬
‫لعذر أو غيره‪.‬‬
‫)‪ (1‬دعائم السلم ج ‪ 1‬ص ‪ 2) .166‬و ‪ (3‬الهداية ص ‪ (4) .40‬الهداية ص ‪) .41‬‬
‫‪ (5‬الفقيه ج ‪ 1‬ص ‪[*] .245‬‬

‫]‪[327‬‬

‫)‪) * (37‬باب( * * " )تسبيح فاطمة صلوات ال عليها وفضله وأحكامه( " * *‬
‫" )وآداب السبحة وادارته( " * ‪ - 1‬الحتجاج‪ :‬كتب الحميري إلى القائم‬
‫عليه السلم يسأله هل يجوز أن يسبح الرجل بطين القبر ؟ وهل فيه‬
‫فضل ؟ فأجاب عليه السلم يسبح به فما من شئ من التسبيح أفضل منه‪،‬‬
‫ومن فضله أن الرجل ينسى التسبيح ويدير السبحة فيكتب له التسبيح )‪.(1‬‬
‫وسأل هل يجوز أن يدير السبحة بيده اليسرى إذا سبح أول يجوز ؟‬
‫فأجاب‪ :‬يجوز ذلك والحمد ل )‪ .(2‬وسأل عن تسبيح فاطمة عليها السلم‬
‫من سهى فجاز التكبير أكثر من أربع وثلثين‪ ،‬هل يرجع إلى أربع وثلثين‬
‫أو يستأنف ؟ وإذا سبح تمام سبعة وستين هل يرجع إلى ستة وستين أو‬
‫يستأنف‪ ،‬وما الذي يجب في ذلك ؟ فأجاب عليه السلم إذا سهى في التكبير‬
‫حتى تجاوز أربعا وثلثين‪ ،‬عاد إلى ثلث وثلثين‪ ،‬ويبني عليها‪ ،‬وإذا سهى‬
‫في التسبيح فتجاوز سبعا وستين تسبيحة عاد إلى ست وستين‪ ،‬وبنى‬
‫عليها‪ ،‬فإذا جاوز التحميد مائة فل شئ عليه )‪ .(3‬بيان‪ :‬قوله )تمام سبعة(‬
‫لعل مراده الزيادة عليه أو توهم كون التسبيح اثنين وثلثين‪ ،‬وعلى‬
‫التقديرين استدرك في الجواب ذلك وصححه وظاهر الجواب أنه يرجع‬
‫ويأتي بواحد مما زاد وينتقل إلى التسبيح الخر‪ ،‬وفيه غرابة ولم أر من‬
‫تعرض لذلك من الصحاب والموافق لصولهم إسقاط الزايد والبناء على ما‬
‫سبق‪ ،‬نعم روي )‪ (4‬عن الصادق عليه السلم إذا شككت في تسبيح فاطمة‬
‫عليها السلم فأعد‪.‬‬

‫)‪ (2 - 1‬الحتجاج ص ‪ (3) .274‬الحتجاج ص ‪ 276‬ومبنى الجواب على أن‬


‫التسبيحات ‪ 99‬تسبيحة فافهم‪ (4) .‬الكافي ج ‪ 3‬ص ‪[*] .342‬‬

‫]‪[328‬‬

‫وقوله عليه السلم‪) :‬فأعد( أي التسبيح من أوله أو على ما شككت فيه‪ ،‬فالعادة‬
‫باعتبار أحد احتمالي الشك‪ ،‬وهذا شايع‪ ،‬وهو أوفق بما ورد في سائر‬
‫المواضع من البناء على القل في النافلة‪ - 2 .‬قرب السناد‪ :‬عن هارون بن‬
‫مسلم‪ ،‬عن مسعدة بن صدقة‪ ،‬عن الصادق عليه السلم قال‪ :‬من سبح‬
‫تسبيح فاطمة عليها السلم قبل أن يثني رجليه بعد انصرافه من صلة‬
‫الغداة غفر له ويبدأ بالتكبير ثم قال أبو عبد ال عليه السلم لحمزة بن‬
‫حمران‪ :‬حسبك بها يا حمزة )‪ .(1‬بيان‪) :‬قبل أن يثني رجليه( قال في‬
‫النهاية‪ :‬أراد قبل أن يصرف رجليه عن حالته التي هي عليها في التشهد‬
‫انتهى )حسبك بها( أي يكفيك هذا التسبيح في التعقيب أو في المغفرة‪- 3 .‬‬
‫مجالس الصدوق‪ :‬عن جعفر بن محمد بن مسرور‪ ،‬عن الحسين بن محمد‬
‫بن عامر‪ ،‬عن عمه عبد ال‪ ،‬عن ابن أبي عمير‪ ،‬عن أبي هارون‬
‫المكفوف‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬يا أبا هارون إنا نأمر صبياننا‬
‫بتسبيح فاطمة عليها السلم كما نأمرهم بالصلة فالزمه‪ ،‬فانه لم يلزمه‬
‫عبد فشقي )‪ .(2‬ثواب العمال‪ :‬عن محمد بن الحسن بن الوليد‪ ،‬عن محمد‬
‫بن الحسن الصفار‪ ،‬عن محمد بن الحسين‪ ،‬عن محمد بن إسماعيل‪ ،‬عن‬
‫صالح بن عقبة‪ ،‬عن أبي هارون مثله )‪ .(3‬بيان‪ :‬فشقي مأخوذ من‬
‫الشقاوة ضد السعادة‪ - 4 .‬الخصال بالسناد التي في باب حكم النساء عن‬
‫الباقر عليه السلم‪ :‬إذا سبحت المرءة عقدت على النامل لنهن مسئولت‬
‫)‪ - 5 .(4‬فلح السائل‪ :‬عن حمويه‪ ،‬عن أبي الحسين‪ ،‬عن أبي خليفة‪ ،‬عن‬
‫محمد بن‬

‫)‪ (1‬قرب السناد ص ‪ 4‬ط حجر‪ (2) .‬أمالى الصدوق ص ‪ (3) .345‬ثواب العمال‬
‫ص ‪ (4) .148‬الخصال ج ‪ 2‬ص ‪ 97‬في حديث‪[*] .‬‬

‫]‪[329‬‬

‫كثير‪ ،‬عن شعبة‪ ،‬عن الحكم‪ ،‬عن ابن أبي ليلى‪ ،‬عن كعب بن عجرة قال‪ :‬معقبات ل‬
‫يخيب قائلهن أو فاعلهن يكبر أربعا وثلثين‪ ،‬ويسبح ثلثا وثلثين‪ ،‬ويحمد‬
‫ثلثا وثلثين )‪ - 6 .(1‬فلح السائل‪ :‬رويت في تاريخ نيشابور في ترجمة‬
‫رجاء بن عبد الرحيم أن النبي صلى ال عليه وآله قال‪ :‬معقبات وذكر‬
‫نحوه )‪ .(2‬بيان‪ :‬رواه العامة‪ ،‬عن شعبة‪ ،‬عن الحكم بن عيينة‪ ،‬عن عبد‬
‫الرحمان بن أبي ليلى‪ ،‬عن كعب بن عجرة مثله إل أنهم قدموا في روايتهم‬
‫التسبيح على التحميد‪ ،‬و التحميد على التكبير‪ ،‬ولذا قالوا بهذا الترتيب‪ ،‬قال‬
‫في شرح السنة أخرجه مسلم‪ ،‬وقوله معقبات يريد هذه التسبيحات سميت‬
‫معقبات لنها عادت مرة بعد مرة‪ ،‬والتعقيب أن تعمل عمل ثم تعود إليه‪،‬‬
‫وقوله )ولى مدبرا ولم يعقب( )‪ (3‬أي لم يرجع انتهى‪ .‬وقال البي في إكمال‬
‫الكمال‪ :‬معناه تسبيحات تفعل أعقاب الصلة‪ ،‬وقيل سميت معقبات لنها‬
‫تفعل مرة بعد اخرى‪ ،‬وقوله تعالى‪) :‬له معقبات( )‪ (4‬أي ملئكة يعقب‬
‫بعضها بعضا‪ .‬وفي النهاية‪ :‬سميت )معقبات( لنها عادت مرة بعد مرة‪ ،‬أو‬
‫لنها يقال عقيب الصلة والمعقب من كل شئ ما جاء عقيب ما قبله‪- 7 .‬‬
‫العلل‪ :‬عن أحمد بن الحسن القطان‪ ،‬عن الحسن بن علي السكري‪ ،‬عن‬
‫الحكم بن أسلم‪ ،‬عن ابن علية‪ ،‬عن الحريري‪ ،‬عن أبي الورد بن ثمامة‪،‬‬
‫عن علي صلوات ال عليه أنه قال لرجل من بني سعد‪ :‬أل احدثك عني‬
‫وعن فاطمة ؟ إنها كانت عندي وكانت من أحب أهله إليه‪ ،‬وإنها استقت‬
‫بالقربة حتى أثر في صدرها وطحنت بالرحى حتى مجلت يداها‪ ،‬وكسحت‬
‫البيت حتى اغبرت ثيابها‪ ،‬وأوقدت النار تحت القدر حتى دكنت ثيابها‪،‬‬
‫فأصابها من ذلك ضرر شديد‪ ،‬فقلت لها‪ :‬لو أتيت أباك فسألتيه خادما يكفيك‬
‫حرما أنت فيه من هذا العمل‪.‬‬

‫)‪ 1‬و ‪ (2‬فلح السائل لم نجده‪ (3) .‬النمل‪ (4) .10 :‬الرعد‪[*] .11 :‬‬

‫]‪[330‬‬

‫فأتت النبي صلى ال عليه وآله فوجدت عنده حداثا فاستحت فانصرفت‪ ،‬قال‪ :‬فعلم‬
‫النبي صلى ال عليه وآله أنها جاءت لحاجة‪ ،‬قال‪ :‬فغدا علينا ونحن في‬
‫لفاعنا‪ ،‬فقال‪ :‬السلم عليكم‪ ،‬فسكتنا واستحيينا لمكاننا‪ ،‬ثم قال‪ :‬السلم‬
‫عليكم فسكتنا‪ ،‬ثم قال‪ :‬السلم عليكم فخشينا إن لم نرد عليه أن ينصرف‪،‬‬
‫وقد كان يفعل ذلك يؤسلم ثلثا فان اذن له وإل انصرف فقلت‪ :‬وعليك‬
‫السلم يا رسول ال صلى ال عليه وآله ادخل‪ .‬فلم يعد أن جلس عند‬
‫رؤوسنا‪ ،‬فقال‪ :‬يا فاطمة ما كانت حاجتك أمس عند محمد‪ ،‬قال‪ :‬فخشيت إن‬
‫لم تجبه أن يقوم قال‪ :‬فأخرجت رأسي فقلت‪ :‬أنا وال اخبرك يا رسول ال‬
‫صلى ال عليه وآله إنها استقت بالقربة حتى أثر في صدرها‪ ،‬وجرت‬
‫بالرحا حتى مجلت يداها وكسحت البيت حتى اغبرت ثيابها‪ ،‬وأوقدت تحت‬
‫القدر حتى دكنت ثيابها فقلت لها‪ :‬لو أتيت أباك فسألتيه خادما يكفيك حرما‬
‫أنت فيه من هذا العمل‪ .‬قال صلى ال عليه وآله‪ :‬أفل اعلمكما ما هو خير‬
‫لكما من الخادم ؟ إذا أخذتما منامكما فسبحا ثلثا وثلثين‪ ،‬واحمدا ثلثا‬
‫وثلثين‪ ،‬وكبرا أربعا وثلثين‪ ،‬قال‪ :‬فأخرجت عليها السلم رأسها فقالت‪:‬‬
‫رضيت عن ال ورسوله‪ ،‬رضيت عن ال ورسوله‪ ،‬رضيت عن ال‬
‫ورسوله )‪ .(1‬بيان‪) :‬من أحب أهله( الضمير راجع إلى الرسول بقرينة‬
‫المقام‪ ،‬وقال الجزري في النهاية يقال‪ :‬مجلت يده تمجل مجل ومجلت إذا‬
‫ثخن جلدها وتعجر وظهر فيه شبه البثر من العمل بالشياء الصلبة‬
‫الخشنة‪ ،‬ومنه حديث فاطمة عليها السلم إنها شكت إلى على مجل يديها‬
‫من الطحن انتهى‪ ،‬وكسحت البيت بالمهملتين أي كنست‪ .‬وقال الجوهري‪:‬‬
‫الدكنة بالضم لون يضرب إلى السواد‪ ،‬وقد دكن الثوب يدكن دكنا وقال في‬
‫النهاية‪ :‬في شرح هذا الخبر‪ :‬دكن الثوب إذا اتسخ واغبر لونه‪ .‬قوله عليه‬
‫السلم )لو أتيت( )لو( للتمني أو للغرض أو الجزاء محذوف لدللة المقام‬
‫عليه‪ .‬وفي النهاية في حديث علي عليه السلم‪ :‬إنه قال لفاطمة لو أتيت‬
‫النبي صلى ال عليه وآله فسألتيه‬
‫)‪ (1‬علل الشرايع ج ‪ 2‬ص ‪[*] .55 - 54‬‬

‫]‪[331‬‬

‫خادما يقيك حرما أنت فيه من العمل‪ ،‬وفي رواية حار ما أنت فيه يعني التعب و‬
‫المشقة من خدمة البيت لن الحرارة مقرونة بهما‪ ،‬كما أن البرد مقرون‬
‫بالراحة والسكون والحار بالشاق والمتعب‪ ،‬وقال في حديث فاطمة‪:‬‬
‫فوجدت عنده حداثا أي جماعة يتحدثون وهو جمع على غير قياس حمل‬
‫على نظيره‪ ،‬نحو سامر وسمار انتهى وفي بعض النسخ أحداثا جمع حدث‬
‫بالتحريك بمعنى الشاب‪ .‬وفي النهاية اللفاع ثوب يجلل به الجسد كله كساء‬
‫كان أو غيره ومنه حديث علي وفاطمة‪ :‬وقد دخلنا في لفاعنا أي لحافنا‬
‫انتهى‪ ،‬ويدل على عدم وجوب رد سلم الذن كما مر‪ ،‬وقال الشيخ البهائي‬
‫‪ -‬ره ‪ :-‬يدل على أن السكوت عن رد السلم لغلبة الحياء جائز‪ ،‬ول يخفى‬
‫ما فيه‪ - 8 .‬معاني الخبار‪ :‬عن محمد بن الحسن بن الوليد‪ ،‬عن أحمد بن‬
‫إدريس عن محمد بن أحمد الشعري‪ ،‬عن جعفر بن أحمد بن سعيد‪ ،‬عن‬
‫علي بن أسباط‪ ،‬عن سيف بن عميرة‪ ،‬عن أبي الصباح بن نعيم‪ ،‬عن محمد‬
‫بن مسلم‪ ،‬عن الصادق عليه السلم أنه سئل عن قول ال عزوجل )اذكروا‬
‫ال ذكرا كثيرا( )‪ (1‬ما هذا الذكر الكثير ؟ قال‪ :‬من سبح تسبيح فاطمة‬
‫عليها السلم فقد ذكر ال الذكر الكثير )‪ .(2‬العياشي‪ :‬عن محمد بن مسلم‬
‫مثله )‪ - 9 .(3‬ثواب العمال‪ :‬عن محمد بن الحسن‪ ،‬عن محمد بن الحسن‬
‫الصفار‪ ،‬عن محمد ابن الحسين‪ ،‬عن محمد بن إسماعيل‪ ،‬عن أبي خالد‬
‫القماط‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪:‬‬

‫)‪ (1‬الحزاب‪ (2) .42 :‬معاني الخبار ص ‪ 193‬مرسل وبعده‪ :‬حدثنا بذلك محمد بن‬
‫الحسن ‪ -‬ره ‪ -‬قال‪ :‬حدثنا أحمد بن ادريس‪ ،‬عن محمد بن أحمد قال‪:‬‬
‫حدثنا أبو محمد جعفر بن أحمد ابن سعيد البجلى ابن أخى صفوان بن‬
‫يحيى‪ ،‬عن على بن أسباط‪ ،‬عن سيف بن عميرة‪ ،‬عن أبى الصباح بن‬
‫نعيم العائذى‪ ،‬عن محمد بن مسلم قال في حديث يقول في آخره‪ :‬تسبيح‬
‫فاطمة عليها السلم من ذكر ال الكثير الذى قال ال عزوجل )فاذكروني‬
‫أذكركم(‪ (3) .‬تفسير العياشي ج ‪ 1‬ص ‪ 68‬في قوله تعالى‪) :‬فاذكروني‬
‫أذكركم(‪ :‬البقرة‪[*] .152 :‬‬

‫]‪[332‬‬

‫تسبيح الزهراء فاطمة عليها السلم في دبر كل صلة أحب إلى من صلة ألف ركعة‬
‫في كل يوم )‪ .(1‬مصباح النوار‪ :‬مرسل مثله‪ - 10 .‬ثواب العمال‪ :‬عن‬
‫أبيه‪ ،‬عن محمد بن يحيى‪ ،‬عن محمد بن أحمد الشعري عن جعفر بن أحمد‬
‫البجلي‪ ،‬عن ابن أسباط‪ ،‬عن ابن عميرة‪ ،‬عن أبي الصباح بن نعيم عن‬
‫محمد بن مسلم‪ ،‬عن أبي جعفر عليه السلم قال‪ :‬من سبح تسبيح الزهراء‬
‫عليها السلم ثم استغفر غفر له وهي مائة باللسان‪ ،‬وألف في الميزان‪،‬‬
‫وتطرد الشيطان‪ ،‬وترضي الرحمن )‪ - 11 .(2‬ثواب العمال‪ :‬عن محمد بن‬
‫الحسن بن الوليد‪ ،‬عن الحسين بن الحسن بن أبان‪ ،‬عن الحسين بن سعيد‪،‬‬
‫عن فضالة وابن أبي نجران معا‪ ،‬عن ابن سنان قال‪ :‬قال أبو عبد ال عليه‬
‫السلم‪ :‬من سبح تسبيح فاطمة عليها السلم قبل أن يثني رجليه من صلة‬
‫الفريضة غفر له ويبدأ بالتكبير )‪ - 12 .(3‬مكارم الخلق‪ :‬من مسموعات‬
‫السيد أبي البركات المشهدي عن القماط مثله )‪ .(4‬بيان‪ :‬قال الشيخ‬
‫البهائي ‪ -‬ره ‪ :-‬هذا الخبر يوجب تخصيص حديث أفضل العمال أحمزها‪،‬‬
‫اللهم إل أن يفسر بأن أفضل كل نوع من أنواع العمال أحمز ذلك النوع‪.‬‬
‫‪ - 13‬فلح السائل‪ :‬مما رويناه من كتاب محمد بن علي بن محبوب باسناده‬
‫إلى عبد ال بن سنان‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬سمعته يقول من‬
‫سبح تسبيح فاطمة في دبر المكتوبة من قبل أن يبسط رجليه أوجب ال له‬
‫الجنة )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬ثواب العمال ص ‪ (2) .149‬ثواب العمال ص ‪ (3) .148‬ثواب العمال ص‬


‫‪ (4) .149‬مكارم الخلق ص ‪ 325‬و ‪ (5) .326‬فلح السائل ص ‪.165‬‬
‫]*[‬

‫]‪[333‬‬

‫‪ - 14‬المحاسن‪ :‬عن يحيى بن محمد وعمرو بن عثمان‪ ،‬عن محمد بن عذافر قال‪:‬‬
‫دخلت مع أبي على أبي عبد ال عليه السلم فسأله أبي عن تسبيح فاطمة‬
‫عليها السلم فقال‪ :‬ال أكبر حتى أحصاها أربعة وثلثين‪ ،‬ثم قال‪ :‬الحمد ل‬
‫حتى بلغ سبعا وستين‪ ،‬ثم قال‪ :‬سبحان ال حتى بلغ مائة يحصيها بيده‬
‫جملة واحدة )‪ .(1‬بيان‪ :‬قوله )جملة واحدة( كأن المعنى أنه عليه السلم‬
‫بعد إحصاء عدد كل واحد من الثلثة لم يستأنف العدد للخر‪ ،‬بل أضاف إلى‬
‫السابق حتى وصل إلى المائة‪ ،‬و يحتمل تعلقه بقال أي قالها جملة واحدة‬
‫من غير فصل‪ - 15 .‬السرائر‪ :‬نقل من كتاب المشيخة للحسن بن محبوب‬
‫عن ابن سنان‪ ،‬عن جابر الجعفي قال‪ :‬من سبح تسبيح فاطمة الزهراء‬
‫صلوات ال عليها منكم قبل أن يثني رجليه من المكتوبة غفر له )‪- 16 .(2‬‬
‫مكارم الخلق‪ :‬من مسموعات السيد أبي البركات المشهدي‪ :‬روى إبراهيم‬
‫بن محمد الثقفي أن فاطمة بنت رسول ال صلى ال عليه وآله كانت‬
‫سبحتها من خيط صوف مفتل معقود عليه عدد التكبيرات فكانت عليها‬
‫السلم تديرها بيدها تكبر وتسبح إلى أن قتل حمزة بن عبد المطلب رضي‬
‫ال عنه سيد الشهداء‪ ،‬فاستعملت تربته وعملت التسابيح فاستعملها‬
‫الناس‪ ،‬فلما قتل الحسين صلوات ال عليه عدل بالمر إليه فاستعملوا‬
‫تربته لما فيها من الفضل والمزية )‪ .(3‬وفي كتاب الحسن بن محبوب أن‬
‫أبا عبد ال عليه السلم سئل عن استعمال التربتين من طين قبر حمزة‬
‫والحسين والتفاضل بينهما‪ ،‬فقال عليه السلم‪ :‬السبحة التي من قبر‬
‫الحسين عليه السلم تسبح بيد الرجل من غير أن يسبح )‪ .(4‬وروي أن‬
‫الحور العين إذا أبصرن بواحد من الملك يهبط إلى الرض لمر ما‬
‫يستهدين منه السبح والتراب من طين قبر الحسين عليه السلم )‪.(5‬‬

‫)‪ (1‬المحاسن ص ‪ (2) .36‬السرائر ص ‪ (5 - 3) .473‬مكارم الخلق ص ‪.326‬‬


‫]*[‬

‫]‪[334‬‬

‫وروي عن الصادق عليه السلم أنه قال‪ :‬من أدارها مرة واحدة بالستغفار أو غيره‬
‫كتب له سبعين مرة‪ ،‬وإن السجود عليها يخرق الحجب السبع )‪- 17 .(1‬‬
‫مصباح الشيخ‪ :‬عن عبيدال بن علي الحلبي‪ ،‬عن أبي الحسن موسى عليه‬
‫السلم قال‪ :‬ل يخلو المؤمن من خمسة‪ :‬سواك‪ ،‬ومشط‪ ،‬وسجادة‪ ،‬وسبحة‬
‫فيها أربع وثلثون حبة‪ ،‬وخاتم عقيق )‪ .(2‬المكارم‪ :‬عنه عليه السلم مثله‬
‫)‪ - 18 .(3‬المصباح‪ :‬عن الصادق عليه السلم أنه قال‪ :‬من أراد الحجر من‬
‫تربة الحسين فاستغفر به مرة واحدة كتب ال له سبعين مرة‪ ،‬وإن أمسك‬
‫السبحة بيده ولم يسبح بها ففي كل حبة منها سبع مرات )‪ .(4‬بيان‪ :‬ظاهره‬
‫أن الفضل في المشوى أيضا باق والخبار الواردة بالسبحة من طين‬
‫الحسين عليه السلم تشمله والقول بخروجه عن اسم التربة بالطبخ بعيد‬
‫مع أنه ل يضر في ذلك‪ - 19 .‬جامع البزنطى‪ :‬نقل من خط بعض الفاضل‬
‫عن عبد ال بن سنان‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬من قال تسبيح‬
‫فاطمة عليها السلم قبل أن يثني رجليه غفر له‪ - 20 .‬دعوات الراوندي‪:‬‬
‫قال بعض أصحاب أبي عبد ال عليه السلم‪ :‬شكوت إليه ثقل في اذني‪،‬‬
‫فقال عليه السلم‪ :‬عليك بتسبيح فاطمة عليها السلم‪ - 21 .‬مشكاة النوار‪:‬‬
‫قال‪ :‬دخل رجل على أبي عبد ال وكلمه فلم يسمع كلم أبي عبد ال عليه‬
‫السلم وشكى إليه ثقل في اذنيه‪ ،‬فقال له‪ :‬ما يمنعك ؟ وأين أنت من تسبيح‬
‫فاطمة عليها السلم قال‪ :‬جعلت فداك‪ ،‬وما تسبيح فاطمة ؟ فقال‪ :‬تكبر ال‬
‫أربعا وثلثين وتحمد ال ثلثا وثلثين وتسبح ال ثلثا وثلثين تمام‬
‫المائة‪ ،‬قال‪ :‬فما فعلت ذلك إل‬
‫)‪ (1‬مكارم الخلق ص ‪ (2) .348‬مصباح المتهجد ص ‪ (3) .512‬المكارم ص‬
‫‪ (4) .326‬المصباح ص ‪[*] .512‬‬

‫]‪[335‬‬

‫يسيرا حتى أذهب عني ما كنت أجده )‪ - 22 .(1‬مجمع البيان‪ :‬عن زرارة وحمران‬
‫ابني أعين‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪ :‬من سبح تسبيح فاطمة‬
‫عليها السلم فقد ذكر ال ذكرا كثيرا )‪ .(2‬ومنه‪ :‬عن أبي عبد ال عليه‬
‫السلم قال‪ :‬من بات على تسبيح فاطمة كان من الذاكرين ال كثيرا‬
‫والذاكرات )‪ - 23 .(3‬المحاسن‪ :‬عن يحيى بن محمد‪ ،‬عن علي بن‬
‫النعمان‪ ،‬عن ابن أبي نجران عن رجاله‪ ،‬عن أبي عبد ال عليه السلم قال‪:‬‬
‫من سبح ال في دبر الفريضة قبل أن يثني رجليه تسبيح فاطمة المائة‬
‫وأتبعها بل إله إل ال مرة واحدة‪ ،‬غفر له )‪ .(4‬المكارم‪ :‬عنه عليه السلم‬
‫مثله )‪ .(5‬بيان‪ :‬قال في إكمال الكمال‪ :‬دبر الفريضة وهو بضم الدال هذا‬
‫هو المشهور في اللغة والمعروف في الروايات‪ ،‬وقال أبو عمر المطرزي‬
‫في كتاب اليواقيت‪ :‬دبر كل شئ بفتح الدال آخر أوقاته‪ ،‬من الصلة‬
‫وغيرها‪ ،‬قال‪ :‬هو المعروف في اللغة‪ ،‬وأما الجارحة فبالضم وقال‬
‫الداودى‪ ،‬عن ابن العزابي دبر الشئ ودبره بالضم والفتح آخر أوقاته‪،‬‬
‫والصحيح الضم‪ ،‬ولم يذكره الجوهري وآخرون غيره انتهى‪ .‬وقال الفيروز‬
‫آبادي‪ :‬الدبر بالضم وبضمتين نقيض القبل‪ ،‬ومن كل شئ عقبه و مؤخره‪،‬‬
‫وجئتك دبر الشهر أي آخره‪ - 24 .‬دعائم السلم‪ ،‬والبلد المين‪ :‬عن أبي‬
‫عبد ال عليه السلم قال‪ :‬من سبح تسبيح فاطمة قبل أن يثني رجله من‬
‫صلة الفريضة غفر ال له )‪.(6‬‬

‫)‪ (1‬مشكاة النوار ص ‪ (2) .278‬مجمع البيان ج ‪ 8‬ص ‪ 362‬في آية الحزاب ‪.42‬‬
‫)‪ (3‬مجمع البيان ج ‪ 8‬ص ‪ 358‬في آية الحزاب‪ (4) .35 :‬المحاسن ص‬
‫‪ (5) .36‬مكارم الخلق ص ‪ (6) .348‬دعائم السلم ج ‪ 1‬ص ‪،168‬‬
‫البلد المين ص ‪ 9‬في الهامش‪[*] .‬‬

‫]‪[336‬‬

‫‪ - 25‬الدعائم‪ :‬عن علي عليه السلم قال‪ :‬أهدى بعض ملوك العاجم رقيقا فقلت‬
‫لفاطمة اذهبي إلى رسول ال صلى ال عليه وآله فاستخدميه خادما فأتته‬
‫فسألته ذلك وذكر الحديث بطوله فقال لها رسول ال صلى ال عليه وآله‪:‬‬
‫يا فاطمة اعطيك ما هو خير لك من خادم‪ ،‬ومن الدنيا بما فيها‪ :‬تكبرين ال‬
‫بعد كل صلة أربعا وثلثين تكبيرة‪ ،‬وتحمدين ال ثلثا وثلثين تحميدة‪،‬‬
‫وتسبحين ال ثلثا وثلثين تسبيحة ثم تختمين ذلك بل إله إل ال‪ ،‬وذلك‬
‫خير لك من الذي أردت‪ ،‬ومن الدنيا وما فيها‪ ،‬فلزمت صلوات ال عليها‬
‫هذا التسبيح بعد كل صلة ونسب إليها )‪ - 26 .(1‬البلد المين‪ :‬عن الباقر‬
‫عليه السلم قال‪ :‬من سبح تسبيح فاطمة الزهراء عليها السلم ثم استغفر‬
‫ال غفر له )‪ - 27 .(2‬الهداية‪ :‬سبح بتسبيح فاطمة عليها بعد الفريضة‬
‫وهي أربع وثلثون تكبيرة وثلث وثلثون تسبيحة وثلث وثلثون‬
‫تحميدة‪ ،‬فان من فعل ذلك قبل أن يثني رجليه غفر له )‪ .(3‬توفيق وتحقيق‬
‫اعلم أن الخبار اختلفت في كيفية تسبيحها ‪ -‬صلوات ال وسلمه عليها ‪-‬‬
‫من تقديم التحميد على التسبيح والعكس واختلف أصحابنا والمخالفون في‬
‫ذلك‪ ،‬مع اتفاقهم جميعا على استحبابه‪ ،‬قال في المنتهى‪ :‬أفضل الذكار كلها‬
‫تسبيح الزهراء عليها السلم‪ ،‬وقد أجمع أهل العلم كافة على استحبابه‬
‫انتهى‪ ،‬فالمخالفون بعضهم على أنها تسعة وتسعون بتساوي التسبيحات‬
‫الثلث‪ ،‬وتقديم التسبيح ثم التحميد ثم التكبير‪ ،‬وبعضهم إلى أنها مائة‬
‫بالترتيب المذكور‪ ،‬وزيادة واحدة في التكبيرات‪ ،‬ول خلف بيننا في أنها‬
‫مائة وفي تقديم التكبير‪ ،‬وإنما الخلف في أن التحميد مقدم على التسبيح‬
‫أو بالعكس والول أشهر وأقوى‪.‬‬

‫)‪ (1‬دعائم السلم ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .168‬البلد المين ص ‪ 9‬في الهامش‪ (3) .‬الهداية‬
‫ص ‪[*] .33‬‬

‫]‪[337‬‬

‫قال في المختلف‪ :‬المشهور تقديم التكبير ثم التحميد ثم التسبيح ذكره الشيخ في‬
‫النهاية والمبسوط والمفيد في المقنعة وسلر وابن البراج وابن إدريس‪،‬‬
‫وقال علي بن بابويه‪ :‬يسبح تسبيح الزهراء وهو أربع وثلثون تكبيرة‬
‫وثلث وثلثون تسبيحة وثلث وثلثون تحميدة‪ ،‬وهو يشعر بتقديم‬
‫التسبيح على التحميد‪ ،‬وكذا قال ابنه أبو جعفر وابن جنيد والشيخ في‬
‫القتصاد واحتجوا برواية فاطمة والجواب أنه ليس فيها تصريح بتقديم‬
‫التسبيح‪ ،‬أقصى ما في الباب أنه قدمه في الذكر وذلك ل يدل على الترتيب‪،‬‬
‫والعطف بالواو ل يدل عليه انتهى‪ .‬وقال الشيخ البهائي ضاعف ال بهاءه‬
‫في مفتاح الفلح‪ :‬اعلم أن المشهور استحباب تسبيح الزهراء عليها‬
‫السلم في وقتين‪ :‬أحدهما بعد الصلة‪ ،‬والخر عند النوم‪ ،‬وظاهر الرواية‬
‫الواردة به عند النوم يقتضي تقديم التسبيح على التحميد‪ ،‬وظاهر الرواية‬
‫الصحيحة الواردة في تسبيح الزهراء عليها السلم على الطلق يقتضي‬
‫تأخيره عنه‪ ،‬ول بأس ببسط الكلم في هذا المقام‪ ،‬وإن كان خارجا عن‬
‫موضوع الكتاب فنقول‪ :‬قد اختلف علماؤنا قدس ال أرواحهم في ذلك مع‬
‫اتفاقهم على البتداء بالتكبير لصراحة صحيحة ابن سنان عن الصادق‬
‫عليه السلم في البتداء به والمشهور الذي عليه العمل في التعقيبات‪:‬‬
‫تقديم التحميد على التسبيح‪ ،‬وقال رئيس المحدثين وأبوه وابن الجنيد‬
‫بتأخيره عنه‪ ،‬والروايات عن أئمة الهدى صلوات ال عليهم ل تخلو بحسب‬
‫الظاهر من اختلف‪ ،‬والرواية المعتبرة التي ظاهرها تقديم التحميد شاملة‬
‫باطلقها لما يفعل بعد الصلة‪ ،‬وما يفعل عند النوم‪ ،‬وهي ما رواه شيخ‬
‫الطائفة في التهذيب )‪ (1‬بسند صحيح عن محمد بن عذافر وساق الحديث‬
‫كما مر برواية البرقي في المحاسن‪ ،‬والرواية التي ظاهرها تقديم التسبيح‬
‫على التحميد مختصة بما يفعل عند النوم ثم أورد من الفقيه )‪(2‬‬

‫)‪ (1‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪ (2) .164‬الفقيه ج ‪ 1‬ص ‪ ،211‬قال‪ :‬وروى أن أمير‬


‫المؤمنين عليه السلم قال لرجل من بنى سعد أل أحدثك عنى وعن فاطمة‬
‫‪ -‬وساق القصة مثل ما مر تحت الرقم ‪ 7‬من كتاب العلل مسندا بروايته‬
‫عن العامة من دون تغير ؟ ال في آخرها‪ :‬ففى الفقيه تقديم التكبير ثم‬
‫التسبيح = ]*[‬

‫]‪[338‬‬

‫رواية علي وفاطمة‪ .‬ثم قال‪ :‬ول يخفى أن هذه الرواية غير صريحة في تقديم‬
‫التسبيح على التحميد‪ ،‬فان الواو ل تفيد الترتيب‪ ،‬وإنما هي لمطلق الجمع‬
‫على الصح كما بين في الصول نعم ظاهر التقديم اللفظي يقتضي ذلك‪،‬‬
‫وكذا الرواية السابقة غير صريحة في تقديم التحميد‬

‫= = ثم التحميد‪ ،‬وفى العلل تقديم التسبيح ثم التحميد ثم التكبير‪ ،‬ول ريب أن‬
‫الحديث واحد‪ ،‬والصحيح من لفظ الحديث ما في العلل لكون الرواية‬
‫عامية مروية من طرقهم‪ ،‬وقد أطبق الجمهور وأحاديثهم على تقديم‬
‫التسبيح ثم التحميد ثم التكبير‪ ،‬طبقا لما في العلل‪ .‬قال في مشكاة‬
‫المصابيح ص ‪ :209‬وعن على عليه السلم أن فاطمة أتت النبي صلى‬
‫ال عليه وآله تشكو اليه ما تلقى في يدها من الرحى وبلغها أنه جاءه‬
‫رقيق ‪ -‬فلم تصادفه فذكرت ذلك لعائشة‪ ،‬فلما جاء صلى ال عليه وآله‬
‫أخبرته عائشة‪ ،‬قال‪ :‬فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبنا نقوم‪ ،‬فقال على‬
‫مكانكما‪ ،‬فجاء فقعد بينى وبينها حتى وجدت برد قدمه على بطني‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫أل أدلكما على خير مما سألتما ؟ إذا أخذتما مضجعكها فسبحا ثلثا‬
‫وثلثين واحمدا ثلثا وثلثين وكبرا أربعا وثلثين‪ ،‬فهو خير لكما من‬
‫خادم )متفق عليه(‪ .‬وعن أبى هريرة قال جاءت فاطمة إلى النبي صلى ال‬
‫عليه وآله تسأله خادما فقال‪ :‬أل أدلك على ما هو خير من خادم‪ :‬تسبحين‬
‫ال ثلثا وثلثين‪ ،‬وتحمدين ال ثلثا وثلثين وتكبيرين ال أربعا وثلثين‬
‫عند كل صلة وعند منامك )رواه مسلم(‪ .‬فعلى هذا يضعف الستناد إلى‬
‫رواية الفقيه من حيث ترتيب الذكار لكونها عامية مع ما في متن الرواية‬
‫من غرائب تشهد بكونها موضوعة‪ .‬وأما خبر المفضل بن عمر ففيه قال‪:‬‬
‫سبح تسبيح فاطمة عليها السلم‪ ،‬وهو‪ :‬ال أكبر أربعا وثلثين مرة‪،‬‬
‫وسبحان ال ثلثا وثلثين مرة‪ ،‬والحمد ل ثلثا وثلثين مرة‪ ،‬فوال لو‬
‫كان شئ أفضل منه لعلمه رسول ال صلى ال عليه وآله اياها( فمتنه‬
‫كسنده في نهاية الضعف والسقوط ولول تسامحهم في أدلة السنن لما‬
‫نقلوا الحديث في كتبهم أبدا‪ ،‬والحديث طويل يأتي في نوافل شهر رمضان‬
‫مفصل وسنتكلم عليه‪[*] .‬‬

‫]‪[339‬‬

‫على التسبيح‪ ،‬فان لفظة ثم فيها من كلم الراوي‪ ،‬فلم يبق إل ظاهر التقديم اللفظي‬
‫أيضا فالتنافي بين الروايتين إنما هو بحسب الظاهر‪ ،‬فينبغي حمل الثانية‬
‫على الولى لصحة سندها‪ ،‬واعتضادها ببعض الروايات الضعيفة )‪ (1‬كما‬
‫رواه أبو بصير عن الصادق عليه السلم أنه قال‪ :‬في تسبيح الزهراء‬
‫عليها السلم تبدء بالتكبير أربعا وثلثين ثم التحميد ثلثا وثلثين ثم‬
‫التسبيح ثلثا وثلثين‪ ،‬وهذه الرواية صريحة في تقديم التحميد فهي مؤيدة‬
‫لظاهر لفظ الرواية الصحيحة‪ ،‬فتحمل الرواية الخرى على خلف ظاهر‬
‫لفظها ليرتفع التنافي بينهما كما قلنا‪ .‬فان قلت‪ :‬يمكن العمل بظاهر‬
‫الروايتين معا بحمل الولى على الذي يفعل بعد الصلة‪ ،‬والثانية على الذي‬
‫يفعل عند النوم‪ ،‬وحينئذ ل يحتاج إلى صرف الثانية عن ظاهرها‪ ،‬فلم عدلت‬
‫عنه ؟ وكيف لم تقل به ؟‪ .‬قلت‪ :‬لني لم أجد قائل بالفرق بين تسبيح‬
‫الزهراء في الحالين‪ ،‬بل الذي يظهر بعد التتبع أن كل من الفريقين القائلين‬
‫بتقديم التحميد وتأخيره قائل به مطلقا سواء وقع بعد الصلة أو قبل النوم‬
‫فالقول بالتفصيل إحداث قول ثالث في مقابل الجماع المركب‪ .‬وأما ما يقال‬
‫من أن إحداث القول الثالث إنما يمتنع إذا لزم منع رفع ما أجمعت عليه‬
‫المة كما يقال في رد البكر الموطوءة بعيب مجانا لتفاق الكل على عدمه‬
‫بخلف ما ليس كذلك كالقول بفسخ النكاح ببعض العيوب الخمسة دون‬
‫بعض لموافقة كل من الشطرين في شطر‪ ،‬وكما نحن فيه إذ ل مانع منه‬
‫مثل القول بصحة بيع الغائب وعدم قتل المسلم بالذمي بعد قول أحد‬
‫الشطرين بالثاني ونقيض الول والشطر الثاني بعكسه‪ .‬فجوابه أن هذا‬
‫التفصيل إنما يستقيم على مذهب العامة‪ ،‬أما على ما قرره الخاصة من أن‬
‫حجية الجماع مسببة عن كشفه عن دخول المعصوم فل‪ ،‬إذ مخالفته‬
‫حاصلة وإن وافق القائل كل من الشطرين في شطر‪ ،‬وقس عليه مثال البيع‬
‫والقتل انتهى‪.‬‬
‫)‪ (1‬التهذيب ج ‪ 1‬ص ‪[*] .265‬‬

‫]‪[340‬‬

‫وأقول‪ :‬الجماع المذكور غير ثابت‪ ،‬وما ذكروه وجه جمع بين الخبار‪ ،‬ويمكن‬
‫الجمع بالقول بالتخيير مطلقا‪ ،‬وأما قوله رحمه ال إن رواية ابن عذافر‬
‫غير صريحة في الترتيب لن لفظة ثم فيها في كلم الراوي‪ ،‬فهو طريف‪،‬‬
‫لكنه تفطن لما يوهنه )‪ (1‬وتداركه فيما علقه على الهامش‪ - 28 .‬الذكرى‪:‬‬
‫قال الصادق عليه السلم‪ :‬من كانت معه سبحة من طين قبر الحسين عليه‬
‫السلم كتب مسبحا وإن لم يسبح بها‪ - 29 .‬البلد المين‪ :‬روي أن من أدار‬
‫تربة الحسين عليه السلم في يده وقال‪ :‬سبحان ال والحمد ل ول إله إل‬
‫ال وال أكبر‪ ،‬مع كل سبحة كتب ال له ستة آلف حسنة ومحى عنه ستة‬
‫آلف سيئة‪ ،‬ورفع له ستة آلف درجة‪ ،‬وأثبت له من الشفاعات بمثلها )‬
‫‪ - 30 .(2‬الدروس‪ :‬يستحب حمل سبحة من طينه عليه السلم وثلثين‬
‫حبة‪ ،‬فمن قلبها ذاكرا ل فله بكل حبة أربعون حسنة‪ ،‬وإن قلبها ساهيا‬
‫فعشرون حسنة‪ ،‬وما سبح بأفضل من سبحة طينه عليه السلم‪- 31 .‬‬
‫رسالة السجود على التربة للتوبة للشيخ علي ‪ -‬ره ‪ -‬عن أبي الحسن‬
‫موسى عليه السلم قال‪ :‬ل يستغني شيعتنا عن أربع‪ :‬خمرة يصلي عليها‪،‬‬
‫وخاتم يتختم به‪ ،‬وسواك يستاك به‪ ،‬وسبحة من طين قبر الحسين عليه‬
‫السلم فيها ثلث وثلثون حبة متى قلبها فذكر ال كتب له بكل حبة‬
‫أربعون حسنة وإذا قلبها ساهيا يعبث بها كتب له عشرون حسنة روضة‬
‫الواعظين‪ :‬عنه عليه السلم قال‪ :‬ل يستغني شيعتنا عن أربع‪ :‬عن خمرة‬
‫يصلي عليها إلى آخر ما مر‪ - 32 .‬وجدت‪ :‬بخط الشيخ محمد بن علي‬
‫الجباعي جد الشيخ البهائي قدس ال روحهما نقل من خط الشهيد رفع ال‬
‫درجته نقل من مزار بخط محمد بن محمد بن الحسين ابن معية قال‪ :‬روي‬
‫عن الصادق عليه السلم أنه قال‪ :‬من اتخذ سبحة من تربة الحسين عليه‬
‫السلم‬

‫)‪ (1‬فقد صرح عليه السلم بالترتيب حيث عد التحميد من خمس وثلثين إلى سبع‬
‫وستين وعد التسبيح من ثمان وستين إلى تمام المائة‪[*] .‬‬

‫]‪[341‬‬

‫إن سبح بها‪ ،‬وإل سبحت في كفه‪ ،‬وإذا حركها وهو ساه كتب له تسبيحة‪ ،‬وإذا‬
‫حركها وهو ذاكر ال تعالى كتب له أربعين تسبيحة‪ .‬وعنه عليه السلم أنه‬
‫قال‪ :‬من سبح بسبحة من طين قبر الحسين عليه السلم تسبيحة كتب ال‬
‫له أربع مائة حسنة‪ ،‬ومحى عنه أربع مائة سيئة‪ ،‬وقضيت له أربع مائة‬
‫حاجة‪ ،‬ورفع له أربع مائة درجة ثم قال‪ :‬وتكون السبحة بخيوط زرق أربعا‬
‫وثلثين خرزة وهي سبحة مولتنا فاطمة الزهراء‪ ،‬لما قتل حمزة عليه‬
‫السلم عملت من طين قبره سبحة تسبح بها بعد كل صلة‪ .‬هذا آخر ما‬
‫نقلته من خطه قدس سره‪ - 33 .‬المكارم‪ :‬قال النبي صلى ال عليه وآله‬
‫للمهاجرات‪ :‬عليكن بالتسبيح والتهليل والتقديس‪ ،‬ول تغفلن‪ ،‬فتنسين‬
‫الرحمة‪ ،‬واعقدن بالنامل فانهن مسئولت مستنطقات )‪ ،(1‬بيان‪ :‬لعل العقد‬
‫بالنامل مع فقد السبحة كما هو الظاهر كما في ابتداء الهجرة وربما يقال‪:‬‬
‫العقد بالنامل للنساء أفضل جمعا بين الخبار‪.‬‬

‫)‪ (1‬المكارم ص ‪[*] .351‬‬

‫]‪[342‬‬

‫بسمه تعالى ههنا أنهينا الجزء السادس من المجلد الثامن عشر من كتاب بحار‬
‫النوار الجامعة لدرر أخبار الئمة الطهار ‪ -‬صلوات ال وسلمه عليهم ما‬
‫دام الليل والنهار ‪ -‬وهو الجزء الثاني والثمانون حسب تجزئتنا في هذه‬
‫الطبعة النفيسة الرائقة‪ .‬وقد بذلنا جهدنا في تصحيحه ومقابلته فخرج بحمد‬
‫ال ومشيته نقيا من الغلط إل نزرا زهيدا زاغ عنه البصر وكل عنه‬
‫النظر‪ ،‬ل يكاد يخفى على القارئ الكريم‪ .‬ومن ال نسأل العصمة وهو ولي‬
‫التوفيق السيد ابراهيم الميانجى محمد الباقر البهبودى‬

‫]‪[343‬‬

‫كلمة المصحح‪ :‬الجزء الثاني والثمانون حسب تجزئتنا في هذه الطبعة النفيسة‬
‫الرائقة‪ .‬وقد بذلنا جهدنا في تصحيحه ومقابلته فخرج بحمد ال ومشيته‬
‫نقيا من الغلط إل نزرا زهيدا زاغ عنه البصر وكل عنه النظر‪ ،‬ل يكاد‬
‫يخفى على القارئ الكريم‪ .‬ومن ال نسأل العصمة وهو ولي التوفيق السيد‬
‫ابراهيم الميانجى محمد الباقر البهبودى‬

‫]‪[343‬‬

‫كلمة المصحح‪ :‬بسم ال الرحمن الرحيم وعليه توكلي وبه نستعين الحمد ل رب‬
‫العالمين‪ ،‬والصلة والسلم على رسوله محمد وعترته الطاهرين‪ .‬وبعد‪:‬‬
‫فهذا هو الجزء السادس من المجلد الثامن عشر‪ ،‬وقد انتهى رقمه في‬
‫سلسلة الجزاء حسب تجزئتنا إلى ‪ ،82‬حوى في طيه خمسة عشر بابا من‬
‫أبواب كتاب الصلة‪ .‬وقد قابلناه على طبعة الكمباني المشهورة بطبع أمين‬
‫الضرب‪ ،‬وهكذا على نص المصادر التي استخرجت الحاديث منها فسددنا‬
‫ما كان في المطبوعة الولى من خلل وتصحيف بجهدنا البالغ في مقابلة‬
‫النصوص وتصحيحها وتنميقها وضبط غرائبها وإيضاح مشكلتها على ما‬
‫كان سيرتنا في سائر الجزاء‪ ،‬نرجو من ال العزيز أن يوفقنا لدامة هذه‬
‫الخدمة إنه ولي التوفيق‪ .‬محمد الباقر البهبودى المحتج بكتاب ال على‬
‫الناصب‪ ...‬رجب الصم عام ‪‍ 1390‬ه‬

‫مكتبة يعسوب الدين عليه السلم اللكترونية‬

You might also like