Professional Documents
Culture Documents
http://www.aklaam.com
العولمة
2
الطبعة الثانية
1422ه2002 -م
المقدمة:
لقد كثر الحديث عن العولمة في
السنوات العشر الخيرة من القرن
العشرين بعد سقوط التحاد السوفيتي،
فتناولتها بالحديث الوساط الجامعية
والعلمية والتيارات الفكرية والسياسية
المختلفة ،وأصبحت حديث الجتماعيين
والفلسفة الوربيين وعلماء البيئة
والطبيعة وكثرت أعداد الندوات
والمؤتمرات والمحاضرات التي تحمل
عناوينها "العولمة" أو النظام العالمي
الجديد أو المتغيرات الدولية الجديدة أو
الكونية.
ولقد صدرت كثير من المؤلفات
باللغات الوربية والعربية التي تتناول هذه
الظاهرة ،لدرجة أن المرء يكاد يحار في
كيفية دراسة هذه الظاهرة واللمام
بموضوعها ،خاصة أن كل كاتب أو
متحدث يتناولها بالدراسة والتحليل من
جانب معين مثل الجانب القتصادي أو
الثقافي أو السياسي أو العلمي.
3
ومعظم الفكار والطروحات الغربية
التي تتناول دراسة ظاهرة العولمة تقوم
على ما طرحه الكاتب المريكي الياباني
الصل "فرانسيس فوكاياما" في كتابه
)نهاية التاريخ والنسان الخير() ،(1والتي
يزعم فيه أننا وصلنا إلى نقطة حاسمة
في التاريخ البشري تتحدد بانتصار النظام
الرأسمالي الليبرالي والديمقراطية
الغربية على سائر النظم المنافسة لهما،
وأن العالم قد أدرك بعد فترة حماقة
طويلة أن الرأسمالية هي أفضل أنواع
النظم القتصادية ،وأن الليبرالية الغربية
هي أسلوب الحياة الوحيد الصالح
للبشرية ،وأن الوليات المتحدة المريكية
وامتدادها القتصادي القيمي )النظام
الرأسمالي المادي( أوربا يمثلن الدورة
النهائية للتاريخ ،وأن النسان الغربي هو
النسان الكامل الخير).(2
ومن هنا وجدت الفلسفة العلمية
الغربية في أفكار وأطروحات )فوكوياما(
-1صدر هذا الكتاب بعد انهيار الشيوعية وسقوط التحاد السوفيتي ،
وقد صدر مترجما ً إلى اللغة العربية عن مركز النماء القومي ،بيروت
1993م بإشراف مطاوع صفدي .
- 2انظر العولمة ،د .جلل أمين -دار المعارف ،القاهرة 1998م -
سلسلة اقرأ ص ، 5السلم والغرب والديمقراطية -جودت سعيد
وعبد الوهاب علواني -دار الفكر المعاصر -لبنان ،دار الفكر -دمشق
-الطبعة 1417هـ 1997 -م ،ص . 186فخ العولمة هانس
بيترمارتين ،هارالد شومان ترجمة د .عدنان عباس علي ،مراجعة
وتقديم أ.د .رمزي زكي -عالم المعرفة -المجلس الوطني للثقافة
والفنون والداب -الكويت ،ص . 8-7
4
وغ بها سياسات الغرب الرعناء مادة تس ّ
تجاه العالم المعاصر).(1
تعريف العولمة-:
لقد أصبح مصطلح العولمة متداول ً
منذ بداية التسعينات ،وأصبح علما ً على
الفترة الجديدة التي بدأت بتدمير جدار
برلين عام 1989م وسقوط التحاد
السوفييتي وتفككه ،وانتهت بتغّلب
النظام الرأسمالي الغربي على النظام
الشيوعي ،وانفراد الوليات المتحدة
المريكية بقيادة العالم المعاصر.
العولمة لغة :العولمة على وزن فوعلة،
وهذه الكلمة بهذه الصيغة الصرفية لم
ترد في كلم العرب ،والحاجة المعاصرة
قد تفرض استعمالها ،وهي تدل على
تحويل الشيء إلى وضعية أخرى،
ومعناها :وضع الشيء على مستوى
العالم ،وأصبحت الكلمة دارجة على
ألسنة الكتاب والمفكرين في أنحاء
الوطن العربي).(2
والعولمممممة ترجمـــــة لكلمـــــة "
"Mondialisationالفرنســـية ،بمعنـــى
جعــل الشــيء علــى مســتوى عــالمي،
والكلمــة الفرنســية المــذكورة إنمــا هــي
5
ترجمــــة “ ”Globalizationالنجليزيــــة
التي ظهــرت أول ً فــي الوليــات المتحــدة
المريكية ،بمعنى تعميم الشــيء وتوســيع
دائرته ليشمل الكــل .فهــي إذا مصــطلح
دا ،موجهًــا مــا واحـ ً
يعنــي جعــل العــالم عال ً
دا فــي إطــار حضــارة واحــدة، توجيًها واحـ ً
ولذلك قد تسمى الكونية أو الكوكبة ( ).
1
6
والقتصاد ،ثم أخذ يجري الحديث عنها
بوصفها نظاما ً أو نسقا ُ أو حالة ذات أبعاد
متعددة ،تتجاوز دائرة القتصـاد ،فتشـمل
إلى جانب ذلك المبادلت والتصال
والسياسة والفكر والتربية والجتماع
واليديولوجيا).(1
وقد أطلق عليها بعض الكتاب
والمفكرين "النظام العالمي الجديد"
وربما يوحي هذا الطلق بأن اللفظة ذات
مضامين سياسية بحتة ،ولكن في
الحقيقة تشمل مضامين سياسية
واقتصادية وثقافية واجتماعية وتربوية)،(2
بمعنى آخر تشمل مضامين تتعلق بكل
جوانب الحياة النسانية .يقول الرئيس
كلينتون" :ليست العولمة مجرد قضية
اقتصادية بل يجب النظر إلى أهمية
مسائل البيئة والتربية والصحة").(3
ولقد كثرت التعاريف التي توضح
معنى العولمة ،نذكر هنا بعضا ً منها ،ثم
اذكر التعريف الذي أرى أنه يعبر عن
المعنى الحقيقي لظاهرة العولمة.
7
ومن هذه التعريفات:
يقول جيمس “روزانو” أحد علماء
السياسة المريكيين عن العولـمة" :إنها
العلقة بين مستويات متعددة لتحليل
القتصاد والسياسة والثقافة
واليديولوجيا ،وتشمل :إعادة النتاج،
وتداخل الصناعات عبر الحدود ،وانتشار
أسواق التمويل ،وتماثل السلع
المستهلكة لمختلف الدول نتيجة الصراع
بين المجموعات المهاجرة والمجموعات
(1).
المقيمة"
" -نظام عالمي جديد يقوم على العقل
اللكتروني ،والثورة المعلوماتية القائمة
على المعلومات والبداع التقني غير
المحدود ،دون اعتبار للنظمة والحضارات
والثقافات والقيم ،والحدود الجغرافية
والسياسية القائمة في العالم).(2
"--إنها حرية حركة السلع والخدمات
واليدي العاملة ورأس المال والمعلومات
عبر الحدود الوطنية والقليمية").(3
-ويعرفها الدكتور مصطفى محمود
فيقول" :العولـمة مصطلح بدأ لينتهي
بتفريغ الوطن من وطنيته وقوميته
-1العولـمة بين النظم التكنولوجية الحديثة – نعيمة شومان ،ط ،1
مؤسسة الرسالة ،بيروت 1418هـ1998 -م ص .40
- 2محمد سعيد أبو زعرور -مصدر سابق -ص . 14
- 3مصطفى حمدي :العولمة آثار ومتطلباتها نقل ً عن المصدر السابق
ص . 15-14
8
وانتمائه الديني والجتماعي والسياسي،
بحيث ل يبقى منه إل ّ خادم للقوى
1
الكبرى".
-العولمة هي :العملية التي يتم بمقتضاها
إلغاء الحواجز بين الدول والشعوب،
والتي تنتقل فيها المجتمعات من حالة
الفرقة والتجزئة إلى حالة القتراب
والتوحد ،ومن حالة الصراع إلى حالة
التوافق ،ومن حالة التباين والتمايز إلى
حالة التجانس والتماثل ،وهنا يتشكل
وعي عالمي وقيم موحدة تقوم على
مواثيق إنسانية عامة").(2
والمواثيق النسانية الواردة في هذا
التعريف هي المواثيق التي يصنعها
الغرب الكافر وأساسها نظرة علمانية
مادية للوجود لتحقيق مصالحه الخاصة،
ثم تصدر للعالم على أنها مواثيق إنسانية
لصالح البشرية ،ول بأس أن تصدر بها
القرارات الدولية من هيئة المم المتحدة
باعتبارها مؤسسة حامية للحقوق
النسانية.
9
" -هي تعاظم شيوع نمط الحياة
الستهلكي الغربي ،وتعاظم آليات فرضه
سياسيا ً واقتصاديا ً وإعلميا ً وعسكريًا ،بعد
التداعيات العالمية التي نجمت عن انهيار
التحاد السوفيتي وسقوط المعسكر
الشرقي" أو هي محاولة لفرض الفلسفة
البراجماتية النفعية المادية العلمانية ،وما
يتصل بها من قيم وقوانين ومبادئ
وتصورات على سكان العالم أجمع).(1
-هي العمل على تعميم نمط حضاري
يخص بلدا ً بعينه هو الوليات المتحدة
المريكية بالذات على بلدان العالم
أجمع" وهي أيضا ً أيديولوجيا ً تعبر بصورة
مباشرة عن إرادة الهيمنة على العالم
وأمركته).(2
وبعد دراسة متأنية لظاهرة العولمة
وأهدافها ووسائلها وتأثيراتها في واقع
المجتمعات والشعوب ،يمكن أن تعرف
العولمة بما يلي-:
العولمة :هي الحالة التي تتم
فيها عملية تغيير النماط والنظم
القتصادية والثقافية والجتماعية
ومجموعة القيم والعادات السائدة وإزالة
الفوارق الدينية والقومية والوطنية في
10
إطار تدويل النظام الرأسمالي الحديث
وفق الرؤية المريكية المهيمنة ،والتي
تزعم أنها سيدة الكون وحامية النظام
العالمي الجديد.
نشأتها - :
اختلف الباحثون في التأريخ
لنشأة العولمة على قولين-:
الول :يرى هؤلء الباحثون أن ظاهرة
العولمة قديمة ،عمرها خمسة قرون،
ترجع إلى القرن الخامس عشر أي إلى
زمن النهضة الوربية الحديثة .حيث
التقدم العلمي في مجال التصال
والتجارة ،ويدل على ذلك :أن العناصر
الساسية في فكرة العولمة وهي :ازدياد
العلقات المتبادلة بين المم ،سواء
المتمثلة في تبادل السلع والخدمات ،أو
في انتقال رؤوس الموال ،أو في انتشار
المعلومات والفكار ،أو في تأثر أمة بقيم
وعادات غيرها من المم يعرفها العالم
من ذلك التاريخ .
ولكن يقال :ثمة أمور مهمة جديدة
طرأت على ظاهرة العولمة في السنوات
الثلثين الخيرة منها:
11
-اكتساح تيار العولمة مناطق مهمة في
العالم كانت معزولة ،ومن هذه المناطق
الدول الوربية الشرقية والصين.
-الزيادة الكبيرة في تنوع السلع
والخدمات التي يجري تبادلها بين المم
والشعوب ،وتنوع مجالت الستثمار التي
تتجه إليها رؤوس الموال.
-سيطرة تبادل المعلومات والفكار على
العلقات الدولية.
-ارتفاع نسبة السكان -في دخل كل
دولة -التي تتفاعل مع العالم الخارجي.
-النشاط المتزايد والفعال للشركات
المتعددة الجنسيات في مجال تبادل
السلع وانتقال رأس المال والمعلومات
والفكار ،واتخاذها العالم كله مسرحا ً
لعملياتها في النتاج والتسويق،وما تبع
ذلك من هدم الحواجز الجمركية وإلغاء
نظام التخطيط وإعادة توزيع الدخل،
والنظر في دعم السـلع والخدمات
الضرورية للسكان ،وتخفيض النفاق على
الجيوش والجانب العسكري).(1
الثاني :يرى فريق آخر أن العولمة
ظاهرة جديدة ،فما هي إل امتداد للنظام
الرأسمالي الغربي بل هي المرحلة
الخيرة من تطور النظام الرأسمالي
- 1انظر العولمة ،د .جلل أمين ص ، 26العرب والعولمة -مصدر
سابق -ص 139
12
العلماني المادي النفعي ،وقد برزت في
المنتصف الثاني من القرن العشرين
نتيجة أحداث سياسية واقتصادية معينة
منها :انتهاء الحرب الباردة بين التحاد
السوفيتي والوليات المتحدة المريكية
عام 1961م ثم سقوط التحاد السوفيتي
سياسيا ً واقتصاديا ً عام 1991م ،وما
أعقبه من انفراد الوليات المتحدة
المريكية بالتربع على عرش الصدارة في
العالم المعاصر وانفرادها بقيادته
السياسية والقتصادية والعسكرية ،ومنها:
بروز القوة القتصادية الفاعلة من قبل
المجموعات المالية والصناعية الحرة
عبرة شركات ومؤسسات اقتصادية
متعددة الجنسيات ،مدعومة بصورة قوية
وملحوظة من دولها).(1
يرى توماس فيردمان الصحافي
اليهودي المريكي الذي يكتب في
"نيويورك تايمز" ) :إن العولمة الحالية
هي مجرد جولة جديدة بعد الجولة الولى
التي بدأت في النصف الثاني من القرن
التاسع عشر بحكم التوسع الهائل في
الرحلت البحرية باستخدام طاقة البخار
والتي أدت إلى اتساع حجم التجارة
13
الدولية بشكل لم يسبق له مثيل().(1
ويرجع صاحبا كتاب فخ العولـمة البداية
الحقيقية للعولمة إلى عام 1995م؛ حيث
جه الرئيس السوفيتي السابق و ّ
جورباتشوف الدعوة إلى خمسمائة من
قادة العالم في مجال السياسة والمال
والقتصاد في فندق فيرمونت المشهور
في سان فرانسيسكو لكي يبنوا معالم
الطريق إلى القرن الحادي والعشرين.
وقد اشترك في هذا المؤتمر المغلق
أقطاب العولـمة في عالم الحاسوب
والمال وكذلك كهنة القتصاد الكبار،
وأساتذة القتصاد في جامعات ستانفورد
وهارفرد وأكسفورد .واشترك فيها من
السياسيين ،الرئيس الميركي جورج
بوش الب ،ووزير خارجيته شولتز،
ورئيسة الوزراء البريطانية مارجريت
تاتشر ورئيس وزراء مقاطعة سكسونيا
2
وغيرهم.
أقول :وإن كانت هـذه العولمة
تسـتهدف هيمنة دولة واحدة -وهي
الوليات المتحدة المريكية -على دول
العالم أجمع فإن هذه الصورة من
العولمة لم تكن لتظهر فجأة دون بدايات
14
أو مقدمات مهدت لها بصورة فاعلة
ومخطط لها من القوى الرأسمالية ذات
النزعة الستعمارية .ومن ذلك إنشاء
منظمة المم المتحدة وما تبعها من
مؤسسات مالية دولية :البنك الدولي
للنشاء والتعمير ،وصندوق النقد الدولي،
ثم اتفاقية الجات "التفاقية العامة على
الرسوم الجمركية والتجارة" التي تعود
في تاريخها إلى سنة 1947م حيث
اجتمعت ثلث وعشرون دولة صناعية في
جنيف للنظر في تحرير التجارة وفتح
البواب بين هذه الدول ،وبدأت سريان
هذه التفاقية منذ أول يناير 1948م ،وبلغ
عدد الدول الموقعة عليها سنة 1993م
مائة وسبع عشرة دولة.
ثم معاهدة "ماستريخت" التي
ضمت خمسة عشر بلدا ً صناعيًا ،وظهور
المناطق التجارية الحرة ،والتحادات
الجمركية ،ثم الحداث السياسية التي
تتمثل بانتهاء الحرب الباردة ،ثم قيام
الرئيس السوفيتي السبق -ميخائيل
غورباتشوف -وبدعم أمريكي ملحوظ -
عام 1985م بالعلن عن إصلح النظام
القتصادي الشيوعي الذي سمي وقتها
"البيروستويكا" وقد كان هذا العلن
بمثابة العلن عن سقوط الشيوعية
15
وانهيار التحاد السوفيتي سياسيا ً
واقتصاديًا ،وما تله من سقوط حائط
برلين عام 1989م ،واتحاد اللمانيتين ،ثم
حرب الخليج الثانية عام 1991م ،وما
أسفرت عنه من تثبيت القواعد المريكية
العسكرية في منطقة الخليج العربي .كل
هذه الحداث ساهمت إلى حد بعيد في
تربع الوليات المتحدة المريكية على
عرش النفوذ العالمي ،وبالتالي برز
مصطلح "النظام العالمي الجديد"
و"الحادية القطبية والعولمة".
وظهر أول نظام تجاري دولي ملزم
للقطار المنضوية تحت لوائه في شهر
نيسان سنة 1995م ،حيث أعلن عن
إنشاء المنظمة العالمية للتجارة W.T. -
- Oبمدينة مراكش المغربية -وهي
امتداد لتفاقية الجات .وهذه المنظمة
تمثل أحد أركان النظام القتصادي
العالمي الجديد ،وتختص بأعمال إدارة
ومراقبة وتصحيح أداء العلقات التجارية،
وستكون عامل مساعد للبنك الدولي
وصندوق النقد الدولي لتنفيذ وإقرار
النظام القتصادي العالمي الجديد .وأخيرا ً
تم دعم صرح العولمة بالتوقيع -في
شباط عام 1997م بمدينة جنيف
بسويسرا -على أول اتفاق دولي يتعلق
16
بتحرير المبادلت الخدمية المتطورة،
وخاصة فيما عرف "بالتكنولوجيا
المعلوماتية" أو ثورة التصالت) (.
1
17
التي تهيأ لها بكل قوة الوليات المتحدة
المريكية وحلفاؤها في المنطقة العربية،
وقد أضفى ذلك كله بعدا ً استراتيجيا ً
جديدا ً على دعم الدور المريكي -ومن
ورائه القوى الصهيونية المتحكمة في
السياسة والقيادة المريكية -لقيادة
النظام العالمي الجديد.
ن العولمممة ممما سممبق يتضممح لنمما أ ّم ّ
تتكون من العناصر الرئيسية التالية
-:
-1تعميممم الرأسمممالية :إن تغل ّـــب
الرأسمالية علــى الشــيوعية جعلهــا تعمــم
مبادئهــا علــى كــل المجتمعــات الخــرى،
فأصبحت قيــم الســوق ،والتجــارة الحــرة،
والنفتــاح القتصــادي ،والتبــادل التجــاري،
وانتقال السلع ورؤوس الموال ،وتقنيــات
النتــاج والشــخاص ،والمعلومــات ،هــي
القيـــم الرائجـــة ،وتقـــود ذلـــك أمريكـــا
وتفرضها عن طريق المؤسسات العالمية
التابعة للمم المتحــدة ،وخاصــة مؤسســة
البنك الدولي ،ومؤسســة النقــد الــدولي،
وعــن طريــق التفاقــات العالميــة الــتي
تقرها تلك المؤسســات كاتفاقيــة الجــات،
والمنظمة العالمية للتجارة وغيرها .
-2القطممب الواحممد :تفــردت أمريكــا
بقيـــادة العـــالم بعـــد ســـقوط التحـــاد
18
الســوفييتي ،وتفكيــك منظــومته الدوليــة
المسمى )حلف وارسو( ،إنه لم تبلغ دولة
وة أمريكا العسـكرية عظمى في التاريخ ق ّ
والقتصادية ،مما يجعل هذا التفرد خطيرا ً
علـــى الخريـــن فـــي كـــل المجـــالت
القتصــــادية ،والسياســــية ،والثقافيــــة،
والجتماعية.
-3ثورة التقنيات والمعلومات :
دة ثورات علمية منها مّرت البشرية بع ّ
ثورة البخار والكهرباء والذّرة ،وكان
آخرها الثورة العلمية والتكنولوجية،
وخاصة في مجال التطورات السريعة
والمدهشة في عالم الحاسوب اللي
)الكمبيوتر( ،وتوصل الحاسوب اللي
الحالي إلى إجراء أكثر من ملياري عملية
مختلفة في الثانية الواحدة ،وهو المر
الذي كان يستغرق ألف عام لجرائه في
السابق ،أما المجال الخر من هذه الثورة
فهو التطورات المثيرة في تكنولوجيا
المعلومات والتصالت والتي تتيح للفراد
والدول والمجتمعات للرتباط بعدد ل
يحصى من الوسائل التي تتراوح بين
الكبلت الضوئية والفاكسات ومحطات
الذاعة والقنوات التلفزيونية الرضية
والفضائية ،التي تبث برامجها المختلفة
عبر حوالي 2000مركبة فضائية،
19
بالضافة إلى أجهزة الكمبيوتر ،والبريد
اللكتروني وشبكات النترنت ،التي تربط
العالم بتكاليف أقل ،وبوضوح أكثر على
مدار الساعة ،لقد تحولت تكنولوجيا
المعلومات إلى أهم مصدر من مصادر
الثروة ،أو قوة من القوى الجتماعية
والسياسية والثقافية الكاسحة في عالم
اليوم).(1
أسباب ظهورالعولمة )النظام
الجديد(:
يرجع الدكتور عبد الوهاب المسيري
ظهورالعولمة إلى عدة أسباب ،فيقول:
" ونحن نلخص أسباب ظهور هذا النظام
الجديد فيما يلي :
-1أدرك الغرب عمق أزمته العسكرية
والثقافية والقتصادية ,وأحس بالتفكك
الداخلي وبعجزه عن فرض سياساته
بالقوة.
-2أدرك الغرب استحالة المواجهة
العسكرية والثقافية والقتصادية مع دول
العالم الثالث ,التي أصبحت جماهيرها
أكثر صحوا ً ,وُنخبها أكثر حركية وصقل ً
وفهما ً لقواعد اللعبة الدولية.
-3أدرك الغرب أنه على الرغم من
هذه الصحوة ,فثمة عوامل تفكك بدأت
- 1من ورقة قــدمت إلــى مــؤتمر كليــة الشـريعة فــي جامعــة الكــويت
المنعقد عام 2000م حول العولمة.
20
تظهر في دول العالم الثالث ,فقد
ظهرت نخب محلية مستوعبة تماما ً في
المنظومة القيمية والمعرفية
والستهلكية الغربية -يمكنه أن يتعاون
معها ويجندها ,وهي نخب يمكن أن
تحقق له -من خلل السلم والستسلم
-ما فشل في تحقيقه من خلل الغزو
العسكري.
لكل هذا أدرك الغرب إمكانية اللجوء
للغواء والغراء ،بدل ً من القمع
والستفادة من التفكك لضرب
التماسك ،بدل ً من الهجوم التدميري
المباشر ،وبذا يحل إشكالية عجزه عن
المواجهة ويتخلى عن مركزيته الواضحة
وهيمنته المعلنة ,ليحل محلها هيمنة
بنيوية تغطيها ديباجات العدل والسلم
والديمقراطية التي ينقلها البعض بب َْبغائية
مذهلة ").(1
أهدافها وآثارها-:
لقد رّوج دعاة العولمة في الغرب
وعملؤهم في المنطقة العربية مجموعة
من المقولت لصالح العولمة ،ومن ذلك:
أن العولمة تبشر بالزدهار القتصادي
والتنمية والرفاهية لكل المم والعيش
الرغيد للناس كلهم ،والنتعاش ونشر
- 1أسباب ظهور النظام الجديد :الدكتور عبد الوهاب المسيري موقع
- -alarabnewsعلى النترنت.
21
التقنية الحديثة وتسهيل الحصول على
المعلومات والفكار عبر الستفادة من
الثورة المعلوماتية الحديثة ،وإيجاد فرص
للنطلق للسواق الخارجية ،وتدفق
الستثمارات الجنبية التي تتمتع بكفاءة
عالية وبالتالي ينتعش القتصاد الوطني
والقومي.
ولكن سرعان ما اكتشف الباحثون
والمفكرون أن تلك المقولت ما هي إل
شعارات استهلكية جوفاء .لقد أدركت
الدول الفقيرة والنامية أن طغيان
العولمة واحتكارات الشركات الدولية إنما
يزيدها فقرا ً وخضوعا ً للسياسات
الرأسمالية الغربية فأخذت تستنفر
جهودها للدفاع عن حقوقها في مواجهة
هذه العولمة ،فلقد حذر مهاتير محمد
رئيس وزراء ماليزيا من العولمة في
المجال القتصادي وقال" :إن منظمة
التجارة العالمية تسمح للدول الغنية
بابتلع الدول الفقيرة").(1
- 1جاء ذلك في كلمة ألقاها أمام مؤتمر لوزراء خارجية دول منظمة
المؤتمر السلمي الذي انعقد في كوالمبور في السابع والعشرين من
يونيو 2000م .
22
والهداف الحقيقية للعولمة يمكممن
تلخيصها فيما يلي-:
ل :الهداف والثار القتصادية: أو ً
ترتبط عملية العولمة بتدويل النظام
القتصادي الرأسمالي ،حيث تم توحيد
الكثير من أسواق النتاج والستهلك ،وتم
التدخل المريكي في الوضاع القتصادية
للدول ،وخاصة دول العالم الثالث ،عبر
المؤسسات المالية الدولية كصندوق
النقد الدولي والبنك الدولي التي تمارس
الملءات القتصادية المغايرة لمصالح
الشعوب ،وبالتالي تحقق العولمة
لصحابها هدفين كبيرين في المجال
القتصادي هما-:
-1الهيمنــة المريكيــة علــى اقتصــاديات
العــالم مــن خلل القضــاء علــى ســلطة
وقـــوة الدولـــة الوطنيـــة فـــي المجـــال
القتصادي بحيث تصبح الدولة تحت رحمة
صندوق النقد الدولي حين تســتجدي منــه
المعونة والمساعدة عــبر بوابــة القــروض
ذات الشــــروط المجحفــــة ،وخاضــــعة
لســـــيطرة الحتكـــــارات والشـــــركات
المريكية الكبرى على اقتصــاد الــدول)،(1
ولعــل تركيــا والمكســيك وماليزيــا مــن
النماذج الواضحة للدول الــتي عصــف بهــا
- 1العولمة ،محمـد سـعيد أبـو زعـرور ص ، 36السـلم والعولمـة ص
. 136
23
تيــــار العولمــــة لصــــالح المســــتثمرين
المريكيين).(1يقول رئيس وزراء ماليزيــا:
مهاتير محمد الــذي عــانت بلده مــن آثــار
العولـــمة فــي الســنوات الخيــرة " :إن
العــالم المعــولم لــن يكــون أكــثر عــدل ً
ومســاواة .وإنمــا سيخضــع للــدول القويــة
المهيمنة .وكما أدى انهيار الحرب البــاردة
إلى موت وتدمير كــثير مــن النــاس ،فــإن
العولـمة يمكن أن تفعــل الشــيء نفســه،
ربمــا أكــثر مــن ذلــك ،فــي عــالم معــولم
سيصــبح بإمكــان الــدول الغنيــة المهيمنــة
فرض إرادتها على الباقين الذين لن تكون
حالهم أفضل مما كانت عليه عندما كــانوا
مسـتعمرين مـن قبـل أولئك الغنيـاء").(2
ن
ويقول الــدكتور عمــاد الــدين خليــل ":إ ّ
العولمة تجعــل العــالم كلــه قريــة صــغيرة
تتحكم فيهــا الزعامــة المريكيــة وبطانتهــا
اليهودية بمصائر المم والدول والشعوب،
وتضع مقدراتها الماليـة والقتصـادية -فـي
نهاية المر -تحــت قبضــتها ،تفعــل بهــا مــا
تشــاء ،مــن أجــل تحقيــق أهــداف نفعيــة
)براغماتية( صرفة لصالح مراكــز الهيمنــة
2
-3من محاضرة ألقاها فـي كــوال لمبــور ،فـي 24يوليــو ،1996نقل ً
عن ))الدين والعولـمة(( للدكتورأحمد بن عثمان التويجري ،ص ،19من
مجلة السلم اليوم ،من عدد ،17 ،16السنة 1421 ،17هـ2000 /م.
24
الغربيـــة علـــى حســـاب المـــم والـــدول
والشعوب").(1
-2تحقيق مصالح المجموعات الغنية في
الدول الغربية والقوى المتحالفة معها في
الدول الخـرى علـى حسـاب شـعوب
العالـم ،ومما يدل على ذلك فشل تجربة
"النمور السيوية" ومنها إندونيسيا
وماليـزيا ،حيث لم تسـتطع تحقيـق
المصالح القتصـادية المطلـوبـة
لشـعوبها ،إذ عملت الشركات المتعددة
الجنسيات على إحداث هذا الفشل ،وقام
أحد المستثمرين الجانب -أحد رموز
العولمة -الملياردير "جورج سورس"
باللعب في البورصة مما أدى إلى ضرب
التجـارة التنمويـة وإحباطهـا).(2
إن هذه الشــركات تعــد الرض كلهــا
سوًقا كبيًرا لها ،بما فيها ومن فيها بحيــث
تتنافس فــي اقتســام هــذه الراضــي دون
أي اعتبار لقيــم أو أخلق ،وهــي نــادًرا مــا
تــدخل فــي شــكل اســتثمارات مباشــرة
طويلــة المــد ،وإنمــا تــدخل بمــا يعــرف
بالموال الطائرة ،في استثمارات قصيرة
الجل وسريعة الفــوائد والــتي تحقــق لهــا
عوائد هائلة ،دون أن يكــون لــذلك مــردود
- 1تحديات النظام العالمي الجديد – النترنت -موقع السلم على
الطريق.
- 2الســلم والعولمــة ص ، 126-125الوطنيــة فــي عــالم بل هويــة -
تحديات العولمة -ص .81
25
على التنمية المحلية .وإن حــدث وقــدمت
استثمارات مباشرة ،فإنها قبل ذلك تأخــذ
مــا يكفيهــا مــن التســهيلت والضــمانات
السياسية والقتصادية التي ل تحظــى بهــا
رؤوس الموال المحلية ،وهــو مــا يعرقــل
القتصاد المحلي ،زيادة علــى ذلــك ،فــإن
معظــم أنشــطتها تقتصــر علــى الســلع
الســتهلكية ذات العــائد الســرع نتيجــة
للنمـــط الســـتهلكي الســـائد).(1يقـــول
الــدكتور مجــدي قرقــر" :إن الشــركات
المتعـــــددة الجنســـــيات أدى تطورهـــــا
وتضخمها إلى تعميــق العولمــة اقتصــاديًا،
وتعـــدد أنشـــطتها فـــي كـــل المجـــالت:
الســـتثمار والنتـــاج والنقـــل والتوزيـــع
والمضــاربة ،ووصــل المــر إلــى أنهــا قــد
صارت تؤثر في القرار السياســي والبعــد
الثقــافي والمعرفــي ،وفــي ظــل العولمــة
استطاعت هذه الشركات الســتفادة مــن
فروق السعار ،من نســبة الضــرائب ،مــن
مستوى الجور لتركيز النتاج في المكــان
الرخــص وبعــد ذلــك ينقــل النتــاج إلــى
المكان الذي يكون فيــه مسـتوى الســعار
أعلى ويتم تسويقه هناك").(2
26
في يوم 19/6/2000م عقد في
القاهرة مؤتمر ضم الدول الخمسة عشر
-أفريقية وآسيوية -من الدول النامية -
أكد المتحدثون فيه أن القتصاد العالمي
الجديد هو لصالح فئة قليلة تزيدها غنى
فوق غناها ،على حساب الدول الكثيرة
الفقيرة ،وهو يدفع الدول النامية إلى
مقبرة الفقر.
وترتب على هذا الهدف ما يلي-:
لقــد كــانت نتيجــة العولـــمة خطيــرة فــي
حياتنــا القتصــادية ،فضــل ً عــن الجــوانب
الخرى ،وقـد حصــرها بعــض القتصــاديين
العرب بالنقاط التية-:
-1إنهاء دور القطاع العام وإبعــاد الدولــة
عن إدارة القتصاد الوطني.
-2عولـمة الوحدات القتصادية وإلحاقهــا
بالســوق الدوليــة لدارتهــا مركزيــا ً مــن
الخارج.
-3العمل على اختراق الســوق العربيــة
من قبل السوق الجنبي.
-4إدارة القتصـــاديات الوطنيـــة وفـــق
اعتبــارات الســوق العالميــة بعيــدا ً عــن
متطلبات التنمية الوطنية.
-5العمــل علــى إعــادة هيكلــة المنطقــة
العربية في ضوء التكتلت الدولية(1).
- 1القتصاد العربي في مواجهة تحديات النصف الثاني من عقد
التسعينيات – مجلة آفاق عربية ،في 1/2/1995م ص ،2والسوق
27
ومن أخطارهذه العولمة أيضًا:
أ -تركيز الثروة المالية في يد قلة من
الناس أو قلة من الدول ،فـ 358
ملياردير في العالم يمتلكون ثروة تضاهي
ما يملكه أكثر من نصف سكان العالم ،و
%20من دول العالم تستحوذ على %85
من الناتج العالمي الجمالي ،وعلى %84
من التجارة العالمية ،ويمتلك سكانها
%85من المدخرات العالمية.
ب -سيطرة الشركات العملقة عمليا ً
على القتصاد العالمي ،إن خمس دول
-الوليات المتحدة المريكية واليابان
وفرنسا وألمانيا وبريطانيا -تتوزع فيما
بينها 172شركة من أصل مائتي شركة
من الشركات العالمية العملقة).(1ويمكن
هنا أن نعرض إحصائية أولية لقوة تلك
الشركات المتعددة الجنسيات .فهناك
350شركة كبرى لتلك الدول تستأثر بما
نسبته %40من التجارة الدولية .وقد
بلغت الحصة المئوية لكبر عشر شركات
في قطاع التصالت السلكية واللسلكية
%86من السوق العالمي ،وبلغت هذه
النسبة %85من قطاع المبيدات وما
يقرب من %70من قطاع الحاسبات و
%60في قطاع الدوية البيطرية و %35
الشرق اوسطية – آفاق عربية ،عدد ،1995 ،11/12ص .4
- 1انظر فخ العولمة ص ، 13 -11العرب والعولمة ،ص . 140
28
من قطاع الدوية الصيدلنية و %34في
1
قطاع البذور التجارية.
ج -تعميق التفاوت في توزيع الدخل
والثروة بين الناس بل بين المواطنين في
الدولة الواحدة ،واختزال طاقات شعوب
العالم إلى طاقة دفع لماكينة الحياة
البراجماتية الستهلكية للقوى الرأسمالية
والسياسة الغربية المسيطرة).(2
د -استئثار قلة من سكان الدولة الواحدة
بالقسم الكبر من الدخل الوطني والثروة
المحلية ،في الوقت الذي يعيش أغلبية
السكان حياة القلة والشقاء ،ويوضح ذلك
أن عشرين بالمئة من الفرنسيين
يتصرفون فيما يقرب من سبعين بالمئة
من الثروة الوطنية ،وعشرين بالمئة من
الفرنسيين ل ينالون من الدخل الوطني
سوى نسبة ستة بالمائة).(3
هـ -النمو المطرد للبطالة ،وانخفاض
الجور وما يرتبط بها من تقليص في
قدرة المستهلكين واتساع دائرة
المحرومين ،وقد دلت الحصائيات على
حقائق خطيرة ،ففي العالم )(800
مليون شخص يعانون من البطالة ،وهذا
الرقم في ازدياد ،وفي السنوات العشرة
29
الخيرة عملت 500شركة من أكبر
الشركات العالمية على تسريح أربعمائة
ألف عامل -في المتوسط -كل سنة،
على الرغم من ارتفاع أرباح هذه
الشركات بصورة هائلة ،فإحدى هذه
الشركات منحت للمساهمين فيها مبلغ
خمسة مليون دولر لكل منهم)،(1
والشركات المريكية تسّرح مليونين من
العمال).(2
و -فرض السياسات القتصادية والزراعية
على دول العالم -وخاصة النامية -بهدف
تعطيل التنمية القتصادية ،وإبقائها سوقا ً
استهلكية رائجة للمنتوجات الغربية،
وتسليم إرادتها السياسية للقوى الحاكمة
في أمريكا .ففي بعض الدول انخفضت
معدلت النمو عام 98م بأكثر من
،%100وارتفعت معدلت البطالة بنسبة
خطيرة أدت إلى حدوث مشكلت
اجتماعية عديدة من أهمها زيادة نسبة
الفقر والمية) .(3يقول ساكيكو فوكيربار:
"ما دام القتصاد ومفاهيم السوق من
العناصر الساسية في العولمة فإن
التنمية البشرية لن تأخذ حظها الذي
30
تستحق من هذه العولمة") .(1ز -إضعاف
قوة موارد الثروة المالية العربية المتمثلة
في النفط حيث تم إضعاف أهميته
كسلعة حينما تم استثناؤه من السلع التي
تخضع لحرية التجارة الدولية -أسوة
بتجارة المعلومات -من تخفيض الضرائب
والقيود الجمركية المفروضة عليه من
الدول المستهلكة ،فما زالت هذه الدول
وعلى رأسها الوليات المتحدة المريكية
ترفض اعتبار النفط والمشتقات
البتروكيماوية من السلع التي يجب
تحريرها من القيود الجمركية والضرائب
الباهضة التي تفرضها الدول المستهلكة،
وبذلك تجني هذه الدول الرباح الهائلة
من وراء ذلك ،وهي تعادل ثلثة أمثال
العائدات إلى الدول المنتجة في الوقت
الحاضر ،بل أصدر الكونجرس المريكي
تشريعا ً يقضي بفرض العقوبات على دول
في منظمة أوبيك إذا شاركت في رفع
أسعار النفط أو تثبيتها).(2
ح -ارتفاع أسعار المواد الغذائية في
الدول السلمية ،نتيجة إلغاء هذه الدول
الدعم المالي الذي كانت تقدمه للسلع
الغذائية ،وبسبب الحتكار والمنافسة غير
المتكافئة من الدول الكبرى ،وبسبب
-انظر المصدر السابق . 1
31
قيود الجودة وشروط المواصفات
العالمية التي تفرضها التفاقيات التجارية
والصناعية الدولية ،وهي شروط ل تقدر
الدول السلمية النامية على الوفاء
بها) .(1ويترتب على ذلك ابتعاد الحكومات
عن التدخل في النشاط القتصادي وقصر
دورها في حراسة النظام.وأن تبقى
السواق السلمية سوقا ً مفتوحا ً رائجا ً
أمام المنتجات والبضائع الوربية
والمريكية ،وأن تقوض المصانع
والمؤسسات الوطنية والقتصاد
الوطني).(2
ط -التلوث البيئي للعالم السلمي :من
المعلوم أنه تلقي كل يوم أطنان
المبيدات الزراعية على الرض،وهي
تهلك كل الحشرات النافعة ،حتى تزيد
في إنتاج طعام ماسخ ل مذاق له.
وعمليات العولمة ستزيد البيئة سوءًا،
قال الله تعالى" :ظهر الفساد في
البر والبحر بما كسبت أيدي الناس
ليذيقهم بعض الذي كسبوا لعلهم
ن الشركات الكبرى العابرة يرجعون" ،إ ّ
للقارات بما تنتجه من الصناعات
- 1انظر آثار التفاقيات القتصادية والصناعية والزراعية -على العالم
السلمي : -النظام القتصادي العالمي واتفاقية الجات تأليف د.
حسين شحاته ،دار البشير للثقافة والعلوم ،طنطا ،الطبعة الولى
1418هـ 1998 ،م ،ص . 25-20
- 2انظر السلم والعولمة ص . 148
32
الكيماوية والمبيدات الزراعية ونحوها
تلوث البيئة تلويثا كبيرًا ،يقول المريكي
جيمي رفكن في كتابه )النتروبي( بعد
أن استعرض كل الفساد البيئي في
الكون المحيط " :إن الحل وليس هناك
حل غيره ،هو أن نعود إلى ما قبل الثورة
الصناعية الولى"(1).
ثانيًا :الهداف والثار السياسية-:
-1فــرض الســيطرة السياســية الغربيــة
على النظمة الحاكمـة والشـعوب التابعـة
لها ،والتحكم في مركز القــرار السياســي
وصناعته في دول العالم لخدمة المصــالح
المريكيــة والقــوى الصــهيونية المتحكمــة
فــي السياســة المريكيــة نفســها ،علــى
حساب مصالح الشعوب وثرواتها الوطنية
والقومية ،وثقافتها ومعتقداتها الدينيــة).(2
يقـــول جـــون بوتنـــغ رئيـــس المـــدراء
التنفيذيين السابق في بنك بنسلفانيا "في
العولمــة نحــن نقــرر مــن الــذي ســيعيش
ونحن نقرر من الذي سيموت").(3
إن العولـمة المريكية الصهيونية
تخطط للتدخل العسكري وإعلن الحــرب
33
في أية بقعة مــن العــالم ،تفكــر بــالخروج
على سيطرتها وتحكمها ،لن العــالم يــراد
له أن يقع تحت براثن الستبداد المريكي
والقــانون المريكــي والقــوة العســكرية
المريكيــة .وهــو أمــر يكشــفه تقريــران
خطيران كانا سريين للغاية ،ثم ُنشرا بعــد
ذلـــــك ،وهمـــــا تقريـــــرا "جريميممممما
وولفوفتيز").(1
ول شـــك فـــي أن نصـــيب العـــالم
السلمي -في أفغانستان وفلسطين -قــد
كــان كــبيرا ً فــي ضــوء تلــك السياســة
المريكيـــة الظالمـــة .يقـــول صممموئيل
هنتنغتممون) -(2فــي دراســته المســماة
"المصــالح المريكيــة ومتغيــرات المــن"،
التي ُنشرتها "مجلــة الشــؤون الخارجيــة"
ن الغــرب بعــد في حزيــران 1993م ": -إ ّ
ســة
سقوط التحــاد الســوفيتي بحاجــة ما ّ
إلى عدو جديد يوحــد دولــه وشــعوبه ،وأن
الحرب لن تتوقف ،حتى لو سكت السلح
وُأبرمـــت المعاهـــدات ،ذلـــك أن حرًبـــا
حضارية قادمــة ستســتمر بيــن المعســكر
الغربي الذي تتزعمه أمريكا وطــرف آخــر
قد يكون عالم السلم أو الصين").(3
1
-النظــام العــالمي الجديــد ،منيــر شــفيق ،ص ،16الناشــر للطباعــة
والنشر والتوزيع والعلن ،ط 1420 ،1هـ 1992 -م ص .22-18
2
-أستاذ العلوم السياسية ومــدير مؤسســة )جــون أوليــن( للدراســات
الستراتيجية بجامعة هاردفارد.
3
- -تحديات النظام العالمي الجديد – د.عمـاد الـدين خليـل -النـترنت-
34
-2إضعاف فاعلية المنظمات والتجمعات
السياسية القليمية والدولية ،والعمل
على تغييبها الكامل كقوى مؤثرة في
الساحة العالمية والقليمية ،ومن ذلك:
منظمة الدول المريكية ومنظمة الوحدة
الفريقية والجامعة العربية ومنظمة
المؤتمر السلمي ،والمتابع لنشاطات
هذه المنظمات يلحظ أنها ل تستطيع
اتخاذ أي موقف تجاه القضايا السياسية
المعاصرة وتجاه الحداث الجارية مثل
قضايا:فلسطين،
والبوسنةوالهرسك،وكشمير ،وألبان
كوسوفو والشيشان).(1
-3إبقاء الدول السلمية -خاصة-
منقوصة السيادة ،حتى تبقى هذه الدول
ضعيفة وتابعة للهيمنة السياسية الغربية.
-4إضعاف سلطة الدول الوطنية ،أو
إلغاء دورها وتقليل فاعليتها ،وقتل روح
النتماء في نفوس أبنائها ،فالعولمة نظام
يقفز على الدولة والوطن والمة،
واستبدال ذلك بالنسانية ،إنها نظام يفتح
الحدود أمام الشبكات العلمية
والشركات المتعددة الجنسيات) ،(2ويزيل
موقع السلم على الطريق.
1
-انظر مقال " :نظام عالمي أم سيطرة اســتعمارية جديــدة" لجمــال
قنان في مجلة المستقبل العربي ،العدد ، 180فبراير 1994م .
2
-العرب والعولمة ،ص ، 145ـ ، 148-147الوطنيــة فــي عــالم بل
هوية ،ص . 158-157
35
الحواجز التي تقف حائل ً دون الثقافة
الرأسمالية المادية والغزو الفكري الذي
يستهدف تفتيت وحدة المة ،وإثارة
النعرات الطائفية ،وإثارة الحروب والفتن
داخل الدولة الواحدة كما في السودان.
-5إضعاف دور الحزاب السياسية في
التأثير في الحياة السياسية في كثير من
دول العالم -خاصة الدول السلمية -في
الوقت التي بدأت فيه المنظمات غير
الحكومية والجمعيات الهلية تمارس دورا ً
متزايدا ً في الحياة السياسية).(1
-6إن العولـمة المريكية الصهيونية
تخطط للتدخل العسكري وإعلن الحرب
في أية بقعة من العالم ،تفكر بالخروج
على سيطرتها وتحكمها ،لن العالم يراد
له أن يقع تحت براثن الستبداد المريكي
والقانون المريكي والقوة العسكرية
المريكية .وهو أمر يكشفه تقريران
خطيران كانا سريين للغاية ،ثم ُنشرا بعد
ذلك ،وهما تقريرا جريميا وولفوفتيز).(2
ول شك في أن نصيب العالم السلمي
سيكون كبيرا ً في ضوء تلك السياسة
الغاشمة.
1
-الوطنية في عالم بل هوية -مرجع سابق -ص . 80-79
2
-انظــر :النظــام العــالمي الجديــد – منيــر شــفيق ،الناشــر للطباعــة
والنشر والتوزيع والعلن ،ط 1420 ،1هـ 1992 -م.ص .23-18
36
-7إن العولمة المريكية ل تكتفي بواقع
التجزئة العربية والسلمية الن ،بل
تحاول إحداث تجزئة داخلية في كل بلد
عربي أو إسلمي ،حتى ينشغلوا بأنفسهم
وينسوا تماما ً أنهم أمة عربية واحدة،
وينتمون إلى جامعة إسلمية واحدة.وهذا
معناه بعثرة الشعوب المسلمة وتفرقها،
والقضاء على مقومات الوحدة والتضامن
السلمي ،وتفريغ المنظمات والتجمعات
السلمية من مضامينها الحقيقية حتى
تبقى عاجزة عن تحقيق آمال وأماني
المسلمين ،ولتصبح أداة طيعة في خدمة
المخططات الستعمارية الغربية.
ثالثًا :الهداف والثار الثقافية:
لعل من أخطر أهداف العولمة ما
يعرف بالعولمة الثقافية فهي تتجاوز
الحدود التي أقامتها الشعوب لتحمي
كيان وجودها ،وما له من خصائص
تاريخية وقومية وسياسية ودينية ،ولتحمي
ثرواتها الطبيعية والبشرية وتراثها الفكري
الثقافي ،حتى تضمن لنفسها البقاء
والستمرار والقدرة على التنمية ومن ثم
الحصول على دور مؤثر في المجتمع
الدولي.
يقول بلقيزر" :العولمة كما يدعي
روادها هي انتقال من مرحلة الثقافة
37
الوطنية إلى ثقافة عليا جديدة "عالمية"،
وهي في حقيقتها اغتصاب ثقافي وعدوان
رمزي على سائر الثقافات الخرى ،وهي
اختراق تقني يستخدم وسائل النقل
والتصال لهدر سيادة الثقافات الخرى
للشعوب ،وفرض الثقافة الغربية").(1
ودعا دافايد روشكويف )أستاذ
العلقات الدولية بجامعة كولومبيا
والمسئول السابق في حكومة الرئيس
المريكي كلينتون( الوليات المتحدة إلى
استغلل الثورة المعلوماتية الكونية
للترويج للثقافة والقيم المريكية على
حساب الثقافات الخرى ،لن المريكان
أكثر المم عدل ً وتسامحا ً وهم النموذج
الفضل للمستقبل ،والقدر على قيادة
العالم).(2
ويقول شتراوس هوب في كتابه
"توازن الغد") :إن المهمة الساسية
لمريكا توحيد الكرة الرضية تحت
قيادتها ،واستمرار هيمنة الثقافة الغربية،
وهذه المهمة التي ل بد من إنجازها
بسرعة في مواجهة نمور آسيا وأي قوى
أخرى ل تنتمي للحضارة الغربية() .(3إذا ً
38
من الهداف الثقافية للعولمة :الترويج
لفلسفة النظام الغربي الرأسمالي
النفعي البرجماتي ،وفرض الثقافة
الغربية الوافدة وجعلها في محل الصدارة
والهيمنة في العالم وقهر الهوية الثقافية
للمم والشعوب الخرى ،على أن تظل
الثقافات الخرى محدودة في نطاق
السلوك الفردي ل تتعداه ،فالدساتير
والنظم والقوانين والقيم الخلقية يجب
أن تستمد من الفلسفة المادية النفعية،
ومن ثقافة الرجل البيض العلمانية،
المناهضة للعقائد والشرائع السماوية).(1
يقول الباحث د .محمد امخرون" :ومن
المؤكد أن المستهدف بهذا الغزو الثقافي
هم المسلمون .وذلك لعاملين-:
أ – ما تملكه بلدهم من مواد أولية هائلة
يأتي على رأسها النفط والغاز وثروات
طبيعية أخرى.
ب – ما ثبت لهم عبر مراكزهــم وبحــوثهم
وجامعاتهم ومستشــرقيهم إن هــذه المــة
مستعصــية علــى الهزيمــة ،إذا حــافظت
على هويتها السلمية ،ومن ثم فــالطريق
الوحيد لخضاعها يتمثل في القضــاء علــى
تفرد شخصيتها وإلغــاء دينهــا الــذي يبعــث
39
فيها الثورة والرفض لكل أشكال الحتلل
والسيطرة "(2).
جـ – الحفاظ على أمن الكيان الصــهيوني
في قلب العالم السلمي ،وهو مــن أهــم
أهــــداف العولـــــمة فــــي بلد العــــرب
والمسلمين.
د – الحضارة السلمية بعقيدتها وشريعتها
ونظام أخلقهــا وإنجازاتهــا التاريخيــة هــي
النقيض الوحيد الشامل لفلسفة العولـــمة
ودينها وأنظمتها وقيمها الهابطة فــي هــذه
الدنيا التي نعيش فيها.
إن عملء الغرب في العالم
السلمي الذين يروجون العولمة
يحاولون جادين تعميم الفلسفة المادية
والفكر الغربي العلماني ليصبح العالم
السلمي جزءا ً من المنظومة العلمانية
العالمية التي تتميز بخصائص معينة
وتظهر بثقافة واحدة ،تتجاوز الفكر
السلمي بكل أبعاده الثقافية والسياسية
والجتماعية والقتصادية والخلقية.
ومممن آثممار العولمممة فممي الهويممة
الثقافية-:
ن العولمة -شيوع الثقافة الستهلكية -ل ّ
جد ثقافة الستهلك -التي استخدمت تم ّ
كأداة قوية فاعلة في إطلق شهوات
- 2مقال العولـمة بين منظورين ،البيان ،السنة ،14العدد ،145
رمضان 1420ه ،كانون 1/1999م ،ص .127-126
40
م
الستهلك إلى أقصى عنان ومن ث ّ
تشويه التقاليد والعراف السائدة في
العالم السلمي.
-تغريب النسان المسلم وعزله عن
قضاياه وهمومه السلمية ،وإدخال
الضعف لديه والتشكيك في جميع قناعته
الدينية وهويته الثقافية).(1
-إشاعة ما يسمى بأدب الجنس وثقافة
العنف التي من شأنها تنشئة أجيال كاملة
تؤمن بالعنف كأسلوب للحياة وكظاهرة
عادية وطبيعية) .(2وما يترتب على ذلك
من انتشار الرذيلة والجريمة والعنف في
المجتمعات السلمية ،وقتل أوقات
الشباب بتضييعها في توافه المور وبما
يعود عليه بالضرر البالغ في دينه وأخلقه
وسلوكه وحركته في الحياة ،وتساهم في
هذا الجانب شبكات التصال الحديثة
والقنوات الفضائية وبرامج العلنات
والدعايات للسلع الغربية وهي مصحوبة
بالثقافة الجنسية الغربية التي تخدش
الحياء والمروءة والكرامة النسانية ،ولقد
أثبتت الدراسات الحديثة خطورة القنوات
الفضائية -بما تبثه من أفلم ومسلسلت
جنسية فاضحة -على النظام التعليمي
- 1الوطنية في عالم بل هوية ص .150
- 2انظر مبحث الثقافة العربية في مواجهة المتغيرات الدولية الراهنة –
مجلة الفكر العربي المعاصر العدد 101 - 100بيروت 1993م ،مسعود
ظاهر ،الوطنية في عالم بل هوية ص ،150 ،85-84ص .36
41
والحياة الثقافية والعلقات الجتماعية
ونمط الحياة القتصادية في العالم
السلمي).(1
ومن آثار عولمة الثقافة انتشار
نوعية مميزة من الثقافة المادية
والمعنوية المريكية حيث سيطرت
الثقافة المريكية الشعبية على أذواق
البشر فأصبحت موسيقى وغناء مايكل
جاكسون وتليفزيون رامبو وسينما دالس
هي الليات والنماذج السائدة في مختلف
أنحاء العالم وأصبحت اللغة النجليزية
ذات اللكنة المريكية هي اللغة
السائدة).(2
ومن آثار العولمة في طمس الهوية
الثقافية للمة السلمية انتشار الزياء
والمطاعم والمأكولت والمنتوجات
المريكية في كثير من الدول السلمية،
لن هذه السلع تحمل في طياتها ثقافة
مغايرة تسحق ثقافات المم المستوردة
لها ،وظهور اللغة النجليزية على واجهات
المحلت والشركات ،وعلى اللعب
والهدايا ،وعلى ملبس الطفال والشباب.
لقد ثبت أن الزياء الوربية
والمريكية قد كتبت عليها عبارات باللغة
42
النجليزية) (1تحتوي على ألفاظ وجمل
جنسية مثيرة للشهوات ومحركة للغرائز
الجنسية ،وأيضا ً ل دينية تمس المشاعر
والمقدسات والخلق السلمية وتروج
للثقافة الغربية التي تقوم على الباحية
والحرية الفوضوية في مجال العلقات
بين الرجل والمرأة).(2
رابعًا :الهداف والثار الدينية:
العولمة آتية من الغرب الصليبي
الكافر الذي يعتمد النظمة والمفاهيـم
العلمانية اللدينية .ولقد حذرنا الله تعالى
من اليهود والنصارى فقال عز وجل:
)ولن ترضى عنك اليهود ول النصارى
حتى تتبع ملتهم( سورة البقرة،120 :
وقال) :ول يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم
عن دينكم إن استطاعوا( سورة البقرة:
.217
يقول الدكتور جلل أمين" :وهناك
من يكره العولمة ل لسبب اقتصادي ،بل
لسبب ديني .فالعولمة آتية من مراكز
دينها غير ديننا ،بل هي قد تنكرت للديان
كلها ،وآمنت بالعلمانية التي ل تختلف
كثيرا ً في نظر هؤلء عن الكفر ،ومن ث ّ
م
- 1ومن تلك الكلمات والعبارات المكتوبة على ملبس الطفال
والشباب : kiss me :قبلني : take me -خذني : Sow -خنزير I:m -
: Jewishأنا يهودي : prostitute -عاهر : Adulery -ابن الزنا : Zion -
صهيوني .
- 2السلم والعولمة ص . 137-136
43
ففتح البواب أمام العولمة هو فتح
البواب أمام الكفر ،والغزو هنا في
الساس ليس غزوا ً اقتصاديًا ،بل غزو من
جانب فلسفة للحياة معادية للدين،
والهوية الثقافية المهددة هنا هي في
الساس دين المة وعقيدتها ،وحماية
الهوية معناها في الساس الدفاع عن
الدين") .(1فمن أهداف العولمة الدينية-:
-1التشكيك في المعتقدات الدينية
وطمس المقدسات لدى الشعوب
المسلمة لصالح الفكر المادي اللديني
الغربي ،أو إحلل الفلسفة المادية الغربية
محل العقيدة السلمية.
-2استبعاد السلم وإقصاؤه عن الحكم
والتشريع ،وعن التربية والخلق ،وإفساح
المجال للنظم والقوانين والقيم الغربية
المستمدة من الفلسفة المادية والعلمانية
البرجماتية).(2
-3تحويل المناسبات الدينية إلى
مناسبات استهلكية ،وذلك بتفريغها من
القيم والغايات اليمانية إلى قيم السوق
الستهلكية ،فعلى سبيل المثال :استطاع
ولالتقدم العلمي والتقني الحديث أن يح ّ
شهر رمضان )-شهر الصوم والعبادة
44
والقرآن( -وعيد الفطر خاصة من مناسبة
دينية إلى مناسبة استهلكية).(3
ومن آثار العولمة في هذا الجانب:
التحدي الخطير الذي تواجهه الشريعة
السلمية من القوى المحلية العلمانية
التي تتلقى الحماية الدولية المعنوية
والمادية باسم الحرية والديمقراطية
وحقوق النسان ،ولقد انتشرت الجمعيات
الهلية المدعومة غربيًا ،التي تقوم
بمحاربة الهوية الثقافية السلمية وإثارة
الشبه والشكوك حول النظم
والتشريعات السلمية -وخاصة فيما
يتعلق بالعلقة بين المرأة والرجل وقضايا
المرأة المسلمة -وتطالب بعضها جهارا ً
نهارا ً الحكومات والمجالس البرلمانية
إصدار القوانين وفق مواثيق المم
المتحدة المتعلقة بحقوق النسان بعيدا ً
عن النظم والتشريعات السلمية .ولكن
أخطر ما في العولمة نسبية الحقيقة التي
تقوم عليها ،وهي التي تتصادم تصادما ً
مباشرا ً مع ثوابت الدين السلمي
المستمدة من النص:القطعي الثبوت
القطعي الدللة ،لذلك نجد أن قوى
العولمة تدعم كل من يروج لنسبية
الحقيقة ،فقد امتدح "بللترو" وكيل
- 3إن من ينظر إلى أسواق المسلمين في رمضان ل يملك إل أن يقر
بأن المخططات المعادية قد نجحت في تحقيق ذلك .
45
وزارة الخارجية المريكية السبق ثلثة
من الكّتاب العرب ،ودعا إلى ترويج
كتاباتهم واعتمادها ،وهم -:محمد شحرور
من سورية ،ومحمد سعيد العشماوي من
ن ما مصر ،ومحمد أركون من الجزائر وإ ّ
يجمع هؤلء الثلثة هو إيمانهم بنسبية
الحقيقة ،وتفسيرهم النص القطعي
الثبوت القطعي الدللة الذي يتناول
ثوابت الدين السلمي :العقائد،
والحدود ،والميراث وتشريعات السرة :
كالزواج والطلق..على أنه انعكاس لبيئة
العرب الجاهلية ،وربطهم بينه وبين
الواقع الجاهلي ،ولذلك فنحن لسنا
سر هذهملزمين به ،وعلينا أن نف ّ
النصوص على ضوء واقعنا الجديد،
ونعطيها مضمونا ً وبعدا ً جديدًا -أي حسب
أهوائهم -أي بمعنى ثبوت النص وتغّير
المعنى ،وبالضافة إلى ذلك فإن كثيرا ً
من المعارك الثقافية التي دارت أخيرا ً
هي تجسيد للصراع بين نسبية الحقيقة
التي تقوم عليها العولمة وبين ثوابت ديننا
السلمي ،ومن أبرز هذه المعارك ما
ذكره د .نصر حامد أبو زيد عن النصوص
القطعية الثبوت والدللة التي تتناول
قضايا عقائدية :كالكرسي ،والعرش،
والميزان ،والصراط والملئكة ،والجن،
46
والشياطين ،والسحر ،والحسد… فقد
اعتبرها ألفاظا ً مرتبطة بواقع ثقافي
معين ،ويجب أن نفهمها على ضوء واقعها
الثقافي ،واعتبر أن وجودها الذهني
السابق ل يعني وجودها العيني ،وقد
أصبحت ذات دللت تاريخية ،والدكتور
نصر حامد أبو زيد في كل أحكامه
السابقة ينطلق من أن النصوص الدينية
نصوص لغوية تنتمي إلى بنية ثقافية
م إنتاجها طبقا ً لنواميس تلكمحدودة ،ت ّ
الثقافة التي تعد اللغة نظامها الدللي
المركزي ،وهو يعتمد على نظرية عالم
اللغة "دي سوسير" في كل ما يرّوج له،
وينتهي الدكتور أبو زيد إلى ضرورة
إخضاع النصوص الدينية إلى المناهج
اللغوية المشار إليها سابقًا.ول يتسع
المقام الن للرد على كل ما قاله الدكتور
نصر حامد أبو زيد بالتفصيل لكن يمكن
أن يقال هل نفى العلم بشكل قطعي
وجود حقائق عينية لتلك اللفاظ حتى
ُنعقب عليها ،ونعتبرها ألفاظا ً ل حقائق
لها ،وذات وجود ذهني فقط ؟)(1
47
خامسًا :الهداف والثار الجتماعية
والخلقية:
من أهداف العولمة الجتماعية
والخلقية :تكريس النزعة النانية لدى
الفرد،وتعميق مفهوم الحرية الشخصية
في العلقة الجتماعية ،وفي علقة
الرجل بالمرأة ،وهذا بدوره يؤدي إلى
التساهل مع الميول والرغبات الجنسـية،
وتمرد النسان على النظم والحكام
الشرعية التي تنظم وتضبط علقة الرجل
بالمرأة .وهذا بدوره يؤدي إلى انتشار
الباحية والرذائل والتحلل الخلقي،
وخدش الحياء والكرامة والفطرة
النسانية.
إن ثقافة العولمة ثقافة ماديــة بحتــة
ل مجــال فيهــا للروحانيــات أو العواطــف
النبيلة ،أو المشاعر النسانية ،إنهــا تهمــل
العلقـــات الجتماعيـــة القائمـــة علـــى
التعــاطف والتكافــل والهتمــام بمصــالح
وحقوق الخرين ومشاعرهم .فهي تشكل
عالم ـا ً يجعــل مــن الشــح والبخــل فضــيلة
ويشجع على الجشع والنتهازية والوصــول
إلــى الهــداف بــأي وســيلة دون أدنــى
التفات إلى القيم الشــريفة الســائدة فــي
المجتمع).(1إن وسائل العولمة في مجــال
- 1الوطنية في عالم بل هوية ،ص ، 151-150تحديات العولمة -د.
حسين كامل بهاء الدين .
48
العلم والتصــــالت-و خاصــــة القمــــار
الصناعية -التي تلف حول العالم فـي كـل
لحظة ،وتتســلل إلــى الــبيوت علــى وجــه
الرض كلهــــا ،دون اســــتئذان،وتلعــــب
بشخصية الفراد والمــم جميعـا ً تــثير فــي
برامجهــا وأنشــطتها الشــهوات الجنســية،
وتزين عبادة الجسد وتشيع أنواع الشــذوذ
وتحطم قيــم الفطــرة النســانية الرفيعــة،
فتتنــاقض بــذلك مــع النظــام الســلمي
الجتماعي والخلقــي الــذي أراد الســلم
في ظله أن يبنــي مجتمع ـا ً مؤمن ـا ًً فاض ـل ً
عفيفًا.
ولتنفيذ مخططاتهم في هدم كيان
المجتمع السلمي من خلل المرأة
لهمية دورها في بناء كيان السرة
والمجتمع ،ساروا في ثلثة مسارات في
آن واحد ،وهي-:
أ -التمويل المريكي والوربي للجمعيــات
الهلية النسائية)غير السلمية( مــن أجــل
تنفيذ مخططات إخـراج المـرأة المسـلمة
مــن الخلق الســلمية ،وتمردهــا علــى
الشريعة الربانية.
ب -التفاقيــات الدوليــة الخاصــة بحمايــة
حقوق النسان ،وإزالة آثــار كافــة أشــكال
التمييز ضد المرأة )كــذا بــالنص( ،وإلــزام
49
الــدول الســلمية بــالتوقيع عليهــا ،مقابــل
إعفائها من بعض الديون المترتبة عليها.
وهنالــك محــاولت لتضــليل الــرأي
العام وإيهام المــرأة المســلمة أن الظلــم
كله واقع عليها ،وأن هذه التفاقية سترفع
عنها الجور والظلــم ،وأن المــم المتحــدة
ستحررها مــن ســطوة مجتمعهــا مــع أنهــا
فــي حقيقــة المــر تريــد هلكهــا وهلك
مجتمعها.
ج -المؤتمرات النسائية والــتي يقصـد بهــا
هـــدم المجتمعـــات البشـــرية ،ول ســـيما
المجتمعات السلمية .وبمراجعة البحــوث
التي ألقيت في المؤتمرات النسائية التي
عقدت في بعض البلد الســلمية ،نجــدها
جميعها تريد إخراج المــرأة المســلمة مــن
النظام الجتماعي الســلمي الــذي ينظــر
إلـــــى المـــــرأة مـــــن خلل فطرتهـــــا
واستعداداتها وكرامتها(1).
إن العولمة تجيز الشذوذ الجنسي
والعلقات الجنسية الثمة بين الرجل
والمرأة ،بل بين الرجل والرجل .ولبيان
هذا الجانب الخطير المدمر للحياة
الجتماعية في العالم السلمي،و يظهر
ذلك عند مراجعة وثيقة مؤتمر المم
- - 1انظر :المرأة المسلمة ومواجهة تحديات العولـمة ،سهيلة زين
العابدين حماد ،المنهل ، ،شوال ،ذو القعدة 1420 ،يناير ،فبراير
2000م ص ،87-84والمجتمع الكويتية ،عدد 1404و ،1406يونيو
2000م.المجتمع الكويتية ،عدد ،1406في 25ربيع الول1421 ،هـ.
50
المتحدة عن السكان والتنمية الذي عقد
في القاهرة في شهر سبتمبر عام
1994م وأذكر هنا بعض التي ركزت
عليها هذه الوثيقة-:
-الفرد هو السـاس ومصالحـه ورغباتـه
هـي المعيـار ،ل الديـن ول المة ،ول
العائلة ،ول التقاليد ،ول العرف .ومن حق
الفرد التخلص من القيود التي تفرض من
جانب تلك الجهات.
-تتحدث عن ممارسة الجنس دون أن
تفترض وجود زواج ،وعن ممارسة
الجنس بين المراهقين دون أن تستهجنه،
والمهم في نظر الوثيقة أل تؤدي هذه
الممارسة إلى الوقوع في المراض،
والواجب توعية المراهقين وتقديم
النصائح المتعلقة بممارسة الجنس ومنع
الحمل ،وتوفير منتهى السرية لهم،
واحترام حقهم في الحتفاظ بنشاطهم
الجنسي سرا ً عن الجميع.
-تستهجن الوثيقة الزواج المبكر لنه
يؤدي -في نظرها -إلى زيادة معدل
المواليد.
-الجهاض :ل تدين الوثيقة الجهاض حتى
ولو لم يكن ثمة خطر على صحة الم،
المهم أن يكون الجهاض آمنا ً ل يهدد
حياة الم.
51
-استهجنت الوثيقة المومة المبكرة
-دون أن تميز بين ما إذا كانت هذه
المومة قد حدثت في نطاق الزواج
الشرعي أم خارجه -لنها في نظرها تزيد
من معدلت النمو ،وتقيد المرأة من
العمل والمساهمة في النتاج.
-استخدمت الوثيقة لفظ "قرينين" بدل ً
من زوجين ،فلفظ قرينين أكثر حيادًا ،لنه
ل يفترض وجود رباط قانوني معين .وهذا
الحياد يجعل الشذوذ الجنسي والعلقات
الجنسية دون زواج أمرا ً جائزا ً ومقبو ً
ل.
-المســاواة بيــن المــرأة والرجــل :تــدعو
الوثيقـــة إلـــى المســـاواة التامـــة بيـــن
الطرفيــن ،وحثــت المــرأة علــى إلغــاء
الفوارق الطبيعية بينها وبين الرجل ،ومــن
ذلـــك :اشـــتراك الرجـــل فـــي العمـــال
المنزلية ورعاية الطفال أســوة بالنســاء،
دون النظـــــر إلـــــى اختلف الظـــــروف
القتصــادية والجتماعيــة والثقافيــة بيــن
الرجال والنساء).(1
وقــد أفصــح المفكــر الفرنســي
المســـلم رجمماء جممارودي عـــن نوايـــا
مقررات مؤتمر القاهرة في الرسالة التي
وجهها للمؤتمر ونشرتها صــحيفة الشــعب
52
فــي القــاهرة بعــددها 16/9/1994م(1).
ومـــن المـــدهش أن رئيسمممة جمعيـــة
"المهممات الصممغيرات فممي أمريكمما"
حذرت المسلمين في مؤتمر القاهرة من
مــروا خطــورة المركــة ،فقــالت " :لقــد د ّ
المجتمع المريكي وجــاءوا الن بأفكــارهم
للمجتمعـــــــات الســـــــلمية ،حـــــــتى
يدمروها،ويدمروا المرأة المسلمة ودورها
فيها"(2).
ومن آثار العولمة في الجانب
الجتماعي زيادة معدلت نسبة الجريمة
ليس في الدول النامية وحدها ،بل في
كل الدول الوربية الغنية ،وقد أكد هذا
المر الكاتبان اللمانيان )هانس بيتر
مارتين ،وهارالدشومان( حيث قال" :ينتفع
مرتكبو الجرائم متعدية الجنسيات أيضا ً
من إلغاء القيود القانونية المفروضة على
القتصاد ،فعلى مستوى كل البلدان
الصناعية تتحدث دوائر الشرطة والقضاء
عن طفرة بينة في نمو الجريمة
المنظمة ،وكان أحد موظفي الشرطة
الدولية قد أشار إلى هذه الحقيقة بعين
العقل ،حينما راح يقول" :إن ما هو في
- 1انظر :وثيقة مؤتمر السكان والتنمية ،رؤية شرعية ،د .عبــد الحســين
سلمان جاد ،كتاب المة ،53ص .70-55
- 2سقوط الحضارة الغربية ،رؤية من الداخل ،أحمد منصور ،دار القلم،
دمشق ،ط 1418 ،1هـ1998 /م.
53
مصلحة التجارة الحرة ،هو في مصلحة
مرتكبي الجرائم أيضًا") .(1ويضيفان" :إن
النتائج المترتبة تثير الرعب بل شك ،ففي
منظور الخبراء أضحت اليوم الجريمة
المنظمة عالميًا ،أكثر القطاعات
القتصادية نموًا ،إنه يحقق أرباحا َ تبلغ
خمسمائة مليار دولر في العام").(2
ويمكن أن نمثــل بالوليــات المتحــدة
المريكيـــــة أبـــــرز قلع الرأســـــمالية ،
فالجريمــة اتخــذت هنــاك أبعــادا ً بحيــث
صارت وبــاء واســع النتشــار .ففــي وليــة
كاليفورنيا -التي تحتــل بمفردهــا المرتبــة
الســابعة فــي قائمــة القــوى القتصــادية
العالميــة – فــاق النفــاق علــى الســجون
المجموع الكلي لميزانية التعليــم .وهنــاك
28مليون مواطن أمريكــي ،أي مــا يزيــد
صــنوا أنفســهم على عشر الســكان قــد ح ّ
في أبنية وأحيــاء ســكنية محروســة .ومــن
هنـــا فليـــس بـــالمر الغريـــب أن ينفـــق
المواطنــون المريكيــون علــى حراســهم
المسّلحين ضــعف مــا تنفــق الدولـة علــى
الشــرطة) .(3فــي ســنة 1965م وقعــت
- 1فخ العولمة ،ص . 367
- 2المصدر نفسه ،ص ، 370فمن المثلة :ارتفاع حجم المبيعات في
السوق العالمية للهيروين في عام 1990م إلى عشرين ضعفا ً من
خلل العشرين سنة الماضية ،وارتفعت المتاجرة بالكوكايين إلى
خمسين ضعفا ً .انظر المصدر السابق ،ص . 368-367
- 3من ورقة قدمت إلى مؤتمر كلية الشريعة في جامعة الكويت
المنعقد عام 2000م حول العولمة.
54
خمسة مليين جريمة ،ثم ازدادت الجرائم
الخطيــرة أســرع أربــع عشــرة مــرة مــن
الزيـــادة الســـكانية ) % 187مقابـــل 13
.(%وفي أمريكــا :تحــدث جريمــة كــل 12
ثانية ،وجريمة قتــل كــل ســاعة ،وجريمــة
اغتصاب للعــرض كــل 25دقيقــة -مــع أن
الجنس مباح -وجريمة سرقة كــل خمــس
دقائق ،وسرقة سيارة كل دقيقة).(1
ومن آثار العولمة في الجانب
الجتماعي أيضا ً زيادة معدلت الفقر
والبطالة وتوهين العلقات الجتماعية بين
الفراد ،والظلم الجتماعي الذي يصيب
السر الفقيرة نتيجة تقليص الدولة للدعم
الجتماعي لهذه السر ،ستؤدي العولمة
إلى تشغيل خمس المجتمع ،وستستغني
عن الربع الخماس الخرين نتيجة
التقنيات الجديدة المرتبطة بالكمبيوتر،
فخمس قوة العمل كافية لنتاج جميع
السلع ،وسيدفع ذلك بأربعة أخماس
المجتمع إلى حافة الفقر والجوع ،ومن
مخاطر العولمة أيضا ً قضاؤها على حلم
مجتمع الرفاه ،وقضاؤها على الطبقة
الوسطى التي هي الصل في إحداث
الستقرار الجتماعي وفي إحداث
55
النهضة ،والتطور الجتماعي) .(1ولقد
أصدرت المم المتحدة أخيرا ً تقريرا ً يفيد
بأن قوى العولمة رغم إتاحتها فرص لم
يحلم بها لمنفعة بعض الشعوب وبعض
الدول إل أنها قد أسهمت في الوقت
نفسه في كثير من دول العالم في رفع
معدلت الفقر والظلم،والقلق على فرص
العمل ،وإضعاف المؤسسات التي تقدم
الدعم الجتماعي للفقراء كما أسهمت
في تفتت القيم والعادات السائدة منذ
زمن بعيد).(2
بعض النتائج الخطيممرة الممتي بممدأت
تظهممر فممي العممالم أجمممع بفعممل
العولمة-:
أجمــع البــاحثون علــى ظهــور نتــائج
خطيرة بفعل تي ّــار العولمــة الــذي اكتســح
العالم المعاصر ،ومن هذه النتائج-:
* حوار الشمال والجنوب قضى نحبه ،كما
قضى نحبه صراع الشــرق والغــرب .فقــد
أسلمت فكرة التطور القتصــادي الــروح،
فلم تعد هنالك لغة مشتركة ،بــل لــم يعــد
هنــــاك قــــاموس مشــــترك لتســــمية
المشــكلت .فالمصــطلحات مــن قبيـــل
- 1من ورقة قــدمت إلــى مــؤتمر كليــة الشـريعة فــي جامعــة الكــويت
المنعقد عام 2000م حول العولمة.
- 2انظر مجلة المشاهد السياسي عدد 11 ، 108نيسان 1998م ،ص
. 36
56
الجنوب والشمال والعالم الثالث والتحــرر
لم يبق لها معنى).(1
منظـــري العولــــمة :إن * مـــن وجهـــة ُ
المجتمعات العاجزة عــن إنتــاج غــذائها أو
ل ،ل شرائها بعــائد صــادراتها الصــناعية مث ً
تستحق البقاء وهي عبء علــى البشــرية،
أو على القتصاد العالمي يمكن أن يعرقل
نموها الذي يحكمه قانون البقــاء للصــلح.
ولذلك يجب إســقاطها مــن الحســاب .ول
ضرورة بالتالي لوقوف حروبها الهليــة أو
مساعدتها أو نجدتها).(2
* عــاد الســتعمار القتصــادي والسياســي
والثقــافي والجتمــاعي مــن جديــد فــي
صورة العولـــمة بالقتصــاد الــخ ،واتفاقيــة
الجات ،والمنافسة ،والربح ،والعالم قريــة
واحدة ،والتبعية السياسية ،وتجاوز الدولــة
القوميــة ،ونشــر القيــم الســتهلكية ،مــع
(3) .
الجنس والعنف والجريمة المنظمة
* غدا العالم الذي خضــع للعولمــة ،بــدون
ول دولة ،بدون أمة ،بــدون وطــن ،لنــه حـ ّ
هـــذا العـــالم إلـــى عـــالم المؤسســـات
والشبكات ،وعالم الفــاعلين والمســيرين،
وعالم آخر ،هــم المســتهلكون للمــأكولت
والمعلبـــــات والمشـــــروبات والصـــــور
- 1فخ العولـمة -مرجع سابق -ص .61
- 2الصناعة العربيـة فـي مواجهـة العولــمة ،د.زكــي حنـوش ،عـدد ،99
جمادى الولى 1420هـ ص .13
- 3ما العولـمة :محمد جلل العظم – حسن حنفي ص .17
57
والمعلومات والحركــات والســكنات الــتي
تفــــرض عليهــــم .أمــــا وطنهــــم فهــــو
السيبرســـبيس :أي )الواقـــع الفتراضـــي
الــذي نشــأ فــي رحــاب النــترنت وســائر
وســـائل التصـــال ،ويحتـــوي القتصـــاد
والسياسة والثقافة((1).
ويقول أحد الكتاب الفرنسيين عن
النظام الرأسمالي المريكي :فكلما ازداد
هذا النظام الرأسمالي الجشع إمعاًنا
وانتشاًرا بالعو لمة ،ازدادت النتفاضات
والحروب العرقية والقبلية والعنصرية
والدينية للتفتيش عن الهوية القومية في
شت المعلوماتية المستقبل .وكلما ت ََف ّ
والجهزة التلفزيونية والسلكية
واللسلكية ،تكبلت اليدي بقيود العبودية،
وازدادت مظاهر الوحدة والنعزال
والخوف والهلع دون عائلة ول قبيلة ول
وطن .وكلما ازداد معدل الحياة سوف
تزداد وسائل القتل ،وكلما ازدادت وسائل
الرفاهية سوف تزداد أكثر فأكثر جرائم
البربرية والعبودية ").(2
58
وسائل العولمة-:
لقد لجأت القوى الرأسمالية الغربية
وعلى رأسها الوليات المتحدة المريكية
إلى الوسائل التالية من أجل تحقيق
الهداف المنشودة من وراء العولمة.
-1إنشاء التكتلت والمنظمات القتصادية
والتجارية التي تمرر من خللها
السياسات والملءات لصالح العولمة،
ومن ذلك اتفاقية الجات "أعضاؤها 117
دولة" )التفاقية العامة للتجارة والتعرفة
الجمركية( ،وتكتل "النافتا" المكون من
كندا وأمريكا والمكسيك ،والسوق
الوربية المشتركة ،و"إيباك" المكون من
دول "النافتا" واستراليا ونيوزلندة
واليابان وإندونيسيا وماليزيا ،ومنظمة
التجارة العالمية التي تنتمي إليها كثير من
دول العالم).(1
-2استخدام الشرعية الدولية الزائفة
وعبر استغلل المم المتحدة ومؤسساتها
المالية -صندوق النقد الدولي والبنك
الدولي للنشاء والتعمير -في فرض
وتنفيذ الملءات والقرارات السياسية
والقتصادية التي تضر بالدول والشعوب
59
وتحقق المصالح العليا لمريكا
وحلفائها).(2
-3تقديم الدعم القتصادي والمعنوي
للنظمة والحكومات المعادية للسلم،
وفرض سياسة الحصار والتجويع على
النظمة المتمردة على الرادة المريكية،
أو النظمة التي تسعى إلى اتخاذ السلم
منهجا ً وشريعة للحياة .واستخدم
العقوبات الدولية التي تفرضها أمريكا
-من خلل المم المتحدة -طبقا ً لمعاييرها
الخاصة التي تحقق أهداف العولمة.
-4تقييد الحكومات في العالم السلمي
بالتفاقيات المجحفة الظالمة ،كاتفاقية
منع انتشار السلحة النووية والكيماوية
في الوقت الذي يسمح فيه لليهود ومن
على شاكلتهم بامتلك تلك السلحة
وتطويرها.
-5تسخير القوى العلمانية الداخلية من
الكتاب ورجال العلم والتربية لصالح
العولمة والستفادة من جهود
المستشرقين وقادة الغزو الفكري.
60
-6كتم الصوت السلمي المعبر عن
آمال المة وتطلعاتها في الحرية
والستقلل وعدم التبعية للسيطرة
الغربية.
-7الكثار من المنظمات والجمعيات
والمؤسسات الخدماتية الهلية ذات
الهداف اللدينية ودعمها ماليا ً ومعنويًا.
-8إحلل الثقافة الغربية من خلل نشر
اللغة النجليزية من خلل الزياء
والمأكولت والمنتوجات الغربية وإقامة
المطاعم المريكية )ماكدونالد( وإقامة
شركات إنتاج المواد الغذائية المريكية
ومن أمثلتها شركة )كوكا كول(
للمشروبات الغازية.
-9استخدام وسائل الدعاية والعلم
وشبكات التصال الحديثة كالقمار
الصناعية والقنوات الفضائية وشاشات
الحاسوب لحداث التغيرات المطلوبة
لعولمة العالم).(1
يقــول العــالم المريكــي المعــروف
ناعوم تشومسكي" :إن العولـمة الثقافيـة
ليســت ســوى نقلــة نوعيــة فــي تاريــخ
العلم ،تعزز ســيطرة المركــز المريكــي
على الطراف ،أي على العالم كلــه" 2.إن
61
هيمنــة أمريكــا ناتجــة مــن أن %65مــن
مجمـــل المـــواد والمنتجـــات العلميـــة
والعلنيـــة والثقافيـــة والترفيهيـــة تحـــت
سيطرتها ،ومن إنتاجهــا .هــذا المــر الــذي
أدى إلــى تــوجس بعــض الــدول الغربيــة
وخوفها علــى أجيالهــا .إن طغيــان العلم
والثقافـــة المريكيـــتين فـــي القنـــوات
الفضائية دفع وزير العدل الفرنسي جاك
كوبون أن يقــول" :إن النــترنت بالوضــع
الحالي شكل جديد من أشكال الستعمار،
وإذا لم نتحرك فأسلوب حياتنا في خطــر،
وهنــاك إجمــاع فرنســي علــى اتخــاذ كــل
الجراءات الكفيلة لحماية اللغة الفرنسية
والثقافـــــة الفرنســـــية مـــــن التـــــأثير
المريكي") .(1بــل إن الرئيــس الفرنســي
جمماك شمميراك عـــارض قيـــام مطعـــم
ماكدونالدز الذي يقدم الوجبات المريكيــة
مــبررا َ ذلــك أن يبقــى بــرج أيفــل منفــردا ً
بنمــط العيــش الفرنســي).(2كمــا هــاجم
وزير الثقافة الفرنسي هجومــأ ً قويــأ ً
علـــى أمريكـــا فـــي اجتمـــاع اليونســـكو
بالمكســيك ،وقــال" :إنــي أســتغرب أن
تكون الدول التي عّلمــت الشــعوب قــدًرا
كبيًرا من الحرية ،ودعت إلى الثورة علــى
62
الطغيان هي التي تحاول أن تفرض ثقافة
شــمولية وحيــدة علــى العــالم أجمــع .ثــم
قال :إن هذا شكل من أشكال المبرياليـة
المالية والفكرية ،ل يحتل الراضي ،ولكن
تصادر الضمائر ،ومناهج التفكيــر واختلف
أنماط العيــش") .(1وتبعًــا لهــذه السياســة
قــررت فرنســا أن تكــون نســبة الفلم
الفرنسية المعروضة باللغة الفرنسية فــي
التلفـــاز الفرنســـي .(2) )%60وفـــي
المقاطعـــات الكنديـــة بلغـــت الهيمنـــة
المريكيـــة فـــي مجـــال تـــدفق البرامـــج
العلمية والتلفاز إلــى حــد دعــا مجموعــة
من الخبراء إلى التنــبيه إلــى أن الطفــال
الكنديين ،أصبحوا ل يدركون أنهم كنــديون
لكثرة ما يشاهدون من برامج أمريكية).(3
-10التوسع في قبول الطلب الجانب
في الجامعات والمعاهد الغربية ،ففي
أمريكا وحدها أكثر من عشرين ألف
جامعة ومعهد مهمتها القيام بالبرامج
الثقافية التي ترسخ لديهم الثقافة
الغربية وتستخدمهم وسائل للعولمة.
-11استخدام ما يسمى بالديمقراطية
وحقوق النسان واعتبارات الحياة
المعاصرة ومواثيق المم المتحـدة في
63
محاربة منظومة القيم والخلق
والتشريعات السائدة في المجتمعات
السلمية.
-12المؤتمرات القتصادية ومؤتمرات
التنمية والسكان التي تعقد في كافة دول
العالم ،واستخدامها للترويج لثقافة وفكرة
العولمة.
-13تنظيم المهرجانات الفنية الغنائية
والموسيقية واللقاءات الشبابية التي
تشترك فيها فرق ووفود من كل أنحاء
العالم.
-14استغلل المرأة عبر دعوات لتحقيق
المساواة بينها وبين الرجل ،وسن قوانين
عالمية بحجة حماية حقوق المرأة.
-15سياسة السوق وفتح المجال أمام
الشركات المريكية والشركات الكبرى
متعددة الجنسيات للقيام بالستثمار غير
المباشر في دول العالم والعتماد على
خوصصة الشركات والمؤسسات
القتصادية والخدماتية الوطنية
والحكومية ،أي نزع ملكية الوطن والمة
والدولة لها ونقلها للخواص من الداخل
والخارج لضعاف سلطة الدولة والتخفيف
من حضورها لصالح ظاهرة العولمة ،ومن
ثم إحداث هزات مالية في أسواق العالم،
وفتح السواق المحلية أمام السلع
64
ورؤوس الموال والمعلومات الوافدة،
وهدم السوار الجمركية والقيود أمام
التجارة الدولية ،وعدم إعطاء الدعم
لبعض السلع بحجة أن ذلك يضر التنمية،
وتسريح الجيوش أو الحد من أعدادها
وخوصصة القطاع العام ،وتخلي الدولة
عن دورها في إدارة اقتصادها وحمايته
وفق رؤيتها ومصالحها الخاصة).(1
من وراء العولمة؟؟
-1لقد لعبت الصهيونية دورها في
الوليات المتحدة المريكية ،واستطاع
اليهود في مطلع القرن العشرين -ول
يزالون -أن يسيطروا على القرار
السياسي في تلك الدولة ،وأصبح
الزعماء السياسيون يخشون سلطان
الصهيونية التي تستطيع إسقاطهم عن
كراسيهم لقدرتها على نشر الفضائح
والشاعات عبر دور الدعاية والعلن
ووسائل العلم التي يسيطر عليها اليهود
ولذا فإن كل من يفكر في الوصول إلى
البيت البيض يجب عليه أن يسترضي
اليهود ويخضع لبتزازاتهم ،وينحني صاغرا ً
أمام الصهيونية ،وإذا كانت مؤسسات
المم المتحدة من أهم الوسائل التي
- 1العولمة ،د .جلل أمين ص ، 28-27العولمة ،محمد سعيد أبو
زعرور ص ،49 45-44الوطنية في عالم بل هوية -تحديات العولمة -
مرجع سابق -ص ، 74العولمة وآليات التهميش في الثقافة العربية -
مصدر سابق ،ص . 14
65
تستخدمها الوليات المتحدة في العولمة،
فأنا نجد اليهود قد استطاعوا السيطرة
على المم المتحدة منذ إنشائها ،وتغلغلوا
إلى معظم مؤسساتها ودوائرها ومكاتبها
المختلفة ،يقول الكاتب المريكي
دوجلس ويد) :إن رؤساء أمريكا ومن
يعملون معهم ينحنون أمام الصهيونية كما
لو كانوا ينحنون أمام ضريح له قداسته(
) ،(1بل وصل بعض اليهود إلى رئاسة
الوليات المتحدة المريكية).(2
لقد استطاع اليهود أن يسيطروا
على معظم المؤسسات القتصادية ،فمن
شركات البترول إلى الشركات الصناعية
والبنوك والبورصة ،وسيطروا على
العلم ووسائله المختلفة وأسسوا دور
السينما وصناعة الفلم وتولوا أماكن
الصدارة في مجلس الشيوخ والنواب،
وعملوا كمستشارين للرؤساء المريكيين
في الشؤون المالية والسياسية والمنية،
ولقد مكن لهم بعض الرؤساء المريكان
اليهود أصل ً أمثال -روزفلت -من
السيطرة على اقتصاديات البلد
ومواردها ،والوصول إلى الوظائف العامة
في وزارات الدفاع والخارجية والقتصاد
66
والمخابرات ،بل تمكن بعض اليهود من
الوصول إلى رئاسة الوليات المتحدة
المريكية.
واليوم يسيطر اليهود على القرار
السياسي والقتصادي والمالي والشؤون
المنية في الوليات المتحدة المريكية،
وكما هو معلوم فإن سبعة أعضاء كانوا –
في حكومة الرئيس كلنتون -يتبوءون
أعلى مراكز الصدارة في البيت البيض
ويرسمون السياسة الداخلية والخارجية
لمريكا ،خمسة منهم من اليهود ،ومن
هؤلء السيدة مادلين أولبرايت في وزارة
الخارجية ،وليم كوهين في وزارة الدفاع،
ساندي بيرغر مستشار الرئيس كلينتون
لشئون المن القومي.
-2لقد استطاع اليهود أن يتغلغلوا في
عقلية الشعب المريكي وأن يغزوه في
عقيدته الدينية حيت استغلوا المجامع
الكنسية والمؤتمرات الدينية ،ووضعوا
التفسيرات والشروحات الدينية للعهد
القديم ،وتمكنوا من أن يجعلوا الرأي
العام المريكي ينطلق من المرتكزات
الصهيونية في السياسة والفكر والدين.
-3إن اليهودية العالمية لها نفوذ واضح
في كثير من الدول الوربية خاصة في
بريطانيا وفرنسا وألمانيا ،فهم يسيطرون
67
في هذه الدول على كثير من المؤسسات
القتصادية كالبنوك والشركات الصناعية
والتجارية والمناجم وأسهم شركات
البترول ،وامتلكوا كثيرا ً من الصحف
الكبرى التي تسير الرأي العام بل
وتصنعه لصالح السياسة الصهيونية العامة
في الشرق الوسط.
-4ولما أنشئت هيئة المم المتحدة
تغلغل اليهود والماسونيون إلى دوائرها
ومكاتبها المختلفة وبالتالي استغللها
لتحقيق أهدافهم الشريرة في السيطرة
على العالم ،ومن ذلك :مكتب
السكرتارية لهيئة المم المتحدة الذي هو
أهم شعبة فيها ،ومراكز الستعلمات،
وشعبة القسام الداخلية ،ومؤسسة
التغذية والزراعة ،ومؤسسة التعليم
والثقافة والفن "اليونسكو" ،وبنك العمار
الدولي ،وصندوق النقد الدولي ،ومؤسسة
الصحة العالمية ،ومؤسسة اللجئين
الدولية ،ومؤسسة التجارة الدولية).(1
-5ومن خلل دراسة الوثائق اليهودية
يتبين للقارئ دور اليهودية العالمية في
صناعة الحداث أو في استغللها لصالح
مخططاتهم التي تستهدف السيطرة على
- 1أسرار الماسونية الجنرال جواد رفعت آتلخان ،الزهراء للعلم
العربي -الطبعة الولى 1410هـ 1990 -م ،ص ، 71-61وذكر في
هذا الكتاب أسماء اليهود ووظائفهم داخل مؤسسات هيئة المم
المتحدة .
68
العالم كله من خلل تأسيس جمهورية
ديمقراطية عالمية .إذا أن من أهداف
الحركة الماسونية -التي أسسها ويديرها
اليهود -إقامة دولة عالمية ل دينية ،وقد
نص على ذلك الهدف المؤتمر الماسوني
العالمي المنعقد في باريس سنة 1900م
).(1
-6ومن المعلوم أن اليهود وضعوا
مخططاتهم للسيطرة على العالم فيما
يسمى )بروتوكولت حكماء صهيون(،
ومن يدرس هذه البروتوكولت يستطيع
أن يعقد وبكل سهولة مقارنة دقيقة بين
ما تضمنته هذه البروتوكولت وما يسود
العالم من أوضاع سياسية واقتصادية
الن ،فكل وسائل العولمة التي سبق
ذكرها قد نصت عليها البروتوكولت الربع
والعشرون .وأكثر وسيلة ركزت عليها في
الوصول إلى حكم العالم وجعله خاضعا ً
لحكومة واحدة :النشاط القتصادي
والتحكم في حركة التجارة العالمية،
وإيجاد أزمات اقتصادية عالمية،
والسيطرة على مقدرات المم ومواردها
المالية) .(2وتحدثت بروتوكولت حكماء
صهيون عن المخطط اليهودي لحكم
- 1أسرار الماسونية ،مصدر سابق ،ص . 43
- 2انظر البروتوكولت :الرابع -العشرون -الحادي والعشرون -الثاني
والعشرون من كتاب بروتوكولت حكماء صهيون ترجمة محمد خليفة
التونسي أو ترجمة أحمد عبد الغفور العطار أو ترجمة علي الجوهري .
69
العالم من خلل الحكومة اليهودية
العالمية ،وللوصول لهذا الهدف ل بد من
استغلل النشاط القتصادي والصناعي
والتجاري ،وإتاحة الحرية لرأس المال
لكي يصل إلى مرحلة سيادة الحتكار في
كل مجالت التجارة والصناعة ،وتخريب
القتصاد للحكومات والشعوب الخرى
عن طريق المضاربة والقروض وزيادة
السعار للسلع الساسية الضرورية
ولصناعة الرأي العام لصالح اليهود ل بد
من السيطرة على وسائل العلم.
-7ومن الوثائق اليهودية القديمة التي
تكشف عن حقيقة مشروع العولمة ،وأنه
ضمن خطة يهودية هدفها الهيمنة على
العالم ،ما نشرته جمعية "القباله"
اليهودية .جاء فيها) :وبفضل قرية السلم
العامة التي جعلناها بمنزلة الصلة
اليومية للنسانية جمعاء لكثرة ما تحدثت
عنها إذاعتنا ،سوف نحطم أعصاب
البشرية برمتها ،وسنركز جهدنا على
تذكير الناس بالهوال المرتقبة من
الحروب لنرهبهم ،ونجعلهم يلتمسون
تجنبها مهما كان الثمن ،عندها سنخرج
عليهم بفكرة الدولة العالمية الواحدة،
بحجة أنها الوسيلة الفريدة للحيلولة دون
قيام الحرب ،بينما سيكون هدفنا
70
الحقيقي منها التمهيد لزالة الفوارق
العنصرية والدينية لتنصرف الشعوب
المعادية لنا عن مراقبتنا ،والتحري عن
خفايا مناهجنا ،ومن ثم إضعاف النزعات
القومية والوطنية بين أفرادها ،وليهامها
بنبل مقاصد دعوتنا سنروج لفكرة
التعاون القتصادي بين الدول بحجة
السعي لرفع مستوى الشعوب المختلفة،
وسنشجع الدول الرأسمالية الخاضعة لنا
على منح القروض للدول الخرى،
ولغفالها عن مراقبتنا سنبادر إلى
السهام بقسم من هذه القروض ،ومن
المؤكد أن الدول الكبرى ستلبي دعوتنا
لتظهر بمظهر المحبة للخير والنسانية
ومن جهة ثانية لتسيطر -بزعمها -على
الدول التي ستتلقى منها القروض وإن
ح زعمها هذا فتكون في الواقع قد ص ّ
أخضعت تلك الدول لمشيئتنا بصورة غير
مباشرة ،باعتبارها هي نفسها خاضعة لنا،
وبهذه الطريقة سنوزع ما تبقى من
الثروات في حوزة الشعوب الخرى دون
أي أمل في تحقيق الغاية القتصادية
وة من هذا التوزيع على العالم().(1 المرج ّ
- 1مكائد يهودية ،عبد الرحمن حسن الميداني ،دار القلم ،بيروت -
دمشق ص . 447-437
71
إسرائيل والعولمة-:
لم تنصاع إسرائيل إلى تيار العولمة
الذي اكتسح دول العالم السلمي ،فما
زالت إسرائيل كدولة تتدخل في القتصاد
والمجتمع ،وتتمسك بقوتها العسكرية
وتعمل على تنميتها ،وزيادتها عددا ً وعتادًا،
وترفض بشدة وقف أي نشاط وتقدم في
عملية التسلح ،وترفض بشدة التوقيع
على اتفاقيات منع السلح النووي
والسلحة الكيماوية ،وهي ل تتلقى
التوجيهات من صندوق النقد الدولي ومن
البنك الدولي للنشاء والتعمير ،كشأن
كثير من دول العالم ،ويخضع القطاع
الخاص في مجالي القتصاد والصناعة
ونحوهما باستمرار للعتبارات التي تمليها
مصالح الدولة العليا ول تسمح بتجاوزها.
وتطرح إسرائيل تصورها الخاص
للعولمة فيما يعرف بمشروع الشرق
أوسطية وتروج له ،وتحاول فرضه على
دول الشرق الوسط المحيطة بها .وإذا
كانت هذه العولمة تعني انتهاء عصر
اليديولوجيا )الدين والعقيدة( والنفتاح
على الخر وعدم التمسك بالولء للوطن
أو المة ،فإن إسرائيل تتمسك
بأيديولوجيتها وترفض النفتاح على الخر
والتفاعل معه ،بل تريد من الخر النفتاح
72
عليها لتعمل هي على التأثير فيه وفق
مصالحها ومخططاتها الستراتيجية
المستقبلية .وتتمسك بالولء التقليدي
للوطن )إسرائيل( والمة )اليهود شعب
الله المختار( وتمارس الحروب باستمرار
لثبات سطوتها وفرض هيمنتها في
المنطقة وتتلقى الدعم المادي
والسياسي من القوى الستعمارية
الغربية).(1
ن إسرائيل تسعى جادة لعولمة إ ّ
الشرق الوسط لحسابها الخاص ولقد
طرح شمعون بيرز رئيس الوزراء
السرائيلي السابق مشروع الشرق
الوسطية ،وهو مشروع للعولمة يستند
إلى فكرة أن النسان العربي إنسان
اقتصادي مستهلك وأيدي عاملة ،وأن
النسان السرائيلي إنسان اقتصادي
مفكر ومنتج .ولقد صرح شمعون بيرز
بأفكاره في عولمة المنطقة لحساب
إسرائيل في كثير من الندوات واللقاءات
القليمية والدولية ،ففي لقائه مع
المثقفين المصريين قال بيرز" :إن
الشعب اليهودي يريد فقط أن يشتري
ويبيع ويستهلك وينتج ،وعظمة إسرائيل
تكمن في عظمة أسواقها" .فالسوق في
- 1العولمة ،د .جلل أمين ص ،30-29العولمة ،محمد سعيد أبو
زعرور ص .51-50
73
نظر بيرز هو المعيار الساسي وهو
المكان الذي نتبادل فيه السلع
والفكار) ،(1ولما كان معلوما ً أن إسرائيل
تتفوق على جيرانها في استخدام التقنية
الجدية في النتاج فمعنى ذلك أن بيرز
يريد من السواق العربية أن تصبح
أسواقا ً استهلكية للسلع والمنتوجات
السرائيلية وما يصاحبها من ثقافة وفكر
صهيوني يريد أن يتسلل من خللها إلى
حصون وقلع المسلمين في عقر دارهم.
وأفكار عولمة الشرق الوسط
ليست وليدة أفكار جديدة لبيرز وليست
نشأتها مرتبطة بعقد اتفاقيات السلم مع
إسرائيل التي بدأت بمعاهدة كامب ديفيد
مع مصر سنة 1979م ثم باتفاقية أوسلو
مع منظمة التحرير واتفاقية وادي عربة
مع الردن ،بل نشأت أفكار العولمة
السرائيلية منذ أكثر من ثلثين سنة من
خلل دراسات علمية جادة قام بها
الخبراء السرائيليون في المجالت
العسكرية والقتصادية والعلمية ومن
أهمها-:
ل :الدراسات المستقبلية: أو ً
-1دراسة الشرق الوسط عام 2000م:
أصدرتها رابطة السلم في تل أبيب سنة
74
1970م ،وتتضمن تصور مجموعة من
الكاديميين والمفكرين السرائيليين
للحياة في منطقة الشرق الوسط في
نهاية القرن انطلقا ً من فرضية إحلل
السلم القتصادي في المنطقة ،ويترتب
على ذلك :إزالة العوائق والحدود بين
إسرائيل والدول العربية ،وحرية انتقال
السلع والخدمات وعناصر النتاج سواء
من خلل سوق مشتركة للشرق
الوسط ،أم سوق مشتركة لدول البحر
المتوسط تضم إسرائيل والدول العربية
والدول الوربية المطلة على البحر
المتوسط على أن تستحوذ إسرائيل على
النصيب الكبر في إدارة هذه السوق،
وأن تكون قلب المنطقة ومركز إدارتها
وأساس تطورها القتصادي والتكنولوجي
وفي مجال البحوث العلمية ،واقترحت
الدراسة إقامة المجمعات الصناعية بين
إسرائيل ودول الجوار العربي.
-2دراسة لمعهد "هورفينز للسلم"
نشرت عام 1972م تناولت الوضاع
القتصادية في إسرائيل والعالم العربي
في السبعينات ،وذكرت فرضيات لقوة
إسرائيل القتصادية المستقبلية.
-3دراسة أعدها معهد "فان لير" في
القدس عام 1978م بعنوان عندما "يأتي
75
السلم . .الحتمالت والمخاطر" شارك
في إعدادها مجموعة مختارة من
الباحثين والكتاب في إسرائيل من
أصحاب الخبرات في مجال الدراسات
الستراتيجية والسياسية والقتصادية
والثقافية والعلمية.
ثانيًا :الدراسات التخطيطية:
مع تزايد احتمالت السلم في
المنطقة وبخاصة منذ زيارة الرئيس
المصري الراحل أنور السادات انشغلت
مراكز البحاث السرائيلية في الوزارات
بإعداد عشرات الدراسات التخطيطية
حول علقة إسرائيل بالوطن العربي.
منها-:
-1دراسة أعدتها وزارة المالية وهي
تطوير لبحوث "افرايم ديبرت" المستشار
للوزارة التي كان أعدها سنة 1970م.
-2دراسة من بنك إسرائيل بتطوير
أبحاث "عيزر سيفر" التي أعدها من
قبل.
-3مشروعات ودراسات أعدتها وزارات
الصناعة والسياحة والتجارة والطاقة
والزراعة.
-4مشروعات الجامعات ومراكز البحاث
العلمية ومن أشهرها مشروع بحث
76
التعاون القتصادي في الشرق الوسط
الذي أعدته جامعة تل أبيب.
وأهمممم المشمممروعات المممتي نمممالت
أهمية خاصة-:
-1مشروع مركز الرصاد التكنولوجي
المتفرع عن دائرة القتصاد بجامعة تل
أبيب الذي بدأ العمل به في عام 1981م
وهو يتناول مجالت الطاقة والمواصلت
والصناعة والمياه بالشرق الوسط.
-2مشروع التعاون القتصادي في
الشرق الوسط الذي يعرف بـ "مشروع
مارشال الخاص بشمعون بيرز") .(1وقد
بدأت فكرة المشروع تظهر للوجود بعد
اتفاقية كامب ديفيد من قبل سياسيين
ورجال أعمال وأصحاب رؤوس أموال ،
وجرى تبادلها في عدد من الجتماعات
في أمريكا وفرنسا وإسرائيل).(2
أهداف العولمة السرائيلية-:
صلت إسرائيل وبرعاية أوربية لقد ف ّ
أمريكية خاصة مشروع الشرق أوسطي
- 1اقترح شمعون بيرز خلل زيارته للمارات المتحدة في أبريل
1986م اعتماد مشروع مارشال للشرف الوسط على غرار مشروع
مارشال لوربا الغربية بعد الحرب العالمية الثانية ،وفي سنة 1992م
طرح بيرز تصوراته حول الشرق الوسط أمام المعهد القومي
لدراسـات الشرق الوسط في القاهرة ثم نشر أفكاره سنة 1993م
في كتاب له بعنوان )الشرق الوسط الجديد( ،انظر لمشروع الشرق
أوسطي ،ص . 11 ، 8 ، 7
- 2انظر هذه الدراسات والمشروعات في كتاب "الستراتيجية
السرائيلية لتطبيع العلقات مع البلد العربية :محسن عوض ،مركز
دراسات الوحدة العربية ،بيروت ،الطبعة الولى 1988م ،ص 42-29
.
77
الجديد لخدمة الهداف السرائيلية
ولتحقيق الطماع اليهودية في المنطقة
حيث يحقق المشروع السرائيلي فرصة
الهيمنة على اقتصاديات دول الشرق
الوسط والتحكم في مواردها النفطية
والمالية والمائية ،وإلغاء فكرة التكامل
القتصادي العربي ،وغزو المنطقة ثقافيًا،
والقضاء على مقوماتهـا العقائديـة
والخلقية والجتماعية) .(1ويقوم هذا
المشروع على دعامتين اثنتين-:
الولى :النفتاح القتصادي الكامل على
العالم عامة وعلى دول منطقة الشرق
الوسط خاصة شاملة الدول العربية وغير
العربية وإسرائيل ضمن العولمة القائمة
على نظام سوق التجارة الدولية الحرة
والمتعددة الطراف.
الثاني :التعاون القليمي المتعدد
الطراف ،الذي يستند إلى النفتاح
الكامل بين دول المنطقة تجاريًا،
ويستهدف إسرائيليا ً وأمريكيا ً إقامة تجمع
إقليمي شرق أوسطي بديل من تجمع
إقليمي عربي ،تشغل فيه إسرائيل مركزا ً
متفوقا ً ومتميزا ً اقتصاديا ً وسياسيا ً
وعسكريًا ،وتقوم فيه بدور القوة
القليمية المهيمنة والعظمى).(2
-انظر المشروع الشرق أوسطي ،ص . 46 1
78
لقد نشر شمعون بيرز رئيس وزراء
إسرائيل السبق مخطط الشرق أوسطي
في كتابه الذي أصدره عام 1993م تحت
عنوان "الشرق الوسط الجديد" وأهم
أفكار بيرز هي-:
-1استخدام القتصاد في غزو دول
الشرق الوسط بدل الدبابة "الخبز مقابل
الدبابة" .وتقوم نظرية بيرس على
مقولة :إن القتصاد هو مفتاح السياسة،
وأن من يسيطر على مشاريع القتصاد
في بلد ما يستطيع في النهاية إملء
السياسة التي يراها مناسبة.
-2إن إسرائيل ستقوم بدور المركز
والقائد والقوة الساسية لتحويل النظام
القليمي الجديد إلى قوة عظمى على
غرار التحاد الوروبي وبالتعاون والتنسيق
معه.
-3التعاون السرائيلي العربي فالعرب
يملكون المال والنفط واليدي العاملة
وإسرائيل تملك العلم والعقل.
وهذا كله يحقق لسرائيل أن تصبح
القوة القتصادية الولى في المنطقة،
وبالتالي تحقق حلمها بأن تكون الدولة
العظمى اقتصاديا بدل إسرائيل الكبرى
جغرافيًا ،ولقد صرح بهذا الهدف شيمون
بيرز حرفـيا ً عندما قال) :إن إسرائيل
79
تواجه خيارا ً حادا ً أن تكون إسرائيل
الكبرى اعتمادا ً على عدد الفلسطينيين
الذين تحكمهم أو أن تكون إسرائيل
الكبرى اعتمادا ً على حجم السوق التي
تحت تصرفها( .ويعتبر بيرز أن الشرق
أوسط الجديد هو الذي يحل مشاكل
المنطقة ويقضي عليها ،يقول" :أنا أقول
أنه لن يكون هناك أي حل دائم إذا لم
يصبح هناك شرق أوسط جديد").(1
80
-4إقامة المشاريع القليمية المشتركة
في المجالين الصناعي والتجاري والطرق
البرية والموانئ البحرية والمطارات.
-5استثمار مزيد من الموال السرائيلية
في دول المنطقة من خلل إقامة
المصانع والمؤسسات القتصادية وشراء
العقارات وأسهم شركات القطاع الخاص
الناجحة ،ومن ذلك قيام مركز بيرس
للسلم بشراء أسهم في شركة
التصالت الفلسطينية وهي من كبرى
شركات القطاع الخاص الفلسطيني على
الطلق).(1
-6تغيير المناهج الثقافية في الدول
العربية لتحقيق الهداف التالية-:
أ -طمس روح العداء والكراهية تجاه
اليهود.
ب -مودة اليهود ومحبتهم وموالتهم.
ج -القرار بوجود اليهود وحقهم التاريخي
في أرض فلسطين والقبول بالساس
العقائدي الصهيوني لدولة إسرائيل.
-7إقامة اللقاءات الشبابية بين الشباب
اليهودي وغيرهم من الشباب العربي،
يقول نحميا ستراسلر )أحد أبرز المعلقين
القتصاديين اليهود( :إن أكثر من سبعين
في المائة من الموال التي يجمعها مركز
- 1انظر جريدة الرسالة -الفلسطينية -عدد 27 ، 162ربيع الول
1421هـ ،ص . 6
81
بيرس للسلم من الدول المانحة واليابان
) -استطاع بيرس أن يجمع ثلثمائة مليون
دولر من هذه الدول( -لصالح مشاريع
في الراضي الفلسطينية من أجل تعزيز
فرص السلم بين الشعبين اليهودي
والفلسطيني وإنعاش القتصاد
الفلسطيني تصرف على برامج اللقاءات
الشبابية وآليات التطبيع الثقافي
والسياسي والجتماعي ،ومن ذلك إقامة
المخيمات الصيفية في المنتجعات
الوربية والمريكية).(1
-8السماح بتدفق الفكار والدبيات
السرائيلية داخل العالم العربي ،وإيجاد
علقات إنسانية وطبيعية وتلقائية بين
اليهود وشعوب المنطقة.
-9عقد المؤتمرات القتصادية الدولية
في المنطقة العربية بمشاركة إسرائيل،
وكلها تروج لفكار إسرائيل في عولمة
الشرق الوسط اقتصاديا ً ومن ذلك-:
أ -القمة القتصادية الولى في المغرب
من 1/11/19 - 30/10/94م).(2
82
ب -القمة القتصادية الثانية في عمان
من 31/10/199 - 29/10/95م.
ج -القمة القتصادية الثالثة في القاهرة
من 14/11/1996 - 12/11/96م.
د -القمة القتصادية الرابعة في الدوحة
بقطر من 18/11/1997 - 16/11/97م.
وقد عرضت في هذه المؤتمرات
عشرات المشاريع القتصادية والصناعية
التي تصب في مصلحة إسرائيل بالدرجة
الولى.
-10استخدام المعونات المريكية بربطها
بتنمية اتجاهات موالية للسياسة المريكية
الداعمة للمشروع السرائيلي وتعزيز
أهدافها لدى الجهات المتلقية للمعونة.
-11إيجاد مجال للتواصل مع بعض
التيارات السياسية والفكرية ،وتجلى ذلك
في حركات السلم الفلسطينية
والمصرية ،الزيارات المتبادلة التي يقوم
بها رجال العلم والصحافة ،وإقامة
المعارض الفنية بالتبادل .وزيارة
البرلمانيين بالتبادل ،ومشاركة
المؤسسات العلمية والدبية والعلماء
اليهود في المؤتمرات العلمية وزيارتهم
للمؤسسات التربوية والكاديمية.
-12التحالف مع القليات الدينية
والعرقية في المنطقة ،كالعلقة المميزة
83
لسرائيل مع موارنة لبنان وكالتحالف
الوثيق مع النصارى في جنوب السودان
ومساعدتهم عسكريا ً في حربهم ضد
الحكومة السودانية.
-13محاربة الحركات والجماعات
السلمية المجاهدة وتجفيف منابع
ومصادر الصحوة السلمية التي تحمل
روح العداء لسرائيل عبر مشاريع عدة
منها-:
أ -إقامة علقات جوار ولقاءات متعددة
مع جامعة الزهر.
ب -إجراء حوار ديني وثقافي على
المستوى الشعبي ،عبر لقاءات مؤتمرات
لتباع الديان الثلثة.
ج -إقامة اللقاءات الثقافية والترويحية
بين الشباب ،لجراء عمليات غسيل دماغ
لصالح الوجود اليهودي وإثارة العداء ضد
أعدائها وتشويه الفكر السلمي الرافض
لوجود دولة لليهود في قلب العالم
السلمي.
د -التخويف المستمر من الجماعات
السلمية والتأكيد على دورها في عرقلة
السلم والتطبيع والتنمية القتصادية.
هـ -المواجهة المباشرة لهذه الحركات
بالقتل والعتقال والمطاردة والمحاكمات
الظالمة والقمع المنهجي المنظم
84
المستمر لبنائها ،وإسكات الصوت
السلمي في الجامعات والنقابات
والتحادات المهنية والطلبية.
و -تشويه الجهاد السلمي ،واعتباره
إرهابا ً وتخريبا ً وأعمال عنف ،والتقليل من
فاعليته في المواجهة.
ز -الستفادة من التعاون المني
المشترك لمحاصرة الجهاد السلمي
وتطويقه ومنعه).(1
85
والتشــكيك ،إنهــا تفقــد النســان المســلم
كيــانه وشخصــيته ،تفقــده عقلــه وقلبــه
وروحـــه ،وتفرغـــه مـــن أصـــول اليمـــان
والخلق الحميـــدة .إن ّـــه ليســـت هنالـــك
مـة علــى وجـه الرض ســتتأثر حضارة أو أ ّ
بالعولـــمة كمــا ســيتأثر بهــا المســلمون
والحضــارة الســلمية .ودراســة العولـــمة
بكل بأبعادها دراسة واعية متفحصة تثبــت
ول شك أن المسلمين جميعا ً هــم الهــدف
الهــم للعولـــمة المريكيــة الرأســمالية
الصهيونية.
يقول المفكر الفرنسي المسلم
رجاء جارودي عن هـذه العولمة المريكية
الصهيونية" :هــذه الوحــدة الــتي أسســها
الحكــام المريكــان ،واللــوبي الصــهيوني
"اليباك" -AIPAC-وساسة دولة إسرائيل،
تقوم اليوم -أكثر مــن أي وقــت مضــى -
علــى وحــدة الهــدف الــذي هــو محاربــة
السلم ،وآسيا اللذين يعدان أهم عقبــتين
فــي وجــه الهيمنــة العالميــة المريكيــة
والصهيونية" (1).ويقول باحث آخر" :ومن
المؤكد أن المستهدف بهذا الغزو الثقافي
هــم المســلمون .وذلــك لعــاملين-:أ – مــا
تملكه بلدهم من مواد أوليــة هائلــة يــأتي
على رأسها النفط والغاز وثروات طبيعيــة
-11العولـمة والمستقبل – استراتيجية تفكير – سيار الجميل– الهليــة
للنشر والتوزيع ،ط ،1عمان ،ص .22
86
أخرى .ب – ما ثبــت لهــم عــبر مراكزهــم
وبحــوثهم وجامعــاتهم ومستشــرقيهم إن
هذه المــة مستعصــية علــى الهزيمــة ،إذا
حافظت على هويتها السلمية ،ومــن ثــم
فــالطريق الوحيــد لخضــاعها يتمثــل فــي
القضاء على تفرد شخصيتها وإلغــاء دينهــا
الــذي يبعــث فيهــا الثــورة والرفــض لكــل
أشكال الحتلل والسيطرة(1).
إن المشروع السلمي العــالمي هــو
الذي نواجه به خطر العولمة .لنــه وحــده
الــــذي يملــــك مواصــــفات عقائديــــة،
وتشــريعية ،وثقافيــة ،وأخلقيــة ســليمة
وصــحيحة وقويــة ،ولنهــا وحــدها الــتي
تنسجم مــع الســنن الربانيــة فــي الكــون،
وتتفــق مــع الفطــرة الصــحيحة والعقــل
الصريح ،ويملك بالضافة إلى ذلك تجربــة
تاريخيــة غنيــة صــاغت حضــارة عالميــة
متميــزة،مــا زالــت آثارهــا ماثلــة فــي كــل
مكان.
والهم من ذلك أن هناك أمة عربية
إسلمية ما زالت قائمة موجودة-رغم كل
محاولت الفساد والتضليل،والتشرذم
والتقطيع،والتجهيل والفقار الذي مارسه
- 1العولـمة بين منظورين العولـمة بين منظورين ،د .محمد امخرون،
البيان ،السنة ،14العدد ،145رمضان ،1420كانون 1/1999م ،.ص
،127-126وأيضًا :العولـمة في العلم ،د .مالك بن إبراهيم بن أحمد،
البيان ،ذو الحجة /1420آذار 2000م ،العدد 114ص .114
87
العداء نحوها -يجمعها دين واحد ،وقبلة
واحدة ،وكتاب واحد ،ولغة واحدة،وتاريخ
واحد ،وعادات وتقاليد واحدة ،ولديها
إمكانات مادية واقتصادية هائلة .إن هذه
المة العربية السلمية التي تمتد على
مساحة واسعة من الرض في آسيا
وأفريقيا ذات النسيج الجتماعي
كل المتقارب والبنية الثقافية الواحدة ،تش ّ
زادا ً قّيما ً لمواجهة أخطار العولمة،وهو ما
يفتقده الخرون .وأوروبا خير مثال على
هذا ،فهي مؤلفة من أمم مختلفة ولغات
متعددة ،وشعوب متنافرة وتاريخ
متشابك ،ومع ذلك فهي تسعى إلى إيجاد
أوروبا واحدة .إن السلم دين يتميز
بالعالمية .والعالمية تعني:عالمية الهدف
والغاية والوسيلة.
ويرتكــز الخطــاب القرآنــي علــى تــوجيه
رسالة عالمية للناس جميعًــا،قــال تعــالى:
َ
ن( النبيــاء مي َ ة ل ِل َْعال َ ِ م ً ك إ ِّل َر ْ
ح َ سل َْنا َ ما أْر َ )وَ َ
كافّ ً
ة ك إ ِّل َ سل َْنا َ َ
ما أْر َ ،107وقال تعالى) :وَ َ
َ
سل ن أك ْث َـَر الن ّــا ِ ذيرا ً وَل َك ِ ّ شيرا ً وَن َ ِ س بَ ِِللّنا ِ
ن( ســـبأ ،28:ووصــف الخــالق عــز مــو َ ي َعْل َ ُ
وجــل نفســه بــأنه "رب العــالمين" ،وذكــر
الرسول صــلى اللــه عليــه وســلم مقترن ًــا
بالناس والبشر جميعا ً قال تعالى )ي َــا أ َي ّهَــا
نذي َ م َواّلـ ِ كـ ْخل ََق ُ ذي َ م اّلـ ِ دوا َرب ّك ُ ُ س اعْب ُ ُ الّنا ُ
88
ن( البقــرة،21: م ت َت ُّقــو َ كــ ْ م ل َعَل ّ ُ كــ ْ ن قَب ْل ِ ُ مــ ْ ِ
ســطا ً ل ِت َ ُ ُ
كوُنــوا ة وَ َ مــ ً مأ ّ جعَل َْنــاك ُ ْ ك َ كــذ َل ِ َ )وَ َ
ل ســو ُ ن الّر ُ كــو َ س وَي َ ُ ِ داَء عََلــى الّنــا شــهَ َ ُ
َ
شــِهيدًا( البقــرةَ) ،143:يــا أي َّهــا م َ عَل َي ْ ُ
كــ ْ
ن مـ ْ حق ّ ِ ل ب ِــال ْ َ ســو ُ م الّر ُ جــاَءك ُ ُ س قَ ـد ْ َ الن ّــا ُ
ن ن ت َك ُْفـُروا فَـإ ِ ّ م وَإ ِ ْ خي ْــرا ً ل َك ُـ ْ مُنوا َ م َفآ ِ َرب ّك ُ ْ
ت واْل َ
هن الل ّـ ُ ض وَك َــا َ ِ ر
ْ ماَوا ِ َ س َ ما ِفي ال ّ ل ِل ّهِ َ
ل ي َــا أ َي ّهَــا كيمًا( النســاء) ،170:قُ ـ ْ ح ِ عَِليما ً َ
ذي ميعا ً اّلــ ِ ج ِم َ ل الل ّهِ إ ِل َي ْك ُ ْ سو ُ س إ ِّني َر ُ الّنا ُ
َ
ه إ ِّل هُ ـ َ
و ض ل إ ِل َـ َ ت َوالْر ِ
ْ ماَوا ِ سـ َ ك ال ّ مل ْ ُ ه ُ لَ ُ
يســول ِهِ الن ِّبــ ّ مُنوا ِبالل ّهِ وََر ُ ت َفآ ِ مي ُ حِيي وَي ُ ِ يُ ْ
ُ
مــات ِهِ َوات ّب ِعُــوهُ ن ب ِــالل ّهِ وَك َل ِ َ م ُ ذي ي ُؤْ ِ ي ال ّ ِ م ّ اْل ّ
ن(العراف.158: دو َ م ت َهْت َ ُ ل َعَل ّك ُ ْ
إننا نــدعو إلــى احتفــاظ المســلمين
بهويتهم السلمية وشخصــيتهم المســتقلة
المتميــــزة حســــب القــــرآن والســــنة،
والمحافظــة علــى الفكــر الســلمي فــي
منابعه الصيلة ،وإعــادة تماســك الجماعــة
السلمية ،مع الفادة من خير مــا أنجزتــه
المدنية الغربية والعلم الغربــي ،مــع عــدم
الخذ من الثقافة نفسها إل ما كان منها ل
يتعـــارض مـــع هويـــة المـــة الســـلمية
وشخصيتها وثقافتها الصيلة.
ونرى أيضا ً ضرورة مواجهــة العولمـة
دياتها بشــجاعة وإيمــان ،ومعاملتهــا وتحــ ّ
كمادة خام يستفاد منهــا للخيــر أو للشــر،
وهــو موقــف الفحــص والتمحيــص والنقــد
89
والختيـــار ،فالمســـلم صـــاحب عقيـــدة،
ورســالة عالميــة ،وثقافــة أصــيلة ،ومنهــج
شـــامل فـــي الحيـــاة ،وعليـــه أن يحمـــل
رسالته الربانية للنــاس جميع ـًا ،وعليــه أن
يجمع بين حسنات ما عنــده وحســنات مــا
عند الخرين ،فالنافع والصالح يبحث عنــه
ويأخــذ بــه ،مــع المحافظــة علــى الصــول
السلمية ،مـع ضــرورة نقـد قـوي جريـء
للعولمـــة واتجاهاتهـــا وثقافتهـــا الماديـــة،
ومواجهتها وجها ً لوجه.
90
ومن هنا تظهر الختلفات جلية بيــن
مفهوم عالمية السلم ومفهوم "العولمة"
فبينمــا تقــوم الولــى علــى رد العالميــة
لعالمية الجنس البشري والقيم المطلقة،
وتحـــترم خصوصـــيته وتفـــرد الشـــعوب
والثقافات المحليــة ،ترتكــز الثانيــة :علــى
عملية "نفي" أو"استبعاد" لثقافات المــم
والشعوب ومحاولــة فــرض ثقافــة واحــدة
لدول تمتلك القــوة الماديــة وتهــدف عــبر
العولمة لتحقيق مكاسب السوق ل منــافع
البشر.
ن أبناء هذا العالم بمختلــف قبــائله إ ّ
وشــعوبه ولغــاته ومللــه ونحلــه يعيشــون
على هذه الرض ،ولذا فل بد أن يتفــاهموا
فيما بينهم ،تمهيــدا ً للتعــاون الــدائم علــى
خير الجميع ،ول مانع من أن يأخذ بعضــهم
مــن بعــض .ول يجــوز أن يفــرض بعضــهم
علــى بعــض وبــالكراه لغتــه أو دينــه أو
مبــادئه أو مــوازينه .فــالختلف فــي هــذا
الطار طبيعي جدا ً والتعاون ضروري أبدًا،
لمنــع الصــدام والحــروب والعــدوان.وهــذا
تاريــخ البشــرية عامــة وتاريــخ الســلم
خاصـــة ،لـــم يـــرد فيـــه دليـــل علـــى أن
دا
المسلمين رسموا للبشرية طريًقــا واح ـ ً
داما واح ـ ً
دا ونظا ً
ما واح ً
ووجهة واحدة وحك ً
دا بقيــادة واحــدة بالجبــار مــا واحــ ًوعال ً
91
والكــراه.بــل اعــترفوا كمــا ذكرنــا بواقــع
الديــان واللغــات والقوميــات ،عاملوهــا
معاملــة كريمــة ،بل خــداع ول ســفه ول
طعــن مــن الخلــف ،ولــذلك عــاش فــي
المجتمــع الســلمي اليهــودي والنصــراني
والصابئ والمجوسي ،وسائر أهل الديــان
بأمان واطمئنان ،وأمــا المــم الــتي كــانت
تعيش خارج العالم السلمي ،فقد عقدت
الدولة السلمية معها مواثيق ومعاهــدات
فــي قضــايا الحيــاة المتنوعــة .والتــوجيه
الساس فــي بنــاء العلقــات الدوليــة فــي
س إ ِن ّــا
السلم قــوله تعــالى} يــا أيهــا الن ّــا ُ
ُ
ش ـُعوًبا م ُ جعَل ْن َــاك ُ ْ
ن ذ َك َرٍ وَأنَثى وَ َ م ْ م ِ خل َْقَناك ُ َْ
َ
عْنــد َ الّلــ ِ
ه م ِ كــ ْ م ُن أك َْر َل ل ِت ََعــاَرُفوا إ ِ ّوَقََبــائ ِ َ
َ
م{ الحجرات13: أت َْقاك ُ ْ
ويمكــن للعــالم الســلمي أن يــواجه
خطــر العولمــة مــن خلل حملــة إســلمية
شــاملة متكاملــة ،عــبر مخطــط حضــاري
معاصـــر،تشـــترك فيهـــا جميـــع الـــدول
السلمية،ومؤسساتها الرسمية،والشــعبية
والجمعيات والحزاب جميعًا .لن مواجهــة
العولـــمة مــن الخطــورة بحيــث يجــب أن
نتعامل معها من مراكز قويــة تــدلل علــى
وحــدة المــة ،وقوتهــا وتكاملهــا وأهــدافها
النبيلة ،لخيرها وخير البشرية جميًعا.
92
ويمكممن للمسمملمين مواجهممة خطممر
العولمة بتحقيق ما يلي-:
* التمســك بالشــريعة الســلمية الــتي
ارتضــاها اللــه تعــالى لنــا،فوفقهــا ننظــم
حياتنــا ،ونربــي أجيالنــا ،ونتبصــر بحقــائق
الحياة .إن مجرد كوننا مسلمين جغرافيين
ل يكفى لنجاز وعد اللــه لنــا بالنصــر فــي
ن الله ســبحانه مواجهة أخطار العولمة ،ل ّ
مص ـْرك ُ ْ
ه َين ُص ـُروا الل ّـ َ
ن َتن ُ
وتعالى يقول) :إ ِ ْ
َ
م( محمــد ،7:فهــل نحــن مك ُ ْ ت أْقــ َ
دا َ وَي ُث َّبــ ْ
نصرنا الله تعالى فيما أمر به ونهى عنــه؟
وتبني المنهج الشمولي في فهـم السـلم
الـــذي يجمـــع بيـــن العقيـــدة والشـــريعة
والسلوك والحركة والبناء الحضاري ،وفق
منهــج واع ،أصــولي ســليم ،يعتمــد فقــط
علــى العلــم والعقــل.وهــذا يتطلــب تغييــر
ن الل ّ َ
ه حياتنا منطلقين من قوله تعالى ( :إ ِ ّ
مـــا حّتـــى ي ُغَّيـــُروا َ مـــا ب َِقـــوْم ٍ َل َ ي ُغَّيـــُر َ
م) الرعد(1).11: َ
سه ِ ْب ِأنُف ِ
* تغيير طبيعة النظــام السياســي الســائد
فـي العـالم السـلم ،مـن السـتبداد إلـى
الشورى ،ومن مصادرة الرأي إلى الحرية
فــي الــرأي والمعارضــة ،ومــن مصــالح
الفراد والسر الحاكمة إلى مصالح المة،
93
من حيــث هــي كــل ل يتجــزأ ،ومــن حكــم
الحكام إلى حكم المؤسسات الدستورية.
* تحقيــق الوحــدة الشــاملة فــي العــالم
مـة الــتي
العربي والســلمي.أي وحــدة ال ّ
تتحقــــق بوحــــدة العقــــول ،والقلــــوب
والعواطف اليمانية ،والمصالح والهداف،
والتضـــامن الكامـــل فـــي إطـــار جامعـــة
إســلمية واحــدة أو فــي إطــار المــؤتمر
السلمي الحالي ،والذي تتولــد منــه قــوة
سياســة ومعنويــة واحــدة ،علــى أســاس
وحدة المة الواحدة ،والمصير المشترك.
* وفي المجال القتصادي يمكــن للعــالم
السلمي أن يواجه خطر العولمة بتحقيق
الســـوق الســـلمية المشـــتركة.وتقويـــة
المؤسسات العربية المنبثقة عن الجامعـة
العربيــة،ومــؤتمر القمــة الســلمي ،لنــه
يمتلك مخزونا ً جبــارا ً مــن رؤوس المــوال
ومن الثروات الحيوية والمعدنية بالضــافة
إلــى التلحــم الجغرافــي ،والتكامــل فــي
الموارد ،ولهذا لو قامت تجارة فعلية بيــن
العــالم الســلمي لمكننــا الســتغناء عــن
العـــالم الخـــارجي -علـــى القـــل -فـــي
الحتياجـــات الســـتراتيجية ،هـــذا علـــى
المستوى الخــارجي .أمــا علــى المســتوى
الداخلي لكل دولة فيمكن أن تواجه خطر
العولمة بزيادة التكافــل الجتمــاعي الــذي
94
ترعاه الدولة ،وزيادة الرعاية الجتماعيــة،
والتأمينــات الجتماعيــة ،وتقويــة المجتمــع
المــدني،وتعزيــز المشــاعر والحاســيس
الدينيــــة.وتقويــــة الجــــوانب الفكريــــة
والقتصــادية والفنيــة والجتماعيــة وفــق
الثوابت الدينية)العقائدية والتشريعية((1).
* وفي المجال القتصادي أيضا ل بد مــن
وجــود التكافــل الجتمــاعي فــي المجتمــع
الســلمي ،لنــه هــو الــذي ينتهــي إلــى
التــوازن.و لبـد ّ مــن تكــافؤ الفــرص أمــام
الجميــــع وعــــدم تعطيــــل الطاقــــات
النسانية..وتغليب التجــاه الجمــاعي فــي
القتصـــاد الســـلمي لتغليـــب مصـــالح
الكثرية الكادحة.والتأكيد على حرمـة كنـز
الموال وحبس الــثروات ،وتوظيفهــا لداء
ن الدولــة لهــا
وظيفتهــا الجتماعيــة.كمــا أ ّ
الحق في التدخل في الحيــاة القتصــادية،
كلمــا رأت الضــرورة فــي تحقيــق مصــالح
ن العمــل هــو المعيــار العبــاد .واعتبــار أ ّ
الساسي ،وهو نابع من فكرة الستخلف،
ويلـــتزم المجتمـــع بإيجـــاد عمـــل لكـــل
قــادر.ولبــد مــن المحافظــة علــى رأس
المــال وإنمــائه ،وعــدم إضــاعته .يقــول
القتصادي الفرنسي جاك أوستروي" :إن
طريق النمــاء القتصـادي ليــس مقصــوًرا
95
علــى المــذهبين المعروفيــن ،الرأســمالي
والشتراكي ،بل هنالــك مــذهب اقتصــادي
ثــالث راجــح ،هــو المــذهب القتصــادي
الســـلمي ،ويقـــول" :إن هـــذا المـــذهب
سيســود عــالم المســتقبل؛ لنــه أســلوب
(1).
كامل للحياة "
يقول أستاذ القتصاد الســلمي فــي
الجامعات المصرية الــدكتور عبــد الحميــد
الغزالي" :بعد ســقوط الشــتراكية وتبنــي
جوربا تشوف-الرئيس السوفيتي السابق-
البيريســترويكا ،الــتي أراد مــن خللهــا أن
يبحث عــن طريــق غيــر الرأســمالية ،لنــه
أعلــم بمشــاكلها -أرســل وفــدا ً ليــدرس
النظام السلمي للستفادة منه ،وشكلت
لجان في مركز القتصاد السـلمي التـابع
لجامعة الزهر من المتخصصين ،وعكفــت
هذه اللجان على صــياغة برنامــج متكامــل
للنظـــام الســـلمي فـــي شـــكل بنـــود
وفقــرات ،قــدمنا فيــه نظامــا ً اقتصــاديا ً
تشــغيليًا ،يبــدأ بفلســفة النظــام والعمــل
والجـــور ،ونظـــام الملكيـــة المتعـــددة،
والســـــتهلك والســـــتثمار ،والدخـــــار،
والشــركات ،وصــيغ الســتثمار،والسياســة
النقديــة ،والسياســة الماليـة ....إلــى آخـر
96
مكونـــــــات النظـــــــام القتصـــــــادي
دمنا هـــذا النظـــامالفاعـــل.وعنـــدما قـــ ّ
للوفد،تساءل رئيسه الــوزير "بافلوف":
"لديكم مثل هذا النظام ،وأنتم على هــذه
المسألة من التخلــف؟ " .وأســندت أمانــة
دي " :لننــاي ،فكــان ر ّ المــؤتمر الــرد ّ إلــ ّ
1
بعيدون تماما ً عن هذا النظام".
* الســتفادة مــن رصــيد المــة العربيــة
السلمية في ولوج عصر العولمــة ،وهــذا
يقتضــي أن تســعى الشــعوب المســلمة،
وقياداتهــا العلميــة والدعويــة إلــى ترجمــة
حقيقة المة المسلمة الواحدة على أرض
الواقع ،وذلك بتحصين الثــوابت العقائديــة
التي قامت عليها هذه المة.
-الجتهاد في تلفي المراض والسلبيات،
والبناء علــى اليجابيــات.ل شــك أن هنــاك
بعــض المــراض والســلبيات الــتي تعــاني
منهــا هــذه المــة ،لــذلك فــالمطلوب مــن
مفكريها وعلمائها وقادتها معرفة ودراســة
أمراضــها،وحصــر ســلبياتها،ووضــع الــدواء
الشافي لعلجها ومعافاتها.
* دراسة الســنن الكونيــة دراســة علميــة
موضوعية وتسخير هذه السنن في الكون
والحياة -للدخول إلــى العصــر الحضــاري
الســلمي الجديــد-وفــق الفهــم الصــحيح
97
لكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله
عليه وسلم .والستفادة منها فــي تســخير
إمكانــــات العــــالم الســــلمي الماديــــة
والمعنوية ،وثرواته المتنوعة الهائلــة ،كــي
نحدث تنمية حضــارية واجتماعيــة شــاملة،
تحفظ علينا شخصيتنا المعنويــة المتميــزة
وكياننا المادي المستقل.
*محاربة مظاهر البدع والخرافات،
والتبعية ،والتواكلية ،التي أخرت تقدم
مة ونهضتها عبر العصور الخيرة. ال ّ
* الــرد علــى الغــزو الثقــافي للعولمــة
المريكيــة الصــهيونية مــن خلل الفكــر
الســلمي ووفــق منهــج علمــي ســليم،
بجميـع الوسـائل الــتي يعتمـد عليهــا ،مـن
خلل كافــة الجــوانب الفكريــة والفنيــة
والدبية التي يعرضونها من خلل أفكارهم
المناقضة للسلم).(1ونقترح إيجــاد أكــثر
من قناة فضائية تبث برامجها المخصصــة
لمواجهــة تيــار العولمــة ،بمختلــف لغــات
المسلمين.
* الهتمـــام بتربيـــة الســـرة المســـلمة
وتثقيـــف أفرادهـــا وتـــوجيههم مـــن خلل
أجهـــزة الدولـــة المختلفـــة.ومـــن خلل
الوسائل التي تشترك جميعًــا فــي تكــوين
أجيال تشعر بانتمائها السلمي وانتســابها
-21المصدر السابق.
98
الحضاري للمــة العربيــة والســلمية.إّنهــا
التربية السلمية التي تهدف إلى صــياغة
الفــرد صــياغة إســلمية حضــارية ،وإعــداد
دا كامل ً مــن حيــث العقيــدةشخصيته إعدا ً
والذوق والفكر والمادة ،حتى تتكون المة
الواحــدة المتحضــرة الــتي ل تبقــى فيهــا
ثغــرة تتســلل منهــا إغــراءات العولمــة
اللدينية الجنسية الباحية(1).
* ترشيد وتوجيه الصحوة السلمية -
التي جاءت تعبيرا ً عن العودة إلى
السلم ،ورفض التغريب – والستفادة
منها في مواجهة أخطار العولمة .وتهيئة
صفوف المة للبناء،والتعمير ،والجهاد،
والحركة ،والتغيير.
* إعادة النظر في مشــكلتنا الجتماعيــة
فــي ضــوء أحكــام الشــريعة الســلمية
العامة ومقاصــدها وغاياتهــا الحكيمــة فــي
الحيــاة لتحديــد أول ً مســؤولية الســرة,
والمدرســة والجامعــة ومعاهــد التعليــم،
ومؤسسات المجتمع المــدني فــي القيــام
بواجباتها في هذا الجانب.
* إقامـــة المجتمعـــات الســـلمية علـــى
القاعـــدة اليمانيـــة الـــتي تجمـــع بيـــن
99
المســـلمين جميعـــا ً دون اللتفـــات إلـــى
اختلف اللغة أو اللون أو العرق.ومعاملــة
أهل الديان جميعًــا وفــق قاعــدة لهــم مــا
للمسلمين وعليهم ما على المسلمين-أي
تحقيق العدالة المطلقة للجميــع -إل ّ فيمــا
يخــص القضــايا التشــريعية الخاصــة بكــل
أهل دين،فالبشر جميعـا ً كرامتهــم مصــانة
في إطار المجتمع النساني.
فهرست الموضوعات
المقدمة3........................................................:
تعريف العولمة5..............................................-:
100
ومن هذه التعريفات8.........................................:
ن العولمة تتكون من العناصر ما سبق يتضح لنا أ ّ م ّ
الرئيسية التالية 18...........................................-:
أهدافها وآثارها21............................................-:
والهداف الحقيقية للعولمة يمكن تلخيصها فيما يلي. -:
23
أو ً
ل :الهداف والثار القتصادية23.........................:
وترتب على هذا الهدف ما يلي27.........................-:
ثانيًا :الهداف والثار السياسية33........................-:
ثالثًا :الهداف والثار الثقافية37...........................:
ومن آثار العولمة في الهوية الثقافية40.................-:
رابعًا :الهداف والثار الدينية43............................:
خامسًا :الهداف والثار الجتماعية والخلقية48.........:
بعض النتائج الخطيرة التي بدأت تظهر في العالم أجمع
بفعل العولمة56..............................................-:
وسائل العولمة59............................................-:
من وراء العولمة؟؟65........................................
إسرائيل والعولمة72.........................................-:
ل :الدراسات المستقبلية74...............................: أو ً
ثانيًا :الدراسات التخطيطية76..............................:
وأهم المشروعات التي نالت أهمية خاصة77............-:
أهداف العولمة السرائيلية77..............................-:
وسائل العولمة السرائيلية80..............................-:
المسلمون ومواجهة أخطار العولمة المريكية
واليهودية85....................................................:
101