You are on page 1of 25

‫ثناء ابن تيمية رحمه ال‬

‫على أمير المؤمنين علي بن أبي‬


‫طالب رضي ال عنه‬
‫وأهل البيت رحمهم ال‬

‫جمع وترتيب‬
‫أبي خليفة علي بن محمد الُقضيبي‬
‫‪1424‬هـ ‪2003 -‬م‬

‫تقديم الشيخ‬
‫سليمان بن صالح الخراشي‬

‫شبكة الدفاع عن السنة‬


‫‪www.d-sunnah.net‬‬
‫ثناء ابن تيمية رحمه ال‬
‫على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي ال عنه‬
‫وأهل البيت رحمهم ال‬

‫جمع وترتيب‬
‫أبي خليفة علي بن محمد الُقضيبي‬
‫‪1424‬هـ ‪2003 -‬م‬

‫تقديم الشيخ‬
‫سليمان بن صالح الخراشي‬
‫مؤلف هذا الكتاب كان على المذهب الشيعي ثم هداه ال إلى الحق‬
‫من أقوال ابن تيمية رحمه ال في الحسين رضي ال عنه‬

‫) والحسين رضي ال عنه قتل مظلومًا شهيداً ‪ ،‬وقتلته ظالمون معتدون (‬


‫مقتل الحسين وحكم قاتله – ص ‪. 77‬‬

‫) وأما من قتل الحسين ( أو أعان على قتله ‪ ،‬أو رضي بذلك فعليه لعنة ال‬
‫والملئكة والناس أجمعين ‪ ،‬ل يقبل ال منه صرفًا ول عدلً ( مجموع‬
‫الفتاوى ‪. 488 – 487 / 4‬‬
‫بسم ال الرحمن الرحيم‬
‫تقديم‬
‫الحمد ل والصلة والسلم على من لنبي بعده وعلى آله وصحبه وسلم ‪...‬‬

‫أما بعد‬
‫فقد اطلعت على رسالة ) ثناء ابن تيمية رحمه ال على أمير المؤمنين‬
‫علي بن أبي طالب وأهل البيت رضي ال عنهم أجمعين ( للخ الكريم ‪/‬‬
‫علي بن محمد القضيبي ثبتنا ال وإياه على الحق ‪ ،‬فوجدتها وافية بالمقصود‬
‫في توضيح موقف شيخ السلم من علي وآل البيت رضي ال عنهم ‪ ،‬وهو‬
‫موقف الحب والحترام والتقدير والتبجل والترضي ‪ ،‬وإنزالهم المنزلة التي‬
‫أنزلهم ال إياها ‪.‬‬
‫دون جفاء وتقصير كما يفعل النواصب ‪ ،‬ول غلو ومجاوزة للحد كما يفعل‬
‫الشيعة ومن وافقهم من أهل البدع ‪ ،‬وقد آجاد الخ علي في نقل كلم الشيخ‬
‫من عقيدته الشهيرة ) الواسطية ( وكذلك من النقولت الواردة في رسالتي )‬
‫شيخ السلم لم يكن ناصبيًا ( المطبوعة عام ‪1419‬هـ ‪ ،‬وأغلبها مأخوذه من‬
‫) منهاج السنة ( ‪.‬‬
‫أسأل ال أن يكتب الجر للخ علي في دفاعه عن أحد أعلم المسلمين ‪،‬‬
‫وأن ينصر برسالته هذه شباب الشيعة ‪ ،‬لكي ل يكونوا مقلدين لمن يريد‬
‫إضللهم عن الحق والصراط المستقيم ‪ ،‬وال الهادي ‪.‬‬

‫كتبه ‪:‬‬
‫سليمان بن صالح الخراشي‬
‫في ‪1424 / 7 / 5‬هـ الرياض‬
‫بسم ال الرحمن الرحيم‬

‫مقدمة‬

‫الحمد ل والصلة والسلم على من ل نبي بعده وعلى آله وصحبه وسلم ‪...‬‬

‫وبعد ‪.....‬‬
‫لقد تعالت صيحات الباطل والدعاوى المنكرة للتشكيك في الحق وأهله‪ ،‬ظنًا‬
‫منهم أنهم يطفئون نور ال بأفواههم‪ ،‬ويأبى ال إل أن ُيتم نوره ولو كره‬
‫المشركون‪.‬‬
‫فإن هذا الدين قد حمله من كل سلف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين‬
‫وانتحال المبطلين‪ ،‬فهم رحمة ال للناس‪ ،‬يبصرونهم ويرشدونهم‪ ،‬ويجددون‬
‫أمر هذا الدين‪.‬‬
‫وعلى رأس هؤلء المصلحين شيخ السلم ابن تيمية رحمه ال‪ ،‬فقد كان‬
‫إمامًا متفردًا وبحرًا زاخرًا‪ ،‬شهد له القريب والبعيد‪ ،‬وتناقلت الصحف‬
‫والكتب علومه وفهومه ومعارفه‪.‬‬
‫فقد كان شيخ السلم على طريقة العتدال يسير على طريق السلف الصالح‬
‫في المعتقد‪ ،‬يدافع عنه‪ ،‬ويبين مزالق من حاد عنه مع تعظيمه للشريعة‬
‫والسنة وآل البيت عليهم السلم‪.‬‬
‫فقد كثرت أقواله في بيان محامدهم وبلوغهم في العلم والمعرفة ‪ ،‬وتنوعت‬
‫مقالته في الدفاع عنهم ورفع منزلتهم‪.‬‬
‫فأحببت من خلل هذا الجمع أن أقدم بعضًا من أقواله في ذلك لعلها تبين‬
‫الحقيقة التي يحاول أن يضلل عنها أهل البدع والضلل‪.‬‬
‫ل لرد المفتريات‪ ،‬ولكن هذا جهد المقل‬‫وان كان المر يتطلب بيانًا كام ً‬
‫وكشيعي سابق ومن أهل السنة والجماعة حاليا ول الحمد كنت أظن في‬
‫الجاهلية أن أهل السنة يكنون العداوة لل البيت عليهم السلم‪ ،‬فتبين لي أن‬
‫أهل السنة أشد ما يكونون إعظاما وإكبارا واستفادة من آل البيت رضي ال‬
‫عنهم‬

‫فنسأل ال لنا ولكم التوفيق‪.‬‬

‫كتبها العبد الفقير إلى ال‬


‫أبو خليفة علي بن محمد القضيبي‬
‫ذم شيخ السلم ابن تيمية للنواصب‬

‫مما يدفع هذه الفرية عن شيخ السلم ابن تيمية أنه كان شديد الذم للنواصب‬
‫بطوائفهم‪ ،‬والخوارج الذين اتخذوا بغض علي _ رضي ال عنه _ دينًا‬
‫يدينون ال به‪ ،‬وتجرأ بعضهم على تكفيره‪ ،‬أو تفسيقه‪ ،‬أو سبه وشتمه‪،‬‬
‫والعياذ بال ‪.‬‬

‫وكان ‪ -‬رحمه ال – يكثر من ذم هؤلء في كتابه ) منهاج السنة النبوية (‬


‫فلو كان ناصبيًا كما يزعم أعداؤه لثنى عليهم‪ ،‬أو دافع عن مواقفهم‪،‬‬
‫والتمس العذر لهم‪.‬‬

‫وأما أهل السنة فيتولون جميع المؤمنين‪ ،‬ويتكلمون بعلم وعدل‪ ،‬ليسوا من‬
‫أهل الجهل ول من أهل الهواء‪ ،‬ويتبرؤن من طريقة الروافض والنواصب‬
‫جميعًا‪ ،‬ويتولون السابقين الولين كلهم‪ ،‬ويعرفون قدر الصحابة وفضلهم‬
‫ومناقبهم‪ ،‬ويرعون حقوق أهل البيت عليهم السلم التي شرعها ال‬
‫لهم ‪(1).( ......‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫)‪ ( 1‬منهاج السنة النبوية ‪ ، ( 71 / 2 ) :‬راجع كتاب ) شيخ السلم لم يكن ناصبيًا (‬
‫لسليمان الخراشي ) ص ‪( 69‬‬
‫أقوال شيخ السلم ابن تيمية في فضل علي – رضي ال عنه‬

‫لشيخ السلم – رحمه ال – مواضع عديدة يمدح فيها عليًا رضي ال عنه‪،‬‬
‫ويثني عليه‪ ،‬وينزله في المنزلة الرابعة بعد أبي بكر وعمر وعثمان –‬
‫رضي ال عنهم – كما هو منهج أهل السنة والجماعة‪ ،‬وهي واضحة‬
‫صريحة تلوح لكل قارئ لكتب الشيخ‪ ،‬فل أدري كيف زاغت عنها أبصار‬
‫أهل البدعة والشائنين لشيخ السلم؟‬
‫وقد أحببت جمع بعضها في هذا المبحث ليقرأها كل منصف وطالب للحق‬
‫من أولئك النفر‪ ،‬ولكي تقّر بها أعين أهل السنة‪ ،‬فل يحوك في صدر أحدهم‬
‫طلعون على تلك التهامات‬ ‫وسواس أهل البدع تجاه شيخ السلم‪ ،‬عندما ي ّ‬
‫الظالمة‪.‬‬
‫ت من النقل من كتاب ) منهاج السنة ( لنه عمدة الطاعنين‬ ‫وقد أكثر ُ‬
‫والمتهمين للشيخ بأن فيه عبارات توخي بانحرافه عن علي – رضي ال‬
‫عنه – أو توهم تنقصه له‪ ،‬فوددت أن أبين لهؤلء أنهم قوٌم لم يفقهوا مقاصد‬
‫سخط وعين العداوة في الدين ومثل‬ ‫الشيخ من عباراته لنهم ينظرون بعين ال ُ‬
‫هذه العين ل ُيفلح صاحبها‪.‬‬
‫وأبدأ هذه المواضيع بذكر مجمل عقيدته – رحمه ال – في الصحابة نق ً‬
‫ل‬
‫عن ) العقيدة الواسطية ( وهي عقيدته الشهيرة التي كتبها بيده ونافح عنها‬
‫في حياته أمام أهل البدع‪.‬‬
‫قال رحمه ال‪] :‬ومن أصول أهل السنة والجماعة‪ :‬سلمة قلوبهم وألسنتهم‬
‫لصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم كما وصفهم ال في قوله تعالى‪:‬‬
‫)والذين جاءو من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولخواننا الذين سبقونا‬
‫باليمان ول تجعل في قلوبنا غل للذين ءامنوا ربنا انك رءوف رحيم(‬
‫الحشر )‪.(10‬‬
‫وطاعة النبي صلى ال عليه وسلم في قوله‪ ) :‬ل تسبوا أصحابي‪ ،‬فوالذي‬
‫نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ول نصيفه (‪.‬‬
‫ويقبلون ما جاء به الكتاب والسنة والجماع من فضائلهم ومراتبهم‪،‬‬
‫ويفضلون من أنفق من قبل الفتح وقاتل – وهو صلح الحديبية – على من‬
‫أنفق من بعده وقاتل‪ ،‬ويقدمون المهاجرين على النصار‪ ،‬ويؤمنون بأن ال‬
‫قال لهل بدر – وكانوا ثلثمائة وبضعة عشر ‪ ) :-‬اعملوا ما شئتم فقد‬
‫غفرت لكم ( وبأنه ل يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة كما أخبر به النبي‬
‫صلى ال عليه وسلم‪ ،‬بل قد رضي ال عنهم ورضوا عنه‪ ،‬وكانوا أكثر من‬
‫ألف وأربعمائة ‪.-‬ويشهدون بالجنة لمن شهد له رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم كالعشرة‪ ،‬وثابت بن قيس بن شماس وغيرهم من الصحابة‪.‬‬

‫ويقرون بما تواتر به النقل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي ال‬
‫عنه وغيره‪ ،‬من أن خير هذه المة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر‪ ،‬ويثلثون‬
‫بعثمان ويربعون بعلي رضي ال عنهم‪ ،‬كما دلت عليه الثار‪ ،‬وكما أجمع‬
‫على تقديم عثمان في البيعة‪ ،‬مع أن بعض أهل السنة كانوا قد اختلفوا في‬
‫عثمان وعلي – رضي ال عنهما – بعد اتفاقهم على تقديم أبي بكر وعمر‬
‫‪-‬رضي ال عنهما ‪ -‬أيهما أفضل‪ ،‬فقدم قوم عثمان وسكتوا‪ ،‬و ربعوا بعلي‪،‬‬
‫وقدم قوم عليًا‪ ،‬وتوقفوا‪ ،‬لكن استقر أمر أهل السنة على تقديم عثمان ثم‬
‫علي‪.‬‬
‫وإن كانت هذه المسألة – مسألة عثمان وعلي – ليست من الصول التي‬
‫يضلل المخالف فيها عند جمهور أهل السنة‪ ،‬لكن التي يضلل فيها مسألة‬
‫الخلفة‪ ،‬وذلك أنهم يؤمنون أن الخليفة بعد رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي‪ ،‬ومن طعن في خلفة أحد هؤلء فهو‬
‫أضل من حمار أهله [‪(1).‬‬

‫وأما المواضع التي ُذكر فيها شيخ السلم فضل علي – رضي ال عنه ‪-‬‬
‫ودافع عنه‪:‬‬
‫فمن ذلك قوله – رحمه ال ‪:-‬‬

‫ي ووليته ل وعلو منزلته عند ال معلوم ‪،‬‬


‫] فضل عل ّ‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫)‪ ( 1‬العقيدة الواسطية ص )‪ (53 – 50‬طبعة المكتب السلمي ط ‪ 4‬عام ‪ 1405‬هـ‬


‫ول الحمد‪ ،‬من طرق ثابتة أفادتنا العلم اليقيني‪ ،‬ل يحتاج معها إلى كذب ول‬
‫إلى ما ل ُيعلم صدقه [‪(1).‬‬

‫ومن ذلك قوله رحمه ال ‪:‬‬

‫ي في حياة‬
‫ي وغيره مولى كل مؤمن ‪ ،‬فهو وصف ثابت لعل ّ‬ ‫] وأما كون عل ّ‬
‫ي‪ ،‬فعلي اليوم مولى‬
‫النبي صلى ال عليه وسلم وبعد مماته‪ ،‬وبعد ممات عل ّ‬
‫كل مؤمن ‪ ،‬وليس اليوم متوليًا على الناس‪ ،‬وكذلك سائر المؤمنين بعضهم‬
‫أولياء بعض أحياًء وأمواتًا [‪(2).‬‬

‫ومن ذلك قوله رحمه ال ‪:‬‬

‫] وأما علي رضي ال عنه فل ريب أنه ممن يحب ال ويحبه ال [‪(3).‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫) ‪ ( 1‬مـنهـاج الـسنــة ‪. ( 165 / 8 ) :‬‬


‫) ‪ ( 2‬المصدر السابق ‪. ( 325 / 7 ) :‬‬
‫) ‪ ( 3‬المصدر السابق ‪. ( 218 / 7 ) :‬‬
‫ومن ذلك قوله رحمه ال ـ ‪:‬‬

‫]ل ريب أن موالة علي واجبة على كل مؤمن‪ ،‬كما يجب على كل مؤمن‬
‫موالة أمثاله من المؤمنين [‪(1) .‬‬

‫ومن ذلك قوله ـ رحمه ال ـ ‪:‬‬

‫وكتب أهل السنة من جميع الطوائف مملوءة بذكر فضائله ومناقبه‪ ،‬وبذم‬
‫الذين يظلمونه من جميع الفرق‪ ،‬وهم ينكرون على من سّبه‪ ،‬وكارهون‬
‫ب والتلعن بين العسكرين‪ ،‬من جنس ما جرى‬ ‫لذلك‪ ،‬وما جرى من التسا ّ‬
‫من القتال‪ ،‬وأهل السنة من أشد الناس بغضًا وكراهة لن ُيتعرض له بقتال‬
‫أو سب ‪.‬‬

‫ل قدرًا‪ ،‬وأحق بالمامة‪ ،‬وأفضل عند ال‬


‫بل هم كلهم متفقون على أنه أج ّ‬
‫وعند رسوله وعند المؤمنين‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫) ‪ ( 1‬المصدر السابق ‪. ( 27 / 7 ) :‬‬


‫ي أفضل من الذين اسلموا‬ ‫من معاوية وأبيه وأخيه الذي كان خيرًا منه‪ ،‬وعل ّ‬
‫عام الفتح وفي هؤلء خلق كثير افضل من معاوية أهل الشجرة افضل من‬
‫ي أفضل جمهور الذين بايعوا تحت الشجرة‪ ،‬بل هو‬ ‫هؤلء كلهم ‪ ،‬وعل ّ‬
‫أفضل منهم كلهم إل ثلثة‪ ،‬فليس في أهل السنة من يقدم عليه أحدًا غير‬
‫الثلثة‪ ،‬بل يفضلونه على جمهور أهل بدر وأهل بيعة الرضوان‪ ،‬وعلى‬
‫السابقين الّولين من المهاجرين والنصار [‪(1).‬‬

‫ويقول – رحمه ال – مبينًا شجاعة علي – رضي ال عنه ‪: -‬‬

‫]ل ريب أن عليًا رضي ال عنه كان من شجعان الصحابة‪ ،‬وممن نصر ال‬
‫السلم بجهاده‪ ،‬ومن كبار السابقين الّولين من المهاجرين والنصار‪ ،‬ومن‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫) ‪ ( 1‬منهاج السنة ‪. ( 396 / 4 ) :‬‬


‫سادات من آمن بال واليوم الخر وجاهد في سبيل ال‪ ،‬وممن قاتل بسيفه‬
‫عددًا من الكفار [‪(1).‬‬

‫ومن ذلك قوله‪:‬‬

‫ي رضي ال عنه في المال فل ريب فيه‪ ،‬لكن الشأن أنه كان‬‫] وأما زهد عل ّ‬
‫أزهد من أبي بكر وعمر [‪(2).‬‬

‫ومن ذلك قوله‪:‬‬

‫] نحن نعلم أن عليًا كان أتقى ل من أن يتعمد الكذب‪ ،‬كما أن أبا بكر وعمر‬
‫وعثمان وغيرهم كانوا أتقى ل من أن يتعمدوا للكذب [‪(3).‬‬

‫ومن ذلك أنه – رحمه ال – يرى أن الذين لم‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫) ‪ ( 1‬مـنهـاج الـسنــة ‪. ( 76 / 8 ) :‬‬


‫) ‪ ( 2‬المصدر السابق ‪. ( 489 / 7 ) :‬‬
‫) ‪ ( 3‬المصدر السابق ‪. ( 88 / 7 ) :‬‬
‫يقاتلوا عليًا – رضي ال عنه ‪ -‬هم أحب إلى أهل السنة ممن قاتله‪ ،‬وأن أهل‬
‫السنة يدافعون عنه بقوة أمام اتهامات النواصب والخوارج‪ ،‬يقول‪:‬‬

‫] وأيضًا فأهل السنة يحبون الذين لم يقاتلوا عليًا أعظم مما يحبون من قاتله‪،‬‬
‫ويفضلون من لم يقاتله على من قاتله كسعد بن أبي وقاص‪ ،‬وأسامة بن زيد‪،‬‬
‫ومحمد بن مسلمة‪ ،‬وعبد ال بن عمر رضي ال عنهم‪.‬‬

‫فهؤلء أفضل من الذين قاتلوا عليًا عند أهل السنة‪.‬‬

‫ي وترك قتاله خير بإجماع أهل السنة من بغضه وقتاله‪ ،‬وهم‬‫والحب لعل ّ‬
‫متفقون على وجوب موالته ومحبته‪ ،‬وهم من أشد الناس ذّبا عنه‪ ،‬وردًا‬
‫على من طعن عليه من الخوارج وغيرهم من النواصب‪ ،‬ولكن‬
‫لكل مقام مقال [‪(1).‬‬
‫ضل الصحابة الذين كانوا مع علي على الصحابة الذين كانوا‬
‫ومن ذلك أنه ُيَف ّ‬
‫مع معاوية – رضي ال عنهم أجمعين – يقول‪:‬‬

‫] معلوم أن الذين كانوا مع علي من الصحابة مثل‪ :‬عمار وسهل بن حنيف‬


‫ونحوهما كانوا أفضل من الذين كانوا مع معاوية [‪(2).‬‬

‫هذه مواضيع يسيرة مما ُنقل عن شيخ السلم – رحمه ال – في فضل علي‬
‫– رضي ال عنه – ودفاعه الحار عنه أمام أعداءه ‪ ،‬وتبرئته مما نسبوه‬
‫إليه‪.‬‬

‫فهل ُيقال بعد هذا كما قال هؤلء المبتدعة‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫) ‪ ( 1‬منهاج السنة ‪. ( 395 / 4 ) :‬‬


‫)‪ ( 2‬مجموعة الرسائل والمسائل لبن تيمية ‪ ) :‬ص ‪. ( 61‬‬
‫الجائرون بأنه – رحمه ال – كان منحرفًا عن علي – رضي ال عنه ‪ !-‬أو‬
‫أنه تنقصه في كتبه؟!‪.‬‬
‫ل عن شيخ السلم الذي‬ ‫سبحانك هذا بهتان عظيم! ل يقوله أدنى مسلم فض ً‬
‫تصرمت حبال أيامه في تقرير عقيدة السلف الصالح‪ ،‬من ضمنها تفضيل‬
‫علي رضي ال عنه وجعله الخليفة الرابع الراشد‪ ،‬واعتقاد أنه على الحق‬
‫أمام من حاربه وخالفه‪.‬‬
‫ي كما غلوا‪،‬‬
‫ل في عل ّ‬
‫ولكن ذنب شيخ السلم عند هؤلء المبتدعة أنه لم َيغ ُ‬
‫أو يتجاوز به قدره الذي أراده ال له‪(3) .‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫) ‪ ( 1‬راجع كتاب ) ابن تيمية لم يكن ناصبيًا ( لسليمان بن صالح الخراشي ‪– 74 ) :‬‬
‫‪( 87‬‬
‫أقوال شيخ السلم ابن تيمية في قتلة الحسين عليه السلم‬

‫قال – رحمه ال ‪:-‬‬

‫] وأما جواز الدعاء للرجل وعليه فبسط هذه المسألة في الجنائز‪ ،‬فإن موتى‬
‫ن الفاجر مع ذلك بعينه أو‬ ‫المسلمين ُيصلى عليهم َبرهم وفاجرهم‪ ،‬وإن ُلِع َ‬
‫بنوعه‪ ،‬لكن الحال الولى أوسط واعدل‪ ،‬وبذلك أحببت ُمقدم المغل بولي؛‬
‫لما قدموا دمشق في الفتة الكبيرة‪ ،‬وجرت بيني وبينه وبين غيره مخاطبات؛‬
‫فسألني فيما سألني‪ :‬ما تقولون في يزيد؟ فقلت‪ :‬ل نسبه ول نحبه‪ ،‬فإنه لم‬
‫ل صالحًا فنحبه‪ ،‬ونحن ل نسب أحدًا من المسلمين بعينه‪.‬‬ ‫يكن رج ً‬

‫فقال‪ :‬أفل تلعنونه؟ أما كان ظالمًا؟ أما قتل الحسين؟‬


‫فقلت له‪ :‬نحن إذا ذكر الظالمون كالحجاج بن يوسف وأمثاله‪ :‬نقول كما قال‬
‫ال في القرآن‪ ) :‬أل لعنة ال على الظالمين ( هود ) ‪. (18‬‬

‫ول نحب أن نلعن أحدًا بعينه؛ وقد لعنه قوم من العلماء؛ وهذا مذهب يسوغ‬
‫فيه الجتهاد‪ ،‬لكن ذلك القول أحب إلينا وأحسن‪.‬‬
‫ل ) الحسين ( أو أعان على قتله‪ ،‬أو رضي بذلك‪ :‬فعليه لعنة ال‬ ‫وأما من َقَت َ‬
‫ل‪.‬‬
‫والملئكة والناس أجمعين؛ ل يقبل ال منه صرفاً ول عد ً‬

‫قال‪ :‬فما تحبون أهل البيت؟‬


‫ض واجب‪ ،‬يؤجر عليه‪ ،‬فإنه قد ثبت عندنا في‬
‫قلت‪ :‬محبتهم عندنا فر ٌ‬
‫صحيح مسلم عن زيد بن‬
‫أرقم قال‪ :‬خطبنا رسول ال صلى ال عليه وسلم بغدير ُيدعى خّما‪ ،‬بين‬
‫ك فيكم الثقلين كتاب ال ( فذكر‬
‫مكة والمدينة فقال‪ ) :‬أيها الناس! إني تار ٌ‬
‫كتاب ال وحض عليه‪ ،‬ثم قال‪ ) :‬وعترتي أهل بيتي‪ ،‬أذكركم ال في أهل‬
‫بيتي‪ ،‬أذكركم ال في أهل بيتي ( ‪.‬‬

‫قلت لمقدم‪ :‬ونحن نقول في صلتنا كل يوم‪ ) :‬اللهم صل على محمد وعلى‬
‫آل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد (‪.‬‬

‫قال مقدم‪ :‬فمن ُيبغض أهل البيت؟‬


‫قلت‪ :‬من أبغضهم فعليه لعنة ال والملئكة والناس أجمعين‪ ،‬ل يقبل ال منه‬
‫ل‪.‬‬
‫صرفًا ول عد ً‬

‫ى؟‬
‫ثم قلت‪ :‬للوزير المغولي‪ :‬لي شيء قال عن يزيد‪ ،‬وهذا تتر ٌ‬
‫قال‪ :‬قد قالوا له إن أهل دمشق نواصب‪.‬‬
‫ل‪ :‬يكذب الذي قال هذا‪ ،‬ومن قال هذا‪ :‬فعليه لعنة ال‪ ،‬وال‬‫ت عا ٍ‬
‫قلت بصو ٍ‬
‫ما في أهل دمشق نواصب‪ ،‬وما علمت فيهم ناصبيًا‪ ،‬ولو تنقص أحدًا عليًا‬
‫بدمشق لقام المسلمون عليه؛ لكن كان قديمًا – لما كان بنو أمية ولة البلد –‬
‫ض بني أمية ينصب العداوة لعلي ويسبه‪ ،‬وأما اليوم فما بقي من أولئك‬‫بع ُ‬
‫أحدًا [‪(1).‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬

‫) ‪ ( 1‬مجموع الفتاوى ‪ ( 488 – 487 / 4 ) :‬وانظر كتاب ) ابن تيمية لم يكن‬


‫ناصبيًا ( لسليمان بن صالح الخراشي ‪ ) :‬ص ‪( 73 – 72‬‬
‫مكانة أهل بيت النبي صلى ال عليه وسلم عند أهل السنة والجماعة‬

‫قال شيخ السلم في العقيدة الواسطية ‪:‬‬

‫ويحبون أهل بيت رسول ال صلى ال عليه وسلم ويتولونهم ويحفظون‬


‫فيهم وصية رسول ال صلى ال عليه وسلم حيث قال يوم غدير خم‪) :‬‬
‫أذكركم ال في أهل بيتي (‪(1).‬‬

‫وقال أيضًا للعباس عمه وقد اشتكى إليه أن بعض قريش يجفو بني هاشم‬
‫فقال‪ ) :‬والذي نفسي بيده ل يؤمنون حتى يحبوكم ل ولقرابتي (‪(2).‬‬

‫وقال‪ ) :‬إن ال اصطفى بني إسماعيل واصطفى من بني إسماعيل كنانة‬


‫واصطفى من كنانة قريشًا واصطفى من قريش بني هاشم واصطفاني من‬
‫بني هاشم (‪(3).‬‬

‫ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫) ‪ ( 1‬رواه مسلم ‪.‬‬
‫) ‪ ( 2‬رواه المام أحمد وغيره ‪.‬‬
‫) ‪ ( 3‬رواه أحمد ومسلم‬
‫قال الشيخ صالح الفوزان ‪ -‬حفظه ال ‪ -‬في شرح كلم شيخ السلم ‪ -‬رحمه‬
‫ال ‪-‬‬

‫الشرح ‪:‬‬

‫بين الشيخ ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬في هذا مكانة اهل البيت عند اهل السنة والجماعة‬
‫وانهم يحبون اهل بيت رسول ال صلى ال عليه وسلم أهل البيت هم آل‬
‫النبي صلى ال عليه وسلم الذين حرمت عليهم الصدقة وهم آل علي وآل‬
‫جعفر وآل عقيل وآل العباس وبنوا الحارث بن عبدالمطلب وأزواج النبي‬
‫صلى ال عليه وسلم وبناته من اهل بيته كما قال تعالى ) إنما يريد ال‬
‫ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ( الحزاب ‪( 33 :‬‬

‫فأهل السنة يحبونهم ويحترمونهم ويكرمونهم لن ذلك من احترام النبي‬


‫صلى ال عليه وسلم وإكرامه ولن ال ورسوله قد أمرا بذلك قال تعالى )‬
‫قل ل أسألكم عليه أجرا‬
‫إل المودة في القربى ( الشورى ‪( 23 :‬‬

‫وجاءت نصوص السنة بذلك ‪ -‬منها ما ذكره الشيخ ‪ -‬وذلك إذا كانوا متبعين‬
‫للسنة مستقيمين على الملة كما كان عليه سلفهم كالعباس وبنيه وعلي وبنيه ‪-‬‬
‫أما من خالف السنة ولم يستقم على الدين فإنه ل تجوز محبته ولو كان من‬
‫اهل البيت ‪.‬‬

‫وقوله ‪ ) :‬ويتولونهم ( اي يحبونهم من الولية بفتح الواو وهي المحبة وقوله‬


‫‪ :‬ويحفظون فيهم وصية رسول ال صلى ال عليه وسلم اي يعملون بها‬
‫ويطبقونها ) حيث قال يوم غدير خم ( الغدير هنا مجمع السيل ) وخم ( قيل‬
‫اسم رجل نسب الغدير اليه وقيل هو الغيظة أي الشجرة الملتف نسب الغدير‬
‫اليها لنه واقع ‪ -‬وهذا الغدير كان في طريق المدينة مر به النبي صلى ال‬
‫عليه وسلم في عودته من حجة الوداع وخطب فيه فكان‬
‫من خطبته ما ذكره الشيخ ) اذكركم ال في اهل بيتي ( اي أذكركم ما أمر‬
‫ال به في حق اهل بيتي من احترامهم واكرامهم والقيام بحقهم ‪.‬‬

‫وقال ايضا ‪ ) :‬للعباس عمه ( هو العباس بن عبدالمطلب ابن هاشم بن عبد‬


‫مناف ) وقد اشتكى اليه ( اي اخبره بما يكره ) ان بعض قريش يجفوه (‬
‫الجفاء ترك البر والصلة ) فقال ( اي النبي صلى ال عليه وسلم )) والذي‬
‫نفسي بيده (( هذا قسم منه صلى ال عليه وسلم )) ل يؤمنون (( اي اليمان‬
‫الكامل الواجب )) حتى يحبوكم ل ولقرابتي (( اي لمرين ‪:‬‬

‫الول ‪ :‬التقرب الى ال بذلك لنهم من أوليائه ‪.‬‬

‫الثاني ‪ :‬لكونهم قرابة النبي صلى ال عليه وسلم وفي ذلك إرضاء له وإكرام‬
‫له ) وقال ( النبي صلى ال عليه وسلم مبينا فضل بني هاشم الذين هم قرابته‬
‫) ان ال اصطفى ( اي اختار والصفوة الخيار ) بني إسماعيل ( بن إبراهيم‬
‫الخليل‬
‫عليهما السلم ) واصطفى من بني إسماعيل كنانة ( اسم قبيلة أبوهم كنانة‬
‫بن خزيمة ) واصطفى من كنانة قريشا ( وهو أولد مضر بن كنانة‬
‫) واصطفى من قريش بني هاشم ( وهو بنو هاشم بن عبد مناف‬
‫) واصطفاني من بني هاشم ( فهو محمد بن عبدال بن عبدالمطلب بن هاشم‬
‫بن عبد مناف بن قصي بن كلب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن‬
‫فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر‬
‫بن نزار بن معد بن عدنان ‪.‬‬

‫والشاهد من الحديث ‪ :‬ان فيه دليل على فضل العرب وان قريشا افضل‬
‫العرب وان بني هاشم افضل قريش وان الرسول صلى ال عليه وسلم‬
‫افضل بني هاشم فهو افضل الخلق نفسا أفضلهم نسبا وفيه فضل بني هاشم‬
‫الذين هم قرابة الرسول صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬

‫والمزيد انظر كتاب العقيدة الواسطية لشيخ السلم أحمد ابن تيمية‪،‬‬
‫شرح الشيخ‪ :‬صالح بن فوزان الفوزان‪ ) .‬ص ‪. ( 197 – 195‬‬
‫الخاتمــة‬

‫وبعد هذا العرض اليسير من كلم شيخ السلم ابن تيميه رحمه ال هنا‬
‫تتجلى الحقيقة وترد التهمة وأنها كذب وزور وأنهم يريدون التشكيك في‬
‫علماء المة وإسقاط أقوالهم واجتهاداتهم ليتوصلوا إلى هدم الشريعة الغراء‬
‫واستبدالها بأقوال أهل الضلل و البدع‪ ،‬ومن ادعى غير ذلك فقد كذب‪،‬‬
‫والبينة على من ادعى‪.‬‬

‫وصلى ال على نبينا محمد وعلى آله و صحبه أجمعين‪.‬‬

‫جمعها الفقير الى ال‬


‫أبو خليفة علي بن محمد القضيبي‬
‫شيعي سابقًا‬
‫المحتويات‬

‫تقديم ‪3 -------------------------------------------------------------‬‬

‫مقدمـــــة ‪5 --------------------------------------------------------‬‬
‫ذم شيخ السـلم ابن تيمية للنواصب ‪8 --------------------------------‬‬

‫أقوال شيخ السـلم ابن تيمية في فضل علي – رضي ال عنه ‪10-------‬‬

‫أقوال شيخ السـلم ابن تيمية في قتلة الحسين ‪ -‬رضي ال عنه ‪22 ----‬‬

‫مكانة أهل بيت النبي صلى ال عليه وسلم عند أهل السنة والجماعة ‪26 -‬‬

‫خاتمـــــة ‪31 -------------------------------------------------------‬‬

You might also like