You are on page 1of 145

‫أبحاث من مسودة كتاب‬

‫من فضائل وأخبار معاوية بن‬


‫أبي سفيان رضي الله عنه‬
‫دراسة حديثية‬
‫تأليف‪ :‬محمد زياد بن عمر التكلة‬
‫عفا الله عنه‬

‫‪1‬‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬وصلى الله وسمّلم علممى محمممد‬
‫النبي المين‪ ،‬وعلى آلممه وصممحبه أجمعيممن‪ ،‬ومممن اهتممدى‬
‫هم إلى يوم الدين‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫بُهدا ُ‬
‫م رحمك الله أن معاوية بن أبي سفيان رضممي اللممه‬ ‫اع ْل َ ْ‬
‫ضي عن‬ ‫ب التر ّ‬ ‫عنه من الصحابة الجّلة الكرام‪ ،‬الذين يج ُ‬
‫ن فيهم‪ ،‬كما هممو اعتقمماد ُ الفرقممة‬ ‫جميعهم‪ ،‬ول يجوز الطع ُ‬
‫سمّنة والجماعممة‪ ،‬كيممف وقممد قممال فيهممم‬ ‫ل ال ُ‬‫الناجيممة؛ أهم ِ‬
‫س مّبوا أصممحابي‪،‬‬ ‫رسول الله صلى الله عليه وسمملم‪" :‬ل ت َ ُ‬
‫كم أنفق مث َ ُ‬ ‫ن َأحد َ ُ‬
‫م ول‬ ‫ده ْ‬
‫حمم ِ‬ ‫هبا؛ ما ب َل َغَ ُ‬
‫مد ّ أ َ‬ ‫حد ٍ ذ َ َ‬‫لأ ُ‬ ‫َ ِ‬ ‫فلو أ ّ‬
‫فه"‪ .‬متفقٌ عليه‪.‬‬ ‫َنصي َ‬
‫ن في‬ ‫م ما كا َ‬ ‫حْزُبه *** ولولهُ ُ‬ ‫يو ِ‬‫ب النب ّ‬‫أولئك أصحا ُ‬
‫م‬‫سل ِ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ض ُ‬ ‫الر ِ‬
‫ن في آحادهم‪ ،‬فكيف بمن له فضائل ثابتة‬ ‫فل يجوز الطع ُ‬
‫ل معاوية؟‬ ‫‪-‬خاصة وعامة‪ -‬مث َ‬
‫عجال مةٍ شممذرات مممن فضممائل وأخبممار‬ ‫وإننممي أورِد ُ علممى ُ‬
‫منَتقيمما فممي النقممل‪ ،‬كممما‬
‫معَتنيمما و ُ‬
‫معاوية رضي الله عنه‪ُ ،‬‬
‫يرى الناظر بين يديه‪ ،‬وذلك ذب ّا ً عن صحابة أكممرم الخلممق‬
‫ملممة العلممم‪،‬‬
‫ح َ‬
‫صلى اللممه عليممه وسمملم‪ ،‬وكت َب َمةِ المموحي‪ ،‬و َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫س مّنة‬
‫دفعا لمَهجمات أعداء ال ُ‬ ‫مة‪ ،1‬و َ‬ ‫ن ال ّ‬‫دين‪ ،‬وأما ِ‬‫قَلة ال ّ‬
‫ون َ َ‬

‫هب أصحابي أ ََتى‬


‫متي‪ ،‬فإذا ذ َ َ‬ ‫‪ 1‬في الحديث‪" :‬أصحابي أ َمن َ ٌ ُ‬
‫ةل ّ‬ ‫َ‬
‫عدون"‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬ ‫متي ما ُيو َ‬ ‫ُ‬
‫أ ّ‬
‫‪2‬‬
‫جَهلممة والغمممار‪،‬‬ ‫ش مب َهِِهم مممن ال َ‬ ‫مممن اغت َمّر ب ُ‬ ‫‪2‬‬
‫والسمملم ؛ و َ‬
‫مناَفحة‪.‬‬ ‫دى لهم بالَرد ّ وال ُ‬ ‫من يتص ّ‬ ‫ةل َ‬ ‫دم ً‬‫خ ْ‬
‫وتيسيرا و ِ‬
‫مقتصممرة ً علممى دفممع‬ ‫سمّنة ُ‬ ‫ل ال ُ‬ ‫ب جهممود ِ أهم ِ‬ ‫ت غممال َ‬‫إذ رأي ُ‬
‫ي الجليممل‪ ،‬حممتى‬ ‫ضمد ّ هممذا الصممحاب ّ‬ ‫مات المسممعورة ِ‬ ‫الَهج َ‬
‫ُ‬
‫مممة‪،‬‬‫سمميا ً عنممد ال ّ‬ ‫سمميا ً َ‬
‫من ْ ِ‬ ‫ح نَ ْ‬‫ت فضممائُله ومنمماقُبه ُتصممب ُ‬ ‫كاد ْ‬
‫ل‬‫م بالِبناء‪ ،‬وك ّ‬ ‫م الهد َ‬ ‫ي شيئا منها‪ ،‬وأن أقاو َ‬ ‫ت أن أجل ّ َ‬ ‫فآثر ُ‬
‫على ث َغْرٍ وأجر‪.‬‬
‫ه الله تعالى‪ ،‬فأسممأُله سممبحاَنه‬ ‫ج َ‬ ‫وإني لرجو بعملي هذا وَ ْ‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫قبو َ‬
‫جمَره ليمموم ِ الممدين‪) ،‬يممو َ‬ ‫دخر لممي أ ْ‬ ‫ل والّنفع‪ ،‬وأن يم ّ‬ ‫ال َ‬
‫ت‬ ‫ل الكافُر يا ل َي َْتنممي كن م ُ‬ ‫ه‪ ،‬وَيقو ُ‬ ‫ت َيدا ُ‬‫دم ْ‬ ‫ينظ ُُر المرُء ما ق ّ‬
‫ُترابا(‪.‬‬
‫عبمماد َ َ‬
‫ك‬ ‫ة َنبّيممك‪ ،‬و ِ‬
‫سممن ّ َ‬ ‫ك‪ ،‬وكتاَبمم َ‬
‫ك‪ ،‬و ُ‬ ‫صممر ديَنمم َ‬
‫م ان ُ‬‫فممالله ّ‬
‫الصالحين‪.‬‬
‫سممبحانك اللهممم وبحمممدك‪ ،‬أشممهد ُ أن ل إلممه إل أنممت‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ب إليك‪.‬‬ ‫أستغفُرك وأتو ُ‬
‫قاله أفقُر العباد‪ :‬محمد زياد بن عمممر الت ّك ْل َممة الدمشممقي‬
‫الثري‪.3‬‬
‫غفر الله له‪ ،‬ولهلممه‪ ،‬ومشممايخه‪ ،‬وأحبممابه‪ ،‬وللمسمملمين‪،‬‬
‫ولمن دعا لهم‪ ،‬إلى يوم الدين‪.‬‬

‫ج‬ ‫َ‬
‫‪ 2‬قال السيوطي في مفتاح الجّنة )ص ‪ 127‬ت‪ :‬البدر(‪" :‬أخر َ‬
‫وري في المجالسة عن عبد الرحمن بن عبد الله الخرفي‬ ‫دين َ َ‬
‫ال ّ‬
‫قال‪ :‬كان َبدء الرافضة أن قوما من الزنادقة اجتمعوا‪ ،‬فقالوا‪:‬‬
‫م أحّباءه‪ ،‬فإّنه‬ ‫م نبّيهم‪ .‬فقال كبيُرهم‪ :‬إذا ُنقَتل! فقالوا‪َ :‬نشت ُ ُ‬‫نشت ُ ُ‬
‫زل‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ب كلَبه‪ .‬ثم َتعت َ ِ‬ ‫َ‬
‫ت أن ُتؤذي جاَرك فاضر ْ‬ ‫ُيقال‪ :‬إذا أرد َ‬
‫ي‪ .‬ثم قالوا‪ :‬كان‬ ‫ّ‬
‫فرهم‪ .‬قالوا‪ :‬الصحابة كلهم في النار إل عل ّ‬ ‫فُتك ّ‬
‫ي هو النبي؛ فأخطأ جبريل!"‬ ‫عل ّ‬
‫ل من أفادني شيئا في الموضوع‪،‬‬ ‫‪ 3‬ول أنسى أن أشكر ك ّ‬
‫فجزاهم الله خيرا‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫الخميس ‪ 22‬جمادى الولى ‪1423‬‬
‫تنبيه‪ :‬هذا المنشور بين يديك عبارة عممن مسييودة غييير‬
‫مكتملة البحاث‪ ،‬ولكن نظرا لقلة اشممتغالي فيهمما الن‬
‫لضيق وقممتي؛ مممع إلحمماح عممدد مممن الخمموة طلبممة العلممم‬
‫ت انتقمماء بعممض‬ ‫والدعاة المنافحين عن السنة؛ فقد ارتممأي ُ‬
‫البحاث المكتملممة وشممبه المكتملممة ليسممتفيد منهمما أهممل‬
‫السنة في مقابل الهجمات المسعورة من أعدائها‪ ،‬ولعل‬
‫أن يكون ذلك من المسابقة فممي الخيممرات‪ ،‬والمسممارعة‬
‫إلى المغفرة والحسنات‪.‬‬
‫ض فمي الجممع والتحريممر مما شمماء اللمه تعمالى‪،‬‬ ‫وإني مما ٍ‬
‫وأرجممو أن ييسممر اللممه الفممراغ مممن الرسممالة فممي أقممرب‬
‫وقممت‪ ،‬وأن يتقبلهمما وينفممع بهمما‪ ،‬ول أسممتغني عممن دعمماء‬
‫إخواني في الله وإفاداتهم وملحظاتهم‪.‬‬
‫وإلى الفراغ منها أحّرج على مممن يتقممي اللممه عممدم طبممع‬
‫دع‪ ،‬واللمه‬ ‫دعيها مم ّ‬
‫ورهمما ويم ّ‬
‫هممذه المسمودة‪ ،‬فضممل أن يح ّ‬
‫الموعد‪.‬‬
‫ول يفوتني التنممبيه علممى أن التحريممر فممي أول المسممودة‬
‫أكثر من آخرها‪.‬‬
‫والحمد لله أول وآخرا‪.‬‬
‫محمد زياد التكلة‪ ،‬الرياض ‪18/11/1425‬‬

‫‪4‬‬
‫معاوية رضي الله عنه في سطور‪:‬‬
‫خر بممن‬ ‫صم ْ‬
‫سممفيان َ‬ ‫معاويممة بممن أبممي ُ‬ ‫هو أبوعبد الرحمممن ُ‬
‫منمماف بممن ُقصممي‬ ‫مّية بن عبد َ‬ ‫ُ‬
‫مس بن عبممد َ‬ ‫ش ْ‬ ‫حْرب بن أ َ‬ ‫َ‬
‫عتبة بن َربيعة بن عبد‬ ‫هند بنت ُ‬ ‫ٌ‬
‫مه‪ِ :‬‬ ‫قَرشي‪ ،‬وأ ّ‬ ‫كلب ال ُ‬ ‫بن ِ‬
‫شمس‪.‬‬
‫ي صمملى اللممه عليممه وسمملم فممي عبمدِ‬ ‫يلتقي نسُبه مع النب ّ‬
‫مناف‪.‬‬ ‫َ‬
‫ُولد معاوية قبل البعثة بخمس سنين على الشهر‪ ،‬وقيممل‬
‫بسبع‪ ،‬وقيل بثلث عشرة‪.‬‬
‫تزوج في عهد عمر رضي الله عنه‪ ،‬وله من الولد‪ :‬عبممد‬
‫مه فاختة بنت قََرظة بن عبد عمرو بن نوفممل‬ ‫الرحمن‪ ،‬وأ ّ‬
‫بن عبد مناف‪ ،‬ولم ُيعقب‪.‬‬
‫سممون بنممت َبحممدل‬ ‫ُ‬
‫مي ْ ُ‬
‫مممه َ‬‫وَيزيممد الممذي تممولى الخلفممة‪ ،‬وأ ّ‬
‫كلبية‪ ،‬وله عقب‪.‬‬ ‫ال َ‬
‫مه فاختة‪ ،‬ول عقممب لممه مممن‬ ‫منقب‪ ،‬وأ ّ‬ ‫وعبد الله‪ ،‬ولقبه‪ُ :‬‬
‫الذكور‪.‬‬
‫ب المشارق‪ ،‬وعاِتكة‪.‬‬ ‫ةر ّ‬ ‫صفّية‪ ،‬وأم ُ‬ ‫ملة‪ ،‬و َ‬ ‫هند‪ ،‬وَر ْ‬ ‫و ِ‬
‫كلبية‪ ،‬وقريبممة بنممت أبممي أميممة‬ ‫عمارة ال َ‬ ‫وتزوج نائلة بنت ُ‬
‫المخزومية‪ ،‬وك َْتوة بنت قرظة ‪.‬‬
‫‪4‬‬

‫جل َممح‪،‬‬ ‫َ‬


‫مهيبمما‪ ،‬أ ْ‬ ‫حليُته‪ :‬فقد كان طويل‪ ،‬أبيممض‪ ،‬جميل‪َ ،‬‬ ‫فأما ِ‬
‫ره‪.‬‬‫م ِ‬ ‫فُته الُعليا‪ ،‬وأصابته ل َ ْ‬
‫قوَة ٌ آخر ع ُ ُ‬ ‫ش َ‬‫إذا ضحك انقلبت َ‬
‫فر لحيتممه حممتى تكممون‬ ‫كتم‪ ،‬ويصم ّ‬ ‫حّناء وال َ‬ ‫ب بال ِ‬ ‫وكان يخض ُ‬
‫كالذهب‪.‬‬
‫ب‬ ‫‪5‬‬
‫فقهمماء ‪ ،‬وُيضممر ُ‬ ‫صممحة ال ُ‬ ‫ف َ‬ ‫سممبة ال َ‬ ‫ح َ‬ ‫وكممان ممن الك ََتبممة ال َ‬
‫قله‪.‬‬ ‫حْلمه وع َ ْ‬ ‫لب ِ‬ ‫مث َ ُ‬‫ال َ‬

‫‪ 4‬انظر المعارف لبن قتيبة الدينوري )ص ‪ (350-349‬وتاريخ‬


‫الطبري )‪(5/329‬‬
‫‪ 5‬انظر معرفة الصحابة لبي ُنعيم )‪(5/2496‬‬

‫‪5‬‬
‫ل وأهل َممه إلممى المدينممة‪،‬‬
‫وبعد إسلم أبيه أبي سفيان‪ :‬انتق َ‬
‫وآخى رسول اللمه صملى اللمه عليمه وسملم بيمن معاويمة‬
‫شممعي‪ ،‬وتمموفي النممبي صمملى اللممه‬ ‫مجا ِ‬‫حتات بن يزيد ال ُ‬ ‫وال ُ‬
‫ض‪.‬‬
‫عليه وسلم وهو عن معاوية را ٍ‬
‫مكث أميرا على الشام في خلفة عمر وعثمان عشرين‬
‫ة للمسلمين مثَلها‪.‬‬ ‫سنة‪ ،‬ثم خليف ً‬
‫توفي بدمشق للنصممف مممن رجممب سممنة سممتين‪ ،‬وص مّلى‬
‫فْهري رضي الله عنه‪.‬‬ ‫عليه الضحاك بن قيس ال ِ‬
‫وعاش معاويمة ثمانيمة وسمبعين عامما‪ ،‬وقيمل غيمُر ذلمك‪،‬‬
‫رضي الله عنه وأرضاه‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫من فضائل معاوية رضي الله عنه فييي القييرآن‬
‫الكريم‪:‬‬
‫ه علممى رسمموِله وعلممى‬ ‫سكين َت َ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫م أنز َ‬ ‫‪ -‬قال الله تعالى‪) :‬ث ّ‬
‫ب ال ّممذين كفممروا‪،‬‬ ‫جنودا ً لم ت ََروها‪ ،‬وع مذ ّ َ‬ ‫ل ُ‬ ‫المؤمنين‪ ،‬وأنَز َ‬
‫جزاُء الكافرين( ]التوبة‪[26 :‬‬ ‫وذلك َ‬
‫حنيممن‬ ‫ومعاوية رضي الله عنه مممن الممذين شممهدوا غممزوة ُ‬
‫المقصودة في اليات‪ ،‬وكان مممن المممؤمنين الممذين أنممزل‬
‫الله سكينَته عليهم مع النبي صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫َ‬
‫ل‬‫مممن َقبم ِ‬ ‫مممن أنفمقَ ِ‬ ‫منكممم َ‬ ‫ل وعل‪) :‬ل َيسَتوي ِ‬ ‫‪ -‬وقال ج ّ‬
‫مممن‬ ‫ن أنفقمموا ِ‬ ‫ن الممذي َ‬ ‫مم َ‬‫ة ِ‬ ‫م دَرج ً‬ ‫ك أعظ َ ُ‬ ‫ح وقاَتل‪ ،‬أولئ َ‬ ‫الفت ِ‬
‫ه بممما َتعملممون‬ ‫حسممنى‪ ،‬والل م ُ‬ ‫ه ال ُ‬‫َبعد ُ وقاَتلوا‪ ،‬وك ُل ً وَع َد َ الل ُ‬
‫خبير( ]الحديد‪[10 :‬‬ ‫َ‬
‫قلت‪ :‬ومعاوية رضممي اللممه عنممه ل يخلممو أن يكممون علممى‬
‫حح‬ ‫جح وص ّ‬ ‫حاَلين‪ :‬أن يكون قد أسلم قبل فتح مكة كما ر ّ‬
‫جممر فيممما يممأتي‪ ،‬أو يكممون بعممد ذلممك‪ ،‬وقممد‬ ‫ح َ‬
‫ن َ‬ ‫ظ اب ُ‬‫الحاف ُ‬
‫حنين والطممائف مممع رسممول اللممه صمملى‬ ‫أنفق وقاتل في ُ‬
‫حسممنى بنممص‬ ‫دهم اللممه ال ُ‬ ‫الله عليه وسلم‪ ،‬فهو ممن وع َم َ‬
‫ن ال ّممذي َ‬
‫ن‬ ‫حسممنى‪ :‬الجن ّممة‪ ،‬كممما قممال تعممالى‪) :‬إ ّ‬ ‫اليممة‪ ،‬وال ُ‬
‫معون‬ ‫س َ‬‫مب َْعدون‪ ،‬ل ي َ ْ‬ ‫ك ع َْنها ُ‬ ‫سَنى أولئ َ‬ ‫ح ْ‬ ‫مّنا ال ُ‬ ‫ت ل َُهم ِ‬ ‫ق ْ‬‫سب َ َ‬
‫َ‬
‫دون( ]النبيمماء‪:‬‬ ‫َ‬ ‫م فيما ا ْ‬
‫سممهم خال ِم ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫ت أن ْ ُ‬ ‫شت َهَ ْ‬ ‫سها وهُ ْ‬ ‫سي َ‬ ‫ح ِ‬ ‫َ‬
‫‪[101‬‬
‫ن‬‫جري َ‬‫مهما ِ‬‫ي وال ُ‬ ‫ه ع ََلمى الن ِّبم ّ‬ ‫ب اللم ُ‬ ‫قمد ْ تما َ‬‫‪ -‬وقال تعالى‪) :‬ل َ َ‬
‫ن ب َعْد ِ ما كمماد َ‬
‫م ْ‬ ‫سَرةِ ِ‬ ‫ساع َةِ العُ ْ‬ ‫ن ات ّب َُعوه ُ في َ‬ ‫والْنصارِ اّلذي َ‬
‫ف‬ ‫ه ب ِهِممم َرؤو ٌ‬ ‫ب ع َل َي ْهِممم‪ ،‬إن ّم ُ‬
‫م تمما َ‬‫منهم ث ُ ّ‬ ‫ق ِ‬ ‫ب َفري ٍ‬ ‫زيغُ ُقلو ُ‬
‫يَ ِ‬
‫م( ]التوبة‪[117 :‬‬ ‫َرحي ٌ‬

‫‪7‬‬
‫معاويممة‬
‫دها ُ‬ ‫ة الُعسرة هممي غممزوة ُ ت َب ُمموك‪ ،‬وقممد َ‬
‫ش مه ِ َ‬ ‫وساع ُ‬
‫‪6‬‬
‫رضي الله عنه ‪.‬‬
‫منمموا‬
‫نآ َ‬‫ي والممذي َ‬
‫ه الن ّممب ّ‬
‫خ مزِيْ الل م ُ‬
‫م ل يُ ْ‬‫‪ -‬وقال تعالى‪) :‬يممو َ‬
‫ن أيدْيهم وبأْيماِنهم( ]التحريم‪[8 :‬‬ ‫م َيسعى بي َ‬ ‫معه‪ُ ،‬نوُرهُ ْ‬
‫َ‬
‫جّري في الشريعة )‪ (5/2432‬عن معاويممة‬ ‫قال المام ال ُ‬
‫رضي الله عنه‪" :‬فقد ضمن اللممه الكريممم بممأن ل ُيخزيممه‪،‬‬
‫ل الله صلى الله عليه وسلم"‪.‬‬ ‫ن برسو ِ‬ ‫م َ‬
‫نآ َ‬ ‫م ْ‬
‫لنه م ّ‬
‫وانظر مجموع فتاوى شيخ السلم ابممن تيميممة )‪-4/458‬‬
‫‪(465‬‬
‫من فضائل معاوية رضي الله عنييه ثبييوت كييونه‬
‫كاتبييا للنييبي صييلى اللييه عليييه وسييلم‪ ،‬وكتييابته‬
‫الوحي‪:‬‬
‫‪ -‬روى مسملم فمي صمحيحه )رقمم ‪ 2501‬أو ‪ 16/62‬ممع‬
‫شرح النووي( من حديث ابن عباس‪ :‬أن أبا سفيان قال‪:‬‬
‫ن‪ .‬قممال‪ :‬نعممم‪ .‬قممال‪ :‬عنممدي‬ ‫يمما نممبي اللممه‪ ،‬ثل ٌ َ‬
‫طنيه م ّ‬
‫ث أع ِ‬ ‫ّ‬
‫حبيبممة بنممت أبممي سممفيان؛‬‫ّ َ‬ ‫م‬‫أ‬ ‫ُ‬
‫لممه‬ ‫وأجم‬ ‫ب‬‫ِ‬ ‫العممر‬ ‫ن‬ ‫أحسمم ُ‬
‫جكها‪ .‬قال‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬ومعاوية تجعُله كاتبا بين يديك‪.‬‬ ‫ُ‬
‫أزوّ ُ‬
‫ت‬‫مرني حمتى أقاتمل الكفمار كمما كنم ُ‬ ‫قال‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬وتؤ ّ‬
‫‪7‬‬
‫ل المسلمين؟ قال‪ :‬نعم‪.‬‬ ‫أقات ُ‬

‫‪ 6‬ولعظيم فضل هذه الغزوة قال َيعلى بن أمّية رضي الله عنه‪:‬‬
‫ت مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوةَ تبوك‪ ،‬فهو أوثق‬ ‫"غزو ُ‬
‫أعمالي في نفسي"‪ .‬متفق عليه‪.‬‬
‫‪ 7‬والحديث صممححه أيضمما أبوعوانممة )رواه ابممن عسمماكر ‪23/459‬‬
‫مممن طريممق مسممتخرجه(‪ ،‬وابممن حبممان )‪ ،(16/189‬والللكممائي )‬
‫‪ ،(8/1443‬والجورقاني في الحاديث الضدية من كتابه الباطيممل‬
‫)‪ ،(1/189‬وابن الصلح )ذكره النووي ‪ ،(16/63‬وابممن كممثير فممي‬
‫تاريخه )‪ 11/400‬بإشراف التركي(‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ -‬روى الطيالسممممي )‪ (4/465‬وأحمممممد )‪ 1/291‬و ‪(335‬‬
‫والجمممري )‪ (1937‬والمممبيهقي فمممي المممدلئل )‪(6/243‬‬
‫وغيرهم بسند جيد عن ابن عبمماس أن النممبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم قال‪" :‬اذهممب فممادع ُ لممي معاويممة"‪ ،‬قممال ابممن‬
‫عباس‪ :‬وكان كات َِبه‪.‬‬
‫وصممححه ابممن عسمماكر )‪ (59/106‬والممذهبي فممي تاريممخ‬
‫السلم )‪ ،(4/309‬وأصُله في صحيح مسلم )‪(2604‬‬

‫ف تزويج أم حبيبة فممي تلممك‬ ‫علما بأن بعض العلماء استشكل حر َ‬


‫ب الطممبري فممي جوابمماته‬ ‫السنة‪ ،‬وقد أطال في رد ّ الشكال المح ّ‬
‫)كما في حاشية السنن لبن القيم ‪ (6/76‬وابن حجر في الصابة‬
‫ن كممثير جممزءا مفممردا‬ ‫ظ اب م ُ‬‫)‪ (142-8/141‬وغيُرهما‪ ،‬وأفرد الحاف ُ‬
‫في دفع الشبه عن الحديث وذكممر اعتممذار الئمممة عنممه‪ ،‬كمما فممي‬
‫تاريخه )‪ 6/149‬و ‪ 8/354‬و ‪ (11/401‬والعواصم والقواصم لبممن‬
‫المموزير )‪ ،(3/94‬وكممذا الحممافظ شمممس الممدين محمممد بممن عبممد‬
‫الهممادي‪ ،‬كممما فممي ذيممل طبقممات الحنابلممة لبممن رجممب )‪،(2/437‬‬
‫وتوسع فمي المدفاع عنممه خليممل مل خماطر ممن المعاصممرين فمي‬
‫كتابه‪ :‬مكانة الصحيحين )ص ‪ ،(411-387‬وسعد المرصممفي فممي‬
‫جزء مفرد سماه‪ :‬دفاع عن حديث فضائل أبي سفيان رضي الله‬
‫عنه‪ ،‬والجزء مطبوع‪.‬‬
‫م‬‫سمَير والمغمازي أجمعموا علمى زواج أ ّ‬ ‫ومداُر الشكال أن أهل ال ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم قبل هذا التاريخ يقينمما‪ ،‬وعلممى‬ ‫حبيبة بالنب ّ‬
‫َ‬
‫كل حال‪ ،‬فباقي الحديث ‪-‬وفيممه محممل الشمماهد‪ -‬واق معٌ ل إشممكال‬
‫ن عسمماكر )‪(69/147‬‬ ‫ي )‪ (7/140‬وأشار اب ُ‬ ‫فيه‪ ،‬كما صّرح البيهق ّ‬
‫ن كممثير )‪:(355-8/354‬‬ ‫والممذهبي )السممير ‪ ،(2/222‬بممل قممال اب م ُ‬
‫ة‬
‫"ولكن فيه من المحفمموظ‪ :‬تممأميُر أبممي سممفيان‪ ،‬وتمموليُته معاوي م َ‬
‫ب الكتابة بين يديه صلوات الله وسلمه عليممه‪ ،‬وهذا قييدٌْر‬ ‫منص َ‬
‫ق عليه بين الناس قاطبة"‪.‬‬ ‫متف ٌ‬
‫علم أن من طعن بالحديث كله الن؛ متذرعا‬ ‫قلت‪ :‬فإذا تبّين هذا ُ‬
‫م‬
‫مّتبعٌ لهواه في الغالب‪ ،‬ويوه ُ‬ ‫بإشكالية حرف واحد منه‪ :‬إنما هو ُ‬
‫س عند أهل‬‫ب على كامل الحديث‪ ،‬والتدلي ُ‬ ‫س بأن الكلم ينص ّ‬ ‫النا َ‬
‫م‪.‬‬
‫الهوى معلو ٌ‬
‫‪9‬‬
‫‪ -‬وعن عبد الله بن عمرو بن العمماص رضممي اللممه عنهممما‬
‫ل اللممه صمملى‬ ‫دي رسممو ِ‬‫ب بين ي َم َ‬
‫قال‪ :‬إن معاوية كان يكت ُ‬
‫الله عليه وسلم‪.‬‬
‫رواه أبوعوانمممة )البدايمممة والنهايمممة ‪ (11/403‬والمممبزار‬
‫)زوائده ‪ 3/267‬رقمممم ‪ (2722‬والجمممري )‪ (1936‬ممممن‬
‫ممّرة‪ ،‬عممن عبممد اللممه بممن‬‫طريق العمش‪ ،‬عن عمرو بن ُ‬
‫كثير الّزَبيدي‪ ،‬عن عبد الله به‪.‬‬ ‫الحارث‪ ،‬عن أبي َ‬
‫قال الهيثمممي فممي المجمممع )‪" :(9/357‬رواه الطممبراني‪،‬‬
‫ده حسن"‪.‬‬ ‫وإسنا ُ‬
‫قلت‪ :‬أبوكثير اخُتلف في اسمه‪ ،‬وهو ثقة‪ ،‬والسممناد كممما‬
‫قال الهيثمي أو أعلى‪.‬‬
‫حن ْظ َل ِّية النصاري رضي اللممه عنممه‪ :‬أن‬ ‫ل بن ال َ‬ ‫سه ْ ِ‬ ‫‪ -‬وعن َ‬
‫ل اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم‬ ‫َ‬
‫ة والقَْرع َ سأل رسو َ‬ ‫ع ُي َي ْن َ َ‬
‫مهمما‬‫ل‪ ،‬وخت َ َ‬‫ب بممه لهممما‪ ،‬ففع م َ‬
‫ة أن يكت ُم َ‬‫شيئا‪ ،‬فأمَر معاوي م َ‬
‫ممر بمدفعه إليهممما‪..‬‬ ‫َ‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وأ َ‬
‫الحديث‪.‬‬
‫رواه أبوداود )‪ (1629‬وأحمممد )‪ (4/180‬وابممن ش مّبة فممي‬
‫أخبممار المدينممة )‪ (911‬وابممن أبممي عاصممم فممي الحمماد‬
‫والمثمممماني )‪ (4/104‬وابممممن حبممممان )‪ 2/303‬و ‪(8/187‬‬
‫والطممممبراني )‪ 6/97‬رقممممم ‪ (5619‬والجممممري )‪(1939‬‬
‫وأبممونعيم فممي معرفممة الصممحابة )‪ (3/1310‬والممبيهقي )‬
‫‪ (7/25‬وابن عساكر )‪ 67/157‬وفيه سقط(‬
‫كبشممة‬ ‫كلهممم مممن طريممق ربيعممة بممن يزيممد‪ ،‬حممدثني أبو َ‬
‫ل به‪.‬‬ ‫سُلولي‪ ،‬أنه سمع سه َ‬ ‫ال ّ‬
‫وسنده صحيح‪ ،‬وقال اللباني‪ :‬إسناده صحيح على شرط‬
‫مسلم‪) .‬صحيح سنن أبي داود الكبير ‪(5/332‬‬

‫‪10‬‬
‫ي؛‬
‫ح ِ‬
‫‪ -‬وغير ذلك من الخبار‪ ،‬وأمُر كتابةِ معاوية للو ْ‬
‫ي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬عليهِ مشهور‪،‬‬ ‫ن النب ّ‬‫وائتما ِ‬
‫ف ومسطور‪.8‬‬ ‫سَير والمغازي والتواريخ معرو ٌ‬ ‫وفي ال ّ‬
‫وقال شيخ السلم ابن تيمية في منهاج السنة )‬
‫‪" :(4/439‬است َك ْت ََبه النبي صلى الله عليه وسلم ل ِ‬
‫خب َْرِته‬
‫وأمانته"‪.‬‬

‫‪ 8‬زعم بعض متأخري الشيعة أن معاوية رضي الله عنه ل يثبت‬


‫في كتابته للنبي صلى الله عليه وسلم خبٌر‪ ،‬ورغم أن كلمهم‬
‫في التصحيح والتضعيف مما ل ُيعّرج عليه أصل! إل أن كتابة‬
‫معاوية صحيحة ثابتة في كتبهم على شرطهم )!!( في الرجال‪،‬‬
‫فروى شيخهم الصدوق ‍)!( في معاني الخبار )ص ‪ 346‬طبعة‬
‫انتشارت إسلمي‪ ،‬بتحقيق علي الغفاري‪ ،‬أو ‪ 2/438‬طبعة‬
‫النجف( بسند اتفقوا على وثاقة رجاله واحدا واحدا إلى أبي‬
‫جعفر الباقر قال‪" :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم –‬
‫ومعاوية يكتب بين يديه‪ "..‬فذكر خبرا باطل عندنا‪ ،‬ولكنه صحيح‬
‫عندهم‪ ،‬واكتفيت بالشاهد الحجة عليهم‪.‬‬
‫والخبر نقله المجلسي في بحار النوار )‪ 33/166‬و ‪،(89/36‬‬
‫وقال عالمهم الحمدي الميانجي‪ :‬إن سنده صحيح‪) .‬مكاتيب‬
‫الرسول ‪ 1/119‬دار الحديث(‬

‫‪11‬‬
‫ومن فضائل معاوية رضي الله عنه كونه خال‬
‫المؤمنين‪:‬‬
‫ج النبي صلى الله عليه وسمملم؛‬ ‫م المؤمنين؛ زو ِ‬ ‫فهو أخو أ ّ‬
‫ملة بنت أبي سفيان رضي الله عنهم‪ ،‬ولممذلك‬ ‫حبيبة َر ْ‬
‫م َ‬
‫أ ّ‬
‫قال المام أحمد‪ :‬أقممول‪ :‬معاويممة خممال المممؤمنين‪ ،‬وابممن‬
‫عمر خممال المممؤمنين‪ .‬رواه الخلل فممي السممنة )‪(2/433‬‬
‫‪9‬‬
‫بسند صحيح‪.‬‬
‫وروى العجلي فممي الثقممات )‪ (1/314‬ومممن طريقممه ابممن‬
‫عساكر )‪ (15/88‬وابن العديم )‪ (6/2897‬بسممند صممحيح‬
‫أن رجل سأل الحكم بن هشممام الكمموفي‪ :‬ممما تقممول فممي‬
‫ل مؤمن‪.‬‬ ‫لك ّ‬
‫معاوية؟ قال‪ :‬ذاك خا ُ‬
‫‪ -‬وقد قال صلى الله عليه وسلم في الحممديث الصممحيح‪:‬‬
‫س مَببي‬
‫منقط معٌ يمموم القيامممة غي مَر َ‬ ‫ب وَنسممب ُ‬
‫س مب َ ٍ‬
‫"كممل َ‬
‫صهري"‪.‬‬ ‫سبي"‪ ،‬وفي رواية‪" :‬غير نسبي و ِ‬ ‫ون َ َ‬
‫ن كممثير فممي مسممند‬ ‫ضها اب ُ‬
‫وللحديث طرقٌ كثيرة‪ ،‬جوّد َ بع َ‬
‫كن‪ ،‬والحمماكم‪،‬‬ ‫سمم َ‬
‫الفمماروق )‪ ،(1/388‬وصممححه ابممن ال ّ‬
‫والضياء‪ ،‬والذهبي‪ ،‬واللباني‪ ،‬وغيُرهم‪ ،‬وانظر الصحيحة )‬
‫‪ (2036‬ومختصمممر اسمممتدراك المممذهبي علمممى الحممماكم )‬
‫‪ (3/1521‬والروض البسام )‪(1487‬‬
‫ل في هذا الفضل‪.‬‬ ‫ول شك أن معاوية داخ ٌ‬
‫روى الخلل في السممنة )‪ (2/433‬والللكممائي )‪(8/1445‬‬
‫عن عبد الملك بممن عبممد الحميممد الميممموني‪ ،‬قممال‪ :‬قلممت‬
‫لحمد بن حنبل‪ :‬أليس قال النبي صلى الله عليه وسلم‪:‬‬

‫‪ 9‬وأسهب في تجويز أن يقال "معاوية خال المؤمنين"‪ :‬أبويعلى‬


‫الفراء في كتابه‪ :‬تنمزيه خال المؤمنين )ص ‪ 106‬وما بعده‪،‬‬
‫طبعة دار النبلء‪ ،‬وص ‪ 74‬تحقيق الفقيهي(‬

‫‪12‬‬
‫صهر ونسب ينقطع إل صممهري ونسممبي؟ قممال‪ :‬بلممى‪.‬‬ ‫ل ِ‬‫ك ّ‬
‫قلت‪ :‬وهذه لمعاوية؟ قال‪ :‬نعم! له صهر ونسب‪.‬‬
‫ت المام أحمد للحديث‪.‬‬ ‫إسناده صحيح‪ ،‬ويستفاد ُ منه تثبي ُ‬
‫ومن فضائل معاوية‪:‬‬
‫روى البخاري في صحيحه )‪ 6/102‬رقم ‪ 2924‬مع‬
‫حَرام النصارية رضي الله عنها أنها‬ ‫الفتح( عن أم َ‬
‫ش‬
‫ل جي ٍ‬ ‫سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول‪" :‬أو ُ‬
‫حَرام‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫جبوا"‪ .‬قالت أم َ‬ ‫متي َيغزون البحر قد أو َ‬ ‫من أ ّ‬
‫ت فيهم"‪ .‬ثم‬ ‫قلت‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬أنا فيهم؟ قال‪" :‬أن ِ‬
‫متي‬ ‫ُ‬ ‫قال النبي صلى الله عليه وسلم‪" :‬أو ُ‬
‫ش من أ ّ‬ ‫جي ٍ‬ ‫ل َ‬
‫َيغزون مدينة َقيصَر مغفوٌر لهم"‪ .‬فقلت‪ :‬أنا فيهم يا‬
‫رسول الله؟ قال‪" :‬ل"‪.‬‬
‫مهّلب‬ ‫ن حجر والبدر العيني في شرحهما عن ال ُ‬ ‫ونقل اب ُ‬
‫فَرة الندلسي )ت ‪ (435‬أنه قال‪" :‬في هذا‬ ‫ص ْ‬
‫بن أبي ُ‬
‫ة‬
‫ة لمعاوية‪ ،‬لنه أول من غزا البحر‪ ،‬ومنقب ٌ‬ ‫الحديث منقب ٌ‬
‫ة قيصر"‪.‬‬ ‫لولده يزيد لنه أول من غزا مدين َ‬
‫ً‬
‫ة ابَنه َيزيد أميرا على الجيش سنة‬ ‫قلت‪ :‬أرسل معاوي ُ‬
‫ثنتين وخمسين‪ ،10‬حتى وصل أسوار القسطنطينية‪،‬‬
‫ومعه عدد من الصحابة رضوان الله عليهم‪ ،‬منهم عبد‬
‫الله بن عمر‪ ،‬وعبد الله بن الزبير‪ ،‬وعبد الله بن عباس‪،‬‬
‫دفن عند‬ ‫ومنهم أبوأيوب النصاري‪ ،‬وقد توفي هناك‪ ،‬و ُ‬
‫سورها كما أوصى يزيد َ بذلك‪.‬‬
‫َ‬
‫ت‬ ‫جبوا‪ :‬أي فعلوا ِفعل ً وَ َ‬
‫جب َ ْ‬ ‫ن حجر وغيُره‪ :‬معنى أو َ‬ ‫قال اب ُ‬
‫لهم به الجّنة‪.‬‬

‫‪ 10‬على قول أكثر العلماء‪ ،‬وقيل قبلها بسنة‪ ،‬وقيل سنة خمس‬
‫ن كثير وابن حجر وغيُرهما الول‪ ،‬وقد ثبت‬
‫وخمسين‪ ،‬واختار اب ُ‬
‫أن أمير تلك الغزوة يزيد‪ ،‬كما في صحيح البخاري )‪(1186‬‬
‫وغيره‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫ة‬
‫فريابي‪ :‬وكان أول من غزا ]يعني البحر[ معاوي ُ‬ ‫وقال ال ِ‬
‫في زمن عثمان بن عفان‪) .‬الشريعة للجري ‪5/2441‬‬
‫رقم ‪(1922‬‬
‫وعلى ذلك المؤّرخون‪ ،‬وقال ابن عبد البر في التمهيد )‬
‫غزاةَ‬‫ت أن َ‬ ‫علم ُ‬
‫سمَير فيما َ‬ ‫ف أه ُ‬
‫ل ال ّ‬ ‫‪" :(1/242‬لم يخَتل ْ‬
‫ت معه‬ ‫ث هذا الباب إذ ْ غ ََز ْ‬‫معاوية هذه المذكورة ُ في حدي ِ‬
‫عثمان"‪.‬‬‫خلفة ُ‬ ‫حَرام كانت في ِ‬ ‫م َ‬
‫أ ّ‬
‫ح القوال في غزوة معاوية أنها‬ ‫ن أص ّ‬
‫جر إ ّ‬
‫ح َ‬
‫ن َ‬
‫وقال اب ُ‬
‫كانت سنة ثمان وعشرين‪) .‬فتح الباري ‪(76-11/75‬‬
‫فضيلة أخرى تتصل بسابقتها‪:‬‬
‫روى البخاري )‪ 6282‬و ‪ (6283‬ومسلم )‪ (1912‬عن‬
‫حَرام ‪-‬وهي خالة أنس‪،‬‬ ‫أنس رضي الله عنه‪ ،‬عن أم َ‬
‫قالت‪:‬‬
‫دنا‪،‬‬
‫ل عن َ‬ ‫قا َ‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم يوما فَ َ‬ ‫أتانا النب ّ‬
‫ل الله؛‬‫ك يا رسو َ‬ ‫ك‪ ،‬فقلت‪ :‬ما ُيضحك َ‬ ‫ظ وهو َيضح ُ‬ ‫فاستيق َ‬
‫متي َيركبون‬ ‫ُ‬
‫ت قوما من أ ّ‬ ‫مي؟ قال‪" :‬أري ُ‬ ‫ت وأ ّ‬ ‫بأبي أن َ‬
‫ه أن‬ ‫َ‬
‫سّرة"‪ .‬فقلت‪ :‬ادع ُ الل َ‬ ‫ك على ال ِ‬ ‫ملو ِ‬ ‫ظهَر البحر كال ُ‬
‫م نام‪،‬‬ ‫ك منهم"‪ .‬قالت‪ :‬ث ّ‬ ‫يجعَلني منهم‪ .‬قال‪" :‬فإن ّ ِ‬
‫ظ أيضا ً وهو َيضحك‪ ،‬فسألُته‪ ،‬فقال مثل مقالته‪،‬‬ ‫فاستيق َ‬
‫ت من‬ ‫ت‪ :‬ادع ُ الله أن يجعلني منهم‪ .‬قال‪" :‬أن ِ‬ ‫فقل ُ‬
‫الّولين"‪.‬‬
‫د‪ ،‬فغََزا في البحر؛‬ ‫مت بع ُ‬‫دة بن الصا ِ‬ ‫عبا َ‬‫جها ُ‬ ‫قال‪ :‬فتزوّ َ‬
‫ما أن جاءت قَّرَبت لها بغلة فركَبتها‪،‬‬ ‫مَعه‪ ،‬فل ّ‬ ‫مَلها َ‬ ‫ح َ‬‫ف َ‬
‫قها"‪.‬‬ ‫ت ع ُن ُ ُ‬ ‫صَرع َْتها؛ فان ْد َقّ ْ‬ ‫ف َ‬
‫ن عبد البر‬ ‫ن حجر في الفتح )‪" :(11/74‬قال اب ُ‬ ‫قال اب ُ‬
‫ه أعلم‪ -‬أّنه رأى الُغزاة َ في‬ ‫]التمهيد ‪ :[1/232‬أراد َ ‪-‬والل ُ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫سرة في الجّنة‪ ،‬وُرؤياهُ‬ ‫ملوكا على ال ّ‬ ‫مته ُ‬
‫من أ ّ‬‫البحرِ ِ‬

‫‪14‬‬
‫ل الجّنة‪) :‬على‬ ‫صفةِ أه ِ‬ ‫ي‪ ،‬وقد قال الله تعالى في ِ‬ ‫ح ٌ‬ ‫وَ ْ‬
‫كئون(‪ ،‬والرائ ُ‬
‫ك‪:‬‬ ‫مت ّ ِ‬ ‫َ‬
‫ك ُ‬ ‫متقاِبلين(‪ ،‬وقال‪) :‬على الرائ ِ ِ‬ ‫سُررٍ ُ‬ ‫ُ‬
‫حجال‪] .‬انتهى كلم ابن عبد البر[‬ ‫سُرُر في ال ِ‬ ‫ال ّ‬
‫خَبرا‬‫ن َ‬ ‫ل أيضا أن َيكو َ‬ ‫م ُ‬ ‫محَتمل‪ ،‬وُيحت َ َ‬ ‫عياض‪ :‬هذا ُ‬ ‫وقال ِ‬
‫رهم‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م ِ‬ ‫سعَةِ أحوالهم‪ ،‬وقوام ِ أ ْ‬ ‫من َ‬ ‫حاِلهم في الغَْزو ِ‬ ‫عن َ‬ ‫َ‬
‫ك على‬ ‫عددهم‪ ،‬فكأنهم الملو ُ‬ ‫جودة ُ‬ ‫ددهم‪ ،‬و َ‬ ‫وكثرةِ ع َ َ‬ ‫َ‬
‫سّرة‪.‬‬ ‫ال َ ِ‬
‫ن‬ ‫قلت‪ :‬وفي هذا الحتمال بعد‪ ،‬والو ُ َ‬
‫ل أظهُر‪ ،‬لك ّ‬ ‫ُ ٌ‬
‫ه رأى ما‬ ‫ل على أن ّ ُ‬ ‫معظ َم ِ ط ُُرِقه ي َد ُ ّ‬ ‫ل في ُ‬ ‫ن بالتمثي ِ‬ ‫التيا َ‬
‫ك الحالة‪ ،‬أو‬ ‫ل إليه أمُرهم‪ ،‬ل أنهم نالوا ذلك في ِتل َ‬ ‫يؤو ُ‬
‫ُ‬
‫موقعُ التشبيه أنهم فيما هم من الّنعيم الذي أثيُبوا به‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫على جهادهم مث ُ‬
‫سّرتهم‪ ،‬والتشبي ُ‬ ‫ل ملوك الدنيا على أ ِ‬
‫س السامع"‪.‬‬ ‫َ‬
‫بالمحسوسات أبلغُ في نف ِ‬
‫ل العظيم‪ ،‬كان معاوية من أولى‬ ‫فإذا تبّين هذا الفض ُ‬
‫دم‬
‫الناس به‪ ،‬إذ أنه أميُر تلك الغزاة بالتفاق؛ كما تق ّ‬
‫ن عبد البر عن هذا الحديث في‬ ‫قريبا‪ ،‬وقد قال اب ُ‬
‫ل لمعاوية رحمه الله‪ ،‬إذ‬‫التمهيد )‪" :(1/235‬وفيه فض ٌ‬
‫من الّولين"‪.‬‬‫ت راي َِته ِ‬ ‫من َ‬
‫غزا تح َ‬ ‫جعَ َ‬
‫ل َ‬ ‫َ‬
‫ده الجري )‪ (5/2441‬والللكائي )‪ (8/1438‬وغيرهما‬ ‫وع ّ‬
‫من فضائل معاوية رضي الله عنه‪.‬‬
‫ومما يتصل بفضائل معاوية‪:‬‬
‫روى المام مسلم في صحيحه )‪ 2010-4/2009‬رقم‬
‫ره‪:‬‬
‫‪ (2603‬حديث أنس رضي الله عنه مرفوعا‪ ،‬وفي آخ ِ‬
‫شْرطي على ربي؟ أّني‬ ‫ن أن َ‬‫سليم؛ أما تعلمي َ‬‫"يا أم ُ‬
‫ت‪ :‬إنما أنا بشٌر أرضى كما‬
‫ت على ربي فقل ُ‬ ‫اشترط ُ‬
‫ب كما يغضب البشر‪ ،‬فأيما أحد‬ ‫يرضى البشر؛ وأغض ُ‬

‫‪15‬‬
‫ل أن تجعَلها له‬ ‫ت عليه من أمتي بدعوة ليس لها بأه ٍ‬ ‫دعو ُ‬
‫طهورا وزكاة وُقربة ُتقربه بها منه يوم القيامة"‪.‬‬
‫ون لها النوويّ بقوله‪:‬‬ ‫وسبق ذلك عدة أحاديث مثله‪ ،‬ع َن ْ َ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم أو سّبه أو‬ ‫ه النب ّ‬
‫من لَعن ُ‬ ‫"باب َ‬
‫دعا عليه وليس هو أهل لذلك؛ كان له زكاة ً وأجرا‬
‫ن الباب‬‫ضم َ‬ ‫قَبها مباشرة ِ‬ ‫م عَ ِ‬
‫ورحمة"‪ ،‬ثم أورد مسل ٌ‬
‫ن عباس رضي‬ ‫نفسه )‪ 4/2010‬رقم ‪ (2604‬حديث اب َ‬
‫صبيان‪ ،‬فجاء رسو ُ‬
‫ل‬ ‫ب مع ال ّ‬ ‫ت ألع ُ‬‫الله عنهما قال‪" :‬كن ُ‬
‫ف باب‪ ،‬قال‪:‬‬ ‫ت خل َ‬ ‫الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فتواري ُ‬
‫ح ْ‬ ‫َ‬
‫ب وادع ُ لي معاوية‪،‬‬ ‫طأة‪ ،‬وقال‪ :‬اذه ْ‬ ‫حط َأني َ‬ ‫فجاء ف َ‬
‫ت فقلت‪ :‬هو يأكل‪ .‬قال‪ :‬ثم قال لي‪ :‬اذهب‬ ‫قال‪ :‬فجئ ُ‬
‫ت فقلت‪ :‬هو يأكل‪ ،‬فقال‪ :‬ل‬ ‫فادع ُ لي معاوية‪ .‬قال‪ :‬فجئ ُ‬
‫أشبع الله بطَنه"‪.‬‬
‫قلت‪ :‬والعلماُء المعت ََبرون فهموا واستنبطوا من الحديث‬
‫ة لمعاوية رضي الله عنه‪ ،‬فصنيعُ المام مسلم‬ ‫منقب ً‬
‫م النووي في تبويبه‬‫كد عليه الما ُ‬‫ح في ذلك‪ ،‬وأ ّ‬‫صري ٌ‬
‫وشرحه للصحيح‪ ،‬فقال )‪" :(16/156‬وقد فهم مسلم‬
‫رحمه الله من هذا الحديث أن معاوية لم يكن مستحقا‬
‫للدعاء عليه‪ ،‬فلهذا أدخله في هذا الباب‪ ،‬وجعله غيُره‬
‫من مناقب معاوية؛ لنه في الحقيقة يصير دعاء له"‪،‬‬
‫وأشار لهذا البيهقي في دلئل النبوة )‪ (6/243‬وعنده‬
‫زيادة‪" :‬فما شبع بطنه أبدا"‪ ،‬وكذلك قرن الحديثين معا ً‬
‫ظ الذهبي في السير )‪ 3/124‬و ‪ ،(14/130‬وفي‬ ‫الحاف ُ‬
‫ن كثير في البداية والنهاية‬ ‫تذكرة الحفاظ )‪ ،(2/699‬واب ُ‬
‫دوه من فضائل‬‫)‪ 11/402‬ط‪ .‬التركي( وغيُرهما‪ ،‬وع ّ‬
‫معاوية‪.11‬‬
‫من الشيخ ربيع بن عبد الرؤوف الزواوي وفقه‬ ‫‪ 11‬أعجبتني َلفت ٌ‬
‫ة ِ‬
‫الله إذ يقول‪" :‬انظر إلى أهل العلم كيف يبحثون عن الفضائل‪،‬‬
‫مت‬ ‫مَتفّرَقها‪ ،‬لن قلوَبهم َ‬
‫سل ِ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫وَيجمعون شتاتها‪ ،‬وُير ّ‬
‫كبو َ‬
‫‪16‬‬
‫دنياه‬
‫ة بهذه الدعوة في ُ‬ ‫وقال ابن كثير‪" :‬وقد انتفعَ معاوي ُ‬
‫وُأخراه‪ ،‬أما فى دنياه فإنه لما صار إلى الشام أميرا ً كان‬
‫م كثير‬ ‫ل في اليوم سبعَ مرات‪ُ ،‬يجاء بقصعةٍ فيها لح ٌ‬ ‫يأك ُ‬
‫ل فيأكل منها‪ ،‬ويأكل فى اليوم سبع أكلت بلحم‪،‬‬ ‫وبص ٌ‬
‫ومن الحلوى والفاكهة شيئا كثيرا‪ ،‬ويقول‪) :‬والله ما‬
‫ب فيها ك ّ‬
‫ل‬ ‫ة ومعدة ٌ يرغ ُ‬ ‫أشبع‪ ،‬وإنما أعيا(‪ ،‬وهذه نعم ٌ‬
‫الملوك"‪.‬‬
‫وقال عبد الله بن جعفر بن فارس في زياداته على‬
‫مسند الطيالسي )‪ 4/465‬ط‪ .‬التركي(‪" :‬معناه ‪-‬والله‬
‫من‬ ‫نم ّ‬‫أعلم‪ :‬ل أشبعَ الله بطَنه في الدنيا حتى ل يكو َ‬
‫ي صّلى الله عليه‬ ‫م القيامة‪ ،‬لن الخبَر عن النب ّ‬ ‫يجوع ُ يو َ‬
‫ل الناس شَبعا ً في الدنيا أطوَُلهم‬ ‫وسلم أنه قال‪ :‬أطو ُ‬
‫م القيامة"‪.‬‬‫جوعا ً يو َ‬‫ُ‬
‫ومما أفاده النوويّ رحمه الله في شرحه لعبارة "ل‬
‫سّبه ]صلى الله عليه‬ ‫أشبع الله بطنه"‪" :‬إن ما وقع من َ‬
‫ت‬
‫جَر ْ‬
‫وه ليس بمقصود‪ ،‬بل هو مما َ‬ ‫وسلم[ ودعائه ونح ِ‬
‫ل كلمها بل نّية‪ ،‬كقوله‪ :‬ت َرَِبت‬
‫ص ِ‬‫به عادة ُ العرب في وَ ْ‬
‫قى‪ ،‬وفي هذا الحديث‪ :‬ل كبرت‬ ‫حل ْ َ‬‫قَرى‪ ،‬و َ‬
‫يميُنك‪ ،‬وع َ ْ‬
‫سّنك‪ ،‬وفي حديث معاوية‪ :‬ل أشبع الله بطنه‪ ،‬ونحو‬
‫دعاء‪ ،‬فخاف‬ ‫ة ال ّ‬
‫ذلك‪ ،‬ل يقصدون بشيء من ذلك حقيق َ‬
‫صلى الله عليه وسلم أن يصادف شيء من ذلك إجابة‪،‬‬
‫فسأل رّبه سبحانه وتعالى ورغب إليه في أن يجعل ذلك‬
‫طهورا وأجرا‪ ،‬وإنما كان يقع هذا‬ ‫ة وكفارة وُقربة و َ‬ ‫رحم ً‬
‫منه في النادر والشاذ من الزمان‪ ،‬ولم يكن صلى الله‬

‫ض أهل‬
‫لصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم‪ ،‬واليوم يبت ُُر بع ُ‬
‫ذنوبا ونقائص ي ُط ِْلقون اللسنة‬
‫الكلم النصوص؛ ليخترع للقوم ُ‬
‫ف بين الصحابة‬ ‫ُ‬
‫بها"‪) .‬تصحيح الفهام حول ما أثير من خل ٍ‬
‫كرام ص ‪(62‬‬
‫ال ِ‬

‫‪17‬‬
‫منتقما‬
‫عليه وسلم فاحشا ول متفحشا ول لّعانا ول ُ‬
‫لنفسه"‪.‬‬
‫من نظائر ذلك قوُله صلى‬ ‫وأفاد بعض طلبة العلم أن ِ‬
‫معاذ"‪ ،‬ومن كلم العرب‬ ‫م َ‬ ‫الله عليه وسلم‪" :‬ثكلت َ ُ‬
‫ك يا ُ‬ ‫كأ ّ‬
‫الذي ل ُيقصد معناه‪ :‬ل أبا لك‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬
‫وقد أطنب المام اللباني في معنى هذا الحديث‬
‫)السلسلة الصحيحة ‪ 167-1/164‬رقم ‪ 82‬و ‪ 83‬و ‪(84‬‬
‫‪ -‬وكذلك روى مسلم في صحيحه )‪ (1480‬حديث‬
‫فاطمة بنت قيس رضي الله عنها؛ لما طلقها زوجها‪،‬‬
‫حَلل ِ‬
‫ت‬ ‫فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم‪" :‬إذا َ‬
‫معاوية بن أبي‬ ‫ن ُ‬ ‫ت له أ ّ‬ ‫ت ذ َك َْر ُ‬ ‫حل َل ْ ُ‬
‫ما َ‬ ‫فآِذنيني"‪ ،‬قالت‪ :‬فل ّ‬
‫ل الله صلى الله‬ ‫طباني‪ ،‬فقال رسو ُ‬ ‫خ َ‬ ‫جهْم ٍ َ‬ ‫سفيان وأبا َ‬ ‫ُ‬
‫قه‪ ،‬وأما‬ ‫عصاه ُ عن عات ِ ِ‬ ‫ضعُ َ‬ ‫جهم ٍ فل ي َ َ‬ ‫ما أبو َ‬ ‫عليه وسلم‪" :‬أ ّ‬
‫ل له‪ "..‬الحديث‪.‬‬ ‫ك ل ما َ‬ ‫صْعلو ٌ‬ ‫معاوية ف ُ‬ ‫ُ‬
‫ل‬‫ب ل ما َ‬ ‫ل ت َرِ ٌ‬ ‫ج ٌ‬‫ة فَر ُ‬ ‫معاوي ُ‬ ‫وفي رواية عند مسلم‪" :‬أما ُ‬
‫ب للّنساء"‪.‬‬ ‫ضّرا ٌ‬ ‫ل َ‬ ‫جهم ٍ فرج ٌ‬ ‫له‪ ،‬وأما أبو َ‬
‫ف الحال‪،‬‬ ‫خفي ُ‬ ‫ب َ‬ ‫ة ت َرِ ٌ‬‫معاوي َ‬ ‫ن ُ‬‫وفي رواية عنده أيضا‪" :‬إ ّ‬
‫ب الّنساَء‪ ،‬أو‬ ‫شد ّة ٌ على الّنساِء‪ ،‬أو َيضرِ ُ‬ ‫جهم ِ منه ِ‬ ‫وأبوال َ‬
‫‪12‬‬
‫نحو هذا" ‪.‬‬
‫قهِ شيٌء لذ َك ََره‬ ‫خل ُ ِ‬
‫ة أو ُ‬
‫معاوي َ‬‫ن ُ‬
‫قلت‪ :‬لو كان في دي ِ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم من باب أولى‪ ،‬ولم يكن من‬ ‫النب ّ‬
‫ل‬
‫ت اليد وقَتها‪ ،‬إذ كان في أوّ ِ‬ ‫ب إل أنه خفيف ذا ِ‬‫حاله عي ٌ‬
‫ن في قصة‬ ‫ُ‬
‫شباِبه رضي الله عنه‪ ،‬وحاله في المال يتبي ّ ُ‬
‫ي‬ ‫ُ‬
‫هند َ ‪-‬في البخاري ومسلم‪ -‬وفيها أنها سألت النب ّ‬ ‫مه ِ‬‫أ ّ‬

‫‪ 12‬فائدة‪ :‬قال الترمذي )رقم ‪ (1134‬عقب حديث فاطمة‬


‫السابق‪" :‬معنى هذا الحديث عندنا ‪-‬والله أعلم‪ -‬أن فاطمة لم‬
‫شر عليها بغير الذي‬
‫ه لم ي ُ ِ‬
‫رضاها بواحدٍ منهما‪ ،‬ولو أخب ََرت ْ ُ‬
‫خب ِْرهُ ب ِ‬
‫تُ ْ‬
‫ذ َك ََرت"‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫ح‪،‬‬
‫شحي ٌ‬ ‫ل َ‬ ‫سفيان رج ٌ‬ ‫ن أبا ُ‬
‫صلى الله عليه وسلم‪" :‬إ ّ‬
‫َ‬
‫وليس ُيعطيني ما َيكفيني ووََلدي؛ إل ما أ َ‬
‫منه وهو‬ ‫خذ ْ ُ‬
‫ت ِ‬
‫ك بالمعروف"‪.‬‬ ‫ك ووَل َد َ ِ‬
‫خذي ما َيكفي ِ‬
‫ل َيعلم؟ قال‪ُ :‬‬
‫ومن فضائل معاوية‪:‬‬
‫روى ابن سعد )‪ 1/112‬تحقيق السلومي( ومن طريقه‬
‫ابن عساكر )‪ (59/153‬عن مرجانة أم علقمة‪ 13‬قالت‪:‬‬
‫ل إلى‬‫ن المدينة‪ ،‬فأرس َ‬ ‫ة بن أبي سفيا َ‬ ‫م معاوي ُ‬ ‫"قَد ِ َ‬
‫ل الله صلى الله‬ ‫َ‬
‫ي َ بأنبجانّية رسو ِ‬ ‫سلي إل ّ‬ ‫ة‪ :‬أن أْر ِ‬ ‫عائش َ‬
‫ت به معي‪ ،‬حتى دخل ْ ُ‬
‫ت به‬ ‫سل َ ْ‬‫ره‪ ،‬فأْر َ‬ ‫شعْ ِ‬‫عليه وسلم و َ‬
‫شعَْره فدعا بماء‬‫سها‪ ،‬وأخذ َ َ‬ ‫ة فََلب َ‬
‫عليه‪ ،‬فأخذ َ النبجاني َ‬
‫ده"‪.‬‬‫جل ْ ِ‬
‫ض على ِ‬ ‫شرَِبه وأفا َ‬ ‫فََغسَله‪ ،‬ف َ‬
‫وسنده جيد‪.‬‬
‫ومن فضائل معاوية‪:‬‬
‫سفيان‪ ،‬وأم معاوية رضي‬
‫هند بنت ع ُْتبة )امرأة أبي ُ‬
‫عن ِ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬‫الله عنهم( أنها جاءت إلى النب ّ‬
‫‪ 13‬ومرجانة بّين حالها بشار عواد في تحرير التقريب )‪(4/433‬‬
‫فقال‪" :‬صدوقة حسنة الحديث‪ ،‬فقد روى عنها ابُنها علقمة‪،‬‬
‫وُبكير بن الشج‪ ،‬وعّلق لها البخاري في صحيحه بصيغة الجزم‬
‫في الصيام‪ :‬باب الحجامة والقيء للصائم‪ ،‬ووصله في التاريخ‬
‫الكبير ‪ ،2/180‬وقال العجلي‪ :‬مدنية تابعية ثقة‪ ،‬وذكرها ابن‬
‫حبان في الثقات‪ ،‬وهي من رواة الموطأ‪ ،‬وهي مولة عائشة"‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وقد صحح لها العلماء‪ ،‬مثل الترمذي وابن خزيمة وابن‬
‫حبان والحاكم وابن عبد البر في التمهيد )‪ (20/108‬وغيرهم‪،‬‬
‫وقال ابن سعد في الطبقات )‪ :(8/490‬روى عنها ابنها علقمة‬
‫بن أبي علقمة أحاديث صالحة‪ .‬قلت‪ :‬علقمة هو الراوي عنها‬
‫حسن‪،‬‬ ‫ههنا‪ ،‬فالقلب ل يرتاب في ثبوت الثر‪ ،‬وأن أقل أحواله ال ُ‬
‫ت الكلم في ثقة مرجانة لعدم اجتماع ذلك في مظان‬ ‫وإنما أطل ُ‬
‫ترجمتها‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫ل الله‪ ،‬والله ما كان على ظهر الرض‬ ‫فقالت‪ :‬يا رسو َ‬
‫ه من أهل خبائك‪،‬‬ ‫ي من أن ي ُذ ِل ّهُ ُ‬
‫م الل ُ‬ ‫ب إل ّ‬ ‫خباء أح ّ‬‫ل ِ‬‫أه ُ‬
‫ي‬ ‫ب إل ّ‬ ‫ثم ما أصبح اليوم على ظهر الرض أهل خباء أح ّ‬
‫من أن ُيعّزهم الله من أهل خبائك‪ .‬فقال النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم‪" :‬وأيضا والذي نفسي بيده"‪ ..‬الحديث‪.‬‬
‫رواه البخاري في مناقب هند من صحيحه )رقم ‪(3825‬‬
‫وكذا مسلم )‪ 3/1339‬رقم ‪(1714‬‬
‫قال ابن كثير في البداية والنهاية )‪ 11/411‬ط‪.‬‬
‫مدحة في قوله "وأيضا والذي نفسي‬ ‫التركي(‪" :‬فال ِ‬
‫بيده"‪ ،‬وهو أنه ]صلى الله عليه وسلم[ كان ي َوَد ّ أن هند َ‬
‫ل كافر َيذّلوا في حال كفرهم‪ ،‬فلما أسلموا‬ ‫وأهَلها وك ّ‬
‫ل خبائها"‪.‬‬ ‫ب أن ي َعِّزوا‪ ،‬فأعّزهم الله‪ ،‬يعني أه َ‬ ‫كان يح ّ‬
‫ل على تخصيص هند وأهل خبائها‬ ‫قلت‪ :‬والحديث يد ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫بالذات‪ ،‬ثم مما يؤكد ُ إعزاَز النب ّ‬
‫ة مع‬ ‫لها بعد السلم؛ أنه اسَتغفَر لها لما جاءته مبايع ً‬
‫ن واستغفر لهن‬ ‫ل الله تعالى‪) :‬فبايعهُ ّ‬ ‫النساء‪ ،‬فَنزل قو ُ‬
‫ف المبايعات في اليات بأنهن من‬ ‫الله(‪ ،‬وجاء وص ُ‬
‫وام‬ ‫جة لق ّ‬ ‫ح ّ‬
‫)المؤمنات(‪] .‬الممتحنة آية‪ 12 :‬وانظر ال ُ‬
‫سّنة الصبهاني ‪ ،[2/571‬والحديث السابق َيدخ ُ‬
‫ل‬ ‫ال ُ‬
‫ة في فضله‪ ،‬فهو من أهل خباء هند‪.‬‬ ‫معاوي ُ‬
‫ة خاصة عند رسول الله‬
‫وكانت لمعاوية منيزل ٌ‬
‫صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫روى مسلم في صحيحه )‪ 4/2075‬رقم ‪ (2701‬عن أبي‬
‫ة علممى‬ ‫ج معاويم ُ‬
‫سعيد الخدري رضي الله عنه‪ ،‬قممال‪ :‬خممر َ‬
‫جل َ ْ‬
‫سممنا‬ ‫سممكم؟ قممالوا‪َ :‬‬‫قة في المسجد‪ ،‬فقممال‪ :‬ممما أجل َ َ‬ ‫حل ْ َ‬
‫َ‬
‫سممكم إل ذاك؟ قممالوا‪ :‬واللممه‬ ‫َ‬ ‫َنذ ُ‬
‫كر الله‪ .‬قال‪ :‬آلله! ما أجل َ‬
‫ما أجلسنا إل ذاك‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫َ‬
‫ة لكم‪ ،‬وما كان أحد ٌ‬ ‫فكم ُتهم ً‬ ‫حل ِ ْ‬ ‫ما إني لم أست َ ْ‬ ‫قال‪ :‬أ َ‬
‫ه‬
‫عن ُ‬
‫ل َ‬ ‫ل الله صلى الله عليه وسلم أق ّ‬ ‫من رسو ِ‬ ‫بمْنمزَِلتي ِ‬
‫خَرج‬ ‫ل الله صلى الله عليه وسلم َ‬ ‫ن رسو َ‬ ‫مّني‪ ،‬وإ ّ‬ ‫حديثا ً ِ‬
‫كم؟" قالوا‪:‬‬ ‫س ُ‬ ‫من أصحاِبه‪ ،‬فقال‪" :‬ما أجل َ َ‬ ‫حل ْ َ‬
‫قة ٍ ِ‬ ‫على َ‬
‫ن به‬‫م ّ‬ ‫ده على ما هدانا للسلم؛ و َ‬ ‫ه وَنحم ُ‬ ‫سنا َنذكُر الل َ‬ ‫جل َ ْ‬
‫َ‬
‫سكم إل ذاك؟" قالوا‪ :‬والله ما‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫علينا‪ .‬قال‪" :‬آلله! ما أجل َ‬
‫ة لَ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫كم‪،‬‬ ‫كم ُتهم ً‬‫ف ُ‬‫حل ِ ْ‬‫ما إني لم أست َ ْ‬‫سنا إل ذاك‪ .‬قال‪" :‬أ َ‬ ‫أجل َ َ‬
‫ل ُيباهي بكم‬ ‫ل فأخبرني أن الله عّز وج ّ‬ ‫ه أتاني جبري ُ‬ ‫ولكن ّ ُ‬
‫الملئكة"‪.‬‬
‫ل معاوية‪" :‬وما كان أحد ٌ‬ ‫والشاهد من الحديث قو ُ‬
‫ه‬
‫عن ُ‬
‫ل َ‬ ‫ل الله صلى الله عليه وسلم أق ّ‬ ‫من رسو ِ‬ ‫بمْنمزَِلتي ِ‬
‫مّني"‪.‬‬ ‫حديثا ً ِ‬
‫ورواه ابن أبي عاصم في الحاد والمثاني )‪ 1/380‬رقم‬
‫‪ (518‬والطبراني )‪ 19/363‬رقم ‪ (854‬والجري )‬
‫سامي‪ ،‬عن سعيد‬ ‫‪ (1947‬من ط ُُرق عن عبد العلى ال ّ‬
‫جَريري‪ ،‬عن عبد الله بن ُبريدة عن معاوية‪ ،‬بزيادة‪:‬‬ ‫ال ُ‬
‫ُ‬
‫ل له ناقََته"‪.‬‬ ‫ت في ك ُّتاِبه‪ ،‬وكنت أَر ّ‬
‫ح ُ‬ ‫ت خت ََنه‪ ،‬وكن ُ‬ ‫"كن ُ‬
‫ده صحيح‪ ،‬رجاله ثقات‪ ،‬وعبد العلى سمع من‬ ‫وسن ُ‬
‫الجريري قبل اختلطه‪.‬‬
‫ده الجري من فضائل معاوية‪.‬‬ ‫والحديث ع ّ‬
‫ومن دلئل النبوة الخبار بخلفة معاوية‪:‬‬
‫ُروي في التصريح بذلك حديث‪:‬‬
‫ل الله‬ ‫ن معاوية أخذ الداوة بعد َ أبي هريرة ي َت ْب َعُ رسو َ‬ ‫أ ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم بها‪ ،‬واشتكى أبوهريرة‪ ،‬فبينا هو‬
‫ه إليه‬‫س ُ‬‫ل الله صلى الله عليه وسلم َرفَعَ رأ َ‬ ‫ئ رسو َ‬ ‫ض ُ‬ ‫ي ُوَ ّ‬
‫َ‬
‫تأ ْ ً‬
‫مرا َفات ّ ِ‬
‫ق‬ ‫ن وَل ِي ْ َ‬
‫ن‪ ،‬فقال‪" :‬يا معاوية‪ ،‬إ ْ‬ ‫مّرتي ِ‬
‫مّرة ً أو َ‬‫َ‬
‫ل واع ْد ِ ْ‬
‫ل"‪.‬‬ ‫الله عّز وج ّ‬

‫‪21‬‬
‫َ‬
‫ي صلى‬
‫ل الّنب ّ‬
‫قو ِ‬
‫ل لِ َ‬
‫م ٍ‬
‫ى بعَ َ‬
‫مبتل ‪ً14‬‬
‫ن أّني ُ‬ ‫ت أظ ُ ّ‬
‫قال‪ :‬فما زِل ْ ُ‬
‫ت‪.‬‬‫الله عليه وسلم حتى ابت ُِلي ُ‬
‫ل للتحسين‪ ،‬كما ذهب البيهقي‬ ‫ب قاب ٌ‬‫وهو حديث مقار ٌ‬
‫والذهبي‪.‬‬
‫ة‬
‫ومن دلئل النبوة في الخبار بأن وليته رحم ٌ‬
‫على المة‪:‬‬
‫‪ 14‬رواه ابن سعد )‪ 1/107‬السلومي( وأحمد )‪ 4/101‬واللفظ‬
‫له( وابن أبي الدنيا )البداية والنهاية ‪ 11/412‬هجر( والجري )‬
‫‪ 5/2477‬رقم ‪ (1968‬والللكائي )‪ (8/1439‬وابن عساكر )‬
‫‪ (59/107‬من طريق عمرو بن يحيى بن سعيد‪ ،‬قال‪ :‬سمعت‬
‫دث‪ :‬أن معاوية‪..‬‬ ‫دي يح ّ‬ ‫ج ّ‬‫َ‬
‫وهذا رجاله ثقات‪ ،‬وسعيد هو ابن عمرو بن سعيد بن العاص‬
‫موي‪ ،‬من علماء قريش‪ ،‬وقرابة معاوية‪ ،‬وكان أبوه من ُولة‬ ‫ُ‬
‫ال َ‬
‫معاوية‪ ،‬وقد نص البخاريّ في تاريخه )‪ (3/496‬أن سعيدا سمع‬
‫من أبي هريرة وعائشة‪ ،‬وتوفيا قبل معاوية‪ ،‬رضي الله عن‬
‫الجميع‪.‬‬
‫سل‪ ،‬إذ لم ُيدرك سعيد ٌ‬ ‫مْر َ‬
‫لكن الحديث مرفوعا صورُته صورةُ ال ُ‬
‫القصة‪ ،‬ولذلك حكم الهيثمي بإرساله )المجمع ‪ ،(5/186‬وُروي‬
‫موصول‪:‬‬
‫فرواه أبويعلى )‪ 13/370‬رقم ‪ (7380‬عن سويد بن سعيد‪،‬‬
‫حدثنا عمرو عن جده‪ ،‬عن معاوية به‪.‬‬
‫ورواه البغوي في معجم الصحابة )‪ (5/371‬عن سويد‪ ،‬لكنه لم‬
‫يذكر الوصل بالعنعنة بين سعيد ومعاوية‪.‬‬
‫قال ابن حجر عن رواية أبي يعلى‪ :‬سويد فيه مقال )الصابة‬
‫‪ ،(9/233‬فزيادته في وصل السند ل تصح‪.‬‬
‫ورواه ابن منده )البداية والنهاية ‪ 11/412‬هجر( ومن طريقه‬
‫ابن عساكر )‪ (59/108‬بسند صحيح إلى بشر بن الحكم‪ ،‬نا‬
‫عمرو بن يحيى بن سعيد‪ ،‬عن جده‪ ،‬عن أبي هريرة‪ ،‬فذكره‪.‬‬
‫م أن سعيدا ً أخذه من أبي هريرة‪،‬‬ ‫ن دونه فَهِ َ‬‫م ْ‬
‫وأظن بشرا أو َ‬
‫وهو محتمل‪ ،‬وبشر ثقة‪ ،‬لكن المحفوظ في الرواية ما سبق‪.‬‬
‫وله طريق أخرى‪:‬‬

‫‪22‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية‪ :‬جرى بعد موت معاوية من‬
‫الفتن والفرقة والختلف ما ظهر به مصداقُ ما أخبر به‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬حيث قال‪" :‬سيكون نبوة‬
‫مل ْ ٌ‬
‫ك‬ ‫ورحمة‪ ،‬ثم يكون خلفة نبوة ورحمة‪ ،‬ثم يكون ُ‬
‫‪15‬‬
‫عضوض"‪.‬‬ ‫مل ْ ٌ‬
‫ك َ‬ ‫ورحمة‪ ،‬ثم يكون ُ‬
‫فكانت نبوة النبي صلى الله عليه وسلم نبوة ورحمة‪،‬‬
‫وكانت خلفة الخلفاء الراشدين خلفة نبوة ورحمة‪،‬‬
‫فرواه ابن أبي شيبة في مسنده )المطالب العالية ‪(16/434‬‬
‫وفي المصنف )‪ (11/147‬وابن أبي عاصم في الحاد والمثاني )‬
‫‪ 1/381‬رقم ‪ (522‬والطبراني في الكبير )‪ (19/362‬والوسط )‬
‫‪ 5/344‬رقم ‪ (5500‬والجري )‪ 5/2476‬رقم ‪ (1966‬والبيهقي‬
‫في الدلئل )‪ (6/446‬والديلمي في الفردوس )‪ (5/394‬وقوام‬
‫السنة الصبهاني في الحجة )‪ (2/402‬وابن عساكر )‪(59/110‬‬
‫ولؤلؤ في جزئه )‪ (9‬من طريق إسماعيل بن إبراهيم بن أبي‬
‫المهاجر‪ ،‬عن عبد الملك بن عمير‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ت أطمعُ في الخلفة منذ قال لي رسول الله‬ ‫قال معاوية‪ :‬ما زِل ْ ُ‬
‫َ‬
‫ن"‪.‬‬
‫س ْ‬
‫ح ِ‬ ‫مل َك ْ َ‬
‫ت فَأ ْ‬ ‫ن َ‬
‫صلى الله عليه وسلم‪" :‬إ ْ‬
‫ن كثير )البداية والنهاية ‪ 11/143‬هجر(‬ ‫ي واب ُ‬ ‫وأعّله البيهق ّ‬
‫والهيثمي )المجمع ‪ (5/189‬والبوصيري في إتحاف المهرة )‬
‫‪/3/73‬ب( بضعف إسماعيل‪ ،‬ونص الطبراني على تفرده عن‬
‫عبد الملك‪.‬‬
‫وقال الذهبي في السير )‪ :(3/131‬ابن مهاجر ضعيف‪ ،‬والخبر‬
‫مرسل‪.‬‬
‫وله طريق ثالثة‪:‬‬
‫يرويها الجراح بن مخلد‪ ،‬واخُتلف عليه‪:‬‬
‫فقال الطبراني في الوسط )‪ 352-2/351‬رقم ‪ :(2204‬حدثنا‬
‫ذجي‪.‬‬‫أحمد بن الحسين الي َ‬
‫وقال محمد بن مروان السعيدي في المجالسة ‪-‬ومن طريقه‬
‫ابن عساكر )‪ :(59/109‬نا أحمد بن سهل أبوغسان‪.‬‬
‫قال‪ :‬نا الجراح بن مخلد‪ ،‬نا غالب بن راشد‪ ،‬حدثني أبي‪ ،‬عن‬
‫غالب القطان‪ ،‬عن الحسن‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫مل ْ ٌ‬
‫ك‬ ‫ملكا ورحمة‪ ،‬وبعده وقع ُ‬
‫وكانت إمارة معاوية ُ‬
‫‪16‬‬
‫عضوض‪.‬‬
‫ومن دلئل النبوة‪:‬‬
‫روى مسلم في صحيحه )‪ (2531‬عن أبي موسى رضي‬
‫الله عنه‪ ،‬أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪:‬‬

‫وقال أبوالشيخ ابن حيان‪ ،‬ومن طريقه ابن عساكر )‪:(59/109‬‬


‫نا أحمد بن يحيى بن زهير التستري‪ ،‬وأبوبكر بن مكرم‪ ،‬قال‪ :‬نا‬
‫الجراح‪ ،‬نا غالب بن راشد‪ ،‬حدثني أبي‪ ،‬عن غالب القطان عن‬
‫الحسن‪.‬‬
‫ورواه ابن شاهين‪ ،‬ومن طريقه قوام السنة الصبهاني في‬
‫الحجة )‪ :(2/403‬من طريق إبراهيم بن عرق‪ ،‬ثنا الجراح بن‬
‫مخلد‪ ،‬ثنا يحيى بن غالب بن راشد‪ ،‬نا أبي‪ ،‬عن الحسن‪.‬‬
‫قال الحسن قال‪ :‬سمعت معاوية يقول‪:‬‬
‫ت يوما على رسول الله صلى الله عليه وسلم وضوءه‪،‬‬ ‫صبب ُ‬
‫ي‪ ،‬وقال‪:‬‬ ‫فرفع رأسه إل ّ‬
‫ل من‬‫متي بعدي‪ ،‬فإذا كان ذلك فاقب َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫مَر أ ّ‬
‫سَتلي أ ْ‬ ‫"أما إنك َ‬
‫مسيئهم"‪.‬‬ ‫سنهم وَتجاَوز عن ُ‬ ‫ح ِ‬‫م ْ‬
‫ُ‬
‫ت مقامي‪.‬‬ ‫ْ ُ‬‫م‬‫ُ‬ ‫ق‬ ‫حتى‬ ‫أرجوها‬ ‫ت‬
‫ُ‬ ‫زل‬ ‫فما‬ ‫قال‪:‬‬
‫ويظهر أن الختلف من الجراح‪ ،‬وهو ثقة‪ ،‬لكن من فوقه‬
‫مجاهيل‪ ،‬وحكم الذهبي على هذه الطريق بالوضع‪) .‬الميزان‬
‫‪ ،(4/402‬وأقره ابن حجر في اللسان )‪(6/273‬‬
‫وطريق رابعة‪:‬‬
‫روى الجري )‪ 5/2477‬رقم ‪ (1967‬من طريق أبي أمية‬
‫الطرطوسي‪ ،‬ثنا محمد بن موسى المصري‪ ،‬ثنا خالد بن يزيد بن‬
‫صالح بن صبيح‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله‬
‫عنهما قال‪:‬‬
‫ُ‬
‫ل الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم؛ أفْرِغُ‬ ‫ئ رسو َ‬‫ض ُ‬‫ت أو ّ‬
‫كن ُ‬
‫ت‪،‬‬ ‫ي نظرة شديدة‪ ،‬ففزع ُ‬ ‫عليه من إناء في يدي‪ ،‬فنظر إل ّ‬
‫فسقط الناء من يدي‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ل"‪.‬‬ ‫ق الله َواعْدِ ْ‬
‫متي فات ّ ِ‬
‫مرِ أ ّ‬‫نأ ْ‬ ‫ت شيئا ً ِ‬
‫م ْ‬ ‫ن ولي َ‬
‫"يا معاوية؛ إ ْ‬
‫‪24‬‬
‫َ‬
‫م أتى‬‫ت النجو ُ‬ ‫ة لهل السماء‪ ،‬فإذا ذ َهَب َ ْ‬ ‫من ٌ‬
‫"الّنجوم أ َ‬
‫ت أتى‬‫ة لصحابي‪ ،‬فإذا ذ َهَب ْ ُ‬ ‫من َ ٌ‬
‫عد‪ ،‬وأنا أ َ‬ ‫السماَء ما ُتو َ‬
‫متي‪ ،‬فإذا ذهب‬ ‫َ‬
‫عدون‪ ،‬وأصحابي أمن َ ٌ ُ‬
‫ةل ّ‬ ‫َ‬ ‫أصحابي ما يو َ‬
‫عدون"‪.‬‬‫متي ما يو َ‬ ‫ُ‬
‫أصحابي أتى أ ّ‬
‫وقد وقع ذلك كما أخير الصادق المين صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ،‬فلما ُتوفي ارتد ّ كثير من الناس‪ ،‬ووقع في‬
‫المسلمين الخوف والضعف‪ ،‬وأتاهم ما يوعدون‪.‬‬
‫ثم أقام الله الدين بأبي بكر الصديق رضي الله عنه‪،‬‬
‫فأعادهم للسلم‪ ،‬وشرع في فتح الشام والعراق‪ ،‬ثم‬
‫انتشرت الفتوح والمغازي أيام عمر وعثمان رضي الله‬
‫عنهما‪.‬‬
‫ت أطمع فيها منذ ذلك اليوم‪ ،‬وأسأل الله أن يرزقني‬‫فما زل ُ‬
‫العدل فيكم‪.‬‬
‫حفا‬
‫قلت‪ :‬غريب من هذا الوجه‪ ،‬المصري لم أعرفه‪ ،‬وليس مص ّ‬
‫حَرشي البصري لم يدرك‬ ‫عن البصري‪ ،‬لن محمد بن موسى ال َ‬
‫خالدا‪ ،‬وخالد ثقة‪ ،‬وأبوه لم أجد له ترجمة‪.‬‬
‫فالخبر بطرقه وشواهده قابل للتحسين‪ ،‬وإليه مال البيهقي؛ كما‬
‫ُيظهُِر صنيُعه في دلئل النبوة )‪ ،(6/446‬وقال الذهبي في السير‬
‫مل‪،‬‬ ‫)‪ :(3/131‬وُيروى في فضائل معاوية أشياء ضعيفة ُتحت َ َ‬
‫منها‪ ..‬فذكر حديث "دعوا لي أصحابي وأصهاري"‪ ،‬ثم ذكر حديث‬
‫سعيد الموي‪ ،‬وقال عقبه‪ :‬ولهذا طرق مقاربة‪ ،‬وساق طريق‬
‫إسماعيل بن المهاجر‪.‬‬
‫والله أعلم‪.‬‬
‫‪ 15‬رواه الطيالسي )‪ 1/349‬رقم ‪ 439‬ط‪ .‬التركي‪ ،‬ورقم ‪438‬‬
‫هندية( وأحمد )‪ (4/273‬والبزار )‪ (1588‬والدارقطني في‬
‫الفراد )أطرافه ‪ (3/24‬والعراقي في محجة القرب )رقم ‪(84‬‬
‫من حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنهما‪ ،‬وسنده جيد‪ ،‬وقال‬
‫الهيثمي في المجمع )‪ :(5/188‬رجاله ثقات‪ ،‬وصححه العراقي‬
‫واللباني )الصحيحة رقم ‪(5‬‬
‫‪ 16‬سؤال في يزيد بن معاوية‪ ،‬ضمن جامع المسائل لين تيمية )‬
‫‪(5/154‬‬

‫‪25‬‬
‫شغل المسلمون بعد مقتل عثمان توقفت الفتوح‪،‬‬ ‫فلما ُ‬
‫ثم عادت لما اجتمعت المة على معاوية‪.‬‬
‫أفاده ابن تيمية‪ ،‬وقال‪ :‬فلما ذهبت إمارة معاوية كثرت‬
‫الفتن بين المة‪ ،‬ومات سنة ستين‪ ،‬وكان قد مات قبله‬
‫ن وسعد ُ بن أبي وَّقاص وأبوهريرة وزيد‬ ‫ة والحس ُ‬‫عائش ُ‬
‫ن‬
‫بن ثابت وغيُرهم من أعيان الصحابة‪ ،‬ثم بعده مات اب ُ‬
‫ن عباس وأبوسعيد وغيُرهم من علماء الصحابة‪.‬‬ ‫عمر واب ُ‬
‫ن ما ظ َهََر به‬
‫ِ‬ ‫فت َ‬
‫ث بعد الصحابة من الب ِد َِع وال ِ‬ ‫حد َ َ‬
‫ف َ‬
‫‪17‬‬
‫مصداقُ ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫حول ثبوت الحاديث الخاصة في فضائل‬
‫معاوية‪:‬‬
‫روى ابن عساكر )‪ (59/106‬وابن الجوزي في‬
‫الموضوعات )‪ (2/24‬من طريق أبي عبد الله الحاكم‪،‬‬
‫عن أبي العباس محمد بن يعقوب الصم‪ ،‬قال‪ :‬سمعت‬
‫أبي يقول‪ :‬سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقول‪:‬‬
‫ل يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل‬
‫معاوية بن أبي سفيان شيء‪.‬‬
‫من رد ّ ممما ثبممت مممن‬
‫ب َ‬ ‫قلت‪ :‬وعلى هذه العبارة اتكأ غال ُ‬
‫أحاديث في فضل معاوية رضي الله عنه‪ ،‬وهي عبارة ٌ لم‬
‫همموَْيه‪،‬‬
‫تثبممت عممن المممام إسممحاق؛ المعممروف بممابن را ُ‬
‫فالراوي عنه‪ :‬يعقوب بن الفضل ترجمُته عزيزة ٌ جممدا‪ ،‬إذ‬
‫حب ّممان مممع اسممتيعابهما‪،‬‬
‫ن أبي حمماتم ول ابممن ِ‬‫لم َيذك ُْره اب ُ‬
‫إنممما ذكممره الخطيممب فممي تمماريخه )‪ (14/286‬باقتضمماب‬
‫شديد‪ ،‬وترجمممه الممذهبي فممي السممير )‪ (15/453‬وتاريممخ‬

‫‪ 17‬سؤال في يزيد بن معاوية‪ ،‬ضمن جامع المسائل لين تيمية )‬


‫‪ (5/156‬وراجعه للتوسع‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫السلم )وفيات ‪ 277‬ص ‪ ،(496‬ولم أجد فيممه جرحمما ول‬
‫تعديل‪.‬‬
‫ح‬
‫قبمما‪" :‬وأص م ّ‬‫وقال الحافظ ابن عساكر بعد روايته لممه مع ّ‬
‫ث أبممي حمممزة عممن ابممن‬ ‫ما ُروي في فضممل معاويممة حممدي ُ‬
‫ي ]صملى اللمه عليمه وسملم[‪ ،‬فقمد‬ ‫ب النمب ّ‬‫عباس أنه كمات ِ ُ‬
‫ث الِعربمماض‪:‬‬ ‫ده حممدي ُ‬ ‫أخرجممه مسمملم فممي صممحيحه‪ ،‬وبع م َ‬
‫ميرة‪ :‬اللهممم‬‫اللهم عّلمه الكتاب‪ ،‬وبعده حديث ابن أبي ع َ ِ‬
‫اجعله هاديا مهدّيا"‪.‬‬
‫ن‬
‫ت اب َ‬
‫فهذا رد ٌ منه على الكلم المنسوب لسحاق‪ ،‬ورأي ُ‬
‫جر الهيَتمي ُيشكك في ثبوت التضعيف عن إسحاق‪،‬‬ ‫ح َ‬
‫َ‬
‫جنان له )ص ‪(12‬‬ ‫كما في تطهير ال َ‬
‫قصةٍ غير صريحة في الباب ُتروى‬
‫ضهم ب ِ‬ ‫ج بع ُ‬
‫وربما احت ّ‬
‫عن المام الّنسائي رحمه الله من وجوه مختلفة المتن‬
‫والمكان‪ ،‬انظرها في تهذيب الكمال )‪(339-1/338‬‬
‫مّني للسخاوي )ص ‪ 132-127‬تحقيق‬ ‫مت َ َ‬
‫وبغية الراغب ال ُ‬
‫‪18‬‬
‫العبد اللطيف‪ ،‬ص ‪ 93-89‬تحقيق إبراهيم بن زكريا( ‪.‬‬

‫‪ 18‬وتجد هناك توجيه ابن عساكر لها‪ ،‬إضافة إلى ضبط المّزي‬
‫حفت تصحيفا قبيحا؛‬ ‫ومحقق كتابه للفظةٍ في القصة تص ّ‬
‫اشُتهرت عند من ل يأخذ الخبار بالتدقيق‪.‬‬
‫ونقل المزي عن ابن عساكر قوله‪" :‬وهذه الحكاية ل تدل على‬
‫سوء اعتقاد أبي عبد الرحمن ]يعني النسائي[ في معاوية بن‬
‫أبي سفيان وإنما تدل على الكف في ذكره بكل حال"‪.‬‬
‫ت‬
‫ل سفيان الثوري‪ :‬إذا كن َ‬ ‫ومما يفيد في فهم قصة الّنسائي قو ُ‬
‫ت بالكوفة فاذكر مناقب‬ ‫في الشام فاذكْر مناقب علي‪ ،‬وإذا كن َ‬
‫أبي بكر وعمر‪ .‬وقوله‪ :‬منعتنا الشيعة أن نذكر فضائل علي‪.‬‬
‫)الحلية ‪(7/27‬‬
‫وقول شعبة في بيته بالكوفة‪ :‬لقد حدثنا الحكم‪ ،‬عن عبد‬
‫الرحمن بن أبي ليلى‪ ،‬عن علي‪ ،‬عن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫دثُتكم به لرقصتم! والله ل تسمعونه مني أبدا‪.‬‬‫بشيٍء؛ لو ح ّ‬
‫)العلل لعبد الله بن أحمد ‪ 3/354‬والحلية ‪ 7/157‬وتاريخ بغداد‬

‫‪27‬‬
‫مٍع من الحفاظ لحاديث في‬ ‫ج ْ‬
‫ح َ‬
‫ل هذا تصحي ُ‬ ‫وُيخالف ك ّ‬
‫ب بعضهم لذلك‪ ،‬كالترمذي وغيره‪،‬‬ ‫فضائل معاوية‪ ،‬وتبوي ِ‬
‫بل وإفراد ُ بعضهم لمناقبه‪ ،‬ويأتي شيٌء من ذلك‪.‬‬
‫جملةٍ من‬
‫مديني لثبوت ُ‬‫ظ أبوموسى ال َ‬ ‫وأشاَر الحاف ُ‬
‫‪19‬‬
‫معاوية رضي الله عنه‪.‬‬ ‫لل ُ‬
‫الفضائ ِ‬
‫فضيلة خاصة لمعاوية‪:‬‬
‫ي صلى الله عليه‬‫ثبت في الحديث الصحيح أن النب ّ‬
‫جعَْله‬
‫ة رضي الله عنه‪ ،‬فقال‪" :‬اللهم ا ْ‬ ‫كر معاوي َ‬ ‫وسلم ذ َ َ‬
‫‪20‬‬
‫مْهديًا‪ ،‬واهْد ِ به"‪.‬‬ ‫هاديا ً َ‬
‫‪(9/260‬‬
‫وكلم الئمة في مثل هذا كثير‪ ،‬وإنما اقتصرت على الثوري‬
‫وشعبة لمامتهما‪ ،‬ولنهما كوفيان‪.‬‬
‫‪ 19‬فقد أورد حكاية ل تصح عن علي بن الحسين رحمه الله في‬
‫قب قائل‪ :‬معاوية رضي الله عنه ذو فضائل‬ ‫فضل معاوية‪ ،‬ثم ع ّ‬
‫جمة‪ ،‬وحال هذا السناد ل يخفى على أهل العلم به‪) .‬ذِك ُْر المام‬
‫من أدركهم من أصحابه أبوعبد‬ ‫الحافظ أبي عبد الله بن منده و َ‬
‫لل ص ‪ 102‬رقم ‪ ،(71‬فجعل‬ ‫ن بن عبد الملك الخ ّ‬ ‫الله الحسي ُ‬
‫ف الذي لم َيثبت‪.‬‬ ‫مقاب ِل َ ً‬
‫ة للضعي ِ‬ ‫ة ُ‬
‫م َ‬ ‫الفضائ َ‬
‫ل الج ّ‬
‫‪ 20‬رواه البخاري في التاريخ )‪ (5/240‬والترمذي )‪ (3842‬وابن‬
‫سعد )‪ (7/418‬وابن أبي عاصم في الحاد والمثاني )‪2/358‬‬
‫رقم ‪ (1129‬والبغوي في معجم الصحابة )‪ (4/491‬والترقفي‬
‫في جزئه )‪/45‬أ( والطبراني في مسند الشاميين )‪(1/190‬‬
‫والجري في الشريعة )‪ 2438-5/2436‬أرقام ‪(1917-1914‬‬
‫وابن بطة في البانة وابن منده والللكائي )‪ 8/1441‬رقم‬
‫‪ (2778‬وأبونعيم في الصحابة )‪ 4/1836‬رقم ‪ (4634‬والخطيب‬
‫في تاريخه )‪ (1/207‬وفي تلخيص المتشابه )‪ (1/406‬وفي تالي‬
‫تلخيص المتشابه )‪ (2/539‬والجورقاني في الباطيل )‪(1/193‬‬
‫وابن عساكر )‪ 6/62‬و ‪ (82-59/81‬وابن الجوزي في العلل‬
‫المتناهية )‪ 1/274‬رقم ‪ (442‬وابن الثير في أسد الغابة )‬
‫‪ 3/313‬و ‪ (4/386‬والذهبي في السير )‪ (8/34‬من طريق أبي‬

‫‪28‬‬
‫فضيلة ثانية خاصة بمعاوية‪:‬‬
‫ي صلى الله عليه وسلم دعا لمعاوية فقال‪:‬‬ ‫ت أن النب ّ‬ ‫ث َب َ َ‬
‫م ع َل ّ ْ‬
‫‪21‬‬
‫ب‪ ،‬وقِهِ الَعذاب"‪.‬‬
‫حسا َ‬
‫ب وال ِ‬
‫كتا َ‬
‫ه ال ِ‬
‫م ُ‬ ‫"الله ّ‬

‫مسهر‪.‬‬‫ُ‬
‫ورواه البخاري في التاريخ )‪ (7/327‬وابن أبي عاصم )‪(2/358‬‬
‫والبغوي )‪ (4/490‬وأبوالشيخ في طبقات المحدثين بأصبهان )‬
‫‪ (2/343‬وأبونعيم في أخبار أصبهان )‪ (1/180‬وابن عساكر )‬
‫‪ (81-59/80‬والمزي في تهذيب الكمال )‪ (17/322‬من طريق‬
‫مروان بن محمد الطاطري‪.‬‬
‫ورواه ابن قانع )‪ (2/146‬والخلل في السنة )‪ 2/450‬رقم‬
‫‪ (697‬وابن عساكر )‪ (59/83‬من طريق عمر بن عبد‬
‫الواحد‪) .‬وفي حديثه قصة(‬
‫ورواه ابن عساكر )‪ (59/83‬من طريق محمد بن سليمان‬
‫الحراني‪.‬‬
‫أربعتهم عن سعيد بن عبد العزيز‪ ،‬نا ربيعة بن يزيد‪ ،‬نا‬
‫ميرة‪ ،‬قال‪ :‬سمعت النبي صلى الله عليه‬ ‫عبد الرحمن بن أبي عَ ِ‬
‫وسلم أنه ذكر معاوية‪ ،‬وقال‪" :‬اللهم اجعله هاديا مهديا‪ ،‬واهد به"‬
‫ووقع التصريح بالسماع في جميع طبقات السناد‪ ،‬وسنده‬
‫صحيح‪ ،‬ورجاله ثقات أثبات‪ ،‬وهو إلى صحابّيه عبد الرحمن على‬
‫مسهر‪ ،‬عن سعيد‪ ،‬عن‬ ‫شرط مسلم‪ ،‬فقد احتج برواية أبي ُ‬
‫ربيعة‪.‬‬
‫ورواه الوليد بن مسلم عن سعيد‪ ،‬واختلف عليه‪ ،‬فرواه‬
‫أحمد )‪ (4/216‬ومن طريقه ابن عساكر )‪ (59/83‬عن علي بن‬
‫َبحر‪ ،‬حدثنا الوليد بن مسلم‪ ،‬حدثنا سعيد‪ ،‬كما رواه الجماعة‬
‫آنفا‪.‬‬
‫ورواه ابن عساكر )‪ (6/62‬من طريق محمد بن جرير الطبري‪،‬‬
‫نا أحمد بن الوليد‪ ،‬نا هشام بن عمار وصفوان بن صالح‪ ،‬قال‪ :‬نا‬
‫الوليد بن مسلم‪ ،‬نا سعيد به‪ ،‬كرواية الجماعة‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫ذكر بعض من أفرد فضائل معاوية رضي الله‬
‫عنه بالتصنيف‪:‬‬
‫صّنف الحافظ أبوبكر بن أبي الدنيا )ت‪ (281 :‬كتابا في‬
‫حْلم معاوية )الموجود منتقى منه مجرد السانيد‪،‬‬
‫ِ‬
‫مخطوط في الظاهرية‪ ،‬وُيستخرج أغلُبه من تاريخ ابن‬

‫ورواه ابن عساكر )‪ (59/81‬من طريق الساجي‪ ،‬نا صفوان‪ ،‬نا‬


‫الوليد بن مسلم ومروان بن محمد به مثله‪.‬‬
‫ولكن رواه الخلل في السنة )‪ 2/451‬رقم ‪ (699‬وابن قانع )‬
‫‪ (2/146‬والطبراني في الوسط )‪ (660‬وأبونعيم في الحلية )‬
‫‪ (8/358‬وقوام السنة الصبهاني في الحجة )‪ (2/404‬من‬
‫طريق زيد بن أبي الزرقاء )ح(‬
‫ورواه الطبراني في مسند الشاميين )‪ 1/181‬و ‪(3/254‬‬
‫وأبونعيم في الحلية )‪ (8/358‬ومن طريقهما ابن عساكر )‬
‫‪ (59/83‬والذهبي في السير )‪ (8/34‬من طريق علي بن سهل‪،‬‬
‫كلهما عن الوليد بن مسلم‪ ،‬عن يونس بن ميسرة‪ ،‬عن‬
‫عبد الرحمن بن عميرة‪.‬‬
‫وقد وهم في الرواية الخرى الوليممد‪ ،‬وأشممار لممذلك أبوحمماتم فمي‬
‫العلممل )‪ (2/363‬وقممال ابممن عسمماكر إن روايممة الجماعممة هممي‬
‫الصواب )‪(59/84‬‬
‫ومما يؤكد ذلك أن الوليد مدلس‪ ،‬وقد عنعن في الرواية الثانية‬
‫ما صّرح بالتحديث كانت روايته )وهي الولى( على‬ ‫الخطأ‪ ،‬ول ّ‬
‫الصواب‪ ،‬فضل أن أبا مسهر لوحده أتقن منه‪ ،‬فكيف ومعه غيره‬
‫من الثقات؟‬
‫اختلف آخر‪ :‬روى الحديث ابن عساكر )‪ (59/80‬من طريق‬
‫محمد بن مصفى‪ ،‬نا مروان بن محمد‪ ،‬حدثني سعيد بن عبد‬
‫العزيز‪ ،‬عن ربيعة بن يزيد‪ ،‬عن أبي إدريس‪ ،‬عن عبد الرحمن‬
‫بن أبي عميرة مرفوعا‪.‬‬
‫قلت‪ :‬ومحمد بن مصفى له أوهام ومناكير على صدقه‪ ،‬وأبطل‬
‫ن عساكر زيادة "أبي إدريس" في السند فقال‪" :‬كذا ُروي عن‬
‫اب ُ‬
‫محمد بن المصفى عن مروان‪ ،‬ورواه سلمة بن شبيب‪ ،‬وعيسى‬

‫‪30‬‬
‫عساكر(‪ ،‬وصّنف في مناقبه أبوبكر ابن أبي عاصم )ت‪:‬‬
‫‪ ،(287‬وأبوعمر غلم ثعلب )ت‪ ،(345 :‬وأبوبكر النقاش‬
‫)ت‪- 351 :‬ذ َ َ‬
‫كر كتابهما ابن حجر في فتح الباري ‪7/104‬‬
‫وانظر المجمع المؤسس لبن حجر ‪ ،(1/287‬وجمع‬
‫أبوالفتح بن أبي الفوارس )ت‪ (412 :‬في فضائل معاوية‬
‫)منهاج السنة ‪ ،(4/84‬وصنف أبوالقاسم السقطي )ت‪:‬‬

‫بن هلل البلخي‪ ،‬وأبوالزهر‪ ،‬وصفوان بن صالح؛ عن مروان‪،‬‬


‫ولم يذكروا أبا إدريس في إسناده‪ ،‬وكذلك رواه أبومسهر‪ ،‬وعمر‬
‫بن عبد الواحد‪ ،‬ومحمد بن سليمان الحراني‪ ،‬والوليد بن مسلم؛‬
‫عن سعيد"‪.‬‬
‫اختلف آخر‪ :‬ذكر ابن حجر في الصابة )‪ (6/309‬أن ابن‬
‫شاهين أخرجه من طريق محمود بن خالد‪ ،‬عن الوليد بن مسلم‪،‬‬
‫وعمر بن عبد الواحد‪ ،‬عن سعيد بن عبد العزيز‪ ،‬عن يونس بن‬
‫ميسرة‪ ،‬عن عبد الرحمن بن أبي عميرة به‪.‬‬
‫وعلقه الذهبي عن أبي بكر بن أبي داود )وهو من شيوخ ابن‬
‫شاهين(‪ :‬حدثنا محمود به‪) .‬السير ‪(3/126‬‬
‫قلت‪ :‬وهذا خطأ دون شك‪ ،‬وقد رواه الخلل عن يعقوب بن‬
‫سفيان‪ ،‬ورواه ابن قانع عن إسحاق بن إبراهيم النماطي‪ ،‬ورواه‬
‫ابن عساكر من طريق أحمد بن المعلى‪ ،‬ثلثتهم عن محمود بن‬
‫خالد‪ ،‬عن عمر بن عبد الواحد‪ ،‬عن سعيد‪ ،‬عن ربيعة‪ ،‬عن عبد‬
‫الرحمن بن أبي عميرة‪.‬‬
‫ب أبي حاتم وابن عساكر لرواية الجماعة‪.‬‬‫وقد تقدم تصوي ُ‬
‫وب ابن عساكر رواية الجماعة بدأ يسرد‬ ‫وبعد أن ص ّ‬
‫الطرق الغريبة وينقدها‪ ،‬فقال )‪" :(59/84‬وقد رواه المهلب بن‬
‫عثمان‪ ،‬عن سعيد بن عبد العزيز‪ ،‬عن عبد الرحمن فأرسله‪ ،‬ولم‬
‫يذكر يونس ول ربيعة‪ ،‬ووهم فيه"‪ ،‬ثم أسند الطريق‪.‬‬
‫قلت‪ :‬المهلب كذاب‪) .‬لسان الميزان ‪(6/108‬‬
‫ورواه البغوي في معجم الصحابة )‪ (5/367‬وابن بطة في البانة‬
‫وابن عساكر )‪ (59/86‬وابن الجوزي في العلل المتناهية )‬
‫‪ (1/274‬من طريق الوليد بن سليمان‪ ،‬عن عمر بن الخطاب‬

‫‪31‬‬
‫‪ (406‬جزءا في فضائل معاوية )مخطوط في‬
‫الظاهرية(‪ ،‬وكذا علي بن الحسن الصيقلي القزويني‬
‫)التدوين ‪ ،(3/352‬وللحسين بن علي الهوازي )ت‪:‬‬
‫عقد أهل اليمان في معاوية بن أبي‬
‫ب شرح ِ‬‫‪ (446‬كتا ُ‬
‫سفيان )في الظاهرية الجزء السابع عشر منه(‪ ،‬ولحمد‬

‫مرفوعا به‪.‬‬
‫وقال ابن عساكر‪" :‬الوليد بن سليمان لم يدرك عمر"‪ ،‬وقال‬
‫الذهبي في السير‪" :‬هذا منقطع"‪ ،(3/126) .‬وقال ابن كثير‪:‬‬
‫ويه ما َقبُله"‪) .‬التاريخ ‪(11/409‬‬
‫ق ّ‬
‫ع‪ ،‬ي ُ َ‬
‫"وهذا منقط ٌ‬
‫ورواه الطبراني في الشاميين )‪- (3/254‬ومن طريقه ابن‬
‫عساكر )‪ -(59/84‬من حديث موسى بن محمد البلقاوي‪ ،‬ثنا‬
‫خالد بن يزيد بن صبيح المري‪ ،‬عن يونس بن ميسرة‪ ،‬عن عبد‬
‫الرحمن بن عميرة به‪.‬‬
‫وفي هذا السند موسى البلقاوي‪ ،‬وهو متروك متهم بالكذب‪.‬‬
‫وروى الحديث البخاري في التاريخ )‪ (7/328‬والترمذي )‪(3843‬‬
‫والرافعي في التدوين )‪ (3/455‬من حديث عمرو بن واقد‪ ،‬عن‬
‫يونس بن ميسرة بن حلبس‪ ،‬عن أبي إدريس الخولني‪ ،‬عن‬
‫عمير بن سعد به مع قصة‪.‬‬
‫ضّعف"‪ ،‬قلت‪:‬‬‫وقال الترمذي‪" :‬حديث غريب‪ ،‬وعمرو بن واقد ي ُ َ‬
‫هو متروك الحديث‪.‬‬
‫ورواه ابن عساكر )‪ (85-59/84‬من وجهين آخرين فيهما عمرو‬
‫بن واقد أيضا‪ ،‬وفيهما اختلف‪ ،‬وحكم ابن عساكر أنهما خطأ‪.‬‬
‫وفي الباب حديث واثلة عند السقطي في الفضائل )‪ (19‬وابن‬
‫عساكر )‪ (59/74‬وابن الجوزي في الموضوعات )‪،(2/19‬‬
‫وحديث أبي هريرة عند السقطي )‪ (22‬وابن عساكر )‪(59/88‬‬
‫بمعنى محل الشاهد‪ ،‬وسندهما تالف‪ ،‬وفيهما زيادات منكرة‪.‬‬
‫أقوال الحفاظ في الحديث‪:‬‬
‫‪ (1‬من صحح الحديث‪:‬‬

‫‪32‬‬
‫رضا البريلوي‪) 22‬ت‪ (1340 :‬كتا ُ‬
‫ب الحاديث الراوية‬
‫لمناقب الصحابي معاوية )كما في معجم الموضوعات‬
‫المطروقة ص ‪(595‬‬
‫طبعت مؤخرا رسائل‪ :‬ابن أبي الدنيا‪ ،‬والسقطي‪،‬‬‫وقد ُ‬
‫والهوازي معا‪ ،‬بتحقيق هزايمة وياسين‪ ،‬نشر مؤسسة‬

‫ه المحفوظ‪" :‬حديث حسن‬ ‫قال الترمذي بعد إخراجه الوج َ‬


‫غريب"‪.‬‬
‫وقال الجورقاني‪" :‬هذا حديث حسن"‪.‬‬
‫وقال الذهبي في تلخيص العلل المتناهية )رقم ‪- (225‬بعد أن‬
‫حسب َُهما‬‫بّين وهم ابن الجوزي في إعلله الحديث براوَيين ثقتين َ‬
‫ضعيفين لتشابه السم‪" :‬وهذا سند قوي"‪.‬‬
‫وقال ابن كثير في تاريخه )‪ 11/408‬ط‪ .‬التركي(‪" :‬قال ابن‬
‫عساكر‪ :‬وقول الجماعة هو الصواب‪.‬‬
‫ب‬
‫ب فيه وأطي َ‬ ‫ن عساكر بهذا الحديث‪ ،‬وأطن َ‬ ‫وقد اعتنى اب ُ‬
‫وأطرب‪ ،‬وأفاد وأجاد‪ ،‬وأحسن النتقاد‪ ،‬فرحمه الله‪ ،‬كم من‬
‫موطن قد بّرز فيه على غيره من الحفاظ والنقاد"‪.‬‬
‫ن عساكر‬ ‫وقال ابن كثير بعد ذلك )‪" :(410-11/409‬ثم ساق اب ُ‬
‫أحاديث كثيرة موضوعة بل شك في فضل معاوية‪ ،‬أضربنا عنها‬
‫صفحا‪ ،‬واكتفينا بما أوردناه من الحاديث الصحاح والحسان‬
‫والمستجادات‪ ،‬عما سواها من الموضوعات والمنكرات‪.‬‬
‫قال ابن عساكر‪ :‬وأصح ما ُروي في فضل معاوية حديث أبي‬
‫ي صلى الله عليه وسلم منذ‬ ‫ب النب ّ‬ ‫حمزة عن ابن عباس أنه كات ِ ُ‬
‫أسلم‪ ،‬أخرجه مسلم في صحيحه‪ ،‬وبعده حديث العرباض‪ :‬اللهم‬
‫عميرة‪ :‬اللهم اجعله هاديا‬ ‫علمه الكتاب‪ ،‬وبعد حديث ابن أبي َ‬
‫مهديا"‪.‬‬
‫م ابن عساكر هو في تاريخه )‬ ‫انتهى كلم ابن كثير بطوله‪ ،‬وكل ُ‬
‫‪ ،(59/106‬قاله عقب إيراده ما ُروي عن ابن راهويه أنه ل يصح‬
‫حديث في فضل معاوية‪ ،‬فهو تعقب منه لهذا الكلم الذي لم‬
‫ت قبل‪.‬‬ ‫يثبت عن إسحاق أصل كما بّين ُ‬
‫مقّرا‪ :‬الفتني في‬ ‫وقد نقل كلم ابن عساكر في التصحيح ُ‬
‫التذكرة )ص ‪(100‬‬

‫‪33‬‬
‫حمادة‪ ،‬إربد‪ ،‬الردن‪ ،‬كما طبع رسالة ابن أبي الدنيا‬
‫لوحدها‪ :‬إبراهيم صالح في دار البشائر بدمشق‪.‬‬
‫ب عن معاوية رضي الله عنه ودافع‬
‫أما من ذ ّ‬
‫عنه‪:‬‬

‫وقال ابن حجر الهيتمي في الصواعق المحرقة )‪" :(2/626‬إن‬


‫الحديث حسن"‪.‬‬
‫وقال اللوسي في صب العذاب )ص ‪" :(427‬إن لهذا الحديث‬
‫شواهد كثيرة تؤكد صحته"‪.‬‬
‫وأورده المام اللباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة )‬
‫‪ 4/615‬رقم ‪ ،(1969‬وقال‪" :‬رجاله ثقات رجال مسلم‪ ،‬فكان‬
‫حقه أن ُيصحح"‪ .‬وقال بعد أن توسع فيه )‪" :(4/618‬وبالجملة‬
‫ده قوة على قوة"‪.‬‬
‫فالحديث صحيح‪ ،‬وهذه الطرق تزي ُ‬
‫‪ (2‬من تكلم في الحديث‪:‬‬
‫قال أبوحاتم‪ :‬إن عبد الرحمن لم يسمع هذا الحديث من النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪) .‬العلل ‪(2601‬‬
‫وقال ابن عبد البر في الستيعاب )‪" :(6/67‬منهم من يوقف‬
‫حديثه هذا ول يرفعه‪ ،‬ول يصح مرفوعا عندهم"‪ ..‬ثم قال عن‬
‫عبد الرحمن بن أبي عميرة‪" :‬ل تثبت صحبته‪ ،‬ول تصح أحاديثه"‪.‬‬
‫وتبعه ناقل عبارته ابن الثير في أسد الغابة )‪(3/313‬‬
‫وقال ابن الجوزي في العلل المتناهية )‪ (1/275‬بعد أن ساق‬
‫الحديث من طريق الوليد بن سليمان‪ ،‬وطريق أبي مسهر‪:‬‬
‫"هذان الحديثان ل يصحان‪ ،‬مدارهما على محمد بن إسحاق بن‬
‫حرب اللؤلؤي البلخي‪ ،‬ولم يكن ثقة"‪ ..‬ثم أطال في بيان ضعف‬
‫البلخي‪ ،‬ثم أورد طريقا أخرى لبي مسهر‪ ،‬وأعله بإسماعيل بن‬
‫محمد‪ ،‬وقال إن الدارقطني ك ّ‬
‫ذبه‪.‬‬
‫وقال ابن حجر في الصابة )‪" :(6/309‬إن الحديث ليس له علة‬
‫إل الضطراب‪ ،‬فإن رواته ثقات"‪.‬‬
‫دثين بتغّير سعيد بن عبد العزيز‪.‬‬
‫ح َ‬ ‫قلت‪ :‬وأعّله بعض ال ُ‬
‫م ْ‬
‫مناقشة الحكم على الحديث‪:‬‬

‫‪34‬‬
‫فمنهم أبممويعلى محمممد بممن الحسممين الفممراء فممي كتممابه‪:‬‬
‫تنمزيه خال المؤمنين معاوية بن أبي سممفيان ممن الظلممم‬
‫والفسق في مطالبته بدم أمير المؤمنين عثمممان )حققممه‬
‫عبد الحميمد بمن علمي الفقيهمي‪ ،‬ثمم حققمه أبوعبمد اللمه‬
‫قين مقدمة‬ ‫كل المحق َ‬ ‫مان‪ ،‬ول ِ ِ‬
‫الثري وطبعه بدار النبلء بعَ ّ‬
‫مفيدة للكتاب(‪ ،‬ولشيخ السلم ابن تيمية جممواب سممؤال‬
‫عن معاوية بن أبي سفيان )حققه صمملح الممدين المنجممد‪،‬‬

‫تقدم في التخريج أن الحديث ُروي عن خمسة من الصحابة‪ :‬عبد‬


‫ميرة‪ ،‬وعمر بن الخطاب‪ ،‬وعمير بن سعد‪،‬‬ ‫الرحمن بن أبي عَ ِ‬
‫ةل‬ ‫وواثلة‪ ،‬وأبي هريرة‪ ،‬فأما الحاديث الثلثة الخبرة فواهي ٌ‬
‫واه ابن‬ ‫تدخل في العتبار‪ ،‬وأما حديث عمر ففيه انقطاع‪ ،‬وق ّ‬
‫كثير بحديث عبد الرحمن بن أبي عميرة‪ ،‬وأما حديث عبد‬
‫وب أبوحاتم وابن عساكر وغيُرهما‬ ‫الرحمن فقد اخُتلف فيه‪ ،‬وص ّ‬
‫رواية الجماعة عن سعيد بن عبد العزيز‪ ،‬عن ربيعة بن يزيد‪ ،‬عن‬
‫عبد الرحمن مرفوعا‪.‬‬
‫جح ‪-‬وحسُبك منهم بأبي حاتم‪ -‬بين أوجه الحديث‬ ‫واتفاقُ من ر ّ‬
‫من تابعه يقضي على‬ ‫سِهر و َ‬
‫م ْ‬
‫على أن الصواب فيه رواية أبي ُ‬
‫دعوى إعلل الحديث بالضطراب‪ ،‬فهذا الختلف غير قادح‪،‬‬
‫وإنما يقدح الضطراب لو تعذر الترجيح وتساوت أوجه الخلف‪،‬‬
‫ف لتبيين الرواية الراجحة‪،‬‬ ‫ف هنا‪ ،‬فالتخريج لوحده كا ٍ‬ ‫منت َ ٍ‬
‫وهذا ُ‬
‫ص على تصويبها الحفاظ؟‬ ‫كيف وقد ن ّ‬
‫فبهذا يجاب عن كلم الحافظ ابن حجر رحمه الله‪.‬‬
‫أما ابن عبد البر رحمه الله فقد أعل الحديث بما لم ُيسبق إليه‬
‫فيما اطلعت‪ ،‬فذكر أن من الرواة من أوقف الحديث‪ ،‬وهذا لم‬
‫ذكره!‬‫أجده رغم التوسع‪ ،‬ولم أر من َ‬
‫وذكر أن الحديث ل يصح مرفوعا عند أهل الحديث‪ ،‬وهذا لم‬
‫ده‪.‬‬
‫أجده‪ ،‬ولم أر من ذكره! بل صنيعُ الترمذي ير ّ‬
‫ل من‬‫وذكر أن عبد الرحمن ل تثبت صحبته‪ ،‬وقد خالف بذلك ك ّ‬
‫ت عليه َقبل ابن عبد البر‪ ،‬وفيهم كبار الحفاظ كما سيأتي‪.‬‬ ‫وقف ُ‬
‫وقد قال ابن حجر‪" :‬وجدنا له في الستيعاب أوهاما كثيرة‪ ،‬تتبع‬
‫بعضها الحافظ ابن فتحون في مجلدة"‪) .‬الربعون المتباينة ‪(22‬‬
‫ل عن ابن عبد البر وتابع له‪.‬‬ ‫وأما ابن الثير فناق ٌ‬

‫‪35‬‬
‫وطبممع بممدار الكتمماب العربممي فممي بيممروت‪ ،‬و ُ‬
‫طبممع ناقصمما‬
‫ضمن مجموع الفتاوى ‪ 4/453‬وانظر ‪ 79-35/58‬منممه(‪،‬‬
‫ولحد علممماء اليمممن سممنة ‪ :1137‬نصمميحة الخمموان فممي‬
‫ترك السب لمعاوية بن أبي سفيان )كما في ذيل كشممف‬
‫جممر الهَي َْتمممي‪ :‬تطهيممر‬‫ح َ‬‫الظنممون ‪ ،(4/652‬ولحمممد بممن َ‬
‫وه بثلممب معاويممة بممن‬ ‫جنان واللسان عن الخوض والتف م ّ‬ ‫ال َ‬
‫محرقة له‪ ،‬وطبممع فممي‬ ‫أبي سفيان )طبع آخر الصواعق ال ُ‬
‫وأما إعلل ابن الجوزي للحديث فمن أعجب ما رأيت‪ ،‬فقد أخطأ‬
‫أخطاء مركبة في تضعيفه‪ ،‬فذكر أن مدار الحديث على محمد‬
‫بن إسحاق البلخي‪ ،‬وهو ليس بثقة‪ ،‬فرد عليه الذهبي في‬
‫تلخيص العلل المتناهية )‪" :(225‬وهذا جهل منه‪ ،‬فإنما محمد بن‬
‫إسحاق هنا هو أبوبكر الصاغاني‪ ،‬ثقة"‪ ،‬ثم أبطل الذهبي نسبة‬
‫التفرد له‪ ،‬وهذا واضح في سياق طرق الحديث‪.‬‬
‫ثم قال ابن الجوزي إن في سنده الخر إسماعيل بن محمد‪،‬‬
‫ذبه الدارقطني‪ ،‬فرد عليه الذهبي‪" :‬وهذه بلّية أخرى! فإن‬ ‫وقد ك ّ‬
‫إسماعيل هنا هو الصفار‪ ،‬ثقة‪ ،‬والذي كذبه الدارقطني هو‬
‫المزني‪ ،‬يروي عن أبي نعيم"‪.‬‬
‫قلت‪ :‬فأما إعلل بعض المتأخرين بتغّير سعيد بن عبد العزيز‬
‫ل الحديث بهذا أحد ٌ من الحفاظ‪ ،‬بل ل تجد‬ ‫فغير سديد‪ ،‬إذ لم ي ُعِ ّ‬
‫ت الشاميين‬ ‫دميهم أحدا ُيعل باختلط سعيد أصل‪ ،‬فهو أثب ُ‬ ‫متق ّ‬ ‫من ُ‬‫ِ‬
‫حهم حديثا؛ كما قال المام أحمد وغيُره‪ ،‬وما غمز فيه أحد‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫وأص‬
‫دموه على الوزاعي‪ ،‬واحتج بروايته‬ ‫ّ‬ ‫وق‬ ‫مالك‪،‬‬ ‫بالمام‬ ‫ساووه‬ ‫بل‬
‫من‬ ‫من أخذها ِ‬ ‫ة اختلطه أخذها َ‬ ‫الشيخان وغيُرهما مطلقا‪ ،‬وقضي ُ‬
‫سِهر‪ ،‬فقد قال‪" :‬كان سعيد بن عبد العزيز قد‬ ‫م ْ‬ ‫قول تلميذه أبي ُ‬
‫اختلط قبل موته‪ ،‬وكان ُيعرض عليه قبل أن يموت‪ ،‬وكان يقول‪:‬‬
‫ل أجيزها"‪) .‬تاريخ ابن معين رواية الدوري ‪(5377‬‬
‫دث العلمة عبد القادر الرناؤوط حفظه‬ ‫ت شيخي المح ّ‬ ‫وقد سأل ُ‬
‫مسهر بتمامه‪:‬‬ ‫الله في منزله بدمشق سنة ‪ 1417‬عن قول أبي ُ‬
‫ل مع هذا النص باختلط سعيد؟ فقال‪ :‬ل‪.‬‬ ‫هل ي ُعَ ّ‬
‫عه‬ ‫ْ‬
‫فظهر أن القصة التي فيها ذكُر اختلط سعيد؛ فيها أيضا امتنا ُ‬
‫من أخذ َ أو َ‬
‫ل‬ ‫عن التحديث حاَله‪ ،‬فلم يضر اختل ُ‬
‫طه روايَته‪ ،‬ف َ‬
‫ك آخرها فقد حاد عن النهج العلمي‪.‬‬ ‫القصة وت ََر َ‬

‫‪36‬‬
‫مكتبة الصحابة بطنطا وغيرها مفممردا‪ ،‬واختصممره الشمميخ‬
‫دم لممه مقدمممة مفيممدة(‪ ،‬وللشمميخ‬
‫سليمان الخراشي‪ ،‬وق م ّ‬
‫حسن بن علوي بن شهاب الدين العلوي الحضممرمي )ت‬
‫‪ :(1332‬الرقيممة الشممافية مممن نفثممات سممموم النصممائح‬
‫الكافية )طبع في سنغافورة عام ‪ 1328‬وُيعاد طبعممه إن‬
‫ب نقد النصائح الكافية‬ ‫شاء الله(‪ ،‬ولعصرّيه القاسمي كتا ُ‬

‫من رواه عنه )وهو‬ ‫دث‪ ،‬ف َ‬‫هب أن سعيد قد اختلط وح ّ‬ ‫ثم َ‬
‫ظ متثّبت‪ ،‬بل أثبت الشاميين في‬ ‫م بالحديث َيق ٌ‬
‫أبومسهر( عال ٌ‬
‫مه‬‫زمانه عموما‪ ،‬وأثبتهم في سعيد خصوصا‪ ،‬وكان سعيد يقد ّ ُ‬
‫صه‪ ،‬وقد رفع من أمره وإتقانه جدا المامان أحمد وابن‬ ‫ويخ ّ‬
‫معين‪ ،‬ول سيما الثاني‪) .‬انظر ترجمته موسعة في تاريخ دمشق‬
‫‪ 33/421‬وتهذيب الكمال ‪(16/369‬‬
‫فه لختلط شيخه‬ ‫وأبومسهر عالم باختلط شيخه‪ ،‬بل إن كش َ‬
‫حذ َُر منه‪) .‬وانظر‬
‫من تثّبته‪ ،‬فَيبُعد أن يأخذ َ عن شيخه ما ي ُ ْ‬
‫الصحيحة ‪(7/690‬‬
‫وفوق ذلك قال المام اللباني رحمه الله )الصحيحة ‪(4/616‬‬
‫مسهر‪" :‬فهذه خمسة‬ ‫بعد أن ذكر متابعة أربعة من الثقات لبي ُ‬
‫طرق عن سعيد بن عبد العزيز‪ ،‬وكلهم من ثقات الشاميين‪،‬‬
‫ويبعد عادة أن يكونوا جميعا سمعوه منه بعد الختلط‪ ،‬وكأنه‬
‫لذلك لم ُيعله الحافظ بالختلط"‪.‬‬
‫ل أبي حاتم إن عبد الرحمن لم يسمع الحديث من النبي‬ ‫بقي قو ُ‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وهذا ل يضر في صحة الحديث‪ ،‬لن أبا‬
‫عميرة كما في الصابة‬ ‫صحبة ابن أبي َ‬ ‫حاتم نفسه قد نص على ُ‬
‫)‪ ،(6/308‬وكما قال ابُنه عبد الرحمن )الجرح والتعديل‬
‫‪ ،(5/273‬فغاية ما هنالك أن تكون روايته من مراسيل الصحابة‪،‬‬
‫وهي مقبولة محتج بها عند أهل العلم‪ ،‬وأمثلتها كثيرة‪.‬‬
‫وربما كان كلم أبي حاتم منصبا على قول عبد الرحمن‪:‬‬
‫"سمعت النبي صلى الله عليه وسلم"‪ ،‬فيحكم أبوحاتم أن‬
‫اللفظة غير محفوظة )قارن بصنيع البخاري في التاريخ ‪،(5/240‬‬
‫فربما أخذ الحديث عن صحابي آخر‪ ،‬وهذا ل يؤثر في صحة‬
‫الحديث‪ ،‬كما يقع في روايات بعض الصحابة رضي الله عنهم‬
‫جميعا مثل الحسن والحسين وابن عباس لحاديث لم ُيدركوها‪،‬‬

‫‪37‬‬
‫)طبع(‪ ،‬ولعبد العزيز بن حامممد الفرهمماوري‪ :‬الناهيممة عممن‬
‫الطعن فممي أميممر المممؤمنين معاويممة )طبممع(‪ ،‬وقممد جمممع‬
‫الشيخ محمد مال الله رحمممه اللممه كلم ابممن تيميممة عممن‬
‫معاوية في منهاج السممنة )طبممع(‪ ،‬وللشمميخ زيممد الفيمماض‬
‫رحمه الله رسالة في الدفاع عن معاوية )لم تطبمع‪ ،‬كمما‬
‫في ذيل العلم للعلونة ‪ ،(2/68‬وللشيخ عبممد المحسممن‬
‫وهذه ل تجد أحدا من أهل العلم والفهم يدفعُ صحَتها بدعوى‬
‫عدم سماعها من النبي صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫عميرة في هذا‬‫علما بأنه وقع سماع عبد الرحمن بن أبي َ‬
‫الحديث في كثير من مصادره‪ ،‬وفي بعضها التصريح من الراوي‬
‫عنه بأن عبد الرحمن من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫وجملة القول أن العلة التي ذكرها أبوحاتم أراها من النوع‬
‫ن لو‬
‫المسمى‪ :‬العلة غير القادحة‪ ،‬على أنني أستفيد من كلمه أ ْ‬
‫كانت هناك علة للحديث سوى ما قاله لذكرها‪.‬‬
‫ل به الحديث ليس بقادح‪ ،‬وأن‬ ‫فتبّين مما سبق أن سائر ما ُأع ّ‬
‫المحفوظ منه صحيح السند‪ ،‬ورجاله ثقات أثبات‪ ،‬وثّبته جمع من‬
‫حك ْ ُ‬
‫م لهم‪ ،‬والله تعالى أعلم‪.‬‬ ‫الحفاظ‪ ،‬فال ُ‬
‫عميرة‪:‬‬ ‫صحبة عبد الرحمن بن أبي َ‬ ‫تتمة القول في ُ‬
‫دحيم‪ ،‬وسليمان‬ ‫ن سعد‪ ،‬و ُ‬ ‫ذ َ‬
‫كره في الصحابة‪ :‬ربيعة بن يزيد‪ ،‬واب ُ‬
‫بن عبد الحميد البهراني‪ ،‬وأحمد‪ ،‬والبخاري‪ ،‬وبقي بن مخلد‬
‫مسنده رقم ‪ ،(355‬والترمذي )تسمية الصحابة رقم‬ ‫)مقدمة ُ‬
‫‪ ،(388‬وأبوحاتم‪ ،‬وابن السكن )الصابة(‪ ،‬وابن أبي عاصم‪،‬‬
‫ويعقوب بن سفيان في المعرفة )‪ 1/287‬وانظر ‪،(1/238‬‬
‫وأبوالقاسم البغوي في معجم الصحابة )‪ ،(4/489‬وابن أبي‬
‫حاتم )الجرح ‪ ،(5/273‬وابن حبان في الثقات )‪ ،(3/252‬وأبوبكر‬
‫بن البرقي في كتاب الصحابة‪ ،‬وأبوالحسن بن سميع في الطبقة‬
‫الولى من الصحابة‪ ،‬وأبوبكر عبد الصمد بن سعيد الحمصي في‬
‫تسمية من نزل حمص من الصحابة‪ ،‬وابن منده‪ ،‬وأبونعيم‪،‬‬
‫والخطيب في تالي تلخيص المتشابه )‪ ،(2/539‬وابن عساكر‪،‬‬
‫مّزي‪،‬‬
‫والنووي في تهذيب السماء واللغات )‪ ،(2/407‬وال ِ‬
‫والذهبي في تاريخ السلم )‪ ،(4/309‬وفي التجريد )‪،(1/353‬‬

‫‪38‬‬
‫العباد رسالة‪ :‬أقمموال المنصممفين فممي الصممحابي الخليفممة‬
‫معاوية رضمي اللمه عنمه )طبمع بالجامعمة السملمية فمي‬
‫طيبة(‪ ،‬ولشيخي الممؤرخ محممود شماكر ترجممة مفممردة‬
‫لمعاوية ضمن سلسلة خلفاء السلم )طبع في المكتممب‬
‫السلمي ببيروت(‪ ،‬وللستاذ منير الغضبان كتاب معاويممة‬
‫بن أبي سفيان صممحابي كممبير وملممك مجاهممد )طبممع بممدار‬

‫وغيرهم‪.‬‬
‫ن عبد البر ومن تابعه بعده؛ كابن‬‫ولم يخالف في ذلك إل اب ُ‬
‫الثير‪.‬‬
‫ن فتحون‪،‬‬
‫صحبة عبد الرحمن‪ :‬اب ُ‬‫حح ُ‬ ‫وَرد ّ على ابن عبد البر وص ّ‬
‫وابن حجر في الصابة )‪(6/309‬‬
‫وانظر تاريخ دمشق لبن عساكر )‪ (35/231‬والنابة لمغلطاي )‬
‫‪ (2/24‬والصابة )‪(6/308‬‬
‫عميرة رضي‬ ‫ومما يتصل بترجمة عبد الرحمن بن أبي َ‬
‫الله عنه‪:‬‬
‫وب أبوحاتم في‬ ‫اخُتلف في اسم عبد الرحمن ونسبته‪ ،‬وص ّ‬
‫ضَبطه ابن‬
‫ميرة‪ ،‬و َ‬
‫العلل؛ وغيُره أن اسمه عبد الرحمن بن أبي عَ ِ‬
‫ماكول في الكمال )‪ 6/276‬و ‪ (279‬بفتح العين‪ ،‬وكسر الميم‪،‬‬
‫ن عساكر في تاريخه )‬ ‫وأوسعُ من ترجم له ‪-‬فيما رأيت‪ -‬اب ُ‬
‫مزني‪ ،‬وتبعه المزي وغيره‪.‬‬ ‫وب أنه ُ‬‫‪ ،(35/231‬وص ّ‬
‫‪ 21‬الحديث يرويه معاوية بن صالح‪ ،‬عن يونس بن سيف‪ ،‬عن‬
‫هم‪ ،‬عن العرباض بن سارية قال‪:‬‬ ‫الحارث بن زياد‪ ،‬عن أبي ُر ْ‬
‫ت النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وهو َيدعو إلى السحور في‬ ‫سمع ُ‬
‫م سمعُته يقول‪:‬‬‫داء المبارك"‪ ،‬ث ّ‬
‫م إلى الغَ َ‬ ‫ُ‬
‫شهر رمضان‪" :‬هَل ّ‬
‫حساب‪ ،‬وقِهِ العذاب"‪.‬‬ ‫ب وال ِ‬ ‫ة الكتا َ‬‫"اللهم عّلم معاوي َ‬
‫والحديث ذكر البزار وابن عدي أنه ل ُيروى إل بهذا السناد‪.‬‬
‫رواه عن معاوية جماعة من الرواة‪ ،‬وهم‪:‬‬
‫‪ (1‬عبد الرحمن بن مهدي‪:‬‬
‫رواه أحمد في المسند )‪ (4/127‬وفضائل الصحابة )‪(1748‬‬
‫‪-‬ومن طريقه الخلل في العلل )‪ (141‬والسّنة )‪ (2/449‬وابن‬

‫‪39‬‬
‫القلممم فممي دمشممق(‪ ،‬وللشمميخ خالممد بممن محمممد الغيممث‪:‬‬
‫مرويات خلفة معاوية في تاريخ الطبري‪ ،‬دراسممة نقديممة‬
‫مقارنممة )طبممع بممدار النممدلس الخضممراء(‪ ،‬وغيرهمما مممن‬
‫مؤلفات المتأخرين‪.‬‬

‫عساكر )‪ (59/75‬وابن الجوزي في العلل المتناهية )‪-(1/271‬‬


‫ثنا عبدالرحمن بن مهدي‪.‬‬
‫ورواه ابن جرير )البداية والنهاية ‪ (11/405‬وابن خزيمة )‬
‫‪ (1938‬وابن حبان )‪ (16/192‬وحمزة الك َِناني في جزء البطاقة‬
‫)‪ 11‬ذكر الشاهد فقط( ‪-‬ومن طريقه الرافعي في التدوين )‬
‫‪ (3/74‬والذهبي في معجم الشيوخ )‪ (154-1/152‬والتاج‬
‫السبكي في معجم الشيوخ )ص ‪ -(441‬والجري )‪1911‬‬
‫الشاهد( وأبوالقاسم الكّتاني في حديثه )‪ 156/1‬كما في تخريج‬
‫الباطيل( والجورقاني )‪ (1/190‬وابن عساكر في تاريخه )‬
‫‪ (76-59/75‬ومعجم شيوخه )‪ 2/1041‬رقم ‪ (1341‬من طريق‬
‫عبد الرحمن به‪.‬‬
‫‪ (2‬عبد الله بن صالح أبوصالح‪:‬‬
‫قال يعقوب بن سفيان في المعرفة )‪ :(2/345‬ثنا أبوصالح‪.‬‬
‫ورواه البغوي في المعجم )‪ (5/365‬والطبراني في الكبير )‬
‫‪ 18/251‬رقم ‪ (628‬والشاميين )‪- (3/169‬وعنه أبونعيم في‬
‫المعرفة )‪ (4/2236‬وابن عساكر )‪ -(59/76‬والجري )‪(1913‬‬
‫وعبد العزيز الزجي في مجلس من المالي )مع أمالي ابن‬
‫بشران ‪ (2/284‬وابن عساكر )‪ (59/77‬وابن الجوزي في العلل‬
‫المتناهية )‪ (1/272‬من طريق عبد الله بن صالح به‪.‬‬
‫‪ (3‬قرة بن سليمان‪:‬‬
‫رواه البزار في مسنده )‪ 10/138‬رقم ‪ /4202‬وفي كشف‬
‫الستار برقم ‪ (2723‬من طريقه‪.‬‬
‫‪ (4‬أسد بن موسى‪:‬‬
‫رواه الطبراني في الكبير )‪ 18/251‬رقم ‪ (628‬وفي الشاميين‬
‫)‪- (3/169‬وعنه أبونعيم في المعرفة )‪ -(2/805‬وابن بشران )‬
‫‪ (1/55‬وابن أبي الصقر في مشيخته )‪ (31‬وابن عساكر )‬

‫‪40‬‬
‫ن الكتب‬
‫ب عنه ضم َ‬ ‫من ذ َ َ‬
‫كر فضائله‪ ،‬أو دافع وذ ّ‬ ‫وأما َ‬
‫ن إفراد ٍ فأكثُر من أن ُيحصى‪ ،‬والله يجزيهم جميعا‬‫دو َ‬
‫الخيَر على جهودهم‪.‬‬
‫تاريخ إسلم معاوية‪:‬‬

‫‪ 59/76‬عنده الشاهد فقط( من طريق أسد بن موسى‪.‬‬


‫‪ (5‬بشر بن السري‪:‬‬
‫رواه البغوي في المعجم )‪ (5/364‬والجري )‪ (1910‬وابن عدي‬
‫)‪ (6/2402‬وابن بطة في البانة وابن عساكر )‪ (59/77‬وابن‬
‫الجوزي في العلل المتناهية )‪ (1/271‬من طريق بشر بن‬
‫السري‪.‬‬
‫‪ (6-10‬ورواه آدم‪ ،‬ومعن بن عيسى‪ ،‬وزيد بن الحباب‪ ،‬وعبد الله‬
‫بن وهب‪ ،‬وعافية بن أيوب في آخرين عن معاوية بن صالح به‬
‫مثله‪.‬‬
‫علقه عنهم أبونعيم في المعرفة )‪(2/805‬‬
‫‪ (11‬الليث بن سعد‪ ،‬ويأتي تفصيل روايته‪.‬‬
‫والحديث عزاه المام اللباني )الصحيحة ‪ (3227‬لبي موسى‬
‫المديني في جزء من المالي )ق ‪ (1/2‬من طريق يونس به‪.‬‬
‫هم‪:‬‬ ‫من روى الحديث عن معاوية بدون الشاهد‪َ ،‬‬
‫ف ُ‬ ‫فأما َ‬
‫‪ (12‬حماد بن خالد الخياط‪:‬‬
‫رواه أحمد )‪ (4/126‬ثنا حماد بن خالد الخياط‪.‬‬
‫صاص في أحكام‬ ‫ج ّ‬
‫ورواه أبوداود )‪- (2344‬ومن طريقه أبوبكر ال َ‬
‫مّزي في تهذيب‬ ‫القرآن )‪ -(1/270‬وابن ُبشران )‪ (1/54‬وال ِ‬
‫الكمال )‪ (5/231‬من طريق حماد به‪.‬‬
‫‪ -‬زيد بن الحباب‪:‬‬
‫قال ابن أبي شيبة )‪ (3/9‬ثنا زيد به‪.‬‬
‫وقد عّلقه أبونعيم عن زيد بذكر الشاهد كما تقدم‪.‬‬
‫‪ -‬عبد الرحمن بن مهدي‪:‬‬
‫رواه النسائي في الصغرى )‪ (4/145‬والكبرى )‪ 2/79‬العلمية‪،‬‬
‫‪ 3/114‬الرسالة( ‪-‬وعنه الطحاوي في شرح مشكل الثار )‬

‫‪41‬‬
‫اخَتلف العلماء في تحديده على قولين مشهورين‪،‬‬
‫دهما أنه أسلم في فتح مكة سنة ثمان‪ ،‬والخر أنه‬ ‫أح ُ‬
‫َقبل ذلك‪ ،23‬ولك ّ‬
‫ل من الفريقين أدلُتهم‪.‬‬
‫ف ما رواه البخاري )‪ (1730‬ومسلم )‬ ‫ص ُ‬
‫ل الخل َ‬ ‫ولكن يف ِ‬
‫‪ (1246‬عن ابن عباس‪ ،‬عن معاوية رضي الله عنهم‪-‬‬

‫‪ -(14/124‬أخبرني شعيب بن يوسف‪ ،‬ثنا عبد الرحمن بن‬


‫مهدي‪.‬‬
‫ورواه ابن خزيمة )‪ (1938‬ثنا بندار‪ ،‬نا عبد الرحمن‪.‬‬
‫وابن حبان )‪ (8/244‬من طريق القواريري‪ ،‬نا عبد الرحمن‪.‬‬
‫والبيهقي )‪ (4/236‬من طريق أحمد‪ ،‬نا عبد الرحمن‪.‬‬
‫وابن عساكر )‪ (54/132‬والمزي في تهذيب الكمال )‪(32/511‬‬
‫من طريق محمد بن عبد المجيد التميمي‪ ،‬ثنا عبد الرحمن‪.‬‬
‫وابن قتيبة في الغريب )‪ (1/20‬نا خالد بن محمد‪ ،‬نا عبد‬
‫الرحمن‪.‬‬
‫ذكر معاوية في الحديث‪:‬‬ ‫سبب ترك بعض الرواة ل ِ‬
‫ت أبا عبد الله‬ ‫مهّنا‪ ،‬سأل ُ‬‫قال الخلل في العلل )‪ :(141‬قال ُ‬
‫]وهو المام أحمد بن حنبل[ عن حديث معاوية بن صالح‪ ،‬عن‬
‫يونس بن سيف‪ ،‬عن الحارث بن زياد‪ ،‬عن أبي ُرهم‪ ،‬عن‬
‫ي صلى الله عليه وسلم إلى‬ ‫العرباض بن سارية‪ ،‬قال‪ :‬دعانا النب ّ‬
‫ّ‬
‫الَغداء المبارك‪ ،‬وسمعُته يقول‪" :‬اللهم علمه ‪-‬يعني معاوية‪-‬‬
‫الكتاب والحساب‪ ،‬وقِهِ العذاب"‪.‬‬
‫دثناه عبد الرحمن بن مهدي‪ ،‬عن معاوية بن صالح‪.‬‬ ‫فقال‪ :‬نعم‪ ،‬ح ّ‬
‫ه‬ ‫ّ‬
‫ت‪ :‬إن الكوفيين ل يذكرون هذا‪" :‬علمه الكتاب والحساب وقِ ِ‬ ‫قل ُ‬
‫َ‬
‫العذاب"‪ ،‬قَطعوا منه؟‬
‫كره‪ ،‬ولم يذك ُْره إل فيما بيني‬ ‫قال أحمد‪ :‬كان عبد الرحمن ل يذ ُ‬
‫وبيَنه‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وهذا نص عزيز‪ ،‬فيه بيان موقف الكوفيين ‪-‬وأكثرهم‬
‫سئل‬
‫ما ُ‬
‫شيعة‪ -‬من التحديث بمثل هذا‪ ،‬وفيه أن المام أحمد ل ّ‬
‫عنه لم َيتكّلم فيه بشيء‪ ،‬وكذا تلميذه ُ‬
‫مهنا‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫عن رسول الله صلى الله عليه وسّلم‬ ‫ت َ‬
‫صر ُ‬
‫قال‪" :‬ق ّ‬
‫قص"‪.‬‬ ‫مش َ‬
‫بِ ِ‬
‫ن حجر في شرح الحديث‬ ‫وقد أطال وأطاب الحاف ُ‬
‫ظ اب ُ‬
‫وتحقيق المسألة‪ ،‬فقال رحمه الله في فتح الباري )‬
‫‪:(3/565‬‬

‫ت‪ :‬والحديث قد سمَعه كامل من عبد الرحمن‪:‬‬ ‫قل ُ‬


‫‪ (1‬المام أحمد كما تقدم‪.‬‬
‫‪ (2-3‬يعقوب الدورقي وعبد الله بن هاشم‪:‬‬
‫دث عنهما ابن خزيمة )‪ (1938‬ورواه من طريقه ابن‬ ‫كما ح ّ‬
‫عساكر )‪(59/76‬‬
‫رواه ابن عساكر )‪ (59/75‬من طريق يعقوب‪.‬‬
‫‪ (4‬العباس العنبري‪:‬‬
‫رواه ابن حبان )‪ (16/191‬من طريقه‪.‬‬
‫‪ (5‬أحمد الدورقي‪:‬‬
‫رواه حمزة الكناني في جزء البطاقة )‪ (11‬والجورقاني )‬
‫‪ (1/190‬عن أبي يعلى‪ ،‬عن أحمد الدورقي‪.‬‬
‫ورواه الجري في الشريعة )‪ (1911‬عن ابن ناجية‪ ،‬ثنا أحمد‬
‫الدورقي‪.‬‬
‫‪ (6‬عبيد الله بن عمر القواريري‪.‬‬
‫رواه ابن عساكر )‪ (59/75‬من طريق أبي يعلى في مسنده‬
‫الكبير عن القواريري‪.‬‬
‫‪ (7‬محمد بن عبد المجيد التميمي‪:‬‬
‫رواه ابن عساكر )‪ (59/76‬من طريقه‪.‬‬
‫‪ (8‬أحمد بن سنان‪:‬‬
‫قال محمد بن مروان السعيدي في كتاب المجالسة ‪-‬ورواه من‬
‫طريقه ابن عساكر في معجم شيوخه )‪ 2/1041‬رقم ‪:(1341‬‬
‫ثنا أحمد بن سنان‪.‬‬
‫ورواه ابن حبان )‪ (16/191‬والجري )‪ (1912‬من طريق ابن‬
‫سنان‪.‬‬
‫ذكر الختلف على الليث بن سعد في السناد‪:‬‬

‫‪43‬‬
‫ت من شعر رأسه‪ ،‬وهو ُيشعر‬ ‫ت" أي‪ :‬أخذ ُ‬ ‫"قوُله‪" :‬ق ّ‬
‫صر ُ‬
‫عمرة‪ ،‬وقد ث َب َ َ‬
‫ت‬ ‫ج أو ُ‬‫سك‪ ،‬إما في ح ٍ‬ ‫بأن ذلك كان في ن ُ ُ‬
‫ن أن‬ ‫جته‪ ،‬فتعي ّ َ‬ ‫حل َقَ في ح ّ‬
‫أنه ]صلى الله عليه وسلم[ َ‬
‫م في هذا‬ ‫عمرة‪ ،‬ول سّيما وقد روى مسل ٌ‬ ‫يكون في ُ‬
‫ت عن‬ ‫صر ُ‬
‫ظه‪" :‬ق ّ‬ ‫مروة‪ ،‬ولف ُ‬ ‫ن ذلك كان بال َ‬ ‫الحديث أ ّ‬

‫قال الحسن بن سفيان )الصابة ‪ 3/24‬وغيرها( ‪-‬وعنه ابن بطة‪،‬‬


‫وابن منده )النابة لمغلطاي ‪ ،(1/138‬وأبونعيم في المعرفة )‬
‫‪ :(2/804‬ثنا قتيبة بن سعيد‪ ،‬ثنا الليث بن سعد‪ ،‬عن معاوية بن‬
‫صالح‪ ،‬عن يونس بن سيف‪ ،‬عن الحارث بن زياد أن رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم قال‪) :‬فذكره(‪.‬‬
‫ورواه ابن قانع )‪ (1/187‬ثنا العباس بن حبيب النهرواني‪ ،‬نا‬
‫قتيبة به‪.‬‬
‫ورواه ابن منده في المعرفة )الصابة ‪ (3/24‬من طريق موسى‬
‫بن هارون عن قتيبة به‪.‬‬
‫ورواه الحسن بن عرفة في جزئه )‪- (36‬وعنه الخلل في السنة‬
‫)‪ (2/460‬والبغوي في الصحابة )‪ (2/78‬وابن شاهين وابن مندة‬
‫)الصابة( والللكائي )‪ (8/1441‬وابن عساكر )‪ (59/74‬وابن‬
‫حجر في التهذيب )‪ 12/141‬و ‪ -(142‬عن قتيبة به‪ ،‬وزاد بعد‬
‫الحارث‪" :‬صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم"‪.‬‬
‫قال ابن منده‪" :‬هذا وهم من قتيبة أو من الحسن بن عرفة"‪.‬‬
‫وقال‪" :‬رواه آدم‪ ،‬وأبوصالح‪ ،‬وغيرهما‪ ،‬عن الليث‪ ،‬عن معاوية‪،‬‬
‫عن يونس‪ ،‬عن الحارث‪ ،‬عن أبي رهم‪ ،‬عن العرباض بن سارية‪،‬‬
‫وكذلك رواه عبد الرحمن بن مهدي‪ ،‬وابن وهب‪ ،‬ومعن بن‬
‫عيسى‪ ،‬في آخرين عن معاوية"‪.‬‬
‫نقله ابن حجر في الصابة وقال‪" :‬قلت‪ :‬وحديث ابن مهدي في‬
‫صحيح ابن حبان‪ ،‬وهو الصواب"‪.‬‬
‫وأشار أبونعيم لعلله بمخالفته رواية الجماعة‪.‬‬
‫وقال ابن عساكر‪" :‬كذا قال‪ ،‬ول نعلم للحارث صحبة‪ ،‬وقد‬
‫ُأسقط من إسناده رجلن"‪.‬‬
‫وقال ابن الثير إن زيادة "وكان صاحب رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم" وهم )أسد الغابة ‪ ،(1/329‬وكذلك نص مغلطاي‬

‫‪44‬‬
‫ص وهو على‬ ‫ق ٍ‬ ‫م ْ‬
‫ش َ‬ ‫رسول الله صلى الله عليه وسلم ب ِ‬
‫صُر عنه بمشقص وهو على المروة"‪.‬‬ ‫ق ّ‬
‫المروة‪ ،‬أو رأيُته ي ُ َ‬
‫جْعراَنة"‪.‬‬
‫ن في عمرة القضية أو ال ِ‬ ‫وهذا َيحَتمل أن يكو َ‬

‫في النابة )‪ (1/138‬وابن حجر في التهذيب‪.‬‬


‫وقال الذهبي في معجم الشيوخ )‪" :(1/154‬كذا قال‪ ،‬وهذا‬
‫خطأ"‪.‬‬
‫وقال في تاريخ السلم )‪" :(4/309‬وقد وهم فيه قتيبة‪ ،‬وأسقط‬
‫منه أبا ُرهم والعرباض"‪.‬‬
‫وقال ابن حجر‪" :‬أعضل قتيبة هذا الحديث"‪) .‬التهذيب(‬
‫داها أن قتيبة وهم في‬
‫فهذه أقوال الحفاظ في هذه الرواية‪ ،‬ومؤ ّ‬
‫دوه‪،‬‬
‫جوّ ُ‬
‫صر فيه فأعضله‪ ،‬وأن الرواة غيره عن الليث َ‬ ‫السناد وق ّ‬
‫ودا أكثُر من عشرة رواة كما‬‫ث عن معاوية مج ّ‬‫وقد تابع اللي َ‬
‫تقدم‪.‬‬
‫وب ابن منده‪ ،‬وأبونعيم‪ ،‬وابن عساكر )‪ ،(59/75‬والذهبي‪،‬‬ ‫وص ّ‬
‫وابن حجر رواية الجماعة كما تقدم‪.‬‬
‫بيان رجال السناد‪:‬‬
‫معاوية بن صالح‪ :‬ثقة واسع الرواية‪) .‬تهذيب الكمال‬
‫‪ (28/186‬قلت‪ :‬وهو في طبقة من ُيقبل تفرده‪ ،‬وقد أخرج له‬
‫مسلم وغيره من أهل الصحاح أحاديث تفرد بروايتها‪.‬‬
‫يونس بيين سيييف‪ :‬وثقممه ابممن حبممان )الثقممات ‪ 5/550‬و ‪555‬‬
‫ومعرفممة التممابعين مممن الثقممات للممذهبي ‪ ،(4196‬والممدارقطني‬
‫)سؤالت البرقمماني ‪ ،(564‬وقممال الممبزار‪" :‬صممالح الحممديث‪ ،‬وقممد‬
‫ُروي عنه"‪ ،‬وقال ابن سعد‪" :‬كان معروفا له أحاديث"‪) .‬الطبقات‬
‫‪ ،(7/458‬وروى عنه جمع من الثقات‪.‬‬
‫قلت‪ :‬فقول ابن حجر رحمه الله في التقريب‪" :‬مقبول" قليل‬
‫في حقه‪.‬‬
‫تنبيه‪ :‬وقع في مطبوع كشف الستار في زوائد البزار‪" :‬قال‬
‫البزار‪ :‬يونس والحارث ل أعرفهما"‪ ،‬واعتمد على هذا الكلم‬

‫‪45‬‬
‫جة‬ ‫ثم قال بعد ُ )‪ 3/565‬و ‪" :(566‬وفي كونه في ح ّ‬
‫ح ّ‬
‫ل‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم لم ي ُ ِ‬ ‫الوداع نظٌر‪ ،‬لن النب ّ‬
‫ه على المروة؟‬ ‫صُر عن ُ‬ ‫حّله‪ ،‬فكيف ي ُ َ‬
‫ق ّ‬ ‫حّتى ب َل َغَ الهَد ْيُ َ‬
‫م ِ‬
‫م أن ذلك‬ ‫وقد بالغ النوويّ هنا في الرد على من زع َ‬
‫مسلم ‪-8/231‬‬ ‫كان في حجة الوداع فقال ]شرح صحيح ُ‬
‫صر عن‬ ‫ةق ّ‬‫ل على أن معاوي َ‬ ‫‪" :[232‬هذا الحديث محمو ٌ‬

‫بعض من ضّعف الحديث‪ ،‬وهذا خطأ ليس من كلم البزار‪ ،‬إنما‬


‫كلمه كما في مسنده )ق ‪ 219‬الك َّتانية(‪" :‬وحديث العرباض فيه‬
‫علتان‪ :‬إحداهما‪ :‬الحارث بن زياد‪ ،‬ول نعلم كبير أحد روى عنه‪،‬‬
‫ويونس بن سيف صالح الحديث‪ ،‬وقد ُروي عنه"‪.‬‬
‫وهذا ما نقله مغلطاي وابن حجر من كلم البزار‪ ،‬نّبه على كلم‬
‫ققُ مشيخة ابن أبي الصقر )ص ‪ ،(100-99‬ثم طبع‬ ‫البزار مح ّ‬
‫مسند البزار الصل )‪ ،(10/139‬وفيه التصويب المذكور‪.‬‬
‫وقد قال الهيثمي في مقدمة كشف الستار )‪ (1/6‬قائل‪" :‬إذا‬
‫تكلم ]يعني البزار[ على حديث بجرح بعض رواته أو تعديل بحيث‬
‫ت كلمه‪ ،‬من غير إخلل بمعنى‪ ،‬وربما ذكرته‬ ‫ل‪ :‬اختصر ُ‬‫طوّ َ‬
‫بتمامه إذا كان مختصرا"‪.‬‬
‫ت عشرات المواضع أحال فيها الهيثمي معنى‬ ‫قلت‪ :‬لكني رأي ُ‬
‫كلم البزار‪ ،‬مثل قوله )‪" :(3/166‬قال البزار‪ :‬وأحاديث النضر ل‬
‫نعلم أحدا شاركه فيها"‪ ،‬بينما عبارة البزار في المسند الصل )‬
‫‪ 9/457‬رقم ‪" :(4070‬وهذه الحاديث التي رواها النضر بن‬
‫محمد عن عكرمة ل نعلم أحدا شاركه فيها عن عكرمة"‪ .‬قالها‬
‫بعد أن ساق خمسة أحاديث فقط من رواية النضر عن عكرمة‬
‫بن عمار‪ ،‬وهو مكثر جدا عن عكرمة‪ ،‬فل ُيستغرب انفراده عنه‬
‫ببضعة أحاديث‪ ،‬أما عبارة الهيثمي فمعناها ُيسقط روايات النضر‬
‫عن شيخه كلها!‬
‫فليكن هذا في ذهن الباحث عند وقوع الشكالت ومخالفة‬
‫المسند الصل‪ ،‬ول سيما أن طبعة كشف الستار رديئة‪.‬‬
‫الحارث بن زياد‪ :‬ترجمه مغطاي في الكمال )‪ (3/290‬فقال‪:‬‬
‫إن ابن خزيمة وابن حبان أخرجا له في الصحيح‪ ،‬وذكره ابن‬
‫حبان في ثقات التابعين ]‪ ،[4/133‬قال‪ :‬روى عن أبي ُرهم‪،‬‬
‫وأدرك أبا أمامة‪ ،‬وقال البزار‪ :‬ل نعلم كبير أحد روى عنه‪ ،‬وقال‬

‫‪46‬‬
‫ن‬
‫جْعراَنة‪ ،‬ل ّ‬‫النبي صلى الله عليه وسلم في عمرة ال ِ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع كان قاِرنًا‪،‬‬ ‫النب ّ‬
‫شعَره ُ بين الناس‪،‬‬ ‫ة َ‬ ‫منى وفَّرقَ أبو طلح َ‬ ‫حل َقَ ب ِ‬
‫ت أنه َ‬ ‫وث َب َ َ‬
‫ح‬
‫وداع‪ ،‬ول َيص ّ‬ ‫جة ال َ‬ ‫ة على ح ّ‬ ‫ل َتقصير معاوي َ‬ ‫حم ُ‬ ‫ح َ‬
‫فل َيص ّ‬
‫حمله أيضا على عمرة القضاء الواقعةِ سنة سبٍع‪ ،‬لن‬
‫م الفتح سنة‬ ‫مسلما‪ ،‬إنما أسلم يو َ‬ ‫ة لم يكن يومئذ ٍ ُ‬ ‫معاوي َ‬

‫أبوالحسن القطان‪ :‬حديثه حسن‪ .‬ثم بالغ مغلطاي بالرد على‬


‫قول الذهبي في الميزان والمغني‪" :‬إنه مجهول"‪ ،‬وقال‪ :‬إن ذلك‬
‫ل لم ُيسبق إليه‪ .‬ا‪.‬هم‪.‬‬ ‫قو ٌ‬
‫ن حجر في التهذيب )‪(2/142‬‬ ‫ي اب ُ‬‫ت‪ :‬وكذلك تعقب الذهب ّ‬ ‫قل ُ‬
‫وقال‪ :‬قال أبوعمر بن عبد البر في صاحب هذه الترجمة‪:‬‬
‫"مجهول‪ ،‬وحديثه منكر"‪.‬‬
‫ت‪ :‬سممبقه بهممذه العبممارة المنممذريّ فممي الممترغيب )‪ 2/79‬رقممم‬ ‫قل ُ‬
‫‪ 1578‬ط‪ .‬ابن كثير(‪ ،‬وفي دقة هذا النقل نظر‪ ،‬فالذي قاله ابممن‬
‫عبد البر في الستيعاب‪" :‬إن الحارث بن زياد مجهممول‪ ،‬ل ُيعممرف‬
‫بغير هممذا الحممديث"‪ ،‬ولممم أجممد لممه كلممما آخممر عليممه‪ ،‬سممواء فمي‬
‫الستغناء أو غيره‪ ،‬وبين العبارتين فرقٌ بّين‪.‬‬
‫ه ينقل عن ابن عبد البر عبارةً مختلفة‬ ‫س ُ‬
‫ت المنذريّ نف َ‬ ‫ثم وجد ُ‬
‫وهي‪" :‬ضعيف مجهول‪ ،‬يروي عن أبي ُرهم السماعي‪ ،‬حديثه‬
‫منكر"‪) .‬مختصر سنن أبي داود ‪(3/230‬‬
‫قلت‪ :‬فأخشى أن يكون المنذري قد تصرف في كلم ابن عبد‬
‫دى معنى زائدا ‪-‬ول سيما أنه أملى الترغيب من حفظه‪،‬‬ ‫البر‪ ،‬فأ ّ‬
‫قب‪ ،‬كالبرهان الناجي‪ -‬وبواسطته نقل ابن حجر‪،‬‬ ‫من تع ّ‬‫قبه َ‬ ‫فتع ّ‬
‫فعندي أمثلة على مثل هذا‪ ،‬والعلم عند الله‪.‬‬
‫دم أن ذلك ل يصح‪.‬‬ ‫ذكر الحارث في الصحابة‪ ،‬وتق ّ‬ ‫قلت‪ :‬وُقد ُ‬
‫ومما يرفع من حال الحارث بن زياد الشامي أنه وردت روايات‬
‫عن الرافضة في لعنه! كما في طرائف المقال للبروجردي )ص‬
‫‪ (426‬وجامع الرواة للردبيلي )‪(1/173‬‬
‫سماعي‪،‬‬ ‫َ‬
‫معي‪ ،‬ويقال‪ :‬ال ّ‬ ‫س َ‬
‫سيد ال ّ‬‫أبو ُرهم‪ :‬هو أحزاب بن أ ِ‬
‫صحبته‪ ،‬ذكره العجلي وابن حبان وابن خلفون في‬ ‫مخت ََلف في ُ‬ ‫ُ‬
‫الثقات )الكمال لمغلطاي ‪ ،(2/15‬وروى عنه جمع من الثقات‬
‫)تهذيب الكمال ‪ ،(2/281‬وقال ابن حجر‪ :‬ثقة‪) .‬التقريب(‬

‫‪47‬‬
‫مله‬
‫ح َ‬‫من َ‬ ‫ثمان‪ ،‬هذا هو الصحيح المشهور‪ ،‬ول يصح قو ُ‬
‫ل َ‬
‫على حجة الوداع؛ وزعم أن النّبي صلى الله عليه وسلم‬
‫ش‪ ،‬فقد تظاهرت‬ ‫ط فاح ٌ‬ ‫كان متمّتعا‪ ،‬لن هذا غل ٌ‬
‫ي صلى الله عليه‬‫ن النب ّ‬
‫ره أ ّ‬
‫مسلم ٍ وغي ِ‬
‫ث في ُ‬ ‫الحادي ٌ‬
‫حّلوا من الُعمرة ولم تح ّ‬
‫ل‬ ‫ن الناس َ‬ ‫وسلم قيل له‪ :‬ما شأ ُ‬
‫ديي‪،‬‬ ‫ت رأسي وقّلد ُ‬
‫ت هَ ْ‬ ‫ت من عمرتك؟ فقال‪ :‬إني لّبد ُ‬ ‫أن َ‬

‫الحكم على السناد‪:‬‬


‫ب رجاُله ثقات‪ ،‬إل أن الحارث بن زياد تابع ٌ‬
‫ي مستور‪.‬‬ ‫مقار ٌ‬
‫أقوال الحفاظ في الحديث‪:‬‬
‫دم كلم البزار آنفا‪ ،‬وذكره ابن عدي ضمن إفرادات معاوية‬ ‫قد تق ّ‬
‫ل استنكاَره للحديث‪ ،‬وقال‬ ‫بن صالح‪ ،‬ولم يتكلم عليه‪ ،‬وهذا يحتم ُ‬
‫كره‪" :‬إل أن الحارث بن زياد مجهول ل ُيعرف‬ ‫ابن عبد البر بعد ذِ ْ‬
‫بغير هذا الحديث"‪ ،‬وزاد المنذري وابن حجر عنه‪" :‬وحديثه‬
‫منكر"‪ ،‬وتقدم مناقشة هذه الزيادة‪.‬‬
‫ّ‬
‫ن الجوزي في العلل المتناهية إنه ل َيصح‪ ،‬وأعله بضعف‬ ‫وقال اب ُ‬
‫ة بن صالح‪ ،‬وعبد َ الله بن صالح‪.‬‬ ‫معاوي َ‬
‫ة عبدِ الله بن صالح‬
‫قلت‪ :‬لن ابن الجوزي ساق بإسناده متابع َ‬
‫خ عبد‬‫لمعاوية‪ ،‬وليس ذلك بشيء‪ ،‬فإنما سقط من إسناده شي ُ‬
‫سه‪ ،‬وأما طريقة إعلله بمعاوية بن‬ ‫الله‪ ،‬وهو معاوية بن صالح نف ُ‬
‫صالح فل تستقيم أيضا‪ ،‬إذ اقتصر على تجريح أبي حاتم له‪،‬‬
‫ب هذا الصنيعُ على‬‫عي َ‬
‫وسكت عن توثيق باقي الحفاظ له! وقد ِ‬
‫ابن الجوزي رحمه الله في كتاب الموضوعات‪ ،‬ثم قد رواه عن‬
‫معاوية جمعٌ من كبار الحفاظ من عدة بلدان مثل‪ :‬عبد الرحمن‬
‫بن مهدي‪ ،‬والليث بن سعد‪ ،‬وعبد الله بن وهب‪ ،‬ولم يتكلموا في‬
‫الحديث‪.‬‬
‫وقال الهيثمي في مجمع الزوائد‪" :(9/356) :‬فيه الحارث بن‬
‫زياد‪ ،‬ولم أجد من وثقه‪ ،‬ولم يرو عنه غير يونس بن سيف‪ ،‬وبقية‬
‫رجاله ثقات‪ ،‬وفي بعضهم خلف"‪.‬‬
‫سئل عنه المام أحمد لم يضّعفه‬
‫وفي المقابل‪ :‬فالحديث لما ُ‬
‫ححه ابن خزيمة‪ ،‬وابن حبان‪ ،‬وابن‬
‫كما في علل الخلل‪ ،‬وص ّ‬
‫‪48‬‬
‫حر"‪] .‬انتهى كلم النووي‪ ،‬قال ابن‬ ‫َ‬ ‫ح ّ‬‫فل أ ُ ِ‬
‫ل حتى أن ْ َ‬
‫حجر‪[:‬‬
‫خ هنا ما مّر في عمرة القضّية‪،‬‬ ‫"قلت‪ :‬ولم يذكر الشي ُ‬
‫م يوم الفتح‬
‫جحه من كون معاوية إنما أسل َ‬ ‫والذي ر ّ‬
‫م‬
‫ح من حيث السند‪ ،‬لكن يمكن الجمعُ بأنه كان أسل َ‬ ‫صحي ٌ‬
‫مه‪ ،‬ولم يتمكن من إظهاِره إل‬ ‫ة‪ ،‬وكان يكُتم إسل َ‬ ‫خفي ً‬

‫عساكر في تاريخه )‪ ،(59/106‬وابن كثير في البداية والنهاية )‬


‫‪ ،(11/409‬وقال الجورقاني‪" :‬هذا حديث مشهور‪ ،‬رواه عن‬
‫ة‪ ،‬منهم‪ :‬بشر بن السري‪ ،‬والليث بن‬ ‫معاوية بن صالح جماع ٌ‬
‫سعد‪ ،‬وعبد الله بن صالح‪ ،‬وأسد بن موسى‪ ،‬وغيرهم"‪ ،‬وأخرجه‬
‫دية للباطيل والمناكير‪ ،‬وقال ابن عساكر‪:‬‬ ‫ضمن الحاديث الض ّ‬
‫سنه‬
‫حسن غريب‪) .‬معجم الشيوخ ‪ 2/1041‬رقم ‪ ،(1341‬وح ّ‬
‫واه الذهبي‬ ‫طان‪) .‬الكمال لمغلطاي ‪ ،(3/290‬وق ّ‬ ‫ن الق ّ‬
‫اب ُ‬
‫بشاهده‪) .‬السير ‪ ،(3/124‬وقال ابن حجر في الصابة بعد ذكر‬
‫ث ابن مهدي‬ ‫ت‪ :‬وحدي ُ‬ ‫مقرًا‪" :‬قل ُ‬
‫جحا و ُ‬
‫مَر ّ‬‫ة ُ‬
‫الختلف على معاوي َ‬
‫في صحيح ابن حبان"‪ ،‬وأفاض المام اللباني في تخريجه وانتهى‬
‫إلى صحة الحديث‪) .‬الصحيحة ‪(3227‬‬
‫ن أبي َيعَلى‬ ‫لطيفة‪ :‬وُيمكن زيادة المثبتين للحديث بما نقله اب ُ‬
‫فّراء في ترجمة أبي حفص عمر بن إبراهيم الُعكبري )‪3/294‬‬ ‫ال َ‬
‫حل َ َ‬
‫ف‬ ‫ل َ‬ ‫ل عن رج ٍ‬ ‫العثيمين( إذ قال‪" :‬قال أبوحفص‪ :‬سألني سائ ٌ‬
‫ن‬
‫ة رحمه الله في الجّنة‪ ،‬فأجبُته‪ :‬إ ّ‬ ‫ن معاوي َ‬ ‫بالطلق الثلث إ ّ‬
‫ت له أن أبا بكر محمد‬ ‫قم على نكاحه‪ ،‬وذ َ َ‬
‫كر ُ‬ ‫زوجُته لم تطُلق‪ ،‬فلي ُ ِ‬
‫ب بهذا الجواب‪.‬‬ ‫سئل عن هذه المسألة بَعينها؛ فأجا َ‬ ‫كر ُ‬ ‫س َ‬‫بن عَ ْ‬
‫ُ‬
‫ضَرتي‪ ،‬فأظّنه‬ ‫ح ْ‬‫ن بطة عن هذه المسألة ب َ‬ ‫ّ‬ ‫خنا اب ُ‬ ‫سئل شي ُ‬ ‫قال‪ :‬و ُ‬
‫ب محمد بن عسكر فيها‪.‬‬ ‫جوا َ‬ ‫كر َ‬‫ذ َ‬
‫ن أيوب يقول‪:‬‬ ‫ت أبا بكَر ب َ‬ ‫ة يقول‪ :‬سمع ُ‬ ‫ن بط َ‬ ‫خ اب َ‬ ‫ت الشي َ‬ ‫وسمع ُ‬
‫َ‬
‫ل عن هذه المسألة‪ -‬فقال‪ :‬لم‬ ‫سئ َ‬‫ي ‪-‬و ُ‬ ‫حرب ّ‬ ‫ت إبراهيم ال َ‬ ‫سمع ُ‬
‫حه‪.‬‬‫قم على نكا ِ‬ ‫َتطُلق زوجُته‪ ،‬فلي ُ ِ‬
‫ض بن سارية‪ ،‬أنه سمع‬ ‫ل على ذلك‪ :‬ما روى الِعربا ُ‬ ‫قال‪ :‬والدلي ُ‬
‫معاوية بن أبي سفيان‪:‬‬ ‫لل ُ‬ ‫ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم يقو ُ‬ ‫النب ّ‬
‫ه الكتاب والحساب‪ ،‬وقِهِ العذاب(‪.‬‬ ‫ّ‬
‫)اللهم علم ُ‬
‫‪49‬‬
‫م الفتح‪ ،‬وقد أخرج بن عساكر في تاريخ دمشق من‬ ‫يو َ‬
‫ترجمة معاوية ]‪ 59/66‬و ‪ 67‬وانظر ص ‪ 57‬و ‪ 60‬و ‪62‬‬
‫م بين‬
‫ه أسل َ‬ ‫ة بأن ّ ُ‬‫ح معاوي َ‬
‫وقد ذكره غير واحد قبله[ تصري َ‬
‫مه خوفا من‬ ‫ديبية والقضّية‪ ،‬وأنه كان ُيخفي إسل َ‬ ‫ح َ‬‫ال ُ‬
‫خل في‬‫ي صلى الله عليه وسلم لما د َ َ‬ ‫أبويه‪ ،‬وكان النب ّ‬
‫عنها حتى ل ينظروَنه‬ ‫ج أكثُر أهِلها َ‬
‫عمرة القضّية مكة خر َ‬ ‫ُ‬

‫ي من‬
‫مجاب الدعاء‪ ،‬فإذا ُوق َ‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم ُ‬‫فالنب ّ‬
‫العذاب فهو من أهل الجنة‪ ..‬الخ"‪.‬‬
‫ُ‬
‫ت‪ :‬والقائل "والدليل على ذلك" أراه أبا حفص العكبري‪ ،‬والله‬ ‫قل ُ‬
‫أعلم‪.‬‬
‫طرق أخرى للحديث‪:‬‬
‫ميرة رضي الله عنه‪:‬‬ ‫ع ِ‬
‫حديث عبد الرحمن بن أبي َ‬
‫روى الطبراني في الشاميين )‪- (1/190‬ومن طريقه ابن‬
‫عساكر )‪ 35/230‬و ‪ (59/80‬والذهبي في السير )‪ :(8/34‬ثنا‬
‫أبوزرعة‪ ،‬وأحمد بن محمد بن يحيى الدمشقيان‪ ،‬قال‪ :‬ثنا‬
‫أبومسهر‪ ،‬ثنا سعيد بن عبد العزيز‪ ،‬عن ربيعة بن يزيد‪ ،‬عن عبد‬
‫الرحمن بن أبي عميرة المزني أن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫قال لمعاوية‪" :‬اللهم علمه الكتاب والحساب‪ ،‬وقه العذاب"‬
‫وروى بعده عن أبي زرعة بنفس السند حديث ابن أبي عميرة‬
‫الصواب‪.‬‬
‫وعّلقه البخاري في التاريخ الكبير )‪ (7/327‬عن أبي مسهر به‪،‬‬
‫بالمتن السابق‪ ،‬ثم أخرجه متصل بالمتن الخر "الله اجعله هاديا‬
‫مهديا"‪.‬‬
‫قال ابن عساكر إن هذا الوجه غريب‪ ،‬وأتبعه بتخريج الروايات‬
‫عن سعيد بن عبد العزيز بمتن‪" :‬اللهم اجعله هاديا"‪.‬‬
‫وأعله الذهبي في معجم الشيوخ )‪ ،(1/155‬وقال إن رواية‬
‫الترمذي لهذا السند بمتن "اللهم اجعله هاديا" أصح‪ ،‬لرواية‬
‫جماعة من الرواة‪.‬‬
‫هم‪ :‬يحيى بن معين‪ ،‬ومحمد‬ ‫مسهر )و ُ‬‫لن غالب الرواة عن أبي ُ‬
‫بن يحيى الذهلي‪ ،‬وابن سعد‪ ،‬ومحمد بن عوف‪ ،‬ومحمد بن سهل‬
‫بن عسكر‪ ،‬ومحمد بن رزق الله الكلوذاني‪ ،‬والترقفي‪ ،‬ومحمد‬

‫‪50‬‬
‫من تخل ّ َ‬
‫ف‬ ‫ة كان م ّ‬ ‫ل معاوي َ‬‫ن بالبيت‪ ،‬فلع ّ‬‫وأصحاَبه يطوفو َ‬
‫سَبب اقَتضاه‪.‬‬ ‫بمكة ل َ‬
‫ل سعد بن أبي وقاص فيما أخرجه‬ ‫ضه أيضا قو ُ‬ ‫ول يعار ُ‬
‫مسلم وغيُره‪" :‬فعلناها ‪-‬يعني العمرة في أشهر الحج‪-‬‬
‫مَتين‪ ،‬يعني بيوت مكة‬ ‫ض ّ‬‫مئذ كافٌر بالعُُرش"‪ .‬ب َ‬
‫وهذا يو َ‬
‫َ‬
‫‪-‬يشير إلى معاوية‪ ،‬لنه ُيحمل على أنه أخَبر بما‬
‫بن المغيرة‪ ،‬وأبوزرعة الدمشقي في رواية‪ ،‬والبخاري معلقا(‪،‬‬
‫من تاَبعه عن سعيد‪ :‬يروون بهذا السند المتن الثاني "اللهم‬ ‫و َ‬
‫اجعله هاديا"‪ ،‬وهو الذي وصله البخاري‪.‬‬
‫ة‬
‫ة المعلق َ‬ ‫م منه أنه أع ّ‬
‫ل الرواي َ‬ ‫فأما صنيع البخاري فأفه ُ‬
‫ة جمٍع له‬‫متابع ُ‬
‫مسهر‪ ،‬و ُ‬ ‫ة الكثرية عن أبي ُ‬ ‫ده رواي ُ‬
‫بالمتصلة‪ ،‬يؤي ُ‬
‫على الوجه الموصول‪ ،‬كما بّين ابن عساكر والذهبي‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬
‫م بل شك‪ ،‬وقد ذكر‬ ‫فهذا السناد لمتن "اللهم علمه الكتاب" وه ٌ‬
‫البزار أن الحديث المذكور ل ُيروى إل بالسناد المشهور عن‬
‫معاوية بن صالح‪.‬‬
‫حديث ابن عباس رضي الله عنهما‪:‬‬
‫رواه ابن عدي )‪ (5/1810‬وأبوالقاسم عبد العزيز الزجي في‬
‫مجلس من أماليه )مع أمالي ابن بشران ‪ 2/286‬رقم ‪(1522‬‬
‫وابن عساكر )‪ (59/78‬وابن الجوزي في العلل المتناهية )‬
‫محي‪ ،‬عن عطاء‪،‬‬ ‫ج َ‬
‫‪ (1/271‬من طريق عثمان بن عبد الرحمن ال ُ‬
‫عن ابن عباس مرفوعا بمثله‪.‬‬
‫ه ضعيف‪ ،‬وأعّله ابن الجوزي ‪-‬تبعا لبن‬ ‫قال ابن عساكر إنه وج ٌ‬
‫عدي‪ -‬بالجمحي‪.‬‬
‫ي في الميزان )‪ (3/47‬بأن عثمان بن عبد‬ ‫ب الذهب ّ‬
‫ق َ‬
‫قلت‪ :‬تع ّ‬
‫الرحمن هذا هو الوَّقاصي القرشي ل الجمحي‪ ،‬والوقاصي أشد‬
‫ضعفا من الجمحي‪ ،‬فهو متروك‪.‬‬
‫خَتري في المنتقى‬
‫ووقعت نسبُته على الصواب فيما رواه ابن الب َ ْ‬
‫من السادس عشر من حديثه )رقم ‪ 85‬وهو في مجموع‬
‫مصنفات ابن البختري ص ‪ (467‬من طريق عثمان بن عبد‬
‫الرحمن القرشي‪ ،‬عن عطاء‪ ،‬عن ابن عباس به‪.‬‬
‫فهذا السند ضعيف جدا‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫مه لكونه كان‬
‫طلع على إسل ِ‬ ‫حاِله؛ ولم ي ّ‬ ‫من َ‬ ‫حبه ِ‬
‫ص َ‬‫است َ ْ‬
‫ُيخفيه‪.‬‬
‫ن َتقصيره كان في عمرة‬ ‫وزوه ُ أ ّ‬
‫ج ّ‬ ‫كر على ما َ‬ ‫وُيع ّ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم ركب من‬ ‫ن النب ّ‬‫جْعراَنة‪ :‬أ ّ‬ ‫ال ِ‬
‫حب أحدا معه‬‫ص ِ‬ ‫َ‬
‫جْعراَنة بعد أن أحرم بعمرة؛ ولم َيست َ ْ‬ ‫ال ِ‬
‫م مكة‪ ،‬فطاف وسعى‬ ‫إل بعض أصحابه المهاجرين‪ ،‬فَ َ‬
‫قد ِ َ‬

‫خّلد رضي الله عنه‪:‬‬ ‫م َ‬‫سَلمة بن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫حديث َ‬


‫رواه ابن بطة )تلخيص الذهبي ‪ (223‬ومن طريقه ابن الجوزي‬
‫في العلل المتناهية )‪ (1/272‬من طريق أبي سلمة موسى‬
‫ذكي‪.‬‬‫الت ُّبو َ‬
‫ورواه الطبراني في الكبير )‪ 19/439‬رقم ‪ (1065‬والجري في‬
‫الشريعة )‪ (1919‬وابن بطة وابن الجوزي من طريق الحسن بن‬
‫موسى الشيب‪.‬‬
‫ورواه البغوي في معجم الصحابة )‪ (5/365‬والطبراني )‬
‫‪ 19/438‬رقم ‪ (1066‬والجري )‪ (1918‬من طرق عن سليمان‬
‫بن حرب‪.‬‬
‫عطية‬‫جب ََلة بن َ‬ ‫سَليم الّرا ِ‬
‫سبي‪ ،‬نا َ‬ ‫هلل محمد بن ُ‬ ‫ثلثتهم عن أبي ِ‬
‫خّلد مرفوعا بلفظ‪" :‬اللهم عّلمه‬ ‫سَلمة بن ُ‬
‫م َ‬ ‫م ْ‬
‫الفلسطيني‪ ،‬عن َ‬
‫كن له في البلد‪ ،‬وقه العذاب"‪.‬‬ ‫الكتاب‪ ،‬وم ّ‬
‫من حديث أهل البصرة عن أبي هلل به‪.‬‬ ‫ن عبد الحكم ِ‬ ‫وعّلقه اب ُ‬
‫)فتوح مصر ص ‪(267‬‬
‫قلت‪ :‬قد اضط ََرب أبوهلل في السناد‪:‬‬
‫فقال ابن سعد )‪ 1/108‬تحقيق السلومي( ‪-‬ورواه من طريقه‬
‫ابن عساكر )‪ :(59/78‬أخبرنا سليمان بن حرب والحسن بن‬
‫موسى‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا أبوهلل محمد بن سليم‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا جبلة بن‬
‫عطية‪ ،‬عن مسلمة بن مخلد‪.‬‬
‫قال الحسن بن موسى الشيب‪ :‬قال أبوهلل‪ :‬أو عن رجل عن‬
‫مسلمة بن مخلد‪.‬‬
‫ة عن رجل‪ ،‬أنه رأى‬ ‫دثه مسلم ُ‬‫وقال سليمان بن حرب‪ :‬أو ح ّ‬
‫ضد‪،‬‬
‫خ َ‬
‫م ْ‬
‫مك هذا ل ِ‬
‫معاوية يأكل‪ ،‬فقال لعمرو بن العاص‪ :‬إن ابن ع ّ‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫ت النب ّ‬
‫ثم قال‪ :‬أما إني أقول هذا‪ ،‬وقد سمع ُ‬
‫‪52‬‬
‫َ‬
‫ت‪ ،‬فَ َ‬
‫خفَِيت‬ ‫جْعراَنة‪ ،‬فأصَبح بها ك ََبائ ِ ٍ‬ ‫جع إلى ال ِ‬‫حَلق‪ ،‬وَر َ‬ ‫و َ‬
‫من الّناس‪.‬‬ ‫عمرُته على كثيرٍ ِ‬ ‫ُ‬
‫‪24‬‬
‫ة فيمن‬ ‫كذا أخرجه الترمذي وغيُره ‪ ،‬ولم ي ُعَد ّ معاوي ُ‬
‫ه بمكة في‬ ‫من تخّلف عن ُ‬ ‫ة في َ‬ ‫ه حيَنئذ‪ ،‬ول كان معاوي ُ‬ ‫حب َ ُ‬
‫ص ِ‬‫َ‬
‫ده بمكة‪ ،‬بل كان مع‬ ‫ج‬ ‫و‬
‫ُ َ َ َ‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫لع‬ ‫يقال‪:‬‬ ‫حتى‬ ‫حنين‬‫ُ‬ ‫غزوة‬

‫وسلم يقول‪) :‬فذكره(‬


‫ُ‬
‫وقال المام أحمد في فضائل الصحابة )‪ (2/915‬وابن قَتيبة في‬
‫الغريب )‪ :(1/394‬حدثنا الحسن بن موسى‪ ،‬ثنا أبوهلل‪ ،‬ثنا‬
‫جبلة بن عطية‪ ،‬عن مسلمة بن مخلد ‪-‬أو عن رجل عن مسلمة‬
‫بن مخلد‪ -‬به‪.‬‬
‫ورواه الخلل في السنة )‪ (2/451‬من طريق سليمان بن حرب‪،‬‬
‫ثنا أبوهلل‪ ،‬عن جبلة‪ ،‬عن مسلمة‪ ،‬أو حدثه مسلمة عن رجل‪.‬‬
‫ورواه ابن عساكر )‪ (59/78‬من طريق ابن أبي خيثمة‪ ،‬نا أبي‬
‫سلمة موسى بن إسماعيل‪ ،‬نا أبوهلل الراسبي‪ ،‬نا جبلة‪ ،‬عن‬
‫رجل من النصار‪ ،‬عن مسلمة به‪.‬‬
‫وهذا الحديث أعّله ابن الجوزي بضعف أبي هلل‪.‬‬
‫وقال الذهبي في التلخيص‪ :‬لم يصح‪.‬‬
‫وقال في ترجمة جبلة بن عطية من الميزان )‪" :(1/389‬ل‬
‫قَتين عن أبي هلل‬ ‫ُيعرف‪ ،‬والخبر منكر بمرة‪ ،‬وهو من طريق ث ِ َ‬
‫محمد بن سليم‪ ،‬قال حدثنا جبلة‪ ،‬عن رجل‪ ،‬عن مسلمة‪"..‬‬
‫)فذكر الحديث(‬
‫ل الفة فيه من‬ ‫وتعقّبه ابن حجر في اللسان )‪ (2/96‬قائل‪" :‬لع ّ‬
‫الرجل المجهول‪ ،"..‬ثم نقل توثيق جبلة‪.‬‬
‫ن‬
‫دثين بي َ‬
‫ض المح ّ‬
‫ل بع ُ‬ ‫ن عبد الحكم‪" :‬وربما أدخ َ‬‫وقال َقبل َُهما اب ُ‬
‫مسلمة رجل"‪.‬‬‫عطّية وبين َ‬ ‫جبلة بن َ‬
‫وقال الهيثمي في مجمع الزوائد )‪ (9/109‬بعد أن عزاه‬
‫للطبراني‪" :‬وجبلة لم يسمع من مسلمة‪ ،‬فهو مرسل‪ ،‬ورجاله‬
‫وُّثقوا‪ ،‬وفيهم خلف"‪.‬‬
‫ف )تهذيب الكمال ‪ ،(25/292‬وقد‬‫قلت‪ :‬أبوهلل فيه ضع ٌ‬
‫ب فيه كما َتقدم‪ ،‬وجبلة ثقة )تهذيب الكمال ‪،(4/500‬‬
‫اضطر َ‬
‫‪53‬‬
‫جملة‬ ‫َ‬ ‫القوم‪ ،‬وأعطاه ُ مث َ‬
‫من الغنيمة مع ُ‬ ‫ل ما أعطى أَباه ُ ِ‬
‫المؤّلفة‪.‬‬
‫وأخرج الحاكم في الكليل‪ 25‬في آخر قصة غزوة ُ‬
‫حنين‬
‫سه صلى الله عليه وسلم في عمرته‬ ‫حل َقَ رأ َ‬
‫أن الذي َ‬
‫جْعراَنة‪ :‬أبو هند عبد ُ بني بياضة‪ ،‬فإن‬‫التي اعَتمَرها من ال ِ‬
‫ه؛ أو كان بمكة‬
‫معَ ُ‬‫ة كان حينئذ َ‬ ‫ثبت هذا؛ وثبت أن معاوي َ‬

‫ده ابن حبان من أتباع التابعين‪ ،‬وذكر له المزي ثلثة‬‫ولكن ع ّ‬


‫شيوخ‪ ،‬كلهم من التابعين‪ ،‬فيظهر لي أن القرب من الوجه‬
‫رواية أبي هلل‪ ،‬عن جبلة‪ ،‬عن رجل‪ ،‬عن مسلمة‪.‬‬
‫وهذا سند ضعيف‪ ،‬وتقدم تضعيف الحفاظ لهذه الرواية عموما‪،‬‬
‫كن له في البلد" ‪-‬من حيث الصنعة الحديثية‪-‬‬ ‫م ّ‬
‫ن لفظة‪" :‬و َ‬‫إل أ ّ‬
‫منكرةٌ ل شاهد لها‪.‬‬
‫حديث أبي هريرة‪:‬‬
‫رواه ابن بطة‪ ،‬ومن طريقه ابن الجوزي )‪ (1/273‬من طريق‬
‫محمد بن يزيد العابد‪ ،‬عن محمد بن عمرو‪ ،‬عن أبي سلمة‪ ،‬عن‬
‫أبي هريرة مرفوعا مثله مع زيادة‪.‬‬
‫وأعله ابن الجوزي بجهالة ابن يزيد‪ ،‬وقال الذهبي إن خبره‬
‫موضوع‪ ،‬وهو آفَُته )الميزان ‪ ،(4/68‬وقال إن حديثه كذب‪.‬‬
‫)المغني ‪(2/644‬‬
‫ولكن جاء أحد الكذابين فوضع له إسنادا نظيفا!‬
‫فرواه ابن عساكر )‪ (59/88‬من طريق إسحاق بن محمد‬
‫السوسي‪ ،‬نا محمد بن الحسن‪ ،‬نا ابن ديزيل‪ ،‬نا آدم بن أبي‬
‫إياس‪ ،‬عن شعبة‪ ،‬عن سهيل بن أبي صالح‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن أبي‬
‫هريرة مرفوعا‪ ،‬وفيه زيادات باطلة‪.‬‬
‫قال ابن حجر في ترجمة إسحاق من اللسان )‪" :(1/374‬ذاك‬
‫الجاهل الذي أتى بالموضوعات السمجة في فضائل معاوية‪،‬‬
‫رواها عبيد الله بن محمد بن أحمد السقطي عنه‪ ،‬فهو المتهم‬
‫خه المجهولون"‪.‬‬ ‫بها‪ ،‬أو شيو ُ‬
‫وقال الذهبي في ترجمة شيخه في الميزان )‪" :(3/516‬روى‬
‫عنه محمد بن إسحاق السوسي أحاديث مختَلقة في فضل‬
‫معاوية‪ ،‬ولعله النقاش صاحب التفسير‪ ،‬فإنه كذاب‪ ،‬أو هو آخر‬

‫‪54‬‬
‫ن معاوية قَ ّ‬
‫صر‬ ‫ن الجمعُ بأن يكو َ‬‫صر عنه بالمروة‪ :‬أمك َ‬ ‫ق ّ‬ ‫ف َ‬
‫ضَر‬‫ح َ‬ ‫ض حاجته؛ ثم َ‬ ‫ل؛ وكان الحلقُ غائبا في بع ِ‬ ‫عنه أو ً‬
‫حْلق ‪-‬لنه أفضل‪ -‬ففعل‪.‬‬ ‫مَره أن ُيكمل إزالة ال ّ‬ ‫َ‬
‫شعر بال َ‬ ‫فأ َ‬
‫عمرة القضّية؛ وثبت أنه‬ ‫ت أن ذلك كان في ُ‬ ‫وإن ث َب َ َ‬
‫حل َقَ فيها‪ :‬جاء هذا الحتمال‬ ‫صلى الله عليه وسلم َ‬
‫ح‬‫صل التوفيق بين الخبار كّلها‪ ،‬وهذا مما فَت َ َ‬ ‫ح َ‬‫بعَْينه‪ ،‬و َ‬

‫من الدجاجلة"‪.‬‬
‫قيه عن أبي هريرة‪.‬‬
‫قلت‪ :‬فالحديث باطل من طري َ‬
‫الطرق المرسلة‪:‬‬
‫رواه المام أحمد في فضائل الصحابة )‪ (2/913‬بسند صحيح‬
‫عبيد مرسل‪.‬‬
‫شريح بن ُ‬ ‫عن ُ‬
‫وقال اللباني‪" :‬وهذا إسناد شامي مرسل صحيح‪ ،‬رجاله ثقات"‪.‬‬
‫ورواه الحسن بن عرفة في جزئه )‪ (66‬ومن طريقه ابن عساكر‬
‫حبي مرسل‪.‬‬ ‫ريز بن عثمان الّر َ‬
‫ح ِ‬
‫)‪ (59/79‬بسند صحيح عن َ‬
‫وقال اللباني‪" :‬وهذا أيضا إسناد شامي مرسل صحيح"‪.‬‬
‫سرة‬
‫مي ْ َ‬
‫ورواه ابن عساكر )‪ (59/85‬بسند صحيح عن ُيوُنس بن َ‬
‫حل َْبس مرسل‪.‬‬
‫بن َ‬
‫ورواه ابن عساكر )‪ (59/79‬من طريق الّزهري مرسل‪.‬‬
‫وفي سنده أبان بن عَن َْبسة القرشي‪ :‬ذكره ابن أبي حاتم )‬
‫‪ (2/300‬ولم يذكر فيه جرحا ول تعديل‪.‬‬
‫ورواه البلذري في أنساب الشراف )‪ 4/145‬العظم( وابن‬
‫سف بن زياد‬ ‫وار‪ ،‬ثنا يو ُ‬‫س ّ‬ ‫عساكر )‪ (59/79‬من طريق َ‬
‫شَبابة بن َ‬
‫خمي‬ ‫ّ‬
‫عروة بن ُروَْيم الل ْ‬
‫شعيب‪ ،‬عن ُ‬ ‫الت ّْيمي‪ ،‬عن محمد بن ُ‬
‫مرسل‪.‬‬
‫ورجاله ثقات‪ ،‬إل أن يوسف التيمي لم أتبّينه الن‪.‬‬
‫ورواه ابن بطة ومن طريقه الخطيب في تلخيص المتشابه )‬
‫‪ (1/405‬من طريق داود بن المحبر‪ ،‬نا الحسن بن أبي جعفر‬

‫‪55‬‬
‫د‪ ،‬ث ُ ّ‬
‫م لله الحمد ُ‬ ‫ه ع َل َ ّ‬
‫ي به في هذا الفتح‪ ،‬ولله الحم ُ‬ ‫الل ُ‬
‫أبدا"‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وهذا تحقيق نادر ونفيس من الحافظ ابن حجر‬
‫جح في الصابة )‪ (232-9/231‬أن‬ ‫رحمه الله‪ ،‬وكذلك ر ّ‬
‫معاوية رضي الله عنه أسلم سنة سبع من الهجرة‪،‬‬

‫العتكي‪ ،‬عن ليث‪ ،‬عن مجاهد مرسل محل الشاهد‪.‬‬


‫وسنده موضوع‪.‬‬
‫خلصة الحكم على الحديث‪:‬‬
‫سارَِية‪ ،‬والحارث بن زياد‪،‬‬ ‫مسند الِعرباض بن َ‬ ‫جاء الحديث من ُ‬
‫ّ‬
‫خلد‪،‬‬ ‫م َ‬
‫سلمة بن ُ‬ ‫َ‬ ‫م ْ‬
‫ميرة‪ ،‬وابن عباس‪ ،‬و َ‬ ‫وعبد الرحمن بن أبي عَ ِ‬
‫ميسرة‬ ‫عبيد‪ ،‬ويوُنس بن َ‬ ‫شريح بن ُ‬ ‫وأبي هريرة‪ ،‬ومن مراسيل ُ‬
‫حبي‪ ،‬والزهري‪ ،‬وعقبة بن رويم‪ ،‬ومجاهد‪.‬‬ ‫حريز الّر َ‬‫حل َْبس‪ ،‬و َ‬
‫بن َ‬
‫وتبّين أن جميع الطرق المرفوعة إما أنها ترجع لحديث العرباض‬
‫عميرة(‪ ،‬أو أنها ل تدخل في‬ ‫)طريق الحارث بن زياد‪ ،‬وابن أبي َ‬
‫العتبار أصل )حديث ابن عباس‪ ،‬وحديث أبي هريرة‪ ،‬وحديث‬
‫مسلمة عََلى القرب(‪.‬‬
‫ب بذاته‪ ،‬وثّبته أكثُر‬ ‫مقار ٌ‬ ‫ده ُ‬ ‫وتبّين أن حديث معاوية مرفوعا سن ُ‬
‫فت‪.‬‬‫فاظ فيما وَقَ ْ‬ ‫ن الح ّ‬ ‫م َ‬‫ث ِ‬ ‫من تكّلم على الحدي ِ‬ ‫َ‬
‫ة إلى أصحابها‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫صحيح‬ ‫حريز‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫نس‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ويو‬ ‫شريح‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫مراسيل‬ ‫أن‬ ‫ين‬‫ّ‬ ‫وتب‬
‫فهي تشهد للمرفوع إن شاء الله‪ ،‬وبذلك تطمئن النفس لتقوية‬
‫الحديث‪.‬‬
‫هذا ما انتهى إليه بحثي‪ ،‬والله تعالى أعلم بالصواب‪.‬‬
‫‪ 22‬انظر عنه نزهة الخواطر لعبد الحي الحسني )‪ (8/49‬وكتاب‬
‫البريلوية لحسان إلهي ظهير‪.‬‬
‫‪ 23‬منهم أبونعيم في معرفة الصحابة )‪ ،(5/2496‬إذ قال‪" :‬أسلم‬
‫ُقبيل الفتح‪ ،‬وقيل‪ :‬عام القضية"‪.‬‬
‫حّرش الكعبي الخزاعي رضي الله عنه‪ ،‬رواه‬ ‫م َ‬
‫‪ 24‬من حديث ُ‬
‫أبوداود )‪ (1996‬والترمذي )‪ (935‬وقال‪ :‬حسن غريب‪،‬‬
‫والنسائي )‪ (200-5/199‬والشافعي في الم )‪(2/134‬‬
‫والحميدي )‪ (863‬وأحمد )‪ 3/426‬و ‪ 427‬و ‪ 4/69‬و ‪(5/380‬‬

‫‪56‬‬
‫جَزم في تقريب التقريب )‪ (6758‬أيضا أنه أسلم قبل‬ ‫و َ‬
‫الفتح‪.‬‬
‫وقد قال مؤرخ السلم الحافظ الذهبي في التاريخ )‬
‫ي‬
‫قضاء‪ ،‬وبق َ‬‫عمرة ال َ‬
‫‪" :(4/308‬أسلم قبل أبيه في ُ‬
‫يخاف من الخروج إلى النبي صلى الله عليه وسلم من‬
‫‪26‬‬
‫أبيه"‪ ،‬ثم قال‪" :‬وأظهر إسلمه يوم الفتح"‪.‬‬
‫ِذكُر تثّبت معاوية رضي الله عنه وتو ّ‬
‫قيه في‬
‫السنة النبوية‪:‬‬
‫مسلم في صحيحه )‪ 2/718‬رقم ‪(1037‬‬ ‫‪ -‬روى المام ُ‬
‫ث؛ إل‬
‫عن معاوية رضي الله عنه قال‪" :‬إّياكم وأحادي َ‬
‫س‬
‫ف النا َ‬‫ن عمَر كان ُيخي ُ‬ ‫عهد عمر‪ ،‬فإ ّ‬ ‫حديثا ً كان في َ‬
‫ل الله صلى الله عليه‬ ‫ت رسو َ‬ ‫ل‪ ،‬سمع ُ‬ ‫في الله عّز وج ّ‬
‫ه في‬‫قه ْ ُ‬
‫ف ّ‬
‫خيرا ي ُ َ‬
‫من ُيرد الله به َ‬
‫وسلم وهو يقول‪َ " :‬‬
‫دين"‪.‬‬ ‫ال ّ‬

‫والدارمي )‪ (1868‬وغيرهم‪ ،‬وسنده حسن كما قال ابن حجر‬


‫)الصابة ‪ ،(9/101‬وصححه ابن عبد البر )التمهيد ‪(24/408‬‬
‫واللباني )صحيح سنن الترمذي ‪ 1/479‬المعارف(‬
‫‪ 25‬وكذا لم يعُزه الحافظ في الصابة )‪ (12/81‬لغير هذا المصدر‪،‬‬
‫ل الحافظ فيما يأتي‪" :‬فإن ثبت هذا‪،"..‬‬ ‫ده قو ُ‬
‫وتفرده غريب‪ ،‬يؤي ُ‬
‫ولم أقف على الخبر في كتب الصحابة وغيرها‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬
‫سك أن معاوية رضي الله عنه من‬ ‫‪ 26‬وبذلك ُيرد ّ على من تم ّ‬
‫كك في‬ ‫الطلقاء‪ ،‬واتكأ على ذلك ‪-‬مدفوعا بالجهل والهوى‪ -‬لُيش ّ‬
‫مَزه بالنفاق ‪-‬عياذا بالله‪-‬‬
‫إسلم معاوية رضي الله عنه‪ ،‬وَيل ِ‬
‫َ‬
‫صراحة أو كناية‪ ،‬مع أن معاوية ومئات الصحابة مثله؛ حتى لو‬
‫كانوا من الطلقاء‪ ،‬فل يطعن ذلك في دينهم لمجرد كونهم‬
‫سّنة‪،‬‬
‫ضلل أعداء ال ُ‬ ‫صحبتهم‪ ،‬إل عند ال ُ‬ ‫كذلك‪ ،‬ول يؤثر في شرف ُ‬
‫انظر بحر الفوائد للكلباذي )باب فضل قريش ‪ 1/301‬رسالة‬
‫جامعية( وفتاوى شيخ السلم ابن تيمية )‪(4/454‬‬

‫‪57‬‬
‫ل الله صلى الله عليه وسلم يقول‪" :‬إنما‬ ‫ت رسو َ‬ ‫وسمع ُ‬
‫ك له فيه‪،‬‬‫س؛ فَُيباَر ُ‬
‫ب نف ٍ‬
‫طي ِ‬‫ن ِ‬ ‫ن أعطيُته ع َ ْ‬ ‫م ْ‬
‫ن‪ ،‬ف َ‬
‫أنا خاز ٌ‬
‫ل ول‬‫ن كالذي َيأك ُ‬ ‫سألةٍ وَ َ‬
‫شَرهٍ كا َ‬ ‫م ْ‬
‫ن َ‬
‫من أعطيُته ع ْ‬ ‫و َ‬
‫ع"‪.‬‬
‫َيشب َ ُ‬
‫مسلم )‪:(7/127‬‬ ‫قال النوويّ في شرحه على صحيح ُ‬
‫ث إل حديثا‬ ‫ة يقول‪) :‬إياكم وأحادي َ‬ ‫ت معاوي َ‬ ‫"قوُله‪ :‬سمع ُ‬
‫كان في عهد عمر‪ ،‬فان عمر كان يخيف الناس في‬
‫الله(‪ :‬هكذا هو في أكثر الّنسخ‪) :‬وأحاديث(‪ ،‬وفي‬
‫ة‪:‬‬
‫مراد معاوي َ‬ ‫بعضها‪) :‬والحاديث(‪ ،‬وهما صحيحان‪ ،‬و ُ‬
‫ي عن الكثار من الحاديث بغير تثّبت –لما شاع َ في‬ ‫النه ُ‬
‫دث عن أهل الكتاب؛ وما ُوجد في كتبهم‬ ‫من التح ّ‬ ‫منه ِ‬ ‫َز َ‬
‫َ‬
‫ن ُفتحت بلداُنهم‪ -‬وأمُرهم بالرجوع في الحاديث إلى‬ ‫حي َ‬
‫طه المَر؛‬‫ن عمَر رضي الله عنه‪ ،‬لضب ْ ِ‬ ‫ما كان في زم ِ‬
‫س‬‫منِعه النا َ‬ ‫سطوِته‪ ،‬و َ‬ ‫من َ‬ ‫س ِ‬
‫ف النا ِ‬ ‫شد ِّته فيه‪ ،‬وخو ِ‬ ‫و ِ‬
‫مسارعة إلى الحاديث‪ ،‬وط َل َب ِهِ الشهادة َ على ذلك‪،‬‬ ‫من ال ُ‬ ‫ِ‬
‫سَنن"‪.‬‬ ‫ت ال ّ‬
‫ث‪ ،‬واشت َهََر ْ‬
‫ت الحادي ُ‬ ‫حتى استقّر ْ‬
‫سممكه بالحممديث‪،‬‬ ‫‪ -‬قلت‪ :‬ومما يدل على تثّبت معاوية وتم ّ‬
‫جممبير‬‫ما رواه البخاري )‪ 3500‬و ‪ (7139‬عن محمممد بممن ُ‬
‫ة وهممو عنممده فممي‬ ‫دث‪ :‬ب َل َمغَ معاوي م َ‬ ‫مطِعم‪ ،‬أنه كان يح ّ‬ ‫بن ُ‬
‫ث‬‫ن عبد الله بن عمرو بن العاص يح مد ّ ُ‬ ‫وفد ٍ من قريش؛ أ ّ‬
‫ب معاويمة‪ ،‬فقممام‬ ‫ك ممن قحطممان‪ ،‬فغضم َ‬ ‫مل ِم ٌ‬
‫أنه سمميكون َ‬
‫فأثنى على الله بما هو أهُله‪ ،‬ثم قال‪:‬‬
‫ث‬ ‫دثون أحممادي َ‬‫أما بعد‪ ،‬فممإنه بلغنممي أن رجممال منكممم يتح م ّ‬
‫ليست في كتاب الله تعممالى‪ ،‬ول ت ُممؤثر عممن رسممول اللممه‬
‫كم والممماني‬ ‫جّهاُلكم‪ ،‬فإيا ُ‬ ‫ك ُ‬‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فأولئ َ‬
‫ل اللممه صمملى اللممه‬ ‫ت رسممو َ‬ ‫ل أهَلها‪ ،‬فإني سمممع ُ‬ ‫التي ُتض ّ‬
‫عليه وسلم يقول‪" :‬إن هذا المَر في ُقريش‪ ،‬ل يعمماديهم‬
‫دين"‪.‬‬ ‫ه‪ ،‬ما أقاموا ال ّ‬ ‫أحد ٌ إل كّبه الله على وجهِ ِ‬

‫‪58‬‬
‫‪ -‬ومن ذلك ما رواه البخاري )‪ (7361‬عن معاوية رضي‬
‫الله عنممه أنممه ذكممر كعممب الحبممار فقممال‪" :‬إن كممان ل َ ِ‬
‫مممن‬
‫دثون عن بني إسممرائيل‪،‬‬ ‫ح ّ‬
‫ن يُ َ‬
‫دثين الذي َ‬
‫أصدق هؤلء المح ّ‬
‫وإن كان مع ذلك ل ََنبل ُوَ عليه الكذب" ‪.‬‬
‫‪27‬‬

‫‪ -‬وروى صفوان بن عمرو‪ ،‬عن أزهر بممن عبممد اللممه‪ ،‬عممن‬


‫ي‪،‬‬ ‫حم ّ‬‫أبي عامر الهوزني‪ ،‬عن أبممي عممامر عبممد اللممه بممن ل ُ َ‬
‫جنا مع معاوية بن أبي سفيان‪ ،‬فلما قدمنا مكممة‬ ‫ج ْ‬ ‫ح َ‬‫قال‪َ :‬‬
‫ى لبنممي مخممزوم‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ص على أهممل ُ مكممة مممول ً‬ ‫ق ّ‬‫ص يَ ُ‬
‫أخبر بقا ٍ‬
‫صممص؟ قممال‪:‬‬ ‫ق َ‬ ‫ت بهممذا ال َ‬ ‫مْر َ‬‫فأرسل إليه معاوية‪ ،‬فقال‪ :‬أ ِ‬
‫شممُر‬ ‫ص بغير إذن؟ قال‪ :‬ن َن ْ ُ‬ ‫ق ّ‬ ‫ل‪ .‬قال‪ :‬فما حملك على أن ت ُ‬
‫ت إليمك‬ ‫دم ُ‬ ‫ت تقم ّ‬ ‫مناه الله‪ .‬فقال معاويمة‪ :‬لمو كنم ُ‬ ‫علما ً عل ّ َ‬
‫ِ‬
‫ت منك طائفًا‪.‬‬ ‫دتي هذه لقطع ُ‬ ‫م ّ‬‫قبل ُ‬
‫ثم قام حتى صلى الظهر بمكة‪ ،‬ثم قال‪ :‬إن رسول الله‬
‫ل الكتمماب افممترقوا‬ ‫صلى الله عليممه وسمملم قممال‪" :‬إن أهم َ‬
‫مّلة‪ ،‬وإن هذه المممة سممتفترق علممى‬ ‫على ثنتين وسبعين ِ‬
‫مل ّممة يعنممي الهممواء‪ -‬وك ُّلهمما فممي النممار إل‬ ‫ثلث وسممبعين ِ‬
‫واحدة‪ ،‬وهي الجماعة"‪.‬‬
‫م الهممواُء‬ ‫م ت ََتجارى به م ُ‬ ‫ج من أمتي أقوا ٌ‬ ‫وقال‪" :‬إنه سيخر ُ‬
‫عممرق ول‬ ‫منممه ِ‬ ‫قممى ِ‬ ‫حِبه‪ ،‬فل َيب َ‬ ‫ب بصمما ِ‬‫كممما يتجممارى الك َل َم ُ‬
‫ل إل دخله"‪.‬‬ ‫مفص ٌ‬
‫والله يا معشَر العرب لئن لم تقوموا بما جمماء بممه محممد ٌ‬
‫ح مَرى أن ل‬ ‫َ‬
‫سأ ْ‬ ‫مممن النمما ِ‬ ‫صلى الله عليه وسلم؛ لغَي ُْركممم ِ‬
‫م به"‪.‬‬ ‫يقو َ‬

‫ل ما ليس في‬ ‫قُله‪ ،‬ل أنه كان يتعمد ُ نق َ‬


‫‪ 27‬قال ابن كثير‪" :‬يعني ين ُ‬
‫حفه"‪) .‬تفسير سورة الكهف ‪ ،(83‬وقال ابن حجر‪" :‬وأوَله‬ ‫ص ُ‬
‫ُ‬
‫م وقوع ما ُيخب ُِر به أنه سيقع‪ ،‬ل‬‫ُ‬ ‫عد‬ ‫بالكذب‬ ‫ده‬
‫َ‬ ‫مرا‬ ‫بأن‬ ‫ضهم‬
‫ُ‬ ‫بع‬
‫أنه هو يكذب"‪) .‬الصابة ‪(8/336‬‬

‫‪59‬‬
‫رواه بهممذا السممياق يعقمموب بممن سممفيان فممي المعرفممة )‬
‫‪ (2/331‬وأبوزرعة الدمشقي في الفمموائد المعللممة )‪(60‬‬
‫ومحمد بممن نصممر فممي السممنة )‪ (51-50‬والطممبراني فممي‬
‫الكممبير )‪ 19/376‬رقممم ‪- (884‬ومممن طريقممه أبمموالعلء‬
‫العطار في فتيا له )‪ -(12‬وابن بطة في البانة )‪(1/371‬‬
‫والحاكم )‪ (1/128‬والهوازي في شرح عقد أهل اليمان‬
‫)‪(69‬‬
‫ورواه أبوداود وأحمد وجماعة؛ دون أوله –الذي هو محل‬
‫الشاهد‪ -‬مقتصرين على المرفوع‪.‬‬
‫وهذا سند صحيح‪.28‬‬
‫‪ -‬وروى الطمممبراني فمممي الكمممبير )‪ 19/388‬رقمممم ‪909‬‬
‫والسياق له( من طريق يعقوب بن كعب‪.‬‬
‫حيممم‪،‬‬‫وروى أبونعيم فممي الحليممة )‪ (6/128‬مممن طريممق د ُ َ‬
‫كلهما عن الوليد بن مسلم‪ ،‬ثنا سممعيد بممن عبممد العزيممز‪،‬‬
‫عن ربيعة بن يزيد‪،‬‬
‫سممل عبمد َ اللممه‬ ‫ن َ‬ ‫خّلد أ ْ‬ ‫م َ‬‫سَلمة بن ُ‬ ‫م ْ‬‫أن معاوية كتب إلى َ‬
‫ل اللممه صمملى اللممه‬ ‫سمممع رسممو َ‬ ‫بن عمرو بن العاص‪ :‬هل َ‬
‫ُ‬
‫قممه‬
‫ح ّ‬
‫فها َ‬ ‫خ مذ ُ َ‬
‫ضممعي ُ‬ ‫ة ل َيأ ُ‬‫م ٌ‬‫تأ ّ‬‫س ْ‬‫عليه وسلم يقول‪) :‬ل قُد ّ َ‬

‫‪ 28‬وأنقل شيئا من أحكام العلماء على الحديث بطوله‪ ،‬لن بعض‬


‫أهل الهواء المعاصرين طعنوا في حديث الفتراق منه بجهل‬
‫بالغ‪ .‬فقال الحاكم‪ :‬هذه أسانيد تقام بها الحجة في تصحيح هذا‬
‫الحديث‪ُ .‬يشير إلى هذا السناد وغيره‪ ،‬وأقره الذهبي في‬
‫التلخيص‪ ،‬وصححه الشاطبي‪ ،‬وشيخ السلم ابن تيمية في‬
‫مسائله‪ ،‬وقال في اقتضاء الصراط المستقيم )‪" :(1/118‬هذا‬
‫حديث محفوظ من حديث صفوان بن عمرو عن الزهر بن عبد‬
‫الله الحرازي عن أبي عامر عبد الله بن لحي عن معاوية‪ ،‬رواه‬
‫ده العراقي في تخريج الحياء‪،‬‬‫ود إسنا َ‬
‫عنه غير واحد"‪ ،‬وج ّ‬
‫ده ابن حجر في تخريج الكشاف‪ .‬انظر لذلك‬ ‫سن إسنا َ‬
‫وح ّ‬
‫الصحيحة )‪(204‬‬

‫‪60‬‬
‫مل ْ ُ‬
‫ه‬ ‫ح ِ‬‫طهد(؟ فممإن قممال‪ :‬نعممم‪ ،‬فمما ْ‬ ‫ض َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن قَوِّيها وهو غيُر ُ‬ ‫م ْ‬
‫ِ‬
‫ي ع ََلى الَبريد‪.‬‬ ‫إل ّ‬
‫صمَر إلممى‬ ‫م ْ‬‫ن ِ‬
‫مم ْ‬ ‫على البريممد ِ‬‫ه َ‬ ‫مل َ ُ‬ ‫ح َ‬‫سأَله‪ ،‬فقال‪ :‬نعم! ف َ‬ ‫ف َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫معاوية‪ ،‬فمأخَبره‪ ،‬فقممال معاويممة‪ :‬وأنما قممد‬ ‫ه ُ‬ ‫سأل َ ُ‬ ‫الشام‪ ،‬ف َ‬
‫ت‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت أن أَتثب ّ ْ‬ ‫حب َب ْ ُ‬
‫نأ ْ‬ ‫سمعُته‪ ،‬ولك ْ‬
‫وقال الهيثمي‪ :‬رجاله ثقات‪) .‬المجمع ‪ ،(5/209‬وهو كممما‬
‫قال‪.‬‬
‫وروى الطمبراني فمي الشماميين )‪ 1/190‬مقتصمرا علمى‬
‫المرفوع( وابن عساكر )‪ (31/240‬من طريق هشام بممن‬
‫قّية بن الوليممد‪،‬‬ ‫مسلم‪ ،‬ومن طريق ب َ ِ‬ ‫عمار‪ ،‬عن الوليد بن ُ‬
‫قال‪ :‬ثنا سعيد بن عبد العزيممز‪ ،‬عممن يممونس بممن ميسممرة‪،‬‬
‫خّلمد وهمو بمصمر‪..‬‬ ‫سمَلمة بمن ُ‬
‫م َ‬ ‫م ْ‬ ‫معاوية إلمى َ‬ ‫ب ُ‬‫قال‪ :‬ك َت َ َ‬
‫ت كما‬ ‫فذكره بمثله‪ ،‬وفي آخره‪ :‬فقال معاوية‪ :‬وأنا سمع ُ‬
‫ت‪.‬‬ ‫سمع َ‬
‫ة‬‫قّيم ُ‬
‫ح الوليمد ُ وب َ ِ‬ ‫ت أيضما‪ ،‬وقمد صمّر َ‬ ‫قلت‪ :‬ورجال هذا ثقما ٌ‬
‫جلين‪،‬‬ ‫سماع‪ ،‬وأما اختلف السناد فمحصوٌر بين أحد ِ َر ُ‬ ‫بال ّ‬
‫وهممما يمموُنس وَربيعممة‪ ،‬فأّيهممما كممان الصممواب فهممو ثقممة‬
‫ود‬ ‫ك معاوية في بلممد واحممد طممويل‪ ،‬فمممن جم ّ‬ ‫مطَلقا؛ وأدر َ‬ ‫ُ‬
‫‪29‬‬
‫الحديث لم ُيبعد‪ ،‬والله أعلم ‪.‬‬
‫ث عممن رسممول اللممه‬ ‫ح أن معاوية كان قّلما ي ُ َ‬
‫ح مد ّ ُ‬ ‫‪ -‬وقد ص ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم شيئا‪.‬‬
‫رواه ابن سعد )‪ 1/110‬السمملومي( وأحمممد )‪ 4/92‬و ‪93‬‬
‫و ‪ (98‬وابن جريممر فممي تهممذيب الثممار )‪ 1/82‬رقممم ‪135‬‬
‫مسند عمر( والطحاوي في شرح مشكل الثممار )‪4/390‬‬
‫رقممم ‪ (1687‬وابممن قممانع )‪ (3/72‬والطممبراني )‪19/350‬‬

‫‪ 29‬وهذا الحديث ُيستدرك على كتاب الّرحلة للخطيب البغممدادي؛‬


‫ققه‪.‬‬
‫مح ّ‬
‫ق ُ‬
‫ح ِ‬
‫مل َ‬
‫و ُ‬
‫وقد ورد الخبر في مطبوعة حلية الولياء )‪ (8/275‬مشوشا‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫رقم ‪ (815‬والبيهقي في الشعب )‪ 9/167‬رقم ‪ 4528‬و‬
‫‪ 18/314‬رقم ‪(9825‬‬
‫معْب َممد‬
‫كلهم من طريق سممعد بممن إبراهيممم الزهممري‪ ،‬عممن َ‬
‫جَهني به‪ ،‬وسنده صحيح‪.‬‬
‫ال ُ‬
‫جلممي‪ ،‬رواه أحمممد )‬
‫‪ -‬وُروي مثممل ذلمك عممن أبممي ه ِن ْممد الب َ َ‬
‫‪ (4/99‬وأبوداود )‪ (2479‬والنسائي في الكبرى وغيرهم‪،‬‬
‫كما ثبت عن أبي إدريس‪ ،‬رواه أحمد )‪ (4/99‬النسممائي )‬
‫‪ (7/81‬والحاكم وغيرهما‪.‬‬
‫‪ -‬ومن حرص معاوية رضي اللمه عنممه علممى نشمر السممنة‬
‫النبويممة‪ :‬ممما رواه أحمممد )‪ 3/444‬رقممم ‪ 15666‬بممترقيم‬
‫الرسالة( وغيره‪ :‬أن معاوية كتب إلممى عبممد الرحمممن بمن‬
‫ت مممن‬ ‫شبل رضي اللممه عنممه‪ :‬أن ع َل ّممم النمما َ‬
‫س ممما سمممع َ‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫ونحوه عنده )‪ ،(15670‬وسنده جيد‪.‬‬
‫مة من الرواييية عيين معاوييية بيين أبييي‬ ‫ُ‬
‫موقف ال ّ‬
‫سفيان رضي الله عنهما‪:‬‬
‫مع قِّلة رواية معاوية بن أبي سممفيان رضممي اللممه عنهممما‬
‫للحديث وتوّقيه الشديد فيه كما تقدم‪ ،‬إل أن الرواة عنممه‬
‫سممرد ُ جماعممة ممممن جمماء ذكممر‬ ‫أكثر من أن ُيحصون‪ ،‬وسأ ْ‬
‫مة لم تسممتنكف أن تممروي عنممه‪،‬‬ ‫ُ‬
‫روايته عنه‪ ،‬لُيعلم أن ال ّ‬
‫وفيهممم الصممحابة‪ ،‬وأكممابر علممماء التممابعين فممي مختلممف‬
‫البلدان‪ ،‬ومنهم ابن علي بن أبي طالب‪ ،‬وأعيان أصممحاب‬
‫علي رضي الله عنه‪ ،‬والكوفيين‪.‬‬
‫سْيد بن ظ ُهَْير‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ث عنه من الصحابة‪ :‬أ َ‬ ‫من حدّ َ‬
‫م ّ‬‫ف ِ‬
‫جلي‪،‬‬ ‫َ‬
‫رير بن عبد الله الب َ َ‬ ‫ج ِ‬‫وأّيوب بن َبشير النصاري‪ ،‬و َ‬
‫جَهني‪ ،‬وعبد الله‬ ‫معَْبد ال ُ‬‫سب َْرة بن َ‬‫سائب بن َيزيد‪ ،‬و َ‬‫وال ّ‬

‫‪62‬‬
‫بن الحارث بن ن َوَْفل‪ ،‬وعبد الله بن الّزب َْير‪ ،‬وعبد الله بن‬
‫عمرو بن‬ ‫مر‪ ،‬وعبد الله بن َ‬ ‫ع َّباس‪ ،‬وعبد الله بن ع ُ َ‬
‫شْبل النصاري‪ ،‬ومحمد بن‬ ‫العاص‪ ،‬وعبد الرحمن بن ِ‬
‫حد َْيج‪ ،‬والن ّْعمان‬
‫معاوية بن ُ‬ ‫مر‪ ،‬و ُ‬ ‫خا ِ‬ ‫مة‪ ،‬ومالك بن ي َ َ‬ ‫سل َ َ‬‫م ْ‬‫َ‬
‫حَنيف‪،‬‬ ‫ُ‬
‫سْهل بن ُ‬ ‫جر‪ ،‬وأبوأمامة بن َ‬ ‫ح ْ‬ ‫بن َبشير‪ ،‬ووائل بن ُ‬
‫ذر الِغفاري ‪ -‬مع تقدمه‪ ،30‬وأبو سعيد‬ ‫وأبوالد ّْرداء‪ ،‬وأبو َ‬
‫مر بن‬ ‫فْيل عا ِ‬ ‫جَهني‪ ،‬وأبوالط ّ َ‬ ‫دري‪ ،‬وأبوالغاِدية ال ُ‬ ‫خ ْ‬‫ال ُ‬
‫ري‪.‬‬ ‫َ‬
‫مر ال ْ‬ ‫واث َِلة‪ ،‬وأبوعا ِ‬
‫شعَ ِ‬
‫كرام رضي الله‬ ‫حب ال ِ‬ ‫ص ْ‬‫فهؤلء ثلثة وعشرون من ال ّ‬
‫ل أن تجد َ صحابيا روى عنه هذا العدد من‬ ‫عنهم‪ ،‬وقَ ّ‬
‫ة رضي الله عنه‪.‬‬ ‫ث معاوي َ‬ ‫م قِل ّةِ تحدي ِ‬ ‫الصحابة‪َ ،‬رغ ْ َ‬
‫ومن التابعين‪:‬‬
‫روى عنه‪ :‬إبراهيم بن عبد الله بن قاِرظ‪ ،‬وإسحاق بن‬
‫كلعي‪ ،‬وإياس‬ ‫فع بن عبد ٍ ال َ‬ ‫عمر‪ ،‬وأ َي ْ َ‬‫مولى ُ‬ ‫سَلم َ‬
‫َ‬
‫َيسار‪ ،‬وأ ْ‬
‫مَلة الشامي‪ ،‬وأيوب بن عبد الله بن َيسار‪،‬‬ ‫بن أبي َر ْ‬
‫شر أبو قيس‬ ‫حل َْبس‪ ،‬وب ِ ْ‬ ‫سرة بن َ‬ ‫مي ْ َ‬ ‫وأيوب بن َ‬
‫شعثاء جابر‬ ‫القنسريني‪ ،‬وثابت بن سعد الطائي‪ ،‬وأبو ال ّ‬
‫ضَرمي‪ ،‬وأبوالزاهرية‬ ‫ح ْ‬ ‫فْير ال َ‬ ‫جب َْير بن ن ُ َ‬‫بن زيد الَبصري‪ ،‬و ُ‬
‫مولى معاوية‪،‬‬ ‫ريز َ‬ ‫ح ِ‬‫ريز؛ وقيل‪ :‬أبو َ‬ ‫ح ِ‬ ‫حد َْير بن ك َُرْيب‪ ،‬و َ‬ ‫ُ‬
‫مان )وقيل أبو‬ ‫ح ّ‬ ‫حكيم بن جابر‪ ،‬و ِ‬ ‫والحسن الَبصري‪ ،‬و َ‬
‫مولى‬ ‫َ‬ ‫مان( أخو أبي َ‬
‫مران بن أبان َ‬ ‫ح ْ‬‫شيخ الهَُنائي‪ ،‬و ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ِ‬
‫وف‪،‬‬ ‫مْيد بن عبد الرحمن بن ع َ ْ‬ ‫ح َ‬‫فان‪ ،‬و ُ‬ ‫عثمان بن ع َ ّ‬ ‫ُ‬
‫حَيي بن هانئ‪ ،‬وخالد بن‬ ‫خوَي ِْلد‪ ،‬وأبوقَِبيل ُ‬ ‫حن ْظلة بن ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫و َ‬
‫كوان أبو‬‫مْعدان‪ ،‬وذ َ ْ‬ ‫عبد الله بن رباح السلمي‪ ،‬وخالد بن َ‬
‫قَرئي‪ ،‬وراشد بن أبي‬ ‫م ْ‬‫مان‪ ،‬وراشد بن سعد ال َ‬ ‫س ّ‬ ‫صالح ال َ‬
‫صري‪ ،‬وَربيعة بن َيزيد الدمشقي‪ ،‬وَرجاء بن‬ ‫م ْ‬ ‫سك َْنة ال ِ‬ ‫َ‬
‫وة‪ ،‬وزياد بن أبي زياد‪ ،‬وَزيد بن جاِرية‪ ،‬وزيد بن أبي‬ ‫حي ْ َ‬ ‫َ‬

‫نبه على ذلك الذهبي في التذهيب )‪(9/33‬‬ ‫‪30‬‬

‫‪63‬‬
‫ع َّتاب؛ ويقال‪ :‬زيد أبوع َّتاب؛ مولى معاوية أو أخته أم‬
‫عمر‪ ،‬وسعيد‬ ‫حبيبة‪ ،‬وسالم بن عبد الله بن ُ‬ ‫المؤمنين أم َ‬
‫عمرو بن سعيد بن العاص‪ ،‬وسعيد بن أبي سعيد‬ ‫بن َ‬
‫سل َْيم بن عامر‬ ‫سّيب‪ ،‬و ُ‬ ‫م َ‬ ‫ري‪ ،‬وسعيد بن ال ُ‬ ‫قب ُ ِ‬
‫م ْ‬‫ك َْيسان ال َ‬
‫شَرْيح بن‬ ‫سهم‪ ،‬و ُ‬ ‫خَبائري‪ ،‬وسلمة بن َ‬ ‫كلعي؛ ويقال‪ :‬ال َ‬ ‫ال َ‬
‫شَعيب بن محمد بن عبد الله‬ ‫شَعيب بن زرعة‪ ،‬و ُ‬ ‫ع ُب َْيد‪ ،‬و ُ‬
‫عمرو بن العاص؛ والد عمرو بن شعيب‪ ،‬وطاووس‬ ‫بن َ‬
‫شعري‪ ،‬وع َّباد بن عبد‬ ‫َ‬
‫مر بن أبي عامر ال ْ‬ ‫بن ك َْيسان‪ ،‬وعا ِ‬
‫دة بن‬ ‫ي‪ ،‬وعبد الله بن ب َُري ْ َ‬ ‫س ّ‬ ‫دة بن ن ُ َ‬ ‫الله بن الّزَبير‪ ،‬وع َُبا َ‬
‫قرئ‪ ،‬وعبد‬ ‫م ْ‬ ‫صبي ال ُ‬ ‫ح َ‬ ‫صْيب‪ ،‬وعبد الله بن عامر الي َ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫ال ُ‬
‫مز‪ ،‬وعبد الله بن علي‬ ‫ن هُْر ُ‬ ‫عبيد؛ وكان ُبدعى اب َ‬ ‫الله بن ُ‬
‫ي الهَوَْزني‪ ،‬وعبد الله‬ ‫ح ّ‬ ‫العدوي‪ ،‬وأبو عامر عبد الله بن ل ُ َ‬
‫حي‪ ،‬وعبد الله بن مدرك‪ ،‬وعبد الله بن‬ ‫م ِ‬ ‫ج َ‬‫ريز ال ُ‬ ‫حي ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫بن ُ‬
‫هب‪ ،‬وعبد الله بن أبي الهُذ َْيل‪ ،‬وعبد الرحمن بن ع َب ْدٍ‬ ‫مو ْ َ‬ ‫َ‬
‫صناِبحي‪ ،‬وعبد‬ ‫سي ْلة ال ّ‬ ‫َ‬ ‫ي‪ ،‬وعبد الرحمن بن ع ُ َ‬ ‫القارِ ّ‬
‫مز‬ ‫شي‪ ،‬وعبد الرحمن بن هُْر ُ‬ ‫جَر ِ‬ ‫عوف ال ُ‬ ‫الرحمن بن أبي َ‬
‫عبيد بن سعد‪،‬‬ ‫مير الكوفي‪ ،‬و ُ‬ ‫َ‬
‫الع َْرج‪ ،‬وعبد الملك بن ع ُ َ‬
‫ب ع ُب َْيدة بن‬ ‫عبيد الله بن عبد الله بن ع ُت َْبة‪ ،‬وأبو عبد ِ ر ّ‬ ‫و ُ‬
‫عطاء بن أبي َرباح‪،‬‬ ‫جر‪ ،‬وع ُْرَوة بن الّزب َْير‪ ،‬و َ‬ ‫مها ِ‬ ‫ال ُ‬
‫ميلة‪ ،‬وعطية بن قيس‬ ‫ج ِ‬ ‫وأبوه ِّزان ع َط ِّية بن أبي َ‬
‫قمة بن وَّقاص الل ّْيثي‪،‬‬ ‫مقرئ‪ ،‬وع َل ْ َ‬ ‫عقبة ال ُ‬ ‫كلبي‪ ،‬و ُ‬ ‫ال ِ‬
‫عمرو‬ ‫مير‪ ،‬و َ‬ ‫عمرو بن السود العَْنسي؛ وقد ُيقال له‪ :‬ع ُ َ‬ ‫و َ‬
‫كوني‪،‬‬ ‫س ُ‬ ‫عمرو بن َقيس ال ّ‬ ‫كوني‪ ،‬و َ‬ ‫س ُ‬ ‫بن الحارث ال ّ‬
‫كوني‪،‬‬ ‫س ُ‬ ‫قَرشي‪ ،‬وعمير بن الحارث ال ّ‬ ‫عمرو بن يحيى ال ُ‬ ‫و َ‬
‫حكيم‬ ‫مير بن هانئ العَْنسي‪ ،‬والَعلء بن أبي َ‬ ‫وع ُ َ‬
‫عبيد‬ ‫معاوية‪ ،‬وعيسى بن طلحة بن ُ‬ ‫سّياف ُ‬ ‫الشامي؛ َ‬
‫قفي‪،‬‬ ‫مدني‪ ،‬والقاسم بن محمد الث ّ َ‬ ‫الله‪ ،‬والفضل ال َ‬
‫ديق‪ ،‬والقاسم أبو‬ ‫والقاسم بن محمد بن أبي َبكر الص ّ‬
‫طن‬ ‫صة بن جابر الكوفي‪ ،‬وقَ َ‬ ‫عبد الرحمن الشامي‪ ،‬وقَب ِي ْ َ‬

‫‪64‬‬
‫البصري‪ ،‬وقُن ُْبر؛ ويقال له‪ :‬قَُتير‪ ،‬وَقيس بن أبي حازم‪،‬‬
‫مولى‬ ‫ريز َ‬ ‫ح ِ‬ ‫مولى ابن ع َّباس‪ ،‬وك َْيسان أبو َ‬ ‫كريب َ‬ ‫و ُ‬
‫محاِرب‬ ‫ريز‪ ،‬ومالك بن َقيس‪ ،‬و ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫معاوية؛ وقد تقدم في َ‬ ‫ُ‬
‫مطِعم‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫جب َْير بن ُ‬ ‫جْبر‪ ،‬ومحمد بن ُ‬ ‫هد بن َ‬ ‫مجا ِ‬ ‫أبوسلمة‪ ،‬و ُ‬
‫عقبة مولى آل الزبير‪،‬‬ ‫سي ْرِْين‪ ،‬ومحمد بن ُ‬ ‫ومحمد بن ِ‬
‫حَنفية‪،‬‬ ‫ومحمد بن علي بن أبي طالب؛ المعروف بابن ال َ‬
‫قَرظي‪ ،‬ومحمد بن أبي يعقوب‪،‬‬ ‫كعب ال ُ‬ ‫ومحمد بن َ‬
‫عثمان‪ ،‬ومحمود بن علي‬ ‫سف مولى ُ‬ ‫ومحمد بن يو ُ‬
‫سِلم بن‬ ‫م ْ‬ ‫كم بن أبي العاص‪ ،‬و ُ‬ ‫ح َ‬ ‫مْروان بن ال َ‬ ‫قَرظي‪ ،‬و َ‬ ‫ال ُ‬
‫سِلم بن‬ ‫م ْ‬ ‫مز‪ ،‬و ُ‬ ‫سِلم بن هُْر ُ‬ ‫م ْ‬ ‫كم‪ ،‬و ُ‬ ‫ش َ‬ ‫م ْ‬ ‫سِلم بن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫باَنك‪ ،‬و ُ‬
‫مط ِّلب بن‬ ‫خير‪ ،‬وال ُ‬ ‫ش ّ‬ ‫مط َّرف بن عبد الله بن ال ّ‬ ‫َيسار‪ ،‬و ُ‬
‫علي‬ ‫طب‪ ،‬ومعاوية بن َ‬ ‫حن ْ َ‬ ‫مط ِّلب بن َ‬ ‫عبد الله بن ال ُ‬
‫مْعن بن علي‪ ،‬وأبو الزهر‬ ‫جَهني‪ ،‬و َ‬ ‫معَْبد ال ُ‬ ‫سَلمي‪ ،‬و َ‬ ‫ال ّ‬
‫كحول الشامي‪ ،‬وموسى‬ ‫م ْ‬ ‫قفي‪ ،‬و َ‬ ‫مغيرة بن فَْرَوة الث ّ َ‬ ‫ال ُ‬
‫مير‬
‫مّرة الّزَرقي‪ ،‬ون ُ َ‬ ‫عبيد الله‪ ،‬والّنعمان بن ُ‬ ‫بن طلحة بن ُ‬
‫هلل بن‬ ‫من َّبه‪ ،‬و ِ‬ ‫مام بن ُ‬ ‫شل التميمي‪ ،‬وهَ ّ‬ ‫بن أ َْوس‪ ،‬ون َهْ َ‬
‫ساف الكوفي؛ ويقال‪ :‬ابن إساف‪ ،‬وأبو العُْريان الهَي َْثم‬ ‫يِ َ‬
‫ميد‪ ،‬وَيزيد بن‬ ‫جَلز ل ِ‬ ‫َ‬
‫ح َ‬
‫حق بن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ود الكوفي‪ ،‬وأبو ِ‬ ‫س َ‬‫بن ال ْ‬
‫مهَّزم يزيد بن‬ ‫الصم‪ ،‬وَيزيد بن جارَِية النصاري‪ ،‬وأبوال ُ‬
‫مداني‪،‬‬ ‫سفيان‪ ،‬ويزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك الهَ ْ‬ ‫ُ‬
‫داد بن أْوس النصاري‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ويزيد بن مرثد‪ ،‬وي َعْلى بن َ‬
‫ش ّ‬
‫سف مولى‬ ‫سف؛ والد محمد بن يو ُ‬ ‫وَيعيش بن الوليد‪ ،‬ويو ُ‬
‫سَرة‬ ‫مي ْ َ‬ ‫ك بن ب ُْهزاد‪ ،‬ويوُنس بن َ‬ ‫سف بن ماه ِ َ‬ ‫عثمان‪ ،‬ويو ُ‬
‫سِبيعي‬ ‫ولني‪ ،‬وأبوإسحاق ال ّ‬ ‫خ ْ‬ ‫حل َْبس‪ ،‬وأبو إدريس ال َ‬ ‫بن َ‬
‫ُ‬
‫مّية‬ ‫مْرَثد‪ ،‬وأبوأ َ‬ ‫حبي عمرو بن َ‬ ‫الكوفي‪ ،‬وأبوأسماء الّر َ‬
‫شَعري‪ ،‬وأبوحملة‬ ‫َ‬
‫قفي‪ ،‬وأبوب ُْردة بن أبي موسى ال ْ‬ ‫الث ّ َ‬
‫قُبري ك َْيسان‪،‬‬ ‫م ْ‬ ‫عتبة‪ ،‬وأبوسعيد ال َ‬ ‫مولى لل الوليد بن ُ‬
‫شْيخ الُهنائي‪،‬‬ ‫وف‪ ،‬وأبو َ‬ ‫سَلمة بن عبد الرحمن بن ع َ ْ‬ ‫وأبو َ‬
‫صناِبحي‪،‬‬ ‫وأبوعبد الله الجدلي‪ ،‬وأبو عبد الله ال ّ‬

‫‪65‬‬
‫عثمان الدمشقي‪ ،‬وأبوعطية بن قيس المذبوح‪،‬‬ ‫وأبو ُ‬
‫جْرمي‪،‬‬ ‫وأبوالفيض موسى بن أيوب‪ ،‬وأبو ِقلبة ال َ‬
‫جيح َيسار المكي؛‬ ‫وأبوالمعطل مولى بني كلب‪ ،‬وأبو ن َ ِ‬
‫مْيمونة‪ ،‬وأبو ه ِْند‬ ‫والد عبد الله بن أبي نجيح‪ ،‬وأبو َ‬
‫مريم‪ ،‬وابن‬ ‫جلي‪ ،‬وابن ذي الكلع الشامي‪ ،‬وابن أبي َ‬ ‫الب َ َ‬
‫قمة‪ ،‬وابنة‬ ‫م ع َل ْ َ‬
‫مْرجانة أ ّ‬ ‫هبيرة‪ ،‬وجد محمد بن عمر‪ ،‬و َ‬
‫هشام بن الوليد بن المغيرة؛ وكانت تمرض عمارا‪.‬‬
‫فهؤلء مائة وأربعون تقريبا‪ ،‬وفيهم عدد ٌ ممن اخُتلف في‬
‫ت عليه من الّرواة عن‬ ‫حَبته‪ ،‬فيكون مجموع ُ من وقف ُ‬ ‫ص ْ‬‫ُ‬
‫ص كما‬ ‫ة وستون راويا‪ ،‬على أنني لم أستق ِ‬ ‫مائ ٌ‬
‫معاوية ِ‬
‫ينبغي‪.‬‬
‫فقَ البخاري ومسلم على إخراج أربعة أحاديث له‪،‬‬ ‫وات ّ َ‬
‫وانفرد البخاري بأربعة‪ ،‬ومسلم بخمسة‪ ،‬وروى له أحمد‬
‫ي بن‬ ‫ق ّ‬
‫في مسنده مائة وعشرة أحاديث‪ ،‬وروى له ب َ ِ‬
‫خَلد في مسنده مائة وثلثة وستون حديثا‪ ،‬وروى له‬ ‫م ْ‬‫َ‬
‫الطبراني في المعجم الكبير مائتين وأربعين حديثا‪،‬‬
‫ده في مجلد كما قال الذهبي‪،‬‬ ‫مسن َ‬
‫وأفرد الهوازي ُ‬
‫واسمه‪ :‬شرح عقد أهل اليمان في معاوية بن أبي‬
‫سفيان‪ ،‬ويوجد بعضه مخطوطا في المكتبة الظاهرية‬
‫بدمشق‪ ،‬وقد طبع‪ ،‬وذكر له ابن كثير في جامع المسانيد‬
‫سنن مائتان إل ستة أحاديث‪.‬‬
‫وال ُ‬
‫المصادر‪ :‬أخبار المدينة لبن شّبة )‪ (1/27‬ومسند أحمد‬
‫)‪ 5/290‬و ‪ 319‬و ‪ (320‬والمعرفة والتاريخ ليعقوب بن‬
‫سفيان الفسوي )‪ 1/413‬و ‪ 2/333‬و ‪ 380‬و ‪ 504‬و‬
‫‪ 509‬و ‪ (523‬والحاد والمثاني )‪ (1/379‬والعيال لبن‬
‫أبي الدنيا )‪ (293‬ومسند أبي يعلى )‪ 31/353‬و ‪ 357‬و‬
‫‪ 364‬و ‪ (378‬ومعجم الصحابة للبغوي )‪(5/363‬‬
‫وأنساب الشراف للبلذري )‪ 2/19‬بتحقيق العظم(‬

‫‪66‬‬
‫وجزء البطاقة لحمزة الكناني )ص ‪ (65-56‬والثقات‬
‫لبن حبان )‪ (5/322‬والمعجم الكبير للطبراني )‬
‫‪ (19/311‬والوسط )‪ (6/226‬ومعرفة الصحابة لبي‬
‫نعيم )‪ (5/2497‬وحلية الولياء )‪ 5/132‬و ‪ 154‬و ‪(165‬‬
‫وتاريخ دمشق لبن عساكر )‪ (59/55‬وتكملة الكمال )‬
‫‪ 4/254‬و ‪ (648‬وتهذيب الكمال للمزي )‪(28/177‬‬
‫وسير أعلم النبلء للذهبي )‪ (3/119‬وجامع المسانيد‬
‫والسنن لبن كثير )‪ 11/562‬بتحقيق القلعجي(‪ ،‬وإكمال‬
‫تهذيب الكمال لمغلطاي )‪ (11/266‬والصابة لبن حجر‬
‫العسقلني )‪ (9/233‬والمطالب العالية )‪ 18/170‬و‬
‫‪ 174‬رقم ‪ 4417‬و ‪ (4419‬والعواصم من القواصم لبن‬
‫جنان لبن حجر الهيتمي )ص‬ ‫الوزير )‪ (3/163‬وتطهير ال َ‬
‫‪(34‬‬
‫ة ممن روى‬ ‫سَرد َ جماع ً‬‫وقال الحافظ الَعلئي بعد أن َ‬
‫دهم‬‫ن بع َ‬
‫ة التابعي َ‬
‫عن معاوية من الصحابة‪" :‬واّتفقَ أئم ُ‬
‫عمرو بن العاص‬ ‫على الرواية عنه وَقبول ما رواه؛ هو و َ‬
‫وكل من قام معهما في الفتنة‪ ،‬فكان ذلك إجماعا ً سايقا ً‬
‫ح فيهم‪ ،‬حتى إن جعفر بن محمد بن‬ ‫ل من قَد َ َ‬
‫على قو ِ‬
‫‪31‬‬
‫علي روى عن القاسم بن محمد عن معاوية حديثا ‪.‬‬
‫‪ 31‬وهذا صحيح ثابت‪ ،‬رواه ابن أبي شيبة في مسنده )المطالب‬
‫العالية ‪ 3/707‬رقم ‪ 411‬الشثري( وفي مصنفه )‪(2/327‬‬
‫والطبراني )‪ 19/332‬رقم ‪ (764‬وابن عساكر )‪(166-59/165‬‬
‫صّلى‬
‫من طريق سليمان بن بلل عن جعفر به مرفوعا‪" :‬إذا َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬
‫س ِ‬ ‫ب النا ُ‬ ‫جلوسًا"‪ .‬قال القاسم‪ :‬فعَ ِ‬
‫ج َ‬ ‫صّلوا ُ‬
‫م جالسا ً ف َ‬
‫الما ُ‬
‫ق معاوية‪.‬‬ ‫صد ْ ِ‬
‫ِ‬
‫وقال الهيثمي في المجمع )‪ :(2/67‬رجاله رجال الصحيح‪ .‬وقال‬
‫البوصيري في التحاف )‪/1/166‬أ(‪ :‬رجاله ثقات‪ .‬قلت‪ :‬سنده‬
‫جيد قوي‪.‬‬
‫وهذا العجاب للتصديق والموافقة‪ ،‬قال البيهقي )فيما رواه ابن‬
‫صد ّقُ القاسم‬‫عساكر(‪" :‬فهذا جعفر بن محمد الصادق يرويه؛ وي ُ ّ‬
‫‪67‬‬
‫وقال محمد بن سيرين‪ :‬كان معاوية رضي الله عنه ل‬
‫ي ُّتهم في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم‪.32‬‬
‫قال المام أبوبكر الييهقي‪ :‬كل من روى عن النبي صلى‬
‫مه‬
‫الله عليه وسلم ممن صحبه أو لقيه فهو ثقة؛ لم يته ْ‬
‫أحد ‪-‬ممن ُيحسن علم الرواية‪ -‬فيما روى"‪) .‬تحقيق‬
‫منيف الرتبة ص ‪(90‬‬

‫س‬
‫ق النا ِ‬‫بن محمد بن أبي بكر الصديق فيما يحكيه من تصدي ِ‬
‫ن الصحابة‪ ،‬ثم أكابر‬
‫م َ‬
‫ي ِ‬
‫ق َ‬
‫ن بَ ِ‬‫م ْ‬
‫س إذ ذاك‪َ :‬‬ ‫ة‪ ،‬والنا ُ‬
‫معاوي َ‬
‫التابعين"‪.‬‬
‫ومثله‪ :‬رواية علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عن‬
‫وب لذلك ابن أبي خيثمة في تاريخه )‬ ‫مروان بن الحكم حديثا‪ ،‬وب ّ‬
‫‪(2/73‬‬
‫‪ 32‬رواه وكيع في الزهد )‪ (231‬والطيالسي )‪ 2/314‬رقم‬
‫‪ (1058‬وابن أبي شيبة )‪ (8/494‬والمام أحمد في المسند )‬
‫‪ (4/93‬وفي العلل )‪ 2/285‬و ‪ (3/450‬والبخاري في التاريخ )‬
‫‪ (7/328‬وأبوداود )‪ (4129‬وابن ماجة )‪ (3656‬والخلل )‬
‫‪ (2/440‬والبيهقي )‪ (1/21‬وابن عساكر )‪ (59/166‬وغيرهم‪،‬‬
‫من طريق أبي المعتمر يزيد بن طهمان‪ ،‬عن محمد بن سيرين‬
‫أنه قال‪ :‬وكان معاوية ل ي ُّتهم في الحديث عن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫وسنده صحيح‪.‬‬
‫فائدة‪ :‬قال الطيالسي رحمه الله بعد نقل كلم ابن سيرين‪:‬‬
‫دث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم‬ ‫"وكان معاوية إذا ح ّ‬
‫لم ي ُّتهم"‪ ،‬فأعاده الطيالسي من قوله تصديقا لبن سيرين‪.‬‬
‫وثبت مثله عن ابن عباس‪:‬‬
‫فروى المام أحمد في المسند )‪ 4/95‬و ‪ (102‬وفي العلل )‬
‫‪ 2/285‬و ‪- (3/450‬ومن طريقه الخلل في السنة )‪-(2/439‬‬
‫والبغوي في معجم الصحابة )‪ (5/378‬والطبراني )‪19/310‬‬
‫رقم ‪ (697‬والجري )‪ 5/2460‬رقم ‪ (1943‬وابن عساكر )‬
‫‪ (59/56‬من طريق مروان بن شجاع‪ ،‬ثنا خصيف‪ ،‬عن مجاهد‬
‫وعطاء‪ ،‬عن ابن عباس أنه قال‪ :‬ما كان معاوية على رسول الله‬

‫‪68‬‬
‫وقال شيخ السلم ابن تيمية‪ :‬إن معاوية وعمرو بن‬
‫محاربيهم‬
‫العاص "‪ ..‬لم يّتهمُهم أحد ٌ من أوليائهم ول ُ‬
‫بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬بل‬
‫ن‬
‫هم مّتفقون على أ ّ‬ ‫جميع علماء الصحابة والتابعين بعد َ ُ‬
‫هؤلء صادقون على رسول الله‪ ،‬مأمونون في الرواية‬
‫عنه"‪) .‬سؤال في معاوية بن أبي سفيان رضي الله‬
‫عنهما ص ‪(24‬‬
‫وقال ابن حجر الهيتمي بعد أن سرد جملة من الرواة‬
‫ل هؤلء الئمة أئمة السلم الذين‬ ‫عن معاوية‪" :‬فتأم ْ‬
‫ي‬
‫م أنه كان مجتهدا أيّ مجتهد‪ ،‬وفقيها أ ّ‬ ‫رووا عنه؛ َتعل ْ‬
‫فقيه"‪) .‬تطهير الجنان ص ‪(34‬‬
‫وقد قال العلمة ابن الوزير في العواصم والقواصم )‬
‫‪ :(3/163‬إن بيان أحاديث معاوية رضي الله عنه في‬
‫م انفراده فيما َروى‪،‬‬‫ة أشياء‪ :‬عد َ‬ ‫ف ثلث َ‬‫الكتب الستة ت ُعَّر ُ‬
‫دم نكارته‪.‬‬ ‫ة ذلك‪ ،‬وع َ َ‬‫وقل ّ َ‬
‫ث معاوية رضي الله عنه في أكثر من‬ ‫ثم سرد أحادي َ‬
‫من الصحابة على‬ ‫َ‬
‫ة ِ‬‫من تاَبع معاوي َ‬ ‫أربعين صفحة‪ ،‬وأورد َ َ‬
‫دها‪ ،‬وتكّلم عليها‪ ،‬ثم قال )‪:(3/207‬‬ ‫روايتها‪ ،‬وشواه َ‬
‫مسند أحمد‬ ‫معاوية في الكتب الستة و ُ‬ ‫"فهذا جميع ما ل ِ ُ‬
‫ل جدا بالنظر‬‫مق ٌ‬
‫حسب معرفتي‪ "..‬إلى أن قال‪" :‬وهو ُ‬
‫ح عنه‬‫مخالطته‪ ،‬وليس فيما يص ّ‬ ‫دته‪ ،‬وكثرة ُ‬ ‫م ّ‬
‫إلى طول ُ‬
‫ب الريبة والّتهمة‪ ،‬ول فيما رواه غيُره‬ ‫ق شيٌء يوج ُ‬ ‫بوفا ٍ‬
‫من أصحابه‪ "..‬الخ‬
‫فأما عدالة عموم الصحابة‪:‬‬

‫مّتهما‪.‬‬
‫صلى الله عليه وسلم ُ‬
‫وإسناده حسن‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫سّنة عليها‪ ،‬ومعاوية منهم‪ ،‬وهذه‬ ‫فقد أجمع أهل ال ُ‬
‫ت من أقوال الئمة‪:‬‬ ‫شذرا ٌ‬
‫حّبان‪" :‬كلهم أئمة سادة ٌ قادة ٌ عدول‪ ،‬نّزه الله‬ ‫قال ابن ِ‬
‫عز وجل أقدار أصحاب رسول الله صلى الله عليه‬
‫هن‪ .‬وفي قوله صلى الله‬ ‫وسلم عن أن ُيلَزقَ بهم الوَ َ‬
‫م‬
‫عليه وسلم‪" :‬أل لُيبلغ الشاهد منكم الغائب"؛ أعظ ُ‬
‫ح‬
‫ل؛ ليس فيهم مجرو ٌ‬ ‫الدليل على أن الصحابة كلهم عدو ٌ‬
‫ح‪ ،‬أو ضعيف‪ ،‬أو كان‬ ‫ول ضعيف‪ ،‬إذ لو كان فيهم مجرو ٌ‬
‫فيهم أحد ٌ غيُر عدل لست َث َْنى في قوله صلى الله عليه‬
‫ما‬
‫ن منكم الغائب‪ .‬فل ّ‬ ‫ن وفل ٌ‬ ‫وسلم‪ ،‬وقال‪ :‬أل ل ِي ُب َل ّغَ فل ٌ‬
‫ل ذلك‬ ‫ن َبعدهم‪ ،‬د ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ذكر بالمرِ بالتبليِغ َ‬ ‫مَلهم في ال ّ‬ ‫أج َ‬
‫ل الله‬‫دله رسو ُ‬ ‫على أنهم كلهم عدول‪ ،‬وكفى بمن ع ّ‬
‫ه الحسان‬ ‫شَرفًا"‪) .‬الصحيح‪ ،‬ترتيب ُ‬ ‫صلى الله عليه وسلم َ‬
‫‪(1/162‬‬
‫سَنن البين )‪ ،(135-134‬ثم قال‪:‬‬ ‫شيد في ال ّ‬ ‫ونقله ابن ُر َ‬
‫ح حسن‪ ،‬والجماع شاهد‬ ‫"واستدلله بهذا الحديث صحي ٌ‬
‫على ذلك"‪.‬‬
‫وقال ابن حبان أيضا‪" :‬إن أصحاب رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم كلهم ثقات عدول"‪) .‬نفسه ‪(16/238‬‬
‫ي صلى الله عليه‬ ‫ب النب ّ‬ ‫وقال ابن عدي‪" :‬إن أصحا َ‬
‫صحَبتهم‪ ،‬وتقاد ُم ِ َقدمهم في السلم‪ ،‬لك ّ‬
‫ل‬ ‫حقّ ُ‬ ‫وسلم ل ِ َ‬
‫ل من‬ ‫صحبة‪ ،‬فُهم أج ّ‬ ‫ة لل ّ‬ ‫حرم ٌ‬‫واحد منهم في نفسه حقٌ و ُ‬
‫أن يتكّلم أحد ٌ فيهم"‪) .‬الكامل في الضعفاء ‪(3/1064‬‬
‫وقال ابن حزم‪" :‬الصحابة كلهم عدول رضي الله عنهم‪،‬‬
‫لثناء الله تعالى عليهم"‪) .‬المحلى ‪ 5/92‬دار الفاق‬
‫الجديدة(‬
‫وقال أيضا‪" :‬ول عدول أعدل من الصحابة"‪) .‬الحكام‬
‫‪(2/231‬‬
‫ومضى قول البيهقي الذي نقله العلئي آنفا‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫وقال ابن عبد البر‪" :‬ثبتت عدالة جميعهم بثناء الله عز‬
‫ل ممن‬ ‫وجل عليهم‪ ،‬وثناء رسوله عليه السلم‪ ،‬ول أع ْد َ َ‬
‫ل من‬ ‫ة أفض ُ‬ ‫صَرته‪ ،‬ول تزكي َ‬ ‫صحبة نبّيه ون ُ ْ‬ ‫ارتضاه الله ل ً‬
‫ل أكمل منه"‪) .‬الستيعاب‪ ،‬بهامش الصابة‬ ‫ذلك‪ ،‬ول تعدي َ‬
‫‪(5-1/4‬‬
‫ع‬
‫ب رسوله الموضمم َ‬ ‫ضعَ الله عز وجل أصحا َ‬ ‫وقال‪" :‬إنما وَ َ‬
‫ض مَعهم فيممه بثنممائه عليهممم مممن العدالممة والممدين‬ ‫الممذي و َ‬
‫َ‬
‫مل ّمةِ بممما أد ّوْهُ‬‫ة على جميممع أهممل ال ِ‬ ‫ج ُ‬‫م الح ّ‬‫والمامة؛ لتقو َ‬
‫سمّنة‪ ،‬فصمملى اللممه عليممه وسمملم؛‬ ‫عن نبّيهم من فريضة و ُ‬
‫ن‬ ‫ن كانوا لممه علممى الممدي ِ‬ ‫م العو ُ‬ ‫ي عنهم أجمعين‪ ،‬فِنع َ‬ ‫ورض َ‬
‫من المسلمين"‪) .‬نفسممه‬ ‫هم ِ‬ ‫من َبعد َ ُ‬ ‫في تبليِغهم عنه إلى َ‬
‫‪(31-1/30‬‬
‫ث عن أحواِلهم‪ ،‬لجممماع أهممل‬ ‫كفينا البح َ‬ ‫وقال أيضا‪" :‬قد ُ‬
‫ل السممنة والجماعممة؛ علممى‬ ‫الحقّ من المسلمين‪ ،‬وهم أه ُ‬
‫أنهم كّلهم عدول"‪) .‬نفسه ‪(38-1/37‬‬
‫ت‪،‬‬ ‫ت أثبا ٌ‬ ‫ضّيون ثقا ٌ‬ ‫ل مر ِ‬ ‫وقال أيضا‪" :‬الصحابة كلهم عدو ٌ‬
‫وهممذا أمممُر مجتمممعٌ عليممه عنممد أهممل العلممم بالحممديث"‪.‬‬
‫)التمهيد ‪(22/47‬‬
‫وقال الخطيب البغدادي‪" :‬عدالة الصحابة ثابتممة معلومممة‬
‫بتعديل الله لهم‪ ،‬وإخباره عممن طهممارتهم‪ ،‬واختيمماره لهممم‬
‫بنص القرآن"‪) .‬الكفاية ص ‪(46‬‬
‫وقال أيضا‪" :‬وذهبت طائفة من أهل البدع إلى أن حال‬
‫الصحابة كانت مرضية إلى وقت الحممروب الممتي ظهممرت‬
‫بينهم"‪ ،‬فرد ّ عليهم‪ ،‬وقال‪" :‬ويجب أن يكونوا على الصل‬
‫الذي قدمناه من حمال العدالمة والرضما‪ ،‬إذ لمم يثبمت مما‬
‫يزيل ذلك عنهم"‪ ،‬ثم أسند عن أبي زرعة الممرازي قمموله‪:‬‬
‫"إذا رأيت الرجل ينتقص أحدا من أصممحاب رسممول اللممه‬
‫صمملى اللممه عليممه وسمملم فمماعلم أنممه زنممديق‪ ،‬وذلممك أن‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق‪ ،‬والقرآن حممق‪،‬‬

‫‪71‬‬
‫ب رسول اللممه‬ ‫ن‪ :‬أصحا ُ‬ ‫ن والسن ُ‬ ‫دى إلينا هذا القرآ ُ‬ ‫وإنما أ ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وإنما يريدون أن يجرحوا شممهودنا‬
‫ليبطلوا الكتاب والسممنة‪ ،‬والجرح بهييم أولييى‪ ،‬وهييم‬
‫زنادقة"‪) .‬الكفاية ص ‪(49‬‬
‫وقال ابن الثير‪" :‬والصحابة يشاركون سممائر الممرواة فممي‬
‫جميع ذلك إل في الجرح والتعديل‪ ،‬فإنهم كلهم عدول‪ ،‬ل‬
‫كيمماهم‬ ‫يتطرق إليهم الجرح‪ ،‬لن الله عز وجل ورسمموَله ز ّ‬
‫دلهم‪ ،‬وذلك مشهور ل نحتمماج لممذكره"‪) .‬أسممد الغابممة‬ ‫وع ّ‬
‫‪(1/3‬‬
‫ل‪ ،‬أوليمماء اللممه‬‫وقممال القرطممبي‪" :‬فالصممحابة كلهممم عممدو ٌ‬
‫سممله‪،‬‬‫خيَرُته من خلقه بعممد أنبيممائه وُر ُ‬ ‫تعالى‪ ،‬وأصفياؤه‪ ،‬و ِ‬
‫هذا مذهب أهل السنة والممذي عليممه الجماعممة مممن أئمممة‬
‫هذه المة‪ ،‬وقد ذهبت شرذمة ل مبالة بهم إلى أن حممال‬
‫الصممحابة كحممال غيرهممم؛ فيلممزم البحممث عممن عممدالتهم"‪.‬‬
‫)التفسير‪ ،‬آخر سورة الفتح ‪(16/299‬‬
‫ة علممى تعممديل جميممع‬ ‫معَم ٌ‬ ‫ج ِ‬‫م ْ‬
‫وقممال ابممن الصمملح‪" :‬المممة ُ‬
‫ن منهم فكذلك‪ ،‬بإجماع العلماء‬ ‫فت َ َ‬
‫من لَبس ال ِ‬ ‫الصحابة‪ ،‬و َ‬
‫الذين ُيعتد بهم في الجماع‪ ،‬إحسانا للظممن بهممم‪ ،‬ونظممرا‬
‫إلى ما تمهّد َ لهم من المآثر‪ ،‬وكأن اللممه سممبحانه وتعممالى‬
‫ة الشممريعة‪ ،‬واللممه‬ ‫قل َم َ‬‫أتاح الجممماع علممى ذلممك لكممونهم ن َ َ‬
‫أعلم"‪) .‬المقدمة في علوم الحديث ‪(287‬‬
‫سَنن البين )ص ‪(135‬‬ ‫شيد في ال ّ‬ ‫ن ُر َ‬ ‫ونقله مستحسنا اب ُ‬
‫وقممال النممووي‪" :‬الصممحابة رضممي اللممه عنهممم كلهممم هممم‬
‫دهم‪،‬‬ ‫ل ممممن بعم َ‬ ‫ة‪ ،‬وأفضم ُ‬ ‫مم ِ‬‫ت ال ّ‬ ‫صممفوة ُ الن ّمماس‪ ،‬وسممادا ُ‬
‫ة فيهممم‪ ،‬وإنممما جمماَء التخلي م ُ‬
‫ط‬ ‫ل قدوة ٌ ل ُنخال م َ‬ ‫وكلهم عدو ٌ‬
‫ت الّنخالة"‪) .‬شرح مسلم‬ ‫دهم‪ ،‬وفيمن َبعدهم كان ِ‬ ‫ممن بع َ‬
‫‪ 12/216‬وانظر متنه(‬
‫مطلقا‪ ،‬لظواهر‬ ‫وقال ابن جماعة‪" :‬الصحابة كلهم عدول ُ‬
‫الكتمماب والسممنة‪ ،‬وإجممماع مممن ُيعتممد بممه‪ ،‬بالشممهادة لهممم‬

‫‪72‬‬
‫فتنممة وغيممره‪ ،‬ولبعممض أهممل‬ ‫س ال ِ‬
‫من لب َ َ‬ ‫بذلك‪ ،‬سواٌء فيه َ‬
‫ل‬‫الكلم مممن المعتزلممة وغيرهممم فممي عممدالتهم تفصممي ٌ‬
‫ف ل يعتد به"‪) .‬المنهل الروي ‪(112‬‬ ‫واختل ٌ‬
‫عدال مةِ‬
‫ن علممى َ‬ ‫فقممو َ‬
‫مت ّ ِ‬
‫س مّنة ُ‬‫ل ال ُ‬ ‫وقممال ابممن تيميممة‪" :‬أه م ُ‬
‫صحابة"‪) .‬مجموع الفتاوى ‪(35/54‬‬ ‫ال ّ‬
‫ل الممبراء رضممي اللممه عنممه‪:‬‬ ‫دم قممو ُ‬ ‫وقال العلئي‪" :‬وقد تق ّ‬
‫ب بعضا"‪ ،‬وهذا هو المممُر المسممتقّر‬ ‫ضنا ُيكذ ّ ُ‬
‫"ولم يكن بع ُ‬
‫ل السنة‪ ،‬أعني القممول بعدالممة جميممع‬ ‫الذي أطبقَ عليه أه ُ‬
‫ل البممدع‬‫الصحابة رضي الله عنهممم‪ ،‬ول اعتبمماَر بقممول أه م ِ‬
‫والهواء‪ ،‬ول تعويل عليه"‪) .‬جامع التحصيل ‪(69‬‬
‫ل السممنة علممى أن الجميممع‬ ‫وقممال ابممن حجممر‪" :‬اتفممق أه م ُ‬
‫عدول‪ ،‬ولم ُيخالف فممي ذلممك إل شممذوذ ٌ مممن المبتدعممة"‪.‬‬
‫)الصابة ‪(1/10‬‬
‫وقممال الميممر الصممنعاني‪" :‬الصممحابة كلهممم عممدول عنممد‬
‫المحدثين"‪) .‬سبل السلم ‪(1/21‬‬
‫وكلم العلممماء فممي ذلممك مسممتفيض‪ ،‬وانظممر للسممتزادة‬
‫الجرح والتعديل لبن أبي حاتم )‪ (1/7‬والحكام للمدي )‬
‫‪ (2/211‬وصمميانة صممحيح مسمملم لبممن الصمملح )‪(178‬‬
‫وشرح مسلم للنووي )‪ 1/222‬و ‪ (6/161‬والسنن البيممن‬
‫)ص ‪ (134‬والسممير للممذهبي )‪ (2/208‬وجممامع التحصمميل‬
‫للعلئي )‪ 38‬و ‪ (122‬وفتح الباري لبممن حجممر )‪ 2/181‬و‬
‫‪ 4/57‬و ‪ 6/499‬و ‪ 9/633‬و ‪ (10/575‬وغير ذلك كثير‪.‬‬
‫والمقام ل يسمح بأطول من هذا‪.‬‬
‫ذكر بعض ما جاء من ثناء الصحابة على معاوية‪،‬‬
‫رضي الله عن الجميع‪:‬‬
‫‪ -‬قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ُقبيل وفاته‪:‬‬
‫"اللهم إّني ُأشهدك على أمراء المصار‪ ،‬وإّني إّنما‬
‫بعثت ُُهم عليهم ل َِيعدلوا عليهم‪ ،‬ول ُِيعّلموا النا َ‬
‫س ديَنهم‬

‫‪73‬‬
‫ة نبّيهم صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وَيقسموا فيهم‬ ‫سن ّ َ‬
‫و ُ‬
‫َ‬
‫رهم"‪.‬‬‫من أم ِ‬
‫ل عليهم ِ‬ ‫فَي ْئ َُهم‪ ،‬وَيرَفعوا إل َ ّ‬
‫ي ما أشك َ‬
‫رواه مسلم )‪ (567‬في صحيحه‪ ،‬وقد توفي عمر‬
‫ومعاوية أمير الشام‪.33‬‬
‫‪ -‬وروى أبوعبيد في الموال )‪ (1920‬وقوام السنة في‬
‫سير السلف الصالحين )‪ (1/138‬عن سعيد بن أبي‬
‫مريم‪ ،‬عن ابن لهيعة‪ ،‬عن أبي السود‪ ،‬عن عمير بن‬
‫سلمة الديلي‪ ،‬عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه‬
‫أنه قال في الولة‪" :‬والله ما آلو أن أختار خياركم"‪.‬‬
‫‪ -‬وروى الطبري في التاريخ )‪ (5/330‬والبلذري )‬
‫‪(4/147‬‬
‫بسند صحيح عن سعيد المقُبري‪ ،‬قال‪ :‬قال عمر بن‬
‫دكم‬
‫هما؛ وعن َ‬
‫دهاَء ُ‬ ‫سَرى وقَي ْ َ‬
‫صَر و َ‬ ‫ن كِ ْ‬
‫الخطاب‪َ" :‬تذكرو َ‬
‫معاوية‍"!‬
‫ن رضي الله عنه‬ ‫عثما َ‬ ‫ة أكبر َ‬
‫ظهيرٍ ل ُ‬ ‫‪ -‬كما كان معاوي ُ‬
‫م خلفَِته‪ ،‬ول سيما أيام فتنة مقتله رضي الله عنه‪،‬‬ ‫أيا َ‬
‫حبيبة‪ ،‬أنه سمع أبا هريرة في الدارِ مع‬ ‫ح عن أبي َ‬ ‫وقد ص ّ‬
‫ل الله صلى الله‬ ‫عثمان رضي الله عنهم‪ ،‬قال‪ :‬قال رسو ُ‬
‫ة واختلفا"‪ ،‬أو قال‪:‬‬ ‫ن َبعدي فِت ْن َ ً‬ ‫عليه وسلم‪" :‬إنكم ت َل ْ َ‬
‫قو َ‬
‫من لنا يا‬
‫ل من الناس‪ :‬ف َ‬ ‫ة"‪ .‬فقال له قائ ٌ‬ ‫"اختلفا وِفتن ً‬

‫‪ 33‬قال خليفة بن خياط‪ :‬ثم جمع عمر الشام كّلها لمعاوية‪ ،‬وَأقّره‬
‫عثمان‪) .‬التاريخ ‪ 155‬و ‪(178‬‬
‫مُره عمممر‪ ،‬ثممم عثمممان‬ ‫نقله الذهبي وعلق عليه‪ :‬حسُبك بمممن ي ُمؤَ ّ‬
‫م قيممام‪) .‬السممير‬
‫م بممه أتم ّ‬ ‫طه ويقممو ُ‬‫على إقليممم ‪-‬وهممو ثغممر‪ -‬فيضممب ُ‬
‫ل عمُر َقط؛ بل ول أبمموبكر‬ ‫‪ ،(3/132‬وقال ابن تيمية‪" :‬ول اسَتعم َ‬
‫منافقا"‪) .‬مجموع الفتاوى ‪(35/65‬‬ ‫على المسلمين ُ‬
‫‪74‬‬
‫ن وأصحاِبه"‪ .‬وهو ُيشيُر‬
‫‪" 34‬عليكم بالمي ِ‬ ‫رسو َ‬
‫ل الله؟ قال‪:‬‬
‫ن بذلك ‪.‬‬‫عثما َ‬‫إلى ُ‬
‫ه صلةً‬ ‫تأ ْ‬
‫شب َ َ‬ ‫درداء رضي الله عنه‪ :‬ما رأي ُ‬‫‪ -‬قال أبوال ّ‬
‫من أميركم هذا‪،‬‬ ‫برسول الله صلى الله عليه وسلم ِ‬
‫يعني معاوية‪.35‬‬
‫‪ -‬وعن معاوية رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله‬
‫ت عورات الناس‬‫صلى الله عليه وسلم‪" :‬إنك إن تتّبع َ‬
‫دهم"‪ .‬قال أبوالدرداء‪:‬‬ ‫ت أن ُتفس َ‬ ‫كد َ‬
‫أفسدَتهم‪ .‬أو ِ‬
‫‪36‬‬
‫ه الله بها ‪.‬‬‫ة نفعَ ُ‬
‫مَعها معاوي ُ‬
‫س ِ‬
‫ة َ‬
‫كلم ٌ‬

‫‪ 34‬رواه ابن أبي شيبة )‪ (12/50‬وأحمد )‪ (2/345‬وابن شبة )‬


‫‪ (3/1105‬والحاكم )‪ 3/99‬و ‪ (4/433‬والبيهقي في الدلئل )‬
‫‪ (6/293‬وابن عساكر )‪ (39/267‬وأبوالخير القزويني )كما في‬
‫الرياض النضرة ‪ ،(3/37‬وسنده ل بأس به‪ ،‬وصححه الحاكم‬
‫ووافقه الذهبي‪ ،‬وقال ابن كثير‪ :‬إسناده جيد حسن‪ ،‬ثم ساق له‬
‫شواهد )البداية والنهاية ‪ ،(10/374‬وصححه لغيره في موضع‬
‫آخر )‪(9/173‬‬
‫ّ‬
‫مه‪ ،‬وثقه‬‫عقبة ل ّ‬
‫جد ّ موسى بن ُ‬ ‫حبيبة هو مولى الزبير‪ ،‬و َ‬
‫وأبو َ‬
‫العجلي‪ ،‬وذكره ابن حبان في الثقات‪ ،‬وروى عنه جمع من‬
‫الثقات‪.‬‬
‫‪ 35‬رواه البغوي في معجم الصحابة )‪ (5/367‬والطبراني في‬
‫الكبير كما في مجمع الزوائد )‪ (9/357‬وفي مسند الشاميين )‬
‫‪ (169-1/168‬وابن بطة )كما في منهاج السنة ‪(6/235‬‬
‫وأبونعيم في الحلية )‪ (8/275‬من طريق سعيد بن عبد العزيز‪،‬‬
‫عن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر‪ ،‬عن قيس بن‬
‫الحارث‪ ،‬عن الصنابحي‪ ،‬عن أبي الدرداء‪.‬‬
‫وهذا سند صحيح‪ ،‬وقممال الهيثمممي فممي المجمممع‪ :‬رواه الطممبراني‬
‫ورجاله رجال الصحيح غير قيس بن الحارث المذحجي‪ ،‬وهو ثقة‪.‬‬
‫‪ 36‬رواه أبممموداود )‪ (4888‬وأبمممويعلى )‪ (13/382‬وابمممن حبمممان )‬
‫‪ (13/72‬والطممبراني فممي الكممبير )‪ 19/311‬و ‪ 379‬رقممم ‪ 702‬و‬
‫‪ (890‬وفممي مسممند الشمماميين )‪ (1/272‬وأبممونعيم فممي الحليممة )‬

‫‪75‬‬
‫قال ابن كثير )‪ :(11/419‬يعني أنه كان جي ّد َ السريرة‪،‬‬
‫ستر‪ ،‬رحمه الله‬ ‫ن التجاُوز‪ ،‬جمي َ‬
‫ل العفو‪ ،‬كثيَر ال ّ‬ ‫س َ‬
‫ح َ‬
‫َ‬
‫تعالى‪.‬‬
‫عروة بن الّزَبير‪ ،‬أن‬ ‫هري‪ ،‬عن ُ‬ ‫‪ -‬وعن ابن شهاب الّز ْ‬
‫خَرمة رضي الله عنه أخبره؛ أنه َوفد َ‬ ‫م ْ‬
‫ور بن َ‬ ‫س َ‬‫م ْ‬
‫ال ِ‬
‫ور!‬ ‫س َ‬‫م ْ‬
‫خل به فقال‪ :‬يا ِ‬ ‫ضى حاجَته؛ ثم َ‬ ‫ق َ‬ ‫على معاوية ف َ‬
‫عنا من هذا وأحسن‪.‬‬ ‫ما فعل طعُنك على الئمة؟ قال‪ :‬د َ ْ‬
‫ي!‬ ‫َ‬
‫ب ع َل ّ‬ ‫ك بالذي تعي ُ‬ ‫مّني بذات َنفس َ‬ ‫قال‪ :‬ل والله! ل َُتكل ّ َ‬
‫قال مسور‪ :‬فلم أترك شيئا أعيُبه عليه إل بّينت له‪.‬‬
‫ور ما ن َِلي‬ ‫س َ‬ ‫م ْ‬ ‫ب! فهل ت َعُد ّ لنا يا ِ‬
‫فقال‪ :‬ل أبرأ من الذن َ‬
‫من الصلح في أمر العامة ‪-‬فإن الحسنة بعشر أمثالها‪-‬‬
‫ك الحسان؟! قال‪ :‬ما َنذكُر إل‬ ‫ب وَتتُر ُ‬ ‫أم تعُد ّ الذنو َ‬
‫ف لله بكل ذنب أذنبناه‪،‬‬ ‫الذنوب! قال معاوية‪ :‬فإّنا نعتر ُ‬
‫فهل لك يا مسور ذنوب في خاصتك تخشى أن تهلكك‬
‫إن لم ُتغفر؟ قال‪ :‬نعم! قال‪ :‬فما يجعلك برجاء المغفرة‬
‫أحقّ مني؟! فوالله ما ألي من الصلح أكثُر مما َتلي‪،‬‬
‫ولكن والله ل ُأخّير بين أمرين‪ :‬بين الله وبين غيره؛ إل‬
‫ل فيه‬ ‫ن ُيقب َ ُ‬ ‫َ َ‬
‫ت الله على ما سواه‪ ،‬وإني لعَلى دي ٍ‬ ‫اختر ُ‬
‫العمل؛ وُيجزى فيه بالحسنات؛ وُيجزى فيه بالذنوب؛ إل‬
‫ه عنها‪.‬‬ ‫أن يعفوَ الل ُ‬
‫مني!‬ ‫ص َ‬‫خ َ‬‫قال‪ :‬ف َ‬

‫‪ (6/118‬والبيهقي فمي السممنن )‪ (8/333‬وفممي شمعب اليممان )‬


‫‪ 13/137‬رقم ‪ 7051‬و ‪ 17/151‬رقم ‪ (9212‬وابن عبد البر في‬
‫التمهيد )‪ (18/23‬وغيرهم‪.‬‬
‫ظلل الجنة )‪" :(2/510‬سنده صحيح"‪،‬‬ ‫قال المام اللباني في ِ‬
‫وهو كما قال‪ ،‬وللمرفوع طرق أخرى‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫ة إل صّلى‬
‫ور ذ َك ََر معاوي َ‬
‫س َ‬
‫م ْ‬
‫مع ال ِ‬
‫قال عروة‪ :‬فلم أس َ‬
‫عليه‪.37‬‬
‫‪ -‬روى أبوع َُروبة الحّراني في الطبقات )ص ‪ (41‬عن‬
‫مرجانة أم علقمة مولى عائشة‪ ،‬عن عائشة أم‬
‫المؤمنين رضي الله عنها قالت‪ :‬إني لتمنى أن يزيد َ‬
‫عمره‪.‬‬‫عمري في ُ‬ ‫من ُ‬‫ة ِ‬ ‫ه عّز وج ّ‬
‫ل معاوي َ‬ ‫الل ُ‬
‫وسنده صحيح‪.‬‬
‫‪ -‬وروى أحمد )‪ (4/92‬والبلذري )‪ (4/265‬والطبراني‬
‫في الكبير )‪ 19/319‬رقم ‪ (723‬وابن عساكر )‬
‫‪ (12/229‬وابن العديم )‪ (5/2129‬من طريق حماد بن‬
‫جدعان‪ ،‬عن سعيد بن‬ ‫سلمة‪ ،‬عن علي بن زيد بن ُ‬
‫ح َ‬
‫كم‪ ،‬أن معاوية قال‬ ‫سّيب‪ ،‬عن مروان بن ال َ‬
‫م َ‬
‫ال ُ‬
‫لعائشة‪ :‬يا أم المؤمنين‪ ،‬كيف أنا حاجاتك ورسلك‬
‫وأمرك؟ قالت‪ :‬صالح‪.‬‬
‫‪ 37‬رواه معمر في الجامع )‪- (20717‬ومن طريقه ابن أبي الدنيا‬
‫وابن أبي عاصم )‪ 1/378‬مختصرا( والبغوي في المعجم )‬
‫‪ (5/370‬وابن عساكر )‪ -(59/161‬عن الزهري به‪.‬‬
‫ورواه الخطيب )‪- (1/208‬ومن طريقه ابن عساكر‪ -‬من طريق‬
‫شعيب بن أبي حمزة عن الزهري به‪.‬‬
‫ورواه ابن سعد )‪ 1/123‬السلومي( من طريق صالح بن كيسان‬
‫عن الزهري به‪.‬‬
‫ورواه عبد الملك بن حبيب في التاريخ )‪ 365‬مدريد( من طريق‬
‫عقيل بن خالد عن الزهري به‪.‬‬
‫وهممذا سممند صممحيح‪ ،‬وقممال الممدارقطني فممي العلممل )‪ :(7/53‬إنممه‬
‫محفمموظ‪ ،‬وقممال ابممن عبممد الممبر فممي السممتيعاب )‪ 10/149‬مممع‬
‫الصابة(‪ :‬وهذا الخبر من أصح ما ُيروى من حممديث ابممن شممهاب‪،‬‬
‫رواه عنه معمر وأصحابه‪ ،‬وقال ابممن تيميممة فممي منهمماج السممنة )‬
‫‪ :(4/385‬إن الحكاية معروفة عن المسور بن مخرمة‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وله طرق أخرى عند البلذري في النساب )‪ 4/44‬و ‪56‬‬
‫بتحقيق العظم(‬

‫‪77‬‬
‫جدعان ضعيف‪ ،‬وانظر علل الدارقطني‬
‫وعلي بن زيد بن ُ‬
‫)‪(7/65‬‬
‫‪ -‬وروى مسلم في صحيحه )‪ (2663‬عن أم المؤمنين؛‬
‫حبيبة رضي الله عنها أنها قالت‪" :‬اللهم أمتعني‬‫م َ‬‫أ ّ‬
‫ل الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وبأبي‪ :‬أبي‬‫بزوجي رسو ِ‬
‫‪38‬‬
‫سفيان‪ ،‬وبأخي معاوية"‪.‬‬‫ُ‬
‫‪ -‬وروى الشافعي في الم )‪ (1/290‬وعبد الرزاق )‬
‫‪ (3/21‬والبيهقي )‪ (3/26‬وابن عساكر )‪ (59/165‬بسند‬
‫جيد عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه‬
‫م من معاوية‪.39‬‬
‫قال‪ :‬ليس أحد ٌ منا أعل ُ‬
‫‪ -‬وروى البخاري في كتاب فضائل الصحابة من صحيحه‬
‫)‪ (3765‬من طريق أخرى عن ابن عباس أنه قال عن‬
‫معاوية‪ :‬إنه فقيه‪.‬‬
‫ب رسو َ‬
‫ل الله‬ ‫ح َ‬
‫ص ِ‬
‫وفي رواية قبلها )‪ :(3764‬إنه قد َ‬
‫صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ -‬وروى ابن سعد )‪ 1/126‬السلومي( ومن طريقه ابن‬
‫عساكر )‪ (59/165‬بسند صحيح عن أيوب السختياني‪،‬‬
‫أن ابن عباس قال‪ :‬إن أمير المؤمنين عالم‪ ،‬أي‬
‫معاوية‪.‬‬

‫‪ 38‬وانظر الطحاوي )‪ (2/126‬يخّرج وهو في مسند الفاروق‬


‫قاصر‪.‬‬
‫‪ 39‬وقال الشافعي إن معاوية رضي الله عنه له فقه وعلم‪) .‬الم‬
‫ن حزم ترتيب المكثرين من الفتيا في‬ ‫‪ ،(4/87‬وعندما عد ّ اب ُ‬
‫مكِثرين‬
‫ن للسبعة ال ُ‬
‫حد َ العشرين التالي َ‬
‫ةأ َ‬‫السلم؛ جعل معاوي َ‬
‫من الصحابة‪) .‬تدريب الراوي ‪ 2/219‬وقارن بالحكام لبن حزم‬
‫‪(2/86‬‬

‫‪78‬‬
‫‪40‬‬
‫مرسل‪ ،‬ويشهد له ما َقبله‪.‬‬
‫أيوب عن ابن عباس ُ‬
‫‪ -‬وروى معمر )‪ (20985‬ومن طريقه ابن سعد )‪1/121‬‬
‫السلومي( والبخماري فمي التاريمخ )‪ (7/327‬وابمن قتيبمة‬
‫فمممي الغريمممب )‪ (2/353‬وابمممن أبمممي عاصمممم )‪(1/378‬‬
‫والطممممبري فممممي تمممماريخه )‪ (5/337‬والخلل )‪(2/440‬‬
‫والبغوي )‪ (5/373‬وإسممماعيل الصممفار فممي جممزئه )‪(62‬‬
‫وابن عساكر )‪ (59/174‬بسند صحيح عن ابن عبيياس‪:‬‬
‫ملك من معاوية‪ ،‬كممان النمماس‬ ‫ما رأيت رجل كان أخلق لل ُ‬
‫حممب‪ ،‬لممم يكممن بالض مّيق‬
‫ردون منممه علممى أرجمماء واد ٍ َر ْ‬‫يم ِ‬
‫صُعص‪.‬‬‫صر العُ ْ‬
‫ح ِ‬‫ال َ‬
‫‪ -‬وثبت من طرق عن عبد الله بن عمر رضي الله‬
‫عنهما أنه قال‪ :‬ما رأيت أحدا أسود من معاوية‪ ،‬قال‬
‫الراوي‪ :‬ول عمر؟ قال‪ :‬كان عمر خيرا منه‪ ،‬وكان‬
‫معاوية أسود منه‪.41‬‬

‫‪ 40‬فظهر بهذه الروايات النكارة ُ البالغة للرواية المخالفة التي‬


‫أوردها الطحاوي )‪ ،(1/289‬وقد تفرد بتلك اللفظة الموضوعة‬
‫ت عليه‬ ‫عبد الوهاب بن عطاء‪ ،‬وله مناكير‪ ،‬فلعل اللفظة أ ُد ْ ِ‬
‫خل َ ْ‬
‫من الرافضة‪ ،‬لنها بهم أشبه‪ ،‬كما قال المام الشعبي رحمه‬
‫الله‪.‬‬
‫‪ 41‬انظر حلم معاوية لبن أبي الدنيا )‪ (11‬والحاد والمثاني لبن‬
‫أبي عاصم )‪ (1/379‬والسنة للخلل )‪ (444-2/441‬ومعجم‬
‫البغوي )‪ (5/369‬والطبقات لبي عروبة الحراني )ص ‪(41‬‬
‫ومكارم الخلق للخرائطي )‪ (1/570‬والمعجم الكبير )‪(12/296‬‬
‫والوسط للطبراني )‪ (7/31‬وابن عدي )‪ (6/110‬والللكائي )‬
‫‪ (8/1443‬وابن عساكر )‪ (59/173‬والسير )‪ (3/152‬وغيرها‪.‬‬
‫قال ابن تيمية في منهاج السنة )‪" :(4/444‬قوُله في مدح‬
‫ذكَره(‪ ،‬ونقله الذهبي في‬ ‫ت عنه‪) "..‬ف َ‬
‫ف ثاب ٌ‬
‫معاوية معرو ٌ‬
‫المنتقى من المنهاج )ص ‪(258‬‬

‫‪79‬‬
‫قال المام أحمد‪" :‬معنى أسود‪ :‬أي أسخى‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫ة أه َ‬
‫ل‬ ‫السّيد‪ :‬الحليم‪ ،‬والسّيد‪ :‬المعطي‪ ،‬أعطى معاوي ُ‬
‫ة قد كان قبَله"‪.‬‬
‫عطايا ما أعطاها خليف ٌ‬
‫المدينة َ‬
‫معمر بن راشد في الجامع )‪ :(11/337‬عن‬ ‫‪ -‬وقال َ‬
‫ة ‪-‬أو قال‪ :‬وفد عليه‪-‬‬ ‫ي معاوي َ‬
‫ف َ‬‫ن عمر ل َ ِ‬ ‫الزهري‪ ،‬أن اب َ‬
‫ك دم دوَنك‪،‬‬ ‫فقال له معاوية‪ :‬حاجتك؟ فقال‪ :‬أل ُيسف َ‬
‫س على هذا المنبر‬ ‫فإنهم كذلك كانوا يفعلون‪ ،‬ول يجل َ‬
‫غيُرك‪ ،‬وأن ُتمضي العطية للمحّررين‪ ،‬فإن عمر قد‬
‫أمضاه لهم‪.‬‬
‫وُروي آخره من طريق أخرى عند أبي داود )‪(2951‬‬
‫وابن الجارود )‪ (1114‬والطحاوي في شرح المشكل )‬
‫‪ (11/51‬والبيهقي )‪ (6/349‬بمعناه‪ ،‬وأن لقاءهما كان‬
‫ة المدينة حاجا‪.‬‬ ‫حين قدم معاوي ُ‬
‫ة على دماء‬ ‫ن ابن عمَر معاوي َ‬ ‫وفي الخبر ائتما ُ‬
‫المسلمين‪ ،‬وإقراُره خصوصا على الجلوس على‬
‫قبول‬‫ل منه ال َ‬‫المنبر‪ ،42‬وأنه يناصح معاوية‪ ،‬ويتأم ُ‬
‫دقه ما جاء في رواية أخرى عند‬ ‫والستجابة‪ ،‬ويص ّ‬
‫الطحاوي أن معاوية لما سمعه بدأ بالمحّررين فأعطاهم‬
‫قبل الناس‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬
‫‪ -‬وروى المام أحمد )‪ (5/147‬وابن عساكر )‪ 49/289‬و‬
‫‪ (70/218‬بسند جيد إلى قُن ُْبر ‪-‬ويقال‪ :‬قَُتير‪ -‬مولى‬
‫معاوية قصة أبي ذر مع موله معاوية‪ ،‬رضي الله عنهما‪،‬‬
‫عمرو بن‬ ‫عبادة بن الصامت وأبا الدرداء و َ‬ ‫وأن ُ‬
‫حرام النصارية رضي الله عنهم كلموا‬ ‫العاص وأم َ‬
‫ف عن معاوية‪.‬‬ ‫أبا ذر في الك َ ّ‬

‫ذب الحديث الموضوع‪" :‬إذا رأيتم‬ ‫‪ 42‬فهو من الدلة التي ُتك ّ‬


‫معاوية على منبري فاقتلوه"! ويأتي كلم العلماء عليه‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫إل أن مولى معاوية فيه جهالة‪ ،‬انظر ترجمته في تاريخ‬
‫ابن عساكر )‪(49/290‬‬
‫‪ -‬وُروي عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه‬
‫ب‬ ‫َ‬
‫ح ِ‬
‫من صا ِ‬‫ق ِ‬‫ضى بح ٍ‬
‫ت أحدا بعد َ عثمان أق َ‬
‫قال‪ :‬ما رأي ُ‬
‫هذا الباب‪ ،‬يعني معاوية‪) .‬ابن عساكر ‪(59/161‬‬
‫‪ -‬وروى البغوي في الجعديات )‪ (2657‬وابن عساكر )‬
‫‪ (59/205‬من طرق عن زهير بن معاوية‪ ،‬عن السود‬
‫بن قيس‪ ،‬عن ُنبيح العنمزي‪ ،‬قال‪ :‬كنا عند أبي سعيد‬
‫الخدري وهو متكئ‪ ،‬فذكرنا عليا ومعاوية‪ ،‬فتناول رج ٌ‬
‫ل‬
‫ة‪ ،‬فاستوى جالسا‪ ،‬ثم قال‪:‬‬ ‫معاوي َ‬
‫كنا ننمزل رفاقا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫ت ‪-‬أو‬ ‫ت في رفقة أبي بكر‪ ،‬فنمزلنا على أهل أبيا ٍ‬ ‫فكن ُ‬
‫ل من أهل‬ ‫حبلى‪ ،‬ومعنا رج ٌ‬ ‫قال‪ :‬بيت‪ -‬قال‪ :‬وفيهم امرأة ُ‬
‫ك أن تلدي غلما؛ إن‬ ‫سّر ِ‬
‫البادية‪ ،‬فقال لها البدوي‪ :‬أي ُ‬
‫ت غلما‪ ،‬فأعطته شاة‪ ،‬فسجع لها‬ ‫ت لي شاة؟ فولد ْ‬ ‫جعل ِ‬
‫ذبحت الشاة‪ ،‬وطبخت‪ ،‬فأكلنا منها ومعنا أبو‬ ‫أساجيع‪ ،‬ف ُ‬
‫ست َن ْت ِل ً‬‫م ْ‬‫ت أبا بكر متبرزا ُ‬‫ذكر أمر الشاة‪ ،‬فرأي ُ‬ ‫بكر‪ ،‬ف ُ‬
‫يتقيأ‪.‬‬
‫ي عمر بذلك الرجل البدوي يهجو النصار‪ ،‬فقال‬ ‫ُ‬
‫ثم أت ِ َ‬
‫عمر‪ :‬لول أن له صحبة من رسول الله ل أدري ما نال‬
‫كموه‪ ،‬ولكن له صحبة‪.‬‬ ‫فيها لكفيت ُ ُ‬
‫قلت‪ :‬في الخبر استعظام أبي سعيد رضي الله عنه‬
‫الوقيعة في معاوية‪ ،‬حتى كان متكئا فجلس‪ ،‬واستشهاده‬
‫بموقف عمر مع العرابي الصحابي‪ ،‬مع أنه لم يبلغنا من‬
‫خبره إل هذان الموقفان‪ ،‬وهما كما ترى‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫وإسناده كوفي صحيح‪ ،‬وثّبته ابن حجر‪ ،‬وقال السخاوي‪:‬‬
‫‪43‬‬
‫رجاله ثقات‪) .‬فتح المغيث ‪(3/114‬‬
‫من أقوال التابعين‪:‬‬
‫‪ -‬قال أبوإسحاق السبيعي الكوفي‪ :‬كان معاوية‪،‬‬
‫وما رأينا بعده مثله‪.‬‬
‫رواه ابن سعد )‪ 1/122‬السلومي( والثرم )منهاج السنة‬
‫‪ (6/234‬والخلل فممي السممنة )‪ (2/438‬وابممن عسمماكر )‬
‫‪ (59/171‬بسند كوفي صحيح‪.‬‬
‫وزاد ابممن سممعد أن أبمما بكممر بممن عيمماش ‪-‬الممراوي عممن‬
‫ذكَر عمَر بن عبد العزيز‪.‬‬ ‫السبيعي‪ -‬قال‪ :‬ما َ‬
‫‪ -‬وقال حماد بن أسامة‪ :‬حدثني الثقة عن أبي إسحاق‬
‫ه‪-‬‬
‫أنه ذكر معاوية فقال‪ :‬لو أدركتموه ‪-‬أو‪ :‬أدركتم زمان َ ُ‬
‫كان المهدي‪.‬‬
‫رواه الخلل فممي السممنة )‪ ،(2/439‬وسممنده صممحيح إلممى‬
‫ماد‪ ،‬وهو مسلسل بالكوفيين‪.‬‬ ‫ح ّ‬
‫قبيصة بن جابر قال‪ :‬صحبت معاوية‪ ،‬فما‬ ‫‪ -‬وعن َ‬
‫حْلما‪ ،‬ول أبطأ جهل‪ ،‬ول أبعد َ أناة منه‪.‬‬ ‫ت رجل أثق َ‬
‫ل ِ‬ ‫رأي ُ‬
‫رواه الفسوي في المعرفة )‪ (1/458‬وابن أبي عاصم‬
‫في الحاد والمثاني )‪ 1/377‬رقم ‪ (509‬وابن أبي الدنيا‪،‬‬
‫والطبري في التاريخ )‪ 5/337‬وعنده سقط( ومحمد بن‬
‫مروان السعيدي في المجالسة‪ ،‬وابن عساكر )‬

‫‪ 43‬ونقل السخاوي عن شيخه ابن حجر قوله‪" :‬وقد كان تعظيم الصحابة‬
‫مقّررا عند الخلفاء‬‫‪-‬ولو كان اجتماعهم به صلى الله عليه وسلم قليل‪ُ -‬‬
‫الراشدين وغيرهم‪] ..‬ثم ساق الخبر‪ ،‬وما زال الكلم لبن حجر‪ [:‬فتوقف‬
‫ي صلى الله‬ ‫ي النب ّ‬
‫م أنه لق َ‬
‫عمر عن معاتبته ‪-‬فضل عن معاقبته‪ -‬لكونه ع َل ِ َ‬
‫عليه وسلم‪ ،‬وفي ذلك أكبر شاهد على أنهم كانوا يعتقدون أن شأن‬
‫الصحبة ل يعدله شيء‪ ،‬كما ثبت في حديث أبي سعيد الماضي"‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫مجالد‪ ،‬عن الشعبي‪ ،‬عن‬ ‫‪ (59/178‬من طرق عن ُ‬
‫قبيصة‪.‬‬
‫ومجالد ضعيف‪ ،‬وله طريق أخرى يتقوى بها‪:‬‬
‫فرواه البخاري في التاريخ الكبير )‪ (7/175‬وابن أبي‬
‫الدنيا‪ ،‬والطبراني في الزيادات في المكارم وذكر‬
‫الجواد )‪ ،(4‬وابن عساكر )‪ (49/247‬من طريقين عن‬
‫عبد الملك بن عمير‪ ،‬عن قَِبيصة‪.‬‬
‫وسنده جيد‪.‬‬
‫‪ -‬وروى أبوبكر الثرم ‪-‬ومن طريقه الخلل في السنة )‬
‫‪ (2/438‬وابن بطة )منهاج السنة ‪ -(6/232‬قال‪ :‬ثنا‬
‫محمد بن عمرو بن عباد بن جبلة‪ ،‬ثنا محمد بن مروان‪،‬‬
‫ل‬
‫م ِ‬
‫عن يونس‪ ،‬عن قتادة‪ ،‬قال‪ :‬لو أصبحتم في مثل ع َ َ‬
‫معاوية لقال أكثركم‪ :‬هذا المهدي‪ .‬وسنده جيد‪.‬‬
‫قْلتم هذا المهدي‬
‫‪ -‬وعن مجاهد قال‪ :‬لو رأيتم معاوية ل ُ‬
‫من فضله‪.‬‬
‫رواه الخلل في السنة )‪ (2/438‬والبغوي في المعجم )‬
‫‪ (5/368‬وأبوعروبة الحّراني في الطبقات )ص ‪(41‬‬
‫والجري )‪ (5/2465‬وابن بطة )منهاج السنة ‪(6/233‬‬
‫وابن عساكر )‪ (59/172‬من طريق العمش الكوفي‪،‬‬
‫عن مجاهد‪.‬‬

‫‪83‬‬
‫وسنده صحيح‪ ،44‬رجاله ثقات‪ ،‬وثّبته شيخ السلم ابن‬
‫تيمية عن العمش‪.‬‬
‫ورواه الطبراني )‪ (19/308‬عن العمش‪ 45‬من قوِله‬
‫مثله‪ ،‬والراوي عنه فيه ِلين‪ ،‬والمحفوظ الول‪.‬‬
‫‪ -‬وصح عن أبي هريرة حباب المكتب أنه قال‪ :‬كنا عند‬
‫العمش؛ فذكروا عمر بن عبد العزيز وعدَله‪ ،‬فقال‬
‫حلمه؟‬
‫العمش‪ :‬فكيف لو أدركُتم معاوية؟ قالوا‪ :‬في ِ‬
‫عدله‪.‬‬
‫ل في َ‬‫قال‪ :‬ل والله! ب َ ْ‬
‫رواه الثرم )منهاج السنة ‪ (6/233‬ومن طريقه الخلل‬
‫في السنة )‪ ،(2/437‬وإسناده كوفي‪.‬‬
‫‪ -‬وقيل للحسن البصري‪ :‬إن أناسا يشهدون على‬
‫معاوية و َ‬
‫ذويه أنهم في النار! قال‪ :‬لعنهم الله! وما‬
‫ُيدريهم أنه في النار؟‬
‫رواه أسد بن موسى )الستيعاب ‪ (10/149‬والبغوي في‬
‫المعجم )‪ (5/368‬والجري )‪ (5/2467‬وابن عساكر )‬
‫ن لم يسمع‬ ‫خه البخاري‪ :‬يقولو َ‬
‫‪ 44‬قلت‪ :‬سأل الترمذيّ شي َ‬
‫ح‪ ،‬ليس بشيء‪،‬‬ ‫ش من مجاهد إل أربعة أحاديث؟ قال‪ :‬ري ٌ‬ ‫العم ُ‬
‫ت له أحاديث كثيرة نحوا من ثلثين ‪-‬أو أقل أو أكثر‪-‬‬ ‫لقد عدد ُ‬
‫يقول فيها‪ :‬حدثنا مجاهد‪) .‬علل الترمذي الكبير بترتيب أبي‬
‫طالب القاضي ص ‪(388‬‬
‫قلت‪ :‬وروى العقيلي )‪ (1/165‬وابن أبي خيثمة في تاريخه )‬
‫‪ (2/206‬عن العمش قال‪ :‬كنا نأتي مجاهدا‪ ،‬فنمر بأبي صالح‬
‫ول نأخذ عنه‪.‬‬
‫واحتج برواية العمش عن مجاهد الشيخان‪ ،‬وابن الجارود‪ ،‬وابن‬
‫حبان‪ ،‬والحاكم‪ ،‬والضياء في المختارة‪.‬‬
‫نعم‪ ،‬تكلم بعض الحفاظ في سماع العمش وروايته عن مجاهد‪،‬‬
‫فُيحمل ذلك على ما أ ُن ْك َِر عليه‪ ،‬ول شك أن الخطب في الثار‬
‫أهون من السنن‪ ،‬والله أعلم بالصواب‪.‬‬
‫ده الرافضة من خواص أصحاب إمامهم‬ ‫‪ 45‬وهو شيعي‪ ،‬بل يع ّ‬
‫جعفر بن محمد رحمه الله‪ ،‬ويوثقونه‪) .‬المعجم للخوئي ‪(8/294‬‬

‫‪84‬‬
‫‪ (59/206‬من طريق أبي هلل الراسبي‪ ،‬عن قتادة‪ ،‬عن‬
‫الحسن‪.‬‬
‫ق‬‫ُوسنده مقارب لجل أبي هلل‪ ،‬ولكن جاء من طري ٍ‬
‫م منه‪:‬‬
‫أخرى بأت ّ‬
‫فقال الحافظ ابن شاهين )فيما رواه من طريقه ابن‬
‫سطام‪،‬‬ ‫عساكر ‪ :(59/206‬حدثنا الحسين بن أحمد بن ب ِ ْ‬
‫عن محمد بن عبد الملك بن أبي الشوارب‪ ،‬حدثنا ِبشر‬
‫ضل‪ ،‬عن أبي الشهب‪ ،‬قال‪ :‬قيل للحسن‪ :‬يا أبا‬ ‫ف ّ‬
‫م َ‬
‫بن ال ُ‬
‫سعيد‪ ،‬إن ههنا قوما َيشتمون ‪-‬أو يلعنون‪ -‬معاوية وابن‬
‫ة الله‪.‬‬‫ن لعن ُ‬
‫الزبير! فقال‪ :‬على أولئك الذين َيلَعنو َ‬
‫وسنده صحيح‪ ،‬رجاله كلهم ثقات‪.46‬‬
‫ولني لمعاوية‪ :‬فل والله ما‬ ‫خ ْ‬‫سِلم ال َ‬ ‫م ْ‬ ‫‪ -‬وقال أبو ُ‬
‫َ‬
‫صيناك بعدما أط َْعناك‪ ،‬ول‬ ‫َ‬ ‫ضنا َ‬
‫ك منذ أحبْبناك‪ ،‬ول ع َ َ‬ ‫أبغ ْ‬
‫معَْناك‪ ،‬ول ن َك َْثنا ب َي ْعََتنا منذ ُ باي َْعناك‪،‬‬ ‫دما جا َ‬ ‫ك بع َ‬‫فاَرْقنا َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مْرَتنا أط َْعناك‪ ،‬وإ ْ‬
‫ن د َع َوَْتنا‬ ‫نأ َ‬ ‫قنا‪ ،‬إ ْ‬ ‫عوات ِ ِ‬ ‫سيوُفنا على َ‬ ‫ُ‬
‫ك ن َظ َْرناك‪.‬‬ ‫قنا َ‬
‫سب َ ْ‬ ‫َ‬
‫قَتنا أد َْر ْ‬ ‫َ‬
‫ن َ‬ ‫كناك‪ ،‬وإ ْ‬ ‫سب َ ْ‬‫ن َ‬ ‫جْبناك‪ ،‬وإ ْ‬ ‫أ َ‬
‫رواه أحمممد فممي مسممائل ابنممه صممالح )‪ 751‬ط‪ .‬المموطن(‬
‫وفي الزهد‪ ،‬ومن طريقه ابممن عسمماكر )‪ (12/224‬وابممن‬
‫العديم )‪ (5/2126‬بسند شامي جّيد‪.‬‬

‫‪ 46‬قلت‪ :‬وابن بسطام ثقة‪ ،‬روى عنه تلميذه ابن حبان في‬
‫ة من الحفاظ‪ ،‬وانظر ترجمته‬ ‫صحيحه أحاديث‪ ،‬وأخذ عنه جماع ٌ‬
‫في الكتاب النافع "زوائد رجال صحيح ابن حبان على الكتب‬
‫الستة" ليحيى بن عبد الله الشهري )‪ 2/818‬رقم ‪،(183‬‬
‫ويضاف لمصادره‪ :‬التصحيفات للعسكري )‪ 1/268‬و ‪(2/574‬‬
‫ومعجم الطبراني الوسط )‪ 4/15‬الحرمين( ومعجم شيوخ‬
‫السماعيلي )‪ (2/619‬والحلية لبي نعيم )‪ (5/337‬والرسالة‬
‫المغنية في السكوت )‪(10‬‬

‫‪85‬‬
‫‪ -‬روى ابممن الجمموزي فممي المنتظممم )‪ (7/9‬مممن طريممق‬
‫حرملمة بمن عممران‪ ،‬عممن محمممد بمن ذكمموان الزدي‪ ،‬أن‬
‫الحجاج سممأل سممعيد بممن جممبير‪ :‬ممما تقممو ُ‬
‫ل فممي معاويممة؟‬
‫ب رسول الله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬ ‫فقال‪ :‬كات ُ‬
‫ورواه ابن الجوزي في الثبات عند المممات )‪ (139‬وممن‬
‫طريقممه ابممن العممديم )‪ (5/2092‬مممن طريممق حرملممة‬
‫مختصرا‪.‬‬
‫وابن ذكوان فيه ضعف‪.‬‬
‫ورواه أبوالعرب التميمي في المحن )ص ‪ (212‬من‬
‫طريق أبي عمرو بشر بن إبراهيم‪ ،‬عن محمد بن ذكوان‬
‫وغيره ممن ل أتهم‪.‬‬
‫وبشر واه‪.‬‬
‫خاتمة في التنبيه على الخبار المكذوبة على‬
‫معاوية‪:‬‬
‫خلدون في مقدمته )‪" :(1/13‬وكثيرا ما وقع‬ ‫قال ابن ُ‬
‫للمؤرخين والمفسرين وأئمة النقل من المغالط في‬
‫الحكايات والوقائع‪ ،‬لعتمادهم فيها على مجرد النقل‪،‬‬
‫غثا أو سمينا"‪.‬‬
‫وقد طفحت كتب الخباريين والتواريخ بأخبارٍ عن‬
‫جلها مقاطيع ومراسيل‪ ،‬وهي ضعيفة‪ ،‬فهذا‬ ‫معاوية‪ ،‬و ُ‬
‫من نقل أخبار معاوية‪ ،‬وهو البلذري في أنساب‬ ‫أكثر َ‬
‫الشراف )‪ 317-4/19‬تحقيق العظم( يقول )‪:(4/86‬‬
‫ت في أحاديث معاوية‬ ‫"قال لي هشام بن عمار‪ :‬نظر ُ‬
‫ت أكثرها مصنوعا‪ ،"..‬وذكر أحدها‪.‬‬‫عندكم فوجد ُ‬
‫ناهيك عن مصادر الخبار غير الموثوقة أصل‪ ،‬كتواريخ‬
‫الضعفاء المتروكين؛ أمثال أبي مخنف لوط بن يحيى‬
‫الكوفي‪ ،‬والكلبي‪ ،‬والواقدي‪ ،‬والعباس بن بكار‪ ،‬ومثل‬

‫‪86‬‬
‫فَرج الصبهاني‪،‬‬ ‫كتاَبي الغاني ومقاتل الطالبيين لبي ال َ‬
‫أو كتب الرافضة‪ :‬كالمسعودي‪ 47،‬وابن أبي الحديد‪ ،‬أو‬
‫الكتب الموضوعة المنحولة‪ :‬كالمامة والسياسة‪ ،‬وتاريخ‬
‫اليعقوبي‪ ،‬وكتاب السقيفة المنسوب للجوهري‪ ،‬أو‬
‫مسندة‪ ،‬أو غير المختصة‪ :‬كالعقد الفريد‪،‬‬ ‫الكتب غير ال ُ‬
‫قاد‪!48‬‬
‫فضل عن كتابات أمثال طه حسين والع ّ‬
‫قلت‪ :‬وبمثل هذه الخبار يتعلق أعداء معاوية رضي الله‬
‫عنه‪ ،‬وقد شاء الله أن يرفع درجات معاوية بكثرة من‬
‫خلق له‪ ،‬وقد قام أولئك‬ ‫من ل َ‬
‫يسّبه من الرافضة و َ‬
‫بوضع الكثير من الحكايات التي تطعن فيه‪ ،‬بل وصل‬
‫المر إلى وضع أحاديث في ث َْلبه رضي الله عنه‪ ،49‬ول‬
‫ُيستغرب ذلك من أكذب الناس‪ ،‬وهم الرافضة‪.‬‬
‫طبعت مؤخرا رسالة جامعية من إعداد إبراهيم بن يوسف‬ ‫‪ُ 47‬‬
‫القصم‪ ،‬بعنوان‪ :‬الدولة الموية في كتابات المسعودي‪ ،‬خلص‬
‫فيها أن المسعودي يمثل وجهة نظر الخصم الشيعي في كتابة‬
‫العهد الموي‪ ،‬وأنه لم يكن حياديا ول موضوعيا ول منصفا‪ ،‬وأنه‬
‫وقع في تناقضات عديدة‪ ،‬وأورد خرافات وموضوعات‪.‬‬
‫ل َيستشهد ُ بهذا‬‫من وجود ذي عق ٍ‬ ‫‪ 48‬ربما يستغرب القارئ ِ‬
‫دعاة‬‫ت بنفسي أحد َ أكذب وأوقح ُ‬ ‫الصنف الخير‪ ،‬ولكني رأي ُ‬
‫مرارا ً‬‫ل ِ‬‫ماوي‪َ -‬يستد ّ‬ ‫س َ‬
‫الرفض ‪-‬وهو المدعو محمد الّتيجاني ال ّ‬
‫وأمام المل بمسلسلت وتمثيليات مصرية‪ ،‬ويقول إنها حجة على‬
‫سّنة!! وإذا لم تستِح فاصنعْ ما شئت‪.‬‬ ‫أهل ال ُ‬
‫‪ 49‬مثل ما ُروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪" :‬إذا‬
‫رأيتم معاوية على منبري فاقتلوه"‪.‬‬
‫ث كذ َّبه وأنكَره سائُر العلماء‪ ،‬منهم‪ :‬أيوب السختياني‬ ‫وهذا حدي ٌ‬
‫)الكامل لبن عدي ‪ 5/101‬وغيُره(‪ ،‬والمام أحمد )علل الخلل‬
‫‪ ،(138‬وأبوبكر بن أبي شيبة‪ ،‬ووأبوزرعة الرازي )الضعفاء‬
‫‪ ،(2/427‬وابن حبان في المجروحين )‪ 1/157‬و ‪ 250‬و‬
‫‪ ،(2/172‬وابن عدي )‪ 2/146‬و ‪ 209‬و ‪ 5/101‬و ‪ 200‬و ‪ 314‬و‬
‫‪ ،(7/83‬والذهبي في الميزان‪ ،‬وابن كثير في تاريخه )‪،(11/434‬‬
‫وغيرهم من الحفاظ‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية بعد أن ذكر أن الرافضة‬
‫ل على‬ ‫خ ُ‬‫أعظم الطوائف كذبا وجهل‪ ،‬وأن ديَنهم ُيد ِ‬
‫مرتد‪" :‬إنهم‪َ ..‬يعمدون إلى‬ ‫ل ِزنديق و ُ‬ ‫المسلمين ك ّ‬
‫مخَتلق الذي‬ ‫ذب ال ُ‬ ‫صدق الظاهر َيدَفعوَنه‪ ،‬وإلى الك َ ِ‬ ‫ال ّ‬
‫ده ُيقيموَنه ‪ ،‬فُهم كما قال فيهم ال ّ‬ ‫ُيعل َ ُ‬
‫‪50‬‬
‫شعبي‬ ‫م فسا ُ‬
‫‪-‬وكان من أعلم الناس بهم‪ :‬لو كانوا من البهائم لكانوا‬
‫مرا‪ ،‬ولو كانوا من الطيور لكانوا رخما‪.‬‬ ‫ح ُ‬
‫ُ‬
‫وقال المام البخاري بعد أن أعل أشهر طرقه‪ :‬إن هذه الحاديث‬
‫"‪ ..‬ليس لها أصول‪ ،‬ول يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫خبٌر على هذا النحو في أحدٍ من أصحاب النبي صلى الله عليه‬
‫ضعف"‪) .‬التاريخ الوسط ‪(1/256‬‬ ‫وسلم‪ ،‬إنما يقوُله أه ُ‬
‫ل ال ّ‬
‫وقال العقيلي )‪" :(1/259‬ول يصح من هذه المتون عن النبي‬
‫عليه السلم شيٌء من وجه يثبت"‪.‬‬
‫وقال الجورقاني في الباطيل )‪" :(1/200‬هذا حديث موضوع‬
‫باطل ل أصل له في الحاديث‪ ،‬وليس هذا إل من فعل المبتدعة‬
‫الوضاعين؛ خذلهم الله في الداَرين‪ ،‬ومن اعتقد هذا وأمثاَله؛ أو‬
‫خطر بباله أن هذا جَرى على لسان رسول الله صلى الله عليه‬
‫ج من الدين"‪.‬‬ ‫وسلم؛ فهو زنديقٌ خار ٌ‬
‫وقال ابن تيمية في المنهاج )‪" :(4/380‬وهو عنممد أهممل المعرفممة‬
‫ي صمملى اللممه عليممه‬‫مختل َمقٌ علممى النممب ّ‬
‫ب موضمموعٌ ُ‬ ‫بالحممديث كممذ ٌ‬
‫وسلم"‪.‬‬
‫وأطنممب فممي تخريجممه الحافظممان ابممن عسمماكر )‪(158-59/155‬‬
‫وابن الجوزي فممي الموضمموعات )‪ (2/24‬وقممال إنممه ل يصممح مممن‬
‫جميع طرقه‪ ،‬وقال اللباني‪ :‬موضوع‪) .‬الضعيفة ‪(4930‬‬
‫ت‬‫مهّنا‪ :‬سأل ُ‬
‫مثال آخر‪ :‬ذكر الخلل في العلل )رقم ‪" :(134‬قال ُ‬
‫أحمد ]يعني ابن حنبل[ عن حديث العمممش‪ ،‬عممن أبممي وائل‪ ،‬أن‬
‫ل الكوفة على أصممحاب‬ ‫معاوية لعب بالصنام! فقال‪ :‬ما أغل َ َ‬
‫ط أه َ‬
‫حح الحديث‪ ،‬وقممال‪:‬‬ ‫ص ّ‬
‫رسول الله ]صلى الله عليه وسلم[‪ .‬ولم ي ُ َ‬
‫ل من الشيعة"‪.‬‬ ‫ت َك َل ّ َ‬
‫م به رج ٌ‬
‫ضممعه‪ ،‬علممى أن العمممش مممدلس‪ ،‬ولممم يصممّرح‬ ‫قلممت‪ :‬يعنممي وَ َ‬
‫ّ‬
‫بالسماع‪ ،‬وأهل العلم ي ُعِلون بمثل هذا‪ ،‬ول سيما عند النكارة‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫ن‬ ‫دهم ِفرَية‪ ،‬مث َ‬
‫ل ما َيذكرو َ‬ ‫ولهذا كانوا أبهت الناس وأش ّ‬
‫معاوية"‪) .‬مجموع الفتاوى ‪(4/472‬‬ ‫عن ُ‬
‫قلت‪ :‬ومن أمثلة هذه الخبار الباطلة جزء مطبوع باسم‬
‫دين من الرجال من أهل البصرة والكوفة‬‫"أخبار الوافِ ِ‬
‫على معاوية بن أبي سفيان" المنسوب للعباس بن بكار‬
‫الضبي‪ ،‬وهو رافضي كذاب )لسان الميزان ‪،(3/237‬‬

‫ونظيره ‪-‬إن لم يكن أصله‪ -‬ما تفرد بذكره ابن جرير فممي تهممذيب‬
‫الثار )ص ‪ 241‬مسند علي( من طريممق الثمموري‪ ،‬عممن العمممش‪،‬‬
‫عن أبي وائل‪ ،‬قال‪ :‬كنت مع مسروق بالسلسلة‪ ،‬فمممرت سممفينة‬
‫فيها أصنام ذهب وفضة‪ ،‬بعث بها معاوية إلى الهند ُتباع!‬
‫قلت‪ :‬وهذا ليس أحسن حال من سابقه‪ ،‬وتفمّرد ُ ابممن جريممر بهممذا‬
‫السياق بهذا السند منكر جدا‪ ،‬وأخشى أن يكون مدسوسمما‪ ،‬فلممم‬
‫أقف عليه بتمامه فمي مكمان آخمر رغمم التوسمع‪ ،‬بمل لمم يمورده‬
‫الرافضة في كتبهم!‬
‫وقد يكون دخل عليه سياق في سياق‪ ،‬فممروى ابممن أبممي شمميبة )‬
‫‪ (7/34‬عممن أبممي معاويممة‪ ،‬حممدثنا العمممش‪ ،‬عممن أبممي وائل‪ ،‬عممن‬
‫فر ُتباع‪.‬‬
‫ص ْ‬ ‫مسروق‪ ،‬أنه مر عليه وهو بالسلسلة بتماثيل من ُ‬
‫ليس فيه ذكر لمعاوية‪.‬‬
‫وروى بحشل الواسطي في تاريخه )‪ (37‬مممن طريممق حممماد بممن‬
‫أبي أسامة‪ ،‬عن العمش‪ ،‬عن أبي وائل‪ ،‬قال‪ :‬كنت مع مسممروق‬
‫بسلسلة واسط‪ ،‬فمرت سفن فيها هدايا إلى معاوية‪.‬‬
‫فهذا عكس السابق‪ ،‬وليس فيه ذكر للصنام‪.‬‬
‫من الذي أخممبر مسممروقا‬ ‫وعلى فرض ثبوته لبي وائل؛ فل ُيدرى َ‬
‫ماذا بالسفينة‪ ،‬ولمن هي‪ ،‬وإلى أين تتجه؟ والظن أنممه مممن بقايمما‬
‫دق على معاوية رضي اللممه عنممه! ول‬ ‫المجوس والوثنيين‪ ،‬فل يص ّ‬
‫َيبعد أن‬
‫خِبر يقصد الفتراء على معاوية وإدخمال التشمنيع عليمه‪،‬‬ ‫م ْ‬
‫يكون ال ُ‬
‫ومعلوم حال حديث جملة أهل الكوفة‪.‬‬
‫ول سيما أن مسروقا كان ل يفتش أحدا على السلسمملة‪ ،‬ويقممول‬
‫لمن مر به‪ :‬إن كان لنا معك شيء فأعطناه‪ .‬كممما عنممد ابممن أبممي‬
‫شيبة )‪ (3/196‬وبحشل )‪(37‬‬

‫‪89‬‬
‫بينما ُأراه للحسن بن الحسين بن عاصم الهسنجاني‪،‬‬
‫وهو كذاب أيضا )الجرح والتعديل ‪ 3/6‬ولسان الميزان‬
‫‪ ،(2/200‬وقد أورد أخباره بل سند!‬
‫ومثله كتاب وقعة صفين‪ :‬لنصر بن مزاحم الكوفي‪ ،‬وهو‬
‫من ك ّ‬
‫ذبه‪) .‬لسان‬ ‫فاظ‪ ،‬ومنهم َ‬ ‫جْلد‪ ،‬ت ََركه ال ُ‬
‫ح ّ‬ ‫رافضي َ‬
‫الميزان ‪(6/157‬‬

‫ثممم‪ ..‬ألممم يجممد معاويممة سممواحل ُيرسممل منهمما الصممنام إل عممبر‬


‫مسافات داخل العراق؟!‬
‫والحاصل أن الخبر كذب على معاوية بل شك‪.‬‬
‫خلد الدَِزقي صقلية‪،‬‬ ‫م ْ‬
‫وقال الواقدي‪ :‬سبى عبد الله بن قيس بن َ‬
‫فأصماب أصممنام ذهممب وفضممة مكللممة بممالجواهر‪ ،‬فبعممث بهما إلمى‬
‫مممل إلمى الهنممد فُتبمماع‬
‫جه بها معاوية إلمى البصممرة لُتح َ‬ ‫معاوية‪ ،‬فو ّ‬
‫من بها‪) .‬فتوح البلدان للبلذري ص ‪ 278‬وينظممر الفتمموح‬ ‫هناك لي ُث َ ّ‬
‫للواقدي(‬
‫ع‬
‫الواقممدي مممتروك‪ ،‬ولممم يممذكر لممه سممندا‪ ،‬إل أن فممي خممبره دف م ٌ‬
‫للمعنى الذي يشتهيه القوم‪ ،‬وأن ذلك لو صح اجتهاد من معاويممة‬
‫لصابة الفضل لبيت مال المسلمين‪.‬‬
‫ده‪ ،‬وقممد قممال الحممافظ ابممن‬ ‫وانظممر أمثمماَله فممي علممل الخلل بع م َ‬
‫عساكر في تاريخه )‪" :(1/365‬كان بين أهل الشام وأهل الكوفة‬
‫إحن"‪.‬‬
‫مط َّهر الرافضي )منهمماج الكرامممة ص ‪(64‬‬ ‫مثال آخر‪ :‬وضع ابن ال ُ‬
‫حديثا وهو‪" :‬يطلع عليكم رجل يموت علممى غيممر س مّنتي"‪ ،‬فطلممع‬
‫معاوية‪ ،‬وقام النبي صلى الله عليه وسلم خطيبمما‪ ،‬فأخممذ معاويممة‬
‫بيد ابنه يزيد وخرج‪ ،‬ولم يسمع الخطبة‪ ،‬فقال النممبي صمملى اللممه‬
‫عليه وسلم‪" :‬لعن الله القائد والمقود‪ ،‬أيّ يمموم ٍ يكممون للمممة مممع‬
‫معاوية ذي الساءة"!‬
‫قممال شمميخ السمملم ابممن تيميممة فممي رده عليممه )منهمماج السممنة‬
‫‪" :(4/444‬هممذا الحممديث مممن الكممذب الموضمموع باتفمماق أهممل‬
‫المعرفة بالحديث‪ ،‬ول يوجد في شيء من دواوين الحممديث الممتي‬
‫ُيرجع إليها في معرفة الحديث‪ ،‬ول له إسناد معروف"‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫‪ -‬ومن الخبار الباطلة التي ُتروى عن معاوية أنه قال‪:‬‬
‫"يا أهل العراق‪ ،‬أترون أني إنما قاتلتكم لنكم ل‬
‫صّلون؟ والله إني لعلم أنكم تصلون! أو أنكم ل‬ ‫تُ َ‬
‫مر عليكم‪،‬‬
‫تغتسلون من الجنابة؟! ولكن إنما قاتلُتكم لتأ ّ‬
‫مرني الله عليكم"‪.‬‬
‫فقد أ ّ‬

‫سمّنة‬
‫ي علممى غيممر ال ُ‬
‫ض معَ الحممديث رافض م ٌ‬
‫ومممما يممدل علممى أن وا ِ‬
‫والعقل‪ :‬أن َيزيد ُولممد سممنة سممبع وعشممرين فممي خلفممة عثمممان!‬
‫ومعاوية لم يتزوج إل في خلفة عمر‪ ،‬رضي الله عن الجميع!‬
‫مثال آخر‪ :‬زعم بعضهم أن معاوية أوعز للشعث بممن قيممس إلممى‬
‫ابنته )وكانت تحت الحسن بن علي رضمي اللممه عنهممما( أن تضممع‬
‫السم لزوجها‪ ،‬وأنه مات بسبب ذلك!‬
‫وهذا باطل‪ ،‬فالشعث توفي قبل الحسن بنحو عشممر سممنين‪ ،‬ثممم‬
‫إن بقاء الحسن كان فيه مصلحة لمعاوية‪ ،‬بخلف أهل الفتنة من‬
‫حجر بممن عممدي‪،‬‬ ‫شيعة الكوفة‪ ،‬وتجد ذلك في الكلم على مسألة ُ‬
‫وقال ابن العربي عن الخممبر إنممه محممال )العواصممم ‪ ،(214‬وقممال‬
‫ابن تيمية‪ :‬إن تسميم معاوية للحسن لم يثبممت ببينمةٍ شممرعية‪ ،‬أو‬
‫ل ُيج مَزم بممه‪) .‬منهمماج السممنة ‪ ،(4/469‬وقممال‬
‫ق ٍ‬
‫إقرارٍ معتبر‪ ،‬ول ن َ ْ‬
‫الذهبي‪ :‬همذا شمميء لمم يصمح‪ ،‬فمممن المذي اطلمع عليمه؟ )تاريممخ‬
‫السمملم حمموادث سممنة ‪ 60-41‬ص ‪ ،(40‬وقممال ابممن كممثير‪ :‬ليممس‬
‫بصحيح‪) .‬البداية والنهاية(‪ ،‬وجعله ابن خلدون مما وضعه الشيعة‪.‬‬
‫)التاريخ ‪ 2/1139‬وانظر‪ :‬مواقف المعارضة في خلفة يزيممد بممن‬
‫معاوية للستاذ محممد بمن عبمد الهمادي الشميباني ص ‪125-120‬‬
‫خراشي في كتممابه‪ :‬اتهامممات ل تثبممت‬‫وعنه الخ الشيخ سليمان ال َ‬
‫ص ‪(174-165‬‬
‫واعلم أنه ل يصح خبٌر في ممموت الحسمن بالسمم‪ ،‬وكمل ممما روي‬
‫في ذلك ضعيف جدا أو شديد العضمال والنقطماع‪ ،‬أمما مما وقمع‬
‫في مطبوعة معجممم الطممبراني الكممبير )‪ 3/71‬رقممم ‪ (2694‬مممن‬
‫طريق يحيى بن بكير‪ ،‬عن شعبة‪ ،‬عن أبممي بكممر بممن حفممص‪" :‬أن‬
‫سعدا والحسن بن علي رضي الله عنهم ماتا فممي زمممن معاويممة‪،‬‬
‫مه"‪.‬‬ ‫س ّ‬
‫فيرون أنه َ‬
‫‪91‬‬
‫وهذا تفرد بروايته العمش‪ ،‬عن عمرو بن مرة‪ ،‬عن‬
‫سعيد بن سويد ]وليس بالكلبي[‪ ،‬قال‪ :‬صلى بنا معاوية‬
‫بالنخيلة الجمعة في الضحى ثم خطبنا‪ ،‬فذكره‪.‬‬
‫وسويد مجهول ل ُيعرف بغير هذا الخبر الباطل‪ ،‬وقال‬
‫البخاري‪ :‬ل ُيتابع عليه )التاريخ الكبير ‪ 3/477‬وانظر‬
‫حاشيته(‪ ،‬وتبعه ابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال‬
‫مه" نّبه محقق المعجم أنها لم تممرد إل فممي‬‫س ّ‬
‫فزيادة "فيرون أنه َ‬
‫)هامش!( نسخة واحدة‪ ،‬وخلت منها النسختان الخريان‪ ،‬ثممم قممد‬
‫رواه أبممونعيم فممي معرفممة الصممحابة )‪ (2/658‬وابممن عسمماكر )‬
‫‪ 13/299‬و ‪ 304‬و ‪ (20/370‬وغيرهما من طممرق عممن ابممن بكيممر‬
‫بدون هذه الزيممادة‪ ،‬فثبممت أنهما مقحمممة ل أصممل لهما‪ ،‬وكممان ممن‬
‫الواجب عدم إثباتها في صلب الكتاب‪ ،‬فيتنبه لذلك‪.‬‬
‫وهذا شاهد على محاولت التحريممف والممدس مممن الرافضممة فممي‬
‫الكتب! علما بأن لبعض المتشيعة همموامش سممخيفة علممى بعممض‬
‫نسخ المعجم الكبير‪ ،‬انظر مثل )‪ 6/221‬رقم ‪ (6063‬منه‪.‬‬
‫مثال آخر‪ :‬قال الطبراني في المعجم الكبير )‪ 7/289‬رقم‬
‫‪ (7161‬ومسند الشاميين )‪ 3/230‬رقم ‪ :(2147‬حدثنا يحيى بن‬
‫عثمان بن صالح‪ ،‬ثنا سعيد بن عفير‪ ،‬ثنا سعيد بن عبد الرحمن‬
‫من ولد شداد بن أوس‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن يعلى بن شداد بن أوس‪،‬‬
‫س؛ وعمرو بن العاص‬‫ة وهو جال ٌ‬ ‫ل على معاوي َ‬ ‫عن أبيه‪ ،‬أنه دخ َ‬
‫على فراشه‪ ،‬فجلس شداد بينهما‪ ،‬وقال‪ :‬هل تدريان ما ُيجلسني‬
‫بينكما؟ إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪:‬‬
‫هما جميعا ً فَ َ‬
‫فّرقوا بينهما‪ ،‬فوالله ما اجتمعا إل على‬ ‫"إذا رأيُتمو ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ت أن أفَّرقَ َبينكما!‬ ‫غَد َْرة"‪ .‬فأ ْ‬
‫حب َب ْ ُ‬
‫قلت‪ :‬همذا حمديث موضموع‪ ،‬ورواه ابمن عسماكر )‪ (46/149‬ممن‬
‫طريق الطبراني‪ ،‬وقال‪" :‬سعيد بن عبد الرحمن وأبوه مجهولن‪،‬‬
‫فه‬
‫وسعيد بن كثير بن عفير وإن كان روى عنه البخاري فقد ضممعّ َ‬
‫غيُره"‪ .‬وأقره ابن حجر في اللسان )‪ ،(3/36‬وذكر الهيثمممي فممي‬
‫المجمع )‪ (7/248‬أن فيه عبد الرحمن بن يعلى‪ ،‬ولم يعرفه‪.‬‬
‫ومثال أخير‪ :‬حممديث "اللهممم أركسممهما فممي الفتنممة ركسمما"‪ ،‬قممال‬
‫الحافظ محمد بن طاهر المقدسي‪ :‬هو حديث رواه يزيد بن أبممي‬

‫‪92‬‬
‫)‪ ،(3/1243‬والذهبي في الميزان )‪ ،(2/145‬وضّعفه ابن‬
‫حجر في الفتح )‪(2/387‬‬
‫ومثله ما أورده الطبري )‪ (5/323‬وغيره أن معاوية لما‬
‫وف أن ينازعك‬ ‫أوصى إلى ابنه يزيد قال له‪" :‬إني ل أتخ ّ‬
‫هذا المر الذى أسسته إل أربعة نفر‪ :‬الحسين بن على‬
‫وعبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير وعبد الرحمن بن‬
‫زياد عن سليمان بن عمرو بن الحوص‪ ،‬عن أبي برزة السلمي‪،‬‬
‫ذبممة يلقنممونه علممى وَْفممق‬ ‫ويزيممد هممذا مممن أهممل الكوفممةكان الك َ ّ‬
‫دث بها ضعفة أئمة أهل النقل‪ ،‬وقممد ُروي‬ ‫اعتقادهم فيتلقنها‪ ،‬ويح ّ‬
‫هذا الحديث عن طريق آخممر ُنسمب فيممه معاويممة هممذا‪ ،‬وأنممه ابمن‬
‫التابوت‪ ..‬ثم ختم بقوله‪ :‬ولم يصييح عيين النييبي صييلى اللييه‬
‫عليه وسلم أنه ذكر أحدا من الصييحابة إل بخييير‪) .‬كتمماب‬
‫السماع ص ‪(86‬‬
‫‪ 50‬ولعطاء مثال واقعي أورد ُ كلم شيخي بالجازة العلمة محمد‬
‫سني الدريسي حفظه الله‪ ،‬فقد أرسل‬ ‫ح َ‬ ‫بن المين بوخبزة ال َ‬
‫صلُته بشيخه الذي تتلمذ عليه وأصهر‬ ‫َ‬ ‫ي ترجمَته بخطه‪ ،‬وفيها ِ‬ ‫إل ّ‬
‫إليه‪ :‬أحمد الصديق الُغماري عفا الله عنه‪ ،‬صاحب رسالة )فتح‬
‫الملك العلي( المعتمدة عند الرافضة‪ ،‬وعنده تشّيع شديد فيما‬
‫يتعلق ببعض الصحابة رضي الله عنهم جميعا )انظر كلم شيخنا‬
‫سعد الحمّيد في مختصر استدراك الذهبي على الحاكم‬
‫‪ ،(1409-3/1407‬ولعله لم يكن ممن فيه تشيعٌ أوسع اطلعا‬
‫منه في الحديث منذ قرون‪ ،‬فيقول الشيخ بوخبزة عنه‪.." :‬كما‬
‫وح بي إليه الشي ُ‬
‫خ‬ ‫ت إلى الله منه لما ط ّ‬ ‫ت بالغ الندم‪ ،‬وت ُب ْ ُ‬‫ندم ُ‬
‫ملة على‬ ‫ح ْ‬
‫ت في ال َ‬ ‫ْ‬
‫مْردي‪ ،‬فتوّرط ُ‬ ‫ض ال ُ‬ ‫ْ‬
‫مقيت والّرف ِ‬ ‫من التشيع ال َ‬
‫ن بعضهم‪ ،‬كمعاوية‪ ،‬وأبيه‪ ،‬وعمرو بن‬ ‫كثيرٍ من الصحابة ولعْ ِ‬
‫ت أسمُعه‬ ‫مرة‪ ،‬وابن الّزَبير‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬متأثرا بما كن ُ‬ ‫س ُ‬
‫العاص‪ ،‬و َ‬
‫ت أيدي الروافض؛ كان‬ ‫َ‬
‫مل ْ‬ ‫مرارا وأقرؤه من أحاديث؛ مما ع ِ‬ ‫ِ‬
‫الشيخ ُيمليها علينا مبتهجا‪ ،‬مصرحا أنها أصح من الصحيح! فكنا‬
‫فها من‬ ‫ل ما ُيخال ُ‬‫م على ك ّ‬ ‫مه‪ ،‬ويحك ُ‬ ‫نثقُ به ونطمئن إلى أحكا ِ‬
‫صب!‬ ‫الحاديث بأنها من وضع الّنوا ِ‬
‫َ‬
‫م وأهله‪،‬‬ ‫ومن الطريف في هذا الباب أنه كان ُيبغض الشا َ‬
‫ل ما ورد في فضله‬ ‫فهم بالشؤم على السلم وأهِله! وُيبط ُ‬ ‫ص ُ‬‫وي َ ِ‬

‫‪93‬‬
‫أبى بكر فأما ابن عمر فهو رجل ثقة قد وقدته العبادة‬
‫وإذا لم يبق أحد غيره بايعك وأما الحسين فان أهل‬
‫العراق خلفه ل يدعونه حتى يخرجونه عليك فان خرج‬
‫فظفرت به فاصفح عنه فان له رحما ماسة وحقا عظيما‬
‫وأما ابن أبى بكر فهو رجل إن رأى أصحابه صنعوا شيئا‬
‫صنع مثله ليست له همة إل النساء واللهو وأما الذى‬
‫يجثم لك جثوم السد ويراوغك روغان الثعلب وإذا‬
‫أمكنته فرصة وثب فذاك ابن الزبير فان هو فعلها بك‬
‫فقدرت عليه فقطعه إربا إربا"‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وهذا باطل‪ ،‬في سند الطبري أبومخنف‪ ،‬وهو‬
‫أخباري تالف‪ ،‬ثم إن متنه منكر‪ ،‬وفي سياقه ما ُيكذبه‪،‬‬
‫قال ابن كثير‪" :‬كذا قال! والصحيح أن عبد الرحمن ]أي‬
‫ابن أبي بكر[ كان قد توفى قبل موت معاوية"‪ ،‬ثم أشار‬
‫راويه عن أبي مخنف إلى مخالفته‪.‬‬
‫ث وأخباٌر قد ُوضعت لها أسانيد تطعن في‬‫فإذا كان أحادي ٌ‬
‫الصحابي الجليل معاوية‪ ،‬فكيف بالحكايات التي ل سند‬
‫لها أصل؟‬
‫مّية عامة‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ول شك أن تاريخ معاوية خاصة‪ ،‬وخلفاء بني أ َ‬
‫م عظيم من قَِبل أعدائه المختلفين‬ ‫قد أصابه ُ‬
‫ظل ٌ‬
‫‪-‬سياسيين وعقائديين‪ -‬وعلى الباحثين من أهل السنة‬
‫ث صحيحة! وظل كذلك إلى أن فّر من المغرب إلى‬ ‫من أحادي َ‬
‫صوفي ُّتها المآدب‪،‬‬ ‫ُ‬
‫مه أهلها‪ ،‬وأقام له ُ‬
‫مصر‪ ،‬ثم زار الشام‪ ،‬فأكر َ‬ ‫ِ‬
‫ب إلى أخيه السيد حسن يقول بأنه رجع عن اعتقاده في‬ ‫فكت َ َ‬
‫الشام وأهله‪ ،‬وأن ما ورد في ذلك صحيح"!!‬
‫قلت‪ :‬وممن ذكر تراجع أحمد الغماري أحد أكبر تلمذته‪ ،‬وهو‬
‫مجيزنا الشيخ عبد الله التليدي وفقه الله‪ ،‬كما في حاشية‬
‫الجوبة الصارفة للغماري )ص ‪ ،(64‬وانظر مدى إعجاب‬
‫الغماري بزيارته الشام في رسائله المسماة‪ :‬د َّر الَغمام الرقيق‬
‫ل هذه الحكام على الحاديث‪ ،‬وِقس على‬ ‫م ْ‬
‫)ص ‪ ،(190‬فتأ ّ‬
‫أمثالها!‬

‫‪94‬‬
‫الجتهاد ُ في تخليص الكاذيب عن ذلك العهد –بل القرن‬
‫ضل‪ -‬وتجلية واقعه عبر المنهج الحديثي العلمي‪.‬‬ ‫المف ّ‬
‫قال شيخي المؤرخ محمود شاكر حفظه الله تعالى‪" :‬إن‬
‫هذه الفتراءات على بني أمية ليس لها سند صحيح‪،‬‬
‫ومعظمها مجهول المصدر‪ ،‬المر الذي يدل على كذبها‪،‬‬
‫وبهذا ل يمكن العتماد عليها أبدا‪ ،‬وإذا أخذنا بمنهج‬
‫الحديث في الجرح والتعديل‪ ،‬وهو أفضل منهج للوصول‬
‫إلى صحة الخبر‪ ،‬فإننا سنطرح هذه الروايات كلها التي‬
‫‪51‬‬
‫ولت على بني أمية"‪.‬‬‫تق ّ‬
‫‪ -‬وأختم بالتنبيه على أن الحاديث التي ُرويت في ذم‬
‫بني أمية مطلقا ل يصح منها شيء ألبتة‪ ،‬ويكفي للدللة‬
‫على بطلنها أنها تشمل عثمان بن عفان‪ :‬ثالث المة‬
‫فضل ومنمزلة‪ ،‬وأم المؤمنين أم حبيبة بنت أبي سفيان‪،‬‬
‫دهم‪ ،‬كعمر بن عبد‬ ‫من بع َ‬
‫وغيرهما من الصحابة الجلء‪ ،‬و َ‬
‫العزيز‪ ،‬مع ما حصل من التصاهر بين المويين‬
‫‪52‬‬
‫والهاشميين وغيرهم‪ ،‬مع قرابتهم أصل‪.‬‬
‫فهذه الحاديث من وضع أعداء المويين السياسيين‬
‫والعقائديين‪.‬‬
‫‪ 51‬من مقدمته القّيمة للمجلد الرابع من التاريخ السلمي )ص‬
‫‪ ،(46‬وانظر أيضا‪ :‬الوثائق السياسية والدارية العائدة للعهد‬
‫الموي‪ ،‬تأليف محمد ماهر حمادة )ص ‪ ،(20‬وكتاب معاوية لمنير‬
‫الغضبان )‪ ،(5‬ومقدمة الشيخ خالد الغيث لمرويات خلفة معاوية‬
‫في تاريخ الطبري‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫‪ 52‬وقد قال المام أحمد‪ُ :‬يروى الحديث عن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم قال‪ :‬إن الله يمن على أهل دينه في رأس كل مائة سنة‬
‫برجل من أهل بيتي يبين لهم أمر دينهم"‪ ،‬وإني نظرن في سنة‬
‫مائة‪ ،‬فإذا رجل من آل رسول الله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫عمر بن عبد العزيز‪) ..‬حلية الولياء ‪(98-9/97‬‬
‫فجعل عمر ‪ -‬وهو من بني أمية ‪ -‬من آل النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ،‬ومعاوية أقرب منه نسبا‪ ،‬فضل عن الصهر‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫قبر معاوية رضي الله عنه‪:‬‬
‫توفي معاوية رضي الله عنممه فممي دمشممق‪ ،‬ودفممن فيهمما‪،‬‬
‫واخت ُِلممف فممي موضممع قممبره‪ ،‬والموضممع الشممهر عنممد‬
‫المممؤرخين والمعممروف اليمموم‪ :‬هممو فممي الركممن الجنمموبي‬
‫دمممة‪،‬‬‫لمقبرة باب الصغير‪ ،‬داخل غرفة طينية صغيرة مته ّ‬
‫وقربه قبور العلماء‪ :‬نصر المقدسي‪ ،‬وابن عساكر‪ ،‬وابن‬
‫ض‬
‫ب القبَر بع م ُ‬ ‫رجب‪ ،‬والبرهان الناجي‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬وقد خّر َ‬
‫سممعيهم‪ ،‬بخلف القبممور‬ ‫ل القممبر ب َ‬ ‫م مد َ إهممما ُ‬
‫الرافضة‪ ،‬وت ُعُ ّ‬
‫المنسوبة لل البيت هنمماك‪ ،‬وهممي لهممم فمموق بيمموت اللممه‬
‫تعلقا واعتناء‪.‬‬
‫حب ّممان فممي مشمماهير علممماء‬ ‫ن ِ‬ ‫ومن اللطائف ما ذكممره ابم ُ‬
‫س‬‫ن رأ َ‬ ‫المصار )ص ‪ (7‬وغيمُره أن يزيمد َ بممن معاويممة د َفَم َ‬
‫الحسين بن علي في قبر معاوية رضي الله عنهممم‪ ،‬فممإن‬
‫مهم أيضا!‬ ‫ح ذلك فيكون الرافضة قد آذوا إما َ‬ ‫ص ّ‬
‫ن المحممب‪ ،‬وابممن‬ ‫ن تيميممة‪ ،‬واب م َ‬ ‫خ السمملم اب م َ‬ ‫ولكممن شممي َ‬
‫ن‬ ‫طولممون‪ ،‬يقولممون‪ :‬إن معاويممة بممن أبممي سممفيان مممدفو ٌ‬
‫موي(‪ ،‬وأن القبَر الذي فممي‬ ‫ُ‬
‫قِب ِْلي حائط جامع دمشق )ال َ‬
‫باب الصغير هو لحفيده الخليفة الممموي الثممالث‪ :‬معاويممة‬
‫ذكر في ترجمته أنه‬ ‫بن يزيد بن معاوية رحمه الله‪ ،‬وهذا ُ‬
‫دفن في الباب الصغير‪ ،‬والله أعلم‪.53‬‬
‫‪ 53‬انظر للستزادة‪ :‬ثقممات ابممن حبممان )‪ (2/306‬والمنتظممم لبممن‬
‫الجوزي )‪ (5/71‬والروضتين لبي شامة )‪ (1/285‬وبغيمة الطلمب‬
‫لبممن العممديم )‪ (2/829‬ومجممموع فتمماوى ابممن تيميممة )‪ 4/516‬و‬
‫‪ 27/113‬و ‪ 128‬و ‪ 491‬و ‪ (493‬وسممممير أعلم النبلء )‪ 3/162‬و‬
‫‪ (4/73‬والبداية والنهاية )‪- 11/459‬التركي( وطبقممات الشممافعية‬
‫الكممبرى )‪ (5/353‬والنجمموم الزاهممرة )‪ (3/47‬ومممآثر النافممة )‬
‫‪ (1/122‬والممدارس )‪ (1/613‬والشممارات إلممى أممماكن الزيممارات‬
‫لبممن الحمموراني )ص ‪ (46‬ومجلممة المجمممع العلمممي بدمشممق )‬
‫‪ 15/466‬و ‪ 19/282‬و ‪ 565‬و ‪ 20/283‬و ‪ (22/282‬ومشممميدات‬

‫‪96‬‬
‫ي الصممريح عمن‬ ‫ت بحمد الله ممن يخالف النهم َ‬ ‫أقول‪ :‬لس ُ‬
‫ورا‬ ‫ُ‬
‫الغلو في القبور والبناء عليها‪ ،‬إل أني أظهر مثال مص م ّ‬
‫لحقد أعداء السلم للصممحابة عموممما‪ ،‬ولخممال المممؤمنين‬
‫ة خصوصا‪ ،‬فهذه صوٌر للقبر المشتهر اليوم‪:‬‬ ‫معاوي َ‬
‫)الصور فممي كتمماب دار السممنة‪ :‬دار الحممديث النوريممة ص‬
‫‪ 206‬و ‪(207‬‬
‫بين معاوية وأهل البيت العلويين رضي الله‬
‫عنهم جميعا‪:‬‬
‫حكمة يشاؤها القتتال بين علي ومعاوية‪،‬‬ ‫در الله ل ِ‬
‫ق ّ‬
‫رضي الله عنهما‪ ،‬ول يشك مسلم أن عليا رضي الله‬
‫عنه أولى الطائفتين بالحق‪ ،‬وبعيدا عن الخوض في هذه‬
‫المجريات الليمة ينبغي تقرير أن الصحابة ليسوا‬
‫بمعصومين‪ ،‬وأنهم بشر يقع منهم وبينهم الغضب‬
‫والخصومة والتألم والنزعاج‪ ،‬ثم يقفون على الصلح‬
‫والمودة‪ ،‬ول يبلغ ذلك دينهم‪ ،‬والله يغفر لهم‪:‬‬
‫فهذان خير المة أبوبكر وعمر وقع بينهما الخصام‪ ،‬كما‬
‫في صحيح البخاري )‪ (4845‬من قصة وفد تميم‪ ،‬وهو‬
‫سبب نزول قوله تعالى )يا أيها الذين آمنوا ل ترفعوا‬
‫أصواتكم فوق صوت النبي(‬
‫وقد اختصم علي وعمه العباس في قصة فدك إلى‬
‫عمر‪ ،‬ووقع بينهما كلم أمامه‪ ،‬كما في صحيح البخاري )‬
‫‪(4033‬‬
‫بل قد حصل ذلك لمن هو خير منهم‪ ،‬فقد تألم موسى‬
‫وانزعج من أخيه هارون‪ ،‬وأخذ بلحيته يجره إليه‪ ،‬كما‬
‫جاء في القرآن الكريم‪.‬‬

‫دمشممق ذات الضممرحة )ص ‪ (209‬ودار الحممديث النوريممة لبممي‬


‫فَرج الخطيب باعتناء وتتميم ابنه محمممد مجيممر )‪ 203‬و ‪ 206‬و‬
‫ال َ‬
‫‪ (207‬ومنه استفدت الصور‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫وتألم نبّينا محمد صلى الله عليه وسلم لبنته فاطمة‬
‫وغضب لها لما بلغه أن عليا رضي الله عنه عزم على‬
‫الزواج بابنة أبي جهل‪.‬‬
‫فكل ذلك لم ُينقص رتبتهم‪ ،‬وما ثنانا عن حبهم‬
‫‪54‬‬
‫وتوقيرهم‪ ،‬غير غالين فيهم‪ ،‬ول مجافين عنهم‪.‬‬
‫حد ّْثناهم بغضب‬
‫قال العمش الكوفي عن شيعة بلده‪َ :‬‬
‫أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فاّتخذوه دينًا!‬
‫رواه الفسوي في المعرفة )‪ (2/765‬ومن طريقه ابن‬
‫عساكر )‪ (32/93‬وسنده صحيح‪.‬‬
‫هرا ضمن كلم بديع في‬ ‫وقال الذهبي في المقدمة الّز ْ‬
‫نقض النص الذي تزعمه الشيعة في المامة )ص ‪-112‬‬
‫سن‪ ،‬ثم‬ ‫ح َ‬ ‫ي أقام ال َ‬ ‫م عل ّ‬ ‫ما اسُتشهد الما ُ‬ ‫‪" :(113‬فل ّ‬
‫ن‬‫ف عنا ٍ‬ ‫ة أل ِ‬ ‫مائ ُ‬ ‫جبال‪ ،‬ومعه ِ‬ ‫ل ال ِ‬ ‫مث َ‬ ‫ب ِ‬ ‫كتائ َ‬ ‫ل في َ‬ ‫أ َقْب َ َ‬
‫ر‬ ‫َ‬ ‫جعََله في ث ِ َ‬ ‫ه‪ ،‬فما اّلذي َ‬
‫م ِ‬ ‫ن تسليم ِ ال ْ‬ ‫م ْ‬ ‫قةٍ ِ‬ ‫موْت ِ ِ‬ ‫نل َ‬ ‫يموتو َ‬
‫ل العَهْد ِ الن َّبوي‬ ‫ل وإبطا ِ‬ ‫ضل ِ‬ ‫معاوية؛ وإعان َت ِهِ على ال ّ‬ ‫إلى ُ‬
‫حسين‬ ‫ه على ذلك أخوه ال ُ‬ ‫ق ُ‬ ‫إليه وإلى أبيه؟! ثم ُيوافِ ُ‬
‫ة أبدا‪ً.‬‬ ‫معاوي َ‬ ‫ة ُ‬ ‫ض َيوما بيع َ‬ ‫ً‬ ‫ق َ‬ ‫كت!! فما ن َ َ‬ ‫س ُ‬ ‫شهيد ُ وي َ ْ‬ ‫ال ّ‬
‫ة‪،‬‬ ‫ب المار َ‬ ‫ن‪ ،‬وسار يطل ُ ُ‬ ‫م الحسي ُ‬ ‫ة قا َ‬ ‫ت معاوي ُ‬ ‫ما ما َ‬ ‫فل ّ‬
‫شهِد َ‬ ‫ل حّتى است ُ ْ‬ ‫ب‪ ،‬فقات َ َ‬ ‫حْر ِ‬ ‫قعود ِ عن ال َ‬ ‫ج من ال ُ‬ ‫ويخر ُ‬
‫ة‬
‫ة سائغ ً‬ ‫ه لمعاوي َ‬ ‫َ‬
‫مباي َعَت َ ُ‬ ‫رضي الله عنه‪ ،‬فلول أّنه َرأى ُ‬
‫ل مع َيزيد!‬ ‫ل معه كما فَعَ َ‬ ‫فعَ َ‬ ‫ل َ‬
‫َ‬
‫مَر إلى‬ ‫سّلما ال ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ن ال ّ َ‬
‫سب ْطي ِ‬ ‫ف‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ص ٌ‬ ‫من ْ ِ‬ ‫هذا ل ُيماري فيه ُ‬
‫ب‪،‬‬ ‫ج ٍ‬ ‫شل ِ‬ ‫َ‬
‫جي ْ ٍ‬ ‫من َعَةٍ و َ‬ ‫ن َ‬
‫َ‬
‫مكَرهَْين‪ ،‬وع َ ْ‬ ‫ن غيَر ُ‬ ‫ة طائعَي ْ ِ‬ ‫معاوي َ‬ ‫ُ‬
‫ح الله تعالى بين‬ ‫صل َ‬‫َ‬ ‫ح‪ ،‬وأ ْ‬ ‫مبا َ‬ ‫ل ذلك على أنهما فََعل ال ُ‬ ‫فد َ ّ‬
‫ُ‬
‫هماء‪،‬‬ ‫ت الد ّ ْ‬ ‫سك َن َ ْ‬ ‫دماء‪ ،‬و َ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫قن َ ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن‪ ،‬و ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ح َ‬ ‫سي ّد ِ ال َ‬ ‫مةِ بال ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ة‬
‫س ِ‬ ‫سيا َ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫م ِ‬ ‫ل الكا ِ‬ ‫فضو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫مبايعةِ ال َ‬ ‫قد َ الجماع ُ على ُ‬ ‫وان ْعَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫د‪.‬‬ ‫م ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫مل‪ ،‬ولله ال َ‬ ‫ل الك ْ َ‬ ‫ض ِ‬‫مع ُوجود ِ الفْ َ‬

‫هرا للذهبي )ص ‪(103-98‬‬


‫انظر المقدمة الّز ْ‬ ‫‪54‬‬

‫‪98‬‬
‫ب‬
‫ت ‪ -‬وَنواصي العََر ِ‬ ‫ن في ذلك الوَقْ ِ‬ ‫سْبطا ِ‬‫مت َن َعَ ال ّ‬
‫ولو ا ْ‬
‫ل‬ ‫ش َ‬ ‫َ‬
‫ن ‪ -‬لوْ َ‬
‫صَرة ُ على أه ِ‬ ‫ن لهما الن ّ ْ‬
‫ن يكو َ‬ ‫كأ ْ‬ ‫س ِ‬‫ح َ‬
‫في ي َد ِ ال َ‬
‫الشام"‪.‬‬
‫ج على الشيعة بما يثبت عندهم‪ ،‬وهو قول علي‬ ‫ونحت ّ‬
‫رضي الله عنه في كتاب نهج البلغة الذي يصححونه‬
‫فين‪" :‬وكان‬ ‫ص ّ‬‫ويحتجون به‪ ،‬فيقول )‪ (543‬عن معركة ِ‬
‫بدء أمرنا أنا التقينا والقوم من أهل الشام‪ ،‬والظاهر أن‬
‫ربنا واحد‪ ،‬ودعوتنا في السلم واحدة‪ ،‬ول نستزيدهم‬
‫في اليمان بالله والتصديق برسوله ول يستزيدوننا‪،‬‬
‫والمر واحد‪ ،‬إل ما اختلفنا فيه من دم عثمان‪ ،‬ونحن منه‬
‫براء"‪.‬‬
‫وهذه المسألة إنما يثيرها الرافضة ومن تأثر بهم‪ ،‬ليست‬
‫القضية عندهم مسألة أحقية معاوية أو أخذه البيعة ليزيد‬
‫من بعده‪ ،‬بل عندهم مسألة خلفة الثلثة من قبل‪ ،‬وإنما‬
‫مسألة معاوية وبني أمية كلها لجل إثارة العوام والجهلة‬
‫فقط وإيقاع الفتنة وإحياء الخلفات‪ ،‬وللكمة ما وراءها‪.‬‬
‫قال ابن تيمية في منهاج السنة )‪" :(4/394‬اتفق أهل‬
‫السنة على أنه ل تفسق واحدة من الطائفتين‪ ،‬وإن‬
‫قالوا في إحداهما إنهم كانوا بغاة‪ ،‬لنهم كانوا متأولين‬
‫مجتهدين‪ ،‬والمجتهد المخطىء ل يكفر ول يفسق؛ وإن‬
‫تعمد البغي‪ ،‬فهو ذنب من الذنوب‪ ،‬والذنوب يرفع عقابها‬
‫بأسباب متعددة‪ :‬كالتوبة‪ ،‬والحسنات الماحية‪ ،‬والمصائب‬
‫المكفرة‪ ،‬وشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ودعاء‬
‫المؤمنين‪ ،‬وغير ذلك"‪.‬‬
‫وقد نص جماعة‪ ،‬منهم ابن حزم في الفصل )‪(3/6‬‬
‫والذهبي في جزئه "المقدمة الزهرا في إيضاح المامة‬
‫الكبرى" )ص ‪ (84‬أن الحق مع علي‪ ،‬وأن معاوية‬
‫مخطئ مأجور مجتهد‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫وقال عمار رضي الله عنه )كما في مسلم ‪(4/2143‬‬
‫لما سئل‪ :‬أرأيتم صنيعكم مع علي أرأيا رأيتموه أو شيئا‬
‫عهده إليكم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال‪:‬‬
‫ما عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء‬
‫ولذلك فقد اعتزل عامة الصحابة القتال‪ ،‬وعلى رأسهم‬
‫سعد بن أبي وقاص )وهو من العشرة المبشرين(‪،‬‬
‫وأسامة بن زيد‪ ،‬وعبد الله بن عمر‪ ،‬ومحمد بن مسلمة‪.‬‬
‫وصح عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه قيل‬
‫له‪ :‬أل تقاتل! فإنك من أهل الشورى‪ ،‬وأنت أحق بهذا‬
‫المر من غيرك؟ فقال‪ :‬ل أقاتل حتى تأتوني بسيف له‬
‫عينان ولسان وشفتان‪ ،‬يعرف المؤمن من الكافر‪ ،‬فقد‬
‫جاهدت وأنا أعرف الجهاد‪.‬‬
‫)رواه أبونعيم في معرفة الصحابة ‪ 1/135‬ويخرج(‬
‫وانظر تاريخ بغداد ‪ 6/44‬وابن عساكر ‪59/141‬‬
‫وقد صح عن عالم التابعين‪ 55‬ابن شهاب الزهري أن‬
‫المر كان فتنة مشتبهة‪ ،‬وأن الصحابة وفيهم من شهد‬
‫ص‬‫بدرا رأوا أن َيهدروا أمر الفتنة‪ ،‬ول يقام حد ٌ ول قصا ٌ‬
‫ل فيها‪) .‬سنن سعيد بن منصور‬ ‫ل اسُتح ّ‬
‫ل بتأوي ٍ‬ ‫ول ما ٌ‬
‫‪ 2/368‬ومصنف عبد الرزاق(‬
‫وقال ابن تيمية في المنهاج )‪" :(410-4/409‬إن الفتن‬
‫إنما ُيعرف ما فيها من الشر إذا أدبرت‪ ،‬فأما إذا أقبلت‬
‫فإنها تزين‪ ،‬ويظن أن فيها خيرا‪ ،"..‬إلى أن قال‪" :‬والذين‬
‫دخلوا في الفتنة من الطائفتين لم يعرفوا ما في القتال‬
‫من الشر‪ ،‬ول عرفوا مرارة الفتنة حتى وقعت‪ ،‬وصارت‬
‫عبرة لهم ولغيرهم"‪.‬‬

‫مهم بحديث‬
‫مهم في زمانه؛ وأعل ُ‬ ‫‪ 55‬قال الشافعي‪" :‬أفقُههم وأعل ُ‬
‫ن شهاب الزهري"‪) .‬الم‬ ‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ :‬اب ُ‬
‫‪(7/321‬‬

‫‪100‬‬
‫‪ -‬وثبت عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه‬
‫قال‪ :‬قتليَ وقتلى معاوية في الجّنة‪.56‬‬
‫‪ -‬وروى ابن أبي شيبة )‪ (15/297‬وابن عساكر )‬
‫‪ (1/346‬وابن العديم )‪ (1/303‬في تاريخيهما بسند‬
‫من شهد‬ ‫صحيح عن عبد الله بن عروة قال‪ :‬أخبرني َ‬
‫ج في تلك الليالي؛ فن َظ ََر‬‫خَر َ‬
‫ت علّيا َ‬
‫فين‪ ،‬قال‪ :‬رأي ُ‬
‫ص ّ‬
‫فْر لي ولهم"‪.‬‬
‫إلى أهل الشام‪ ،‬فقال‪" :‬اللهم اغ ِ‬
‫‪ -‬وروى معمر في الجامع )‪ (11/56‬وعنه عبد الرزاق )‬
‫‪ (5/451‬بسند صحيح عن محمد بن سيرين قال‪ :‬قال‬
‫ل لعلي‪ :‬أخبرني عن قريش‪ ،‬قال‪ :‬أرزُننا أحلما‬ ‫رج ٌ‬
‫ُ‬
‫إخوُتنا بنو أمّية‪.‬‬
‫وروى معمر في الجامع )‪ (11/57‬عن قتادة‪ ،‬قال‪ :‬قال‬
‫ي‪ :‬حدثني عن قريش‪ ،‬قال‪ :‬أما نحن قريش‬ ‫رجل لعل ّ‬
‫دة‪.‬‬
‫فأنجاد أمجاد أجواد‪ ،‬وأما بنو أمية فقادة ٌ أد ََبة ذا َ‬
‫وقال الحارث عن علي‪ :‬ل تكرهوا إمرة معاوية‪ ،‬فلو قد‬
‫فقدتموه لرأيتم الرؤوس تندر على كواهلها كأنها‬
‫الحنظل‪) .‬ابن أبي شيبة ‪ 15/293‬والبلذري ‪4/61‬‬
‫والسنة لعبدالله بن أحمد ‪ 2/550‬ومعجم البغوي‬
‫‪ 5/372‬والللكائي ‪ 8/1452‬وابن عساكر ‪ 59/151‬ابن‬
‫سعد ‪ 1/120‬السلومي‪ ،‬وابن أبي الدنيا في حلم معاوية‬
‫‪ 5‬والحاكم وغيرهم(‪ ،‬والشيعة ومن تأثر بهم يوثقون‬
‫الحارث!‬

‫‪ 56‬رواه ابن أبي شيبة )‪ (15/303‬عن عمر بن أيوب الموصلي‪،‬‬


‫عن جعفر بن ُبرقان‪ ،‬عن يزيد بن الصم‪ ،‬عن علي‪ ،‬وسنده‬
‫صحيح‪ ،‬وله طريقان آخران عن جعفر بنحوه عند الطبراني )‬
‫‪ (19/307‬وابن عساكر )‪(59/139‬‬

‫‪101‬‬
‫روى ابن سعد )‪ 1/121‬السلومي( من طريق موسى بن‬
‫قيس الحضرمي‪ ،‬عن قيس بن رمانة‪ ،‬عن أبي بردة‬
‫قال‪ :‬قال معاوية رضي الله عنه‪" :‬إن كان يقاتل على‬
‫المر‪ ،‬إل من أجل دم عثمان"‪.‬‬
‫وروى أبوزرعة في تاريخه‪ ،‬وابن عساكر )‪ (1/343‬بسند‬
‫صحيح عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين‪ ،‬عن‬
‫ذكر عند علي يوم صفين ‪-‬أو يوم الجمل‪-‬‬ ‫أبيه‪ ،‬قال‪ُ :‬‬
‫فذكرنا الكفر‪ ،‬قال‪ :‬ل تقولوا ذلك‪ ،‬وزعموا أنا بغينا‬
‫عليهم‪ ،‬وزعمنا أنهم بغوا علينا‪ ،‬فقاتلناهم على ذلك‪.‬‬
‫‪ -‬ولما جاء معاوية نعي علي قال‪ :‬إنا لله وإنا إليه‬
‫راجعون‪ ،‬ماذا فقدوا من العلم والخير والفضل والفقه!‬
‫قالت امرأته‪ :‬بالمس تطعن في عينيه‪ ،‬وتسترجع اليوم‬
‫عليه؟ قال‪ :‬ويلك‪ ،‬ل تدرين ما فقدنا من علمه وفضله‬
‫وسوابقه‪.‬‬
‫رواه ابن أبي الدنيا في مقتل علي )‪ (106‬وفي حلم‬
‫معاوية )‪ (19‬والسقطي في فضائل معاوية )‪ (29‬وابن‬
‫عساكر )‪ (59/142‬من طريق جرير بن عبد الحميد‪ ،‬عن‬
‫سم‪ ،‬وسنده صحيح إليه‪ ،‬وهو يروي عن‬ ‫ق َ‬
‫م ْ‬
‫مغيرة بن ِ‬
‫جمع من ثقات أصحاب معاوية وعلي رضي الله عنهما‪.‬‬
‫استفتاء معاوية لعلي‪ :‬الم للشافعي ‪ 6/30‬و ‪ 137‬وعبد‬
‫الرزاق ‪ 9/433‬وابن أبي شيبة ‪ 9/402‬وسعيد بن‬
‫منصور )‪ (1/40‬والغريب للخطابي )‪ (2/199‬وحلم‬
‫معاوية )‪ (37‬والكلباذي في بحر الفوائد )‪ 1/466‬رسالة‬
‫‪57‬‬
‫دكتوراة(‬
‫‪ 57‬عّلق الكلباذي قائل‪" :‬هذا إلى كثير من الخبار التي تدل على‬
‫أن منازعَتهم الخلفة ومجاذبَتهم الولية لم يؤد ّ بهم إلى‬
‫ل قوُله صلى الله عليه وسلم )ل تباغضوا( أي‪ :‬ل‬ ‫التباغض‪ ،‬فد ّ‬
‫حل والراء‪ ،‬ول َتباينوا في المذاهب والهواء‬‫تختلفوا في الن ّ َ‬
‫‪102‬‬
‫ابن عساكر )‪(42/415‬‬
‫‪ -‬وصح عن عطاء بن مسلم الخفاف الكوفي أنه قال‬
‫ف‬ ‫ن كان ُيقاتل ُ ُ‬
‫ه فإّنه كان ي َعْرِ ُ‬ ‫عن قتال معاوية لعلي‪" :‬وإ ْ‬
‫ضَله"‪.‬‬
‫فَ ْ‬
‫قال ابن أبي الدنيا‪ :‬أخبرنا إبراهيم بن سعيد الجوهري‪ ،‬نا‬
‫جّناد‪ ،‬نا عطاء به‪ ،‬وسنده جيد‪.‬‬ ‫عبيد بن َ‬
‫ورواه ابن عساكر )‪ (42/414‬من طريق ابن أبي الدنيا‪،‬‬
‫وهو في حلم معاوية له )‪ 20‬منتقى(‬
‫‪ -‬قال مغيرة‪ :‬أرسل الحسن بن علي وعبد الله بن‬
‫جعفر إلى معاوية يسألنه‪ ،‬فبعث لكل منهما بمائة ألف‪،‬‬
‫فبلغ عليا رضي الله عنه‪ ،‬فقال‪ :‬أل تستحيان! رجل‬
‫نطعن في عينه غدوة وعشية تسألنه المال؟ قال‪ :‬لنك‬
‫حرمتنا وجاد لنا‪.‬‬
‫رواه ابن أبي الدنيا في حلم معاوية )‪ (21‬ومن طريقه‬
‫ابن عساكر )‪ (59/193‬بسند صحيح عن مغيرة‪.‬‬
‫وروى الجري )‪ (1962‬بسند صحيح عن جعفر بن‬
‫محمد‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬أن عقيل بن أبي طالب رضي الله عنه‬
‫ي رضي الله عنه إلى العراق ليعطيه‪ ،‬فأبى‬ ‫جاء إلى عل ّ‬
‫َ‬
‫ل منك!‬‫ل أوص ُ‬ ‫أن ُيعطَيه شيئا‪ .‬فقال‪ :‬إذا ً أذه ُ‬
‫ب إلى رج ٍ‬
‫فذهب إلى معاوية رضي الله عنه فعََرف له‪.‬‬
‫ح أن الحسن والحسين رضي الله عنهما كانا‬‫‪ -‬وص ّ‬
‫َيقبلن جوائز معاوية‪.‬‬
‫رواه ابن أبي شيبة )‪ (6/89‬والجري )‪(5/2470‬‬
‫والللكائي )‪ (8/1444‬وابن عساكر )‪ (59/194‬من‬

‫ل عن الصراط‬‫غضوا لها‪ ،‬لن البدعة في الدين والضل َ‬ ‫فَتبا َ‬


‫موالةِ فيه"‪.‬‬ ‫ض فيه وتر َ‬
‫ك ال ُ‬ ‫ب الُبغ َ‬
‫المستقيم يوج ُ‬
‫‪103‬‬
‫طرق عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين‪ ،‬عن‬
‫أبيه‪ ،‬عن الحسن والحسين‪.‬‬
‫ورواه الصمعي )البداية والنهاية( ومن طريقه ابن‬
‫عساكر )‪ (59/194‬من طريق أخرى به‪.‬‬
‫‪58‬‬
‫واحتج به المام أحمد‪) .‬المغني لبن قدامة ‪(6/338‬‬
‫وروى أبوالقاسم الزجاجي في أخباره )ص ‪(100-98‬‬
‫ن‬
‫عي ٌ‬
‫عن عمر بن شبة قال‪ :‬كان لمعاوية بن أبي سفيان َ‬
‫ببلد الروم‪ ،‬قال‪ :‬فكتب إليه‪ :‬إن هذا الطاغية ]أي قيصر‬
‫ل فيه‬ ‫ص ُ‬
‫الروم[ قال في مجلسه‪ :‬إن هذا أوان أستأ ِ‬
‫العرب‪ ،‬لنها قد اختلفت‪ .‬فكتب إليه معاوية كتابا يحلف‬
‫ه في مجِلسك‬ ‫ت على ما أظهَْرت َ ُ‬ ‫له فيه ويقول‪ :‬لئن عزم َ‬
‫ل‬‫ه إليك‪ ،‬فأنزِ ُ‬ ‫مت َ ُ‬
‫مقد ّ َ‬
‫ن ُ‬ ‫ن صاحبي‪ ،‬ول َ ِ‬
‫صيَر ّ‬ ‫ح ّ‬
‫ُ‬
‫لصال ِ َ‬
‫ت َترعى‬ ‫قسطنطينية الجرامقة‪ ،‬ولُرد َّنك أرلسيا ً كما كن َ‬
‫الخنانيص‪.‬‬
‫ف له بالبراءة من المعمودية‬ ‫فكتب إليه ملك الروم يحل ُ‬
‫َ‬
‫م بهذا ول تكلم‪ ،‬وأهدى إليه‬ ‫والدخول في الحنيفية‪ :‬ما هَ ّ‬
‫هدايا كثيرة‪ ،‬أكثُرها الُيزبون‪.‬‬
‫وذكره الخطابي في الغريب )‪ (2/535‬وابن كثير )‬
‫‪ (11/400‬وغيرهما من المؤرخين وأصحاب اللغة‬
‫بمعناه‪.‬‬
‫مستدَركا من الصابة‬‫وروى يعقوب بن سفيان )‪ُ 3/317‬‬
‫‪ (1/330‬بسند صحيح إلى هلل بن خباب البصري قال‪:‬‬
‫جمع الحسن بن علي رؤوس أهل العراق في هذا القصر‬
‫‪-‬قصر المدائن‪ ،‬فقال‪ :‬إنكم قد بايعتموني على أن‬
‫تسالموا من سالمت‪ ،‬وتحاربوا من حاربت‪ ،‬وإني قد‬
‫بايعت معاوية‪ ،‬فاسمعوا له وأطيعوا‪.‬‬
‫‪ 58‬ورواه الرافضة في كتبهم! كما في تهذيب الحكام للطوسي )‬
‫‪ (6/337‬ووسائل الشيعة للعاملي )‪ (17/214‬وغيرهما‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫‪ -‬وروى ابن أبي الدنيا في المنامات )‪ 124‬واللفظ له(‬
‫ومحمد بن مروان السعيدي في المجالسة‪ ،‬ومن‬
‫طريقهما ابن عساكر )‪ (50/140‬بسند رجاله ثقات‪ ،‬عن‬
‫عمر بن عبد العزيز قال‪:‬‬
‫ل الله ]صلى الله عليه وسلم[؛ وأبوبكر‬ ‫ت رسو َ‬ ‫"رأي ُ‬
‫وعمر جالسان عنده‪ ،‬فسلمت عليه وجلست‪ ،‬فَبينا أنا‬
‫ُ‬
‫ف عليهما‬ ‫ة‪ ،‬فأدخل بيتا ً وُأجي َ‬
‫ي ومعاوي َ‬‫ي بَعل ّ‬
‫ُ‬
‫جالس إذ ْ أت َ‬
‫ي‬
‫عل ٌ‬ ‫ج َ‬ ‫الباب؛ وأنا أنظُر إليهما‪ ،‬فما كان بأسرع َ أن خَر َ‬
‫ب الكعبة! وما كان بأسرع َ أن‬ ‫ي لي ور ّ‬‫ض َ‬‫وهو يقول‪ :‬قُ ِ‬
‫ب‬‫غفر لي ور ّ‬ ‫ة على إثره وهو يقول‪ُ :‬‬ ‫خرج معاوي ُ‬
‫الكعبة"‪.‬‬
‫وروى سعيد بن منصور )‪ (2/369‬وابن أبي شيبة )‬
‫‪ (7/547‬ويعقوب بن سفيان في المعرفة‪ ،‬وأبوالعرب‬
‫التميمي في المحن )‪ (103‬والسراج في تاريخه‪،‬‬
‫وإبراهيم بن ديزيل في كتاب صفين‪ ،‬وأبونعيم في الحلية‬
‫)‪ 4/143‬و ‪ (9/62‬واليهقي )‪ (8/174‬وابن عساكر )‬
‫‪ 15/346‬و ‪ (17/396‬بسند صحيح عن أبي وائل شقيق‪،‬‬
‫قال‪ :‬رأيت أبا ميسرة عمرو بن شرحبيل‪ ،‬ولم أر‬
‫همدانيا كان أفضل منه‪ .‬قلت ]أي عمرو بن مرة[‪ :‬ول‬
‫ل‬
‫ت بأمر أه ِ‬ ‫م ُ‬ ‫م ْ‬‫مسروق؟ قال‪ :‬ول مسروق‪ .‬قال‪ :‬اهت َ َ‬
‫ف من الفضل فى الفريقين‪،‬‬ ‫ت َأعر ُ‬‫فين؛ وما كن ُ‬ ‫ص ّ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سك ُ ُ‬
‫ن إليه‪،‬‬ ‫مرا ً أ ْ‬ ‫رهم أ ْ‬
‫م ِ‬‫من أ ْ‬ ‫ت الله أن ُيرَيني ِ‬ ‫فسأل ُ‬
‫ن‪ ،‬فإذا أنا‬ ‫ُ‬
‫في َ‬ ‫ص ّ‬‫ل ِ‬ ‫ت إلى أه ِ‬ ‫منامي أّني ُرفِعْ ُ‬‫ت في َ‬ ‫فأِري ُ‬
‫ي في َروضة خضراَء وماٍء جاٍر‪ ،‬فقلت‪:‬‬ ‫بأصحاب عل ّ‬
‫ضكم بعضًا؟‬ ‫سبحان الله! كيف بما أرى وقد َقتل بع ُ‬
‫قالوا‪ :‬إنا وجدنا رّبنا رؤوفا رحيما‪ .‬قلت‪ :‬فما فعل ذو‬
‫مك!‬ ‫معاوية؟ قالوا‪ :‬أما َ‬ ‫ب ُ‬‫الكلع وحوشب ‪-‬يعنى أصحا َ‬
‫ت على القوم فى روضة‬ ‫م كالحناحز‪ ،‬فهبط ُ‬ ‫سه ْ ٌ‬‫فإذا َ‬

‫‪105‬‬
‫خضراء وماٍء جار‪ ،‬فقلت‪ :‬سبحان الله! كيف بما أرى‬
‫ضكم بعضا! قالوا‪ :‬إنا وجدنا رّبنا رؤوفا‬
‫وقد قتل بع ُ‬
‫رحيما‪.‬‬
‫‪59‬‬
‫رووه مطول ومختصرا‪ ،‬وهذا سياق سعيد بن منصور ‪.‬‬
‫وقال أبوحنيفة الدينوري في الخبار الطوال )‪:(225‬‬
‫"قالوا‪ :‬ولم ير الحسن ول الحسين طول حياة معاوية‬
‫منه سوءا في أنفسهما ول مكروها‪ ،‬ول قطع عنهما شيئا‬
‫مما كان َ‬
‫شَرط لهما‪ ،‬ول تغّير لهما عن ب ِّر"‪.‬‬
‫مويين والهاشميين‪:‬‬ ‫ُ‬
‫ومن علقات ال َ‬
‫ن حزم رحمه الله في رسالته نقط العروس )‬ ‫عقد اب ُ‬
‫من بني‬‫‪ 2/107‬ضمن جمهرة رسائله( بابا فيمن تزوج ِ‬
‫مّية‪ ،‬ومن ذلك أن الحسن بن علي تزوج‬ ‫ُ‬
‫هاشم في بني أ َ‬
‫عائشة بنت عثمان بن عفان‪ ،‬قلت‪ :‬والذي زّوجهما‬
‫معاوية‪ ،‬وأصدق عن الحسن عشرة آلف دينار‪ ،‬وبقيت‬
‫عند الحسن حتى توفي رضي الله عنه‪ ،‬على أنه كان‬
‫مطلقا‪.‬‬
‫وب )‪ (108‬من تزوج من بني أمية في بني هاشم‪:‬‬ ‫ثم ب ّ‬
‫ومن ذلك أن الخليفة عبد الملك بن مروان تزوج بنت‬
‫علي بن أبي طالب‪ ،‬وبنت عبد الله بن جعفر بن أبي‬
‫طالب‪.‬‬
‫وكذا تزوج عبد ُ الله بن عمرو بن عثمان بن عفان‬
‫ة بنت الحسين بن علي‪.‬‬ ‫فاطم َ‬
‫وتزوج الخليفة يزيد بن عبد الملك امرأة من ولد عبد‬
‫الله بن جعفر بن أبي طالب‪.‬‬

‫‪ 59‬ورواه ابن الفرضي في اللقاب )‪ 2/242‬منتخبه( بسنده إلى‬


‫أبي ميسرة‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫وتزوج عبد الله بن خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي‬
‫سفيان من نفيسة بنت عبد الله بن العباس بن علي بن‬
‫أبي طالب‪ ،‬فولدت له عليا والعباس‪.‬‬
‫وتزوج الخليفة الوليد بن عبد الملك من زينب بنت‬
‫الحسن بن الحسن بن علي‪ ،‬ثم طلقها‪ ،‬فتزوجها عمه‬
‫معاوية بن مروان‪.‬‬
‫وتزوج بكار بن عبد الملك بن مروان فاطمة بنت محمد‬
‫بن الحسن بن علي بن أبي طالب‪ ،‬وربيحة بنت محمد‬
‫بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب‪.‬‬
‫وب ابن حزم )‪ (109‬من ولي من بني أمية لبني‬ ‫ثم ب ّ‬
‫هاشم‪.‬‬
‫ثم )‪ (110‬من ولي من بني هاشم لبني أمية‪.‬‬
‫ثم )‪ (111‬بعض غرائب السماء في بني هاشم‪ ،‬مثل‪:‬‬
‫خالد بن يزيد بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي‬
‫طالب‪ ،‬ويزيد بن عبد المطلب بن المغيرة بن نوفل بن‬
‫الحارث بن عبد المطلب بن هاشم‪.‬‬
‫وب ابن حزم )‪ (111‬لغرائب السماء في بني أمية‪:‬‬ ‫ثم ب ّ‬
‫مثل علي بن يزيد بن الوليد بن عبد الملك بن مروان‪.‬‬
‫ومن أراد الستزادة فليراجع المصدر‪.‬‬
‫فماذا نفهم من كثرة التصاهر والتزاوج بين الفرعين‪،‬‬
‫وتسمية أولد السرة بأسماء كبار الثانية‪ ،‬واستعمال‬
‫أمراء كل فريق أعيان الفريق الخر؟‬
‫عدي رحمه الله‪:‬‬ ‫جر بن َ‬‫ح ْ‬‫ملَبسات قتل ُ‬ ‫ُ‬
‫عدي الك ِْندي من كبار التابعين على الصحيح‪،‬‬
‫جر بن َ‬
‫ح ْ‬
‫ُ‬
‫‪60‬‬
‫وقيل‪ :‬إنه صحابي ‪ ،‬وكان من السادة العُّباد الصالحين‪،‬‬

‫‪ 60‬ذكره في التابعين‪ :‬يحيى بن معين‪ ،‬والبخاري‪ ،‬وأبوحاتم‪،‬‬


‫حّبان‪،‬‬
‫وخليفة بن خياط‪ ،‬وابن سعد في موضع‪ ،‬وابن ِ‬
‫والدارقطني‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬وقال أبوأحمد العسكري‪ :‬أكثر أهل‬

‫‪107‬‬
‫وهو أحد أمراء علي بن أبي طالب رضي الله عنه يوم‬
‫حه مع‬ ‫صل ِ‬ ‫فين‪ ،‬ثم بايع للحسن‪ ،‬وكان من المعارضين ل ُ‬ ‫ص ّ‬‫ِ‬
‫معاوية‪ ،‬ثم بايع لمعاوية‪ ،‬وبقي في طاعته عشر سنوات‪.‬‬
‫وكان شديدا في النكار على الولة علنية‪ ،‬قول وفعل‪،‬‬
‫شعبة‪،‬‬ ‫وُروي عنه أنه كان يفعل ذلك مع المغيرة بن ُ‬
‫م وَيسكت عنه‪ ،61‬ثم توفي المغيرة‪،‬‬ ‫الذي كان يحل ُ ُ‬
‫حجر من أمراء‬ ‫ده زياد )وقد كان مثل ُ‬ ‫وتولى الكوفة بع َ‬
‫ذره زياد‪ ،‬فلم يتغّير‬ ‫جر على طريقته‪ ،‬فح ّ‬ ‫ح ْ‬ ‫علي(‪ ،‬وبقي ُ‬
‫حجر‪ ،‬فتكّلم زياد يوما‬ ‫الوضع‪ ،‬واجتمع بعض الشيعة على ُ‬
‫على المنبر فقال‪ :‬إن من حق أمير المؤمنين كذا‪،‬‬
‫ت‪،‬‬‫ذب َ‬‫صبه‪ ،‬وقال‪ :‬ك َ َ‬ ‫ح َ‬ ‫فا ً من َ‬
‫حصا‪ ،‬ف َ‬ ‫حجر ك ّ‬ ‫مرارا‪ ،‬فأخذ ُ‬
‫ة الله‪ ،‬فانحدر زياد من المنبر وصّلى‪،‬‬ ‫ك لعن ُ‬ ‫ت؛ علي َ‬
‫كذب َ‬
‫حجرا فأبى‪ ،‬فلم يزل به حتى‬ ‫ثم دخل داَره‪ ،‬واستدعى ُ‬
‫دم‪ ،‬وأرسله مقّيدا مع جماعة من أصحابه إلى معاوية‪،‬‬ ‫قَ ِ‬
‫ك في‬ ‫ن كان ل َ‬‫وأت ْب ََعه زياد برسائل سبقته إلى معاوية‪ :‬إ ْ‬
‫جرًا‪.‬‬‫ح ْ‬
‫فني ُ‬‫ة فاك ِ‬ ‫الكوفة حاج ً‬
‫َ‬
‫فه عليه‪ ،‬فلما‬ ‫ب إلى معاوية حتى ألهَ َ‬ ‫وجعل ي َْرفَعُ الك ُت ُ َ‬
‫حجر قال‪ :‬السلم عليك يا أمير المؤمنين‪ ،‬قال‬ ‫وصل ُ‬
‫معاوية مغضبا‪ :‬أوَ أميُر المؤمنين أنا؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬ثلثا‪.‬‬
‫ة قد استشار وجوه َ أصحابه في القادمين‪،‬‬ ‫وكان معاوي ُ‬
‫فأشار بعضهم بالقتل‪ ،‬وسكت بعضهم مصّرحا بطاعته‬
‫مه فيهم أن قتل‬ ‫حك ُ‬‫لما سيحكم به معاوية‪ ،‬ثم كان ُ‬
‫الحديث ل يصححون له صحبة‪ .‬وقال ابن الجوزي‪ :‬لم يثبت له‬
‫صحبة‪ .‬انظر تاريخ دمشق )‪ (12/210‬والبداية والنهاية )‬
‫ُ‬
‫‪ (11/228‬والصابة )‪ (2/217‬والنابة لمغلطاي )‪(1/155‬‬
‫‪ 61‬وكانت سياسة المغيرة رضي الله عنه مع أهل الكوفة العفو‬
‫والمسامحة‪ ،‬كما قال جرير البجلي رضي الله عنه لهل الكوفة‬
‫يوم مات المغيرة‪ :‬استعفوا لميركم‪ ،‬فإنه كان يحب العفو‪.‬‬
‫)البخاري رقم ‪ ،(58‬ومع ذلك فقد رسمت له روايات الشيعة‬
‫والضعفاء صورة قاتمة!‬

‫‪108‬‬
‫من‬‫فه َ‬
‫حجر‪ ،‬واستبقى بعضهم‪ ،‬ولم يخال ِ ْ‬ ‫بعضهم؛ وفيهم ُ‬
‫حوله‪.‬‬
‫حجر قبل أن ُتضرب عنقه‪ :‬دعوني أصلي ركعتين‪،‬‬ ‫وقال ُ‬
‫ثم قال‪ :‬ل تحلوا قيودي‪ ،‬ول تغسلوا عني الدم‪ ،‬فإني‬
‫أجتمع أنا ومعاوية إذا على المحجة‪.‬‬
‫عدرا( ُقرب‬ ‫وكان مقتله بمرج ع َ ْ‬
‫ذراء )واسمها اليوم َ‬
‫دمشق سنة إحدى وخمسين‪.‬‬
‫ت عليه من جهة السناد‪ ،62‬وما أقل‬‫هذا أصح ما وقف ُ‬
‫الروايات الصحيحة في حادثة مقتله‪ ،‬وقد اختلفت‬
‫الروايات في قصة مقتله رحمه الله وملبساتها‪ ،‬وتزّيد‬
‫فيها الشيعة والضعفاء كعادتهم‪ ،‬بل ُوضعت في ذلك‬
‫أحاديث!‪ 63‬والروايات القصة غالبها بلغات ومراسيل‪،‬‬

‫‪ 62‬انظر‪ :‬مسائل أحمد برواية ابنه صالح )‪ 751‬الوطن( والبلذري‬


‫)‪ 4/242‬و ‪ 247‬و ‪ 261‬و ‪ (271‬وتاريخ دمشق )‪ 12/214‬و ‪220‬‬
‫و ‪ (224‬ومرويات خلفة معاوية في تاريخ الطبري )‪(440-403‬‬
‫ت منه كثيرا‪.‬‬ ‫وقد استفد ُ‬
‫س يغضب الله لهم وأه ُ‬
‫ل‬ ‫ُ‬
‫مثل حديث‪" :‬سُيقتل بعذراء أنا ُ‬
‫‪63‬‬

‫السماء"! وهذا باطل‪.‬‬


‫شعبة بسبب‬ ‫ومن القصص الباطلة‪ :‬أن معاوية عزل المغيرةَ بن ُ‬
‫حجر عن الكوفة‪ ،‬وولى زيادا‪ ،‬والصحيح أن المعيرة بقي واليا‬ ‫ُ‬
‫حتى مات‪ ،‬ولم ُيعزل‪.‬‬
‫وكذا أن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال‪ :‬هل صلوا على‬
‫جهم والله‪ .‬مع أن‬ ‫ح ّ‬
‫حجر ودفنوه في قيوده؟ قالوا‪ :‬نعم‪ .‬قال‪َ :‬‬ ‫ُ‬
‫الحسن توفي قبل الحادثة بالتفاق!‬
‫ي ولعُنه! وهذا من‬ ‫عرض عليه البراءةُ من عل ّ‬ ‫حجرا قد ُ‬‫وأن ُ‬
‫رواية أبي مخنف‪ ،‬ول ُيحتج به‪.‬‬
‫حجر بن‬ ‫وأن معاوية قال لما حضرته الوفاة‪ :‬إن يومي بك يا ُ‬
‫م طويل! وهذا ضعيف السند‪.‬‬ ‫علي يو ٌ‬
‫حجر‪ ،‬وهو بسند‬ ‫وأن الحسن البصري كان يذم معاوية بسبب ُ‬
‫شديد الضعف‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫أما المسندات ففيها ما فيها‪ ،‬وكثير منها من طريق أبي‬
‫مخنف‪ ،‬وهو شيعي تالف‪.‬‬
‫ثم أصبح الشيعة يعتمدون على ما وضعوه واختلقوه‪ ،‬مع‬
‫المبالغة والتهويل‪ ،‬يشنعون بذلك على معاوية رضي الله‬
‫عنه‪ ،‬فاصلين بين السباب والنتائج‪ ،‬وهنا وقفة مهمة‪:‬‬
‫فقد روى الطبراني في المعجم الكبير )‪ 3/70‬رقم‬
‫عبيد الله بن عبد الله بن‬ ‫عيينة‪ ،‬عن ُ‬ ‫‪ (2691‬عن ابن ُ‬
‫ت مع‬‫الصم‪ ،‬عن عمه يزيد بن الصم‪ ،‬قال‪ :‬خرج ُ‬
‫ت‬
‫ح ّ‬‫ة تَ ُ‬
‫الحسن )يعني ابن علي رضي الله عنهما( وجاري ٌ‬
‫ضباَرة ٌ من ك ُُتب‪،‬‬
‫ه إِ ْ‬‫حّناِء عن أظفاره‪ ،‬فجاءت ْ ُ‬‫شيئا من ال ِ‬
‫ب عليه ماًء‪ ،‬وألقى‬ ‫ضب‪ ،‬فص ّ‬ ‫خ َ‬
‫م ْ‬
‫ة هاتي ال ِ‬
‫فقال‪ :‬يا جاري َ‬
‫الك ُُتب في الماء‪ ،‬فلم يفتح منها شيئا‪ ،‬ولم ينظر إليه‪،‬‬
‫ت‪ :‬يا أبا محمد! ممن هذه الك ُُتب؟ قال‪ :‬من أهل‬ ‫فقل ُ‬
‫ق‪ ،‬ول يقصرون عن‬ ‫العراق‪ ،‬من قوم ل يرجعون إلى ح ٍ‬
‫ت أخشاهم على نفسي‪ ،‬ولكني‬ ‫باطل‪ ،‬أما إني لس ُ‬
‫أخشاهم على ذلك‪ .‬وأشار إلى الحسين‪.‬‬
‫وسنده جيد على شرط مسلم‪ ،64‬وقال الهيثمي في‬
‫المجمع )‪ :(6/243‬ورجاله رجال الصحيح‪ ،‬غير عبد الله‬
‫بن الحكم بن أبي زياد‪ ،‬وهو ثقة‪.‬‬

‫ن من اختلقات الشيعة‪ ،‬وتزويرهم‬ ‫وغير ذلك‪ ،‬وإن التاريخ ل ََيئ ّ‬


‫للحقائق‪.‬‬
‫وانظر للفائدة‪ :‬سلسلة الحاديث الضعيفة )‪(6324‬‬
‫عبيد الله ذكره ابن حبان وابن خلفون في الثقات‪ ،‬وروى عنه‬ ‫‪ 64‬و ُ‬
‫سفيان بن عيينة‪ ،‬ومروان بن معاوية الفزاري‪ ،‬وعبد الواحد بن‬
‫زياد‪ ،‬وإسماعيل بن زكريا‪ ،‬وعبدة بن سليمان‪ ،‬وأخرج له مسلم‬
‫في صحيحه‪ ،‬وابن خزيمة‪ ،‬وابن حبان‪ ،‬والحاكم‪ ،‬وأبوعوانة‪،‬‬
‫وأبونعيم في مستخرجيهما‪ ،‬فمثله ل ينزل حديثه عن مرتبة‬
‫الحتجاج‪) .‬تهذيب الكمال ‪ 19/65‬وإكمال مغلطاي ‪(9/30‬‬

‫‪110‬‬
‫ن للفتنة‪،‬‬ ‫سَعو َ‬
‫ومن هذا الخبر يتبّين أن الشيعة كانوا ي َ ْ‬
‫ن الخروج للحسن رضي الله عنه‪ ،‬وأنه كان يعلم‬ ‫وي َُزّينو َ‬
‫حسين‪،‬‬ ‫ف منهم على أخيه ال ُ‬ ‫حذ َُرهم‪ ،‬ويخا ُ‬
‫منهم ذلك‪ ،‬وي َ ْ‬
‫ذلوه‬‫خ َ‬
‫ن‪ ،‬ثم َ‬ ‫حسي َ‬‫وقد حصل ما كان َيخشاه‪ ،‬فأخرجوا ال ُ‬
‫سَلموه‪ ،‬فكانوا السبب المباشر لستشهاِده رضي الله‬ ‫َ‬
‫وأ ْ‬
‫عنه‪.‬‬
‫جر رحمه الله‪ ،‬فقد كانت الشيعة‬ ‫ح ْ‬
‫كذلك كان المر مع ُ‬
‫سن رضي الله عنه‪ ،‬وكان‬ ‫ح َ‬
‫ت من إخراج ال َ‬ ‫س ْ‬
‫قد ي َئ ِ َ‬
‫متربصين للخروج‪ ،‬فلما مات‬ ‫دع هؤلء ال ُ‬ ‫ده كفيل بَر ْ‬‫ُوحو ُ‬
‫حّرضوَنه‪ ،‬وقالوا له‪ :‬أنت‬
‫جر‪ ،‬وصاروا ي ُ َ‬ ‫ح ْ‬‫اجتمعوا على ُ‬
‫خنا‪ ،‬وأحقّ الناس بإنكار هذا المر‪.‬‬ ‫شي ُ‬
‫ومما يؤك ّد ُ دور أولئك الشيعة في التحريض‪ ،‬وأنهم ما‬
‫أرادوا بذلك إل الخروج على الجماعة وِقتاِلهم‪ :‬ما رواه‬
‫عبد الله بن أحمد‪ ،‬ومن طريقه ابن عساكر )‪(12/220‬‬
‫مقاِرب ل بأس به عن‬ ‫وابن العديم )‪ (5/2124‬بسند ُ‬
‫مسلم عن‬ ‫إسماعيل بن عياش أنه سأل شرحبيل بن ُ‬
‫دوا كتابا لهم إلى‬
‫ج ُ‬‫حجر‪ :‬ما كان شأُنهم؟ قال‪ :‬وَ َ‬ ‫أصحاب ُ‬
‫مدا ً وأصحاَبه قاَتلوا على التنزيل‪،‬‬ ‫أبي بلل‪ :‬إن مح ّ‬
‫فقاِتلوهم أنتم على التأويل‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وأبوبلل هو مرداس بن أدية‪ ،‬من كبار رؤوس‬
‫الخوارج‪.‬‬
‫مع أن معاوية في النهاية ل يعدم أن يكون قد أصاب في‬
‫اجتهاده‪ ،‬فيكون له أجران‪ ،‬أو اجتهد فأخطأ فله أجر‬
‫واحد‪ ،‬ويكون خطؤه رضي الله عنه مغمورا في بحر‬
‫حسناته‪.‬‬
‫أخلق معاوية رضي الله عنه‪:‬‬

‫‪111‬‬
‫ن أخيه يزيد‬ ‫ة مكا َ‬ ‫ل عمُر معاوي َ‬ ‫قال ابن تيمية‪" :‬استعم َ‬
‫خلفِته‪،‬‬‫م ِ‬ ‫ة على ِولي َِته تما َ‬ ‫ي معاوي ُ‬‫بن أبي سفيان‪ ،‬وبق َ‬
‫عي ُّته َتشك ُُره‪ ،‬وَتشكُر سيَرُته فيهم‪ ،‬وُتواليه‬ ‫وعمُر وَر ِ‬
‫كه منهم‬‫حلمه وعدله‪ ،‬حتى إنه لم َيش ِ‬ ‫حّبه لما رأوا من ِ‬ ‫وت ُ ِ‬
‫متظّلم"‪) .‬مجموع الفتاوى‬ ‫ه منهم ُ‬ ‫ك‪ ،‬ول ت َظ َل ّ َ‬
‫م ُ‬ ‫مشت َ ٍ‬ ‫ُ‬
‫‪(458-4/457‬‬
‫وقال الذهبي في المقدمة الزهرا في إيضاح المامة‬
‫الكبرى )ص ‪" :(106‬كان خليقا للمارة‪ ،‬شريفا‪ ،‬مهيبا‪،‬‬
‫شجاعا‪ ،‬حليما‪ ،‬جوادا‪ ،‬كثير المحاسن‪ ،‬على هنات له‪،‬‬
‫فالله يسامحه ويعفو عنه‪ ،‬فهو أول الملوك‪ ،‬ومن‬
‫أكبرهم وأحزمهم"‪.‬‬
‫وقال أيضا )تذهيب التهذيب ‪" :(9/34‬هو أول ملوك‬
‫السلم‪ ،‬وكان حليما كريما سائسا عاقل كامل السؤدد‬
‫ذا دهاء ومكر‪ ،‬كأنما خلق للملك"‪.‬‬
‫وقال ابن كثير في البداية والنهاية )‪ 11/397‬التركي(‪:‬‬
‫"كان حليما وقورا رئيسا سّيدا في الناس‪ ،‬كريما عادل‬
‫شهما"‪.‬‬
‫وكان رضي الله عنه جوادا‪ ،‬ويعرف قدر كبراء الصحابة‪:‬‬
‫ورُوي عنه أنه قضى عن عائشة رضي الله عنه ثمانية‬
‫عشر ألف دينار )الفسوي في المعرفة ‪ 2/410‬وابن‬
‫عساكر ‪ 59/191‬بسند صحيح(‪ ،‬وبعث معاوية مرة إليها‬
‫بمائة ألف )ابن أبي شيبة ‪ 6/90‬ابن أبي عاصم ‪1/376‬‬
‫والمستدرك ‪ 4/13‬الحلية ‪ 2/47‬المستجاد من فعلت‬
‫الجواد ‪ 37‬ابن عساكر ‪ ،(59/192‬وأنه أرسل لها هدية‬
‫فقبلتها )ابن أبي شيبة ‪ ،(6/90‬وانظر الحلية )‪،(2/48‬‬
‫ودخل الحسن بن علي على معاوية‪ ،‬فقال معاوية‪:‬‬
‫لجيزّنك بجائزة لم ُيجزها أحد كان قبلي‪ ،‬فأعطاه أربع‬
‫مائة ألف )وفي بعض المصادر أربعمائة ألف ألف‪ ،‬ولعله‬

‫‪112‬‬
‫تكرر سهوا(‪ ،‬ومما أقطع الحسن بن علي عين صيد‬
‫)فتوح البلدان للبلذري ص ‪ ،(366‬وأعطى ابن عباس‬
‫عروض وعين‪ ،‬وقال له‪ :‬اقسمه‬ ‫مرة ألف ألف من بين َ‬
‫على أهلك‪) .‬انظرها في الحاد والمثاني ‪ 1/374‬و ‪376‬‬
‫وأنساب الشراف للبلذري ‪ 2/399‬والوائل لبي عروبة‬
‫‪ 168‬والزيادات على المكارم وذكر الجواد للطبراني‬
‫‪ 90‬وتاريخ ابن عساكر ‪ 59/192‬و ‪ 197‬ومشيخة ابن‬
‫البخاري ‪ 2/1084‬والسير ‪ 3/154‬و ‪(155‬‬
‫وقصة النعمان بن بشير لما قدم إليه النصار فقال لهم‪:‬‬
‫خذوا لسان الخطل القائل واللؤم تحت عمائم‪.‬‬
‫)الشراف لبن أبي الدنيا ‪،(22‬‬
‫وروى الطبراني في الزيادات في المكارم وذكر الجواد‬
‫)‪ :(40‬حدثنا عبد الله بن وهيب‪ ،‬حدثنا محمد بن أبي‬
‫َ‬
‫ملة‪،‬‬‫ح َ‬
‫السري‪ ،‬حدثنا محمد بن ضمرة‪ ،‬عن علي بن أبي َ‬
‫ت الشعث بن قيس‬ ‫حَبشي‪ ،‬قال‪ :‬رأي ُ‬
‫عن أبي حفصة ال َ‬
‫بصفين‪ ،‬جاء فوقف على معاوية‪ ،‬فقال‪ :‬يا معاوية‪ ،‬خل‬
‫بيننا وبين الماء‪ ،‬قال‪ :‬نعم يا أبا محمد‪ ،‬أل ندعو لك‬
‫بشراب؟ فدعا له معاوية بشراب سويق‪] .‬قال[‪ :‬فشرب‬
‫ثم انصرف‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وهذا أعجب ما يكون بين متحاربين‪ ،‬إل أن تكون‬
‫لغير الدنيا‪ ،‬وانظر تهذيب الكمال )‪ (3/292‬نقل عن‬
‫كتاب صفين لعبد الله بن أحمد‪ ،‬وابن عساكر‪.‬‬
‫وروى سممعيد بممن منصممور )‪ (1/110‬بسممند صممحيح أن أم‬
‫المؤمنين صممفية بنممت حيمي بماعت حجرتهمما ممن معاويمة‬
‫بمائة ألف‪.‬‬
‫‪ -‬وكان معاوية إذا لقي الحسن بن علي يقول‪ :‬مرحبا‬
‫وأهل بابن رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ويأمر له‬

‫‪113‬‬
‫بثلث مائة ألف‪ ،‬وكان يلقى ابن الزبير فيقول‪ :‬مرحبا‬
‫بابن عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم وحواري‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ويأمر له بمائة ألف‪.‬‬
‫رواه الصمعي )البداية والنهاية( والبغوي في المعجم )‬
‫‪ (5/370‬والجري )‪ (5/2468‬وابن عساكر )‪(59/194‬‬
‫وسنده صحيح‪.‬‬
‫وانظر حلم معاوية لبن أبي الدنيا )‪(36‬‬
‫رز‬‫حمم ِ‬
‫م ْ‬‫‪ -‬قممال ابممن معيممن )معرفممة الرجممال روايممة ابممن ُ‬
‫‪ 1/141‬رقممم ‪ 756‬و ‪ 2/79‬رقممم ‪ 177‬والتاريممخ روايممة‬
‫الدوري ‪ 3/367‬رقم ‪ :(1784‬حدثنا جرير ‪-‬يعني ابن عبد‬
‫الحميد الضبي‪ ،‬عن مغيرة‪ ،‬قال‪ :‬نهى معاويممة أن ي ُط ِْعمم َ‬
‫م‬
‫بالكوفة إل جعدة بن هبيرة بن أبي وهب‪.‬‬
‫وأمه أم هانئ بنت أبي طالب‪.‬‬
‫َ‬
‫ي رضي الله عنه خاله‪.‬‬‫قلت‪ :‬فيكون عل ّ‬
‫‪ -‬وروى ابن سعد ويعقوب الفسوي في المعرفة )‬
‫‪ (1/492‬بسند صحيح أن معاوية بعث إلى ابن عمر‬
‫بمائة ألف‪.‬‬
‫ولذلك قال أبوالدرداء‪ :‬ل رخاء بعد معاوية‪.‬‬
‫رواه ابن أبي عاصم في الحاد والمثاني )‪(1/382‬‬
‫والطبراني في الكبير )مجمع الزوائد ‪ (9/25‬وابن‬
‫عساكر )‪ (59/152‬وقال الهيثمي‪ :‬إسناده حسن‪ ،‬وهو‬
‫كما قال‪.‬‬
‫ومع سخائه وجوده فقد كان متواضعا في‬
‫نفسه‪ ،‬فروى ابن أبي عاصم )‪ (1/380‬وابن عساكر )‬
‫‪ (59/171‬عن عبيد أبي البختري قال‪ :‬كنت عند معاوية‬
‫فرأيته متواضعا‪ ،‬ولم أر أسياطا غير مخاريق كمخاريق‬
‫الصبيان من رقاع فيفقعون بها‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫وروى ابن أبي عاصم بسند صحيح )‪ (1/379‬عن أبي‬
‫حملة‪ ،‬قال‪ :‬رأيت معاوية على المنبر وعليه قناء مرقوع‪.‬‬
‫دد في مسنده )المطالب العالية ‪ 3/792‬رقم‬ ‫س ّ‬
‫م َ‬
‫وروى ُ‬
‫‪ 438‬الشثري( من طريق سعد بن إبراهيم‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬أن‬
‫مُهم في قميص‪.‬‬ ‫َ‬
‫معاوية رضي الله عنه أ ّ‬
‫وسنده صحيح‪.‬‬
‫وروى‪ :‬من أحب أن يتمثل الناس له قياما )المسند‬
‫‪ 4/91‬و ‪ 100‬والجري ‪ 5/2463‬وتهذيب الثار ‪2/568‬‬
‫وشعب اليمان ‪ 14/311‬والصحيحة ‪(357‬‬
‫وروى ابن سعد )‪ 1/116‬السلومي( وابن أبي عاصم )‬
‫‪ (1/377‬وابن عساكر‪ ،‬قال‪ :‬إني والله لست بخيركم‪،‬‬
‫ولكني عسيت أن أكون أنكأكم في عدكم‪ ،‬وأنفعكم لكم‬
‫بولية‪ ،‬وأحسنكم خلقا"‪.‬‬
‫وأما حلمه ورحابة صدره فمضرب المثل‪ ،‬وأخباره في‬
‫ذلك كثيرة جدا‪ ،‬وقد أفرد الحافظان ابن أبي الدنيا وابن‬
‫أبي عاصم تصنيفا في حلم معاوية‪ ،‬وساق ابن عساكر‬
‫في تاريخه )‪ (190-59/177‬الكثير من ذلك‪.‬‬
‫وروى الزبير بن بكار في الموفقيات )‪ (336‬وابن أبي‬
‫الدنيا في حلم معاوية )‪ (10‬ومحمد بن مروان السعيدي‬
‫في المجالسة‪ ،‬ومن طريقه ابن عساكر )‪(59/185‬‬
‫واللفظ له‪ ،‬بسند صحيح عن هشام بن عروة قال‪ :‬صلى‬
‫بنا عبد الله بن الزبير الغداة ذات يوم فوجم بعد الصلة‬
‫وجوما لم يكن يفعله‪ ،‬ثم أقبل علينا بوجهه فقال‪ :‬لله دّر‬
‫عه فيتخادع لنا‪ ،‬وما ابن‬‫ابن هند! أما والله إن كنا نتخد ّ ُ‬
‫ليلة بأدهى منه‪ ،‬لله در ابن هند! أما والله إن كنا لنفرقه‬
‫رب بأجرأ منه‪ ،‬كان والله كما‬ ‫ح ِ‬
‫فيتفارق لنا‪ ،‬وما الليث ال َ‬
‫قال بطحاء العذري‪:‬‬
‫مجهُر‬‫ن بخطبته ُ‬ ‫ب المنابر وّثاُبها *** ِ‬
‫معَ ّ‬ ‫َركو ُ‬

‫‪115‬‬
‫مُر‬
‫مه ْ َ‬
‫طل ال ِ‬
‫ريعُ إليه فصوص الكلم *** إذا نثر الخ ِ‬
‫تَ ِ‬
‫كان والله كما قال قالت بنت رقيقة‪:‬‬
‫أل أبكيه‪ ،‬أل أبكيه *** أل كل الفتى فيه‬
‫وله طريق أخرى عنده )‪ (59/236‬وانظر البلذري )‬
‫‪ (4/96‬وتاريخ أبي زرعة )‪(1/572‬‬
‫وروى الثرم والخلل )‪ (2/445‬عن عبد الله بن الزبير‬
‫بن العوام يتشّبه بمعاوية في الحلم‪.‬‬
‫وقال أحمد في الزهد )ص ‪" :(391‬حدثنا أبوالمغيرة‪،‬‬
‫حدثنا هشام بن الغاز‪ ،‬حدثني يونس الهرم‪ ،‬عن أبي‬
‫مسلم الخولني‪ ،‬أنه نادى معاوية رحمه الله ابن ابي‬
‫سفيان وهو جالس على منبر دمشق فقال يا معاوية‬
‫انما انت قرب من القبور ان جئت بشيء كان لك شيء‬
‫وان لم تجيء بشيء لك يا معاوية ل تحسبن الخلفة‬
‫جمع المال وتفرقته ولكن الخلفة العمل بالحق والقول‬
‫بالمعدلة واخذ الناس في ذات الله يا معاوية انا ل‬
‫نبالي بكدر النهار ما صفت لنا رأس عيننا وانك رأس‬
‫عيننا يا معاوية انك ان تحف على قبيلة من قبائل العرب‬
‫يذهب حيفك بعد لك فلما قضى ابو مسلم مقالته اقبل‬
‫عليه معاوية فقال يرحمك الله يرحمك الله"‪.‬‬
‫ورواه الزبير بن بكار والللكائي )‪ (8/1439‬والهوازي‬
‫في شرح عقد أهل اليمان )الجزء ‪ 17‬رقم ‪ (82‬وابن‬
‫عساكر )‪ (59/169‬وابن الجوزي في المصباح المضيء‬
‫)‪(2/39‬‬
‫وساق ابن عساكر أخبارا كثيرة عن كرم معاوية وجوده‬
‫)‪(198-59/191‬‬
‫حّبه الخيَر للسلم وأهله‪:‬‬
‫ومن ُ‬

‫‪116‬‬
‫ما رواه محمد بن الفيض الغساني في الخبار‬
‫والحكايات )‪ (100‬ومن طريقه ابن عساكر )‪(67/246‬‬
‫دحيم‪ ،‬حدثنا محمد بن شعيب‪ ،‬أخبرني‬ ‫قال‪ :‬حدثنا ُ‬
‫معاوية ونحن في‬ ‫طل مولى بني كلب‪ :‬مّر بنا ُ‬ ‫معَ ّ‬‫أبوال ُ‬
‫معَّلم‪:‬‬
‫المكتب يعود ُ د ُّرة َ في نحوٍ من عشرة‪ ،‬فقال لنا ال ُ‬
‫ما سّلمُتم على أمير المؤمنين! إذا رجع فسّلموا عليه‪.‬‬
‫م عليك يا أميَر المؤمنين‬ ‫فلما رجع ُقمنا إليه فقلنا‪ :‬السل ُ‬
‫ة الله وبركاُته‪ ،‬قال‪ :‬اللهم بارك في ذراري‬ ‫ورحم ُ‬
‫السلم‪ ،‬اللهم بارك في ذراري السلم‪.‬‬
‫وسنده صحيح‪ ،‬أبوالمعطل وّثقه الطبراني )مسند‬
‫الشاميين ‪ 3/406‬وتاريخ ابن عساكر( وبقية رجاله‬
‫ثقات‪.‬‬
‫وقريب منه ما رواه ابن أبي الدنيا في العيال )‪(293‬‬
‫بسند صحيح عن حماد بن ميسرة الواسطي جار يزيد‬
‫بن هارون‪ ،‬عن أبي عثمان الشامي‪ ،‬قال‪ :‬كان معاوية‬
‫َيخرج علينا ونحن في الكتاب‪ ،‬ويقول للمعلم‪ :‬يا معّلم‪،‬‬
‫مهاجرين‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ب أبناِء ال ُ‬
‫سن أد َ َ‬
‫ح ِ‬
‫أ ْ‬
‫وروى ابن شّبة في أخبار المدينة )‪ (1/27‬بسند صحيح‬
‫أن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما بزق ذات‬
‫من ناٍر‪،‬‬
‫شعلة ِ‬‫ليلة في المسجد ثم ذهب‪ ،‬ثم رجع ب ُ‬
‫ل َيتتّبع ب َْزقََته حتى وجدها‪ ،‬ثم دفنها‪.‬‬
‫فجع َ‬
‫ومن إصلحاته أنه أول من بّلط المدينة المنورة‬
‫بالحجارة‪ ،‬وبنى فيها مرافق وحصنا لهلها‪) .‬انظر أخبار‬
‫المدينة لبن شبة ‪ 1/16‬و ‪ ،(271‬وقد أجرى عيني‬
‫الزرق والكظامة على أهل المدينة بأمره‪) .‬بهجة‬
‫النفوس للمرجاني ‪ 1/323‬و ‪ 376‬وقصة تثني أجساد‬
‫الشهداء‪ ،‬وممن رواها ابن قتيبة في عيون الخبار‬

‫‪117‬‬
‫‪ ،(2/318‬وكان ُيرسل الطعمة إلى المدينة كما كان‬
‫ُيفعل أيام عمر‪) .‬فتوح البلدان للبلذري ص ‪ ،(253‬وأمر‬
‫قل )فتوح البلدان للبلذري ص ‪(439‬‬‫معْ ِ‬
‫بحفر نهر َ‬
‫وروى أبوعلي القالي )‪ (1/198‬بسنده أن رجل قام إلى‬
‫ك بالرحم الذي بيني وبينك‪،‬‬ ‫معاوية‪ ،‬فقال له‪ :‬سألت ُ َ‬
‫من ُقريش أنت؟ قال‪ :‬ل‪ .‬قال‪ :‬أفمن سائر‬ ‫فقال‪ :‬أ ِ‬
‫حم بيني وبينك؟ قال‪ :‬رحم‬ ‫العرب؟ قال‪ :‬ل‪ .‬قال‪ :‬فأّية َر ِ‬
‫ل من وصلها‪ .‬ثم‬‫وة‪ ،‬والله لكونن أوّ َ‬ ‫ف ّ‬
‫آدم! قال‪ :‬رحم مج ُ‬
‫قضى حاجته‪.‬‬
‫وب ابن الجوزي‬ ‫وكان يستمع للمواعظ والنصائح‪ ،‬وقد ب ّ‬
‫في كتابه المصباح المضيء في خلفة المستضيء )‬
‫‪ (2/38‬قائل‪" :‬سياق ما ُوعظ به معاوية بن أبي‬
‫سفيان"‪ ،‬وذكر فيه طائفة مما ُوعظ به‪ ،‬وكذا ابن عربي‬
‫الصوفي‪ 65‬في محاضرة البرار )‪(2/239‬‬
‫ب العرب‪:‬‬‫وكان رضي الله عنه يح ّ‬
‫قال مجالد بن سعيد الكوفي‪ :‬رحم الله معاوية‪ ،‬ما‬
‫حّبه للعرب‪.‬‬
‫كان أشد ُ‬
‫رواه الطبراني )‪ 308-19/307‬رقم ‪ (689‬ومن طريقه‬
‫ابن عساكر )‪ (59/199‬بسند جيد إلى مجالد‪ ،66‬وقال‬
‫الهيثمي في المجمع )‪ :(9/358‬رجاله ثقات إلى مجالد‪.‬‬

‫‪ 65‬لم أنقل عنه احتجاجا به‪ ،‬ولكنه يروي بسنده من طريق كتب‬
‫معروفة‪ ،‬ويستفيد منها الباحث‪.‬‬
‫‪ 66‬قلت‪ :‬الراوي عن أبي أسامة عن مجالد ترجمُته عزيزة‪ ،‬وهو‬
‫أبوبكر يوسف بن محمد بن سابق‪ ،‬وّثقه ابن حبان )‪،(9/282‬‬
‫وروى عنه جمع‪ ،‬منهم الحافظان أبوحاتم الرازي والبزار‪ ،‬وذكر‬
‫البيهقي في السنن )‪ (6/121‬أنه يوسف بن محمد العصفري‬
‫شيخ البخاري‪ ،‬والله أعلم بصحة هذا‪ ،‬والرجل ل بأس به إن شاء‬
‫الله‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫بعض ما ُروي من أقوال معاوية‪:‬‬
‫روى الطبري )‪ (5/335‬بسند صحيح عن جويرية بن‬
‫أسماء‪ ،‬قال‪ :‬قال معاوية‪" :‬إني لرفع نفسي من أن‬
‫حلمي‪ ،‬أو‬‫ل أكثر من ِ‬‫عفوي‪ ،‬وجه ٌ‬ ‫م من َ‬ ‫ب أعظ َ‬‫يكون ذن ٌ‬
‫سْتري‪ ،‬أو إساءة ٌ أكثر من إحساني"‪.‬‬ ‫عورة ٌ ل أواريها ب ِ‬
‫ف"‪.‬‬
‫ف الَعفا ُ‬
‫ن الشر ِ‬
‫قال‪ :‬وقال معاوية‪َ" :‬زي ْ ُ‬
‫وانظر المجالسة للدينوري )‪ 3/164‬رقم ‪(801‬‬
‫وروى الطبري )‪ (5/336‬بسند صحيح عن جويرية بن‬
‫من شيء ألذ ّ عندي من‬‫أسماء‪ ،‬قال‪ :‬وقال معاوية‪ :‬ما ِ‬
‫عه‪.‬‬
‫جّر ُ‬
‫ظ أت َ‬
‫غي ٍ‬
‫ورواه البلذري )‪ (4/37‬وزاد‪.. :‬أرجو بذلك وجه الله‪.‬‬
‫وروى الدينوري )‪ (3/186‬بسند صحيح عن ابن عيينة‪،‬‬
‫وروى ابن الجوزي في ذم الهوى )ص ‪ (25‬من طريق‬
‫عبد الله بن الصلت‪ ،‬قال‪ :‬سأل عمرو بن العاص معاوية‬
‫بن أبي سفيان رضي الله عنهما‪ :‬ما المروءة؟ قال‪ :‬ترك‬
‫اللذة‪.‬‬
‫وهذا منقطع‪.‬‬
‫وروى الدينوري )‪ (5/288‬عن المدائني‪ ،‬قال‪ :‬نظر‬
‫معاوية إلى ابنه وهو يضرب غلما له‪ ،‬فقال له‪ :‬أتفسد‬
‫أدبك بأدبه؟ فلم ي َُر ضاربا غلما له بعد ذلك‪.‬‬
‫وروى الطبري )‪ (5/336‬بسند صحيح عن عبد الله بن‬
‫م أفضل ما ُأعطي‬ ‫حل ُ‬ ‫صالح‪ ،‬قال‪ :‬قال معاوية‪ :‬العق ُ‬
‫ل وال ِ‬
‫صبر‪،‬‬ ‫ي َ‬ ‫ُ‬ ‫د‪ ،‬فإذا ذ ُك َّر ذ َ َ‬
‫ي َ‬‫شكر‪ ،‬وإذا ابُتل َ‬ ‫كر‪ ،‬وإذا أعط َ‬ ‫العب ُ‬
‫غفر‪ ،‬وإذا أساَء استغفر‪ ،‬وإذا‬ ‫وإذا غضب كظم‪ ،‬وإذا َقدر َ‬
‫عد أنجز‪.‬‬ ‫و َ‬

‫‪119‬‬
‫وروى الطبري )‪ (5/336‬بسند صحيح عن علي‬
‫كم بن‬‫ح َ‬‫المدائني‪ ،‬قال‪ :‬قال معاوية لعبد الرحمن بن ال َ‬
‫ت بالشعر‪ ،‬فإيا َ‬
‫ك‬ ‫ج َ‬ ‫أبي العاص‪ :‬يا ابن أخي‪ ،‬إنك قد له ْ‬
‫ب بالنساء‪ ،‬فتعُّر الشريفة‪ ،‬والهجاَء؛ فتعُّر كريما‪،‬‬ ‫والتشبي َ‬
‫وقاح‪ ،‬ولكن افتخْر‬ ‫طعمة ال َ‬‫ح؛ فإنه ُ‬
‫وتستثيَر لئيما‪ ،‬والمد َ‬
‫سك‪،‬‬ ‫بمفاخر قومك‪ ،‬وُقل من المثال ما تزين به نف َ‬
‫ب به غيَرك‪.‬‬ ‫وُتؤد َ‬
‫ورواه المعافى بن زكريا في الجليس الصالح )‪(3/147‬‬
‫من طريق عمر بن شّبة‪ ،‬عن أشياخه به نحوه‪.‬‬
‫)وانظر البلذري ‪ 4/22‬و ‪ 23‬والجليس الصالح ‪(3/147‬‬
‫وروى أبوعلي القالي في المالي )‪ (1/194‬بسنده إلى‬
‫خلسة‪ ،‬والحياُء‬‫ة ُ‬‫ص ُ‬
‫فْر َ‬
‫أبي عبيدة‪ ،‬قال‪ :‬قال معاوية‪" :‬ال ُ‬
‫ة من‬‫خيبة‪ ،‬والكلم ُ‬‫ن بها ال َ‬
‫ة مقرو ٌ‬
‫يمنعُ الرزق‪ ،‬والهيب ُ‬
‫ة المؤمن"‪.‬‬ ‫حكمة ضال ّ ُ‬
‫ال ِ‬
‫وثمة حديث عن عبدالله بن بريدة عن معاوية في حّبه‬
‫لسماع الحديث الحسن من الناس‪ ،‬ولكن جاء في إحدى‬
‫طرقه ما يوجب التنبيه‪:‬‬
‫فالحديث يرويه الحسين بن واِقد‪ ،‬ورواه عنه اثنان‪ :‬ابنه‬
‫حباب‪.‬‬
‫علي‪ ،‬وزيد بن ال ُ‬
‫فرواه أبوزرعة الدمشقي في تاريخه )‪ (2/677‬ومن‬
‫طريقه ابن عساكر )‪ (27/127‬من طريق علي بن‬
‫الحسين‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬حدثني عبد الله بن بريدة‪ ،‬قال‪:‬‬
‫"دخلت مع أبي على معاوية"‪ .‬انتهى‪.‬‬
‫حباب‪،‬‬ ‫وقال ابن أبي شيبة )‪ :(95-11/94‬حدثنا زيد بن ال ُ‬
‫عن حسين بن واقد‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا عبد الله بن بريدة‪،‬‬
‫س أبي على‬ ‫جل َ َ‬
‫قال‪ :‬دخلت أنا وأبي على معاوية‪ ،‬فأ ْ‬
‫َ‬
‫ب‪،‬‬
‫شرِ َ‬ ‫بف َ‬‫سرير‪ ،‬وأَتى بالطعام فأط َْعمنا‪ ،‬وأَتى بشرا ٍ‬ ‫ال ّ‬
‫خذ ُهُ‬ ‫ت أست َل ِذ ّه ُ وأنا شا ّ‬
‫ب فآ ُ‬ ‫فقال معاوية‪":‬ما شيٌء كن ُ‬

‫‪120‬‬
‫م‪،‬‬ ‫ذه قَب ْ َ‬
‫ل الَيو ِ‬ ‫خ ُ‬‫تآ ُ‬ ‫ذه كما كن ُ‬ ‫خ ُ‬‫ن؛ فإني آ ُ‬ ‫م إل الل ّب َ َ‬‫اليو َ‬
‫ن"‪.‬‬
‫س َ‬‫ح َ‬ ‫ث ال َ‬ ‫والحدي َ‬
‫ورواه أحمد عن زيد به‪ ،‬وجاءت عنده زيادة تفرد بها‪:‬‬
‫فقال أحمد )‪ (5/347‬ومن طريقه ابن عساكر )‬
‫حباب‪ ،‬حدثني حسين بن واقد‪،‬‬ ‫‪ :(27/127‬ثنا زيد بن ال ُ‬
‫ت أنا وأبي على‬ ‫ة‪ ،‬قال‪ :‬دخل ُ‬ ‫حدثنا عبد الله بن ُبريد َ‬
‫ُ‬
‫فُرش‪ ،‬ثم أِتينا بالطعام‪ ،‬فأك َْلنا‪،‬‬ ‫سنا على ال ُ‬ ‫معاوية‪ ،‬فأجل َ َ‬
‫ل َأبي‪.‬‬ ‫ب معاوية‪ ،‬ثم ناوَ َ‬ ‫شرِ َ‬ ‫ب‪ ،‬ف َ‬‫شرا ِ‬ ‫ثم ُأتينا بال ّ‬
‫ل الله صلى الله‬ ‫مه رسو ُ‬ ‫شرِب ُْته‪ 67‬منذ ُ َ‬
‫حّر َ‬ ‫ثم قال‪" :‬ما َ‬
‫عليه وسلم"‪.‬‬
‫كر‪ ،‬وهذا استطراد ٌ من معاوية ل تعلق له بما قبله‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫‪ 67‬يعني ال ُ‬
‫ول بعده‪ ،‬وقال المعلق على المسند )‪ 38/26‬الرسالة(‪" :‬ولعله‬
‫كراهة والنكار في وجه ُبريدة‪ ،‬لظّنه أنه‬ ‫قال ذلك ِلما رأى من ال َ‬
‫ب محرم‪ ،‬والله أعلم"‪.‬‬ ‫شرا ٌ‬
‫قلت‪ :‬هذا تجويٌز من قائله‪ ،‬ولم ي َرِد ْ في شيء من مصادر الخبر‬
‫ده وامتناعه عما ناوله‬ ‫ل كراهية بريدة أو إنكاره‪ ،‬فضل عن ر ّ‬ ‫ق ُ‬ ‫نَ ْ‬
‫معاوية‪ ،‬ولو كان ُبريدة رضي الله عنه يظن ذلك لما جلس هذا‬
‫مه على أقل تقدير‪ ،‬ثم إن مما‬ ‫ل ابُنه استفها َ‬ ‫ق َ‬‫المجلس‪ ،‬ول َن َ َ‬
‫يتبادر للذهن أن الشراب هو اللبن‪ ،‬بدليل أن معاوية في سّنه‬
‫ل عليه غيره؛ كما في آخر الخبر‪ ،‬والله تعالى أعلم‪.‬‬ ‫ض ُ‬‫ف ّ‬ ‫هذه ل ي ُ َ‬
‫ب الخمر!! كيف‬ ‫إل أن آخر ما يمكن أن ُيفهم هو أن معاوية َ‬
‫شرِ َ‬
‫م‬‫وهو ينص في الخبر ذاته على أنه لم يشربها قط! وأّنه عَل ِ َ‬
‫ث‬‫ي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وروى عنه حدي َ‬ ‫ن النب ّ‬ ‫م َ‬ ‫ي عنه ِ‬ ‫الن ّهْ َ‬
‫دته في مسألة‬ ‫جلد الشارب ثلثا‪ ،‬ثم قتله في الرابعة‪ ،‬ومن ش ّ‬
‫المسكر أنه أمر بقتل السكران إذا قََتل‪ ،‬مع أن بعضهم ل يوقعه‪.‬‬
‫ة الخيرة من كلم‬ ‫جمل ُ‬ ‫ت الخبر لجله‪ :‬ال ُ‬ ‫والشاهد ُ الذي أورد ُ‬
‫ن إكرام معاوية لخوانه الصحابة‪ ،‬ووفادتهم عليه‪،‬‬ ‫معاوية‪ ،‬وبيا ُ‬
‫ت دفع اليهام الذي قد يثيره‬ ‫رضي الله عنهم أجمعين‪ ،‬كما قصد ُ‬
‫ض أهل الهوى؛ ممن تنقلب الفضائل في مخيلتهم إلى مثالب!‬ ‫بع ُ‬
‫وكى‬ ‫دثي الرافضة الن ّ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫م ْ‬
‫ض ُ‬ ‫ت قليل في هذا لني رأيت بع َ‬ ‫وأطل ُ‬
‫مله ما ل يحتمل‪ ،‬مما هو ومشايخه أولى‬ ‫ُ‬ ‫ح ّ‬
‫خَبر‪ ،‬وي ُ َ‬
‫ف معنى ال َ‬ ‫حرِ ُ‬ ‫ي ْ‬
‫به‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫َ‬
‫جوَد َهُ‬
‫ش؛ وأ ْ‬ ‫ب قَُري ْ ٍ‬
‫شبا ِ‬ ‫ل َ‬ ‫م َ‬‫ت أج َ‬
‫َ‬
‫ثم قال معاوية‪" :‬كن ُ‬
‫ده وأنا‬ ‫ت أج ُ‬ ‫جد ُ له ل َذ ّة ً كما كن ُ‬‫تأ ِ‬ ‫يٌء كن ُ‬‫ش ْ‬ ‫ث َْغرًا‪ ،‬وما َ‬
‫حد ُّثني"‪.‬‬ ‫ث يُ َ‬‫ن الحدي ِ‬ ‫ّ‬
‫س ِ‬ ‫ح َ‬‫ن َ‬ ‫ن‪ ،‬أو إنسا ٌ‬ ‫ب غيَر اللب َ ِ‬ ‫شا ّ‬
‫وسنده رجاله ثقات في الظاهر‪ ،‬إل أنه بهذا السياق‬
‫معلول‪ ،‬بل هو منكر‪.‬‬
‫ث مرفوٍع من طبقة‬ ‫فّرد َ راوٍ بحدي ٍ‬ ‫إذ ليس بالمكان أن ي َت َ َ‬
‫من بعد‬ ‫حباب‪ ،‬ولو كان أوثق الناس‪ ،‬فضل ع ّ‬ ‫زيد بن ال ُ‬
‫ذلك‪.‬‬
‫ن الحسين بن واقد لم يرو الحديث‬ ‫ن اب َ‬ ‫ول سيما أ ّ‬
‫ن أبي شيبة‪ ،‬وأغلب الظن‬ ‫المرفوع‪ ،‬ول رواه عن زيد‪ :‬اب ُ‬
‫ذكرت له أوهام‪ ،‬وكذا شيخه‪.‬‬ ‫أن زيد قد وهم فيه‪ ،‬وقد ُ‬
‫ومن الواضح أن سياق القصة هكذا ناقص‪ ،‬وهناك‬
‫ه أعلم به‪ ،‬أما رواية ابن أبي شيبة فل‬ ‫ف الل ُ‬‫محذو ٌ‬
‫إشكال فيها‪.‬‬
‫ثم هذه الزيادة قد استنكرها الهيثمي في مجمع الزوائد‬
‫)‪(5/42‬‬
‫وقال ابن أبي الدنيا في إصلح المال )‪ :(124‬حدثني‬
‫محمد بن الحارث بن عبد الله عن شيخ من قريش قال‪:‬‬
‫من ط ََلب‬‫ل ِ‬‫ديك أفض ُ‬‫ل في ي َ َ‬
‫ح ما ٍ‬‫معاوية يقول‪" :‬إصل ُ‬
‫كفاف‬ ‫حسن التدبير مع ال َ‬ ‫من أيدي الناس‪ ،‬و ُ‬ ‫ل ِ‬
‫ض ِ‬
‫ف ْ‬‫ال َ‬
‫ي من الكثير"‪.‬‬
‫ب إل ّ‬‫أح ّ‬
‫وقال أيضا )‪ :(158‬حدثني الحسن بن صالح حدثني‬
‫يعقوب بن إسحاق الحضرمي حدثنا سلم بن سليمان‬
‫حدثنا عمرو بن عتبة قال قال معاوية‪" :‬آفة العلم‬
‫النسيان و آفة العبادة الرياء و آفة النجابة الكبر وآفة‬
‫اللب العجب وآفة الصلح الشح وآفة السماحة التبذير‬
‫وآفة الجلد الفحش و آفة الحياء الذل و آفة الحب‬
‫الضعف و آفة الظرف الكثار"‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫وقال أيضا )‪ :(284‬حدثنا أحمد بن إبراهيم العبدي حدثنا‬
‫مؤمل بن اسماعيل عن محمد بن حرب قال‪ :‬دخل تاجر‬
‫على معاوية فجعل يماكسه فقال التاجر لقد بلغني عنك‬
‫غير هذا قال وما بلغك قال بلغني بؤسك وكرمك قال‬
‫مه إنما ذلك عن ظهر يد فأما أربد عن عقلي فل‪.‬‬
‫وُروي عن معاوية أنه قال‪" :‬ل أضع سيفي حيث يكفيني‬
‫سوطي‪ ،‬ول أضع سوطي حيث يكفيني لساني ولو أن‬
‫بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت قيل وكيف يا أمير‬
‫المؤمنين قال كانوا إذا مدوها خليتها وإذا خلوها مددتها"‪.‬‬
‫انظر غريب الحديث لبن قتيبة )‪(2/413‬‬
‫رأى معاوية يزيد ابنه يضرب غلما له‪ ،‬فقال‪" :‬يا يزيد‪،‬‬
‫سوءة ٌ لك! تضرب من ل يستطيع أن يمتنع؟ والله لقد‬ ‫َ‬
‫حنات"‪ .‬رواه الخطابي في‬ ‫من ذوي ال ِ‬
‫قدرة ُ ِ‬
‫منعَْتني ال ُ‬
‫الغريب )‪ (2/529‬من طريق الصمعي‪.‬‬
‫شجاعته وجهاده‪:‬‬
‫ب ليس بأجَرأ َ من‬ ‫حرِ َ‬
‫ن الزبير بأن الليث ال َ‬‫ف اب ِ‬
‫تقدم وص ُ‬
‫معاوية‪.‬‬
‫حنينا‬ ‫ة مع النبي صلى الله عليه وسلم ُ‬ ‫وقد شهد معاوي ُ‬
‫والطائف‪ ،‬وشهد غزوة تبوك‪ ،‬وهي الُعسرة‪.‬‬
‫وفي أيام أبي بكر الصديق شهد حرب المرتدين في‬
‫اليمامة‪.‬‬
‫مر عليهم‬ ‫ثم جمع أبوبكر أناسا ووجههم إلى الشام‪ ،‬وأ ّ‬
‫معاوية‪ ،‬وأمرهم باللحاق بيزيد بن أبي سفيان‪ ،‬وهي أول‬
‫مهمة قيادية يتولها معاوية‪.‬‬
‫ب أخاه ُ َيزيد َ أميَر الشام في ُفتوحها‪ ،‬وشهد‬‫ح َ‬‫ص ِ‬
‫ثم َ‬
‫اليرموك‪ ،‬وفتح دمشق تحت راية يزيد‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫ة بإمرة أخيه‬ ‫وفي عهد عمر بن الخطاب أرسل يزيد ُ حمل ً‬
‫معاوية إلى سواحل بلد الشام فافتتحها‪.‬‬
‫وكان معاوية من الجيش الذي فتح بيت المقدس‪ ،‬ودخل‬
‫المسجد مع عمر بن الخطاب رضي الله عن الجميع‪،‬‬
‫مري الشهير‪.‬‬ ‫وكان أحد أربعة شهدوا على الَعهد العُ َ‬
‫ح‬
‫ة قائد َ فت ِ‬‫ن معاوي ُ‬ ‫وفي سنة تسع عشرة زمن عمر كا َ‬
‫سارِّية‪ ،‬من المعارك الفاصلة مع الروم‪ ،‬وكان فيها‬ ‫قَي ْ َ‬
‫َبطارِقَُتهم‪ ،‬وقد حاصرها معاوية حصارا شديدا )الموال‬
‫لبي عبيد ‪ ،(279‬وأبلى فيها بلء كبيرا‪ ،‬فروى ابن أبي‬
‫عاصم في الحاد والمثاني )‪ (1/381‬بسند صحيح عن‬
‫عبد الله بن العلء‪ ،‬قال‪ :‬ث َغََر المسلمون من حائط‬
‫قيساريةِ فلسطين ثغرة؛ فتحاماها الناس‪ ،‬فكتب عمر‬
‫إلى معاوية رضي الله عنهما بتوليه قتالها‪ ،‬فتناول اللواء‬
‫وأنهض الناس وتبعوه‪ ،‬فركز لواءه في الثغرة؛ فقال‪ :‬أنا‬
‫ابن عنبسة‪ .‬يريد السد‪.‬‬
‫وتولى معاوية إمارة دمشق في عهد عمر بعد وفاة يزيد‬
‫مواس سنة ‪ ،18‬ثم تفرد بإمرة الشام‬ ‫في طاعون ع َ َ‬
‫آخر عهد عمر‪ ،‬وقام على ثغورها‪ ،‬وفتح عسقلن‪ ،‬وتتبع‬
‫ما بقي من فلسطين‪.‬‬
‫وكان قد استأذن عمر في بناء قوة بحرية لمحاربة‬
‫الروم فلم يأذن‪.‬‬
‫ثم توفي عمر وهو عن معاوية راض‪ ،‬فأقّره عثمان بن‬
‫عفان ‪-‬رضي الله عنهم جميعا‪ -‬على إمرة الشام كلها‪،‬‬
‫وكان معاوية يغزو الروم‪ ،‬وكان على رأس صائفة‪،‬‬
‫مورية )موقع أنقرة اليوم(‪،‬‬
‫واستطاع أن يصل إلى ع ّ‬
‫ومعه عدد من الصحابة‪ ،‬منهم‪ :‬عبادة بن الصامت‪،‬‬
‫وأبوأيوب النصاري‪ ،‬وأبوذر الغفاري‪ ،‬وأبوالدرداء‪ ،‬وشداد‬
‫بن أوس‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫وأعاد معاوية طلب بناء قوة بحرية للمسلمين‪ ،‬فوافق‬
‫عثمان‪ ،‬فبنى أسطول‪ ،‬وغزا بنفسه جزيرة قبرص سنة‬
‫خمس وعشرين‪) 68‬تاريخ أبي زرعة الدمشقي ‪1/184‬‬
‫ث في فضل أّول من يغزو‬ ‫وصححه ص ‪ ،(186‬وجاء حدي ٌ‬
‫دم‪ ،‬وهو أمير تلك الغزوة‪ ،‬ومعه‬
‫البحر من المة كما تق ّ‬
‫عدد من الصحابة‪ ،‬وقام بتحصين أسوار سواحل الشام‬
‫عند ذهابه إلى قبرص‪ ،‬مثل عكا وصور‪ ،‬وأنشأ حصونا‬
‫وشحنها بالجتد‪) .‬فتوح البلدان للبلذري ص ‪ 140‬و ‪152‬‬
‫و ‪(158‬‬
‫ثم أعاد فتح قبرص سنة ‪ 33‬عندما نقض أهلها العهد‪.‬‬
‫كما غزا معاوية بلد الروم على رأس صائفة‪ ،‬فوصل إلى‬
‫)حصن المرأة( قرب ثغر ملطية‪.‬‬
‫وكان لمعاوية إسهام في دحر بقايا الروم في سواحل‬
‫الشام‪ ،‬مثل طرابلس‪) .‬فتوح البلدان للبلذري ص ‪(150‬‬
‫توقفت الفتوحات بعد مقتل عثمان بن عفان رضي الله‬
‫عنه مظلوما‪.‬‬
‫قال سعيد بن عبد العزيز‪ :‬لما ُقتل عثمان واختلف‬
‫الناس لم تكن للناس غازية ول صائفة حتى اجتمعت‬
‫موها سنة الجماعة‪.‬‬ ‫المة على معاوية سنة أربعين‪ ،‬وس ّ‬
‫ة الصوائف وشّتاهم بأرض‬ ‫قال سعيد‪ :‬فأغزا معاوي ُ‬
‫ف بها وتشُتو‪ ،‬ثم َتقف ُ‬
‫ل‬ ‫الروم؛ ست عشرة صائفة تصي ُ‬
‫ة ابَنه يزيد في سنة‬‫قب َُتها‪ ،‬ثم أغزاهم معاوي ُ‬
‫معَ ّ‬ ‫وتدخ ُ‬
‫ل ُ‬
‫ثنتين وخمسين في جماعة من أصحاب رسول الله في‬
‫البر والبحر؛ حتى أجاز بهم الخليج‪ ،‬وقاتلوا أهل‬
‫القسطنطينة على بابها‪ ،‬ثم قَ ِ‬
‫فل‪.‬‬
‫رواه أبوزرعة في تاريخه )‪ (1/188‬ومن طريقه ابن‬
‫عساكر )‪ (59/159‬بسند رجاله ثقات أثبات‪.‬‬
‫‪ 68‬وقيل سنة ثمان وعشرين‪ ،‬وصححه ابن حجر )الفتح ‪،(11/76‬‬
‫ونقل أقوال أخرى‪ ،‬وانظر الموال لبي عبيد )‪.(406‬‬

‫‪125‬‬
‫ورواه ابن عساكر أيضا عن سعيد بزيادة‪" :‬فلم يزل‬
‫معاوية على ذلك حتى مضى لسبيله‪ ،‬وكان آخر ما‬
‫دوا خناق الروم‪ ،‬فإنكم َتضِبطون بذلك‬ ‫صاهم به أن ُ‬
‫ش ّ‬ ‫و ّ‬
‫غيَرهم من المم"‪.‬‬
‫ولم يقتصر المر على الغزو الهجومي‪ ،‬بل وّزع معاوية‬
‫صّناع والجند على سواحل الشام‪ ،‬بعد أن كانت‬ ‫ال ُ‬
‫الصناعة في مصر فقط‪) .‬فتوح البلدان للبلذري ص‬
‫‪ 140‬و ‪(150‬‬
‫وروى أبوعبيد في كتاب الموال )‪ (446‬والبلذري فتوح‬
‫البلدان ص ‪ (188‬عن هشام بن عمار‪ ،‬ثنا الوليد بن‬
‫مسلم‪ ،‬عن صفوان بن عمرو‪ ،‬وسعيد بن عبد العزيز‪ :‬أن‬
‫ن‬
‫ل‪ ،‬وارته َ‬ ‫ة على أن ُيؤدي إليهم ما ً‬ ‫معاوي َ‬‫ت ُ‬‫م صاَلح ْ‬‫الرو َ‬
‫ت‪،‬‬‫م غ َد ََر ْ‬
‫معاوية منهم رهنا‪ ،‬فجعلهم بَبعلبك‪ ،‬ثم إن الرو َ‬ ‫ُ‬
‫ن في‬ ‫م ْ‬
‫ل َ‬‫حلوا قَت ْ َ‬‫ّ‬ ‫ة والمسلمون أن يست َ ِ‬ ‫فأَبى معاوي ُ‬
‫سبيَلهم‪ ،‬واسَتفتحوا بذلك‬ ‫وا َ‬ ‫خل ّ ْ‬‫من َرهِنهم‪ ،‬و َ‬ ‫أيديهم ِ‬
‫خيٌر من غ َد ْرٍ بغَ ْ‬
‫در‪.‬‬ ‫عليهم‪ ،‬وقالوا‪ :‬وفاٌء بغَد ْرٍ َ‬
‫قال هشام بن عمار‪ :‬وهو قول العلماء الوزاعي وغيره‪.‬‬
‫ورجاُله ثقات‪.69‬‬
‫ثم عادت الفتوحات واتسعت أيام خلفة معاوية‪،70‬‬
‫وأرسل لحصار القسطنطينية‪ ،‬وفي الحديث الصحيح‪:‬‬
‫ش َيغزون القسطنطينية مغفور لهم"‪.‬‬
‫"أول جي ٍ‬
‫ثم جدد حصارها ولمدة أربع سنوات )من سنة ‪ 53‬إلى‬
‫‪.(57‬‬

‫‪ 69‬قلت‪ :‬وهذه صورة متكررة من أخلق المسلمين‪ ،‬وأخلق‬


‫ب على أمره‪ ،‬وانظر في وفاء معاوية عهوده‬
‫أعدائهم‪ ،‬والله غال ٌ‬
‫مع الروم المصدر السابق )‪ (448‬وهو في مصادر كثيرة‪.‬‬
‫‪ 70‬انظر التاريخ السلمي لمحمود شاكر )‪(109-4/100‬‬

‫‪126‬‬
‫جُزَر صقلية‪ ،‬ورودس‪ ،‬وجربا‪ ،‬كريت‪ ،‬وكثير من‬ ‫وغزا ُ‬
‫جزر بحر إيجة قرب القسطنطينية‪.‬‬
‫وأما في إفريقية‪ ،‬فقد جدد معاوية فتحها‪ ،‬ووصل إلى‬
‫مكان تونس اليوم‪ ،‬كما فتح مناطق من فّزان‪،‬‬
‫والسودان‪.‬‬
‫وفي عهده افتتح بعض المناطق في المشرق‪ ،‬مثل‬
‫خج وبعض سجستان‪ ،‬وقوهستان‪ ،‬وغزا أمراؤه بلد‬ ‫الّر ّ‬
‫سند‪ ،‬وجبال الغور‪ ،‬وبلد اللن‪ ،‬واجتازوا النهر‪ ،‬وهم‬ ‫ال ّ‬
‫أول من اجتازه من جند المسلمين‪ ،‬ودخلوا بخارى‪،‬‬
‫مذ‪.‬‬
‫وسمرقند‪ ،‬وت ِْر ِ‬
‫ج‪ ،‬واشتد ّ ُولُته عليهم‪ ،‬وأراحوا‬
‫ت الخوار َ‬ ‫وفي عهده َ‬
‫شت ّ َ‬
‫المسلمين من شّرهم‪.‬‬
‫والحاصل كما قال أبونعيم في معرفة الصحابة )‬
‫س كّلهم عشرين سنة منفردا‬ ‫ك النا َ‬‫مل َ َ‬
‫‪َ " :(5/2497‬‬
‫بالملك‪ ،‬يفتح الله به الفتوح‪ ،‬ويغزو الروم‪ ،‬ويقسم‬
‫ضي ْعُ أجَر‬
‫الفيء والغنيمة‪ ،‬ويقيم الحدود‪ ،‬والله تعالى ل ي ُ ِ‬
‫عمل"‪.‬‬ ‫ن َ‬
‫من أحس َ‬
‫سّنة الصبهاني في سير السلف‬ ‫وام ال ُ‬‫ونقله بنحوه قَ ّ‬
‫الصالحين )‪ (2/667‬معزوا لهل التاريخ‪.‬‬
‫وقال أبوبكر بن العربي المالكي في العواصم والقواصم‬
‫)‪ 210‬و ‪ (211‬ضمن خصال معاوية‪.." :‬قيامه بحماية‬
‫البيضة‪ ،‬وسد الثغور‪ ،‬وإصلح الجند‪ ،‬والظهور على‬
‫العدو‪ ،‬وسياسة الخلق"‪.‬‬
‫وقال شيخ السلم ابن تيمية في منهاج السنة )‬
‫‪" :(4/429‬وكان من أحسن الناس سيرة في وليته"‪.‬‬
‫وقال )‪ (4/461‬بعد أن ذكر حديث )خيار أئمتكم الذين‬
‫تحبونهم ويحبونكم‪ ،‬وتصلون عليهم ويصلون عليكم(‪:‬‬

‫‪127‬‬
‫"قالوا‪ :‬ومعاوية كانت رعيته تحبه وهو يحبهم‪ ،‬ويصلون‬
‫عليه وهو يصلي عليهم"‪.‬‬
‫فصل‪:‬‬
‫ة من أصحاب‬ ‫ة معاوية جماع ً‬ ‫ت خلف ُ‬‫قال الوزاعي‪ :‬أدرك َ ْ‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬لممم ينممتزعوا يممدا مممن‬
‫طاعممة‪ ،‬ول فممارقوا جماعممة‪ ،‬وكممان زيممد بممن ثممابت يأخممذ‬
‫العطاء من معاوية‪) .‬الستيعاب لبن عبممد الممبر ‪10/144‬‬
‫مع الصابة(‬
‫ة معاوية عدة ً من أصحاب‬ ‫ت خلف ُ‬‫قال الوزاعي‪ :‬أدرك َ ْ‬
‫رسول الله‪ ،‬منهم‪ :‬سعد‪ ،‬وأسامة‪ ،‬وجابر‪ ،‬وابن عمر‪،‬‬
‫وزيد بن ثابت‪ ،‬ومسلمة بن مخلد‪ ،‬وأبو سعيد‪ ،‬ورافع بن‬
‫خديج‪ ،‬وأبو أمامة‪ ،‬وأنس بن مالك‪ ،‬ورجال أكثر ممن‬
‫سمينا بأضعاف مضاعفة‪ ،‬كانوا مصابيح الهدى وأوعية‬
‫العلم‪ ،‬حضروا من الكتاب تنزيله‪ ،‬وأخذوا عن رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم تأويله‪.‬‬
‫ومن التابعين لهم بإحسان إن شاء الله منهم‪ :‬المسور‬
‫بن مخرمة‪ ،‬وعبد الرحمن بن السود بن عبد يغوث‪،‬‬
‫وسعيد بن المسيب‪ ،‬وعروة بن الزبير‪ ،‬وعبد الله بن‬
‫محيريز‪ ،‬في أشباه لهم‪ ،‬لم ينزعوا يدا عن مجامعة في‬
‫أمة محمد‪.‬‬
‫رواه أبوزرعة الدمشقي في تاريخه )‪ 1/189‬و ‪(308‬‬
‫ومن طريقه الجورقاني )‪ (1/207‬وابن عساكر )‬
‫‪ ،(59/158‬ورجاله ثقات أثبات‪.‬‬
‫وقال الربيع بن نافع‪ :‬معاوية بن أبي سفيان ستر‬
‫أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا كشف‬
‫الرجل الستر اجترأ على ما وراءه‪.‬‬

‫‪128‬‬
‫وكان بعض السلف يجعل حب معاوية ميزانا للسنة‪ ،‬مثل‬
‫ثعلب‪ ،‬ومولد العلماء ‪ 1/170‬والسير ‪ 17/415‬ومعجم‬
‫البلدان ‪2/177‬‬
‫رباح بن الجراح الموصلي قال سمعت رجل يسأل‬
‫المعافى بن عمران فقال يا أبا مسعود أيش عمر بن‬
‫عبد العزيز من معاوية بن أبي سفيان فغضب من ذلك‬
‫غضبا شديدا وقال ل يقاس بأصحاب رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم أحد معاوية صاحبه وصهره وكاتبه‬
‫وأمينه على وحي الله عز وجل وقد قال رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم دعوا لي أصحابي وأصهاري فمن‬
‫سبهم فعليه لعنة الله والملئكة والناس‪) .‬الجري‬
‫‪ 5/2466‬والللكائي ‪ 8/1445‬وتاريخ بغداد ‪ 1/209‬ومن‬
‫طريقه الجورقاني ‪ 1/195‬وقال‪ :‬هذا حديث مشهور(‪،‬‬
‫قلت‪ :‬وهو صحيح عن المعافى‪.‬‬
‫وروى الللكائي )‪ (8/1460‬عن الشافعي قال‪" :‬ما أرى‬
‫مد صلى الله عليه وسلم‬ ‫الناس ابت ُُلوا بشتم أصحاب مح ّ‬
‫ل بذلك ثوابا ً عند َ انقطاِع‬
‫م الله عّز وج ّ‬
‫ده ُ‬
‫إل ل َِيزي َ‬
‫مِلهم"‪.‬‬ ‫عَ َ‬
‫روى علي بن المفضل في الربعين على طبقات‬
‫الحفاظ )ص ‪ (363‬من طريق جزء البطاقة عن علي بن‬
‫الفضيل أنه قال لبيه‪ :‬يا أبت‪ ،‬ما أحلى كلم أصحاب‬
‫محمد صلى الله عليه وسلم!! قال‪ :‬يا بني‪ ،‬وتدري لم‬
‫حل؟ قال‪ :‬ل‪ .‬قال‪ :‬لنهم أرادوا بذلك وجه الله تبارك‬
‫وتعالى‪) .‬الحلية ‪(10/23‬‬
‫روى مسلم )‪ (3022‬عن عائشة قالت‪ :‬أمروا أن‬
‫يستغفروا لصحاب النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫فسبوهم‪.‬‬
‫)أي في قول الله تعالى‪) :‬والذين جاؤوا من بعدهم‬
‫يقولون ربنا اغفر لنا ولخواننا الذين سبقونا باليمان((‬

‫‪129‬‬
‫وروى أبوعبيد في الموال )‪ (624‬عن أبي بكر بن أبي‬
‫مريم عن عطية بن قيس قال خطبنا معاوية فقال إن‬
‫في بيت مالكم فضل عن أعطيتكم وأنا قاسم بينكم ذلك‬
‫فإن كان فيه قابل فضل قسمناه بينكم وإل فل عتيبة‬
‫علينا فيه فإنه ليس بمالنا إنما هو فيء الله الذي أفاءه‬
‫عليكم‬
‫وقد عمل سنتين ما يخرم من عمل عمر‪.‬‬
‫رواه ابن سعد )‪ 1/114‬السلومي( ومن طريقه ابن‬
‫عساكر‪ ،‬وابن أبي عاصم )‪ (1/375‬والخلل )‪(2/444‬‬
‫وروى الطبري )‪ (5/328‬بسند صحيح عن محمد بن‬
‫ضَر أوصى بنصف‬ ‫ح ِ‬
‫من حدثه‪ ،‬أن معاوية لما ُ‬ ‫الحكم‪ ،‬ع ّ‬
‫ماِله أن ي َُرد ّ إلى بيت المال‪ ،‬كان أراد أن يطيب له‬
‫ماله"‪.‬‬
‫م عُ ّ‬
‫س َ‬
‫عمَر قا َ‬
‫الباقي‪ ،‬لن ُ‬
‫روى ابممن سممعد )‪ 1/146‬السمملومي( والبلذري )‪4/153‬‬
‫إحسان عباس( وأبوالحسن المدائني في التعممازي )‪191‬‬
‫المسممتدرك( والمممبرد فممي التعممازي والمراثممي )‪(224‬‬
‫والطبري في تاريخه )‪ (5/327‬وابن عسمماكر )‪(59/227‬‬
‫من طريق عبد العلى بن ميمون بن مهممران‪ ،‬عممن أبيممه‪،‬‬
‫ت أوضممئ‬ ‫أن معاوية قال في مرضه الذي مات فيممه‪ :‬كن م ُ‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لمي‪ :‬أل أكسموك‬
‫ت‪ :‬بلى‪ ،‬بأبي أنت وأممي‪ ،‬فنمزع قميصما كمان‬ ‫قميصا؟ قل ُ‬
‫م أظفمماره‪،‬‬ ‫ة‪ ،‬ثم رفعته‪ ،‬وقَل ّم َ‬
‫ه لبس ً‬
‫عليه فكسانيه‪ ،‬فلبست ُ ُ‬
‫ت فمماجعلوا‬ ‫قلمة فجعلُتها في قارورة‪ ،‬فممإذا م م ّ‬ ‫ت ال ُ‬
‫فأخذ ُ‬
‫قميص َرسول الله صلى اللممه عليممه وسمملم َيلممي جلممدي‪،‬‬
‫ي‪،‬‬
‫عينم ّ‬‫قلمممة واسممحقوها واجعلوهمما فممي َ‬ ‫وقطعوا تلممك ال ُ‬
‫سى!‬‫فعَ َ‬

‫‪130‬‬
‫‪71‬‬
‫وسنده ل بأس به‪.‬‬
‫وقال ابن كثير‪ :‬إن ذلك قد ورد مممن غيممر وجممه‪) .‬البدايممة‬
‫والنهاية ‪(11/458‬‬
‫قال ابن تيمية في منهاج السممنة )‪" :(4/429‬معاويممة لممم‬
‫ُيعممرف عنممه قبممل السمملم أذى للنممبي صمملى اللممه عليممه‬
‫وسلم‪ ،‬ل بيد‪ ،‬ول بلسان"‪ ،‬وانظر )‪ (4/439‬منه‪.‬‬
‫قال معاوية‪ :‬ما أنا لحد أغبط منممي لمممرئ مسمملم يقممل‬
‫من الدنيا يجاهد في سبيل الله‪) .‬الزهد لبي داود ‪(413‬‬
‫روى ابممن عسمماكر فممي تمماريخه )مختصممره لبممن منظممور‬
‫‪ 2/205‬وتهذيب الكمال ‪ 1/339‬وبغية الراغممب المتمنممي‬
‫ص ‪ (129‬مممن طريممق أبممي الحسممن علممي بممن محمممد‬
‫ت أبمما علممي الحسممن بممن أبممي هلل‬ ‫القابسي‪ ،‬قال‪ :‬سمع ُ‬
‫ة بن أبممي‬ ‫سئل أبوعبد الرحمن النسائي عن معاوي َ‬ ‫يقول‪ُ :‬‬
‫ب رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم‪،‬‬ ‫سممفيان ‪-‬صمماح ِ‬
‫ب السمملم‬ ‫ب‪ ،‬فبمما ُ‬
‫فقممال‪ :‬إنممما السمملم كممدارٍ لهمما بمما ٌ‬
‫ة إنما أراد َ السلم‪ ،‬كمن َنقممَر‬ ‫الصحابة‪ ،‬فمن آذى الصحاب َ‬
‫ة فإنما‬ ‫ل الدار‪ .‬قال‪ :‬فمن أراد معاوي َ‬ ‫ب إنما يريد ُ دخو َ‬
‫البا َ‬
‫أراد الصحابة"‪.‬‬
‫سنن عممن‬ ‫والحسن هو ابن بدر بن أبي هلل‪ ،‬من رواة ال ُ‬
‫النسائي )فهرسة ابمن خيمر ص ‪] (112‬ينظمر لمه وفيمات‬
‫ابن الطحان‪ ،‬والمقفى الكبير وتاريخ السلم[‪.‬‬

‫‪ 71‬وعبد العلى كنيته أبوعبد الرحمن‪ :‬ذكره ابن حبان في الثقات‬


‫)‪ (7/129‬وفي مشاهير علماء المصار )‪ (1477‬وروى عنه‬
‫جعفر بن برقان‪ ،‬والوزاعي‪ ،‬وعمرو بن الحارث‪ ،‬وعلي بن‬
‫مجاهد‪ ،‬ومحمد بن الحسن السدي‪ ،‬وكان على خاتم مروان بن‬
‫محمد‪ ،‬توفي قبل سنة ‪ 147‬ترجمته في تاريخ دمشق )‬
‫‪(33/445‬‬

‫‪131‬‬
‫قال مالك‪" :‬من شتم أحدا من أصحاب النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم من الخلفاء‪ ،‬أو معاوية‪ ،‬أو عمرو بن العاص‪،‬‬
‫فإن قال‪ :‬كلهم كانوا على ضلل وكفر ُقتل‪ ،‬وإن قالك‬
‫سبهم ]كغيره[ من مشاتمة الناس نكل نكال شديدا"‬
‫)الشفا للقاضي عياض ‪ 2/267‬وبهجة النفوس‬
‫للمرجاني ‪(2/1069‬‬
‫لطيفة‪ :‬قال الذهبي في السير )‪" :(16/475‬قال تمام‬
‫بن محمد الزينبي وغيره‪ :‬سمعنا القواس يذكر انه وجد‬
‫في كتبه جزءا من فضائل معاوية قد قرضته الفأرة‬
‫قدعا عليها فسقطت فأرة من السقف واضطربت حتى‬
‫ماتت وروي عن ابي ذر انه حضر لما ماتت"‪.‬‬
‫وانظره في تاريخ بغداد )‪(14/325‬‬
‫فائدة‪ :‬حدثني شيخنا محمممود شمماكر الحرسممتاني حفظممه‬
‫الله‪ ،‬قال‪ ،‬قال لي حسممن فرحممان‪ :‬لممماذا تممدافعون عممن‬
‫معاوية ول تدافعون عن علي؟‬
‫فقلت‪ :‬وهل تجد أحدا من أهل السممنة يطعممن فممي علممي‬
‫أصل؟ فعلى أي شيء ندافع؟‬
‫فقال لي‪ :‬لماذا استلحق معاوية زياد؟‬
‫فقلت‪ :‬رجل اعممترف بممه أبوسممفيان‪ ،‬وأمممه سمممية‪ ،‬ممماذا‬
‫يفعل معاوية تجاهه؟ هل هذه قضية الشرق الوسط؟‬
‫فصل‪:‬‬
‫قال أبوداود في السؤالت )‪ 141‬و ‪ :(142‬سمعت أحمد‬
‫يقول‪ :‬أهل الكوفة ليس لحديثهم نور‪ ،‬يذكرون الخبار‪.‬‬
‫سمعت أحمد‪ :‬قال‪ :‬قال عبد الرحمممن بممن مهممدي‪ :‬قلممت‬
‫لبن المبارك‪ :‬أهل الكوفة ليس ُيبصرون الحديث‪ .‬فقال‪:‬‬
‫ت المممر علممى‬
‫كيف؟! ثم لقيته بعد ذلك‪ ،‬فقال لي‪ :‬وجد ُ‬

‫‪132‬‬
‫ت‪ .‬قممال أحمممد‪ :‬كممانوا يسممألونه عممن رأي حممماد‪،‬‬ ‫ممما قل م َ‬
‫والزهري‪ ،‬وأحاديث الصغار‪.‬‬
‫قال الخليلممي‪ :‬لهممل الكوفممة مممن الضممعفاء ممما ل ُيمكممن‬
‫ض الحفاظ‪ :‬تأملت ما وضعه أهل الكوفممة‬ ‫دهم‪ .‬قال بع ُ‬ ‫ع ّ‬
‫في فضائل علممي وأهممل بيتممه فممزاد علممى ثلثمممائة ألممف‪.‬‬
‫)الرشمماد ‪ 1/420‬وعلممق عليممه ابممن القيممم فممي المنممار‬
‫ت‬‫المنيف ص ‪ 116‬بقوله‪ :‬ول تستبعد هذا‪ ،‬فإنك لممو تتبعم َ‬
‫ت المممر كممما قممال‪ .‬أفمماده‬ ‫ممما عنممدهم مممن ذلممك لوجممد َ‬
‫المحقق(‬
‫ت محمد بن سليمان الفامي يقممول‪:‬‬ ‫وقال الخليلي‪ :‬سمع ُ‬
‫سمعت عبد الله بن محمد السممفراييني يقممول‪ :‬سمممعت‬
‫محمممد بممن إدريممس وراق الحميممدي يقممول‪ :‬قممال أهممل‬
‫ب بهمما أهممل العممراق‪،‬‬ ‫جمّر ُ‬
‫المدينة‪ :‬وضعنا سممبعين حممديثا ن ُ َ‬
‫دوهمما إلينمما‬
‫ل البصممرة ر ّ‬ ‫فبعثنا إلى الكوفة والبصممرة‪ .‬فأهم ُ‬
‫ولم يقبلوها‪ ،‬وقالوا‪ :‬هذه كلها موضمموعة‪ .‬وأهممل الكوفممة‬
‫د! الرشمماد‬ ‫ردوهمما إلينمما وقممد وضممعوا لكممل حممديث أسمماني ‍‬
‫‪ 1/421‬وسنده جيد‪ ،‬الفامي أكممثر عنممه الخليلممي مممترجم‬
‫فممي التممدوين للرافعممي ‪ 1/298‬وتاريممخ السمملم وفيممات‬
‫‪ 386‬ص ‪ 126‬والسمممفراييني ثقمممة حمممافظ‪ ،‬والممموراق‬
‫صدوق(‬
‫روى ابن سعد في الطبقممات )ص ‪ 171‬القسممم المتمممم(‬
‫والفسوي في المعرفة )‪ (2/761‬وأحمد بممن أبممي خيثمممة‬
‫التاريخ )‪ (2/395‬من طرق عممن عبممد الممرزاق‪ ،‬قممال‪ :‬أنمما‬
‫معمر‪ ،‬قال‪ :‬سمعت الزهري يقول‪ :‬يخرج الحديث شممبرا‬
‫فيرجع ذراعا‪ ،‬يعني من العممراق‪ ،‬وأشممار بيممده‪ ،‬إذا أوغممل‬
‫الحديث هنالك فرويدا به‪.‬‬
‫وسنده صحيح‪.‬‬

‫‪133‬‬
‫وقال الفسوي )‪ (760-2/756‬حدثنا أبو بكر الحميدي‬
‫حدثنا يحيى بن سليم قال سمعت محمد بن عبد الله بن‬
‫عمرو بن عثمان يحدث عن الزهري قال قالت عائشة يا‬
‫أهل العراق أهل الشام خير منكم خرج إليهم نفر من‬
‫أصحاب رسول الله كثير فحدثونا بما نعرف وخرج إليكم‬
‫نفر من أصحاب رسول الله قليل فحدثتمونا بما نعرف‬
‫وما ل نعرف‪.‬‬
‫قال وقال الزهري إذا سمعت بالحديث العراقي فاردد‬
‫به ثم اردد‪] .‬ابن عساكر ‪[1/327‬‬
‫حدثنا أبو بكر الحميدي ثنا يحيى بن سليمان حدثني‬
‫إبراهيم بن نافع قال سمعت طاووسا يقول إذا حدثك‬
‫العراقي مائة حديث فأطرح منها تسعة وتسعين قال‬
‫ورأيت طاووسا عقدها‪.‬‬
‫حدثنا هشام بن عمار ثنا عبد الملك بن محمد ثنا زهير‬
‫قال قال قال لي هشام بن عروة يا زهير إذا حدثك‬
‫العراقي ألف حديث فأطرح تسع مائة وتسعة وتسعين‬
‫حديثا وكن من الباقي في شك‪.‬‬
‫وقال حدثنا عبد الملك قال سمعت الوزاعي يقول كانت‬
‫الخلفاء بالشام فإذا كانت بلية سألوا عنها علماء أهل‬
‫الشام وأهل المدينة وكانت أحاديث أهل العراق ل تجاوز‬
‫جدر بيوتهم فمتى كان علماء أهل الشام يحملون عن‬
‫خوارج أهل العراق‪.‬‬
‫سمعت الحسن بن الربيع قال سمعت ابن المبارك‬
‫يقول ما رحلت إلى الشام إل لستغني عن حديث أهل‬
‫الكوفة‪.‬‬
‫حدثني عبد العزيز بن عمران حدثنا محمد بن يوسف‬
‫الفاريابي حدثنا فضيل بن مرزوق حدثني جبلة بن‬
‫المصفح عن أبيه عن علي بن أبي طالب أنه قال يا أهل‬
‫الكوفة سلونا عما قال الله ورسوله فإنا أهل البيت‬

‫‪134‬‬
‫أعلم بما قال الله ورسوله‪ ،‬وأنتم يا أهل الكوفة أعلم‬
‫بالكذب عليهما‪.‬‬
‫حدثنا عبيد الله بن موسى عن إسماعيل بن أبي خالد‬
‫عن قرة العجلي عن عبد الملك ابن أخي القعقاع أبي‬
‫ثور قال حججت فلقيت عبد الله بن عمر فسألته عن‬
‫أشياء فزبرني وزجرني فلما قضيت نسك حجتي قلت‬
‫لتينه فلسلمن عليه فأتيته فقلت السلم عليك يا أبا عبد‬
‫الرحمن جئت من شقة بعيدة وأريد أن أسألك عن أشياء‬
‫فزبرتني وزجرتني ول أراك إل قد أنميت في جنبي فقال‬
‫إنكم معشر أهل العراق تروون عنا ما ل نقول‪.‬‬
‫حدثني عبد العزيز بن عبد الله الويسي حدثنا إبراهيم‬
‫بن سعد عن خالته ابنة سعد بن أبي وقاص قالت سألت‬
‫سعد بن أبي وقاص عن شيء فاستعجب فقيل له في‬
‫ذلك فقال إني أكره أن أحدثكم حديثا فتجعلونه مائة‬
‫حديث ]ابن أبي خيثمة ‪[3/6‬‬
‫حدثني محمد بن يحيى ثنا سفيان عن الزهري قال إذا‬
‫أوغل الحديث هناك يعني العراق فاردد به‪.‬‬
‫حدثني سعيد بن أسد حدثنا ضمرة عن رجاء بن أبي‬
‫سلمة عن الزهري قال ل يزال يعرف الحديث ما لم‬
‫يقل هاهنا وأومأ بيده إلى العراق‪.‬‬
‫حدثنا أبو النعمان محمد بن الفضل حدثنا حماد بن زيد‬
‫والنعمان بن راشد قال سمعت الزهري يحدث حديث‬
‫المجذوم فقلت يا أبا بكر من حدثك قال أنت حدثتنيه‬
‫ممن سمعته قلت من رجل من أهل الكوفة قال‬
‫أفسدته إن في حديث الكوفة دعاءا كثيرا‬
‫وقال الفسوي‪ :‬حدثنا العباس حدثنا سليمان بن أيوب‬
‫الهاشمي عن إبراهيم بن سعد قال لول أحاديث تأتينا‬
‫من قبل المشرق ننكرها ما كتبت حديثنا ول أذنت في‬
‫كتابته‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫)المعرفة ‪(2/762‬‬
‫وقال الترمذي‪ :‬سمعت الجارود يقول‪ :‬سمعت وكيعا‬
‫يقول‪ :‬لول جابر الجعفي لكان أهل الكوفة بغير حديث‪.‬‬
‫)الجامع‪ ،‬المعروف بالسنن رقم ‪ (206‬وسنده صحيح‪.‬‬
‫وجابر ترك حديثه غالب الئمة‪.‬‬
‫ومضى قول الحسن رضي الله عنه فيهم‬
‫وروى الفسوي )‪ (2/775‬عن المغيرة بن مقسم‪ ،‬قال‪:‬‬
‫لم يكن يصدق على علي إل أصحاب عبد الله‪.‬‬
‫وروى )‪ (2/776‬بسند صحيح عن العمش‪ ،‬قال‪ :‬قال‬
‫شريح‪ :‬سمعنا قبل أن تلطخ الحاديث‪.‬‬
‫مقدمة الميزان واللسان‬
‫وروى أبوالعرب التميمي عن وكيع قال‪ :‬كأن النبي الذي‬
‫بالكوفة غير النبي الذي أرسله الله‪) .‬ورقة بخط أبي‬
‫العرب بالمكتبة العتيقة بالقيروان‪ ،‬نقلها المستشرق‬
‫ميكلوش موراني(‬
‫وروى حرب الكرماني آخر باب في الروافض من‬
‫المسائل )ص ‪ :(438‬ثنا محمد بن قدامة‪ ،‬ثنا ابن علية‪،‬‬
‫عن ابن عون‪ ،‬قال‪ :‬سمعت إبراهيم يقول‪ :‬احذروا هؤلء‬
‫الكذابين‪.‬‬
‫وقال أبوبكر بن عياش عن مغيرة‪ :‬لم يكن يصممدق علممى‬
‫علي إل أصحاب عبد الله‪) .‬المعرفة والتاريخ ‪(2/775‬‬
‫قال ابن معين )معرفة الرجال رواية ابممن محممرز ‪2/156‬‬
‫رقم ‪ :(493‬حممدثناه الصمممعي‪ ،‬عممن الوليممد بممن قشممعم‪،‬‬
‫ي‬
‫قال‪ :‬قال معاوية‪ :‬مما كممان فممي الشممباب فلممم تكممن فم ّ‬
‫ة‪ ،‬ول سب ًّا‪.‬‬
‫صَرع َ ً‬
‫ة‪ ،‬ول ُ‬ ‫ثلث‪ :‬لم أكن ن ُك َ َ‬
‫ح ً‬
‫قممال الجممري فممي السممؤالت )‪ 51-2/50‬رقممم ‪:(1086‬‬
‫سمعت أبا داود قال‪ :‬سمعت سليمان بن حرب يقع فممي‬

‫‪136‬‬
‫معاوية‪ .‬وسمعت أبا داود يقول‪ :‬استأذن عارم على عبممد‬
‫الله بن داود‪ ،‬فقال‪ :‬ادخل؛ إن لم يكن معك سليمان بممن‬
‫حرب‪.‬‬
‫وسمعت أبا داود يقول‪ :‬كممان بشممر بممن الحممارث ل ي ُك َل ّم ُ‬
‫م‬
‫‪72‬‬
‫سليمان بن حرب‪ ،‬لنه تكلم في معاوية‪.‬‬
‫قال أبوطاهر المخلص في فوائده )الثاني من الخممامس‪،‬‬
‫ق ‪/246‬أ(‪ :‬حدثنا أحمد يعني ابن نصر‪ ،‬ثنا علي يعني ابن‬
‫عثمان النفيلي‪ ،‬ثنا أبومسهر‪ ،‬ثنمما سممعيد‪ ،‬أن معاويممة بممن‬
‫أبي سممفيان كممان يخممرج مممن الليممل يسممتمع قممراءة أبممي‬
‫موسى الشعري‪.‬‬
‫وبه إلى سعيد‪ :‬قال معاويممة‪ :‬لكممل قمموم كريممم‪ ،‬وكريمنمما‬
‫سعيد بن العاص‪.‬‬
‫قلت‪ :‬سنده صحيح إلى سعيد‪ ،‬وهو ابن عبد العزيز‪ ،‬وقممد‬
‫أرسله‪.‬‬
‫‪ 72‬وقد كان بشر رحمه الله ‪-‬وهو من سادات الزهاد والعُّباد المتمسكين‬
‫ب محمد ٍ صلى الله عليه‬ ‫ب أصحا ِ‬ ‫ح ّ‬
‫عملي في نفسي ُ‬ ‫سّنة‪ -‬يقول‪ :‬أ َْوثقُ َ‬
‫بال ُ‬
‫وسلم‪.‬‬
‫رواه أبونعيم في حلية الولياء )‪ (8/338‬بسند صحيح‪.‬‬
‫وروى الدينوري في المجالسة )‪ 5/412‬رقم ‪ (2288‬وابن عساكر )( وابن‬
‫قدامة في المتحابين في الله )‪ (9‬عن بشر بن الحارث أن الفضيل بن‬
‫عياض قال‪ :‬بلغني أن الله تبترك وتعالى قد حجز التوبة عن كل صاحب‬
‫مبغضون لصحاب النبي صلى الله عليه وسلم‪.‬‬ ‫بدعة‪ ،‬وشّر أهل البدع ال ُ‬
‫ي فقال لي‪ :‬اجعل أوثق عملك عند الله حّبك‬ ‫قال بشر‪ :‬ثم التفت إل ّ‬
‫ت الموقف بمثل قراب الرض ذنوبا غفرها الله‬ ‫ب نبّيه‪ ،‬فإنك لو قَ ِ ْ َ‬
‫م‬ ‫د‬ ‫أصحا َ‬
‫ً‬
‫لك‪ ،‬ولو جئت الموقف وفي قلبك مقياس ذرة ُبغضا لهم لما نفعك مع ذلك‬
‫عمل‪.‬‬
‫وروى الدينوري )‪ 6/397‬رقم ‪ (2816‬ومن طريقه ابن عساكر )‪(10/194‬‬
‫ت لجميع الناس‬ ‫ت في هذا المر‪ ،‬فوجد ُ‬ ‫عن بشر بن الحارث قوله‪ :‬نظر ُ‬
‫توبة إل من تناول أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فإن الله عز‬
‫وجل حجز عنهم التوبة‪.‬‬
‫وروى ابن أبي حاتم في مقدمة الجرح والتعديل )‪ (1/69‬أن سفيان بن‬
‫ُ‬
‫دمًا‪ ،‬فلما َ‬
‫سوّْوا عليه‬ ‫ق ّ‬‫م َ‬
‫مى عمر‪ ،‬وكان ُ‬ ‫س ّ‬
‫سعيد الثوري أصيب بأخ له ي ُ َ‬
‫سَلف‪..‬‬
‫صد ْرِ لل ّ‬ ‫ت لَ َ‬
‫سليم ال ّ‬ ‫ن ك ُن ْ َ‬‫قبره قال‪ :‬رحمك الله يا أخي‪ ،‬إ ْ‬
‫وسنده صحيح أيضا‪.‬‬

‫‪137‬‬
‫قممال المخلممص فممي فمموائده )‪/9/196‬ب بانتقمماء ابممن‬
‫البقال(‪ :‬حدثنا عبد الله يعني البغوي‪ ،‬نا داود‪ ،‬يعنممي ابممن‬
‫ُرشيد‪ ،‬نا مروان‪ ،‬يعني ابن معاوية‪ ،‬نا مغيممرة بممن مسمملم‬
‫سممراج‪ ،‬عممن عبممدالله بممن بريممدة‪ ،‬قممال‪ :‬خممرج معاويممة‬
‫ال ّ‬
‫فرآهم قياما لخروجه‪ ،‬فقال لهم‪ :‬اجلسمموا‪ ،‬فممإن رسممول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم قال‪ :‬مممن سممره أن يقمموم لممه‬
‫بنو آدم وجبت له النار‪.‬‬
‫حدثنا عبد الله‪ ،‬نا داود‪ ،‬نا مروان‪ ،‬نا حبيب الشممهيد‪ ،‬عممن‬
‫]أبي[ مجلز‪ ،‬عن معاوية مثله‪.‬‬
‫قممال المخلممص فممي فمموائده )‪/11/60‬أ بانتقمماء ابممن أبممي‬
‫الفوارس(‪ :‬حممدثنا عبممد اللممه ]يعنممي بممن محمممد بمن زيماد‬
‫النيسابوري[ إملء‪ ،‬سمعت عبد الملممك بممن عبممد الحميممد‬
‫]بن عبد الحميد ضم[ بن ميمون بممن مهممران يقممول‪ :‬قممال‬
‫لي أحمد بن حنبل‪ :‬يا أبمما الحسممن‪ ،‬إذا رأيممت رجل يممذكر‬
‫أحدا من أصممحاب رسممول اللممه صمملى اللممه عليممه وسمملم‬
‫بسوء فاتهمه على السلم‪.‬‬
‫وروى الشممافعي عممن مالممك ‪ :‬لسممت أرى لحممد سممب‬
‫أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فممي الفيممء سممهما‪.‬‬
‫)الحلية ‪] (9/112‬هذا قول مالك وإقرار الشافعي‪ ،‬نأخممذ‬
‫مذاهب الئمة الربعة[‬
‫السمراج فمي تماريخه‪ ،‬وممن طريقمه أبمونعيم )‪(3/1710‬‬
‫بعث معاوية إلى ابن عمممر بمممائة ألممف‪ ،‬فممما حممال عليممه‬
‫الحول عنده منها شيئ‪.‬‬
‫فصل‬
‫وروى الحسن بن سفيان في مسنده‪ ،‬وابن مندة‬
‫)الصابة ‪ ،(6/286‬وابن قانع )‪ ،(2/151‬وأبونعيم في‬
‫معرفة الصحابة )‪ (4/1828‬وابن عساكر )‪:(34/420‬‬

‫‪138‬‬
‫من طريق أبي تميلة يحيى بن واضح‪ ،‬عن محمد بن‬
‫اسحاق‪ ،‬عن بريدة بن سفيان‪ ،‬عن محمد بن كعب‬
‫القرظي‪ ،‬قال غزا عبد الرحمن بن سهل النصاري في‬
‫زمان عثمان‪ ،‬ومعاوية أمير على الشام‪ ،‬فمرت به روايا‬
‫خمر ُتحمل لمعاوية‪ ،‬فقام إليها عبد الرحمن برمحه فنقر‬
‫كل راوية منها‪ ،‬فناوشه غلمانه‪ ،‬حتى بلغ شأنه معاوية‪،‬‬
‫فقال‪ :‬دعوه‪ ،‬فإنه شيخ قد ذهب عقله! فقال‪ :‬كل والله!‬
‫ما ذهب عقلي‪ ،‬ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫نهانا أن ندخل بطوننا وأسقيتنا خمرا‪ ،‬وأحلف بالله لئن‬
‫أنا بقيت حتى أرى في معاوية ما سمعت من رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم لبقرن بطنه‪ ،‬أو لموتن دونه‪.‬‬
‫وهذا خبر باطل‪ ،‬وسنده مسلسل بالعلل‪ :‬ابن إسحاق‬
‫مدلس‪ ،‬وقد عنعن‪ ،‬وبريدة واه‪ ،‬وكان غاليا في التشيع‬
‫)تهذيب الكمال وحاشيته ‪ ،(4/56‬ومحمد بن كعب لم‬
‫يدرك الواقعة‪ ،‬كما يظهر من ترجمته وطبقته )تهذيب‬
‫الكمال ‪ 26/347‬وغيره(‬
‫وضّعفه ابن حجر في الصابة‪.‬‬
‫مسألة سب معاوية لعلي‪:‬‬
‫لم أجد حتى الن خبرا واحدا صحيحا ‪-‬بحسب البحث‬
‫الولي‪ -‬يفيد أن معاوية كان يشتم عليا أو يأمر بذلك‪،‬‬
‫ت ما يحتج به‬ ‫فضل عن لعنه على المنابر‪ ،‬ولكن لما رأي ُ‬
‫ت أن أقوى ما عندهم‬ ‫الرافضة ومن تأّثر بأقوالهم رأي ُ‬
‫في ذلك حديث سعد بن أبي وقاص الوارد في صحيح‬
‫مسلم )‪ (2404‬وفيه‪ :‬أمر معاوية سعدا‪ ،‬فقال‪ :‬ما‬
‫متنعك أن تسب أبا تراب؟‬
‫وهذا ل تصح نسبته إلى مسلم دون بيان أنه إنما أورده‬
‫في الشواهد ل في الصول‪ ،‬أي أنه لم يخرجه احتجاجا‪،‬‬
‫فإنه على طريقته المعروفة –والتي نص عليها في‬
‫دم اللفظ الصح‪ ،‬والمحفوظ في‬ ‫مقدمة صحيحه‪ -‬يق ّ‬
‫‪139‬‬
‫الرواية‪ ،‬ثم يتبعه بما هو دونه‪ ،‬وقد ُيشير في ذلك لعلة‬
‫في السياق المؤخر‪ ،‬ونص على مثل ذلك في كتاب‬
‫التمييز له ‪-‬وهو في العلل‪ -‬ومن أمثلته ما نحن بصدده‬
‫الن‪.‬‬
‫فالمام مسلم أورد أكثر من طريق للحديث‪ ،‬ليس فيها‬
‫هذا اللفظ ول حتى إشارة له‪ ،‬بل هذا اللفظ تفرد به راو‬
‫مجهول‪ ،‬وهو ابن مسمار‪ ،‬وخالف بذلك جمعا من الرواة‬
‫الثقات الذين لم يذكروا السب‪ ،‬فتكون روايته بذلك‬
‫ضعيفة منكرة‪.‬‬
‫وعلى فرض أن اللفظ ثابت‪ ،‬فليس صريحا في السب‪،‬‬
‫كما قال النووي في شرحه‪ ،‬ولو ثبت أنه في السب‪ ،‬فما‬
‫حصل من القتتال بينهما أشد من السب!‬

‫ومما استدلوا به‪:‬‬


‫قال ابن ماجه )‪ :(121‬حدثنا علي بن محمد‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا‬
‫أبومعاوية‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا موسى بن مسلم‪ ،‬عن ابن سابط‪،‬‬
‫وهو عبد الرحمن‪ ،‬عن سعد بن أبي وقاص‪ ،‬قال‪ :‬قدم‬
‫د‪ ،‬فذكروا عليا‪ً،‬‬ ‫معاوية في بعض حجاته‪ ،‬فدخل عليه سع ٌ‬
‫ت‬‫ل سمع ُ‬ ‫فنال منه‪ .‬فغضب سعد‪ ،‬وقال‪ :‬تقول هذا لرج ٍ‬
‫ت‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪" :‬من كن ُ‬
‫ي موله"‪ ،‬وسمعته يقول‪" :‬أنت مني بمنزلة‬ ‫موله فعل ّ‬
‫هارون من موسى إل أنه ل نبي بعدي"‪ ،‬وسمعته يقول‪:‬‬
‫"لعطين الراية اليوم رجل يحب الله ورسوله"؟‬
‫ورواه الحسن بن عرفة )كما في البداية والنهاية ‪11/50‬‬
‫هجر‪ ،‬وهو خارج جزئه( ومن طريقه ابن عساكر )‬
‫‪ (42/116‬ثنا محمد بن خازم أبومعاوية الضرير به‪.‬‬
‫ورواه ابن العرابي في معجمه )‪ - (503‬ومن طريقه‬
‫ابن عساكر )‪ - (42/111‬نا محمد بن سليمان‪ ،‬نا‬
‫أبومعاوية به مختصرا‪ .‬ولفظه‪ :‬عن سعد‪ ،‬قال‪ :‬سممعت‬

‫‪140‬‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم يقول‪" :‬لعطين الراية رجل‬
‫يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله"‪ .‬قال‪ :‬فدفعها‬
‫لعلي‪.‬‬
‫ورواه ابن أبي عاصم في السنة )‪ :(2/610‬ثنا أبوبكر‬
‫وأبوالربيع‪ ،‬قال‪ :‬ثنا أبومعاوية به‪ ،‬إل أن ابن سابط‬
‫أرسله‪ ،‬فقال‪ :‬قدم معاوية في بعض حجاته‪ ،‬فأتاه سعد‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وهو بهذا السياق منكر شديد الضعف فيه علل‪:‬‬
‫‪ (1‬أبومعاوية ليس بحجة في غير العمش‪ ،‬كما نص‬
‫أحمد وابن معين وأبوداود وابن خراش وابن نمير‬
‫وعثمان بن أبي شيبة‪.‬‬
‫نعم‪ ،‬توبع أبومعاوية عند النسائي في الخصائص )‪:(12‬‬
‫أخبرنا حرمي بن يونس‪ ،‬قال‪ :‬حدثنا أبوغسان‪ ،‬قال‪:‬‬
‫حدثنا عبد السلم‪ ،‬عن موسى به‪.‬‬
‫ورواه أبوالقاسم المطرز ومن طريقه ابن عساكر )‬
‫‪ (42/115‬نا إسماعيل بن موسى‪ ،‬نا عبد السلم بن‬
‫حرب‪ ،‬عن موسى به‪.‬‬
‫وعبد السلم وإن كان ثقة فقد تكلم فيه غير واحد‪ ،‬وله‬
‫مناكير‪ ،‬وُرمي بالتدليس‪ ،‬ولم يذكر سماعا من شيخه‪،‬‬
‫فل تثبت المتابعة‪.‬‬
‫ولفظ النسائي‪" :‬كنت جالسا فتنقصوا عليا"‪ ،‬ولفظ‬
‫المطرز‪" :‬كنت جالسا عند فلن فذكروا عليا فتنقصوه"‪.‬‬
‫‪ (2‬وعبد الرحمن بن سابط كثير الرسال‪ ،‬ونص ابن‬
‫معين أن روايته عن سعد مرسلة‪.‬‬
‫‪ (3‬ومن أدلة نكارته أن في متنه مخالفة لرواية مسلم )‬
‫‪ 4/1871‬رقم ‪ (2404‬من طريق عامر بن سعد عن‬
‫أبيه‪ ،‬حيث عد ّ الثلثة‪ :‬أنت مني بمنزله هارون من‬
‫موسى‪ ،‬وإعطائه راية خيبر‪ ،‬والثالثة قوله في المباهلة‬
‫لعلي وفاطمة والحسن والحسين‪" :‬اللهم هؤلء أهلي"‪.‬‬

‫‪141‬‬
‫فجعلت رواية ابن سابط بدل الخيرة‪" :‬من كنت موله‬
‫فعلي موله"‪ ،‬وهي ل تصح من حديث سعد‪ ،‬إنما ُرويت‬
‫من حديث مسلم الملئي‪ ،‬عن خيثمة بن عبد الرحمن‪،‬‬
‫قال سمعت سعد بن مالك‪ ،‬وقال له رجل‪ :‬إن عليا يقع‬
‫ت عنه‪ ..‬والحديث رواه الحاكم )‪(3/116‬‬ ‫فيك أنك تخّلف َ‬
‫ُ‬
‫وابن عساكر )‪ ،(42/118‬فذكر أن عليا أعطي ثلثا‪.‬‬
‫والملئي واه‪ ،‬وهو عل ُّته‪ ،‬ولعل أبا معاوية أو ابن سابط‬
‫قى هذا الحرف من رواية الملئي‪.‬‬ ‫تل ّ‬
‫ورواه ابن عساكر )‪ 42/119‬وانظر تهذيب الكمال‬
‫‪ 5/278‬وخصائص علي ‪ (60‬من طريق أخرى تالفة عن‬
‫‪73‬‬
‫سعد بمعناه‪.‬‬
‫وههنا نكتة‪ ،‬وهي أن الطعن لما ُنسب إلى معاوية تشبث‬
‫القوم به وطاروا‪ ،‬فلما ُنسب إلى غيره ما عّرجوا عليه!‬
‫وكلهما ل يثبت على أية حال‪.‬‬
‫ب‬
‫‪ (5‬ومع ضعف الحديث فلم يصّرح أي مصدر بأن السا ّ‬
‫هو معاوية إل ما وقع عند ابن ماجة‪ ،‬ولكن وقع التصريح‬
‫ب غيره‪.‬‬ ‫في غيره أن السا ّ‬
‫قال محمد بن عبد الحكم من متقدمي الفقهاء المالكية‪:‬‬
‫من سب أبا بكر وعمر أو واحدا من أصحاب رسول الله‬
‫صّلى خلفه‪ ،‬ومن صلى خلفه‬ ‫صلى الله عليه وسلم فل ي ُ َ‬
‫أعاد أبدا‪) .‬اختلف أقوال مالك وأصحابه لبن عبد البر‬
‫‪(1/113‬‬

‫‪ 73‬أما ما ذكره المام اللباني )الصحيحة ‪ (4/335‬أن النسائي أخرج في‬


‫الخصائص حديث الموالة من طريق عبد الواحد بن أيمن‪ ،‬عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫سعد‪ ،‬فهذا ذهول منه رحمه الله‪ ،‬فإنما أخرج بهذه الطريق حديث راية‬
‫خيبر‪.‬‬
‫وكذا وهم اللباني في تصحيحه إسناد ابن ماجه‪ ،‬وسبقه في ذلك ابن كثير‪،‬‬
‫حيث قال عن إسناد الحسن بن عرفة‪" :‬إسناده حسن‪ ،‬ولم يخّرجوه"‪ ،‬فقد‬
‫ت‪ ،‬ولعلهما مشيا على ظاهر ثقة‬ ‫أخرجه ابن ماجه‪ ،‬وحال السناد كما بّين ُ‬
‫رجال السناد‪.‬‬

‫‪142‬‬
‫وروى أبونعيم في الحلية )‪ (8/15‬عن شريك قال‪:‬‬
‫سألت إبراهيم بن أدهم عما كان بين علي ومعاوية‬
‫ت على سؤالي إياه‪ ،‬فرفع رأسه‪ ،‬وقال‪ :‬إنه‬
‫فبكى‪ ،‬فندم ُ‬
‫من عرف نفسه اشتغل بنفسه‪ ،‬ومن عرف ربه اشتغل‬
‫بربه عن غيره‪.‬‬
‫قال البيهقي في الشعب )‪ 4/146‬السلفية( بعد أن سرد‬
‫اليات والحاديث الموجبة لحب الصحابة جميعا‪ ،‬وأن‬
‫ذلك من اليمان‪" :‬وإذا ظهر أن حب الصحابة من‬
‫حّبهم أن َيعتقد فضائلهم‪ ،‬وَيعترف لهم بها‪،‬‬
‫اليمان‪ ،‬ف ُ‬
‫وَيعرف لكل ذي حق منهم حقه‪ ،‬ولكل ذي غناء في‬
‫السلم منهم غناؤه‪ ،‬ولكل ذي منزلة عند رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم منزلته‪ ،‬وَينشر محاسنهم‪ ،‬ويدعي‬
‫بالخير لهم‪ ،‬ويقتدي بما جاء في أبواب الدين عنهم‪ ،‬ول‬
‫يتبع زلتهم وهفواتهم‪ ،‬ول يتعمد تهجين أحد منهم ببث ما‬
‫ل يحسن عنه‪ ،‬ويسكت عما ل يقع ضرورة إلى الخوض‬
‫فيه فيما كان بينهم‪ ،‬وبالله التوفيق"‪.‬‬
‫روى البيهقي في الشعب )‪ 6/201‬رقم ‪ 2672‬و ‪2673‬‬
‫السلفية( من طريقين عن ذي النون بن إبراهيم الزاهد‪،‬‬
‫فين‪،‬‬‫خ ّ‬
‫ح على ال ُ‬ ‫سّنة‪ :‬المس ُ‬
‫ة من أعلم ال ّ‬‫قال‪ :‬ثلث ٌ‬
‫سلف‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ب ال ّ‬
‫مع‪ ،‬وح ّ‬
‫ج َ‬
‫ة على صلوات ال ُ‬ ‫والمحافظ ُ‬
‫قال الخرائطي في اعتلل القلوب )‪ (63/1‬نا عمر بن‬
‫شبة‪ ،‬نا خلد بن كثير بن قتيبة بن مسلم‪ ،‬قال‪ :‬حدثني‬
‫علي بن محمد بن عبدالله بن يوسف‪ ،‬قال أنس بن‬
‫مالك لعائشة بنت طلحة‪ :‬والله ما رأيت أحسن منك إل‬
‫معاوية على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫فقالت‪ :‬والله لنا أحسن من النار في عين المقرور في‬
‫الليلة القارة‪.‬‬

‫‪143‬‬
‫خّرمي في آخر جزئه )رقم‬ ‫م َ‬
‫قال عبدالله بن أيوب ال ُ‬
‫سر الله‬
‫ح فل ي ّ‬
‫ث لهل البدع فيه فَر ٌ‬ ‫‪ :(43‬إذا كان حدي ٌ‬
‫جر‪ .‬أراه قال‪ :‬من سمع‪.‬‬ ‫ُ‬
‫دث ول آ َ‬
‫ح ّ‬
‫لمن ي ُ َ‬
‫شعبة‪ ،‬سمعت حبيب التميمي يقول‪ :‬إن معاوية سأل‬
‫رجل من عبد القيس‪ :‬ما تعدون المروءة فيكم؟ قال‪:‬‬
‫حرفة والعفة‪) .‬ستة مجالس من أمالي أبي يعلى ‪(84‬‬ ‫ال ِ‬
‫وقال الميموني‪ :‬سمعت أحمد يقول‪ :‬ما لهم ولمعاوية؟‬
‫نسأل الله العافية‪ .‬وقال لي‪ :‬يا أبا الحسن إذا رأيت‬
‫أحدا يذكر أصحاب رسول الله ‪ ‬بسوء فاتهمه على‬
‫السلم‪) .‬الصارم المسلول ‪ 3/1058‬وأوله عند الخلل‬
‫‪ 2/432‬بسند صحيح(‬

‫قال الذهبي ضمن كلم نفيس‪" :‬فأما ما تنقله الرافضة‬


‫وأهل البدع في كتبهم من ذلك ]يعني ما شجر بين‬
‫الصحابة[ فل نعرج عليه ول كرامة‪ ،‬فأكثره باطل وكذب‬
‫وافتراء‪ ،‬فدأب الروافض رواية الباطيل‪ ،‬أو رد ما في‬
‫الصحاح والمسانيد‪ ،‬ومتى إفاقة من به سكران"؟ قبله‬
‫كلم مهم عن الكف عن ذكر شجار الصحابة ووجوب‬
‫كتمانه وطّيه‪ .‬السير ‪93-10/92‬‬
‫ولما تكلم الموفق ابن قدامة في لمعة العتقاد عن‬
‫الصحابة إجمال ختم بقوله‪" :‬ومعاوية خال المؤمنين‪،‬‬
‫وكاتب وحي الله‪ ،‬أحد خلفاء المسلمين رضي الله‬
‫عنهم"‪ .‬فعّلق الشيخ ابن عثيمين رحمه الله‪ :‬إنما ذكره‬
‫المؤلف وأثنى عليه للرد على الروافض الذين يسبونه‬
‫ويقدحون فيه‪) .‬شرح اللمعة ص ‪ 107‬الطبعة الولى(‬

‫ت أبا‬
‫قال حرب الكرماني في المسائل )ص ‪ :(439‬سأل ُ‬
‫ثور‪ ،‬قلت‪ :‬كيف تقول في أصحاب النبي عليه السلم؟‬

‫‪144‬‬
‫قال‪ :‬خير هذه المة بعد النبي أبوبكر‪ ،‬ثم عمر‪ ،‬ثم‬
‫عثمان‪ ،‬ثم الخمسة‪ ،‬وهم علي وطلحة والزبير ويعد‬
‫وعبدالرحمن‪ ،‬ورحم الله أبا عبدالرحمن‪ .‬يعني معاوية‪.‬‬

‫‪145‬‬

You might also like