Professional Documents
Culture Documents
التطور و الثبات
ف حياة البشرية
تأليف الستاذ
ممد قطب
مقدمة
هذا العصر هو عصر التطور..
ول ير يوم ول تر ساعة ..بل ل تر لظة ل يذكر فيها لفظ التطور من أقصى
الرض إل أقصى الرض ..ف الغرب " التحضر " والشرق " التأخر " ..ف كل مكان!
وما دام الدين ف حس البشرية يثل هذا الثبات كله ،فل بد أن يصطدم ف حسها
بفهوم التطور الشامل ،الذي ل يطيق تصور الثبات ف أي شيء على الطلق ،ولو كان
فكرة ال أو فكرة الدين.
و ف ال غرب ا صطدمت بالف عل ف كرة الت طور بف هوم ا لدين .و قام بينه ما صراع
عنيف منذ " عصر النهضة " الذي قام على أساس ل دين .وانتهى الصراع بتنحية الدين
عن الياة العملية .وعن القتصاد والجتماع والسياسة .وعن العلم والفن ..ول يبق له إل
ر كن ضئيل ف ح ياة ا لفراد ..ي شبعون ميل هم الشخ صي إل يه با لذهاب إ ل الكني سة ،أو
اتباع بعض تعاليم الدين ف السلوك الشخصي ،بينما الياة الواقعية كلها تكمها الفاهيم
الضادة لفكرة الدين.
وفتر الصراع الذي كان حادا ف القرني الثامن عشر والتاسع عشر لن الدين ل
تعد له القدرة على الصراع ،والتديني ورجال الدين ل يعد ف وسعهم إل الرضى من
الغني مة بال سلمة الشخ صية ،والن عزال عن الر كب الت حرك ..أو وماو لة الل حاق بذلك
الركب عن طريق " تطوير " الدين )!( وجعله تابعا ذليل للتطور ،بعد أن عجز عن قيادة
الياة!
لن ا لدين -من ناح ية -ما زا لت له قب ضته ع لى ن فوس ال ماهي ،كعق يدة
وف كرة إن ل ي كن كوا قع و سلوك ،ر غم ال هد ال ضخم ا لذي ي بذل لت فتيت العق يدة
وتطيمها ،وتويل الهتمامات عنها إل مفاهيم جديدة وأفكار جديدة..
و لن " الت طور " من ناح ية أ خرى ل يب لغ مداه ب عد ..ل الت طور ال صناعي ول
الجتماعي ول القتصادي اللوب من الغرب ،والذي يمل ف أطوائه الفهوم " اللدين
" للحياة.
فبع ضهم ي هاجم ا لدين صراحة ،وي قول إ نه بق ية من الا ضي الظ لم ينب غي أن
تزول ..وخرافة ل يصح أن تعيش ف عصر النور!
وبع ضهم ل يذكر ا سم ا لدين ع لى ا لطلق ..وإ نا ي هاجم ال فاهيم الدين ية "
كم فاهيم " ل عل قة لا با لدين ..م فاهيم اجتماع ية أو فكر ية أو سيا سية أو اقت صادية.
وي سخˆفها ل عدم ت شيها مع روح الع صر ،والت طور العل مي وال ضاري ..و يترك هذا
التسخيف يفعل فعله الفي ف تطيم القيم الدينية دون أن يتعرض إطلقا šلذكر الدين!
وبعضهم -للتوريط -ينسب إل الدين كل ما يريد بثه من أفكار " تط̂ورية "
ب جة مرو نة ا لدين و صلحيته للح ياة ف كل ع صر ..ف هو يب يح الختلط ،ويب يح تز ين
ا لرأة ،ويب يح ق يام عل قات ب ي الن سي )دون الفاح شة من باب ال تأدب!( ويب يح ن قد
الفاهيم بل النصوص الدينية ذاتا وتحيصها )للقتناع با عن تفكر وتدبر!( ويبيح ترك
بعض الفاهيم الدينية واستبدال غيها با )لن الناس أعلم بأمور دنياهم!( أو بعبارة أخرى
يبيح نقض الدين كله بجة التجديد والتطوير!
وقد تناولت هذا الوضوع من قبل ف كتب سابقة ولكن دون تفصيل.
ت ناولته أول مرة -ب صورة مبا شرة -ف ف صل " أن تم أع لم بأمور دن ياكم " ف
ك تاب " قب سات من الر سول " فت حدثت حديثا šسريعا عن ق ضية الت طور ،و عن ال ثابت
والتطور ف كيان النسان ،وطريقة السلم ف معالة هذا وذاك.
ث ت ناولته ف ف صلي من ك تاب " معر كة التقال يد " تدثت فيه ما عن الف هوم
الورب للتطور؛ وما يمله ف طياته من حقائق وأباطيل ،وكيف أثر ف الياة الوربية ث
انتقلت عدواه إل الشرق عن طريق الستعمار.
ث أفردت له فصل ف كتاب " دراسات ف النفس النسانية " بعنوان " الثابت
والتطور ف كيان النسان ".
وأخيا šكان هذا الكتاب ،تناولت فيه الوضوع من جيع الزوايا الت جالت ف
خاطري ،ف الفكر الغرب والسلمي سواء.
حقيقة الفطرة البشرية وما تشتمل عليه من جوانب ثابتة وجوانب متغية.
الف هوم ال سلمي " للن سان " وطري قة ال سلم ف معا لة ال ثابت والت طور ف
حياة البشرية.
والق ضية الراب عة تت ناول الو قف الرا هن للح ضارة الغرب ية ولل سلم ،و ما يم له
الوقف من دللة لستقبل البشرية.
والوضوع واسع ما ف هذا شك ،والقضايا الت يتناولا شديدة الطورة بالنسبة
للمفاهيم الالية للحياة .وهو ف حاجة إل دراسة واسعة مستفيضة جادة ف كل مناحي
التفكي البشري والياة البشرية.
ولكن حسبه أن يتناول القضية ف جوهرها .بل حسبه أن يفتح الباب للتفكي.
فإن نح ف ذلك فما توفيقي إل بال ..وله المد وله الشكر ف جيع الحوال.
ممد قطب
ع*ص'ر( التطو(ر'
ف الع صور الو سطى كان " الث بات " هو ال طابع ال سيطر ع لى ال ياة كل ها ف
الغرب .وكان العال السلمي قد أخذ دورة من النشاط الي التحرك الغلب ..ث أخذ
يركن إل الدوء أو إل الركود التدريي البطيء.
كان ا لدين -بف هومه الكن سي ا لورب " -عق يدة " ..أي عل قة ب ي الع بد
وا لرب ت كم الو جدان ،ول ت كم -إل قليل -وا قع ال ياة .أ ما هذا الوا قع فتحك مه
تشريعات مستمدة من القانون الرومان ،ومستمدة من أهواء حكام القطاع ،أي مستمدة
-ف النهاية -من أصول وثنية ل علقة لا بالدين.
وما دام الدين " عقيدة " بذا الفهوم ،أي اعتقادا ف ال ،وارتباطا وجدانيšا به،
وتعبدا روحيšا إليه ..فهو " ثابت " بكل معن الكلمة ،فال ف الوجدان ثابت ،وطريقة
الوجدان ف التطلع إليه تثل كذلك لونا šمن الثبات.
على أننا حت لو فرضنا أن الدين -بفهومه الكنسي الورب -كان دينا šكليا
شامل ]كما هو منل من عند ال قي القيقية[ أي دينا šيكم الوجدان والياة الواقعة ف
ذات الوقت ،ويشرع للناس أوضاعهم القتصادية والجتماعية والسياسية إل جانب ما
يشرع لم عباداتم وسلوكهم الفردي ..فل ندري على وجه التحقيق كيف كانت تصبح
صورة التمع الورب ،ما دامت الكومات الوربية ل تكم بذا الدين!
إنا نن نعلم على وجه اليقي -من التاريخ -أن دور السلم ل يكن كذلك..
الملة الصليبية الت قادها نابليون على مصر ،وتبعتها حلت صليبية أوربية متعددة على
العال السلمي :فرنسية وانليزية وبلجيكية وهولندية وألانية ..ث أمريكية ..ف صورة "
استعمار " حرب واقتصادي وسياسي ..يعمل بادئ ذي بدء على خلع الكومة السلمة
القائمة بتنفيذ شريعة ال ،وإخضاع الكم لتشريع غي ربان ،وبصفة خاصة غي إسلمي.
ك ما أن ال سلم قد " حرك " ال ياة و " طور ها " ف كل م كان حل ف يه..
وكانت آيات التطوير شاملة لشت التاهات.
ففي الزيرة العربية وما شابها ف البناء الجتماعي والقتصادي ،أحدث حركة
ضخمة ح ي حول الت مع القب لي إ ل " أ مة " .أ مة متما سكة ،تكم ها حكو مة مركز ية
واحدة ،وتطبق فيها قانونا واحدا ،ويمعها ف النهاية شعور المة الوحدة ،ل القاطعات
ال ستقلة ول ال قاليم التفر قة النعز لة .و ف البلد ذات ال ضارات ال سابقة أ حدث حر كة
ماثلة حي حرر المة من عبادة الوثن الاكم إل عبادة ال ..فانطلقت الشاعر الت كانت
حبيسة ف عبودية الاكم ،تنشط ف مالا التحرر متلف ألوان النشاط.
وف جيع الحوال أحدث " حركة " اقتصادية ضخمة ،فانتقل بالتمع السلمي
الواسع من مرحلة الرق ،والرعي ،إل الزراعة والتجارة والصناعة على مستوى " دول "..
فحال دون الركود القتصادي على وضع معي فترة طويلة من الوقت .وأهم من ذلك أنه
-بتشريعاته الاصة ،القتصادية والجتماعية -حال دون " ثبات " الوضع القتصادي
والجت ماعي ل لفراد وال سرات .فل ن ظام ف يه " للطب قات " كا لذي عرف ته أور با .ول "
أشراف " بالولد يظلون يتوارثون الرض والال والركز الجتماعي والسيادة .وإنا هو
متمع " مفتوح " يستطيع كل فرد فيه بوسيلة أو بأخرى أن يرتفع إل القمة وأن ينل إل
الضيض .ث تتفتت الثروات بتشريع الرث فل تبقى ف يد شخص واحد أو أسرة معينة.
ث التجارة بتقلباتا تغن هذا وتفقر ذاك ،وتدث حركة دائمة ف أوضاع الناس ،فل الغن
يبقى غنيا إل البد ول الفقي يظل على فقره ،وإنا يتبادلون الراكز كلما تقلبت الحوال.
ث " الصناعة " ف الدن الصناعية تدث ألوانا من الثروة وألوانا من العلقات غي ثروة
القطاع وعلقاته ..وهكذا تور الركة ف العال السلمي من أقصاه إل أقصاه.
وكذلك كانت الفتوح والغزوات الت صاحبت تاريخ السلم سببا ف حركة من
نوع آ خر .حر كة ال يوش وحر كة الف كار وحر كة ال ضارات .ف مع كل ف تح جد يد
حركة .ومع كل حركة تبادل حي بي الغالبي والغلوبي .تتولد عنه مفاهيم اجتماعية
واقتصادية وسياسية جديدة ،يكمها ف النهاية مفهوم السلم.
وفوق ذلك كله كانت الركة العلمية ..وهي تعتب ف ميزان التاريخ أكب حركة
فيه إل ما قبل العصر الخي .وهي ليست مرد علم .وإنا هي على وجه التحديد " حركة
علم ية " .حر كة تأ خذ وتع طي ،وتن مو و تزداد .حر كة تأليف وترجة ون شر ]عن طر يق
الدارس والكتبات العامة[ على نطاق واسع غي معهود من قبل ف التاريخ .حركة ف
الفل سفة التجريد ية والع لوم النظر ية والتجريب ية ..ويك في من دلل تا أن ي كون العل ماء
ال سلمون هم ا لذين أن شأوا الذهب التجر يب ا لذي سارت عل يه الع لوم كلها في ما بعد،
وطبقوه ع لى أو سع ن طاق ،ف الغراف يا والف لك ..و ف ال طب والكيم ياء والطبيعة ..وف
اتاه الياة عامة بل استثناء.
ف هذا الو " التحرك " النامي التطور كان يعيش العال السلمي ،حيث كانت
تعيش أوربا ف جو من الركود و " الثبات "...
ف الروب الصليبية التقت أوربا " ببقايا " الركة السلمية ..أكب حركة مد ف
التاريخ ..فكانت هذه البقايا تمل من اليوية والركة والشتعال ،ما استطاع أن يوقظ
أوربا من سباتا ،ويبعثها تطلب الركة والياة.
أول ثار الروب الصليبية كانت حركة البعث العلمي .فقد تعرف الصليبيون
على العارف السلمية ،سواء ما كان منها من أصل إغريقي ،وما كان إضافة جديدة
أضافها العلماء السلمون ف فترة الركود الورب الطويل .وكانت حركة البعث هذه أول
شرارة انطلقت لتحرر الرواح ف أوربا من ظلم الهل والرافات والساطي.
ث كان تط يم الن ظام الق طاعي وال سعي لت كوين ا لدول وا لمم ف م كان
القطاعيات والقبائل ،حي لس الصليبيون ف حربم مع السلمي مزايا الكومة الركزية
الوحدة ،والقانون الواحد الذي يسري على الميع ،القانون الذي ل ينبع من هوى حاكم
القطاع ية ،ول تتداخل ف يه ال سلطة القضائية والسلطة الت شريعية وال سلطة التنفيذ ية ،ك ما
كانت كلها تتداخل ف شخص الاكم هناك .كما ساعد تك̂ون الدن التجارية والصناعية
الت نشأت ف أثناء الروب الصليبية -على غرار الدن السلمية الساحلية -على تفتيت
القطاع وترير العبيد.
وقد كان هذا الفهوم بعيد الغور ف التربة الوربية ..فلفترة طويلة من الزمن كان
كل شيء ثابتا ف أوربا ل يتحرك ول يري .العبيد ف الرض .والسادة ف القطاعيات.
كل منهما يرث عبوديته أو سيادته على مدار الجيال ومدار القرون .ورجال الدين ذوو
النلة والسطوة عنصر يكمل الصورة ويث̂بت الطار.
الياة هي الياة ..الرجل والرأة والطفال يتعاقبون على طور واحد .فرد يذهب
وفرد يلفه ف مكانه ،يأخذ نفس السمت ويؤدي نفس الدور ،فكأنا ل يذهب الذاهب
ول ي يء ..ف حدود " الطب قة " بإطار ها الا مد ا لذي ل يتح طم ،يع يش كل إن سان.
الشريف ف " شرفه " والشعب ف شعبيته ،ورجل الدين ف مسوحه ..بل تبديل.
ال ياة القت صادية والجتماع ية السيا سية والفكر ية والروح ية ت سي ع لى ن فس
الوتية منذ عهود ل يعيها وعي الفرد ،وإنا يتصورها امتدادا " أزليا " ثابتا ف الاضي،
ويراها ف الاضر ثابتة ،فيتخيل لا كذلك ثباتا " أبدبا " فيما ي»قبل من التاريخ..
وف ظل هذا الفهوم الثابت تثبت الفكار والقيم والخلق والتقاليد ..ويشمل
ذلك كله من الارج إطار» الدين ،في»حك¼م الصورة الثابتة ،ويزيد ف تثبيت الفهوم.
ولقد كانت الكنيسة الوربية ق̂يمة على هذا الهل حريصة عليه ..فأي شيء -
كالهل -يكن أن يضمن لا استنامة ال ماهي ل سلطانا الطغ يان ،وأي شيء ي كن أن
تذره أكثر من العلم الذي " يرر " الرواح والنفوس؟!
ومن هنا كان الدور " الطبيعي " للكنيسة -من موقفها الذي ترصد منه الياة
الوربية -أن تافظ على الهل أطول مدة تستطيعها ،وتنحه سلطان الدين وعنوانه ،وأن
تارب الع لم ما و سعتها الار بة ،وت سمه بالع صيان وا لروق ،وت طرده من ر حة ا ل..
كذلك فعلت مع كوبرنيكوس وجاليليو وجوردانو برونو ..ومع كل عال ترأ أن يناقض
جهالتها القدسة ،ويفتح الباب للعلم كي يني الطريق.
وكان أمرا šطبيعيا šأن تقوم " الركة " ف أوربا على غي أساس الدين..
فالدين كما تصورته الكنيسة الوربية وصورته للناس ،كان -كما قلنا -يثل
الثبات الطلق ف جيع المور .فالركة إذن ل بد أن تصطدم به ،كما تصطدم كل حركة
بالسكون .ول بد أن تقوم على غي أساس منه ،لنه ل يسمح بفهوم الركة ،ول يك¿نه
من الوجود.
والكني سة فوق ذ لك كانت قد أ صبحت غول ب شعا šي طارد ال ناس ف يقظت هم
ومنامهم ،يفرض عليهم الضوع الذل لرجال الدين ،ويفرض عليهم العشور والضرائب،
وأعمال السخرة فيما ت لك من ا لرض ،والتجن يد ف ال يوش التابعة لا الت تارب با
ال لوك .ف كان رد الف عل ال طبيعي هو " الت حرر " .الت حرر من سلطان الكني سة الطغ يان،
وإقامة البناء الديد -بناء النهضة -على مبعدة من ذلك السلطان.
فإذا أ ضيف إ ل ذ لك أن الكني سة قد بدأت بالف عل بت عذيب العل ماء وتريق هم
وقتلهم لنم يعلنون ما تصل إليه أباثهم العلمية الخالفة لساطيها القدسة ..فقد كان
ال طبيعي إذن أن ت قوم الر كة " العلم ية " مناه ضة ل سلطان الكني سة ،بع يدة عن مف هوم
الدين.
وذ لك ك له فوق ا لروح الغريق ية الرومان ية الوثن ية العمي قة ال غور ف الن فس
الوربية ،والت كانت تتفي تت قشرة رقيقة من السيحية ف العصور الوسطى ،فما إن
واتتها الفرصة ف حركة العداء للكنيسة حت برزت من تت السطح ،وعادت تكم الياة
وتكم الفكار والنفوس!
والف كار ا لت ت بدأ ف ن فوس أ فراد متحم سي ،يقتح مون ال خاطر وير تادون
الطريق ،ل تتحول إل أفكار " جاهيية " على نطاق واسع ،إل بعد أجيال من دورتا
الفية ف النفوس.
ومن ث فقد استغرقت " النهضة " قرونا عدة وهي تقاتل سلطان الكنيسة ،وتقيم
الياة -جزءا جزءا -بعيدا šعن سلطان الكنيسة ،ولكنها كانت " لدينية " منذ مولدها،
و" هيلينية " ف وجهتها ،وف استمداداتا وإياءاتا ،أي ..بعيدة عن روح الدين.
فقد كانت ثار النهضة مغرية ول شك ..ثارها الفكرية والعلمية والفنية ..كانت
-بالنسبة لوربا -نورا ينفذ ف الظلمات ،وتتفتح عليه العيون مبهورة بعد طول الظلم.
وكانت حركة من الركود السن التعفن .والركة ف ذاتا مببة ،لنا تلب الفطرة الت
ت كره ال سكون .ك ما أ نا كانت تعت مد -ف أ غوار الن فس الورب ية -ع لى ال ياث
الغريقي الرومان الذي ل تكن السيحية قد أطفأته إطفاء كامل ،إنا كان مكمورا šفقط
تت غشاء الدين..
ول كن -من جانب آ خر -كانت " العق يدة " عز يزة ع لى ال ماهي .ف قد
صاحبتها ألف سنة أو تزيد .وأيÁا تكن درجة تعمقها ،وأيا يكن تغلغلها القيقي ف الياة،
وحكمها لسلوك الناس ..فقد كانت " موجودة " ومؤثرة ف وجدان الماهي .ول يكن
من السهل اقتلعها ول موها من الوجود.
ومن ث عاشت أوربا فترة من الوقت غي قصية بشخصية مزدوجة :مسيحية من
ناحية ،وهيلينية من ناحية .مسيحية ف داخل الكنيسة ،وهيلينية ف واقع الياة .مسيحية ف
الوجدان وهيلينية ف التفكي.
ولكن العرفة الفية كانت تدور ف داخل النفوس ..وتدور -رويدا رويدا -ف
صال اليلين ية النبع ثة ف ع صر النه ضة ل ف صال ا لدين ..وإن كان ا لدين -ب عد -
صاحب سلطان ف نفوس الماهي.
ف قد أ صدر دارون ك تابه ف " أ صل ا لنواع " سنة ،1859و ف سنة 1871
نشر كتابه ف " أصل النسان ".
ووقفت الماهي ف بادئ المر ف جانب الكنيسة .فقد عز عليها بطبيعة الال
أن يصمها دارون باليوانية ،وينع عنها " قداستها " وتيزها ورفعتها ،حي ينع عنها
كرامة النسان ويردها إل أصل اليوان.
ولكنها رويدا رويدا ف العركة الادة الت قامت بي دارون وبي الكنيسة ،غيت
موقفها! فقد وجدت أن هذه فرصة سانة للجهاز على ذلك الغول البشع الذي يضطهد
الناس بسلطان الدين.
ون سيت ال ماهي ب عد فترة كرامت ها " الن سانية " الل موزة ،وفر حت بالنطلق
والت حرر ..و لو ف إ هاب ال يوان! وحدت لدارون وقف ته " ا لريئة " ف و جه الطغيان.
وحدت له أكثر من ذلك أنه أعطاها السلح البار الذي تطم به ما بقي من سلطان
الكنيسة الائر :سلح " العلم " ..سلح العرفان.
لقد كانت " الركة " من قبل قد اصطدمت بالث بات فعل ،و بدأت تزلز له من
م كانه .ول كن ال صراع كان خف يا ،و كان هي نا لي نا دا خل الن فوس .ف قد عا شت اليلين ية
والسيحية معا šجنبا إل جنب ف ظل ازدواج الشخصية الذي عاشت به أوربا طوال عصر
النهضة وما بعده ..وكان من المكن أن تستمر ف هذا الزدواج فترة طويلة أخرى لول
هذه الحداث..
لقد صارت الركة الضادة للثبات الن نظرية " علمية " ،ول تعد مرد وجدان
خفي ف داخل النفوس .نظرية اسها " التطور " ..اسم جديد ،مغر Åجذاب!
إذا كانت الياة تتطور ..من اللية الواحدة إل النسان العقد الشديد التعقيد؛
وإذا كان النسان ذاته قد تطور من حيوان سابق إل حيوان يشبه النسان ،إل إنسان
يشبه اليوان ..إل إنسان ..فماذا يكن أن يكون ثابتا على وجه الرض على الطلق؟!
حت الفكار والتمعات تتطور ..إنا ليست " ثابتة " كما كانت تبدو من قبل.
إن فكرة ال " تطور " ف تفكي البشرية! إنا ليست فكرة أزلية ثابتة كما كان
يصورها الدين وتصورها الكنيسة .لقد تطورت من قبل ،ويكن اليوم أن تتطور .كانت
عبادة للوالد .وعبادة للطوطم .وعبادة لقوى الطبيعة الختلفة .وعبادة للوثان .ث صارت
ع بادة ل .ولكن ها ي كن أن تت طور ..ي كن أن ت كون ع بادة لي شيء آ خر ..ماذا لو
أصبحت عبادة " للطبيعة "؟!
الطبيعة جي لة ..الطبيعة خل قة ..الطبيعة هي ا لم ا لت و لدتنا ..أو " خلقت نا "..
فلنعبدها! إننا كاسبون بذلك مكاسب عظيمة .سنحطم الكنيسة ذات السلطان الطاغي
ا لذي ل ير حم ،وذات ال هالت والرا فات وال ساطي .و سنعبد إ لا " جيل " ..و فوق
ذلك فإنه إله بل كنيسة! بل التزامات! بل ضرائب ول عشور .بل رهبانية ..بل تزمت.
إله ينحنا الرية لننا سنعيش ف ظله أحرارšا من كل قيد ..طلقاء ..نفعل ما يلو لنا ،لنه
ل ياسبنا ول يزجر أفعالنا .سنولد من جديد .لن نولد -هذه الرة -ف السيح .ولكن
سنولد ف أحضان الطبيعة ..فأي فرحة لنا ف هذا الدين الديد؟!
لقد كان هناك حدث اقتصادي واجتماعي ضخم يهز أركان الياة هزا ،šول يقل
مفعوله عن مفعول نظرية التطور ..ذلك هو النقلب الصناعي ف أوربا.
بدأ النقلب الصناعي بظهور اللة ..وأحدث انقلبا كامل ف الياة الوربية ل
يقف عند حدود العلقات القتصادية أو الجتماعية وإنا يتعداها إل كل نواحي الياة.
بدأت الدن الصناعية تنشأ ،وتتذب إليها الشباب من الرجال يعملون ف الصانع
الديدة ويسكنون ف الدينة على نسق جديد ل يعرفونه من قبل.
لقد كانت ال ياة من ق بل هادئة رتي بة بطيئة آ سنة ..تر بتاعبها وملعب ها ع لى
وت ية وا حدة ف القر ية أو القطاع ية ..الفل حون يعم لون ف ا لرض أر قاء أو طل قاء،
وزوجاتم ف النازل يدبرن شئونا ويغزلن الغزل ليبعنه ف السوق ..والسرة -ف صورتا
تلك -مكينة الروابط ،ل يفكر أحد أو يرؤ على تفتيت روابطها .والناس متعارفون على
مف هوم مع ي ل لدين وا لخلق والتقال يد ،ير عونه حق ر عايته أو ل ير عونه ،ولكن هم ل
يفكرون ف مناقضته حت ولو خالفوا تعاليمه ف سلوكهم الواقعي .ولكل شيء من ذلك
قدا سة .قدا سة ا ستمدها من طول المار سة وثبا تا ،فوق ا ستمدادها من ره بة ا لدين..
والرية اللقية يرتكبها نفر من الشبان الطائشي لنم طائشون ..وقد يتغاضى عنها "
التمع " ولكنها ف نظره جرية .والفتيات ل يرتكب هذه الرية لن سعتهن تذهب إذن
إل البد -كذلك تقضي مفاهيم التمع -فهناك الفضيحة وهناك العار ..وهناك أيضا- š
ف هذه الا لة -ره بة ا لدين ..فل ت قدم الفت يات عليها إل فل تة عابرة ف القر ية ف كل
جيل.
فالصانع الديدة ت̂مع حولا الشبان القوياء الفتول العضلت ..الذين يقدرون
ع لى ال هد الع ضلي العن يف ف قد كانت ا للت ف من شئها ت تاج إ ل م ثل هذه ال هد
لدراتا .وقد جاء هؤلء الشبان إل الدينة أفرادا بل أسر ،يرتادون الطريق ويارسون هذه
التجربة الديدة ،ل يرؤون على إحضار أسرهم معهم قبل أن يستقر لم القام.
و هم شبان م غامرون ..انفل توا من " الق يد " الق طاعي ..ا لذي كان يكبل هم
بالرض ،والذلة للسيد ،فجاءوا يارسون " الرية " ف التمع الديد.
و هو مت مع ل يعرف هم ..ل ي عرف ذوا تم .إ نم ف أغ مار مهو لون ،ل يفل هم
أحد ،ول يتقيد سلوكهم بعرفة الناس لم ،واستحيائهم هم من الناس الذين يعرفونم،
ويعرفون أسرهم ويع̂يرونم بالسلوك النحرف..
ساءت العل قة ب ي الع مال وأ صحاب ال صانع .ي شغلونم فوق ما يطي قون
ويع طونم أ بس ا لجور .وي ضرب الع مال أو ي هددون بال ضراب ،فيب حث " ال سادة "
الدد عن سلح مضاد ..هو إياد " جيش احتياطي " مـن العمال الذين يقبلون العمل
بنفس الجر بل بأجر أقل..
وجاءت الرأة الت هجرها عائلها ،أو الت ل تد عائل بعد نزوح ألوف الشبان
إل الدينة وترك ما يقابلهن من الفتيات بل رجال ..جاءت فوقعت ف الصيدة النصوبة.
جاءت تبحث عن عمل لتعيش .ورضيت بذا الجر الدون تت وطأة الظروف.
وصحيح أنا تعول به نفسها أو أسرتا .ولكنها صارت " تلك " بعد أن ل تكن
تلك و " تتصرف " ف ملكها بعد أن ل تكن تتصرف .فقد كانت تقاليد التمع الورب
وتشريعاته تجب الرأة عن التعامل الر ف الال واللك ،وتنعها من حرية التصرف الباشر
ف أي شأن من الشئون.
وأحست الرأة رغم وطأة الظروف كلها أنا " تتحرر ".
ول يكن هذا دفعة واحدة بطبيعة الال ،وما كان من المكن أن يكون .فهناك
الرواسب الواعية والفية العميقة الترسبة ف النفس تزجرها عن النطلق .ولكن رويدا
رويدا تتم جيع المور.
ول ي عود ا لبيت ف ح سهم جي عا šهو ذ لك الر باط ال قدس ا لذي ير بط بع ضهم
بب عض ،وا لذي ي لتزمون نوه بآداب وم شاعر وتقال يد و " ط قوس " ..كانت تن شأ ف
الت مع الري في من و جود " ا مرأة " م ستقرة تن ظم هذه ال شاعر وت سكها ب يدها ..أو
بقلبها ..فل تف لت منها .كما تن شأ من سيطرة ا لزوج ع لى الو قف ك له داخل ال سرة،
وصدور " التشريعات " ف داخل النل منه وحده ،فيوجد رباطان متقابلن يربطان كل
أفراد البيت :رباط عاطفي تلك قياده الم ،ورباط عملي يلك قياده الب ،والطفال بي
هذا الرباط وذاك يروحون وييئون ف " حضن " السرة ل يتعدونه.
العل قات القت صادية والجتماع ية والسيا سية واللق ية والفكر ية ..ل شيء ع لى
حاله ،بعد أن ظل على حاله مئات السني.
الصورة الثابتة ،الت كان الفرد مرد لبنة فيها ،يذهب فيجيء غيه يلفه ف نفس
مكانه ..ل يعد لا وجود.
ل البيت ول الشارع.
ل العبد ول السيد.
وتغي بسرعة مدهشة ل عهد با من قبل فقد كانت من قبل تر السنوات العشر
أو الع شرون أو الم سون او ا لائة ل ت كاد تدث تغ يا يذكر ف ال صورة .ب يث ي غري
المر بالظن أن كل شيء " ثابت " ،لبطء الركة وضآلتها .فاليوم صارت السنوات الائة،
بل المسون ،بل العشرون ،بل العشر ،تدث تغي ملموسا واضحا ف كل شيء:
رجل من حيث هو " رجل " ل يعد له السلطان الطلق قي بيته كما كان.
وامرأة ل تعد تعتب نفسها قعيدة بيتها ،ول ملزمة بالطاعة الكاملة لذلك الرجل
الذي كان.
وطفل مشرد نفسيا وإن كان يمل بي أصابعه شيئا šمن النقود.
وشارع مزدحم بالناس .أصناف متلفة من الناس .رجال ونساء وأطفال ،كزحة
الوا سم والع ياد ف القر ية ،ول كن ف غ ي مو سم أو ع يد .وع لى نو آ خر غ ي ازد حام
القرية .فهنا ناس ل يعرف بعضهم بعضا ،ول يفل بعضهم شئون بعض ،ول يلتزمون إزاء
بعضهم البعض بتقاليد التعارف والرتباط.
وعبد " ترر " من ربقة ا لرض .ووقع ف عبودية جد يدة ،هي عبودية الصنع
ورأس الال .ولك نه مع ذ لك مستب شر :دخ له زاد .وأصبح يصارع ،ي لك حق الصراع.
وي طالب ب قوق .وي لك حق الطال بة بالقوق .ويتك تل ف تكتلت ذات فاعل ية ووزن،
وي صبح بالتدر يج قوة سيا سية متزا يدة .ث هو يع يش مع غ يه من العب يد ف جو سته
]الظاهرية على القل[ هي الرية ل العبودية .وخصوصا šف الانب اللقي .ث هو يشعر
بفرديته التميزة ]ف سلوكه الشخصي[ حيث كان مقيدا ف كل خطوة من قبل بالسلوك
المعي الذي يربط إطار القرية كله؛ بينما يشعر بماعيته التكتلة ]ف النقابات والحزاب
واليئات والماعات[ حيث كان يس بالضياع من قبل كفرد ل مموع له ،لن الموع
ا لذي يث له ل يس له ح ساب .وباخت صار قد انق لب ك يانه ك له ،بم يع جزئ ياته ،وأ صبح
صورة مقابلة تام التقابل لكل ما كان!
وسيد ما زال يشعر بالسيادة ولكن من نوع آخر .فهي سيادة صارت تعتمد على
الال السائل بعد أن كانت تعتمد على الرض .صارت مركزة ف حيز أصغر ولكنه أفعل.
و مع ذ لك ف هي سيادة ت تاج إ ل صراع مع الع مال والنقا بات من ج هة ،والناف سات
الشديدة من جهة أخرى ،بصورة ل تكن موجودة من قبل ف القطاع الستقر الثابت
الركان.
وعمل من نوع جديد .ل يتعامل مع " الهول " ل يتعامل مع " الغيب " كما
كان يصنع وهو يبذر البذرة ف الرض وينتظر الناتج من السماء .وإنا يتعامل مع القوى
النظورة الت تتدخل ف " الادة " فتشكلها وتصوغها كما يريد " النسان " .يتعامل مع "
الطبيعة " ل " ما وراء الطبيعة "! يتعامل مع الادة ل مع ال.
كل شيء صورة متلفة تام الختلف عما كان قبل ذلك " النقلب ".
التقدم العلمي يقفز قفزšا هائل كل يوم ،ويغي شكل الياة البشرية.
فالسفر بالقطار شيء يتلف تاما عن السفر على الصان أو العربة الت ترها
اليول.
والكهرباء غي الفحم..
والشارع الذي تصب فيه الخترعات الديدة كل يوم ،شيء آخر غي الشارع
الثابت ف طوله وعرضه ومعروضاته.
والبيت الذي يستحدث أدواته يتلف عن البيت الذي ظل قرونšا يستخدم نفس
الدوات..
بل نظر يات الع لم ذا تا تتغ ي ..ف الطبي عة والكيم ياء وال طب والف لك والريا ضة
والحياء ..نتيجة للكشوف الديدة واللت العلمية الستحدثة .وهل هناك ما هو أضخم
من القول بأن الكائنات الية تطورت من الكائن الوحيد اللية؟ أو القول بأن الواء ملوء
بليي من الحياء الدقيقة الت ل ترى ول ت»حس ،وهي مع ذلك شديدة الطورة ،تدث
ا لوبئة وا لمراض؟ أو ال قول بأن ال كواكب لي ست سبعة ف قط ،أو أن ه ناك ملي ي من
النجوم ل تراها العي وهي مع ذلك أكب وأشد اشتعال وإضاءة من الشمس؟!
وينشأ من ذلك كله شعور عميق بالتغي ..أو التطور .أو عدم الثبات.
الت طور ل ي عد " نظر ية علم ية " كالت نادى با دارون ف دا خل الع مل ،و ف
حدود الع لم ا لذي بث ف يه :ع لم الح ياء ..وإ نا صار " لو ثة " أ صابت العل ماء ك ما
أصابت الماهي.
لو ثة ت صيب كل شيء ،وتت صور كل شيء من خلل ف كرة الت طور ..ل شيء
ثابت على الطلق
ل ا لدين .ول ا لخلق .ول التقال يد .ول الق يم .ول الف كار .ول " ال قائق ".
ول العلومات .ول شكل الياة .ول شكل التمع .ول كيان الفرد .ول علقات الفرد
بالتمع .ول عل قاته م ـع الدو لة ..ول م شاعر الر جل ول م شاعر ا لرأة .ول أ هداف
الياة..
بل ينبغي العمل على ماربة " الثبات " بكل وسيلة من وسائل الرب.
كل شيء " ينبغي " أن ي»طوÌر بالقوة ،إذا ل يتطور من تلقاء نفسه .ل شيء ينبغي
أن ي كون ثاب تا šع لى ا لطلق .فالث بات ضد ناموس ال ياة .وال ناموس هو الت طور .و كل
شيء ثابت Åفهو إذن مالف للناموس!
فإذا كانت العقيدة ف ال تثل لونا من الثبات ..فلتتغي ..إما أن نغي العبود أو
نغ ي الع بادة! فلن كف عن ع بادة ا ل .ولنع بد الطبيعة .أو نع بد أنف سنا ..الهم هو التغي ي!
ولنكف عن الطريقة التقليدية للعبادة .فلنتعبد بطريقة أخرى ،ولتكن العربدة والنفلت..
الهم هو التغيي!
وإذا كانت الخلق تثل لونا من الثبات ..فلتتغي ..فلنستحدث أخلقا جديدة.
ولو لرد التغيي! فلتكن النتهازية فضيلة ،والنانية فضيلة ،وتقطع الروابط العائلية فضيلة..
وإذا كانت التقاليد تثل لونا من الثبات ..فلتتغي ..فلتسبق الرأة الرجل .وليتجرأ
الصغار على الكبار .ولتتغي اللبس :ملبس الرجل وملبس الرأة .ولتكثر " الوضات "
فذلك أدعى للتغيي السريع والتبديل.
أما من الانب الخر فلم يعد للدين وزن حقيقي ف هذه المور!
لقد جاءت الزلزلة الول للدين من أنه يثل مفهوم الثبات ف عصر يتمثل كله
بف هوم الت طور والتغي ي ،أو مف هوم الر كة ع لى و جه الع موم .الر كة ا لت ت صطدم
بالسكون.
ليسن النهضة " الفكرية " فقط ،هي الت قامت على أساس ل دين " " secular
وإنا الواقع العملي كذلك الذي انبثق من النهضة الفكرية..
فالنظام الرأسال الصاعد قام على أساس ربوي صريح .والدين يرم الربا وينع
التعامل على أساسه .وعلى الرغم من احتجاج الكنيسة وصراخها ضد نظام الربا ،فقد
مضت الرأسالية الطاغية ف طريقها ل تصيخ سعا لصراخ الكنيسة ،مدفوعة بشهوة الال
النونة الت ل تتريث ول تتأث ..ول تمها قيود الخلق أو قواعد الدين.
والعلقات النسية " الرة " الت قامت بي الرجل والرأة ف ظل العمل الشترك،
والختلط ف التمع ،والشتراك ف النوادي ،والسعي الشترك إل " الترفيه " ..وف ظل
الستقلل القتصادي للمرأة وظنها -من ث -أنا ل تعد ملزمة بالافظة على عفتها،
لنا تستطيع أن تعول نفسها إن رفض الرجل إعالتها بسبب أخلقها ..وف ظل صعوبات
الياة التزايدة الت تشغل الشاب فترة من الوقت عن تكوين السرة والستقرار الوجدان
والسدي ف إطارها ..ال ..هذه العلقات قامت كلها على أساس مالف للدين .ورغم
ا لواعظ ا لت ألقا ها " ر جال ا لدين " بالئات وا للوف ،فإن ال صياغة الواقع ية للمجت مع
ظلت تسي ف اتاهها النفلت من رباط الخلق .لن الخلق كانت قد أصبحت مثل
معلقا šف الفضاء ل رصيد له من الواقع .ولن الدين -وهو ف عزلة عن التمع منذ مولده
ف أور با ،ل يكم الياة الواقعة ول ي شرع لا ف كل شيء -ل ي كن ي لك أن يوجه
سفينة التمع ف خضمها الائج الضطرب الذي صنعه النقلب..
والعلم سار منذ البدء ف طريق غي طريق الدين ،لن الدين -كما تثله الكنيسة
يومئذ -ل يكن ف طوقه أن يد العال بشيء؛ ل بذهب -كالذهب التجريب الذي أمد
به السلم التفكي العلمي -ول بعلومات صحيحة تفيده ،ول بتشجيع من أي نوع .بل
كان العكس هو الاصل .فالكنيسة تشجع الهل وتارب العلم وتنكل بالعلماء.
ورو يدا رو يدا أ حس ال فرد ال عادي أن ح ياته ت صوغها ال شياء " الت طورة " ول
يصوغها الدين.
وينعزل الدين انعزال شديدا šف داخل الوجدان ..فكل يوم تنتزع الياة الواقعية
جزءا šمن م ساحته ،وتزحز حه عن م كانه ف الن فس ،في سلك ال فرد سلوكه سلوكه
الجت ماعي وال فردي ،والعم لي والعل مي ،والسيا سي والقت صادي دون أن يس ب كان
للدين ف هذا كله .أو يس بكان لفكرة ال.
لقد مضى المر خطوة أبعد .خطوة " التحطيم " التعمد لقواعد الدين.
وتلك كانت مهمة اليهودية العالية!! وقد قامت با بنجاح منقطع النظي.
وثأرهم مع السيحية ف أوربا ثأر قدي ..ثأر الضطهاد الفظيع الذي نالوه تت
الكم الرومان السيحي ،والذلل الذي أصابم ف كل متمع مسيحي.
إذلل تثله رواية " تاجر البندقية " لشكسبي ،كما تثله رواية " الزنبقة المراء
" Scarlet Pimpernelتأليف البارونة أوركزي .Orczy
كان السيحي يتاج إل الال فيقترضه من اليهودي ،ومع ذلك يأب إل أن يقر
مقرضه ،فل يسلم عليه بيده ،ول يلمسه ،إنا يوقفه بعيدا šعنه كالنبوذ ،ويقول له آمرا
موبا :ضع الال بعيدšا واغرب عن وجهي يا خنير .فإذا ابتعد خطوات ف ذلة ذليلة،
اقترب " السيد " السيحي ليأخذ الال الذي اقترضه من اليهودي!
وقد فرحت اليهودية العالية أيا فرحة بقيام النهضة الوربية الديثة على أساس ل
دين ) (secularفذلك نصف الطريق نو تطيم السيحية ،خصمها القدي ..وقامت تنفخ
ف هذا التاه من وراء الستار.
يقول كتاب بروتوكولت حكماء صهيون ف ذلك " :إن دارون ليس يهوديا،š
ولكنا عرفنا كيف ننشر آراءه على نطاق واسع ،ونستغلها ف تطيم الدين ]السيحي[ "
بذل اليهود جهود البابرة لتوسيع الوة ا لت قامت بي الدين وبي الداروينية،
على أمل تطيم الدين ف النهاية ،تقيقا šلقدهم القدي ضد غي اليهود عامة ،وحقدهم -
ف أوربا -على السيحيي بصفة خاصة ،من أجل ما لقوه منهم من اضطهاد.
استغلته على يد ثلثة من أكب علمائها ..قاموا بصياغة الفكر الورب كله ف
ميدان القتصاد وعلم النفس والجتماع ..أخطر ميادين ثلثة ف عال الفكر ..على أساس
معاد للدين ،بل مطم لكل مفاهيمه.
اليهود الثلثة
ماركس /وفرويد /ود(ر'كاي
من ا لق أن ن قول إن الي هود لي سوا هم ا لذين أن شأوا الفÔر قة ب ي أور با وب ي
السيحية .فقد قامت الفرقة بالفعل منذ قيام النهضة دون تدخل من اليهود ]وإن كان ذلك
قد جاء على هواهم بل شك[ وقام الصام والصراع على يدي دارون دون تدخل منهم
كذلك ]وإن كانوا قد فر حوا لذلك فر حا šشديدا šك ما ت قول بروتو كولت حك ماء
صهيون[.
قامت الفر قة ب ي ا لدين والعل ماء ،وب ي ا لدين والفكر ين ،وب ي ا لدين ود عاة
الر ية ،وب ي ا لدين وا لرأة الراغ بة ف اقت حام الت مع و " ال ستمتاع " بال ياة ..ول كن
البت عاد عن ا لدين ،أو الن فور م نه ،أو الكت فاء بإ هاله والن صراف ع نه كان حت ذ لك
شخصيا لصحابه ،يصنعونه لسابم الاص كأفراد.. š الي مزاجا
و قامت الفر قة ب ي ال ناس وقوا عد ا لخلق -ف م يدان ال نس بصفة خاصة -
كمزاج شخصي كذلك ،أو " كضرورة " يتلمس الناس إليها العذار..
ول كن " العل ماء " اليهود الثل ثة تدخلوا ف ا لمر ليجع لوا من كل ذ لك نظر ية
يسندها العلم ،ويعطيها سند " القيقة العلمية " ف أنظار الماهي! فل يعود المر بعد
مزاجا شخصيا šيتاج النسان إل العتذار عنه ،وتلمس البرات له ،وإنا يعود واجبا
يقتضيه التقدم العلمي ،ل يتاج إل مبر آخر ،فهو يبر نفسه بنفسه ..ول ي»عتذر عنه فهو
ف غ ي حا جة إ ل اع تذار ..بل ا لذي ي تاج إ ل ال تبير والع تذار هو التم سك با لدين
والخلق والتقاليد ..فهي تمة ينبغي التبؤ منها أو تقدي البر العقول!
وذ لك هو ا لدور الط ي ا لذي قام به ماركس وفرو يد ودر كاي ..كل ف
اختصاصه ..وأثر تأثيا šبالغا šف الفكر الغرب كله ف ناية القرن التاسع عشر وبداية القرن
العشرين..
إ نم ل يقو لوا إن الف هوم الكن سي ل لدين هو الن حرف ،و هو ا لذي ي تاج إ ل
تقوي ..وإنا قالوا إن الدين ذاته هو النراف الذي يتاج إل تقوي!
و ل يقو لوا إن الف هوم ال سائد للخلق هو الن حرف ،ال تاج إ ل تعديل ..وإنا
قالوا إن الخلق ذاتا ليست قيمة حقيقية من قيم الياة!
ث قالوا هذه القولة وتلك ل كاعتقاد شخصي يراه الؤلف ،ويدعو إليه كمذهب
فردي! وإ نا كدرا سات علم ية ونظر يات علم ية وح قائق علم ية ..تل بس م سوح الب حث
والدراسة والتحقيق!
ل قد ابت عد ال ناس عن ا لدين مرات كثية ف ح ياة الب شرية ل سباب اجتماع ية
واقتصادية وفكرية .وانرفوا مرات كثية عن الخلق وانغمسوا ف الشهوات ..وكانوا
ف كل مرة يعودون.
ولكنهم ف هذه الرة أبعدوا ف الضلل جدا ،šوكأنا قرروا بينهم وبي أنفسهم أل
يعودوا بعد ذلك أبدا šمهما فعل الفاعلون!
ذلك أنم -ف كل مرة سابقة -كانوا ينحرفون كمزاج شخصي ،ل يد سندا
ف النهاية حي يشتد ويعم التمع كله أكثر من سند " المر الواقع " .ولكنه انراف.
وانراف مرذول.
أما ف هذه الرة فقد قدم لم " العلماء " السند العلمي للضلل النحرف ،فزين
لم فرأوا أنه الق ،وأنه الصواب ،وأنه المر الذي ينبغي اتباعه ،ل تشيا مع المر الواقع،
وإنا سعيا إل الفضل والقوم والصح!
لقد أخذوا كلهم ،بادئ ذي بدء ،من النظرية الداروينية فكرة حيوانية النسان
وماديته ،فمدوها ووسعوا نطاقها ،وعمموا إياءاتا السمومة ف كل اتاه.
وسنورد هذه الناقشة ف مكان آخر ،حي نتاج إل مناقشة الراء ...وإنا نن
هنا نثبت وقائع التاريخ.
عل ماء الداروين ية الدي ثة " :-وب عد نظر ية دارون ل ي عد الن سان ي ستطيع ت نب اعت بار
نفسه حيوانا.(4) " š
وهذا الياء هو الذي مده العلماء الثلثة ووسعوه على أوسع نطاق...
وه نا ي طر -من أ جل القيقة التاري ية -سؤال :هل كان ف الم كان ح بس
نظرية دارون ف العمل الذي نشأت فيه ،وحجزها عن التأثي ف التمع الغرب والفكر
البشري كله؟
ربا كان هذا مستحيل ف نظرية من هذا النوع ،وف ظروف كالت ولدت فيها
تلك النظرية الطية..
ومع ذلك فلم يكن حتما أن تتجه هذا التاه ف التأثي ،لو تلقفتها أيد Åأخرى،
ملصة للحقيقة ،مؤمنة بال ،أو ف القليل مقدرة " للنسان " والي النسان.
إن الفكر الغرب الذي كان يعيش ف ظل فكرة الثبات الطلق ،قد فوجئ مفاجأة
عنيفة بفكرة التطور ،فأفقدته الزة صوابه ،وصار عرضه للنراف ..ولكن ل يكن حتما
أن ينحرف ..كان يكن أن يرتد إل الصواب حي يد الداة الذين يردونه إل الصواب.
ولقد عرف السلمون التطور معرفة وثيقة ،وصاحبوه مصاحبة عميقة ف تاريهم
ال̂ي كله ،فلم ينحرفوا به عن سواء السبيل.
عرفوه ف فقههم ،حي قال عمر بن عبد العزيز " :ي̂د للناس من القضية )أي
الح كام( ب قدر ما ي̂د لم من الق ضايا " .وح ي أ خذ الفق هاء هذا ال تاه فن مˆوا الف قه
بالجتهاد حت شلوا به كل ما ج̂د ف حياة الناس من أحداث ووقائع واتاهات.
وعر فوه ف علم هم :ي قول " در يب " ا لمريكي ف ك تابه "ال ناع ب ي الع لم
والدين" " :وإننا لندهش حي نرى ف مؤلفاتم من الراء العلمية ما كنا نظنه من نتائج
العلم ف هذا العصر .ومن ذلك أن مذهب النشوء والرتقاء للكائنات العضوية الذي
يعتب مذهبا[ حديثا[ ،كان يدرس ف مدارسهم .وقد كانوا ذهبوا منه إل مدى أبعد ما
وصلنا إليه ،وذلك بتطبيقه على الامدات والعادن أيضا.(5) " š
وظلوا مع ذلك مؤمني بإنسانية النسان ،ومؤمني بالخلق .ذلك أنم كانوا
يؤمنون بال.
أما اليهود الثلثة فلم يأخذوا على عاتقهم رد أوربا إل صوابا بعد هزة التطور،
وإنا أخذوا على عاتقهم أن ينفخوا ف انرافاتا بقوة وعنف ،وإصرار وتكن ،حت تزيد
الوة اتساعا وتشتد سرعة النزلق.
()5عن ك تاب " ال سلم د ين ع لم خا لد " لل ستاذ م مد فر يد و جدي ص 233من الطب عة الثان ية.
وينبغي الحتراس هنا من مثل هذا القول وإن كان يقال ف معرض إنصاف السلم والفكر السلمي.
فالذي اه تدى إليه السلمون ف تفكي هم شيء آ خر غي مذهب النشوء والرتقاء كما قرره دارون
وولس .لقد لحظوا التدرج ف مراتب الخلوقات من الوامد إل النسان .ولكنهم ل يقولوا -كما
قال دارون -إن النسان من أصل حيوان ،ول يبخسوه قدره ول نفوا عنه مزاياه الت تفرد با ،وردوا
تيزه -ابتداء -إل إرادة ال الصرية من خلقه هكذا متميزا متفردا ليصبح خليفة ال ف الرض .ومن
ث عرفوا فكرة التطور ولكنها ل تتحول ف تفكيهم إل لوثة مدمرة كما حدث ف الفكر الغرب.
()6قال دارون " :إن تف سي الن شوء والرت قاء ب تدخل ا ل ،هو بثا بة إد خال عن صر خارق للطبي عة ف
وضع ميكانيكي بت ".
" ف النتاج الجتماعي الذي يزاوله الناس تراهم يقيمون علقات مدودة ل غن
لم عنها ،وهي مستقلة عن إرادتم ..فأسلوب النتاج ف الياة الادية هو الذي يدد
صورة العمليات الجتماعية والسياسية والعنوية ف الياة ،ليس شعور الناس هو الذي
يعي وجودهم ،بل إن وجودهم هو الذي يعي مشاعرهم ]كارل ماركس[.
" ت بدأ النظر ية الاد ية من ال بدأ ا لت :و هو أن الن تاج و ما ي صاحبه من ت بادل
النتجات هو الساس الذي يقوم عليه كل نظام اجتماعي .فحسب هذه النظرية ند أن
السباب النهائية لكافة التغيات أو التحولت الساسية ل يوز البحث عنها ف عقول
ال ناس ،أو ف سعيهم وراء ا لق وال عدل ا لزليي ،وإ نا ف التغ يات ا لت ت طرأ ع لى
أسلوب النتاج والتبادل " ]فردريك إنلز[.
فأ سلوب الن تاج ف ال ياة الاد ية ،وأ سلوب الن تاج والت بادل -ول يس ا لق
وال عدل الزل يان -هو ا لذي يدد صورة العمل يات الجتماع ية والسيا سية والعنو ية ف
الياة ،وإليه ترجع السباب النهائية لكافة التغيات أو التحولت الساسية..
وتاريخ البشرية كله هو هذا التاريخ الادي .اختراع آلة جديدة أو تغي أساليب
النتاج هو الذي يصنع التاريخ .و " الطوار " الت مرت فيها البشرية من أول الشيوعية
الول ،إل الرق ،إل القطاع ،إل الرأسالية ،إل الشيوعية الثانية ]والخية![ ترجع كلها
إل اختراع اللت وتغي أساليب النتاج.
والعمل يات الجتماع ية والسيا سية والعنو ية لي ست قي ما قائ مة بذاتا ،أ صيلة ف
الكيان البشري.
إنا هي انعكاس لسلوب النتاج ف الياة الادية ..أي نتيجة للكيان الادي ..ف
الياة والنسان.
إنا القيمة القيقية هي التغيات الت تطرأ على أسلوب النتاج والتبادل..
وحي نر سم دستورا للحياة الب شرية ،فهو مصور ف ن طاق " ال طالب الرئي سية
للنسان " الأكل والسكن والشباع النسي ]النيفستو أو العلن الشيوعي[.
الرسالت السماوية بادئ ذي بدء وهم من أكب أوهام البشرية " ..فحقيقة العال
تنح صر ف ماديته " ) !(7و ف ظل التف سي الادي للتار يخ ل يو جد ا ل .ول ا لوحي .ول
الرسالت.
والدين ثانيا -أفيون الشعوب -شيء ابتدعه القطاعيون لتخدير العبيد والطبقة
الكادحة عن الطالبة بقوقهم السلوبة ،وإغرائهم بالصب على سوء أحوالم والرضى با
طمعا ف النة ف الخرة ،ما ييسر لؤلء القطاعيي أن يستمتعوا بالثروات الغتصبة وهم
آمنون.
والق يم ثال ثا -و من بين ها الق يم اللق ية -إ نا هي مرد انع كاس للو ضع
القتصادي ،ومن ث ليس لا وجود أصيل ف الياة البشرية ،فضل عن كونا غي ثابتة.
فهي متطورة بسب الطور القتصادي الذي تر به البشرية .ولا كانت الطوار القتصادية
للب شرية حتم ية ومتعاق بة ،فالقيم اللق ية تأ خذ أو ضاعا مددة ومت طورة ..و هي حتم ية
التطور مع تطور أوضاع البشرية.
فالقيم ليس لا وجود ذات ،إنا هي انعكاس للوضاع القتصادية .وليس لا ثبات
لن مصدرها -وهو الوضاع القتصادية -دائم التغي .ث هي حتمية التطور فل يكن
المساك با على وضع معي مهما حاول الاولون من الفكرين أو رجال الدين.
ول كن ال عال الي هودي ا لذي أ خذ إ ياء نظري ته ال سموم ،قد مده مÉدÌة وا سعة
فشملت الياة كلها ،تت ستار البحث " العلمي " ف علم القتصاد.
حقيقة إن روسيا وحدها -ف مبدأ المر -هي الت اعتنقت الذهب الشيوعي
كامل وأعط ته قوة التط بق .ورو سيا و حدها -ف م بدأ ا لمر -هي ا لت قاومت ا لدين
مقاو مة " ر سية " ع لى ن طاق وا سع ،وا ضطهدته كل أ نواع ال ضطهاد ،من أول الق تل
والعتقال والصادرة والنفي ،إل تدريس اللاد رسيا ف الدارس والامعات..
ولكن الغرب كله -الذي ل يصبح شيوعيا من حيث الذهب -قد أخذ مع
ذلك بالتفسي الادي للتاريخ.
وأخذ به ف اعتبار القيم الخلقية " متطورة " ل ثبات لا ،ول سبيل إل ثباتا..
ومتطورة على أساس التطور القتصادي بصفة خاصة.
وصارت الياة الغربية القائمة ف ظل النظام الرأسال -الضاد للنظام الشيوعي -
ل ت فترق كثيšا ف ـي ال ساس الف كري وال ضاري و " الن سان " عن مثيلت ها ف ال عال
الشيوعي.
وصحيح أن الفراد هناك " متدينون " بعن الذهاب للكنيسة يوم الحد ،ورسم
علمة الصليب ف الصلة ،واليان بان هناك ربا šخلق الياة والنسان ،ويقدر على كثي
من المور )!(.
ول كن هذا " ا لدين " ل يك يف شيئا šمن ح ياة ال ناس الواقع ية ول م شاعرهم..
فالتنظيم القتصادي والجتماعي والسياسي والفكري قائم على أساس أن الياة الادية هي
الصل .وهي القيقة بالعناية .وهي السعى الذي يستغرق نشاط النسان .وهي " حقيقة
" الياة.
واليان الساري عند الماهي كلها ف الغرب -أوربا وأمريكا سواء -هو أن
مقاييس الخلق قد تغيت .وأن " تطورها " كان حتميا ف ظل التمع الصناعي .وأنه ل
مال مطل قا للم قاييس القد ية ل لخلق ]ا لت كانت م ستمدة من ا لدين[ لن ا لرأة قد
تررت ]اقتصاديا[ ولن النظرة ]الزراعية[ للعفة ل يعد لا مال..
أي ..أنه التفسي الادي للتاريخ هو الذي يكم الياة ف الغرب .ويكمها ف
ذات النق طة أو النق طتي ال لتي أردا ماركس تطيمه ما -تت ستار الب حث العل مي ف
علم القتصاد -وها الدين والخلق.
ومعناه مرة أخرى أن الياء السموم للداروينية قد و»ص×ل على يد العال اليهودي
الكب إل مناطق من الياة البشرية ل يكن حتما أن يصل إليها ،فح»طØم به ف واقع الياة
الدين والخلق والتقاليد ف صورة علمية منظمة ل تقوم على مذهب شخصي ]ف ظاهر
المر[ ،وإنا تقوم على أساس البحث " العلمي " والدراسة والتحقيق .ومن ث يد فيها
النحر فون الضالون سندا šي سند ضللم وانرافهم ،ول يوجهم إ ل الع تذار عن إ هال
الدين وتطيم الخلق والتقاليد ،بل يعلهم يسعون إليه سعيا ليكونوا مواكبي لوكب
العلم ،مستمسكي بوحي العرفة الصحيح!
إ نه -ك كل باحث نف سي -ير سم صورة ثاب تة لك يان الن سان ،وإن كان ف
كتابه ] Totem & Tabooوربا كان ف هذا الكتاب وحده[ يأخذ جانب التطور أيضا ،šوهو
يتحدث -إل جانب سيكلوجية الفرد -عن سيكلوجية الماعات ،وعن تطور الدين
وت طور الر مات ..ولك نه ير سم هذه ال صورة من جانب ال يوان ل من جانب "
النسان".
إن م يدان ب ثه هو الن فس الن سانية ..هو ال شاعر والنف عالت ..هو ال عال "
الداخلي " ف مواجهة العال " الارجي " الذي تدث عنه ماركس .النفس ف نظره هي
اليدان الصيل للحياة؛ عن تركيبها الذات تنبثق الفعال والفكار والشاعر ،وتتحول إل
وقائع عملية ف واقع الياة ..أي أنه -من جهة البحث -يأخذ بالضبط الانب القابل
لاركس ،و مع ذ لك -و من ع جب -ي صل م عه إ ل النتي جة ذا تا ف مو ضوع ا لدين
والخلق ،ويتخذ ف بثه نفس التفسي اليوان للحياة النسانية وللنسان!
مصادفة!!..
ول كن ا لق أن ال صورة ا لت ير سها فرو يد للن فس الن سانية -وإن الت قت مع
ماركس ف النها ية ع ند نق طة ت سخيف ا لدين وا لخلق ،واعتبار ها قي ما غ ي أصيلة ف
ال ياة الب شرية ،وإ نا انعكا سا ل شيء آ خر ،مادي ف أ صله وح يوان -فإن فرو يد كان
أفحش وأخطر ف تلويثه لتلك النفس ،والنطاط با إل الضيض.
إن الياة النفسية للنسانية ليست حيوانية فحسب ،ولكنها -كلها -تنبع من
جانب واحد من جوانب اليوان ،هو النس السيطر على كل أفعال النسان.
إن حياة النسان بادئ ذي بدء حياة حيوانية بتة " .فغرائزه " هي الت تكمه.
هي الت تسيطر على كل نشاطه .والانب السمى " الروح " ل وجود له على الطلق
]وإل هنا يتلقي مع ماركس التقاء كامل ف تصور النفس النسانية[ .أما الانب الذي
اسه " العقل " فهو موجود بكل تأكيد .وهو " طبقة " من طبقات النفس .هو الوعي.
وهو الضابط لتصرفات النسان .وهو الذي يواجه الياة الواقعية ،ويقرر موقف النسان
إزاء ها .ول كن أي نتي جة يا ترى لو جود الع قل -أو ا لذات الواع ية - Egoف ك يان
النسان؟ النتيجة " :أن موقع الذات بي الطاقة الشهوانية ]الت هي القيقة الباطنية للنفس
ف ن طر فرو يد[ وب ي القيقة الارج ية ،كثيا šما يغري ها بأن ت كون منافقة مادعة نازة
للفرص ،كالسياسي الذي يرى القائق ،ولكنه يب أن يافظ على مكانته بي الماهي!
" ) (8و من ث " فالقيم " ف كل مة وا حدة هي خرا فة و " ضحك ع لى ا لذقون "! عم لة
زائ فة يتباد لا ال ناس و هم ف حقيقت هم عالون بأ نا خداع! ]وه نا يلت قي -من بع يد -
بفكرة ماركس عن القيم ،وإن كانت السانيد متلفة ف الالي[.
()8كتاب " " The Ego and the Idص 83من الطبعة الثالثة سنة .1942
إن حقي قة الن سان الباطن ية العمي قة ] [idلي ست هي الطا قة ال شهوانية فح سب.
وإ نا هي ع لى و جه التحد يد الطا قة الن سية .الن سية با لذات دون أي طا قة أ خرى من
طاقات النسان ]أو اليوان[.
وليس هنا مال مناقشة فرويد ،فقد ناقشته كثيšا وطويل šف كل الكتب السابقة.
) (9ولكنا نلحظ فقط شيئšا بارزا ف نظريته النفسية ..فقد كان النس -ف أوربا السيحية
التزمتة ]ر غم بدء النلل اللقي فيها[ .طاقة مستقذرة ،ينفر الناس من الديث عنها
وكشفها للنور ,فيجيء فرويد ،فيصر إصرارا šمموما على أن يفسر النفس كلها ،بميع
ألوان نشاطها ،من خلل هذه الطاقة الستقذرة بالذات! ويصر -أكثر من ذلك ]وهذا
هو الهم[ -على أن يفسر الدين والخلق بصفة خاصة بأنا انبثاق جنسي ..وجنسي
على وجه التحديد!!
مصادفة!!..
والنس يبدأ مبكرا šجدا ..šل ف مرحلة البلوغ أو الراهقة كما يسب الهلء
من الناس ..وإنا ..من لظة اليلد .بل يولد النسان جنسšا خالصا مركزا ف إهاب طفل
حيوان صغي!!
الرضاعة جنس .ومص البام جنس .وتريك العضلت جنس .والتبول جنس.
والتبز جنس .واللتصاق بالم جنس .وهذا الخي بصفة خاصة هو الذي يشكل الياة
النفسية للبشرية كلها أفرادا šوجاعات!
()9بصفة خاصة فصل " فرويد " من كتاب " النسان بي الادية والسلم ".
والمر كله مستمد من تلك الادثة الت " رآها! " فرويد ف منشأ تاريخ البشرية!
ذلك أن البناء -ف مطلع البشرية -اتهوا نو أمهم بدافع النس ،ث وجدوا
أباهم عائقا ف الطريق فقتلوه .ث أحسوا بالندم على قتل أبيهم فأقسموا ليقدسن ذكراه.
فعبدوه .ومن ذلك نشأت عبادة الب .ث تولت إل عبادة الطوطم لنه ف النفس البشرية
هكذا يرتبط الب برمز اليوان! ]لاذا؟![ .وف الوقت ذاته وجد البناء أنم سيتقاتلون
بينهم للحصول على الم .وهذا أمر ل يوز! ]لاذا؟![ .فقرروا تريها على أنفسهم ،فنشأ
بذلك أول تري ]جنسي[ وانصب على الم .كما قرروا التعاون فيما بينهم بدل الصام
والعراك ]لاذا؟![ فنشأت " القيم ".
وهذه القصة الت " رآها! " فرويد تدث ف البشرية الول ،ليست حادثة تاريية
مفردة ،فقد تركت طابعها ف الياة البشرية كلها منذ ذلك الي .فكل طفل يعشق أمه
بدافع النس :وكل طفل يكبت ذلك العشق .ث ينمو الدين والخلق والتقاليد ..والقيم
العليا والضارة ،من ذلك الكبت النسي لعشق الم .ومع ذلك فالكبت ل ينته .وإنا هو
يتحول إل قلق نفسي دائم ل يترك الناس ف راحة ]" وكل الديانات الت جاءت بعد ذلك
هي ماولت لل ال شكلة ذا تا )إحساس الب ناء بالرية( وهي تت لف ب سب مستوى
الضارة الت ظهرت فيها ،والوسائل الت تطبقها ،ولكنها جيعا Ôتدف إل شيء واحد،
وهي رد فعل لنفس الدث العظيم )قتل الب( الذي نشأت عنه الضارة ،والذي ل يدع
للنسانية منذ حدوثه لظة واحدة للراحة "! فرويد -كتاب Totem & tabooص .[145
فالق صة كل ها ا لت " رآ ها! " فرو يد ،م ستمدة من ملح طات دارون ف عال
اليوان .فقد لحظ أنه ف عال البقر تتجه الثيان الفتية للحصول على البقرة الم ،فتجد
أباها عائقا ف الطريق ،فتتجه كلها نوه لتقتله .فإذا فرغت من ذلك عادت فاصطرعت
في ما بين ها حت يتغ لب أ حدها -و هو أقوا ها -في فوز و حده با لم وي صبح هو ال سيد
الديد.
وواضح كذلك مدى تلويث فكرة الدين والخلق والتقاليد ،وتقذيرها ف نفوس
الناس ،بغمسها ف مستنقع النس الستقذر ف أوربا السيحية ،وإخراجها منه يتقاطر منها
نقيع النس الكبوت!
وحقيقة إنه سعى إل إزالة " القذارة " عن النس! ولكن هذه مسألة أخرى!
جاء ف كتاب بروتوكولت حكماء صهيون " :يب أن نعمل لتنهار الخلق
ف كل مكان فتسهل سيطرتنا ..إن فرويد منا .وسيظل يعرض العلقات النسية ف ضوء
الشمس لكي ل يبقى ف نظر الشباب شيء مقدس ،ويصبح هه الكب هو إرواء غرائزه
النسية ،وعندئذ تنهار أخلقه "
إن ه ناك هدفا مزدو جا ي تم ف ن فس ا لوقت :فالنس ي»ن ظف لي ستباح .لتنط لق
الغرائز " الكبو تة " .لينط لق ال شباب كالبهائم ،دون أن ي سوا ف ضميهم لذعا ول ف
نفوسهم ندامة ولكن ف الوقت ذاته ي»قذر الدين والخلق والتقاليد بتصويرها نابعة ف
الصل من النس -الستقذر حينئذ ف النفوس!
أي أ نه ت تم عمل ية إ بدال دقي قة خبي ثة ب شعة ..في نل ا لدين وا لخلق إ ل م كان
النس الستقذر ،ويرتفع النس إل مكان الدين والخلق ف النظافة والتقديس!
ول يس ه نا -ك ما أ سلفت -مال الناق شة مع فرو يد ،ف قد ناق شته ف الك تب
السابقة ،وبينت فساد هذه الساطي والضاليل الت يقيم عليها تفسيه للحياة البشرية ،بل
سند علمي ول منطق سليم.
أول :إ نه ا ستمد من إ ياءات نظر ية دارون ذ لك التف سي ال يوان للن سان .و ل
ي قل دارون بطبي عة ا لال شيئا šمن ذ لك ك له ،ول كان من هه أن ي قول .ول كن ال عال
اليهودي الذي أخذ إياء نظريته السموم ،فقد مده مÉدÌة واسعة فشملت الياة كلها ،تت
ستار البحث " العلمي " ف علم النفس.
ثانيا :šأنه وجˆه الياء السموم كله الذي استمده من دارون إل نقطتي مركزتي،
ف أثناء هذه الولة الواسعة ف باطن النفس ،وف التاريخ ،ها الدين والخلق .فسعى إل
تلويثهما بصورة ل يسبق لا مثيل ف التاريخ كله .ووضعهما ف صورة منفرة مقززة ينفر
من ها كل إن سان! و ل يك تف ف ذ لك بالتلم يح ،بل كان صريا šجدšا و هو ي قول :إن
الت سامي نوع من ال شذوذ! ] Three Contributions to the Sexual Theoryص [82وإن
الخلق تتسم بطابع القسوة حت ف درجتها الطبيعية العادية! ] The Ego and the Idص
[80وإن أساطي السيحية تصور ف حقيقتها رغبة البن )السيح( ف قتل والده )الرب
الله( وإن كان قد كبت هذه الرغبة فقتل نفسه بدل من أبيه ،ولكنه أصبح إلا مكان
أبيه! ] Totem & Tabooص [154وإن الضارة تتعارض مع النمو الر للطاقة النسية! ]
Three Contributionsص [85وإن الدين والخلق والضارة تنشأ من الكبت النسي،
والك بت الن سي خ طر ع لى الك يان النف سي والع صب ،لنه ي صيب الن فس بالع قد
والضطرابات ]كل كتب فرويد بل استثناء![
إنه ل يعترف أن الكيان النفسي للفرد هو أساس الياة الجتماعية .بل العكس ف
نظره أقرب إل الصواب .إن الياة الجتماعية هي الت تشكل مشاعر الفرد .وعليه فل
يوز أن نفسر الياة من نفسية الفرد كما يصنع علم النفس كله ،وإنا ينبغي أن نفرق بي
الظاهرة النفسية والظاهرة الجتماعية تفريقا šكامل ،حت وإن قام بينهما -أحيانا -نوع
مـن التصال:
" ولكن الالت النفسية الت تر بشعور الماعة تتلف ف طبيعتها عن الالت
ا لت تر ب شعور ال فرد ،و هي ت صورات من ج نس آ خر ،وتت لف عقل ية الما عات عن
)(10
عقلية الفراد ،ولا قوانينها الاصة با "
" ..إن ضروب السلوك والتفكي الجتماعيي أشياء حقيقية توجد خارج ضمائر
)(11
الفراد ،الذي يبون على الضوع لا ف كل لظة من لظات حياتم "
()10قواعد النهج ف علم الجتماع تأليف إميل دركاي ،ترجة الدكتور ممود قاسم ومراجعة الدكتور
السيد ممد بدوي -مقدمة الطبعة الثانية ،ص .15
()11ص 22من الصدر السابق.
" ولكن لا كان هذا العمل الشترك ]الذي تنشأ عنه الظواهر الجتماعية[ يتم
خارج شعور كل فرد منا ،وذلك لنه نتيجة لعدد كبي من الضمائر الفردية ،فإنه يؤدي
بال ضرورة إ ل ت ثبيت وتقر ير ب عض ال ضروب الا صة من ال سلوك والتفك ي ،و هي ت لك
)(12
الضروب الت توجد خارجة عنا ،والت ل تضع لرادة أي فرد منا "
" ولكن ليس من المكن تطبيق هذه الطريقة ]الت تفسر الظواهر الجتماعية من
داخل نفوس الفراد[ على الظواهر الجتماعية اللهم إل إذا أردنا تشويه طبيعتها! ويكفي
ف البهنة على ذلك أن نعود إل التعريف الذي سبق أن حددنا به الظواهر الجتماعية.
فلما كانت الاصة الوهرية الت تتاز با هذه الظواهر تنحصر ف القيام بضغط خارجي
)(13
على ضمائر الفراد ،كان ذلك دليل على أنا ليست وليدة هذه الضمائر "
" و بذا الع ن و لذه ال سباب يكن نا ،بل يب علي نا أن نت حدث عن شعور
اجتماعي يتلف عن شعور الفراد .وإذا أردنا تبير هذه التفرقة بي الشعور الجتماعي
والشعور الفردي ،فلسنا ف حاجة إل تسيد الشعور الجتماعي .فإن لذا الشعور وجودا
من جنس خاص .ومن الواجب أن نعب عنه بصطلح خاص ،لرد السبب الت ،وهو :أن
الالت الت تدخل ف تركيبه تتلف عن الالت النفسية الت يتركب منها شعور الفرد
اختل فا[ نوع يا ...و من ج هة أ خرى ف ما كان ير مي تعريف نا لل ظاهرة الجتماع ية إل إ ل
)(14
تديد الفرق بي كل من الشعور الجتماعي والشعور الفردي "
هكذا ل يعترف دركاي بأن الياة البشرية -ذات الصفة الجتماعية -يكن أن
تفسر عن طريق نفسية الفرد وطبيعته وكيانه الفردي .إنا يفسرها وجود " العقل المعي
" خارج نطاق الفراد!
ومرة ثانية يقف دركاي من فرويد موقف التقابل الكامل .ففي كتاب " قواعد
الن هج ف ع لم الجت ماع " يت حدث عن " ت طور " الما عات شأن كل باحث ف ع لم
الجتماع -ولكنه يأب أن ينسب هذا التطور إل عنصر من عناصر النفس الفردة:
()12ص .25
()13ص .166
()14ص .169 - 168
" و لن ن ستطيع معر فة ال صدر ا لذي تن بع م نه هذه الت يارات الجتماع ية إل إذا
صعدنا ف مراها حت منابعها الول ،وحينئذ يب علينا أن نلحظ الظواهر الجتماعية
ف ذاتا ..ويب أن ندرس هذه الظواهر من الارج على أنا أشياء خارجية ...ولئن خيل
إلينا أن وجود هذه الظواهر خارج شعور الفراد ليس إل وجودا بسب الظاهر فسوف
يت بدد هذا ال شك كل ما ت قدم ع لم الجت ماع .و سيى ا لرء ك يف تقت حم ال ظاهرة
)(15
الجتماعية الارجية الشعور الداخلي للفراد "
ومع ذلك!..
" فمن هذا القبيل أن الناس يفسرون عادة نشأة النظام السري بوجود العواطف
الت يكنها الباء للبناء ،ويشعر با البناء تاه الباء؛ كما يفسرون نشأة الزواج بالزايا
الت يققها لكل من الزوجي وفروعهما ،والل با يدث من غضب الفرد إذا أصيبت
مصاله بضرر جسيم .وترجع الياة القتصادية ف ناية المر -كما يفهمها ويفسرها
القتصاديون ،وباصة أصحاب الذهب الافظ -إل هذا العامل الفردي البحت ،وهو
الرغبة ف تصيل الثروة .وليس المر على خلف ذلك فيما يتعلق بالظواهر اللقية .فإن
ا لخلقيي يت خذون واح بات ا لرء نو نف سه أسا سا šل لخلق .و كذا ا لمر في ما يتع لق
با لدين ،فإن ال ناس يرون أ نه ول يد ا لواطر ا لت تثي ها ال قوى الطبيع ية ال كبى أو ب عض
الشخصيات الفذة لدى النسان ..ال .ولكن ليس من المكن تطبيق هذه الطريقة على
الظواهر الجتماعية اللهم إل إذا أردنا تشويه طبيعتها! "
" ومن هذا القبيل أن بعض هؤلء العلماء يقول بوجود عاطفة دينية فطرية لدى
النسان ،وبأن هذا الخي مزود بد أدن من الغية النسية والب بالوالدين ومبة البناء،
وغي ذلك من العواطف ،وقد أراد بعضهم تفسي نشأة كل من الدين والزواج والسرة
على هذا النحو .ولكن التاريخ يوقفنا على أن هذه النعات ليست فطرية ف النسان "
" وحينئذ فإنه يكن القول بناء على الرأي السالف بأنه ل وجود لتفاصيل القواعد
القانون ية واللق ية ف ذا تا ،إذا صح هذا الت عبي ...و من ث فل يس من الم كن ،تب عšا لذا
()15ص .66
واضح؟!
إن الدين ليس شيئا šفطريا .وكذلك الزواج والسرة .والقواعد اللقية ل وجود
لا ف ذاتا!
ولن نناقش هنا دركاي! لن نناقش أسطورة " العقل المعي " القائم خارج نطاق
ا لفراد ،وال خالف لك يان ا لفراد ،وا لذي يقهر هم من ا لارج ع لى غ ي رغ بة من هم ول
استعداد فطري!
أخذ عنه بادئ ذي بدء فكرة التطور الدائم الذي يلغي فكرة الثبات.
وأخذ عنه فكرة " القهـر الارجي " الذي يقهر الفرد على غي رغبة ذاتية منه،
فيط̂وره.
وأخذ عنه التفسي اليوان للنسان ،فهو ل يفتأ يستشهد ف كل حالة با يدث
ف عال اليوان:
" أضف إل ذلك أنه ل يقم قط برهان على أن اليل إل الجتماع كان غريزة
وراثية وجدت لدى النس البشري منذ نشأته .وإنه لن الطبيعي جدšا أن ننظر إل هذا
ال يل ع لى أ نه نتي جة للح ياة الجتماع ية ا لت ت شربت با نفو سنا ع لى مر الع صور
والح قاب .وذ لك لن نا نل حظ ،ف الوا قع ،أن اليوا نات تع يش جا عات أو أ فرادا تب عا
)(17
لطبيعة مساكنها الت توجب عليها الياة ف جاعة أو تصرفها عن هذه الياة "
" ول كن أل يس مع ن ذ لك أن " كونت " يف سر ا لاء با لاء ،وأ نه ي شرح الت قدم
بو جود م يل ف طري يدفع الن سان إ ل الت قدم ا لذي ل ي عدو أن ي كون سوى ف كرة
ميتافيزيقية ليس ثة ما يدل على وجودها بسب الواقع؟ وذلك لن الفصائل اليوانية -
با ف ذلك الفصائل الراقية منها كل الرقي -ل تشعر قط بذه الاجة الت تدفعها إل
التقدم " ) ..(18ال.
ول يقل دارون بطبيعة الال شيئا šما قاله دركاي ،ول كان من شأنه أن يقول.
ولكن العال اليهودي أخذ الياء اليوان لنظريته ،ومده مÉدÌة واسعة فشملت الياة كلها،
تت ستار من البحث " العلمي " ف علم الجتماع.
ث إنه -ف جولته الواسعة ف علم الجتماع -قد عن عناية خاصة بأن يقول إن
ا لدين ل يس ف طرة وا لزواج ل يس ف طرة ،وا لخلق لي ست قيمة ذات ية ،ول هي ثابتة ع لى
وضع معي ،فإنا تأخذ صورتا من التمع الذي توجد فيه ،فإن " التمع " هو الصل ف
ظل الظواهر الجتماعية ،وليس " النسان "!
لقد التقت " توجيهات " العلماء الثلثة -وغيهم بطبيعة الال ،ولكنهم هم ف
القدمة -التقت عند نقط رئيسية ،متصلة ومتصاحبة:
الملة ع لى ا لدين وا لخلق والتقال يد ،ونفي القدا سة عنها ،وت شويه سعتها أو
التشكيك ف قيمتها.
والربط بي هذا التحلل الدين والنلل اللقي وبي " التطور ".
()18ص .176
والياء بأن هذا التحلل والنلل أمر " حتمي " لن التطور حتمي ل قبل لحد
بوقفه عن طريقه التوم.
ت قول بروتو كولت حك ماء صهيون " :ل قد رتب نا ناح دارون و ماركس
ونيتشه) (19بالترويج لرائهم .وإن الثر الدام للخلق الذي تنشئه علومهم ف الفكر
غي اليهودي واضح لنا بكل تاكيد ".
وسرت ف الماهي لوثتان معا šف ذات الوقت :لوثة التطور ..ولوثة العداء للدين
والخلق.
ور با برز ا سم فرو يد ف هذا ا لثر ا لدمر أ كثر من زميل يه ا لخرين ،لن آراءه
أخذت " شعبية " واسعة النطاق ،بينما بقي الخران -وخاصة دركاي -فوق مستوى
الماهي .ولكن الصيلة النهائية للوثة التطور ولوثة العداء للدين والخلق ينبغي أن ترد
لم جيعا ،šوإن تفاوتت النسب و " حقوق التأليف " بي أعضاء الثالوث!
لقد صارت " الوضة " هي التطور .وما ل يتطور بذاته ينبغي أن يطور بالقوة!
إنه ل ينبغي أن يظل شيء على الطلق ثابتا šف كل الرض .ل الدين .ول فكرة ال .ول
ا لخلق .ول التقال يد .ول الق يم .ول الروا بط الجتماع ية .ل شيء ..ل شيء ع لى
الطلق.
()19فيلسوف ألان نادى ف تشنج هستيي بفكرة النسان العلى Supermanو " موت الله "! وهو
يعفي هذا النسان من التقيد بالخلق السيحية لنا أخلق الذلء! ومن ث تد فيه " برتوكولت
حكماء صهيون " بغيتها النشودة.
ينبغي أن نطم قيود الخلق .فهي قيد يعوق التطور .وقد تقدينا با ف الاضي
ف الت مع الزرا عي فينب غي أن نطرح ها ال يوم ف الت مع ال صناعي الت طور ] ماركس[ أو
تقيدنا با نتيجة الهل الطي بقيقة النفس الباطنية وبأن الخلق " كبت " ضار بكيان
النسان ]فرويد[ أو تقيدنا با جهل منا بأنه ل توجد حقيقة ثابتة للقيم اللقية ،إنا هي
تتطور بتطور وسائل النتاج ]ماركس[ أو بتطور حالة التمع ]دركاي[.
وينبغي أن نطم الدين .فهو قيد آخر يعوق التطور .وقد ورثناه من أسلفنا ف
عماية وجهالة وجود وتأخر ،وقد كان هذا كله يناسب التمع الزراعي التأخر ،ونن
اليوم ف التمع الصناعي التطور الذي ل يطيق هذه الزعبلت ]ماركس[ أو قد كان
هذا يناسب عصر الهالة السابق ،يوم كنا نظن الدين شيئا šله قداسة ،منل من السماء،
قبل أن نعرف أنه كبت جنسي ضار مؤذ منفر ]فرويد[ أو يوم ظننا -خطأ منا وجهالة -
أنه فطرة إنسانية ]دركاي[.
ينب غي أن نن شئ أنف سنا إن شاء ف الت مع الد يد ..الت طور ..الت حرك ..الو ثاب.
ينب غي أن ننط لق مع وث باته ال ظافرة بل د ين .بل أخلق .بل تقال يد .ف هذا هو ال سبيل
الوحيد للتقدم الصحيح! ]" العلماء " الثلثة![.
فقد كانت القوى الشريرة كلها الت تعمل ف الرض تعلم أنه ل وسيلة لفساد
ا لمم كل ها خ ي من " تر ير " ا لرأة ،أي إخراج ها إ ل الطر يق فت نة للر جل ل كي تف سد
أخلقه وتنهار.
إنا إن خرجت تتعلم أو تعمل او تارس حقها ف الياة ،وهي متشمة متحفظة،
مافظة على أخلقها ،وعلى طبيعتها " النلية " بعن الرغبة ف " الستقرار " ف أسرة حي
تسنح الظروف ..فل فائدة إذن من كل " التعب " الذي تعبناه ف إفساد البشرية!
ينبغي أن ترج الرأة ف صورة تفت الرجل وتغريه ..وإل فما الفائدة؟
السبيل هو الدعوة!..
السبيل هو السينما!..
السبيل -بكل سبيل -هو إياد صورة من " الياة الجتماعية " ل تستغن عن
ا لرأة الفات نة الغر ية -ب جة الت مع -وإ ياد ت صور للح ياة ل ي ستغن عن ا لرأة الفات نة
الغر ية " لت شارك " الر جل ف حل الع باء؛ وإ ياد " وا قع عم لي " ل ي ستغن عن ا لرأة
الفاتنة الغرية كجزء واقعي من الياة!
قتل ف الرب الول عشرة مليي من الشباب ،وف الثانية حوال أربعي.
وصار الروتي العادي ف الياة الغربية أن تعمل كل فتاة ..وأن يكون لا صديق
-أي ع شيق -تارس م عه ن شاط ال نس ،كامل ف أغ لب الح يان .روت ي عادي ل
ي ستنكر .ل يف كر أ حد ف استنكاره ع لى ا لطلق .إل الاني! ا لذين يظ نون أ نه يو جد
دين! أو أخلق! أو تقاليد!
التطور!..
هل هو التطور حقا ،الذي صنع هذه الصورة الجتماعية ف القرن العشرين..؟
بصرف الن ظر عن رأي نا الشخ صي ف هذه الصورة :إن كانت ت قدما م شرفا أو
انلل مزريا .إن كانت رفعة للبشرية أو نكسة بشعة إل عال اليوان.
هل هي شيء " جد يد " ح قا ،أن شأه " الت قدم " العل مي وال ضاري ف ال قرن
العشرين؟
شهادة التاريخ
حي يعيش النسان فترة من الياة فإنه يراها مسمة مضخمة ،لنه يعيش دقائقها
وتفصيلتا وجيع لظاتا ،لظة إثر لظة ،فياها -من ث -أضخم من أي فترة اخرى
من التاريخ!
فالعي ترى النظر القريب كبيا šمفصل مسما ..ث يتضاءل ف نظرها -هو ذاته
-حي تبعد عنه بضع خطوات أو بضعة أميال..
والنسان يس بأموره هو كبية مفصلة مسمة ،لنا أقرب شيء إليه ..ث يرى
مثيل تا ع ند شخص آ خر -أ مامه -فل ي سها بذا ال كب والتف صيل والتج سˆم ،وإن
عطف عليها أو شارك فيها بوجدانه ..ول ييل إليه أبدا šأنا تشابه تربته الشخصية.
بل النسان الواحد يس لظته الراهنة كبية مفصلة مسمة ،لنه يعيشها الن،
فهي قريبة من حسه وشعوره وتفكيه ،فإذا مرت ودخل ف غيها ،تضاءلت ف حسه -
وهي جزء منه هو ذاته -وصارت -بكل آلمها أو آمالا -أصغر من لظته الديدة
الراهنة الداخلة ف بؤرة الحساس والتفكي و " العايشة "..
ومن ث يرى أهل القرن العشرين أن هذا القرن فريد تفردا šكامل ف كل شيء،
وأنه ل مثيل له ف شيء قط على مدار التاريخ..
وحقي قة إن ال قرن الع شرين مت فرد ف كثي من ا لمور .ف هذه " ال صورة " من
الياة ،بكل تفصيلتا ودقائقها ،ل تعشها البشرية قط من قبل ..ل يكن لديها صواريخ
ول طائرات ول سفن سريعة ول ق طر ماردة ،ول إذا عة ول سينما ول تليفز يون ..ول
إنتاج آل ضخم يشمل كل مرافق الياة..
دللته الت يريد الناس أن يستخرجوها منه أنه ل شيء على الطلق ما يعيشونه
اليوم قد عاشه أي جيل من قبل .وأنه ل شيء ما يدث اليوم قد حدث ف أي يوم من
التاريخ!
ل يقرأو نه لنم م شغولون بأ حداث الا ضر ال سيمة ،ا لت يز يدها ج سامة أ نم
يعيشون فيها بالفعل ،فتبدو لم دقائقها مسمة ضخمة .ول يقرأونه كذلك غرورا منهم!
غرورا يي×ل إليهم أنم مقطوعو الصلة بالاضي كله ،لنم خلق جديد ل شأن له باضي
النسانية السالف ،ول شبه بينهم وبينه ،فل " عبة " إذن ترتى من وراء قراءة التاريخ!
وقد يتواضعون قليل فيدرسون تاريخ أوربا الديث! تاريخ النهضة .لنم -وقد
تثقفوا -يعرفون أن التغيات ل تدث بي يوم وليلة .وإنا هي تر ف " تطور " بطيء
جدا .فالقرن العشرون ،با يمله من آيات ضخمة ،قد ولد -مثل -ف عصر النهضة،
أي ف ال قرن الرا بع ع شر أو ا لامس ع شر " ،فيح سن " من باب ال ستئناس أن ي قرأ
النسان التاريخ الديث والعاصر ،ليى فيه مولد القرن العشرين!
ولكنهم ل يصلون ف التواضع -إل نادرا - šإل حد قراءة ما سلف قبل ذلك من
التاريخ!
ول ست أ تدث بطبي عة ا لال عن " العل ماء " و " العقلء " ..إ نا أ تدث عن "
الماهي " ..با ف ذلك " جاهي الثقفي "!
متاجون إليه لنرى صورة البشرية على حقيقتها ،ولنحدث شيئا šمن التزان ف
رءوسنا الت أدارها الدوي الطنان الذي نعيشه ف القرن العشرين :دوي اللت الضخمة،
والسباق النون ..ودوي الفتنة الائجة ف الطريق.
" أرقى المم القدية حضارة وأزهرها تدنا ف التاريخ ،هم اليونان .وف عصرهم
البدائي كانت الرأة ف غاية من النطاط وسوء الال من حيث نظرية الخلق والقوق
القانونية والسلوك الجتماعي جيعا .فلم تكن لا ف متمعهم منلة أو مقام كري .وكانت
الساطي ) (Mythologyاليونانية قد اتذت من امرأة خيالية اسها " باندورا " )(Pandora
ينبوع جيع آلم النسان ومصائبه ،كما جعلت الساطي اليهودية حواء :العي الت تنشق
من ها جداول ا للم وال شدائد .وغ ي خاف ع لى أ حد ما كان لذه ال سطورة اليهود ية
الشنيعة عن حواء من تأثي عظيم ف سلوك المم اليهوية والسيحية قبل الرأة ،وما كان لا
من مفعول قوي ف حقول القانون والخلق والجتماع عند هؤلء الشعوب .وكذلك
أو دونه بقليل كان تأثي السطورة اليونانية عن )باندورا( ف عقولم وأذهانم .فلم تكن
عندهم إل خلقا šمن الدرك السفل ،ف غاية من الهانة والذل ف كل جانب من جوانب
الياة الجتماعية .وأما منازل العز والكرامة ف التمع فكانت كلها متصة بالرجل.
وبقي هذا السلوك قبل الرأة ف أول عهدهم بالنهضة الدنية ثابتا على حاله ،ربا
تللته تعديلت قليلة .فإنه كان من تأثي ذيوع العلم وانتشار أنوار الضارة أن ارتفعت
مكانة الرأة ف التمع وأصبحت أحسن حال وأرفع منلة من ذي قبل ،وإن بقيت منلتها
القانونية على حالا ل تتبدل .فهي أصبحت ربة البيت ،منحصرة واجباتا ف حدوده،
وأصبح لا ف داخله سلطة ونفوذ تام .وكان عفافها وتصونا من أغلى وأنفس ما يلك،
و ما ين ظر إل يه بع ي الت قدير والتعظ يم .وأي ضا šكان ال جاب شائعا ف البيو تات العال ية.
فكانوا يبنون بيوتم على قسمي :قسم للنساء وآخر للرجال .وما كان نسوتم يشاركن
ف ا لالس والند ية الختل طة ول يبزن ف ال ماكن العا مة .و كان ي عد زواج ا لرأة
وملزمتها لزوجها دون غيه من أمارات النجابة والشرف .ولمثالا كانت الرمة والنلة
ف الت مع .و بالعكس من ذ لك كانوا ين ظرون إ ل ح ياة الع هر وا لدعارة ن ظرة كره
وازدراء ..هذا ف ع صر كانت ال مة اليونان ية ف إ بان مدها وعن فوان شبابا وقو تا،
وكانت تنمو صعدا إل الرقي والكمال .ول ريب أنه كانت توجد عندهم مفاسد خلقية
ف ذ لك العصر ،إل أ نا كانت منحصرة ف نطاق مدود .وذ لك أن الرجال ل يكو نوا
يطالÝبون ب»ثÔل من العفاف وطهارة الخلق وزكاء السجية كانت تطالب با الرأة وتؤاخذ
عليها ،بل كانوا يستثنوÓن من التخلق بتلك الخلق السنة ،ول يكن من التوقع منهم أن
يعيشوا عيشة ذوي العفاف والشمة .ومن أجل ذلك كانت الومسات جزءا من صميم
التمع اليونان ل ينفك عنه أبدا ،šول يعاب الرء إذا عاشرهن وخادنن.
يرى إليه من حاجة .وقلما يرون بأسا بأن يعاشر الرجل الرأة ويادنا علنا من غي
عقد ول نكاح.
...
...
والذين تسلموا ذروة الد والرقي ف العال بعد اليونانيي هم الرومان .وف هذه
المة أيضا šنرى تلك السلسلة من الصعود والبوط الت قد شاهدناها ف اليونان .فحينما
خرج الرومان من عصر الوحشية وظلمة الهل ،وظهروا على مسرح التاريخ لول مرة،
كان الرجل رب السرة ف متمعهم ،له حقوق اللك كاملة على أهله وأولده ،بل بلغ
من سلطته ف هذا الشأن أن كان يوز له حت قتل زوجه ف بعض الحيان.
ولا تففت فيهم صورة الوحشية وتقدموا خطوات ف سبيل الدنية والضارة،
تففت القسوة ف تلك السلطة وجعلت الكفة تيل إل الستواء والعتدال شيئšا فشيئا،š
وإن بقي نظام السرة القدي ثابتا šعلى حاله .وهؤلء ل يكن الجاب عندهم معمول به
-كاليو نان -ف إ بان مد المهور ية الرومان ية ورقي ها .لكن هم كانوا ق يدوا الن ساء
والشباب عامة بقيود مثقلة من نظام السرة .فالعفاف كان شيئšا ينظر إليه بعي الجلل
ول سيما ف شأن النساء ،وكان يعد مقياسا šللشرف وكرم التد .وكذلك كان مستوى
الخلق عندهم عاليا .ومن أمثال ذلك أن اتفق ذات مرة أن عضو ملس الشيوخ قبل
زو جه أ مام ابن ته ،فغ ضب عل يه ال قوم وحك موا ع لى صنيعه بأنه غض من كرا مة ال لق
القومي وإهانة له ،وأمضوا إقرار النكي ) (Vote of Censureعليه ف ملس الشيوخ .هذا
و ما كان مبا حا ع ندهم ول مر ضيا šف أخلق هم أن يتعا شر الر جل وا لرأة بدون ع قد
مشروع .وما كانت الرأة تتبوأ مكانة العز والكرامة ف التمع إل بأن تكون أمÁا لسرة )
(Matronوالوم سات ،وإن كانت طبقت هن مو جودة ،و كان للر جال نوع من الر ية ف
مادنتهن ،إل أن عامة الرومان وجهورهم كانوا يزدرونن وينظرون إليهن نظرة احتقار
وتعيي .وكذلك ما كانوا ينظرون بعي الستحسان إل الرجال الخادني لن.
ث أ خذت نظر ية الرو مان ف الن ساء تت بدل برقي هم وتقلب هم ف م نازل الدن ية
والضارة .وما زال هذا التبديل يطرأ على نظمهم وقوانينهم التعلقة بالسرة وعقد الزواج
والطلق ،إل أن انقلب المر ظهرšا لبطن ،وانعكست الال رأسا šعلى عقب ،فلم يبق
لعقد الزواج عندهم معن سوى أنه عقد مدن ) (Civil Contractفحسب ،ينحصر بقاؤه
وم ضيه ع لى ر ضا التعا قدين ،وأ صبحوا ل يهت مون بتب عات العل قة الزوج ية إل قليل.
ومنحت الرأة ج يع حقوق الرث وال لك ،وجعلها القانون حرة طليقة ل سلطة عليها
للب ول للزوج ،ول تصبح الرومانيات مستقلت بشئون معايشهن فحسب ،بل دخل
ف حوزة ملك هن و سلطانن جزء عظ يم من ا لثراء ال قومي ع لى م سي ال يام .ف كن
يقرضن أزواجهن بأسعار الربا الفاحشة ،ما يعود به أزواج الثريات من النساء عبيدا
لن ف ميادين العمل والواقع .ث سهلوا من أمر الطلق تسهيل جعله شيئا[ عاديا[ يلجأ
إل يه لتفه ال سباب .ف هذا " سنيكا " الفيل سوف الرو مان ال شهي ) 4ق .م 56 -م(
يندب كثرة الطلق ويشكو تفاقم خطبه بي بن جلدته فيقول " :إنه ل يعد الطلق اليوم
شيئا šي ندم عل يه أو ي ستحي م نه ف بلد الرو مان ,و قد ب لغ من كثرته وذ يوع أ مره أن
جعلت النساء يعدون أعمارهن بأعداد أزواجهن .وكانت الرأة الواحدة تتزوج رجل
ب عد آ خر وت ضي ع لى ذ لك من غ ي ح ياء .و قد ذ كر مار شل ) 104 - 43م( ا مرأة
تزو جت ع شرة ر جال ،و كذلك ك تب جووي نل ) 140 - 60م( عن ا مرأة تقل بت ف
أحضان ثانية أزواج ف خس سنوات ،وأعجب من كل ذلك وأغرب ما ذكره القديس
ج يوم ) 420 - 340م( عن ا مرأة تزو جت ف ا لرة ا لخية ال ثالث والع شرين من
أزواجها ،وكانت هي أيضا šالزوجة الادية والعشرين لبعلها.
" ولا تراخت عرى الخلق وصيانة الداب ف التمع الرومان إل هذا الد،
اندفع تيار من العري والفواحش وجوح الشهوات فأصبحت السارح مظاهر للخلعة
والتبج المقوت والعري الشي .وزينت البيوت بصور ورسوم كلها دعوة سافرة إل
الفجور والدعارة والفحشاء .ومن جراء هذا كله راجت مهنة الومسات والداعرات
وانذبت إليهن نساء البيوتات .وتادى المر ف ذلك إل أن اضطر القوم إل وضع قانون
خاص ف عصر القيصر تائي بييس ) 37 - 14م( لنع نساء البيوت من احتراف مهنة
الومسات وصناعتهن النافقة .ونالت مسرحية فلورا ) (Floraحظوة عظيمة لدى الروم
لكونا تتوي على سباق النساء العاريات .وكذلك انتشر استحمام الرجال والنساء ف
م كان وا حد برأى من ال ناس وم شهد .أ ما سرد ال قالت اللي عة والق صص الاج نة
العار ية ف كان شغل مر ضيا مق بول ل يت حرج م نه أ حد ،بل ا لدب ا لذي كان يتل قاه
الناس بالقبول والرضى هو الذي يعب عنه اليوم بالدب الكشوف ،وهو الذي تبي فيه
)(20
أحوال الب والعناق والتقبيل سافرة غي مقنعة بجب من الاز والكنايات" .
إن بعض أجزاء الصورة توشك أن تكون بذافيها وصفا لا هو كائن اليوم ف
القرن العشرين ،ل ما كان موجودا قبل عشرين قرنا ،أو أكثر من عشرين!
ا لرأة " ال ستقلة اقت صاديا " ا لت تف هم من ا ستقللا القت صادي أن لا حق "
التحرر " أو التحلل اللقي..
الرجل الباحث عن " بجـة التمع " وعن الرأة الت " تشارك فـي حل أعباء
الياة ".
الرجل الذي ينظر إل الرأة التحللة على أنا " ضرورة اجتماعية " ويرحب با
على هذا الساس.
يذهل أن تكون صورة الياة اليوم -ف جوهرها -هي إل هذا الد تكرار لا
كان قبل ألفي من السني!
الزيف ي ا لذين يزع مون أن ال ياة الجتماع ية الدي ثة صورة فر يدة ل تت كرر ف
التار يخ ،ونتي جة " للت طور " ا لذي جاء به " الع لم " ..وا لاهلي ا لذين ي صدقون هؤلء
الزيفي!
لقد تغيت الدوات حقا ..šما ف ذلك شك! ولكن " العمل " ذاته هل تغي؟!
أ ية سذاجة أو جها لة أو تزي يف ت لك ا لت تن سب ذ لك " الت قدم الجت ماعي " "
ال ضخم " ا لذي نعي شه ال يوم ،وا لذي أ خرج الرأة إ ل الطر يق عار ية تبتغي الفت نة و شغل
الر جل بفتنت ها ..إ ل اقت صاديات ال قرن الع شرين الفر يدة ف التار يخ ،و ظروف ال قرن
العشرين الفريدة ف التاريخ ،وعلم القرن العشرين الفريد ف التاريخ ،واختراعات القرن
العشرين الفريدة ف التاريخ و " أيديولوجيات " القرن العشرين الفريدة ف التاريخ؟!!
أية سذاجة أو جهالة أو تزييف تلك الت تنسى وقائع التاريخ الاضي وتزعم أن
الب شرية " و لدت " ال يوم مو لدا šل تو لده من ق بل قط ،وأن هذا ال يل من الب شرية ج يل
منقطع الصلة عن كل شيء قبله " .جيل الصواريخ " ..الذي ل يتقيد بدللت الاضي،
ول يتأثر با ،ول تعنيه ف شيء ،لنه ينشئ نفسه إنشاء على نو غي مسبوق..؟!
بل أية سذاجة أو جهالة أو تزييف تلك الت تزعم أن الكيان البشري الداخلي قد
" تطور " أو تغي خلل كل هذه القرون؟!
تقول أول :إن " القرن العشرين " ..أو " الياة الجتماعية ف القرن العشرين "..
أو " دور الرأة ف الياة الجتماعية ف القرن العشرين " أو " علقة الرجل والرأة ف القرن
العشرين " ليست صورة فريدة ول جديدة ف حياة البشرية ..فقد مرت صور من قبل
فيها مشابه عجيبة منها ،حت لينسى النسان إذا أغمض عينيه وهو يسمعها أنه يعيش ف
القرن العشرين ،أو أن تلك الصور كانت قبل ألفي من السني!
وت قول ثان يا :šإن ال سباب الزعو مة ا لت تف سر با ال ياة الجتماع ية ف ال قرن
الع شرين ،ودور ا لرأة في ها ،وعلقت ها بالر جل في ها ،لي ست هي ال سباب القيق ية ..أو
ليست كلها على القل .فإنا إن عزيت إل أي سبب متعلق بالقرن العشرين وحده وما
حدث فيه من " تطور " وتقدم ،فكيف يكن تفسي الصورة الشابة الشديدة الشبه منها،
الت حدثت ف القرن الول للميلد ،أو قبله بعدة قرون؟!
وتقول ثال ثا :šإن الك يان الب شري ل يس ك ما تصوره نظر يات ال قرن التا سع ع شر
وال قرن الع شرين ،ع لى يد ماركس ودر كاي ،و من شابهم و من أ خذ من هم ..ل يس "
متطورا " šمن داخله بالصورة الت تلغي كل ثبات فيه أو فيما حوله ..وليس " النس "
اكتشافا جديدšا يكتشفه فرويد ..فقد اكتشفته قبله حضارات عديدة ف التاريخ!
ل قد حدثت أ حداث ضخمة ف القرن ي التا سع ع شر والع شرين :ف عال ا لادة
وعال البشر على السواء.
النظرة إل " النسان " قد تقلبت مرات عدة من أقصى الشمال إل أقصى اليمي
بصورة ل يسبق لا مثيل :من تقديس فرديته إل الد الذي يكاد يلغي التمع إل جواره،
إل تقديسه ف صورة الماعة إل الد الذي يكاد يلغي شخصيته الفردية ويعتبه مرد فرد
ف القطيع .من " إنسان " رفيع النلة يعتب مركز الكون ،إل حيوان أو ناجم من حيوان..
ل مزية له على غيه من الحياء إل أنه ف طور السيادة ف الوقت الاضر ،وقبله كانت
أنواع من اليوان هي السيدة على ظهر الرض! ث من إنسان عابد لغيه :ل أو الطبيعة أو
أي شيء آخر ،إل إنسان متأله ل يريج أن يعبد إل ذاته ف القرن العشرين!
والعلم قد خطا خطوات جبارة ل مثيل لا ف التاريخ كله ..ف جˆر الذرة وأطلق
ال صاروخ ..و سخر للن سان كثيا šمن قوى ا لرض وال كون ..وي سˆر ال ياة الاد ية أ يا
تيسي ..وحل عن الناس الهد البدن الذي كان يشقيهم من قبل ويعنتهم ،فح̂مله لللة،
وانطلق النسان خفيفا šمذخور الطاقات!
هل صار -ف انرافاته واعتدالته -شيئا šآخر غي " النسان "؟ النسان الذي
عاش -مثل -قبل ألفي من السني؟!
هل صارت دللت أعماله بالنسبة إليه -ف انرافاته واعتدالته -شيئا šآخر غي
ما كان من الدللت؟!
فلنتدبرها..
إنا تروي لنا أشياء خطية ..عن الثابت والتطور ف كيان النسان.
إن دللتها ل تقف عند حد هذا التشابه العجيب بي فترتي من فترات التاريخ
يفصل بينهما عشرون قرنا من الزمان.
إنا تلفتنا إل ما هو أعمق من ذلك وأخطر ..إل الطبيعة البشرية ذاتا ..إل ذلك
" النسان " التضمÌن ف أحداث التاريخ ،متأثرا šبا ومؤثرا فيها على مدار الجيال..
هذا " النسان " هو الذي نريد أن نصل إليه من خلل الحداث والظروف..
و من وراء اللب سات والتقل بات ..نر يد أن نفح صه من ا لداخل ..أن نتع مق ك يانه ..أن
نتعرف إليه ..فمن الؤكد -من تبطاتنا ف النظر إليه -أنه هو " الهول " الكب ف هذا
القرن العشرين ..قرن " العلم " والكشف والعرفان!
" إننا ل نفهم للنسان ككل ..إننا نعرفه على أنه مكون من أجزاء متلفة .وحت
هذه الجزاء ابتدعتها وسائلنا .فكل واحد منا مكون من موكب من الشباح تسي ف
وسطها حقيقة مهولة!!
ووا قع ا لمر أن جهل نا مط بق .فأغلب ال سئلة ا لت يلقي ها ع لى أنف سهم أولئك
الذين يدرسون النس البشري تظل بل جواب ،لن هناك مناطق غي مدودة ف دنيانا
الباطن ية ،ما زا لت غ ي معرو فة ...وه ناك أ سئلة أ خرى ل عداد لا ،ي كن أن تل قى ف
مو ضوعات تع تب ف غا ية اله ية بالن سبة ل نا ..ولكن ها ستظل جي عا šبل جواب ..ف من
الواضح أن جيع ما حققه العلماء من تقدم فيما يتعلق بدراسة النسان غي كاف ،وأن
)(21
معرفتنا بأنفسنا ما زالت بدائية ف الغالب" ...
هذا تقرير عال ف العلوم ،أتيحت له فرص نادرة -كما يقول ف مقدمة كتابه -
لن يقضي معظم وقته يبحث ف العمل ،ويفيد من تارب العلماء الخرين ف الطبيعة
والكيمياء وعلم الياة وعلم وظائف العضاء إل جانب تصصه ف الطب .ومع ذلك "
فالماهي " ،با ف ذلك " جاهي الثقفي " يأخذها غرور العلم الجوف ،فيظنون أنم
عرفوا كل شيء -ف عال النسان خاصة -وأنم مؤهلون لن يفتوا ف قضايا النسان
ف تأكد وتكن ..فتكون فتواهم هي هذه القوال الزائفة ،الت توحي بأن إنسان القرن
الع شرين كائن مت فرد ،مق طوع ال صلة -أو ي كاد -ب كل الج يال قب له ،وأن ترب ته ا لت
يعيشها ف هذا القرن تربة متفردة لنا تصدر عن كيان " متطور " ل مثيل له من قبل،
وأن دللت الف عال بالن سبة لذا الن سان دللت غ ي م سبوقة ،ول شبه بين ها وب ي
دللت البشرية فيما مضى من القرون..
وتتغذى هذه النظرة الزائفة على " علوم " كثية و " نظريات "..
فالتفسي الادي للتاريخ يقول إنه " ليس شعور الناس هو الذي يعي وجودهم،
ولكن وجودهم هو الذي يعي مشاعرهم " ]كارل ماركس[ ووجودهم متغي على الدوام
ب كم الت طور ف أدوات الن تاج ،تب عا لا يد من ك شوف واخترا عات ع لى ا لدوام "
فأ سلوب الن تاج ف ال ياة الاد ية هو ا لذي يع ي ال صفة العا مة للعمل يات الجتماع ية
والسياسية والعنوية ف الياة " ]ماركس[ " النتاج وما يصحبه من تبادل النتجات هو
ال ساس ا لذي ي قوم عل يه كل ن ظام اجت ماعي .فح سب هذه النظر ية ند أن ال سباب
النهائية لكافة التغييات والتحولت الساسية يب البحث عنها ل ف عقول الناس أو ف
سعيهم وراء ا لق وال عدل ا لزليي ،وإ نا ف التغي يات ا لت ت طرأ ع لى أ سلوب الن تاج
والتبادل " ]فردريك إنلز[.
()21ترجة شفيق أسعد فريد .منشورات مكتبة العارف ببيوت .ص 18 - 16
كان النسان ف التمع الزراعي يعبد ال ..لنه ..يضع البذرة ف الرض ويطلب
الب Ìمن الرب! لنه عاجز بنفسه عن التأثي ف عملية النتاج ،ل هو يستطيع أن يسرعها
أو يبطئها عن مدتا " الغيبية " ول هو يستطيع -إل بقدر ضئيل -أن يتحكم ف النتائج
]بالهد البذول من جانبه[ فالعاصي والفات ،وتقلبات البد والر ل سلطان له عليها
البتة ..ول بد أن ينتظر فيها كلمة السماء.
وكان الرجل هو النتج الرئيسي ،وهو الذي يعول الرأة .ومن ث كان هو السيطر
صاحب السلطان .وكانت السرة تثل سلطان الزوج ،وهو حريص عليها شديد الرص
لنا تيئ له ذلك السلطان ،ومن ث يفرض على الرأة قيودا خلقية شديدة ،فالعفة شرط
رئيسي لياتا وعنصر ل غناء لا عنه .والعفة معناها ]ف هذا التفسي[ أن يتأكد الرجل -
صاحب السلطان -أن هذه الرأة أو تلك له وحده ل يسسها أحد غيه .ث ييء الدين
]الذي يثل هذا " الطور "[ فيقول إن العفة مطلب إلي من البشر ،عليهم أن يلتزوما به
من أجل ال.
و كانت ال سرة متعار فة ،ب كم قرابت ها وت صاهرها ف ميط ها ا لدود ،وب كم
التعاون بينها ف جع الاصيل وبيعها وتبادلا ،فكان هذا التعارف خلقا ..وكان جزءا من
مفهوم الدين ..ال ..ال..
عملية النتاج ل تعد " غيبية " .فهي عملية منظورة .اللة النت¼جة منظورة ،والادة
النتÉجة منظورة كذلك .و " النسان " هو الذي يديرها وليس " ال " ]!![ ومن ث فل
ضرورة شعورية لعبادة ال!
و عاش ال ناس ف الدي نة -ل ف القر ية -بأ عداد متزا يدة ،و من أ صول غ ي
متعارفة .فلم يعد التعارف شرطا šللحياة النسانية .وصار اللق الديد للمدينة -اللق
الت طور -أن يع يش كل إن سان ح ياته الا صة ف عز لة عن ا لخرين ..عز لة شعورية
وواقعية..
وب طل التعاون ال فردي ،لن عمل ية الن تاج صارت متخص صة ،كل عا مل يدق
مسمارا أو يط خ طا أو يدفع شريطا šمعدنيšا أمامه ..إل .بل تعاون مل موس بي وا حد
وواحد ف الصنع الكبي ..فصار " عدم التعاون الفردي " هو اللق الديد التطور..
وه كذا ا ستمد الت مع ال صناعي أخل قه وم شاعره وم فاهيمه وم بادئه و سلوكه
العملي من اللة ،والنتاج الادي ..فصارت اللة هي الت تشكل حياة النسان..
وهكذا ..ل يكون شعور الناس هو الذي يعي وجودهم .ولكن وجودهم هو
الذي يعي مشاعرهم ،على حد قول العال الكبي كارل ماركس!
ث ييء " علم " الجتماع على هدى دركاي فيقول إن الدين والزواج والسرة
ليست فطرة لدى النسان! وإنا هي من عمل " العقل المعي " ،وهو شيء ]ما هو؟![
دائم الت طور والتغ ي والت شكل ،لن التم عات ل تث بت ع لى حال وا حد .و من ث ف كل
متمع يصنع دينه ]أو لدينه![ ونظم زواجه ]أو ل زواجه![ ونظم أسرته ]أو ل أسرته![
فإذا قال العقل المعي ف طور من أ طواره :لي كن د ين ..فلي كن د ين! وإذا قال :لي كن
زواج ..فليكن زواج .وإذا قال :لتكن أسرة ..فلتكن أسرة .أما إذا قال -حسب هواه،
أو ح سب " حتم ية ال ظواهر الجتماع ية " ا لت ل تن شأ من ضمي ال فرد ول فطر ته ،ول
عل قة لا ب شاعره الفرد ية ،ول بر ضاه أو عدم ر ضاه عن ها! -إذا قال :لي كن ل د ين.
وليكن ل زواج .وليكن ل أسرة .فسرعان ما يرضخ الفراد " لقهر الظاهرة الجتماعية "
فين سلخون من دين هم وأخلق هم وي تبأون من ها .وي لون روا بط ا لزواج وال سرة،
ويصبحون أي شيء يريده العقل المعي -سبحانه -ل قاهر سواه.
الكهرباء بأعاجيبها..
واللة بضخامتها..
ما تكاد البشرية تفتح فاها عجبا للتليفون -مثل -وقدرته السحرية على نقل
الصوت -ف أسلك -عب السهول والدويان والبال ،حت يكون اللسلكي قد فجأها
با هو أعجب وأشد فتحا للفواه .وحت يكون التليفزيون..
وما تكاد البشرية تفيق من دهشة السيارة الت تسي بل حصان ..بقوة الحتراق
الداخلي ،كأنا يدفعها جن أو ساحر يسخر الن ،حت تفجأها الطائرة ..ث الصاروخ..
وما تكاد تفيق من عملية النسج اللية ،الت تقوم اللة فيها بعمل ستة من العمال
دفعة واحدة ،حت تفجأها اللة الت تصنع كل شيء! والت تقوم بعمل ألوف العمال ،على
دقة وتكن ل تطيقه طاقات النسان.
ث تتوال العجائب كل يوم وكل لظة ..فتعطي الياة شكل متلفا ف كل لظة،
وتغي مشاعر الناس وأفكارهم ومفاهيمهم ومبادئهم وسلوكهم الواقعي كل لظة ..سلوك
راكب المل ومفاهيمه غي سلوك راكب السيارةغي سلوك راكب الطائرة ،غي سلوك
راكب الصاروخ السافر بي الكواكب ف عصر الفضاء..
فأ̂نى " للنسان " أن ي كون هو الن سان ..بل أين هو النسان ذاته فـي هذا
السباق البار؟!
وحي نصل من القضية إل هذا الد ..حي تأخذ رءوسنا تدور من طني اللت
وانفجار الطاقات ..حي تبهر أعيننا شدة التغي ومداه ..فنظن أن " النسان " قد تغي..
أو أنه ل يوجد وجود حقيقي للنسان )!( ..عند ذلك ينبغي أن نعود سريعا إل شهادة
التاريخ ..فهي العاصم لنا من الدوار!
إذن..؟!
ول بد أن هناك عوامل أخرى غي هذه العوامل النظورة ،هي الت تكم تصرفات
النسان!
والتفسي المعي للتاريخ ياول كذلك أن يفسر النسان من الارج ..ياول أن
يف سره على أنه -أراد أو ل يرد -يتشكل على الدوام " بالقهر " الجتماعي الذي ل
يرا عي م شاعر ال فرد ول رغ باته ،ول عل قة له با ]در كاي[ ) (23وع لى أن ال ظواهر
الجتماع ية ل صلة لا " بف طرة " الن سان ..فا لمور ا لت ي» ظن أ نا من الف طرة ،كا لدين
والزواج والسرة ،والقيم اللقية ،ظواهر اجتماعية ف حقيقتها ،قد يرتضيها الفرد وقد ل
يرتضيها ،ولكنها " تكون " ..وبالتال ،فإنه إما أل تكون للنسان فطرة ثابتة ..وإما أن
هذه الفطرة -على فرض وجودها -ليست مرجعا لياة النسان!!
فكل التفسيين يعجز عن تفسي هذا التشابه العجيب ف الياة الجتماعية الذي
يفصل بينه ألفا عام..
والتفسي المعي الذي يضع هه كله ف العقل المعي ،والقهر الجتماعي الواقع
على الفرد الذي ل تكمه الفطرة ..يعجز عن تفسي الوقفي التشابي ،إل على فرض
" ()22ف الن تاج الجت ماعي ا لذي يزاو له ال ناس ترا هم يقي مون عل قات مددة ل غ ن عن ها .و هي
مستقلة عن إرادتم .وعلقات النتاج تطابق مرحلة مددة من تطور قواهم الادية ف النتاج .والموع
الكلي لذه العلقات يؤلف البناء القتصادي للمجتمع .وهو الساس القيقي الذي تقوم عليه النظم
القانونية والسياسية ،والت تطابقها أشكال مددة من الوعي الجتماعي " ]ماركس[.
()23مرت بنا مقتطفات من أقواله ف فصل سابق.
واحد -ل يريد أصحابه العتراف به -هو أن يكون هذا العقل المعي -على فرض
التسليم بوجوده -جزءا من فطرة النسان!
ول تفسي لشهادة التاريخ إل تفسي واحد :أن يكون للنسان فطرة ،وأن يكون
لذه الفطرة لون من الثبات! وكل تفسي خلف ذلك فهو عاجز عن التفسي ،متمحل،
مانب للصواب!
إنا مزية النسان العظمى ،الت ميزه ال با عن اليوان ،هي ذاتا الت تعل هذه
التفسيات النحرفة تنله من مكانه الرفيع ،فترده إل وضع أسوأ حت من اليوان!
ويع جب الن سان ح ي ين ظر إ ل ت لك التف سيات القا صرة الزائ فة ،ك يف ت شوه
الزية الت وهبها ال للنسان ،ليوسع حياته ويثريها ،ويعدد أناطها ومستوياتا ،واتاهاتا
وأ لوان ن شاطها ..فتقلب ها -ف تف سيها -أداة لل سلبية وال نوع ،والنط باع ا لدائم
بالؤثرات الادية " الستقلة عن إرادة النسان " أو القهر الجتماعي " الستقل عن كيان
الفرد " ..أو ما شابه ذلك من الؤثرات
الرونة الت مكنت النسان أن " يواجه " البيئة الادية ف جيع ظروفها وحالتا،
خرÝ Éلك Ôم ÓمÉا ف¼ي ال سÌمÉاوÉات¼ و ÉمÉا ف¼ي
فيسيطر عليها ف النهاية على نو من الناء ]" و ÉسÌ É
اáلأÝرÓض¼ جÉم¼يعا šم¼نÓه» "[ ) (24ول يفن ول يدول حي تواجهه الصعاب.
وتعدد ا لوانب ا لذي تتم ثل ف يه عبقر ية الن سان ،وا لذي أ تاح له أن " ين شئ "
الضارات الختلفة ،وأن يعل هذه الضارات شاملة لنشاط الروح ونشاط الفكر ونشاط
السد ..شاملة للجوانب القتصادية والجتماعية والسياسية والادية والفكرية والروحية..
هذه الز ية وت لك -وكلتا ها موهب تان للن سان ليعط ياه إياب ية وحيو ية فاع لة -
تردها التفسيات النحرفة الزائغة إل سلبية بغيضة تتأثر بالحداث من الارج ،ول تؤثر
هي من الداخل ف الحداث!
الرونة -القابلية للتشكل الدائم -أغرت التفسي الادي للتاريخ أن يظن أنه ل
يوجد " كيان " ثابت للنسان .وأنه ليس لذا الكيان كلمة ذاتية ف الوضوع! عليه فقط
أن يتلقى فيستجيب!
وت عدد ا لوانب -وخا صية بروز بع ضها أحيا نا وان سار ب عض -أ غرت هذا
التفسي والتفسي المعي كذلك أن يظنا أنه ل يوجد كيان ثابت للنسان ،وإنا هي "
أطوار " ل يمعها ف النهاية كيان!
والنسان ف حقيقته أكب من تلك الزئية الصغية وأكب من ذلك الوجه الفرد
الذي تفسر من خلله الياة.
ومرونته وتعدد جوانبه اللذان أغريا هذه التفسيات الزئية أن تشوه صورته ها
مزيتان إيابيتان على مدار التاريخ ،وإن كان لما -بالفعل -وجه سلب هو الذي تركز
عليه هذه التفسيات!
إن الن سان ا لزدوج الطبي عة ،ال كون من قب ضة الط ي ونف خة ا لروح ،مت حدتي
متز جتي ) ،(25ي مل ف كل ت صرفاته وجه ي مت قابلي .و من مالت هذا الزدواج أن
توجد فيه هاتان الصفتان التقابلتان :السلبية واليابية ،وأن تشمل -من الانبي -كل
تصرفاته ،ف اللحظة الواحدة وف جيع اللحظات .وإن كان ف طبيعته أن ينح أحيانا بذه
ال صفة أو ت لك ،فتز يد ن سبتها مؤق تا ،ث ي عود -ما دام سويا -إ ل ال تزان .وت لك هي
()25انظر بالتفصيل فصل " خطوط متقابلة ف النفس البشرية " ف كتاب " منهج التربية السلمية "
وفصل " طبيعة مزدوجة " ف كتاب " دراسات ف النفس النسانية ".
والن نعود إل القضية الساسية ف هذا البحث ..قضية الثابت والتطور ف كيان
النسان.
وإذا كانت للنسان فطرة " ثابتة " فما تفسي التغي الدائم ف حياة البشرية الذي
ي صل من أق صى اليم ي إ ل أق صى ال شمال ،وا لذي ل تتما ثل ف يه حال تان من حالت
النسان ،وإن تشابتا تشابا شديدšا ف بعض الحيان؟
بل قبل ذلك ..ما الذي يثبت لنا أن للنسان " فطرة " على الطلق؟ ولاذا ل
ي كون -ك ما يف سره ع لم الن فس التحلي لي -ممو عة من ا لالت النف سية التتاب عة بل
وحدة ،أو -كما يفسره التفسي الادي للتاريخ -مموعة من الطوار؟
فلننظر إل " الدوافع الفطرية " ..هل لا وجود حقيقي ملموس بارز ..وهل هذا
الوجود ثابت أم يتغي بتغي " أطوار " النسان؟
" حب الياة " هو الدافع الكب للنسان .وهو دافع مشترك بي جيع الحياء.
كلهم يبون الياة ويتشبثون با ،ويعملون على البقاء فيها أبدا ..šوإن كان من طبيعتهم
أن يصيبهم الفناء .ولكن مزية النسان العظمى ف كل جوانب حياته هي الوعي والدراك
وحرية الختيار .فهو يب الياة ويدرك أنه يبها ،ويعي لذا الب أهدافا وغايات ،ث
ي تار -ف ن طاق الر ية الخو لة له ف فطر ته -ال لون أو ال صورة ا لت يارس با حب
الياة.
إن حالت النت حار -و هي ال شذوذ الن حرف إ ل أ سفل -و حالت الت ضحية
بالنفس -وهي حالت الرتفاع -ل تنفيان هذا الدافع ،،بل ربا تؤكدانه ..فضل عن
أنا -من جانبيها -حالت نادرة ف البشرية!
إن الذي يؤدي به الشذوذ النحرف إل النتحار ،شخص يب الياة جدا šف
حقيقة الواقع ،ولكنه ل يد فيها متاعه النشود الذي يبه ،فينتحر لنه ل يطيق الرمان
من ذلك التاع!
ث تأت الالت " العادية " كلها تؤكد عمق هذا الدافع ف حياة كل إنسان رغم
التباين الواسع ما بي إنسان وإنسان.
وحب الياة يتفرع عنه فرعان كبيان :حب الذات ]أو حفظ الذات[ وحفظ
النوع.
()26فصلنا الديث عن هذه الدوافع ف فصل " الدوافع والضوابط " ف كتاب " دراسات ف النفس
النسانية " ول نلك الديث عنها هنا بالتفصيل بطبيعة الال ،وإنا نأخذ خلصتها ف هذا البحث،
فمن يرغب ف التفصيل فمكانه هناك!
الأكل والشرب واللبس والسكن ..ل يادل فيها أحد بعد مالة جدية )!( ]ربا
تادل " ال ضارة " الغرب ية التقدم ية الراق ية ف م سألة ال عري الكا مل ع لى ال شواطئ و ف
الد غال! وب صرف الن ظر عن هذه النك سة اليوان ية الب شعة ،فإ نا تا خذ صورة وقت ية..
للستمتاع كما يقولون ،ث يعود العرايا فيلبسون! ومن ث فل جدال من حيث البدأ![.
وطاقة النس كذلك ..ل يرؤ أحد أن يقول إنا مستمدة من الطور القتصادي
أو ا لادي! وإ نا تو جد -مثل -ف الت مع الر عوي ول تو جد ف الت مع الزرا عي .أو
توجد ف السيد -مثل -ول توجد ف الرقيق! إنا أقر الميع بأنا مسألة جسدية بتة ،أو
جسدية نفسية .توجد حي توجد الغدد الهيمنة عليها وتؤدي وظيفتها الصحيحة ،وتغيب
حي يتل عمل الغدد اختلل وظيفيا šل شأن له بأساليب النتاج وأطوار التاريخ!!
ولكن الشيوعية بصفة خاصة قد حاولت أن تنتزع نزعة معينة من هذه النعات
الفطرية وتلقيها خارج كيان النسان ..لتنفي وجودها من ناحية ،ومن ناحية أخرى تنفي
وجود كيان ثابت للنسان! تلك هي نزعة اللك ..وذلك لغاية ف نفس يعقوب ..لتصادر
اللكية الفردية وتستبدل با اللكية الماعية.
وقد ناقشت هذا المر ف كتاب " الشبهات " وكتاب " الدراسات " .وما ب
من م يل هنا إل إ عادة الناقشة التفصيلية ا لت بينت فيها ضلل هذه الدعوى وبطل نا.
ولكن -توفيا šللجدل هنا -أقول إن الشيوعية ذاتا ،حي نقلت " اللك " من الفرد إل
ال موع ،ل تن كر نز عة ال لك ف القي قة من ح يث هي ..وإ نا أرادت ف قط أن تتحا يل
عليها وتوجهها إل أفق آخر يدم أغراضها الذهبية ..ومع ذلك فقد اضطرت أخيا šإل
التسليم بالمر الواقع ،وأباحت ألوانا šمن اللكية الفردية -ف الواد الستهلكية -ترضى
با نزعة اللك الفردية ف النسان ..وهذا يكفي!
كذلك حاولت الشيوعية أن تصنع مثل ذلك ف نزعة البوز .حاولت أن تقتلها
ف ما لا ال فردي .فل يبز ال فرد إل ل ساب ال موع! و سارت خ طوات وتب طت ف
الطريق! وكان ستالي ذاته -بزعامته الفردية الطاغية الت اعترف با خروشوف فيما بعد!
-أكب تكذيب عملي لذه " اليديولوجية " اليالية الفارغة .ث عادت الشيوعية فسلمت
بالمر الواقع ،وأباحت التفاوت ف أجور العمال -أجور الطبقة الواحدة والعمل الواحد
-لن أراد أن ي بذل جهدا šأ كب ويصل ع لى أ جر أ كب ،ينفقه ف " الكمال يات " ..إنا
نزعة البوز إذن ف صورة من الصور ..الفردية ف ناية الطاف!
أما نزعة القتال والصراع ،فالمم منذ القدم حاولت أن توجهها وجهة جاعية،
ف الرب من أجل الموع ،أو العقيدة ،أو ما شابه ذلك من الهداف العامة .أو وجهة
فردية متسامية ،ف السابقات الت تدف إل " الفوز " وهو غاية القتال والصراع .وكل
هذه الاولت ل تنفي على أي حال وجود هذه النعة ف صورتا الفردية ،وإنا تاول
فقط أن تستغلها لي الموع.
إن قوما سيقولون بل شك :لقد تدثت عن النسان من الداخل .ول تتحدث
عن وا قع الب شرية :عن الك يان القت صادي والك يان الجت ماعي والسيا سي التغ ي .عن
النتاج وأساليبه وصراعاته .عن التقدم والتطور الدائم ف حياة النسان..
ك يف إذن نو فق ب ي الك يان الن سان ال ثابت ،وب ي تغ ي ال ياة الن سانية ع لى
الدوام؟
إن " الصورة " الت يترجم با النسان عن دوافعه الفطرية تتغي و " تتطور " من
جيل إل جيل ..تتطور بفعل الحتكاك الدائم بي العقل البشري والكون الادي ،ونشوء
صور جديدة للحياة الواقعية نتيجة لذا الحتكاك.
هذه حقيقة..
ولكن ..حي تتغي " الصورة " ..هل يتغي " النسان "؟!
إنا نزعة فطرية ثابتة ف جيع الناسي ،بل ف جيع الحياء ،ولكن " صورة "
الطعام تتغي وتتطور.
يأ كل الن سان فري سة نيئة ف ع صر ال صيد ،لنه ل ي لك و سيلة أ خرى لل كل.
إمكانياته الادية ل تسمح له بأكثر من ذلك .ومعارفه ومعلوماته قاصرة عند هذا الد .ث
يكتشف النار .فيتيح له هذا الكتشاف عالا جديدا كل الدة ،ويغي " شكل " حياته
كله .وف ميدان الطعام بصفة خاصة تتغي الصورة ،فيطهو النسان اللحم قبل أن يأكله.
ولك نه ما زال ينه شه ن شا بال صابع وال سنان .ث يرت قي وي ستحدث مت لف ا لدوات.
يستحدث سكينا يقطع با اللحم قطعا ضغية يستطيع إمساكها بيده ووضعها -ل نشها
-ف فمه .ث يرتقي أكثر ،ويستحدث مزيدا من الدوات ،وتتعدد ألوان طعامه ،ويتأنق
فيها ،ويعل للطعام آدابا وقواعد وتقاليد ..و " فنونا " ل تفرغ منها البشرية!
إ نا نز عة ثاب تة ف الف طرة ..كل الب شر -بل كل الح ياء -ي سعون إ ل ا تاذ
السكن .ولكن " صورة " السكن تتغي وتتطور.
يسكن النسان ف مبدأ حياته ف الكهوف .لن إمكانياته الادية ل تتيح له شيئا
يسكن فيه سوى هذه الساكن " الاهزة " غي الصنوعة ،ولن معلوماته وخباته الدودة
ل تتيح له أن " يصنع " مسكنا لنفسه ف أية صورية .ث تتغي ظروف حياته وتزداد خباته
ومعلوماته ،فيسكن ف " عش " ف أعال الشجار أو ف كوخ بانب الاء .ث ف مساكن
من ال غاب وب يوت من الط ي .ث ف ب يوت من ال جر أ كب وأف سح ..ث ف ناط حات
ال سحاب ع لى ا لرض .أو في ما ل نع لم غدا šع لى سطوح ال كواكب ح ي ي صل إلي ها
بالصواريخ..
نزعة فطرية ف بن آدم منذ طفق آدم وحواء يصفان على سوآتما من ورق النة
إل الوقت الاضر ..ولكن صورة اللباس تتغي..
" يلبس " النسان أوراق الشجر ،أو بالحرى يغطي با عوراته ول زيادة ،لن
إمكانياته الادية ل تتيح له أن " يصنع " لنفسه ملبس ،ولن معلوماته وخباته الدودة ل
تتيح له أكثر من الادة الاهزة يغطي با من جسمه ما تستطيع تلك الادة أن تغطيه ..ث
يرتقي ..يستجد معلومات وخبات ويزداد إمكانيات ..فيغطي عوراته بقطعة من اللد،
أكثر إحكاما من ورق الشجر وأكثر سترا للعورات ..ث ينسج قطعة من القماش يؤدي با
ال غرض ذا ته ..ث تزداد ملب سه تنو عا وتأن قا ..حت ت صي لا قوا عد وآداب وتقال يد..
وتصبح فنا من فنون البشرية..
دفعة فطرية تشترك فيها الناسي وكثي من الحياء ..ولكن " صورة " ال نس
تتغي .ول نقول هنا " كانت " ث " صارت " فما زالت تتقلب إل هذه اللحظة بي ما
كانت عليه وما صارت إليه! ]وسنعود إل الديث عن هذه النقطة بالذات بعد قليل[
وإنا نقول إنا تارة تكون دفعة مباشرة كدفعة اليوان .كل هها اللقاء النسي ،وإرواء
دفعة السد الائج ف صورة الغريزة .وتارة تكون مسبوقة بأنواع من الغزل العنيف أو
الرق يق ]ك ما يت لف ف عال ال يوان ذا ته ب ي " غزل " الن مور ال طم ا لدمر ،وب ي ر قة
الغزل عند المائم وأنواع أخرى من الطيور![ وتارة تضع للتنظيمات اللقية والدينية
والجتماعية والقتصادية .وتارة تتحلل من هذه القيود .ولكن لا على أي حال -ككل
الن عات الفطر ية ا لخرى -قا عدة دن يا أ قرب إل ـى عال ال يوان ،وق مة عل يا أل يق
بالنسان ..ولكن ..حت فـي هذا المر..
هناك ما يتلك! ل يكن الصيد الذي يصيده النسان ملكا لفرد بعينه لنه ل يستطيع أن
يتلكه وهو ل يصيده بهده وحده من ناحية ،ول يستطيع أن يتفظ به من ناحية أخرى
لنه ينت ويف سد .ولكن حت ف ذلك الي كان يثور الصراع على " امتلك " امرأة.
فيت صارع من أجل ها الر جال .ث صار ه ناك " إن تاج " ي كن أن يت لك .فامت لك الن سان
ا لدوات الب سيطة ا لت أنتج ها .ث امت لك الا صيل ح ي تع لم الزرا عة .وامت لك ح يوان
الزراعة الستأنس حي تعلم كيف يستأنسه .وامتلك الرض الت تغل الاصيل .ث امتلك
ال صانع .وال يوم يت لك القنا بل وال صواريخ! و قد يت لك ال كواكب ف ال غد القر يب أو
البعيد..
نزعة فطرية تدفع البشرية من مولدها إل حاضرها .بل هي موجودة عند كثي من
ال يوان ..ول كن صورة ا لبوز تتغ ي .ولعل ها من أ شد الن عات تباي نا وت شكل ف ح ياة
الن سان .يبز ف ع صر الك هوف بالقوة البدن ية الفائ قة ا لت ي صطاد با ال صيد و يارب
الوحوش والعداء ..ث يبز باليلة .أي بالتفكي .ويبز بحاولة الختراع .أي بالهارة.
و يبز بال مال .و يبز باللبس وال سكن والأ كل وال شرب .و يبز بالنس " فيقت ن "
النساء .ويبز بالقتال والصراع .ويبز بالطاعة ويبز بالعصية! يبز بالي ويبز بالشر.
يبز ف السابقة الرياضية والسابقة العلمية والفنية .يبز ف السياسة .يبز بالقدرة على
الكلم وال تأثي .أو ال قدرة ع لى ا لدس والدي عة ..أ لوان متل فة من ا لبوز وم ستويات
متلفة..
نزعة فطرية ف البشرية وغيها من الحياء ..ولكن صورة القتال تتغي .القتال
بالقوة البدنية الباشرة ،القوي يصرع الضعيف .والقتال بالراوة والجر الضخم .والقتال
باليلة والديعة .والقتال بالدوات السنونة :السهم والرمح والسيف .والقتال بالقلع.
والق تال بال بارود .بالرصا صة والقنب لة .والق تال بال صورايخ وأ شعة الراث يم وأ شعة ا لوت
وأشعة النوم والـ..؟!
ما ا لذي تغ ي ف ع صور التار يخ؟ ما ا لذي تغ ي ف " الن سان " ح ي ا ستجد
أدوات وو سائل للط عام ،وأدوات وو سائل لل سكن ،وأدوات وو سائل لل بس ،وأدوات
وو سائل للن شاط الن سي ،وأدوات وو سائل للم لك ،وأدوات وو سائل ل لبوز ،وأدوات
ووسائل للصراع؟!
هل تغي " النسان "؟ هل تغيت دوافعه حي وجدت له الوسائل والدوات؟
هل صار ل يأكل؟ ل يشرب؟ ل يلبس؟ ل يسكن؟ ل ينشط نشاط النس؟ ل يلك؟ ل
ياول الصراع؟!
هل جدت له دوافع جديدة ل تكن له من قبل أو أمت من نفسه دوافع كانت
فيه؟
ح قا šل قد حدثت ف ح ياته تغ يات ضخمة ،ما ب نا أن ننكر ها أو نغفل ها من
حسابنا! بل نن نريد أن نثبتها ونبزها ونؤكد عليها!
إن سان الغا بة غ ي إن سان الر عى غ ي إن سان القر ية غ ي إن سان الدي نة ..وإن سان
الضارة الدودة غي إنسان الضارة العالية ..غيه ف طريقة التفكي والتصور .غيه ف
تناول الياة..
ونر يد ه نا أن ن فرز أ نواع التغ ي والت طور -فإ نا متباي نة -ث نن ظر هل هذه
التطورات ذاتا جزء من الفطرة .الفطرة الثابتة .داخل ف كيانا .أم عنصر جد على
الن سان من أ ثر الت طور ا لادي وت قدم الو سائل وا لدوات ،لنح كم ع لى دل لة التغ ي
بالنسبة للفطرة ،ولكي نستخلص أخيšا من هذا الكم :هل هناك مقياس من الفطرة
ي قاس به الت طور وير جع إل يه ،وي كم عل يه إن كان ت طورا فا سدا أم ي سي ف طر يق
الصلح ..أم إنه ليس هناك مقياس؟
تلك أمور على أعظم جانب من الهية ف قضية التطور ..فإن القوم الصابي
بلوثة التطور ف الغرب ،ومن أخذ منهم العدوى ف الشرق ،ل يفرقون بي تغي وتغي،
ول يقيمون مقياسا تقاس به المور .لن التطور -ف نظرهم -مقياس لذاته! ل ي»حكم
عليه بشيء -كما يقولون -من خارجه! فإذا سار نو الفردية الانة -مثل -فلن
الظروف القتصادية والجتماعية تدفع إل ذلك وتتمه ،ومن ث ل يكم عليه بأنه خطأ
أو صواب! والكم الوحيد هو الظرف القتصادي والجتماعي .فإذا كان يقتضي الفردية
ويتمها فالفردية عندئذ صواب .وإذا كان يقتضي الماعية ويتمها فالفردية إذن -إن
وجدت -خطأ ينبغي أن يصحح! ول يوجد مقياس ثابت تقاس إليه الفردية الانة أو
الماعية الانة فتخط¿أ أو تص̂وب ،وتنع أو تاز!
وإذا سار الت مع نو ا لخلق ا لت ترم الن شاط الن سي خارج ن طاق ال سرة،
وت فرض الع فة ع لى ا لرأة ،أو علي ها وع لى الر جل ،فل يس ذ لك لن هذه ا لخلق قي مة
موضوعية لا مقياس من فطرة النسان تقاس إليه ،وإنا لن الطور القتصادي الجتماعي
يقت ضيها ويتم ها ،ف هي صواب إذن ف نطاق ها هذا وظروف ها ت لك .فإذا تغ ي ال ظرف
القت صادي والجت ماعي ،و صار يقت ضي التح لل الن سي والباح ية ،والتخ لص من ق يود
العفة ،ومارسة النشاط النسي الر ف الشوارع أو الغابات أو شواطئ البحيات ،فهذا
إذن صواب بقياسه الاص ،لنه ل مقياس من الفطرة ول مقياس من أي شيء " خارج "
الظرف القتصادي والجتماعي..
لذلك ينبغي ونن نناقش هذه القضية الطية أن نضع نصب أعيننا تلك المور
الت أشرنا إليها آنفا:
هل التغيات الت حدثت ف التاريخ جزء من الفطرة أم أمور ج̂دت عليها من
خارجها بفعل التطور الادي؟
ما دللة هذه التغيات بالنسبة للفطرة السوية ]هل هي متمشية معها أم ضدها[؟
ما القياس الذي يقاس به التطور؟ ]إن كان فاسدا šأو يسي ف طريق الصلح[
والتفسي الادي للتاريخ -وإن ل يفرزها كما نفرزها نن ،لن هذا أمر ل يعنيه!
-يعلها كلها -ج لة وا حدة -مرتبطة بعضها ببعض ،ث مرتب طة بالتطور ف أ ساليب
النتاج وناشئة عنه!
ال سبب الوح يد ف ت طور البن ية القت صادية والجتماع ية للمجت مع هو ت طور ا لدوات
وأساليب الن تاج .فهذا سبب وا حد ،ومعه أ سباب أ خرى نفسية سنبينها .ولك نا نقول
فقط إن هناك ارتباطا كبيا šبي هذا وذاك..
أما التطور النفسي -أي التعقد ف الكيان النفسي للنسان ،وزيادة التشابك بي
أطرافه -فالتفسي الادي للتاريخ يؤكد أنه نتيجة مباشرة لتطور أساليب النتاج .ول شك
عندنا أن تطور أساليب النتاج عامل مؤثر ،بل شديد التأثي .ولكنا نريد أن نبي -رغم
ذلك -أن هذه الظاهرة ،وهي التطور النفسي ،ظاهرة مستقلة إل حد كبي ،يكن أن
توجد بنأى عن تطور أساليب النتاج ،كما وجدت ف الضارات القدية ،ووجدت ف
أعلى مراحلها ف السلم!
وأ ما الت طور ]أو التغ ي[ ا لخلقي فن حن نر فض اب تداء أن نعل قه بت طور أ ساليب
النتاج! ونتكم ف ذلك إل شهادة التاريخ!
ولكنا -قبل الضي ف البحث -نؤكد حقيقة تدينا إليها الدراسة النفسية ،وهي
أنه ل توجد ف الياة البشرية ظاهرة مستقلة تام الستقلل عن الخرى! إنا قلت عن
التطور النفسي إنه ظاهرة مستقلة إل حد كبي .ول أقل منفصلة .لنه ل انفصال البتة بي
شيء وشيء ف الياة البشرية .النسان يارس حياته بكيانه كله .وهذا الكل الشامل الذي
يت كون م نه الن سان ي توي ع لى جوانب متخص صة ،ولكن ها لي ست منف صلة .كعمل ية
البصار يتص با الهاز البصري ،فل يبصر النسان برجله أو بظهره أو بأذنه .ومع ذلك
ل ينفصل الهاز البصري عن بقية السم وكما توجد ف السم أجهزة شديدة التخضض
كجهاز البصار أو السمع ،فإن فيه كذلك أجهزة أقل تصصا ]أ وأوسع نطاقا[ كجهاز
الدورة الدموية الذي يدخل ف كل أجزاء السم .وكذلك المر ف الكيان البشري ف
مموعه :فالتطور ف استخدام الدوات وأساليب النتاج يؤثر ف الياة البشرية كلها .نعم
ول شك .ول كن الت طور النف سي والت طور الل قي عملي تان شديدتا التخ صص كال سمع
والبصار!
حي انتقل النسان من أكل الفريسة النيئة إل الطهو على النار ..إل استخدام
السكي ..إل التأنق الشديد ف الطعام .إل وضع القواعد والداب والتقاليد بشأنه .إل
تويل الطعام إل " فن " قائم ذاته..
وحي انتقل من اتاذ ورق الشجر لباسا إل اتاذ اللد إل اتاذ القماش ..إل
التأنق الشديد ف اللبس ..إل وضع قواعد للملبس وآداب وتقاليد ..إل تويل اللبس إل
فن قائم بذاته..
وحي انتقل من التعبي البا شر عن ال نس ..إ ل ا تاذ التقال يد والن ظم والقواعد
والراسم والحتفالت ..إل التوسع ف مفهوم النس ذاته حت يتحول إل فن قائم بذاته،
وتنشأ من حوله فنون متلفة ،ف الدب والتصوير الوسيقي والنحت والرقص والغناء..
وحي انتقل ف اللك من تلك الشياء الفجة إل تلك الرض والرقيق ..إل تلك
الصانع ..إل تلك " رأس الال " كقوة اقتصادية واجتماعية وسياسية ..إل تلك المم
والشعوب ..إل تلك الكواكب ف الستقبل النظور..
وح ي انت قل من الق تال بالقوة البدن ية البا شرة إ ل ا ستخدام ال جر الثق يل إ ل
ا ستخدام ا لراوة القات لة إ ل ا ستخدام ا لداة ال سنونة من سهم أو ر مح أو سيف ..إ ل
استخدام البارود ..إل استخدام الطاقة الذرية..
ي قول التف سي ا لادي للتار يخ إن ا ستخدام " ا لدوات " هو ال سبب ف هذا
النتقال .فلوله ل ينتقل النسان من طور إل طور ،وبالتال ل يعدل كل حياته على
أ ساس جد يد .ف لول اكت شاف ال نار ما ت كن الن سان من ط هو الط عام .و لول ا ختراع
النسيج ما تكن من نسج ملبسه ،وبعد ذلك تفصيلها على قد النسان .ولول استخدام
الدوات ما أمكن البناء ..ال .ث -يقول التفسي الادي للتاريخ -إن استخدام الدوات
يدث تغييا حتميا ف الشاعر والفكار والقيم والبادئ ..فحي اكتشف النسان النار
فكر أن يطهو الطعام ،وفكر بالتال ف فنون من تسي الطعام ل تكن لتخطر على باله لو
ل يكتشف النار .وحي اخترع الغزل والنسج فكر أن ينسج القمشة ،وفكر بالتال ف
تفصيل اللبس والتأنق فيها ،ول يكن شيء من ذلك ليخطر على باله لول اختراع الغزل
والنسج .وحي أمكنه استخدام الدوات السنونة فكر ف استخدامها ف الصيد والقتال..
وحي اكتشف الزراعة فكر ف تلك الرض والغارة على أرض الخرين وأسر السرى
واسترقاقهم ليعملوا له ف الرض ..وهكذا نشأت نتائج اقتصادية واجتماعية وسيكلوجية
وأخلق ية حتم ية نتي جة اكت شاف ا لدوات وا ختراع الختر عات ..وع لى هذا ت صبح
الدوات واللت هي الرك الول والدائم لياة البشرية!
فحي يكون السبب والنتيجة متلحقي ف سلسلة متصلة ،فإنه تسهل الديعة،
وي سهل ال نداع! وي سهل ع لى من ير يد ،أن يوحي أو يعت قد أن النتي جة هي ال سبب
والسبب هو النتيجة..
ولكن هذه القضية " العلمية " الت تناولا التفسي الادي للتاريخ بذه الصورة ،لا
وجه آخر " علمي " ل يصعب علينا الوصول إليه لو بثنا المر ف هدوء بعيدا عن البيق
الاطف الذي تقدمه " العلوم " و " الدراسات العلمية " ف القرن العشرين!
ثانيا ..لاذا استخدمها -حي اكتشفها -ف " تسي " الطعام بطهوه؟!
ثالثا ..لاذا ل يقف عند الدرجة الت وصˆله إليها اكتشاف النار وهي مرد طهو
الطعام ،فراح يتفنن ف الطعام الطهو درجات بعد درجات؟!
رابعا ..حي لن له الديد والنحاس والبونز والذهب والفضة ،أي دافع حتمي
دف عه أن يت خذ الل عق وال شوك وال سكاكي و هي لي ست داخ لة ف عمل ية الط عام ذا ته
كضرورة بيولوجية ،ث أي دافع حتمي دفعه أن يتخذ من أدوات الطعام هذه أداة للزينة،
فيتفنن ف صنعها ،وتميلها ،ونقشها ،ث ..ما علقة هذا كله " بالقيم " الت اتذها حول
الطعام :سواء ف رسم قواعد له وتقاليد ،أو ف طريقة توزيعه بي الناس ،أو ف التمييز بي
الط يب م نه وا لبيث ع لى غ ي ال ستوى ال سي ا لذي ت قرره ال عدة ..أي ع لى م ستوى
اللل والرام؟!!
وكذلك..
لا استخدمهما -حي اخترعهما -ف نسج القماش ث ف " تسينه "؟
لاذا ل يقف عند حد استخدام النسيج ،فراح يتفنن ف اللبس فيما وراء مستوى
الضرورة؟
وأي علقة بي هذا التحسي الذي أنتجته الدوات ،وبي " القيم " الت اتذها
النسان حول اللبس ،سواء ف رسم قواعد لا وتقاليد ،أو ف طريقة توزيعها بي الناس،
أو ف ربطها بالقيم اللقية والدينية؟!
ولاذا ل يقف عند الد الذي وصˆلته إليه ،فراح يبحث عن وسائل جديدة للقتال
حت وصل إل القنبلة الذرية واليدروجينية وقنبلة الكوبلت وقنبلة الراثيم؟
وأي علقة بي هذه الدوات كلها وبي " القيم " الت ربطها النسان بالرب،
سواء ف تليلها وتريها ،أو وضع قواعد لا وتقاليد؟!
لن نضع القضية هنا كما توضع تلك الحجية الشهورة :البيضة قبل الفرخة أم
الفرخة قبل البيضة؟!
إن اليوان ،زميل النسان ف سكن الرض ،وزميله -ف رأي الداروينية -ف
كثي من الصائص ،وف الصل الشترك ،ل يكتشف ول يترع على طول مقامه ف هذه
الرض!
فالكتشاف والختراع إذن مزية بشرية ف صميم فطرة النسان ..تلك بديهية.
يقول جوليان هكسلي -العال الداروين الديث -فـي كتابه " النسان ف
العال الديث ":
" وأو ل خ صائص الن سان ال فذة وأعظم ها و ضوحا قدرته ع لى التفك ي
التصوري ..ولقد كان لذه الاصية الساسية ف النسان نتائج كثية ،وكان أهها نو
التقاليد التزايدة ..ومن أهم نتائج تزايد التقاليد -أو إذا شئت من أهم مظاهره القيقية -
ما ي قوم به الن سان من ت سي في ما لديه من عدد وآلت ..وإن التقال يد وال عدد لي
ا لواص ا لت ه يأت للن سان مر كز ال سيادة ب ي سائر الكائ نات ال ية .و هذه السادة
)(27
البيولوجية -ف الوقت الاضر -خاصية أخرى من خواص النسان الفذة" ..
وهذا العال -كما بينا ف كتب سابقة -عال ملحد ،ل ينسب إل ال شيئšا من
عمل ية ال لق ،ولك نه يث بت للن سان ت لك الز ية أو الزا يا الت فردة :قدرته ع لى التفك ي
التصوري ..وقدرته ع لى استخدام العدد ..ومي له و قدرته ع لى ت سي ما لديه من عدد
()27ترجة حسن خطاب ومراجعة عبد الليم منتصر فصل " تفرد النسان " مقتطفات ص 5 - 3
وآلت ..وإقامة التقاليد وتنميتها ..ويسمى ذلك كله خواص بيولوجية أي ..ف صميم
الفطرة البشرية.
إنا ل تنجم إذن من استخدام العدد واللت ..وإنا هي الت أنتجت استخدام
العدد واللت!
ل قد تبي ل نا إذن -من الب حث " العل مي " ل من الفل سفة النظر ية -و جه
ال صواب ف الق ضية ال شبيهة بأحج ية البي ضة والفر خة! إن " الن سان " هو ال صل .هو
النبع .وليست هي العدد واللت!
لاذا؟!
يقول هكسلي اللحد :إن تلك خاصية بيولوجية للنسان! أي أنا تمل ف ذاتا
تفسيها!
ونقول نن -ول يتعارض ذلك مع " العلم " وإنا يكمله ويق̂ومه من انرافه -
إن ال الذي خلق النسان ليجعله خليفته ف الرض ،هو الذي منحه هذه الاصية ،لنا
وسيلة من وسائل اللفة وأدواتا ،وإن ال هو الذي قيض للنسان اكتشاف النار -ل
الصادفة! -بأن أودع ف فطرته اللتفات إل ظواهر الطبيعة ،و " تصورها " والستفادة
من ها .وإل فال صادفة ا لت أ حدثت ال نار أ مام ال ناس ،فالتقط من ها الف كرة وا ستخدمها،
تدث مليي الرات أمام اليوان فل يدركها ول يتصورها ول يلتقطها ليستخدمها.
وإذن ف قد أÔود عت الف طرة الن سانية ال قدرة ع لى الت صور ،و من ث ال قدرة ع لى
الكت شاف وال ختراع ،و من ث ال قدرة ع لى ا ستخدام ا للت ..وال قدرة ع لى ت سي
اللت ..كما أودعت ف الوقت ذاته ما يسميه هكسلي " بالتقاليد " ونسميه نن "القيم"
وال قدرة ع لى ر بط الع مال -با في ها ا ستخدام ا للت -بق يم نف سية واقت صادية
واجتماعية وخلقية ودينية.
لاذا اكتشف النسان النار؟ لاذا استخدمها -حي اكتشفها -ف تسي الطعام
بطهوه؟ لاذا ل يقف عند الدرجة الت وصله إليها اكتشاف النار؟ لاذا أنشأ حول الطعام
قيما متلفة وأدابا وتقاليد؟
أما اكتشاف النار -كحادثة مادية وكأداة مادية -فل يفسر شيئšا ما يريد أن
يفسره به التفسي الادي للتاريخ!
لقد كان من المكن -بادئ ذي بدء -أل يكتشف النسان النار لول ما ركب
ف فطرته من القدرة على التفكي التصوري .وكان من المكن -حي اكتشفها -أل
ي ستخدمها ف ط هو الط عام ]إذ ما ا لذي يدفعه إ ل ذ لك ب صورة حتم ية؟![ و كان من
المكن -حي استخدمها ف طهو الطعام -أن يقف عند هذا الد فل يتفنن تفننا ف
الطعام .وكان من المكن أخيا šأل يصوغ حول الطعام قيما وآدابا وتقاليد!!
كل! ل تنشئ النار شيئا šمن ذلك كله! لول الرغبة الفطرية الكامنة ،السابقة ف
وجودها على النار!! القدرة الفطرية على التفكي التصوري هي الت مكنت النسان من
اكتشاف النار ]وهي موهبة ال للنسان[ .ث الرغبة الفطرية ف التحسي والتجميل هي
الت قامت ببقية الهمة ف خط طويل على مدار التاريخ!
إن صورة الياة قبل اكتشاف أية أداة أو اختراع أية آلة تتلف اختلفا -جزئيا
أو كامل -عن صورتا ب عد ال ختراع أو الكت شاف .إذ ت ستجد لل ناس أف كار جد يدة
وعل قات جد يدة وم شاعر جد يدة وتنظي مات جد يدة ] سنتحدث ف الف قرة التال ية عن
التطور الجتماعي والقتصادي[.
فبعد اكتشاف النار حدث تطور هائل ف الرض .وبعد اختراع الراث .وبعد
اكتشاف البارود .وبعد اكتشاف الكهرباء...
ونن -كما قلنا -نريد أن نبز هذا التطور ونؤكد عليه ..لنه -من وجهة
نظرنا -حقيقة " إنسانية "!
فحي تنشئ اللة جديدا ف كيان النسان ،تكون اللة حقا هي الصل ف التطور
كما يرسها التفسي الادي للتاريخ .وحي تقق رغبات كامنة ف فطرة النسان يكون
النسان هو الصل كما يرسه التفسي " النسان " للنسان )!(28
ف ظاهر المر يبدو ذلك! ولكن أية قوة حتمية ف النار تدفع النسان إل طهو
الطعام عليها؟!
إن الق صة ي كن أن ت»ت صور ع لى هذا الن حو :أ نه و قع ف تارب الن سان -با
يسمونه الصادفة ،ونرده نن إل حقيقته " العلمية " وهي قدر ال ومشئيته -أن شبت
النار قريبا من الفريسة أو وضع الفريسة قريبا šمن النار فنضجت فأعجبته رائحة الشواء
واستطعم طعمه ،با ف فطرته من استعداد وتقبل لذه الرائحة وذلك الطعم .ث راح -با
فطرته من التفكي التصوري -يستعيد العملية ليحصل على نفس النتيجة.
وف كل الالي ل تكن الداة الستحدثة -وهي النار -هي الت أنشأت المر
ف باطن الن فس ،وإ نا هي حقق ته .حقق ته ف عال الوا قع ب عد أن كان كام نا ف باطن
النفس.
()28انظر فصل " التفسي النسان للنسان " ف كتاب " دراسات ف النفس النسانية "
وتغيت صورة الياة -ف ميدان الطعام -بعد اكتشاف النار .فقد هيأت الداة
الستحدثة فرصا متزايدة للوان من الطعام جديدة ،و " فنون " مستحدثة.
نعم .ولكن هل كان ف وسع النار -بإمكانياتا الستحدثة -أن تصنع شيئا šمن
ذلك كله لول أن نفس النسان قد استطابت ذلك وأنست إليه ورغبت فيه؟!
لو أن النار أعطت الطعام طعما ل يستسيغه النسان ..هل كان يقبل عليه؟
ومن ناحية أخرى ..لول الرغبة الدفينة ف " تسي " الطعام ،هل كان يستخدم
النار ف هذا السبيل؟
إن ال نار قد أع طت الن سان إمكان يات جد يدة حاف لة ..ولكن ها إمكان يات لي
شيء؟! إمكانيات لتحقيق رغبات كامنة ف الفطرة ،تنتظر الفرصة الواتية للتحقيق!
وقد ل تكون الفطرة واعية لتلك الرغبات ف كل حالة! وهذا هو الذي يؤدي
إل الديعة الول ف فهم الوضوع!
قد ل ي كون الن سان ا لول واع يا ل كون ال نار ستعطيه طعوما شهية مست ساغة.
وقد ل يكون اكتشف هذا المر إل بعد أن جربه بالفعل .ولكن ..حت على هذا الفرض،
فالرجع الخي هو الفطرة .إن الاولة والطأ طريقة من طرق التعلم والعرفة عند النسان
وعند اليوان .ولكنها ف الالي تصطدم ف النهاية بفطرة اليوان أو فطرة النسان ..ول
تتعداها .فقد استساغ الن سان صنوفا من الطعام و ل يست سغ صنوفا أ خرى وال نار هي
النار! أي أن ميدان استخدام النار ومدى استخدامها يسيان على خط الفطرة ،ول يغيان
ها شيئšا من حقيقة الفطرة على مدى التاريخ.
وإ نا جاءت الدي عة ا لخرى من ات ساع الف طرة الن سانية ..حت خ يل لب عض
الناس أنه ل حدود لا ،ومن ث فل قيمة حقيقية لوجودها ما دامت تتسع لكل شيء!!
إنا تسع أشياء كثية ولكنها ل تتسع لكل شيء فلها -ف النهاية -خطوطها
ا لخية ا لت ت صطدم بال شياء وترف ضها ،وت صر ع لى رف ضها مه ما كان ال ضغط الوا قع
عليها ،فل تقبل أشياء ليس لديها الستعداد الفطري لتقبلها.
وهنا الديعة الثالثة! الناشئة من مرونة الفطرة! إنا -لرونتها الشديدة -تتمل
كثيا šمن الضغط الواقع عليها من شيء يالف طبيعتها .ولكنها من ناحية ل تتمل كل
شيء ومن ناحية أخرى ل تتمله إل البد! وإنا تتمل بعض الشياء ..وبعض الوقت.
ث تثور فتلفظ ما ل تسيغه ول تستريح إليه .لقد ثارت على الدكتاتوريات لنا تكبت
الوجود الفردي للنسان .وثارت على ملكية الدولة لنا تكبت النعة الفطرية للملكية
الفردية .وثارت -كما سيجيء -على كثي من ألوان النراف.
وتلك هي القائق الت غابت عن التفسي الادي للتاريخ .والتفسي المعي للحياة
البشرية!
والقيقة العلمية النيهة من الغرض ،ينبغي أن ترصد التاريخ من خطيه .لن كل
خط يه حقي قة ..تر سه من خط ال نوع و خط النت فاض :خط ال سلبية و خط الياب ية..
وكلها موجود وفطري ف كيان النسان!
أن الدوات واللت الستحدثة هي ف ذاتا تعبي عن الفطرة ]من حيث القدرة
على التفكي التصوري والرغبة ف التحسي[.
وأنا -وهي تعبي ف الصل عن الفطرة -تسي على هدى الفطرة ف تطبيقاتا
العملية ]من حيث تقيقها لرغبات النسان[.
وأنا -ف تطبيقاتا العملية -ل تنشئ جديدا šف كيان النسان ،وإنا تقق ما
كان كامنا من قبل ف ذلك الكيان.
وأنا تغي صورة الياة تغييšا شامل ..ولكن التغي ذاته يدث استجابة لطالب
الفطرة ،ويقع ف حدودها ل يتعداه.
هذه حقيقة تنطبق على كل اكتشاف أو اختراع جديد ..فهو يهيئ إمكانيات ل
تكن منظورة من قبل بالتفصيل.
ولكن الرغبة العامة تسبق دائما šكل اختراع جديد ..فالخترع ل يقول سأصنع
اختراعا ما -أي اختراع -ث أبث عن وسيلة للستفادة منه .وإنا هو يقول :أنا -أو
نن البشر -نريد آلة تصنع كذا .فلحاول اختراعها!
خط الب حث العل مي و حده هو ا لذي يبدو أ نه ين شئ نف سه بنف سه .كل خ طوة
تؤدي إل ما بعدها بطريقة حتمية )!( ل هدف وراءها ول أغراض! كل! ليس حقيقة!
إنا وراءها الرغبة الفطرية ف العرفة! هي الت تدفع البحث العلمي وهي الت تغذوها.
والنسان ل يتدخل فيما يصل إليه البحث العلمي من قواني لنا ل تقع تت سلطانه ل
لنه ل يرغب ف ذلك! إنا نواميس كونية ليس من شأنه -ول ف طوقه -أن يتدخل
فيها أو يغي منها .فهي ملك الالق الذي خلقها ويسيطر عليها .ولكن النسان يتدخل ف
التطبيق العملي لنتائج البحث العلمي ..أي لنتائج كشفه عن النواميس الكونية ]الت أعطاه
ا ل ال قدرة ع لى ك شفها وت سخيها " :و ÉسÉخÌرÝ Éلك Ôم ÓمÉا ف¼ي ال سÌمÉاوÉات¼ و ÉمÉا ف¼ي الáأÝرÓض
Éجم¼يعا šم¼نÓه» " ) [(29وهو ف تدخله ياول أن يعل التطبيق العملي ف خدمة أهدافه ورغباته
القائمة ف نفسه من قبل ،والت تنتظر الفرصة الواتية للتطبيق.
وحي يفتح الكشف أو الختراع الديد آفاقا جديدة ل تطر بتفصيلها ف بال
النسان من قبل ،فإنه على الدوام يسعى لتحقيق رغبة عامة من رغبات الفطرة ،كالرغبة
ف القوة .والرغبة ف السيطرة .والرغبة ف اللود .والرغبة ف استشفاف الجب والرغبة
ف البوز .والرغبة ف اللك ..إل آخر هذه الرغبات .ولكنها ل تستجد فكرة ول شعورا
ل يقع تت واحدة من هذه الرغبات العامة الوجودة ف الفطرة من قبل ]والقدورة من
لدن خالقها حي خلقها ووهبها إمكانيتها[
ومن ث " فالتطور " الذي يدثه الختراع أو الكتشاف الديد ف نفس النسان
هو التنمية الدائمة للرغبات الفطرية الوجودة من قبل ف حالة كامنة ،بإعطائها فرصة
التحقق الدائم على نطاق أوسع وأشل وأدق .وليس هو إنشاء الرغبات الفطرية من حيث
ل تكون!
الطفل يولد مكتمل الكيان ولكن ف حالة كامنة ..ث ينمو ..فيتحقق بالتدريج
كيانه ،ولكن ل ينشأ فيه شيء جديد .ل تنشأ له قدم ول ساق ول أذن ول عي ..فهذه
مو جودة من ق بل ،ولكن ها غ ي م ستكملة التح قق ..والن مو يقق ها حت ت صل إ ل آ خر
مداها .فالتطور هنا هو النمو ..وليس هو النشوء من اللوجود!
وه كذا ..ل يدث شيء خارج ن طاق الف طرة .الدود بدود .أ يšا كانت سعة
هذه الدود!
وا لن ننت قل إ ل ال لون ال ثان من الت طور ،و هو الت طور القت صادي والجت ماعي
والسياسي ف حياة النسان.
الت طور القت صادي والجت ماعي والسيا سي هو ال يدان الرئي سي لن شاط التف سي
الادي للتاريخ! فقد جال فيه وصال ليقول إنه ينشأ عن تطور أساليب النتاج .وإن تطور
أساليب النتاج هو السبب الوحد فيه!
فقد استقر النسان ف الرض ليزرع وينتظر نتيجة الزرع ،بعد أن كان جوال
يبحث عن الرعى والصيد .وكان الستقرار نتيجة حتمية ..وحي استقر كان ل بد من
تنظيم اجتماعي ،ينظم علقات أولئك الستقرين ف بقعة واحدة من الرض بصفة دائمة..
وكان هذا التنظيم نتيجة حتمية ..ونشأت علقات اقتصادية مدودة نتيجة لعملية الزراعة،
فهناك ماصيل تنتج ،تفيض عند بعض الناس عن حاجتهم ،وتنقص عند آخرين ،فل بد
من التبادل بي الفريقي ..وكان هذا نتيجة حتمية ..ث حدثت النازعات على الراضي
والنتاج من ناحية ،وإغارات القوام بعضهم على بعض للستيلء على الرض النرعة
من ناحية أخرى ،فاستلزم ذلك وجود نوع من الكومة يفض النازعات من ناحية ،ونوع
من القوة الاربة تصد الغارات من ناحية أخرى ..وكان هذا التشكيل السياسي والرب
نتي جة حتم ية ..وو جد الرق يق ،من نتي جة ا لرب ،و صار عم لة اقت صادية واجتماع ية
وسياسية صاحبت التمع الزراعي فترة طويلة جدا šمن الزمان .ووجد القطاع كتنظيم
اقتصادي واجتماعي وسياسي ..وكان ذلك كله نتيجة حتمية.
فيقول مذهب إنا الشيوعية ،ويقول مذهب آخر إنا الشتراكية ،ويقول مذهب ثالث إنا
التعاونية ..ويقول الميع إنم ديقراطيي!
إ نا أول تف سر كل ت طور اجت ماعي واقت صادي وسيا سي بتغ ي أ ساليب الن تاج
فحسب .وقد مر بنا صراحة ماركس وإنلز ف هذا المر أنما يقولن ف وضوح كاف:
" فأ سلوب الن تاج ف ال ياة الاد ية هو ا لذي يع ي ال صفة العا مة للعمل يات الجتماع ية
والسياسية والعنوية ف الياة .ليس شعور الناس هو الذي يعي وجودهم ،بل إن وجودهم
هو الذي يعي مشاعرهم] " .ماركس[ " .إن النتاج وما يصاحبه من تبادل النتجات هو
ال ساس ا لذي ي قوم عل يه كل ن ظام اجت ماعي .فح سب هذه النظر ية ند أن ال سباب
النهائية لكافة التغييات والتحولت الساسية يب البحث عنها ل ف عقول الناس أو ف
سعيهم وراء ا لق وال عدل ا لزليي ،وإ نا ف التغي يات ا لت ت طرأ ع لى أ سلوب الن تاج
والتبادل " ]إنلز[.
وعلى ذلك ل توجد ف نظرها أية أسباب أخرى غي تطور أساليب النتاج.
إنما -مثل -ل يقيمان وزنا šلعملية النمو الطبيعية ف بنية النفس والتمع! النمو
الذي يعتب تطور أساليب النتاج مظهرا šواحدا šمن مظاهره ..فالنفس كما تنمو بتحقيق
إمكانياتا العملية عن طريق العدد واللت ،وتسينها ،كما يقول جوليان هكسلي ،تنمو
كذلك بتحقيق إمكانياتا الجتماعية والقتصادية والسياسية ..الكامنة ف فطرتا.
" و هذه ا لواص ا لت ام تاز با الن سان ،وا لت ي كن ت سميتها نف سية أ كثر من ها
بيولوجية ،تنشأ من خاصية أو أكثر من الواص الثلث التية:
الثان ية :التوح يد الن سب لعمل ياته العقل ية بع كس انق سام الع قل وال سلوك ع ند
اليوان.
الثال ثة :و جود الو حدات الجتماع ية م ثل القبي لة وال مة وا لزب والكني سة
)(30
وتسك كل منها بتقاليدها وثقافتها "
إن التنظيمات الجتماعية والقتصادية ..ال خاصية نفسية للنسان .ومن ث فهي
تضع لفطرة النسان ف النمو .والنمو خاصية نفسية بيولوجية ل تتاج إل تفسي من
خارجها! ]إل القول بأنا موهبة من الالق[ .وحقيقة إن النمو يتاج إل غذاء .ولكن
ل يس حقي قة أن ال غذاء هو ا لذي ين شئ خا صية الن مو! إ نا ال غذاء يت يح ف قط المكان يات
العملية لذه الاصية الكامنة ف الفطرة.
و من ث فإن نو التنظي مات الجتماع ية والقت صادية وتع قدها خا صية فطر ية ف
الن سان .و هي ت تواكب مع نو أ ساليب الن تاج ل ك سبب ونتي جة ،ول كن ك قوتي
متواكبتي تستمدان من أصل واحد هو الفطرة .ول ينع ذلك من وجود علقة السبب
والنتيجة بي الزئيات .أما التاه العام ف مموعه فل يكن اعتبار أساليب النتاج فيه
سببا للتطور الجتماعي والقتصادي أكثر من اعتبار التطور الجتماعي والقتصادي سببا
ف ت طور أ ساليب الن تاج! وا لول أن نت صورها -ع لى حقيقته ما -قوتي متواك بتي
تستمدان من الصل الشترك ف الفطرة البشرية!
وك يف نغ فل ق بل ذ لك أن " الا جات الب شرية الفطر ية " هي ا لدافع وراء هذا
التطور وذاك ف نفس الوقت؟!
إن الرغبة -الفطرية -ف الجتماع بالخرين هي الت أنشأت " التمع " بادئ
ذي بدء -ف أية صورة من صوره -لتلبية تلك الرغبة العميقة ف نفس الفرد.
وحي نشأ التمع -ف أية صورة من صوره -تعددت حاجاته ونت ،بكم
الف طرة ا لت أن شأته من ق بل ،با أودعها خالقها من طا قات وا ستعدادات واتاهات" .
وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا " فنمو " النسان " إل شعوب وقبائل هو العمل التمي
الناشئ من إرادة ال ،والنفذ عن طريق الفطرة الت خلقها ال وأودعها هذا اليل والقدرة
على تقيقه .وليس ناشئا من تطور أساليب النتاج ،ول أي ضرورة أخرى " خارج "
النفس البشرية.
وخاصية النمو ،الت تنمي الطفل حت يبلغ أشده ،وهي خاصية بيولوجية ،أي ف
صميم الفطرة ،هي ذاتا الت تنمي التمعات الصغية إل متمعات كبية .فتنمي العشية
إى قبيلة ،والقبيلة إل أمة ..وهكذا .وتنمي العلقات بي الناس من علقات بدائية صغية
مبا شرة إ ل عل قات مع قدة كبية غ ي مبا شرة ..و ف أث ناء ذ لك ت يء أ ساليب الن تاج
التطورة فتحتل مكانا من الصورة ،و " تلبس " ف حيزها ،قوة متفاعلة مع السياق كله،
آخذة ومعطية ف ذات الوقت ،ومتجهة ف اتاه الفطرة الكبي ..ف اتاه النماء .ويتبادل
ت طور الن تاج وت طور الت مع عل قة ال سببية من طرفي ها ،ف تارة ي كون ت طور الن تاج هو
السبب ف تطور التمع ،وتارة يكون تطور التمع هو السبب ف تطور النتاج ..وف
النهاية يكون الصدر هو الفطرة التصفة باصية النماء!
ث هناك نظم اجتماعية مثل الزواج والسرة ل تنشأ من تطور أساليب النتاج.
ف هي نو اجت ماعي بت .و جد ف مت مع ال صيد ف ظل مات التار يخ ،وو جد ف الت مع
الرعوي ،والتمع الزراعي والتمع الصناعي .وعلى الرغم من النيار " النسان " الذريع
الذي يعانيه الناس ف القرن العشرين ،فيدمر فطرتم تدميا ]سنتحدث عن هذا فيما بعد[
فما زال الزواج والسرة نظامي " طبيعيي " تدث النظم الخرى ]الباحية والتحلل[ إل
جانبها كشذوذ يصيب البشرية بالدمار ل " كتطور " يهدف إليه العقلء ،أو يرتاح إليه
العقلء! وإن الدعوى الزيفة الت أقامها دركاي ،حي زعم أن الزواج والسرة ليسا من
الف طرة ،لي ز عم ل ي قم صاحبه عل يه أي دل يل ]و سنعود إ ل ذ لك ف الف صل ال قادم
بالتفصيل[
إن ت طور أ ساليب الن تاج إذن ل يس هو ال سبب الوح يد للن مو الجت ماعي
والقت صادي والسيا سي ،ك ما ز عم ماركس وإن لز وغي ها من هواة التف سي ا لادي
للتاريخ .وإنا هو واحد من أسباب!
وحقيقة إن تطور أساليب النتاج يدث تغيات ف صورة الياة البشرية .ولكنها
ليست حتمية .وأوضح المثلة على ذلك وأقربا أن أساليب النتاج ف القرن العشرين
وا حدة ف ا لمم ال كبى .و مع ذ لك ف هي ف ال غرب ت صاحب الرأ سالية و ف ال شرق
تصاحب الشيوعية! على بعد ما بي هذه وتلك ف شكل الياة الجتماعية والقتصادية
والسياسية!
بل الدهى من ذلك أن روسيا -الشيوعية -قد أخذت أساليب النتاج الادي
عن أوربا الرأسالية! فقد كانت خارجة من القطاع والظلم والهالة ف ظل القيصرية،
بغ ي تر بة ف عال ال صناعة ،وبغ ي أدوات صناعية ذات بال ،فل ما أن شأت نظام ها ع لى
مذهبها الف كري ا لاص ،و قررت إ حداث حر كة صناعية ضخمة ،ا ستخدمت أ ساليب
الن تاج التقد مة الو جودة لدى أور با الرأ سالية ،ولكن ها أعطت ها أ هدافها هي ،وقيم ها
ومبادئها! فحيث تستخدم هذه الساليب ف الغرب لتوكيد فردية النسان ،استخدمتها
روسيا للغاء فردية النسان وتوكيد صفته الماعية! فألغت اللكية الفردية ،والحزاب
السياسية التعددة ،و " ديقراطية " الكومة ،وأعلنت " دكتاتورية " البوليتاريا!
الترت بة بدورها ع لى ت طور أ ساليب الن تاج -قد ا فترض أن ال شيوعية ستبدأ ف غرب
أور با ،و ف إن لترا ب صفة خا صة ،كنتي جة حتم ية للت قدم ال صناعي وال صراع الطب قي ب ي
العمال ورأس الال! فكانت النتيجة القيقية ]غي التمية[! أن قفزت روسيا من القطاع
إل الشيوعية مباشرة ،متخطية خطوة الرأسالية ]التمية!![ وبقيت إنلترا رأسالية إل هذه
اللحظة!
و من ناح ية أ خرى فإن التغ ي ف صورة ال ياة الب شرية -ف ال يدان القت صادي
والجتماعي والسياسي -قد ل يقوم على تطور أساليب النتاج على الطلق!
" أية قوة مادية ..أية تغيات ف أساليب النتاج ..ف الزيرة العربية أو ف العال
أجع ..هي الت أدت -بصورة حتمية -إل ظهور ممد بن عبد ال -صلى ال عليه
وسلم -يدعو إل هذا السلم ويبشر بالدين الديد؟
يقولون إن العرب ف الزيرة كانوا قد استنفدوا طور " القبيلة " وأخذوا يتطلعون
لن يكونوا أمة ..فكان ظهور ممد صلى ال عليه وسلم أمرا šطبيعيا šمتمشيا مع طبيعة
الحداث ،ومستجيبا لتمية التطور.
ك يف و هو ي قول -ف م كة -ق بل ا لذهاب إ ل الدي نة ،وق بل تأ سيس الدو لة،
وقبل اجتماع النصار ،وقبل تميع القوى الادية والقدرة التنفيذية ..قبل أن يؤمن به أحد
إل بضعة نفر مشردين ف الشعاب ،ومطاردين من الهل واللن ،هائمي بغي مستقر ول
حاية ول أمل ف الغد القريب فضل عن الغد البعيد ..كيف وهو يقول ف هذه الظروف
عن القرآن الكري " :وما هو إل ذكر للعالي " ف سورة " القلم " من أوائل ما نزل من
القرآن الكري .وف سورة سبأ الكية ما هو أصرح ف هذا العن .ذلك قوله تعال " :وما
أرسلناك إل كافة للناس بشيا šونذيرšا " .وكذلك آية العراف الكية " :قل يا أيها الناس
إن رسول ال إليكم جيعا" š؟
ث هل كان السلم دين " المة العربية " ونب السلم يقول " :الناس سواسية
كأسنان الشط .ل فضل لعرب على عجمي إل بالتقوى "؟
أ هي د عوة لت كوين أ مة ،أم د عوة إ ل " الن سانية " عا مة من أول خ طوة ف
الطريق؟
وتتكون المم من القبائل ..فهل مرد هذه الطوة يعدل النظم الفكرية والعقيدية
والجتماعية والقتصادية ..دون تغي مادي ،ول تول ف أساليب النتاج؟
منطلق البيئة ل يكن هو النطق الذي أتى به السلم ..بل لقد قام الصراع طويل
-جدšا -بي منطق البيئة ومنطق السلم ،حت تغلبت العقيدة الديدة با فيها من قوة
ومن عناصر خي غلبة ،فقهرت منطق البيئة وأجلته من النفوس.
كان منطق البيئة يتقر الرأة ويضعها ف مكانة تشبه مكانة السائمة واليوان..
توأد أحيانا šوهي وليدة .وتستقبل بالبتئاس والغيظ .وتذل وهي فتاة " .وتتلك " وهي
زوجة كما تتلك الشياء .ول تكن الرأة ذاتا تسخط على هذا الوضع ،ول كان هناك
من يطلب لا وضعا غيه من الرجال .ل ف الزيرة العربية ،ول ف أي مكان ف الرض.
و جاء ال سلم ي قول " :ف من ع مل صالا من ذ كر أو أ نثى -و هو مؤمن -
فلنحيينه حياة طيبة " " فاستجاب لم ربم :أن ل أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو
أنثى ،بعضكم من بعض ".
و جاء ي قول " :عا شروهن بالعروف " وي عل لذا ال عروف قوا عد وت شريعات
وتوجيهات.
وجاء يعطيها -إل جانب الساواة ف النسانية ،والساواة عند ال -حق اللك
والتصرف " :للرجال نصيب ما ترك الوالدان والقربون ،وللنساء نصيب ما ترك الوالدان
والقربون " " للرجال نصيب ما اكتسبوا وللنساء نصيب ما اكتسب " وهو حق ل تعطه
فرنسا لنسائها إل ف القرن العشرين.
و كان منطق البيئة هو من طق الغلبة لصاحب القوة ل لصاحب ا لق ،و ل ي كن
تول العرب إل أمة بطريقة -حتمية -ليغي هذا النطق ،فكم من أمة يسود فيها هذا
النطق إل هذه اللحظة ف القرن العشرين!
فجاء السلم يعطي كل ذي حق حقه ،بإنسانيته الردة ،ل بكونه صاجب قوة
أو ن فوذ أو سلطان ،حت و لو ل ي كن م سلما ،ما دام يع يش ف الت مع ال سلمي .و قد
نزلت تسع آيات ف سورة النساء لتبئ يهوديا اتم ظلما ،وتآمر على اتامه رجال من
الدي نة أقو ياء بع صبيتهم ول و ل له ول ن صي ] سورة الن ساء ) (113 - 105و ما جاء
فيها " :ومن يكسب خطيئة أو إثا ث يرم به بريئا فقد احتمل بتانا وإثا مبينا " إشارة إل
ذلك اليهودي البيء![.
وكان منطق البيئة هو توقي زعيم القبيلة -أو اللك حي تتكون المة -توقيا
يعل منه إلا ل يسأل عما يفعل .وكان هذا هو منطق العال كله مع حكامه ف ذلك
الي ،فإذا السلم يعل ف هذه المة من الوعي السياسي البالغ القمة ما يعل فردا من
عامة السلمي يقول لشد اللفاء مهابة ف تاريخ السلم -عمر بن الطاب " -وال
لو وجدنا فيك اعوجاجا لقومناه بد السيف "! ث يعل عمر ل يغضب لنفسه من هذه
القولة الريئة .بل يمد ال!
و جاء ال سلم يزوج ب نت ع مة ر سول ا ل -القر شية -من ز يد ..من أ حد
ا لوال ،و جاء ي عل هذه ا لول قائدšا ل يش من ج نوده أ بو ب كر وع مر وز يرا الر سول
وخليفتاه!
ويقول الرسول الكري " :من قتل عبده قتلناه ،ومن جدع عبده جدعناه " ..ول
يكن ذلك لن أحدا طالب لم بذه الكرامة ..ول يكن كذلك لن الوضع القتصادي أو
علقات النتاج أو أدوات النتاج تغيت أدن تغيي!
وكان منطق البيئة يؤمن باللكية الفردية الطلقة من كل قيد ،الاضعة لغي قانون.
وكان منطق البيئة وكان ..وكان ..فجاء السلم يلغي ذلك النطق ويستبدل به
منطقا آخر بعيدا šكل البعد ،غريبا كل الغرابة على تلك البيئة وعلى كل البيئات يوم كان،
ول ي عل كل مه م بادئ " مثال ية " معل قة ف الف ضاء ،بل واق عا مسو سا يتم ثل ف ب شر
يدبون على الرض وقلبهم متجه إل السماء!
إن النسان حي يؤمن بال إيانا صحيحا وتعمر قلبه عقيدة سليمة يصنع هذه
العجزات! " ).(31
وهو مثال من عال الواقع ل من عال النظريات ..مثال من وقائع " التاريخ "!
وإن تف سيه لو التف سي الوح يد ا لذي يأ باه التف سي ا لادي للتار يخ ،وي شتط ف
إبائه! تفسيه أن هناك " علقة " بي النسان وال! وأن قدر ال هو الذي يشكل واقع
الرض ويقرره! قدر ال الذي وجه النسان الول إل اكتشاف النار واختراع اللت..
وجهه إل تكوين القبائل والشعوب للتعارف ..بغي سبب إل إرادة ال للنسان أن يصنع
ذلك ..هو ذاته الذي وجهه إل السلم ،وإل بناء متمع مثال على هدى السلم ،بغي
سبب إل إرادة ال للنسان أن يصنع ذلك! ل بتطور أساليب النتاج ول بالنمو " الطبيعي
" للمجتمع! وإن كان قد اعتمد ف هداية النسانية للسلم ،وهدايته إل إقامة هذا التمع
الثال ،على الكونات البشرية الفطرية الت أودعها الالق فطرة النسان ).(32
وكل تفسي للتاريخ يغفل ال ،وقدر ال ،وتدخله الباشر ف حياة البشرية ،ويفسر
حياة النسان كحدث قائم بذاته ،أو قائم لسباب " مادية " ميطة بوجوده ،هو تفسي
خاطئ ل يفسر حقائق الوجود!
إن الماقة الت أدل با دارون وهو يقول " :إن تفسي شئون الياة بوجود خالق
له إرادة ف اللق ،يكون بثابة إدخال عنصر خارق للطبيعة ف وضع ميكانيكي بت "..
إنا ..حاقة!
()31من كتاب " معركة التقاليد " الطبعة الثانية ص .109 - 104
()32ان ظر ف صل " ر صيد الف طرة " ف ك تاب " هذا ا لدين " وف صل " ا لدين والف طرة " ف ك تاب
الدراسات.
ومن شاء فليفسر وقائع التاريخ ووقائع الياة ووقائع الكون بدون إدخال هذا
العن صر " ا لارق للطبي عة "! إن تف سيه لن يذهب به أب عد من خ طوات ..ث يت عثر ف
الطريق!
وإدخال هذا العنصر الارق للطبيعة لن يلغي -كما يفهم " العلم " الغرب ف
حاقة -قواني العلم وقواني الطبيعة وقواني الادة وقواني الجتماع وقواني القتصاد.
كل! وإنا يكملها ويصححها ويق̂ومها ..ويعطيها دللتها القيقية ف سياق الحداث!
ث ..تبد حرارة الختراع ..ويتعود الناس وجوده ..ويعودون رويدا šرويدا šإل
فطر تم ..وإ ل م شاغلهم العاد ية ،وآ مالم و ماوفهم! ي عودون إ ل الب حث عن الط عام
وال شراب والل بس وال سكن وال نس ..ي عودون إ ل حب ال لك ،و حب ال صراع و حب
البوز ..يعودون إل الوف من الوت والبحث عن اللود!
و كذلك الت حولت الجتماع ية والقتصادية والسيا سية ..تز ال ناس ف جلت ها..
وتشكل أفكارهم ومشاعرهم ف شكل جديد .ولكنها ل ترجهم من فطرتم!
ف حكومة " الب " وحكومة المباطور القدس والكومة الديقراطية وحكومة
الطبقة الواحدة والزب الواحد..
إنا الفطرة ف نزعتها الفردية والماعية .ف نزعتها لللتزام والتحرر .ف نزعتها
للسلبية واليابية .ف حب اللك .وحب البوز وحب الصراع ..تأخذ أوضاعا شت!
والدليل على وجودها هو ثورتا على ما ل يلئم طبيعتها .ثورة طبيعية ل ت»تلمس
لا السباب!
إن التفسي الادي للتاريخ يتمحل السباب لثورة الرقيق ف أوربا ف ناية العصور
الوسطى ،فيقول إنا كامنة ف نشوء التمع الصناعي وحاجة الصانع إل العمال ،وضرورة
ترير رقيق الرض للعمل ف الصانع!
كذلك..؟!
ول يس الفطرة الب شرية الت تأب العبودية ف النهاية وإن خضعت لا عشرات أو
مئات من السني؟!
فما تفسي ثورة العبيدة الشهية ف العصر الرومان بقيادة " سبارتاكوس " ،قبل
نشوء التمع الصناعي ،وقبل حدوث أي تطور ف أساليب النتاج يدعو لتحرير العبيد؟
تلك الثورة الت هزت المباطورية كلها من قواعدها؟
وليس معن ذلك أن نلغي السباب الباشرة الت أدت لتحرير رقيق الرض عند
ن شأة الت مع ال صناعي! كل .وإ نا مع ناه ف قط أن نرد ها إ ل الف طرة ا لت تترقب الفر صة
الناسبة لتحقيق وجودها .ومعناه أن نفسر بذه الظروف ناح الثورة الثانية بينما هزمت
الول شر هزية ف عصر المباطورية الرومانية .ولكن الزية والنصر شيء آخر غي دللة
الفطرة واتاهها ..وهو واحد ف الالي!
والتف سي الادي للتاريخ يتم حل ال سباب لل ستعمار فيقول إنا كام نة ف بث
رأس ا لال عن الر باح وال سواق لت صريف فائض الن تاج ب عد الو صول إ ل الن تاج
الكبي!..
كذلك..؟!
فما تفسي الستعمار الرومان الشهي الذي استعبد أما وشعوبا بأسرها ،وامتص
دماء ها ،وأ كل خيا تا ،وترك ها ف أ سوأ حال من الف قر وا لرض وال هل ،لي ستمتع هو
وحده باللذائذ الرام ،والبذخ الفاخر ،والتلذذ بمامات الدماء؟!
وليس معن هذا أن نلغي السباب الباشرة الت أدت إل الستعمار الديث! وإنا
معناه فقط أن نردها إل مكانا من الفطرة ف انرافها ،حيث يستوي -من حيث الدافع
-الستعمار الول والستعمار الخي!
ث ..ل قد شاء ا لذهب ال شيوعي أن يول الف طرة عن طريق ها ف م سألة اللك ية
الفرد ية ،وا ستخدم لذلك ال ضغط والر هاب والد يد وال نار والتج سس ،و كل و سائل
الكم البوليسي الشنيع ،الت اعترف با خروشوف ف " اعترافاته " عن عهد ستالي ]بعد
وفاته بطبيعة الال![ فماذا كانت النتيجة ف النهاية؟! كان ذلك التراجع الستمر من ق¼بل
الكم البوليسي ،خطوة خطوة نو الفطرة البشرية .من إباحة التفاوت ف الجور بي
عمال الطبقة الواحدة والعمل الواحد ،وإباحة اللكية الفردية -ف الواد الستهلكية! -
إل اعتراف خروشوف بأن العمل ف الزارع الماعية ل يسي كما كان مقدرا šله ،ول
يعطي الغلة الت تعطيها الزراع الفردية ..إل..؟!
كل! إ نا الف طرة ف النها ية -باع تدالتا وانرافا تا -تدد حدود الت طور
الجتماعي والقتصادي والسياسي ،ف أثناء نوه الفطري ..فتتركه -لسعتها ومرونتها -
يتشكل ف أشكال شت ..ولكن ف حدود الفطرة ف ناية الطاف!
أ نه قد يرت بط بالتطور ف أ ساليب الن تاج .ولك نه ل ي كون ارت باط النتي جة
بالسبب ،وإنا ارتباط الواكبة والصاحبة ،مع تبادل علقة السببية من طرفيها .فيؤثر كل
منهما ف الخر ويتأثر به.
وأنه ينشأ من خاصية النمو الفطرية ف كيان النسان ]ما ل يقف ف طريق النمو
عائق غي طبيعي[.
وأنه -مع ذلك -ليس تطورا šحتميا šمن حيث الصورة الت يأخذها.
وأنه -سواء كان ناشئا من تدخل قدر ال الباشر كما ف الديانات السماوية
كلها ،والسلم على رأسها ،أو تدخله غي الباشر عن طريق ما أودعه ال ف الفطرة من
طاقات -فهو ف النهاية قائم على الفطرة البشرية ،ومرده إليها.
وأنه أخيا šل يرج عن حدود الفطرة مهما تطور وتغي .فهو تغي äف الصورة ل
تغي ف جوهر الكيان.
إننا ل نلغي على الطلق قيمة التطور العلمي أو التطور الجتماعي والقتصادي
والسياسي .ول نقول إنه ل يغي شيئا šف واقع الياة!
إننا نريد أن نقول إن " صورة " الياة كلها تتغي بعد كل اكتشاف أو اختراع
جد يد ،وبعد كل تول من الت حولت الجتماع ية والقتصادية والسيا سية .و ت̂د لل ناس
مشاعر وأفكار وتصورات ل تكن من قبل ،كما تقوم علقات الناس فيما بينهم على هذه
الشاعر الديدة والفكار والتطورات.
ول كن تغ ي " صورة " ال ياة ل يغ ي " ف طرة " الن سان .هذه هي ال سألة ا لت
نكررها ونؤكدها .إنا أشكال متغية من فطرة ثابتة .وكل التغي والثبات له حقيقته وله
دلل ته ،بل ت عارض ول ت ضارب .لن " ا لق " ل يت عارض ول يت ضارب إل ف الف هام
الزئية الت ل تدرك ما بي بعضه وبعض من ارتباط.
إن النمو الدائم ف جسم الطفل ونفسه وعقله حقيقة ..لا وزنا ودللتها.
الط فل ياف والر جل ال بالغ ياف .الط فل ير جو والر جل ال بالغ ير جو .الط فل
يبحث عن الطعام والرجل البالغ يبحث عن الطعام .الطفل يصارع والرجل البالغ يصارع.
الطفل يفكر والرجل البالغ يفكر ..الطفل " يكدح " والرجل البالغ يكدح..
كل خطوط الفطرة الصيلة ودوافعها موجودة ف نفس الطفل ،ف صورة بدائية
أو كامنة ..ث تنمو ..حت تصل إل النضوج والكتمال..
وكذلك حياة البشرية ..كامنة بأكملها ف فطرتا ..ث تتشكل ف مراحل النمو
الختلفة ،فتتحقق طورا بعد طور ف صورة إثر أخرى ..وكل الصور تقيق لذات هذا
الكيان!
والتفسي الادي للتاريخ يعل التقدم الادي -أي التقدم ف أساليب النتاج -هو
مور التطور النفسي كذلك .ويستند إل ظاهرة خداعة ،هي أن التقدم العلمي ،وما ينشأ
ع نه -ف ن ظره -من ت قدم وت طور ف بن ية الت مع القت صادية والجتماع ية والسيا سية،
ينمي النفس بطريقة آلية ،لن النفس هي انعكاس الوسط الادي .فإذا " ارتقى " الوسط
الادي كان من جراء ذلك ارتقاء النفس.
فالط فل ا لذي يو لد ف ال قرن الع شرين ،ف الن صف ال ثان م نه خا صة ،و حوله
ال سينما والذا عة والتليفز يون ،وال طائرة وال صاروخ ،وا للت الدقي قة ا لتركيب ،و حوله
التشابكات الجتماعية العقدة ،والتشابكات السياسية الدولية واللية ،التقلبة من لظة إل
لظة ..ساعة تنح إل السلم وساعة تنح إل الرب ..هذا الطفل أنضج ول شك ف "
معلو ماته " و ف ب عض م شاعره وت صوراته وأف كاره من ر جل بالغ كان يع يش ف ال قرن
العاشر مثل أو الثان عشر..
ولكنا نكون مطئي إل حد مضحك إذا تصورنا أن هذا الطفل أنضج ف مموع
نف سه من ذ لك الر جل! ف هو ظ فل مه ما ي كن من نو مدركاته ..يت ناول ال ياة بنف سية
الط فل وم طالب الط فل وت صورات الط فل ..وذ لك الر جل ر جل بالغ مرب ،نا ضج ف
مموع نفسه بقدار ما تتيح له بنيته الاصة من النضوج.
الدللة الت نستحرجها من الثال واضحة ..إن التقدم العلمي ينضج حقا بعض
جوانب الن فس .ولك نه -ب فرده -ل ي صلح للح كم ع لى مدى الن ضوج وا تاهه ،لن
الانب الذي ينضجه ليس من السعة والشمول بيث يعطي النفس طابعها الميز الخي!
لقد ظن أ نه خي القرون طرšا ف كل شيء ،لنه أشد القرون تقدما ف الع لم،
وأشدها -حت الن -سيطرة على قوى الكون..
إن هذا القرن الذي تقدم ف العلوم كل هذا التقدم ،ففجر الذرة وأطلق الصاروخ
وغزا الكواكب ..يعيش بنفسية الطفل ف بعض جوانب الياة ،وبنفسية الراهق ف بعضها
الخر .وف بعضها الثالث بنفسية اليوان ،من غي ضوابط اليوان.
وهذا العلم كله -بفرده ،أي بدون توجيه نفسي وخلقي معي -ل يستطيع أن
يصلح ما فسد من النفوس .بل هو قمي أن يزيدها فسادا لنه يلهب غرورها فتظن أنا
على صواب! ]" Ôق ل áه Éل áن»Éنب×ئÔ Ôك م Óب¼الáأÓ Ýخ سÉر¼ين ÉأÝع ÓمÉال ،šال ذ¼ين ÉضÉل سÉع»Óيه»م Óف¼ي اáلح ÉيÉاة¼ الدÓåنيÉا
)(33
سن»ون Ýص»نÓعا[!" š وÉه»مÉ ÓيحÓسÉب»ون ÝأÌÝنه»م» Óيح¼ Ó
هذا التقدم العلمي كله :الثلجة الكهربائية ،والغسالة الكهربائية ،والنسان الل
وا لخ ا للكترون .وا لزر ا لذي ت ضغط عل يه ف يدور م صنع كا مل دق يق ا للت أو ضخم
اللت .أو يأتيك طعام جاهز يلب نداءك كالن القدي ف السطورة .أو تسمع الوسيقى
الالة الت ترتاح إليها نفسك .أو يتكيف جو حجرتك أو فراشك ..أو ..أو ..ال.
التقدم الذي ينقلك ف لظة عب العال .تسمعه وتشاهده وتشاركه .ف الذاعة أو
التليفزيون أو التليفون اللسلكي .فيفتح لك نوافذ متعددة على العال ترى منها ما ل تكن
تلم أن تراه لو قضيت عمرك كله ف السفار .هذا وأنت جالس ف مكانك ل تبح.
كالن القدي ف السطورة ينقل العال إليك وأنت مستريح..
التقدم الذي نفذ إل آفاق الكون ،فرأى مليي الليي من النجوم والكواكب،
قاس حرار تا و عرف أبعاد ها ور صد أفلك ها .ث ق فز إلي ها ير يد أن ي ضع قدمه ع لى
أرضها.
هذا التقدم كله ..ماذا صنع ف " نفسية " القرن العشرين؟ .ول نتحدث بعد عن
الخلق.
هذه الضحالة الزرية بكرامة النسان! الت ل تطيق التعمق ف العرفة ول التعمق
ف الشاعر ول التعمق ف الفكار .وإنا تريد أن تأخذ المور كلها من سطوحها .قفزا
قفزا .كالطائر النون.
هذه التفاهة " الزئية " ف الكم على المور ،الت ل تطيق النظرة الشاملة ول
تصب عليها ،وإنا تأخذ كل جزئية بفردها ،منفصلة ومستقلة ،على غي حقيقتها ف بنية
الكون وبنية الحداث.
هذه اللية الابطة ،الت تيل الشاعر والفكار والعمال نشاطا آليا كنشاط اللة.
زر ي ضغط عل يه فتنط لق أع مال .زر ي ضغط عل يه فتنط لق أف كار .زر ي ضغط عل يه فتنط لق
م شاعر .أ قرب إ ل م شاعر البهي مة ،وأحيا نا أ حط من م شاعر البهي مة الكو مة بفطر تا
الضبوطة الستقيمة.
هذه الادية الغلقة الت تغلق جوانب الروح ،وتطمس على رفرفاتا ،وتثم على
الرض ل تريد النطلق ول تقدر عليه.
هذه " الواقع ية " الري ضة ا لت تع يش ف حدود اللح ظة ،و تأب أن " تت صور " و
"تتخيل" ..لتتصور " الكمال " وتسعى إل تقيقه.
هذه السية الت تيل الشاعر لذة جسد مصورة ،ل تتندى بعواطف "النسان".
ت لك هي حصيلة " التقدم! " النف سي ف القرن الع شرين! ول نت حدث بعد عن
الخلق!
إنا حصيلة " اللة "! حصيلة تويل النسان كله إل آلة تعمل فـي نطاق الس
القريب.
والتفسي الادي للتاريخ يقدم لذا المر تفسيات شت ،ومبرات شت .بعضها
يقدمه ف تبجح وبعضها يقدمه على استحياء ..فحت التفسي " الادي " للتاريخ ينبغي أن
يستحيي من هذا السخ الشوه الذي صار إليه النسان ف القرن العشرين!
وما يعنينا هنا أن نناقش التفسيات والبرات والعتذارات .ولكن يعنينا فقط أن
نبز هذه القيقة :أن التقدم العلمي ل علقة له بالوضع النفسي للنسان .فالعلم يتقدم ف
سبيله ،صاعدا أ بدا ،كل خ طوة تؤدي إ ل ت قدم جد يد .والن فس ت ضي ف سبيلها .إن
وجهت الوجهة الصالة يكون فيها الي ،وإن وجهت الوجهة الفاسدة ل يسكها عن
الفساد كل التقدم العلمي والت طور ف أساليب النتاج ..بل قد يز يدها فسادا كما هو
الال ف القرن العشرين.
ونعود إل دراسة التطور النفسي ف ذاته .ما هو؟ وما العوامل الؤثرة فيه؟ وما
دللته على الفطرة البشرية؟
الن فس الب شرية -ك كل شيء ف ح ياة الن سان -تن مو بفطر تا نو الن ضوج
والتكامل والتعقد والشمول.
وتت عرض ف ـي أث ناء نو ها للع تدال وال نراف .كل ها ف طرة ف ـي طبي عة
النسان )..(34
ف طفولتها تكون أقرب إل البساطة .تعبيها ساذج مباشر " .فراملها " ضعيفة
الت كوين .ح سية أ كثر ما هي معنو ية .جزئ ية أ كثر ما هي شاملة .جزئ ية ف تناو لا
وتفسيها للمور .وف الوقت ذاته واسعة اليال على غي أسس تكم هذا اليال .فهو
خيال مطلق يتخيل كل شيء ويصدق كل شيء ف بساطة وسهولة ويسر.
لاذا؟
ولكن النضوج ]أي النمو[ يتاج إل غذاء .وإل فإنه يذبل ويذوي ويوت.
والالق الذي خلق النفس ووضع ف فطرتا ذلك النمو ،وضع لا كذلك غذاءها
" الفطري " على مقربة منها .كما جعل الثدي على مقربة من فم الطفل ،والغذاء كله
على مقربة من النسان.
غذاء الن مو النف سي هو " التجر بة " ..و ف ف طرة الن سان أن يرب وي ستفيد
بالتجربة.
وميدان التجربة هو الياة كلها على التساع :ف عال الس وعال النفس وعال
الروح .ف الكون الادي والكون العنوي سواء.
" ع قل " الن سان ي تك بالكون ا لادي فت كون تر بة .يك شف ال نار .يك شف
خواص الادة .يكشف طريقة " التعامل " مع العادن أو النبات أو اليوان.
و " نفس " النسان تتك بالكون الادي فتكون تربة من نوع آخر .يكتشف
ع جزه عن أ مور وم قدرته ع لى أ مور .و من الع جز وال قدرة كليه ما تت كون له م شاعر
وعقائد وأفكار .فيتعبد .ويعتقد .ويتجب أحيانا ويغتر! وياول التغلب على العجز بالزيد
من القدرة ،فتنمو ف نفسه وعقله وجسمه طاقات متلفة كانت كامنة من قبل.
ويتك بالناس فتكون تربة من نوع ثالث ..بل تارب شت متعددة .يكتشف
أنه يب الناس ويكره الناس ]لسباب![ ) (35وأنه يطغى على غيه أحيانا فيستخذي هذا
الغي أو يقاوم الطغيان ،وأنه هو كذلك يستخذي لطغيان غيه عليه أحيانا ويقاوم أحيانا.
وأنه يتاج إل الناس ويستغن عن الناس .ويتخصام ويتصاف .ويارب ويسال .ويتعاون
وينعزل .فتنشأ من كل ذلك " نظم " وشرائع وعلقات.
وهكذا ..كلما خطا خطوة وقعت له تربة جديدة ،ومن هذه التجارب ينمو
ويت سع وي شتد قوامه .وي تدرج من الب ساطة إ ل التعق يد .من الت عبي ال ساذج البا شر إ ل
()35يقول فرويد إن الب والكره ظاهرة مزدوجة ف الكيان النفسي تدث بل سبب! وقد ناقشنا ذلك
تفصيل ف كتاب الدراسات.
التعبي الناضج البعيد الغور .وتقوى " عضلت " نفسه وفراملها ،ويتلط اليال بالواقع،
ويصي أقرب إل " تعقل " المور.
وتتواكب المور كلها ف وقت واحد ..ف عملية النمو السوية .فتزداد البة
وتتح سن ال عدد وا للت وأدوات الن تاج ،وين مو الك يان الجت ماعي والقت صادي
والسياسي ..وكذلك تنمو " النفس " ف مموعها وتنضج وتتعمق.
ولكن المور ل تستقيم ف كل حالة ..فقد ينمو جانب من النفس أو جانب من
الياة ويتعثر جانب آخر ..فل يدث التواكب الفطري السليم الذي ينبغي أن يكون.
يت قدم الن تاج ا لادي أو ا لبة النف سية أو ا لبة الفكر ية ول ت ستقيم بق ية
البات..
فالغريق قد بلغوا الذروة -ف عصرهم -ف التقدم " الفكري " الالص .ف
الفلسفة والعلوم النظرية .ومع ذلك كانت ف حياتم اختللت جة .أبرزها الختلل ف
الانب الروحي .فالذهن التضخم كان يطغى على نشاط الروح.
وال ند -ف ع صرها -بل غت ا لذروة ف الت قدم " الرو حي " ..ف إ شراقات
التصوف وسبحات التعبد ،و " الفناء " ف الكل العظم الذي يشمل روح الوجود .ومع
ذ لك كانت ف ح ياتم اختللت جة .أبرز ها ال سلبية الن صرفة عن الن تاج ا لادي.
فالنشاط الروحي التضخم يفسد إيابية الياة.
والرومان -ف عصرهم -بلغوا الذروة ف التقدم " الادي " ..ف تطبيقات الدنية
العملية ،من طرق وجسور وخزانات وحامات وهندسة للري وتنظيمات للحكم وسياسة
للسلم والرب ..ومع ذلك كانت ف حياتم اختللت شت .أبرزها الختلل الروحي
والل قي ..ف قد انغم سوا ف لذائذ ا لس وت كالبوا ع لى م تاع ا لرض ،فانقلبوا وحو شا
يلغون ف الدماء أو أجسادا بل أرواح.
وال صريون -ف ع صرهم -بل غوا ا لذروة ف الن شاط الرو حي والن شاط ا لادي
معا .فكانت لم عقائد وعبادات أرقى بكثي ما عرفه زمانم ف شت المم ،وفيها نفحة
من بقايا الديانات السماوية الت وصلت إليهم ،وإن كانت مشوهة منحرفة ،وكانت لم
هندسات وتنظيمات وإنتاج مادي رفيع ..ومع ذلك كانت ف حياتم اختللت شت.
أبرزها عبادة الفرعون وتأليهه ،والستنامة من ث للضغط والطغيان ]وهو عيب بارز ف
تاريهم كله[ والنوح إل التفكي ف الوت والعال الثان ومن ث الكتفاء من الياة الدنيا
بالد الدن الذي ل يرفع مستوى الياة؛ ل عن عجز عن الدنية والتقدم ]فقد كانت
الصناعات الدقيقة الرفيعة كلها تصنع من أجل الفرعون وبتسخيه[ ولكن عن قناعة ذليلة
ترتضي لقمة البز والصي الفروش على الرض الرداء.
يكن أن نقول إنا بلغت سن الرشد بدعوتا إل السلم أو باستجابتها إليه ،يوم
خاطب ا ل ت عال ال سلمي ب قوله " :اáل يÉوÓمÝ ÉأكáمÉل áت» لÔ Ýك م Óد¼ينÉك Ôم ÓوÝÉأتÓمÉم Óت» عÝÉليÓك Ôم¼ ÓنعÓم Éت¼ي
وÉر Éض¼يت» لÝك Ôم» اáلأ¼ سÓلم Éد¼ي نا .(36) " šف في ذ لك ال يوم كان قد اكت مل لا الر شد ح قا،
وانطلقت تقيم اللفة الراشدة على ظهر الرض ..فكيف كان ذلك الرشد؟ وما مظاهره
وميزاته؟
الر شد العق لي ظاهر ف طبي عة الر سالة ذا تا ..ا لت تاطب الع قل ،ول تق هره
بالعجزات السية ،وإ نا تر شده وتوضح له ال سالك ليه تدي -بذاته -إ ل ا لق ا لذي
خلقت به السماوات والرض وما فيهن .والذي تقوم عليه حياة النسان وتق̂وم به أعماله
ف آخرته ودنياه.
و ظاهر كذلك ف إطلق طا قة الع قل ف ج يع م يادين الن شاط العق لي التا حة
للنسان ..بتدبر آيات ال ف الكون ،وبتعرف على " القواني الطبيعية "والنواميس الت
ت كم ك يانه .وي شي ف م ناكب ا لرض يب حث عن ا لرزق ،فيح تك بالكون ا لادي
ويستنبط طاقاته .ويشي ف " التاريخ " فيستنبط أسباب قيام المم وزوالا ،ويستفيد با
خبة لا ضره وم ستقبله .وي تدبر حك مة الت شريع ليق يم تنظي ماته السيا سية والقت صادية
والجتماعية على هدى وبصية.
والر شد " ال سي " ف الب حث عن و سائل الت قدم الادي والضاري ،وهضمها
وتثيلها والضافة إليها حت صارت حضارة السلم مضرب الثل ف التاريخ..
كيان راشد ناضج تواكبت جوانب النمو فيه فتوازنت على شول وإحاطة.
وانطلقت تلك المة الراشدة تبن مثل للتاريخ ..م»ثÔل ف كل جوانب الياة وكل
مالت النشاط النسان .الف تح الاطف الذي ل مث يل له من قبل ول من بعد ف كل
التاريخ ..من اليط للمحيط ف نصف قرن من الزمان!
نشر العقيدة الصحيحة ف ربوع الكون العمور على ثبات وقوة وتكن.
إنشاء الذهب التجريب الذي قامت عليه بعد ذلك العلوم الديثة كلها ،وخطا به
العلم هذه الطوات البارة ف العصر الديث..
تلك كانت قمة البشرية " ..كÔن»Óت م Óخ ÉيÓر Éأ ÔمÌة ÅأÓ Ôخر¼ج Éت Óل¼لنÌا س¼ تÉأáم»ر»ون Ýب¼اáلمÉعÓر»وف
وÉÉتنÓهÉوÓن Ýع¼ Éن ال» áمنÓكÝر¼ وÉت»ؤÓم¼ن»ون Ýب¼الله¼ " ).(37
لقد تقدم العلم .وتقدمت " البات " النفسية ف شت اليادين ..ولكن عادت
الختللت إل الظهور!
وتف قد الب شرية تواز نا ،ول ت تواكب ا لبات ..فين حدر الك يان النف سي ف
مموعه..
ولكن الف طرة هنا -بصورة أوضح من كل ما سبق -ذات وجهي متقابلي،
ينشأ من أحدها العتدال ،ومن الخر ينشأ النراف!
إن الط النفسي -كما رأينا -ل يصعـد دائما šفـي جيع الالت ،كخط
التقدم العلمي..
التقدم العلمي صاعد أبدšا ل ينكص ،لن ف فطرة النسان أن يطلب الزيد من
العر فة .و ف فطر ته أن ي سˆن ع لى ا لدوام ما ي لك من أدوات .إن التح سي ي ستجيب
للف طرة من كل جوانب ها .فهو ي لب رغبت ها ف العر فة .ورغبت ها ف ال مال .ورغبتها ف
التط لع إ ل الك مال .ك ما أ نه ي ستجيب لرغبت ها ف الرا حة ورغبت ها ف ال قوة وال قدرة
والبوز .فكل تسي يقق -ولو ف أحد جوانبه -مزيدا šمن الراحة للنسان ]وذلك
دافع من دوافع الختراع :تيسي الياة[ كما يقق شعورا šبأن النسان قد قدر على عمل
جديد ،وبذه القدرة يقق ذاته ويبز ..وف اختصار فالفطرة هنا دافعة دفعا šملحا šدائبا šنو
التقدم العلمي .ولذا ظل التقدم العلمي يسي ف خط صاعد طوال التاريخ .لذا ،وليس
لي سبب آخر من " خارج " الفطرة ،يدعيه التفسي الادي للتاريخ! ولذا الكيان الكلي
الشامل ،الذي يشمل النسان كله ،ل لزء واحد منه كما زعم التفسي الادي للتاريخ
حي قال إن تاريخ النسان كان دائما تاريخ الاولة لتحقيق كيان " النسان " ول يكن
تاريخ البحث عن أي جانب واحد منفصل ف هذا الكيان!
أما التطور الجتماعي والقتصادي والسياسي فهو يسي قدما ف جانب واحد
منه :هو جانب التعقد والتشابك وإحكام الروابط و " مزجها " بعضها ببعض .ولكنه ل
ي سي قدما من ح يث " الك يف " ،ف هو ي سي متأرج حا šب ي الفرد ية الطاغ ية والماع ية
الطاغ ية ..وأبرز المث لة ع لى ذ لك :الرأ سالية وال شيوعية ف ال قرن الع شرين .ول كن مرد
ذلك أيضا šإل الفطرة! ففيها اعتدالت وفيها انرافات ،وفيها مرونة تتسع لشكال شت
وضغوط متعددة ..حت تثور ف النهاية وتلفظ ما ل يناسبها من الوضاع والظروف..
وف كل ثورة من ثورات الفطرة يدث انتقال من طور إل طور ،ينطلق ف طريقه فترة
حت تغلبه النرافات فيبيت ف انتظار انقلب جديد .وهذا -وليس التطور ف أساليب
الن تاج و حده ك ما يز عم التف سي ا لادي للتار يخ -هو ا لذي يف سر الت طور الجت ماعي
والقتصادي والسياسي ف حياة البشرية.
هناك مرحلة كان خط التطور واضحا فيها ..إل المام ،وهي الرحلة السابقة
لرحلة الرشد ..والت أدت إل الرشد.
كان الن مو ف هذه الرح لة هو العن صر ال بارز الوا ضح .الن مو إ ل ال مام .إ ل
النضوج والتكامل والشمول .ومع ذلك فلم يكن خطا واحدšا صاعدا ف كل مراحله.
فالتاريخ يثبت قيام حضارات وانيارها ،والنيار نكسة إل الوراء .ومعن ذلك أنه يدث
تقدم ونكوص .فل يسي الط على سواء.
ث بلغت الب شرية الر شد ع لى مو لد ال سلم وانت شاره .و ل ترتفع قط عن ت لك
الق مة ف تاري ها ك له .ف قد كانت هذه أع لى ق مة و صلتها الب شرية ..و كذلك ل تث بت
عليها ،بل أخذت ف الندار.
وقد حدثت أنواع من النمو الزئي ف النفس البشرية بعد السلم ول شك ،ف
ا لوانب ا لت تت غذى ع لى الت قدم العل مي ال صاعد أ بدا ،وع لى التع قد الجت ماعي
والقتصادي والسياسي الدائم ]التعقد ل التقدم[ ..ولكن النفس ف مموعها ل تتقدم بعد
تلك القمة أبدا بل ل تثبت عليها .وقد مر بنا بيان الندار النفسي التواصل ف " حضارة
" القرن العشرين.
ففي الفطرة البشرية استعداد للهبوط يقابل الستعداد للرتفاع .كلها فطري.
وكلها أصيل .ليس أحدها ملوبا من خارج النفس ول مفروضا šعليها من خارجها "
وÉنÉفáس ÅوÉمÉا سÉوÌاهÉا ،فÝأáÝلهÉمÉهÉا فÔج»ورÉهÉا وÉتÉقáوÉاهÉا ،قÝد ÓأÝفÝáلح ÉمÉن ÓزÉكاهÉا ،وÉقÝد ÓخÉاب ÉمÉن ÓدÉسÌاهÉا "
) " (38ل ÝقÝد ÓخÝÉلق áنÉا اáلأ¼ن ÓسÉان Ýف¼ي أÓ Ýح سÉن¼ ت Éقáو¼يÔ ،Åث م ÌرÉدÉد ÓنÉاه» أ ÝسÓفÝل ÝسÉاف¼¼لي ،Éإ¼لا ال ذ¼ين Éآم Éن»وا
وÉعÉم¼لÔوا الصÌا¼لحÉات¼ " ).(40) [(39
ول قد كان ال توجيه ال سلمي هو ق مة ال توجيه نو الرت فاع ،و كان الن ظام
السلمي هو قمة النظمة الت تسمح بتحقيق ثرة تلك التوجيه ،فارتفعت النفس البشرية
إ ل قمت ها .وال توجيه الغر ب ف ال قرن الع شرين هو ا لدرك القا بل لل توجيه ال سلمي،
والنظمة الغربية تكمل هذا التوجيه وتققه ف عال الواقع! فهبطت به النفس البشرية إل
دركها السفل ،الذي ل يبدو أن هناك مزيدا عليه.
الضحالة الزرية بكرامة النسان .التفاهة الزئية ف الكم على المور ..اللية
الابطة ..الادية الغلقة الت تغلق جوانب الروح ..الواقعية الريضة الت تعيش ف حدود
اللحظة ..السية الت تيل الشاعر لذة جسد مصورة.
ولكن النفس البشرية قابلة للصعود مرة أخرى حي يهتف لا هاتف الصعود..
وف حالتيها تكون ف حدود الفطرة ..وت كون الف طرة -ب شعبتيها التقابلتي -
ثابتة رغم تغي الشكال!!
ع لى هدى ما تبي ل نا من درا سة الت طور النف سي ،ل ند م شقة ف تت بع التغ ي
ا لخلقي ف تار يخ الب شرية .فه نا تت بدى ل نا الف طرة الب شرية الزدو جة ف أج لى معاني ها
وأوضح مظاهرها.
فلئن كان الط العلمي صاعدا šأبدšا ل ينكص ..ولئن كان " التعقد " الجتماعي
والقتصادي والسياسي صاعدšا أبدšا ]دون التقدم ف هذا اليدان ذاته[ ولئن كلن التطور
النفسي أقل استقامة وأكثر تقلبا ..فالانب الخلقي من الياة البشرية هو أكثرها تقلبا
على الطلق ،وأقلها استقامة على " خط " معي ف أي مرحلة من مراحل التاريخ.
إنا بادئ ذي بدء مسألة تبز فيها الفردية على الرغم من تأثرها باليط الماعي
ال شامل ،ول ي كون التخ صص ال فردي وا ضحšا ب قدر ما ي كون ف ا لانب الل قي .فلئن
كان التقدم العلمي والتطور الجتماعي تكمهما الظروف الماعية بشكل واضح ،وكان
التطور النفسي مزيا šمن الفردية والماعية ..فالسألة اللقية يبز فيها الانب الفردي،
وإن يكن اليط الماعي الذي يعيش فيه الفرد هو الذي يساعد أو يعوق النمو اللقي ف
الفراد على تفاوت ف التأثي يرجع إل طبائع الفراد ومدى صلبتها.
ث إنا ل تتخذ خطا مستقيما أبدا ف التاريخ ..إنا أخذت على الدوام صورة
دورات صاعدة هابطة.
يهتف للبشرية هاتف بالصعود :نب مرسل أو زعيم مصلح أو قائد ..فتتجه -ف
مموعها -إل الصعود فترة من الوقت ،ويبقى حثالة من الناس ف أسفل القاع ،مذمومي
مدحورين .لن الوجة صاعدة .ث يتعب الناس من الصعود ،أو من الستقامة على القمة!
فيبدأون دورة البوط ..وهنا تنتفش الثالة الوجودة ف أسفل القاع ،وتس أن " الضغط
" عليها قد خف ،فتأخذ ف النشاط ،ويكون نشاطها ف مبدأ المر مدودا ،ومنظورا إليه
باستنكار .وتبط الوجة أكثر ،ويف الضغط على الثالة الواطية ،فتزداد انتفاشšا ونشاطا
وتت سلم هي الق يادة! وتب قى ق لة من ال ناس مرتفع ي ،ول كن تت ضغط مر هق عن يف..
وتشتد الوجة ف هبوطها حت تطغى ..ويصطدم بقرارة الفساد ف النفس البشرية حت
تجها " الفطرة " ..حت الفطرة الريضة ..فتبدأ تلفظها لنا تاوزت آخر مداها .وعندئذ
تأخذ الوجة ف الصعود مرة أخرى على يد نب مريسل أو زعيم مصلح أو قائد..
ولئن كان التطور الجتماعي والقتصادي والسياسي ألصق شيء بالتطور الادي،
ومع ذلك فهو مستقل عنه ،ويكن أن يوجد بل تدخل منه ]كما حدث ف السلم[،
وكان التطور النفسي أقل لصوقا بالتطور الادي ،وأكثر استقلل عنه ،فالتغي الخلقي
هو آخر شيء يكن أن يرتبط بالتطور الادي!
والقصة الطويلة -جدا -الت يرويها التفسي الادي للتاريخ ،ف ارتباط الخلق
بتطور أساليب النتاج ..قد كذبتها شهادة التاريخ!
ول نتاج أن نعود إليها! فقد تبي لنا من شهادة التاريخ أن وضعي متشابي إل
حد يثي الده شة ،قد ف صل بينه ما أل فا عام ..وف صل بينه ما ما ب ي الع مل ال يدوي،
واستخدام الطاقة الذرية ف الصناعة والزراعة والطب و ..التدمي!
ولسنا نقول -مع ذلك -إن تفسيات التفسي الادي للتاريخ بشأن " تطور "
الخلق ف القرني الخيين كلها بعيدة عن الواقع! إنا نقول فقط إنا تفسيات مضللة
لنا تأخذ ف حسابا الظهر الارجي ول تنفذ إل الباطن ..إل " الفطرة ".
إن كل التغ يات الخلق ية ا لت حدثت مع النقلب ال صناعي ،و مع الداروين ية
وال توجيه الي هودي ،ل ت كن حتم ية! وه نا م فرق الطر يق ب ي التف سي ا لادي للتار يخ،
والتفسي النسان للنسان!
ظروف أور با الل ية هي ا لت أن شأت الن يار الل قي ف ت لك ال فترة ،ولي ست
الطبيعة البشرية.
" فالتطور " -بعن نو الياة وتددها -كان عنصرا šدائما ف حياة السلمي..
ف لم يف سدهم .ل أف سد أخلق هم ول أ شاع ال لل ف نفو سهم .إ نا ف سدوا واخت لت
نفوسهم حي تغيت ف حياتم دوافع النمو والتجدد ،وجنحوا إل المود والتحجر.
وال صناعة -ف حدود -كانت جزءا šمن مكو نات الت مع ال سلمي ..ف لم
تفسدهم .ل تفسد أخلقهم ول جعلتهم يتركون الخرة لساب الدنيا ويتكالبون على
م تاع ا لرض .إ نا ف سدوا ح ي قل ن شاطهم ال صناعي وح صروا أنف سهم ف أ لوان من
النتاج ضئيلة الفائدة.
وترير الرأة -نفسيا šوإنسانيا - šكان جزءا šأصيل من العقيدة السلمية ذاتا الت
حررت الن سان ك له -ب شقيه -من كل عبود ية لغ ي ا ل ت عال ،وجع لت أداة تر يره
ال كبى هي علق ته البا شرة مع ا ل ،ا لت يست صغر ب عدها كل قوة من قوى ا لرض،
وير فض ال ضوع لا إل أن ت كون هي مهتد ية بدى ا ل .وم نذ اللح ظة ا لول للبع ثة
المدية أخذت الرأة وضعها النسان والقتصادي والجتماعي ،فاتصلت بربا مباشرة،
وصار لا حق اللك والتصرف والطبة والزواج ]وطلب الطلق أيضا [šوصارت تادل
عن حقوقها ]" قÝد Óس¼ Éمع Éالله» قÝوÓل Ýالت¼ي »تجÉاد¼لÔك Éف¼ي زÓ Éوج¼هÉا وÉتÉشÓتÉك¼ي إ¼لÝى الله¼ وÉالله» يÉسÓمÉع
ÉتحÉاو»رÉك ÔمÉا إ¼ن الل ه ÉسÉم¼يع äب Éص¼ي (41) [" äث نزل ا لوحي بإن صاف ا لرأة وت ثبيت حق ها
النسان ف الياة ..ومع ذلك فهذا التحرر ل يفسد السلمي .وإنا فسدوا يوم طغوا على
ك يان ا لرأة فخن قوا كيا نا الت حرر وغلفو ها بعبود ية لغ ي ا ل ظا لة ،وب تأخر و قذارة
وانطاط..
ومن ث فكل " العوامل " الت ينسب إليها هواة التفسي الادي للتاريخ " تطور! "
الفاهيم اللقية ف القرني الخيين كانت -ف صورة ما -موجودة ف التمع السلمي
فلم تفسده ،بل كانت دعامة من دعائم الخلق فيه.
إ نا كانت ه ناك أ مة مؤم نة .ع لى هدى من دين ها .را شدة ل ت ستمتع لل توجيه
اليهودي الاكر البيث .ولذلك ل تفسد بذه العوامل الزعومة ،بل تاسكت وصعدت
على استواء.
ولو حدث " النقلب " الصناعي ف أمة مسلمة مؤمنة مهتدية ،فقد كان حريا
أن ي ق̂وم أخلق ال مة ويز يد تا سكها ،ل أن ي فرط ع قدها و يل أخلق ها ويط لق فتيا نا
وفتيا تا كالب هائم ال شاردة ل ت شبع من ال سعار ال نون ،بين ما ال يوان ذا ته م كوم بف طرة
مضبوطة ل تنحرف عن خطها القدي:
إنا " حضارة " الغرب اللحدة الكافرة هي السئولة عن التحول الابط ،وليست
وسائل النتاج ول حتمية التاريخ!
الت طور ا لادي -الت طور الجت ماعي -الت طور النف سي -الت طور ]أو التغي ـر[
الخلقي.
ورأي نا أن مرد ها جيعا ف نا ية ال طاف إ ل الف طرة .ك ما رأي نا أن الف طرة شيء
ثابت رغم تعدد الشكال وتطورها على الدوام.
إن قول نا ال كرر الل حˆ بأن الف طرة ثاب تة ل يع ن قط أن نا نل غي من ح سابنا قي مة
التطور.
إننا إن ألغينا قيمة التطور فإننا نلغي حقيقة النسان! فالنسان ملوق ليتطور على
الدوام .والتطور أبرز ما ف فطرته ،وأشد ما ييزها عن فطرة اليوان! وعن كل فطرة ثابتة
الكيان.
كل ما ف المر أننا نرد التطور الدائم إل الفطرة الثابتة الوهر .ونرى -ف ذات
اللحظة -الوهر الثابت والصورة التغية حقيقتي متجاورتي ،أو حقيقة واحدة شاملة
تفسر كل نشاط النسان.
ث نكم على النسان -ف تطوره -بالقياس الثابت الذي تقدمه الفطرة!
وهذه السبة الرياضية العقدة ف ظاهرها -أو التناقضة -بسيطة جدا šحي نثل
لا ف كل من النواع الربعة السالفة من التطور.
فمقياس الفطرة الثابت بالنسبة للتقدم العلمي أنه يسي ف خط صاعد أبدا .وبذا
الق ياس -الثابت -ناسب الن سان .فكل إنسان يأخذ بنتائج العلم ف تقدمه الن ظري
والعملي فهو سليم الفطرة سائر ف الطريق الصحيح .وكل إنسان يرفض -لي سبب -
الستفادة من ذلك التقدم فهو منحرف الفطرة ف حاجة إل علج.
ومق ياس الف طرة ال ثابت بالن سبة للت قدم الجت ماعي والقت صادي والسيا سي أ نه
ينحو دائما نو التشابك والتعقد ،والفروض فيه أن يعمل على التوازن بي متلف طاقات
الب شرية ونوازع ها .ف كل ج يل من ال ناس ي صلون إ ل هذا ال توازن ،فتن ضج نظم هم
الجتماع ية والقت صادية والسيا سية ع لى توازن :توازن ب ي ال فرد والت مع ،وب ي الطا قة
الادية والطاقة العنوية ،وبي السلبية واليابية ...ال ...ال فهو جيل سليم الفطرة سائر
ف الطريق الصحيح .وكل جيل يرفض النضوج الجتماعي والقتصادي والسياسي ،أو
ينحرف عن التوازن فهو جيل متخلف أو منحرف .ف حاجة إل علج.
ومقياس الفطرة الثابت ف الانب اللقي أن يكون النسان إنسانا! وهو مقياس
م ستمد من الف طرة! فالن سان قب ضة من ط ي ا لرض ونف خة من روح ا ل ،متز جتي
مترابطتي ف كيان موحد .له دوافعه وأشواقه .دوافع السد وأشواق الروح .له نزعاته
الفطرية من طعام وشراب وملبس ومسكن ،وجنس وتلك ،وصراع وبروز ..وله " قيم "
ت عل لم يع الع مال غا ية و هدفا ،ول ت كون هي هدفا ف ذا تا ك ما يدث ف عال
اليوان .وهدفا واعيا مدركا با يتناسب مع طبيعة النسان ..ث إنه له إل جانب الدوافع
ضوابط ت ضبط من صرفات الطا قة الفطر ية وتنظف ها دون أن تكبت ها أو تقتل ها من منبت ها،
وهذه الضوابط فطرية كالدوافع سواء بسواء .يستخدمها النسان السوي استخداما فطريا
غي مفروض من الارج ]وإن كانت تنمية الضوابط ف حاجة إل عون خارجي بالتربية،
كالقدرة على النطق والقدرة على الشي ،فطريتان كامنتان ف السم .ولكنهما تتاجان
إ ل ال عون ا لارجي لتنتقل من الا لة الكام نة إ ل الو جود ا لواقعي[ .و ف هذه الف طرة
خ طوط متقاب لة :ا لوف والر جاء ..ا لب وال كره .ال سية والعنو ية .ال يان با تدركه
ا لواس وال يان بالغيب .الوا قع وال يال .ال سلبية والياب ية .ال لتزام والت حرر .الفرد ية
والماعية ..وهذه الطوط مهمتها أن تعدد جوانب النسان وتوازن نشاطه ..ث إن ف
صميم الف طرة أن ت تدي إ ل خالق ها ،فتعر فه وتت صل به وتق بس من نوره وت تدي بديه
وتتعبد له وحده ..ومن هذه القاعدة تنبثق كل مبادئ الخلق ) (42فمن سار عليها فهو
سليم الفطرة سائر ف الطريق الصحيح .ومن انقلب عليها فهو منحرف هابط مرتكس إل
مستوى اليوان!
ولقد سعنا من قبل شهادة التاريخ لتزييف قصة التطور ،فأثبتت لنا هذه الشهادة
أن ما حدث ف العصر الديث ل يكن " تطورا " فريدا ف بابه ،ناجا عن الظروف الادية
الا صة بذا الع صر ،إ نا كان له شبيه ف ـي ح ياة ا لغريق والرو مان من ق بل ألف ي من
السني!
ا لن ..ل كي نتأ كد من دل لة الف طرة بالن سبة لذا " الت طور " الز عوم ..هل هو
ا نراف عن الف طرة وارت كاس إ ل اليوان ية الري ضة ،أن ت طور صال ي سي مع ف طرة
النسان..
إن الدفعة الت نفخ فيها ماركس وفرويد ودركاي ،وغيهم من يذون حذوهم،
قد أفه مت هذا ال يل من الب شرية أ نه حي ينف لت من إ طار ا لدين ،وينسلخ من قواعد
الخلق -ف مسائل النس على الصوص -ويأب التقيد بشيء على الطلق ما كان
ف الاضي ..حي يصنع ذلك فهو " يتطور " .أي يرتقي ويتقدم إل المام..
وفهم هذا اليل من البشرية أنه " مطالب " بتحطيم ذلك كله :الدين والخلق
والتقال يد ..وأ نه لن يرتقي ويتقدم حت يأت عليها جيعا ويقتلعها من جذورها .وأنا "
معركة مقدسة " يوضها هذا اليل ضد الرجعية والمود والتأخر ..ضد الهل والرافة
والسطورة ..ضد " القيد " الذي يعوق النطلق.
وكانت الشياطي تنفخ ف روح اليل من جوانب متعددة ف آن واحد ..أو إن
شئت قل تنفخ فيها من كل جانب.
وا لذي يت حدث ف القت صاد ي قول إن القت صاد ال صناعي ي تاج إ ل مت مع "
متحرر " من القيود الوروثة من التمع الزراعي ،ومن بينها كذلك احتجاز الرأة لهمة
المومة! إذ ينبغي -ف التمع الصناعي -أن ترج الرأة تعمل!
والذي يتحدث ف الجتماع ينظر بعي السخرية إل تلك السذاجة الت كانت
تيل للناس أن الدين فطرة! وأنه شيء منل من السماء! أل يعلم الناس أن البشر هم الذين
ابتدعوا الدين أيام جهالتهم وسذاجتهم؟! انظروا إل التمعات التأخرة الت ما تزال تعيش
ف ا لحراش ف أفريق يا وأ ستراليا ..و ستجدون بذرة ا لدين ه ناك .ف ال هل وال سذاجة
والرافة والسطورة ..ث انظروا إل التقدم الضاري ف القرن العشرين! أما تستحون من
أن يكون ف ضمائركم ووجداناتكم بقية ما ورثتموه عن سكان الغابات والحراش؟!
وا لذي يت حدث عن الع لوم ..الع لوم البح تة ،ل ين سى ا لدين كذلك! إ نه يذكر
الناس بيوم كان الناس متديني فكانوا لهالتهم الشديدة ينسبون ما يدث ف الكون كله
إل ال! يا لهالتهم! ل يكونوا يعرفون القواني الطبيعية الت تكم الكون ..أما " نن "
العلماء ف القرن العشرين..
والذي يتحدث ف الفن ..يزري بتلك اليام الت كان التحدث عن النس فيها
يعتب " عيبا " تأباه الخلق! تبšا لكم أيها التأخرون! كم كنتم تجبون من ألوان المال
المتع البهيد الخاذ! انظروا إلينا نن التحررين! اليوم نن نعل النس فنا قائما بذاته..
لظة النس " كون " كامل ..تعالوا نتتبعه من جيع أقطاره ..تعالوا نصفه داخل النفوس
وف واقع الياة ..تعالوا نكشف متعه ومباهجه ..تعالوا نعر× الناس ذكورا وإناثا ونطلقهم
ينشطون نشاط النس ..ونسك الكاميا للتسجيل.
أما الذي يتحدث ف " التطور " ..فهو يدخل اليدان من كل باب .من أي باب.
يتحدث ليقول إن الدين " ظاهرة " تاريية! تر با البشرية ف دورها الطبيعي وتبأ منها
بضي اليام! ]كالصبة الت تصيب الطفل مثل!![ ولكنها إذ تبأ منها تتحصن ضدها،
فل تعود إليها بعد ذلك أبدا! " فالصل " الضاد للدين هو العلم .هو العرفة .وهو اليوم
متي سر ب عون ا ل -ب عون ال شيطان )!( -ف كل م كان .ف الدر سة .ف ال سينما .ف
الذاعة .ف التليفزيون .ف الصحافة .ف الدب .ف الفن .ف كل مكان يد النسان الصل
الواقي من الدين!
وهكذا دخل ف ورع هذا اليل من البشرية أنه ل مناص! إما الدين والرجعية
وال تأخر والتخ لف القت صادي والجت ماعي والرا فة ..وإ ما النطلق والت حرر والن شاط
والر كة والعر فة والت قدم العل مي والقت صادي والجت ماعي ..بل د ين! ..ف من ذا ا لذي
يرمي بنفسه إذن ف هاوية الظلمات وهو يرى مرتقى النور؟!
كل!
فمن شاء له مزاجه النحرف أن يتدين ..فل بأس! نن ف عصر " الرية " .ومن
الرية أن نترك كل صاحب مزاج لزاجه .ولو كان منحرفا! نعم .فهذه هي الرية .فمن
شاء أن ي تدين ف ما ع سانا أن ن صنع له؟ ل شيء .ول كن ل بد من ت صي الت مع ضد
الرثومة الفاتكة ..نقدم الصل الواقي من الرجعة إل الوباء الفتاك .نقدم " تنطيمات "
عمل ية ت عل هذه الرج عة م ستحيلة ،وتترك ها حالت فرد ية غ ي م شية النت شار" .
فالختلط " ع لى ن طاق وا سع كف يل -بذاته -أن ي طم هذه الع قدة اللعي نة ..ع قدة
الدين .ف لظة الختلط ..وسط الغريات ،والنفاس الارة والشواظ التلمظ ..والسد
ملصق للجسد وتواق إليه ..ف اللوة والزحة سواء ..ف تلك اللحظة من ذا الذي يذكر
دينه؟! يذكره ليحرمه من تلك التعة الباحة؟ وي! ومن ذا الذي يرتكب هذه الماقة؟!
خ ل¿ ا لدين للح ظة أ خرى ..خل ا لدين ل ساعة ال لوة .ساعة ل يرم نا في ها ا لدين من
ال تاع ..مثل للح ظة الكني سة! و مع ذ لك تل حق ال شياطي ن فوس ال شباب حت ف هذه
اللوة الروحية ف داخل الكنيسة ،فما يكاد " الب " ينتهي من " الوعظة " ف الكنيسة
المريك ية ،حت يط فئ ا لنوار ال كبى وي ضيء ال صابيح الاف تة الغر ية بالل سة! و يدير
اسطوانات الرقص للشباب والفتيات ..بنفسه ..ليتطور! هل يصح أن يبقى الدين ف عزلة
عن التمع؟!!
الختلط على نطاق واسع ..هو صمام المن ضد الدين .إنه يأكل هذه الرثومة
أكل كما تقتل مضادات اليوية الراثيم ) ..(!Anti - Bioticsإنه يزيها من مكمنها ف
أعماق النفس ،بأن يضع إل جوارها متعة الشهوة العارمة التجددة النشيطة ..أنشط ما ف
كيان النسان حي يطلق لا العنان!
فليكن الختلط على نطاق واسع إذن هو " شعار " التمع " التطور "..
ويكون رد الفعل بطبيعة الال هو نفي التهمة الشائنة عن النفس .من ذا الذي
يرضى لنفسه التهمة وسوء السمعة وسوء الال؟
ولي كن توظ يف ا لرأة ف ال صانع وال تاجر وا لدواوين " سيا سة " ..لي كون
الختلط طابعا " رسيا " للمجتمع ..وتكون نتائجه " التمية " هي القضاء على الرثومة
البيثة اللعونة ..ملعونة لنا بعد أن تبدو أنا قتلت قتل كامل ..تعود!
وليكن الدب والفن والذاعة والسينما والتليفزيون والصحافة ..بكل ما تلك من
قوة " الدعوة " ومغريات العرض والتشويق ،أداة ف يد تلك السياسة ،توجهها حيث يراد
لا التوجيه.
الختلط .البهجة .التعة .التحرر ..أيها " الرجل " هل ت كره " الستمتاع "؟!
أيت ها " ا لرأة " أل تبي أن تث بت " ذا تك "؟ ..إ نك ف حقي قة ا لمر لطي فة ومغر ية" ..
جذا بة " ولك نك ل ترب ي سحرك .جر ب ..هل تعلم ي أ نك لو تأنقت ف ملب سك
وتزينت فإن هذا الرجل سيلتفت إليك ..سيعجب بك .سيتجه إليك بعواطفه .سيحبك.
قد يتزوجك .ل يرض؟ جامد ..رجعي ..متحجر ..جرب مع الخر ..رضي؟ أل نقل
لك! لقد نحت ف إثبات ذاتك ..يا له من انتصار ..الن قد نزلت اليدان ..فل تنكصي
على عقبيك!
يا بيوت الزياء ..يا مصانع الزينة ..يا بيوت " المال " ..إياك أن تكفي لظة
لكي ل " يبد " الشواظ النطلق السعور ..ل تكفي عن إزجاء الغريات .يا سلم .فستان
ي نن ع قول الر جال .فت نة .إ غراء ..من يتما سك أ مام هذا ا لغراء؟ ال صدر الك شوف
الغري .من يصمد للفتنة؟ الساق العريانة ..الرقصة والثنية ف الشية ..الرنة ف الصوت
الناعم.
أيت ها الب نت ..إ ياك أن ي جزك أ بوك عن " تق يق ذا تك " ..ما لب يك وما لك؟
ثوري .إرمي ف وجهه تقاليده البالية .تسكي بالتحرر .قول له إن عارضك :إنك من
جيل رجعي .أنا من جيل " متطور ".
أيها الولد .تريد أن تتدين؟! يا منون! ترم نفسك؟! عش واستمتع! هيا أقدم!
تنظر لك! خذها! حقق ذاتك!
وه كذا تب لورت ف كرة " الت حرر " حول ذ لك التح لل الل قي ،ا لذي ل ي سمى
بطبيعة الال تلل لكي ل يفسد مفعوله .وإنا يسمى " تطورا " ليظل مفعوله قائما على
الدوام.
التطور ..معناه النفلت من قيود الدين وقيود الخلق .وقيود التقاليد .وقيود "
النسان "!
فإذا قام منون ياول وقف التيار الارف من النفلت والتحلل تصايت حوله
الصوات ،ألوف الصوات ومليي الصوات ،تزأ به وتسخر ،وتصمه بكل تمة شنيعة
لكي يكف ..لكي ل يفسد الفعول!
رجعي .متأخر .جامد .متحجر .جاهل .متهوس .منون .يريد أن يرجع عقارب
الساعة إل الوراء .يريد أن يوقف عجلة التطور.
العجلة ستدوسه.
فهو ليس تطورا فقط .وإنا هو كذلك حتمي! فلقد يشى أن يقوم فعل جاعة
من " الاني " ياولون رد البشرية إل صوابا ،وتذكيها " بإنسانيتها " الشاردة الفقودة،
فل بد من الحت ياط من ق يام م ثل هذه الما عة ف أي م كان ع لى ا لرض ،تع يد ن شر
الرثومة البيثة اللعونة ،الت تبدو أنا قتلت قتل كامل .ث تعود!
فإذا كان الختلط على نطاق واسع هو الصل الواقي من الدين ف نطاق الواقع
العم لي " ..فالتم ية " هي الصل ا لواقي من الرجعة إل يه ف ن طاق " الف كر " .ومن ه نا
نكون احتطنا للمر من كل جوانبه ف عال الفكر وعال الواقع سواء .ومن قام بعد ذلك
يقف ف طريق " التمية التاريية " و " حتمية التطور " ،فل يلومن إل نفسه .يذهب مزقا
ف الفاق.
وم ضت الو جة العات ية تكت سح ف طريق ها كل شيء ..و بدت فعل ذات قوة "
حتمية " مروعة ..ل يقف ف سبيلها شيء..
ونبت جيل ف أوربا وأمريكا متحلل من كل قيد ..حقيقة ..ل يربطه رابط من
خ لق أو د ين أو تقل يد ف م سألة ال نس .ل شيء ع لى ا لطلق ي قول له :أم سك .كل
شيء يقول له :أقدم.
كل التوجي هات و كل " التنظي مات " و كل الت يارات ت يئ له النطلق الن سي
وتزينه له وتدفعه إليه.
وصار أمرا šطبيعيا šجدا ،šوهينا šجدا ،šومعروفا جدا šأن تتخذ كل فتاة " صديقا " )
(Boy Friendوكل فت " صديقة " ) (Girl Friendيقضيان معا " šضرورة " النس بصورة
من الصور تبلغ حد العلقة الكاملة بل حواجز إن شاء وإن شاءت ..وحبوب منع المل
تيسر الطريق.
و " استمتعت " أوربا وأمريكا بنتائج " الختلط " كاملة ..حت الثمالة.
وبدا للناس هناك أن هذا هو المر " الطبيعي " الذي ل يستنكر¼ .لم Éيستنكر؟
ما الانع؟ هل هناك مانع " حقيقي " ينع من هذا السلوك؟
الدين؟ تلك الرافة القدية الذميمة؟ لقد " عجز " الدين عن وقف " التطور ".
عجز عن الوقوف ف وجه " التمية " التاريية .فكيف نلتفت إل هذا العاجز الذي يتنق
صوته بي الصوات؟
الخلق؟ قيم وضعتها أجيال عابرة .قد ذهبت .لن ترجع .أ̂نى للماضي أن يكم
الاضر؟ أن للموتى أن يكموا الحياء؟ ألسنا نن الحياء؟ هل هي حياتنا نن أم حياة
أولئك الذين ماتوا وانتهت مهمتهم ف حياة البشرية؟ لقد كانوا يتحدثون بظروف أيامهم.
ونن نتحدث بظروف أيامنا .بالذرة .بالصاروخ.
ماذا؟ ما الانع؟ أي شيء يضينا؟ التمع يزداد " تقدما " كل يوم .الختراعات
م ستمرة .الع لم يقت حم كل يوم أف قا šل يقت حم من ق بل .الن تاج يز يد .و سائل الرا حة
والتيسي متوالية تترى.
)(43
" النسان يصنع نفسه "
الياة تارب .وتلك تربة القرن العشرين .أروع تربة ف تاريخ البشرية .تربة
يقوم با " النسان " بعيدا šعن وصاية " ال " .لقد شب عن الطوق .ما حاجته اليوم إل
ال أو الدين؟ إنه هو الله الديد ،يصنع دينه بنفسه بعيدا šعن إياءات الدين الوروث..
)(44
دين القرون الوسطى ف عصر الظلمات
ول يفكر أحد ف أثناء الدفعة السعورة الت تنفخ فيها الشياطي ،أن هناك " فطرة
" للنسان تتأذى من هذا النراف النون..
هل بعد هذا العلم كله ،والتقدم كله ،والنطلق كله ،والتحرر كله ..ييء من
يدثنا عن الفطرة؟
فطرة ماذا؟!
V. Gordon " Man Makes Himself " ()43عنوان كتاب لؤلف أمريكي يدعى " جوردن تشايلد "
Childe
()44يقول جوليان هكسلي ف كتابه ) النسان ف العال الديث ( :Man in the Modern Worldولقد
كان الن سان ف الع صور ال سابقة يل قي الع بء ع لى كائن م قدس غ ي مف هوم ي سي ا لمور بطري قة
غام ضة .أ ما ا لن في جب عل يه أل يف عل ذ لك ن ظرا لز يادة معرف ته ب قائق ال كون .ومع ن ذ لك ق يام
النسان بالتبعات الت كان من قبل يلقيها على الله ) ص 224من الترجة العربية (
تقيد إنسان القرن العشرين ،ول يكم با على نشاطه وأعماله .إنا يستمد الكم الديد
من الوضع الديد!..
الفطرة..؟!
بل الفطرة ذاتا -إن شئت أن تستخدم هذا اللفظ الرجعي التأخر -هي الت
تدفع إ ل هذا النطلق .فالنس عمل ية " بيولوج ية " ب تة .ما دخل ها با لخلق؟ هذا
منطق الفطرة! هل الكلب وأنثاه ،يعرفان ف لظة النس شيئا šاسه الخلق؟ وماذا يزيد
النسان عن الكلب؟ أوهام صنعتها الديان!!
الف طرة ..ل ف طرة .أو إن شئت فهات يك الف طرة .نن نع يش ع لى الف طرة ع لى
الدوافع الفطرية .بل كبت أو ضغط أو حرمان!
ومضت الوجة العاتية إلـى قمتها ..ل يضبطها شيء أو يسكها عـن تطيم "
النسان "!
العيش لذيذ ف ظل " التطور " ..انفلت بل قيود ..وانطلق بل حدود .متعة..
ومن الذي يتجه إل وقفها؟ البنت النونة بالغراء لتثبت ذاتا وتقق كيانا؟ أم
الولد الغارق ف التاع اليسر اللذيذ الذي ل يكلف دراهم معدودات؟
أم بيوت الزياء ودور السينما والخرجون والنتجون والـ ..الذين يعملون ف
تلك الصناعة الرابة بالليي؟
أم " الدباء " و " الفنانون " الذين تروج كتبهم وأعمالم ف هذا السعار النون؟
كل!
ي قف أ ناس ليقو لوا :عودوا إ ل " الف طرة " .عودوا إ ل ا لخلق .عودوا إ ل
الفرامل .فأنتم تدمرون أنفسكم .تدمرون مستقبلكم .تدمرون " البشرية "!
رجال " علم " ورجال " سياسة " .وفلسفة .وملحدون!
يقول " ..ألكسس كاريل " ف كتابه " النسان ذلك الهول ":
" إن الضارة العصرية تد نفسها ف موقف صعب ،لنا ل تلئمنا .لقد أنشئت
دون أ ية معر فة بطبيعت نا القيق ية .إذ أ نا تو لدت من خ يالت الكت شافات العلم ية
وشهوات الناس ،وأوهامهم ،ونظرياتم ورغباتم .وعلى الرغم من أنا أنشئت بجهوداتنا،
إل أنا غي صالة بالنسبة لجمنا وشكلنا ]ص .[38
يب أن يكون النسان مقياسا[ لكل شيء .ولكن الواقع هو عكس ذلك .فهو
غريب ف العال الذي ابتدعه .إنه ل يستطع أن ينظم دنياه بنفسه لنه ل يلك معرفة
عملية بطبيعته ..ومن ث فإن التقدم الائل الذي أحرزته علوم الماد على علوم الياة هو
إ حدى ال كوارث ا لت عانت من ها الن سانية ..فالبيئة ا لت و لدتا عقول نا واختراعات نا غ ي
صالة ل بالنسبة لقومنا ،ول بالنسبة ليئتنا ..إننا قوم تعساء لننا ننحط أخلقيا وعقليا..
إن الما عات وا لمم ا لت بل غت في ها ال ضارة ال صناعية أع ظم نو وت قدم ،هي ع لى
و جه الد قة الما عات وا لمم ال خذة ف ال ضعف ،وا لت ستكون عود تا إ ل الببر ية
والمجية أسرع من عودة غيها إليها] " ..ص .[44 - 43
" إن ال ضارة ل تف لح حت ا لن ف خ لق بيئة منا سبة للن شاط العق لي .وتر جع
القي مة العقل ية والروح ية النحف ضة لغلب ب ن الن سان -إ ل حد كبي -للن قائص
الوجودة ف جوهم السيكلوجي .إذ أن تفوق الادة ومبادئ " دين الصناعة " حطمت
الثقافة والمال والخلق " ص ][184
" لقد ارتكب التمع العصري غلطة جسيمة باستبداله تدريب السرة بالدرسة
استبدال تاما .ولذا تترك المهات أطفالن لدور الضانة ،حت يستطعن النصراف إل
أع مالن ،أو م طامعهن الجتماع ية ،أو م باذلن ،أو هوايتهن الدب ية أو الفن ية ،أو الل عب
البيدج ،أو ارتياد دور السينما ..وهكذا يضيعن أوقاتن ف الكسل .إنن مسئولت عن
اخت فاء و حدة ال سرة واجتماعا تا ا لت يت صل في ها الط فل بالك بار ،فيتع لم من هم أ مورا
كثية ..إن الكلب الصغية الت تنشأ مع أخرى من نفس عمرها ف حظية واحدة ،ل
تنمو نوا šمكتمل كالكلب الرة الت تستطيع أن تضي ف إثر والديها .والال كذلك
بالنسبة للطفال الذين يعيشون وسط جهرة من الطفال الخرين وأولئك الذين يعيشون
بصحبة راشدين أذكياء .لن الطفل يشكل نشاطه الفسيولوجي والعقلي والعاطفي طبقا
للقوالب الو جودة ف مي طه .إذ أ نه ل يتع لم إل قليل من الطفال ف م ثل سنه .وحين ما
يكون مرد وحدة ف الدرسة ،فإنه يظل غي مكتمل .ولكي يبلغ الفرد قوته الكاملة فإنه
يتاج إل عزلة نسبية ،واهتمام جاعة اجتماعية مددة تتكون من السرة " ]ص - 318
.[319
" من ال عروف أن ا لفراط الن سي يعر قل الن شاط العق لي .وي بدو أن الع قل
ي تاج إ ل و جود غدد جن سية ح سنة الن مو ،وك بت مؤقت لل شهوة الن سية حت
يستطيع أن يبلغ منتهى قوته ..ولقد أكد فرويد ،عن حق ،الهية القصوى للدوافع
الن سية ف و جوه ن شاط ال شعور .و مع ذ لك فإنه ملح ظاته تتع لق بالر ضى ع لى
الخص ..ومن ث يب أل تعمم استنتاجاته بيث تشمل الشخاص العاديي ،وباصة
أولئك الذين وهبوا جهازا عصبيا قويا ،وسيطرة على أنفسهم ..وبينما يصبح الضعفاء،
العت لو الع صاب ،غ ي ا لتزني ،أ كثر شذوذا ع ندما تك بت شهوتم الن سية ،فإن
القوياء يصيون أكثر قوة ،بمارسة هذا الشكل من الزهد " ]ص .[174
" الن سان نتي جة الورا ثة وا لبيئة و عادات ال ياة والتفك ي ا لت يفر ضها الت مع
العصري .ولقد وصفنا كيف تؤثر هذه العادات ف جسمه وشعوره ،وعرفنا أنه ل يستطيع
تكييف نفسه بالنسبة للبيئة الت خلقتها " التكنولوجيا " وأن مثل هذه البيئة تؤدي إل
انلله .وأن العلم والتكنولوجيا ليسا مسئولي عن حالته الراهنة ،وإنا نن السئولون،
لننا ل نستطع التمييز بي المنوع والشروع .لقد نقضنا القواني الطبيعية ،فارتكبنا
بذلك الطيئة العظمى .الطيئة الت يعاقب مرتكبها دائما ..فالياة ل تعطي إل إجابة
وا حدة حين ما ت ستأذن ف ارت ياد ا لرض الر مة ..هي إ ضعاف ال سائل ..و لذا فإن
الضارة آخذة ف النيار " ]ص .[322
" وثقافت نا ال يوم سطحية ،ومعرفت نا خط ية ،لن نا أغن ياء ف ا للت ف قراء ف
الغراض .وقد ذهب اتزان العقل الذي نشأ ذات يوم من حرارة اليان الدين ،وانتزع
العلم منا السس التعالية لخلقياتنا؛ ويبدو العال كله مستغرقا ف فردية مضطربة تعكس
تزؤ خلقنا الضطرب .إننا نواجه مرة أخرى تلك الشكلة الت أقلقت بال سقراط .نعن
كيف نتدي إل أخلق طبيعية تل مل الزواجر العلوية الت بطل أثرها ف سلوك الناس؟
إننا نبدد تراثنا الجتماعي بذا الفساد الاجن من جهة ،وبذا النون الثوري من جهة
أخرى ،حي نفقد الفلسفة الت بدونا نفقد هذه النظرة الكلية الت توحد الغراض وترتب
سلم الرغبات] (45) " ...ص 7 - 6ج [1
" واختراع موانع المل وذيوعها هو السبب الباشر ف تغي أخلقنا .فقد كان
القانون الخلقي قديا يقيد الصلة النسية بالزواج ،لن النكاح كان يؤدي إل البوة
ب يث ل ي كن الفصل بينهما ،ول يكن الوالد مسئول عن ولده إل بطريق الزواج .أما
()45يلحظ أن الكاتب -مع إقراره بأن حرارة اليان الدين قد أنشأت ذات يوم اتزانا ف العقل -ل
يدعو ول يعمل لستعادة حرارة اليان الدين .إنا هو يلجأ إل " الفلسفة " لتعيد اتزان العقل الفقود!
والفلسفة ف تاريها الطويل كانت حصيلة ذهنية باردة ،ل تؤثر قط ف حياة البشرية الوارة .فالياة
البشرية ل تؤثر فيها إل العق يدة الداف عة .ولكن الكاتب الغر ب -ا لمريكي -ل يلك إل هذا ا لل
الزيل ..لنه هارب من الكنيسة!
اليوم فقد انلت الرابطة بي الصلة النسية وبي التناسل ،وخلقت موقفا ل يكن آباؤنا
يتوقعونه ،لن جيع العلقات بي الرجال والنساء آخذة ف التغي نتيجة هذا العامل .ويب
ع لى ال قانون ا لخلقي ف ال ستقبل أن يدخل ف ح سابه هذه الت سهيلت الد يدة ا لت
جاءت با الختراعات لتحقيق الرغبات التأصلة!] " ...ص 125ج [1
" فحياة الدنية تفضي إل كل مثبط عن الزواج ،ف الوقت الذي تقدم فيه إل
الناس كل باعث على الصلة النسية وكل سبيل يسهل أداءها ولكن النمو النسي يتم
مبكرا عما كان من قبل ،كما يتأخر النمو القتصادي .فإذا كان قمع الرغبة شيئا šعمليا
ومعقول ف ظل النظام القتصادي والرزاعي ،فإنه الن يبدو أمرا عسيšا أو غي طبيعي ف
حضارة صناعية أجلت الزواج حت بالنسبة للرجال ،حت لقد يصل إل سن الثلثي .ول
م فر من أن يأ خذ ال سم ف ال ثورة ،وأن ت ضعف ال قوة ع لى ضبط الن فس ع ما كان ف
الزمن القدي .وتصبح العفة الت كانت فضيلة موضعا للسخرية؛ ويتفي الياء الذي كان
ي ضفي ع لى ال مال جال ،وي فاخر الر جال بت عداد خطا ياهم ،وت طالب الن ساء بق ها ف
م غامرات غ ي مدودة ع لى قدم ال ساواة مع الر جال .وي صبح الت صال ق بل ا لزواج أ مرا
مألوفا ،وتتفي البغايا من الشوارع بنافسة الاويات ل برقابة البوليس .لقد تزقت أوصال
القانون الخلقي الزراعي ،ول يعد العال الدن يكم به )] " (46ص .[127 - 126
" ولسنا ندري مقدار الشر الجتماعي الذي يكن أن نعل تأخي الزواج مسئول
عنه .ول ف أن بعض هذا الشر يرجع إل ما فينا من رغبة ف التعدد ل تذب ..ولكن
معظم هذا الشر يرجع ف أكب الظن ف عصرنا الاضر إل التأجيل غي الطبيعي للحياة
الزوجية .وما يدث من إباحة بعد الزواج فهو ف الغالب ثرة التعود قبله .وقد ناول
فهم العلل اليوية والجتماعية ف هذه الصناعة الزدهرة؛ وقد نتجاوز عنها باعتبار أنا أمر
ل م فر م نه ف عال خل قه الن سان .و هذا هو ا لرأي ال شائع لع ظم الفكر ين ف ا لوقت
الاضر .غي أنه من الخجل أن نرضى ف سرور عن صورة نصف مليون فتاة أمريكية
ي قدمن أنف سهن ضحايا ع لى مذ بح الباح ية ،و هي ت عرض علي نا ف ال سارح وك تب
ا لدب الك شوف ،ت لك ا لت تاول ك سب ا لال با ستثارة الرغ بة النسية ف الر جال
()46واضح أن الكاتب يسي هنا على هدى التفسي الادي للتاريخ ،فيفسر التحلل اللقي " بالتطور "
القتصادي .ولن نناقش هذه " الشهادات " هنا ،وإنا ننقلها كما هي بغي تعليق ،لن الذي يهمنا منها
هو النتائج الت يصل إليها أصحابا ف النهاية ،من القول بأن هذا " التطور " أو أيا šكان اسه ،ينذر
البشرية بالنيار .وهي نتيجة مشتركة وصل إليها " الشهود " جيعا على اختلف مذاهبهم.
والن ساء الروم ي ،و هم ف ح( م®ى الفو ضى ال صناعية ،من ح -مى ا لزواج ور عايته
للصحة.
ول يقل الانب الخر من الصورة كآبة .لن كل رجل حي يؤجل الزواج
يصاحب فتيات الشوارع من يتسكعن ف ابتذال ظاهر .ويد الرجل لرضاء غرائزه
الا صة ف هذه ال فترة من التأج يل نظا ما دول يا م هزا بأ حدث التح سينات ،ومنظ ما
بأ سى ضروب ا لدارة العلم ية .وي بدو أن ال عال قد اب تدع كل طري قة ي كن ت صورها
لثارة الرغبات وإشباعها] " ..ص .[128 - 127
" وأكب الظن أن هذا التجدد ف القبال على اللذة قد تعاون أكثر ما نظن مع
هجوم دارون على العتقدات الدينية .وحي اكتشف الشبان والفتيات -وقد أكسبهم
الال جرأة -أن ا لدين ي شهر بلذ هم التم سوا ف العلم ألف سبب وسبب للتشهي
بالدين] " ...ص [134
" ل ندع غي نا من ا لذين يعر فون يبو نا عن ن تائج تارب نا .أ كب ال ظن أ نا لن
تكون شيئا[ نرغب فيه أو نريده .فنحن غارقون ف تيار من التغيي ،سيحملنا بل ريب إل
نايات متومة ل حيلة لنا ف اختيارها .وأي شيء قد يدث مع هذا الفيضان الارف من
العادات والتقاليد والنظم ،فالن وقد أخذ البيت ف مدننا الكبى ف الختفاء ،فقد فقد
ا لزواج القا صر ]الق صور[ ع لى وا حدة جاذبيته الا مة .ول ر يب أن زواج الت عة سيظفر
بتأييد أكثر فأكثر ،حيث ل يكون النسل مقصودا .وسيزداد الزواج الر ،مباحا كان أم
غي مباح .ومع أن حريتهما إل جانب الرجل أميل ،فسوف تعتب الرأة هذا الزواج أقل
شرا من عز لة عقي مة تق ضيها ف أ يام ل يغاز لا أ حد .سينهار " ال ستوى ا لزدوج "
وستحث الرأة الرجل بعد تقليده ف كل شيء على التجربة قبل الزواج .سينمو الطلق،
وتزدحم الدن بضحايا الزيات الطمة .ث يصاغ نظام الزواج بأسره ف صور جديدة
أ كثر ساحة .وع ندما ي تم ت صنيع ا لرأة وي صبح ضبط ال مل سرا شائعا ف كل طب قة،
يضحي المل أمرا عارضا ف حياة الرأة ،أو تل نظم الدولة الاصة بتربية الطفال مل
عناية البيت ..وهذا كل شيء " )] .(47ص .[236 - 235
وهذا هو نص التحقيق:
إن جرائم من كل نوع يرتكبها الشبان ف بريطانيا كل لظة .وهي جرائم تتلف
باختلف الطبقات .إذ أن بريطانيا هي أكثر بلد العال حساسية بالنسبة لنظام الطبقات.
ال صحف البيطان ية تن شر كل يوم جرائم ت قع ف مت لف أ ناء البلد .وت صور ل نا هذه
ا لرائم ت لك الر ية ا لت وق عت أخ يا šع ندما د خل ب عض ال شبان ال سينما ،و ل يعجب هم
الفيلم فانالوا على مقاعد السينما الوثية يزقونا بالسكاكي ،ث مزقوا الشاشة بأيديهم.
وكانت النتيجة أن أغلقت السينما أبوابا .ول يكن هذا الادث هو الول من نوعه .وإنا
كان الثالث!
هجوم العصابات:
()47ألف الكاتب كتابه هذا سنة !1929وقد تققت كل الشرور الت توقعها الكاتب يومئذ ،فأصبح
التمع المريكي كما توقعه بالفعل ،كما أن هذه الشرور ذاتا تنتقل -بالعدوى -إل التمعات "
التحضرة " الت تنقل حضارتا عن الغرب.
ومنذ أيام نظمت إحدى عصابات الشباب هجوما على عصابة أخرى وطعنت
بال سكاكي ع شرة من أفراد ها .و قد أ عد ال جوم ك ما تن ظم الملت الع سكرية .ف قد
أرسلت عصابة " موسويل " بعض أفرادها للقيام بهمة الستطلع ث بدأ بعد ذلك الجوم
بال سكاكي والع صي والق ضبان الديد ية والزجا جات الك سورة .و كان أ فراد الع صابة
ا لخرى يرق صون التوي ست ف قا عة البلد ية .وفا جأتم ع صابة " مو سويل " بالجوم
وارتفعت صرخات الفتيات اللت كن يشتركن ف الرقص وسالت الدماء ف كل مكان.
ومثل هذه الرائم هي الت يشتهر با أفراد الطبقة الدنيا .وهي ف الواقع أفظع
الرائم وأكثرها إزعاجا ...فالشبان النحرفون من أفراد هذه الطبقة يتجمعون أحيانا šف
عصابات كبية ويهاجون القرى والدن الصغرى ويتصرفون بالطريقة الت يشاهدونا ف
الفلم تاما.
وف السبوع الاضي وقف خسة شبان أمام القاضي النليزي سيمور كولين ف
ويست لندن بتهمة النراف والبطالة .قال القاضي لون بومونت ) 23سنة( إنك شاب
تتمتع بإمكانيات طبية .ولكنك تترك نفسك تتهاوى وتزداد كسل وخول حت تصل إل
مرحلة ل يستطيع أحد أن يساعدك فيها.
و قال القا ضي ل بول إي فا " 23سنة " هل تعت قد ح قšا أن أي شخص ي كن أن
يستخدمك ف عمل .وأنت تترك شعرك يسترسل على جبينك ورقبتك؟
و قال ل شارلس وي ستوود ) 21سنة( يلز مك قدر كبي من ال هود لتج عل من
نفسك إنسانا šمهذبا.
و يرد ال شبان بأقوال متل فة .ف مالكوم در يك ) 23سنة( قال " :ل قد ساعدن
أ بواي ع لى ت صيل قدر كبي من التعل يم .ول كن ف منت صف مرح لت الدرا سية بالكل ية
بدأت أتساءل :ما الذي سأكونه ف الستقبل؟ ورأيت نفسي مساعد صيدل أجلس طوال
اليوم وراء " البنك " وعندما تعنت ف هذه الياة ل أجد فيها كثيا šمن السعادة .كل ما
فيها مرض وأدوية وحبوب مهدئة ..ولذلك فقد تركت الكلية ،وقررت أن أحيا طليقا
فـي شوارع لندن وباريس! "
إن هؤلء الشبان جيعا šممعون على احتقار الياة ،وكان مثل هؤلء يوتون ف
الشوارع من الوع ،أما التعطلون ف لندن منذ ثلثي عاما الن فإن التمع يساعدهم
"على نو ما" على الياة.
جرائم الشيش:
وهذا النوع من الرائم الت يرتكبها الشبان التعلمون من الطبقة التوسطة مثل
تدخي " الشيش " يتزايد باستمرار .ويذب هذا النوع من الرائم الفتيات تاما šكما
يذب الشبان .ولكن لا كان من الصعب على الفتيات أن يصلن على " الشيش " فإنن
يلجأن إل نوع من أقراص الخدرات الفيفة .وتباع هذه القراص سرا šف بعض القاهي
وال بارات .و قد اكت شف ال بوليس ف ب لدة إي ستبورن أن طال بات ا لدارس يت ناولن هذه
ا لقراص .وال سبب ا لذي أ بدينه هو " ا لرب من ال ياة " ) (48وأ سوأ م ناطق ا لجرام
()48ف بث جديد للدكتور لينيكن ف جريدة الصنداي تيمز النليزية بتاريخ 27يناير سنة 1963
يقول عن الشباب النحرف الذي يتعاطى الخدرات هناك " :إنم يقولون إن الشيش ماولة للتعبي
عن أنفسهم ،ولتحديد ملمهم ف متمع ضائع .ف عال بل شكل! وهم يفخرون بأنم قد فتحوا لنا
باب إدراك اليال النسان! "
وال نراف ف ل ندن منط قة " سوهو " ا لت تنت شر في ها أو كار ال خدرات وح يت تر قص
الفتيات التويست طوال الليل حت إذا طلع الصبح يصبح التخدير والرهاق قد أعياهن فل
يهمهن بعد ذلك ماذا يدث لن!
مواجهة القائق:
والسؤال الن :ما الذي تفعله بريطانيا لواجهة هذه الرائم التزايدة؟
لقد ذهبت إل إدارة الحداث النحرفي بوزارة الداخلية .وقابلت مستر رومان
مدير الدارة الذي قال ل إن أسباب الرائم تتلف من طبقة إل أخرى .وإن أسوأ أنواع
الشبان النحرفي هم الشبان الذين ينتمون إل الطبقات الدنيا .ولقد دل التحقيق على أن
تربية الطفل مسئولة إل حد كبي عن سلوكه .ولقد كانت الرب مسئولة ف البداية .فقد
هاجرت بعض السر أثناء الرب وتركت أطفالا الذين ل يدوا آ باء وأمهات يعت نون
بم .واته الكثيون منهم إل الرية.
ول شك أن السينما والتليفزيون لما تأثيها على الشبان أيضا .šلقد شنق صب
ف الثالثة عشرة من عمره صديقا له بورب أمه .وعندما سئل عن السبب أجاب قائل" :
لقد رأيت شيئا كهذا ف التليفزيون" .
العلج:
وقد أمرت الكومة بإجراء تقيق خاص ف مسألة الفلم والسرحيات العنيفة
الت تعرض ف التليفزيون .ولكن هذا ليس السبب الوحيد ف انتشار جرائم الشباب .لقد
قال م ستر بو مان إن الكو مة ل ت ستطع توفي الت سهيلت اللز مة ل كي يق ضي ال شبان
أوقات فراغهم بطريقة مرضية ،ولذلك فإن الكومة تشترك الن ف مشروع كبي يهدف
إل بناء مزيد من الندية وحامات السباحة وغي ذلك من وسائل قضاء وقت الفراغ.
صورة من سويسرا:
الوقت الواحدة بعد منتصف الليل .الشوارع خالية تاما ..البد يمد الطراف
ويشل حركة الدم ف العروق .وفجأة ظهرت سيارة قدية مكشوفة! ..ل تعرف لونا فهي
مطلية بميع اللوان الطبيعية وغي الطبيعية .لوحة طائشة عبثت با ريشة الفنان الغريب
الذي يقلد بيكاسو .رسومات عجيبة .فوق هيكل السيارة .ونوافذها .وكل مكان فيها.
حت ليصعب عليك التقاط أرقامها ..أكثر من 7أشخاص كانوا يركبون هذه السيارة.
ل يكنك أن تفرق بي الصب والفتاة .اللبس واحدة .نفس البنطلون الضيق جدا
الذي يدد أكثر ما يفي .نفس " البلوزة " اللونة بالحر والخضر والباب مع النمب.
الشعر طويل ويصل إل أعلى الدقن ..وإل ما وراء القفا.
ث وقفت السيارة أمام إحدى الفيلت التناثرة ف إهال أمام بية جنيف .ويدور
الف تاح الفقود ف القفل ..وت ندفع الموعة دا خل ال شقة -ف ا لدور ال ثان من الفيل -
وتضاء ا لنوار ..وال شموع ..وتفر قع ز جادات النب يذ وا لبية والوي سكي ث ي سكب كل
هذا ف وعاء كبي لتكوين أعجب كوكتيل ل يسمع بثله أمهر " متردوتيل " حت يومنا
هذا! وانسابت الوسيقى من اللة الصغية الت تدور فوقها أحدث السطوانات الراقصة
وغ ي الراق صة ..واخت فت ا لنوار ..واكت فت المو عة بال شموع اللو نة ..وال ضواء غ ي
البا شرة وا لت تنب عث من خ لف مق عد ..من وراء ستارة ..فوق دولب! وو ضع كل "
ملوق " سيجارة أو سيجارا أو بيبة بي شفتيه ..وبدأت حلقات وسحب الدخان التباينة
ت لق ف سقف الغر فة ال ضيقة .و كان ل بد من الر قص لتكت مل " الف لة " ..و ل تتن به
المو عة إ ل أن ال ساعة قاربت الثال ثة صباحا ..بل اخ تاروا أع نف أن غام راق صة كالروك
أندرول ..وأجنها كالتويست ،وبدأوا يضربون بأقدامهم وأجسامهم فوق الرض ...ث
توزع أوراق " الكوتشينة " بالتساوي على اللعبي ..ث يسحب الول ورقة من اللعب
الثان فإذا وجده عنده مثلها ألقى بالورقتي على الرض ..وهكذا حت ينتهي الدور بأن
تتب قى ور قة أخ ية ف يد ل عب فيع تب الا سر ف هذا ا لدور ..وي ستحق توق يع الع قاب
عليه ..والعقاب الوحيد ف هذه اللعبة هو أن يقوم الاضر بلع أي قطعة من ملبسه..
فيبدأ عادة بلع الاكيت ..أو الكرافت ..أو الذاء ..وهكذا حت تنتهي اللعبة بأن يلع
اللعبون ملبسهم كلها ويصبحون عرايا كما ولدتم أمهاتم ..بي ضحكاتم وصرخاتم
وغمزاتم ..وتزداد هذه الصرخات ف حالة وجود فتاة أو أكثر ضمن " الشلة "..
وحكاية أخرى..
هذه الشكلة ل تم سويسرا وحدها ..وإنا تعان منها معظم دول أوربا .بدأت
الزمة ف باريس ..فقالت الصحافة إن الشباب الفرنسي مظلوم إن السينما المريكية هي
السبب .أفلم الغامرات والعصابات ورعاة البقر هي الت حطمت معنويات اليل الديد.
إن الرا هق الفرن سي يق لد آل كابون ..وي لم بالثراء ب عد ال سطو ع لى أ حد الب نوك ع لى
الطريقة المريكية الت يشترط فيها اختفاء جيع رجال الشرطة تاما من أمام البنك لظة
تنف يذ ال طة .آراء أ خرى ل توا فق ا لرأي ا لول وت قول إن ال سينما وا لفلم المريك ية
مظلو مة وبريئة من هذا ال تام .وإن أ هم أ سباب ا نراف ال شباب ف فرن سا هو انلل
التمع نفسه .انعدام الروابط بي أفراد السرة .سياسة " عدم البالة " الت يطبقها الباء
ف تربية الولد .إن ترك الراهق وحده ف هذا الياة البكرة يدفعه إل الية ..والضياع.
الفلم الثية تؤثر فيه ..التصرف الاطئ يد فيه نوعا من الغامرة.
ففي كل شهر -على الكثر -تقام ف باريس حفلة ساهرة للشباب يغن فيها
جون هول يدي ا لذي ل يز يد ع مره ع لى 18سنة وم طرود من ا لدارس العداد ية
وصاحب مئات اللوف من النيهات الن! ويتسابق أكثر من 10آلف مراهق ومراهقة
لسماع هذا الغن ..برغم ارتفاع ثن تذكرة الدخول .تبدأ السهرة ف التاسعة مساء ول
تنتهي إل بعد تدخل البوليس والطافئ والسعاف والباء!.
الرقابة الدقيقة:
وعل ماء الن فس ي طالبون أول بالعلج الو قائي ..ي طالبون ب فرض الرقا بة ال صارمة
على الفلم السينمائية ..سلسلة الفلم الباحية النحلة الت ترجها فرنسا وألانيا وإيطاليا
يب أن تتوقف ..أن ينع عرضها تاما ل أن يقتصر على تديد سن التفرج بعمر معي.
هذه الرق صات النلل ية يب أن ت نع من التلفز يون و من ا لال العا مة ..والق بض ع لى
النحل جون هوليدي وأمثاله وإيداعهم إصلحيات يتربون فيها.
ومشكلة الحداث تثي المة المريكية .ول سيما بسبب امتدادها إل الطبقات
العليا ف التمع .كما أن هناك نسبة عالية من النراف بي الفتيات ،ويثرن مشكلة كبية
ف كيفية التصرف معهن لن معظم مؤسسات الحداث خاصة بالولد.
وقد ألقى البوليس أخيšا القبض على مموعة من الولد تتراوح أعمارهم بي
15و 17سنة من أغ ن ال عائلت متهم ي ف 11ت مة سرقة وأر بع ت مات اقت حام
م نازل ،ومتهم ي ب سرقة سيارة ،وع شر ت مات تر يب و تدمي .و ف نيوجر سي ق بض
البوليس على عصابة تضم 17من الحداث بتهمة سرقة أشياء ثينة تقدر أثانا بوال
10آلف دولر وبيعها بأثان بسة .ولقد اعترفوا بأنم يتلقون من آبائهم أموال كافية
تعلهم ف غن عن السرقة ،وأنم أقدموا على السرقة لنا " شيء مثي " .وف ويست
شستر وهي إحدى الضواحي الغنية بدينة نيويورك اتم الدعي العام أكثر من 250شابا
معظمهم من العائلت الغنية العروفة ببيع واستخدام الخدرات .وقد تول الكثيون منهم
إل مدمني وبعضهم من طلبة الامعات.
وقد أصدر الكونرس المريكي أخيا šبعد ست سنوات من الناقشة قانون جرائم
ال حداث عام 1961ووق عه الرئ يس كن يدي .وي عد هذا ال قانون بثا بة نق طة تول ف
مكاف حة جرائم ال حداث ،و هو ي صص 30مل يون دولر لذا ا لدف خلل ال سنوات
الثلث القادمة ،ولا كانت البطالة بي الشباب من السباب الرئيسية لل نراف ،لذلك
أكدت حكومة كنيدي عزمها على القيام ببنامج ضخم لتشغيل الشباب ،ومن مراحل
هذا البنامج إنشاء قوات السلم خارج الوليات التحدة وف أعال البحار.
مشكلة دولية:
وهنك حقيقة هامة هي أن جرائم الحداث ليست مقصورة على أمريكا ولكنها
م شكلة ذات طابع دو ل ،و قد أكد ذ لك عدة مئات من ال ندوبي من ج يع أ ناء العال
الذين حضروا مؤتر المم التحدة لنع الرية وتقوي النحرفي الذي عقد ف لندن عام
1960وحضره مندوبون من التاد السوفيت أيضا.š
قال خروشوف :إن الشباب الشيوعي قد بدأ ينحرف ويفسده الترف! وإن من
بي نه " ع صبجية و ص̂يعا! " وأ نذر بأن الكو مة ال سوفييتية تب حث إطلق يد ال بوليس ف
معالة هؤلء " البلطجية " كما أنذر بأن معسكرات جديدة قد تفتح ف سيبييا للتخلص
من الشباب النحرف لنه خطر على مستقبل روسيا!!
وقال كنيدي :إن الشباب المريكي مائع منحل مترف غارق ف الشهوات ،وإنه
من بي كل سبعة شبان يتقدمون للتجنيد يوجد ستة غي صالي ،بسبب انماكهم ف
الشهوات! وأنذر بأن هذا الشباب خطر على مستقبل أمريكا .وأهاب بالعلماء والصلحي
الجتماعيي أن يبحثوا هذا الطر ويقرروا العلج!
و هذا ك له فوق حوادث ال نون والنت حار و لمراض الع صبية والنف سية و ضغط
الدم ،الخذة ف الزيادة الستمرة ،والت ل مثيل لا ف عددها وف ضراوتا ،ف كل أجيال
التاريخ!
إنا تقول أول :إن هذا التحلل اللقي ليس " تطورا " وإنا هو انراف.
وتقول ثانيا :إنه انراف ضار بالكيان البشري مؤد Åإل الدمار.
وت قول بال تال :إن ه ناك " ف طرة " للن سان ،ت تأذى من كل شيء ل يلئم
طبيعتها ،وترض من استمرار تعاطيه.
وتقول كذلك :إن هذه الفطرة ثابتة ،فما كان يؤذيها ويدمرها قبل ألفي عام ما
زال يؤذيها ويدمرها بعد مرور الجيال الطوال ،ول يدث فيها " تطور " يعلها تصح
على ما كانت ترض به ف تلك الزمان .بل هي ما زالت ترض به على نفس الصورة
وبنفس القدار.
وت قول أخ يا šإن ا لانب الل قي -ع لى ال قل -من ح ياة الن سان ،ذو مق ياس
ثابت يقاس به ف جيع الجيال ،فما كان صوابا ف علقات الناس -وعلقات النسي
ب صفة خا صة -ق بل أل في عام ،ما يزال هو ال صواب ،و ما كان خ طأ وانرا فا ف ت لك
العل قات ما يزال هو ال طأ وال نراف ،ب عد كل " الت قدم " العل مي " ،والت طور "
الجتماعي والقتصادي والسياسي " ،والتحور " النفسي ف ألفي بل ألوف من العوام!
وقد تدثت ف كتابي سابقي عن لون هذه الطابقة ومداها .فتحدثت ف كتاب
" منهج التربية السلمية " عن طريقة السلم ف تربية النفس البشرية ،وكيف أنه يشملها
كلها من جيع جوانبها ،ويشملها كلها ف آن واحد:
" طريقة السلم ف التربية هي معالة الكائن البشري كله معالة شاملة ل تترك
منه شيئا šول تغفل عن شيء .جسمه وعقله وروحه ،حياته الادية والعنوية ،وكل نشاطه
على الرض.
إنه يأخذ الكائن البشري كله ،ويأخذه على ما هو عليه ،بفطرته الت خلقه ال
عليها ،ل يغفل عن شيء من هذه الفطرة ،ول يفرض عليها شيئا šليس ف تركيبها الصيل.
ويتناول هذه الفطرة ف دقة بالغة فيعال كل وتر منها ،وكل نغمة تصدر عن هذا
الوتر ،فيضبطها بضبطها الصحيح.
و ف ا لوقت ذا ته يعا ل الو تار متم عة .ل يعا ل كل من ها ع لى حدة فت صبح
النغ مات ن شازا ل تنا سق في ها .ول يعا ل بع ضها ويه مل الب عض ا لخر ،فت صبح النغ مة
ناق صة غ ي م عبة عن الل حن الم يل التكا مل ،ا لذي ي صل ف جاله ال خاذ إ ل در جة
)(49
البداع "
و ف ك تاب " درا سات ف الن فس الن سانية " عدت إ ل ر سم مك̂و نات الن فس
النسانية وطريقة السلم ف معالتها " ووكدت بصفة خاصة حقيقة الترابط ف كيان
النسان:
" هذا الكيان النسان الفرد ،ل نصل إل كل قراره ف القيقة حي ندرك فقط
أ نه ك يان مزدوج الطبيعة ،ث ندرك أن ه ناك امتزاجا بي عنصريه ال ك̂وني له ،يع له -
وهو يمع بي نشاط اللÝك ونشاط اليوان -يؤدي كل منهما بطريقته الاصة ،طريقة
النسان ،الت تمل مشابه من اللك ومشابه من اليوان ،ث تفترق ف النهاية عن اللك
واليوان.
أعمال النسان كلها ذات ترابط وثيق وإن بدت منفصلة ف بعض الحيان.
كل لون من ألوان النشاط هذه وما شابها قد يبدو لول وهلة نشاطا منفصل،
متخص صا ،م ستغرقا ،ي قوم به الن سان بانب من جوانبه ،ول يت صل ببق ية ا لوانب أي
اتصال..
وÉهÓم äيغري به بروز أحد هذه الوانب ف لظة وتوارى الوانب الخرى مؤقتا
)(50
وراء هذا البوز "
وه نا ف هذا الك تاب نب حث الو ضوع من زاو ية أ خرى ،هي زاو ية ال ثابت
والتطور ف كيان النسان ،وطريقة السلم ف معالة النفس البشرية ف هذا القام.
وحقيقة إن فيه جوانب ثابتة وجوانب متطورة كما رأينا فيما سبق من البحث.
أو فيه -على الصح -صور متغية وجوهر ثابت ..ولكن عجيبة النسان الكبى أن
الثابت والتطور فيه يك̂ونان وحدة واحدة ف النهاية ،مترابطة متماسكة متحدة ،ل يكن
فصل بعضها عن بعض.
العقل البشري يتطور ..ينمو على الدوام ..ت̂د له معلومات وخبات وتصورات.
ولكنه مع كل تطوره ل يقفز وحده خارج كيان النسان ،ويتطور بفرده ،تاركا بقية
النفس .وإنا يتطور وينمو وهو ف داخل الطار الكلي للنسان ،سواء ف ذلك النسان
ال فرد ،أو الن سان التج مع ف صورة مت مع ..و كذلك الن تاج العل مي أو ا لادي لذا
الت طور ،إ نه ين مو ع لى ا لدوام ،ولك نه ل ي ستقل بنف سه عن الك يان الب شري ،وإ نا يأ خذ
ح̂يزه -مع تطوره الدائم -ف داخل الكيان الثابت الذي يتكون منه " النسان ".
ومن هذا اليط الزدوج يأخذ السلم المر ،وعلى أساسه يقيم نظامه للحياة
البشرية.
" ب سم ا ل الر حن الرح يم .يÉا أåÝي هÉا النÌا س» اÌت قÔوا رÉبÌك Ôم» ال ذ¼ي خÉلÝقÝك Ôم Óم¼ ن ÓنÉفáس
وÉاح¼دÉة ÅوÉخÉلÝق Éم¼نÓهÉا زÉوÓجÉهÉا وÉبÉث م¼نÓه»مÉا ر¼جÉال šكÝث¼يšا وÉن¼سÉاء (51) " éصدق ال العظيم.
فـي هذه الية الواحدة العجيبة أربع قضايا متوالية تدد الانب الثابت من حياة
البشرية!
" اتقوا ربكم الذي خلقكم " " من نفس واحدة " " وخلق منها زوجها " "
وبث منهما رجال كثيšا ونساء "
وإ نه ل لون من الع جاز أن تت مع القضية هكذا ،أو القضايا ا لربع ،بذا التتابع
السهل البسيط ،ف آية واحدة معدودة الكلمات!
وتيء آيات أخرى كثية ف القرآن الكري فتفصل جوانب هذه القضية تفصيل
وتزيدها بيانا .وسنستعرض بعض هذه اليات ف أثناء الديث التفصيلي عن تلك القضية
أو القضايا الربع التوالية ،ولكنا نريد هنا أن نبز اجتماعها ف تلك الية الفردة الت تدد
ف بساطتها تلك حقائق البشرية الساسية ف ألفاظ معدودات.
ق ضية الربوب ية .ق ضية و حدة الن سانية .ق ضية و حدة الن سي .ق ضية الت مع
البشري ..أربع قضايا متوالية تدد الطار الذي تعيش ف داخله البشرية.
" اتقوا ربكم الذي خلقكم " قضية الربوبية واللق .ال هو الالق .قضية أزلية
ثابتة ل تغيها كل تطورات التاريخ ،ول تفقدها مكانتها كل تطورات التاريخ! ومن ث
يترتب عليها تقوى ال .فتنشأ القضية الول ف حياة النسان :قضية العقيدة.
" من نفس واحدة " ..قضية النسانية الناشئة من نفس واحدة .من أصل واحد
مشترك .من كيان واحد يضمها جيعا .šقضية ثابتة ل تغيها كل تطورات التاريخ ،ول
تفقدها مكانتها كل تطورات التاريخ! ومن ث يترتب عليها أخوة البشرية.
" وخ لق من ها زوج ها " ..ق ضية الن سي ،الر جل وا لرأة ،أ حدها من ا لخر.
فالرأة " من " ذات النفس الت هي الرجل ..قضية ثابتة ل تغيها كل تطورات التاريخ،
ول تفقدها مكانتها كل تطورات التاريخ! ومن ث يترتب عليها الساواة " النسانية " بي
النسي ،وكذلك وجود علقة ثابتة بي النسي.
" وبث منهما رجال كثيا šونساء " ..قضية التمع التكون من الفراد ،الناشئي
من ن فس وا حدة ،وا لذي هم أ خوة ف الن سانية .ق ضية ثاب تة ل تغي ها كل ت طورات
التار يخ ،ول تف قدها مكانت ها كل ت طورات التار يخ! و من ث يترتب علي ها أن ت كون
تنظي مات الت مع قائ مة ع لى هذه ال قائق :ا لخوة وو حدة الن شأة وو حدة " الن فس "
البشرية..
هل تتغ ي هذه القائق أو " تت طور " بت طور أ ساليب الن تاج أو تقدم الع لوم؟ أم
هل تتغي دللتها؟!
إنا ثابتة ل تقبل التغيي ،لنا حقائق " تاريية " وجدت وانتهت ،ول سبيل إل
تغيي حقائق التاريخ!
وعلى هذه القائق الربع الثابتة ،تقوم حقائق أخرى ،وتشريعات وتوجيهات ،ل
بد أن تكون ثابتة لنا تتعامل مع حقائق ثابتة ،ول بد أن تكون دائمة ما دامت الياة
البشرية على الرض.
ونأخذ ف التفصيل...
ق ضية الربوب ية وال لق هي الق ضية الرئي سية ف الت صور ال سلمي ،ل نا القي قة
الول الت تنبثق منها كل القائق التالية وتعود إليها.
إن ال هو الالق الذي خلق الكون وخلق النسان ..ومن ث فهو " الرب " الذي
ينبغي عبادته ..وحده.
تلك حقيقة أزلية ل سبيل إل تغييها! فكل التطور الادي والعلمي والقتصادي
والجت ماعي والنف سي لن يو جد خال قا šجد يدšا ي»ن سب إل يه ال لق ك له وخ لق الن سان
خاصة ،غي ال! وكل ما يدثه " النسان " على وجه الرض من تغيي وتطوير ،وإنشاء
وتعمي ،وهدم وتدمي ..كله ل يغي تلك القيقة الزلية ،ول ينشئ خالقا šف السماوات
والرض غي ال!
أليس ف كل ما يعمل وينتج وينشئ ويطور ،يعمل بقتضى القانون اللي الذي
أودعه فطرة الكون ،وكل عمله " أن يتعرف " على " القواني الطبيعية " الت هي " سنة
ال " ..يتعرف عليها با وهبه ال من طاقة العرفة ،ث ياول التطبيق عليها ،بقتضى ما
وهبه ال من قدرة على التطبيق؟
كل! إنم يهزلون ول يترمون عقولم ..أو يعميهم الهل عن حقيقة الناموس..
ل خالق إل هو ف السماوات والرض ..تلك هي القيقة " العلمية " الت تنشأ
منها كل القائق الخرى ف هذا الوجود.
وما دام هو الله ،فمقتضى ألوهيته أن يقوم العباد بعبادته " :و ÉمÉا خÝÉلق áت» اáلج¼ن
وÉالáأ¼نÓس Éإ¼لا ¼ليÉعÓب»د»ون¼ " ).(54
والعبادة لفظ شامل واسع ميط .إنه ليس شعائر التعبد الصورة الدودة .ولكنها
كل شيء .هي ع مل الع باد ك له .فالع باد ملو قون للع بادة .أي أن كل عمل هم ا لذي
يعملون مفروض أنه عبادة .ومن ث يلتقي العمل بالشعائر التعبدية ويصبحان شيئا šواحدا
ف عرف السلم.
وما دام هو الله الواحد الحد ،فمقتضى وحدانيته هو إفراده بالعبادة .فل يعبد
غ يه ف ا لرض .ول يس مع ن ذ لك هو الع ن ال ضيق ال صور ،و هو أل ي سجد الن سان
ل حد ول ير كع ل حد .ف هذا الف هوم ل ينا سب إل الف هوم ال ضيق للع بادة ال صور ف
الشعائر التعبدية .ولكن العبادة بعناها القيقي ،الت هي عمل الناس كله ،هي الت ينبغي
أن تكون ل وحده ول تكون لحد غيه من اللق .فكل العمل البشري -وهو العبادة
-ينبغي أن يكون ل وحده دون شريك.
ت لك هي الق ضية ا لول ف الت صور ال سلمي .أن ت كون الع بادة ل و حده.
والاكمية ل وحده .والتشريع من عند ال وحده.
وهي قضية تقوم على حقيقة أزلية ..وحقيقة " علمية " هي أنه ل إله إل ال.
والذين يدعون إل أن يشرع النسان لنفسه ،ويضع القواعد لنفسه ،ها هم أولء
ف صراحة يقولون :إن النسان ينبغي أن يمل على عاتقه هو ما كان يضعه على عاتق
)(55
ال من قبل ،ويصبح هو ال!
ويلتقي بذه القيقة الزلية حقيقة مقابلة ف الفطرة ..أن الفطرة البشرية تتجه إل
ع بادة ا ل " :وÉإ¼ذÝ áأ خÉذ ÝرåÉب ك Éم¼ نÉ Óب ن¼ي آد Éم Éم¼ ن Óظ Ôه»ور¼ه¼م ÓذÔر×يÌتÉه» م ÓوÉأ ÝشÓهÉدÉه»م Óع ÉلÝى ÝأنÓف Ôس¼ه¼م
)(56
أÝÝلسÓت» ¼برÉب×كÔم ÓقÝالÔوا ÉبلÝى Éشه¼دÓنÉا "
النسان ف كل عصوره وكل أحواله يعبد ال .ولكنه يهتدي تارة ويضل أخرى.
فيعبد ال على صفاء وصحة ،أو يعبده ف صور منحرفة ،أو يعبده ويشرك به آلة أخرى..
ولكنه ف كل حالة يعبد ال ..الالق ..الذي خلقه وخلق الكون والياة.
ول تتاج الفطرة إل من يوجهها إل عبادة ال .فهي تعبده تلقائيا -ضالة أو
مهتدية -بل تدخل .وإن كانت توقيعات متلفة من الكون ف الس البشري " توقظ "
الفطرة وتنبهها إل حقيقة ال.
العجز البشري ،الذي يسه النسان ف أعماقه مهما وصل من القوة والقدرة.
العجز عن تقيق كل ما يريده النسان والسيطرة على كل ما يريد السيطرة عليه .العجز
عن اللود .العجز عن معرفة الغيب .العجز على أن يكون النسان إلا ،يقوم بذاته ول
يتاج إل مدد من خارجه ..من غذاء أو كساء أو جنس!!
()55جوليان هكسلي ،كتاب " النسان ف العال الديث " ]وغيه كثيون![
()56سورة العراف ].[171
والروعة الت يسها النسان إزاء الكون ..الكون الائل ،والكون الدقيق .الجرام
الروعة ف ضخامتها ،والدقة العجزة ف تفصيلتا وجزئياتا وتنظيماتا ودورة أفلكها.
ورو عة حدوث ال حداث :الل يل والن هار ،والز مان وال كان ،وا لوت وال ياة،
والصحة والرض ،والغن والفقر ،واللذة والل والسعادة والشقاء ..ال
)(57
كلها توقيعات يوقعها الكون على الس البشري ،فتوقظ فطرته إل ال!
والسلم يقيم نظامه كله على هاتي القيقتي التقابلتي :حقيقة وجود الالق
وحقيقة توجه الفطرة إليه.
فهو ينح النسان عقيدة ف ال ،تلب فطرته التوجهة إل ال ،وتصحح الفطرة
وتقومها من ضللا إن ضلت عن حقيقة ال .عقيدة تلب حاجة النسان الفطرية إل ال.
وحاجت ها الفطر ية إ ل ع بادته .وحاجت ها الفطر ية إ ل الت عرف ع لى مركز ها من ال ياة
والكون ،وعلى حقيقة الصلة بينها وبي ال.
وعقيدة -من ناحية أخرى -تنظم حياة النسان ،بقتضى عبوديته ل وحاكميه
ال له ،فتجعل التشريع كله والنتظيم ،مستمدا من العقيدة ،مرتبطا با متعلقا بعبادة ال.
)(58
وعقيدة -من ناحية ثالثة -تعل التشريع والتنظيم متمشيا مع فطرة النسان ،ف
الثبات والتغي على السواء! ومن ث تلتقي العقيدة بالفطرة ف كل اتاه.
ا ستعبدتم بع ضهم لب عض ..ف حدود " ا لوطن " الوا حد ،و ف حدود ال عال
الكبي!
" فالطبقة الاكمة " كما تعترف الذاهب كلها ،تشرع لنفسها ولصالها على
ح ساب بق ية الطب قات .أي أ نا ت تأله ع لى ح ساب ا لخرين ،وت ستعبد ا لخرين ل سابا
ألوانا من الستعباد.
ذلك ف حدود " الوطن " ..أما ف حدود العال الكبي ،فأمة تستعبد أمة وتذيقها
العذاب ،وهذه وتلك خارجتان على ال!
وو ضعت لم نظ ما ل تلئم فطر تم ]ان ظر ألك سس كار يل[ ل نا قائ مة ع لى
الهل الطبق بقيقة النسان .وكان من جراء هذه النظم هذا الفساد الذريع والشقاء الذي
يغشى وجه الرض..
والعقيدة ف ال أمر ثابت ،لثبات القيقة الت ترتكن إليها ،وهي وجود الالق
ووجود الخلوق.
ومن ث كانت العقيدة -كما أنزلا ال -ثابتة ف جيع أطوار التاريخ .ل تتبدل
ول يطرأ عليها تغيي.
" لÝقÝد ÓأÝرÓسá ÉلنÉا ن»وحا šإ¼لÝى قÝوÓم¼ه¼ فÝقÝال ÝيÉا قÝوÓم¼ ا Óعب»د»وا الله ÉمÉا لÔ Ýكم Óم¼ن Óإ¼Ýله ÅغÝيÓر»ه» ...وÉإ¼لÝى
عÉادÝ ÅأخÉاه»م Óه»ودا šقÝال ÝيÉا قÝوÓم¼ ا Óعب»د»وا الله ÉمÉا لÝكÔم Óم¼ن Óإ¼لÝه ÅغÝيÓر»ه ..وÉإ¼لÝى Ýثم»ود ÉأÝخÉاه»م ÓصÉال¼حا
قÝال ÝيÉا قÝوÓم¼ اعÓب»د»وا الله ÉمÉا لÝكÔم Óم¼ن Óإ¼لÝهÝ ÅغيÓر»ه ..وÉإ¼لÝى مÉدÓيÉنÝ ÉأخÉاه»م Óش»عÉيÓبا šقÝال ÝيÉا قÝوÓم¼ ا Óعب»د»وا
)(60
الله ÉمÉا لÝكÔم Óم¼ن Óإ¼لÝه ÅغÝيÓر»ه" ...
ولكن للعقيدة جانبها التطور على مدار التاريخ! جانب التشريع والتنظيم الذي
ينا سب در جة الن مو ا لت ت كون علي ها ال مة و قت الر سالة .الن مو النف سي والجت ماعي
والعقلي..
وحي تبلغ البشرية رشدها تيئها العقيدة ف صورتا الخية الثابتة ،وتمل هذه
العقيدة ف الوقت ذاته كل الرونة الطلوبة لتطورات الستقبل ]كما سيجيء بالتفصيل ف
ناية الفصل[ " :اáليÉوÓم ÉأÝكáمÉلáت» لÝكÔم Óد¼ينÉكÔم ÓوÉأÓÝتمÉمÓت» عÝÉليÓكÔم¼ ÓنعÓمÉت¼ي وÉرÉض¼يت» لÔ Ýكم» الáأ¼سÓلم
)(61
د¼ينا" š
أما الذي يزعمه علم الجتماع الغرب من " تطور " العقيدة ف ال ذاتا ،ليوحي
إياء خبيثا بأن العقيدة أمر بشري ،ابتدعه البشر ف جهالتهم ،وينبغي أن نتبأ منه ف عصر
النور )!( ..أما هذا فمغالطة ل تثبت للتمحيص
إن الذي " تطور " ل يكن هو العقيدة ف ال .إنا كان انراف العقيدة ف ال!
()60سورة العراف.
()61سورة الائدة ].[3
ح ي ع بدت الب شرية أبا ها ،وع بدت ال طوطم ،وع بدت ا لوثن ،وع بدت قوى
الطبي عة الفر قة ..كانت ف كل ذ لك تن حرف عن العق يدة ال صحيحة ف ا ل ،وتت صوره
تصورات شت منحرفة ،تتطور ف كل مرة مع تطور " العلومات " والتصورات البشرية،
والتشابكات الجتماعية والقتصادية والسياسية ..ولكنها ل تكن ف شيء من ذلك تتبع
دين ال.
ومن ناحية أخرى فمن الثابت ف التاريخ -الذي أغفله علم الجتماع الغرب عن
عمد -أن البشرية -فيما بي انرافاتا التكررة " التطورة " -قد مرت بفترات فاءت
فيها إل العبادة الصحيحة -عن طريق الرسالت السماوية -قبل أن تعود مرة أخرى إل
النراف.
و من ث فإن " ت طور " الت صورات النحر فة يف قد دلل ته ا لت يل صقها با ع لم
الجتماع الغرب .فهو ليس دليل على أن الدين قد ابتدعه البشر ول ينله ال ،وليس دليل
كذلك على أن العقيدة ف ال عنصر متطور ،ييء عليه وقت يزول من النفوس بكم "
التطور " ..وتستبدل به عبادة أخرى ،أو ل عبادة على الطلق!
بل إن هذه النرافات " التطورة " لتعطي دللة عكسية لا يقوله علم الجتماع
الذي أبدعته الشياطي!
إنا تعطي دللة ثبات العقيدة! ففي جيع الجيال ،وعلى جيع الستويات توجد
عقيدة ف ال!! تتدي أو تضل ،وتأخذ صورا šشت ،ولكنها ف النهاية عقيدة ف ال! فهي
إذن عنصر ثابت ف كيان النسان!
والقرن العشرون ،أو " علماؤه " من الشياطي ،ل يستطيعون أن يأخذوا من هذه
النرافات التوجيه الذي يريدونه ،وهو أن الناس ف القرن العشرين أحرار ف أل يعبدوا
ال! وأن الروج من عبادة ال ظاهرة " بشرية " آن أوانا ف القرن العشرين!
كل! إن ما أثبتته الفطرة ف مئات اللوف من السني ..ل يلغيه الواقع النحرف
لبعض الشياطي ف القرن العشرين ،من فسدت فطرتم فارتكسوا إل ما دون مستوى
الدميي!
ينتقل القرآن بعد ذلك إل القضية التالية ،بعد قضية ربوبية الالق وعبادة العباد.
حت التفسي اليوان للنسان -تفسي دارون -ل يقل إن هناك أصول متعددة
للجنس البشري .وإنا هو أصل واحد مشترك ف ناية الطاف.
إن وحدة البشرية وأخ̂وتا حقيقة علمية .تترتب عليها أمور خطية ف علقات
الناس بعضهم بعض ..أمور تغفلها النظم " البشرية " كلها ،ويذكرها السلم.
ول نعود إل النظم السالفة ،الت جعلت من الناس قوما منبوذين ل حقوق لم،
ول كيان ،ول " آدمية " ..إنا نتحدث عن النظم " التحضرة " الراقية ف القرن العشرين!
كيف تبدو أخ̂وة البشرية ووحدتا ف ظل " التفرقة العنصرية " الت تشوه وجه
الرض ف القرن العشرين ،ف أمريكا التحضرة ،وانلترا ]ف جنوب أفريقيا[ وغيها من
بلد ال؟!
كيف تبدو هذه القيقة الثابتة ف ظل النظم الت استكبت عن عبادة ال وقالت
إتا شبت عن الطوق ،ول تعد ف حاجة إل وصاية ال أو وصاية الرسل والنبياء ..لنا
تعيش ف عصر " العلم " و " التقدم " و " الدنية "؟!
كيف هي حي يسك البيض " التحضرون " بشاب زني ذنبه أنه أسود اللون،
في ضربونه ويرك لونه حت ا لوت ،ويعل قونه ف فروع ال شجر ز يادة ف التنك يل ،ور جل
البوليس البيض واقف ينظر ول يتدخل حت ينتهي الرم البشع الشنيع!
تلك هي الضارة! الضارة الراقية الت تستكب على الدين .وتنظر إل العقيدة ف
ال على أنا رجعية وتأخر وانطاط!
" وÉجÉعÉلáنÉاكÔم Óش»ع»وبا šوÝÉقبÉائ¼ل Ýل¼ÉتعÉارÉفÔوا -إن¶ µأكšر*م*́كم' ع-ن'د* الل¶ه -أµت'قµا́كم' " ) .(62ول يقل
أبيضكم .ول أكثركم " حضارة! " من ذلك النوع الذي يبيح قتل اللوني لنم ملونون،
وي ثور ثورة هج ية ح ي تأمر الدو لة بإع طاء أ حدهم حق التعل يم ف مدار سهم و هو من
أبسط حقوق " النسان "!
)(63
" ل فضل لعرب على عجمي إل بالتقوى "
" اسعوا وأطيعوا ،ولو استعمل عليكم عبد حبشي كأن رأسه زبيبة ،ما أقام فيكم
)(64
كتاب ال تبارك وتعال "
وراعاها ف واقعه التاريي .فبلل البشي السود هو مؤذن رسول ال صلى ال
عليه وسلم الذي يظهر على ظهر الكعبة فيؤذن يوم الفتح ،وهي الت يعظمها العرب ف
الاهلية والسلم .وعمار وابن مسعود كذلك ها اللذان يمع رسول ال صلى ال عليه
وسلم بينهما وبي أب بكر وعمر -رضي ال عنهم -ف حديث واحد ف شأن واحد
فيقول " :إ ن ل أدري ما بقائي في كم فاق تدوا بال لذين من بعدي -وأ شار إ ل أ ب ب كر
)(65
وعمر -واهتدوا بدي عمار ،وما حدثكم ابن مسعود فصدقوه "
وراعا ها مع غ ي ال سلمي ،ل نا حقي قة ل تتع لق بو جود ال سملي ،وإ نا تتع لق
بوجود " الناس " " " :يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة " .فعامل
ال ناس جي عا šع لى أ ساس إن سانيتهم الطلقة ما داموا ل يف سدون ف ا لرض ول ياربون
السلمي ول يفتنونم ف دينهم " :ل Éين ÓهÉا Ôكم» الل ه» ع Éن¼ ال ذ¼ين Éل Ýم Óي» قÝات¼لÔوكÔم Óف¼ي الد×ين¼ وÉلÝم
)(66
»يخÓر¼ج»وكÔم Óم¼ن Óد¼يÉار¼كÔم ÓأÝنÉ áتبÉرåوه»م ÓوÉت»قáس¼طÔوا إ¼لÓÝيه¼م Óإ¼ن الله» Éيح¼ب åالáم»قáس¼ط¼ي" É
بل راعاها ف الرب مع الذين يقاتلونه ف الدين! فكانت تلك العاملة النسانية
الكرية الت ل يعرفها التاريخ ف غي حروب السلمي!
وا لذين ل يؤم نون بال ول ير يدون أن يكو نوا م سلمي ف كل ا لرض ،لعل هم
ي ستنبطون شيئا من التف سي ا لادي للتار يخ ،أو التف سي ال يوان للن سان يبرون به
وحشياتم ف السلم والرب ،ف الضطهاد العنصري والقتل والتدمي على نطاق واسع،
و ف و سائل الت عذيب الوح شي ا لت ي ستخدمها الط غاة من ح كامهم لي سندوا أ لوهيتهم
الزائفة ..ف عصر " الرية " و " التقدم " والستكبار عن عبادة ال!
ف قد انب ثق من هذا الف هوم بادئ ذي بدء أن ي كون ال سلم هو القا عدة ا لول
للبشرية .فهذا هو الذي يتناسب مع أبناء " النفس الواحدة " " :يÉا أåÝيهÉا الذ¼ين ÉآمÉن»وا ادÓخ»لÔوا
()65أخرجه الترمذي.
()66سورة المتحنة ].[8
ف¼ي ال س×لáم¼ كÝاف šة " ) " .(67وÉإ¼ نÉ áجن Éح»وا ل¼ل سá Ìلم¼ فÝا ÓجنÉح Óل ÝهÉا و ÉتÉوÉكل áع ÉلÝى الل ه¼ " ) (68فا لمر
ا لول موجه إ ل الؤمني ليدخلوا ف ال سلم كافة ،ذ لك بأن ي سلموا أنف سهم كلها ل،
فيسود السلم بينهم وبي فطرتم ،وبينهم وبي الكون من حولم ،وبي بعضهم وبعض،
وبذلك يصبحون المة الراشدة الت تشرف على بقية البشرية " :و ÉكÝذ¼ÝلكÉ ÉجعÉل áنÉاكÔم Óأ ÔمÌة
وÉسÉطا¼ šلتÉكÔون»وا ش»هÉدÉاء ëعÉلÝى النÌاس¼ وÉÉيكÔون ÝالرÌس»ول ÔعÝÉليÓكÔم ÓشÉه¼يدا (69) " šالمة الت تعل من
نفسها الثال الذي تترسه البشرية ،فأول با أن تكون ترجة صادقة لفهوم القرآن ،وتكون
خالصة ل .والمر الثان يدد العلقة بي هذه المة الؤمنة وغيها من الناس .فإن جنحوا
للسلم ،إن امتنعوا عن العدوان ،وأطلقوا الرية للدعوة إل ال بينهم ،تاركي الناس لرية
اقت ناعهم ،فا لمر للم سلمي أن ين حوا هم كذلك لل سلم ،و قد باتت ا لبواب مفتو حة
أ مامهم لزاو لة ا لدعوة إ ل د ين ا ل ف ا لرض ،بل حاجز من سلطة تول بين هم وب ي
الناس ،وإقامة نظام ال ف الرض بل مانع من سلطة تول بينهم وبي إقامة شريعة ال،
ليسود السلم كل الرض ،تقيقا šلخوة البشرية ف صدورها من " نفس واحدة " .فأما
حي يقع العدوان على دعوة ال أو على السلمي ،أو على النظام السلمي ،ف صورة من
صور العدوان ،سواء بالوقوف ف وجه الدعوة ،أو ماربة النظام القائم على شريعة ال ،أو
فتنة السلمي عن دينهم ،فالرب تقع لرد العدوان الظال " :وÉقÝات¼لÔوا ف¼ي سÉب¼يل¼ الله¼ ال ذ¼ين
»ي قÝات¼لÔوÉنكÔم ÓوÉل تÉع ÓتÉد»وا إ¼ن الل ه Éل »يح¼ ب åالáم»ع ÓتÉد¼ين " (70) " ÉفÝإ¼ن¼ اÓنت ÉهÉوÓا فÝل ع»دÓوÉان Ýإ¼لا ع ÉلÝى
الظا¼لم¼ي.(71) " É
وانبثق عن هذا الفهوم كذلك أنه " ل إ¼كáرÉاه Éف¼ي الد×ين¼ " ) .(72حقيقة إن السلم
هو الدى .وال سلمون هم المة الهتد ية الرا شدة .ول كن ل يس لم مع ذ لك أن ي»كر هوا
إخوتم ف البشرية على اتباع دين الق! إنا عليهم أن يدعوهم إل الدى ..دعوة بالت
)(73
هي أحسن .كما يليق بالخوة " :ادÓع» إ¼لÝى سÉب¼يل¼ رÉب×ك Éب¼اáلح¼كáمÉة¼ وÉالáمÉوÓع¼ظÝة¼ الáحÉسÉن¼ Éة "
" و ÉجÉاد¼لáه»م Óب¼الت¼ي ه¼ ي ÉأÓ Ýح سÉن» " ) .(74وإ نا ت قع ا لرب ف ا لدعوة ل لكراه ال ناس ع لى
الدين ،فالمر صريح بأنه ل إكراه ف الدين .ولكن لزالة القوى الظالة الت تجب الدى
عن الناس .فإن جنحت تلك القوى الظالة العتدية إل السلم وأبدت أنا ل تقف ف سبيل
الدعوة إل ال الق ،فل حرب ول عدوان.
ث انبثق عنها أن يقوم العدل بي البشر على أساس إنسانيتهم وحدها .بصرف
النظر عن أي اعتبار آخر ..ولو كان هذا العتبار هو العداوة للمؤمني! ففي وسط الرب
البي ثة ا لت كان ي شنها الي هود ع لى ال سلم ف م هده ،ياولون زلز لة ا لؤمني واقتلع
العقيدة الديدة من جذورها قبل أن ترسخ ف الرض ،والدس والكيد ونشر الراجيف،
وتشكيك الناس بعضهم ف بعض ،وإيذاء السلمي والسلمات ف أعرضهم ..بالضافة إل
الرب الرسية الت تستخدم فيها أدوات القتال ،مع الغدر ف هذه الرب ونقض الواثيق
وانت هاك الر مات ..ف و سط كل ذ لك ل يق بل ال سلم عدوانا šو قع ع لى وا حد من
اليهود ،إذ ر»م¼ ي Éبتهمة ظالة وكاد ي كم عل يه من أجلها ،فيتنل ا لوحي بتبئته ف هذه
اليات البينات " :إ¼نÌا أÝنزÉلáنÉا إ¼ÝليÓك Éال¼ áكتÉاب Éب¼اáلحÉق× ل¼ÉتحÓكÔمÉ ÉبيÓن ÉالنÌاس¼ ¼بمÉا أÝرÉاك Éالل¿ه» وÉل ÝتÉكÔن
لá ØلخÉآ¼ئن¼يÉ Éخص¼يمíا ،وÉاسÓتÉغÓف¼ر¼ الل¿ه¼ إ¼ن الل¿ه ÉكÝان ÝغÝفÔورíا رÌح¼يمíا ،وÉل Ýت»جÉاد¼ل áعÉن¼ الذ¼ينÉ ÉيخÓتÉان»ون
أÝنفÔسÉه»م Óإ¼ن ال¿له Éل Ýي»ح¼ب åمÉن كÝانÉ ÝخوÌانíا أÝث¼يمíاÉ ،يسÓتÉخÓفÔون Ýم¼ن ÉالنÌاس¼ وÉلÉ ÝيسÓتÉخÓفÔون Ýم¼ن Éالل¿ه
و Éه»و ÉمÉعÉه» م Óإ¼ذ áي»Éبي× ت»ون ÝمÉا ل ÝيÉر ÓضÉى م¼ ن Éال áقÝوÓل¼ و ÉكÝان Ýال¿ل ه» ¼ب مÉا ÉيعÓم ÉلÔون Ýم»ح¼ي طšا ،هÉاأÝنت»م
هÉـؤ»لء جÉادÉلáت»م ÓعÉنÓه» م Óف¼ي اáلح ÉيÉاة¼ الدÓåنيÉا ف ÝمÉن ي» جÉاد¼ل Ôالل¿ ه ÉعÓÉنه» م ÓيÉوÓم Éاáلق¼يÉا مÉة¼ أÝم مÌن ي ÉكÔون
عÝÉليÓه¼ م ÓوÉك¼يل ،šو ÉمÉن ÉيعÓم Éل áس»وءéا أÝو ÓيÉظ¼áل مÉ Óنف áسÉه» ث Ôم Ìي ÉسÓتÉغÓف¼ر¼ الل¿ هÉ Éي ج¼د¼ ال¿ل ه Éغ ÝفÔورíا رÌح¼ي مíا،
وÉمÉن يÉكáس¼ب¼ Óإثáمíا ف¼ÝإنÌمÉا Éيكáس¼ب»ه» عÉلÝى Éنفáس¼ه¼ وÉكÝان Ýالل¿ه» عÉل¼يمíا حÉك¼يمíا ،وÉمÉن Éيكáس¼ب ÓخÉط¼يئÝة
أÝو Óإ¼áث مíا Ôث مÉ Ìير Óم¼ ¼ب ه¼ بÉر¼يئšا ف ÝقÝد¼ ا ÓحتÉم Éل» ÝبهÓتÉا نíا وÉإ¼áث مíا مåب¼ي نíا ،و ÉلÝوÓل Ýف ÝضÓل Ôالل¿ ه¼ عÉلÝي Óك ÉوÉرÓ ÉحمÉت»ه
لÝهÉمÌت طآئ¼فÝة êمåنÓه»م ÓأÝن ي»ض¼لîوك ÉوÉمÉا ي»ض¼لîون Ýإ¼ل îأÝنفÔسÉه»م ÓوÉمÉا يÉض»رåونÉك Éم¼ن شÉيÓء ÅوÉأÝنزÉل Ýالل¿ه
حكáمÉة ÝوÉعÉلم Éك ÉمÉا لÝمÉ ÓتكÔن ÓتÉعÓلÝم» وÉكÝانÝ ÝفضÓل Ôال¿له¼ عÝÉليÓك ÉعÉظ¼يمíا " ).(76 عÝÉليÓك Éال¼ áكتÉاب ÉوÉال¼ á
و قد نز لت هذه ال يات الت سع بذا التف صيل والب يان والتوك يد ال شديد ال كرر ،لتح مي
الرسول صلى ال عليه وسلم من الكم على هذا اليهودي البيء الذي كانت القرائن -
الظاهرة -كلها تتهمه ،وكان الق أنه بريء من التام! ووضع السلم بذلك ف عال
الواقع هذا البدأ النسان الالد ..الذي ل يوجد قط بذه الصورة ف غي السلم!
هكذا ..إنسانية على التساع! ف السلم وف الرب سواء .ف الب وف الكره
سواء!
و كان هذا ف ن ظر ال سلم عن صرا šثاب تا ف ح ياة الب شرية ،ل تقل به ال ظروف
وا لهواء ،لنه ليس نابعا šمن ال ظروف ،وإنا ينبع من حقيقة ثابتة ل تغيها تطورات "
النتاج " ول أحداث التاريخ!
إن الزوج ي -الر جل وا لرأة -من " نفس " وا حدة .وال شارة إ ل الن فس ه نا
ذات دللة ل تفى .إن الشاركة ليست ف " النوع النسان " فقط .ولكنها أخ صˆ من
ذلك كثيا .إنا الشاركة ف " النفس " ..النفس الواحدة .ومن ث يتشاركان ف الكيان
النسان الداخلي ،الذي تشي إليه لفظة " النفس " كما يتشاركان ف الطار الارجي
للنسان " ..فÝاسÉÓتجÉابÝ Éله»م ÓرåÉبه»م ÓأÝن×ي ل أÔض¼يع» عÉمÉل ÝعÉام¼ل Åم¼نÔ Óكم Óم¼ن ÓذÝكÝر ÅأÝو ÓأÔنÓثÝى *بع'ض(́كم
م-ن' ب*ع'ض· " ) ...(80متداخلي متزجي ل يتميزان من حيث الكيان النسان للنسان!
و هذه القيقة الول ية ا لت و ضعها ال سلم بذه الصورة ،ور تب عليها ما يت فق
معها من تشريعات ،ل تفيء إليها البشرية خارج نطاق السلم إل بعد فترة طويلة جدا..
وبعد صراعات مدمرة ،حطمت السرة والتمع ف الغرب ،وحطمت الخلق والتقاليد،
وأدت إ ل ت لك الفو ضى الن سية الب شعة ا لت ردت الن سان حيوا نا šيرت كس ف سعار
منون .بينما السلم قد أعطاها للمرأة تكريا šوكرما ،مع الافظة الكاملة على كيانا،
وكيان الرجل معها ،وكيان السرة والتمع ..وذلك هو الفرق بي دين ال ودين البشر
الذين يشرعون لنفسهم ،ويزعمون لنفسهم حقوق الله!
وفرن سا -التح ضرة -ل ت عط ا لرأة حق الت صرف البا شر في ما ت لك ،و حق
التعامل الباشر مع التمع إل ف القرن العشرين! وأوربا كلها ل تعط الرأة حق الساواة ف
الجر على العمل الواحد إل ف القرن العشرين .وما تزال انلترا إل هذه اللحظة ل تراعي
هذه الساواة بي الوظفي والوظفات ،بجة أن الرأة تمل وتلد وتطلب إجازة للوضع!
ول تصل الرأة إل هذه القوق حت اضطرت أول أن ترج للعمل لتكفل نفسها
لنه ل عائل لا يكفلها! واضطرت ثانيا šأن تتخلى عن أخلقها لنا قيد ينع حصولا على
العمل ،من الرجل اليوان الذي يريد -قبل أن ينحها لقمة البز الت تريدها -أن ينال
منها التعة الرام .ث انتهى المر با أن تقوم -غي مضطرة -بدور الفتنة ف الرض،
وتول الياة ف الغرب إل ماخور كبي .ث ..ث قال الغرب بعد هذا الصراع اليوان كله
مع الرأة :إنه ل يعطي لا هذه القوق لن ذلك مقتضى القيقة الولية ف خلق الرجل
وا لرأة ،ول كن لن " الت طور " القت صادي قد اقت ضى ذ لك!! الت طور " الت مي "! أي..
وال ناس راغ مون!! بين ما ي ضع ال سلم هذه القوا عد مب تدئا -بل ضغط من ال ظروف
القتصادية ول قهر -والناس راضون ،لنم بذلك يعبدون ال! ويضعها قواعد ثابتة -
لنا مستمدة من حقيقة ثابتة -تطبق ف التمع الرعوي -الذي كان يوم نزل السلم -
وف التمع الزراعي الذي تله ،كما تطبق ف التمع الصناعي والتمع الذري سواء .ل
د خل لا " بت طور " أ ساليب الن تاج ول ت طور القت صاد والت مع .ل نا تتع لق ب ش¼قي "
النسان " ..النسان من حيث هو إنسان!
" وÉم¼ن ÓآيÉات¼ه¼ أÝنÉ áخلÝقÝ ÉلكÔم Óم¼نÝ ÓأنÓفÔس¼كÔم ÓأÝزÓوÉاجا šل¼تÉسÓكÔن»وا إ¼لÝيÓهÉا وÉجÉعÉلÉ ÝبيÓنÔ Éكم ÓمÉوÉدÌة
)(84
وÉرÉحÓمš Éة "
الزواج -كما مر بنا ف الفقرة السابقة -من " أنفسكم " .من "نفس واحدة".
ولكن الية هنا تضيف بيان نوع العلقة بي النسي واتاهها وحكمتها.
لاذا خلق ال الزواج؟ إن حكمة ال واسعة شاملة ..ولكن الية تدد الكمة -
أو ت شي إ ل ب عض اتاها تا " -لت سكنوا إلي ها " ذ لك هدف خل قة الزوج ي ف عال
النسان.
وال سكن عل قة وا سعة ي شملها ال سكون والرا حة والطمئ نان .وتظلل ها ال سكينة
وير فرف علي ها ا لدوء .و هذا ما ير يده ا ل من عل قة الزوج ي .إ نه ل ير يدها خ صاما
وعرا كا تف سد م عه طي بات ال ياة .ول ير يدها م شغلة دائ مة و هñا مقعدا مقي ما ك ما هي
اليوم ف الغرب حي انفلت من إطار الوحي اللي وأخلد إل الرض واتبع هواه.
" وجعل بينكم مودة ورحة " ذلك تركيب الفطرة :التجاذب بي النسي .ولئن
كان القرآن ل يستخدم هنا كلمة " الب " وإنا استخدم " الودة " فلنه -من ناحية -
يريد أن يرفع العلقة إل أفق شفيف مني ،ولنه -من ناحية أخرى -أكثر واقعية! إن
الوله والعشق والتطلع ..مرحلة من مراحل الدفعة النسية ،تقع ف فورة الشباب ولكنها ل
تدوم ..وليس من شأنا أن تدوم! إنا الذي يدوم هو الودة! إنا تشمل العلقة كلها ف
ج يع مراحل ها ،وتب قى ب عد ف تور ا لوله والع شق والتط لع ب كم ط بائع ال شياء وط بائع
النفوس!
هذه القضية الثابتة ذات أطراف ثابتة ،وعلقات ثابتة .ومن ث ترتبت عليها أمور
ثابتة ف حياة البشرية!
فالق ضية ت قوم اب تداء ع لى و جود " الر جل " من ناح ية و " ا لرأة " من ناح ية.
وتلك حقيقة ثابتة ]فيما عدا انرافات الفطرة الت سنتكلم عنها بعد قليل![ ث على وجود
تاذب بي الرجل والرأة من ناحية أخرى .وتلك حقيقة أخرى ثابتة .ث على رغبة تقيق
السكن من هذه العلقة القائمة على التجاذب من ناحية ثالثة .وتلك حقيقة كذلك ثابتة.
وهنا تتداخل تلك القضية الثالثة ]قضية النسي[ مع القضية الرابعة الت سنتحدث
عنها تفصيل ف الفقرة التالية ،وهي قضية التمع ]" وبث منهما رجال كثيšا ونساء "[
فتتحدان معا šكل علقات النسي.
إن هذا التجاذب القائم بي الرجل والراة ،ووجودها ف ذات الوقت ف متمع،
قد استلزم تطبيق العلقة بينهما على أسس تلتقي مع فطرتيهما أول ،وتلتقي كذلك مع
حقيقة وجودها ف متمع.
لو كان المر أمر رجل واحد وامرأة واحدة ف كل الرض ..لا احتاج إل تنظيم
كثي! ول كن خروج الن سل من هذه العل قة بينه ما أول ،و تول الن سل إ ل ر جال كثي
ونساء ثانيا ،يعل المر ف حاجة إل تنظيم دقيق مكم ينع اللل الذي ينشأ -كلما
اتسعت الدائرة -من الفوضى الت ل يضبطها دليل.
لقد استلزم وجود رجال كثيين ونساء -ل رجل واحد وامرأة واحدة -تنظيم
صور " التجاذب " الذي يدث حدوثا فطريا بي الرجال والنساء .لكي ل يصبح فوضى
تصطدم ف يه مت لف " التجاذ بات " ف تؤدي إ ل ضياع " ال سكن " الر جو ل كل نفس من
جهة ،وتؤدي إل فساد روابط التمع من جهة أخرى .كما استلزم وجود النسل النبث
من لقاء ش¼قي النفس الواحدة قيام " السرة " وتنظيم علئقها.
وهكذا ت شعبت علقات كثية متلفة من القيقة الرئيسية وهي خلق الزوجي
وشد بعضهما إل بعض برباط الذب و " الودة " ..ث صارت هذه العلقات التشعبة
ثابتة لنا ترتكز على حقائق ثابتة.
وأمر العلقة بي النسي هو أشد ما يادل فيه الصابون بلوثة التطور ف الغرب
والشرق ،وأشد ما يادل فيه الولد والبنات الذين أعمتهم الشهوة النفلتة من قيادها ،فلم
تعد تبصر إل متعة السد الفائر ،ول تعد تطيق قيدا šيوضع ف طريق السعار النون.
ولكننا ونن نناقش المور الادة ف حياة البشرية ل ينبغي أن نغمض عيوننا عن
القائق الثابتة " الصارمة " الت ل تلي لشهواتنا وأهوائنا ،ول تدور معها حيث تدور" .
إن نا ل ن ستطع التمي يز بي الم نوع وال شروع .لقد نقضنا قواني الطبيعة فارتكب نا بذلك
الطيئة العظمى ،الطيئة الت يعاقب مرتكبها دائما ...فالياة ل تعطي إل إجابة واحدة
حين ما ت ستأذن ف ال سماح بارت ياد ا لرض الر مة ..هي إ ضعاف ال سائل .و لذا فإن
الضارة آخذة ف النيار " ]ألكسس كاريل[.
لذلك ل ينبغي لنا ونن نبحث هذا الوضوع الاد ،أن ندور مع شهوات الولد
والبنات ،أو نندفع وراء الصابي بلوثة التطور ..إنا ينبغي أن نبي لؤلء وهؤلء حقائق
الفطرة ،فيساعدهم ذلك على مواجهة أزمتهم والتغلب عليها بإنشاء أوضاع تلئم الفطرة
وتسي ف اتاهها..
إن ثبات العلقة بي النسي ،وعدم خضوعها " للتطور " أمر تليه الفطرة الت ل
حيلة لحد فيها .والت رأينا من شهادة القرن العشرين أنا ل تتطور ف عشرين قرنا من
الزمان ،ول تعط إل إجابة واحدة ف كلتا الرتي ،وف كل مرة استئذنت ف ارتياد الرض
الرمة!
لقد أعطت الفطرة إجابتها واضحة حاسة جازمة ف كل مرة انفلت فيها عقد "
ال ضوابط " ف عل قات الن سي ،وانف لت في ها ا لولد والب نات وراء دف عة ال سد ل
يطيقون صبا ول يضعون لتنظيم.
أعطت الفطرة إجابتها ف اليونان القدية وروما القدية وفارس القدية .وأعطت
إجابت ها ف ال عال ال سلمي يوم ا نل وركب ته ال شهوات .وأع طت إجابت ها ف فرن سا ف
الرب العظمى الثانية .وتعطي إجابتها الن على نطاق واسع ف كل الرض ،وف أمريكا
وروسيا على وجه التخصيص..
إجابة واحدة ل تتغي :النلل اللقي والباحة النسية ..معناها الدمار .معناها
الشقاء .معناها الضياع .ل إجابة غي هذه الجابة ف كل التاريخ!
وعب ثا حاول القرن الع شرون أن ين جو من قانون الف طرة الصارم .أو من عقو بة
الفطرة الت تصيب مالفيها.
وعبثا حاول أن يقول إنه ل توجد " فطرة ثابتة " للنسان!
وعبثا حاول أن يقول إن ما أصاب المم السالفة من الدمار مع النشاط النسي "
الر " لن يصيبه!
وعبثا حاول أن يقول إنه سيمنع الدمار قبل حدوثه لنه جيل واع فاهم عارف
دارس متعلم!
عبث ..كله!
إما تنظيم علقات النس بقيود من الدين والخلق والتقاليد ..وإما النفلت
الر ..والشقاء البشع والدمار الرهيب..
تلك هي " التمية " القيقية ..لنا حتمية الفطرة كما خلقها ال.
" ز»ي× ن Éل¼لنÌا س¼ ح» ب åال شÌهÉوÉات¼ م¼ ن Éالن× سÉاء¼ وÉاáلبÉن¼ ي ÉوÉالáق ÝنÉاط¼ي¼ الáم»قÝن ÓطÝرÉة¼ م¼ ن ÉالذهÉب
حيÉاة¼ ال åدنÓيÉا." (85) ... خيÓل¼ اáلم»سÉوÌمÉة¼ وÉالÝáأنÓعÉام¼ وÉالáحÉرÓث¼ ذÝل¼ك ÉمÉتÉاع» اáل É
وÉالáف¼ضÌة¼ وÉالÉ á
من ذا ا لذي ي لك عقل ف رأ سه ،ث ي ندفع وراء لو ثة الت طور ،أو وراء شهوة
الولد والبنات ،وهو يرى أمامه النتائج بالفعل ،منذرة بأبشع ناية للبشرية؟!
بل من ذا الذي ف قلبه ذرة حب لؤلء الولد والبنات ث ل يسك بجزهم أن
يتهاووا ف الاوية؟
إن علينا واجيا " إنسانيا " ضخما ،نؤديه لنفسنا .لنسانيتنا .لولدنا وبناتنا ،أن
نبصˆرهم بقيقة موقفهم وحقيقة الفطرة لكي ل يذهبوا ف طريق الضياع.
وقد يكرهوننا -نعم -ونن نبصرهم! كما يكره الطفل الطبيب ويسبه ويلعنه
وهو يقنه بالدواء!
ولكن أي أحق يلقي الدواء من يده لن الطفل يسبه ويلعنه؟ أو يتركه ف لوثة
المى لكي يبه؟!
أو إن كنا ل نريد أن نتعب خواطرنا ،أو كنا نن -كالولد والبنات -نريد
أن " ن ستمتع " .نر يد أن " ننت هب لذة الع يش " .نر يد أن ن لغ ف حأة ال نس ..فلن كن
صرحاء! ولن قل إن نا ه كذا " مب سوطون " مر تاحون مل تذون ل نر يد أن نف يق من د خان
الشيش والفيون .وليكن بعد ذلك ما يكن أن يكون!!
إن التمع الغرب -أو الشيوعي -ل يصل لصورة الفوضى الكاملة .فما زال فيه
أفراد فاضلون بل " متطهرون " .بل " متزمتون " يافظون على التقاليد وينظرون بتقزز
عنيف لتلك الفوضى النسية الضاربة بأطنابا هناك ..ومع ذلك ..مع أن الفوضى ل تصل
لصورتا الكاملة ..فإن بوادر النيار قد بدت واضحة تنذر بانيار التمع ،مع القلة القليلة
الفاضلة التبقية فيه ..فكيف إذا زادت عن ذلك ،وهي ما تزال ف طريقها إل الزيادة ،لن
الشياطي ل تشبع بعد ،ول تزل تطلب الزيد من التدمي؟!
وا لادلون يقو لون :ل هذا ول ذاك ..ل ا لتزمت ول البا حة ..شيء و سط بي
الطرفي التطرفي!
أكذو بة لطي فة مدرة! تر يح الع صاب من ع ناء التفك ي وال تدبي ،و حل ا لم،
ووجع القلب!
الو لد والب نت ي شتركان ف " الن شاط الجت ماعي " .ف الام عة بل شك .و ف
الدرسة الثانوية إذا أمكن .وف الشارع .والنادي .والـ...
تت رقابتنا!
ستتهذب م شاعرهم .و يذهب ا لوع الن سي النا شئ عن الر مان من ناح ية.
ويتعارف النسان من ناحية أخرى فل يصي كل منهما مهول من الخر متهيبا له ،تل
رأسه اليالت النحرفة عنه..
ولقد يدث فعل أن ييل ولد إل بنت ،أو بنت إل ولد ..أليس كذلك؟
فلنكن بعيدي النظر :هل الفضل أن يتم اللقاء خلسة ..أم تت رقابتنا؟!
فلنكن بعيدي النظر :هل الفضل أن يتزوج بنتا ل تعرفه أو يعرفها ..أم بنتا تعرفه
ويعرفها؟
شيء ôمن عبث Åجن سي؟! ل ضي الب تة .ترب يأ خذ من ها خبة ..والب نت؟
ستعرف صاحبها! تأ خذ موع ظة تنفع ها ف غفلت ها! هل أ نت ستحر سها إن شاءت أن
تفسد؟ كل! فلتتركها!
بدأت -وال! -بذا التفكي الخلص ل من جانب الشياطي الذين أوحلوا بلوثة
التطور وأوحوا بالنفلت من القيد والنطلق كاليوان ..ولكن ف أذهان الربي والباء
والمهات ،وربا بعض " رجال الدين " التطورين!
ث ..كانت النتيجة الت يشكو منها الربون والباء والمهات والساسة والعلماء..
و ..رجال الدين!
إنا الوسط التخيل الذي يراود الناس أحيانا ،فيودون -ف إخلص -أن يقفوا
عنده ،هو مرحلة من مراحل " التطور! " .مرحلة من مراحل النزلق ل تكون قد أبعدت
بعد ف البـوط! ولكنها مرحلة ل يكن الوقوف عندها أبدا .šتلك حتمية الفطرة! وتلك
تربة التاريخ!
لقد قال القرن التاسع عشر الذي بدأ تربة الختلط هذه :سنقف عند الرحلة
الأمونة .لن نوغل .لن نفقد أنفسنا .لن تبلعنا الوة ..لكن ل يقدر أن يفعل! بلعته الوة أو
كادت ف القرن العشرين!
والبطء الذي تتم فيه عملية النيار ،البطء الذي ياوز أعمار الفراد إل أعمار
الجيال ،هو الذي يغري الفراد بأن يعتقدوا أن الوقفة مكنة عند الد الوسط!
ليس " التطور " هو الذي يقول .ليس التفسي الادي هو الذي يقول .إنا تلك
حقيقة الفطرة .وهي " التمية " الفردة الصادقة ف كل هذه الباطيل.
وانظر إل التاريخ على نطاق واسع .انظر إل الجيال .ف اليل الواحد قد ل
تتغي الصورة كثيا .وإن كانت ف هذا اليل خاصة عنيفة التغيي ،لن الشياطي ينفخون
فيها بعنف عنيف .ولكن انظر إل رقعة واسعة لكي ترى الصورة على حقيقتها..
تلك حتمية الفطرة ..ف ناية الطاف! فطرة الفرد ..وفطرة الماعات!
ومع ذلك ففي هذا التمع ذاته ينتشر إل حد " الشبق " عشق الصور العريانة!
وتنتشر حوادث الغتصاب والطف النسي .والقتل بعد إتام الرية اللقية!
وفرن سا وسوي سرا وبلجي كا ..ن فس ال صورة ..ودول ال شمال " أر قى " بلد
الرض!
إجابة واضحة تعطيها الفطرة حينما تستأذن ف ارتياد الرض الرمة! إجابة ثابتة
ف التاريخ!
بلى! وبيلة!
إنا وضع نظاما " معتدل " وسطا ل يكبت الشاعر ول يطيل فترة الرمان.
فالكبت بعناه النفسي ،أي استقذار الدافع النسي ،أمر ل وجود له ف مفهوم
السلم ،الذي يضع علقة النسي ف النور الكامل ،ويقول إنا فطرة .وإنا فطرة سوية.
وإنا فطرة مصرح با ومرغوب فيها! " وإن ف بضع أحدكم لجرا !šقالوا يا رسول ال:
إن أحدنا ليأت شهوته ث يكون له عليها أجر؟! قال :أرأيت لو وضعها ف حرام أكان عليه
)(86
فيها وزر؟ قالوا :بلى! قال :فإذا وضعها ف حلل كان له فيها أجر! "
وتطويل فترة الرمان أمر يأباه السلم بكل وسائله! فهو يدعو دعوة صرية إل
التعجيل بالزواج .ويضع الترتيبات القتصادية الت تعي عليه ،با ف ذلك إعانة بيت الال
لل شبان ا لتزوجي! فالن ظام ال سلمي ن ظام م توازن ف جل ته تتنا سق ف يه الت صورات
العقتاد ية والتوجي هات اللق ية مع التنظي مات السيا سية والقت صادية ،وتتكا مل كل ها
وتتفاعل ،لنشاء متمع كامل فاضل .ومن ث فهو ل يكل مسألة التبكي بالزواج لرد
التوجيه ،ولكنه يكفل لا التحقيق بتيسي وسائل الياة العملية ف نظامه التكامل.
ولن نقف هنا طويل لنناقش إمكانية هذا المر ف تعقدات التمع الالية! فالبشر
مطالبون أن يكيفوا أوضاعهم على ضوء فطرتم ،ل أن يسخوا فطرتم على ضوء أوضاع
يضعون لا ف ذلة واستخذاء! ث ..إن التعقيدات القتصادية ليست هي السبب القيقي
ف إطالة فترة التعطل النسي الت تغري بالفساد! فالشباب ف أمريكا يتكسب ف سن
مبكرة جدا ،šث ينفق كسبه ف التعة الرام! لن هذا هو التوجيه الذي تصبه ف أعصابه
الشياطي! ول يعجز التمع المريكي الثري عن تنظيم عملية الزواج للشباب لو أراد ..لو
كفت عن تضليله الشياطي! والتمع الشيوعي تعوله الدولة! ول تعجز الدولة عن تنظيم
عملية الزواج للشباب لو أرادت ..لو ل يكن ف حساب القائمي عليها أن " الخلق "
خرافة ينبغي أن تباد! ومع ذلك فقد سعنا صيحة خروشوف النذرة بالوبال!
()86رواه مسلم.
)(87
أما نن -السلمي! -فنحن ل هنا ول هناك!
إنا يعنينا على أي حال أن نتبي طريقة السلم ف مسايرة الفطرة ،وتنظيم حياة
البشرية على أساسها .على القل .لكي نعرفها!
تنظيم يشمل الفرد والتمع ف ذات الوقت ،وبوسيلة واحدة مشتركة .فالتمع
النظيف التوازن ،تقوم فيه السرة النظيفة التوازنة ،الت ترب الفرد النظيف التوازن .والفرد
النظيف التوازن بدوره ينشئ السرة وينشئ التمع .ومن ث يعمد السلم إل تنظيف
ضمي ال فرد ،بر بط قل به وم شاعره بال ،وتربي ته ع لى طاعته ،وح به وخ شيته ،و ف ذات
ا لوقت ي ضع التنظي مات الجتماع ية والقت صادية والسيا سية ،والتوجي هات الفكر ية
والروحية الت ترسي التمع على قواعده السليمة ،الت تنشئ الفراد التوازني.
ويكره لا العمل الذي تتشبه فيه بالرجل ،ومع ذلك يبيحه إباحة كاملة ف حالة
الضرورة .ويشجع على الزواج وييسر وسائله ،ويدعو إل التبكي فيه .وينع إقامة علقات
جنسية خارج هذا النطاق.
وكلها ترتكن إل الفطرة ودوافعها و " حتمياتا " .كما ترتكن إل القائق الثابتة
ف حياة البشرية!
الت جاذب ب ي الن سي -ك ما قل نا -ف طرة ،حتم ية ا لدوث .وما دام الن سان
ليسوا أفرادا معدودين ،ولكنهم رجال كثي ونساء ،فقد لزم تنظيم التجاذب بينهما لكي
ل يؤدي إل الفوضى والضطراب.
وإباحة الختلط بل سبب ،وتبج الرأة وانشغال بالا بالفتنة والغراء ها اللذان
أفسدا الغرب وأنشآ تلك النذر الت شكا منها كنيدي وخروشوف ،والفلسفة والعلماء.
لقد كانت الرأة على عهد الرسول صلى ال عليه وسلم ترج وتعمل وتقاتل
وتعلم بنات جنسها ..كل ذلك بقدر الضرورة الواجبة لشخصها وللجماعة السلمة.
نعم .و ف الت مع ال سلم تقوم ب كل ت لك ا للوان من الن شاط ع ند القت ضاء .ف
التمع السلم .أي ف التمع النظيف الذي يعبد ال ،ويطبق شريعته ،ويأتر بأوامره .أما
ف غي هذا التمع فليس لا -أو لي أحد -أن يتج بالقوق أو الريات الت أعطاها
السلم للمرأة! وهي -والتمع معها -ل يطبقان ف حياتما هذا السلم.
ول يقل لا -بداهة -أن ترج متبجة شغلتها الفتنة! فإذا كانت اليوم -بكم
ال عدوى الت ية من ال غرب -ت صنع ذ لك ،ف هي و شأنا ..ول شأن لا بال سلم! ول
تتمحك ف السلم!
وما دامت ترج -ف التمع السلم -لذه الشئون ،فالعزلة الكاملة ليست قائمة
بي النسي .ولكن ل تقوم العلقات " الاصة " بي الشبان والفتيات ،والرجال والنساء.
ل يقوم نظام " الخدان " الذي يسمى " الصداقة " ف الغرب.
وهي ترج متشمة كشرط أساسي لقيام التمع السلم .تلك مسألة ل يكن أن
يتنازل عنها السلم!
وي قول د عاة الر ية ود عاة الت طور ود عاة ت طوير ال سلم )!( إن ال سألة عادة!
فنحن حي نعتاد أن نرى الرأة الاسرة عن شعرها وذراعيها وساقيها ..ل يدث شيء!!
ف مبدأ المر تدث هزة ..هزة الفاجأة .ث يصبح النظر عاديا جدا ..šل يثي شيئا على
الطلق .بل يصبح -عجبية! -أقل إثارة من الفتاة الغطاة الشعر والذراعي والساقي!
وسنسلم معهم -وال -بكل ما يقولون .ث نظل عند رأينا ..رأي السلم!
إن الذين يقولون إن منظر الرأة الاسرة ل يثي شيئا ف نفس الرجل حي يعتاد
عل يه ..أولئك ين ظرون إ ل الرقعة الصغية من التار يخ ..ول ين ظرون ف تاريخ الج يال!
ينظرون إل عقرب الساعات بضع دقائق ويقولون إنه ل يتحرك من موضعه ول يدل على
شيء!
ف و قت من الو قات كان الت مع ل يب يح ذ لك .عن إ يان .ويراع يه بد قة .ث
تنحل قليل روابط التمع ،ويفتر اليان ..فتخرج " الثالة " تاول أن تنتفش حي يف
عليها الضغط! ) (88عندئذ ترج أول فتاة حاسرة .ماذا تقصد؟ تقصد بل شك إثارة الفتنة
بذا الصنيع .وتدث الفتنة بالفعل .وتدث العدوى .فالتمع ف سبيل النلل .وتدث
ا لزة ا لول " .الطي بون " ي ستنكرون ،وا لبيثون ي ضون ف الطر يق ع لى حذر ف م بدأ
المر .ث ف استهتار حي تف حدة الستنكار..
وتف الزة فعل .يعتاد الناس على النظر الديد .يصبح عاديا حقا ل يثي شيئا
ف النفس .إنه جزء من " الروتي " اليومي يفقد دللته بعد حي ،لتبلد الواس عليه .كما
تتبلد حت على فعل السموم.
()88راجع فصل " الثابت والتطور ف كيان النسان " من هذا الكتاب.
هذه حقيقة..
ونصفها الخر هو الذي ينساه -أو يتناساه -دعاة الرية ودعاة التطور .ودعاة
تطوير السلم!
فإذا كان القدر -البسيط -من العري الذي تعرينه أصبح عاديا ..فل بد إذن
من الزيد ..بضعة سنتيمترات تتعرى من أي مكان .من صدر الفستان .من ظهره .من
تت الركبة..
وتعود الصيحة ..والزة ..وتعود فتفتر ..يصبح عاديا هذا القدر من " الفتنة " فل
يثي الفتنة! يصبح من روتي اليوم العتاد!
الق صد هو الفت نة! فإذا بط لت الفت نة بتعر ية ال صدر ،لن كل الفت يات يعر ين
صدورهن ،والشبان اعتادوا الن ظر وتب لدت حوا سهم عل يه ،فل بد من شيء جد يد يثي
الفتنة ويزيد الغراء ..تعرية جديدة .بدعة جديدة ف الشي .خلعة ف الضحكة ..تبدل
ف الخلق ..أي إثارة ..القصد هو الفتنة!
والبكة ف " الودة " وبيوت الزياء! والسينما والتليفزيون! تلتقط اليط الابط،
وتزيد هبوطا ف المأة!
ل تقف العجلة!..
والطيبون الخدوعون .الذين يظنون أنم يستطيعون وقف العجلة عند حد معي..
علي هم أن يفي قوا من غفلت هم ،ل يوا أ ين :ف أي م كان ف ا لرض ،و ف أي ع صر ف
التاريخ ،أمكن وقف العجلة عند الد " العقول "! وما الد العقول؟! وعليهم أن ينظروا
ف التمع الاضر من حولم ليوا كيف ومت يكن وقف العجلة الندفعة ف طريق الفتنة
والغراء ..والتردي ف الفاحشة ..والتحلل من كل رباط..؟!
كل! ل ت قف العج لة ..ت لك شهادة ال قرن الع شرين ،ف كل ا لرض ..و هي
كذلك شهادة التاريخ..
إنا التمية الوحيدة الصادقة لنا حتمية الفطرة التس تقول إنه ل ش¼بع للشهوات
إل بالضبط وبالتقييد!
من أجل ذلك ل يبيح السلم الفتنة والغراء ..ول يبيح الفاحشة ..ويصر على
الشمة ف الزي وف الشية وف الديث ،للرجل وللمرأة سواء:
" ق Ôل áل¼ áلم»ؤÓم¼ن¼يÉ Éيغ»ضåوا م¼ ن ÓأÓÝبصÉار¼ه¼م ÓوÉيÉحÓف ÝظÔوا فÔر»وجÉه» م ÓذÝل¼كÝ Éأز ÓكÝى لÝه» م Óإ¼ن الله
Éخب¼ ي¼ äبمÉا يÉصÓنÉع»ونÉ ،Ýوق Ôل¼ áللáم»ؤÓم¼ نÉات¼ ÉيغÓض»ضÓن Éم¼ نÝ ÓأبÓصÉار¼ه¼ن ÌوÉيÉحÓفÝظ áن ÉفÔر»وجÉه» ن Ìو*ل ي( ب'د-ين
-ن عÉلÝى »جي»و¼به¼ن ÌوÉل »يبÓد¼ين Éز¼ينÉتÉه»ن Ìإ¼لا ¼لب»ع»ول¼Ýته¼ن ز-ي*نت*ه( ن® -إل¶ا م*ا ظµه*ر* م-ن'ه*ا وÉلáيÉضÓر¼بÓن- Éبخ(م(ر-ه Ì
أÝو ÓآبÉائ¼ه¼ن ÌأÝو ÓآبÉاء¼ ب»ع»ولÝت¼ه¼ن ÌأÝو ÓأÓÝبنÉائ¼ه¼ن ÌأÝو ÓأÝبÓنÉاء¼ ب»ع»ولÝت¼ه¼ن ÌأÝو Óإ¼خÓوÉان¼ه¼ن ÌأÝوÉ Óبن¼ي ¼إخÓوÉان¼ه¼ن ÌأÝو ÓبÉن¼ي
أ ÝخÉوÉات¼ه¼ن ÌأÝو¼ Óن سÉائ¼ه¼ن ÌأÝو ÓمÉا مÉلÝك Ýت ÓأÝي ÓمÉان»ه»ن ÌأÝو¼ ال تÌا¼بع¼ي Éغ ÝيÓر¼ أÔو ل¼ي اáلأ¼ر ÓبÉة¼ م¼ ن Éالر× جÉال¼ أÝو
خف¼ ي Éم¼ن الطØف áل¼ ال ذ¼ينÝ Éل مÉ Óيظ áهÉر»وا ع ÉلÝى عÉوÓرÉات¼ الن× سÉاء¼ وÉل ي ÉضÓر¼بÓن Éب¼أÝرÓج»ل¼ه¼ن¼ Ìلي»عÓل Ýم ÉمÉا ي» Ó
ز¼ينÉت¼ه¼ن ÌوÉت»وب»وا إ¼لÝى الله¼ Éجم¼يعا šأÝيåهÉا اáلم»ؤÓم¼ن»ون ÝلÝعÉلكÔم» Óتفáل¼ح»ون " ." (89) ÝفÝل تÉخÓضÉعÓن Éب¼اáلقÝوÓل
ÝفيÉطáمÉع Éالذ¼ي ف¼ي قá Ýلب¼ه¼ مÉرÉض " ." (90) äوÉل ÉتبÉرÌجÓنÉ ÉتبÉرåج ÉاáلجÉاه¼¼ليÌة¼ اáلأÔولÝى )" (91
الدمار الرهيب الذي بدأ يهدد الغرب ..ويؤذن غدا بتدمي البشرية!!
إ نا تن بع من الف طرة .من مكو نات الن فس الب شرية .من قوة ا لذب ب ي شقي
النسانية .جذب إما أن ينظم ..وإما أن ينفلت قياده بل نظام..
وكل دعاوى التطور ..وكل النيات السنة الت تتعلق بأمل الوقوف عند " الد
العقول " ..الوقوف قبل الاوية ..اليلولة دون الندفاع الطر ..الـ ..الـ ..كلها تقف
مذولة أمام شهادة القرن العشرين ..وشهادة التاريخ.
إن ح قائق التار يخ وح قائق الف طرة أ مور جادة ل تت مل الع بث ..ول تت مل
التضليل! وكذلك ل تتمل الخالفة!
)(92
سن¼ Ìة الله¼ ÉتبÓد¼يل" š
" س»نÝ Ìة الله¼ ف¼ي الذ¼ي Éن ÉخلÝوÓا م¼نÝ ÓقبÓل ÔوÉلÝنÉ Óتج¼د Éل¼ »
" إننا ل نستطع التمييز بي المنوع والشروع .لقد نقضنا قواني الطبيعة فارتكبنا
بذلك الطيئة العظ مى ،الطيئة ا لت ي عاقب مرتكب ها دائ ما ..فال ياة ل تع طي إل إجا بة
واحدة حينما تستأذن ف السماح بارتياد الرض الرمة ..هي إضعاف السائل .ولذا فإن
الضارة آخذة ف النيار " ]ألكسس كاريل[.
وقد أطلقها دركاي كلمة خبيثة ل يثبتها بدليل ..وإنا تركها تشكك الناس ف
مقدساتم وف فطرتم ،حي قال إن السرة ليست نظاما فطريا!!
وشهادة ألوف السني وعشراتا ..ليست ف نظره ذات دللة! ول تشهد -ف
نظره -باتاه الفطرة!
وما البديل؟ ما البديل حي يصدر " العقل المعي " أمره -سبحانه! -بتحطيم
السرة والعدول عنها؟
السرة هي الت تلب كل دوافع الفطرة .دافع النس .والرغبة ف النسل .والرغبة
ف " الستحواذ " .وف " المتداد " و " البوز " .وف السكن والستقرار..
وذ لك فوق أ نا ضرورة " فطر ية " لترب ية الط فال ،ل تغ ن عن ها الا ضن ول
ا لدارس ول الترب ية المع ية ا لت تطبق ها الن ظم المع ية الدي ثة] .را جع شهادة ألك سس
كاريل ص 118من هذا الكتاب ،وشهادة أ̂نا فرويد ف كتابا " أطفال بل أسر " حيث
تت حدث عن الختللت النف سية والع صبية ا لت تن شأ من و جود عدد كبي من الط فال
يشتركون ف أم واحدة هي الاضن الربية ،ضد الفطرة الت تعل الطفل ف سنتيه الوليي
على القل ف حاجة إل أم كاملة ل يشركه أحد فيها[.
وإذ كانت السرة ضرورة ثابتة للبشرية ،ل تلغيها تطورات النتاج ول تطورات
القت صاد ] حت وإن كانت تن حرف با ف ع صر من الع صور الفا سدة ،ك ما حدث ف
اليونان القدية وف الغرب الديث[ فهي ف حاجة غلى نظام ثابت مثلها ينظم أركانا
ويرسي قواعدها .وقد أعطاها السلم التشريع الثابت الذي يكفل استقرارها وتكنها.
أعطا ها ت شريعات الط بة وا لزواج والطلق وال ضانة والن فاق .وال صلح
والصام .والنشوز من أحد الزوجي .كما حدد حقوق الزوج وحقوق الزوجة وحقوق
الط فال الاد ية والعنو ية .و حدد " آداب " ال سرة ،وآداب الت مع ك له تاه ال سرة
وعلقات الزواج..
وأع طى ذ لك ك له صفة الث بات ..ل نا أمور مرتكنة مبا شرة ع لى الف طرة .ع لى
ا لانب ال ثابت من الك يان الب شري .ع لى و جود الر جل من طرف ،وا لرأة من طرف،
والتجاذب الدائم بينهما الذي ل بد أن يفضي إل اللقاء.
و " التطور يون " يقو لون إن ن ظم ال سرة ل يوز أن ت كون ثاب تة .ل نا ت تأثر
بالتطورات العلمية والقتصادية والجتماعية والسياسية..
ا لرأة ال يوم قد ا ستقلت اقت صاديا .و صارت تع مل .و صارت ا لدوات العلم ية
الديثة تيسر لا شئون النل ،فلم تعد تشغل بالا ول وقتها كما كانت من قبل ،ونشأ
ع ندها " فراغ " ل بد أن تق ضيه ف " الت مع " ب صورة من ال صور ،وطا قة ل بد أن
توجه ها للن شاط " الجت ماعي " .ك ما أن ال ستقلل القت صادي ل ي عل للر جل ذ لك
ال سلطان ا لذي أع طاه له ال سلم ]ا لذي ن شأ ف مت مع -ل نن سى! -م تأخر! بدوي
رعوي![ ..ال ..ال.
وقد ناقشت تلك الدعاوى ف كتب سابقة .ولكن ل بأس هنا بالزيد!
إن ال ستقلل القت صادي ا لذي ت فرح به ا لرأة الغرب ية الدي ثة ،وا لذي كلف ها
ال صول عل يه أن ترج من دين ها وأخلق ها وتقال يدها ،كانت ق ضية م سل¿مة ف الن ظام
السلمي ل تتاج إل جهاد ..و ..ل يترتب عليها إفساد السرة!
وإن " العمل " الذي اضطرت إليه الرأة الغربية اضطرارا šاقتصاديا ،šواضطرت فيه
كذلك إ ل الت نازل عن أخلق ها لتأ كل ..حق أع طاه ال سلم لل مرأة ..ول كن دون أن
يضطرها إل التبذل ،ودون أن يقبل منها -أو من الرجل -ذلك التبذل.
إن السلم -رغم إعطاء الرأة الستقلل القتصادي الكامل ،ورغم تقرير حقها
-عند التطبيق الواقعي -ف أن تعمل وترج إل " التمع " للضرورة ..أقام السرة على
أساس أنا " أنثى " ل رجل! أنثى تقوم بالهمة الفطرية للنثى ،وتتكيف نفسيا وعصبيا
بذه الهمة ،وتتخصص لا ،وتطلق فيها طاقتها اليوية وتبذل فيها نشاطها .ث ترعاها.
ترعى نتاجها الطبيعي ،وتنحها الو العاطفي الذي يسكها ويافظ على روابطها .وكفل
لا مقابل ذلك أن يعولا الرجل -ل ليسلبها حق الستقلل القتصادي ]فهو مكفول[
ول لي سلبها حق الع مل ]ف هو مك فول كذلك ع ند ال ضرورة .ضرورتا هي الفرد ية أو
حاجة التمع إليها[ -ولكن لكي ل تشغل بالا وأعصابا بإعالة نفسها وهي متزوجة وف
ك نف ر جل ،حت ت توفر لا شحنتها الكام لة من أ جل مهمت ها القد سة :مه مة الن تاج
الب شري ور عايته .بين ما ين صرف الر جل للن تاج ا لادي ور عايته ،متخص صا له ،مطل قا
شحنته العصبية فيه.
وال غرب ا لديث -ب كم ظرو فه أو ب كم انرا فاته -قد أ ب ال ستماع ل نداء
الفطرة ،وتنظيمها الطبيعي ،وزعم أنه " سيطور " علقات السرة ،ويطور وضع الرأة ،بل
يطور كيان الرأة ذاتا من الداخل لتصبح ملوقا šجديدا šمتطورا غي ما أرادته لا عصور
الظلم! ملوقا " مساويا " للرجل ف كل شيء .كل شيء على الطلق!
لنسمع هنا شهادة " العلم " ..وهي جزء من شهادة القرن العشرين!
" إن الختل فات الو جودة ب ي الر جل وا لرأة ل تأت من ال شكل ا لاص
للع ضاء التنا سلية ،و من و جود الر حم وال مل ،أو من طري قة التعل يم .إذ أ نا ذات
طبيعة أكثر أهية من ذلك ..إنا تنشأ من تكو•ن النسجة ذاتا ،ومن تلقيح السم كله
بواد كيماوية مددة يفرزها البيض ..ولقد أدى الهل بذه القائق الوهرية بالدافعي
عن النوثة ،إل العتقاد بأنه يب أن يتلقى النسان تعليما[ واحدا[ ،وأن ينحا سلطات
واحدة ومسئوليات متشابة ..والقيقة أن الرأة تتلف اختلفا كبي[ا عن الرجل .فكل
خلية من خليا جسمها تمل طابع جنسها .والمر نفسه صحيح بالنسبة لعضائها..
وفوق كل شيء بالنسبة لهازها العصب .فالقواني الفسيولوجية غي قابلة للي ،شأنا
شأن قواني العال الكوكب فليس ف المكان إحلل الرغبات النسانية ملها .ومن ث
فنحن مضطرون إل قبولا كما هي .فعلى النساء أن ينمي أهليتهن ،تبعا[ لطبيعتهن،
دون أن ياولن تقليد الذكور .فإن دورهن ف تقدم الضارة أسى من دور الرجال.
فيجب عليهن أل يتخلي عن وظائفهن الدودة " ]ص .[114
" ...وعلى أي حال يبدو أن النساء -من بي الثدييات -هن فقط اللئي يصلن
إل نوهن الكامل بعد حل أو اثني .كما أن النساء اللئي ل يلدن لسن متزنات توازنا
كامل كالوا لدات .ف ضل عن أ نن ي صبحن أ كثر ع صبية من هن .صفوة ال قول أن و جود
الن ي ،ا لذي تت لف أن سجته اختل فا كبيا šعن أن سجة ا لم ،ب سبب صغرها ،ول نا -
جزئيا - šمن أنسجة زوجها ،يدث أثرا šكبيا šف الرأة .إن أهية وظيفة المل والوضع
بالن سبة ل لم ل تف هم حت ا لن بدر جة كاف ية .مع أن هذه الوظي فة لز مة لكت مال نو
الرأة .ومن ث فمن سخف الرأي أن نعل الرأة تتنكر للمومة .ولذا يب أل تلقن الفتاة
التدريب العقلي والادي ول أن تبث ف نفسها الطامع الت يتلقاها الفتيان وتبث فيهم..
يب أن يبذل الربون اهتماما شديدا šللخصائص العضوية والعقلية ف الذكر والنثى .كذا
لوظائفه ما الطبيع ية .فه ناك اختل فات ل تن قض ب ي الن سي ،و لذلك فل م ناص من أن
نسب حساب هذه الختلفات ف إنشاء عال متمدين "] .ص .[117 - 116
" أليس من العجيب أن برامج تعليم البنات ل تشتمل بصفة عامة على أية دراسة
مستفيضة للصغار والطفال ،وصفاتم الفسيولوجية والعقلية؟ يب أن تعاد للمرأة وظيفتها
الطبيعية الت ل تشتمل على المل فقط ،بل أيضا šعلى رعاية صغارها "] .ص .[368
ت لك شهادة عال طبيب ،ل يستمد " رجعي ته " من الفاهيم الدينية ،ول كن من
حقائق العلم العملية!
وهذه شهادة طبيبة نسوية التقت با الدكتورة بنت الشاطئ ف النمسا ،ونشرت
حديثها عنها ف جريدة الهرام بعنوان " جنس ثالث ف طريقه إل الظهور ":
" ..شاءت الظروف أن أذهب ف عطلة الحد ،لزيارة صديقة ل طبيبة بإحدى
ضواحي " فينا " -بعد أسبوع مرهق قضيناه بي أوراق البدى العربية ف دار الكتب -
وكنت أحسب أن يوم الحد هو أنسب وقت لثل تلك الزيارة .فما كان أشد عجب
حي فتحت ل صديقت باب بيتها معجلة ،وف يدها " بطاطس " تقشره .ث قادتن ف
لطف إل مطبخها لنأخذ ملسنا هناك.
قلت ضاحكة :أما العمل يوم الحد فربا فهمته .وأما اشتغالك بالطبخ مع ما
أعرفه من إرهاق مهنتك ،فهذا ما ل أنتظره.
ولا سألتها عن سر هذا القلق -مع استقرار الوضع الجتماعي للمرأة الغربية -
أجابت بأن ذلك القلق ل صلة له بتاعب النتقال الفروضة على جيل الطليعة من نساء
ال شرق! وإ نا هو صدى شعور ب بدء ت طور جد يد يتو قع حدوثه عل ماء الجت ماع
والفسيولوجيا والبيولوجيا ف الرأة العاملة ،وذلك لا حظوا من تغي بطيء ف كيانا ،ل
يثر النت باه أول ا لمر ،لول ما سجلته الح صاءات من ا طراد الن قص ف الوال يد ب ي
العاملت .وكان الظنون أن هذا النقص اختياري مض ،وذلك لرص الرأة العاملة على
التخفف من أعباء المل والوضع والرضاع ،تت ضغط الاجة والستقرار ف العمل.
ولكن ظهر من استقراء الحصاءات أن نقص الواليد للزوجات العاملت ،ل يكن أكثره
عن اختيار ،بل عن عقم استعصى علجه .وبفحص ناذج شت منوعة من حالت العقم
اتضح أنه ف الغالب ل يرجع إل عيب عضوي ظاهر ،ما دعا العلماء إل افتراض تغي
طارئ على كيان النثى العاملة نتيجة لنصرافها الادي والذهن والعصب -عن قصد أو
غ ي ق صد -عن م شاغل المو مة ،ودن يا حواء ،وت شبثها ب ساواة الر جل ،وم شاركته ف
ميدان عمله.
واستند علماء الحياء ف هذا الفرض -نظريا -إل قانون طبيعي معروف ،وهو
أن " الوظيفة تلق العضو " ومعناها فيما نن فيه أن وظيفة المومة هي الت خلقت ف
حواء خصائص ميزة للنوثة ،ل بد أن تضمر تدرييا بانصراف الرأة عن وظيفة المومة
واندماجها فيما نسميه " عال الرجل ".
" ث تابع العلماء هذا الفرض ،فإذا التجارب تؤيده إل أبعد ما كان منتطرا ،šوإذا
بم يعلنون -ف اطمئنان مقرون بشيء من التحفظ -عن قرب ظهور " جنس ثالث "
تضمر فيه خصائص النوثة الت رسختها المارسة الطويلة لوظيفة حواء.
وثارت اعتراضات ..منها :أن كثرة العاملت ينفرن من العقم ويشتهي الولد.
ومنها :أن التمع الديث يعترف بالعاملة الم ويمي حقها ف العمل ،ويتيح لا بكم
القانون ،فرصة المع بي شواغل المومة وواجبات العمل .ومنها :أن عهد الرأة بالروج
من دنياها الاصة ل يتعدى بضعة أجيال ،على حي يبلغ عمر خصائص النوثة فيها ما ل
يصى من دهور وأحقاب.
وكان الرد على هذه العتراضات :أن اشتهاء الزوجة العاملة للولد يالطه دائما
الوف من أعبائه ،والشفاق من أثر هذه العباء على طمأنينة مكانا ف مل العمل .ث إن
العتراف بالعاملة الم قلما يتم إل ف حدود ضيقة ،تت ضغط القانون .وما أكثر ما يد
أصحاب العمل فرصتهم لتفضيل غي المهات .وأما قصر عهد الرأة بالروج ،فيد عليه
بأن هذا ا لروج -ع لى قرب الع هد به -قد صحبه تن به حاد إ ل ال ساواة بالر جل،
وإ صرار عن يد ع لى الت شبه به ،ما ع جل ب بوادر التغ ي ،لع مق تأثي ف كرة ال ساواة ع لى
أعصاب الرأة ،وقوة رسوخها ف ضميها.
وما يزال الهتمون بذا الوضوع يرصدون التغيات الطارئة على كيان النثى،
وي ستقرئون ف اهت مام بالغ دللت الر قام الح صائية لالت الع قم ب ي ال عاملت،
والعجز عن الرضاع لنضوب اللب ،وضمور العضاء الخصصة لوظيفة المومة ".
إ نا ت قول شيئšا وا ضحا šمددا ..šإن ا لرأة ينب غي أن ت كون " أ نثى " .وينب غي أن
تت فرغ لوظيفت ها الطبيع ية ا لول ..الا مة .الط ية .القد سة .ول تف ت عن ها بأ ية وظي فة
أخرى قد تستطيعها ،وقد تتقنها ،وقد تبذ فيها الرجال ..ال ،ولكنها ليست وظيفتها!
وليس من صالها هي -كامرأة -أن تستبدل با وظيفتها! كما أنه ليس من مصلحة
النوع البشري أن تتل وظائف النسي فيه ،أو أن يتل كذلك تركيبهما العضوي ،فوق
اختلل تركيبهما النفسي والعصب!
وتنظ يم ال سلم لل سرة قائم ع لى ت لك " الف طرة " ..الثاب تة ا لت ل تت بدل إل
بالنراف .وتلك نتائج النراف كما يرويها " العلم " الايد ،الذي تشترك فيه الطبيبة
مع الطبيب!
ولكن الهم أن السلم -وهو ياري الفطرة ف تصيص الرأة لوظيفتها -ل
ي عل ذ لك -بأي شكل من ال شكال -و سية ل ستلب إن سانية ا لراة أو تقي ها أو
إهانتها ..السلم! نن نتكلم عن متمع يتعامل بالسلم ل عن أي متمع منحرف يسيء
فهم السلم ،أو يسيء استخدام السلطة الت منحها للرجل ف بعض الواضع ،أو ل يترم
روحه ونصوصه الت تقول " :وÉعÉاش¼ر»وه»ن Ìب¼الáمÉعÓر»وف¼ " ) (93وتقول " :بÉعÓض»كÔم Óم¼ن ÓبÉعÓض
" ) .(94وتقول " خيكم خيكم لهله ]أي لزوجته[ وأنا خيكم لهلي " ).(95
ث إن السلم ،وهو يصص الرأة للسرة ..لرعاية النتاج البشري ..ل يضعها
هناك لنه يهمل كيانا أو ل يسب حسابا ف تنظيم الياة البشرية وتنظيم " التمع "!
كل! إنه يعهد إليها بصيانة قدس من أقداس السلم والتمع السلمي .فالسرة ف نظر
السلم -وكذلك هي ف الواقع -هي الضن الذي يترب فيه الطفل ،ويتشرب أخلق
السلم وعقائده وشرائعه .وهذه الهمة الضخمة الطية الائلة ،الت تترتب عليها كل
أ ما ال فراغ الز عوم ،ا لذي ت سعى ا لرأة الغرب ية الدي ثة إ ل ملئه بالع مل تارة،
وبالن شاط " الجت ماعي " تارة ..والفساد ف الن تديات وأماكن اللهو و " الحتفالت "
تارة أ خرى ..ف هو فراغ مفت عل .ن شأ أول من إقا مة ن ظم اقت صادية واجتماع ية فا سدة،
وتوجيهات نفسية وخلقية فاسدة .تتجه كلها إل تأخي الزواج وتأخي إناب الطفال .ث
تقليل عدد الطفال ..فينشأ الفراغ ..الناف للفطرة .ونشأ ثانيšا من الظن الاطئ بأن أي
أحد غي الم يستطيع أن يقوم بالتربية ويعفي الم منها ..فينشأ الفراغ ..الناف للفطرة!
إن التربية " بالملة " ف الاضن وما أشبهها ترج أجيال شاذة منحرفة ناقصة
الدمية ..ث إنا تشغل فتيات بدور المومة الصناعية وهن مرومات من المومة القة! ث
تقوم بركة بلوانية منونة غي عاقلة الدف :تعمل الرأة لتكسب لتستطيع النفاق على
الاضنة الت ترب لا طفلها ف أثناء العمل!! وف الطريق :يرم الطفل من أمه القيقية،
وترم الاضنة من المومة!!
مموعة عجيبة من الختللت ..ل تدث إل ف قمة " الضارة! " الت يارسها
الغرب ف القرن العشرين!!
"خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها ،وبث منهما رجال كثيا[ ونساء".
إنا قضية التمع الكون من رجال ونساء ،مشتقي ف الصل من النفس الواحدة
الت خلقها ال.
وقد أخذنا جزءا من هذه القضية فيما سبق حي تعرضنا لعلقة النسي ف داخل
التمع .فالن نكمل الديث عنها فيما سوى علقة النس.
إن ت كون الت مع من ا لفراد :من الر جال والن ساء ،ق ضية ثاب تة ل نا ت ستند إ ل
حقيقة ثابتة ل تغيها تطورات العلم ول تطورات التاريخ.
وقد استلزم وجودها وجود علقات معينة ثابتة بي الفرد وبقية الفراد .أي بي
الفرد والتمع.
ون بدأ بناقشة ت لك ال سطورة ا لت زعمها در كاي ..أسطورة " العقل المعي "
الذي يكم الفراد بغي مقتضى فطرتم ،ويفرض عليهم ما ل يرغبون فيه بطريقة القهر
الجت ماعي ا لذي ل ي لك ال فرد رده ول الت صرف ف يه .إ نا أ سطورة عجي بة إن ل ن قل
كذلك خبيثة فقد انتهى منها كما رأينا إل أن السرة ليست فطرة ]أي أن البديل -وهو
الفوضى النسية -مكن الدوث بصورة طبيعية إذا أراد ذلك العقل المعي![ والدين
ليس فطرة ]أي أن البديل -وهو التحلل الدين -مكن الدوث بصورة طبيعية إذا أراده
الع قل الم عي[ وأن الر ية لي ست ظاهرة اجتماع ية معت لة! وإ نا هي ظاهرة اجتماع ية
طبيعية ومفيدة للمجتمع!! ]كتاب قواعد النهج ف علم الجتماع )ص 118من الترجة
العربية( " :ومن ث تكاد تكون الرية الظاهرة الوحيدة الت تنطوي بصفة ل تقبل الشك
على جيع أعراض الظاهرة السليمة " ص " 119ولكن معن ذلك أيضا أننا نؤكد من
جهة أخرى أن الرية عامل ل بد منه لسلمة التمع .وأنا جزء ل يتجزأ من كل متمع
سليم "![.
إن هذه السطورة كلها تقوم على شيء واحد :أن النسان الفرد يقوم ف أثناء
وجوده ف " الماعة " بأعمال قد ل يرضى عنها أو يرغب فيها .بل قد يستنكرها إذا
خل لنفسه فيما بعد!
إن هؤلء ال سادة " العل ماء " الك بار يغف لون عن حقي قة " فطر ية " كبية ،هي
ازدواج الطبيعة النسانية ) (96ويفسرون النسان دائما بأحد جانبيه دون الخر ،ومن ث
يتمح لون ال سباب ل لوجه ا لخر -الو جود دائ ما -فيف سرونه بتف سي آ خر " خارج "
كيان النسان! فتارة يكون الادة .وتارة يكون التمع .وتارة يكون!...
إن من ال طوط التقاب لة ف الن فس الب شرية :الفرد ية والماع ية .وال سلبية
واليابية .كلها موجود وجودا فطريا ف النسان .كلها أصيل .ليس أحدها مفروضا
على النسان من خارج كيانه .وكلها يؤثر فيه .وهو قابل للتأثر من كل طرفيه بصورة
فطرية ،ل من طرف واحد فحسب.
والذي يعل النسان ف التمع يقوم بأعمال ل يرضى عنها كفرد ،بل يستنكرها
حي يلو إل نفسه ،ليس هو " القهر الجتماعي " ف كل حالة ،وإنا هو ف كثي من
الالت " الشاركة الوجدانية "! أي الرغبة -الفطرية -ف مشاركة الخرين ولو على
حساب الكيان الفردي ،لفترة من الوقت وليس كل الوقت!
وا لذي ي هدم د عوى در كاي ،أن الق هر الجت ماعي -و هو حقي قة ف كثي من
الالت -ل يستطيع مهما أوت من قوة وضغط أن يلغي فطرة الفرد .فطرة النسان.
وإن كبتها إل حي .فكل الضغط الذي مارسته الشيوعية ل يستطع إلغاء النعة الفردية
للتم لك! فا ضطرت ال شيوعية إ ل ا لتراجع! ك ما أن " ال ثورات " هي الت عبي ا لدائم عن
رفض الضوع للقهر .ومع أن الثورة ذاتا ظاهرة " جاعية " إل أنا ول شك تتجمع من
ن فوس ا لفراد .بل قد ت بدأ ب فرد وا حد ثأئر ،ي مˆع حوله ا لخرين .يمع هم من دا خل
فطرتم .من عدم رضاهم عن القهر.
فالماعية الت تطغى أحيانا على الفرد .والسلبية الت تسكت أحيانا على القهر،
كلتاها نزعة فطرية .ومن ث تصبح كل الظواهر الجتماعية ف النهاية فطرية .سواء كانت
سليمة أو معت لة .فالفطرة عر ضة لل نراف وعر ضة للع تدال .ومن اع تدالتا وانرافا تا
تنشأ اعتدالت الفرد وانرافاته ،واعتدالت التمع كذلك وانرافاته.
والقانون الثابت الذي ينبغي أن يكم علقة الفرد بالتمع ،هو أنما ناشئان معا
من النفس الواحدة .فليس أحدها " أقدس " من الخر ،وليس لحدها حرمات أكثر من
الخر!
ومن ذلك نشأت -ف السلم -نظرية الدود أي العقوبات الددة من ال.
ونشأ كذلك ثبات هذه الدود.
إن العقو بة ف طبيعت ها ،و ف ثبا تا ،ت ضع لذه القي قة الثاب تة :و هي أن الر جال
الكثيين والنساء ]الك̂وني للمجتمع[ منبثون من ذات النفس الواحدة .ومن ث فحقوقهم
" النسانية " جيعا واحدة وحرماتم واحدة.
حرمة الدم ،وحرمة العرض ،وحرمة الال ،حرمات متساوية .وثابتة .ل تغيها
التطورات.
وعقو بات ال عدوان ع لى حر مات ا لدم وال عرض وا لال كذلك عقو بات ثاب تة ل
تغيها التطورات.
ومن ث جاءت ف السلم عقوبات القتل ]وما دونه من جراح[ والزنا والسرقة.
والفساد ف الرض الذي يشمل الرائم السابقة جيعا ويزيد عليها فتنة الناس ف أمنهم
وعقيدتم.
أما عقوبة الردة فهي مرتبطة بالعقيدة ف ال .وهي عنصر كذلك دائم وثابت ف
حياة البشرية.
وقد تدث كثيون عن " التطور " ف النظر إل العقوبة ،وتذلق كثيون وهم
يشيون إل أباث علم النفس الديث -والتحليلي خاصة -ف طبيعة الرية ،وأباث
علم الجتماع ،وعلوم كثية أخرى تبحث ف هذا اليدان..
ق سوة .رجع ية .تأخر .عدم ا حترام إن سانية ال فرد .الن ظرة النتقام ية ل الن ظرة
العلجية ..ال ..ال.
وف كتاب " النسان بي الادية والسلم " فصل كامل عن الرية والعقاب.
وف كتاب " قبسات من الرسول " فصل آخر بعنوان " ادرءوا الدود بالشبهات " .ول
أملك هنا إل تلخيص الفكرة ف سطور.
إن كل " التطور " " والتقدم " " والتحضر " ل يستطع أن يضيف جديدا šلفكرة
السلم! بل ل يصل بعد إل عدالة السلم ،ونظرته التربوية والتوجيهية.
ث بعد ذلك -بعد أن يهيء الوقاية الطلوبة .بعد أن ل يعود هناك دافع معقول
للجرية -يأخذ ف تطبيق العقوبة!
فأية عدالة !..وماذا أضاف التطور والتقدم والتحضر إل تلك القمم العالية .بل
ماذا يكن أن يضيف؟! بل ماذا بلغ ،وماذا يكن أن يبلغ؟!
" روي أن غلمانا لبن حاطب ابن أب بلتعة سرقوا ناقة لرجل من مزينة ،فأتى
بم عمر ،فأقروا ،فأمر كثي بن الصلت بقطع أيديهم ،فلما ول رده .ث قال :أما وال لول
أن أعلم أنكم تستعملونم وتيعونم حت إن أحدهم لو أكل ما حرم ال عليه لل له،
لقطعت أيديهم .ث وجه القول لبن حاطب ابن أب بلتعة فقال :وأين ال إذ ل أفعل ذلك
لغرمنك غرامة توجعك! ث قال :يا مزن بكم أريدت منك ناقتك؟ قال :بأربعمائة .قال
عمر لبن حاطب :اذهب فأعطه ثانائة "!
ذلك هو السلم! إنه ل يوقع العقوبة على السارق -حي رأى أن " التمع "
هو الذي يدفعه إل السرقة -بل وقع العقوب ف الواقع على هذا التمع الظال مثل ف
صاحب رس ا لال! وذ لك ق بل الت شدق بالبحوث النف سية والب حوث الجتماع ية
والقتصادية بأكثر من ألف عام!
وعقوبات السلم كلها منظور فيها هذه النظرة .وقاية التمع أول من أسباب
الرية .بالتشريع والتوجيه معا .ث النظر ف كل حالة مفردة للتأكد من دوافع الرية فيها.
ودرء العقوبة بالشبهة.
والهم هنا أن نثبت أن هذه الدود ثابتة ،لنا ترتكز على عوامل ثابتة .مع ما
فيها من " الرونة " السلمية الت تعلها تتسع لميع الالت ،وتردها إل مقياس العدالة
الثابت ف جيع الحوال.
وقد مر بنا من قبل ف الديث عن القضية الثانية :قضية وحدة البشرية وأخوتا،
كلم يدخل ف قضية الفرد والتمع ،فيحسن أن نذكر به ف ظل القضيتي التداخلتي ف
حقيقة المر:
إن علقة التمعات -الناشئة من نفس واحدة -ليست علقة الصام والرب:
" وÉجÉعÉلáنÉاكÔم Óش»ع»وبا šوÝÉقبÉائ¼ل Ýل-ت*ع*ار*́فوا " ) (98فالدف الخي هو التعارف .هو السلم
الذي يدخل فيه الناس كافة .التعارف بكل الوسائل الت تؤدي إليه.
والرمات تصان لميع الناس ل لطائفة دون طائفة ول لفرد دون فرد.
" م¼ن ÓأÝجÓل¼ ذÝل¼ك ÉكÉÝتبÓنÉا عÉلÝى Éبن¼ي إ¼سÓرائي Ýل ÝأنÌه» مÉنÝ ÓقتÉل ÝنÉفáسا šب¼غÉيÓر¼ Éنفáس ÅأÝوÝ ÓفسÉاد Åف¼ي
اáلأÝر Óض¼ فÝ ÝكأÝن ÌمÉا قÉÝت ل ÝالنÌا س ÉجÉم¼ي عا šوÉم Éن ÓأÓ ÝحيÉا هÉا ÝفكÝأÝن ÌمÉا أÓ Ýح يÉا النÌا س ÉجÉم¼ي عا] (99) " šو هو
كذلك مكتوب على السلمي[
وهي ثابتة لنا تقوم على جوانب ثابتة ف كيان النسان ،ل يغي منها شيئا كل
التطورات العلمية والقتصادية والجتماعية والسياسية والنفسية.
ول يوز أن يدعنا أنا ل تأخذ هذه الصورة الثابتة ف الواقع البشري ..فتفسي
ذلك كامن ف انرافات الفطرة ل ف تطورها.
التطور -الذي يتمشى مع الفطرة -يؤدي إل نتائج نافعة صالة .أما النراف
-ا لذي ي سي ضد ا تاه الف طرة -ف يؤدي إ ل ا لمراض النف سية والجتماع ية .والع صبية
والعقلية ..ال .وإل الدمار.
وقد قالت لنا شهادة القرن العشرين ما فيه غناء؛ فقد بينت لنا بلء ما نشأ عن
انراف الفطرة ف المور الثابتة الت ل تقبل التطور .وخاصة ف علقات النس ومقاييس
الخلق!
والن ننتقل إل الانب التطور ف حياة النسان ،لنرى كيف يواجهه السلم.
إن " صورة " الياة البشرية تتغي تغيا واسع الدى ف كل حي نتيجة الحتكاك
الدائم بي العقل البشري والكون الادي ..وينشأ عن ذلك تنظيمات جديدة وأحوال.
وقد بينا ف الفقرات السابقة أن هذا التغي -الذي نصفه بأنه واسع الدى -ل
يشمل جوانب معينة من الكيان البشري والياة البشرية ،لنا ترتكز إل أسس عميقة ف
الف طرة غ ي قاب لة للتغ ي ..إل بالنراف الذي يصيبها بأ شد الضرار ،ويعرضها للدمار.
فالن نقول إنه يشمل كل الوانب الخرى ف النسان.
وي شمل " صورة " الت مع ..هل هو مت مع ر عوي .أو زرا عي .أو صناعي .أو
ذري ..أو..
وهذه المور كلها مرتبط بعضها ببعض ،وإن ل يكن -كما أثبتنا من قبل -
ترابط السببية الباشرة .وإنا ترابط الواكبة والصاحبة والتأثي التبادل.
العلم يكتشف ويترع على الدوام .ول يكف عن هذه الهمة أبدا šمنذ مولده إل
هذه اللحظة .فهو ينمو ناء دائما -إل ف فترات النراف حي يمل ويعقم ويكف عن
التجدد -ويضيف دائما šحصيلة جديدة من العرفة.
وح ي تت طور أ ساليب الن تاج تن شأ ن ظم اقت صادية جد يدة .و صورة جد يدة من
التمع .وصورة جديدة من الكومة ..ويسي كل ذلك على سنة النمو الفطرية ف كيان
النسان.
ولكن ..ل ينبغي أن ننسى أن إنشاء نظم اقتصادية جديدة ل يتوقف حتما على
تغي أساليب النتاج كما زعم التفسي الادي للتاريخ .فقد رأينا كيف أنشأ السلم نظاما
اقت صاديšا مت فردا ،šغ ي م سبوق من ق بل ،و هو ف ا لوقت ذا ته غ ي قائم ع لى أي ضرورة
اقتصادية ول على أي تطور ف أساليب النتاج! وكذلك أنشأ صورة جديدة للمجتمع،
وصورة جديدة للحكومة..
إنا يدث -ف العتاد -أن تتواكب التطورات كلها وتتصاحب ..وينشأ عنها
تغيات دائمة ف صورة الياة البشرية .وهذا هو الذي نناقشه ف هذه الفقرة ،لنرى موقف
السلم من هذه التطورات.
إن عمل ية الن مو العل مي وا لادي ،والقت صادي والجت ماعي والسيا سي ،عمل ية
فطر ية .والتغ ي ا لدائم في ها ف طري و طبيعي .ول كن ل يس مع ن هذا أن كل تغ ي يدث
يكون طبيعيا[ وملئما للفطرة! فالفطرة عرضة دائما للنراف حي يساء توجيهها ]أو
حي تترك بل توجيه صال![ وع ندئذ تن مو حقي قة ،ولكنها تن مو نوšا منحر فا .šكالط فل
الذي ينمو بساق معوجة .إنه ينمو -كما تقتضي الفطرة أن ينمو -ولكن من يقول إن
نوه سليم؟!
إنما أمران معا ف ذات الوقت :النمو ..واستقامة النمو على الفطرة .وهذا ما
يراعيه السلم!
بينا من قبل ف فصل " الثابت والتغي ف كيان النسان " حقيقة هامة نتاج هنا
إليها حاجة شديدة ،هي أنه -حت ف الانب التغي من النسان -تتغي " الصورة " ول
يتغي " الوهر " .ومؤدى ذلك أن " التطور " ل يكون سائبا šمنفلتا من كل رباط ،يتجه
بسب هواه ،أو بسب ما تقوده الظروف .إنا ينبغي أن يكون له رباط من الفطرة .رباط
يعل له هدفا šصالا šراشدšا بانيا šيتفق مع اتاه الفطرة السوية .رباط ينع اللل والنراف
ف أثناء عملية النمو الفطرية.
التقدم العلمي تدفعه الرغبة الفطرية ف العرفة .والعقل البشري يكتشف ويترع
ب قدار ما يوفقه ا ل ويف تح عل يه من طا قة العر فة .ول كن الت طبيق العم لي ل قائق الع لم
الايدة ..ليس أمرا šمايدا !šفالتطبيق يكن أن يتجه إل الي ،ويكن أن يتجه إل الشر.
والفطرة السوية تستخدم العلم ف سبيل الي فقط ،ول تستخدمه ف سبيل الشر .لن
الشر ل يدمها.
كل حركات النمو هذه فطرية ،فينبغي أن تكمها الفطرة السليمة .ومن ث ينبغي
أن يكون هناك " إطار عام " يشمل عملية النمو ،وينعها من النراف .وذلك بالضبط ما
يصنعه السلم!
وإنا للبشرية كافة .وف جيع أعصرها " :وما أرسلناك إل رحة للعالي " و "
العالي " لفظ يشمل الزمان والكان على أقصى اتساع .بل حدود!
لقد وضع التشريعات التفصيلية الثابتة ف المور الثابتة ف أعماق الفطرة .الت ل
تتغ ي .أي ل ينب غي أن تتغ ي .لن كل تغ ي في ها هو ا نراف ضار ب ياة الب شرية ]را جع
شهادة القرن العشرين![
أما المور التغية -ولو أن مبادئ الشريعة العامة تيط با وتشملها -فلم ترد
فيها أحكام تفصيلية عرضة لن تتحطم عند أول نو يدث ف التمع ..وهو حادث ل
مالة!
لو و ضع ت شريعات اقت صادية تف صيلية ثاب تة للمجت مع الر عوي القب لي ،لطم ها
النمو الزراعي ،ث النمو الصناعي ،وجعلها غي صالة للستعمال .ولكان ذلك ف الوقت
نفسه قيدا يعوق التمع عن النمو الفطري الصحيح.
و لو و ضع صورة مددة ل شكل الكو مة ،مف صلة ع لى قد الكو مة " الدي نة "
مدي نة الر سول صلى ا ل عل يه و سلم ،أو ع لى قد الز يرة العرب ية القري بة الع هد بالن ظام
القبلي ،لا صلحت هذه الكومة لتمع الزيرة العربية ذاته بعد جيل واحد من الزمان،
بعد الفتوح والمتداد ،والحتكاك بشت النظم والضارات ،ونو الاجات..
وإنا كان موقف السلم من هذا المر ،هو موقفه ف كل أمر ..الطابقة الكاملة
مع الفطرة!
" إ طار " ثابت ي سمح ب كل أ نواع الن مو الف طري ال صحيح .وأ سس عا مة تدد
التاه وتعي الطريق وتنع النراف .وتسمح بأشكال متعددة تقوم كلها على القواعد
الكل ية وال بادئ الثاب تة ،ك ما ت قوم ع لى ال صائص الم يزة للن ظام ال سلمي ،ا لت تفر قه
وتيزه عن النظمة الت وضعها البشر لنفسهم.
و سنرى ،ب شيء من التف صيل ،ك يف كان مو قف ال سلم من الن مو العل مي،
والنمو القتصادي والجتماعي والسياسي ،والنمو " الضاري " على وجه الجال.
فأما النمو العلمي ،فلم يكن القرآن -كما يلو لبعض ذوي النوايا الطيبة ف هذه
ال يام أن يت صور! -ل ي كن لي حوي " نطر يات " علم ية ،ف الطبي عة والكيم ياء والف لك
والذرة والصواريخ .وليس من شأنه أن يفعل!!
إ نا شأنه أن يوجه الن مو العل مي با ين فع الف طرة ويلئم ها ..وذ لك ما حدث
بالفعل.
لقد أشار القرآن إل طاقة العرفة " :وÉعÉل م Éآد Éم Éاáلأ ÝسÓمÉاء ëكÔلهÉا " ) (102وأشار إل
وجوب التعلم " :اقáرÉأ áب¼اسÓم¼ رÉب×ك Éالذ¼ي خÝÉلقÉ ،ÉخلÝق Éاáلأ¼نÓسÉان Ýم¼ن ÓعÉلÝق ،ÅاقáرÉأ áوÉرÉبåك ÉالáأÝكáرÉم»،
الذ¼ي عÉلم Éب¼اáلقÝلÝم¼ ،ع*ل¶م* اšلأ-ن'س*ان µم*ا µلم' *يع'لµم " ).(103
ث أوجب تدبر آيات ال ف الكون والتعرف عليها " :إ¼ن ف¼ي خá Éل ق¼ ال سÌمÉاوÉات
وÉالáأÝر Óض¼ وÉاخÓت¼ل ف¼ اللي Óل¼ وÉالن ÌهÉار¼ وÉالáفá Ôلك¼ الت¼ي ÉتجÓر¼ي ف¼ي اáلب ÉحÓر¼ ب¼مÉا ÉينÓف Ýع» النÌا س ÉوÉمÉا أÝنÓزÉل
الل ه» م¼ ن Éال سÌمÉاء¼ م¼ ن ÓمÉاءÝ ÅفأÝح ÓيÉا ب¼ ه¼ اáلأÝر ÓضÉ Éب عÓد ÉمÉوÓت¼ هÉا وÉبÉث ف¼ي هÉا م¼ ن Óك Ôل ØدÉا بÌة ÅوÉت ÉصÓر¼يف
سمÉاء¼ وÉالáأÝرÓض¼ لµآيات· -لقµو'م· ي*ع'ق́-لون " ).(104 سخÌر¼ ÉبيÓن Éال Ì سحÉاب¼ الáم» É ح وÉال Ì
الر×يÉا ¼
وأو جب ال شي ف ا لرض والب حث عن رزق ا ل في ها " :ه»و Éال ذ¼ي جÉع Éل ÝلÝكÔم
اáلأÝرÓض ÉذÝلÔول šفµام'ش(وا ف-ي م*ن*اك-ب-ه*ا وÉكÔلÔوا م¼ن Óر¼زÓق¼ه¼ " ).(105
وأعلم النسان -ف ظل هذا التوجيه كله -أن السماوات والرض -با تويان
من موجودات وطاقات -مسخرة للنسان بأمر ال " :وÉسÉخÌر ÉلÔ Ýكم ÓمÉا ف¼ي السÌمÉاوÉات¼ وÉمÉا
ف¼ي الáأÝرÓض¼ جÉم¼يعا šم¼نÓه» " ) .(106فعليه إذن أن يسعى إل تقيق هذا التسخي بالفعل :بالعلم
]التعرف على قواني الكون الت يسيه ال بقتضاها[ والتطبيق ]الشي ف مناكب الرض
والكل من رزقه .[Å
ومن تلك النقطة .من هذا التوجيه .انطلق العقل السليم يرتاد الكون.
العقل الذي كان ف جاهلية العرب ل يتجه إل العلم إطلقا ..كل هه أن ينظم
شعرا šجزل مصقول رصينا ،يضمنه على الكثر بعض " الكم " النظرية ..انطلق ف عال
الواقع ينشئ أكب حركة علمية ف تاريخ الرض إل ما قبل العصر الديث ..ويكفي أن
يكون هو الذي أنشأ الذهب التجريب الذي تقوم عليه كل فتوحات العصر الديث!:
يقول " بريفولت " ف كتاب " بناء النسانية " :Making of Humanity
()102سورة البقرة ].[31
()103سورة العلق ].[5 - 1
()104سورة البقرة ].[164
()105سورة اللك ].[15
()106سورة الاثية ].[13
...وإن ما يدين به علمنا لعلم العرب ليس فيما قدموه إلينا من كشوف مدهشة
لنظر يات مبت كرة .بل يدين هذا الع لم إ ل الثقا فة العرب ية ]يق صد ال سلمية![ بأكثر من
هذا :إنه يدين لا بوجوده نفسه .فالعال القدي -كما رأينا -ل يكن للعلم فيه وجود.
وعلم النجوم عند اليونان ورياضياتم كانت علوما أجنبية ،استجلبوها من خارج بلدهم؛
وأخذوها عن سواهم ،ول تتأقلم ف يوم من اليام ،فتمتزج امتزاجا كليا بالثقافة اليونانية.
وقد نظم اليونان الذاهب وعمموا الحكام ووضعوا النظريات .ولكن أساليب البحث ف
دأب وأ ناة ،وج يع العلو مات الياب ية وتركيز ها ،والنا هج التف صيلية للع لم ،واللح ظة
الدقيقة الستمرة ،والبحث التجريب ..كل ذلك كان غريبا تاما عن الزاج اليونان .أما ما
ندعوه " الع لم " ف قد ظ هر ف أور با نتي جة لروح من الب حث جد يدة ،ول طرق من
الستق صاء م ستحدثة ،من طرق التجر بة واللح ظة وال قاييس ،ولت طور الريا ضيات إ ل
صورة ل يعرفها اليونان ..وهذه الروح ،وتلك الناهج العلمية ،أدخلها العرب إل العال
الورب )" (108
()107يقصد الضارة السلمية كما قال فيما بعد .ذلك أن التاريخ ل يعرف للعرب حضارة متميزة إل
بالسلم .كما أن الضارة السلمية ل تكن قط حضارة للعرب كجنس .إنا كانت نتاج السلم
ذا ته من ج يع العنا صر ال سلمة ا لت دخ لت ف ال سلم .و هي ت مل طابع ال سلم ل طابع ال عرب.
والعرب عنصر واحد من العناصر الكثية الت صنعت هذه الضارة.
()108عن كتاب " تديد الفكر الدين ف السلم " تأليف ممد إقبال وترجة عباس ممود ص - 149
.150
" وإن " روجربيكون " درس اللغة العربية والعلم العرب ف مدرسة " أكسفورد "
ع لى خل فاء معلم يه ال عرب ف ال ندلس .ول يس " لروجربي كون " ول سيه " فرن سيس
بيكون " الذي جاء بعده ،الق ف أن ينسب إليهما الفضل ف ابتكار النهج التجريب ،فلم
ي كن روجربي كون إل ر سول من ر سل الع لم والنهج ال سلميي إ ل أور با السيحية.
و هو ل يل قط من الت صريح بأن تع لم معاصريه للغة العرب ية وع لوم ال عرب هو الطر يق
الوحيد للمعرفة القة .والناقشات الت دارت حول واضعي النهج التجريب هي طرف من
التحريف الائل لصول الضارة الوربية .وقد كان منهج العرب ف عصر " بيكون " قد
انتشر انتشارا واسعا ،وانكب الناس ف لف على تصيله ف ربوع أوربا.
ويقول دريب الستاذ بامعة نيويورك ف كتابه " الناع بي العلم والدين ":
" تقق علماء السلمي من أن السلوب العقلي النظري ل يؤدي إل التقدم؛ وأن
المل ف وجدان القيقة يب أن يكون معقودا بشاهدة الوادث ذاتا .ومن هنا كان
شعارهم ف أباثهم السلوب التجريب والدستور العملي السي.
وإن نتائج هذه الركة العملية تظهر جلية ف التقدم الباهر الذي نالته الصنائع ف
عصرهم ،وإننا لندهش حي نرى ف مؤلفاتم من الراء العلمية ما كنا نظنه من نتائج
العلم ف هذا العصر .ومن ذلك أن مذهب النشوء والرتقاء للكائنات العضوية -الذي
يعتب مذهبا حديثا -كان يدرس ف مدارسهم .وقد ذهبوا فيه إل أبعد ما وصلنا إليه.
وذ لك بت طبيقه ع لى الوا مد وال عادن ) ..(110و قد ا ستخدموا ع لم الكيم ياء ف ال طب،
ووصلوا ف علم اليكانيكا إل أنم عرفوا وحددوا قواني سقوط الجسام .وكانوا عارفي
كل العرفة بعلم الركة .ووصلوا ف نظريات الضوء والبصار إل أن غيوا الرأي اليونان
القائل بأن البصار يصل بوصول شعاع من البصر إل السم الرئي ،وقالوا بالعكس.
وكانوا يعرفون ف نظريات انعكاس الشعة وانكسارها .وقد اكتشف " السن ابن اليثم
" الشكل النحن الذي يأخذه الشعاع ف سيه من الو.
وأثبت بذلك أننا نرى القمر والشمس قبل أن يظهرا حقيقة ف الفق ،وكذلك
نراها ف الغرب بعد أن يغيبا بقليل" ).(111
أ شار ال قرآن إ ل نو " ال مة " ال سلمية من ق بائل متفر قة مت ناحرة إ ل " أ Ôمة "
موحدة الدف مترابطة الكيان:
حب Óل¼ الل ه¼ جÉم¼ي عا šوÉل تÉفÝر ÌقÔوا وÉاذ áكÔر»وا ¼نعÓم Éت Éالل ه¼ عÉلÓÝيك Ôم Óإ¼ذ áكÓÔنت»م " وÉاعÓت Éص¼م»وا ب¼ É
حت»م Óب¼¼نعÓمÉت¼ه¼ إ¼خÓوÉانšا وÔ ÉكنÓت»م ÓعÉلÝى شÉفÝا »حفáرÉة Åم¼ن ÉالنÌار¼ فÝÝأنÓقÝذÝكÔم
أÝعÓدÉاء éفÝأÝلف ÉبÓÉينÔ ÉقلÔوب¼كÔم ÓفÝأÝصÓبÓ É
)(112
". م¼نÓهÉا كÝذ¼Ýلك» ÉيبÉي× »ن الله» ÝلكÔم ÓآيÉات¼ه¼ لÝعÉلكÔمÉ ÓتهÓتÉد»ونÝ
" كÔن»Óتم ÓخÉيÓر ÉأÔمÌة ÅأÓ Ôخر¼جÉت Óل¼لنÌاس¼ تÉأáم»ر»ون Ýب¼الáمÉعÓر»وف¼ وÉتÓÉنهÉوÓن ÝعÉن¼ اáلم»نÓكÝر¼ و»ÉتؤÓم¼ن»ون
ب¼الله¼ )." (113
" وÉلáتÉك Ôن Óم¼نÓك Ôم Óأ ÔمÌة êيÉدÓع»ون Ýإ¼ لÝى اáلخ ÉيÓر¼ و ÉيÉأáم»ر»ون Ýب¼الáمÉعÓر»وف¼ وÉيÓÉن هÉوÓن Ýع Éن¼ اáلم»ن ÓكÝر
وÉأÔول¼Ýئك Éه»م» اáلم»فáل¼ح»ون.(114) " Ý
" وÉتÉعÉاوÉن»وا عÉلÝى اáلب¼ر× وÉالÌتقáوÉى وÉل ÉتعÉاوÉن»وا عÉلÝى ال¼áأثáم¼ وÉالáع»دÓوÉان¼ )." (115
" يÉا أåÝيهÉا الذ¼ين ÉآمÉن»وا أÝط¼يع»وا الله ÉوÉأÝط¼يع»وا الرÌس»ول ÝوÉأÔول¼ي اáلأÝمÓر¼ م¼نÔ Óكم." (116) Ó
" وÉمÉا آتÉاكÔم» الرÌس»ولÝ Ôفخ»ذÔوه» وÉمÉا ÉنهÉاكÔم ÓعÉنÓه» فÝاÓنتÉه»وا )." (119
" وÉأÝن¼ احÔ Óكم ÓبÓÉينÉه»م Óب¼مÉا ÝأنÓزÉل Ýالله» وÉل ÉتتÌب¼ع ÓأÝهÓوÉاءëه»م." (120) Ó
" وÉمÉنÝ Óلم ÓيÉحÓكÔم¼ ÓبمÉا أÝنÓزÉل Ýالله» فÝأÔوÝلئ¼ك Éه»م» الáكÝاف¼ر»ون." (121) Ý
" فÝل وÉرÉب×ك Éل ي»ؤÓم¼ن»ون ÝحÉتÌى ي»حØ Éكم»وك Éف¼يمÉا شÉجÉر ÉبÓÉينÉه»م ÓثÔم Ìل Éيج¼د»وا ف¼ي أÝنÓفÔس¼ه¼م
سل¼يما." (122) šÉحرÉجا šم¼مÌا قÝضÉيÓت ÉوÉي»سØÉلم»وا تÓ É
ث ل يدد " صورة " المة كيف تكون .تكون مرة متمعا šرعويا .šومرة متمعا
زراعيا .ومرة متمع مدينة ،ومرة متمع تار .أو صناع .ومرة ..ومرة ..ل يتقيد التمع
ف نوه ب صورة معي نة ،ول يد عائ قا šوا حدا šي عوقه عن الن مو ،إ نا يد دائ ما توجي هات
توجهه ف عملية النمو وتنعه من النراف.
ث ي شهد التار يخ أن الن مو الجت ماعي وال ضاري ف الت مع ال سلمي قد ب لغ
الذروة -ف عصره -فلم يأل السلمون جهدšا ف الستفادة بكل التنظيمات الدارية الت
وجدوها عند المم الفتوحة .ول الصيلة الضارية الت وجدوها عندهم سواء ف مصر
أو ال شام أو فارس ،في ما ل يعارض عق يدتم وتصورهم ا لاص لغا يات ال ياة الن سانية.
كما اطلعوا على أسس الضارات الرومانية والغريقية والندية ،واقتبسوا برية كل ما ل
يتعارض مع الصل الذي ابتعثهم ال ليقروه ف الرض ،جاعلي عقيدتم وتصورهم اليزان
الذي يقبلون على أساسه ما يقبلون ويرفضون ما يرفضون.
وقد كان التمع السلمي -رغم كل ما أصابه من تدهور لسباب متلفة -
قمة عالية أيام الروب الصليبية نشأ من احتكاك الصليبيي با كل ما حدث من تقدم
فكري واجتماعي وحضاري ف الغرب الديث ،بشهادة من م̂رت شهادتم من الكتاب
الغربيي.
أما النمو القتصادي فقد وضع القرآن له إطارا ثابتا ،ث تركه ينمو برية داخل
الطار ،دون أن يضع له صورة معينة ،أو يعوقه بقيد واحد عن النمو الصال الرشيد.
" كÝي Óل يÉكÔون Ýد»ولš Ýة ÉبيÓن ÉالáأÝغ¼áنيÉاء¼ م¼نÓكÔم.(125) " Ó
فل ينب غي أن تت كره أ يدي الغن ياء ف أ ية صورة .يب أن توزع ملكي ته ف
اليدي الكثية كي تتداوله ،وكي تتم دورة الال الطبيعية ف أيدي أكب عدد من المة.
وه ناك حق ال عوزين والروم ي ،تتقا ضاه الما عة ح قا مفرو ضا ،و توزعه ع لى
التاجي إليه:
هو حق الزكاة .ووراءه التكاليف الطارئة الت يؤخذ بسبها كلما وجدت من
أموال الغنياء.
ث هناك قواعد لكسب الال والتعامل فيه .فل ييء هذا الكسب ،ول يتم هذا
التعامل بطريقة فيها مضارة من أي وجه لفرد أو أكثر ف الماعة .ومن ث يرم الغصب
والنهب والسرقة والغش والحتكار .كا يرم الربا وهو أبشع هذه الوسائل جيعا:š
" يÉا أåÝيهÉا ال ذ¼ين ÉآمÉن»وا اÌتقÔوا الله ÉوÉذÝر»وا مÉا بÉق¼ي Éم¼ن Éالر×با إ¼ن áكÓÔنت»م Óم»ؤÓم¼ن¼ي ،ÉفÝإ¼ن áلÝم
Éتفáع ÉلÔوا فÝأáذÝن»وا ب¼حÉر Óب Åم¼ ن Éالل ه¼ وÉر Éس»ول¼ه¼ وÉإ¼ ن» áتبÓت» م ÓفÝÝلك Ôم Óر»ؤ»و س» أ ÝمÓوÉال¼كÔم Óل تá Éظل¼ م»ون ÝوÉل
»تظáلÝم»ون " " (127) Ýالذ¼ي Éن يÉأáكÔلÔون Ýالر×با ل ÉيقÔوم»ون Ýإ¼لا كÝمÉا ÉيقÔوم» الذ¼ي ÉيتÉخÉبÔ Ìطه» الشÓÌيطÝان Ôم¼ن
اáلمÉس× ذÝل¼ك Éب¼أÝنÌه»م ÓقÝالÔوا إ¼نÌمÉا اáلبÓÉيع» م¼ثáل Ôالر×با وÉأÝحÉل الله» اáلÉبيÓع ÉوÉ ÉحرÌم Éالر×با فÝمÉن ÓجÉاءëه» مÉوÓع¼ظÝة
م¼ ن Óر×Éب ه¼ فÝانÉÓتهÉى فÝل Ýه» مÉا سÉلÝف ÉوÉأÝمÓر» ه» إ¼ لÝى الل ه¼ وÉم Éن ÓعÉاد ÉفÝأÔولÝئ¼ك Éأ ÝصÓحÉاب» ال نÌار¼ ه» م Óف¼ي هÉا
خÉال¼د»ونÉ ،ÝيمÓحÉق» الله» الر×با وÉي»رÓب¼ي الصÌدÉقÝات¼ وÉالله» ل ي»ح¼ب åكÔل كÝفار ÅأÝث¼يم.(128) " Å
وه ناك أ مر بالعاو نة " النظي فة " " .وÉإ¼ ن áكÝان ÝذÔو ع» سÓرÉةÝ Åفن Éظ¼رÉة êإ¼ لÝى مÉي ÓسÉرÉة ÅوÉأÝن
ÉتصÉدÌقÔوا ÉخيÓرÝ äلكÔم Óإ¼ن áكÓÔنت»م ÓتÉعÓلÝم»ون.(129) " Ý
تلك قواعد عامة .وذلك هو الطار الذي ينمو فيه القتصاد السلمي بل عائق..
إل العوائق الت تنع النراف.
ولقد نا القتصاد السلمي ف ظل هذه البادئ العامة نوا مطردا من الوعي إل
الزراعة إل التجارة إل الصناعة ]البسيطة[ إل تداخل هذه النواع جيعا šف وقت واحد.
ونا معه الفقه السلمي ف جوانب " العاملت " نوا هائل حت كون ثروة تفخر با
البشرية .وف الوقت ذاته حالت تلك البادئ العامة دون كثي من النرافات الت أصابت
القت صاد الغر ب .ف حالت دون الق طاع ف صورته الورب ية الب شعة ا لت كانت ت ستعبد
الفلح ل لرض ،و لوى ال سيد ا لذي كانت تت مع ف يده ف و قت وا حد ال سلطات
التشريعية والقضائية والتنفيذية ...ما ل يكن له مثيل ف السلم .وكان قمينا أن يول
دون بشاعات الرأسالية لو بقي حيا šعامل ف الرض ،ول توجه إليه الضربات القاصمة
من كل مكان ،ول يتهاون أهله فيه كما حدث ف القرون الخية على وجه التحديد.
وه نا قد ي بدو لب عض ال ناس أن ال سلم -و هو يرم الر با -ي ضع ق يودا šع لى
"الن مو" القت صادي ،ت نع الت قدم والنطلق ...و قد كانت ت لك ال شبهة ت لذع ب عض
السلمي ف مبادئ هذا القرن فيسعون إل العتذار عن السلم ف هذا المر! أو يسعون
إل الفتاء بواز الربا للضرورة أو جوازه لنه اليوم شيء آخر غي النهي عنه ف القرآن!
وما زالت الشبهة تلذع بعض السلمي حت اليوم فيصنعون هذا وذاك!
ول نتاج -ف هذا العصر خاصة -أن نطيل الديث ف ويلت الرأسالية ،وهي
النظام الذي يقوم على الربا أساسا ،ويضيف إليه أو ينتهي إل الحتكار.
إن ب شاعات الرأ سالية الربو ية غن ية عن الب يان .و قد قال في ها أ عداؤها -بل
أ صدقاؤها أنف سهم -ما ف يه الكفا ية .ول يط لب عا قل من ال سلم أن يب يح ا لداة ا لت
تتسبب ف كل هذا الظلم وكل هذا الدمار!
أ ما ك يف يدار القت صاد ال سلم بغ ي الر با ف ظل الت قدم ال صناعي فمب حث
متخصص ل نتعرض له هنا .وقد ألف فيه بعض العلماء السلمي .فألف السيد أبو العلى
ا لودودي أم ي الما عة ال سلمية بباك ستان ثل ثة بوث رئي سية " :أ سس القت صاد
ال سلمي " و " الر با " و " ملك ية ا لرض ف ال سلم " .وأ لف سيد ق طب ك تاب "
العدالة الجتماعية ف السلم " .ونشر غيها بوثا متفرقة عن الوضوع ف أولا بوث
الستاذ عيسى عبده إبراهيم ف صحف شت ،وما زال المر متسعا لزيد من البحث..
ول كن ا لمر ا لذي ينب غي أن ي ستقر ف أذهان نا بداءة أ نه ل ي كن أن يرم ا ل شيئا šف يه
م صلحة لل ناس ل تتح قق بغ يه! و قد أث بت الت طبيق العم لي صدق ذ لك مرة ب عد مرة.
وكلما تقدم العلم وتقدمت تارب البشرية ]وانرافاتا[ ظهرت أسباب كانت مهولة،
توجب تري ما حرم ال! ث بعد ذلك على السلمي أن يستنبطوا النظم والتنظيمات الت
تنفع الناس ول تل ما حرم ال .لنه حرمه لسبب .لنه يريد للناس الي ول يريد بم
جعÉل ÝعÉلÓÝيكÔم Óم¼ن ÓحÉرÉج ÅوÉلÝك¼ن
الضر ويريد بم اليسر ول يريد لم الرج " :مÉا »ير¼يد» الله» ل¼يÓ É
).(131
»ير¼يد» ل¼ي» Ýطه×رÉكÔم Óو¼Éلي»ت¼م¼ ÌنعÓمÉتÉه» عÝÉليÓكÔم " (130) " ÓوÉمÉا جÉعÉل ÝعÉلÓÝيكÔم Óف¼ي الد×ين¼ م¼نÉ ÓحرÉج" Å
وكذلك قد يقال إن السلم يضع قيودا šعلى " النمو " القتصادي لنه ل يرحب
كثيا بروج الرأة للعمل؛ " والتقدم " الصناعي الديث قد استوجب ذلك.
وقد بينا من قبل أن السلم ل ينع خروج الرأة للعمل عند القتضاء ،وإن كان
حقيقة ل يرحب بذلك كثيا ف غي الوظائف النسوية الاصة.
ولكنا نضيف هنا :أنه تبي لنا أول مدى الضرر الذي يصيب الرأة من تويلها
إل رجل يعمل ف السوق وف الصنع ...ضرر ل يوازي قط أي زيادة ف النتاج الادي
يكن أن يدثها اشتراك الرأة ف العمل.
وتبي لنا ثانيا šمدى الضرر الخلقي الذي أصاب التمع الغرب ف مقابل تلك
الز يادة ف الن تاج .و هو ضرر يو شك أن يدمر ا لدنيا كل ها ..فل ت ستفيد حت بذلك
النتاج!
ث ..إن النتاج ف سبيله أن يتوله النسان الل والخ اللكترون واللة الضخمة
السريعة النتاج ..فما الاجة غدا -ف الغد القريب -إل إشراك الرأة ف العمل ..إل
شهوة ال شراك؟! و حت من ق بل ذ لك ،ف ها نن أولء نرى الر جال يتعط لون با للوف
واللي ي ،وبين ما تف تح ا لبواب لت شغيل الن ساء .ف هل هي م صلحة الن تاج ا لت ت تم أن
يتعطل الرجال ويضطلع النساء بالعمل؟ أم إنه أمر آخر تعرفه برتوكولت صهيون؟
والسلم يبيح النمو الطبيعي الصال الراشد الب̂ناء ..ولكنه ليس مسئول أن يبيح
انرافات البشرية!
وف الكيان السياسي وضع السلم القواعد العامة ،وترك التفصيلت للنمو الدائم
الذي يلئم كل مرحلة من مراحل النمو العلمي والضاري والجتماعي والقتصادي.
" إ¼ن¼ اáلح»كáم» إ¼لا ل¼له¼ أÝمÉر ÉأÝلا ÉتعÓب»د»وا إ¼لا إ¼يÌاه» ذÝل¼ك Éالد×ين» اáلقÝي×م» " ).(132
" وÉمÉنÝ Óلم ÓيÉحÓكÔم¼ ÓبمÉا أÝنÓزÉل Ýالله» فÝأÔوÝلئ¼ك Éه»م» الáكÝاف¼ر»ون.(133) " Ý
" وÉمÉا آتÉاكÔم» الرÌس»ولÝ Ôفخ»ذÔوه» وÉمÉا ÉنهÉاكÔم ÓعÉنÓه» فÝاÓنتÉه»وا " ).(134
" يÉا أåÝيهÉا الذ¼ين ÉآمÉن»وا أÝط¼يع»وا الله ÉوÉأÝط¼يع»وا الرÌس»ول ÝوÉأÔول¼ي الáأÝمÓر¼ م¼نÔ Óكم ÓفÝإ¼نÉ áتنÉازÉعÓت»م
ف¼ي شÉيÓء ÅفÝر»دåوه» إ¼لÝى الله¼ وÉالرÌس»ول¼ إ¼ن áكÓÔنت»م Óت»ؤÓم¼ن»ون Ýب¼الله¼ وÉاáليÉوÓم¼ الáآخ¼ر¼ " ).(135
).(136
" وÉإ¼ذÝا حÉكÓ Ýمت»م ÓبÓÉين ÉالنÌاس¼ أÝن áتÉحÔ Óكم»وا ب¼الáعÉدÓل¼ "
هذه القواعد :الاكمية ل وحده .والكم بشريعة ال دون سواها .والعدل من
الكام .والطاعة من الكومي ف حدود شريعة ال .والشورى بي الكومي والكام..
هي أسس الكم ف السلم .أما شكل الكومة فهو متروك بكليته للمة السلمة تقرره
ف حدود هذه القواعد .فكل حكم بغي شريعة ال فهو حكم غي إسلمي .وكل حكم
بغي شورى فهو حكم غي إسلمي .وكل حكم ل عدل فيه فهو حكم ينكره السلم.
وربا ل يكن التطبيق الواقعي ف عال السياسية والكم كامل إل ف فترة اللفة
الرا شدة ،ا لت و ضعت القوا عد ال سليمة للح كم " :إذا أح سنت فأعينون وإذا أخ طأت
فقومون " ]أبو بكر[ " .أطيعون ما أطعت ال فيكم .فإن عصيت ال ورسوله فل طاعة
ل عليكم " ]أبو بكر[ ..ث ف فترات متقطعة أخرى.
ولكن الفقه السلمي على أي حال قد شهد ف عصوره الختلفة " نوا " šضخما
ف النظر ية السيا سية ـ ا ستفاد ف يه من كل ما جد ع لى الت مع ال سلمي من أ طوار،
واستنبط لكل ما جد أحكاما من السلم.
و قد رف ضت أور با و صاية ا لدين ع لى الت طور العل مي والت طور القت صادي
والجتماعي والسياسي ..فماذا كانت النتيجة؟
تقدم العلم حقا تقدما باهرšا ف ظل النهضة الوربية اللدينية .ولكن ل لنا ل
دينية!! وإنا لن الدين الكنسي هناك كان يارب العلم ويفرض القيود على العقل ليستدي
ال هل أ طول مدى م ستطاع! ول كن هذا الت قدم العل مي ذا ته مأخوذ -ك ما مر ب نا من
شهادة بري فولت ودر يب وغي ها -من ال سلمي ،ا لذين كانوا ي ضعون الع لم -وال ياة
كلها -تت وصاية الدين ،ويستمدونا من قواعد الدين..
ث..؟
أما القت صاد ..فيكفي الق طاع والرأ سالية ث ال شيوعية لب يان الف ساد ا لذي حل
بالقت صاد ا لورب ح ي أ ب و صاية ا ل عل يه! ف ساد ي يل الب شر إ ل سادة وعب يد ،مع
اختلف فقط ف صورة السيادة وصورة الستعباد!
و ف الجت ماع ..تكفي الفا سد الجتماع ية واللق ية ا لت يعاني ها الت مع الغر ب،
والت ردته متمعا حيوانيا šهابطا ل يفيق من متعة السد ول يشبع .ول يتعاطف بنوه كما
يتعاطف بنو النسان .وإنا يعيش الغرب ف فردية بغيضة كريهة .فردية انفصالية ل تمع
شتات أمه " Éتح ÓسÉب»ه»مÉ Óجم¼يعا šوÔÉق لÔوب»ه»م ÓشÉتÌى " ) .(138ويعيش الشرق الشيوعي ف جاعية
آل ية ل ت عرف ط عم ا لودة الن سانية القيق ية ،وإ نا تكم ها الدو لة با لكراه ،ف ا لزارع
الماعية والصانع الماعية الت يسيطر عليها الرهاب.
وف السياسة ..تكفي الظال الت تل وجه الرض اليوم ..من استعمار واستغلل
وا ستعباد .و من دكتاتور يات ب شعة ت ستخدم الد يد وال نار والتج سس ،وأب شع أ نواع
الت عذيب ا لت يت صورها الع قل ،لتحت فظ ب سلطانا ا لبي ع لى ال ماهي ..تك في هذه
الظال ،فهي ليست ف حاجة إل بيان.
أما السلم -ف هذه المور كلها -فهو " الجة البيضاء " كما عب رسول ال
صلى ال عليه وسلم .الجة الت تفرق النور عن الظلمة ،والصلح عن الفساد.
الرونة الكاملة الت تسمح بالنمو .والصلبة الكاملة الت تنع النراف.
وهو يستمد مزيته الكبى ف هذا الشأن من مطابقته التامة للفطرة الثابتة الوهر،
التغية الشكال.
ذلك موقف السلم من الثابت والتطور ف حياة النسان ..موقف ل يصدر إل
عن تدبي إله!
فكل النظم الت صدرت عن تدبي البشر انرفت ذات اليمي وذات الشمال .ول
تتد إل الصواب ..لنا ل تتد إل " الفطرة "...
جهلتها -كما قال ألكسس كاريل -جهل مطبقا ،ث راحت -بذا الهل -
تشرع للنسان!
وال سلم -كل مة ا ل إ ل الب شر -ي قف موق فا فر يدšا ف كل م فاهيم الب شرية
وتصوراتا ،وتطبيقاتا العملية لذه الفاهيم والتصورات.
إنه يشمل جوانب الفطرة جيعها فل يركز على جانب ويهمل بقية الوانب.
وي ساير الف طرة ف ج يع جوانب ها ،ويعطي ها غذاءها ا لق .ف ما كان من ها ثاب تا،
أعطاه التشريع الثابت ،وما كان منها متغيا šسح له بالتغي الطلوب.
وهو كذلك دين البشرية كلها ف جيع عصورها وجيع " تطوراتا ".
د ين يدفع ذا ته إ ل الت طور ال صاعد الرا شد الب نˆاء ..ول ي قف من الت طور ا لق
موقف المود والرجعية .إنا غيه من النظم النحرفة ،الت تضفي على النراف ثوب
التطور ،هي الت يكن بق أن تسمى رجعيات!
السلم والرجعيات
كل انرا فات الب شرية ا لت تل بس ثوب الت طور ..هي رجع يات جاء ال سلم
ليقومها ويصححها!
كيف؟! وهذا " التقدم " كله الذي أحرزه العلم؟ و " النمو " و " التطور " الذي
حدث ف النفس والتمع؟
كيف يكون هذا كله رجعية؟ وكيف يكون السلم -السابق ف الزمن -قد
جاء ليقومها ويصححها؟!
هل هو مقياس الزمن وحده؟ كل " جديد " تقدم ،وكل " قدي " رجعية؟!
إن هذا القياس يصلح حقا لقياس التقدم العلمي .فكل جديد ف دنيا العلم يثل
خ طوة تقدم ية لنه ي بدأ م ـن ال طوة ال سابقة وي ضيف إلي ها ..وإن ل ي ضف إلي ها فإنه
يفقد مبر وجوده.
سيقول قائل :أو ل يس الن سان هو ا لذي صنع ال طائرة وال صاروخ وا لخ
اللكترون؟
ي ستخدمها ليت فع با؟ لي شر ب شاعر " إن سانية " أ كثر؟ لي كون شعوره بأخوة
البشرية أعمق؟ ليكون شعوره برباط " النفس الواحدة " أشد؟ ليحب أخاه؟ ليكون إنسانا
مع عدوه؟ أم ليصبح وحشا ساحقا šماحقا šيكمه البغض وتوجهه النانية وتعميه وحشية
الصراع ..أو تفاهة الصراع؟
أيهما القياس؟
الن ..هل اتضحت الفكرة أكثر؟ هل بدا لنا -كما ينبغي أن يبدو -أن التقدم
العلمي ف ذاته ل يرفع إنسانا ول يفضه .إنا الروح الت يستخدم با النسان ثار العلم
هي الت تفض وترفع ،وتقربنا من اليوان أو تقربنا من النسان؟
هل نعتب حرب البادة حضارة؟ والتفرقة العنصرية حضارة؟ والستعباد حضارة؟
والفوضى اللقية حضارة؟ والنون والرض والنتحار حضارة؟ وتطم السرة والتمع
حضارة؟ والشقاء الشامل حضارة؟!
أي خي قدمه العلم للبشرية ف النهاية ،ف ظل التوجيه الفاسد والنظرة الرتكسة
إل " النسان "؟!
لكن ..ف الكفة الخرى نضع " النسان " ..وموازين النسان.
ننظر هل يهدف هذا العلم وهذ التطور الجتماعي والقتصادي والسياسي إل
رفع " القيم النسانية " أم إل تطيمها وإبادتا..؟
فالطب تقدم ول شك .والعلم بخترعاته وكشوفه قد يسر كثيا šمن "الدمات"
وحقق خيا šكثيا šللناس .وكل ذلك ينبغي أن نسب حسابه ونن نق̂وم هذه الضارة ف
اليزان.
لكن مÉن ..Óيرجح؟ هذا الي على كثرته؟ أم ذاك الشر الواغل ف العماق؟
كيف نرب من شهادة القرن العشرين؟ كيف نلوي عيوننا عن مواجهة دللتها؟
ث .من ذا الذي يقول :إنه إما أن نقبل هذه الشرور كلها ،ليتحقق لنا قدر من
الي ..وإما ل خي على الطلق؟
إن هذه هي الصورة " الغربية " للحضارة ..ولكنها ليست الصورة " البشرية "
للتقدم!
والطلوب أن نبقي كل الي الذي حققه العلم والتقدم ،ونق̂وم ف ذات الوقت ما
أحدثه التوحيه الفاسد من شر.
ذلك شأن " النسان " الق ..وذلك مقياس الرجعية والتقدم!
القياس هو النسان!
" يب أن يكون النسان مقياسšا لكل شيء .ولكن الواقع هو عكس ذلك .فهو
غر يب ف العال الذي اب تدعه .إ نه ل ي ستطع أن ين ظم دنياه بنف سه ،لنه ل ي لك معر فة
عملية بطبيعته ..ومن ث فإن التقدم الائل الذي أحرزته علوم الماد على علوم الياة ،هو
إحدى الكوارث الت عانت منها البشرية ..إننا قوم تعساء ،لننا ننحط أخلقيا[ وعقليا..
إن الما عات وا لمم ا لت بل غت في ها ال ضارة ال صناعية أع ظم نو وت قدم ،هي ع لى
و جه الد قة الما عات وا لمم ال خذة ف ال ضعف وا لت ستكون عود تا إ ل الببر ية
والمجية أسرع من عودة غيها إليها " ]ألكسس كاريل[.
" الن سان " هو الق ياس ا لذي ينب غي أن نق يس به الت قدم والرجع ية .ف كل ن ظام
يرفع " النسان " فهو نظام تقدمي .وكل نظام يرتد بالنسان إل الوراء من حيث كيانه
الن سان ف هو رج عي أ يا كانت در جة ال ضارة الاد ية ا لت ي شتمل علي ها ،وأ يا كانت
اللت الت يستخدمها من الدقة والبوت!
ماذا لو ت ضخمت يد الن سان جدا ،šوأ صبحت لا قوة ج بارة ..وبق ية ال سم
كسيح مقعد ل يستطيع أن يتحرك من مكانه؟ ما قيمة اليد القوية البارة وهي ل تستطيع
أن تتد بقوتا خطوات؟!
ذلك هو وضع التقدم العلمي والصناعي والضارة الادية ف القرن العشرين! يد
جبارة ف جسم مقعد كسيح! وفضل عما ف هذا الوضع من اختلل بالنسبة لموع "
النسان " ،فإنه -ف النهاية -يذهب بالفائدة العملية من هذا التقدم البار.
أو ..من ناح ية أ خرى :ما خ صائص " الن سان " ا لت ينب غي أن يافظ علي ها،
وركائزه الرئيسية الت دمرتا حضارة القرن العشرين؟
" يÉا أÝي åهÉا النÌا س» ات ÌقÔوا رÉبÌك Ôم» ال ذ¼ي ÉخلÝقÝك Ôم Óم¼ ن ÓنÉف áس ÅوÉا ح¼دÉة ÅوÉخÉل Ýق Éم¼ن ÓهÉا زÉوÓج ÉهÉا
وÉبÉث م¼نÓه» مÉا ر¼ جÉا šل Ýكث¼يšا Éون¼ سÉاء (139) " éمن عجب أن تكون كل القضايا الثابتة هي الت
اختلت وانارت ف هذا القرن العشرين!
قضية العقيدة .قضية النفس الواحدة .قضية النسي .قضية النسانية الواحدة!..
ت لك با لذات ا لت حدث في ها الختلل ..وت لك با لذات ا لت ت نذر اختلل تا ب تدمي
البشرية!
إن العقيدة الدركة الواعية -كما رأينا ف بثنا من قبل ،وكما رأينا من كلم
جول يان هك سلي نف سه و هو مل حد (140) -رك يزة من ر كائز " الن سان " ت يز با عن
اليوان ) .(141فإلغاؤها -أو إهالا -ارتداد عن خاصية النسان بتة ،ورجعة إل الوراء!
ف قد أنت جت -أول ما أنت جت -ذ لك الت مزق ف ن فس الن سان .الت مزق ب ي
حا جة الن فس الفطر ية إ ل خالق ها ،وحاجت ها إ ل ا لمن الجت ماعي والسيا سي و "
الضاري " ..الذي يأب الغرب ف موجته اللحدة الكافرة اليوم أن يربطه بالعقيدة ف ال!
يتاج إل ال...
و " الضارة " الغربية تنهاه -بتوجيهاتا وتنظيماتا -أن يلجأ إل ال! تنهاه أن
يلجأ إليه ف السياسة ،أو يلجأ إليه ف القتصاد .أو يلجأ إليه ف تنظيم التمع .أو يلجأ إليه
ف وضع دستور للداب والخلق والسلوك .أو يلجأ إليه ف الفن ...وإنا يلجأ إليه -إذا
شاء بعد هذا كله -ف سويعة عابرة ف الصلة ف الكنيسة .ث يعيش بقية يومه وبقية
عمره ف جو مضاد للعقيدة ،واقف لا بالرصاد!
ول يس هذا و حده ..فح ي ل يؤمن ال ناس بال ال يان ا لق ،ول يؤم نون باليوم
الخر ..فليس ف حسهم إذن إل هذه الياة الدنيا ..ينتهبون لذائذها ف الفرصة التاحة
الت لن تتكرر ..ولن تعود!
ويت كالب ال ناس ع لى م تاع ا لرض ..م تاع ال نس وم تاع ا لس .وم تاع ال قوة
ومتاع السلطان..
وتنقلب حياتم -بدل من التعة الزائدة الرجوة -إل جحيم من العذاب .عذاب
القلق الدائم على الفرصة الذاهبة .وعذاب السعار الذي ل يشبع لنه متلهف على الدوام!
والنسان -بل عقيدة -يرتد أسوأ من ذلك اليوان .لنه يصبح بل ضوابط..
ول أهداف:
" لÝه» مÔ Óق لÔوب äل Éيفáق Ýه»ون Ýب¼ هÉا وÉلÝه» م ÓأÝع»Óي ن äل »يب Óص¼ر»ون Ýب¼ هÉا وÝÉله» م ÓآذÝا ن êل Éي سÓمÉع»ون
¼بهÉا أÔولÝئ¼ك ÉكÝالáأÓÝنعÉام¼ بá Éل ه»مÝ ÓأضÉل îأÔوÝلئ¼ك Éه»م» الáغÉاف¼لÔون.(142) " Ý
إنا نكسة ..رجعية! ومع ذلك ..فبمقياس الزمن ذاته ..هل هي حقا " šاختراع "
جديد ف القرن التاسع عشر أو العشرين؟!
ليست أول وثنية! ليست أول كفر بال وإلاد ..ما أقدمها!
ما الدليل على وجود ال؟ كيف يرسل ال الرسل؟ كيف ينل الوحي؟ كيف
يبعث الوتى؟ كيف..؟
" و ÉقÝال Ýال ذ¼ي Éن ل يÉعÓل Ýم»ون ÝلÝوÓل ي» ÝكلØم» نÉا الل ه» ÝأوÉ Óتأáت¼ي نÉا آ يê Éة كµذ-µلك* قµال µا ل¶ذ-ين* م-ن
)(143
(م Ýقد ÓبÌÉينÌا الáآيات¼ ل¼قÝوÓم Åي»وق¼ن»ون" Ý قµب'ل-ه-م' م-ثšل µقµو'ل-ه-م' ت*ش*اب*ه*ت' ́ق́لوب(ه Ó
)(144
" وÉقÝالÔوا مÉا ه¼ي Éإ¼لا حÉيÉات»نÉا ال åدنÓيÉا Éنم»وت» وÉÉنحÓيÉا وÉمÉا ي»ه¼ÓلكÔنÉا إ¼لا ال ÌدهÓر» "
)(145
" أÝإ¼ذÝا كÔنÌا ع¼ظÝاما šوÉر»فÝاتا šأ¼ÝإنÌا لÉ ÝمبÓع»وثÔون" Ý
بل أبلغ من ذلك وأدق! إنك حي تقول للناس اليوم ف القرن العشرين إنه ينبغي
توح يد اللوه ية .فل ي كون إ له للع بادة .وإ له للع لم .وإ له للقت صاد .وإ له للسيا سة..
يستنكرون! ويقول القرآن حكاية لقول الكفار القدماء:
وهذه الرجعية الت يارسها القرن العشرون ف عال العقيدة ،هي ذاتا الت جاء
السلم ليصححها ويقومها ،ويرد البشرية فيها إل الصواب ..وما زال موقفه منها هو
ذات الوقف ف القرن العشرين!
لقد تدثنا عنها با فيه الكفاية ..ول نتاج إل حديث جديد .ل عن طبيعتها ول
عن آثارها ف حياة البشرية..
فهذا ال شقاء ال بالغ ا لذي أ حدثته ف نفوس ال شباب من الن سي ..هذا ال شرود
ال طر ا لذي ل ي عل أ حدšا ي ستقر ..هذا ال تدمي ف ال سرة والت مع والن فوس ..و هذه
اليوانية الت يأنف منها اليوان ..وهذا السعار النون الذي ل يشبع..
إ نا ردة بق ياس " الن سان " ..ف ما خ لق ا ل الن سان ليه بط هذا ال بوط ك له،
ويشرد ويقلق ويل به الدمار ،وما كان " التقدم " ليصيب الناس بكل هذا الشر ،الذي
رأينا أمثلة بارزة منه ف شهادة القرن العشرين ..إنا الشر ينتج من النراف .من البتعاد
عن الفطرة .من عدم ملءمة هذا النظام " للنسان "..
ل قد قال ال قرن الع شرون إ نه " يت طور " ف م سائل ا لخلق وال نس .و»ي حدث
جد يدا šل تعر فه الب شرية من ق بل .ث قالت شهادة التار يخ إ نه أ مر قدي جدا šمو غل ف
التاريخ ..عرفته اليونان القدية وروما القدية والند القدية وفارس القدية..
عرفته على نفس الصورة ..أو ف صور متلفة ..ل فرق! ل فرق من الداخل ف
نفس " الن سان " .ول فرق من ا لارج ف وا قع الب شرية ..ا نراف ل بد أن يؤدي إ ل
ن تائجه التو مة لنه يالف الف طرة ..و هي القيقة التم ية الوح يدة ف تار يخ الن سان..
عنها تتفرع كل التميات!
إنه ذات الرجعية الت جاء السلم ليصححها ويقومها ،ويرد البشرية فيها إلـى
الصواب.
إنا الاهلية الت كانت تتبج فيها الرأة وتقعد لفتنة الرجل وإغرائه ،ويشغل فيها
الرجل بتلك الفتنة والغراء ،سواء ف الزيرة العربية أو ف خارجها .وجاء السلم ليفع
الناس من بيميتها ،ويقر ف ضمائر الناس قيما عليا ترفع علقة النس عن أن تكون بيمية
جسد مسعور .يرفعها إل السكن والودة والرحة " :وÉم¼ن ÓآيÉات¼ه¼ أÝن áخÝÉلق ÉلÝكÔم Óم¼ن ÓأÝنÓفÔس¼كÔم
أÝزÓوÉاجا¼ šلتÉسÓكÔن»وا إ¼لÝيÓهÉا وÉجÉعÉلÉ ÝبيÉÓنكÔم ÓمÉوÉدÌة šوÉرÉحÓمš Éة " .ويرفعها إلـى " التنظيم " الذي يليق
بالنسان.
وهذا الذي يصنعه القرن العشرون ،سواء بقياس " الزمن " أو بقياس " النسان
" ل يزيد على أن رجعية هابطة ،يصححها السلم!
إن ال قرن الع شرين ين حرف في ها انرا فات شت .من أبرز ها :ا نراف الفرد ية
الطاغية الت تطغى على التمع ،وانراف الماعية الطاغية الت تطغى على الفرد ،وانراف
العدوان الستمر من بن النسان على " إخوتم " ف البشرية.
انراف الفردية الطاغية يثله اليوم النظام الرأسال الذي يقول عنه الغرب إنه "
تطور "! ويثله الدكتاتوريون الطغاة ف كل الرض ..فهل هو " تطور " ل مثيل له من
قبل؟
إن " رأس ا لال " ف صورته الطاغ ية ت طور ف نوع اللك ية وت طور ف صورة
الستغلل .لكن طغيان الالك واستغلله لن ل يلك ..هل هو جديد حقا على البشرية؟!
أو ليست هي ذات " الدوافع " ف النفس البشرية النحرفة ،وتؤدي إل ذات الظلم؟ هل
كان الغن ف الزيرة العربية ..أو ف الدولة الرومانية أو الفارسية شيئا šآخر ف معدنه غي
الرأسال الديث الذي يطغى بسلطان رأس الال؟
فالفرد ية الرأ سالية الطاغ ية -ر غم صورتا الظاهر ية الد يدة -رجع ية كانت
موجودة قبل السلم ف صورة من الصور ،وجاء السلم ليصححها ويق̂ومها .وما زال
وضعه منها اليوم هو وضعه منها قبل مئات السني!
أما فردية الدكتاتور الطاغية -الت عرف هذا القرن العشرون ناذج طاغية منها
-فقد عرفتها البشرية كثيا šقبل السلم .وجاء السلم ليفع هذا الطغيان عن كاهل
البشرية بأن يعل العبودية واحدة ل وحده ،ول عبودية لحد من البشر على الطلق.
ومن ث عاد الطغاة القدسون بشرا šعاديي بل قداسة .وصار الكام أشخاصا šعاديي ل
سلطان لم إل تنفيذ شريعة ال .فأما إن اعوجوا فل طاعة لم على الناس .وإنا التقوي
أشد التقوي :قال سلمان الفارسي لعمر ابن الطاب ،أعدل حاكم ف تاريخ الرض" :
وال لو وجدنا فيك اعوجاجا لقومناه بد السيف " فقال عمر :المد ل الذي جعل ف
رعية عمر من يقوم عمر بسيفه!
ذلك موقف السلم من الطغيان من قبل ..وهو موقفه منه حت اليوم .الطغيان ف
أية صورة من صوره رجعية ترجع بالبشرية إل ما قبل الرشد ..الذي يدده ف تاريخ
البشرية مولد السلم .وقد جاء السلم ليصحح وضع البشرية من هذا الطغيان..
أما الطغيان الماعي الذي تثله اليوم الشيوعية -آخر " تطور " ف عال القتصاد
والجتماع -فهو صورة جديدة .نعم .أما الوهر؟
هذا الطغيان الذي يذيب كيان الفرد .ويعله مرد واحد من القطيع ..يتبعه أن
يسي ..ل رأي له ف تقويه ،ول الشراف عليه ،ول له كيان متميز يس بذاته ف وقت
من الو قات ..هل يت لف من ح يث ا لوهر عن طغ يان " القبي لة " ق بل ال سلم ،ذ لك
الطغيان الذي أنطق الشاعر الاهلي بذا البيت:
ث جاء ال سلم ..جاء ل يد " للفرد الن سان " ك يانه إزاء طغ يان ال موع .بأن
جعله -وهو الفرد -قوة هائلة حي يتصل بال ،ويعبده حق عبادته ،ويستلهم هداه .قوة
خ يÓر
توجه الت مع إ ل ال صلح وت صده عن الف ساد " .وÉلáتÉك Ôن Óم¼نÔ Óك م Óأ ÔمÌة êيÉدÓع»ون Ýإ¼ لÝى اáل É
و ÉيÉأáم»ر»ون Ýب¼اáلمÉعÓر»وف¼ وÉيÉن ÓهÉوÓن Ýع Éن¼ اáلم»ن ÓكÝر¼ " ) (147و توجه ا لاكم إذا ا عوج ،وت» شÉاوÉر ف
شأن الكم وسياسة التمع ..ومن ث يرفع عنها العبودية للمجموع.
و هذا الطغ يان ال ماعي الد يد ا لذي تار سه ا لدول الماع ية ،ل يز يد ع لى أن
يكون رجعية من تلك الرجعيات الت جاء السلم ليصححها ويقومها .وما زال موقفه
منها اليوم كموقفه منها يوم جاء!
ولقد واجه السلم يوم جاء به صنوفا šمتلفة من هذا العدوان .فجاء ليصححها
ويقومها .بتهذيب الضمي الب شري من ناح ية ،ووضع الت شريعات ا لت ت نع العدوان من
ناحية أخرى .نظف النفس من " الغل " الحق البشع الذي يدفع إنسانا šإل قتل أخيه
النسان أو تعذيبه أو العدوان عليه .وجعل الرب الوحيدة الت يبيحها هي الرب ل.
لعلء كل مة ا ل ل كل مة ب شر من ال ناس .وب شروط " إن سانية " ت نع الق تل الوح شي
والتمثيل والتعذيب.
إن ما يارسه " التقدم " العصري ف القرن العشرين ،هو الرجعية ذاتا الت جاء
السلم ليصححها ويقومها ..وما زال موقفه منها اليوم كموقفه منها يوم جاء!
وهكذا ..كلما تتبعنا شيئا šمن " تطورات " الغرب وجدنا أنا ليست تطورšا ف
القيقة .وإنا هي انراف ورجعية .انراف بقياس " النسان " ورجعية بقياس الزمان.
نن والغرب
حي تكون القدمات كلها صحيحة ،فينبغي أن تؤدي إل نتيجة صحيحة..
و ما دام ال سلم هو ال قوة التقدم ية الاد ية الر شدة إ ل الطر يق ال صحيح ..و ما
دامت الضارة الغربية تشتمل على كل هذا القدر من النراف والردة إل عال اليوان..
فقد كان ينبغي أن نكون نن -السلمي -ف مقعد القوة والتمكن والتقدم والضارة
والسلطان ،والنظافة الكاملة ف التعامل والخلق ،والترابط ف التمع ،ويكون الغرب ف
مكان الضعف والذلة والوان ..ولكن المر الواقع هو العكس .فالغرب ليس قويšا فقط،
وليس " متحضرا " šفحسب ،بل إنه ف معاملته الفردية نظيف نظافة ملحوظة ،مستقيم
ا ستقامة وا ضحة ..قل ما يدع الن سان من هم غ يه ،أو يغ شه ،أو ياوره أو يداوره .أو
يكذب عليه ف مال التعامل اليومي ،وفوق ذلك يلص ف عمله ويتقنه ويضع فيه كل
جهده ..بينما نن -السلمي! -نغش وندع ،وناور و نداور ،ونكذب وننافق ،ول
نلص ف عملنا ول نتقنه ول نضع جهدنا القيقي فيه.
تلك هي الصورة الت تربك أفهام الجيال الناشئة ف العال السلمي فتصرفها
عن السلم!
وهي ل تنصرف عنه تلقائيا ..šوإنا بذل جهد جهيد خلل القرن الاضي كله وما
يزال يبذل ف هذا القرن للوصول إل هذه النتيجة..
جهد جهيد بذله البشرون والستشرقون ..ث تلقفه منهم " تلميذهم " السلمون
)!( ف الشرق السلمي ،فأخذوا يرددون السطوانة ذاتا ،ول يلون من ترديدها ليصلوا
ف أذ هان الج يال الناشئة إ ل الر بط بي هذه " القائق " الظاهر ية ..لتصل إ ل النتي جة
الطلوبة..
البشرون بادئ ذي بدء كانوا يقولون إن السلم رجعي متأخر ..بدليل التأخر
والرجعية الخيمة على أهله .والسيحية تقدمية متحضرة ..بدليل الضارة والتقدم الوجود
ف الغرب السيحي.
ث جاء تلم يذهم من " ال سلمي " ..من " قادة " الف كر وال صحافة وا لدب
والسياسة يقولون :هلم ننبذ تعاليم هذا الدين الرجعي الامد التأخر ..لكي نتحضر .لكي
نصبح مثل أوربا لكي ننال العلم والقوة والتقدم والسلطان.
ث دار الزمن دورة واختفت من الفق أقوال البشرين الباشرة ..فقد احتجبوا عن
الع مل البا شر ب عد أن اط مأنوا إ ل ق يام تلم يذهم " ال سلمي " با لدعوة بدل من هم،
واطمأنوا إل سياسة الدولة التعليمية الت أوحوا بوضعها عن طريق الستعمار الذي كان
ب يده مقال يد ال كم وال توجيه ..سيا سة ل تع لم النا شئة شيئا šعن حقي قة ال سلم ،وإ نا
تعلم هم بدل م نه أور با وح ضارتا وتفوق ها ال ساحق ..وتعلم هم كذلك شبهات حول
السلم يتسرب إل أفهامهم تأثيها السموم بوعي أو بغي وعي .واطمأنوا كذلك إل
دور الدارس الجنبية وما تدثه من آثار سامة ف تطيم عقائد السلمي ،ول¿ أعناقهم إل
أور با و " ال ضارة " الورب ية ..واط مأنوا أخ يا šإ ل ت كبي تلم يذهم وت ضخيمهم حت
يصبحوا هم قادة الفكر والتوجيه ويصبح ف أيديهم من السلطان ما يكفي لتثبيت ذلك
التوجيه..
واختفت كذلك من ا لفق حلة الست شرقي البا شرة ع لى ال سلم ،ا لت كانت
على أشدها ف النصف الثان من القرن التاسع عشر ،إذ ظهر للمستشرقي بالتجربة العملية
أنا أدت إل عكس الغرض الطلوب ،إذ أيقظت السلمي من سباتم ،ووجهت مشاعرهم
وعقولم وأقلمهم إل الدفاع عن السلم .فظهرت عشرات من الكتب أو مئات تدافع
عن السلم .وكان ف هذا خطر عظيم على الدف النشود من وراء حركة الستشراق.
خطر صرح به الستشرق العاصر " ولفرد كانتول سيث " ف كتابه " السلم ف التاريخ
العاصر " Islam in Modern Historyحيث يقول ف أكثر من مكان ف كتابه :إن الركة
التحررة الت قادها الكتاب التحررون ،والت اتهت إل نقد الدين ،كانت كفيلة بأن تؤت
ثارا šطيبة .لول أن حركة " الدفاع " عن السلم قد حالت دون هذه الثمار!!
لذلك ا ته الست شرقون إ ل و سيلة أخ بث ،ت ن̂وم ال شاعر لل سموم بدل من أن
توقظها للخطر الاثل ،وهي البدء بتمجيد السلم وتعظيمه ،وإعطائه حقه النصف ،حت
إذا ا سترخت أع صاب ال قارئ ال سلم ع لى الد يح ،واط مأنت نف سه إ ل " نزا هة الق صد
والضمي العلمي! " ف هذا الستشرق أو ذاك ،دس له السم ف العسل ،ووضع ف خلل
الديح والتمجيد ما يشاء من التشويه والتشكيك ،وهو مطمئن إل مفعوله الكيد! ث..
الياء -بل التصريح -بأن السلم كان عظيمšا ونافعا šوتقدميا šأيام زمان! أما اليوم فهو
عقبة ف سبيل التقدم ،ول مال لذا التقدم إل بالخذ بوسائل الغرب ف كل شيء ]انظر
كل كتب الستشرقي العاصرين! وبصفة خاصة كتاب " جب " " التاهات الديثة ف
السلم " Modern Trends in Islamوكتاب " جرونيباوم " " السلم " ...وكتاب سيث
الشار إليه " .[" Islam in Modern History
اختفت الملة الول والثانية وظهرت ف الفق دعوة جديدة ،هي الت ما تزال
قائمة حت اليوم ،على يد أولئك " التلميذ " الخلصي من " السلمي! ".
فينب غي أن ن سلك الطر يق ال قوي ..نن بذ دين نا -ك ما فع لت أور با -فنت قدم
ونتحضر ونصل إل القوة والسلطان! وليس من الضروري أن نكفر ونلحد! إنا يب أن
نسارع إل فصل الدين عن كل ما له علقة بواقع التمع وواقع الياة!
هذا وا قع ينب غي تبي أ سبابه ،لتت ضح الق ضية ف أذهان نا ع لى حقيقت ها ،وتت ضح
ال صلة ب ي ال قدمات ا لت قدمناها كل ها وب ي الوا قع ..وإل ف قدت دللت ها القيق ية
وأصبحت غي ذات موضوع!
وظاهر هذه القيقة يقول :هناك دين بل نظافة ]ف الشرق[ ونظافة بل دين ]ف
الغرب[.
والرجع هو التاريخ...
إن أور با ال يوم لي ست متدي نة ..بع ن أن ا لدين ل ي كم ال ياة .ل ي كم وا قع
الت مع ،ول ي كم القت صاد والسيا سة ،ول ي كم التعل يم ،ول ي كم ال توجيه الف كري
لل ناس .وإن كان -في ما عدا هذا -قد ي سيطر ع لى م شاعر ال ناس ل ظات ف دا خل
الكنيسة ،أو الحتفال بقديس من القديسي أو ..ف التأثر ببعض الساطي!!
وربا ل تكن أوربا ف يوم من اليام مسيحية بكل معن الكلمة .فقد ظلت ف
أعماق الضمي الورب -تت القشرة السيحية -رواسب عميقة من آثار الفكر اليونان
وال ضارة الرومان ية ا لوثنيي ،يوج هان جوانب من ال ياة الورب ية بوعي أو بغ ي و عي..
ولكن هذا ل ينفي أن العقيدة السيحية كانت هي الغالبة ف القرون الوسطى.
كانت الكنيسة قوة طاغية غاشة تفرض على الناس التاوات والعشور وترهقهم
من أمرهم عسرا.
وتفرض عليهم أفكارا " šعلمية " مزيفة ،باسم أنا كلمة السماء .فإذا أثبت العلم
التجريب والنظري كذبا راحت الكنيسة ترق العلماء وتعذبم كما فعلت بكوبرنيكوس
وجاليليو وجوردانو برونو لنم ل يوافقوا على نظريتها ف شكل الرض ومركزها من
الكون.
إل جانب ذلك مهزلة صكوك الغفران الت تول الدين إل سخرية لهية ضخمة،
وتنع عنه كثيا šمن جديته وقداسته ..وكذلك الفسد اللقي الذريع الذي كان يارسه "
رجال الدين! " متسترين وراء مسوح الرهبان ،ما يعف عنه الفرد العادي غي التمسك
بأهداب الدين!
كل ذلك أحدث انفصاما šبي الدين وحياة الناس ..وعزل الدين من الواقع الي
إل داخل الوجدان.
ث حدث حادث ضخم ف الياة الوربية ترتبت عليه آثار ف غاية الطورة .وهو
الروب الصليبية.
ففي تلك الروب الت انزم فيها الوربيون -السيحيون -ف كل حرب تقريبا،
و ف النها ية الا سة كذلك -تي قظ أولئك الغرب يون إ ل أ مر حا سم :ل بد أن ي كون ف
حياتم أخطاء واختللت أدت بم إل الزية النكرة ،ول بد أن يكون ف حياة السلمي
من أسباب السلمة والقوة ما مكنهم من النتصار.
ومن هذه اليقظة تولدت " النهضة " الوربية ..ف كل مال.
وع لى الر غم من اهت مام الر جل بالعلوم ،وروح الب حث العل مي -و ما لذا من
دللة ف النهضة الوربية العاصرة -فإنه ل يغفل القيقة الوسع مدى وهي أنه " ليس ثة
ناحية واحدة من نواحي الزدهار الورب إل ويكن إرجاع أصلها إل مؤثرات الثقافة
السلمية بصورة قاطعة ".
وليس هنا مال التفصيل ف هذا الشأن ..فذلك تتوله بوث التاريخ.
ولكنا نقول ف إياز شديد إن الروب الصليبية هي الت وجهت أوربا إل إنشاء
نظام " المة " بعد أن كانت إقطاعيات يكم كل منها إقطاعي تتمثل ف شخصه السلطة
التشريعية والقضائية والتنفيذية ،ويستعبد الناس ف الرض ..وقد وجد الصليبيون ف العال
()148راجع الامشة ص 178من هذا الكتاب " :يقصد الضارة السلمية ..ال ".
السلمي " أمة " تكمها حكومة مركزية موحدة ويسري فيها قانون واحد يطبق على
الم يع بال سوية ..فنق لوا هذا الن ظام إ ل بلد هم ف صارت أ ما ودول ب عد أن كانت
إقطاعيات .وتطم النظام القطاعي وترر عبيد الرض ليصيوا أحرارا šكالسلمي.
وهي كذلك الت أدت إل الركات التحريرية الكبى ومن بينها الاجنا كارتا
وإعلن حقوق النسان.
و كانت -إ ل جانب ذ لك -ذات أ ثر كبي ف ا لخلق الورب ية .ف قد أ خذ
الصليبيون -النهزمون -عن السلمي -الظافرين -كثيا šمن أخلقهم الشخصية من
صدق وأمانة وإخلص وتاسك وترابط وتاب ومودة وتعفف عن الدنايا ..وقد كانوا -
ف أثناء إقامتهم مع السلمي ف الشام -يرون كيف كان التاجر السلم إذا جاء وقت
الصلة يترك متجره -مفتوحا[ -ويذهب إل السجد يؤدي فريضته ث يعود فل يسرقها
سارق! و يرون ك يف يترم ال صغي ال كبي ،وك يف يتف شى " ال سلم " ب ي ال ناس سواء
بالتحية بالفم أو ف واقع التمع ..كما كانوا يرون دقة أصحاب الصنايع وإتقانم أعمالم
وا لخلص في ها ،وك يف كانت " ذ مة " ال تاجر ال سلم رأس ماله ا لول ،ي عد وي في
ويضبط اليعاد!
بذه المور كلها تأثرت الياة الوربية إل جانب الركة العلمية الكبى الت
ن شأت من انت قال ا لذهب التجر يب من مدارس ال ندلس و مدارس ال شرق إ ل ال غرب
الورب...
وكانت جفوة تدريية بطيئة استغرقت بضعة قرون حت وصلت ذروتا ف ناية
القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين.
وف أثناء هذه الفوة تنكر الناس للدين ،وفصلوه عن كل القيم النافعة ف الياة!
فصلوه عن الع لم ..فن شأت حركة إحياء الع لوم ع لى أساس ل دي ن ..بل ع لى
أسس مناهضة للدين.
وف صلوه عن الت مع ..ف جاء الن مو الجت ماعي ا لديث ع لى أ ساس ل دي ن )
(secularإن ل يكن على أسس معادية للدين.
وفصلوه عن الخلق!
قالوا :إن الخلق جيلة نعم ..ولكن ليس من الضروري أن نأخذها من تعاليم
ا لدين فلنجعل ها قائ مة بذاتا ،ت ستمد من " الوا قع " أو من " الع قل " أو من " ال ضمي
الجتماعي " .أو من أي معي إل الدين! ]ول يدخل ف هذا الشأن الخلق النسية..
فهذه قضوا عليها نائيا šبتوجيه الشياطي![.
وقد كانت الفوة من الشدة والعنف بيث ل تفصل فقط بي الدين والخلق..
بل قد ن ف¿رت الناس تنفيا šمن أن يربطوا أي ر بط بي الدين والخلق ..بل إ ل إن كار
وجود رابط بينهما على الطلق ..بل إل الصرار على رفض الخلق إن كانت تلبس
ثوب الدين ،وعدم قبولا إل أن كانت مفصولة عن الدين واقفة له بالرصاد!
ن عم ،يب أن ت كون ل نا أخلق ..ول كن حذار حذار من ربط ها با لدين .وإل
تركناها لكم بأجعها وصرنا ل أخلقيي! كما أصبحنا من قبل ل دينيي!
وزيادة ف التحذير والتنفي تنشأ " مذاهب " كالوجودية تناقش " الخلق " من
حيث البدأ ،وتقول :ل أخلق! فما أراه " أنا " خيšا فهو خي ..وما أراه شرا šفهو شر!
والذين يظنون أنا يكن أن تقوم إل البد هم الذين ينظرون إل رقعة صغية من
التار يخ! ا لذين ين ظرون إ ل ع قرب ال ساعات ف ال ساعة ب ضع د قائق ،ث يقو لون إ نه ل
يتحرك من مكانه ول يري!
لقد بقيت الخلق الوربية -النابعة من العي الدين -بقيت فترة من الزمن
وهي منفصلة عن معينها الصلي ،تسي بقوة الدفع الذاتية ،بغي عنوان الدين.
ظلت أوربا فترة من الزمن " نظيفة " الخلق ،تتعامل على استقامة ..ل يدعك
الغرب ول يغشك ف العاملت اليومية الفردية .ل يقول لك كلما ويقصد كلما šآخر.
ل يقدم لك البضاعة الزورة .ل يعطيك الوعد ويلفه ...إل ف السياسة!
و قال ال ناس -ه نا ف ال شرق ال سلمي :-ل تت جوا ع لى ال غرب بالسيا سة..
فالسياسة خدعة! ولكن انظروا إل التعامل الشخصي .إنا بالضبط الخلق الت تنسبونا
للسلم! ولكنها هناك واقع عملي .يرب عليه الطفل فيتشربه ،ويرب عليه التمع فيصونه!
إ نا لي ست نظر يات كالت ت قدمونا با سم ال سلم! لي ست مواعظ! إ نا ح قائق تربو ية
ضخمة .يبذل فيها جهد دائب لتربية الطفل عليها منذ مولده .يربيه عليها والداه ف النل،
والدرسون ف الدرسة ،والواقع الارجي ف التمع ..فتتأصل.
الوالدان بذاتما قدوة ..ل تكذب الم أمام الطفل ول الب فل يشاهد الطفل
الكذب أمام عينيه .فيتعود الصدق من الواقع الوجود ف السرة .ث يذهب إل الدرسة
فل ت كذب عل يه الدر سة ول ا لدرس .و يرج للمجت مع في جد ال صدق حقي قة ..فين شأ
صادقا ل يكذب.
والمانة كذلك .ل تغش الم ول الب .ول الدرسة ول الدرس .ول الناس ف
التمع .فتصبح المانة ف نفس الطفل حقيقة ..حقيقة ذات رصيد من الواقع.
وبذه الصورة تنشأ كل " الفضائل " الت نفتقدها ف الشرق " السلمي " .إنا
هناك حقيقة ولدينا نن خواء ومواعظ دينية!
وهم هنالك يصنعونا ل باسم الدين ..وتفلح! ونن هنا نعظ إليها باسم الدين..
فل تنجح!
ول كن هذه ك ما ق لت مرح لة من مرا حل " الت طور "! ..و لا ب عد نتائج ها..
التمية!
ل قد انف صلت ا لخلق ف ال غرب عن معين ها ال صلي .مع ي ا لدين .فك يف
صارت؟
ف الداخل ..صارت " الطبقة " الت تكم تشرع لصالها هي على حساب بقية
الطبقات .وظن " علماء " السياسة والقتصاد هناك أن هذه حتمية " اقتصادية "! وليست
حتمية اقتصادية ف الواقع .ولكنها تصبح حتمية حي تنفصل السياسة عن مبادئ الدين..
فتصبح السياسة بل أخلق! وحي كان ال سلمون م سلمي ل ت كن ه ناك طبقة حاك مة
تشرع لصالها .وإنا كان الكام ينفذون مبادئ الدين الت تقضي بالعدالة بي الميع!
وف الارج ..كانت السياسة الغربية كلها خداعا واحتيال وغشا ونصبا وسرقة
وغصبا šوامتصاصا šللدماء! وظن " علماء " السياسة والقتصاد هناك أن هذه أيضا šحتمية
اقت صادية! وإ نا هي نتي جة حتم ية لنف صال السيا سة عن م بادئ ا لدين! وح ي كان
السلمون مسلمي كانت " السياسة " الارجية هي الصدق والمانة ف السلم وف الرب
سواء .ومافظة السلمي على عهودهم ومواثيقهم مضرب الثل ف التاريخ! يقول " ت.
و .أرنو لد ف ك تابه " ا لدعوة إ ل ال سلم " ]تر جة ح سن إبراه يم ح سن وآخر ين ،ص
58من الترجة العربية[ " :كذلك حدث أن سجل ف العاهدة الت أبرمها أبو عبيدة مع
بعض أهال الدن الاورة للحية :فإن منعناكم فلنا الزية وإل فل " ث قال .." :فلما علم
أبو عبيدة قائد العرب بذلك )أي بتجهيز هرقل لاربته( كتب إل عمال الدن الفتوحة ف
الشام يأمرهم بأن يردوا عليهم ما جن من الزية من هذه الدن ،وكتب إل الناس يقول:
إنا رددنا عليكم أموالكم لنه بلغنا ما جع لنا من الموع .وإنكم قد اشترطتم علينا أن
ننع كم ،وإ نا ل ن قدر ع لى ذ لك .و قد ردد نا علي كم ما أ خذنا من كم .و نن ل كم ع لى
الشرط وما كتبنا بيننا إن نصرنا ال عليهم " .وهذا هو السلم!
ث انفصل السلوك النسي عن الخلق! وقال الناس هنا وهناك إن هذا "تطور"!
وقد بينا ف كل الفصول السابقة أنه ليس " تطورا " وإنا هو انلل .ول نتاج
أن نعيد هنا ما قلناه من قبل من آثار البوط النسي والباحية اليوانية ف التمع الغرب..
فيكفينا ف هذا شهادة القرن العشرين ،الت أدل با الغربيون أنفسهم ،وشكوا فيها من
ان طاط ت لك " ا لخلق " .إ نا يعني نا أن نبز حر كة " الت طور " ال ستمرة ،النا شئة من
انفصال الخلق ف الغرب عن معينها الصلي ..معي الدين .وكيف يشمل الفساد جزءا
منها بعد جزء ..لسبب واحد ..هو أنا انفصلت عن ذلك العي!
إن الذي يزيغ أبصار الناس هنا وهناك ..أن هذا الفساد اللقي ف شئون النس
-الذي نشأ من ابتعاد الفاهيم اللقية عن مفاهيم الدين -قد وقف عند هذا الد ،ول
يسر إل بقية شئون الخلق! فماذا علينا إذن -ما دام هذا -ولنسمه الفساد -تطورšا "
حتميا ،" !šماذا علينا أن نبيح هذا الفساد الذي لن نستطيع أن نقو×مه أو نقف ف وجهه،
ما دامت بقية الكيان اللقي ما زالت سليمة ،والتعامل مستقيما ونظيفا šل يسسه السوء؟!
إن ال شاب والف تاة ف ال غرب منحلن خلق يا ف شأن ال نس ]بقايي سنا نن![
ولكنه ما ما زال نظي في التعا مل .ل غش .ول كذب ول خداع .وا ستقامة ف ال لق
والضمي .وإخلص ف العمل وإتقان ..فماذا نسر لو جاريناهم وماذا نكسب من دعوى
الرجوع إل الدين؟!
بيـع أسرار الدولة العسكرية لعدائها مقابل تلبيـة الشذوذ النسي ..هل هذه
هي الخلق؟!
إنا ليست " حالت فردية " ما يوجد ف كل متمع ول يلفت إليه النظار! إنا
ظاهرة اجتماعية تتمع لا الؤترات لتدرسها وتققها .وتنبه إل خطورتا!
حت الخلق " البسيطة " جدا ..šالت كانت مضرب المثال ف الغرب " :المانة
" ف الترام والتوبيس وعدم " التزويغ " من دفع أجرة الركوب! حت هذه! صار اليل
الناشئ ف أوربا يهرب منها ويالفها!
ور با كان كذلك! وح قا šإن هذه لي ست -ب عد -ال صورة الغال بة للمجت مع
الغرب! ولكنها ف طريقها إل الزدياد ..ومن هنا خطورتا .ومن هنا دللتها.
لقد خاض العال السلمي حروبا جة ..ولقد عاش نصف القرن الول ف حرب
دائمة ل تفتر! ومع ذلك فقد كان نصف القرن هذا بالذات هو الفترة الت ترسخت فيها
أخلق السلم ،وانتشرت ف كل مكان وطئته جنود السلم!
إنا مرحلة من مراحل " التطور " ..ل تثبت! كيف يثبت الناس على النلق؟!
لقد بدأ الفساد بالسياسة .ث شئون النس .ث بقية " الخلق ".
ومظاهر القوة والتماسك والصعود والتقدم الت تزيغ أبصار الناس ف الشرق وف
ال غرب ،فيح سبون أ نم ي ستطيعون أن يبت عدوا عن قانون ا ل ف أي شيء ث يظ لوا
ناجحي ..هذه الظاهر خداعة ماكرة! ولنسأل كنيدي ..ولنسأل خروشوف!
إن ما ي شيان نتي جة النلل ا لال ع لى م ستقبل أمري كا ورو سيا! و ها لي سا
طفل ي صغيين ..ولي سا هازلي ..إ نا ها جادان أ شد ا لد ..يب صران ما ل يب صره ه نا
الكتاب الزيفون ..التقدميون التطوريون.
إن ال غرب ي لك قوة حقيق ية ج بارة وهائ لة ..لنه ما زال ي لك ر صيدا šمن "
ا لخلق " ا لت كانت ف أ صلها م ستمدة من ا لدين ..ولك نه -ح ي ف صلها عن مع ي
الدين -بدأ يهبط ..ف كل مال .ووصل البوط إل الد النذر بالطر ..الذي أطلق
الصيحة على لسان كنيدي وخروشوف.
وشهادة القرن العشرين تقدم لنا الواب! إنا تقول ف أوضح صورة :هذا اليل
ف طريقه للندار!
كل ..ل نظافة بل دين!! إنا هي مرحلة من مراحل النزلق ..ل تصل بعد إل
القذارة الكاملة ،لن المم تنلق ف بطء شديد ..ف أجيال ..وقد بدأ الغرب ف البوط
على النلق ..وشهد بذلك الناس هناك!
ولقد كتبت كتابا كامل سيته " هل نن مسلمون؟ " بينت فيه كيف بعدنا عن
السلم وجافيناه .وما أحتاج أن أعيده هنا ف هذا الكتاب!
ولكن فقط أقول هذه البديهية الت يستطيع أن يراجعها كل إنسان ف نفسه :ماذا
فينا يكمه السلم؟!
إن تلك البقية الباقية من العقيدة السلمية ف صورة " عبادات " .ف صورة صوم
وصلة ومسابح ،و " حج مبور " ..كل! ليست إسلما!
" لÝي Óس Éاáلب¼ر Ìأ Ýن áت»و Éلîوا و» ج»وهÉكÔم¼ Óقب Éل Ýاáلم ÉشÓر¼ق¼ وÉالáمÉغÓر¼ ب¼ وÝÉلك¼ ن Ìاáلب¼ر Ìم Éن Óآم Éن Éب¼الله
وÉال áيÉوÓم¼ ا لáآخ¼ر¼ وÉالáمÉلئ¼ كÝة¼ وÉالáك¼ تÉاب¼ وÉالن¼Ìبي× ي ÉوÉآ تÉى ال áمÉا Ýل ع ÉلÝى »حب× ه¼ ذÝو¼ي اáلقÔر ÓبÉى وÉاáلي ÉتÉامÉى
وÉالáم ÉسÉاك¼ي ÉوÉاب Óن Éال سÌب¼يل¼ وÉال سÌائ¼¼لي Éو Éف¼ي الر× قÝاب¼ وÉأ ÝقÝام Éال صÌلة ÝوÉآ تÉى الز ÌكÝاة ÝوÉالáم»و فÔون
¼بع ÉهÓد¼ه¼م Óإ¼ذÝا عÉا هÉد»وا وÉال صÌاب¼ر¼ين Éف¼ي اáلبÉأ áسÉاء¼ وÉال ضÌرÌاء¼ وÉح¼ ي ÉالÉáبأ áس¼ أÔولÝئ¼ ك Éال ذ¼ين ÉصÉدÉقÔوا
وÉأÔول¼Ýئك Éه»م» اáلم»تÌقÔون " ،(149) " ÝفÝل وÉرÉب×ك Éل ي»ؤÓم¼ن»ونÉ ÝحتÌى ي»حØ Éكم»وك Éف¼يمÉا شÉ É
جرÉ ÉبيÓنÉه»م ÓثÔم
سل¼يما.(150) " š سلØم»وا Éت Ó
ل Éيج¼د»وا ف¼ـي ÝأنÓفÔس¼ه¼م ÓحÉرÉجا šم¼مÌا قÝضÉيÓت ÉوÉي» É
السلم هو أن نكون مسلمي ف كل لظة وكل عمل .كل شئون التمع .كل
شئون الياة .كل التعامل الفردي .كل السلوك الشخصي ..وإل فلسنا بسلمي.
ويوم كنا مسلمي ..ل يكن شيء من ذلك كله ف واقعنا ول ف أخلقنا!
ول تكن " الخلق " يومئذ وعظا باسم الدين! إنا كانت تربية كاملة ف ظل
الدين .تربية ينشأ عليها الطفل منذ مولده ،ويد قدوتا ف والديه ،ورصيدها الواقعي ف
التمع.
والوجود عندنا اليوم على أي حال ليس دينا بل نظافة ..وإنا هو ل دين! فقد
انرفنا عن كل مفاهيم الدين ،وكل مقومات الدين!
انرافنا وانر*افهم'
لقد انرف الغرب ..وانرفنا! وطال علينا المد ف النراف ..عدة أجيال!
ل فضائلنا نن السلمية الصيلة ..ول فضائل الغرب الذي نقلده اليوم كالقرود
تارة وكالعبيد تارة!
لذلك لن يصدق هذا اليل أو ذاك لول وهلة هذه القيقة :أن انراف الغرب
أخطر من انرافنا ،رغم أننا الضعفاء وهم القوياء!
لكن الفرق بي انرافنا وانرافهم ،أنم ل يلكون أساسا للتقوي ،ونن نلك هذا
الساس!
نن نلك الساس السليم للقوة والتقدم والضارة " النسانية " القيقية والرفعة
والصعود ..وعيبنا أننا ل ننشئ حياتنا وحضارتنا على ذلك الساس السليم ..وذلك سر
تلفنا ،وسر ما فينا من ضعف وانراف.
أما الغرب فل يلك أساس التقوي ..عيبه ناشئ من حضارته ذاتا ..فكلما سار
في ها شوطا ،ع لى خطوط ها النحر فة ،زاد ف ال نراف .بل كل ما زاد ف ال قوة -ع لى
خطوطها النحرفة -زاد ف البوط!
" إننا قوم تعساء ،لننا ننحط أخلقيا وعقليا .إن الماعات والمم الت بلغت
فيها الضارة الصناعية أعظم نو وتقدم ،هي على وجه الدقة الماعات والمم الخذة ف
ال ضعف ،وا لت ستكون عود تا إ ل الببر ية والمج ية أ سرع من من عودة غي ها إلي ها،
ولكنها ل تدرك ذلك "] .ألكسيس كاريل[.
إن الضارة الغربية ذاتا هي النحرفة ..والناس هناك ل يفسدون لنم ينحرفون
عن الطوط الصلية للحضارة الغربية ،ولكن لنم -على وجه الدقة -يسيون على
خطوط تلك الضارة ،ويتبعونا بصدق وإخلص!
نن السلمي انرفنا عن السلم ..ففسدنا وضعفنا وتلفنا ..أما الغربيون فلم
ينحر فوا عن و حي ح ضارتم .ل قد اتبعو ها صادقي ،ف كانت هي ال سبب ف انراف هم،
واندارهم -كما يقول " كاريل " -إل الببرية والمجية والضياع.
والضارة الرومانية مدتا " بالتنظيم " ،والبحث عن الفائدة العملية ،والبحث عن
التاع.
ول قد أ خذت عن ال عال ال سلمي " ا لذهب التجر يب " ف الع لم ،ا لذي قامت
عليه كل الركة العلمية الديثة ،كما أخذت عنه كثيšا من الفكار والتاهات ..ولكنها
مزجت ذلك كله بالروح الغريقية الرومانية الوثنية ،لنا قامت -بادئ ذي بدء -على
عداء مع الكنيسة ونفور من الدين..
ل قد ف صمت هذه ال ضارة -اب تداء -ما ب ي ال سماء وا لرض من روا بط،
ففصمت -مقابلها -جانبي متزجي ف كيان النسان ،فجعلت كل منهما على حدة،
ث كبتت أحد الوانب بكل وسائل الكبت ،ونت الخر بكل وسائل التنمية!
تلك هي الطيئة الول ف هذه الضارة ،الت تلتها الطايا الخرى متتابعات.
إن النفس البشرية وحدة .والسماء والرض وحدة .وفصل السماء عن الرض ف
الس البشري ،وما يقابله من فصل الانب الروحي عن الانب الادي من النسان ،ل بد
أن تترتب عليه نتائجه " التمية " .فكل الانبي العزولي ،سواء الذي كبت منذ البدء،
وا لذي نى أ كثر من طاقته ..ل بد ف النها ية أن يذبل م عا ..šلن ما منف صلن! وذ لك
مغزى الكلمة الصادقة الت يقولا ألكسس كاريل ،ويؤكدها ف كتابه بشت أنواع التوكيد
" العلمي " القائم على الدراسة والشاهدات.
تقدم العلم .ونظمت الياة على الرض أرقى أنواع التنظيم ..وخيل للناس هناك
أن هذا التقدم والرقي هو حصيلة ذلك الفصام )!(151
فالتقدم العلمي ليس عدوا للدين .وكذلك تنظيم الياة على الرض!
()151اقرأ فصل " الفصام النكد " ف كتاب " الستقبل لذا الدين ".
قد ي كون هذا وذاك عدوا للمف هوم الكن سي ل لدين أو لر جال ا لدين والكني سة.
ولك نه ل يس عدوا " šل لدين " ذا ته .ل يس عدوا šلدين ا ل .فدين ا ل ل ي كن أن ي قف ف
سبيل البشر ،وهو الذي نزل لصلح البشرية.
والدليل هو السلم!
فالركة العلمية الكبى الت نشأ عنها الذهب التجريب ..أو العلم الديث ف
أوربا ،قد نشأت ف ظل السلم ،بل نشأت من وحي السلم وتوجيه السلم!
فالعرب -من قبل -ل يكونوا أهل علم .والعلوم اليونانية الت أخذ السلمون
عنها وتتلمذوا عليها بادئ المر ل تكن ف ذاتا تنحو نو التجريب ،كما قال بريفولت
ودريب ) ،(152ول تكن -بذاتا -تدث تلك النهضة .إنا التوجيه السلمي هو الذي
حولا من التأمل إل التجريب ..ومن ث تقدمت تقدما كبيا بساب ذلك الزمان.
و " التنظيم " بكل أنواعه أخذ السلمون أشكاله وأجهزته من الضارات السابقة
ف ظل البادئ السلمية الثابتة ،ومزجوه بروح السلم وأضافوا إليه ،فلم تقم العداوة بينه
وبي الدين .بل كان الليفة الراشد عمر بن الطاب هو الذي سارع -بروحه السلم
التمكن ف السلم -إل " تدوين الدواوين ".
فالوهم الباطل الذي خيل للغرب أن التقدم العلمي والتنظيم الضاري ها حصيلة
الف صل ب ي ا لدين وال ياة العمل ية ..وÉه Óم äأن شأته ملب سات خا صة ه ناك ،ول يس حقي قة
بشرية!
مسخا نت فيه الوانب الفكرية والوانب الادية إل أقصى حد ..وضمرت فيه
الوانب الروحية إل أقصى حد ..فصار كريها منفرا šميفا ..ينذر بالضياع والدمار!
هذا السخ الشوه قد أغلق على نفسه نوافذ العرفة كلها إل ما يدخل من نافذة "
الذهن " ونافذة " الس " .وألغى ما يدخل من نافذة " الروح ".
وهذا السخ الشوه الذي ل يؤمن إل با تدركه الواس ويدركه الذهن .يصاب
-أول ما ي صاب -بالعمى ال نوعي .فل يب صر أ مامه إل جان با من الشا شة .جان با šمن
الياة .وبقية الشاشة ف نظره مظلم ..أو ل وجود له على الطلق.
فهو يدرك الشياء ناقصة ،وتتكون ف حسه الصورة مشوهة ..ث يسي ف حياته
على هدى هذه الصورة الشوهة ،فإذا كل خطوة اضطراب.
ول ن تاج ه نا أن نع يد كل شهادة ال قرن الع شرين ..وإ نا ن تاج أن نشخ صها
لنعرف علجها.
فحي تعمى روح النسان عن حقيقة الياة والكون ،ول نرى منها إل الانب
ال ظاهر لل حس ..ي تل ال توازن ف دا خل ك يان الن سان ك ما ي تل م سار ال كوكب لو
حجبت عنه فجأة بعض عناصر الاذبية وترك لبعضها الخر! وقد اختل بالفعل توازن
النسان ف هذا العصر ،فجذبته الرض بكل عنفها ،حي انقطع عن جاذبية السماء!
نشاط الروح ..ف اتصالا بالقها ،واستمدادها النور منه ،والتصال بروح الكون
اتصال البة والتفاهم والتعاون ،والتصال بروح البشرية على إخاء .هذا النشاط ل يودعه
الالق كيان النسان اعتباطا ،تعال ال عن العبث وعدم القصد " :وÉمÉا ÉخلÝقáنÉا السÌمÉاوÉات
وÉالáأÝر Óض Éو ÉمÉا ÉبيÓنÉه» مÉا لع¼ب¼ ي " (153) " ÉأÝفÝح Éس¼Óبت»م ÓأÌÝن مÉا ÉخلÝق áنÉاكÔم ÓعÉبÉثا" š؟! ) .(154وإنا أودعه
كيان النسان ليعادل به جواذب الرض وهواتفها ،وهي عنيفة شديدة تتاج دائما šإل ما
يوازنا ويعادلا.
فلما حدث " الفصام النكد " ف الغرب بي النسان وال .بي الدين والياة..
انكفأ النسان على وجهه يهيم ف الرض ..باحثا عن اللذة والتعة والقوة ..بل هدى
يعصمه من السعار.
والسعار الموم الذي يغشى الدنية الغربية اليوم هو النتيجة التمية لذلك الفصام.
و " الطيبون " الذين يظنون أنم يستطيعون أن يأخذوا الضارة الغربية -على
أصولا الغربية -ث يولوا دون انرفاتا..أو يتنعوا عن أضرارها ..هم " طيبون " جدا..š
مضÌللون جدا ..šلنم يتخيلون شيئا šل يكن أن يدث ..شيئا šضد طبائع الشياء!
هذا ال سعار ال موم ا لذي يتج لى ف " ا لغراق " ف كل شيء ..ا لغراق ف
الادية .الغراق ف اللية .الغراق ف وحشية الصراع .الغراق ف متاع النس .الغراق
ف البحث عن السلطان ..إنه ليس شيئšا عارضا šنشأ عن مالفة الناس ف الغرب لصول
الضارة الغربية ،إنا هو شيء ف صميم تلك الضارة ،ونتيجة حتمية من نتائجها.
ولقد سخر الغرب كله بقيقة الروح ..سخر منها التفسي الادي للتاريخ ]وهو
ل يس مل كا لل شيوعية و حدها ف القي قة ،ف قد رأي نا أن ال غرب الرأ سال م كوم ب فاهيمه
) [(155وسخر منها التفسي النسي للسلوك البشري .وسخر منها التفسي المعي للنسان
]در كاي[ و سخر من ها طائ فة كبية من الك تاب والعل ماء وال صحفيي والف ناني ..أو ف
القليل تاهلوها فلم يعلوها ف الساب!
ح ي ل يؤمن الن سان بال وال يوم ا لخر ..أو ل يؤمن ب ما إيا نا جادšا ي كم
السلوك والشاعر والياة العملية ..فالنتيجة التمية هي أن يرى هذا العال وحده ..عال
الرض ..وأن يعبد *** القوى الرضية :يعبد الدولة .أو يعبد التمع .أو يعبد الادة .أو
يعبد ذاته .أو يعبد الشيطان!
ومن ه نا ل ي كون شيء من التكالب الذي يدمر البشرية اليوم أمرا šعارضا šف
الضارة الوربية يرجى له الصلح .إنا هو شيء ف صميمها ،ونتيجة حتمية من نتائجها!
تكالب الفرد الرأسال ف الغرب على تركيز الال ف يده ،وتركيز السلطة الناشئة
من الال ..وما يتبع ذلك من استغلل بشع ،وامتصاص دماء ،واستعمار وطغيان ..إنه
ل يس خلل " اقت صاديا " ف ال ضارة الغرب ية .إ نه نتي جة " الت فرغ " لذه ا لرض..
والنصراف عن هدى ال.
وتكالب الدولة الشيوعية على تركيز الال ف يدها وتركيز السلطة الناشئة من
الال ..وما يتبع ذلك من استعباد الدولة للناس ،وإذللم ،ونزع آدميتهم ،وتويلهم إل
آلت ..ليس مرد اختلل " اقتصادي " مقابل لختلل الرأسالية .إنه مثلها تاما ،اختلل
ف ت صور ال كون وال ياة وت صور الن سان ..اختلل ن شأ من الت فرغ لذه ا لرض..
والنصراف عن هدى ال.
وتكالب الشرق والغرب على القوة ،بالصورة الت تنذر بالتدمي ..ليس اختلل "
سياسيا " šعارضا ..šوإنا هو اختلل أصيل ف النظرة إل " القيم " الت تكم الياة.
)(156
والتكالب النسي ..ل يتاج إل تعليق!
كلها اختللت!
هذا الفصام هو الذي أتاح للتوجيه اليهودي أن يدخل العركة لتدمي السيحية،
وتدمي " الميي " بصفة عامة.
وهذا الفصام هو الذي أقام النقلب الصناعي ف صورته الادية الالصة الت ل
تراعي قواعد الخلق ول قواعد " النسانية ".
وهذا الفصام هو الذي أخرج الرأة من وظيفتها الفطرية الول إل الصنع والتجر
والطر يق ..وأخرج ها ل لغراء والغوا ية ..لتحط يم ما ب قي ف ال ياة من علو ية ورف عة..
والبوط با إل حأة النس السعور.
وهذا الفصام هو الذي جعل صورة " النسان " مشوهة مسوخة ..فقامت نظم
التربية ونظم السياسة ونظم القتصاد ونظم التمع والفنون تغذي هذه الصورة المسوخة
وتد لا ف التشويه!
()156اقرأ فصل " تبط واضطراب " من كتاب " السلم ومشكلت الضارة "
لو كانت للحضارة الغربية مقاييس " إنسانية " صالة ،انرف الناس عنها ،لكان
هناك المل ف عودة الناس إل القاييس " الصحيحة " ،ورجوعهم عن الفساد.
ل قد " قالت " هذه ال ضارة كل ما كثيا šعن " ح قوق الن سان " و " الر ية
والخاء والساواة " و " الكرامة النسانية " و " الرفعة النسانية " و " العظمة النسانية "
و ..و ..و..
عم لت -مل صة -و هي ترى " الن سان " ف القي قة ف صورة " ال يوان "!
وهي تفصل النسان عن ال .وتفصل الياة عن الدين .وتفصل الادة عن الروح ،وتفصل
الدنيا عن الخرة!
ل ين حرف ال ناس عن " أ صول " ال ضارة الغرب ية! إ نا اتبعو ها فأو صلتهم إ ل
البوار!
و " الطيبون " الذين يرون الوجه اللمع من الضارة الغربية ،والبقية الباقية من
الفضائل الوجودة ف الغرب ،عليهم أن يروا كذلك الوجه السود الكال لذه الضارة،
ث يتذكروا شهادة كاريل:
" إننا قوم تعساء ،لننا ننحط أخلقيا šوعقليا .šإن الماعات والمم الت بلغت
فيها الضارة الصناعية أعظم نو وتقدم ،هي على وجه الدقة الماعات والمم الخذة ف
الضعف ،والت ستكون عودتا إل الببرية والمجية أسرع من عودة غيها إليها ".
ولكنه انراف أصيل ف هذه الضارة ل يطرأ عليها من خارجها .ل يطرأ من
انراف الناس ف تصور مفاهيمها أو تثل حقائقها .وإنا نشأ من طبيعة قيامها منذ أول
لظة على أساس معاد Åللدين ،شارد من ال.
ولكننا مع ذلك نلك السبيل إل التقوي ،بصرف النظر -مؤقتا -عن اتاهنا أو
عدم اتاهنا إل السبيل!
وطريقنا للقوة والصعود والتمكن والتقدم والضارة والنسانية .بل طريقنا لنقاذ
البشرية كلها ..هو الرجوع إل السلم.
مستقبل البشرية
ح ي أط لق الفيل سوف العا صر " برترا ند را سل " ن بوءته ال صادقة سنة :1950
"لقد انتهى العصر الذي يسود فيه الرجل البيض .وبقاء تلك السيادة إل البد ليس قانونا
من قواني الطبيعة .وأعتقد أن الرجل البيض لن يلقى أياما رضية كتلك الت لقيها خلل
أربعة قرون " ..حي أطلق نبوءته الصادقة هذه ل يكن يشي إل ملبسات " سياسية "
معينة تنهي دور الرجل البيض ف تاريخ الضارة البشرية ..فالسياسة ف القيقة إن هي
إل الظهر الارجي لقيقة الوضاع الداخلية للمم :الوضاع الفكرية والروحية والنفسية
والجتماع ية والعلم ية والاد ية ..سواء! وإ نا كان الر جل -الفيل سوف -يدل -ع لى
طريقته الفلسفية -بنصيبه ف شهادة القرن العشرين!
انت هت سيادة الر جل ا لبيض ،لن ح ضارته قد و صلت إ ل غايت ها -ع لى
خطوطها النحرفة -فأخذت ف النيار ..تلك شهادة القرن العشرين من جيع جوانبها،
ومن بينها نبوءة ذلك الفيلسوف.
وليس أمام الرجل البيض طريق -من حضارته الالية -ينقذ به نفسه ،وينقذ
البشرية الت يتول اليوم قيادتا ،ويتول كذلك هلكها )!(157
فطريقه الذات الملوء بالفر الدمرة ..وهو منطلق بأقصى ما وسعه من طاقة ف
هذا الطريق ..طريق الشيطان!
ولسنا نبن تفاؤلنا -بطريقة صبيانية -على التقدم العلمي البار الذي سييسر
ال ياة ف ال ستقبل ،وسيصنع ال عاجيب! ول على د عاوى " النسان " ف السيادة ع لى
ا لبيئة والتح كم ف ال ظروف والت حرر من الع جز والت حرر من الق يود ..إ ل آ خر هذه
()157اقرأ فصل " انتهى دور الرجل البيض " ف كتاب " الستقبل لذا الدين ".
الدعاوى الفارغة الت يرددها كتاب الغرب الفتونون وتلميذهم ف الشرق ،الذين يسبون
أنفسهم من " الرواد " حي يلوكون هذه القاويل ..فقد رأينا من شهادة ألكسيس كاريل
أن الت قدم العل مي ذا ته -ع لى خ طوطه الال ية -هو ا لذي سي سرع بال ناس إ ل ال عودة
للببرية والمجية ،وأن تكم النسان ف البيئة وسيادته عليها -بتصوراته الالية -هو
ذاته الذي يعله ينشئ حضارة ل تلئمه ،وتؤدي به إل الدمار!
وإنا نبن تفاؤلنا على الواقع السيئ الذي تعيشه البشرية اليوم ف ظل الضارة
الغربية! والذي يأخذ طريقه إل الزدياد!
إن التقدم العلمي هو الرصيد الوحيد الذي سيسلمه الغرب للبشرية ..وهو من
ال صل ر صيد الب شرية كل ها ع لى مدار الج يال ..بدأه ال صريون ال قدماء وا لغريق
وال نود ..وأ خذه ال سلمون من هم وأ ضافوا إل يه ..و سلموه لور با ففت حت ف يه فتو حا
واسعة ..وستسلمه أوربا غدا šلن يمل الراية ف الستقبل ..دورة دائمة تتداولا الجيال.
هناك فضائل نفسيه واجتماعية وتنظيمية ما زال يملها الغرب ول شك ..هي
ا لت ت فظ ك يانه إ ل هذه اللح ظة أ مام هذا ال سيل ا لارف من ا لدمرات ..ف الفو ضى
الن سية واللق ية ،وال لاد ،وتفك يك روا بط ال سرة والت مع ،النفلت من كل الق يم
وكل العنويات.
ول كن هذه الف ضائل هي ا لت تت ضاءل يو ما šب عد يوم ..كل حرب و كل أز مة
تنقص منها وتزلزلا ..لنا فقدت معينها الول الذي يصونا ويددها على الدوام :معي
الدين ..الصلة القة بال.
و شهادة ال قرن الع شرين ..وال شباب ال هدد بال ضياع ..و صيحة كن يدي
وخرشوف ..وبرتراند راسل ..وغي هؤلء وهؤلء ..كلها تشي إل أن هذه الفضائل ف
طريقها إل التضاؤل .والنيار!
البشرية ف حاجة إل تول جذري ف مالتا جيعا ..šف حاجة إل بناء جديد.
وهناك خطوط ستظل بل شك دون تغيي أو حاجة إل التغيي ..فالعلم يسي على
خط صاعد وسيظل كذلك .ول خوف عليه -حي تتغي نظم البشرية ومناهجها -أن
يتوقف أو يضيع! وتاريخ البشرية كله يومئ إل أنه ل يتوقف قط .وإنا تتسلمه أمة من
أمة لتزيد عليه وتنميه .وف التاريخ الديث شواهد على ذلك .فقد كانت روسيا حي
بدأت ثورتا تكاد تكون أمية ف دنيا العلم ..ث إذا هي تسبق الغرب -الذي تتلمذت
عليه -ف أباث الذرة وأباث الفضاء! والصي بدأت من تت الصفر! واستعارت من
روسيا كل شيء ..العدد والدوات والفنيي والموال ..ث ..إذا هي خطر ماثل ،يلجئ
روسيا ذاتا إل ماولة التفاهم مع الغرب للوقوف أمام الطر الصفر...
ل ارتباط إذن بي التقدم العلمي وبي الضارة الغربية الالية ..ولن يقف العلم
أو ينهار إذا انارت ف القريب أو البعيد حضارة الرجل البيض!
و " التنظيم " العلمي للحياة ل يتوقف هو الخر ..إنا يتاج إل تعديل " اللية "
ال سيطرة عل يه ،وا لت تأ خذ ال يوم بر قاب ال غرب ،وتق تل م نه ا لروح ،و " فرد ية "
النسان).(159
وفيما عدا هذا ينبغي أن يشمل البشرية تغيي جذري يغي كل طريق البشرية!
فلننظر ف انرافات البشرية الالية ،لنعرف كيف يكون التغيي الذي يهدف إل
معالة النراف!
هنالك نقطتان رئيسيتان تنحرف فيهما البشرية الالية انرافا šجذريا šخطيا ..šأو
هو انراف أصلي نشأ عنه انراف آخر ل يقل عنه خطورة..
النراف الصلي هو البعد عن ال ..النفور من الدين ..وإقامة الياة كلها على
أساس ل دين ).(secular
والنراف الذي نشأ عنه هو تشوه التصور النسان " للنسان " .فهو يقوم من
ناحية على أساس التصور الادي اليوان للنسان ،ومن ناحية أخرى على أساس "جزئية"
النسان.
والعلج -إذن -هو العودة إل ال بادئ ذي بدء .وهو تصحيح تصور النسان
لنفسه .على أساس " إنسانية " النسان من ناحية .و " شول " النسان من ناحية أخرى.
العودة إل ال ل تعن مرد إضافة قدر من " الروحانية " على أسس الياة الغربية
الالية! فهذا الزيج التنافر لن يصلح الياة البشرية ف شيء! ولن يزيد الناس إل تزيقا
واضطرابا šوحية ف مواجهة الياة!
إنا القصود شيء آخر ..شيء يصنع تغييا šجذريا ف " التوجه " النسان ذاته!
فيتجه بادئ ذي بدء إل ال! ل إل أحد سواه!
ال توجه إ ل ا ل مع ناه إ فراده -سبحانه -باللوه ية .مع ناه حاكم ية ا ل و حده.
معناه أن يكون هو -سبحانه -صاحب المر القيقي بي الناس .هو الذي يضع للناس
شريعتهم ومنهج حياتم .هو الذي يطط لم سياسة متمعهم وسياسة أموالم .هو الذي
يدد لم علقة الفرد بالتمع .وعلقة الناس بالدولة .وعلقة الرجل بالرأة .وعلقة المة
بالمم .وعلقة " النسان " " بالنسان ".
ليس مرد صلوات ل ف العابد ،ول سبحات روحية مرفرفة ،ول تزجية لوقات
الفراغ!
إنا هو إقامة الياة كلها على أساس العبودية القة ل! وعدم الستنكاف من
عبادة ال على هذا النوال!
أما الزج بي الياة الالية وبي " قدر " من التدين ،فقد كان النقطة الطرة الت
بدأ عندها النفصام الال ،والتمزق ،والية ،والضطراب!
إن الياة ل تصلح بعبادة إلي متلفي .أو إله ف السماء وآلة متعددة ف الرض!
نايتها التمية هي ما وصلت إليه أوربا اليوم من تزق وفساد.
ول تصلح كذلك بعبادة إله غي ال .فكل إله غي ال باطل ،سريعا ما يÉعطب
وي»عطب ع بÌادÉه .وآخر هؤلء اللة الزيفي هو النسان ذاته ..حي عبد النسان Ôذاته!
فسريعا ما عطب ذلك العبود وأعطب نفسه الت تعبده! وأسرع بنفسه إل اللك والبوار!
" أÝإ¼لÝه äمÉع Éالله¼ بá Éل ه»مÝ ÓقوÓمÉ äيعÓد¼لÔون.(160) " !Ý
).(161
" أÝإ¼لÝه äمÉع Éالله¼ بá Éل أÝكáثÝر»ه»م Óل يÉعÓلÝم»ون" !Ý
" أÝإ¼لÝه äمÉع Éالله¼ قá Ôل هÉات»وا »برÓهÉانÉكÔم Óإ¼ن áكÓÔنت»م ÓصÉاد¼ق¼ي.(164) " !É
معنا ها إل غاء ع بادة الدو لة .وع بادة رأس ا لال .وع بادة الت مع .وع بادة ال فرد
النسان ..وما يترتب على كل هذه العبوديات من انراف.
النظم الماعية الت تعل الدولة -أو الزعيم -هو العبود ..والنظم الفردية الت
تعل رأس الال هو العبود ..والنظم الت تقدس التمع وتعله مور ارتكازها المر الناهي
ال سيطر ،وتل غي بذلك ك يان ال فرد وت سحق و جوده ،فل يتب قى له إل كونه فردا šف
القطيع ..والنظم الت تقدس الفرد فتنفخ ف كيانه على حساب التمع ،فتفكك التمع.
كلها نظم باطلة ..منشأ بطلنا هو " العبادة " النحرفة الت تتوجه با لغي ال!
و لن ت صل هذه الن ظم إ ل " ال توازن " ا لذي يوازن انرافا تا وي ÉعÓد¼لÔها إل بن قض
هذه العبادات النحرفة كلها ،والعودة القيقية إل عبادة ال ..أي استمداد النظم والناهج
كلها منه ،ل مرد التسلي بالتوجه إليه ف ساعات الفراغ!
والنرافات الجتماعية واللقية الت رأينا جانبا منها ف شهادة القرن العشرين،
وا لت تص صت ك تب " غرب ية " كام لة ل شرحها والفا ضة في ها ..لن ت توازن كذلك إل
بنفض العبادات النحرفة ،ومن بينها عبادة التمع وعبادة النسان لذاته ..أي لشهواته!
والعودة إل عبادة ال ،الذي يضع الضوابط النظمة للحياة البشرية.
حيوان ية الن سان و ماديته تر تب علي ها ف الت صور ا لورب إقا مة مت مع ل ت سيه
م فاهيم " الن سان " ول ت صوراته ،ول م شاعره ،ول سلوكه .إ نا ت سيه ف م كان ذ لك
ك له م فاهيم " ال يوان "! وم فاهيم " ال لة "! و من ث ت ضاءل م كان العق يدة ف ح سه،
وانفلتت ضوابطه اللقية ف مال النس ،وهبطت علقة النسي عنده إل علقة جسدية
" بيولوجية! " هها الصول على اللذة ،والغراق ف التاع .وذلك -بصفة خاصة -هو
الذي يسرع بتدمي البشرية كما قالت شهادة القرن العشرين! كما ترتب عليها تويل
الن سان إ ل " آ لة " إنتاج ية ..تن تج وتن تج وتن تج ..ول " تس " إل ع لى م ستوى
اليوان).(165
أما جزئية النسان فقد ترتب عليها تضخيم جوانب منه على حساب جوانب
أخرى ،أو تاهل الكيان الكلي عامة ،وماولة " إنشاء " إنسان جديد على أسس فاسدة
تصطدم مع الفطرة وتفسد كيان النسان.
()165راجع " كاريل " :النسان ذلك الهول ،و " ول ديورانت " :مباهج الفلسفة.
فالتف سي ا لادي للتار يخ ،والتف سي الن سي لل سلوك ،والتف سي الم عي للح ياة،
والتفسي " الرجال " للمرأة ) ..(166والتفسي الل للسلوك ]الذي يفسر السلوك البشري
على أنه صادر عن " اللة " البشرية[ وغيه وغيه وغيه ..كلها قائم على أخذ جزء من
النسان والزعم بأنه هو " النسان " ،وتصور الياة كلها على هذا الزعم!
وانع كاس هذا ال نراف وذاك ع لى ال ياة الب شرية العا صرة وا ضح شديد
الو ضوح .فت ضخيم ا لانب ا لادي من ال ياة ع لى ح ساب ا لانب الرو حي وال عاطفي.
وتضخيم الانب النسي على حساب الانب اللقي .وتضخيم الانب الماعي على
ح ساب ا لانب ال فردي ]أو الع كس[ ..وماو لة " صياغة " إن سان جد يد ل يس ول
يفكر على مستوى " النسان " وإنا على مستوى اللة أو مستوى اليوان ..وماولة "
إنشاء " امرأة ليست أنثى ..ال ..ال ..كلها توسات نشأت من انراف التصور النسان
للنسان ،ول علج لا إل العودة للتصور الشامل للنسان!
التصور الشامل الذي يتصور النسان ف حقيقته الشاملة التكاملة :قبضة من طي
ا لرض ،ونف خة من روح ا ل ،متزجي مترابطي ،يت كون منه ما ك يان وا حد مو حد
الجزاء.
ل ينفصل النشاط النسي عن الخلق ،لن هذا وهذه جزءان غي منفصلي من
كيان " النسان ".
والب حث عن الط عام ..والن تاج ا لادي ..وت سي أ ساليب الن تاج ..والت قدم
العلمي ..كلها ل تنفصل عن النشاط الروحي و " القيم " اللقية والنسانية .لنا جيعا
جوانب متعددة -مترابطة -من كيان واحد شامل متكامل.
وبذا التصور البن على حقيقة النسان ،تتوازن الياة البشرية وتنجو ما فيها من
انراف.
ستعود إل السلم!
فليس ف أفكار البشرية كلها فكرة واحدة ت»صلح هذا النراف كله إل السلم!
فهو الذي يربط النسان -ربطا šجادا - šبال ،ويستمد من ال منهج الياة .وهو
الذي يتصور النسان على حقيقته الشاملة التكاملة التوازنة.
ول يس أ مام الب شرية إل طريق ها الن حرف ا لذي ت سي ف يه ال يوم ويو صلها إ ل
الاوية ..أو الرجوع إل السلم.
و نن أ كثر إيا نا šبر حة ا ل من أن يدمر الب شرية -ف غوايت ها ف هذا ال غد
القريب ..قبل أن تستجيب!
فالعلماء -أنبياء البشرية اليوم -بدأوا واحدا إثر واحد يصلون بعقولم العلمية
البحتة إل وجود ال من وراء الدقة العجزة الت يدار با الكون!
قال جيمس جين العال الفلكي الذي بدأ حياته ملحدا شاكسا " :إن مشكلت
العلم الكبى ل يلها إل وجود إله! ".
" Man Does وقال أ .كريسي موريسون رئيس أكاديية العلوم بنيويورك ،ف كتابه
" Not Stand Aloneالترجم بعنوان " :العلم يدعو لليان " " :إن وجود الالق تدل عليه
تنظيمات ل ناية لا تكون الياة بدونا مستحيلة .وإن وجود النسان على ظهر الرض،
والظاهر الفاخرة لذكائه ،إنا هي جزء من برنامج ينفذه بارئ الكون ) ...(168إن النسان
ليك سب مز يدا šل حد له من الت قدم ال ساب ف كل و حدة للع لم .غ ي أن تط يم ذرة
دالتون -الت كانت تعد أصغر قالب ف بناء الكون -إل مموعة نوم مكونة من جرم
مذنب وإلكترو نات طائرة ،قد ف تح مال لت بديل فكرت نا عن ال كون والقي قة ت بديل
جوهريا .ول يعد التناسق اليت للذرات الامدة يربط تصورنا با هو مادي .وإن العارف
الديدة الت كشف عنها العلم لتدع مال لوجود مدبر جبار ،وراء ظواهر الطبيعة" ).(169
و كان أول انع كاس ف ن فس جا جارين رائد الف ضاء الرو سي ح ي خرج إ ل
الفضاء ..هو البحث عن ال! وإن كانت " الدولة " الشيوعية قد انزعجت من تصريه
بذلك بعد عودته إل الرض ،وخشيت على ما جهدت ف نشره من اللاد ،فأوحت إل
الرائد الثالث " تيتوف " أن يقول إنه بث عن ال ف السماء فلم يده!
الهم ..أن رجال " العلم " بدأوا يلوذون بمى ال ..ف داخل معاملهم وأباثهم
العلمية البحتة ..وذلك أول الطريق!
ولكن المر ليس هينا بيث تكفي فيه صيحات متفرقة من هنا أو هناك!
()168يل حظ تأثر ال كاتب بروا سب ال ضارة الاد ية حت و هو يست شرف بعق له إ ل ال نور ا للي" ..
برنامج ينفذه بارئ الكون " ..إنه تعبي مثقل برواسب الضارة الادية وأساليبها العملية ..والدارية!!
()169العلم يدعو لليان .ترجة ممود صال الفلكي ص .45 - 44
إن أسبابا جة -حقيقية وخطية -تصد الناس ف الغرب عن ال ،وعن النهج
القوي للحياة.
ي ستوي ف هذه الما قات الطغ يان الب شع ا لذي مار سته الكني سة ع لى ال ناس.
والهالة الخرفة الت عاش فيها رجال الدين ف القرون الوسطى .والفاسد اللقية الشنيعة
الت ارتكبوها ف ذات المكنة الخصصة للعبادة والقداسة والترفع عن الشهوات .ومهزلة
صكوك الغفران ..ث تقتيل العلماء وتعذيبهم حي يكتشفون حقائق الكون والياة!
هذه الماقات كلها قد حفرت آثارšا عميقة ف مشاعر الغرب وأفكاره ..ليس
من الي إزالتها ..وهي حصيلة أجيال!
حقا إنا حصيلة غي منطقية! فلم يكن لزاما على الغرب حي عادى الكنيسة أن
ين فر من ا ل وي عادي ا لدين .و كان بو سعه أن ي صحح مف هومه ا لدين بدل من تطي مه.
ولكن هذا هو المر الذي وقع بالفعل ،وهو الذي يواجهنا بنتائجه اليوم أيا šما كان فيها
من أخطاء!
والعودة إل الدين -مهما كانت بوادرها ظاهرة اليوم -ستكون -حسبما نرى
بنطق نا الب شري ا لدود -بطيئة بطيئة ت تاج إ ل أج يال! ] ما ل يرد ا ل غ ي ذ لك! و ما
أسهل ما يريد ال .وما أسهل ما ينقلب النسان فردا šوجاعة من موقف العناد مع ال ،إل
موقف التسليم! وهي حالة لا ناذج مكرورة ف البشرية ،خاصة ف أوقات الزمات![
إن " النطق العلمي " الذي يسيطر اليوم على الغرب ،أو " النطق الادي " ،يقف
عثرة ف سبيل العودة إل الدين والعودة إل ال!
إن اليان " بقواني الطبيعة " وثبوتا ..يفسد تفكي الغرب ،ويفسد توجهه إل
ال! " فالعلم " كله ف الغرب قائم على أساس ثبوت هذه القواني وعدم تعرضها -ول
إمكان تعرضها -للتغيي! وهذا حق من أحد جوانبه .فلم يكن العلم ليتقدم خطوة واحدة
لول افتراض ثبوت السنن الكونية ،الت تبن عليها الشاهدات والتجارب ،وتستمد منها
النتائج والقواني..
ومن ناحية أخرى يتصور أن ال -مع التسليم بوجوده -قد أودع الكون هذه
ال قواني ث ترك ها تع مل بطري قة آل ية ف تؤدي إ ل كل عمل يات " ال لق " و كل عمل يات
الكون ،دون تدخل منه سبحانه!
إنه ل يستطيع أن يتصور حدوث العجزة بال! ول تدخل ال الباشر ف شأن من
شئون اللق أو شئون الياة ،بعدما أودعها " القواني " الت تسي عليها!
وحي قلت له إنه يطئ ف تصور أن تدخل ال الباشر ل يدث إل ف " مالفة "
قواني الطبيعة وإنا يدث هذا التدخل الباشر ف كل لظة للمحافظة على ثبوت هذه
القواني ،وإل ما ثبتت على ما هي عليه ..كانت هذه مفاجأة ضخمة لتفكيه! هذا وهو
يقرأ ف القرآن) :إ¼ن الله» ÉيمÓس¼ك» السÌمÉاوÉات¼ وÉاáلأÝرÓض ÉأÝن áتÉز»ول وÉلÝئ¼ن ÓزÉاÝلتÉا إ¼ن áأÝمÓسÝ Éكه»مÉا م¼ن
)(170
أÉ Ýحد Åم¼ـن ÓبÉعÓد¼ه(
فآمنوا بالعلم ،وآم نوا بالعجزة؛ ف ب ساطة بل ت عارض ول تزق ف التفك ي! و هذا هو
النهج الصائب ف تفهم القيقة اللية والقيقة الكونية .ولكن " العلم " ف الغرب البن
على نفهم قاصر ،يصد الناس عن السبيل!
لقد يكن أن يصطلح " العلم " مع اليان " بالغيب " ف يوم قريب أو بعيد..
وخاصة بعد البحث ف قلب " الذرة " الذي غي النظرة كلها إل الكون " الادي " وقرب
ما بي الادي واللمادي ف أفكار الغربيي.
كيف يفيقون؟ كيف تصدق أعصابم اللتذة بذا التاع أنم مدمÌرون؟!
قد يرى " الكماء " ما هم فيه من دمار مقق ..أما هم ..وهم يترقون بالنار
الببة ..هل يسون -أو يبالون -أنم يترقون؟!
)ز»ي× ن Éل¼لنÌا س¼ »ح ب åال شÌهÉوÉات¼ م¼ ن Éالن× سÉاء¼ وÉاáلبÉن¼ ي ÉوÉالáق ÝنÉاط¼ي¼ الáم»قÓÝن طÝرÉة¼ م¼ ن Éا لذهÉب
حيÉاة¼ ال åدنÓيÉا.(171) (.. خيÓل¼ اáلم»سÉوÌمÉة¼ وÉالÝáأنÓعÉام¼ وÉالáحÉرÓث¼ ذÝل¼ك ÉمÉتÉاع» اáل É
وÉالáف¼ضÌة¼ وÉالÉ á
إنه ليس ساعات اللقاء النسي وحده ..ولكنه كل شيء ف حياة الغرب!
الع مل ه ناك -ع لى طريقة ال لة الن سانية -مرهق للعصاب ،كابت للحيو ية
والنطلق .ث ..ينط لق ال ناس من أع مالم ،ليز يوا الك بت الوا قع ع لى ك يانم ا لي..
ولكن ينطلقون على طريقة اليوان!
ومن أجل احتمال اللية الملة الرتيبة ،توضع أشد الشهيات ف الانب الخر..
جانب اليوان!
و ل ي كن هذا ضرورة " حتم ية " ف ح ياة ال ناس .ولك نه " ضرورة " ف هذا
التصور النحرف النون.
والرأة ..والرأة الت " تررت " من كل قيد قيدتا به الجيال! كيف تعود؟!
كيف تعود إل مهمتها الفطرية وتقصر نفسها عليها وهي ترى نفسها اليوم ملء
" الت مع " ،وم لء ال صانع وال تاجر وا لدواوين وال شوارع ..وأ هم من ذ لك ك له ..م لء
مشاعر الرجل ..كل رجل؟!
كيف تقبل أن ينحصر سلطانا ف بيت واحد ورجل واحد ،وهي اليوم ترى "
وجودها " واسع الفاق ،يشمل كل رجل يقع عيناه على فتنتها ،فيعجب با ولو لظة
عابرة ف الطريق ..وتتجمع اللحظات لتك̂ون لا " الياة "!
ل يرجعون إل بقارعة!
وا لدمار يف تح فاه ف كل ل ظة ..انت هاء سيادة الر جل ا لبيض ر عب ] له![
وا لوف ع لى ال ستقبل ف رو سيا وأمري كا ر عب ]ل ما[ وا لرب الذر ية ر عب ي شمل
الميع!
وكلما هم العال أن يستريح لبعاد خطر الرب ..عادت الزمة تطل من جديد.
القارعة على البواب ..والناس ليسوا ميين ..أو هم ميون بي العودة إل ال
وبي الدمار الرهيب.
وستجد البشرية ذات يوم أن ال أكرم لا وأشفق عليها من أنفسها ..فتعود إليه.
إنا تقع القارعة -أو الصحوة -ف العتاد حي يشتد الفساد بالناس جيل بعد
أجيال!
ونن -حي نقول إن مستقبل البشرية هو العودة إل ال -ل نرقب هذا الغد
القريب الذي يوي أعمارنا وأعمار هذا اليل!
فعمر البشرية ل يقاس بعمر فرد أو أفراد ف جيل ..إنا يقاس بأجيال بعد أجيال!
دور السلمي
دور السلمي هو أن يكونوا دائما ف الطليعة .أن يسكوا ف أيديهم مقدم الزمام.
)ه»و Éا ÓجتÉبÉاكÔم ÓوÉمÉا ÉجعÉل ÝعÝÉليÓكÔم Óف¼ي الد×ين¼ م¼ن ÓحÉرÉج Åم¼ل Ýة Ýأب¼ي Ôكم Óإ¼ÓبرÉاه¼يم Éه»و ÉسÉمÌاكÔم
اáلم»سÓل¼م¼ي Éم¼نÝ ÓقبÓل ÔوÉف¼ي هÉذÝا ¼ليÉكÔون ÝالرÌس»ول ÔشÉه¼يدا šعÝÉلÓيكÔم Óو*ت*́كون(وا ش(ه*د*اء¿ ع*لµى الن®اس(
).(172
)و ÉكÝذÝل¼ك ÉجÉعá Éل نÉاكÔم Óأ Ôمš Ìة و ÉسÉطا šل-ت*́كو ن(وا ش(ه*د*اء¿ ع* لµى الن®اس¼ وÉي ÉكÔون Ýالر Ìس»ول
).(173
عÝÉليÓكÔمÉ Óشه¼يدا(
ذلك دور السلمي :أن يكونوا خي أمة ف ا لرض ،ويكونوا -بذا -شهداء
على الناس وقادة للبشرية.
وو عد ا ل للم سلمي و عد صادق ل يتخ لف " :و* ع*د* الل¶ ه( ا ل¶ذ-ين* آم* ن(وا م-ن'́كم
*ات ÝليÉسÉÓتخÓل¼فÝنÌه»م Óف¼ي الáأÝرÓض¼ كÝمÉا اسÉÓت Ó
خلÝف Éالذ¼ي Éن م¼نÝ Óقب¼Óله¼م ÓوÝÉلي»مÉكÉØنن ÌلÝه»م و*ع*م́-لوا الص®ال-ح ¼
د¼ينÉه» م» ال ذ¼ي ارÉÓت ضÉى لÝه» م ÓوÝÉلي» بÉد×لÌÝنه»م Óم¼ ن Óب ÉعÓد¼ خÉوÓف¼ه¼م ÓأÝمÓنا* šيع' ب(د(ون*ن-ي ل (ي ش'ر́-كون µب-ي ش*ي'ئا
).(175
وÉمÉن ÓكÝفÝرÉ ÉبعÓد ÉذÝل¼ك ÉفÝأÔوÝلئ¼ك Éه»م» اáلفÝاس¼قÔون" Ý
وحي ينحرفون عن السلم كما انرفوا بالمس وينحرفون اليوم ،فليس لم إل
و عد ا ل ال صادق ا لذي ل يتخ لفÔ " :ق ل¼ الل ه» »ينÉج×يك Ôم Óم¼ن ÓهÉا وÉم¼ ن Óك Ôل ØكÝر Óب Åث Ôم ÌأÝنÓت»م
»تشÓر¼كÔونÔ ،Ýقل áه»و ÉاáلقÝاد¼ر» عÉلÝى أÝنÉ áيبÓعÉث ÝعÝÉليÓكÔم ÓعÉذÝابا šم¼ن ÓفÝوÓق¼ Ôكم ÓأÝو Óم¼نÉ ÓتحÓت¼ أÝر» Óجل¼كÔم ÓأÝو
Éيل¼áبسÉكÔم¼ ÓشيÉعا šوÉي»ذ¼يقÉ ÉبعÓضÉكÔمÉ ÓبأáسÉ ÉبعÓض ÅاÓنظÔر ÓكÝيÓف Éن»صÉر×ف» الáآيات¼ لÝعÉله»م ÓيÉفáقÝه»ون" ).(176
ول كن لم -ح ي يكو نون م سلمي -دورا šلذه الب شرية النحر فة ال ضالة ا لت
تشقى اليوم بانرافها وضللتها!
إنم -و حدهم ف كل الرض -الذين يل كون النهج الصال للح ياة ..النهج
الادي من الضلل.
هم -و حدهم -ا لذين يل كون الن هج ا لذي يرأب صدع الب شرية و يداوي
انرافاتا الدمرة.
الن هج ا لذي يرأب الف صام ا لذي أ حدثته أور با ب ي الن سان وا ل! ب ي ا لدين
والياة .بي الدنيا والخرة .بي السم والروح .بي الواقع والثال.
النهج الذي يلم شتات النفس البشرية بتوحيد وجهتها وتوحيد عبادتا :تعبد إلا
وا حدا ،šوتت جه وج هة وا حدة .ف ن شاطها الرو حي وا لادي .ن شاطها القت صادي
والجتماعي والسياسي .نشاطها العقلي والفن ) ..(177كل لون من ألوان النشاط .وبذلك
يقف الضطراب القلق الذي يزق النفس البشرية اليوم ويأكل نشاطها ،ويفسد الشباب
ويدمر التمع ،ويفزع السئولي عن التوجيه ف الدول الكبى والصغرى على السواء!
و تارس ن شاطها " ال يوي " ك له ،با ف ذ لك ن شاط ال نس ،ف نظا فة ت شبع
الرغبات ول تفسد العصاب.
وهو هو النهج الذي تتاج إليه البشرية لينقذها من انرافها ،وينقذها من الدمار
الرهيب.
ولكي تتدي البشرية إل حقيقته ،فلن يكفي أن تقرأ عنه وتفهمه ..إنا ينبغي أن
تراه ف صورة عمل ية واقع ية ..صورة من فذة ف وا قع ا لرض ..وذ لك دور ال سلمي
للبشرية!
ا لرب ال صليبية الد يدة ا لت بدأت ف ال قرن الا ضي و ما تزال ..وت ساندها
الصهيونية.
حرب بم يع و سائل ا لرب .بال سلح وال يوش .بال ستعمار " القت صادي "
وال ستعمار الف كري والرو حي ..بإف ساد ا لخلق ..ب تدمي اهتما مات ال شباب ا لادة
و تويلهم إ ل ف تات يت هافت حول ال سينما والتليفز يون ،وأقا صيص ال نس ال موم،
ومبار يات ال مال وم عارض الز ياء ،و سائر ما اب تدعته ال شياطي ..ي ستهلك في ها طاقته
اليوية.
تلك هي الرب السعورة الت يواجهها السلم .حرب ل هوادة فيها ول هدانة
ول فتور .حرب تشمل حركات البعث السلمي من اليط إل اليط .حرب يصرح با
بعض الصرحاء أحيانا šكما صرح با " بيدو " وزير خارجية فرنسا السابق ،حي قال عن
حرب الزائر إنا حرب اللل والصليب ويب أن تضي إل غايتها ..ويفيها آخرون.
الهالة الطويلة الت رانت على قلوبم منذ عصر الركود .وحرب التشويه الت
شنها البشرون والست شرقون والستعمرون الصليبيون ،وتلمذتم من " أساتذة " اليل.
والفت نة با لذاهب الغرب ية -ذات ال سيادة -العاد ية ل لدين .وال تأثر با قاله ا لوربيون ف
دينهم كما صورته لم الكنيسة ،والظن بأنه ينطبق على كل مفهوم " الدين " .ث موقف
الضعف السياسي والرب والقتصادي إزاء الغرب ،الذي يشككهم ف كل قيمهم الذاتية،
ويسهل عليهم تصديق كل نقيصة ف أنفسهم وكل فضيلة ف القوياء التمكني!
هذه السباب كلها متمعة قد غشت على قلوب السلمي وأبصارهم فلم يعودوا
يعرفون حقيقة هذا الدين .فصارت الهمة الول لم أن يعرفوه.
فالعرفة النظرية وحدها ل تكفي! ل تعطي الطعم القيقي لشيء من الشياء! إنا
يعرف النسان حقيقة الفكرة حي يعيشها بالفعل ،ويتفاعل معها ف واقع الياة.
والسلم غريب اليوم على قلوب السلمي وضمائرهم غربته يوم بدأ .أو أشد
غربة!
لقد كان غريبا - šحقيقة -يوم بدأ .ولكنه كان يواجه نفوسا ل تفسد فطرتا
كل الف ساد .أو ل ت كن عمي قة ال غور ف الف ساد .ف سرعان ما ا نابت الق شرة الفا سدة
وصفت النفوس للنور الق.
وال يوم يواجه ال سلم -في من يسمون " السلمي " ذاتم -نفوسا توغل فيها
الف ساد :الف ساد الذي أ حدثه ال مود والن سار والتو قف .والف ساد ال لوب من الغرب.
والتحلل اللقي والستمتاع الزائد عن الد ،الذي يصرف الغرب عن الرجوع إل الدين.
ك ما يواجه م سلمي ت عودوا -ب كم ا لمر الوا قع تت توجيه ال ستعمار ال صليب -أن
يعيشوا بعيدا šعن روح السلم وتشريع السلم .وأن تكم حياتم كلها -ف الخلق
والسلوك والتفكي والتنفيذ -مفاهيم غي إسلمية.
وف أثناء ذلك كله هم ف حاجة إل التعرف على علم الغرب كله وأسباب قوته
الاد ية من تنظي مات و بوث و خبات .حت ي ستعيدوا حا ستهم العلم ية ال صيلة -ا لت
فقدوها ف الجيال الخية -ويشاركوا مشاركة حية فعالة -على طريقتهم السلمية
النظيفة -ف تلك التنظيمات والبات والبحوث.
وهو جهد ضخم شاق ..ولكنه مع ذلك ضروري .ضروري للمسلمي أنفسهم
لكي يعيشوا على مستوى " النسان " كما علمهم ال بالسلم .النسان التنور التحضر
التوازن النظيف التطلع إل المام .وضروري كذلك للبشرية لكي ترى النموذج الواقعي
ا لي للف كرة النظي فة ال سليمة ،فتتبع ها -را ضية -لت خرج با من الظل مات إ ل ال نور،
وتتقي الدمار الذي ينذر بإفناء البشرية.
إنه ل مانع لديهم من أن يبقى السلم -إذا شاء -صلوات ومشايخ ومساجد
للبكة!
ول مانع لديهم من " تطوير " الدين وتعديل مفاهيمه بإدخال الفاهيم الغربية ف
صلبه!
أما قيام متمع مسلم واع فاهم مثقف نام يفهم السلم ويعيشه بالفعل ..فهذا
بالذات هو المر الرهوب الذي يرهبه أعداء السلم ..والذي ينبغي أن يولوا دونه بكل
سبيل!
ول قد قاموا بالف عل بق تل ج يع المكان يات بالن سبة لق يام جا عة م سلمة ف هذا
اليل!
ذات يوم ف التار يخ تو غل ال صليبيون ف الب حر ا لحر وقل بوا سفينة للح جاج
وقتلوا من فيها ،ونزلوا ف جدة ،وساروا بالفعل نو الرض القدسة بأقدامهم الدنسة.
لو أن إنسانا šوقف يرصد التاريخ ف تلك اللحظة ،مقطوع الصلة بالغيب الستور،
لقال إن السلم قد انتهى ولن تقوم له قائمة بعد اليوم ..فليس بعد ذلك شيء..
ث ..ث ينت شر ال سلم ف أفريق يا ب صورة تز عج أع صاب الب شرين وا لدول ا لت
تبعث البشرين!
وينتشر السلم ف زنوج أمريكا الضطهدين ..ف داخل السجون الت تضطهدهم
وتشردهم!
" وÉالله» غÝا¼لب äعÉلÝى أÝمÓر¼ه¼ وÉلÝك¼ن Ìأá ÝكثÝر ÉالنÌاس¼ ل يÉعÓلÝم»ون!" Ý
صدق ال العظيم.
الفهرس'
مقدمة -
عصر التطور -
اليهود الثلثة :ماركس /وفرويد /ودركاي -
شهادة التاريخ -
الثابت والتطور ف كيان النسان -
شهادة القرن العشرين -
السلم وحياة البشرية -
السلم والرجعيات -
نن والغرب -
انرافنا وانرافهم -
مستقبل البشرية -
دور السلمي -
هذه دعوتنا
-دعوة ال الجرة إل ال بتجريد التوحيد ،والباءة من الشرك والتنديد ،والجرة
إل رسوله صلى ال عليه وسلم بتجريد التابعة له.
-د عوة إ ل إظ هار التوح يد ،بإعلن أو ثق عرى ال يان ،وال صدع ب لة الليل ي
م مˆد وإبراهيم عليهما السلم ،وإظهار موالة التوحيد وأهله ،وإبداء الباءة من الشرك
وأهله.
-د عوة إ ل تق يق التوح يد ب هاد ال طواغيت كل ال طواغيت بالل سان وال سنان،
لخراج العباد من عبادة العباد إل عبادة رب العباد ،ومن جور الناهج والقواني والديان
إل عدل ونور السلم.
-د عوة إ ل الب صية ف الوا قع ،وإ ل ا ستبانة سبيل الرم ي ،كل الرم ي ع لى
اختلف مللهم ونلهم} ،قل هذه سبيلي أدعو إل ال على بصية أنا ومن اتبعن وسبحان
ال وما أنا من الشركي{.
-دعوة إل العداد الاد على كافة الصعدة للجهاد ف سبيل ال ،والسعي ف
قتال الطواغيت وأنصارهم ،واليهود وأحلفهم ،لتحرير السلمي وديارهم من قيد أسرهم
واحتللم.
-ودعوة إل اللحاق بركب الطائفة الظاهرة القائمة بدين ال ،الذين ل يضرهم
من خالفهم ول من خذلم حت يأت أمر ال.