Professional Documents
Culture Documents
رؤية إسلمية
لحوال العال العاصر
تأليف
الستاذ ممد قطب
بسم ال الرحن الرحيم؛ )ق#د 4خ%ل#ت 4م)ن 4ق#ب4ل)ك/م 4س-ن%ن= ف#س)ي-وا ف)ي ال.أ#ر4ض) ف#ان4ظ/ر-وا ك#ي4ف %ك#ان #ع%اق)ب%ة /ا.لم-ك#ذ)+بي ،%ه%ذ#ا
%بي%ان Iل)لنHاس) و%ه-دى Jو%م%و4ع)ظ#ة) Iلل.م-تHق)ي( سورة آل عمران.
***
http://www.tawhed.ws
http://www.almaqdese.com
http://www.alsunnah.info
http://www.abu-qatada.com
رؤية إسلمية لحوال العال العاصر
مقدمة
كيف يرى السلم أحوال العال العاصر؟
هل له ر-ؤ 5ية خا صة به؟ أم إ نه يت ناول ا لمور ك ما -ت قد*م له من خلل و سائل
العلم العالية؟
تلك أسئلة ينبغي أن نسألا أنفسنا ،وأن تكون لدينا إجابة واضحة عنها .فالعال
اليوم م-تشابك ،Yنعم ،وي-عب*ر عنه أحيانXا بأنه أصبح كالقرية الصغية بفعل وسائل التصال
الدي ثة ،ول كن ال نAاس -ح تAى ف القر ية ال صغية -لي سوا م شربا Wوا حدا ،Wول موق فا
واحدا ،Xول لم رؤية واحدة تاه جيع المور:
) %و ل#و 4ش%ا̀ء ر_%ب ك# %لج%ع %ل #النHا س %أ /مHة Wو%ا ح)د%ة Wو%ل ي%ز%ا ل/ون #م-خ4ت%ل)ف) ي) ،%إلXا م %ن 4ر%ح)م
ر%ب_ ك %و %ل)ذ)#لك %خ%ل#ق#ه-م( ] .سورة هود ،الي تان .[119 ،118والك تل الت صارعة -ف
العال الواسع أو ف القرية الصغية -لكل mمنها موقفها الاص ،Aورؤيتها الاصAة لا يري
ف الرض من أحداث.(1) .
والسلمون -كما وصفهم رسول ال صلى ال عليه وسلم " :أمة من دون النAاس
" ).(2
()1أكتب هذا وقد انار العسكر الشيوعي ،وحدث تقارب ملحوظ بي روسيا وأمريكا ،ولكن هذا ل
ينفي وجود الكتل العالية التصارعة.
()2من وثيقة الوادعة بي السلمي واليهود ف أول العهد بالدينة .رواه ابن اسحاق.
هل لم ر-ؤ5يتهم الاصAة وموقفهم الاص -على القل كما لك ل mأمة من المم
ا لخرى ر-ؤ5يت ها وموقف ها -أم إ نم أ شياع Yمتفر قون ،وأت باع إ ما لذه ال قوة أو ت لك،
ينظرون بالنظار الذي يقدAمه لم سادتم ،ويرون المور من خلله -أي كما ي-راد لم أن
%ير%و 4ها -وي شتجرون في ما بين هم ،ل ب سبب الرAؤ ية الا صة لك ل mمن هم ،ول كن ب سبب
اختلف الرؤية من خلل النظار الذي ي-قدAم لكل منهم!
والنتيجة..؟ ضياع!..
)ق/ل) .إنHن)ي ه%د%ان)ي ر%بsي )إل#ى ص)ر%اط pم-س4ت%ق)يم pد)ينا Wق)ي%ما Wم)لXة) #إب4ر%اه)يم %ح%ن)يفا Wو%م%ا ك#ان
م)ن %ا.لم-ش4ر)ك)ي(] .سورة النعام ،الية.[161 :
)ق /ل) .إ نsي -نه)ي ت# -أ ن .أ#ع 4ب-د %ا لXذ)ين %ت%د4ع-ون #م) ن 4د-و ن) الل Xه) ق /ل .ل #أتHب) ع# -أ ه4و%ا̀ءك/م 4ق#د
ضل#ل.ت -إ)ذا Wو%م%ا #أن%ا م)ن %ا.لم-ه4ت%د)ين(] .سورة النعام ،الية.[56 : %
)ق /ل) الل Xه %أ#ع 4ب-د -م-خ4ل)صا# Wل ه -د)ي ن)ي ،ف#اع 4ب-د-وا م%ا ش)ئ.ت-م 4م) ن 4د-ون) ه)( ] .سورة الزمر،
اليتان .[15 ،14
) /كن4ت -م 4خ %ي4ر %أ /مHة pأ/خ4ر)ج %ت 4ل)لنHا س) ت%أ.م-ر-ون #ب)ال.م%ع4ر-وف) و%ت%ن 4ه%و4ن #ع %ن) ا.لم-ن 4ك#ر
و-%تؤ4م)ن-ون #ب)اللXه(] .آل عمران ،الية.[110 :
) %و ك#ذ#ل)ك% %جع%ل .ن%اك/م 4أ /مHة Wو %س%طا) Wلت%ك/و ن-وا ش-ه%د%ا̀ء ع %ل#ى النHا س) %وي %ك/ون #الر Hس-ول
ع%ل#ي4ك/م 4ش%ه)يدا(] .البقرة ،الية.[143 :
ومقتضى كونم أمة متميزة من دون الناس أن تكون لم رؤ4يتهم الاصة لا يري
من أحداث ف الرض ،وموقفهم الاص ،فعلى أي أساس يكون موقفهم ،ومن أي زاوية
تكون رؤيتهم؟
إذا انطلقوا من النطلق " القومي " -كما يظ ن Aبعض الناس أ ن mهذا هو النطلق
الذي ييز الناس ف الرض بعضهم من بعض ،وي-حدAد لم موقفهم ورؤيتهم -فقد ضل€وا
الطريق من أول خ-طوة ،ودخلوا ف التاهة الت أدخلهم فيها الذين كانوا يوجهونم -ول
يزا لون -ليفر Aق”وا و حدتم السيا سية من ج هة ،وليمي عوا شخ صيتهم التم يزة من ج هة
أ خرى ،ا لت من ها ا تذوا و جودهم ا لاص ،و هي كونم " م سلمي " " ..أ مة من دون
الناس ".
وإذا انطل قوا من النط لق " ال يديولوجي " -ك ما ي سمونه -إ ما " ل يباليي "،
وإ ما " ا شتراكيي " أو " مارك سيي " ،ف قد دخ لوا ف التا هة كذلك ،و ج–ر–و5ا مغم ضي
العي وراء الذي –يج-رAونم إل هذا التاه أو ذاك ،فإن أرادوا أن " ينظروا " قدم لم كل
اتاه منظاره ،وقال لم كما قال فرعون من قبل) :م%ا أ/ر)يك/م) 4إلXا م%ا #أر%ى و%م%ا أ#ه4د)يك/م 4إ)لXا
س%ب)يل #الرHش%اد( ]غافر ،الية.[29 :
إنا منطلق السلمي يدده كونم " مسلمي " ..أي أ €ن منطلقهم هو السلم.
وقد يعيش الفرد العادي ف كل أمة -ذلك الذي يسمونه " رجل الشارع! "
بغي وعي ول فهم لا يدور حوله من أحداث ،لنه يتناول الياة ج-زئية جزئية بغي ترابط،
ولنه مشغول بأمور حياته اليومية أو أمور شهواته ،ولنه ل صب له على تليل الحداث
وتعمقها ،فهو يتناول المور جاهزة من وسائل إعلمه ،كما يتناول وجبة الطعام الاهزة
من ال سوق ،أو ك ما يت ناول ح بAة " الفيتامي نات " ا لاهزة ا لت أ عدها له الخ صائيون ف
الدواء!
ولكن مفكري المم وكتابا فضل Xعن قادتا وأول المر فيها ل يعيشون بذا
التبعثر وهذه السطحية وإل هلكوا وأهلكوا أمهم! إنا هم ي-فكmرون ،وي-حلmلون ،وي–قيسون
وي-ر Aج حون ،ويكو Aنون ف النها ية رؤيتهم الاصة و موقفهم ا لاص ،ال نابع ف النها ية من
أفكارهم الرئيسية ومعتقداتم.
و قد -ي قال -ف عج لة سطحية -إن ا لذي ي-حرAك هم ،أو ي -حدد لم رؤيت هم
وموقفهم ،هو " مصالهم ".
و كونم ي سعون إ ل تق يق م صالهم هذا وا قع ل سبيل إ ل ال شAك Aف يه .ول كن
كيف يتم تكييفهم وتديدهم لصالهم؟ ما " الصلحة " ف عرفهم؟ ما حدودها ،وما
مواصفاتا ،وما الوسائل الؤدية إل تقيقها؟
إ نا ف النها ية ن ظرة " عقائد يmة " أراد الن سان أم ل يرد! ن ظرة م ستمدAة من
معتقدات النسان وتصوراته ..من طريقة نظرته للكون والياة والنسان ..من إجابته على
هذا السؤال الوهري :ما النسان؟ ما تكوينه؟ ما حدود طاقاته؟ ما غاية وجوده؟ ما
الوسائل الت يستخدمها لتحقيق غاية وجوده ..بعبارة أخرى :ما منهج حياته؟
ومن ث نرجع إل نقطة البدء :إن كل €أمة لا -بداهة -معيارها الذي تقوmم به
أحوال العال العاصر!
ولقد ناقشت ف كتاب سابق ) (4الش¥ب–ه– الت ت-ثار حي ي-د5ع–ى السلمون لكي ي–ر–و5ا
رؤيتهم الاصة ،ويقفوا مواقفهم الاصة ،والتهم الت توجه إليهم :تمة الرجعية وتمة
التعصب ،وتمة اتاذ " عملة خاصة " ،غي العملة التداولة الن ف الرض ..وقلت إنا
كلها كلم ل وزن له .فأوربا لا " عملتها " الاصة ،وتريد أن تفرضها علينا بدعوى أنا
هي العم لة " العال ية "! فإذا نن أرد نا أن ن ستخدم عملت نا الا صة -ع لى ال قل ك ما
ي ستخدمون هم عملت هم -ق يل ل نا إن كم متع صبون ..وردAد ها وراء هم أت باعهم من "
السلمي "! وزادوا على ذلك قصة العال الذي أصبح كالقرية الصغية ،ل يتمل التميز
ول الختلف! بينما القرية -أمامهم -تعج باللف!!!
إنا أقول فقط إن الرؤ5ية السلمية لحوال العال العاصر ليست هوى© خاص¨ا ،ول
مزاجXا شخ ص̈يا ،ول تعصبا Xلي معن من العان " الرضية " الت يتعصب لا الناس ف
الاهلية:
" ليس منmا من دعا إل عصبية ،وليس منmا من قاتل على عصبية ،وليس منmا من
مات على عصبية " ).(5
و من ث ف هي درا سة " مو ضوعية " ب تة " ،علم ية " ب تة ..ول كن بال قاييس
الصحيحة للعلمية وللموضوعية ،الستمدة من كتاب ال ،ومن سنة رسوله صلى ال
عليه وسلم ،ل من أهواء البشر وشهواتم.
والستمداد من كتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم ،ف تفسي أحوال
العال العاصر ،هو -كما قلت ف كتاب السابق " حول التفسي السلمي للتاريخ " -
اجت هاد ب شري ،ي كن أن ي-خ طئ وأن -ي صيب ،كاجت هاد الفق يه ف ا ستنباط الح كام من
ك تاب ا ل و سنة ر سوله صلى ا ل عل يه و سلم ..ولك نه ي ظل أ كثر ان ضباطا وأ قرب إ ل
الصواب من التفسي الذي يستند فقط إل الهواء:
) %و ل#و) اتHب %ع %ا.لح %ق_ #أ ه4و%ا̀ءه-م 4ل#ف #س%د%ت) ال سHم%او%ات -و%ال.أ#ر 4ض -و%م %ن 4ف)يه) ن ] .(Hسورة
الؤمنون ،الية.[71 :
الط الول :هو تكmن أوربا ف الرض ،وسيطرتا على العال ،سواء غرب أوربا
بامتداده الذي يشمل أمريكا ،أم شرق أوربا الذي يشمل روسيا وملحقاتا.
والط الثان :هو السيطرة العالية لليهود ،الت تتد فتشمل معظم دول الرض -
الغربية والشرقية -وتوجهها لتحقيق مصال اليهود وأهدافهم ومططاتم.
والط الثالث :هو الضعف الزري الذي يعيشه السلمون ف الرض ،وسيطرة
العداء على بلدهم ،سواء كانت سيطرة عسكرية أو سياسية أو اقتصادية أو فكرية ،أو
مزيا Wمن ذلك كل€ه ،وهوان السلمي على أنفسهم وعلى الناس ،وضياعهم وتشتتهم وقلة
حيلتهم ف العركة الضارية الت يعيشها الناس اليوم ف الرض.
ودرستنا ف هذا الكتاب الوجز معنيAة أساسا Xبدراسة السباب الت أدت إل هذا
الواقع من خلل ال س_نن الربmانية الت بينها ال ف كتابه النل وف سنة رسوله صلى ال
عليه وسلم ،لستخلص حقيقة أولية مهمة هي كون هذا الواقع -بكل €حذافيه -هو
التحق يق ا لدقيق لت لك ال سنن الربHان ية ،ولو عد ا ل ووع يده ؛ ث ا ستخلص ال عبة من
ذلك ،وهي وجوب الرجوع إل تلك السmنن إذا رغبنا ف تغيي واقعنا السيئ الذي نعيشه
اليوم إل واقع أفضل .فالتغيي كذلك له سننه الرب*انية الت يري بقتضاها ،والت ل بد من
التعرف عليها إن أردنا الستفادة منها.
كما تدف هذه الدراسة كذلك -إل جانب ماولة رؤ4ية الواقع العاصر على
ضوء السAنن الربانية -إل إلقاء نظرة على الستقبل ،وما يتوقع من أحواله ،انطلقا Xمن
الحوال الاضرة وترتيبا Xعليها.
)ق /ل .ل %يع4ل #م -م %ن 4ف)ي ال سHم%او%ات) و%ال.أ#ر 4ض) ا.لغ4 %ي ب) %إلXا الل Xه] .(-سورة النمل ،الية
.[65
ولكن تكون تتبعا Xللسنن الربAانية ،ولوعد ال ووعيده ،وماولة لقراءة الستقبل
على ذلك الضوء.
ولئن كانت رؤ5ية الاضر تشتمل أساسا Xعلى تقوي مواقع الق”وى العالية الثلث
العاملة فيه ،وهي اليهود والنصارى والسلمون ،وتقدير مواقفهم ،فقراءة الستقبل كذلك
هي ماولة للتعرف على الواقع التوقعة لتلك القوى الثلث ومواقفها ف الستقبل القريب
والستقبل البعيد ) - (6على ضوء السنن الربانية كما أسلفنا ،وعلى ضوء وعد ال ووعيده
-مع ا لتركيز ع لى ما يلق يه ذ لك من التب عات ع لى ال مة ال سلمية ،وع لى ال صحوة
ال سلمية ب صفة خا صة ،إن أرادت أن ت صل إ ل شيء‡ حقيق ي ،Aوأن ت-ح قmق ما ندبت
نفسها إليه من أهداف.
()6الواقع أن القوى العالية – كما أشار إليها القرآن الكري – أربع :اليهود والنصارى والشركون من
غ ي أ هل الك تاب وال سلمون .ولك نا اكتفي نا ف درا سة الوا قع العا صر بالقوى الثلث ذوات اله ية
الا صة ،ع لى أساس أن ال شركي ف ا لرض ال يوم خا ضعون ف القي قة ل حدى ال قوتي :الي هود أو
النصارى أو كلتيهما معا.
وف ظنmي أن التوعية بأحوال العال العاصر ،وما يتوقع أن تئ/ول إليه المور ف
الستقبل ،هي مسألة من صميم اهتمامات الدعوة ،وواجب من الواجبات الهمة اللقاة
على عاتق الدعاة الذين ندب-وا أنفسهم ليقاظ هذه المة وإرشادها إل السبيل الؤدية
إل النصر بعون ال وتوفيقه.
إن القارئ التتبع لكتب السابقة ،وباصة الخية منها " :مذاهب فكرية معاصرة
" و " واقع نا العا صر " و " م فاهيم ينب غي أن -ت صحmح " و " حول التف سي ال سلمي
للتاريخ " ،قد يس Aأنه ل ي-وجد ف كتاب اليوم " معلومات " جديدة يضيفها إل ما سبق
أن قرأه ف تلك الكتب ..ولكن الديد فيه -مع ذلك -هو ماولة تميع اليوط لرسم
صورة متكاملة للواقع الذي يعيشه العال اليوم ،وموقع السلمي منه ،وكذلك ماولة
رسم صورة لا ي-توق€ع أن تئول إليه المور ف الستقبل.
وف ظنAي أن هذا أمر يستحق أن ي-فرد بالبحث ،وأن ت-وجAه إليه النظار ،حت وإن
كانت مفردا ته مت ناثرة ف ع شرات الك تب من ق بل .فل يس ال هم ه نا هو " العلو مات "
ب قدر ما هو " الدل لة " ال ستخرجة من العلو مات ،وا لت ي-ر جى من درا ستها اكت ساب
البصية اللزمة ف حركة الدAعوة ،والت أشارت إليها الية الكرية:
)ق/ل .ه%ذ) )ه س%ب)يل)ي #أد4ع-و )إل#ى اللXه) ع%ل#ى ب%ص)ي%ة# pأن%ا و%م%ن) اHتب%ع%ن)ي و%س-ب4ح%ان #اللXه) و%م%ا #أن%ا
م)ن %ا.لم-ش4ر)ك)ي( ]سورة يوسف ،الية.[108 :
وف الية إشارة واضحة إل أن البصية مطلوبة ف الدAعوة لذا الدAين ،كاليان
سواء بسواء ،وأن على أتباع ممد صلى ال عليه وسلم ،أن يتلمAسوا تلك البصية ليس-وا
على هداها خطواتم ،ث يرجوا من ال السداد.
وبعد ،فما اهتديت إليه من صواب ف هذه الدراسة فهو من توفيق ال ،وما قعد
به العجز البشري فهو مردود إليه..
" و%م%ا ت%و4ف)يق)ي إ)لXا ب)اللXه) ع%ل#ي4ه) ت%و%كXل.ت -و%إ)#لي4ه) /أن)يب." -
ممد قطب
الاهلية العاصرة
أول :تهيد ف معن الاهلية
يستنكر كثي Yمن الناس أن نصف الوضاع السائدة ف معظم أرجاء الرض اليوم
بأ نا " جاهل ية " ،وي سب-ون ذ لك تزا يدا Xل يل يق ،وو صفا Xخاطئا ،Xل يتنا سب مع وا قع
الال.
والسبب ف ذلك أنم يفهمون من الاهلية صورة معينة ،يرونا غي منطبقة على
الواقع اليوم ..فيبنغي أول Xأن نفهم حقيقة الاهلية ،لنرى مدة انطباقها على هذا الواقع أو
ب-عدها عنه.
ولنع لم -بادئ ذي بدء‡ -أن ل فظ " الاهل ية " م صطلح قرآ ن .و هذه الصيغة
بالذات -صيغة " الفاعلية " -ل ترد ف استعمال الرب قبل نزول القرآن الكري .فقد
ا ستخدموا الف عل " ج%ه) ل ،" #وت صريفاته الختل فة ،وا ستخدموا ال صدر " :ال هل " و "
الهالة " ،ولكنهم ل يستخدموا صيغة " الفاعلية " )جاهلية( ،ول هم وصفوا أنفسهم
ول غيهم بأنم " جاهليون " .إنا جاء وصفهم بذه الصفة ف القرآن الكري ،وف سنة
رسول ال صلى ال عليه وسلم.
والصطلح القرآن -كل مصطلح قرآن -هو استخدام خاص Àللفظ‡ من اللفاظ،
ي-خص صه بع ن م-ع يAن ،ل ي-ف هم من الع ن الل غوي Aع لى هذا الن حو ا لاص إل بتخ صيص
القرآن الكري له ،وإن كان يدخل -بداهة -ف إطار العن العام..
ول كن " ال صلة " ف ال صطلح القرآ ن ،هي ت لك اليئة الا صة ا لت ي قف في ها
النسان بي يدي موله ،متAجها Xوجهة معينة ،راكعا Xساجدا Xقائما Xقاعدا XداعيXا مسبAحا Xكما
أمر ال ،وكما بيAن رسوله صلى ال عليه وسلم.
و " الزكاة " هي تلك النسبة العينة الت ي-ؤدAيها السلم من ماله لت-نفق ف مصارفها
الددة ف كتاب ال.
و " الدين " هو السلم -إسلم الوجه ل -وما يستتبعه من شهادة أل إله إل
ال ،وأن ممدا Xرسول ال ،وإقام الصلة ،وإيتاء الزكاة ،وصوم رمضان ،وحج البيت من
استطاع إليه سبيل.
وال يان هو ال يان بال وملئك ته وكت به ور سله وال يوم ا لخر وال قدر خ يه
وشرAه ،وما يقتضيه ذلك من أعمال القلب وأعمال الوراح ).(7
فإذا ذكر لفظ الصلة أو الزكاة أو الدين أو اليان ل ينصرف ذهن السلم إل
العن اللغوي العام ،إنا ينصرف ذهنه ابتداء إل العن الصطلحي الذي ورد ف كتاب
ال ،وف سنة رسوله صلى ال عليه وسلم.
و " الاهلية " -كسائر الصطلحات القرآنية -لا معناها الدAد ،الذي يدخل
بطبي عة ا لال ف إ طار الع ن الل غوي ال عام ،ولك نه يت mخذ دلل ته ا لدmدة من ا ستخدام
القرآن له ،وتديده لعناه.
يقول ابن تيمية -رحه ال -ف بيان العن اللغوي للجهل " :هو عدم العلم ،أو
عدم اتباع العلم .فإن mمن ل يعلم الق Aفهو جاهل جهل Xبسيطا ،Xفإن اعتقد خلفه فهو
جاهل جهل Xمركبا ..وكذلك من عمل بلف ال ق mفهو جاهل ،وإن علم أنه مالف
للحق.(8) " ..
و قد ورد الل فظ ف كلم ال عرب بكل العني ي ،وب صفة خا صة ف الع ن ال ثان،
الذي يفيد عدم اتباع العلم ،والعمل با ي-خالف مقتضاه.
()7يقول السلف – وقولم الق – إن اليان قول وعمل .أما الرجئة – الذين أخذوا العن اللغوي
ل ف مسمى اليان .وهو قول دون الصطلحي – فيقولون إنه التصديق والقرار ،وليس العمل داخ X
واضح البطلن.
" ()8اقت ضاء ال صراط ال ستقيم مال فة أ صحاب الح يم " بتحق يق ال شيخ م مد حا مد الف قي ،الطب عة
الثانية ،مطبعة السنة المدية بالقاهرة ص .78 – 77
فهو يستخدم الهل بعن :نغضب غضبا Wشديدا ،Wونتصرف با يليه علينا الغضب
للÅم.
من بظش وعدوان ،ول نقف عند الضوابط الت تكم سلوكنا ف حالة ا Æ
بكت عين اليسرى فلما زجرتا عن الهل بعد اللم أسبلتا معا!X
فهو كذلك يستخدم الهل بعن السلوك غي النضبط بالضوابط اللئقة بثله ،من
صب وكتمان ،وعدم إظهار للوعة السى وفرط الزن.
أما ف القرآن الكري فاللفظ يرد ف معن خاص ،أو ف القيقة ف معنيي مدmدين:
إما الهل بقيقة اللوهية وخصائصها ،وإما السلوك غي النضبط بالضوابط الربانية،
أي بعبارة أخرى :عدم اتباع ما أنزل ال.
فحي يقول جل mشأنه% ) :وج%او%ز 4ن%ا ب)%بن)ي )إس4رائيل #ال.ب%ح4ر %ف#أ#ت%و4ا ع%ل#ى ق#و4م% pيع4ك/ف/ون
ع%ل#ى #أص4ن%ام pل#ه-م 4ق#ال/وا ي%ا م-وس%ى ا 4جع%ل .ل#ن%ا )إل#ها# Wكم%ا #له-م 4آل)ه%ة Iق#ال #إ)Hنك/م 4ق#و4م= ت%ج4ه%ل/ون(.
]سورة العراف ،الية .[138 :فالهل القصود هنا هو عدم العلم بقيقة اللوهية .إذ
لو علموا أنه تعال )ل ت-د4ر)ك/ه -ال.أ#ب4ص%ار] .(-سورة النعام ،الية .[103وأنه )ل#ي4س %ك#م)ث.ل)ه
ش%ي4ء( ] .سورة ال شورى ،ال ية .[11 :وأ نه ت عال ) خ%ال)ق -ك /ل +ش%ي4ء ] .(pسورة الن عام،
الية .[102 :وليس بخلوق ،ول صفاته تشبه صفات اللق .ما سألوا هذا السؤال الذي
ينم Aعن جهلهم بذه المور كلmها.
وح ي ي قول سبحانه وت عال) :و%ط#ائ) ف#ة Iق#د 4أ#ه%مHت4ه -م 4أ4#نف /س-ه-م 4ي%ظ /ن_ون #ب)اللXه) غ #ي4ر
ال.ح %ق sظ #ن Hا.لج%اه)ل) يHة) ي%ق/و ل/ون #ه %ل# .ل ن%ا م) ن %ا ل.أ#م4ر) م) ن 4ش%ي4ء( ] .سورة آل ع مران ،ال ية:
.[154فالذي يعيبه ال على هذه الطائفة هو تصور معي لمر يتعلق بقيقة اللوهية.
هو تصورهم أن هناك من يكن ان ي-شارك ال سبحانه وتعال ف تدبي المر ،وجهلهم
بأن ما يتم Aبالفعل هو إرادة ال وحده ،وتدبيه وحده ،ل تدبيهم هم ول تدبي غيهم،
وأنم سواء كانوا استÈ-شÆيو-ا أم ل -يس5تش–ار-وا ،أخذ برأيهم أم ل -يؤ5خذ به ،فليس لشيء‡ من
ذلك تأثي ف قدر ال وتدبيه ،كما تصوروا ف جهالتهم .لذلك رد Aعليهم بقوله تعال:
)ق/ل) .إن Xا.لأ#م4ر %ك/لXه) -للXه)(.
وحي يقول تعال) :و %ق#ال #ا لXذ)ين %ل ي%ع4ل #م-ون (11) #ل#و4ل -يك#ل+م -ن%ا الل Xه# -أو% 4تأ.ت)ي ن%ا آ ي%ة
ك#ذ#ل)ك %ق#ال #الXذ)ين %م)ن 4ق#ب4ل)ه)م 4م)ث.ل #ق#و4ل)ه)م 4ت%ش%اب%ه%ت 4ق/ل/وب-ه-م 4ق#د% 4بيHنHا ال.آيات) ل)ق#و4م pي-وق)ن-ون(
]سورة البقرة ،الية .[118 :فالقصود كذلك أن هؤلء الاهلي أو الاهليي يهلون
أمرا Wيتعلق باللوهية ،وهو أن ال ل يكلم الناس إل وحيا Xأو من وراء حجاب ،كما قال
سبحانه) :و%م%ا ك#ان) #لب%ش%ر pأ#ن .ي-ك#ل+م%ه -اللXه) -إلXا و%ح4يا Wأ#و 4م)ن 4و%ر%اء) ح)ج%اب pأ#و 4ي-ر4س) #ل ر%س-ول
ف#ي-وح)ي %ب)إ)ذ.ن)ه) م%ا %يش%اء® )إنHه -ع%ل)ي -ح%ك)يم(] .سورة الشورى ،الية .[51وأنه تعال ل ي-نmل
اليات حسب أمزجة ال نAاس ،إنا ي-نmلا حي يشاء سبحانه ،لكمة ي-ريدها ،فإذا أنزلت
ترت بت علي ها نتائج ها ،و هي ال تدمي العا جل ع لى ال كافرين ،ك ما قال سبحانه% ) :و ل#و
#أن4ز%ل.ن%ا م%ل#كا# Wلق/ض)ي %ال.أ#م4ر -ث/م Hل -ين4ظ#ر-ون( ]سورة النعام ،الية.[8 :
وحي يقول سبحانه على لسان يوسف عليه السلم% ) :وإ)لXا %تص4ر)ف 4ع%نsي ك#ي4د%ه-ن
#أ ص4ب) -إل#ي4ه) ن% Hوأ#ك /ن 4م) ن %ال .ج%اه)ل)ي(] .سورة يوسف ،الية .[33 :فالعن م-تع لmق بسلوك
غي منضبط بالضوابط الربانية ،وهو الصبو Aإل النسوة ،ومالفة أمر ال ،والوقوع فيما
حرAم ال ،وهو المر الذي ي–خشى يوسف عليه السلم أن يقع فيه ،ويستعيذ بال منه.
وحي يقول تعال) :و%ل %تب%رHج4ن% %تب%ر_ج %ا.لج%اه)ل)يHة) ال.أ/ول#ى(] .سورة الحزاب ،الية
.[33فالقصود كذلك سلوك غي منضبط بالضوابط الربانية ،واتباع لغي ما أنزل ال
من وجوب التحشم وعدم إبداء Æالنساء Æلزينتهن إل لارمهن.
وح ي ي قول ج ل mشأنه) :إ)ذ .ج%ع %ل #ا لXذ)ين %ك #ف#ر-وا ف)ي ق /ل/وب)ه)م -ا.لح%م) يHة #ح%م) يHة
ال.ج%اه)ل)يHة(] .سورة الفتح ،الية .[26فالقصود سلوك غي منضبط بالضوابط الربانية،
ا لت ت لزم الن سان أل ي-قا تل إل ف سبيل ا ل ،ول ي-قا تل ح– Æم ي*ة ،Xول ع– صبيAة ،ول لمر
ي-غضب ال سبحانه وتعال:
وأخيا Xحي يقول سبحانه وتعال#) :أف#ح-ك.م %ال.ج%اه)ل)يHة) ي%ب4غ-ون #و%م%ن 4أ4 #حس%ن -م)ن %اللXه
ح-ك .ما Wل) ق#و4م pي-وق) ن-ون( ] .سورة ا لائدة ،ال ية .[50فا لمر متع لق مبا شرة بات باع غ ي ما
أنزل ال من التشريع ،الذي قال ال فيه) :و%م %ن 4ل #م 4ي%ح4ك /م) 4ب م%ا #أن4ز %ل #الل Xه -ف#أ/ول#ئ)ك %ه-م
ال.ك#اف)ر-ون(] .سورة الائدة ،الية .[44
والذين يظنون أن الاهلية كانت فترة زمنية معينة ف الزيرة العربية ،انتهت ببعثة
الرسول الات صلى ال عليه وسلم ،ول يعد لا وجود ف أي مكان ف الرض ،يغفلون
عن الوا قع ا لذي تعي شه مع ظم ا لرض ال يوم ،ك ما يغف لون عن أ قوال العل ماء ف هذا
الشأن.
" فإذا تبي ذلك ) ،(12فالناس قبل مبعث الرسول صلى ال عليه وسلم ،كانوا ف
حال جاهلية منسوبة إل الهل ،فإن ما كانوا عليه من القوال والعمال إنا أحدثه لم
-ج هAال ،وإ نا يفع له جا هل .و كذلك ك ل Ëما يالف ما جاء به الر سلون من يهود ية
ونصرانية فهو جاهلية .وتلك كانت الاهلية العامة ".
()12أي الشرح الذي شرح به معن الاهلية ،واشتمالا على التصورات الاطئة والعمال الخالفة لا
أنزل ال.
" فأما بعد ما بعث ال الرسول صلى ال عليه وسلم ،فالاهلية الطلقة قد تكون
ف م صر pدون م صر ،pك ما هي ف دار الك ف€ار ،و قد ت كون ف شخ ص‡ دون شخص
كالرجل قبل أن يسلم ،فإنه يكون ف جاهلية ،وإن كان ف دار السلم.
" فأما ف زمان pمطلق فل جاهلية بعد مبعث ممد صلى ال عليه وسلم ،فإنه ل
تزال من أمته طائفة ظاهرين على الق mإل قيام الساعة.
وخلصة الكلم الدقيق الذي يقوله ابن تيمية -رحه ال -أن الاهلية العامة
الت تشكل كل mوجه الرض قد انتفت بعد بعثة ممد صلى ال عليه وسلم ،لن الرض
ل تلو ف أيAة لظة من وجود طائفة من أمته ظاهرين على الق .ولكن الاهلية الطلقة
)التامة الكاملة( قد توجد ف بعض البلد بعد بعثة الرسول صلى ال عليه وسلم ،كما أن
الاهل ية الق يدة )أي ا لت ل ت شمل كل شيء ول كل أ حد( .قد تو جد ف ب عض د يار
السلمي وف كثي منهم.
فإذا نظر نا إ ل ال غرب ال يوم )ب صرف الن ظر عن بلد ال سلم ا لت ل يكم ها
السلم( فبأي وصف نصفه؟ أي تصورات تكمه؟ وأي سلوك يسلكه؟ وما حكم هذه
الرباب العبودة فيه ،وأولا الوى ،الذي قال ال فيه) :أ#ف#ر%أ#ي 4ت %م %ن) ات Hخ%ذ) #إل#ه %ه -ه%و%اه.(-
]سورة الاثية ،الية .[23 :وما حكم التشريع بغي ما أنزل ال ،وتليل ما حرAم ال؟ وما
حكم التبج القائم اليوم ،الذي ل تصل إليه جاهلية ف التاريخ.
بظواهر الياة الدنيا .فقد وصف ال جاهليات كثية ف التاريخ بالقوAة والعلم وعمارة
الرض ،فلم ينف عنها ذلك كلmه أنا جاهلية ،ول يمها من الصي التوم الذي قدره ال
للجاهلية بسب السنن الربانية.
)ف#أ#مHا ع%اد= ف#اس4ت%ك.ب%ر-وا ف)ي ال.أ#ر4ض) ب)غ%ي4ر) ا.لح%ق sو%ق#ال/وا م%ن 4أ#ش%د_ م)نHا ق/وHة Wأ#و%ل#م 4ي%ر%و4ا
#أن XاللXه %اXلذ)ي خ%ل#ق#ه-م 4ه-و %أ#ش%د_ م)ن4ه-م 4ق/وHة(] .سورة فصلت ،الية .[15
)أ#و%ل#م% 4يس)ي-وا ف)ي ا.لأ#ر4ض) ف#ي%ن4ظ/ر-وا ك#ي4ف %ك#ان #ع%اق)ب%ة /الXذ)ين %م)ن 4ق#ب4ل)ه)م 4ك#ان-وا #أش%د
م)ن4ه -م 4ق/وHة% Wوأ #ث#ار-وا ال.أ#ر 4ض %و%ع%م%ر-و ه%ا #أك .ث#ر %م) مHا ع%م%ر-و ه%ا و %ج%ا̀ءت4ه-م 4ر -س-ل/ه-م 4ب)ال%.بي sن%ات) ف #م%ا
ك#ان #اللXه) -لي%ظ.ل)م%ه-م (14) 4و%ل) #كن 4ك#ان-وا #أن4ف/س%ه-م 4ي%ظ.ل)م-ون] .(#سورة الروم ،الية .[9
) %ول#ك) ن Hأ. #ك ث#ر %النHا س) ل ي%ع4ل #م-ون% ،#يع4ل #م-ون #ظ#اه)را Wم) ن %ال.ح %ي%ا )ة ا ل _دن4ي%ا و%ه -م 4ع%ن
ال.آخ)ر%ة) ه-م 4غ#اف)ل/ون(] .سورة الروم ،اليتان .[7 - 6
)أ#ف#ل#م 4ي%س)ي-وا ف)ي ال.أ#ر4ض) ف#ي%ن4ظ/ر-وا ك#ي4ف %ك#ان #ع%اق)ب%ة /الXذ)ين %م)ن 4ق#ب4ل)ه)م 4ك#ان-وا أ#ك.ث#ر
م)ن4ه -م% 4وأ #ش%د Hق/وHة Wو%آ ث#ارا Wف)ي ا.لأ#ر 4ض) ف #م%ا أ#غ .ن%ى ع4 %نه -م 4م%ا ك#ان-وا ي%ك .س)ب-ون ،#ف#ل #مHا ج%ا̀ءت4ه-م
ر -س-ل/ه-م 4ب)ال.بs%ي ن%ات) ف#ر) ح-وا ب) م%ا ع) ن4د%ه-م 4م) ن %ال.ع)ل .م) و %ح%اق) %به) م 4م%ا ك#ان-وا ب) ه) ي %س4ت%ه4ز)ئ/ون(.
]غافر ،اليتان .[83 - 82
وليس المر كذلك! فما من جاهلية من جاهليات التاريخ خلت من جوانب من
الي ،ومن أفراد خيAرين! وإذا كان القرآن الكري -لكمة معينة -قد ركز على جوانب
السوء ف الاهلية والاهليي ،فإن السنة النبوية الطه*رة قد فصلت المر ،وبينت أن هناك
أفرادا XخيAرين وجوانب خية ف الاهلية ،ولكنAها كلmها ذاهبة بددا ،Xبسبب جوانب السوء
ا لت أبرز ها ال قرآن الكر ي ،و هي شرك الع بادة و شرك الت باع ،أي لبطلن القا عدة
الساسية الت تقوم عليها حياتم كل€ها.
يقول الرسول الكري صلى ال عليه وسلم " :خياركم ف الاهلية خياركم ف
السلم إذا ف#ق)ه-وا " ).(15
فيبي عليه الصلة والسلم أن ف الاهلية " خيارWا " من الناس .ول يوصف الناس
بأنم خ يار حت ي كون فيهم قدر Yكاف‡ من ال ي ي-ؤهلهم لذا الوصف .ولكنهم إذا ل
يفقهوا -أي إذا ج%ه) ل/وا -يضيع خيهم ب–د–دا ،Xأو يستنفدون أجرهم ف الياة الدنيا ول
يقبل منهم عملهم يوم القيامة كما قال تعال:
)م %ن 4ك#ان- #ير) يد -ا.لح %ي%اة #ا لد_ن4ي%ا و%ز)ين%ت %ه%ا ن-و%ف) sإل#ي4ه) م# 4أع 4م%ا#له-م 4ف)ي ه%ا و%ه -م 4ف)ي ه%ا ل
-يب4خ%س-ون ،#أ/ول#ئ)ك %الXذ)ين %ل#ي4س %ل#ه-م 4ف)ي ال.آخ)ر%ة) )إلXا النHار -و%ح)%بط #م%ا ص%ن%ع-وا ف)يه%ا و%ب%اط)ل Iم%ا
ك#ان-وا ي%ع4م%ل/ون( ]سورة هود ،اليتان .[16 ،15
ولكن هذا ك لmه ل ينع عنها صفة الاهلية الت وصفها با ر ب Aالعالي -وهو
أ صدق ال قائلي -و ل ي نع عن ها م صيها ال توم ف ا لدنيا و ف ا لخرة ،لنه من ال سنن
الربانية ،ومن الق Aالذي خلقت به السموات والرض) .و%م%ا ر%ب_ك) %بظ#لXام) pلل.ع%ب)يد)(] .سورة
فصلت ،الية .[46
فليس من الظلم وصف الاهلية بأنا جاهلية على الرغم من الي الزئي الذي قد
تشتمل عليه ،وعلى الرغم من اشتمالا على خيار من الناس ل ي-شك ¥ف وجود الي ف
()15أخرجه مسلم.
()16انظر سية ابن هشام ج 1ص .133
نفوسهم ..ذلك أن المر ليس منظورا Xفيه إل الياة الدنيا وحدها ،بل إل الياة مكتملة
بميع حلقاتا .وعمل الاهليي ضائع ف الخرة غي مقبول منهم ،بسبب إشراكهم بال:
) %و ق#د)م4ن%ا إ) ل#ى م%ا ع%م) ل/وا م) ن 4ع%م %ل pف#ج%ع%ل .ن%اه -ه %ب%اء· م%ن 4ث/ورا] .(Wسورة الفرقان ،الية
.[23
)أ/ول)#ئ ك %ا لXذ)ين %ك#ف#ر-وا ب)آيات) ر%بsه) م 4و%ل)ق#ائ)ه) ف#ح%ب)ط #ت# 4أع 4م%ا/له-م 4ف#ل ن-ق)ي م# -له -م 4ي%و4م
ال.ق)ي%ام%ة) و%ز4نا(] .سورة الكهف ،الية .[105
والعم ل /الذي ت-ؤدي نايته إل البوار الكيد هو عمل ل خي فيه ،مهما بدا فيه
من مظاهر الي الزئية ف أثناء الطريق.
بل حت لو أخذنا الياة الدنيا وحدها ف حسابنا وهو أمر غي جائز ،لنه ي-همل
حقيقة أكب من حقيقة الياة الدنيا.
) %وإ) ن Xا لدHار %ا ل.آخ)ر%ة #ل#ه) ي %ا.لح %ي%و%ا /ن ) (17ل#و 4ك#ان-وا ي%ع4ل #م-ون ] .(#سورة العنك بوت،
الية .[64
)و%الXذ)ين %ك#ف#ر-وا %يت%م%تHع-ون #و%ي%أ.ك/ل/ون #ك#م%ا ت%أ.ك/ل /ال.أ#ن4ع%ام -و%النHار -م%ث.وى# Jله-م] .(4سورة
ممد ،الية .[12
فبحساب الدنيا ذاتا تظ ل mالاهلية جاهلية كما وصفها ال ،حي تهل حقيقة
اللوه ية ،وتت بع غ ي من هج ا ل ،ول ي نع هذا أن ت كون لا " ح ضارة " وت قدم مادي
وعلمي وتكنولوجي .وأن تتناثر على سطحها بقع من الي ل يربط بينها بينها رباط!
وف أثناء اعتزازها تنسب نفسها أحيانا Xإل السيحية ،فتتحدث ف نبة اعتزاز عما
ت سميه " ال ضارة ال سيحية "! Christian Civilizationولكن ها ت عود فتن سب نف سها إ ل
الضارة الغريقية الرومانية Greco - Romanوتقول :إن جذورها كلmها نابعة من هناك.
وف جيع الحوال تنكر أثر السلم والضارة السلمية ف قيام " نضتها " الديثة،
وتقدمها حت استوت على قدميها.
والقيقة أن هذه الاهلية العاصرة قد جعت أصول Wمتعددة وتأثرات شتAى ،تمع
بي الي والشر ،Aوإن غلب عليها الشر Aف النهاية بسبب بعدها عن ال ،وتردها على كل
شيء يأت من طريق الوحي الربان ..المر الذي دخلت من أجله ف عداد الاهليات ،ول
ينفعها ما اشتملت عليه من جوانب الي.
وإذا تتبع نا الن شأة التاري ية للجاهل ية العا صرة ف سيتبي ل نا جذورها ومكوAنا تا،
والعناصر الت أثرت ف تشكيلها على النحو الذي تشكلت به.
()18نسميها جاهلية بالقياس الربان الذي أشرنا إليه آنفا Xوهو الهل بقيقة اللوهية واتباع غي ما أنزل
ال ،وكتب التاريخ تسميها " حضارة " فتقول " الضارة الغريقية " و " الضارة الرومانية " ونقول
نن :ل بأس! فهي " حضارة جاهلية " بالعيار الربان.
ففي الفترة الت سيطرت فيها جاهلية الدين الكنسي الرف ) ،(19كانت الذور
الغريق ية الرومان ية قد ج فmت و كادت توت ،و ساد أور با الظلم ا لذي أ حدثته جها لة
الكنيسة وطغيانا ،وتريفها للدين النل ،وتويله من دين توحيد إل دين تثليث وشرك،
وفصل عقيدته عن شريعته ،وتقديه للناس عقيدة -مرAفة -بل شريعة ).(20
وكتب التاريخ الوربية ل تنكر أن الحتكاك بالسلمي ،هو الذي أيقظ أوربا
من سباتا -إل غ/لة الغلة من هم! -ول كن ال كثرة ال كاثرة ت-ر جع اليق ظة إ ل أن أور با
ح ي احت كت بال سلمي عثرت ع لى تراث ها ا لغريقي مفو ظا Xع ندهم ،ف عادت إ ل
الستمداد منه بعد أن كانت قد نسيته -أو فقدته -ف فترة الظلم الكنسي!
فم ما ل شك ف يه -ع ندي -أن ما -ي سمAى " الفل سفة ال سلمية " هو ف كر
إغريقي وإن تناول موضوعات إسلمية ،أو قل إن شئت إنه عرض للسلم من خلل أداة
غريبة على السلم ،هي " الفلسفة الغريقية " ،و " النطق الغريقي ".
ول كن ال قول بأن هذا هو ا لذي أي قظ أور با ،هو تب جح ال غرور من كر الم يل،
الذي ل يريد أن يعترف بالق ،Aوالق Aميط به من كل جوانبه!
()19هي جاهلية بنفس العتبار الذي أشرنا إليه آنفا Xوإن كانت ترفع شعارات " الدين ".
()20انظر بالتفصيل إن شئت فصل " دور الكنيسة " ف كتاب " مذاهب فكرية معاصرة ".
فل قد كان ا لتراث ا لغريقي الرو مان ال صلي قائ ما Xمو جودا Xف مت ناول أ يدي
ا لوربيي ف ع صور الظلم ،فل هو أيقظ هم من سباتم ،ول هم مدوا أ يديهم إل يه
ليتناولوه!
" ي طرب إ خوان ال سيحيون بأ شعار ال عرب وقص صهم ،ف هم يدر سون ك تب
الفقهاء والفلسفة المديي ل لتفنيدها ،بل للحصول على أسلوب عرب صحيح رشيق.
فأين تد اليوم علمان̈يا ) (21يقرأ التعليقات اللتينية على الكتب القدسة؟ وأين ذلك الذي
يدرس النيل وكتب النبياء والرسل؟ واأسفاه! إن شباب السيحيي الذين هم أبرز الناس
مواهب ،لي سوا ع لى ع لم بأي أدب ول أ ية ل غة غ ي العرب ية ،ف هم ي قرأون ك تب ال عرب
ويدرسونا بلهفة وشغف ،وهم يمعون منها مكتبات كاملة تكلفهم نفقات باهظة ،وإنم
ليترنون ف كل mمكان بدح تراث العرب .وإنك لتراهم من الناحية الخرى يتجون ف
زراية إذا ذكرت الكتب السيحية بأن تلك الؤلفات غي جديرة بالتفاتم! فواحر Aقلباه!
لقد نسي السيحيون لغتهم ،ول يكاد يوجد منهم واحد ف اللف قادر على إنشاء رسالة
إ ل صديق بلتين ية م ستقيمة! ول كن إذا ا ستدعى ا لمر كتا بة بالعرب ية ،ف كم من هم من
يستطيع أن يعب عن نفسه ف تلك اللغة بأعظم ما يكون من الرشاقة ،بل قد يقرضون من
الشعر ما يفوق ف صحة نظمه شعر العرب أنفسهم " ).(22
وقد كان مثل هذا التأثي ،العائد مع البتعثي الوربيي إل مدارس السلمي ف
الغرب وال ندلس وبلد ال شرق ،هو الذي أثار ج نون الكنيسة الوربية ،فرا حت ترق
العل ماء ا لذين نادوا بأف كار اكت سبوها من ع لوم ال سلمي ،ماو لة من ها لو قف الت يار
الارف الذي نشأ ف الفكر الورب نتيجة الحتكاك بالسلم.
" فال عال ال قدي -ك ما رأي نا -ل ي كن للع لم ف يه و جود .وع لم الن جوم ع ند
اليو نان وريا ضياتم كانت علو ما Xأجنب ية ا ستجلبوها من خارج بلد هم وأ خذوها عن
سواهم ،و ل ت تأقلم ف يوم من ال يام فت متزج امتزا جا Xكل̈يا بالثقا فة اليونان ية .و قد ن ظmم
اليو نان ا لذاهب وعم موا الح كام وو ضعوا النظر يات .ول كن أ ساليب الب حث ف دأب
وأناة ،وجيع العلومات اليابية وتركيزها ،والناهج التفصيلية للعلم ،واللحظة الدقيقة
الستمرة ،والبحث التجريب ،كل mذلك كان غريبا Xتاما Xعن الزاج اليونان .أما ما ندعوه "
الع لم " ف قد ظ هر ف أور با نتي جة لروح من الب حث جد يدة ،ول طرق من الستق صاء
مستحدثة ،من طرق التجربة واللحظة والقاييس ،ولتطور الرياضيات إل صورة ل يعرفها
اليونان .وهذه الروح وتلك الناهج العلمية ،أدخلها العرب إل العال الورب " ).(23
" ول يكن العلم وحده هو الذي أعاد أوربا إل الياة ،بل إن مؤثرات أخرى
كثية من مؤثرات الضارة السلمية بعثت باكورة أشعتها إل الياة الوربية " ).(24
لقد كان أهم ما كسبته أوربا من الحتكاك بالسلم والسلمي هو إرادة الياة.
لقد احتكوا بأمة حية قوية متعلmمة ذات حضارة وفكر و–ثÛاب ..فأرادوا أن تكون
لم ح ياة ماث لة ،فغ يوا نظر تم إ ل ا لمور كmل ها ،وغ يوا من هج ح ياتم من جذوره..
فانبعثوا أمة جديدة.
كان دينهم الذي حرفته الكنيسة يدعوهم إل إهال الياة الدنيا من أجل الخرة،
تف سيا Xخاطئا Xمن هم ل قول ال سيح عل يه ال سلم -إن كان قد قال بالف عل " -من أراد
اللكوت فليترك ماله وأبناءه وليتبعن ،" ..فقد أنزل ال على السلمي مثل هذا التوجيه
فلم يفهموا منه ما فهمت الكنيسة من القول النسوب إل السيح عليه السلم.
()23عن كتاب " تديد الفكر الدين " تأليف ممد إقبال ترجة عباس ممود ،ص 250من الترجة
العربية.
()24الصدر السابق ص .149
قال تعال) :ق /ل) .إ ن .ك#ان #آ ب%اؤ-ك/م 4و%أ4#ب ن%اؤ-ك/م 4و%إ) خ4و%ان/ -كم 4و#%أز4و%اج-ك /م 4و%ع %ش)ي%ت-ك/م
و#%أم4و%ال Iاق.ت%ر%ف.ت-م-و ه%ا و%ت) ج%ار%ة% Iتخ 4ش%و4ن #ك #س%اد%ه%ا و%م %س%اك)ن% -تر 4ض%و4ن%ه%ا أ#ح%ب) Hإل#ي4ك /م 4م) ن %اللXه
و%ر %س-ول)ه) و%ج) ه%اد pف)ي س%ب)يل)ه) ف#ت%ر%ب Hص-وا ح %تHى ي. %أت)ي %الل Xه -ب)أ#م4ر)ه) و%الل Xه -ل ي %ه4د)ي ال .ق#و4م
ال.ف#اس)ق)ي(] .سورة التوبة ،الية .[24ولكن السلمي ل يترجوا ذلك إل رهبانية سلبية
مهملة لواقع الرض ،لن تعاليم ال سلم كلmها كانت تدعو إ ل مارسة الياة الواقعية
بكل €اتاهاتا وكل مالتا ،لتحقيق " اللكوت " ف واقع الرض ،وذلك بتطبيق النهج
الربان ف دنيا الواقع ،وتكيمه ف ك ل mشئون البشر السياسية والقتصادية والجتماعية
والفكرية والخلقية ) ،(25وتظ ل mالنة بنعيمها الالد هي الزاء على ما يبذله البشر ف
الرض من الهد لتطبيق ذلك النهج ف واقع الياة ،ول تكون هي الزاء على ترك الدنيا
يعمل الفساد فيها فل ي-قاو–م ،وي–حكم القيصر فيها بواه فيفسد ف الرض.
وكان دينهم الذي حرAفته الكنيسة يدعو الناس إل الرضا بالذ mل والوان ف الياة
الدنيا من أجل نعيم الخرة ،تفسيXا خاطئا Xلقول السيح عليه السلم -إن كان قد قال
بالفعل " -من خدم سيدين ف الدنيا خي من خدم سيدا Wواحدا " Wولكن السلم كان
يعلم الناس أل يرضخوا للظلم ف الياة الدنيا ،بل يقاوموه ما وسعهم الهد ،لقامة العدل
الربان التمثل ف الشريعة النلة ،وأنذر الذين يرضون بالذل mوالظلم ول يقاومونه -وهم
م ستطيعون -بالعذاب ا لليم ف الخرة)) :إ ن Xا لXذ)ين %ت%و %فXاه-م -ال.م%ل)ئ ك#ة /ظ#ال)م)ي #أن4ف /س)ه)م
ق#ال/وا ف)ي م %ك/ن4ت -م 4ق#ال/وا ك /نHا م-س4ت %ض4ع%ف)ي %ف)ي ال.أ#ر 4ض) ق#ال/وا أ#ل #م% 4تك /ن 4أ#ر 4ض -الل Xه) و%ا س)ع%ة
ف#ت -ه%اج)ر-وا ف)ي ه%ا ف#أ/ول#ئ)ك %م%أ.و%اه-م 4ج%ه%ن Hم -و %س%ا̀ءت 4م %ص)يا) ،WإلXا ا.لم-س4ت %ض4ع%ف)ي %م) ن %الر sج%ال
و%الن sس%اء) و%ال.و) ل.د%ان) ل ي %س4ت%ط)يع-ون #ح)ي ل#ة Wو%ل ي%ه 4ت%د-ون #س%ب)يل ،Wف#أ/ول#ئ)ك %ع %س%ى الل Xه -أ #ن .ي%ع4ف/و
ع%ن4ه -م 4و %ك#ان #الل Xه -ع %ف/وmا Wغ #ف/ورا( ] .سورة الن ساء ،ال يات .[99 - 97و هؤلء
الستضعفون ح قÜا ،الذين ل يستطيعون حيلة ول يهتدون سبيل ،Xليسوا كذلك متروكي
للذ”ل Ýيأكلهم ويسحق وجودهم ،إنا هناك من -يح–ض ¥على تليصهم ما هو واقع بم:
)ف#ل.ي -ق#ات)ل .ف)ي س%ب)يل) الل Xه) ا لXذ)ين %ي %ش4ر-ون #ا.لح %ي%اة #ا لد_ن4ي%ا ب)ا ل.آخ)ر%ة) و%م %ن- 4ي ق#ات)ل .ف)ي
س%ب)يل) اللXه) ف#ي-ق.ت%ل# .أو% 4يغ4ل)ب 4ف#س%و4ف %ن-ؤ4ت)يه) أ#ج4را Wع%ظ)يما ،Wو%م%ا ل#ك/م 4ل ت-ق#ات)ل/ون #ف)ي س%ب)يل) اللXه
و%ال.م-س4ت%ض4ع%ف)ي (26) %م) ن %الر sج%ال) و%الن sس%اء) و%ا.لو) ل.د%ان) ا لXذ)ين% %يق/و ل/ون #ر%ب Hن%ا أ#خ4ر)ج 4ن%ا م) ن 4ه%ذ)ه
()25التفت الستشرق الكندي العاصر ولفرد كانتول سيث إل هذه النقطة ف مقدمة كتابه " السلم
ف التار يخ ا لديث " ف قرر أن الن صارى يرون أن الل كوت ل يتح قق إل ف ا لخرة بين ما ي سعى
السلمون إل تقيقه ف الياة الدنيا بتطبيق الشريعة.
()26أي الستضعفي حقيقة.
ال.ق#ر4ي%ة) الظXال)م) #أه4ل/ه%ا و%اج4ع%ل# .لن%ا م)ن 4ل#د4-نك %و%ل)يmا Wو%اج4ع%ل .ل#ن%ا م)ن 4ل#د-ن4ك %ن%ص)يا ،WالXذ)ين %آم%ن-وا
ي-ق#ات)ل/ون #ف)ي س%ب)يل) اللXه) و%ا لXذ)ين %ك #ف#ر-وا ي-ق#ات)ل/ون #ف)ي س%ب)يل) الطXاغ/وت) ف #ق#ات)ل/وا أ#و)4ل ي%اء
ضع)يفا(] .سورة النساء ،اليات .[76 - 74 الشHي4ط#ان) إ) Xن #كي4د %الشHي4ط#ان) ك#ان% #
وكان دينهم الذي حرAفته الكنيسة يضفي على " رجال الدين " قداسة ليست لم
ف الدين القيقي ،مبنية على سلسلة من الساطي الت ابتدعها بولس وغيه من البتدعي،
تبدأ بتأليه عيسى عليه السلم ،ودعاء بنوAته ل سبحانه وتعال ،ث بقول منسوب للمسيح
عليه السلم ،أنه قال لبطرس " :أنت بطرس ،وعلى هذه الصخرة ابن كنيست ،وأبواب
الحيم لن تقوى عليها ،وأعطيك مفاتيح ملكوت السموات ،فكل mما تربطه على الرض
يكون مربوطا Xف السماوات ،وكل mما تلmه على الرض يكون ملول Xف السموات " ).(27
ث إن ب طرس م نح هذا ال سلطان القد سي لل بابوات من ب عده ،ف صار لك ل mمن هم قدا سة،
ولكلم ته سلطان م قدAس .و بذا ال سلطان ط غوا ف ا لرض بغ ي ال ق ،Aو كان من ضمن
طغ يانم ح ظر التفك ي ع لى الع قل الب شري -ل كي ل ي-ف كmر في ما اب تدعته الكني سة من
ا لزعبلت ،ول كي يظ ل mللكني سة سلطانا ال قدس -فج مد الع قل ا لورب ع شرة قرون
متوال ية هي ع صور الظلم ا لت ر فرف علي ها د ين الكني سة ا لرف ،وامت ل هذا الع قل
بالساطي ،وح-رAم عليه أن يرى النور فرضي بالظلم .بينما كان السلم بريئا من ذلك
لنه دين ال الق ،mفل قداسة فيه لحد غي ال سبحانه وتعال ،وحت رسوله صلى ال
عل يه و سلم ،ي-ؤمر أن ي قول لل ناس ) س-ب4ح%ان #ر %بsي ه %ل .ك4 /ن ت -إ)لXا %ب ش%را Wر %س-ول ] .(Wسورة
السراء ،الية ..[93والسلمون ي-وقmرون رسولم صلى ال عليه وسلم ،ويطيعونه ف كل
أمر ،وي سارعون إ ل مرضاته ،ولكنهم يعر فون أ نه ب شر ،وأن دوره هو التبل يغ عن ر به،
وهو البيان لا أنزل من عند ال ،وهو التربية والتوجيه لم ،ولكنه ل يلك لم ول لنفسه
ضر¾ا ول نفعا Wإل ما شاء ال
ث إن هذا الدين ل يجر على العقل أن ي-فكmر ،بل يدعوه دعوة ملحmة أن يقوم
بالتفكي والتدبر ،والنظر ف ملكوت السماوات والرض ،والتعرف على السنن الربانية ف
الكون الشهود وف حياة البشر ،وأن يسيوا ف الرض ويتفكروا ..ومن ث انطلقت المة
الت آمنت بذا الدين ،توب الفاق ..آفاق الفكر وآفاق الرض وآفاق العلم ..وتتفوق
ف ك mل اليادين.
لقد كان كل mشيء ف حياة السلمي كأنه القابل الكامل لا ألفته أوربا ف قرونا
الو سطى الظل مة ..لذلك كان الحت كاك ب ي أور با وال سلمي عظ يم ا لثر ف حيا تا،
شامل Wلكل €ميادين الياة فيها ،كما قال " بريفولت " ف عبارته الت نقلناها عنه من قبل:
" ول يكن العلم وحده هو الذي أعاد أوربا إل الياة ،بل إن مؤثرات أخرى كثية من
مؤثرات الضارة السلمية بعثت باكورة أشعتها إل الياة الوربية ".
وكانت أوربا قمينة -كما قال الؤرخ البيطان " ويلز " ف كتاب " معال تاريخ
النسانية " -أن تدخل ف السلم .يقول " :ولو تيأ لرجل ذي بصية نفmاذة أن ينظر إل
العال ف مفتتح القرن السادس عشر فلعله كان يستنتج أنه لن تضي إل بضعة أجيال قليلة
ل يلبث بعدها العال أجع أن ي-صبح مغول̈يا -وربا أصبح إسلمي¾ا " ).(28
ووق عت أور با ف مأزق تاريي ..ف هي نافرة من الكني سة وطغيا نا وجهالت ها،
وحجرها على الفكر ،وصرفها الناس عن مارسة الياة ،وإصلح الواقع الرضي ،وهي ف
الوقت ذاته مصدودة عن الدAين الق Aبا شوه الك”تAاب من صورته ف نفوس الناس ..وكان
اللجأ الذي لأت إليه ف مأزقها التاريي هو نبذ الفكر الدين جلة ،والعودة إل التراث
ا لوثن ،التم ثل ف الاهل ية الغريق ية والاهل ية الرومان ية ،وماو لة ب ناء " النه ضة " ع لى
أساس ذلك التراث.
()28ويلز ،معال تاريخ النسانية ،ترجة عبد العزيز توفيق جاويد ،طبع لنة التأليف والترجة والنشر
بالقاهرة ج 3ص .966
فلقد جعت هذه الاهلية ف أطوائها مواريث متلفة وتأثرات متلفة ،جعلت منها
ف النها ية صورتا الال ية ا لت ي كن تلخي صها ف كل متي :ت قدم هائل ف الع لوم الاد ية
والتكنولوجيا والعمارة الادية للرض ،وانتكاسة هائلة ف الانب الروحي والقيم العنوية
اللزمة لياة النسان.
لقد ورثت من الاهلية الغريقية عبادة العقل ،وعبادة السد ف صورة جال
ح سي ،mوا لروح الوثن ية ف الن ظر إ ل ال كون وال ياة والن سان ،وب صفة خا صة عل قة
الصراع بي البشر واللة ،حيث اللة تريد تدمي النسان ،والنسان يريد أن ي-ثبت ذاته
بالتمرmد على اللة.
وورثت منهما معا Xنزعة الستعمار ،واستعباد الخرين من أجل شهوة السيطرة
من ناحية ،ومن أجل زيادة الفراهية السية من ناحية أخرى.
وأخذت من السلمي النهج التجريب ف البحث العلمي ،الذي كان أساس كل
الت قدم العل مي ا لديث ،وا ستفادت من ع لومهم كل mها با في ها الفيز ياء والكيم ياء
والرياضيات والطب Aوالفلك ،كما استفادت من وسائلهم الضارية الخرى) ،وأضافت
لر ف مت لف مالت الف كر، إلي ها كثيا Wبالطبع( ،ك ما أ خذت من هم روح التفك ي ا A
وروح الغامرة ف فجاج الرض واستكشاف ماهيلها.
وف الخي جاءها التأثي اليهودي ،الذي نفذ من الثغرات الت أوجدها نفور أوربا
من الدين ،فصبغ الياة الوربية بالصبغة النفعية ،وعمAق التاهات الادية ،وزاد من الفوة
الروحية ،ونشر التفسخ الخلقي ف التمع الورب ،مستغل Üأحداث الثورة الفرنسية ث
ا شتهرت الاهل ية الغريق ية ب هد فكر ي Aضخم ،متم ثل ف " الفل سفة " و "
النطق " ،معن áبالتفكي ف الكليات ،واستنباط النظريات ،ووضع القواعد الت يقوAم على
أسا سها الف كر .و هذه -ف ذا تا -أدوات ناف عة ،بل هي ضرورية للح ياة الفكر ية
ال سليمة ،ول ي ستطيع الف كر أن يرت قي إ ل آ فاقه العل يا بغ ي ال لام بت لك ا لدوات
واستخدامها ف مالا الصحيح.
ولكن الأخوذ على تلك الاهلية ليس هو " إعمال العقل " إنا هو ما يكن أن
نسميه " عبادة العقل " ،أي جعله هو الكم ف المور كلmها ،وهو الرجع الذي تنتهي
إل يه " العرفة " من ك ل mجوانبها -و هو ما يبدو واضحا Wف الاهل ية العا صرة بشكل
بارز.
إ ن mالعقل أداة مفيدة دون شك ،وقد عظ€مه السلم ،وجعله من كبيات النعم
الت م ن* ال با على النسان ،وأسند إليهم فهم ا لوحي ،واستنباط أح كامه ،والنظر ف
مالت تطبيقه ،كما أسند إليه أمورا Xأخرى مهمة ف حياة السلم .ولكنه ل يعله هو
الرجع الوحيد ،ول الرجع العلى ،لن ال الالق -سبحانه -يعلم حدود هذه الداة،
ويع لم ا لالت ال صالة لعملها ..ويع لم أ نا -و حدها -ل تصلح أن ت كون حك ما Xف
ا لمور ا لت تت عرض لوى الن فس ،أو لو هام الن فس ..ك ما أ نا مدودة بدود ال قدرة
البشرية ..أو فلنقل :العجز البشري!
إن العقل أداة صالة للتعامل مع الكون الادي ،mواستنباط السنن الت تكمه )الت
ستها أوربا ف جاهليتها العاصرة " قواني الطبيعة "!( ،لن هذه السنن ل دخل للنسان
فيها ،إنا دوره هو التعرف عليها ،وماولة الستفادة منها ف تسي أحواله على الرض،
ول تتأثر برغباته ول أهوائه ول أوهامه ..وهو قد ي-خطئ ف فهمها وقد ي-صيب ،ولكنها
تظ ل mعلى حالا كما خلقها ال ،ل تتأثر " بوقف " النسان :مؤ5منا Xأو كافرا ،Xمقبل Xأو
مدبرا ،Xمستقيما Xأو منحرفا ..ومن ث فبحثه فيها يكن أن يصل ف النهاية إل القيقة ،ف
الدود التاحة للقدرة البشرية ،الدAدة لا من عند ال ).(29
()29ما زال " العلم " رغم كل الفاق الت وصل إليها يقف حائرXا ف قضايا كان يظن أنا حسمت
للمرة الخية ..فبعد تفجي الذرة واستخلص طاقتها انساحت الواجز بي " الادة " و " الطاقة " ول
وكذلك يكن أن يكون العقل أداة صالة ف كل mأمر ينطبق عليه هذا الوصف،
أنه " سنن " ل تتأثر بوقف النسان ول رغباته ول أهوائه ول أوهامه ،ف الدود التاحة
للقدرة البشرية ..أما المور الت تتعرض لوى النفس وأوهامها ،أو الت ترج عن حدود
ال قدرة الب شرية النو حة للن سان ،فه نا ي كون الع قل هو ال كم ،ول ي كون هو الر جع
النهائي ،وإن ل ي-ستغن عنه ف الفهم والستنباط والتطبيق.
فقد علم ال أن هناك أمورا Xل يهتدي النسان فيها إل الق Aبفرده .وأمورا Xتغلب
النسان فيها شهوته ورغباته ،فتزين له أمورا Xم-هلكة يظن Aفيها ناته ،وتنفره من أمور فيها
ناته تبدو له أضرارا Xومهالك .فتكفل ال بتعليم النسان هذه المور كل€ها عن طريق
ا لوحي ..و ترك له المور الخرى ،ا لت يصلح عق له لستيعابا وال كم فيها ،يرب
فيها مقدرته ،ي-خطئ وي-صيب.
والن سان ف و ضعه ال طبيعي -و ضعه الم ثل -ح ي يتل قى " العر فة " من
مصدريها.
من الوحي ف المور الت تك ف€ل با الوحي :حقيقة اللوهية ،وحقيقة اللق،
وحقيقة اليوم الخر ،والتشريع ،والنهج الذي يكم الياة.
ومن العقل ف المور التروكة للعقل :التعرف على السنن الربانية الت تكم
ال ياة الب شرية لتنظ يم ال ياة بقت ضاها والت عرف ع لى ال سنن الربان ية ا لت ت كم ال كون
الادي لتحقيق ما سخAره ال من طاقات السموات والرض لتحسي الياة وتميلها ).(30
أما الاهلية الغريقية فقد جعلت المر كل€ه موكول Wللعقل وحده ..فأل€هته!
وصار العقل -عندها -هو الرجع الذي ترجع إليه ف قضية اللوهية ،وقضية
اللق ،وقضية ما يكون بعد الوت ،وقضية التشريع ،وقضية النهج الذي يكم الياة .ف
حي حولت اليدان الرئيسي للعقل -وهو النظر ف الكون الادي والتعرف على خواصه،
وماولة تسخي طاقاته -إل نظريات ذهنية مردة ،ل تmرب لعرفة مدى صدقها وانطباقها
ع لى الوا قع ،إ نا ت -مرر ع لى " الع قل " ،فإن رآ ها صحيحة ف هي ف حك مه صحيحة،
بصرف النظر عن واقعها القيقي ،وإن رآها -لي سبب من السباب -غي صحيحة
فهي ف حكمه غي صحيحة ،بصرف النظر عن واقعها القيقي!
وإذا تفهم نا هذه القي قة ن ستطيع أن ندرك مع ن ال نراف الوا قع ف الاهل ية
العاصرة من " إحياء " الاهلية الغريقية مرة أخرى.
فقد تسلم السلمون النهج الغريقي ،وأدركوا ما فيه من خلل ف الناحية العلمية،
إذ أن العلم ل يصلح نظريات ذهنية تريدية بغي تريب ،واهتدوا -بوحي إسلمهم -
إل النهج الصحيح ،فحوAلوا العلم إل ملحظة وتربة واستنباط ،وكان هذا هو النهج
الذي انبن عليه كل €التقدم العلمي ف العصر الاضر ،كما أشار " بريفولت " ،وكثي
غيه من الباحثي والؤرخي.
ا لت تواجه ال ناس ف ح ياتم ،وت صل إ ل تي سيات ضخمة ف مالت ال ياة الختل فة،
تستخدم فيها ثار العلم أول Xبأول ،وت-ؤدي هي ذاتا إل مزيد من التقدم العلمي..
ول كن تب قى ب عد ذ لك حقي قة مبدئ ية ..هي ال نراف ا لوهري ا لذي ورث ته
الاهلية العاصرة من الاهلية الغريقية -بالرغم من التغييات الت أحدثها النهج التجريب
ذو ال صل ال سلمي -ذ لك ال نراف التم ثل ف تك يم الع قل في ما ل مال له ف يه،
واتاذه حكما Wفيما ل يصلح أن يكون حكما Wفيه.
ل قد ح mك مت الاهل ية العا صرة عقل ها ف ق ضية اللوه ية ،فأدت با عقلنيت ها
التجريب ية إ ل ن في و جود ا ل! لرد أن ا ل سبحانه وت عال " ل تدركه الب صار " ،ول
يكن إدراك وجوده بتجربة علمية معملية ،على طريقة الكون الادي ..وحقيقة أن الاهلية
العاصرة حوAلت عقلنيتها عن البحث فيما وراء الطبيعة ،وكان هذا تول Xصح̈يا سليمXا ف
ذاته ،لن عقلنية الغريق ف هذا الال ل ت-فض إل علم نافع ينفع البشرية ف دنياها ول
آخر تا ) ،(31ول كن حكم ها -بعقلنيت ها -بن في و جود ا ل لرد أن ق ضية اللوه ية ل
ل ضخمXا هوى بالبشرية ف حأة اللاد ،وما صاحبه تضع للتجربة العملية ،كان خط X
من انتكاس القيم العنوية كلmها إل الضيض .وخسرت البشرية من وراء هذا النراف
أضعاف أضعاف ما كسبته من الي الزئي الذي حقق توجه العقلنية إل اللول العملية
لشكلت الياة الواقعية ،والتقدم العلمي ف شت الالت.
وح mك مت الاهل ية العا صرة عقل ها ف ق ضية ال لق -ب عد نفي ها لو جود ا ل
سبحانه وتعال ،أو ف القليل نفي هيمنته وتدبيه لشئون الكون -فأدت با عقلنيتها إل
أسطورة ضخمة ليس لا واقع علمي ،هي " الطبيعة الالقة " من ناحية ،و " اللق الذات
" من ناحية أ خرى ..وصارت هذه السطورة " علما " Wيتداوله " العل ماء " بغ ي برهان
علمي ،ف الوقت الذي يرفضون فيه رد Aالمور إل ال بجة عدم وجود برهان علمي على
وجوده أو تدبيه لشئون اللق!
واعجب إن شئت لسريان هذه السطورة ف عصر " العلم "! عجب أكثر من
أن " العال " إذا ذكر ال ف البحث العلمي سقط من أعي " العلماء "! وصار مضغة ف
()31كان ما يسمى " الفلسفة السلمية " ماولة للستفادة من الفكر الغريقي ف إثبات وجود ال،
ول تفض هذه الاولة إل شيء ذي قيمة ،والنهج القرآن هو الول بالتباع ،لن منل القرآن هو
خالق النفس البشرية العليم با يصلح لا ف دينها ودنياها.
أفواههم يتندرون بهله وسذاجته ،وعدم علميته ،وعدم موضوعيته ،وتعلقه " بالغيبيات "،
فإذا ذكر " الطبيعة " رفعوه بذكرها ،وخروا لا ساجدين!! وصدق ال العظيم:
) %وإ)ذ#ا ذ /ك)ر %الل Xه -و %ح4د- %ه ا ش4م%أ#زHت 4ق /ل/وب -ا لXذ)ين %ل ي-ؤ4م) ن-ون #ب)ا ل.آخ)ر) %ة و%إ)ذ#ا ذ /ك)ر
الXذ)ين %م)ن 4د-ون)ه) )إذ#ا ه-م% 4يس4ت%ب4ش)ر-ون(] .سورة الزمر ،الية .[45
والق أن هذه السطورة تستحق م نAا وقفة بالنظر إل مدى توغلها ف الاهلية
العاصرة ،وتأثي ها ع لى كثي من ماري الف كر و ماري ال سلوك ،مع عدم استنادها إ ل
شيء على الطلق!
وك ما ي قول " ول د يورانت " عن ا لثي إ نه " خرا قة اب تدعت لخ فاء ال هل
الثقف للعلم الديث ،فهو غامض غموض الشبح أو الروح " ) (32فالطبيعة الالقة خرافة
مبتد عة ع لى ذات ال ستوى ،وإن كانت أ سبابا أع مق ،وآثار ها أخ طر .فإذا كان ا لثي
خرافة قد ابتدعت لسباب " علمية " ،أي لتفسي أمور غامضة ف هذا الكون ل يتوصل
العل ماء إلي ها ب عد ،فافتر ضوا فر ضا Xوا تذوه كأنه حقي قة ..فالطبي عة الال قة خرا فة قد
اب تدعت ل سباب " دين ية "! ف قد كانت مهر با Xو جدان̈يا -ل علم ي¨ا -من إ له الكني سة
الذي تستعبد الناس باسه ،وتسلب أموالم ،وتقلق راحتهم ،وتتعقب أفكارهم ،وتتدسس
إ ل دا خل أرواح هم ،إ ل إ له آ خر له مع ظم خ صائص ا لله ا لول :أ بدي Aأز ل ،mخالق،
قادر ..ولكن ليست له كنيسة ،وليس له على البشر التزامات ..فع-بAاده أحرار ل يتقيدون
تاهه بشيء ف أخلقهم ،ول قيمهم ،ول سلوكهم! وإل هنا يكون المر أقرب إل الزل
منه إل الد.
أما أن تتحول هذه الرافة البتدعة لسباب وجدانية إل ما ي-عتب " حقيقة علمية
" ،هي الت تقبل من العلماء ،وغيها -الذي هو الق - Aي-رفض منهم ،فهذه هي العجيبة
الت ل ي-فسAرها شيء ،ول حتAى الفزع من سلطان الكنيسة الفزع ..فقد كانت السباب
الرئي سية ا لت من أجل ها رف ضت العقلن ية التجريب ية أن ت عترف بو جود ا ل ،أو ت عترف
بيمنته على الكون ،هي أن ال " ل ت-در)كه البصار " ،وأنه قضية " غيبية " ل تدخل ف
عال الس .فما الطبيعة الالقة؟ هل تدركها البصار؟ أم إنا قضية غيبية ل تدخل ف
عال ال سm؟! إن الذي تدركه البصار هو الطبيعة الخلوقة ل الطبيعة الالقة ..وهذه ل
يتلف وضعها سواء آمنAا بال الق ،Aأم آمنت الاهلية بإلها الزائف ..فأي شيء يكن أن
()32ول ديورانت ،مباهج الفلسفة ،ترجة الدكتور أحد فؤاد الهوان ،ص .72
ي-فسAر -فضل Xعن أن ي-بAر -اليان بالسطورة ف عهد العلم؟! وبأي -حج*ة يتج Aعصر
العلم على أساطي الكنيسة وخرافاتا " الدينية " ،إذا وقع هذا العصر ف أساطي " اللاد
" وخرافاته؟
إن النسان -بغي اليان بال واليوم الخر ،واليان بأن هناك غاية من خلقه -
ل بد أن يصل إل العبثية الت عب عنها شاعر جاهلي معاصر ).(33
وتنقلب الياة بثا Xمنونا Xعن " التاع " ،ي-ؤدي ف النهاية إل البوط ،وي-ؤدي إل
الدمار.
وقضية التشريع بالنسبة لوربا قضية مركبة ،تصب Aفيها اعتبارات كثية ف وقت
واحد.
فالواقع أن " العلمانية " بعن فصل الدين عن الدولة ،والتشريع بغي ما أنزل ال،
أمر عميق الذور ف التربة الوربية ،ل تعدAله حت فترة الدين الكنسي الرف ،فقد كان
من تريفات ذلك الدين ،الت ارتكبتها الكنيسة ضمن ما ارتكبته من التحريفات ،فصل
الدين عن الدولة ،أو فصل العقيدة عن الشريعة ،وتقدي الدAين عقيدة بل شريعة ،على
أساس قول منسوب للسيد السيح " :أد Aما لقيصر لقيصر وما ل ل! ".
أما العلمانية الت أبرزتا الاهلية العاصرة وأكدتا فهي إقصاء كل أثر للتعاليم
الدينية ف التشريع ،وإقامة التشريع على مبعدة من الدين -إن ل يكن على عداء صريح
مع الدين -ويبدو ذلك واضحا Xف تليل الربا ،وإباحة الفاحشة ،وعدم اعتبارها جرية
ما دامت برضى الطرفي ،بل التوسع ف ذلك -حديثا - Xإل حد Aإباحة الفاحشة الشاذة
وزنا الارم ..إل غي ذلك من ألوان التحدAي الصارخ لوامر ال.
ويبز معن " الاهلية " ف هذه القضية من زاويتي اثنتي على القل.
ا لول :هي الت مرmد ع لى ح ق mا ل ف الت شريع ،ا لترتب ع لى كونه هو ا لالق
سبحانه ،الذي خلق البشر ،وخلق لم طعامهم وشرابم وكساءهم والواء الذي يتنفسونه،
وسخAر لم ما ف السموات وما ف الرض جيعا Xمنه ..وهم ل يلكون شيئا Xمن ذلك كلmه
بغي تليك ال لم إياه:
أي أنه هو صاحب المر سبحانه با أنه هو الالق .والرزق ذاته هو من خلق ال
سبحانه وتعال:
)ي%ا أ_#يه%ا النHا س -اذ .ك/ر-وا ن)ع4م %ت %اللXه) ع%ل#ي4ك /م 4ه %ل .م) ن 4خ%ا)لق pغ #ي4ر -اللXه) ي%ر4ز-ق/ك /م 4م)ن
السHم%اء) و%ال.أ#ر4ض) ل إ)ل#ه) %إلXا ه-و %ف#أ#نHى -تؤ4ف#ك/ون(] .سورة فاطر ،الية .[3
الثانية :هي التمرmد على حكمة ال الكيم البي ،الذي خلق النسان ويعلم
دخائله ،ويعلم ما ي-صلحه وما ي–صلح له ،وي-حيط بالزمن كله ماضيه وحاضره ومستقبله،
ويعلم ما يكن أن ي-ؤ–دي إليه كل تشريع من التشريعات ،ل ف الاضر وحده ،ولكن ف
الزمن القبل كله إل أن يرث ال الرض ومن عليها .بينما علم النسان قاصر ،وأشد
علمه قصورا - Xكما ب يAن " الكسيس كاريل " ف كتابه " النسان ذلك الهول " -هو
علمه بنفسه.
وكان من نتائج التشريع بغي ما أنزل ال ف الاهلية العاصرة ،أن انقسم الناس -
ك ما يدث ف ك ل mجاهل يات التار يخ -إ ل سادة وعب يد :سادة يل كون وي شرعون،
وعب يد ي قع ع لى كاهلهم الت شريع ،ك ما هو ا لال ف ك ل mمن الع سكرين الت نازعي:
العسكر الرأسال ،الذي يلك الرأساليون ناصية المر فيه ،ويستعبدون الكادحي -على
الرغم من مسرحية الديقراطية الميلة ) - (34والعسكر الشيوعي الذي يلك الزب -
أو اللج نة الركز ية العل يا لل حزب ،أو الع ضاء ال بارزون ف اللج نة الركز ية ،أو الزع يم
الوحد ،أو الستخبارات -ناصية المر فيه ،ويقع العبء فيه على الكادحي ،أو طبقة "
البوليتاريا " الت زعمت الشيوعية أنا حطmمت النAظم السائدة كلmها من أجلهم!
كانت الرأة ف التمع الغرب مظلومة فأراد قوم إنصافها با رأت " عقولم " أنه
الق Aوالعدل ،وكانت النتيجة ما هو معروف من آثار " ترير الرأة " من تفتيت السرة،
وتشرAد الطفال ،وجنوح الحداث ،وتول التمع إل ماخور كبي..
و كان الع مال مظ لومي فأراد قوم إن صافهم با رأت " ع قولم " أ نه ال ق
وال عدل ..و كانت النتي جة ك ل mال شر Aا لذي ا عترف به أخ يا " Xجوربات شوف " ف ن قده
للشيوعية!
وهذان مرد مثالي من أمثلة التشريع بغي ما أنزل ال ..وإل mفالياة الغربية -ف
كل العسكرين -مليئة بالنماذج الصارخة للخلل القائم ف حياة الناس ،أفرادا Xوجاعات،
يفسد حياتم ،ويبدد طاقاتم ،ويسلمهم إل الضياع.
()34انظر – إن شئت – فصل " الديقراطية " من كتاب " مذاهب فكرية معاصرة ".
وال ق Aأ نه من هج بالغ الد Aقة ..وأ نه مل ب× لل هداف الرئي سية للح ياة الورب ية..
وملب áلا على درجة كبية من التمكmن.
يكن تلخيص المر ف قوله تعال) :م%ن 4ك#ان- #ير)يد -ال.ح%ي%اة #ال _دن4ي%ا و%ز)ين%ت%ه%ا(] .سورة
هود ،الية .[15
) -زيsن %ل)لنHاس) ح-ب_ الشHه%و%ات) م)ن %النsس%اء) و%ال.ب)%ني %و%ال.ق#ن%اط)ي) ال.م-ق#ن4ط#ر%ة) م)ن %الذXه%ب
و%ال.ف) ضHة) و%ال.خ%ي 4ل) ا.لم -س%وHم%ة) و%ال.أ#ن 4ع%ام) و%ا.لح%ر 4ث) ) (35ذ#ل) ك %م %ت%اع -ا.لح %ي%اة) الد_ن4ي%ا و%الل Xه -ع) ن4د%ه
ح-س4ن -ال.م%آب(] .سورة آل عمران ،الية .[14
()35هذه المور مذكورة ف الية ل على سبيل الصر ،وقد جدAت بعد اليل أشياء أخرى أشارت
إليها سورة النحل ف قوله تعال) :و–الÅخ–ي 5ل ãو–الÅب Æغ–ال ãو–الÅح–م Æي– Æلت–رã 5كب-و ه–ا و–زÆي ن–ة Xو–ي–خ5ل” ق -م–ا ل ت–ع5ل ãم-ون.(ã
] سورة النحل :الية .[ 8
وإذا كانت فترة الدين الكنسي الرف قد نقلت أوربا -فترة من الزمن -من
النقيض إل النقيض :من الستغراق ف ملذات الس ،Aوالفتنة بالياة الدنيا ،إل الرهبانية،
والزAهد ف متاع الرض كلmه ،وإهال الياة الدنيا من أجل الخرة ) ..(36فقد نقلهم التمرAد
على الدين والكنيسة مرة أخرى من النقيض إل النقيض ..من الرهبانية والزAهد إل الفتنة
بلذات الياة ).(37
ووضعوا لنفسهم " منهج حياة " ي-حقق لم أهدافهم ،مستفيدين بكل mما أمدAهم
به التقدم العلمي والتكنولوجي الذي أحرزوه ف أثناء الطريق.
أرادوا القوAة ،فوضعوا لنفسهم منهجXا ي-حقmق لم القوة ف كل mاليادين ،وكان من
بي أدواته الستعمار ،الذي ورثوا نزعته من الاهليتي الغريقية والرومانية.
ول يكن الستعمار شيئا Xعارضا Xف حياة الاهلية العاصرة ،ول شيئا Xخارجا Xعن
خط ها ال صيل -ك ما يع تذر ع نه ا لذين ا ستعبدت أرواح هم لل غرب ،إ نا كان و سيلة
مشروعة عندها من وسائل القوة ،موروثة -هي والنظر إليها على أنا أداة شرعية -من
الاهلية الغريقية الرومانية الت كانت تد لذتا ف التوسع واستعباد الخرين.
وب صرف الن ظر -مؤق تXا -عن ا لروح ال صليبية ا لت كانت من أ كب دوا فع
ال ستعمار ا لديث ) ،(38فإن الف ظائع ا لت ارتك بت ف هذا ال ستعمار الوح شي ،كانت
حق " من حقوق القوياء الذين يسعون إل تكي مبرة تاما Xعند أصحابا ،على أنا " A
قوتم وترسيخها ،و " عقاب مشروع " على جرية القاومة لذا ال Aق الشروع!
ولو أن الساسة وحدهم هم الذين برAروا هذه الرائم -أو ف القليل غطËوا عليها
-أو لو أن العسكريي وحدهم هم الذين قاموا بذلك ،لقلنا " :شنشنة نعرفها من أخزم
" ،كما قال العرب ف أمثالم ،بعن أن الشيء من معدنه ل ي-ستغرب! ولكنا أذا راجعنا
الكتAاب والدباء والفكرين والفلسفة ود-عاة الرية ود-عاة النسانية ..ال ..ال ..ونظرنا
ف الهد الذي بذلوه لوقف الازر الوحشية الت صاحبت ذلك الستعمار -وقد كانوا
يلكون وقفها لو جندوا أنفسهم لوقفها -لو نظرنا ف ذلك الهد لعرفنا كم مر mالمر
سهل Wعلى " ضمي " أوربا ..وما يزال!
و قد ا ستخدموا -بطبي عة ا لال -و سائل ناف عة ،بل و سائل فا ضلة ف ب عض
الحيان ،لتحقيق القوة الت أرادوها.
استخدموا التعليم.
ووضعوا مناهج تعليمية مدروسة ،بذلت ف دراستها عناية ملحوظة ،و -جرAبت،
وأجر يت اللح ظات علي ها ف أث ناء التجر بة ،و عدAلت أخطاؤ ها ،وا ستكمل نق صها،
للو صول با إ ل أق صى طاقت ها النتاج ية .ور-و عي ف هذه النا هج تر يج قوم عملي ي،
ومنتجي ،ولديهم القدرة على البتكار ،والقدرة على الختراع .ع-و×د-وا من صغرهم على
ال قراءة والطلع ،ورؤ ية الو ضوع الوا حد من أ كثر من زاو ية ،و بأكثر من طري قة ،فل
ينحصر ذهنهم ف الستظهار والفظ ،ول ينحصر ف رؤية واحدة معينة مفروضة تعيق
الذmهن عن رؤية صور أخرى ..وع-و×د-وا على تربة ما يكن تربته من العلومات ،فنشأوا
واقعيي تريبيي ،وف الوقت ذته مدربي ذوي خبة ،وذوي استعدادات عملية ،مستعدة
لبذل الهد ،راغبة ف النتاج ).(39
وو ضعوا منا هج تربو ية مدرو سة ،ت -عو×د ال صغار ع لى كثي من الف ضائل ا لت
يتاجون إليها وهم كبار.
()39لحظ كيف كان هذا من سات الياة السلمية حي كان السلمون متمسكي ح قÜا بالسلم،
وشاعرين بأن لم رسالة يؤدونا .وقد وجدت أوربا ذلك كله ف الضارة الندلسية حي احتكت
بالسلمي هناك ،وأخذت عنهم النهج التجريب ف البحث العلمي ،كما أخذت عنهم روح البحث
الر ف الامعات السلمية.
وكmل ها ك ما ترى " ف ضائل " ناف عة ،وكل mها من أدوات التمك ي وال قوة اللز مة
للشعوب الت ترغب ف التمكي ف الرض.
واستخدموا العلم ..وي سAروا به كثيا Xمن مشقات الياة ،إذ حAلوا اللة ما كان
يمل النسان من قبل من الكد ،Aوصارت اللة تقوم بأضعاف ما كان يقوم به النسان
من النتاج من قبل ،وف زمن ل ي-قاس ف قصره بالنسبة لا كان يقضيه النسان من قبل.
كما استخدموه ف ح ل mمشكلتم ،فدرسوها بطريقة علمية منظمة ،ووضعوا لا حلول
مبنية على أسس علمية.
وإ ل ه نا ينت هي " الن هج " ..ينت هي ع ند تق يق التمك ي ف ا لرض ..ف ال ياة
الدنيا ..ول يلتفت إل شيء‡ وراء ذلك!
كل !€بل إنه ل ينتهي هنا! فما زالت ف الهداف الراد تقيقها بقية ،تتاج إل
ما يقابلها ف النهج.
إن الياة الدنيا ليست قوة وتكينا Xفقط ..إنا هي كذلك متاع!
تدخل وسائل العلم ،ووسائل الترفيه ،ووسائل " اللهو " ،والرية النسية.
و " تر ير ا لرأة " ،والنظر يات )والتطبي قات( ا لت -ت حارب " الك بت "! ك ما يدخل
بصفة أساسية ماربة الدmين والخلق والتقاليد!
إن ما ن سميه نن ب " الف ساد الل قي " أو ب " الفو ضى الن سية " أو "
التحلل " أو ما شابه ذلك من العبارات ،ليس أمرا Xعارضا Xف حياة الاهلية العاصرة ،ول
شيئا Xخارجا Xعن خطmها الصيل -كما يعتذر عنه الذين استعبدت أرواحهم للغرب -إنا
هو خط أصيل فيها ،ي-ح ق€ق هدفا Wأصيل Wمن أهدافها ..وقد كان مو جودا Xف الاهلية
الغريق ية والاهل ية الرومان ية ) (40كلتيه ما ،و كان من ال سباب ا لت أدت بكلتيه ما إ ل
الدمار .وإنا احتاج المر إل فترة من الوقت ،وإل " جهود " تبذل لزالة ما علق ف
الن فس الورب ية من آ ثار ال فترة ال سيحية ا لت ام تدت عدAة ق”رون ،ت سميها أور با قرو نا
).(41
الوسطى الظلمة
وقد يبدو للعي السطحية النظرة أن ما هو موجود اليوم خاص بذه الاهلية -أو
ك ما ي سمونا هم :هذه " ال ضارة " -ول كن ا لمر ل يس كذلك لن يرا جع التار يخ..
حقيقة إن " الوسائل " قد تغيت .فلم يكن عند الغريق والرومان سينما ول تلفزيون
ول ف يديو ،ول و سائل إف ساد جاع ية كالوجودة ال يوم .ول كن من ال سذاجة ال”فÅر Æطة أن
يكون حكمنا مرتبطا Xبالوسائل -الت من شأنا أن تتغي من عصر إل عصر -إنا يب
أن يكون الكم مرتبطا Xبالهداف والفكار والبادئ أكثر من ارتباطه بالوسائل ،لنا هي
ا لت تت شابه في ها الاهل يات عب التار يخ ،وا لت تت شابه في ها " الق لوب " ،ك ما جاء ف
القرآن الكيم%) :ت ش%اب%ه%ت 4ق /ل/وب-ه-م] (4سورة البقرة ،الية .[118وإن اختلفت الجناس
واللغات والمكنة والزمان.
()40سنتكلم فيما بعد عن الذين بذلوا الهود لفساد أوربا ،والعال كله من ورائها.
()41هي مظل مة ح قÜا بالن سبة لور با ول كن ل ب سبب ا لدين ف ذا ته ك ما يزع مون ،بل ب سبب ا لدين
الكنسي الرف.
إن ال تاع م بب للن سان ،والع بارة القرآن ية الكي مة ت-ؤ كد هذه القي قة- ) :زيsن
ل)لنHا س) ح -ب_ ال شHه%و%ات(] .سورة آل عمران ،الية .[14فليس الزين للناس -ف الية
القرآنية -هو الشهوات .إنا هو " ح ب_ الشهوات " .وهو تعبي دقيق عن مدى توغل
الشهوات ف النفس النسانية .وك ل mزيادة ف البن تدل mعلى زيادة ف العن كما يقول
البلغيون .ومن ث mفإن –تز5يي " حب mالشهوات " آكد ف بيان عمق الشهوات ف النفس
من تزيي الشهوات ذاتا ،وأدل mعلى أن النفس مفطورة على حب Aالتاع ,ولكمة ربانية
أراد ا ل ذ لك .ولك نه سبحانه وت عال أ مر ال ناس أن ي ضبطوا منط لق ال شهوات )،(42
وأع طاهم ا لداة العي نة ع لى ال ضبط ،والتوجي هات ا لت تع له مي سرا Xع لى أ صحابه ،و ف
مقدمة ذلك اليان بال واليوم الخر والتوجه إل القيم الع-ليا ،والهاد ف سبيلها.
فح ي ل ي-ؤمن الن سان باليوم ا لخر- ،ت صبح ال ياة ف ح سAه فر صة وا حدة إن
ذه بت ل ت عود ،و هي فر صة مدودة بدود الع مر الب شري ،بل بدود ال صAحة وال قوة
وال ستطاعة من ذ لك الع مر ،و هي من ث فر صة ق صية ق صية ل -ت ش5بÆع! في كون ه–م
الن سان ف ت لك الا لة أن ين كب ع لى ال تاع ب كل طاقته ،لي عب م نه ما ي ستطيع ق بل
ال فوات! وي كون كذلك كار ها Wلك ل €ال ضوابط -أو ال شاغل -ا لت تد mمن ذ لك
التاع!
وليس كذلك من يؤمن بال واليوم الخر .فالمر ف حسAه متلف .إنه يستمتع،
نعم! ولكن ف غي لفة على التاع ،لنه يؤمن أن ما يفوته من التاع ف الياة الدنيا نتيجة
تقيده بالضوابط الربانية ،أو بأي سبب كالهاد ف سبيل ال ،ليس ضائعا ،Xوليس ذاهبا
بل عودة .بل هو مفوظ له عند ال أول ،Xث هو معوض عنه ثانيXا بنعيم ل ينفد ،ف النة
الت " فيها ما ل عي رأت ،ول أذن سعت ،ول خطر على قلب بشر " ).(43
ومن ث " يضبط " شهواته ،دون أن تتلف نفسه من عملية الضبط.
ث إ نه م شغول بق يم عل يا ،وجهاد ف سبيل هذه الق يم ،يصرفه عن التع لق بذه
الشهوات حت تصبح هه القعد القيم) :ز-ي sن %ل)لنHا س) ح-ب_ الشHه%و%ات) م) ن %الن sس%اء) و%ال.ب%ن)ي
و%ال.ق#ن%اط)ي) ا.لم-ق#ن4ط#ر%ة) م)ن %الذXه%ب) و%ال.ف)ضHة) و%ا.لخ%ي4ل) ال.م-س%وHم%ة) و%ا.لأ#ن4ع%ام) و%ا.لح%ر4ث) ذ#ل)ك %م%ت%اع
ال.ح %ي%ا )ة ال _دن4ي%ا و%اللXه -ع) ن4د%ه -ح -س4ن -ال .م%آب) ،ق /ل .أ#ؤ%-نبsئ/ك /م 4ب)خ %ي4ر pم) ن 4ذ#ل)ك /م 4ل) لXذ)ين %اتHق#و4ا ع) ن4د
()42الضبط غي الكبت .راجع إن شئت فصل " فرويد " ف كتاب " النسان بي الادية والسلم ".
()43متفق عليه.
ر%بsه) م 4ج %نHات= ت %ج4ر)ي م) ن 4ت%ح4ت) ه%ا ا.لأ#ن 4ه%ار -خ%ا ل)د)ين %ف)ي ه%ا و%أ#ز4و%ا ج= م-ط #هHر%ة Iو%ر) ض4و%ان Iم) ن %اللXه
و%الل Xه% -ب ص)ي= ب)ال.ع) ب%اد) ،ا لXذ)ين% %يق/و ل/ون #رH%ب ن%ا إ)ن Hن%ا آم %نHا ف#اغ.ف)ر 4ل #ن%ا ذ/ن-وب %ن%ا و%ق) ن%ا ع%ذ#اب %ال نHار)،
الصHاب)ر)ين %و%الصHاد)ق)ي %و%ال.ق#ان)ت)ي %و%ال.م-ن4ف)ق) ي %و%ال.م -س%4تغ4ف)ر)ين %ب)ال.أ#س4ح%ار(] .سورة آل عمران،
اليات .[17 - 14
)ي%ا #أي_ه%ا الXذ)ين %آم %ن-وا ه %ل# .أد-لÍك /م 4ع%ل#ى ت)ج%ار%ة pت4 -نج)يك /م 4م) ن 4ع%ذ#اب# pأل)يم- ،pتؤ4م) ن-ون
ب)اللXه) و%ر %س-ول)ه) و%ت-ج%ا ه)د-ون #ف)ي س%ب)يل) اللXه) ب)أ#م4و%ال)ك/م 4و%أ4#نف /س)ك/م 4ذ#ل)ك /م 4خ %ي4ر= ل#ك /م 4إ)ن/ .كن4ت-م
%تع4ل #م-ون ،#ي%غ4ف)ر 4ل#ك /م 4ذ /ن-و%بك/م% 4وي-د4خ)ل.ك/م% 4جنHات% pتج4ر)ي م) ن% 4تح4ت)ه%ا ال.أ#ن4ه%ار -و%م %س%اك)ن %ط#ي sب%ة
ف)ي ج%نHات) ع%د4ن pذ#ل)ك %ا.لف#و4ز -ال.ع%ظ)يم( ]سورة الصف ،اليات .[12 - 10
وهذه نقطة اختلف جوهرية بي " النهج الربان " ،و " النهج " الذي ت تاره
الاهليات -كل الاهليات -با ف ذلك الاهلية العاصرة ..وممورها هو اليان -أو
عدم اليان -بال واليوم الخر.
إنه الياث الذي ي-صوmر العلقة بي البشر وبي " اللة " ) (44علقة صراع دائم
ل يك ف mلظة :اللة تريد أن تدمر النسان ،لنه ي-ريد أن ي-شاركها ف ألوهيتها ،وهي
ت-ريد أن تتفرد وحدها باللوهية ،والبشر دائمو التمرAد على اللة لنم يريدون أن يثبتوا
ذواتم ،ول سبيل لم إل إثبات ذواتم إل بالتمرAد والعصيان!
ولعل أسطورة " بروميثيوس " سارق النار القدسة هي أوضح تثيل لذا العن.
تقول السطورة -الت تشتمل على بعض القائق مشوهة تشويها Xأسطور̈يا ،إل
جانب بعض التصورات الاهلية الوثنية الاطئة -إن " زيوس " إله اللة خلق النسان
من قب ضة من ط ي ا لرض ،و سواه ع لى ال نار القد سة) ،ا لت تر مز ف ال سطورة إ ل
العرفة( ،ث أهبطه إل الرض وحده ف ظلم دامس) ،يرمز ف السطورة إل الهل(،
فأ شفق عل يه كائن أ سطوري -ي سمى " بروم يثيوس " ) ،قد ي كون ر مزا Wلل شيطان وا ل
()44ف كل الاهليات الوثنية تتعدد اللة كما هو معلوم ،ولكن يظل الفرق قائما Xبي اللوهية من
جهة ،والبشرية من جهة أخرى.
أعلم( فسرق له النار القدسة من الله زيوس وأعطاها له )رمزا Wلبدء تعلم النسان(،
فغضب الله من هذا المر غضبا Xشديدا ،Xلن لنسان قد اكتسب صفة من صفات الله
)وهي العلم( ؛ فصب جام غضبه على النسان ؛ )السمى ف السطورة " إيبيمثيوس "(،
وع لى " بروم يثيوس " م عا ،Xفأ ما " بروم يثيوس " ف قد و كل به ن سرXا ير عى ك بده طوال
النهار ،وتنبت له كبد جديدة ف الليل ،فيأت النسر ف النهار ليأكلها من جديد ،وهكذا
ف عذاب أبدي!! أما النسان " إيبيمثيوس " فقد أرسل إليه امرأة )ت-سمى ف السطورة
باندورا ،وترمز إل حواء( ،لكي -تؤ5نسه )ف ظاهر المر( .وأرسل معها هدية صندوقا
مغلقا ،Xفل ما فت حه إذا هو م لوء بال شرور ،فت ناثرت ال شرور من الصندوق وم لت سطح
الرض!
وليس الذي يهمنا من السطورة ف هذا القام هو علقة الكراهية التبادلة بي
الن سان و خالقه فح سب -وإن كانت هذه م صيبة من م صائب الت صور ا لاهلي
ا لغريقي ،ل أ ظن لا مثيل Xف أ ساطي الوثن يات ا لخرى -إ نا هو كذلك شعور "
النسان " ف هذه السطورة أنه ل ي-حقmق ذاته إل بعصية الله!
)إ) نHا خ%ل#ق .ن%ا ا.لأ)ن 4س%ان #م) ن- 4نط .ف#ة pأ#م 4ش%اج pن%ب4ت%ل)ي ه) ف#ج%ع%ل .ن%اه -س%م)يعا% Wب ص)يا ] .(Wسورة
النسان ،الية .[2
والبتلء ثانيXا انتقاما Xإليا Xيوقعه الالق بالنسان الذي خلقه ،إنا هو اختبار له،
بعد أن أنعم عليه بشتmى النعم ،الت تشمل العلم فيما تشمل ،هبة ربانية من ال للنسان..
اختبار له بعد كل النAعم الت أنعم عليه با :هل يشكر النعمة -بطاعة ال -أم يكفرها
بعصيانه؟
ث إن الياة الدنيا ليست ناية الطاف ،ول هي أهم مرحلة ف حياة النسان ،إنا
هي فقط مرحلة الختبار من حياته ،فإذا اجتاز الختبار بنجاح -بطاعة ال -فإن له
جزاء من النعيم الالد ي mل عن الوصف.
فل كراه ية إذن من ا لالق للن سان ا لذي خل قه وأن عم عل يه ،ول كراه ية من
النسان السوي لالقه ،بل شكر للنعمة وإخبات ،وتقرب وطاعة ل.
ومن ناحية أخرى فإن ال يدمر على النسان الكافر الذي يدعي اللوهية ،أو
يدعي لنفسه خصيصة من خصائصها ،هذا حق .ولكن هل مرد سعي النسان لتحقيق
ذاته هو الذي يستوجب غضب ال عليه وتدميه؟ أليس ال سبحانه وتعال هو الذي
خلقه ليكون خليفة ف الرض؟
) %وإ)ذ .ق#ال #ر%ب_ ك %ل)ل.م%لئ) ك#ة) )إ نsي ج%اع)ل Iف)ي ال.أ4 #ر ض) خ%ل)ي ف#ة ] .(Wسورة البقرة ،الية
.[30
) %و س%خHر %ل#ك /م 4م%ا ف)ي ال سHم%او%ات) و %م%ا ف)ي ال.أ#ر 4ض) ج%م)يعا Wم)ن 4ه ] .(-سورة الاث ية،
الية .[13
) -هو# %أن4ش%أ#ك/م 4م)ن %ال.أ#ر4ض) و%اس4ت%ع4م%ر%ك/م 4ف)يه%ا(] .سورة هود ،الية .[61
)أ##لم 4ن%ج4ع%ل .ل#ه -ع%ي4ن4 %ين) ،و%ل)س%انا Wو%ش%ف#ت%ي4ن) ،و%ه%د%ي4ن%اه -النHج4د%ي4ن)(] .سورة البلد ،اليات
.[10 - 8
)ا ق.ر%أ .و%ر%ب_ ك %ا ل.أ#ك.ر%م ،-ا لXذ)ي ع%ل Xم %ب)ال.ق#ل#م) ،ع%ل Xم %ا.لأ)ن 4س%ان #م%ا ل #م% 4يع4ل #م ] .(4سورة
العلق ،اليات .[5 - 3
فال هو الذي قدAر للنسان أن يكون ذا ق”وAة وذا فاعلية ،وذا نزعة فطرية لتحقيق
ذاته من خلل قوته وفاعليته ،ول يغضب ال عليه حي ي-مارس هذه الق”وة وهذه الفاعلية
ف الدود الت رسها له ،وهي الدود الت يعلم اللطيف البي أنا ت-صلح الياة الدنيا وتنع
عنها الفساد.
ولكن العجيب ف السطورة أنا تعل هذا السلوك التمرAد -وحده -هو وسيلة
تقيق النسان لذاته ،فإذا غضب ال عليه من أجل ذلك قالت السطورة :انظروا! ها هو
ذا الله ينتقم من النسان ،لن النسان أراد أن ي-حقق ذاته!!
إنه تصوmر مريض ..ل ندرك له سببXا ظاهرا ،Xوليس بي أيدينا من الدراسات ف
تاريخ تلك الاهلية ما ي-فسAر لنا هذا النراف العجيب ،اللهم إل شيئا Xواحدا Xنقوله من
باب الدس ،ل من باب اليقي ول حت الترجيح :إن الطفل ف سن معينة ،حي يبدأ
يس Aبذاته ،يب أن ي-ثبت ذاته بالعتماد على نفسه ورفض العون الذي ي-قدAمه له الكبار!
فإذا مددت إل يه يدك مثل Xلتعي نه ع لى ال سي ف الطر يق الزد حم -خو فا Xم نك عل يه -
سحب يده من يدك ومشى وحدهÆ ،لي-ثبت لك أنه شب Aعن الطوق ،واستطاع العتماد
على نفسه! هذا يقع من الطفل السوي ،Aأما الطفل النحرف فهو يعصي أوامرك عنادا Xمنه،
Æلي-ثبت لنفسه ولك أنه يستطيع أن يقول ل!
فإذا كانت هذه القائق السلوكية ت-لقي بعض الضوء على القضية ،فهي ت-وحي
بشيئي معا Xبالنسبة للجاهلية الغريقية :الول أنا كانت طفلة من الوجهة النفسية ،على
الرغم من كل mن-ضجها الفكري ،والثان أنا كانت مريضة منحرفة ،على الرغم من كل "
حكمتها " الفلسفية " ).(45
وأ̈يا كان المر بالنسبة للجاهلية الغريقية ،فإن بعثها من جديد على يد الاهلية
العاصرة يع ¥د أشد mانرافا Wوأشد mمرضا ،Xحيث ل عذر فيه من " الطفولة " الت يكن أن
توصف با الاهلية الغريقية ،وخاصة من قوم يزعمون أنم ف قمة الرقي البشري ..وقمة
النضوج.
) %ور%ه4ب%ان) يHة Wاب 4ت%د%ع-وه%ا م%ا ك%#تب4ن%ا ه%ا ع%ل4 #يه) م) 4إلXا اب)4ت غ%ا̀ء ر) ض4و%ان) الل Xه) ف #م%ا ر%ع%و 4ه%ا ح%ق
ر)ع%اي)%ت ه%ا ف#آت%ي 4ن%ا ا لXذ)ين %آ %م ن-وا م)ن4ه -م# 4أج4ر%ه -م 4و%ك#ث) ي= م)ن4ه -م 4ف#ا س)ق/ون( ] .سورة الد يد ،ال ية
.[27
وكأ نا كان رد Aالف عل لت لك الرهبان ية الكاب تة للو جود الن سان هو ال عودة -
الري ضة -إ ل ت لك ال سطورة النحر فة ،ا لت تز عم أن إث بات الن سان لذاته ل ي كون إل
بعصية ال!
وربا كان طغيان الكنيسة كذلك سببا Xمن أسباب هذه العودة الريضة .فال ف
ح س AالنAصارى متلبس بعيسى ابن مري عليه السلم ،والبابا متلبس بعيسى ابن مري من
خلل بطرس ،كما قال البابا " :نقول الول " ف بيانه الذي أعلنه على الناس:
" إن ا بن الن سان أن شأ الكني سة بأن ج عل الر سول ب طرس أول رئ يس لا ،وإن
أساقفة روما و–ر Æث”وا سلطان بطرس ف تسلسل مستمر متصل ،ولذلك فإن البابا مثل ال
ومن خلل هذه السيادة طغت الكنيسة طغيانا البشع ،الذي نفmرت فيه الناس ف
النها ية من الدAين ،فرفضوا الضوع ل سلطان البابا ،التل بس ف ح سAهم بسلطان ال جل
جل له )أو ب سلطان ال سيح ا لذي أل mهوه وع بدوه( ،وأ صبح الت مرmد ع لى ذ لك ال سلطان
اللي هو طريقهم لثبات الذات! واستيقظت بذلك السطورة الكامنة ف حسAهم ،الت
ل ت قض علي ها فترة ال تدين الطوي لة ،إ نا كانت كام نة ف ظل مات نفو سهم تنت ظر ما
ي-وقظها!
Man in the ي قول " جول يان هك سلي " ف ك تابه " الن سان ف ال عال ا لديث
" Modern Worldما خل صته :إن أ سطورة بروم يثيوس ما تزال تع يش ف ال س Aا لورب
و ت-ؤثر ع لى سلوك ال ناس .وا لورب العا صر هو " بروم يثيوس ا لديث " الت مرAد ع لى
سلطان ال .لقد خضع الن سان ل ف الاضي ب سبب ع جزه وجه له ،وا لن ،و قد تع لmم
وسيطر على البيئة فقد آن له أن يمل على عاتق نفسه ما كان يلقيه من قبل ف عصر
العجز والهل على عاتق ال ،ومن ث €ي-صبح هو ال!
نستعيد بال..
إن هذه العقدة -أو س–م*ها ما شئت من الساء -هي الت تشكل " النهج " كلmه
لدى الاهلية العاصرة!!
إن ا لورب ي سعى لع مارة ا لرض ن عم ،ويت خذ لذلك كل الو سائل ا لت يرا ها
م-وصAلة لتحقيق أهدافه ،وكثي منها م-وصAل للهدف بالفعل ،ولكن القضية ليست عمارة
ا لرض ف ذا تا .إ نا هي قضية " الن هج " ا لت ت تم على أسا سه ع مارة ا لرض ..أ هو
النهج الربان الذي يقق الفلح ف الدنيا والخرة؟ أم هو منهج غي ال؟! وحي يكون
منهج غي ال فهو منهج الشيطان!! منهج " بروميثيوس ") :أ##لم 4أ#ع4ه%د) 4إل#ي4ك/م 4ي%ا %بن)ي آد%م
#أن .ل %تع4ب-د-وا الشHي4ط#ان) #إنHه -ل/ #كم 4ع%د-و -م-ب)ي= ،و%أ#ن) اع4ب-د-ون)ي ه%ذ#ا ص)ر%اط Iم-س4ت%ق)يم(] .سورة
يAس ،اليتان .[61 ،60
وهذا النهج -منهج " بروميثيوس " -ي-ح قmق جوانب من النفع ،وجوانب من
الي ،ولكنه إل جانب ذلك ي-حقق كثيا Xمن الشر ،Aوي-ؤدي ف النهاية إل الدمار..
لقد م كmن هذا النهج لوربا ف الرض ،وأعطاها ق”وة فائقة ف ميادين متعددة:
العلم والتكنولوجيا والعمارة الادية للرض وتيسيات شت ف حياة النسان ..ولكنه ف
ا لوقت ذا ته -ل نراف القا عدة ا لت يقوم عليها -قد أدى إ ل الف ساد اللقي ا لذmريع
الذي تبدو آثاره واضحة ف التمع الغرب ،والذي يهبط بالنسان ف حأة الشهوات إل
د–ر5ك أ ضل mمن ال يوان) :أ/ول#ئ) ك %ك#ال.أ#ن 4ع%ام) %ب ل .ه -م# 4أ ضÍ %ل أ/ول#ئ) ك %ه -م -ال .غ%اف)ل/ون ] .(#سورة
العراف ،الية .[179
وأدى إ ل إف ساد الف طرة الب شرية ب صرفها عن –تو–جAه ها الف طري إ ل ع بادة ا ل.
)ف)ط.ر%ت %اللXه) اXلت)ي ف#ط#ر %النHا س %ع%ل#ي4ه%ا ل %تب4د)يل #ل)خ%ل.ق) اللXه) ذ)#لك %الدsين -ال.ق#ي sم -و%ل#ك)ن Hأ#ك.ث#ر
النHاس) ل ي%ع4ل#م-ون(] .سورة الروم ،الية .[30
ث أفسد فطرة الرجل وفطرة الرأة كليهما بقضية الساواة ،فر–ج*ل ãالرأة ،ونفmرها
من وظيفتها الفطرية ،من البيت والسرة ورعاية النشء ،كما نفmرها من قÆو–امة الرAجل الت
ل ي ستقيم بدونا حال ال سرة ،فتفك كت ال سرة ،وت شرAد الط فال ،وج نح ال حداث،
وانت شر الشذوذ ا لذي أف سد ف طرة الرجل فق تل رجولته ،أو صرفها عن ميلها الف طري..
وذلك ك لmه إل جانب المر والخدرات والرية ،والقلق والنتحار والنون والمراض
النفسية والعصبية.
هذا ول نتحدث بعد عن التأثي اليهودي ف الاهلية العاصرة ،الذي عمAق فيها
كل mمعان الشر ،Aوأفسح له الال ف شت اليادين ،فقد أرجأناه إل فصل مستقل.
وهكذا نصل مع الاهلية العاصرة إل خلصتها الت بدأنا با الديث عنها :تقدmم
هائل ف العلوم الادية والتكنولوجيا والعمارة الادية للرض ،وانتكاسة هائلة ف الانب
الروحي والقيم العنوية اللزمة لياة النسان.
ول كي نف هم أو ضاع الاهل ية العا صرة ع لى ضوء ال سنن الربان ية علي نا أن ن تدبر
م موع ال سنن ا لوواردة ف ال يات التال ية ،ذ لك أن ال سنن الربان ية ل تع مل ف ال غالب
فرادى ،إنا تعمل متمعة ،وخاصAة ف حياة التمعات والشAعوب:
) (1و%ق/ل .ن%ا ا 4هب) ط/وا %بع 4ض-ك/م 4ل)ب%ع 4ض pع%د-و -و%ل#ك /م 4ف)ي ال.أ#ر 4ض) م -س4ت%ق#ر -و%م %ت%اع= )إ ل#ى
ح)ي(] .سورة البقرة ،الية .[36
) (2ك/ل€ا Wن -م)د_ ه%ؤ-لء) و %ه%ؤ-لء) م) ن 4ع %ط#اء) ر%ب sك %و %م%ا ك#ان #ع %ط#اء® ر%ب sك %م%ح 4ظ/ورا.(W
]سورة السراء ،الية .[20
) (3م%ن 4ك#ان #ي-ر)يد -ا.لح%ي%اة #الد_ن4ي%ا و%ز)ي%نت%ه%ا ن-و%ف) sإل#ي4ه)م 4أ#ع4م%ا#له-م 4ف)يه%ا و%ه-م 4ف)يه%ا ل
-يب4خ%س-ون(] .سورة هود ،الية .[15
()47ما يثي السخرية أن الصاروخ الذي كان يمل اسم التحد×ي Challengerقد انفجر بعد ثوان من
إطلقه وقتل كل من كان فيه من البشر.
) (4ف#ل#مHا ن%س-وا م%ا ذ/ك+ر-وا )به) ف#ت%ح4ن%ا ع%ل#ي4ه)م# 4أب4و%اب %ك/ل +ش%ي4ء% pحتHى )إذ#ا ف#ر)ح-وا ب)م%ا
أ/وت-وا #أخ%ذ.ن%اه-م% 4بغ4ت%ة Wف#إ)ذ#ا ه-م 4م-ب4ل)س-ون ،#ف#ق/ط)ع %د%اب)ر -ال.ق#و4م) الXذ)ين %ظ#ل#م-وا و%ا.لح%م4د) -للXه) ر%ب
ال.ع%ال#م)ي(] .سورة النعام ،اليتان .[45 - 44
) (5و%ك#أ#يsن 4م%ن 4ق#ر4ي%ة pأ#م4ل#ي4ت -ل#ه%ا و%ه)ي %ظ#ا)لم%ة/ Iثم# Hأخ%ذ.ت-ه%ا و%إ)ل#ي Hال.م%ص)ي] .(-سورة
الج ،الية .[48
) (6و%ل %يز%ال /الXذ)ين %ك#ف#ر-وا ت-ص)يب-ه-م) 4بم%ا ص%ن%ع-وا ق#ار)ع%ة# Iأو 4ت%ح-ل Íق#ر)يبا Wم)ن 4د%ار)ه)م
ح%تHى %يأ.ت)ي %و%ع4د -اللXه) )إن XاللXه %ل ي-خ4ل)ف -ال.م)يع%اد(] .سورة الرعد ،الية .[31
إذا تدبرنا هذه اليات وهذه السنن تتبي لنا مموعة من القائق حول الاهلية
العاصرة.
فقدر ال للنسان أن ينال ف الرض مستق̈را ومتاعا Xإل حي ،هو قدر عام شامل
للنسان كلmه ،مؤمنه وكافره ،غي متعلmق بالكفر ول باليان ،وإنا متعلmق Yبنوع النسان.
ي-ؤيد هذا قوله تعال عن الفريقي اللذين قدAر ال أن ينقسم إليهما البشر نتيجة
الريAة الت وهبها ال للنسان ،وعدم قهره على الدى كبقية الكائنات/ ) :كل€ا- Wنم)د_ ه%ؤ-لء
و %ه%ؤ-لء) م) ن 4ع %ط#اء) ر%ب sك %و %م%ا ك#ان #ع %ط#اء® ر%ب sك %م%ح 4ظ/ورا(] .سورة السراء ،الية .[20
فعطاء ال -من حيث البدأ -مبذول للفريقي :الؤمني والكفار ،غي مظور على واحد
منهما .والعطاء شامل غي مدAد ،فهو يشمل كل ما وهبه ال للنسان من هواء يتنفسه،
وماء يشربه ،وطعام يأكله ،وخ–لÅق‡ ف أحسن تقوي ،وأدوات معينة على مهمة اللفة ف
الرض ،وتسخي لا ف السموات والرض لصال النسان لكي تكون حياته على الرض
مكنة ومستقرAة ومتوية على قدر من التاع..
والتمك ي ف ا لرض لون من أ لوان ال ستقرار وال تاع ا لذي وه به ا ل للن سان
عامة ،وجزء من العطاء الذي ت-قرAر الية الكرية أنه مبذول لؤلء وهؤلء ..أي للمؤمني
والكفار.
بل إن إحدى اليات الت استشهدنا با ت-قرAر حقيقة تبدو عجيبة لول وهلة ،لنا
ت بدو ف ال ظاهر متناقضة لا نتصوره نن -دون تع مق -من أ مر ال سنن الربان ية ا لت
يريها ال ف حياة البشر ،إذ تقرر هذه الية أن الك فmار حي –ن س-وا ما ذ” كÝر-وا به -أي
–ن س-وا ما ن-زAل علي هم من ا لوحي ع لى يد النب ياء والر سل -ف تح ا ل علي هم أ بواب كل
شيء ،ومكmن لم ف الرض!
)ف#ل #مHا ن %س-وا م%ا ذ /ك+ر-وا ب) ه) ف#ت%ح 4ن%ا ع%ل#ي4ه) م 4أ #ب4و%اب %ك /ل +ش%ي4ء ] .(..pسورة النعام،
الية .[44
نتصور لول وهلة أن هذا مناقض لوعيد ال للكفار بالتدمي عليهم ،ووعده -
ع لى الع كس من ذ لك -ب نح التمك ي لل مؤمني ا لذين يع بدون ا ل حق ع بادته ول
خل)ف#نHه-م 4ف)ي ال.أ#ر4ض ي-شركون به) :و%ع%د %اللXه -الXذ)ين %آم%ن-وا م)ن4ك/م 4و%ع%م)ل/وا الصHال)ح%ات) ل#ي%س4ت4 %
ك #م%ا ا س4ت%خ4ل#ف %ا لXذ)ين %م) ن 4ق#ب4ل)ه) م 4و#%لي-م%ك+ن %ن Hل#ه -م 4د)ين%ه -م -ا لXذ)ي ار4ت%ض%ى ل#ه -م 4و%ل#ي -ب%دsل#نHه-م 4م)ن
%بع4د) خ%و4ف)ه)م 4أ#م4نا Wي%ع4ب-د-ون%ن)ي ل -يش4ر)ك/ون #ب)ي ش%ي4ئا(] .سورة النور ،الية .[55
ولكن هذا التناقض الظاهري -ف تصورنا -يزول حي -نن5عÆم النAظر ف اليات،
ونزداد تعرفXا على السنن الربانية.
إن ا ل ج ل mوعل ل ي ظر الع طاء ا لدنيوي ع لى الكفار اب تداء ،بل بذله -ك ما
رأينا -لكل الفريقي الكافر والؤمن سواء ،ومن العطاء التمكي ف الرض كما سبق
القول .وبيان ذلك أن الدنيا ل تساوي عند ال جناح بعوضة ،فهو ي-عطي منها الكافر،
لوانا عليه سبحانه وتعال ،أما الخرة فيدخرها للمؤ5مني وحدهم.
يقول صلى ال عليه وسلم " :لو كانت الدنيا تعدل عند ال جناح بعوضة ما
س%ق#ى الكافر %منها ش%ر4ب%ة #ماء.(48) " p
وي قول صلى ا ل عل يه و سلم " :إن ا ل ي-ع طي ا لدنيا لن أح ب mو من ل ي-ح ب،m
ولكنه ل ي-عطي الخرة إ €ل لن أحب.(49) " H
وإل هنا يزول جزء من العجب الذي يعترينا لول وهلة ،حي نرى ال يبذل
شيء " وهم كفار.
للكفار من عطائه ،ويفتح عليهم " أبواب ك +ل ‡
لقد كان السبب ف عجبنا هو نظرتنا إل الدنيا ،وإل التمكي فيها ،بعي الكبار
والعظام ،كأنا غاية الغايات الت خلق النسان لتحصيلها ..فإذا علمنا هوانا على ال،
وانا ل ت-ساوي عنده –جن–اح– ب–ع-وض–ة ،تطامن إكبارنا وإعظامنا لا ،وزال عجبنا -أو جزء
من عجبنا على القل -من كون ال يفتح أبوابا للكافرين العاندين الارجي على طاعة
ال.
ث يزول ما بقي من عجبنا حي نعلم أمرين آخرين يري بما قدر ال وسنته،
ووعده ووعيده.
المر الول أن من سننه الارية سبحانه وتعال أن يلي للكفار ف الرض قبل
أن يدمر عليهم% ) .و ك#أ#يsن 4م %ن 4ق#ر 4ي%ة pأ#م4ل#ي 4ت# -ل ه%ا و%ه) ي %ظ#ال) م%ة Iث /م Hأ #خ%ذ.ت-ه%ا و)%إل #ي Hال.م %ص)ي.(-
]سورة الج ،الية .[48
) %ول#ق#د) اس4ت-ه4ز)ئ %ب)ر-س-ل pم)ن 4ق#ب4ل)ك %ف#أ#م4ل#ي4ت -ل)لXذ)ين %ك#ف#ر-وا ث/م# Hأخ%ذ-.ته-م 4ف#ك#ي4ف %ك#ان
ع)ق#اب(] .سورة الرعد ،الية .[32
وظاهر من هذه اليات وأمثالا ف القرآن أن الملء ييء " بالفاء " والخذ يأت
مع " ث " أي أن الملء يأت مباشرة بعد التكذيب ،وأما الخذ فيأت على الدى ،با يشي
إل أن الملء قد يطول مع الكفر والتكذيب!
وا لمر ال ثان أن هذا ا لملء للك فار ا لذي ي شمل التمك ي لم ف ا لرض،
وفتح أبواب كل شيء عليهم إل حي -يطول أو يقصر -يصحبه ويلزمه حرمانم
من ثواب الخرة ،وصيورتم إل النار:
()50يقول تعال عن النمرودã) :ألãم 5ت–ر– إÆلãى الÛذÆي ح–اج* إÆب5ر–اهÆيم– فÆي ر–ب×هã Æأن Åآت–اه -اللÛه -الÅم-لÅك–( أي بسبب أن
ال آتاه اللك! )سورة البقرة.(258 :
)م %ن 4ك#ان- #ير) يد -ا.لح %ي%اة #ا لد_ن4ي%ا و%ز)ين%ت %ه%ا ن-و%ف) sإل#ي4ه) م# 4أع 4م%ا#له-م 4ف)ي ه%ا و%ه -م 4ف)ي ه%ا ل
-يب4خ%س-ون ،#أ/ول#ئ)ك %الXذ)ين %ل#ي4س %ل#ه-م 4ف)ي ال.آخ)ر%ة) )إلXا النHار -و%ح)%بط #م%ا ص%ن%ع-وا ف)يه%ا و%ب%اط)ل Iم%ا
ك#ان-وا ي%ع4م%ل/ون(] .سورة هود ،اليتان.[16 - 15 :
) %و ي%و4م %ي-ع4ر %ض -ا لXذ)ين %ك #ف#ر-وا ع %ل#ى ال نHار) #أذ.ه%ب4ت -م 4ط#ي sب%ات)ك/م 4ف)ي ح %ي%ات)ك/م -ا لد_ن4ي%ا
و%اس4ت%م%4تع4ت-م 4ب)ه%ا ف#ال.ي%و4م- %تج4ز%و4ن #ع%ذ#اب %ال.ه-ون) ب)م%ا ك4 /نت-م 4ت%س4ت%ك.ب)ر-ون #ف)ي ا.لأ#ر4ض) ب)غ%ي4ر) ال.ح%ق
و)%بم%ا ك4 /نت-م 4ت%ف.س-ق/ون(] .سورة الحقاف ،الية .[20
فإذا ف”همت هذه القائق كلها ،وع-رفت سنن ال ف هذا الشأن ،ل يعد عجيبا Xأن
يفتح ال أبواب كل شيء على الكفار كلما أوغلوا ف الكفر ،استدراجا Xلم لكي يزدادوا
إثا ،Xوليحملوا أوزارهم كاملة يوم القيامة:
)و%ل ي%ح 4س%ب%ن Hا لXذ)ين %ك#ف#ر-وا #أن Hم%ا ن-م 4ل)ي #له -م 4خ %ي4ر= )لأ#ن4ف /س)ه)م) 4إن Hم%ا ن-م4ل)ي ل#ه -م
)لي%ز4د%اد-وا إ)ث.ما% Wول#ه-م 4ع%ذ#اب= م-ه)ي(] .سورة آل عمران ،الية .[178
) %سن %س4ت%د4ر)ج-ه-م 4م) ن 4ح%ي 4ث /ل ي%ع4ل #م-ون ،#و%أ/م 4ل)ي ل#ه -م 4إ) ن Xك #ي4د)ي م%ت) ي=( ] .سورة
القلم ،اليتان .[45 - 44
حم)ل/وا #أو4ز%ار%ه-م 4ك#ام)ل#ة Wي%و4م %ال.ق)ي%ام%ة) و%م)ن 4أ4 #وز%ار) الXذ)ين- %يض)لÍون%ه-م 4ب)غ%ي4ر) ع)ل.م pأ#ل
)ل)ي4 %
س%ا̀ء م%ا ي%ز)ر-ون(] .سورة النحل ،الية .[25
كما قد يكون من حÆكãم الملء تقيق سنن أخرى من سنن ال ،من بينهما سنة
البتلء للمؤمني ،وتحيصهم ليمحق بم الكافرين:
)أ#ح%س)ب %النHاس -أ#ن- .يت4ر%ك/وا #أن .ي%ق/ول/وا آم%نHا و%ه-م 4ل ي-ف.ت%ن-ون% ،#ول#ق#د 4ف#ت%نHا الXذ)ين %م)ن
ق#ب4ل)ه) م 4ف#ل#ي%ع4ل#م %ن HاللXه -ا لXذ)ين %ص%د%ق/وا و%ل#ي%ع4ل#م %ن Hا.لك#اذ)ب)ي(] .سورة العنكبوت ،اليتان - 2
.[3
ح ص %الل Xه -ا لXذ)ين %آم %ن-وا و%%يم4ح %ق %ال .ك#اف)ر)ين ] .(%سورة آل ع مران ،ال ية
) %ول)ي-مs %
.[141
وقد يكون السبب غياب أهل الق عن الساحة ،الذين يتم بم تقيق سنة التدافع
الت جعلها ال أداة لصلح الرض:
) %و ل#و4ل د%ف .ع -الل Xه) النHا س %ب%ع 4ض%ه-م 4ب)ب%ع 4ض pل#ف #س%د%ت) ال.أ#ر 4ض% -ول#ك) ن Hالل Xه %ذ/و ف #ض4ل
ع%ل#ى ال.ع%ال#م)ي(] .سورة البقرة ،الية.[251 :
فيم لي ا ل للك فار ،إ ل أن يظ هر أ هل ا لق ،وي صبحوا أهل Wلن ير ثوا ا لرض
لتحقيق وعد ال:
) %ول #ق#د 4ك%#تب 4ن%ا ف)ي الز Hب-ور) م) ن% 4ب ع4د) الذ+ك.ر) أ #ن Xال.أ#ر 4ض% %ير)ث /ه%ا ع) ب%اد)ي %ال صHال)ح-ون.(#
]النبياء .[105
وهذا المر الخي بالذات قد يكون أقرب تفسي لحوال العال العاصر ،وتكي
الاهل ية العا صرة ،ب سبب غ ياب أ هل ا لق عن ال ساحة ،وغ ياب الن هج الر بان عن
التطبيق.
على أن المر ل يتم بجرد الكفر ..أي أنه ليس مرد كفر الكافرين هو الذي
يؤدي إل تكينهم ف الرض .فإن التمكي له سننه الاصة الت ل بد أن تتوفر له حت
يوجد .وكل شيء إنا يتم بشيئة ال .ولكن مشيئة ال هي الت اقتضت أن تكون للتمكي
أسباب ،وأنه ل بد من اتاذ السباب لكي يتم التمكي.
)م %ن 4ك#ان- #ير) يد -ا.لح %ي%اة #ا لد_ن4ي%ا و%ز)ين%ت %ه%ا ن-و%ف) sإل#ي4ه) م# 4أع 4م%ا#له-م 4ف)ي ه%ا و%ه -م 4ف)ي ه%ا ل
-يب4خ%س-ون(] .سورة هود ،الية .[15
)ي%ا #أي_ه%ا ال.أ)ن4س%ان /إ)نHك %ك#اد)ح= إ)ل#ى ر%بsك %ك#د4حا Wف#م-لق)يه)(] .سورة النشقاق ،الية
.[6
والسباب ف ذاتا ليست هي الت تؤدي إل النتائج بطريقة ذاتية ،إنا يتم ذلك
ب شيئة من ا ل .وإذا ل ي شأ ا ل فإن ا لمر ل ي تم مه ما بذلت ف يه ال سباب ..ول كن
ا لاهليي يه لون ذ لك ،ويتك لون ع لى ال سباب و حدها دون التو كل ع لى ا ل .و من
ال ستدراج ا لذي يفتن هم ا ل به أن يكل هم إ ل ال سباب ا لت يت خذونا ،وينجح ها لم،
فيزدادون فتنة با ،واتكال عليها ،وبعدXا عن ال!
ولكي نوضح هذه القيقة الت تغشى عليها الاهلية العاصرة ،حقيقة أن السباب
ل تفعل بذاتا ،ولكنها تفعل بشيئة ال ،نضرب بعض المثلة:
ودخل الروس أفغانستان وهم واثقون تاما Xمن النصر ،وأن المر لن يستغرق
منهم أكثر من شهور ،نظرا Xلتفوقهم الساحق ف العدد والعدة ،ول يسبوا أي حساب
ل قدر ا ل .ف هم ل يؤم نون بال ا صل ،Xول يؤم نون إل بال سباب الاد ية ،و ف ح ساب
السباب الادية ل تناسب على الطلق بي ما يلكون هم وما يلك الفغان! ث شاء ال
غي ما شاء الروس ،فصمد الفغان عشر سنوات كاملة ،واضطر الروس ف النهاية إل
النسحاب دون أن يققوا النصر..
)ق /ل) ا4نظ/ر-وا م%اذ#ا ف)ي ال سHم%او%ات) و%ال.أ#ر 4ض) و%م%ا ت-غ 4ن)ي ال.آيات -و%ال ن_ذ/ر% -عن 4ق#و4م pل
-يؤ4م)ن-ون(] .سورة يونس ،الية .[101
كل! ليست السباب هي الت تؤدي بذاتا إل النتائج إل أن يشاء ال .ولكن ال
يستدرج الكفار -جزاء كفرهم وإعراضهم -فيكلهم إل السباب الت يتخذونا ..حت
تلكهم السباب ف النهاية!
ولكن هناك حقيقة واقعة من الانب الخر هي أنه ل يكن أن يتم التمكي بغي
اتاذ السباب ..ل للكفار ول للمؤمني.
)م %ن 4ك#ان- #ير) يد -ا.لح %ي%اة #ا لد_ن4ي%ا و%ز)ين%ت %ه%ا ن-و%ف) sإل#ي4ه) م# 4أع 4م%ا#له-م 4ف)ي ه%ا و%ه -م 4ف)ي ه%ا ل
-يب4خ%س-ون(] .سورة هود ،الية .[15
) %وم%ن- 4ير)د 4ث#و%اب %الد_ن4ي%ا -نؤ4ت)ه) م)ن4ه%ا(] .سورة آل عمران ،الية .[145
) %وم%ن 4ك#ان #ي-ر)يد -ح%ر4ث #ال _دن4ي%ا ن-ؤ4ت)ه) م)ن4ه%ا و%م%ا #له -ف)ي ال.آخ)ر%ة) م)ن% 4نص)يب] .(pسورة
الشورى ،الية .[20
فحي أخبهم سبحانه أنه قدر لذا الدين أن يكmن ف الرض ،وأن الكافرين لن
يقدروا على موه من الرض كما تنوا ف دخيلة أنفسهم ،أمرهم ف الوقت ذاته باتاذ
السباب لكيل يتواكلوا اعتمادا Xعلى وعد ال بالتمكي لدينه:
)و%ل ي%ح 4س%ب%ن Hا لXذ)ين %ك #ف#ر-وا س%ب%ق/وا )إنHه -م 4ل -يع4ج)ز-و ن ،#و%أ #ع)د_وا #له -م 4م%ا ا س4ت%ط#ع4ت-م
م)ن 4ق/وHة(] .سورة النفال ،اليتان .[60 - 59
وحي خدعتهم السباب فقالوا :لن نغلب اليوم من قلة ،قدر لم الزية لينتبهوا
إل أن السباب ل تؤدي بذاتا إل النتائج:
) %وي%و4م %ح-ن%ي4ن pإ)ذ .أ4 #عج%ب%ت4ك/م 4ك. #ثر%ت-ك/م 4ف#ل#م 4ت-غ4ن) ع%ن/ 4كم 4ش%ي4ئا% Wوض%اق#ت 4ع%ل4 #يك/م -ا.لأ#ر4ض
)بم%ا ر%ح%-بت/ 4ثم HوX%لي4ت-م 4م-د4ب)ر)ين(] .سورة التوبة ،الية .[25
إنا وجههم أن يتخذوا السباب ويتوكلوا على ال ف ذات الوقت ،فتتم لم عدة
النصر:
والعزية تتضمن اتاذ السباب فإنا ل تكون عزية صادقة بغي ذلك.
ال فرق ا لول :أن تك ي ال ستدراج تك ي مؤقت مه ما طالت مدته ،وينت هي
دائما Wبالدمار ..بينما تكي الرضا متد حت يغي الناس ما بأنفسهم ،وييدوا عن الطريق،
فيزيل عنهم التمكي ..فإن ل يغيوا ما بأنفسهم امتد لم التمكي.
يقول ال عن الكفار:
)ف#ل #مHا ن %س-وا م%ا ذ /ك+ر-وا ب) ه) ف#ت%ح 4ن%ا ع%ل#ي4ه) م# 4أ ب4و%اب %ك /ل +ش%ي4ء pح %تHى )إذ#ا ف#ر) ح-وا )ب م%ا
أ/وت-وا #أخ%ذ.ن%اه-م% 4بغ4ت%ة Wف#إ)ذ#ا ه-م 4م-ب4ل)س-ون ،#ف#ق/ط)ع %د%اب)ر -ال.ق#و4م) الXذ)ين %ظ#ل#م-وا و%ا.لح%م4د) -للXه) ر%ب
ال.ع%ال#م)ي(] .سورة النعام ،اليتان .[45 - 44
)ذ#ل)ك %ب)أ#ن XاللXه %ل#م 4ي%ك -م-غ%يsرا) Wنع4م%ة# Wأن4ع%م%ه%ا ع%ل#ى ق#و4م pح%تHى -يغ%يsر-وا م%ا ب)أ#ن4ف/س)ه)م.(4
]سورة النفال ،الية .[53
والفرق الثان أن " أبواب كل شيء " الفتوحة على الكفار حي يوغلون ف
الكفر ،هي أبواب التمكي الادي وحده ،ولكن هناك بابي ل يفتحان على الكفار أبدا
لن ال حرمهما على الكافرين :باب البكة ،وباب الطمأنينة ،وها بابان يفتحهما ال
على الؤمني فحسب:
) %ول#و 4أ#ن# Xأه4ل #ا.لق/ر%ى آم%ن-وا و%اتHق#و4ا #لف#ت%ح4ن%ا ع%ل#ي4ه)م% 4بر%ك#ات pم)ن %السHم%اء) و%ال.أ#ر4ض)(.
]سورة العراف ،الية .[96
)ا لXذ)ين %آم%ن-وا و%%تط.م%ئ)ن_ ق/ل/وب-ه-م 4ب)ذ)ك.ر) اللXه) أ#ل ب)ذ)ك.ر) الل Xه) ت. %طم%ئ)ن_ ا.لق /ل/وب.(-
]سورة الرعد ،الية .[28
ولفظ البكة ل ينحصر مع ناه ف الرخاء الادي ..إنه أوسع وأشل ..بل نكاد
نقول إنه ليس الرخاء الادي أساسا - Xوإن شله -إنا هو شيء ما ف حياة الناس يعلها
مباركة طيبة وضيئة شفيفة عالية نظيفة تستروحها النفس.
فالث قة التباد لة ب ي ال ناس نوع من الب كة .وا لب الت بادل نوع من الب كة.
والتعاون على الب والتقوى نوع من البكة .وغية كل إنسان على عرض أخيه نوع
من البكة .والفاظ على القيم العليا ف التمع نوع من البكة .والرص على صلت
الرحم نوع من البكة .وكفالة القادرين لغي القادرين نوع من البكة .وطلب العلم
لنفع الناس نوع من البكة ..ومئات ومئات من الشاعر والعمال تمعها هذه اللفظة
الفردة ،الت يفيض ال عليها من رحته فيجعلها " بركات ".
أ ما الطمأني نة ،فا سأل عن ها ا لائفي القلق ي ا لائرين ال ضطربي التوج سي
الرهقي العصاب من القلق والوف والتوجس ..إنم يعرفون جيدا Xما يبحثون عنه ..إنم
يبح ثون عن الطمأني نة! وا ل يبي لم ال باب ا لذي يؤدي إليها) :أ#ل ب)ذ)ك.ر) الل Xه) ت%ط.م%ئ)ن
ال.ق/ل/وب(] .سورة الرعد ،الية .[28
أما الرح النون الذي تغرق فيه الاهلية العاصرة ف لظات " النفلت " ..ف
الرا قص والل هي والا نات وع لب الل يل فل يس دليل Xع لى ال سعادة ،بل هو أ حرى أن
يكون دليل Wعلى فقدانا ،وماولة التعويض الفتعل عن الواء النفسي الناشئ من فقدانا.
)ل#ه-م 4ق/ل/وب= ل ي%ف.ق#ه-ون) #به%ا و%ل#ه-م# 4أع4ي-ن= ل -يب4ص)ر-ون) #به%ا و%ل#ه-م 4آذ#ان Iل %يس4م%ع-ون
)به%ا أ/ول#ئ)ك %ك#ال.أ#ن4ع%ام) %بل .ه-م# 4أضÍ %ل أ/ول#ئ)ك %ه-م -ال.غ%اف)ل/ون(] .سورة العراف ،الية .[179
يقول تعال) :و%ل %يز%ا ل /ا لXذ)ين %ك #ف#ر-وا -ت ص)يب-ه-م) 4ب م%ا ص%ن%ع-وا ق#ار) ع%ة Iأ#و% 4تح -ل Íق#ر)يبا
م)ن 4د%ار)ه)م% 4حتHى ي%أ.ت)ي %و%ع4د -اللXه(] .سورة الرعد ،الية .[31
إنا نذر ربانية ل تزال تصيب الكفار حت يأت التدمي النهائي الذي توعد ال به
العاندين الستكبين ..وما أكثرها ..وما أقل العتبار.
كان يكفي " اليدز " ليوقظ قلوب الغافلي ويفتح بصائرهم ..إنه قارعة بكل ما
تمله اللفظة من معان .وهو ينتشر وينتشر ،وهم ف هلع منه ،ول يستطيعون وقفه عن
النتشار.
وكان يكفي ما يهدد غلف الوزون ،وما يهدد به التغي الواقع به من حدوث
طوفان كطوفان نوح..
وكان يكفي الفساد ذاته ،الادث على وجه الرض ف كل اتاه ليد الناس إل
ربم:
)ظ #ه%ر %ال.ف #س%اد -ف)ي ال.ب%ر sو%ال.ب %ح4ر) ب) م%ا ك #س%ب%ت# 4أ ي4د)ي النHا س) )ل ي-ذ)يق#ه-م 4ب%ع 4ض %ا لXذ)ي
ع%م)ل/وا ل#ع%لXه-م 4ي%ر4ج)ع-ون(] .سورة الروم ،الية .[41
كان يكفي هذا كله ليوقن الناس أن سنن ال ماضية ف حياتم ،وأنم ليسوا
ناجي منها مهما خيل إليهم أنم ناجون ،ومهما ظنوا أنم قادرون ،وأنم عالون!
لقد قال قارون من قبل حب عاتبه قومه) " :إنHم%ا أ/وت)يت-ه -ع%ل#ى ع)ل.م pع)ن4د)ي "! تاما
كما تقول الاهلية العاصرة .وقال ال#) :أو%ل#م 4ي%ع4ل#م# 4أن XاللXه %ق#د# 4أه4ل#ك %م)ن 4ق#ب4ل)ه) م)ن %ال.ق/ر-ون
م%ن 4ه-و# %أش%د_ م)ن4ه -ق/وHة Wو%أ#ك.ث#ر -ج%م4عا(] .سورة القصص ،الية .[78
) %حتHى إ)ذ#ا #أخ%ذ#ت) ال.أ#ر4ض -ز-خ4ر-ف#ه%ا و%ازHيHن%ت 4و%ظ#ن# Hأه4ل/ه%ا #أنHه-م 4ق#اد)ر-ون #ع%ل4 #يه%ا #أت%اه%ا
#أم4ر -ن%ا #لي4ل Wأ#و 4ن %ه%ارا Wف#ج%ع%ل.ن%ا ه%ا ح %ص)يدا Wك#أ#ن .ل #م% 4تغ 4ن %ب)ال.أ#م 4س) ك#ذ#ل)ك %ن-ف #صsل /ال.آيات) ل) ق#و4م
%يت%ف#كXر-ون(] .سورة يونس ،الية .[24
وقبل عشر سنوات أو عشرين ل يكن الناس يصدقون أن هذه الاهلية يكن ان
تنهار! وما زال قوم يعتقدون أنا ل يكن أن تبيد أبدا ..Xولكن قوما Xمن عقلء الاهلية
ذاتا بدأوا يرون بوادر النيار.
ومهما يكن النيار بطيئا - Xبسبب ما يبذل أهل الاهلية من جهد ف الفاظ
عليها -فإن النيار سنAة حتمية.
)ف#ه %ل .ي%ن4ظ/ر-و ن #إ)لXا س-نHت %ا ل.أ#وHل)ي %ف#ل #ن% 4تج)د %ل) س-نHت) اللXه) %تب4د)يل Wو%ل #ن% 4تج)د) %لس-نHت
اللXه) %تح4و)يل(] .سورة فاطر ،الية .[43
وال سبب ف الت ستر علي ها ف الا ضي كان خوفهم من أن يؤدي ك شفها إ ل
إحباطها والوقوف ف سبيلها .أما اليوم وقد ملكوا ناصية المر ،وتكنوا من التنفيذ فلم
يعد يضيهم أن تنكشف مططاتم ،بل صاروا يستخدمون كشفها أداة لتخذيل " الميي
" عن م قاومتهم ،إذ يو حون إلي هم أن كل ما خط طوه قد ن فذوه ،فل يق فن أ حد ف
سبيلهم!! ومن ث صاروا هم اليوم الذين ينشرون الكتب الت توي مططاتم ،والت كانوا
يفونا من قبل ويسحبونا من السواق كلما نشرت ،وباصة كتاب " البوتوكولت "،
وكتاب " الكومة الفية " ،وكتاب " أحجار على رقعة الشطرنج "!
وحي نتكلم عن مططاتم ،فل نقصد بطبيعة الال تفاصيل ما يدبرونه -كل
يوم -من مؤمرات و " عمليات " لتنفيذ أهدافهم ،فمن البديهي أن هذه المور يتفظون
بسريتها ،كما تفعل كل دولة أو جاعة من البشر لا أهداف تشى من انكشافها قبل
موعدها .إنا نقصد الهداف العامة الت يطون للوصول إليها ،والسياسة العامة الت
يتبعو نا للو صول إ ل ت لك ال هداف ،وا لت أ صبحت ال يوم من " الع لوم من الوا قع
بالضرورة "!
التوراة هي الكتاب السماوي النل إليهم على موسى عليه السلم )وقد أدخلوا
عليه تريفات عدة(.
والكتا بان م عا Xل ما تأثي قوي ف ت شكيل " النف سية اليهود ية " و " العقل ية
اليهودية " و " الخططات اليهودية ".
وخلصة التوجيه الستمد من الكتابي معا Xأن اليهود شعب متميز عن كل أهل
الرض ،لنه شعب ال الختار ،الذي اختاره ال لزايا معينة تتوفر فيه ول تتوفر ف
غ يه ،وأن من ح قه -إن ل ي كن من واج به -أن ي سود ال عال ك له وي سيطر عل يه،
ويتخذه عبيدا Wله ،مسخرين لقضاء مصاله وتقيق أهدافه.
وربا كان أبرز عبارتي ف التوراة والتلمود ،تشكلن الوضع اليهودي -أو قل
إن شئت " الز مة اليهود ية " -ها قول ال توراة " :وك لم ا لرب ا لله إ سرائيل قائل:X
سأنزل يا إسرائيل ،وأضع السيف ف يدك ،وأقطع رقاب المم وأستذلا لك " .وقول
التلمود " :الميون ) (51هم المي الذين خلقهم ال ليكبهم شعب ال الختار ،وكلما
نفق منهم حار ركبنا حارا Wآخر "!
()51ا لميون هم كل " ا لمم " من غ ي الي هود ،و هي تر جة للكل مة العب ية " جوييم " و قد ن شأت
عندهم من تقسيم البشر إل فئتي ،اليهود من جهة ،وكل المم من غي اليهود من جهة أخرى.
ول قد اخ تار ا ل ب ن إ سرائيل بالف عل ذات يوم ل مل ر سالته ،وف ضلهم ع لى
العالي ،ول يقل ال لنا ف كتابه العزيز -ول ف سنة رسوله صلى ال عليه وسلم -لاذا
اختار بن إسرائيل بالذات لمل الرسالة ،وفضلهم هذا التفضيل ،إل ما يرد من عبارات
عامة ف القرآن الكري ،من مثل قوله تعال) :و%اللXه -ي-ؤ4ت)ي م-ل.ك#ه -م%ن 4ي%ش%اء®(] .سورة البقرة،
الية .[247أو قوله تعال%) :يخ4ت%ص_ ب)ر%ح4م%ت)ه) م%ن% 4يش%اء®(] .سورة آل عمران ،الية .[74
ول جدال ف أن ال قد اختارهم ذات يوم لداء رسالته ،وفضلهم ف وقتها على
عالي زمانم لكمة معينة -علمناها أو جلهناها -ولكن مشكلة هذا الشعب أنه يصر
على أنه ما زال إل هذه اللحظة هو " شعب ال الختار " الذي من حقه أن يقطع رقاب
ا لمم وي ستذلا ،و من ح قه أن " ي ستحمرها " وي سخرها لتنف يذ مآربه ،ر غم الن صوص
الكثية الواردة ف التوراة ذاتا بلعنهم وإعلن الغضب عليهم ،فضل Xعما ورد ف النيل
والقرآن .فقد تكرر ف التوراة ورود هذا التعبي " :وحي غضب الرب على شعبه " ،كما
تكرر ف النيل قول عيسى عليه السلم لليهود " :يا أولد الفاعي! " وقوله لم " :أنتم
شعب صلب الرقبة "!
ول يفوتنا ونن نستشهد بكلمات من التوراة أنا قد حرفت تريفا Xكثيا ،Xغطmى
ع لى ال صل ال نل من ع ند ا ل ،ول كن الست شهاد بت لك الكل مات ف ا لال ا لذي نن
بصدده أبلغ دللة .ذلك أنه على الرغم من أنم حرفوها لتوافق أهواءهم وأمزجتهم فإنم
ل يستطيعوا أن يذفوا منها كل ما ورد فيها من أنباء غضب ال عليهم ولعنه لم.
أما ف القرآن الكري ،كلم ال الق الذي ل يأتيه الباطل من بي يديه ول من
خلفه ،فقد جاء الكلم عن بن إسرائيل مفصل Xف مواضع كثية ،لكمة يعلمها ال ،قد
يكون من بي جوانبها أن ال يعرض على السملي أنباء المة السابقة الت نزل لا كتاب
من ع ند ال ،وأعزها ال بالك تاب النل ،وم كmن لا ف الرض ،فلم ترع الكتاب حق
رعايته ،فنع ال السلطان منها وأذلا ،وحك€م أعداءها ف أمرها .لعل المة السلمة -
وهي المة الثانية الت نزل لا كتاب من عند ال ،وأعزها ال بالكتاب النل ،ومكmن لا ف
الرض -أن تذر الوقوع فيما وقعت فيه المة الول ،فينالا ما نال المة الول من
العقاب ).(52
()52يلحظ أنه رغم هذا التحذير الواضح وقع السلمون ف كثي ما وقع فيه بنو إسرائيل ،ونالم شيء
ما نالم من العقاب ،وإن كان ال ل يكتب عليهم اللعنة الت كتبها على بن إسرائيل ،لنم دائما
يعودون ،ويبعث ال لم على رأس كل قرن من يدد لم أمر دينهم.
ف القرآن الكري ند قصة بن إسرائيل كاملة ومفصلة ،من أول جدهم إبراهيم
عل يه ال سلم إ ل أبي هم يع قوب )إ سرائيل( إ ل يو سف إ ل مو سى -علي هم صلوات ا ل
و سلمه -إ ل اضطهادهم ف مصر على يد الفر عون ،وخلصهم على يد مو سى عل يه
السلم ،ودخولم الرض القدسة من بعد موسى -بعد تقاعسهم وتاذلم عن دخولا
أيام موسى ،وتيههم أربعي سنة ف أرض سيناء -ث التمكي لم ف أيام داود وسليمان
عليهما السلم ،ث كفرهم وطردهم من رحة ال ،وتأذن رب العالي أن يسلط عليهم إل
يوم القيا مة من ي سومهم سوء ال عذاب ..ث موقفهم من م مد صلى ا ل عل يه و سلم
ور سالته ،وإ بائهم ال سلم ) ،(53ور سهم بال ضلل ،ولعن هم إ ل يوم القيا مة ،وتو عدهم
باللود ف النار.
وتيء قصة اختيار بن إسرائيل وتفضيلهم على العالي ف مثل هذه اليات:
) %ول #ق#د% 4نجHي 4ن%ا ب %ن)ي إ) س4ر%ائ)يل #م) ن %ال .ع%ذ#اب) ا.لم-ه) ي) ،م)ن ف)ر 4ع%و4ن) #إن Hه -ك#ان #ع%ا)ل يJا مsن
ال.م -س4ر)ف)ي ،%و%ل #ق#د) اخ4ت%ر 4ن%اه-م 4ع %ل#ى ع)ل .م pع %ل#ى ا.ل ع%ال#م)ي ،%و%آت%ي 4ن%اه-م م sن %ال.آ ي%ات) م%ا ف)ي ه) ب%ل#اء
م_ب)ي( ]سورة الدخان ،اليات .[32 - 30
) ي%ا ب%ن)ي )إ س4رائيل #اذ .ك/ر-وا )نع4م%ت) ي %ال Xت)ي #أن4ع%م 4ت% -عل#ي4ك /م% 4وأ #نsي ف#ضHل.ت-ك/م 4ع %ل#ى
ال.ع%ال#م)ي( ]سورة البقرة ،الية .[47
) %وأ#و4ر%ث .ن%ا ال .ق#و4م %ا لXذ)ين %ك#ان-وا ي-س4ت %ض4ع%ف/ون #م %ش%ار)ق %ال.أ#ر 4ض) و%م%غ%ار)ب %ه%ا اXل ت)ي ب%ار%ك .ن%ا
ف)يه%ا و%ت%مHت# 4كل)م%ت -ر%بsك %ا.لح-س4ن%ى %عل#ى ب%ن)ي إ)س4رائيل #ب)م%ا ص%ب%ر-وا و%د%مHر4ن%ا م%ا ك#ان #ي%ص4ن%ع
ف)ر4ع%و4ن /و%ق#و4م-ه -و%م%ا ك#ان-وا ي%ع4ر)ش-ون( ]سورة العراف ،الية .[137
) و%ل #ق#د 4آت%ي 4ن%ا م-و س%ى ا.لك) ت%اب %و%ق#فXي 4ن%ا م)ن ب %ع4د)ه) ب)الر_ س-ل) و%آت%ي 4ن%ا ع)ي س%ى اب 4ن %م%ر4ي%م
ال.ب%ي sن%ات) %وأ #يHد4ن%اه) -بر-و ح) ا.لق/د -س) #أف#ك/ل Xم%ا ج%اءك/م 4ر %س-ول Iب) م%ا #ل %ت ه4و%ى أ#نف /س-ك/م -ا س4ت%ك.ب%ر4ت-م
ف#ف#ر)ي قا Wك#ذXب4ت-م 4و%ف#ر)ي قا Wت%ق.ت -ل/ون ،#و %ق#ال/وا .ق/ل/وب -ن%ا غ/ل .ف= ب%ل لXع%ن%ه -م -ال لXه ب)ك/ف.ر)ه) م 4ف#ق#ل)يل WمHا
-يؤ4م)ن-ون ،#و#%لمHا ج%اءه-م 4ك)ت%اب= مsن 4ع)ند) الل€ه) م-ص%دsق= ل+م%ا م%ع%ه-م 4و%ك#ان-و.ا م)ن ق#ب4ل /ي%س4ت%ف.ت)ح-ون
ع %ل#ى ا لXذ)ين %ك #ف#ر-وا .ف#ل #مHا ج%اءه-م مHا ع%ر %ف/وا# .ك ف#ر-وا) .ب ه) ف#ل#ع 4ن%ة /ال لXه ع %ل#ى ال .ك#اف)ر)ين ،%ب) .ئ س%م%ا
اش4ت%ر%و4ا) .به) أ#نف/س%ه-م 4أ#ن ي%ك.ف/ر-وا) .بم%ا أ%نز%ل #ال €له -ب%غ4يا Wأ#ن ي-ن%زsل /الل€ه -م)ن ف#ض4ل)ه) ع%ل#ى م%ن ي%ش%اء
م)ن 4ع)ب%اد)ه) ف#ب%آؤ-وا .ب)غ%ض%ب pع%ل#ى غ#ض%ب pو%ل)ل.ك#اف)ر)ين %ع%ذ#اب= م_ه)ي(] .سورة البقرة ،اليات
.[90 - 87
) %و ض-ر)ب%ت 4ع%ل4 #يه) م -الذ +لXة /و%ال.م %س4ك#ن%ة /و %ب%اء®وا )بغ %ض%ب pم) ن %الل Xه) ذ#ل) ك %ب)أ#نHه-م 4ك#ان-وا
ح ق sذ#ل) ك) %ب م%ا ع %ص%و4ا و %ك#ان-وا %يع 4ت%د-ون(. %يك.ف/ر-و ن #بآ ي%ات) الل Xه) و%ي%ق.ت -ل/ون #النHب)ي sي) %بغ %ي4ر) ال% .
]سورة البقرة ،الية .[61
) #كي 4ف %ي %ه4د)ي ال €له -ق#و4مJا ك#ف#ر-وا .ب%ع4د) %إي%ان)ه)م 4و %ش%ه)د-وا# .أن Xالر Hس-ول #ح %ق -و %ج%اءه-م
ال.ب%يsن%ات -و%الل€ه -ل #ي%ه4د)ي ال.ق#و4م %الظXال)م)ي/ ،%أو4ل#ئ)ك %ج%ز%آؤ-ه-م 4أ#ن Xع%ل#ي4ه)م 4ل#ع4ن%ة #الل€ه) و%ال.م%ل)ئك#ة
و%النHاس) أ4 #جم%ع)ي ،%خ%ال)د)ين %ف)يه%ا ل- #يخ%فXف -ع%ن4ه-م -ا.لع%ذ#اب -و%ل #ه-م 4ي-نظ#ر-ون ،#إ)ل XالXذ)ين %ت%اب-وا
م)ن ب%ع4د) ذ)#لك %و#%أص4ل#ح-وا .ف#إ)ن Xال غ#ف/ور= رHح)يم( ]سورة آل عمران ،اليات .[89 - 86
)ف#ب) م%ا %نق .ض)ه)م مsي ث#اق#ه-م 4و%ك/ف.ر) ه)م ب%آ ي%ات) الل €ه) و%ق#ت4ل)ه) م -ا̀لن)4ب ي%اء )بغ %ي4ر) ح %ق¾ و %ق#و4ل)ه)م
ق/ل/وب-ن%ا /غل.ف= ب%ل .ط#ب%ع %الل€ه -ع%ل#ي4ه%ا )بك/ف.ر)ه) م 4ف#ل #ي-ؤ4م)ن-ون) #إل Xق#ل)يل ،Wو%ب)ك/ف.ر)ه)م 4و%ق#و4ل)ه)م 4ع%ل#ى
م%ر4ي%م %ب-ه4ت%انJا ع%ظ)يمJا ،و%ق#و4ل)ه)م) 4إنHا ق#ت%ل.ن%ا ال.م%س)يح %ع)يس%ى اب4ن %م%ر4ي%م %ر%س-ول #الل€ه) و%م%ا ق#ت%ل/وه -و%م%ا
ص%ل#ب-وه -و%ل #ك)ن ش-بsه# %له -م 4و%إ) ن Xا لXذ)ين %ا 4خت%ل #ف/وا .ف)ي ه) #ل ف)ي ش%ك Õمsن 4ه -م%ا #ل ه-م )ب ه) م) ن 4ع)ل .م pإ)ل
اتsب%اع %ال Xظن sو%م%ا ق#ت %ل/وه% -يق)ي نJا ،ب%ل رHف#ع%ه -الل€ه) -إل#ي4ه) و%ك#ان #الل€ه -ع%ز)يزJا ح%ك)يمJا ،و%إ)ن م sن 4أ#ه4ل
ال.ك) ت%اب) )إل Xل #ي-ؤ4م)ن%ن) Hب ه) ق#ب 4ل #م%و4ت)ه) و %ي%و4م %ال.ق)ي%ا م%ة) %ي ك/ون /ع%ل#ي4ه) م 4ش%ه)يدJا ،ف#ب)ظ/ل .م pم sن %ا لXذ)ين
ه%اد-وا% .حرHم4ن%ا ع%ل#ي4ه)م 4طs#يب%ات pأ/ح)لXت 4ل#ه-م% 4وب)ص%دsه)م 4ع%ن س%ب)يل) ال €له) ك#ث)يJا ،و%أ#خ4ذ)ه)م -الرsب%ا
و %ق#د- 4ن ه-وا .ع%ن 4ه -و%أ#ك.ل)ه) م# 4أ م4و%ال #النHا س) ب)ال .ب%اط)ل) و%أ#ع 4ت4 %دن%ا )لل .ك#اف)ر)ين %م)ن4ه -م 4ع%ذ#ابJا #أل)ي مJا(.
]سورة النساء ،اليات .[161 - 155
ت لك صحيفة جرائم هم ،أو ت لك أبرز " أع مالم ال يدة! " ا لت ا ستحقوا علي ها
اللعنة والطرد من رحة ال .ولكنهم يتشبثون دائما Xبعهد الصطفاء الول ويتشدقون به،
ويغضون ال طرف ع ما أ حدثوا بعده ،ما أدى بم إ ل ا ستحقاق اللع نة إ ل يوم القيامة..
ويزعمون أنم ما زالوا " شعب ال الختار " ،وأن موعوده قائم بالنسبة لم ،فما زال من
حقهم -إن ل يكن واجبهم -أن يقطعوا رقاب المم ويستذلوها لم ،وأن يستحمروا
الميي ويسخروهم لدمتهم.
فهم من جهة يزعمون أنم مضطهدون بغي ذنب ،وأن من حقهم من أجل ذلك
أن ينتقموا من كل البشرية!
ويزعمون من جهة أخرى أنم -بذواتم ،أو بنسهم ،أو بدمهم ،أو بنسبهم -
شعب له ميزات خاصة تؤهله لكم البشرية كلها وإخضاعها!
ومن كلتا " العقدتي " تنطلق مططاته الشريرة لنشر الفساد ف الرض.
فلقد عل موا -من خبتم الطويلة ،ومن تدبر الكتب النلة -أن قوة الن سان
القيقية هي ف عقيدته وأخلقه .وأن النسان صاحب العقيدة والخلق الفاضلة ل يكن
أن " يستحمر " ول أن يسخر للفساد .إنا يستحمر إذا تلى عن عقيدته وأخلقه ،وقد
وصف ال اليهود أنفسهم ،وغيهم من بدل دينه وكفر ،بأنم حر ضالة:
)ف #م%ا ل#ه -م 4ع %ن) ال تHذ.ك)ر%ة) م-ع4ر) ض)ي ،%ك#أH#نه-م 4ح -م-ر= م -س4ت%ن4ف)ر%ة ،Iف#ر Hت 4م) ن 4ق #س4و%ر%ة.(p
]سورة الدثر ،اليات .[51 - 49
)ل#ه-م 4ق/ل/وب= ل ي%ف.ق#ه-ون) #به%ا و%ل#ه-م# 4أع4ي-ن= ل -يب4ص)ر-ون) #به%ا و%ل#ه-م 4آذ#ان Iل %يس4م%ع-ون
)به%ا أ/ول#ئ)ك %ك#ال.أ#ن4ع%ام) %بل .ه-م# 4أضÍ %ل أ/ول#ئ)ك %ه-م -ال.غ%اف)ل/ون(] .سورة العراف ،الية .[179
وإذ أدرك اليهود تلك القيقة ،وكان من هدفهم استحمار الميي ليكبوهم،
ف قد عم لوا جا هدين م نذ بدءوا انراف هم وكفر هم ،إ ل إف ساد ع قائد ال ناس وإف ساد
أخلق هم ب كل الو سائل ا لت تؤدي إ ل الف ساد ،ليظ فروا بدفهم ال شيطان ال شرير ،وا ل
يصفهم ف كتابه النل بالفساد والفساد ،وأن ذلك قد أصبح جبلة فيهم ،ل تزول عنهم
ول يعملون على تغييها.
) %وي %س4ع%و4ن #ف)ي ال.أ#ر 4ض) ف #س%ادا Wو%الل Xه -ل ي-ح) ب_ ال.م-ف .س)د)ين] .(%سورة الائدة ،الية
.[64
) %و ت%ر%ى ك)#ث يا Wم)ن4ه -م- 4ي س%ار)ع-ون #ف)ي ا ل.أ)ث.م) و%ال .ع-د4و%ان) و#%أك.ل)ه) م -ال س_ح4ت %ل#ب)ئ .س %م%ا
ك#ان-وا ي%ع4م%ل/ون(] .سورة الائدة ،الية .[62
)ل/ع) ن %ا لXذ)ين %ك#ف#ر-وا م) ن 4ب %ن)ي إ) س4رائيل #ع %ل#ى )لس%ان) د%او-د %و%ع)ي س%ى اب 4ن) م%ر4ي %م %ذ#ل)ك
)بم%ا ع%ص%و4ا و%ك#ان-وا %يع4ت%د-ون ،#ك#ان-وا ل %يت%ن%اه%و4ن #ع%ن 4م-ن4ك#ر pف#ع%ل/وه -ل#ب)ئ.س %م%ا ك#ان-وا %يف.ع%ل/ون(.
]سورة الائدة اليتان .[79 - 78
وما بنا من حاجة إل مناقشة مزاعمهم الت يبنون عليها وجودهم كله وتطيطهم
كله.
ول قد ا ضطهدهم الن صارى ف أور با ب سبب اعت قادهم أ نم صلبوا ال سيح عل يه
ال سلم ) ،(55و ل يدوا لم صدرا Xحنو نا Xإل ف ال عال ال سلمي ،ف فروا من ال ضطهاد
()54إل فيما يتعلق بالعال السلمي ،فقد أمر السلم بالحسان إ ل الذميي من أ هل الك تاب ونفذ
السلمون المر.
()55نعلم نن السلمي أن السيح عليه السلم ل يصلب ،ولكن هذا ل ينفي عن اليهود جهدهم الذي
بذلوه ف تريض الاكم الرومان على صلبه ،حت أمر بصلبه بالفعل ،لول أن ال رفعه إليه وناه من
الورب إل الندلس السلمية يتمون فيها من الظلم ،وينعمون بالعدل والرية والمن،
ويارسون نشاطهم كله مطمئني.
وحادثة اليهود الربعة الذين ذبوا أحد " الميي " ف عهد ممد علي ،ليعجنوا
بدمه فطية عيد الفصح ،مشهورة معروفة ،فقد كان لا دوي ف العال كله ،بعد اعتراف
الرمي بريتهم ،واستنكار العال كله لا ..ومع ذلك فهم ل يتأثون!
فأما أن منهم نابغي ف مالت متلفة فصحيح) ..وصحيح كذلك ف القابل أن
ف بعضهم بلهة شديدة معروفة ف الطب باسم " العته اليهودي "(.
كيد اليهود.
فدعوى نقاء الدم السرائيلي ل تزيد على أن تكون أسطورة! واليهود ذوو العيون
الزرق والشعر الشقر شاهد ل يكذب على أنه ليس كل اليهود من بن إسرائيل ،فبنو
إسرائيل من النس السامي ،ول يعرف عن النس السامي زرقة العيون ول شقرة الشعر!
ومعظم يهود أوربا -والبولنديي خاصة -وكثي من يهود أمريكا ليسوا من بن إسرائيل،
إنا هم من نسل يهود دولة الزر الت تودت بكاملها ف القرن الثامن اليلدي ،ث تفرقت
ف بلد أوربا إثر عدوان كاسح وقع عليها ف القرن الثالث عشر ،وكلهم ل يكونوا من
بن إ سرائيل ،إنا دخ لوا ف الدين اليهودي ف فترة كانت ا لدعوة اليهود ية فيها قد
ن شطت ،ق بل أن ي قرر الي هود و قف ا لدعوة ،وا عتزال ال عال ،والن في الخت ياري ف "
اليتو " ).(56
إنا يرجع النبوغ ف بعض أفرادهم من طبيعة كونم أقلية مضطهدة ،بصرف النظر
عن سبب اضطهادهم ،فالقلية الضطهدة ف كل مكان ف الرض تكون دائما Xمشحوذة
المة لقاومة الضغط الواقع عليها لفنائها أو سحقها ..فيصل الشحذ عند بعض الفراد
إل النبوغ ،ويكون عند مموع الناس باعثا Xإل النشاط والركة والنتاج ..ول علقة لذا
بالدم أو النس أو النسب أو غيها ما يتشدق به بنو إسرائيل!
ول يوز أن ننسى عامل Xأساسيا Xف القضية ل تفهم القضية بدونه ،هو تقدير ال
أن يب قى هذا ال شعب ول يف ن تت ال ضطهاد ك ما ف ن غ يه من القل يات التاري ية،
لكمة يريدها ال ،قد تظهر بعض جوانبها عند استعراض واقعهم العاصر.
ومن ث اجتمعت ثلثة عوامل تؤدي ف مموعها إل نبوغ بعض الفراد ،وبث
النشاط الدءوب ف الموع .فهم أول Wأقلية ل أمل لا أن تصبح أغلبية عددية ف أي يوم
من اليام .وهم ثانيا Wأقلية مضطهدة لن ال كتب عليهم هذا الضطهاد عقابا Xلم على
سجاياهم الرديئة وأعمالم السيئة .وهم ثالثا Wأقلية قدر ال لا أن تبقى ،فأودع ف نفسها
إرادة قوية للبقاء ،وعزية قوية لقاومة عوامل الفناء ..ول شيء من هذه العوامل الثلثة
يرجع إل النس أو العنصر أو الدم أو النسب ..إنا هو قدر ربان ،وسنن ربانية جارية
كالعادلت الكيماوية ،حيثما وجدت ظروفها أدت إل نتائجها بقدر من ال.
()56را جع ك تاب " الي هود لي سوا ي هودا " تأليف بن يامي فر يدمان وتر جة ز هدي الفا تح ،ط بع دار
النفائس ببيوت الطبعة الثانية 1403ه 1984 /م.
وقد خلص لنا من العرض السابق أن الخطط ف جلته يسعى لفساد عقائد "
ا لميي " وأخلق هم ،باعت بار أن هذا أ نع الو سائل وآ كدها ل ستحمار أولئك ا لميي
وتسخيهم لشعب ال الختار!
و ف بث نا هذا سنحاول -ب شيء من التف صيل -إبراز أ هم أع مال الف ساد ا لت
قاموا با ف القرن ي ا لخيين با لذات ،باعتبار ها القرن ي ال لذين برزت فيه ما ال سيطرة
الالية لليهود .ولكن هذا ل ينعنا من إشارة سريعة إل أبرز أعمال الفساد الت قاموا با
ف التاريخ الاضي لتحقيق ذات الهداف الشريرة الت يسعون إليها ،ونكتفي بنبذة سريعة
متصرة عما قام به " شاول " لفساد النصرانية ،وما قام به " عبد ال بن سبأ " لاولة
فتنة السلمي عن دينهم ،ونبذة كذلك سريعة متصرة عن تبنيهم لعمال البغاء وإشاعة
الفاحشة ف الرض.
" إنه ينبغي لفهم تعليم يسوع السيح القيقي كما كان يفهمه هو أن نبحث ف
ت لك التفا سي وال شروح الكاذ بة ا لت شوهت و جه التعل يم ال سيحي حت أخف ته عن
البصار تت طبقة كثيفة من الظلم .ويرجع بثنا إل أيام بولس الذي ل يفهم تعليم
السيح ،بل حله على ممل آخر ،ث مزجه بكثي من تقاليد الفريسيي وتعاليم العهد القدي
) .(57وبولس كما ل يفى كان رسول Xللمم ،أو رسول الدال والنازعات الدينية ،وكان
ييل إل الظاهر الارجية الدينية كالتان وغيه ،فأدخل أمياله هذه على الدين السيحي
فأفسده ) .(58وف عهد بولس ظهر التلمود العروف بتعاليم الكنائس .وأما تعليم السيح
ال صلي القي قي فخ سر صفته الل ية الكمال ية ..وإن أولئك ال شراح والف سرين يدعون
()57نشك كثيا Xف أن الفساد الذي أحدثه بولس ف النصرانية كان نتيجة " عدم الفهم " كما يقول
رينان!.
السيح إلا دون أن يقيموا على ذلك الجة ،ويستندون ف دعواهم على أقوال وردت ف
خسة أسفار :موسى والزبور وأعمال الرسل ورسائلهم وتآليف آباء الكنيسة .مع أن تلك
القوال ل تدل أقل دللة على أن السيح هو ال ).(59
" وظهر للوقت معلم آخر عظيم ) (60يعده كثي من الثقات العصريي الؤسس
القيقي للمسيحية ،وهو شاول الطرسوسي أو بولس .والراجح أنه كان يهودي الولد،
وإن كان بعض الكتاب اليهود ينكرون ذلك ) .(61ول مراء ف أنه تعلم على أساتذة من
الي هود ،ب يد أ نه كان متب حرا Xف لهوت يات ال سكندرية اللين ية ..ويت ضح ل كل من ي قرأ
رسائله التنوعة جنبا Xإل جنب مع الناجيل أن ذهنه كان مشبعا Xبفكرة ل تظهر قط بارزة
قوية فيما نقل عن يسوع من أقوال وتعاليم ،أل وهي فكرة الشخص الضحية الذي يقدم
قربانا Xل كفارة عن الطيئة .فما بشر به يسوع كان ميلدا Xجديدا Xللروح النسانية ).(62
أما ما علمه بولس فهو الديانة القدية :ديانة الكاهن والذبح وسفك الدماء لسترضاء الله
" ).(63
أما شاول هذا -أو بولس كما سي فيما بعد -فيوى عنه أنه كان ف مبدأ
حياته من أشد أعداء النصرانية ،ومن أشد العاملي على إيذاء الؤمني با ،والتنكيل بم،
كما يروي هو عن نفسه ف الصحاح الثان والعشرين من سفر أعمال الرسل " :كنت
()58ل يكن الفساد الذي أحدثه بولس ف النصرانية مصورا Xف قضية التان كما يذكر رينان ف هذا
الوضع – وإن كان هذا من الفساد التعمد الذي أحدثه ف دين ال – ولكن الفساد الكب كان ف
تأليه عيسى كما ذكر رينان ف ناية كلمه.
()59عن كتاب " ماضرات ف النصرانية " للشيخ ممد أبو زهرة ،طبع الرئاسة العامة لدارة البحوث
العلمية والفتاء والدعوة والرشاد بالرياض ،سنة 1404ه ،ص .230
()60و صف وي لز ل شاول بالعظ مة هو إ قرار ف قط ب قوة تأثيه ،وبراع ته ف ن شر د عوته .وإل ف قد أ قر
صراحة بأنه بدل دين السيح ،ونشر ديانة جديدة من صناعته الاصة!
()61ل قيمة لذا النكار ولدينا اعترافه هو عن نفسه ف سفر " أعمال الرسل ".
()62لنه كان وحيXا صادقا Xعن ال ،أما ما علمه بولس فهو الديانة الوثنية القدية.
" ()63معال تاريخ النسانية " سبقت الشارة إليه ج ،3ص 705من الترجة العربية.
غيورا Xل -كما أنتم جيعكم اليوم ) - (64واضطهدت هذا الطريق ) (65حت الوت ،مقيدا
ومسلما Xإل السجون رجال Xونساء ،كما يشهد ل أيضا Xرئيس الكهنة وجيع الشيخة،
الذين إذا اخذت منهم رسائل للخوة ف دمشق ،ذهبت لت بالذين هناك إل أورشليم
مقيدين لكي يعاقبوا " ).(66
ولكن سفر العمال يروي عنه ف الصحاح التاسع قصة طريفة ،مفادها أنه " ف
ذهابه حدث أنه اقترب إل دمشق ،فبغتة أبرق حوله نور من السماء ،فسقط على الرض،
وسع صوتا Xقائل Xله :شاول ،شاول :لاذا تضطهدن؟ فقال :من أنت يا سيدي؟ قال :أنا
يسوع الذي تضطهده ،صعب عليك أن ترفس مناخس ،فقال وهو مرتعد متحي :يا رب!
ماذا تريد أن أفعل؟ فقال له الرب :قم وادخل الدينة ،فيقال لك ماذا ينبغي أن تفعل "
).!(67
ومن لظتها صار مؤمنا " Xبالرب " متحمسا Xلتأليه عيسى ،ونشر دعوى ألوهيته
بي الناس!
يقول ال جل شأنه:
) %وإ)ذ .ق#ال #اللXه -ي%ا ع)يس%ى ا4بن %م%ر4ي%م# %أأ#ن4ت %ق/ل.ت %ل)لنHاس) اHتخ)ذ/ون)ي و%أ/مsي %إ)#له%ي4ن) م)ن
د-ون) اللXه) ق#ال #س-ب4ح%ان%ك %م%ا ي%ك/ون /ل)ي أ#ن# .أق/ول #م%ا ل#ي4س %ل)ي )بح%ق Õإ)ن .ك/ن4ت -ق/ل.ت-ه -ف#ق#د 4ع%ل)م4ت%ه
%تع4ل#م -م%ا ف)ي %نف.س)ي و%ل أ#ع4ل#م -م%ا ف)ي %نف.س)ك) %إنHك# %أن4ت %ع%لXام -ا.لغ-ي-وب) ،م%ا ق/ل.ت# -له-م 4إ)لXا م%ا
#أم%ر4ت%ن)ي ب)ه) #أن) اع4ب-د-وا اللXه %ر%بsي و%ر%بHك/م 4و%ك/ن4ت -ع%ل#ي4ه)م 4ش%ه)يدا Wم%ا د-م4ت -ف)يه)م 4ف#ل#مHا ت%و%فXي4ت%ن)ي
ك/ن4ت %أ#ن4ت %الرHق)يب %ع%ل#ي4ه)م 4و#%أن4ت %ع%ل#ى ك/ل +ش%ي4ء pش%ه)يد(] .سورة الائدة ،اليتان - 116
.[117
ول ندري نن ما الذي حدا بالنصارى إل تصديق تلك القصة الفتعلة الت رواها
بولس عن ت لي " ا لرب " له و هو ف طري قه إ ل دم شق لي قاع ال عذاب بالؤمني
بالنصرانية .فإن كانت شهادة برنابا له -وهو من حواريي السيح عليه السلم -وماولة
()64ياطب اليهود.
()65طريق النصرانية.
()66عن كتاب " ماضرات ف النصرانية " ص .88
()67الرجع السابق ،الصفحة نفسها.
إقناع الواريي بصدق إيانه ،فإن برنابا قد اختلف معه فيما بعد لا تبي له زيف دعواه،
وكانت نقطة الفتراق بينهما هي قضية تأليه عيسى كما يتبي من إنيل برنابا نفسه.
ومه ما ي كن من أ مر الن صارى ح يال بولس ،فا لذي نراه نن -من منظور نا
السلمي -أنا قصة اخترعها ذلك اليهودي ليغطي على الؤامرة الت اعتزم تنفيذها ،وهي
التظاهر بالدخول ف الدين الديد ليكيد له من الداخل ،ويصرفه عن حقيقته الربانية
ا لت نزل با ،إ ل دين آ خر مرف ،ف ماو لة له لب طال مفعول هذا ا لدين ف تصحيح
عقائد " الميي " وتعبيدهم ل وحده ل شريك له ،لا يعلم من مقاومة الدين القيقي
لخططات اليهود الشريرة الت يسعون با إل نشر الفساد ف الرض.
والذي يشجعنا على هذا الظن أن لذا اليهودي أخا Xآخر ف اليهودية ،جاء بعده
بقرابة سبعة قرون ،ياول ذات الاولة مع السلم ،فيتظاهر بالدخول ف الدين الديد
ليكيد له من الداخل ،وياول صرفه عن حقيقته الربانية إل دين آخر مرف ،يؤله فيه
واحد من البشر هو علي Aبن أب طالب كرم ال وجهه ،ليكون إلXا مع ال!
" يرد ف تاريخ الطبي ويتابعه ابن الثي ف أحداث سنة 35ه أن ابن سبأ كان
يهودي¾ا من أهل صنعاء ،وأنه أسلم زمن عثمان ،وأخذ ينتقل ف بلدان السلمي من قطر
لخر ماول Xضللتهم ،فابتدأ بالجاز ،ث البصرة ،فالكوفة ،ث الشام ،فلم يقدر على شيء
فيها ،فأتى مصر واستقر با ،وطابت له أجواؤها " ).(68
ولقد كاد اليهود للسلم منذ مقدم رسول ال صلى ال عليه وسلم إل الدينة -
بل قبل ذلك -وحاولوا بكل قوتم أن يقفوا نوه ،ويفتنوا الناس عنه بالتشكيك ف صدق
نبوته صلى ال عليه وسلم ،والتشكيك ف صدق الوحي ،والتفريق بي الؤمني ،ونشر
الراجيف ف الدينة ،بل حاولوا قتل الرسول صلى ال عليه وسلم بدس السم له ف ذراع
ال شاة مرة ،وماو لة إل قاء ال جر عل يه مرة ..و حالفوا ال شركي وال نافقي وأل mبوهم ع لى
السلمي ..ونقضوا العهود ليخذلوا السلمي ..فلما م كmن ال لدينه على الرغم من كل
ماولتم ،سكتوا ظاهرا Wوهم يضمرون القد ف قلوبم ،ث لأوا إل التظاهر بلسلم
()68عن كتاب " عبد ال بن سبأ وأثره ف إحداث الفتنة ف صدر السلم " تأليف سليمان بن حد
العودة ،دار طيبة ،بالرياض ،ص .46
ليك يدوا له من ا لداخل ..و كان ع بد ا ل بن سبأ وا حدا Xمن أولئك ا لذين ت ظاهروا
بالسلم من أجل الفتنة والتخريب على الؤمني.
ما أشبه ا بن سبأ بأخيه شاول! وإن كانت الن تائج ا لت توصل إليها كل منه ما
تتلف عن الخر!
إنا يرجع إل أن الدين الذي سعى شاول إل تزييفه ل يكن له كتاب مفوظ
ير جع إل يه ،بينما الدين الذي حاول ابن سبأ إفساده كان له كتاب مفوظ ،تكفل ال
بفظه:
)إ)نHا %نح4ن -ن%زHل.ن%ا الذ+ك.ر %و%إ)نHا #له# -لح%اف)ظ/ون] .(#سورة الجر ،الية .[9
ومن ث ل يستطع ابن سبأ -برغم كل الكيد البيث الذي قام به -أن يفسد
أ صل ا لدين ،وإن كان قد جر إل يه عددا Xمن ال فرق ال ضالة ما زا لت تتب عه حت ال يوم،
ولكنها قلة قليلة بالنسبة لموع السلمي الذين يؤمنون بالتوحيد ،بينما استطاع شاول أن
ينسي الناس حقيقة التوحيد ف دين ال النل على عيسى عليه السلم ،ويستبدل به دينا
يقبل التعدد ف ذات الله ،وإن حاول أن يضفي عليه ثوب التوحيد.
()69راجع ف هذا الشأن الرجع السابق لسليمان العودة وهو من أجود ما ك”تب ف الوضوع.
* أما دورهم ف نشر الفاحشة ف الرض فربا كان خي مرجع فيه هو كتابم "
القدس! " الذي حوى من ألوان الفحش ما يتقزز منه الشخص العادي ،وما يعاب على
الكتاب الابطي أن يهبطوا لثله ،والنكى من ذلك نسبتهم كل ألوان الرائم الفاحشة
إ ل أنب يائهم! حت تكت سب ت لك ا لرائم صفة " ال شرعية " وت صبح جزءا Wمن من هج
حياتم!
فإذا أضيف إل ذلك ما جاء ف التلمود من النظر إل " الميي " على أنم دواب
ف صورة بشرية ،وليسوا بشرا Xحقيقيي ،وأن ارتكاب الفاحشة مع المية ل يدخل ف
باب الظور أصل (!) Xاستطعنا أن نفهم " مذهبهم " ف نشر الفاحشة وطريقتهم كذلك!
فاليهودية يكن أن ت-فÅس–د– إذا كان وراء ذلك " مصلحة " لشعب ال الختار ،والمية يكن
أن تفسد بل حرج لتحقيق " الصلحة " كذلك لشعب ال الختار..
ولفترة طويلة من التاريخ كان اليهود يتبنون البغاء ف الدن الوربية ،يتذبون
إليه الغنياء من الريف ،سواء õأمراء القطاع أو من حولم ،لينفقوا الموال الرام فيما
حرم ال من ال ثام ،لتنتقل ت لك ا لموال من جيوب أولئك الغنياء الفساق إ ل ج يوب
الراب ي الي هود ..حت إذا اح تاجوا إ ل مز يد من ا لال أقر ضوهم بالر با ،و سلبوهم بذلك
أرضهم وأموالم بالضافة إل ما يسلبونه من " الخلق "!
ومع ذلك كله فقد ظل كيد اليهود قرونا Xطويلة مدود الثر ف إفساد " الميي "
حت جاء العصر الديث!
فإذا أردنا أن ندد تلك الحداث البارزة والنحنيات الواضحة بالنسبة لسيطرة
اليهود الالية ،فسنجد بادئ ذي بدء حالة النفور من الدين ،الت أحدثها طغيان الكنيسة
ورجال الدين )مع سد الطريق أمام التأثي السلمي الذي كان وشيكا Wأن ي-د) 4خل #أوربا
ف السلم( ،وسنجد بعد ذلك أحداث الثورة الفرنسية ،والثورة الصناعية ،وما يكن
أن نطلق عليه الثورة الداروينية ..وكلها أحداث استغلها اليهود على نطاق واسع لتنفيذ
الخطط الشرير.
إن اليهود يزعمون أنم هم صانعو أحداث التاريخ! ويكاد " وليم كار " صاحب
كتاب " أحجار على رقعة الشطرنج " أن يقع ف هذا الوهم ،من شدة فزعه من التأثي
اليهودي والسيطرة اليهودية!
ولكنا نعلم -يقينXا -أن ال سبحانه وتعال هو الذي -يج5رÆي كل شيء ف الكون
بقدر منه:
)إ)نHا كX /ل ش%ي4ء pخ%ل#ق.ن%اه) -بق#د%ر] .(pسورة القمر ،الية .[49
)و%ك /ل Íش%ي4ء pع) ن4د%ه) -بم) ق.د%ار ،pع%ال)م -ا.لغ%ي 4ب) و%ال شHه%اد%ة) ال.ك#ب) ي -ا.لم-ت %ع%ال)( ] .سورة
الرعد ،اليتان .[9 - 8
ول ينع هذا -ف التصور السلمي -أن يكون للنسان فاعلية ،فقدر ال ذاته
هو الذي قضى بأن تكون للنسان فاعلية ف الياة الدنيا ،ليبتليه ال من خللا:
)إ) نHا خ%ل#ق .ن%ا ا.لأ)ن 4س%ان #م) ن- 4نط .ف#ة pأ#م 4ش%اج pن%ب4ت%ل)ي ه) ف#ج%ع%ل .ن%اه -س%م)يعا% Wب ص)يا ] .(Wسورة
النسان ،الية .[2
) %وإ)ذ .ق#ال #ر%ب_ ك %ل)ل.م%لئ) ك#ة) )إ نsي ج%اع)ل Iف)ي ال.أ4 #ر ض) خ%ل)ي ف#ة ] .(Wسورة البقرة ،الية
.[30
) -هو# %أن4ش%أ#ك/م 4م)ن %ال.أ#ر4ض) و%اس4ت%ع4م%ر%ك/م 4ف)يه%ا(] .سورة هود ،الية .[61
) %و س%خHر %ل#ك /م 4م%ا ف)ي ال سHم%او%ات) و %م%ا ف)ي ال.أ#ر 4ض) ج%م)يعا Wم)ن 4ه ] .(-سورة الاث ية،
الية .[13
واليهود بشر من أولئك البشر الذين خلقهم ال ،لم قدر من الفاعلية ،يزيد أو
ينقص عن غيهم من البشر ،ولكنهم قط ل ينشئون الحداث إنشاء بقوتم الذاتية كما
يزعمون لنفسهم ،وكما يقع ف وهم الفزعي من مططاتم الشيطانية ف العصر الخي
خاصة.
ول أدل على هذه القيقة من أنم يططون ويدبرون منذ أكثر من عشرين قرنا،X
ولكن ناحهم ف مططاتم كان دائما Xناحا Xجزئيا Xخلل التاريخ ،وكانوا يرجون من
أكثر أعمالم خاسرين ،كما خرجوا ف عهد رسول ال صلى ال عليه وسلم **** )،(70
الذي وصل إل حد السيطرة العالية لظروف معينة قدرها ال ،سنشرحها ف هذا الزء من
الفصل ،ل يكن دور اليهود فيها هو النشاء ،إنا كان هو استغللا لصالهم إل أقصى
حدود الستغلل.
ول يرجع هذا إل مزية عنصرية اختصوا با ،إنا هو نتيجة العادلة الثلثية الت
أشرنا إليها من قبل ،والت تشكل حياتم ودوافعهم ووسائلهم .كونم أقلية مقهورة كتب
لا أن تبقى ول تفن تت الضغط لكمة ربانية.
إنم كالوحش الصور داخل الحر ،عيناه دائما Xعلى الارس الذي ينع خروجه
من ال سر ،فإذا آ نس غف لة من ا لارس انط لق ب كل قوته ،منت هزXا فر صة هذه الغف لة،
ومستغل Xلا إل أقصى حد ،قبل أن يفيق الارس من غفلته ويعيده إل السر من جديد.
اللصة هي التربص الدائم من جانبهم ،والغفلة -أو اليقظة -من جانب "
الميي ".
والقرنان الخيان بصفة خاصة كانا فترة غفلة عظيمة من جانب الميي ،لذلك
كانت فترة ناح هائل من جانب اليهود!
بدأت الغفلة -ف أوربا -بالنفور من الدين بسبب فظائع الكنيسة وجرائمها.
)ل#ه-م 4ق/ل/وب= ل ي%ف.ق#ه-ون) #به%ا و%ل#ه-م# 4أع4ي-ن= ل -يب4ص)ر-ون) #به%ا و%ل#ه-م 4آذ#ان Iل %يس4م%ع-ون
)به%ا أ/ول#ئ)ك %ك#ال.أ#ن4ع%ام) %بل .ه-م# 4أضÍ %ل أ/ول#ئ)ك %ه-م -ال.غ%اف)ل/ون(] .سورة العراف ،الية .[179
)إ) ن .ي%د4ع-ون #م) ن 4د-ون) ه) )إلXا )إن%ا ثا% Wوإ) ن .ي%د4ع-ون) #إلXا ش%ي4ط#انا Wم%ر) يدا# ،Wلع%ن %ه -الل Xه -و %ق#ال
#لأ#تHخ)ذ#ن Xم)ن 4ع)ب%اد)ك %ن%ص)يبا Wم%ف.ر-وضا ،Wو%ل#أ/ض)لXنHه-م 4و%ل#أ/م%نsي%نHه-م 4و%ل#آم-ر%نHه-م 4ف#ل#ي-ب%ت/ sكن Hآذ#ان #ال.أ#ن4ع%ام
و%ل#آم-ر%نHه-م 4ف#ل#ي-غ%يsر-ن Xخ%ل.ق %اللXه) و%م%ن 4يH%تخ)ذ) الشHي4ط#ان #و)%ليmا Wم)ن 4د-ون) اللXه) ف#ق#د 4خ%س)ر- %خس4ر%انا
م-ب)ينا ،Wي%ع)د-ه-م 4و%ي% -منsيه)م 4و%م%ا ي%ع)د-ه-م -الشHي4ط#ان /إ)لXا غ/ر-ورا(] .سورة النساء ،اليات - 117
.[120
)ف#إ)ذ#ا ق#ر%أ.ت %ال.ق/ر4آن #ف#اس4ت%ع)ذ .ب)اللXه) م)ن %الشHي4ط#ان) الرHج)يم) ،إ)نHه# -لي4س %ل#ه -س-ل.ط#ان Iع%ل#ى
ا لXذ)ين %آم %ن-وا و%ع %ل#ى ر%بsه) م% 4يت%و%ك Xل/ون) ،#إن Hم%ا س-ل.ط#ان-ه -ع %ل#ى ا لXذ)ين %ي%ت%و %لXو4ن%ه -و%ا لXذ)ين %ه -م 4ب)ه
م-ش4ر)ك/ون(] .سورة النحل ،اليات .[100 - 98
وقد أشرنا ف الفصل السابق إل بعض اللبسات الت أحاطت بأوربا فنفرتا من
دينها ،وسدت الطريق ف الوقت ذاته أمام التأثي السلمي ،ومنعت أوربا من الدخول ف
السلم.
ولسنا نتحدث هنا عن مسئولية الوربيي إزاء هذه اللبسات ،فقد كانوا على
حق كامل ف نفورهم من الدين الرف الذي قدمته لم الكنيسة ،ومن الطغيان البشع
ا لذي مار سته علي هم با سم ذ لك ا لدين .ولكن هم ل يكو نوا ع لى حق ف ن فورهم من
السلم -وإن كانت الكنيسة قد شوهته ف حسهم -فهم يزعمون أن نضتهم قامت
ع لى أ ساس ترر " الع قل " من الق يود ا لت كبل ته با الكني سة ،والنطلق إ ل الب حث
التحرر من القيود .ولو فعلوا ذلك حقا Xلكشفوا زيف ما شنعت به الكنيسة على السلم،
ولعر فوا حقيق ته ودخ لوا ف يه .ول كن " ترر هم " ل يكن تررا Xحقيق̈يا ،إنا هو رد فعل
متطرف لعمال الكنيسة ،نافر من الدين جلة ،غي راغب ف التريث لعرفة الق.
كذلك ل نتحدث هنا عن مسئولية السلمي ف هذا الشأن ،فقد أرجأنا الديث
عن ال سلمي إ ل الف صل ال قادم .وإن ك نا ن قول ف هذه العجا لة إن م سئوليتهم هي
ال سئولية ا لول سواء ف بروز الاهل ية العا صرة أو ف سيطرة الي هود العال ية ،ك ما
سنبي ف الفصل الاص بواقع السلمي.
وأولا -كما قلنا -هو نفور الناس ف أوربا من الدين ..وأي فرصة يكن أن
تسنح لليهود أكب من هذه الفرصة؟!
إن أقصى ما يتمناه اليهود -ويسعون إليه -أن يتخلى الميون عن دينهم! فإذا
كان الميون -لي سبب من السباب -قد تلوا عن دينهم من ذات أنفسهم ،ودون
ج هد من جانب الي هود ،أفل ت كون هذه فر صة عظي مة لم ،ي ستغلونا -ك عادتم ف
استغلل الفرص الت يغفل فيها الميون -فيذهبوا با إل أقصى الدى؟!
وا ستغلوا الفر صة التا حة ،ا لت أتاح ها لم ن فور ا لوربيي من دين هم ،فأ سرعوا
بركوب المر الستنفرة ،الت فرت من قسورة! إن هدفهم الدائم هو استحمار الميي
وتسخيهم لصالهم .وهاهم أولء الميون النصارى قد استحمروا أنفسهم بأنفسهم،
أفل يركب شعب ال الختار؟!
ويزعم اليهود -ويطاوعهم ف هذا الزعم " وليم كار " ف كتاب " أحجار على
رقعة ال شطرنج " -أ نم هم ا لذين أ شعلوا ال ثورة الفرن سية .و هو قول ي مل ن صيبXا من
ا لق ،و قدرا Wكبيا Wمن الغال طة! وال صوب أن ن قول إ نم ا ستغلوا ال ثورة الفرن سية
استغلل XجيدXا لتنفيذ مططاتم وتقيق مصالهم.
إنم هم الذين أشعلوا الثورة الفرنسية -بطبائهم والليا الاسونية النبثة حينئذ
ف أرجاء فرنسا -بعن أنم وضعوا النار ف الوقد القابل للشتعال .ولكنهم ليسوا هم
الذين صنعوا الوقود ..إنا الذي صنع الوقود هو اللبسات الت مرت با فرنسا -وغيها
-من ظ لم الق طاع وطغ يان ر جال ا لدين ..و لول ذ لك -لول و جود الو قود ا لاهز
للشتعال -ما استطاع اليهود أن يصنعوا شيئXا مهما أشعلوا من النيان! بل كانت النار
الت يشعلونا قمينة أن تأكلهم هم أول الأكولي!
و ل ي كن الع جب أن ي ثور ال ناس ضد هذا الطغ يان وذاك ،إ نا كان الع جب أن
يرضخوا لكل الطغياني كل هذه القرون! ومهما يكن من مفاجأة الثورة للطغاة أنفسهم،
الذين ظنوا -كما يظن الطغاة دائما - Xأنم قابضون على ناصية المر ،وأن المر ل يكن
أن يرج من أيديهم أبدا ،Xومهما يكن كذلك من مفاجأة الثورة لبلد أوربا الخرى ،فقد
كان كل ذي ن ظر ثاقب يتوقع أن يدث النف جار ف أ ية ل ظة ،و كان ا لنليز بصفة
خاصة يرقبون المور ف حذر وإشفاق..
وهنا جاء دور اليهود ..بطبائهم الذين ألبوا حاسة الماهي ،ونشاطهم السري
ف الليا الاسونية ،ليشعلوا النار ف ذلك الوقود الاهز للشتعال.
فف ضل Xعن حب الي هود للف ت وال ثورات عا مة -أي ا لالت ا لت ت عم في ها
الفو ضى -ل سهولة الع مل ف و سطها ،و تدمي ما ير يدون من تدميه من م بادئ وق يم
وعقائد ف ظل الضطراب الوار الذي يصاحب الثورات ،بأيسر كثيا Xما لو كانت المور
مستقرة وهادئة.
ف ضل Xعن ذ لك ،ف قد كانت لم أ هداف مبا شرة ،يقق ها لم النف جار ا لذي
أشعل الثورة.
وم صلحة الي هود ف إ ضعاف ن فوذ ر جال ا لدين أو ضح من أن ت تاج إ ل ب يان.
فزوال الدين -بصفة عامة -ييسر استحمار الميي ،الذي يسعى إليه الخطط اليهودي،
وزوال الدين السيحي بصفة خاصة ييسر التخلص من الضطهاد الذي يعانيه اليهود من
رجال الدين ،ومن التديني النصارى عموما ،Xبسبب اعتقادهم أن اليهود تسببوا ف صلب
السيح.
كانت الثورة الصناعية تدق أبواب أوربا ..بأيد كليلة ف مبدأ المر! فلم يكن
ال ناس مقبل ي ول م ستروحي لل ثورة ال صناعية ف م بدأ أمر ها! و كانوا يتوج سون من ها
ويتوقعون من جانبها الشر ..وأ قل الشر مق البكة من حياتم ،لن اللة با مس من
الشيطان )!(71
ولكن اليهود كانوا مقبلي على تلك الثورة بعيون متطلعة ،وقلوب -أو جيوب
-تتلمظ لمع الال! فقد كانوا هم الذين مولوا الثورة الصناعية -كما سيجيء بيانه -
وهم الذين يتوقعون الرباح!
وكان من أكب العقبات أما الثورة الصناعية نظام القطاع ،الذي يبس " العمال
" عن مراكز العمل ف الدن ،وهم عبيد للرض ف إقطاعيات أمراء القطاع.
و كان ل بد للي هود من تط يم الق طاع أول ،Xحت يرر عب يد ا لرض ،و تد
الصناعة حاجتها من العمال ،ينحون إل الدينة بعد أن يتحرروا من القيود ،وينالوا " حق
النتقال " ).(72
و ل ي كن عجي با Xوالا لة هذه أن ي ضعوا كل ثقل هم ف إ شعال الو قود ا لاهز
للشتعال ،الوجه ضد نظام القطاع ،والذي يؤذن بانياره إذا نحت ثورة " الماهي "!
ومع وضوح هذه القائق بالنسبة للثورة الفرنسية ،ومصلحة اليهود ف إشعالا،
فإن ب عض الف توني " بالديقراط ية " ع ندنا -و هي الن ظام ا لذي انب ثق عن ال ثورة -
يستبعدون -أو ل يصدقون أصل - Xأن يكون لليهود مصلحة ف ذلك النظام ،الذي حرر
العب يد -ف ت صورهم -بدافع الن سانية البح تة ،وا لذي م نح ال شعوب ال ستعبدة كرا مة
النسان!
()71كان توجس الناس على حق – رغم سذاجته – فقد مقت الثورة الصناعية البكة من حياة الناس،
ل بسبب التقدم الصناعي ف ذاته ،ولكن بسبب قيام هذا التقدم على قاعدة منحرفة من الصل ،هي
التمرد على ال ،وعبادة الشيطان.
()72ل يكن لعبيد الرض حق النتقال ول حت من القطاعية إل القطاعية الاورة لا إل بإذن من
السيد ،وإذا انتقل بغي إذن السيد اعتب عبدا Xآبقا ،Xوأعيد إل سيده مكبل Xبالغلل!
وهؤلء نقول لم :إن الديقراطية أعطت الشعوب بالفعل حقوقا Xوضمانات ل
تكن لم من قبل ،وإن هذه القوق والضمانات تقق جانبا Xمن الكرامة النسانية ،وتعتب
من أفضل ما تشتمل عليه الاهلية العاصرة من نواحي الي ).(73
ولكن نقول لم مع ذلك إننا يب أن نعل بالنا إل ثلث حقائق ف هذا الشأن:
والقي قة الثان ية :أ نه ل ي كن بد -للي هود من أن يتركوا ال شعوب ت نال هذه
القوق والضمانات -سواء استراحت نفوسهم إليها أم ل تسترح -ف مقابل الكاسب
الضخمة الت كسبوها من وراء تطيم نفوذ رجال الدين وتطيم القطاع ما يعد مكسب
الشعوب إل جانبها شيئا Xتافها Xل يذكر!
والقيقة الثالثة :أن هذه القوق والضمانات ذاتا -بل مسرحية الديقراطية
كلها با فيها من حر يات وضمانات وتث يل برلان ..ال -قد ركب اليهود موجتها،
ووجهوها ف النهاية لسابم الاص ،وجعلوها جزءõا من مططهم الشرير )!(74
كانت الثورة ف أصلها قائمة ضد رجال الدين لطغيانم وإذللم لكيان البشر،
سواء طغ يانم الرو حي أو ا لال أو العق لي ..وم ساندتم ل ظال الق طاع ب كم أ نم هم
أنفسهم من كبار القطاعيي! وكان تطيم هذا الطغيان ضروريا Xلتنطلق الياة ف مسارها
()73قلنا ف الفصل السابق إن الاهليات ل تلو من جوانب خية ،ولكن هذا الي الزئي فيها ل ينفي
عنها جاهليتها ،ول يميها من الدمار.
()74راجع – إن شئت – فصل " الديقراطية " من كتاب " مذاهب فكرية معاصرة ".
الطبيعي ،ولتتقدم الياة وتترقى حي تفك عنها الغلل الت فرضتها الكنيسة وقام على
حراستها رجال الدين.
وكانت فرصة سانة لتصحيح " الدين " بعد إزاحة رجاله الترفي من الطريق،
وهم الذين يأمرون الناس بالب وينسون أنفسهم ،ويدعون الناس للزهد وهم غارقون ف
ترف فاجر يعف عنه الرجل العادي ولو كان من غي التديني!
ولكن اليهود ما كانوا يريدون للناس أن يصححوا دينهم! فهم على العكس من
ذلك يكرهون أن يكون للناس دين ،فضل Xعن أن يكون هو الدين الصحيح ،الذي يأمر
الناس بالعروف وينهاهم عن النكر ويرم عليهم الفساد ف الرض .والدين عامة ،والدين
الصحيح خاصة ،عدوهم الول والكب ،الذي يسعون إل إفساده وتدميه ،لينهار الاجز
الكب الذي يول بينهم وبي تنفيذ مططاتم الشريرة من أول التاريخ إل آخر التاريخ!
لذلك أسرع اليهود بركوب موجة الثورة ليوجهوها حيث يريدون هم ،وحيث
تقتضي " مصالهم " ..فوجهوها ضد الدين ذاته ل ضد رجاله فحسب! وقامت ف أوربا
أول دولة علمانية ل تعل الدين قاعدة لياتا ..وكانت خطوة " إل المام " ف تنفيذ
الخ طط ال شرير ،ما كانوا ليحل موا با بالي سر ا لذي تت به ف ح -م*ى ال ثورة ،وال ناس
مندفعون ف حاسة النتقام ،ل يلوون على أحد ول يبقون على شيء!
وقد أشرنا من قبل إشارة عابرة إل أن اليهود كانت لم " مصال " ف الثورة
الصناعية ،دعتهم إل الشاركة ف تطيم القطاع ،لتحرير عبيد الرض ،وتوجيههم إل
العمل ف الدن ف الصانع.
لقد كانت الصناعة ف حاجة إل تويل ..وكان الال الوفي الذي يكن أن يوAل
الصناعة ف يد فئتي رئيسيتي :رجال القطاع ،والرابي اليهود.
فأما رجال القطاع فقد رفضوا أن يدخلوا اليدان الديد لسباب عديدة .منها
أنم " فلحون " وإن كانوا ل يعملون بأيدهم! والفلح ل يب أن يغامر باستخدام ماله
ف غي الدورة الزراعية الألوفة عنده ،العلومة لديه بكل تفصيلتا ،وكل خطواتا الرتيبة
الوروثة من آلف السني .فإذا أضفنا إل ذلك أن كثيا Xمن الصناعات ل يكن يربح ف
أول المر ،بل كان كثي منها يسر ويفلس ،لسوء الواصلت وقتئذ ،وقلة إقبال الناس
على على الصنوعات اللية خوفا Xمن مق البكة ،وعدم وجود أدوات للعلن ترغب
الناس ف الشراء ..وغي ذلك من السباب ..إذا أضفنا هذه اللبسات فهمنا لاذا أحجم
القطاعيون عن التحول من الزراعة إل الصناعة ،وبقوا يتفرجون على الثورة الصناعية من
بعيد.
وأ ما الرا بون الي هود ف قد أقب لوا ب صدور من شرحة وأ يد pمدودة ..ف قد كانت
بالنسبة إليهم فرصة مواتية ،ل يغيون فيها شيئا Xمن ديدنم الذي اعتادوا عليه ،بل تتسع
دائرة أعمالم اتساعا Xهائل Xعلى نفس الور الذي يدورون حوله ،وهو القراض بالربا!
) %وأ#خ4ذ)ه)م -الرsبا و%ق#د 4ن-ه-وا ع%ن4ه -و%أ#ك.ل)ه)م 4أ#م4و%ال #النHاس) ب)ال.ب%اط)ل) و%أ#ع4ت%د4ن%ا ل)ل.ك#اف)ر)ين
م)ن4ه-م% 4عذ#ابا# Wأل)يما(] .سورة النساء ،الية .[161
أقبل اليهود الرابون على تويل الثورة الصناعية كما قلنا بصدور منشرحة وأيد
مدودة ،تسبا Xللرباح الضخمة الت سيدرها الربا الصناعي عليهم بعد أن كان الربا ف
ال يط ال فردي هو سندهم ا لكب .وبالف عل ا نالت ا لموال وت ضخمت ال يوب و سعى
اليهود إ ل جع ا لذهب ،مع بودهم ال قدي الت جدد ) ،(75و سيطروا من ث سيطرة وا سعة
ع لى ال ياة القت صادية ف ال غرب ،ما أ تاح لم ال سيطرة ع لى و سائل ا لعلم العال ية،
وعلى السياسة العالية كذلك!
ولسنا هنا بصدد ذكر التفاصيل ،بل نكتفي برءوس السائل الت توضح لنا أحوال
العال العاصر ،ومن بينها -أو قل من أبرزها -السيطرة العالية لليهود.
ل قد ت ضخمت ثروا تم عن طر يق الر با ا لرم ..و لا ت صايت الكني سة بأن الر با
حرام ،صاح اليهود ف وجهها -ومعهم " الميون " الستحمرون الذين بدأوا يدورون
مغمضي العي ف دوامة اليهود -إن الصناعة ل تسي إل بذه الطريقة ،وتلك مسألة
اقتصادية ،ول علقة للدين بالقتصاد!
وأصبح من البديهيات -ف حس هؤلء " الميي " -أن الربا هو عماد الياة
القت صادية ا لذي ل ي كن أن ت سي بغ يه ،ول يت صور أن ي كون له بديل! وأن من
يعترض على الربا -الذي هو أساس التقدم القتصادي كله ف وههم -فهو يريد أن
يعطل دورة النتاج ،ويطم التقدم القتصادي ،ويقعد بالناس عند حدود العصر الزراعي
ال تأخر ،وير يد لنف سه وبلده الف قر ..وذ لك فوق ارت كابه جرية أ صلية ،هي انطل قه ف
تفكيه من منطلق " الدين " ..الدين النبوذ الذي ثرنا عليه وحطمناه ،وانفلتنا من أغلله
الائرة!!
وانفتحت لليهود -من خلل الثورة الصناعية -أبواب جديدة للشر ،ل يتوانوا
ف استغللا ،وقد اطمأنوا إل " الغفلة " الت وقع فيها الراس ،حي ألقوا الدين جانبا ،Xبل
فروا منه فرارXا )ك#أ#نHه-م 4ح-م-ر= م-س4ت%ن4ف)ر%ة ،Iف#رHت 4م)ن 4ق#س4و%ر%ة] .(pسورة الدثر ،اليتان - 50
.[51
سهل عليهم أول Wالسيطرة على وسائل العلم ،والصحافة بصفة خاصة.
()75عبد اليهود العجل الذهب الذي صنعه لم السامري ،ث تاب من تاب منهم ف حينها ،وبقيت
عبادة الذهب ل تبارح أجيالم التعاقبة!
فالصحيفة تتكلف كثيا Xف ورقها وطباعتها والجور الت تدفعها لتكوين مادتا
الصحفية سواء كانت إخبارية أو أدبية أو علمية أو ترفيهية ..ال .ولو بيعت بالسعر الذي
يغطي تكاليفها ،ويوفر بعد ذلك ربا Xلصحابا ،لغل ثنها وقل توزيعها وضعف أثرها.
إنا تستمد تأثيها الواسع من رخص ثنها ،وقدرة جهور عريض من الناس على شرائها
وقراء تا .وال باب الوح يد ا لذي يغ طي هذه النف قات ،و يوفر ب عدها أربا حا Xطائ لة ،هو
العلنات..
وأ̈يا كان الفكر الذي فكر ف هذا الباب ،يهود̈يا أو أم̈يا ،فقد أتاح للرأسالية -
ا لت يديرها الي هود مبا شرة أو من طر يق غ ي مبا شر ) - (76أن ت سيطر ع لى ال صحافة،
وتيطها بأغلل ل قبل لا با ..فإما أن " تستقيم " على الدرب الراد لا ،وإما أن تنع
عنها العلنات فتسقط على الفور!
وف لعبة الديقراطية -الت انبثقت عن الثورة الفرنسية ،والت يعجب الستعبدون
للغرب حي نقول إن اليهود لم فيها مآرب متعددة -ف تلك اللعبة تستخدم " الماهي
" أداة سياسية تنفذ عن طريقها مصال الرأسالية ) (77دون وعي من تلك " الماهي " الت
ل ت لك من الثقاا فة ول من ا لبة ول من ال قدرة ع لى التحل يل والت قوي ول من الن ظر
الثاقب ما تؤدي به الهمة القيقية النوطة با -نظر̈يا -ف الديقراطية ،وهي " حكم
ال شعب بوا سطة ال شعب " أو " من ال شعب إ ل ال شعب بوا سطة ال شعب " ك ما ي عب
أصحاب الديقراط ية أحيا نا! ومن ث فع مادهم ا لول ف ت كوين أف كارهم ومواقفهم هو
وسائل العلم الختلفة ،والصحافة ف أولا..
وإذ كان اليهود هم الذين يسيطرون على وسائل العلم بطريق مباشر أو غي
مباشر ،فهم -من ث -الذين يصنعون فكر " الماهي " أو فكر ذلك الذي يسمونه "
ر جل ال شارع " -ع ماد الديقراط ية! -و هي ت سمية واقع ية جدXا ودقي قة جدا ..Xف هو
شخص ليس له موقف ذات ،ول عقيدة تبصره بقائق المور ..يأخذ فكره وموقفه من "
الشارع " الذي تصنعه وتسيطر عليه وسائل العلم..
وعن طريق لعبة " الماهي " تري لعبة " السياسة " ..ويديرها اليهود!
()76عن طريق " البنوك " الت تقرض الؤسسات الصناعية قروضXا ربوية.
()77راجع إن شئت فصل " الديقراطية " ف كتاب " مذاهب فكرية معاصرة ".
إن الديقراط ية -ك ما ق لت ف ك تاب " مذاهب فكر ية معا صرة " -م سرحية
جيلة ،تتوهم الماهي من خللا أنا ذات وزن حقيقي ،وأنا هي الت تسند هذا الزب
أو ذاك لي صل إ ل ال كم .بين ما ا لحزاب كل ها -را ضية أو كار هة -تدور ف ر حى
الرأسالية ،وتنفذ لا أغراضها ،وتقق لا مصالها ،ول يتلف حزب عن حزب إل ف
طريقة التنفيذ!
وليست " الماهي " وحدها بطبيعة الال هي الوسيلة الوحيدة الت يستخدمها
الي هود ل توجيه " لع بة السيا سة " ،إ نا قد ت كون هي " أ شرف " الو سائل ال ستخدمة!
فالذهب -لشراء الضمائر -وسيلة ،والنساء وسيلة ،والتهديد الفي والعلن وسيلة،
واستغلل الشهوات الريضة -ومنها شهوة السلطة -وسيلة ..وكلها ف النهاية خيوط
تسك با اليد الشريرة ،لتحرك با سياسة الرض ..أرض " الميي " الستغفلي!
وقد قصصت قصة هذه القضية ف أكثر من كتاب ،ولكن ل بد هنا من تلخيصها
ف سطور لتكتمل ف ذهن القارئ صورة السيطرة الالية لليهود ف كل الرض ..إل ما
رحم ربك..
ح ي " ترر " عب يد ا لرض بتحط يم الق طاع ،واج تذبتهم ال ثورة ال صناعية إ ل
الدي نة ،فر حوا ف م بدأ ا لمر بالر ية والنطلق ،ولكن هم و جدوا أنف سهم ف عبود ية
جد يدة ل صحاب رؤوس ا لموال ،ي شغAلونم فوق طاقتهم ،ويع طونم من ا لجور مال
ي قوم بأودهم ،ف ضل Xعن أن يكو Aنوا به أ سرة ،أو ينف قوا ع لى أ سرهم ا لت تركو ها ف
الريف ،ومن ث وجدت نساء ف الريف بل عائل ،ف متمع جاهلي ل يكم با أنزل ال،
وليس فيه -شرعا - Xمن يكفل الراة ف جيع أحوالا ،أما Xأو أختا Xأو بنتا Xأو زوجة ).(78
()78ف النظام الربان يوجد دائما Xكفيل يكفل الرأة ف جيع أحوالا لكي ل تتعرض لا تعرضت له الرأة
الوروبية " التحررة "! وحي ل يوجد كافل من أقربائها يكفلها بيت الال.
وا ضطرت الرأة الترو كة بل عائل أن تقت في خ طى الر جل إ ل الدي نة ،لتخصل
على لقمة العيش ،وإل تعرضت لن توت جوعا!
وهناك استغلها الرجل الاهلي الوجود ف الدينة أسوأ استغلل ،فشغAلها نفس
ساعات العمل وأعطاها نصف الجر! فضل Wعن مساومتها على شرفها لتحصل على
العمل الذي يوصلها إل لقمة البز.
وصارت قضية! قضية الساواة بي الرأة والرجل ف الجر ما داما يشتغلن معا
ف نفس العمل ونفس القدر من الساعات.
وكان هذا مطلبا Xعادل Xول شك ،وإن كانت القضية كلها إفرازXا جاهل̈يا ل يكن
أن ينب ثق من ن ظام ر بان يط بق شريعة ا ل ،ف في ال شريعة الربان ية الن لة من ع ند العل يم
الكيم ،يوجد دائما Xعلج للزمات ل يؤدي إل الظلم ،ول يؤدي إل فساد الخلق.
ون صحت ا لرأة أن الظ لم الوا قع علي ها سببه جهل ها وجلو سها ف بيت ها،
وخضوعها لقوامة الر جل ،و عدم ا شتغالا بالقضايا العامة ،و عدم مشاركتها ف أمور
التمع ..فل بد من إزالة هذه السباب كلها لرفع ذلك الظلم.
وتو سعت الق ضية وت عددت أبعاد ها ..و طولب لا -ع لى ال توال -بق ها ف
التعليم ،وحقها ف وظائف الدولة ،وحقها ف النتحاب ،وحقها ف الترشيح للبلان،
وحقها ف " الولية " العامة.
ومن خلل التعليم -التعليم الامعي بصفة خاصة -ولدت قضية الحتلط.
الفساد هو الطلوب..
وقد تول متمع الثورة الصناعية إل طبقات ثلث ،بعد أن كان التمع الزراعي
طبقتي اثنتي ) - (79فكان هناك طبقة الرأساليي )الطبقة الرستقراطية( وطبقة العمال،
وطب قة جد يدة تو لدت من ال ظروف الد يدة أط لق علي ها ا سم الطب قة الو سطى ،تت كون
أساسا Xمن أصحاب الرف وخريي الدارس والامعات وموظفي الدولة ،الذين ل تصل
دخولم أن ترفعهم إل مستوى الرستقراطية ،ول هم ف الوقت ذاته من الفقراء الكادحي
الذين يعملون بأيديهم.
فأ ما الطب قة الرأ سالية -ا لت ور ثت الق طاع -ف هي فا سدة ب كم ا لترف
والتر هل و سهولة ال صول ع لى ا لال ا لوفي ،و قد أ عد الي هود لا ما يلزمها من ف نون
البغاء " الرستقراطي " الذي يصل معظم ماله ف النهاية إل جيوبم ،كما أعدوا لا من
أدوات الترف والزينة و " الستمتاع " ،ما يتص أموالم ويولا إل جيوب اليهود من
جهة ويتص آدميتهم من جهة أخرى ،ويعلهم حيا Xطيعة لشعب الشيطان.
وأما طبقة العمال -الذين كانوا ف أصلهم فلحي مافظي شديدي الافظة -
ف قد أف سدوا ف الدي نة بر مانم من فرص ا لزواج النظ يف من ج هة ،لق لة أ جورهم،
وعجزهم عن إعالة أسرة ف الدينة الغالية التكاليف ،وبتيسي البغاء الرخيص من جهة
أ خرى ،من بي العاملت ال لوات سقطن ف حبائل الر جل الاهلي ليحصلن ع لى لقمة
العيش..
وبقيت الطبقة الوسطى ،وهي أحد أعمدة " السياسة " ف لعبة الديقراطية .ول
يكن بد من إفسادها هي الخرى لكي يتم للشيطان ما يريد.
وو جد ال شيطان و سيلته ال سهلة الي سرة لف ساد هذه الطب قة ع لى م بدأ ال تدرج
البط يء الك يد الف عول Slow but sure :و كانت ت لك الو سيلة الي سرة هي الختلط ف
معاهد التعليم ،الذي يؤدي بدوره إل الختلط ف التمع الكبي.
وما بنا أن نعيد الكلم ف قصة الختلط فهي معروفة ) (80اختلط " بريء " ف
م بدأ ا لمر ،ينق لب مع الز من إ ل ف ساد غ ي بر يء ..وين ظر الت مع إ ل الف ساد بع ي
الستنكار ف مبدأ المر ،وخاصة فساد الرأة ،ولكن العصاب حي تتبلد ،وتلحق الرأة
الرجل ف كل شيء ،بدعوى " الساواة " ،فإذا ت فساد الرجل وأصبح أمرا Xمتعارفا Xعليه،
طالبت ا لرأة بق الف ساد مث له تت ع نواني متدر جة ،ت بدأ بق ل غ بار عل يه ،هو حق
اختيار الزوج ،وتنتهي بق اختيار العشيق ) ،(81أو " حق الرأة ف أن تب نفسها لن
تشاء " ..وتصبح " الخلق " الت كانت من قبل مبدأ متفقا Xعليه ،أمرا Xمستهجنا Xمن
الميع ،ل ينادي به إل الرجعيون التزمتون ،وتذهب صيحاتم -إن فكروا أن يصيحوا
-أدراج الرياح!
و من خلل ق ضية " الختلط " ،وق ضية " تر ير ا لرأة " وق ضية " ال ساواة "،
وق ضايا أ خرى ماث لة ،انفت حت أ مام الخطط ي أ بواب كثية من ال شر ،تولت و سائل
ا لعلم -ا لت يلكها اليهود -الترو يج لا ،وا لدفاع عنها ،وت قديها لل ناس ع لى أنا "
أخلقيات " العصر الصناعي " التطور ".
ول نر يد أن ن سبق ا لديث عن " ال ثورة الداروين ية " وا ستغلل الي هود لا ف
إفساد التمع الورب ،فسيأت الكلم عنها بعد قليل ،ولكنا نريد هنا فقط أن نثبت دور
و سائل ا لعلم -وال صحافة خا صة -ف الترو يج لبواب ال شر ا لت انبث قت عن
الختلط وترير الرأة ،وتقديها للناس ل على أنا شرور وافدة ،بل على أنا " تطور
حضاري " و" حسنات " ينبغي الرص عليها والستزادة منها!
()80إقرأ إن شئت عن هذه القصة فصل " دور اليهود ف إفساد أوربا " من كتاب " مذاهب فكرية
معاصرة ".
()81هذا هو الع ن القي قي من وراء ما ي سمونه " ال صداقة " و " ال صديق " و " ال صديقة " ..ولف ظه
الصحيح ف اللغة هو " الخادنة " كما ف قوله تعال) :غãي5ر– م-س–افÆحÆي– و–ل م-ت*خÆذÆي ãأخ5د–ان‡( ] .سورة
الائدة ،الية .[ 5
Enjoyلقد تول التمع إل فتنة موارة ..كل إنسان فيها يبحث عن " التاع "!
.yourself
والرغبة ف التاع الزائد عن الد كما أشرنا من قبل مياث كريه ورثته الاهلية
العاصرة من كلتا الاهليتي الغريقية والرومانية ،والرومانية خاصة ،ولكن اليهود عمقوا
هذه الرغبة لسابم الاص ،حت حولوا التمع إل ماخور كبي يعج بالفساد ،تفوح منه
رائحة الدنس النت ،ومع ذلك تظل " الديدان البشرية " تسرح فيه وتروح ،غي شاعرة
بالنت ،بل مستعذبة إياه!
وكان لليهود مأربان مباشران على القل من هذا الدنس ال تول إليه التمع
الغرب.
ا لول تط يم حاجز " ا لخلق " و هو أ حد ا لواجز الواق ية للن سان من أن "
-ي س5ت–ح5مر " ويرك به الشيطان .و كان تطي مه -بعد تطيم الدين -من أعز المان ا لت
يسعى إليها " شعب ال الختار ".
وال ثان ترويج " الز ياء " وأدوات الزي نة لل مرأة التب جة الت تر يد أن تتجمل
لتل فت أن ظار الر جل ال باحث عن الت عة ،ليغر قا م عا Xف ال تاع ا لدنس ،و يذهب ا لال إ ل
اليهود ،فهم أصحاب بيوت الزينة الكبى وبيوت الزياء!
ولكن الشر الذي نتج عن هذه الفتنة كان أوسع بكثي ما يطر على البال
لول وهلة.
فمن عادة الس البشري أن يتبلد على أنواع التاع الت يعتادها ،فيبحث دائما
عن الديد.
وحي يكون النسان كما خلقه ال " ف أحسن تقوي " يكون مشغول - Xإل
جانب التاع السي -بقيم عليا تستنفد الطاقة الفائضة وتستعلي با إل آفاق رحبة،
تغن نفسه عن طلب التنويع ف متع الس القريبة ،وتعله يقنع منها بالضرورات .أما حي
ين سى قي مه العل يا ،وي ستغرق ف م تاع ا لس ،و يوجه إل يه هه ك له أو ج له ،فإنه ي صبح
منهو ما Wل ي شبع ،وي تاج ف ا لوقت نف سه إ ل التنو يع ال ستمر ل يذهب عن نف سه ملل
التكرار!
وحي هبط اليهود بالميي إل هذا الدرك -أو ف القليل عمقوا فيهم ما كانوا
قد ورثوه من استعدادات -فقد أسرعوا يلبون " حاجتهم " إل التنويع ..وهم الكاسبون
دائمXا من وراء كل تنويع! وتول التمع -على أيديهم -إل ملهاة كبى ،إل جانب
توله إ ل ماخور كبي ..فإل جانب ج نون " ا لودة " )ج نون الز ياء( وج نون الزي نة
)التبج( أوجدوا جنون السينما وجنون التليفزيون ،وجنون الفيديو ،وجنون الكرة،
وجنون العري ،ومسابقات المال ..ومئات أخرى من فنون اللهو العابث الت ل تليق
بالبشر السوياء ،ول ينغمس فيها " إنسان " يعي حقيقة إنسانيته ،ويدرك غاية الوجود
البشري ف الرض.
و صحيح أن هؤلء ال قوم ي بذلون ف ساعات الع مل ج هدا Wجادا Wل هزل ف يه،
وينتجون إنتاج© ضخما Xبذلك الهد ،ولكن ل ينبغي أن يغيب عن بالنا أنه إنتاج مادي ف
معظ مه ،ل يق يم -و حده -ح ضارة ،ول ي لب -و حده -حا جات الن سان الفطر ية،
الكون من جسد وعقل وروح ،لكل منها متطلباتا ،ولكل منها غذاؤها الذي يب أن
يقدم لا لتنمو وترتقي.
ول يغيب عن بالنا كذلك أن الخططي الشرار ل مصلحة لم -حت الن -
ف تدمي ذلك النتاج ،ول تدمي الهد الاد الذي يبذل فيه ،لن جزءõا كبيا Xمن أرباحه
يدخل ف النهاية ف جيوبم ،ولن جزءõا غي قليل منه ينفق ف إنتاج اللهيات الت يلهAون
با الميي!
يعمل ف جد صارم سحابة يومه ف النتاج الادي ،وينفلت بعد ساعات العمل
إل اللهاة الكبى والاخور الكبي ،فل هو يقق إنسانيته وهو يعمل ف الصباح كاللة،
ول هو يققها ح ي ينف لت إ ل اللهو والف جور ف الل يل أو ف أ يام العط لة ..إنا هو ف
مموعه آلة حيوانية ،أو حيوان آل ..سهل التسخي للشعب الشرير!
وال سرة هي الضن الطبيعي الذي أوجده ال ف الف طرة لتنشئة أطفال أسوياء
يع مر بم و جه ا لرض .و هي ذات ت كاليف :نف سية وع صبية ومال ية واجتماع ية ..ول كن
الناس ي-قÅبÆلون -بالفطرة -على أداء هذه التكاليف حي يكونون على فطرتم السوية،
لن ال الالق البدع أودع ذلك ف فطرتم.
أ ما ح ي تنت كس ت لك الف طرة ،وي كون " ال ستمتاع " هو ه ها ا لكب ،فإ نا
تستثقل هذه التكاليف لنا تد من الستمتاع أو تقلص حجمه ،فينفر الناس من الزواج
والسرة ويفضلون عليها الدنس النت الذي يسمونه " الصداقة " ..وحت إذا تزوجوا -
بعد فترة غي قصية من الدنس واللهو -فإنه ل يكون ذلك الزواج الادئ الستقر الأنوس
الدافئ بالعواطف ،الذي يتعلم فيه الطفل البشري معن بشريته )!(82
وبالنسبة للمرأة بالذات تكالبت عدة عوامل لتنفيها من البيت ،ومن وظيفتها
الفطرية الت هيأها ال لا جسدا Xوقلبا Xوروحا XوكيانXا شامل ..وكانت تلك العوامل إما من
تطيط الشعب الشرير ،وإما ما استغله الشريرون لفساد البشرية.
لقد كان ما نفرها من البيت تعيي الاهلية لا -ف فترة الظلم الذي كان واقعا
عليها -بأنا قعيدة البيت ،تمل وتلد وترضع ،ول شأن لا ول دراية بالياة العامة الت
يتص با الرجل .وكان رد الفعل -الاهلي -ف نفسها هو كراهية البيت والنفور من
البقاء فيه!
وكل الو ضعي إ فراز جاهلي م تل ،سواء تعي ي الر جل لل مرأة بوظيفت ها ،أو رد
الفعل النافر من الوظيفة الفطرية.
()82سبق أن أشرنا ف الفصل السابق إل منهج التربية الذي تارسه الاهلية العاصرة ،وأنه يرج إنسانا
مدا Xعامل Xمثابرا Xجلدا Xذا طبيعة عملية ورؤية واقعية ..ال .ولكنه يقف عند حدود الياة الدنيا فيختل
توازنه ،ث يضاف إليه حرية اللهو والون وحرية اللاد فتفسد بشريته.
وتصحيح الختلل الول -الذي أفرزته الاهلية -ل يكن يقتضي بالضرورة
إياد اختلل مقابل! ولكن هكذا تصنع الاهلية دائما Wف غيبة النهج الربان :تصحح
اختلل Xباختلل مقابل ،وتنتقل من طرف إل الطرف الخر ،دون أن تتوقف عند نقطة
الوسط الوزونة الت يتوازن عندها كيان النسان .وييء دور اليهود دائما Xبتعميق اللل
الذي تفرزه الاهلية ،وإبعاد الناس عن الرؤية الصحيحة والنهج الصحيح ) ،(83لئل يسترد
البشر بشريتهم ،فيتمردوا على " شعب ال الختار "!
وكان من أدوات التعميق الت استخدمها الخططون " ترجيل الرأة " من خلل
مناهج التعليم ،الت تعلم الرأة على منهج الرجل ،العد أصل Xليناسب احتياجاته ووظيفته،
ل احتيا جات ا لرأة ووظيفت ها .و كذلك من خلل ت شغيل ا لرأة ف ج يع ا لالت ا لت
يعمل فيها الرجل بجة الساواة التامة ف كل شيء .وحي تسترجل الرأة فإنا تصبح
مثله ،ل تطيق البقاء ف البيت إل ريثما تستريح وتستعد لولة جديدة من العمل والنتاج.
و كان من أدوات التعم يق كذلك بث روح " الزما لة " ف أث ناء الدرا سة -
والدرا سة الامع ية خا صة -ب ي ال فت والف تاة ع لى أ ساس ف كرة ال ساواة التا مة ف كل
شيء .فإذا قضت سنوات الدراسة " زميلة " للفت " وصديقة له " أو " خدينة " ..ث جاء
يتزوج ها -إن ع ن Aل ما أن يتزو جا -فأي مفا جأة " سخيفة " يفاجئ ها با ح ي يط لب
منها -فجأة -أن يكون قيما Wعليها ،وقد قضت معه تلك السنوات كلها بل قوامة؟!
وما الفرق بي ما كان من علقة بينهما ) ،(84وبي تلك العلقة الديدة الت يطلق عليها
اسم " الزواج "؟ كل! إنه ل قوامة للرجل عليها ،ول ميل ف نفسها للبيت ،إذا كان معن
البيت هو قوامة الرجل عليها!
ث إنا ل تكن زميلته ف الدراسة وصديقته وخدينته فحسب ،بل إنا تتكسب
كذلك ،وتنفق من كسبها على البيت " الشترك " ..فليكن البيت الديث إذا Xبل قوامة،
وإل فل ضرورة للبيت على الطلق!
()83لا ك تب ألك سيس كار يل ك تابه ال يد " الن سان ،ذ لك ال هول " و تدث ف يه عن أنو ثة ا لرأة
ووظيفتها الفطرية ،قالت الاهلية عنه إنه منون!! ونبذت دعوته.
()84ل نقصد هنا علقة فرد معي من الرجال بفرد معي من النساء .إنا نقصد علقة جنس الرجال
بنس النساء.
وحي كسب اليهود معركتهم ضد " السرة " -وهي كالدين والخلق من
أ لد أ عدائهم ،ل نا من ا لواجز ا لت ت نع ا ستحمار الب شر وت سخيهم -ام تد ال شر إ ل
جوانب جد يدة ،ر با ل ت كن ف ذ هن الخطط ي من أول ا لمر ،ولكن ها جاءت ف
الطريق..
ف ظاهرة ت شرد الط فال ،وج نوح ال حداث ،وانت شار ال خدرات ب ي الط فال
والراهقي ،جاءت كلها نتيجة غياب " الم التفرغة " من البيت ،وغياب سيطرة الب
على السرة )أي غياب قوامة الرجل( كما تقول دراساتم هم أنفسهم بعبارات مباشرة
أو ملفوفة .فإذا أضيف إليها تزايد ظاهرة الشذوذ -وهي إفراز جاهلي تتسبب فيه عدة
عوامل ،من أبرزها ترجيل الرأة وإلغاء قوامة الرجل وتييع رجولته ) - (85فقد ارتسمت
صورة كئيبة للمجتمع ،مآلا التمي إل الدمار!
) %وم)ن 4آي%ات)ه) أ#ن .خ%ل#ق# %لك/م 4م)ن# 4أن4ف/س)ك/م 4أ#ز4و%اجا) Wلت%س4ك/ن-وا )إل#ي4ه%ا و%ج%ع%ل #ب%ي4ن/ %كم 4م%و%دHة
و%ر%ح4م%ة Wإ)ن Xف)ي ذ#ل)ك %ل#آيات) pلق#و4م pي%ت%ف#كXر-ون( ]سورة الروم ،الية .[21
فا لالت ا لت أ شرنا إلي ها ف الفصل ال سابق :حالت الق لق والنت حار وال نون
المراض النفسية والعصبية ،والمر والخدرات والرية ،الت تؤكد إحصاءاتم أنا تتزايد
باستمرار ،هي ن تاج مشترك لعدة عوامل ف و قت وا حد ،ولكنها م تأثرة اب تداء بفقدان
ال سكينة ف دا خل ال سرة ،وال شقاء ا لذي ي سه الر جل وا لرأة كل ها سواء بق يا ف
عل قات " حرة " بغ ي زواج ،أو تزو جا ودارت بينه ما ال عارك الف ية أو العل نة ع لى "
()85من العوامل الخرى الترف والترهل والرغبة ف " التنويع " ..ولكن العامل الرئيسي هو ترجيل الرأة
واستئناث الرجل.
السيادة " ،أو تزوجا وأحسا باللل ف بيت الزوجية بعد الياة الصاخبة الت عاشها كل
منهما وهو " يستمتع " بل حدود ،فيحن كل منهما إل هجر البيت والعودة إل حياة
التاع! ).(86
ول تكت مل صورة الف ساد ا لذي ب ثه الخط طون ال شرار دون أن ن ضيف إل يه
عامل Xقد يبدو اقتصاديا Xبتا Xف ظاهر المر ،ولكنه -ككل شيء -اقتصادي اجتماعي
أخلقي نفسي فكري ف ذات الوقت!
إن هذا ل يدث بصورة تلقائية ..إنا هو مطط ..ومطط على يد الشرار! ولم
فيه مآرب شت!
فمن مآربم شغل الناس مشغلة دائمة بأمور الياة اليومية ،وبالانب الادي من
حياتم بصفة خاصة بيث ل يفيقون من الدوامة ،ول يتنبهون لا يري حولم ول ما يراد
بم " ،فالغفلة " هي الالة الطلوبة ف الميي ،لكي ينفذ " شعب ال الختار " مططه
و هو آ من .و جزء من الغف لة الطلو بة ي تم ف الا نات وا لواخي وع لب الل يل وو سائل "
ا لترفيه " وو سائل الل هو ال عابث ،و جزء آ خر ي تم ف ساعات " اليق ظة "! ح ي ت صحو
ع قولم فتف كر ،في شغلونا بالتفكي ف م طالب ال ياة وغلء ال سعار وان فاض ال قوة
الشرائية للعملة ،والبحث الدائم عن موارد جديدة لزيادة الدخل ..فإذا ارتفع الدخل
-مع الكد التواصل -التهمت الزيادة ãمستحدثات Yجديدة ما ينل ف السوق ،ما يبدو
كمال̈يا ف مبدأ المر ث يتحول إل أمر ضروري! ويعمل " العلن " عمله ف إغراء الناس
بالشراء ،وإيهامهم أن راحتهم لن تتم حت يشتروا هذا أو ذاك:
()86اقرأ وصفا Xدقيقا Xلذه الحوال ف كتاب " مباهج الفلسفة " للكاتب المريكي " ول ديورانت "
ص – 126ص 236من الترجة العربية.
فإنه كلما ارتفعت تكاليف الياة أصبح دخل الرجل وحده غي كاف‡ ،وأصبح
من الضروري أن تعاونه الرأة لسد العجز .فكيف تستطيع معاونته إل بالعمل؟!
وهكذا يبدو عمل الرأة " ضرورة "! ويبدو عدم قيامها لذه الضرورة نكول Xعن
واجب!! ويتجه بث الرجل -حي يريد أن يتزوج -إل الرأة العاملة ذات الدخل،
ومن جانبها تد فرصة الزواج أيسر حي تكون عاملة! فإن ل تكن عاملة فقد ل تد
الزوج أبدا ..وعندئذ يتعي عليها أن تعمل لكي تعيش ،لنه ل عائل لا ول كفيل!
وإذا كان هذا ال قدر ك له من ال شر قد " ك سبه " الي هود من ا ستغلل ال ثورة
الصناعية ،فنحن ل نتحدث بعد عن " مكاسبهم " من استغلل " الثورة الداروينية "!
وإذا كانت الر كة ال صناعية قد سيت " ثورة " ب سبب ع نف التغي يات ا لت
أحدثتها ف حياة البشر ،وهي ل تسفك دما Xول تطلق طلقة ،فأحرى بالنظرية الداروينية
أن تسمى ثورة كذلك ،لن آثارها ف الفكر الورب والياة الوربية أشد من أي ثورة
حقيقية با ف ذلك الثورة الفرنسية.
بل إن أعنف ثورة ف التاريخ الديث -وهي الثورة الشيوعية ف روسيا -إن
هي إل وا حدة من آ ثار ال ثورة الداروين ية ب عد أن ا ستغلها الي هود ،و صنعوا من ها مادة
متفجرة قادرة على تطيم كل شيء.
()87اقرأ ف هذ االشأن كتاب " أطفال بل أسر " من تأليف أنAا فرويد.
ول قد تدثنا ف غ ي هذا الك تاب عن الداروين ية وإياءا تا وآثار ها ،وا ستغلل
اليهود لا ) ،(88ولكنا مضطرون إل ذكرها هنا مرة أخرى ملخصة ،لكي ل نشغل القارئ
عن متابعة البحث الاضر بإرجاعه إل بث آخر سابق.
ن شر دارون نظري ته ف الن صف ال ثان من ال قرن التا سع ع شر ،وخل صتها أن
الكائنات الية تدرجت من الكائن الوحيد اللية إل النسان ،عب مراحل " تطورية "
مت عددة ،ف كانت ط حالب ث نبا تات ،ث نبا تات شبيهة باليوان )كال يدرا( ث حيوا نات
شبيهة بالنبات كالرجان ،ث حيوانات ل فقارية )كالديدان والشرات( ث فقاريات دنيا
)كالساك والطيور والزواحف( ث ثدييات دنيا ث ثدييات عليا ،ث قردة ،ث قردة عليا ،ث
تأت حلقة مفقودة )هي النسان القرد( ث ييء النسان..
وتشتمل النظرية -وهي ف القيقة مرد فرض ل يرتق لن يكون نظرية -على
ممو عة من ال قررات ،كالقول بأن " الطبي عة " ت لق كل شيء ول حد ل قدرتا ع لى
اللق ،وأنا مع ذلك تبط خبط عشواء ،وأن خلق اللية الية من الماد ت بطريق "
اللق الذات " دون تدخل من الرادة اللية ،وأن التطور يهدف دائما Xإل ترقية الكائن
الي ،وأن الياة كلها صراع بي الكائنات ،وأن البقاء ف هذا الصراع للصلح ،بعن
الن سب لل ظروف القائ مة من حوله ،أي ل لبيئة الاد ية ا لت ت قرر و حدها شكل الت طور
وحجمه ووجهته ،بطريقة حتمية ل إرادة فيها للكائن الي.
وما بنا هنا أن نناقش شيئا Xمن مقررات النظرية ول حت إياءاتا .إنا نن هنا
معنيون بشيء واحد :هو استغلل اليهود لذه النظرية على نطاق واسع لتنفيذ مططاتم
الاصة.
تقول البوتوكولت " :نن رتبنا ناح دارون ونيتشه .وإن تأثي أفكارها على
عقائد الميي واضح لنا بكل تأكيد " ).(89
()88راجع إن شئت كتاب " مذاهب فكرية معاصرة " فصل " دور اليهود ف إفساد أوربا ".
()89البوتوكول رقم ) (2من بروتوكولت حكماء صهيون .راجع الترجة العربية لمد خليفة التونسي
ص .113
أحد العالي بأحوالم ونسبها إليهم ..بصرف النظر عن ذلك فنحن نعتبه معبAرا Xبصدق
عن الخططات اليهودية ،لن كل ما جاء فيه بلسان الستقبل :سنفعل كذاو نفعل كذا،
)(90
قد فعلوه بالفعل وت تنفيذه!
قالوا :سننشر اللاد ،ونشروه .وقالوا :سننشر الفساد اللقي ونشروه .وقالوا
سنستول على الصحافة العالية ونوجهها كما نشاء وفعلوا ..ال.
لقد وجد فيها اليهود سندا Xضخما Xلكل ما يريدون تقيقه من الشر!
كما وجدوا فيها -بنفس البساطة -سندا Xلكل ما يكن أن يدثوه من الفساد
ف الستقبل ،على نفس القاعدة :أنه تطور حتمي!
ما يتندر به أن رجل Xجاء يعرض على أحد اللفاء العباسيي لعبة بارعة ،أن يثبت
إبرة ف الرض ،ث يرمي وهو واقف إبرة أخرى فيدخل سنها ف فتحة البرة الثبتة ف
الرض ،ث يرمي أخرى وثانية وثالثة حت الائة ،كل إبرة تدخل ف فتحة سابقتها! فلما
قام بالتجربة بنجاح أمر له الليفة بائة دينار ومائة جلدة! فلما سأل مفزوعا Xعن السبب،
قال له :مائة دينار لباعتك ،ومائة جلدة لستخدام هذه الباعة فيما ل طائل وراءه!
()90صدرت أول طبعة من البوتوكولت سنة 1902م وكل ما جاء فيها بصيغة الستقبل ت تنفيذه
خلل السنوات التالية.
فإذا كان ذلك الرجل قد استحق مائة جلدة على استخدام براعته ف أمر ل طائل
وراءه ولكن ل ضرر منه ..فكم جلدة يستحق اليهود على استخدام براعتهم ف نشر
الشر وتثبيته على أوسع نطاق ف الرض؟!
الول أحدث نظرية اقتصادية اجتماعية سياسية فلسفية هي الادية الدلية الت
انبثق عنها التفسي الادي للتاريخ ،وانبثقت عنها الشيوعية.
والثان أحدث نظرية نفسية يكن أن نطلق عليها " :التفسي النسي للسلوك
البشري ".
والثالث أحدث نظرية ف علم الجتماع أبرز ما فيها " العقل المعي " الذي
يرك الفراد من خارج كيانم بصورة حتمية ،والذي هو ف الوقت ذاته دائم التقلب ل
يثبت على حال.
إ نا نتزئ ه نا بنق طة وا حدة معي نة ت مAع علي ها " الع باقرة " الثل ثة ،ك ل÷ من
موقعه ،كأنه مدفع ية ضاربة ،يدق ت لك القلع الثلث :ا لدين ،وا لخلق ،والتقال يد
الستمدة من الدين.
قال فرويد إن الطاقة اليوية ف النسان هي طاقة جنسية بصفة رئيسية ،تولد مع
الط فل ،في ضع ب لذة جن سية ،و يص إ بامه ب لذة جن سية ،و يرك أع ضاءه ب لذة جن سية،
ويتبول ويتبز بلذة جنسية ،ويس الولد -الذكر -بعشق جنسي نو الم ،ث " يكبته "
()91انظر إن شئت كتاب " مذاهب فكرية معاصرة " فصل " دور اليهود ف إفساد أوربا " أو كتاب "
جاهلية القرن العشرين " فصل " اليهود الثلثة ".
بسبب الوف من الب ،فتنشأ ف نفسه " عقدة " تسمى عقدة أوديب ،هي منشأ الدين
والخلق والتقاليد ،ومنشأ الضمي )وتقابلها عقدة " إليكترا " عند الطفلة( ) (92وأن هذه
الع قدة ت سبب ع ند الراهق ي وال شباب أمرا ضا Xنف سية وع صبية من شؤها الك بت الن سي،
وعلجها النفلت من قيود الدين والخلق والتقاليد والضمي!
يقول البوتوكول الرابع :إن فرويد منا ،وسيظل يعرض أمور النس ف وضح
الشمس حت ل يجل الشباب من نشاطه النسي.
مفهوم..؟
وهنا قد يقول قائل " رجعي " إن هذا فساد ل يليق بالكائن النسان..
ع ندئذ ي سرع إل يه ماركس في قول :إن هذا ل يس ف سادا Xولك نه ت طور ..ت طور
حتمي!
ويز يد ا لمر شرحا Xفي قول :إن " الب ناء ال فوقي " من ع قائد وأف كار ون ظم
ومؤس سات إن هو إل انع كاس لل طور ا لادي ا لذي ي كون ف يه الن سان .وال طور ا لادي
يت طور ب صورة حتم ية ،و من ث يتغ ي الب ناء ال فوقي تب عا Xلذلك .فتتغ ي الع قائد والف كار
والخلقيات والتقاليد ويستبدل با غيها ما يكون مناسبا Xللطور الديد .ول يكن من
ث أن يكون هناك ثبات ف العقائد ول الفكار ول الخلق.
ث يركز على أخلقيات النس بالذات ،فيقول إن العصر الزراعي -التأخر -
كانت ق ضية الع فة ف يه ذات شأن كبي ،لنه كان ع صر سيطرة الر جل ،بو صفه هو
التكسب الذي ينفق .أما الن فقد تررت الرأة اقتصاديا Xففقدت قضية العفة قيمتها الت
كانت لا ف العصر الزراعي ،إذ ل يصبح للرجل سيطرة على الرأة ،وأصبح من حقها -
ب عد الت حرر القت صادي -أن تب نف سها لن ت شاء ..فن شأت " أخلق يات " جد يدة
)(93
تناسب العصر الصناعي التطور ..قائمة على " العلقات الرة " بي الرجل والرأة!
أرأيت..؟!
يقول ف كتابه " قواعد النهج ف علم الجتماع " " :ومن هذا القبيل )أي من
قب يل تف سي ال سلوك الب شري بأنه ف طري( أن ب عض العل ماء ي قول بو جود عاط فة دين ية
فطرية لدى النسان ،وبأن هذا الخي مزود بد أدن من الغية النسية والب بالوالدين
وم بة الب ناء ،وغ ي ذ لك من العوا طف .و قد أراد بع ضهم تف سي ن شأة كل من ا لدين
وا لزواج والسرة على هذا النحو .ولكن التاريخ يوقف نا ع لى أن هذه النعات ليست
فطرية ف النسان " )!!(94
وهكذا تلتقي النظريات الثلث وتتساند ..تلتقي كلها عند ضرب العداء اللداء
للمخ طط الي هودي :ا لدين ،وا لخلق ،والتقال يد ال ستمدة من ا لدين ،و هي ت شمل في ما
تشمل :الزواج والسرة وأخلقيات النس!
لقد استغلوا كلتا القضيتي ف هدم كل العان " النسانية " ،وهدم كل القيم "
الثابتة " ف حياة البشرية ،كما استغلوها ف تثبيت الواقع الفاسد الذي أحدثوه من خلل
ال ثورة ال صناعية ،و سنده بنظر يات " علم ية " ل تع له مست ساغا Xفح سب ،بل تع له هو
()93راجع فصل " الشيوعية " من كتاب " مذاهب فكرية معاصرة ".
()94إم يل دور كاي ،قوا عد الن هج ف ع لم الجت ماع ،تر جة ا لدكتور م مود قا سم ومراج عة ا لدكتور
السيد ممد بدوي ،القاهرة ،الطبعة الثانية ص .3
الشيء الواجب الوجود ،وغيه -ما يمل شيئا Xمن القيم النسانية أو الخلقية -أمرا
مستنكرا ،Xرجع̈يا ،واجب الزوال!!
وصدق رسول ال صلى ال عليه وسلم " :فكيف بك إذا أصبح العروف منكرا
والنكر معروفاW؟! " ).(95
لقد كان الفكر الكنسي السائد ف أوربا من قبل ييل إل تثبيت كل شيء :القيم
والنظم والخلق والتقاليد والوضاع السياسية والجتماعية والقتصادية والفكرية .وكان
هذا خطأ ول شك .ففي الياة دائما Xثواتب ومتغيات .أو قل إن شئت أصول ثابتة تدور
حولا صور متغية ).(96
وجاء اليهود -مستغلي الفكر الداروين -لينقلوا كل شيء على الط التغي..
ل الصور وحدها ،ولكن الصول كذلك .وكان هذا خطأ أخطر من الول ..ففي الول
–تج5م-د -الياة وتأÅس©ن ولكنها ف الثان -حي تفقد أصولا الثابتة -تنهار! وهل ف أمان
الشعب الختار أمنية أعز Aمن هدم حياة الميي من أساسها ،وهدم إنسانيتهم الت تقف
حاجزا Xأمام الستحمار؟!
فأ ما ال سيطرة العال ية فوا قع م شهود .ف هم ا لذين ي قررون من ي فوز برئا سة
الوليات التحدة ،وهم الذين يدفعون أعضاء اللجنة الركزية العليا ف الزب الشيوعي
الرو سي إ ل ال سلطة .و من خلل أمري كا ورو سيا ي كم الي هود ا لرض .هذا ف عال
السياسة.
وهم صانعو أزياء الرأة ،وهم تار أدوات الزينة الت تتبج با النساء.
باخت صار ،هم اذل ي ي صوغون ل لميي ع قائدهم ،وأف كارهم ،وأ ناط ح ياتم،
وأساليب جدهم ولوهم ..وكل شيء ف حياتم ..إل من رحم ربك ..من كان له قلب
أو ألقى السمع وهو شهيد.
" هناك خطر عظيم يتهدد الوليات التحدة المريكية ،وذلك الطر العظيم هو
خطر اليهود.
أيها السادة :ف كل أرض حل Ûبا اليهود أطاحوا بالستوى اللقي وأفسدوا الذمة
التجارية فيها ،ول يزالوا منعزلي ل يندمون بغيهم ،وقد أدى بم الضطهاد إل العمل
على خنق الشعوب ماليا ،Xكما هو الال ف البتغال وأسبانيا.
منذ أكثر من 1700عام وهم يندبون حظهم السيف ،ويعنون بذلك أنم قد
طردوا من ديار آبائهم ولكنهم أيها السادة ،لن يلبثوا إذا ر*دت إليهم الدول اليوم فلسطي،
أن يدوا أسبابا Xتملهم على أل يعودوا إليها ،لاذا؟ لنم طفيليات ل يعيش بعضهم على
بعض ،ول بد لم من العيش بي السيحيي وغيهم من ل ينتمون إل عرقهم.
إذا ل -يب5ع–د هؤلء عن الوليات التحدة )بنص دستورها( فإن سيلهم سيتدفق إل
الوليات التحدة ف غضون مائة سنة إل حد Aيقدرون معه على أن يكموا شعبنا ويدمروه
ويغيAروا شكل الكم الذي بذلنا ف سبيله وضحAينا له بأرواحنا ومتلكاتنا وحرياتنا الفردية.
وإن ن أ حذركم أي ها ال سادة ،أن كم إل تب عدوا الي هود نائ يا ،Xفل سوف يلعن كم
أبناؤكم وأحفادكم ف قبوركم ،إن اليهود لن يتخذوا م-ث”لãنا العليا ولو عاشوا بي ظهرانينا
عشرة أجيال ،فإن الفهد ل يستطيع إبدال جلده الرقط.
إن الي هود خ طر ع لى هذه البلد إذا ما سح لم بر ية ا لدخول ،إ نم سيق ضون
على مؤسساتنا ،وعلى ذلك ل بد من أن ي-ستب5ع–د-وا بنص الدستور " اه ).(97
ول قد بذل الي هود دون شك ج هودا Xج بارة مكث فة للو صول إ ل هذه ال سيطرة
العالية ..ولكن جهدهم كله ،ومكرهم كله ،ل يكن ليفعل شيئا Wلول غفلة الميي.
ولننظر ف بعض الظروف الت مكنت لليهود ،ولنتصور أن حال الميي فيها كان
غي الال ..فهل كان اليهود يسيطرون!
()97عن ك تاب " غزوة ب ن قري ظة " تأليف م مد أ حد با شيل ،ص 32 – 30جدة 1386 ،ه -
1966م.
لو كانت أوربا ل تنفر من دينها بسبب حاقات الكنيسة ،هل كان اليهود يدون
الفرصة السانة لنشر اللاد ف الرض؟
وهل كانوا يدون الفرصة السانة لتفكيك التمع الورب ونشر الفساد اللقي
فيه؟
لو كانت أوربا تطبق شريعة ربانية تكفل الرأة ول توجها إل العمل لتأكل..
) %و ض-ر)ب%ت 4ع%ل4 #يه) م -الذ +لXة /و%ال.م %س4ك#ن%ة /و %ب%اء®وا )بغ %ض%ب pم) ن %الل Xه) ذ#ل) ك %ب)أ#نHه-م 4ك#ان-وا
حق sذ)#لك) %بم%ا ع%ص%و4ا و%ك#ان-وا ي%ع4ت%د-ون( ]سورة %يك.ف/ر-ون #بآي%ات) اللXه) و%%يق.ت-ل/ون #النHب)يsي %ب)غ%ي4ر) ال% .
البقرة ،الية .[61
) #كي 4ف %ي %ه4د)ي اللXه -ق#و4ما Wك#ف#ر-وا ب%ع4د) %إي%ان)ه)م 4و %ش%ه)د-وا #أن Xالر Hس-ول #ح %ق -و %ج%ا̀ءه-م
ال.ب%يsن%ات -و%اللXه -ل ي%ه4د)ي ا.لق#و4م %الظXال)م)ي ،%أ/ول)#ئك %ج%ز%اؤ-ه-م 4أ#ن Xع%ل#ي4ه)م 4ل#ع4ن%ة #اللXه) و%ال.م%لئ)ك#ة
و%النHا س) أ4 #جم%ع) ي ،%خ%ا ل)د)ين %ف)ي ه%ا ل -يخ%ف Xف -ع%ن4ه -م -ا.ل ع%ذ#اب -و%ل ه -م 4ي-ن4ظ#ر-ون(] .سورة آل
عمران ،اليات .[88 - 86
) %وإ)ذ .ت%أ#ذXن #ر%ب_ ك# %لي%ب4ع%ث #ن Hع%ل4 #يه) م 4إ) ل#ى ي%و4م) ال.ق)ي%ا م%ة) م %ن% 4ي س-وم-ه-م 4س-و̀ء ال .ع%ذ#اب)(.
]سورة العراف ،الية .[167
ويهجس ف نفوس بعضهم خاطر ،ولو ل يعلنوه :هل توقف وعد ال ووعيده؟
هل تغيت السنن الربانية؟ هل كانت كلها خاصة بالاضي الذي حكى عنه القرآن،
ولكنها ل تشمل الاضر ول الستقبل؟!
ون قول :حا شا ل أن ي قع شيء ف هذا ال كون ك له مال فا Xلل سنن الربان ية ،أو
خار جا Xعن و عد ا ل ووع يده .ول كن ال ناس قد ين ظرون إ ل بعض ال سنن ويغف لون عن
بعضها الخر ،أو ينظرون إل بعض الوعد والوعيد وي-غ5فل”ون سائره.
لقد ضرب ال الذلة والسكنة على اليهود ،وتوعدهم أن يبعث عليهم إل يوم
القيامة من يسومهم سوء العذاب .ولكنه استثن من ذلك فترة من الزمن أو فترات ،بعبارة
صرية ل تتمل اللبس.
)ض-ر)ب%ت 4ع%ل#ي4ه)م -الذ+لXة# /أي4ن %م%ا /ثق)ف/وا )إلXا ب)ح4 %بل pم)ن %اللXه) و%ح4 %بل pم)ن %النHاس)(] .سورة
آل عمران ،الية .[112
وب صرف الن ظر عن كون هذا ال ستثناء يدث مرة وا حدة أو يت كرر -وذ لك
غيب ل يعلمه إل ال -فلننظر ف السباب الت ت من خللا الستثناء ،والوسائل الت
حققت وقوعه ،فإن ال الذي يقدر القادير قد جعل لقدره أسبابا ،Xوجعل أعمال البشر من
بي تلك السباب ).(98
ل قد ك لف ا ل فئت ي من الب شر أن يكو نوا حرا سا Xع لى الي هود ،ين عونم من أن
يعيثوا فسادXا ف الرض ،ويققوا مططاتم الشريرة ف إضلل البشرية.
ي قول ت عال)) :إذ .ق#ال #الل Xه -ي%ا ع)ي س%ى )إ نsي م -ت%و%ف+يك %و%ر%اف)ع -ك) %إل #ي Hو%م-ط#هsر -ك %م)ن
ا لXذ)ين %ك #ف#ر-وا و %ج%اع) /ل ا لXذ)ين %اHتب %ع-وك %ف#و4ق %ا لXذ)ين %ك #ف#ر-وا )إ ل#ى ي%و4م) ال.ق)ي%ا م%ة( ] .سورة آل
عمران ،الية .[55
ومعن ذلك أن النصارى مكلفون بالراسة الدائمة على اليهود إل يوم القيامة،
ينعونم من الروج من قبضة أيديهم ،با أنم " فوقهم " أي مسيطرون عليهم.
()98راجع إن شئت فصل " النسان وقدر ال " من كتاب " حول التفسي السلمي للتاريخ ".
وأ ما الفئة الثان ية ف قد كل فت بالرا سة ع لى الفريق ي م عا :الي هود والن صارى..
وت لك هي ال مة ال سلمة) :و %ك#ذ#ل)ك %ج%ع%ل .ن%اك/م/ 4أ مHة Wو %س%طا Wل)ت%ك/و ن-وا ش-ه%د%ا̀ء ع %ل#ى النHاس
و%%يك/ون #الرHس-ول /ع%ل#ي4ك/م 4ش%ه)يدا(] .سورة البقرة ،الية .[143
فأما الارس الول فقد نكل عن الراسة منذ خرج من دينه ول يدخل ف دين
ال الصحيح.
وأما الارس الثان -الكلف بالراسة على الفريقي معا - Xفقد نسي رسالته
للبشرية ونكل عنها ،ث ل يقف به المر عند هذا الد ،فنسي رسالته نو نفسه ،وفرط
فيها أي تفريط )!(99
فأما حبل ال فهو قدره ومشيئته ،ومدده وإرادته ،فإنه ل شيء يدث ف الكون
كله إل بقدر من ال ومشيئة ،وإرادة من ال وإمداد.
إنه ليس فقط أمريكا وما تد به إسرائيل من العون :الال والسياسي والعسكري
وا لدب ،و كل أ نواع ال عون ..ول يس ف قط رو سيا ،و ما تد به إ سرائيل من ال عون
السياسي ،بسرحية التصايح الفارغ كلما ارتكبت إسرائيل جرية من جرائمها الوحشية
البشعة ،دون أن تفعل شيئا Xلنع العدوان أو رده ..والعون التكنولوجي بسماحها بجرة
اليهود التكنولوجيي إل إسرائيل .والعون الدب بتصرياتا الدائمة بأنا تعترف بالوجود
السرائيلي ف النطقة ولكن بشرط العتراف بقوق العرب )وهو نفس الكلم الذي صدر
به وعد بلفور سنة 1917م!( وهي ترى جيدXا أن هذا الشرط ل يتحقق أبدا ،Xومع ذلك
ل تسحب اعترافها بإسرائيل ول حت تدد بسحبه مرد تديد!
إن ال بل من ال ناس ل يقت صر ع لى هذا ا لدد من " هؤلء ال ناس " :ا لروس
والمريكان!
السينما مؤسسة يهودية مال Xوفكرا Xوتطيطا Xوتنفيذا ..وهدفها الول هو إفساد
ا لولد والب نات با ت عرض من صور ال ياة العاب ثة الله ية ،القائ مة ع لى العل قات ا لت
حرم ها ا ل ور سله ،ف أو ضاع جذا بة خل بة مؤثرة بال صوت وال صورة والر كة ،فتف ت
)(100
أل باب ا لولد والب نات ،ح ي يت صورون أنف سهم ف م كان " الب طل! " والبط لة! "
يارسون ما يرون هؤلء يارسونه أمامهم على الشاشة ..فيفسدون! ).(101
وكذلك جنون التليفزيون والفيديو ،فهما يسيان على ذات الدرب ،أ̈يا كان
الخرج والنتج و " الفنان "!
()100من شر البلية الذي يضحك أن يسم*ى الولد الذي يقوم بالتمثيل ف الفيلم " بطل !" Xوالفتاة الت
تتما يل ي نة ويسارا Xف تك سر وت لع " بطلة "! فته بط " البطو لة " ف حس ا لولد والب نات إ ل هذا
الستوى الدنس ،وينسون صور البطولة القة الت ترفع البشر من حأة الطي وترتقي بم ف الفاق!
()101ه ناك ول شك أفلم ت ثل م عان عال ية ،وموا قف إن سانية حقيق ية ،ولكن ها ق لة نادرة ب ي أ لوف
الفلم التافهة النحلة الت تل الساحة .والعبة بالفساد الذي تدثه الكثرة الكاثرة ،ل بتلك اللفتات
العابرة بي الي والي.
)(102
وبيوت الزياء الكبى يهودية ،وكذلك بيوت الزينة
وج نون الريا ضة عا مة وج نون ال كرة خا صة ،لون من ال نون يب ثه الي هود ف
)(103
الرض من خلل وسائل العلم الت يسيطرون عليها ويوجهونا
وكل فت -أو فتاة -أصابه جنون الرياضة أو جنون الكرة ) ،(104فهو حبل
من الناس يد اليهود بتفاهة اهتماماته ،والوقت الي الذي يقتله ف الهتمامات الفارغة،
بعيدا Xعن الرشد ،بعيدXا عن الوعي ،بعيدا Xعن رحة ال.
وترجيل الرأة -بقضية الساواة وغيها من الوسائل -هدف يهودي تدثنا عنه
من قبل ..وكل فتاة أصابتها حmى الساواة ،وطلب الختلط الر ،وغشيان " التمع "،
وهجرت بيتها ووظيفتها الطبيعية ،واستنكرت أنوثتها ،واعتقدت أن وظيفتها الول أن
تعمل خارج البيت ..هي حبل من الناس ،يقق أمنية من أعز أمان الشعب الشيطان!
()102يكاد اليهود يتكرون ثلث صناعات عالية :صناعة السلحة ،وصناعة الدوية ،وصناعة أدوات
الزينة ،لنا تدر أرباحا Xخيالية بالنسبة لتكاليفها القيقية ،فضل Xعن أهداف أخرى يققها الشيطان.
()103ل يرم السلم الرياضة ول الكرة ،بل يدعو دعوة صرية إل تقوية الجسام بالرياضة ،ولكنه
ين كر ال نون ا لذي أ صاب ال ناس ف متاب عة ال سابقات الريا ضية والكرو ية ،فل هم أنف سهم مار سوا
الرياضة ،ول صانوا وقتهم وعقولم!
()104من البلء فتنة البنات أيضا بالكرة وهن ل يارسنها!
و كل " كاتب " أو " مف كر " أو " ف نان " د عا إ ل تط يم القد سات ،و سى
)(105
الدين رجعية ،والخلق الفاضلة تزمتا ،Wوالقيم النسانية مثالية جوفاء
نعم ..هكذا ت التمكي لليهود ف الرض استثناء من القاعدة العامة بشأنم .ول
يكن ذلك بسبب من عبقريتهم الفذة ،ول بتراكم التخطيط كما يزعمون لنفسهم ،ول
ك ما يز عم لم الفز عون من ا لميي من هم ،ك ما يز عم " ول يم كار " وغ يه من ا لذين
يكت بون أحيا نا Xعن الخط طات اليهود ية .إ نا كان ذ لك أسا سا Xب سبب غف لة ا لميي ،أو
بعبارة أخرى بسبب غفلة الراس الذين كلفهم ال أن يكونوا يقظي دائما Wف مراقبتهم
لليهود ،لنعهم من الفساد ف الرض.
بل ل يقف المر عند حد الغفلة من جانب الراس ،فقد تكن الشعب الشرير -
حي اطمأن تاما Xإل غفلة الراس -أن ينوAمهم ،ث يسخرهم خدما Wلصاله ،بوعي منهم
أو بغ ي و عي ..ف صاروا يدورون ف الل قة ا لت ر سها لم ال شياطي ،ويظ لون يدورون
ويدورون حت يستنفدوا جهدهم ،ويتساقطوا لهثي عند أرجلهم ف ناية الطاف!
فهو يبدأ بإضللم ،ث ينيهم بأن طريق الضلل الذي سلكوه هو الذي سيوصلهم
لتحق يق مآربم ،فإذا و قع من هم هذا وذاك ر كب ال شيطان ظ هورهم وأ صبح هو ا لمر
الطاع!
()105ي ستخدم " الثق فون " كل مة الثال ية ل لذم ل لل مدح! بع ن الق يم النظر ية ا لت ل تتح قق ف عال
الواقع ،ومن ث ل تستحق بذل الهد فيها ول التعب.
أقدامهم -سواء ف ذلك أمريكا أو روسيا أو دول أوربا -ولكانت لم اليد العليا عليهم،
كما كان المر خلل أربعة عشر قرنا Xمن القرن الرابع إل القرن الثامن عشر اليلدي.
ولو أن السلمي كانوا على إسلم صحيح ،ما ترأ اليهود عليهم هذه الرأة،
حت ينهشوا جزءõا من جسدهم الي -فلسطي -ث يرهبوهم بكل وسائل الرهاب حت
يكمنوا ويستكينوا!
كل! إن السئول عن خروج الوحش من جحره ،وعيثه فسادXا ف الرض ،إنا هم
أولئك الراس الذين نسوا ال فأنساهم أنفسهم .والسئول الول والكب ف هذا الشأن
هو المة السلمية ،لنا هي الكلفة بالشهادة على كل البشرية با فيها من اليهود ..فلما
نكلت أصابا ما أصابا بقدر من ال ،وحسب سنة ال.
) %وي %س4ع%و4ن #ف)ي ال.أ#ر 4ض) ف #س%ادا Wو%الل Xه -ل ي-ح) ب_ ال.م-ف .س)د)ين] .(%سورة الائدة ،الية
.[64
) %وق#ال/وا ق/ل/وب-ن%ا /غل.ف= ب%ل .ل#ع%ن%ه-م -اللXه -ب)ك/ف.ر)ه)م 4ف#ق#ل)يل Wم%ا ي-ؤ4م)ن-ون] .(#سورة البقرة،
الية .[88
وما نزعم أننا -ول غينا من البشر -نلم بكمة ال على سبيل القطع ،حي ل
يرد ذكر الكمة ف كتاب ال أو ف سنة رسوله صلى ال عليه وسلم على سبيل القطع.
ول يرد ف كتاب ال ول ف سنة رسوله صلى ال عليه وسلم بيان عن حكمة
الستثناء الوارد ف آية سورة آل عمران) :ض-ر)ب%ت% 4عل#ي4ه)م -الذ+لXة /أ4#ين %م%ا ث/ق)ف/وا )إلXا ب)ح4 %بل pم)ن
اللXه) و%ح4 %بل pم)ن %النHاس(] .سورة آل عمران ،الية .[112
فكل ما نقوله عنه ظن ل يبلغ اليقي ..وما نظنه ف هذا الشأن أن ال يعاقب
البشرية على كفرها اليوم بتسليط اليهود عليها.
إن ال قد توعد الكافرين حي يصرون على الكفر بقوله تعال) :ق/ل .ه-و %ا.لق#اد)ر
ع%ل#ى أ#ن .ي%ب4ع%ث #ع%ل#ي4ك/م 4ع%ذ#ابا Wم)ن 4ف#و4ق)ك/م 4أ#و 4م)ن% 4تح4ت) أ#ر4ج-ل)ك/م# 4أو 4ي%ل.ب)س%ك/م 4ش)ي%عا% Wوي-ذ)يق
%بع4ض%ك/م 4ب%أ.س% %بع4ض(] .سورة النعام ،الية .[65
وقد كفرت البشرية اليوم كفرا Xل تكفره ف تاريها كله ،وتبجحت بالكفر كما
ل تتبجح به ف تاريها كله ،فأنكرت ال جهرة ،ونفت هيمنته وسيطرته وتدبيه .فقال
قائل منهم " :ل إله .والكون مادة " ) .(106وقال قائل منهم " :الطبيعة تلق كل شيء
ول حد ل قدرتا ع لى ال لق " ) .(107و قال قائل من هم " :ل قد خ ضع الن سان ل ف
الاضي بسبب عجزه وجهله ،والن وقد تعلم وسيطر على البيئة ،فقد آن له أن يمل
على عاتق نفسه ما كان يلقيه من قبل ف عصر العجز والهل على عاتق ال ،ومن ث
يصبح هو ال " ).(108
ول تعد تلك عقيدة فرد أو أفراد ،إنا أصبحت عقائد الكثرة من البشر ،سواء
قهروا عليها بالديد والنار والاسوسية كما كان المر ف العال الشيوعي ،أو " ه-د-وا "
إليها بفعل مناهج التعليم ووسائل العلم ف العال " الر! ".
واقت ضت حكم ته سبحانه أن يذيق الب شرية ال كافرة التبج حة بالكفر بأس شر
اللق الذي خلقهم ال ،وهم أولئك اليهود ..جزاء وفاقا Xعلى ذلك الكفر الذي هو أسوأ
كفر مر بالناس.
ولقائل أن يقول :ولكن " السلمي " ل يصلوا إل ما وصل إليه الغرب الكافر
اللحد ،إل أقلية منهم ل تكاد ت-ذكر ،وما زال القوم يؤمنون بوجود ال!
) %وأ #ع)د_وا ل#ه -م 4م%ا ا س4ت%ط#ع4ت-م 4م) ن 4ق/وHة pو%م) ن 4ر) ب%اط) ا.لخ%ي 4ل) ت-ر4ه) ب-ون) #ب ه) ع%د-و HاللXه
و%ع%د-وHك/م 4و%آخ%ر)ين %م)ن 4د-ون)ه)م 4ل %تع4ل#م-ون%ه-م -اللXه -ي%ع4ل#م-ه-م( ]سورة النفال ،الية .[60
" يوشك أن تداعى عليكم المم كما تداعى الكلة إل قصعتها .قالوا :أمن
قلة نن يومئذ يا رسول ال؟ قال :بل أنتم يومئذ كثي ،ولكنكم غثاء كغثاء السيل.
ولينعن ال الهابة من صدور أعدائكم ،وليقذفن ف قلوبكم الوهن .قالوا :وما الوهن
يا رسول ال؟ قال :حب الدنيا وكراهية الوت " ).(110
)ظ #ه%ر %ال.ف #س%اد -ف)ي ال.ب%ر sو%ال.ب %ح4ر) ب) م%ا ك #س%ب%ت# 4أ ي4د)ي النHا س) )ل ي-ذ)يق#ه-م 4ب%ع 4ض %ا لXذ)ي
ع%م)ل/وا ل#ع%لXه-م 4ي%ر4ج)ع-ون( ]سورة الروم ،الية .[41
ويتساءل بعض الناس -ولم الق -أو ليس اليهود هم أفسد أهل الرض ،ل ف
الاضر وحده ولكن ف التاريخ كله؟!
ونقول :بلى ول شك! ..إنم اليوم أشد الناس فسادا Xف الرض ..وما هم بناجي
من سنة ال الت كتبت الدمار على الفسدين..
فمع كونم فاسدين إل أقصى حد يتصوره العقل ،فهم أشد من ف الرض اليوم
تمعا Xلدف مدد يصبون إل تقيقه ،ويتشدون لبلوغه ،بينما " الميون " -مهما تكن
در جة تمع هم ،و بذلم للج هد ف سبيل تق يق أ هدافهم -هم أ قل من الي هود احت شادا
وتمعا Xوعزية ،وتنيدXا لنفسهم من أجل تقيق تلك الهداف.
ث هناك جانب آخر من القضية ..فاليهود فاسدون ،وف رأسهم هدف معي هو
إفساد الميي .بينما الميون فاسدون من أجل الفساد فحسب!
تفسد المية من أجل الفساد وحده ،الذي يسمونه " الستمتاع ".
أ ما اليهود ية ف هي تف سد ،وت غوي بف سادها رجل Xمن ا لميي ،فينت فع بف ساده
الشعب الشيطان .سواء كان النتفاع مال Xيكتسب ،أو مصلحة سياسية تتحقق ،أو فسادا
عاما Xيسهل " استحمار " الميي.
ومن أجل ذلك -بسنن ربانية -يتفوق صاحب الدف على الذين ل أهداف
لم ،ويت فوق صاحب ا لدف الب عد ع لى صاحب ا لدف القر يب ..وإن كانوا كل هم
فاسدين..
) %و ك#أ#يsن 4م %ن 4ق#ر 4ي%ة# pأم4ل#ي 4ت# -ل ه%ا و%ه) ي %ظ#ال) م%ة/ Iث م Hأ #خ%ذ.ت-ه%ا و%إ)ل #ي Hا.لم %ص)ي ] .(-سورة
الج ،الية .[48
وظاهر كذلك من آية آل عمران أنه تكي إل حي ..لنه استثناء من القاعدة،
وليس هو أصل القاعدة ،والستثناء -بطبيعته -ينتهي ،والصل يدوم.
ولكنا نقول -حسب سنة ال -إنه يزول حي تزول السباب الت أدت إليه
ف تقدير ال .أي حي يستيقظ الميون من غفلتهم ويعودون إل ال.
) %و ك#ذ#ل)ك% %جع%ل .ن%اك/م 4أ /مHة Wو %س%طا) Wلت%ك/و ن-وا ش-ه%د%ا̀ء ع %ل#ى النHا س) %وي %ك/ون #الر Hس-ول
ع%ل#ي4ك/م 4ش%ه)يدا(] .سورة البقرة ،الية .[143
) /كن4ت -م 4خ %ي4ر %أ /مHة pأ/خ4ر)ج %ت 4ل)لنHا س) ت%أ.م-ر-ون #ب)ال.م%ع4ر-وف) و%ت%ن 4ه%و4ن #ع %ن) ا.لم-ن 4ك#ر
و-%تؤ4م)ن-ون #ب)اللXه(] .سورة آل عمران ،الية .[110
أمة التوحيد
بي الاضي والاضر
ح ي تدثنا ف الف صلي ال سابقي عن الوا قع العا صر لل مة الن صرانية وال مة
اليهود ية ،احتج نا أن نت عرف ع لى ا لذور التاري ية ل كل منه ما ،ل كي ن قرأ الا ضر ع لى
ضوء تلك الذور ،ونعرف من خلل السية التاريية لكل منهما أي عوامل أثرت ف
كيا نا حت و صلت با إ ل واقع ها العا صر ،ث بي نا أ ثر هذا الا ضر ف أ حوال ال عال
العاصرة.
فأما المم السابقة كلها فقد ك”لفت أن تستقيم ل ف ذات نفسها فحسب:
) %و م%ا أ /م)ر-وا )إلXا ل)ي%ع 4ب-د-وا الل Xه %م-خ4ل) ص)ي %ل #ه -الدsين %ح-ن %ف#ا̀ء و%ي-ق)ي م-وا ال صHلة #و-%يؤ 4ت-وا
الزHك#اة #و%ذ#ل)ك %د)ين -ا.لق#يsم%ة(] .سورة البينة ،الية .[5
)و%اع4ب-د-وا اللXه %و%ل ت-ش4ر)ك/وا ب)ه) ش%ي4ئا] .(Wسورة النساء ،الية .[36
)ف#أ#ق)يم-وا الصHلة #و%آت-وا الزHك#اة #و%اع4ت%ص)م-وا ب)اللXه) ه-و %م%و4لك/م 4ف#ن)ع4م %ال.م%و4ل#ى و)%نع4م
النHص)ي(] .سورة الج ،الية .[78
ولكن ها -إ ل جانب هذا التكل يف السا سي ا لذي ل ي قوم بغ يه ب ناء إن سان
صحيح -ك”لÝفت أن تكون هادية لكل البشرية ،وشاهدة على كل البشرية:
) %و ك#ذ#ل)ك% %جع%ل .ن%اك/م 4أ /مHة Wو %س%طا) Wلت%ك/و ن-وا ش-ه%د%ا̀ء ع %ل#ى النHا س) %وي %ك/ون #الر Hس-ول
ع%ل#ي4ك/م 4ش%ه)يدا(] .سورة البقرة ،الية .[143
) /كن4ت -م 4خ %ي4ر %أ /مHة pأ/خ4ر)ج %ت 4ل)لنHا س) ت%أ.م-ر-ون #ب)ال.م%ع4ر-وف) و%ت%ن 4ه%و4ن #ع %ن) ا.لم-ن 4ك#ر
و-%تؤ4م)ن-ون #ب)اللXه(] .سورة آل عمران ،الية .[110
وواضح من كلتا اليتي اللتي تصفان هذه المة وتددان مهمتها أن هناك تكليفا
خاص¾ا ك/لفت به هذه المة ل من أجل نفسها ولكن لناس..
كان التكليف الول لكل المم -كما أسلفنا -هو " التوحيد " .هو عبادة ال
وحده بل شريك:
) %ول #ق#د 4أ#ر 4س%ل.ن%ا ن-و حا) Wإ ل#ى ق#و4م)ه) إ) نsي ل#ك /م 4ن%ذ)ير= م-ب) ي= ،أ #ن .ل %تع 4ب-د-وا )إلXا الل Xه %إ) نsي
#أخ%اف -ع%ل#ي4ك/م 4ع%ذ#اب %ي%و4م# pأل)يم(] .سورة هود ،اليتان.[26 - 25 :
) %وإ)ل#ى ع%اد pأ#خ%اه-م 4ه-ودا Wق#ال #ي%ا ق#و4م) اع4ب-د-وا اللXه %م%ا ل#ك/م 4م)ن 4إ)#له pغ#ي4ر-ه] .(-سورة
هود ،الية .[50
) %وإ) ل#ى ث #م-ود %أ #خ%اه-م 4ص%ال)حا Wق#ال #ي%ا ق#و4م) اع 4ب-د-وا الل Xه %م%ا #لك /م 4م) ن) 4إل #ه pغ#ي4ر -ه. (-
]سورة هود ،الية .[61
) %وإ)ل#ى م%د4ي%ن# %أخ%اه-م 4ش-ع%ي4با Wق#ال #ي%ا ق#و4م) اع4ب-د-وا اللXه %م%ا ل#ك/م 4م)ن 4إ)#له pغ#ي4ر-ه] .(-سورة
هود ،الية .[84
)و%اع4ب-د-وا اللXه %و%ل ت-ش4ر)ك/وا ب)ه) ش%ي4ئا] .(Wسورة النساء ،الية .[36
فما حقيقة التوحيد الذي ب-عث به الرسل جيعا ،Xوعلى رأسهم خات النبياء صلى
ال عليه وسلم؟
كل! إنا هو الكلمة الت تنطق بالفواه ،والعتقاد الراسخ ف القلوب ،والوجدان
الستسر ف الضمائر ،مترجا Wذلك كله إل واقع شعوري وواقع سلوكي ،يتوجه بالعبادة
إل ال وحده بل شريك ،ويلتزم بشريعة ال وحدها دون غيها من الشرائع ،وإل فهو
الشرك الذي روى ال عنه على لسان الشركي:
) %وق#ال #الXذ)ين %أ#ش4ر%ك/وا ل#و 4ش%ا̀ء اللXه -م%ا %عب%د4ن%ا م)ن 4د-ون)ه) م)ن 4ش%ي4ء pن%ح4ن -و%ل آب%اؤ-ن%ا
و%ل ح%رHم4ن%ا م)ن 4د-ون)ه) م)ن 4ش%ي4ء(] .سورة النحل ،الية .[35
وا لذي قال ا ل ع نه) :و %م%ا ي-ؤ4م)ن# -أك.ث#ر-ه -م 4ب)اللXه) )إلXا و%ه -م 4م -ش4ر)ك/ون ] .(#سورة
يوسف الية .[106
إن الطلوب من الناس لكي ي-صبحوا مؤمني ،أن يعبدوا ال " ملصي له الدين "
وليس مرد أن يعرفوا أن لم ر̈با ،أو أن ربم واحد ،فقد كان الشيطان يعرف ذلك!
) ق#ال #ر %ب) sب م%ا أ #غ.و4%يت%ن)ي ل#أ/ز%ي%sنن# Hله -م 4ف)ي ا.لأ#ر 4ض) و %ل#أ/غ.و)ي%نHه-م# 4أج4م%ع) ي) ،%إلXا ع) ب%اد%ك
خل#ص)ي(] .سورة الجر ،اليتان .[40 - 39 م)ن4ه-م -ال.م4 -
والخلص -الذي هو الشرط الطلوب لكي تصح العباة وت-صبح مقبولة عند ال
-ت شتمل ع لى أ مور ثل ثة ،بين ها ا ل ف ك تابه ال نل ،و ف سنة ر سوله صلى ا ل عل يه
وسلم.
العتقاد الراسخ بأن ال واحد متفرد ف ذاته وصفاته وأسائه وأفعاله ،ل شريك
له ف شيء من ذلك.
وا لخلص م له الق لب ،ن عم ،ول كن له شواهد تدل عل يه ،أو تدل ع لى نق ضه
حي ينتقض .فمن اعتقد أن مع ال من يلق أو يرزق ،أو ي-حيي أو ي-ميت ،أو يضر أو
ينفع ،أو ي-دبر المر فقد أشرك.
ومن توجه بشيء من شعائر العبادة لغي ال -معه أو من دونه -فقد أشرك.
ومن تاكم راضيا Xمريدا Xعالا Xإل شريعة غي شريعة ال فقد أشرك.
وق ضية الت شريع با لذات ،وكو نا مت ضمنة ت ضمنXا مبا شرا Xف ل إ له إل ا ل -
بالنسبة للمم الؤمنة جيعا - Xقد تتاج إل شيء من البيان ،إذا اعتبنا أن قضية العتقاد
وقضية العبادة من السلمات الت ل يادل فيها إنسان.
لقد أمر ال اليهود والنصارى بتطبيق ما أنزل إليهم من الشرائع ،وشدد ف ذلك
المر حت ربط ذلك التطبيق باليان ،وجعل عدم الكم با أنزل ال ناقضا Xلل إله إل
ال ،ومرجXا لصحابه من دائرة اليان.
)إ) نHا #أن4ز%ل .ن%ا ال تHو4ر%ا #ة ف)ي ه%ا ه-دى Jو %ن-ور= %يح4ك /م) -ب ه%ا الن)Hب ي_ون #ا لXذ)ين %أ #س4ل#م-وا )ل لXذ)ين
ه%اد-وا و%الر HبHان)ي_ون #و%ال.أ#ح 4ب%ار) -ب م%ا ا س4ت-ح4ف)ظ/وا م) ن 4ك) ت%اب) الل Xه) و %ك#ان-وا ع%ل#ي 4ه) ش-ه%د%ا̀ء ف#ل
%تخ 4ش%و-ا النHا س %و%اخ 4ش%و4ن) و%ل %ت ش4ت%ر-وا ب)آ ي%ات)ي ث% #م نا Wق#ل)يل Wو%م %ن# 4ل م 4ي%ح4ك /م) 4ب م%ا #أن4ز %ل #اللXه
ف#أ/ول#ئ)ك %ه-م -ال.ك#اف)ر-ون(] .سورة الائدة ،الية .[44
) %ول.ي%ح4ك/م# 4أه4ل /ال.أ)ن4ج)يل) )بم%ا أ#ن4ز%ل #اللXه -ف)يه) و%م%ن 4ل#م% 4يح4ك/م 4ب)م%ا #أن4ز%ل #اللXه -ف#أ/ول#ئ)ك
ه-م -ا.لف#اس)ق/ون(] .سورة الائدة ،الية .[47
فبي ت عال بذلك أ نه أمر هم أ مرا Xصريا - Xبل شدد علي هم -ف الت حاكم إ ل
الشريعة الربانية النلة إليهم ف حينها ،وجعل ذلك مكا Xليانم .ومع ذلك فحي حدد
ال ما أمرهم به فقد حصر المر حصرا Xف هذه المور الثلثة:
) %و م%ا أ /م)ر-وا )إلXا ل)ي%ع 4ب-د-وا الل Xه %م-خ4ل) ص)ي %ل #ه -الدsين %ح-ن %ف#ا̀ء و%ي-ق)ي م-وا ال صHلة #و-%يؤ 4ت-وا
الزHك#اة #و%ذ#ل)ك %د)ين -ا.لق#يsم%ة(] .سورة البينة ،الية .[5
) %وي%ق/ول/ون #آ %منHا ب)اللXه) %وب)الرHس-ول) و#%أط#ع4ن%ا ث/م% Hيت%و%لXى ف#ر)يق= م)ن4ه-م 4م)ن 4ب%ع4د) ذ#ل)ك %و%م%ا
أ/ول#ئ)ك %ب)ال.م-ؤ4م)ن)ي ،%و%إ)ذ#ا د-ع-وا إ)ل#ى اللXه) و%ر%س-و)له) ل)%يح4ك/م% %بي4ن%ه-م 4إ)ذ#ا ف#ر)يق= م)ن4ه-م 4م-ع4ر)ض-ون(.
]سورة النور ،اليتان .[48 ،47
)ف#ل و%ر%بsك %ل ي-ؤ4م) ن-ون #ح%تHى ي-ح+ %ك م-وك %ف)ي م%ا ش%ج%ر %ب%ي4ن%ه -م 4ث/م Hل %ي ج)د-وا ف)ي
#أن4ف/س)ه)م 4ح%ر%جا Wم)مHا ق#ض%ي4ت %و%ي-س%ل+م-وا ت%س4ل)يما(] .سورة النساء ،الية .[65
وهكذا تتبي طبيعة التكليف العام الذي كلفه ال للمؤمني جيعا Xمن كل المم،
با فيهم المة الخية ،وأنه يشمل العقيدة والشعية والشريعة كلها ف آن واحد .كلها
()111الكافرون والظالون والفاسقون ف اليات الثلث من سورة الائدة ) (47 ،45 ،44كلها وصف
لن ل يكم با أنزل ال ،فهم كافرون ،وهم ف الوقت نفسه ظالون وفاسقون .وهذا أول من القول
بأنا درجات متلفة ف الكم على العمل الواحد.
هي " العبادة " الطلوبة من الؤمني .ل يزئ بعضها عن بعض ،ول يؤدي واحد منها
بفرده إل اتصاف النسان باليان ،ونقض أي áمنها نقص لملة اليان.
أما التكليف الذي اختصت به المة الخية ،الت أرسل إليها الرسول الات صلى
ال عليه وسلم ،فله حكمته عند ال.
لقد كان الرسل السابقون صلوات ال وسلمه عليهم ،ي-رسل كل واحد منهم
لقوم معيني ولفترة من الزمن مدودة ،حت كان خات النبيي صلى ال عليه وسلم ،الذي
أرسل إل البشر كافة إل قيام الساعة ،بالرسالة الت اكتمل با الدين ،وتت با النعمة
الربانية:
)ا.ل ي%و4م# %أك.م%ل .ت# -لك /م 4د)ين%ك /م 4و%أ4#تم%م 4ت -ع%ل#ي4ك /م) 4نع4م %ت)ي و%ر %ض)يت# -لك /م -ا.لأ) س4لم
د)ينا(] .سورة الائدة ،الية .[3
" مثلي ومثل النبياء من قبلي كمثل رجل بن بنيانا Wفأحسنه وأجله ،إل موضع
لب نة من زاو ية من زوا ياه ،فج عل ال ناس يطو فون به ،ويعج بون له ،ويقو لون :هل
وضعت اللبنة؟ فأنا اللبنة وأنا خات النبياء " ).(112
وإذا كانت أمة كل رسول قد ك”لmفت أن تمل رسالة رسولا من بعده حت يأتيها
ر سول آ خر م صدق لل إ له إل ا ل ،فتتب عه و تؤازره% ) :وإ)ذ .أ #خ%ذ #الل Xه -م)ي ث#اق %الHنب)ي sي %ل #م%ا
آت%ي4ت/ -كم 4م)ن 4ك)ت%اب pو%ح)ك.م%ة pث/م Hج%ا̀ءك/م 4ر%س-ول Iم-ص%دsق= ل)م%ا م%ع%ك/م 4ل#ت-ؤ4م)ن-ن) Hبه) و%ل#ت4 %نص-ر-نHه(.
]سورة آل عمران ،الية .[81
فقد كلفت المة الخية كذلك أن تمل رسالة رسولا من بعده ،ولكن مع
فارق أساسي ،أو فارقي ف القيقة.
الفارق الول :أن هذه المة تمل رسالة رسولا من بعده حت ي%ر)ث #ال الرض
ومن عليها ،لنه ل نب بعده صلى ال عليه وسلم ،ول رسالة بعد رسالته.
()112أخرجه مسلم.
والفارق الثان :أن رسالة الرسول الات صلى ال عليه وسلم ،هي للناس كافة،
وليست لقوم معيني ،ومن ث -حم×لãت 5أمته رسالته من بعده للناس كافة ،وجاء النص على
الناس صريا Xسواء ف وصف المة أو تديد رسالتها:
) %وك#ذ#ل)ك% %جع%ل.ن%اك/م 4أ/مHة Wو%س%طا) Wلت%ك/ون-وا ش-ه%د%ا̀ء ع%ل#ى النHاس)(] .سورة البقرة ،الية
.[143
وق بل أن ن شرح حدود هذا التكل يف وو سيلته ،ن-ح ب Aأن ن -كرر ال شارة إ ل أن
رسالة المة السلمية وتكاليفها هي رسالة نبيها صلى ال عليه وسلم وسلمذاتا ،وما
ك”لف من التكاليف.
)اد 4ع) -إ ل#ى س%ب)يل) رs%ب ك %ب)ال.ح)ك .م%ة) و%ال.م%و4ع) ظ#ة) ال.ح %س%ن%ة)( ] .سورة الن حل ،ال ية
.[125
)ي%ا أ_#يه%ا الرHس-ول /ب%ل+غ .م%ا /أن4ز)ل) #إل#ي4ك %م)ن 4ر%بsك %و%إ)ن .ل#م% 4تف.ع%ل .ف#م%ا %بلXغ4ت %ر)س%ال#ت%ه. (-
]سورة الائدة ،الية .[67
وأمر بالهاد..
) ي%ا أ_#ي ه%ا النHب) ي_ ج%ا ه)د) ا.لك /فXار %و%ال.م -ن%اف)ق)ي %و%اغ.ل /ظ .ع%ل#ي4ه) م 4و %م%أ.و%اه-م 4ج%ه%ن Hم -و%ب)ئ.س
ال.م%ص)ي(] .سورة التحري ،الية .[9
) ي%ا #أي_ ه%ا النHب) ي_ إ) نHا أ#ر 4س%ل.ن%اك %ش%اه)دا Wو%م-ب %شsرا Wو %ن%ذ)يرا ] .(Wسورة ا لحزاب ،ال ية
.[45
) %ول.ت%ك/ن 4م)ن4ك/م 4أ/مHة Iي%د4ع-ون #إ)ل#ى ا.لخ%ي4ر) و%ي%أ.م-ر-ون #ب)ال.م%ع4ر-وف) و%%ين4ه%و4ن #ع%ن) ال.م-ن4ك#ر)(.
]سورة آل عمران ،الية .[104
) %وك#ذ#ل)ك% %جع%ل.ن%اك/م 4أ/مHة Wو%س%طا) Wلت%ك/ون-وا ش-ه%د%ا̀ء ع%ل#ى النHاس)(] .سورة البقرة ،الية
.[143
()115أخرجه البخاري.
وتلك الهداف النصوص عليها ف كتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم،
هي أ هداف ذات اعت بار ،سواء ف حك مة " إ خراج " هذه المة ،أو ف تقر ير خييتها
كذلك.
) /كن4ت -م 4خ %ي4ر %أ /مHة pأ/خ4ر)ج %ت 4ل)لنHا س) ت%أ.م-ر-ون #ب)ال.م%ع4ر-وف) و%ت%ن 4ه%و4ن #ع %ن) ا.لم-ن 4ك#ر
و-%تؤ4م)ن-ون #ب)اللXه(] .سورة آل عمران ،الية .[110
ونقف قليل Xعند قضية " اليية " الت وصفت با هذه المة:
ما ال فرق بين ها وب ي د عوى اليهود أ نم شعب ا ل الخ تار إ ل هذه اللح ظة،
الفضل على العالي إل البد ،ودعوى كل قومية أنا أفضل المم جيعا Wوأرقاها؟
هناك عدة فوارق ،تنطلق كلها من فارق أساسي :أن خيية هذه المم ليست
خيية عنصرية ول عرقية كدعوى بن إسرائيل ،وليست منبثقة من عصبية جنس ول
انتماء لرض معينة كعصبية القومية المقاء.
إنا خيية أعمال ..خيية مبادئ ..خيية قيم ..خيية سلوك ،ناشئة من اليان
بال ،والمر بالعروف والنهي عن النكر .ولذلك فهي ليست حكرWا على شعب معي
ول عنصر معي ول دم معي ،إنا هي ملك لكل مسلم آمن بال وملئكته وكتبه ورسله
واليوم الخر والقدر خيه وشره ،وعمل بقتضى إيانه ،أ̈يا كان جنسه أو لغته أو أرضه
أو من شؤه ،ك ما كانت مل كXا لبلل الب شي ،وصهيب الرومي ،وسلمان الفار سي ،ع لى
الستوى نفسه الذي كانت فيه ملكا Xللمؤمني من قريش .وإنا يتفاضل الناس فيما بينهم
بالتقوى:
" ل فضل لعرب على عجمي ،ول لبيض على أحر إل بالتقوى " ).(116
الماقات .بل تذهب اليية عن المم -كما هو حال المة السلمة اليوم -إن هي
نكلت عن رسالتها ول تقم بتكاليفها ،ول تسترد استحقاقها لا حت تعود إل العمل
بقتضياتا.
تلك هي الفوارق..
" ليس منا من دعا إل عصبية ،وليس منا من قاتل على عصبية ،وليس منا من
مات على عصبية " ).(117
وليست كذلك دعوى بل دليل .إنا هي قيم ومبادئ وعمل وسلوك ،إن وجدت
و جدت مع ها الي ية ،وإن زا لت زا لت الي ية ،وإن ب قي ال ناس ا لذين يم لون أ ساء
إسلمية ،ويقولون بأفواههم ل إله إل ال ،ممد رسول ال!
وما أعظم الفارق ف واقع الرض ،وعند ال ف اليوم الخر ،بي دعوى تمل
ر صيدا Xمن ا لق ،ود عوى ت مل الر صيد) :ل#ي 4س) %بأ #م%ان)يsك/م 4و%ل أ #م%ان)ي sأ#ه 4ل) ال.ك) ت%اب) م%ن
%يع4م %ل .س-وءا- Wي ج4ز %ب) ه) و%ل ي %ج)د 4ل #ه -م) ن 4د-و ن) الل Xه) و)%ل يmا Wو%ل %ن ص)يا ،Wو%م %ن 4ي%ع4م %ل .م) ن
ال صHال)ح%ات) م) ن 4ذ #ك#ر# pأو 4أ/ن 4ث#ى و %ه-و %م-ؤ4م)ن= ف#أ/ول#ئ)ك %ي%د4خ-ل/ون #ا.لج %نHة #و%ل -يظ.ل #م-ون #ن%ق)يا(.
]سورة النساء ،اليتان .[124 - 123
إن ل إله إل ال ،الت جاء با كل رسول من لدن آدم إل ممد صلى ال عليه
وسلم ،هي الساس الذي يقوم عليه البناء اليان ،اللب للفطرة ،والذي يصبح به النسان
ف أحسن تقوي كما خلقه ال:
)ل#ق#د% 4خل#ق.ن%ا ا.لأ)ن4س%ان #ف)ي #أح4س%ن) ت%ق.و)ي] .(pسورة التي ،الية .[4
)ف)ط.ر%ت %اللXه) اXلت)ي ف#ط#ر %النHاس %ع%ل#ي4ه%ا ل %تب4د)يل) #لخ%ل.ق) اللXه) ذ#ل)ك %الدsين -ال.ق#يsم -و%ل#ك)ن
#أك.ث#ر %النHاس) ل ي%ع4ل#م-ون(] .سورة الروم ،الية .[30
ولكن نوع الساس وحجمه وطبيعته تتناسب دائما Xمع حجم البناء القام فوقه
ونوعه وطبيعته.
والبناء الذي أخرجت هذه المة لتقيمه هو أعظم بناء ف تاريخ البشرية :هو
تقيق النهج الربان ف عال الواقع ،ف مواجهة الاهلية العالية ف كل الرض ..لذلك
ح-ق mللساس الذي يقوم عليه ذلك البناء أن يكون أمت أساس وضع ف تاريخ البشرية.
كان أساسه ف النفوس .ف قلوب تلك العصبة الؤمنة ،القليلة العدد ،نعم ،ولكنها
ت ثل أ ضعاف أ ضعاف حجم ها ال عددي ،ل نا ت مل طا قة مر كزة من ال يان ال صاف
التجرد ل ،تكفي لضاءة الساحة الواسعة بإشعاعها ..ل ساحة الدينة النورة وحدها،
ول ساحة الزيرة العربية وحدها ،ولكن ساحة البشرية.
إن أصفى بيان للتوحيد ،وأكمل بيان وأشل بيان ،هو الذي نزل به القرآن الكري
وبينته السنة النبوية الطهرة ،لن ال كان -يعÆد ¥بذا البيان " ،خي أمة أخرجت للناس ".
المة الت ك”لmفت أن تكون شاهدة على كل البشرية.
وما نقول إنا المة الوحيدة الت تردت ل ،أو ترد " الواريون " الذين تمعوا
حول نبيها ل ..كل! فحول كل نب أرسل إل الناس تمعت قلوب صافية ،باعت الدنيا،
وتردت للحق الذي آمنت به ،ورضيت بال ر̈با ،وبنبيها رسول ،Xوبالخرة عوضا Xعن
الدنيا..
إن الركة باليان ليست كمجرد اليان مهما كان راسخا ..Xفمن شأن الركة
أن تدث اهتزازات ف الكيان التحرك ،فيحتاج إل تكي الساس أكثر ،لكي ل تؤثر
الركة ف ثباته واستقراره .وكلما كانت الركة أوسع مدى وأشد م–و5را Xاحتاج المر
إل تكي الساس أكثر ،لكي يظل متماسكا Xعلى الرغم من الراكة الوارة
ولقد كانت حركة هذه المة بإيانا ف مالت الياة الختلفة أعظم حركة ف
التار يخ ،ف لزم -ف ع لم ال -أن ي كون ال ساس ا لذي ي قوم عل يه بناؤها أر سخ أ ساس
وأعمق أساس ..فنل القرآن ثلثة عشر عاما Xكاملة ،يبي حقيقة التوحيد الشاملة ،ويدخل
با كل مسارب النفس البشرية ومنحنياتا ،ليستقر هناك عميقا Xف حنايا النفوس .وبقي
ر سول ال صلى ال عل يه وسلم ،ثلثة ع شر عاما Xكام لة Xير كز جهده ا لعظم ف تربية
هاتيك النفوس ،لتحمل أكب طاقة إيانية يتسع لا القلب البشري .وكان هذا كله عنصرا
ملحوظا Xمن عناصر خيية هذا المة.
) /كن4ت -م 4خ %ي4ر %أ /مHة pأ/خ4ر)ج %ت 4ل)لنHا س) ت%أ.م-ر-ون #ب)ال.م%ع4ر-وف) و%ت%ن 4ه%و4ن #ع %ن) ا.لم-ن 4ك#ر
و-%تؤ4م)ن-ون #ب)اللXه(] .آل عمران ،الية.[110 :
وحي قام بناء المة ف الدينة النورة -بالهاجرين والنصار -تتابعت التكاليف
واتسع نطاقها حت شلت الياة كلها ف كل جوانبها السياسية والقتصادية والجتماعية
والفكر ية والخلق ية ..الت صورية وال سلوكية ،الداخل ية والارج ية ..حت اكت مل ا لدين
وتت النعمة:
)ا.ل ي%و4م# %أك.م%ل .ت# -لك /م 4د)ين%ك /م 4و%أ4#تم%م 4ت -ع%ل#ي4ك /م) 4نع4م %ت)ي و%ر %ض)يت# -لك /م -ا.لأ) س4لم
د)ينا(] .سورة الائدة ،الية .[3
الدف الول أن تستقيم هذه المة لربا ف ذات نفسها -وهو الدف الشترك
بين ها وب ي ا لمم الؤم نة ال سابقة كل ها -ول كن ع لى أو سع م ساحة عرفت ها الب شرية:
تشمل الفرد والماعة ،الرجل والرأة .الصغار والكبار .التعامل مع الصدقاء والعداء.
ا لؤمني وغ ي ا لؤمني ،ا لاربي وال سالي ،ك ما ت شمل كل ت صرف سلوكي ،و كل
تصرف فكري ،وكل هاجسة تطر ف داخل النفس ل يراها الناس ،ولكن يطلع عليها من
يعلم خائنة العي وما -تخ5فÆي الص¥دور.
وإ نا لتقوم بالتكليفي معا Xع لى أ ساس وا حد ،هو ل إ له إل ال ،م مد ر سول
ال.
إنا ل تصطنع شيئا Xخاص¨ا من أجل الشهادة على البشرية غي الذي تقوم به لذات
نفسها ..اللهم إل الدعوة وتكاليفها ..ولكنه الساس ذاته ،والنهج ذاته ،والتوجه ذاته..
إنا تتحرك -با استقامت لربا ف ذات نفسها -لتعرض على الناس السلم من
خلل سلوكها العملي بالنهج الربان ،وتدعوهم -من خلل القدوة العملية -للدخول
فيه .ث تبلغهم أن هذا الدين هو العتمد عند ال ،الناسخ لكل ما سواه ،وأنا مكلفة من
قبل ربا أن تدعوهم إليه ،وأن تزيل كل الواجز الت تجب الق عن النفوس ،وتجز
الن فوس عن ا لق ،ليخ تار ال ناس لنف سهم ما ي تارون غ ي م ضغوط علي هم ول م ضللي
).(119
وهكذا ند أن الساس القيقي للتكليف الاص الذي كلفت به هذه المة من
دعوة وشهادة وجهاد ،هو الساس ذاته الذي يقوم به إسلمها .فهي تتحرك حركتها
()119سنتكلم فيما بعد عن مهمة الهاد السلمي ف حياة المة وف حياة البشرية.
الطبيعية الذاتية بذا الدين ،ومن خلل حركتها تدعو ،ومن خلل حركتها تشهد ،ومن
خلل حركتها تقوم با تستلزمه الدعوة والشهادة من الهاد.
إنا صدق اليان بال واليوم الخر ،وجدية الخذ من الكتاب والسنة ف كل
أمر يعرض ف حياة الناس ،وصدق الهاد ف سبيل ال.
وهي تقيق التكافل الذي يربط بناء المة ،ويعل القادرين يملون غي القادرين
با أفاء ال عليهم من فضله.
()120الوفاء بالواثيق هو من أخلقيات ل إله إل ال ،ولكنا أفردناه لهيته الاصة ف التوجيه الربان
لذه المة.
إنا كان الذي تفرد به اليل الول هو الدرجة العجيبة الت وصل إليها ف تقيق
ت لك ال سمات ف أع لى آفاق ها ،و تاوز با ا لد ا لدن ال فروض ،إ ل ا لد ا لعلى
الرغوب ،تطوعا Xمنه ،ورغبة ف مرضاة ال.
أما تلك السمات ذاتا فهي هي كيان المة الصيل ،من أجلها أخرجت هذه
المة ،ومن أجلها كانت خييتها .ولن يتحقق لا كيانا السلمي القيقي -فضل Wعن
اليية النوطة با -حت تقوم با ،وتاهد ف سبيلها ،وتنحها عزيتها الصادقة .ول
تكون قد أدت رسالتها سواء لنفسها أو للناس ،إن هي اكتفت من كل ذلك بالمان
الفارغة والحلم الميلة.
إن هذه السمات -بالنسبة لذه المة -هي مقتضيات ل إله إل ال ،ذلك أنا
-كلها -تكليف ربان ،وكل تكليف ربان داخل -بالضرورة -ف مقتضيات ل إله
إل ال.
ومن ث كانت ل إله إل ال ف حياة هذه المة أمت أساس قام عليه بناء ف تاريخ
أية أمة ،وأوسع أساس ،وأشل أساس.
إنه منهج حياة كامل ،يشمل كل جزئيات الياة ،ويربطها بعضها ببعض برباط
اليان ).(122
()121تدثت عن هذه السمات بتفصيل كاف ف فصل " نظرة إل اليل الفريد " من كتاب " واقعنا
العاصر ".
ول نقصد من هذه اللمحات أن تغطي كل جوانب العطاء الذي قدمته هذه المة
للبشرية ،فهذا أيضا Xأمر يطول ،وتتص به الدراسات التاريية التخصصة .إنا هي مرد
لقطات متفرقة ،بقدر ما يسمح به القام ف كتيب كهذا ياول أن ي-عطي صورة سريعة
لحوال العال العا صر من زاوية الرصد السلمية .ومن أمانينا أن يتفرغ لبحث هذه
الوانب باحثون متخصصون ،يتوفرون على دراسة ذلك العطاء الضخم الذي تتنكر له
البشرية اليوم ،بدافع الغفلة من جانب المة ،ودافع التعصب القيت من جانب العداء!
)(1
كانت الداية إل التوحيد هي قمة العطاء الربان لذه المة .وهي كذلك قمة
العطاء الذي قدمته هذه المة للبشرية:
)ل#ق#د 4م%ن HاللXه -ع%ل#ى ال.م-ؤ4م)ن)ي %إ)ذ .ب%ع%ث #ف)يه)م 4ر%س-ول Wم)ن 4أ4#نف/س)ه)م% 4يت4ل/و ع%ل#ي4ه)م 4آي%ات)ه
و-%يز%ك+يه)م 4و%ي-ع%ل+م-ه-م -ال.ك)ت%اب %و%ال.ح)ك.م%ة% #وإ)ن .ك#ان-وا م)ن 4ق#ب4ل /ل#ف)ي ض%ل pل م-ب)ي(] .سورة آل
عمران ،الية .[164
) /كن4ت -م 4خ %ي4ر %أ /مHة pأ/خ4ر)ج %ت 4ل)لنHا س) ت%أ.م-ر-ون #ب)ال.م%ع4ر-وف) و%ت%ن 4ه%و4ن #ع %ن) ا.لم-ن 4ك#ر
و-%تؤ4م)ن-ون #ب)اللXه(] .سورة آل عمران ،الية .[110
()122تتلف مواضع التكاليف من قضية اليان ،فبعضها إن نقض ينقض أصل اليان ،وبعضها إن نقض
ينقص من اليان ول ينقض أصله ،ولكنها كلها مرتبطة بل إله إل ال.
) %ول.ت%ك/ن 4م)ن4ك/م 4أ/مHة Iي%د4ع-ون #إ)ل#ى ا.لخ%ي4ر) و%ي%أ.م-ر-ون #ب)ال.م%ع4ر-وف) و%%ين4ه%و4ن #ع%ن) ال.م-ن4ك#ر)(.
]سورة آل عمران ،الية .[104
وإذا كانت الاهلية العاصرة بالذات تصغر من قيمة اليان ،ومن قيمة التوحيد،
حت تعله مزاجا Xشخص̈يا يتخذ كل إنسان موقفه منه على هواه بل فارق ،وتستوي الياة
بال يان ك ما ت ستوي بالكفر ،سواء ال ياة السيا سية أو الق صادية أو الجتماع ية ..ا ل،
ويظل الدين صلة شخصية بي العبد والرب ،ملها القلب ،ول علقة لا بواقع الياة..
إذا كان هذه مو قف الاهل ية العا صرة با لذات ،فإن قي مة التوح يد ،و ضرورته
للح ياة الن سانية ،م ستمدة من طبي عة الن سان ذا ته ،ل من طبي عة ا لبيئة ول من طبي عة
الظروف..
وليس الفارق بي إنسان وإنسان أن هذا يعبد وذاك ل يعبد ..إنا يفترق إنسان
عن إنسان ف " العبود " ،الذي يتوجه إليها بالعبادة ،ل ف مبدأ التوجه بالعبادة إل معبود
ما.
وال فارق الرئي سي ب ي ال ناس ع لى ن طاق الب شرية كل ها ،أن ه ناك من يع بد ا ل
وحده بل شريك ،وهناك من يعبد غي ال ،معه أو من دونه ،ومن ث ينقسم الناس كما
أخب عنهم خالقهم إل فريقي اثني:
) -هو %الXذ)ي خ%ل#ق#ك/م 4ف#م)ن4ك/م 4ك#اف)ر= و%م)ن4ك/م 4م-ؤ4م)ن=(] .سورة التغابن ،الية .[2
)أ##ل م 4أ#ع 4ه%د) 4إل#ي4ك /م 4ي%ا %ب ن)ي آد %م %أ #ن .ل ت%ع 4ب-د-وا ال شHي4ط#ان #إ)Hن ه -ل#ك /م 4ع%د-و -م-ب) ي= ،و%أ#ن
صر%اط Iم-س4ت%ق)يم(] .سورة يAس ،اليتان .[61 ،60 اع4ب-د-ون)ي ه%ذ#ا )
أما الذي يسب أنه ل يعبد شيئا Xعلى الطلق فذلك من الذين قال ال عنهم:
وعبادة الوى ل ترج ف النهاية عن كونا عبادة للشيطان ،لنه هو الذي يركها
ف النفوس.
)أ##ل م 4ت%ر# %أ نHا أ#ر 4س%ل.ن%ا ال شHي%اط)ي %ع %ل#ى ال .ك#اف)ر)ين %ت%ؤ-ز_ه-م# 4أزmا ] .(Wسورة مر ي ،ال ية
.[83
والقضية الكبى ف حياة النسان :القضية الت تقرر مصيه ف الدنيا والخرة،
والت تقرر له منهج حياته ،وتصوراته وسلوكه ،هي هذه القضية :أيهما أول بالعبادة؟ آل
أم ما يشركون؟ وأي الوضعي أكرم للنسان وأليق بكيانه :حي يكون عابدا Xل الق؟ أم
حي يكون عابدا Xلللة الزيفة فيكون عابدXا للشيطان؟
)أ#ف#م%ن 4ي%م4ش)ي م-ك)بmا Wع%ل#ى و%ج4ه)ه) أ#ه4د%ى #أمHن% 4ي 4مش)ي س%و)يmا Wع%ل#ى ص)ر%اط pم-س4ت%ق)يم.(p
]سورة اللك ،الية .[22
وكل المم الت آمنت برسولا آمنت بالتوحيد ،ولكن ما من أمة حافظت على
التوحيد أطول مدى ول أشد صفاء من أمة ممد صلى ال عليه وسلم.
ل قد جاء كل الر سل ليقو لوا لقوامهم ) :ي%ا ق#و4م) اع 4ب-د-وا الل Xه %م%ا #لك /م 4م) ن) 4إل#ه
غ#ي4ر-ه(] .سورة هود ،الية .[50
قا لا نوح ل قومه ،وقا لا هود و صال و شعيب لقوامهم ،وقا لا إبراه يم عل يه
السلم ،وقالا موسى وعيسى وممد صلوات ال وسلمه عليهم جيعا.
) %ور -س-ل Wق#د 4ق#ص %ص4ن%اه-م 4ع%ل4 #ي ك %م) ن 4ق#ب 4ل /و%ر -س-ل# Wل م 4ن%ق.ص -ص4ه-م 4ع%ل#ي 4ك ] .(%سورة
النساء ،الية .[164
) %و م%ا أ#ر 4س%ل.ن%ا م) ن 4ق#ب4ل) ك %م) ن 4ر %س-ول) pإلXا ن-وح)ي )إل#ي 4ه) أ#ن Hه -ل )إل #ه) %إلXا #أ ن%ا ف#اع 4ب-د-ون)(.
]سورة النبياء ،الية .[25
وفرق -ف العداد والتوجيه -بي من ي-راد له أن يتعلم لذات نفسه فحسب،
ومن يراد له أن يتعلم ليكون معلمXا لغيه.
ث فرق آخر -ف العداد والتوجيه كذلك -بي من يراد له أن يكون معلما
لقوم مدودي العدد ف بقعة معينة من الرض وظرف معي من الزمان ،وبي من يراد له
أن يكون معلما Wللناس كافة على مدى الزمان كله..
) /كن4ت -م 4خ %ي4ر %أ /مHة pأ/خ4ر)ج %ت 4ل)لنHا س) ت%أ.م-ر-ون #ب)ال.م%ع4ر-وف) و%ت%ن 4ه%و4ن #ع %ن) ا.لم-ن 4ك#ر
و-%تؤ4م)ن-ون #ب)اللXه(] .سورة آل عمران ،الية .[110
) ي%ا أ_#ي ه%ا ا لXذ)ين %آم %ن-وا آم) ن-وا ب)اللXه) و%ر %س-ول)ه) و%ال.ك) ت%اب) ا لXذ)ي %نز Hل #ع %ل#ى ر %س-ول)ه
و%ال.ك)ت%اب) الXذ)ي #أن4ز%ل #م)ن 4ق#ب4ل(] .سورة النساء ،الية .[136
ولعمق ال توجيه الربان ف كتابه النل -مع تكفل رب العالي بفظ ك تابه -
بق يت هذه ال مة Æ -ب قãدر Æا ل وم شيئته -تافظ ع لى صفاء توح يدها فترة طوي لة من
الوقت ،وتنشره ف الفاق ،بينما المة اليهودية الت نزل لا كتاب توحيد من قبل حرفته
بتصوراتا الوثنية الابطة ) ،(123والمة النصرانية تقبلت تريف شاول اليهودي ،وتسكت
من بعده بعقيدة أبعد ما تكون عن التوحيد! ).(124
ول تكن قضية التوحيد مرد تصديق عقلي بأن ال واحد ل شريك له ف ذاته
ول ف أسائه وصفاته ،ول مرد وجدان مستسر ف الضمي ..فقد صحب هذا التصديق
العقلي وهذا الوجدان القلب منذ البدء " أعمال " معينة ،سواء كانت من أعمال القلب أو
من أع مال ا لوراح ،شكلت ف مموع ها " من هج ح ياة " كا مل ،ي شمل كل م ناحي
الياة.
()123تصور التوراة الله جل وعل ف صورة زرية ل تليق حت بإنسان عادي .انظر على سبيل الثال ف
سفر التكوين قصة الله مع آدم وحواء بعد أن ذاقا الشجرة فبدت لما سوآتما ،إذ شعرا بأن الله
قادم فاخت بآ م نه .ف ظل يب حث عنه ما – ت عال ا ل عن ذ لك ع ل̈وا كبيXا – حت و جدها! و ف ق صة
إسرائيل مع ال إذ تشاجر إسرائيل مع ال التخفي ف صورة إنسان فكسر إسرائيل حقوه – نستغفر ال
– وأمسك به ل يريد أن يفلته من قبضته حت تعهد له ال أن ينحه العهد فأطلق سراحه!!
()124ل يستحي الستشرقون بعد ذلك أن يزعموا أن ممدا Xصلى ال عليه وسلم ،قد أخذ فكرة التوحيد
عن اليهود والنصارى!!
)ص)ب4غ%ة #اللXه) و%م%ن# 4أح4س%ن -م)ن %اللXه) ص)ب4غ%ة Wو%ن%ح4ن# -له -ع%اب)د-ون] .(#سورة البقرة ،الية
.[138
بينما المة اليهودية غيت صبغة ال الرائقة الصافية -بتحريفها للتوراة -إل
أنانية وص–لãف وجحود وعدوان وجشع مادي وبلدة روحية وقسوة قلب ،كما خاطبهم
ال تعال ف كتابه النل:
)ث /م Hق #س%ت 4ق /ل/وب-ك/م 4م) ن% 4ب ع4د) ذ)#ل ك %ف#ه) ي %ك#ال.ح) ج%ار%ة) أ#و 4أ #ش%د_ ق #س4و%ة Wو%إ) ن Xم)ن
ال.ح) ج%ار) %ة #ل م%ا ي%ت%ف #جHر -م)ن 4ه -ا.لأ#ن 4ه%ار% -وإ) ن Xم)ن 4ه%ا ل #م%ا %ي شHقXق -ف#ي%خ4ر -ج -م)ن 4ه -ال .م%اء® %وإ) ن Xم)ن 4ه%ا #ل م%ا
%يه4ب)ط /م)ن 4خ%ش4ي%ة) اللXه) و%م%ا اللXه -ب)غ%اف)ل pع%مHا %تع4م%ل/ون(] .سورة البقرة ،الية .[74
وبينما المة النصرانية انصرفت -منذ البدء -عن ماولة تطبيق النهج الربان ف
وا قع ا لرض ،اعت قادا XخاطئXا -مر Aفا - Xمن ج هة‡ أ نه يك في الب شر أن ي-ك فmر ا ل عن هم
سيئاتم ب صلب و لده الوح يد -عي سى عل يه ال سلم -فيعفي هم بذلك من الع مل ا لذات
لتحقيق النهج الربان ف الياة الدنيا ،واعتقادا Xخاطئا Xكذلك أنه ل فائدة ترجى من ماولة
تطبيق النهج الربان ف واقع الرض لن النسان خاطئ بطبعه ،ول طريق للخلص من
الطيئة إل بكبت السد وإهاله ،والزهد ف متاع الياة الدنيا جلة ،وإهال واقع الرض
)!(126
) %ور%ه4ب%ان) يHة Wاب 4ت%د%ع-وه%ا م%ا ك%#تب4ن%ا ه%ا ع%ل4 #يه) م) 4إلXا اب)4ت غ%ا̀ء ر) ض4و%ان) الل Xه) ف #م%ا ر%ع%و 4ه%ا ح%ق
ر)ع%اي)%ت ه%ا ف#آت%ي 4ن%ا ا لXذ)ين %آ %م ن-وا م)ن4ه -م# 4أج4ر%ه -م 4و%ك#ث) ي= م)ن4ه -م 4ف#ا س)ق/ون( ] .سورة الد يد ،ال ية
.[27
()125سنتكلم فيما يلي من الفصل عن الركة العلمية السلمية والركة الضارية السلمية.
()126ان ظر ف هذا الع ن ول فرد كانتول سيث – الست شرق الك ندي العا صر – ف مقد مة ك تابه "
السلم ف التاريخ الديث " الطبعة الول ،مطبعة جامعة أكسفورد ،ص 21من الصل النليزي.
ومنذ البدء اقترن باليان بال اليان باليوم الخر ،سواء ف حالة النفي أو ف
حالة الثبات.
فالؤمنون يوصفون بأنم) ،ي-ؤ4م)ن-ون #ب)اللXه) و%ا.لي%و4م) ال.آخ)ر)(] .سورة آل عمران ،الية
.[114والكافرون يوصفون بأنم) ،ل ي-ؤ4م) ن-ون #ب)اللXه) و%ل ب)ال.ي%و4م) ا ل.آخ)ر)(] .سورة التوبة،
الية .[29وصار اليان باليوم الخر جزءا Xل يتجزا Xمن عقيدة التوحيد.
ول يكن اليان باليوم الخر مرد معرفة ذهنية بأن هناك يوما Xيبعث فيه الناس
من أ جداثهم Æلي-ح–ا سبوا ،ول مرد و جدان مست سر ف ال ضمي .ف هذا ك له ل ي كوAن إيا نا
باليوم الخر .وقد روى التاريخ أن الصريي القدامى ،كانوا يعرفون تفاصيل كثية عن
ال يوم ا لخر -ك ما وردت ع ندهم ف " ك تاب ا لوتى " ،ا لذي عثر عل يه مكتو با Xع لى
أوراق البدى ) - (127ومع ذلك فإن نب ال يوسف يقول عنهم -با علمه ال )) -إنsي
%تر%ك.ت -م)لXة #ق#و4م pل -يؤ4م)ن-ون #ب)اللXه) و%ه-م 4ب)ال.آخ)ر) %ة ه-م 4ك#اف)ر-ون ،#و%اHتب%ع4ت -م)لXة #آب%ائي )إب4ر%اه)يم
و)%إس4ح%اق %و%ي%ع4ق/وب(] .سورة يوسف ،اليتان .[38 ،37وذلك لنم -مع " علمهم "
بذا -كانوا يعتقدون أن هناك إجابة مفوظة يكن أن تنجي النسان من الساب مهما
كانت أعماله ف الياة الدنيا!
إنا اليان -سواء اليان بال أو اليان باليوم الخر -هو التصديق ،والعمل
بقتضى التصديق ..وهذا الذي آمنت به أمة ممد صلى ال عليه وسلم ،ونشرت اليان
به ف ربوع الرض.
ولقد آمنت كل من المتي السابقتي باليوم الخر ،ولكن ما أبعد الفرق بي
إيان كل منهما وإيان المة السلمية!
فأما اليهود فقد قالوا) :ل#ن% 4تم %سHن%ا النHار) -إلXا #أيHاما Wم%ع4د-ود%ة] .(Wسورة البقرة ،الية
.[80و بذك خف وزن ال يوم ا لخر ف ح سهم كثيXا و ل ي عد راد عا Xلم عن شيء..
وارتكبوا موبقاتم كلها باستخفاف استنادا Xإل ذلك الوهم!
()127ترجح هذه التفاصيل أن الصريي القدامى قد بعث إليهم رسول من عند ال ،فبقيت من تعاليمه
هذه العلومات ،ث حرفت كما حرفت كل جاهلية تعاليم رسولا من بعده.
)ف#خ%ل#ف %م)ن 4ب%ع4د)ه)م 4خ%ل.ف= و%ر)ث/وا ال.ك)ت%اب %ي%أ.خ-ذ/ون #ع%ر%ض %ه%ذ#ا ال.أ#د4ن%ى و%%يق/ول/ون
س%ي-غ4ف#ر -ل#ن%ا و%إ)ن .ي%أ).ته)م 4ع%ر%ض= م)ث.ل/ه -ي%أ.خ-ذ/وه# -أل#م 4ي-ؤ4خ%ذ .ع%ل#ي4ه)م 4م)يث#اق -ال.ك)ت%اب) أ#ن .ل ي%ق/ول/وا
ع %ل#ى الل Xه) )إلXا ال.ح %ق Hو%د%ر %س-وا م%ا ف)ي ه) و%ا لدHار -ا ل.آخ)ر%ة /خ %ي4ر= )ل لXذ)ين% %يت Hق/ون #أ#ف#ل %تع4ق) ل/ون(.
]سورة العراف ،الية .[169
وأما النصارى فقد خيلوا لنفسهم ،أو خيل لم شاول اليهودي ،أن مرد اليان
بالرب -أي عيسى عليه السلم ف وههم -كف يل بأن يعل النسان يلس عن يي
الرب يوم القيامة ،وتغفر له ذنوبه ،خاصة وأن الب قد ضحى بابنه الوحيد تكفيا Xعن
خطيئة آدم ،فأصبح الناس مغفوري الطيئة بجرد اليان بتلك القصة الزعومة!
ول شك أن أتقياءهم كانوا يافون ال ،ويقومون بأعمال الي ابتغاء مرضاته -
وهذا فرق واضح بينهم وبي اليهود -ولكن العدوى ذاتا سرت إليهم:
) %وق#ال#ت) ال%.يه-ود -و%النHص%ار%ى %نح4ن# -أب4ن%اء® اللXه) و%أ#ح)بHاؤ-ه -ق/ل .ف#ل)م- %يع%ذ+ب-ك/م 4ب)ذ/ن-وب)ك/م.(4
]سورة الائدة ،الية .[18
إن العق يدة الصحيحة ف ال يوم الخر مبنية ع لى أن ال ل يظ لم أحدا Xول ياب
أحدا Xكذلك:
) %ون%ض%ع -ا.لم%و%از)ين %ا.لق)س4ط #ل)ي%و4م) ال.ق)ي%ام%ة) ف#ل -تظ.ل#م -ن%ف.س= ش%ي4ئا Wو%إ)ن .ك#ان #م)ث.ق#ال% #حبHة
م)ن 4خ%ر4د%ل# pأت%ي4ن%ا )به%ا و%ك#ف#ى ب)ن%ا ح%اس)ب)ي(] .سورة النبياء ،الية .[47
)ف#م %ن 4ي%ع4م %ل .م)ث .ق#ال #ذ#رHة pخ %ي4را Wي%ر %ه ،-و%م %ن 4ي%ع4م %ل .م)ث .ق#ال #ذ#رHة pش%رmا Wي%ر %ه ] .(-سورة
الزلزلة ،اليتان.[8 ،7 :
) -زيsن %ل)لنHاس) ح-ب_ الشHه%و%ات) م)ن %النsس%اء) و%ال.ب)%ني %و%ال.ق#ن%اط)ي) ال.م-ق#ن4ط#ر%ة) م)ن %الذXه%ب
خي 4ل) ا.لم -س%وHم%ة) و%ال#.أن 4ع%ام) و%ا.لح%ر 4ث) ذ#ل) ك %م %ت%اع -ال.ح %ي%ا )ة ا ل _دن4ي%ا( ] .سورة آل
و%ال.ف) ضHة) و%ال% .
عمران ،الية .[14
بعض الكمة أن تكون هذه الدوافع مركات تدفع النسان للعمل ،للقيام بهمة
اللفة وعمارة الرض..
وبعض الكمة أن تكون موضع ابتلء للنسان :هل يقف ف تناول هذا التاع
عند الدود الت رسها ال؟ أم يتجاوزها طمعا Xف مزيد من متاع الياة الدنيا فتفسد حياته
ف الدنيا ويذوق العذاب ف الخرة؟
بل ترتقي نفسه درجات فوق ذلك ..فل يعود حد Aالباح هو الذي يجزه عن
التجاوز .إنا يشعر -قانعا - Xأنه ل يتاج لن يصل إل آخر الد الباح! فقبلãه -بقليل
أو كثي -تنت هي رغ باته ،ويز هد حت ف ال تاع ال باح! لن نف سه قد ماتت و ل ت عد
ترغب! كل! فما يريد السلم أن يقتل رغائب النفس ،وقد خلقها ال لعمارة الرض.
ولكن لن رغباته قد اتهت وجهة أخرى أرحب وأعمق ،وأعلى وأشف:
) -زيsن %ل)لنHاس) ح-ب_ الشHه%و%ات) م)ن %النsس%اء) و%ال.ب)%ني %و%ال.ق#ن%اط)ي) ال.م-ق#ن4ط#ر%ة) م)ن %الذXه%ب
و%ال.ف)ضHة) و%ال.خ%ي4ل) ا.لم-س%وHم%ة) و%ال.أ#ن4ع%ام) و%ا.لح%ر4ث) ذ)#لك %م%ت%اع -ا.لح%ي%ا )ة الد_ن4ي%ا و%اللXه -ع)ن4د%ه -ح-س4ن
ال .م%آب) ،ق /ل .أ#ؤ%-نبsئ/ك /م) 4بخ %ي4ر pم) ن 4ذ#ل)ك /م 4ل) لXذ)ين %ات Hق#و4ا ع) ن4د %ر%بsه) م% 4ج نHات= ت %ج4ر)ي م) ن 4ت%ح4ت) ه%ا
ال.أ#ن4ه%ار -خ%ال)د)ين %ف)يه%ا %وأ#ز4و%اج= م-ط#هHر%ة Iو%ر)ض4و%ان Iم)ن %اللXه) و%اللXه% -بص)ي= ب)ال.ع)ب%اد) ،اXلذ)ين %ي%ق/ول/ون
ر%ب Hن%ا )إن Hن%ا آم %نHا ف#اغ.ف)ر 4ل #ن%ا ذ/ن-وب %ن%ا و%ق) ن%ا ع%ذ#اب %ال نHار) ،ال صHا)بر)ين %و%ال صHاد)ق)ي %و%ال .ق#ان)ت)ي
و%ال.م-ن4ف)ق)ي %و%ال.م-س%4تغ4ف)ر)ين %ب)ال.أ#س4ح%ار(] .سورة آل عمران ،اليات .[17 - 14
وهكذا تتوجه الطاقة الية إل عال أرفع من عال الس ،إل " عال القيم " ،الت
تعل حياة النسان كرية عالية رفيعة ،لئقة " بالنسان " ،الذي أسجد ال له اللئكة
وكرAمه وفضله على كثي من خلق:
) %ول#ق#د 4ك#رHم4ن%ا ب%ن)ي آد%م %و%ح%م%ل.ن%اه-م 4ف)ي ال.ب%ر sو%ال.ب %ح4ر) و%ر%ز%ق .ن%اه-م 4م) ن %الطXي sب%ات
ي م)مHن 4خ%ل#ق.ن%ا ت%ف.ض)يل(] .سورة السراء ،الية .[70 و%ف#ضHل.ن%اه-م 4ع%ل#ى ك#ث) p
ذلك أثر اليان باليوم الخر حي يصدق اليان .ولكن المم السابقة ل تثبت
على اليان..
فأما اليهود -كما قلنا -فقد استخفوا باليوم الخر أيAما استخفاف ،فغرقت
حياتم ف ألوان من الرائم ل يصيها العد ،Aوفسدوا وأفسدوا ،حت صاروا عنوانا Xعلى
الفساد ،وانطوا بالبشرية كلها إل الدmر4ك) السفل ..إل من رحم ربك.
وأما النصارى فقد زاولوا الوف من اليوم الخر زمنا Xل يطل كثيا ،Xث بدأوا
يتكلون على أنم أبناء ال وأحباؤه ..ث جاءت مهزلة صكوك الغفران الت ذهبت بكل
الدية الت يملها اليان بالخرة ،والنة والنار ) ..(128ث جاءت الفترة الت أنكروا فيها
عال الغيب كله ،وأخلدوا إل الرض وغرقوا ف الشهوات.
وظ لت ال مة ال سلمية أ طول فترة تؤمن بال وال يوم ا لخر ،وتر سخ ال يان
بالبعث والن شور والساب والزاء ،وتترجم إيا نا بذلك ك له أع مال Xم شهودة ف وا قع
الرض.
ولعل من أبرز هذه العمال الهاد ف سبيل ال .فقد اقترن الهاد ف حس هذه
المة بالشهادة:
)ق/ل% .هل .ت%ر%بHص-ون #ب)ن%ا )إلXا إ)ح4د%ى ال.ح-س4ن%ي4 %ين)(] .سورة التوبة ،الية .[52الشهادة
أو النصر!
()128راجع ف مهزلة صكوك الغفران " ماضرات ف النصرانية " للشيخ ممد أبو زهرة ،إصدار الرئاسة
العامة لدارات البحوث العلمية والفتاء والدعوة والرشاد بالرياض ،ط 4سنة 1404ه ،ص .210
)ف#ل.ي -ق#ات)ل .ف)ي س%ب)يل) الل Xه) ا لXذ)ين %ي %ش4ر-ون #ا.لح %ي%اة #الد_ن4ي%ا ب)ا ل.آخ)ر%ة)(] .سورة النساء،
الية .[74
)و%ل ت%ح 4س%ب%ن Hا لXذ)ين %ق/ت) ل/وا ف)ي س%ب)يل) الل Xه) أ#م4و%اتا% Wب ل .أ#ح 4ي%اء Ýع) ن4د %ر%بsه) م- 4ير4ز %ق/ون،#
ف#ر)ح) ي) %ب م%ا آ ت%اه-م -الل Xه -م) ن 4ف #ض4ل)ه) و%ي%س4ت%ب 4ش)ر-ون #ب)ا لXذ)ين %ل #م 4ي%ل.ح %ق/وا )به) م 4م) ن 4خ%ل.ف)ه) م# 4ألXا
خ%و4ف= ع%ل#ي4ه) م 4و%ل ه -م 4ي%ح4ز %ن-ون% ،#يس4ت%ب 4ش)ر-ون #ب))نع 4م%ة pم) ن %الل Xه) و%ف #ض4ل pو%أ #ن Xالل Xه %ل -ي ض)يع
#أج4ر %ال.م-ؤ4م)ن)ي(] .سورة آل عمران ،اليات .[171 - 169
)إ) ن Xالل Xه %ا ش%4تر%ى م) ن %ال .م-ؤ4م)ن)ي# %أن4ف /س%ه-م 4و#%أ م4و%ال#ه-م 4ب)أ#ن Xل#ه -م -ال.ج %نHة- #ي ق#ات)ل/ون #ف)ي
س%ب)يل) الل Xه) ف#ي%ق.ت -ل/ون% #وي-ق.ت %ل/ون #و %ع4دWا %عل#ي 4ه) ح%ق€ا Wف)ي ال تHو4ر%ا )ة و%ا ل).أن4ج)يل) و%ال.ق/ر4آ ن) و%م %ن# 4أ 4وف#ى
)بع %ه4د)ه) م) ن %الل Xه) ف#اس4ت%ب 4ش)ر-وا ب)ب%ي4ع)ك /م -ا لXذ)ي ب%اي%ع4ت-م 4ب) ه) و%ذ#ل) ك %ه-و %ال .ف#و4ز -ال.ع%ظ)يم( ] .سورة
التوبة ،الية .[111
وجاهدت هذه المة جهادا Xمتواصل Xلقرون عدة متوالية من أجل نشر الدعوة،
وصد العدوان عن السلم ،وتوغلت بالسلم ف قارات الدنيا الثلث الت كانت معروفة
يومئذ ،يدوها اليان بال واليوم الخر ،والرغبة ف النة ،وحب الشهادة ف سبيل ال.
وما زالت جذوة الهاد تشتعل بعدما خدت فترة من الزمن ،فرأيناها ف الهاد
الفغان حيث استشهد مليون ونصف مليون شهيد ،وهزوا بهادهم أعت نظام وحشي
عرفه الناس ف العصر الديث ) ،(129ورأيناها ف الهاد الفلسطين الذي ياهد تت راية
ل إله إل ال ،والهاد الفلبين ،والهاد ف جامو وكشمي ..وغدا Wتتوهج الشعلة لنقاذ
العال السلمي ما هو واقع فيه..
ول يكن الهاد ف سبيل ال هو اليدان الوحيد الذي حداهم إل خوضه اليان
باليوم ا لخر والرغ بة ف ج نة ال لد .ف كثي من أع مال ا لب Aكان ا لدافع إلي ها هو ا لدافع
ذاته..
من ذلك " الوقاف " الت وقفها السلمون لعمال الي ،زهدXا ف متاع الياة
الدنيا ،أو رغبة ف بذل شيء من مالم " للصال العام " ابتغاء مرضاة ال.
()129إقرأ – إن شئت – فصل " الهاد الفغان " ف كتاب " الهاد الفغان ودللته ".
ومن هذه الوقاف أنشئت الدارس لتعليم الطلب بالان من أول مكاتب تفيظ
ال قرآن الكر ي إ ل آ خر در جات التخ صص العل مي ،بل ل يقت صر ا لمر ع لى تعليم هم
بالان ،وإنا شل كفالتهم طيلة فترة الدراسة ليتفرغوا لطلب العلم غي مشغولي بطلب
العاش .فعرفت المة السلمية التعليم الان قبل أن تعرفه البشرية بعدة قرون.
ومن ها أن شئت دور رعا ية الي تام والع جزة والنقطع ي ..ودور للعنا ية باليوا نات
التاجة إل الرعاية ..قبل أن تعرف البشرية شيئا Wمن ذلك بعدة قرون.
وفوق ذلك كله كانت روح من التقوى ومافة ال تظلل حياة الناس ،وتنحها
من الب كة والطمأني نة ما تفت قده الاهل يات ا لت ل تؤمن ب عال الغ يب ،ول تؤمن إل با
تدركه الواس.
)أ##ل م 4ت%ر) %إ ل#ى ا لXذ)ين% %يز4ع -م-ون# #أنHه -م 4آم %ن-وا ب) م%ا أ/ن4ز) ل #إ)ل4 #ي ك %و %م%ا /أن4ز) ل #م) ن 4ق#ب4ل)ك
-ير) يد-ون #أ #ن .ي%%ت ح%اك#م-وا )إ ل#ى ال طXاغ/وت) و %ق#د/ 4أ م)ر-وا #أ ن .ي%ك .ف/ر-وا ب) ه) و%ي-ر) يد -ال شHي4ط#ان /أ#ن
-يض)لXه-م 4ض%لل% Wبع)يدا(] .سورة النساء ،الية ) .[60ف#ل و%رs%بك %ل ي-ؤ4م)ن-ون #ح%تHى ي-ح+ %كم-وك
ف)يم%ا ش%ج%ر %ب%ي4ن%ه-م/ 4ثم Hل %يج)د-وا ف)ي #أن4ف/س)ه)م 4ح%ر%جا Wم)مHا ق#ض%ي4ت %و-%يس%ل+م-وا %تس4ل)يما(] .سورة
النساء ،الية .[65
) %وي%ق/ول/ون #آ %منHا ب)اللXه) %وب)الرHس-ول) و#%أط#ع4ن%ا ث/م% Hيت%و%لXى ف#ر)يق= م)ن4ه-م 4م)ن 4ب%ع4د) ذ#ل)ك %و%م%ا
أ/ول#ئ)ك %ب)ال.م-ؤ4م)ن)ي ،%و%إ)ذ#ا د-ع-وا إ)ل#ى اللXه) و%ر%س-و)له) ل)%يح4ك/م% %بي4ن%ه-م 4إ)ذ#ا ف#ر)يق= م)ن4ه-م 4م-ع4ر)ض-ون(.
]سورة النور ،اليتان ) .[48 ،47إ)Hنم%ا ك#ان #ق#و4ل #ال .م-ؤ4م)ن)ي %إ)ذ#ا د -ع-وا إ) ل#ى اللXه) و%ر %س-ول)ه
)لي%ح4ك /م %ب%ي%4نه -م 4أ #ن% .يق/و ل/وا س%م)ع4ن%ا و%أ#ط#ع 4ن%ا %وأ/ول#ئ) ك %ه -م -ال.م-ف.ل) ح-ون( ] .سورة ال نور ،ال ية
.[51
) %وم %ن# 4ل م% 4يح4ك /م 4ب) م%ا #أن4ز %ل #الل Xه -ف#أ/ول#ئ)ك %ه -م -ا.ل ك#اف)ر-ون ] .(#سورة ا لائدة ،ال ية
.[44
وقد ظل تكيم شريعة ال ف حس هذه المة مرتبطا Xارتباطا Xوثيقا Xبقضية التوحيد
ثلثة عشر قرنا Xمتوالية من تاريها ،ل يالها شك ف أمره ،ول ترضى بديل Xعنه ،حت
غلبتها الاهلية العاصرة على دينها ف القرن الخي.
وحي حدث -مرة واحدة -ف تاريها الاضي أن حكم التتار أجزاء من العال
ال سلمي بغ ي شريعة ا ل ،فحك موا " باليا سق " ا لذي كان ي شمل أحكا ما Xمن ال توراة
وأحكاما Xمن النيل وأحكاما Xمن القرآن بالضافة إل أعراف التتار النتشرة بينهم يومئذ،
أ جع عل ماء ال مة ع لى أ نه ك فر بواح ،ي قاتلون عل يه حت ي عودوا إ ل شريعة ا ل ،ل
-يح–كÝم-ون غيها ف كثي ول قليل ).(130
)أ#ف#ح-ك .م %ا.لج%اه)ل) يHة) ي4 %ب غ-ون #و%م %ن 4أ#ح 4س%ن -م) ن %الل Xه) ح-ك .ما Wل) ق#و4م pي-وق) ن-ون ] .(#سورة
الائدة ،الية .[50
()130قال المام ابن كثي ف تفسي قوله تعال )أãفãح-كÅم– الÅج–اهÆلÆي*ة Æي–ب5غ-ون ãو–م–ن 5أãح5س–ن -مÆن– اللÛه Æح-كÅما XلÆقãو5م
ي-وقÆن-ون( " :ينكر ال تعال على من خرج عن حكم ال الشتمل على كل خي ،الناهي عن كل شر،
وع–د–ل ãإل ما سواه من الراء والصطلحات الت وضعها الرجال بل مستند من شريعة ال ،كما كان
أ هل الاهل ية يكمون به من الضللت والهالت ما يضعونا بأهوائهم وآرائهم ،وكما ي كم به
التتار من السياسات اللكية الأخوذة عن ملكهم جنكيز خان الذي وضع لم الياسق ،وهو عبارة عن
كتاب مموع من أحكام قد اقتبسها من شرائع شت من اليهودية والنصرانية واللة السلمية وغيها،
وفيها كثي من الحكام أخذها بجرد نظره وهواه ،فصارت ف بنيه شرعا Xمتبعا ،Xيقدمونه على الكم
بكتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم .فمن فعل ذلك منهم فهو كافر ،يب قتاله حت يرجع
إل حكم ال ورسوله ،فل يكم سواه ف قليل ول كثي " تفسي ابن كثي ج 2ص .68
وحينما كان يكم الرض طغاة " مقدسون " ،يكمون بأهوائهم ،على أساس "
ا لق ا للي ال قدس " أو غ يه من ال سس الفا سدة ،كانت ا لرض ال سلمية مكو مة
بشريعة ال -على الرغم من النرافات الت لقت بالتطبيق من جور الكام فيما يتص
بصالهم -فعرفت المة السلمية معن التحاكم إل شريعة موحدة ،ل يصنعها الغنياء
لصالهم ) ،(131ول صاغها الفقراء انتقاما Xلنفسهم من ظلم الغنياء ) ،(132إنا أنزلا ال
رب الغن ياء والف قراء ))لي %ق/وم %النHا س -ب)ال.ق) س4ط)( ] .سورة الد يد ،ال ية .[25ويت حاكموا
بينهم بالعدل ،وحال تكيم شريعة ال دون كثي من الشر الذي وقع ف الاهليات عن
شال وعن يي.
ول قد كان ت طبيق ال شريعة ال سلمية ف م ساحة وا سعة من ا لرض ،وم ساحة
واسعة من التاريخ ،هو ذاته من العطاء الذي من mال به على هذه المة ،وجاهدت المة
لتوصيله إل الناس ف ربوع الرض الواسعة ،فحقق ال على يديها ذلك الي ..لول مرة
ف التاريخ.
فقد كانت شريعة موسى شاملة لتطلبات الياة اليانية ف وقتها ،ولكنها كانت
خاصة ببن إسرائيل وحدهم ،ول تكن مفتوحة " للميي " ..فظلت مصورة ف نظاقهم،
فضل Xعن التحريف البشع الذي نالا على أيدي " حكماء بن إسرائيل " ،الذين قال ال
فيهم) :ف#و%ي4ل Iل) لXذ)ين %ي%ك.ت -ب-ون #ال.ك) ت%اب %ب)أ #ي4د)يه)م 4ث /م Hي%ق/و ل/ون #ه%ذ#ا م) ن 4ع) ن4د) الل Xه) )لي %ش4ت%ر-وا ب)ه
#ثم%نا Wق#ل)يل Wف#و%يI 4ل #له -م 4م) مHا ك#ت%ب %ت# 4أي4د)يه)م 4و%و4%يل# Iله -م 4م) مHا ي%ك.س)ب-ون(] .سورة البقرة ،الية
.[79أولئك ا لذين أح لmوا الر با ،واح تالوا ل يأكلوا أ موال ال ناس بالبا طل ،وع mط لوا ح كم
الرجم للزان الصن ،وأفسدوا سي النبياء فاتموهم بكل كبية من أجل إباحة ارتكاب
هذه الكبائر " لشعب ال الختار "!
) %وم -ص%دsقا) Wل م%ا %بي 4ن %ي%د%ي Hم) ن %ال تHو4ر%اة) و %ل)أ/ح)ل# Xلك /م 4ب%ع 4ض %ا لXذ)ي ح-ر sم %ع%ل#ي4ك /م.(4
]سورة آل عمران ،الية .[50
) %ول.ي%ح4ك/م# 4أه4ل /ال.أ)ن4ج)يل) )بم%ا أ#ن4ز%ل #اللXه -ف)يه) و%م%ن 4ل#م% 4يح4ك/م 4ب)م%ا #أن4ز%ل #اللXه -ف#أ/ول#ئ)ك
ه-م -ا.لف#اس)ق/ون(] .سورة الائدة ،الية .[47
ولكن أهل النيل ل يكموا با أنزل ال فيه ،بل جاء بولس فحرAم عليهم التان
وقد أمرهم ال به ،وجاء غيه فأحل لم المر والنير ،وقد حرمهما ال ،فاتبعوهم ف
ذلك كله فوقعوا ف الشرك الذي قال ال فيه:
)اHتخ%ذ/وا أ#ح4ب%ار%ه-م 4و%ر-ه4ب%ان%ه-م# 4أر4ب%ابا Wم)ن 4د-ون) ال Xله)(] .سورة التوبة ،الية .[31
وبيAن رسول ال وجه الشرك ف ذلك حي قال صلى ال عليه وسلم ،لعدي بن
حات " :أ ل ي لوا لم ا لرام وير موا علي هم اللل فاتبعوهم؟ فت لك ع بادتم إ ياهم "
).(133
بل كانت الطامة أن الشريعة بكاملها ل تطبق ،بل بقيت " وصايا " خلقية يلتزم
با التقياء تقربا Xإل ال ولكنها ل تكم واقع الرض ،إنا يكم القانون الرومان ذلك
الواقع ،على أساس قول مدخول اعتبته الكنيسة ف إبان ضعفها ،ول ترجع عن اعتباره
حي أصبح ف أيديها السلطان الكاف للزام الكام بتطبيق الشريعة ،ذلك ما نسب إل
السيد السيح من أنه قال " :أد Aما لقيصر لقيصر وما ل ل "!
وهكذا فإن الرض الواسعة الت انتشرت فيها ديانة بولس -باسم النصرانية -ل
تطبق فيها الشريعة الربانية أبدا ،Wول تعرف كيف يكون اللتزام با أنزل ال ف التشريع.
و حت ح ي كانت تكمها " الكومة الثيوقراط ية " ،ك ما ي سمونا ف لم ت كن ت كم با
أنزل ال ،إنا كانت تكم بأهواء رجال الدين باسم الدين.
وليس معن ذلك أن الناس كانوا ملئكة أطهارا ،Xفمجتمع الرسول صلى ال عليه
وسلم ،نفسه ل يكن متمعا Xمن اللئكة ،إنا كان تطبيق النهج الربان ف واقع الرض
ي صر الر ية ف أ ضيق ن طاق م كن ،فت قع -ح ي ت قع -شذوذا Xي ستنكر ،وتو قع ع لى
مرتكبها العقوبة الرادعة ،فل تتبلد عليها حواس الناس.
إن من مزية التشريع الربان أنه يعمل على اليلولة دون وقوع الرية قبل أن
يعمل على عقاب مرتكبها .والعقوبة الرادعة ف هذه الشريعة هي ذاتا لون من ألوان
الوقاية من انتشار الرية ف الرض.
لقد كان الزواج الباكر يغن عن ارتكاب الفاحشة .وكانت تقوى ال والطمأنينة
بذكره تغ ن عن ال مر .و كانت قنا عة ال ناس بالر بح اللل والع يش اللل تول بين هم
وبي الربا .وكانت الودة التبادلة بي الناس تقلل من حجم الرية ،فكان الناس ف ريف
السلم الواسع ل يعرفون البواب الغلقة على بيوتم لستتباب المن فيه.
و كانت الدي نة بالطبع غ ي الر يف ..في ها أ ماكن لرت كاب الفاح شة ،وأ ماكن
لشرب المر ،وأماكن للمجون واللهو ،وعلى أطرافها يقبع قطاع الطريق و " الشطار "
) ..(134ومع ذلك كله فقد كانت بالنسبة لغيها من الدن ف خارج العال السلمي أمنا
وسلما Xوطمأنينة وبركة ،وكان التجار يتركون حوانيتهم مفتوحة ليذهبوا إل الصلة ف
السجد فل يسطو عليها شذاذ الفاق!
وقدم علماء المة وفقهاؤها ثروة " إنسانية " ثرAة ل تزال تثل زادXا نافعا Xللبشرية
إل هذه اللحظة ،سواء ف علم الصول ،لوضع قواعد الستدلل وقواعد الستنباط من
نصوص الشريعة ،أو علم الفقه لوضع الحكام التفصيلية لا يد Aف حياة الناس من أمور،
أو ف التربية لتهذيب النفس النسانية على هدى التنيل الربان ،وسنة رسول ال صلى
ال عليه وسلم ،أو غي ذلك من العلوم النافعة للناس ف دينهم ودنياهم ،وانتشر هذا العلم
ف ربوع العال السلمي عن طريق الدارس وحلقات العلم ف الساجد ،ف وقت كانت
أوربا تعيش فيه ف الظلمات..
وارت بط هذا ك له ف حس ال ناس و ف وا قع ا لمر بق ضية التوح يد ،وأ صبح لذه
القضية واقع عملي ف حياتم ،يثل منهج حياة متكامل ،يشمل الياة كلها ،لن الشريعة
الربان ية شلت كل جوانب ال ياة :السيا سية والقت صادية والجتماع ية والفكر ية
والخلق ية ..ك ما شلت ال ثابت ا لذي ير يد ا ل له أن يث بت ،والتغ ي ا لذي أذن ا ل ف يه
بالجتهاد الدائم لواكبة ما يد من أمور الياة ،وربطه بالصول الثابتة ف هذا الدين ،الت
أطلق عليها العلماء " مقاصد الشريعة ".
)ق /ل .إ) ن Xص%لت)ي %ون -س-ك)ي و%م%ح 4ي%اي %و%م %م%ات)ي ل)ل Xه) ر %ب sال .ع%ال#م)ي ،%ل ش%ر)يك# %ل ه.(-
]سورة النعام ،اليتان .[163 ،162
وكانت أكب عطاء م ن mال به على هذه المة ،وأكب عطاء أهدته هذه المة
للناس..
()134الشطار – ف الصل – هم قطاع الطرق والنشالون ،لنم يشطرون جيوب الناس – أي يشقونا
– ليسرقوا ما فيها .ث تطور استخدام اللفظ حت شل معن الحتيال الذكي لنهب أموال الناس بغي
استخدام العنف ،ث تطور مرة أخرى فأصبح يعن الهارة بصرف النظر عن الوسيلة والهداف!
)(2
كان السلم ميلدا Xجديدا Xللنسان ،كما كانت كل رسالة ساوية أنزلت من
عند ال.
كانت كل ها تر يرا Xللن سان من خرا فاته وأو هامه وت صوراته الفا سدة عن ا ل
والكون والياة والنسان ،وتريرXا له من عبودياته الزائفة ،سواء عبوديته لللة الزعومة،
أو لشهواته ،أو للعراف النحرفة ،أو عبودية البشر بعضهم لبعض ف صورة أشخاص لم
قداسة ،أو ف صورة مشرعي من عند أنفسهم بغي ما أنزل ال.
ول كن الر سالت ال سابقة كل ها -حر Aفت ،فأف سدت " اليلد الد يد " للن سان،
وأعادته -كما كان ف جاهليته -عبدXا لغي ال.
وبقي " اليلد الديد " الذي أحدثه السلم أطول فترة من التاريخ يثل التحرير
القيقي للنسان ..لقد كان شيئا Xضخما Xج̈دا ف الواقع.
كان تر يرا Xللر جل وا لرأة ع لى ال سواء ..ل ف عال النظر يات ول كن ف عال
الواقع.
وف تربتي سابقتي أخفق الب شر ف مارسة ذلك الت حرر على ال ستوى اللئم
للنسان..
ف التجر بة اليهود ية أخ لدوا إ ل ا لرض ،واتب عوا أ هواءهم و شهواتم ،وتر كوا
عال القيم جفاء õواستهتارXا وتردا Xعلى أوامر ال ،وتبجحا Xف الوقت ذاته بأنم هم الناس
ومن عداهم دواب!
و ف التجر بة الن صرانية تر كوا م تاع ا لرض ،ل كي يق قوا الق يم العل يا ف عال
الروح النعتقة من أغلل السد ،ف رهبانيتهم الت ابتدعوها ،فما ر–ع–و5ها حق رعايتها،
وانقلب أكثرهم فاسقي!
عا شوا ح ياتم الر ضية الواقع ية ع لى ضوء الق يم ا لت آم نوا با ..فالتقى الوا قع
بالثال!
انط لق الر جال ي شون ف م ناكب ا لرض يبت غون من ف ضل ا ل ،و يتزوAجون
وين سلون ،ويأ خذون ق سطهم من ال تاع ال باح ،و ف ا لوقت ذا ته يا هدون ف سبيل ا ل
بأموالم وأنفسهم ،ويرتفعون على متاع الرض كله ف لظة حي يدعو إل ذلك داعي
الهاد ،دون أن يفقدوا توازنم ،أو يرجوا عن بشريتهم ،أو يكبتوا دوافعهم..
وانطلقت الرأة بكل " إنسانيتها " تبن ..تبن متمعا Xل مثيل له ف التاريخ..
لقد تررت ..تررت من أوضاعها الذلmة الت عاشتها ف الاهلية ..وتررت من
نظرة التمع لا ،ونظرتا لنفسها ف حدود عال الس القريب ،الت كثيXا ما تقترب من
عال اليوان!
تررت فشعرت أنا " إنسانة " ،وأنا تعيش لدف " إنسان " ضخم ،هو بناء
متمع ذي عقيدة ،متمع ذي قيم عليا ،متمع ذي فضائل ،هي ركن أساسي فيه ،وهي
البان الساسي فيه ..ف الوقت ذاته الذي تعيش فيه حياتا الواقعية تاما ..Xتتزوج ،وتمل
وت لد ،وت قوم بأع باء ا لبيت وأع باء الزوج ية ،ولكن ها ف كل ذ لك إن سانة ذات آ فاق
إسلمية ،ونظرة إسلمية للمور ،واهتمامات إسلمية بالدعوة وبأحوال التمع.
)(3
كانت حر كة التو سع ال سلمي حر كة فر يدة ف التار يخ من ح يث م ضمونا
وأهدافها.
ولقد يكفينا ف شرح أهدافها تلك الكلمات القلئل الت قالا ربعي بن عامر حي
سأله رستم قائد الفرس :ما الذي أتى بكم إل بلدنا؟! قال " :ال ابتعثنا لنخرج من شاء
من عبادة العبادة إل عبادة ال ،ومن جور الديان إل عدل لسلم ،ومن ضيق الدنيا إل
سعة الدنيا والخرة "!
ولقد يكفينا ف شرح مضمونا قصة الشاب القبطي الذي ضربه ابن عمرو بن
العاص بالعصا حي تسابقا ففاز عليه الشاب القبطي فضربه وقال له " :خذها وأنا ابن
ا لكرمي "! ف لم ي طق ال شاب -أو أ بوه -ضربة الع صا ،و هم ا لذين كان الرو مان
ي لدونم بال سياط فل يدون مل جأ من الظ لم ول باع ثا Xلل شكوى ..فار تل إ ل الدي نة
يشكو ضربة العصا إل عمر بن الطاب -رضي ال عنه -فأعطاه عمر -رضي ال عه
-در Aته لي ضرب با " ا بن ا لكرمي "! و قال لع مرو قولته ال شهورة " :يا ع مرو! مت
استعبدت الناس وقد ولدتم أمهاتم أحرارا! " وف هذه القولة الختصرة يكمن الفارق
بي حركة التوسع السلمي ،وحركات التوسع الخرى ف التاريخ ،فهذه كانت تستعبد
الحرار ،بينما التوسع السلمي كان يرر العبيد..
نعم ..إن كل حر كات التو سع ت ستخدم ال قوة لتتو سع ،ولقد ا ستخدم ال سلم
القوة ف حركته التوسعية ،وكان استخدام القوة بأمر من ال:
) %وأ#ع)د_وا #له-م 4م%ا ا 4ست%ط#ع4ت-م 4م)ن 4ق/وHة] (pسورة النفال ،الية .[60
)ي%ا أ_#يه%ا الXذ)ين %آم%ن-وا ق#ات)ل/وا الXذ)ين %ي%ل/ون%ك/م 4م)ن %ا.لك/فXار) و%ل.ي%ج)د-وا ف)يك/م 4غ)ل.ظ#ة.(..W
]سورة التوبة ،الية .[123
ول كن ف يم ي ستخدم ال سلم ال قوة؟ ألل ستيلء ع لى ا لرض؟ ألل ستيلء ع لى
الثروات؟ ألذلل الناس واستعبادهم؟ ألرواء شهوة الفتح والتوسع؟ ألرضاء غرور طاغية
متعجرف أو قائد حرب معجب بنفسه؟!!
إن هذه -وأمثالا -هي الهداف الت استخدمت القوة من أجلها على مدار
التاريخ ،وكونت بواسطتها المباطوريات ف التاريخ ،قديه وحديثه سواء.
ول كذلك ليفرض العقيدة على الناس بالكراه ،كما زعم الستشرقون وغيهم
من أعداء هذا الدين:
)ل إ)ك.ر%ا %ه ف)ي الدsين) ق#د 4ت%ب%يHن %الر_ش4د -م)ن %ال.غ%ي] .(sسورة البقرة ،الية .[256
وإنا يستخدم السلم القوة -بأمر من ال -لزالة العقبات الت تقف بي الناس
وبي التعرف على الق ف صورته القيقية ،مثلة هذه العقبات ف نظم جاهلية ،تقوم على
رأسها حكومات جاهلية ،وتميها جيوش جاهلية ،فإذا أزيلت العقبات فالناس أحرار بعد
ذلك ،يتارون لنفسهم ما يشاءون ،دون ضغط من السلمي ول إكراه.
ولقد أحاط بذه القضية كثي من الغبش ل من قبل الستشرقي وحدهم ،ولكن
من قبل تلميذهم من يملون أساء إسلمية ،ومن قبل النهزمي أمام " الضارة " الغربية،
الذين يقولون إن هذا أمر قد انتهى بانتهاء ظروفه التاريية ،ول يعد له مكان اليوم .وقد
أتيحت للدعاة حرية الدعوة ،واستخدام كل الوسائل العلمية التاحة من كتاب وصحيفة
وإذاعة وتلفاز!
ونقول لؤلء -كما قلنا ف كتاب " الهاد الفغان ودللته " -إن القضية
ليست قضية الوسائل العلمية ،ول قضية " إقناع " الناس بالق عن طريق عرض القائق
ل ج̈دا من الناس هم الذين يتعاملون مع "
على عقول الناس لتتأملها وتتدبرها ،فإن قلي X
القائق الردة " أو مع " الشيء ف ذاته " .إنAما الغالبية العظمى من الناس يرون الشياء
من خلل اللبسات الواقعية اليطة با ،أو بعبارة أخرى من خلل " القوة " الت تيط
با.
إن mأعداء السلم من يهود ونصارى ،يريدون القضاء على هذا الدين ول شك:
) %ول#ن% 4تر4ض%ى ع%ن4ك %ا.لي%ه-ود -و%ل النHص%ار%ى ح%تHى %تتHب)ع %م)لXت%ه-م] .(4سورة البقرة ،الية
.[120
) %ود Hك)#ثي= م)ن# 4أه4ل) ا.لك)ت%اب) ل#و 4ي%ر-د_ون%ك/م 4م)ن% 4بع4د) إ)ي%ان)ك/م 4ك/فXارا Wح%س%دا Wم)ن 4ع)ن4د
#أن4ف/س)ه)م 4م)ن 4ب%ع4د) م%ا ت%ب%يHن# %له-م -ال.ح%ق(] .سورة البقرة ،الية .[109
أليس لنم يعلمون جيدا Xأن السلم مع وجود دولة تميه ،غي السلم الرد
الذي ل دولة له ول حاية ول جيوش؟ ).(135
أما الثال الثان فهو الشيوعية بعد أن تلت عنها روسيا! أتراها هي هي كما
كانت تمي ها رو سيا ب كل قو تا وت قف ل عدائها بالر صاد؟ أم ب طل سحرها ف الن فوس
وتغيت نظرة الناس إليها مع أن مبادئها ل تتغي ،و " حقائقها! " ف الكتب ما زالت على
ما كانت عليه!!
إن الناس ل يرون القائق الردة ول يتعاملون معها -إل القلة النادرة منهم -
إنا تكون " القوة " ف حسهم مناطق جذب ترف مسار الفكر ،وترف مسار الشعور!
()135ل شك أن إزالة دولة اللفة – الذي خطط له اليهود والنصارى – كان عامل Xمه̈ما ف الضعف
الزري والضياع الذي آل إليه السلمون ف العصر الاضر .ولول أن ال قيض لذه المة من يدد لا
أمر دينها لتحقق هدف العداء كامل .انظر الفصل القادم.
وحي تكون القوة ميطة بالباطل فإنا تزينه ف قلوب الناس فيحسبونه حقÜا ويؤمنون به
ويدافعون عنه ،بينما يتغي الوقف تاما Xف نفوس الناس لو زالت القوة الت تيط به ،فيونه
باطل - Xعلى حقيقته -ويتخلون عنه..
وهذا هو الذي أمر ال السلمي أن يفعلوه ..أن يزيلوا القوة الت تيط بالباطل
فتزينه ف قلوب الناس ،فيحسبونه حقcا ويتشبثون به ..فإذا أزيلت هذه القوة فل إكراه
ف الدين..
بل إن المر ل يبدأ بالقتال ،إنا يبدأ بعرض السلم على الناس ،فإن قبلوه فقد
انتهى المر ،وصار الداخلون ف ال سلم إخوة ف ا لدين ،وصاروا جزءا Xمن المة الت
وصفها ال باليية ،ل يتفاضلون بينهم إل بالتقوى.
فإن رفضوا السلم فقد أمر ال بفرض الزية عليهم للهدف ذاته الذي فرض
من أجله القتال ،ولكن بأسلوب سلمي يقن الدماء ..فالطلوب هو أل تقف القوة اليطة
بالباطل عقبة ف سبيل رؤية الناس للحق على حقيقته ،وأل تكون منطقة جذب ترف
مسار الفكار والشاعر ..وأداؤها للجزية يفيد هذا العن من غي قتال .فالقوة الت ت-فÅر–ض
عليها الزية ل تعود ف ح س Aالناس قوة ،ول تقوى على تريف مسار الق حت ينظر
الناس إليه على أنه باطل!
فأما إن أبوا السلم وأبوا الزية فعندئذ فقط يقع القتال ..ويقع للهدف الذي
شرحناه من قبل ،ل لفرض السلم على الناس!
ف”تحت مصر فكان من أمرها ما رأينا ف قصة الشاب القبطي ،ول يقع إكراه على
القباط أن يدخلوا ف السلم ،ول -يج5لãوا من أرضهم ،ول يطردوا من بيوتم ،ول ترAق
قراهم ،ل تنهب أموالم ..والدليل أنه ما زال ف مصر بعد الفتح السلمي بأربعة عشر
قرنا Xأقباط يتزايد عددهم ،يستمتعون بأمنهم وطمأنينتهم ،وديارهم وأموالم ،ي-مارسون
دينهم ف حرية كاملة تت رعاية السلمي وحايتهم.
قارن هذا با وقع للمسلمي ف الندلس ،وما وقع لم -مثل - Wف الفلبي.
كيف فعل النصارى بالسلمي حي تكنوا منهم ف الندلس؟ لقد أبادوا منهم
مئات اللوف ف مازر رهيبة تعترف ببشاعتها الراجع الوربية ذاتا ،ث أجلوهم إجلء
كامل Xمن البلد الت حكموها -بالعدل -ثانية قرون ،والت كانت النارة الت علمت
أوربا ،وأخرجتها من ظلمات قرونا الوسطى إل النور.
وك يف ف عل الن صارى كذلك بال سلمي ح ي غزوا الف لبي؟ ل قد طردو هم من
أرضهم ،وحرAقوا عليهم قراهم ،وظلوا يزحزحونم من أراضيهم الصبة ويستولون عليها
قسرا ،Xويدفعونم دفعا Xإل الرض الرداء الت ل تثمر .ومع ذلك ل يتركونم هناك ف
سلم ،بل تستمر عمليات البادة الماعية حت هذه اللحظة تت سع العال وبصره..
وتتم تع الف لبي برعا ية خا صة من أمري كا ت ستعي با ع لى سحق ما ب قي من ك يان
السلمي.
ث سع أبو عبيدة أن هرقل ي-عد AجيشXا ضخما Xلسترداد الشام من السلمي .فقام
بعمل ل مثيل له ف التار يخ ك له ..إذ رد Aالزية ل هل ال شام ،وقال لم :لقد اشترطتم
علي نا أن نمي كم .ول قد سعتم با ي هز ل نا .وإ نا ل ن قدر ع لى ذ لك )أي ع لى حايتكم
حسب العهد بيننا وبينكم( ،ونن لكم على الشرط إن نصرنا ال عليهم ..فلما نصره ال
عليهم عاد أهل الشام يدفعون الزية عن رضى وهم يقولون " :أنتم -ولستم على ديننا
-أح ب Aإلينا وأرأف بنا من أهل ديننا " ) ..(136ث دخلوا ف دين ال أفواجا Xبعد ذلك،
()136انظر ت .و .آرنولد " الدعوة إل السلم " ترجة حسن إبراهيم حسن وزميليه ،ص .53
وبقي من بقي منهم على نصرانيته ،يستمتع بالماية والمن وحرية العبادة ف ظل الكم
السلمي.
و كان ل شجاعة الفاتي وروحهم القتالية العال ية أثرها ف سرعة هذا الفتح ول
شك .فقد جعل ال قوة الؤمن القاتل عشرة أضعاف عدوه الكافر ،ول تقل عن ضعفه ف
حالة الستضعاف:
) ي%ا #أي_ ه%ا النHب) ي_ ح%ر sض) ا.ل م-ؤ4م)ن)ي %ع %ل#ى ا.لق) ت%ال) إ) ن .ي%ك /ن 4م)ن4ك /م 4ع) ش4ر-ون #ص%اب)ر-ون
%يغ4ل) ب-وا م)ائ#ت%ي4ن) و%إ) ن% .يك /ن 4م)ن4ك /م 4م)ائ#ة% Iيغ4ل) ب-وا #أل.فا Wم) ن %ا لXذ)ين %ك#ف#ر-وا ب)أH#نه-م 4ق#و4م= ل ي%ف.ق#ه-ون،#
ال.آن #خ%فXف %اللXه -ع%ن4ك/م 4و%ع%ل)م# %أن Xف)يك/م 4ض%ع4فا Wف#إ)ن% .يك/ن 4م)ن4ك/م 4م)ائ#ة Iص%اب)ر%ة% Iيغ4ل)ب-وا م)ائ#ت%ي4ن
و)%إن .ي%ك/ن 4م)ن4ك/م 4أ#ل.ف= %يغ4ل)ب-وا #أل.ف#ي4ن) ب)إ)ذ.ن) اللXه) و%اللXه -م%ع %الصHاب)ر)ين(] .سورة النفال ،اليتان
.[66 ،65
لقد فتح الفتح السلمي مليي من القلوب دخلت ف الدين الديد ،بغي ضغط
ول إكراه ،سواء ف مصر والشام ،أو ف العراق وفارس ،أو ف الشمال الفريقي ،أو ف
بلد السند أو غيها من البلد.
بل حدثت عجيبة أخرى ل مثيل لا ف التاريخ ..أن كثيا Xمن الشعوب الفتوحة
نسيت لغتها تاما ،Wحت أولئك الذين بقوا من أهلها على دينهم ول يدخلوا ف السلم،
ف صارت العرب ية -ل غة ال سلم -هي لغت هم ،و صار الن صارى من هم يؤدون ع بادتم
بالعرب ية ،ل بالقبط ية ول بال سريانية ول غي ها من الل غات ا لت كانت لم ق بل الف تح
السلمي ،مع أنه ل يقع عمل واحد من أعمال الكراه لتغيي لغات الناس ،كالذي فعلته
فرنسا ف الشمال الفريقي مثل ،Xإذ ل يرو التاريخ حادثة واحدة ف هذا الشأن ؛ إنا تعلم
الناس العربية عن رضا ورغبة دون إكراه.
هذه الق لوب ل يفتح ها ال سيف! فال سيف قد يف تح ا لرض ،ولك نه ل يف تح
القلوب!
ففي القدي كان القهر والذلل والستعباد هو السلوك الواقعي للغزاة ،بغي غطاء
من الشعارات الزائفة.
أما ف الف تح ال سلمي فقد كان ال شعار الر فوع هو ال سلم ،و كان ال سلوك
الواقعي للفاتي هو مصداق انتمائهم لذا الدين ..فأحب* الناس هذا الدين ،الذي يرج
هذه النماذج اللقية والنسانية الرفيعة ..فأصبحوا مسلمي.
وأما الذين رغ بوا ف البقاء ع لى دينهم فقد كفل لم الف تح ال سلمي عق يدتم
وحريتهم وأمنهم وطمأنينتهم ،فاستقروا ف ظله آمني.
()137إقرأ عن التسامح الدين عند السلمي كتاب الستشرق ت .و .آرنولد " :الدعوة إل السلم "،
سبقت الشارة إليه.
ث كان ملجأهم الخر هو الدولة العثمانية ،حيث عاشوا ف إسلم وأمن ف ظل
الكم السلمي ،وإن كانوا لبث طويتهم قد دبروا لزالة الكم السلمي الذي نعموا
تت ظله بالسلم والمن.
وأما النصارى فقد حاهم الكم السلمي من اضطهاد بعضهم لبعض ،حيث
كان هذا الضطهاد قائما Xف كل الرض الت تالف عقائدها عقيدة الدولة الم .كما
أمAنهم وكفل لم الستقرار الروحي والادي فعاشوا أربعة عشر قرنا Xآمني.
وإن هذا التسامح الدين ليكشف عن حقيقة تفردت با هذه المة ،وتفردت با
حركة التوسع السلمي.
إن هذه المة قد أعدت إعدادا Xخاص¨ا من لدن ربا تبارك وتعال لقيادة البشرية،
بينما ل تكن هناك أمة أخرى أعدت لذه القيادة أو ص”لح–ت لا خلل التاريخ.
إن ال هو الذي أخرج هذه المة إل الوجود ،وهو الذي أعدها لتكون شاهدة
ورائدة للبشرية .لذلك جعل فيها من الصفات ما يؤهلها لذه الرسالة فرباها على العدل
حت مع الذين أساءوا إليها:
)ي%ا #أي_ه%ا الXذ)ين %آم%ن-وا ك/ون-وا ق#وHام)ي) %للXه) ش-ه%د%ا̀ء ب)ال.ق)س4ط) و%ل %يج4ر)م%نHك/م 4ش%ن%آن /ق#و4م
ع%ل#ى #ألXا ت%ع4د)ل/وا اع4د)ل/وا ه-و %أ#ق.ر%ب -ل)لتHق.و%ى(] .سورة الائدة ،الية .[8
)إ) ن Xالل Xه %ي%أ.م-ر-ك/م 4أ #ن .ت-ؤ%د_وا ال.أ#م%ا ن%ات) )إ ل#ى #أه4ل) ه%ا و%إ)ذ#ا ح# %كم4ت -م 4ب%ي 4ن %النHا س) أ#ن
%تح4ك/م-وا ب)ال.ع%د4ل(] .سورة النساء ،الية .[58
)آم%ن4ت -ب)م%ا أ4#نز%ل #اللXه -م)ن 4ك)ت%اب pو%أ/م)ر4ت -ل)أ#ع4د)ل #ب4 %ين%ك/م] .(-سورة الشورى ،الية
.[15
وجعل اليان با أنزل على الرسل السابقي جزءا Xمن عقيدة المة:
)ال ،ذ#ل)ك %ا.لك)ت%اب -ل ر4%يب %ف)يه) ه-دى) Jلل.م-تHق)ي ،%الXذ)ين- %يؤ4م)ن-ون #ب)ال.غ%ي4ب) و-%يق)يم-ون
ال صHلة #و%م) مHا ر%ز%ق .ن%اه-م- 4ين4ف) ق/ون ،#و%ا لXذ)ين %ي-ؤ4م) ن-ون #ب) م%ا أ4/نز) ل) #إل#ي 4ك %و %م%ا /أن4ز) ل #م) ن 4ق#ب4ل)ك
و%ب)ال.آخ)ر%ة) ه-م 4ي-وق)ن-ون(] .سورة البقرة ،اليات .[4 - 1
وهذه النقطة الخية لا أهية خاصة .فجزء كبي من العداء الذي وقع بي المم
السابقة كان مرجعه إيان كل أمة برسولا ،وكفرها بن بعده .فقد آمن اليهود بوسى
عليه السلم ،وكفروا بعيسى ،فاضطهدوا أتباع عيسى اضطهادا Xبشعا ،XوحرAضوا الدولة
الرومان ية ع لى إ يذائهم وم طاردتم ،بل حر Aضوا ا لاكم الرو مان بيل طس ع لى صلب
عيسى نفسه عليه السلم ،لول أن ال ناه من كيدهم ورفعه إليه.
وآ من الن صارى بعي سى عل يه ال سلم ،و ل يؤم نوا بح مد صلى ا ل عل يه و سلم،
فاضطهدوا أتباعه اضطهادا Xب شعا Xحيث ما وقعوا ف قبضتهم خلل التاريخ ك له ،سواء ف
الندلس ،أو ف الروب الصليبية الول ،أو ف الروب الصليبية الثانية ،الت نعيشها إل
هذه اللح ظة ف كل ا لرض بدرجات متفاو تة وو سائل متفاو تة ،تتراوح ب ي ا لرب
القتصادية لسلب أقوات السلمي وإفقارهم ،والرب الفكرية لاولة إجلء السلمي
عن عقيدتم ،والرب الدموية ف الذابح الت تقام للمسلمي ف آسيا وأفريقيا ،فضل
عن التحالف مع كل أعداء السلم لعانتهم على إبادة السلمي ،كما يدث ف الند
وجامو وكشمي ،وف فلسطي ،وف أرتييا وغيها من بلد الرض.
تلك الرب الت قال عنها اللنب حي دخل القدس سنة 1917م " :الن انتهت
الروب الصليبية! " وما انتهت بعد ف القيقة.
وقال عنها النرال غورو الفرنسي وهو يضع قدمه على قب صلح الدين " :ها
قد عدنا يا صلح الدين! نن أبناء الصليبيي! ومن أعجبه حكمنا فليبق ،ومن ل يعجبه
حكمنا فليغادر البلد! ".
وقال عنها السئول الفرنسي ف المعية الوطنية الفرنسية ،حي تقدم بعض النواب
با ستجواب للحكو مة لو قف ا لرب ف ال شمال ا لفريقي ،ا لت كانت ت ستنف ا لموال
والدماء ول يبدو أنا ستؤدي إل نصر حاسم ..قال " :إن هذه حرب اللل والصليب،
وينبغي أن ينتصر الصليب! ".
أما هذه المة فقد أعفاها ال من أن يكون ف قلبها غل ßلحد ..فأرسل إليها
الرسول الات صلى ال عليه وسلم ،الذي ل نب بعده ،وجعل جزءا Xمن عقيدتا اليان
بالر سل ال سابقي ور سالتم .فخ لص قلب ها ،وا ستعدت لل قاء الب شرية كل ها ب سماحة
السلم ،بل أحقاد ول عقد ول ضغائن .فكان ذلك جزءا Xمن إعدادها لرسالتها ،وجزءا
كذلك من خييتها.
وبذا العداد النفسي التصل مباشرة بأصل العقيدة ،مضت هذه المة تتوسع ف
الرض ،بإذن ربا وأمره ،لت-خرج الناس من عبادة العباد إل عبادة ال ،ومن ج–و5ر الديان
إل عدل السلم ،ومن ضيق الدنيا إل سعة الدنيا والخرة .بينما تركت القوى العالية
الخرى خلل التاريخ من أجل استعباد الناس وإذللم ،ونب أقواتم ،وإلاقهم خ-داما
يدمون مصالهم علنية أو من وراء ستار.
أمة تمعها العقيدة ..وتكوAن العقيدة رابطتها الول ورابطتها القوى ،ل الرض،
ول اللغة ول النس ول القوم ،ول أي عصبية من تلك العصبيات الاهلية الت قال عنها
رسول ال صلى ال عليه وسلم " :دعوها فإنا منتنة " ) .(138وقال عنها صلى ال عليه
وسلم " :ليس منا من دعا إل عصبية ،وليس منا من قاتل على عصبية ،وليس منا من
مات على عصبية " ).(139
أمة يتمع فيها بلل البشي ،وص-هيب الرومي ،وسلمان الفارسي ،على مستوى
الق مة من سادات قر يش ..بل ي قول ع مر بن ال طاب -ر ضي ا ل ع نه " :-أ بو ب كر
سيدنا وأعتق سيدنا! " إشارة إل بلل -رضي ال عنه -ويقول رسول ال صلى ال
عليه وسلم " :سلمان منا آل البيت " ).(140
ويت مع ف هذه ال مة ا لبيض وال سود ،وال مر وال صفر " :ل ف ضل لعر ب ع لى
عجمي ول لبيض على أسود %إل بالتقوى " ).(141
ويت مع العر ب من الز يرة ،بال شامي ،بال صري ،بالعجمي ،بال ندي،
بالندونيسي ،بالزني ..إخوانا Xف ال ،إخوانا Xف السلم ،إخوانا Xف التجمع الواحد الذي
تشكله " المة السلمة ".
()138أخرجه البخاري.
()139رواه أبو داود.
()140أخرجه الاكم ف الستدرك.
()141رواه أحد ف مسنده.
)(4
قامت على يد هذه المة حركة علمية واسعة..
و ل ت كن هذه ال مة ق بل إ سلمها أ مة ع لم ،ول كانت لا اتا هات " علم ية "
مددة .ولكنها صارت كذلك بعد السلم .وما من شك ف أن توجيهات السلم كان
لا الثر الباشر ف تويل المة إل البحث العلمي ف شت مالته.
بعض هذه التوجيهات كانت توجه النظر إل ملكوت السموات والرض للنظر
ف إبداع الالق تبارك وتعال ،للتيقن من تفرده سبحانه بالببوبية واللوهية:
)إ)ن XاللXه %ف#ال)ق -ال.ح%ب sو%النHو%ى ي-خ4ر)ج -ال.ح%ي Hم)ن %ا.لم%يsت) و%م-خ4ر)ج -ال.م%يsت) م)ن %ال.ح%ي
ذ#ل)ك /م -الل Xه -ف#أ#نHى -تؤ4ف #ك/ون ،#ف#ال)ق -ال.إ) ص4ب%اح) و%ج%ع %ل #الل4 Xي ل #س%ك#نا Wو%الشHم 4س %و%ال.ق #م%ر %ح -س4ب%انا
ذ#ل) ك %ت %ق.د)ير -ا.لع%ز)يز) ال.ع%ل)ي م) ،و %ه-و %ا لXذ)ي ج%ع %ل# #لك /م -ال_ن ج-وم) %لت%ه 4ت%د-وا ب) ه%ا ف)ي ظ/ل /م%ات) ال.ب%ر
و%ال.ب%ح4ر) ق#د 4ف#صHل.ن%ا ال.آيات) ل)ق#و4م pي%ع4ل#م-ون ،#و %ه-و %الXذ)ي #أن4ش%أ#ك/م 4م) ن% 4نف.س pو%اح)د%ة pف#م-س4ت%ق#ر
و%م-س4ت%و4د%ع= ق#د 4ف#صHل.ن%ا ال.آيات) )لق#و4م% pيف.ق#ه-ون ،#و%ه-و %الXذ)ي #أن4ز%ل #م)ن %السHم%اء) م%اء· ف#أ#خ4ر%ج4ن%ا ب)ه
%ن ب%ات %ك /ل +ش%ي4ء pف#أ#خ4ر%ج 4ن%ا م)ن 4ه -خ %ض)را- Wنخ4ر) ج -م)ن 4ه -ح %بmا Wم-ت%ر%اك) با Wو%م) ن %النHخ 4ل) م) ن 4ط#ل.ع) ه%ا
ق)ن4و%ان Iد%ان)ي%ة Iو%ج%نHات pم)ن 4أ#ع4ن%اب pو%الزHي4ت-ون #و%الر_مHان #م-ش4ت%ب)ها Wو%غ#ي4ر %م-ت%ش%اب)ه pان4ظ/ر-وا )إل#ى ث#م%ر)ه
)إذ#ا أ.#ثم%ر %و%%ين4ع)ه) إ)ن Xف)ي ذ#ل)ك/م 4ل#آيات pل)ق#و4م- pيؤ4م)ن-ون(] .سورة النعام ،اليات .[99 - 95
ولكن التوجيه -وإن كان القصود به أساسا Xتقرير الوحدانية ،ونفي الشركاء عن
ا ل ) - (142فإن mا لس الب شري ل ي لك مع تأ مل هذه ال يات أل يلت فت إ ل ا لانب "
العلمي " فيها ..فكلها " ظواهر طبيعية " .تلفت النظر .والقرآن الكري يشد النتباه إليها
ش̈دا ليتأملها النسان ويتدبرها .وف أثناء تدبرها ل عجب أن يبحث ف " السنن الربانية
" ،ا لت ي -جري ا ل با هذه " ال ظواهر الطبيع ية " ،والب حث عن هذه ال سنن ،وماو لة
التعرف عليها هي " الروح العلمية " ،القيقية الت يتقدم با البحث العلمي ،ويكشف
الهول.
)ي %س4أ#لو%نك %ع %ن) ال.أ#ه) لXة) ق /ل .ه) ي %م%و%اق)يت -ل)لنHا س) و%ا.لح %ج ) .(sسورة الب قرة ،ال ية
.[189
) %وج%ع%ل.ن%ا الل4 Xيل #و%النHه%ار %آ%يت%ي4ن) ف#م%ح%و4ن%ا آي%ة #اللXي4ل) و%ج%ع%ل.ن%ا آي%ة #النHه%ار) م-ب4ص)ر%ة) Wلت%ب4ت%غ-وا
سن)ي %و%ال.ح)س%اب(] .سورة السراء ،الية .[12 ف#ض4ل Wم)ن 4ر%بsك/م 4و%ل)%تع4ل#م-وا ع%د%د %ال s
شم4س %ع%ل#ي4ه
)أ##لم 4ت%ر) %إل#ى ر%بsك %ك#ي4ف %م%د Hالظ+ل Xو%ل#و 4ش%ا̀ء ل#ج%ع%ل#ه -س%اك)نا Wث/م Hج%ع%ل.ن%ا ال H
د%ل)يل/ ،Wثم Hق#ب%ض4ن%اه) -إل#ي4ن%ا ق#ب4ضا Wي%س)يا(] .سورة الفرقان ،اليتان.[46 ،45 :
) %وأ#و 4ح%ى ر%ب_ ك %إ) ل#ى النHح 4ل) أ #ن) اHت خ)ذ)ي م) ن %ال.ج) ب%ال) ب-ي-و تا Wو%م) ن %ال شHج%ر) و%م) مHا
ل ي%خ4ر-ج -م)ن 4ب-ط/ون)ه%ا ش%ر%اب %يع4ر)ش-ون ،#ث/م Hك/ل)ي م)ن 4ك/ل +الثXم%ر%ات) ف#اس4ل/ك)ي س-ب-ل #ر%بsك) ذ/لW /
م-خ4ت%ل) ف= أ #ل.و%ان-ه -ف)ي ه) ش)ف#اء Ýل)لنHا س) إ) ن Xف)ي ذ#ل) ك %ل#آ ي%ة Wل) ق#و4م% pيت%ف#كXر-ون( ] .سورة الن حل،
اليتان.[69 ،68 :
ومن هذه التوجيهات -وكثي غيها ف الكتاب والسنة -توجAه السلمون لطلب
العلم.
و ل ي كن لديهم ر صيد سابق يرجعون إل يه ،إ نا كان الع لم الو جود ف ا لرض
يومئذ هو العلم الغريقي .فتعلmم السلمون اللغة الغريقية )واللتينية( ) ،(143ليحص×لوا ما
كان موجودا Xمن العلم يومئذ ،وي-شبعوا هذه الرAغبة الت تولدت عندهم ف التعرف على
السنن الربانية الت ي-جري ال با " ظواهر الطبيعة ".
وكان العلم لدى الغريق " نظريات " علمية ،وفلسفية ،ل تتجه إل التجريب.
إ نا يك في أن ت عرض ع لى " الع قل " فإن أقر ها -ب صورة من ال صور -ف هي صحيحة
بصرف النظر عن واقعها العملي ،وإن ل يقرAها فهي غي صحيحة بصرف النظر كذلك
عن واقعها العملي.
()143كان كثي من العلم مترجا Xإل اللغة اللتينية باعتبارها اللغة الرسية للمباطورية الرومانية الغربية.
ولكن اتاه السلمي -الذي اكتسبوه من توجيهات الكتاب والسنة -ل يكن
كذلك .إنا كان اتاها Xعلم̈يا من جهة ،ومبن̈يا على اللحظة الدقيقة من جهة أخرى.
ومن ث بدأ السلمون " يربون " ما تلقوه من علوم الغريق .وكان من بي ما
أرادوا تريبه للتثبت منه " حجر الفلسفة " ،الذي زعم الغريق أنه ي-ضاف إل العادن
السيسة فتتحول إل ذهب وفضة!
وف العمل التجريب أخذ السلمون يصهرون الديد والنحاس وغيها من العادن
" السي سة " وي ضيفون إلي ها مواد أ خرى لعل ها تت حول إ ل ذ هب وف ضة! و ل تت حول
بالطبع! ولكن التجربة جعلت السلمي يتقدمون تقدما Xهائل Xف علمي الفيزياء والكيمياء،
ويتعر فون ع لى كثي من خواص الادة ا لت كانت نواة لنطل قة علمية هائ لة ف مت لف
التاهات!
وتقدموا ف علم الضوء تقدما Xهائل Xكان هو نواة علوم الفلك وأساس صناعة
الناظي الفلكية.
ي قول الن صفون من ك تاب ال غرب :إن أور با تدين للم سلمي بإ ياد الن هج
التجريب ف البحث العلمي ،الذي هو أساس كل التقدم الذي حدث ف العلوم الديثة
على أيدي السلمي أول ،Xث على أيدي الوربيي الذين تتلمذوا على علم السلمي بعد
ذلك.
يقول بريفولت ف النص الذي سبق أن استشهدنا به ف فصل " :الاهلية العاصرة
" ،ونعيده هنا للتذكرة به:
" فال عال ال قدي -ك ما رأي نا -ل ي كن للع لم ف يه و جود .وع لم الن جوم ع ند
اليو نان وريا ضياتم كانت علو ما Xأجنب ية ا ستجلبوها من خارج بلد هم وأ خذوها عن
سواهم ،و ل ت تأقلم ف يوم من ال يام فت متزج امتزا جا Xكل̈يا بالثقا فة اليونان ية .و قد ن ظم
اليونان الذاهب ،وعمموا الحكام ،ووضعوا النظريات .ولكن أساليب البحث ف دأب
وأ ناة ،و جع العلو مات الياب ية وتركيز ها ،والنا هج التف صيلية للع لم واللح ظة الدقي قة
الستمرة ،والبحث التجريب ،كل ذلك كان غريبا Xتاما Xعن الزاج اليونان.
أما ما ندعوه " العلم " فقد ظهر نتيجة لروح من البحث جديدة ،ولطرق من
الستق صاء م ستحدثة ،من طرق التجر بة ،واللح ظة وال قاييس ،ولت طور الريا ضيات إ ل
صورة ل يعرفها اليونان ..وهذه الروح وتلك الناهج العلمية ،أدخلها العرب إل العال
الورب ".
ولكنا نقول :إن هذا -على أهيته البالغة -ليس أهم ما اتسمت به الركة
العلمية السلمية.
إن أهم ما تتسم به هذه الركة -من منظورنا السلمي -أنا كانت حركة
منبثقة من العقيدة ،غي معادية لا ،ول متعارضة معها.
ولكي نعرف هذه النعمة ونقدرها حق Aقدرها ،فلننظر إل الركة العلمية القائمة
اليوم ف ظل الاهلية العاصرة.
إنا -من حيث الجم ،ومن حيث ما كشفت من أسرار الكون ،ومن حيث ما
سخرت من طاقات السموات والرض -أكب حركة علمية ف التاريخ.
)(144
ولكن ضريبتها ف الوقت نفسه ضريبة فادحة ..وأفدح ما فيها هو اللاد
()144هناك ثغرات أخرى ف الركة العلمية العاصرة سنشي إليها فيما بعد.
وما نريد أن نكرر الديث عن السباب الت أدت إل افتراق طريق العلم والدين
ف أوربا ،وعن جناية الكنيسة الوربية ف هذا الشأن ،ولكنا نتحدث عن المر الواقع أ̈يا
كانت أسبابه.
إن افتراق الطريق بي الدين والعلم ليس أمرا Wهيmنا ،Wول هامشي¾ا ،كما تنظر إليه
الاهلية العاصرة.
إ نه يزق الن فس الب شرية ب ي نز عتي فطر يتي ،كلتا ها أ صيلة ،وكلتا ها لز مة
لصحة النفس وتوازنا وتناسقها :نزعة التوجه إل ال بالعبادة ،ونزعة التعرف على الكون
ا لادي ،وع لى خواص ا لادة ،لت سخي هذه العر فة ف ت صنيع خا مات " الطبي عة "،
وتسينها ،وتميلها با يلئم حياة النسان.
والنسان -كما خلقه ال -يشتمل على النعتي معا ،Xف تناسق وتوازن وترابط
وتكامل:
) %وإ)ذ .أ #خ%ذ #ر_%ب ك %م) ن 4ب %ن)ي آد %م %م) ن 4ظ /ه-ور)ه)م 4ذ/رsيHت%ه -م 4و%أ #ش4ه%د%ه-م 4ع %ل#ى أ#ن4ف /س)ه)م
#أل#س4ت -ب)ر%بsك/م 4ق#ال/وا ب%ل#ى ش%ه)د4ن%ا(] .سورة العراف ،الية .[172
) %و س%خHر %ل#ك /م 4م%ا ف)ي ال سHم%او%ات) و %م%ا ف)ي ال.أ4 #ر ض) ج%م)يعا Wم)ن 4ه ] .(-سورة الاث ية،
الية .[13
صن4ع%ة #ل#ب-وس pل#ك/م) 4لت-ح4ص)ن%ك/م 4م)ن 4ب%أ.س)ك/م] .(4سورة النبياء ،الية .[80
) %وع%لXم4ن%اه% -
)ا ق.ر%أ .و%ر%ب_ ك %ا ل.أ#ك.ر%م ،-ا لXذ)ي ع%ل Xم %ب)ال.ق#ل#م) ،ع%ل Xم %ا.لأ)ن 4س%ان #م%ا ل #م% 4يع4ل #م ] .(4سورة
العلق ،اليات .[5 - 3
وباتي النعتي معا Xيقوم النسان بدور اللفة ف الرض ،ا لت تشتمل على
عمارة الرض بقتضى النهج الربان ،والت هي المانة الت حلها النسان بينما أشفقت
من حلها السموات والرض والبال ..والت من أجلها خلق ال النسان ونفخ فيه من
روحه ،وأسجد له اللئكة.
وحي يكون النسان على فطرته السوية الت فطره ال عليها يعمل بالنعتي معا
بل تناقض بينهما ول خصام ،فيعبد ال ،وف الوقت ذاته يسعى إل التعرف على أسرار
الكون ،لي-حقmق ما سخر ال له من طاقات السموات والرض.
)ي%ا #أي_ه%ا ال.أ)ن4س%ان /إ)نHك %ك#اد)ح= إ)ل#ى ر%بsك %ك#د4حا Wف#م-لق)يه)(] .سورة النشقاق ،الية
.[6
وحي يارس النسان الياة بكيانه الكامل التناسق فإنه ي-حقق ذاته بطريقة سوية،
و يط طري قه ف ال ياة ب طى ثاب تة ون فس مطمئ نة ،وذ لك ما حقق ته الر كة العلم ية
السلمية ف أجل صورة.
أ ما ح ي ت فترق النع تان ،وتتخا صمان بف عل الاهل ية ،فإنه يدث انف صام ف
الشخصية ،يؤدي إل اللل والضطراب ،سواء ف داخل النفس أو ف واقع الياة.
ف في دا خل الن فس ي قوم ال صراع ب ي نز عتي توأ متي ،ال صل فيه ما التوا فق
والتنا سق وو حدة ال تاه .ول يس لذا ال صراع نتي جة إل ا لرض النف سي ،سواء كب تت
إحدى النعتي ،أو ظلتا معا - Xعلى السطح -متصارعتي.
وأما ف واقع الياة فماذا يتوقع من اجتماع النفوس الريضة إل مزيد من الرض
ومزيد من الضطراب؟!
و ف ال صورة القاب لة ،ا لت حققت ها ال مة ال سلمية حال ازدهار ها ،الت قى الع لم
وال يان ،وات سقت الشخ صية التكام لة التراب طة الو حدة ال تاه ،ف لم ين شأ عن الت قدم
العلمي فساد ف العقيدة ،ول نشأ عن اليان بال توقف ف الد العلمي الذي شل كل
جوانب الب حث ،الن ظري والعم لي ع لى ال سواء .إ نا كان كل ف تح جد يد ف باب من
أبواب العلم مدعاة لزيد من التقرAب إل ال والخبات إليه:
)إ)Hنم%ا %يخ4ش%ى اللXه %م)ن 4ع)ب%اد)ه) ا.لع-ل#م%اء®(] .سورة فاطر ،الية .[28
)(5
وقامت على يد هذه المة حركة حضارية ضخمة..
وت بدي الكات بة اللان ية زير يد هونكه إعجا با ال شديد بال ضارة ال سلمية ف
كتابا " :شس ال تشرق على الغرب " ،كما يتحدث كثي من الستشرقي والؤرخي
الغربيي عن ازدهار تلك الضارة ف بلد الندلس وبلد الشرق ف الوقت الذي كانت
أوربا تعيش قرونا الوسطى الظلمة ) .(145وتركز زيريد هونكه بصفة خاصة على أثر
ال ضارة ال سلمية ف ن ضة أور با ،ك ما يؤ كد ذ لك بري فولت ف ك تابه Making of
Humanityالذي سبقت الشارة إليه.
()145راجع آدم متز " حضارة السلم ف القرن الثالث الجري " ،وجرونيباوم " حضارة السلم " ،و
" قصة الضارة " لول ديورانت وغيهم.
النشاط البشري ،من تنظيم " للدولة " وتديد اختصاصاتا ووظائفها ،وتنظيم لعلقات
الت مع ،و عاداته وتقال يده ،وتنظ يم لدور التعل يم ،وتنظ يم لل حرب وال سلم و شئونما،
وتنظ يم للت جارة وال صناعة ،وتنظ يم للع مران ..ا ل ..ا ل ،فم جال ذ لك ك ما قل نا هو
البحوث التخصصة.
إنا نن معنيون هنا -كما عنينا ف الفقرة السابقة الت تكلمنا فيها عن الركة
العلمية السلمية -بنقطة معينة ،نراها هي الو5ل بالبراز ف هذا البحث بصفة خاصة،
هي انطلق الر كة ال ضارية ال سلمية من العق يدة ،دون ت ناقض ول ت عارض ول
خصام.
)ه-و %الXذ)ي #أيHد%ك %ب)ن%ص4ر)ه) و%ب)ا.لم-ؤ4م)ن)ي ،%و#%ألXف% %بي4ن %ق/ل/وب)ه)م 4ل#و 4أ4#نف#ق.ت %م%ا ف)ي ا.لأ#ر4ض
ج%م)يعا Wم%ا #ألXف .ت% %بي 4ن %ق /ل/وب)ه)م 4و%ل#ك) ن Hالل Xه %أ#ل Xف% %بي4ن%ه -م) 4إHن ه -ع%ز)يز= ح%ك)يم(] .سورة النفال،
اليتان.[63 ،62 :
)و%اذ .ك/ر-وا )نع4م %ت %الل Xه) ع%ل#ي/ 4ك م 4إ)ذ .ك/ن4ت -م 4أ #ع4د%اء· ف#أ#لXف% %بي 4ن %ق /ل/وب)ك/م 4ف#أ #ص4ب%ح4ت-م
)بن)ع4م%ت)ه) )إخ4و%انا(] .سورة آل عمران ،الية .[103
وو جدت الدو لة ذات الكو مة الركز ية ،ا لت تت مع ف ظل ها الق بائل الت ناحرة
فتكوAن أمة ،والت تقوم ف ظلها حضارة ،وغن عن البيان أن تلك الضارة قد ولدت ف
ظل العقيدة السلمية ،بل انبثقت انبثاقا Wمن تلك العقيدة ،فقبلها ل يكن " للمة " الت
تنشئ الضارة وجود.
ونقطة العظمة ف هذه الضارة أنا حي بدأت تنمو وتزدهر ل ترج من ظل
هذه العقيدة ..إل حي أصابا الترف والنراف ..وحت حينئذ ل تنسلخ انسلخا Xكامل
من العقيدة ،إنا أصابا ما أصاب المة كلها من انراف ).(146
ومرة أخرى نقول :إنه لكي نعرف هذه النعمة ونقدAرها حق قدرها فلننظر إل
الضارة القائمة اليوم ف ظل الاهلية العاصرة.
إنا من حيث حجمها ،وسعة مالتا ،ومن حيث عمارتا الادية للرض ،ومن
حيث ما قدAمت مترعات تمل العبء عن كاهل النسان وتمAله لللة ،قد بلغت ذروة
ل تبلغها حضارة ف التاريخ.
ولكن ها من ح يث تقيق ها " لن سانية الن سان " ،قد ت كون أ سوأ ح ضارة ف
التاريخ.
والضارات ل تت لف فيما بينها بعدد ما أن شأت من ال طرق الع بدة ،وعدد ما
أنشأت من الدن ،وعدد ما أنشأت من الؤسسات ف داخل هذه الدن ..وإن كان هذا
كله داخل Xف الساب .وإنا تتلف -قبل ذلك ،وأهم من ذلك -ف مدى تقيقها لغاية
الوجود النسان ،ومدى تقيقها لنسانية النسان.
ول شك أن من مزايا النسان الت اختصه ال با ،وفضAله على كثي من خلق،
أ نه ل يت ناول ما حوله من مو جودات " الطبي عة " ع لى حالت ها الا مة ،إ نا هو مدفوع
بفطر ته إ ل ت صنيع ت لك الا مات لين شئ با لنف سه عا لا Xجد يدا Xغ ي ا لذي أل فى نف سه
مو جودا Xف يه .ث ل يكت في بذلك الت صنيع ،إ نا هو ي سعى دائ ما Xإ ل ت سي أ حواله ا لت
أوجدها لنفسه بتصنيع خامات الطبيعة ،وياول أن يصل بذه الحوال إل درجة المال
).(147
نعم! ولكن هذا جانب واحد من جوانب وجوده ،وغاية واحدة من غايات ذلك
الوجود ،ل تصلح وحدها أن تكون مقياسا Xللناز البشري.
إن النسان ي-مارس حياته بكل كيانه ،ويكون ف أحسن تقوي حي ي-مارس الياة
بكيانه كله متجمعا Xمتناسقا Xمتوازنا Xمترابطا Xكما خلقه ال:
)إ)ذ .ق#ال #ر%ب_ك %ل)ل.م%لئ)ك#ة) إ)نsي خ%ال)ق= ب%ش%را Wم)ن 4ط)ي ،pف#إ)ذ#ا س%وHي4ت-ه -و%ن%ف#خ4ت -ف)يه) م)ن
ر-وح)ي ف#ق#ع-وا ل#ه -س%اج)د)ين(] .سورة ص ،اليتان .[72 ،71
وحي يكون النسان على فطرته الت فطره ال عليها فإنه ينشئ حضارة متوازنة
بي مطالب السد ومطالب الروح ،تقق كيانه النسان ،وتققه ف أحسن تقوي.
ولقد كانت الزية الكبى للحضارة السلمية أنا أخذت النسان كله ،بكل
جوانبه ،فكانت حضارة " إنسانية " حقcا ،شاملة لكل الالت الت يتحقق با كيان "
النسان ".
فأما الانب الادي من الضارة :جانب التصنيع ،والتح سي ،والتجميل ،فقد
برع السلمون فيه با يثبت أصالتهم ،وتفوقهم على عال زمانم .ولكن هذا ل يكن ههم
الكب ،وما ينبغي أن يكون.
لقد كان منهجهم هو " منهج العبادة " ..العبادة بعناها الشامل الواسع ،الذي
يعن ف النهاية عمارة الرض بقتضى النهج الربان:
)ق /ل .إ) ن Xص%لت)ي %ون -س-ك)ي و%م%ح 4ي%اي %و%م %م%ات)ي ل)ل Xه) ر %ب sال .ع%ال#م)ي ،%ل ش%ر)يك# %ل ه.(-
]سورة النعام ،اليتان .[163 ،162
) %وإ)ذ .ق#ال #ر%ب_ ك %ل)ل.م%لئ) ك#ة) )إ نsي ج%اع)ل Iف)ي ال.أ#ر 4ض) خ%ل)ي ف#ة ] .(Wسورة البقرة ،الية
.[30
) -هو# %أن4ش%أ#ك/م 4م)ن %ال.أ#ر4ض) و%اس4ت%ع4م%ر%ك/م 4ف)يه%ا(] .سورة هود ،الية .[61
ومن ث تصبح " العمارة " وتصبح " الضارة " مزيا Xمن الناز الادي ،والناز
الروحي ف ذات الوقت ،أو بعبارة أخرى :إناز مادي مكوم بالقيم العليا الت ي-قرmرها
السلم.
ونظرة سريعة إل الدينة السلمية " تكشف عن هذه القيقة .فلقد كان مركز
الدينة -الذي تتفرع منه ،وتتفرع عنه الطرق والناشط -هو السجد .ف السجد ي-ؤدي
ال ناس صلتم -صلة ال صبح -ث ينطل قون إ ل أع مالم ف الت جارة وال صناعة وط لب
الع لم ،و سواها من النا شط .وإ ل ال سجد ي عودون ف أو قات ال صلة ،يتزودون بالزاد
الروحي الذي ي-عينهم على مسيتم الت قال ال فيها:
)ه-و %الXذ)ي ج%ع%ل #ل#ك/م -ال.أ#ر4ض %ذ#ل/ول Wف#ام4ش-وا ف)ي م%ن%اك)ب)ه%ا و%ك/ل/وا م)ن 4ر)ز4ق)ه) و)%إل#ي4ه
الن_ش-ور(] .سورة اللك ،الية .[15
)ف#إ)ذ#ا ق/ض)ي%ت) الصHل /ة ف#ان4ت%ش)ر-وا ف)ي ال.أ#ر4ض) و%ا4بت%غ-وا م)ن 4ف#ض4ل) اللXه) و%اذ.ك/ر-وا اللXه
ك#ث)يا# Wلع%لXك/م 4ت-ف.ل)ح-ون(] .سورة المعة ،الية .[10
ونظرة أخرى سريعة إل " البيت السلمي " ،تكشف عن هذه القيقة .ففي
البيت " حرم مصون " .وقد صمم البيت بيث يتيح لسكانه قسطا Xمعقول Xمن الشمس
وا لواء والف سحة ،دون أن ينك شف أه له لع ي ا لجنب ا لذي ل يوز له أن ي mط لع ع لى
عورات البيوت!!
وقارن هذا ببيت الاهلية العاصرة الت ت-صر Aعلى أن تكون حجرة النوم هي "
أكشف " غرفة ف البيت ،بجة الصول على أكب قسط من الشمس والواء! كما ت-صر
على أن تكون الساكنة ف البيت هي " أكشف " من فيه!
لقد كانت المة السلمية ت-مارس الرقي القيقي -بميع القاييس -منطلقة من
عقيدتا السلمية ،م-طبقة لنهجها الربان ،سيدة ف الرض ،م-مكنة حسب وعد ال لا:
) %وع%د %اللXه -الXذ)ين %آم%ن-وا م)ن4ك/م 4و%ع%م)ل/وا الصHال)ح%ات) #لي%س4ت%خ4ل)ف#نHه-م 4ف)ي ا.لأ#ر4ض) ك#م%ا
ا س4ت%خ4ل#ف %ا لXذ)ين %م) ن 4ق#ب4ل)ه) م% 4ول#ي-م%ك+ن %ن# Hله -م 4د)ين%ه -م -ا لXذ)ي ار4ت %ض%ى ل#ه -م 4و%ل#ي -ب%دsل#نHه-م 4م) ن 4ب %ع4د
خ%و4ف)ه)م# 4أم4نا% Wيع4ب-د-ون%ن)ي ل ي-ش4ر)ك/ون #ب)ي ش%ي4ئا(] .سورة النور ،الية .[55
وكان أجل ما ف هذه الضارات ذلك التوازن الدقيق ف داخل الكيان النسان،
وف واقع الياة.
)(6
ما يلفت النظر ف تاريخ هذه المة تأثي السلم ف جوانب كثية من حياتا ف
اتاه مغاير لتأثي البيئة.
فقد كان العرب ف الاهلية قبائل متناحرة ل تلتقي ف أمة ،على الرغم من كل
عوامل اللقاء الت تلتقي على مثلها شعوب أخرى ،كوحدة الرض ،ووحدة اللغة ،ووحدة
ال عادات والتقال يد ،وو حدة العت قدات ،وو حدة ا لتراث ،وموا سم ا لج ا لت تلت قي في ها
القبائل من كل أناء الزيرة ،ومواسم الشعر الت يلتقي فيها الشعراء والنقاد ..ال.
ل قد كانت الن عرات القبل ية وال ثارات القبل ية أ قوى أ ثرا Xمن كل هذه العوا مل
متمعة ،فحالت -لدة ل يعلمها إل ال -دون التقاء هذه القبائل ف أمة واحدة ..حت
جاء السلم فمن mال عليها باللتقاء واللفة ،ول تتكون منها م-جرAد أمة ،بل تكوmن منها
بقدر من ال خي أمة أخرجت للناس.
وأشارت آية سورة النفال -الت استشهدنا با من قبل -إل أن هذا اللقاء ل
يكن مكنا Xلول فضل ال ومشيئته:
)ل#و# 4أن4ف#ق.ت %م%ا ف)ي ال.أ#ر4ض) ج%م)يعا Wم%ا أX#لف.ت %ب%ي4ن %ق/ل/وب)ه)م 4و%ل#ك)ن HاللXه# %ألXف %ب%ي4ن%ه-م) 4إنHه
ع%ز)يز= ح%ك)يم(] .سورة النفال ،الية .[63
وحي ي-ريد ال شيئا Xفإنا يقول له كن ،فيكون .ولكن ال يعل لشيئته أسبابا
تتحقق من خللا .وكان السبب الذي جعله ال لتحقيق هذه اللفة هو السلم .فكان
ال سلم هو الغالب ع لى كل آ ثار ا لبيئة ا لت حالت دون تق يق الو حدة من ق بل ،و قال
رسول ال صلى ال عليه وسلم ،للمؤمني " :إن ال أذهب عنكم ع-بيmة الاهلية وفخرها
بالنساب .(148) " ..والديث واضح الدللة ف أن عبية الاهلية وفخرها بالنساب ل
تذهب من ذات نفسها ،كما يدعي الذين يزعمون أن العرب كانوا على وشك التجمع
من ذوات أنفسهم ،وكانوا ينتظرون " الزعيم " الذي ي-وحدهم ،فلما جاء ممد صلى ال
عليه وسلم ،اتذوه زعيما Xلم وتوحدوا!
وهو قول بالغ التهافت ،يرد Aعليه قول ال تبارك وتعال :إن الرسول صلى ال
عليه وسلم ،ل يكن من ذات نفسه ،ليؤلف بي هذه القلوب ،ل بشخصه ،ول بإنفاق ما
ف الرض جيعا ..لول مشيئة ال ،واتاذ ال السبب لتحقيق هذه الشيئة وهو السلم.
ك ما يرد Aعل يه أن ال عرب حاربت الر جل ا لذي تت ع لى يده الو حدة -ب قدر من ا ل
وم شيئته -حر با Xل هوادة في ها ثل ثة ع شر عا ما Xكام لة ف م كة ،و سنوات أ خرى ب عد
()148رواه أبو داود وأخرجه الترمذي وقال " حسن صحيح ".
هجرته صلى ال عليه وسلم ،إل الدينة ،حت دخلوا ف السلم ،فجعل ال السلم سببا
ف الوحدة وتأليف القلوب.
إن البيئة الت انتشر فيها السلم -بقدر من ال -يقع معظمها ف النطقة الارة،
والنطقة العتدلة الارة ،والقليل منها هو الذي يقع ف النطقة العتدلة الباردة.
والل حوظ ف أ هل هذه ا لبيئة أنم -ب تأثي البيئة -فو ضويون يكرهون الن ظام!
عفويون يكرهون التخطيط! قصيو النفس ،يشتعلون بسرعة وتنطفئ حاستهم بسرعة
) ،(149أميل إل الكسل منهم إل الد Aوالنساط والركة!
وربا كان السبب ف هذه الصال أن هذه البيئة سهلة ف عمومها ،فل أحد فيها
يوت من البد ،ول أحد يوت من الر ،Aول أحد يوت من الوع ف الحوال العادية،
ويستطيع النسان بأبسط الهد أن يقيم أو–د–ه ،-وأن يؤدي مطالب الياة القهرية دون عناء
كبي.
و ف م ثل هذه ال ظروف ي بدو الن ظام أ مرا Xل ضرورة له! فإن ا لمور ي كن أن
تق ضى بغ ي حا جة إ ل تنظ يم! وع ندئذ ي كون الن ظام عبئا Xع لى الع صاب ،ل مبر له،
وتكون الفوضى أمرا Xمستساغا Xلنا أيسر على العصاب!
كما يبدو التخطيط أمرا Xل ضرورة له كذلك! فحي تأت الشكلة تل !mوالنحو
الذي تل به يوم تيء هو النحو ذاته الذي تل به الن لو برزت ف هذه اللحظة! فلماذا
التخطيط السبق ،ما دام التفكي اللحظي السريع عند حلول الشكلة يكن أن يلها؟!
وأ̈يا كانت السباب الت تتويها البيئة ،وتؤدي إل وجود هذه الصال ف نفوس
أهلها ،فقد تسلم السلم أهل هذه البيئة -على أوضاعهم تلك -فأخرج منهم خي أمة
أخرجت للناس!
ولقد بذل رسول ال صلى ال عليه وسلم ،جهدXا تربو̈يا ضخمXا ف هذا السبيل،
روت منه كتب السية أنه صلى ال عليه وسلم ،كان يصف ¥الؤمني للصلة كما يصفهم
للقتال! وكان ير بيده الكرية على أكتاف الرجال يسويها ،ويأمرهم أن ياذوا بعضهم
بعضا Xبأقدامهم ،ول يبدأ الصلة صلى ال عليه وسلم ،حت يستقيم الصف.
ث إن ال سلم ع لmم ال سلمي أن ي-خط طوا ل لدعوة ،ولل سلم وا لرب ،ولواج هة
ال عداء ،ول تأليف الق لوب ،لنم واج هوا -بال سلم -ظرو فا Xجد يدة ل ت صلح في ها
العفوية الت تدير البيئة با المور.
وكذلك فإن السلم أخرجهم من النظرة القريبة الت كانت تنتهي إليها مصالهم
ف ا لرض ،إ ل ن ظرة بع يدة بع يدة ..أب عد من أي مدى ي كن أن يع يش له الن سان ف
الرض ،لنه يتجاوز الزمان كله ،والكان كله ،إل ما وراء الزمان والكان ..إل اليوم
الخر ،الذي ل يعرف أحد موقعه من الزمان والكان ،ولكنه واقع ل ريب فيه ،تؤمن به
هذه الق لوب ،وتع مل له و هي ف واقع ها الر ضي ،فتخ طو خطوا تا ع لى ا لرض و هي
معقلة بذلك المد الذي ل تده الواس.
وتغيت بكل ذلك طبائع الناس ..وتكوAنت منهم خي أمة أخرجت للناس.
وحي خفmت قبضة السلم على النفوس ف واقعها العاصر ،عاد الناس إل تأثي
ا لبيئة! فو ضويي يكر هون الن ظام ،ع فويي يكر هون التخط يط ،ق صار الن فس ،ي شتعلون
بسرعة وينطفئون بسرعة.
وال عبة ال ستفادة من ج هة أ خرى أن ه ناك شيئXا وا حدا Xي فوق تأثيه أ ثر ا لبيئة.
ذلك هو العقيدة الصحيحة ف ال ،التضمنة تقيق النهج الربان ف واقع الياة.
وأ نه ح ي ي-ك تب التار يخ ،وح ي ت-ر ب الما عات ،وح ي ت-ن شأ ا لدول ،وح ي
ت-مارس الياة ،فينبغي أن يكون العتبار الول ف كل ذلك للعقيدة الصحيحة ،الت
تقف -وحدها -لكل تأثي البيئة ،وتستطيع -وحدها -أن ت-صحmح كل انرافات
البيئة ،حي تصل ف نفوس أصحابا إل درجة التوهج والنطلق!
وإل جانب هذا وذلك ،الضياع الفكري والروحي الذي جعل المة السلمية
-لول مرة ف تاريها -تنظر إل الاهلية على أنا أفضل منها ،وتنظر إل السلم على
أنه رجعية وتلف ينبغي النسلخ منه واتباع الاهلية!
ولقد تدثت -بتفصيل كاف عن هذا الواقع العاصر وأسبابه ونتائجه ف كتاب "
واقعنا العاصر " ،ما ل أحتاج معه إل إعادة الديث .ولكن ل بد مع ذلك من سطور
قلئل ف وصف هذا الواقع ،ليتبدى الفرق الائل الذهل بي ماضي المة وحاضرها ،حت
لكأنما متلفتان ل يربط بينهما رباط!
كيف اندرت المة من مستواها الرفيع الذي أشرنا إل لات منه ،حت صارت
ذلك الغثاء الذي أخب عنه رسول ال صلى ال عليه وسلم " :ي-وشك أن ت%داعى عليكم
المم كما تداعى الك#ل#ة إل قصعتها .قالوا :أمن قل€ة نن يومئذ يا رسول ال؟ قال :بل
أن تم يومئذ كثي ولكن كم غ ثاء كغ ثاء ال سيل .ولين عن ا ل م هابتكم من صدور
أعدائكم ،وليقذفن ف قلويكم الو%ه4ن .قالوا :وما الوهن يا رسول ال؟ قال :حب_ الدنيا
وكراهية الوت " ).(150
ولقد خيل لبعض الستضعفي ،النهزمي أمام الضارة الغربية ،الذين استعبد الغزو
الف كري ق لوبم وأرواح هم -وخا صة ع بدة التف سي ا لادي للتار يخ من هم -أن ضعف
السلمي وتأخرهم كان نتيجة حتمية لتمسكهم بالسلم!!
وأن السلم كان حركة تقدمية يوما Xما! أي بالنسبة لوقته! وأنه فعل ما فعل ف
النفوس بسبب أنه كان بالنسبة لوقته حركة تقدمية ،فدفع الياة كلها إل المام .ولكن
دوره انتهى كحركة تاريية وموقف تقدمي ،لنه بقي مكانه فسبقه " التطور " ،فأصبح
من ث حركة رجعية! ول يعد صالا Xلواكبة التطور الديث ،بل صار معوقا Xينبغي طرحه
والبحث عن بديل منه ،والبديل هو الضارة الغربية!
وي-ل ح ¥الست شرقون وتل مذتم ع لى هذا الع ن ف كتا باتم ا لت ي هدفون با إ ل
تسميم قلوب السلمي وأفكارهم ليتخلوا عن دينهم ،كما يثل الواقع السيئ الذي يعيشه
ال سلمون نق طة " ت شويش " -ت حرAف م سار ا لق ،فتج عل ال ناس ي -صدقون هذه الباط يل
كأنا حقيقة ،وينظرون إل القائق كأنا أساطي!
أما السلم فما زال هو الدين الق ،وما زال هو الطريق الواصل ،وما زال هو
الطريق الستقيم.
لقد بقي لم أنم ينطقون بأفواههم ل إله إل ال ممد رسول ال .فهل يعون
معناها أو يعرفون مقتضياتا؟
وبقي لم أنم يؤدون بعض العبادات ،فهل أدركوا القصود با ،أو رعوها حق
رعايتها؟
وبقي لم بعض " التقال يد " ال سلمية ،فهل تصمد التقال يد الاوية من ا لروح
للمعركة الضارية الت توجه إل الدين عامة والسلم على وجه الصوص؟
وبقي لم تنيات بأن ينصر ال دينه ،ويعيد إليه أماده ،فهل تكفي التمنيات لتغيي
الواقع السيئ وإنشاء البديل؟!
تولت ل إله إل ال من منهج حياة كامل ،إل الكلمة الت ت-نطق بالفواه.
وتولت عقيدة القضاء والقدر من قوة دافعة إل النشاط والركة مع التوكل على
ال ،إل قعود عن النشاط والركة مع تواكل سلب مريض.
و تول ال توازن الم يل ب ي الع مل ل لدنيا والع مل ل لخرة ،إ ل إ هال ل لدنيا من
أجل اللص ف الخرة ،فأهلت عمارة الرض ،وطلب العلم ،وطلب التمكي والقوة،
وع م Aال هل والف قر وا لرض ،ور ضي ال ناس بذلك ك له ع لى أ نه قدر ر بان ل ق بل لم
بتغييه ،بل ل يوز العمل على تغيي خوفا Xمن الوقوع ف خطيئة التمرد على قدر ال!
إذا كان ال سلم يؤدي ف ح ياة ال ناس إ ل التم كن وال قوة والنظا فة ون قاء
ا لخلق ،والت قدم العل مي والت قدم ال ضاري ،ومقاو مة انرا فات ا لبيئة والتغ لب علي ها..
فهل يكن للصورة البديلة أن تؤدي إل النتائج ذاتا؟
وهذا الذي حدث بالفعل ..فجاء العداء من كل ح–د–ب وص–و5ب يتلون أرض
السلم ،يزقو نا تزيقا ،Xو ي-ذلون أهلها ،وينحون شريعة ال عن ال كم ،وين شرون فيها
الفساد ،ويقتلون كل ما بقي من قيم ف حياة السلمي ..ث جاء الغزو الفكري ليقول
لناس :إن السبب ف كل ما حل بم هو تسكهم بالسلم!!
حقي قة إ نم كانوا " متم سكي " ب شيء ما! وإ نم كانوا يتو هون أن ما هم
متمسكون به هو " السلم "! ولكن مت كان الوهم يغن عن القيقة ،أو يؤدي ف عال
الواقع ما تؤديه القيقة؟!
مثل الوهم الذي كانوا متمسكي به والقيقة كمثل ورقة النقد الزائفة يسبها
الخدوع با ورقة حقيقية ،حت إذا ذهب با إل السوق ل يستطع أن يصل با على شيء
ما يريد ،وعاد باليبة والسرة ،إن ل يتعرض للقاء القبض عليه وتوقيع العقوبة عليه!
أول هذه الو هام أن ال يان هو الت صديق وا لقرار ،وأن الع مل ل يس داخل Xف
مسمى اليان!!
وتو هوا أ نم ح ي يؤدون الرك عات الفرو ضة بأ ية صورة ،وي صومون ال يام
الفرو ضة ع لى أ ية صورة ،و يؤدون الز كاة الفرو ضة ،وي جون ال جة الفرو ضة -من
ل -فقد أدوا كل العبادة الفروضة.
استطاع إليها سبي X
و من الو هام كذلك أ نم تو هوا أ نم ما دا موا " م سلمي " فسين صرهم ا ل،
وسيوفقهم ،وسيقضي لم حوائجهم وي-ن جAح مقاصدهم ،مهما يكن حالم ،ومهما تكن
حقيقة أعمالم!!
لقد قال ال للمؤمني) " :ي%ا أ#ي_ه%ا الXذ)ين %آم%ن-وا إ)ن .ت%ن4ص-ر-وا اللXه% %ين4ص-ر4ك/م 4و%ي-ث#بsت
#أق.د%ام%ك/م(] .سورة ممد ،الية .[7
ول يقل لم :ما دمتم مؤمني فسأنصركم ،وأثبت أقدامكم مهما تكن أحوالكم،
وأوضاعكم وأعمالكم!
()152حي تؤدى العبادات الفروضة على هذه الصورة يسقط وزرها ،ولكن ل يثاب النسان عليها ،إنا
يكون الثواب ف الخرة على قدر ما ف العبادة من صدق .أما ف الدنيا فل يكون لا أثر حقيقي،
لذلك قال ال) :فãو–ي5ل úلÆلÅم-ص–لÝي– ،الÛذÆين– ه-م 5ع–ن 5ص–لتÆهÆم 5س–اه-ون.(ã
ولقد ه-زم الؤم نون -وفيهم ر سول ا ل صلى ا ل عل يه و سلم -ف وقعة أ حد
حي عصوا أمر الرسول صلى ال عليه وسلم.
)إ) ن Xالل Xه %ل %يظ.ل) م -م)ث .ق#ال #ذ#رHة pو%إ) ن .ت %ك -ح %س%ن%ة Wي -ض%اع)ف.ه%ا و %ي-ؤ4ت) م) ن 4ل#د4-نه -أ #ج4را
ع%ظ)يما(] .سورة النساء ،الية .[40
)ف#خ%ل#ف %م)ن 4ب%ع4د)ه)م 4خ%ل.ف= و%ر)ث/وا ال.ك)ت%اب %ي%أ.خ-ذ/ون #ع%ر%ض %ه%ذ#ا ال.أ#د4ن%ى و%%يق/ول/ون
س%ي-غ4ف#ر# -لن%ا(] .سورة العراف ،الية .[169
" ورثوا الكتاب "! أي أخذوه وراثة واتذوه تراثا !Xول يشعروا أنه كتابم هم،
ال نل إلي هم ليعم لوا بقت ضاه! إ نا هو ك تاب ال باء وال جداد ،و هم مرد ور ثة له ،غ ي
مكلفي بالعمل با جاء فيه!!
لقد كانت هناك زحزحة مستمرة -استمرت من عمر المة عدة قرون -تبعد
الناس رويدا Xرويدا Xعن حقيقة الدين ،وتأت صحوات عابرة ،على أيدي العلماء والدعاة
والصلحي ،ث تعود المة إل غãفÅوتا أكثر انرافا Xمن ذي قبل ،وأكثر بعدا Xعن حقيقة
الدين ).(153
وف النهاية تقق النذير :تداعت عليهم المم كما تداعى الكلة إل قصعتها،
بينما هم كثي كثي ..ألف مليون من البشر ..أكب عدد وصلوا إليه ف التاريخ..
وف القرني الخيين كانت الكارثة الت ل تزال تعيش المة عقابيلها إل هذه
اللحظة.
ظلت الصليبية الصه5يونية تتآمر على الدولة العثمانية حت قضت عليها ف النهاية
وأسقطتها .وفتتت العال السلمي إل دويلت صغية هزيلة ضعيفة ،تتصارع فيما بينها
وتتشاحن با ي-حقق مصال العداء دائما ،Xويقق لم السيطرة على مقدAرات السلمي!
وانتزعت فلسطي ،واستول العداء على " بيت القدس " ،الت ثارت من أجلها
الروب الصليبية الول ،وتركت من أجلها الروب الصليبية الثانية ،ولكنها أعطيت ف
هذه الرة للشعب الشيطان ،واكتفت الصليبية بإرواء حقدها بنعها من يد السلمي!
()153انظر تفصيل الديث ف ذلك ف كتاب " واقعنا العاصر " ،فصل " خط النراف " ،وفصل "
آثار النراف ".
()154أخرجه أحد.
وجود وتأخر! وتقف للدعوة السلمية بالرصاد ..سواء منها الكام ،و " الفكرون "!
و " الكتاب "! والسينمائيون ،والذاعيون ،والتلفزيونيون ،والقصاصون ،والسرحيون
و " الفنانات " ،و " الفنانون " ..والولد والبنات " التقدميون " ،النحلو الخلق.
وكانت الطامة -ف الولة الخية -ف طائفة من الكام العسكريي ،جيء
بم ليسحقوا السلم سحقا ،Xوأضفيت عليهم البطولت الكاذبة ،وهم ي-ذبAحون السلمي
وتق طر د ماؤهم من أ يديهم ،وي-ع بAدون شعوبم ل صال ال صليبية ال صهيونيAة ل قاء شهوة
ال سلطة و شهوة الطغ يان ..وي-ف قرون شعوبم وي ستنفون طاقا تا ،فتركب ها ا لديون وت بط
عمل تا ،ويز يد ت كم ال عداء في ها ،و هم جال سون بغ لظ أك بادهم يت سلون ب صائب
شعوبم!
) %وس%ك#ن4ت-م 4ف)ي م%س%اك)ن) اXلذ)ين %ظ#ل#م-وا #أن4ف/س%ه-م 4و%ت%ب%يHن# %لك/م 4ك#ي4ف %ف#ع%ل.ن%ا ب)ه)م 4و%ض%ر%ب4ن%ا
#لك/م -ال.أ#م4ث#ال ،#و%ق#د 4م%ك#ر-وا م%ك.ر%ه-م(] .سورة إبراهيم ،اليتان.[46 ،45 :
تلك نبذة سريعة عن مأساة المة ف القرون الخية ،الت ل تزال تعيش عقابيلها
حت هذه اللحظة ..وما أبعد الش¥قة بي الجيال الت شهد لا خالقها بقوله تعال:
) /كن4ت -م 4خ %ي4ر %أ /مHة pأ/خ4ر)ج %ت 4ل)لنHا س) ت%أ.م-ر-ون #ب)ال.م%ع4ر-وف) و%ت%ن 4ه%و4ن #ع %ن) ا.لم-ن 4ك#ر
و-%تؤ4م)ن-ون #ب)اللXه(] .سورة آل عمران ،الية .[110
والجيال الت حذmر منها رسول ال صلى ال عليه وسلم " :غثاء كغثاء السيل "
).(155
()155من حديث " :يوشك أن تداعى عليكم المم كما تداعى الكلة على قصعتها " .سبقت الشارة
إليه.
)ذ#ل)ك %ب)أ#ن XاللXه %ل#م 4ي%ك -م-غ%يsرا) Wنع4م%ة# Wأن4ع%م%ه%ا ع%ل#ى ق#و4م pح%تHى -يغ%يsر-وا م%ا ب)أ#ن4ف/س)ه)م.(4
]سورة النفال ،الية .[53
)ظ #ه%ر %ال.ف #س%اد -ف)ي ال.ب%ر sو%ال.ب %ح4ر) ب) م%ا ك #س%ب%ت# 4أ ي4د)ي النHا س) )ل ي-ذ)يق#ه-م 4ب%ع 4ض %ا لXذ)ي
ع%م)ل/وا ل#ع%لXه-م 4ي%ر4ج)ع-ون(] .سورة الروم ،الية .[41
فلم تكن السارة الت نتجت من انطاط السلمي مقصورة عليهم وحدهم ،إنا
كانت خسارة شاملة ،شلت العال كله.
ذلك أن ال -منذ أخرجه هذه المة إل الوجود ،وحAلها رسالة الرسول الات
صلى ال عليه وسلم -جعل مقادير البشرية كلها مرتبطة بأحوال هذه المة ،إن خيا
فخي ،وإن ش̈را فشر ..وذلك من مقتضى كون هذه المة أخرجت لتكون شاهدة على
كل البشرية:
) %و ك#ذ#ل)ك% %جع%ل .ن%اك/م 4أ /مHة Wو %س%طا) Wلت%ك/و ن-وا ش-ه%د%ا̀ء ع %ل#ى النHا س) %وي %ك/ون #الر Hس-ول
ع%ل#ي4ك/م 4ش%ه)يدا(] .البقرة ،الية.[143 :
وحي نفصAل مقدار الشر Aالذي أصاب البشرية من جراء غياب المة السلمية
عن الساحة ،سيتبي لنا م-جددا Xمدى السئولية اللقاة على عاتق هذه المة ،ومدى الوزر
الذي ارتكبته ف حق نفسها ،وحق البشر جيعا ،Xحي فرطت ف مسئوليتها.
ولن نعيد الكلم هنا عن السارة الت لقت بالمة السلمية بالذات ،فهذا واقع
تعي شه المة بالفعل ،وتعان آلمه ،وإن ل ت كن دائ ما Xتدرك أ سبابه .فقد ق يل لا إن ما
ت عانيه هو نتي جة التخ لف العل مي وا لادي والسيا سي والر ب والقت صادي وال ضاري،
وأن عليها أن تابه هذا كله وتتغلب عليه .وهذا حق ولكنه ليس كل الق .والوقوف
عنده مضلل للمة عن معرفة حقيقة دائها وحقيقة دوائها.
وإنا الذي ينبغي أن ت-ب صAر به المة جيدا Xأن التخلف العلمي والادي والسياسي
والرب والقتصادي والضاري قد أصابا حي تلت عن معي قوتا ،الذي أعطاها القوة
من قبل ف هذه اليادين كلها ،وما هو أبعد منها أيضا ،Xوأنه ل علج لا إل أن تعود إل
العي ذاته.
أما إن حاولت أن تعال كل أنواع التخلف السالفة بغي العودة إل ذلك العي،
فسيظل جهدها قاصرا ،Xول يؤدي إل ثرة .وتربة قرن كامل من الزمان -أو أكثر من
قرن ف ب عض بلد ال عال ال سلمي -كفي لة بب يان هذه القي قة .ف قد بذلت بلد ال عال
السلمي جهدXا ف " اللحاق " بركب " الضارة " -أو ف اللهاث وراء الغرب ف الواقع
-ف كانت النتي جة ق شرة ح ضارية زائ فة ل تعا ل شيئا Xف القي قة ،ومز يدXا من ال ضعف
السياسي والرب والقتصادي ..وف جيع اليادين.
والعلج " الو ضوعي " ل كل أ نواع التخ لف وا جب م فروض ع لى ال مة ،إن
أرادت أن ت-صلح أحوالا ،ولكنه -وحده -لن يل شيئا ،Xما ل يقم على أساس حقيقي:
)أ#ف#م%ن# 4أسHس %ب-ن4ي%ان%ه -ع%ل#ى %تق.و%ى م)ن %اللXه) و%ر)ض4و%ان pخ%ي4ر= #أم 4م%ن 4أ#سHس- %بن4ي%ا%نه -ع%ل#ى
ش%ف#ا ج-ر-ف pه%ار pف#ان4ه%ار %ب)ه) ف)ي ن%ار) ج%ه%نHم %و%اللXه -ل ي%ه4د)ي ال.ق#و4م %الظXا)لم)ي(] .سورة التوبة،
الية .[109
ولكنا هنا ف هذه الفقرة ل نتحدث عن المة السلمية بالذات ..إنا نتحدث
على مستوى العال كله ،لنعرف ماذا خسر العال بانطاط السلمي.
وما نقول إن بقاء المة ال سلمية وقيامها بر سالتها -أو با لحرى ر سالتيها -
) (156كان سيمنع الفساد كلية من الرض! فقد سبقت كلمة ربك أل تتمع البشرية ف
أمة واحدة ،ول تكون كلها صالة:
) %و ل#و 4ش%ا̀ء ر_%ب ك# %لج%ع %ل #النHا س %أ /مHة Wو%ا ح)د%ة Wو%ل ي%ز%ا ل/ون #م-خ4ت%ل)ف) ي) ،%إلXا م %ن 4ر%ح)م
ر%ب_ك %و%ل)ذ)#لك %خ%ل#ق#ه-م(] .سورة هود ،اليتان .[119 ،118
وقد وقفت الكنيسة بعناد وحشي تارب تأثر أوربا بالسلم ،الذي كان وشيكا
أن ينشر السلم فيها على نطاق واسع ،كما قال ويلز ف كتاب " معال تاريخ النسانية "
) ،(157واستخدمت الكنيسة ف ذلك ماكم التفتيش من بي ما استخدمت من الوسائل.
فل نزعم أن استمرار قيام المة السلمية برسالتها كان سيغي موقف الكنيسة
ويليAن عنادها الوحشي.
ولكنا نقول مع ذلك :إن نتائج متلفة تاما Xعما هو حادث اليوم كانت قمينة أن
ترج إل الوجود بسب السنن الربانية ووعد ال ووعيده.
لقد قامت الكنيسة بدور كبي ف تنفي أوربا من الدين ،ودفعها إل النسلخ
منه ،وكانت الصورة الت قدمتها عن الدين -كما أشرنا مرارا - Xصورة منف€ره بالفعل،
فضل Xعن الطغيان البشع الذي مارسته الكنيسة باسم الدين ف متلف التاهات.
وبرز ف أور با نوذج من ال ياة يبتعد رويدXا رو يدXا عن ا لدين ،حت انسلخ منه
اسنلخXا كامل Xف العهد الخي ،ورأت أوربا ف عملها هذا أنه هو الصواب الذي ينبغي
عمله ،وأن كل تصرف يؤدي إل إبقاء سلطان الدين -فضل Xعن توسيع سلطانه -هو
عمل ضد الشعوب! وضد الضارة! وضد العلم! وضد إنسانية النسان!
وكما قلنا مرارا Xفإن أوربا معذورة ف أن تقف من دينها هذا الوقف ،فقد كان
ذلك الدين بالفعل معوقا Xعن الياة ،ومفسدXا لا ف كل اتاه.
ولكن انتقال أوربا من السخط على دينها وكنيستها ،إل السخط على الدين ف
ذاته ،وكل مقرراته ،مع سيطرة أوربا على العال ،كان هو سبب الكارثة الت وقعت فيها
البشرية ف ظل الاهلية العاصرة.
وه نا ي بدو ا لثر ال ضخم ا لذي خل €فه غ ياب ال مة ال سلمية عن ال ساحة،
ون-كولا عن رسالتها.
كان يكن -ف أسوأ الحوال -أن تكفر أوربا وحدها ول ي-ؤثر كفرها على
بق ية ا لرض ..فإن ت ضخم أور با ع لى ال صورة ا لت و صلت إلي ها ،وات ساع سلطانا،
وسيطرتا سيا س̈يا واقتصاد̈يا وحرب̈يا وثقاف̈يا ل يدث إل بسبب ضعف المة السلمية.
وإل فأين كانت أور با؟ وك يف كانت ،ح ي كانت بق ية من ال قوة ف حوزة ال مة
السلمية؟!
إن هناك وها " Xتاري̈يا " يعشش ف أذهان كثي من الناس ،مؤداه أن أوربا من
ذات نف سها ،بقو تا الذات ية ،وبنوع ية شعوبا ،قد صارت إ ل ما صارت إل يه ،وب سطت
سلطانا على العال ..وأن هذا المر كان ف طريقه أن يقع مهما كانت أوضاع العال من
حول أوربا ،ومهما كانت نسبة القوى العالية بعضها إل بعض!..
والذي ثبAت هذا الوهم ف أذهان الناس دون شك هو كونه واقعا Xحدث بالفعل!
وللواقع دائما Xثقل ف حس Aالناس! ولكن هذا الواقع قد حدث لسباب! والسبب الكب
ف يه هو ضعف ال عال ال سلمي! وإل فلنت صور ف قط أن الدو لة العثمان ية -و هي الرح لة
الخية من مراحل القوة السلمية -قد بقيت على قوتا ،فهل كانت ترؤ أوربا على
استعمار العال السلمي؟!
ي قول أ حد الب شرين ف بدايات ال قرن الع شرين اليلدي -قب يل ان يار الدو لة
العثمان ية -إن أور با كانت ت شى الر جل الر يض )و هو مر يض!!( لن وراءه ثلث مائة
مليون من البشر على استعداد للقتال بإشارة من أصبعه!
فإذا كان هذا مو قف أور با من الر جل الر يض ،فك يف كان موقف ها م نه و هو
قوي؟! ولنتصور فقط أن اليوش العثمانية الت حاصرت بطرسبج )لننجراد حال̈يا( من
سنة 1707م إ ل سنة 1711م قد دخلت ها ،وأن ال يوش ا لت حا صرت في نا ف ا لرة
الول سنة 1529أو الرة الثانية سنة 1683م قد دخلتها ..فماذا كان يكون موقف
أوربا من العال السلمي ،وكيف يتصور ترؤها على استعماره؟!
وهذه مسئولية المة السلمية الت نتحدث عنها ف هذه الفقرة ،والت استعرنا لا
العنوان الذي عنونAاها به..
إن ضعف العال السلمي هو الذي أغرى أوربا باستعماره .ولئن كانت القوة
الربية والسياسية للدولة العثمانية قد زجرت أوربا مدة أربعة قرون متوالية عن أن تتجه
ف حروبا الصليبية الديثة نو الشرق مباشرة ،كما فعلت ف الرة الول للستيلء على
القدس ،فإنا ل تستطع -بسبب ضعفها ال تدريي -أن ت نع أوربا من اللتفاف حول
العال السلمي من جهة الغرب ،وحول رأس الرجاء الصال نو الشرق -على هدى
الرائط السلمية!! -لتلتهم الجزاء الضعيفة من العال السلمي تباعا ،Xحت إذا كانت
ناية القرن التاسع عشر اليلدي ل يكن قد بقي من العال السلمي ل ي-ستعمر إل تركيا
ذاتا ،وأجزاء من الزيرة العربية!!
فإذا تصورنا أن المة السلمية ل تكن تاونت ،ول تراجعت ،ول انرفت ،ول
فرطت ،فإن أوربا -الت استيقظت من سباتا وخرجت من عصورها الوسطى الظلمة با
اكت سبته من ع لوم ال سلمي وح ضارتم -كانت قمي نة أن ت سعى إ ل ال قوة والع لم
وال ضارة ،ول كن ف ا لدود ا لت ي سمح لا با كيا نا ،مه ما ي كن من تدفق رغبا تا،
وحاستها ،وبذلا الهد لتحقيق أهدافها!
إن الوهم " التاريي " الذي أشرنا إليه آنفا ،Xي-خي×ل لكثي من الناس أن الشعوب
الورب ية شعوب عبقر ية بفطر تا ،ح ضارية بفطر تا ،عظي مة بفطر تا ،متغل بة بفطر تا ،ل
تقف ف طريقها عقبة ،ول يجزها حاجز!!
ت قول الروا يات التاري ية :إن فا سكو داجا ما ا لذي نز عم لبنائ نا أ نه هو ا لذي
اكتشف طريق رأس الرجاء الصال ) ،(158التقى بالبحار العرب السلم " ابن ماجد " ،بعد
اكت شافه ذ لك الطر يق ،ف عرض عل يه ب عض ا للت البحر ية ا لت يلك ها )ال صطرلب
والبوصلة ونوها( ،فاستمهله ابن ماجد قليل ،Xودخل حجرته ث عاد ومعه من الجوات
ما ذهل له فاسكو داجاما! فعرض عليه أن يكون هو قائد رحلته إل جزر الند الشرقية.
وتقول الروايات التاريية :إن أوربا -حت القرن السابع عشر -ل تكن تعرف
الما مات الا صة دا خل ا لبيوت! إ نا كانوا ي ستخدمون الما مات العا مة .إ نا كانت
المامات الاصة داخل البيوت سة إسلمية ،تعلمتها أوربا من السلمي ف الندلس ،ث
أخذوا يطبقونا رويدXا رويدXا مع ارتفاع مستوى معيشتهم التدريي ،نتيجة الستعمار من
ج هة وال ثورة ال صناعية من ج هة أ خرى .وأ نه ف أث ناء ق يام ماكم الت فتيش ف ال ندلس
بالبحث عن السلمي التنصرين ظاهرا Xللفتك بم والقضاء عليهم ،كانوا يعرفون بيوت
السلمي بعلمة ميزة ل تطئ ،وهي وجود حام خاص ف النل!
()158اكتشفه لنفسه ولوربا ،أما السلمون كانوا يعرفون الطريق ويرتادونه ف رحلتم التجارية قبل
ذلك بقرون.
والي اللتين ف باريس -الذي اح5ت-فظ به للذكرى ،والذي يتغن عبAاد باريس
بأزقته الضيقة ،ويتغنون أحيانا Xبقذارة رواده! -هو نوذج لا كانت عليه باريس كلها إل
و قت ق يام ال ثورة الفرن سية ) 1789م( .وا قرأ إن شئت و صفا Xلا كانت عل يه ال شوارع
قبيل الثورة من القذارة ،ومن الوحل اللزب حي ينل الطر على التربة التراكمة ،ف "
قصة الدينتي " الت كتبها الروائي شارلز دك ن ،الذي اشتهر بدقته وواقعي ته ف وصف
الشاهد الت يرسها.
كل! إ نا ا لذي صنع أور با الدي ثة الغن ية التعال ية هو ضعف ال عال ال سلمي،
وعدوان أوربا عليه ونب خياته!
ولو بقي العال السلمي على صورته الت كان ينبغي أن يبقى عليها ،فقد كانت
أوربا ستتعلم ،وترتقي ،وتتقوى ،وتتحضر ،ولكن ف الدود التاحة لا ،الت تتيحها لا
قوتا بإزاء قوة العال السلمي.
ونفترض جد Xل أنا آثرت الكفر بسبب أفاعيل الكنيسة ،ول تدخل ف السلم،
على الرغم من إشارة ويلز إل أن العال كله كان عرضة لن يدخل ف السلم ف بدايات
القرن السادس عشر ،فماذ كان يكن أن يدث؟
لقد كان النموذج النحرف الذي اختارته أوربا لنفسها ،العادي للدين ،أو البتعد
عنه ف أقل تقدير ،سيظل مصورا Wف حدود أوربا ،ل يتجاوزه إل العال الواسع ،بسبب
وجود النموذج السوي ف رقعة واسعة من الرض ،م-م–كÛنا قو̈يا ،مستعليا Xبإيانه ،وجذابا
ف ا لوقت نف سه با ي شتمل عل يه الن موذج ال سلمي ال صحيح من توازن ورف عة ونظا فة
وشول وطمأنينة وبركة.
وفضل Xعن ذلك فإن النموذج الورب النحرف -حت ولو ملك القوة الادية
والعلمية -كان سيظل موضع الستنكار من يارسون السلوب الصحيح ،ومن يقفون
موقف التفرج بي النهج النحرف والنهج الصحيح .وما يدل على ذلك أن الوثنيي ف
الند -الذين حكمهم السلمون ثانية قرون دون أن ي-كرهوهم على اعتناق السلم -
كانوا ف مبدأ المر أميل إل الكم السلمي منهم إل الستعمر البيطان ،وذلك قبل أن
يستميلهم النليز بشت الطرق إليهم ،وي-حرAضوهم على تذبيح السلمي وتقتيلهم ،على
طريقة النليز الشهية " :فرق تسد "!
كانت أور با ال كافرة ستم ضي قدما Xف " ح ضارتا " الاد ية ،و ف صراعاتا
الداخلية الت كان من ناذجها " الرب اليطالية " الت استغرقت من عام 1494إل عام
1559م ،وشهدت انتقال السلطة من دولة إل دولة أكثر من مرة ) ،(159دون أن تسري
عدوى ذلك التحضر الكافر إل بقية بلد العال ،ودون أن ي-نظر إل الكفر على أنه ضرورة
من ضرورات التحضر! ول إل الدين ف ذاته على أنه عقبة ف طريق التقدم ،إل آخر ما
سمت به " ال ضارة الورب ية " أف كار اللي ي ف شت ب قاع ا لرض ،و توهت ت لك
الليي أنه حقيقة بسبب غياب النموذج الصحيح.
و كانت أور با ال كافرة ستتقدم ف الع لم ،با تعل مت من ع لوم ال سلمي ،وع لى
هدي الن هج التجر يب خا صة ،ا لذي اب تدعه ال سلمون ونقل ته أور با عن هم .ول كن هذا
النموذج النحرف ،الذي ييAر الناس بي العلم وبي اليان بال ،ويعجز عن التوفيق بي
أمرين ل تعارض بينهما ف الفطرة السوية ،ل يكن ليفت البشرية كما فتنها اليوم ،لن
الن موذج ال سوي* ،ا لذي يت قدم ف الب حث العل مي و هو م-ؤمن ،وي -مارس هذه النع مة
الكبى :نعمة التوافق والتناسق والتوازن ،مع تقيق مكاسب العلم ف الوقت ذاته ،كان
هو الذي سيجذب الناس إليه ،لنه يثل وضع الفطرة السوية.
وح ي يرى ال ناس الن موذجي الختلف ي :أ حدها يت قدم ف الع لم و هو عا بد ل
شاكر لنعمه ،متخ لق بأخلق ال يان ،مافظ ع لى رواب طه ال سرية ،م-طمئن النفس من
الق لق وال نون وا لمراض النف سية والع صبية ،عازف عن ال مر و ما شابها ما ي-ذهب
الوعي ،م-طمئن لعرضه ،م-طمئن لطهارة ماله ،شاعر أنه يعيش من أجل قيم عليا ي-جاهد ف
سبيلها..
وا لخر يت قدم ف الع لم ،ول كن بي نه وب ي ا ل ج– فÅوة ،رواب طه ال سرية م-فك كة،
ورواب طه الجتماع ية مفك كة ،ي ل متم عه الق لق وال نون وا لمراض النف سية والع صبية
والمر والخدرات والرية ؛ الفوضى النسية أصل فيه ،والطËهر شذوذ مستنكر ).(160
()159من الراجع اليدة ف هذا كتاب " أوربا ف مطلع العصور الديثة " للدكتور عبد العزيز ممد
الشناوي.
()160لقد قال قوم لوط من قبل) :أخرجوهم من قريتكم إنم أناس يتطهرون(!! والتمع الغرب يعتب
الفتاة الت بلغت الرابعة عشرة وليس لا " صديق " حالة شاذة تتاج إل الطبيب النفسان ليعالها!
حي يرى ال ناس الن موذجي ،فأيه ما ي كون أ حب إليهم؟ وأي نوذج ي تارون
لنفسهم؟
وهب أن أوربا لسبب من السباب تفوAقت ف بعض ميادين العلم أكثر من العال
ال سلمي ،واح تاج ال ناس إ ل ما ب ي أ يديها من ع لم ت فردت به ،فإن و جود الن موذج
السوي ،الشتمل على نضة علمية ولو كانت ل ت-غطي كل اليادين ،ستظل €له جاذبيته،
وسيظل الناس -وإن احتاجوا إل ما عند أوربا ف بعض ما يلزمهم -ل ينحازون إل
الن موذج الفا سد ،ول يف ضلونه ع لى الن موذج ال سوي ،ول يأ خذون ال عدوى م نه ،ول
يتصورون أن الفوة بي الدين والعلم هي من طبائع الشياء!
ون ضرب مثل Xمع ال فارق ..فإن اليا بان ال يوم متقد مة ف ب عض م يادين الع لم -
الليكترون خاصة -إل درجة تعجز أوربا وأمريكا عن اللحاق با فيها .ومع ذلك فلم
يفكر أحد وهو يستورد من اليابان ما يتاج إليه من النتجات ،أن يعبد ما تعبده اليابان،
أو يتخذ التقاليد اليابانية ف حياته .فكذلك لو افترضنا أن أوربا تفوقت على السلمي -
المارسي لدينهم على صورته الصحيحة -ف بعض ميادين العلم ،فلم يكن ذلك ليؤدي
إل أن يترك الناس عبادة ال من أجل حاجتهم إل علم أوربا ف بعض اليادين.
وا لذي ج عل أور با تت فوق ف الع لم ف الع صر ا لديث ل ي كن بال ضرورة هو
الذكاء العبقري بقدار ما كان إمكانات البحث والتجريب الت ينفق عليها بسخاء.
ولسنا ننفي وجود عبقريات فذة لديهم ،ولكننا ننفي تفردهم بالعبقرية ..ولنذكر
-على سبيل الثال فقط -أن أول من تنبأ بإمكان عمل قنبلة ذرية كان العال الصري
السلم الدكتور مصطفى مشرفة ،وكان مقعدا Xبسبب إصابته بشلل الطفال! ولكنه كان
عبقر̈يا ،و كان ي -قال ع نه ف وق ته إ نه أ حد أرب عة ف ال عال ك له ا ستوعبوا نظر ية أين شتي
استيعابا Xعلم̈يا كامل! وقج تنبأ بإمكان صنع القنبلة الذرية -بعد دراسته لنظرية إينشتي
-ف وقت مبكر ف مبادئ الثلثينيات من القرن العشرين ،ف وقت ل يكن أحد بعد قد
ف كر ف ذ لك الو ضوع .ولك نه كان مرو ما Xمن المكان يات العمل ية ا لت تت يح له تر بة
فكرته ف داخل العمل.
ولنذكر أيضا Xأن قاعدة إطلق الصواريخ ف أمريكا تضم عالا Xمصر̈يا مسلما Xيعتب
من كبار الختصي ف هذا العلم.
و ف ال عال ال سلمي بخت لف شعوبه عبقر يات علم ية ف مالت مت عددة" ،
ت شتريها " أمري كا وغي ها من ا لدول الغنية ،أو توت ك مدا Xمن الهال والضطهاد ف
بلدها! وذلك مع كل ما أصاب العال السلمي من قعود وتلف وانصراف عن العلم..
فكيف لو تصورناه على صورته الت كان عليها وقت ازدهاره؟!
وقضية التقدم العلمي بالذات لا أوجه متعددة ،وكلها تؤكد مدى السارة الت
خسرها العال بانطاط السلمي.
فلو أن المة السلمية حافظت على تقدمها العلمي الذي كانت سابقة فيه لكل
بلد الرض ،وعلى منهجها التجريب الذي أنشأته بتوجيه السلم لا ..فأين كان يتوقع
أن تبدأ " الثورة الصناعية "؟
إن مكانا الطبيعي -دون شك -كان هو العال السلمي .فقد كانت الثورة
ال صناعية تطبي قا " Xتكنولوج̈يا " لث مار الت قدم العل مي .لذلك فإن ال مة ا لت ت لك الت قدم
العلمي كانت قمينة أن تكون هي الت تترع اللة ،وهي الت تبدأ الثورة الصناعية.
ولو نشأت الركة الصناعية الديثة ف العال السلمي ،لكان لا -من جيع
الوجه -شأن آخر غي الذي صار لا حي نشأت ف أوربا ،النافرة من دينها ،العادية
لتعاليمه..
وأول وجه كانت ستختلف فيه عن الركة الصناعية الوربية أنا ل تكن لتقوم
على الربا ،ول لتسمح به.
وهذا المر وحده على جانب كبي من الطورة ف أزمة البشرية الالية.
و هي فت نة جائ حة أف سدت ع قائد ال ناس ،وأخلق هم ،وأف كارهم ،وم شاعرهم،
بدعوى أن هذا الفساد كان من مستلزمات التقدم ،ث زعمت لم بعد ذلك أن هذا ل
يكن فسادا ،Xبل " تطورا " Wحتم̈يا ،وأن العقائد والخلق والقيم هي الت كانت ل بد أن
تبدل لتناسب " العصر الصناعي "!! وأن التطور الادي هو الذي يكم حياة الناس!!
بع بارة أ خرى ل ت كن أباط يل التف سي الادي للتار يخ لت جد مكا نا Xلا ف الف كر
البشري ،وإن وجدت ف أذهان بعض الناس فلم تكن لتنتشر انتشارها الائح الذي حطم
كل القيم الثابتة الت ل غن عنها ف حياة البشر السوياء.
ومن جهة أخرى فلو أن الركة الصناعية قامت على غي الربا فمن أين كانت
تأت السيطرة الالية للشعب الشيطان؟ الت أتاحت له أن يفسد ف الرض ما ل يقدر
على إفساده خلل أكثر من عشرين قرنا Xمن الزمان على الرغم من الهد التواصل و "
النية السبقة " و " العزية " الندة للفساد!
لقد كان تويل الركة الصناعية ف أوربا عن طريق القراض بالربا هو الذي أتاح
لليهود كل ما أتيح لم من قوة شيطانية ،حي جعوا الذهب ف أيديهم ،واستطاعوا أن "
يشتروا " به الفكار والضمائر و " الدمات " اللزمة لتنفيذ مططاتم.
وإذا كانت " الضرورة " الواقعية هي الت ألأت أوربا إل العتماد على اليهود
ف تويل ال ثورة الصناعية ) ،(161فلم ت كن ت لك الضرورة قائمة ف العال ال سلمي .فقد
()161ل ت كن ضرورة ف القي قة .ف قد ن شأت ت لك " ال ضرورة " الوه ية من أن ا لال ا لوفي ل ي كن
م توافرا Xإل ف يد أ مراء الق طاع والراب ي الي هود ،فل ما امت نع الق طاعيون عن تو يل ال ثورة ال صناعية
للظروف الت بيناها ف فصل " السيطرة العالية لليهود " ،انفتح الباب على مصراعيه للمرابي ..ولكن
هذا الوضع القطاعي ذاته كان نتيجة لعدم تكيم شريعة ال ف أوربا ،وتكيم القانون الرومان بدل
منها ،وسكوت الكنيسة على هذا الوضع ،بل تشجيعه كذلك!
كان الال ف يد التجار السلمي وفيا ،Xوكانوا هم الجدر بتحويل رؤوس أموالم -أو
جزء منها -لتمويل الركة الصناعية دون ربا ول فساد ف الرض ..وعندئذ كان يتغي
وجه التاريخ!
و هذه النق طة و حدها تبي ل نا كم كانت ج سامة ا لوزر ا لذي ارتكب ته ال مة
السلمية بتفريطها وتاونا ف أمر دينها .وكم كانت السارة الت عادت على العال كله
من جراء هذا التفريط والتهاون ،فضل Xعن الضرر الذي عاد على المة كلها فيما بعد،
من ضياع مكانتها ،وضياعها هي ذاتا ،وضياع فلسطي واقتطاعها من جسد المة الي،
ليلتهمها اليهود.
حقÜا! ما أب عد ال ش¥قة ب ي ق يام الر كة ال صناعية ف أور با ،و ما لب سها من
ملبسات ،وبي أن تكون قامت ف العال السلمي ،الذي كان جديرXا أن تقوم فيه ،لو
بقي على صراط ال الستقيم.
ول تكن الباءة من الربا -الذي جر Aسيطرة اليهود العالية -هي الي الوحيد
ا لذي كان ال عال جديرا Xأن يكت سبه من ق يام الر كة ال صناعية ف ال عال ال سلمي .بل
كانت معها النجاة من شرور كثية أخرى وقعت ف الرض.
فهل كان شيء من ذلك كله يكن أن يدث لو قامت الركة الصناعية ف
العال السلمي؟!
ول قائل أن ي قول :إن ا لرأة كانت مظلو مة ف الت مع ا لورب و كان ل بد من
إنصافها ،فنقول :نعم! كان ل بد! ولكن بغي هذا الفساد الائل الذي حل mبالرض من
جراء تطيم الدين والخلق والتقاليد ،وإطلق الولد والبنات بل حواجز ول ضوابط
حت كضوابط اليوان!
ولقائل آخر أن يقول :إن الرأة ف التمع السلمي ذاته كانت مظلومة وكان ل
بد من إنصافها ،فنقول :نعم! كان ل بد! ولكن الذي ظلمها ل يكن السلم! إنا كانت
رÆد*ة جاهلية من السلمي ف نظرتم إل الرأة ومعاملتهم لا ،فكان التصحيح هو الرجوع
إل السلم الصحيح!
وخذ كذلك " النظريات العلمية " الزائفة الت أفسدت الفكر الورب ،ومن ث
الفكر العالي كله :نظريات ماركس وفرويد ودوركاي وفريزر ) (163ودارون وغيهم من
" العباقرة "!
فلو ل يكن لليهود السيطرة الت أحدثها لم قبضهم على ناصية الثورة الصناعية
وامتلك ا لذهب ،ف هل كان يتو قع لذه النظر يات " العلم ية " أن تنت شر ف ا لرض،
وت-حدث ما أحدثت من الفساد؟!
()162يفرق السلم بي الرجل والرأة ف الال الوروث باعتبار التكاليف اللقاة على عاتق كل منهما.
فالر جل ي نال م ثل حظ ا لنثيي وي-ك لف ف ا لوقت ذا ته بالن فاق ع لى ال سرة ،وا لرأة تأ خذ ن صف
نصيب الرجل ول ت-كلف بالنفاق .أما الال الكتسب فل تفريق فيه.
()163فريزر " عال " بريطان تصص ف دراسة القبائل البدائية ،ث زعم أن الدين الذي نقول عنه إنه
ساوي ،إن هو إل " تطور " للديانات البدائية الوثنية!!
ل ي كن دارون أول قائل بنظر ية الت طور ..ف قد سبقه ل مارك ،و ماتت نظر ية
لمارك ف مهدها ،لنا ل تد البيئة الصالة للنتشار .وكانت نظرية دارون قمينة أن
توت كما ماتت نظرية لمارك ،أو تنحصر ف النطاق العلمي العملي وحده ،ي-صدقها من
ي-صدقها ،وي-عارضها من ي-عارضها بالد لmة العلمية ،دون أن تتد إل ميدان العقائد والقيم
وا لخلق ك ما م-دAدت ع مدا ،Xع لى يد ماركس وفرو يد ودور كاي ،لتحط يم ا لدين
)(164
والخلق والتقاليد ،العداء اللداء لليهود
و كان التف سي الادي للتار يخ ا لذي اب تدعه ماركس ،والتف سي الن سي لل سلوك
الذي ابتدعه فرويد ،والتفسي المعي للسلوك الفردي الذي ابتدعه دوركاي على أساس
نظرية " القطيع " أو " العقل المعي " ..كانت كلها يكن أن تظل " نظريات " تناقش
على مستوى العلماء ،ي-وافق عليها من ي-وافق ،وي-عارضها من ي-عارض ،دون أن يتد ليبها
إل الياة الواقعية لتلتهم مقدAسات البشر وقÆي–مهم العليا ،وتلبس الق Aبالباطل على طريقة
اليهود:
)ا لXذ)ين %ي%أ.ك/ل/ون #ال sر با ل ي%ق/وم-ون) #إلXا ك#م%ا ي %ق/وم -الXذ)ي ي%%تخ%بHط /ه -الشHي4ط#ان /م)ن
ال.م%س(] .سورة البقرة ،الية .[275
()164إقرأ – إن شئت – فصل " دور اليهود ف إفساد أوربا " من كتاب " مذاهب فكرية معاصرة ".
ل قد ت قدمت أور با ت قدما Xهائل Xف الع لوم النظر ية والتطبيق ية والع مارة الاد ية
للرض ..ولكن هذا كله جاء على حساب " النسان " ،كما قال ألكسيس كاريل بق
ف كتابه اليد " النسان ..ذلك الهول ".
إ نا كان ذ لك ك له لنرا فات مل ية ف أور با من ناح ية ،ولغ ياب الن موذج
الصحيح من ناحية أخرى.
ففي أوربا كانت الكنيسة ومفاسدها وتريفها للدين ،وف العال السلمي كان
التراجع والنسار والضعف ،نتيجة التفريط ف دين ال ،وف النهج الربان الذي أنزله ال
لتستقيم به حياة الناس ف الرض:
)د)ينا Wق)ي%ما Wم) لXة) #إب4ر%اه)ي م %ح%ن)يفا Wو %م%ا ك#ان #م) ن %ا.لم -ش4ر)ك)ي] .(%سورة النعام ،الية
.[161
كلتا المAتي وقعت ف الوزر .ولكن الوزر الكب والثقل ل شك Aهو وزر المة
الت أخرجها ال لتكون خي أمة ،ولتكون شاهدة على كل البشرية.
إن الذي حدث بالفعل أن السلمي عجزوا ف عال الواقع عن تقيق السلم ف
صورته " الثال ية " ،وان سروا و ض–عفوا وت–راج عوا ،وأن أور با ت قدمت وت ضرت وت قوAت
حي نبذت الدين .فموت الدين إذن كان " حتمية تاريية " ،كما أنه كان أمرا Xلزما Xمن
أجل تقدم البشرية و " تطورها ".
فأما بالنسبة لوربا فلم يكن حتمXا أن تري المور فيها على النحو الذي وقعت
به.
ل قد كان ن بذ أور با لدين بولس ضرور̈يا لا بالف عل ،ل كي تنع تق من أغل له
وأوهامه وانرافاته ،وتنطلق نو القوة والعلم والتمكي ف الرض .أما نبذ الدين جلة،
وإقامة الياة على أسس معادية للدين فلم يكن ضرورة ،إنا هي حاقة جديدة ارتكبتها
الكنيسة بحاربتها للثر الذي أحدثته الثقافة السلمية ف ربوع أوربا ،ث استغل اليهود
تلك الماقة لسابم الاص.
وأما التمكي الادي الذي حصلت عليه أوربا بعد نبذها لدين بولس ث نبذها
للدين عامة ،فهو حقيقة واقعة ،ولكنه ل يمل الدللة الت ت-لصق دائمXا به ..لنه ل يمل
ف طياته شهادة " الصلحية " بالقياس النسان الصحيح .فلقد حقق جوانب من الكيان
النسان ول شك ،ولكنه عجز عن تقيق الانب العلى والكرم والثن ف النسان،
وهو " القيم العليا " الت خلق النسان من أجلها ،ومن أجلها أسجدت له اللئكة.
) /كل€ا- Wن م)د_ ه%ؤ-لء) و %ه%ؤ-لء) م) ن 4ع %ط#اء) ر%ب sك %و %م%ا ك#ان #ع %ط#اء® ر%ب sك %م%ح 4ظ/ورا.(W
]سورة السراء ،الية .[20
)ف#ل#مHا ن%س-وا م%ا ذ/ك+ر-وا ب)ه) ف#ت%ح4ن%ا ع%ل#ي4ه)م 4أ#ب4و%اب %ك/ل +ش%ي4ء] .(pسورة النعام ،الية
.[44
فليس هذا التمكي ف ذاته دليل Xعلى صلحية القائمي عليه! ول دليل Xعلى أن
الياة بل دين هي النظام الصلح ،الذي يكتب له البقاء ف الرض ،والذي يثل تقدما Xف
حياة البشر!
أما بالنسبة للسلم ،فإن القول بأن " موت الدين " كان حتمية تاريية ،قول
مردود بيقي.
وأبلغ رد mيبي فساد تلك القولة وبعدها عن الواقع ..هو الصحوة السلمية!
و قد أبقي نا ا لديث عن ال صحوة ال سلمية ،إ ل الف صل ال قادم " ..توق عات
الستقبل ".
توقعات الستقبل
استعرضنا ف الفصول الثلثة الاضية أحوال القوى الثلث الرئيسية الت تؤثر اليوم
ف مرى الحداث :النصارى واليهود والسلمي.
والن ييء السؤال :هل التوقع لذه الوضاع أن تستمر على ما هي عليه؟ أم
أنا بدأت تتحول بالفعل؟ وف أي اتاه يكون التحول التوقع ف تلك الوضاع؟ وإل مت
تظل كلتا الاهليتي اليهودية والنصرانية ف وضع السيطرة والستعلء؟
• انيار الشيوعية.
• عوامل التفسخ ف التمعات العاصرة.
• الكتل التصارعة داخل العسكر الاهلي.
• الصحوة السلمية.
كثي من ال ناس ت ستهويه ال حداث السيا سية ،وتت بع صراعات الك تل الت صارعة
على سطح الرض اليوم ،لعتقاده أن الط السياسي هو الذي ي-قرAر مصاير المور ،فضل
عن كون حديث السياسة " هواية " خاصة عند كثي من الناس.
وا لذي نعت قده أن ا لذي ي -قرAر ال صي هو " الن هج " ا لذي ي كم ال ياة كل ها،
بوانبها جيعا :السياسية والقتصادية والجتماعية والفكرية واللقية ،والذي ي-حدAد وضع
" النسان " وأحواله مع ربه ،وأحواله مع نفسه ،وأحواله مع الخرين.
و صحيح أن من سنة ا ل -ك ما أ سلفنا ال قول -أن ي-م كن ل صحاب الن هج
الفاسد ،بل قد يزيدهم تكينا Xكلما أمعنوا ف الفساد:
) /كل€ا- Wن م)د_ ه%ؤ-لء) و %ه%ؤ-لء) م) ن 4ع %ط#اء) ر%ب sك %و %م%ا ك#ان #ع %ط#اء® ر%ب sك %م%ح 4ظ/ورا.(W
]سورة السراء ،الية .[20
)ف#ل#مHا ن%س-وا م%ا ذ/ك+ر-وا ب)ه) ف#ت%ح4ن%ا ع%ل#ي4ه)م 4أ#ب4و%اب %ك/ل +ش%ي4ء] .(pسورة النعام ،الية
.[44
ولكن سنة ال تقول :إنه تكي موقوت مهما طال ،وإن هناك علمات يكن أن
يستشف منها بوادر التدمي:
)ف#ل #مHا ن %س-وا م%ا ذ /ك+ر-وا ب) ه) ف#ت%ح 4ن%ا ع%ل#ي4ه) م# 4أ ب4و%اب %ك /ل +ش%ي4ء pح %تHى )إذ#ا ف#ر) ح-وا )ب م%ا
أ/وت-وا #أخ%ذ.ن%اه-م% 4بغ4ت%ة Wف#إ)ذ#ا ه-م 4م-ب4ل)س-ون ،#ف#ق/ط)ع %د%اب)ر -ال.ق#و4م) الXذ)ين %ظ#ل#م-وا و%ا.لح%م4د) -للXه) ر%ب
ال.ع%ال#م)ي(] .سورة النعام ،اليتان .[45 ،44
)أ#ف#أ#م)ن %ا لXذ)ين %م %ك#ر-وا ال سHيsئ#ات) #أن .ي%خ 4س)ف %الل Xه -ب)ه) م -ا.لأ#ر 4ض# %أو 4ي%أ.ت)ي%ه-م -ا.لع%ذ#اب
م) ن 4ح%ي 4ث /ل ي %ش4ع-ر-ون# ،#أو% 4يأ .خ-ذ#ه-م 4ف)ي ت%ق#لÍب)ه) م 4ف #م%ا ه -م 4ب)م-ع4ج)ز)ي ن# ،%أو 4ي%أ .خ-ذ#ه-م 4ع %ل#ى
%تخ%و_ف pف#إ)ن Xر%بHك/م 4ل#ر%ؤ-وف= ر%ح)يم(] .سورة النحل ،اليات .[47 - 45
أما صورة الخذ وموعده فهما معلقان بشيئة الالق الدبAر ،وهي مشيئة طليقة ل
ت-حدAها حدود ول قيود.
وقد كان الصراع الكب -ف ظاهر المر -هو الصراع بي العسكر الشيوعي
والعسكر الرأسال.
ول يكن الناس ي-صدAقون حي نقول لم :إنه صراع غي جوهري ،لنه ل يوجد
فارق حقيقي ف القاعدة الت ينطلق منها كل من العسكرين ،وإن اليهود هم الذين يثيون
هذا ال صراع ل صلحتهم الا صة .و كان ال ناس يقو لون ل نا :أف كل شيء تن سبونه إ ل
اليهود؟!
والقضية -كما أشرنا إليها بوضوح ف هذا الكتاب -ليست قوة اليهود ،إنا
هي غفلة الميي!
إن لعبة " العسكرين " ،و " الصراع بي العسكرين " ،الذي قد يصل إل حد
الرب أحيانا ،Xلعبة قدية كان اليهود يلعبونا ف الدينة )يثرب( ،قبل السلم بي الوس
والزرج ،أكب قبيلتي يومئذ ف يثرب .فكان اليهود يدخلون ف الوس ،ويدخلون ف
الزرج ،ويثيون الصراع بينهما من الداخل حت تقع بينهما الرب الت قد يقتل فيها
أفراد من اليهود من الهتي .ولكن يظل لليهود مصلحة " عليا " بل أكثر من مصلحة ف
تلك الروب الت يفقدون فيها بعض الفراد.
فأول مصلحة يققونا أل تأتلف القبيلتان فتكون لما الزعامة ف الدينة ويفقد
اليهود مركزهم التميز فيها.
وال صلحة الثان ية :ان إ ثارة حا لة ا لرب الدائ مة ب ي القبي لتي تن شط سوق
السلح ،واليهود هم الكاسبون من ذلك لنم هم تار السلح ف الدينة!
و قد ندAد ا ل بأف عالم ت لك ف قوله ت عال% ) :وإ)ذ .أ #خ%ذ.ن%ا م)ي ث#اق#ك/م 4ل %ت س4ف)ك/ون
د)م%ا̀ءك/م 4و%ل -تخ4ر) ج-ون# #أن4ف /س%ك/م 4م) ن 4د) ي%ار)ك/م 4ث/م Hأ#ق.ر%ر4ت -م 4و%أ4#نت -م 4ت%ش4ه%د-ون ،#ث/م Hأ#ن-4تم 4ه%ؤ-لء
%تق.ت -ل/ون #أ4#نف /س%ك/م (165) 4و%ت-خ4ر) ج-ون #ف#ر)ي قا Wم)ن4ك /م 4م) ن 4د) ي%ار)ه)م 4ت %ظ#اه%ر-ون% #عل#ي4ه) م 4ب)ا ل.أ)ث.م
و%ال .ع-د4و%ان) ) (166و%إ) ن .ي%أ.ت-وك/م 4أ /س%ار%ى ت -ف#اد-وه-م (167) 4و %ه-و %م-ح%ر Hم= ع%ل#ي4ك /م) 4إخ4ر%اج-ه -م
#أف#ت-ؤ4م)ن-ون #ب)%بع4ض) ال.ك)ت%اب) و%ت%ك.ف/ر-ون) #بب%ع4ض pف#م%ا ج%ز%اء® م%ن% 4يف.ع%ل /ذ#ل)ك %م)ن4ك/م) 4إلXا خ)ز4ي= ف)ي
ال.ح%ي%ا )ة ال _دن4ي%ا و%ي%و4م %ال.ق)ي%ام%ة) ي-ر%د_ون #إ)ل#ى أ#ش%د sا.لع%ذ#اب) و%م%ا اللXه -ب)غ%اف)ل pع%مHا ت%ع4م%ل/ون(] .سورة
البقرة ،اليتان.[85 - 84 ،
فلما جاء السلم ائتلفت القبيلتان ،وآخى بينهما سول ال صلى ال عليه وسلم،
وفقد اليهود كل شيء هناك!
ودار الزمن دورته ،وغفل الراس ،فخرج اليهود يعيثون فسادا Xف الرض ،ولعبوا
لعبتهم القدية لذات الهداف ،وإن يكن على مساحة من الرض أوسع ،ومساحة من
البشر أوسع ..من بي الميي الستغفلي ..فصارت الرض معسكرين ،بدل Xمن قبيلت
الوس والزرج ف يثرب ،ودخل اليهود ف العسكرين يديرونما من الداخل ،ويثيون
بينهما الصراع ،حت تظل السيطرة لم ف النهاية ،وحت ت-ر–وAج صناعة السلح ..وهم هم
تار السلح!
ث اشتدت الزمة أيام خروشوف ،ف النتاج الزراعي خاصة ،فحاول مواجهته
بإ حداث ك سر آ خر ف ال بادئ ال شيوعية ،ا لت تق ضي بإل غاء اللك ية الفرد ية إل غاء õبا تا،X
وج عل اللك ية الماع ية بديل Xعن ها ،ف سمح خرو شوف للفلح ي بلك ية ع شر ال صول
لذوات أنف سهم ،وامتلك ا لدار ا لت ي سكنونا و ما في ها من أدوات ،و كان قد و ضح
()168كان ماركس ي نادي بو جوب ال ساواة ف أ جور ج يع " ا لواطني " ما دا موا يؤدون " م قدارا" X
واحدا Xمن العمل بصرف النظر عن نوع العمل ،ولكن عند التطبيق على يد ليني وجد أن هذا غي
معقول ،فاكتفى بتوحيد الجور بي العمال.
لرو شوف ج يدا Xأ نه إن كان الن تاج ال صناعي ي كن ال سيطرة عل يه بالد يد وال نار
والتج سس ) ،(169فالن تاج الزرا عي ل ي كن ضبطه بذه الو سائل إل إذا ع ي ل كل فلح
مراقب أو جاسوس! فلجأ إل تشجيع النتاج بإعادة الافز الفردي ف صورة من صور
التملك.
ومع ذلك فقد ظ ل mالنتاج يتناقص باستمرار لضعف الوافز على العمل ،حت
تولت روسيا من مصدAر عالي للقمح ،إل بلد يتسول القمح من أعدائه اليديولوجيي!
ع ندئذ اه تدى جوربات شوف -أو ه-دÆي– -إ ل تط يم الن ظام ال شيوعي لن قاذ
روسيا ولو إل حي!!
ولكن ثت سببXا آخر جوهر̈يا لنيار الشيوعية ل تذكره الصادر الغربية ،كراهية
منها أن تذكره ،هو تأثي الهاد الفغان.
فإن صمود دو لة صغية شبه عزلء أ مام وح شية ا لدAب Aالرو سي ع شر سنوات
متوالية ،واضطرار روسيا ف ناية المر إل سحب قواتا من أفغانستان ،قد أثر دون شك
ف زلزلة النظام من قواعده ،وهو الذي كان الناس ينظرون إليه على أنه نظام جبار قاهر
ل يغلب!
أما التقارب بي روسيا وأمريكا ،الذي تل انيار الشيوعية ،بل سبقه بقليل ،فإنا
ند تفسيه واضحا Xف كلم نيكسون الذي أشرنا إليه من قبل ،والذي قال فيه :إنه ل بد
من تصفية اللفات بي روسيا وأمريكا لواجهة الطر الشترك ،وهو السلم!
()169ف النتاج الصناعي الديث يقوم كل عامل بزء مدد من العمل فعند الراجعة يكن معرفة العامل
القصر ،وعندئذ يقوم لاكمة فورية ،ويكم عليه بالعدام بتهمة التخريب ،وينفذ الكم أمام بقية
العمال للرهاب.
()170كما قتل جون كنيدي عام 1963م حي وقف ف وجه مصال اليهود ،على الرغم من أنه – من
وجهة نظره – كان يريد خدمة الصال القومية المريكية!
الزع يم الو حد " ف رو سيا ..ف قد كان ا لدف وا حدا Xو هو التك تل لواج هة ال سلم!
وهذا أحد الطوط البارزة ف صحيفة الاضر ،وصحيفة التوقعات بالنسبة للمستقبل!
وأ̈يا ما كان ا لمر ف قد هب طت حدAة ال صراع بي ما كان ي -سمى " الع سكرين
الشرقي والغرب " ،وبرزت صراعات جديدة.
فالتكتل الورب التمحور حول السوق الوربية الشتركة ،هو ماولة للحد mمن
السيطرة المريكية ،بإبراز كتلة أوربية ف مواجهتها ،يكون لا ثقل معي ،لكي ل تنفر
أمريكا باتذا القرار .وإن كان هذا التكتل ف الوقت ذاته م-وجAها Xضد " Aالعال الثالث "
أي ضد ال سلمي! فال سلمون هم أ كثر سكان ال عال ال ثالث! والق صود من ال سوق
الوربية الشتركة هو الضغط القتصادي ،أو قل :القهر القتصادي للعال الثالث ،بيث
ي-كره على بيع خاماته بأرخص السعار ،ث يشتريها -مصنعة -بأغلى السعار!
وع لى الر غم من ات فاق م صلحة هذا التك تل ع لى إبراز و جود أور ب يوازن
ال سيطرة المريك ية ،ف هو ي مل صراعاته الداخل ية ب ي ألان يا الو حدة و كل من فرن سا
وبريطانيا ،وبي فرنسا التشددة تاه أمريكا وبريطانيا التساهلة معها ،السائرة ف ركابا
من أجل الصول على بعض الساعدات القتصادية منها!
ولكن هذه الصراعات كلها -وإن اشتدت بي الي والي إل درجة التأزم -
ل ينبغي أن تكون هي الت تشغلنا ،أو الت نعلق آمالنا عليها!
صحيح أن بعض الثغرات قد يستفيد منها السلمون أحيانا .Xولكن لنتذكر دائما
أن هذه الدول مهما تصارعت فيما بينها ،ومهما اشتد الصراع بينها ف بعض الحيان -
فكل ها ت قف مو قف ال عداء من ال سلم وال سلمي! وكل ها ت قف مع إ سرائيل ب كم
العبودية لليهود ،الت تسيطر على أوربا وأمريكا! ومن كان ف شك Aمن ذلك فلينظر إل
قضية فلسطي كيف عالتها هيئة المم وغيها من " الافل الدولية " ،خلل أربعي سنة
كاملة!! وكيف أن الاولت الزعومة للستفادة من الثغرات القائمة بي الكتل الدولية من
أ جل صال " الق ضية " ،ل ين تج عن ها أي ت قدم خلل ت لك ال فترة الد يدة!! إ نا ظ لت
إسرائيل تتوسع وتتوسع ،وتطرد العرب وتقتلهم وتعتدي على مقدساتم ،و " الدبلوماسية
" ف ماولتها الفارغة للستفادة من الوضاع الدولية تدور وتدور ،ول تصل من دورانا
إل شيء!
كل !Xمن كان ي-ع ل€ق آ ماله ع لى صراعات الك تل الت صارعة ف سينتظر كثيا،W
وسيحصل قليل ،Wإن حصmل شيئا Wعلى الطلق!
ول نقول هذا من باب إلقاء الكلم على عواهنه ،ول من باب تصديق المان،
ول من باب إعطاء الركات السلمية القائمة اليوم أكثر من حجمها القيقي.
إن الفساد القائم ف الغرب اليوم ليس مصورا Xف دولة معينة ،إنا هو فساد ف
أصل " النهج " كما بينAا.
وانت قال ال سلطة -أو مرا كز الث قل -من منط قة إ ل منط قة ف دا خل الع سكر
الاهلي لن يل €مشكلة النهج ،فكلهم يعيشون منهجا Xواحدا Xأو مناهج متقاربة.
بل إن ما كان يبدو من صراع " أيديولوجي " بي العسرك الشرقي والعسكر
الغرب ل يكن صراعا Xجوهر̈يا ف حقيقته .فالفرق ليس كبيXا بي ما كان يدين به العسكر
الشيوعي وما يدين به العسكر الرأسال من حيث سيطرة القيم الادية ف كليهما ،ومن
حيث بعدها عن النهج الربان ،ونفورها من الخذ به ف واقع الياة ...إنا كان الفارق
ف الدرجة ل ف النوع! ف الصورة ل ف الوهر .أما التصورات ،والقيم ،وقاعدة الياة،
وغاية الوجود ..فالفارق فيها بي العسكرين ضئيل ل يكاد ي-حس!A
واليوم على أي حال قد انارت الشيوعية ،واقترب " العسكران " حت كادا
يصبحان معسكرا Wواحدا!
وسواء كان هذا النيار نائ̈يا -وهو ما يبدو لنا أنه الرجح -بالنسبة لنظام
و صل ف م صادمته للف طرة إ ل أق صى ا لدى ف سقط .أم كانت ال شيوعية ست سعى إ ل
ا ستعادة ما ف قدته من ا لرض -و هو احت مل ضعيف -فلي ست ال شكلة كام نة في من
تكون له السيطرة ف العسكر الاهلي :روسيا ،أم أمريكا ،أم ألانيا ،أم اليابان ،أم الصي.
أم يتنازعون السيطرة فيما بينهم ..إنا الشكلة أن النهد الذي تعيش عليه الاهلية كلها
قد ترmأ ول يعد قادرا Wعلى الستمرار إل أمد طويل.
ولسنا نقول مع الالي :إن الاهلية السيطرة اليوم ستسقط ف الغد القريب)) .إلXا
#أ ن% .ي ش%ا̀ء ر %بsي ش%ي4ئا Wو %س)ع %ر %بsي ك /ل Xش%ي4ء pع)ل.ما(] .سورة النعام ،الية .[80كما جاء
على لسان إبراهيم ف القرآن الكري.
إنا نقول فقط :إنه مقضي عليها بالسقوط حسب سنة ال ،لا تشتمل عليه من
الف ساد .أ ما سرعة الن يار أو ب طؤه فأمر متع لق ب شيئة ا ل ،وإن كان ا ستقراء ال سنة
الارية ،والسباب القائمة ف الرض اليوم ي-وحي بأن انيارها قد يكون بطيئا ،Wلسببي
اثني على القل:
)(171
السبب الول :أن فيها إيابيات غي قليلة
ولقد ينتقل مركز الثقل ف العسكر الاهلي أكثر من مرة ف أثناء النيار ،كما
انتقل ف الاهلية الول أكثر من مرة بي فارس والروم .وألانيا هي إحدى الراكز الت
()171تكلمنا عن هذه اليابيات من قبل ف فصل " الاهلية العاصرة ".
يكن أن ينتقل الثقل إليها ،والصي واليابان من الراكز التملة كذلك .ولكن هذا لن ي-غيAر
النتيجة ف النهاية ..فالنهاية هي النيار..
تدث كثي من مف كري الغرب عن بوادر ان يار الضارة الغربية ..كل يرصد
المر من زاوية نظره الاصة .فالفيلسوف البيطان " برتراند رسل " يقول " :لقد انتهى
العصر الذي يسود فيه الرجل البيض .وبقاء تلك السيادة إل البد ليس قانونا Xمن قواني
الطبيعة " ..ث ي-علل المر بأن الرجل البيض ل يعد لديه ما ي-عطيه!
والعال الفرنسي " ألكسيس كاريل " يتحدث ف كتابه " :النسان ذلك الهول
" عن مظاهر النيار ف الضارة الغربية ،ث ي-علmلها بأن تلك الضارة قد أنشئت دون أية
معرفة بطبيعة " النسان " الذي أنشئت من أجله!
ويتحدث " :جون فوستر دالس " ،وزير الارجية المريكية السبق ف كتابه "
حرب أم سلم " ،عن إفلس الضارة الغربية فيدAه إل نقص اليان ،والية القائمة ف
عقول الناس ،والتآكل الوجود ف أرواحهم ).(172
وثلثت هم -ك ما ترى -يؤ كدون ان يار ال ضارة القائ مة ال يوم ،وإن اختل فت
السباب الت يعزون إليها النيار .كما أن جاهي الناس ف الغرب قد أخذت تشعر بلذع
الضياع والية ،وتبحث ف لفة عن البديل.
ونقول نن -من زاوية رصدنا السلمية -إن الفساد الكب ف النهج الغرب
هو الستكبار عن عبادة ال ،واتاذ آلة أخرى أندادا Wل ..وهو الداء ذاته التكرر ف
الاهليات كلها منذ بدء النراف البشري.
ويظن بعض البهورين بوضع الغرب السيطر ،أن هذا الوصف إن جاز ف حق
الاهل يات البدائ ية القد ية فل يوز ف حق " ال ضارة الغرب ية العا صرة " ،لنه و صف
متلزم مع ال سذاجة وق لة الع لم وق صور الت صورات ،و هذا ك له منت ف‡ بال ضرورة عن
الذين سخروا طاقة الذرة ،ووصلوا عن طريق العقول الليكترونية إل عجائب كانت تعتب
ف الا ضي من الع جزات ..وا لذي يل كون من أدوات ال تدمي ما يك في ل تدمي و جه
الرض!
ويسن بنا أن نعود مرة أخرى إل التاريخ ،لنتتبع جذور النراف الذي أدى ف
النهاية إل استكبار الاهلية العاصرة عن عبادة ال ،واتاذ آلة أخرى أندادXا ل ..فربا
كان العرض التاريي أكثر إقناعا Xللمبهورين بقوة الغرب الادية ،وأ ع5ون لم على إزالة
الغشاوة الت تغشى على تفكيهم .فقد مر Aالفكر الورب بجموعة من الختللت -أو
الشطحات -جعلته يعجز عن التوفيق بي مموعة من " الوافقات " الكائنة ف الفطرة،
وينظر إليها على أنا " متناقضات " ل يكن المع بينها ،إنا يأخذ النسان مكانه منها
ع لى أ حد الطرف ي التناق ضي ،و يترتب ع لى ال طرف ا لذي ي تاره من ب ي " النقي ضي "
موقفه من قضايا الوجود كلها ،بدءا Xمن موقفه من قضية اللوهية ،إل قضية اللق ،إل
ق ضية ا لخلق ،إ ل ق ضية الت شريع ،إ ل ق ضية الع لم ،إ ل ق ضية السيا سة ،إ ل ق ضية
القتصاد ،إل قضية الفن ..ال ..ال ..ال.
ونتار من بي هذه الختللت الت وقع فيها الفكر الغرب أربعة بالذات ،كان
لا الثر الكب ف تشكيل فكر الاهلية العاصرة وسلوكها وأخلقها ،ول يعن هذا أنا
الختللت الوحيدة ف ذلك الفكر ،فهي كثية كثية ،ولكن ربا كانت كلها ف النهاية
راجعة إل الختلت الربعة الكبى الت اخترناها للحديث.
ف في ال فترة الكن سية آ من ال ناس -ب تأثي ال توجيه الكن سي -بفاعل ية قدر ا ل
الطلقة ،على حساب فاعلية النسان .فال هو الفعال لا ي-ريد ،وقدره هو النافذ ،والكون
جيعا XمسخAر بأمره ،والنسان كذلك م-سخAر بأمر ال ،ل يلك من أمر نفسه شيئا ،Xول
من أمر غيه .فهو السلبية الكاملة إزاء اليابية الطلقة.
ول شك أن فاعلية قدر ال حقيقة أزلية كبى ،ل يصح Aدون التسليم با إيان،
ول تسلم عقيدة ،ول يستقيم فكر .وأي تصور يالف هذه القيقة هو شرك صريح.
ولكن اليان بفاعلية قدر ال ل يكن يتقضي بالضرورة اليان بسلبية النسان،
على النحو الذي قدمته الكنيسة ف " عصر اليان "!
ولقد آمن السلمون إيانا Xح̈يا صادقا Xبفاعلية قدر ال ،بل ربا كانوا أصدق المم
إيانا Xبذه القيقة ،من شدة ما ر -كÝز– عليها ف كتاب ال الكري سواء ف مال اللق أو
الرAزق أو إجراء الحداث ،أو الحياء والماتة ،أو البعث والنشور والساب والزاء.
فال هو الذي خلق كل شيء وقدر كل شيء ..ومن خلق ال وتقديره أنه جعل
للنسان قدرا Xمن الفاعلية يتار به بي الدى والضلل ،ويكون ماسبا Xعلى اختياره يوم
الساب:
) %ون%ف.س pو%م%ا س%وHاه%ا ،ف#أ#ل.ه%م%ه%ا ف/ج-ور%ه%ا و%%تق.و%اه%ا ،ق#د 4أ#ف.ل#ح %م%ن 4ز%كXاه%ا ،و%ق#د 4خ%اب
م%ن 4د%سHاه%ا(] .سورة الشمس ،اليات .[10 - 7
) %وق /ل) ال.ح %ق_ م) ن 4ر%بsك /م 4ف#م %ن 4ش%ا̀ء ف#ل .ي-ؤ4م)ن 4و%م %ن 4ش%ا̀ء ف#ل.ي%ك .ف/ر] .(4سورة الكهف،
الية .[29
) ق#د 4ج%ا̀ءك/م% 4ب ص%ائ)ر -م) ن 4ر%بsك /م 4ف#م %ن 4أ#ب 4ص%ر %ف#ل)ن%ف .س)ه) و%م %ن 4ع%م) ي %ف#ع%ل#ي 4ه%ا و %م%ا #أ ن%ا
ع%ل#ي4ك/م) 4بح%ف)يظ(] .سورة النعام ،الية .[104
وتاور اليان بفاعلية قدر ال مع اليان بفاعلية النسان ف قلوب السلمي بل
تعارض ول تناقض )ودع عنك كلم التكلمي ف قضية الب والختيار الت كانت من
آ ثار ال غزو الف كري وا لغريقي الب كر ف ح ياة ال سلمي ،و كانت " كل ما " Xمعل قا Xف
البراج العاجية ل ينل إل واقع الناس( ،وانطلق السلمون انطلقتهم الكبى ف الرض
ف ج يع ال يادين ،من ج هاد لن شر ا لدعوة ،إ ل ع لم ،إ ل سيا سة داخل ية وخارج ية ،إ ل
تارة ،إ ل صناعة ،إ ل ح ضارة مت عددة ا لوانب ،يؤم نون بفاعل ية الن سان ف ا لرض،
ويؤمنون ف الوقت ذاته بأن المر كله ل ،فيضربون ف الرض ،ويأكلون من رزق ال -
كما أمرهم ال -مطمئني ف الوقت ذاته إل قدر ال:
)ه-و %الXذ)ي ج%ع%ل #ل#ك/م -ال.أ#ر4ض %ذ#ل/ول Wف#ام4ش-وا ف)ي م%ن%اك)ب)ه%ا و%ك/ل/وا م)ن 4ر)ز4ق)ه) و)%إل#ي4ه
الن_ش-ور(] .سورة اللك ،الية .[15
)ا لXذ)ين %آم%ن-وا و%%تط.م%ئ)ن_ ق/ل/وب-ه-م 4ب)ذ)ك.ر) اللXه) أ#ل ب)ذ)ك.ر) الل Xه) ت. %طم%ئ)ن_ ا.لق /ل/وب.(-
]سورة الرعد ،الية .[28
" واعلم أن ما أصابك ل يكن ليفوتك وأن ما فاتك ل يكن ليصيبك " ).(173
ولكن الفكر الغرب عجز عن الهتداء إل هذا التوافق الميل التوازن ،سواء ف
عهده الكنسي ،أو ف عهده التمرAد على الكنيسة..
ف العهد الكنسي كما رأينا آمن بفاعلية قدر ال على حساب فاعلية النسان..
فلما احتك الوربيون بالسلمي ف الروب الصليبية وف مال العلم والضارة ف الندلس
وغيها ،انبعثت فيهم الرغبة الياشة ف الياة ،وف تعمي الرض ،وف كشف ماهيلها،
وف مارسة النشاط الذي حرAمته الرهبانية من قبل ..فوجدوا دينهم عائقا Xعن ذلك كله،
فانقلبوا عليه انقلبة كاملة من أقصى اليمي إل أقصى اليسار.
من ال يان بفاعل ية قدر ا ل ع لى ح ساب فاعل ية الن سان ،إ ل ال يان بفاعل ية
النسان على حساب فاعلية قدر ال!
والركة " النسانية " الت تولدت عنها " العلوم النسانية " ) (174ف أوربا هي
الواقع العملي لذا النقلب ف الفكر الورب ..الذي ظل يتزايد -ول يتراجع -إل هذه
اللحظة.
هي إيان بفاعلية النسان ونبذ لليان بقدر ال! نشأت عنه " حضارة " واسعة
الطراف ،ولكنها كافرة جاحدة بال!
وكان جوهر اللل الذي وقعت فيه هو اتاذ النسان نفسه ن̈دا ل ،واتاذه هواه
إلا Xمن دون ال!
) %وج%ع%ل/وا )للXه) #أن4د%ادWا )لي-ض)لÍوا ع%ن 4س%ب)يل)ه)(] .سورة إبراهيم ،الية .[30
وذ لك هو جوهر الاهل ية ،سواء الاهل ية البدائ ية ال ساذجة ،أو جاهل ية
"العلم" ،و " التمكن " ،ف القرن العشرين!
ففي الفترة الكنسية آمنت أوربا بالخرة على حساب الدنيا ..ونشأت عن ذلك
الرهبانية وإهال الياة الدنيا ..كما آمنت بالانب الروحان من النسان على حساب
الانب الادي.
ول شك أن تعاليم السيح عليه السلم ،كانت تثل دفعة روحانية هائلة ،وأنا
كانت تركز الهتمام على لخرة.
وهذا أمر منطقي ف كل رسالة ساوية ،لن النسان -ف الع تاد -يؤتى من
استحباب الدنيا على الخرة ،وانرافه مع دفعة الشهوات حت تنسيه ربه وآخرته فيجيء
الرسل صلوات ال وسلمه عليهم ،لي-بيAنوا للناس أن الياة الدنيا متاع الغرور ،وأن الخرة
خي وأبقى ،وليدعوا الناس ف الوقت ذاته ،إل الرتفاع على ثقلة الشهوات.
ولئن كان هذا أ مرا Xمنطق̈يا مع كل ر سالة ساوية ،ف قد كان أو جب وأ لزم ف
رسالة السيح عليه السلم إل اليهود.
فلزم لم -ف علم ال -جرعة روحية هائلة ،توازن ماديتهم الت غرقوا فيها،
وتوجيه Yمركmز إل الخرة ليوازن اشتغالم الشديد بالياة الدنيا.
ول كن الن صارى -لمر ما " -تاوزوا ال قدار " ف لم ي ستخدموا العلج ف
م كانه ،وبال قدر ا لذي ين شئ ال سلمة وال توازن ،وإ نا جن حوا إ ل الرAوحان ية وإ ل ال عال
الخر جنوحا Xأدى بم إل الرهبانية ،وإهال مطالب السد وكبتها ،وإهال الدنيا وعمارة
الرض.
ونشأن من ذلك اختلل ف حياتم ،تثل ف فضائح الديرة ،وما حدث فيها من
الفاسد ،وتثل ف التخلف العلمي والادي والضاري.
) %ور%ه4ب%ان) يHة Wاب 4ت%د%ع-وه%ا م%ا ك%#تب4ن%ا ه%ا ع%ل4 #يه) م) 4إلXا اب)4ت غ%ا̀ء ر) ض4و%ان) الل Xه) ف #م%ا ر%ع%و 4ه%ا ح%ق
ر)ع%اي)%ت ه%ا ف#آت%ي 4ن%ا ا لXذ)ين %آ %م ن-وا م)ن4ه -م# 4أج4ر%ه -م 4و%ك#ث) ي= م)ن4ه -م 4ف#ا س)ق/ون( ] .سورة الد يد ،ال ية
.[27
وحي احتك النصارى بالسلمي ،شهدوا ما كان عليه السلمون يومئذ من نشاط
موار ف كل التاهات ،فتاقت أنفسهم إل مارسة الياة ف عال الواقع ،فانقلبوا انقلبة
كام لة من أقصى اليم ي إ ل أق صى ال شمال! من إ هال ا لدنيا إ ل الفت نة با ،ومن إ هال
السد وكبت رغبائه إل الغراق ف التاع السي ،وإهال عال الروح.
ولقد تلقى السلمون ف كتاب ربم توجيهات ماثلة لا تلقاه بنو إسرائيل على
لسان السيح عليه السلم ،ولكنهم قط mل ينحوا إل الرهبانية ،لنم نوا عنها ،و ه-دوا
إل الوسطية التوازنة الت ل تنح هنا ول تنح هناك.
فلما جاء الرAهط الثلثة ،فقال أحدهم :إن أصوم الدهر ول أطر ،وقال الخر:
إن أقوم الليل ول أنام ،وقال الثالث ،وأنا ل أتزوج النساء ،قال لم رسول ال صلى ال
عليه وسلم " :أل إن أعبدكم ل )أو قال أتقاكم( ،ولكن أصوم وأفطر ،وأقوم وأنام،
وأتزوج النساء ،فمن رغب عن سنت فليس من " ).(175
ف الفترة الكنسية ،كان اليان بعال الغيب هو " الو العام " ،الذي تعيش فيه
النصرانية :اليان بال وملئكته ،والوحي والرسالة ،واليوم الخر ..وما حول ذلك من
العان ،ولكن على حساب الهتمام بعال الشهادة وإدراك أسراره أو الهتمام با.
()175أخرجه الشيخان.
و كل ر سالة ساوية ،قد عن يت بالتركيز ع لى عال الغ يب .ول غرا بة ف ذ لك.
فالبشر عرضة -بسبب ما ركب ف طبائعهم من شهوات ومطالب جسدية -أن ينشغلوا
ب عال ال شهادة ،ا لذي تتح قق ف يه ت لك ال شهوات ،وي-هم لوا عال الغ يب ،ا لذي ينح هم "
النهج " ،الذي ينظمون به حياتم ،ويترفعون بتطبيقه إل الستوى اللئق بالنسان.
ولقد ر كز ال سلم كثيا Xع لى عال الغ يب .ومن بي المث لة ع لى هذا ا لتركيز
وصف " التق ي " ،ف أول سورة البقرة بأنم )ا لXذ)ين- %يؤ4م) ن-ون #ب)ال.غ%ي4ب)( ] .سورة البقرة،
الية .[3قبل أي وصف آخر ..كأن هذه هي صفتهم الول والكبى .وإنا لكذلك
بالفعل فعن طريق اليان بالغيب يؤمنون " بال وملئكته وكتبه ورسله واليوم الخر
وال قدر خ يه و شره " - .ك ما جاء ف حديث جب يل عل يه ال سلم -و هي القو مات
الرئيسية لليان ،كما أنه عن طريق اليان بالغيب يتلقون منهج حياتم ،بميع تفصيلته:
)أ#ف#م %ن 4ي%ع4ل #م# -أن Hم%ا /أن4ز) ل #إ)ل4 #ي ك %م) ن 4ر%ب sك %ال.ح %ق_ ك#م %ن 4ه-و# %أع 4م%ى إ)Hنم%ا %يت%ذ#كXر -أ/و ل/و
ال.أ#ل.ب%اب) ،الXذ)ين %ي-وف/ون) #بع%ه4د) اللXه) و%ل ي%ن4ق/ض-ون #ال.م)يث#اق ،%و%الXذ)ين %ي%ص)ل/ون #م%ا #أم%ر %اللXه) -به) أ#ن
ي-و ص%ل #و%%يخ 4ش%و4ن #ر%بHه -م 4و%%ي خ%اف/ون #س-و̀ء ا.لح) س%اب) ،و%ا لXذ)ين %ص%ب%ر-وا اب4ت) غ%ا̀ء و%ج 4ه) ر%بsه)م
و#%أق#ام-وا الصHل #ة و%أ4#نف#ق/وا م)مHا ر%ز%ق.ن%اه-م 4س)رWmا و%ع%لن)ي%ة Wو%ي%د4ر%أ/ون #ب)ال.ح%س%ن%ة) السHي#sئة #أ/ول#ئ)ك %ل#ه-م
ع-ق.ب%ى الدHار(] .سورة الرعد ،اليات .[22 - 19
ولكن إ يان السلمي بالغيب ،وتع مق هذا اليان ف ك يانم ،ب تأثي التوجيهات
القرآنية ،وتوجيهات الرسول صلى ال عليه وسلم ،ل ي نع السلمي من الهت مام بعال
الشهادة ،والنطلق فيه بأقصى ما يلك البشر من نشاط.
كما أن السلم من جهة أخرى وجه السلمي إل تدبر السنن الت يري ال با
أ حداث ال كون ا لادي ،وأ حداث ال ياة الب شرية ،و هذه ال سنن ف القي قة هي " هزة
الوصل " بي عال الغيب ،وعال الشهادة .فال يدبAر أمر الكون من عال الغيب ،سواء أمر
ال سموات وا لرض ،والن جوم ،وال شجر ،وا لدواب ..أو ح ياة الب شر أ فرادا Xوجا عات،
ولك نه سبحانه وتعال ،يدبAر أمر ها بقتضى سنن معي نة ثبتها سبحانه ،وهو القدير ع لى
تغيي ها إذا شاء ،و خرق معتاد ها إذا شاء .وو جه ا ل أن ظار ال سلمي ل تدبر ت لك ال سنن
ليتAبوا حياتم بقتضاها .ومن ث صارت قلوبم موصولة بعال الغيب ،ونشاطهم العملي -
العقلي والسدي -منطلق ف عال الشهادة ،ف توازن دقيق جيل أخاذ.
ل ينع هم إ يانم ب عال الغ يب من ا تاذ ال سباب ) ،بل أ مروا بذلك أ مرا ،(Xو ل
تفتنهم السباب الظاهرة ،والتعامل الباشر معها ،عن اليان بسبب السباب.
ولكن الفكر الغرب عجز عن إياد ذلك التوافق الميل ف جيع أحواله.
ف الفترة الكنسية آمن بعال الغيب ،وأهل البحث ف عال الشهادة ،واكتفى با
قدمته له الكنيسة من تفسي كل شيء ف عال الشهادة ،بأنه ت بشيئة ال وقدره .وهو
قول حق ف ذا ته ،ولك نه ل ي شرح لل ناس ال سنن ا لت يري با ا ل ما يدث ف عال
الشهادة ،ول يقول لم :إنا سنن ثابتة ،ثبتها ال بشيئته الطلقة ،بيث يستطيع الناس أن
يتعرفوا عليها ،ويستثمروها ،ويرتبوا حياتم عليها.
فلما اكتشف نيوتن " قانون السببية " ،حدث انقلب كامل ف الفكر الورب،
من النقيض إل النقيض.
ل قد ك شف " قانون ال سببية " ك ما سAته أور با -و كان ال جدر أن ت سميه "
السنن الكونية " -عن حقائق علمية كانت مهولة لوربا من قبل ،وشرح كثيXا من "
الظواهر الطبيعية " ل تكن أوربا تعلم عنها أكثر من أنا تتم بشيئة ال .وعندئذ اندفعت
أوربا ف الطريق الديد ،الذي انفتح أمامها ،حت نسيت مسبب السباب أو تنكرت له!
يقول جرين برنتون ف كتاب " منشأ الفكر الديث ") ،ص 151من الترجة
العربية لعبد الرحن مراد(.
" الله ف عرف نيوتن أشبه بصانع الساعة .ولكن صانع هذه الساعة الكونية -
ونعن با الكون -ل يلبث أن شد على رباطها إل البد .فبإمكانه أن يعلها تعمل حت
البد .أما الرجال على هذه الرض ،فقد صممهم الله كأجزاء من آلته الضخمة ليجروا
عليها .وإنه ليبدو أن ليس ثة داع أو فائدة من الصلة إل الله صانع هذه الساعة الكونية
الضخمة ،الذي ل يستطيع -إذا ما أراد -التدخل ف شئون عمله "!!
وواضح من كلم برنتون ،أن أوربا قد اتذت من السبب البا شر بديل Wمن
مسبب السباب! ومن " الطبيعة " ند¾ا ل!
ومن النهج التجريب ف البحث العلمي ،الذي تعلمته أوربا من السلمي ،ومن
اكت شاف ال سنن الكون ية ،ن شأت ف أور با حر كة علم ية ضخمة ،ولكن ها ن شأت كافرة
جاحدة ،لعجز أوربا عن التوفيق بي عال الغيب وعال الشهادة .وأصبح اليان بالغيب
ف نظر هم م-عو Aقا Xعن الب حث العل مي ،بل م-ف سدXا لروح الب حث! وأ صبح الع لم هو "
الخ ل€ص " من جهالة اليان بالغيب ،الت ل يتمسك با إل السذج التأخرون ،الذين ل
يرتقوا إل اتاذ روح البحث العلمي!!
ف ال فترة الكن سية آم نت أور با بالث بات ف كل شيء :ا ل وال كون ،وال ياة
والنسان .فال سبحانه وتعال ،أزل ل يتغي ،والكون منذ خلقه ال على حاله الذي خلق
عليه .والكائنات الية منذ خ-لقت ل يطرأ عليها تغيي .وأوضاع الناس ف الرض حكmاما
وم كومي ثاب تة ل تتغ ي .الق طاعيون ف ترف هم وتتع هم ،وال شعب ف ف قره وع بوديته،
وانسحاقه وشقوته ،يذهب الفراد وييئون ،والوضاع ل تتغي ،لنا جزء من قدر ال
الثابت.
فلما جاءت الداروينية كانت مفاجأة حادة لفكرة الثبات الت آمن الناس با قرونا
بعد قرون.
وأن كر ال ناس النظر ية ف م بدأ ا لمر ،وقاومو ها مقاو مة شديدة ،خا صة وأ نا
سلبتهم كرامتهم " النسانية " ،الت يعتزون با ،وقالت لم :إنم قردة متطورة بل زيادة!
ولكن الدعاية الضخمة الت قام با اليهود للنظرية ،والدافع الستمر لا ،ل ي-ثبAت
النظرية ف أذهان الناس فحسب ،بل جعلتهم يؤمنون با كأنا حقائق علمية نائية ،ل مرد
" فرض علمي " ،ول حت " نظرية علمية " ،كما قدمها صاحبها نفسه!
وانقلب الف كر الورب انقلبة كاملة من أقصى اليمي إ ل أقصى اليسار ،كما
حدث ف كل مرة! فبعد أن كان الثبات هو الصورة الدائمة للشياء ،أصبح " التطور "
هو ال صورة الدائ مة لل شياء ،و ل ي عد ه ناك شيء ثابت ع لى ا لطلق ل ال كون ،ول
الياة ،ول النسان ،ول الدين ،ول الخلق ،ول فكرة النسان عن ال!
فالكون الادي تطوAر من سدي إل نوم ،والياة تطوAرت من كائن وحيد اللية
إل نبات إل حيوان إل إنسان .والنسان تطوAر من كائن شبيه بالقردة يشي على أربع،
إل قرد إنسان مستقيم القامة ،إل إنسان متوحش ،إل إنسان مستأنس .والدين تطور من
ع بادة ا لب إ ل ع بادة ال طوطم ،إ ل ع بادة قوى الطبي عة ،إ ل ع بادة ا لفلك ،إ ل ع بادة
الصنام ،إل عبادة ال الواحد ..إل ..إل اللاد ،والتحول بالكلية عن الدين! والخلق
ت طورت من أخلق خ شنة عني فة ع ند ال بدائيي ،إ ل أخلق " ح ضارية " ،حول ود يان
النار مع تول الناس للزراعة والستقرار -مع حرص شديد على قضية العفة وسيطرة
الرجل -إل تاون شديد ف قضية العفة وزوال سيطرة الرجل ..ث وقفت هناك )!(176
ول يستطع الفكر الغرب ق ط mأن يهتدي إل التوازن الميل الدقيق الذي هدى
السلم إليه السلمي ف هذه القضية .أن ف النفس البشرية وف الياة البشرية أمورا Wثابتة
ل تتغي ،ول ي-ريد ال لا أن تتغي ،لنا متعلقة بقائق أزلية كوجود ال سبحانه وتعال،
وألوهيته وربوبيته ،وتفرده باللوهية والربوبية ،أو بأصول ثابتة ف الفطرة ،وكل تغيي فيها
()176نن هنا نتصر مراحل " التطور " الزعومة لن القام ليس مقام التفصيل!
يؤدي إل الفساد ،وأمورا Wأخرى متغية ،لنا تتعلق بدى ما ي-حقmق النسان بهده العقلي
وال بدن من ت سخي لطا قات ال سموات وا لرض ،ال سخرة للن سان أصل Xبقدر من ال،
ول كن تق يق الت سخي ي تاج إ ل ع لم ،وإ ل ا ستثمار للع لم ف ت صنيع خا مات الطبي عة
وتسينها وتميلها ..وهذه أمور أذن ال فيها بالتغيي لكي ل تمد الياة وتأسن.
ولكن " الصول الثابتة " هي الت تكم " الصور " التغية ،وليست التغيات
هي ا لت ت كم ال ثوابت .وت لك هي الف كرة الرئيسية ف " الجتهاد " ،ل ستنباط أح كام
متجددة من الصول الواردة ف الشريعة ،لواجهة ما يد Aف حياة الناس من أمور .وبذا
تنطلق الياة ف تدد دائم ،ونو مستمر ،دون أن تفقد ارتباطها بالصول الثابتة ف حقائق
الزل وفطرة النسان ).(177
وذلك هو " النهج " الفاسد الذي أفسد حياة الغرب ،على الرغم من كل التفوق
العل مي ،والتكنو لوجي ،والر ب ،والسيا سي ،والقت صادي ،ا لذي أ حرزه ال غرب أث ناء
كفره ،بسب سنة من سنن ال:
)ف#ل#مHا ن%س-وا م%ا ذ/ك+ر-وا ب)ه) ف#ت%ح4ن%ا ع%ل#ي4ه)م 4أ#ب4و%اب %ك/ل +ش%ي4ء] .(pسورة النعام ،الية
.[44
ولكن الفساد اتسعت رقعته فأصبح م-ؤذنا Wبالنيار ،حسب شهادتم هم على
أنفسهم .ومهما يكن من بطء النيار للسباب الت ألنا إليها ،فهو واقع ل مالة لنه
سنة من سنن ال:
()177ي قول " الع لم " ال يوم :إن ال كون ا لادي ذا ته " يت طور " بال صورة نف سها ،أي أ نه صور متغ ية
مكومة بقواني ثابتة!
) %و ك#أ#يsن 4م %ن 4ق#ر 4ي%ة# pأم4ل#ي 4ت# -ل ه%ا و%ه) ي %ظ#ال) م%ة/ Iث م Hأ #خ%ذ.ت-ه%ا و%إ)ل #ي Hا.لم %ص)ي ] .(-سورة
الج ،الية .[48
) %حتHى إ)ذ#ا ف#ر) ح-وا )بم%ا أ/و ت-وا #أخ%ذ.ن%اه-م 4ب%غ 4ت%ة Wف#إ)ذ#ا ه -م 4م-ب4ل) س-ون ،#ف#ق/ط) ع %د%اب)ر -ا.لق#و4م
الXذ)ين %ظ#ل#م-وا و%ال.ح%م4د) -للXه) ر%ب sال.ع%ال#م)ي(] .سورة النعام ،اليتان .[45 ،44
وليس الذي سينهار دولة بعينها أو شعبا Xبعينه ،حت تأخذ مكانا دولة أخرى أو
شعب آخر ).(178
إ نا ا لذي ف طري قه للن يار هو " الن هج " ..من هج ال ستكبار عن ع بادة ا ل،
واتاذ آلة أخرى أندادWا ل.
ول بد من منهج بديل ..فإن الاهلية الاضرة الت فسدت وأفسدت ل تلك
ل جذر̈يا لشكلتا ،لنا تفكر ف ال ل mوهي واقعة ف الختللت الت أشرنا إليها،
حÜ
فتخرج حلوها مصابة بالختللت ذاتا!
وال سلم هو الن هج ال بديل ..لنه هو الن هج ا لذي أنز له ا ل لي صلح ف ساد
الاهلية:
)الر ك)ت%اب= أ4#نز%ل.ن%ا -ه إ)#لي4ك %ل)ت-خ4ر)ج %النHاس %م)ن %ال Íظل/م%ات) )إل#ى الن_ور) ب)إ)ذ.ن) رs%به)م 4إ)ل#ى
صر%اط) ال.ع%ز)يز) ال.ح%م)يد(] .سورة ابراهيم ،الية .[1 )
الستكبار عن عبادة ال ،واتاذ آلة أخرى أندادا Xل -وهو جوهر الفساد كله
ف الاهلية العاصرة -علجه عبادة ال وحده بل شريك ،وهو جوهر السلم.
()178قلنا :إنه قد يدث انتقال ف مراكز القوة ف أثناء انيار الاهلية ،ولكن العبة ف انيار النهج ف
النهاية.
اللل الذي أنشأه العجز عن التوفيق بي العمل للدنيا والعمل للخرة علجه ف
هذا التوجيه السلمي:
)و%اب%4ت غ) ف)ي م%ا آ ت%ا %ك الل Xه -ا لدHار %ا ل.آخ)ر%ة #و%ل ت%ن 4س% %ن ص)يب%ك %م) ن %ا لد_ن4ي%ا( ] .سورة
القصص ،الية .[77
)ه-و %الXذ)ي ج%ع%ل #ل#ك/م -ال.أ#ر4ض %ذ#ل/ول Wف#ام4ش-وا ف)ي م%ن%اك)ب)ه%ا و%ك/ل/وا م)ن 4ر)ز4ق)ه) و)%إل#ي4ه
الن_ش-ور(] .سورة اللك ،الية .[15
ال لل ا لذي أن شأه الع جز عن التوف يق ب ي عال الغ يب و عال ال شهادة ،وا لذي
نشأت عنه حركة علمية كافرة ،علجه ذلك التناسق الذي ت على أيدي السلمي فأنشأوا
به حركة علمية مؤمنة.
واللل ف التوفيق بي الثابت والتغي علجه أن " يتعقل " الناس حي يب5صرون
بنور ال ،فتذهب عن عقولم لوثة التطور ،ويظلون على الرغم من ذلك متحركي وهم
مستمسكون بالعروة الوثقى ،ل انفصام لا ،ومهتدون بالنور اللي:
)الل Xه -ن-ور -ال سHم%او%ات) و%ال.أ#ر 4ض) م%ث #ل /ن-ور)ه) ك#م) ش4ك#ا pة ف)ي ه%ا م) ص4ب%اح= ال.م) ص4ب%اح -ف)ي
ز-ج%ا ج%ة pالز_ج%ا ج%ة /ك#أ#ن Hه%ا ك#و4ك#ب= د-ر sي -ي-و ق#د -م) ن 4ش%ج%رp %ة م-ب%ار %ك#ة pز%ي4ت-و ن%ة pل ش%ر4ق)يHة pو%ل
غ#ر)4بيHة% pيك#اد -ز%ي-4ته%ا ي-ض)يء® و%ل#و 4ل#م% 4تم4س%س4ه -ن%ار= ن-ور= ع%ل#ى ن-ور pي%ه4د)ي اللXه -ل)ن-ور)ه) م%ن 4ي%ش%اء
و%%يض4ر)ب -اللXه -ال.أ#م4ث#ال #ل)لنHاس) و%اللXه -ب)ك+ /ل ش%ي4ء pع%ل)يم(] .سورة النور ،الية .[35
)ف#م %ن% 4يك .ف/ر 4ب)ال طXاغ/وت) و %ي-ؤ4م)ن 4ب)اللXه) ف #ق#د) اس%4تم 4س%ك %ب)ال.ع-ر4و%ة) ا ل.و.-ثق#ى ل ان4ف) ص%ام
خر)ج-ه-م 4م)ن %الظÍل/م%ات) إ)ل#ى الن_ور) و%الXذ)ين #له%ا و%اللXه -س%م)يع= %عل)يم= ،اللXه -و%ل)ي_ الXذ)ين %آ %من-وا ي4 -
خر)ج-ون%ه-م 4م)ن %الن_ور) )إل#ى الظÍل/م%ات(] .سورة البقرة ،اليتان ك#ف#ر-وا #أو4ل)ي%اؤ-ه-م -الطXاغ/وت -ي4 -
.[257 ،256
وهكذا ،ل يوجد بديل من النهج الفاسد إل النهج الربان التمثل ف السلم.
فأما إيابيات هذه الضارة الاهلية فسيبقيها السلم ،ولكنه سيصحح قاعدتا،
كما استبقى السلم ما كان ف الاهلية العربية من فضائل ،ولكنه ف الوقت ذاته صحح
قاعدته.
وكذلك يفعل السلم بفضائل الاهلية العاصرة :اللد على العمل ،وعبقرية
التنظ يم ،وا لروح العلم ية ف ت ناول ال شكلت ،وماو لة إ ياد ال لول العمل ية لا ..كل
ذ لك يافظ عل يه ال سلم ،لنه مت فق مع أ صول د عوته ،ولك نه س-ي صحح قا عدته فل
يكون المر لتاع الياة الدنيا وحده ،وعلى غي أسس " أخلقية " .إنا يكون عبادة ل،
وعمارة للرض بقتضى منهج ال ،فيتوافر فيه من الي والبكة أضعاف ما هو حاصل
اليوم ف الرض.
وأما الفساد فل يتقبله السلم .سواء كان الفساد كفرا Xبال وجحودا Xبآياته ،أو
تلل Xخلق̈يا ،أو ظل ما سيا س̈يا أو اجتماع̈يا أو اقت صاد̈يا نا شئا Xك له من تك يم شرائع غ ي
شريعة ال ،أو فكر̈يا أو فن̈يا ناشئا Xمن اتباع الوى الذي يضل عن سبيل ال:
)و%ل ت%تHب)ع) ال.ه%و%ى ف#ي-ض)لXك %ع%ن 4س%ب)يل) اللXه) إ)ن XالXذ)ين %ي%ض)لÍون #ع%ن 4س%ب)يل) اللXه) ل#ه-م
ع%ذ#اب= ش%د)يد= )بم%ا %نس-وا ي%و4م %ا.لح)س%اب(] .سورة ص ،الية .[26
ولكنه ل ي–ب ل”غ إل الناس على حقيقته حت يمله قوم يعيشون به ،ويعيشون له،
ويعرضونه على الناس من خلل قوة واقعية ،ومن خلل واقع مك€ن ف الرض.
صحيح أن بضعة ألوف ،أو بضعة مئات من اللوف ف أوربا وأمريكا قد دخلوا
ف السلم ،فرارا Xإليه من لذع الضياع والية ،الذي يأكل حياة الناس ف الغرب ،ويكاد
يسلمهم إل النون.
ولكن الذين يبحثون عن الق ،ويهتدون إليه من ذوات أنفسهم ،قلة دائما Xف
التاريخ.
ولكن الذي يصدAهم عن الق هو الواقع السيئ الذي يعيشه السلمون اليوم
نتيجة بعدهم عن السلم وتفريطهم فيه ،والصورة النفرة الت يعطيها ذلك الواقع.
من أجل ذلك نفرح بالصحوة السلمية ،ونراها خطÜا بارزا Xمن خطوط الاضر،
وخطÜا بارزا Xمن خطوط الستقبل التوقع كذلك.
ونرى ف الوقت ذاته أن هذا الوضع يفرض على الصحوة تبعات جسيمة ،ل بد
أن ت كون كفئا Xلا ،لت قوم باله مة الطلو بة من ها ،ل ع لى ن طاق ال عال ال سلمي و حده،
ولكن على نطاق الرض كلها ..الرض الت أفسدتا الاهلية.
فأما كون الصحوة السلمية خطÜا بارزا Xمن خطوط الاضر ،فلن العداء كانوا
قد فعلوا كل ما ف وسعهم للقضاء على السلم ،من غزو عسكري ،وضغط سياسي
واقت صادي ،و غزو ف كري ،وإ ثارة للن عرات القوم ية والوطن ية لت فتيت و حدة ال سلمي،
وتقطيع أوصالم ،وتربية أجيال من السلمي ل تعرف شيئXا عن السلم إل الشبهات الت
يثيها البشرون والستشرقون وتلميذهم من " الفكرين السلميي!! ".
ث كانت الفاجأة لم -وللعال كله -بعد هذا الهد البذول كله هي الصحوة
السلمية! ).(179
)و%الل Xه -غ#ال)ب= ع %ل#ى #أم4ر) ه) و%ل#ك) ن Hأ#ك .ث#ر %النHا س) ل %يع4ل #م-ون] .(#سورة يوسف ،الية
.[21
ول يغيب عن بالنا على أي حال أن مرد فساد النهج القائم اليوم ف الرض،
ومرد وجود البديل الصحيح ،ل يؤدي بذاته إل أن ينبذ الناس النهج الفاسد ويتجهوا إل
النهج الصحيح!
كل! حت يم له قوم يعي شون به ويعي شون له ،فيقن عون به و جدان ال ناس ل
عقولم فحسب ،ويذبونم إليه جذبXا من خلل النموذج الواقعي ،كما فعل السلمون
الوائل حي كان السلم غريبا Xف الرض أول مرة:
" بدأ السلم غريبا ،Wوسيعود غريبا Wكما بدأ ،فطوب للغرباء " ).(180
()179انظر – إن شئت – فصل " الصحوة السلمية " من كتاب " واقعنا العاصر ".
()180أخرجه مسلم.
والغربة الثانية هي الت يعانيها السلم ف الرض اليوم ،وهي ف حاجة إل جهد
شبيه بالهد الول ،يزيل الغربة بإذن ال.
وما نريد أن نتعجل الجابة على هذه السئلة ،وما نريد كذلك أن نتحدث عن
جا عة بعين ها من الما عات ال سلمية العام لة ف ح قل ا لدعوة ،بل نوجه ا لديث إ ل
الم يع ،لن تدارس م عا Xما هو مط لوب م نAا ف الا ضر و ف ال ستقبل ،و ما يواجه نا من
عقبات.
) ف#إ)ذ#ا د%خ%ل.ت -م 4ب-ي-و تا Wف #س%ل+م-وا ع %ل#ى #أن4ف /س)ك/م% 4تح) يHة Wم) ن 4ع) ن4د) الل Xه) م-ب%ار %ك#ة Wطs#ي ب%ة
ك#ذ)#لك %ي%-بيsن -اللXه -ل#ك/م -ال.آيات) ل#ع%لXك/م% 4تع4ق)ل/ون(] .سورة النور ،الية .[61
والقصود بطبيعة الال :فسلموا على أ هل البيت الذي تدخلونه .ولكن التعبي
بأنف سكم ت عبي ج يل موح‡ ،يوحي بالو حدة النف سية وال شعورية ،ا لت ت مع ا لداخلي
والدخول إليهم ،فحي ي-سلmم النسان على " غيه " فكأنا يسلmم على " نفسه " من شدة
القرب ،ومن وحدة الطريق.
ونر يد -بذه ا لروح -أن نت حدث إ ل أنف سنا ،لنت عرف ع لى مه مة ال صحوة
السلمية ،والصورة الت ينبغي أن تكون عليها.
إننا حي نقول :إنه ل بد لنجاح العمل السلمي من تربية قاعدة صلبة مؤمنة
ماهدة واعية ،يتضجر بعض الناس ويقولون :إنكم تطالبون مثاليات ل تقبل التحقيق ف
الوضع الراهن ،فكأنكم تدعون إل تعطيل العمل السلمي حي تعلقونه على هذا الطلب
الصعب! كما أنكم تذmلون العاملي ف حقل الدعوة وتيئسونم من الوصول إل تقيق
أهدافهم!
ون بدأ بت صحيح ف كرة تن شأ ع ند ب عض ال ناس ح ي ي سمعون هذه الكل مات ،إذ
يظ نون أن الط لوب هو ترب ية كل النت سبي إ ل ا لدعوة ع لى هذا ال ستوى ،ا لذي يرو نه
مثال̈يا غي قابل للتحقيق!
فمجتمع الرسول صلى ال عليه وسلم نفسه ل يكن كله على مستوى القاعدة
الت تربت ف بيت ابن الرقم ف مكة ،والت ترب عليها النصار بعد ذلك ف الدينة ،فقد
كان فيهم -كما قلنا ف غي هذا الكتاب ) - (181ضعاف اليان ،والثmاقلون والعوقون،
والبطئون ،والنافقون ،وغيهم من الفئات الت تارس السلم على عوج.
ول كن القا عدة ا لت ربا ها الر سول صلى ا ل عل يه و سلم ،كانت من ال قوة
والصلبة بيث حلت هؤلء جيعا Wوسارت بم إل الدف القصود.
والذي نريده اليوم وننادي به هو تربية " القاعدة " ،الت تمل ضعاف اليان
والثmاقلي والعوقي والبطئي والنافقي ،وتتحرك بم نو الدف ،وهذا المر ليس " مثال̈يا
" ول هو غي قابل للتحقيق ..وإذا ثبت أنه غي قابل للتحقيق فعل ،Xفمعن ذلك أن العمل
السلمي ذاته هو كذلك غي قابل لتحقيق أهدافه!! وحاشا ل أن يكون ذلك كذلك!
كيف نطمع ف دعوة الناس إل السلم إذا كنا نن -الدعاة -غي مطبقي
له ف ذوات أنفسنا؟
كيف ندعوهم إل الثبات إذا كنا نن ل نثبت؟ وكيف ندعوهم إل الصدق إذا
سوغنا لنف سنا أن ن كذب؟ ك يف ندعوهم إ ل الت جرد ل إذا كانت ذوات نا هي مور
تركنا؟ ومصالنا الذاتية هي الت ت-حدد مواقفنا وأعمالنا؟
أو ليست هذه بديهية من بديهيات العمل السلمي؟! أفإن نادينا بضرورة التربية
لتلف هذه السلبيات نكون منادين بثاليات غي قابلة للتحقيق؟!
)ي%ا أ_#يه%ا الXذ)ين %آم%ن-وا ل)م %ت%ق/ول/ون #م%ا ل %تف.ع%ل/ون ،#ك-#بر %م%ق.تا Wع)ن4د %اللXه) أ#ن .ت%ق/ول/وا م%ا
ل %تف.ع%ل/ون(] .سورة الصف ،اليتان.[3 ،2 :
كب مقتا Xلنه يكون صد¾ا عن سبيل ال ،بدل Xمن أن يكون دعوة إل ال!
والشاعر يقول:
ومهما تكن عند امرئ من خليقة وإن خالا تفى على الناس تعلم )!(182
ن ستطيع أن ن-خ في حقي قة أنف سنا ف خط بة حا سية بلي غة ،أو موع ظة مؤثرة ،أو
ماضرة " قيمة " ،أو كتاب نؤلفه.
ولكن الدعوة ليست خطبا Xول مواعظ ول ماضرات ول كتبا - Xوإن كانت هذه
كل ها أدوات ناف عة مطلو بة ل لدعوة -إ نا ا لدعوة قدوة و صحبة وترب ية ..ه كذا علmم نا
رسول ال صلى ال عليه وسلم ،وهكذا ينبغي أن يكون فهمنا لقيقة الدعوة ).(183
وف الصحبة الطويلة الت تقتضيها عملية الدعوة -أي تقتضيها عملية التربية -
ي ستحيل علي نا أن ن في حقي قة أنف سنا ،ول بد أن " ننك شف " أ مام ا لذين يتل قون م نا.
فكيف إذا اكتشفوا ذات يوم أننا كنا " ندعهم " ..أننا كنا ندثهم بعان نفتقدها نن،
أو نشتمل على أضدادها؟ كيف تكون الصدمة؟ وكيف تكون النتيجة؟
إن ترب ية " القا عدة " ع لى أخلق يات ل إ له إل ال ،أ مر بالغ اله ية حت ف
مرحلة الدعوة قبل أن يكون لنا تكي ف الرض.
بل ربا كانت ف تلك الرحلة ألزم ،لنا هي الت تعل نو " الماعة " يسي ف
خطه الصحيح .وإل فلنتصور إقبال الشباب على الدعوة -كما هو حادث اليوم -بغي
دعاة يستقبلونم ،ويقومون على تربيتهم وتوجيههم وترشيدهم وهدايتهم ..كيف يكون
الال؟ تتضخم الماعة ولكن على خواء! أو تتضخم ولكن على عوج! وعندئذ تكون
عبئا XمعوAقا Xأكثر ما تكون قوة دافعة!
و " الدعاة " الذين يستقبلون الشباب القبل على الدعوة ،هم " القاعدة " الت
نتحدث عن ضرورة العناية با ،وإنشائها على أساس متي من اليان والوعي والتجرد ل
والصدق مع ال ،والستعداد للبذل ف سبيل ال .أفإن نادينا بضرورة تربية تلك القاعدة
على أعلى مستوى يقال :إننا ننادي بثاليات غي قابلة للتحقيق؟!
* ولنضرب بعض المثلة من بعيد ..دون أن نوض ف تفصيل طويل ل مال له
ف هذا البحث..
كان ر سول ا ل صلى ا ل عل يه و سلم ،ي-ر بmي أ صحابه ليكو نوا ج نودا Xمل صي،
وليكو نوا ف ا لوقت ذا ته قادة إذا و ضعوا ف ال كان ا لذي ي تاج إ ل الق يادة وت مل
السئولية.
وكان صلى ال عليه وسلم -وهو أعظم مر ب‡ ف تاريخ البشرية -ي كmن لذا
الدف الزدوج ،بأن يؤكد على ضرورة السمع والطاعة ف النشط والكره ،ومهما تكن
الواقف الذاتية والفكار الاصة ،وف الوقت ذاته كان عليه الصلة والسلم ،يكثر من
استشارة أصحابه -وهو النب اللهم الذي يتنل عليه الوحي -ل لاجته إل الستشارة
-والوحي يلهمه بالعمل الطلوب ،ويصحح مسار التصرف إن وقع على خلف الول،
كما حدث مع العمى )ابن أم مكتوم( ،وكما حدث ف قضية السرى ف بدر -ولكنه
كان يهدف بكثرة استشارة أصحابه إل تربية شخصياتم ،وإعدادهم ليكونوا " صفcا
ثانيا " Wللدعوة ،وقادة يعتمد عليهم ف الواقف ..وكذلك كان صحابة رسول ال صلى
ال عليه وسلم ،من بعده.
فهل نتبع نن -ف الماعات القائمة بالعمل ف حقل الدعوة -هذا الدي
الن بوي؟ أم إن نا -ل ظروف خا صة تف سر ول تبر -نت كئ ع لى م بدأ ال سمع والطا عة،
ونمل عملية الشورى أو نصرها ف أضيق نطاق؟!
وأي دو لة ندف -ف أذهان نا -إ ل إن شائها بذا ال لون من التربية؟ أهي دولة
ال شورى ال سلمية ا لت أبرزت أروع ناذج ها ف الل فة الرا شدة؟ أم دو لة ال ستبداد
السياسي الت تريد أن تأمر فتطاع ،والت تضيق بالنصيحة الت أمر ال المة بتقديها لول
المر فيها؟ وبعبارة أخرى :هل نريد أن ننشئ حكومة راشدة أم نريد أن نضيف ط”غاة
جددا Xإل السلسلة الطويلة من الطغاة؟!
وهذا مثال آخر ف مال بعيد تاما Xعن الول ،يسبه كثي من الناس أمرا Xثانو̈يا
هام ش̈يا ل ي ستحق اللت فات إل يه ف و سط جديات ا لمور!! ون قول نن :لو كان أ مرا
ثانو̈يا هام ش̈يا ما أوله رسول ال صلى ال عليه وسلم ،العناية الت تتحدث عنها كتب
السية!
أشرنا من قبل إل أن البيئة الت انتشر فيها السلم -بقدر من ال -يقع معظمها
ف النطقة الارة والنطقة العتدلة الارة ،وأن من صفات هذه البيئة أنا فوضوية تكره
النظام ،عفوية تكره التخطيط ،قصية النفس ،تشتعل بسرعة وتنطفئ بسرعة ،وأن السلم
تسلم أبناء هذه البيئة -بأحوالم تلك -فأخرج منهم -على يدي رسول ال صلى ال
عليه وسلم -خي أمة أخرجت للناس .وأنه لا خفت قبضة السلم على النفوس رجع
أ هل هذه ا لبيئة إ ل تأثراتم البيئ ية ،ف عادوا فو ضويي ار تاليي ق صيي الن فس سريعي
الماسة سريعي النطفاء.
واليوم يقال :إن هذه عيوب " حضارية " تتسم با البلد التخلفة ،وإنه ل بد من
القضاء عليها إن أردنا أن يكون لنا مكان بي الشعوب " التحضرة "!
وأ̈يا ت كن الن ظرة إليها فهي ع يوب حقيقية تتاج إل " ترب ية " للقضاء عليها.
وقد فشلت الحزاب السياسية ،سواء " الليبالية " ،أو الشتراكية ،ف القيام بذه الهمة
خلل قرن كامل من الزمان إن ل يكن أكثر ..وبقيت الماعات السلمية هي المل
الذي يكن أن ي-لجأ إليه.
ف هل عم لت الما عات ال سلمية ح سابا Wلذا ا لمر ف من هج تربيت ها ..ع لى
القل ف " القاعدة " الت ترmج الدعاة؟!
فأ ما الما عات ا لت أن شأت تنظي مات " ع سكرية " ،ف قد ر كزت ع لى ا لانب
التنظيمي دون شك .ولكن ليس هذا هو الذي نقصده .إنا نقصد أن يكون الفرد العادي
من الدعاة منظما Wمرتبا .ينظم وقت عبادته ووقت عمله ووقت راحته ،ووقت اطلعه،
ووقت زياراته ،ووقت رياضته ،وينظم ملبسه ،وأدواته ،ويضبط مواعيده فل يعطي وعدا
ويلفه ،ول يذهب لزيارة الناس دون أن يستوثق من مناسبة الوقت الذي اختاره للزيارة،
ويضبط كلمه فل يقول إل ما هو متثبت منه ،وما يعتقد أنه حق .وينظم تفكيه فل يقفز
إ ل نتي جة ل يؤ يدها دل يل ،ول ي عل هوى نف سه ي شوش ع لى تفك يه .ويت عود التاب عة
والثابرة فل يندفع اليوم وتمد حاسته غدا.
هل جعلنا هذا ف حسابنا ف تربية القاعدة الت يفترض فيها غدا Wأن ترب بقية
المة؟!
وهل هذه مثاليات غي قابلة للتحقيق؟ فكيف إذن ترب الاهلية العاصرة أبناءها
عليها حت ت-صبح جزءõا عاد̈يا من كيانا؟ ولاذا نستكثر على أنفسنا أن نبذل الهد ف
تربية القاعدة على هذه الخلقيات الت كانت ف حس السلمي الوائل وثيقة الصلة بل
إله إل ال؟ وكان قدوتم فيها هو رسول ال؟!
كيف نطمع ف إقامة " حكم إسلمي " ،إن ل نرب مثل هذه القاعدة؟!
يقو لون :إن شذاذ ال فاق يقو مون بانقل بات ع سكرية ناج حة ،وي صلون إ ل
ال كم و هم ل أخلق لم ،ول خبة ول قوا عد شعبية ،فل ماذا ي شترط علي نا و حدنا أن
نكون ذوي أخلق معينة ،أو على مستوى معي من صلبة التكوين؟!
فن قول :أول ،Wإن هؤلء ل ينج حون ف انقل باتم ب صائص ذات ية في هم ،إ نا
ينجحون بسند من " القوى العظمى " ،الت تضعهم على رأس السلطة.
و هذه " القوى العال ية " ،ا لت تتح كم ف العال ال يوم ،و ف ال عال ال ثالث بصفة
خا صة ،ل تب ال سلم ول تؤ يده ،بل ت قف م نه مو قف ال عداوة ال صرية أو الف ية،
وتعمل على خذلنه وإضعاف أهله ،فل ينتظر منها أن تساند حكما Xإسلم̈يا ف أي مكان
ف الرض.
ون قول :ثان يا ،Wإن هؤلء ل ي شترطون ع لى أنف سهم ،ول ي شترط علي هم سادتم
الذين يضعونم ف أماكنهم ويساندونم أن يكونوا ذوي أخلق ،ول أن يسلكوا سلوكا
نظيفا Xف حكم شعوبم ،بل العكس هو الحب لؤلء السادة ،لييسر لم هؤلء الكام
بأخلقهم النحرفة مهمة إذلل الشعوب السلمية ،وسحق الركات السلمية فيها.
أما الركة السلمية فليس هدفها أن تصل إل السلطة بأية صورة ،ول أن تقدم
حكما Xمن أي نوع ،وبالذات ذلك النوع الذي يقاومه السلميون ،ويقولون عن القائمي
عل يه إ نم عملء ومر بون! وإل ف ما ا لذي ي غري ال ناس أن يتركوا هؤلء وينا صروا
أولئك إذا كانوا من نوع واحد؟
بعبارة أخرى إن الطلوب من الصحوة السلمية أن تقدم للناس " حكما Wإسلمي¾ا
" ،ل حكما Wجاهلي¾ا باسم السلم!
وإنه لي للناس ،وللحركة السلمية ذاتا ،أن يتأخر الكم السلمي مائة عام
ث يقوم على أسس إسلمية صحيحة ،ويعطي الناس الصورة الصحيحة للحكم السلمي،
من أن ي قوم غدا Xح كم ي مل ا سم ال سلم ،و هو غ ي قادر ع لى ت طبيقه ف عال الوا قع
لنقص‡ ف تربيته ،أو نقص ف خبته ،أو نقص ف كفاءته!
كيف إذا جاءت جاعة إسلمية إل الكم -بأي صورة من الصور -فقامت
تعتقل معارضيها من الماعات السلمية الخرى لنم يناوئونا -أو كانوا يناوئونا -
ف مسألة من مسائل اللف؟
وكيف إذا جاءت جاعة إسلمية إل الكم بصورة من الصور فاستغل أشخاصها
سلطتهم ف تقريب أحبائهم ومؤيديهم من غي ذوي الكفاءة ،وإقصاء الذين ل يبونم
ولو كانت فيهم البة الطلوبة؟
وقد يقول قائل :إن حكم أي جاعة إسلمية سيكون على أقل تقدير أفضل من
حكم شذاذ الفاق.
إن الناس ل يتقبلون من الكم السلمي أن تكون كل مزيته أنه أفضل من حكم
شذاذ الفاق! فهذا -ف ذاته -ليس فضل Xول مزية! كما يقول الشاعر:
إنا يتوقع الناس أن يكون الكم السلمي هو النقذ والخ لmص ،الذي يلmصهم
من أدران الفساد الواقع ف حياتم بسبب عدم تكيم السلم .ويتوقعون -من ث -أن
تكون فيه الزايا الصيلة الوجودة ف السلم ،من عدل وإنصاف ونظافة وتعاون على
الب والتقوى ،وتضافر على الصلح ،وترد ل ،وليس مرد أفضلية نسبية عن الفساد!
وهذا كله يقتضي أمرا Xواحدا Xمؤكدا :Xهو التركيز على تربية " القاعدة " ،قبل
التعرض لي أمر من المور السام!
ون قول ف اطمئ نان :كل !mل سنا حالي! ول يس من ا لرق التفك ي ف ال ستقبل
العالي للدعوة.
إن العال اليوم ف حاجة إل السلم ..ومئات اللوف الذين دخلوا ف السلم
من أوربا وأمريكا -وفيهم الطباء والهندسون والفكرون وغيهم من ذوي اليثيات ف
بلدهم -هم إشارة على الطريق ..إشارة إل الستقبل.
كل ما ف المر أننا نعتقد أن الدعوة ف الغرب ل تثمر على نطاق واسع ،قبل أن
تنضج وتتبلور ف بلدها الصلية ،وتعطي النموذج الطلوب.
أما حي يتم ذلك ،ويبز إل الوجود نوذج إسلمي ناضج ،تثلت فيه حقيقة
ال سلم ،فل يس من التو قع أن يدخل الغرب يون ف ال سلم بئات ا للوف ف قط ..بل
بالليي.
إن ح جم ال ضياع ا لذي يعي شه ال ناس ف ال غرب -وال شباب خا صة -ر با
كان أكب شيء من نوعه ف التاريخ.
وقوى الشر الت تسك بالتمع الغرب ل تريد له أن يفيق من الدوامة الت يدور
فيها ،لن دورانه فيها ي-حقق لتلك القوى الشريرة أعز Aأمانيها الت ظلت تسعى إل تقيقها
منذ قرون!
ومع ذلك كله فإن بواكي اليقظة قد بدأت تظهر على الدى البعيد.
وهل تلك الصحوة السلمية أن تمل هذا الباب الذي يتوقع أن يتدفق منه مدد
جديد للسلم؟!
خل صة ا لمر أن ترب ية هذه القا عدة لي ست عمل Xهام ش̈يا توجه إل يه العنا ية ف
أو قات ال فراغ! ولي ست مثال يات غ ي قاب لة للتحق يق ،ولي ست ال ناداة با تذيل Xللع مل
السلمي ول تيئيسا Xللعاملي ف حقل الدعوة.
يب أن ي كون مفهوما Xأن الصليبية العالية والصهيون̈ية العال ية ل يكرهان شيئا،X
ول ينعجان من شيء ،بقدر ما يكرهان الصحوة السلمية ،وينعجان منها.
وإذا أردنا أن نستيقن من حجم هذه القائق فلنجعل بالنا إل عدة أمور.
ل قد عم لت ال صليبية وال صهيونية م عا ،Xيدا Xب يد ،للق ضاء ع لى الدو لة العثمان ية،
وتقطيع أوصال العال السلمي ،وتويله إل مزق ضئيلة يسهل ازدرادها ،على أن تكون
فلسطي من نصيب الصهيونية لتقيم فيها دولتها ،ث تتوسع منها إل ما تسميه " إسرائيل
الكبى " ،وأن يكون بقية العال السلمي نبXا مباحا Xللصليبية والصهيونية معا Xف الوقت
ذاته ،يأكل منه كل بقدر ما تتسع معدته ،أو بقدر ما ي-ريد.
ومن أجل الوصول إل هذا الدف وضعت تطيطات مشتركة سياسية وحربية
واقتصادية ..ال ربا يكفي للتعرف عليها قراءة " تقرير لورد كامبل " الشهي ،الذي نشر
ف عام 1907م والذي جاء فيه:
" هناك شعب واحد متصل يسكن من اليط إل الليج ) ،(184لغته واحدة ،ودينه
واحد ،وأرضه متصلة ،وماضيه مشترك ،وآماله واحدة ،وهو اليوم ف قبضة أيدينا ،ولكنه
أخذ يتململ ،فماذا يدث لنا ) (185غدWا إذا استيقظ العملق؟! ".
" يب علينا أن نقطع اتصال هذا الشعب ،بإياد دولة دخيلة تكون صديقة لنا
وعدوة لهل النطقة ،وتكون بثابة الشوكة تز العملق كلما أراد أن ينهض " ).(186
ول كن إن شاء إ سرائيل سنة 1948م نت جت ع نه مفا جأة حادAة للمخطط ي من
كل الطرفي ،هي دخول الفدائيي السلمي إل ساحة العركة ف فلسطي.
وأ̈يا كانت الظروف الت أحاطت بدخولم فقد تنبه العدو الصليب الصهيون إل
وجود قوة خطرة يب القضاء عليها من أجل استقرار إسرائيل أول ،Xث توسعها ثانيا ،Xومن
أجل " مصال " الغرب الصليب بعد ذلك .ومن " مصاله " تنصي ما يكن تنصيه من
بلد أفريقيا وآسيا ،وإقامة دويلت غي إسلمية على الرض السلمية.
وو-زع– العال السلمي بجموعة من " العسكر " مهمتهم الول إبادة الركات
ال سلمية ،وتطو يع النطقة للمصال الصهيونية الصليبية الشتركة ،تت أي اسم من
الساء ،الوطنية أو القومية أو الجتماعية.
ول يقف المر عند هذا الد ..فقد دخلت اليوش الروسية أفغانستان للقضاء
على " التمرد " السلمي ضد العميل الشيوعي الذي كانوا قد زرعوه ف منصبه ذلك
لي نوب عنهم ف إبعاد ال شعب الفغان عن ال سلم .و كان مفهو ما Xع ند ا لدنيا كلها أن
القوات الروسية ستسحق التمرد السلمي ف أيام ،أو على أكثر تقدير ف أسابيع!
كان هذا أول ترد ع لى ا لدب الرو سي ب عد الت مرد ع لى الت مرد ا لري عام
1956م ،وقد أخد التمرد الري ف أيام ،وبوحشية بالغة ليكون عبة لي دولة ت-ريد
أن " تت حرر " من قب ضة ا لوحش الرو سي .فل ما ترك الف غان أ سرعت رو سيا ل تأديبهم
بدافعي اثني ل دافع واحد كما كان المر مع التحرك الري.
الدافع الول :هو البقاء على هيبة الدب ،إرهابا Xلكل من تدثه نفسه بالروج
عليه ،والدافع الثان -ول يقل عنه قوة -إرهاب السلمي ف التاد السوفييت لكي ل
يفكروا ف رفع رؤوسهم ول الطالبة بشيء من التحسي لوضاعهم الظالة الت تعاملهم
با روسيا م نذ عهد لين ي وستالي ،فقد ق تل ستالي و حده أربعة مليي من ال سملي،
و شردهم ف سيبييا ،وو طن غ ي ال سلمي ف الول يات ال سلمية ليم نع عن هم ال شعور
بالوحدة ف أوطانم السلوبة الغلوبة على أمرها.
()187انظر فصل " الصحوة السلمية " من كتاب " واقعنا العاصر ".
وف مبدأ المر أرسل الروس بعض " السلمي الروس " -كما يسمونم -من
ا لذين و لدوا ف ال شيوعية ون شأوا في ها لق ناع ال شعب الف غان بتق بل ال شيوعية و عدم
مقاومة الكم الشيوعي العميل ف أفغانستان ،ففوجئوا بم يسلمون أسلحتهم لخوانم
السلمي الفغان ،وينضم بعضهم للجهاد معهم!! فسحبوهم على عجل ،وأرسلوا جيوشا
رو سية صميمة ،و شيوعية صميمة ،وزودو هم بأف تك ال سلحة ،وبالقنا بل الار قة،
وبالغازات السامة ،وبكل " الرمات " التفق على تريها حت بي الوحوش البشرية.
وكانت النتيجة الذهلة -لول مرة ف تاريخ " المباطورية الروسية الشيوعية "
أن اضطرت اليوش الروسية إل النسحاب ،بينما تقدم الاهدون الفغان!
و كانت " كار ثة " هزت ال شيوعية ف موطن ها ال صلي ،و حدث من جرائ ها
الذور الذي كانت تشاه روسيا أشد الشية ،إذ تركت الوليات السلمية لول مرة
منذ قهرتا الشيوعية تطالب بالكم الذات!!
فقد كانت الصليبية الصهيونية قد نحت ف تويل قضية فلسطي من قضية "
إسلمية " إل " قضية عربية " ،ث نحت مرة أخرى ف تويلها من قضية عربية شاملة
إ ل ق ضية للفل سطينيي خا صة! وذ لك ب عد أن ن حت ف إ ياد " زعا مات " فل سطينية
ترضى بتحويل القضية إل " قضية سياسية " ،ي-تفاوض من أجلها ،وتعرض على " الافل
الدول ية " ،و يدور أهل ها ف الدوا مة )أ#ر4ب%ع) ي %س%ن%ة Wي%ت)ي ه-ون #ف)ي ا.لأ#ر 4ض)( ] (188) .سورة
الائدة ،الية .[26
()188نزلت هذه الية ف بن إسرائيل حي رفضوا الهاد من أجل دخول الرض القدسة ،وقد صارت
تنطبق على " السلمي " ،الذين حولوا حركة الهاد إل مفاوضات سياسية مع " الافل الدولية "!
كل ذلك يؤجج حقد الصليبية الصهيونية ،حت لتعجز عن كتمان حقدها:
)ق#د 4ب%د%ت) ا.لب%غ4ض%اء® م)ن 4أ#ف.و%اه)ه)م 4و%م%ا ت-خ4ف)ي ص-د-ور-ه-م 4أ#ك.ب%ر] .(-سورة آل عمران،
الية .[118
ف قد توالت الت صريات الر سية وغ ي الر سية ت نادي كل ها ب ضرورة مواج هة "
الركات الصولية " بالسم ،والقضاء على أخطارها التوقعة!
هذه هي الظروف الت تواجه الصحوة السلمية من قبل الصليبية الصهيونية ومن
يتبع ها من " الع سكر " ،العين ي ف ال عال ال سلمي ،لينو بوا عن ها ف ضرب الر كات
السلمية.
وبعض ال ناس -ح ي يصلون إ ل هذه الرؤ ية -يتوج سون خيفة ع لى م ستقبل
الصحوة ،بل يصل بعضهم إل حد الشك ف قدرتا على الستمرار مع وجود كل هذه
العوقات من الداخل ومن الارج سواء.
فن حن نرى -مع و جود كل هذه العو قات -أن الب شرات أث قل وز نا Wمن
العوقات ،وأجدر أن تكون هي صاحبة الكلمة الخية بإذن ال!
فأما الرب على الدعوة ،فقد رأينا بالفعل أنا ل تؤثر على سي الدعوة ،بل زادتا
حجمXا وقوة واتساعXا ف الرض! وخذ ف الساب حركة الهاد الفغان ،وحركة الهاد
الفلسطين وغيها من الركات ،أوليست هذه كلها حقائق واقعة؟ أوليست كلها من
ن تائج ال صحوة ال سلمية؟ أولي ست هذه كل ها قد وق عت ع لى الر غم من كل ا لرب
النصوبة ضد السلم؟!
وأما التشرذم والصام والفرقة ونقص التربية فهي أمراض حقيقية تعيق الدعوة،
ولكن ها ل تنع ها من الر كة ،أو هي ل تنع ها حت ا لن من الر كة ،و ندعو ا ل ع لى
الدوام أن ينقذ الركة السلمية من آثارها.
من بين ها أن الرغ بة ف ال سلم قد أ صبحت ت يارا Wذات ي¾ا ع ند ال شباب ل يتع لق
بماعة معينة ،بل ل يتعلق أحيانا Xبأي جاعة على الطلق.
وح ي كان الع مل منح صرا Xف جا عة معي نة كان من ال سهل ع لى " ال هات
الختصة " أن تضرب تلك الماعة ،فتعطل العمل السلمي.
أما الن فلم يعد ضرب جاعة معينة -ول حت الماعات كلها -يقتل العمل
السلمي ،الذي " ينبثق " دائما Xف تشكيلت جديدة ،بعد ضرب التشكيلت القائمة ف
الساحة!
ومن بينها -كما أشرت ف كتاب " واقعنا العاصر " -فشل النظم الستوردة
و " الزعا مات " ال صنوعة ع لى ع ي ال غرب ف حل أي م شكلة من م شكلت ال عال
ال سلمي ،مع ت شدقها بذلك ،و مع كل " الب طولت " ا لت ت ضفي علي ها من و سائل
العلم العالية ،ليهام شعوبا بأنا تتحرك من عند نفسها ،وتعمل لصال بلدها! وكل
فشل يدث ف هذه الالت هو مدد للحركة السلمية ،إذ هي اللجأ الذي يلجأ إليه
الناس بشاعرهم وتطلعاتم ،كلما عانوا الفشل على يد تلك النظمة ،وتلك الزعامات
).(189
ومن بينها الوجود السرائيلي ذاته ،الذي قصد به أن يكون " بثابة الشوكة،
تز العملق كلما أراد أن ينهض "!
وهي اليوم قائمة بعملية الوخز على أبشع صورة ..ولكن ما الثر التوقع حي
يشتد الوخز؟ إن الذي ي-توقع هو أن يهب mالعملق -من شدة الل الذي يدثه الوخز
-ليكيل الضربة لن يزه ،وذلك حي ي-صبح الل أشد من الحتمال ،وي-صبح خطر
التعرض للموت أهون عند صاحبه من استمرار اللم!
إن اليهود يتصرفون اليوم -بماقة -ضد صالهم! وهذا أمر مشهور عنهم ف
التاريخ :أنم يظلون يتمادون ف صلفهم وعجرفتهم حت ي-ضيعوا ما بأيديهم! وهم اليوم
يلعبون بالنار ف النطقة ،ويعملون على إثارة الروح السلمية الت جيء بم لخادها!
وقد قال ال عنهم ف مكم التنيل) :اللXه -ي%س4ت%ه4ز)ئ) -به)م 4و%%يم-د_ه-م 4ف)ي ط/غ4ي%ان)ه)م 4ي%ع4م%ه-ون.(#
]سورة البقرة ،الية .[15
حقيقة إن الدولة الت كانت تمل الشيوعية ل تزال قائمة ،ول تزال تعمل ضد
السلم كما كانت تعمل وهي تمل الشيوعية ،وأوضح أعمالا -بعد انيار الشيوعية -
فتح ها باب ال جرة ع لى م صراعيه للي هود " التكنو لوجيي " ،ليحت لوا قط عة من أرض
السلم ،وينعوها من جسم المة السلمية.
ومع ذلك فإن انيار الذهب الشيوعي ف ذاته ل بد أن يوضع ف البشرات .فقد
كانت ال شيوعية فت نة ل كثي من ال شباب ف ال عال ال سلمي ،بل كانت أمري كا ذا تا
ت ستخدم ال شيوعية -ف م ناطق نفوذ ها -لت حارب لا ال سلم! و كانت ت ضع و سائل
ا لعلم ف أ يدي ال شيوعيي لي شوهوا صورة ال سلم ف ن فوس ال شباب ويفت نوهم ع نه.
ومهما يكن ف جعبة اليهود -مبتدعي الشيوعية -من بدائل لفتنة الناس عن الدين ،فإن
()189راجع – إن شئت – فصل " نظرة إل الستقبل " ف كتاب " واقعنا العاصر ".
انيار النظام الذي كان قائما Xعلى اللاد ،هو دفعة للتاه الدين ف الرض كلها ،ودفعة
للتيار السلمي ف أرض السلم.
وي يء ف ق مة الب شرات ،حديث الر سول صلى ا ل عل يه و سلم " :ل ت قوم
ال ساعة حت يقاتل ال سلمون اليهود فيقتلهم السلمون حت ي تبئ اليهودي من وراء
الجر والشجر ،فيقول الجر والشجر :يا مسلم يا عبد ال! هذا يهودي خلفي فتعال
فاقتله " ).(190
فإذا أضيف إليه الديث الخر " :تكون النبوة فيكم ما شاء ال أن تكون ،ث
يرفعها ال إذا شاء أن يرفعها .ث تكون خلفة على منهاج النبوة ،فتكون ما شاء ال أن
تكون ،ث يرفعها ال إذا شاء أن يرفعها .ث تكون ملكا Wعا ض¾ا فتكون ما شاء ال أن
تكون ،ث يرفعها إذا شاء ال أن يرفعها .ث تكون ملكا Wجب ي¾ا فتكون ما شاء ال أن
تكون ،ث يرفعها ال إذا شاء أن يرفعها .ث تكون خلفة على منهاج النبوة " )..(191
فما عاد لحد أن يشك ف الولة الديدة النتصرة ،المكنة ف الرض بإذن ال.
ينبغي أن تتوقع مزيدا Wمن البطش الدموي حي يبلغ النق مبلغه لدى الطغاة ،أو
لدى الذين يزرعون الطغاة ف الرض السلمية.
ومزيدا Wمن الؤمرات لشغل الركة السلمية عن مهمتها ،بقضايا فرعية أو قضايا
هام شية أو ق ضايا خلف ية ت ستهلك في ها طاقت ها بدل Xمن توفي ها للترب ية الطلو بة لن شاء
القاعدة وتثبيتها ث توسيعها.
()190أخرجه مسلم.
()191رواه المام أحد عن حذيفة بن اليمان.
يب عليها أل تستهلك طاقتها ف صراع مبكر مع السلطات ،تسر فيه أكثر
ما تك سب .فق بل أن ي تبي ال ناس حقي قة العر كة وأبعاد ها تت حول الق ضية ب سبب هذا
ال صراع -ك ما ق لت ف ك تاب " واقع نا العا صر " ،وك تاب " الهاد الفغان " -إ ل
ضارب ومضروب ،وغالب ومغلوب ،وتضيع القضية الساسية الت يقوم حولا الصراع:
قضية ل إله إل ال ،ومقتضياتا القيقية ف حياة المة السلمة.
إن المر الربان بكف اليدي حت تتبي حقيقة اليان وحقيقة الكفر) :ل)ي%ه4ل)ك
م %ن 4ه%ل #ك %ع %ن 4ب%ي sن%ة pو%%يح 4ي%ى م %ن% 4ح ي Hع %ن 4ب%ي sن%ة(] .سورة النفال ،الية .[42ل يتنل إل
لكمة يعلمها " الكيم البي ".
ول تستدرج إل " مؤترات " منصوبة خصيصا Xلتشتيت النتباه وتييع القضية،
كمؤتر السلميي والعلمانيي ) (192الذي ما كان للمسلمي أن يشاركوا فيه ،لن مرد
قبولم الشاركة فيه معناه إعطاء شرعية للعلمانية على قدم الساواة مع السلم! وتويل
السلم إل " وجهة نظر " ،تعرض إل جانب وجهة نظر أخرى مالفة )الرأي والرأي
الخر كما قالوا!( والناس مدعوون للمقارنة بي وجهت النظر واختيار إحداها!
فأي مهانة لدين ال أن يتحول على يد الؤترين -أو التآمرين -إل وجهة نظر
ترفض من قبل العلمانيي ،ويعترض عليها ونن قعود معهم ،بجة استمالتهم للسلم
وتلي ي معار ضتهم لت طبيق ال شريعة! وا ل ي قول ل نبيه صلى ا ل عل يه و سلم) :و%ل ت%تHب)ع
#أه4و%ا̀ءه-م 4و%اح4ذ#ر4ه-م 4أ#ن .ي%ف.ت)ن-وك %ع%ن% 4بع4ض) م%ا أ#ن4ز%ل #اللXه) -إل#ي4ك %ف#إ)ن% .تو%لXو4ا ف#اع4ل#م 4أ#نHم%ا ي-ر)يد
اللXه# -أن .ي-ص)يب%ه-م 4ب)ب%ع4ض) ذ/ن-وب)ه)م 4و%إ)ن Xك#ث)يا Wم)ن %النHاس) ل#ف#اس)ق/ون ،#أ#ف#ح-ك.م %ا.لج%اه)ل)يHة) %يب4غ-ون
و%م %ن# 4أح 4س%ن -م) ن %الل Xه) ح-ك.ما) Wل ق#و4م pي-وق) ن-ون(] .سورة الائدة ،اليتان .[50 ،49ويقول
للمؤمني) :و%ق#د 4ن%ز Hل #ع%ل#ي4ك /م 4ف)ي ال.ك) ت%اب) #أ ن .إ)ذ#ا س%م)ع4ت-م 4آ ي%ات) الل Xه) -يك .ف#ر) -ب ه%ا و%ي -س4ت%ه4ز%أ
)به%ا ف#ل ت%ق.ع-د-وا م%ع%ه-م 4ح%تHى %يخ-وض-وا ف)ي ح%د)يث pغ#ي4ر)ه) إ)نHك/م 4إ)ذا Wم)ث.ل/ه-م(] .سورة النساء،
الية .[140ويقول ف قضية " الرأي والرأي الخر ") :و%م%ا ك#ان) #لم-ؤ4م)ن pو%ل م-ؤ4م)ن%ة pإ)ذ#ا
ق #ض%ى الل Xه -و%ر %س-ول/ه -أ #م4را# Wأ ن% .ي ك/ون# #له -م -ا.لخ) ي%ر/ %ة م) ن# 4أم4ر)ه)م( ] .سورة ا لحزاب ،ال ية
.[36
إنا كان على السلميي إن أرادوا أن يضروا مؤترا Xكهذا أن يضعوا النقط على
ا لروف من أول ل ظة ،وأن يطل بوا من العل مانيي أن -ي حدAدوا موقفهم بو ضوح،
في سألوهم " :أتر يديون -أم ل تر يدون -أن تكو نوا م سلمي؟! " فإن قالوا - :ك ما
سيقولون بالطبع -إ نا نن م سلمون بالف عل ومستم سكون بال سلم ،في قال لم :إن
السلمي يقتضي تكيم شريعة ال -كما قضى الكتاب والسنة ،وإجاع الفقهاء -فهل
تريدون -أم ل تريدون -تطبيق الشريعة؟! فإن قالوا :نريد فقد انتهت القضية ،وإن
قالوا :ل نريد! فقد انتهت القضية كذلك ول يعد هناك مال لديث ..وينتهي " الوار "
بعد افتتاحه بدقائق معدودات!
ولو علم الؤترون أن السلميي لديهم هذا الوضوح وهذا السم ما جرءوا أن
يدعوا لثل هذا الؤتر من مبدأ المر!
ويب على الصحوة كذلك ،أن تذر أن ت-ستدرج لعطاء سند للطغاة لتذبيح
بعض الماعات العاملة ف حقل الدعوة الت توصم بالتطرف.
إن التطرف أمر مقيت ،يسيء إل الدعوة كل الساءة ول ينفعها ف شيء ،ولكن
ا لذي يزرع الت طرف وينم يه هو الكو مات ا لت ل ت كم با أ نزل ا ل ،وتب طش بط شا
وح ش̈يا بالشباب ا لذي ي-طالب بتحك يم ال شريعة ،بين ما ت سمح للمل حدين والعلمانيي أن
يعرضوا أفكارهم على الناس بل حرج ول خوف ،وتسمح للفساد أن يستعلن بالفاحشة
ف الت مع ..فإن كانت الكو مات راغ بة ح قÜا ف الق ضاء ع لى الت طرف فلت قض ع لى
أسبابه ،وهي تلك ذلك -ول شك -لو صدقت مع ال.
وعليها كذلك أن تذر أن تستهلك جهدها ف الرد على تديات أعدائها لا
بقولم :أعطونا حلول Xعملية!
فال عداء ل ير يدون حقي قة أن ي صلوا إ ل ح لول عمل ية ،إ نا ير يدون ف قط أن
يشغلوا الركة السلمية عن مهمتها ف الدعوة ،ومهمتها الكبى ف تربية القاعدة الؤمنة
الاهدة الواعية ،الت هي الطر القيقي الذي يشونه ويذرونه.
إن ف السودان قطعة أرض من أخصب بلد الرض ،يقول الباء :إنا لو ز-رعت
قمحا Xلكفت أفريقيا كلها ل مصر والسودان فحسب ،ولكنها تتاج إل تنفيذ مشروع
هندسي ،مدروس دراسة فنية وافية ،وإل قوة بشرية تعمل ف الزراعة ف تلك البقعة من
الرض ،وهي موجودة ومتوافرة ف مصر.
الرض الستصلحة ف السودان بغي حرج ول حساسيات ،ول نعرات جاهلية وطنية أو
إقليمية ،فتنتج من القمح ما يكفي أفريقيا كلها ،ويقيها تكم البابرة ف أقواتا!
كل !€إنم ل يطلبون اللول العملية لتنفيذها ،إنا لشغل الركة السلمية عن
مهمتها القيقية ،وإ حراج صدرها دائما Wبالسئلة الت ل جواب لا ف ظل أوضاعهم
الفا سدة ،ل لن ال سلم عاجز عن ت قدي ا لل ،ول كن لنه ل يو جد من ين فذ ا لل
ال سلمي ف غي بة ال كم ال سلمي! ث يرو حون يقو لون للناس ان ظروا إنم ل يل كون
حلول Wعملية!
و كأن أ لح سؤال Xيرد ع لى شفت سائل ي سأل :و ما الل إذا ظ لت الما عات
ال سلمية ف صراعاتا ،و ل ت ستطع أن تلت قي ع لى إ طار عام ي-ؤ لف بين ها ،حت وإن ل
يمعها ف كيان واحد؟ وما الل إذا ل تتدارك الماعات السلمية جوانب النقص ف
تربيتها؟
) %وإ) ن .ت%%تو %لXو4ا %يس4ت%ب4د)ل .ق#و4ما Wغ#ي4ر%ك /م/ 4ثم Hل ي%ك/و ن-وا أ#م 4ث#ال#ك/م] .(4سورة ممد ،الية
.[38
إن الب شر ل يع جزون ا ل) ..و%الل Xه -غ#ال)ب= ع %ل#ى أ#م4ر) ه) و%ل#ك) ن# Hأك .ث#ر %النHا س) ل
%يع4ل#م-ون(] .سورة يوسف ،الية .[21
وكل شيء ف أحوال الناس يوحي بأن هناك جولة جديدة للسلم بإذن ال ،يغي
ال با الواقع الكال الذي يكم الرض اليوم ،ويستبدل به صفحة مشرقة ،يعيش الناس ف
ظلها إل حي ،وت-مل الرض عدل Xكما ملئت جورXا من قبل ،وال الفعال لا ي-ريد ،هو
الذي يلق السباب لتحقيق ما يريد.
أما الاهلية العاصرة فلن تذوب كلها ،ولن تتفي من وجه الرض ،فقد سبقت
كلمة ربك أل يتمع الناس كلهم ف أمة واحدة:
) %و ل#و 4ش%ا̀ء ر_%ب ك# %لج%ع %ل #النHا س %أ /مHة Wو%ا ح)د%ة Wو%ل ي%ز%ا ل/ون #م-خ4ت%ل)ف) ي) ،%إلXا م %ن 4ر%ح)م
ر%ب_ك %و%ل)ذ)#لك %خ%ل#ق#ه-م(] .سورة هود ،اليتان .[119 ،118
ولقد كانت للسلم ف الاضي أكثر من جولة مكنة ف الرض ،فلم تقض على
كل الاهلية ،وظل الصراع سجال Xبي السلم وبي الاهلية عدة قرون.
وقولنا إننا نتوقع للسلم جولة جديدة مكنة ف الرض ،ل يعن أن تزول كل
الاهلية ،وتدين الرض كلها للسلم .ولكن يتلف الوضع قطعا Xبي وجود كيان مكن
للسلم ،وبي انفراد الاهلية وحدها بالسلطان.
فأ ما بالن سبة للم سلمي فا لمر وا ضح ..فح ي يكو نون هم أ صحاب ا لمر ف
بلد هم ،يتعاملون مع بقية ا لرض تعامل Xح̈را ل قهر فيه عليهم ،فع ندئذ يستطيعون أن
يققوا منهج ربم بل تدخل من قوى قاهرة تنعهم ،وعندئذ يتحقق لم وعد ربم:
) %وع%د %اللXه -الXذ)ين %آم%ن-وا م)ن4ك/م 4و%ع%م)ل/وا الصHال)ح%ات) #لي%س4ت%خ4ل)ف#نHه-م 4ف)ي ا.لأ#ر4ض) ك#م%ا
ا س4ت%خ4ل#ف %ا لXذ)ين %م) ن 4ق#ب4ل)ه) م% 4ول#ي-م%ك+ن %ن# Hله -م 4د)ين%ه -م -ا لXذ)ي ار4ت %ض%ى ل#ه -م 4و%ل#ي -ب%دsل#نHه-م 4م) ن 4ب %ع4د
خ%و4ف)ه)م# 4أم4نا% Wيع4ب-د-ون%ن)ي ل ي-ش4ر)ك/ون #ب)ي ش%ي4ئا(] .سورة النور ،الية .[55
) %ول#و 4أ#ن# Xأه4ل #ا.لق/ر%ى آم%ن-وا و%اتHق#و4ا #لف#ت%ح4ن%ا ع%ل#ي4ه)م% 4بر%ك#ات pم)ن %السHم%اء) و%ال.أ#ر4ض)(.
]سورة العراف ،الية .[96
وإن الرض الت انتشر فيها السلم لي بفضل ال أغن بقعة ف الرض ،بياتا
الختلفة ،ومعادنا وركازها ،ومواردها الائية وخصوبة أرضها ،وطاقتها البشرية ..ولكنها
اليوم أفقر بقاع الرض بقدر ما فرط أهلها ف دينهم ومنهجهم ،فإذا ر-دAت إليهم سيطرتم
على أرضهم وخياتم فذلك فضل من ال عميم.
أ ما بالن سبة للجاهل ية ،فالتوقع أن يدخل من أفراد ها ف ال سلم كثي ،ك ما
دخلوا ف حركات الد السلمي السابقة .ومن بقي منهم على دينه وأب أن يدخل ف
دين ال ،فإن وجود النموذج الصحيح ،التمثل ف الواقع السلمي ،سيصحح دون شك
كثيا Xمن انرا فات الاهل ية العا صرة ،ك ما أ ثر ف أور با مرة من ق بل ،فأخرج ها من
عصورها الوسطى الظلمة ،وإن ل تدخل ف دين ال ..وف أقل القليل سيمنع الاهلية
من فتنة السلمي عن دينهم ،كما فعلت ف القرني السابقي!
وهي كما قلنا من قبل :اجتهادات تطئ وت-صيب ،ولكن فيها شيئا” واحدا Xثابتا
على القل ،هو حديث رسول ال صلى ال عليه وسلم ،عن معركة السلمي واليهود،
وحديثه عن عودة اللفة الراشدة مرة أخرى ف الرض ،وكفى بذين أمل Xللمسلمي،
وأمل Xلكل البشرية!
وإن هذه الرؤ ية ال سلمية لحوال ال عال العا صر ،لت فرض ع لى ال سلمي -
وعلى الصحوة السلمية بصفة خاصة -تبعة هائلة ..أن يعودوا إل حل المانة الت
ألقو ها عن عاتقهم فترة من الز من ،ف ضلوا و ضلت مع هم الب شرية .وأن ي عودوا إ ل
رسالتهم الت نبذوها وراء ظهورهم:
) /كن4ت -م 4خ %ي4ر %أ /مHة pأ/خ4ر)ج %ت 4ل)لنHا س) ت%أ.م-ر-ون #ب)ال.م%ع4ر-وف) و%ت%ن 4ه%و4ن #ع %ن) ا.لم-ن 4ك#ر
و-%تؤ4م)ن-ون #ب)اللXه(] .سورة آل عمران ،الية .[110
) %و ك#ذ#ل)ك% %جع%ل .ن%اك/م 4أ /مHة Wو %س%طا) Wلت%ك/و ن-وا ش-ه%د%ا̀ء ع %ل#ى النHا س) %وي %ك/ون #الر Hس-ول
ع%ل#ي4ك/م 4ش%ه)يدا(] .سورة البقرة ،الية .[143
)ذ#ل)ك %ب)أ#نHه-م 4ل ي-ص)يب-ه-م 4ظ#م%أ Iو%ل ن%ص%ب= و%ل م%خ4م%ص%ة Iف)ي س%ب)يل) اللXه) و%ل ي%ط#أ/ون
م%و4ط)ئا Wي-غ)ي ظ /ا.لك /فXار %و%ل %ي ن%ال/ون #م) ن 4ع%د-و Õن4 %يل Wإ)لXا ك/ت) ب %ل#ه -م 4ب) ه) %عم %ل Iص%ا)لح= إ) ن Xالل Xه %ل
-يض)يع# -أج4ر %ال.م-ح4س)ن)ي(] .سورة التوبة ،الية .[120
***
http://www.tawhed.ws
)(260 منب التوحيد والهاد http://www.almaqdese.com
http://www.alsunnah.info
http://www.abu-qatada.com
رؤية إسلمية لحوال العال العاصر
الفهرست
-مقدمة
-الاهلية العاصرة
أول :تهيد ف معن الاهلية
ثانيا :جذور الاهلية العاصرة ومكوناتا
ثالثا :خصائص الاهلية العاصرة
رابعا :السنن الربانية الت تكم أوضاع الاهلية العاصرة
-توقعات الستقبل
***
http://www.tawhed.ws
http://www.almaqdese.com
http://www.alsunnah.info
http://www.abu-qatada.com
-د عوة إ ل إظ هار التوح يد ،بإعلن أو ثق عرى ال يان ،وال صدع ب لة الليل ي
م مAد وإبراهيم عليهما السلم ،وإظهار موالة التوحيد وأهله ،وإبداء الباءة من الشرك
وأهله.
-د عوة إ ل تق يق التوح يد ب هاد ال طواغيت كل ال طواغيت بالل سان وال سنان،
لخراج العباد من عبادة العباد إل عبادة رب العباد ،ومن جور الناهج والقواني والديان
إل عدل ونور السلم.
-د عوة إ ل الب صية ف الوا قع ،وإ ل ا ستبانة سبيل الرم ي ،كل الرم ي ع لى
اختلف مللهم ونلهم} ،قل هذه سبيلي أدعو إل ال على بصية أنا ومن اتبعن وسبحان
ال وما أنا من الشركي{.
-دعوة إل العداد الاد على كافة الصعدة للجهاد ف سبيل ال ،والسعي ف
قتال الطواغيت وأنصارهم ،واليهود وأحلفهم ،لتحرير السلمي وديارهم من قيد أسرهم
واحتللم.
-ودعوة إل اللحاق بركب الطائفة الظاهرة القائمة بدين ال ،الذين ل يضرهم
من خالفهم ول من خذلم حت يأت أمر ال.