Professional Documents
Culture Documents
شبهات
حول السلم
تأليف الستاذ
ممد قطب
منب التوحيد والهاد
* * *
http://www.tawhed.ws
http://www.almaqdese.com
http://www.alsunnah.info
http://www.abu-qatada.com
شبهات حول السلم
وإن لعلم أن هذا الكتاب بالذات هو أوسع كتب انتشارا 5وأكثرها طباعة ،سواء
ف طبع ته العربية أو ف ترجاته الت ترجم إليها ،باللغة النليزية وبأكثر من لغة من لغات
العال السلمي ،وسواء ف طبعاته الشروعة الت طبعت بإذن وعلمي ،أو طبعاته الخرى
الت طبعت بغي إذن من ول علم!
وإن لعلم كذلك أن أكثر قراء هذا الكتاب هم من الشباب السلم التحمس
بالذات ،لنم يدون فيه الرد على بعض الشبهات الت يثيها أعداء السلم ف طريقهم،
ول يدون ا لرد علي ها حا ضرا 5ف أذ هانم ،وأن الك تاب -لذا -كان من ب ي أ سلحة
الشباب السلم الت يوض با معركة الدل مع أولئك العداء.
ومع علمي بذا وذلك فقد همت أكثر من مرة أن ألغي الكتاب من قائمة كتب
ول أعيد إصداره!
ول يكن ذلك للنن غيت موقفي من " العلومات " الواردة فيه -فيما عدا
ت عديل 5وا حد5ا ف ف صل " ال سلم وا لرق " -ول كن لنن غ يت موقفي من " من هج "
الكتاب ذاته.
إن النهج الذي يسي عليه الكتاب ف صورته الراهنة هو إيراد الشبهة الت يثيها
أ عداء ال سلم ،ث ا لرد علي ها با يبطل ها .وذ لك هو الن هج ا لذي تغ ي موقفي م نه،
فأصبحت أجد نفسي اليوم غي موافق عليه .ذلك لنه يعطي الشبهة لونا من الهية ل
تستحقه ،ولونا 5من الشرعية يستوجب منا الحتفال والهتمام .ث ..كأنا دين ال النل
ف حاجة إل جهد منا -نن البشر -لثبات أنه بريء من العيوب!
وحقيقة أنن حي قمت بتأليف الكتاب على هذا النحو منذ أكثر من عشرين
عاما 5كنت أستند -بين وبي نفسي -إل أن القرآن قد أورد شبهات الشركي وأهل
الك تاب في ما يتع لق بالقرآن وا لوحي والر سول صلى ال عل يه وسلم ،بل با لذات الل ية
كذلك ،ث رد عليها با يبطلها ،دون أن يكون الرد قد أعطى لتلك الشبهات اعتبارا 5ول
شرعية ،ول أعطى شعورا 5بأن السلم متهم يقف ف موقف الدفاع!
وحقيقة كذلك أن الكتاب -وإن أخذ من حيث الشكل صورة الدفاع -فإنه
ف الوا قع ل ي كن دفا عا 5بالعن ال عروف ،وإ نا كان ف مضمونه القيقي مها جة لت لك
الفكار الضالة الت تثي الشبهات حول السلم لهلها بقيقة السلم من جهة ،ووقوعها
من جهة أخرى ف جاهلية فكرية وشعورية تزين لا الباطل النحرف الذي تعيش فيه .وقد
كانت حقي قة ال جوم هذه -ل صور ا لدفاع -هي ا لت أ ثارت الست شرق العا صر "
ولفرد كانتول سيث " ف كتابه " السلم ف التاريخ الديث " فقال عن كتاب الشبهات
ومؤلفه ما قال من عبارات حانقة مصحوبة بالسباب! وما كان ليثور هذه الثورة لو أن
السألة مرد " دفاع " عن السلم! بل إنه هو ذاته قد أقر ف عبارة صرية بأن الذي يثيه
هو هجوم الؤلف على حضارة الغرب ومفاهيمه ف أثناء الديث عن القضايا الت يثيها
أعداء السلم.
ومع ذلك فإن تربت ف حقل الكتابة السلمية والدعوة السلمية خلل تلك
الفترة من الزمان ،قد دلتن على أن الرد على الشبهات ليس هو النهج الصحيح ف الدعوة
ول ف الكتابة عن السلم.
إن النهج الصحيح هو عرض حقائق السلم ابتداء“ لتوضيحها للناس ،ل ردا 5على
شبهة ،ول إجا بة ع لى ت ساؤل ف نفو سهم نو صلحيته أو إمكان ية ت طبيقه ف الع صر
الاضر .وإنا من أجل " البيان " الواجب على الكت ت•اب والعلماء لكل جيل من أجيال
السلمي .ث ل بأس -ف أثناء عرض هذه القائق -من الوقوف عند بعض النقاط الت
يساء فهمها أو يساء تأويلها من قبل العداء أو الصدقاء سواء! وف مثل هذا الو ف
القيقة كانت ترد ردود القرآن على شبهات الشركي وأهل الكتاب!
ث إن التجربة قد دلتن على شيء آخر ..إن معركة الدل الت يوضها الشباب
السلم التحمس مع أعداء السلم ،ل تستحق ف القيقة ما يبذل فيها من الهد!
إن الكثرة الغالبة من هؤلء الادلي ل تادل بثا 5عن القيقة ول رغبة ف العرفة،
وإنا فقط لثارة الشبهات وماولة الفتنة.
والرد القيقي عليهم ليس هو الدخول ف معركة جدلية معهم ،ولو أفحمهم الرد
ف لظتهم!
إنا الرد القيقي على خصوم السلم هو إخراج ناذج من السلمي تربت على
حقي قة ال سلم ،فأ صبحت نوذ جا 5تطبيق يا 5واقع يا 5لذه القي قة ،يراه ال ناس فيح بونه،
ويسعون إل الكثار منه ،وتوسيع رقعته ف واقع الياة.
هذا هو الذي " ينفع الناس فيمكث ف الرض " ،وهذا هو مال الدعوة القيقية
للسلم.
ولكن المر خرج من يدي بالنسبة لذا الكتاب! فإن أنا منعت طبعته الشروعة،
فلن آمن أن يطبع هنا وهناك بغي إذن من ،وبغي علم!
لذلك أكتفي ببيان هذه القيقة للناس ،وبيان النهج الصحيح الواجب التباع ،ث
أعيد إصداره كما هو بغي تعديل ،فيما عدا هذا التعديل الواحد الذي أشرت إليه ف فصل
" السلم والرق " تصحيحا 5لبعض ما ورد فيه من مفاهيم.
وا ل أ سأل أن ينفع نا با نع مل و ما ن قول ،وأن ي هدينا إ ل سواء ال سبيل " .و ما
توفيقي إل بال ،عليه توكلت وإليه أنيب ".
ممد قطب
مقدمة الكتاب
يعان كثي من " الثقفي " اليوم أزمة عنيفة بإزاء الدين.
هل الدين إحدى حقائق الياة؟ وإذا كان كذلك ف الاضي ،أفما يزال كذلك
اليوم ،وقد غي•ر العلم وجه الياة ،ول يعد ف الرض مكان لغي العلم والقائق العلمية؟
هل الدين حاجة بشرية؟ أم هو " مزاج شخصي " ،فمن شاء تدين ،ومن شاء
ألد ،وهذا وذاك سيان؟
إن د عاة ال سلم يقو لون لل ناس :إن هذا ا لدين ن سيج و حده .إ نه ل يس مرد
عقيدة ،ليس مرد تذيب للروح ،وتربية للفضائل ،بل هو إل جانب ذلك نظام اقتصادي
عادل ،ونظام اجتماعي متوازن ،وتشريع مدن ،وتشريع جنائي ،وقانون دول ،وتوجيه
فكري ،وتربية بدنية :كل أولئك على أساس من العقيدة ،وف مزاج من التوجيه اللقي
والتهذيب الروحي.
و " الثقفون " ف أزمتهم حائرون ،فقد كانوا ظنوا أن السلم قد انتهى واستنفد
أغراضه ،ث ها هم أولء يفاجأون بأصحاب الدعوة السلمية يقولون لم :إن هذا الدين
ليس شيئا 5من تراث الاضي السحيق يوضع اليوم ف متحف الفكار والنظم والعقائد ،إنا
هو كائن حي ف هذه اللحظة ،ويلك من مقومات الياة ف الستقبل ما ل يلكه أي نظام
آخر عرفته البشرية حت اليوم ،با ف ذلك الشتراكية والشيوعية.
ع ند ذ لك تز هم الفا جأة ،فل يل كون أنف سهم .وي صرخون :أ هذا الن ظام ا لذي
أ باح ا لرق والق طاع والرأ سالية ..الن ظام ا لذي ي عل ا لرأة ن صف الر جل ويب سها ف
دارها .النظام الذي يعل عقوباته الرجم والقطع واللد ..النظام الذي يترك أهله يعيشون
على الحسان ،ويقسمهم طبقات بعضها يستغل بعضا ،ول يلك الكادحون فيه ضمانات
العيش الكري ..النظام الذي صنع كذا وكذا ..أيكن أن يعيش اليوم ،فضل عن الستقبل؟
أهو نظام يستطيع ف الصراع البار الذي يقوم اليوم بي النظم الجتماعية والقتصادية
القائمة على أسس " علمية! " أن يقف على رجليه ،فضل عن الصارعة والكفاح؟!
وينب غي أولل 5أن ي عرف هذا ال لون من " الثقف ي " من أ ين جاءتم هذه
الشبهات ،ليعرفوا إن كانوا وهم يرددونا أصلء ف التفكي ،أم مقلدين ،يرددون ما ل
يفهمون.
إ نا قط عاا 5لي ست شبهاتم الا صة ،ول هي نتي جة تفكي هم ا لذات ،ولنر جع
خطوات إل الوراء لنعرف شيئاا 5من التاريخ الديث.
وف القرني السابقي أخذت أوربا الستعمرة تزحف على العال السلمي ،وف
سنة 1882دخل النليز مصر ،بعد خيانة توفيق وتآمره مع جيش الحتلل ضد الثورة
ال شعبية بزعا مة عرا ب .و ل ي كن بد ل لنليز من سيا سة يثب تون با أ قدامهم ف ال عال
السلمي ،ويأمنون با الروح السلمية أن تشتد فتعصف بم ف يوم قريب .وهنا ندع
م ستر جلد ستون رئ يس ا لوزارة البيطان ية ف ع هد الل كة فكتور يا يت حدث ف صراحة
ووضوح عن هذه السياسة ،فيمسك بيده الصحف ويقول لعضاء ملس العموم " :إنه ما
دام هذا الكتاب بي أيدي الصريي ،فلن يقر لنا قرار ف تلك البلد ".
وإذن ف قد كانت السيا سة الطلو بة هي توهي ع́µرى ا لدين ،و نزع قدا سته من
نفوس أهله ،وتشويه صورته ف أفكارهم وضمائرهم ،لينسلخوا منه وينفروا من التمسك
بأحكامه وآدابه ،حت يستطيع الستعمرون أن يستقروا ف هذه البلد!
وكذلك صنع النليز ف مصر .فقد وضعوا سياسة تعليمية ل تدرس شيئاا 5عن
حقيقة السلم ،سوى أنه عبادات وصلوات ،وأذكار ومسابح وطرق صوفية ،وقرآن يقرأ
من أجل " البكة " ،ودعوات نظرية إل مكارم الخلق! أما السلم كنظام اقتصادي
واجتماعي ،أما السلم كنظام للحكم ودستور للسياسة الداخلية والارجية ،أما السلم
كنظام للتربية والتعليم ..أما السلم كحياة ومهيمن على الياة ..فلم يدرس منه شيء
للطلب ،وإ نا در ست لم بدلل 5م نه ال شبهات ا ل و ضعها الست شرقون وغي هم من
الصليبيي الوربيي1 .ليفتنوا با السلمي عن دينهم ،تنفيذاا 5لغرض الستعمار البيث.
النظم الجتماعية القة هي الت قامت ف أوربا .والنظم القتصادية القة هي الت
اب تدعها الف كر ا لورب .والن ظم الد ستورية ال صالة هي ا لت صقلتها تارب ا لوربيي.
حقوق النسان قررتا الثورة الفرنسية.
والديقراط ية قرر ها ال شعب ا لنليزي .و " ال ضارة " و ضعت أس سها
المباطور ية الرومان ية .وباخت صار ،صورت لم أور با ع لى أ نا مارد ج بار ل ي قف ف
طريقه شيء ،والشرق على أنه قزم ضئيل ل يرجى له قيام إل أن يكون خاضعا لوربا،
مستمدا كيانه كله من هناك.
و " الثقفون " ،اليوم هم خلصة هذه السياسة الرسومة الت وضعها الستعمار
ف العال السلمي كله من اليط إل اليط!
إ نم ل يعر فون عن ال سلم إلل¸ ال شبهات ،ول يعر فون عن ا لدين ك له إل ما
لقنهم الوربيون .ولذلك فهم ينادون -كالوربيي -بفصل الدين عن الدولة ،وفصل
العلم عن الدين.
وهم ينسون -ف غفلتهم -أن الدين الذي انسلخت منه أوربا شيء ،والدين
ا لذي يدعو إل يه أ صحاب ا لدعوة ال سلمية شيء آ خر .وأن اللب سات ا لت أ حاطت
بأوربا ،وأدت با إل معاداة الدين والنفور منه ،ملبسات خاصة بالقوم هناك ،ل يدث
مثلها ف الشرق السلمي ،ول يكن أن يدث .فهم ف دعوتم إل نبذ الدين ،أو تركه
ف عز لة عن تدبي ال ياة وت صريف شئون الت مع والسيا سة والقت صاد ،إ نا ي ستوردون
أفكاراا 5جاهزة ،ويرددون ما يردده القوم هناك.
لقد نشأ الصراع ف أوربا بي العلم والدين ،لن الكنيسة هناك احتضنت أفكاراا
" علم ية " ونظر يات معي نة ،و قالت إ نا ح قائق مقد سة ،ل نا كل مة ال سماء! فل ما أث بت
العلم النظري والتجريب فساد هذه الفكار والنظريات ،ل يكن بد من أن يؤمن الناس
بالعلم ويكفروا بالكنيسة ،ويكفروا بالدين كما يصوره لم رجال الدين .وزاد ف حدة
هذا الصراع والرغبة ف التحرر من " ربقة " الدين ،أن الكنيسة ف أوربا فرضت لنفسها
سلطة إلية ،واشتطت ف تطبيقها إل حد الدكتاتورية ،فصارت غولل 5بشعاا 5يطارد الناس
ف يقظتهم ومنامهم ،يفرض عليهم التاوات ،والضوع الذل لرجال الدين ،كما يفرض
عليهم الوهام والرافات ،باسم كلمة ال!
ل -و كان ت عذيب العل ماء وتريق هم بال نار ،ل نم قالوا بكرو ية ا لرض -مثل 5
من البشاعة بيث يفرض على كل صاحب فكر حر ،وضمي متحرر أن يساعد ف تطيم
هذا الغول البشع ،أو تكبيله بيث ل يعود له على الناس سلطان .وصار تريح الدين -
كما صورته الكنيسة -وتلمس العيوب فيه ،واجباا 5مقدساا 5هناك على الفكرين الحرار.
أما نن هنا ف الشرق السلمي فما بالنا؟ لاذا نفصل بي العلم والدين ،ونقيم
بينه ما ال ناع وال صراع؟ أي حقي قة علم ية خال صة مردة من ا لوى ا صطدمت با لدين
والعقيدة؟ ومت وقع اضطهاد على العلماء ف ظل السلم؟ هذا هو التاريخ يشهد بقيام
علماء ف الطب والفلك والندسة والطبيعة والكيمياء ،نبغوا ف ظل السلم ،فلم يقم ف
نفوسهم الصراع بي العلم والعقيدة ،ول قام بينهم وبي السلطات الاكمة ما يدعو إل
الرق والتعذيب.
ف ما ا لذي يدفع أولئك " الثقف ي " إ ل ف صل ا لدين عن الع لم ،وتر يح ا لدين،
وتل مس الع يوب ف يه -دون و عي ول درا سة ،و با ي شبه صراخ ال مومي -إل ال سم
الستعماري الذي ترعوه وهم ل يشعرون؟
من حضارتم الادية اللحدة ،ويعرفوا أنا ليست طريق اللص ،فيعودوا إل نظام مادي
روحان ف ذات الوقت .نظام يشمل العقيدة والياة ف آن.
وإنا كان ف حساب طائفة أخرى من الشباب الخلص الفكر الستني .شباب
صادق الرغبة ف الوصول إل القيقة ،ولكن هذه الشبهات تعترض طريقه فل يعلم لا
رداا ،5لن الستعمار الاكر قد حجب عن عيونه النور ،وتركه حائراا 5ف الظلمات .ولن
عب يد ال ستعمار و شياطي ال شيوعية يع نون ف ت ضليله خ شية أن يه تدي إ ل الطر يق
الصحيح ،طريق الرية والكرامة والستعلء .فإل هذا الشباب الخلص الفكر أقدم هذا
الكتاب ،وأرجو ال أن يوفقن لزيل من طريقه الشبهات.
وعلى هذا الظن معظم " علماء " الجتماع و " علماء " النفس ف العال الغرب.
ف هذا فرو يد مثلل 5يق سم ح ياة الب شرية إ ل ثلث مرا حل سيكلوجية :ا لول مرح لة
الرافة ،والثانية مرحلة التدين ،والثالثة والخية هي مرحلة العلم!
وقد شرحنا ف القدمة السباب واللبسات الت أدت بعلماء أوربا إل اعتناق
هذه النظرة العادية للدين ،النفرة منه ،وقلنا أن الصراع الذي قام بي الكنيسة والعلماء قد
جعلهم يشعرون -بق -أن ما تقول الكنيسة رجعية وانطاط وتأخر وخرافة .وأنه يب
أن يلي مكانه للعلم ،حت يتاح للبشرية أن تتقدم ف طريق الدنية.
ث كانت عدوى التقليد ف الشرق السلمي الغلوب على أمره ،هي الت خيلت
للمساكي من أهله ،أن طريقهم الوحيد إل التقدم هو طريق أوربا الظافرة -لنا اليوم
ظافرة! -وأن عليهم أن ينبذوا دينهم ،كما نبذت أوربا دينها ،وإل فسيظلون سادرين ف
الرجعية والنطاط والتأخر والرافة!
ولكن علماء أوربا وكتابا مع ذلك ليسوا كلهم من أعداء الدين! وفيهم قوم
معقو لون تررت نفو سهم من ماد ية أور با الل حدة ،وعر فوا ان العق يدة حا جة نف سية
وحا جة عقل ية ف ذات ا لوقت .ومن أبرز أمثلتهم جي مس جي ن العال الفل كي ا لذي بدأ
حياته ملحدا5ا شاكاا ،5ث انتهى عن طريق البحث العلمي إل أن مشكلت العلم الكبى ل
يل ها إل و جود إ له! وجي ن برج عال الجت ماع ال شهي ا لذي ي شيد با لدين ال سلمي
خاصة لمعه بي الادي والروحي ف فكرة واحدة ونظام واحد .ث ها هو ذا الكاتب
الشهور سومرست موم يقول كلمته الصادقة البارعة " :إن أوربا قد نبذت اليوم إلها،
وآمنت بإله جديد هو العلم ،ولكن العلم كائن متقلب ،فهو يثبت اليوم ما نفاه بالمس،
وهو ينفي غداا 5ما يثبته اليوم ،لذلك تد عب•اده ف قلق دائم ،ل يستقرون "!
إنا حقيقة .هذا القلق الدائم الذي يعيش فيه الغرب الضطرب ،القلق الذي يفسد
أعصاب الناس هناك ،ويصيبهم بختلف ا لمراض النفسية والعصبية ،هو نتيجة الصراع
الدائم ف الرض ،دون الستناد إل قوة ثابتة ف الرض أو السماء .كل شيء من حولم
يتغ ي .الن ظم القت صادية تتغ ي .والن ظم السيا سية تتغ ي .وعل قات ا لدول وا لفراد تتغ ي.
وحقائق العلم تتغي .فإذا ل تكن هناك قوة ثابتة يستند إليها الفراد ف صراعهم البار مع
الياة والناس والشياء ،فهناك نتيجة حتمية واحدة :هي القلق والضطراب.
وما النسان بغي عقيدة؟ ما هو بغي اليان بعال آخر خالد الياة؟
إنه ل بد أن يستول عليه شعور الفناء .الشعور بقصر العمر وضآلته بالقياس إل
أحلم الفرد وآماله .وعندئذ يندفع وراء شهواته ،ليحقق ف حياته القصية أكب قدر من
التاع .ويتكالب على الرض ،ومنافع الرض ،وصراع الرض الوحشي ،ليحقق ف هذه
الفرصة الوحيدة التاحة له كل ما يقدر عليه من نفع قريب …
ويه بط ال ناس .يهب طون ف أحاسي سهم وأف كارهم ،ويهب طون ف ت صوراتم
لهداف الياة ووسائل تقيقها .يهبطون إل عال الصراع البغيض الذي ل ينبض بآصرة
إن سانية رفي عة ،ول ت طر ف يه خاطرة من ود أو ر حة أو ت عاون صادق .ويهب طون إ ل
نزوات ال سد و ضرورات الغر يزة ،فل يرتف عون ل ظة إ ل عاط فة نبي لة ول مع ن إن سان
كري.
ول شك أنم -ف الطريق ،ف صراعهم البار -يققون شيئاا 5من النفع ،وشيئاا
من التاع .ولكنهم يفسدون ذلك كله بالتكالب الذي يتكالبونه على النفع والتاع .فأما
الفراد فإن الشهوات تتملكهم إل الد الذي يصبحون فيه عبيداا 5لا ،خاضعي لنواتا،
م كومي بت صرفاتا ،ل يل كون أنف سهم من ها ،ول يل صون من سلطانا .وأ ما ا لمم
فمصيها إل الروب الدمرة الت تفسد التاع بالياة ،وتول العلم -تلك الداة البارة
الطية -من نفع النسانية إل التحطيم الطلق ،والدمار الرهيب.
ف لو ل ي كن للعق يدة مه مة تؤدي ها ف ح ياة الب شرية إل الف سحة ا لت تنح ها
للحياء ،والمل ف حياة خالدة يققون فيها كل آمالم ،ويستمتعون فيها بكل ما يطر
وأصحاب البادئ العليا والفكار النسانية والعقائد الرفيعة ،من ذا الذي يهبهم
الصب على الكفاح ،والصمود لقوى الشر والطغيان ف سبيل هذه البادئ والفكار؟ وما
النفع الذي ينتظرونه؟ لقد يقضي بعضهم -بل أغلبهم -حياته دون أن يصل على النفع
النشود .ولن تفلح العقيدة البنية على النفع الشخصي إل ريثما يتحقق هدفها الصغي ،ث
تكتسحها العاصي ،لنا تقوم بغي جذور.
حقي قة أن ب عض " ال صلحي " ي ستمدون ال قوة وال صب من الح قاد! أح قادهم
الشخ صية ،أو أح قاد طائ فة من ال ناس ،أو أح قاد ال يل ك له ا لذي يعي شون ف يه .ول قد
ي صلون إ ل ب عض أ هدافهم ف " ال صلح " .ول قد ت كون أح قادهم من ا لدة والع نف
بيث يتملون كل عذاب ف سبيل الدف الذي ينشدون .ولكن العقائد البنية على القد
-ل على الب -ل يكن أن تسي بالبشرية إل الي الق .قد تل مشكلة موقوتة .وقد
ترفع ظلما5ا واقعاا .ولكنها لن تكون قط علجاا 5صالاا 5لكل ما تعانيه البشرية من اللم،
ول بد أن تنحرف -با فيها من أحقاد وسخائم -فتستبدل شراا 5بشر ،وظلماا 5بظلم،
وهبوطاا 5ببوط.
العق يدة ا لت ل ت قوم ع لى الن فع القر يب ،وا لت ل ت ستمد غذاءها من ال سخائم
والحقاد ،والت تستهدف الب النبيل والخاء الق ،والت تارب الشرللنا تب للناس
الي ..هذه العقيدة وحدها هي الت تنفع الناس ،وتدفع بم إل المام ف ركب الدنية.
فكيف السبيل إليها بغي اليان " بالب " الكب النبثق من حب ال ،و " الي
" الكب الوصول بال ،و " الق " الكب الذي تقاس به حقائق الياة؟ وكيف السبيل
إليها بغي اليان بالعال الخر الذي ينفي عن الروح خاطر الفناء ف الرض ،وينحها
الحساس بالدوام واللود ،وينفي عنها الحساس بضياع الهد بل ثرة ،وضياع الشاعر
النبيلة بل جزاء؟
وا لذين ي طر ف بالم أن ال سلم قد ا ستنفد أغرا ضه ،ل يعر فون لاذا جاء
السلم.
إنم -كما حفظوا ف دروس التاريخ الت وضعها الستعمار لتدرس ف الدارس
الصرية ) - (1يعرفون أن السلم قد نزل لنع عبادة الصنام وتوجيه الناس إل عبادة ال
الواحد .وكان العرب يعيشون قبائل متفرقة متناحرة فألف بينهم ،وجعلهم أمة واحدة.
و كانوا ي شربون ال مر ،ويلع بون الي سر ويرتك بون الفا سد اللق ية ،فن هاهم عن ذ لك،
وحرمه عليهم .كما حرم عليهم بعض العادات السيئة ،كالخذ بالثأر ووأد البنات و …
ال .ودعا السلم الؤمني به لنشر الدعوة فقاموا بنشرها ،وقامت الروب والغزوات الت
انتهت بانتشار السلم إل حدوده العروفة اليوم.
ولكن هؤلء و
إن ال سلم ف كل مة وا حدة هو " الت حرر " .الت حرر من كل سلطان ع لى
).(2
الرض ،يقيد انطلق البشرية أو يقعد با عن التقدم الدائم ف سبيل الي
والتحرر من سلطان الشهوة -حت شهوة الياة -وهي السلح الذي يستخدمه
الط غاة عن ق صد أو عن غ ي ق صد ف ا ستذلل الب شر .ف لول حرص ال ناس ع لى هذه
ال شهوات ما قب لوا ا لذل ،ول ق عدوا عن مقاو مة الظ لم ا لذي ي قع علي هم .و لذلك ع ن
السلم عناية شديدة بتحرير الناس منها ،ليقفوا من الشر موقف القوي الاهد ،ل موقف
ا لانع ال ستخذي " :قل إن كان آ باؤكم وأب ناؤكم وإ خوانكم وأزواج كم وع شيتكم
وأموال اقترفتموها وتارة تشون كسادها ومساكن ترضونا أحب إليكم من ال ورسوله
وجهاد ف سبيله ،فتربصوا حت يأت ال بأمره ،وال ل يهدي القوم الفاسقي " ).(3
إن الذي يغرق ف شهواته يظن بادئ الل مر أنه يستمتع بلذائذ الياة أكثر ما
ي ستمتع غ يه .ول كن هذا ال ظن ا لاطئ ي سلمه ب عد قل يل إ ل عبود ية ل خلص من ها،
()2انظر فصل " التحرر الوجدان " ف كتاب " العدالة الجتماعية ف السلم ".
()3سورة التوبة ].[24
وشقاء ل راحة فيه .فالشهوة ل تشبع أبداا 5بزيادة النكباب عليها ،ولكنها تزداد تفتحاا
وا ستعاراا ،5وت صبح ال شغل ال شاغل لن تل كه فل ي ستطيع التخ لص من ضغطها عل يه،
فضلل 5عن التفاهة الت يهبط إليها حي يصي هه كله أن يستجيب لصياح الشهوات.
وال ياة ل ي كن أن تت قدم ،والب شرية ل ي كن أن ترت فع ،إل ح ي تتخ لص من ضغط
الضرورة ،لتعمل ف اليدان الطليق .سواء كان عملها علما ييسر الياة ،أو فنا يملها ،أو
عقيدة ترتفع با إل آفاق الشاعر العليا.
ومن هنا كان حرص السلم الشديد على ترير البشر من شهواتم ،ل بفرض
الرهب نة علي هم ،ول بتحر ي ال ستمتاع بطي بات ال ياة ،وإ نا بت هذيب ا ستجابتهم إلي ها،
وإتا حة الق سط الع قول من ال تاع ،ا لذي ير ضي ال ضرورة ويط لق الطا قة اليو ية تع مل
لعلء كل مة ا ل ف ا لرض .و كان ال سلم ف ذ لك ي هدف إ ل فائدة شخ صية لل فرد
بتحقيق قسط من التعة وراحة البال ،وفائدة أخرى للمجتمع كله ،يتوجيه طاقته إل الي
والتقدم والرتقاء ،حسب نظريته الكبى ف التوفيق بي الفرد والتمع ف نظام).(4
وترير العقل من الرافة ..فقد كانت البشرية غارقة ف خرافات عدة ،بعضها
صنعه البشر ونسبوه إل آلتهم الت صنعوها بأيديهم ،وبعضها صنعه رجال الدين ونسبوه
إ ل ا ل! وكل ها ن شأ من الها لة ا لت كان يع يش في ها الع قل الب شري ف ط فولته ،ف جاء
السلم ليخلص البشرية من الرافة مثلة ف اللة الزعومة ،وف أساطي اليهود وخرافات
الكنيسة ،ويردهم إل ال الق ،ف صورة بسيطة يفهمها العقل ويدركها الس ويؤمن با
الضمي؛ ويدعوهم إل إعمال عقلهم لتفهم حقائق الياة ،ولكن ف صورة فريدة ل تقيم
خصومة بي العقل والدين ،ول بي الدين والعلم .ل تضطر النسان إل اليان بالرافة
ليؤمن بال ،ول تضطره إل الكفر بال ليؤمن بقائق العلم .وإنا تقر ف ضميه ف استقامة
ووضوح أن ال قد سخر للناس ما ف الكون جيعاا .وأن كل حقيقة علمية يهتدون إليها،
أو ن فع مادي ي صلون عل يه فإ نا هو توف يق من ا ل ،ي ستحق أن ي شكروا ا ل من أج له
ويسنوا عبادته ،وبذلك يعل العرفة جزءاا 5من اليان ،ل عنصرا5ا مالفاا 5لليان.
وتلك كلها أهداف ل تستنفد أغراضها ،ول يكن أن تستنفد أغراضها ما دام
البشر على الرض!
()4انظر بالتفصيل فصل "الفرد والتمع" ف كتاب " النسان بي الادية والسلم".
نصف سكان العال ما يزالون وثنيي يعبدون الصنام ،ف الند والصي والقبائل
التفر قة ف أ ناء ا لرض .و ما ي قرب من ن صفهم يع بدون خرا فة أ خرى ل ت قل انرا فاا
بال ناس عن ا لق ،ول إف ساداا 5ل ضمائرهم وم شاعرهم وعل قات بع ضهم ببعض ،بل ر با
كانت أكثر انرافاا 5وأشد خطراا :تلك الرافة هي العلم!!
العلم أداة جبارة من أدوات العرفة ،وقد خطا بالبشرية كلها خطوات واسعة ف
سبيل الت قدم والر قي ،ول كن إ يان ال غرب به ع لى أ نه ا لله الو حد ،وإغلق كل منا فذ
العرفة سواه ،قد ضلل البشرية عن مقصدها ،وضيق آفاقها وحصر مالا ف اليدان الذي
ي ستطيع الع لم التجر يب أن يع مل ف يه ،و هو م يدان ا لواس .ومه ما ي كن من سعة هذا
اليدان فهو ضيق بالنسبة لطاقات البشرية؛ ومهما يكن من رفعته فهو أدنن ما يستطيع
النسان أن يرتفع إليه ،حي يرتفع بفكره وروحه جيعاا ،5فيتصل بقيقة اللوهية ويقبس
من نور العرفة القة ببصره وبصيته ف آن .وذلك فضلل 5عن الرافة الت تيل للمؤمني
با أن العلم يستطيع أن يصل بم إل كل أسرار الكون والياة ،والت تيل لم أن ما يثبته
العلم هو وحده الق ،وأن ما ل يستطيع إثباته هو الرافة! والعلم ما يزال ف طفولته ،وما
يزال يضطرب ف كثي من القائق بي النفي والثبات ،وما يزال عاجزاا 5عن النفاذ إل
ح قائق ال شياء ،يكت في بو صف مظاهر ها دون كنه ها .ول كن عب ب•اده يتعج لون أمر هم
وأ مره ،فين فون و جود ا لروح ،وين فون قدرة هذا الخ لوق الب شري ا لدود ا لواس ع لى
تطي حواجز الادة ،والتصال بالغيب الهول ف ومضة من ومضات التليباثي ) ،(5أو ف
رؤيا صادقة ،ل لن هذا ليس حقيقة ،ولكن لن العلم التجريب ل يستطع بعد إثباته! ولا
كان ال -سبحانه -ل يضع للبحث التجريب فقد استغنوا عنه ،وأعلن بعضهم أنه غي
موجود!!
فما أحوج العال اليوم إل السلم ،كما كان متاجاا 5إليه قبل ألف وثلثائة عام!
ما أ حوجه إل يه ين قذه من الرا فة ،وير فع عق له ورو حه من ا لتردي في ها ،سواء كانت
()5التليباثي هو التخاطر عن بعد ،ومن أمثلته حادثة عمر الشهية الت خاطب فيها سارية " :يا سارية
البل البل! " فسمعه على بعد مئات الميال ،واناز بيشه إل البل ،فنجا من الكمي ،وانتصر .وقد
تنازل العلم من عليائه فاضطر للعتراف بالتليباثي على أنه حقيقة علمية ،ولكنه ما زال ياحك ف أمر
صلته بالروح ،وياول تفسيه باسة سادسة مهولة!!
الرافة هي عبادة الل وثان ،أو عبادة العلم على الصورة الزرية الت يارسها أهل الغرب "
التقدمون " .بل ما أحوجه إليه يعيد السلم بي الدين والعلم ،ليعيد الستقرار إل الكائن
الب شري ا لذي تز قه ع قائد ال غرب الفا سدة ،فتف صل ب ي عق له وو جدانه ،و تالف ب ي
حاجته إل العلم وحاجته إل ال!
ما أحوجه إليه يزيل بقية الروح الغريقية البيثة ،الت ورثتها أوربا الديثة من
تاريها القدي ف عصر الحياء ،والت كانت تصور العلقة بي البشر واللة علقة خصام
وصراع ،وتعل كل سر من أسرار العرفة أو كل خي يتوصل إليه بشر ،شيئا منتزعا من
ال لة ق سراا 5عن هم ،لو ا ستطاعوا لن عوه ،و بذلك يع تب كل ك شف عل مي انت صاراا 5ع لى
هؤلء اللة وتشفيا فيهم!
تلك الروح البيثة ما تزال ف العقل الباطن الورب والغرب عامة ،تتبدى حيناا 5ف
بعض تعبياتم مثل " قهر النسان للطبيعة " أو " العلم ينتزع السرار " ..ال .وتتبدى ف
طري قة إحسا سهم بال ،و شعورهم بأن ع جز الن سان هو -و حده -ا لذي ي ضطره
للخضوع ل ،فكل كشف علمي يتوصل له النسان يرفعه درجة ،ويفض الله درجة،
وه كذا حت ي عرف الن سان كل أ سرار الع لم ،وي لق ال ياة )و هو ال لم ا لذي يا يل "
للعلماء " اليوم( وعندئذ يتخلص نائيا من الضوع ل ،ويصبح هو الله!
ما أ حوج ال عال لل سلم ال يوم ،ين قذه من هذه ال ضللة ،و يرد لرو حه ا لمن
والسلم .ويشعره بعطف ال عليه ورحته ،وأن كل معرفة يصل إليها أو خي يصيبه إنا
هو منحة من ال ينحها له ،وهو راض عنه -مادام يستخدمها ف خي الموع -وأن ال
ف السلم ل يغضب على الناس حي " يعرفون " ول يشى منافستهم له سبحانه! وإنا
يغضب عليهم فقط حي يستغلون معرفتهم ف الضرر واليذاء.
و ما أ حوج ال ناس إ ل ال سلم ال يوم ين قذهم من الط غاة وال بارين ك ما كان
ينقذهم منهم قبل ألف وثلثمائة عام!
وال بارون ال يوم كثيون ،بع ضهم م لوك ،وبع ضهم أ باطرة ،وبع ضهم رأ ساليون
يتصون دماء ال كادحي ويقهرو نم بذل الفقر والاجة ،وبعضهم دك تاتوريون يك مون
بالديد والنار والتجسس ،ويقولون :إنم ينقذون إرادة الشعوب أو إرادة البوليتاريا!
والسلم ينقذ الناس من البابرة ف عال الواقع ل ف عال الحلم .ولقد يطيب
لبعض الناس أن يسأل :فما بال السلم ل ينقذ أهله من حكامه البابرة الذين ما يزالون
يكتمون أنفاسه ويتصون دماءه وينتهكون حرماته ،باسم السلم؟
وا لواب أن ال سلم ل ي كم ف هذه البلد ،وأن أهل ها لي سوا م سلمي إل
)(6
بالسم ،ينطبق عليهم قوله تعال " :ومن ل يكم با أنزل ال فأولئك هم الكافرون "
و قوله ت عال " :فل ور بك ل يؤم نون حت يك موك في ما شجر بين هم ،ث ل يدوا ف
أنفسهم حرجاا 5ما قضيت ويسلموا تسليما " ).(7
والسلم الذي ندعو إليه ليس بطبيعة الال ذلك السلم الذي يزاوله الكام ف
ال شرق ال سلمي ،ويالفون به كل شرائع ال ،ويكمون بدساتي أور با مرة ،وبنظرية
الق اللي مرة ،ول يعدلون بي الناس ف هذا ول ذاك.
ال سلم ا لذي ندعوا إل يه هو ال سلم ا لذي ي هز ال عروش ،ويط يح من فوق ها
ببابرتا ،وينلم على حكمه أو ينفيهم من الرض " :فأما الزبد فيذهب جفاء ،وأما ما
).(8
ينفع الناس فيمكث ف الرض "
وح ي ي كم هذا ال سلم -و هو ل بد حاكم بإذن ال وتأي يده -ف لن ي كون
جبار ف أرض السلم ،لن السلم ل يقبل البابرة ،ول يسمح لحد أن يكم بأمره ف
الرض .وإنا بأمر ال ورسوله .وال يأمر بالعدل والحسان.
وحي يكم هذا السلم ،أي حي يترب جيل من الشباب يؤمن به وياهد ف
سبيله ،لن يكون للحاكم إل تنفيذ شريعة ال ،وإل فل طاعة له على الناس بصريح قول
الليفة الول " :أطيعون ما أطعت ال فيكم ،فإن عصيت ال فل طاعة ل عليكم " .ولن
يكون للحاكم حق ف الال أو ف التشريع زائد على حقوق أي فرد من أفراد الشعب،
ولن يتول ذلك الاكم سلطانه إل بانتخاب الناس له انتخاباا 5حرا5ا طليقاا 5من كل قيد،
إل قيد الرشد والعدل والحسان.
وحي يكم هذا السلم فلن يلص السلمي من البوت الداخلي فحسب ،بل
يل صهم كذلك من الطغ يان ا لجنب ف صورة ا ستعمار أو تد يد بال ستعمار .ذ لك أن
ال سلم د ين عزة ومن عة ،يأب ال ضوع لذا ال ستعمار وي ستنكره ،وي عل ح ساب ا ل
عسياا 5على الرضا به أو النوع لسلطانه .ويدعو لقاتلته بكل ما ف الطاقة من وسائل
الهاد.
ولكن دور السلم ل يقف عند هذا الد ،فتحرير هذا الزء من العال من قبضة
الطغاة ف الداخل والارج ل يقتصر أثره على أهله فحسب ،بل هو نعمة كبى للعال
كله ،الثخن براح الرب ،والذي تتهدده الرب القادمة بالفناء الدمر الرهيب.
فهذا العال اليوم قد انقسم كتلتي كبيتي ،الكتلة الرأسالية من جانب ،والكتلة
ال شيوعية من جانب ،و ها تتناز عان الن فوذ وا لوارد والن قط ال ستراتيجية ،ولكنه ما ف
الوا قع تتنازعان نا نن ...نن هذا ال عال الم تد من ال يط للمح يط ،الغ ن بالوارد الاد ية
والب شرية والن قط ال ستراتيجية ،و ها تت صارعان علي نا ،كأن نا ك م Îمه مل ل ي سب له
حساب ،وإنا ينقاد للظافر انقياد العبيد ،وينتقل من ملكية سيد لسيد ،كما ينتقل التاع
والشياء.
ولو استرد العال السلمي كيانه -وهو ف طريقه إل ذلك بإذن ال -لبطل
الصراع ال بار ا لذي يهدد ا لرض بالراب ،و لبزت ف ال عال كت لة ثال ثة ت سك م يزان
ال قوة الدول ية من منت صفه ،وت لك بوقف ها أن تر جح قوة هذه الكت لة أو ت لك .ع ندئذ ل
تت صارع علي نا رو سيا وأمري كا ف وقا حة ك ما ت صنعان ال يوم ،وإ نا تت سابق كلتا ها إ ل
استرضاء السلم والسلمي.
وإذن فال عال ال يوم ف حا جة إ ل انت صار ال سلم ،و لو ل يؤمن به إل أه له
ال قائمون ال يوم؛ لن انت صاره ير يح ال عال من ا لوف ا لدائم من ا لرب ،وال فزع الق لق
للعصاب.
هذه هي أوربا قد غرقت ف شهواتا الدنسة ل تفيق منها .فماذا كانت نتيجة
ذ لك ف العال كله؟ لقد تقدم العلم ،نعم ،ول كن الب شرية ل تتقدم ،و ل يدث قط أن
تقدمت البشرية وهي مستعبدة لشهواتا ،غارقة ف التاع السي الغليظ.
ولقد يبهر التقدم العلمي بعض الناس ف الشرق والغرب ،فيحسبون أن الطائرة
ال صاروخية والقنب لة الذر ية وج هاز الراد يو والغ سالة الكهربائ ية هي الت قدم! ول كن ذ لك
ليس مقياسه الق ،وإنا القياس الذي ل يطئ هو مقدار استعلء النسان على ضروراته:
فهو مرتفع كلما استطاع ،وهو هابط كلما أخفق ،مهما ارتقت علومه ومعارفه.
وليس هذا مقياسا 5تكم يا 5تضعه الديان ،أو علم الخلق ،بغي مبر ول رصيد
من الواقع .فلنستعرض التاريخ :كم أمة استطاعت أن تعيش قوية متماسكة ،تعمل لي
البشرية وتقدمها ،بينما أهلها مشغولون بالتاع الزائد عن الد؟ ما الذي حطم مد اليونان
القد ية؟ ورو ما القد ية؟ و فارس القد ية؟ ما ا لذي ح طم ال عال ال سلمي ف نا ية الع صر
العبا سي؟ وك يف صنعت فرن سا ا لداعرة ف ا لرب ا لخية؟ أ ل ت سلم ع ند أول ضربة،
لنا أمة مشغولة بباذلا وشهواتا عن الستعداد النفسي والادي للدفاع عن بلدها؟ أمة
تاف ع لى ع مائر باريس ومراق صها من تدمي القنا بل ،أ كثر ما تاف ع لى كيا نا
وكرامتها " التاريية "؟!
وربا كانت أمريكا هي الثل الذي يايل للمستغفلي ف الشرق ،فهي أمة غارقة
ف التاع الدنس ،ومع ذلك فهي قوية مسيطرة ذات سلطان ،وإنتاجها الادي هو أضخم
إنتاج ف الرض .كل ذلك صحيح .ولكن الذين تايل لم أمريكا ينسون أنا أمة فتية
مذخورة القوة ما تزال ف عنفوانا النفسي والسدي .والشباب دائم5ا أقدر على احتمال
الرض،بيث يبدو من الظاهر كأنه ل يترك أثر5ا فيه .ولكن عي البي تستطيع -مع ذلك
-أن تبصر أعراض الرض من وراء مظاهر القوة الادعة .ويكفي أن نذكر هذين البين
الصارخي اللذين وردا ف الصحف ليعرف الخدوعون أن سنة ال ف خلقه ل تتغي .وأن
العلم بكل مترعاته ل يغي طبائع النفوس ،ول طبائع الشياء ،لنه هو ذاته جزء من سنة
ال " ولن تد لسنة ال تبديل ".
ا لب ا لول هو طرد 33موظ فا 5من وزارة الارج ية المريك ية لنم م صابون
بالشذوذ النسي ،ولنم بذه الصفة ل يؤتنون على أسرار الدولة!
والب الثان هو فرار مائة وعشرين ألفا 5من التجنيد الجباري ف أمريكا ،وهو
عدد ضخم بالنسبة لموع اليش المريكي ،وبالنسبة لمة فتية تريد أن تكافح للسيادة
على العال!
والبق ية تأت -ول بد أن تأت -إذا ا ستمر ال قوم ع لى ال تاع ا لدنس ا لذي هم
غارقون فيه.
هذه واحدة .والثانية أن إنتاج أمريكا الضخم هو إنتاج ف عال الادة وحدها.
ولكنها على ثرائها وفتوتا وعظم الطاقة الذخورة ف أرضها وناسها ل تنتج شيئا 5يذكر ف
عال البادئ والقيم العليا ،لنا غارقة ف انطلقة جسدية فارهة ،ول ترتفع كثيا 5عن ميط
ال يوان ،وت بط كثيا 5إ ل ما ي شبه ا ندفاعات ا للت! ويك في أن ت كون هي ال مة ا لت
تعا مل الز نوج ت لك العام لة الوح شية الب شعة ،ل كي ن عرف م ستواها النف سي ،وآفاق ها
البشرية.
وما أحوج العال إل السلم اليوم ،كما كان ف حاجة إليه قبل ألف وثلثائة
عام ،لين قذه من العبود ية لل شهوة ،ويط لق طاقته اليو ية إ ل آفاق ها العل يا ،لتن شر ال ي،
وتصبح جديرة با كرمها ال!
ول يقولن أحد إنا ماولة فاشلة ميئوس من نتائجها! فمن قبل جربت النسانية
أنا تستطيع أن ترتفع ,وما حدث مرة يكن أن يدث مرة أخرى .والناس هم الناس.
وقد كان العال قبل السلم مباشرة قد هبط إل درجة من العبودية للشهوات تشبه إل
حد كبي ما هبط إليه اليوم ،بغي فارق سوى تغي أدوات التاع .وكانت روما القدية ل
تقل دعارة عن باريس ولندن ومدن أمريكا ،وكانت فارس القدية غارقة ف فوضى خلقية
كالت يصفون با العال الشيوعي ،ث جاء السلم فبدل هذا كله إل حياة رفيعة فاضلة
ذا خرة بالن شاط والر كة ،عام لة ع لى ال ي ،مع مرة ل لرض ،داف عة بالن سانية كل ها ف
الشرق والغرب إل التقدم الفكري والروحي ،ول يستعص الشر الذي كان الناس يومئذ
غارقي فيه ،على الصلح الذي عمل عليه السلم.
وظل العال السلمي مصدر النور والي والتقدم ف العال كله فترة طويلة ل
ي شعر خل لا أ نه م تاج إ ل الت بذل الل قي والفو ضى والباح ية ،ل كي ي صل ع لى ال قوة
الادية والتقدم العلمي والفكري! وإنا كان أهله مثل 5رفيعة ف كل ميدان .حت هبط عن
أخلقه القياسية ،واستعبدته الشهوات ،فجرت عليه سنة ال.
والدف عة ال سلمية الد يدة ا لت تتج مع ال يوم لتت حرك ،دف عة هائ لة ت ستمد من
ذخية الاضي ،وتأخذ بأسباب القوة الاضرة ،وتتطلع إل الستقبل ،فتتوفر لا كل عوامل
النماء والقوة .فهي كفيلة بأن تعيد العجزة الت قام با السلم أول مرة ،فترفع الناس من
حضيض الشهوة إل مستوى النسانية الكرية الت تعمل ف الرض وهي تتطلع للسماء.
ول يت سع هذا الف صل لل حديث الف صل عن الن ظام ال سلمي ف السيا سة
والقتصاد والجتماع .والفصول التالية كلها عرض لبعض مظاهر هذا النظام من نواحيه
الختل فة ،ف أث ناء مناق شة ال شبهات ا لت تثي ها أورو با وعب•اد ها ضد هذا ا لدين .ولك نا
نكتفي هنا بالشارة إل القائق التالية:
أول :5أن السلم ل يكن د عوة نظرية .وإنا كان نظاما 5عمل ي5ا يعرف حا جات
الناس القيقية ويعمل على تقيقها.
ثانيا :5أنه ف سبيل تقيق هذه الاجات يسعى إل التوازن الطلق بقدر ما تطيقه
طبائع البشر ،فيوازن أول 5ف نفس الفرد بي حاجات السد وحاجات العقل وحاجات
الروح ،ول يترك جانبا 5منها يطغى على جانب آخر .فل يكبت الطاقة اليوية ف سبيل
الرتفاع بالروح ،ول يبالغ ف الستجابة لشهوات السد إل الد الذي يهبط بالنسان
إل مستوى اليوان ،ويمع بي ذلك كله ف نظام موحد ل يزق النفس الواحدة بي
ال شد وا لذب ،ول يوجه ها وج هات شت متناق ضة .ث يوازن ثان ي5ا ب ي م طالب ال فرد
ومطالب التمع ،فل يطغى فرد على فرد ،ول يطغى الفرد على التمع ،ول التمع على
الفرد ،ول طبقة على طبقة ،ول أمة على أمة .وإنا يقف السلم بي هؤلء جيعا 5يجز
بين هم أن يت صادموا ،و يدعوهم جي عا 5إ ل الت عاون ف سبيل ال ي الن سان .ث هو أخ يا
يوازن ف نظام التمع بي متلف القوى :يوازن بي القوى الادية والقوة الروحية ،وبي
العوا مل القت صادية والعوا مل " الن سانية " .فل ي عترف -ك ما ت صنع ال شيوعية -بأن
العوامل القتصادية أو القوى الادية هي وحدها السيطرة على النسان .ول يؤمن -كما
تصنع الدعوات الروحية الالصة أو الذاهب الثالية -بأن العوامل الروحية أو الثل العليا
تستطيع وحدها أن تنظم حياة البشر .وإنا يؤمن بأن هذه جيعا 5عناصر متلفة يتكون من
مموع ها " الن سان " .وأن الن ظام الف ضل هو الن ظام ال شل ،ا لذي ي ستجيب ل طالب
السد ومطالب العقل ومطالب الروح ف توازن واتساق.
ثالث5ا :أن للسلم فكرة اجتماعية ونظاما 5اقتصاديا 5قائما بذاته ،قد تلتقي به ́ع́رضا
ب عض م ظاهر الرأ سالية أو ال شيوعية ،ولك نه ع لى و جه التأك يد شيء آ خر غ ي الرأ سالية
والشيوعية ،ي مع كل مزاياها دون أن يقع ف أخطائهما وانرافات ما .نظام ل يبالغ ف
الفرد ية إ ل ا لد البغ يض ا لذي ي قوم ف ال غرب ،وا لذي يع تب ال فرد هو ال ساس ،و هو
الكائن القدس الذي تصان حرياته ،ول يوز للمجتمع أن يقف ف سبيله ..فتنشأ هناك
الرأ سالية القائ مة ع لى أ ساس حر ية ال فرد ف ا ستغلل ا لخرين .ول ي بالغ ف ال تاه
ال ماعي ا لذي ي قوم ف شرق أورو با ،ويع تب الت مع هو ال ساس ،وال فرد ذرة تائ هة ل
ك يان له بفرده ،ول و جود له إل ف دا خل القط يع ،فالتمع و حده هو صاحب الرية
وصاحب السلطان ،وليس للفرد أن يتج عليه أو يطالبه بقوقه ..وهناك تنشأ الشيوعية
القائمة على سلطان الدولة الطلق ف تكييف حياة الفراد .وإنا هو نظام وسط بي هذا
وذاك ،يعترف بالفرد ويعترف بالتمع ،ويوازن بينهما .فيمنح الفرد قدرا 5من الرية يقق
به كيانه ول يطغى به على كيان الخرين ،وينح التمع -أو الدولة مثلة التمع -سلطة
وا سعة ف إ عادة تنظ يم العل قات الجتماع ية والقت صادية كل ما خر جت عن تواز نا
النشود .وكل ذلك على أساس الب التبادل بي الفراد والطوائف ،ل على أساس القد
والصراع الطبقي الذي تقيم عليه الشيوعية فلسفتها النظرية وتطبيقاتا العملية.
وإن دينا 5تلك قواعده وأركانه ،دينا 5ييط بذا الدى الواسع من حياة البشر ف
حر كاتم ،و سكناتم ،ف أف كارهم وم شاعرهم ،ف عمل هم وع بادتم .ف اقت صادياتم
واجتماع ياتم ،ف نز عاتم الفطر ية وأ شواقهم الروح ية ،وي ضع لذلك ك له نظا ما 5متواز نا
فريدا 5ف التاريخ ..هذا الدين ل يكن أن يستنفد أغراضه ،لن أغراضه هي الياة كلها،
ما دامت الياة.
العال الذي يصل فيه التعصب العنصري إل صورته الوحشية ف أمريكا وجنوب
أفريقيا ف القرن العشرين ،ما زال يتاج إل وحي السلم الذي سوى قبل ثلثة عشر
قرنا 5ف واقع الياة ل ف عال الثل والحلم بي السود والبيض والحر ،ل فضل لحد
منهم على أحد إل بالتقوى.
وم نح العب يد ال سود :ل ال ساواة ف الن سانية فح سب ،بل أر فع ما يط مح إل يه
مسلم وهو ولية أمر السلمي! يقول الرسول الكري :اسعوا وأطيعوا ولو استعمل عليكم
عبد حبشي كأن رأسه زبيبة ،ما أقام فيكم كتاب ال تعال " ).(10
والعال الغارق ف الستعمار والستعباد ،الذي يصل إل درجة الوحشية ،ما يزال
يتاج إل وحي السلم الذي حرم الستعمار بقصد الستغلل ،وعامل البلد الت فتحها
-بقصد نشر الدعوة -معاملة ما تزال ف نظافتها وارتفاعها قمة ل تصل إليها أبصار
ا لقزام ف أورو با " التح ضرة " .في قرر ع مر بن ال طاب ضرب ا بن ع مرو بن ال عاص،
وي كاد ي ضرب ́ع مر5ا نف سه ،و هو ال قائد الظ فر وا لاكم الب جل ،لن اب نه ضرب شابا
مصريا 5قبطيا 5بغي وجه حق!
والعال الغارق ف مفاسد الرأسالية ،ما يزال يتاج إل نظام السلم الذي حرم
الربا والحتكار ،وها الركنان اللذان تقوم عليهما الرأسالية ،قبل القرن العشرين بثلثة
عشر من القرون!
والعال الذي غشيته الشيوعية الادية اللحدة ما يزال يتاج إل نظام السلم الذي
يقق أقصى حد للعدالة الجتماعية ،دون أن يتاج إل تفيف النابع الروحية ف النسان،
ول حصر عاله ف اليدان الضيق الذي تدركه الواس ،ودون أن يتاج إل فرض عقيدته
على الناس بالدكتاتورية ،إنا يقول لم " :ل إكراه ف الدين قد تبي الرشد من الغي ".
والعال الفزع من الرب ما يزال يتاج إل قيام السلم ،لن ذلك وحده هو
سبيله الواقعي إل السلم ،لفترة طويلة من الزمان.
كل! ل يستنفذ السلم أغراضه .وإن دوره ف مستقبل البشرية ل يقل بال عن
دوره الائل الذي أنار به وجه الرض ،حينما كانت أوروبا ما تزال ف عصر الظلمات.
()10أخرجه البخاري.
السلم ..والرق
ربا كانت هذه الشبهة أخبث ما يلعب به الشيوعيون لزلزلة عقائد الشباب! ..لو
كان السلم صالا 5لكل عصر -كما يقول دعاته -لا أباح الرق ..وإن إباحته للرق..
وإن إ باحته ل لرق لدليل قاطع ع لى أن ال سلم قد جاء ل فترة مدودة ،وأ نه أدى مهم ته
وأصبح ف ذمة التاريخ!
وإن الشباب الؤمن ذاته لتساوره بعض الشكوك! كيف أباح السلم الرق؟ هذا
الدين الذي ل شك ف نزوله من عند ال ،ول شك ف صدقه ،وف أنه جاء لي البشرية
كلها ف جيع أجيالا ..كيف أباح الرق؟ الدين الذي قام على الساواة الكاملة .الذي رد
الناس جيعا 5إل أصل واحد ،وعاملهم على أساس هذه الساواة ف الصل الشترك ..كيف
جعل ا لرق جزءا 5من ن ظامه و شرع له؟ أأÔوÔو´ ير يد ال لل ناس أن ينق سموا أ بدا 5إ ل سادة
وعب يد؟ أأÔو́Ôو ت لك م شيئته ف ا لرض؟ أأÔو ير ضى ا ل للمخ لوق ا لذي أكر مه إذ قال" :
ولقد كرمنا بن آدم " أن يصي طائفة منه سلعة تباع وتشترى كما كان الال مع الرقيق؟
وإذا كان ال ل يرضى بذلك ،فلماذا ل ينص كتابه الكري صراحة على إلغاء الرق كما
نص على تري المر واليسر والربا وغيها ما كرهه السلم؟
وإن ال شباب الؤمن ليعلم أن ال سلم د ين الق ،ولك نه كإبراهيم " :قال :أو ل
تؤمن؟ قال بلى ،ولكن ليطمئن قلب! ".
أما الشباب الذي أفسد الستعمار عقله وعقائده ،فإنه ل يتلبث حت يتبي حقيقة
المر ،وإنا ييل به الوى فيقرر دون مناقشة أن السلم نظام عتيق قد استنفد أغراضه!
وأما الشيوعيون خاصة فأصحاب دعاوى " علمية " مزيفة ،يتلقونا من سادتم
هناك ،فينتفشون با عجبا “ ،ويسبون أنم وقعوا على القيقة البدية الالدة الت ل مراء
فيها ول جدال ،وهي الادية الدلية ،الت تقسم الياة البشرية إل مراحل اقتصادية معينة
ل م عدى عن ها ول م يص .و هي ال شيوعية ا لول ،وا لرق ،والق طاع ،والرأ سالية،
والشيوعية الثانية )وهي ناية العال!( وأن كل ما عرفته البشرية من عقائد ونظم وأفكار،
إنا كانت انعكاسا 5للحالة القتصادية ،أو للطور القتصادي القائم حينئذ ،وأنا صالة له،
متلئ مة مع ظرو فه ،ولكن ها ل ت صلح للمرح لة التال ية ا لت ت قوم ع لى أ ساس اقت صادي
جد يد .وأ نه -من ث -ل يوجد نظام واحد ي كن أن يصلح لكل الج يال .وإذا كان
ال سلم قد جاء وال عال نا ية فترة ا لرق وم بادئ فترة الق طاع ،ف قد جاءت ت شريعاته
وعقائده ونظمه ملئمة لذا القدر من التطور ،فاعترفت بالرق ،وأباحت القطاع )!(11
ول يكن ف طوق السلم أن يسبق التطور القتصادي ،أو يبشر بنظام جديد ل تتهيأ بعد
إمكانياته القتصادية! لن كارل ماركس قال إن هذا مستحيل!
ونريد هنا أن نضع السألة ف حقيقتها التاريية والجتماعية والنفسية ،بعيد5ا عن
الغبار الذي يثيه هؤلء وأولئك ،فإذا حصلنا على حقيقة موضوعية فل علينا حينئذ من
دعاوي النحرفي ،و " العلماء " الزيفي!
نن ننظر اليوم إل الرق ف ظروف القرن العشرين ،وننظر إله ف ضوء الشناعات
ا لت ارتك بت ف عال النخا سة ،والعام لة الوح شية الب شعة ا لت سجلها التار يخ ف ال عال
الرومان خاصة ،فنستفظع الرق ،ول تطيق مشاعرنا أن يكون هذا اللون من العاملة أمرا
م شروعا 5ي قره د ين أو ن ظام .ث تغ لب علي نا انف عالت الستب شاع وال ستنكار فنع جب
ك يف أ باح ال سلم ا لرق ،و كل توجيهاته وت شريعاته كانت ترمي إ ل تر ير الب شر من
العبودية ف جيع ألوانا وأشكالا ،ونتمن ف حرارة النفعال أن لو كان السلم قد أراح
قلوبنا وعقولنا فنص على تريه بالقول الصريح.
وهنا وقفة عند حقائق التاريخ .ففظائع الرق الرومان ف العال القدي ل يعرفها
قط تاريخ السلم ،ومراجعة بسيطة للحالة الت كان يعيش عليها الرقاء ف المباطورية
الرومانية ،كفيلة بأن ترينا النقلة الائلة الت نقلها السلم للرقيق ،حت لو ل يكن عمل
على تريره -وهذا غي صحيح!
كان الرق يق ف عرف الرو مان " شيئا " ل ب شرا .شيئا ل ح قوق له الب تة ،وإن
كان عليه كل ثقيل من الواجبات .ولنعلم أول من أين كان يأت هذا الرقيق .كان يأت
من طريق الغزو .ول يكن هذا الغزو لفكرة ول لبدأ.
وإنا كان سببه الوحيد شهوة استعباد الخرين وتسخيهم لصلحة الرومان.
فلكي يعيش الرومان عيشة البذخ والترف ،يستمتع بالمامات الباردة والساخنة،
والثياب الفاخرة ،وأطايب الطعام من كل لون ،ويغرف ف التاع الفاجر من خر ونساء
ف سبيل هذه الشهوة الفاجرة كان الستعمار الرومان ،وكان الرق الذي نشأ
من ذلك الستعمار .أما الرقيق فقد كانوا -كما ذكرنا -أشياء ليس لا كيان البشر ول
ح قوق الب شر .كانوا يعم لون ف ال قول و هم م صفدون ف ا لغلل الثقي لة ا لت تك في
لنعهم من الفرار .ول يكونوا يµط́Öعمون إل إبقاء على وجودهم ليعملوا ،ل لن من حقهم
-حت كالبهائم والشجار -أن يأخذوا حاجتهم من الغذاء .وكانوا -ف أثناء العمل -
يساقون بالسوط ،لغي شيء إل اللذة الفاجرة الت يسها السيد أو وكيله ف تعذيب هذه
الخلوقات .ث كانوا ينامون ف " زنزانات " مظلمة كريهة الرائحة تعيث فيها الشرات
والفئران ،فيل قون في ها ع شرات ع شرات قد يبل غون خ سي ف الزانزا نة الوا حدة -
بأصفادهم -فل يتاح لم حت الفراغ الذي يتاح بي بقرة وبقرة ف حظية اليوانات.
ت لك كانت حل قات ال بارزة بال سيف والر مح ،و كانت من أ حب الهرجا نات
إليهم ،فيجت مع إليها السادة وعلى رأسهم المباطور أحيانا ،5ليشاهدوا الرقيق يتبارزون
مبارزة حقيقية ،توجه فيها طعنات السيوف والرماح إل أي مكان ف السم بل ترز ول
احت ياط من الق تل .بل كان ا لرح ي صل إ ل أق صاه ،وترت فع ال ناجر بال تاف وا لكف
بالتصفيق ،وتنطلق الضحكات السعيدة العميقة الالصة حي يقضي أحد التبارزين على
زميله قضاء كامل ،5فيلقيه طريا 5على الرض فاقد الياة!
ذلك كان الرقيق ف العال الرومان .ول نتاج أن نقول شيئ5ا عن الوضع القانون
للرقيق عندئذ ،وعن حق السيد الطلق ف قتله وتعذيبه واستغلله دون أن يكون له حق
الشكوى ،ودون أن تكون هناك جهة تنظر ف هذه الشكوى أو تعترف با ،فذلك لغو
بعد كل الذي سردناه.
و ل ت كن معام لة الرق يق ف فارس وال ند وغي ها ،تت لف كثي5ا ع ما ذكر نا من
ح يث إ هدار إن سانية الرق يق إ هدارا 5كامل “ ،وتمي له بأث قل الواج بات دون إع طائه ح قا
مقابلها ،وإن كانت تتلف فيما بينها قليل 5أو كثيا 5ف مدى قسوتا وبشاعتها.
ث جاء السلم …
" بعضكم من بعض " ) .(12جاء ليقول " :من قتل عبده قتلناه ،ومن جدع عبده
جدعناه ،ومن أخصى عبده أخصيناه " ) .(13جاء ليقرر وحدة الصل والنشأ والصي" :
أنتم بنو آدم وآدم من تراب " ) ،(14وأنه ل فضل لسيد على عبد لرد أن هذا سيد وهذا
عبد .وإنا الفضل للتقوى " :أل ل فضل لعرب على أعجمي ،ول لعجمي على عرب،
ول لسود على أحر ،ول أحر على أسود إل بالتقوى " ).(15
جاء ليأمر السادة أمرا 5أن يسنوا معاملتهم للرقيق " :وبالوالدين إحساناا ،5وبذي
القر ب والي تامى وال ساكي وا لار ذي القر ب ،وا لار ال نب ،وال صاحب بالنب ،وا بن
السبيل ،وما ملكت أيانكم إن ال ل يب من كان متال 5فخورا " ) .(16وليقرر أن العلقة
بي السادة والرقيق ليست علقة الستعلء والستعباد ،أو التسخي أو التحقي ،وإنا هي
علقة القرب والخوة .فالسادة " أهل " الارية يµستأذنون ف زواجها " :فمن ما ملكت
أ يانكم من فت ياتكم الؤم نات وا ل أع لم بإ يانكم .بعضكم من بعض ،فانكحوهن بإذن
أهلهن ،وآتوهن أجورهن بالعروف " ) ،(17وهم إخوة للسادة " :إخوانكم خولكم ..فمن
كان " أخوه " تت يده فليطعمه ما يطعم ،وليلبسه ما يلبس ،ول تكلفوهم ما يغلبهم،
فإن كلفت موهم فأعينوهم " ) .(18وز يادة ف رعا ية م شاعر الرق يق ي قول الر سول الكر ي
()12سورة النساء ].[25
()13حديث رواه الشيخان وأبو داود والترمذي والنسائي.
()14حديث رواه مسلم وأبو داود..
()15أخرجه الطبي ف كتاب " آداب النفوس " " بإسناده عمن سع رسول ال صلى ال عليه وسلم
بن ".
()16سورة النساء[.] 36
()17سورة النساء[ .]25
()18حديث رواه البخاري.
).(19
صلى ال عليه وسلم " :ليقل أحدكم :هذا عبدي وهذه أمت ،وليقل :فتاي وفتات "
ويستند على ذلك أبو هريرة فيقول لرجل ركب وخلفه عبده يري " :احله خلفك ،فإنه
أخوك ،وروحه مثل روحك ".
ول يكن ذلك كل شئ .ولكن ينبغي قبل أن ننتقل إل الطوة التالية أن نسجل
القفزة الائلة الت قفزها السلم بالرقيق ف هذه الرحلة.
ل يعد الرقيق " شيئا " .وإنا صار بشرا 5له روح كروح السادة .وقد كانت المم
الخرى كلها تعتبالرقيق جنس5ا آخر غي جنس السادة ،خلق ليستعبد ويستذل ،ومن هنا
ل ت كن ضمائرهم ت تأث من قت له وت عذيبه وك يه بال نار وت سخيه ف الع مال ال قذرة
والعمال الشاقة ) .(20ومن هنالك رفعه السلم إل مستوى الخوة الكرية ،ل ف عال
الثل والحلم ،بل ف عال الواقع .ويشهد التاريخ -الذي ل ينكره أحد ،حت التعصبون
من كتاب أوربا -بأن معاملة الرقيق ف صدر السلم بلغت حدا 5من النسانية الرفيعة ل
تبلغه ف أي مكان آخر .حد5ا جعل الرقيق الررين يأبون مغادرة سادتم السابقي -مع
أ نم يل كون ذ لك ب عد أن ترروا اقت صاديا 5وت عودوا ع لى ت مل تب عات أنف سهم -لنم
أهل لم ،يربطهم بم ما يشبه روابط الدم! وأصبح الرقيق كائنا 5إنسانيا 5له كرامة
يعتبونم 5
يميها القانون ،ول يوز العتداء عليها بالقول ول بالفعل .فأما القول فقد نى صلى ال
عليه وسلم السادة عن تذكي أرقائهم بأنم أرقاء .وأمرهم أن ياطبوهم با يشعرهم بودة
ال هل وين في عن هم صفة العبود ية ،و قال لم ف م عرض هذا ال توجيه " :إن ا ل ملك كم
إياهم ولو شاء للكهم إياكم " ) (21فهي إذن مرد ملبسات عارضة جعلت هؤلء رقيقا،5
وكان من المكن أن يكونوا سادة لن هم اليوم سادة! وبذلك يغض من كبياء هؤلء،
ويرد هم إ ل ال صرة الب شرية ا لت تربط هم جي عا ،5وا لودة ا لت ينب غي أن ت سود عل قات
بع ضهم ببعض .وأ ما الع تداء ال سدي فعقوبته الصرية هي العام لة بال ثل " :و من ق تل
ع بده قتل ناه " ..و هو م بدأ صريح الدل لة ع لى ال ساواة الن سانية ب ي الرق يق وال سادة،
وصريح ف بيان الضمانات الت ييط با حياة هذه الطائفة من البشر -الت ل يرجها
وضعها العارض عن صفتها البشرية الصيلة -وهي ضمانات كاملة ووافية ،تبلغ حدا
عجيبا 5ل يصل إليه قط تشريع آخرمن تشريعات الرقيق ف التاريخ كله ،ل قبل السلم
ول بعده ،إذ جعل مرد لطم العبد ف غي تأديب )وللتأديب حدود مرسومة ل يتعداها
ول يتجاوز على أي حال ما يؤدب به السيد أبناءه( مبرا 5شرعيا 5لتحرير الرقيق.
ل قد كانت ال طوة ال سابقة ف الوا قع تر ير5ا روح ي5ا للرق يق ،برده إ ل الن سانية
ومعاملته ع لى أ نه ب شر كر ي ل يفترق عن ال سادة من ح يث الصل ،وإنا هي ظروف
عارضة حدت من الرية الارجية للرقيق ف التعامل الباشر مع التمع ،وفيما عدا هذه
النقطة كانت للرقيق كل حقوق الدميي.
ولكن السلم ل يكتف بذا ،لن قاعدته الساسية العظمى هي الساواة الكاملة
ب ي الب شر ،و هي التحر ير الكا مل ل كل الب شر .و لذلك ع مل فعل 5ع لى تر ير الر قاء،
بوسيلتي كبيتي :ها العتق والكاتبة.
فأما العتق فهو التطوع من جانب السادة بتحرير من ف يدهم من الرقاء ،وقد
شجع ال سلم ع لى ذ لك ت شجيعا 5كبيا ،5و كان الر سول الكر ي صلى ا ل عل يه و سلم
القدوة الول ف ذلك إذ أعتق من عنده من الرقاء ،وتله ف هذا أصحابه ،وكان أبو
بكر ينفق أموال 5طائلة ف شراء العبيد من سادة قريش الكفار ،ليعتقهم وينحهم الرية؛
وكان بيت الال يشتري العبيد من أصحابم ويررهم كلما بقيت لديه فضلة من مال.
قال يي بن سعيد " :بعثن عمر بن عبد العزيز على صدقات إفريقية ،فجمعتها ث طلبت
فقراء نعطيها لم فلم ند فقي5ا ول ند من يأخذها منا ،فقد أغن عمر بن عبد العزيز
الناس ،فاشتريت با عبيد5ا فأعتقتهم".
وكان النب صلى ال عليه وسلم يعتق من الرقاء من يعلم عشرة من السلمي
ال قراءة والكتا بة ،أو يؤدي خد مة ماث لة للم سلمي .و نص ال قرآن الكر ي ع لى أن ك فارة
بعض الذنوب هي عتق الرقاب .كما كان النب صلى ال عليه وسلم يث على العتق
تكف يا 5عن أي ذ نب يأتيه الن سان ،وذ لك للع مل ع لى تر ير أ كب عدد م كن من هم،
فالذنوب ل تنقطع ،وكل ابن آدم خطاء كما يقول الرسول .ويسن هنا أن نشي إشارة
خاصة إل إحدى هذه الكفارات لدللتها الاصة ف نظرة السلم إل الرق ،فقد جعل
كفارة القتل الطأ دية مسلمة إل أهل القتيل وترير رقبة " :ومن قتل مؤمنا 5خطأ فتحرير
رق بة مؤم نة ود ية م سل ل¸مة إ ل أه له " ) .(22والقت يل ا لذي ق تل خ طأ هو روح إن سانية قد
فقدها أهلها كما فقدها التمع دون وجه حق ،لذلك يقرر السلم التعويض عنها من
جانبي :الت عويض لهل ها بالد ية ال سلمة لم ،والت عويض للمجت مع بتحر ير رق بة مؤم نة!
فكأن ترير الرقيق هو إحياء لنفس إنسانية تعوض النفس الت ذهبت بالقتل الطأ .والرق
على ذلك هو موت أو شبيه بالوت ف نظر السلم ،على الرغم من كل الضمانات الت
)!(23
أحاط با الرقيق ،ولذلك فهو ينتهز كل فرصة " لحياء " الرقاء بتحريرهم من الرق
ويذكر التاريخ أن عددا 5ضخما 5من الرقاء قد حرر بطريق العتق ،وأن هذا العدد
الضخم ل مثيل له ف تاريخ المم الخرى ،ل قبل السلم ،ول بعده بقرون عدة حت
مطلع العصر الديث .كما أن عوامل عتقهم كانت إنسانية بتة ،تنبع من ضمائر الناس
ابتغاء مرضاة ال ،ولشيء غي مرضاة ال.
أما الكاتبة ،فهي منح الرية للرقيق مت طلبها بنفسه ،مقابل مبلغ من الال يتفق
عليه السيد والرقيق .والعتق هنا إجباري ل يلك السيد رفضه ول تأجيله بعد أداء البلغ
التفق عل يه .وإل تدخلت الدو لة )القا ضي أو ا لاكم( لتنف يذ الع تق بالقوة ،وم نح الر ية
لطالبها.
وبتقر ير الكات بة ،ف تح ف الوا قع باب التحر ير ف ال سلم ،لن أ حس ف دا خل
نفسه برغبة التحرر ،ول ينتظر أن يتطوع سيده بتحريره ف فرصة قد تسنح أو ل تسنح
على مر اليام.
ومنذ اللحظة الول الت يطلب فيها الكاتبة -والسيد ل يلك رفض الكاتبة مت
طلبها الرقيق ،ول يكن ف تريره خطر على أمن الدولة السلمية -يصبح عمله عند
سيده بأجر ،أو يتاح له -إذا رغب -أن يعمل ف الارج بأجر ،حت يمع البلغ التفق
عليه.
ومثل ذلك قد حدث ف أوربا ف القرن الرابع عشر -أي بعد تقرير السلم له
ب سبعة قرون -مع فارق كبي ل يو جد ف غ ي ال سلم ،و هو كفا لة الدو لة للر قاء
الكاتبي -وذلك إل جانب مهود السلم الضخم ف عتق الرقاء تطوعا 5بل مقابل،
تقربا 5إل ال ووفاء بعبادته.
ت قول ال ية ا لت تبي م صارف الز كاة " :إ نا ال صدقات للف قراء وال ساكي
والعاملي عليها ...وف الرقاب … " ) (24فتقرر أن الزكاة تصرف من بيت الال -وهو
الزا نة العا مة ف ال عرف ا لديث -لعاو نة ال كاتبي من الر قاء لداء ثن التحر ير ،إذا
عجزوا بكسبهم الاص عن أدائه.
وبذا وذاك يكون السلم قد خطا خطوات فعليه واسعة ف سبيل ترير الرقيق ،
وسبق با التطور التاريي كله بسبعة قرون على القل ،وزاد على هذا التطور عناصر -
كرعاية الدولة -ل يفىء إليها العال إل ف مطلع تاريه الديث .وعناصر أخرى ل يفىء
إليها أبدا ،5سواء ف حسن معاملة الرقيق ،أو ف عتقه تطوعا ،5بغي ضغط من التطورات
القتصادية أو السياسية الت اضطرت الغرب اضطرارا 5لتحرير الرقيق كما سيجيء.
وبذا وذاك تسقط حذلقة الشيوعيون ودعاواهم " العلمية " الزائفة ،الت تزعم
أن السلم حلقة من حلقات التطور القتصادي جاءت ف موعدها الطبيعي حسب سنة
الادية الدلية -فها هي ذي قد سبقت موعدها بسبعة قرون -والت تزعم أن كل نظام
-با ف ذلك السلم -إن هو إل انعكاس للتطور القتصادي القائم وقت ظهوره ،وأن
كل عقائده وأفكاره تلئم هذا التطور وتستجيب له ،ولكنها ل تسبقه ،ول تستطيع أن
تسبقه ،كما قرر العقل الذي ل يطىء ول يأتيه الباطل من فوقه ول من تته ،عقل كارل
مارس تقدست ذكراه! فها هو ذا السلم ل يعمل بوحي النظم القتصادية القائمة حينئذ
ف جزيرة العرب وف العال كله ،ل ف شأن الرقيق ،ول ف توزيع الثروة ،ول ف علقة
الاكم بالكوم ،أو الالك بالجي ) ،(25وإ نا كان ين شئ نظمه الجتماعية والقتصادية
تطوعا 5وإنشاء على نو غي مسبوق ،ول يزال ف كثي من أبوابه متفردا 5ف التاريخ.
وهنا يطر السؤال الائر على الفكار والضمائر :إذا كان السلم قد خطا هذه
الطوات كلها نو ترير الرقيق ،وسبق با العال كله متطوعا 5غي مضطر ول مضغوط
()24سورة التوبة].[60
()25انظر الفصول التالية.
عليه ،فلماذا ل يط الطوة الاسة الباقية ،فيعلن ف صراحة كاملة إلغاء الرق من حيث
البدأ؟
وللجا بة ع لى هذا ال سؤال ينب غي أن ندرك ح قائق اجتماع ية ونف سية وسيا سية
أ حاطت بوضوع ا لرق ،وجع لت ال سلم يضع ال بادئ الكفيلة بتحر ير الرق يق ،و يدعها
تعمل عملها على الدى الطويل.
يب أن نذكر أول 5أن الرية ل تنح وإنا تؤخذ .وترير الرقيق بإصدار مرسوم
كما يتخيل البعض ل يكن ليحرر الرقيق! والتجربة المريكية ف ترير الرقيق برة قلم
على يد أبراهام لنكولن خي شاهد لا نقول ،فالعبيد الذين حررهم لنكولن -من الارج
-بالتشريع ،ل يطيقوا الرية ،وعادوا إل سادتم يرجونم أن يقبلوهم عبيدا 5لديهم كما
كانوا ،لنم -من الداخل -ل يكونوا قد ترروا بعد.
والسألة على غرابتها ليست غريبة حي ينظر إليها على ضوء القائق النفسية.
فال ياة عادة .واللب سات ا لت يع يش في ها الن سان هي ا لت تك يف م شاعره وت صوغ
أحاسيسه وأجهزته النفسية ) .(26والكيان النفسي للعبد يتلف عن الكيان النفسي للحر،
ل لنه جنس آخر كما ظن القدماء ،ولكن لن حياته ف ظل العبودية الدائمة جعلت
أجهز ته النف سية تتك يف بذه اللب سات ،فتن مو أج هزة الطا عة إ ل أق صى حد ،وت ضمر
أجهزة السؤولية واحتمال التبعات إل أقصى حد..
فالع بد ي سن الق يام ب كثي من ا لمور ح ي يأمره با سيده ،فل ي كون عل يه إل
الطاعة والتنفيذ .ولكنه ل يسن شيئ5ا تقع مسؤوليته على نفسه ،ولو كان أبسط الشياء،
ل لن ج سمه يع جز عن الق يام با ،ول لن ف كره -ف ج يع ا لحوال -يع جز عن
فهم ها؛ ول كن لن نف سه ل تط يق احت مال تبعا تا ،فيتخ يل في ها أخ طارا 5موهو مة،
ومشكلت ل حل لا ،فيفر منها إبقاء على نفسه من الخطار!
ول عل ا لذين يع نون الن ظر ف ال ياة ال صرية -وال شرقية -ف الع هود ا لخية
يدركون أ ثر هذه العبود ية الف ية ا لت و ضعها ال ستعمار ا لبيث ف ن فوس ال شرقيي
()26يقول دعاة الذهب الادي إن اللبسات الارجية هي الت )تلق( الشاعر .ونن ل نؤمن بذلك
لن فيه مغالطة صارخة .فهناك رصيد نفسي سابق ف وجوده لذه اللبسات ،واللبسات )تكيف(
هذا الرصيد ،لكنها ل تلقه من العدم.
ليستعبدهم للغرب .يدركونا ف الشروعات العطلة الت ل يعطلها -ف كثي من الحيان
-إل الب عن مواجهة نتائجها! والشروعات الدروسة الت ل تنفذها الكومات حت
تستقدم خبي5ا انليزيا 5أو أمريكيا ) ..(27ال .ليحتمل عنها مسؤولية الشروع ويصدر الذن
بالتنف يذ! وال شلل ا لروع ا لذي ي يم ع لى ا لوظفي ف ا لدواوين ويق يد إن تاجهم بالروتي
التحجر ،لن أحد5ا من الوظفي ل يستطيع أن يصنع إل ما يأمره به " السيد " الوظف
الكبي ،وهذا بدوره ل يلك إل إطاعة " السيد " الوزير ،ل لن هؤلء جيعا 5يعجزون عن
العمل ،ولكن لن جهاز التبعات عندهم معطل وجهاز الطاعة عندهم متضخم ،فهم أشبه
شيء بالعبيد ،وإن كانوا رسيا 5من الحرار!
هذا التك يف النف سي للع بد هو ا لذي ي ستعبده .و هو نا شىء ف أ صله من
اللبسات الارجية بطبيعة الال ،ولكنه يستقل عنها ،ويصبح شيئا 5قائم5ا بذاته كفرع
ال شجرة ا لذي ي تدل إ ل ا لرض ،ث يد جذورا 5خا صة به وي ستقل عن ال صل .و هذا
التك يف النف سي ل يذهب به إعلن ت صدره الدو لة بإل غاء ا لرق .بل ينب غي أن يغ ي من
الداخل ،بوضع ملبسات جديدة تكيف الشاعر على نو آخر ،وتنمي الجهزة الضامرة
ف نفس العبد ،وتصنع كيانا 5بشريا 5سويا 5من كيانه الشوه المسوخ.
فقد بدأ أول بالعاملة السنة للرقيق .ول شيء كحسن العاملة يعيد توازن النفس
النحرفة ،ويرد إليها اعتبارها ،فتشعر بكيانا النسان ،وكرامتها الذاتية ،وحي ذلك تس
طعم الرية فتتذوقه ،ول تنفر منه كما نفر عبيد أمريكا الررون.
كان الرسول صلى ال عليه وسلم يؤاخي بي بعض الوال وبعض الحرار من
سادة العرب .فآخى بي بلل بن رباح وخالد بن روية الثعمي ،وبي موله زيد وعمه
حزة ،وبي خارجة بن زيد وأب بكر ،وكانت هذه الؤاخاة صلة حقيقية تعدل رابطة الدم
وتصل إل حد الشتراك ف الياث!
فقد زوج بنت عمته زينب بنت جحش من موله زيد .والزواج مسألة حساسة
جد5ا وخا صة من جانب ا لرأة ،ف هي تق بل أن تتزوج من يف ضلها مقا ما 5ولكن ها تأب أن
يكون زوجها دونا ف السب والنسب والثروة ،وتس أن هذا يط من شأنا ويغض من
كبيائها .ولكن الرسول صلى ال عليه وسلم كان يهدف إل معن أسى من كل ذلك
وهو رفع الرقيق من الوهدة الت دفعته إليها البشرية الظالة إل مستوى أعظم سادة العرب
من قريش.
هذه النماذج الت وضعها السلم كان القصود با ترير الرقيق من الداخل -
ك ما قل نا ف م بدأ هذا الف صل -ل كي يس بك يانه فيط لب الر ية ،و هذا هو ال ضمان
القيقي للتحرير.
وصحيح أنه شجع على العتق وحث عليه بكل الوسائل ،ولكن هذا نفسه كان
جزءا 5من الترب ية النف سية للرق يق ،ل كي ي شعروا أن ف إم كانم أن ي صلوا ع لى الر ية
ويتمتعوا بكل ما يتمتع به السادة من حقوق ،فتزداد رغبتهم ف الرية ويتقبلوا احتمال
()28رواه البخاري.
التبعات ف سبيلها ،وهنا يسارع ف منحها لم ،لنم حينئذ مستحقون لا ،قادرون على
صيانتها.
وفرق كبي بي النظام الذي يشجع الناس على طلب الرية ويهيء لا الوسائل،
ث يعطي ها لم ف اللح ظة ا لت يطلبو نا بأنف سهم ،وب ي الن ظم ا لت تدع ا لمور تتع قد
وتتحرج ،حت تقوم الثورات القتصادية والجتماعية وتزهق الرواح بالئات واللوف ،ث
ل تعطي الرية لطلبا إل مبة كارهة.
و قد كان من ف ضائل ال سلم ال كبى ف م سألة الرق يق ،أ نه قد حرص ع لى
التحرير القيقي له من الداخل والارج ،فلم يكتف بالنية الطيبة كما فعل لنكولن بإصدار
ت شريع ل ر صيد له ف دا خل الن فوس؛ ما يث بت ع مق إدراك ال سلم للطبي عة الب شرية،
وفطنته إل خي الوسائل لعالتها .وهذا إل جانب تطوعه بإعطاء القوق لصحابا ،مع
تربيتهم على التمسك با واحتمال تبعاتا -على أساس الب والودة بي جيع طوائف
التمع -قبل أن يتصارعوا من أجل هذه القوق ،كما حدث ف أوربا ،ذلك الصراع
البغيض الذي يفف الشاعر ويورث الحقاد .فيفسد كل ما يكن أن تصيبه البشرية من
الي ف أثناء الطريق.
والن نتحدث عن العامل الكب الذي جعل السلم يضع الساس لتحرير الرقيق
ث يدعه يعمل عمله من خلل الجيال.
لقد جفف السلم منابع الرق القدية كلها ،فيما عدا منبعا 5واحدا 5ل يكن يكن
أن يففه ،وهو رق الرب .ولنأخذ ف شيء من التفصيل.
كان العرف السائد يومئذ هو استرقاق أسرى الرب أو قتلهم ) .(29وكان هذا
العرف قديا 5جدا ،5موغل 5ف ظلمات التاريخ ،يكاد يرجع إل النسان الول ،ولكنه ظل
ملزما 5للنسانية ف شت أطوارها.
()29جاء ف الو سوعة التاري ية ال سماة " تار يخ ال عال " Universal History of the World :ف ص
2273ما ترج ته " :و ف سنة 599ر فض ا لمباطور )الرو مان( موريس ـ ب سبب رغب ته ف
القتصاد ـ أن يفتدي بضع ألوف من السرى وقعوا ف يد الوار فقتلهم خان الوار عن بكرة أبيهم
".
وجاء السلم والناس على هذا الال .ووقعت بينه وبي أعداءه الروب ،فكان
السرى السلمون يسترقون عند أعداء السلم ،فتسلب حرياتم ،ويعامل الرجال منهم
بالعسف والظلم الذي كان يري يومئذ على الرقيق ،وتنتهك أعراض النساء لكل طالب،
يشترك ف الرأة الواحدة الرجل وأولده وأصدقاؤه من يبغي الستمتاع منهم ،بل ضابط
ول نظام ،ول احترام لنسانية أولئك النساء أبكارا 5كن أم غي أبكار .أما الطفال -إن
وقعوا أسرى -فكانوا ينشأون ف ذل العبودية البغيض.
فلما جاء السلم أبطل ذلك كله ،وحرم الروب كلها .إل أن تكون جهادا 5ف
سبيل ال ..جهادا 5لدفع اعتداء عن السلمي ،أو لتحطيم القوى الباغية الت تفت الناس عن
دينهم بالقهر والعنف .أو لزالة القوى الضالة الت تقف ف سبيل الدعوة وإبلغها للناس
ليوا الق ويسمعوه.
فهي دعوة سلمية ل تكره أحدا) :5ل إكراه ف الدين قد تبي الرشد من الغي(
) (32وبقاء اليهود والسيحيي ف العال السلمي على دينهم حت اللحظة برهان قاطع ل
يقبل الدل ول الماحكة ،يثبت أن السلم ل يكره غيه على اعتناقه بقوة السيف ).(33
فاذا ق بل ال ناس ال سلم ،واه تدوا إ ل د ين ا لق ،فل حرب ول خ صومة ول
خضوع من أمة لمة ،ول تييز بي مسلم ومسلم على وجه الرض ،ول فضل لعرب على
عجمي إل بالتقوى.
عند ذلك فقط يقوم القتال ،ولكنه ل يقوم بغي إنذار أو إعلن ،لعطاء فرصة
أخية لقن الدماء ونشر السلم ف ربوع الرض) :وإن جنحوا للسلم فاجنح لا وتوكل
).(35
على ال(
تلك هي الرب السلمية ،ل تقوم على شهوة الفتح ول رغبة الستغلل ،ول
دخل فيها لغرور قائد حرب أو ملك مستبد ،فهي حرب ف سبيل ال وف سبيل هداية
البشرية ،حي تفق الوسائل السلمية كلها ف هداية الناس.
ولا مع ذلك تقاليد؛ يقول الرسول صلى ال عليه وسلم ف وصيته" :اغزوا باسم
ال ف سبيل ال .قاتلوا من كفر بال .اغزوا ول تغدروا ول تثلوا ول تقتلوا وليدا" ).(36
فل قتل لغي الارب الذي يقف بالسلح يقاتل السلمي ،ول تريب ول تدمي
ول هتك للعراض ،ول إطلق لشهوة الشر والفساد) :إن ال ل يب الفسدين(.
ومع ذلك فإن السلم لل يسترق السرى لرد اعتبار أنم ناقصون ف آدميتهم،
وإ نا لنم -و هذه حالم -قد جاءوا يع تدون ع لى حى ال سلم ،أو وق فوا بالقوة
السلحة يولون بي الدى الربان وبي قلوب الناس.
وحت مع ذلك فلم يكن تقليد السلم الدائم هو استرقاق السرى .فقد أطلق
الر سول صلى ا ل عل يه و سلم ب عض أ سرى بدر من ال شركي من نàا بغ ي فداء ،وأط لق
بعضهم لقاء فدية ،وأخذ من نصارى نران جزية ورد إليهم أسراهم ،ليضرب بذلك الثل
لا يريد أن تتدي إليه البشرية ف مستقبلها.
وما هو جدير بالشارة هنا أن الية الوحيدة الت تعرضت لسرى الرب) :فإما
م ن•ا ب عد وإ ما فداء حت ت ضع ا لرب أوزار ها( ) (38ل تذكر ال سترقاق لل سرى ،وإ نا
ذ كرت ال فداء وإطلق ال سراح دون مقا بل ،حت ل ي كون ال سترقاق ت شريعا 5دائ ما
للب شرية ول ضربة لزب ،إ نا هو أ مر يل جأ إل يه ال يش ال سلمي ا لارب إذا اقت ضته
الظروف واللبسات.
فكأن المر ف القيقة ل يكن استرقاقا 5من أجل السترقاق .ول كان الرق أصل
دائم5ا يهدف السلم إل الافظة عليه ،فاتاه السلم إل ترير الرقيق هو التاه البارز
الذي تشي كل الدلئل إليه.
تقوم الرب بي السلمي وأعداء السلم فيقع بعض السرى من الكفار ف يد
السلمي ،فيصبحون -ف بعض الالت ،ل ف كل الالت ول بصورة حتمية -رقيق
حرب ،فيعي شون فترة من الز من ف جو الت مع ال سلمي ،يب صرون عن ك ثب صورة
ال عدل الر بان مطب قا 5ف وا قع ا لرض ،وت شملهم روح ال سلم الرحي مة ب سن معاملت ها
واعتبارات تا الن سانية ،فتت شرب أرواح هم بشا شة ال سلم ،وتتف تح ب صائرهم لل نور..
وعندئذ يررهم السلم بالعتق ف بعض الحيان ،أو بالكاتبة إن تاقت نفوسهم إل الرية
وسعوا إليها.
وبذلك تصبح الفترة الت يقضونا ف الرق ف القيقة فترة علج نفسي وروحي،
قوامه إحسان العاملة لم ،وإشعارهم بآدميتهم الهدرة ،وتوجيه أرواحهم إل النور الربان
بغي إكراه ..ث ف النهاية يكون التحرير..
أما النساء فقد كرمهن -حت ف رقهن -عما كن يلقي ف غي بلد السلم.
فلم تعد أعراضهن نبا 5مباحا 5لكل طالب على طريقة البغاء )وكان هذا هو مصي أسيات
الروب ف أغلب الحيان( وإنا جعلهن ملكا 5لصاحبهن وحده ،ل يدخل عليهن أحد
غيه ،وجعل من حقهن نيل الرية بالكاتبة ،كما كانت ترر من ولدت لسيدها ولدا
ويرر معها ولدها ،وكن يلقي من حسن العاملة ما أوصى به السلم.
الول :هو تعدد منابع الرق عند الدول الخرى بغي ضرورة ملجئة سوى شهوة
الستعباد ،من استرقاق أمة لمة ،وجنس لنس ،واسترقاق للفقر .واسترقاق بالوراثة من
اليلد ف طبقة معينة ،واسترقاق بسبب العمل ف الرض إل ،وإلغاء هذه النابع كلها ف
السلم ،فيما عدا النبع الوحيد الذي شرحنا ظروفه من قبل.
والثان :أن أوربا مع تعدد موارد الرق فيها بغي ضرورة ،ل تلغ الرق حي ألغته
متطو عة ،وك تابم ي عترفون بأن ا لرق أل غي ح ي ضعف إن تاج الرق يق -ل سوء أ حوالم
العيشية وفقدان الرغبة أو القدرة على العمل -بيث أصبحت تكاليف العبد من إعاشة
وحرا سة أ كثر من إن تاجه!! ف هي إذن ح سبة اقت صادية ل غ ي ،ي سب في ها الك سب
والسارة ،ول ظل فيها لي معن من العان النسانية الت تشعر بكرامة النس البشري،
فتم نح الرق يق حري ته من أجل ها! هذا بال ضافة إ ل ال ثورات التتاب عة ا لت قام با الرق يق
فاستحال معها دوام استرقاقه.
ومع ذلك فإن أوربا حينئذ ل تنحه الرية .ولكنها حولته من رقيق للسيد إل
رقيق للرض ،يباع معها ويشترى ،ويدم فيها ،ول يوز له أن يغادرها ،وإل اعتب آبقا
وأعيد إليها بقوة القانون مكبل 5بالسلسل مكويا 5بالنار .وهذا اللون من الرق هو الذي
ب قي حت حرم ته ال ثورة الفرن سية ف ال قرن ال ثامن ع شر ،أي ب عد أن قرر ال سلم م بدأ
التحرير با يزيد على ألف ومائة عام.
والمر الثالث :أنه ل يوز أن تدعنا الساء .فقد ألغت الثورة الفرنسية الرق ف
أوربا ،وألغى لنكولن الرق ف أمريكا ،ث اتفق العال على إبطال الرق ..كل ذلك من
الظاهر .وإل فأين هو الرق الذي ألغي؟ وما اسم ما يدث اليوم ف كل أناء العال؟ وما
اسم الذي كانت تصنعه فرنسا ف الغرب السلمي؟ وما اسم الذي تصنعه أمريكا ف
الزنوج ،وانلترا ف اللوني ف جنوب افريقيا؟
أليس الرق ف حقيقته هو تبعية قوم لقوم آخرين ،وحرمان طائفة من البشر من
القوق الباحة للخرين؟ أم هو شيء غي ذلك؟ وماذا يعن أن يكون هذا تت عنوان
ا لرق ،أو تت ع نوان الر ية وال خاء وال ساواة؟ ماذا تدي الع ناوين البا قة إذا كانت
القائق الت وراءها هي أخبث ما عرفته البشرية من القائق ف تاريها الطويل؟
لقد كان السلم صريا 5مع نفسه ومع الناس فقال :هذا رق ،وسببه الوحيد هو
كذا ،والطريق إل التحرر منه مفتوح.
وحي يضع المريكان على فنادقهم ونواديهم لفتات تقول " :للبيض فقط " أو
تقول ف وقاحة كريهة " :منوع دخول السود والكلب " ،وحي يفتك جاعة من البيض
" التح ضرين " بوا حد من ال لوني ،فيطر حونه أر ضا 5وي ضربونه بأ حذيتهم حت ي سلم
الروح ،ورجل الشرطة واقف ل يتحرك ول يتدخل ،ول يهم لنجدة أخيه ف الوطن وف
الدين واللغة
.فضل 5عن الخوة ف البشرية ،كل ذلك لنه -وهو ملون -ترأ فمشى إل
جانب فتاة أمريكية بيضاء ل عرض لا -وبإذنا ل كرها عنها -يكون هذا هو أقصى
ما وصل إليه القرن العشرون من التحضر والرتفاع.
أما حي يتهدد العبد الوسي عمر بالقتل ،ويفهم عنه عمر ذلك ،ث ل يبسه ول
ينفيه من الرض ،ول نقول يقتله ،وهو ملوق ناقص الدمية حقا لنه يعبد النار ويصر
على عبادتا تعصبا 5منه للباطل بعد أن رأى الق بعينيه ،فما أشد هجية عمر ،وما أشد
ازدراءه لكرا مة ال نس الب شري لنه قال " :تددن الع بد "! ث تر كه حرا 5حت ارت كب
جريته فقتل خليفة السلمي ،لنه ل يكن يلك عليه سلطانا 5قبل أن يقترف الرية.
أما ضمي أوربا فل يطيق هذه اليوانية ...ولذلك أباحت البغاء ومنحته رعاية
القانون وحايته! وراحت تنشره عامدة ف كل بلد وطئته أقدامها مستعمرة .فما الذي
تغي من الرق حي تغي عنوانه؟ وأين كرامة البغي وهي ل تلك رد طالب -وما يطلبها
()39بذلك يرج من دائرة السلم كل ما كان يأت من الواري – أو العبيد – عن طريق الختطاف
من بلد إسلمية ويباع ويشترى ف سوق النخاسة.
لقد كان السلم صريا 5مع نفسه ومع الناس ،فقال :هذا رق .وهؤلء جوار.
وحدود معملتهن هي كذا وكذا .ولكن الضارة الزيفة ل تد ف نفسها هذه الصراحة،
فهي ل تسمي البغاء رقا ،وإنا تقول عنه إنه " ضرورة اجتماعية "!
ولاذا هو ضرورة؟
لن الرجل الورب التحضر ل يريد أن يعول أحدا :5ل زوجة ول أولدا .5يريد
أن يستمتع دون أن يت مل تبعة .يريد جسد امرأة يفرغ فيه شحنة النس .ول يعنيه من
تكون هذه الرأة ،ول تعنيه مشاعرها نوه ول مشاعره نوها .فهو جسد ينو كالبهيمة،
وهي جسد يتلقى هذه النوة بل اختيار ،ويتلقاها ل من واحد بعينه ،ولكن من أي عابر
سبيل.
هذه هي " الضرورة " الجتماعية الت تبيح استرقاق النساء ف الغرب ف العصر
الديث .وما هي بضرورة لو ارتفع الرجل الورب إل مستوى " النسانية " ول يعل
لنانيته كل هذا السلطان عليه.
والدول الت ألغت البغاء ف الغرب التحضر ل تلغه لل ن كرامتها أوجعتها ،أو
لن مستواها اللقي والنفسي والروحي قد ارتفع عن الرية .كل! ولكن لن الاويات
قد أغني عن الترفات .ول تعد الدولة ف حاجة إل التدخل!
ول يقل قائل إن هؤلء " الاويات " يتطوعن دون إكراه من أحد وهن مالكات
لريت هن الكام لة .فالعبة بالن ظام ا لذي يدفع ال ناس بأو ضاعه القت صادية والجتماع ية
والسيا سية والفكر ية والروح ية إ ل ق بول ا لرق أو الو قوع ف يه .ول شك أن " ال ضارة "
الورب ية هي ا لت تدفع إ ل الب غاء وت قره ،سواء كان الب غاء الر سي أو ب غاء التطو عات
الاويات!
ت لك ق صة ا لرق ف أور با حت ال قرن الع شرين :رق الر جال والن ساء وا لمم
والجناس .رق متعدد النابع متجدد الوارد ،ف غي ضرورة ملجئة ،اللهم إل خسة الغرب
وهبوطه عن الستوى اللئق لبن النسان.
دع ع نك هذا وذاك ،ف قد تد ا لادلي ع نه وال نافحي .ويك في ما سردناه من
ألوان الرق الصارخة الصرية ،الت تتم باسم الدنية وباسم التقدم الجتماعي! ث انظر هل
ت قدمت الب شرية ف أرب عة ع شر قر نا ،5بع يد5ا عن و حي ال سلم ،أم إ نا ظ لت تن حدر
وتتأخر ،حت لتحتاج اليوم إل قبس من هدي السلم ،يرجها ما هي فيه من الظلم؟!
السلم ...والقطاع
سعت أخيا (40) 5أن طالبا 5قدم للجامعة بثا 5يثبت فيه أن السلم نظام إقطاعي،
وأنه نال على هذا البحث درجة الاجستي! وعجبت للطالب والساتذة ف آن واحد .وقد
يكون الطالب جاهل،5أو قد يكون سي يÛء النية .أما الساتذة العظام الجلء فما بالم؟
وكيف ينحدرون إل هذا الستوى ف فهم النظم الجتماعية والقتصادية ،وفهم وقائع
التاريخ؟
ننقل هنا وصفا 5له ،كتبه الدكتور راشد الباوي ف كتابه " النظام الشتراكي "
منقول 5بطبيعة الال عن الصادر الوربية:
" ون ظام الق طاع ع بارة عن أ سلوب من الن تاج ،ال صفة الم يزة له هي التبع ية
الدائمة serfdomويعرفونه بأنه نظام ف ظله يلتزم النتج الباشر نو سيده أو موله بأداء
مطالب اقتصادية معينة ،سواء أكانت تلك الطالب تؤدي على هيئة خدمات يقوم با ،أم
على شكل مدفوعات " أو استحقاقات " يؤديها نقدا 5أو عينا .5ولتوضيح ذلك نقول :إن
الت مع الق طاعي كان ينق سم إ ل طب قتي :ا لول وت شمل ملك البعاد يات القطاع ية.
والثانية وتتكون من الزارعي على اختلف مراتبهم ،فمنهم الفلحون والعمال الزراعيون
والعب يد ،وإن كان عدد ا لخرين ظل يت ناقص باطراد و سرعة .ف هؤلء الفل حون ،أي
النتجون الباشرون ،لم الق ف حيازة مساحة من الرض يعتمدون عليها بوسائلهم ف
كسب معاشهم وإنتاج ما يلزم هم من أسباب العيش ،كما يارسون ف بيوتم الصناعات
الب سيطة ا لت تت صل بالزرا عة .ولكن هم مقا بل ذ لك يلز مون بأمور عدة م ثل الد مة
السبوعية ف أرض الشريف مع آلتم وماشيتهم ،والدمة الضافية ف الواسم الزراعية،
وت قدي ا لدايا ف الع ياد والنا سبات الا صة ،وعلي هم كذلك أن يطح نوا غل لم ف
الطاحن الت يقيمها الشريف وأن يعصروا كرومهم ف معصرته …
" وكان الشريف يارس أمور الكم والقضاء ،أي أنه يشرف على تنظيم الياة
الجتماعية والسياسية بالنسبة إل أهل منطقته.
" … غي أن هذا النتج الباشر ف ظل النظام القطاعي ل يكن حر5ا بالعن الذي
نعر فه في ما ب عد ،ف هو ل ي لك ا لرض ملك ية كام لة ،ول ي ستطيع الت صرف في ها بالبيع
والتوريث أو البة ،وكان يؤدي أعمال السخرة ف أرض الشريف الاصة رغما 5عنه وضد
مصلحته ،وعليه أن يؤدي ضريبة -غي مدودة القدار -اعترافا 5بعلقة التبعية ،وهو ينتقل
مع ا لرض إذا ما انتق لت هذه من يد إ ل أ خرى .ولي ست له الر ية الطلقة ف مغادرة
مكان العمل أو ماولة اللتحاق بدمة سيد آخر .فهو إذن يثل حلقة متوسط بي العبد ف
العصور القدية ،والزارع الر ف العصر الديث.
" ...فالالك هو الذي يدد مساحة الرض الت يهبها للفلح ،وهو الذي يدد
م قدار ا لدمات ا لت يط لب من ا لجي أداء ها و هو ف قرارا ته هذه ل يتق يد بت صرفات
اللك الخرين ،ول يستجيب لطالب الفلحي.
" وتكن كثيون من الفلحي من تكوين فائض .واستغلوا حاجة المراء واللك
القطاعيي ،فاشتروا حريتهم الشخصية .وإذا كانت هذه الظواهر ل تصبح تقاليد شائعة
حت ال قرن الرا بع ع شر ،فالهم أن ال سس ا لت كان ي قوم علي ها الت مع الق طاعي قد
أخذت تتقوض ،وهي عملية اطرد تقدمها ف القرون التالية )." (41
لعل الظهر الذي يشتبه على بعض الباحثي ،أو الذي يستغله الغرضون ليقلوا منه
ال شبهات حول ال سلم ،هو انق سام الت مع ال سلمي ل فترة من ا لوقت إ ل ملك
للبعاديات ،وفلحي يعملون ف هذه البعاديات .ولكن هذا مرد مظهر ،وهو خال من
الدل لة الزائ فة ا لت يل صقها به هؤلء و هؤلء .ولن عد إ ل القو مات السا سية للق طاع
لنوازن بينها وبي ما حدث ف التمع السلمي .إنا:
ج( تقدي الدايا ف الدايا والناسبات )ويلحظ هنا أن الفلح الفقي هو الذي
يقدم الدايا للسيد الغن!(
ثال ث5ا :تد يد ال شريف -ح سب هواه -ل قدار ا لرض المنو حة لرق يق ا لرض
والدمات والضرائب الطلوبة منه.
خام سا :5ا ضطرار الفلح ي إ ل شراء حريت هم با لال ح ي آذن هذا الن ظام
بالنيار..
وب عد ف هذا هو التار يخ ال سلمي مفتو حا 5للجم يع ،فليبح ثوا ف يه عن م ثل هذه
القومات!
أ ما التبع ية الدائ مة فم سألة ل يعرف ها ال سلم قط ف خارج دائرة ا لرق ،و قد
شرحنا ف الف صل ال سابق أ صوله وأ سبابه وو سائل الت حرر م نه .ول يس ف ال سلم رق
للرض .وإنا كان الرقاء الذين جاءوا عن طريق الرب وهم قلة على أي حال بالنسبة
ل موع السكان ،يعملون ف أرض السادة إذا كانوا ل يعتق لوا تطوعا 5و ل يطل بوا الرية
مكاتبة .ولكن هذا ليس القصود بالتبعية الدائمة ف القطاع الوروب .وإنا القصود -
إ ل جانب و جود الر قاء -تبع ية الفلح ي والع مال الزراعي ي جي عا .5وهم لي سوا أر قاء
للسادة ،ولكنهم أرقاء للرض ،ل يلكون تركها ول التحرر من اللتزامات اللقاة على
عاتقهم لصحابا.
ذلك أن السلم -من حيث البدأ -ل يعترف بعبودية ول تبعية إل ل خالق
الياة .أما التبعية لخلوقات ال فليست أصل 5من أصوله .وإذا كانت قد وجدت ف الرق
-لظروف خاصة وعارضة -فهي حالة موقوتة يعمل السلم على إزالتها بكل الوسائل،
ويشجع الرقاء أنفسهم على التخلص منها ،وينحهم معاونة الدولة ورعايتها.
وما دامت كفالة الدولة موجودة ومتاحة للجميع ،فليس هناك ما يدفع أحدا 5إل
استرقاق نفسه لصحاب الرض ،وهو يلك الرية والكرامة ومطالب الياة الساسية عن
غي هذا الطريق.
ف من الوج هة الروح ية والوج هة القت صادية م عا 5م نع ال سلم الق طاع ب صورته
العروفة ،وأدرك الناس قبل أن يصبحوا رقيقا 5للرض فحررهم من وبال القطاع.
وأما اللتزامات الت يلتزم با الفلح لصاحب الرض فلم يعرفها كذلك تاريخ
السلم .ل يدث قط -والسلم إسلم -أن كان الفلح ملزما 5بشيء تاه صاحب
الرض ،وذلك لنتفاء التبعية ،وقيام علقة حرة بي هذا وذاك.
كانت العل قة الوح يدة ا لت عرف ها ال سلم ب ي الفلح و صاحب ا لرض هي
ال يار أو الزار عة .وبقت ضاها ي ستأجر الفلح جان با 5من ا لرض قل أو كثر ب سب ما
تستطيع موارده ،ويكون حرا 5حرية كاملة ف زراعته على نفقته وجن مصوله كله لنفسه،
أو يشارك صاحب الرض ،فيدفع الخي كل النفقات ويقدم الول جهده ،ث يقتسمان
الناتج آخر العام.
وف كلتا الالتي ل توجد التزامات إجبارية نو " السيد " ول سخرة ،ول أية
خد مة بل ثن .وإ نا هو ا لتزام مت بادل ب ي طرف ي مت كافئي ف الر ية و ف ال قوق
والواجبات .فالفلح حر أول Ôف اختيار الرض الت يستأجرها ،أو الالك الذي يزارعه.
وحر ثانيا 5ف التفاوض مع صاحب الرض على قيمة اليار ،فإذا ل يدها صفقة كاسبة
ف له أل يع مل ف ا لرض ،ول يس للما لك أن يلز مه ب شيء .فإذا ارت ضى ن ظام الزار عة
فالتزاماته فيه مكافئة للتزامات الالك ومتوقفة عليها وربه كذلك مناصفة مع صاحب
الرض.
ث إننا ند -على العكس ما حدث ف القطاع -أن الالك الغن هو الذي يب
فلحيه بالدايا والعطايا الختلفة ف العياد والناسبات ،وخاصة ف شهر رمضان ،وهو
شهر ذو من لة خا صة ع ند ال سلمي ،ي كثر ف يه ا لتزاور ع ند ال سلمي ب ي الح باب
والصدقاء ،وتكثر الآدب الت تمع الشمل وتب التاجي .وهذا هو المر النطقي الذي
يتلءم مع طبائع الشياء فالغن هو الذي ينفق وهو الذي يتحمل العطايا والدايا وليس
الفقي هو الكلف بإهداء الغن ،كما اقتضت " إنسانية " أوروبا!
أما الطواحي فقد جرى العرف ف البلد السلمية أن يقوم با الفقراء ،يكتسبون
عن طريقها ،ول تكن ف أيدي اللك يفرضون استخدامها على الفلحي!
ث ننتقل إل السمة الثالثة من سات القطاع ،وهي تديد السيد للقدر " المنوح
" من الرض ،وتديده كذلك لل خدمات الطلوبة من الفلح .وها أمران يتمشيان مع
السيادة والتبعية هناك ،ول يكن لما وجود ف النظام السلمي الذي يقوم على أساس
آخر ،غي سيادة الالك وتبعية الفلح .فالقدر الذي يستأجره الفلح تدده مقدرته الالية
ورغبته الرة؛ وهنا تكون الدمة من الفلح وإليه ،ول شأن للمالك با غي استيفاء قيمة
اليار .أما ف الزارعة فمقدار الرض الت يزرعها الفلح يتوقف على مقدرته البدنية ،
وعدد اليدي العاملة الت يلكها )أولده ف الغالب( ،والدمة الطلوبة هي ما تتاج إليه
هذه الرض الت تعتب مشتركة بي الفلح والالك حت تؤت ثارها ،أما بقية أرض الالك
الت ل تدخل ف الزارعة فل شأن للفلح با ،وليس مكلفاا 5بأي خدمة فيها.
ول كن أ هم ما ي فرق ب ي الق طاع والن ظام ال سلمي ف الوا قع ،هو مار سة
الشريف لمور الكم والقضاء ف نظام القطاع ،أي إشرافه على تنظيم الياة الجتماعية
والسياسية بالنسبة لهل منطقته ،وانتفاء ذلك من أساسه ف السلم.
ل يكن لدويلت أوربا قانون عام بالعن الفهوم ،وحت القانون الرومان الذي
أصبح فيما بعد أساس التشريعات القانونية ف أوربا كلها ،قد أباح للقطاعيي أن يكونوا
هم الكام الطلقي ف إقطاعياتم ،يشرعون لا ،ويكمون بي أهلها ،وينفذون الحكام
بعرفتهم ،فاجتمعت لم السلطة التشريعية والقضائية والتنفيذية ف آن واحد ،وكان كل
منهم دولة داخل دولة ،ل شأن للحكومة به ف داخل إقطاعيته طالا أنه يؤدي " التزاماته
" الالية والربية عند القتضاء.
ول يكن كذلك الال ف السلم .فقد كانت هناك دولة مركزية ذات قانون
عام ،تشرف على تنفيذه ف كل الرض التابعة لا ،وتعي قضاة لكل منهم سلطته الستقلة
الستمدة من تعيي الاكم له ،ليقوم بتنفيذ الشريعة ف حدود اختصاصه ،وليس لحد
عليه من سلطان إل حي يطئ أو يسيء .وحت حي فسدت صورة الكم فصار ملكاا
وراثيا5ا ل بيعةة 5حرة ،فقد بقيت القومات الخرى لنظام الكم السلمي قائمة راسخة،
فظلت الدولة تيمن على كل كبية وصغية داخل أجزائها ،وظل القانون العام مرعياا 5ف
كل م كان يت حاكم ال ناس إل يه ف م شارق ا لرض ومغاربا بطريقة واحدة -ف حدود
اختلف الفقهاء بطبيعة الال ،وهو أمر يدث ف كل قانون على ظهر الرض -لذلك
ل يكن هوى الشريف ول مشيئته الاصة هي القانون الذي ينفذ على الفلحي ،بل إرادة
ا ل ،و شرعه ا لذي و ضعه لم يع ال ناس يط بق علي هم بال سوية وب صورة وا حدة ،ل ب ي
الفلح وصاحب الرض فقط وكلها من الحرار ،بل بي العبد والسيد ،حت ف الالة
الستثنائية الت يكون فيها بشر ملكاا 5لبشر آخر.
ول شك انه حدثت حالت قضى فيها قضاة با يالف ضميهم ،وما يالف
ال شرع ،إر ضاء ل صاحب ا لرض أو صاحب ال سلطان .ول كن هذه المث لة ل يوز أن
تؤخذ على أنا القاعدة السارية .لن الواقع التاريي -الذي اعترف به الوربيون أنفسهم
-يالف ذلك .كما أنه ل يوز أن تؤخذ وحدها وتمل تلك المثلة الرائعة ف تاريخ
البشرية كلها ،حي كان القاضي يكم للرجل الفقي الذي ل حول له ول قوة ،ل ضد
صاحب الرض ،ول ضد الوال ول ضد واحد من الوزراء .بل ضد الليفة نفسه صاحب
المر كله والسلطان ..ث ل يعزل القاضي ،ول ينتقم السلطان!
كذلك ل تدث حركة فرار بي الفلحي كما حدث ف أوربا ،لن الفلحي
كانوا أحرارا ف النتقال ل من مزرعة إل مزرعة فحسب ،بل من قطر إل قطر ف داخل
العال السلمي الواسع المتد من اليط إل اليط ،ل يبسهم عن حرية التنقل شيء إل
أن يكون رغبتهم الاصة ف البقاء ف بقعة معينة من الرض ،كما هي طبيعة الفلحي
ل .ولكن غيهم من الفلحي ف العال السلمي كانوا أقل شعوراا 5برابطة الصريي مثل
الرض وأكثر قدرة على التنقل ،فلم يقف ف سبيلهم مانع من الوانع الت وقفت ف سبيل
الفلحي الوربيي من تبعية والتزامات.
وأ ما شراء الفلح ي لريت هم با لال فإنه ل يدث بطبي عة ا لال ف ال عال
السلمي ،لسبب بسيط هو أنم كانوا أحراراا 5بالفعل ،فل حاجة بم إل شراء الرية.
ي ضاف إ ل ذ لك ك له ،أن ال عال ال سلمي كان ي شتمل ع لى عدد كبي من
اللك يات ال صغية ا لت ي ستقل با أ صحابا ويك فون با حاجتهم ،إ ل جانب الع مل ف
التجارة البية والبحرية ،وف أنواع الرف الصناعية الت كانت معروفة ف ذلك الي ،ما
ين في نف يا5ا با تاا 5صورة الق طاع الظل مة الال كة ا لت خي مت ع لى أور با ف الع صور
الوسطى ،وظلت تنشر معها الظلم الفكري والهالة الروحية ،حت أنقذها منها التصال
بالعال السلمي ف الروب الصليبية مرة ،وف الندلس مرة أخرى ،فأفاقت من غشيتها
ف عصر النهضة ،وبدأت ترج من الظلمات إل النور.
وإنا وجد القطاع حقاا 5ف البلد السلمية ف العصر الديث ف أواخر الكم
العثمان ،حي جفت ينابيع العقيدة ف النفوس ،وتوال على الكم أقوام ل يعرفون من
السلم إل اسه .من الباشوات العثمانيي ،من أمثال ممد علي )الكبي!( وأبناءه ف مصر،
وا لبيوت الال كة ف شت البلد ال سلمية ،وزاد ا لمر سوءاا 5ح ي ط غت ا لروح الورب ية
الادية الاحدة على ربوع العال السلمي بتأثي الحتلل ،فأفسدت روح الب والتكافل
ف التمع ،وحولتها إل استغلل بشع من الغنياء ،وذل وعبودية للفقراء ،ف التفاتيش
اللكية وتفاتيش المراء وغيهم من كبار القطاعيي ،وما يزال هذا القطاع يعيش بكل
مقوماته -الوربية -ف كل مكان ل تشمله روح الصلح ،وهو ليس من السلم،
وليس السلم مسئولل 5عنه ،لنه ل يكون مسئولل 5إل حي يكم .والذي يكم اليوم
هو الدساتي الوروبية الت جاء با قوم من تلميذ الستعمار يتشبثون با كما يتشبث
العبيد بذل السترقاق!
أول :انه ليست اللكية ف ذاتا هي الت تنشئ القطاع بطريقة حتمية ل ل
إرادة للن سان في ها .و إ نا هي طري قة التم لك وطبي عة العل قة ب ي اللك وغ ي اللك.
و لذلك و جدت اللك ية ف ال عال ال سلمي و ل يو جد الق طاع ،لن الن ظام ال سلمي
بنظرياته وتطبيقاته ينشئ بي الناس علقات ل تسمح بقيام القطاع.
ثانياا :أن أوربا حي وقعت ف القطاع تقع فيه لنه طور اقتصادي طبيعي
ل بد أن تر فيه البشرية أرادت أم ل ترد ،وإنا هي اندرت إليه بسبب عدم وجود نظام
ول عقيدة تنظم مشاعر الناس وتنظم علقاتم .ولو وجد النظام والعقيدة -كما حدث
ف السلم -لا استعصت العلقات القتصادية والجتماعية على التنظيم ،ن ولا كان
التطور القتصادي قوة جبية على الفكار والشاعر تنع توجيهها إل حيث يراد لا من
التحرر والرتفاع.
ثالثاا :أن الطوار القتصادية الت ترسها نظرية الادية الدلية على أنا تاريخ
عام للبشرية ،وهي :الشيوعية الول ،والرق ،والقطاع ،والرأسالية ،والشيوعية الثانية ،ل
تثل ف الواقع إل تاريخ أوربا فقط ،ول تتقيد با إل أوربا ،أما بقية العال فليس حتماا 5أن
يسي ف هذه الطوار -وقد رأينا أن العال السلمي ل ير بالقطاع ف دورة التاريي -
وليس حتماا 5كذلك أن يصل إل الشيوعية ف ناية الطاف!
السلم ...والرأسالية
ل تنشأ الرأسالية ف العال السلمي لنا نشأت بعد اختراع اللة .وهذا ت -
كما نعلم -ف العال الغرب .ول يكن ذلك حتما ،5لنه كان يكن أن يدث ف الندلس
على يد العرب السلمي ،لو استمرت الدولة السلمية قائمة هناك ،ول يقتلها التعصب
ا لدين ،و ماكم الت فتيش ا لت ت ثل أب شع ما حدث ف تار يخ ال عال من ا ضطهاد ب سبب
العقيدة ،والت كانت موجهة ف حقيقتها إل السلمي.
وإنا انتقلت الرأسالية إل العال السلمي وهو مغلوب على آمره ،واقع ف قبضة
الوربيي ،غارق ف الفقر والهل والرض والتأخر ،فسرت فيه بكم " التطور " ،وظن
ب عض ال ناس -لذلك -أن ال سلم يق بل الرأ سالية بي ها و شرها ،وا نه ل يس ف نظ مه
وتشريعاته ما يعارضها أو يقف دونا ،لنه يبيح اللكية الفردية ،وهذه قد صارت بكم
الت طور القت صادي ال عالي إ ل ملك ية رأ سالية .و ما دام ال سلم يب يح ال صل ف هو يب يح
النتائج بطبيعة الال!
ولكنا ل نريد أن نتعجل الرد على أولئك البطلي ،ونريد أن نفترض أن اختراع
ال لة قد ن شأ ف ال عال ال سلمي -ك ما كان ي كن أن يدث -فك يف كان ال سلم
سيواجه التطور القتصادي الذي سينشأ ل مالة نتيجة اختراع اللة ،وكيف كان سينظم
علقات العمل والنتاج ف ظل نظمه وتشريعاته؟
ولكن هذه الصفحة الشرقة ل تدم طويلل ،5لن الرأسالية -بتطورها الطبيعي
كما يقولون -قد أدت إل تكدس الثروات ف أيدي أصحاب رؤوس الموال ،وتضاؤلا
الن سب التزا يد ف أ يدي الع مال .ف صار صاحب رأس ا لال ي شغل العا مل -و هو و حده
النتج القيقي ف نظر الشيوعية -لنتاج أ كب قدر من النتجات ،ويعطيه أجرا 5ضئيل 5ل
يفي بالياة الكرية لمهور العمال -الكادحي -مستخلصاا 5لنفسه " فائض القيمة " ف
صورة أرباح فاحشة يعيش با حياة ترف فاجرة ل تقف عند حد.
هذا فضل 5على حقيقة أخرى :وهي أن ضآلة أجر العامل تنعه من استهلك كل
إنتاج الصانع ف البلد الرأسالية ،لنه لو أخذ من الجر ما يكفي لستهلك الناتج كله أو
معظمه لنتفى ربح رأس الال أو لتضاءل إل أقصى حد .وهذا ما ل تسمح به الرأسالية
لنا تنتج للربح أول 5قبل كل شيء .ومن هنا تتكدس البضائع سنة بعد سنة ،وتبحث
الدول الرأسالية عن أسواق جديدة لتصريف بضائعها .فينشأ الستعمار ،وما يتلوه من
تطاحن على السواق وعلى موارد الواد الامة ينتهي بالروب الدمرة..
فأما الطوات الولل الت يمع كتاب القتصاد با فيهم كارل ماركس على
أنا كانت خيا 5عميم5ا للبشرية ،أو على القل كان الي فيها غالبا 5على الشر فان السلم
ل يكن ليقف ف سبيلها ،لنه ل يكره الي للبشرية ،بل مهمته الدائمة هي نشر الي ف
ربوع الرض.
ومع ذلك فهو ل يكن ليتركها وشأنا بدون تشريع ينظم علقاتا ،وينع ما قد
يصاحبها من سوء استغلل ،سواء كان ناشئا 5من نية خبيثة عند صاحب رأس الال ،أو
كان من طبيعة رأس الال ذاته دون دخل لصاحبه فيه!
وال بدأ الت شريعي ا لذي و ضعه الف قه ال سلمي ف هذا ال باب -و سبق به كل
ا لدول الرأ سالية ع لى ا لطلق -هو اعت بار العا مل شريكا 5ف الر بح مع صاحب رأس
الال .وذهب بعض فقهاء الذهب الالكي إل حد تديد الشركة بالنصف ،على أن يدفع
صاحب الال جيع التكاليف ،ويستقل العامل بعمل يده ،فجعل جهد صاحب الال ف
إنتاج الال مساوياا 5لهد العامل ف صناعة النتاج ،وساوى بي نصيبهما ف الربح على
هذا الساس.
وأول ما يبدو هنا ف هذا البدأ هو حرص السلم العجيب على العدالة ،وسبقه
ف التفكي فيها والعمل عليها ،تطوعاا 5منه وإنشاء ،ل خضوعا 5للضرورات القتصادية -
الت ل تكن قد وجدت بعد بصورة فعالة يس بضغطها الفقهاء -ول نتيجة للصراع
الطب قي ا لذي يز عم ب عض د عاة ا لذاهب القت صادية أ نه العا مل الوح يد الف عال ف ت طور
العلقات القتصادية!
وقد كانت الصناعة ف مبدأ عهدها صناعة يدوية بسيطة ،يشتغل فيها القليل من
العمال ف مصانع بسيطة ،فكان هذا التشريع الذي أشرنا إليه كفيل 5بإقامة العلقات بي
العمل ورأس الال على أساس من العدالة ل تلم با أوربا ف تاريها الطويل.
ولكن الفقه السلمي وقف عند هذا الد -هو حد رفيع ف ذاته -لن العال
السلمي بعد ذلك تناوشته الصائب من كل صوب ،من التتار مرة ،ومن الكام البابرة
مرة ،ومن نكبة الندلس ،ومن النازعات الداخلية الت صرفت طاقة السلمي عن التقدم،
وحولتها إل بلدة ذهنية وروحية وحسية ظل يعان آثارها إل وقت قريب.
و ف أث ناء و قوف الف قه ال سلمي كان ال عال يت طور ب سرعة ب عد ا ختراع ال لة
اليكانيك ية ،و كانت ت ستجد كل يوم أ حداث جد يدة ،وعل قات جد يدة ب ي طوائف
البشر ،ل يشترك فيها العال السلمي ،ول يضع لا من الفقه ما يناسب تطورها.
ولكن الفقه شيء والشريعة شيء آخر ،الشريعة هي الصدر الثابت الذي يتوي
البادئ العامة )ويتوي أحيانا 5تفصيلت دقيقة كذلك(.
أما الفقه فهو التطبيق التطور الذي يستمد من الشريعة ما يناسب كل عصر،
وهو عنصر متجدد ل يقف عند عصر ول جيل.
على أننا إزاء تطور الرأسالية ل نكن ف حاجة إل تعب كبي ف استنباط التطبيق
الفقهي من الشريعة ،لنا أمدتنا ببادئ صرية واضحة ل تتمل التأويل.
ول نتاج هنا أن ندخل ف تفصيلت اقتصادية معقدة ،فهذه حقيقة مسلم با،
وليجع لكتب القتصاد من يرغب ف الل طلع على التفصيلت .وإنا يهمنا أن نشي
إل أن هذه القروض ،وجلة من أعمال الصارف ،قائمة على الربا وهو مرم تريا 5صريا
ف السلم.
كذلك يقول القتصاديون -وهو أمر مشاهد ف الوقت الاضر -إن النافسة
الرأسالية العنيفة تؤدي ف النهاية إل تطيم الشركات الصغية ،أو اندماجها بعضها ف
بعض لتأسيس شركة كبية ،وهذا وذلك يؤديان حتما 5إل الحتكار ف ناية الطاف.
)(42
والحتكار حرام ف السلم بنص أحاديث الرسول القاطعة بشأنه.
()42الحاديث ف تري الحتكار كثية نتار منها أخصرها وأشلها " :من احتكر فهو خاطئ " رواه
مسلم وأبو داود والترمذي.
وأما تطور علقات النتاج بصورة أخرى غي ما حدث ف أوربا خلل القرني
التاسع عشر والعشرين ،فهذا هو الذي كان يكن أن يكون ،بتنمية التشريعات القتصادية
وفق نظريات السلم الاصة ،كما سبق السلم بسألة نصف الربح ف موضوع الجور.
و بذا كان ال سلم يت فادى أمر ين ف و قت وا حد :يت فادى الل جوء إ ل الر با
والحتكار اللذين ترمهما شريعته ،ويتفادى الظلم الشنيع الذي يقع على العمال حي
يتركون فريسة لصحاب رؤوس الموال يستغلونم أبشع استغلل ويتصون دماءهم ،ث
يتركونم ف حأة الفقر الدقع والياة الذلة لكبياء النسان .وهو أمر ل يستطيع أن يقره
السلم.
ول يقولنن• أحد إنه ل يكن من المكن أن يطفر السلم إل ذلك دفعة واحدة
قبل أن ير بالتجارب القاسية والصراع الطبقي والضغط القتصادي الذي يلجئه إل تعديل
تشريعاته ،فها قد ثبت لدينا بديل قاطع أن السلم قد سبق تطور البشرية ف مسألة الرق
والرأ سالية الب سيطة متطو عا 5غ ي خا ضع ل ضغط ،وإ نا مدفوعا 5بفكر ته الذات ية عن ا لق
والعدل الزليي اللذين يسخر بما فردريك إنلز وغيه من الشيوعيي .كما ثبت أيضا 5أن
روسيا ذاتا قد انتقلت طفرة من القطاع إل الشيوعية ول تر بالرحلة الرأسالية ،فكانت
-وهي الدولة الت اعتنقت آراء كارل ماركس -أكب مكذب عملي لنظرية ماركس ف
تديد الراحل التطورية الت " ينبغي " أن تر فيها البشرية.
فليس من مبادئه أن يستعمر أو يشن حربا 5للستغلل ،لن الرب الوحيدة الت
يقرها هي الرب لدفع العدوان أو لنشر الدعوة حي تقف القوة السلحة ف سبيل الدعوة
السلمية .ول مال ف السلم لا يقوله الشيوعيون وإضرابم من أن الستعمار كان مرحلة
حتمية ف حياة البشرية ل يكن أن تقف ف سبيله البادئ ول قضايا الخلق ،لنه مسألة
اقت صادية نا شئة من ت كدس الب ضائع ف البلد النت جة والا جة إ ل أ سواق خارج ية
لتصريفها ..ل مال لذا الراء كله لنم هم أنفسهم يقولون -أو على القل يزعمون -
أن روسيا ستتصرف ف هذه الشكلة بطريقة أخرى ،هي زيادة نصيب العمال من النتاج
أو تفيض ساعات العمل ،بيث ل يتبقى فائض يتاج ف تصريفه إل استعمار .والذي
تز عم ال شيوعية أ نا اه تدت إل يه ل يس وق فا 5علي ها و حدها .ع لى أن التار يخ ي شهد أن
الستعمار نزعة قدية ف البشرية ،ول ينتج من الرأسالية ،وإنا الرأسالية زادته حدة ف
العصر الديث با تلك من وسائل جديدة للتخريب ،ولكنه كان ف عهد الرومان ل يقل
ب شاعة ع ما هو ال يوم من ح يث ال بدأ ،و من ح يث ا ستغلل ال غالب للمغ لوب .وي شهد
التاريخ كذلك أن أنظف نظام ف هذا الباب هو النظام السلمي ،لن حروبه -فما عدا
قلة نادرة ل تسب عليه -كانت بريئة من الستغلل والستذلل ،فكان هو أول النظم
-لو ن شأت ف يه ال صناعات ال كبى -أن يل جأ لل م شكلة ال فائض من الن تاج بغ ي
ال ستعمار وا لروب .ع لى أن م شكلة ال فائض من الن تاج ذا تا إ نا هي إ فراز للن ظام
الرأسال بصورته هذه .فلو تغيت أسسه ما وجدت الشكلة ).(43
هذا كله من ناحية .ومن ناحية أخرى فإن ول المر ف السلم ل يقف عاجزا
أ مام م شكلة ت ضخم ا لموال ف يد فئة قلي لة من ال ناس،وب قاء ال ل موع ف حا لة من
الشظف والرمان .فهذا مالف لبادئه الصرية الت تتم توزيع الال بي الميع " :كيل
يكون دولة بي الغنياء منكم " ) (44وول المر مكلف بتنفيذ الشريعة بكل طريقة يرى
أنا توصله إل ذلك ما دام ل يقع فيها ل ظلم ول ضرر .وف يده سلطة واسعة لذا الشأن
ل حدود لا إل طاعة ال .على أن مموعة النظمة السلمية ف ذاتا تنع ابتداء من هذا
التضخم .ونشي هنا إل نظام الرث وتفتيته للثروة على رأس كل جيل .وإل نظام الزكاة
واقتطاعه واحدا 5من أربعي من رأس الال وربه ف كل عام .ونظام التكافل الذي يبيح ف
بعض الالت التوظيف ف رؤوس الموال بالقدر الذي يتاج إليه بيت الال للضرورات.
ث تري كن الال .وتري الربا الذي هو العامل الول والساسي لتضخم رؤوس الموال.
ث طبيعة العلقات بي أفراد التمع السلم وقيامها على التكافل العام.
()43انظر بالتفصيل كتاب " الربا " للستاذ أبو العلى الودودي
()44سورة الشر ].[9
ث أن الضمانات الت كفلها الرسول الكري لوظفي الدولة مشتملة على الطالب
الساسية للنسان " :من ول لنا عمل 5وليس له منل فليتخذ منل ،5أو ليست له زوجة
)(45
فليتخذ زوجة ،أو ليس له خادم فليتخذ له خادما ،5أو ليست له دابة فليتخذ دابة "
هذه ال ضمانات ل ي كن عقل 5أن ت كون وق فا 5ع لى موظفي الدو لة .وإ نا هي ال طالب
السا سية ا لت ي تاج إلي ها كل شخص وينا لا بو سيلة من الو سائل مقا بل الع مل ا لذي
يؤديه ،سواء كان للدولة مباشرة ،أو ف حرفة يترفها ويعود النفع منها على التمع .وإذا
كانت الدولة قد تعهدت لوظفيها بكفالة هذه الطالب ،فهي مكلفة كذلك أن تضمنها
لكل فرد يعمل ف أي عمل ف الدولة .يؤ يدنا ف ذلك أن بيت الال يكفل العاجزين عن
العمل لسبب من السباب -كالرض أو الشيخوخة أو الطفولة ..ال -ويكمل الاجات
الساسية لن تقصر بم مواردهم الاصة عن بلوغها .كل ذلك يدل دللة واضحة على
مسئولية الدولة ف أن تكفل لعمال الصانع هذه الطالب الساسية الت ذكرها الرسول ف
حديثه ،بوسيلة من الوسائل .فليست الوسيلة هي الهمة -وهذه يددها كل عصر با
يراه -وإنا الهم هو البدأ الذي يكفل توزيع الغان والغارم على طوائف المة .وحي
يك فل ال سلم هذه ال طالب للع مال ي كون قد حاهم من ال ستغلل ال سيئ وك فل لم
الياة الرة الكرية.
على أي حال ل يكن يكن أن يسمح السلم بقيام الرأسالية ف صورتا البشعة
الت نراها اليوم ف الغرب " التحضر " وكانت تشريعاته ،الوجود منها مباشرة ف صلب
الشريعة ،والستحدث منها لواجهة الظروف التطورة ف حدود البادئ العامة للشريعة،
كانت هذه التشريعات وتلك ستقف ف سبيل شرور الرأسالية ،ل تسمح لا با ترتكبه
اليوم من استغلل لعرق الكادحي ودمائهم ،ومن استعمار وحروب واسترقاق للشعوب.
ول كن ال سلم -ك عادته -ل ي كن ليكت في بالت شريعات القت صادية وغ ي
القت صادية .ف هو يل جأ كذلك إ ل ا لدعوة اللق ية والروح ية ،ا لت ي سخر با ال شيوعيون
لنم يرو نا -ف أور با -معلقة ف الف ضاء ،غ ي قائ مة ع لى أ ساس عم لي .ولكنها ف
ال سلم لي ست كذلك .ف هذا الن ظام العج يب ل يوجه د عوة ل لروح وأ خرى للتنظ يم
القتصادي منفصلة هذه عن تلك ،ولكنه يزج بطريقته الفريدة بي تذيب الروح وتنظيم
التمع ،فيوفق بي هذا وذاك ،ول يترك الفرد تائها حائرا 5ياول التوفيق بي الواقع والثال
فل يه تدي ول ي ستطيع .إ نه يق يم الت شريع ع لى أ ساس خل قي ،وي عل ا لدعوة اللق ية
متمشية مع الت شريع ،فيلتقي الان بان ف ن ظام واحد ،ويصبح كل منه ما مكمل 5للخر
موصل 5إليه ،بل تعارض ول انفصال.
والدعوة اللقية هنا ترم الترف وتاربه .وهل ينشأ من تضخم الرباح ف يد فئة
قليلة من الناس إل الترف البغيض والتاع السي الغليظ؟ وترم ظلم الجي وعدم توفيته
أجره،وهل ينشأ تضخم الرباح إل من ظلم الل جراء؟ وتدعوا إل إنفاق الال ف سبيل
ال -ولو خرج النسان عن كل ماله .وهل ينشأ الفقر الذي يعيش فيه أغلب الشعب إل
لن الغنياء ينفقون أموالم على أنفسهم ،ول ينفقونا ف سبيل ال )(46؟
وهكذا تكون مهمة الدعوة اللقية والروحية أن تهد للتشريعات القتصادية الت
تقف ف سبيل الرأسالية ،حت إذا جاءت هذه التشريعات ل تكن طاعتها ناشئة من خوف
القانون ،وإنا تنبعث هذه الطاعة كذلك عن رغبة ف داخل الضمي.
()46ليس القصود أن " يتصدق " أصحاب الصانع على العمال ..فاكتفاؤهم بأقل الربح إنفاق ف سبيل
ال ،وإنشاؤهم للمدارس والستشفيات إنفاق ف سبيل ال .انظر فصل " السلم والصدقات ".
يصر الشيوعيون وأضرابم على أنا ليست كذلك .ويقولون إنه ف التمع الول
ح يث كانت ت سود ال شيوعية ا لول ،ل ي كن ه ناك م لك خاص ل حد ،وإنا كان كل
شيء ملكا 5للجميع ،وكانت تسود الميع روح البة والتعاون والخاء .ولكن هذه الفترة
اللئك ية ل تدم طويل 5مع ال سف ،فم نذ اكت شفت الزرا عة دب اللف ع لى ا لرض
النرعة وعلى وسائل النتاج .وبدأت الروب ..وصار البشر إل ما هو عليه اليوم من
حب للملك ية الفرد ية وت طاحن علي ها .ول خلص لم من هذا ال شر ال ستطي إل أن
يرجعوا إل حالتهم الول ،حيث ل يكون هناك ملك خاص لحد ،وإنا يلك الميع،
وتعود روح البة والوئام فتسيطر على البشر!
أول :Eأن أ حد5ا من أولئك العلماء ل ي ستطع أن يزم بأن اللك ية الفرد ية لي ست
نزعة فطرية ،وكل ما قاله اليساريون منهم هو أنه ل يوجد دليل قاطع على أنا نزعة
فطرية .وفرق بي هذا وبي النفي البات ،ولو قد وجدوا دليل 5يقينا 5ينفيها ما ترددوا ف
نفيها ،لنم بعواطفهم ينفرون منها.
ثان يا :Eأن ال ثل ا لذي يضربونه -م ثل الط فال واللعب -لي ست له الدل لة ا لت
ير يدون أن ي ستخرجوها م نه .فح ي يو جد ع شرة أط فال وع شر ل عب ث يب طل ال ناع
بينهم ،ل يدل ذلك على عدم وجود نزعة فطرية للملكية ،وإنا يدل فقط على أن هذه
النعة -ف الالت السوية -يكن أن ترضي بالساواة الطلقة بي الميع .وهذا ل ينفي
أصلها ،وإنا يدد مداها .على أن الشاهد ف مثل هذه الالة أن الكثيين من الطفال
ياولون الصول ع لى أ كثر ما ف أ يديهم بسلب زملئهم ا لخرين لعبهم ،ما ل يكن
هنالك مانع خارج عن إرادتم!
ثالثا ً :أن الفترة اللئكية الت يفترض الشيوعيون وجودها ف التمع الول )ونن
ل يقينيا 5عليها( ل تكن فيها وسائل إنتاج ،فكيف كان يكن أن يقوم الناع ل نلك دلي 5
على شيء غي موجود؟ كانت الشجار تدهم بالغذاء مباشرة وبل جهد ،وكان الصيد
ا لذي ي صطادونه ي تاج ب طبيعته إ ل ال شتراك ف يه خو ف5ا من ا فتراس الو حوش لن يرج
بفرده )ومع ذلك فنحن ل نستطيع أن نزم بأن أفراد5ا من الشجعان ل يكونوا يرجون
للصيد بفردهم إثباتا 5لشجاعتهم وتيزهم ،وهذه مسألة مهمة جد5ا سنعود إليها بعد لظة(
ول يكن ف المكان تزين الصيد لنه ينت ،فل بد من الجهاز عليه ف ساعته .فعدم
التنازع هنا ل يدل بذاته على عدم وجود النعة للملكية الفردية ،وقد يكون نات5ا من
عدم و جود ما يت نازع عل يه ،بدليل أ نه م نذ اكت شفت الزراعة بدأ الصراع ،أي تر كت
النعة الكامنة الت ل تكن تد من قبل دافعا 5للتحرك.
رابعا :Eأن أحدا 5ل ينف لنا قيام الصراع بي الرجال ف ذلك الي على " امتلك
" امرأة .فعلى الرغم من وجود " الشيوعية النسية " ف تلك الفترة كما يزعم الشيوعيون
فإن أحدا 5ل يزعم أنا كانت سائدة مائة ف الائة ف هذا التمع الول ،ول ينع وجودها
من قيام العارك على امرأة بعينها لنا أجل من غيها ف نظر التعاركي .وهنا إحدى
العقد الت نبحث عنها ،والت نعتقد أن لا أهيتها العظمى ف الوضوع .فحيث تكون كل
الشياء متشابة ومتساوية قد يبطل الصراع .أما حي تتلف القيم والشياء علوا 5وسفل
ف ن ظر ال ناس ،فه نا ين شأ ال صراع وال عراك حت ف الت مع اللئ كي ا لذي يت صوره
الشيوعيون ،ويبنون على وجوده كل أحلمهم عن الستقبل البعيد.
خامسا :Eوأخيا 5أن أحدا 5ل ينف وجود الرغبة ف التميز ف ذ لك التمع الول.
التميز بالشجاعة أو بالقوة أو بالصب أو بأي صفة من الصفات .وهذه هي بعض القبائل
الت تعيش اليوم ف حالتها البدائية ،والت يقيس عليها الشيوعيون التمع الشيوعي الول،
تأب تزو يج بنا تا إل لن يت مل مائة ج لدة بال سوط دون أن ي ضعف أو ي تأوه .فل ماذا؟
ولي سبب يقبل الشاب على هذا المتحان ويرغبون ف إثبات التميز؟ وإذا كان كل
شيء يسي على مبدأ الساواة الطلقة ،فما الذي يدفع إنسانا 5أن يقول :أنا لست مساويا
للخرين ،بل أفضل منهم؟ هنا عقدة أخرى من العقد الت نبحث عنها ونعتقد بأهيتها.
فع لى فرض أن اللك ية الفرد ية لي ست نز عة فطر ية ف ذا تا ،ف قد ارتب طت بن عة فطر ية
أخرى هي حب التميز ،ارتباطاا 5ل تنج منه منذ أول عصور البشرية.
يقول الشيوعيون إن اللكية الفردية قد صاحبها الظلم على مدار التاريخ ،وإنه ل
بد من إلغائها إذا أريد للبشرية أن تستقر وتدأ من الصراع .وبصرف النظر عن إغفال
الشيوعيون لثر النعات الفردية ف تقدم البشرية ،وإغفالم لقيقة أخرى هي أن البشرية
ل تت قدم ف فترة ال شيوعية ا لول ،وإ نا بدأت تت قدم ب عد ال ناع ع لى اللك ية ،أي أن
الصراع ليس شرا 5خالصا ،5وأن وجوده -ولكن ف حدود معقولة (47) -ضرورة نفسية
واجتماعية واقتصادية.
بصرف النظر عن هذا وذاك ..فإن السلم ل يسلم بأن اللكية الفردية ف ذاتا
هي منشأ الظلم الذي حل بالبشرية.
وإنا نشأ الظلم الذي صاحب اللكية ف أوربا أو ف غي العال السلمي عامة من
أن " الطب قة " الال كة ه ناك هي ا لت ت شرع وت كم .ف كان من ال طبيعي أن ت كم ل صال
نفسها ،وأن تضع التشريعات الت تمي مصالها وت تور على مصال الخرين .أما ف
()47يرى الل سلم أن التنافس ليس شرا ف ذاته ،وإنا هو شر حي يكون ف سبيل الشر ،أما ف سبيل
الي فيقول " :وف ذلك فليتنافس التنافسون " ويقول كذلك " :ولول دفع ال الناس بعضهم ببعض
لفسدت الرض ".
السلم فل يوجد طبقة حاكمة ،والقانون ليس من صنع طبقة معينة من طبقات الشعب،
وإنا هو من صنع ال خالق الميع .والناس سواسية ف عرف السلم ل يتفاضلون فيما
بين هم إل بالتقوى ،ولكن هم ل يتفا ضلون أ مام الت شريع ا لذي يط بق ب صورة وا حدة ع لى
الميع (48) .والاكم ف السلم رجل ينتخب انتخاباا 5حر5ا من المة السلمة ،فليست له
مزية " طبقية " ترشحه للحكم .ث هو بعد وليته للمر ل يلك إل تنفيذ الشريعة الت ل
يضعها هو وإنا وضعها ال .وسلطته على الكومي مستمدة من قيامه بتنفيذ الشريعة ل
أكثر .يقول أبو بكر الليفة الول " :أطيعون ما أطعت ال فيكم ،فإن عصيت ال فل
طاعة ل عليكم " .فليس لشخصه مزية قانونية ينح با نفسه أو غيه امتيازا 5ف التشريع.
ومن ث فهو ل يلك أن ييز طبقة من الشعب على طبقة ،ول أن يضع للنفوذ السياسي
للملك ،فبضع لم تشريعات تمي مصالهم بالور على مصال غي اللك .ونن هنا
نتحدث عن الفترة الت طبق فيه السلم على حقيقته ،ول ننظر إل الفساد الذي دخل
عليه بعد توه إل ملك عضوض .لن ذلك ليس إسلما ،5ول يكن أن يكون السلم
مسئول 5عنه .وقصر الفترة الت طبق فيها السلم بكل عدالته ومثاليته ل تعن أنه نظام
خيال غي قابل للتطبيق ف الواقع ،فالذي حدث مرة يكن أن يدث مرة أخرى .والناس
م طالبون با ستعادة ت لك ال فترة .و هي ال يوم أ قرب إ ل التحق يق ما كانت ع لى أ يدي
أجدادهم فيما مضى من التاريخ ).(49
ف النظام السلمي إذن ل يشرع اللك لنفسهم ،وإنا يضعون كغيهم لشريعة
عامة تسوي بي الميع ف القوق النسانية والكرامة البشرية .فأما حي يدث اختلف
ف تفسي نص من النصوص -كما يدث ف كل قانون على وجه الرض -فالفقهاء هم
أصحاب الرأي فيه ) .(50ويشهد التاريخ أن فقهاء السلم الكبار ل يشرعوا لطبقة اللك
ع لى ح ساب ال كادحي ،وإ نا كانوا دائ ما 5أ قرب إ ل توف ية ح قوق هؤلء ال كادحي،
وتقيق مطالبهم الساسية .والثال الذي ذكرناه ف الفصل السابق -والذي يعل العامل
شريك5ا بالنصف مع صاحب العمل -صريح فيما نقصد إليه.
()48إذا كان ال سبحانه وتعال يقول " :وال فضل بعضكم على بعض ف الرزق " فهذا موضوع أخر
سنعرض له ف الفصل التال .إنا الذي نقصده هنا هو وضع الناس بالنسبة للتشريع وهو الذي حرص
السلم فيه على الساواة الطلقة.
()49انظر بعد ذلك فصل " السلم والثالية ".
()50ذلك فيما ل يرد فيه نص صريح ل خلف عليه.
والسلم ل يسوء ظنه بالطبيعة البشرية إل الد الذي يسلم فيه بأن اللكية دائما
تعن الظلم والستبداد .وقد بلغ ف تربيته للنفس النسانية حدا 5رفيعا 5جعل بعض الناس
يلكون ومع ذلك " ل يدون ف صدورهم حاجة ما أوتوا ،و يؤثرون على أنفسهم ولو
كان بم خصاصة " ) (51فيشركون معهم غيهم ف كل ما يلكونه دون ثن ول مقابل،
ول انتظار لشيء إل رجاء عفو ال ومثوبته.
و هذه المثلة النبيلة -ع لى ندرتا -ل يوز إ سقاطها من ال ساب لنا ق بس
النور الذي يشي إل الستقبل ،والذي يبشر با يكن أن ت صل إليه النسانية ف يوم من
اليام .وإن كان السلم -مع ذلك -ل يغرق ف الحلم ،ول يرع مصال المة رهنا
بالنوا يا الطي بة ا لت قد تو جد أو ل تو جد ،وإ نا هو مع ع نايته البال غة بت هذيب الن فوس
وتطهي ها يؤمن بالواقع العم لي ،وي ضع الت شريعات الكفي لة بتوز يع ا لثروة توزي عا 5عادل
في ضمن ا لمر من جانبيه ،م صدقا 5ل قول عث مان" :إن ا ل يزع بال سلطان ما ل يزع
بالقرآن".
وا لخر عن اللك ية الرأ سالية .و قد رأي نا ف يه أن ال سلم -ع لى فرض ن شوء
الرأسالية ف ربوعه -كان سيبيح منها القدر الذي يغلب ف يه الي ،وكان سيقف دون
الطغ يان وال ستغلل بكل ما لديه من وسائل الت شريع والتهذيب ،فل تؤدي اللكية إ ل
نتائج ها ال سيئة ا لت يعاني ها ال غرب الرأ سال ال يوم .ث أ نه كذلك ل ي بح اللك ية ع لى
إطلق ها ،ف قد نص ع لى أن ا لوارد العا مة م لك م شترك للجم يع .ف حرم اللك ية الفرد ية
حيثما كانت العدالة تقتضي تريها ،وأباحها حيث أمن الظلم واستذلل بشر لبشر.
ونضرب هنا مثل 5ثالثا 5من غي العال السلمي ،هو دول الشمال ف أوربا .فقد
شهد ا لنليز والمري كان والفرن سيون -و هم أ كثر شعوب ا لرض تبج حا 5بالتميز
العنصري والقومي -أ نا أرقى دول العال وأكثرها توازنا 5ومودة .وهي مع ذلك ل تلغ
اللكية الفردية .وكل ما صنعته هو ضمان توزيع الثروة توزيعا 5عادل 5يقرب الفجوة بي
طبقات الشعب ،ويعادل بقدر المكان بي ميزان الهد والزاء .فهي ف هذا الشأن أكثر
دول العال تقيقا 5لانب من فكرة السلم.
ث إنه ل يكن الفصل بي نظام اقتصادي وبي الفلسفة الفكرية والجتماعية الت
ت قوم وراءه .فإذا استعر ضنا الن ظم الثل ثة ا لت يدعو لا ا لدعاة ال يوم ،و هي الرأ سالية
والشيوعية والسلم ،وجدنا نظمها القتصادية وفكرة اللكية فيها مرتبطة ارتباطا وثيقا
بفكرتا الجتماعية .فالرأسالية -كما قلنا من قبل -تقوم على أساس أن الفرد كائن
م قدس ل يوز للمجت مع أن ي جر ع لى حري ته ،و من ث ت باح ه ناك اللك ية الفرد ية بل
حدود (52) .والشيوعية تقوم على أساس أن التمع هو الصل ،والفرد ل كيان له بفرده،
فهي تضع اللكية ف يد الدولة مثلة التمع ،وترم منها الفراد.
فأما فكرة السلم عن الفرد والماعة فهي ترى أن الفرد كائن ذو صفتي ف
وقت واحد :صفته كفرد مستقل ،وصفته كعضو ف جاعة .وأ نه يستجيب أحيانا 5لذه
الصفة أو تلك بصورة بارزة ،ولكنه ف النهاية مشتمل عليهما معا 5ومستجيب لما معا.
ومن ث فاقتصادياته تثل هذه النظرة التوازنة ،الت تقع بي الرأسالية والشيوعية،
وت قق أف ضل ما ف الن ظامي دون أن ت قع ف انرافات ما .ف هي تب يح اللك ية الفرد ية من
حيث البدأ .ولكنها تضع لا الدود الت تنع با الضرر .وتبيح للمجتمع -أو ول المر
()52إل أخيا5ا جداا ،5وبتأثي الوف من الشيوعية .وقد كانت الناجم – وهي من الوارد العامة – ملكا
للفراد ف انلترا إل ما قبل سنوات قليلة وما تزال ملكاا 5للفراد ف أمريكا.
لذلك ل يضيق السلم باللكية الفردية ما دام يلك أن يزيل بشت الوسائل ما قد
ينتج عنها من أضرار .وإن إبقاء اللكية من حيث البدأ مع تقرير حق الماعة ف تنظيمها
وتقييدها ،خي ف معاملة النفوس من إلغائها بتاتا ،5على أساس غي صحيح :وهو أن اللكية
لي ست نز عة فطر ية ول ضرورة ب شرية .وإن ا ضطرار رو سيا أخ يا 5إ ل إبا حة أ لوان من
اللكية ف حدود معينة لبهان قوي على أن من الي الستجابة إل الفطرة البشرية :خي
للفرد وللمجموع على السواء.
أل تضطر روسيا على يد ستالي إل إباحة العمل بعد الوحدة الجبارية الول
لن يد ف نفسه وفرة من النشاط والهد مقابل أجور إضافية ،فنشأ بذلك تفاوت ف
الجور بي العمال أنفسهم؟
ث هل تتساوى أجور الناس جيعا 5ف التاد السوفييت؟ هل يأخد الهندس أجرا
كالعامل؟ وهل يأخذ الطبيب أجرا 5كالمرض؟ إن دعاة الشيوعية أنفسهم ليعلنون أن أعلى
أ جر ف رو سيا هو أ جر اله ندس ،وأن الف ناني هم أ كثر ال ناس دخل 5ه ناك .في عترفون
بتفاوت الجور بي طوائف الشعب الروسي ،فضلل 5عن تفاوت الطبقة الواحدة كما
حدث بي العمال.
وأخيا 5هل بطلت النعة إل السيطرة والرغبة ف التمييز عن الخرين؟ فكيف إذن
يتار رؤساء النقابات ورؤساء الصانع ورؤساء الدارات والقوميسيات؟ وكيف ييز بي
العضو النشيط وغي النشيط ف الزب الشيوعي الذي يكم روسيا؟
أوو´ ليس إذن ف بنية النسانية هذا النوع إل السيطرة والتميز بصرف النظر عن
إبقاء اللكية الفردية أو إلغائها؟
فإذا كان إلغاء اللكية ل يلص البشرية ما تعتبه الشيوعية شرا 5مستطيا 5ل يوز
ال سكوت عل يه ،ف ما الذي يدفعنا يا ترى إ ل مصادمة الف طرة والتضييق عليها ف سبيل
هدف يأب أن يتحقق من أي سبيل؟
أم يقو لون إن ال فوارق ف رو سيا ب ي طائ فة وطائ فة ،أو ب ي فرد و فرد ،فوارق
قريبة ل تصل إل حد الترف من جانب والرمان من جانب؟
فنقول لم :نعم! والسلم كذلك -ومن قبل الشيوعية بألف وثلثائة عام -
يعل من مبادئه تقريب الفوارق بي الناس ،وتري الترف والقضاء على الرمان! ولكنه ل
ي كل هذا إ ل الت شريعات القانون ية و حدها ،إ نا يك له كذلك إ ل عق يدة ال ناس ف ا ل
وحبهم للخي ،بانب القواني والتشريعات.
أليس هذا واردا 5ف القرآن أيها السلمون؟ فكيف تزعمون بعد هذا
فإذا استعر ضنا تار يخ أور با ف الع صور الو سطى مثل 5و جدنا طب قات النبلء أو
ال شراف ،ور جال ا لدين ،وال شعب،طب قات متم يزة مد دéدة ال عال يت لف بع ضها عن
بعض ،بيث ل يطئ النسان معرفتها بجرد النظر.
فرجال الدين لم ثيابم الاصة الت تيزهم .وكان لم ف تلك العصور سطوة
كبى ،فكان البابا سلطة مناوئة للملوك والباطرة ،يريد أن يزعم أنه هو الذي ينحهم
السلطان على الشعوب ،ويريدون هم أن ينسلخوا من سلطته ويستقلوا بأنفسهم .وكانت
لم كذلك أ موال طائ لة من الو قاف ا لت وقف ها علي هم ال تدينون ،و من ال تاوات ا لت
يفرضونا هم على الناس .بل كانت للكنيسة جيوش كاملة ف بعض الحيان.
أما الشراف فكانوا طبقة تتوارث الشرف بعضها عن بعض .بيث يولد الطفل
فإذا هو شريف منذ مولده ،ويظل شريفا 5حت يـموت ،بصرف النظر عن العمال الت
يقوم با ف حياته ،وقر با أو بعدها من هذا الشرف الزعوم!
ما امتيازاتم فكانت ف عهد القطاع سلطان5ا مطلقا 5على " الشعب " الوجود ف
القطاعية .كانوا هم السلطة التشريعية والقضائية والتنفيذية ،وكانت أهواؤهم ونزواتم
هي ال قانون ا لذي ين فذ ع لى ال شعب .و كانت تت كون من هم ا لالس النياب ية ا لت ت شرع
للبلد ،ف كانت ت شريعاتم بطبي عة ا لال تدف إ ل حايتهم والحت فاظ لم بامت يازاتم
وإضفاء صفة القداسة عليها.
أما الشعب فهو ذلك المل الذي لحقوق له ول امتيازات ،وإنا عليه الواجبات
كل الواجبات .وكان يتوارث الذل والفقر والعبودية جيل 5بعد جيل.
ث حدثت تطورات اقتصادية هامة ف أوربا أنشأت طبقة جديدة تنازع الشراف
امتيازاتم ومكانتهم ،هي الطبقة البجوازية .وبقيادة هذه الطبقة وعلى أكتاف الشعب،
قامت ال ثورة الفرن سية ا لت أل غت -ف ال ظاهر -ن ظام الطب قات ،وأعل نت -نظر يا- 5
مبادئ الرية والخاء والساواة.
و ف الع صر ا لديث قامت هذه الطب قة الرأ سالية م قام طب قة ال شراف القد ية
ول كن من وراء ستار ،و مع ب عض الت عديلت ا لت اقت ضاها الت طور القت صادي .ول كن
الوهر ل يتغي ،فهي طبقة تلك الال والسلطان والقوة الت تسي ب با دفة الكم .وعلى
الر غم من م ظاهر الر ية ا لت تتم ثل ف النتخا بات " الديقراط ية " فإن الرأ سالية ت عرف
طريقها إل البلانات ودواوين الكومات ،وتنفذ بوسائلها اللتوية ما تريد تنفيذه تت
متلف العنوانات.
بل ما يزال ف إنلترا -أم الديقراطية كما كان يقال لنا -ملس يسمى بصفة
ر سية " م لس ال لوردات " .و ما زال في ها قانون إق طاعي يق ضي بأن يرم ج يع الب ناء
والبنات من الياث فيما عدا البن الكب ،منعا 5لتفتيت الثروة ،أي مافظة على ثروات "
السر " لكي تبقى قائمة ل تزول ،ويظل لا كيانا الوروث كما كانت طبقة القطاعيي
ف العصور الوسطى.
هذا هو نظام الطبقات ،يتلخص ف حقيقة أساسية هي أن الطبقة الت تلك الال
ت لك ال سلطان .ت لك و سائل الت شريع بطري قة مبا شرة أو غ ي مبا شرة ،فت شرع لما ية
نفسها ،ولبقاء الشعب خاضعا 5لسلطانا ،مروما 5من كثي من حقوقه إرضاء لشهوات
الطبقة الاكمة.
وليس هناك ثانيا 5قواني تتفظ بالثروة ف يد قوم معيني يتوارثونا ول ترج من
أيديهم .فقد كره السلم ذلك وقال صراحة " :كيل يكون دولة بي الغنياء منكم ".
وو ضع من ج هة أ خرى قواني لت فتيت ا لثروة ب صفة دائ مة ،وإ عادة توزيع ها ف الت مع
بنسب جديدة على الدوام ،تلك هي قواني الياث الت توزع الثروة على عدد كبي من
الشخاص فل ير جيل حت تكون قد تفرقت بي الناس .والالت النادرة الت يرث فيها
الثروة كلها ولد واحد ل إخوة له ول أقرباء حالت شاذة ل يوز الكم با ول اعتبارها
قاعدة ينتقد النظام كله من أجلها .ومع ذلك فإن السلم ل يتركها تر اعتباطا ،5فقد
جعل ف التركة نصيبا 5للمحرومي من غي أول القرب يشبه ضريبة التركات ف العصر
الديث " :وإذا حضر القسمة أولو القرب واليتامى والساكي فارزقوهم منه وقولوا لم
قول 5معروفا.(55) " 5
و بذه الطري قة يعا ل تك تل ا لثروات ،وي عل أ صحاب ا لثروات أ فرادا 5ل طب قة.
أفرادا 5ل يلبثون أن يتمعوا حت يتفرقوا ،بكم توزع الثروة على نسب جديدة .والتاريخ
الواقعي يشهد أن الثروات كانت دائمة النتقال ف التمع السلمي ،وأن الغن اليوم قد
يفتقر غدا ،5والفقي اليوم قد تبط عليه الثروة من أي سبيل ،فل تقوم الواجز الصطنعة
بي أي شخص وبي الغن أو الفقر حسب تصرفه الاص وملبسات حياته الاصة.
إنما ل تزيدان على إثبات المر الواقع ف كل الرض ،ف ظل السلم وف غي
ال سلم :أن ال ناس مت فاوتون ف الرا تب وا لرزاق .وإل فلنأ خذ رو سيا مثل .5هل ج يع
ال ناس يت ناولون أ جر5ا وا حدا ،5أم إن بع ضهم مف ضل ع لى بعض ف ا لرزق؟ و هل جيع هم
ه ناك رؤ ساء أم جيع هم مرؤو سون؟ أو هل جيع هم ضباط أو جيع هم ج نود؟ أم إن
بعضهم قد رفع درجات فوق بعض؟ إن هذا أمر ل معدي عنه ،وهو حقيقة واقعة ف كل
مكان ،واليتان ل تشرحان سبب5ا معينا 5للتفضيل ،ول تقيدان الناس كذلك بسبب معي.
فهما ل تقولن إن التفضيل بسبب الرأسالية أو بسبب الشيوعية أو بسبب السلم .ول
ت قولن إن آ ثاره ت كون دائ م5ا عاد لة بق ياس ا لرض أو ت كون ظا لة ..ل شيء من ذ لك
ك له .إن ما ف قط ت قولن إن هذا هو ا لمر الوا قع ف كل م كان .و كل ما ع لى ا لرض
بطبي عة ا لال دا خل ف إرادة ا ل .وإل هل يعت قد ال شيوعيون أن ن فوذ ا ل -سبحانه -
مدود بال عال ال سلمي ،ك ما كان ب نو إ سرائيل يعت قدون ف سذاجة غب ية أن ن فوذ ا ل
مدود بصر وفلسطي ،وأن ما يقع ف بقية الرض خارج عن نفوذ ال وإرادة ال؟!
لسنا ف حاجة إل تكرار ما قلناه ف فصل الرق ،ولكنا نذكر الادثة الشهية
الت وضع با عمر أساس " الطبقات " ف السلم!
تلك قصة ال شريف الذي ذهب للحج ،ير أذيال الكب ،ويتيه على عباد ال ف
عنجه ية جاهل ية ل يط هره من ها د خوله -بال سم -ف ال سلم " :قل ل تؤم نوا ول كن
قولوا أسلمنا ولا يدخل اليان ف قلوبكم " .وف أثناء الطواف وقعت قدم " عبد " على
طرف ثوبه الطويل الذي تتمثل فيه العنجهية والكبياء ،فما كان من الشريف إل أن لطم
العبد على وجهه جزاء وقاحته! فذهب العبد إل عمر يشكو له فعل الشريف .فهل قال له
عمر :ل عليك! فهذا شريف وأنت عبد ،هو من طبقة وأنت من طبقة! هو يلك من
القوق ما ل تلك! هل استصدر عمر تشريعا 5يمي به طبقة الشراف من أن يدوس على
ثيابا العبيد ،أو تشريعا 5يلزم العبيد بقبول لطمات السادة؟
كل .إن ما حدث معروف ف التاريخ ،فقد أصر عمر على القصاص .على أن
يل طم الع بد هذا ال شريف الت كب ل يده إ ل شريعة ا ل ا لت ل ت فرق ب ي ب شر وب شر ف
التشريع ،حت حي يتفاوتان ف الرزق أو ف الوضع الجتماعي لسبب من السباب.
وعلم الشريف فكبت عليه نفسه .وأخذته العزة بالث ،وظل ياول أن ينجو من
حكم الشريعة الصارم الذي يسوي بينه وبي كل نفس آدمية ف الوجود .فلما يئس فر
من وجه عمر .وارتد ف النهاية عن السلم!!
وقد رأينا أن اللكية الزراعية ل ترتب للملك ف السلم حقوق5ا يستعبدون با
الخرين أو يستغلونم ،وكذلك الال ف اللكية الرأسالية لو وجدت ف متمع إسلمي
صحيح ،ذلك أن الاكم ل يستمد نفوذه من تأييد طبقة اللك ،وإنا من انتخاب المة له
وقيامه بتنفيذ شريعة ال.
يضاف إل ذلك كله ما ذكرناه من قبل من أنه ل يوجد متمع ف الرض كلها
قد تساوت الثروة فيه بي جيع السكان ،حت التمع الشيوعي الذي يقول -صادق5ا أو
كاذبا - 5إنه ألغى نظام الطبقات ،وأبقى طبقة واحدة هي الت تلك وتكم ،وتفن غيها
من الطبقات!
السلم ...والصدقات
أ́Ôوهذه هي العدالة الجتماعية الت تنوننا با يا دعاة السلم؟ أن يعيش الشعب
عالة ع لى الصدقات ا لت يدفعها ال سنون من الغن ياء؟ وت سمون هذه عدالة؟ وترضون
لكرامة الناس هذا الوان؟
إن الز كاة -من جانب ها الال -هي أول ضريبة نظام ية ف تار يخ القت صاد ف
العال .فقد كانت الضرائب قبل ذلك تفرض حسب هوى الكام وبقدر حاجتهم إل
الموال لتنفيذ مآربم الشخصية ،وكان حلها يقع دائما 5على الفقراء أكثر ما يقع على
الغنياء ،أو عليهم وحدهم دون الغنياء.
هذه هي القيقة الول الت ينبغي أن تقر ف أذهاننا بشأن الزكاة .وهي بديهية ل
تتاج ف الواقع إل جدل ول برهان.
والقي قة الثان ية أن ا لذي يوزع ح صيلة الز كاة ع لى الف قراء هو الدو لة ذا تا ل
الغنياء بأشخاصهم .الدولة هي الت تمعها وهي الت توزعها .وليس بيت الال إل وزارة
الال ية ا لت ت مع اليزان ية العا مة ث تع يد توزيع ها ع لى مت لف مرا فق الدو لة .فإذا كانت
الدو لة ت قوم بكفا لة ال تاجي -ب سبب عجز هم الكا مل عن الك سب ،أو عدم كفا ية
مواردهم للح ياة الكر ية -فل يس هذا تف ضل 5وإح سانا ،5ول يس ف يه ما ي غض من كرا مة
التاجي .وهل يس الوظفون الذين تنحهم الدولة معاشا 5أو العمال الذين تصرف لم
تأمي نا 5أ نم مت سولون يعي شون ع لى ح ساب الغن ياء؟ والط فال وال شيوخ ال عاجزون عن
الكسب ..هل يدش كرامتهم أن تنفق الدولة عليهم من مالا ما دامت تقوم بذلك أداء
لواجبها؟ إن مبدأ كفالة الدولة هوأحدث البادئ الت اهتدت إليها البشرية بعد تارب
كثية ،وبعد تبط طويل ف الظلم الجتماعي .فمن مفاخر السلم أنه قرره ف وقت
كانت أوربا تعيش ف الظلمات .أم إن النظام يصبح جيل 5وبراقا 5حي يأتينا من الغرب أو
الشرق ،ولكنه تأخر وانطاط حي ينادي به السلم؟
والقيقة الثالثة أنه إذا كانت حياة الناس ف صدر السلم قد اقتضت أو تقبلت
أن يأخذ الفقراء الزكاة نقدا 5أوعين5ا ف أيديهم ،فليس ف السلم ما ينص على أن هذه هي
الطري قة الوح يدة لتوز يع الز كاة .ول يس ه ناك ما ي نع من إعطائ ها ل ستحقيها ف صورة
مدارس مانية يعلمون فيها أبناءهم ،ومستشفيات مانية يتداوون فيها ،وجعيات تعاونية
تسهل لم وسائل العيش ،ومصانع أو مؤسسات يرتزقون منها رزقا 5دائما .إل آخر ما
يوحيه العصر الديث من وسائل الدمة الجتماعية .فل تعطى الزكاة نقدا 5إل للعاجزين
بسبب الرض أو الشيخوخة أو الطفولة.
ويأخذها غيهم ف صورة عمل وخدمات تقق قوله تعال " :وف سبيل ال ".
والقيقة الرابعة أنه ليس أصل 5من أصول التمع السلمي أن يكون فيه فقراء
يعيشون من أموال الزكاة .وقد وصل التمع السلمي إل صورته الثالية ف عهد عمر بن
عبد العزيز حيث كانت الزكاة تب فل يد عمالا فقراء يوزعونا عليهم أو أحدا 5يقبلها
منهم ،وف ذلك يقول يي
ابن سعيد " :بعثت عمر بن عبد العزيز على صدقات إفريقية فاقتضيتها ،وطلبت
فقراء نعطيها لم ،فلم ند فقيا 5ول ند من يأخذها منا ،فقد أغن عمر بن عبد العزيز
الناس ".
وإنا الفقر أو الاجة أمر يعرض لكل متمع ،فل بد من تشريع لواجهته؛ وقد
كان السلم يضم إليه باستمرار متمعات جديدة غي متوازنة الثروة ،فكان ل بد من هذا
التشريع حت يصل بذه التمعات رويدا 5رويدا 5إل حالتها الثالية الت وصلت إليها ف عهد
عمر بن عبد العزيز.
ول يقول أحد إن النسان حي يكرم أهله يكون مسيئا 5لشاعرهم ،مقرا 5لم،
وإنا هو الود والتعاطف وجع الشمل وتأليف القلوب .وحي تعطي أخاك هدية أو تول
لقاربك وليمة تييهم فيها وتقوم على خدمتهم ،فلن تستثي بذلك حقدهم وكراهيتهم،
أو شعورهم بالذلة والنكسار.
أ ما إع طاء ال ساكي ه بة عين ية ،ف شأنه شأن الز كاة ف صدر ال سلم ،كانت
ال ياة تتقب له ف ذ لك ال ي كو سيلة كر ية لغا ثة ال تاج وإعا نة ال كروب .ولك نه ل يس
سبيل 5واحدة مكتوبة فل تبديل لا ول فرار منها ،وإنا السبل إليه شت .ويكن أن يأخذ
شكل هبات للجمعيات أو الؤسسات الت تقوم بدمة اجتماعية ،ويكن أن يساعد الدولة
السلمة ف كل ما تتاج إليه من أموال لتنفيذ مشروعاتا.
ث إن شأنه شأن الز كاة ف ناح ية أ خرى .ف ما دام ف الت مع ف قراء فل بد من
إ عانتهم ب كل ال سبل لل ستمتاع بال ياة .ول كن ل يس ال فروض ف الت مع ال سلمي أن
ي كون ف يه ف قراء .فح ي ي صل إ ل حالته الثال ية في ستغن -ك ما حدث من ق بل -عن
الزكاة ،فهو يستغن كذلك عن الحسان ،وتبقى لذا وتلك مصارف مدودة ل يستغن
عنها أي متمع ف الرض ،وهي كفالة العاجزين عن العمل لي سبب من السباب.
أن يذهب فيحتطب ،فيبيع ما احتطبه ويعيش منه ،وأمره أن يعود إليه فيخبه با صنع.
وقد يسب الذين ل يرون المور إل بصورتا ف القرن العشرين أن هذا مثال فردي ل
دللة له،فضل 5عن أن كل مشتمللته أته هي فأس وحبل ورجل واحد ،بينما الياة
ال يوم م صانع هائ لة ،وملي ي من الع مال التعطل ي ،ودو لة منظ مة ذات فروع متل فة
الختصاص! وهذا تفكي ساذج .فلم يكن مطلوبا 5من الرسول أن يتحدث عن الصانع أو
يشرع لا قبل نشأتا بأكثر من ألف عام ،ولو فعل ذلك لا فهم عنه أحد .إنا حسبه أن
يضع السس العامة للتشريع ،ويترك لكل جيل أن يستنبط التطبيقات الناسبة له ف حدود
هذه السس .وف الثال الذي ذكرناه أسس صرية :هي تقرير الرسول صلى ال عليه
وسلم أن ول المر من واجبه إياد عمل لن يتاج إليه،وقد أك ك ̧Ôد الرسول صلى ال
عليه وسلم هذه السئولية بقيامه بإياد العمل لذلك الرجل -حسب طبيعة البيئة يومئذ -
وبطل به م نه ال عودة إل يه وإخ باره باله .و هذه ال سئولية هي ا لت اه تدت إلي ها أ حدث
النظريات ف السياسة والجتماع .فأما حي تعجز الدولة عن إياد العمل لسبب خارج
عن إرادتا ،فهناك بيت الال تكفل منه التاجي حت تذهب الاجة عنهم ،وهم كرماء
على أنفسهم وعلى الدولة وعلى الناس.
السلم ...والرأة
ف ال شرق ال يوم " هي جة " ت سمى ح قوق ا لرأة! والطال بة بال ساواة الكام لة مع
الرجل.
وف وسط هذه " اليجة " الت تشبه المى ،يهذي بعض المومي والمومات
با سم ال سلم .بع ضهم -لل توريط -ي قول إن ال سلم قد سوى ب ي الن سي ف كل
شيء ،وبع ضهم -جهل 5م نه أو غف لة -ي قول إن ال سلم عدو لل مرأة ينت قص كرامت ها
ويهي كبياءها ،ويطم شعورها بذاتيتها ،ويدعها ف مرتبة أقرب للحيوانية ،متاعا 5حسيا
للرجل وأداة للنسل ليس غي ..وهي ف هذا ف موضع التابع من الرجل يسيطر عليها ف
كل شيء ،ويفضلها ف كل شيء.
وهؤلء وأولئك ل يعرفون حقيقة السلم ،أو يعرفونا ث يلبسون الق بالباطل
ابتغاء الفتنة ونشرا 5للفساد ف التمع ،ليسهل الصيد لن يريد الصيد ف القذار.
وقبل أن نبي حقيقة وضع الرأة ف السلم ،يدر بنا أن نلم إلامة سريعة بتاريخ
قضية الرأة ف أوربا ،فهي منبع الفتنة الت فتنت الشرق عن طريق التقليد.
ولكنها ل تكن قط موضع الحترام القيقي كمخلوق إنسان جدير بذاته أن يكون له
كرامة بصرف النظر عن الشهوات الت تببه لنفس الرجل.
وظل الوضع كذلك ف عهود الرق والقطاع ف أوربا ،والرأة ف جهالتها ،تدلل
حي ن5ا تدليل ا لترف وال شهوة ،وت مل حي نا 5كاليوا نات ا لت تأ كل وت شرب وت مل وت لد
وتعمل ليل نار.
لقد كانت الطبيعة الوربية ف جيع عهودها كزة جاحدة ،ل تسخو ول ترتفع
إل مستوى التطوع النبيل الذي يكلف جهدا 5ول يفيد مال أو نفعا 5قريبا 5أو غي قريب.
ولكن الوضاع القتصادية ف عهدي الرق والقطاع ،والتكتل الذي كانا يستلزمانه ف
البيئة الزراعية ،جعل تكليف الرجل إعالة الرأة هو المر الطبيعي الذي تقتضيه الظروف،
ف ضل 5عن أن ا لرأة كانت " تع مل " ف ال نل ف ال صناعات الب سيطة ا لت تتيح ها ا لبيئة
الزراعية ،فكانت تدفع ثن إعالتها بذا العمل!
ولكن الثورة الصناعية قلبت الوضاع كلها ف الريف والدينة على السواء .فقد
حطمت كيان السرة وح لت روابطها بتشغيل الن ساء والطفال ف الصانع .فضل 5عن
استدراج العمال من بيئتهم الريفية القائمة على التكافل والتعاون ،إل الدينة الت ل يعرف
في ها أ حد ìأ حدا ،5ول ي عول أ حد أ حدا ،5وإ نا ي ستقل كل إن سان بعم له ومتع ته؛ وح يث
ي سهل ال صول ع لى الت عة الن سية من طريق ها ا لرم ،فته بط الرغ بة ف ا لزواج وكفا لة
).(56
السرة ،أو تتأخر سنوات طويلة على القل
()56من هنا يقول دعاة الفكر الادية وهواة التفسي القتصادي للتاريخ إن الوضاع القتصادية هي الت
تنشئ الوضاع الجتماعية وتدد العلقات بي البشر .وما ينكر أحد قوة العامل القتصادي ف حياة
البشرية ،ولكن الذي ننكره بشدة أنه العامل الوح يد السيطر ،وأن له جب ية على الفكار والشاعر
والسلوك .وإنا كان له كل هذا الثر ف الياة الوربية للوها من عقيدة عليا ترفع الشاعر وتنظف
النفس وتقيم العلقات القتصادية على أساس إنسان ،ولو وجدت هذه العقيدة -كما وجدت ف
العال السلمي – لستطاعت -على القل -أن تلطف من قسوة الضرورة القتصادية ،وتنفذ الناس
من إسارها.
قلنا إن الثورة الصناعية شغ•لت النساء والطفال .فحطمت روابط السرة وحلت
كيانا .ولكن الرأة هي الت دفعت أفدح الثمن من جهدها وكرامتها ،وحاجاتا النفسية
والادية .فقد نكل الرجل عن إعالتها من ناحية ،وفرض عليها أن تعمل لتعول نفسها حت
لو كانت زو جة وأ ما! وا ستغلتها ال صانع أ سوأ ا ستغلل من ناح ية أ خرى ،ف شغلتها
ساعات طويلة من العمل ،وأعطتها أجر5ا أقل من الرجل الذي يقوم معها بنفس العمل ف
نفس الصنع.
ول نسأل لاذا حدث ذ لك ،فهكذا هي أور با ،جاحدة كزة ك نود ،ل تعترف
بالكرامة للنسان من حيث هو إنسان ،ول تتطوع بالي حيث تستطيع أن تعمل الشر
وهي آمنة.
تلك طبيعتها على مدار التاريخ ،ف الاضي والاضر والستقبل إل أن يشاء ال لا
الداية والرتفاع.
وإذ كان النساء والطفال ضعافا ،5فما الذي ينع من استغللما والقسوة عليهما
إل أقصى حد؟ إن الذي ينع شيء واحد فقط ،هو الضمي .ومت كان لوربا ضمي!؟
أما الرأة فلم يكن لا نصي .فنصرة الرأة تتاج إل قدر من ارتفاع الشاعر ل
تطيقه أوربا! لذلك ظلت ف منتها تنهك نفسها ف العمل -مضطرة لعالة نفسها -
وتتناول أجر5ا أقل من أجر الرجل ،مع اتاد النتاج والهد البذول.
عائل .إما لن عائلهن قد قتل ف الرب ،أو شوه ،أو فسدت أعصابه من الوف والذعر
وال غازات ال سامة الان قة ،وإ ما لنه خارج من ح بس ال سنوات ا لربع ير يد أن ي ستمتع
ويرفه عن أعصابه ،ول يريد أن يتزوج ويعول أسرة تكلفه جهدا 5من الال والعصاب.
فالنس حاجة بشرية طبيعية ل بد لا من إشباع .ول يكن ف وسع الفتيات أن
يشبعن حاجتهن الطبيعية ولو تزوج كل من بقي حي5ا من الرجال ،بسبب النقص الائل
الذي حدث ف عدد الرجال نتيجة الرب .ول تكن عقائد أوربا وديانتها تسمح بالل
ا لذي وضعه ال سلم ل ثل هذه الا لة ال طارئة ،و هو تعدد الزو جات .لذلك ل ي كن بد
لل مرأة أن ت سقط راضية أو كار هة لتحصل ع لى حا جة الطعام وحاجة ال نس ،وترضي
شهوتا إل اللبس الفاخرة ،وأدوات الزينة ،وسائر ما تشتهيه الرأة من أشياء.
و سارت ا لرأة ف طريق ها ال توم ،ت بذل نف سها للرا غبي ،وتع مل ف ال صنع
والتجر ،وتشبع رغائبها عن هذا الطريق أو ذاك ،ولكن قضيتها زادت حدة .فقد استغلت
ال صانع حا جة ا لرأة إ ل الع مل ،وا ستمرت ف معاملت ها الظا لة ا لت ل يبر ها ع قل ول
ضمي ،فظلت تنحها أجرا 5أقل من أجر الرجل الذي يؤدي نفس العمل ف نفس الكان.
ول يكن بد من ثورة .ثورة جامة تطم ظلم أجيال طويلة وقرون.
وماذا بقي للمرأة؟ لقد بذلت نفسها وكبياءها وأنوثتها ،وحرمت من حاجتها
الطبيعية إل أسرة îوأولد îتسس • بكيانا فيهم ،وتضم حيواتم إل حياتا ،فتشعر بالسعادة
والمتلء .أفل ت نال مقا بل ذ لك -ع لى ال قل -ال ساواة ف ا لجر مع الر جل :حق ها
الطبيعي الذي تقرره أبسط البديهيات؟
ول يتنازل الرجل الورب عن سلطانه بسهولة .أو قل ل يتنازل عن أنانيته الت
فطر عليها .وكان ل بد من احتدام العركة ،واستخدام جيع السلحة الصالة للعراك.
ا ستخدمت ا لرأة ال ضراب والت ظاهر .وا ستخدمت الطا بة ف التم عات.
واستخدمت الصحافة .ث بدا لا أنا ل بد أن تشارك ف التشريع لتمنع الظلم من منبعه،
ف طالبت أول 5بق النت خاب ،ث بالق ا لذي ي لي ذ لك ب كم ط بائع ال شياء ،و هو حق
التمثيل ف البلان .وتعلمت على نفس الطريقة الت يتعلم با الرجل ،لنا صارت تؤدي
نفس العمل ،وطالبت كنتيجة منطقية لذلك أن تدخل وظائف الدولة كالرجل ،ما داما
قد أعدا بطريقة واحدة ،ونال دراسة واحدة.
تلك قصة " كفاح الرأة لنيل حقوقها " ف أوربا .قصة مسلسلة ،كل خطوة فيها
ل بد أن تؤدي إ ل ال طوة التال ية ،ر ضي الر جل أو كره ،بل ر ضيت ا لرأة أو كر هت،
).(57
فهي ذاتا ل تعد تلك أمرها ف هذا التمع الابط النحل الذي أفلت منه الزمام
ومع ذلك كله فقد تعجب حي تعلم أن انلترا -أم الديقراطية -ما تزال إل
هذه اللحظة تنح الرأة أجرا 5أقل من أجر الرجل ف وظائف الدولة ،رغم أن ف ملس
العموم نائبات مترمات!!
()57هنا أيضا 5يقول دعاة الذاهب القتصادية :إن العامل القتصادي هو كل شيء ف الياة ،وهو الذي
جعل من قضية الرأة ما صارت إليه .ومرة أخرى ل نريد أن نقلل من قيمة العامل القتصادي ف حياة
البشر ،ولكننا نقول إنه ل يكن حتما 5أن تسي المور على هذا الوضع ،لو كانت هناك عقيدة ونظام
– كالسلم -يفرض كفالة الرجل للمرأة ف ج يع الحوال ،ويعطي الرأة -حي تعمل -حقها
ال طبيعي ف ال ساواة بالر جل ف ا لجر ،ويب يح -ف حا لة ال طوارئ -ت عدد الزو جات ،في حل أز مة
ل نظي فا 5ف أع قاب ا لروب ،فل ت ضطر ا لرأة للت بذل ال صريح ،أو ن يل حاجت ها خل سة ف
ال نس ح 5
الظلم.
نبصر الشياء بعيوننا ،ول نراها ف حقيقتها -هي الت تل الو بذا الضجيج الزائف ف
مؤترات النساء؟!
والزاء ف الخرة واحد للجنسي " :فاستجاب لم ربم أن ل أضيع عمل عامل
منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض )." (63
وتقيق الكيان البشري ف الرض متاح للجنسي :الهلية للملك والتصرف فيه
بم يع أ نواع الت صرف من ر هن وإ جارة وو قف وب يع و شراء وا ستغلل ..إ ل " للر جال
ن صيب ما ترك الوا لدان وا لقربون وللن ساء ن صيب ما ترك الوا لدان وا لقربون )" " (64
للرجال نصيب ما اكتسبوا وللنساء نصيب ما اكتسب )." (65
ول بد ه نا من وق فة ع ند أمر ين ب شأن حق اللك ية والت صرف والنت فاع .ف قد
كانت شرائع أوربا " التحضرة " ترم الرأة من كل هذه القوق إل عهد قريب ،وتعل
سبيلها الوحيد إليها عن طريق الرجل زوجا 5كان أو أبا 5أو ول أمر .أي أن الرأة الوربية
ظلت أكثر من اثن عشر قرن5ا بعد السلم ل تلك من القوق ما أعطاها السلم .ث هي
حي ملكتها ل تأخذها سهلة ول احتفظت بأخلقها وعرضها وكرامتها ،وإنا احتاجت
لن ت بذل كل ذ لك ،وتتح مل ال عرق وا لدماء وا لدموع ،لتح صل ع لى شيء ما من حه
السلم -كعادته -تطوعا 5وإنشاء ،ل خضوعا 5لضرورة اقتصادية ،ول إذعانا 5للصراع
الدائر بي البشر ،ولكن تقريرا 5منه للحق والعدل الزليي .وتطبيقا 5لما ف واقع المر ل
ف عال الثل والحلم.
وا لمر ال ثان أن ال شيوعية خا صة ،وال غرب عا مة ،يع تبون الك يان الب شري هو
الكيان القتصادي .ويقولون صراحة إن الرأة ل يكن لا كيان ،لنا ل تكن تلك ،أو ل
يكن لا حق التصرف فيما تلك ،وإنا صارت ملوقا 5آدميا 5فقط حي استقلت اقتصاديا،5
أي حي صار لا ملك خاص مستقل عن الرجل ،تستطيع أن تعيش منه وتتصرف فيه.
وبغض النظر عن إنكارنا لتحديد الكيان البشري بذه الدود الضيقة ،والبوط به
حت يصبح عرضا 5اقتصاديا 5ل غي ،فإننا نوافقهم -من حيث البدأ -على أن الستقلل
القتصادي له أثره ف تكوين الشاعر وتنمية الشعور بالذات.
حت تع طي ا لذن " :ل تزوج ا لثيب حت ت ستأمر ول تزوج الب كر حت ت ستأذن وإذ نا
صماتا ) " (66ويصبح العقد باطل 5إذا أعلنت أنا ل توافق عليه.
وقد كانت الرأة -ف غي السلم -تتاج إل سلوك طرق ملتوية لتهرب من
زواج ل تريده ،لنا ل تلك شرعا 5ول عرفا 5أن ترفض .ولكن السلم أعطاها هذا الق
الصريح ،تستخدمه مت أرادت ) ،(67بل أعطاها أن تطب لنفسها ،وهو آخر ما وصلت
إليه أوربا ف القرن العشرين ،وحسبته انتصارا 5هائل 5على التقاليد البالية العتيقة!
ويب لغ من ت قدير ال سلم لقو مات الك يان الب شري -ف ع صور كان يغ شيها
الهل والظلم -أن اعتب العلم والتعلم ضرورة بشرية ،ضرورة لزمة لكل فرد ل لطائفة
مدودة من الناس ،فقرر للمليي حق التعلم ،بل جعله فريضة وركنا 5من اليان بال على
طريقة السلم .وهنا كذلك يق له أن يفخر بأنه أول نظام ف التاريخ نظر إل الرأة على
أ نا كائن ب شري ،ل ي ستكمل مقو مات ب شريته حت يتع لم ،شأنا شأن الر جل سواء
بسواء ،فجعل العلم فريضة عليها كما هو فريضة على الرجل ،ودعاها أن ترتفع بعقلها،
كما ترتفع بسدها وروحها عن مستوى اليوان ،بينما ظلت أوروبا تنكر هذا الق إل
عهد قريب .ول تستجب إليه إل خضوعا 5للضرورات.
ولكن السلم بعد هذا -بعد تقرير الساواة الكاملة ف النسانية ،والساواة ف
جيع القوق الت تتصل مباشرة بالكيان البشري الشترك بي الميع -يفرق بي الرجل
وا لرأة ف ب عض ال قوق وب عض الواج بات .وه نا ال ضجة ال كبى ا لت تثي ها ن ساء
الؤترات ،ويثيها معهن كتاب و " مصلحون " وشباب ،يعلم ال كم يريدون بدعوتم
وجه الصلح ،وكم يريدون با أن يدوا الرأة سهلة التناول ف التمع وف الطريق!
وقبل الدخول ف تفصيل هذه الواضع الت يفرق فيها السلم بي الرجل والرأة،
ينبغي أول 5أن نرد السألة إل جوهرها القيقي ،إل أصولا الوظيفية ،السمية والنفسية،
ث نستعرض بعد ذلك رأي السلم.
هل ها جنس واحد أو جنسان؟ وهل هي وظيفة واحدة أم وظيفتان؟ تلك عقدة
الوضوع .فإن أرادت نساء الؤترات وكتابن ومصلحوهن وشبابن أن يقولوا :ليس بي
الرأة والرجل خلف ف التكوين السدي والكيان الوجدان ووظائف الياة البيولوجية،
ف ما ع سى أن يرد به علي هم!؟ وإن أ قروا بو جود هذا اللف فه ناك إذن أ ساس صال
لناقشة الوضوع.
وقد ناقشت مسألة الساواة بي النسي ف كتاب " النسان بي الادية والسلم
" ف فصل طويل عن " الشكلة النسية " ل أرى بأسا 5ف أن أنقل منه هنا بضع فقرات:
" ..وتب عا 5لذا الختلف الا سم ف اله مة وال هداف اختل فت طبي عة الر جل
وا لرأة ،ل يواجه كل منه ما م طالبه السا سية و قد زود ته ال ياة ب كل التي سيات المك نة،
ومنحته التكييف اللئم لوظيفته.
" لذلك ل أرى ك يف تست ساغ هذه ا لثرثرة الفار غة عن ال ساواة الل ية ب ي
الن سي! إن ال ساواة ف الن سانية أ مر طبيعي ومط لب مع قول .فالرأة والر جل ها شقا
الن سانية ،و شقا الن فس الوا حدة .أ ما ال ساواة ف و ظائف ال ياة وطرائق ها فك يف ي كن
تنفيذها؛ ولو أرادتا كل نساء الرض وعقدت من أجلها الؤترات وأصدرت القرارات؟
" هل ف وسع هذه الؤترات وقراراتا الطية أن تبدل طبائع الشياء ،فتجعل
الرجل يشارك الرأة ف المل والولدة والرضاع؟
" وهل يكن أن تكون هناك وظيفة بيولوجية من غي تكييف نفسي وجسدي
خاص؟ هل اختصاص أحد النسي بالمل والرضاعة ل يستتبعه أن تكون مشاعر هذا
النس وعواطفه وأفكاره مهيأة بطريقة خاصة لستقبال هذا الادث الضخم ،والتمشي
مع مطالبه الدائمة؟
" إن المومة ،بكل ما تويه من مشاعر نبيلة ،وأعمال رفيعة ،وصب على الهد
التواصل ،ودقة متناهية ف اللحظة وف الداء ..هي التكييف النفسي والعصب والفكري
الذي يقابل التكييف السدي للحمل والرضاع .كلها متمم للخر متناسق معه ،بيث
يكون عجيبا 5أن يوجد أحدها ف غيبة من الخر.
" وهذه الرقة اللطيفة ف العاطفة ،والنفعال السريع ف الوجدان ،والثورة القوية
ف ال شاعر ،ا لت ت عل ا لانب ال عاطفي ،ل الف كري ،هو الن بع ال ستعد أ بد5ا بالفيض،
ال ستجاش أ بد5ا بأول ل سة ،كل ذ لك من م ستلزمات المو مة ،لن م طالب الطفو لة ل
تتاج إل التفكي ،الذي قد يسرع أو يبطئ ،وقد يستجيب أول يستجيب ،وإنا تتاج
إل عاطفة مشبوبة ل تفكر ،بل تلب الداعي بل تراخ ول إبطاء.
" والرجل من جانب آخر مكلف بوظيفة أخرى ،ومهيأ لا على طريقة أخرى.
" مك لف بصراع ال ياة ف ا لارج .سواء كان الصراع هو مابة الو حوش ف
الغابة ،أو قوى الطبيعة ف السماء والرض ،أو نظام الكومة وقواني القتصاد … كل
ذلك لستخلص القوت ،ولماية ذاته وزوجه وأولده من العدوان.
" هذه الوظيفة ل تتاج أن تكون العاطفة هي النبع الستجاش ،بل ذلك يضرها
ول ينفع ها .فالعاط فة تنق لب ف ل ظات من النق يض إ ل النق يض .ول ت صب ع لى ا تاه
واحد إل فترة ،تتجه بعدها إل هدف جديد .وهذا يصلح لطالب المومة التغية التقلبة،
ولكنه ل يصلح لعمل خطة مرسومة تتاج ف تنفيذها إل الثبات على وضع واحد لفترة
طوي لة من ا لوقت .وإ نا ي صلح لذلك الف كر .ف هو ب طبيعته أ قدر ع لى ال تدبي وح ساب
ال قدمات والن تائج ق بل التنف يذ .و هو أب طأ عمل 5من العاط فة اليا شة التف جرة .ول يس
الط لوب م نه هو ال سرعة ،ب قدر ما هو ت قدير الحت مالت وال عواقب ،وتيئة أح سن
الساليب للوصول إل الدف النشود .وسواء كان القصود هو صيد فريسة ،أو اختراع
آلة ،أو وضع خطة اقتصادية ،أو سياسة حكم ،أو إشعال حرب ،أو تدبي سلم ،فكلها
أمور تتاج إل إعمال الفكر ،ويفسدها تقلب العاطفة.
" و هذا يف سر كثيا 5من أو جه اللف ب ي الر جل وا لرأة .ف هو يف سر مثل 5لاذا
ي ستقر الر جل ف عم له ،وين حه ا لانب ا لكب من نف سه وتفك يه بين ما هو ف ال يدان
ال عاطفي متن قل كالط فال .ف ح ي أن ا لرأة ت ستقر ف علقا تا العاطف ية تاه الر جل،
وحينما تتجه إليه فكأنا كيانا كله يتحرك ويدبر الطط ويرتب اللبسات ،وهي ف هذا
الشأن أبعد ما تكون نظرا 5وأشد ما تكون دقة .ترسم أهدافها لسافات بعيدة ،وتعمل
دائبة على تقيق أغراضها .بينما هي ل تستقر ف العمل إل أن يكون فيه ما يلب جزء5ا من
طبيعتها النثوية كالتمريض أو التدريس أو الضانة .أما حي تعمل ف التجر فهي تلب
كذلك جزءا 5من عاطفتها بثا 5عن الرجل هناك .ولكن هذه العمال كلها بديل ل يغن
عن ال صل ،و هو ال صول ع لى ر جل وب يت وأ سرة وأولد .و ما إن ت عرض الفر صة
للوظيفة الول حت تترك الرأة عملها لتهب نفسها لبيتها .إل أن يول دون ذلك عائق
قهري كحاجتها إل الال.
" ولكن هذا ليس معناه الفصل الاسم القاطع بي النسي ،ول معناه أن كل
منهما ل يصلح أية صلحية لعمل الخر.
" ..النسان إذن خليط ،وعلى نسب متفاوتة ،فإذا وجدت امرأة تصلح للحكم
أو الق ضاء أو حل الث قال أو ا لرب والق تال ..وإذا و جد ر جل ي صلح للط هي وإدارة
ا لبيوت أو ال شراف ا لدقيق ع لى الط فال أو ال نان ا لنثوي ،أو كان سريع التق لب
ب عواطفه ينت قل ف ل ظة من النق يض للنق يض ،ف كل ذ لك أ مر طبيعي ،ونتي جة صحيحة
لختلط النسي ف كيان كل جنس .ولكنه خلو من الدللة الزيفة الت يريد أن يلصقها
به شذاذ الفاق ف الغرب النحل والشرق التفكك سواء.
فالسألة ف وضعها الصحيح ينبغي أن توضع على هذه الصورة :هل كل هذه
الع مال ا لت ت صلح لا ا لرأة زائدة ع لى وظيفت ها الطبيع ية ،تغني ها عن هذه الوظي فة
الصيلة؟ تغنيها عن ط لب البيت وا لولد وال سرة؟ وتغنيها عن ط لب الر جل قبل هذا
وب عد ذ لك لي كون ف ا لبيت ر جل! ب صرف الن ظر عن شهوة ال نس وجو عة ال سد؟ "
….
والن وقد استعرضنا حقيقة اللف بي طبيعة الرجل والرأة ،نعود إل مواضع
التفرقة بينهما ف السلم.
إن مز ية ال سلم ال كبى أ نه ن ظام واق عي ،يرا عي الف طرة الب شرية دائ ما 5ول
ي صادمها أو ي يد با عن طبيعت ها .و هو يدعو ال ناس لت هذيب ط بائعهم والرت فاع با،
ويصل ف ذلك إل ناذج تقرب من اليالت والحلم ،ولكنه ف تذيبه ل يدعو لتغيي
الطبائع ،ول يضع ف حسابه أن هذا التغيي مكن ،أو مفيد لياة البشرية حت إذا أمكن!
وإنا يؤمن بأن أفضل ما تستطيع البشرية أن تصل إليه من الي ،هو ما ييئ متمشيا 5مع
الفطرة بعد تذيبها ،والرتفاع با من مستوى الضرورة إل مستوى التطوع النبيل.
يقول السلم ف الرث " :للذكر مثل حظ النثيي " .ذلك حق .لكنه يعل
الرجل هو الكلف بالنفاق .ول يتطلب من الرأة أن تنفق شيئا 5من مالا على غي نفسها
وزينت ها )إل ح يث ت كون ال عائل الوح يد ل سرتا و هي حالت نادرة ف ظل الن ظام
السلمي ،لن أي عاصب من الرجال مكلف بالنفاق ولو بعدت درجته( فأين الظلم
الذي يزعمه دعاة الساواة الطلقة؟ إن السألة مسألة حساب ،ل عواطف ول ادعاء .تأخذ
الرأة -كمجموعة -ثلث الثروة الوروثة لتنفقها على نفسها ،ويأخذ الرجل ثلثي الثروة
لينفق ها أول 5ع لى زو جة -أي ع لى ا مرأة -وثان يا 5ع لى أ سرة وأولد -فأيه ما ي صيب
أكثر من الخر بنطق الساب والرقام؟ وإذا كانت هناك حالت شاذة لرجال ينفقون
كل ثروا تم ع لى أنف سهم ول يتزوجون ول يب نون أ سرة ،فت لك أمثلة نادرة ،وإنا ا لمر
الطبيعي أن ينفق الرجل ثروته على بناء أسرة فيها امرأة بطبيعة الال هي الزوجة .وهو
ينفق عليها ل تطوعا 5منه بل تكليفا .ومهما كانت ثروتا الاصة فل يق له أن يأخذ منها
شيئ5ا البتة إل بالتراضي الكامل بينهما .وعليه أن ينفق عليها كأنا ل تلك شيئا ،5ولا أن
تشكوه إذا امتنع عن النفاق ،أو قتر فيه بالنسبة لا يلك ،ويكم لا الشرع بالنفقة أو
بالنف صال .ف هل بق يت ب عد ذ لك شبهة ف ال قدر القي قي ا لذي ت ناله ا لرأة من م موع
الثروة؟وهل هو امتياز حقيقي ف حساب القتصاد أن يكون للرجل مثل حظ اللنث يي
وهو مكلف مال تكلفه النثى؟
أما مسألة القوامة :فالضرورة تقضي أن يكون هناك قيم توكل إليه الدارة العامة
لذه الشركة القائمة بي الرجل والرأة ،وما ينتج عنها من نسل ،وما تستتبعه من تبعات.
وقد اهتدى الناس ف كل تنظيماتم إل أنه ل بد من رئيس مسئول ،وإل ضربت الفوضى
أطنابا ،وعادت السارة على الميع .وهناك ثلثة أوضاع يكن أن تفترض بشأن القوامة
ف السرة :فإما أن يكون الرجل هو القيم ،أو تكون الرأة هي القيم .أو يكونا معا 5قيمي.
ونستبعد الفرض الثالث منذ البدء ،لن التجربة أثبتت أن وجود رئيسي للعمل
الوا حد أد عى إ ل الف ساد من ترك ا لمر فو ضى بل رئ يس .وال قرآن ي قول عن ال سماء
وا لرض " :لو كان فيه ما آ لة إل ا ل لف سدتا " " ..إذ5ا لذهب كل إ له با خ لق ولعل
بع ضهم ع لى ب عض " .فإذا كان ه كذا ا لمر ب ي ال لة ال توهي فك يف هو ب ي الب شر
العاديي؟
وعلم النفس يقرر أن الطفال الذين يتربون ف ظل أبوين يتنازعان على السيادة،
تكون عواطفهم متلة ،وتكثر ف نفوسهم العقد والضطرابات.
بقي الفرضان الولن .وقبل أن نوض ف بثهما نسأل هذا السؤال :أيهما أجدر
أن تكون وظيفته القوامة ،با فيها من تبعات :الفكر أم العاطفة؟ فإذا كان الواب البديهي
هو الفكر ،لنه هو الذي يدبر المور ف غيبة عن النفعال الاد الذي كثي5ا ما يلتوي
بالتفكي فيحيد به عن الطريق الباشر الستقيم ،فقد انلت السألة دون حاجة إل جدال
كثي.
فالر جل ب طبيعته الف كرة ل النفع لة ،و با ي توي ك يانه من قدرة ع لى ال صراع
واحتمال أعصابه لنتائجه وتبعاته ،أصلح من الرأة ف أمر القوامة على البيت .بل إن الرأة
ذا تا ل تترم الر جل ا لذي ت سيه فيخ ضع لرغبا تا بل تت قره بفطر تا ول تق يم له أي
اعتبار .فإذا كان هذا من أثر التربية القدية الت تترك طابعها ف اللشعور ،وتكيف مشاعر
ا لرأة دون و عي من ها ،فهذه هي الرأة المريك ية بعد أن ساوت الر جل م ساواة كام لة،
وصار لا كيان ذات مستقل ،عادت فاستعبدت نفسها للرجل .فأصبحت هي الت تغازله
وتتل طف له لي ضى! وتتح سس ع ضلته الفتو لة و صدره العر يض ،ث تل قي بنف سها ب ي
أحضانه حي تطمئن إل قوته بالقياس إل ضعفها!
على أن الرأة إذا تطلعت " للسيادة " ف أول عهدها بالزواج وهي فارغة البال
من الولد وتكاليف تربيتهم الت ترهق البدن والعصاب ،فسرعان ما تنصرف عنها حي
تأت الشاغل ،وهي آتية بطبيعة الال ،فحينذاك ل تد ف رصيدها العصب والفكري ما
تتمل به مزيد5ا من التبعات.
وليس مؤدى ذلك أن يستبد الرجل بالرأة ،أو بإدارة البيت .فالرئاسة الت تقابل
التبعة ل تنفي الشاورة ول العاونة .بل العكس هو الصحيح .فالرئاسة الناجحة هي الت
تقوم على التفاهم الكامل والتعاطف الستمر .وكل توجيهات السلم تدف إل إياد
هذه ا لروح دا خل ال سرة ،وإ ل تغل يب ا لب والت فاهم ع لى ال ناع وال شقاق .فالقرآن
ي قول " :وعا شروهن بالعروف ) " (68والر سول ي قول " :خي كم خي كم لهله )" (69
فيجعل ميزان الي ف الرجل هو طريقة معاملته لزوجته ،وهو ميزان صادق الدللة ،فما
يسيء رجل معاملة شريكته ف الياة إل أن تكون نفسه من الداخل منطوية على انرافات
شت ،تفسد معي الي أو تعطله عن النطلق ).(70
ول كن العل قات " الر سية " ف دا خل ال سرة مو ضع شبهات كثية ت تاج إ ل
بيان.
بعض هذه الشبهات خاص بالتزامات الرأة نو الرجل ،وبعضها خاص بوضوع
الطلق وموضوع تعدد الزوجات.
ورغم ذلك فل بد من قانون عام يكم أمر الزواج؛ فل يستطيع نظام أن يعلن
إ حاطته الكام لة ب ياة الب شر دون أن ي شرع لذه ال سألة السا سة ،ت شريعا 5ي ضع -ع لى
القل -الدود العامة الت ل ينبغي تاوزها ،ث يترك التفاعل الشخصي ليحكم ما بي
هذه الدود.
فالزواج الوفق ل يلجأ إل نصوص القانون ول يتكم إليها .ول يقول كل من
الزوجي لنفسه إن القانون يقتضين كذا فلصنعه وإل صرت مالفا 5لوامره .وإنا ينشأ
التوف يق -ف ال غالب ك ما قل نا -من الت قاء ا لزاج ،من الت قاء شطري الن فس الوا حدة
وتعشق أحدها بالخر .ينشا من الب الذي يمع القلبي على صورة من الصور ،قد ل
تكون " عادلة " بالنسبة لحد الطرفي ،ولكنها مع ذلك مستقرة وافية بالغرض الطلوب.
وهل هي التزامات " مؤبدة " ل تلك الرأة الفكاك منها حي تريد؟
تلتزم الرأة بثلثة أمور رئيسية :أن تطيع زوجها ف الفراش كلما دعاها إليه ،وأل
توطئ فراشه من يكره ،وأن تفظ غيبته.
أما السألة الول ،فهي ف حاجة إل قدر من الصراحة لتجليتها .والكمة فيها
واضحة .فطبيعة الرجل الثمانية تعله ف حاجة إل إفراغ الشحنة النسية كلما تمعت
وأ لت ،ل كي ي فرغ لوظيفته ا لخرى من الع مل والن تاج ،ومواج هة م شكلت ال ياة
بأعصاب ل يرهقها القلق والضطراب .وقد يكون -ف فترة الشباب على القل -أكثر
طلبا 5للجنس ،ف عدد الرات فقط ،وإن كانت الرأة أعمق منه استجابة للجنس ،وأشد
ا شتغال 5به بج موع نف سها وج سدها وروح ها ف مع ناه ال شامل ل ف صورته ال سدية
فحسب ) .(71والزواج منظور فيه بطبيعة الال إل تلبية الاجات النسية بانب العان
الخرى الروحية والنفسية والجتماعية والقتصادية ..فإذا كان الزوج ل يد زوجته ملبية
حي يلح عليه خاطر النس ويشغل أعصابه ،فأي شيء يصنع؟ يلجأ إل الرية ف خارج
ا لبيت؟ ل الت مع ينب غي أن ي سمح ،ول الزو جة ذا تا تر ضى أن يت جه زوج ها بنف سه أو
جسده إل امرأة أخرى ،هي غرية لا مهما تكن الوضاع.
ولن يرج موقف الزوجة إذا دعاها زوجها دون رغبة منها عن حالة من ثلث:
أن تكون كارهة لزوجها ل تطيق التصال به ،أو تكون مبة له ولكنها تكره التصال
النسي عامة وتنفر منه ،وتلك حالة نفسية منحرفة ولكنها موجودة ف واقع الياة .أو
تكون مبة له غي نافرة من التصال به ،ولكنها ل تريد -الن.
أما الالة الول فهي دائمة ل تتعلق بوقت معي ،ول بعمل معي ،وهي حالة ل
يرجى فيها البقاء على الرابطة الزوجية ،فيحسن أن تأخذ طريقها الطبيعي إل النفصال.
والرأة تلك هذا من أكثر من طريق كما سيجيء بعد قليل.
والالة الثانية أيضا 5دائمة ،ل تنشأ من إلاح الزوج ف الطلب .وينبغي علجها
بالتفاق التام الصريح من مبدأ المر ،فإما أن يقبل الزوج المتناع عن تلبية حاجته مهما
كل فه ذ لك من م شقة ،وإ ما أن تق بل الزو جة ت مل ال شقة ل نا تب زوج ها ول تر يد
النفصال عنه .أو ينفصلن -بالعروف -إذا ل يكن التوفيق .أما الشرع فهو يلزم الرأة
بالطاعة إذا أصر الزوج ،ل تكم5ا وإعتسافا 5ولكن لن المر الطبيعي ف الزواج أن يشمل
العل قة الن سية .و لن امت ناع الزو جة ك ما قل نا يل جئ ا لزوج إ ل الرية اللق ية )أو إ ل
الزواج بامرأة أخرى وهو ما تكرهه الزوجة( .ولكنه ل يلزمها أن تقبل هذا الوضع إذا
رأت أنا ل تطيقه ،وأن حبها لزوجها قد تلشى بسبب هذا المر وانقلب إل فتور ،فهنا
تنفصل بسبب الكراهية.
أما الالة الثالثة فهي مؤقتة وعلجها ميسور .إن هذا النفور الوقت من التصال
النسي قد ينشأ من تعب أو ملل أو انشغال بال .ولكن قدرا 5من التهيئة النفسية والسمية
كف يل بإزالته .و لذلك اه تم الر سول ب توجيه ن ظر الر جال إ ل الداع بة اللطي فة وال خذ
والعطاء قبل العمل ذاته ،أول 5ليفع هذه العلقة عن بيمية السد الالصة ويعلها ألفة
نفس وامتزاج روح ،ث ليزيل مثل هذا العارض الذي قد يسبب النفور.
()71راجع بالتفصيل فصل " الشكلة النسية " ف كتاب " النسان بي الادية والسلم ".
واللتزام الثان هو أل توطئ الزوجة فراش زوجها من يكره ،أي ل تدخل بيته
أحدا 5يكرهه )وليس القصود الفاحشة فهذه مرمة حت لو رضي با الزوج( وحكمة هذا
اللتزام أنه كثيا 5ما تنشأ النازعات ف البيت نتيجة دخول أحد بي الزوجي بالسعاية أو
الثارة وسوء التوجيه .فإذا لظ الزوج ذلك وطلب من زوجته أن تنع شخصا 5معينا 5من
د خول بي ته ،ف ماذا يدث ح ي ت عارض الزو جة؟ ي ستمر من بع الفت نة وي ستحيل الو فاق.
فاللزام هنا لصال الشركة القائمة بي الزوجي وما ينتج عنها من أطفال يتاجون إل
الرعا ية وإ ل جو من الودة ل يف سده ال شجار وال شقاق ،حت ل ين شأ الط فال منحر ف
النفوس والفكار.
ول عل ال قائل أن ي قول :و لاذا ل ي لزم ال قانون ا لزوج أي ضا 5بأل يدخل بي ته من
تكر هه زوج ته؟ و طبيعي أ نه ف حا لة ا لب وا لودة ،و ف حا لة الت هذيب والرت فاع من
الانبي ،يكن التفاهم على جيع المور فل تصل إل درجة الحتكاك .ولكنا نفترض أن
الشقاق واقع والتفاهم مستحيل ،ولذلك نلجأ إل حكم القانون .وهنا يب أن نذكر أن
انف عالت ا لرأة لي ست ف غالب ا لحوال منطق ية ،وأن الغ ية الشخ صية البح تة -ل
الصلحة -قد تكون هي الت تنفر الزوجة من أم الزوج أو أخته أو إحدى قريباته .فإلزام
الزوج ف هذه الالة بإطاعة زوجته ف إبعاد من تكره ،لن يكون إلزاما 5للمصلحة ،ولكن
لثورة عاطفية قد ل تلبث أن تتحول ،أو تكون قائمة على غي أساس.
ولست أعن من ذلك أن الزوج دائم5ا على حق فيما يصنع ،فقد ينقلب طفل 5ف
كثي من الالت ،ويولع بالكا يدة .ول أعن كذلك أن الزوجة دائم5ا مطئة ،فقد تكون
مقة ف النفور من شخص بعينه ،وقد يكون هذا الشخص من يعملون فعل 5على هدم
روابط الزوجية لي سبب ،ولكن القانون موكل بالنسبة الغالبة ،ومتمش مع الفطرة الت
تفترض أن الرجل أكثر انقيادا 5لعقله ،والرأة أكثر انقيادا 5لنفعالتا العاطفية ،ث إن الباب
مف توح أ مام ا لرأة ف كل حا لة تد أ نا ل ت ستطيع ال ستمرار ع لى احتما لا ،فتنهي ها
بالنفصال.
أما مافظة الزوجة على عرض زوجها وماله ف غيبته فهو التزام طبيعي ومنطقي
ل أحسب أحدا 5يادل فيه .وهو التزام مشترك يشمل الرجل والرأة على السواء.
يتفرع عن قوامة الرجل على الرأة حق الزوج ف تأديب زوجته الناشزة ،وهو
الق الذي تبينه هذه الية " :واللت تافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن ف الضاجع
ل." (72) 5
واضربوهن ،فإن أطعنكم فل تبغوا عليهن سبيل
كل قانون أو نظام ف الدنيا تلزمه السلطة الت تؤدب الارجي عليه ،وإل أصبح
حب5ا على ورق .وانتفت الفائدة القصودة من وجوده.
والزوجية نظام قائم لصال التمع وصال الزوج والزوجة على السواء ،والفروض
فيه أن يقق أقصى ما يكن من الصال للجميع .وحي يكون الوئام والوفاق سائدين فيه
تتحقق جيع الصال بغي تدخل القانون .ولكن حي يدث الشقاق ينجم الضرر الذي ل
ي قف ع ند شخصي الزوج ي ،بل يت عداها إ ل الطفال ،و هؤلء نواة الت مع القب لة ا لت
يب إحاطتها بي وسائل التنمية والتهذيب.
()72النساء ].[34
()73نن نتكلم عن السلم ف أصوله ،وأما الواقع السيء الوجود اليوم باسم السلم فنتكلم عنه ف
مكان آخر من هذا الفصل
ث إنه ليس من العقل أن نلجأ إل الكمة ف حوادث الياة اليومية التافهة الت
تتجدد كل دقيقة ،وتنتهي من نفسها كل دقيقة ،فذلك خبال ل يقدم عليه العقلء ،فضل
عن أنه يتاج إل إقامة مكمة ف كل بيت تعمل ليل نار!
وهنا شبهة الهانة لكبياء الرأة ،والفظاظة ف معاملتها ،ولكن ينبغي أن نذكر
من ج هة أن ال سلح الحت ياطي ل ي ستعمل إل ح ي ت فق كل الو سائل " ال سلمية "
الخرى .ومن جهة ثانية أن هناك حالت انراف نفسي ل تدي معه إل هذه الوسيلة.
أما ف الالت العادية الت ل تصل إل حد الرض ،فالضرب ل ضرورة له .وهو
سلح احتياطي ل غي ،ل يوز البادرة إليه ول البتداء به ،والية بترتيب درجاتا تشي
إ ل ذ لك ،والر سول الكر ي ين هي الر جال عن ا ستعمال هذا ا لق -إل ف ال ضرورة
القصوى الت ل يفلح فيها شيء -ويقول لم موبا " :5ل يلد أحدكم امرأته جلد العي
ث يامعها ف آخر اليوم )." (74
()74رواه البخاري.
أما حي ينشز الزوج فالقانون متلف " :وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا 5أو
إعراضا 5فل جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا ،5والصلح خي )." (75
وقد يطيب لبعض الناس لول وهلة أن يطالب بالساواة الكاملة! ولكن السألة
هنا هي مسألة الواقع العملي والفطرة البشرية ،ل مسألة عدالة نظرية مثالية ل تقوم على
أ ساس .أي ا مرأة سوية ف ا لرض كل ها ت ضرب زوج ها ث يب قى له ف نف سها ا حترام،
وتق بل أن تع يش م عه ب عد ذ لك؟ و ف أي ب لد ف ال غرب " التح ضر " أو ال شرق ال تأخر
طالبت النساء بضرب أزواجهن؟
ول كن ال هم أن ال شرع ل يلزم ها بق بول ن شوز ا لزوج واحت ماله ،فأ باح لا
النفصال حي ل تطيق.
أول :5أن التزا مات ا لرأة نو الر جل لي ست تكم ية ،وإ نا ن ظر في ها للم صلحة
العامة الت تشمل الزوجة أيضا 5بطريق مباشر أو غي مباشر.
ثانيا :5أن معظم هذه اللتزامات له مقابل من نفس النوع عند الزوج .أما الالت
القليلة الت اختص فيها الرجل بلون من السلطة ليس للمرأة ،فقد روعي فيها فطرة الرجل
والرأة كليهما ،ول يقصد با إذلل الرأة ول إهانتها.
ثالث5ا :أنه ف مقابل هذه السلطة منحت الرأة الق ف رفضها إذا كانت نفسها ل
تقبلها ،أو أحست بأن ف قبولا ظلما 5لا.
أ ما النف صال ا لذي أ شرنا إل يه مرارا 5من ق بل ،وا لذي هو طر يق ا لرأة العم لي
لرفض ما ل تطيق من اللتزامات ،فله ثلث سبل متلفة:
أن تعل الرأة عصمتها ف يدها ،وقد صرح بذلك الشرع وإن كان ل يتمسك
به إل القليلت من النساء ،ولكنه حق لا إذا شاءت أن تستخدمه.
أو تط لب الطلق ل نا كار هة لزوج ها غ ي مطي قة معا شرته .و قد سعت أن
ا لاكم ل تأ خذ بذا ال بدأ .ولك نه م بدأ صريح أ قره الر سول وع مل به ،ف هو جزء من
التشريع ،وشرطه الوحيد أن تتنازل الرأة عما تلكته بطريق الزواج ،وهو شرط عادل.
لن ا لزوج ح ي يط لق زوج ته يف قد كل ما مل كه إيا ها بالزواج ،أي أن ال طرف ا لذي
يت سبب ف الطلق -سواء كان الر جل أو ا لرأة -يت مل خ سارة ماد ية مقا بل ف صمه
لعرى الزوجية.
والطريق الثالث أن تطلب الطلق -مع الحتفاظ بتاعها وأخذ النفقة -على
أ ساس سوء العام لة أو الضرار .إذا ا ستطاعت أن تث بت ذ لك .وا لاكم ت شدد ف ذ لك
لعلمها أن كثيا 5من القضايا الت تعرض أمامها ترجع إل الكايدة .ولكنها تكم بالطلق
عند ثبوت المر.
تلك أسلحة الرأة مقابل سلطة الرجل عليها ،وها ف النهاية متكافئان.
تكون الرأة ف بيتها هادئة مستقرة ،بل مكدودة ناصبة ،ترضع طفل 5وتنظر ف
طلبات طفل آخر ،وتعمل مع هذا وذاك على تيئة راحة الزوج ،فإذا هي تفاجأ دون إنذار
سابق بوثيقة الطلق على يد الأذون .لاذا؟ لن نزوة طارئة خطرت ف نفس الزوج :رأى
امرأة أخرى ظنها أجل ،أو مل " الروتي " الزوجي فرغب ف التغيي ،أو لنه طلب من
زوجته أن " تسقيه " فرفضت أو تكاسلت لنا متعبة!..
أما من طريق لتحطيم هذا السلح الطر الذي يلهو به الرجل ف لطة غادرة
بكيان امرأة صابرة وعش هادئ ومستقبل سعيد كان ينتظر أفراخه الصغار؟
ول شك ف وجود هذه الآسي الكثية الت يتحدث با الناس .ولكن ما السبيل؟
هل نلغي الطلق؟ وكيف نصنع ف الآسي الخرى الت تنجم من تري الطلق؟
تلك الآسي الت تعرفها جيدا 5الدول الكاثوليكية الت ل تأخذ ببدأ الباحة؟ وهل يصي
البيت بيتا 5وأحد الطرفي أو كلها يكره الخر ول يطيق عشرته ،ومع ذلك فالقيد مؤبد
واللص مستحيل؟ أأÔو́Ôو ليس هذا يؤدي إل الرية؟ يتخذ الزوج عشيقة يلب معها دوافع
النس ،والزوجة النبوذة تتخذ نفس الطريق؟ وهل ينفع الطفال أن ينشأوا ف مثل هذا
الو الكاب اللبد بالغيوم؟ ليس الهم هو مرد حياتم ف كنف الوالدين .ولكن الهم هو
ا لو ا لذي يعي شون ف يه .وإل ف ما أ كثر النحرف ي والنحر فات ا لذين جاء انراف هم من
حياتم مع أبوين متخاصمي ل ينتهي لما خصام.
يعن ماذا؟ يعن أنه ل يقع الطلق بجرد إلقاء الرجل لكلمة الطلق ،وإنا يقع ف
الكمة .والكمة ترسل ف طلب حكم من أهله وحكم من أهلها ،ويبحثون الوضوع،
ويراج عون ا لزوج ،ويع ظونه و ياولون ال صلح ،فل عل ذ لك ك له أن يرد الر جل عن غ يه
ويبقي على السرة وروابط الزوجية ،فإذا ل تد الاولة فعند ذلك فقط ينفذ الطلق على
يد القاضي ل على يد الزوج.
ولست أجد على أي حال مانعا 5من هذا الجراء الذي ينفذ ف جزء منه وصية
ال شرع ف مراج عة ال هل وماو لة التوف يق ،وإن ك نت ل أو من بدواه ف كثي،
فالحتيا طات ا لت ير يدها هؤلء ال صلحون مو جودة بالف عل دون حا جة إ ل مك مة.
ولن فرض أ نه طلق ها وو قع الطلق ب نص ال شرع ف هل ي نع ذ لك أن ي قوم أه له وأهل ها
بالتوفيق فترد إليه ف الال بدون إجراء جديد؟ فإذا كانت الرة الثانية ووقع الطلق أيضا
فهل يتعذر التوفيق إذا كانت هناك رغبة فيه أو فائدة ف إتامه؟ مع تأديب الزوج بعمل
إجراءات جديدة ومهر جديد؟
إن الرغ بة ف التوف يق -ح ي تو جد -ل تتو قف ع لى تدخل الك مة ،وح ي
تكون عقيمة فماذا يلك القاضي أكثر ما يلك الهل والصدقاء؟
وهناك أمم " متحضرة! " ل تعيش على التشريع السلمي ،ول يتم الطلق فيها
إل ف الكمة ،وبعد تقدي الواعظ والرشادات وماولة التوفيق ،فكم بلغت نسبة الطلق
هناك؟ لقد وصلت ف أمريكا إل %40وهي أعلى نسبة ف العال كله ،با فيه مصر الت
يتهم أهلها بأنم من هواة الزواج والطلق!
أما التطرفون والتطرفات ،الذين يريدون أل يكم القاضي للرجل بالطلق إل إذا
ثبت ثبوتا 5قاطعا 5أن الزوجة هي الخطئة ،وأن الياة معها -ف نظر القاضي -مستحيلة..
فأ ية كرا مة ير يدونا لل مرأة من هذا ال سبيل؟ أ ية كرا مة لا ف أن تب قى ف ب يت ر جل
يكرهها ول يريدها ف بيته؟ ويذكرها صباح ومساء بأنه ل يرغب فيها ول مل لا ف
قلبه ،وينبذها ويتصل بغيها وهي تعلم؟
أتبقى هناك للمكايدة؟ وهل هذا هدف يطلب من التشريع أن يقره؟ أو هل سبيل
الكايدة الوحيد أن تبقى معه وهو راغم ،وهي مسلوبة الكرامة والسلطان؟
أم تب قى لترب ية ا لولد؟ أ كرم ل لولد وأ قوم لتربيتهم أن يكو نوا منف صلي مع
أمهم ،من أن يكونوا ليل نار ف هذا الو الظلم الكريه.
وإن الشكلة ل تل بتغيي التشريع ،الذي وضع للضرورة ،ووجدت البشرية -
ف غي السلم -أنه ل معدى لا عنه ول فكاك.
إ نا تل بالترب ية ،بر فع ال ستوى الث قاف والنف سي والرو حي ل موع ال شعب.
بتهذيب الشاعر حت يكون الي هو الغالب ،وتكون الودة هي الصل ف الياة .بتعويد
الرجل أن ينظر إل علقته الزوجية على أنا رباط مقدس ل ينبغي الخلل بأمنه لتفه
النوات.
والتربية طريق طويل وبطيء يتاج إل متمع يعيش بالسلم ويكم شريعة ال
ف أ مره ك له ،وي تاج إ ل ج هد دائم ف ا لبيت والدر سة وال سينما والذا عة وال صحافة
والكتب والسجد والطريق ..ولكنها مع ذلك هي الطريق الوحيد الضمون.
الطلوب إذن هو القسط والعدل ،وهو غي مضمون التحقيق .وعلى ذلك يكون
الصل ف السلم هو وحدانية الزوج .ولكن هناك حالت تكون فيها الوحدانية ظلما 5ل
عدالة فيه .وعند ذلك يلجأ إل تشريع الضرورة ،مع علمه أنن íالعدالة الطلقة فيه غي
مضمونة ،ليتقي ضررا 5أكب بضرر أخف.
وأهم الالت الت يتاج التمع فيها إل هذا التشريع هي حالت الروب الت
تفن عددا 5كبيا 5من الشباب ،فيختل اليزان ويزيد عدد النساء على عدد الرجال .وعند
ذلك يكون تعدد الزوجات ضرورة لتقاء الفساد اللقي والفوضى الجتماعية الت تنشأ
ل مالة عن و جود ن ساء بل ر جل .و قد تع مل الرأة لتعول نف سها وأهلها ،نعم ،ول كن
حاجتها الطبيعية إل النس كيف تقضيها؟ وما ل تكن هذه الرأة قديسة أو ملكا 5فهل
أمامها سبيل إل الرتاء ف أحضان الرجال لظات خاطفة ف ليل أو نار؟ ث حاجتها إل
ا لولد ..ك يف ت شبعها؟ والن سل شهوة ب شرية ل ين جو من ها أ حد ،ولكن ها لدى ا لرأة
أعمق بكثي منها عند الرجل.
فهل من سبيل إل قضاء تلك الاجات كلها بالنسبة للمرأة ذاتا -بصرف النظر
عن حاجة التمع إل أخلق نظيفة تفظه من التحلل الذي أصاب دول 5كثية فأزالا من
قائمة الدول الت لا دور ف التاريخ -هل من سبيل إل ذلك بغي اشتراك أكثر من امرأة
ذلك بعض هدف السلم من هذا التشريع .وما يقول أحد إن اشتراك امرأة ف
رجل مع امرأة أخرى فضل 5عن اثنتي أو ثلث ،يريح نفسها وينحها السعادة الت تفو
إليها .ولكنها ضرورة .ولول أنا تد ف هذا الشتراك ضررا 5أخف من بقائها عاطلة بل
رجل ما قبلت القدام على ما فيه من منغصات.
وشبيه بالة الرب كل حالة يتل فيها التوازن لسبب من السباب .فالرجال
أ كثر تعر ضا 5لوادث الع مل و حوادث الطر يق ،ولل موت ف ا لوبئة لنم أ قل منا عة
بالطبي عة من الن ساء .أ ما ح ي يت ساوى ال عدد فل ي كن -ح سابيا -أن ي قوم ت عدد
الزوجات .ول يدث ف أي وقت أن أراد شاب أن يتزوج فلم يد ،لن غيه من الرجال
قد استول على نصيبه ف النساء!
وهناك حالت فردية معروفة لدى الفقهاء يكون تعدد الزوجات فيها ضرورة،
منها الطاقة النسية الادد•ة الت ل تكتفي بواحدة ول يكن لصاحبها الصب عليها .فهذه
إ ما أن تأ خذ طريق ها ال شروع إ ل زو جة ثان ية ،وإ ما أن تت خذ الليلت ف ال سر ،و هو
وضع ل يسمح التمع النظيف بوجوده.
أو حالت الرض الدائم الذي ينع التصال .ول يقولن أحد إن الرغبة النسية
دنيئة ف ذاتا ) (77ول يوز أن تكون سببا 5ف هدم سعادة امرأة .ليست السألة مسألة دناءة
()77يع تب ال سلم كل الن عات الفطر ية ا لت تؤدي وظي فة حيو ية نظي فة ف ذا تا وكر ية و جديرة
بالشباع .إنا يستنكرها فقط حي تؤدي إل الرية .انظر فصل " نظرة السلم " ف كتاب " النسان
بي الادية والسلم ".
أو ارت فاع .إ نا ضرورة ل حي لة ل حد في ها .فإذا ارت فع الر جل علي ها تطو عا ،5ومرا عاة
لاطر الزو جة ،فذلك ن بل م شكور ،ول كن ا ل ل يك لف نف س5ا إل و سعها ،وال عتراف
بالمر الواقع خي من التظاهر بالنبل مع اليانة ف الظلم ،كما يدث ف الدول الت ل
تبيح تعدد الزوجات.
ويلحظ ف جيع هذه الالت أن الزوج يبقى على زوجته الول كراهة منه أن
يطلق ها ،وو فاء لع شرته الطوي لة مع ها أن تنت هي بالطلق ،و هو شعور كر ي وإن كان ل
يؤدي إل سعادة الزوجة .أما إذا كان يسك با ضررا 5ومكايدة ،فذلك حرام عليه عند
ال ،وسبب موجب للطلق حي تطلبه الزوجة.
و هو حق ل شبهة ف يه ،و كانت الن ساء ف صدر ال سلم يعم لن ح يث تقت ضي
الظروف منهن العمل .ولكن السألة ليست مسألة تقرير الق ف ذاته ،فالواقع أن السلم
ل يستريح لروج الرأة تعمل ف غي العمال الضرورية الت تقتضيها حاجة التمع من
ناحية أو حاجة امرأة بعينها من ناحية أخرى .فتعليم البنات ،والتمريض ،وتطبيب النساء،
وما إل ذلك أمور ينبغي أن تقوم با الرأة .فهي إذن وظائف يتم التمع أن يشتغل با
النساء ،ويلك أن يندهن لا ،كما يند الرجال للحرب سواء بسواء .وحاجة الرأة إل
العمل لعدم وجود عائل لا ،أو عدم كفاية ما يعولا به عائلها ،حاجة تقرر حق الرأة ف
العمل لن ذلك أصون لا من البتذال ف سبيل العيش.
ول كن هذه وت لك ضرورة .وال سلم يبيح ها ع لى هذا الو ضع .أ ما أن ي كون
الصل ف التمع أن ترج الرأة لتعمل -كما ترى دول الغرب والدول الشيوعية سواء
-فهي حاقة ل يقرها السلم ،لنا ترج بالرأة عن وظيفتها الول ،وتنشئ من الفاسد
النفسية والجتماعية واللقية أكب ما تنتج من الي.
ول يستطيع أحد ف الدنيا كلها أن يزعم أن الرأة بتكوينها السدي والفكري
والو جدان لي ست مه يأة لوظي فة معي نة هي المو مة .فإذا ل ت قم با فذلك إ هدار لطا قة
حيو ية مر صودة ل غرض مع ي ،وتو يل لا عن سبيلها ال صيل .وح ي تقت ضي ال ضرورة
ذلك فل اعتراض .أما اللجوء إليه بغي ضرورة ملحة ،ومرد استجابة لنوة حقاء أصيب
با جيل من البشرية ،يريد أن يستمتع بغي حد ،وليأت من بعده الطوفان ،فأمر ل يطلب
من السلم قبوله ،ولو استجاب له لتخلى عن مزيته العظمى ،وهي النظر إل النسانية
كلها على أنا كيان متصل ل ينقطع عند جيل من الجيال.
وي قال إن ا لرأة ت ستطيع أن ت كون أ ما 5وت كون عام لة ،والب كة ف الا ضن تل
مشكلة الطفال.
تستطيع الاضن أن تد الطفل بكل رعاية جسدية ،وبكل توجيه عقلي ونفسي
علمي ،ولكنها ل تستطيع أن تده بالعنصر الواحد الذي ل تقوم الياة بدونه ول تستقيم
بغيه الوضاع .ذلك هو الب .رعاية الم .والم بالذات دون غيها من النساء.
وليس ف طوق الدينة النونة أو الشيوعية المقاء أن تغي طبائع البشر .فالطفل
ي تاج إ ل أم كام لة ل ي شركه فيها أ حد -ف ال سنتي ا لوليي ع لى ال قل -و لو كان
أ خاه ال شقيق .أم م Îي شغلها ت شغيل 5كامل 5ف إجا بة م طالبه ،ومنا غاته ،وإ حاطته بالرعا ية
والمن ف حضنها وبي ذراعيها ،وبغي ذلك تل نفسه العقد والضطرابات .فأين له الم
ف ال ضن ،وع شرة أط فال أو ع شرون ي شتركون ف " أم " صناعية وا حدة ،يت صارعون
في ما بين هم ع لى تلك ها ،فين شأون و قد غل بت ع لى عواطفهم شهوة ال صراع ،وتتح جر
قلوبم فل تنبت فيها الودة والخاء..؟
وأي جدوى للب شرية من أن تز يد إنتاج ها ا لادي و هي ت عرض الن تاج الب شري
للتلف والبوار؟
يقولون إن العمل يعطي الرأة كيان5ا اقتصاديا 5مستقل 5فتحصل على كرامتها .فهل
السلم حرم الرأة من الكيان القتصادي الستقل؟ إن الشكلة ف الشرق السلمي ليست
م شكلة الن ظام ،وإ نا هي م شكلة الف قر ال شامل ا لذي ل ي عل لل مرأة -ول للر جل -
موارد كر ية للع يش .وعلج ذ لك ز يادة طا قة الن تاج حت يغ ن ال شعب ك له بر جاله
ونسائه ،فل يكون فيه فقراء ،وليس علجه أن تزاحم الرأة الرجل على وسائل الياة!
وقد يكون هذا حقا 5ف أحوال فردية .ولكن إذا كانت كل امرأة تعمل ف غي
الو ظائف الن سوية تع طل رجل 5عن الع مل ،فتع طل إقا مة أ سرة جد يدة ،وتز يد من فترة
التعطل النسي الذي يؤدي إل الرية ،فأي عقل اقتصادي أو اجتماعي أو خلقي يؤيد
هذا الضطرابات؟
لقد كان السلم يلحظ الفطرة البشرية وحاجات التمع معا ،5حي خصص الرأة
لوظيفتها الول الت خلقت من أجلها ،ووهبت العبقرية فيها ،وجعل كفالتها واجبا 5على
الر جل ل ي لك الن كول ع نه ،لي فرغ با لا من الق لق ع لى الع يش ،وتت جه ب كل ج هدها
وطاقتها لرعاية النتاج البشري الثمي .كما أحاطها -ف هذه الوظيفة -بالرعاية الكاملة
وال حترام ال شامل ،حت إن أ حد ال ناس لي سأل الر سول صلى ا ل عل يه و سلم :من أو ل
الناس ب سن صحابت؟ فيقول " :أأðمك " قال :ث من؟ قال " :ث أأðمك " قال :ث من؟
)(78
قال " :ث أأðمك " قال :ث من؟ قال " :ث أبوك "
وبعد فأين هي " القضية " الت تشتغل با الرأة السلمة؟ وأي هدف بقي لا ف
الياة ل يققه السلم ،لتسعى إل استخلصه عن طريق حق النتخاب وحق التمثيل ف
البلان؟
()78رواه الشيخان.
تر يد ال ساواة الن سانية مع الر جل؟ ن عم .ويعطي ها ال سلم هذه ال ساواة نظر يا
وعملي5ا أمام القانون.
تر يد ال ستقلل القت صادي وحر ية التعا مل البا شر مع الت مع؟ ن عم ،و كان
السلم أول من قرر لا هذه القوق.
تريد حق العليم؟ نعم ،وقد منحها السلم هذا الق ،بل جعله فريضة عليها.
وأن تعامل معاملة كرية ما دامت تقوم بدورها الزوجي كما ينبغي؟
أم تر يد حر ية الته تك والب تذال؟ ت لك هي الر ية الوح يدة ا لت حرم ها إيا ها
السلم ،ولكنه كذلك حرم الرجل منها على قدم الساواة .وحت تقرير هذه الرية ل
يتاج إل دخول البلان ،وإنا يتاج فقط إل حل روابط التمع وتقاليده ،وحينئذ يتبذل
من يريد ويطلق له العنان!
إن دخول البلان ليس هدفا 5ف ذاته كما يفهم الغفلون ،وكما تفهم الشاردات
الفارغات من نساء الؤترات .ولكنه وسيلة لدف آخر .فإذا تققت الهداف فما الاجة
إل هذه الوسيلة إل التقليد العمى للغرب الفتون ،وظروفنا غي ظروفه ،وقيم الياة ف
نظرنا غيها هناك؟
ولكن قوما 5سيقولون :ما لنا وما للظروف الختلفة والقيم التباينة؟ إن وضع الرأة
ف ال شرق و ضع سي•ىء ل ي كن ال سكوت عل يه .و قد تررت ا لرأة ف ال غرب و نالت
مكانتها ،فعلى الرأة الشرقية أن تسلك سبيلها وتقلدها للحصول على حقوقها السلوبة.
هذه حقيقة .ولكن من السئول عن هذه القيقة؟ أهو السلم وتعاليم السلم؟
إن الو ضع ال سيء ا لذي ت عانيه ا لرأة ال شرقية ير جع إ ل ظروف اقت صادية
واجتماعية وسياسية ونفسية ينبغي أن نلم با ،لنعلم من أين تأتينا هذه الفاسد ،ونكون
على هدى ونن ناول الصلح.
هذا الفقر البشع الذي يعانيه الشرق منذ أجيال عدة .هذا الظلم الجتماعي الذي
يعل قوما 5يغرقون ف الترف الفاجر والتاع الغليظ ،وغيهم ل يد لقمة البز والثوب
الذي يكسو به العورات .هذا الكبت السياسي الذي يعل من الكام طبقة غي طبقة
ال كومي -طب قة لا كل ال قوق ول يس علي ها واج بات ،والكو مون يدفعون ج يع
التكاليف بل مقابل .وهذا الظلم التعس والرهاق العصب الذي يعيش فيه سواد الشعب
نتيجة هذه الظروف ..هذا كله هو السئول عما تعيش فيه الرأة من الذل والضطهاد.
إن ما تتاج إليه الرأة هو " عواطف " الحترام والودة بينها وبي الرجل .وأين
تنبت هذه العواطف ف الفقر الدقع والكبت الرهق للجميع؟
ليست الرأة وحدها هي الضحية ولكنه الرجل كذلك ،وإن بدا أنه ف وضع خي
منها.
الرجل يعامل امرأته بالعسف والضطهاد لنه يريد أن يقق كيانه السلوب ف
الارج :كيانه الذي يهينه الفي والعمدة وصاحب الرض .أو يهينه عسكري البوليس و
" الف ندي " و صاحب ال صنع .أو يهي نه الرئ يس ف ال صلحة .ك يانه ا لذي ي هدده ا لذل
والاجة ،والوضاع الظالة الت ل يلك مواجهتها ول التغلب عليها " ،فيسقط " غضبه
الكظوم على زوجته وأولده ومن يلوذ به من الهلي.
وهذا الفقر الكافر الذي يشمل التمع ،والذي يشغل جهد الرجل ويستنفد طاقته
النف سية والعصبية ،فل يعود ف نف سه ت لك ال سعة الت تن شأ فيها عوا طف ال بة والعام لة
الكرية للخرين ،ول ف أعصابه تلك الطاقة الت تتمل أخطاء الناس التافهة وتصب عليها
أو تصفح عنها.
هذا الفقر ذاته هو الذي يستعبد الرأة للرجل ،ويعلها تتمل ظلمه وعسفه لنه
خي من الياة بل عائل .هو الذي يغل يدها عن استخدام حقوقها الشرعية الخولة لا،
والت كان يكن أن توقف الرجل عند حده لو لأت إليها .فهي ف خوف دائم من أن
يطلقها زوجها ،وع ندئذ ماذا تصنع؟ الولد قد يكفل هم أ بوهم .أما هي؟ من يكفل ها؟
أهلها الفقراء الرهقون؟ إنم لضيقهم بتكاليف الياة ل يرحبون بانفصالا عن زوجها لئل
تزيد ف أعبائهم ،فينصحونا باحتمال الذل الهي.
هذه واحدة …
وف التمع التأخر -والشرق اليوم متأخر ول شك ،لنه فقد أهدافه وفقد نفسه
وأ غرق ف الظل مات -ف الت مع ال تأخر ت بط الق يم الن سانية كل ها ،وت صبح الف ضيلة
الوحيدة هي القوة ف جيع صورها وأشكالا .ويصبح الضعف مبر5ا للمهانة والتحقي.
وإذ كان الرجل أقوى من الرأة فهو يتقرها ،لنه هو هابط ل يستطيع الرتفاع
إل الستوى النسان الذي ييµحترم فيه النسان لنه إنسان .إل أن يكون لا ملك! فحينئذ
تترم لنا تلك وسيلة من وسائل القوة والسلطان!
وف التمع التأخر كذلك يهبط الناس إل غرائزهم أو قريبا 5منها .وتستول على
الناس شهوة النس خاصة فيون الياة من خللا وف حدود دائرتا .عندئذ تصبح الرأة
ف حس الرجل متاعا 5ليس غي ) ،(79ول يد فضلة نفسية أو عقلية أو روحية يضفي با
عليها معان النسانية الكرية الت تولد الحترام .وإذ كان التصال النسي ف عال البهائم
يثل لون5ا من سيطرة الذكر على النثى ،فهنا يتمع مزيج من شعورين هابطي :شعور
السيطرة وقت العمل ،والهال بعد النتهاء.
()79وكذلك يصبح الرجل ف حس الرأة .ولكنه بكم عمله ووظيفته وقيامه بالنفاق يأخذ ف نفسها
حيز5ا أكب من النس.
وف البيئة التأخرة تمل التربية ،لنا تبدو -ف وسط الهل والسغبة -ترفا 5ل
تتطلع إليه العيون .والتربية هي الوسيلة الوحيدة الت تعل من النسان إنسانا ،5وترفعه عن
مستوى اليوان .وحي ل توجد التربية ،أو توجد ف صورة فاسدة ،فالناس على غرائزهم
من عبادة القوة وقياس الياة بقياس الشهوات.
آلفقر؟!
أليس السلم هو الذي رفع التمع إل الدرجة الت ل يوجد فيها فقي يطلب
الزكاة أو يقبلها ف عهد عمر بن عبد العزيز؟ هذا هو السلم الذي طبق ف واقع الرض،
والذي نطلب تطبيقه اليوم .إنه النظام الذي يوزع الال توزيعا 5عادل 5بي طوائف المة "
كيل ي كون دو لة ب ي الغن ياء من كم " وي قرب ب ي م ستويات ال ناس لنه ي كره ا لترف
ويرمه ،ويكره الفقر ويعمل على إزالته.
والفقر هو العامل ا لول ف م شكلة الرأة ال شرقية ،فإذا زال فقد ان لت العقدة
الكبى ووجدت الرأة كرامتها .وليس من الضروري أن تعمل الرأة لتكسب -وإن كان
ذلك حقا 5مباحا 5لا -ولكن ارتفاع مستوى الثروة لموع الشعب يعل نصيب الرأة من
الياث -وهو نصيب ل تعول منه أحدا 5إل نفسها -كفيل 5باحترام الرجل لا ،ومشجعا
لا على التمسك بقوقها الت تتخلى عنها خوفا 5من مواجهة الفقر.
()80رواه الترمذي.
ومت أباح السلم للناس أن يعيشوا على غرائزهم بغي تذيب؟ إنه يعترف با
اعترافا 5صريا .نعم .ولكنه ل يسايرها ف هبوطها ول يقبل أن تستبد بالناس حت تصبح
هي الكوة الت ينظرون منها إل الياة.
ول يس إلزا مه لل مرأة والر جل أن ي قوم كل منه ما بق ضاء حا جة ا لخر هبو طا
بالن سان إ ل م ستوى الغر يزة .وإ نا يق صد ال سلم من ذ لك إ ل إطلق ال ناس من
ضروراتم ،فل تشغل هذه الضرورات بالم وأعصابم ،فتمنعهم من توجيه طاقتهم إل
ميادين النتاج العليا ،سواء ف عمل أو فن أو عبادة ،أو تلجئهم إل الرية حي يتعذر
إشباعها بالطريق الشروع .ولكنه ل يدع الناس قط إل أن تستغرقهم شهواتم ويشغلهم
الستمتاع با عن الياة النسانية الرفيعة ،فشغل الرجل بالهاد ف سبيل ال ،جهادا 5دائما
ل ينقطع ،وشغل الرأة بالهاد ف تربية أطفالا ورعاية منلا ،حت تصبح لكليهما أهداف
ل تقف عند حدود الضرورات والشهوات.
التقاليد الت ل تنع العلم ،ول تنع العمل ،ول تنع التعامل النظيف مع التمع ما
)(81
عيبها وما الضرر منها؟
()81نقصد التقاليد السلمية القة ل الدخيل عليها .والكتاب الذين يهاجون التقاليد ل يفرقون بي
هذه وتلك ول يستثنون .انظر كتاب " معركة التقاليد "
من ذا ا لذي ي قول إن الطر يق الوح يد ل صقل شخ صية ا لرأة وتزو يدها بالبة
والتجربة هو أن ترج إل مهاوي الفتنة ،فتبذل نفسها لحد الشبان ث تكتشف بعد أن
تبذل نفسها ،أنه شاب وضيع ل يريدها إل للمتاع السدي ،ول يترم كيانا كامرأة،
فتنصرف عنه إل شاب جديد .كما تصنع فتيات الغرب التحضرات الصقولت؟!
من ي قول ذ لك إل ا لذين يودون أن ت شيع الفاح شة ف الت مع ليح صلوا ع لى
رغباتم الابطة من أيسر طريق ،دون أن تول دونم " التقاليد "؟!
والتعليم ما وظيفته؟ أو ليس يعطي البة النظرية على القل بشئون الياة؟
والزواج؟ أليس هو تربة عملية نظيفة تنضج النفوس وتزود العقول بالتجارب؟
وف مصر كاتب غي مسلم كان يكتب كل أسبوع ف صحيفة أسبوعية ليتناول
السلم بالغمز والتجريح بالتلميح أو التصريح ،ول يفتأ يقول للنساء :انبذن تقاليدكن "
البالية " واخرجن واختلطن بالرجال ف جرأة ،واقتحمن الصانع والتاجر للعمل ،ل دفعا
للضرورة ،ولكن فقط تديا 5للتقاليد الت تتجزكن للمومة ورعاية النتاج البشري!
و كان هذا ال كاتب يقول إن الرأة تسي ف ال شارع خافضة البصر لنا ل ت ثق
بكيانا ،ويغمرها الوف من الرجل ومن التمع! ولكنها حي " تصقلها التجربة " ترفع
رأسها متحدية ،وتنظر إل الرجال بعيني ثابتتي).(82
وي قول التار يخ إن عائ شة ،ا لت ا شتركت ف السيا سة العا مة ف صدر ال سلم
وقادت اليوش ،وخاضت العارك ،كانت تكلم الناس من وراء حجاب!
و ل ي كن غض البصر خلق5ا ي تص بالن ساء فقط ،فإن التار يخ يروي كذلك أن
ممدا ،5صلى ال عليه وسلم ،كان أشد حياء من العذراء .ألعله ل يكن يثق بكيانه ،ول
يعرف حقيقة رسالته للبشرية؟!
()82هذا الكاتب هو سلمة موسى الذي عاش حياة كاملة هه الول ف كل ما كتب هو غمز السلم !
شأنه شأن كاتب مسيحي آخر هو جورجي زيدان .وقد كان كل منهما طليعة حلة تشتد ف طريقها
الن!
إن طريقنا لصلح الطأ ف حياة الرأة والرجل على السواء هو العودة إل نظام
السلم .طريقنا أن ندعو جيعا 5رجال 5ونساء وشبانا 5وفتيات إل حكم السلم وشريعة
ال سلم ،وأن نؤمن بذه الق ضية ،وننح ها ج هدنا وتفكي نا وعواطف نا .وحينئذ ..ح ي
نؤمن ونعمل لتنفيذ ما نؤمن به ،يكم السلم ،ويرد كل شيء إل مكان الصحيح بل
ظلم ول طغيان.
السلم ...والعقوبات
هل يكن أن تطبق اليوم تلك العقوبات المجية الت كانت تطبق ف الصحراء ؟
هل يوز أن تقطع يد ف ربع دينار؟ اليوم ف القرن العشرين الذي يعتب الرم فيه ضحية
من ضحايا التمع ،ينبغي علجه ول يوز أن تتد إليه يد بالعقاب؟
إن ال قرن الع شرين ي يز لك مثل 5أن تق تل أربع ي أل فا 5ف ال شمال ا لفريقي ف
مزرة واحدة لنم أبرياء ،ولكن كيف ييز لك أن تعاقب فردا 5واحد5ا لنه مرم أثيم؟
فلنترك حضارة القرن العشرين تتخبط ف آثامها ،ولنبسط فكرة الرية والعقاب
ف السلم.
فالمم الفردية -كدول الغرب الرأسالية -تبالغ ف تقديس الفرد وتعله مور
الياة الجتماعية كلها ،كما تبالغ ف التحريج على حق التمع ف فرض القيود على حرية
الفرد .وتتد هذه النظرة إل الرية والعقاب ،فتعطف هذه الدول على الرم عطفا 5بالغا،5
وتدللـه باعتباره ضحية أوضاع فاسدة أو عقد نفسية أو اضطرابات عصبية ل يكن يلك
التغلب عليها ،ومن ث تاول تفيف العقوبة عنه بقدر المكان ،وتظل تففها ف الرائم
اللقية خاصة حت تكاد ترج با من دائرة العقاب.
وقد كان فرويد بطل هذا النقلب التاريي ف النظر إل الرم على انه ضحية
العقد النسية الت تنتج من كبت التمع والخلق والدين والتقاليد للطاقة النسية الت
()83كان السلم أول نظام ف الرض اعتب الماعة مرمة ف حق الفرد إذا ل تضمن حياته ،ورتب
على ذلك حق الفرد ف مقاتلتها لنيل حقوقه .انظر فصل " الرية والعقاب " ف كتاب " النسان بي
الادية والسلم ".
يب أن تد منصرفها الطليق! ث تبعته مدارس التحليل النفسي سواء اعترفت مثله بأن
الطاقة النسية هي مركز الياة أم ل تعترف .والرم ف نظرها جيعا 5ملوق سلب ل يلك
أمره من تأثي البيئة العامة والظروف الاصة الت نشأ فيها وهو طفل صغي .فهم يؤمنون
با نسميه " البية النفسية " أي أن النسان ل إرادة له ول تصرف ف الطاقة النفسية الت
تتصرف بطرقة جبية.
والمم الماعية على العكس من ذلك تؤمن بأن التمع هو الكائن القدس الذي
ل ينبغي لفرد أن يرج عليه ،ومن هنا تشتد ف عقوبة الفرد الارج على الدولة إل حد
القتل والتعذيب.
وال شيوعية خا صة تؤمن بأن ا لرائم كل ها تن شا من أ سباب اقت صادية ،ل من
أسباب نفسية أصيلة كما يؤمن فرو يد وغيه من العل ماء التحليليي .ففي الت مع ا لذي
ت تل اقت صادياته ل ي كن أن تñن شأ الف ضائل ،ول يوز أي ضا 5معاق بة ا لرم ،أ ما ف رو سيا
ح يث ي سي القت صاد بالعدا لة الطل قة فل ست أدري ل تن شأ ا لرائم ،و لاذا ت قام ه ناك
الاكم والسجون!
ل ريب على أي حال ف أن كلتا النظرتي تشتمل على شيء من الق وشيء من
البالغة .فالظروف اليطة بالفرد ذات أثر بعيد ف تكوينه ،والعقد اللشعورية تدفع أحيانا
إل الرية .ولكن النسان مع ذلك ليس كائن5ا سلبيا 5بتا 5بإزاء الظروف .إن عيب الللي
النفسي أنم -بطبيعة عملهم -ينظرون إل الطاقة الركة ف النسان -إل " الدينامو "
-ول ينظرون إل الطاقة الضابطة -إل الفرامل -مع انا جزء أصيل من كيان النفس
الب شرية غ ي م فروض علي ها من ا لارج .إن الطا قة ا لت ت عل الط فل ي ضبط إفرازا ته فل
يتبول ف فراشه بعد سن معينة -حت ولو ل يدربه أحد -لي ذاتا -أو شبيهة با -
الطاقة الت تضبط انفعالته وتصرفاته فل ينساق دائم5ا وراء الشهوة الامة أو وراء النوة
الطارئة.
بقي أن نسأل :ما مدى مسئولية الرم إذن عن جريته ،لكي نوقع -أو ل نوقع
-عليه العقوبات؟
إنه ل يقرر العقوبات جزافا ،5ول ينفذها كذلك بل حساب .وله ف ذلك نظرة
ينفرد با بي كل نظم الرض ،نظرة تلتقي حينا 5برأي الدول الفردية ،وحينا 5برأي الدولة
الماعية ،ولكنها تسك بيزان العدالة من منتصفه ،وتيط بالظروف واللبسات كلها ف
وقت واحد ،وتنظر إل الرية ف آن واحد بعي الفرد الذي ارتكبها ،وعي التمع الذي
وقعت عليه ،ث تقرر الزاء العادل الذي ل ييل مع النظريات النحرفة ول شهوات المم
والفراد.
يقرر السلم عقوبات رادعة قد تبدو قاسية فظة لن يأخذها أخذا 5سطحي5ا بل
تعن ول تفكي ،ولكنه ل يطبقها أبدا 5حت يضمن أول 5أن الفرد الذي ارتكب الرية قد
ارتكبها دون مبر ول شبهة اضطرار.
فهو يقرر قطع يد السارق ،ولكنه ل يقطعها أبدا 5وهناك شبهة بأن السرقة نشأت
من الوع.
وهو يقرر رجم الزان والزانية ،ولكنه ل يرجهما إل أن يكونا مصني ،وإل أن
يشهد عليهما أربعة شهود بالرؤية القاطعة .أي حي يتبجحان بالدعارة حت لياها كل
هؤلء الشهود ،وها متزوجان.
ونن نأخذ هذا من مبدأ صريح قرره عمر بن الطاب ،وهو من أبرز الفقهاء ف
السلم ،وهو فوق ذلك رجل شديد التزمت ف تنفيذ الشريعة ،فل يكن اتامه بالبحبحة
ف التطبيق.
وعمر ل ينفذ حد السرقة ف عام الرمادة ،عام الوع ،حيث كانت الشبهة قائمة
ف اضطرار الناس للسرقة بسبب الوع.
والادثة التالية أبلغ ف الدللة وأصرح ف تقرير البدأ الذي نشي إليه:
" روى أن غلمانا 5لل بن حاطب بن أب بلتعة سرقوا ناقة لرجل من مزينة ،فأتى
بم عمر ،فأقروا ،فأمر كثي بن الصلت بقطع أيديهم .فلما ول رده ث قال :أما وال لول
أن أعلم أنكم تستعملونم وتيعونم حت إن أحدهم لو أكل ما حرم ال عليه لل له،
لقطعت أيديهم .ث وجه القول لبن حاطب بن أب بلتعة فقال :وأي ال إذ ل أفعل ذلك
لغرمنك غرامة توجعك! ث قال يا مزن ،بكم أريدت منك ناقتك؟ قال :بأربعمائة قال
عمر لبن حاطب :اذهب فأعطه ثانائة "
فه نا م بدأ صريح ل يت مل التأو يل ،هو أن ق يام ظروف تدفع إ ل الر ية ي نع
تطبيق الدود ،عمل 5بديث الرسول صلى ال عليه وسلم " :ادرأوا الدود بالشبهات "
).(84
فإذا استعرضنا سيا سة ال سلم ف ج يع العقو بات الت قررها ،و جدنا أ نه يل جأ
أول 5إل وقاية التمع من السباب الت تؤدي إل الرية ،وبعد ذلك ل قبله يقرر عقوبته
الراد عة وهو مطمئن إل عدالة هذه العقوبة ،بالنسبة لشخص ل يدفعه إل جري ته مبر
معقول .فإذا عجز التمع لسبب من السباب عن منع مبرات الرية ،أو قامت الشبهة
عليها ف صورة من الصور ،فهنا يسقط الد بسبب هذه الظروف الخففة ،ويلجأ ول
ا لمر إ ل إطلق سراح ا لرم أو توق يع عقو بات التعز ير -كال ضرب وال بس -ب سب
درجة الضطرار أو درجة السئولية عن الرية.
فهو مثل 5يسعى إل توزيع الثروة توزيعا 5عادل ،5وقد وصل ف عهد عمر بن عبد
العزيز إل إلغاء الفقر من التمع .ويعتب الدولة مسئولة عن كفالة كل فرد فيها بصرف
النظر عن دينه وجنسه ولغته ولونه ومكانه ف الياة الجتماعية .والدولة تكفل أفرادها
بإياد العمل الكري لم .أو من بيت الال إذا ل يوجد عمل ،أو عجز عنه فرد من الفراد.
وبذلك ينع السلم الدوافع العقولة للسرقة .ومع ذلك يقق ف كل جرية تقع ،ليتأكد
قبل توقيع العقوبة أن مرتكبها ل يرتكبها بدافع الضطرار.
وهو يعترف بقوة الدافع النسي وعنف إلاحه على البشر .ولكنه يعمل على
إشباع هذا الدافع بالطريق الشروع :طريق الزواج ،فيدعو إل الزواج البكر ،ويعي على
()84رواه عبد ال بن عباس .انظر فصل 5بذا العنوان ف كتاب " قبسات من الرسول "
إتامه من بيت الال إذا حالت الظروف الاصة دون إتامه .ويرص كذلك على تنظيف
التمع من كل وسائل الغراء الت تثي الشهوة ،وعلى وضع الهداف العليا الت تستنفد
الطاقة اليوية الفائضة وتوجهها ف سبيل الي ،وعلى شغل أوقات الفراغ ف التقرب إل
ال ،وبذلك كله ينع الدوافع الت تبر الرية .ومع ذلك فهو ل يبادر بتوقيع العقوبة حت
يكون مرتكبها قد تبجح با استهتارا 5بتقاليد التمع وإمعانا 5ف البوط اليوان حت لياه
أربعة شهود.
وهكذا شان السلم ف بقية العقوبات .يعمل على وقاية التمع أول 5من دوافع
الرية ،ث يدرأ الدود بالشبهات زيادة ف الحتياط .فأي نظام ف الدنيا كلها يبلغ هذه
العدالة؟
وإن " الفرنج " الذين يشى السلمون تشنيعهم على السلم بسبب تطبيق هذه
العقوبات ليستفظعونا ويرون فيها إهدارا 5لكيان الفرد واستهتارا 5بشأنه ،لنم ل يدرسوا
ن ظرة ال سلم للجر ية والع قاب ع لى حقيقت ها .و لنم يت صورون خ طأ أ نا كعقو باتم "
الدن ية " ستطبق كل يوم ،فيتصورون ف التمع السلمي مزرة هائلة :هذا يلد وهذا
يقطع وهذا يرجم .ولكن الواقع أن هذه العقوبات الرادعة ل تكاد تنفذ.
ولن يد هؤلء " الفرنج " أو غيهم ما يشونه من تطبيق الكم السلمي إل
أن يكون كلهم مرمي بالطبع ،مصرين على الجرام رغم انتفاء البرات الت تدفعهم إل
الرية!
وربا خيل لبعض الناس أنا إذن عقوبات صورية ل قيمة لا ف الواقع .وهذا غي
صحيح .فهي موجودة لتخويف بعض الفراد الذين ل يلجئهم إل الرية دافع معقول،
ولكنهم مع ذلك يسون ميل 5إليها وإقبال 5على ارتكابا ،فمهما تكن أسباب هذا الدافع
فسوف يراجع هؤلء الفراد أنفسهم مرات عديدة قبل ارتكاب الرية خوفا 5من العقاب .
وإن من حق التمع ما دام يعمل ف سبيل الي ،ويرعى الميع بعنايته ،أن يطمئن على
أرواحه وأعراضه وأمواله أن تتد إليها يد العدوان .ث إن السلم ل يتنع عن علج هؤلء
الناعي إل الرية بغي مبر واضح ،ول يتركهم -إذا اكتشفهم -فريسة لا ينطوون
عليه من انراف.
السلم ...والضارة
أتريدون أن ترجعوا بنا ألف سنة إل الوراء ..إل عهد اليام؟
إنه دين جامد ل يتفاعل مع الضارة الديثة ،ول مناص من نبذه إذا أردنا أن
نتحضر كبقية خلق ال!
لقد نزل السلم -فيما نزل -ف قوم نصفهم من العراب ،بلغ من جفوتم
وغل ظة ق لوبم أن ي قول في هم ال قرآن " :ا لعراب أ شد ك فرا 5ونفا قا 5وأ جدر أل يعل موا
حدود ما أ نزل ا ل ع لى ر سوله " ف كانت معجز ته العظ مى أن ج عل من هؤلء الغلظ
الفاة أمة من الدميي ،ل يكتفون بأنم اهتدوا بدى ال فارتفعوا من حيوانيتهم إل آفاق
الن سانية الرفي عة ،بل أ صبحوا هم أنف سهم هداة الب شرية يدعونا إ ل هدى ا ل .وذ لك
وحده برهان على ما ف هذا الدين من قدرة عجيبة على تضي الناس وتذيب النفوس.
ولكن السلم ل يكتف بذا العمل البار ف داخل النفوس .وهو العملية القيقية
ا لت ت ستأهل ال هد وت ستحق الت سجيل ،ل نا ا لدف ا لخي من كل ا لدنيات
والضارات ..ل يكتف السلم بذا التهذيب العميق للفكار والشاعر ،بل ضم إليه كل
مظاهر الدنية الت يهتم با الناس اليوم ويسبونا لباب الياة ،فتبن ن•ى كل الضارات الت
و جدها ف البلد الفتو حة ف مصر و فارس وبلد ا لروم ،ما دامت ل تالف عق يدته ف
وحدانية ال ول تصرف الناس عن الي الواجب لعباد ال .ث تبن ن•ى كل الركة العلمية
الت كانت لدى اليونان من طب وفلك ورياضة وطبيعة وكيمياء وفلسفة ،ث أضاف إليها
صفحات جديدة تشهد بتعمق السلمي ف البحث ،واشتغالم الدي بالعلم ،حت كانت
خلصة ذلك كله ف الندلس هي الت قامت عليها نضة أوربا الديثة وفتوحاتا ف العلم
والختراع.
وكذلك ل تقف الدعوة السلمية دون التفاعل مع التجارب العلمية الت تنتجها
الب شرية ف أي م كان ع لى ا لرض .ف كل تر بة ب شرية صالة هي غذاء يب أن ير به
ال سلمون ،و قد قال الر سول صلى ا ل عل يه و سلم " :ط لب الع لم فري ضة " واع لم ح ي
يطلق هكذا يشمل كل علم ،وقد كانت دعوة الرسول إل العلم كافة ،ومن كل سبيل.
كل! ل خوف من وقوف السلم ف وجه الضارة ما دامت نفعا 5للبشرية .أما
إذا كانت ال ضارة هي ال مر والي سر ،وا لدعارة اللق ية ،وال ستعمار ا لدنء ،وا ستعباد
الب شر تت مت لف العنوا نات ،فحي نذاك ي قف ال سلم ح قا 5ف و جه هذه " ال ضارة "
الزعومة ،ويقيم نفسه حاجزا 5بي الناس وبي التردي ف مهاوي اللك.
السلم ...والرجععVية
وتريدون أن نجز أفكارنا ومشاعرنا فنقف عند أوضاع ل تعد اليوم مقبولة ول
منطق ية مع ال ياة الد يدة ،وتقال يد و ضعت لج يال غ ي هذه الج يال ،وا ستنفدت
أغراضها ،وأصبحت اليوم رجعية تعوق التقدم وقيدا 5يعوق النطلق؟
أما تزالون تصر رòون على تري الربا ،وهو ضرورة اقتصادية ل غن عنها ف العال
الديث؟
صحيح أن ال سلم يرم الر با .ولكن ل يس صحيحا 5أن الربا ضرورة اقتصادية.
وف العال اليوم نظريتان اقتصاديتان ل تقومان على الربا :ها النظرية السلمية والنظرية
الشيوعية على اختلف ما بينهما ف الصل والتاه .كل السألة أن الشيوعية قد وجدت
القوة الت تنفذ با نظامها واقتصادياتا ،والسلم ل يمع قوته بعد؛ ولكنه ف طريقه إل
القوة .وهو صائر إليها بكم طبائع الشياء ،وبكم جيع الدللت الكامنة ف الصراع
القائم اليوم ف متلف بلد العال ،وهي دللت توحي كلها ببعث إسلمي جديد.
وحي يكم السلم فسوف يقيم اقتصادياته على غي الربا ،فل تعجزه ضرورة
اقتصادية .كما أقامت الشيوعية نظامها على غي الربا فلم تعجزها هذه الضرورة الوهية.
ليس الربا إذن ضرورة ل مناص منها للعال الديث .وإنا هو ضرورة فقط ف
العال الرأسال ،لن الرأسالية ل يكن أن تقوم بدونه .ومع ذلك فكبار القتصاديي ف
الغرب الرأسال من أمثال الدكتور شاخت ينددون بنظام الربا ويقولون إن نتيجته التمية
على مر الجيال هي تركيز الثروة ف أيدي فئة قليلة من الناس ،وحرمان الموع منها
رويدا 5رويدا ،5ووقوع الليي -تبعا 5لذلك -ف العبودية لذه الفئة الصغية الالكة للثروة.
ونن نرى مصداق ذلك ف الرأسالية الالية بغي حاجة إل تعمق ف دراسة القتصاد .وقد
كان من معجزات النظام السلمي أنه حرم الربا والحتكار -وها دعامتا الرأسالية -
قبل ظهور الرأسالية با يقرب من ألف عام ،لن ال الذي نز•ل هذا الدين يرى الجيال
كلها ف وقت واحد ،ويعلم -وهو العليم البي -ما يؤدي إليه الربا من كوارث ف عال
القتصاد ،فضل 5عما يثيه بي طوائف المة من الحن والحقاد.
وإن من أع جب الع جب أن كات ب5ا " مكاف حا " !5ف إ حدى ال صحف ال سبوعية
ي ندد بال سلم ل صراره ع لى تر ي الر با ،ف ا لوقت ا لذي يعت نق هذا ال كاتب م بادئ
الشتراكية الت تقوم على غي أساس الربا ،وف الوقت الذي بدأت الرأسالية ذاتا تتنصل
من عواقب الربا وتتحول رويد5ا رويدا 5إل الشتراكية! فليست السألة إذن مبادئ يعتنقها
صاحبها عن فهم وإيان .وإنا هي مرد شهوة ف التهجم على السلم!
و من الع جب كذلك أن وز يراا " م سلما5ا " ق ضى شبابه منتم ياا 5إ ل هيئة دين ية،
ياول -إرضاء لرؤوس الموال الجنبية -أن يتطوع فينفي عن السلم تمة المود )!(
فيقول إ نه آن الوان لراجعة تشريع الربا ف السلم " ،لنتطور " به تبعا 5للظروف القائمة
ال يوم! في شتري ر ضاء ال سادة أ صحاب رؤوس ا لموال بغ ضب ا ل ،ويتم سح بالتطور
القتصادي وهو أجهل الناس به إن كان يقصد حقا 5ما يقول! وكذلك فعل شيخ للزهر
يرف الكلم عن مواضعه ،بعدما كان له رأي سابق -قبل الشيخة -يرم فيه الربا بتاتا،5
ويقول الق فيه!
إن الربا ضرورة مذلة بالنسبة إلينا اليوم ،لن اقتصادياتنا ما زالت معتمدة على
العون الارجي .ولكن الضوع لذه الضرورة حت تنتهي شيء ،والتطور الزعوم شيء
آخر .وف اليوم الذي تستقل فيه اقتصادياتنا ف العال السلمي بأجعه وتستطيع الوقوف
على قدميها ،وتكون علقتنا مع العال على أساس التبادل الر ل على أساس الضوع..
ف ذلك اليوم نقيم اقتصادياتنا على قواعد السلم ،ونرم الربا ،فنكون بالنسبة للعال كله
تقدميي متطورين!
أما الزكاة فقد تدثنا عنها قي فصل سابق با ل يدع مال 5للشك ف صفتها،
وهل هي إحسان منوح للفقراء ،أم حق تؤديه الدولة بتكليف من ال منíل التشريع.
ويضحك النسان من بلهة " الثقفي " حي يرون النظام الواحد يأت من الغرب
" التحضر " فيفتحون أفواههم عجبا 5وإعجاب5ا بآخر " تطورات " الضارة ،والنظام ذاته
يأت من طريق السلم فيكون رمز التأخر والنطاط والمود!
فجعل جباية الضرائب ملية ،وجعل صرفها ملياا 5كذلك ،فإذا فضلت منها فضلة
أرسلت إل بيت الال العام ،وإذا قصرت أخذ لا من بيت الال.
هذا هو البدأ الذي قرره السلم لسن توزيع العمل وإقامة اللمركزية ف نظام
الكم .وهو الذي يندد الثقفون لنه تأخر وانطاط!
أما طريقة توزيع الزكاة فقد أسلفنا الديث عنها .وقلنا إنه ليس ف السلم ما
ي تم صرفها ن قدا 5وعي نا 5فح سب ،ول يس ما ي نع من توزيع ها ف صورة مدارس
ومستشفيات وخدمات اجتماعية ،بالضافة إل النفاق الباشر على العاجزين عن العمل
بسبب الضعف والشيخوخة والطفولة ..إل.
فإذا طبقنا السلم ف التمع الاضر ،فلن نصنع أكثر من إقامة وحدات صغية
تقوم بشئون نفسها ف حدود ارتباطها براكزها القليمية ،وبالدولة ،وبالعال السلمي،
وبالعال الواسع ك له ف ناية الطاف .ونكون بذلك تقدميي سابقي ف التطور لكل أمم
الرض الت تعجب الثقفي.
والدل ف أمرها قد يطول .ولكنا نأخذ السألة من أقرب طريق .ويكفي من أمر
المر أن تقوم ف فرنسا الداعراة الت ل تفيق ..امرأة -نائبة ف البلان -تطالب بتحري
المر!! يكفي ذلك للرد على الخمورين والخمورات ف عصر الدنية الديثة!
ولست أجد ف نفسي ف الواقع احتراما 5للخمر .ولكن أعلم أنا انعكاس متمع
مر يض ف ن فس فرد مر يض .فالتمع ا لذي ت شتد ف يه فوارق الطب قات فتع يش طب قة ف
الترف الفاجر الذي يبلد الس فيحتاج إل منشطات صناعية ..وطبقة ف الرمان الكافر
الذي يتاج إل " مغيبات " يهرب با النسان من الواقع السيئ الذي يعيش فيه .والتمع
الذي يسوده الرهاب والجز على الراء والفكار .والتمع الذي يجر مشاعره الصراع
ع لى لق مة الع يش ،أو ي ضفي عل يه الكآ بة طن ي ا للت الز عج ال كرر ا لوتية ،والل سة
الطويلة الملة على الكاتب وراء الدران..
هذا التمع يلجأ للخمر وغيها من الخدرات ،ليخلق لنفسه ف الحلم عالا
آخر خالي5ا من الشقاء.
إن وجودها دليل على الرض ،وداع إل إزالة أسبابه .وحي حررéم السلم المر
ل يسقط من حسابه " البرات " الت تدفع إليها ،بل عمل على إزالة هذه البرات أول،5
ث جاء التحري بعد ذلك .فلتتعلم الدن ية الديثة من السلم كيف يعال أمراض النفوس
بالتنظيم القتصادي والجتماعي والسياسي والفكري والروحي والسدي ..قبل أن تفتح
فمها بانتقاد السلم.
واليسر ل يرضى عنه أحد إل الفارغون والفارغات من التافهي .فل يتاج منها
إل إطالة الديث.
إل مت سنظل متأخرين؟ إل مت سنقف ف سبيل الدنية والتقدم؟! " يا سلم "
على مدنية فرنسا؟ هناك يقف العاشقان ف الطريق العام متعانقي متشابكي ،مستغرقي ف
قبلة عميقة لذيذة ،فل يكدر صفوها النطاع من دعاة الفضيلة ،ويقف رجل البوليس
يميه ما من حر كة ا لرور أن تزعجه ما ق بل النت هاء من هذا " ال بوز " الف ن الم يل.
والويل كل الويل لن ينظر إليهما نظرة استنكار ،فإنه يبوء وحده بالزدراء والحتقار!
" ويا سلم " على مدنية أمريكا! القوم هناك صرحاء مع أنفسهم ،ل يدورون
ول ي نافقون .عر فوا أن ال نس ضرورة بيولوج ية فاعترفوا بال ضرورة ،وي سروا سبلها،
ومنحو ها رعا ية الت مع واهت مامه .فل كل فت صديقة ول كل ف تاة صديق ،ير جان م عاا
ويدخلن معا ،5ويتنهان معا 5نزهات خلوية يقضيان فيها الضرورة ،ويتخلصان من ثقلها
على السم والنفس والعصاب .فينطلقان ف الغداة نشيطي مقبلي على عملهما بالبشر
والنشراح ،فينتجان ،وينجحان ،وتتقدم المة كلها إل المام.
نعم!
وفرن سا هي ا لت خررéت راك عة ذلي لة ع ند أول ضربة وجه ها إلي ها ال لان .ل
لن قص م عداتا وا ستعدادها الر ب ف قط ،ول كن ل نا أ مة ل كرا مة لا تذود عن ها .أ مة
غرقت ف الشهوات الابطة ،واستغرقها التاع السي ،فخافت على عمائر باريس الفاخرة
ومراق صها ال فاجرة أن تطم ها القنا بل و يدمرها الق تال .ف هل هذا هو ا لذي يدعونا إل يه
الثقفون؟ أم أنم قوم مدوعون ،ل يفقهون ما يقولون؟
أأðجري إحصاء ف إحدى الدن هناك فظهر أن %38من فتيات الدارس الثانوية
حبال! وتقل النسبة بي طالبات الامعة لنن أكثر تربة وأخب باستخدام موانع المل!
إن التخلص من ثقلة النس على العصاب هدف صحيح ،والسلم يوليه أكب
ع نايته ،لنه يع لم -ق بل أن يكت شف المري كان ذ لك -أن ا شتغال الروم ي ب سائل
النس يعطلهم عن قدر من النتاج ،ويبسهم ف ميدان الضرورة فل يرتفعون إل ريثما
يعودون فيهبطون .ولكن الدف الصحيح ينبغي أن تتخذ له الوسائل الصحيحة .وتلويث
الت مع ك له ،وإطلق فت يانه وفت ياته كالب هائم ي نو بع ضهم ع لى ب عض ل يس هو الطر يق
ال صحيح .فإذا كان الن تاج ا لمريكي ال ضخم نا تا - 5ك ما يف هم الغف لون -من هذه
الفوضى النسية ،فليعلموا أول 5أنه إنتاج مادي بت ،يكن أن يغن فيه النسان الل عما
قريب عن النسان الي .أما ف عال الفكار والبادئ فأمريكا هي الت تسترق الزنوج
أبشع استرقاق عرفته البشرية ف تاريها الديث ،وهي الت تؤيد كل قضية استعمار على
ظهر الرض.ول يكن الفصل بيي البوط النفسي التمثل ف حيوانية الغريزة ،والبوط
النف سي التم ثل ف ال سترقاق وال ستعمار ،فكل ها ا ندار ل ي كن أن يل جأ إل يه "
التحضرون ".
أما البهجة الت تشمل التمع حي ترج إليه الرأة متبجة خفيفة رشيقة ترف من
حولا الشواق وتفو إليها النظار والقلوب … هذه البهجة حقيقة واقعة دون شك.
فالصحاف الختلفة من الطعام أشهى بل ريب من اللون الواحد الكرور.
الدية إل الياة ،كما حدث ف فرنسا ،وكما حدث ف كل مكان على مدار التاريخ:
سنة ال ف الرض " ولن تد لسنة ال تبديل ".
والغرب كان يلك القوة الادية منذ العصر الديث -قوة العلم والتكالب على
العع´مل والد ف النتاج -فظلت هذه الشهوات تنخر فيه حت تاوى بعضه والباقي ف
الطريق .أما نن فل نلك القوة ،لن الظروف الجتماعية والسياسية الت أحاطت بنا ف
القرني الخيين على القل ل تكن ف صالنا ،فماذا نفيد من النكباب على الشهوات
باسم التحضر والدنية ،أو نفورا 5من تمة الرجعية والمود؟ لن يفيدنا شيئا 5إل أن يصيبنا
المار والدوار ،فكلما انطلقنا ف سبيلنا كبونا من جديد .وكل كاتب أو " مفكر حر! "
يدعو إل التحلل من التقاليد ،مهما يكن العنوان الذي يدعو تته ،وهو رسول من رسل
الستعمار قصد أم ل يقصد .والستعمار يعرف هؤلء الكتاب والفكرين ،ويعرف مدى
الد مة ا لت يؤدو نا له بل ل óأخلق ال مة ،و شغل شبابا بالبحث عن " البه جة "
وال سرور ،و لذلك ي سن مكا فأتم ح سب نوع الد مة ا لت يل كون أداء ها ف ال صحف
والكتب والذاعة ودواوين الكم ،وهم ماكرون أو مستغفلون!
وقد تدثنا عن هذا " النصقال " ف فصل السلم والرأة .ونزيد هنا أن خروج
الرأة للعمل وانبثاثها ف التمع .قد درب فيها دون شك جوانب ل تكن تنال هذه الدربة
و هي عاك فة ع لى مه مة الن تاج الب شري ور عايته .ولك نا ن سأل أول :5هل أ ضافت هذه
الدر بة إ ل ك يان ا لرأة ذا ته؟ أم إ نا زادت عل يه ف جانب لتن قص م نه ف جانب آ خر ؟
ونسأل ثانيا :هل أضافت هذه الدربة إل الكيان البشري كله؟ أم إنا كذلك زادت عليه
ف جانب لتنقص منه ف جانب آخر؟!
لقد صارت الرأة ف الغرب " صديقة " صالة ،تصادق الرجل ،وتتلقى مغازلته
وضروراته النسية ،وتشترك معه ف بعض مشكلته ،ولكنها ل تعد تستطيع أن تكون
زوجة صالة وأأðمðم•ا 5صالة .وليس يدي ف إنكار ذلك صياح المومي هنا والمومات.
فهذه حقائق الرقام تؤيد ما نقول ،فقد ارتفعت نسبة الطلق ف أمريكا إل %40وهي
ن سبة ب شعة خط ية الدل لة .أ ما أور با ف قد ت كون ن سبة الطلق في ها أ قل .ول كن ا تاذ
الع شيقات وال خدان أ مر شائع ه ناك وم عروف ب ي التزوجي .و لو كانت ا لرأة زو جة
صالة بع ن أ نا قادرة ع لى ال ستقرار ف أ سرة وإعطائ ها كل رعايت ها ،لا حدث هذا
الطلق فف أمريكا أو ما يشبهه من الروب من البيت والزوجية ف أوربا .أما المومة
ف قد سبق ا لديث عن ها ،ح ي قل نا إن ا شتغال ا لرأة بالع مل -و هو ا لذي يدرب ا لرأة
الدي ثة -ل يت يح لا الفر صة الزمن ية ول النف سية لل شتغال بالمو مة .فالرأة ال كدودة
النهو كة من الع مل ل تد ف أع صابا طا قة للمو مة ال قة ،ول ف نف سها ف سحة
لل ستقبال مزيد من التبعات.
أما الموع البشري فماذا استفاد ،بصرف النظر عن البهجة والنشراح؟! وهل
حل مشاكل العال هذا البضع من النساء ف برلانات العال ووزاراته ودواوينه ،أم هذه
اللوف والليي ف مصانعه ومتاجره وحاناته ومواخيه؟ وهل ل يكون للمرأة دور تؤديه
ف الت مع إل أن ت قف بنف سها ت طب ف الب لان ،أو ت ضي بنف سها قرارا 5من قرارات
ا لوظفي؟ ..وح ي تر ب أبناء ها ر جال 5ون ساء ترب ية ذات هدف مع ي ،فت خرج من هم
مواطني صالي ،وبشر5ا أسوياء ل تفسدهم الضطرابات والنرافات ..ل يكون لا دور
ف الت مع؟ ل قد تأ خذها الن شوة و هي تتل قى الت صفيق ف الب لان ،أو الع جاب ف "
الصالون " أو الطريق العام .ولكن هذه النشوة الوقوتة ما قيمتها ف حياة البشرية إذا كان
يصحبها إخراج أجيال من البشرية بل أمهات؟! أجيال ينقصها عنصر الب الذي يوازن
شهوة ال صراع ف ن فوس الب شر ،وا لذي ل ي كن أن ت بذره ف الن فوس إل أم ت نح كيا نا
وعبقريتها لنتاج البشر.
وليس بنا أن نقسو على الرأة ونرمها متع الياة وتقيق كيانا الشخصي ،ولكن
مت كانت الياة تتركنا -رجال 5أو نساء -نستمتع كما نريد ،ونقق كياننا كما نريد؟
وحي تتملكنا النانية فنفضل أن نستمتع بذواتنا بغي حد ،فما الذي يدث؟ أليس يدث
أن تلفنا ع لى الرض أج يال شقية ،ت شقى ب سبب أنانيت نا نن وانراف نا نن؟ أو لي ست
هذه الج يال ال شقية ت شمل الر جال والن ساء؟ ف هل ين فع ق ضية ا لرأة كج نس دائم ع لى
الرض أن يستمتع بعض أفراده متعة زائدة ف جيل من الجيال ،ليشقى بقية أفراده ف
مقتبل الجيال؟
إنا كان يعاب عليه لو أنه يرم التاع ف جيع صوره وأشكاله ،ويقف ف طريق
النعات الفطرية فيكبتها وينع إشباعها.
الدين ...والكبت
انظروا ماذا قال علماء النفس الغربيون عن الدين؟
قالوا إنه يكبت النشاط اليوي للنسان ،ويظل ينكك íد عليه حياته نتيجة الشعور
بالث ،ذلك الشعور ا لذي يستول على التديني خاصة فيخ يل لم أن كل ما يصنعونه
خطايا ل يطهرها إل المتناع عن ملذات الياة .وقد ظلت أوربا غارقة ف الظلم طيلة
تسكها بالدين ،فلما نبذت قيود الدين السخيفة ،تررت مشاعرها من الداخل ،وانطلقت
ف عال العمل والنتاج.
أفتر يدون إذن أن تعودوا إ ل ا لدين؟ تر يدون أن تكب لوا ال شاعر الت أطلقناها -
نن التقدميي -وتنكدوا على الشباب التدفق بقولكم :هذا حرام وهذا حلل؟
وقبل أن نذكر شيئ5ا عن كبت السلم للنشاط اليوي أو عدم كبته له ،ينبغي
أول 5أن نعرف ما هو الكبت ،لن هذه اللفظة كثيا 5ما يساء فهمها واستخدامها ف كلم
الثقفي أنفسهم ،فضل 5عن العوام والقلدين.
ليس الكبت هو المتناع عن إتيان العمل الغريزي كما ييل للكثيين .إنا ينشأ
الكبت من استقذار الدافع الغريزي ف ذاته ،وعدم اعتراف النسان بينه وبي نفسه أن
هذا الدافع يوز أن يطر ف باله أو يشغل تفكيه .والكبت بذا العن مسألة ل شعورية.
وقد ل يعالها إتيان العمل الغريزي .فالذي يأت هذا العمل وف شعوره أنه يرتكب قذارة
ل تليق به ،شخص يعان الكبت حت ولو " ارتكب " هذا العمل عشرين مرة كل يوم.
لن الصراع سيقوم ف داخل نفسه كل مرة بي ما عمله وما كان يب أن يعمله .وهذا
الشد والذب ف الشعور وف اللشعور هو الذي ينشئ العقد والضطرابات النفسية.
ونن ل نأت بذا التفسي لكلمة الكبت من عندنا ،بل هو تفسي فرويد نفسه
الذي أنفق حياته العلمية كلها ف هذه الباحث ،وف التنديد بالدين الذي يكبت نشاط
البشرية .فهو يقول ف ص 82من كتاب :" " Three Contributions to the Sexual Theory
" ويب أن نفرق تفريقا 5حاسا 5بي هذا " الكبت الشعوري " وبي عدم التيان بالعمل
الغريزي ،فهذا مرد " تعليق للعمل ".
والن وقد عرفنا أن الكبت هو استقذار الدافع الغريزي وليس تعليق التنفيذ إل
أجل معي ،نتحدث عن الكبت ف السلم!
صحيح أنه ل يبيح للناس أن ينساقوا مع هذه الشهوات إل الدى الذي يصبحون
ف يه م ستعبدين لا ،ل يل كون أمر هم من ها .فال ياة ل ت ستقيم بذا الو ضع .والب شرية ل
تستطيع أن تقق طبيعتها الت تدف إل التطور الدائم نو الرتفاع ،إذا هي ظلت عاكفة
على ملذاتا تستنفد فيها كل طاقتها ،وتتعود فيها على البوط والنتكاس نو اليوانية.
نعم ل يبيح السلم للناس أن يهبطوا لعال اليوان .ولكن هناك فرقا 5هائل 5بي
هذا وبي الكبت اللشعوري ،بعن استقذار هذه الشهوات ف ذاتا ،وماولة المتناع عن
الحساس با رغبة ف التطهر والرتفاع.
والضرر الذي يدث للفرد من استغراقه ف الشهوات ،هو إفناء طاقته اليوية قبل
مو عدها الطبيعي ،واستعباد الشهوات له ب يث تصبح شغله الشاغل وهه القعد القيم،
فتصبح بعد فترة عذابا 5دائما 5ل يهدأ ،وجوعة دائمة ل تشبع ول تستقر.
وف هذه الدود -الت تنع الضرر -يبيح السلم الستمتاع بطيبات الياة ،بل
يدعو إل يه د عوة صرية في قول م ستنكرا " :قل :من حرر•م زي نة ا ل ا لت أ خرج لع باده
والطيبات من الرزق )" (86؟ ويقول " :ول تنس نصيبك من الدنيا ) " (87ويقول " :كلوا
من طيبات ما رزقناكم ) " " (88وكلوا واشربوا ول تسرفوا )" (89
وإنا يطلب السلم من هذا الشباب أن " يضبط " هذه الشهوات فقط دون أن
يكبت ها .ي ضبطها ف وع يه و بإرادته ،ول يس ف ل شعوره ،أي يع لق تنف يذها إ ل ا لوقت
الناسب .وليس تعليق التنفيذ كبتا 5باعتراف فرويد ،وليس فيه من إرهاق العصاب ما ف
الكبت ،وليس يؤدي مثله إل العقد والضطرابات النفسية.
وليست هذه الدعوة إل ضبط الشهوات تكم5ا يقصد به السلم حرمان الناس
من التاع .فهذا هو التاريخ ف السلم وف غي السلم يقرر أنه ما من أأðمة استطاعت أن
تافظ ع لى كيا نا و هي عاجزة عن ضبط شهواتا ،والمت ناع بإراد تا عن بعض ال تاع
الباح .كما يقرر من الانب الخر أنه ما من أأðمة ثبتت ف الصراع الدول إل كان أهلها
مدربي على احتمال الشقات ،قادرين على إرجاء ملذاتم -أو تعليقها -حي تقتضي
الضرورة ساعات أو أياما 5أو سنوات.
ول كن ..ما الن سان بل ضوابط؟ وك يف ي صبح إن سان5ا و هو ل يط يق المت ناع
سويعات عما يريد؟ وكيف يصب على جهاد الشر ف الرض ،وهذا الهاد يتطلب منه
حرمان نفسه من كثي؟
وهل كان الشيوعيون -الذين يسخر دعاتم ف الشرق السلمي بالصيام وغيه
من " ال ضوابط " ا لت تدرب الن فوس -هل كانوا ي ستطيعون ال صمود ك ما صمدوا ف
ستالنجراد ،لو انم ل يدربوا على احتمال الشقات العنيفة الت تعذب البدان والنفوس،
أم إنم " ي لíونه عاما 5ويرمونه عاما "؟ ي لíونه حي يصدر المر به من " الدولة " لنا
سلطة مرئية تلك العقاب السريع ،ويرمونه -هو ذاته -حي يصدر المر به من ال
خالق الدول والحياء!
أما ما يقال من تنكيد الدين على أتباعه ،ومطاردتم بشبح الطيئة ف يقظتهم
ومنامهم فما أبعد السلم عنه ،وهو الذي ينح الغفرة قبل أن يذكر العذاب!
إن الطيئة ف ال سلم لي ست غول 5ي طارد ال ناس ،ول ظل ما 5دائ ما 5ل ينق شع.
خطيئة آدم الكبى ليست سيفا 5مصلتا 5على كل البشر ،ول تتاج إل فداء ول تطهي" :
فتلق ق¸ى آدم من ربه كلمات فتاب عليه ) ." (92هكذا ف بساطة ودون أي يéة إجراءات.
وأبناء آدم كأبيهم ليسوا خارجي من رحة ال حي يطئون .فال يعلم طبيعتهم
فل يكلف هم إل و سعهم ،ول يا سبهم إل ف حدود طاقتهم " :ل يك لف ا ل نف سا 5إل
وسعها ) " " (93كل بن آدم خطاء وخي الطائي التوابون )." (94
وآ يات الر حة والغ فرة والتو بة عن الع باد كثية ف ال قرآن .ولك نا ن تار من ها
واحدة فقط لعمق دللتها على رحة ال الواسعة الت وسعت كل شيء " :وسارعوا إل
مغ فرة من رب كم وج نة عر ضها ال سماوات وا لرض أأ ðعدت للمتق ي ا لذين ينف قون ف
السراء والضراء والكاظمي الغيظ والعافي عن الناس وال يب السني .والذين إذا فعلوا
فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا ال فاستغفروا لذنوبم -ومن يغفر الذنوب إل ال؟ -
ول يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون .أولئك جزاؤهم مغفرة من ربم وجنات تري من
تتها النار خالدين فيها ونعم أجر العاملي " ).(95
يا ال ،ما أشد رحتك بعبادك! إن النسان ل يلك نفسه من ال تأثر وهو يرى
ر حة ا ل بال ناس .و مت؟ و هم يفع لون الفاح شة! إ نه ل يق بل من هم التو بة فح سب .ول
يقيلهم من ذنبهم فحسب ،بل ينحهم رضاءه ورحته ،ويرفعهم إل درجة التقي!!
فهل بعد ذلك شك ف عفو ال ومغفرته؟ وأين يطارد العذاب نفوس الناس وال
يلقاهم بذا العطف والترحيب ،بكلمة واحدة صادقة يقولونا :التوبة؟!
لسنا نتاج إل نصوص أخرى تؤيد ما نقول .ولكنا مع ذلك نذكر هذا الديث
من أحاديث الرسول فهو شاهد عجيب " :والذي نفسي بيده لو ل تذنبوا لذهب ال بكم
وجاء بقوم يذنبون ويستغفرون فيغفر لم )." (96
وهذه الية العجيبة " :ما يفعل ال بعذابكم إن شكرت وآمنتم؟ وكان ال شاكرا
عليما"(97) 5
()96رواه مسلم.
()97سورة النساء ].[147
قلت :لاذا؟
قلت :نعم.
قلت :نعم.
قال :الطبيعة!
قال :قوة خفية ليس لا حدود ،ولكن لا مظاهر يكن أن تدركها الواس.
قلت :أنا أفهم أن تنعن من اليان بقوة خفية لتعطين بدل 5منها قوة مسوسة ,
ولكن إذا كانت السألة قوة خفية بقوة خفية ،فلماذا تأ خذ من إلي ا لذي أجد المن
والراحة والسلم ف اليان به ،لتعطين بدل 5منه إلا 5آخر ل يستجيب ل ول يسمع من
الدعاء؟!
وتسأل هؤلء القرود أو هؤلء الببغاوات :ما ضرورة اللاد ف ظلل íالسلم؟!
لقد كان اللاد ضرورة ف أوربا لسباب ملية ليس من الضروري أن تتكرر ف
كل م كان .فال صورة ا لت أعطت ها الكني سة الورب ية للعق يدة ال سيحية من ج هة ،وخ نق
الكنيسة لركة العلم ،وتريق العلماء وتعذيبهم ،وفرض الرافات والكاذيب على الناس
باسم كلمة السماء من جهة أخرى ..كل ذلك قد فرض اللاد فرضا 5على أحرار الفكر
من ا لوربيي ،و مزق سائرهم ب ي ال تاه الب شري ال طبيعي لل يان بال ،وب ي ال يان
بالقائق العلمية من نظرية وتريبية.
وكانت فكرة الطبيعية مهربا 5يلص به الناس من هذا الشكال شيئ5ا من اللص.
ف كأن ا لوربيي يقو لون للكني سة :خذي إ لك ا لذي ت ستعبديننا با سه ،وتفر ضي علي نا
التاوات الرهقة والدكتاتورية الطاغية ،والوهام والرافات ،والذي يقتضينا اليان به أن
نتن سك ونتع بد و نترهب ..و سوف نؤمن بإله جد يد ،له مع ظم خ صائص ا لله ا لول،
ولك نه إ له ل يس له كني سة ت ستعبد ال ناس ،ول يس له علي هم التزا مات خلق ية أو فكر ية أو
مادية ،فهم ف رحابه طلقاء من كل القيود.
وليس ف السلم " رجال دين " كالذين كانوا ف أوربا :فالدين ملك للجميع.
ينهلون منه ،كل على قدر ما تطيقه طبيعته ومؤهلته الفكرية والروحية ،والميع مسلمون
" ول كل در جات ما عم لوا " وأ كرم ال ناس ع ند ا ل أت قاهم ،سواء كانت وظيف ته أ نه
مهندس أو مدرس أو عامل أو صانع .وليس الدين حرفة من بي هذه الرف .فالعبادات
كلها تتم بغي وساطة رجال الدين .أما الانب الفقهي والتشريعي ف السلم فطبيعي أن
يتخصص ف أناس باعتباره الدستور الذي يقوم عليه الكم .ولكن موقفهم هو موقف
كل التخصصي ف الفقه الدستوري والتشريعي ف كل بلد من البلد ،ل يلكون بصفتهم
هذه سلطة على الناس ول امتياز5ا " طبقيا " عليهم .وإنا هم مستشارو الدولة وفقهاؤها
فحسب .والذين يسمون أنفسهم " هيئة كبار العلماء " أحرار ف أن يتسموا بذا السم
أو غيه .ولكن ليس لم سلطان على أحد .ول يلكون من أمر الناس شيئ5ا إل ف حدود
الشريعة .والزهر معهد علمي دين .ولكنه ليس سلطة ترق العلماء أو تعذبم ،وكل ما
يلكه أن يطعن ف فهم أحد الناس للدين ويطط óئ رأيه .وهو حر ف ذلك ،لن الناس
أي ضا 5يل كون أن يطع نوا ف ف هم ر جال ا لزهر ل لدين ويطئوا آراء هم .لن ا لدين ل يس
حكرا 5لحد ول هيئة ،وإنا هو لن يسن فهمه وتطبيقه.
وحي يقوم الكم السلمي لن ينتشر " علماء الدين " ف الدواوين ،ولن يتغي
ف نظام الكم شيء إل قيامه على الشريعة السلمية .ولكن شئون الندسة تظل ف يد
الهندسي ،وشئون الطب ف يد الطباء ،وشئون القتصاد ف يد القتصاديي )على شرط
أن ي كون القت صاد ال سلمي هو ا لذي ي كم الت مع( وه كذا وه كذا ف كل شئون
الكم.
أي شيء إذن ف السلم يدعو إل اللاد؟ إل أن تكون شهوة التقليد العمى
للسادة الستعمرين؟
يقولون إنم يريدون أن يكونوا أحرارا 5ف أن يكتبوا ضد العقائد والعبادات ،وأن
يسخفوها للناس ويدعوهم إل التحلل منها دون أن يقعوا تت طائلة القانون.
نعم .ولكن لاذا؟ إن هذا ليس كما يفهم المقى هدفا 5ف ذاته ،وإنا هو كان ف
أوربا وسيلة لدف آخر هو ترير الفكر من الرافة ،وترير الناس من الطغيان .فإذا كانوا
يلكون هذه الرية وتلك ف ظل اليان ،فما الدف الذي يريدون تقيقه؟
يريدون النلل اللقي والفوضى النسية بغي رادع ،تلك هي حقيقة السألة.
وليس الانب الفكري إل ستارا 5يغطون به عبوديتهم للشهوات ،ث يزعمون أنم أحرار
الفكر .وليس السلم مكلفا 5أن يطيع العبيد وهو يدعو إل التحرر من كل سلطان با ف
ذلك سلطان الشهوات.
أمن قول ال عز •ز وجلل " :وأمرهم شورى بينهم " )(98؟ وقوله " :وإذا حكمتم
).(99
بي الناس أن تكموا بالعدل "
أم من قول أب بكر .." :فإذا عصيت ال ورسوله فل طاعة ل عليكم "؟
()98سورة الشورى].[38
()99سورة النساء ].[58
أم من قول ع مر " :فإن و جدت ف íاعوجا جا 5فقو موه " في قول له ر جل من
ال سلمي " :وا ل لو و جدنا ف يك اعوجا جا 5لقوم ناه بد ال سيف " فيغت بط ع مر وير ضى
ويمد ال على ذلك؟!
نعم وجد الطغيان باسم الدين ف التاريخ ،ويكن أن يقوم ف أي وقت .ولكن
من ذا الذي يقول إن الدين وحده هو ستار الطغيان ف الرض؟ وهتلر؟ هل كان يطغى
باسم الدين؟ وستالي؟ لقد اعترفت الصحافة الروسية ذاتا بدكتاتورية ستالي -بعد موته
-وقالت إ نه كان يكم روسيا حكما 5بوليسيا 5فظ5ا ل يوز أن يتكرر! وفرانكو؟ ومالن
ف ج نوب افريق يا؟ و شان كاي شك ف ال صي الوطن ية؟ وماوت سي تو نج ف ال صي
الشيوعية؟ كل هؤلء يطغون باسم الدين؟! لقد رأى هذا القرن " التحرر " من سلطان
الدين أبشع دكتاتوريات التاريخ ،بعنوانات أخرى لمعة ل تقل قداسة ف نفوس أتباعها
عن قداسة الدين ف نفوس الؤمني.
وما يدافع أحد عن الدكتاتورية ،وما يرضاها إنسان حر الفكر والضمي .ولكن
ا ستقامة الط بع والف كر تقت ضي ا لقرار بالق ا لالص دون م يل مع ا لوى وال شهوات.
وا لق أن كل مع ن ج يل ي كن ا ستغلله والت ستر وراءه لق ضاء ا لآرب الشخ صية و قد
ارتكبت باسم الرية أفظع الرائم ف الثورة الفرنسية .فهل نلغي الرية؟ وباسم الدستور
سجن البر ياء و عذبوا وقت لوا ،ف هل نل غي الد ساتي؟ وبا سم ا لدين قام الطغ يان ح قا 5ف
الرض فهل يبر ذلك أن نلغي الدين؟ كان هذا يكون مطلب5ا معقول 5لو أن الدين ف ذاته،
بتعاليمه ونظمه يؤدي إل الظلم والطغيان .فهل يصدق ذلك على السلم الذي ضرب
من أمثلة العدل الطلق -ل بي السلمي وحدهم ،بل بي السلمي وأعدائهم من الاربي
-ما أقر به حت أولئك العداء ف أكثر من حادث وأكثر من فترة على مدار التاريخ؟
إنا علج الطغيان أن ننشئ شعبا 5مؤمنا 5يقدر الرية الت ينادي با الدين ويرص
عليها ،فيصد الاكم عن الظلم ،ويقف به عند حده الرسوم .ولست أحسب أن نظاما
يهدف إل ذلك مثل النظام الذي جعل من واجب الشعب تقوي الاكم الظال .فيقول
الرسول صلى ال عليه وسلم " :من رأى منكم منكرا 5فليغيه " (100) ..ويقول " :إن من
أعظم الهاد عند ال كلمة حق عند إمام جائر ).." (101
()100متفق عليه.
()101رواه أبو داود والترمذي.
طريقكم إذن للتحرر أيها التقدميون ليس إلغاء الدين .وإنا هو تعليم الناس هذه
الروح الثائرة الت تنفر من الظلم وتقوو•م الظالي .وإنا ف صميمها لروح هذا الدين.
فإذا ل تف لح ال مان البع يدة فليف لح التهد يد .ف من ع صي سيده الق طاعي ف هو
عاص ل وللكنيسة ولرجال الدين .ولنذكر أن الكنيسة ذاتا كانت من ذوات القطاع،
وكان لا مليي من رقيق الرض تستعبدهم لسابا الاص ،فكان طبيعيا 5أن تقف ف
صف القي صر وال شراف ضد ال شعب الكا فح .لن اللك جي عا 5مع سكر وا حد ضد
الكافحي ،ولن الثورة -يوم تقوم -لن تعفي أحدا 5من مصاصي الدماء سواء كانوا من
الشراف أو من رجال الدين.
ومن هنا كان الدين عدو5ا حقيقيا 5لل شعب هناك .وكانت قولة ف ملها تلك الت
قالا كارل ماركس " :الدين أفيون الشعب "..هناك!
ث يلط الشيوعيون بذه القيقة شبهةة 5مؤداها أن السلم ذاته يأمر بذا الفحش
إذ يقول " :ول تتمنوا ما فضل ال به بعضكم على بعض ) " (102أو يقول " :ول تدن
عينيك إل ما متعنا به أزواجا 5منهم زهرة الياة الدنيا لنفتنهم فيه .ورزق ربك خي وأبقى
) " (103فالسلم إذن ككل دين ،أفيون يدر الكافحي .وهنا الشبهة الت نريد أن نتناولا
بالديث.
نريد أن نبحث هل هذا السلوك الشائن من رجال الدين الل ترفي قد أوحى به
الدين ذاته ،أم هو فسوق منهم عن أمر الدين الصحيح ،ومثلهم فيه كمثل كل فاسق من
ال شعراء و الك تاب وال صحفيي ا لذين ع فروا ج باههم بالتراب ،ومر غوا كرامت هم ف
الدنس ،ليستمتعوا بشيء من التاع الزائل فضل 5عن أنه متاع حرام.
وأنا مقتنع أشد القتناع بأن جرية رجال الدين هؤلء أكب وأفحش من جرية
الفساق من الشعراء والكتاب والصحفيي الرتزقي ،لن ف أيديهم كتاب ال ،وهم يتلون
ل و ما
آ ياته ،ويعر فون حقي قة ا لدين ،وحقي قة موقفهم و هم ي شترون بآ يات ا ل ث ن5ا قلي 5
يأكلون ف بطونم إل النار ،ولكن أعود فأكرر أنه ليس ف السلم رجال دين .وأن كل
ما يقولونه ليس حجة على السلم .وأن مصيبة هذا الشعب جاءته من الهل بقيقة دينه
-وليس الهل من أوامر السلم للناس! -وأنه يكفي لدحض تمة التخدير عن الدين
السلمي أن الركة الت ثارت ضد الطاغية هي ف حقيقتها الركة الدينية ،الت أحس
ال لك ال سابق خطر ها ع لى و جوده فق تل داعيت ها وف تح العتقلت لك تم أنفا سها ق بل أن
تقضي عليه .ولكن ال أراد غي ما كان يريد.
يك في هذا لدحض ال شبهة الاه لة .ك ما يك في كذلك أن نذكر أن ج يع
الركات التحريرية ف الشرق السلمي كانت من وحي الدين .حركة الشعب الصري
ضد الحتلل الفرن سي كانت حر كة عل ماء ا لدين .وال ثورة ع لى ظ لم م مد ع لي كان
رائدها السيد عمر مكرم الزعيم الدين.
والثورة على النليز ف السودان كان زعيمها الهدي الكبي وهو زعيم دين.
وال ثورة ع لى الطل يان ف ليب يا ،وع لى الفرن سيي ف الغرب كلها حر كات دين ية .و ثورة
الندونيسيي على هولندا كانت ثورة باسم الدين وعلى أساس الدين.
ف كل م كان ثورة ت شهد بأن هذا ا لدين قوة ترير ية .ل د عوة لل ستخذاء
والرضى بالظلم والوان .ولكنا ل نكتفي بذه القيقة الواقعة الواضحة الدللة ،بل نضي
ف مناق شة ال شبهة الاه لة ا لت تتع لق بت خدير ال كادحي عن ط لب العدا لة الجتماع ية
والتوزيع القتصادي العادل ،وهي أهم ما تلوكه ألسنة الشيوعيي.
أم•ا الية الخرى " :ول تدن عينيك إل ما متعنا به أزواجا 5منهم " ..فهي دعوة
إل الستعلء ع لى القيم الادية ،الت قد تدعو إل إكبار أصحابا ف أعي الرومي منها.
وال طاب في ها ع لى الر جح موجه إ ل الر سول صلى ا ل عل يه و سلم ل صغار شأن
الكافرين الذين ف أيديهم من متاع الياة الشيء الكثي ،ولكنه هو أعلى منهم با معه من
الق القوي .فهي ف واد آخر غي ما يفهمه منها السطحيون!
الت تول الق عن وجهته ،فأبدوا هذه الراء الت تمل الرد الكاف على الشيوعيي وغي
الشيوعيي!
ومع ذلك فنحن نفترض جدل 5أن هذه اليات وأشباهها تدعو للرضى بالواقع
وعدم التطلع إل ما ف يد الخرين .فمت تصح هذه الدعوة؟ ومت تتعي إطاعتها؟
إن السلم ينبغي أن يؤخذ كله ،ول يعل أجزاء وتفاريق يؤخذ بعضها ويترك
البعض الخر.
فإذا نظر نا إ ل ال سألة ع لى هذا الو ضع فالكف تان متوازن تان :إن فاق ف جانب
واحتفاظ بالكرامة عن ذل التطلع ،وبنظافة النفس من القد ف جانب îآخر .وبذا وذاك
يع يش الت مع ف سلمم îنف سي يتم شى مع ال سلم القت صادي ا لذي يوزع ا لثروة ع لى
الميع ،فل يوجد مترف هنا ومروم هناك .وقد تدثنا من قبل عن " النفاق " وصوره
التعددة الت يكن أن تنفذ ف العصر الديث با ينفي عنها صفة الحسان ،ويدخلها ف
باب الت عاون الن سان الكر ي .فل ن تاج إ ل ال عودة إ ل هذه ال سألة من جد يد ،ولك نا
نقول :إنه حي يعيش التمع على هذه الصورة فلن يكون هناك ظلم يطلب من الظلومي
الرضاء به ،أو حرمان اقتصادي يؤمرون بالضوع له.
ال سلم ا لذي ي هدد الرا ضي بالظلم ،القا عدين عن م كافحته ،ب سوء ال صي ف
الدنيا والخرة؟
" إن الذين توفاهم اللئكة ظالي أنفسهم :قالوا فيم كنتم؟ قالوا :كنا مستضعفي
ف الرض .قالوا :أل تكن أرض ال واسعة فتهاجروا فيها؟ فأولئك مأواهم جهنم وساءت
م صيا .إل الست ضعفي من الر جال والن ساء والو لدان ل ي ستطيعون حي لة ول يه تدون
سبيل5؛ فأولئك عسى ال أن يعفو عنهم ،وكان ال عفوا 5غفورا." (104) 5
وا لدعوة إ ل ال جرة كانت لنا سبة خا صة ولي ست هي ال سبيل الوح يد لواج هة
الظلم .فللجماعات سبل أأðخرى سيأت بيانا .إنا نريد هنا أن نؤكد استفظاع السلم
للر ضى بالظلم ،إ ل حد أن ت كون ع قوبته هي جه نم ،ول ين جو من ها إل الست ضعفون
حقيقة ،الذين ل يستطيعون حيلة ول يهتدون سبيل .وذلك لكي ل يقعد عن الهاد أحد
يلك ذرة من القدرة على الهاد.
أ ما الست ضعفون حقي قة فلي سوا متروكي لمرهم ،يتم لون الظ لم بل ن صي.
فالل õمة ال سلمية كل ها مدعوة للج هد ف سبيلهم ود فع ال عدوان عن هم " :و ما ل كم ل
ت قاتلون ف سبيل ا ل والست ضعفي من الر جال والن ساء والو لدان ،ا لذين يقو لون رب نا
أخرجنا من هذه القرية الظال أهلها )." (105
فالظلم ل يقع على طائفة من الناس أو على كثرتم ث يسكتون عنه فيضى ال
عنهم ولن يرضى ال عنهم حت يكافحوا الظلم ويردوه عن الظلومي.
وربا ظن البعض أن هذه اليات خاصة بالعقيدة فحسب ،أي بوجود مسلمي ف
وسط مشركي يبونم على الشرك بال وعدم القيام بشعائر العبادة السلمية.
ول كن ال سلم ل ي فرق ب ي شعائر الع بادة وب ي تنف يذ الن ظم الجتماع ية
والقتصادية والسياسية التفرعة عن هذه العقيدة .ول يفرق بي أن يكون الذين ينعون
تنفيذها كفارا 5بالسم والفعل .أو مسلمي بالسم وكفارا 5ف واقع المر " :ومن ل يكم
با أنزل ال فأولئك هم الكافرون " ).(106
وال سلم يأمر بأل ي كون ا لال " دو لة ب ي الغن ياء " و يأمر بأن تك فل الدو لة
رعاياها بكل الطرق المكنة :إما بإياد العمل الكري لم ،وإما بالنفاق الباشر عليهم من
بيت الال ف حالة العجز عن العمل .ويأمر نب السلم بضمانات معينة -ذكرناها من
قبل -بالنسبة لوظفي الدولة ،وهي تنطبق بالقياس على كل من يؤدي عمل 5ف مؤسسة
خاصة أو عامة ..وكل ذلك جزء من هذا الدين ل يتم إيان الناس حت يقر•وا به ويسعوا
إل تنفيذه .وعليه تنطبق اليات السالفة الذكر الت تذكر الظلم وحكم " ظالي أنفسهم "
الذين يقبلون هذا ول يكافحونه.
ويدث أن يبس الغنياء هذه الموال ،أو ينفقوها على أنفسهم ف صورة ترف
وملذات .فإن كان الول فهي منكر " :والذين يكنون الذهب والفضة ول ينفقونا ف
سبيل ال فبشرهم بعذاب أليم " ) (107ول عذاب إل على منكر ل يرضي ال .وإن كانت
الثان ية ف هي من كر كذلك وال يات ا لت ترم ا لترف كثية جدا 5ف ال قرآن ،كل ها ت صم
الترفي بالكفر والفسوق " :وما أرسلنا ف قرية من نذير إل قال مترفوها إننéا با أرسلتم به
كافرون ) " … " (108وإذا أرد نا أن ن لك قر ية أمر نا ممµتµتåرåر´ف´فñيه ه´ا فف سقوا في ها فحقق
عليها القول فدمرناها تدمياا ) " .." (109وأصحاب الشمال ما أصحاب الشمال :ف سوم
وحيم ،وظل من يموم ،ل بارد ول كري ،إنم كانوا قبل ذلك مترفي " ).(110
فلنفرض أن إنسانا 5وهب موهبة حازت له الشهرة وإعجاب الناس ،وآخر يتحرق
شوقا 5إل م ثل هذه الشهرة وهو ل ي لك م ثل موهبته .ف ما الذي تصنعه الدولة يا ترى
لرضاء هذا الشوق ،ومنعه أن يتحول إل حقد مريض؟ هل "تصنع" الدولة له موهبة ف
أحد مصانعها!؟
ولنفرض أن إنسانة جيلة تفو لا الفئدة وتتبعها العيون .وأأðخرى ليس لا جالا
ولكنها تتلهف إل العجاب وتتطلع إل المال ،فما الذي يسع الدولة أن تقدمه إليها
لتمنحها " الساواة" الت تنشدها؟
ولنفرض أن زوجي يتمتعان فيما بينهما بالب ،أو ينجبان من الطفال ما تقر به
عينه ما وت سعد نف سهما ،وآخر ين ل يك تب ل ما الو فاق ،أو ل ينج با الط فال ر غم
ماولت الطب الديث ،فماذا تصنع قوى الرض كلها لتعويضهما عما يفقدانه ف هذا
الباب؟
أن هذا وأمثاله كثي جدا 5ف الياة .ولن تله اللول القتصادية ول نشر العدالة
الجتماعية ،لنه يتعلق ف جوهره بقيم غي اقتصادية .فمن ذا الذي يله إذن إل الدعوة
إل الرضى ،والطمئنان إل رزق ال الواسع الذي يقدر الناس بقاييس أخرى غي مقاييس
الرض ،ويزي حرمان الرض بنعيم السماء؟!
بل ف اليدان القتصادي والجتماعي ذاته ..من الذي يقول إن الساواة الطلقة
قد أمكن أن تطبق ف واقع الرض؟ ف أي بلد من بلد العال كله تساوت جيع الجور
أو تساوت جيع الناصب؟ فلنفرض أن عامل 5ف التاد السوفييت شديد الطموح عظيم
التوق .فهو تواق لن يكون مهندسا ،5ولكن مواهبه العقلية تول دون ذلك رغم إعطائه
ج يع ال فرص العاد لة .أو أن عامل 5ل يد ف ج سمه طا قة ب عد و حدة الع مل الجبار ية
الول ليقوم بعمل إضاف يأخذ عليه أجر5ا إضافيا ،5ولكنه مع ذلك يتحرق شوقا 5إل ما
يناله الخر القوي من أجر زائد ينفقه ف متع الياة .ما الذي تلكه الدولة لذا وذلك؟
وكيف يستطيع أن يسعد بياته وهي مشوبة بالقلق الستمر والتطلع الدائم والقد الرير؟
وكيف -بغي التطلع إل رحة ال ونشدان الراحة ف رحابا -يستطيع أن يؤدي عمله
ف ك ما ينب غي ،لي ستفيد من ج هده ال موع؟ أبالد يد وال نار خ ي ،أم بدافع داخ لي من
الرضا والقبال؟
فإذا كان ف ا لدنيا كل ها د ين يصلح أن ي كون أفيو نا 5لل شعب ،ف لن ي كون هذا
الدين هو السلم ،الذي يكافح الظلم بميع صوره وألوانه ،وينذر الذين يقبلون الظلم
بشر العقاب.
السلم ...والطائفية
مو قف ال طوائف غ ي ال سلمة من ح كم ال سلم م سألة ي قال عن ها دائ ماا 5إ نا
شائكة ودقي قة ،ويتج نب ال ناس ا لديث في ها ما فة و قوع الفت نة ب ي ال سلمي وغ ي
السلمي.
وتقول " :وطعام الذين أتوا الكتاب حلل÷ لكم وطعامكم حلل ÷ لم ،والصنات
من الؤمنات ،والصنات من الذين أوتو الكتاب )." (114
يقول سيت .و .أرنولد ف صفحة 48من كتابه " الدعوة إل السلم " ترجة
حسن إبراهيم حسن وعبد اليد عابدين وإساعيل النحراوي:
" ويكننا أن نكم من الصص Ûلت الودية الت قامت بي السيحيي والسلمي من
العرب بأن القوة ل تكن عامل 5حاسا 5ف تويل الناس إل السلم .فمحمد نفسه قد عقد
حل فا 5مع ب عض الق بائل ال سيحية ،وأ خذ ع لى عاتقه حايتهم ومنح هم الر ية ف إقا مة
شعائرهم الدينية .كما أتاح لرجال الكنيسة أن ينعموا بقوقهم ونفوذهم القدي ف أمن
وطمأنينة ".
ويقول ف صفحة " :51ومن هذه المثلة الت قدمناها آنفا 5عن ذلك التسامح
ا لذي ب سطه ال سلمون ال ظافرون ع لى ال عرب ال سيحيي ف ال قرن ا لول من ال جرة،
وا ستمر ف الج يال التعاق بة ،ن ستطيع أن ن ستخلص بق أن هذه الق بائل ال سيحية ا لت
اعتنقت ال سلم ،إ نا فع لت ذ لك عن اختيار وإرادة حرة .وإن العرب السيحيي الذين
يعيشون ف وقتنا هذا بي جاعات مسلمة لشاهد على هذا التسامح ".
ويقول ف صفحة " :53ولا بلغ اليش السلمي وادي الردن ،وعسكر أبو
عب يدة ف ف حل ،ك تب ال هال ال سيحيون ف هذه البلد إ ل ال عرب يقو لون :يا مع شر
السلمي أنتم أحب إلينا من الروم ،وإن كانوا على ديننا .أنتم أوف لنا وأرأف بنا وأكف
عن ظلمنا وأحسن ولية علينا ".
وف صفحة " :54وهكذا كانت حالة الشعور ف بلد الشام إ بان الغزوة الت
وق عت ب ي سنت 639 ،633م وا لت طرد في ها ال عرب ج يش ا لروم من هذه الول ية
تدريا .و لا ضربت دم شق ال ثل ف ع قد صلح مع ال عرب سنة 637م ،وأم نت بذلك
السلب والنهب ،كما ضمنت شروطا 5أخرى ملئمة ،ل تتوان سائر مدن الشام ف أن
تن سج ع لى منوا لا فأبرمت حص ومن بج وب عض ا لدن ا لخرى معا هدات أ صبحت
بقتضاها تابعة للعرب ،بل سلم بطريق بيت القدس هذه الدينة بشروط ماثلة .وإن خوف
الروم من أن يكرههم المباطور الارج على الدين على إتباع مذهبه ،قد جعل الوعد
الذي قطعه السلمون على أنفسهم بنحهم الرية الدينية أحب إل نفوسهم من ارتباطهم
بالدولة الرومانية وبأية حكومة مسيحية .ول تكد الخاوف الول الت أثارها نزول جيش
فاتح ف بلدهم تتبدد حت أعقبها تمس قوي لصلحة الفاتي ".
كانت ماكم الت فتيش ف أ سبانيا مق صودا 5با الق ضاء ع لى ال سلمي ق بل كل
شيء .وقد استخدمت فيها أبشع ألوان التعذيب الت عرفت ف التاريخ ،من إحراق الناس
أحياء ،ونزع أظافرهم وسل عيونم وتقطيع أوصالم ،لكراههم على ترك دينهم واتباع
مذهب م سيحي مع ي .ف هل ل قي ال سيحيون ف ال شرق ال سلمي شيئا 5من ذ لك طول
مقامهم هناك؟
ولكنا نترك كل هذا ونأخذ مثل 5واحد5ا له دللته الاصة وهو البشة ،فهي بلد
تربطنا به منذ القدم روابط تاريية وجغرافية وثقافية ودينية .فالبشة -كما هو معلوم -
تابعة للكنيسة الصرية .وسكانا خليط من السلمي والسيحيي ،وأقل الناس تقديرا 5يقدر
السلمي بـ %55من مموع السكان .بينما يقدرهم آخرون بـ !%65فلنأخذ أقل
التقديرين!
وإل عهد قريب -إل ما قبل الغزو اليطال -كان السلم الذي يستدين من
م سيحي حب شي ويع جز عن الو فاء بدينه ي صبح رقي قا 5للحب شي ي شترى وي باع وي عذب
بعرفة الدولة.
وبطبيعة الال ليس ف وظائف الكومة ول وزاراتا واحد مسلم ليقوم بتمثيل
أكثر من نصف السكان .و هذا ك له والكنيسة الصرية هي ال شرفة على ال توجيه الدين
هناك!!
فهل رأى السيحيون ف العال السلمي شيئا 5من ذلك ف تاريهم؟ أم يرضون
العاملة بالثل مع هذا القطر الذي تربطنا به روابط الطبيعة وروابط الدين؟!
هذا بشري حنا عندما زار اللك فؤاد الصعيد قد اقتلع من مزرعته من أشجار
البتقال الملة بالثمار ما زرعه على طول 25كيلو مترا 5من الانبي ف طريق اللك!
فمن أين له ذلك لو ل يكن له حق اللكية بغي حد؟
فهل حدث اضطهاد ف العبادة -إل المثلة النادرة الت كان الستعمرون النليز
دائم5ا من ورائها ليثيوا الفتنه الت تكن لم ف الرض؟
ويقو لون إن ه ناك تي يزا 5ف م سألة الز ية .ف نرد علي هم ب قول سي أرنو لد ا لذي
است شهدنا به من ق بل ،إذ ي قول ف ص " :58و قد فر ضت الز ية ك ما ذكر نا ع لى
ال قادرين من ا لذكور ف مقا بل الد مة الع سكرية ا لت كانوا ي طالبون بأدائ ها لو كانوا
مسلمي .ومن الواضح أن أي جاعة مسيحية كانت تعفى من أداء الضريبة إذا ما دخلت
ف خدمة اليش السلمي .وكان الال على هذا النحو مع قبيلة الراجة ،وهي قبيلة
مسيحية كانت تقيم بوار أنطاكية وسالت السلمي وتعهدت أن تكون عونا 5لم وأن
تقاتل معهم ف مغازيهم على شريطة أل تؤخذ بالزية ،وأن تعطى نصيبها من الغنائم ".
وف ص " :59ومن جهة أخرى أعفي الفلحون الصريون من الدمة العسكرية
على الرغم من أنم كانوا على السلم .وفرضت عليهم الزية نظي ذلك كما فرضت
على السيحيي ".
ليست السألة إذن تفرقة طائفية .وإنا هي الدمة العسكرية من أداها أعفي من
الزية ،ومن ل يؤدها فعليه الزية بل تفرقة بي دين ودين.
أ ما ال نص ا لذي ي قول " :قاتلوا ا لذين ل يؤم نون بال ول باليوم ا لخر ،ول
يرمون ما حرم ال ورسوله ،ول يدينون دين الق من الذين أوتوا الكتاب حت يعطوا
الزية عن يد وهم صاغرون " ] .سورة التوبة.[ 29 :
فهو نص خاص بالاربي لدار السلم من أهل الكتاب كما لو حاربنا النليز
أو الفرنسيي ،وليس ينصرف إل القيمي ف الوطن السلمي.
ف هم ينب ثون ب ي الع مال فيقو لون لم " :اتبعو نا و سنملككم ال صانع " .وب ي
الفلحي فيقولون لم " :اتبعونا وسنملككم الرض " .وبي خريي الامعات والدارس
التعطل ي فيقو لون لم " اتبعو نا و سنمنحكم عمل 5يوازي مؤهلتكم " .وب ي ال شباب
الروم من النس ،فيقولون لم " :اتبعونا وسننشئ لكم متمعا " 5حرا " يصنع فيه من
يشاء ما يشاء بل تدخل من القانون ول اعتراض من التقاليد ".
ث ي لون بال سيحيي فيقو لون لم " :اتبعو نا و سنحطم ل كم هذا ال سلم ا لذي
ي فرق ب ي ال ناس ع لى أ ساس العق يدة " .كبت كل مة ترج من أ فواههم إن يقو لون إل
كذباا .ليس السلم هو الذي يفرق ف نظامه ومعاملته بي الناس على أساس العقيدة ،
و هو ا لذي ينح هم كل ال قوق اليو ية بل تفر يق .وإ نا هو ي مع بين هم ع لى أ ساس
الن سانية ،ث يترك لم ب عد ذ لك كا مل الر ية ف اعت ناق العق يدة ا لت ير يدونا ،بر ضاء
السلم ،بل بمايته وتت رعايته.
وإن لعلم كذلك أن السيحيي ف الشرق ،أحرص على روابطهم التاريية مع
السلمي ،وأحرص على مصالهم التشابكة ،من أن يستمتعوا لدس الدساسي أو وسوسة
الشياطي.
السلم ...والثالية
أين هو السلم الذي تدثوننا عنه أيها السلمون؟ ومت طبق ف وضعه الصحيح؟
إنكم دائما 5تدثوننا عن نظام مثال رائع ف ذاته ،ولكنه ل يوجد بالصورة الت تصفونا ف
واقع الرض.فإذا سألناكم عن التطبيق العملي ل تدوا إلل فترة قصية ف حياة الرسول
والل فاء الرا شدين ،أو با لحرى اللي فتي ا لولي .ورح تم تت شبثون بع مر بن ال طاب
خا صة ت لون ف شخ صه صورة ال سلم ،وتعر ضونا باهرة تتل ل ف الع يون ،حت إذا
فتشنا حولا ل ند إلل ظلمات بعضها فوق بعض ،من إقطاع وظلم واستبداد وتأخر
ورجعية.
وتتحدثون عن حقوق الرأة ف السلم فمت نالت هذه القوق بالفعل ،ومت
مكنتها التقاليد الظالة أو الوضاع الجتماعية والقتصادية من استعمال هذه القوق؟
وتتحدثون عن التربية السلمية الت تذب النفوس وتودع فيها تقوى ال ،فتقوم
العلقات بي الكام والكومي وبي طوائف المة الختلفة على التعاون ف سبيل الي ،
فمت حدث ذلك إل ف تلك الفترات النادرة الت تتمثلون با ،ومت منعت تقوى ال من
أ كل ح قوق الف قراء وا لور علي هم وا ستئثار ال كام بال نافع وك بت الر يات وإذلل
الشعوب؟
إنكم تدثوننا عن أحلم ل رصيد لا من الواقع ،إل هذا الرصيد الضئيل الذي ل
يؤلف نظاما 5واضح العال ،وإنا هو أمثلة شخصية ل تتكرر ف التاريخ.
تلك دعوى الشيوعيي وأشباههم ،بل هي شبهة قوية ف نفوس السلمي أنفسهم
الذين ل يدرسوا التاريخ السلمي إل على أيدي الستعمرين.
وهنا يب أن نفرق تفريقا 5حاسا 5بي أمرين :مثالية النظام ذاته ،ومثالية التطبيق.
فحي يكون نظاما 5مثاليا 5ف ذاته ،فل أمل ف تطبيقه أبد5ا مهما تبدلت الحوال
والظروف.
وإذا كان نظا ما 5واقع يا ،5ول كن ظرو ف5ا بعين ها قد حالت دون ت طبيقه .فا لمر
متلف ،والمل ف التطبيق قائم مت زالت هذه الظروف.
نسب أن المر من الوضوح بيث ل يتلف ف أمره أحد .فمجرد تطبيقه مرة
وا حدة ف تار يخ الب شرية يث بت بدليل قاطع أ نه ن ظام قا بل للت طبيق ،وأ نه ل يعت مد ع لى
عناصر خيالية ول مستحيلة .أم يريد التقدميون أن يقولوا إن الناس ف صدر السلم قد
ارتفعوا إل مستوى تعجز البشرية عن العودة إليه؟ إن ذلك على أي حال مالف لرأيهم
ف مسألة التطور الذي يدفع بالبشرية دائما 5إل المام!
أما لاذا ل يتكرر عهد اللفاء الرا شدين مرة أأðخرى إل ف فترات خاطفة من
التاريخ كعهد عمر بن عبد العزيز مثل 5فسؤال وجيه ،ورده موجود ف ملبسات التاريخ،
سواء منها ما كان مليا 5ف الرقعة السلمية أو عاما 5ف حياة البشرية.
الول :إن القفزة الت قفزها السلم بالبشرية من وهدتا الت كانت فيها ،إل
مستواها الرفيع الذي تقق ف عهد اللفاء الراشدين ،ل تكن قفزة عادية .فهي معجزة من
معجزات السلم حققها ف واقع الرض ،ولكنها كانت ف حاجة إل إعداد طويل وتربية
شخصية للبطال الذين حققوا العجزة ف أشخاصهم وأعمالم جيعا.
وا لمر ال ثان :أن هذه الق فزة ال سلمية ل ت كن طبيع ية بالن سبة " للت طور "
البشري ،فقد رفعت الناس طفرة من الرق إل صورة من العدل الجتماعي ل تزال تعتب
خطوة تقدمية بالنسبة لكل النظم الت جربتها البشرية ،كما رفعتهم من حضيضهم النفسي
الغارق ف شهوات الرض إل قمة تزهى با النسانية ف جيع عصورها.
و قد أ طاق ال ناس وقت ها هذا الرت فاع ال شاهق ال فاجىء ،لن الدف عة الروح ية
المثلة ف الرسول وأصحابه كانت كقوة السحر الت ترفع النسان فوق طاقاته العادية
وتعله يصنع ما يشبه العجزات .فلما انسرت هذه الدفعة الائلة ارتد الناس عن آفاقهم
العليا ،وإن كانوا -مع ذلك -قد احتفظوا بقبسة لمعة من روح السلم سنتحدث بعد
هنيهة عن آثارها العملية ف تاريخ البشر .ولكن هذا ليس معناه كما يقول الزيفون أننا ف
حاجة دائمة إل وجود الرسول والصحابة بأشخاصهم لنحقق ما حققه الناس ف صدر
السلم ف الانب العملي على القل .فالذي كان يعد معجزة قبل ألف وثلثمائة عام ف
سياسة الكم ونظام القتصاد وعلقات التمع ،أصبح بعد مرور هذه القب الطويلة،
وب عد الت جارب ا لت مرت با الب شرية -و ف أو لا التجر بة ال سلمية ذا تا -ف حدود
ال ستطاع ال يوم ف كثي من ر بوع ا لرض .فإذا أرد نا أن نط بق ال سلم ال يوم ف وا قع
الياة ،بصرف النظر عن مثله الخلقية الرفيعة -وإن كان السلم يعن با عناية خاصة
ول يفصل بينها وبي التطبيق العملي -فلن نقفز قفزات معجزة كتلك الت قفزها العرب
ف صدر السلم ،لن التجارب والسوابق قربتنا من تلك القمة العالية ،فصارت النقلة
أقرب ،وصار الهد الطلوب أيسر من ذي قبل.
فالمم الت تعيي•ن حكامها اليوم بالنتخاب العام ،وتعزلم حي تراهم انرفوا عن
سواء ال سبيل ،ل تز يد ع لى أن تط بق ال صورة ال سلمية للح كم ف صدر ال سلم من
جانبها العملي .وقد كان هذا معجزة ف عصر أب بكر وعمر .ولكنه اليوم ف متناولنا
حي نريد ،أي حي يصي لدينا الوعي الذي تلكه هذه المم .فإذا كنا نلك ذلك بتقليد
ان لترا أو أمري كا فل ماذا نع جز ع نه إذا طلب ناه با سم ال سلم و هو مو جود ف ال سلم؟
وضمان الطالب الساسية لوظفي الدولة -ومن ف حكمهم من العمال ف الؤسسات
العامة والاصة -ت شريع صريح من ت شريعات ال سلم .و قد طبق ته ال شيوعية ف القرن
الع شرين )وإن كانت قد طبق ته ف مقا بل دكتاتور ية الدو لة وال سلم أراده حرا 5من
الدكتاتور ية( فإذا رغب نا ف تنف يذه ال يوم ف هو ف مت ناول يدنا .ول كن لاذا نأ خذه من
الشيوعية ول نأخذه من السلم؟
فت جارب البشرية قد قربت نا اليوم مسافة هائلة من ن ظم السلم .وإن كانت ل
تصل إليها كاملة حت اليوم .فلماذا تصبح هذه النظم واقعية عملية حي تاولا أوربا،
وتصبح خيالية مثالية حي يريدها السلم؟!
إن الق ضية ف جوهر ها يب أن تو ضع ع لى هذا الن حو :هل ت لك الن ظم
الل جتماعية والقتصادية والسياسية مكنة ف ذاتا أم غي مكنة؟ فما دامت مكنة ف أي
مكان وف أي نظام ،فكيف ل تكون مكنة ف السلم وهو أول نظام طبقها بالفعل على
ظهر الرض؟!
ول عبة بالوهم ا لذي يثيه ال شيوعيون وأ ضرابم ،من أن الن ظم الدي ثة قائ مة
ع لى أ سس علم ية! وال سلم قائم ع لى العوا طف والنوا يا الطي بة! فا لانب الت شريعي ف
السلم ليس عواطف .واللفاء الراشدون حي كانوا يتشاورون ف تطبيقه ويضعون له
التفسيات الفقهية ل يكونوا حالي ول معتمدين على حسن نوايا الناس .كل السألة أن
السلم ل يب أن يعتمد على القانون وحده ،فهو يضع التشريع ،ولكنه يهذب النفوس
وينظف ها حت تت طوع با فوق ا لواجب ال فروض ،وتن فذه -ح ي تن فذه -بدافع من
الداخل ل خوفا 5من سطوة الاكم فحسب ،وهذه أبرع سياسة يكن أن تطبق ف عال
الناس .ولكن القانون موجود دائما 5وينفذ دائما 5بصرف النظر عن نوايا الناس ،على حد
قول عثمان " :يزع ال بالسلطان ما ل يزع بالقرآن ".
وب عض الك تاب ي سبون أ نم يوق عون ال سلمي ف حرج ما ب عده حرج ،ح ي
يقولون لصحاب الدعوة السلمية :ل تاجونا بعمر ،فعمر ل يتكرر ف التاريخ!
وهي تفاهة ف التفكي،فنحن ل ناجج • الناس بشخص عمر -وإن كان عمر
بل شك من صنع ال سلم ،ونوذ جا 5لا ت صنعه الترب ية ال سلمية ف تذيب الن فوس -
ولكننا ناجهم بتطبيقاته العملية .فحي يقرر عمر أن يد السارق ل تقطع إذا كانت هناك
شبهة ف أنه اضطر لرتكاب جريته نتيجة اضطراب اقتصادي أو اجتماعي ،فهذا تطبيق
ل ي تاج ل شخص ع مر لتنف يذه ،فع مر إ نا ا ستمده من أصل ثابت ف ال سلم " :ادرأوا
الدود بالشبهات " .وحي ننفذه اليوم فلن ند قوة خفية أو ظاهرة تسك يدنا وتقول
لنا :كيف تنفذونه وعمر غي موجود! وحي يقرر عمر حق المام ف أخذ فضول أموال
الغنياء وردها على الفقراء -كما قررت انلترا ف الضرائب التصاعدية -فهذا تطبيق
ينفذ اليوم بصفته اجتهادا 5فقهيا 5ل بصفته نزعة شخصية لعمر ،فعمر إنا استمده من أصل
ثابت ف السلم " :كي ل يكون دولة بي الغنياء منكم " ولن نتاج إل شخص عمر
لينفذه ،وقد نفذته انلترا دون أن يكون لديها عمر! وحي يقرر عمر مبدأ ماكمة الولة
وسؤالم :من أين لك هذا؟ ليتبي إن كان من مالم أم من مال الناس ،فهذا مبدأ قانون
ينفذ ف كل وقت ،وف غيبة عن شخص عمر! وحي يقرر عمر أن الطفل اللقيط ينفق
عليه من بيت الال لنه ل ذنب له ف جرية أبوية -وهو تشريع عرفته أوربا وأمريكا ف
القرن العشرين فقط -فلن نتاج ف تنفيذه إل أكثر من إقراره ف صلب القانون!
وه كذا مع ظم احتجاج نا بع مر ،بو صفه من أبرز الت هدين ف صدر ال سلم
وأفهمهم للروح السلمية ف تصرفاته ،ل بصفته الشخصية الفذة ،وإن كان كلم هؤلء
الكتاب لن ينعنا أن نكرر التمثل بعمر حت ف تصرفاته الشخصية الثالية الت تطوع فيها
با ل يلزمه به أحد ،ليبقى مثل 5أعلى ياول السلمون على مر الجيال أن يصلوا إليه أو
ي قتربوا م نه .فإن و صلوا ف هو ال ي ل كل الب شرية ،وإن ل ي قدر لم ،فبح سبهم تطبي قاته
العمل ية الواقع ية يطبقو نا ،بدل الت سول ع لى أ بواب ا لدول وا ستمداد د ساتيها وترقيعها
لستخراج " دستور " منها!!
إن الصورة الكاملة للل سلم ل تنفذ بعد اللفاء الراشدين إل ف فترة خاطفة ف
عهد عمر بن عبد العزيز .هذا حق .ولكنه ل يعن أن السلم قد انتهى بعد ذلك .فقد
ف سدت الكو مة و حدها ف سادا 5جزئ يا 5أو كاملل .وب قي الت مع -ف غ ي العا صمة -
إسلميا 5حقا ،5يعيش بروح السلم التعاونة التكافلة ،الت ل تقسم الالكي وغي الالكي
إل أسياد وعبيد ،بل تعل منهم إخوة مترابطي مشتركي ف الهد وف الزاء.
وبقيت الشريعة السلمية هي الت تكم ف كل جزء من أجزاء العال السلمي .
و ل ت قم ماكم خا صة ع لى هوى الق طاعيي ك ما حدث ف أور با ف ن فس ال فترة مع
التاريخ.
وبق يت التقال يد ال سلمية سارية ف حروب ال سلم مع أ عدائه ،با شهد به
الصليبيون أنفسهم وخاصة ف عهد صلح الدين.
وب قي حب ال سلمي للع لم وإخل صهم للثقا فة ،ما ج عل ال عال ال سلمي ف
الندلس وغي الندلس كعبة التعلمي ف متلف الفنون.
وف اختصار بقي السلم هو الشعلة الضيئة الت تتعلم منها أوربا ،وتستمد منها
النظم ،وتاول بكل جهدها أن ترتقي إليها ،وإن كانت بعد ذلك قد أدركتها خستها
الصيلة ،فأطفأت شعلة السلم ف الندلس ومضت بعد نضتها الستمدة من السلم،
تاول تطيمه وتشويه صورته ف الفاق.
ليس السلم إذن نظاما 5مثاليا 5بالعن السيء للمثالية .وإنا هو نظام عملي بت،
طبقته البشرية مرة ،وهي اليوم أقدر على تطبيقه ما كانت قبل ألف وثلثمائة عام ،لن
تاربا الطويلة قربت ما بينها وبينه من آفاق.
وإنا أول بتهمة الثالية أن توجه إل الشيوعية! فالقوم يقولون إنم ل يصلوا بعد
إل الشيوعية القيقية ،وإنا هم ما يزالون ف طور الشتراكية ،وحي يصل النتاج إل
ذرو ته ،ويتوحد العال تت حكومة عالية موحدة ،فحينذاك تطبق الشيوعية البنية على
اكت فاء الب شرية ،وكف ها -إ ل ال بد -عن ال صراع ا لرذول الو جود ال يوم ب سبب عدم
كفاية النتاج!
وهي مثالية ل تتحقق أبد5ا لنا تقوم على عناصر خيالية أو مستحيلة .تقوم على
تصور أن البشر يكن أن يكتفوا ف يوم من اليام! بينما هم خلقوا هكذا! لو كفيتهم كل
مطالبهم اليوم لقاموا منذ الغد يتطلعون إل جديد! وتقوم على تصور أن كفاية النتاج -
على فرض تققها -ستبطل الصراع على التميز والبوز ،وأن هذا -لو ت -يكون ف
صال البشرية! مع أن البشرية ل تتقدم إل من طريق الصراع على التميز والبوز!
تلك هي الثالية المقاء تنبع من قلب الادية الواقعية ،القائمة على نظريات العلم
وحقائقه التجريبية!!
السلم ...والشيوعية
سلمنا ل كم بأن ال سلم ي شتمل ع لى ج يع ال سس ال صالة للح ياة ،وأ نه د ين
الجيال كافة والتمعات كافة ،ولكن الفقه السلمي ف السائل القتصادية قد تعطل ف
القرون الربعة الخية بسبب انكماش العال السلمي .فلماذا ل نأخذ السلم عقيدة
تذب الضمائر وتنظف الفكار ،ونأحذ الشيوعية نظاما 5اقتصاديا 5بتا 5ل صلة له بأي شيء
آ خر ف ن ظام الدو لة وك يان الت مع ،فن كون بذلك قد حافظ نا ع لى أخلق نا وتقال يدنا
وعاداتنا ،وأخذنا بأحدث النظم ف عال القتصاد؟
شبهة خبيثة يلعب با الشيوعيون منذ عهد بعيد .فقد كانوا بدأوا نشاطهم ف
الشرق بحاربة السلم جهرة ،وإذاعة الشبهات حوله ،فلما وجدوا ذلك قد زاد السلمي
تسكا 5بإسلمهم لأوا إل هذا الباب الاكر فقالوا :إن الشيوعية ل تتعارض مع السلم،
ف هي ف صميمها عدا لة اجتماع ية ،وكفا لة من الدو لة ل كل أ فراد ال شعب ،ف هل ي كره
السلم العدالة الجتماعية؟!
نفس الطريقة الاكرة الت اتبعها الستعمار الغرب من قبل .بدأوا بهاجة السلم،
فتنبه السلمون وتيقظوا .ول يكن ذلك هو الطلوب .فلجأوا إل الطريق الخر ،وقالوا
لل ناس إن ال غرب ل يه مه سوى إد خال " ال ضارة " ف ال شرق .ف هل ال سلم ي كره
الضارة وهو أبو الضارة؟!
وال يوم ي كرر ال شيوعيون ن فس الد عة .فلتظ لوا أي ها ال سلمون ف إ سلمكم -
تصلون وتصومون وتقيمون الذكار والطرق الصوفية -ولن نتعرض لعقائدكم .كل هنا
هو إدخال الشيوعية القتصادية ،وهي قطعة من صميم السلم تبلورت على يد علماء
أور با و شعوبا فلتتقبلو ها مطمئن ي! وإ نم ليعل مون ع لم اليق ي أن ال سلمي إن أ خذوا
بال شيوعية ف لن يظ لوا م سلمي ،و ستطويهم ال شيوعية ف سنوات قلي لة )فن حن ف ع صر
السرعة( فإذا هم على غي وعي منهم منحرفون عن السلم منسلخون.
ومع ذلك فكثي من " السلمي " تستهويهم هذه الدعة الاكرة .لنا تثل لم
حل 5مر يا 5ين قذهم من ال شاكل ،ويري هم من الب حث وال ستنباط وج هد الب ناء ،و هم
قاعدون يلمون ،كما يلم السابون ف اللكوت على دخان الشيش وانسجام الفيون!
ولكن المر الواقع أن الشيوعية ل تلتقي مع الصول السلمية وإن التقت معها
عرضا 5ف بعض جزئياتا ،وأنه ل يستطيع متمع مسلم ،يلك النظام الفضل ،وأن يعدل
عنه إل الشيوعية أو غيها من النظم كالرأسالية أو الشتراكية الادية ،ولو شابته ف بعض
التف صيلت ،لن ا ل ي قول له صراحة " :و من ل ي كم با أ نزل ا ل فأولئك هم
الكافرون".
إن نا إذا طبق نا ال شيوعية -القت صادية ك ما ي سمونا -فل بد أن ت صطدم مع
السلم من الوجهة التصورية والوجهة العملية كلتيهما ،ول مناص من هذا الصطدام.
ا لمر ا لول :أن ال شيوعية قائ مة ع لى فل سفة ماد ية ب تة .ل تؤمن إل با تراه
ا لواس ف قط .و كل مال تدركه ا لواس ف هو خرا فة ل و جود لا ،أو ع لى ال قل شيء
ساقط من الساب .يقول انلز " إن حقيقة العال تنحصر ف ماديته " ويقول الاديون" :
إن العقل ما هو إل مادة تعكس الظواهر الارجية " ويقولون كذلك إن ما يسمونه الروح
" ليست جوهرا 5مستقل 5وإنا هي من نتاج الادة " .وهكذا نعيش مع الشيوعية ف جو
مادي خالص يسخر بالروحانيات ويعتبها حقائق غي علمية! والعقيدة السلمية تأب أن
تنحصر ف هذا اليط الضيق الذي يهبط بكرامة النسان ،و يوله من كائن رفيع يسي
على الرض بسمه وهو يتطلع إل السماء بروحه وفكره ،إل ملوق مادي حيوان كل
هه إشباع " الطالب الساسية " الت حددها كارل ماركس بالغذاء والسكن والشباع
النسي!ول يقولنن• أحد :إننا غي مقيدين بذه الفكرة الادية ،ول ملزمي با إذا أخذنا
القتصاد الشيوعي ،إذ ستظل لنا عقائد نا ،وإل نا ورسلنا ،وروحانياتنا ،والقتصاد كيان
منف صل عن كل هؤلء .ل يقولن ذ لك أ حد ،لن ال شيوعيي أنف سهم هم ا لذين قرروا
استحالة ،إذا ربطوا ربطا 5وثيقا 5بي النظام القتصادي وبي العقائد والفكار والفلسفات
ال صاحبة له ،ع لى أ ساس أن الن ظام القت صادي هو ا لذي ين شىء الع قائد والف كار
والفل سفات ،وإذن فل ي كن لن ظام اقت صادي قائم ع لى فل سفة ماد ية صرية )ك ما ي قرر
إنلز وماركس( أن ينشىء فلسفة روحية أو ينسجم مع فلسفة روحية.
كيف إذن يكن التوف يق بي هذه النظرة وتلك؟ وكيف ل تتأثر عقائد السلمي
الذين يؤمنون برعاية ال للقه ،وإرشاده لم على يد رسله ،وبأن السلم ل يكن خاضعا
للضرورات القتصادية ..كيف ل تتأثر عقائدهم حي نأخذ بنظام اقتصادي نقول ف كل
مرحلة من مراحل تطوره إ نه يتطور حسب صراع التناقضات الذي ل مال فيه ل ،ول
مرك له غي الضرورات القتصادية؟!
والمر الثان :أن النسان ف عرف الفلسفة الشيوعية كائن سلب ل إرادة له إزاء
قوة ا لادة و قوة القت صاد .ي قول كارل ماركس " :ف الن تاج الجت ماعي ا لذي يزاو له
الناس تراهم يقيمون علقات مدودة ل غن عنها .وهي مستقلة عن إرادتم .ليس شعور
الناس هو الذي يعي وجودهم ،ولكن وجودهم هو الذي يعي مشاعرهم ".
والنسان ف عرف السلم كائن إياب له إرادة -خاضعة بطبيعة الال لرادة
ا ل -ي قول ال قرآن " :و سخر ل كم ما ف ال سماوات و ما ف ا لرض جي عاا 5م نه )" (115
في قرر أن الن سان هو ال قوة العل يا ف ا لرض ،وأن ال قوى الاد ية والقت صادية م سخرة
لرادته ،وليس هو السخر لرادتا .ومصداق ذلك هو السلم ذاته .فهو ل يسي حسب
الت طور الت مي الذي ير سه م بدأ الاد ية الدلية .وحي كان ال ناس مسلمي -ف صدر
السلم -ل يشعروا أن التطور القتصادي قوة جبية تضعهم لا وهي " مستقلة عن
إرادتم " كما يقول ماركس .وإنا أحسوا أنم هم يصنعون القتصاد كما وجههم ال
على يد رسوله ،وهم ينشئون العلقات الجتماعية على هدي السلم ،فيحررون الرقيق
بغي موجب اقتصادي يتم عليهم تريره ويولون دون القطاع مع أنه ظل قائما 5مئات
السني ف أوربا وف غي العال السلمي.
وحي نأخذ القتصاد الشيوعي ،فسنأخذ معه -حتما -تلك الفلسفة الت تعل
النسان مترقبا 5للتطور القتصادي يأخذ سبيله " مستقل 5عن إرادة الناس " ول يسعى ول
يفكر ف تغييه بإرادته -أو بإرادة السلم -لن هذا مستحيل!
والمر الثالث هو ما أسلفناه ف فصل " اللكية الفردية " من إستحالة الفصل بي
أي نظام اقتصادي والفلسفة الجتماعية الكامنة وراءه .فحي نأخذ القتصاد الشيوعي ل
بد أن نأخذ معه الفلسفة الجتماعية الت تقوم على أساس أن التمع هو الصل والفرد ل
كيان له إل باعتباره فردا 5ف القطيع .وذلك مالف ف أساسه للتربية السلمية الت تعن
عناية شديدة بالفرد ،وتكل إليه -بعد تذيب ضميه -القيام بتبعات التمع وهو شاعر
أنه جزء حي مريد موجه ،يتار عمله بنفسه ،ويتار الكان الذي يعمل فيه ،ويلك حرية
توجيه الاكم والروج عليه إذا خرج هذا الاكم عن شرع ال .والسلم -بذه التربية
الفرد ية دا خل رقا بة الت مع -يق يم من كل فرد حار سا 5أخلق يا 5ير عى أخلق الت مع
ويول دون وقوع النكر فيه .وهو مال يكن -نفسيا 5وعمليا -أن يدث حي يصبح
الفرد ذرة تائهة ف كيان التمع ،يطيع الدولة ف شئون القتصاد ،ث يطيعها -تبعا 5لذلك
-ف جيع المور.
والعقلية السلمية ل تنكر أهية القتصاد ،ول ضرورة إقامة التمع على أسس
اقتصادية سليمة ،ليمكن إقامة الفضائل اللقية والجتماعية فيه ولكنها مع ذلك ل تؤمن
بأن الياة كلها اقتصاد .ول أن اللول القتصادية تل كل مشاكل التمع.
و هذا ر جل له شخ صية ،ي قول في ستمع له ال ناس وين فذون توجي هاته ،وآ خر ل
شخ صية له هو سخرية أ صحابه .هل يل القت صاد م شكلة هذا ا لخي؟ و هل ت ستقيم
الياة بذا كما تستقيم بذاك؟
وهذه امرأة جيلة وأأðخرى عاطلة من المال .هل يل القتصاد مشكلتها؟ وهل
تستقبل الياة كما تستقبلها الخرى؟
ومن هنا تتم العقلية السلمية بالقيم الخرى -غي القتصادية -وخاصة القيم
اللقية ،ليانا بأن ف الياة قيما 5غي اقتصادية ف جوهرها ،وأنا تتاج إل مهود إياب
لتنظيمها ل يقل عن ال هود ا لوجه لتنظ يم القت صاد .وت تم بإ ياد صلة دائ مة بي الع بد
والرب ،لن هذه هي الوسيلة الثلى لتثبيت القيم اللقية ،ورفع الناس من عال الضرورة
وما يدور فيه من خصومات وأحقاد ،إل عال طليق يغلب فيه الي والودة.
ومن جهة أخرى تؤمن العقلية السلمية بأن الطاقة الروحية ف النسان طاقة ثينة
كبية الثر ف الياة البشرية ،وأنا حي توجه إليها العناية ويبذل الهد ف تربيتها ،ل تقل
أ ثرا 5عن العوا مل ا لخرى متم عة ،با في ها العا مل القت صادي .بل قد ت كون أحيا نا 5من
الضخامة بيث ترجح تلك القوى جيعا .ويد السلمون ف تاريهم مصداق هذه القيقة
ف مو قف ر جل م ثل أ ب ب كر من ا لردة ،ف قد و قف و حده م صرا 5ع لى ق تال الر تدين،
والسلمون جيعا 5با فيهم عمر بن الطاب ذاته ل يؤيدونه ف موقفه .فعلى أية قوة كان
يعتمد؟ القوة الادية؟ قوة القتصاد؟ القوة البشرية ذاتا؟ كل ذلك يذله عن القتال .ولكن
القوة الروحية العجيبة الت وصلت روح أب بكر بالقه فاستمد منه العون والعزم ،هي
و حدها ا لت حولت الت خاذلي إ ل متحم سي ،و حولت قوة ال شاعر إ ل قوة ماد ية
واقتصادية ل مثيل لا ف التاريخ! كما يدون مصداقها ف موقف رجل مثل عمر بن عبد
العزيز من الظلم السياسي والجتماعي الذي بدأه بنو أمية ،فقد وقف ف وجه هذا الظلم
ورد ا لمور إ ل ن صابا ك ما ينب غي أن ت كون ف الت مع ال سلم ،حت حدثت ف ع هده
معجزة اقتصادية تاريية ،هي وجود متمع ليس فيه فقراء.
لذلك تتم العقلية السلمية بالطاقة الروحية لنا ل تب أن تضيع على البشرية
فرصة الستفادة من معجزا تا ،وإن كانت ف الوقت ذا ته ل تنفض يدها من الع مل ف
حدود الطا قة " الواقع ية " انت ظارا 5لت لك الع جزات .وإ نا ي كون شعارها دائ ما " :5إن ا ل
يزع بالسلطان ما ل يزع بالقرآن ".
تسويته إذا أمكن التطبيق العملي ،ولذلك فهم يتلهفون إل معرفة الصطدام العملي بي
السلم والشيوعية.
ونن ل نقرهم على الستهانة بالانب النظري أو التصوري ،لنه ل انفصال بينه
وبي الانب العملي ،ولكنا مع ذلك نيبهم إل ذكر أوجه اللف العملية .وهي كذلك
تشتمل على عدة أمور.
المر الول :أن السلم يعتب الوظيفة الول للمرأة هي رعاية النتاج البشري.
ول ي ستريح إ ل خروج ها من ملكت ها إ ل ال صانع وا لزارع إل ف حا لة ال ضرورة.
والضرورة هي عدم وجود عائل يكفلها سواء أكان أبا 5أم أخا 5أم زوجا 5أم قريبا.
ول كن ال شيوعية -القت صادية -ت تم ا شتغال ا لرأة ساعات كام لة كالر جل
سواء .وبصرف النظر عن حاقة الفلسفة الشيوعية ف هذا الباب ،وإنكارها للتفرقة بي
الرجل والرأة ف الوظيفة والكيان النفسي ،فإن القتصاد الشيوعي ذاته قائم على أساس
زيادة النتاج الادي إل الد القصى ،وهذا ل يتوفر إل باشتغال جيع أفراد الشعب ف
ال صانع والعا مل وا لزارع ،و عدم احت جاز ا لرأة عن الع مل إل ف شهور ا لولدة ف قط.
والا ضن ب عد ذ لك ت تول ال شراف ع لى الط فال ع لى طري قة الن تاج ال كبي Mass
.(116) Production
فإذا طبق نا ال شيوعية القت صادية ف ستخرج ا لرأة -كل ا مرأة -للع مل .و نرج
بذلك عن ركن ركي من التصور السلمي الذي يقيم كل نظامه الجتماعي واللقي -
والقت صادي أي ضا - 5ع لى أ ساس اخت صاص ا لرأة ب شئون ال سرة الداخل ية ،وإخت صاص
الرجل بشئونا الارجية ،توزيعا 5للعمل ومراعاة للختصاص ) .(117فإذا قال قائل :ليس
من الضروري أن تعمل الرأة ف الصنع ،فقد خرج إذن من الشيوعية )والذي يقول ذلك
هم الشيوعيون أنفسهم ل نن( وأصبحت السألة مرد زيادة النتاج ،وهو هدف حيوي
أصيل دون شك ،ولكنه ل يتاج إل اعتناق الشيوعية -القتصادية -لن الشيوعية ذاتا
قد تعلمت زيادة النتاج من أوربا الرأسالية ) .(118وقيام حكم إسلمي لن ينع استخدام
أحدث الوسائل لزيادة النتاج الزراعي والصناعي دون حاجة إل عمل الرأة ف الصنع.
وا لمر ال ثان :أن الن ظام القت صادي ال شيوعي قائم ع لى الدكتاتور ية الكام لة.
فالدولة هي الت تعي العمال ،وتوزع عليها العمال حسبما ترى هي بصرف النظر عن
رغبة العامل ف نوع العمل أو الكان الذي يشتغل فيه ،وهي الت ترسم السياسة العامة
و تب ال ناس ع لى تنف يذها ،ول ي تم هذا إل بأن تصبح الدو لة هي ال شرف الوح يد ع لى
ج يع الع مال والف كار والقوال والجتماعات والتوجيهات ،لن الرية لو تركت ف
جانب ،فستصل حتما 5إل حرية نقد النظام أو نقد الاكم وهو ما ل تسمح به الدولة
بال .ويب أن نفرق هنا بي دكتاتورية الاكم ودكتاتورية الدولة .فقد يكون الاكم
ذاته رجل 5متواضعا 5ل يستبد بالرأي ،ولكن هذا ل علقة له بدكتاتورية الدولة ف تسيي
النظام القتصادي والشراف عليه بالقوة .وهو ما تعترف به الشيوعية صراحة ف تسميتها
نظام الكم " بدكتاتورية البوليتاريا ".
يضاف إل هذا كله أن الشيوعية نظام ل يزال يتخبط .فقد بدأ بإلغاء اللكيات
جيعا 5وتسوية الجور بي العمال جيعا .ث وجد تت ضغط الواقع أنه يسن السماح
بقدر معي من اللكية الفردية ،وقدر من التفاوت ف الجور حسب هة العمال .فارتد
بذلك عن مبدأين أساسيي من مبادئ ماركس ،واقترب خطوتي من التصور السلمي!
فك يف يوز ل نا أن نترك ال صل ا لذي تر جع إل يه الب شرية كل ما جر بت تر بة جد يدة ،
لنلحق بقطار متخبط ،مهما تكن السرعة الاطفة الت ينهب با الطريق؟
ل يصنع هذا شخص ف رأسه عقل ول ف نفسه ثقة بكيانه .إنا الزية الداخلية
تتخذ صورا 5شت ومبرات شت .ولكنها هزية ل يقدم عليها إل الضعفاء والائرون.
()118كانت روسيا ف بدء الركة الشيوعية متأخرة جدا 5من الناحية الصناعية فاستعارت كل وسائل
النتاج الادي من أوربا.
كيف السبيل؟!
كيف السبيل إل تقيق السلم؟
آمنن•ا بأن السلم خي نظام على الرض .وبأن موقعنا التاريي والغراف والدول
ي عل ال سلم هو طريق نا الوح يد إ ل ال عزة والكرا مة والعدا لة الجتماع ية .ول كن ك يف
ال سبيل إ ل تق يق ال سلم ال يوم ف عال م عاد ل لدعوة ال سلمية ،و ف ح كم ط غاة من
الكام ياربون السلم ف الداخل كما ياربه أعداؤه ف الارج أوهم أشد قسوة؟!
إن نا نواجه ال يوم ن فس الو قف ا لذي كان يواجهه ال سلمون ا لوائل ف صدر
السلم .كان السلمون حفنة قليلة ،وكانوا يواجهون أكب إمباطوريتي ف ذلك التاريخ:
المباطور ية الرومان ية عن شال ،والمباطور ية الفار سية عن ي ي .و كانت موارد
المباطوريتي من الرجال والعتاد والموال والفنون الربية والبة العسكرية والسياسية
أضعاف ما يقدر عليه السلمون.
وكانت أعجب معجزة ف التاريخ .فقد تغلبت هذه الفنة القليلة من السلمي
على إمباطوريت كسرى وقيصر ،وقضت عليهما تاما 5ف أقل من نصف قرن ،وورثت
ملكهما ،وبسطت يدها على عال يتد من اليط إل اليط!
اليان الذي كان يدفع الرجل من أولئك أن يقول :أليس بين وبي النة إل أن
أقتل هذا الرجل أو يقتلن؟ ث يندفع إل القتال كأنه مقبل على عرس .أو يقول " :هل
تربصون بنا إل إحدى السنيي؟ " الشهادة أو النصر؟ ث يلقي بنفسه ف العركة ليلقى
إحدى السنيي.
ولنذكر أيضا 5أن بضعة من الفدائيي ف القنال ل يكن يزيد عددهم على مائة ،ول
ي كن ي نل ف أي لي لة من هم أ كثر من خ سة أو ستة ،قد أزع جوا المباطور ية الع جوز،
فلجأت إل الرحيل.
ل يكو نوا يل كون أ سلحة فتا كة .ل مدافع ثقي لة ول ط يارات ول دبا بات .بل
مسد سات وب نادق و مدافع سريعة الطل قات .ولكن هم كانوا يل كون ما هو أف تك من
ال سلح .كانوا يل كون ال يان .كانوا يعي شون بروح ت لك الف نة القلي لة من ال سلمي
الوائل .يقاتلون ف سبيل ال فيقتلون ويقتلون .ولذلك أزعجوا المباطورية العجوز.
كل .إن أمامنا العرق والدماء والدموع .ول بد لكل دعوة من تضحية .ول بد
للن صر من ت ضحيات .وإن ا لدف ا لذي نن صبه أمام نا :هدف ال عزة والكرا مة والعدا لة
الجتماعية ،لدير بأن تبذل ف سبيله التضحيات.
وهي على أي حال لن تزيد على التضحيات الت نبذلا ،والت يطلب منا أن نبذلا
ف الوان والفقر والتعاسة والتشريد.
كم بذلت شعوب هذه النطقة ف الرب السابقة؟ كم ألفا 5قتلوا تت سيارات
الرمي من جنود اللفاء؟ كم عرضا 5انتهك؟ كم من الؤن والقوات سلب بل مقابل؟..
ث؟ ث طلع علينا تشرشل يقول :حيناكم فادفعوا ثن الماية.
وبالمس كان الغرب يريد أن تدخل هذه الشعوب ف حلف للدفاع الشترك.
يريد أن يند منها نصف مليون لتجرب فيه السلحة الفتاكة قبل أن تصل إل " الرجل
البيض " من المريكان والنليز .ويسلبوا أقواتا ويعتدوا على أعرضها .ث؟ ث يركلوها
بأقدامهم ف ناية العركة سواء كسبوا أو كانوا من الاسرين.
فإذا ل يكن من الوت بد ،فلماذا يوت الناس ف سبيل الذل والوان؟
حي يوت نصف مليون ف سبيل ال سلم ،فلن يبقى طاغية وا حد ف الرض
القدسة ،ولن يبقى استعمار صليب على وجه الرض.
تلك هي السبيل …
إن الوضع لن يتغي بالنسبة إل السلم .فالعال الذي تكتسحه الشيوعية اليوم هو
العال الصليب ،الذي كان دائما 5يناصب السلم العداء.
روسيا ذاتا الت بدأت فيها الشيوعية هي الت كانت من قبل تؤلب الطوائف على
الدولة السلمة لتوقع فيها الفت والضطرابات ،فما الذي تغي؟ وأوربا هي مهد الصليبية
الول وما تزال .فما الذي تغي؟
وهذا الوعي السلمي الذي يطلب العدالة الجتماعية عن طريق السلم ،ول
يطلبها عن طريق التبعية والذوبان ف الكتلة الشرقية أو الغربية ليس عبثا.
والسلم سائر ف طريق القوة -على الرغم من الضربات الوحشية الت تكال له
ف كل مكان -لن طبائع الشياء كلها تؤذن بولد السلم من جديد ،لن له اليوم دورا
ف حياة البشرية ل يقل ضخامة ول قوة عن دوره الول ف صدر السلم.
دور التبشي بعال جديد ل تكمه الادة ول يستعبده الناع على القتصاد ،عال
يكمه مزيج من الادة والروح يتمعان ف نظام .وإن العال الذي أغرق ف الادة فلم تشبع
روحه ،ول تبعث الستقرار إل نفسه ،بل أوقعته ف صراع دائم مرير … ل بد أن يفيء
ذات يوم إ ل ن ظام ل يه مل عال ا لادة ولك نه ل يغ فل عال ا لروح .ل بد أن يف يء إ ل
السلم.
أما نن فلن يكون طريقنا مفروشا 5بالزهور .ولبد من تضحيات كثية كتلك
ا لت بذلا ال سلمون ا لوائل ليقن عوا ال عال با ف ال سلم من خ ي .ولكن ها ت ضحيات
مضمونة ف الرض والسماء " :ولينصرن ال من ينصره إن ال لقوي عزيز " صدق ال
العظيم.
* * *
http://www.tawhed.ws
http://www.almaqdese.com
http://www.alsunnah.info
http://www.abu-qatada.com