Professional Documents
Culture Documents
ما ھو الناموس؟
معني كلمة ناموس سواء فى اللغة العبرية תּרה أو תּורה tôrâhوتنطق كما نعرفھا توراه ،أو اليونانية νόµος
nomosوتنطق نوموس ،ھو "قانون" .وھي تستخدم للداللة علي معاني القانون أو التعليمات أو المبادئ سواء كانت
بشرية أم إلھية .وماھو القانون ،ھو معاھدة أو تعاقد بين الفرد والمجتمع أو بين الفرد والحكومة .وينص القانون علي كل
من واجبات الفرد تجاه الطرف اآلخر من التعاقد القانوني وحقوق الفرد التي علي الطرف اآلخر أن يوفيھا .فالقانون ھو
تعاھد رسمي أو عھد أو مبادئ تحكم وتننظم العالقة بين طرفي العھد.
فالقانون أو المعاھدة التي كانت تحكم عالقة 9واإلنسان ھي ،أنه من حق اإلنسان أن يأكل أكال من جميع شجر
الجنة .ومن واجباته عدم األكل من شجرة معرفة الخير والشر ،وھناك عائدا من االكل أال وھو الموت.
ولم يكن ھناك واجب ما يؤديه اإلنسان للحصول علي الحياة ألنه كان يحيا حياة إنسانية بريئة بالفعل ومستمدة من
نفخة 9حيث أنه "نفخ فى أنفه نسمة حياة" )تك ، (7 :2ولكي يحافظ علي حياته كان كل ماعليه أن اليأكل من شجرة
معرفة الخير والشر.
وكان أيضا ً ھناك "شجرة الحياة في وسط الجنة" )تك .(9 :2ويتفق معظم الشراح أن األكل من ھذه الشجرة كان
يعطي اإلنسان حياة أبدية غير متغيرة وغير قابلة للموت .حيث أن 9بعد السقوط صرح عنھا "ھوذا االنسان قد صار
كواحد منا عارفا الخير والشر .واآلن لعله يمد يده ويأخذ من شجرة الحياة ايضا ويأكل ويحيا الى االبد) ".تك(22 :3
فيبدو أن آدم كان سيحصل علي حالة أبدية من الخطية التي اليمكن إزالتھا إن أكل من الشجرة بعد السقوط ،وكان
سيحصل علي حالة أبدية من البراءة إن كان أكل منھا قبل السقوط .ولكن الغريب أن 9لم ينصح آدم قبل السقوط قائالً
"وإن كنت تريد حياة أبدية فلتأكل من شجرة الحياة" ،ولكن ذلك بالطبع له تفسيره الثمين حيث أن نصيحة مثل ھذه كانت
ستجعل الحياة األبدية بالنسبة آلدم يمكن الحصول عليھا نتيجة طاعته لوصية ناموسية تأمره باألكل وأما الحصول علي
الحياة األبدية نتيجة طاعة وصية ناموسية فليس في فكر 9علي اإلطالق .إذ انھا ھبة مجانية بالنعمة باإليمان .لذا فقد قال
9عنھا أنھا شجرة الحياة وتركھا آلدم ليقرر ھو إن كان يجب ان يأكل منھا أم ال .فاإلنسان كما سنري فيما بعد يمكن أن
يھلك بالناموس ولكن اليمكن أن يحيا أبدا عن طريق ناموس ما.
علي أن اإلنسان فى ھذه الفترة كان يحكم عالقته با Jتدبير البراءة .١أي أنه لم يكن فيه خطية بعد وكان كل ما عليه
أن يعيش مع 9ويتمتع بالشركة معه دون القرب من شجرة معرفة الخير والشر .فكانت طبيعة اإلنسان لم تفسد بعد
وتتدنس بدخول الخطية.
ولكن ماھو السقوط؟ ھل ھو كسر لوصية 9؟ بالطبع ھو كذلك .وليس كسر لوصية 9فقط لكنه شرا أعمق من
مجرد كسر ا لوصية .لقد قال 9عن الشجرة "يوم تأكل منھا موتا تموت" )تك (17 :2وقالت الحية "ال لن تموتا ،بل
6عالم أنه يوم تأكالن منھا تصيران كا 7عارفين الخير والشر" )تك (5 ،4 :3وكان أمام اإلنسان إختيارين ،االول ھو
الثقة فى 9وتصديق كالمه وتكذيب الحية ،والثاني ھو تصديق الشيطان وتكذيب .9ويالھا من إھانة وجھھا اإلنسان ،J
لقد صدق اآلثيم الشرير الذي ليس فيه نور بل كله ظلمة ،ولم يضع ثقته فى النور الحقيقي ،وصار متشككاً فى دوافع 9
مصدر كل صالح وخير وصار بالنسبة لإلنسان " 9كاذب" والشيطان صادق .أي أن الخطية األصلية ھي عدم تصديق
9أو ھي "عدم اإليمان".
وكان وعد الشيطان أن اإلنسان سيصير كا ،Jيحدد بنفسه الخير والشر ،ولديه مقاييسه الخاصة ومستقال عن .9
وحدث السقوط ،وحدث ماكان منصوصا عليه فى المعاھدة او التعاقد أو ناموس البراءة فى الجنة .ودخل الموت آلدم
وأوالده "كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلي العالم وبالخطية الموت ،وھكذا إجتاز الموت إلي جميع الناس" )رو: 5
(12وصار اإلنسان ميتا موتا روحيا بإنفصال روحه عن 9وموتا أدبيا بالفساد األخالقي واإلجتماعي وموتا جسديا
حتميا حيث "وضع للناس ان يموتوا مرة" )عب(27 :9
بعد ذلك أظھر 9أن الطريق للتخلص من آثار الخطية ھو الذبيحة لما "صنع الرب اإلله آلدم وإمراءته أقمصة من
جلد وألبسھما" )تك .(21 :3فالجلد البد أن يأتي من ذبيحة .فأظھر 9بھذا أن طريق الخالص ھو "الموت البديل" آلخر
"برئ" بدال من اإلنسان .مظھرا بذلك أن البر ھو بر مكتسب من ذبيح برئ يموت تنتقل خطايا اإلنسان إلي ھذا البرئ
فيموت تحت قضاء 9بسبب الخطايا الموضوعة عليه.
صار اإلنسان بعد ھذا تحت تدبير جديد أال وھو الضمير .أي أن 9وضع فى ضمير كل إنسان ناموسا .فأصبح
الناس "يظھرون عمل الناموس مكتوبا فى قلوبھم ،شاھدا أيضا ضميرھم وأفكارھم فيما بينھا مشتكية أو محتجة"
)رو (15 :2فرغم عدم نزول الناموس المكتوب بعد علي جبل سيناء ،أصبح ضمير اإلنسان يشھد ضد تصرفاته
ويشتكي عليه ويحتج علي مايصنعه .فالضمير ھو ذلك الصوت الداخلي الذي نعرفه جميعاً ،الذي يتحدث لنا علي مدي
الطريق محتجاً علي سلوكياتنا .وھذا الناموس الذي فى الضمير وظيفته ھي أن يقنع اإلنسان أن 9لديه مقاييس التنازل
عنھا .فكل الشعوب لديھا ضمير .وقد تختلف المقاييس ولكن الضمير يضع اإلنسان أمام معضلة أن 9بار وقدوس وأن
اإلنسان بعيد تماما عن مطاليب 9ومقاييسه" .فھؤالء إذ ليس لھم الناموس ھم ناموس ألنفسھم" )ر (14 :2أي أنه
قبل نزول الناموس المكتوب لشعب إسرائيل كان ھناك ناموسا آخر مكتوبا فى ضمير كل إنسان يخبره عن مطاليب .9
لھذا قرر قايين أن يقدم Jلكي يسترضيه ،وقرر ھابيل أيضا أن يفعل ھذا األمر .وكان ھناك أيضا طريقان .الطريق
األول ھو طريق قايين الذي "كان عامال فى األرض" )تك (2 :4وكان يتعب بيديه ويعرق ويكد .وأراد أن يصل J
بمجھوداته وأن يسترضي 9بأعماله" .فقدم من أثمار األرض قربانا ً للرب" )تك (3 :4وقدم " Jعمل يديه" .وھكذا كان
١التدبير فى الكتاب المقدس ھو كلمة oikonomos οἰκονόµοςباليونانية وتنطق أويكونومس .ومعناھا األصلي ھو إدارة منزل ،أو
وكالة علي منزل عندما يوكل شخص علي إدارة منزل .وھي تشير لكيفية تعامل 9مع البشر .أو الطريقة التي يقررھا لكي ينظم عالقته بھم.
وط ِرد من الجنة )تك (٢) .(3،2بعد السقوط والتدابير فى الكتاب المقدس ھم سبعة (١) ،تدبير البراءة في الجنة :استمر إلى أن سقط اإلنسان ُ
ُ
جاء تدبير الضمير ،عندما ترك ﷲ اإلنسان محكوماً بضميره فقط ،واستمر األمر كذلك حتى فسدت األرض كلھا وأغرقت بالطوفان )تك.(٦-٤
) (٣بعد ذلك جاء تدبير الحكومات ،عندما رتب ﷲ بعد الطوفان أن يُح َكم اإلنسان بواسطة اإلنسان )تك (٤) .(٦ :٩لما تحول اإلنسان إلى الوثنية
في برج بابل فصل ﷲ إبراھيم ليكون مستودعا لمواعيد ﷲ ،فجاء تدبير الوعد إلبراھيم بالنعمة (٥) .لكن بني إسرائيل لم يقدﱢروا نعمة ﷲ ،وال
عرفوا ضعفھم ،وقالوا لموسى » كـل ما تكلم به الرب نفعل « )خر ،(٨ :١٩فجاء تدبير الناموس الذي أثبت فشل اإلنسان الذريع وحاجته إلى
المخلصة لجميع الناس « )تي .(١١ :٢واآلن » كلّ خالص المسيح (٦) .من ثم بدأ التدبير السادس وھو تدبير نعمة ﷲ ،حيث » ظھرت نعمة ﷲ
من يدعو باسم الرب يخلص « )رو (٧) .(١٣ :١٠وباقي على البشر تدبير أخير ،وھو تدبير ملء األزمنة أو تدبير الملكوت )أف .(١٠ :١فبعد
ظھور النعمة في الماضي ،نحن نتوقع استعالن المجد عن قريب )تي(١١،١٣ :٢
يثق في قدراته الخاصة وصار له 9ندا .أي أنه طرفا فى العالقة و 9طرفا من الناحية األخري .ويريد قايين أن يقدم
فخر عمله Jفيرضي 9ويقدر ھذا وبھذا يرضي عليه .وھذا ھو طريق الثقة فى النفس .أو قل ھو طريق الناموس .أي
طريق من يظن أنه يستطيع أن يوفي مطاليب 9فيفوز برضاه ويصير ندا له.
أما ھابيل فكان 9بالنسبة له ھو اإلله العظيم الذي اليستحق أن يقترب إليه .ويؤمن ھابيل أنه مھما تفوق فى أعماله
فھو اليستطيع أن يرقي لمطاليب ومقاييس قداسة .9بل إن من يقترب Jمن الناس اليستحق سوي الموت .مثلما كلم
داود 9فى المزمور قائال "لن يتبرر قدامك حي" )مز (2 :143وألن "أجرة الخطية موت" )رو (23 :6لذا سعي
ھابيل للذبيحة ،أي ألن يموت حيوان برئ بدال منه عند التقرب .Jوھو فى ھذا قد آمن أن الطريق التي بدأھا الرب
بنفسه فى الجنة عندما ذبح وصنع "أقمصة من جلد" ألبويه ھي الطريق الوحيدة .وھذا ھو طريق اإليمان .اإليمان أن 9
ومقاييسه فى القداسة ھيھات أن يستطيع إنسان أن يوفيھا .وھو بھذا يعطي 9مجداً .فاإليمان يمجد .9
و لم يستطع اإلنسان تحت تدبير الضمير أن يتحكم فى نفسه ،فجاء الطوفان عالمة علي قضاء 9علي اإلنسان.
بدأ الرب بعد ذلك تدبيرا جديدا ھو الحكومات عندما قال "سافك دم اإلنسان باإلنسان يسفك دمه" )تك (6 :9أي أنه
سمح للبشر أن يضعوا قوانين تنظم العالقة بينھم فى ضوء نور الضمير .ولكن لم تستطع أبدا ھذه القوانين أن تھذب البشر
بل إزدادوا وحشية وشراسة وشرا ونجاسة وظلما وظالما .أي أصبح ھناك بجانب الناموس المكتوب فى الضمير الذي
كان من المفترض أن يحكم به كل إنسان علي نفسه أصبح ھناك ناموسا آخر أو قانون وضعي وضعه البشر سويا لكي
يحكموا تصرفات اإلنسان ولكي يسيطروا علي الشر والخطية الكامنة بداخله.
أي أصبح ھناك قانون داخلي أو ناموس داخلي فى الضمير وقانون خارجي أي ناموس يحكم اإلنسان من الخارج
أيضا .ورغم ذلك فشل اإلنسان أيضا فى أن يصل لمطاليب قداسة 9ثم جاءت حادثة برج بابل لتؤكد إعتداد اإلنسان
بذاته وحبه لإلستقالل عن .9فمع تكوين قوانين وحكومة تحكم اإلنسان ،حدث علي األغلب أن اإلنسان شعر بالفخر
وربما بدأ البشر يتكلمون من وقتھا عن المدنية الحديثة وتقدم االنسان .فكان برج بابل.
كان اإلنسان في برج بابل مازال يطلب ماطلبه اإلنسان في الجنة أن يصير كا .Jفھم يريدون أن يبنوا ألنفسھم
"مدينة وبرجا رأسه بالسماء" )تك (4 :11أي يناطحون .9وأن يصنعوا ألنفسھم "إسما" )تك ،(4 :11أي يمجدون
أنفسھم ،دون أن يطلبوا مجد الھھم .فكانت حادثة بلبلة األلسنة كقضاء من 9علي العالم.
وبدأ الرب تدبيرا جديدا ھو تدبير الوعد .إذ أخذ إبراھيم من مابين النھرين ،أي من أرض البابلين ،وجعله يعتزل عن
األشرار ليبدأ مرحلة يكون فيھا عائلة رأسھا رجل بار ومؤمن وموعودا له بالبركة والخالص ،دون أعمال فقط باإليمان،
لكي ينقل اإليمان ألوالده .بل إن كل من يؤمن محسوبا فى العھد الجديد من أوالد إبراھيم "كما آمن إبراھيم با 7فحسب
له برا ،إعلموا إذاً أن الذين ھم من اإليمان أولئك ھم بنو إبراھيم" )غل (7-6 :3فصار إبراھيم بإيمانه سبب بركة
لجميع األمم فى النسل القادم من نسله أي المسيح "والكتاب إذ سبق فرأي أن 6باإليمان يبرر األمم سبق فبشر إبراھيم
أن فيك تتبارك جميع األمم" ) غل (8 :3ولكن حتى ھذا الرجل البطل فى اإليمان ،كانت له سقطاته فقال عن سارة أنھا
"أخته" )تك (2 :20 ،13 :12مرتان فى عدم إيمان ،وتزوج "ھاجر" )تك (3 :16محاوال أن يحقق الوعد بمجھوداته
الخاصة ويوجد لنفسه نسالً.
وأما أوالده فھناك إسماعيل الذي لم يرث البركة وال اإليمان .ثم إسحق الذي سقط نفس سقطة أبيه وقال عن زوجته
رفقة أنھا أخته )تك .(7 :26وأما عندما قرر إسحق أن يبارك أوالده إختار أن يبارك عيسو في عدم إيمان وضد قول
الرب .إذ أن الرب كان قد قال أن يعقوب رغم أنه ليس البكر ھو الذي سيرث البركة فقال "كبير يستعبد لصغير "
)تك .(23 :25وذلك ألن إسحق أحب عيسو ألن عيسو كان "في فمه صيد" )تك (8 :25أي كان عيسو يجلب الصيد
ويصنع مأكوالت لذيذه إلسحق .فكان مايحرك إسحق فى حبه ألوالده ھو وجبات طعام لألسف الشديد ،وليس إيمانا فى
كلمات .9
ثم عيسو كان "إنسان يعرف الصيد إنسان البرية" )تك (28 :25و"مستبيحا وزانيا ....ألجل أكلة واحدة باع
البكورية" )عب (16 :12ويعقوب كان مخادعا ،خدع أخيه وإشتري منه البكورية بطبق عدس )تك (34-29 :25وخدع
أبيه المسن وتنكر فى زي أخيه لكي يأخذ البركة )تك (27وحاول أن يخدع البان خاله ويأخذ الغنم )تك(43-25 :30
وكان دائما مايحاول أن يحقق الوعد بمجھوداته .أما أوالد يعقوب فحدث والحرج .فالوي وشمعون "آالت ظلم سيوفھم"
)تك (5 :49ورأوبين البكر "صعد علي مخدع أبيه ودنسه" )تك (4 :49ويھوذا باع أخيه يوسف )تك(27-26 :37
وھكذا .حتي تحت تدبير الوعد ثبت فشل اإلنسان.
ولكن ثبت الوعد كمبدأ اليسقط واليجلب لعنه علي البشر رغم فسادھم.
ألن الوعد قائم علي أمانة من وعد أي علي ﷲ .وليس قائم علي امانة اإلنسان
وھذا ھو قصد ﷲ ،أن يعد وعودا غير مشروطة بالبركة والحياة األبدية
لإلنسان ويحصل عليھا اإلنسان باإليمان رغم أنه اليستطيع عمليا أن يوفي
مطاليب قداسة ﷲ .ولكن ﷲ أمين تجاه وعده رغما عن فساد اإلنسان.
وعاد 9عند إخراجه شعب اسرائيل من مصر وبدأ تدبيرا جديد ًا أال وھو الناموس .فكانت الطريقة التي تعامل بھا
9مع شعبه ھي الناموس المكتوب النازل علي جبل سيناء من وصايا وفرائض .وقد ظھرت كل معالم الناموس بوضوح
فى ھذا التدبير وظھر فشل اإلنسان وفشل الناموس فى تكميل اإلنسان" .ألن الناموس لم يكمل شيئا" ) عب(19 :7
ويقول الرسول مستنكرا "لو أعطي ناموس قادر أن يحي؟" )غل ،(21 :3أي أن الناموس لم يكن يقدر أن يحي.
سمات الناموس
وكما علمنا من قبل أن الناموس ھو معاھدة أو عھد بين 9واإلنسان تنص علي واجبات وحقوق كل منھما .وقد قرر
9أن يضع اإلنسان تحت إختبار الناموس المكتوب .فأعطي موسي الناموس ،معلنا بذلك الحد األدني لمقاييس قداسة ،9
ووضعھا أمام اإلنسان الذي يريد التقرب منه .فلكي يصير اإلنسان متقربا من 9وفي شركة معه البد له أن يكون في
حالة قداسة تتناسب مع قداسة .9فقال 9لإلنسان "تحب قريبك وتبغض عدوك" )مت (43 :5وھذا ھو الحد األدني
لدي ،9فا Jعلي لسان المسيح وضع مقدار كمال قداسته حيث قال "وأما أنا فأقول أحبوا أعدائكم ،باركوا العينكم،
أحسنوا إلي مبغضيكم وصلوا ألجل الذين يسيئون إليكم ويطرودونكم" )مت (44 :5حيث أن 9نفسه أحب أعدائه
ومات من أجلھم فى شخص المسيح "ونحن أعداء قد صولحنا مع 6بموت إبنه" )رو.(10 :5
فمقاييس 9الموضوعة في الناموس ھي الحد األدني لمطاليب .9ويقول المسيح أيضا ً أنه فى الناموس قال 9
"التقتل ومن قتل يكون مستوجبا الحكم" )مت (21 :5وھذا ھو الحد األدني ،أما مقياس 9في المسيح فيقول "كل من
يغضب علي أخيه باطال يكون مستوجب الحكم ،ومن قال ألخيه رقا )أي تافه( يكون مستوجب المجمع ،ومن قال يا
أحمق يكون مستوجب نار جھنم" )مت(22 :5
ومع ذلك فشل اإلنسان فى إتمام مطاليب الناموس .بل وعبد بنو إسرائيل العجل مباشرة عند نزول الناموس كاسرين
بذلك الوصية العظمي به "للرب إلھك تسجد وإياه وحده تعبد" )مت .(10 :4وتوالي سقوط وتھاوي شعب 9القديم
وكسرھم لناموس 9وفشلھم .كم من مرة تذمروا علي 9؟ كم من مرة زنوا وعبدوا األوثان؟ كم من دماء بريئة سفكوھا؟
كم من ظلم وتعويج للقضاء قاموا به؟ ويلخص أشعياء حالتھم علي مر التاريخ قائالً "ويل لال ّمة الخاطئة الشعب الثقيل
االثم نسل فاعلي الشر اوالد مفسدين .تركوا الرب استھانوا بقدوس اسرائيل ارتدوا الى وراء" )إش .(4 :1فبدال من
أن ينقيھم الناموس وتطھرھم الوصايا ،صاروا أمة خاطئة ،وشعبا ثقيل اإلثم .وبدال من أن يتباركوا بتوريث الناموس من
جيل إلي جيل ،نجد أن ما برعوا فيه ھو توريث الشر ألوالدھم ،وأوالدھم صاروا مفسدين .ليسوا فقط فاسدين لكنھم
ينشرون الفساد .وصار لھم الناموس دليال إلدانتھم حيث أنھم يعرفون قداسة 9أكثر من باقي األمم ألن 9أودعھم
وصاياه و"من يودعونه كثيرا يطالبونه باكثر" )لو .(48 :12وھنا تصبح خطيتھم أعظم فقد عرفوا قداسة 9ولكنھم
"إستھانوا بقدوس إسرائيل" الذي تقدم بھم لألمام ووضعھم فى وضع مميز يتفوقوا به علي جميع األمم ولكنھم "إرتدوا
إلي وراء" .ويضيف الرب علي لسان أشعياء مستنكرا " كيف صارت القرية االمينة زانية؟ مآلنة حقا كان العدل يبيت
فيھا .واما اآلن فالقاتلون .صارت فضتك زغال وخمرك مغشوشة بماء .رؤساؤك متمردون ولغفاء اللصوص .كل واحد
منھم يحب الرشوة ويتبع العطايا .ال يقضون لليتيم ودعوى االرملة ال تصل اليھم" )إش (23-21 :1فبدال من أن
يحكمھم قانون 9الذي تميزوا به عن باقي األمم ،ألن باقي األمم لديھم قوانين وضعھا البشر فى ضوء الضمير ،مثل
شريعة حمورابي مثال أقدم القوانين البشرية ،أقول بدال من أن يصير ناموس 9الذي بين أيديھم نورا لھم ولباقي الشعوب
وعالمة علي بر 9وعدله وسط شعبه" ،صارت القرية األمينة زانية" أي زاغت إسرائيل من وراء رجلھا الذي ھو
الرب وخانته زانية من ورائه .وأصبحت مأوي للقاتلون .وصارت "الفضة" مملوءة بالشوائب )زغل( بل قل صارت
كلھا شوائب )زغل( و"الخمر مغشوشة بالماء" عالمة علي الغش الذي يسود معامالت الشعب مع بعضه البعض .ھذا
عن الشعب أما الرؤساء فبدال من أن يتبعوا القوانين صاروا ھم المتمردين علي ناموس ،9وصاروا يأوون اللصوص
ويتحالفوا معھم .وأصبحوا قادة للظلم والرشوة.
وھكذا صار وضع إسرائيل عالمة علي فشل اإلنسان تحت الناموس في الوفاء بمتطلبات قداسة .9
إن كان مصير اإلنسان تحت الناموس ھو الفشل ،لماذا إذن إختار ﷲ أن يضع اإلنسان تحت
الناموس؟
لم يكن ھذا ھو إختيار 9فى األساس ،بل إن الناموس ليس من األصل أساسا ً يصلح للعالقة مع 9فى نظر .9
ولكن المشكلة كانت فى اإلنسان الذي يظن أنه يستطيع أن يكون طرفا ً فى عھد مع .9يظن أنه يستطيع أن يكون نداً J
فى المعاھدة ويحصل علي البركة إذ يقوم بدوره فى المعاھدة ويكون 9بذلك مطالبا ً باإليفاء بدوره ھو أيضا ً.
وھناك مثالً واضحا ً لھذا األمر فى قصة يعقوب فى سفر التكوين .كان يعقوب شخصاً مخادعا ً ومحتاالً ولم يحب أخيه
وأھان أبيه ثم شرع فى الھروب من وجه أخيه عيسو لئال يقتله عند وفاة إسحق أبيھما .وأثناء ھروبه ظھر الرب له
وأعطاه وعودا عظيمة ورائعة حيث قال الرب له" :انا الرب اله ابراھيم ابيك واله اسحق .االرض التي انت مضطجع
عليھا اعطيھا لك ولنسلك .ويكون نسلك كتراب االرض وتمت ّد غربا وشرقا وشماال وجنوبا◌ٍ .ويتبارك فيك وفي نسلك
جميع قبائل االرض .وھا انا معك واحفظك حيثما تذھب واردك الى ھذه االرض .الني ال اتركك حتى افعل ما كلمتك به "
)تك (15-13 :28وعند دراستنا لھذه الوعود نجد التالي:
كانت وعود 9له وعوداً غير مشروطة ،أي لم يقل 9أن يعقوب مطالب بشئ ما حتى يتمم 9له ھذه •
الوعود.
ً
كانت دون إستحقاق حيث أن يعقوب كان ھاربا بعد أن خدع أخيه وأبيه ،أي كان شخصا يستحق العقوبة •
وليس الوعد بالبركة.
كانت وعود باألرض وببركة عظيمة ليعقوب ونسله حتي يصير نسل يعقوب بركة لكل األرض. •
كان 9يعد أنه سوف يكون رفيقا شخصيا ً ليعقوب يذھب معه حيث ھو ذاھب وال يتركه حتي يرده لھذه •
األرض أي أنه سيحفظه إلي أن تنتھي حالة الھرب ھذه.
أن 9لن يتركه حتي يحقق له أيضا كل ھذه الوعود التي تكلم بھا الرب. •
فماذا إذن كان رد يعقوب علي 9؟ ھل قال :آمين ،مادام الرب قال فھو سيفعل؟ لألسف ال .لنقرأ سويا رد فعله فى
)تك " (22-20 :28ونذر يعقوب نذرا قائال ان كان 6معي وحفظني في ھذا الطريق الذي انا سائر فيه واعطاني
خبزا آلكل وثيابا اللبس ،ورجعت بسالم الى بيت ابي يكون الرب لي الھا .وھذا الحجر الذي اقمته عمودا يكون بيت 6
وكل ما تعطيني فاني اع ّ
شره لك" وإذا تمعنا النظر فى رد يعقوب نجد التالي:
يشكك يعقوب فى كالم 9إذ يستخدم آداءة الشرط "إن" ويقول "إن كان 6معي" وإن "حفظني" وإن •
"أعطاني" وإن "رجعت بسالم" فھو ليس لديه إيمان من جھة صدق 9فى مواعيده.
يقلل يعقوب من الوعود وينزل بھا للحد األدني فيطلب خبزا وثياب بدال من البركة العظيمة ،ويطلب •
الرجوع بسالم فقط ويتنازل عن األرض والنسل
لم يھتم ببركة لنسله وال لكل أمم األرض كوعد الرب .حيث يھتم فقط بسالمته الشخصية وإحتياجاته •
األساسية.
يضع شرطا Jأنه لن يكون 9إلھه إال لو صنع 9كل ھذا وعندھا يعشر أيضا كل ما يقتنيه •
وھكذا نري أن 9وعد يعقوب مجموعة من الوعود غير المشروطة بالبركة والحفظ والمعية ولكن يعقوب يريد أن
يدخل فى معاھدة مع ،9يريد أن يحكم العالقة بينه وبين 9بقانون .يقوم فيه 9أوالً بصنع مجموعة من الوعود وبعدھا
يتخذه يعقوب إلھا ويعطيه عشرا من كل ما يقتنيه.
ھكذا يريد اإلنسان دائما أن يأخذ من 9بركات بمقابل ھو عبارة عن واجبات يفعلھا اإلنسان .Jاليستطيع اإلنسان
الطبيعي أن يقبل أن يتوقف عن العمل ويأخذ عطية مجانية .فھو يريد أن يفعل شيئا لكي ينال البركة .أما عبارات مثل
"قفوا وأنظروا خالص الرب الذي يصنعه لكم اليوم" )خر (١٣ :١٤أو "ايھا العطاش جميعا ھلموا الى المياه والذي
ليس له فضة تعالوا اشتروا وكلوا ھلموا اشتروا بال فضة وبال ثمن خمرا ولبنا) ".إش (١ :٥٥فغير جذابه والمريحة
علي اإلطالق لإلنسان الطبيعي .ألن ھذه العبارات تلغي كل إفتخار عند اإلنسان الذي يريد أن يصنع شيئا يفتخر به أمام
9وأمام الناس .فمجانية النعمة تجعل الجميع سواسية من يعمل ومن اليعمل" .أين اإلفتخار؟" إذن "قد إنتفي" )رو:٣
(٢٧فاإلنسان الطبيعي يريد أن يفتخر بما حققه وعمله وناله وھذا ضد اإليمان .فالناموس كمبدأ للتعامل مع 9مغروس
بداخل الطبيعة البشرية حيث يريد اإلنسان به أن يكون ندا ،Jفھو يؤدي واجبه من جھة و 9أيضا يؤدي واجبه من
الجھة األخري .تماما مثل مبادئ التجارة العالمية .الشئ بدون مقابل .مثل يعقوب الذي قرر أن يعطي 9العشر ويعبده
فى مقابل أن يحفظه 9ويسدد إحتياجاته.
لھذا قرر 9أن يضع اإلنسان تحت الناموس ليثبت فشله من جھة ھذا األمر .فالخطية قد شوھت اإلنسان ولم يعد
يستطيع أبدا أن يتمم مطاليب .9ويسأل بولس الرسول "فلماذا الناموس؟" ويجاوب قائالً " :قد زيد بسبب التعديات إلي
أن يأتي النسل" )غل (19 :3أي أن الناموس دخل زائداً أي مضافا ً إلي أن يأتي النسل الذي "يسحق رأس الحية" أي
المسيح .فالناموس كان مرحلة مؤقتة لكي يعلن فشل اإلنسان .فبالناموس لم يتبرر أحد "أن ليس أحد يتبرر بالناموس
فظاھر ألن البار باإليمان يحيا) ".غل" (11 :3ألنه لو أعطي ناموس قادر أن يحي ،لكان بالحقيقة البر بالناموس"
) غل (21 :3ألن الناموس فيه مجموعة ضخمة من الفرائض والوصايا و كان المطلوب من اإلنسان أن يثبت فيھا كلھا إذ
يقول الكتاب "ألن جميع الذين ھم من أعمال الناموس ھم تحت لعنة ،ألنه مكتوب ملعون كل من اليثبت فى جميع ماھو
مكتوب فى الناموس ليعمل به" )غل (10 :3ويقول فى موضع آخر "الن من حفظ كل الناموس وانما عثر في واحدة
فقد صار مجرما في الكل" )يع(10 :2
فا Jليس لديه ناجحون بتقدير مقبول وجيد وجيد جدا وإمتياز .فكل من ينجح تحت الناموس كان البد له أن يحصل
علي مائة فى مائة دون خطأ واحد .وكان اإلمتحان ليس لمجرد ساعة أوساعتان أو حتي خمس ساعات بل كان طوال
الحياة كلھا ،ولبعض الناس كان اإلمتحان يمتد لفترة تفوق المائة عام .مطلوبا فيھا أن اليخطئ الشخص خطأ واحد .ولم
يكن اإلمتحان فى منھج محدد ومحدود وبواسطة مجموعة بسيطة من األسئلة لن تغطي إال بعضا ً من المنھج ،ال بل كان
اإلمتحان فى جميع جوانب الحياة وفى كل المنھج .فمقاييس قداسة 9أعظم بما اليقاس مما يمكن ألي إنسان أن يتخيل.
ولكي أكون فى حالة عشرة وقبول من ،9البد لي من أفي بكل مطاليب قداسة 9كل أيام حياتي .والنتيجة الحتمية ھي
أن كشف الناجحين لم يكن به وال إسما واحدا .لم ينجح أحد ،سوي ربنا يسوع المسيح له المجد الذي تمم كل مطاليب 9
وقال "قد أكمل" )يو.(19:30
علي أن الناموس قد أعطي ضوءاً لكي إنسان مخلص يبغي الخالص من خطاياه ،ففى نظام الذبائح المعطي فى
الناموس ھناك إعالن دائم أنه "بدون سفك دم التحصل مغفرة" ) عب .(22 :9فكل شخص يخطئ خطية سھو من حقه
فى الناموس أن ينال عنھا غفرانا بسفك دم حيوان برئ بدال منه .وھكذا كانت ھناك أنھار من الدماء تجري تشير بشدة
وتصرح فى قوة وتكشف فساد اإلنسان الغير قابل لإلصالح .فآالف الذبائح علي مر العصور ومازال اإلنسان يخطئ بل
إنه اليتقدم لألمام خطوة واحدة بل إنه يتأخر للخلف فى خطوات واسعة .ولكن "اليمكن أن دم ثيران وتيوس يرفع
خطايا" )عب (4 :10فكل ھذه الذبائح تشير من بعيد لذبيح وحيد قادم فريد ھو "حمل ) "6يو (29 :1أي الحمل الذي
من عند ،9والحمل الذي يستطيع أن يرضي 9والحمل الذي ينتظره " 9الذي يرفع خطية العالم" )يو(29 :1
وكانت كل فرائض وطقوس ورموز الناموس تشير لھذا الشخص الوحيد الفريد المشار له فى كل التدابير والذي ھو
محور كل التدابير .ففي تدبير البراءة كان آدم رمزا له ،ونام آدم وفتح جنبه ،مثلما مات المسيح وطعن فى جنبه ،وخرجت
حواء من جنب آدم ،وجاءت الكنيسة من جنب المسيح "ألننا اعضاء جسمه من لحمه ومن عظامه" )أف (30 :5فموت
المسيح مشار له فى نوم آدم .ثم فى تدبير الضمير بعد السقوط نري الرب يذبح ذبيحة ويعطي أقمصة من جلد آلدم وحواء
ويعلن أن ھناك نسالً قادما ً للمرأة سوف يأت بالخالص .ثم فى تدبير الحكومات حيث إبتدأ بعد الطوفان الذي يشير فيه
الفلك للمسيح الذي سوف ينقذنا من الموت القادم علي العالم أجمع والحكومات تشير لملك المسيح .ثم فى تدبير الوعد
حيث أن النسل الموعود له بالبركة من إبراھيم ھو المسيح الذي ظھر إلبراھيم فى رمز "كبش ....ممسكا فى الغابة
بقرنيه .فذھب إبراھيم وأخذ الكبش وأصعده محرقة عوضا عن إبنه إسحق" )تك (13 :22حيث يرمز ھذا الكبش
للذبيح الوحيد البديل عن البشر جميعاً ،ثم بالطبع تدبير الناموس الذي به قدمت ماليين بل قل مليارات الذبائح علي مر
األجيال فى إنتظار مجئ "حمل "9ثم فى تدبير نعمة 9أو ملء الزمان حيث المسيح بنفسه قد جاء لعالمنا "والكلمة
صار جسدا وحل بيننا ورأينا مجده مجدا كما لوحيد من اآلب مملوءاً نعمة وحقا" )يو (14 :1وبالطبع تدبير الملك أو
ملء األزمنة حيث المسيح ھو الملك أو قل "ملك الملوك ورب األرباب" )1تي(15 :6
إذن فمحور كل التدابير بما فيھا الناموس ھو شخص وحيد واحد فريد عجيب قال عن نفسه "انا ھو الطريق والحق
والحياة .ليس احد يأتي الى اآلب اال بي" )يو (6 :14وھو الطريق الوحيد للوصول لشركة مع اآلب .وھو الطريق
الوحيد للبر أو للحصول علي رضي 9وھو الطريق الوحيد للغفران.
مثال كتابي
لقد وقع مؤمنى غالطية فى ھذه المشكلة ،فبعد أن آمنوا بالمسيح وقبلوا الروح القدس ونالوا الخالص والغفران .وبعد
أن فارقھم بولس الرسول جاء لغالطية معلمون كذبة ،ينتمون لليھودية ،وأقنعوا الغالطيين أنه البد من حفظ ممارسات
ووصايا الناموس لكي يكونوا كاملين امام .9وإقتنع الغال طيون بھذا وصاروا يضيفون لعمل المسيح علي الصليب
ولنعمة 9التي قبلوھا باإليمان أشياء يمارسونھا لكي يكونوا فى وضع صحيح أمام .9ولكي يكونوا كاملين فى عينيه.
لھذا بدأ بولس الرسول يذكرھم بشيئين
أوال :نعمة ﷲ
فھو يؤكد لھم أنھم بإضافتھم ألشياء بجانب نعمة 9ھم بھذا ينتقلون "عن الذي دعاھم بنعمة المسيح إلي
إنجيل آخر" )غل (6 :1فإن نعمة 9اليضاف لھا شيئا لكي يقبل اإلنسان لدي .9فالنعمة ھي كما نعلم "عطية
عظيمة مجانية لشخص اليستحقھا" وھي تختلف عن األجرة .٢فالنعمة واألجرة اليتقابال واليتفقا أبداً .فاألجرة
ھي عائد منصوص عليه فى عقد عمل بين طرفين .فوجود أجرة يعنى أنه ھناك عقد قانوني أو قل ناموس بين
طرفين ،يقوم فيه الموظف بعمل ما عليه من واجبات وعندھا يقوم صاحب العمل بدفع المقابل لذلك عند طريق
األجرة .وأي إضافة لمجھودات اإلنسان إلي نعمة 9للحصول علي الحياة األدبية يجعل الحياة األبدية ليست
نعمة بل أجرة خاضعة لقانون أو قل ناموس .وبالطبع المجال للقول بأننا يمكن الحصول علي الحياة األبدية عن
طريق إستحقاقنا الخاص أي بما نفعله ،كأجرة .فلو كان رجائنا فى الحياة األبدية مسنودا ولو بنسبة بسيطة جدا
حتى واحد بالمائة علي مانقوم به من مجھودات لما نال أحد الحياة األبدية أبداً .فعمل الصليب مستند علي قيمة
الشخص الذي قام به ،وھو المسيح إبن 9الوحيد الذي قيمته كشخص ھو قيمة النھائية أو غير محدودة .وفي
علم الرياضيات فإن واحد بالمائة من أي قيمة النھائة أوغير محدودة يظل أيضا قيمة غير محدودة أي النھائية.
ومن ذا الذي يستطيع أن يدعي أن قيمة عمله وإنجازاته الروحية وممارسته تصل إلي حتى واحد من المائة
من عمل المسيح .لو إقتنع شخص بھذا األمر سيكون ھذا ھو التجديف عينه .إذ يكون قد حسب نفسه %١إلھا ً.
وإذا جمعنا مائة من ھذا الشخص يكون مجموعھم ھو ،9 %١٠٠أي نكون قد وجدنا فيھم مجتمعين إلھا ً آخر
غير .9
ونكون بھذا قد وضعنا حدودا Jإذ قلنا أنه من الممكن أن يتكون من مائة شخص .أو حتي قل مئة ألف
شخص ،أو حتي مليار شخص .كل ھذه كميات محدودة وحاشا Jأن يكون محدوداً.
ويقول الرسول أن التحول عن نعمة 9ھو رفض إلنجيل المسيح وقبول إنجيل آخر ،وھو ليس إنجيالً آخر ًا
حيث أنه بدون نعمة 9لن يكون اإلنجيل إنجيالً أي بشارة مفرحة بل يصير اإلنجيل ناموسا ً "ألن الناموس
بموسي أعطي أما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا" )يو (١٧ :1فيقول "ليس ھو )إنجيالً( آخر غير انه
يحولوا انجيل المسيح )إلي ناموس(" ) غل (7 :1ألن الرسول يري أن يوجد قوم يزعجونكم ويريدون ان ّ
إدخال اعمال ناموسية بجانب النعمة للحصول علي البر سوف يبطل النعمة أي يجعلھا ليست نعمة ،وأيضا ً يجعل
أن المسيح مات بالسبب "لست ابطل نعمة .6النه ان كان بالناموس بر فالمسيح اذا مات بال سبب" )غل:2
.(21ألنه "ان كان بالنعمة فليس بعد باالعمال .وإال فليست النعمة بعد نعمة .وان كان باالعمال فليس بعد
نعمة .وإال فالعمل ال يكون بعد عمال) ".رو (6 :11فلن تكون النعمة نعمة إن أضيف لھا عمل ولن يكون العمل
عمل إن أضيفت له النعمة .فالنعمة واألعمال كمبدأين للتعامل مع 9وللحصول علي الحياة األبدية اليجتمعا أبدا
ألنه متعارضين مع بعضھم البعض ولن يتقابال.
والذين يريدون أن يتبرروا بأعمالھم بجوار النعمة ،قد فقدوا أھم مبدأ فى التعامل مع 9وھو النعمة إذ قد
أبطلوھا .وقد تمردوا علي المسيح .فإن اإلعتماد علي نفسي بجانب اإلعتماد علي المسيح ولو بنسبة بسيطة جد ًا
ھو تبطل أي تمرد علي المسيح" .قد تبطلتم عن المسيح ايھا الذين تتبررون بالناموس .سقطتم من النعمة "
) غل .(4 :5والسقوط من النعمة يجعلنى رغم أن 9راض عنى ألني شخص مؤمن ،فإننى أكون أنا نفسي قد
سقطت من النعمة ولست متمتعا ً بالراحة وال السالم وال البر .وأكون أنا نفسي مستعبداً للناموس رغم أن المسيح
قد "إفتدي الذين تحت الناموس لننال التبنى" )غل (5 :4وأظل غير متمتعا ً بالبنوية بالرغم من أني قد حصلت
عليھا.
٢إن 9سيتعامل معنا أيضا ً بمبدأ األجرة ولكن ليس فى مجال الخالص والحصول علي الحياة األبدية .فالخادم سينال أجرة عما فعله ھنا
علي األرض .وسنقف يوما ما امام كرسي المسيح ليعطينا مكافآت وأكاليل تبعا ً لما قمنا به من خدمات تمجد إسمه ھنا علي األرض .ولكن إن لم
يقم أحد بأعمال تصلح ألن تكافأ سيخلص بالرغم من ذلك ولكنه سيكون كم نجا من حريق شب فى بيته فنجا ھو وحده ولم ينقذ من أثاث بيته
شيئا ً وال من أمواله أي منھا" .فانه ال يستطيع احد ان يضع اساسا آخر غير الذي وضع الذي ھو يسوع المسيح .ولكن ان كان احد يبني على
ھذا االساس ذھبا فضة حجارة كريمة خشبا عشبا قشا فعمل كل واحد سيصير ظاھرا الن اليوم سيبيّنه.النه بنار يستعلن وستمتحن النار عمل
كل واحد ما ھو .ان بقي عمل احد قد بناه عليه فسيأخذ اجرة .ان احترق عمل احد فسيخسر واما ھو فسيخلص ولكن كما بنار" )١كو-١١ :٣
(١٥
ويعنف بولس الرسول كل من يريد أن يخلط األعمال بالنعمة قائالً "أيھا الغالطيون األغبياء من رقاكم حتى
التذعنوا للحق" )غل (1 :3إن خلط النعمة باألعمال ٣فى نظر 9ليس فقط قلة فھم أو عدم فھم أو تأخر فى
الفھم بل ھو غباء.
ثانيا ً :اإليمان
فكما رأينا من قبل كانت الخطية األولي فى الجنة ھي خطية عدم إيمان أو عدم تصديق لكالم .9وكل
ماكان يطلبه 9من الناس عل مر األزمان ھو اإليمان .فنري أنه "باإليمان قدم ھابيل 7ذبيحة أفضل من
قايين" ) عب (4 :11وبھا بإيمانه نال نعمة البر بناء علي اإليمان" .فيه )في اإليمان( شھد له أنه بار إذ شھد
6لقرابينه" ) عب (4 :11فا Jإذ قبل ذبيحة ھابيل ،شھد أنھا ھي الطريق الوحيد للخالص ،فذبيحته تشير
لذبيحة المسيح .وشھد 9أيضا له أنه بار إذ نال البر باإليمان بأن الطريق لإلقتراب Jھو الذبيحة.
ونال أخنوخ رضي 9عن طريق اإليمان ألنه "باإليمان نقل أخنوخ لكي اليري الموت ....إذ قبل نقله
شھد له أنه قد أرضي .6ولكن بدون إيمان اليمكن إرضاؤه" )عب (6-5 :11وبنفس الطريقة صار نوح
"وارثا للبر الذي حسب اإليمان" )عب (7 :11وبعد ذلك "آمن إبراھيم با 7فحسب له برا" )يع(23 :2
وھكذا كان ھذا ھو طريق البر من األزل وسيظل ھكذا لألبد.
وكما رأينا فى قايين ،يتعارض مبدأ األعمال مع مبدأ اإليمان .أي يتعارض الناموس مع اإليمان .ويؤكد
بولس الرسول للغالطيين أنه إن كان ھناك أحد البد له من اإللتزام باألعمال التي فى الناموس لكي يتبرر فأولي
البشر بذلك ھم اليھود "نحن بالطبيعة يھود ولسنا من االمم خطاة .اذ نعلم ان االنسان ال يتبرر باعمال الناموس
بل بايمان يسوع المسيح آم ّنا نحن ايضا بيسوع المسيح لنتبرر بايمان يسوع ال باعمال الناموس .النه باعمال
الناموس ال يتبرر جسد ما) ".غل .(16-15 :2فاليھود كانوا يعبدون 9وليس كاألمم الخطاة أي الذين يعبدون
األوثان وقد أخذ اليھود الناموس وصار عھدا بينھم وبين .9ولكن صار إليھم العلم ان الناموس اليبرر بل
اإليمان بيسوع المسيح فتركو الناموس وآمنوا بالمسيح.
ويعود يقول أن عالقته بالناموس قد إنتھت إذ انه فى الصليب يؤمن انه مات مع المسيح والقانون اليسود
علي األموات .فبالموت تسقط جميع التھم واليستطيع أي قانون أن يطالب شخص ميت بتميم وصايا ما" .ألني
مت بالناموس للناموس ألحيا ) "7غل (19 :2أي أننى حكم علي بالموت بواسطة الناموس ونفذ الحكم فى
المسيح ،لذا بالنسبة للناموس أنا مت .إذن اليعود الناموس يسود علي واليستطيع أن يطالبنى بأي شيئ .وإن كنت
نظير ھذه العطية العظيمة أصبحت أريد أن أحيا ،Jليس ألجل أن أحصل علي الحياة ولكن ألني مت وقمت
حاصال بالفعل علي الحياة التي يجب أن أحياھا .Jليس خوفا من الموت ألن الخوف ينشئ عبودية ،ألن المسيح
مات لكي "يعتق أولئك الذين خوفا من الموت كانوا جميعا كل حياتھم تحت العبودية" )عب (15 :2بل ألننى
قد مت بالفعل ،وأنا أؤمن بذلك فالمجال الن أخاف ألن الحكم قد نفذ بالفعل بخصوصي فى المسيح.
إذن أنا "مع المسيح صلبت ،فأحيا ال أنا بل المسيح يحيا في ،فما أحياه اآلن فى الجسد ،فإنما أحياه فى
اإليمان ،إيمان إبن 6الذي أحبنى وأسلم نفسه ألجلي" )غل (20 :2فقد صلبت ومت وحصلت علي الحياة،
ليست حياة خاصة بي أنا يمكننى أن أفقدھا مثلما فعل آدم فى السقوط ،ال بل ھو المسيح نفسه يحيا في .فنحن
٣إن األعمال مطلوبة علي نحو ما بالطبع من المؤمن ولكن ليس فى مجال الحصول علي التبرير .بل في مجال الشھادة .فلكي يثبت الشاھد مايقوله عن
اإليمان والبر الذي ناله من 9عن طريق اإليمان البد له من أعمال .فاإليمان الحقيقي البد ان يكون مثمراً وإال يكون إيمانا ً مزيفا ً .فيقول يعقوب الرسول أن
"ھكذا اإليمان إن لم يكن له أعمال ميت في ذاته" )يع (١٧ :٢أي أن اإليمان الحي الحقيقي الذي يخلص ھو اإليمان الذي له أعمال .أي إيمان عامل .فھو
اليضيف األعمال إلي اإليمان ولكنه يفرق بين اإليمان العقلي البحت الذي فى الفكر كإقتناع وھو ميت وبين اإليمان الحقيقي الحي الذي فى القلب والذي يدل
علي حقيقته أعمال إيمانية مصاحبه له .وقد قال أيضا ان " ألم يتبرر ابراھيم ابونا باالعمال اذ قدم اسحق ابنه على المذبح" )يع (٢١ :٢ولكنه يعود فيقول "وتم
الكتاب القائل فآمن ابراھيم با Jفحسب له برا" ) يع (٢٣ :٢ولكننا بالعودة لسفر التكوين نجد أن 9قد حسب إلبراھيم البر لما وعده بالنسل "وقال له ھكذا
يكون نسلك .فآمن بالرب فحسبه له برا) ".تك (٦-٥ :١٥أي قبل حوالي خمسة وعشرون سنة من تقديم إسحق .أي أن اإليمان حسب له قبل حادثة تقديم إسحق
بخمسة وعشرون سنة وأما حادثة تقديم إسحق فتمت كعمل إيمان يثبت البر الذي حصل عليه إبراھيم من خمسة وعشرون سنة.
"عالمين أن المسيح بعدما أقيم من األموات ،اليموت أيضا .اليسود عليه الموت بعد ....كذلك إنتم ايضا
أحسبوا أمواتا عن الخطية ولكن أحياء 7بالمسيح يسوع ربنا" )رو (11-9 :6فالبد لي من أن أؤمن أننى كما
أن المسيح مات وقام ،ھكذا أنا أيضا قد مت عن الخطية الساكنة فى الطبيعة العتيقة .فإنقطعت صلتي بھا
وبالناموس إذ أن الطبيعة العتيقة ھي التي وضع ألجلھا الناموس .فمھما طالبھا الناموس بمطاليب فھذا ليس له
سلطان علي ،الننى اليجب أن أسلك بھا مرة أخري ألنني اآلن حي Jفي المسيح فأخذت حياته األبدية التي
اليمكن أن تفقد .فكما أن المسيح اليسود عليه الموت بعد كذلك نحن أيضا التسود علينا الخطية بعد ألننا أحياء
فى المسيح .Jوھذه األمور تقبل وتعاش فى الحياة باإليمان.
ويتساءل الرسول فيقول للغالطيين مستنكرا" :اريد ان اتع ّلم منكم ھذا فقط أباعمال الناموس اخذتم الروح
ام بخبر االيمان .أھكذا انتم اغبياء .أبعد ما أبتدأتم بالروح ُت َّك َمل ُون )تحصلون علي الكمال( اآلن بالجسد )الذات
– الطبيعة العتيقة(" )غل (3-2 :3فھو يستنكر ويسألھم علي أي أساس أخذتم الروح القدس؟ ھل علي أساس
الناموس بأعماله؟ أم علي أساس اإليمان بالمسيح؟ واإلجابة بالطبع ھو أنھم نالوا الروح القدس بواسطة اإليمان.
والروح القدس ھو حياة .9ويعود ويستنكر مرة أخري ،ھل من إبتدأ بأن أخذ الروح القدس ،أي أخذ حياة 9
التي فى المسيح يسوع بواسطة اإليمان ،ھل ھذا الشخص له يبحث عن أن يكون كامال أمام 9بواسطة الجسد؟
أي بواسطة الطبيعة العتيقة إذ تسمي جسد فى الكتاب المقدس؟ ھل يمكن لطبيعة عتيقة ميته أن تضيف بأعمالھا
شيئا ً لطبيعة جديدة مدعمة بحياة 9بالروح القدس؟ ھل من أخذ حياة 9يعود يبحث عن كمال وحياة فى الطبيعة
الفاسدة الموروثة من آدم؟ بالطبع ال .بل إنه يقول لھم إذ قاموا بھذا األمر ،أھكذا أنتم أغبياء؟
وھنا يتسائل الغالطيون ومن قبلھم اليھود :إذن "لماذا الناموس؟" )غل .(19 :3وھو سؤال منطقي جداً .إن كان "ليس
أحد يتبرر بالناموس عند ) "6غل (11 :3فلماذا إذن أعطي 9الناموس؟ ويعود ويعطيھم مجموعة من األسباب:
فالناموس "زيد بسبب التعديات" )غل (19 :3أي أدخل مضافا بسبب التعديات علي وصايا .9أي بسبب
الخطايا .فالناموس "دخل لكي تكثر الخطية" )رو (20 :5فبدخول الناموس وضحت كل الخطايا .ألن مقاييس
الضمير وإن كانت تؤدي إلكتشاف الخطية أيضا ً كالناموس لكنھا قاصرة عن أن تكشف كل الخطايا .فالناموس
وضح مقاييس 9بصورة جيدة مما أدي ألن تكثر الخطية فى عيني البشر ،إذ أصبحوا أكثر قدرة علي
مالحظتھا.
وأيضا يكشف الناموس عن فساد اإلنسان ألن الطبيعة المتمردة الموروثة من آدم لذتھا في رفض طرق .9
وكما نعلم جميعا ً أن "الممنوع مرغوب" وذلك بسبب التمرد الدفين .فكثرة الممنوعات فى الناموس قد ايضاً
أكثرت الخطية ،مما كشف فساد اإلنسان أكثر وأكثر .ألن "الخطية )الساكنة فى الطبيعة البشرية الفاسدة( وھي
متخذه فرصة بالوصية )الناموس( أنشأت في كل شھوة .ألن بدون الناموس الخطية ميتة" )رو .(8 :7وھنا
نجد أن الناموس ،مع أنه مقدس وصالح وعادل ،يجعل الخطية )أي الطبيعة المتمردة الملوثة بالخطية( تنشئ في
كل شھوة ألنھا تحب أن تتمرد علي وصايا .9فبدون الناموس الخطية ضعيفة فى تأثيرھا أو ميتة .ولكنھا
موجودة بداخلي ،لذا فالناموس كشف مقدار فساد الخطية الساكنة في ومقدار إنحطاط البشر "لكي تظھر الخطية
)الفساد الداخلي( خاطئة جداً )أي اليمكن إصالحه( بالوصية )بالناموس(" )رو(13 :7
يؤدي الناموس إلي ان يصير الناس جميعا تحت الخطية وحكم الموت محبوسين أو مغلق عليھم ،ويظلوا
جميعا محتاجين ومنتظرين منقذاً أي المسيح" .لكن الكتاب اغلق على الكل تحت الخطية ليعطي الموعد من
ايمان يسوع المسيح للذين يؤمنون) ".غل (22 :3ولكن أيضا يصير الجميع منتظرين تحقق الوعد بالبركة
إلبراھيم بدون الناموس بل بالموعد .ألن إبراھيم أخذ الوعد بالبركة قبل نزول الناموس بنحو أربعمائة سنة .
وكانت البركة علي أساس إيمان إبراھيم بقدرة 9علي إعطاءه نسالً .فأغلق الكتاب بالناموس علي كل البشر
وصاروا محبوسين منتظرين تحقيق الوعد باإليمان ،اإليمان بيسوع المسيح" .ولكن قبلما جاء االيمان كنا
محروسين تحت الناموس مغلقا علينا الى االيمان العتيد ان يعلن) ".غل (23 :3فقد كان إبراھيم مؤمنا وكان
ھناك الكثير من المؤمنين فى العھد القديم ولكن كان اإليمان بالمسيح لم يعلن بعد.
"اذا قد كان الناموس مؤدبنا الى المسيح لكي نتبرر بااليمان) ".غل (24 :3أي أن الناموس كان وسيلة
تدريبية تقنع الجميع بحاجتھم للتبرير باإليمان بالمسيح .وقد كان عند الرومان ھناك وظيفة تعطي لعبد من البيت
موثوق في ثقة عظيمة ھي وظيفة "المؤدب" وھو يقوم بمالحظة األطفال وتقويم سلوكھم وتعليمھم وتدريبھم
وبعض الترجمات اإلنجليزية تترجم نفس الكلمة " "Schoolmasterأي ناظر مدرسة .فكأنما كنا فى مدرسة
الناموس نتعلم عدم نفعنا وفسادنا وإحتياجنا للمخلص والخالص باإليمان بالوعد وليس بتنفيذ الناموس إلي أن
يأتي اإليمان بالمسيح فنتخرج من تلك المدرسة" .ولكن بعد ما جاء االيمان لسنا بعد تحت مؤدب" )غل. (24 :3
فليس ھناك نفع للناموس بعد اآلن ،فبعد اإليمان بالمسيح ال حاجة للمؤدب .
إذن كما قال الرسول "أني لست بال نامو س ،7بل تحت ناموس للمسيح" )1كو .(21 :9فالمسيحي الحقيقي قد وضع
نفسه تحت مبادئ معلمه وسيده ليعيش بھا أي وضع نفسه تحت نير المسيح الذي أوصي أحبائه "إحملوا نيري عليك
وتعلموا منى ألننى وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم ألن نيري ھين وحملي خفيف" )مت(29-28 :11
فالمسيحي الحقيقي وإن كان قد تحرر من الناموس كواسطة للحصول علي التبرير والحياة بواسطة مجھودات وأعمال
اإلنسان فھذا من ناحية ،ولكن من الناحية األخري ھو ملتزم إلتزام أدبي أمام 9أن يحيا حياة مثل المسيح تماما ً .فھو
يحمل نير المسيح وھو نير ھين ألنه يشارك المسيح فى الحمل .فالمسيح رفيق شخصي له فى ھذه النوعية من الحياة ،فھو
يعيش فى الطاعة نتيجة حبه للمسيح وليس سعيا للحصول علي البر والحياة األبدية فقد قال السيد له المجد" :إن كنتم
تحبوننى فأحفظوا وصاياي" )يو (15 :14وأيضا ً "الذي عنده وصاياي ويحفظھا فھو الذي يحبنى والذي يحبنى يحبه
أبي وأنا أحبه وأظھر له ذاتي" )يو (21 :14وألن الطاعة وحفظ الوصايا يجعال المؤمن مقيما بصورة دائمة فى شركة
حية وممتعة مع الرب .بل ويجعال الرب يظھر له ذاته وھو شيئ غال جدا عند المسيحي الحقيقي.
ولكن الضرر كل الضرر ھو أن يظل المسيحي معتمدا علي أعمال البر فى الحصول علي التبرير والقبول أمام .9
ألن ھذا ضد الحق وضد مقاصد 9بل وأيضاً إھانة لصليب المسيح وإبطال لنعمة " .9لست ابطل نعمة .6النه ان
كان بالناموس بر فالمسيح اذا مات بال سبب" )غل (21 :2ونالحظ أن الرسول لم يقل إن كان بالناموس "البر" ولكنه
قال إن كان بالناموس بر ،بدون تعريف باأللف والالم ،أي لو كان بالناموس أي بر .فھو ينفي ھنا أن أعمال اإلنسان
تستطيع أن تعطيه أي مقدار من البر ،فأعمالي التستطيع أبداً أن تعطيني ولو قدر قليل جداً من البر "الن جميع الذين ھم
من اعمال الناموس ھم تحت لعنة" )غل (10 :3فعمل اإلنسان ناقص دائما ً أبد ًا .وأي عمل بر إنساني بكل تأكيد به ولو
شوائب بسيطة جداً ولكنھا تفسد ھذا العمل وتجعل 9اليقبله كواسطة للبر .ونحن نري ھذا المبدأ فى إختيار الذبائح التي
تشير للمسيح .فكان ينبغي للذبيحة أن تكون بالعيب تماما ً مثل المسيح .فا Jلن يقبل أمامه أي شيئ أقل من المسيح وكمال
المسيح .ألنه اليتوافق مع قداسة 9سوي .9لذا فكل ما أصنعه ال يمكن أبداً أن يكون أساسا ً ولو بسيطا ً للقبول أمام .9
وكأن الرسول ھنا سبق ورأي ماسيحدث من محاوالت لإلنسان بتبرير نفسه ولو بدرجة بسيطة جداً عن طريق أعماله.
أي أن يظن اإلنسان أن التبرير في عيني 9ھو بر المسيح علي الصليب مضافا إليه شيئا ً قليالً من البر العملي فى الحياة .
فھذه معادلة حسابية خاطئة.
ولكن يسأل سائل :أليس من األفضل أن نخاف قليالً ونري أن أعمالنا مھمة
للتبرير؟ ألن يجعلنا ھذا األمر نسلك بصورة أفضل ونجاھد حتى نحصل علي
البر؟ أليس قليال ً من الخوف يصلح الحياة الروحية الفاترة كثيراً في ھذه االيام؟
والحقيقة أنه علي العكس تماما ً" .لكن الخطية وھي متخذة فرصة بالوصية انشأت في كل شھوة .الن بدون
الناموس الخطية ميتة" )رو (8 :7أي أن مبدأ التبرير عن طريق تتميم الوصايا ھو فرصة للخطية التي في
لكي تنشئ في كل شھوة .فبداخلي إنسان معاد ،Jساكنة فيه الخطية .وھي حالة من اإلستقالل عن 9واإلعتداد
بالذات .ھذه الخطية الساكنة في تستغل الوصية فى أن تنشئ في كل شھوة .فمبدأ التبرير عن طريق أعمال
اإلنسان يضع اإلنسان تحت عبودية مريرة للشھوات .فمبدأ الناموس أي أكون متبرراً عن طريق أعمالي أمام 9
يجعل الخطية الساكنة في تحيا أي تصير عاملة وتأخذ فرصة .ألن الطبيعة الفاسدة الملوثة بالخطية تريد أن
تكون نداً Jفھي تبدأ بالعمل لكي تثبت أنھا جيده وأنھا تستطيع أن تفعل البر لكي تحصل علي الحياة .وھكذا
يكون نفس المبدأ الذي للحياة ھو ھو الذي للموت كما قال الرسول "فوجدت الوصية التي للحياة ھي نفسھا لي
للموت" )رو .(10 :7ألن ھذه الطبيعة متمردة أصالً بطبعھا ولن تصنع البر بل ھي مستعبدة للخطية رغم أنھا
تظن أنھا قادرة علي التحرر منھا .وكلما أعطيھا فرصة أكثر إلثبات نفسھا وكلما أتمحور حول نفسي أكثر
وحول أعمالي أكثر وحول حياتى الروحية وأين أنا فيھا أكثر كلما أتمركز حول ذاتي بشكل أكثر وفي كل ھذا
يخرج المسيح وعمله من المشھد رويداً رويداً وأحتل أنا المشھد وأحاول أن أثبت أننى قادر علي عمل الخير
ونوال البر .وأجد نفسي مستعبداً أكثر وأكثر.
ويؤكد الرسول علي ھذا المبدأ أنه عند اإليمان بأن التبرير ھو بالنعمة فقط وقتھا لن نستعبد للخطية إذ يقول
"فان الخطية لن تسودكم النكم لستم تحت الناموس بل تحت النعمة" )رو (14 :6نعم الخطية لن تسودنا إن
تأكدنا أننا مبررون بالنعمة فقط وليس عن طريق أعمال بر ناموسية .أليس ھذا ضد الفكر البشري الطبيعي؟ نعم .
إن الفكر البشري الطبيعي يري أنه إن خاف شخصا من قانون ما عندھا سيكون اكثر إلتزاما به .ولكن عالم
الروح وفكر 9من جھة الخالص مختلف تماما ً .وينبغي لنا أن نري األمور من وجھة نظر 9وليس من وجھة
نظر اإلنسان الطبيعي 9 .يقول أننا عندما نسقط من حساباتنا مبدأ التبرير عن طريق تتميم الفرائض والطقوس
والوصايا والممارسات أيا كانت ،ونضع فى حساباتنا أن التبرير ھو بالنعمة فقط ،عندھا لن تسودنا الخطية ولن
نستعبد لھا" .ليكن كل إنسان كاذبا ً وأما 6فصادقا ً" )رو (4 :3نعم آمين 9 .صادق فيما يقول .فمبدأ التبرير
بأعمال ما يجعلنا عبيد للخطية إذ يكمل الرسول بولس شرحه قائالً" :فشكرا 7انكم كنتم عبيدا للخطية ولكنكم
اطعتم من القلب صورة التعليم التي تسلمتموھا .واذ أعتقتم من الخطية صرتم عبيدا للبر" )رو (17 :6نعم
فتحت الناموس سادت علينا الخطية وكنا مستعبدين لھا .ولكن إطاعة التعليم ،تعليم العھد الجديد ،إنجيل "نعمة
) "6تي (11 :2الذي نادي به بولس الرسول ،أعتقنا من الخطية أي حررنا منھا وجعلنا عبيداً للبر .ياله من
أمر مجيد .أال تؤمن ياأخي بنعمة ،9لو تحررت من فكرة الناموس تماماً وصرت مؤمنا ً بالكامل بمبدأ النعمة
ستكون عبداً للبر .كم أرھقتك الخطية فى عبودية مرة؟ أالتريد أن تكون في عبودية ولكن للبر؟ يستطيع الرب ان
يفعل بك ھذا األمر أن تجد نفسك مستعبداً ولكن ياللعجب مستعبداً للبر .التستطيع سوي عمل البر .وتكون
الخطية بالنسبة لك شيئا ً عارضا ً .أتريد ھذا األمر؟ أسمع صوتك فى أذني يقول نعم نعم نعم أريد .إذن أسقط من
حساباتك مبدأ الناموس وعش بمبدأ النعمة.
ومن العجيب أيضا ً أن مبدأ "النعمة فقط" له تأثير غريب علي اإلنسان فيتسائل الرسول "فماذا إذا؟ أنخطئ
ألننا لسنا تحت الناموس بل تحت النعمة؟ حاشا" )رو (15 :6فرغم أن النعمة ھي الحصول علي البر بالمجان
دون أعمال ،فھي تجعل اإلنسان يكره الخطية ويبتعد عنھا .فقول الرسول حاشا يدل علي أنه لن يحدث ھذا األمر
أبداً ،لن نعيش فى الخطية مادمنا تحت النعمة بل يقول أيضا ً "النه قد ظھرت نعمة 6المخ ّلصة لجميع الناس،
مع ّلمة ايانا ان ننكر الفجور والشھوات العالمية ونعيش بالتعقل والبر والتقوى في العالم الحاضر" )تي(11 :2
فالنعمة تعلمنا أن ننكر الخطايا .والحظ أنه لم يقل تأمرنا ،أو تشدد علينا بل معلمة إيانا .وھي تعلمنا ألنه ھذا ھو
طبعھا .فنوال نعمة عظيمة من 9عن طريق موت المسيح "الذي أحبنى وأسلم نفسه الجلي" )غل(20 :2
يجعل قلبي ينكر الخطايا ويتحرر منھا ويعيش .Jفالغفران المجاني بالنعمة يسبي القلب حبا ً للمسيح ويجعله
يسعي لعمل وصاياه بحب وليس خوفا من عقوبة أو طمعا ً فى مكافأة.
ويعود أيضاً فيشير إلي أنه كان الناموس يجعلنى عبد ًا للخطية والموت ولكن بسكنى الروح القدس في
باإليمان كنعمة مجانية قد أعتقت من الخطية "الن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد اعتقني من
ناموس الخطية والموت .النه ما كان الناموس عاجزا عنه في ما كان ضعيفا بالجسد فا 7اذ ارسل ابنه في
شبه جسد الخطية والجل الخطية دان الخطية في الجسد" )رو (3-2 :8فالناموس كان عاجزاً وضعيفا ً عن أن
يحرر اإلنسان بل علي العكس فالناموس أعطي الخطية الفرصة لكي تستعبد اإلنسان ألن "قوة الخطية ھي
الناموس" )1كو (56 :15أي أن الخطية تستمد قوتھا من مبدأ التبرير علي أساس األعمال .فإسقاط ھذا المبدأ
من حساباتي يجعلنى أتحرر من عبودية الخطية إذ تفقد الخطية قوتھا.
أخي ألم يحن الوقت لكي تصدق ﷲ كل التصديق وتحيا باإليمان بالنعمة أمامه؟ ألم يحن الوقت لكي
تنكر أي بر ذاتي لك فى عيني نفسك؟ ألم يحن الوقت أن تتضع بالكامل وتنسحق تماما ً أمام ﷲ وتعلن
أنك لن تجد فى نفسك أي رجاء يعتمد عليه وتتكل بالكامل علي نعمة ﷲ؟ إنه وقت تحرير الفكر من
أفكار اإلنسان الطبيعي الذي يريد أن يثبت نفسه .إنه وقت النعمة واإليمان .أترك من قلبك كل رجاء لك
فى نفسك وإلقي رجائك بالتمام علي النعمة التي يؤتي بھا إليك عند إستعالن يسوع المسيح .ألن
الناموس لم يأتي من المسيح بل النعمة والحق بيسوع المسيح صارا ،ذاك الذي أعطانا بقبولنا إياه أن
نكون أوالد ﷲ أي المؤمنون بإسمه .وله كل المجد .آمين