You are on page 1of 13

‫الـنـامـــــــوس‬

‫وكيف نتعامل معه‪.....‬‬

‫ما ھو الناموس؟‬
‫معني كلمة ناموس سواء فى اللغة العبرية תּרה أو תּורה ‪ tôrâh‬وتنطق كما نعرفھا توراه‪ ،‬أو اليونانية ‪νόµος‬‬
‫‪ nomos‬وتنطق نوموس‪ ،‬ھو "قانون"‪ .‬وھي تستخدم للداللة علي معاني القانون أو التعليمات أو المبادئ سواء كانت‬
‫بشرية أم إلھية‪ .‬وماھو القانون‪ ،‬ھو معاھدة أو تعاقد بين الفرد والمجتمع أو بين الفرد والحكومة‪ .‬وينص القانون علي كل‬
‫من واجبات الفرد تجاه الطرف اآلخر من التعاقد القانوني وحقوق الفرد التي علي الطرف اآلخر أن يوفيھا‪ .‬فالقانون ھو‬
‫تعاھد رسمي أو عھد أو مبادئ تحكم وتننظم العالقة بين طرفي العھد‪.‬‬

‫الناموس من الوجھة التاريخية‬


‫وظھر أول ناموس فى الجنة فى وصية واحدة‪ ،‬وھي وصية واحدة مطلوبا ً من اإلنسان أن يحفظھا حيث "اوصى‬
‫الرب االله آدم قائال من جميع شجر الجنة تأكل اكال‪ .‬واما شجرة معرفة الخير والشر فال تأكل منھا‪ .‬النك يوم تأكل منھا‬
‫موتا تموت‪) ".‬تك‪(17-16 :2‬‬

‫فالقانون أو المعاھدة التي كانت تحكم عالقة ‪ 9‬واإلنسان ھي‪ ،‬أنه من حق اإلنسان أن يأكل أكال من جميع شجر‬
‫الجنة‪ .‬ومن واجباته عدم األكل من شجرة معرفة الخير والشر‪ ،‬وھناك عائدا من االكل أال وھو الموت‪.‬‬

‫ولم يكن ھناك واجب ما يؤديه اإلنسان للحصول علي الحياة ألنه كان يحيا حياة إنسانية بريئة بالفعل ومستمدة من‬
‫نفخة ‪ 9‬حيث أنه "نفخ فى أنفه نسمة حياة" )تك‪ ، (7 :2‬ولكي يحافظ علي حياته كان كل ماعليه أن اليأكل من شجرة‬
‫معرفة الخير والشر‪.‬‬

‫وكان أيضا ً ھناك "شجرة الحياة في وسط الجنة" )تك‪ .(9 :2‬ويتفق معظم الشراح أن األكل من ھذه الشجرة كان‬
‫يعطي اإلنسان حياة أبدية غير متغيرة وغير قابلة للموت‪ .‬حيث أن ‪ 9‬بعد السقوط صرح عنھا "ھوذا االنسان قد صار‬
‫كواحد منا عارفا الخير والشر‪ .‬واآلن لعله يمد يده ويأخذ من شجرة الحياة ايضا ويأكل ويحيا الى االبد‪) ".‬تك‪(22 :3‬‬
‫فيبدو أن آدم كان سيحصل علي حالة أبدية من الخطية التي اليمكن إزالتھا إن أكل من الشجرة بعد السقوط‪ ،‬وكان‬
‫سيحصل علي حالة أبدية من البراءة إن كان أكل منھا قبل السقوط‪ .‬ولكن الغريب أن ‪ 9‬لم ينصح آدم قبل السقوط قائالً‬
‫"وإن كنت تريد حياة أبدية فلتأكل من شجرة الحياة"‪ ،‬ولكن ذلك بالطبع له تفسيره الثمين حيث أن نصيحة مثل ھذه كانت‬
‫ستجعل الحياة األبدية بالنسبة آلدم يمكن الحصول عليھا نتيجة طاعته لوصية ناموسية تأمره باألكل وأما الحصول علي‬
‫الحياة األبدية نتيجة طاعة وصية ناموسية فليس في فكر ‪ 9‬علي اإلطالق‪ .‬إذ انھا ھبة مجانية بالنعمة باإليمان‪ .‬لذا فقد قال‬
‫‪ 9‬عنھا أنھا شجرة الحياة وتركھا آلدم ليقرر ھو إن كان يجب ان يأكل منھا أم ال‪ .‬فاإلنسان كما سنري فيما بعد يمكن أن‬
‫يھلك بالناموس ولكن اليمكن أن يحيا أبدا عن طريق ناموس ما‪.‬‬
‫علي أن اإلنسان فى ھذه الفترة كان يحكم عالقته با‪ J‬تدبير البراءة‪ .١‬أي أنه لم يكن فيه خطية بعد وكان كل ما عليه‬
‫أن يعيش مع ‪ 9‬ويتمتع بالشركة معه دون القرب من شجرة معرفة الخير والشر‪ .‬فكانت طبيعة اإلنسان لم تفسد بعد‬
‫وتتدنس بدخول الخطية‪.‬‬

‫ولكن ماھو السقوط؟ ھل ھو كسر لوصية ‪9‬؟ بالطبع ھو كذلك‪ .‬وليس كسر لوصية ‪ 9‬فقط لكنه شرا أعمق من‬
‫مجرد كسر ا لوصية‪ .‬لقد قال ‪ 9‬عن الشجرة "يوم تأكل منھا موتا تموت" )تك‪ (17 :2‬وقالت الحية "ال لن تموتا‪ ،‬بل‬
‫‪ 6‬عالم أنه يوم تأكالن منھا تصيران كا‪ 7‬عارفين الخير والشر" )تك‪ (5 ،4 :3‬وكان أمام اإلنسان إختيارين‪ ،‬االول ھو‬
‫الثقة فى ‪ 9‬وتصديق كالمه وتكذيب الحية‪ ،‬والثاني ھو تصديق الشيطان وتكذيب ‪ .9‬ويالھا من إھانة وجھھا اإلنسان ‪،J‬‬
‫لقد صدق اآلثيم الشرير الذي ليس فيه نور بل كله ظلمة‪ ،‬ولم يضع ثقته فى النور الحقيقي‪ ،‬وصار متشككاً فى دوافع ‪9‬‬
‫مصدر كل صالح وخير وصار بالنسبة لإلنسان "‪ 9‬كاذب" والشيطان صادق‪ .‬أي أن الخطية األصلية ھي عدم تصديق‬
‫‪ 9‬أو ھي "عدم اإليمان"‪.‬‬

‫وكان وعد الشيطان أن اإلنسان سيصير كا‪ ،J‬يحدد بنفسه الخير والشر‪ ،‬ولديه مقاييسه الخاصة ومستقال عن ‪.9‬‬

‫وحدث السقوط‪ ،‬وحدث ماكان منصوصا عليه فى المعاھدة او التعاقد أو ناموس البراءة فى الجنة‪ .‬ودخل الموت آلدم‬
‫وأوالده "كأنما بإنسان واحد دخلت الخطية إلي العالم وبالخطية الموت‪ ،‬وھكذا إجتاز الموت إلي جميع الناس" )رو‪: 5‬‬
‫‪ (12‬وصار اإلنسان ميتا موتا روحيا بإنفصال روحه عن ‪ 9‬وموتا أدبيا بالفساد األخالقي واإلجتماعي وموتا جسديا‬
‫حتميا حيث "وضع للناس ان يموتوا مرة" )عب‪(27 :9‬‬

‫بعد ذلك أظھر ‪ 9‬أن الطريق للتخلص من آثار الخطية ھو الذبيحة لما "صنع الرب اإلله آلدم وإمراءته أقمصة من‬
‫جلد وألبسھما" )تك‪ .(21 :3‬فالجلد البد أن يأتي من ذبيحة‪ .‬فأظھر ‪ 9‬بھذا أن طريق الخالص ھو "الموت البديل" آلخر‬
‫"برئ" بدال من اإلنسان‪ .‬مظھرا بذلك أن البر ھو بر مكتسب من ذبيح برئ يموت تنتقل خطايا اإلنسان إلي ھذا البرئ‬
‫فيموت تحت قضاء ‪ 9‬بسبب الخطايا الموضوعة عليه‪.‬‬

‫صار اإلنسان بعد ھذا تحت تدبير جديد أال وھو الضمير‪ .‬أي أن ‪ 9‬وضع فى ضمير كل إنسان ناموسا‪ .‬فأصبح‬
‫الناس "يظھرون عمل الناموس مكتوبا فى قلوبھم‪ ،‬شاھدا أيضا ضميرھم وأفكارھم فيما بينھا مشتكية أو محتجة"‬
‫)رو‪ (15 :2‬فرغم عدم نزول الناموس المكتوب بعد علي جبل سيناء‪ ،‬أصبح ضمير اإلنسان يشھد ضد تصرفاته‬
‫ويشتكي عليه ويحتج علي مايصنعه‪ .‬فالضمير ھو ذلك الصوت الداخلي الذي نعرفه جميعاً‪ ،‬الذي يتحدث لنا علي مدي‬
‫الطريق محتجاً علي سلوكياتنا‪ .‬وھذا الناموس الذي فى الضمير وظيفته ھي أن يقنع اإلنسان أن ‪ 9‬لديه مقاييس التنازل‬
‫عنھا‪ .‬فكل الشعوب لديھا ضمير‪ .‬وقد تختلف المقاييس ولكن الضمير يضع اإلنسان أمام معضلة أن ‪ 9‬بار وقدوس وأن‬
‫اإلنسان بعيد تماما عن مطاليب ‪ 9‬ومقاييسه‪" .‬فھؤالء إذ ليس لھم الناموس ھم ناموس ألنفسھم" )ر‪ (14 :2‬أي أنه‬
‫قبل نزول الناموس المكتوب لشعب إسرائيل كان ھناك ناموسا آخر مكتوبا فى ضمير كل إنسان يخبره عن مطاليب ‪.9‬‬

‫لھذا قرر قايين أن يقدم ‪ J‬لكي يسترضيه‪ ،‬وقرر ھابيل أيضا أن يفعل ھذا األمر‪ .‬وكان ھناك أيضا طريقان‪ .‬الطريق‬
‫األول ھو طريق قايين الذي "كان عامال فى األرض" )تك‪ (2 :4‬وكان يتعب بيديه ويعرق ويكد‪ .‬وأراد أن يصل ‪J‬‬
‫بمجھوداته وأن يسترضي ‪ 9‬بأعماله‪" .‬فقدم من أثمار األرض قربانا ً للرب" )تك‪ (3 :4‬وقدم ‪" J‬عمل يديه"‪ .‬وھكذا كان‬

‫‪١‬التدبير فى الكتاب المقدس ھو كلمة ‪ oikonomos οἰκονόµος‬باليونانية وتنطق أويكونومس‪ .‬ومعناھا األصلي ھو إدارة منزل‪ ،‬أو‬
‫وكالة علي منزل عندما يوكل شخص علي إدارة منزل‪ .‬وھي تشير لكيفية تعامل ‪ 9‬مع البشر‪ .‬أو الطريقة التي يقررھا لكي ينظم عالقته بھم‪.‬‬
‫وط ِرد من الجنة )تك‪ (٢) .(3،2‬بعد السقوط‬ ‫والتدابير فى الكتاب المقدس ھم سبعة‪ (١) ،‬تدبير البراءة في الجنة‪ :‬استمر إلى أن سقط اإلنسان ُ‬
‫ُ‬
‫جاء تدبير الضمير‪ ،‬عندما ترك ﷲ اإلنسان محكوماً بضميره فقط‪ ،‬واستمر األمر كذلك حتى فسدت األرض كلھا وأغرقت بالطوفان )تك‪.(٦-٤‬‬
‫)‪ (٣‬بعد ذلك جاء تدبير الحكومات‪ ،‬عندما رتب ﷲ بعد الطوفان أن يُح َكم اإلنسان بواسطة اإلنسان )تك‪ (٤) .(٦ :٩‬لما تحول اإلنسان إلى الوثنية‬
‫في برج بابل فصل ﷲ إبراھيم ليكون مستودعا لمواعيد ﷲ‪ ،‬فجاء تدبير الوعد إلبراھيم بالنعمة‪ (٥) .‬لكن بني إسرائيل لم يقدﱢروا نعمة ﷲ‪ ،‬وال‬
‫عرفوا ضعفھم‪ ،‬وقالوا لموسى » كـل ما تكلم به الرب نفعل « )خر‪ ،(٨ :١٩‬فجاء تدبير الناموس الذي أثبت فشل اإلنسان الذريع وحاجته إلى‬
‫المخلصة لجميع الناس « )تي‪ .(١١ :٢‬واآلن » كل‬‫ّ‬ ‫خالص المسيح‪ (٦) .‬من ثم بدأ التدبير السادس وھو تدبير نعمة ﷲ‪ ،‬حيث » ظھرت نعمة ﷲ‬
‫من يدعو باسم الرب يخلص « )رو‪ (٧) .(١٣ :١٠‬وباقي على البشر تدبير أخير‪ ،‬وھو تدبير ملء األزمنة أو تدبير الملكوت )أف‪ .(١٠ :١‬فبعد‬
‫ظھور النعمة في الماضي‪ ،‬نحن نتوقع استعالن المجد عن قريب )تي‪(١١،١٣ :٢‬‬
‫يثق في قدراته الخاصة وصار له ‪ 9‬ندا‪ .‬أي أنه طرفا فى العالقة و‪ 9‬طرفا من الناحية األخري‪ .‬ويريد قايين أن يقدم‬
‫فخر عمله ‪ J‬فيرضي ‪ 9‬ويقدر ھذا وبھذا يرضي عليه‪ .‬وھذا ھو طريق الثقة فى النفس‪ .‬أو قل ھو طريق الناموس‪ .‬أي‬
‫طريق من يظن أنه يستطيع أن يوفي مطاليب ‪ 9‬فيفوز برضاه ويصير ندا له‪.‬‬

‫أما ھابيل فكان ‪ 9‬بالنسبة له ھو اإلله العظيم الذي اليستحق أن يقترب إليه‪ .‬ويؤمن ھابيل أنه مھما تفوق فى أعماله‬
‫فھو اليستطيع أن يرقي لمطاليب ومقاييس قداسة ‪ .9‬بل إن من يقترب ‪ J‬من الناس اليستحق سوي الموت‪ .‬مثلما كلم‬
‫داود ‪ 9‬فى المزمور قائال "لن يتبرر قدامك حي" )مز‪ (2 :143‬وألن "أجرة الخطية موت" )رو‪ (23 :6‬لذا سعي‬
‫ھابيل للذبيحة‪ ،‬أي ألن يموت حيوان برئ بدال منه عند التقرب ‪ .J‬وھو فى ھذا قد آمن أن الطريق التي بدأھا الرب‬
‫بنفسه فى الجنة عندما ذبح وصنع "أقمصة من جلد" ألبويه ھي الطريق الوحيدة‪ .‬وھذا ھو طريق اإليمان‪ .‬اإليمان أن ‪9‬‬
‫ومقاييسه فى القداسة ھيھات أن يستطيع إنسان أن يوفيھا‪ .‬وھو بھذا يعطي ‪ 9‬مجداً‪ .‬فاإليمان يمجد ‪.9‬‬

‫و لم يستطع اإلنسان تحت تدبير الضمير أن يتحكم فى نفسه‪ ،‬فجاء الطوفان عالمة علي قضاء ‪ 9‬علي اإلنسان‪.‬‬

‫بدأ الرب بعد ذلك تدبيرا جديدا ھو الحكومات عندما قال "سافك دم اإلنسان باإلنسان يسفك دمه" )تك‪ (6 :9‬أي أنه‬
‫سمح للبشر أن يضعوا قوانين تنظم العالقة بينھم فى ضوء نور الضمير‪ .‬ولكن لم تستطع أبدا ھذه القوانين أن تھذب البشر‬
‫بل إزدادوا وحشية وشراسة وشرا ونجاسة وظلما وظالما‪ .‬أي أصبح ھناك بجانب الناموس المكتوب فى الضمير الذي‬
‫كان من المفترض أن يحكم به كل إنسان علي نفسه أصبح ھناك ناموسا آخر أو قانون وضعي وضعه البشر سويا لكي‬
‫يحكموا تصرفات اإلنسان ولكي يسيطروا علي الشر والخطية الكامنة بداخله‪.‬‬

‫أي أصبح ھناك قانون داخلي أو ناموس داخلي فى الضمير وقانون خارجي أي ناموس يحكم اإلنسان من الخارج‬
‫أيضا‪ .‬ورغم ذلك فشل اإلنسان أيضا فى أن يصل لمطاليب قداسة ‪ 9‬ثم جاءت حادثة برج بابل لتؤكد إعتداد اإلنسان‬
‫بذاته وحبه لإلستقالل عن ‪ .9‬فمع تكوين قوانين وحكومة تحكم اإلنسان‪ ،‬حدث علي األغلب أن اإلنسان شعر بالفخر‬
‫وربما بدأ البشر يتكلمون من وقتھا عن المدنية الحديثة وتقدم االنسان‪ .‬فكان برج بابل‪.‬‬

‫كان اإلنسان في برج بابل مازال يطلب ماطلبه اإلنسان في الجنة أن يصير كا‪ .J‬فھم يريدون أن يبنوا ألنفسھم‬
‫"مدينة وبرجا رأسه بالسماء" )تك‪ (4 :11‬أي يناطحون ‪ .9‬وأن يصنعوا ألنفسھم "إسما" )تك‪ ،(4 :11‬أي يمجدون‬
‫أنفسھم‪ ،‬دون أن يطلبوا مجد الھھم‪ .‬فكانت حادثة بلبلة األلسنة كقضاء من ‪ 9‬علي العالم‪.‬‬

‫وبدأ الرب تدبيرا جديدا ھو تدبير الوعد‪ .‬إذ أخذ إبراھيم من مابين النھرين‪ ،‬أي من أرض البابلين‪ ،‬وجعله يعتزل عن‬
‫األشرار ليبدأ مرحلة يكون فيھا عائلة رأسھا رجل بار ومؤمن وموعودا له بالبركة والخالص‪ ،‬دون أعمال فقط باإليمان‪،‬‬
‫لكي ينقل اإليمان ألوالده‪ .‬بل إن كل من يؤمن محسوبا فى العھد الجديد من أوالد إبراھيم "كما آمن إبراھيم با‪ 7‬فحسب‬
‫له برا‪ ،‬إعلموا إذاً أن الذين ھم من اإليمان أولئك ھم بنو إبراھيم" )غل‪ (7-6 :3‬فصار إبراھيم بإيمانه سبب بركة‬
‫لجميع األمم فى النسل القادم من نسله أي المسيح "والكتاب إذ سبق فرأي أن ‪ 6‬باإليمان يبرر األمم سبق فبشر إبراھيم‬
‫أن فيك تتبارك جميع األمم" ) غل‪ (8 :3‬ولكن حتى ھذا الرجل البطل فى اإليمان‪ ،‬كانت له سقطاته فقال عن سارة أنھا‬
‫"أخته" )تك‪ (2 :20 ،13 :12‬مرتان فى عدم إيمان‪ ،‬وتزوج "ھاجر" )تك‪ (3 :16‬محاوال أن يحقق الوعد بمجھوداته‬
‫الخاصة ويوجد لنفسه نسالً‪.‬‬

‫وأما أوالده فھناك إسماعيل الذي لم يرث البركة وال اإليمان‪ .‬ثم إسحق الذي سقط نفس سقطة أبيه وقال عن زوجته‬
‫رفقة أنھا أخته )تك‪ .(7 :26‬وأما عندما قرر إسحق أن يبارك أوالده إختار أن يبارك عيسو في عدم إيمان وضد قول‬
‫الرب‪ .‬إذ أن الرب كان قد قال أن يعقوب رغم أنه ليس البكر ھو الذي سيرث البركة فقال "كبير يستعبد لصغير "‬
‫)تك‪ .(23 :25‬وذلك ألن إسحق أحب عيسو ألن عيسو كان "في فمه صيد" )تك‪ (8 :25‬أي كان عيسو يجلب الصيد‬
‫ويصنع مأكوالت لذيذه إلسحق‪ .‬فكان مايحرك إسحق فى حبه ألوالده ھو وجبات طعام لألسف الشديد‪ ،‬وليس إيمانا فى‬
‫كلمات ‪.9‬‬

‫ثم عيسو كان "إنسان يعرف الصيد إنسان البرية" )تك‪ (28 :25‬و"مستبيحا وزانيا‪ ....‬ألجل أكلة واحدة باع‬
‫البكورية" )عب‪ (16 :12‬ويعقوب كان مخادعا‪ ،‬خدع أخيه وإشتري منه البكورية بطبق عدس )تك‪ (34-29 :25‬وخدع‬
‫أبيه المسن وتنكر فى زي أخيه لكي يأخذ البركة )تك‪ (27‬وحاول أن يخدع البان خاله ويأخذ الغنم )تك‪(43-25 :30‬‬
‫وكان دائما مايحاول أن يحقق الوعد بمجھوداته‪ .‬أما أوالد يعقوب فحدث والحرج‪ .‬فالوي وشمعون "آالت ظلم سيوفھم"‬
‫)تك‪ (5 :49‬ورأوبين البكر "صعد علي مخدع أبيه ودنسه" )تك‪ (4 :49‬ويھوذا باع أخيه يوسف )تك‪(27-26 :37‬‬
‫وھكذا‪ .‬حتي تحت تدبير الوعد ثبت فشل اإلنسان‪.‬‬

‫ولكن ثبت الوعد كمبدأ اليسقط واليجلب لعنه علي البشر رغم فسادھم‪.‬‬
‫ألن الوعد قائم علي أمانة من وعد أي علي ﷲ‪ .‬وليس قائم علي امانة اإلنسان‬
‫وھذا ھو قصد ﷲ‪ ،‬أن يعد وعودا غير مشروطة بالبركة والحياة األبدية‬
‫لإلنسان ويحصل عليھا اإلنسان باإليمان رغم أنه اليستطيع عمليا أن يوفي‬
‫مطاليب قداسة ﷲ‪ .‬ولكن ﷲ أمين تجاه وعده رغما عن فساد اإلنسان‪.‬‬

‫وعاد ‪ 9‬عند إخراجه شعب اسرائيل من مصر وبدأ تدبيرا جديد ًا أال وھو الناموس‪ .‬فكانت الطريقة التي تعامل بھا‬
‫‪ 9‬مع شعبه ھي الناموس المكتوب النازل علي جبل سيناء من وصايا وفرائض‪ .‬وقد ظھرت كل معالم الناموس بوضوح‬
‫فى ھذا التدبير وظھر فشل اإلنسان وفشل الناموس فى تكميل اإلنسان‪" .‬ألن الناموس لم يكمل شيئا" ) عب‪(19 :7‬‬
‫ويقول الرسول مستنكرا "لو أعطي ناموس قادر أن يحي؟" )غل‪ ،(21 :3‬أي أن الناموس لم يكن يقدر أن يحي‪.‬‬

‫سمات الناموس‬
‫وكما علمنا من قبل أن الناموس ھو معاھدة أو عھد بين ‪ 9‬واإلنسان تنص علي واجبات وحقوق كل منھما‪ .‬وقد قرر‬
‫‪ 9‬أن يضع اإلنسان تحت إختبار الناموس المكتوب‪ .‬فأعطي موسي الناموس‪ ،‬معلنا بذلك الحد األدني لمقاييس قداسة ‪،9‬‬
‫ووضعھا أمام اإلنسان الذي يريد التقرب منه‪ .‬فلكي يصير اإلنسان متقربا من ‪ 9‬وفي شركة معه البد له أن يكون في‬
‫حالة قداسة تتناسب مع قداسة ‪ .9‬فقال ‪ 9‬لإلنسان "تحب قريبك وتبغض عدوك" )مت‪ (43 :5‬وھذا ھو الحد األدني‬
‫لدي ‪ ،9‬فا‪ J‬علي لسان المسيح وضع مقدار كمال قداسته حيث قال "وأما أنا فأقول أحبوا أعدائكم‪ ،‬باركوا العينكم‪،‬‬
‫أحسنوا إلي مبغضيكم وصلوا ألجل الذين يسيئون إليكم ويطرودونكم" )مت‪ (44 :5‬حيث أن ‪ 9‬نفسه أحب أعدائه‬
‫ومات من أجلھم فى شخص المسيح "ونحن أعداء قد صولحنا مع ‪ 6‬بموت إبنه" )رو‪.(10 :5‬‬

‫فمقاييس ‪ 9‬الموضوعة في الناموس ھي الحد األدني لمطاليب ‪ .9‬ويقول المسيح أيضا ً أنه فى الناموس قال ‪9‬‬
‫"التقتل ومن قتل يكون مستوجبا الحكم" )مت‪ (21 :5‬وھذا ھو الحد األدني‪ ،‬أما مقياس ‪ 9‬في المسيح فيقول "كل من‬
‫يغضب علي أخيه باطال يكون مستوجب الحكم‪ ،‬ومن قال ألخيه رقا )أي تافه( يكون مستوجب المجمع‪ ،‬ومن قال يا‬
‫أحمق يكون مستوجب نار جھنم" )مت‪(22 :5‬‬

‫ومع ذلك فشل اإلنسان فى إتمام مطاليب الناموس‪ .‬بل وعبد بنو إسرائيل العجل مباشرة عند نزول الناموس كاسرين‬
‫بذلك الوصية العظمي به "للرب إلھك تسجد وإياه وحده تعبد" )مت‪ .(10 :4‬وتوالي سقوط وتھاوي شعب ‪ 9‬القديم‬
‫وكسرھم لناموس ‪ 9‬وفشلھم‪ .‬كم من مرة تذمروا علي ‪9‬؟ كم من مرة زنوا وعبدوا األوثان؟ كم من دماء بريئة سفكوھا؟‬
‫كم من ظلم وتعويج للقضاء قاموا به؟ ويلخص أشعياء حالتھم علي مر التاريخ قائالً "ويل لال ّمة الخاطئة الشعب الثقيل‬
‫االثم نسل فاعلي الشر اوالد مفسدين‪ .‬تركوا الرب استھانوا بقدوس اسرائيل ارتدوا الى وراء" )إش‪ .(4 :1‬فبدال من‬
‫أن ينقيھم الناموس وتطھرھم الوصايا‪ ،‬صاروا أمة خاطئة‪ ،‬وشعبا ثقيل اإلثم‪ .‬وبدال من أن يتباركوا بتوريث الناموس من‬
‫جيل إلي جيل‪ ،‬نجد أن ما برعوا فيه ھو توريث الشر ألوالدھم‪ ،‬وأوالدھم صاروا مفسدين‪ .‬ليسوا فقط فاسدين لكنھم‬
‫ينشرون الفساد‪ .‬وصار لھم الناموس دليال إلدانتھم حيث أنھم يعرفون قداسة ‪ 9‬أكثر من باقي األمم ألن ‪ 9‬أودعھم‬
‫وصاياه و"من يودعونه كثيرا يطالبونه باكثر" )لو‪ .(48 :12‬وھنا تصبح خطيتھم أعظم فقد عرفوا قداسة ‪ 9‬ولكنھم‬
‫"إستھانوا بقدوس إسرائيل" الذي تقدم بھم لألمام ووضعھم فى وضع مميز يتفوقوا به علي جميع األمم ولكنھم "إرتدوا‬
‫إلي وراء"‪ .‬ويضيف الرب علي لسان أشعياء مستنكرا " كيف صارت القرية االمينة زانية؟ مآلنة حقا كان العدل يبيت‬
‫فيھا‪ .‬واما اآلن فالقاتلون‪ .‬صارت فضتك زغال وخمرك مغشوشة بماء‪ .‬رؤساؤك متمردون ولغفاء اللصوص‪ .‬كل واحد‬
‫منھم يحب الرشوة ويتبع العطايا‪ .‬ال يقضون لليتيم ودعوى االرملة ال تصل اليھم" )إش‪ (23-21 :1‬فبدال من أن‬
‫يحكمھم قانون ‪ 9‬الذي تميزوا به عن باقي األمم‪ ،‬ألن باقي األمم لديھم قوانين وضعھا البشر فى ضوء الضمير‪ ،‬مثل‬
‫شريعة حمورابي مثال أقدم القوانين البشرية‪ ،‬أقول بدال من أن يصير ناموس ‪ 9‬الذي بين أيديھم نورا لھم ولباقي الشعوب‬
‫وعالمة علي بر ‪ 9‬وعدله وسط شعبه‪" ،‬صارت القرية األمينة زانية" أي زاغت إسرائيل من وراء رجلھا الذي ھو‬
‫الرب وخانته زانية من ورائه‪ .‬وأصبحت مأوي للقاتلون‪ .‬وصارت "الفضة" مملوءة بالشوائب )زغل( بل قل صارت‬
‫كلھا شوائب )زغل( و"الخمر مغشوشة بالماء" عالمة علي الغش الذي يسود معامالت الشعب مع بعضه البعض‪ .‬ھذا‬
‫عن الشعب أما الرؤساء فبدال من أن يتبعوا القوانين صاروا ھم المتمردين علي ناموس ‪ ،9‬وصاروا يأوون اللصوص‬
‫ويتحالفوا معھم‪ .‬وأصبحوا قادة للظلم والرشوة‪.‬‬

‫وھكذا صار وضع إسرائيل عالمة علي فشل اإلنسان تحت الناموس في الوفاء بمتطلبات قداسة ‪.9‬‬

‫إن كان مصير اإلنسان تحت الناموس ھو الفشل‪ ،‬لماذا إذن إختار ﷲ أن يضع اإلنسان تحت‬
‫الناموس؟‬
‫لم يكن ھذا ھو إختيار ‪ 9‬فى األساس‪ ،‬بل إن الناموس ليس من األصل أساسا ً يصلح للعالقة مع ‪ 9‬فى نظر ‪.9‬‬
‫ولكن المشكلة كانت فى اإلنسان الذي يظن أنه يستطيع أن يكون طرفا ً فى عھد مع ‪ .9‬يظن أنه يستطيع أن يكون نداً ‪J‬‬
‫فى المعاھدة ويحصل علي البركة إذ يقوم بدوره فى المعاھدة ويكون ‪ 9‬بذلك مطالبا ً باإليفاء بدوره ھو أيضا ً‪.‬‬

‫وھناك مثالً واضحا ً لھذا األمر فى قصة يعقوب فى سفر التكوين‪ .‬كان يعقوب شخصاً مخادعا ً ومحتاالً ولم يحب أخيه‬
‫وأھان أبيه ثم شرع فى الھروب من وجه أخيه عيسو لئال يقتله عند وفاة إسحق أبيھما‪ .‬وأثناء ھروبه ظھر الرب له‬
‫وأعطاه وعودا عظيمة ورائعة حيث قال الرب له‪" :‬انا الرب اله ابراھيم ابيك واله اسحق‪ .‬االرض التي انت مضطجع‬
‫عليھا اعطيھا لك ولنسلك‪ .‬ويكون نسلك كتراب االرض وتمت ّد غربا وشرقا وشماال وجنوبا‪◌ٍ .‬ويتبارك فيك وفي نسلك‬
‫جميع قبائل االرض‪ .‬وھا انا معك واحفظك حيثما تذھب واردك الى ھذه االرض‪ .‬الني ال اتركك حتى افعل ما كلمتك به "‬
‫)تك‪ (15-13 :28‬وعند دراستنا لھذه الوعود نجد التالي‪:‬‬

‫كانت وعود ‪ 9‬له وعوداً غير مشروطة‪ ،‬أي لم يقل ‪ 9‬أن يعقوب مطالب بشئ ما حتى يتمم ‪ 9‬له ھذه‬ ‫•‬
‫الوعود‪.‬‬
‫ً‬
‫كانت دون إستحقاق حيث أن يعقوب كان ھاربا بعد أن خدع أخيه وأبيه‪ ،‬أي كان شخصا يستحق العقوبة‬ ‫•‬
‫وليس الوعد بالبركة‪.‬‬
‫كانت وعود باألرض وببركة عظيمة ليعقوب ونسله حتي يصير نسل يعقوب بركة لكل األرض‪.‬‬ ‫•‬
‫كان ‪ 9‬يعد أنه سوف يكون رفيقا شخصيا ً ليعقوب يذھب معه حيث ھو ذاھب وال يتركه حتي يرده لھذه‬ ‫•‬
‫األرض أي أنه سيحفظه إلي أن تنتھي حالة الھرب ھذه‪.‬‬
‫أن ‪ 9‬لن يتركه حتي يحقق له أيضا كل ھذه الوعود التي تكلم بھا الرب‪.‬‬ ‫•‬

‫فماذا إذن كان رد يعقوب علي ‪9‬؟ ھل قال‪ :‬آمين‪ ،‬مادام الرب قال فھو سيفعل؟ لألسف ال‪ .‬لنقرأ سويا رد فعله فى‬
‫)تك‪ " (22-20 :28‬ونذر يعقوب نذرا قائال ان كان ‪ 6‬معي وحفظني في ھذا الطريق الذي انا سائر فيه واعطاني‬
‫خبزا آلكل وثيابا اللبس‪ ،‬ورجعت بسالم الى بيت ابي يكون الرب لي الھا‪ .‬وھذا الحجر الذي اقمته عمودا يكون بيت ‪6‬‬
‫وكل ما تعطيني فاني اع ّ‬
‫شره لك" وإذا تمعنا النظر فى رد يعقوب نجد التالي‪:‬‬

‫يشكك يعقوب فى كالم ‪ 9‬إذ يستخدم آداءة الشرط "إن" ويقول "إن كان ‪ 6‬معي" وإن "حفظني" وإن‬ ‫•‬
‫"أعطاني" وإن "رجعت بسالم" فھو ليس لديه إيمان من جھة صدق ‪ 9‬فى مواعيده‪.‬‬
‫يقلل يعقوب من الوعود وينزل بھا للحد األدني فيطلب خبزا وثياب بدال من البركة العظيمة‪ ،‬ويطلب‬ ‫•‬
‫الرجوع بسالم فقط ويتنازل عن األرض والنسل‬
‫لم يھتم ببركة لنسله وال لكل أمم األرض كوعد الرب‪ .‬حيث يھتم فقط بسالمته الشخصية وإحتياجاته‬ ‫•‬
‫األساسية‪.‬‬
‫يضع شرطا ‪ J‬أنه لن يكون ‪ 9‬إلھه إال لو صنع ‪ 9‬كل ھذا وعندھا يعشر أيضا كل ما يقتنيه‬ ‫•‬
‫وھكذا نري أن ‪ 9‬وعد يعقوب مجموعة من الوعود غير المشروطة بالبركة والحفظ والمعية ولكن يعقوب يريد أن‬
‫يدخل فى معاھدة مع ‪ ،9‬يريد أن يحكم العالقة بينه وبين ‪ 9‬بقانون‪ .‬يقوم فيه ‪ 9‬أوالً بصنع مجموعة من الوعود وبعدھا‬
‫يتخذه يعقوب إلھا ويعطيه عشرا من كل ما يقتنيه‪.‬‬

‫ھكذا يريد اإلنسان دائما أن يأخذ من ‪ 9‬بركات بمقابل ھو عبارة عن واجبات يفعلھا اإلنسان ‪ .J‬اليستطيع اإلنسان‬
‫الطبيعي أن يقبل أن يتوقف عن العمل ويأخذ عطية مجانية‪ .‬فھو يريد أن يفعل شيئا لكي ينال البركة‪ .‬أما عبارات مثل‬
‫"قفوا وأنظروا خالص الرب الذي يصنعه لكم اليوم" )خر‪ (١٣ :١٤‬أو "ايھا العطاش جميعا ھلموا الى المياه والذي‬
‫ليس له فضة تعالوا اشتروا وكلوا ھلموا اشتروا بال فضة وبال ثمن خمرا ولبنا‪) ".‬إش‪ (١ :٥٥‬فغير جذابه والمريحة‬
‫علي اإلطالق لإلنسان الطبيعي‪ .‬ألن ھذه العبارات تلغي كل إفتخار عند اإلنسان الذي يريد أن يصنع شيئا يفتخر به أمام‬
‫‪ 9‬وأمام الناس‪ .‬فمجانية النعمة تجعل الجميع سواسية من يعمل ومن اليعمل‪" .‬أين اإلفتخار؟" إذن "قد إنتفي" )رو‪:٣‬‬
‫‪ (٢٧‬فاإلنسان الطبيعي يريد أن يفتخر بما حققه وعمله وناله وھذا ضد اإليمان‪ .‬فالناموس كمبدأ للتعامل مع ‪ 9‬مغروس‬
‫بداخل الطبيعة البشرية حيث يريد اإلنسان به أن يكون ندا ‪ ،J‬فھو يؤدي واجبه من جھة و‪ 9‬أيضا يؤدي واجبه من‬
‫الجھة األخري‪ .‬تماما مثل مبادئ التجارة العالمية‪ .‬الشئ بدون مقابل‪ .‬مثل يعقوب الذي قرر أن يعطي ‪ 9‬العشر ويعبده‬
‫فى مقابل أن يحفظه ‪ 9‬ويسدد إحتياجاته‪.‬‬

‫لھذا قرر ‪ 9‬أن يضع اإلنسان تحت الناموس ليثبت فشله من جھة ھذا األمر‪ .‬فالخطية قد شوھت اإلنسان ولم يعد‬
‫يستطيع أبدا أن يتمم مطاليب ‪ .9‬ويسأل بولس الرسول "فلماذا الناموس؟" ويجاوب قائالً ‪" :‬قد زيد بسبب التعديات إلي‬
‫أن يأتي النسل" )غل‪ (19 :3‬أي أن الناموس دخل زائداً أي مضافا ً إلي أن يأتي النسل الذي "يسحق رأس الحية" أي‬
‫المسيح‪ .‬فالناموس كان مرحلة مؤقتة لكي يعلن فشل اإلنسان‪ .‬فبالناموس لم يتبرر أحد "أن ليس أحد يتبرر بالناموس‬
‫فظاھر ألن البار باإليمان يحيا‪) ".‬غل‪" (11 :3‬ألنه لو أعطي ناموس قادر أن يحي‪ ،‬لكان بالحقيقة البر بالناموس"‬
‫) غل‪ (21 :3‬ألن الناموس فيه مجموعة ضخمة من الفرائض والوصايا و كان المطلوب من اإلنسان أن يثبت فيھا كلھا إذ‬
‫يقول الكتاب "ألن جميع الذين ھم من أعمال الناموس ھم تحت لعنة‪ ،‬ألنه مكتوب ملعون كل من اليثبت فى جميع ماھو‬
‫مكتوب فى الناموس ليعمل به" )غل‪ (10 :3‬ويقول فى موضع آخر "الن من حفظ كل الناموس وانما عثر في واحدة‬
‫فقد صار مجرما في الكل" )يع‪(10 :2‬‬

‫فا‪ J‬ليس لديه ناجحون بتقدير مقبول وجيد وجيد جدا وإمتياز‪ .‬فكل من ينجح تحت الناموس كان البد له أن يحصل‬
‫علي مائة فى مائة دون خطأ واحد‪ .‬وكان اإلمتحان ليس لمجرد ساعة أوساعتان أو حتي خمس ساعات بل كان طوال‬
‫الحياة كلھا‪ ،‬ولبعض الناس كان اإلمتحان يمتد لفترة تفوق المائة عام‪ .‬مطلوبا فيھا أن اليخطئ الشخص خطأ واحد‪ .‬ولم‬
‫يكن اإلمتحان فى منھج محدد ومحدود وبواسطة مجموعة بسيطة من األسئلة لن تغطي إال بعضا ً من المنھج‪ ،‬ال بل كان‬
‫اإلمتحان فى جميع جوانب الحياة وفى كل المنھج‪ .‬فمقاييس قداسة ‪ 9‬أعظم بما اليقاس مما يمكن ألي إنسان أن يتخيل‪.‬‬
‫ولكي أكون فى حالة عشرة وقبول من ‪ ،9‬البد لي من أفي بكل مطاليب قداسة ‪ 9‬كل أيام حياتي‪ .‬والنتيجة الحتمية ھي‬
‫أن كشف الناجحين لم يكن به وال إسما واحدا‪ .‬لم ينجح أحد‪ ،‬سوي ربنا يسوع المسيح له المجد الذي تمم كل مطاليب ‪9‬‬
‫وقال "قد أكمل" )يو‪.(19:30‬‬

‫علي أن الناموس قد أعطي ضوءاً لكي إنسان مخلص يبغي الخالص من خطاياه‪ ،‬ففى نظام الذبائح المعطي فى‬
‫الناموس ھناك إعالن دائم أنه "بدون سفك دم التحصل مغفرة" ) عب‪ .(22 :9‬فكل شخص يخطئ خطية سھو من حقه‬
‫فى الناموس أن ينال عنھا غفرانا بسفك دم حيوان برئ بدال منه‪ .‬وھكذا كانت ھناك أنھار من الدماء تجري تشير بشدة‬
‫وتصرح فى قوة وتكشف فساد اإلنسان الغير قابل لإلصالح‪ .‬فآالف الذبائح علي مر العصور ومازال اإلنسان يخطئ بل‬
‫إنه اليتقدم لألمام خطوة واحدة بل إنه يتأخر للخلف فى خطوات واسعة‪ .‬ولكن "اليمكن أن دم ثيران وتيوس يرفع‬
‫خطايا" )عب‪ (4 :10‬فكل ھذه الذبائح تشير من بعيد لذبيح وحيد قادم فريد ھو "حمل ‪) "6‬يو‪ (29 :1‬أي الحمل الذي‬
‫من عند ‪ ،9‬والحمل الذي يستطيع أن يرضي ‪ 9‬والحمل الذي ينتظره ‪" 9‬الذي يرفع خطية العالم" )يو‪(29 :1‬‬

‫وكانت كل فرائض وطقوس ورموز الناموس تشير لھذا الشخص الوحيد الفريد المشار له فى كل التدابير والذي ھو‬
‫محور كل التدابير‪ .‬ففي تدبير البراءة كان آدم رمزا له‪ ،‬ونام آدم وفتح جنبه‪ ،‬مثلما مات المسيح وطعن فى جنبه‪ ،‬وخرجت‬
‫حواء من جنب آدم‪ ،‬وجاءت الكنيسة من جنب المسيح "ألننا اعضاء جسمه من لحمه ومن عظامه" )أف‪ (30 :5‬فموت‬
‫المسيح مشار له فى نوم آدم‪ .‬ثم فى تدبير الضمير بعد السقوط نري الرب يذبح ذبيحة ويعطي أقمصة من جلد آلدم وحواء‬
‫ويعلن أن ھناك نسالً قادما ً للمرأة سوف يأت بالخالص‪ .‬ثم فى تدبير الحكومات حيث إبتدأ بعد الطوفان الذي يشير فيه‬
‫الفلك للمسيح الذي سوف ينقذنا من الموت القادم علي العالم أجمع والحكومات تشير لملك المسيح‪ .‬ثم فى تدبير الوعد‬
‫حيث أن النسل الموعود له بالبركة من إبراھيم ھو المسيح الذي ظھر إلبراھيم فى رمز "كبش‪ ....‬ممسكا فى الغابة‬
‫بقرنيه‪ .‬فذھب إبراھيم وأخذ الكبش وأصعده محرقة عوضا عن إبنه إسحق" )تك‪ (13 :22‬حيث يرمز ھذا الكبش‬
‫للذبيح الوحيد البديل عن البشر جميعاً‪ ،‬ثم بالطبع تدبير الناموس الذي به قدمت ماليين بل قل مليارات الذبائح علي مر‬
‫األجيال فى إنتظار مجئ "حمل ‪ "9‬ثم فى تدبير نعمة ‪ 9‬أو ملء الزمان حيث المسيح بنفسه قد جاء لعالمنا "والكلمة‬
‫صار جسدا وحل بيننا ورأينا مجده مجدا كما لوحيد من اآلب مملوءاً نعمة وحقا" )يو‪ (14 :1‬وبالطبع تدبير الملك أو‬
‫ملء األزمنة حيث المسيح ھو الملك أو قل "ملك الملوك ورب األرباب" )‪1‬تي‪(15 :6‬‬

‫إذن فمحور كل التدابير بما فيھا الناموس ھو شخص وحيد واحد فريد عجيب قال عن نفسه "انا ھو الطريق والحق‬
‫والحياة‪ .‬ليس احد يأتي الى اآلب اال بي" )يو‪ (6 :14‬وھو الطريق الوحيد للوصول لشركة مع اآلب‪ .‬وھو الطريق‬
‫الوحيد للبر أو للحصول علي رضي ‪ 9‬وھو الطريق الوحيد للغفران‪.‬‬

‫وماھو الناموس بالنسبة لي اآلن؟‬


‫إن الناموس فى حياتي اآلن بعد كل ھذا ھو كل نظام أو طريق أو طقوس أو فرائض أو أعمال أو خدمات أو أي‬
‫شيء آخر أضعه أمامي كھدف عندما أحققه أشعر أنني مقبوال فى عيني ‪ .9‬وكل قانون أضعه لنفسي لكي أشعر أننى‬
‫أفضل ولكي أشعر بالنجاح الروحي والتفوق الروحي‪ .‬فكل واحد منا يريد أن يشعر بالقبول فى عيني ‪ 9‬وألجل أن‬
‫يحصل علي ھذا القبول يقول فى نفسه "عندما أفعل ھذا أو تلك أو أقوم بھذا األمر وقتھا أشعر أننى مقبوال أمام ‪ 9‬وأن‬
‫‪ 9‬راضي عنى"‪ .‬وبالطبع كل ما أضعه من أمامي من ممارسات قد تكون فى مجملھا أشياء جيدة‪ ،‬والبد لي من أن أقوم‬
‫بھا‪ .‬فيضع الناس الخدمة كھدف للحصول علي رضا ‪ 9‬والتفوق أو النجاح الروحي‪ ،‬والبعض يضع األعمال الحسنة‪،‬‬
‫والبعض يصمم علي حضور الكنيسة بإنتظام وقراءة الكتاب المقدس‪ ،‬وآخرون يضعون نصب أعينھم عدم الوقوع فى‬
‫الخطية‪ ،‬وھكذا تتعدد الطرق وكلھا أشياء حسنة ولكنھا تمارس بھدف الحصول علي القبول والرضي امام ‪" 9‬لكي أشعر‬
‫أنه راض عنى"‪ .‬وھذه ھي المشكلة‪ ،‬فبالطبع كل من حضور الكنيسة وقراءة الكتاب واإلحتراس من الوقوع فى الخطية‬
‫ووالقيام باألعمال الصالحة أشياء جيدة يجب علينا أن نمارسھا ونحرص علي ذلك‪ .‬ولكن أن نمارسھا بھدف الحصول‬
‫علي رضي ‪ 9‬والشعور بالنجاح الروحي واإلنجاز‪ ،‬فھذا ھو الناموس وھو ضد لإليمان‪ .‬ولن تستطيع ھذه الممارسات أن‬
‫تشعرنا باألمان تجاه ‪ 9‬أبداً وال أن تجعلنا فى حالة سالم معه وال أن تعطينا راحة من جھة موقفنا أمامه‪ .‬ألنه "إذ قد‬
‫تبررنا باإليمان‪ ،‬لنا سالم مع ‪ ،6‬بربنا يسوع المسيح الذي به أيضا قد صار لنا الدخول باإليمان إلي ھذه النعمة التي‬
‫تحن فيھا مقيمون" )رو‪ (2-1 :5‬فال مجال للشعور باألمان وبالبر والسالم دون التبرير علي أساس النعمة باإليمان بربنا‬
‫يسوع المسيح‪.‬‬

‫مثال كتابي‬
‫لقد وقع مؤمنى غالطية فى ھذه المشكلة‪ ،‬فبعد أن آمنوا بالمسيح وقبلوا الروح القدس ونالوا الخالص والغفران‪ .‬وبعد‬
‫أن فارقھم بولس الرسول جاء لغالطية معلمون كذبة‪ ،‬ينتمون لليھودية‪ ،‬وأقنعوا الغالطيين أنه البد من حفظ ممارسات‬
‫ووصايا الناموس لكي يكونوا كاملين امام ‪ .9‬وإقتنع الغال طيون بھذا وصاروا يضيفون لعمل المسيح علي الصليب‬
‫ولنعمة ‪ 9‬التي قبلوھا باإليمان أشياء يمارسونھا لكي يكونوا فى وضع صحيح أمام ‪ .9‬ولكي يكونوا كاملين فى عينيه‪.‬‬
‫لھذا بدأ بولس الرسول يذكرھم بشيئين‬

‫أوال‪ :‬نعمة ﷲ‬

‫فھو يؤكد لھم أنھم بإضافتھم ألشياء بجانب نعمة ‪ 9‬ھم بھذا ينتقلون "عن الذي دعاھم بنعمة المسيح إلي‬
‫إنجيل آخر" )غل‪ (6 :1‬فإن نعمة ‪ 9‬اليضاف لھا شيئا لكي يقبل اإلنسان لدي ‪ .9‬فالنعمة ھي كما نعلم "عطية‬
‫عظيمة مجانية لشخص اليستحقھا" وھي تختلف عن األجرة‪ .٢‬فالنعمة واألجرة اليتقابال واليتفقا أبداً‪ .‬فاألجرة‬
‫ھي عائد منصوص عليه فى عقد عمل بين طرفين‪ .‬فوجود أجرة يعنى أنه ھناك عقد قانوني أو قل ناموس بين‬
‫طرفين‪ ،‬يقوم فيه الموظف بعمل ما عليه من واجبات وعندھا يقوم صاحب العمل بدفع المقابل لذلك عند طريق‬
‫األجرة‪ .‬وأي إضافة لمجھودات اإلنسان إلي نعمة ‪ 9‬للحصول علي الحياة األدبية يجعل الحياة األبدية ليست‬
‫نعمة بل أجرة خاضعة لقانون أو قل ناموس‪ .‬وبالطبع المجال للقول بأننا يمكن الحصول علي الحياة األبدية عن‬
‫طريق إستحقاقنا الخاص أي بما نفعله‪ ،‬كأجرة‪ .‬فلو كان رجائنا فى الحياة األبدية مسنودا ولو بنسبة بسيطة جدا‬
‫حتى واحد بالمائة علي مانقوم به من مجھودات لما نال أحد الحياة األبدية أبداً‪ .‬فعمل الصليب مستند علي قيمة‬
‫الشخص الذي قام به‪ ،‬وھو المسيح إبن ‪ 9‬الوحيد الذي قيمته كشخص ھو قيمة النھائية أو غير محدودة‪ .‬وفي‬
‫علم الرياضيات فإن واحد بالمائة من أي قيمة النھائة أوغير محدودة يظل أيضا قيمة غير محدودة أي النھائية‪.‬‬

‫ماالنھاية )كمية غير محدودة(\‪ = ١٠٠‬كمية غير محدودة )ماالنھاية(‬

‫ومن ذا الذي يستطيع أن يدعي أن قيمة عمله وإنجازاته الروحية وممارسته تصل إلي حتى واحد من المائة‬
‫من عمل المسيح‪ .‬لو إقتنع شخص بھذا األمر سيكون ھذا ھو التجديف عينه‪ .‬إذ يكون قد حسب نفسه ‪ %١‬إلھا ً‪.‬‬
‫وإذا جمعنا مائة من ھذا الشخص يكون مجموعھم ھو ‪ ،9 %١٠٠‬أي نكون قد وجدنا فيھم مجتمعين إلھا ً آخر‬
‫غير ‪.9‬‬

‫)‪9 = ١٠٠ x (١٠٠\9‬‬

‫ونكون بھذا قد وضعنا حدودا ‪ J‬إذ قلنا أنه من الممكن أن يتكون من مائة شخص‪ .‬أو حتي قل مئة ألف‬
‫شخص‪ ،‬أو حتي مليار شخص‪ .‬كل ھذه كميات محدودة وحاشا ‪ J‬أن يكون محدوداً‪.‬‬

‫ويقول الرسول أن التحول عن نعمة ‪ 9‬ھو رفض إلنجيل المسيح وقبول إنجيل آخر‪ ،‬وھو ليس إنجيالً آخر ًا‬
‫حيث أنه بدون نعمة ‪ 9‬لن يكون اإلنجيل إنجيالً أي بشارة مفرحة بل يصير اإلنجيل ناموسا ً "ألن الناموس‬
‫بموسي أعطي أما النعمة والحق فبيسوع المسيح صارا" )يو‪ (١٧ :1‬فيقول "ليس ھو )إنجيالً( آخر غير انه‬
‫يحولوا انجيل المسيح )إلي ناموس(" ) غل‪ (7 :1‬ألن الرسول يري أن‬ ‫يوجد قوم يزعجونكم ويريدون ان ّ‬
‫إدخال اعمال ناموسية بجانب النعمة للحصول علي البر سوف يبطل النعمة أي يجعلھا ليست نعمة‪ ،‬وأيضا ً يجعل‬
‫أن المسيح مات بالسبب "لست ابطل نعمة ‪ .6‬النه ان كان بالناموس بر فالمسيح اذا مات بال سبب" )غل‪:2‬‬
‫‪ .(21‬ألنه "ان كان بالنعمة فليس بعد باالعمال‪ .‬وإال فليست النعمة بعد نعمة‪ .‬وان كان باالعمال فليس بعد‬
‫نعمة‪ .‬وإال فالعمل ال يكون بعد عمال‪) ".‬رو‪ (6 :11‬فلن تكون النعمة نعمة إن أضيف لھا عمل ولن يكون العمل‬
‫عمل إن أضيفت له النعمة‪ .‬فالنعمة واألعمال كمبدأين للتعامل مع ‪ 9‬وللحصول علي الحياة األبدية اليجتمعا أبدا‬
‫ألنه متعارضين مع بعضھم البعض ولن يتقابال‪.‬‬

‫والذين يريدون أن يتبرروا بأعمالھم بجوار النعمة‪ ،‬قد فقدوا أھم مبدأ فى التعامل مع ‪ 9‬وھو النعمة إذ قد‬
‫أبطلوھا‪ .‬وقد تمردوا علي المسيح‪ .‬فإن اإلعتماد علي نفسي بجانب اإلعتماد علي المسيح ولو بنسبة بسيطة جد ًا‬
‫ھو تبطل أي تمرد علي المسيح‪" .‬قد تبطلتم عن المسيح ايھا الذين تتبررون بالناموس‪ .‬سقطتم من النعمة "‬
‫) غل‪ .(4 :5‬والسقوط من النعمة يجعلنى رغم أن ‪ 9‬راض عنى ألني شخص مؤمن‪ ،‬فإننى أكون أنا نفسي قد‬
‫سقطت من النعمة ولست متمتعا ً بالراحة وال السالم وال البر‪ .‬وأكون أنا نفسي مستعبداً للناموس رغم أن المسيح‬
‫قد "إفتدي الذين تحت الناموس لننال التبنى" )غل‪ (5 :4‬وأظل غير متمتعا ً بالبنوية بالرغم من أني قد حصلت‬
‫عليھا‪.‬‬

‫‪٢‬إن ‪ 9‬سيتعامل معنا أيضا ً بمبدأ األجرة ولكن ليس فى مجال الخالص والحصول علي الحياة األبدية‪ .‬فالخادم سينال أجرة عما فعله ھنا‬
‫علي األرض‪ .‬وسنقف يوما ما امام كرسي المسيح ليعطينا مكافآت وأكاليل تبعا ً لما قمنا به من خدمات تمجد إسمه ھنا علي األرض‪ .‬ولكن إن لم‬
‫يقم أحد بأعمال تصلح ألن تكافأ سيخلص بالرغم من ذلك ولكنه سيكون كم نجا من حريق شب فى بيته فنجا ھو وحده ولم ينقذ من أثاث بيته‬
‫شيئا ً وال من أمواله أي منھا‪" .‬فانه ال يستطيع احد ان يضع اساسا آخر غير الذي وضع الذي ھو يسوع المسيح ‪.‬ولكن ان كان احد يبني على‬
‫ھذا االساس ذھبا فضة حجارة كريمة خشبا عشبا قشا فعمل كل واحد سيصير ظاھرا الن اليوم سيبيّنه‪.‬النه بنار يستعلن وستمتحن النار عمل‬
‫كل واحد ما ھو ‪.‬ان بقي عمل احد قد بناه عليه فسيأخذ اجرة ‪.‬ان احترق عمل احد فسيخسر واما ھو فسيخلص ولكن كما بنار" )‪١‬كو‪-١١ :٣‬‬
‫‪(١٥‬‬
‫ويعنف بولس الرسول كل من يريد أن يخلط األعمال بالنعمة قائالً "أيھا الغالطيون األغبياء من رقاكم حتى‬
‫التذعنوا للحق" )غل‪ (1 :3‬إن خلط النعمة باألعمال‪ ٣‬فى نظر ‪ 9‬ليس فقط قلة فھم أو عدم فھم أو تأخر فى‬
‫الفھم بل ھو غباء‪.‬‬

‫ثانيا ً‪ :‬اإليمان‬

‫فكما رأينا من قبل كانت الخطية األولي فى الجنة ھي خطية عدم إيمان أو عدم تصديق لكالم ‪ .9‬وكل‬
‫ماكان يطلبه ‪ 9‬من الناس عل مر األزمان ھو اإليمان‪ .‬فنري أنه "باإليمان قدم ھابيل ‪ 7‬ذبيحة أفضل من‬
‫قايين" ) عب‪ (4 :11‬وبھا بإيمانه نال نعمة البر بناء علي اإليمان‪" .‬فيه )في اإليمان( شھد له أنه بار إذ شھد‬
‫‪ 6‬لقرابينه" ) عب‪ (4 :11‬فا‪ J‬إذ قبل ذبيحة ھابيل‪ ،‬شھد أنھا ھي الطريق الوحيد للخالص‪ ،‬فذبيحته تشير‬
‫لذبيحة المسيح‪ .‬وشھد ‪ 9‬أيضا له أنه بار إذ نال البر باإليمان بأن الطريق لإلقتراب ‪ J‬ھو الذبيحة‪.‬‬

‫ونال أخنوخ رضي ‪ 9‬عن طريق اإليمان ألنه "باإليمان نقل أخنوخ لكي اليري الموت ‪ ....‬إذ قبل نقله‬
‫شھد له أنه قد أرضي ‪ .6‬ولكن بدون إيمان اليمكن إرضاؤه" )عب‪ (6-5 :11‬وبنفس الطريقة صار نوح‬
‫"وارثا للبر الذي حسب اإليمان" )عب‪ (7 :11‬وبعد ذلك "آمن إبراھيم با‪ 7‬فحسب له برا" )يع‪(23 :2‬‬
‫وھكذا كان ھذا ھو طريق البر من األزل وسيظل ھكذا لألبد‪.‬‬

‫وكما رأينا فى قايين‪ ،‬يتعارض مبدأ األعمال مع مبدأ اإليمان‪ .‬أي يتعارض الناموس مع اإليمان‪ .‬ويؤكد‬
‫بولس الرسول للغالطيين أنه إن كان ھناك أحد البد له من اإللتزام باألعمال التي فى الناموس لكي يتبرر فأولي‬
‫البشر بذلك ھم اليھود "نحن بالطبيعة يھود ولسنا من االمم خطاة‪ .‬اذ نعلم ان االنسان ال يتبرر باعمال الناموس‬
‫بل بايمان يسوع المسيح آم ّنا نحن ايضا بيسوع المسيح لنتبرر بايمان يسوع ال باعمال الناموس‪ .‬النه باعمال‬
‫الناموس ال يتبرر جسد ما‪) ".‬غل‪ .(16-15 :2‬فاليھود كانوا يعبدون ‪ 9‬وليس كاألمم الخطاة أي الذين يعبدون‬
‫األوثان وقد أخذ اليھود الناموس وصار عھدا بينھم وبين ‪ .9‬ولكن صار إليھم العلم ان الناموس اليبرر بل‬
‫اإليمان بيسوع المسيح فتركو الناموس وآمنوا بالمسيح‪.‬‬

‫ويعود يقول أن عالقته بالناموس قد إنتھت إذ انه فى الصليب يؤمن انه مات مع المسيح والقانون اليسود‬
‫علي األموات‪ .‬فبالموت تسقط جميع التھم واليستطيع أي قانون أن يطالب شخص ميت بتميم وصايا ما‪" .‬ألني‬
‫مت بالناموس للناموس ألحيا ‪ ) "7‬غل‪ (19 :2‬أي أننى حكم علي بالموت بواسطة الناموس ونفذ الحكم فى‬
‫المسيح‪ ،‬لذا بالنسبة للناموس أنا مت‪ .‬إذن اليعود الناموس يسود علي واليستطيع أن يطالبنى بأي شيئ‪ .‬وإن كنت‬
‫نظير ھذه العطية العظيمة أصبحت أريد أن أحيا ‪ ،J‬ليس ألجل أن أحصل علي الحياة ولكن ألني مت وقمت‬
‫حاصال بالفعل علي الحياة التي يجب أن أحياھا ‪ .J‬ليس خوفا من الموت ألن الخوف ينشئ عبودية‪ ،‬ألن المسيح‬
‫مات لكي "يعتق أولئك الذين خوفا من الموت كانوا جميعا كل حياتھم تحت العبودية" )عب‪ (15 :2‬بل ألننى‬
‫قد مت بالفعل‪ ،‬وأنا أؤمن بذلك فالمجال الن أخاف ألن الحكم قد نفذ بالفعل بخصوصي فى المسيح‪.‬‬

‫إذن أنا "مع المسيح صلبت‪ ،‬فأحيا ال أنا بل المسيح يحيا في‪ ،‬فما أحياه اآلن فى الجسد‪ ،‬فإنما أحياه فى‬
‫اإليمان‪ ،‬إيمان إبن ‪ 6‬الذي أحبنى وأسلم نفسه ألجلي" )غل‪ (20 :2‬فقد صلبت ومت وحصلت علي الحياة‪،‬‬
‫ليست حياة خاصة بي أنا يمكننى أن أفقدھا مثلما فعل آدم فى السقوط‪ ،‬ال بل ھو المسيح نفسه يحيا في‪ .‬فنحن‬

‫‪٣‬إن األعمال مطلوبة علي نحو ما بالطبع من المؤمن ولكن ليس فى مجال الحصول علي التبرير‪ .‬بل في مجال الشھادة‪ .‬فلكي يثبت الشاھد مايقوله عن‬
‫اإليمان والبر الذي ناله من ‪ 9‬عن طريق اإليمان البد له من أعمال‪ .‬فاإليمان الحقيقي البد ان يكون مثمراً وإال يكون إيمانا ً مزيفا ً‪ .‬فيقول يعقوب الرسول أن‬
‫"ھكذا اإليمان إن لم يكن له أعمال ميت في ذاته" )يع‪ (١٧ :٢‬أي أن اإليمان الحي الحقيقي الذي يخلص ھو اإليمان الذي له أعمال‪ .‬أي إيمان عامل‪ .‬فھو‬
‫اليضيف األعمال إلي اإليمان ولكنه يفرق بين اإليمان العقلي البحت الذي فى الفكر كإقتناع وھو ميت وبين اإليمان الحقيقي الحي الذي فى القلب والذي يدل‬
‫علي حقيقته أعمال إيمانية مصاحبه له‪ .‬وقد قال أيضا ان " ألم يتبرر ابراھيم ابونا باالعمال اذ قدم اسحق ابنه على المذبح" )يع‪ (٢١ :٢‬ولكنه يعود فيقول "وتم‬
‫الكتاب القائل فآمن ابراھيم با‪ J‬فحسب له برا" ) يع‪ (٢٣ :٢‬ولكننا بالعودة لسفر التكوين نجد أن ‪ 9‬قد حسب إلبراھيم البر لما وعده بالنسل "وقال له ھكذا‬
‫يكون نسلك‪ .‬فآمن بالرب فحسبه له برا‪) ".‬تك‪ (٦-٥ :١٥‬أي قبل حوالي خمسة وعشرون سنة من تقديم إسحق‪ .‬أي أن اإليمان حسب له قبل حادثة تقديم إسحق‬
‫بخمسة وعشرون سنة وأما حادثة تقديم إسحق فتمت كعمل إيمان يثبت البر الذي حصل عليه إبراھيم من خمسة وعشرون سنة‪.‬‬
‫"عالمين أن المسيح بعدما أقيم من األموات‪ ،‬اليموت أيضا‪ .‬اليسود عليه الموت بعد‪ ....‬كذلك إنتم ايضا‬
‫أحسبوا أمواتا عن الخطية ولكن أحياء ‪ 7‬بالمسيح يسوع ربنا" )رو‪ (11-9 :6‬فالبد لي من أن أؤمن أننى كما‬
‫أن المسيح مات وقام‪ ،‬ھكذا أنا أيضا قد مت عن الخطية الساكنة فى الطبيعة العتيقة‪ .‬فإنقطعت صلتي بھا‬
‫وبالناموس إذ أن الطبيعة العتيقة ھي التي وضع ألجلھا الناموس‪ .‬فمھما طالبھا الناموس بمطاليب فھذا ليس له‬
‫سلطان علي‪ ،‬الننى اليجب أن أسلك بھا مرة أخري ألنني اآلن حي ‪ J‬في المسيح فأخذت حياته األبدية التي‬
‫اليمكن أن تفقد‪ .‬فكما أن المسيح اليسود عليه الموت بعد كذلك نحن أيضا التسود علينا الخطية بعد ألننا أحياء‬
‫فى المسيح ‪ .J‬وھذه األمور تقبل وتعاش فى الحياة باإليمان‪.‬‬

‫ويتساءل الرسول فيقول للغالطيين مستنكرا‪" :‬اريد ان اتع ّلم منكم ھذا فقط أباعمال الناموس اخذتم الروح‬
‫ام بخبر االيمان‪ .‬أھكذا انتم اغبياء‪ .‬أبعد ما أبتدأتم بالروح ُت َّك َمل ُون )تحصلون علي الكمال( اآلن بالجسد )الذات‬
‫– الطبيعة العتيقة(" )غل‪ (3-2 :3‬فھو يستنكر ويسألھم علي أي أساس أخذتم الروح القدس؟ ھل علي أساس‬
‫الناموس بأعماله؟ أم علي أساس اإليمان بالمسيح؟ واإلجابة بالطبع ھو أنھم نالوا الروح القدس بواسطة اإليمان‪.‬‬
‫والروح القدس ھو حياة ‪ .9‬ويعود ويستنكر مرة أخري‪ ،‬ھل من إبتدأ بأن أخذ الروح القدس‪ ،‬أي أخذ حياة ‪9‬‬
‫التي فى المسيح يسوع بواسطة اإليمان‪ ،‬ھل ھذا الشخص له يبحث عن أن يكون كامال أمام ‪ 9‬بواسطة الجسد؟‬
‫أي بواسطة الطبيعة العتيقة إذ تسمي جسد فى الكتاب المقدس؟ ھل يمكن لطبيعة عتيقة ميته أن تضيف بأعمالھا‬
‫شيئا ً لطبيعة جديدة مدعمة بحياة ‪ 9‬بالروح القدس؟ ھل من أخذ حياة ‪ 9‬يعود يبحث عن كمال وحياة فى الطبيعة‬
‫الفاسدة الموروثة من آدم؟ بالطبع ال‪ .‬بل إنه يقول لھم إذ قاموا بھذا األمر‪ ،‬أھكذا أنتم أغبياء؟‬

‫وھنا يتسائل الغالطيون ومن قبلھم اليھود‪ :‬إذن "لماذا الناموس؟" )غل‪ .(19 :3‬وھو سؤال منطقي جداً‪ .‬إن كان "ليس‬
‫أحد يتبرر بالناموس عند ‪) "6‬غل‪ (11 :3‬فلماذا إذن أعطي ‪ 9‬الناموس؟ ويعود ويعطيھم مجموعة من األسباب‪:‬‬

‫‪ (١‬الناموس زيد بسبب التعديات‬

‫فالناموس "زيد بسبب التعديات" )غل‪ (19 :3‬أي أدخل مضافا بسبب التعديات علي وصايا ‪ .9‬أي بسبب‬
‫الخطايا‪ .‬فالناموس "دخل لكي تكثر الخطية" )رو‪ (20 :5‬فبدخول الناموس وضحت كل الخطايا‪ .‬ألن مقاييس‬
‫الضمير وإن كانت تؤدي إلكتشاف الخطية أيضا ً كالناموس لكنھا قاصرة عن أن تكشف كل الخطايا‪ .‬فالناموس‬
‫وضح مقاييس ‪ 9‬بصورة جيدة مما أدي ألن تكثر الخطية فى عيني البشر‪ ،‬إذ أصبحوا أكثر قدرة علي‬
‫مالحظتھا‪.‬‬

‫وأيضا يكشف الناموس عن فساد اإلنسان ألن الطبيعة المتمردة الموروثة من آدم لذتھا في رفض طرق ‪.9‬‬
‫وكما نعلم جميعا ً أن "الممنوع مرغوب" وذلك بسبب التمرد الدفين‪ .‬فكثرة الممنوعات فى الناموس قد ايضاً‬
‫أكثرت الخطية‪ ،‬مما كشف فساد اإلنسان أكثر وأكثر‪ .‬ألن "الخطية )الساكنة فى الطبيعة البشرية الفاسدة( وھي‬
‫متخذه فرصة بالوصية )الناموس( أنشأت في كل شھوة‪ .‬ألن بدون الناموس الخطية ميتة" )رو‪ .(8 :7‬وھنا‬
‫نجد أن الناموس‪ ،‬مع أنه مقدس وصالح وعادل‪ ،‬يجعل الخطية )أي الطبيعة المتمردة الملوثة بالخطية( تنشئ في‬
‫كل شھوة ألنھا تحب أن تتمرد علي وصايا ‪ .9‬فبدون الناموس الخطية ضعيفة فى تأثيرھا أو ميتة‪ .‬ولكنھا‬
‫موجودة بداخلي‪ ،‬لذا فالناموس كشف مقدار فساد الخطية الساكنة في ومقدار إنحطاط البشر "لكي تظھر الخطية‬
‫)الفساد الداخلي( خاطئة جداً )أي اليمكن إصالحه( بالوصية )بالناموس(" )رو‪(13 :7‬‬

‫‪ (٢‬الناموس مؤدبنا للمسيح‬

‫يؤدي الناموس إلي ان يصير الناس جميعا تحت الخطية وحكم الموت محبوسين أو مغلق عليھم‪ ،‬ويظلوا‬
‫جميعا محتاجين ومنتظرين منقذاً أي المسيح‪" .‬لكن الكتاب اغلق على الكل تحت الخطية ليعطي الموعد من‬
‫ايمان يسوع المسيح للذين يؤمنون‪) ".‬غل‪ (22 :3‬ولكن أيضا يصير الجميع منتظرين تحقق الوعد بالبركة‬
‫إلبراھيم بدون الناموس بل بالموعد‪ .‬ألن إبراھيم أخذ الوعد بالبركة قبل نزول الناموس بنحو أربعمائة سنة ‪.‬‬
‫وكانت البركة علي أساس إيمان إبراھيم بقدرة ‪ 9‬علي إعطاءه نسالً‪ .‬فأغلق الكتاب بالناموس علي كل البشر‬
‫وصاروا محبوسين منتظرين تحقيق الوعد باإليمان‪ ،‬اإليمان بيسوع المسيح‪" .‬ولكن قبلما جاء االيمان كنا‬
‫محروسين تحت الناموس مغلقا علينا الى االيمان العتيد ان يعلن‪) ".‬غل‪ (23 :3‬فقد كان إبراھيم مؤمنا وكان‬
‫ھناك الكثير من المؤمنين فى العھد القديم ولكن كان اإليمان بالمسيح لم يعلن بعد‪.‬‬

‫"اذا قد كان الناموس مؤدبنا الى المسيح لكي نتبرر بااليمان‪) ".‬غل‪ (24 :3‬أي أن الناموس كان وسيلة‬
‫تدريبية تقنع الجميع بحاجتھم للتبرير باإليمان بالمسيح‪ .‬وقد كان عند الرومان ھناك وظيفة تعطي لعبد من البيت‬
‫موثوق في ثقة عظيمة ھي وظيفة "المؤدب" وھو يقوم بمالحظة األطفال وتقويم سلوكھم وتعليمھم وتدريبھم‬
‫وبعض الترجمات اإلنجليزية تترجم نفس الكلمة "‪ "Schoolmaster‬أي ناظر مدرسة‪ .‬فكأنما كنا فى مدرسة‬
‫الناموس نتعلم عدم نفعنا وفسادنا وإحتياجنا للمخلص والخالص باإليمان بالوعد وليس بتنفيذ الناموس إلي أن‬
‫يأتي اإليمان بالمسيح فنتخرج من تلك المدرسة‪" .‬ولكن بعد ما جاء االيمان لسنا بعد تحت مؤدب" )غل‪. (24 :3‬‬
‫فليس ھناك نفع للناموس بعد اآلن‪ ،‬فبعد اإليمان بالمسيح ال حاجة للمؤدب ‪.‬‬

‫ولكن ماضرر اإللتزام بالناموس‪ ،‬أليس ھو من ﷲ؟‬


‫الضرر ليس فى اإللتزام بالناموس‪ ،‬فنحن مازلنا ملتزمين بالناموس األخالقي األدبي ولكن ليس الناموس اليھودي فقط بل‬
‫المسيحي أو قل "الملوكي" )يع‪ (8 :2‬أي الذي أخذناه من المسيح الملك‪ .‬فالمسيح كالملك وضع برنامجه فى الحكم‬
‫ومبادئه ووصاياه وأعطاھا لنا‪ .‬أو ھو أيضا ً "الناموس الكامل" "ناموس الحرية" )يع‪ (25 :1‬فھو ناموس بمعنى قانون‬
‫يتحكم فى الكاملين أو قل ھو مبادئ الكاملين أي المؤمنين لذا فھو "الناموس الكامل" أو ناموس الذين نالوا الحرية‬
‫وتحرروا من سلطان الخطية وسلطان الناموس القديم وسلطان إبليس ھؤالء األحرار فى المسيح "إن حرركم اإلبن‬
‫فبالحقيقة تكونون أحراراً" )يو‪ (26 :8‬ھؤالء لھم مبادئ تتفوق علي مبادئ األخالق فى الناموس يعيشون بھا‪ .‬فليس‬
‫ھناك مسيحي حقيقي يقول أنه مادمنا لسنا تحت الناموس‪ ،‬ينبغي أن نسرق أو نقتل أو نزني‪ ،‬بل علي النقيض إنه يقول‬
‫"اليسرق السارق فيما بعد‪ ،‬بل بالحري يتعب عامال الصالح بيديه‪ ،‬ليكون له أن يعطي من له إحتياج" )أفس‪،(28 :4‬‬
‫وأيضا ً "سمعتم انه قيل للقدماء‪ :‬التقتل‪ .‬ومن قتل يكون مستوجب الحكم‪ .‬وأما أنا فأقول لكم‪ :‬إن كل من يغضب علي‬
‫أخيه باطالً يكون مستوجب الحكم ومن قال ألخيه رقا )تافه( يكون مستوجب المجمع ومن قال‪ :‬يا أحمق يكون مستوجب‬
‫نار جھنم" )مت‪ (22-21 :5‬وأيضا ً "قد سمعتم أنه قيل للقدماء‪ :‬التزن‪ .‬وأما أنا فأقول لكم‪ :‬إن كل من ينظر إلمراءة‬
‫ليشتھيھا فقد زني بھا فى قلبه" )مت‪(28-27 :5‬‬

‫إذن كما قال الرسول "أني لست بال نامو س ‪ ،7‬بل تحت ناموس للمسيح" )‪1‬كو‪ .(21 :9‬فالمسيحي الحقيقي قد وضع‬
‫نفسه تحت مبادئ معلمه وسيده ليعيش بھا أي وضع نفسه تحت نير المسيح الذي أوصي أحبائه "إحملوا نيري عليك‬
‫وتعلموا منى ألننى وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم ألن نيري ھين وحملي خفيف" )مت‪(29-28 :11‬‬
‫فالمسيحي الحقيقي وإن كان قد تحرر من الناموس كواسطة للحصول علي التبرير والحياة بواسطة مجھودات وأعمال‬
‫اإلنسان فھذا من ناحية‪ ،‬ولكن من الناحية األخري ھو ملتزم إلتزام أدبي أمام ‪ 9‬أن يحيا حياة مثل المسيح تماما ً‪ .‬فھو‬
‫يحمل نير المسيح وھو نير ھين ألنه يشارك المسيح فى الحمل‪ .‬فالمسيح رفيق شخصي له فى ھذه النوعية من الحياة‪ ،‬فھو‬
‫يعيش فى الطاعة نتيجة حبه للمسيح وليس سعيا للحصول علي البر والحياة األبدية فقد قال السيد له المجد‪" :‬إن كنتم‬
‫تحبوننى فأحفظوا وصاياي" )يو‪ (15 :14‬وأيضا ً "الذي عنده وصاياي ويحفظھا فھو الذي يحبنى والذي يحبنى يحبه‬
‫أبي وأنا أحبه وأظھر له ذاتي" )يو‪ (21 :14‬وألن الطاعة وحفظ الوصايا يجعال المؤمن مقيما بصورة دائمة فى شركة‬
‫حية وممتعة مع الرب‪ .‬بل ويجعال الرب يظھر له ذاته وھو شيئ غال جدا عند المسيحي الحقيقي‪.‬‬

‫ولكن الضرر كل الضرر ھو أن يظل المسيحي معتمدا علي أعمال البر فى الحصول علي التبرير والقبول أمام ‪.9‬‬
‫ألن ھذا ضد الحق وضد مقاصد ‪ 9‬بل وأيضاً إھانة لصليب المسيح وإبطال لنعمة ‪" .9‬لست ابطل نعمة ‪ .6‬النه ان‬
‫كان بالناموس بر فالمسيح اذا مات بال سبب" )غل‪ (21 :2‬ونالحظ أن الرسول لم يقل إن كان بالناموس "البر" ولكنه‬
‫قال إن كان بالناموس بر‪ ،‬بدون تعريف باأللف والالم‪ ،‬أي لو كان بالناموس أي بر‪ .‬فھو ينفي ھنا أن أعمال اإلنسان‬
‫تستطيع أن تعطيه أي مقدار من البر‪ ،‬فأعمالي التستطيع أبداً أن تعطيني ولو قدر قليل جداً من البر "الن جميع الذين ھم‬
‫من اعمال الناموس ھم تحت لعنة" )غل‪ (10 :3‬فعمل اإلنسان ناقص دائما ً أبد ًا‪ .‬وأي عمل بر إنساني بكل تأكيد به ولو‬
‫شوائب بسيطة جداً ولكنھا تفسد ھذا العمل وتجعل ‪ 9‬اليقبله كواسطة للبر‪ .‬ونحن نري ھذا المبدأ فى إختيار الذبائح التي‬
‫تشير للمسيح‪ .‬فكان ينبغي للذبيحة أن تكون بالعيب تماما ً مثل المسيح‪ .‬فا‪ J‬لن يقبل أمامه أي شيئ أقل من المسيح وكمال‬
‫المسيح‪ .‬ألنه اليتوافق مع قداسة ‪ 9‬سوي ‪ .9‬لذا فكل ما أصنعه ال يمكن أبداً أن يكون أساسا ً ولو بسيطا ً للقبول أمام ‪.9‬‬
‫وكأن الرسول ھنا سبق ورأي ماسيحدث من محاوالت لإلنسان بتبرير نفسه ولو بدرجة بسيطة جداً عن طريق أعماله‪.‬‬
‫أي أن يظن اإلنسان أن التبرير في عيني ‪ 9‬ھو بر المسيح علي الصليب مضافا إليه شيئا ً قليالً من البر العملي فى الحياة ‪.‬‬
‫فھذه معادلة حسابية خاطئة‪.‬‬

‫‪ X‬التبرير = عمل المسيح ‪ +‬بر شخصي ‪X‬‬

‫أما المعادلة الصحيحة فھي‬

‫التبرير = عمل المسيح ‪ +‬اإليمان‬

‫ولكن يسأل سائل‪ :‬أليس من األفضل أن نخاف قليالً ونري أن أعمالنا مھمة‬
‫للتبرير؟ ألن يجعلنا ھذا األمر نسلك بصورة أفضل ونجاھد حتى نحصل علي‬
‫البر؟ أليس قليال ً من الخوف يصلح الحياة الروحية الفاترة كثيراً في ھذه االيام؟‬

‫والحقيقة أنه علي العكس تماما ً‪" .‬لكن الخطية وھي متخذة فرصة بالوصية انشأت في كل شھوة‪ .‬الن بدون‬
‫الناموس الخطية ميتة" )رو‪ (8 :7‬أي أن مبدأ التبرير عن طريق تتميم الوصايا ھو فرصة للخطية التي في‬
‫لكي تنشئ في كل شھوة‪ .‬فبداخلي إنسان معاد ‪ ،J‬ساكنة فيه الخطية‪ .‬وھي حالة من اإلستقالل عن ‪ 9‬واإلعتداد‬
‫بالذات‪ .‬ھذه الخطية الساكنة في تستغل الوصية فى أن تنشئ في كل شھوة‪ .‬فمبدأ التبرير عن طريق أعمال‬
‫اإلنسان يضع اإلنسان تحت عبودية مريرة للشھوات‪ .‬فمبدأ الناموس أي أكون متبرراً عن طريق أعمالي أمام ‪9‬‬
‫يجعل الخطية الساكنة في تحيا أي تصير عاملة وتأخذ فرصة‪ .‬ألن الطبيعة الفاسدة الملوثة بالخطية تريد أن‬
‫تكون نداً ‪ J‬فھي تبدأ بالعمل لكي تثبت أنھا جيده وأنھا تستطيع أن تفعل البر لكي تحصل علي الحياة‪ .‬وھكذا‬
‫يكون نفس المبدأ الذي للحياة ھو ھو الذي للموت كما قال الرسول "فوجدت الوصية التي للحياة ھي نفسھا لي‬
‫للموت" )رو‪ .(10 :7‬ألن ھذه الطبيعة متمردة أصالً بطبعھا ولن تصنع البر بل ھي مستعبدة للخطية رغم أنھا‬
‫تظن أنھا قادرة علي التحرر منھا‪ .‬وكلما أعطيھا فرصة أكثر إلثبات نفسھا وكلما أتمحور حول نفسي أكثر‬
‫وحول أعمالي أكثر وحول حياتى الروحية وأين أنا فيھا أكثر كلما أتمركز حول ذاتي بشكل أكثر وفي كل ھذا‬
‫يخرج المسيح وعمله من المشھد رويداً رويداً وأحتل أنا المشھد وأحاول أن أثبت أننى قادر علي عمل الخير‬
‫ونوال البر‪ .‬وأجد نفسي مستعبداً أكثر وأكثر‪.‬‬

‫ويؤكد الرسول علي ھذا المبدأ أنه عند اإليمان بأن التبرير ھو بالنعمة فقط وقتھا لن نستعبد للخطية إذ يقول‬
‫"فان الخطية لن تسودكم النكم لستم تحت الناموس بل تحت النعمة" )رو‪ (14 :6‬نعم الخطية لن تسودنا إن‬
‫تأكدنا أننا مبررون بالنعمة فقط وليس عن طريق أعمال بر ناموسية‪ .‬أليس ھذا ضد الفكر البشري الطبيعي؟ نعم ‪.‬‬
‫إن الفكر البشري الطبيعي يري أنه إن خاف شخصا من قانون ما عندھا سيكون اكثر إلتزاما به‪ .‬ولكن عالم‬
‫الروح وفكر ‪ 9‬من جھة الخالص مختلف تماما ً‪ .‬وينبغي لنا أن نري األمور من وجھة نظر ‪ 9‬وليس من وجھة‬
‫نظر اإلنسان الطبيعي‪ 9 .‬يقول أننا عندما نسقط من حساباتنا مبدأ التبرير عن طريق تتميم الفرائض والطقوس‬
‫والوصايا والممارسات أيا كانت‪ ،‬ونضع فى حساباتنا أن التبرير ھو بالنعمة فقط‪ ،‬عندھا لن تسودنا الخطية ولن‬
‫نستعبد لھا‪" .‬ليكن كل إنسان كاذبا ً وأما ‪ 6‬فصادقا ً" )رو‪ (4 :3‬نعم آمين‪ 9 .‬صادق فيما يقول‪ .‬فمبدأ التبرير‬
‫بأعمال ما يجعلنا عبيد للخطية إذ يكمل الرسول بولس شرحه قائالً‪" :‬فشكرا ‪ 7‬انكم كنتم عبيدا للخطية ولكنكم‬
‫اطعتم من القلب صورة التعليم التي تسلمتموھا‪ .‬واذ أعتقتم من الخطية صرتم عبيدا للبر" )رو‪ (17 :6‬نعم‬
‫فتحت الناموس سادت علينا الخطية وكنا مستعبدين لھا‪ .‬ولكن إطاعة التعليم‪ ،‬تعليم العھد الجديد‪ ،‬إنجيل "نعمة‬
‫‪) "6‬تي‪ (11 :2‬الذي نادي به بولس الرسول‪ ،‬أعتقنا من الخطية أي حررنا منھا وجعلنا عبيداً للبر‪ .‬ياله من‬
‫أمر مجيد‪ .‬أال تؤمن ياأخي بنعمة ‪ ،9‬لو تحررت من فكرة الناموس تماماً وصرت مؤمنا ً بالكامل بمبدأ النعمة‬
‫ستكون عبداً للبر‪ .‬كم أرھقتك الخطية فى عبودية مرة؟ أالتريد أن تكون في عبودية ولكن للبر؟ يستطيع الرب ان‬
‫يفعل بك ھذا األمر أن تجد نفسك مستعبداً ولكن ياللعجب مستعبداً للبر‪ .‬التستطيع سوي عمل البر‪ .‬وتكون‬
‫الخطية بالنسبة لك شيئا ً عارضا ً‪ .‬أتريد ھذا األمر؟ أسمع صوتك فى أذني يقول نعم نعم نعم أريد‪ .‬إذن أسقط من‬
‫حساباتك مبدأ الناموس وعش بمبدأ النعمة‪.‬‬

‫ومن العجيب أيضا ً أن مبدأ "النعمة فقط" له تأثير غريب علي اإلنسان فيتسائل الرسول "فماذا إذا؟ أنخطئ‬
‫ألننا لسنا تحت الناموس بل تحت النعمة؟ حاشا" )رو‪ (15 :6‬فرغم أن النعمة ھي الحصول علي البر بالمجان‬
‫دون أعمال‪ ،‬فھي تجعل اإلنسان يكره الخطية ويبتعد عنھا‪ .‬فقول الرسول حاشا يدل علي أنه لن يحدث ھذا األمر‬
‫أبداً‪ ،‬لن نعيش فى الخطية مادمنا تحت النعمة بل يقول أيضا ً "النه قد ظھرت نعمة ‪ 6‬المخ ّلصة لجميع الناس‪،‬‬
‫مع ّلمة ايانا ان ننكر الفجور والشھوات العالمية ونعيش بالتعقل والبر والتقوى في العالم الحاضر" )تي‪(11 :2‬‬
‫فالنعمة تعلمنا أن ننكر الخطايا‪ .‬والحظ أنه لم يقل تأمرنا‪ ،‬أو تشدد علينا بل معلمة إيانا‪ .‬وھي تعلمنا ألنه ھذا ھو‬
‫طبعھا‪ .‬فنوال نعمة عظيمة من ‪ 9‬عن طريق موت المسيح "الذي أحبنى وأسلم نفسه الجلي" )غل‪(20 :2‬‬
‫يجعل قلبي ينكر الخطايا ويتحرر منھا ويعيش ‪ .J‬فالغفران المجاني بالنعمة يسبي القلب حبا ً للمسيح ويجعله‬
‫يسعي لعمل وصاياه بحب وليس خوفا من عقوبة أو طمعا ً فى مكافأة‪.‬‬

‫ويعود أيضاً فيشير إلي أنه كان الناموس يجعلنى عبد ًا للخطية والموت ولكن بسكنى الروح القدس في‬
‫باإليمان كنعمة مجانية قد أعتقت من الخطية "الن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد اعتقني من‬
‫ناموس الخطية والموت‪ .‬النه ما كان الناموس عاجزا عنه في ما كان ضعيفا بالجسد فا‪ 7‬اذ ارسل ابنه في‬
‫شبه جسد الخطية والجل الخطية دان الخطية في الجسد" )رو‪ (3-2 :8‬فالناموس كان عاجزاً وضعيفا ً عن أن‬
‫يحرر اإلنسان بل علي العكس فالناموس أعطي الخطية الفرصة لكي تستعبد اإلنسان ألن "قوة الخطية ھي‬
‫الناموس" )‪1‬كو‪ (56 :15‬أي أن الخطية تستمد قوتھا من مبدأ التبرير علي أساس األعمال‪ .‬فإسقاط ھذا المبدأ‬
‫من حساباتي يجعلنى أتحرر من عبودية الخطية إذ تفقد الخطية قوتھا‪.‬‬

‫أخي ألم يحن الوقت لكي تصدق ﷲ كل التصديق وتحيا باإليمان بالنعمة أمامه؟ ألم يحن الوقت لكي‬
‫تنكر أي بر ذاتي لك فى عيني نفسك؟ ألم يحن الوقت أن تتضع بالكامل وتنسحق تماما ً أمام ﷲ وتعلن‬
‫أنك لن تجد فى نفسك أي رجاء يعتمد عليه وتتكل بالكامل علي نعمة ﷲ؟ إنه وقت تحرير الفكر من‬
‫أفكار اإلنسان الطبيعي الذي يريد أن يثبت نفسه‪ .‬إنه وقت النعمة واإليمان‪ .‬أترك من قلبك كل رجاء لك‬
‫فى نفسك وإلقي رجائك بالتمام علي النعمة التي يؤتي بھا إليك عند إستعالن يسوع المسيح‪ .‬ألن‬
‫الناموس لم يأتي من المسيح بل النعمة والحق بيسوع المسيح صارا‪ ،‬ذاك الذي أعطانا بقبولنا إياه أن‬
‫نكون أوالد ﷲ أي المؤمنون بإسمه‪ .‬وله كل المجد‪ .‬آمين‬

You might also like