* إن الشرط الرئيسي المحدد لحقيقة العمل يتمثل في ارتباط هذه الممارسة بالنتاج سواء تعلق المر بإنتاج مادي يتجلى في مصنوعات مادية أو إنتاج فكري. غير أن ربط العمل بالنتاج ل ينتهي بنا فعليا إلى تحديد حقيقة العمل من جهة إبراز خصوصيته كممارسة إنسانية ينفرد بها النسان ،ذلك أنه يحق لنا أن نتساءل بعد أرسطو وماركس ،إن كان النحل الذي "ينتج" جبحه ،وحتى بتلك الدرجة من الدقة المبهرة ،أن نعتبره إنتاجا يحيل على ما نقصده بالعمل .انه ل يمكن إل أن نستعيد تأكيد ماركس في نفي إمكان ربط هذا النتاج بالعمل؛ ذلك أن العمل يقتضي أن يصدر عن فاعلية تتسم بتوفر الوعي والتفكير والتخطيط المسبق لعملية النتاج وهو ما ل يتوفر في " عمل النحل :باعتبار أن ما ينتجه إنما يخضع لمقتضيات الغريزة ومتطلبات إشباع الحاجة البيولوجية الخالصة. * إن هذا التحديد الثاني لدللة العمل وعلى أهميته ل يقول لنا حقيقة العمل فحين نقصر دللة العمل على عملية النتاج المرتبطة بالوعي والذكاء يجعل من دللته ملتبسة مع دللة الفن مثل؛ فالفن هو الخر ممارسة واعية تنتهي إلى إنتاج شيء ما من خلل مقاصد تقوده وتوجهه ،لكننا في المقابل نميز بين العمل من جهة والفن من جهة ثانية. * إن الفنان ينتج خلل ممارسته الفنية ،غير أن إنتاجه يضل محكوما إلى حد بعيد بمقتضيات ذاتية خالصة ،وهنا ،تحديدا ،تتعين الخاصية الثالثة بما هي الشرط الضروري لتحديد حقيقة العمل ،ذلك أن العمل كممارسة ،وفي مقابل الفن ،يخضع إلى حد كبير إلى شروط والتزامات موضوعية تجعل من العمل ،وان كان بدرجات متفاوتة ،يخضع دائما للرغام واللزام. تتحدد حقيقة العمل إذن في علقة بهذه المقتضيات الثلثة المتمثلة في ارتباطه بمعاني النتاج والوعي واللزام.
/2في علقة العمل بالنجاعة:
* تتعين النجاعة بماهي الممارسة التي تحقق أقصى ما يمكن من فائدة ببذل أقل ما يمكن من مجهود. * يحيل مفهوم النجاعة في علقة بالعمل على مستويين: -مستوى التأسيس النظري في إطار تصور مخصوص للنشاط القتصادي كما التنظيم السياسي والجتماعي للعمل؛ وهو ما يحيل على الليبرالية في مستوييها القتصادي والسياسي. -مستوى التنظيم التقني للعمل في إطار نظام " العمل المتسلسل" أو :ما يعرف كذلك ب " التيلرة". * يجد هذا الربط بين العمل والنجاعة أساسه في تصور أول للعمل يقوم بربط العمل بدللته اللغوية داخل الفرنسية بما هو يعود على معاني الشقاء والتعب واللم فتكون النجاعة المبدأ الذي يضفي معقولية على العمل بما هي شرط تحقق المصلحة والمنفعة التي تجعل من احتمال هذا الشقاء مبررا وليس ممارسة عبثية. * النجاعة بهذا المعنى هي الممارسة التي تقوم على تصور للوجود النساني يربط هذا الوجود بمبدأ المصلحة والمنفعة الفردية أساسا ،باعتبار إن تحقق المصلحة الفردية هو الذي يفضي إلى تحقق المصلحة الجتماعية. يستلزم تحقيق هذه المصلحة تنظيم النشاط القتصادي على أساس مبادئ: +الملكية الخاصة باعتبارها الساس القانوني للحياة القتصادية كما الساس الخلقي. +الحرية الفردية التي تعتبر التي تعتبر ملزمة لقانون المنفعة الشخصية وبالتالي يجب ترك الحرية للفرد في العمل والنتاج والربح. +المنافسة الحرة باعتبارها أساس تنظيم الحياة القتصادية وهو ما يعني ابتعاد الدولة عن كل دور مؤثر في تحديد وتوجيه الحياة القتصادية. +ملحظة :اثر أزمة 29وبتأثير المفكر القتصادي كاينز تم مراجعة السس النظرية لليبرالية القتصادية خاصة من خلل مراجعة دور الدولة في النشاط القتصادي نحو التأكيد على ضرورة حضورها وتدخلها في مراقبة القتصاد. * يمثل التقسيم التقني للعمل أحد الدوات الساسية الكفيلة بتكريس مبدأ المصلحة والمنفعة والمرودية التي يتأسس عليها مبدأ النجاعة داخل الليبرالية القتصادية. * الستتباعات: * تحقيق قدر هام من الرفاهية يشهد عليه واقع المجتمعات الرأسمالية. * سقوط العمل في دائرة الغتراب: +تنظيم العمل في إطار مبدأ النجاعة كما تؤسس له الليبرالية ينتهي حسب ماركس إلى وضع يسلب فيه العامل من ذاته ومن منتوج عمله فتكون مستويات الغتراب متعددة: +اغتراب نفسي يتجلى في تحول العمل بفعل التقسيم التقني للعمل إلى نشاط رتيب وممل يخلو من كل بعد إبداعي فيتحول العامل ذاته إلى جزء من اللة. +اغتراب انطولوجي إذ يتحول العامل داخل القتصاد الليبرالي إلى مجرد"قوة عمل" تخضع لمنطق التبادل القتصادي وقانون العرض والطلب وبالتالي إلى مجرد شيء. +اغتراب اجتماعي سياسي يتجلى في المنزلة الوضيعة للعامل داخل مجال النشاط السياسي والجتماعي وغياب كل تأثير جدي له في إدارة الشأن العام. يتجاوز مفهوم الغتراب مجال العمل المخصوص كنشاط اقتصادي ليحيل على كل وضع اجتماعي سياسي تفتقد داخله الذات النسانية أصالتها وكرامتها وتتحول إلى شيء :التشيؤ.
/3العمل ومطلب العدالة:
* خطورة استتباعات ربط العمل بالنجاعة في سياق النظرية الليبرالية يستوجب إعادة التفكير في شرعية هذا الربط. * إعادة التفكير هذه تستدعي التأكيد على أهمية مطلب العدالة باعتباره المبدأ الذي يمكن من تجاوز تناقضات واحراجات تأسيس العمل على النجاعة. * تحيلنا دللة العدالة بداية على فكرة المساواة . * يرتبط في تحديد دللة المساواة ما هو اقتصادي بما هو إيديولوجيا. * ترفض الماركسية دللة المساواة في سياق الفكر الليبرالي حين يقوم على تمييز طبيعي بين البشر يعترف ويقر بوجود ل تكافئ في اقتدارا تهم وكفاءتهم الذي يبرر من الناحية القانونية كما الخلقية اللمساواة.هذا التصور للمساواة يعتبره المنظور الماركسي تصورا يقوم على أساس النظر للبشر وكأنهم مجرد منتوجات. * يستلزم تحقيق المساواة الفعلية قيام مجتمع إنساني يلغي مبدأ الملكية الخاصة وما يستتبعها من انقسام طبقي داخل المجتمع لتأسيس مجتمع إنساني يقوم على مساواة مطلقة بين الجميع في إطار احترام كرامة العامل والعمل. يستوجب قيام هذا المجتمع وعي العمال بوضعية الظلم التي يعيشونها والثورة عليها وتحقيق وجود مجتمع شيوعي يغيب عنه تسلط الرأسمال وأدواته السياسية المتمثلة في الدولة وسلطتها القمعية المكرسة للظلم الجتماعي. * بقدر أهمية البعد النساني المميز للفلسفة الماركسية فان ما شهده عالمنا المعاصر من أحداث تاريخية يمثل انهيار التحاد السوفياتي حدثها البرز يجعل من التسليم بتحقق نبوة ماركس في قيام مجتمع شيوعي محرجة وتبدو إلى حد ما مثالية بسبب تجاهلها لبعد أساسي في الطبيعة النسانية المتمثلة في الدافع العدواني ومشاعر النانية ،دون تجاهل جسامة الضغط والحصار الذي وجهت به هذه التجربة.
/4في التضايف بين العدالة والنجاعة :أطروحة إيريك فايل.
* إن العدالة) بما هي مساواة ( من غير النجاعة)المنفعة والمصلحة الفردية( ل تعني شيئا، و أن النجاعة) المنفعة الكونية ( ل تعني شيئا من غير العدالة ) النصاف (. * في حدود العدالة من غير نجاعة :غير عادلة. +التنظيم السياسي والجتماعي للعمل في إطار فكرة العدالة بما هي مساواة غير ناجع باعتبار انه يقصي الحافز الساسي لكل نشاط اقتصادي المتمثل في تحقيق الربح والمنفعة الشخصية ،وبالتالي ينعدم إمكان كل تطور وازدهار اقتصادي حقيقي. +ربط العمل بمبدأ المساواة المطلقة يغبن البعض حقهم من حيث ل ينصف مجهوداتهم ومهاراتهم المتميزة و يساوي على نحو متعسف بينهم وبين الكسول والخامل. * في حدود النجاعة من غير عدالة :غير ناجعة. +التنظيم السياسي والقتصادي للمجتمع الذي يقوم على فكرة النجاعة ويغيب قيمة العدالة ينتهي إلى تكريس واقع اجتماعي قائم على الظلم والتفاوت الطبقي بما يهدد وحدة المجتمع وينذر باضطرابات سياسية واجتماعية تهدد وجود الدولة ذاتها. * ضرورة تأسيس انتظام سياسي واجتماعي قائم على تقاطع قيمتي العدالة والنجاعة: +الوجود النساني محكوم بنظام الحاجة فتكون المصلحة هي مدار الوجود الجتماعي ومبرره بما هو شرط تحقيق حسن البقاء الذي يعجز النسان كفرد على تحقيقه. +ل يمكن اختزال الوجود النساني في بعد المنفعة باعتبار النسان هو كذلك كائن الحرية وقيم الخير والعدل والجمال. +تقاطع النجاعة والعدالة يجد مبرره داخل النسان ذاته. * هذا التحديد لقيمة النسان في بعديه المادي والقيمي يستوجب تجاوز التناقضات الولية بين الفرد والمجتمع ،المصلحة الفردية والمصلحة الجماعية. +هذا التجاوز يستوجب: من جهة الفرد: العتراف والوعي بانخراطه في إطار وجود اجتماعي يستوجب العيش المشترك في إطار احترام المصلحة العامة. من جهة المجتمع: العتراف بالرادة الذاتية للفراد واحترامها .
مواضيع للتفكير والمراجعة:
–هل من وجاهة في مطلب المساواة في الجور؟ –هل العمل خلق للقيمة أم سلب لكل قيمة؟ –هل من تناقض بين اعتبار العمل حقا وضرورة نكره عليها؟ –هل يمكن اختزال الغاية من العمل في مطلب الرفاهية؟ –" إن اللة تحول العمل الذكي ،الكلي إلى عمل أحمق جزئي وشكلي ول آنساني" –بقدر ما يزداد العمل نجاعة يزداد اغترابا –هل العمل سلطة للنسان أم سلطة على النسان؟ –النجاعة والغتراب. النص الول حّول الجسد والفكر تحت سلطان مبدأ المردودية إلى أدوات للعمل المغترب ) (...ويلعب توزيع الوقت دورا أساسيا ُ في هذا التحول .فل يوجد النسان على جهة وجود أداة المردودية المغتربة إل خلل جزء من وقته أي خلل أيام العمل ، أما فيما تبقى من الوقت فانه يكون حرا ،يتصرف في نفسه)(... إن هذا الوقت الحر قد يكون ) بالقوة ( مخصصا للذة .غير أن مبدأ اللذة الذي يحكم " الهو" إنما هو أيضا "ل متزمن"، معنى ذلك أنه يصارع ضد التفتت الزمني للذة وضد تجزئتها ) إلى ( أقساط متباعدة .وإن مجتمعا يحكمه مبدأ المردودية عليه بالضرورة أن يفرض مثل هذا التوزيع لن الجسد يجب أن يكون قد تعود على الغتراب في مستوى أعماقه ذاتها، أي في مستوى " أنا اللذة " فعلى ) الجسد ( أن يتعلم نسيان المطالبة بالشباع اللمتزمن و اللمجدي أي نسيان المطالبة " باللذة البدية " أضف إلى ذلك أن الغتراب وشدة التأطير يتجاوزان وقت العمل إلى الوقت الحر)(... إن طول يوم العمل ذاته وكذلك الرتابة المملة واللية ،رتابة العمل المغترب التي تباشر تلك المراقبة على أوقات اللهو ،إن ذلك الطول وتلك الرتابة يفرضان أن تكون أوقات اللهو راحة سلبية وتجديدا للطاقة استعدادا لعمل مقبل. فلم تبلور تقنية التلعب بالجماهير ،صناعة الترفيه التي تراقب مباشرة أوقات اللهو ،أو قل إن الدولة لم تتول مباشرة شؤون هذه المراقبة إل في آخر مراحل الحضارة الصناعّية ،أي في الوقت الذي هددت قيه زيادة النتاجية بتجاوز الحدود التي ضبطتها السيطرة القمعية. فليس للفرد أن يترك وشأنه .إذ لو أخلي سبيل الطاقة الليبيدّية الصادرة عن الهو ولو ساعدها ذكاء حر واع بإمكانية تحرره من الواقع القمعي لثارت على التضييقات الخارجية الغريبة التي ما تفتأ تفرض عليها ،ولصارعت من أجل أن تستوعب حقل يزداد اتساعا يوما بعد يوم من العلقات الوجودية ،ولفجرت بالتالي " أنا الواقع " وحواجزه القمعية. هربرت ماركوز " .ايروس والحضارة " السئلة: –على أي وجه يرتبط العمل بمبدأ المردودية؟ –ما هي حقيقة دور الوقت الحر داخل المجتمعات الحديثة ؟ –ما هو الحرج الذي تخشاه النظمة القمعية من تحرر الفرد؟ النص الثاني: لقد أصبحت كل الشياء في هذا العصر تبدو حبلى بنقيضها .فاللة التي تملك قدرة عجيبة على اختصار العمل والحد من ساعاته وجعله أكثر إنتاجية تسبب الجوع والنهاك المفرط .لكأن عبث القدار جعل المصادر الجديدة للثروة تتحول إلى مصدر للبؤس لكأن كل انتصار تقني ثمنه انحطاط معنوي وبقدر ما يصبح النسان سيدا و ممتلكا للطبيعة بقدر ما يصبح عبدا لمثاله .إن ضوء العلم الخالص أصبح يستدعي ظلمات الجهل لكي يسطع .فكل اختراعاتنا و كل تقدمنا ل يبدو أن له نتيجة أخرى غير تسليح القوى المادية بالحياة والذكاء والنزول بالنسان إلي مستوى قوة مادية .إن هذا التناقض بين الصناعة والعلم العصريين من جهة والظروف الجتماعية لعصرنا من جهة أخرى أمر واضح وساحق ل يمكن إنكاره .يمكن لبعض الحزاب السياسية أن تندد به كما يمكن للبعض الخر أن يتمنى التخلص من التقنية الحديثة و في الن نفسه من الصراعات الحديثة .كما بإمكانهم أيضا أن يعتقدوا أن تقدما في الصناعة بهذا المستوى يستحق كي يكون كامل إلى تراجع مماثل في النظام السياسي.
كارل ماركس :خطاب 1856 / 4/ 19
السئلة: –حدد أطروحة النص. –كيف يصبح التطور التقني انحطاطا بالنسان؟ –أي استتباعات ينتهي لها هذا التطور التقني على مستوى العلقات الجتماعية؟ –ما هو وجه العلقة بين التقدم الصناعي والتنظيم السياسي الذي يشير له الكاتب؟ –كيف ترى قيمة الحلول التي يعرض لها الكاتب لمشكل النص؟
هربرت ماركيز .النسان ذو البعد الواحد
النص الثالث: حاول الشتغال على السند عدد 27ص 66من الكتاب المدرسي الجزء الثاني