You are on page 1of 110

1

‫الرحالة ك‬
‫طبائع الستبداد‬
‫و‬
‫مصارع الستعباد‬

‫وهي كلمة حق و صرخة ف واد‬

‫إن ذهبت اليوم مع الريح‬

‫لقد تذهب غد"ا بالوتاد‬

‫عبد الرحمن الكواكبي‬

‫‪2‬‬
‫بسم ال الرحن الرحيم‬

‫فاتة الكتاب‬

‫المد لل&ه‪ ،‬خالق الكون على نظام! مكم ٍ متي‪ ،‬والصلة والسلم على أنبيائه العظام‪ ،‬هداة‬
‫المم إل الق البي‪ ،‬لسيما منهم على النب العربي الذي أرسله رحة ً للعالي ليقى بهم معاشا‬
‫ومعادا? على سل&م الكمة إل عل&يي‪.‬‬
‫أقول‪ M‬وأنا مسلم عربي مضطر للكتتام شأن الضعيف الصادع بالمر‪ ،‬العلن رأيه تت ساء‬
‫الشرق‪ ،‬الراجي اكتفاء الطالعي بالقول عم‪V‬ن قال‪ :‬وتعرف الق ف ذاته ل بالرجال‪ ،‬إنن ف سنة‬
‫ثاني عشر وثلثائة وألف هجرية هجرت‪ M‬دياري سرحا? ف الشرق‪ ،‬فزرت‪ M‬مصر‪ ،‬واتذتها لي مركزا‬
‫أرجع إليه مغتنما? عهد الرية فيها على عهد عزيزها حضرة سي‪ V‬عم النب ) العباس الثاني ( الناشر‬
‫لواء المن على أكناف ملكه‪ ،‬فوجدت‪ M‬أفكار سراة القوم ف مصر كما هي ف سائر الشرق خائضة‪ j‬عباب‬
‫البحث ف السألة الكبى‪ ،‬أعن السألة الجتماعية ف الشرق عموما? وف السلمي خصوصا?‪ ،‬إنا هم‬
‫كسائر الباحثي‪ ،‬كل ٌ يذهب مذهبا? ف سبب النطاط وف ما هو الدواء‪ .‬وحيث إني قد تحص عندي‬
‫أن أصل الداء هو الستبداد السياسي ودواؤه دفعه بالشورى الدستورية‪ .‬وقد استقر‪ wx‬فكري على ذلك‬
‫ـكما أن لك}ل نبأ مستقرا?ـ بعد بث ثلثي عاما‪ ...‬بثا? أظنه‪ M‬يكاد يشمل كل ما يطر‪ M‬على البال من‬
‫سبب يتوهم‪ M‬فيه الباحث عند النظرة‪ €‬الول‪ ،‬أنه‪ M‬ظفر بأصل الداء أو بأهم أصوله‪ ،‬ولكن•؛ ل يلبث أن‬
‫يكشف له التدقيق أنه ل يظفر بشيء‪ ،‬أو أن ذلك فرعٌ ل أصل‪ ،‬أو هو نتيجة ل وسيلة ‪.‬‬
‫فالقائل‪ M‬مثل?‪ :‬إن أصل الداء التهاون ف الدين‪ ،‬ل يلبث أن• يقف حائرا? عندما يسأل نفسه‬
‫لاذا تهاون الناس ف الدين؟ والقائل‪ :‬إن الداء اختلف الراء‪ ،‬يقف مبهوتا? عند تعليل سبب‬
‫الختلف‪ .‬فإن قال‪ :‬سببه الهل‪ ،‬ي‪w‬ش•ك}ل‪ M‬عليه وجود الختلف بي العلماء بصورة أقوى وأشد‪...‬‬
‫وهكذا؛ يد نفسه ف حلقة م‪M‬فرغة ل مبدأ لا‪ ،‬فيجع إل القول‪ :‬هذا ما يريده ال بلقه‪ ،‬غي‬
‫مكتث بنازعة عقله ودينه له بأن ال حكيمٌ عادلٌ رحيم‪...‬‬
‫ت نفسي ف تليلها‪،‬‬
‫وإني‪ ،‬إراحة? لفكر الطالعي‪ ،‬أعدد لم الباحث الت طالا أتعب ‪M‬‬
‫وخاطرت‪ M‬حتى بياتي ف درسها وتدقيقها‪ ،‬وبذلك يعلمون أني ما وافقت‪ M‬على الرأي القائل بأن أصل‬

‫‪3‬‬
‫الداء هو الستبداد السياسي إل بعد عناءٍ طويل يرجح‪ M‬قد أصبت‪ M‬الغرض‪ .‬وأرجو ال أن• يعل ح‪M‬سن‬
‫ني‪x‬ت شفيع سيئاتي‪ ،‬وهاهي الباحث‪:‬‬
‫ف زيارتي هذه لصر‪ ،‬نشرت‪ M‬ف أشهر جرائدها بعض مقالت سياسية تت عنوانات‬
‫الستبداد‪ :‬ما هو الستبداد وما تأثيه على الدين‪ ،‬على العلم‪ ،‬على التربية على الخلق‪ ،‬على‬
‫الد‪ ،‬على الال‪ ...‬إل غي ذلك‪.‬‬
‫ثم ف زيارتي إل مصر ثانية? أجبت‪ M‬تكليف بعض الشبيبة‪ ،‬فوسعت‪ M‬تلك الباحث خصوصا‬
‫ف الجتماعيات كالتبية والخلق‪ ،‬وأضفت إليها طرائق التخ̃لص من الستبداد‪ ،‬ونشرت‪ M‬ذلك ف‬
‫كتاب س‪x‬يته )طبائع الستبداد ومصارع الستعباد( وجعلته هدية? من للناشئة العربية الباركة البية‬
‫العقودة آمال المة بي‪M‬م•ن› نواصيهم‪ .‬ول غرو‪ ،w‬فل شباب إل بالشباب‪.‬‬
‫ثم ف زيارتي هذه‪ ،‬وهي الثالثة‪ ،‬وجدت‪ M‬الكتاب قد نفد ف برهةٍ قليلة‪ ،‬فأحببت‪ M‬أن أعيد‬
‫النظر فيه‪ ،‬وأزيده زيدا? ما درست‪M‬ه‪ M‬فضبطت‪M‬ه‪ ،‬أو ما اقتبست‪M‬ه وطب‪x‬قت‪M‬ه‪ ،‬وقد صرفت‪ M‬ف هذا السبيل عمرا‬
‫عزيزا? وعناءً غي قليل‪ ...‬وأنا ل أقصد ف مباحثي ظالا? بعينه ول حكومة? وأم‪x‬ة مصصة‪ ،‬وإنا أردت‬
‫بيان طبائع الستبداد وما يفعل‪ ،‬وتشخيص مصارع الستعباد وما يقضيه ويضيه على ذويه‪ ...‬ولي‬
‫هناك قصدٌ آخر؛ وهو التنبيه لورد الداء الدفي‪ ،‬عسى أن يعرف الذين قضوا نبهم‪ ،‬أنهم هم‬
‫التسببون لا ح ‪x‬ل بهم‪ ،‬فل يعتبون على الغيار ول على القدار‪ ،‬إنا يعتبون على الهل وف‪¢‬ق¡د‪ €‬المم‬
‫والتواكل‪ ..‬وعسى الذين فيهم بقية رمق! من الياة يستدركون شأنهم قبل المات‪...‬‬
‫وقد تيرت‪ M‬ف النشاء أسلوب القتضاب‪ ،‬وهو السلوب السهل الفيد الذي يتاره ك}ت‪x‬اب‬
‫سائر اللغات‪ ،‬ابتعادا? عن قيود التعقيد وسلسل التأصيل والتفريغ‪ .‬هذا وإني أخالف أولئك الؤل‪¤‬في‪،‬‬
‫فل أتنى العفو عن الزلل؛ إنا أقول‪:‬‬
‫هذا جهدي‪ ،‬وللناقد الفاضل أن يأتي قومه بي منه‪ .‬فما أنا إل فاتح باب صغي من أسوار‬
‫الستبداد‪ .‬عسى الزمان يوس©عه‪ ،‬وال ول̈ي الهتدين‪.‬‬

‫‪1320‬هـ‪1902 -‬م‬

‫‪4‬‬
‫مقدمة‬

‫ل خفاء أن السياسة علمٌ واسعٌ جدا?‪ ،‬يتفرع‪ M‬إل فنون كثية ومباحث‪ w‬دقيقة شتى‪ .‬وقل&ما يوجد‬
‫إنسان ييط بهذا العلم‪ ،‬كما أنه قل&ما يوجد إنسان ل يتك˜ فيه‪.‬‬
‫وقد و‪M‬جد ف كل© المم التقية علماء‪ M‬سياسيون‪ ،‬تكل&موا ف فنون السياسة و مباحثها استطرادا? ف‬
‫ب مصوصة ف‬
‫مدونات الديان أو القوق أو التاريخ أو الخلق أو الدب‪ .‬ول ت‪M‬عرف للقدمي كت ٌ‬
‫السياسة لغي مؤس©سي المهوريات ف الرومان واليونان‪ ،‬وإنما لبعضهم م‪M‬ؤل&فات سياسية أخلقية ككليلة‬
‫ودمنة ورسائل غوريغوريوس‪ ،‬ومررات سياسية دينية كنهج البلغة وكتاب الراج‪.‬‬
‫وأما ف القرون التوسطة فل تؤثر أباث م‪M‬فصلة ف هذا الفن لغي علماء السلم؛ فهم أل&فوا فيه‬
‫مزوجا? بالخلق كالرازي‪ ،‬والط&وسي‪ ،‬والغزالي‪ ،‬والعلئي‪ ،‬وهي طريقة الف}ر•س›‪ ،‬ومزوجا? بالدب‬
‫كالعري‪ ،‬والتنبي‪ ،‬وهي طريقة العرب‪ ،‬ومزوجا? بالتاريخ كابن خلدون‪ ،‬وابن بطوطة‪ ،‬وهي طريقة‬
‫الغاربة‪.‬‬
‫أما التأخ©رون من أهل أوروبا‪ ،‬ثم‪ x‬أمريكا‪ ،‬فقد توس‪x‬عوا ف هذا العلم وأل&فوا فيه كثي?ا وأشبعوه‬
‫تفصيل?‪ ،‬حت‪x‬ى إنهم أفردوا بعض مباحثه ف التأليف بجل&دات ضخمة‪ ،‬وقد ميزوا مباحثه إل سياسة‬
‫عمومية‪ ،‬وسياسة خارجية‪ ،‬وسياسة إدارية‪ ،‬وسياسة اقتصادية‪ ،‬وسياسة حقوقية‪ ،‬إل‪ .‬وقسموا كل‬
‫منها إل أبواب شت‪x‬ى وأصول وفروع‪.‬‬
‫وأما التأخ©رون من الشرقيي‪ ،‬فقد و‪M‬جد من الترك كثيون أل&فوا ف أكثر مباحثه تآليف مستقل&ة‬
‫ومزوجة مثل‪ :‬أحد جودة باشا‪ ،‬وكمال بك‪ ،‬وسليمان باشا‪ ،‬وحسن فهمي باشا‪ ،‬والؤل&فون من العرب‬
‫قليلون ومقل&ون‪ ،‬والذين يستحق&ون الذكر منهم فيما نعلم‪ :‬رفاعة بك‪ ،‬وخي الدين باشا التونسي‪ ،‬وأحد‬
‫فارس‪ ،‬وسليم البستاني‪،‬والبعوث الدني‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫ولكن•؛ يظهر لنا أن الر©رين السياسيي من العرب قد كثروا‪ ،‬بدليل ما يظهر من منشوراتهم‬
‫ف الرائد واللت ف مواضع كثية‪ .‬ولذا‪ ،‬لح لذا العاجز أن• أ}ذك&ر حضراتهم على لسان بعض‬
‫الرائد العربية بوضوع هو أهم الباحث السياسية‪ ،‬وقل‪ x‬من طرق بابه منهم إل الن‪ ،‬فأدعوهم إل‬
‫ميدان السابقة ف خي خدمة ينيون بها أفكار إخوانهم الشرقيي وينب©هونهم ـ لسيما العرب منهم ـ لا‬
‫هم عنه غافلون‪ ،‬فيفيدونهم بالبحث والتعليل وضرب المثال والتحليل )ما هو داء الشرق وما هو‬
‫دواؤه؟(‪.‬‬
‫ول&ا كان تعريف علم السياسة بأنه هو »إدارة الشؤون الشتكة بقتضى الكمة« يكون بالط&بع‬
‫أول مباحث السياسة وأهمها بث )الستبداد(؛ أي التص̈رف ف الشؤون الشتكة بقتضى الوى‪.‬‬
‫وإني أرى أن التكل‪¤‬م ف الستبداد عليه أن يلحظ تعريف وتشخيص ))ما هو الستبداد؟ ما‬
‫سببه؟ ما أعراضه؟ ما سيه؟ ما إنذاره؟ ما دواؤه؟(( وك̈ل موضوع من ذلك يتحمل تفصيلت كثية‪،‬‬
‫وينطوي على مباحث شتى من أمهاتها‪ :‬ما هي طبائع الستبداد؟ لاذا يكون الستب̈د شديد الوف؟‬
‫لاذا يستولي الب على رعية الستبد؟ ما تأثي الستبداد على الدين؟ على العلم؟ على الد؟ على‬
‫الال؟ على الخلق؟ على الت‪x‬رق‪¤‬ي؟ على التربية؟ على العمران؟‬
‫م‪w‬ن• هم أعوان الستبد؟ هل ي‪M‬تحمل الستبداد؟ كيف يكون التخلص من الستبداد؟ باذا ينبغي‬
‫استبدال الستبداد؟‬
‫قبل الوض ف هذه السائل يكننا أن نشي إل النتائج الت تستق̈ر عندها أفكار الباحثي ف‬
‫هذا الوضوع‪ ،‬وهي نتائج مت‪x‬حدة الدلول متلفة التعبي على حسب اختلف الشارب والنظار ف‬
‫الباحثي‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫يقول الادي‪ :‬الداء‪ :‬القوة‪ ،‬والدواء‪ :‬القاومة‪.‬‬
‫ويقول السياسي‪ :‬الداء‪ :‬استعباد البية‪ ،‬والدواء‪ :‬استداد الرية‪.‬‬
‫ويقول الكيم‪ :‬الداء‪ :‬القدرة على العتساف‪ ،‬والدواء‪ :‬القتدار على الستنصاف‪.‬‬
‫ويقول القوقي‪ :‬الداء‪ :‬تغل&ب السلطة على الشريعة‪ ،‬والدواء‪ :‬تغليب الشريعة على السلطة‪.‬‬
‫ويقول الرباني‪ :‬الداء‪ :‬مشاركة ال ف البوت‪ ،‬والدواء‪ :‬توحيد ال حق&ا?‪.‬‬
‫وهذه أقوال أهل النظر‪ ،‬و أما أهل العزائم‪:‬‬
‫فيقول البي=‪ :‬الداء‪ :‬م̈د الرقاب للسلسل‪ ،‬والدواء‪ :‬الشموخ عن الذل‪.‬‬
‫ويقول التي‪ :‬الداء‪ :‬وجود الرؤساء بل زمام‪ ،‬والدواء‪ :‬ربطهم بالقيود الثقال‪.‬‬
‫ويقول الر‪ :‬الداء‪ :‬التعالي على الناس باطل?‪ ،‬والدواء‪ :‬تذليل التكبرين‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫ويقول الفادي‪ :‬الداء‪ :‬حب¨ الياة‪ ،‬والدواء‪ :‬حب¨ الوت‪.‬‬

‫ما هو الستبداد‬

‫الستبداد‪ M‬لغة? هو‪ :‬غرور الرء برأيه‪ ،‬والنفة عن قبول النصيحة‪ ،‬أو الستقلل ف الرأي وف‬
‫القوق الشتكة‪.‬‬
‫وي‪M‬راد بالستبداد عند إطلقه استبداد الكومات خاصة?؛ لنها أعظم مظاهر أضراره الت‬
‫جعلت• النسان أشقى ذوي الياة‪ .‬وأما تك&م النفس على العقل‪ ،‬وت̃كم الب والستاذ والزوج‪،‬‬
‫ورؤساء بعض الديان‪ ،‬وبعض الشركات‪ ،‬وبعض الط&بقات؛ فيوصف بالستبداد مازا? أو مع الضافة‪.‬‬
‫الستبداد ف اصطلح السياسيي هو‪w :‬تص‪̈w‬رف فرد أو جع ف حقوق قوم بالشيئة وبل خوف‬
‫تبعة‪ ،‬وقد ت‪w‬طر‪M‬ق مزيدات على هذا العنى الصطلحي فيستعملون ف مقام كلمة )استبداد( كلمات‪:‬‬
‫استعباد‪ ،‬واعتساف‪ ،‬وتس̃لط‪ ،‬وت̃كم‪ .‬وف مقابلتها كلمات‪ :‬مساواة‪ ،‬وحس مشتك‪ ،‬وتكافؤ‪ ،‬وسلطة‬
‫عامة‪ .‬ويستعملون ف مقام صفة )مستبد( كلمات‪ :‬جبار‪ ،‬وطاغية‪ ،‬وحاكم بأمره‪ ،‬وحاكم مطلق‪ .‬وف‬
‫مقابلة) حكومة مستبدة( كلمات‪ :‬عادلة‪ ،‬ومسؤولة‪ ،‬ومقيدة‪ ،‬ودستورية‪ .‬ويستعملون ف مقام وصف‬

‫‪7‬‬
‫الرعية )الس‪w‬تب‪w‬د عليهم( كلمات‪ :‬أسرى‪ ،‬ومستصغرين‪ ،‬وبؤساء‪ ،‬ومستنبتي‪ ،‬وف مقابلتها‪ :‬أحرار‪،‬‬
‫وأباة‪ ،‬وأحياء‪ ،‬وأعزاء‪.‬‬
‫هذا تعريف الستبداد بأسلوب ذكر الرادفات والقابلت‪ ،‬وأما تعريفه بالوصف فهو‪ :‬أن‬
‫الستبداد صفة للحكومة الطلقة العنان فعل? أو حكما?‪ ،‬الت تتصرف ف شؤون الرعية كما تشاء بل‬
‫خشية حساب ول عقاب مق¿ق‪¢‬ي‪ .‬وتفسي ذلك هو كون الكومة إما هي غي م‪M‬كل&فة بتطبيق تص̈رفها‬
‫على شريعة‪ ،‬أو على أمثلة تقليدية‪ ،‬أو على إرادة المة‪ ،‬وهذه حالة الكومات ال}طلقة‪ .‬أو هي مقيدة‬
‫بنوع من ذلك‪ ،‬ولكنها تلك بنفوذها إبطال قوة القيد با تهوى‪ ،‬وهذه حالة أكثر الكومات الت‬
‫ت‪M‬سمي نفسها بالقيدة أو بالمهورية‪.‬‬
‫وأشكال الكومة الستبدة كثية ليس هذا البحث م̈ل تفصيلها‪ .‬ويكفي هنا الشارة إل أن‬
‫صفة الستبداد‪ ،‬كما تشمل حكومة الاكم الفرد الطلق الذي تول&ى الكم بالغلبة أو الوراثة‪ ،‬تشمل‬
‫أيضا? الاكم الفرد القي‪x‬د النتخب متى كان غي مسؤول‪ ،‬وتشمل حكومة المع ولو منتخبا?؛ لن‬
‫الشتاك ف الرأي ل يدفع الستبداد‪ ،‬وإن‪x‬ما قد يعدله الختلف نوعا?‪ ،‬وقد يكون عند التفاق أضر من‬
‫استبداد الفرد‪ .‬ويشمل أيضا? الكومة الدستورية ال}فر‪x‬قة فيها بال }كل‪¤‬ي‪x‬ة قو‪x‬ة التشريع عن قو‪x‬ة الت‪x‬نفيذ وعن‬
‫قو‪x‬ة الراق‪€‬بة؛ لن‪ x‬الستبداد ل يرتفع ما ل يكن هناك ارتباط ف السؤولية‪ ،‬فيكون ال}ن‪w‬ف‪¤‬ذ‪M‬ون مسؤولي لدى‬
‫ا }لش‪w‬ر©عي‪ ،‬وهؤلء مسؤولي لدى الم‪x‬ة‪ ،‬تلك الم‪x‬ة الت تعرف أن‪x‬ها صاحبة الشأن كل&ه‪ ،‬وتعرف أن‬
‫تراقب وأن• تتقاضى الساب‪.‬‬
‫وأشد مراتب الستبداد الت ي‪M‬تعو‪x‬ذ بها من الشيطان هي حكومة الفرد الطلق‪ ،‬الوارث للعرش‪،‬‬
‫القائد للجيش‪ ،‬الائز على سلطة دينية‪ .‬ولنا أن• نقول كل&ما قل‪ x‬و‪w‬ص•فٌ من• هذه الوصاف؛ خف‬
‫الستبداد إل أن• ينتهي بالاكم النتخب الوقت السؤول فعل‪ .‬وكذلك يف¨ الستبداد ـ طبعا?ـ كل&ما قل‬
‫عدد نفوس الر‪x‬عية‪ ،‬وقل‪ x‬الرتباط بالملك الثابتة‪ ،‬وقل‪ x‬التفاوت ف الثروة وكل&ما ترق¿ى الشعب ف‬
‫العارف‪.‬‬
‫إن‪ x‬الكومة من أي نوع كانت ل ترج عن وصف الستبداد؛ ما ل تكن تت الراقبة‬
‫الش‪x‬ديدة والحتساب ال&ذي ل تسامح فيه‪ ،‬كما جرى ف صدر السلم ف ما ن‪M‬ق‪€‬م على عثمان‪ ،‬ثم‪ x‬على‬
‫علي رضي ال عنهما‪ ،‬وكما جرى ف عهد هذه المهورية الاضرة ف فرنسا ف مسائل النياشي وبناما‬
‫ودريفوس‪.‬‬
‫ومن المور القر‪x‬رة طبيعة? وتاريا? أن‪x‬ه؛ ما من حكومة عادلة تأمن السؤولية والؤاخذة بسبب‬
‫غفلة المة أو الت‪x‬م̃كن من إغفالا إل& وتسارع إل الت‪x‬ل̈بس بصفة الستبداد‪ ،‬وبعد أن• تتمك¿ن فيه ل تتكه‬
‫وف خدمتها إحدى الوسيلتي العظيمتي‪ :‬جهالة الم‪x‬ة‪ ،‬والنود النظ¿مة‪ .‬وهما أكب مصائب المم وأهم‬

‫‪8‬‬
‫معائب النسانية‪ ،‬وقد تل¿صت المم التم̈دنة ـ نوعا? ماـ من الهالة‪ ،‬ولكن•؛ ب‪M‬ليت بشدة الندية‬
‫البية العمومية؛ تلك الشدة الت جعلتها أشقى حياة? من المم الاهلة‪ ،‬وألصق عارا? بالنسانية من‬
‫أقبح أشكال الستبداد‪ ،‬حت‪x‬ى رب‪x‬ما يصح أن يقال‪ :‬إن‪ x‬متع هذه الندية إذا كان هو الشيطان؛ فقد‬
‫انتقم من آدم ف أولده أعظم ما يكنه أن• ينتقم! نعم؛ إذا ما دامت هذه الندية الت مضى عليها نو‬
‫قرن‪w‬ي•ن إل قرن آخر أيضا? تنهك ت̃لد المم‪ ،‬وتعلها تسقط دفعة واحدة‪ .‬ومن يدري كم يتعجب رجال‬
‫الستقبال من ‪w‬تر‪w‬ق‪¤‬ي العلوم ف هذا العصر ترق‪¤‬يا? مقرونا? باشتداد هذه الصيبة الت ل تتك مل? لستغراب‬
‫إطاعة الصريي للفراعنة ف بناء الهرامات سخرة؛ لن‪ x‬تلك ل تتجاوز التعب وضياع الوقات‪ ،‬وأما‬
‫الندية فتفسد أخلق المة؛ حيث تعل‪K‬مها الشراسة والط‪H‬اعة العمياء والت‪G‬كال‪ ،‬وتميت النشاط‬
‫وفكرة الستقلل‪ ،‬وتكل‪K‬ف المة النفاق الذي ل يطاق؛ وك‪Z‬ل= ذلك منصرف لتأييد الستبداد الشؤوم‪:‬‬
‫استبداد الكومات القائدة لتلك القو‪c‬ة من جهة‪ ،‬واستبداد المم بعضها على بعض من جهة أخرى‪.‬‬
‫ولنرجع لصل البحث فأقول‪ :‬ل ي‪M‬عهد ف تاريخ الكومات الدنية استمرار حكومة مسؤولة مد‪x‬ة‬
‫أكثر من نصف قرن إل غاية قرن ونصف‪ ،‬وما شذ‪ x‬من ذلك سوى الكومة الاضرة ف إنكلتا‪،‬‬
‫والسبب يقظة النكليز الذين ل ي‪M‬سكرهم انتصار‪ ،‬ول ي‪M‬خملهم انكسار‪ ،‬فل يغفلون لظة عن مراقبة‬
‫حش‪w‬م‪w‬ه‪ M‬فضل? عن الزوجة والصهر‪ ،‬وملوك النكليز‬
‫ملوكهم‪ ،‬حت‪x‬ى أن‪ x‬الوزارة هي تنتخب للملك خ‪w‬د‪w‬م‪w‬ه‪ M‬و ‪w‬‬
‫الذين فقدوا منذ قرون كل‪ x‬شيء ما عدا التاج‪ ،‬لو تسنى الن لحدهم الستبداد ل‪¢‬غ‪w‬ن‪€‬م‪w‬ه‪ M‬حال?‪ ،‬ولكن•؛‬
‫هيهات أن• يظفر بغرة من قومه يستلم فيها زمام اليش‪.‬‬
‫أما الكومات البدوية الت تتأل¿ف رعيتها كل&ها أو أكثرها من عشائر يقطنون البادية‪ ،‬يسهل‬
‫عليهم الرحيل والت‪x‬فرق متى مس‪x‬ت• حكومت‪M‬هم حريتهم الشخصية‪ ،‬وسامت•هم ضيما?‪ ،‬ول يقووا على‬
‫الستنصاف؛ فهذه الكومات قل&ما اندفعت إل الستبداد‪ .‬وأقرب مثال لذلك أهل جزيرة العرب‪ ،‬فإن‪x‬هم‬
‫ل يكادون يعرفون الستبداد من قبل عهد ملوك تبع وح‪M‬مي•ر وغسان إل الن إل& فتات قليلة‪ .‬وأصل‬
‫الكمة ف أن‪ x‬الالة البدوية بعيدة بالملة عن الوقوع تت ني الستبداد‪ ،‬وهو أن‪ x‬نشأة البدوي نشأة‬
‫استقللية؛ بيث ك̈ل فرد يكنه أن• يعتمد ف معيشته على نفسه فقط‪ ،‬خلفا? لقاعدة النسان الدني‬
‫الطبع‪ ،‬تلك القاعدة الت أصبحت سخرية عند علماء الجتماع التأخ©رين‪ ،‬القائلي بأن‪ x‬النسان من‬
‫اليوانات الت تعيش أسرابا? ف كهوف ومسارح مصوصة‪ ،‬وأما الن فقد صار من اليوان الذي متى‬
‫انتهت حضانته؛ عليه أن• يعيش مستقل? بذاته‪ ،‬غي متعل&ق بأقاربه وقومه كل الرتباط‪ ،‬ول مرتبط ببيته‬
‫وبلده كل التع̃لق‪ ،‬كما هي معيشة أكثر النكليز والمريكان الذين يفتكر الفرد منهم أن‪ x‬تع̃لقه بقومه‬

‫‪9‬‬
‫وحكومته ليس بأكثر من رابطة شريك ف شركة اختيارية‪ ،‬خلفا? للمم الت تتبع حكوماتها حتى فيما‬
‫تدين‪.‬‬
‫الناظر ف أحوال المم يرى أن‪ x‬ال}سراء يعيشون متلصقي متاكمي‪ ،‬يتحف¿ظ} بعضهم ببعض من‬
‫سطوة الستبداد‪ ،‬كالغنم تلتف¨ حول بعضها إذا ذعرها الذئب‪ ،‬أما العشائر والمم الرة الالك أفرادها‬
‫الستقلل‪ w‬الناجز فيعيشون م‪M‬ت‪w‬فر©قي‪.‬‬
‫وقد تكل¿م بعض الكماء ـ ل سي‪x‬ما التأخ©رون منهم ـ ف وصف الستبداد ودوائه بمل بليغة‬
‫بديعة ت‪M‬صو©ر ف الذهان شقاء النسان‪ ،‬كأن‪x‬ها تقول له هذا عدو‪x‬ك فانظر ماذا تصنع‪ ،‬ومن هذه المل‬
‫قولم‪:‬‬
‫»الستبد‪ :‬يتحك¿م ف شؤون الناس بإرادته ل بإرادتهم‪ ،‬ويكمهم بهواه ل بشريعتهم‪ ،‬ويعلم من‬
‫نفسه أن‪x‬ه الغاصب التعد©ي فيضع كعب رجله على أفواه الليي من الن‪x‬اس يس̈دها عن النطق بالق‬
‫والتداعي لطالبته«‪.‬‬
‫»الستبد‪ :‬عدو الق‪ ،‬عدو ال&ية وقاتلهما‪ ،‬والق أبو البشر‪ ،‬والرية أمهم‪ ،‬والعوام صبية‬
‫أيتام ل يعلمون شيئا?‪ ،‬والعلماء هم إخوتهم الراشدون‪ ،‬إن• أيقظوهم هبوا‪ ،‬وإن• دعوهم لبوا‪ ،‬وإل فيت‪x‬صل‬
‫نومهم بالوت«‪.‬‬
‫»الستبد‪ :‬يتجاوز الد ما ل ير‪ w‬حاجز?ا من حديد‪ ،‬فلو رأى الظ&ال على جنب الظلوم سيفا? لا‬
‫أقدم على الظ&لم‪ ،‬كما يقال‪ :‬الستعداد للحرب ينع الرب«‪.‬‬
‫»الستبد‪ :‬إنسانٌ مستعد‪ Å‬بالط&بع للشر وباللاء للخي‪ ،‬فعلى الرعية أن• تعرف ما هو الي وما‬
‫هو الشر فتلجئ حاكمها للخي رغم طبعه‪ ،‬وقد يكفي لللاء مر‪x‬د الط¿لب إذا علم الاكم أن‪ x‬وراء‬
‫القول فعل‪ .‬ومن العلوم أن‪ x‬مرد الستعداد للفعل فعل يكفي شر‪ x‬الستبداد«‪.‬‬
‫»الستبد‪ :‬يو̈د أن• تكون رعيته كالغنم درا? وطاعة?‪ ،‬وكالكلب تذ̃لل? وت̃لقا?‪ ،‬وعلى الر‪x‬عية أن‬
‫تكون كاليل إن• خ‪M‬د‪€‬م‪w‬ت خ‪w‬دمت•‪ ،‬وإن• ض‪M‬ر›بت ش‪w‬رست‪ ،‬وعليها أن تكون كالصقور ل ت‪M‬لعب ول ي‪M‬ستأثر‬
‫عليها بالصيد كل‪¤‬ه‪ ،‬خلفا? للكلب الت ل فرق عندها أ‪¢‬ط}ع‪€‬مت أو ح‪M‬ر›مت حت‪x‬ى من العظام‪ .‬نعم؛ على‬
‫الرعية أن تعرف مقامها‪ :‬هل خ‪M‬ل‪€‬قت خادمة لاكمها‪ ،‬تطيعه إن• عدل أو جار‪ ،‬وخ‪M‬لق هو ليحكمها‬
‫كيف شاء بعدل أو اعتساف؟ أم هي جاءت به ليخدمها ل يستخدمها؟‪ ..‬والر‪x‬عية العاقلة تقي‪x‬د وحش‬
‫الستبداد بزمام تستميت دون بقائه ف يدها؛ لتأمن من بطشه‪ ،‬فإن شخ هز‪x‬ت به الزمام وإن• صال‬
‫ربطت•ه«‪.‬‬
‫من أقبح أنواع الستبداد استبداد الهل على العلم‪ ،‬واستبداد النفس على العقل‪ ،‬وي‪M‬سمى‬
‫خل‪¢‬ق‪ w‬النسان حرا?‪ ،‬قائده العقل‪ ،‬فكف‪¢‬ر‪ w‬وأبى إل أن‬
‫استبداد الرء على نفسه‪ ،‬وذلك أن‪ x‬ال جل&ت• نعمه ‪w‬‬

‫‪10‬‬
‫يكون عبدا? قائده الهل‪ .‬خ‪w‬ل‪¢‬ق‪¢‬ه وسخ‪x‬ر له أم‪x‬ا? وأبا? يقومان بأوده إل أن يبلغ أشده‪ ،‬ثم‪ x‬جعل له الرض‬
‫أما? والعمل أبا?‪ ،‬ف‪¢‬ك‪¢‬ف‪¢‬ر وما رضي إل أن تكون أم‪x‬ت‪M‬ه أمه وحاكمه أباه‪ .‬خ‪w‬ل‪¢‬ق‪ w‬له إدراكا? ليهتدي إل معاشه‬
‫ويتقي مهلكه‪ ،‬وعي•ن‪w‬ي•ن ليبصر‪ ،‬ورجلي•ن ليسعى‪ ،‬ويدي•ن ليعمل‪ ،‬ولسانا? ليكون ترجانا? عن ضميه‪،‬‬
‫فك‪¢‬ف‪¢‬ر‪ w‬وما أحب‪ x‬إل أن• يكون كالبله العمى‪ ،‬القعد‪ ،‬الشل‪ ،‬الكذوب‪ ،‬ينتظر ك}ل‪ x‬شي• من غيه‪ ،‬وقل¿ما‬
‫يطبق لسانه جنانه‪ .‬خ‪w‬ل‪¢‬ق‪¢‬ه‪ M‬منفردا? غي مت‪x‬صل بغيه ليملك اختياره ف حركته وسكونه‪ ،‬فك‪¢‬ف‪¢‬ر‪ w‬وما‬
‫استطاب إل الرتباط ف أرض مدودة س‪x‬اها الوطن‪ ،‬وتشابك بالناس ما استطاع اشتباك تظال}م ل‬
‫خل‪¢‬ق‪¢‬ه ليشكره على جعله عنصرا? حيا? بعد أن كان ترابا?‪ ،‬وليلجأ إليه عند الفزع تثبيتا‬
‫اشتباك تعاون‪w ...‬‬
‫للجنان‪ ،‬وليستند عليه عند العزم دفعا? للت̈دد‪ ،‬وليثق بكافأته أو مازاته على العمال‪ ،‬فك‪¢‬ف‪¢‬ر‪ w‬وأبى‬
‫خل‪¢‬ق‪¢‬ه يطلب منفعته جاعل? رائده‬
‫ش‪M‬ك¡ر‪w‬ه وخ‪w‬ل‪¢‬ط‪ ¢‬ف دين الفطرة الصحيح بالباطل ليغالط نفسه وغيه‪w .‬‬
‫الوجدان‪ ،‬ف ‪¢‬كف‪¢‬ر‪ ،w‬واستحل‪ x‬النفعة بأي وجه كان‪ ،‬فل يتعف&ف عن مظور صغي إل تو̈صل? ل}حر‪x‬م كبي‪.‬‬
‫خلقه وبذل له مواد الياة‪ ،‬من نور ونسيم ونبات وحيوان ومعادن وعناصر مكنوزة ف خزائن الط&بيعة‪،‬‬
‫بقادير ناطقة بلسان الال‪ ،‬بأن‪ x‬واهب الياة حكيم خبي جعل مواد الياة أكثر لزوما? ف ذاته‪ ،‬أكثر‬
‫وجودا? وابتذال?‪ ،‬فك‪¢‬ف‪¢‬ر‪ w‬النسان‪ M‬نعمة‪ ¢‬ال وأبى أن يعتمد كفالة رزقه‪ ،‬فوك¿له‪ M‬ر̈به إل نفسه‪ ،‬وابتله بظلم‬
‫نفسه وظ}ل¡م جنسه‪ ،‬وهكذا كان النسان ظلوما? كفورا‪.‬‬
‫الستبداد‪ :‬ي‪w‬د‪ M‬ال القوية الفية يصفع‪ M‬بها رقاب البقي من جنة عبودي‪x‬ته إل جهن‪x‬م عبودية‬
‫الستبد©ين الذين يشاركون ال ف عظمته ويعاندونه جهارا?‪ ،‬وقد ورد ف الب‪» :‬الظ&ال سيف ال ينتقم‬
‫به‪ ،‬ثم‪ x‬ينتقم منه«‪ ،‬كما جاء ف أثر! آخر‪» :‬م‪w‬ن• أعان ظالا? على ظلمه س‪w‬ل¿ط‪¢‬ه ال عليه«‪ ،‬ول ش ¿ك ف أن‬
‫إعانة الظ&ال تبتدئ من مر‪x‬د القامة على أرضه‪.‬‬
‫الستبداد‪ :‬هو نار غضب ال ف الدنيا‪ ،‬والحيم هو نار غضبه ف الخرة‪ ،‬وقد خلق ال النار‬
‫أقوى الطه©رات‪ ،‬ف‪¢‬ي‪M‬ط‪¢‬ه©ر بها ف الدنيا د‪w‬ن‪w‬س‪ w‬من• خلقهم أحرارا?‪ ،‬و‪w‬بس‪w‬ط‪ ¢‬لم الرض واسعة‪ ،‬وبذل‪ w‬فيها‬
‫رزقهم‪ ،‬فك‪¢‬ف‪¢‬روا بنعمته‪ ،‬ورضخوا للستعباد والت‪x‬ظال‪.‬‬
‫الستبداد‪ :‬أعظم بلء‪ ،‬يتعج‪x‬ل ال به النتقام من عباده الاملي‪ ،‬ول يرفعه عنهم حت‪x‬ى‬
‫يتوبوا توبة النفة‪ .‬نعم؛ الستبداد أعظم بلء؛ لن‪x‬ه وباء دائم بالفت وج‪w‬د•بٌ مستمر‪ Å‬بتعطيل العمال‪،‬‬
‫وحريقٌ متواصلٌ بالس‪x‬لب والغص•ب‪ ،‬وسي•لٌ جارفٌ للعمران‪ ،‬وخوفٌ يقطع القلوب‪ ،‬وظلمٌ يعمي‬
‫البصار‪ ،‬وألٌ ل يفت‪ ،‬وصائلٌ ل يرحم‪ ،‬وقصة سوء ل تنتهي‪ .‬وإذا سأل سائلٌ‪ :‬لاذا يبتلي ال عباد‪w‬ه‬
‫بالستبد©ين؟ فأبلغ‪ M‬جواب ‪M‬مس•ك‪€‬ت هو‪ :‬إن‪ x‬ال عادلٌ مطلقٌ ل يظلم أحدا?‪ ،‬فل ي‪M‬ول¿ى الستبد إل على‬
‫الستبد©ين‪ .‬ولو نظر السائل نظرة الكيم الدق‪¤‬ق لوجد ك}ل‪ x‬فرد من أ}سراء الستبداد م‪M‬ستبدا? ف نفسه‪ ،‬لو‬
‫قدر لعل زوجته وعائلته وعشيته وقومه والبشر ك}ل¿هم‪ ،‬حت‪x‬ى ورب‪x‬ه الذي خلق‪¢‬ه‪ M‬تابعي لرأيه وأمره‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫فالستب̈دون يتولهم مستبد‪ ،‬والحرار يتولهم الحرار‪ ،‬وهذا صريح معنى‪» :‬كما تكونوا ي‪M‬ول¿ى‬
‫عليكم«‪.‬‬
‫ي حياة‬
‫ما أليق‪ w‬بالسي ف أرض! أن يتحو‪x‬ل عنها إل حيث‪ M‬يلك حريته‪ ،‬فإن‪ x‬الكلب الط&ليق خ ‪M‬‬
‫من السد الربوط‪.‬‬

‫الستبداد والدين‬

‫تضافرت آراء أكثر العلماء الناظرين ف التاريخ الط&بيعي للديان‪ ،‬على أن‪ x‬الستبداد السياسي‬
‫م‪M‬ت‪w‬و‪w‬ل‪¤‬د من الستبداد الد©ين‪ ،‬والبعض يقول‪ :‬إن• ل يكن• هناك توليد فهما أخوان؛ أبوهما الت‪x‬غلب وأمهما‬
‫الرياسة‪ ،‬أو هما صنوان قويان؛ بينهما رابطة الاجة على التعاون لتذليل النسان‪ ،‬والشاكلة بينهما‬
‫أن‪x‬هما حاكمان؛ أحدهما ف ملكة الجسام والخر ف عال القلوب‪ .‬والفريقان مصيبان بكمهما بالنظر‬
‫إل مغزى أساطي الولي‪ ،‬والقسم التاريي من التوراة‪ ،‬والرسائل الضافة إل النيل‪ .‬ومطئون ف‬
‫حق القسام التعليمية الخلقية فيهما‪ ،‬كما هم مطئون إذا نظروا إل أن‪ x‬القرآن جاء مؤيدا? للستبداد‬
‫السياسي‪ .‬وليس من العذر شيء أن• يقولوا‪ :‬نن ل ندرك دقائق القرآن نظرا? لفائها علينا ف طي‬
‫بلغته‪ ،‬ووراء العلم بأسباب نزول آياته؛ وإن‪x‬ما نبن نتيجتنا على مقد©مات ما نشاهد عليه السلمي منذ‬
‫قرون إل الن من استعانة م‪M‬ستبد©يهم بالد©ين‪.‬‬
‫يقول هؤلء الر©رون‪ :‬إن‪ x‬الت‪x‬عاليم الدينية‪ ،‬ومنها الكتب الس‪x‬ماوية تدعو البشر إل خشية قوة‬
‫عظيمة ل ت‪M‬درك العقول ك}ن•ه‪w‬ها‪ ،‬قوة تتهد‪x‬د النسان بكل مصيبة ف الياة فقط‪ ،‬كما عند البوذية‬
‫واليهودية‪ ،‬أو ف الياة وبعد المات‪ ،‬كما عند النصارى والسلم‪ ،‬تهديدا? ترتعد منه الفرائص فتخور‬
‫القوى‪ ،‬وتنذهل منه العقول فتستسلم للخبل والمول‪ ،‬ثم‪ x‬تفتح هذه الت‪x‬عاليم أبوابا? للنجاة من تلك‬
‫الخاوف ناة وراءها نعيم مقيم‪ ،‬ولكن•؛ على تلك البواب حجاب من الباهمة والكهنة والقسوس‬
‫وأمثالم الذين ل يأذنون للناس بالدخول ما ل يعظ‪¤‬موهم مع التذل&ل› والصغار‪ ،‬ويرزقوهم باسم نذر أو ثن‬
‫غفران‪ ،‬حت‪x‬ى إن‪ x‬أولئك الج‪x‬اب ف بعض الديان يجزون فيما يزعمون لقاء الرواح برب©ها ما ل‬
‫يأخذوا عنها مكوس الرور إل القبور وفدية اللص من مطهر العراف‪ .‬وهؤلء الهيمنون على الديان‬
‫كم يره©بون الناس من غضب ال وينذرونهم بلول مصائبه وعذابه عليهم‪ ،‬ثم‪ x‬يرشدونهم إل أن• ل‬

‫‪12‬‬
‫خلص ول مناص لم إل باللتجاء إل سكان القبور الذين لم دالة‪ ،‬بل سطوة على ال فيحمونهم من‬
‫غضبه‪.‬‬
‫ويقولون‪ :‬إن‪ x‬السياسيي يبنون كذلك استبدادهم على أساس! من هذا القبيل‪ ،‬فهم يستهبون‬
‫الناس بالتعالي الشخصي والتشامخ السي‪ ،‬وي‪M‬ذل‪¤‬لونهم بالقهر والقوة وسلب‪ €‬الموال حت‪x‬ى يعلونهم‬
‫خاضعي لم‪ ،‬عاملي لجلهم‪ ،‬يتمت‪x‬عون بهم كأن‪x‬هم نوع من النعام الت يشربون ألبانها‪ ،‬ويأكلون‬
‫لومها‪ ،‬ويركبون ظهورها‪ ،‬وبها يتفاخرون‪.‬‬
‫ويرون أن‪ x‬هذا الت‪x‬شاكل ف بناء ونتائج الستبداد‪w‬ي•ن؛ الد©ين والسياسي‪ ،‬جعلهما ف مثل فرنسا‬
‫خارج باريس مشتك‪¢‬ي•ن ف العمل‪ ،‬كأن‪x‬هما يدان متعاونتان‪ ،‬وجعلهما ف مثل روسيا مشتبك‪¢‬ي•ن› ف‬
‫الوظيفة‪ ،‬كأن‪x‬هما اللوح والقلم ي‪M‬سج©لن الشقاء على المم‪.‬‬
‫وي‪M‬قر©رون أن‪ x‬هذا الت‪x‬شاكل بي القوت‪w‬ي•ن ينج̈ر بعوام البشرـ وهم السواد العظم ـ إل نقطة أن‬
‫يلتبس عليهم الفرق بي الله العبود بق وبي الستبد ال}طاع بالقهر‪ ،‬فيختلطان ف مضايق أذهانهم من‬
‫حيث الت‪x‬شابه ف استحقاق مزيد الت‪x‬عظيم‪ ،‬والر©فعة عن السؤال وعدم الؤاخذة على الفعال؛ بناءً عليه؛‬
‫ل يرون لنفسهم حق&ا? ف مراقبة الستبد لنتفاء النسبة بي عظمته ودناءتهم؛ وبعبارة أخرى‪ :‬يد العوام‬
‫معبودهم وجب‪x‬ارهم مشتك‪¢‬ي•ن› ف كثي! من الالت والساء والص©فات‪ ،‬وهم ليس من شأنهم أن• ي‪M‬فر©قوا‬
‫مثل? بي ) الفع‪x‬ال الطلق(‪ ،‬والاكم بأمره‪ ،‬وبي )ل ي‪M‬سأل عما يفعل( وغي مسؤول‪ ،‬وبي‬
‫)النعم( وولي النعم‪ ،‬وبي )جل‪ x‬شأنه( وجليل الش‪x‬أن‪ .‬بناءً عليه؛ ي‪M‬عظ‪¤‬مون البابرة تعظيمهم ل‪،‬‬
‫ويزيدون تعظيمهم على الت‪x‬عظيم ل؛ لن‪x‬ه حليمٌ كريم‪ ،‬ولن‪ x‬عذابه آجلٌ غائبٌ‪ ،‬وأم‪x‬ا انتقام الب‪x‬ار‬
‫فعاجلٌ حاضر‪ .‬والعوام ـ كما يقال ـ عقولم ف عيونهم‪ ،‬يكاد ل يتجاوز فعلهم السوس ال}شاه‪w‬د‪،‬‬
‫حت‪x‬ى يصح أن• ي‪M‬قال فيهم‪ :‬لول رجاؤهم بال‪ ،‬وخوفهم منه فيما يتعل¿ق بياتهم الدنيا‪ ،‬لا صل&وا ول‬
‫صاموا‪ ،‬ولول أملهم العاجل‪ ،‬لا رج‪x‬حوا قراءة الدلئل والوراد على قراءة القرآن‪ ،‬ول رج‪x‬حوا اليمي‬
‫بالولياء ـ القر‪x‬بي كما يعتقدون ـ على اليمي بال‪.‬‬
‫وهذه الال؛ هي الت سه‪x‬لت ف المم الغابرة النحط¿ة دعوى بعض الستبد©ين اللوهية على‬
‫مراتب متلفة‪ ،‬حسب استعداد أذهان الر‪x‬عية‪ ،‬حت‪x‬ى ي‪M‬قال‪ :‬إن‪x‬ه ما من مستبد‪ Í‬سياسي إل الن إل‬
‫ويت‪x‬خذ له صفة قدسية يشارك بها ال‪ ،‬أو تعطيه مقام‪ w‬ذي علقة مع ال‪ .‬ول أقل‪ x‬من أن• يت‪x‬خذ بطانة‬
‫خد‪w‬م‪w‬ة‪ €‬الد©ين يعينونه على ظلم الن‪x‬اس باسم ال‪ ،‬وأق̈ل ما يعينون به الستبداد‪ ،‬تفريق المم إل‬
‫من ‪w‬‬
‫مذاهب وشيع متعادية تقاوم بعضها بعضا?‪ ،‬فتتهاتر قو‪x‬ة المة ويذهب ريها‪ ،‬فيخلو الو للستبداد‬
‫ليبيض وي‪M‬فر©خ‪ ،‬وهذه سياسة النكليز ف الستعمرات‪ ،‬ل ي‪M‬ؤي©دها شيء مثل انقسام الهالي على أنفسهم‪،‬‬
‫وإفنائهم بأسهم بينهم بسبب اختلفهم ف الديان والذاهب‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫وي‪M‬ع‪w‬ل‪¤‬ل}ون أن‪ x‬قيام الستبد©ين من أمثال )أبناء داود( و )قسطنطي( ف نشر الد©ين بي رعاياهم‪،‬‬
‫وانتصار مثل )فيليب الثاني( السباني و )هنري الثامن( النكليزي للد©ين‪ ،‬حت‪x‬ى بتشكيل مالس‬
‫)انكيزيسيون( وقيام الاكم الفاطمي والس‪x‬لطي العاجم ف السلم بالنتصار لغلة ال̈صوفية‪ ،‬وبنائهم‬
‫لم التكايا‪ ،‬ل يكن• إل بقصد الستعانة بمسوخ الد©ين وببعض أهله الغف¿لي على ظلم الساكي‪ ،‬وأعظم‬
‫ما يلئم مصلحة الستبد وي‪M‬ؤيدها أن‪ x‬الناس يتلق&ون قواعده وأحكامه بإذعان بدون بث وجدال‪ ،‬فيودون‬
‫تأليف المة على تلق&ي أوامرهم بثل ذلك‪ ،‬ولذا القصد عي•نه‪ ،‬كثيا? ما ياولون بناء أوامرهم أو‬
‫تفريعها على شيءٍ من قواعد الد©ين‪.‬‬
‫ويكمون بأن‪ x‬بي الستبداد‪w‬ي•ن‪ :‬السياسي والدين مقارنة ل تنفك˜ متى و‪M‬ج‪€‬د أحدهما ف أمة‬
‫جر‪ x‬الخر إليه‪ ،‬أو متى زال‪ ،‬زال رفيقه‪ ،‬وإن• صلح‪ ،‬أي ضعف الول‪ ،‬صلح‪ ،‬أي ضعف الثاني‪.‬‬
‫ويقولون‪ :‬إن‪ x‬شواهد ذلك كثية‪ j‬جد?ا ل يلو منها زمانٌ ول مكان‪ .‬وي‪M‬بهنون على أن‪ x‬الدين أقوى تأثيا‬
‫من السياسة إصلحا? وإفسادا?‪ ،‬وي‪M‬مثلون بالسكسون؛ أي النكليز والولنديي والميكان واللان الذين‬
‫قبلوا البوتستنتية‪ ،‬فأثر التحرر الدين ف الصلح السياسي والخلق أكثر من تأثي الرية الطلقة‬
‫السياسية ف جهور اللتي؛ أي الفرنسيي والط&ليان والسبانيول والبتغال‪ .‬وقد أجع الكتاب‬
‫السياسيون ال}دق‪¤‬قون‪ ،‬بالستناد على التاريخ والستقراء‪ ،‬من أن‪ x‬ما من أمة أو عائلة أو شخص ‪w‬تن‪w‬ط¿ع‪ w‬ف‬
‫الدين أي تشد‪x‬د فيه إل واختل‪ x‬نظام دنياه وخسر أولده وعقباه‪.‬‬
‫والاصل أن‪ x‬كل الدق‪¤‬قي السياسيي يرون أن‪ x‬السياسة والدين يشيان متكاتف‪¢‬ي•ن‪ ،‬ويعتبون أن‬
‫إصلح الدين هو أسهل وأقوى وأقرب طريق للصلح السياسي‪.‬‬
‫وربا كان أول من سلك هذا السلك؛ أي استخدم الد©ين ف الصلح السياسي؛ هم حكماء‬
‫اليونان‪ ،‬حيث تي‪x‬لوا على ملوكهم الستبد©ين ف حلهم على قبول الشتاك ف السياسة بإحيائهم‬
‫عقيدة الشتاك ف اللوهية‪ ،‬أخذوها عن الشوريي‪ ،‬ومزجوها بأساطي الصريي بصورة تصيص‬
‫العدالة بإله‪ ،‬والرب بإله‪ ،‬والمطار بإله‪ ،‬إل غي ذلك من التوزيع‪ ،‬وجعلوا لله اللة حق النظارة‬
‫عليهم‪ ،‬وحق الترجيح عند وقوع الختلف بينهم‪ .‬ثم‪ x‬بعد ت̃كن هذه العقيدة ف الذهان با أ}لبست من‬
‫جللة الظاهر وسحر البيان ‪w‬سه‪M‬ل‪ w‬على أولئك الكماء دفعهم الناس إل مطالبة جبابرتهم بالنزول من‬
‫مقام النفراد‪ ،‬وبأن• تكون إدارة الرض كإدارة السماء‪ ،‬فانصاع ملوكهم إل ذلك م‪M‬ك¡رهي‪ .‬وهذه هي‬
‫الوسيلة العظمى الت مك¿نت اليونان أخي?ا من إقامة جهوريات أثينا وإسبارطة‪ ،‬وكذلك فعل الرومان‪.‬‬
‫وهذا الصل ل يزل الثال القديم لصول توزيع الدارة ف الكومات اللكية والمهوريات على أنواعها‬
‫إل هذا العهد‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫إن‪x‬ما هذه الوسيلة؛ أي الت‪x‬شريك‪ ،‬فضل? عن كونها باطلة ف ذاتها‪w ،‬نت‪w‬ج‪ w‬عنها ر̈د فعل! أضر‬
‫كثيا?‪ ،‬وذلك أن‪x‬ها فتحت• للمشعوذين من سائر طبقات الناس بابا? واسعا? لدعوى شيء من خصائص‬
‫اللوهية‪ ،‬كالصفات الق}د•سية والتص̈رفات ال̈روحية‪ ،‬وكان قبل ذلك ل يتهجم على مثلها غي أفراد من‬
‫البابرة‪ ،‬كنمرود وإبراهيم وفرعون وموسى‪ ،‬ثم‪ x‬صار يد‪x‬عيها البهمي والبادري وال̈صوف‪ .‬وللئمة هذه‬
‫الفسدة لطباع البشر من وجوه كثية ـليس بثنا هذا مل&هاـ انتشرت وعمت وجن‪x‬دت جيشا? عرمرما‬
‫يدم الستبد©ين‪.‬‬
‫وقد جاءت التوراة بالن‪x‬شاط‪ ،‬فخل¿صتهم من خول الت©كال بعد أن بلغ فيهم أن• ي‪M‬كل‪¤‬فوا ال ونبيه‬
‫يقاتلن عنهم‪ ،‬وجاءتهم بالنظام بعد فوضى الحلم‪ ،‬ورفعت عقيدة التشريك‪ ،‬م‪M‬ستبدلة? ـمثل?ـ أساء‬
‫اللة التعد©دة باللئكة‪ ،‬ولكن•؛ ل يرض‪ w‬ملوك آل كوهي بالت‪x‬وحيد فأفسدوه‪ .‬ثم‪ x‬جاء النيل‬
‫بسلسبيل الدعة وال‪€‬ل¡م‪ ،‬فصادف أفئدة? مروقة? بنار القساوة والستبداد‪ ،‬وكان أيضا? مؤيدا? لناموس‬
‫التوحيد‪ ،‬ولكن•؛ ل يق¡و‪ w‬د‪M‬عاته الو‪x‬لون على تفهيم تلك القوام النحط¿ة‪ ،‬الذين بادروا لقبول الن‪x‬صرانية‬
‫قبل المم التق‪¤‬ية‪ ،‬أن‪ x‬البوة والبنوة صفتان مازي‪x‬تان ي‪M‬عب‪x‬ر بهما عن معنى ل يقبله العقل إل تسليما?؛‬
‫كمسألة القدر الت ورثت السلمية التفلسف فيها عن أديان اليهود وأوهام اليونان‪ .‬ولذا؛ تلق¿ت تلك‬
‫المم البوة والبنوة بعنى توالد حقيقي؛ لنه أقرب إل مداركهم البسيطة الت يصعب عليها تناول ما‬
‫فوق السوسات‪ ،‬ولنهم كانوا قد ألفوا العتقاد ف بعض جبابرتهم الولي أن‪x‬هم أبناء ال‪ ،‬فك‪¢‬ب‪M‬ر‬
‫عليهم أن• يعتقدوا ف موسى عليه السلم صفة هي دون مقام أولئك اللوك‪ .‬ثم‪ x‬ل&ا انتشرت النصرانية‬
‫ودخلها أقوام متلفون‪ ،‬تلب‪x‬ست ثوبا? غي ثوبها‪ ،‬كما سائر الديان الت سلفتها‪ ،‬فتوس‪x‬عت برسائل‬
‫بولس ونوها‪ ،‬فامتزجت بأزياء وشعائر وثنية لل̈رومان والصريي م‪M‬ضافة على شعائر السرائيليي‬
‫وأشياء من الساطي وغيها‪ ،‬وأشياء من مظاهر اللوك ونوها‪ .‬وهكذا صارت النصرانية ت‪M‬عظ‪¤‬م رجال‬
‫الكهنوت إل درجة اعتقاد النيابة عن ال والعصمة عن الطأ وقو‪x‬ة الت‪x‬شريع‪ ،‬ونو ذلك م&ا رفضه‬
‫أخي?ا البوتستان؛ أي الراجعون ف الحكام لصل النيل‪.‬‬
‫ثم‪ x‬جاء السلم مهذ©با? لليهودية والنصرانية‪ ،‬م‪M‬ؤس‪x‬سا? على الكمة والعزم‪ ،‬هادما? للتشريك‬
‫بالك}ل‪¤‬ية‪ ،‬وم‪M‬حك‪€‬ما? لقواعد الرية السياسية التوسطة بي الد©يوقراطية والرستقراطية‪ ،‬فأس‪x‬س التوحيد‪،‬‬
‫ونزع‪ w‬كل‪ x‬سلطة دينية أو تغل&بية تتحك¿م ف النفوس أو ف الجسام‪ ،‬ووضع شريعة حكمة إجالية صالة‬
‫لكل© زمان وقوم ومكان‪ ،‬وأوجد مدنية فطرية سامية‪ ،‬وأظهر للوجود حكومة كحكومة اللفاء الراشدين‬
‫الت ل يسمح الزمان بثال لا بي البشر حت‪x‬ى ول يلفهم فيها بي السلمي أنفسهم خلف؛ إل‬
‫بعض شواذ؛ كعمر بن عبد العزيز والهتدي العباسي ونور الدين الشهيد‪ .‬فإن‪ x‬هؤلء اللفاء الراشدين‬
‫فهموا معنى ومغزى القرآن النازل بلغتهم‪ ،‬وعملوا به وات‪x‬خذوه إماما?‪ ،‬فأنشؤوا حكومة قض‪w‬ت• بالتساوي‬

‫‪15‬‬
‫حت‪x‬ى بينهم أنفسهم وبي فقراء المة ف نعيم الياة وشظفها‪ ،‬وأحدثوا ف السلمي عواطف أخوة وروابط‬
‫ب واحد وف حضانة أم‪ Í‬واحدة‪ ،‬لك}ل‬
‫هيئة اجتماعية اشتاكية ل تكاد توجد بي أشقاء يعيشون بإعالة أ ٍ‬
‫منهم وظيفة شخصية‪ ،‬ووظيفة عائلية‪ ،‬ووظيفة قومية‪ .‬على أن‪ x‬هذا الط&راز السامي من الرياسة هو‬
‫الط‪¤‬راز النبوي ال}حم‪x‬دي الذي ل يلفه فيه حق&ا? غي أبي بكر وعمر‪ ،‬ثم‪ x‬أخذ بالتناقص‪ ،‬وصارت المة‬
‫تطلبه وتبكيه من عهد عثمان إل الن‪ ،‬وسيدوم بكاؤها إل يوم الد©ين إذا ل تنتبه لستعواضه بطراز‬
‫سياسي شوري؛ ذلك الط&راز الذي اهتدت إليه بعض أمم الغرب؛ تلك المم الت‪ ،‬لربما يص̈ح أن• نقول‪،‬‬
‫قد استفادت من السلم أكثر م&ا استفاده السلمون‪.‬‬
‫وهذا القرآن الكريم مشحونٌ بتعاليم إماتة الستبداد وإحياء العدل والتساوي حتى ف القصص‬
‫منه؛ ومن جلتها قول بلقيس ملكة سبأ من عرب ت‪M‬ب‪x‬ع تاطب‪ M‬أشراف قومها‪ :‬يا أي=ها الل‪ Z‬أفتوني ف‬
‫أمري ما كنت قاطعة‪ p‬أمرا‪ p‬حتى ت‪o‬شه‪o‬دون * قالوا نن أولوا قوة‪ i‬وأ‪Z‬ولوا بأس‪ k‬شديد‪ i‬والمر إليك‬
‫فانظري ماذا تأمرين * قالت إ ‪c‬ن اللوك إذا دخلوا قرية‪ p‬أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذ‪r‬لة‪ p‬وكذلك‬
‫يفعلون‪.‬‬
‫‪‬‬
‫فهذه القصة ت‪M‬عل‪¤‬م كيف ينبغي أن يستشي اللوك الل؛ أي أشراف الر‪x‬عية‪ ،‬وأن ل يقطعوا أمرا‬
‫إل برأيهم‪ ،‬وتشي إل لزوم أن ت‪M‬حفظ القوة والبأس ف يد الرعية‪ ،‬وأن يصص اللوك بالتنفيذ فقط‪ ،‬وأن‬
‫يكرموا بنسبة المر إليهم توقيا?‪ ،‬وتقبح شأن اللوك الستبدين‪.‬‬
‫ومن هذا الباب أيضا? ما ورد ف قصة موسى عليه السلم مع فرعون ف قوله تعال‪ :‬قال الل‬
‫من قوم فرعون إ ‪c‬ن هذا لساحر‪ w‬عليم * يريد أن يرجكم من أرضكم فماذا تأمرون‪‬؛ أي قال الشراف‬
‫بعضهم لبعض‪ :‬ماذا رأيكم؟ )قالوا( خطابا? لفرعون وهو قرارهم‪ :‬أ‪x‬رج‪r‬ه وأخاه وأرس‪r‬ل ف الدائن‬
‫حاشرين * يأتوك بكل‪ G‬ساحر‪ k‬عليم‪‬؛ ثم وصف مذاكراتهم بقوله تعال‪ :‬فتنازعوا أمرهم‪‬؛ أي رأيهم‬
‫‪‬بينهم وأسر=وا النجوى‪‬؛ أي أفضت مذاكراتهم العلنية إل النزاع فأجروا مذاكرة سرية طبق ما يري إل‬
‫الن ف مالس الشورى العمومية‪.‬‬
‫بناءً على ما تقدم؛ ل مال لرمي السلمية بتأييد الستبداد مع تأسيسها على مئات اليات‬
‫البي©نات الت منها قوله تعال‪ :‬وشاورهم ف المر‪‬؛ أي ف الشأن‪ ،‬ومن قوله تعال‪ :‬يا أيها الذين‬
‫آمنوا أطيعوا ال وأطيعوا الرسول وأولي المر منكم‪‬؛ أي أصحاب الرأي والشأن منكم‪ ،‬وهم العلماء‬
‫والرؤساء على ما ات‪x‬فق عليه أكثر الفس©رين‪ ،‬وهم الشراف ف اصطلح السياسيي‪ .‬وما يؤي©د هذا العنى‬
‫أيضا? قوله تعال‪ :‬وما أمر فرعون‪‬؛ أي ما شأنه‪ ،‬وحديث »أميي من اللئكة جبيل«؛ أي‬
‫مشاوري‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫وليس بالمر الغريب ضياع معنى ‪‬وأ‪Z‬ولي المر‪ ‬على كثي من الفهام بتضليل علماء الستبداد‬
‫منكم؛ أي الؤمني منعا? لتط̈رق أفكار السلمي‬
‫الذي ير©فون ال ‪¢‬كل‪€‬م‪ w‬عن مواضعه‪ ،‬وقد أغفلوا معنى قيد ‪ ‬‬
‫إل التفكي بأن الظالي ل يكمونهم با أنزل ال‪ ،‬ثم‪ x‬التد̈رج إل معنى آية ‪‬إن ال يأمر بالعدل‪ ،‬أي‬
‫بالتساوي؛ ‪‬وإذا حكمتم بي الناس أن تكموا بالعدل‪ ،‬أي التساوي؛ ثم ينتقل إل معنى آية‪:‬ومن‬
‫ل يكم با أنزل ال فأولئك هم الكافرون‪ .‬ثم‪ x‬يستنتج عدم وجوب طاعة الظالي وإن قال بوجوبها‬
‫بعض الفقهاء المالئي دفعا? للفتنة الت تصد أمثالم حصدا‪ .‬والغرب من هذا جسارتهم على تضليل‬
‫الفهام ف معنى )أمر( ف آية‪ :‬وإذا أردنا أن نهلك قرية‪ p‬أمرنا متفيها ففسقوا فيها فحق‪ c‬عليها‬
‫القول فدم‪c‬رناها تدميا‪‬؛ فإنهم ل يبالوا أن ينسبوا إل ال المر بالفسق‪ ...‬تعال ال عن ذلك علوا‬
‫كبيا?‪ ،‬والقيقة ف معنى )أمرنا( هنا أن‪x‬ه بعنى أمر›نا ‪ -‬بكسر اليم أو تشديدها‪-‬؛ أي جعلنا أمراءها‬
‫متفيها ففسقوا فيها )أي ظلموا أهلها( فحق عليهم العذاب؛ أي )نزل بهم العذاب(‪.‬‬
‫والغرب من هذا وذاك؛ أن‪x‬هم جعلوا للفظة العدل معنىً ع‪M‬رفيا?؛ وهو الكم بقتضى ما قاله‬
‫الفقهاء؛ حتى أصبحت لفظة العدل ل تد̈ل على غي هذا العنى‪ ،‬مع أن العدل لغة? للتسوية؛ فالعدل‬
‫بي الناس هو التسوية بينهم‪ ،‬وهذا هو الراد ف آية‪ :‬إن ال يأمر بالعدل‪ ،‬وكذلك القصاص ف آية‪:‬‬
‫‪‬ولكم ف القصاص حياة‪ ƒ‬التواردة مطلقا?‪ ،‬ل العاقبة بالثل فقط على ما يتبادر إل أذهان ال}سراء‪ ،‬الذين‬
‫ل يعرفون للتساوي موقعا? ف الد©ين غي الوقوف بي يدي القضاة‪.‬‬
‫وقد عدد الفقهاء من ل تقب‪o‬ل شهادتهم لسقوط عدالتهم‪ ،‬فذكروا حتى من يأكل ماشيا‪ p‬ف‬
‫السواق؛ ولكن شيطان الستبداد أنساهم أن يفس‪G‬قوا المراء الظالي فيدوا شهادتهم‪ .‬ولعل الفقهاء‬
‫ي‪M‬عذ‪w‬رون بسكوتهم هنا مع تشنيعهم على الظالي ف مواقع أخرى؛ ولكن‪ ،‬ما عذرهم ف تويل معنى‬
‫الية‪ :‬ولتكن منكم أمة‪ ƒ‬يدعون إل الي ويأمرون بالعروف وينهون عن النكر‪ ‬إل أن هذا الفرض‬
‫هو فرض كفاية ل فرض عي؟ والراد منه سيطرة أفراد السلمي بعضهم على بعض؛ ل إقامة فئة تسيطر‬
‫على حكامهم كما اهتدت إل ذلك المم الوفقة للخي؛ فخصصت منها جاعات باسم مالس نواب‪،‬‬
‫وظيفتها السيطرة والحتساب على الدارة العمومية‪ :‬السياسية والالية والتشريعية‪ ،‬فتخل&صوا بذلك من‬
‫شآمة الستبداد‪ .‬أليست هذه السيطرة وهذا الحتساب بأهم من السيطرة على الفراد؟ ومن يدري من‬
‫أين جاء فقهاء الستبداد بتقديس الك&ام عن السؤولية حتى أوجبوا لم المد إذا عدلوا‪ ،‬وأوجبوا‬
‫الصب عليهم إذا ظلموا‪ ،‬وعدوا كل معارضة لم بغيا? يبيح دماء العارضي؟!‬
‫اللهم؛ إن الستبد©ين وشركاءهم قد جعلوا دينك غي الد©ين الذي أنزلت‪ ،‬فل حول ول قوة إل‬
‫بك!‬

‫‪17‬‬
‫كذلك ما ع‪M‬ذر الصوفية الذين جعلتهم النعامات على زاوياتهم أن يقولوا‪ :‬ل يكون المي‬
‫العظم إل وليا? من أولياء ال‪ ،‬ول يأتي أمرا? إل بإلام من ال‪ ،‬وإنه يتصر‪x‬ف ف المور ظاهرا?‪،‬‬
‫ويتصر‪x‬ف قطب الغوث باطنا! أل سبحان ال ما أحلمه!‬
‫نعم؛ لول ح‪M‬لم ال لسف الرض بالعرب؛ حيث‪ M‬أرسل لم رسول? من أنفسهم أسس لم‬
‫أفضل حكومة أ}س©س‪w‬ت ف الناس‪ ،‬جعل قاعدتها قوله‪» :‬كل‡كم راع‪ k‬وكل‡كم مسؤول‪ w‬عن رعيته«؛ أي كل‬
‫منكم سلطانٌ عام ومسؤول عن المة‪ .‬وهذه الملة الت هي أسى وأبلغ ما قاله مشر©ع سياسي من‬
‫الولي والخرين‪ ،‬فجاء من النافقي من حر‪x‬ف العنى عن ظاهره وعموميته؛ إل أن‪ x‬السلم راع! على‬
‫عائلته ومسؤول عنها فقط‪ .‬كما حر‪x‬فوا معنى الية‪ :‬والؤمنون والؤمنات بعضهم أولياء بعض‪ ‬على‬
‫ولية الشهادة دون الولية العامة‪ .‬وهكذا غيروا مفهوم اللغة‪ ،‬وبد‪x‬لوا الد©ين‪ ،‬وطمسوا على العقول حتى‬
‫جعلوا الناس ينسون لغة الستقلل‪ ،‬وعزة الرية؛ بل جعلوهم ل يعقلون كيف تكم أمة‪ j‬نفسها‬
‫بنفسها دون سلطان! قاهر‪.‬‬
‫وكأن السلمي ل يسمعوا بقول النب عليه السلم‪» :‬الناس سواسية كأسنان الشط‪ ،‬ل فضل‬
‫لعربي‪ Š‬على أعجمي إل بالتقوى«‪ .‬وهذا الديث أص̈ح الحاديث لطابقته للحكمة وميئه مفس©را? الية‬
‫‪‬إن‪ c‬أكرمكم عند ال أتقاكم‪ ‬فإن‪ x‬ال جل‪ x‬شأنه ساوى بي عباده مؤمني وكافرين ف الكرمة بقوله‪:‬‬
‫‪‬ولقد كر‪c‬منا بن‪ o‬آدم‪ ‬ثم‪ x‬جعل الفضلية ف الكرامة للمت‪x‬قي فقط‪ .‬ومعنى الت‪x‬قوى لغة? ليس كثرة العبادة‪،‬‬
‫كما صار إل ذلك حقيقة ع‪M‬رفية غرسها علماء الستبداد القائلي ف تفسي )عند ال(؛ أي ف الخرة دون‬
‫الدنيا؛ بل الت‪x‬قوى لغة? هي الت©قاء؛ أي البتعاد عن رذائل العمال احتازا? من عقوبة ال‪ .‬فقوله‪ :‬إن‬
‫أكرمكم عند ال أتقاكم‪ ‬كقوله‪ :‬إن‪ x‬أفضل الناس أكثرهم ابتعادا? عن الثام وسوء عواقبها‪.‬‬
‫وقد ظهر ما تقد‪x‬م أن‪ x‬السلمية مؤسسة على أصول الرية برفعها كل سيطرة وت̃كم‪ ،‬بأمرها‬
‫بالعدل والساواة والقسط والخاء‪ ،‬وبض©ها على الحسان والتحابب‪ .‬وقد جعلت أصول حكومتها‪:‬‬
‫الشورى الريستوقراطية؛ أي شورى أهل الل© والعقد ف المة بعقولم ل بسيوفهم‪ .‬وجعل أصول إدارة‬
‫المة‪ :‬التشريع الديقراطي؛ أي الشتاكي حسبما يأتي فيما بعد‪ .‬وقد مضى عهد النب )عليه السلم(‬
‫وعهد اللفاء الراشدين على هذه الصول بأت وأكمل صورها‪ .‬ومن العلوم أنه ل يوجد ف السلمية نفوذ‬
‫دين مطلقا? ف غي مسائل إقامة شعائر الدين‪ ،‬ومنها القواعد العامة التشريعية الت ل تبلغ مائة قاعدة‬
‫وح‪M‬كم‪ ،‬ك̃لها من أج‪w‬ل وأحسن ما اهتدى إليه الشر©عون من قبل ومن بعد‪ .‬ولكن؛ واأسفاه على هذا‬
‫الدين الر‪ ،‬الكيم‪ ،‬السهل‪ ،‬السمح‪ ،‬الظاهر فيه آثار الرقي على غيه من سوابقه‪ ،‬الدين الذي رفع‬
‫الصر والغلل‪ ،‬وأباد اليزة والستبداد‪ .‬الدين الذي ظلمه الاهلون‪ ،‬فهجروا حكمة القرآن ودفنوها ف‬

‫‪18‬‬
‫قبور الوان‪ .‬الدين الذي فقد النصار البرار والكماء الخيار‪ ،‬فسطا عليه الستبدون والتشحون‬
‫للستبداد‪ ،‬وات‪x‬خذوا وسيلة لتفريق الكلمة وتقسيم المة شي‪w‬عا?‪ ،‬وجعلوه آلة لهوائهم السياسية‪ ،‬فضيعوا‬
‫مزاياه‪ ،‬وحيروا أهله بالتقريع والتوسيع‪ ،‬والتشديد والتشويش‪ ،‬وإدخال ما ليس منه فيه كما فعل قبلهم‬
‫أصحاب الديان السائرة‪ ،‬حتى جعلوه دينا? حرجا? يتوهم الناس فيه أن‪ x‬كل‪ x‬ما دو‪w‬ن‪x‬ه التفنون بي دف¿ت‬
‫كتاب ي‪M‬نس‪w‬ب لسم إسلمي هو من الدين‪ ،‬وبقتضاها أن ل يقوى على القيام بواجباته وآدابه ومزيداته‪،‬‬
‫إل من ل علقة له بالياة الدنيا؛ بل أصبحت بقتضاها حياة النسان الطويل العمر‪ ،‬العاطل عن كل‬
‫عمل‪ ،‬ل تفي بتع̃لم ما هي السلمية عجزا? عن تييز الصحيح من الباطل من تلك الراء التشعبة الت‬
‫أطال أهلها فيها الدال والناظرة؛ وما افتقوا إل وكل‪ Å‬منهم ف موقفه الول يظهر أنه ألزم خصمه‬
‫الجة وأسكته بالبهان؛ والقيقة إن‪ x‬كل? منهم قد سكت تعبا? وكلل? من الشاغبة‪.‬‬
‫وبهذا التشديد الذي أدخله على الدين منافسو الوس؛ انفتح على المة باب التلوم على‬
‫النفس فضل? عن ماسبة الكام النوط بهم قيام العدل والن©ظام‪ .‬وهذا الهمال للمراقبة‪ ،‬هو إهمال المر‬
‫بالعروف والنهي عن النكر‪ ،‬وقد أوسع لمراء السلم مال الستبداد وتاوز‪ w‬الدود‪ .‬وبهذا وذاك‬
‫ظهر ح‪M‬كم حديث‪» :‬لتأمرن بالعروف ولتنهون عن النكر أو ليستعملن ال عليكم شراركم فليسومونكم‬
‫سوء العذاب«‪ ،‬وإذا تتبعنا سية أبي بكر وعمر رضي ال عنهما مع المة‪ ،‬ند أنهما مع كونهما‬
‫مفطور‪w‬ين خي فطرة‪ ،‬ونائلي التبية النبوية‪ ،‬ل تتك المة معهما الراقبة والاسبة‪ ،‬ول تطعهما‬
‫طاعة? عمياء‪.‬‬
‫وقد جع بعضهم جلة ما اقتبسه وأخذه السلمون عن غيهم‪ ،‬وليس هو من دينهم بالنظر إل‬
‫القرآن والتواترات من الديث وإجاع السلف الول فقال‪:‬‬
‫)اقتبسوا( من النصرانية مقام البابوية باسم الغوثية‪ ،‬و)ضاهوا( ف الوصاف والعداد أوصاف‬
‫وأعداد البطارقة‪ ،‬والكردينالية والشهداء والساقفة‪ ،‬و)حاكوا( مظاهر القديسي وعجائبهم‪ ،‬والدعاة‬
‫البشرين وصبهم‪ ،‬والرهبنات ورؤسائها‪ ،‬وحالة الديرة وبادريتها‪ .‬والرهبنات ورسومها والمي‪x‬ة‬
‫وتوقيتها‪ ،‬و)قل&دوا( الوثنيي الرومانيي ف الرقص على أنغام الناي والتغالي ف تطييب الوتى والحتفال‬
‫الزائد ف النائز وتسريح الذبائح معها‪ ،‬وتكليلها وتكليل القبور بالزهور‪ .‬و)شاكلوا( مراسم الكنائس‬
‫وزينتها‪ ،‬وال ‪€‬بي‪w‬ع واحتفالتها‪ ،‬والتنحات ووزنها‪ ،‬والت̈نمات وأصولا‪ ،‬وإقامة الكنائس على القبور‪،‬‬
‫وشد الر©حال لزيارتها‪ ،‬والسراج عليها‪ ،‬والضوع لديها‪ ،‬وتعليق المال بسكانها‪ .‬و)أخذوا( التبك‬
‫بالثار‪ :‬كالقدح والربة والدستار‪ ،‬من احتام الذخية وقدسية العكاز‪ ،‬وكذلك إمرار اليد على الصدر‬
‫عند ذكر الصالي‪ ،‬من إمرارها على الصدر لشارة الصليب‪ .‬و)انتزعوا( القيقة من السر‪ ،‬ووحدة‬
‫الوجود من اللول‪ ،‬واللفة من الرسم‪ ،‬والسقيا من تناول القربان‪ ،‬والولد من اليلد‪ ،‬وحفلته من‬

‫‪19‬‬
‫العياد‪ ،‬ورفع العلم من حل الصلبان‪ ،‬وتعليق ألواح الساء الصد‪x‬رة بالنداء على الدران من تعليق‬
‫الصور والتماثيل‪ ،‬والستفاضة والراقبة من التوجه بالقلوب انناءً أمام الصنام‪ .‬و)منعوا( الستهداء من‬
‫نصوص الكتاب والس‪M‬ن‪x‬ة كحظر الكاثوليك التفهم من النيل‪ ،‬وامتناع أحبار اليهود عن إقامة الدليل من‬
‫التوراة ف الحكام‪ .‬و)جاءوا( من الوسية باستطلع الغيب من الفلك‪ ،‬وبشية أوضاع الكواكب‬
‫وبات©خاذ أشكالا شعارا? للملك‪ ،‬وباحتام النار ومواقدها‪ .‬و)قل&دوا( البوذيي حرفا? برف ف الطريق‬
‫والرياضة وتعذيب السم بالنار والسلح‪ ،‬واللعب باليات والعقارب وشرب السموم‪ ،‬ودق الطبول‬
‫والصنوج وجعل رواتب من الدعية والناشيد والحزاب‪ ،‬واعتقاد تأثي العزائم ونداء الساء وحل‬
‫التمائم‪ ،‬إل غي ذلك ما هو م‪M‬شاهد ف بوذيي الند وموس فارس والسند إل يومنا هذا‪ .‬وقد قيل إنه‬
‫نقله إل السلمية‪ :‬جون وست‪ ،‬وسلطان علي منل‪ ،‬والبغدادي‪ ،‬وحاشية فلن الشيخ وفلن الفارسي‪،‬‬
‫على أن إسناد ذلك إل أشخاص معيني يتاج إل تثبيت‪ .‬و)لف¿قوا( من الساطي والسرائيليات أنواعا‬
‫من القربات‪ ،‬وعلوما? سوها لدنيات‪.‬‬
‫كذلك ي‪M‬قال عن مبتدعي النصارى‪ ،‬من أن أكثر ما اعتبه التأخرون منهم من الشعائر الدينية‪-‬‬
‫حتى مشكلة التثليث‪ -‬ل أصل له فيما ورد عن نفس السيح عليه السلم؛ إنا هو مزيدات وترتيبات‬
‫قليلها م‪M‬بتد‪w‬ع وكثيها مت‪x‬بع‪ .‬وقد اكتشف العلماء الثاريون من الصفائح الفرية الندية والشورية ومن‬
‫الصحف الت و‪M‬جدت ف نواويس الصريي القدمي‪ ،‬على مآخذ أكثرها‪ .‬وكذلك وجدوا لزيدات التلمود‬
‫وبدع الحبار أصول? ف الساطي والثار واللواح الشورية‪ ،‬وترق&وا ف التطبيق والتدقيق إل أن وجدوا‬
‫معظم الرافات الضافة إل أصول عامة الديان ف الشرق الدنى مقتبسة من الوضعيات النسوبة لنحل‬
‫الشرق القصى‪ ،‬وقد كشفت الثار أن الستبداد أخفى تاريخ الديان وجعل أخبار منشئها ف ظلم‬
‫مطبق‪ ،‬حتى إن‪ x‬أعداء الديان التأخرين أمكنهم أن ينكروا أساسا? وجود موسى وعيسى عليهما السلم‪،‬‬
‫كما شوش الستبداد ف السلمي تاريخ آل البيت عليهم الرضوان؛ المر الذي تول&د عنه ظهور الف‪€‬ر‪w‬ق الت‬
‫تشي‪x‬عت لم كالمامية والساعيلية والزيدية والاكمية وغيهم‪.‬‬
‫واللصة أن الب‪€‬د‪w‬ع الت شو‪x‬شت اليان وشو‪x‬هت الديان تكاد ك}̃لها تتسلسل بعضها من‬
‫بعض‪ ،‬وتتول&د جيعها من غرض واحد هو الراد‪ ،‬أل وهو الستعباد‪.‬‬
‫والناظر الدق&ق ف تاريخ السلم يد للمستبدين من اللفاء واللوك الولي‪ ،‬وبعض العلماء‬
‫العاجم‪ ،‬وبعض مقل&ديهم من العرب التأخرين أقوال? افتوها على ال ورسوله تضليل? للمة عن سبيل‬
‫الكمة‪ ،‬يريدون بها إطفاء نور العلم وإطفاء نور ال‪ ،‬ولكن؛ أبى ال إل أن يتم نوره‪ ،‬فحفظ للمسلمي‬
‫كتابه الكريم الذي هو شس العلوم وكنز الكم من أن تسه يد التحريف؛ وهي إحدى معجزاته لن‪x‬ه‬
‫قال فيها‪ :‬إنا نن نز‪c‬لنا الذ‪G‬كر وإن‪c‬ا له لافظون‪ ‬فما مسه النافقون إل بالتأويل‪ ،‬وهذا أيضا? من‬

‫‪20‬‬
‫معجزاته‪ ،‬لنه أخب عن ذلك ف قوله‪ :‬فأما ال‪Ž‬ذين ف ق‪Z‬ل‪Z‬وبهم ز‪o‬يغ‪ w‬فيت‪c‬بعون ما تشابه منه ابتغاء‬
‫الفتنة وابتغاء تأويله‪.‬‬
‫وإني أ}مث©ل للمطالعي ما فعله الستبداد ف السلم‪ ،‬با حجر على العلماء الكماء من أن‬
‫يفس©روا قسم‪w‬ي اللء والخلق تفسيا? مدق‪¤‬ق‪¢‬ا?‪ ،‬لنهم كانوا يافون مالفة رأي بعض الغ‪M‬ف¿ل السالفي أو‬
‫بعض النافقي القر‪x‬بي العاصرين‪ ،‬في‪M‬كف¿رون في‪M‬قت‪w‬لون‪ .‬وهذه مسألة إعجاز القرآن‪ ،‬وهي أهم مسألة ف‬
‫الد©ين ل يقدروا أن يوفوها حق&ها من البحث‪ ،‬واقتصروا على ما قاله فيها بعض السلف قول? ممل? من‬
‫أن‪x‬ها قصور الطاقة عن التيان بثله ف فصاحته وبلغته‪ ،‬وأنه أخب عن أن الروم بعد غلبهم سيغلبون‪.‬‬
‫مع أنه لو ف}تح للعلماء ميدان التدقيق وحرية الرأي والتأليف‪ ،‬كما أ}طلق عنان التخريف لهل التأويل‬
‫وال}كم‪ ،‬لظهروا ف ألوف من آيات القرآن ألوف آيات العجاز‪ ،‬ولرأوا فيه كل يوم آية تتجدد مع‬
‫الزمان والدثان تبهن إعجازه بصدق قوله‪ :‬ول ر‪o‬طب‪ i‬ول يابس‪ k‬إل ف كتاب‪ i‬مبي‪ ‬ولعلوا المة‬
‫تؤمن بإعجازه عن برهان وعيان ل مرد تسليم وإذعان‪.‬‬
‫ومثال ذلك‪ :‬أن‪ x‬العلم كشف ف هذه القرون الخية حقائق وطبائع كثية ت‪M‬عزى لكاشفيها‬
‫ومتعيها من علماء أوربا وأمريكا؛ والدقق ف القرآن يد أكثرها ورد به التصريح أو التلميح ف القرآن‬
‫منذ ثلثة عشر قرنا?؛ وما بقيت مستورة تت غشاء من الفاء إل لتكون عند ظهورها معجزة للقرآن‬
‫شاهدة بأنه كلم رب‪ Í‬ل يعلم الغيب سواه؛ ومن ذلك أنهم قد كشفوا أن مادة الكون هي الثي‪ ،‬وقد‬
‫وصف القرآن بدء التكوين فقال‪ :‬ثم‪ c‬استوى إل السماء وهي دخان‪ ‬وكشفوا أن الكائنات ف حركة‬
‫دائمة دائبة والقرآن يقول‪:‬وآية‪ ƒ‬لم الرض اليتة‪ Z‬أحييناها‪ ‬إل أن يقول‪:‬وكل• ف فلك‪ i‬يسبحون‪.‬‬
‫وحققوا أن‪ x‬الرض منفتقة? ف النظام الشمسي‪ ،‬والقرآن يقول‪ :‬أن‪ c‬السموات والرض كانتا‬
‫رتقا‪ p‬ففتقناهما‪.‬‬
‫وحققوا أن‪ x‬القمر منشق‪ Å‬من الرض‪ ،‬والقرآن يقول‪ :‬أفل يرون أنا نأتي الرض ننقصها من‬
‫أطرافها‪ .‬ويقول‪ :‬اقتبت‪ r‬الساعة وانشق‪ c‬القمر‪.‬‬
‫‪‬‬
‫وحققوا أن‪ x‬طبقات الرض سبع‪ ،‬والقرآن يقول‪ :‬ال الذي خلق سبع سوات‪ i‬ومن الرض‬
‫‪‬‬ ‫مثلهن‬
‫وحققوا أنه لول البال لقتضى الثقل النوعي أن تيد الرض؛ أي ترتج ف دورتها‪ ،‬والقرآن‬
‫يقول‪ :‬وألقى ف الرض رواسي‪ o‬أن تيد بكم‪.‬‬
‫وكشفوا أن‪ x‬سر التكيب الكيماوي‪ -‬بل والعنوي‪ -‬هو تالف نسبة القادير وضبطها‪ ،‬والقرآن‬
‫يقول‪ :‬وكل= شيء‪ i‬عنده بقدار‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫وكشفوا أن‪ x‬للجمادات حياة قائمة باء التبلور والقرآن يقول‪:‬وجعلنا من الاء كل‪ c‬شيء‪ i‬حي‪.‬‬
‫وحققوا أن العال العضوي‪ ،‬ومنه النسان‪ ،‬ترق&ى من الماد‪ ،‬والقرآن يقول‪ :‬ولقد خلقنا‬
‫النسان من سللة‪ i‬من طي‪.‬‬
‫وكشفوا ناموس اللقاح العام ف النبات‪ ،‬والقرآن يقول‪ :‬خلق الزواج كل&ها ما تنبت الرض‪‬‬
‫ويقول‪ :‬فأخرجنا به أزواجا‪ p‬من نبات‪ i‬شتى‪ ،‬ويقول‪ :‬اهتزت ورب‪o‬ت من كل‪ G‬زوج‪ k‬بهيج‪ .‬ويقول‪:‬‬
‫‪‬ومن كل‪ G‬الثمرات جعل فيها زوجي اثني‪.‬‬
‫وكشفوا طريقة إمساك الظ‪¤‬ل؛ أي التصوير الشمسي‪ ،‬والقرآن يقول‪ :‬أل ت‪o‬ر‪ o‬إل رب‪G‬ك كيف مد‬
‫الظ‪K‬ل‪ c‬ولو شاء لعله ساكنا‪ p‬ثم‪ c‬جعلنا الشمس‪ o‬عليه دليل‪.‬‬
‫وكشفوا تسيي السفن والركبات بالبخار والكهرباء والقرآن يقول‪ ،‬بعد ذكره الدواب والواري‬
‫بالريح‪ :‬وخلقنا لم من مثله ما يركبون‪.‬‬
‫وكشفوا وجود اليكروب‪ ،‬وتأثيه وغيه من المراض‪ ،‬والقرآن يقول‪:‬وأرسل عليهم طيا‬
‫أبابيل؛ أي متتابعة متجمعة ‪‬ترميهم بجارة‪ i‬من سجيل‪‬؛ أي من طي الستنقعات اليابس‪ .‬إل غي‬
‫‪‬‬
‫ذلك من اليات الكثية الققة لبعض مكتشفات علم اليئة والنواميس الطبيعية‪ .‬وبالقياس على ما‬
‫تقد‪x‬م ذكره؛ يقتضي أن‪ x‬كثي?ا من آياته سينكشف س̈رها ف الستقبل ف وقتها الرهون‪ ،‬تديدا? لعجازه‬
‫عما ف الغيب مادام الزمان وما كر‪ x‬الديدان؛ فل ب‪M‬د‪ x‬أن يأتي يوم يكشف العلم فيه أن‪ x‬المادات أيضا‬
‫تنمو باللقاح كما تشي إل ذلك آية ‪‬ومن كل‪ G‬شيء‪ i‬خلقنا زوجي‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫الستبداد والعلم‬

‫ما أشبه الستبد‪ x‬ف نسبته إل رعيته بالوصي الائن القوي‪ ،‬يتصرف ف أموال اليتام وأنفسهم‬
‫كما يهوى ما داموا ضعافا? قاصرين؛ فكما أنه ليس من صال الوصي أن يبلغ اليتام رشدهم‪ ،‬كذلك ليس‬
‫من غرض الستبد أن تتنور الرعية بالعلم‪.‬‬
‫ل يفى على الستبد‪ ،‬مهما كان غبيا?‪ ،‬أن• ل استعباد ول اعتساف إل مادامت الرعية حقاء‬
‫تبط ف ظلمة جهل وتيه عماء‪ ،‬فلو كان الستب̈د طيا? لكان خف&اشا? يصطاد هوام العوام ف ظلم‬
‫الهل‪ ،‬ولو كان وحشا? لكان ابن آوى يتلق&ف دواجن الواضر ف غشاء الليل‪ ،‬ولكنه هو النسان يصيد‬
‫عال‪€‬م‪w‬ه جاهل}ه‪.‬‬
‫العلم قبسة‪ j‬من نور ال‪ ،‬وقد خلق ال النور كشافا? مبصرا?‪ ،‬يول&د ف النفوس حرارة? وف الرؤوس‬
‫شهامة?‪ ،‬العلم نور والظلم ظلم‪ ،‬ومن طبيعة النور تبديد الظ&لم‪ ،‬والتأمل ف حالة كل© رئيس ومرؤوس‬
‫يرى كل‪ x‬سلطة الرئاسة تقوى وتضعف بنسبة نقصان علم الرؤوس وزيادته‪.‬‬
‫الستب̈د ل يشى علوم اللغة‪ ،‬تلك العلوم الت بعضها يقوم اللسان وأكثرها هزلٌ وهذيان يضيع‬
‫به الزمان‪ ،‬نعم؛ ل ياف علم اللغة إذا ل يكن وراء اللسان حكمة حاس تعقد اللوية‪ ،‬أو سحر بيان‬
‫ي̈ل عقد اليوش؛ لنه يعرف أن الزمان ضنيٌ بأن تلد المهات كثيا? من أمثال‪ :‬الكميت وحسان أو‬
‫مونتيسكيو وشيللر‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫وكذلك ل ياف الستب̈د من العلوم الدينية التعل‪¤‬قة بالعاد‪ ،‬الختصة ما بي النسان وربه‪،‬‬
‫لعتقاده أنها ل ترفع غباوة? ول تزيل غشاوة‪ ،‬إنا يتلهى بها التهو©سون للعلم‪ ،‬حتى إذا ضاع فيها‬
‫عمرهم‪ ،‬وامتلتها أدمغتهم‪ ،‬وأخذ منهم الغرور‪ ،‬فصاروا ل يرون علما? غي علمهم‪ ،‬فحينئذٍ يأمن الستبد‬
‫منهم كما ي‪M‬ؤمن ش̈ر السكران إذا خر‪ .‬على أنه إذا نبغ منهم البعض ونالوا حرمة بي العوام ل يعدم‬
‫الستبد وسيلة لستخدامها ف تأييد أمره وماراة هواه ف مقابلة أنه يضحك عليهم بشيء من التعظيم‪،‬‬
‫ويس̈د أفواههم بلقيماتٍ من مائدة الستبداد؛ وكذلك ل ياف من العلوم الصناعية مضا?؛ لن أهلها‬
‫يكونون مسالي صغار النفوس‪ ،‬صغار المم‪ ،‬يشتيها الستب̈د بقليل من الال والعزاز‪ ،‬ول ياف من‬
‫الاديي‪ ،‬لن أكثرهم مبتلون بإيثار النفس‪ ،‬ول من الرياضيي؛ لن غالبهم قصار النظر‪.‬‬
‫ترتعد فرائص الستب̈د من علوم الياة مثل الكمة النظرية‪ ،‬والفلسفة العقلية‪ ،‬وحقوق المم‬
‫وطبائع الجتماع‪ ،‬والسياسة الدنية‪ ،‬والتاريخ الفصل‪ ،‬والطابة الدبية‪ ،‬ونو ذلك من العلوم الت‬
‫ت‪M‬كب النفوس‪ ،‬وتوسع العقول‪ ،‬وتعرف النسان ما هي حقوقه وكم هو مغبون فيها‪ ،‬وكيف الطلب‪،‬‬
‫وكيف النوال‪ ،‬وكيف الفظ‪ .‬وأخوف ما ياف الستبد من أصحاب هذه العلوم‪ ،‬الندفعي منهم لتعليم‬
‫الناس الطابة أو الكتابة وهم العب‪x‬ر عنهم ف القرآن بالصالي والصلحي ف نو قوله تعال‪ :‬أن‬
‫الرض يرثها عبادي‪ w‬الصالون‪ ‬وف قوله‪ :‬وما كان ر̈بك ليهلك القرى بظلم! وأهلها مصلحون‪ ،‬وإن• كان‬
‫علماء الستبداد يفس©رون مادة الصلح والصلح بكثرة التع̈بد كما حولوا معنى مادة الفساد والفساد‪ :‬من‬
‫تريب نظام ال إل التشويش على الستبدين‪.‬‬
‫واللصة‪ :‬أن‪ x‬الستبد ياف من هؤلء العاملي الراشدين الرشدين‪ ،‬ل من العلماء النافقي أو‬
‫الذين حفر رؤوسهم مفوظاتٌ كثية كأنها مكتبات مقفلة!‬
‫كما يبغض الستب̈د العلم‪ w‬ونتائجه؛ يبغضه أيضا? لذاته‪ ،‬لن للعلم سلطانا? أقوى من كل© سلطان‪،‬‬
‫فل بد‪ x‬للمستبد© من أن يستحقر نفسه كلما وقعت عينه على من هو أرقى منه علما‪ .‬ولذلك ل يب‬
‫الستب̈د أن يرى وجه عال! عاقل يفوق عليه فكرا?‪ ،‬فإذا اضطر لثل الطبيب والهندس يتار الغب‬
‫التصاغر التمل‪¤‬ق‪ .‬وعلى هذه القاعدة بنى ابن خلدون قوله‪) :‬فاز التملقون(‪ ،‬وهذه طبيعة كل© التكبين‪،‬‬
‫بل ف غالب الناس‪ ،‬وعليها مبنى ثنائهم على كل© من يكون مسكينا? خامل? ل ي‪M‬رجى لي! ول لشر‪.‬‬
‫وينتج ما تقد‪x‬م أن‪ x‬بي الستبداد والعلم حربا? دائمة? وطرادا? مستمرا?‪ :‬يسعى العلماء ف تنوير‬
‫العقول‪ ،‬ويتهد الستب̈د ف إطفاء نورها‪ ،‬والطرفان يتجاذبان العوام‪ .‬ومن هم العوام؟ هم أولئك الذين إذا‬
‫جهلوا خافوا‪ ،‬وإذا خافوا استسلموا‪ ،‬كما أن‪x‬هم هم الذين متى علموا قالوا‪ ،‬ومتى قالوا فعلوا‪.‬‬
‫العوام هم قوة الستب̈د وق}و•ت‪M‬ه‪ .M‬بهم عليهم يصول ويطول؛ يأسرهم فيتهللون لشوكته؛ ويغصب‬
‫أموالم فيحمدونه على إبقائه حياتهم؛ ويهينهم فيثنون على رفعته؛ ويغري بعضهم على بعض‬

‫‪24‬‬
‫فيفتخرون بسياسته؛ وإذا أسرف ف أموالم يقولون كريا?؛ وإذا قتل منهم ل يث©ل يعتبونه رحيما?؛‬
‫ويسوقهم إل خطر الوت‪ ،‬فيطيعونه حذر التوبيخ؛ وإن نقم عليه منهم بعض الباة قاتلهم كأنهم ب‪M‬غاة‪.‬‬
‫والاصل أن‪ x‬العوام يذبون أنفسهم بأيديهم بسبب الوف الناشئ عن الهل والغباوة‪ ،‬فإذا‬
‫ارتفع الهل وتنو‪x‬ر العقل زال الوف‪،‬‬
‫وأصبح الناس ل ينقادون طبعا? لغي‬
‫منافعهم‪ ،‬كما قيل‪ :‬العاقل ل يدم غي‬
‫نفسه‪ ،‬وعند ذلك ل بد‪ x‬للمستبد© من‬
‫العتزال أو العتدال‪ .‬وكم أجبت المم‬
‫بتق&يها الستبد‪ x‬اللئيم على التق&ي معها‬
‫ر غ م طب ع ه‪ -‬إ ل وكي ل! أ م ي‬
‫يهاب الساب‪ ،‬ورئيس! عادل يشى النتقام‪ ،‬وأبٍ حليم! يتلذذ بالتحابب‪ .‬وحينئذٍ تنال المة حياة‬
‫رضية هنية‪ ،‬حياة رخاء وناء‪ ،‬حياة عز وسعادة‪ ،‬ويكون حظ& الرئيس من ذلك رأس الظوظ‪ ،‬بعد أن‬
‫كان ف دور الستبداد أشقى العباد؛ لنه على الدوام ملحوظا? بالبغضاء‪ ،‬ماطا? بالخطار‪ ،‬غي أمي‬
‫على رياسته‪ ،‬بل وعلى حياته طرفة عي؛ ولنه ل يرى قط& أمامه من يستشده فيما يهل؛ لن‬
‫الواقف بي يديه مهما كان عاقل? متينا?‪ ،‬ل ب ‪x‬د أن يهابه‪ ،‬فيضطرب باله‪ ،‬فيتشوش فكره‪ ،‬ويتل‬
‫رأيه‪ ،‬فل يهتدي على الصواب‪ ،‬وإن اهتدى فل يسر على التصريح به قبل استطلع رأي الستبد‪،‬‬
‫فإن رآه متصل‪¤‬با? فيما يراه فل يسعه إل تأييده راشدا? كان أو غيا?‪ ،‬وك̈ل مستشار غيه يد‪x‬عي أن‪x‬ه غي‬
‫هياب فهو كذ‪x‬اب؛ والقول الق‪ :‬إن‪ x‬الصدق ل يدخل قصور اللوك؛ بناءً عليه؛ ل يستفيد الستب̈د قط‬
‫من رأي غيه‪ ،‬بل يعيش ف ضلل وترددٍ وعذابٍ وخوف‪ ،‬وكفى بذلك انتقاما? منه على استعباده الناس‬
‫وقد خلقهم ربهم أحرارا‪.‬‬
‫إن‪ x‬خوف الستبد من نقمة رعيته أكثر من خوفهم من بأسه؛ لن‪ x‬خوفه ينشأ عن علمه با‬
‫يستح̃قه منهم‪ ،‬وخوفهم ناشئ عن جهل؛ وخوفه عن عجز! حقيقي فيه‪ ،‬وخوفهم عن توهم التخاذل‬
‫فقط؛ وخوفه على فقد حياته وسلطانه‪ ،‬وخوفهم على لقيمات من النبات وعلى وطن! يألفون غيه ف‬
‫أيام؛ وخوفه على كل© شيء تت ساء ملكه‪ ،‬وخوفهم على حياةٍ تعيسة فقط‪.‬‬
‫كلما زاد الستب̈د ظلما? واعتسافا? زاد خوفه من رعيته وحتى من حاشيته‪ ،‬وحتى ومن هواجسه‬
‫وخيالته‪ .‬وأكثر ما ت‪M‬ختم حياة الستبد© بالنون التام‪ .‬قلت‪) :‬التام( لن الستبد‪ x‬ل يلو من المق قط&‪،‬‬
‫لنفوره من البحث عن القائق‪ ،‬وإذا صادف وجود مستبد‪ Í‬غي أحق فيسارعه الوت قهرا? إذا ل‬
‫يسارعه النون أو العته؛ وقلت‪ :‬إنه ياف من حاشيته؛ لن‪ x‬أكثر ما يبطش بالستبدين حواشيهم؛‬

‫‪25‬‬
‫لن‪ x‬هؤلء أشقى خلق ال حياة?‪ ،‬يرتكبون كل‪ x‬جريةٍ وفظيعة لساب الستبد© الذي يعلهم يسون‬
‫ويصبحون مبولي مصروعي‪ ،‬ي‪M‬جهدون الفكر ف استطلع ما يريد منهم فعله بدون أن يطلب أو‬
‫يصر©ح‪ .‬فكم ينقم عليهم ويهينهم لر‪x‬د أنهم ل يعلمون الغيب‪ ،‬ومن ذا الذي يعلم الغيب‪ ،‬النبياء‬
‫ب ول ولي‪ ،Å‬ول يدعي ذلك إل& دجال‪،‬‬
‫والولياء؟ وما هؤلء إل أشقياء؛ أستغفرك اللهم! ل يعلم غيبك ن ‪Å‬‬
‫ول يظ̈ن صدقه إل& مغف¿ل‪ ،‬فإن‪x‬ك اللهم قلت وقولك الق‪ :‬فل يظهر على غيبه أحدا?‪ ‬وأفضل أنبيائك‬
‫يقول‪» :‬لو علمت‪ M‬الي لستكثرت منه«‪.‬‬
‫من قواعد الؤر©خي الدققي‪ :‬إن‪ x‬أحدهم إذا أراد الوازنة بي مستبد‪x‬ين كنيون وتيمور مثل?‪،‬‬
‫يكتفي أن يوازن درجة ما كانا عليه من التح̈ذر والتح̃فظ‪ .‬وإذا أراد الفاضلة بي عادلي كأنو شروان‬
‫وعمر الفاروق‪ ،‬يوازن بي مرتبت أمنهما ف قوميهما‪.‬‬
‫لا كانت أكثر الديانات مؤسسة على مبدأي الي والشر كالنور والظلم‪ ،‬والشمس وزحل‪،‬‬
‫والعقل والشيطان‪ ،‬رأت بعض المم الغابرة أن‪ x‬أضر‪ x‬شيء على النسان هو الهل‪ ،‬وأضر آثار الهل‬
‫هو الوف‪ ،‬فعملت هيكل? مصصا? للخوف ي‪M‬عبد اتقاءً لشر©ه‪.‬‬
‫قال أحد الررين السياسيي‪ :‬إني أرى قصر الستبد© ف كل© زمان هو هيكل الوف عينه‪:‬‬
‫فاللك البار هو العبود‪ ،‬وأعوانه هم الكهنة‪ ،‬ومكتبته هي الذبح القد‪x‬س‪ ،‬والقلم هي السكاكي‪،‬‬
‫وعبارات التعظيم هي الصلوات‪ ،‬والناس هم السرى الذين ي‪M‬قد‪x‬مون قرابي الوف‪ ،‬وهو أهم النواميس‬
‫الطبيعية ف النسان‪ ،‬والنسان يقرب من الكمال ف نسبة ابتعاده عن الوف‪ ،‬ول وسيلة لتخفيف‬
‫الوف أو نفيه غي العلم بقيقة الخيف منه‪ ،‬وهكذا إذا زاد علم أفراد الرعية بأن الستبد‪ x‬امرؤٌ عاجز‬
‫مثلهم‪ ،‬زال خوفهم منه وتقاضوه حقوقهم‪.‬‬
‫ويقول أهل النظر‪ :‬إن‪ x‬خي ما يستبدل به على درجة استبداد الكومات؛ هو تغاليها ف شنآن‬
‫اللوك‪ ،‬وفخامة القصور‪ ،‬وعظمة الفلت‪ ،‬ومراسيم التشريفات‪ ،‬وعلئم الب‪x‬هة‪ ،‬ونو ذلك من‬
‫التمويهات الت يستهب بها اللوك رعاياهم عوضا? عن العقل والفاداة‪ ،‬وهذه التمويهات يلجأ إليها‬
‫الستب̈د كما يلجأ قليل العز© للتك̈بر‪ ،‬وقليل العلم للتص̈وف‪ ،‬وقليل الص©دق لليمي‪ ،‬وقليل الال لزينة‬
‫اللباس‪.‬‬
‫ويقولون‪ :‬إن‪x‬ه كذلك ي‪M‬ستد̈ل على عراقة المة ف الستعباد أو الرية باستنطاق لغتها؛ هل هي‬
‫قليلة ألفاظ التعظيم كالعربية مثل?؟ أم هي غنية ف عبارات الضوع كالفارسية‪ ،‬وكتلك اللغة الت ليس‬
‫فيها بي التخاطبي أنا وأنت‪ ،‬بل سيدي وعبدكم؟!‬
‫واللصة أن‪ x‬الستبداد والعلم ضدان متغالبان؛ فك̈ل إدارة مستبدة تسعى جهدها ف إطفاء نور‬
‫العلم‪ ،‬وحصر الرعية ف حالك الهل‪ .‬والعلماء الكماء الذين ينبتون أحيانا? ف مضايق صخور‬

‫‪26‬‬
‫الستبداد يسعون جهدهم ف تنوير أفكار الناس‪ ،‬والغالب أن‪ x‬رجال الستبداد ي‪M‬طاردون رجال العلم‬
‫وينكلون بهم‪ ،‬فالسعيد منهم من يتمك&ن من مهاجرة دياره‪ ،‬وهذا سبب أن‪ x‬كل‪ x‬النبياء العظام ‪ -‬عليهم‬
‫الصلة والسلم وأكثر العلماء العلم والدباء والنبلء‪ -‬تقل¿بوا ف البلد وماتوا غرباء‪.‬‬
‫إن‪ x‬السلمية أول‪ x‬دين حض‪ x‬على العلم‪ ،‬وكفى شاهدا? أن‪ x‬أول كلمة أ}نزلت من القرآن هي المر‬
‫بالقراءة أمرا? مكررا?‪ ،‬وأو‪x‬ل م‪€‬ن‪x‬ةٍ أجل¿ها ال وامت‪ x‬بها على النسان هي أن‪x‬ه عل¿مه بالقلم‪ .‬عل¿مه به ما ل‬
‫يعلم‪ .‬وقد فهم الس‪x‬لف الول من مغزى هذا المر وهذا المتنان وجوب تع̃لم القراءة والكتابة على كل‬
‫مسلم‪ ،‬وبذلك عم‪x‬ت القراءة والكتابة ف السلمي أو كادت تع̈م‪ ،‬وبذلك صار العلم ف المة حرا? مباحا‬
‫للكل© ل يتص¨ به رجال الدين أو الشراف كما كان ف المم السابقة‪ ،‬وبذلك انتشر العلم ف سائر المم‬
‫أخذا? على السلمي! ولكن•؛ قاتل ال الستبداد الذي استهان بالعلم حتى جعله كالسلعة ي‪M‬عطى وي‪M‬منح‬
‫للميي‪ ،‬ول يرؤ أحد على العتاض‪ ،‬أجل؛ قاتل ال الستبداد الذي رجع بالمة إل المية‪،‬‬
‫فالتقى آخرها بأول‪¤‬ها‪ ،‬ول حول ول قوة إل بال‪.‬‬
‫قال الدققون‪ :‬إن‪ x‬أخوف ما يافه الستبدون الغربيون من العلم أن يعرف الناس حقيقة أن‬
‫الرية أفضل من الياة‪ ،‬وأن يعرفوا النفس وعز‪x‬ها‪ ،‬والشرف وعظمته‪ ،‬والقوق وكيف ت‪M‬حفظ‪ ،‬والظلم‬
‫وكيف ي‪M‬رفع‪ ،‬والنسانية وما هي وظائفها‪ ،‬والرحة وما هي لذاتها‪.‬‬
‫أما الستبدون الشرقيون فأفئدتهم هواء ترتف من صولة العلم‪ ،‬كأن العلم نار وأجسامهم من‬
‫بارود‪ .‬الستبدون يافون من العلم حتى من علم الناس معنى كلمة )ل إله إل ال(‪ ،‬ولاذا كانت أفضل‬
‫الذكر‪ ،‬ولاذا ب‪M‬ن عليها السلم‪ .‬ب‪M‬ن السلم‪ ،‬بل وكافة الديان على )ل إله إل ال(‪ ،‬ومعنى ذلك أنه‬
‫ل ي‪M‬عبد حقا? سوى الصانع العظم‪ ،‬ومعنى‬
‫العبادة الضوع ومنها لفظة العبد‪ ،‬فيكون‬
‫معنى ل إله إل ال‪" :‬ل يستحق الضوع‬
‫شيءٌ غي ال"‪ .‬وما أفضل تكرار هذا‬
‫العنى على الذاكرة آناء الليل وأطراف‬
‫النهار ت̈ذرا? من الوقوع ف ورطة شيء‬
‫م ن ا ل ض و ع ل غ ي ا ل و ح د ه‪ .‬فه ل –‬
‫والالة هذه‪ -‬يناسب غرض الستبدين أن‬
‫يعلم عبيدهم أن• ل سيادة ول عبودية ف‬
‫السلم ول ولية فيه ول خضوع‪ ،‬إنا‬
‫الؤمنون بعضهم أولياء بعض؟ كل؛ ل‬

‫‪27‬‬
‫يلئم ذلك غرضهم‪ ،‬وربا عدوا كلمة )ل‬
‫إله إل ال( شتما? لم! ولذا؛ كان‬
‫و ل زال وا‪ -‬م ن أن صا ر ال ش© ر ك‬
‫وأعداء العلم‪.‬‬
‫له‪w‬لء‪ ،‬والزواج‬
‫إن‪ x‬العلم ل يناسب صغار الستبدين أيضا? كخ‪w‬د‪w‬م‪w‬ة الديان التكب©رين وكالباء ا }‬
‫المقى‪ ،‬وكرؤساء كل© المعيات الضعيفة‪ .‬والاصل‪ :‬أن‪x‬ه ما انتشر نور العلم ف أمةٍ قط& إل وتكس‪x‬رت‬
‫فيها قيود السر‪ ،‬وساء مصي الستبدين من رؤساء سياسة أو رؤساء دين‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫الستبداد والد‬

‫من ال‪€‬ك‪¢‬م البالغة للمتأخرين قولم‪" :‬الستبداد أصلٌ لكل© داء"‪ ،‬ومبنى ذلك أن‪ x‬الباحث الدقق‬
‫ف أحوال البشر وطبائع الجتماع كشف أن‪ x‬للستبداد أثرا? سيئا? ف كل© واد‪ ،‬وقد سبق أن‪ x‬الستبداد‬
‫يضغط على العقل فيفسده‪ ،‬وإني الن أبث ف أن‪x‬ه كيف ي‪M‬غالب الستبداد الد فيفسده‪ ،‬ويقيم مقامه‬
‫التم̈جد‪.‬‬
‫الد‪ :‬هو إحراز الرء مقام حب‪ Í‬واحتام ف القلوب‪ ،‬وهو مطلب طبيعي شريف لكل© إنسان‪،‬‬
‫ب أو زاهد‪ ،‬ول ينح̃ط عنه دني‪ Å‬أو خامل‪ .‬للمجد لذ‪x‬ة‪ j‬روحية تقارب لذ‪x‬ة العبادة عند‬
‫ل يتف¿ع عنه ن ‪Å‬‬
‫الفاني ف ال تعال‪ ،‬وتعادل لذ‪x‬ة العلم عند الكماء‪ ،‬وتربو على لذ‪x‬ة امتلك الرض مع قمرها عند‬
‫المراء‪ ،‬وتزيد على لذ‪x‬ة مفاجأة الثراء عند الفقراء‪ .‬ولذا؛ يزاحم الد ف النفوس منزلة الياة‪.‬‬
‫وقد أشك‪¢‬ل‪ w‬على بعض الباحثي أي الرصي أقوى؟ حرص الياة أم حرص الد؟ والقيقة‬
‫الت عو‪x‬ل عليها التأخ©رون ومي‪x‬زوا بها تليط ابن خلدون هي التفضيل؛ وذلك أن‪ x‬الد مفض‪x‬ل على‬
‫الياة عند اللوك والق}و‪x‬اد وظيفة?‪ ،‬وعند‬
‫ال̈نجباء والحرار حية?‪ ،‬وحب¨ الياة‬
‫متاز على الد عند ال}سراء والذ©لء‬
‫طبيعة?‪ ،‬وعند البناء والنساء ضرورة‪.‬‬
‫و عل ى ه ذ ه ال قا ع د ة ي ك و ن أئ م ة آ ل البي ت –‬
‫عليهم السلم‪ -‬معذورين ف إلقاء أنفسهم ف تلك الهالك؛ لن‪x‬هم ل&ا كانوا نباء أحرارا?‪ ،‬فحميتهم‬
‫جعلتهم يفض©لون الوت كراما? على حياة ذل‪ Í‬مثل حياة ابن خلدون الذي خط&أ أماد البشر ف إقدامهم‬
‫على الطر إذا هد‪x‬د مدهم‪ ،‬ذاهل? على أن‪ x‬بعض أنواع اليوان‪ ،‬ومنها البلبل‪ ،‬و‪M‬ج‪€‬دت فيها طبيعة‬
‫اختيار النتحار أحيانا? ت̃لصا? من قيود ال̈ذل©‪ ،‬وأن‪ x‬أكثر سباع الطي والوحوش إذا }أس‪€‬ر‪w‬ت كبية تأبى‬
‫الغذاء حتى توت‪ ،‬وأن‪ x‬ال}ر‪x‬ة توت ول تأكل بع‪€‬رض‪€‬ها‪ ،‬والاجدة توت ول تأكل بثدييها!‬
‫الد ل ي‪M‬نال إل بنوع! من البذل ف‬
‫سبيل الماعة‪ ،‬وبتعبي الشرقيي ف‬
‫سبيل ال أو سبيل الدين‪ ،‬وبتعبي‬
‫الغربيي ف سبيل الدنية أو سبيل‬
‫ا لن ساني ة‪ .‬وا ل و ل ت عا ل ا– ل ست ح ق‬
‫التعظيم لذاته‪ -‬ما طالب عبيده بتمجيده إل وقرن الطلب بذكر نعمائه عليهم‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫وهذا البذل إما بذل مال للنفع العام ويسمى مد الكرم؛ وهو أضعف الد‪ ،‬أو بذل العلم‬
‫النافع الفيد للجماعة؛ ويسمى مد الفضيلة‪ ،‬أو بذل النفس بالتع̈رض للمشاق والخطار ف سبيل نصرة‬
‫الق© وحفظ الن©ظام؛ وي‪M‬سمى مد النبالة‪ ،‬وهذا أعلى الد؛ وهو الراد عند الطلق‪ ،‬وهو الد الذي‬
‫تتوق إليه النفوس الكبية‪ ،‬وت̈ن إليه أعناق النبلء‪ .‬وكم له من عشاق تل̈ذ لم ف حبه الصاعب‬
‫والخاطرات‪ ،‬وأكثرهم يكون من مواليد بيوت نادرة حتها ال̈صدف من عيون الظالي الذل&ي‪ ،‬أو يكون‬
‫من نباء بيوت ما انقطعت فيها سلسلة الاهدين وما انقطعت عجائزها عن بكائهم‪ .‬ومن أمثلة‬
‫الد قولم‪ :‬خلق ال للمجد رجال? يستعذبون الوت ف سبيله‪ ،‬ول سبيل إليه إل بعظيم المة‬
‫والقدام والثبات‪ ،‬تلك الصال الثلث الت بها تقد‪x‬ر قيم الرجال‪.‬‬
‫وهذا نيون الظال سأل أغربي الشاعر وهو تت الن‪x‬طع‪ :‬من أشقى الناس؟ فأجابه معر©ضا‬
‫به‪ :‬من إذا ذكر الناس الستبداد كان مثال? له ف اليال‪ .‬وكان ترايان العادل إذا قل¿د سيفا? لقائد يقول‬
‫له‪" :‬هذا سيف المة أرجو أن ل أتعدى القانون فيكون له نصيبٌ ف عنقي"‪ .‬وخرج قيس من ملس‬
‫الوليد مغضبا? يقول‪" :‬أتريد أن تكون جبارا?؟ وال؛ إن‪ x‬نعال الصعاليك لطول من سيفك!‪ .‬وقيل لحد‬
‫الباة‪" :‬ما فائدة سعيك غي جلب الشقاء على نفسك؟"‪ .‬فقال‪" :‬ما أحلى الشقاء ف سبيل تنغيص‬
‫الظالي!"‪ .‬وقال آخر‪" :‬علي‪ x‬أن أف بوظيفت وما علي‪ x‬ضمان القضاء"‪ .‬وقيل لحد النبلء‪" :‬لاذا ل‬
‫تبن لك دارا?؟" فقال‪" :‬ما أصنع فيها وأنا القيم على ظهر الواد أو ف السجن أو ف القب"‪ ،‬وهذه‬
‫ذات النطاقي )أساء بنت أبي بكر رضي ال عنها( وهي امرأة عجوز تود©ع ابنها بقولا‪" :‬إن كنت‬
‫على الق فاذهب وقاتل الجاج حتى توت"‪ .‬وهذا مكماهون رئيس جهورية فرنسا استبد‪ x‬ف أمر‬
‫فدخل عليه صديقه غامبتا وهو يقول‪" :‬المر للمة ل إليك‪ ،‬فاعتدل‪ ،‬أو اعتزل‪ ،‬وإل فأنت الخذول‬
‫الهان اليت!!‬
‫والاصل أن‪ x‬الد هو الد‪ M‬مب‪x‬بٌ للنفوس‪ ،‬ل تفتأ تسعى وراءه وترقى مراقيه‪ ،‬وهو ميس‪x‬ر‬
‫ف عهد العدل لكل© إنسان على حسب استعداده وهم‪x‬ته‪ ،‬وينحصر تصيله ف زمن الستبداد بقاومة‬
‫الظ&لم على حسب المكان‪.‬‬
‫يقابل الد‪ ،‬من حيث مبتناه‪ ،‬التم̈جد‪ .‬وما هو التمجد؟ وماذا يكون التمجد؟ التم̈جد لفظ‬
‫هائل العنى‪ ،‬ولذا أراني أتعث‪x‬ر بالكلم وأتلعثم ف الطاب‪ ،‬ول سيما من حيث أخشى مساس‬
‫إحساس بعض الطالعي‪ .‬إن ل يكن من جهة أنفسهم فمن جهة أجدادهم الولي‪ ،‬فأناشدهم الوجدان‬
‫والق الهان‪ ،‬أن يتجر‪x‬دوا دقيقتي من النفس وهواها‪ ،‬ثم‪ x‬هم مثلي ومثل سائر الاني على النسانية‬
‫ل يعدمون تأويل‪ .‬وإنن أعل‪¤‬ل النفس بقبولم تهوين هذا‪ ،‬فأنطلق وأقول‪:‬‬

‫‪30‬‬
‫التمجد خاص بالدارات الستبد‪x‬ة‪ ،‬وهو القربى من الستبد© بالفعل كالعوان والعمال‪ ،‬أو بالقوة‬
‫كاللق¿بي بنحو دوق وبارون‪ ،‬والخاطبي بنحو رب© العزة ورب الصولة‪ ،‬أو الوسومي بالنياشي‪ ،‬أو‬
‫الطو‪x‬قي بالمائل‪ ،‬وبتعريفٍ آخر‪ ،‬التم̈جد هو أن ينال الرء جذوة نار من جهنم كبياء الستبد© ليحرق‬
‫بها شرف الساواة ف النسانية‪.‬‬
‫وبوصفٍ أجلى‪ :‬هو أن يتقل&د الرجل سيفا? من ق‪€‬ب‪w‬ل البارين يبهن به على أن‪x‬ه جلد ف دولة‬
‫الستبداد‪ ،‬أو يعل‪¤‬ق على صدره وساما? مشعرا? با وراءه من الوجدان الستبيح للعدوان‪ ،‬أو يتزين بسيور‬
‫مزركشة تنبئ بأنه صار من‪x‬ثا? أقرب إل النساء منه إل الرجال‪ ،‬وبعبارة أوضح وأخصر‪ ،‬هو أن يصي‬
‫النسان مستبد?ا صغيا? ف كنف الستبد© العظم‪.‬‬
‫قلت‪ :M‬إن‪ x‬التم̈جد خاص‪ Å‬بالدارات الستبدادية‪ ،‬وذلك لن‪ x‬الكومة الرة الت تث©ل عواطف‬
‫المة تأبى كل‪ x‬الباء إخلل التساوي بي الفراد إل لفضل! حقيقي‪ ،‬فل ترفع قدر أحد منها إل رفعا‬
‫صوريا? أثناء قيامه ف خدمتها؛ أي الدمة العمومية‪ ،‬وذلك تشويقا? له على التفاني ف الدمة‪ ،‬كما‬
‫أن‪x‬ها ل تيز أحدا? منها بوسام أو تشر©فه بلقبٍ إل ما كان علميا? أو ذكرى لدمة مهمة وف¿قه ال إليها‪.‬‬
‫وبثل هذا يرفع ال} الناس بعضهم فوق بعض! درجات ف القلوب ل ف القوق‪.‬‬
‫وهذا لقب اللوردية مثل? عند النكليز هو من بقايا عهد الستبداد‪ ،‬ومع ذلك ل يناله عندهم‬
‫غالبا? إل من يدم أم‪x‬ته خدمة عظيمة‪ ،‬ويكون من حيث أخلقه وثروته أهل? لن يدمها خدمات‬
‫مهمة غيها‪ ،‬ومن القرر أن ل اعتبار للورد ف نظر المة إل إذا كان مؤسسا? أو وارثا?‪ ،‬أو كانت المة‬
‫تقرأ ف جبهته سطرا? مررا? بقلم الوطنية وبداد الشهامة مضي‪ Í‬بدمه يقسم فيه بشرفه أنه ضمي‬
‫بثروته وحياته ناموس المة؛ أي قانونها الساسي‪ ،‬حفيظ على روحها؛ أي حريتها‪.‬‬
‫التم̈جد ل يكاد يوجد له أثر ف المم القدية إل ف دعوى اللوهية وما معناها من نفع الناس‬
‫بالنفاس‪ ،‬أو ف دعوى النجابة بالنسب الت يهول بها الصلء نسل اللوك والمراء‪ ،‬وإنا نشأ التمجد‬
‫باللقاب والشارات ف القرون الوسطى‪ ،‬وراج سوقه ف القرون الخية‪ ،‬ثم‪ x‬قامت فتاة الرية تتغنى‬
‫بالساواة وتغسل أدرانه على حسب قوتها وطاقتها‪ ،‬ول تبلغ غايتها إل الن ف غي أمريكا‪.‬‬
‫التمج©دون يريدون أن يدعوا العامة‪ ،‬وما يدعون غي نسائهم اللتي يتفحفحن بي عجائز‬
‫الي بأنهم كبار العقول؛ كبار النفوس؛ أحرار ف شؤونهم ل ي‪M‬زاح لم نقاب‪ ،‬ول ت‪M‬صفع منهم رقاب‪،‬‬
‫فيحوجهم هذا الظهر الكاذب لتح̈مل الساءات والهانات الت تقع عليهم من ق‪€‬ب‪w‬ل الستبد‪ ،‬بل‬
‫توجهم للحرص على كتمها‪ ،‬بل على إظهار عكسها‪ ،‬بل على مقاومة من يدعي خلفها‪ ،‬بل على‬
‫تغليط أفكار الناس ف حق© الستبد© وإبعادهم عن اعتقاد أن‪ x‬من شأنه الظلم‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫وهكذا يكون التمجدين أعداء للعدل أنصارا? للجور‪ ،‬ل دين ول وجدان ول شرف ول رحة‪،‬‬
‫وهذا ما يقصده الستب̈د من إيادهم والكثار منهم ليتمك¿ن بواسطتهم من أن يغر©ر المة على إضرار‬
‫نفسها تت اسم منفعتها‪ ،‬فيسوقها مثل? لرب اقتضاها مض التج̈بر والعدوان على اليان‪،‬‬
‫فيوهمها أن‪x‬ه يريد نصرة الدين‪ ،‬أو ي‪M‬سرف بالليي من أموال المة ف ملذاته وتأييد استبداده باسم حفظ‬
‫شرف المة وأبهة الملكة‪ ،‬أو يستخدم المة ف التنكيل بأعداء ظلمه باسم أنهم أعداء لا‪ ،‬أو يتصر‪x‬ف‬
‫ف حقوق الملكة والمة كما يشاؤه هواه باسم أن‪ x‬ذلك من مقتضى الكمة والسياسة‪.‬‬
‫واللصة‪ :‬أن‪ x‬الستبد يتخذ التمجدين ساسرة لتغرير المة باسم خدمة الدين‪ ،‬أو حب‬
‫الوطن‪ ،‬أو توسيع الملكة‪ ،‬أو تصيل منافع عامة‪ ،‬أو مسؤولية الدولة‪ ،‬أو الدفاع عن الستقلل‪،‬‬
‫والقيقة أن‪ x‬كل هذه الدواعي الفخيمة العنوان ف الساع والذهان ما هي إل تييل وإيهام يقصد بها‬
‫رجال الكومة تهييج المة وتضليلها‪ ،‬حتى إن‪x‬ه ل ي‪M‬ستثنى منها الدفاع عن الستقلل؛ لنه ما الفرق‬
‫على أمةٍ مأسورة لزيد أن يأسرها عمرو؟ وما مثلها إل الدابة الت ل يرحها راكب مطمئن‪ ،‬مالكا? كان‬
‫أو غاصبا‪.‬‬
‫الستب̈د ل يستغن عن أن يستمجد بعض أفراد من ضعاف القلوب الذين هم كبقر النة ل‬
‫ينطحون ول يرمون‪ ،‬يتخذهم كأنوذج البائع الغشاش‪ ،‬على أنه ل يستعملهم ف شيء من مهامه‪،‬‬
‫فيكونون لديه كمصحف ف خ&ارة أو سبحة ف يد زنديق‪ ،‬وربا ل يستخدم أحيانا? بعضهم ف بعض‬
‫الشؤون تغليطا? لذهان العامة ف أن‪x‬ه ل يعتمد استخدام الراذل والسافل فقط‪ ،‬ولذا ي‪M‬قال‪ :‬دولة‬
‫الستبداد دولة ب‪M‬لهٍ وأوغاد‪.‬‬
‫الستب̈د ير©ب أحيانا? ف الناصب والراتب بعض العقلء الذكياء أيضا? اغتارا? منه بأنه يقوى‬
‫على تليي طينتهم وتشكيلهم بالشكل الذي يريد‪ ،‬فيكونوا له أعوانا? خبثاء ينفعونه بدهائهم‪ ،‬ثم‪ x‬هو بعد‬
‫التجربة إذا خاب ويئس من إفسادهم يتبادر إبعادهم أو ينك&ل بهم‪ .‬ولذا ل يستقر عنه الستبد إل‬
‫الاهل العاجز الذي يعبده من دون ال‪ ،‬أو البيث الائن الذي يرضيه ويغضب ال‪.‬‬
‫وهنا أنب©ه فكر الطالعي إل أن‪ x‬هذه الفئة من العقلء المناء بالملة‪ ،‬الذين يذوقون عسيلة‬
‫مد الكومة وينشطون لدمة ونيل مد النبالة‪ ،‬ثم‪ x‬يضرب على يدهم لر‪x‬د أن‪ x‬بي أضلعهم قبسة‬
‫من اليان وف أعينهم بارقة من النسانية‪ ،‬هي الفئة الت تتكهرب بعداوة الستبداد وينادي أفرادها‬
‫بالصلح‪ .‬وهذا النقلب قد أعيا الستبدين؛ لنهم ل يستغنون عن التجربة ول يأمنون هذه الغبة‪ .‬ومن‬
‫هنا نشأ اعتمادهم غالبا? على العريقي ف خدمة الستبداد‪ ،‬الوارثي من آبائهم وأجدادهم الخلق‬
‫الرضية للمستبدين‪ ،‬ومن هنا ابتدأت ف المم نغمة التمجد بالصالة والنساب‪ ،‬والستبدون النكون‬
‫يطيلون أمد التجربة بالناصب الصغية فيستعملون قاعدة التق&ي مع التاخي‪ ،‬ويسمون ذلك برعاية‬

‫‪32‬‬
‫قاعدة القدم‪ ،‬ثم يتمون التجريب بإعطاء التمرن خدمة يكون فيها رئيسا? مطلقا? ولو ف قرية‪ ،‬فإن أظهر‬
‫مهارة ف الستبداد‪ ،‬وذلك ما يسمونه حكمة الكومة فبها نعمت‪ ،‬وإل قالوا عنه‪ :‬هذا حيوان‪ ،‬يا‬
‫ضيعة المل فيه‪.‬‬
‫إن‪ x‬للصالة مشاكلة قوية للمجد والتمجد فل ب ‪x‬د أن نبحث فيها قليل?‪ ،‬ثم‪ x‬نعود لوضوع الستبد‬
‫وأعوانه التمجدين فأقول‪:‬‬
‫الصالة صفة قد يكون لا بعض الزايا من حيث الميال الت يرثها البناء من الباء‪ ،‬ومن‬
‫حيث التبية الت تكون مستحكمة ف البيت ولو رياءً‪ ،‬ومن حيث إن‪ x‬الصالة تكون مقرونة غالبا? بشيء‬
‫من الثروة العينة على مظاهر الشهامة والرحة‪ ،‬ومن حيث تقويتها العلقة بالمة والوطن خوف مذل&ة‬
‫الغتاب‪ ،‬ومن حيث إن‪ x‬أهلها يكونون منظورين دائما? فيتحاشون العائب والنقائص بعض التحاشي‪.‬‬
‫وبيوت الصالة تنقسم إل ثلثة أنواع‪:‬‬
‫بيوت علم وفضيلة‪ ،‬وبيوت مال وكرم‪،‬‬
‫وبيوت ظلم وإمارة‪ .‬وهذا الخي هو‬
‫ال ق س م ا لكث ر ع د د ا? وا ل ه م م و ق ع ا?‪ ،‬و ه م –‬
‫كما سبقت الشارة إليه‪ -‬مطمح نظر الستبد ف الستعانة وموضع ثقته‪ ،‬وهم الند الذي تتمع تت‬
‫لوائه بسهولة‪ ،‬وربا يكفيه أن• يضحك ف وجههم ضحكة‪ .‬فلننظر ما هو نصيب أهل هذا القسم من تلك‬
‫الزايا الوروثة‪:‬‬
‫هل يرث البن عن جده الؤسس لده أميال‪¢‬ه ف العدالة ول توجد؟ أم يدب¨ ويشب¨ على غي‬
‫الترف الصغ©ر للعقول‪ ،‬الميت للهمم؟ أم يتبى على غي الوقار الضحك للباطل‪ ،‬السائد فيما بي العائلة‬
‫ف بيتهم؟ أم يستخدم الثروة ف غي اللذ السمية الدنيئة البهيمية وتلك البهة الطاووسية الباطلة؟ أم‬
‫يتمث‪x‬ل بغي أقران السوء التملقي النافقي؟ أم ل يستحقر قومه لهلهم قدر ال̈نطفة اللعونة الت خ‪M‬لق‬
‫منها جنابه؟ أم ل يبغض العلماء الذين ل يقد©رونه قدره حسبما هو قائم ف ميلة خيلئه؟ أم يرى‬
‫لنابه مقرا? يليق به غي مقعد التح̃كم ومستاح التآمر؟ أم يستحي من الناس؟ ومن هم الناس؟ وما‬
‫الناس عند حضرته غي أشباح عندها أرواح خ‪M‬لقت لدمته!‬
‫وهذه حالة الكثرين من الصلء‪ ،‬على‬
‫أننا ل نبخس حق‪ x‬من نال منهم حظا? من‬
‫العلم وأوتي الكمة وأراد ال به خيا‬
‫فأصابه بنصيب من القهر انفض به‬
‫شا م و خ أن ف ه‪ ،‬فإ ن‪ x‬ه ؤ ل ء – و قلي ل ما ه م‪-‬‬

‫‪33‬‬
‫ينجبون نابة عظيمة‪ ،‬فيصدق عليهم أن‪x‬هم قد ورثوه قوة القلب يستعملونها ف الي ل ف الشر‪،‬‬
‫واستفادوا من أنفة الكبياء كالسارة على العظماء‪ ،‬وهكذا تتحول فيهم ميزة الشر© على فائض خي‬
‫وح‪w‬س‪w‬بٍ شامخ من نو الني إل الوطن وأهله‪ ،‬والني لصابه‪ ،‬والقدام على العظائم ف سبيل القوم‪،‬‬
‫وأمثال هؤلء النوابغ ال‪M‬نج‪w‬باء إذا كثروا ف أمة يوشك أن يتق&ى منهم آحاد إل درجة الوارق فيقودوا‬
‫أمهم إل درجة النجاح والفلح‪ ،‬ول غرو فإن‪ x‬اجتماع نفوذ النسب وقوة السب يفعلن ول عجب ش‪w‬ب‪w‬ه‬
‫فعل الستبد© العادل الذي ينشده الشرقيون‪ ،‬وخصوصا? السلمون؛ وإن كان العقل ل يوز أن يت‪x‬صف‬
‫بالستبداد مع العدل غي ال وحده‪ ،‬أل قاتل ال المة الساقطة الت قد تتسف&ل بالنسان إل عدم‬
‫إتعاب الفكر فيما يطلب هل هو مكن أم هو مال؟!‬
‫الصلء‪ ،‬باعتبار أكثريتهم‪ ،‬هم جرثومة البلء ف كل© قبيلة ومن كل© قبيل‪ .‬لن‪ x‬بن آدم داموا‬
‫إخوانا? متساوين إل أن• مي‪x‬زت ال̈صدفة بعض أفرادهم بكثرة النسل‪ ،‬فنشأت منها القوات العصبية‪ ،‬ونشأ‬
‫من تنازعها ت̈يز أفراد على أفراد‪ ،‬وح‪€‬ف¡ظ} هذه اليزة أوجد الصلء‪ .‬فالصلء ف عشية أو أمة إذا كانوا‬
‫متقاربي القوات استبدوا على باقي الناس وأسسوا حكومة أشراف‪ ،‬ومتى و‪M‬جد بيت من الصلء يتميز‬
‫كثيا? ف القوة على باقي البيوت يستب̈د وحده ويؤسس الكومة الفردية القيدة إذا لباقي البيوت بقية‬
‫بأس‪ ،‬أو الطلقة إذا ل يبق‪ w‬أمامه من يت‪x‬قيه‪.‬‬
‫بناءً عليه‪ ،‬إذا ل يوجد ف أمة أصلء بالكلية‪ ،‬أو وجد‪ ،‬ولكن؛ كان لسواد الناس صوت‬
‫غالب‪ ،‬أقامت تلك لنفسها حكومة انتخابية ل وراثة فيها ابتداءً؛ ولكن‪ ،‬ل يتوال بعض متولي إل‬
‫ويصي أنسالم أصلء يتناظرون‪ ،‬ك̈ل فريق منهم يسعى لجتذاب طرف من المة استعداد?ا للمغالبة‬
‫وإعادة التاريخ الول‪.‬‬
‫ومن أكب مضار الصلء أنهم ينهمكون أثناء الغالبة على إظهار الب‪x‬هة والعظمة‪ ،‬ستهبون‬
‫أعي الناس ويسحرون عقولم ويتكبرون عليهم‪ .‬ثم‪ x‬إذا غلب غالبهم واستبد‪ x‬بالمر ل يتكها الباقون‬
‫للفتهم لذتها ولضاهاة الستبد© ف نظر الناس‪ .‬والستب̈د نفسه ل يملهم على تركها‪ ،‬بل يد̈ر عليهم الال‬
‫ويعينهم عليها‪ ،‬ويعطيهم اللقاب وال̈رتب وشيئا? من النفوذ والتس̃لط على الناس ليتلهوا بذلك عن مقاومة‬
‫استبداده‪ ،‬ولجل أن يألفوها مديدا?‪ ،‬فتفسد أخلقهم‪ ،‬فينفر منهم الناس‪ ،‬ول يبقى لم ملجأ غي‬
‫بابه‪ ،‬فيصيون أعوانا? له بعد أن كانوا أضدادا‪.‬‬
‫ويستعمل الستب̈د أيضا? مع الصلء سياسة الشد والرخاء‪ ،‬والنع والعطاء‪ ،‬واللتفات والغضاء‬
‫كي ل يبطروا‪ ،‬وسياسة إلقاء الفساد وإثارة الشحناء فيما بينهم كي ل يتفقوا عليه‪ ،‬وتارة يعاقب عقابا‬
‫شديدا? باسم العدالة إرضاءً للعوام‪ ،‬وأخرى يقرنهم بأفراد كانوا يقب©لون أذيالم استكبارا? فيجعلهم سادة‬
‫عليهم يفركون آذانهم استحقارا?‪ ،‬يقصد بذلك كسر شوكتهم أمام إمام الناس وعصر أنوفهم أمام عظمتهم‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫والاصل أن‪ x‬الستبد يذلل الصلء بكل© وسيلة حتى يعلهم متامي بي رجليه كي يت‪x‬خذهم لاما‬
‫لتذليل الرعية‪ ،‬ويستعمل عي هذه السياسة مع العلماء ورؤساء الديان الذين متى شم‪ x‬من أحدهم رائحة‬
‫الغرور بعقله أو علمه ينكل به أو يستبدله بالحق الاهل إيقاظا? له ولمثاله من كل© ظان‪ Í‬من أن إدارة‬
‫الظلم متاجة إل شيء من العقل أو القتدار فوق مشيئة الستبد‪ .‬وبهذه السياسة ونوها يلو الو‬
‫فيعصف وينسف ويتصر‪x‬ف ف الرعية كريش! يقلبه الصرصر ف جو‪ Í‬مرق‪.‬‬
‫الستب̈د ف لظة جلوسه على عرشه ووضع تاجه الوروث على رأسه يرى نفسه كان إنسانا‬
‫فصار إلا‪ .‬ثم ي‪M‬رجع النظر فيى نفسه ف نفس المر أعجز من كل© عاجز وأن‪x‬ه ما نال ما نال إل‬
‫بواسطة من حوله من العوان‪ ،‬فيفع نظره إليهم فيسمع لسان حالم يقول له‪ :‬ما العرش؟ وما التاج؟‬
‫وما الصولان؟ ما هذه إل أوهام ف أوهام‪ .‬هل يعلك هذا الريش ف رأسك طاووسا? وأنت غراب؟ أم‬
‫تظن الحجار الباقة ف تاجك نوما? ورأسك ساء؟ أم تتوهم أن‪ x‬زينة صدرك ومنكبيك أخرجتك عن‬
‫كونك قطعة طي! من هذه الرض؟ وال ما مك¿نك ف هذا القام وسل¿طك على رقاب النام إل شعوذتنا‬
‫وسحرنا وامتهاننا لديننا ووجداننا وخيانتنا لوطننا وإخواننا‪ ،‬فانظر أيها الصغي الكب‪x‬ر القي الوق&ر‬
‫كيف تعيش معنا!‬
‫ثم‪ x‬يلتفت إل جاهي الرعية التفرجي‪ ،‬منهم الطائشي الهللي السب©حي بمده‪ ،‬ومنهم‬
‫السحورين البهوتي كأنهم أموات من حي‪ ،‬ولكن؛ يتجل&ى ف فكره أن‪ x‬خلل الساكتي بعض أفراد‬
‫عقلء أماد ياطبونه بالعيون؛ بأن‪ x‬لنا معاشر الم‪x‬ة شؤونا? عمومية وك¿لناك ف قضائها على ما نريد‬
‫ونبغي‪ ،‬ل على ما تريد فتبغي‪ .‬فإن• وف¿يت حق‪ x‬الوكالة ح‪M‬ق‪ x‬لك الحتام‪ ،‬وإن مرت م ‪¢‬كر•نا وحاقت بك‬
‫العاقبة‪ ،‬أل إن‪ x‬مكر ال عظيم‪.‬‬
‫لم‪w‬ل‪¢‬ة الس‪x‬دنة أسلمهم القياد وأردفهم‬
‫وعندئذٍ يرجع الستب̈د إل نفسه قائل?‪ :‬العوان العوان‪ ،‬ا ‪¢‬‬
‫بيش! من الوغاد أحارب بهم هؤلء العبيد العقلء‪ ،‬وبغي هذا الزم ل يدوم لي م‪M‬ل¡ك‪ j‬كيفما أكون‪ ،‬بل‬
‫أبقى أسي?ا للعدل معر©ضا? للمناقشة منغ©صا? ف نعيم اللك‪ ،‬ومن العار أن يرضى بذلك من يكنه أن يكون‬
‫سلطانا? جبارا? متفر©دا? قهارا‪.‬‬
‫الكومة الستبدة تكون طبعا? مستبدة ف كل فروعها من الستبد العظم إل الشرطي‪ ،‬إل‬
‫ف إل من أسفل أهل طبقته أخلقا?‪ ،‬لن السافل ل‬
‫الفراش‪ ،‬إل كنائس الشوارع‪ ،‬ول يكون ك̈ل صن ٍ‬
‫يهمهم طبعا? الكرامة وحسن السمعة‪ ،‬إنا غاية مسعاهم أن يبهنوا لخدوهم بأنهم على شاكلته‪ ،‬وأنصار‬
‫لدولته‪ ،‬وشرهون لكل السقطات من أي‪ Í‬كان ولو بشرا? أم خنازير‪ ،‬آبائهم أم أعدائهم‪ ،‬وبهذا يأمنهم‬
‫الستب̈د ويأمنونه فيشاركهم ويشاركونه‪ .‬وهذه الفئة الستخدمة يكثر عددها ويق̈ل حسب شدة الستبداد‬
‫وخف&ته‪ ،‬فكلما كان الستب̈د حريصا? على العسف احتاج إل زيادة جيش التمجدين العاملي له‬

‫‪35‬‬
‫الافظي عليه‪ ،‬واحتاج إل مزيد الدق&ة ف ات©خاذهم من أسفل الرمي الذين ل أثر عندهم لدي !ن أو‬
‫ذمة‪ ،‬واحتاج لفظ النسبة بينهم ف الراتب بالطريقة العكوسة؛ وهي أن يكون أسفلهم طباعا? وخصال‬
‫أعلهم وظيفة? وقربا?‪ ،‬ولذا‪ ،‬ل ب ‪x‬د أن يكون الوزير العظم للمستبد هو اللئيم العظم ف المة‪ ،‬ثم من‬
‫دونه لؤما?‪ ،‬وهكذا تكون مراتب الوزراء والعوان ف لؤمهم حسب مراتبهم ف التشريفات والقربى منه‪.‬‬
‫وربا يغ̈ت الطالع كما اغت‪ x‬كثي من‬
‫الؤر©خي البسطاء بأن بعض وزراء‬
‫الستبد يتأوهون من الستبد ويتشك&ون من‬
‫أعماله ويهرون بلمه‪ ،‬ويظهرون لو أنه‬
‫ساعدهم المكان لعملوا وفعلوا وافتدوا‬
‫ا ل م ة بأ م وا ل م‪ ،‬ب ل و حياته م‪ ،‬ف كي ف –‬
‫والالة هذه‪ -‬يكون هؤلء لؤماء؟ بل كيف ذلك وقد و‪M‬ج‪€‬د منهم الذين خاطروا بأنفسهم والذين أقدموا‬
‫فعل? على مقاومة الستبداد فنالوا الراد أو بعضه أو هلكوا دونه؟‬
‫فجواب ذلك أن الستبد‪ x‬ل يرج قط& عن أنه خائنٌ خائفٌ متاجٌ لعصابة تعينه وتميه‪ ،‬فهو‬
‫ووزراؤه كزمرة لصوص‪ :‬رئيس وأعوان‪ .‬فهل يو©ز العقل أن ي‪M‬نتخب رفاق من غي أهل الوفاق‪ ،‬وهو هو‬
‫الذي ل يستوزر إل بعد تربة واختبار عمرا? طويل?؟!‬
‫هل يكن أن يكون الوزير متخل‪¤‬قا? بالي حقيقة‪ ،‬وبالش‪x‬ر© ظاهرا? فيخدع الستبد بأعماله‪ ،‬ول‬
‫ياف من أن‪x‬ه كما نصبه وأعز‪x‬ه بكلمة يعزله ويذل&ه؟!‬
‫بناءً عليه‪ ،‬فالستبد وهو من ل يهل أن‪ x‬الناس أعداؤه لظلمه‪ ،‬ل يأمن على بابه إل من يثق‬
‫به أن‪x‬ه أظلم منه للناس‪ ،‬وأبعد منه على أعدائه‪ ،‬وأما تل̈وم بعض الوزراء على لوم الستبد فهو إن ل يكن‬
‫خداعا? للمة فهو حنقٌ على الستبد؛ لنه بس ذلك التلوم حقه‪ ،‬فقد‪x‬م عليه من هو دونه ف خدمته‬
‫بتضحية دينه ووجدانه‪ .‬وكذلك ل يكون الوزير أمينا? من صولة الستبد ف صحبته ما ل يسبق بينهما‬
‫وفاق وات©فاق على خية الشيطان؛ لن الوزير مسودٌ بالطبع‪ ،‬يتوق&ع له الزاحون كل‪ x‬شر‪ ،‬ويبغضه‬
‫الناس ولو تبعا? لظالهم‪ ،‬وهو هدفٌ ف كل© ساعةٍ للشكايات والوشايات‪ .‬كيف يكون عند الوزير شيءٌ من‬
‫التق&وى أو الياء أو العدل أو الكمة أو الروءة أو الشفقة على المة‪ ،‬وهو العال بأن‪ x‬المة تبغضه‬
‫وتقته وتتوق&ع له كل‪ x‬سوء‪ ،‬وتشمت بصائبه‪ ،‬فل ترضى عنه ما ل يتفق معها على الستبد‪ ،‬وما هو‬
‫بفاعل! ذلك أبدا? إل إذا يئس من إقباله عنده‪ ،‬وإن يئس وفعل فل يقصد نفع المة قط&‪ ،‬إنا يريد فتح‬
‫بابٍ لستجد‪ Í‬جديد عساه يستوزره فيؤازره على وزره‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫والنتيجة أن‪ x‬وزير الستبد هو وزير الستبد‪ ،‬ل وزير المة كما ف الكومات الدستورية‪ .‬كذلك‬
‫القائد يمل سيف الستبد ليغمده ف الرقاب بأمر الستبد ل بأمر المة‪ ،‬بل هو يستعيذ أن تكون المة‬
‫صاحبة أمر‪ ،‬لا يعلم من نفسه أن‪ x‬المة ل تقل‪¤‬د القيادة لثله‪.‬‬
‫بناءً عليه؛ ل يغت¨ العقلء با يتشد‪x‬ق به الوزراء والقواد من النكار على الستبداد والتفلسف‬
‫بالصلح وإن تله‪x‬فوا وإن تأففوا‪ ،‬ول ينخدعون لظاهر غيتهم وإن ناحوا وإن بكوا‪ ،‬ول يثقون بهم ول‬
‫بوجدانهم مهما صل&وا وسبحوا‪ ،‬لن‪ x‬ذلك كل&ه يناف سيهم وسيتهم‪ ،‬ول دليل على أنهم أصبحوا‬
‫يالفون ما شبوا وشابوا عليه‪ ،‬هم أقرب أن ل يقصدوا بتلك الظاهر غي إقلق الستبد© وتهديد سلطته‬
‫ليشاركهم ف استدرار دماء الرعية؛ أي أموالا‪ .‬نعم‪ ،‬كيف يوز تصديق الوزير والعامل الكبي الذي قد‬
‫ألف عمرا? كبيا? لذة البذخ وعزة البوت ف أن‪x‬ه يرضى بالدخول تت حكم المة‪ ،‬وياطر بعرض‬
‫سيفه عليها فتحل&ه أو تكسره تت أرجلها‪ .‬أليس هو عضوا? ظاهر الفساد ف جسم تلك المة الت قتل‬
‫الستبداد فيها كل‪ x‬الميال الشريفة العالية فأبعدها عن النس والنسانية‪ ،‬حتى صار الفلح التعيس‬
‫منها يؤخذ للجندية وهو يبكي‪ ،‬فل يكاد يلبس كم‪ x‬الستة العسكرية إل ويتلب‪x‬س بشر© الخلق‪ ،‬فيتنمر‬
‫على أمه وأبيه‪ ،‬ويتمرد على أهل قريته وذويه‪ ،‬ويك̃ظ أسنانه عطشا? للدماء ل ييز بي أخ! وعدو؟! إن‬
‫أكابر رجال عهد الستبداد ل أخلق لم ول ذمة‪ ،‬فك̈ل ما يتظاهرون به أحيانا? من التذمر والتأل&م‬
‫يقصدون به غش‪ x‬المة السكينة الت يطمعهم ف انداعها وانقيادها لم علمهم بأن‪ x‬الستبداد القائم بهم‬
‫والستعمر بهم‪x‬تهم قد أعمى أبصارها وبصائرها‪ ،‬وخد‪x‬ر أعصابها‪ ،‬فجعلها كالصاب ببحران العمى‪ ،‬فهي‬
‫ل ترى غي هول وظلم وشدة وآلم‪ ،‬فتئ̈ن من البلء ول تدري ما هو تداويه‪ ،‬ول من أين جاءها لتصد‪x‬ه‪،‬‬
‫فتواسيها فئة من أولئك التعاظمي باسم الدين يقولون‪ :‬يا بؤساء؛ هذا قضاءٌ من السماء ل مرد‪ x‬له‪،‬‬
‫فالواجب تلق&يه بالصب والرضاء واللتجاء إل الدعاء‪ ،‬فاربطوا ألسنتكم عن اللغو والفضول‪ ،‬واربطوا‬
‫قلوبكم بأهل السكينة والمول‪ ،‬وإياكم والتدبي فإن ال غيور‪ ،‬وليكن و›ر•د‪M‬كم‪ :‬اللهم انصر سلطاننا‪،‬‬
‫وآمنا ف أوطاننا‪ ،‬واكشف عنا البلء‪ ،‬أنت‬
‫حسبنا ونعم الوكيل‪ .‬ويغرر المة آخرون‬
‫من التكبين بأنهم الطباء الرحاء‬
‫الهتمون بداواة الرض‪ ،‬إن‪x‬ما هم‬
‫ي ت ق¿ب و ن سن و ح ال ف ر ص‪ ،‬وك ل ال ف ري ق ي –‬
‫وال‪ -‬إما أدنياء جبناء‪ ،‬أو هم خائنون مادعون‪ ،‬يريدون التثبيط والتلبيد والمتنان على الظالي‪.‬‬
‫من دلئل أن أولئك الكابر مغر©رون مادعون يظهرون ما ل ي‪M‬بطنون‪ ،‬أن‪x‬هم ل يستصنعون إل‬
‫السافل الراذل من الناس‪ ،‬ول ييلون لغي التملقي النافقي من أهل الدين‪ ،‬كما هو شأن صاحبهم‬

‫‪37‬‬
‫الستبد الكب‪ ،‬ومنها أن‪x‬ه قد يوجد فيهم من ل يتنز‪x‬ل لقليل الرشوة أو السرقة‪ ،‬ولكن•؛ ليس فيهم‬
‫العفيف عن الكثي‪ ،‬وكفى با يتمتعون من الثروات الطائلة الت ل منبت لا غي الستبيح الفاخر‬
‫بشاركة الستبد‪ x‬ف امتصاصه دم المة‪ ،‬وذلك بأخذهم العطايا الكبية‪ ،‬والرواتب الباهظة‪ ،‬الت تعادل‬
‫أضعاف ما تسمح به الدارة العادلة لمثالم؛ لنها إدارة راشدة ل تدفع أجورا? زائدة‪ .‬ومنها أنهم ل‬
‫يصرفون شيئا? ولو سرا? من هذا السحت الكثي ف سبيل مقاومة الستبداد الذي يزعمون أنهم أعداؤه‪،‬‬
‫إنا يصرف بعضهم منه شيئا? ف الصدقات الطفيفة وبناء العابد سعة? ورياءً‪ ،‬وكأنهم يريدون أن يسرقوا‬
‫أيضا? قلوب الناس بعد سلب أموالم أو أنهم يرشون ال‪ ،‬أل ساء ما يتوهمون‪ .‬ومنها أن‪ x‬أكثرهم‬
‫مسرفون مبذ©رون‪ ،‬فل تكفي أحدهم الرواتب العتدلة الت يكن أن ينالا أجرة خدمة ل ثن ذمة‪.‬‬
‫ومنها أنه قد يكون أحدهم شحيحا? مقت©را? ف نفقاته؛ بيث ي̈ل ف شرف مقامه‪ ،‬فل يصرف نصف أو‬
‫ربع راتبه مع أن‪x‬ه يقبضه زائدا? على أجر مثله لجل حفظ شرف القام‪ ،‬العائد لشرف المة‪ ،‬وبهذا‬
‫ال̈شح يكون خائنا? ومهينا‪ .‬والاصل أن‪ x‬الكابر حريصون على أن يبقى الستبداد مطلقا? لتبقى أيديهم‬
‫مطلقة ف الموال‪.‬‬
‫هذا ول ينكر التاريخ أن الزمان أوجد نادرا? بعض وزراء وازروا الستبداد عمرا? طويل?‪ ،‬ثم‪ x‬ندموا‬
‫على ما فر‪x‬طوا فتابوا وأنابوا‪ ،‬ورجعوا نصف المة واستعدوا بأموالم وأنفسهم لنقاذها من داء‬
‫الستبداد‪ .‬ولذا؛ ل يوز اليأس من وجود بعض أفراد من الوزراء والقواد عريقي ف الشهامة‪ ،‬فيظهر‬
‫فيهم سر الوراثة ولو بعد بطون أو بعد الربعي وربا السبعي من أعمارهم ظهورا? بينا? تلل ف ميا‬
‫صاحبه ثريا صدق النجابة‪ .‬ول ينبغي لمةٍ أن تتكل على أن يظهر فيها أمثال هؤلء‪ ،‬لن‪ x‬وجودهم من‬
‫ال̈صدف الت ل ت‪M‬بنى عليها آمال ول أحلم‪.‬‬
‫والنتيجة أن‪ x‬الستبد فردٌ عاجز ل حول له ول وقوة إل بالتمجدين‪ ،‬والمة؛ أي أمة كانت‪،‬‬
‫ليس لا من يك˜ جلدها غي ظفرها‪ ،‬ول يقودها إل العقلء بالتنوير والهداء والثبات‪ ،‬حتى إذا ما‬
‫اكفهر‪x‬ت ساء عقول بينها قي‪x‬ض ال لا من جعهم الكبي أفرادا? كبار النفوس قادة أبرار يشتون لا‬
‫السعادة بشقائهم والياة بوتهم؛ حيث يكون ال جعل ف ذلك لذتهم‪ ،‬ولثل تلك الشهادة الشريفة‬
‫خلقهم‪ ،‬كما خلق رجال عهد الستبداد فساقا? ف}جارا? مهالكهم الشهوات والثالب‪ .‬فسبحان الذي يتار‬
‫من يشاء لا يشاء‪ ،‬وهو الل&ق العظيم‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫الستبداد والد‬

‫من ال‪€‬ك‪¢‬م البالغة للمتأخرين قولم‪" :‬الستبداد أصلٌ لكل© داء"‪ ،‬ومبنى ذلك أن‪ x‬الباحث الدقق‬
‫ف أحوال البشر وطبائع الجتماع كشف أن‪ x‬للستبداد أثرا? سيئا? ف كل© واد‪ ،‬وقد سبق أن‪ x‬الستبداد‬
‫يضغط على العقل فيفسده‪ ،‬وإني الن أبث ف أن‪x‬ه كيف ي‪M‬غالب الستبداد الد فيفسده‪ ،‬ويقيم مقامه‬
‫التم̈جد‪.‬‬
‫الد‪ :‬هو إحراز الرء مقام حب‪ Í‬واحتام ف القلوب‪ ،‬وهو مطلب طبيعي شريف لكل© إنسان‪،‬‬
‫ب أو زاهد‪ ،‬ول ينح̃ط عنه دني‪ Å‬أو خامل‪ .‬للمجد لذ‪x‬ة‪ j‬روحية تقارب لذ‪x‬ة العبادة عند‬
‫ل يتف¿ع عنه ن ‪Å‬‬
‫الفاني ف ال تعال‪ ،‬وتعادل لذ‪x‬ة العلم عند الكماء‪ ،‬وتربو على لذ‪x‬ة امتلك الرض مع قمرها عند‬
‫المراء‪ ،‬وتزيد على لذ‪x‬ة مفاجأة الثراء عند الفقراء‪ .‬ولذا؛ يزاحم الد ف النفوس منزلة الياة‪.‬‬
‫وقد أشك‪¢‬ل‪ w‬على بعض الباحثي أي الرصي أقوى؟ حرص الياة أم حرص الد؟ والقيقة‬
‫الت عو‪x‬ل عليها التأخ©رون ومي‪x‬زوا بها تليط ابن خلدون هي التفضيل؛ وذلك أن‪ x‬الد مفض‪x‬ل على‬
‫الياة عند اللوك والق}و‪x‬اد وظيفة?‪ ،‬وعند‬
‫ال̈نجباء والحرار حية?‪ ،‬وحب¨ الياة‬
‫متاز على الد عند ال}سراء والذ©لء‬
‫طبيعة?‪ ،‬وعند البناء والنساء ضرورة‪.‬‬
‫و عل ى ه ذ ه ال قا ع د ة ي ك و ن أئ م ة آ ل البي ت –‬

‫‪39‬‬
‫عليهم السلم‪ -‬معذورين ف إلقاء أنفسهم ف تلك الهالك؛ لن‪x‬هم ل&ا كانوا نباء أحرارا?‪ ،‬فحميتهم‬
‫جعلتهم يفض©لون الوت كراما? على حياة ذل‪ Í‬مثل حياة ابن خلدون الذي خط&أ أماد البشر ف إقدامهم‬
‫على الطر إذا هد‪x‬د مدهم‪ ،‬ذاهل? على أن‪ x‬بعض أنواع اليوان‪ ،‬ومنها البلبل‪ ،‬و‪M‬ج‪€‬دت فيها طبيعة‬
‫اختيار النتحار أحيانا? ت̃لصا? من قيود ال̈ذل©‪ ،‬وأن‪ x‬أكثر سباع الطي والوحوش إذا }أس‪€‬ر‪w‬ت كبية تأبى‬
‫الغذاء حتى توت‪ ،‬وأن‪ x‬ال}ر‪x‬ة توت ول تأكل بع‪€‬رض‪€‬ها‪ ،‬والاجدة توت ول تأكل بثدييها!‬
‫الد ل ي‪M‬نال إل بنوع! من البذل ف‬
‫سبيل الماعة‪ ،‬وبتعبي الشرقيي ف‬
‫سبيل ال أو سبيل الدين‪ ،‬وبتعبي‬
‫الغربيي ف سبيل الدنية أو سبيل‬
‫ا لن ساني ة‪ .‬وا ل و ل ت عا ل ا– ل ست ح ق‬
‫التعظيم لذاته‪ -‬ما طالب عبيده بتمجيده إل وقرن الطلب بذكر نعمائه عليهم‪.‬‬
‫وهذا البذل إما بذل مال للنفع العام ويسمى مد الكرم؛ وهو أضعف الد‪ ،‬أو بذل العلم‬
‫النافع الفيد للجماعة؛ ويسمى مد الفضيلة‪ ،‬أو بذل النفس بالتع̈رض للمشاق والخطار ف سبيل نصرة‬
‫الق© وحفظ الن©ظام؛ وي‪M‬سمى مد النبالة‪ ،‬وهذا أعلى الد؛ وهو الراد عند الطلق‪ ،‬وهو الد الذي‬
‫تتوق إليه النفوس الكبية‪ ،‬وت̈ن إليه أعناق النبلء‪ .‬وكم له من عشاق تل̈ذ لم ف حبه الصاعب‬
‫والخاطرات‪ ،‬وأكثرهم يكون من مواليد بيوت نادرة حتها ال̈صدف من عيون الظالي الذل&ي‪ ،‬أو يكون‬
‫من نباء بيوت ما انقطعت فيها سلسلة الاهدين وما انقطعت عجائزها عن بكائهم‪ .‬ومن أمثلة‬
‫الد قولم‪ :‬خلق ال للمجد رجال? يستعذبون الوت ف سبيله‪ ،‬ول سبيل إليه إل بعظيم المة‬
‫والقدام والثبات‪ ،‬تلك الصال الثلث الت بها تقد‪x‬ر قيم الرجال‪.‬‬
‫وهذا نيون الظال سأل أغربي الشاعر وهو تت الن‪x‬طع‪ :‬من أشقى الناس؟ فأجابه معر©ضا‬
‫به‪ :‬من إذا ذكر الناس الستبداد كان مثال? له ف اليال‪ .‬وكان ترايان العادل إذا قل¿د سيفا? لقائد يقول‬
‫له‪" :‬هذا سيف المة أرجو أن ل أتعدى القانون فيكون له نصيبٌ ف عنقي"‪ .‬وخرج قيس من ملس‬
‫الوليد مغضبا? يقول‪" :‬أتريد أن تكون جبارا?؟ وال؛ إن‪ x‬نعال الصعاليك لطول من سيفك!‪ .‬وقيل لحد‬
‫الباة‪" :‬ما فائدة سعيك غي جلب الشقاء على نفسك؟"‪ .‬فقال‪" :‬ما أحلى الشقاء ف سبيل تنغيص‬
‫الظالي!"‪ .‬وقال آخر‪" :‬علي‪ x‬أن أف بوظيفت وما علي‪ x‬ضمان القضاء"‪ .‬وقيل لحد النبلء‪" :‬لاذا ل‬
‫تبن لك دارا?؟" فقال‪" :‬ما أصنع فيها وأنا القيم على ظهر الواد أو ف السجن أو ف القب"‪ ،‬وهذه‬
‫ذات النطاقي )أساء بنت أبي بكر رضي ال عنها( وهي امرأة عجوز تود©ع ابنها بقولا‪" :‬إن كنت‬
‫على الق فاذهب وقاتل الجاج حتى توت"‪ .‬وهذا مكماهون رئيس جهورية فرنسا استبد‪ x‬ف أمر‬

‫‪40‬‬
‫فدخل عليه صديقه غامبتا وهو يقول‪" :‬المر للمة ل إليك‪ ،‬فاعتدل‪ ،‬أو اعتزل‪ ،‬وإل فأنت الخذول‬
‫الهان اليت!!‬
‫والاصل أن‪ x‬الد هو الد‪ M‬مب‪x‬بٌ للنفوس‪ ،‬ل تفتأ تسعى وراءه وترقى مراقيه‪ ،‬وهو ميس‪x‬ر‬
‫ف عهد العدل لكل© إنسان على حسب استعداده وهم‪x‬ته‪ ،‬وينحصر تصيله ف زمن الستبداد بقاومة‬
‫الظ&لم على حسب المكان‪.‬‬
‫يقابل الد‪ ،‬من حيث مبتناه‪ ،‬التم̈جد‪ .‬وما هو التمجد؟ وماذا يكون التمجد؟ التم̈جد لفظ‬
‫هائل العنى‪ ،‬ولذا أراني أتعث‪x‬ر بالكلم وأتلعثم ف الطاب‪ ،‬ول سيما من حيث أخشى مساس‬
‫إحساس بعض الطالعي‪ .‬إن ل يكن من جهة أنفسهم فمن جهة أجدادهم الولي‪ ،‬فأناشدهم الوجدان‬
‫والق الهان‪ ،‬أن يتجر‪x‬دوا دقيقتي من النفس وهواها‪ ،‬ثم‪ x‬هم مثلي ومثل سائر الاني على النسانية‬
‫ل يعدمون تأويل‪ .‬وإنن أعل‪¤‬ل النفس بقبولم تهوين هذا‪ ،‬فأنطلق وأقول‪:‬‬
‫التمجد خاص بالدارات الستبد‪x‬ة‪ ،‬وهو القربى من الستبد© بالفعل كالعوان والعمال‪ ،‬أو بالقوة‬
‫كاللق¿بي بنحو دوق وبارون‪ ،‬والخاطبي بنحو رب© العزة ورب الصولة‪ ،‬أو الوسومي بالنياشي‪ ،‬أو‬
‫الطو‪x‬قي بالمائل‪ ،‬وبتعريفٍ آخر‪ ،‬التم̈جد هو أن ينال الرء جذوة نار من جهنم كبياء الستبد© ليحرق‬
‫بها شرف الساواة ف النسانية‪.‬‬
‫وبوصفٍ أجلى‪ :‬هو أن يتقل&د الرجل سيفا? من ق‪€‬ب‪w‬ل البارين يبهن به على أن‪x‬ه جلد ف دولة‬
‫الستبداد‪ ،‬أو يعل‪¤‬ق على صدره وساما? مشعرا? با وراءه من الوجدان الستبيح للعدوان‪ ،‬أو يتزين بسيور‬
‫مزركشة تنبئ بأنه صار من‪x‬ثا? أقرب إل النساء منه إل الرجال‪ ،‬وبعبارة أوضح وأخصر‪ ،‬هو أن يصي‬
‫النسان مستبد?ا صغيا? ف كنف الستبد© العظم‪.‬‬
‫قلت‪ :M‬إن‪ x‬التم̈جد خاص‪ Å‬بالدارات الستبدادية‪ ،‬وذلك لن‪ x‬الكومة الرة الت تث©ل عواطف‬
‫المة تأبى كل‪ x‬الباء إخلل التساوي بي الفراد إل لفضل! حقيقي‪ ،‬فل ترفع قدر أحد منها إل رفعا‬
‫صوريا? أثناء قيامه ف خدمتها؛ أي الدمة العمومية‪ ،‬وذلك تشويقا? له على التفاني ف الدمة‪ ،‬كما‬
‫أن‪x‬ها ل تيز أحدا? منها بوسام أو تشر©فه بلقبٍ إل ما كان علميا? أو ذكرى لدمة مهمة وف¿قه ال إليها‪.‬‬
‫وبثل هذا يرفع ال} الناس بعضهم فوق بعض! درجات ف القلوب ل ف القوق‪.‬‬
‫وهذا لقب اللوردية مثل? عند النكليز هو من بقايا عهد الستبداد‪ ،‬ومع ذلك ل يناله عندهم‬
‫غالبا? إل من يدم أم‪x‬ته خدمة عظيمة‪ ،‬ويكون من حيث أخلقه وثروته أهل? لن يدمها خدمات‬
‫مهمة غيها‪ ،‬ومن القرر أن ل اعتبار للورد ف نظر المة إل إذا كان مؤسسا? أو وارثا?‪ ،‬أو كانت المة‬
‫تقرأ ف جبهته سطرا? مررا? بقلم الوطنية وبداد الشهامة مضي‪ Í‬بدمه يقسم فيه بشرفه أنه ضمي‬
‫بثروته وحياته ناموس المة؛ أي قانونها الساسي‪ ،‬حفيظ على روحها؛ أي حريتها‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫التم̈جد ل يكاد يوجد له أثر ف المم القدية إل ف دعوى اللوهية وما معناها من نفع الناس‬
‫بالنفاس‪ ،‬أو ف دعوى النجابة بالنسب الت يهول بها الصلء نسل اللوك والمراء‪ ،‬وإنا نشأ التمجد‬
‫باللقاب والشارات ف القرون الوسطى‪ ،‬وراج سوقه ف القرون الخية‪ ،‬ثم‪ x‬قامت فتاة الرية تتغنى‬
‫بالساواة وتغسل أدرانه على حسب قوتها وطاقتها‪ ،‬ول تبلغ غايتها إل الن ف غي أمريكا‪.‬‬
‫التمج©دون يريدون أن يدعوا العامة‪ ،‬وما يدعون غي نسائهم اللتي يتفحفحن بي عجائز‬
‫الي بأنهم كبار العقول؛ كبار النفوس؛ أحرار ف شؤونهم ل ي‪M‬زاح لم نقاب‪ ،‬ول ت‪M‬صفع منهم رقاب‪،‬‬
‫فيحوجهم هذا الظهر الكاذب لتح̈مل الساءات والهانات الت تقع عليهم من ق‪€‬ب‪w‬ل الستبد‪ ،‬بل‬
‫توجهم للحرص على كتمها‪ ،‬بل على إظهار عكسها‪ ،‬بل على مقاومة من يدعي خلفها‪ ،‬بل على‬
‫تغليط أفكار الناس ف حق© الستبد© وإبعادهم عن اعتقاد أن‪ x‬من شأنه الظلم‪.‬‬
‫وهكذا يكون التمجدين أعداء للعدل أنصارا? للجور‪ ،‬ل دين ول وجدان ول شرف ول رحة‪،‬‬
‫وهذا ما يقصده الستب̈د من إيادهم والكثار منهم ليتمك¿ن بواسطتهم من أن يغر©ر المة على إضرار‬
‫نفسها تت اسم منفعتها‪ ،‬فيسوقها مثل? لرب اقتضاها مض التج̈بر والعدوان على اليان‪،‬‬
‫فيوهمها أن‪x‬ه يريد نصرة الدين‪ ،‬أو ي‪M‬سرف بالليي من أموال المة ف ملذاته وتأييد استبداده باسم حفظ‬
‫شرف المة وأبهة الملكة‪ ،‬أو يستخدم المة ف التنكيل بأعداء ظلمه باسم أنهم أعداء لا‪ ،‬أو يتصر‪x‬ف‬
‫ف حقوق الملكة والمة كما يشاؤه هواه باسم أن‪ x‬ذلك من مقتضى الكمة والسياسة‪.‬‬
‫واللصة‪ :‬أن‪ x‬الستبد يتخذ التمجدين ساسرة لتغرير المة باسم خدمة الدين‪ ،‬أو حب‬
‫الوطن‪ ،‬أو توسيع الملكة‪ ،‬أو تصيل منافع عامة‪ ،‬أو مسؤولية الدولة‪ ،‬أو الدفاع عن الستقلل‪،‬‬
‫والقيقة أن‪ x‬كل هذه الدواعي الفخيمة العنوان ف الساع والذهان ما هي إل تييل وإيهام يقصد بها‬
‫رجال الكومة تهييج المة وتضليلها‪ ،‬حتى إن‪x‬ه ل ي‪M‬ستثنى منها الدفاع عن الستقلل؛ لنه ما الفرق‬
‫على أمةٍ مأسورة لزيد أن يأسرها عمرو؟ وما مثلها إل الدابة الت ل يرحها راكب مطمئن‪ ،‬مالكا? كان‬
‫أو غاصبا‪.‬‬
‫الستب̈د ل يستغن عن أن يستمجد بعض أفراد من ضعاف القلوب الذين هم كبقر النة ل‬
‫ينطحون ول يرمون‪ ،‬يتخذهم كأنوذج البائع الغشاش‪ ،‬على أنه ل يستعملهم ف شيء من مهامه‪،‬‬
‫فيكونون لديه كمصحف ف خ&ارة أو سبحة ف يد زنديق‪ ،‬وربا ل يستخدم أحيانا? بعضهم ف بعض‬
‫الشؤون تغليطا? لذهان العامة ف أن‪x‬ه ل يعتمد استخدام الراذل والسافل فقط‪ ،‬ولذا ي‪M‬قال‪ :‬دولة‬
‫الستبداد دولة ب‪M‬لهٍ وأوغاد‪.‬‬
‫الستب̈د ير©ب أحيانا? ف الناصب والراتب بعض العقلء الذكياء أيضا? اغتارا? منه بأنه يقوى‬
‫على تليي طينتهم وتشكيلهم بالشكل الذي يريد‪ ،‬فيكونوا له أعوانا? خبثاء ينفعونه بدهائهم‪ ،‬ثم‪ x‬هو بعد‬

‫‪42‬‬
‫التجربة إذا خاب ويئس من إفسادهم يتبادر إبعادهم أو ينك&ل بهم‪ .‬ولذا ل يستقر عنه الستبد إل‬
‫الاهل العاجز الذي يعبده من دون ال‪ ،‬أو البيث الائن الذي يرضيه ويغضب ال‪.‬‬
‫وهنا أنب©ه فكر الطالعي إل أن‪ x‬هذه الفئة من العقلء المناء بالملة‪ ،‬الذين يذوقون عسيلة‬
‫مد الكومة وينشطون لدمة ونيل مد النبالة‪ ،‬ثم‪ x‬يضرب على يدهم لر‪x‬د أن‪ x‬بي أضلعهم قبسة‬
‫من اليان وف أعينهم بارقة من النسانية‪ ،‬هي الفئة الت تتكهرب بعداوة الستبداد وينادي أفرادها‬
‫بالصلح‪ .‬وهذا النقلب قد أعيا الستبدين؛ لنهم ل يستغنون عن التجربة ول يأمنون هذه الغبة‪ .‬ومن‬
‫هنا نشأ اعتمادهم غالبا? على العريقي ف خدمة الستبداد‪ ،‬الوارثي من آبائهم وأجدادهم الخلق‬
‫الرضية للمستبدين‪ ،‬ومن هنا ابتدأت ف المم نغمة التمجد بالصالة والنساب‪ ،‬والستبدون النكون‬
‫يطيلون أمد التجربة بالناصب الصغية فيستعملون قاعدة التق&ي مع التاخي‪ ،‬ويسمون ذلك برعاية‬
‫قاعدة القدم‪ ،‬ثم يتمون التجريب بإعطاء التمرن خدمة يكون فيها رئيسا? مطلقا? ولو ف قرية‪ ،‬فإن أظهر‬
‫مهارة ف الستبداد‪ ،‬وذلك ما يسمونه حكمة الكومة فبها نعمت‪ ،‬وإل قالوا عنه‪ :‬هذا حيوان‪ ،‬يا‬
‫ضيعة المل فيه‪.‬‬
‫إن‪ x‬للصالة مشاكلة قوية للمجد والتمجد فل ب ‪x‬د أن نبحث فيها قليل?‪ ،‬ثم‪ x‬نعود لوضوع الستبد‬
‫وأعوانه التمجدين فأقول‪:‬‬
‫الصالة صفة قد يكون لا بعض الزايا من حيث الميال الت يرثها البناء من الباء‪ ،‬ومن‬
‫حيث التبية الت تكون مستحكمة ف البيت ولو رياءً‪ ،‬ومن حيث إن‪ x‬الصالة تكون مقرونة غالبا? بشيء‬
‫من الثروة العينة على مظاهر الشهامة والرحة‪ ،‬ومن حيث تقويتها العلقة بالمة والوطن خوف مذل&ة‬
‫الغتاب‪ ،‬ومن حيث إن‪ x‬أهلها يكونون منظورين دائما? فيتحاشون العائب والنقائص بعض التحاشي‪.‬‬
‫وبيوت الصالة تنقسم إل ثلثة أنواع‪:‬‬
‫بيوت علم وفضيلة‪ ،‬وبيوت مال وكرم‪،‬‬
‫وبيوت ظلم وإمارة‪ .‬وهذا الخي هو‬
‫ال ق س م ا لكث ر ع د د ا? وا ل ه م م و ق ع ا?‪ ،‬و ه م –‬
‫كما سبقت الشارة إليه‪ -‬مطمح نظر الستبد ف الستعانة وموضع ثقته‪ ،‬وهم الند الذي تتمع تت‬
‫لوائه بسهولة‪ ،‬وربا يكفيه أن• يضحك ف وجههم ضحكة‪ .‬فلننظر ما هو نصيب أهل هذا القسم من تلك‬
‫الزايا الوروثة‪:‬‬
‫هل يرث البن عن جده الؤسس لده أميال‪¢‬ه ف العدالة ول توجد؟ أم يدب¨ ويشب¨ على غي‬
‫الترف الصغ©ر للعقول‪ ،‬الميت للهمم؟ أم يتبى على غي الوقار الضحك للباطل‪ ،‬السائد فيما بي العائلة‬
‫ف بيتهم؟ أم يستخدم الثروة ف غي اللذ السمية الدنيئة البهيمية وتلك البهة الطاووسية الباطلة؟ أم‬

‫‪43‬‬
‫يتمث‪x‬ل بغي أقران السوء التملقي النافقي؟ أم ل يستحقر قومه لهلهم قدر ال̈نطفة اللعونة الت خ‪M‬لق‬
‫منها جنابه؟ أم ل يبغض العلماء الذين ل يقد©رونه قدره حسبما هو قائم ف ميلة خيلئه؟ أم يرى‬
‫لنابه مقرا? يليق به غي مقعد التح̃كم ومستاح التآمر؟ أم يستحي من الناس؟ ومن هم الناس؟ وما‬
‫الناس عند حضرته غي أشباح عندها أرواح خ‪M‬لقت لدمته!‬
‫وهذه حالة الكثرين من الصلء‪ ،‬على‬
‫أننا ل نبخس حق‪ x‬من نال منهم حظا? من‬
‫العلم وأوتي الكمة وأراد ال به خيا‬
‫فأصابه بنصيب من القهر انفض به‬
‫شا م و خ أن ف ه‪ ،‬فإ ن‪ x‬ه ؤ ل ء – و قلي ل ما ه م‪-‬‬
‫ينجبون نابة عظيمة‪ ،‬فيصدق عليهم أن‪x‬هم قد ورثوه قوة القلب يستعملونها ف الي ل ف الشر‪،‬‬
‫واستفادوا من أنفة الكبياء كالسارة على العظماء‪ ،‬وهكذا تتحول فيهم ميزة الشر© على فائض خي‬
‫وح‪w‬س‪w‬بٍ شامخ من نو الني إل الوطن وأهله‪ ،‬والني لصابه‪ ،‬والقدام على العظائم ف سبيل القوم‪،‬‬
‫وأمثال هؤلء النوابغ ال‪M‬نج‪w‬باء إذا كثروا ف أمة يوشك أن يتق&ى منهم آحاد إل درجة الوارق فيقودوا‬
‫أمهم إل درجة النجاح والفلح‪ ،‬ول غرو فإن‪ x‬اجتماع نفوذ النسب وقوة السب يفعلن ول عجب ش‪w‬ب‪w‬ه‬
‫فعل الستبد© العادل الذي ينشده الشرقيون‪ ،‬وخصوصا? السلمون؛ وإن كان العقل ل يوز أن يت‪x‬صف‬
‫بالستبداد مع العدل غي ال وحده‪ ،‬أل قاتل ال المة الساقطة الت قد تتسف&ل بالنسان إل عدم‬
‫إتعاب الفكر فيما يطلب هل هو مكن أم هو مال؟!‬
‫الصلء‪ ،‬باعتبار أكثريتهم‪ ،‬هم جرثومة البلء ف كل© قبيلة ومن كل© قبيل‪ .‬لن‪ x‬بن آدم داموا‬
‫إخوانا? متساوين إل أن• مي‪x‬زت ال̈صدفة بعض أفرادهم بكثرة النسل‪ ،‬فنشأت منها القوات العصبية‪ ،‬ونشأ‬
‫من تنازعها ت̈يز أفراد على أفراد‪ ،‬وح‪€‬ف¡ظ} هذه اليزة أوجد الصلء‪ .‬فالصلء ف عشية أو أمة إذا كانوا‬
‫متقاربي القوات استبدوا على باقي الناس وأسسوا حكومة أشراف‪ ،‬ومتى و‪M‬جد بيت من الصلء يتميز‬
‫كثيا? ف القوة على باقي البيوت يستب̈د وحده ويؤسس الكومة الفردية القيدة إذا لباقي البيوت بقية‬
‫بأس‪ ،‬أو الطلقة إذا ل يبق‪ w‬أمامه من يت‪x‬قيه‪.‬‬
‫بناءً عليه‪ ،‬إذا ل يوجد ف أمة أصلء بالكلية‪ ،‬أو وجد‪ ،‬ولكن؛ كان لسواد الناس صوت‬
‫غالب‪ ،‬أقامت تلك لنفسها حكومة انتخابية ل وراثة فيها ابتداءً؛ ولكن‪ ،‬ل يتوال بعض متولي إل‬
‫ويصي أنسالم أصلء يتناظرون‪ ،‬ك̈ل فريق منهم يسعى لجتذاب طرف من المة استعداد?ا للمغالبة‬
‫وإعادة التاريخ الول‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫ومن أكب مضار الصلء أنهم ينهمكون أثناء الغالبة على إظهار الب‪x‬هة والعظمة‪ ،‬ستهبون‬
‫أعي الناس ويسحرون عقولم ويتكبرون عليهم‪ .‬ثم‪ x‬إذا غلب غالبهم واستبد‪ x‬بالمر ل يتكها الباقون‬
‫للفتهم لذتها ولضاهاة الستبد© ف نظر الناس‪ .‬والستب̈د نفسه ل يملهم على تركها‪ ،‬بل يد̈ر عليهم الال‬
‫ويعينهم عليها‪ ،‬ويعطيهم اللقاب وال̈رتب وشيئا? من النفوذ والتس̃لط على الناس ليتلهوا بذلك عن مقاومة‬
‫استبداده‪ ،‬ولجل أن يألفوها مديدا?‪ ،‬فتفسد أخلقهم‪ ،‬فينفر منهم الناس‪ ،‬ول يبقى لم ملجأ غي‬
‫بابه‪ ،‬فيصيون أعوانا? له بعد أن كانوا أضدادا‪.‬‬
‫ويستعمل الستب̈د أيضا? مع الصلء سياسة الشد والرخاء‪ ،‬والنع والعطاء‪ ،‬واللتفات والغضاء‬
‫كي ل يبطروا‪ ،‬وسياسة إلقاء الفساد وإثارة الشحناء فيما بينهم كي ل يتفقوا عليه‪ ،‬وتارة يعاقب عقابا‬
‫شديدا? باسم العدالة إرضاءً للعوام‪ ،‬وأخرى يقرنهم بأفراد كانوا يقب©لون أذيالم استكبارا? فيجعلهم سادة‬
‫عليهم يفركون آذانهم استحقارا?‪ ،‬يقصد بذلك كسر شوكتهم أمام إمام الناس وعصر أنوفهم أمام عظمتهم‪.‬‬
‫والاصل أن‪ x‬الستبد يذلل الصلء بكل© وسيلة حتى يعلهم متامي بي رجليه كي يت‪x‬خذهم لاما‬
‫لتذليل الرعية‪ ،‬ويستعمل عي هذه السياسة مع العلماء ورؤساء الديان الذين متى شم‪ x‬من أحدهم رائحة‬
‫الغرور بعقله أو علمه ينكل به أو يستبدله بالحق الاهل إيقاظا? له ولمثاله من كل© ظان‪ Í‬من أن إدارة‬
‫الظلم متاجة إل شيء من العقل أو القتدار فوق مشيئة الستبد‪ .‬وبهذه السياسة ونوها يلو الو‬
‫فيعصف وينسف ويتصر‪x‬ف ف الرعية كريش! يقلبه الصرصر ف جو‪ Í‬مرق‪.‬‬
‫الستب̈د ف لظة جلوسه على عرشه ووضع تاجه الوروث على رأسه يرى نفسه كان إنسانا‬
‫فصار إلا‪ .‬ثم ي‪M‬رجع النظر فيى نفسه ف نفس المر أعجز من كل© عاجز وأن‪x‬ه ما نال ما نال إل‬
‫بواسطة من حوله من العوان‪ ،‬فيفع نظره إليهم فيسمع لسان حالم يقول له‪ :‬ما العرش؟ وما التاج؟‬
‫وما الصولان؟ ما هذه إل أوهام ف أوهام‪ .‬هل يعلك هذا الريش ف رأسك طاووسا? وأنت غراب؟ أم‬
‫تظن الحجار الباقة ف تاجك نوما? ورأسك ساء؟ أم تتوهم أن‪ x‬زينة صدرك ومنكبيك أخرجتك عن‬
‫كونك قطعة طي! من هذه الرض؟ وال ما مك¿نك ف هذا القام وسل¿طك على رقاب النام إل شعوذتنا‬
‫وسحرنا وامتهاننا لديننا ووجداننا وخيانتنا لوطننا وإخواننا‪ ،‬فانظر أيها الصغي الكب‪x‬ر القي الوق&ر‬
‫كيف تعيش معنا!‬
‫ثم‪ x‬يلتفت إل جاهي الرعية التفرجي‪ ،‬منهم الطائشي الهللي السب©حي بمده‪ ،‬ومنهم‬
‫السحورين البهوتي كأنهم أموات من حي‪ ،‬ولكن؛ يتجل&ى ف فكره أن‪ x‬خلل الساكتي بعض أفراد‬
‫عقلء أماد ياطبونه بالعيون؛ بأن‪ x‬لنا معاشر الم‪x‬ة شؤونا? عمومية وك¿لناك ف قضائها على ما نريد‬
‫ونبغي‪ ،‬ل على ما تريد فتبغي‪ .‬فإن• وف¿يت حق‪ x‬الوكالة ح‪M‬ق‪ x‬لك الحتام‪ ،‬وإن مرت م ‪¢‬كر•نا وحاقت بك‬
‫العاقبة‪ ،‬أل إن‪ x‬مكر ال عظيم‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫لم‪w‬ل‪¢‬ة الس‪x‬دنة أسلمهم القياد وأردفهم‬
‫وعندئذٍ يرجع الستب̈د إل نفسه قائل?‪ :‬العوان العوان‪ ،‬ا ‪¢‬‬
‫بيش! من الوغاد أحارب بهم هؤلء العبيد العقلء‪ ،‬وبغي هذا الزم ل يدوم لي م‪M‬ل¡ك‪ j‬كيفما أكون‪ ،‬بل‬
‫أبقى أسي?ا للعدل معر©ضا? للمناقشة منغ©صا? ف نعيم اللك‪ ،‬ومن العار أن يرضى بذلك من يكنه أن يكون‬
‫سلطانا? جبارا? متفر©دا? قهارا‪.‬‬
‫الكومة الستبدة تكون طبعا? مستبدة ف كل فروعها من الستبد العظم إل الشرطي‪ ،‬إل‬
‫ف إل من أسفل أهل طبقته أخلقا?‪ ،‬لن السافل ل‬
‫الفراش‪ ،‬إل كنائس الشوارع‪ ،‬ول يكون ك̈ل صن ٍ‬
‫يهمهم طبعا? الكرامة وحسن السمعة‪ ،‬إنا غاية مسعاهم أن يبهنوا لخدوهم بأنهم على شاكلته‪ ،‬وأنصار‬
‫لدولته‪ ،‬وشرهون لكل السقطات من أي‪ Í‬كان ولو بشرا? أم خنازير‪ ،‬آبائهم أم أعدائهم‪ ،‬وبهذا يأمنهم‬
‫الستب̈د ويأمنونه فيشاركهم ويشاركونه‪ .‬وهذه الفئة الستخدمة يكثر عددها ويق̈ل حسب شدة الستبداد‬
‫وخف&ته‪ ،‬فكلما كان الستب̈د حريصا? على العسف احتاج إل زيادة جيش التمجدين العاملي له‬
‫الافظي عليه‪ ،‬واحتاج إل مزيد الدق&ة ف ات©خاذهم من أسفل الرمي الذين ل أثر عندهم لدي !ن أو‬
‫ذمة‪ ،‬واحتاج لفظ النسبة بينهم ف الراتب بالطريقة العكوسة؛ وهي أن يكون أسفلهم طباعا? وخصال‬
‫أعلهم وظيفة? وقربا?‪ ،‬ولذا‪ ،‬ل ب ‪x‬د أن يكون الوزير العظم للمستبد هو اللئيم العظم ف المة‪ ،‬ثم من‬
‫دونه لؤما?‪ ،‬وهكذا تكون مراتب الوزراء والعوان ف لؤمهم حسب مراتبهم ف التشريفات والقربى منه‪.‬‬
‫وربا يغ̈ت الطالع كما اغت‪ x‬كثي من‬
‫الؤر©خي البسطاء بأن بعض وزراء‬
‫الستبد يتأوهون من الستبد ويتشك&ون من‬
‫أعماله ويهرون بلمه‪ ،‬ويظهرون لو أنه‬
‫ساعدهم المكان لعملوا وفعلوا وافتدوا‬
‫ا ل م ة بأ م وا ل م‪ ،‬ب ل و حياته م‪ ،‬ف كي ف –‬
‫والالة هذه‪ -‬يكون هؤلء لؤماء؟ بل كيف ذلك وقد و‪M‬ج‪€‬د منهم الذين خاطروا بأنفسهم والذين أقدموا‬
‫فعل? على مقاومة الستبداد فنالوا الراد أو بعضه أو هلكوا دونه؟‬
‫فجواب ذلك أن الستبد‪ x‬ل يرج قط& عن أنه خائنٌ خائفٌ متاجٌ لعصابة تعينه وتميه‪ ،‬فهو‬
‫ووزراؤه كزمرة لصوص‪ :‬رئيس وأعوان‪ .‬فهل يو©ز العقل أن ي‪M‬نتخب رفاق من غي أهل الوفاق‪ ،‬وهو هو‬
‫الذي ل يستوزر إل بعد تربة واختبار عمرا? طويل?؟!‬
‫هل يكن أن يكون الوزير متخل‪¤‬قا? بالي حقيقة‪ ،‬وبالش‪x‬ر© ظاهرا? فيخدع الستبد بأعماله‪ ،‬ول‬
‫ياف من أن‪x‬ه كما نصبه وأعز‪x‬ه بكلمة يعزله ويذل&ه؟!‬

‫‪46‬‬
‫بناءً عليه‪ ،‬فالستبد وهو من ل يهل أن‪ x‬الناس أعداؤه لظلمه‪ ،‬ل يأمن على بابه إل من يثق‬
‫به أن‪x‬ه أظلم منه للناس‪ ،‬وأبعد منه على أعدائه‪ ،‬وأما تل̈وم بعض الوزراء على لوم الستبد فهو إن ل يكن‬
‫خداعا? للمة فهو حنقٌ على الستبد؛ لنه بس ذلك التلوم حقه‪ ،‬فقد‪x‬م عليه من هو دونه ف خدمته‬
‫بتضحية دينه ووجدانه‪ .‬وكذلك ل يكون الوزير أمينا? من صولة الستبد ف صحبته ما ل يسبق بينهما‬
‫وفاق وات©فاق على خية الشيطان؛ لن الوزير مسودٌ بالطبع‪ ،‬يتوق&ع له الزاحون كل‪ x‬شر‪ ،‬ويبغضه‬
‫الناس ولو تبعا? لظالهم‪ ،‬وهو هدفٌ ف كل© ساعةٍ للشكايات والوشايات‪ .‬كيف يكون عند الوزير شيءٌ من‬
‫التق&وى أو الياء أو العدل أو الكمة أو الروءة أو الشفقة على المة‪ ،‬وهو العال بأن‪ x‬المة تبغضه‬
‫وتقته وتتوق&ع له كل‪ x‬سوء‪ ،‬وتشمت بصائبه‪ ،‬فل ترضى عنه ما ل يتفق معها على الستبد‪ ،‬وما هو‬
‫بفاعل! ذلك أبدا? إل إذا يئس من إقباله عنده‪ ،‬وإن يئس وفعل فل يقصد نفع المة قط&‪ ،‬إنا يريد فتح‬
‫بابٍ لستجد‪ Í‬جديد عساه يستوزره فيؤازره على وزره‪.‬‬
‫والنتيجة أن‪ x‬وزير الستبد هو وزير الستبد‪ ،‬ل وزير المة كما ف الكومات الدستورية‪ .‬كذلك‬
‫القائد يمل سيف الستبد ليغمده ف الرقاب بأمر الستبد ل بأمر المة‪ ،‬بل هو يستعيذ أن تكون المة‬
‫صاحبة أمر‪ ،‬لا يعلم من نفسه أن‪ x‬المة ل تقل‪¤‬د القيادة لثله‪.‬‬
‫بناءً عليه؛ ل يغت¨ العقلء با يتشد‪x‬ق به الوزراء والقواد من النكار على الستبداد والتفلسف‬
‫بالصلح وإن تله‪x‬فوا وإن تأففوا‪ ،‬ول ينخدعون لظاهر غيتهم وإن ناحوا وإن بكوا‪ ،‬ول يثقون بهم ول‬
‫بوجدانهم مهما صل&وا وسبحوا‪ ،‬لن‪ x‬ذلك كل&ه يناف سيهم وسيتهم‪ ،‬ول دليل على أنهم أصبحوا‬
‫يالفون ما شبوا وشابوا عليه‪ ،‬هم أقرب أن ل يقصدوا بتلك الظاهر غي إقلق الستبد© وتهديد سلطته‬
‫ليشاركهم ف استدرار دماء الرعية؛ أي أموالا‪ .‬نعم‪ ،‬كيف يوز تصديق الوزير والعامل الكبي الذي قد‬
‫ألف عمرا? كبيا? لذة البذخ وعزة البوت ف أن‪x‬ه يرضى بالدخول تت حكم المة‪ ،‬وياطر بعرض‬
‫سيفه عليها فتحل&ه أو تكسره تت أرجلها‪ .‬أليس هو عضوا? ظاهر الفساد ف جسم تلك المة الت قتل‬
‫الستبداد فيها كل‪ x‬الميال الشريفة العالية فأبعدها عن النس والنسانية‪ ،‬حتى صار الفلح التعيس‬
‫منها يؤخذ للجندية وهو يبكي‪ ،‬فل يكاد يلبس كم‪ x‬الستة العسكرية إل ويتلب‪x‬س بشر© الخلق‪ ،‬فيتنمر‬
‫على أمه وأبيه‪ ،‬ويتمرد على أهل قريته وذويه‪ ،‬ويك̃ظ أسنانه عطشا? للدماء ل ييز بي أخ! وعدو؟! إن‬
‫أكابر رجال عهد الستبداد ل أخلق لم ول ذمة‪ ،‬فك̈ل ما يتظاهرون به أحيانا? من التذمر والتأل&م‬
‫يقصدون به غش‪ x‬المة السكينة الت يطمعهم ف انداعها وانقيادها لم علمهم بأن‪ x‬الستبداد القائم بهم‬
‫والستعمر بهم‪x‬تهم قد أعمى أبصارها وبصائرها‪ ،‬وخد‪x‬ر أعصابها‪ ،‬فجعلها كالصاب ببحران العمى‪ ،‬فهي‬
‫ل ترى غي هول وظلم وشدة وآلم‪ ،‬فتئ̈ن من البلء ول تدري ما هو تداويه‪ ،‬ول من أين جاءها لتصد‪x‬ه‪،‬‬
‫فتواسيها فئة من أولئك التعاظمي باسم الدين يقولون‪ :‬يا بؤساء؛ هذا قضاءٌ من السماء ل مرد‪ x‬له‪،‬‬

‫‪47‬‬
‫فالواجب تلق&يه بالصب والرضاء واللتجاء إل الدعاء‪ ،‬فاربطوا ألسنتكم عن اللغو والفضول‪ ،‬واربطوا‬
‫قلوبكم بأهل السكينة والمول‪ ،‬وإياكم والتدبي فإن ال غيور‪ ،‬وليكن و›ر•د‪M‬كم‪ :‬اللهم انصر سلطاننا‪،‬‬
‫وآمنا ف أوطاننا‪ ،‬واكشف عنا البلء‪ ،‬أنت‬
‫حسبنا ونعم الوكيل‪ .‬ويغرر المة آخرون‬
‫من التكبين بأنهم الطباء الرحاء‬
‫الهتمون بداواة الرض‪ ،‬إن‪x‬ما هم‬
‫ي ت ق¿ب و ن سن و ح ال ف ر ص‪ ،‬وك ل ال ف ري ق ي –‬
‫وال‪ -‬إما أدنياء جبناء‪ ،‬أو هم خائنون مادعون‪ ،‬يريدون التثبيط والتلبيد والمتنان على الظالي‪.‬‬
‫من دلئل أن أولئك الكابر مغر©رون مادعون يظهرون ما ل ي‪M‬بطنون‪ ،‬أن‪x‬هم ل يستصنعون إل‬
‫السافل الراذل من الناس‪ ،‬ول ييلون لغي التملقي النافقي من أهل الدين‪ ،‬كما هو شأن صاحبهم‬
‫الستبد الكب‪ ،‬ومنها أن‪x‬ه قد يوجد فيهم من ل يتنز‪x‬ل لقليل الرشوة أو السرقة‪ ،‬ولكن•؛ ليس فيهم‬
‫العفيف عن الكثي‪ ،‬وكفى با يتمتعون من الثروات الطائلة الت ل منبت لا غي الستبيح الفاخر‬
‫بشاركة الستبد‪ x‬ف امتصاصه دم المة‪ ،‬وذلك بأخذهم العطايا الكبية‪ ،‬والرواتب الباهظة‪ ،‬الت تعادل‬
‫أضعاف ما تسمح به الدارة العادلة لمثالم؛ لنها إدارة راشدة ل تدفع أجورا? زائدة‪ .‬ومنها أنهم ل‬
‫يصرفون شيئا? ولو سرا? من هذا السحت الكثي ف سبيل مقاومة الستبداد الذي يزعمون أنهم أعداؤه‪،‬‬
‫إنا يصرف بعضهم منه شيئا? ف الصدقات الطفيفة وبناء العابد سعة? ورياءً‪ ،‬وكأنهم يريدون أن يسرقوا‬
‫أيضا? قلوب الناس بعد سلب أموالم أو أنهم يرشون ال‪ ،‬أل ساء ما يتوهمون‪ .‬ومنها أن‪ x‬أكثرهم‬
‫مسرفون مبذ©رون‪ ،‬فل تكفي أحدهم الرواتب العتدلة الت يكن أن ينالا أجرة خدمة ل ثن ذمة‪.‬‬
‫ومنها أنه قد يكون أحدهم شحيحا? مقت©را? ف نفقاته؛ بيث ي̈ل ف شرف مقامه‪ ،‬فل يصرف نصف أو‬
‫ربع راتبه مع أن‪x‬ه يقبضه زائدا? على أجر مثله لجل حفظ شرف القام‪ ،‬العائد لشرف المة‪ ،‬وبهذا‬
‫ال̈شح يكون خائنا? ومهينا‪ .‬والاصل أن‪ x‬الكابر حريصون على أن يبقى الستبداد مطلقا? لتبقى أيديهم‬
‫مطلقة ف الموال‪.‬‬
‫هذا ول ينكر التاريخ أن الزمان أوجد نادرا? بعض وزراء وازروا الستبداد عمرا? طويل?‪ ،‬ثم‪ x‬ندموا‬
‫على ما فر‪x‬طوا فتابوا وأنابوا‪ ،‬ورجعوا نصف المة واستعدوا بأموالم وأنفسهم لنقاذها من داء‬
‫الستبداد‪ .‬ولذا؛ ل يوز اليأس من وجود بعض أفراد من الوزراء والقواد عريقي ف الشهامة‪ ،‬فيظهر‬
‫فيهم سر الوراثة ولو بعد بطون أو بعد الربعي وربا السبعي من أعمارهم ظهورا? بينا? تلل ف ميا‬
‫صاحبه ثريا صدق النجابة‪ .‬ول ينبغي لمةٍ أن تتكل على أن يظهر فيها أمثال هؤلء‪ ،‬لن‪ x‬وجودهم من‬
‫ال̈صدف الت ل ت‪M‬بنى عليها آمال ول أحلم‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫والنتيجة أن‪ x‬الستبد فردٌ عاجز ل حول له ول وقوة إل بالتمجدين‪ ،‬والمة؛ أي أمة كانت‪،‬‬
‫ليس لا من يك˜ جلدها غي ظفرها‪ ،‬ول يقودها إل العقلء بالتنوير والهداء والثبات‪ ،‬حتى إذا ما‬
‫اكفهر‪x‬ت ساء عقول بينها قي‪x‬ض ال لا من جعهم الكبي أفرادا? كبار النفوس قادة أبرار يشتون لا‬
‫السعادة بشقائهم والياة بوتهم؛ حيث يكون ال جعل ف ذلك لذتهم‪ ،‬ولثل تلك الشهادة الشريفة‬
‫خلقهم‪ ،‬كما خلق رجال عهد الستبداد فساقا? ف}جارا? مهالكهم الشهوات والثالب‪ .‬فسبحان الذي يتار‬
‫من يشاء لا يشاء‪ ،‬وهو الل&ق العظيم‪.‬‬

‫الستبداد والال‬

‫الستبداد لو كان رجل? وأراد أن يتسب وينتسب لقال‪" :‬أنا الش̈ر‪ ،‬وأبي الظلم‪ ،‬وأمي‬
‫الساءة‪ ،‬وأخي الغدر‪ ،‬وأخت الس•ك‪¢‬نة‪ ،‬وعمي ال̈ضر‪ ،‬وخالي ال̈ذل‪ ،‬وابن الفقر‪ ،‬وبنت البطالة‪،‬‬
‫وعشيتي الهالة‪ ،‬ووطن الراب‪ ،‬أما دين وشرف فالال الال الال"‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫الال يص̈ح ف وصفه أن ي‪M‬قال‪ :‬القوة مال‪ ،‬والوقت مال‪ ،‬والعقل مال‪ ،‬والعلم مال‪ ،‬والد©ين مال‪،‬‬
‫والثبات مال‪ ،‬والاه مال‪ ،‬والمال مال‪ ،‬والتتيب مال‪ ،‬والقتصاد مال‪ ،‬وال̈شهرة مال‪ ،‬والاصل كل‬
‫ما ي‪M‬نت‪w‬ف‪¢‬ع به ف الياة هو مال‪.‬‬
‫وك̈ل ذلك ي‪M‬باع وي‪M‬شتى؛ أي يستبدل بعضه ببعض‪ ،‬وموازين العادلة هي‪ :‬الاجة والعزة‬
‫والوقت والتعب‪ ،‬ومافظة اليد والفضة والذهب والذمة‪ ،‬وسوقه التمعات‪ ،‬وشيخ السوق السلطان‪...‬‬
‫فانظر ف سوق يتحك&م فيه مستبد‪Å‬؛ يأمر زيدا? بالبيع‪ ،‬وينهى عمروا? عن الشراء‪ ،‬ويغصب بكرا? ماله‪،‬‬
‫ويابي خالدا? من مال الناس‪.‬‬
‫الال تعتوره الحكام‪ ،‬فمنه اللل ومنه الرام وهما بي©نان‪ ،‬ول‪¢‬ن‪€‬ع•م‪ w‬الاكم فيها الوجدان‪،‬‬
‫فاللل الطيب ما كان عوض أعيان‪ ،‬أو أجرة أعمال‪ ،‬أو بدل وقت‪ ،‬أو مقابل ضمان‪ .‬والال البيث‬
‫الرام هو ثن الشرف‪ ،‬ثم‪ x‬الغصوب‪ ،‬ثم‪ x‬السروق‪ ،‬ثم‪ x‬الأخوذ إلاءً ثم‪ x‬التال فيه‪.‬‬
‫إن‪ x‬النظام الطبيعي ف كل© اليوانات حتى ف السمك والوام‪ ،‬إل أنثى العنكبوت‪ ،‬إن‪ x‬النوع‬
‫الواحد منها ل يأكل بعضه بعضا?‪ ،‬والنسان يأكل النسان‪ .‬ومن غريزة سائر اليوان أن يلتمس الرزق‬
‫من ال؛ أي من مورده الطبيعي‪ ،‬وهذا النسان الظ&ال نفسه حريصٌ على اختطافه من يد أخيه‪ ،‬بل من‬
‫فيه‪ ،‬بل كم أكل النسان النسان!‬

‫الستبداد والنسان‪:‬‬

‫عاش النسان دهرا? طويل? يتلذذ بلحم النسان ويتلم‪x‬ظ بدمائه‪ ،‬إل أن تك¿ن الكماء ف الصي‪،‬‬
‫ثم‪ x‬الند من إبطال أكل اللحم كليا?‪ ،‬سد‪?x‬ا للباب‪ ،‬كما هو دأبهم إل الن‪ .‬ثم‪ x‬جاءت الشرائع الدينية‬
‫الول ف غربي آسيا بتخصيص ما يؤكل من النسان بأسي الرب‪ ،‬ثم‪ x‬بالقربان ي‪M‬نذ‪w‬ر للمعبود‪ ،‬وي‪M‬ذب‪w‬ح‬
‫على يد الكهان‪ .‬ثم‪ x‬أ}بط‪€‬ل أكل‪ M‬لم القربان‪ ،‬وج‪M‬ع‪€‬ل طعمة للنيان‪ ،‬وهكذا تدر‪x‬ج النسان إل نسيان لذ‪x‬ة‬
‫لم إخوانه‪ ،‬وما كان لينسى عبادة إهراق الد©ماء لول إبراهيم شيخ النبياء استبدل قربان البشر‬
‫باليوان‪ ،‬وات‪x‬بعه موسى عليهما السلم‪ ،‬وبه جاء السلم‪ .‬وهكذا بطل هذا العدوان بهذا الشكل إل ف‬
‫أواسط أفريقيا عند )النامنام(‪.‬‬
‫الستبداد الشؤوم ل يرض‪ w‬أن يقتل النسان النسان ذبا? ليأكل لمه أكل? كما كان يفعل‬
‫المج الولون‪ ،‬بل تفن‪x‬ن ف الظلم‪ ،‬فالستبدون يأسرون جاعتهم‪ ،‬ويذبونهم فصدا? ببضع الظلم‪،‬‬
‫ويتصون دماء حياتهم بغصب أموالم‪ ،‬ويقصرون أعمارهم باستخدامهم سخرة ف أعمالم‪ ،‬أو بغصب‬
‫ثرات أتعابهم‪ .‬وهكذا ل فرق بي الولي والخرين ف نهب العمار وإزهاق الرواح إل ف الشكل‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫ث قوي¨ العلقة بال̃ظلم القائم ف فطرة النسان‪ ،‬ولذا؛ رأيت أن‬
‫إن‪ x‬بث الستبداد والال ب ٌ‬
‫ل بأس ف الستطراد لقد©مات تتعل¿ق نتائجها بالستبداد السياسي‪ ،‬فمن ذلك‪:‬‬
‫إن‪ x‬البشر القد‪x‬ر مموعهم بألف وخسمائة مليون نصفهم ك‪¢‬ل‪ Å‬على النصف الخر‪ ،‬ويشك‪¤‬ل‬
‫أكثرية هذا النصف الك‪¢‬ل نساء الدن‪ .‬ومن النساء؟ النساء هن‪ x‬النوع الذي عرف مقامه ف الطبيعة بأن‪x‬ه هو‬
‫الافظ لبقاء النس‪ ،‬وأن‪x‬ه يكفي لللف منه ملقح واحد‪ ،‬وإن‪ x‬باقي الذكور حظهم أن ي‪M‬ساقوا للمخاطر‬
‫والشاق‪ ،‬أو هم يستحق&ون ما يستح̃قه ذكر النحل‪ ،‬وبهذا النظر اقتسمت النساء مع الذكور أعمال الياة‬
‫قسمة? ضيزى‪ ،‬وتك¿م•ن بسن© قانون! عام؛ به جعلن نصيبهن‪ x‬هي©ن الشغال بدعوى الضعف‪ ،‬وجعلن‬
‫نوعهن‪ x‬مطلوبا? عزيزا? بإيهام العف&ة‪ ،‬وجعلن الشجاعة والكرم سيئتي فيهن‪ x‬ممدتي ف الرجال‪ ،‬وجعلن‬
‫نوعهن‪ x‬ي‪M‬هي ول ي‪M‬هان‪ ،‬ويظلم أو ي‪M‬ظل‪¢‬م في‪M‬عان؛ وعلى هذا القانون يرب©ي البنات والبني‪ ،‬ويتلعب‬
‫بعقول الر©جال كما يشأن حتى أنهن جعلن الذكور يتوهمون أن‪x‬هن أجل منهم صورة‪ .‬والاصل أن‪x‬ه قد‬
‫أصاب من س‪x‬اهن‪ x‬بالنصف الضر! ومن الشاهد أن‪ x‬ضرر النساء بالرجال يتق&ى مع الضارة والدنية‬
‫على نسبة الت‪x‬رقي الضاعف‪ .‬فالبدوية تشارك الرجل مناصفة? ف العمال والثمرات‪ ،‬فتعيش كما يعيش‪،‬‬
‫والضرية تسلب الرجل لجل معيشتها وزينتها اثني من ثلث‪ .‬وت‪M‬عينه ف أعمال البيت‪ .‬والدنية‬
‫تسلب ثلثة من أربعة‪ ،‬وتو̈د أن ل ترج من الفراش‪ ،‬وهكذا تتق¿ى بنات العواصم ف أسر الر©جال‪ .‬وما‬
‫أصدق بالدنية الاضرة ف أوروبا؛ أن تسمى الدنية النسائية‪ ،‬لن‪ x‬الر©جال فيها صاروا أنعاما? للن©ساء‪.‬‬
‫ثم‪ x‬إن‪ x‬الر©جال تقاسوا مشاق‪ x‬الياة‬
‫قسمة? ظالة? أيضا?‪ ،‬فإن‪ x‬أهل السياسة‬
‫وا ل ديا ن و م ن يلت ح ق به م – و ع د د ه م ل يبل غ‬
‫ف ا لائ ة – يت مت ع و ن بن ص ف ما‬ ‫ا ل م سة‬
‫يتجم‪x‬د ف دم البشر أو زيادة‪ ،‬ي‪M‬نفقون ذلك ف الر‪x‬فه والسراف‪ ،‬مثال ذلك‪ :‬أن‪x‬هم يزي©نون الشوارع‬
‫بليي من الصابيح لرورهم فيها أحيانا? متاوحي بي اللهي والواخي ول يفك‪¤‬رون ف مليي من‬
‫الفقراء يعيشون ف بيوتهم ف ظلم‪.‬‬
‫ثم‪ x‬أهل الصنائع النفيسة والكمالية‪،‬‬
‫والتجار الش‪x‬رهون التكرون وأمثال هذه‬
‫ف ا لائ ة‪-‬‬ ‫وي ق د‪ x‬ر و ن ك ذل ك ب م س ة‬
‫يعيش أحدهم بثل ما يعيش به العشرات أو الئات أو اللوف من ال̈صناع وال̈زراع‪ .‬وجرثومة هذه القسمة‬
‫التفاوتة التباعدة الظ&الة هي الستبداد ل غيه‪ .‬وهناك أصناف من الناس ل يعملون إل قليل?‪ ،‬إنا‬

‫‪51‬‬
‫يعيشون باليلة كالسماسرة والشعوذين باسم الدب أو الدين‪ ،‬وهؤلء ي‪M‬قد‪x‬رون بمسة عشر ف الائة‪ ،‬أو‬
‫يزيدون على أولئك‪.‬‬
‫نعم؛ ل يقتضي أن يتساوى العال الذي صرف زهوة حياته ف تصيل العلم النافع أو الصنعة‬
‫الفيدة بذاك الاهل النائم ف ظل© الائط‪ ،‬ول ذاك التاجر التهد الخاطر بالكسول الامل‪ ،‬ولكن‬
‫العدالة تقتضي غي ذلك التفاوت‪ ،‬بل تقتضي النسانية أن يأخذ الراقي بيد السافل‪ ،‬فيقر©به من‬
‫منزلته‪ ،‬ويقاربه من منزلته‪ ،‬وي‪M‬قاربه ف معيشته‪ ،‬ويعينه على الستقلل ف حياته‪.‬‬
‫ل! ل! ل يطلب الفقي معاونة الغن‪ ،‬إنا يرجوه أن ل يظلمه‪ ،‬ول يلتمس منه الرحة‪ ،‬إنا‬
‫يلتمس العدالة‪ ،‬ل يؤم©ل منه النصاف‪ ،‬إنا يسأله أن ل ي‪M‬ميته ف ميدان مزاحة الياة‪.‬‬
‫جل& ت ح ك مت ه‪ -‬سل طا ن‬ ‫ل–‬
‫النسان على الكوان‪ ،‬فطغى‪ ،‬وبغى‪ ،‬ونسي رب‪x‬ه وعبد الال والمال‪ ،‬وجعلهما منيته ومبتغاه‪ ،‬كأن‪x‬ه‬
‫خ‪M‬لق خادما? لبطنه وعضوه فقط‪ ،‬ل شأن له غي الغذاء والتحاك‪ .‬وبالنظر إل أن‪ x‬الال هو الوسيلة الوصلة‬
‫للجمال كاد ينحصر أكب هم‪ Í‬للنسان ف جع الال‪ ،‬ولذا ي‪M‬كن‪x‬ى عنه بعبود المم وبسر© الوجود‪ ،‬وروى‬
‫كريسكوا الؤر©خ الروسي‪ :‬إن‪ x‬كاترينا شكت كسل رعيتها‪ ،‬فأرشدها شيطان‪M‬ها إل حل الن©ساء على‬
‫اللعة‪ ،‬ففعلت وأحدثت كسوة الراقص‪ ،‬فهب‪ x‬الشبان للعمل وكسب الال لصرفه على ربات المال‪،‬‬
‫وف ظرف خس سني؛ تضاعف دخل خزينتها‪ ،‬فات‪x‬سع لا مال السراف‪ .‬وهكذا الستبدون ل‬
‫تهمهم الخلق‪ ،‬إن‪x‬ما يهمهم الال‪.‬‬
‫الال عند القتصاديي‪ :‬ما ينتفع به النسان‪ ،‬وعند القوقيي‪ :‬ما يري فيه النع والبذل؛‬
‫وعند السياسيي‪ :‬ما ت‪M‬ستعاض به القوة؛ وعند الخلقيي‪ :‬ما ت‪M‬حفظ به الياة الشريفة‪ .‬الال يستمد‬
‫من الفيض الذي أودعه ال تعال ف الطبيعة ونواميسها‪ ،‬ول يلك؛ أي ل يتخصص بإنسان‪ ،‬إل بعمل‬
‫فيه أو ف مقابله‪.‬‬
‫والقصود من الال هو أحد اثني ل ثالث لما وهما‪ :‬تصيل لذة أو دفع أل‪ ،‬وفيهما تنحصر‬
‫ك̈ل مقاصد النسان‪ ،‬وعليهما مبنى أحكام الشرائع كلها‪ ،‬والاكم العتدل ف طيب الال وخبيثه؛ هو‬
‫الوجدان الذي خلقه ال صبغة? للنفس‪ ،‬وعب‪x‬ر عنه القرآن بإلامها فجورها وتقواها‪ ،‬فالوجدان خي‪x‬ر بي‬
‫الال اللل والال الرام‪.‬‬
‫ثم‪ x‬إن‪ x‬أعمال البشر ف تصيل الال ترجع إل ثلثة أصول‪ -1 :‬ا ست ح ضا ر ه‬
‫الواد الصلية‪ -2 .‬تهيئت ه ا ل وا د ل لنت‪-3‬فات وع‪.‬زي عها عل ى النا س‪.‬‬
‫وهي الصول الت تسمى بالزراعة والصناعة والتجارة‪ ،‬وك̈ل وسيلة خارجة عن هذه الصول وفروعها‬
‫الولية‪ ،‬فهي وسائل ظالة ل خي فيها‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫التم̈ول؛ أي اد©خار الال‪ ،‬طبيعة ف بعض أنواع اليوانات الدنيئة كالنمل والنحل‪ ،‬ول أثر له‬
‫ف اليوانات الرتقية غي النسان‪ .‬النسان تطب‪x‬ع على التم̈ول لدواعي الاجة الق¿قة أو الوهومة‪ ،‬ول‬
‫ت̃قق للحاجة إل عند سكان الراضي الضيقة الثمرات على أهلها‪ ،‬أو الراضي العر‪x‬ضة للقحط ف بعض‬
‫السني‪ ،‬ويلتحق بالاجة الق¿قة حاجة العاجزين جسما? عن الرتزاق ف البلد البتلة بور الطبيعة‬
‫أو جور الستبداد‪ ،‬وربا يلتحق بها أيضا? الصرف على الضطرين وعلى الصارف العمومية ف البلد‬
‫الت ينقصها النتظام العام‪.‬‬
‫والراد بالنتظام العام‪ ،‬معيشة الشتاك العمومي الت أسسها النيل بتخصيصه عشر الموال‬
‫للمساكي‪ ،‬ولكن؛ ل يكد يرج ذلك من‬
‫القوة إل الفعل‪ ،‬ثم‪ x‬أحدث السلم س‪M‬ن‪x‬ة‬
‫الشتاك على أت© نظام‪ ،‬ولكن؛ ل تدم‬
‫أيضا? أكثر من قرن! واحد كان فيه‬
‫السلمون ل يدون من يدفعون لم‬
‫ال ص د قا ت وال ك ف&ا را ت‪ ،‬و ذل ك أ ن‪ x‬ا ل س ل مي ة –‬
‫كما سبق بيانه‪ -‬أسست حكومة أرستقراطية البنى‪ ،‬ديقراطية الدارة‪ ،‬فوضعت للبشر قانونا? مؤسسا‬
‫على قاعدة‪ :‬إن‪ x‬الال هو قيمة العمال‪ ،‬ول يتمع ف يد الغنياء إل بأنواع من الغ‪w‬ل‪¢‬بة والداع‪.‬‬
‫فالعدالة الطلقة تقتضي أن يؤخذ قسمٌ من مال وي‪M‬رد على الفقراء؛ بيث يصل التعديل ول‬
‫يوت النشاط للعمل‪ .‬وهذه القاعدة يتمنى ما هو من نوعها أغلب العال التمدن الفرني‪ ،‬وتسعى‬
‫وراءها الن جعيات منهم منتظمة مكو‪x‬نة من مليي كثية‪ .‬وهذه المعيات تقصد حصول التساوي أو‬
‫التقارب ف القوق العاشية بي البشر‪ ،‬وتسعى ضد‪ x‬الستبداد الالي‪ ،‬فتطلب أن• تكون الراضي‬
‫والملك الثابتة وآلت العامل الصناعية الكبية مشتكة الشيوع بي عامة المة‪ ،‬وأن‪ x‬العمال والثمرات‬
‫تكون موزعة بوجوهٍ متقاربة بي الميع‪ ،‬وأن‪ x‬الكومة تضع قواني لكافة الشؤون حتى الزئيات‪،‬‬
‫وتقوم بتنفيذها‪.‬‬
‫وهذه الصول مع بعض التعديل قررتها السلمية دينا?‪ ،‬وذلك أنها قررت‪:‬‬
‫أول?‪ -‬أنواع العشور والزكاة وتقسيمها على أنواع الصارف العامة وأنواع التاجي حتى‬
‫الديني‪ .‬ول يفى على الدققي أن‪ x‬جزءا? من أربعي من رؤوس الموال يقارب نصف الرباح العتدلة‬
‫باعتبار أنها خسة بالائة سنويا?‪ ،‬وبهذا النظر يكون الغنياء مضاربي للجماعة مناصفة‪ .‬وهكذا يلحق‬
‫فقراء المة بأغنيائها‪ ،‬وينع تراكم الثروات الفرطة الول‪¤‬دة للستبداد‪ ،‬والضر‪x‬ة بأخلق الفراد‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫ثانيا?‪ -‬قررت أحكامٌ مكمة تنع مذور التواكل ف الرتزاق‪ ،‬وت‪M‬لز›م كل‪ x‬فرد من المة متى‬
‫اشتد‪ x‬ساعده‪ ،‬أو ملك قوت يومه‪ ،‬أو الن‪x‬صاب على الكثر؛ أن يسعى لرزقه بنفسه‪ ،‬أو يوت الفرد‬
‫جوعا?؛ إذا ل تكن حكومته مستبدة تضرب على يده وسعيه ونشاطه بدافع استبدادها‪ ،‬وقد قيل‪ :‬يبدأ‬
‫النقياد للعمل عند نهاية الوف من الكومة ونهاية الت©كال على الغي‪.‬‬
‫ثالثا?‪ -‬قررت السلمية ترك الراضي الزراعية ملكا? لعامة المة‪ ،‬يستنبتها ويستمتع بياتها‬
‫العاملون فيها بأنفسهم فقط‪ ،‬وليس عليهم غي العشر أو الراج الذي ل يوز أن يتجاوز المس لبيت‬
‫الال‪.‬‬
‫رابعا?‪ -‬جاءت السلمية بقواعد شرعية كلية تصلح للحاطة بأحكام كافة الشؤون حتى‬
‫الزئية الشخصية‪ ،‬وأناطت تنفيذها بالكومة‪ ،‬كما تطلبه أغلب جعيات الشتاكيي‪ .‬على أن‪ x‬هذا‬
‫النظام الذي جاء به السلم‪ ،‬صعب الجراء جدا?‪ ،‬لن‪x‬ه منوط بسيطرة الكل ورضاء النفوس‪ ،‬ولن‬
‫القانون الكثي الفروع يتعذ‪x‬ر حفظه بسيطا?‪ ،‬ويكون معر‪x‬ضا? للتأويل حسب الغراض‪ ،‬وللختلف ف‬
‫تطبيقه حسب الهواء‪ ،‬كما وقع فعل? ف السلمي‪ ،‬فلم يكنهم إجراء شريعتهم ببساطة وأمان إل عهدا‬
‫قليل?‪ ،‬ثم‪ x‬تشع‪x‬بت معهم المور بطبيعة ات©ساع اللك واختلف طبائع المم‪ ،‬وف‪¢‬ق‪¢‬د‪ w‬الرجال الذين يكنهم‬
‫أن يسوقوا مئات مليي من أجناس الناس‪ :‬البيض والصفر‪ ،‬والضري والبدوي‪ ،‬بعصا واحدة قرونا‬
‫عديدة‪.‬‬
‫ول غ‪¢‬ر•و‪ w‬إذا كانت العيشة الشتاكية من أبدع ما يتصو‪x‬ره العقل‪ ،‬ولكن؛ مع السف ل يبلغ‬
‫البشر بعد التق&ي ما يكفي لتوسيعهم نظام التعاون والتضامن ف العيشة العائلية إل إدارة المم الكبية‪.‬‬
‫وكم جر‪x‬بت المم ذلك فلم تنجح فيها إل المم الصغية مدة قليلة‪ .‬والسبب كما تقد‪x‬م هو مرد صعوبة‬
‫التحليل والتكيب بي الصوال والصال الكثية الختلفة‪ .‬والتأم©ل ف عدم انتظام حالة العائلت‬
‫الكبية‪ ،‬يقنع حال? بأن‪ x‬التكافل والتضامن غي ميسورين ف المم الكبية؛ ولذا يكون خي ح ‪Í‬ل مقدور‬
‫للمسألة الجتماعية هو ما يأتي‪:‬‬
‫يكون النسان حرا? مستقل‪ Ó‬ف شؤونه‪ ،‬كأنه خ‪M‬ل‪€‬ق وحده‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫تكون العائلة مستقلة‪ ،‬كأنها أمة وحدها‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫تكون القرية أو الدينة مستقلة كأنها قارة واحدة ل علقة لا بغيها‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫تكون القبائل ف الشعب أو القاليم ف الملكة كأنها أفلك؛ كل‪ Å‬منها مستقل‪ Å‬ف ذاته‪ ،‬ل‬ ‫‪-4‬‬
‫يربطها بركز نظامها الجتماعي؛ وهو النس أو الدين أو اللك غي مض التجاذب‬
‫الانع من الوقوع ف نظام آخر ل يلئم طبائع حياتها‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫ثم‪ x‬إن‪ x‬التم̈ول لجل الاجات السالفة الذ©كر وبقدرها فقط ممودة بثلثة شروط‪ ،‬وإل& كان‬
‫التمول من أقبح الصال‪:‬‬
‫الشرط الول‪ :‬أن يكون الال بوجه مشروع حلل؛ أي بإحرازه من بذل الطبيعة‪ ،‬أو‬
‫بالعاوضة‪ ،‬أي ف مقابل عمل‪ ،‬أو ف مقابل ضمان على ما تقوم بتفصيله الشرائع الدنية‪.‬‬
‫والشرط الثاني‪ :‬أن ل يكون ف التمول تضييق على حاجيات الغي كاحتكار الضروريات‪ ،‬أو‬
‫مزاحة الصناع والعمال الضعفاء‪ ،‬أو التغ̃لب على الباحات؛ مثل امتلك الراضي الت جعلها خالقها‬
‫مرحا? لكافة ملوقاته‪ ،‬وهي أمهم‬
‫ترضعهم لب جهازاتها‪ ،‬وتغذيهم بثمراتها‪،‬‬
‫وتأويهم ف حضن أجزائها‪ ،‬فجاء‬
‫الستبدون الظالون الولون ووضعوا‬
‫أصول? لمايتها من أبنائها وحالوا بينهما‪.‬‬
‫‪ -‬ق د حا ها أل ف م ستبد‬ ‫مث ل?‬
‫مالي من النكليز‪ ،‬ليتمتعوا بثلثي أو ثلثة أرباع ثرات أتعاب عشرة مليي من البشر الذين خ‪M‬ل‪€‬قوا من‬
‫تربة إيرلندة‪ .‬وهذه مصر وغيها تقرب من ذلك حال? وستفوقها مال?‪ ،‬وكم من البشر ف أوربا التمدنة‪،‬‬
‫وخصوصا? ف لندرة وباريس‪ ،‬ل يد أحدهم أرضا? ينام عليها متمددا?‪ ،‬بل ينامون ف الطبقة السفلى من‬
‫البيوت؛ حيث ل ينام البقر‪ ،‬وهم قاعدون صفوفا? يعتمدون بصدورهم على حبال! من مسد منصوبة أفقية‬
‫يتلوون عليها ينة? ويسرة‪.‬‬
‫وحكومة الصي الختل&ة النظام ف نظر التمدني‪ ،‬ل تيز قوانينها أن يتلك الشخص الواحد‬
‫أكثر من مقدار معي من الرض ل يتجاوز‬
‫العشرين كيلومتا? مربعا?؛ أي نو خسة‬
‫أفدن مصرية أو ثلثة عشر دونا? عثمانيا‪.‬‬
‫وروسيا الستبدة القاسية ف ع‪M‬رف أكثر‬
‫‪ -‬ل و ليتها الب ول وني ة‬ ‫أ خ ي ا?‬
‫الغربية قانونا? أشبه بقانون الصي‪ ،‬وزادت عليه أن‪x‬ها منعت ساع دعوى دين! مسجل على فلح‪ ،‬ول‬
‫تأذن لفلح! أن يستدين أكثر من نو خسمائة فرنك‪ .‬وحكومات الشرق إذا ل تستدرك المر فتضع‬
‫قانونا? من قبيل قانون روسيا‪ ،‬تصبح الراضي الزراعية بعد خسي عاما? أو قرن على الكثر كإيرلندة‬
‫النكليزية السكينة‪ ،‬الت وجدت لا ف مدى ثلثة قرون شخصا? واحدا? حاول أن يرحها فلم ي‪M‬فلح؛‬
‫وأعن به غلدستون‪ ،‬على أن‪ x‬الشرق ربا ل يد ف ثلثي قرنا? من يلتمس له الر‪x‬حة‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫والشرط الثالث لواز التمول‪ ،‬هو‪ :‬أل يتجاوز الال قدر الاجة بكثي‪ ،‬لن إفراط الثروة‬
‫مهلكة للخلق الميدة ف النسان‪ ،‬وهذا معنى الية‪ :‬كل إن‪ x‬النسان ليطغى*أن رآه استغنى‪،‬‬
‫والشرائع السماوية ك̃لها‪ ،‬وكذلك الكمة الخلقية والعمرانية حر‪x‬مت الربا؛ صيانة? لخلق الرابي من‬
‫الفساد‪ ،‬لن‪ x‬الربا‪ :‬هو كسب بدون مقابل مادي؛ ففيه معنى الغصب‪ ،‬وبدون عمل؛ لن‪ x‬الرابي يكسب‬
‫وهو نائم؛ ففيه ال}لفة على البطالة‪ ،‬ومن دون تع̈رض لسائر طبيعية كالتجارة والزراعة والملك؛ ففيه‬
‫النماء الطلق الؤدي لنصار الثروات‪ .‬ومن القواعد القتصادية الت‪x‬فق عليها أن• ليس من كسب ل عار‬
‫ول احتكار فيه أربح من الربا مهما كان معتدل?‪ ،‬وأن‪ x‬بالربا تربو الثروات فيخت̈ل التساوي أو التقارب‬
‫بي الناس‪.‬‬
‫وقد نظر الال&يون وبعض القتصاديي من أنصار الستبداد ف أمر الر©با‪ ،‬فقالوا‪ :‬إن‪ x‬العتدل منه‬
‫نافع‪ ،‬بل ل ب ‪x‬د منه‪ .‬أول?‪ :‬لجل قيام العاملت الكبية‪ ،‬وثانيا?‪ :‬لجل أن‪ x‬النقود الوجودة ل تكفي‬
‫للتداول‪ ،‬فكيف إذا أمسك الكتنزون قسما? منها أيضا?؟! وثالثا?‪ :‬لجل أن‪ x‬كثيين من التمولي ل يعرفون‬
‫طرائق الستباح أو ل يقدرون عليها‪ ،‬كما أن‪ x‬كثي?ا من العارفي بها ل يدون رؤوس أموال ول شركاء‬
‫عنان‪ .‬فهذا النظر صحيح من وجه إناء ثروات بعض الفراد‪ .‬أما السياسيون الشتاكيو البادئ‬
‫والخلقيون‪ ،‬فينظرون إل أن‪ x‬ضرر الثروات الفرادية ف جهور المم أكب من نفعها‪ .‬لنها تك‪¤‬ن‬
‫الستبداد الداخلي‪ ،‬فتجعل الناس صنفي‪ :‬عبيدا? وأسيادا?‪ ،‬وتقوي الستبداد الارجي‪ ،‬فتسه©ل للمم‬
‫الت تغنى بغناء أفرادها التعدي على حرية استقلل المم الضعيفة‪ .‬وهذه مقاصد فاسدة ف نظر الكمة‬
‫والعدالة؛ ولذلك يقتضي تريم الر©با تريا? مغل¿ظا‪.‬‬
‫ف كثيا? عند أهالي الكومات العادلة النتظمة ما ل‬
‫ح‪€‬ر•ص التم̈ول‪ ،‬وهو الطمع القبيح‪ ،‬ي ¨‬
‫يكن فساد الخلق منغلبا? على الهالي‪ ،‬كأكثر المم التمد©نة ف عهدنا؛ لن‪ x‬فساد الخلق يزيد ف اليل‬
‫إل التم̈ول ف نسبة الاجة السرافية‪ ،‬ولكن‪ x‬تصيل الثروة الطائلة ف عهد الكومة العادلة عسي‬
‫جدا?‪ ،‬وقد ل يتأتى إل من طريق الراباة مع المم النحط&ة‪ ،‬أو التجارة الكبية الت فيها نوع احتكار‪،‬‬
‫أو الستعمار ف البلد البعيدة مع الخاطرات‪ ،‬على أن‪ x‬هذه الصعوبة تكون مقرونة بلذة عظيمة من نوع‬
‫لذة من يأكل ما طبخ‪ ،‬أو يسكن ما بنى‪.‬‬
‫وح‪€‬ر•ص التمول القبيح يشت̈د ف رؤوس الناس ف عهد الكومات الستبد©ة؛ حيث يسهل فيها‬
‫تصيل الثروة بالسرقة من بيت الال‪ ،‬وبالتعدي على القوق العامة‪ ،‬وبغصب ما ف أيدي الضعفاء‪،‬‬
‫ورأس مال ذلك هو أن• يتك النسان الد©ين والوجدان والياء جانبا? وينحط¿ ف أخلقه إل ملئمة الستبد‬
‫العظم‪ ،‬أو أحد أعوانه وعماله‪ ،‬ويكفيه وسيلة? أن يتصل بباب أحدهم ويتقر‪x‬ب من أعتابه‪ ،‬ويظهر له‬
‫أن‪x‬ه ف الخلق من أمثاله وعلى شاكلته‪ ،‬ويبهن له ذلك بأشياء من التم̃لق وشهادة الزور‪ ،‬وخدمة‬

‫‪56‬‬
‫الشهوات‪ ،‬والتجسس‪ ،‬والدللة على السلب ونو ذلك‪ .‬ثم‪ x‬قد يطلع هذا النتسب على بعض الفايا‬
‫والسرار الت ياف رجال الستبداد من ظهورها خوفا? حقيقيا? أو وهميا?‪ ،‬فيكسب النتسب رسوخ القدم‬
‫ويصي هو بابا? لغيه‪ ،‬وهكذا يصل على الثروة الطائلة إذا ساعدته الظروف على الثبات طويل‪ .‬وهذا‬
‫أعظم أبواب الثروة ف الشرق والغرب‪ ،‬ويليه الت©جار بالدين‪ ،‬ثم‪ x‬اللهي‪ ،‬ثم‪ x‬الربا الفاحش‪ ،‬وهي بئس‬
‫الكاسب وبئس ما تؤث©ر ف إفساد أخلق المم‪.‬‬
‫وقد ذكر الدققون أن‪ x‬ثروة بعض الفراد ف الكومات العادلة أضر كثيا? منها ف الكومات‬
‫الستبد‪x‬ة؛ لن‪ x‬الغنياء ف الول يصرفون قوتهم الالية ف إفساد أخلق الناس وإخلل الساواة وإياد‬
‫الستبداد‪ ،‬أما الغنياء ف الكومات الستبدة فيصرفون ثروتهم ف الب‪x‬هة والتعاظم إرهابا? للناس‪،‬‬
‫وتعويضا? للسفالة النصبة عليهم بالتغالي الباطل‪ ،‬ويسرفون الموال ف الفسق والفجور‪.‬‬
‫بناءً عليه؛ ثروة هؤلء يتعجلها الزوال؛‬
‫حيث يغصبها القوى منهم من الضعف‪،‬‬
‫وقد يسلبها الستب̈د العظم ف لظة‬
‫وب كل م ة‪ .‬وت ز و ل أي ض ا? –وا ل م د ل – قب ل أ ن‬
‫يتعل&م أصحابها أو ورثتهم كيف ت‪M‬حفظ الثروات‪ ،‬وكيف تنمو‪ ،‬وكيف يستعبدون بها الناس استعبادا‬
‫أصوليا? مستحكما?‪ ،‬كما هو الال ف أوربا التمدنة الهد‪x‬دة بشروط الفوضويي بسبب اليأس من مقاومة‬
‫الستبداد الالي فيها‪.‬‬
‫ومن طبائع الستبداد أن‪x‬ه ل يظهر فيه أثر‪ M‬فقر المة ظهورا? بيانا? إل فجأة? ق}ر‪w‬يب قضاء‬
‫الستبداد نبه‪ .‬وأسباب ذلك أن‪ x‬الناس يقتصدون ف النسل‪ ،‬وتكثر وفياتهم‪ ،‬ويكثر تغربهم‪ ،‬ويبيعون‬
‫أملكهم من الجانب‪ ،‬فتتقل&ص الثروة‪ ،‬وتكثر النقود بي اليدي‪ .‬وبئست من ثروة ونقود تشبه نشوة‬
‫الذبوح‪.‬‬
‫ولنرجع إل بث طبيعة الستبداد ف مطلق الال فأقول‪ :‬إن‪ x‬الستبداد يعل الال ف أيدي‬
‫الناس عرضة? لسلب الستبد وأعوانه وعماله غصبا?‪ ،‬أو بجةٍ باطلة‪ ،‬وعرضة? أيضا? لسلب العتدين من‬
‫اللصوص والتالي الراتعي ف ظل© أمان الدارة الستبدادية‪ .‬وحيث الال ل ي‪M‬حص‪w‬ل إل بالشق&ة‪ ،‬فل‬
‫تتار النفوس القدام على التاعب مع عدم الن© على النتفاع بالثمرة‪.‬‬
‫ح‪€‬ف¡ظ} الال ف عهد الدارة الستبدة أصعب من كسبه؛ لن‪ x‬ظهور أثره على صاحبه ملبة لنواع‬
‫البلء عليه‪ ،‬ولذلك ي‪M‬ضطر الناس زمن الستبداد لخفاء نعمة ال والتظاهر بالفقر والفاقة‪ ،‬ولذا ورد ف‬
‫أمثال ال}سراء أن‪ x‬حفظ درهم من الذهب يتاج إل قنطار من العقل‪ ،‬وأن‪ x‬العاقل من يفي ذهبه وذهابه‬
‫ومذهبه‪ ،‬وأن‪ x‬أسعد الناس الصعلوك الذي ل يعرف الك&ام ول يعرفونه‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫ومن طبائع الستبداد‪ ،‬أن‪ x‬الغنياء أعداؤه فكرا? وأوتاده عمل?‪ ،‬فهم ربائط الستبد©‪ ،‬يذ̃لهم‬
‫فيئنون‪ ،‬ويستدرهم فيحنون‪ ،‬ولذا يرسخ الذ̈ل ف المم الت يكثر أغنياؤها‪ .‬أما الفقراء فيخافهم الستبد‬
‫خوف النعجة من الذئاب‪ ،‬ويتحبب إليهم ببعض العمال الت ظاهرها الرأفة‪ ،‬يقصد بذلك أن يغصب‬
‫أيضا? قلوبهم الت ل يلكون غيها‪ .‬والفقراء كذلك يافونه خوف دناءةٍ ونذالة‪ ،‬خوف البغاث من‬
‫العقاب‪ ،‬فهم ل يسرون على الفتكار فضل? عن النكار‪ ،‬كأنهم يتوه‪x‬مون أن‪ x‬داخل رؤوسهم جواسيس‬
‫عليهم‪ .‬وقد يبلغ فساد الخلق ف الفقراء أن يسرهم فعل? رضاء الستبد© عنهم بأي© وجهٍ كان رضاؤه‪.‬‬
‫وقد خالف الخلقيون التأخ©رون أسلفهم ف قولم‪ ،‬ليس الفقراء بعيب‪ ،‬فقالوا‪ :‬الفقر أبو‬
‫العائب؛ لنه مفتقرٌ للغي‪ ،‬والغناء استغناءٌ عن الناس‪ ،‬ثم‪ x‬قالوا‪ :‬الفقر يذهب بعزة النفس‪ ،‬ويفضي إل‬
‫خلع الياء‪ ،‬وقالوا‪ :‬إن‪ x‬لسن اللباس والمتعة والتنعم ف العيشة تأثيا? مهما? على نفوس البشر‪،‬‬
‫خلفا? لن يقول‪ :‬ليس الرء بطيلسانه‪ ،‬وحديث )اخشوشنوا‪ ،‬فإن النعم ل تدوم( هو لنه يمل على‬
‫التعود جسما? على الشاق ف الروب والسفار وعند الاجة‪ .‬فقالوا‪ :‬إن‪ x‬رغد العيش ونعيمه لن أعظم‬
‫الاجات‪ ،‬به تعلو المم‪ ،‬ولجله ت‪M‬قت‪w‬حم العظائم‪.‬‬
‫ي‪M‬قال ف مدح الال‪ :‬إن‪ x‬ما ي̈ل الشكلت الزمان والال‪ .‬القوة كانت للعصبية‪ ،‬ثم‪ x‬صارت‬
‫للعلم‪ ،‬ثم‪ x‬صارت للمال‪ .‬العلم والال ي‪M‬طيلن عمر النسان؛ حيث يعلن شيخوخته كشبابه‪ .‬ل ي‪M‬صان‬
‫الشرف إل بالدم‪ ،‬ول يتأتى الع̈ز إل بالال‪ .‬وقد مضى مد الرجال وجاء مد الال‪ .‬وورد ف الثر‪ :‬إن‬
‫ي من اليد السفلى‪ .‬وأن‪ x‬الغن الشاكر أفضل من الفقي الصابر‪ .‬ول يكن قديا? أهمية للثروة‬
‫اليد العليا خ ٌ‬
‫العمومية‪ ،‬أما الن وقد صارت الاربات مض مغالبة وعلم ومال‪ ،‬فأصبح للثروة العمومية أهمية‬
‫عظمى لجل حفظ الستقلل‪ ،‬على أن‪ x‬المم الأسورة ل نصيب لا من الثروة العمومية‪ ،‬بل منزلتها ف‬
‫التمع النساني كأنعام تتناقلها اليدي‪ ،‬ول تعارض هذه القاعدة ثروة اليهود؛ لنها ثروة غي‬
‫مزاحي عليها‪ ،‬لنها فيما يقوله أعداؤه فيها‪ :‬ثروة رأسالا الناموس‪ ،‬ومصرفها اللهي والقامرة‬
‫والربا والغش والضاربات‪ ،‬ول يلو هذا القول من التحامل عليهم حسدا? من يقدمون إقدامهم ول‬
‫ينالون منالم‪.‬‬
‫هذا وللمال الكثي آفات على الياة الشريفة ترتعد منها فرائص أهل الفضيلة والكمال‪ ،‬الذين‬
‫يفضلون الكفاف من الر©زق مع حفظ الرية والشرف على امتلك دواعي التف والسرف‪ ،‬وينظرون إل‬
‫الال الزائد عن الاجة الكمالية أنه بلء ف بلء ف بلء؛ أي أنه بلءٌ من حيث الفتكار بإنائه‪ ،‬وأما‬
‫الكتفي فيعيش مطمئنا? مستيا? أمينا? بعض المن على دينه وشرفه وأخلقه‪.‬‬
‫قرر الخلقيون أن‪ x‬النسان ل يكون حر?ا تاما? ما ل تكن له صنعة مستقل‪ Å‬فيها؛ أي غي‬
‫مرؤوس لحد‪ ،‬لن حريته الشخصية تكون تابعة لرتباطه بالرؤساء‪ .‬وعليه تكون أقبح الوظائف هي‬

‫‪58‬‬
‫وظائف الكومة‪ .‬وقالوا‪ :‬إن‪ x‬للصنعة تأثي?ا ف الخلق والميال‪ ،‬وهي من أصدق ما ي‪M‬ست‪w‬د̈ل به على‬
‫أحوال الفراد والقوام‪ .‬فالوظفون ف الكومة مثل? يفقدون الشفقة والعواطف العالية تبعا? لصنعتهم الت‬
‫من مقتضاها عدم الشعور بتبعة أعمالم‪ ،‬وقال الكماء‪ :‬إن‪ x‬العاجز يمع الال بالتقتي‪ ،‬والكريم‬
‫يمعه بالكسب‪ ،‬وقالوا‪ :‬إن‪ x‬أقل كسب يرضى به العاقل ما يكفي معاشه باقتصاد‪ ،‬وقالوا‪ :‬خي الال‬
‫ما يكفي صاحبه ذل القلة وطغيان الكثرة‪ .‬وهذا معنى الديث )فاز الخففون( وحديث )اسألوا ال‬
‫الكفاف من الرزق(‪ .‬وي‪M‬قال‪ :‬الغنى غنى القلب‪ ،‬والغن من قل¿ت حاجته‪ ،‬والغن من استغنى عن‬
‫الناس‪ .‬وقال بعض الكماء‪ :‬ك̈ل إنسان! فقي بالطبع ينقصه مثل ما يلك‪ ،‬فمن يلك عشرة يرى نفسه‬
‫متاجا? لعشرة أخرى‪ ،‬ومن يلك ألفا? يرى نفسه متاجا? للفٍ أخرى‪ .‬وهذا معنى الديث‪) :‬لو كان‬
‫لبن آدم وادٍ من ذهب أحب‪ x‬أن يكون له واديان(‪.‬‬
‫ول يقصد الخلقيون من التزهيد ف الال التثبيط عن كسبه‪ ،‬إنا يقصدون أن ل يتجاوز كسبه‬
‫بالطرائق الطبيعية الشريفة‪ .‬أما السياسيون فل يهمهم إل أن تستغن الرعية بأي وسيلة كانت‪،‬‬
‫والغربيون منهم ي‪M‬عينون المة على الكسب ليشاركوها‪ ،‬والشرقيون ل يفتكرون ف غي سلب الوجود‪،‬‬
‫وهذه من جلة الفروق بي الستبدادين الغربي والشرقي‪ ،‬الت منها أن‪ x‬الستبداد الغربي يكون أحكم‬
‫وأرسخ وأشد وطأة?‪ ،‬ولكن•؛ مع الل&ي‪ ،‬والشرقي يكون مقلقل? سريع الزوال‪ ،‬ولكنه يكون مزعجا‪ .‬ومنها‬
‫أن‪ x‬الستبداد الغربي إذا زال تبدل بكومة عادلة ت‪M‬قيم ما ساعدت الظروف أن تقيم‪ ،‬أما الشرقي فيزول‬
‫ويلفه استبداد شر‪ Å‬منه؛ لن‪ x‬من دأب الشرقيي أن ل يفتكروا ف مستقبل قريب‪ ،‬كأن‪ x‬أكب همهم‬
‫منصرف إل ما بعد الوت فقط‪ ،‬أو أنهم مبتلون بقصر النظر‪.‬‬
‫وخلصة القول‪ :‬إن‪ x‬الستبداد داءٌ أش̈د وطأة? من الوباء‪ ،‬أكثر هول? من الريق‪ ،‬أعظم تريبا‬
‫من السيل‪ ،‬أذ̈ل للنفوس من السؤال‪ .‬داءٌ إذا نزل بقوم! سعت أرواحهم هاتف السماء ينادي القضاء‬
‫القضاء‪ ،‬والرض تناجي ربها بكشف البلء‪ .‬الستبداد عهدٌ؛ أشقى الناس فيه العقلء والغنياء‪،‬‬
‫وأسعدهم بحياه الهلء والفقراء‪ ،‬بل أسعدهم أولئك الذين يتعجلون الوت فيحسدهم الحياء‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫الستبداد والخلق‬

‫الستبداد يتصر‪x‬ف ف أكثر الميال الطبيعية والخلق السنة‪ ،‬في‪M‬ضعفها‪ ،‬أو ي‪M‬فسدها‪ ،‬أو‬
‫يحوها‪ ،‬فيجعل النسان يكفر ب ‪€‬نع‪w‬م موله؛ لنه ل يلكها حق اللك ليحمده عليها حق المد‪،‬‬
‫ويعله حاقد?ا على قومه؛ لنهم عونٌ لبلء الستبداد عليه‪ ،‬وفاقدا? حب وطنه؛ لن‪x‬ه غي آمن على‬
‫الستقرار فيه‪ ،‬ويو̈د لو انتقل منه‪ ،‬وضعيف الب© لعائلته؛ لنه يعلم منهم أن‪x‬هم مثله ل يلكون‬
‫التكافؤ‪ ،‬وقد ي‪M‬ضطرون لضرار صديقهم‪ ،‬بل وقتله وهم باكون‪ .‬أسي‪ M‬الستبداد ل يلك شيئا? ليحرص‬
‫على حفظه؛ لن‪x‬ه ل يلك مال? غي معر‪x‬ض للسلب ول شرفا? غي معر‪x‬ض للهانة‪ .‬ول يلك الاهل منه‬
‫آمال? مستقبلة ليتبعها ويشقى كما يشقى العاقل ف سبيلها‪.‬‬
‫وهذه الال تعل السي ل يذوق ف الكون لذة? نعيم‪ ،‬غي بعض اللذات البهيمية‪ .‬بناءً عليه؛‬
‫يكون شديد الرص على حياته اليوانية وإن• كانت تعيسة‪ ،‬وكيف ل يرص عليها وهو ل يعرف‬
‫غيها؟! أين هو من الياة الدبية؟! أين هو من الياة الجتماعية؟! أم‪x‬ا الحرار فتكون منزلة حياتهم‬
‫اليوانية عندهم بعد مراتب عديدة‪ ،‬ول يعرف ذلك إل من كان منهم‪ ،‬أو كشف عن بصيته‪.‬‬
‫ومثال السراء ف حرصهم على حياتهم الشيوخ‪ ،‬فإن‪x‬هم عندما تسي حياتهم ك̃لها أسقاما? وآلما‬
‫ويقربون من أبواب القبور‪ ،‬يرصون على حياتهم أكثر من الشباب ف مقتبل العمر‪ ،‬ف مقتبل اللذ‪ ،‬ف‬
‫مقتبل المال‪.‬‬
‫الستبداد يسلب الراحة الفكرية‪ ،‬فيضن الجسام فوق ضناها بالشقاء‪ ،‬فتمرض العقول‪،‬‬
‫ويت̈ل الشعور على درجات متفاوتة ف الناس‪ .‬والعوام الذين هم قليلو الادة ف الصل قد يصل مرضهم‬
‫العقلي إل درجة قريبة من عدم التمييز بي الي والشر‪ ،‬ف كل© ما ليس من ضروريات حياتهم‬
‫اليوانية‪ .‬ويصل تس̃فل إدراكهم إل أن‪ x‬مرد آثار الب‪x‬هة والعظمة الت يرونها على الستبد وأعوانه‬
‫تبهر أبصارهم‪ ،‬ومرد ساع ألفاظ التفخيم ف وصفه وحكايات قوته وصولته يزيغ أفكارهم‪ ،‬فيون‬

‫‪60‬‬
‫ويفكرون أن‪ x‬الدواء ف الداء‪ ،‬فينصاعون بي يدي الستبداد انصياع الغنم بي أيدي الذئاب؛ حيث هي‬
‫تري على قدميها جاهدة? إل مقر© حتفها‪.‬‬
‫ولذا كان الستبداد يستولي على تلك العقول الضعيفة فضل? عن الجسام فيفسدها كما يريد‪،‬‬
‫ويتغل&ب على تلك الذهان الضئيلة‪ ،‬فيشوش فيها القائق‪ ،‬بل البديهيات كما يهوى‪ ،‬فيكون م‪w‬ث‪w‬ل}هم ف‬
‫انقيادهم العمى للستبداد ومقاومتهم للرشد والرشاد‪ ،‬مثل تلك الوام الت تتامى على النار‪ ،‬وكم هي‬
‫تغالب من يريد حجزها على اللك‪ .‬ول غرابة ف تأثي ضعف الجسام على الضعف ف العقول‪ ،‬فإن‬
‫ف الرضى وخف&ة عقولم‪ ،‬وذوي العاهات ونقص إدراكهم‪ ،‬شاهدا? بينا? كافيا? ي‪M‬قاس عليه نقص عقول‬
‫ال}سراء البؤساء بالنسبة إل الحرار السعداء‪ ،‬كما يظهر الال أيضا? بأقل فرق بي الفئتي‪ ،‬من الفرق‬
‫البين ف قوة الجسام وغزارة الدم واستحكام الصحة وجال اليئات‪.‬‬
‫ربا يستيب الطالع اللبيب الذي ل ي‪M‬تعب فكره ف درس طبيعة الستبداد‪ ،‬من أن‪ x‬الستبداد‬
‫الشؤوم كيف يقوم على قلب القائق‪ ،‬مع أن‪x‬ه إذا دق&ق النظر يتجلى له أن‪ x‬الستبداد يقلب القائق ف‬
‫الذهان‪ .‬يرى أن‪x‬ه كم مك&ن بعض القياصرة واللوك الولي من التلعب بالديان تأييدا? لستبدادهم‬
‫فات‪x‬بعهم الناس‪ .‬ويرى أن‪ x‬الناس وضعوا الكومات لجل خدمتهم‪ ،‬والستبداد قلب الوضوع‪ ،‬فجعل‬
‫الرعية خادمة للرعاة‪ ،‬فقبلوا وقنعوا‪ .‬ويرى أن‪ x‬الستبداد ما ساقهم إليه من اعتقاد أن‪ x‬طالب الق‬
‫فاجرٌ‪ ،‬وتارك حق&ه مطيع‪ ،‬والشتكي التظل‪¤‬م مفسد‪ ،‬والنبيه الدقق ملحد‪ ،‬والامل السكي صال أمي‪.‬‬
‫وقد ات‪x‬بع الناس الستبداد ف تسميته النصح فضول?‪ ،‬والغية عداوة‪ ،‬والشهامة عتوا?‪ ،‬والمية حاقة‪،‬‬
‫والرحة مرضا?‪ ،‬كما جاروه على اعتبار أن‪ x‬الن©فاق سياسة‪ ،‬والتح̈يل كياسة‪ ،‬والدناءة لطف‪ ،‬والنذالة‬
‫دماثة‪.‬‬
‫ول غرابة ف ت̃كم الستبداد على القائق ف أفكار البسطاء‪ ،‬إنا الغريب إغفاله كثي?ا من‬
‫العقلء‪ ،‬ومنهم جهور الؤر©خي الذين ي‪M‬سمون الفاتي الغالبي بالر©جال العظام‪ ،‬وينظرون إليهم نظر‬
‫الجلل والحتام لرد أن‪x‬هم كانوا أكثر ف قتل النسان‪ ،‬وأسرفوا ف تريب العمران‪ .‬ومن هذا القبيل‬
‫ف الغرابة إعلء الؤر©خي قدر من جاروا الستبدين‪ ،‬وحازوا القبول والوجاهة عند الظالي‪ .‬وكذلك‬
‫افتخار الخلق بأسلفهم الرمي الذين كانوا من هؤلء العوان الشرار‪.‬‬
‫وقد يظ̈ن بعض الناس أن‪ x‬للستبداد حسناتٍ مفقودة ف الدارة الرة‪ ،‬فيقولون مثل?‪ :‬الستبداد‬
‫يلين الطباع ويلط‪¤‬فها‪ ،‬وال̈ق أن‪ x‬ذلك يصل فيه عن فقد الشهامة ل عن فقد الشراسة‪ .‬ويقولون‪:‬‬
‫الستبداد ي‪M‬عل‪¤‬م الصغي الاهل حسن الطاعة والنقياد للكبي الب‪ ،‬وال̈ق أن‪ x‬هذا فيه عن خوف‬
‫وجبانة ل عن اختيار! وإذعان‪ .‬ويقولون‪ :‬هو يربي النفوس على العتدال والوقوف عند الدود‪ ،‬والق‬
‫أن• ليس هناك غي انكماش! وتقهقر‪ .‬ويقولون‪ :‬الستبداد يقلل الفسق والفجور‪ ،‬وال̈ق أن‪x‬ه عن فقر‬

‫‪61‬‬
‫وعجر‪ ،‬ل عن عف&ةٍ أو دين‪ .‬ويقولون‪ :‬هو يقلل التعديات والرائم‪ ،‬وال̈ق أن‪x‬ه ينع ظهورها ويفيها‪،‬‬
‫فيق̈ل تعديدها ل عدادها‪.‬‬
‫الخلق أثار بذرها الوراثة‪ ،‬وتربتها التبية‪ ،‬وس‪M‬قياها العلم‪ ،‬والقائمون عليها هم رجال‬
‫الكومة‪ ،‬بناءً عليه؛ تفعل السياسة ف أخلق البشر ما تفعله العناية ف إناء الشجر‪.‬‬
‫نعم‪ :‬القوام كالجام‪ ،‬إن ‪M‬تر›كت مهملة تزاحت أشجارها وأفلذها‪ ،‬وسق}م أكثرها‪ ،‬وتغل¿ب‬
‫قويها على ضعيفها فأهلكه‪ ،‬وهذا مثل القبائل التوح©شة‪ .‬وإن صادفت بستانيا? يهمه بقاؤها وزهوها‬
‫فدبرها حسبما تطلبه طباعها‪ ،‬قويت وأينعت وحس‪M‬نت ثارها‪ ،‬وهذا مثل الكومة العادلة‪ .‬وإذا ب‪M‬ليت‬
‫ببستاني‪ Í‬جدير بأن يسمى حط&ابا? ل يعنيه إل عاجل الكتساب‪ ،‬أفسدها وخربها‪ ،‬وهذا مثل الكومة‬
‫الستبدة‪ .‬ومتى كان الط&اب غريبا? ل ي‪M‬خلق من تراب تلك الديار وليس له فيها فخار ول يلحقه منها‬
‫عار‪ ،‬إنما همه الصول على الفائدة العاجلة ولو باقتلع الصول‪ ،‬فهناك الط&امة وهناك البوار‪ .‬فبناء‬
‫على هذا الثال‪ ،‬يكون ف‪€‬عل‪ M‬الستبداد ف أخلق المم ف‪€‬عل ذلك الط&اب الذي ل ي‪M‬رجى منه غي‬
‫الفساد‪.‬‬
‫ل تكون الخلق أخلقا? ما ل تكن ملكة م‪M‬طردة على قانون فطري تقتضيه أول? وظيفة النسان‬
‫نو نفسه؛ وثانيا? وظيفته نو عائلته؛ وثالثا? وظيفته نو قومه؛ ورابعا? وظيفته نو النسانية؛ وهذا‬
‫القانون هو ما يسمى عند الناس بالناموس‪.‬‬
‫ومن أين لسي الستبداد أن يكون صاحب ناموس‪ ،‬وهو كاليوان الملوك العنان‪ ،‬ي‪M‬قاد حيث‬
‫ي‪M‬راد‪ ،‬ويعيش كالريش‪ ،‬يهب¨‪ ،‬حيث يهب¨ الريح‪ ،‬ل نظام ول إرادة؟ وما هي الرادة؟ هي أ̈م الخلق‪،‬‬
‫هي ما قيل فيها تعظيما? لشأنها‪ :‬لو جازت عبادة غي ال لختار العقلء عبادة الرادة! هي تلك الصفة‬
‫الت تفصل اليوان عن النبات ف تعريفه بأنه متحرك بالرادة‪ .‬فالسي‪ ،‬إذن‪ ،‬دون اليوان لنه‬
‫يتحرك بإرادة غيه ل بإرادة نفسه‪ .‬ولذا قال الفقهاء‪ :‬ل نية للرقيق ف كثي من أحواله‪ ،‬إنا هو تابع‬
‫لنية موله‪ .‬وقد ي‪M‬عذر السي على فساد أخلقه؛ لن‪ x‬فاقد اليار غي مؤاخذ عقل? وشرعا?‪.‬‬
‫أسي الستبداد ل نظام ف حياته‪ ،‬فل نظام ف أخلقه‪ ،‬قد يصبح غنيا? فيضحي شجاعا? كريا?‪،‬‬
‫وقد يسي فقي?ا فيبيت جبانا? خسيسا?‪ ،‬وهكذا ك̈ل شؤونه تشبه الفوضى ل ترتيب فيها‪ ،‬فهو يتبعها‬
‫بل وجهة‪ .‬أليس السي قد ي‪M‬رهق‪ ،‬ويسيء كثي?ا في‪M‬عفى‪ ،‬وقليل? في‪M‬شنق‪ ،‬ويوع يوما? فيضوى‪،‬‬
‫ويصب يوما? فيتخم‪ ،‬يريد أشياء في‪M‬من‪w‬ع‪ ،‬ويأبى شيئا? في‪M‬رغم؟! وهكذا يعيش كما تقتضيه ال̈صدف أن‬
‫يعيش‪ ،‬ومن كانت هذه حاله كيف يكون له أخلق‪ ،‬وإن• وجد ابتداء يتعذر استمراره عليه؟! ولذا ل‬
‫توز الكمة ال}كم‪ w‬على السراء بي! أو شر‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫أق̈ل ما يؤثره الستبداد ف أخلق الناس‪ ،‬أن‪x‬ه يرغم حتى الخيار منهم على إلفة الرياء والنفاق‬
‫ولبئس السيئتان‪ ،‬وإنه يعي الشرار على إجراء غي نفوسهم آمني من كل© تبعة ولو أدبية‪ ،‬فل اعتاض‬
‫ول انتقاد ول افتضاح‪ ،‬لن‪ x‬أكثر أعمال الشرار تبقى مستورة‪ ،‬يلقي عليها الستبداد رداء خوف الناس‬
‫من تبعة الشهادة على ذي شر وعقبى ذكر الفاجر با فيه‪ .‬ولذا‪ ،‬شاعت بي السراء قواعد كثية‬
‫باطلة كقولم‪ :‬إذا كان الكلم من فضة فالسكوت من ذهب‪ ،‬وقولم‪ :‬البلء موكولٌ بالنطق‪ .‬وقد تغال‬
‫وعاظهم ف س ©د أفواههم حتى جعلوا لم أمثال هذه القوال من ال‪€‬ك‪¢‬م النبوية‪ ،‬وكم هجوا لم الجو‬
‫ب ال} الهر بالسوء من القول‪ ‬ويغفلون بقية الية‪ ،‬وهي‪ :‬إل‬
‫والغيبة بل قيد‪ ،‬فهم يقرؤون‪ :‬ل ي ¨‬
‫من ظ}ل‪€‬م‪.‬‬
‫أقوى ضابط للخلق النهي عن النكر بالنصيحة والتوبيخ؛ أي برص الفراد على حراسة‬
‫نظام الجتماع‪ ،‬وهذه الوظيفة غي مقدور عليها ف عهد الستبداد لغي ذوي النعة وقليل ما هم‪ ،‬وقليل‬
‫ما يفعلون‪ ،‬وقليل? ما يفيد نهيهم؛ لنه ل يكنهم توجيهه لغي الستضعفي الذين ل يلكون ضررا? ول‬
‫نفعا?‪ ،‬بل ول يلكون من أنفسهم شيئا?‪ ،‬ولن‪x‬ه ينحصر موضوع نهيهم فيما ل تفى قباحته على أحد‬
‫من الرذائل النفسية الشخصية فقط‪ ،‬ومع‬
‫ذلك فالسور ل يرى ب‪M‬د?ا من الستثناء‬
‫الخل© للقواعد العامة كقوله‪ :‬السرقة‬
‫قبيحة إل إذا كانت استدادا? منها‪ ،‬والكذب‬
‫حرام إل للمظلوم‪ .‬والوظ¿فون ف عهد‬
‫‪-‬‬ ‫م طل ق ا?‬
‫ول أقول غالبا?‪ ،‬من النافقي الذين نالوا الوظيفة بالتمل&ق‪ ،‬وما أبعد هؤلء عن التأثي‪ ،‬لن‪ x‬النصح الذي‬
‫ل إخلص فيه هو بذر عقيم ل ينبت‪ ،‬وإن• نبت كان رياءً كأصله‪ ،‬ثم‪ x‬إن‪ x‬ال̈نصح ل يفيد شيئا? إذا ل‬
‫يصادف أذنا? تتطل&ب ساعه؛ لن‪ x‬النصيحة وإن كانت عن إخلص فهي ل تتجاوز ح‪M‬ك¡م‪ w‬البذر الي‪:‬‬
‫إن• أ}لقي ف أرض! صالة نبت‪ ،‬وإن أ}لقي ف أرض! قاحلة مات‪.‬‬
‫أما النهي عن النكرات ف الدارة الرة‪ ،‬فيمكن لكل© غيور! على نظام قومه أن يقوم به بأمان‬
‫وإخلص‪ ،‬وأن يوج©ه سهام قوارصه على الضعفاء والقوياء سواء‪ ،‬فل يص¨ بها الفقي الروح‬
‫الفؤاد‪ ،‬بل تستهدف أيضا? ذوي الشوكة والعناد‪ .‬وأن• يوض ف كل© وادٍ حتى ف مواضيع تفيف ال̃ظلم‬
‫ومؤاخذة ال}ك&ام‪ ،‬وهذا هو النصح النكاري الذي ي‪M‬عدي وي‪M‬جدي‪ ،‬والذي أطلق عليه النب عليه السلم‬
‫اسم )الدين( تعظيما? لشأنه‪ ،‬فقال‪" :‬الدين النصيحة"‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫ل&ا كان ضبط} أخلق الطبقات العليا من الناس أهم المور‪ ،‬أطلقت المم الرة حرية الطابة‬
‫والتأليف والطبوعات مستثنية? القذف فقط‪ ،‬ورأت أن تمل مضر‪x‬ة الفوضى ف ذلك خي التحديد؛ لن‪x‬ه‬
‫ل مانع للحك&ام أن• يعلوا الشعرة من التقييد سلسلة من حديد‪ ،‬وينقون بها عدوتهم الطبيعة‪ ،‬أي‬
‫الرية‪ .‬وقد حى القرآن قاعدة الطلق بقوله الكريم‪ :‬ول ي‪M‬ضا̈ر كاتبٌ ول شهيد‪.‬‬

‫الصال تنقسم إل ثلثة أنواع‪:‬‬


‫ا لول‪ :‬ال صال ال سنة الطبيع ية‪ ،‬كال صدق والما نة والمة والداف عة والر حة‪ ،‬والقبي حة‬
‫الطبيعية كالرياء والعتداء والبانة والقسوة‪ ،‬وهذا القسم تضافرت عليه ك̈ل الطبائع والشرائع‪.‬‬
‫والنوع الثاني‪ :‬الصال الكمالية الت جاءت بها الشرائع اللامية‪ ،‬كتحسي اليثار والعفو‬
‫وتقبيح الزنى والطمع؛ وهذا القسم يوجد فيه ما ل تدرك ك̈ل العقول حكمته أو حكمة تعميمه‪ ،‬فيمثله‬
‫النتسبون للدين احتاما? أو خوفا‪.‬‬
‫والنوع الثالث‪ :‬الصال العتيادية‪ ،‬وهي ما يكتسبه النسان بالوراثة أو بالتبية أو باللفة‪،‬‬
‫فيستحسن أو يستقبح على حسب أمياله ما ل ي‪M‬ضطر إل التحول عنها‪.‬‬
‫ثم‪ x‬إن‪ x‬التدقيق يفيد أن‪ x‬القسام تشتبك‬
‫وتشتك ويؤثر بعضها ف بعض‪ ،‬فيصي‬
‫مموعها تت تأثي اللفة الديدة‪ ،‬بيث‬
‫ك̈ل خصلة منها ترسخ أو تتزلزل‪ ،‬حسبما‬
‫يصادفها من استمرار اللفة أو انقطاعها‪،‬‬
‫ف ا لر ة‬ ‫‪ -‬ل ي ستن ك ر شني عت ه‬
‫الثانية كما استقبحها ف نفسه ف الول‪ ،‬وهكذا يف¨ الرم ف وهمه‪ ،‬حتى يصل إل درجة التلذذ‬
‫بالقتل‪ ،‬كأنه حق‪ Å‬طبيعي له‪ ،‬كما هي حالة البارين وغالب السياسيي‪ ،‬الذين ل ترت̈ج ف أفئدتهم‬
‫عاطفة رحة عند قتلهم أفراد?ا أو أما? لغاياتهم السياسية‪ ،‬إهراقا? بالسيف أو إزهاقا? بالقلم‪ ،‬ول فرق بي‬
‫القتل بقطع الوداج وبي الماتة بإيراث الشقاء غي التسريع والبطاء‪.‬‬
‫أسي الستبداد العريق فيه يرث شر‪ x‬الصال‪ ،‬ويتبى على أشر©ها‪ ،‬ول ب ‪x‬د أن يصحبه بعضها‬
‫مدى العمر‪ .‬بناءً عليه؛ ما أبعده عن خصال الكمال! ويكفيه مفسدة? لكل© الصال الطبيعية والشرعية‬
‫والعتيادية تلبسه بالرياء اضطرارا? حتى ل يألفه ويصي م‪w‬ل‪¢‬كة? فيه‪ ،‬فيفقد بسبب ثقته نفسه بنفسه‪ ،‬لن‪x‬ه‬
‫ل يد خ‪M‬ل}قا? مستقرا? فيه‪ ،‬فل يكنه‪ ،‬مثل?‪،‬‬
‫أن يزم بأمانته‪ ،‬أو يضمن ثباته على أمر‬

‫‪64‬‬
‫من المور‪ ،‬فيعيش سيئ الظن ف حق‬
‫ذاته متدد?ا ف أعماله‪ ،‬لواما? نفسه على‬
‫إهماله شؤونه‪ ،‬شاعرا? بفتور هم‪x‬ته ونقص‬
‫مروءته‪ ،‬ويبقى طول عمره جاهل? مورد‬
‫ه ذا ا لل ل‪ ،‬فيت‪x‬ه م ا لال ق‪ ،‬وا لال ق‪– M‬ج ل‬
‫شأنه‪ -‬ل ي‪M‬نقصه شيئا?‪ .‬ويت‪x‬هم تارة? دينه‪ ،‬وتارة? تربيته‪ ،‬وتارة? زمانه‪ ،‬وتارة? قومه‪ ،‬والقيقة بعيدة عن‬
‫كل© ذلك‪ ،‬وما القيقة غي أنه خ‪M‬لق حر?ا فأ}سر‪.‬‬
‫أجع الخلقيون على أن‪ x‬التلب©س‬
‫بشائبةٍ من أصول القبائح اللقية ل يكنه‬
‫أن يقطع بسلمة غيه منها‪ ،‬وهذا معنى‪:‬‬
‫"إذا ساءت ف‪€‬عال الرء ساءت ظنونه"‪.‬‬
‫‪ -‬لي س م ن شأن ه أ ن ي ظ ن‬ ‫مث ل?‬ ‫–‬
‫الباءة ف غيه من شائبة الرياء‪ ،‬إل& إذا ب‪w‬ع‪M‬د‪ w‬تشابه النشأة بينهما ب‪M‬عدا? كبيا?‪ ،‬كأن يكون بينهما مغايرة‬
‫ف النس أو الدين أو تفاوت مهم‪ Å‬ف النزلة كصعلوك وأمي كبي‪ .‬ومثال ذلك الشرقي الائن‪ ،‬يأمن‬
‫الفرني ف معاملته‪ ،‬ويثق بوزنه وحسبانه‪ ،‬ول يأمن ويثق بابن جلدته‪ .‬وكذلك الفرني الائن قد‬
‫يأمن الشرقي‪ ،‬ول يأمن مطلقا? ابن جنسه‪ .‬وهذا الكم صادق على عكس القضية أيضا?؛ أي أن‪ x‬المي‬
‫يظ̈ن الناس أمناء خصوصا? أشباهه ف النشأة‪ ،‬وهذا معنى "الكريم ي‪M‬خد‪w‬ع"‪ ،‬وكم يذهل المي ف نفسه‬
‫عن ات©باع حكمة الزم ف إساءة الظن© ف مواقعه اللزمة‪.‬‬
‫إذا علمنا أن‪ x‬من طبيعة الستبداد ألفة‬
‫الناس بعض الخلق الرديئة‪ ،‬وأن‪ x‬منها ما‬
‫ي‪M‬ضعف الثقة بالنفس‪ ،‬علمنا سبب قلة‬
‫أهل العمل وأهل العزائم ف السراء‪،‬‬
‫وعلمنا أيضا? حكمة فقد ال}سراء ثقتهم‬
‫بعضهم ببعض‪ .‬فينتج من ذلك أن‪ x‬ال}سراء‬
‫ف‬ ‫‪ -‬م ن ث ر ة ا ل ش تا ك‬ ‫طب ع ا?‬
‫أعمال الياة‪،‬يعيشون مساكي بائسي متواكلي متخاذلي متقاعسي متفاشلي‪ ،‬والعاقل الكيم ل‬
‫يلومهم‪ ،‬بل يشفق عليهم‪ ،‬ويلتمس لم مرجا‪ .‬ويتبع أثر أحكم الكماء القائل‪ :‬رب© ارحم قومي‪،‬‬
‫فإنهم ل يعلمون"‪" ،‬اللهم اهد‪ €‬قومي‪ ،‬فإنهم ل يعلمون"‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫وهنا أستوقف الطالع وأستلفته إل التأمل ف ما هي ثرة الشتاك الت يرمها السراء‪،‬‬
‫فأذكره بأن‪ x‬الشتاك هو أعظم سر‪ Í‬ف الكائنات‪ ،‬به قيام كل© شيء ما عدا ال وحده‪ .‬به قيام الجرام‬
‫السماوية؛ به قيام كل© حياة؛ به قيام الواليد؛ به قيام الجناس والنواع؛ به قيام المم والقبائل؛ به‬
‫قيام العائلت؛ به تعاون العضاء‪ .‬نعم‪ ،‬الشتاك فيه س̈ر تضاعف القوة بنسبة ناموس التبيع؛ فيه‬
‫س̈ر الستمرار على العمال الت ل تفي بها أعمار الفراد‪ .‬نعم؛ الشتاك هو الس̈ر ك̈ل السر ف ناح‬
‫المم التمدنة‪ .‬به أكملوا ناموس حياتهم القومية‪ ،‬به ضبطوا نظام حكوماتهم‪ ،‬به قاموا بعظائم المور‪،‬‬
‫به نالوا كل ما يغبطهم عليه أ}سراء الستبداد الذين منهم العارفون بقدر الشتاك ويتشو‪x‬قون إليه‪،‬‬
‫ولكن؛ كل‪ Å‬منهم ي‪M‬بطن لغب شركائه بات©كاله عليهم عمل?‪ ،‬واستبداده عليهم رأيا?‪ ،‬حتى صار من أمثالم‬
‫قولم‪" :‬ما من مت‪x‬فقي إل واحدهما مغلوبٌ للخر"‪.‬‬
‫ور‪M‬ب‪ x‬قائل! يقول إن‪ x‬سر‪ x‬الشتاك ليس بالمر الفي‪ ،‬وقد طالا كتب اليابانيي والبوير‪ ،‬فما‬
‫السبب؟ فأجيبه بأن‪ x‬الك}ت‪x‬اب كتبوا وأكثروا وأحسنوا فيما فصلوا وصوروا‪ ،‬ولكن•؛ قاتل ال الستبداد‬
‫وشؤمه‪ ،‬جعل الكتاب يصرون أقوالم ف الدعوة إل الشتاك‪ ،‬وما بعناه من التعاون والتاد‬
‫والتحابب والت©فاق‪ ،‬ومنعهم من التع̈رض لذكر أسباب التفرق والنلل كليا?‪ ،‬أو اضطرهم إل القتصار‬
‫على بيان السباب الخية فقط‪ .‬فمن قائل! مثل?‪ :‬الشرق مريضٌ وسببه الهل‪ ،‬ومن قائل!‪ :‬الهل بلء‬
‫وسببه قل&ة الدارس‪ ،‬ومن قائل‪ :‬قل&ة الدارس عارٌ وسببه عدم التعاون على إنشائها من قبل الفراد أو من‬
‫قبل ذوي الشأن‪.‬‬
‫وهذا أعمق ما ي̃طه قلم الكاتب الشرقي كأنه وصل إل السبب الانع الطبيعي أو الختياري‪.‬‬
‫والقيقة‪ ،‬أن‪ x‬هناك سلسلة أسباب أخرى حلقتها الول الستبداد‪.‬‬
‫وكاتب آخر يقول‪ :‬الشرق مريض وسببه فقد التمسك بالدين‪ ،‬ثم‪ x‬يقف‪ ،‬مع أن‪x‬ه لو تتب‪x‬ع‬
‫السباب لبلغ إل الكم بأن‪ x‬التهاون ف الدين أول? وآخرا? ناشئ من الستبداد‪ .‬وآخر يقول‪ :‬إن‪ x‬السبب‬
‫فساد الخلق‪ ،‬وغيه يرى أنه فقد التبية‪ ،‬وسواء ظن‪ x‬أن‪x‬ه الكسل‪ ،‬والقيقة أن‪ x‬الرجع الول ف الكل‬
‫هو الستبداد‪ ،‬الذي ينع حتى أولئك الباحثي عن التصريح باسه الهيب‪.‬‬
‫وقد ات‪x‬فق الكماء الذين أكرمهم ال تعال بوظيفة الخذ بيد المم ف بثهم عن الهلكات‬
‫والنجيات‪ ،‬على أن‪ x‬فساد الخلق ي‪M‬خرج المم عن أن تكون قابلة للخطاب‪ ،‬وأن‪ x‬معاناة إصلح‬
‫الخلق من أصعب المور وأحوجها إل الكمة البالغة والعزم القوي‪ ،‬وذكروا أن‪ x‬فساد الخلق يعم‬
‫الستبد‪ x‬وأعوانه وعماله‪ ،‬ثم‪ x‬يدخل بالعدوى إل كل البيوت‪ ،‬ول سيما بيوت الطبقات العليا الت تتمث‪x‬ل‬
‫ب ويشمت بها العدو‪ ،‬وتبيت وداؤها عياء‬
‫بها السفلى‪ .‬وهكذا يغشو الفساد‪ ،‬وتسي المة يبكيها ال ¨‬
‫يتعاصى على الدواء‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫وقد سلك النبياء عليهم السلم‪ ،‬ف إنقاذ المم من فساد الخلق‪ ،‬مسلك البتداء أول? بفك‬
‫العقول من تعظيم غي ال والذعان لسواه‪ .‬وذلك بتقوية حسن اليان الفطور عليه وجدان ك̈ل إنسان‪،‬‬
‫ثم‪ x‬جهدوا ف تنوير العقول ببادئ الكمة‪ ،‬وتعريف النسان كيف يلك إرادته؛ أي حريته ف أفكاره‪،‬‬
‫واختياره ف أعماله‪ ،‬وبذلك هدموا حصون الستبداد وسدوا منابع الفساد‪.‬‬
‫ثم‪ x‬بعد إطلق زمام العقول‪ ،‬صاروا ينظرون إل النسان بأن‪x‬ه مكل¿ف بقانون النسانية‪ ،‬ومطالب‬
‫بسن الخلق‪ ،‬فيعلمونه ذلك بأساليب التعليم القنع وبث التبية التهذيبية‪.‬‬
‫والكماء السياسيون القدمون ات‪x‬بعوا‬
‫ا لنبيا ء – عليه م ال س ل م‪ -‬ف سل و ك ه ذا‬
‫الطريق وهذا التتيب؛ أي بالبتداء من نقطة دينية فطرية تؤدي إل ترير الضمائر‪ ،‬ثم‪ x‬بات©باع طريق‬
‫التبية والتهذيب بدون فتور! ول انقطاع‪.‬‬
‫أما التأخرون من قادة العقول ف الغرب‪ ،‬فمنهم فئة سلكوا طريقة الروج بأمهم من حظية‬
‫الدين وآدابه النفسية‪ ،‬إل فضاء الطلق وتربية الطبيعة‪ ،‬زاعمي أن‪ x‬الفطرة ف النسان أهدى سبيل?‪،‬‬
‫وحاجته إل النظام تغنيه عن إعانة الدين‪ ،‬الت هي كالخدرات سوم تعط‪¤‬ل الس‪ x‬بالموم‪ ،‬ثم تذهب‬
‫بالياة‪ ،‬فيكون ضررها أكب من نفعها‪.‬‬
‫وقد ساعدهم على سلوك هذا السلك‪ ،‬أن‪x‬هم وجدوا أمهم قد فشا فيها نور العلم‪ ،‬ذلك العلم‬
‫الذي كان منحصرا? ف خدمة الدين عند الصريي والشوريي‪ ،‬وم‪w‬تك‪¢‬را? ف أبناء الشراف عند‬
‫الغرناطيي والرومان‪ ،‬ومصصا? ف أعداد من الشبان النتخبي عند النديي واليونان‪ ،‬حتى جاء‬
‫العرب بعد السلم‪ ،‬وأطلقوا حرية العلم‪ ،‬وأباحوا تناوله لكل© متعلم‪ ،‬فانتقل إل أوربا حرا? على رغم‬
‫رجال الدين‪ ،‬فتنو‪x‬رت به عقول المم على درجات‪ ،‬وف نسبتها ترق¿ت المم ف النعيم‪ ،‬وانتشرت‬
‫وتالطت‪ ،‬وصار التأخ©ر منها يغبط التقد©م ويتنغ‪x‬ص من حالته‪ ،‬ويتطل¿ب اللحاق‪ ،‬ويبحث عن وسائله‪.‬‬
‫فنشأ من ذلك حركة قوية ف الفكار‪ ،‬وحركة معرفة الي والغية على نواله‪ ،‬حركة معرفة الشر‬
‫والن‪w‬ف‪¢‬ة من الصب عليه‪ ،‬حركة السي إل المام رغم كل© معارض‪ .‬اغتنم زعماء الرية ف الغرب قوة هذه‬
‫الركة وأضافوا إليها قوات أدبية شتى‪ ،‬كاستبدالم ثقالة وقار الدين بزهوة عروس الرية‪ ،‬حتى إن‪x‬هم‬
‫ل يبالوا بتمثيل الرية بسناء خليعة تتلب النفوس‪ .‬وكاستبدالم رابطة الشتاك ف الطاعة‬
‫للمستبدين برابطة الشتاك ف الشؤون العمومية‪ ،‬ذلك الشتاك الذي يتول&د منه حب¨ الوطن‪ .‬وهكذا‬
‫جعلوا قوة حركة الفكار تيارا? سل&طوه على رؤوس الرؤوس من أهل السياسة والدين‪ .‬ثم‪ x‬إن‪ x‬هؤلء الزعماء‬
‫استباحوا القساوة أيضا?‪ ،‬فأخذوا من مهجورات دينهم قاعدة )الغاية تبر الواسطة(‪ ،‬كجواز السرقة إذا‬
‫كانت الغاية من صرف الال ف سبيل الي‪ ،‬وقاعدة )تثقيل الذمة يبيح الفعل القبيح( كشهادة الزور‬

‫‪67‬‬
‫على ذمة الكاهن الت يتحم‪x‬ل عنها خطيئتها‪ ،‬ودفعوا الناس بهما إل ارتكاب الرائم الفظيعة الت‬
‫تقشع̈ر منها النسانية‪ ،‬الت ل يستبيحها الكيم الشرقي لا بي أبناء الغرب وأبناء الشرق من التباين‬
‫ف الغرائز والخلق‪.‬‬
‫الغربي‪ :‬مادي¨ الياة‪ ،‬قوي¨ النفس‪ ،‬شديد العاملة‪ ،‬حريصٌ على النتقام‪ ،‬كأن‪x‬ه ل يبق‪ w‬عنده‬
‫شيء من البادئ العالية والعواطف الشريفة الت نقلتها له مسيحية الشرق‪ .‬فالرماني مثل?‪ :‬جاف‬
‫الطبع‪ ،‬يرى أن‪ x‬العضو الضعيف من البشر يستحق الوت‪ ،‬ويرى كل‪ x‬فضيلة ف القوة‪ ،‬وكل‪ x‬القوة ف‬
‫الال‪ ،‬فهو يب¨ العلم‪ ،‬ولكن‪ ،‬لجل الال؛ ويب¨ الد‪ ،‬ولكن لجل الال‪ .‬وهذا اللتين مطبوع‬
‫على العجب والطيش‪ ،‬يرى العقل ف الطلق‪ ،‬والياة ف خلع الياء‪ ،‬والشرف ف الترف‪ ،‬والكياسة‬
‫ف الكسب‪ ،‬والعز ف الغلبة‪ ،‬واللذ‪x‬ة ف الائدة والفراش‪.‬‬
‫أما أهل الشرق فهم أدبيون‪ ،‬ويغلب عليهم ضعف القلب وسلطان الب©‪ ،‬والصغاء للوجدان‪،‬‬
‫واليل للرحة ولو ف غي موقعها‪ ،‬وال̃لطف ولو مع الصم‪ .‬ويرون العز‪ x‬ف الفتوة والروءة‪ ،‬والغنى ف‬
‫القناعة والفضيلة‪ ،‬والراحة ف النس والسكينة‪ ،‬واللذة ف الكرم والتحبب‪ ،‬وهم يغضبون‪ ،‬ولكن؛ للدين‬
‫فقط‪ ،‬ويغارون‪ ،‬ولكن؛ على الع‪€‬ر•ض فقط‪.‬‬
‫ليس من شأن الشرقي أن يسي مع الغربي ف طريق! واحدة‪ ،‬فل تطاوعه طباعه على استباحة‬
‫ما يستحسنه الغربي‪ ،‬وإن تكل¿ف تقليده ف أمر فل ي‪M‬حسن التقليد‪ ،‬وإن أحسنه فل يثبت‪ ،‬وإن ثبت‬
‫فل يعرف استثماره‪ ،‬حتى لو سقطت الثمرة ف كف‪¤‬ه تنى لو قفزت على فمه!‪ ..‬فالشرقي مثل? يهت̈م ف‬
‫شأن ظاله إل أن يزول عنه ظلمه‪ ،‬ثم‪ x‬ل يفكر فيمن يلفه ول يراقبه‪ ،‬فيقع ف الظلم ثانية?‪ ،‬فيعيد‬
‫الكرة ويعود الظلم إل ما ل نهاية‪ .‬وكأولئك الباطنة ف السلم‪ :‬فتكوا بئات أمراء على غي طائل‪،‬‬
‫كأن‪x‬هم ل يسمعوا بالكمة النبوية‪" :‬ل ي‪M‬لد‪w‬غ الرء من ج‪M‬حر! مرتي"‪ ،‬ول بالكمة القرآنية" ‪‬إن‪ x‬ال‬
‫يب¨ الت‪x‬قي‪ .‬أما الغربي إذا أخذ على يد ظاله فل يفلته حتى يشل¿ها‪ ،‬بل حتى يقطعها ويكوي‬
‫مقطعها‪.‬‬
‫وهكذا بي الشرقيي والغربيي فروق! كثية‪ ،‬قد يفضل ف الفراديات الشرقي على الغربي‪ ،‬وف‬
‫الجتماعيات يفضل الغربي على الشرقي مطلقا‪ .‬مثال ذلك‪ :‬الغربيون يستحلفون أميهم على الصداقة ف‬
‫خدمته لم والتزام القانون‪ .‬والسلطان الشرقي يستحلف الرعية على النقياد والطاعة! الغربيون ي‪w‬منون‬
‫على ملوكهم با يرتزقون من فضلتهم‪ ،‬والمراء الشرقيون يتكر‪x‬مون على من شاؤوا بإجراء أموالم‬
‫عليهم صدقات! الغربي يعتب نفسه مالكا? لزءٍ مشاع من وطنه‪ ،‬والشرقي يعتب نفسه وأولده وما ف‬
‫يديه ملكا? لميه! الغربي له على أميه حقوق‪ ،‬وليس عليه حقوق؛ والشرقي عليه لميه حقوق وليس‬
‫له حقوق! الغربيون يضعون قانونا? لميهم يسري عليه‪ ،‬والشرقيون يسيون على قانون مشيئة أمرائهم!‬

‫‪68‬‬
‫الغربيون قضاؤهم وقدرهم من ال؛ والشرقيون قضاؤهم وقدرهم ما يصدر من بي شفت الستعبدين!‬
‫الشرقي سريع التصديق‪ ،‬والغربي ينفي ول يثبت حتى يرى ويلمس‪ .‬الشرقي أكثر ما يغار على الفروج‬
‫كأن‪ x‬شرفه كل&ه مستود‪w‬عٌ فيها‪ ،‬والغربي أكثر ما يغار على حريته واستقلله! الشرقي حريصٌ على الدين‬
‫والرياء فيه‪ ،‬والغربي حريصٌ على القوة والعز والزيد فيهما! واللصة‪ :‬أن‪ x‬الشرقي ابن الاضي‬
‫واليال‪ ،‬والغربي ابن الستقبل والد!‪...‬‬
‫الكماء التأخرون الغربيون ساعدتهم ظروف الزمان والكان‪ ،‬وخصوصية الحوال‪ ،‬لختصار‬
‫الطريق فسلكوه‪ ،‬واستباحوا ما استباحوا‪ ،‬حتى إن‪x‬هم استباحوا ف التمهيد السياسي تشجيع أعوان‬
‫الستبد‪ x‬على تشديد وطأة الظلم والعتساف بقصد تعميم القد عليه‪ ،‬وبثل هذه التدابي القاسية نالوا‬
‫الراد أو بعضه‪ ،‬من ترير الفكار وتهذيب الخلق وجعل النسان إنسانا‪.‬‬
‫وقد سبق هؤلء الغ‪M‬لة فئة ات‪x‬بعت أثر النبيي‪ ،‬ول تفل بطول الطريق وتعبه‪ ،‬فنجحت‬
‫ورسخت‪ ،‬وأعن بتلك الفئة أولئك الكماء الذين ل يأتوا بدين! جديد‪ ،‬ول تسكوا بعاداة كل© دين‪،‬‬
‫كمؤسسي جهورية الفرنسيس‪ ،‬بل رتقوا ف}توق الدهر ف دينهم با نق¿حوا‪ ،‬وهذ‪x‬بوا‪ ،‬وسه‪x‬لوا‪ ،‬وقر‪x‬بوا‪،‬‬
‫حتى جد‪x‬دوه‪ ،‬وجعلوه صالا? لتجديد خليق أخلق المة‪.‬‬
‫وما أحوج الشرقيي أجعي من بوذيي ومسلمي ومسيحيي وإسرائيليي وغيهم‪ ،‬إل حكماء‬
‫ل يبالون بغوغاء العلماء الرائي الغبياء‪ ،‬والرؤساء القساة الهلء‪ .‬فيجددون النظر ف الدين‪ ،‬نظر من‬
‫ل يفل بغي الق© الصريح‪ ،‬نظر من ل يضيع النتائج بتشويش القدمات‪ ،‬نظر من يقصد إظهار‬
‫القيقة ل إظهار الفصاحة‪ ،‬نظر من يريد وجه رب©ه ل استمالة الناس إليه‪ ،‬وبذلك يعيدون النواقص‬
‫العط¿لة ف الدين‪ ،‬ويهذ©بونه من الزوائد الباطلة ما يطرأ عادة? على كل© دين! يتقادم عهده‪ ،‬فيحتاج إل‬
‫مددين يرجعون به إل أصله البي البيء من حيث تليك الرادة ورفع البلدة من كل ما يشي‪،‬‬
‫الخف‪¤‬ف شقاء الستبداد والستعباد‪ ،‬البص©ر بطرائق التعليم والتعل&م الصحيحي‪ ،‬الهيئ قيام التبية‬
‫السنة واستقرار الخلق النتظمة ما به يصي النسان إنسانا?‪ ،‬وبه ل بالكفر يعيش الناس إخوانا‪.‬‬
‫والشرقيون ما داموا على حاضر حالم بعيدين عن الد والعزم‪ ،‬مرتاحي للهو والزل‬
‫تسكينا? للم إسارة النفس‪ ،‬وإخلدا? إل المول والتس̃فل‪ ،‬طلبا? لراحة الفكر الضغوط عليه من كل‬
‫جانب‪ ،‬يتألون من تذكيهم بالقائق‪،‬‬
‫ومطالبتهم بالوظائف‪ ،‬ينتظرون زوال‬
‫العناد بالتواكل‪ ،‬أو مرد التمني والدعاء‪.‬‬
‫أو يتبصون صدفة مثل الت نالتها بعض‬
‫المم‪ ،‬فليتوق&عوا إذن أن يفقدوا الدين‬

‫‪69‬‬
‫كلي ا?‪ ،‬في م س وا – و ما م سا ؤ ه م بب عي د‪-‬‬
‫دهريي‪ ،‬ل يدرون أي الياتي أشقى‪ ،‬فلينظروا ما حاق بالشوريي والفينيقيي وغيهم من المم‬
‫النقرضة الندمة ف غيها خدما? وخ‪w‬و‪w‬ل‪.‬‬
‫والمر الغريب‪ ،‬أن‪ x‬كل‪ x‬المم النحط&ة من جيع الديان تصر بلية انطاطها السياسي ف‬
‫تهاونها بأمور دينها‪ ،‬ول ترجو تسي حالتها الجتماعية إل بالتم̈سك بعروة الدين تسكا? مكينا?‪،‬‬
‫ويريدون بالدين العبادة‪ ،‬ولن‪€‬عم العتقاد لو كان يفيد شيئا?‪ ،‬لكنه ل يفيد أبدا?؛ لنه قولٌ ل يكن أن‬
‫يكون وراءه فعل‪ ،‬وذلك أن‪ x‬الدين بذرٌ جيد ل شبهة فيه‪ ،‬فإذا صدقت مغرسا? طيبا? نبت ونا‪ ،‬وإن‬
‫صادف أرضا? قاحلة مات وفات‪ ،‬أو أرضا? مغراقا? هاف الستبداد بصرها وبصيتها‪ ،‬وأفسد أخلقها‬
‫ودينها‪ ،‬حتى صارت ل تعرف للدين معنى غي العبادة والنسك اللذين زيادتهما عن حد©هما الشروع‬
‫أض̈ر على المة من نقصهما كما هو مشاهد ف التنسكي‪.‬‬
‫نعم! الدين يفيد التق&ي الجتماعي إذا صادف أخلقا? فطرية ل تفسد‪ ،‬فينهض بها كما‬
‫نهضت السلمية بالعرب‪ ،‬تلك النهضة الت نتطلبها منذ ألف عام عبثا‪.‬‬
‫و ق د عل¿ منا ه ذا ال د ه ر ال ط وي ل – م ع‬
‫السف‪ -‬أن‪ x‬أكثر الناس ل يفلون بالدين إل إذا وافق أغراضهم‪ ،‬أو لوا? ورياءً‪ ،‬وعلمنا أن‪ x‬الناس عبيد‬
‫منافعهم وعبيد الزمان‪ ،‬وأن‪ x‬العقل ل يفيد العزم عندهم‪ ،‬إنا العزم عندهم يتول&د من الضرورة أو يصل‬
‫بالسائق الب‪ .‬ول يستحي الناس من أن ي‪M‬لزموا أنفسهم باليمي أو النذر‪ .‬بناءً عليه؛ ما أجدر بالمم‬
‫النحط&ة أن تلتمس دواءها من طريق إحياء العلم وإحياء المة مع الستعانة بالدين والستفادة منه‬
‫بثل‪ :‬إن‪ x‬الصلة تنهى عن الفحشاء والنكر‪ ،‬ل أن يت‪x‬ك‪€‬لوا على أن‪ x‬الصلة تنع الناس عنهما بطبعها‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫الستبداد والتبية‬

‫خلق ال} ف النسان استعدادا? للصلح واستعداد?ا للفساد‪ ،‬فأبواه يصلحانه‪ ،‬وأبواه يفسدانه؛ أي‬
‫إن‪ x‬التبية تربو باستعداده جسما? ونفسا? وعقل?‪ ،‬إن• خيا? فخي‪ ،‬وإن• شرا? فشر‪ .‬وقد سبق أن‪ x‬الستبداد‬
‫الشؤوم يؤث©ر على الجسام فيورثها السقام‪ ،‬ويسطو على النفوس‪ ،‬فيفسد الخلق‪ ،‬ويضغط على العقول‬
‫فيمنع ناءها بالعلم‪ .‬بناءً عليه؛ تكون التبية والستبداد عاملي متعاكسي ف النتائج‪ ،‬فك̈ل ما تبنيه‬
‫التبية مع ضعفها يهدمه الستبداد بقوته‪ ،‬وهل يت̈م بناءٌ وراءه هاد؟‬
‫النسان ل ح ‪x‬د لغايتيه رقيا? وانطاطا?‪ .‬وهذا النسان الذي حارت العقول فيه‪ ،‬الذي تم‪x‬ل‬
‫أمانة تربية الن‪x‬فس‪ ،‬وقد أبتها العوال‪ ،‬فأت‪ x‬خالقه استعداده‪ ،‬ثم‪ x‬أوكله ليته‪ ،‬فهو إن يشأ الكمال‬
‫يبلغ فيه إل ما فوق مرتبة اللئكة‪ ،‬وإن شاء تلب‪x‬س بالر‪x‬ذائل حتى أحط& من الشياطي‪ ،‬على أ ‪x‬ن النسان‬
‫أقرب للشر© منه للخي‪ .‬وكفى أن‪ x‬ال ما ذكر النسان ف القرآن‪ ،‬إل وقرن اسه بوصفٍ قبيح كظلوم‬
‫وغرور وكف&ار وجبار وجهول وأثيم‪ .‬ما ذكر ال تعال النسان ف القرآن إل وهجاه‪ ،‬فقال‪ :‬ق}ت‪€‬ل النسان‬
‫خس!‪‬؛ ‪‬إن‪ x‬النسان ليطغى‪‬؛ ‪‬وكان النسان ع‪w‬جو ?‪‬ل؛ ‪M ‬‬
‫خل‪€‬ق‬ ‫ما أكفره‪‬؛ ‪‬إن‪ x‬النسان لكفورٌ‪‬؛ ‪‬إن‪ x‬النسان لفي ‪M‬‬
‫النسان من ع‪w‬ج‪w‬ل‪ .‬ما و‪M‬ج‪€‬د من ملوقات ال من نازع ال ف عظمته‪ ،‬والستبدون من النسان ينازعونه‬
‫فيها‪ ،‬والتناهون ف الرذالة قد يقبحون عبثا? لغي حاجة ف الن‪x‬فس حتى وقد يتعمدون الساءة لنفسهم‪.‬‬
‫النسان ف نشأته كالغصن الر‪x‬طب‪ ،‬فهو مستقيمٌ لد‪€‬نٌ بطبعه‪ ،‬ولكنها أهواء التبية تيل به إل‬
‫يي الي أو شال الشر‪ ،‬فإذا شب‪ x‬يبس وبقي على أمياله ما دام حيا?‪ ،‬بل تبقى روحه إل أبد‬
‫البدين ف نعيم السرور بإيفائه حق‪ x‬وظيفة الياة أو ف جحيم الندم على تفريطه‪ .‬وربا كان ل غرابة ف‬
‫تشبيه النسان بعد الوت بالرء الفرح الفخور إذا نام ولذ‪x‬ت له الحلم‪ ،‬أو بالرم الاني إذا نام‬
‫فغشيته قوارص الوجدان بهواجس ك̃لها ملم وآلم‪.‬‬
‫التبية ملكة‪ j‬تصل بالتعليم والتمرين والقدوة والقتباس‪ ،‬فأه̈م أصولا وجود الرابي‪ ،‬وأهم‬
‫فروعها وجود الدين‪ .‬وجعلت الدين فرعا? ل أصل?؛ لن‪ x‬الدين علمٌ ل يفيد العمل إذا ل يكن مقرونا‬
‫بالتمرين‪ .‬وهذا هو سبب اختلف الخلف من علماء الدين عند السلم عن أمثالم من الباهمة‬
‫والنصارى‪ ،‬وهو سبب إقبال السلمي ف القرن الامس‪ ،‬وفيما بعده‪ ،‬على قبول أصول الطرائق الت‬
‫كانت لبا? مضا? لا كانت تعليما? وترينا?؛ أي تربية للمريدين‪ ،‬ثم‪ x‬خالطها القشر‪ ،‬ثم‪ x‬صارت قشرا‬
‫مضا?‪ ،‬ثم‪ x‬صار أكثرها لوا? أو كفرا‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫ملكة التبية بعد حصولا إن• كانت شر?ا تضافرت مع النفس ووليها الشيطان الناس‬
‫فرسخت‪ ،‬وإن كانت خيا? تبقى مقلقلة كالسفينة ف بر الهواء‪ ،‬ل يرسو بها إل فرعها الدين ف‬
‫السر© والعلنية‪ ،‬أو الوازع السياسي عند يقي العقاب‪.‬‬
‫والستبداد ريحٌ صرصر فيه إعصار يهل النسان كل ساعة شأنه‪ ،‬وهو م‪M‬فس‪€‬دٌ للدين ف أهم‬
‫قسميه؛ أي الخلق‪ ،‬أما العبادات منه فل يسها لنها تلئمه أكثر‪ .‬ولذا تبقى الديان ف المم‬
‫الأسورة عبارة عن عبادات مردة صارت عادات‪ ،‬فل تفيد ف تطهي النفوس شيئا?‪ ،‬ول تنهى عن‬
‫فحشاء ول منكر لفقد الخلص فيها تبعا? لفقده ف النفوس‪ ،‬الت ألفت أن تتلجأ وتتلوى بي يدي‬
‫سطوة الستبداد ف زوايا الكذب والرياء والداع والنفاق‪ ،‬ولذا ل ي‪M‬ستغرب ف السي الليف تلك‬
‫الال؛ أي الرياء‪ ،‬أن يستعمله أيضا? مع رب©ه‪ ،‬ومع أبيه وأم©ه ومع قومه وجنسه‪ ،‬حتى ومع نفسه‪.‬‬
‫التبية تربية السم وحده إل سنتي‪ ،‬هي وظيفة الم أو الاضنة‪ ،‬ثم‪ x‬ت‪M‬ضاف إليها تربية‬
‫النفس إل السابعة‪ ،‬وهي وظيفة البوين والعائلة معا?‪ ،‬ثم ت‪M‬ضاف إليها تربية العقل إل البلوغ‪ ،‬وهي‬
‫وظيفة العل‪¤‬مي والدارس‪ ،‬ثم‪ x‬تأتي تربية القدوة بالقربي واللطاء إل الزواج‪ ،‬وهي وظيفة ال̈صدفة‪ ،‬ثم‬
‫تأتي تربية القارنة‪ ،‬وهي وظيفة الزوجي إل الوت أو الفراق‪.‬‬
‫ول ب ‪x‬د أن تصحب التبية من بعد البلوغ‪ ،‬تربية الظروف اليطة‪ ،‬وتربية اليئة‬
‫الجتماعية‪ ،‬وتربية القانون أو سي السياسي‪ ،‬وتربية النسان نفسه‪.‬‬
‫الكومات النتظمة هي الت تتول&ى ملحظة تسهيل تربية المة من حي تكون ف ظهور‬
‫الباء‪ ،‬وذلك بأن تسن قواني النكاح‪ ،‬ثم تعتن بوجود القابلت واللق&حي والطباء‪ ،‬ثم‪ x‬تفتح بيوت‬
‫اليتام اللقطاء‪ ،‬ثم تع̈د الكاتب والدارس للتعليم من البتدائي البي إل أعلى الراتب‪ ،‬ثم‪ x‬تسه©ل‬
‫الجتماعات‪ ،‬وته©د السارح‪ ،‬وتمي النتديات‪ ،‬وتمع الكتبات والثار‪ ،‬وتقيم ال̈نصب الذكرات‪،‬‬
‫وتضع القواني الافظة على الداب والقوق‪ ،‬وتسهر على حفظ العادات القومية‪ ،‬وإناء الحساسات‬
‫الللية‪ ،‬وتقوي المال‪ ،‬وتيس©ر العمال‪ ،‬وتؤم©ن العاجزين فعل? عن الكسب من الوت جوعا?‪ ،‬وتدفع‬
‫سليمي الجسام إل الكسب ولو ف أقصى الرض‪ ،‬وتمي الفضل وتقد©ر الفضيلة‪ .‬وهكذا تلحظ كل‬
‫شؤون الرء؛ ولكن‪ ،‬من بعيد‪ ،‬كي ل تل بريته واستقلله الشخصي‪ ،‬فل تقرب منه إل إذا جنى‬
‫جرما? لتعاقبه‪ ،‬أو مات لتواريه‪.‬‬
‫وهكذا‪ ،‬المة ترص على أن يعيش ابنها راضيا? بنصيبه من حياته ل يفتكر قط& كيف تكون‬
‫بعده حالة صبية ضعاف يتكهم وراءه‪ ،‬بل يوت مطمئنا? راضيا? مرضيا? آخر دعائه‪ :‬فلتحي المة‪،‬‬
‫فلتحي المة‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫أما العيشة الفوضى ف الدارات الستبدة فهي غنية عن التبية؛ لنها مض¨ ناء يشبه‬
‫الشجار الطبيعية ف الغابات والراش‪ ،‬يسطو عليها الرق والغرق‪ .‬وتط‪¤‬مها العواصف واليدي‬
‫القواصف‪ ،‬ويتصر‪x‬ف ف فسائلها وفروعها الفأس العمى‪ ،‬فتعيش ما شاءت رحة الط&ابي أن تعيش‪،‬‬
‫واليار لل̈صدفة تعوج أو تستقيم‪ ،‬تثمر أو تعقم‪.‬‬
‫يعيش النسان ف ظل© العدالة والرية نشيطا? على العمل بياض نهاره‪ ،‬وعلى الفكر سواد ليله‪،‬‬
‫إن طعم تلذ‪x‬ذ‪ ،‬وإن تلهى ترو‪x‬ح وتريض؛ لنه هكذا رأى أبويه وأقرباءه‪ ،‬وهكذا يرى قومه الذين يعيش‬
‫بينهم‪ .‬يراهم رجال? ونساءً‪ ،‬أغنياء وفقراء‪ ،‬ملوكا? وصعاليك‪ ،‬ك̃لهم دائبي على العمال‪ ،‬يفتخر منهم‬
‫كاسب الدينار بكد©ه وجده‪ ،‬على مالك الليار إرثا? عن أبيه وجد©ه‪ .‬نعم؛ يعيش العامل ناعم البال يس̈ره‬
‫النجاح ول تقبضه اليبة‪ ،‬إنما ينتقل من عمل! إل غيه‪ ،‬ومن فكر! إل آخر‪ ،‬فيكون متلذذ?ا بآماله إن• ل‬
‫يسارعه السعد ف أعماله‪ ،‬وكيفما كان يبلغ العذر عن نفسه والناس بجرد إيفائه وظيفة الياة؛ أي‬
‫العمل‪ .‬ويكون فرحا? فخورا? نح أو ل ينجح‪ ،‬لن‪x‬ه بريء من عار العجز والبطالة‪.‬‬
‫أما أسي الستبداد‪ ،‬فيعيش خامل? خامدا? ضائع القصد‪ ،‬حائرا? ل يدري كيف ييت ساعاته‬
‫وأوقاته ويدرج أيامه وأعوامه‪ ،‬كأن‪x‬ه حريصٌ على بلوغ أجله ليستت تت التاب‪ .‬ويطئ‪ ،‬وال من‬
‫يظ̈ن أن‪ x‬أكثر السراء ل سيما منهم الفقراء ل يشعرون بآلم السر‪ .‬مستدل? بأنهم لو كانوا يشعرون‬
‫لبادروا إل إزالته‪ ،‬والقيقة ف ذلك أنهم يشعرون بأكثر اللم ولكنهم ل يدركون ما هو سببها‪ ،‬ومن‬
‫أين جاءتهم؟ فيى أحدهم نفسه منقبضا? عن العمل‪ ،‬لنه غي أمي على اختصاصه بالثمرة‪ .‬وربا ظن‬
‫السلب حقا? طبيعيا? للقوياء فيتمنى أن• لو كان منهم‪ .‬ثم‪ x‬يعمل تارة?‪ ،‬ولكن؛ بدون نشاط ول إتقان‪،‬‬
‫فيفشل ضرورة?‪ ،‬ول يدري أيضا? ما السبب‪ ،‬فيغضب على ما يسميه سعدا? أو حظا? أو طالعا? أو قدرا‪.‬‬
‫والسكي من أين له أن يعرف أن‪ x‬النشاط والتقان ل يتأتيان إل مع لذة انتظار ناح العمل‪ ،‬تلك اللذة‬
‫الت قد‪x‬ر الكماء أن‪x‬ها اللذة الكبى‪ ،‬لستمرار زمانها من حي العزم إل تام العمل‪ ،‬والسي ل‬
‫اطمئنان فيه على الستمرار‪ ،‬ول تشجيع له على الصب واللد‪.‬‬
‫السي العذ‪x‬ب النتسب إل دين يسل&ي نفسه بالسعادة الخروية‪ ،‬فيعدها بنان ذات أفنان‬
‫ونعيم مقيم أعد‪x‬ه له الرحن‪ ،‬ويبعد عن فكره أن‪ x‬الدنيا عنوان الخرة‪ ،‬وأن‪ x‬ربا كان خاسرا? الصفقتي‪،‬‬
‫بل ذلك هو الكائن غالبا‪ .‬ولبسطاء السلم مسليات أظ̈نها خاصة بهم يعطفون مصائبهم عليها‪ ،‬وهي‬
‫نو قولم‪ :‬الدنيا سجن الؤمن‪ ،‬الؤمن مصاب‪ ،‬إذا أحب‪ x‬ال عبدا? ابتله‪ ،‬هذا شأن آخر الزمان‪،‬‬
‫حسب الرء لقيماتٍ يقمن صلبه‪ .‬ويتناسون حديث‪" :‬إن‪ x‬ال يكره العبد البط&ال"‪ ،‬والديث الفيد معنى‬
‫"إذا قامت الساعة وف يد أحدكم غرسة? فليغرسها"‪ ،‬ويتغافلون عن النص القاطع الؤجل قيام الساعة إل‬
‫ما بعد استكمال الرض زخرفتها وزينتها‪ .‬وأين ذلك بعد؟‬

‫‪73‬‬
‫وك̈ل هذه السميات الثبطات تهون عند ذلك السم القاتل‪ ،‬الذي يول الذهان عن التماس‬
‫معرفة سبب الشقاء‪ ،‬فيفع السؤولية عن الستبدين‪ ،‬ويلقيها على عاتق القضاء والقدر‪ ،‬بل على عاتق‬
‫ال}سراء الساكي أنفسهم‪ .‬وأعن بهذا السم‪ ،‬فهم العوام‪ ،‬وبله الواص‪ ،‬لا ورد ف التوراة من نو‪:‬‬
‫"اخضعوا للسلطان ول سلطة إل من ال"‪ ،‬و"الاكم ل يتقل&د السيف جزافا?‪ ،‬إنه مقام للنتقام من أهل‬
‫الشر"‪ ،‬وقد صاغ وعاظ السلمي ومد©ثوهم من ذلك قولم‪" :‬السلطان ظ̈ل ال ف الرض"‪ ،‬و"الظال‬
‫سيف ال ينتقم به‪ ،‬ثم‪ x‬ينتقم منه"‪ ،‬و"اللوك ملهمون"‪ .‬هذا وك̈ل ما ورد ف هذا العنى إن• صح‪ x‬فهو مقيد‬
‫بالعدالة أو متمل للتأويل با يعقل‪ ،‬وبا ينطبق على حكم الية الكرية الت فيها فصل الطاب‪،‬‬
‫وهي‪ :‬أل لعنة ال على الظالي‪ ،‬وآية ‪‬فل عدوان إل على الظالي‪.‬‬
‫التبية علمٌ وعمل‪ .‬وليس من شأن المم الملوكة شؤونها‪ ،‬أن• يوجد فيها من يعلم التبية ول‬
‫من يعلمها‪ .‬حتى إن‪ x‬الباحث ل يرى عند السراء علما? ف التبية مدفونا? ف الكتب فضل? عن الذهان‪.‬‬
‫أما العمل‪ ،‬فكيف ي‪M‬تصو‪x‬ر وجوده بل سبق عزم‪ ،‬وهو بل سبق يقي‪ ،‬وهو بل سبق علم‪ .‬وقد ورد ف‬
‫الثر "النية سابقة العمل"‪ .‬وورد ف الديث‪" :‬إنما العمال بالنيات"‪ .‬بناءً عليه؛ ما أبعد الناس‬
‫الغصوبة إرادتهم‪ ،‬الغلولة أيديهم‪ ،‬عن توجيه الفكر إل مقصد مفيد كالتبية‪ ،‬أو توجيه السم إل‬
‫عمل! نافع كتمرين الوجه على الياء والقلب على الشفقة‪.‬‬
‫نعم؛ ما أبعد السراء عن الستعداد لقبول التبية‪ ،‬وهي قصر النظر على الاسن والع‪€‬ب‪w‬ر‪،‬‬
‫وقصر السمع على الفوائد وال‪€‬ك‪¢‬م‪ ،‬وتعويد اللسان على قول الي‪ ،‬وتعويد اليد على التقان‪ ،‬وتكبي‬
‫النفس عن السفاسف‪ ،‬وتكبي الوجدان عن نصرة الباطل‪ ،‬ورعاية التتيب ف الشؤون‪ ،‬ورعاية التوفي ف‬
‫الوقت والال‪ .‬والندفاع بالكل&ية لفظ الشرف‪ ،‬لفظ القوق‪ ،‬ولماية الدين‪ ،‬لماية الناموس‪،‬‬
‫ولب© الوطن‪ ،‬لب© العائلة‪ ،‬ولعانة العلم‪ ،‬لعانة الضعيف‪ ،‬ولحتقار الظالي‪ ،‬لحتقار الياة‪ .‬على‬
‫غي ذلك ما ل ينبت إل ف أرض العدل‪ ،‬تت ساء الرية‪ ،‬ف رياض التبيتي العائلية والقومية‪.‬‬
‫الستبداد ي‪M‬ضط̈ر الناس إل استباحة الكذب والتح̈يل والداع والن©فاق والتذلل‪ .‬وإل مراغمة‬
‫الس© وإماتة النفس ونبذ الد وترك العمل‪ ،‬إل آخره‪ .‬وينتج من ذلك أن‪ x‬الستبداد الشؤوم هو يتول‬
‫بطبعه تربية الناس على هذه الصال اللعونة‪ .‬بناءً عليه‪ ،‬يرى الباء أن‪ x‬تعبهم ف تربية البناء التبية‬
‫الول على غي ذلك ل بد‪ x‬أن• يذهب عبثا? تت أرجل تربية الستبداد‪ ،‬كما ذهبت قبلها تربية آبائهم‬
‫لم‪ ،‬أو تربية غيهم لبنائهم سدى‪.‬‬
‫ثم‪ x‬إن‪ x‬عبيد السلطان الت ل حدود لا هم غي مالكي أنفسهم‪ ،‬ول هم آمنون على أن‪x‬هم يربون‬
‫أولدهم لم‪ .‬بل هم يربون أنعاما? للمستبدين‪ ،‬وأعوانا? لم عليهم‪ .‬وف القيقة‪ ،‬إن‪ x‬الولد ف عهد‬

‫‪74‬‬
‫الستبداد‪ ،‬هم سلسل من حديد يرتبط بها الباء على أوتاد الظلم والوان والوف التضييق‪ .‬فالتوالد‬
‫من حيث هو زمن الستبداد حق‪ ،‬والعتناء بالتبية حقٌ مضاعف! وقد قال الشاعر‪:‬‬
‫ل ي‪M‬بك‪ €‬ميتٌ ول ي‪M‬فرح بولود‪€‬‬ ‫إن• دام هذا ول تدث له غ‪€‬ي‪w‬رٌ‬
‫وغالب ال}سراء ل يدفعهم للزواج قصد التوالد‪ ،‬إنا يدفعهم إليه الهل الظلم‪ ،‬وأن‪x‬هم حتى‬
‫الغنياء منهم مرومون من كل© اللذات القيقية‪ :‬كلذة العلم وتعليمه‪ ،‬ولذة الد والماية‪ ،‬ولذة‬
‫اليثار والبذل‪ ،‬ولذة إحراز مقام ف القلوب‪ ،‬ولذة نفوذ الرأي الصائب‪ ،‬ولذة ك‪€‬ب‪w‬ر النفس عند السفاسف‪،‬‬
‫إل غي ذلك من اللذات الروحية‪.‬‬
‫أما ملذات هؤلء التعساء فهي مقصورة على لذتي اثنتي؛ الول منها لذة الكل‪ ،‬وهي جعلهم‬
‫بطونهم مقابر للحيوانات إن تيس‪x‬رت‪ ،‬وإل فمزابل للنباتات‪ ،‬أو بعلهم أجسامهم ف الوجود كما قيل‪:‬‬
‫أنابيب بي الطبخ و)الكنيف(‪ ،‬أو جعلها معامل لتجهيز الخبثي‪ .‬واللذة الثانية هي الرعشة باستفراغ‬
‫الشهوة‪ ،‬كأن أجسامهم خلقت دمامل جرب على أديم الرض‪ ،‬يطيب لا الك& ووظيفتها توليد‬
‫الصديد ودفعه‪ .‬وهذا الشره البهيمي ف الب‪€‬عال هو ما يعمي السراء ويرميهم بالزواج والتوالد‪.‬‬
‫ال ع‪ €‬ر ض – ز م ن ا ل ستب دا د‪ -‬ك سائ ر‬
‫القوق غي مصون‪ ،‬بل هو معر‪x‬ض لتك الف}ساق من الستبدين والشرار من أعوانهم‪ ،‬فإنهم‪ ،‬كما أخب‬
‫القرآن عن الفراعنة‪ ،‬يأسرون الولد ويستحيون النساء‪ ،‬خصوصا? ف الواضر الصغية والقرى‬
‫الستضعف أهلها‪ .‬ومن المور الشاهدة أن‪ x‬المم الت تقع تت أسر أمةٍ تغايرها ف السيماء‪ ،‬ل يضي‬
‫عليها أجيال إل وتغشو فيها سيماء السرين‪ :‬كسواد العيون ف السبانيول‪ ،‬وبياض البشرة ف‬
‫الفريقيي‪ .‬وعدم الطمئنان على الع‪€‬رض ي‪M‬ضعف الب الذي ل يت̈م إل بالختصاص‪ ،‬وي‪M‬ضعف لصقة‬
‫الولد بأزواج أمهاتهم‪ ،‬فتضعف الغ‪w‬ية على تمل مشاق التبية‪ ،‬تلك الغية الت لجلها شر‪x‬ع ال‬
‫النكاح‪ ،‬وحر‪x‬م الس©فاح‪.‬‬
‫للسعة والفقر أيضا? دخلٌ كبي ف تسهيل التبية‪ ،‬وأين السراء من السعة؟! كما أن‪ x‬لنتظام‬
‫العيشة ولو مع الفقر علقة قوية ف التبية‪ ،‬ومعيشة ال}سراء أغنياء كانوا أو معدمي‪ ،‬ك̃لها خللٌ ف‬
‫خلل‪ ،‬وضيقٌ ف ضيق‪ ،‬وذلك يعل السي هين النفس‪ ،‬وهذا أول دركات النطاط‪ ،‬يرى ذاته ل‬
‫يستح̈ق الزيد ف النعيم مطعما? ومشربا? وملبسا? ومسكنا?‪ ،‬وهذا ثاني الدركات ويرى استعداده قاصرا? عن‬
‫التق&ي ف العلم‪ ،‬وهذا ثالثها‪ ،‬ويرى حياته على بساطتها ل تقوى إل بعاونة غيه له‪ ،‬وهذا رابعها‪،‬‬
‫وهلم‪ x‬جرا!‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫بناءً عليه؛ ما أبعد ال}سراء عن النشاط للتبية‪ ،‬ثم‪ x‬لاذا يتحم‪x‬لون مشاق‪ x‬التبية‪ ،‬وهم إن• نو‪x‬روا‬
‫أولدهم بالعلم جنوا عليهم بتقوية إحساسهم‪ ،‬فيزيدونهم شقاءً‪ ،‬ويزيدونهم بلءً‪ ،‬ولذا ل غرو أن‬
‫يتار السراء الذين فيهم بقية من الدراك‪ ،‬ترك أولدهم همل? ترفهم البلهة إل حيث تشاء‪.‬‬
‫وإذا افتكرنا كيف ينشأ السي ف البيت الفقي‪ ،‬وكيف يتب‪x‬ى‪،‬ند أن‪x‬ه ي‪M‬لق¿ح به‪ ،‬وف الغالب‬
‫أبواه متناكدان متشاكسان‪ ،‬ثم‪ x‬إذا تر‪x‬ك جنينا? حر‪x‬ك شراسة أم©ه فتشتمه‪ ،‬أو زاد آلم حياتها فتضربه‪،‬‬
‫فإذا ما ضي‪x‬قت عليه بطنها للفتها النناء خول? والتصرر صغارا?‪ ،‬والتق̃لص لضيق فراش الفقر‪ ،‬ومتى‬
‫ولدته ضغطت عليه بالقماط اقتصادا? وجهل?‪ ،‬فإذا تأل¿م وبكى سد‪x‬ت فمه بثديها‪ ،‬أو قطعت نفسه خضا‬
‫أو بدوار السرير‪ ،‬أو سقته مدرا? عجزا? عن نفقة الطبيب‪ ،‬فإذا ما ف}ط‪€‬م‪ ،‬يأتيه الغذاء الفاسد يضيق‬
‫معدته‪ ،‬ويفسد مزاجه‪ ،‬فإذا كان قوي البنية طويل العمر وترعرع‪ ،‬ي‪M‬منع من رياضة اللعب لضيق‬
‫البيت‪ ،‬فإذا سأل واستفهم ماذا وما هذا ليتعل&م‪ ،‬ي‪M‬زج‪w‬ر ويلكم لضيق خ‪M‬ل}ق أبويه‪ ،‬وإن جالسهما ليألف‬
‫العاشرة‪ ،‬وينتفي عنه التوجس يبعدانه كي ل يقف على أسرارهما‪ ،‬فيستقها منه اليان اللطاء‪،‬‬
‫فتنمى أعوان الظالي وما أكثرهم‪ ،‬فإذا قويت رجله ي‪M‬دفع به إل خارج الباب‪ ،‬إل مدرسة اللفة على‬
‫القذارة‪ ،‬وتعل&م صيغ الشتائم والسباب‪ ،‬فإن• عاش ونشأ و‪M‬ضع ف مكتب أو عند ذي صنعة‪ ،‬فيكون أكب‬
‫القصد ربطه عن السراح والراح‪ .‬فإذا بلغ الشباب‪ ،‬ربطه أولياؤه على وتد الزواج كي ل يفر من‬
‫مشاكلتهم ف شقاء الياة‪ ،‬ليجن هو على نسله كما جنى عليه أبواه‪ ،‬ثم‪ x‬هو يتول التضييق على نفسه‬
‫بأطواق الهل وقيود الوف‪ ،‬ويتول الستبدون التضييق على عقله ولسانه وعمله وأمله‪.‬‬
‫وهكذا يعيش السي ف حي يكون نسمة ف ضيق وضغط‪ ،‬يهرول ما بي عتبة هم‪ Í‬ووادي غم‪،Í‬‬
‫يود©ع سقما? ويستقبل سقما? إل أن يفوز بنعمة الوت مضيعا? دنياه مع آخرته‪ ،‬فيموت غي آسف ول‬
‫مأسوف عليه‪.‬‬
‫وما أظلم من يؤاخذ السراء على عدم اعتنائهم بلوازم الياة‪ .‬فالنظافة مثل?‪ :‬لاذا يهتم بها‬
‫السي؟ هل لجل صح‪x‬ته وهو ف مرض! مستمر؟ أم لجل لذ‪x‬ته وهو التأل كيفما تقل¿ب جسمه أو نظره؟‬
‫أم لجل ذوق من يالس أو يؤاكل‪ ،‬وهو من عف¿ت نفسه صحبة الياة؟‬
‫ول يظنن‪ x‬الطالع أن‪ x‬حالة أغنياء السراء هي أق̈ل شر?ا من هذا؛ كل‪ ،‬بل هم أشقى وأقل‬
‫عافية?‪ ،‬وأقصر عمرا? من هذا‪ ،‬إذا نقصتهم بعض النغ©صات‪ ،‬تزيد فيهم مشاق التظاهر بالراحة والرفاه‬
‫والعزة والنعة‪ ،‬تظاهرا? إن صح‪ x‬قليله فكثيه الكاذب حلٌ ثقيل على عواتقهم كالسكران يتصاحى‬
‫في‪M‬بتلى بالصداع‪ ،‬أو كالعاهرة البائسة تتضاحك لتضي الزاني‪.‬‬
‫حياة السي تشبه حياة النائم الزعوج بالحلم‪ ،‬فهي حياة ل روح فيها‪ ،‬حياة وظيفتها تثيل‬
‫مندرسات السم فقط‪ ،‬ول علقة لا بفظ الزايا البشرية‪ ،‬وبناءً على هذا؛ كان فاقد الرية ل أنانية‬

‫‪76‬‬
‫له لنه ميتٌ بالنسبة لنفسه‪ ،‬حي‪ Å‬بالنسبة لغيه؛ كأن‪x‬ه ل شيء ف ذاته‪ ،‬إن‪x‬ما هو شيء بالضافة‪ .‬ومن‬
‫كان وجوده ف الوجود بهذه الصورة وهي الفناء ف الستبدين‪ ،‬حق‪ x‬له أن ل يشعر بوظيفة شخصية فضل‬
‫عن وظيفة اجتماعية‪ .‬ولول أن• ليس ف الكون شيء غي تابع لنظام حتى الماد‪ ،‬حتى فلتات الطبيعة‬
‫وال̈صدف الت هي مسببات لسباب نادرة‪ ،‬لكمنا بأن‪ x‬معيشة السراء هي مض فوضى‪ ،‬ل شبه‬
‫فوضى‪.‬‬
‫على أن‪ x‬التدقيق العميق‪ ،‬يفيدنا بأن‪ x‬للسراء‪ ،‬قواني غريبة ف مقاومة الفناء يصعب ضبطها‬
‫وتعريفها‪ ،‬إنا السي يرضعها مع لب أمه‪ ،‬ويتب‪w‬ى عليها‪ ،‬وقد يبدع فيها بسائق الاجة‪ ،‬ويكون‬
‫منهم الاذق فيها علما?‪ ،‬الاهر ف تطبيقها عمل?‪ ،‬هو الوف¿ق ف ميدان حرب الياة مع الذل‪ ،‬كالنود‬
‫واليهود‪ .‬والعاجز عنها‪ ،‬إما جاهل هذا القانون أو العاجز فطرة? عن ات©باعه كالعرب مثل?‪ ،‬فل يرج عن‬
‫كونه كرة يلعب بها صبيان الستبداد‪ ،‬تارة? يضربون بها الرض أو اليطان‪ ،‬وأما إذا كان عجزه كما‬
‫يقال عن عرق هاشي‪ ،‬أي عن شيءٍ من كرامة نفس أو قوة إحساس أو جسارة جنان‪ ،‬فيكون‬
‫كالجارة تتكس‪x‬ر ول تلي‪.‬‬
‫قواني حياة السي هي مقتضيات الشؤون اليطة به‪ ،‬الت تضطره لن يطبق إحساساته‬
‫عليها‪ ،‬ويدب©ر نفسه على موجبها‪ ،‬وذلك نو مقابلة التج̈بر عليه بالتذلل والتصاغر‪ ،‬وتعديل الشدة‬
‫عليه بالتلين والطاوعة‪ ،‬وإعطاء الطلوب منه بعد قليل! من التم̈نع‪ ،‬ولو أن‪ x‬الطلوب هو ابنه لزرة‬
‫الندية أو ابنته لفراش شيخ! شرير‪ ،‬والطالبة ف القوق بصفة استعطاف كأن‪x‬ه طالب صدقة‪ ،‬وكسب‬
‫العاش مع شكاية الاجة‪ ،‬وح‪€‬فظ الال بإخفائه عن العي‪ ،‬والتعامي عن زل&ت الستبدين‪ ،‬والتصامم‬
‫عن ساع ما ي‪M‬هان به‪ ،‬والتظاهر بفقد الس أو تعطيله بالخدرات القوية كالفيون والشيش‪ ،‬وتعطيل‬
‫العقل بالتباله وست العلم بالتجاهل‪ ،‬والرتداء بالتدين والرياء‪ ،‬وتعويد اللسان على الزلقة ف عبائر‬
‫التصاغر والتمل&ق‪ ،‬وعزو كل خي إل فضل الستبدين حتى إذا كان الي طبيعيا? نو مطر السماء‪،‬‬
‫فعزوه إل ي‪M‬من الكام أو دعاء الكهنة‪ .‬ويسند كل‪ x‬شر‪ Í‬ولو من نوع التس̃لط على العراض‪ ،‬على‬
‫الستحقاق من جانب ال‪ .‬إل غي ذلك من أحكام ذلك القانون‪ ،‬الذي رؤوس مسائله فقط تل القارئ‬
‫فضل? عن تفصيلتها‪.‬‬
‫إن‪ x‬أخوف ما يافه السي هو أن يظهر عليه أثر نعمة ال ف السم أو الال‪ ،‬فتصيبه عي‬
‫الواسيس )وهذا أصل عقيدة إصابة العي(! أو أن يظهر له شأن ف علم! أو جاهٍ أو نعمةٍ مهمة‪ ،‬فيسعى‬
‫به حاسدوه إل الستبد© )وهذا أصل شر السد الذي ي‪M‬تعو‪x‬ذ منه(! وقد يتحيل السي على حفظ ماله‬
‫الذي ل يكنه إخفاؤه كالزوجة الميلة‪ ،‬أو الدابة الثمينة‪ ،‬أو الدار الكبية‪ ،‬فيحميها بإسناد الشؤم‪،‬‬
‫)وهذا أصل التشاؤم بالقدام والنواصي والعتاب(‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫ومن غريب الحوال أن‪ x‬ال}سراء يبغضون الستبد‪ ،x‬ول يقوون على استعمالم معه البأس‬
‫الطبيعي الوجود ف النسان إذا غضب‪ ،‬فيصرفون بأسهم ف وجهة أخرى ظلما‪ :‬في‪M‬عادون من بينهم فئة‬
‫مستضعفة?‪ ،‬أو الغرباء‪ ،‬أو يظلمون نساءهم ونو ذلك‪ .‬وم‪w‬ث‪w‬ل}هم ف ذلك مثل الكلب الهلية‪ ،‬إذا أريد‬
‫منها الراسة والشراسة‪ ،‬فأصحابها يربطونها نهارا? ويطلقونها ليل? فتصي شرسة عقورة‪ ،‬وبهذا التعليل‬
‫تعل¿ل جسارة السراء أحيانا? ف مارباتهم‪ ،‬ل أنها جسارة عن شجاعة‪ .‬وأحيانا? تكون جسارة السراء‬
‫عن التناهي ف البانة أمام الستبد© الذي يسوقهم إل الوت‪ ،‬فيطيعونه انذعارا? كما تطيع الغنمة الذئب‬
‫فتهرول بي يديه إل حيث يأكلها‪.‬‬
‫وقد ات‪x‬ضح ما تقد‪x‬م أن‪ x‬التبية غي مقصودة‪ ،‬ول مقدورة ف ظلل الستبداد إل ما قد يكون‬
‫بالتخويف من القوة القاهرة‪ ،‬وهذا النوع يستلزم انلع القلوب ل تزكية النفوس‪ .‬وقد أجع علماء‬
‫الجتماع والخلق والتبية على أن‪ x‬القناع خي من التغيب فضل? عن التهيب‪ ،‬وإن‪ x‬التعليم مع‬
‫الرية بي العل‪¤‬م والتعل‪¤‬م أفضل من التعليم مع الوقار‪ ،‬وأن‪ x‬التعليم عن رغبة ف التك̈مل أرسخ من العلم‬
‫الاصل طمعا? ف الكافأة‪ ،‬أو غية من القران‪ .‬وعلى هذه القاعدة بنوا قولم‪ :‬إن‪ x‬الدارس تقلل‬
‫النايات ل السجون‪ ،‬وقولم‪ :‬إن‪ x‬القصاص والعاقبة قل¿ما يفيدان ف زجر النفس كما قال الكيم‬
‫العربي‪:‬‬
‫ما ل يكن منها لا زاجر‪M‬‬ ‫ل ترجع النفس عن غيها‬
‫ومن يتأمل جيد?ا ف قوله تعال‪ :‬ولكم ف القصاص حياة‪ j‬يا أولي اللباب‪ ‬ملحظا? أن‪ x‬معنى‬
‫القصاص لغة‪ :‬هو التساوي مطلقا?‪ ،‬ل‬
‫مقصورا? على العاقبة بالثل ف النايات‬
‫فقط‪ ،‬ويدقق النظر ف القرآن الكريم‬
‫وسائر الكتب السماوية‪ ،‬ويت‪x‬بع مسالك‬
‫ال ر¨ س ل ال ع ظا م – عليه م ال ص ل ة وال س ل م‪-‬‬
‫يرى أن‪ x‬العتناء ف طريق الداية فيها منصرفٌ إل القناع‪ ،‬ثم‪ x‬إل الطماع عاجل? أو آجل?‪ ،‬ثم‪ x‬إل‬
‫التهيب الجل غالبا? ومع ترك أبواب ت‪M‬دلي إل النجاة‪.‬‬
‫ثم‪ x‬إن‪ x‬التبية الت هي ضال&ة المم‪ ،‬وفقدها هي الصيبة العظيمة‪ ،‬الت هي السألة‬
‫الجتماعية؛ حيث النسان يكون إنسانا? بتبيته‪ ،‬وكما يكون الباء يكون البناء‪ ،‬وكما تكون الفراد‬
‫تكون المة‪ ،‬والتبية الطلوبة هي التبية الرت‪x‬بة على إعداد العقل للتمييز‪ ،‬ثم‪ x‬على حسن التفهيم‬
‫والقناع‪ ،‬ثم‪ x‬على تقوية المة والعزية‪ ،‬ثم‪ x‬على التمرين والتعويد‪ ،‬ثم‪ x‬على حسن القدوة والثال‪ ،‬ثم‬
‫على الواظبة والتقان‪ ،‬ثم‪ x‬على التوسط والعتدال‪ ،‬وأن• تكون تربية العقل مصحوبة? بتبية السم‪،‬‬

‫‪78‬‬
‫لنهما متصاحبان صحة واعتلل?‪ ،‬فإنه يقتضي تعويد السم على النظافة وعلى تمل الشاق‪ ،‬والهارة‬
‫ف الركات‪ ،‬والتوقيت ف النوم والغذاء والعبادة‪ ،‬والتتيب ف العمل وف الرياضة والراحة‪ .‬وأن تكون‬
‫تلكما التبيتي مصحوبتي أيضا? بتبية النفس على معرفة خالقها ومراقبته والوف منه‪ .‬فإذا كان ل‬
‫مطمع ف التبية العامة على هذه الصول بانع طبيعة الستبداد‪ ،‬فل يكون لعقلء البتلي به إل أن‬
‫يسعوا أول? وراء إزالة الانع الضاغط على هذه العقول‪ ،‬ثم‪ x‬بعد ذلك يعتنوا بالتبية؛ حيث يكنهم‬
‫حينئذٍ أن ينالوها على توالي البطون‪ ،‬وال الوفق‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫الستبداد والتق‪K‬ي‬

‫الركة س‪M‬ن‪x‬ة‪ j‬دائبة‪ j‬ف الليقة بي شخوص! وهبوط‪ .‬فالتق&ي هو الركة اليوية؛ أي حركة‬
‫الشخوص‪ ،‬ويقابله البوط وهو الركة إل الوت أو النلل أو الستحالة أو النقلب‪.‬‬
‫وهذه ال̈سنة كما هي عاملة ف الادة وأعراضها‪ ،‬عاملة أيضا? ف الكيفيات ومرك¿باتها‪ ،‬والقول‬
‫الشارح لذلك آية‪ :‬ي‪M‬خر›ج الي‪ x‬من اليت وي‪M‬خرج اليت من الي‪ ،‬وحديث‪" :‬ما ت‪ x‬أمرٌ إل وبدا‬
‫نقصه"‪ ،‬وقولم‪" :‬التاريخ يعيد نفسه"‪ .‬وحكمهم بأن‪ x‬الياة والوت حق&ان طبيعيان‪.‬‬
‫وهذه الركة السمية والنفسية والعقلية ل تقتضي السي إل النهاية شخوصا? أو هبوطا?؛ بل‬
‫هي أشبه بيزان الرارة‪ ،‬ك̈ل ساعة ف شأن‪ ،‬والعبة ف الكم للوجهة الغالبة‪ ،‬فإذا رأينا آثار حركة‬
‫التق&ي هي الغالبة على أفرادها‪ ،‬حكمنا لا بالياة‪ ،‬ومتى رأينا عكس ذلك قضينا عليها بالوت‪.‬‬
‫المة هي مموعة أفراد يمعها نسب أو وطن أو لغة أو دين‪ ،‬كما أن‪ x‬البناء مموع أنقاض‪،‬‬
‫فحسبما تكون النقاض جنسا? وجال? وقوة? يكون البناء‪ ،‬فإذا ترق¿ت أو انط¿ت المة ترق¿ت هيئتها‬
‫الجتماعية‪ ،‬حتى إن‪ x‬حالة الفرد الواحد من المة تؤث©ر ف مموع تلك المة‪ .‬كما إذا لو اختل¿ت حجرة‬
‫من حصن يت̈ل مموعه وإن• كان ل يشعر بذلك‪ ،‬كما لو وقفت بعوضة على طرف سفينة عظيمة‬
‫أثقلتها وأمالتها وإن• ل ي‪M‬در‪w‬ك ذلك بالشاعر‪ .‬وبعض السياسيي بنى على هذه القاعدة‪ :‬أن‪x‬ه يكفي المة‬
‫رقيا? أن يتهد ك̈ل فرد منها ف ترقية نفسه بدون أن يفتكر ف ترق&ي مموع المة‪.‬‬
‫التق&ي اليوي الذي يتهد فيه النسان بفطرته وهمته هو أول?‪ :‬التق&ي ف السم صحة‬
‫وتل̈ذذا?‪ ،‬ثانيا‪ :‬التق&ي ف القوة بالعلم والال‪ ،‬ثالثا?‪ :‬التق&ي ف النفس بالصال والفاخر‪ ،‬رابعا?‪ :‬التق&ي‬
‫بالعائلة استئناسا? وتعاونا?‪ ،‬خامسا‪ :‬التق&ي بالعشية تناصرا? عند الطوارئ‪ ،‬سادسا?‪ :‬التق&ي بالنسانية‪،‬‬
‫وهذا منتهى التق&ي‪.‬‬
‫وهناك نوعٌ آخر من التق&ي ويتعلق‬
‫بالروح وبالكمال‪ ،‬وهو أن‪ x‬النسان يمل‬
‫نفسا? ملهمة بأن‪ x‬لا وراء حياتها هذه حياة‬
‫أخرى يتق&ى بها على سل&م العدل‬
‫وال ر ح ة وا ل سنا ت‪ .‬فأ ه ل ا ل ديا ن – ما ع دا‬
‫أهل التوراة‪ -‬يؤمنون بالبعث أو التناسخ‪ ،‬فيأتون بالعدل والرحة رجاء الكافأة أو خوف الازاة‪ ،‬وهم‬

‫‪80‬‬
‫من قبيل الطبيعيي يعتبون أنفسهم مديني للنسانية بفظها تاريخ الياة الطبيعية‪ ،‬فيلتزمون‬
‫بدمتها اهتماما? بياتهم التاريية ب}سن الذكر أو قبحه‪.‬‬
‫وهذه التق&يات‪ ،‬على أنواعها الستة‪ ،‬ل يزال النسان يسعى وراءها ما ل يعتضه مانع غالب‬
‫يسلب إرادته‪ ،‬وهذا الانع إم‪x‬ا هو القدر التوم‪ ،‬السمى عند البعض بالعجز الطبيعي‪ ،‬أو هو الستبداد‬
‫الشؤوم‪ .‬على أن‪ x‬القدر يصدم سي التق&ي لة?‪ ،‬ثم‪ x‬يطلقه فيك̈ر راقيا?‪ .‬وأما الستبداد فإن‪x‬ه يقلب السي‬
‫من التق&ي إل النطاط‪ ،‬ومن التقدم إل التأخر‪ ،‬من النماء إل الفناء‪ ،‬ويلزم المة ملزمة الغريم‬
‫الشحيح‪ ،‬ويفعل فيها دهرا? طويل? أفعاله الت تقد‪x‬م وصف بعضها ف الباث السابقة‪ ،‬أفعاله الت‬
‫تبلغ بالمة حط&ة العجماوات فل يهمها غي حفظ حياتها اليوانية فقط‪ ،‬بل قد تبيح حياتها هذه‬
‫الدنيئة أيضا? الستبداد إباحة? ظاهرة أو خفية‪ .‬ول عار على النسان أن• يتار الوت على الذل‪ ،‬وهذه‬
‫سباع الطي والوحوش إذا أ}س‪€‬ر‪w‬ت كبية قد تأبى الغذاء حتى الوت‪.‬‬
‫وقد يبلغ فعل الستبداد بالمة أن يو©ل ميلها الطبيعي من طلب التق&ي إل التس̃فل‪ ،‬بيث‬
‫لو د‪M‬ف‪€‬ع‪w‬ت إل الر©فعة لبت وتأل¿مت كما يتأل¿م الجهر من النور‪ ،‬وإذا أ}لز›م‪w‬ت بالرية تشقى‪ ،‬وربا تفنى‬
‫كالبهائم الهلية إذا أ}طل‪€‬ق سراحها‪ .‬عندئذٍ يصي الستبداد كالعلق يطيب له القام على امتصاص دم‬
‫المة‪ ،‬فل ينفك˜ عنها حتى توت ويوت هو بوتها‪.‬‬
‫وتوصف حركة التق&ي والنطاط ف الشؤون اليوية للنسان؛ أنها من نوع الركة الدودية‪،‬‬
‫الت تصل بالندفاع والنقباض‪ ،‬وذلك أن‪ x‬النسان يولد وهو أعجز حراكا? وإدراكا? من كل© حيوان‪ ،‬ثم‬
‫يأخذ ف السي‪ ،‬تدفعه الرغائب النفسية والعقلية وتقبضه الوانع الطبيعية والزاحة‪ .‬وهذا س̈ر أن‬
‫النسان ينتابه الي والشر‪ .‬وهو س̈ر ما ورد ف القرآن الكريم من ابتلء ال الناس بالي والشر‪ ،‬وهو‬
‫معنى ما ورد ف الثر بأن‪ x‬الي مربوط بذيل الشر‪ ،‬والشر مربوط‪ j‬بذيل الي‪ ،‬وهو الراد من أقوال‬
‫الكماء نو‪ :‬على قدر النعمة تكون النقمة‪ ،‬على قدر المم تأتي العزائم‪ ،‬بي السعادة والشقاء حرب‬
‫س‪€‬جال‪ ،‬العاقل من يستفيد من مصيبته‪ ،‬والكي©س من يستفيد من مصيبته ومصيبة غيه‪ ،‬والكيم من‬
‫يبتهج بالصائب ليقطف منها الفوائد‪ ،‬ما كان ف الياة لذة لو ل يتخللها آلم‪.‬‬
‫فإذا تقرر هذا فليعلم أيضا? أن‪ x‬سبيل النسان هو الرقي‪ ،‬ما دام جناحا الندفاع والنقباض فيه‬
‫متوازيي كتوازن اليابية والسلبية ف الكهربائية‪ ،‬وسبيله القهقرى إن غلبته الطبيعة أو الزاحة‪ .‬ثم‬
‫إن‪ x‬الندفاع إذا غلب فيه العقل النفس‪ ،‬كانت الوجهة إل الكمة‪ ،‬وإن• غلبت النفس العقل‪ ،‬كانت‬
‫الوجهة إل الزيغ‪ .‬أما النقباض؛ فالعتدل منه هو السائق للعمل‪ ،‬والقوي منه م‪M‬هل‪€‬ك‪ j‬للحركة‪،‬‬
‫والستبداد الشؤوم الذي نبحث فيه هو قابض ضاغط مسكن‪ ،‬والبتلون به هم الساكي‪ .‬نعم‪ :‬أسراء‬
‫الستبداد أح̈ق بوصف الساكي من عجزة الفقراء‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫ولو ملك الفقهاء حرية النظر لرجوا من الختلف ف تعريف الساكي الذين جعل لم ال‬
‫نصيبا? من الزكاة فقالوا‪ :‬هم عبيد الستبداد‪ ،‬ولعلوا كف¿ارات فك‪ ¤‬الرقاب تشمل هذا الرق الكب‪.‬‬
‫أ}سراء الستبداد حتى الغنياء منهم ك̃لهم مساكي ل حراك فيهم‪ ،‬يعيشون منحط&ي ف‬
‫الدراك‪ ،‬منحط‪¤‬ي ف الحساس‪ ،‬منحط&ي ف الخلق‪ .‬وما أظلم توجيه اللوم عليهم بغي لسان الرأفة‬
‫والرشاد‪ ،‬وقد أبدع من شب‪x‬ه حالتهم بدود تت صخرة‪ ،‬فما أليق باللئمي أن يكونوا مشفقي يسعون‬
‫ف رفع الصخرة ولو حتا? بالظافر ذر‪x‬ة? بعد ذرة‪.‬‬
‫وقد أجع الكماء على أن‪ x‬أهم ما يب عمله على الخذين بيد الم‪x‬ة‪ ،‬الذين فيهم نسمة‬
‫مروءة وشرار حية‪ ،‬الذين يعرفون ما هي وظيفتهم بإزاء النسانية‪ ،‬اللتمسي لخوانهم العافية‪ ،‬أن‬
‫يسعوا ف رفع الضغط عن العقول لينطلق سبيلها ف النمو© فتمز©ق غيوم الوهام الت تطر الخاوف‪ ،‬شأن‬
‫الطبيب ف اعتنائه أول? بقوة جسم الريض‪ ،‬وأن يكون الرشاد متناسبا? مع الغفلة خف¿ة? وقوة‪ :‬كالساهي‬
‫ينب©هه الصوت الفيف‪ ،‬والنائم يتاج إل صوتٍ لقوى‪ ،‬والغافل يلزمه صياحٌ وزجر‪ .‬فالشخاص من‬
‫هذا النوع الخي‪ ،‬يقتضي ليقاظهم الن بعد أن ناموا أجيال? طويلة أن يسقيهم النطاسي البارع مرا? من‬
‫الزواجر والقوارس عل¿هم يفيقون‪ ،‬وإل فهم ل يفيقون‪ ،‬حتى يأتي القضاء من السماء‪ :‬فتبق السيوف‪،‬‬
‫وترعد الدافع وتطر البنادق‪ ،‬فحينئذٍ يصحون‪ ،‬ولكن؛ صحوة الوت!‪.‬‬
‫بعض الجتماعيي ف الغرب يرون أن‪ x‬الد©ين يؤث©ر على التق&ي الفرادي‪ ،‬ثم‪ x‬الجتماعي تأثيا‬
‫معط‪¤‬ل? كفعل الفيون ف الس©‪ ،‬أو حاجبا? كالغيم يغشى نور الشمس‪ .‬وهناك بعض الغلة يقولون‪ :‬الدين‬
‫والعقل ضدان متزاحان ف الرؤوس‪ ،‬وإن‪ x‬أول نقطة من التق&ي تبتدئ عند آخر نقطة من الدين‪ .‬وإن‬
‫أصدق ما ي‪M‬ستد‪̈x‬ل به على مرتبة ال̈رقي والنطاط ف الفراد أو ف المم الغابرة والاضرة‪ ،‬هو مقياس‬
‫الرتباط بالدين قوة? وضعفا‪.‬‬
‫هذه الراء ك̃لها صحيحة ل مال للرد© عليها‪ ،‬ولكن؛ بالنظر إل الديان الرافية أساسا? أو‬
‫الت ل تقف عند ح ©د الكمة‪ ،‬كالدين البن على تكليف العقل بتص̈ور أن‪ x‬الواحد ثلثة والثلثة واحد‪.‬‬
‫لن‪ x‬مر‪x‬د الذعان لا يعقل برهان على فساد بعض مراكز العقل‪ ،‬ولذا أصبح العال التمدن يعد‬
‫النتساب إل هذه العقيدة من العار؛ لنه شعار ال}مق‪.‬‬
‫أما الديان البنية على العقل الض كالسلم الوصوف بدين الفطرة‪ ،‬ول أعن بالسلم ما‬
‫يدين به أكثر السلمي الن‪ ،‬إن‪x‬ما أريد بالسلم‪ :‬دين القرآن؛ أي الدين الذي يقوى على فهمه من‬
‫القرآن ك̈ل إنسان! غي مقي‪x‬د الفكر بتف̈صح زيد أو ت̃كم عمرو‪.‬‬
‫فل شك أن‪ x‬الد©ين إذا كان مبنيا? على العقل‪ ،‬يكون أفضل صارف للفكر عن الوقوع ف مصائد‬
‫الخر©في‪ ،‬وأنفع وازع بضبط الن‪x‬فس من الشطط‪ ،‬وأقوى مؤث©ر لتهذيب الخلق‪ ،‬وأكب معي على ت̈مل‬

‫‪82‬‬
‫مشاق الياة‪ ،‬وأعظم منش©ط على العمال الهم‪x‬ة الطرة‪ .‬وأجل‪ x‬مثب©ت على البادئ الشريفة‪ ،‬وف‬
‫النتيجة يكون أصح‪ x‬مقياس ي‪M‬ستد̈ل به على الحوال النفسية ف المم والفراد رقيا? وانطاطا‪.‬‬
‫هذا القرآن الكريم إذا أخذناه وقرأناه بالتروي ف معاني ألفاظه العربية وأسلوب تركيبه‬
‫القرشي‪ ،‬مع تف̈هم أسباب نزول آياته وما أشارت إليه‪ ،‬ومع التب̈صر ف مقاصده الدقيقة وتشريعه‬
‫السامي‪ ،‬ومع أخذ بعض التوضيحات من ال̈سن‪x‬ة العملية النبوية أو الجاع إن وجدا‪ ،‬وقل¿ما يوجدان‪،‬‬
‫حك‪¢‬م! يتلق&اها العقل بالجلل والعظام‪ ،‬إل درجة انقياد‬
‫فحينئذٍ ل نرى فيه من أول‪¤‬ه إل آخره غي ‪€‬‬
‫لك‪¢‬م ح‪€‬ك‪¢‬مٌ عزيزة إلية‪ ،‬وأن‪ x‬الذي أنزلا ال على قلبه‬
‫العقل طوعا? أو كرها? لليان إجال? بأن‪ x‬تلك ا ‪€‬‬
‫هو افضل من أرسله ال مرشدا? لعباده‪.‬‬
‫وتوضيح ذلك‪ :‬أن‪ x‬الناظر ف القرآن حق النظر يرى أن‪x‬ه ل يكل‪¤‬ف النسان قط& بالذعان لشيء‬
‫فوق العقل‪ ،‬بل يذ©ره وينهاه من اليان ات©باعا? لرأي الغي أو تقليدا? للباء‪ .‬ويراه طافحا? بالتنبيه إل‬
‫أعمال النسان فكره ونظره ف هذه الكائنات وعظيم انتظامها‪ ،‬ثم‪ x‬الستدلل بذلك إل أن‪ x‬لذه الكائنات‬
‫صانعا? أبدعها من العدم‪ ،‬ثم‪ x‬النتقال إل معرفة الص©فات الت يستلزم العقل أن يكون هذا الصانع مت‪x‬ص‪€‬فا‬
‫بها‪ ،‬أو منز‪x‬ها? عنها‪ ،‬ثم‪ x‬يرى القرآن يعل‪¤‬م النسان بعض أعمال وأحكام وأوامر ونواهي كل&ها ل تبلع‬
‫الائة عددا?‪ ،‬وك̃لها بسيطة معقولة‪ ،‬إل قليل? من المور التع̈بدية الت ش‪M‬ر©عت لتكون شعارا? يعرف به‬
‫السلم أخاه‪ ،‬أو يستطلع من خلل قيامه بها أو تهاونه فيها أخلقه‪ ،‬فيستد̈ل مثل? بالتكاسل عن‬
‫الصلة على ف‪¢‬قد‪ €‬النشاط‪ ،‬وبتك الصوم على عدم الصب‪ ،‬وبال̈سكر على غلبة النفس والعقل ونو ذلك‪.‬‬
‫وكفى بالسلمية رقيا? ف التشريع‪ ،‬رقيها بالبشر إل منزلة حصرها أسارة النسان ف جهة‬
‫شريفة واحدة وهي )ال(‪ ،‬وعتقها عقل البشر عن تو̈هم وجود قوة ما‪ ،‬ف غي ال‪ ،‬من شأنها أن تأتي‬
‫للنسان بي! ما‪ ،‬أو تدفع عنه شرا? ما‪ .‬فالسلمية تعل النسان ل يرجو ول يهاب من رسول! أو‬
‫نب‪ ،‬أو ملكٍ أو فلك‪ ،‬أو ولي‪ Í‬أو جني‪ ،‬أو ساحر! أو كاهن‪ ،‬أو شيطان! أو سلطان‪.‬‬
‫وأعظم بهذا التعليم الذي يرمي النسان عن عاتقه جبال? من الوف والوهام واليالت‪،‬‬
‫جبال? اعتقلها منذ كان يسرح مع الغيلن‪ ،‬أو ورثها من أبيه آدم الذي طغاه شيطان النفس‪ .‬أو ليس‬
‫العتيق من الوهام يصبح صحيح العقل‪ ،‬قوي الرادة‪ ،‬ثابت العزية‪ ،‬قائده الكمة‪ ،‬سائقه الوجدان‪،‬‬
‫فيعيش حرا?‪ ،‬فرحا? صبورا? فخورا‪ .‬ل يبالي حتى بالوت لعلمه بالسعادة الت يستقبلها‪ ،‬الت يث©لها له‬
‫القرآن بالنان‪ ،‬فيها الروح والريان‪ ،‬والور والغلمان‪ ،‬فيها كل مل تشتهي النفس وتق̈ر به‬
‫العينان؟!‬
‫وأظ̈ن أن هؤلء النكرين فائدة الدين‪ ،‬ما أنكروا ذلك إل من عدم اط‪¤‬لعهم على دين! صحيح مع‬
‫يأسهم من إصلح ما لديهم‪ ،‬عجز?ا عن مقاومة أنصار الفساد‪ .‬وإذا نظرنا ف أن‪ x‬هؤلء أنفسهم هم ف آن‬

‫‪83‬‬
‫واحد يشددون الن‪x‬كي على الد©ين من جهة‪ ،‬قائلي‪ :‬إن‪ x‬ضرره أكب من نفعه‪ ،‬ويهيجون من جهةٍ أخرى‬
‫مؤث©رات أدبية وهمية مضا? يرون أنه ل ب ‪x‬د منه ف بناء المم‪ ،‬وذلك مثل حب© الوطن وخيانته‪ ،‬وحب‬
‫النسانية والساءة إليها وال̈سمعة السنة وعكسها‪ ،‬والذ©كر التاريي بالي أو الش‪x‬ر ونو ذلك ما هو‬
‫ل شيء ف ذاته‪ ،‬ول شيء أيضا? بالنسبة‬
‫إل تأثي طاعة ال والوف منه‪ ،‬لن‬
‫)ال( حقيقة ل ريب فيها‪ ،‬بل ول خلف‬
‫إل ف الساء بي )ال( وبي )مادة( أو‬
‫)طبيعة(‪ .‬ولول أن‪ x‬الاديي والطبيعيي‬
‫يأبون الستسال ف البحث ف صفات ما‬
‫ي س م ون ه ما د ة أ و طبي ع ة‪ ،‬للت ق وا – و ل ش ك‪-‬‬
‫مع السلم ف نقطة واحدة‪ ،‬فارتفع اللف العلمي وأسلم الك̈ل ل‪.‬‬
‫وعلى ذكر اللوم الرشادي لح لي أن• أصو©ر الرقي والنطاط ف الن‪x‬فس‪ ،‬وكيف ينبغي للنسان‬
‫العاقل أن يعاني إيقاظ قومه‪ ،‬وكيف يرشدهم إل أنهم خ‪M‬ل‪€‬قوا لغي ما هم عليه من الص‪x‬ب على ال̈ذل‬
‫والس‪x‬فالة‪ ،‬فيذك‪¤‬رهم‪ ،‬وير©ك قلوبهم‪ ،‬ويناجيهم‪ ،‬وينذرهم بنحو الطابات التية‪:‬‬
‫"يا قوم‪ :M‬ينازعن وال الشعور‪ ،‬هل موقفي هذا ف جع حي‪ Í‬فأحييه بالسلم؟ أم أنا أخاطب‬
‫أهل القبور فأحييهم بالرحة؟ يا هؤلء‪ ،‬لستم بأحياء عاملي‪ ،‬ول أموات مستيي‪ ،‬بل أنتم بي‬
‫بي‪ :‬ف برزخ! يسمى التن̈بت‪ ،‬ويصرح تشبيهه بالنوم! يا رباه‪ :‬إني أرى أشباح أناس يشبهون ذوي‬
‫الياة‪ ،‬وهم ف القيقة موتى ل يشعرون‪ ،‬بل هم موتى؛ لنهم ل يشعرون"‪.‬‬
‫"يا قوم‪ :‬هداكم ال‪ ،‬إل متى هذا الشقاء الديد والناس ف نعيم! مقيم‪ ،‬وعز‪ Í‬كريم‪ ،‬أفل تنظرون؟‬
‫وما هذا التأ̈خر‪ ،‬وقد سبقتكم القوام ألوف مراحل‪ ،‬حتى صار ما بعد ورائكم أماما! أفل تتبعون؟ وما‬
‫هذا النفاض والناس ف أوج الرفعة‪ ،‬أفل تغارون؟ أناشدكم ال؛ هل طابت لكم طول غيبة الصواب‬
‫عنكم؟ أم أنتم كأهل ذلك الكهف ناموا ألف عام ثم‪ x‬قاموا‪ ،‬وإذا بالدنيا غي الدنيا‪ ،‬والناس غي الناس‪،‬‬
‫فأخذتهم الدهشة والتزموا السكون؟"‪.‬‬
‫"يا قوم‪ :‬وقاكم ال من الشر‪ ،‬أنتم بعيدون عن مفاخر البداع وشرف القدوة‪ ،‬م‪M‬بتلون بداء‬
‫التقليد والتبعية ف كل© فكر! وعمل‪ ،‬وبداء الرص على كل© عتيق كأن‪x‬كم خ‪M‬ل‪€‬قتم للماضي ل للحاضر‪:‬‬
‫تشكون حاضركم وتسخطون عليه‪ ،‬ومن لي أن تدركوا أن‪ x‬حاضركم نتيجة ماضيكم‪ ،‬ومع ذلك أراكم‬
‫تقل‪¤‬دون أجدادكم ف الوساوس والرافات والمور السافلت فقط‪ ،‬ول تقل‪¤‬دونهم ف مامدهم! أين الدين؟‬

‫‪84‬‬
‫أين التبية؟ أين الحساس؟ أين الغية؟ أين السارة؟ أين الثبات؟ أين الرابطة؟ أين النعة؟ أين‬
‫الشهامة؟ أين النخوة؟ أين الفضيلة؟ أين الواساة؟ هل تسمعون؟ أم أنتم ص‪M‬م‪ Å‬لهون؟"‬
‫يا قوم‪ :M‬عافاكم ال‪ ،‬إل متى هذا النوم؟ وإل متى هذا التق̃لب على فراش البأس ووسادة‬
‫اليأس؟ أنتم مفت‪x‬حة‪ j‬عيونكم ولكنكم نيام‪ ،‬لكم أبصار ولكنكم ل تنظرون‪ ،‬وهكذا ل تعمى البصار‪،‬‬
‫ولكن•؛ تعمى القلوب الت ف الصدور! لكم سعٌ ولسانٌ ولكنكم ص‪M‬م‪ Å‬ب‪M‬كمٌ‪ ،‬ولكم شبيه الس© ولكنكم ل‬
‫تشعرون به ما هي اللذائذ حقا? وما هي اللم‪ ،‬ولكم رؤوسٌ كبية ولكنها مشغولة بزعجات الوهام‬
‫والحلم‪ ،‬ولكم نفوسٌ ح̃قها أن تكون عزيزة‪ ،‬ولكن•؛ أنتم ل تعرفون لا قدرا? ومقاما"‪.‬‬
‫"يا قوم‪ :M‬قاتل ال الغباوة‪ ،‬فإنها تل القلوب رعبا? من ل شيء‪ ،‬وخوفا? من كل© شيء‪ ،‬وتفعم‬
‫الرؤوس تشويشا? وسخافة‪ .‬أليست هي‬
‫الغباوة جعلتكم كأنكم قد مس‪x‬كم‬
‫الشيطان‪ ،‬فتخافون من ظل‪¤‬كم وترهبون‬
‫من قوتكم‪ ،‬وتيشون منكم عليكم جيوشا‬
‫ليقتل بعضكم بعضا?؟ تتامون على الوت‬
‫خ و ف ا ل و ت‪ ،‬و ت سب و ن – ط و ل ال ع م ر‪-‬‬
‫فكركم ف الد©ماغ ونطقكم ف اللسان وإحساسكم ف الوجدان خوفا? من أن يسجنكم الظالون‪ ،‬وما يسجنون‬
‫غي أرجلكم أياما?‪ ،‬فما بالكم يا أحلس النساء مع الذل تافون أن تصيوا ج‪M‬ل¿س الرجال ف‬
‫السجون؟"‬
‫"يا قوم‪ :‬أ}عيذكم بال من فساد الرأي‪ ،‬وضياع الزم‪ ،‬وفقد الثقة بالنفس‪ ،‬وترك الرادة‬
‫للغي‪ ،‬فهل ترون أثرا? لل̈رشد ف أن يوك‪¤‬ل النسان عنه وكيل? وي‪M‬طلق له التص̈رف ف ماله وأهله‪ ،‬والتح̃كم‬
‫ف حياته وشرفه والتأثي على دينه وفكره‪ ،‬مع تسليف هذا الوكيل العفو عن كل© عبثٍ وخيانة وإسراف‬
‫وإتلف؟ أم ترون أن‪ x‬هذا النوع من النة به أن يظلم النسان نفسه؟ هل خلق ال لكم عقول? لتفهموا به‬
‫ل ل ي‪w‬ظلم الناس شيئا? ولكن‪ x‬الناس أنفسهم يظلمون‪.‬‬
‫كل‪ x‬شيء؟ أم لتهملوه كأن‪x‬ه ل شيء؟ ‪‬إن‪ x‬ا ‪¢‬‬
‫"يا قوم‪ :‬شفاكم ال‪ ،‬قد ينفع اليوم النذار واللوم‪ ،‬وأما غدا? إذا حل‪ x‬القضاء‪ ،‬فل يبقى لكم‬
‫غي الندب والبكاء‪ .‬فإل متى هذا التخادع والتخاذل؟ وإل متى هذا الهمال؟ هل طاب لكم النوم على‬
‫الوسادة اللينة‪ ،‬وسادة المول؟ أم طاب لكم السكون وتو̈دون لو تسكنون القبور؟ أم عاهدت أنفسكم أن‬
‫تصلوا غفلة الياة بالمات‪ ،‬فل تفيقوا من ال̈سبات قبل صباح يوم النشور‪ ،‬يوم تعلو السيوف رقابكم‬
‫وتصمي الدافع آذانكم فتمسون الذل&ء حقا?‪ ،‬وحق‪ x‬لكم أن تذلوا؟"‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫"يا قوم‪ :M‬رحكم ال‪ ،‬ما هذا الرص على حياةٍ تعيسةٍ دنيئة ل تلكونها ساعة! ما هذا‬
‫الرص على الراحة الوهومة وحياتكم ك̃لها تعبٌ ونص‪w‬ب! هل لكم ف هذا الص‪x‬ب فخرٌ أو لكم عليه‬
‫ل ساء ما تتوهمون‪ ،‬ليس لكم إل القهر ف الياة‪ ،‬وقبيح الذ©كر بعد المات؛ لن‪x‬كم ما‬
‫أجر؟ كل&؛ وا ‪€‬‬
‫أفدت الوجود شيئا‪ .‬بل أتلفتم ما ورثتم عن السلف وصرت بئس الواسطة للخ‪w‬ل‪¢‬ف‪ .‬ألستم يا ناس مديوني‬
‫للسلف بكل© ما أنتم فيه من التق&ي عن إنسان الغابات؟ فإذا ل تكونوا أهل? للمزيد فكونوا أخل‬
‫للح‪€‬ف¡ظ‪ ،‬وهذه العجماوات تنقل رقيها لنسلها بأمانة"‪.‬‬
‫"يا قوم‪ :M‬حاكم ال‪ ،‬قد جاءكم الستمتعون من كل© حدبٍ ينسلون‪ ،‬فإن وجدوكم أيقاظا‬
‫عاملوكم كما يتعامل اليان ويتجامل القران‪ ،‬وإن وجدوكم رقودا? ل تشعرون سلبوا أموالكم‪ ،‬وزاحوكم‬
‫على أرضكم‪ ،‬وتي‪x‬لوا تذليلكم‪ ،‬وأوثقوا ربطكم‪ ،‬وات‪x‬خذوكم أنعاما?‪ ،‬وعندئذٍ لو أردت حراكا? ل تقوون‪،‬‬
‫بل تدون القيود مشدودة? والبواب مسدودة ل ناة ول مرج"‪.‬‬
‫"يا قوم‪ :M‬هو‪x‬ن ال مصابكم‪ ،‬تشكون من الهل ول تنفقون على التعليم نصف ما تصرفون على‬
‫التدخي‪ ،‬تشكون من الك¿ام‪ ،‬وهم اليوم منكم‪ ،‬فل تسعون ف إصلحهم‪ ،‬تشكون فقد الرابطة‪ ،‬ولكم‬
‫روابط من وجوهٍ ل تفك‪¤‬رون ف إحكامها‪ .‬تشكون الفقر ول سبب له غي الكسل‪ .‬هل ترجون الص‪x‬لح وأنتم‬
‫ي‪M‬خادع بعضكم بعضا? ول تدعون إل أنفسكم؟‪ .‬ترضون بأدنى العيشة عجزا? ت‪M‬سمونه قناعة‪ ،‬وتهملون‬
‫شؤونكم تهاونا? ت‪M‬سمونه تو̃كل! تو©هون على جهلكم السباب بقضاء ال وتدفعون عار السببات بعطفها‬
‫على القدر‪ ،‬أل وال ما هذا شأن البشر!"‪.‬‬
‫"يا قوم‪ :M‬سامكم ال‪ ،‬ل تظلموا القدار‪ ،‬وخافوا غية النعم البار‪ .‬أل يلقكم أكفاءً أحرارا‬
‫طلقاء ل يثقلكم غي النور والنسيم‪ ،‬فأبيتم إل أن تملوا على عواتقكم ظلم الضعفاء وقهر القوياء؟! لو‬
‫شاء كبيكم أن ي‪M‬حم©ل صغيكم كرة الرض لنى له ظهره‪ ،‬ولو شاء أن يركبه لطأطأ له رأسه‪ .‬ماذا‬
‫استفدت من هذا الضوع والشوع لغي ال؟ وماذا ترجون من تقبيل الذيال والعتاب وخفض الصوت‬
‫ونكس الرأس؟ أليس منشأ هذا الصغار كل‪¤‬ه هو ضعف ثقتكم بأنفسكم‪ ،‬كأن©كم عاجزون عن تصيل ما‬
‫تقوم به الياة‪ ،‬وحسب الياة ل}قيماتٍ من نباتٍ يقمن ضلع ابن آدم‪ ،‬وقد بذلا الل&ق لضعف‬
‫اليوان‪ ،‬وهذه الوحوش تد فرائسها أينما حل¿ت‪ ،‬وهذه الوام ل تفقد قوتها؟ فما بال الر‪x‬جل منكم‬
‫يضع نفسه مقام الطفل الذي ل ينال حاجته إل بالتذ̃لل والبكاء‪ ،‬أو موضع الشيخ الفاني الذي ل ينال‬
‫حاجته إل بالتم̃لق وال̈دعاء؟"‪.‬‬
‫"يا قوم‪ :‬رفع ال عنكم الكروه‪ ،‬ما هذا التفاوت بي أفرادكم وقد خلقكم ربكم أكفاء ف البنية‪،‬‬
‫أكفاء ف القوة‪ ،‬أك‪¤‬فاء ف الطبيعة‪ ،‬أكف¿اء ف الاجات‪ ،‬ل يفضل بعضكم بعضا? إل بالفضيلة‪ ،‬ل ربوبية‬
‫بينكم ول عبودية؟ وال؛ ليس بي صغيكم وكبيكم غي برز !خ من الوهم‪ .‬ولو درى الصغي بوهمه‪،‬‬

‫‪86‬‬
‫العاجز بوهمه‪ ،‬ما ف النفس الكبي التآله من الوف منه لزال الشكال وقضي المر الذي فيه تشقون!‬
‫يا أعزاء اللقة‪ ،‬جهلء القام‪ ،‬كان الناس ف دور المجية‪ ،‬فكان د‪M‬هاتهم بينهم آلة وأنبياء‪ ،‬ثم‪ x‬ترق&ى‬
‫الناس‪ ،‬فهبط هؤلء لقام البابرة والولياء‪ ،‬ثم‪ x‬زاد الرقي فانط¿ أولئك إل مرتبة ال}ك¿ام والكماء‪،‬‬
‫حتى صار الناس ناسا? فزال العماء‪ ،‬وانكشف الغطاء‪ ،‬وبان أن‪ x‬الكل‪ x‬أكفاء‪ .‬فأناشدكم ال ف أي الدوار‬
‫أنتم؟ أل تفك‪¤‬رون؟"‪.‬‬
‫"يا قوم‪ :M‬جعلكم ال من الهتدين‪ ،‬كان أجدادكم ل ينحنون إل ركوعا? ل‪ ،‬وأنتم تسجدون‬
‫لتقبيل أرجل النع‪€‬مي ولو بلقمةٍ مغموسةٍ بدم الخوان‪ ،‬وأجدادكم ينامون ف قبورهم مستوين أعزاء‪،‬‬
‫وأنتم أحياء معو‪x‬جة رقابكم أذل&ء! البهائم تو̈د لو تنتصب قاماتها وأنتم من كثرة الضوع كادت تصي‬
‫أيديكم قوائم‪ .‬النبات يطلب العلو وأنتم تطلبون النفاض‪ .‬لف‪¢‬ظ‪¢‬تكم الرض لتكونوا على ظهرها وأنتم‬
‫حريصون على أن تنغرسوا ف جوفها‪ ،‬فإن• كانت بطن الرض بغيتكم‪ ،‬فاصبوا قليل? لتناموا فيها‬
‫طويل"‪.‬‬
‫"يا قوم‪ :M‬ألمكم ال الرشد‪ ،‬متى تستقيم قاماتكم وترتفع من الرض إل السماء أنظاركم‪،‬‬
‫وتيل إل التعالي نفوسكم‪ ،‬فيشعر أحدكم بوجوده ف الوجود‪ ،‬فيعرف معنى النانية ليستقل بذاته‬
‫لذاته‪ ،‬ويلك إرادته واختياره ويثق بنفسه وربه‪ ،‬ل يتك‪¤‬ل على أحد من خلق ال ات©كال الناقص ف‬
‫اللق على الكامل فيه‪ ،‬أو ات©كال الغاصب على مال الغافل أو الكل© على سعي العامل‪ ،‬بل يرى أحدكم‬
‫نفسه إنسانا? كريا? يعتمد على البادلة والتعاوض فيسلف‪ ،‬ثم‪ x‬يستوف‪ ،‬ويستوف على أن يفي‪ ،‬بل ينظر‬
‫ف نفسه أن‪x‬ه هو المة وحده‪ ،‬وما أجدر بأحدكم أن يعمل لدنياه بنفسه لنفسه‪ ،‬فل يت‪x‬كل على غيه‪،‬‬
‫كما يعمل النسان ليعبد ال بشخصه ل ينيب عنه غيه؟ فإذا فعلتم ذلك أظهر ال بينكم ثرة التضامن‬
‫بل اشتاط‪ ،‬والتقاضي بل ماشرة‪ ،‬فتصيون بنعمة ال إخوانا"‪.‬‬
‫"يا قوم‪ :‬أبعد ال عنكم الصائب وبص‪x‬ركم بالعواقب‪ .‬إن كانت الظال غل¿ت أيديكم‪ ،‬وضي‪x‬قت‬
‫أنفسكم‪ ،‬حتى صغرت نفوسكم‪ ،‬وهانت عليكم هذه الياة وأصبحت ل تساوي عندكم الهد والد‬
‫وأمسيتم ل تبالون أتعيشون أم توتون‪ ،‬فهل& أخبتوني لاذا تك‪¤‬مون فيكم الظالي حتى ف الوت؟‬
‫أليس لكم من اليار أن توتوا كما تشاؤون‪ ،‬ل كما يشاء الظالون؟ هل سلب الستبداد إرادتكم حتى ف‬
‫الوت؟ كل وال‪ :‬إن أنا أحببت الوت أموت كما أحب‪ ،‬لئيما? أو كريا?‪ ،‬حتفا? أو شهيدا?‪ ،‬فإن كان‬
‫الوت ول بد‪ ،x‬فلماذا البانة؟ وإن أردت الوت‪ ،‬فليكن اليوم قبل الغد‪ ،‬ولكن بيدي ل بيد عمرو‪.‬‬
‫أليس‪:‬‬
‫كطعم الوت ف أمر! عظيم›‬ ‫وطعم الوت ف أمر! صغي‬

‫‪87‬‬
‫"يا قوم‪ :M‬أناشدكم ال‪ ،‬أل أقول حقا? إذا قلت‪ M‬إن‪x‬كم ل ت̈بون الوت‪ ،‬بل تنفرون منه‪ ،‬ولكنكم‬
‫تهلون الطريق فتهربون من الوت إل الوت‪ ،‬ولو اهتديتم إل السبيل لعلمتم أن‪ x‬الرب من الوت‬
‫موتٌ‪ ،‬وطلب الوت حياة‪ ،‬ولعرفتم أن‪ x‬الوف من التعب تعبٌ‪ ،‬والقدام على التعب راحة‪ ،j‬ولفطنتم‬
‫إل أن‪ x‬الرية هي شجرة اللد‪ ،‬وس‪M‬قياها قطرات من الدم الحر السفوح‪ ،‬والسارة هي شجرة الزق&وم‪،‬‬
‫وسقياها أنهر من الدم البيض؛ أي الدموع‪ ،‬ولو كبت نفوسكم لتفاخرت بتزيي صدوركم بورد الروح‬
‫ل بوسامات الظالي؟!"‪.‬‬
‫"يا قوم‪ :M‬وأعن منكم الساكي‪ ..،‬أيها السلمون‪ :‬إني نشأت وشبت وأنا أفك‪¤‬ر ف شأننا‬
‫الجتماعي‪ ،‬عسى أهتدي لتشخيص دائنا‪ ،‬فكنت‪ M‬أتقصى السبب بعد السبب‪ ،‬حتى إذا وقعت‪ M‬على ما‬
‫أظ̈نه عاما?‪ ،‬أقول‪ :‬لعل‪ x‬هذا هو جرثومة الداء‪ ،‬فأتعم‪x‬ق فيه تحيصا? وأحل‪¤‬له تليل?‪ ،‬فينكشف التحقيق‬
‫عن أن‪ x‬ما قام ف الفكر هو سبب من جلة السباب‪ ،‬أو هو سبب فرعي ل أصلي‪ ،‬فأخيب وأعود إل‬
‫البحث والتنقيب‪ .‬وطالا أمسيت‪ M‬وأصبحت‪ M‬أجهد الفكر ف الستقصاء‪ ،‬وكثيا? ما سعيت‪ M‬وسافرت‬
‫لستطلع آراء ذوي الراء‪ ،‬عسى أهتدي إل ما يشفي صدري من آلم بث أتعبن به رب©ي‪ .‬وآخر ما‬
‫استقر‪x‬ت عليه سفينة فكري هو‪:‬‬
‫إن‪ x‬جرثومة دائنا هي خروج ديننا عن كونه دين الفطرة والكمة‪ ،‬دين النظام والنشاط‪ ،‬دين‬
‫القرآن الصريح البيان‪ ،‬إل صيغة أن‪x‬ا‬
‫جعلناه دين اليال والبال‪ ،‬دين اللل‬
‫والتشويش‪ ،‬دين الب‪€‬د‪w‬ع والتشديد‪ ،‬دين‬
‫الجهاد‪ .‬وقد دب‪ x‬فينا هذا الرض منذ‬
‫ألف عام‪ ،‬فتمك¿ن فينا وأث‪x‬ر ف كل‬
‫شؤوننا‪ ،‬حتى بلغ فينا استحكام اللل ف‬
‫ف ا لال ق –ج ل‬ ‫ال ف ك ر وال ع م ل أننا ل ن ر ى‬
‫شأنه‪ -‬نظاما? فيما ات‪x‬صف‪ ،‬نظاما? فيما قضى‪ ،‬نظاما? فيما أمر‪ ،‬ول نطالب أنفسنا فضل? عن آمرنا أو‬
‫مأمورنا بنظام! وترتيبٍ واط‪¤‬راد ومثابرة‪.‬‬
‫وهكذا أصبحنا واعتقادنا مشو‪x‬ش‪ ،‬وفكرنا مشو‪x‬ش‪ ،‬وسياستنا مشو‪x‬شة‪ ،‬ومعيشتنا مشو‪x‬شة‪ .‬فأين‬
‫منا والالة هذه؛ الياة الفكرية‪ ،‬الياة العملية‪ ،‬الياة العائلية‪ ،‬الياة الجتماعية‪ ،‬الياة‬
‫السياسية؟!"‪.‬‬
‫"يا قوم‪ :M‬قد ضي‪x‬ع دينكم ودنياكم ساستكم الولون وعلماؤكم النافقون‪ ،‬وإني أرشدكم إل عمل‬
‫إفرادي ل حرج فيه علما? ول عمل‪ :‬أليس بي جنب كل© فردٍ منكم وجدان ييز الي من الشر‪،‬‬

‫‪88‬‬
‫والعروف من النكر ولو تييزا? إجاليا?؟ أما بلغكم قول معل‪¤‬م الي نبيكم الكريم عليه أفضل الصلة‬
‫والتسليم‪" :‬لتأمرن‪ x‬بالعروف ولتنهون‪ x‬عن النكر أو ليسل‪¤‬طن‪ x‬ال عليكم شراركم فيدعو خياركم فل‬
‫يستجاب لم"‪ ،‬وقوله‪" :‬من رأى منكم منكرا? فليغيره بيده‪ ،‬وإن ل يستطع فبلسانه‪ ،‬وإن ل يستطع‬
‫فبقلبه‪ ،‬وذلك أضعف اليان"؟!‬
‫"وأنتم تعلمون إجاع أئمة مذاهبكم كل‪¤‬ها على أن‪ x‬أنكر النكرات بعد الكفر هو ال̃ظلم الذي فشا‬
‫فيكم‪ ،‬ثم‪ x‬قتل الن‪x‬فس‪ ،‬ثم‪ ،x‬وثم‪ ...،x‬وقد أوضح العلماء أن‪ x‬تغيي النكر بالقلب هو بغض التلب©س فيه‬
‫بغضا? ف ال‪ .‬بناءً عليه؛ فمن يعامل الظال أو الفاسق غي مضطر‪ ،‬أو يامله ولو بالسلم‪ ،‬يكون قد‬
‫خسر أضعف اليان والعياذ بال"‪.‬‬
‫"ول أظنكم تهلون أن‪ x‬كلمة الشهادة‪ ،‬والصوم والصلة‪ ،‬والج والزكاة‪ ،‬كل&ها ل تغن شيئا‬
‫مع فقد اليان‪ ،‬إنا يكون القيام حينئذٍ بهذه الشعائر‪ ،‬قياما? بعاداتٍ وتقليدات وهوسات تضيع بها‬
‫الموال والوقات"‪.‬‬
‫"بناءً عليه؛ فالدين يكل‪¤‬فكم إن كنتم مسلمي‪ ،‬والكمة ت‪M‬لز›مكم إن كنتم عاقلي‪ :‬أن تأمروا‬
‫بالعروف وتنهوا عن النكر جهدكم‪ ،‬ول أقل ف هذا الباب من إبطانكم البغضاء للظالي والفاسقي‪،‬‬
‫وأظنكم إذا تأم‪x‬لتم قليل? ترون هذا الدواء السهل القدور لكل© إنسان! منكم‪ ،‬يكفي لنقاذكم ما تشكون‪.‬‬
‫والقيام بهذا الواجب متعين على كل© فرد منكم بنفسه‪ ،‬ولو أهمله كاف&ة السلمي‪ .‬ولو أن‪ x‬أجدادكم‬
‫الولي قاموا به لا وصلتم إل ما أنتم عليه من الوان‪ .‬فهذا دينكم‪ ،‬والدين ما يدين به الفرد ل ما يدين‬
‫به المع‪ ،‬والدين يقيٌ وعمل‪ ،‬ل علمٌ وح‪€‬فظ‪ j‬ف الذهان‪ .‬أليس من قواعد دينكم فرض الكفاية وهو أن‬
‫يعمل السلم ما عليه غي منتظر! غيه؟!"‪.‬‬
‫"فأناشدكم ال يا مسلمي‪ :‬أن ل يغر‪x‬كم دين ل تعملون به وإن كان خي دين‪ ،‬ول تغرن‪x‬كم‬
‫أنفسكم بأن‪x‬كم أمة خي أو خي أمة‪ ،‬وأنتم التواكلون القتصرون على شعار‪ :‬ل حول ول قوة إل بال‬
‫العلي العظيم‪ .‬ون‪€‬ع•م‪ w‬الش©عار شعار الؤمني‪ ،‬ولكن؛ أين هم؟ إني ل أرى أمامي أم‪x‬ة? تعرف حقا? معنى ل‬
‫إله إل ال‪ ،‬بل أرى أم‪x‬ة? خبلتها عبادة الظالي!"‪.‬‬
‫"يا قوم‪ :M‬وأعن بكم الناطقي بالضاد من غي السلمي‪ ،‬أدعوكم إل تناسي الساءات‬
‫والحقاد‪ ،‬وما جناه الباء والجداد‪ ،‬فقد كفى ما ف}عل ذلك على أيدي الثيين‪ ،‬وأج̃لكم من أن ل‬
‫تهتدوا لوسائل الت©حاد وأنتم الهتدون السابقون‪ .‬فهذه أمم أوستيا وأمريكا قد هداها العلم لطرائق شتى‬
‫وأصول راسخة للت©حاد الوطن دون الدين‪ ،‬والوفاق النسي دون الذهب‪ ،‬والرتباط السياسي دون‬
‫الداري‪ .‬فما بالنا نن ل نفتكر ف أن نتبع إحدى تلك الطرائق أو شبهها‪ .‬فيقول عقلؤنا لثيي‬

‫‪89‬‬
‫الش‪x‬حناء من العاجم والجانب‪ :‬دعونا يا هؤلء نن ندب©ر شأننا‪ ،‬نتفاهم بالفصحاء‪ ،‬ونتاحم بالخاء‪،‬‬
‫ونتواسى ف الضراء‪ ،‬ونتساوى ف الس‪x‬راء‪.‬‬
‫دعونا ندب©ر حياتنا الدنيا‪ ،‬ونعل الديان تكم ف الخرى فقط‪ .‬دعونا نتمع على كلمات‬
‫سواء‪ ،‬أل وهي‪ :‬فلتحي المة‪ ،‬فليحي الوطن‪ ،‬فلنحي طلقاء أعزاء"‪.‬‬
‫"أدعوكم وأخص¨ منكم ال̈نجباء للتب̈صر والتبصي فيما آل إليه الصي‪ ،‬أليس مطلق العربي أخف‬
‫استحقارا? لخيه الغربي؟ هذا الغربي قد أصبح ماديا? ل دين له غي الكسب‪ ،‬فما تظاهر‪M‬ه مع بعضنا‬
‫بالخاء الدين إل مادعة? وك‪¢‬ذ‪€‬با‪ .‬هؤلء الفرنسيس يطاردون أهل الدين‪ ،‬ويعملون على أن‪x‬هم يتناسونه‪،‬‬
‫بناءً عليه؛ ل تكون دعواهم الد©ين ف الش‪x‬رق‪ ،‬إل كما يغر©د الصياد وراء الشباك!‬
‫لو كان للدين تأثي عند الغربي لا كانت البغضاء بي اللتي والسكسون‪ ،‬بل بي الطليان‬
‫والفرنسيس‪ ،‬ولا كانت بي اللان والفرنسيي الغربيي‪.‬‬
‫الغربي أرقى من الشرقي علما? وثروة ومنعة‪ ،‬فله على الشرقيي إذا واطنهم السيادة الطبيعية‪.‬‬
‫أما الشرقيون فيما بينهم‪ ،‬فمتقاربون ل يتغابنون‪.‬‬
‫الغربي يعرف كيف يسوس‪ ،‬وكيف يتمت‪x‬ع‪ ،‬وكيف يأسر‪ ،‬وكيف يستأثر‪ .‬فمتى رأى فيكم‬
‫استعدادا? واندفاعا? لاراته أو سبقه‪ ،‬ضغط على عقولكم لتبقوا وراءه شوطا? كبيا? كما يفعل الروس مع‬
‫البولونيي‪ ،‬واليهود والتتار‪ ،‬وكذلك شأن كل© الستعمرين‪ .‬الغربي مهما مكث ف الشرق ل يرج عن أن‪x‬ه‬
‫تاجر مستمتع‪ ،‬فيأخذ فسائل الشرق ليغرسها ف بلده الت ل يفتأ يفتخر برياضها وي̈ن إل أرباضها‪.‬‬
‫قد مضى على الولنديي ف الند وجزائرها‪ ،‬وعلى الروس ف قاوزان‪ ،‬مثل ما أقمنا ف‬
‫الندلس‪ ،‬ولكن•؛ ما خدموا العلم والعمران بعشر ما خدمناها‪ ،‬ودخل الفرنساويون الزائر منذ سبعي‬
‫عاما?‪ ،‬ول يسمحوا بعد لهلها بريدةٍ واحدة ت‪M‬قر‪w‬أ‪ .‬نرى النكليزي ف بلدنا ي‪M‬فض©ل قديد بلده‪ ،‬وسك‬
‫باره‪ ،‬على طري© لمنا وسكنا‪ .‬فهل والالة هذه تبصرون يا أولي اللباب؟"‪.‬‬
‫"وأنت أيها الشرق الفخيم رعاك ال‪ .‬ماذا دهاك؟ ماذا أقعدك عن مسراك؟ أليست أرضك تلك‬
‫الرض ذات النان والقنان‪ ،‬ومنبت العلم والعرفان‪ ،‬وساؤك تلك السماء مصدر النوار‪ ،‬ومهبط‬
‫الكمة والديان‪ ،‬وهواؤك ذاك النسيم العدل‪ ،‬ل العواصف والضباب‪ .‬وماؤك ذاك العذب الغدق‪ ،‬ل‬
‫الكدر ول الجاج؟"‪.‬‬
‫"رعاك ال يا شرق‪ ،‬ماذا أصابك فأخل‪ x‬نظامك‪ ،‬والدهر ذاك الدهر ما غي‪x‬ر وضعك‪ ،‬وبد‪x‬ل‬
‫شرعه فيك؟ أل تزل مناطقك هي العتدلة‪ ،‬وب‪w‬نوك هم الفائقون فطرة? وعددا?؟ أليس نظام ال فيك على‬
‫عهده الول‪ ،‬ورابطة الديان ف بنيك م‪M‬حكمة قوية‪ ،‬مؤسسة على عبادة الصانع الوازع؟ أليست معرفة‬

‫‪90‬‬
‫النعم حقيقة راهنة أشرقت فيك شسها‪ ،‬أي‪x‬دت بها عز النفس‪ ،‬وأحكمت بها حب‪ x‬الوطن وحب‬
‫النس؟"‪.‬‬
‫"رعاك ال يا شرق‪ ،‬ماذا عراك وسك¿ن منك الراك؟ أل تزل أرضك واسعة خصبة‪ ،‬ومعادنك‬
‫وافية غنية‪ ،‬وحيوانك رابيا? متناسل?‪ ،‬وعمرانك قائما? متواصل?‪ ،‬وب‪w‬نوك على ما رب‪x‬يتهم أقرب للخي من‬
‫الش‪x‬ر؟ أليس عندهم اللم السمى عند غيهم ضعفا? ف القلب‪ ،‬وعندهم الياء السمى بالبانة‪ ،‬وعندهم‬
‫الكرم السمى بالتلف‪ ،‬وعندهم القناعة السماة بالعجز‪ ،‬وعندهم العف&ة السماة بالبلهة‪ ،‬وعندهم‬
‫الاملة السماة بالذل؟ نعم؛ ما هم بالسالي من الظلم‪ ،‬ولكن؛ فيما بينهم‪ ،‬ول من الدع‪ ،‬ولكن؛ ل‬
‫يفتخرون به‪ ،‬ول من الضرار‪ ،‬ولكن؛ مع الوف من ال"‪.‬‬
‫"رعاك ال يا شرق‪ ،‬ل نرى من غي الدهر فيك ما يستوجب هذا الشقاء لبنيك‪ ،‬ويستلزم ذل¿هم‬
‫لبن أخيك‪ .‬فلماذا قد أصبحت إذا انقطع عنك مدد أخيك بصنوعاته‪ ،‬يبقى أبناؤك ع‪M‬راة حفاة ف‬
‫ظلم‪ ،‬بل ينيهم فقد‪ M‬الديد بالرجوع إل العصر النحاسي‪ ،‬بل الجري الوصوف بعصر التعفي؟"‪.‬‬
‫"رعاك ال يا شرق‪ ،‬بل راعى ال أخاك الغرب‪ ،‬العائل بنفسه والعائل فيك‪ ،‬وقاتل ال‬
‫الستبداد‪ ،‬بل لعن ال الستبداد‪ ،‬الانع من الترق&ي ف الياة‪ ،‬النحط& بالمم إل أسفل الدركات‪ .‬أل‬
‫ب‪M‬عدا? للظالي"‪.‬‬
‫"رعاك ال يا غرب‪ ،‬وحياك وبياك‪ ،‬قد عرفت لخيك سابق فضله عليك‪ ،‬فوفيت‪ ،‬وكفيت‪،‬‬
‫وأحسنت الوصاية وهديت‪ ،‬وقد اشتد‪ x‬ساعد بعض أولد أخيك‪ ،‬فهل ينتدب بعض شيوخ أحرارك‬
‫لعانة أناب أخيك على هدم ذاك السور‪ ،‬سور الشؤم والشرور‪ ،‬ليخرجوا إل أرض الياة‪ ،‬أرض‬
‫النبياء الداة‪ ،‬فيشكرون فضلك والدهر مكافأة؟"‪.‬‬
‫"يا غرب‪ ،M‬ل يفظ لك الد©ين غي الشرق إن• دامت حياته بريته‪ ،‬وفقد‪ M‬الدين يهد©دك‬
‫بالراب القريب‪ .‬فماذا أعددت للفوضيي إذا صاروا جيشا? جرارا?؟ وماذا أعددت لديارك البلى‬
‫بالثورة الجتماعية؟ هل ‪M‬تع‪̈€‬د الواد التفرقعة‪ ،‬وقد جاوزت• أنواعها اللف؟ أن ت‪M‬ع‪̈€‬د الغازات الانقة وقد‬
‫سهل استحضارها على الصبيان؟"‪.‬‬
‫"يا قوم‪ :‬وأريد بكم شباب اليوم؛ رجال الغد‪ ،‬شباب الفكر؛ رجال الد‪ ،‬أ}عيذكم من الزي‬
‫والذلن بتفرقة الديان‪ ،‬وأ}عيذكم من الهل‪ ،‬جهل أن‪ x‬الدينونة ل‪ ،‬وهو سبحانه ول̈ي السرائر‬
‫والضمائر ‪‬ولو شاء ر̈بك لعل الناس أمة? واحدة‪.‬‬
‫"أناشدكم يا ناشئة الوطان‪ ،‬أن تعذروا هؤلء الواهنة الائرة قواهم إل ف ألسنتهم‪ ،‬العط¿ل‬
‫عملهم إل ف التثبيط‪ ،‬الذين اجتمع فيهم داء الستبداد والتواكل فجعلهما آلة ت‪M‬دار ول تدير‪ .‬وأسألكم‬

‫‪91‬‬
‫عفوهم من العتاب واللم‪ ،‬لن‪x‬هم مرضى مبتلون‪ ،‬مثقلون بالقيود‪ ،‬ملجمون بالديد‪ ،‬يقضون حياة خي‬
‫ما فيها أن‪x‬هم آباؤكم!"‪.‬‬
‫"قد علمتم يا ‪M‬نج‪w‬باء من طبائع الستبداد ومصارع الستعباد ج‪M‬م‪w‬ل? كافية للتد̈بر‪ ،‬فاعتبوا بنا‬
‫واسألوا ال العافية‪:‬‬
‫نن أل‪€‬فنا الدب مع الكبي ولو داس رقابنا‪ .‬أل‪€‬فنا الثبات ثبات الوتاد تت الطارق‪ ،‬أل‪€‬فنا‬
‫النقياد ولو إل الهالك‪ .‬أل‪€‬فنا أن نعتب الت‪x‬صاغر أدبا? والتذ̃لل لطفا?‪ ،‬والتم̃لق فصاحة?‪ ،‬واللكنة رزانة‪،‬‬
‫وترك القوق ساحة?‪ ،‬وقبول الهانة تواضعا?‪ ،‬والر©ضا بال̃ظلم طاعة‪ ،‬ودعوى الستحقاق غرورا?‪،‬‬
‫والبحث عن العموميات فضول?‪ ،‬ومد‪ x‬الن‪x‬ظر إل الغد أمل? طويل?‪ ،‬والقدام ته̈ورا?‪ ،‬والمية حاقة‪،‬‬
‫والشهامة شراسة‪ ،‬وحري‪x‬ة القول وقاحة‪ ،‬وحرية الفكر ك}فرا?‪ ،‬وحب‪ x‬الوطن جنونا‪.‬‬
‫أما أنتم‪ ،‬حاكم ال من السوء‪ ،‬فنرجو لكم أن تنشؤوا على غي ذلك‪ ،‬أن تنشؤوا على التم̈سك‬
‫بأصول الدين‪ ،‬دون أوهام التفنني‪ ،‬فتعرفوا قدر نفوسكم ف هذه الياة فتكرموها‪ ،‬وتعرفوا قدر أرواحكم‬
‫وأن‪x‬ها خالدة ت‪M‬ثاب وت‪M‬جزى‪ ،‬وتت‪x‬بعوا س‪M‬نن النبيي فل تافون غي الصانع الوازع العظيم‪ .‬ونرجو لكم أن‬
‫تبنوا قصور فخاركم على معالي المم ومكارم الشي‪x‬م‪ ،‬ول على عظام نرة‪ .‬وأن تعلموا أن‪x‬كم خ‪M‬ل‪€‬قتم‬
‫أحرارا? لتموتوا كراما?‪ ،‬فاجهدوا على أن تيوا ذلكما اليومي حياة? رضية‪ ،‬يتسنى فيها لكل‪ Í‬منكم أن‬
‫يكون سلطانا? مستقل? ف شؤونه ل يكمه غي الق‪ ،‬ومدينا? وفيا? لقومه ل يض̈ن عليهم بعي! أو عون‪،‬‬
‫وولدا? بارا? لوطنه‪ ،‬ل يبخل عليه بزءٍ من فكره ووقته وماله‪ ،‬وم‪x‬با? للنسانية ويعمل على أن‪ x‬خي‬
‫الناس أنفعهم للناس‪ ،‬يعلم أن‪ x‬الياة هي العمل ووباء العمل القنوط‪ ،‬والسعادة هي المل‪ ،‬ووباء المل‬
‫التدد‪ ،‬ويفقه أن‪ x‬القضاء والقدر هما عند ال ما يعلمه ويضيه‪ ،‬وهما عند الناس السعي والعمل‪ ،‬ويوقن‬
‫أن‪ x‬كل‪ x‬أثر! على ظهر الرض هو من عمل إخوانه البشر‪ ،‬وكل‪ x‬عمل! عظيم قد ابتدأ به فردٌ‪ ،‬ثم‪ x‬تعاو‪w‬ر‪w‬ه‬
‫غيه إل أن• كمل‪ ،‬فل يتخيل النسان ف نفسه عجزا?‪ ،‬ول يتوق¿ع إل خيا?‪ ،‬وخي الي للنسان أن‬
‫يعيش ح‪M‬را? مقداما?‪ ،‬أو يوت"‪.‬‬
‫"وكأني بسائلكم يسألن تاريخ التغالب بي الشرق والغرب‪ ،‬فأجيب‪ :‬بأن‪x‬ا كنا أرقى من‬
‫الغرب علما?‪ ،‬فنظاما?‪ ،‬فقو‪x‬ة‪ ،‬فكن‪x‬ا له أسيادا! ثم‪ x‬جاء حيٌ من الد‪x‬هر لق بنا الغرب‪ ،‬فصارت مزاحة‬
‫الياة بيننا س‪€‬جال‪ :‬إن• ف}ق¡ناه شجاعة? فاقنا عددا?‪ ،‬وإن• ف}قناه ثروة? فاقنا باجتماع كلمته‪ .‬ثم‪ x‬جاء الزمن‬
‫الخي ترق&ى فيه الغرب علما?‪ ،‬فنظاما?‪ ،‬فقوة‪ .‬وانضم‪ x‬إل ذلك أول?‪ :‬قوة اجتماعه شعوبا? كبية?‪ .‬ثانيا?‪:‬‬
‫قو‪x‬ة البارود؛ حيث أبطل الشجاعة وجعل العبة للعدد‪ .‬ثالثا?‪ :‬قو‪x‬ة كشفه أسرار الكيمياء واليكانيك‪.‬‬
‫رابعا?‪ :‬قو‪x‬ة الفحم الذي أهدته له الطبيعة‪ .‬خامسا?‪ :‬قو‪x‬ة النشاط بكسره قيود الستبداد‪ .‬سادسا?‪ :‬قو‪x‬ة‬
‫المن على عقد الشركات الالية الكبية‪ .‬فاجتمعت هذه القوات فيه وليس عند الش‪x‬رق ما يقابلها غي‬

‫‪92‬‬
‫الفتخار بالسلف‪ ،‬وذلك حج‪x‬ة عليه‪ ،‬والغرور بالدين خلفا? للدين‪ ،‬فالسلمون يقابلون تلك القوات با‬
‫ي‪M‬قال عند اليأس وهو‪ :‬حس•ب‪M‬نا ال ون‪€‬ع•م‪ w‬الوكيل‪ ،‬ويالفون أمر القرآن لم بأن ي‪M‬ع‪€‬دوا ما استطاعوا من‬
‫قو‪x‬ة‪ ،‬ل ما استطاعوا من صلةٍ وصوم‪.‬‬
‫وكأني بسائلكم يقول‪ :‬هل بعد اجتماع هذه القوات ف الغرب واستيلئه على أكثر الش‪x‬رق من‬
‫سبيل لنجاة البقية؟ فأجيب قاطعا? غي متد©د‪ :‬إن‪ x‬المر مقدور ولعل¿ه ميسور‪ .‬ورأس الكمة فيه كسر‬
‫قيود الستبداد‪ .‬وأن• يكتب الناشئون على جباههم عشر كلمات‪ ،‬وهي‪:‬‬
‫دين ما أ}ظهر وما أ}خفي‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫أكون؛ حيث‪ M‬يكون ال̈ق ول أبالي‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫أنا حر‪ Å‬وسأموت حرا?‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫أنا مستقل‪ Å‬ل أت©كل على غي نفسي وعقلي‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫أنا إنسان الد والستقبال‪ ،‬ل إنسان الاضي والكايات‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫نفسي ومنفعت قبل كل© شيء‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫الياة ك̃لها تعبٌ لذيذ‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫الوقت غال! عزيز‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫الش‪x‬رف ف العلم فقط‪.‬‬ ‫‪-9‬‬
‫أخاف ال ل سواه‪.‬‬ ‫‪-10‬‬
‫"وأ نت أي ها ا لوطن ال بوب‪ :‬أ نت العز يز ع لى الن فوس‪ ،‬ال قد‪x‬س ف الق لوب‪ ،‬إل يك تن‬
‫الشباح وعليك تئ̈ن الرواح‪ ...‬أيها الوطن الباكي ضعافه‪ :‬عليك تبكي العيون‪ ،‬وفيك يلو النون‪ .‬إل‬
‫متى يعبث خللك اللئام الط&غام؟ يظلمون بنيك ويذ̃لون ذويك‪ .‬يطاردون أنالك الحباب ويسكون على‬
‫الساكي ال̃طرق والبواب‪ ،‬ي‪M‬خرجون العمران وي‪M‬قفرون الديار؟‪.‬‬
‫أيها الوطن العزيز‪ :‬هل ضاعت رحابك عن أولدك؟ أم ضاقت أحضانك عن أفلذك؟‪ ...‬كل؛‬
‫إن‪x‬ما فقدت ال}باة‪ ،‬فقدت ال}ماة‪ ،‬فقدت الحرار‪ .‬أيها الوطن اللتهب فؤاده‪ :‬أما رويت من س‪M‬قيا‬
‫الدموع والد©ماء؟ ولكن•؛ دموع بناتك‬
‫الثاكلت ودماء أبنائك البرياء‪ ،‬ل دموع‬
‫النادمي ول دماء الظالي‪ .‬أل فاشرب‬
‫هنيئا? ول تأسف على الب‪M‬ل¡ه‪ €‬الاملي‪ ،‬ول‬
‫تزن‪ ،‬فما هم كرائما? وكراما?‪ ،‬لس•ن‪ w‬هن‬
‫كرائما? باكيات ممسات‪ ،‬وليسوا هم‬

‫‪93‬‬
‫ك را م ا? أ ع ز‪ x‬ة شه دا ء‪ ،‬إن‪ x‬ما ه م غ– ف ر ا ل‬
‫لم‪ -‬من علمت‪ ،‬قل‪ x‬فيهم ال̈ر الغيور‪ ،‬قل‪ x‬فيهم من يقول أنا ل أخاف الظالي‪.‬‬
‫أيها الوطن النون‪ :‬ك‪¢‬و‪x‬ن‪ w‬ال عناصر أجسامنا منك‪ ،‬وجعل المهات حواضن‪ ،‬ورزقنا الغذاء‬
‫منك‪ ،‬وجعل الرضعات مهزات‪ ،‬نعم؛ خلقنا ال منك فحق‪ x‬لك أن تب‪ x‬أجزاءك وأن تن‪ x‬على‬
‫أفلذك‪ .‬كما يق لكفي شرع الطبيعة أن• ل تب‪ x‬الجنب الذي يأبى طبعه حب‪x‬ك‪ ،‬الذي يؤذيك ول‬
‫يواليك‪ ،‬ويزاحم بنيك عليك ويشاركهم فيك‪ ،‬وينقل إل أرضه ما ف جوفك من نفيس العناصر وكنوز‬
‫العادن‪ ،‬فيفقرك ليغن وطنه‪ ،‬ول لوم عليه‪ ،‬بل بارك ال فيه!"‪.‬‬
‫"يا قوم‪ :M‬جعلكم ال خية اليوم وعد‪x‬ة الغد‪ ،‬هذا خطابي إليكم فيما هو التق&ي وما هو‬
‫النطاط‪ ،‬فإن وعيتم ولو شذرات‪ ،‬فيا بشراي والسلم عليكم‪ ،‬وإل فيما ضياع النفس‪ ،‬وعلى الر‪x‬فاه‬
‫السلم"‪.‬‬
‫الستبداد الذي يبلغ ف النطاط بالم‪x‬ة إل غاية أن توت‪ ،‬ويوت هو معها‪ ،‬كثي الشواهد‬
‫ف قديم الزمان وحديثه‪ ،‬أما بلوغ التق&ي بالمم إل الرتبة القصوى السامية الت تليق بالنسانية‪ ،‬فهذا‬
‫ل يسمح الزمان حت‪x‬ى الن بأم‪x‬ةٍ تصلح مثال? له‪ ،‬لن‪x‬ه إل الن ل توجد أم‪x‬ة حكمت نفسها برأيها العام‬
‫ح‪M‬كما? ل يشوبه نوعً من الستبداد ولو باسم الوقار والحتام‪ ،‬أو بنوع! من الغفال ولو ببذر الش©قاق‬
‫الدين أو النسي بي الناس‪.‬‬
‫فكأن‪ x‬الكمة اللية ل تزل ترى البشر غي متأه©لي لنوال سعادة الخوة العمومية بالتحابب‬
‫بي الفراد‪ ،‬والقناعة بالساواة القوقية بي الطبقات‪ .‬نعم؛ و‪M‬جد للتق&ي القريب من الكمال بعض‬
‫أمثال قليلة ف القرون الغابرة‪ ،‬كالمهورية الثانية للرومان‪ ،‬وكعهد اللفاء الراشدين‪ ،‬وكالزمنة‬
‫التقط‪¤‬عة ف عهد اللوك النظ&مي ل الفاتي مثل أنوشروان وعبد اللك الموي ونور الدين الش‪x‬هيد‬
‫وبطرس الكبي‪ .‬وكبعض المهوريات الصغية والمالك الوف¿قة لحكام التقييد الوجودة ف هذا الز‪x‬مان‪.‬‬
‫وإني أقتصر على وصف منتهى التق&ي الذي وصلت إليه تلك المم وصفا? إجاليا?‪ ،‬واترك للمطالع أن‬
‫يوازنها ويقيس عليها درجات سائر المم‪.‬‬
‫وربا يستيب ف ذلك الطالع الولود ف أرض الستبداد‪ ،‬الذي ل يدرس أحوال المم ف‬
‫الوجود‪ ،‬ول عتب عليه فإن‪x‬ه كالولود أعمى ل ي‪M‬درك للمناظر البهية معنى‪.‬‬
‫قد بلغ التق&ي ف الستقلل الشخصي ف ظلل الكومات العادلة‪ ،‬لن• يعيش النسان العيشة‬
‫الت تشبه ف بعض الوجوه ما وعدته الديان لهل السعادة ف النان‪ .‬حتى إن‪ x‬كل‪ V‬فردٍ يعيش كأنه‬
‫خالدٌ بقومه ووطنه‪ ،‬وكأنه أميٌ على كل© مطلب‪ ،‬فل هو يكل‪¤‬ف الكومة شططا? ول هي تهمله‬
‫استحقارا‪:‬‬

‫‪94‬‬
‫ف ج س م ه و حيات ه‬ ‫أ م يٌ عل ى ال س ل م ة‬ ‫‪1‬‬ ‫‪-‬‬
‫براسة الكومة الت ل تغفل عن مافظته بكل© قوتها ف حضره وسفره بدون أن يشعر بثقل قيامها‬
‫عليه‪ ،‬فهي تيط به إحاطة الواء‪ ،‬ل إحاطة السور يلطمه كيفما التفت أو سار‪.‬‬
‫أ م يٌ عل ى ا لل ذ‪x‬ا ت ا ل س مي ة وال ف ك ري ة‬ ‫‪2‬‬

‫باعتناء الكومة ف الشؤون العامة‪ ،‬التعل‪¤‬قة بالتويضات السمية والنظرية والعقلية حتى يرى أن‬
‫الطرقات السهلة‪ ،‬والتزيينات البلدية‪ ،‬والتنزهات‪ ،‬والنتديات‪ ،‬والدارس‪ ،‬والامع‪ ،‬ونو ذلك‪ ،‬قد‬
‫و‪M‬ج‪€‬دت ك̃لها لجل ملذاته‪ ،‬ويعتب مشاركة الناس له فيها لجل إحسانه‪ ،‬فهو بهذا النظر والعتبار ل‬
‫ينقص عن أغنى الناس سعادة‪.‬‬
‫أ م يٌ عل ى ا ل ري ة‪ ،‬كأن‪ x‬ه خ‪M‬ل‪ €‬ق و ح د ه‬ ‫‪3‬‬

‫على سطح هذه الرض‪ ،‬فل يعارضه معارض فيما يص¨ شخصه من دين! وفكر! وعمل! وأمل‪.‬‬
‫أ م يٌ عل ى الن ف و ذ‪ ،‬كأن‪ x‬ه سل طا ن‬ ‫‪4‬‬

‫عزيز‪ ،‬فل مانع له ول معاكس ف تنفيذ مقاصده النافعة ف المة الت هو منها‪.‬‬
‫ف أ م‪x‬ة‬ ‫أ م يٌ عل ى ا ل زي ة‪ ،‬كأن‪ x‬ه‬ ‫‪5‬‬

‫يساوي جيع أفرادها منزلة? وشرفا? وقوة?‪ ،‬فل يفضل هو على أحد ول يفضل أحدٌ عليه‪ ،‬إل بزية‬
‫سلطان الفضيلة فقط‪.‬‬
‫أ م يٌ عل ى ال ع د ل‪ ،‬كأن‪ x‬ه ال قاب ض عل ى‬ ‫‪6‬‬

‫ميزان القوق‪ ،‬فل ياف تطفيفا?‪ ،‬وهو الثمن فل يذر بسا?‪ ،‬وهو الطمئن على أن‪x‬ه إذا استحق‪ x‬أن‬
‫يكون ملكا? صار ملكا?‪ ،‬وإذا جنة جناية? نال جزاءه ل مالة‪.‬‬
‫أ م يٌ عل ى ا لا ل وا لل ك‪ ،‬كأ ن‪ x‬ما‬ ‫‪7‬‬

‫أحرزه بوجهه الشروع قليل? كان أو كثيا?‪ ،‬قد خلقه ال لجله فل ياف عليه‪ ،‬كما أن‪x‬ه تقلع عينه إن‬
‫نظر إل مال غيه‪.‬‬
‫أ م يٌ عل ى ال ش ف ب ض ما ن ال قان و ن‪،‬‬ ‫‪8‬‬ ‫‪-‬‬
‫بنصرة المة‪ ،‬ببذل الدم‪ ،‬فل يرى تقيا? إل لدى وجدانه‪ ،‬ول يعرف طمعا? لرارة الذ‪M‬ل© والوان‪.‬‬
‫و ل أ} ح ز ن ا ل طال ع ب و ص ف‬ ‫ي–‬
‫حالته‪ -‬فأكتفي بالقول‪ :‬إن‪x‬ه ل يلك ول نفسه‪ ،‬وغي أمي! حتى على عظامه ف رمسه‪ ،‬إذا وقع نظره‬
‫على الستبد© أو أحد من جاعته على كثرتهم يتعو‪x‬ذ بال‪ ،‬وإذا مر‪ x‬من قرب إحدى دوائر حكومته أسرع‬
‫وهو يكرر قوله‪» :‬حايتك يا رب‪ ،‬إن‪ x‬هذا الدار‪ ،‬بئس الدار‪ ،‬هي كالزرة ك̈ل من فيها إما ذابح أو‬
‫مذبوح‪ .‬إن‪ x‬هذه الدار كالكنيف ل يدخله إل الضطر«‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫وقد يبلغ التق&ي ف الستقلل الشخصي مع التكيب بالعائلة والعشية‪ ،‬أن يعيش النسان‬
‫معتبا? نفسه من وجه غنيا? عن العالي‪ ،‬ومن وجه عضوا? حقيقيا? من جسم! حي‪ Í‬هو العائلة‪ ،‬ثم‪ x‬الم‪x‬ة‪،‬‬
‫ثم‪ x‬البشر‪.‬‬
‫وي‪M‬نظر إل انقسام البشر إل أمم‪ ،‬ثم إل عائلت‪ ،‬ثم إل أفراد‪ ،‬وهو من قبيل انقسام المالك إل‬
‫مدن!‪ ،‬وهي إل بيوت‪ ،‬وهي إل مرافق‪ ،‬وكما أن‪x‬ه ل ب ‪x‬د لكل© مرفق! من وظيفةٍ معينة يصلح لا وإل كان‬
‫بناؤه عبثا? يستح̈ق الدم‪ ،‬كذلك أفراد النسان ل بد‪ x‬أن يعد‪ x‬كل‪ Å‬منهم نفسه لوظيفة ف قيام حياة عائلته‬
‫أول?‪ ،‬ثم‪ x‬حياة قومه ثانيا‪.‬‬
‫ولذا يكون العضو الذي ل يصلح لوظيفة‪ ،‬أو ل يقوم با يصلح له‪ ،‬حقيا? مهانا?‪ .‬وك̈ل من‬
‫يريد أن يعيش ك‪¢‬ل‪ Ó‬على غيه‪ ،‬ل عن عجز! طبيعي‪ ،Í‬يستح̈ق الوت ل الشفقة‪ ،‬لنه‪ x‬كالد‪x‬رن ف السم‬
‫أو كالزائد من ال̃ظفر يستحقان الخراج والقطع‪ ،‬ولذا العنى حر‪x‬مت الشرائع السماوية اللهي الت‬
‫ليس فيها ترويض‪ ،‬وال̈سكر العط‪¤‬ل عن العمل عقل? وجسما?‪ ،‬والقامرة والر©با لنهما ليسا من نوع العمل‬
‫والتبادل فيه‪ .‬وقد فض‪x‬ل ال الكن‪x‬اس على الج‪x‬ام وصانع البز على ناظم الش©عر؛ لن‪ x‬صنعتهما أنفع‬
‫للجمهور‪.‬‬
‫وقد يبلغ ترق&ي التكيب ف المم درجة أن• يصي ك̈ل فردٍ من الم‪x‬ة مالكا? لنفسه تاما?‪ ،‬وملوكا‬
‫لقومه تاما‪ .‬فالم‪x‬ة الت يكون ك̈ل فردٍ منها مستعدا? لفتدائها بروحه وباله‪ ،‬تصي تلك الم‪x‬ة بج‪x‬ة‬
‫هذا الستعداد ف الفراد‪ ،‬غنية عن أرواحهم وأموالم‪.‬‬
‫التق&ي ف القوة بالعلم والال يتمي‪x‬ز على باقي أنواع التق&يات السالفة البيان ت̈يز الرأس على‬
‫باقي أعضاء السم‪ ،‬فكما أن‪ x‬الرأس بإحرازه مركزية العقل‪ ،‬ومركزية أكثر الواس‪ ،‬تيز على باقي‬
‫العضاء واستخدمها ف حاجاته‪ ،‬فكذلك الكومات النتظم يتق&ى أفرادها ومموعها ف العلم والثروة‪،‬‬
‫فيكون لم سلطانٌ طبيعي على الفراد أو المم الت انط¿ بها الستبداد الشؤوم إل حضيض الهل‬
‫والفقر‪.‬‬
‫بقي علينا بث التق&ي ف الكمالت بالصال والثرة‪ ،‬وبث التق&ي الذي يتعلق بالروح؛‬
‫أي با وراء هذه الياة‪ ،‬ويرقى إليه النسان على س‪M‬ل¿م الر‪x‬حة والسنات‪ ،‬فهذه أباث طويلة‬
‫الذيل‪ ،‬ومنابعها حكميات الكتب السماوية ومدو©نات الخلق‪ ،‬وتراجم مشاهي المم‪.‬‬
‫وأكتفي بالقول ف هذا النوع‪ :‬إن‪x‬ه يبلغ بالنسان مرتبة أن ل يرى لياته أهمية إل بعد‬
‫درجات‪ ،‬في̈همه أمل‪ :‬حياة أم©ه‪ ،‬ثم‪ x‬امتلك حريته‪ ،‬ثم‪ x‬أمنه على شرفه‪ ،‬ثم‪ x‬مافظته على عائلته‪ ،‬ثم‬
‫وقايته حياته‪ ،‬ثم‪ x‬ماله‪ ،‬ثم‪ ،x‬وثم‪ ...‬وقد تشمل إحساساته عال النسانية كل‪¤‬ه‪ ،‬كأن‪ x‬قومه البشر ل‬

‫‪96‬‬
‫قبيلته‪ ،‬ووطنه الرض ل بلده‪ ،‬ومسكنه؛ حيث يد راحته‪ ،‬ل يتقي‪x‬د بدران بيت مصوص يستت‬
‫فيه ويفتخر به كما هو شأن ال}سراء‪.‬‬
‫وقد يتف¿ع النسان عن المارة لا فيها من معنى الكب‪ ،‬وعن الت©جارة لا فيها من التمويه‬
‫والتب̈ذل‪ ،‬فيى الشرف ف الراث‪ ،‬ثم‪ x‬الطرقة‪ ،‬ثم‪ x‬القلم‪ ،‬ويرى اللذ‪x‬ة ف التجديد والختاع‪ ،‬ل ف‬
‫الافظة على العتيق‪ ،‬كأن‪ x‬له وظيفة ف ترق&ي مموع البشر‪.‬‬
‫وخلصة القول‪ :‬إن‪ x‬المم الت ي‪M‬سعدها ج̈دها لتبديد استبدادها‪ ،‬تنال من الش‪x‬رف السي‬
‫والعنوي ما ل يطر على فكر أ}سراء الستبداد‪ .‬فهذه بلجيكا أبطلت التكاليف الميية برم‪x‬تها‪ ،‬مكتفية‬
‫ف نفقاتها بنماء فوائد بنك الكومة‪ .‬وهذه سويسرا يصادفها كثيا? أن ل يوجد ف سجونها مبوس‬
‫واحد‪ .‬وهذه أمريكا أثرت حتى كادت ترج الفضة من مقام النقد إل مقام التاع‪ .‬وهذه اليابان أصبحت‬
‫تستنزف قناطي الذهب من أوربا وأمريكا ثن امتيازات اختاعاتها وطبع تراجم مؤل¿فاتها‪.‬‬
‫وقد تنال تلك المم حظ&ا? من اللذ‪x‬ات القيقية‪ ،‬الت ل تطر على فكر ال}سراء‪ ،‬كلذ‪x‬ة العلم‬
‫وتعليمه‪ ،‬ولذ‪x‬ة الد والماية‪ ،‬ولذ‪x‬ة الثراء والبذل‪ ،‬ولذ‪x‬ة إحراز الحتام ف القلوب‪ ،‬ولذ‪x‬ة نفوذ الرأي‬
‫الصائب‪ ،‬ولذ‪x‬ة الب© الطاهر‪ ،‬إل غي هذه اللذ‪x‬ات الروحية‪ .‬وأم‪x‬ا السراء والهلء فملذ‪x‬اتهم مقصورة‬
‫على مشاركة الوحوش الضارية ف الطاعم والشارب واستفراغ الشهور‪ ،‬كأن‪ x‬أجسامهم ظروف ت‪M‬مل‬
‫وت‪M‬فرغ‪ ،‬أو هي دمامل تولد الصديد وتدفعه‪.‬‬
‫وأنفع ما بلغه التق&ي ف البشر؛ هو إحكامهم أصول الكومات النتظمة ببنائهم سد?ا متينا? ف‬
‫وجه الستبداد‪ ،‬والستبداد جرثومة كل© فساد‪ ،‬وبعلهم أل& قوة ول نفوذ فوق قوة الش‪x‬رع‪ ،‬والش‪x‬رع هو‬
‫حبل ال التي‪ .‬وبعلهم قو‪x‬ة التشريع ف يد الم‪x‬ة‪ ،‬والم‪x‬ة ل تتمع على ضلل‪ .‬وبعلهم الاكم‬
‫تاكم ال̈سلطان وال̈صعلوك على الس‪x‬واء‪،‬‬
‫فتحاكي ف عدالتها الكبى اللية‪.‬‬
‫وبعلهم العمال ل سبيل لم على تعدي‬
‫حدود وظائفهم‪ ،‬كأنهم ملئكة ل يعصون‬
‫أمرا?‪ ،‬وبعلهم الم‪x‬ة يقظة ساهرة على‬
‫مراقبة سي حكومتها‪ ،‬ل تغفل طرفة‬
‫‪ -‬ل ي غ ف ل ع م‪x‬ا‬
‫يفعل الظالون‪.‬‬
‫هذا مبلغ التق&ي الذي وصلت إليه المم منذ ع‪M‬ر›ف التاريخ‪ ،‬على أن‪x‬ه ل يقم دليل إل الن على‬
‫ترق&ي البشر ف السعادة اليوية عما كانوا عليه ف العصور الالية حتى الجرية‪ ،‬حتى منذ كانوا‬

‫‪97‬‬
‫عراة? يسرحون أسرابا?‪ ،‬والثار الشهودة ل تد̈ل على أكثر من ترق&ي العلم والعمران؛ وهما آلتان كما‬
‫يصلحان للسعاد‪ ،‬يصلحان للشقاء‪ ،‬وترق‪¤‬يها هو من س‪M‬ن‪x‬ة الكون الت أرادها ال تعال لذه الرض‬
‫وبنيها‪ ،‬ووصف لنا ما سيبلغ إليه ترق&ي زينتها واقتدار أهلها بقوله عز‪ x‬شأنه‪ :‬حتى إذا أخذت الرض‬
‫ز‪M‬خرفها واز‪x‬ينت وظن‪ x‬أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليل? أو نهارا? فجعلناها حصيدا? كأن ل ت‪w‬غ•ن‬
‫‪‬‬
‫بالمس‪ .‬وهذا يد̈ل على أن‪ x‬الدنيا وبنيها ل يزال ف مقتبل التق&ي‪ ،‬ول يعارض هذا أن‪ x‬ما مضى من‬
‫عمرها هو أكثر ما بقي حسبما أخبت به الكتب السماوية‪ ،‬لن‪ x‬العمر شيء‪ ،‬والتق&ي شيءٌ آخر‪.‬‬

‫الستبداد والتخل‡ص منه‬

‫‪98‬‬
‫ليس لنا مدرسة أعظم من التاريخ الطبيعي‪ ،‬ول برهان أقوى من الستقراء‪ ،‬من تتب‪x‬عهما يرى‬
‫أن‪ x‬النسان عاش دهرا? طويل? ف حالة طبيعية تسم‪x‬ى "دور الفتاس"‪ ،‬فكان يتجو‪x‬ل حول الياه أسرابا‬
‫تمعه حاجة الضانة صغيا?‪ ،‬وقصد الستئناس كبيا?‪ ،‬ويعتمد ف رزقه على النبات الطبيعي وافتاس‬
‫ضعاف اليوان ف الب© والبحر‪ ،‬وتسوسه الرادة فقط‪ ،‬ويقوده من بنيته أقوى إل حيث‪ M‬يكثر الرزق‪.‬‬
‫ثم ترق¿ى الكثي من النسان إل الالة البدوية الت تسمى "دور القتناء"‪ :‬فكان عشائر‬
‫وقبائل‪ ،‬يعتمد ف رزقه على اد©خار‬
‫الفرائس إل حي الاجة‪ ،‬فصارت‬
‫تمعه حاجة التح̃فظ على الال العام‬
‫والنعام‪ ،‬وحاية الستودعات والراعي‬
‫و ل ي‪ M‬قا ل‬
‫ترق&ى‪ -‬قسم كبي من النسان إل العيشة الضرية‪ :‬فسكن القرى يستنبت الرض الصبة ف معاشه‪،‬‬
‫فأخصب‪ ،‬ولكن؛ ف الشقاء‪ ،‬ولعل¿ه استحق‪ x‬ذلك بفعله؛ لن‪x‬ه تعد‪x‬ى قانون الالق‪ ،‬فإن‪x‬ه خلقه حرا‬
‫جو‪x‬ال?‪ ،‬يسي ف الرض‪ ،‬ينظر آلء ال‪ ،‬فسكن‪ ،w‬وسكن إل الهل وال̈ذل‪ ،‬وخلق ال الرض مباحة?‪،‬‬
‫فاستأثر بها‪ ،‬فسل¿ط ال عليه من يغصبها منه ويأسره‪ .‬وهذا القسم يعيش بل جامعة‪ ،‬تكمه أهواء أهل‬
‫الدن وقانونه‪ :‬أن يكون ظالا? أو مظلوما?‪.‬‬
‫ثم‪ x‬ترق&ى قسم من النسان إل التص̈رف إما ف الادة وهم ال̈صناع‪ ،‬وإم‪x‬ا ف النظريات وهم أهل‬
‫العارف والعلوم‪ .‬وهؤلء التصر©فون هم سكان الدن الذين هم إن• سجنوا أجسامهم بي الدران‪ ،‬لكنهم‬
‫أطلقوا عقولم ف الكوان‪ ،‬وهم قد توس‪x‬عوا ف الر©زق كما توس‪x‬عوا ف الاجات‪ ،‬ولكن‪ x‬أكثرهم ل يهتدوا‬
‫حتى الن للطريق الثلى ف سياسة المعيات الكبى‪ .‬وهذا هو سبب تن̈وع أشكال الكومات وعدم‬
‫استقرار أم‪x‬ةٍ على شكل م‪M‬رض! عام‪ .‬إن‪x‬ما ك̈ل المم ف تق̃لباتٍ سياسية على سبيل التجريب‪ ،‬وبسب‬
‫تغ̃لب أحزاب الجتهاد أو رجال الستبداد‪.‬‬
‫وتقرير شكل الكومة هو أعظم وأقدم مشكلة ف البشر‪ ،‬وهو العتك الكب لفكار الباحثي‪،‬‬
‫واليدان الذي قل‪ x‬ف البشر من ل يول فيه على فيل من الفكر‪ ،‬أو على جل! من الهل‪ ،‬أو على‬
‫فرس! من الفراسة‪ ،‬أو على حار! من ال}م•ق‪ ،‬حتى جاء الزمن الخي فجال فيه إنسان الغرب جولة‬
‫الغوار المتطي ف التدقيق مراكب البخار‪ .‬فقرر بعض قواعد أساسية ف هذا الباب تضافر عليها العقل‬
‫والتجريب‪ ،‬وحصحص فيها الق اليقي‪ ،‬فصارت ‪M‬تع‪̈w‬د من القررات الجتماعية عند المم التقية‪ ،‬ول‬

‫‪99‬‬
‫يعارض ذلك كون المم ل تزل أيضا? منقسمة إل أحزاب سياسية يتلفون شيعا?؛ لن‪ x‬اختلفهم هو ف‬
‫وجوه تطبيق تلك القواعد وفروعها على أحوالم الصوصية‪.‬‬
‫وهذه القواعد الت قد صارت قضايا بديهية ف الغرب‪ ،‬ل تزل مهولة أو غريبة‪ ،‬أو منفورا‬
‫منها ف الشرق؛ لن‪x‬ها عند الكثرين منهم ل تطرق سعهم‪ ،‬وعند البعض ل تنل التفاتهم وتدقيقهم‪،‬‬
‫وعند آخرين ل تز قبول?؛ لن‪x‬هم ذوو غرض‪ ،‬أو مسروقة قلوبهم‪ ،‬أو ف قلوبهم مرض‪.‬‬
‫وإني أطرح لتدقيق الطالعي رؤوس مسائل بعض الباحث الت تتعل¿ق بها الياة السياسية‪.‬‬
‫وقبل ذلك أذك‪¤‬رهم بأن‪x‬ه قد سبق ف تعريف الستبداد بأن‪x‬ه‪" :‬هو الكومة الت ل يوجد بينها وبي الم‪x‬ة‬
‫رابطة معينة معلومة مصونة بقانون نافذ الكم"‪ .‬كما أستلفت نظرهم إل أن‪x‬ه ل يوثق بوعد من يتول‬
‫ال̈سلطة أيا? كان‪ ،‬ول بعهده ويينه على مراعاة الدين‪ ،‬والتقوى‪ ،‬والق‪ ،‬والشرف‪ ،‬والعدالة‪،‬‬
‫ومقتضيات الصلحة العامة‪ ،‬وأمثال ذلك من القضايا الكلية البهمة الت تدور على لسان كل© بر‪ Í‬وفاجر‪.‬‬
‫وما هي ف القيقة إل كلمٌ مبهم فارغ؛ لن‪ x‬الرم ل يعدم تأويل?؛ ولن‪ x‬من طبيعة القوة العتساف؛‬
‫ولن‪ x‬القوة ل ت‪M‬قابل إل بالقوة‪.‬‬

‫ثم‪ c‬فلنرجع للمباحث الت أريد طرحها لتدقيق الطالعي‪ ،‬وهي‪:‬‬

‫مب ح ث ما ه ي ا ل م‪ c‬ة؛ أ ي ال ش‪ c‬ع ب‪:‬‬ ‫‪1‬‬

‫هل هي ركام‪ M‬ملوقاتٍ نامية‪ ،‬أو جعية‪ ،‬عبيدٌ لال ٍك متغل‪¤‬ب‪ ،‬وظيفتهم الطاعة والنقياد ولو‬
‫ك}رها?؟ أم هي جعٌ بينهم روابط دين أو جنس أو لغة‪ ،‬ووطن‪ ،‬وحقوق مشتكة‪ ،‬وجامعة سياسية‬
‫اختيارية‪ ،‬لكل© فردٍ ح̈ق إشهار رأيه فيها توفيقا? للقاعدة السلمية الت هي أسى وأبلغ قاعدة‬
‫سياسية‪ ،‬وهي‪" :‬ك̃لكم راع!‪ ،‬وك̃لكم مسؤولٌ عن رعي©ته"‪.‬‬

‫‪ -2‬مب ح ث ما ه ي ا ل ك و م ة‪:‬‬
‫هل هي سلطة امتلك فرد لمع‪ ،‬يتصر‪x‬ف ف رقابهم‪ ،‬ويتمت‪x‬ع بأعمالم ويفعل بإرادته ما‬
‫يشاء؟ أم هي وكالة ت‪M‬قام بإرادة الم‪x‬ة لجل إدارة شؤونها الشتكة العمومية؟‪.‬‬

‫‪ -3‬مب ح ث ما ه ي ا ل ق و ق ال ع م و مي ة‪:‬‬
‫هل هي آحاد اللوك‪ ،‬ولكنها ت‪M‬ضاف للمم مازا?؟ أم بالعكس‪ ،‬هي حقوق جوع المم‪،‬‬
‫وت‪M‬ضاف للملوك مازا?‪ ،‬ولم عليها ولية المانة والنظارة على مثل الراضي والعادن‪ ،‬والنهر‬
‫والسواحل‪ ،‬والقلع والعابد‪ ،‬والساطيل والعدات‪ ،‬وولية الدود‪ ،‬والراسة على مثل المن العام‪،‬‬

‫‪100‬‬
‫والعدل والنظام‪ ،‬وحفظ وصيانة الدين والداب‪ ،‬والقواني والعاهدات والت©جار‪ ،‬إل غي ذلك ما يق‬
‫لكل© فردٍ من الم‪x‬ة أن يتمتع به وأن• يطمئن عليه؟‬

‫ف ا ل ق و ق‪:‬‬ ‫‪ -4‬مب ح ث الت سا و ي‬


‫هل للحكومة التصرف ف القوق العامة الادية والدبية كما تشاء بذل? وحرمانا?؟ أم تكون‬
‫القوق مفوظة للجميع على التساوي والشيوع‪ ،‬وتكون الغان والغارم العمومية موز‪x‬عة على الفصائل‬
‫والبلدان والصنوف والديان بنسبةٍ عادلة‪ ،‬ويكون الفراد متساوين ف حق© الستنصاف؟‬

‫‪ -5‬مب ح ث ا ل ق و ق ال ش خ صي ة‪:‬‬
‫هل الكومة تلك السيطرة على العمال والفكار؟ أم أفراد المة أحرار ف الفكر مطلقا?‪ ،‬وف‬
‫الفعل ما ل يالف القانون الجتماعي؛ لن‪x‬هم أدرى بنافعهم الشخصية‪ ،‬والكومة ل تتداخل إل ف‬
‫الشؤون العمومية؟‬

‫‪ -6‬مب ح ث ن و عي ة ا ل ك و م ة‪:‬‬
‫هل الصلح هي اللكية الطلقة من كل© زمام؟ أم اللكية القي‪x‬دة؟ وما هي القيود؟ أم الرئاسة‬
‫النتخابية الدائمة مع الياة‪ ،‬أو الؤق¿تة إل أجل؟ وهل ت‪M‬نال الاكمية بالوراثة‪ ،‬أو العهد‪ ،‬أو الغلبة؟‬
‫وهل يكون ذلك كما تشاء ال̈صدفة‪ ،‬أم مع وجود شرائط الكفاءة‪ ،‬وما هي تلك الشرائط؟ وكيف يصي‬
‫تقيق وجودها؟ وكيف يراقب استمرارها؟ وكيف تستم̈ر الراقبة عليها؟‪.‬‬

‫‪ -7‬مب ح ث ما ه ي و ظائ ف ا ل ك و م ة‪:‬‬


‫هل هي إدارة شؤون المة حسب الرأي والجتهاد؟ أم تكون مقي‪x‬دة بقانون موافق لرغائب المة‬
‫وإن• خالف الصلح؟ وإذا اختلفت الكومة مع الم‪x‬ة ف اعتبار الصال والضر‪ ،‬فهل على الكومة أن‬
‫تعتزل الوظيفة؟‬

‫‪ -8‬مب ح ث ح ق و ق ا لاك مي ة‪:‬‬


‫هل للحكومة أن تص©ص بنفسها لنفسها ما تشاء من مراتب العظمة‪ ،‬ورواتب الال‪ ،‬وتابي‬
‫من تريد با تشاء من حقوق المة وأموالا؟ أم يكون الت‪x‬صرف ف ذلك كل‪¤‬ه إعطاءً وتديدا? ومنعا? منوطا‬
‫بالمة؟‬

‫‪ -9‬مب ح ث طا ع ة ا ل م ة لل ح ك و م ة‪:‬‬

‫‪101‬‬
‫هل الرادة للم‪x‬ة‪ ،‬وعلى الكومة العمل؟ أم للرادة للحكومة وعلى الم‪x‬ة الطاعة؟ وهل‬
‫للحكومة تكليف الم‪x‬ة طاعة? عمياء بل فهم ول اقتناع؟ أم عليها العتناء بوسائل التفهيم والذعان‬
‫لتتأت‪x‬ى الطاعة بإخلص وأمانة؟‬

‫‪ -10‬مب ح ث ت وزي ع الت كلي فا ت‪:‬‬


‫هل يكون وضع الضرائب مفو‪x‬ضا? لرأي الكومة؟ أم الم‪x‬ة تقر©ر النفقات اللزمة وتعي©ن موارد‬
‫الال‪ ،‬وت‪M‬رت©ب طرائق جبايته وحفظه؟‪.‬‬

‫مب ح ث إ ع دا د ا ل ‪ox‬ن ع ة‪:‬‬ ‫‪11‬‬

‫هل يكون إعداد القوة بالتجنيد والتسليح استعدادا? للدفاع مفوضا? لرادة الكومة إهمال?‪ ،‬أو‬
‫إقلل?‪ ،‬أو إكثارا?‪ ،‬أو استعمال? على قهر الم‪x‬ة؟ أم يلزم أن يكون ذلك برأي الم‪x‬ة وتت أمرها؛ بيث‬
‫تكون القوة منف‪¤‬ذة رغبة المة ل رغبة الكومة؟‬

‫‪ -12‬مب ح ث ا لرا قب ة عل ى ا ل ك و م ة‪:‬‬


‫هل تكون الكومة ل ت‪M‬سأل عما تفعل؟ أم يكون للمة ح̈ق السيطرة عليها؛ لن‪ x‬الشأن شأنها‪،‬‬
‫فلها أن ت‪M‬نبت عنها وكلء لم ح̈ق الط‪¤‬لع على كل© شيء‪ ،‬وتوجيه السؤولية على أي‪ Í‬كان‪ ،‬ويكون أهم‬
‫وظائف النواب حفظ القوق الساسية القررة للمة على الكومة؟‬

‫‪ -13‬مب ح ث ح ف ظ ا ل م ن ال عا م‪:‬‬
‫هل يكون الشخص مكل¿فا? براسة نفسه ومتعل¿قاته؟ أم تكون الكومة مكل¿فة براسته مقيما‬
‫ومسافرا? حتى من بعض طوارئ الطبيعة باليلولة ل بالازاة والتعويض؟‬

‫ف ال قان و ن‪:‬‬ ‫مب ح ث ح ف ظ ال س=ل ط ة‬ ‫‪14‬‬

‫هل يكون للحكومة إيقاع عمل إكراهي على الفراد برأيها؛ أي بدون الوسائط القانونية؟ أم‬
‫تكون ال̈سلطة منحصرة ف القانون‪ ،‬إل ف ظروف مصوصة ومؤق¿تة؟‬

‫‪ -15‬مب ح ث تأ م ي ال ع دال ة ال ق ضائي ة‪:‬‬


‫هل يكون العدل ما تراه الكومة؟ أم ما يراه القضاة الصون وجدانهم من كل© مؤث©ر غي الشرع‬
‫والق‪ ،‬ومن كل© ضغطٍ حتى ضغط الرأي العام؟‬

‫‪102‬‬
‫‪ -16‬مب ح ث ح ف ظ ال دي ن وا ل دا ب‪:‬‬
‫ه ل ي ك و ن لل ح ك و م ة – ول و ال ق ضائي ة‪-‬‬
‫سلطة وسيطرة على العقائد والضمائر؟ أم تقتصر وظيفتها ف حفظ الامعات الكبى كالدين‪،‬‬
‫والنسية‪ ،‬واللغة‪ ،‬والعادات‪ ،‬والداب العمومية على استعمال الكمة ما أغنت الزواجر‪ ،‬ول تتداخل‬
‫الكومة ف أمر الدين ما ل ت‪M‬نت‪w‬ه‪w‬ك حرمته؟ وهل السياسة السلمية سياسة دينية؟ أم كان ذلك ف مبدأ‬
‫ظهور السلم‪ ،‬كالدارة العرفية عقب الفتح؟‬

‫‪ -17‬مب ح ث ت عي ي ا ل ع ما ل بال ق وان ي‪:‬‬


‫ف ا ل ك و م ة – م ن ا لاك م‬ ‫هل يكو ن‬
‫إل البوليس‪ -‬من ي‪M‬طل‪¢‬ق له عنان الت‪x‬صرف برأيه وخبته؟ أم يلزم تعيي الوظائف‪ ،‬كلياتها وجزئياتها‪،‬‬
‫بقواني صرية واضحة‪ ،‬ل تسوغ مالفتها ولو لصلحة مهمة‪ ،‬إل ف حالت الطر الكبي؟‬

‫‪ -18‬مب ح ث كي ف ت و ض ع ال ق وان ي‪:‬‬


‫هل يكون وضعها منوطا? برأي الاكم الكب‪ ،‬أو رأي جاعة ينتخبهم لذلك؟ أم يضع القواني‬
‫جعٌ منتخبٌ من قبل الكاف&ة ليكونوا عارفي حتما? باجات قومهم وما ي‪M‬لئم طبائعهم ومواقعهم‬
‫وصوالهم‪ ،‬ويكون حكمه عاما? أو متلفا? على حسب تالف العناصر والطبائع وتغي الوجبات‬
‫والزمان؟‬

‫مب ح ث ما ه و ال قان و ن و ق و‪c‬ت ه‪:‬‬ ‫‪19‬‬

‫هل القانون هو أحكام يت̈ج بها القوي على الضعيف؟ أم هو أحكام منتزعة من روابط الناس‬
‫بعضهم ببعض‪ ،‬وملحظ‪ j‬فيها طبائع أكثرية الفراد‪ ،‬ومن نصوص خالية من البهام والتعقيد وحكمها‬
‫شامل كل الطبقات‪ ،‬ولا سلطان نافذ قاهر مصون من مؤث©رات الغراض‪ ،‬والشفاعة‪ ،‬والشفقة‪ ،‬وبذلك‬
‫يكون القانون هو القانون الطبيعي للم‪x‬ة فيكون متما? عند الكاف&ة‪ ،‬مضمون الماية من ق‪€‬ب‪w‬ل أفراد‬
‫المة؟‬

‫‪ -20‬مب ح ث ت وزي ع ا ل ع ما ل وال و ظائ ف‪:‬‬


‫هل يكون ال̃ظ ف ذلك مصوصا? بأقارب الاكم وعشيته ومقر‪x‬بيه؟ أم توز‪x‬ع كتوزيع القوق‬
‫العام‪x‬ة على كاف¿ة القبائل والفصائل‪ ،‬ولو مناوبة مع ملحظات الهمية والعدد؛ بيث يكون رجال‬

‫‪103‬‬
‫الكومة أنوذجا? من الم‪x‬ة‪ ،‬أو هم الم‪x‬ة مصغ‪x‬رة‪ ،‬وعلى الكومة إياد الكفاءة والعداد ولو بالتعليم‬
‫الجباري؟‬

‫مب ح ث الت فري ق ب ي ال س=ل طا ت‬ ‫‪21‬‬

‫السياسية والدينية والتعليم‪:‬‬


‫هل ي‪M‬جمع بي سلطتي أو ثلث ف شخص! واحد؟ أم ت‪M‬خص‪x‬ص ك̈ل وظيفة من السياسة والدين‬
‫والتعليم بن يقوم بإتقان‪ ،‬ول إتقان إل بالختصاص‪ ،‬وف الختصاص‪ ،‬كما جاء ف الكمة القرآنية‪:‬‬
‫‪‬ما جعل ال} لرجل! قلبي ف جوفه‪ ،‬ولذلك ل يوز المع منعا? لستفحال السلطة‪.‬‬

‫ف ال عل و م‬ ‫مب ح ث الت ق‪ H‬ي‬ ‫‪22‬‬ ‫‪-‬‬


‫والعارف‪:‬‬
‫هل ي‪M‬ت‪w‬ك للحكومة صلحية الض‪x‬غط على العقول كي يقوى نفوذ الم‪x‬ة عليها؟ أم ت‪M‬حمل على‬
‫توسيع العارف بعل التعليم البتدائي عموميا? بالتشويق والجبار‪ ،‬وبعل الكمالي سهل? للمتناول‪،‬‬
‫وجعل التعليم والتع̃لم حرا? مطلقا?؟‬

‫ف الزرا ع ة وال صنائ ع‬ ‫مب ح ث الت و س= ع‬ ‫‪23‬‬ ‫‪-‬‬


‫والتجارة‪:‬‬
‫هل ي‪M‬تك ذلك للنشاط الفقود ف الم‪x‬ة؟ أم تلزم الكومة بالجتهاد ف تسهيل مضاهاة المم‬
‫الس‪x‬ائرة‪ ،‬ول سيما الزاحة والاورة‪ ،‬كيل تهلك الم‪x‬ة بالاجة لغيها أو تضعف بالفقر؟‬

‫ف ال ع مرا ن‪:‬‬ ‫مب ح ث ال س‪ c‬ع ي‬ ‫‪24‬‬ ‫‪-‬‬


‫هل ي‪M‬تك ذلك لهمال الكومة الميت لعز‪x‬ة نفس ال̈سكان‪ ،‬أو لنهماكها فيه إسرافا? وتبذيرا?؟ أم‬
‫تمل على ات©باع العتدال التناسب مع الثورة العمومية؟‬

‫ف ر ف ع ا ل ستب دا د‪:‬‬ ‫مب ح ث ال س‪ c‬ع ي‬ ‫‪25‬‬ ‫‪-‬‬


‫هل ي‪M‬نتظر ذلك من الكومة ذاتها؟ أم نوال الرية ورفع الستبداد رفعا? ل يتك مال‬
‫لعودته‪ ،‬من وظيفة عق‪¢‬لء المة وسراتها؟‬

‫هذه خسة وعشرون مبحثا?‪ ،‬كل‪ Å‬منها يتاج إل تدقيق! عميق‪ ،‬وتفصيل! طويل‪ ،‬وتطبيق على‬
‫كل© الحوال والقتضيات الصوصية‪ .‬وقد ذكرت‪ M‬هذه الباحث تذكرة? للك}ت‪x‬اب ذوي اللباب وتنشيطا‬

‫‪104‬‬
‫لل̈نجباء على الوض فيها بتتيب‪ ،‬ات©باعا? لكمة إتيان البيوت من أبوابها‪ .‬وإني أقتصر على بعض‬
‫الكلم فيما يتعلق بالبحث الخي منها فقط؛ أعن مبحث الس‪x‬عي ف رفع الستبداد‪ ،‬فأقول‪:‬‬
‫الم‪x‬ة الت ل يشعر ك̃لها أو أكثرها بآلم الستبداد ل تستح̈ق الرية‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫الستبداد ل يقاو‪w‬م بالش©دة إنا ي‪M‬قاوم باللي والتد̈رج‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫يب قبل مقاومة الستبداد‪ ،‬تهيئة ما ي‪M‬ست‪w‬بد‪w‬ل به الستبداد‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫هذه قوا عد ر فع ال ستبداد‪ ،‬و هي قوا عد ت‪M‬ب عد آ مال ال سراء‪ ،‬وت س̈ر ال ستبدين؛ لن‪ x‬ظاهر ها‬
‫يؤمن©هم ع لى استبدادهم‪ .‬ولذا أذ ك‪¤‬ر الستبدين با أ نذرهم الفياري الشهور؛ حي ث‪ M‬قال‪" :‬ل يفرحن‬
‫الستب̈د بعظيم قو‪x‬ته ومزيد احتياطه‪ ،‬فكم جبار! عنيدٍ ج‪M‬ن©د له مظلومٌ صغي"‪ ،‬وإني أقول‪ :‬كم من جبار‬
‫قهار أخذه ال أخذ عزيز! منتقم‪.‬‬
‫مبنى قاعدة كون الم‪x‬ة الت ل يشعر أكثرها بآلم الستبداد ل تستح̈ق الرية هو‪:‬‬
‫إن‪ x‬الم‪x‬ة إذا ض‪M‬ر›ب‪w‬ت عليها الذ©ل¿ة والسكنة‪ ،‬وتوالت على ذلك القرون والبطون‪ ،‬تصي تلك الم‪x‬ة‬
‫سافلة الط‪¤‬باع حسبما سبق تفصيله ف الباث الس‪x‬الفة‪ ،‬حتى إن‪x‬ها تصي كالبهائم‪ ،‬أو دون البهائم‪ ،‬ل‬
‫تسأل عن الرية‪ ،‬ول تلتمس العدالة‪ ،‬ول تعرف للستقلل قيمة‪ ،‬أو للنظام مزية‪ ،‬ول ترى لا ف‬
‫الياة وظيفة غي التابعية للغالب عليها‪ ،‬أحسن‪ w‬أو أساء على ح ‪Í‬د سواء‪ ،‬وقد تنقم على الستبد© نادرا?‪،‬‬
‫ولكن•‪ ،‬طلبا? للنتقام من شخصه ل طلبا? للخلص من الستبداد‪ ،‬فل تستفيد شيئا?‪ ،‬إنا تستبدل مرضا‬
‫برض؛ كمغص! بصداع‪.‬‬
‫وقد تقاوم الستبد‪ x‬بس‪w‬وق مستبد‪ Í‬آخر تتوس‪x‬م فيه أن‪x‬ه أقوى شوكة? من الستبد© الول‪ ،‬فإذا نحت‬
‫ل يغسل هذا السائق يديه إل باء الستبداد‪ ،‬فل تستفيد أيضا? شيئا?‪ ،‬إنا تستبدل مرضا? مزمنا? برض‬
‫حديث‪ ،‬وربا ت‪M‬نال الرية عفوا?‪ ،‬فكذلك ل تستفيد منها شيئا?؛ لن‪x‬ها ل تعرف طعمها‪ ،‬فل تهتم‬
‫بفظها‪ ،‬فل تلبث الرية أن تنقلب إل‬
‫فوضى‪ ،‬وهي إل استبدادٍ مشو‪x‬ش أشد‬
‫وطأة? كالريض إذا انتكس‪ .‬ولذا؛ قر‪x‬ر‬
‫الكماء أن‪ x‬الرية الت تنفع الم‪x‬ة هي‬
‫الت تصل عليها بعد الستعداد لقبولا‪،‬‬
‫وأم‪x‬ا الت تصل على أثر ثورةٍ حقاء‬
‫‪ -‬ت كت ف ي‬ ‫غالب ا?‬
‫بقطع شجرة الستبداد ول تقتلع جذورها‪ ،‬فل تلبث أن تنبت وتنمو وتعود أقوى ما كانت أول‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫فإذا و‪M‬ج‪€‬د ف الم‪x‬ة اليتة من تدفعه شهامته للخذ بيدها والنهوض بها فعليه أول?‪ :‬أن يبث‬
‫فيها الياة وهي العلم؛ أي علمها بأن‪ x‬حالتها سيئة‪ ،‬وإن‪x‬ما بالمكان تبديلها بي! منها‪ ،‬فإذا هي‬
‫علمت بطبعه من الحاد إل العشرات‪ ،‬إل إل‪ ،...‬حتى يشمل أكثر الم‪x‬ة‪ ،‬وينتهي بالتح̈مس ويبلغ‬
‫بلسان حالا إل منزلة قول الكيم العري‪:‬‬
‫فنحن على تغييها ق}د‪w‬راء‬ ‫إذا ل تق}م بالعدل فينا حكومة‪j‬‬
‫وهكذا ينقذف ف‪€‬كر‪ M‬الم‪x‬ة ف وادٍ ظاهر الكمة يسي كالسيل‪ ،‬ل يرجع حتى يبلغ منتهاه‪.‬‬
‫ثم‪ x‬إن‪ x‬المم اليتة ل يندر فيها ذو الش‪x‬هامة‪ ،‬إنا السف أن• يندر فيها من يهتدي ف أو‪x‬ل‬
‫نشأته إل الطريق الذي به يصل على الكانة الت تك‪¤‬نه ف مستقبله من نفوذ رأيه ف قومه‪ .‬وإن©ي أنب©ه‬
‫فكر الناشئة العزيزة أن‪ x‬من يرى منهم ف نفسه استعداد?ا للمجد القيقي فليحرص على الوصايا التية‬
‫البيان‪:‬‬
‫ف ت ر قي ة م عا ر ف ه م طل ق ا? ل‬ ‫أ ن يه د‬ ‫‪1‬‬

‫سيما ف العلوم النافعة الجتماعية كالقوق والسياسة والقتصاد والفلسفة العقلية‪ ،‬وتاريخ قومه الغراف‬
‫والطبيعي والسياسي‪ ،‬والدارة الربية‪ ،‬فيكتسب من أصول وفروع هذه الفنون ما يكنه إحرازه‬
‫بالتلق‪¤‬ي‪ ،‬وإن تعذ‪x‬ر فبالطالعة مع التدقيق‪.‬‬
‫ف‬ ‫أ‪-‬ن يت ق ن أ ح د ال عل و م ال ت ت ك سب ه‬ ‫‪2‬‬

‫قومه موقعا? متما? وعلميا? مصوصا?؛ كعلم الدين والقوق أو النشاء أو الطب‪.‬‬
‫أن يافظ على آداب وعادات قومه غاية الافظة ولو أن‪ x‬فيها بعض أشياء سخيفة‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫‪ -4‬أ ن ي قل ل ا خت ل ط ه م ع النا س حت ى‬
‫رفقائه ف الدرسة‪ ،‬وذلك حفظا? للوقار وت̃فظا? من الرتباط القوي مع أحد كيل يسقط تبعا? لسقوط‬
‫صاحبٍ له‪.‬‬
‫ند‬ ‫ق وت ع‬ ‫صا حب ة ا ل م‬ ‫ا? م‬ ‫ي‬ ‫ن ‪ x‬ب كل‬ ‫أ ن يت ج‬ ‫‪5‬‬

‫الناس ل سيما الك&ام ولو كان ذلك القت بغي حق‪.‬‬


‫ف كت م م زيت ه‬ ‫أ ن يته د ما أ م كن ه‬ ‫‪6‬‬

‫العلمية على الذين هم دونه ف ذلك العلم لجل أن يأمن غوائل حسدهم‪ ،‬إنا عليه أن يظهر مزيته‬
‫لبعض من هم فوقه بدرجاتٍ كثية‪.‬‬
‫أ ن يت خي‪ x‬ر ل ه ب ع ض م ن ينت م ي إلي ه م ن‬ ‫‪7‬‬ ‫‪-‬‬
‫الطبقة العليا‪ ،‬بشرط‪ :‬أن• ل ي‪M‬كثر التدد عليه‪ ،‬ول يشاركه شؤونه‪ ،‬ول يظهر له الاجة‪ ،‬ويتكت‪x‬م ف‬
‫نسبته إليه‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫‪ -8‬أ ن ي ر ص عل ى ا ل ق ل ل م ن بيا ن‬
‫آرائه وإل يؤخذ عليه تبعة رأي يراه أو خ !ب يرويه‪.‬‬
‫أ ن ي ر ص عل ى أ ن ي‪ M‬ع ر ف ب س ن‬ ‫‪9‬‬

‫الخلق‪ ،‬ل سيما الصدق والمانة والثبات على البادئ‪.‬‬


‫أ ن ي‪ M‬ظه ر ال ش ف ق ة عل ى ال ض ع فا ء‬ ‫‪10‬‬ ‫‪-‬‬
‫والغية على الدين والعلقة بالوطن‪.‬‬
‫‪ -11‬أ ن يتبا ع د ما أ م كن ه م ن م قا رب ة‬
‫الستبد وأعوانه إل بقدار ما يأمن به فظائع شر©هم إذا كان معر‪x‬ضا? لذلك‪.‬‬
‫فمن يبلغ سن‪ x‬الثلثي فما فوق حائز?ا على الصفات الذكورة‪ ،‬يكون قد أعد‪ x‬نفسه على أكمل‬
‫وجه لحراز ثقة قومه عندما يريد ف برهة قليلة‪ ،‬وبهذه الث©قة يفعل ما ل تقوى عليه اليوش والكنوز‪.‬‬
‫وما ينقصه من هذه الص©فات ي‪M‬نقص من مكانته‪ ،‬ولكن•؛ قد يستغن بزيد كمال بعضها عن فقدان بعضها‬
‫الخر أو نقصه‪ .‬كما أن‪ x‬الص©فات الخلقية قد تكفي ف بعض الظروف عن الصفات العلمية كل&ها ول‬
‫عكس‪ ،‬وإذا كان التصدي للرشاد السياسي فاقد الث©قة فقدانا? أصليا? أو طارئا?‪ ،‬يكنه أن يستعمل غيه‬
‫من تنقصه السارة والمة والصفات العلمية‪.‬‬
‫واللصة‪ :‬أن‪ x‬الراغب ف نهضة قومه‪ ،‬عليه أن يهيئ نفسه ويزن استعداده‪ ،‬ثم‪ x‬يعزم متوك‪¤‬ل‬
‫على ال ف خلق الن‪x‬جاح‪.‬‬
‫ومبنى قاعدة أن‪ x‬الستبداد ل ي‪M‬قاوم بالشدة‪ ،‬إنا ي‪M‬قاوم بالكمة والتدريج هو‪ :‬أن‪ x‬الوسيلة‬
‫الوحيدة الفعالة لقطع دابر الستبداد هي ترق&ي الم‪x‬ة ف الدراك والحساس‪ ،‬وهذا ل يتأتى إل بالتعليم‬
‫والتحميس‪ .‬ثم‪ x‬إن‪ x‬اقتناع الفكر العام وإذعانه إل غي مألوفه‪ ،‬ل يتأتى إل ف زمن! طويل‪ ،‬لن‪ x‬العوام‬
‫مهما ترق&وا ف الدراك ل يسمحون باستبدال القشعريرة بالعافية إل بعد التروي الديد‪ ،‬وربا كانوا‬
‫معذورين ف عدم الوثوق والسارعة؛ لن‪x‬هم أل‪€‬فوا أن ل يتوقعوا من الرؤوساء وال̈دعاة إل الغش والداع‬
‫غالبا‪ .‬ولذا كثيا? ما يب¨ ال}سراء الستبد‪ x‬العظم إذا كان يقهر معهم بالسوية الرؤساء والشراف‪،‬‬
‫وكثيا? ما ينتقم ال}سراء من العوان فقط ول يسون الستبد‪ x‬بسوء؛ لن‪x‬هم يرون ظالهم مباشرة? هم العوان‬
‫دون الستبد©‪ ،‬وكم أحرقوا من عاصمة لجل مض التشف&ي بإضرار أولئك العوان‪.‬‬
‫ثم‪ x‬إن‪ x‬الستبداد مفوفٌ بأنواع! القوات الت فيها قوة الرهاب بالعظمة وقوة ال}ند‪ ،‬ل سيما‬
‫إذا كان الند غريب النس‪ ،‬وقوة الال‪ ،‬وقوة اللفة على القسوة‪ ،‬وقوة رجال الدين‪ ،‬وقوة أهل‬
‫الثروات‪ ،‬وقوة النصار من الجانب‪ ،‬فهذه القوات تعل الستبداد كالسيف ل ي‪M‬قاب‪w‬ل بعصا الفكر العام‬
‫الذي هو ف أو‪x‬ل نشأته يكون أشبه بغوغاء‪ ،‬ومن طبع الفكر العام أن‪x‬ه إذا فار ف سنة يغور ف سنة‪ ،‬وإذا‬

‫‪107‬‬
‫فار ف يوم يغور ف يوم‪ .‬بناءً عليه؛ يلزم لقاومة تلك القوات الائلة مقابلتها با يفعله الثبات والعناد‬
‫الصحوبان بالزم والقدام‪.‬‬
‫الستبداد ل ينبغي أن ي‪M‬قاو‪w‬م بالعنف‪ ،‬كي ل تكون فتنة تصد الناس حصدا?‪ .‬نعم؛ الستبداد‬
‫قد يبلغ من الشد‪x‬ة درجة تنفجر عندها الفتنة انفجارا? طبيعيا?‪ ،‬فإذا كان ف الم‪x‬ة عقلء يتباعدون عنها‬
‫ابتداءً‪ ،‬حتى إذا سكنت ثورتها نوعا? وقضت وظيفتها ف حصد النافقي‪ ،‬حينئذٍ يستعملون الكمة ف‬
‫توجيه الفكار نو تأسيس العدالة‪ ،‬وخي ما تؤس‪x‬س يكون بإقامة حكومة ل عهد لرجالا بالستبداد‪،‬‬
‫ول علقة لم بالفتنة‪.‬‬
‫العوام ل يثور غضبهم على الستبد© غالبا? إل عقب أحوال مصوصة مهي©جة فورية‪ ،‬منها‪:‬‬
‫عقب مشهد دموي مؤل يوقعه الستب̈د على الظلوم يريد النتقام لناموسه‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫عقب حرب يرج منها الستب̈د مغلوبا?‪ ،‬ول يتمك¿ن من إلصاق عار التغ̃لب بيانة القواد‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫عقب تظاهر الستبد© بإهانة الدين إهانة? مصحوبة? باستهزاء يستلزم حد‪x‬ة العوام‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫عقب تضييق شديد عام مقاضاة? لال! كثي ل يتيس‪x‬ر إعطاؤه حتى على أواسط الناس‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫ف حالة ماعة أو مصيبة عامة ل يرى الناس فيها مواساة? ظاهرة من الستبد‪.‬‬ ‫‪-5‬‬
‫عقب عمل للمستبد© يستف̈ز الغضب الفوري‪ ،‬كتع̈رضه لناموس العرض‪ ،‬أو حرمة النائز ف‬ ‫‪-6‬‬
‫الشرق‪ ،‬وتقيه القانون أو الشرف الوروث ف الغرب‪.‬‬
‫عقب حادث تضييق يوجب تظاهر قسم كبي من النساء ف الستجارة والستنصار‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫عقب ظهور موالة شديدة من الستبد© لن تعتبه الم‪x‬ة عدوا? لشرفها‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫إل غي ذلك من المور الماثلة لذه الحوال الت عندها يوج الناس ف الشوارع والساحات‪،‬‬
‫وتل أصواتهم الفضاء‪ ،‬وترتفع فتبلغ عنان السماء‪ ،‬ينادون‪ :‬الق الق‪ ،‬النتصار للحق‪ ،‬الوت أو‬
‫بلوغ الق‪.‬‬
‫الستب̈د مهما كان غبيا? ل تفى عليه تلك الزالق‪ ،‬ومهما كان عتيا? ل يغفل عن ات©قائها‪ ،‬كما‬
‫أن‪ x‬هذه المور يعرفها أعوانه ووزراؤه‪.‬‬
‫فإذا و‪M‬ج‪€‬د منهم بعض يريدون له التهلكة يهو©رونه على الوقوع ف إحداها‪ ،‬وي‪M‬لصقونها به خلفا‬
‫لعادتهم ف إبعادها عنه بالتمويه على الناس‪ .‬إن‪ x‬رئيس وزراء الستبد© أو رئيس ق}و‪x‬اده‪ ،‬أو رئيس الد©ين‬
‫عنده‪ ،‬هم أقدر الناس على اليقاع به‪ ،‬وهو يداريهم ت̈ذرا? من ذلك‪ ،‬وإذا أراد إسقاط أحدهم فل يوقعه‬
‫إل بغتة‪.‬‬
‫لثيي الواطر على الستبداد طرائق شتى يسلكونها بالسر‪ ،‬والبطء‪ ،‬يستقرون تت ستار‬
‫الدين‪ ،‬فيستنبتون غابة الثورة من بذرة أو بذورات يسقونها بدموعهم ف اللوات‪ .‬وكم يلهون الستبد‬

‫‪108‬‬
‫بسوقه إل الشتغال بالفسوق والش‪x‬هوات‪ ،‬وكم يغرونه برضاء الم‪x‬ة عنه‪ ،‬ويس©رونه على مزيد التشديد‪،‬‬
‫وكم يملونه على إساءة التدبي‪ ،‬ويكتمونه ال̈رشد‪ ،‬وكم يشو©شون فكره بإرباكه مع جيانه وأقرانه‪.‬‬
‫يفعلون ذلك وأمثاله لجل غاية واحدة‪ ،‬هي إبعاده عن النتباه إل س ©د الطريق الت فيها يسلكون‪ ،‬أم‪x‬ا‬
‫أعوانه‪ ،‬فل وسيلة لغفالم عن إيقاظه غي تريك أطماعهم الالية مع تركهم ينهبون ما شاؤوا أن‬
‫ينهبوا‪.‬‬
‫ومبنى قاعدة أن‪x‬ه يب قبل مقاومة الستبداد‪ ،‬تهيئة ماذا ي‪M‬ستبدل به الستبداد هو‪ :‬إن‪ x‬معرفة‬
‫الغاية شرط‪ j‬طبيعي للقدام على كل© عمل‪ ،‬كما أن‪ x‬معرفة الغاية ل تفيد شيئا? إذا جهل الطريق الوصل‬
‫إليها‪ ،‬والعرفة الجالية ف هذا الباب ل تكفي مطلقا?‪ ،‬بل ل ب ‪x‬د من تعيي الطلب والطة تعيينا‬
‫واضحا? موافقا? لرأي© الكل©‪ ،‬أو الكثرية الت هي فوق الثلثة أرباع عددا? أو قوة بأس وإل فل يتم المر‪،‬‬
‫حيث إذا كانت الغاية مبهمة نوعا?‪ ،‬يكون القدام ناقصا? نوعا?‪ ،‬وإذا كانت مهولة بالكلية عند قسم من‬
‫الناس أو مالفة لرأيهم‪ ،‬فهؤلء ينضمون إل الستبد©‪ ،‬فتكون فتنة? شعواء‪ ،‬وإذا كانوا يبلغون مقدار‬
‫الثلث فقط‪ ،‬تكون حينئذٍ الغلبة ف جانب الستبد‪.‬‬
‫ثم‪ x‬إذا كانت الغاية مبهمة ول يكن السي ف سبيل! معروف‪ ،‬ويوشك أن يقع اللف ف أثناء‬
‫الطريق‪ ،‬فيفسد العمل أيضا? وينقلب إل انتقام وفت‪ .‬ولذلك يب تعيي الغاية بصراحة وإخلص‬
‫وإشهارها بي الكاف&ة‪ ،‬والسعي ف إقناعهم واستحصال رضائهم بها ما أمكن ذلك‪ ،‬بل ال‪¢‬ول حل العوام‬
‫على النداء بها وطلبها من عند أنفسهم‪ .‬وهذا سبب عدم ناح المام علي ومن وليه من أئمة آل البيت‬
‫رضي ال عنهم‪ ،‬ولعل‪ x‬ذلك كان منهم ل عن غفلة‪ ،‬بل مقتضى ذلك الزمان من صعوبة الواصلت‬
‫وفقدان البوستات النتظمة والنشريات الطبوعة إذ ذاك‪.‬‬
‫والراد أن‪ x‬من الضروري تقرير شكل الكومة الت يراد ويكن أن• ي‪M‬ستبدل بها الستبداد‪،‬‬
‫وليس هذا بالمر الين الذي تكفيه فكرة ساعات‪ ،‬أو فطنة آحاد‪ ،‬وليس هو بأسهل من ترتيب القاومة‬
‫والغالبة‪ .‬وهذا الستعداد الفكري النظري ل يوز أن• يكون مقصورا? على الواص‪ ،‬بل ل بد‪ x‬من تعميمه‬
‫وعلى حساب المكان ليكون بعيدا? عن الغايات ومعضودا? بقبول الرأي العام‪.‬‬
‫وخلصة البحث أن‪x‬ه يلزم أول? تنبيه حس الم‪x‬ة بآلم الستبداد‪ ،‬ثم‪ x‬يلزم حلها على البحث ف‬
‫القواعد الساسية للسياسة الناسبة لا؛ بيث يشغل ذلك أفكار كل© طبقاتها‪ ،‬والول أن يبقى ذلك‬
‫تت مض العقول سني‪ ،‬بل عشرات السني حتى ينضج تاما?‪ ،‬وحتى يصل ظهور التلهف‬
‫القيقي على نوال الرية ف الطبقات العليا‪ ،‬والتمني ف الطبقات السفلى‪ ،‬والذر كل الذر من أن‬
‫يشعر الستبد بالطر‪ ،‬فيأخذ بالتح̈ذر الشديد‪ ،‬والتنكيل بالاهدين‪ ،‬فيكثر الضجيج‪ ،‬فيزيغ الستبد‬
‫ويتكالب‪ ،‬فحينئذٍ إما أن تغتنم الفرصة دولة أخرى فتستولي على البلد‪ ،‬وتد©د السر على العباد‬

‫‪109‬‬
‫بقليل! من التعب‪ ،‬فتدخل الم‪x‬ة ف دور! آخر من الرق© النحوس‪ ،‬وهذا نصيب أكثر المم الشرقية ف‬
‫القرون الخية‪ ،‬وإم‪x‬ا أن يساعد الظ& على عدم وجود طامع أجنب‪ ،‬وتكون الم‪x‬ة قد تأه‪x‬لت للقيام بأن‬
‫تكم نفسها بنفسها‪ ،‬وف هذه الال يكن لعقلء الم‪x‬ة أن يكل‪¤‬فوا الستبد‪ x‬ذاته لتك أصول الستبداد‪،‬‬
‫وات©باع القانون الساسي الذي تطلبه المة‪ .‬والستب̈د الائر القوى ل يسعه عند ذلك إل الجابة طوعا?‪،‬‬
‫وهذا أفضل ما يصاد‪w‬ف‪ .‬وإن أصر‪ x‬الستب̈د على القوة‪ ،‬قضوا بالزوال على دولته‪ ،‬وأصبح كل‪ Å‬منهم راعيا?‪،‬‬
‫وكل‪ Å‬منهم مسؤول? عن رعيته‪ ،‬وأضحوا آمني‪ ،‬ل يطمع فيهم طامع‪ ،‬ول ي‪M‬غلبون عن قل&ة‪ ،‬كما هو شأن‬
‫كل© المم الت تيا حياة? كاملة حقيقية‪ ،‬بناءً عليه؛ فليبص‪x‬ر العقلء‪ ،‬وليت‪x‬ق› ال الغرون‪ ،‬وليعلم أن‬
‫المر صعب‪ ،‬ولكن تص̈ور الصعوبة ل يستلزم القنوط‪ ،‬بل يثي همم الرجل الشم‪.‬‬
‫جل¿ ت‬
‫حكمته‪ -‬قد جعل المم مسؤولة عن أعمال من ت‪M‬حك‪¤‬مه عليها‪ .‬وهذا حق‪ .Å‬فإذا ل تسن أمة سياسة‬
‫نفسها أذل¿ها ال لم‪x‬ة أخرى تكمها‪ ،‬كما تفعل الشرائع بإقامة القيم على القاصر أو السفيه‪ ،‬وهذه‬
‫حكمة‪ .‬ومتى بلغت أم‪x‬ة‪ j‬رشدها‪ ،‬وعرفت للحرية قدرها‪ ،‬استجعت عز‪x‬ها‪ ،‬وهذا عدلٌ‪.‬‬
‫وهكذا ل يظلم ر̈بك أحدا?‪ ،‬إنا هو النسان يظلم نفسه‪ ،‬كما ل يذ̈ل ال قط أمة عن قل&ة‪ ،‬إنا‬
‫هو الهل يسب©ب كل‪ x‬عل¿ة‪.‬‬
‫وإني أختم كتابي هذا باتة بشرى‪ ،‬وذلك أن‪ x‬بواسق العلم وما بلغ إليه‪ ،‬تد̈ل علىأن‪ x‬يوم‬
‫ال قريب‪ .‬ذلك اليوم الذي يق̈ل فيه التفاوت ف العلم وما يفيده من القوة‪ ،‬وعندئذٍ تتكافأ القوات بي‬
‫البشر‪ ،‬فتنح̈ل السلطة‪ ،‬ويرتفع التغالب‪ ،‬فيسود بي الناس العدل والتوادد‪ ،‬فيعيشون بشرا? ل شعوبا?‪،‬‬
‫وشركات ل دول?‪ ،‬وحينئذٍ يعلمون ما معنى الياة الطيبة‪ :‬هل هي حياة السم وحصر المة ف‬
‫خدمته؟ أم حياة الروح وغذاؤها الفضيلة؟ ويومئذٍ يتسنى للنسان أن يعيش كأن‪x‬ه عال مستقل‪ Å‬خالد‪،‬‬
‫كأن‪x‬ه نمٌ متص‪ Å‬ف شأنه‪ ،‬مشتك‪ j‬ف النظام‪ ،‬كأن‪x‬ه ملك‪ ،j‬وظيفته تنفيذ أوامر الرحن اللهمة للوجدان‪.‬‬

‫ت‪ c‬الكتاب بعونه تعال‬

‫‪110‬‬

You might also like