You are on page 1of 90

‫قررت وزارة الرتبية والتعليم تدريس‬

‫هذ ا ا لكتا ب و طبعه عىل نفقتها‬

‫الـعـربــي‬
‫األدب َ‬
‫ُ‬
‫للصـف األول الثانـوي‬
‫ّ‬
‫رايس األول‬
‫ُّ‬ ‫الفصـل الـدِّ‬
‫ْ‬

‫(تعليم عام ‪ -‬حتفيظ قرآن)‬

‫تـعـديــــل‬

‫أ محد بن سليام ن ا ملشعيل‬ ‫إ بر ا هيم بن حسن ا لد ر يعي‬

‫محـود بن عبداهلل السالمـة‬

‫طـبـعـة ‪1428‬هـ ـ ‪1429‬هـ‬


‫‪2007‬م ـ ‪2008‬م‬
‫ح وزارة الرتبية والتعليم ‪1419 ،‬هـ‬
‫فهرسة مكتبة امللك فهد الوطنية أثناء النرش‬
‫ ‬
‫السعودية ‪ -‬وزارة الرتبية والتعليم‬
‫األدب العريب ‪ :‬للصف األول الثانوي ‪ :‬الفصل األول‪ - .‬ط ‪ - . 3‬الرياض‪.‬‬
‫‪ 90‬ص ـ ‪ 23 x 21‬سم‬
‫ردمك ‪8 :‬ـ ‪ 181‬ـ ‪ 19‬ـ ‪( 9960‬جمموعة)‬
‫‪ 6‬ـ ‪ 182‬ـ ‪ 19‬ـ ‪( 9960‬ج‪)1‬‬ ‫ ‬
‫‪1‬ـ األدب العريب ‪ -‬كتب دراسية‬
‫أ ـ العنوان‬ ‫ ‬ ‫‪ 2‬ـ التعليم الثانوي ـ السعودية ـ كتب دراسية ‪ .‬‬
‫‪1983/19‬‬ ‫ديوي ‪712،810‬‬

‫مهمة وفائدة كبرية فلنحافظ عليه ولنجعل‬


‫هلذا الكتاب قيمة ّ‬
‫نظافته تشهد عىل حسن سلوكنا معه‪...‬‬

‫إذا مل نحتفظ هبذا الكتـاب يف مكتبتنا اخلاصـة يف آخـر العــام‬


‫لالستفادة فلنجعل مكتبة مدرستنا حتتفظ به‪...‬‬

‫موقع الوزارة‬
‫‪www.moe.gov.sa‬‬ ‫حقوق الطبع والنرش حمفوظة‬
‫موقع اإلدارة العامة للمناهج‬
‫‪www.moe.gov.sa/curriculum/index.htm‬‬
‫لوزارة الرتبية والتعليم‬
‫الربيد اإللكرتوين لإلدارة العامة للمناهج‬ ‫باململكة العربية السعودية‬
‫‪curriculum@moe.gov.sa‬‬
‫مـقــدمـــة‬

‫احلمد للهّ رب العاملني‪ ،‬والصالة والسالم عىل نبيه األمني‪ ،‬وعىل آله وصحابته‬
‫أمجعني‪.‬‬
‫وبعد ‪ :‬فهذا كتاب األدب العريب للصف األول الثانوي للفصل الدرايس األول‪،‬‬
‫ِّ‬
‫نقدمه يف طبعته اجلديدة املعدَّ لة‪ ،‬آملني أن يكون ثقافة أدبية مشوقة حتقق املتعة والفائدة‬
‫ونصوصا ـ‬
‫ً‬ ‫مع ًا‪ .‬وهو يتناول بالدراسة رَّ‬
‫امليسة والعرض الدقيق األدب العريب ـ تار ًخيا‬
‫يف عصوره الثالثة األوىل ‪ :‬العرص اجلاهيل‪ ،‬وعرص صدر اإلسالم‪ ،‬والعرص األموي‪.‬‬
‫ونحن إذ نقدم بني أيدي أبنائنا الطالب وبناتنا الطالبات هذا الكتاب يف طبعته‬
‫اجلديدة نرجو أن يكون حمقق ًا ملا أريد به من تبصري الطالب والطالبات بوجدان األمة‪،‬‬
‫وتربية ملكة البيان والتذوق األديب‪ ،‬وتعزيز القيم العربية واإلسالمية لدهيم‪.‬‬
‫ريا نسأل اللهّ أن ينفع هبذا الكتاب ناشئة اإلسالم ليعيدوا بالعزائم املؤمنة سرية‬
‫وأخ ً‬
‫السلف الصالح‪ ،‬وأجماد ُ‬
‫الغ ِّر امليامني؛ إنه سميع جميب الدعاء‪.‬‬
‫ ‬
‫املعدلــون‬

‫‬
‫مـحـتـويــات الـكـتـــاب‬

‫الصفحة‬ ‫الــمـــوضـــــــــوع‬
‫‪4‬‬ ‫املـقـدمــة‬
‫‪7‬‬ ‫األدب ‪:‬‬
‫‪8‬‬ ‫ـ تعـريـف األدب‪.‬‬
‫‪8‬‬ ‫ـ أركـانــه‪.‬‬
‫‪8‬‬ ‫ـ الـغـرض مـن دراستــه‪.‬‬
‫‪8‬‬ ‫ـ أنــواع األدب‪.‬‬
‫‪9‬‬ ‫ـ العصـور األدبيــة‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫ـ طـريقــة الـدراســة األدبيـة‪.‬‬
‫‪11‬‬ ‫ـ حتليــل أدبـي ‪ :‬احلطيئـة يمـدح آل شمــاس‪.‬‬
‫‪14‬‬ ‫ـ تـدريب علـى الـدراســة األدبيــة‪.‬‬
‫‪16‬‬ ‫الـعصـر اجلـاهـلـي ‪:‬‬
‫‪16‬‬ ‫ـ معـنى اجلـاهـلـيـة‪.‬‬
‫‪17‬‬ ‫حـيـاة العـرب يف العصـر اجلـاهلـي ‪:‬‬
‫‪17‬‬ ‫ـ البيئـة اجلغـرافـيــة‪.‬‬
‫‪18‬‬ ‫ـ احلـيـاة االجتمـاعيـة واألخـالقيـة‪.‬‬
‫‪18‬‬ ‫ـ احلـيـاة السيـاسـيــة‪.‬‬
‫‪19‬‬ ‫ـ احلـيـاة الـدينيــة‪.‬‬
‫‪19‬‬ ‫ـ احلـيـاة العقـلـيــة‪.‬‬
‫‪20‬‬ ‫ـ أســواق الـعــرب‪.‬‬
‫‪22‬‬ ‫الشـعــر فـي العـصـر اجلـاهلـي ‪:‬‬
‫‪22‬‬ ‫‪ 1‬منزلة الشعر يف اجلاهلية‪.‬‬
‫‪23‬‬ ‫‪ 2‬ـ أغراض الشعر اجلاهيل‪.‬‬
‫‪25‬‬ ‫‪ 3‬ـ رواية الشعر اجلاهيل وتدوينه‪.‬‬
‫الصفحة‬ ‫الــمـــوضـــــــــوع‬
‫‪26‬‬ ‫‪ 4‬ـ خصائص الشعر اجلاهيل‪.‬‬
‫‪28‬‬ ‫‪ 5‬ـ املعـلـقــات‪.‬‬
‫‪32‬‬ ‫نمــاذج مـن الشـعـر اجلـاهـيل ‪:‬‬
‫‪32‬‬ ‫أ ـ امرؤ القيـس يصـف الليـل واخليـل‪.‬‬
‫‪37‬‬ ‫ب ـ طرفـة بـن العبـد يف الفخـر واحلكمـة‪.‬‬
‫‪42‬‬ ‫جـ ـ أعشـى قيـس يفخـر بقومـه يف يـوم ذي قـار‪.‬‬
‫‪47‬‬ ‫د ـ لقيـط بن يعمـر اإليـادي ّ‬
‫حيـذر قومـه‪.‬‬
‫‪51‬‬ ‫صخـرا‪.‬‬
‫ً‬ ‫هـ ـ اخلنسـاء تـرثي أخـاهـا‬
‫‪56‬‬ ‫و ـ زهيـر بن أيب سلمـى يف احلكمـة‪.‬‬
‫‪62‬‬ ‫ز ـ عنتـرة يف الفخـر واحلامسـة‪.‬‬
‫‪67‬‬ ‫ح ـ النابغـة الذبيانـي يف االعتـذار‪.‬‬
‫‪72‬‬ ‫النـثـر اجلـاهـلــي ‪:‬‬
‫‪72‬‬ ‫أنـواع النثـر اجلاهلـي‪.‬‬
‫‪73‬‬ ‫خصائـص النثـر اجلـاهـيل‪.‬‬
‫‪74‬‬ ‫ـ اخلـطــب والـوصـايــا ‪:‬‬
‫‪74‬‬ ‫نمـاذج مـن اخلـطـب والـوصـايــا ‪:‬‬
‫‪74‬‬ ‫أ ـ خطبـة قـس بـن ساعـدة‪.‬‬
‫‪77‬‬ ‫ب ـ خطبـة أكـثم بـن صيـفي‪.‬‬
‫‪80‬‬ ‫جـ ـ وصيـة زهيـر بـن جنـاب‪.‬‬
‫‪81‬‬ ‫د ـ وصيـة ذي األصبـع العـدوانـي‪.‬‬
‫‪83‬‬ ‫احلـكـم واألمـثــال ‪:‬‬
‫‪84‬‬ ‫نمـاذج من احلكـم واألمـثـال‪.‬‬

‫‬
‫تـوزيـع املقـرر عىل أسـابيـع الفصـل الـدراسـي‬

‫الــمـــــوضــــــــــــــــــوع‬ ‫األســبـــــوع‬

‫األدب ‪ :‬تعريفه ـ أركانه ـ الغرض من دراسته ـ طريقة الدراسة األدبية‪.‬‬ ‫األول‬


‫نموذج ‪ :‬احلطيئة يمدح آل شامس‪.‬‬
‫العرص اجلاهيل ـ الشعر اجلاهيل‪.‬‬ ‫الثاين والثالث‬
‫نامذج من الشعر اجلاهيل ‪ :‬امرؤ القيس يصف الليل واخليل‪« .‬مع حفظ ستة أبيات‬ ‫الرابع‬
‫من قوله ‪ :‬وليل كموج البحر‪.»...‬‬
‫طرفة بن العبد يف الفخر واحلكمة «مع حفظ سبعة أبيات من أول النص»‪.‬‬ ‫اخلامس‬
‫أعشى قيس يفخر‪.‬‬ ‫السادس‬
‫لقيط بن يعمر حيذر قومه «مع حفظ ستة أبيات من أول النص»‪.‬‬ ‫السابع‬
‫صخرا «مع حفظ مخسة أبيات من أول النص»‪.‬‬
‫ً‬ ‫اخلنساء ترثي‬ ‫الثامن‬
‫زهري يف احلكمة «مع حفظ ثامنية أبيات من قوله ‪ :‬سئمت‪.»...‬‬ ‫التاسع‬
‫عنرتة يف الفخر واحلامسة «مع حفظ ستة أبيات من قوله ‪ :‬ولقد ذكرتك‪.»...‬‬ ‫العارش‬
‫النابغة يعتذر‬ ‫احلادي عرش‬
‫النثر اجلاهيل ـ نامذج من اخلطب والوصايا ـ خطبة قس بن ساعدة «مع حفظ‬ ‫الثاين عرش‬
‫اخلطبة كاملة»‪.‬‬
‫ً‬
‫كامال»‪.‬‬ ‫خطبة أكثم بن صيفي‪ .‬وصية زهري بن جناب لبنيه «مع حفظ النص‬ ‫الثالث عرش‬
‫وصية ذي اإلصبع البنه‪.‬‬ ‫الرابع عرش‬
‫احلكم واألمثال ـ نامذج من احلكم واألمثال‪« .‬مع حفظ ثالث حكم (‪)9 ، 4 ، 1‬‬ ‫اخلامس عرش‬
‫ومخسة أمثال (‪.»)10 ، 7 ، 4 ، 3 ، 1‬‬

‫‬
‫اسـتِ ِ‬
‫ــه‬ ‫الـغـــرض ِم ْن ِد َر َ‬
‫ُ‬ ‫ـعـ ِر ُ‬
‫يـفـه‪ ،‬أركـانـه‪،‬‬ ‫األدب ‪َ :‬ت ْ‬

‫قال امرؤ القيس يفتخر ‪:‬‬


‫يل ِم َن املَ ِ‬
‫ال‬ ‫َك َفانيِ ـ َولمَ ْ ْ‬
‫أط ُل ْب ـ َق ِل ٌ‬ ‫أل ْد َنى َم ِع َ‬
‫يش ٍة‬ ‫أس َعى ِ‬ ‫أن َما ْ‬‫‪ 1‬ـ َو َل ْو َّ‬
‫ال‬ ‫و َقدْ ُيدْ ِر ُك املَ ْج َد ُ‬
‫امل َؤ َّث َل أ ْم َث يِ‬ ‫أس َعى لمِ َ ْج ٍد ُم َؤ َّثلٍ‬ ‫‪2‬ـ َ‬
‫ول ِك َّنماَ ْ‬
‫وقال لبيد بن ربيعة من قصيدة رثى هبا النعامن بن ُاملنذر ‪:‬‬
‫ئل‬‫ال محَ َ ا َل َة َز ا ُ‬ ‫يم َ‬ ‫َو ُك ُّل َن ِع ٍ‬ ‫اط ُل‬ ‫ال اللهَّ َ َب ِ‬ ‫ش ٍء َما َخ َ‬ ‫أال ُك ُّل يَ ْ‬‫‪3‬ـ َ‬
‫دُ َو يهْ ِ َي ٌة َت ْص َف ُّر ِمن َْها ا أل َنا ِم ُل‬ ‫ناس َس ْو َف َتدْ ُخ ُل َب ْينَهم‬ ‫وك ُّل ُأ ٍ‬ ‫‪4‬ـ ُ‬
‫ائل‬‫احل َص ُ‬ ‫اإلل ِه َ‬ ‫إذا ُح ِّص َل ْت ِعن َْد َ‬ ‫وك ُّل ا ْمرِى ٍء َي ْو ًما َس ُي ْع َل ُم َغ ْي ُبهُ‬ ‫‪5‬ـ ُ‬
‫ائل‬ ‫األو ُ‬ ‫ون َ‬ ‫الق ُر ُ‬‫يك ُ‬ ‫َل َع َّل َك هَ ْت ِد َ‬ ‫فإن أ ْن َت لمَ ْ َي ْن َف ْع َك ِع ْل ُم َك َفا ْنت َِس ْب‬ ‫‪6‬ـ ْ‬
‫وقال زهري بن أيب ُس ْلمى يمدح قو ًما ‪:‬‬
‫وأ ْن ِد َي ٌة َي ْنتَا بهُ َ ا ال َق ْو ُل وال ِف ْع ُل‬ ‫ان ُو ُجوهُ ها‬ ‫ات ِح َس ٌ‬ ‫‪ 7‬ـ َوفي ِه ْم َم َقا َم ٌ‬
‫اجل ْه ُل‬ ‫أحال ِم َها َ‬ ‫س َقدْ ُي ْش َفى بِ ْ‬ ‫مجَ َ الِ َ‬ ‫وتِ ْم‬ ‫وإن ِج ْئت َُه ْم َأ ْل َف ْي َت َح ْو َل ُب ُي هِ‬
‫‪8‬ـ ْ‬
‫َت َو ا َر َثهُ آ َبا ُء آ َبا ئ ِه ْم َق ْب ُل‬ ‫ان ِم ْن َخيرْ ٍ أ َت ْو ُه َفإ َّنماَ‬ ‫‪ 9‬ـ َفماَ َك َ‬
‫إال فيِ َمنَا بِتِ َها الن َّْخ ُل‬ ‫س َّ‬ ‫و ُت ْغ َر ُ‬ ‫يجه‬ ‫اخل ِّط َّي إال َو ِش ُ‬ ‫‪ 10‬ـ وهَ ْل ُينبِ ُت َ‬

‫(‪ )3‬ال حمالة ‪ :‬البد‪.‬‬ ‫ ‬ ‫(‪ )2‬املؤثل ‪ :‬املؤصل‪.‬‬


‫(‪ )4‬دوهيية ‪ :‬داهية عظيمة‪ .‬األنامل ‪ :‬أطراف األصابع‪ ،‬وهو كناية عن املوت‪.‬‬
‫(‪ )5‬غيبه ‪ :‬ما خيفيه‪ .‬حصلت احلصائل ‪ :‬عرضت األعامل‪.‬‬
‫(‪ )6‬معنى البيت ‪ :‬إذا أنت مل تتعظ بالعلم فتذكر نسبك وكيف طوى أجدادك الرتاب‪.‬‬
‫(‪ )7‬مقامات وأندية ‪ :‬جمتمعات وجمالس‪.‬‬
‫(‪ )8‬ألفيت ‪ :‬وجدت‪ .‬أجالمها ‪ :‬عقوهلا‪ .‬اجلهل ‪ :‬السفه‪.‬‬
‫(‪ )10‬اخلطي ‪ :‬الرمح‪ .‬وشيجه ‪ :‬شجره‪.‬‬ ‫(‪ )9‬أتوه ‪ :‬فعلوه‪ .‬‬

‫‬
‫الـتـعـلـيـــق ‪:‬‬
‫امرؤ القيس يتكلم بعاطفة الفخر ويعلن أنه ال يرىض باملعيشة الدنيئة‪ .‬بل يسعى إىل‬
‫جدير به‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫جمد قوي األساس وهو‬
‫احلزْ ن‪ ،‬فيذكر الناس بمصريهم من موت وحساب‪.‬‬ ‫ولبيد يتحدث بعاطفة ُ‬
‫يتكلم بعاطفة اإلعجاب‪ ،‬فيمدح القوم بالعقول الراجحة وكرم األصل‪ .‬ومجيع‬ ‫وزهري َّ‬
‫هؤالء الشعراء مجعوا بني األفكار اجلليلة والعبارات اجلميلة والعاطفة املؤثرة‪ ،‬فاستحق‬
‫سمى أد ًبا‪.‬‬
‫كالمهم بذلك أن ُي َّ‬

‫‪ 1‬ــ تعريف األدب ‪:‬‬


‫األدب هو الكالم البليغ‪ ،‬الصادر عن عاطفة‪ ،‬املؤ ِّثر يف النفوس‪.‬‬

‫‪ 2‬ــ أركــان األدب ‪:‬‬


‫لألدب أربعة أركان ‪ :‬العاطفة‪ ،‬واألفكار‪ ،‬واأللفاظ والرتاكيب‪ ،‬واخليال‪.‬‬

‫‪ 3‬ــ الـغـرض من دراسـة األدب ‪:‬‬


‫ُيدْ رس األدب لتستمتع النفوس بفنه اجلميل‪ ،‬وتستفيد العقول من جتاربه العظيمة وأفكاره‬
‫قادرا عىل التعبري اجلميل املؤثر‪.‬‬ ‫َ‬
‫البليغ‪ ،‬فيصبح ً‬ ‫الكالم‬
‫َ‬ ‫الدارس‬
‫ُ‬ ‫ويتعود‬
‫َّ‬ ‫السامية‪،‬‬

‫‪ 4‬ــ أنــواع األدب ‪:‬‬


‫لألدب نوعان رئيسان ومها ‪ :‬الشعر والنثر‪.‬‬
‫(‪ )1‬الشـعــر ‪ :‬وهو الكالم املوزون املق ّفى الذي ّ‬
‫يصور العاطفة‪ .‬وهو أربعة أنواع هي ‪:‬‬
‫‬
‫أ ـ الشعر الغنائي ‪ :‬وهو كالنامذج التي درستها يطرق األغراض العاطفية كالفخر والغزل‬
‫واملدح والرثاء واحلكمة واهلجاء‪ .‬ومعظم شعرنا العريب من هذا القبيل‪.‬‬
‫ريا وبطوالت تارخيية‪ ،‬وهذا النوع‬ ‫ب ـ الشعر القصيص أو امللحمي ‪ :‬وهو الذي يروي س ً‬
‫كثري يف الشعر األجنبي ٌ‬
‫قليل يف الشعر العريب‪.‬‬
‫جـ ـ الشعر التمثييل أو املرسحي ‪ :‬وهو الذي ُي َعد للمرسح عىل ألسنة شخصيات ناطقة‪.‬‬
‫أيضا كثري يف الشعر األجنبي قليل يف الشعر العريب‪.‬‬‫وهو ً‬
‫د ‪ -‬الشعر التعليمي ‪ :‬وهو الذي ينظم فيه الشاعر علماً من العلوم؛ ليسهل حفظه‪ ،‬ومعنى‬
‫حمضا‪ .‬وال يمكن أن َن ُع َّد الشعر التعليمي من األدب؛ ألنه‬
‫هذا أن هدفه ليس فن ًّيا ً‬
‫يفتقد أهم أركان األدب ومها العاطفة واخليال‪ ،‬إذ ليس فيه من الشعر إال الوزن‬
‫والقافية‪.‬‬
‫(‪ )2‬الـنـثــر ‪ :‬وهو كالم ُمرسل ال يتقيد بالوزن‪ .‬وله أنواع من أبرزها ‪ :‬اخلطابة والرسالة‬
‫واملقالة والقصة واملرسحية‪.‬‬

‫‪ 5‬ــ الـعـصــور األدبـ ّيــة ‪:‬‬


‫تسهيال لدراسة األدب العريب قسمه مؤرخو األدب إىل ستة عصور وهي ‪:‬‬ ‫ً‬
‫‪ - 1‬العرص اجلاهلـي ‪ :‬ويغطي الفرتة التي سبقت ظهور اإلسالم بحوايل مئة ومخسني‬
‫عا ًما‪.‬‬
‫‪ - 2‬عرص صدر اإلسالم ‪ :‬ويبدأ ببعثة الرسول صىل اللهّ عليه وسلم‪ ،‬وينتهي بآخر أيام‬
‫اخللفاء الراشدين سنة ‪40‬هـ ‪.‬‬
‫‪ - 3‬العرص األمـوي ‪ :‬ويمتد من قيام الدولة األموية سنة ‪40‬هـ‪ ،‬إىل سقوطها سنة‬
‫‪132‬هـ‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫‪ - 4‬العرص العبايس ‪ :‬بدأ بقيام الدولة العباسية سنة ‪132‬هـ ‪ .‬وانتهى بسقوط بغداد سنة‬
‫‪656‬هـ ‪ .‬ويف ظالله كان األدب األندليس‪.‬‬
‫‪ - 5‬عرص الدول املتتابعة ‪ :‬بدأ ُقبيل سقوط بغداد واستمر طوال حكم املامليك واألتراك‬
‫العثامنيني إىل سنة ‪1213‬هـ‪.‬‬
‫‪ - 6‬العرص احلديث ‪ :‬بدأ يف أوائل القرن الثالث عرش اهلجري‪ ،‬حني اتصل الرشق‬
‫مستمرا‪.‬‬
‫ًّ‬ ‫بالغرب‪ ،‬وال يزال‬

‫‪11‬‬
‫األدبـيـــة‬
‫َّ‬ ‫طـريـقـــة الـدراســـة‬

‫وط ِلب منك دراستها دراسة أدبية فمن املستحسن اتباع اخلطوات التالية ‪:‬‬ ‫إذا أعطيت قطع ًة أدب َّي ًة ُ‬
‫‪ - 1‬إعطاء فكرة حسنة عن قائل النّص واملناسبة التي قيل فيها‪.‬‬
‫‪ - 2‬حتديد غرض النّص وموضوعه‪ ،‬ثم تقسيمه إىل أفكاره الرئيسة‪.‬‬
‫رشحا تفصيل ًّيا مع توضيح الغامض من مفرداته‪.‬‬ ‫‪ُ - 3‬يرشح النّص ً‬
‫‪ - 4‬ينتقل بعدئذ إىل أسلوب النّص‪ ،‬فينظر بإجياز يف ألفاظه وتراكيبه‪ ،‬ويف صوره وتشبيهاته‪ ،‬ويف‬
‫معانيه وما ترتكه من أثر يف النفوس‪ ،‬ويف عاطفته ومدى صدقها وحرارهتا‪.‬‬
‫وإليك هذا النموذج للدراسة األدب ّية‪ ،‬نعرض فيه أبيا ًتا من أمجل ماقيل يف مدح الفضائل ‪:‬‬
‫شـمـاس‬ ‫يمـدح آل َّ‬
‫ُ‬ ‫احلطيئـة‬ ‫ُ‬
‫ان ال ِذي َسدُّ وا‬ ‫أو ُسدُّ وا املَ َك َ‬ ‫ِم َن َّ‬
‫الل ْو ِم ْ‬ ‫يك ُم‬ ‫أل بِ ُ‬
‫ال أ َبا ِ‬ ‫‪َ - 1‬أ ِق ُّلوا عَ َل ْي ِه ْم َ‬
‫وإن عَ اهَ ُدوا َأ ْو َف ْوا ْ‬
‫وإن عَ َق ُدوا َشدُّ وا‬ ‫ْ‬ ‫أح َسنُوا ال ُبنَى‬ ‫إن َبنَوا ْ‬ ‫‪ُ - 2‬أ َ‬
‫ول َ‬
‫ئك َق ْو ٌم ْ‬
‫وإن َغ ِض ُبوا َجا َء َ‬
‫احل ِف َ‬
‫يظ ُة وا جلِدُّ‬ ‫ْ‬ ‫أحال ًما َب ِعيد ًا َأ َن هُاتَا‬ ‫ون ْ‬ ‫وس َ‬‫‪َ - 3‬ي ُس ُ‬
‫ال َك َّد ُر وهَ ا وال َكدُّ وا‬ ‫وإن أ ْن َع ُموا َ‬ ‫ْ‬ ‫ت الن ُْع َمى عَ َل ْي ِه ْم َجزَ ْوا بهِ َ ا‬ ‫إن َكا َن ِ‬
‫‪َ - 4‬و ْ‬
‫ال ِم ُك ْم‪َ ،‬ر ُّدوا‬
‫أح َ‬
‫الد ْه ِر ‪ُ :‬ر ُّدوا َف ْض َل ْ‬
‫ِم َن َّ‬ ‫ث‬ ‫الهُ ْم عَ لىَ ُج ِّل َحا ِد ٍ‬ ‫ال َم ْو َ‬‫إن َق َ‬‫‪َ - 5‬و ْ‬
‫َبنَى لهَ ُ ُم آ َبا ؤ هُ ُم و َبنَى ا َ‬
‫جلدُّ‬ ‫يف لِلدُّ َجى‬ ‫اش ُ‬ ‫اهل ْي َجا َم َك ِ‬‫ني فيِ َ‬ ‫‪َ - 6‬م َطا ِع ُ‬
‫و َما ُق ْل ُت َّ‬
‫إال بِ َّال ِذ ي عَ ِل َم ْت َس ْع ُد‬ ‫َاء َس ْع ٍد عَ َل ْي ِه ُم‬ ‫‪َ - 7‬و َت ْع ِذ ُلنِي َأ ْفن ُ‬

‫(‪ )2‬ال ُبنى أو البِنى ‪ :‬البناء‪ .‬عقدوا ‪ :‬أكدوا العهد‪.‬‬


‫(‪ )3‬يسوسون ‪ :‬يتأنون ويبطئ غضبهم‪ .‬أناهتا ‪ :‬األناة ‪ :‬احللم والوقار‪ .‬احلفيظة ‪ :‬احلم َّية والدفاع عن املحارم‪.‬‬
‫باملن‪ .‬كدُّ وا ‪ :‬أتعبوا‪.‬‬
‫(‪ )4‬كدروها ‪ :‬أفسدوها ّ‬
‫(‪ )7‬أفناء ‪ :‬األفناء من الناس ‪ :‬األخالط ال يدري من أي قبيلة هم‪.‬‬ ‫(‪ )6‬اهليجا ‪ :‬احلرب‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫التعـريـف بـالشـاعـر ‪:‬‬
‫احلطيئةشاعرخمرضم‪،‬عاشيفاجلاهليةواإلسالم‪،‬وهومنبنيعبس‪.‬اسمهجرول‪،‬وقد ُل ِّقب‬
‫التكسببالشعريمدحمنيعطيهوهيجومن‬ ‫ريافحملهفقرهعىل ُّ‬ ‫باحلطيئةلقرصهودمامته‪.‬وكانفق ً‬
‫وأمه وأباه‪ .‬وهجا أحد زعامء متيم وهو الزبرقان بن‬
‫يمنعه‪ .‬وقد هجا كثريين‪ ،‬حتى لقد هجا نفسه َّ‬
‫بدر فشكاه إىل عمر فلام حتقق من اهلجاء أمر بسجنه‪ ،‬ثم أطلقه بعد قصيدة استعطاف ذكر فيها أبنا َءه‬
‫الصغار‪ .‬واشرتى منه عمر أعراض املسلمني بثالثة آالف درهم‪ .‬وقد ترك اهلجاء يف خالفة عمر ثم‬
‫عاد إليه‪ ،‬ولوال سوء سرية احلطيئة مع الناس لكان يف مقدمة الشعراء املخرضمني‪.‬‬

‫منـاسـبـة الـ ّنـص ‪:‬‬

‫ومناسبة هذه القصيدة أن احلطيئة قصد زعيماً من زعامء متيم ومدحه‪ .‬لكن ّ‬
‫الرجل قصرّ‬
‫فتحول إىل قوم يقال هلم آل شماّ س‪ ،‬وهم ً‬
‫أيضا من متيم‪ ،‬لكنهم كانوا منافسني‬ ‫ّ‬ ‫يف إكرامه‪،‬‬
‫للممدوح األول‪ ،‬ومدحهم بقصيدة اخرتنا منها هذه األبيات‪.‬‬

‫غرض األبيـات وأفكارهـا الرئيسة ‪:‬‬


‫األبيات يف املدح‪ ،‬وهي تدور حول فكرة رئيسة واحدة‪ ،‬وهي مدح آل شامس بالصفات‬
‫الفاضلة التي كان يمتدح هبا العرب من كرم وحلم وشجاعة وسؤدَد‪.‬‬

‫شــرح األبـيــات ‪:‬‬


‫خياطب الشاعر منافيس آل شامس فيقول هلم ‪ :‬ال تلوموا هؤالء العظامء وإن أردتم أن‬
‫تتعرضوا هلم فافعلوا مثل فعاهلم‪.‬‬
‫َّ‬
‫‪13‬‬
‫إهنم قوم جييدون بناء املجد ويوفون بالعهد ويتمسكون باحلقوق واملواثيق املعقودة‪ .‬وهم‬
‫يتحلون بالرفق واألناة‪ ،‬ولكنهم عند الغضب ذوو ثورة وجدّ عظيمني‪،‬‬ ‫حلامء واسعو الصدور َّ‬
‫وتكديرا وإرها ًقا‪.‬‬
‫ً‬ ‫وإذا أسدى إليهم ٌ‬
‫أحد نعمة جزوه هبا‪ ،‬وإذا أنعموا عىل الناس مل ُي ْتبِعوا نعامهم َمنًّا‬
‫ومهام عظمت األمور فإهنم حيرتمون الكلمة ويقفون عندها‪ ،‬فلو أن سيدهم قال هلم ‪ :‬الزموا احللم‬
‫لوقفوا عند رأيه‪.‬‬
‫وهم جييدون الطعان يف املعركة ويكشفون ظالم اخلطوب‪ ،‬وقد ورثوا الفضائل أ ًبا عن جدّ ‪.‬‬
‫وقد المني يف مدحهم منافسوهم من بطون سعد مع أين مل أقل إال الذي يعلمه عنهم‬
‫اجلميع‪.‬‬

‫تعـلـيــق على أسـلــوب الـ ّنـص ‪:‬‬

‫العاطفة ‪ :‬تبدو عاطفة الشاعر يف أبياته صادقة‪ ،‬فهو ُم ْع َجب ح ًّقا بآل شماّ س الذين أكرموه‬
‫الصادقة‬ ‫ولدت عاطفة اإلعجاب َّ‬ ‫وبالغوا يف إكرامه بعد أن انرصف عن منافسيهم‪ .‬وقد ّ‬
‫وصورا سنعرض هلا‪.‬‬
‫ً‬ ‫وأفكارا‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ألفاظا‬
‫األلفاظ والرتاكيب ‪ :‬كان احلطيئة من الشعراء الذين ُي َن ِّقحون ألفاظهم‪ ،‬وهلذا فهي تتصف‬
‫إن يف عباراته تقسيماً موسيق ًّيا‬
‫باجلامل واجلزالة‪ .‬ال ترى لفظة مستكرهة أو شديدة الغرابة‪ .‬ثم َّ‬
‫والسادس‪.‬‬‫عَ ْذ ًبا تلمحه يف كل بيت ولكنه يتجلىَّ بوضوح يف البيتني الثاين ّ‬
‫تناسب بني األلفاظ واملعاين‪ ،‬فهو خيتار األلفاظ الفخمة حني يمدحهم بالشجاعة‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫وهنالك‬
‫كقوله ‪« :‬وإن غضبوا جاء احلفيظة واجلدُّ »‪ .‬وكقوله ‪« :‬مطاعني يف اهليجاء مكاشيف للدُّ جى»‪.‬‬
‫لكنه يأيت بألفاظ رقيقة حني يصف شامئلهم‪ ،‬كقوله ‪« :‬إن بنوا أحسنوا ال ُبنى»‪ .‬وكقوله ‪« :‬وإن‬
‫كانت النعمى عليهم جزوا هبا»‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫شديدايفاملكارموغايات‬‫ً‬ ‫األفكار‪:‬إنمعاينالشاعرمنتزعةمنبيئةبدويةمعروفة‪،‬كانتنا ُف ُسها‬
‫املجد‪ .‬وكانت هلا مفاخر وفضائل فرضتها طبيعة الصحراء‪ ،‬منها ‪ :‬الكرم والشجاعة والوفاء ومحاية‬
‫وكل هذه قد نسبها الشاعر ملمدوحيه بطريقة مجيلة‪.‬‬ ‫اجلار والعزة واإلباء واحللم‪ّ .‬‬
‫ولكن صوره لطيفة محُ َّببة‪ .‬ومن بني الصور اجلميلة‬
‫َّ‬ ‫دوي اخليال‪،‬‬
‫الصور واألخيلة ‪ :‬احلطيئة َب ّ‬
‫التي وردت يف األبيات قوله ‪« :‬إن بنوا أحسنوا ال ُبنَى»؛ فقد شبه املجد بالبناء الشامخ‪ .‬وقوله ‪« :‬وإن‬
‫عَ قدوا شدُّ وا»؛ فقد شبه امليثاق باحلبل املعقود‪ .‬وقوله ‪« :‬يسوسون أحال ًما ً‬
‫بعيدا أناهتا»؛ فقد شبه‬
‫سوس وترويض‪ .‬وقوله ‪« :‬مكاشيف للدُّ جى»؛‬ ‫أحالمهم‪ ،‬أي عقوهلم‪ ،‬باخليل العنيفة حتتاج إىل ْ‬
‫والك َرب واملصائب بالظلامت‪.‬‬ ‫فقد ش َّبه اخلطوب ُ‬
‫وعىل اجلملة فإن هذه األبيات ُتعدّ من عيون شعرنا ملا مت ّيزت به من صفاء األسلوب‪ ،‬واألناقة‬
‫اللفظية‪ ،‬واخليال اجلميل‪ ،‬واملعاين الرشيفة‪.‬‬

‫تدريـب على الـدراسـة األدبـيـة ‪:‬‬

‫أكتب دراسة أدب ّي ًة وافية لألبيات اآلتية ‪:‬‬


‫(‪)1‬‬

‫الص ْلت يمدح عبداهلل بن ُجدعان ‪:‬‬ ‫قال أم َّية بن أيب َّ‬
‫َك ا َ‬
‫حل َيا ُء‬ ‫َح َيا ؤ َك إ َّن ِش َ‬
‫يمت َ‬ ‫أم َقدْ َك َفا نيِ‬
‫اجتِي ْ‬ ‫‪َ - 1‬أ َأ ْذ ُك ُر َح َ‬
‫َل َك ا َ‬ ‫‪َ - 2‬و ِع ْل ُم َك بِ ُ‬
‫لسنَا ُء‬ ‫حل َس ُب ا ُمل َه َّذ ُب و ا َّ‬ ‫األ ُمو ِر وأ ْن َت َق ْر ٌم‬
‫ال َم َسا ُء‬ ‫لسنِ ِّي و َ‬ ‫عَ نِ ا ُ‬
‫خل ُل ِق ا َّ‬ ‫ال ُي َغيرِّ ُ ُه َص َبا ٌح‬ ‫يم َ‬ ‫‪َ - 3‬ك ِر ٌ‬
‫من َت َع ُّر ضه ا َ‬
‫حل َيا ُء‬ ‫ْ‬ ‫َك َفا ُه‬ ‫إذ ا أ ْثنَى عَ َل ْي َك املَ ْر ُء َي ْو ًما‬ ‫‪َ - 4‬‬

‫(‪ )1‬يرجع إىل املعاجم لرشح املفردات‪ ،‬وإىل كتب الرتاجم للتعريف بالقائل‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫ْب أ ْج َحرَ ُه ا لشِّ تَا ءُ‬
‫إ َذ ا مَا ا لكَ ل ُ‬ ‫َو مجَ ْد ًا‬ ‫يح َم ْك ُر َم ًة‬ ‫‪ُ - 5‬ت َبا ِر ي ِّ‬
‫الر َ‬
‫س طَ ا لعَ ًة َخفَا ءُ‬ ‫لشمْ ِ‬‫وَ هَ لْ بِا َّ‬ ‫َب ِص ٍ‬
‫ري‬ ‫‪َ - 6‬ف َه ْل خَ ْت َفى َّ‬
‫السماَ ُء عَ لىَ‬
‫وقال املهلهل يرثي كليب بن ربيعة ‪:‬‬
‫س ا ل َي َسا ُر‬ ‫ني ُي ْلت ََم ُ‬‫و ُي رْس ًا ِح َ‬ ‫ْت َغ ْي ًثا‬ ‫الغ ْي ُث إ َّن َك ُكن َ‬
‫اك َ‬‫‪َ - 1‬س َق َ‬
‫َج ْن َب َّي ا لشرَّ َ ا ُر‬ ‫َت َطا َي َر َبينْ َ‬ ‫‪َ - 2‬كأ نيِّ إذا َن َعى النَا ِعي ُك َل ْي ًبا‬
‫حل ِّي َد ا ُر‬‫َف َقا ُلو ا يِل ‪ :‬بِ َس ْفح ا َ‬ ‫‪َ - 3‬سأ ْل ُت َ‬
‫احل َّي ‪ :‬أ ْي َن َد َف ْنت ُُمو ُه ؟‬
‫َكماَ َد ا َر ْت بِ َشا ِر بهِ َ ا ا ُلع َقا ُر‬ ‫‪َ - 4‬ف ُد ْر ُت َو َقدْ عَ َشا بَصرَ ِ ي عَ َل ْي ِه‬
‫َث َو ى ِفي ِه ا ملَ َكا ِر ُم َو ا لن َِّجا ُر‬ ‫‪َ - 5‬و َحا َد ْت َنا َقتِي عَ ْن ِظ ِّل َقبرْ ٍ‬
‫إ لىَ أ ْن يخَ ْ َل َع ا َّلل ْي َل ا لن ََّها ُر‬ ‫‪َ - 6‬و َل ْس ُت بِ َخالِ ٍع ِد ْر ِعي َو َس ْي ِفي‬
‫َك َأ َّن َغ َضا ا ل َقتَا ِد لهَ َا ِش َفا ُر‬ ‫أن َت ُك َّفا‬ ‫‪َ - 7‬أ َب ْت عَ ْين َ‬
‫َاي َب ْع َد َك ْ‬

‫‪16‬‬
‫الــعــصــــر الــجـــاهــلــــي‬

‫املقصـود باجلاهليـة وحيـاة الـعـرب يف العصـر اجلـاهـيل‬

‫معـنـى اجلـاهلـيـة ‪:‬‬


‫يل تلك الفرتة التي سبقت بعثة حممد ﷺ واستمرت قرابة قرن ونصف‬ ‫نعني بالعرص اجلاه ّ‬
‫من الزّ مان‪.‬‬
‫سمي هذا العرص بالعرص اجلاهيل ملا شاع فيه من اجلهل‪ ،‬وليس املقصودُ باجلهل‬ ‫وقد ّ‬
‫الذي هو ضد العلم بل اجلهل الذي هو ضد احللم‪.‬‬
‫خرج بالغضب من‬ ‫(ج ِه َل) يف اللغة تأيت بمعنى (مل يعلم) وتأيت بمعنى َ‬
‫(س ِفه أو َ‬ ‫إن كلمة َ‬
‫ِعقال احللم)‪ .‬يقول عمرو بن كلثوم ‪:‬‬
‫َ‬
‫فنجهل فوق جهلِ اجلاهلينا‬ ‫أ ال ال يجَ ْ َه َل ْن أ ٌ‬
‫حد علينا‬
‫ويقول الفرزدق ‪:‬‬
‫َو خَ َت ُ‬
‫النَا ِجنًّا َ‬
‫إذ ا َما َن ْج َه ُل‬ ‫َ‬
‫اجلبال َر َز ان ًة‬ ‫َأ ْح َ‬
‫ال ُمنَا ت ِز ُن‬
‫ويقول جرير ‪:‬‬
‫ال ُ‬
‫اجل َّهلِ‬ ‫وق َجا ِه ُلنَا ِف َع َ‬
‫َو َي ُف ُ‬ ‫جل َ‬
‫بال َر َز ان ًة‬ ‫َأ ْح َ‬
‫ال ُمنا ت ِز ُن ا ِ‬
‫السفه‬
‫ومن الواضح أن اجلهل الوارد يف هذه النصوص ال يعني ضد العلم‪ ،‬ولكنه يعني َّ‬
‫والطيش والنَّزَ ق‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫حيـاة الـعـرب يف الـعصـر اجلـاهـلـي‬

‫ولكي نأخذ صورة واضحة عن حال األدب يف هذا العرص‪ ،‬البدّ لنا من أن نتعرف عىل‬
‫حياة العرب يف اجلاهلية ‪ :‬مما له عالقة باألدب اجلاهيل وسيتناول احلديث عن حياهتم ما ييل ‪:‬‬
‫‪ - 1‬بيئتهم اجلغراف َّية‪.‬‬
‫‪ - 2‬حياهتم االجتامعية واألخالقية‪.‬‬
‫‪ - 3‬حياهتم السياسية‪.‬‬
‫‪ - 4‬حياهتم الدين َّية‪.‬‬
‫‪ - 5‬حياهتم العقلية‪ ،‬ونعني هبا علومهم ومعارفهم‪.‬‬
‫‪ - 6‬أسواقهم‪.‬‬
‫كل جانب من هذه اجلوانب بإجياز‪.‬‬ ‫وسوف نوضح َّ‬

‫‪ 1‬البيـئـة اجلغرافيـة ‪:‬‬


‫اجلفاف‪ ،‬ولكن حني حتظى بمطر‬ ‫أرضها َ‬‫شبه جزيرة العرب صحراوية يف معظمها‪ ،‬يسود َ‬
‫روضات هبيج ًة ترس الناظرين‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫أو ينبوع يتحول بعض أجزائها‬
‫وتلون أخالقه ومزاجه وعاداته‬ ‫وال شك يف أن اإلنسان هو ابن األرض‪ ،‬تطبعهُ بطابِعها‪ِّ ،‬‬
‫ف‬‫ص ْ‬‫أرض َأ ِ‬
‫ص ُفوا يل طبيعة ٍ‬ ‫بلون تضاريسها ومناخها‪ ،‬حتى لقد قال أحد علامء االجتامع ‪ِ :‬‬
‫لكم سكاهنا‪.‬‬
‫فتحلوا ُمن ُْذ القديم بالشهامة والكرم‬‫الصحراء أخالق العرب بطابعها‪َّ ،‬‬
‫ُ‬ ‫ومن هنا فقد طبعت‬
‫والصغار‪.‬‬ ‫اخلسة َّ‬ ‫وحب احلرية وإباء الضيم وكراهة َّ‬
‫ّ‬ ‫والوفاء والنجدة‬
‫موضوعات خصب ًة أمدّ ت األدب العريب بمعظم أفكاره ومعانيه‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫وكانت هذه الصفات‬

‫‪18‬‬
‫‪ 2‬ــ احلياة االجتماعية واألخالقية ‪:‬‬
‫كان عرب اجلاهلية فريقني ‪ :‬أهل احلرض‪ ،‬وكانوا قل ًة‪ ،‬وأهل البادية‪ ،‬وهم الكثرة‪.‬‬
‫أما احلرض‪ ،‬فكانوا يعيشون يف بيوت مبنية مستقرة‪ ،‬ويعملون يف التجارة وبعض الزراعة‬
‫والصناعة‪ ،‬ومن أولئك احلرض ُس َّكان مدن احلجاز‪ ،‬وسكان مدن اليمن‪ .‬ومن أشهر حرض‬
‫اجلاهلية سكان مكة‪ .‬وهم قريش وأحال ُفها‪.‬‬
‫الو َبر‪ ،‬فكانت حياهتم حياة ترحال وراء منابت العشب‪ ،‬ألهنم‬ ‫وأما أهل البادية أو أهل َ‬
‫يعيشون عىل ما تنتجه أنعامهم‪.‬‬
‫ٌ‬
‫أخالق كريمة‪ّ ،‬متم اإلسالم مكارمها وأيدها‪ .‬وهلم أخالق ذميمة‪،‬‬ ‫وكانت لعرب اجلاهلية‬
‫أنكرها اإلسالم وعمل عىل حموها‪.‬‬
‫فمن أخالقهم الكريمة ‪ :‬الصدق والوفاء والنجدة ومحاية الذمار(‪ .)1‬ومنها اجلرأة‬
‫والشجاعة والعفاف واحرتام اجلار والكرم‪.‬‬
‫أما عاداهتم الذميمة فكان منها الغزو والنهب والسلب‪ ،‬والعصبية اجلاهلية‪ ،‬ووأد البنات‪،‬‬
‫ورشب اخلمر‪ ،‬ولعب القامر‪.‬‬
‫سجله التاريخ من عادات العرب وتقاليدهم وأيامهم يف حالتي سلمهم وحرهبم‬ ‫وكل ما ّ‬
‫مبسوطا يف أشعارهم‪ ،‬فإذا أردت أن تعرف خلة أو عادة أو غري ذلك فعليك‬ ‫ً‬ ‫مدو ًنا‬
‫جتده ّ‬
‫بالشعر فإنه ديوان العرب‪.‬‬

‫‪ 3‬ــ احلـيـاة السيـاسيـة ‪:‬‬


‫كان العرب من حيث حياهتم السياسية قسمني ‪ :‬قس ًام هلم مسحة سياسية‪ ،‬وهؤالء كانوا يعيشون‬
‫(‪ )1‬الذمار ‪ :‬احلمى‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫يف مدن مثل مكة وإمارات مثل إمارة املناذرة وإمارة الغساسنة يف شامل اجلزيرة‪ ،‬وإمارة كندة‬
‫يف وسطها‪ ،‬وإمارة سبأ ومحري يف جنوهبا‪ ،‬وهذه اإلمارات تنافست يف جذب الشعراء واخلطباء‪،‬‬
‫كل يريد ختليد ذكره وشيوع مآثره‪ ،‬مما جعلهم جيزلون العطاء كلام أجاد الشعراء‪ .‬نذكر ـ عىل‬ ‫ٌ‬
‫سبيل املثال ـ رحلة النابغة الذبياين بني املناذرة والغساسنة‪ ،‬وسوف تعرف ذلك فيام بعد‪.‬‬
‫أما القسم اآلخر من العرب فلم يكن هلم وضع سيايس‪ ،‬وإنام كانوا قبائل من البدو‬
‫ً‬
‫وسيدا يتحىل باملثل العليا من‬ ‫فارسا‬
‫الرحل‪ ،‬وختضع كل قبيلة لشيخها الذي يكون عادة ً‬ ‫ّ‬
‫كرم‪ ،‬وإقدام‪ ،‬ونجدة‪ ،‬وفصاحة‪ ،‬وكان لكل قبيلة مقاتلوها‪ ،‬وشعراؤها‪ ،‬وخطباؤها الذين‬
‫ُي َل ُّبون حاجة قبائلهم يف السلم واحلرب‪.‬‬

‫الـدينـيـة ‪:‬‬
‫َّ‬ ‫‪ 4‬ــ احلـيـاة‬
‫كان معظم العرب وثنيني يعبدون األصنام‪ ،‬ومن أصنامهم هُ َبل والالت والعزّى ومناة‪ ،‬هذا‬
‫إىل جانب أصنام خاصة يقتنوهنا يف املنازل‪ ،‬وكان أحدهم ربام صنع له صنماً من التمر أو العجوة‪،‬‬
‫فإذا جاع أكله‪ .‬ومن العرب من عَ َب َد الشمس والقمر والنجوم‪ ،‬ومنهم من عَ َب َد النار‪.‬‬
‫وكان قليل من العرب يعتنقون اليهودية والنرصانية‪ ،‬لكنهم مل يكونوا عىل بصرية بحقائق‬
‫الدين‪ ،‬عىل أن فئة من العقالء مل تعجبهم سخافات الوثنية فعدلوا عن األصنام وعبدوا اهلل عىل‬
‫يسمون احلنفاء‪ ،‬وقد سجل تاريخ األدب كثري ًا من شعر احلنفاء‪.‬‬ ‫م ّلة إبراهيم‪ ،‬وكانوا ّ‬

‫‪ 5‬ــ احلـيـاة العـقـليـة ‪:‬‬


‫كان للجاهليني ثقافات وعلوم‪ ،‬لكنها حمدودة تتناسب وبيئة الصحراء وعقل َّية‬
‫األميني‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫ومن أهم ثقافاهتم وعلومهم ما ييل ‪:‬‬
‫أخص خصائصهم وهي البالغة‪،‬‬ ‫ِّ‬ ‫حتداهم ُ‬
‫القرآن يف‬ ‫أ ‪ -‬األدب وفصاحـة القول ‪ :‬وقد َّ‬
‫فقال تعاىل {‬
‫} البقرة‪.‬‬
‫والكي وربام أدخلوا العرافة والشعوذة يف ط ِّبهم‪ ،‬وقد‬ ‫ّ‬ ‫ب ‪ -‬الـطـب ‪ :‬فقد تداووا باألعشاب‬
‫وأقر الدواء‪.‬‬
‫أبطل اإلسالم طب الشعوذة َّ‬
‫جـ ـ ال ِقيـافـة ‪ :‬وهي إما قيافة أثر أو قيافة برش‪ .‬فباألوىل كانوا يستدلون بوقع القدم عىل صاحبها‪،‬‬
‫يستغلوهنا يف حوادث الثأر‬‫ُّ‬ ‫الرجل من صورة وجهه‪ ،‬وكانوا‬ ‫وبالثانية كانوا يعرفون نسب َّ‬
‫واالنتقام‪.‬‬
‫كلقبيلةتعرفنسبهاوأنسابغريها‪،‬‬ ‫دـعلـماألنسـاب‪:‬وكانبمثابةعلمالتاريخ‪،‬فقدكانت ُّ‬
‫وتعرف األيام واملعارك التي دارت بني العرب‪.‬‬
‫وتوعد من يأيت كاهن ًا أو ّ‬
‫عرافا؛ ألهنام‬ ‫هـ ـ الكهانـة والعـرافـة ‪ :‬وهذان ال ِع ْلامن أبطلهام اإلسالم ّ‬
‫يدعيان العلم بالغيب الذي ال يعلمه إال اهلل‪.‬‬
‫و ـ النجـوم والريـاح واألنـواء والسحـب ‪ :‬حيث كانوا يستعينون هبا ملعرفة مواقعهم يف السفر‬
‫وحتديد الطرق‪ ،‬ومعرفة موعد سقوط املطر وأوقات الزرع‪ ،‬وحتديد موعد الرحيل‪ .‬وقد‬
‫أنكر اإلسالم التنجيم وهو ادعاء علم الغيب بطريق النجوم‪.‬‬

‫‪ 6‬ــ أســواق الـعــرب ‪:‬‬


‫كان للعرب أسواق كثرية يف نجد واحلجاز واليمن وحرضموت‪ .‬وأشهر تلك األسواق‬
‫ثالثة‪ ،‬وكانوا جيتمعون فيها يف أوقات معينة‪ ،‬ويمتدُّ اجتامعهم فيها من أول ذي القعدة‬
‫يتوجهوا إىل احلج‪ .‬وتلك األسواق هي ‪ :‬سوق عكاظ‪ ،‬وسوق مجِ َ نَّة‪ ،‬وسوق‬
‫ويستمر إىل أن ّ‬
‫ُّ‬
‫ذي املجاز‪.‬‬
‫‪21‬‬
‫ومل تكن تلك األسواق للتجارة فحسب‪ .‬فقد كانت للتحكيم يف اخلصومات ومفاداة‬
‫األرسى‪ ،‬والتشاور يف املهامت‪ ،‬واملفاخرة بالشعر واخلطب‪ ،‬و َب ِّث اآلراء اإلصالحية من‬
‫دينية وأخالقية‪ .‬وكان من أشهر املحكمني يف الشعر النابغة الذبياين‪ ،‬فقد كانت ُتن َْصب له‬
‫خيمة من جل ٍد َ‬
‫أمحر يف عُ كاظ‪ ،‬و َي ْعرِض عليه الشعراء أشعارهم‪.‬‬
‫وكان لتلك األسواق آثار عظيمة يف اللغة العرب ّية واألدب العريب‪ ،‬وأهم تلك اآلثار‬
‫أهنا عملت عىل تقريب هلجات القبائل‪ ،‬ألن اجلميع كانوا يتخاطبون بلغة واحدة هي اللغة‬
‫مجيعا‪ ،‬ثم ملا نزل هبا القرآن‬
‫القرشية‪ .‬وبذلك قويت هلجة قريش حتى كادت تصبح لغة العرب ً‬
‫أصبحت هلجة قريش هي املعروفة اآلن باللغة العربية الفصحى‪ .‬كام أسهمت يف ازدهار‬
‫األدب؛ ألن األدباء كانوا حيرصون عىل جتويد أدهبم لينالوا رضا الناس وإعجاهبم‪.‬‬

‫الـمـنـاقـشـــة ‪:‬‬

‫‪ - 1‬ما املقصود بالعرص اجلاهيل ؟ ومل ُس ِّمي هبذا االسم ؟ ِّ‬


‫أدلل عىل ما أقول‪.‬‬
‫‪ - 2‬كيف كانت بيئة العرب اجلغرافية ؟ وما أثرها يف أخالقهم وأدهبم ؟‬
‫‪ - 3‬كان العرب من الناحية االجتامعية فريقني‪ .‬أذكرمها‪ ،‬ثم أوضح األخالق التي كانوا‬
‫عليها وموقف اإلسالم منها‪.‬‬
‫‪ - 4‬كان العرب من حيث حياهتم السياسية قسمني‪ .‬ما مها ؟ وما أثرمها يف الشعر ؟‬
‫‪ - 5‬كيف كانت ثقافة العرب وعلومهم ؟ وما أهم تلك العلوم ؟‬
‫‪ - 6‬كان للعرب يف اجلاهلية أسواق كثرية‪ .‬فام أشهر تلك األسواق ؟ ومل كانت تعقد ؟‬
‫‪ - 7‬أحتدث عن أثر أسواق العرب يف اللغة العربية واألدب العريب‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫الــشـــعـــر الـجــاهــلـــي‬

‫‪ - 1‬منزلته‪.‬‬
‫‪ - 2‬أغراضه‪.‬‬
‫‪ - 3‬روايته وتدوينُه‪.‬‬
‫‪ - 4‬خصائصه‪.‬‬
‫‪ - 5‬املعلقات‪.‬‬

‫‪ 1‬منـزلــة الشـعـر يف اجلـاهليـة ‪:‬‬


‫ينرش أجمادها‪ ،‬و ُيشيد‬‫كان الشعر يف اجلاهلية هو وسيلة اإلعالم الوحيدة يف القبائل ‪ُ :‬‬
‫ويسجل لألجيال مفاخرها‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫بأحساهبا‪،‬‬
‫تدق الطبول وتستقبل املهنئني واملهنئات‪ ،‬وكان معظم‬ ‫وكانت القبيلة إذا نبغ منها الشاعر ُّ‬
‫شعراء اجلاهلية سا َد ًة يف قبائلهم‪.‬‬
‫تدل عىل ذلك ‪:‬‬ ‫وكان البيت من الشعر ربام رفع قبيلة وخفض أخرى‪ ،‬وإليك حوادث ُّ‬
‫(‪ )1‬كان بنو أنف الناقة من متيم ُيعدون من قبائل الدرجة الثانية‪ ،‬وكان أحدهم إذا‬
‫غاض طرفه ‪ :‬أنا من بني أنف الناقة؛ ألن‬ ‫سئل ‪ :‬من أي القبائل أنت ؟ قال وهو ٌّ‬
‫اسم قبيلته فيه معنى القذارة‪ .‬ثم مدحهم احلطيئة بقصيدته البائية التي قال فيها ‪:‬‬
‫بأنف الناق ِة َّ‬
‫الذ نبا‬ ‫ِ‬ ‫يسو ي‬
‫ومن ِّ‬ ‫واألذناب غيرْ ُ هم‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫األنف‬ ‫هم‬
‫قوم ُ‬
‫ٌ‬
‫فصار أحدهم إذا سئل عن قبيلته فتح شدقيه يف اعتزاز وقال ‪ :‬أنا ِمن بني أنف الناقة !!‬
‫(‪ )2‬وملا مدح األعشى رسول اهلل ﷺ‪ ،‬وسار بمدحته إىل املدينة مجعت له قريش مئة ناقة‬

‫‪23‬‬
‫ً‬
‫إدراكا منها لقيمة الشعر وقوة تأثريه‪.‬‬ ‫ومل تزل به حتى َّ‬
‫متكنت من ر ّده عن املدينة؛‬
‫خامال يقال له َّ‬
‫املحلق فاشتهر ذكره يف الناس‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫رجال‬ ‫(‪ )3‬واألعشى نفسه هو الذي مدح‬
‫الع َرب‪.‬‬
‫حتى لقد تزوجت بناته العوانس الست يف عام واحد ستة من سادات َ‬
‫السجل الصادق للحياة اجلاهلية بكل ما كان‬ ‫ّ‬ ‫وللشعر اجلاهيل يف أدبنا منزلة عظيمة؛ ألنه‬
‫فيها من عادات وأخالق وعصبيات وحروب‪ ،‬وهلذا ُت ْر ِجم ٌ‬
‫كثري منه إىل اللغات األجنبية‬
‫واعتنى املؤرخون واملسترشقون بالشعر اجلاهيل؛ ألنه كشف الكثري من غوامض احلياة‬
‫خصوصا أن مصادر التاريخ اجلاهيل قليلة ًّ‬
‫جدا‪.‬‬ ‫ً‬ ‫اجلاهلية‬

‫‪ 2‬ــ أغــراض الشـعـر اجلـاهـلــي ‪:‬‬


‫َ‬
‫األغراض اآلتية ‪:‬‬ ‫َ‬
‫خاض‬ ‫إذا درست نامذج الشعر اجلاهيل تب ّي َ‬
‫نت أنه‬

‫‪ 1‬الـفـخـر واحلمـاسـة ‪:‬‬


‫الفن ما كان بني العرب من حروب ومنازعات وعصبيات قبلية وحياة خشنة‬ ‫وقد أثار هذا َ‬
‫شجعت عىل الغزو املستمر‪ .‬وقد فاخر الشعراء بالشجاعة والكرم والصدق والعفاف‪ .‬ومن‬
‫أشهر شعراء احلامسة عنرتة ومهلهل اللذان أبدعا يف وصف عُ َد ِد القتال ويف الفخر بصفات‬
‫الفتوة والبطولة وأجماد القبيلة‪.‬‬
‫َّ‬

‫‪ 2‬ــ الـهـجــــاء ‪:‬‬


‫أيضا وليد احلروب والعصبيات‪ ،‬وأهم ميزات اهلجاء اجلاهيل أ ّنه كان عفيف ًا َّ‬
‫مهذ ًبا‬ ‫وهو ً‬
‫غري مقذع وال بذيء‪ ،‬وربام قرأت اهلجاء اجلاهيل فحسبته َمدح ًا‪ ،‬كقول شاعر هيجو قومه‬
‫ويصفهم بأهنم قليلو احلم َّية ‪:‬‬
‫‪24‬‬
‫إن هَ ا َنا‬‫شء َو ْ‬ ‫ِّ فيِ يَ ْ‬ ‫ل ْي ُسوا ِم َن الشرَّ‬ ‫َل ِك َّن َق ْو ِمي َو ْ‬
‫إن َكا ُنوا َذ ِوي عَ َد ٍد‬
‫ِع َبا ِد ا للهَّ ِ إ ْن َسا َنا‬ ‫ِسواهُ ُم ِم ْن‬ ‫َكأ َّن َر َّب َك لمَ ْ يخَ ْ ُلقْ َ‬
‫خل ْش َيتِ ِه‬

‫‪ 3‬ــ الــغــــزل ‪:‬‬


‫جدا يف الشعر اجلاهيل حتى تكاد ال ختلو قصيدة واحدة منه‪ .‬وكان مبعث الغزل حياة‬ ‫وهو كثري ًّ‬
‫الصحراء وما فيها من حياة الرتحال التي تفرق املحبني‪ .‬ثم إن املرأة العرب ّية كانت ومازالت عفيفة‬
‫ممنّعة مما يزيد ولوع الرجال بأخالقها‪ .‬هذا إىل أن البيئة الصحراوية مل يكن فيها من مظاهر اجلامل ماهو‬
‫أمجل من املرأة‪ ،‬فال رياض وال حدائق وال قصور وال أهنار‪ .‬وكان الغزل اجلاهيل عفي ًفا رفيع املستوى‬
‫يصور املرأة يف هالة من احلياء والصون والعفاف ما عدا ً‬
‫قليال من غزل املرتفني كامرئ القيس‪.‬‬

‫‪ 4‬ــ الـوصـــف ‪:‬‬


‫الشعر اجلاهيل يصف وص ًفا تصوير ًّيا حياة البداوة‪ ،‬وأبرز خصائص الوصف اجلاهيل‬
‫تكلف‪ .‬أما موضوعات الوصف فكانت‬‫الطابع احليس‪ ،‬ودقة املالحظة‪ ،‬وصدق النظرة يف غري ُّ‬
‫كل ما حييط بخيمة البدوي يف صحرائه من ليل ونجوم وصحراء وجبال وخيل وإبل وأمطار‬‫ّ‬
‫وبروق وأنواء‪ ،‬هذا إىل جانب ِر َحل الصيد‪ ،‬وأحداث احلرب‪.‬‬

‫‪ 5‬ــ الـمـــدح ‪:‬‬


‫ريا‬
‫ولكن زه ً‬
‫ّ‬ ‫مقصورا عىل الشعراء الذين ارتادوا بالط امللوك كالنابغة واألعشى‪،‬‬
‫ً‬ ‫وكان‬
‫السالم‪.‬‬
‫وحب َّ‬
‫ّ‬ ‫مدح غري امللوك بدافع اإلعجاب‬
‫عمر ـ ريض‬
‫ويمتاز املدح اجلاهيل بالصدق واخللو من املبالغة املمقوتة‪ ،‬حتى لقد أثنى ُ‬
‫اللهّ عَ نه ـ عىل زهري بأنه ال يمدح َّ‬
‫الرجل إال بام فيه‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫‪ 6‬ــ الــرثــــاء ‪:‬‬
‫وقد ساعد عىل إثارته كثرة املعارك وما كان ُي ْقت َُل فيها من أبطال‪ .‬وأهم مميزات الرثاء‬
‫صدق العاطفة ورقة اإلحساس والبعد عن التهويل الكاذب كام يتجىل فيه التحيل بروح‬
‫الصرب والجْ َ َلد‪ ،‬كقول متمم بن نويرة يف رثاء أخيه مالك ‪:‬‬
‫يل َل ْن َنت ََص َّدعَ ا‬‫الد ْه ِر َحتَى ِق َ‬ ‫ِم َن َّ‬ ‫َو ُكنَّا َكنَدْ َما نيِ ُج َذ ْي َم َة ُم َّد ًة‬
‫اق لمَ ْ َنبِ ْت َل ْي َل ًة َم َعا‬
‫ول ا ْفترِ َ ٍ‬‫لِ ُط ِ‬ ‫َو َما لِ ًكا‬ ‫َف َلماَّ َت َف َّر ْقنَا َكأ نيِّ‬

‫‪ 7‬ــ االعـتــذار ‪:‬‬


‫وزعيمه املنشئ ألساسه هو النابغة الذبياينّ‪ ،‬وقد أثارته ظروف الشاعر مع امللك النعامن‬
‫بن املنذر كام سرتى يف النص الذي سنورده له فيام بعد‪.‬‬

‫‪ 8‬ــ الـحـكـمــــة ‪:‬‬


‫وكانت تأيت يف ط َّيات القصائد ومتتزج باإلحساس والعاطفة فرتاها مؤثرة‪ .‬وحكم‬
‫اجلاهلني تنم عن جتربة صادقة ونظرات صائبة‪ .‬ومن أشهر شعرائها زهري والنابغة ولبيد‬

‫‪ 3‬ــ رواية الشعر اجلاهلي وتدوينه ‪:‬‬


‫من املعروف أن عرب اجلاهلية كانوا ُأميني ولذلك مل يكتبوا أشعارهم إال ما ِقيل من‬
‫يل كان إذا اشتهر اختذ له راوية حيفظ أشعاره ويروهيا‬ ‫ولكن الشاعر اجلاه َّ‬
‫َّ‬ ‫كتابتهم للمعلقات‪.‬‬
‫ً‬
‫تلميذا للشاعر يتع ّلم عنه‬ ‫ويذيعها فكان الراوية بمثابة الديوان‪ .‬وكان الراوية يف الغالب‬
‫طريقته يف الشعر‪ ،‬فريوى أن زهري بن أيب سلمى كان راوية لزوج أ ّمه أوس بن حجر‪ ،‬وكان‬
‫كعب ابن زهري راوي ًة ألبيه‪ ،‬وكان احلطيئة راوية لكعب‪ ،‬وكان كثيرِّ عزَّ َة راوية جلميل‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫ٌ‬
‫مجاعة ُس ُّموا بالرواة‪ .‬وأشهر‬ ‫تفرغ للشعر‬ ‫َّ‬
‫وظل الشعر ينتقل بالرواية واملشافهة حتى َّ‬
‫َّ‬
‫واملفضل الض ّبي‪.‬‬ ‫واألص َمعي‬
‫ْ‬ ‫الرواة محاد الراوية وخلف األمحر وأبو عمرو بن العالء‬
‫ولكن بعض الرواة مل يكونوا ذوي أمانة يف النقل فاشتهر بعضهم بانتحال الشعر ونسبته إىل‬‫ّ‬
‫اجلاهليني وال سيام محاد وخلف‪ .‬وكان الذي محل الرواة عىل انتحال الشعر أنه صار جتارة‬
‫رابحة يتوافد الناس عىل الرواة لرشائها‪ ،‬وكان الشعر ينتحل أيض ًا تلبية لرغبة بعض األحزاب‬
‫السياسية‪ ،‬وربام انتحل الشعر تلبية لرغبات بعض علامء اللغة لتأييد مذاهبهم أو لتسلية‬
‫حذرا وأن يتخيرّ من الشعر ما‬ ‫اخللفاء؛ وهلذا كان البدّ لدارس األدب اجلاهيل من أن يكون ً‬
‫يطمئن إىل صحته‪ .‬وأشهر الكتب التي مجع فيها الشعر اجلاهيل «األصمع ّيات» لألصمعي‪،‬‬
‫الم اجلمحي‪.‬‬‫الض ِّبي‪ ،‬و«طبقات فحول الشعراء» ملحمد بن س َّ‬
‫و«املفضل ّيات» للمفضل َّ‬

‫‪ 4‬ــ خـصـائـص الشـعـر اجلـاهلـي ‪:‬‬

‫أ ــ خصـائـص األلـفــاظ ‪:‬‬


‫تتميز ألفاظ الشعر اجلاهيل باخلصائص (الصفات) اآلتية ‪:‬‬
‫أن معظمها يميل إىل اخلشونة والفخامة أكثر من ميله إىل الرقة والعذوبة؛ وذلك ناجم‬‫‪َّ 1‬‬
‫عن طبيعة املوضوعات واحلياة اجلاهلية‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ أهنا خالية من األخطاء واأللفاظ األعجمية؛ ألن العرب مل يكونوا قد اختلطوا بغريهم‪.‬‬
‫وهلذا فقد ُو ِضعت كتب اللغة العرب ّية عىل أساس لغة الشعر اجلاهيل‪.‬‬
‫واملحسنات املصنوعة‪.‬‬
‫ِّ‬ ‫ُّ‬
‫والتكلف‬ ‫‪ 3‬ـ أهنا ختلو من الزخارف‬
‫‪ 4‬ـ أهنا متيل إىل اإلجياز‪ ،‬وهو التعبري عن األفكار الواسعة بأقل عدد من األلفاظ‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫ب ــ خصـائـص الـمـعـانـــي ‪:‬‬
‫‪ - 1‬أن املعاين يف مجيع الشعر اجلاهيل تكاد ختلو من املبالغات املمقوتة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ أهنا بعيدة عن التعقيد‪ ،‬فإذا عرفت معاين األلفاظ وضح لك املعنى‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ أهنا غال ًبا تقوم عىل وحدة البيت ال وحدة القصيدة‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ وأهم خصائص املعاين اجلاهلية أن معظمها منتزع من البيئة البدوية‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ ومن خصائص املعاين اجلاهلية االستطراد‪ ،‬وهو أن يكون الشاعر اجلاهيل يف معنى فينتقل إىل‬
‫معنى آخر ويبسط القول فيه ثم يعود إىل املعنى األول‪ .‬فالنابغة ً‬
‫مثال مدح النعامن بمعلقته فشبهه يف‬
‫كرمه بنهر الفرات‪ ،‬ومىض يصف هنر الفرات مستطرد ًا يف عدة أبيات ثم عاد إىل مدح النعامن‪.‬‬

‫جـ ــ خـصـائــص الـخـيــال ‪:‬‬


‫‪ - 1‬خيال الشعر اجلاهيل خصب واسع يدل عىل دقة املالحظة عند العرب‪.‬‬
‫‪ - 2‬أكثر صور الشعر اجلاهيل متثل البيئة البدوية‪.‬‬
‫‪ - 3‬أن الصور اجلاهلية ليست متكلفة وال متالحقة وهلذا فهي غري مملولة‪ ،‬وإذا وردت‬
‫أبيات فيها صور متالحقة فهي قليلة‪ ،‬كبيت امرئ القيس يف وصف حصانه ‪:‬‬
‫ِيب َتت ُْفلِ‬
‫ان َو َت ْقر ُ‬
‫إر َخ ُاء سرِ ْ َح ٍ‬
‫َو ْ‬ ‫َلهُ أ ْي َط َ‬
‫ال َظ ْب ٍي َو َسا َقا َن َعا َم ٍة‬
‫‪ 4‬ـ أن أغلب الصور اجلاهلية تعتمد عىل الطابع احليس‪.‬‬

‫د ــ نـهــج القصيـدة اجلاهليـة ‪:‬‬


‫أكثر القصائد اجلاهلية يسلك طري ًقا معرو ًفا‪ ،‬فيبدأ بالبكاء عىل األطالل(‪ )1‬ليتذكر حبيبته‬

‫(‪ )1‬األطالل ‪ :‬مجع َط َلل وهو األثر الباقي من آثار الدار املهجورة‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫فيتغزل هبا‪ ،‬وينتقل إىل وصف الطريق الذي قطعه بام فيه من وحش‪ ،‬ثم يستطرد إىل وصف‬
‫الناقة أو الفرس‪ ،‬وخيلص بعدئذ إىل الغرض الرئييس املقصود من فخر أو محاسة أو مديح‬
‫أو هجاء‪ .‬وهبذا فالقصيدة اجلاهلية تفتقر إىل وحدة املوضوع‪.‬‬

‫‪ 5‬ــ الـمـعـلـقـــــات ‪:‬‬


‫ٌ‬
‫وعرش عىل‬ ‫سبع عىل أشهر األقوال‪،‬‬ ‫هي قصائد ممتازة من أجود الشعر اجلاهيل‪ ،‬عددها ٌ‬
‫الدر التي تع ّلق يف نحور احلسان‪،‬‬ ‫تشبيها هلا بعقود ِّ‬ ‫ً‬ ‫أقوال أخرى‪ .‬وقد ُس ِّميت باملعلقات‬
‫الذهب عىل القباطي (قطع الكتّان املرصي)‬ ‫إن العرب كتبوها بامء َّ‬ ‫وقيل يف سبب تسميتها ‪َّ :‬‬
‫وعلقوها عىل أستار الكعبة‪ ،‬وقيل ‪ :‬بل سميت باملعلقات ألهنا كانت أرسع علو ًقا يف أذهان‬
‫ولعل الرأي األخري هو األوجه؛ ألن املسلمني حني فتحوا مكة وطهروا‬ ‫ّ‬ ‫الناس فحفظوها‪.‬‬
‫الكعبة مل يرد عنهم يف كتب السرية ذكر للمعلقات‪.‬‬
‫تصور البيئة اجلاهلية واحلياة اجلاهلية أوضح‬ ‫وللمعلقات قيمة أدب ّية عظيمة‪ ،‬وذلك ألهنا ِّ‬
‫تصوير وأشمله‪ ،‬مما حدا ببعض أدباء الغرب إىل ترمجتها‪ .‬ثم أن املع ّلقات تتم ّيز بموضوعاهتا‬
‫املتنوعة وأسلوهبا القوي‪ ،‬وأصحاب تلك املعلقات كانوا من أبرز شعراء اجلاهلية‪.‬‬
‫سبعا جعل أصحاهبا كام ييل ‪:‬‬ ‫ومن عدّ املعلقات ً‬
‫‪ 1‬امرؤ القيس الكندي‪ ،‬ومطلع معلقته ‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫ول َف َح ْو َملِ‬
‫الد ُخ ِ‬ ‫بِ ِس ْق ِط ِّ‬
‫الل َوى َبينْ َ َّ‬ ‫يب َو َم ْنز ِِل‬ ‫ِق َفا َن ْب ِ‬
‫ك ِم ْن ِذ ْك َرى َحبِ ٍ‬
‫‪ - 2‬عنرتة بن شداد العبيس‪ ،‬ومطلع معلقته ‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫َأ ْم هَ ْل عَ َر ْف َت َّ‬
‫الد َار َب ْع َد َت َو ُّه ِم‬ ‫اء ِم ْن ُمترَ َ َّد ِم‬ ‫هَ ْل َغا َد َر ُّ‬
‫الش َع َر ُ‬
‫(‪ )1‬سقط اللوى والدخول وحومل ‪ :‬أسامء أماكن بنجد‪.‬‬
‫(‪ )2‬مرت ّدم‪ .‬مكان ُي ْست َْصلح ملا اعرتاه من اهلدم‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫‪ - 3‬زهري بن أيب سلمى املزين‪ ،‬ومطلع معلقته ‪:‬‬
‫َ ُ َ َّ ( ‪)1‬‬
‫بِ َح ْو َما َن ِة ا َّ‬
‫لد َّر ا ِج فا مل َتثل ِم‬ ‫أ ِم ْن ُأ ِّم َأ ْو ىَف ِد ْمن ٌَة لمَ ْ َت َك َّل ِم‬
‫‪َ - 4‬ط َر َفة بن العبد البكري‪ ،‬ومطلع معلقته ‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫الو ْش ِم فيِ َظا ِه ِر ال َي ِد‬ ‫َت ُل ُ‬
‫وح َك َبا ِقي َ‬ ‫لخِ َ ْو َل َة أ ْط َ‬
‫ال ٌل بِبرُ ْ َق َة َث ْه َم ِد‬
‫‪ - 5‬لبيد بن ربيعة العامري‪ ،‬ومطلع معلقته ‪:‬‬
‫( ‪)3‬‬
‫نى َتأ َّب َد َغ ْو لهُ َا َف ِر َجا ُم َها‬
‫بم ً‬
‫َ‬ ‫لد َيا ُر محَ َ ُّلها فمقا ُمها‬ ‫ت ا ِّ‬ ‫عَ َف ِ‬
‫‪ - 6‬عمرو بن كلثوم التغلبي‪ ،‬ومطلع معلقته ‪:‬‬
‫( ‪)4‬‬
‫و ال ُت ْب ِقي خمُ ُ و َر ا أل ْن َد ِر ينَا‬ ‫ك َفا ْصبِ ِحينَا‬ ‫أ ال هُ ِّبي بِ َص ْحنِ ِ‬
‫‪ - 7‬احلارث بن ِح ِّلزة اليشكري البكري‪ ،‬ومطلعها ‪:‬‬
‫( ‪)5‬‬
‫ُر َّب َثا ٍو ُي َم ُّل ِمنْهُ ا ل َّث َو ا ُء‬ ‫َأ ْسماَ ُء‬ ‫ب َب ْينِ َها‬ ‫آ َذ َن ْتنَا‬
‫عرشا أضاف ثالثة شعراء وهم ‪:‬‬ ‫عدها ً‬ ‫ومن َّ‬
‫‪ - 8‬النابغة الذبياين‪ ،‬ومطلع معلقته ‪:‬‬
‫َ ِ (‪)6‬‬ ‫َأ ْق َو ْت َو َط َ‬
‫ال عَ َل ْي َها َسالِ ُف األ َبد‬ ‫َيا َد ا َر َم َّي َة بِا َلع ْل َيا ِء َفا َّ‬
‫لس َن ِد‬
‫‪ - 9‬أعشى قيس‪ ،‬ومطلع معلقته ‪:‬‬
‫الر ُج ُل‬
‫يق َو َد اعً ا أ يهُّ َ ا َّ‬ ‫َو هَ ْل ُت ِط ُ‬ ‫الر ْك َب ُم ْر تحَ ِ ُل‬
‫إن َّ‬ ‫َو ِّد ْع هُ َر ْي َر َة َّ‬

‫(‪ )1‬أم أوىف ‪ :‬زوجة زهري‪ .‬دمنة ‪ :‬طلل‪ .‬حومانة الدراج واملتثلم ‪ :‬موضعان بنجد‪.‬‬
‫(‪ )2‬برقة ثهمد ‪ :‬اسم موضع‪ .‬الوشم ‪ :‬نقش أخرض يف اجللد‪.‬‬
‫(‪ )3‬عفت الديار ‪ :‬انمحت املنازل‪ .‬تأ ّبد ‪ :‬توحش‪ .‬غوهلا فرجامها ‪ :‬جبالن‪.‬‬
‫(‪ )5‬البني ‪ :‬الفراق‪ .‬الثواء ‪ :‬اإلقامة‪.‬‬ ‫(‪ )4‬األندرينا ‪ :‬قرى الشام‪.‬‬
‫والسند ‪ :‬مواضع‪ .‬أقوت ‪ :‬خلت من أهلها‪.‬‬
‫(‪ )6‬العلياء َ‬

‫‪30‬‬
‫‪ - 10‬عبيد بن األبرص‪ ،‬ومطلع معلقته ‪:‬‬
‫( ‪)1‬‬
‫لذ ُنو ُب‬ ‫َفا ْل ُق َّطبِ َّيا ُت‬
‫َفا َّ‬ ‫أ ْق َف َر ِم ْن أ ه ِل ِه َم ْل ُحو ُب‬
‫وأبرز األغراض التي تدور حوهلا تلك املع ّلقات الفخر واملدح والوصف‪ ،‬ولكنها تبدأ‬
‫بالغزل وذكر األطالل عىل عادة شعراء اجلاهلية‪.‬‬

‫الـمـنـاقـشـــة ‪:‬‬

‫‪ - 1‬كيف كانت منزلة الشعر يف اجلاهلية ؟ وما مكانة الشعر اجلاهيل يف األدب العريب ؟‬
‫‪ - 2‬كان الشعر اجلاهيل قوي التأثري يف نفوس اجلاهليني‪ .‬أوضح ذلك‪ ،‬مع التمثيل بحادثة أدلل‬
‫هبا عىل ما أقول‪.‬‬
‫تضمها دائرة واحدة‪ ،‬إذ إهنا وليدة احلروب‬ ‫‪ - 3‬هناك ثالثة من أغراض الشعر اجلاهيل ُّ‬
‫والعصبيات‪ .‬أذكر هذه األغراض‪.‬‬
‫‪ - 4‬ما الباعث عىل وجود شعر الغزل يف الشعر اجلاهيل ؟‬
‫‪ - 5‬ما املوضوعات التي تناوهلا شعر الوصف ؟ وما أبرز مميزاته ؟‬
‫‪ - 6‬كيف متت رواية الشعر اجلاهيل ؟ وما أبرز الكتب التي جمُ ِ َع فيها ؟‬
‫‪ - 7‬ملاذا أدرك من النظرة األوىل أن األبيات اآلتية ليست جاهلية حني أتأمل طبيعة ألفاظها ؟‬
‫س ُن َّو َما‬ ‫َأ َو َ‬
‫ائل َو ْر ٍد ُك َّن بِاأل ْم ِ‬ ‫وز فيِ َغ َس ِق الدُّ َجى‬ ‫ـ َو َقدْ َن َّبه ال َنيرْ ُ ُ‬
‫ال أ َما نيِ‬ ‫َر َح ُلو ا َو عُ دْ َت بِ َ‬ ‫ـ َيا َق ْل ُب َما َل َك َو ا َلغو ا نيِ‬
‫ب‬‫لش ِّك و ا ِّلر َي ِ‬ ‫ال ء ا َّ‬‫ُمتُو نهِ ِ َّن َج َ‬ ‫الص َح ِ‬
‫ائف فيِ‬ ‫الص َف ِ‬
‫ائح ال ُسودُ َّ‬ ‫يض َ‬ ‫ـ بِ ُ‬
‫لش ْو ِق ُأ َغنِّي َأ لمَ ِي‬ ‫َطا َئر ا َّ‬ ‫ـ َيا َحبِي ًبا ُز ْر ُت َي ْو ًما أ ْي َكهُ‬
‫ملحوب والقطبيات والذنوب ‪ :‬أسامء أماكن‪.‬‬ ‫(‪ )1‬أقفر ‪ :‬خال‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫ور هَ ا‬ ‫وأز ُ‬‫ُ‬ ‫ور هَ ا‬ ‫ُ‬
‫وأز ُ‬ ‫ور هَ ا‬
‫أز ُ‬ ‫َس ُ‬ ‫ـ َقدْ ُق ْل ُت لِ ْل ُع َّذ ا ِل لمَ َّا َل َّو ُمو ا‬
‫‪ 8‬ـ وملاذا ندرك من التأمل يف معاين األبيات اآلتية أهنا ليست من الشعر اجلاهيل ؟‬
‫َح َيو ا ٌن ُم ْست َْح َد ث ِم ْن جمَ َا ِد‬ ‫ت ا لبرَ ِ َّي ُة ِفي ِه‬ ‫ـ و ا ل ِذ ي َحا َر ِ‬
‫َلت ََخا ُف َك ا لن َُّط ُف ا لتِي لمَ ْ خُ ْت َل ِق‬ ‫ـ َو َأ َخ ْف َت َأ ْه َل ا لشرِّ ْ ِك َحتَّى إ َّنه‬
‫اذ هَ ُب‬ ‫وت َي َ‬ ‫َيادُ ُّر َيا ِم ْس ُك َيا َيا ُق ُ‬ ‫ان َيا ِعن َُب‬ ‫ار َّم ُ‬
‫ني َي ُ‬ ‫وت َيا تِ ُ‬ ‫ـ َيا ُت ُ‬
‫يع عَ ِر ينَا‬ ‫َخا ُبو ا َو هَ ْل َأ َس ٌد َيبِ ُ‬ ‫اس ٍة‬‫اث ُي َباعُ َب ْي َع نِ َخ َ‬ ‫ـ َظنُّوا ا لترُّ َ َ‬
‫وضح األسباب‪.‬‬ ‫يدل عىل أهنا ليست من الشعر اجلاهيل‪ّ .‬‬ ‫‪ 9‬ـ خيال األبيات اآلتية ُّ‬
‫س َف ْو َق لجُ َ ينْ ِ املَا ِء عُ ْق َي ُ‬
‫ان‬ ‫َّ‬
‫والش ْم ُ‬ ‫ـ َد َخ ْلت َُها َو َح َو ا ِشيها ُز ُم ُّر د ة‬
‫َو َفا َح ْت عَ ْنبرَ ً ا َو َر َن ْت َغزَ ا ً‬
‫ال‬ ‫ـ َب َد ْت َق َم ًر ا و َم َال ْت ُغ ْص َن َب ٍ‬
‫ان‬
‫َّاب بِالبرَ َ ِد‪.‬‬
‫العن ِ‬‫َو ْر ًدا َوعَ َّض ْت عَ لىَ ُ‬ ‫س َو َس َق ْت‬ ‫ـ َوأ ْم َط ْ‬
‫رت ُلؤْ ُلؤً ا ِم ْن َن ْر ِج ٍ‬
‫‪ 10‬ـ ما النهج الذي تسلكه القصيدة العربية يف العرص اجلاهيل ؟‬
‫‪ 11‬تشتمل مقدمة القصيدة اجلاهلية عىل جمموعة من األفكار‪ .‬أذكرها‪.‬‬
‫‪ 12‬ـ ما املعلقات ؟ ومل ُس ِّميت هبذا االسم ؟‬
‫‪ 13‬ـ للمعلقات قيمة أدبية عظيمة‪ .‬أرشح هذه العبارة‪ ،‬ثم أذكر أبرز املوضوعات التي‬
‫كانت تدور حوهلا تلك املعلقات‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫نـمــاذج مـن الـشـعــر الـجـاهـلــي‬

‫أ ــ امــرؤ الـقـيــس‬
‫يـصــف الـلـيـل والـخـيــل‬

‫التـعـريـف بالشـاعـر ‪:‬‬


‫ملكا عىل قبيلة بني‬‫يل‪ ،‬امرؤ القيس بن ُحجر الكندي‪ ،‬كان أبوه ُح ْج ٌر ً‬ ‫الض ِّل ُ‬
‫هو امللك ِّ‬
‫النعي إىل ولده امرئ‬
‫ّ‬ ‫أسد‪ ،‬وكان ظاملًا فضاق بنو أسد بحكمه‪ ،‬فوثبوا عليه وقتلوه‪ ،‬ووصل‬
‫َ‬
‫بحرضموت يقال له (د ّمون)‪،‬‬ ‫القيس وهو يف رحلة قنص مع بعض رفاقه يف وا ٍد ُم ْعشب‬
‫هب من‬ ‫ً‬
‫فاصال بني مرحلة اللهو ومرحلة اجلد يف حياة الشاعر‪ ،‬إ ْذ َّ‬ ‫فكان ذلك احلادث ًّ‬
‫حدا‬
‫اليوم الثاين للمطالبة بثأر أبيه‪ ،‬وأقسم أال يكتفي بأقل من قتل مئة رجل وجزّ نوايص مئة‬
‫آخرين من بني أسد‪ .‬وقد نارصه أول األمر قبائل من بكر وتغلب وقحطان‪ ،‬ولكنهم سئموا‬
‫فتفرقوا عنه‪ ،‬فسافر إىل القسطنطينية يطلب النرص من ملك بيزنطية (جستنيان)‪.‬‬ ‫منه لعناده ّ‬
‫لكن رحلته باءت بالفشل‪ ،‬فعاد كاس ًفا حزينًا ومات مسمو ًما بأنقرة يف رحلة عودته‪.‬‬ ‫َّ‬
‫ويعدّ امرؤ القيس رأس فحول شعراء اجلاهلية حيث أجاد يف الوصف‪ ،‬وامتاز بدقة‬
‫التصوير وسعة اخليال أما عباراته وألفاظه فهي متأثرة بالبيئة يف خشونتها‪.‬‬

‫مـنـاسـبــة الـنــص ‪:‬‬


‫هذه األبيات التي سنوردها من معلقة امرئ القيس‪ ،‬وهي من أشهر املعلقات‪ ،‬بدأها‬
‫عىل عادة شعراء اجلاهلية بذكر الديار واألطالل وفراق األح ّبة‪ ،‬ثم تغزَّ ل بعد ذلك بابنة عمه‬
‫عنيزة ومىض يفتخر بأنه يقتحم الليل ويركب اخليل‪ ،‬وقد جاءت هذه األبيات يف معرض‬
‫‪33‬‬
‫وصفه لليل واخليل‪ .‬وتعد معلقة امرئ القيس من عيون الشعر العريب اجلاهيل؛ وذلك لقوة‬
‫أسلوهبا‪ ،‬وتنوع أغراضها وروعة خياهلا‪ ،‬وصدق تصويرها للبيئة اجلاهلية‪.‬‬

‫الــنـــص ‪:‬‬
‫ّ‬
‫ول َف َح ْوملِ‬ ‫الد ُخ ِ‬‫اللوى َبينْ َ َّ‬ ‫بِ ِس ْق ِط ِّ‬ ‫يب َو َم ْنز ِِل‬ ‫ك ِم ْن ِذ ْك َرى َحبِ ٍ‬ ‫‪ِ 1‬ق َفا َن ْب ِ‬
‫احل ِّي َنا ِق ُف َحن َْظلِ‬ ‫ات َ‬ ‫َل َد ى َس ُم َر ِ‬ ‫‪ 2‬ـ َكأ نيِّ َغ َد ا َة ال َبينْ ِ َي ْو َم تحَ َ َّم ُلوا‬
‫أس ًى و تجَ َ َّملِ‬ ‫ون ال هَ ْت ِل ْك َ‬ ‫َي ُق ُ‬
‫ول َ‬ ‫‪ 3‬ــ ُو ُقو ًفا بهِ َ ا َص ْحبي عَ ليَ َّ َم ِط َّي ُه ْم‬
‫َ‬ ‫‪ 4‬ـ َو َل ْيلٍ َك َم ْو ِج ال َب ْح ِر ْأر َخى ُس ُد َ‬
‫عَ ليَ َّ بأ ْن َو ا ع ا ُهل ُمو ِم لِ َي ْب َتليِ‬ ‫وله‬
‫از ا َو َنا َء بِ َك ْل َكلِ‬ ‫أع َج ً‬‫وأ ْر َد َف ْ‬ ‫َ‬ ‫‪ 5‬ـ َف ُق ْل ُت َلهُ ملا تمَ َ َّطى بِ ُص ْلبِه‬
‫اح ِمن َْك بِأ ْم َثلِ‬ ‫اإلص َب ُ‬
‫ْ‬ ‫بِ ُص ْب ٍح و َما‬ ‫أال ا ْن َجلِ‬ ‫ِيل َ‬ ‫الل ْي ُل َّ‬
‫الطو ُ‬ ‫‪ 6‬ـ أال أيهُّ َ ا َّ‬
‫أل َو ا بِ ِد هَ ْي َكلِ‬ ‫بِ ُمن َْج ِر ٍد َقي ِد ا َ‬ ‫َاتَا‬ ‫الطيرْ ُ فيِ ُو ُكن هِ‬‫أغ َت ِدي َو َّ‬ ‫‪ 7‬ـ َو َقدْ ْ‬
‫ْ‬
‫الس ْي ُل ِم ْن عَ لِ‬‫َك ُج ْل ُمو ِد َص ْخ ٍر َح َّطهُ َّ‬ ‫معا‬ ‫‪ 8‬ـ ِم َك ٍّر ِم َف ٍّر ُم ْقبِلٍ ُمدْ بِ ٍر ً‬

‫(‪ )1‬سقط اللوى والدخول وحومل ‪ :‬أسامء أماكن بنجد‪.‬‬


‫(‪ )2‬غداة البني ‪ :‬صبيحة الفراق‪ .‬حتملوا ‪ :‬رحلوا‪ .‬السمر ‪ :‬شجر صحراوي معروف‪ .‬احلنظل ‪ْ :‬‬
‫الرش ُي‬
‫يكس الستخراج حبه ويسيل الدموع‪.‬‬ ‫وهو شديد املرارة عىل شكل كرات رّ‬
‫(‪ )3‬جتمل ‪ :‬اصرب‪.‬‬
‫(‪ )4‬سدوله ‪ :‬أستاره‪.‬‬
‫(‪ )5‬متطى ‪ :‬متدد‪ .‬صلبه ‪ :‬ظهره‪ .‬األعجاز ‪ :‬املؤخرة‪ .‬ناء بكلكل ‪ :‬رفع صدره بتثاقل‪.‬‬
‫(‪ )6‬أمثل ‪ :‬أفضل‪.‬‬
‫(‪ )7‬أغتدي ‪ :‬أسري يف الغداة‪ ،‬وهي الصبح‪ .‬وكناهتا ‪ :‬أعشاشها‪ .‬منجرد ‪ :‬حصان قصري الشعر‪ .‬قيد األوابد‬
‫‪ :‬يقيد الوحوش برسعته‪ .‬هيكل ‪ :‬ضخم‪.‬‬
‫(‪ )8‬مكر مفر ‪ :‬جييد اهلجوم والفرار‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫يب َتت ُْفلِ‬ ‫ان و َت ْق ِر ُ‬
‫اء سرِ ْ َح ٍ‬ ‫إر َخ ُ‬
‫َو ْ‬ ‫ال َظ ْب ٍي َو َسا َقا َن َعا َم ٍة‬ ‫‪ 9‬ـ َلهُ أ ْي َط َ‬
‫امل َذ ّيلِ‬
‫ال ِء ُ‬‫امل َ‬‫ار ى َد َو ا ٍر فيِ ُ‬ ‫عَ َذ َ‬ ‫أن نِ َع َ‬
‫اجهُ‬ ‫‪ 10‬ـ َف َع َّن لنَا سرِ ْ ٌب َك َّ‬
‫ِد َر ا ًكا و لمَ ْ ُين َْض ْح بِماَ ٍء َف ُي ْغ َسلِ‬ ‫‪َ 11‬ف َعا َدى ِع َدا ًء َبينْ َ َث ْو ٍر َو َن ْع َج ٍة‬
‫يف ِش َو ا ٍء أو َق ِد ي ٍر ُم َع َّجلِ‬ ‫َص ِف َ‬ ‫ْض ٍج‬ ‫الل ْح ِم َما َبينْ َ ُمن ِ‬‫‪ 12‬ـ َو َظ َّل ُط َها ُة َّ‬

‫الــشــــــرح ‪:‬‬

‫يستوقف الشاعر صاحبيه عند أطالل أحبابه ـ وخري الصحبة عند العرب ثالثة أصدقاء ـ ويقول‬
‫هلام ‪ :‬ابكيا معي ذكريات األحباب ومنازهلم التي يف سقط اللوى ممتدة ما بني الدخول وحومل‪.‬‬
‫ويش ّبه نفسه يوم الفراق بمن ُّ‬
‫يدق ثمر احلنظل فتسيل دموعه‪ .‬ويصف حاله وهو واقف عند األطالل‬
‫وأصحابه يعزّ ونه خشية أن يموت من األسى‪.‬‬
‫وينتقل إىل وصف ليلة باهتا مهمو ًما‪ ،‬فيشبه الليل يف رهبته بموج البحر وقد أرخى عىل الشاعر‬
‫السوداء ليخترب صربه‪ ،‬وخياطب الليل يف ضجر ويشبهه بالبعري حينام ينهض من مرقده فيتحرك‬ ‫ستائره َّ‬
‫ثالث حركات ‪ :‬يمدُّ ظهره‪ ،‬و ُيثنِّي بِ َر ْفع ُم َؤخرته‪ ،‬وأخري ًا ينهض بصدره‪.‬‬
‫تكشف عن صباح‪ ،‬لكن الصباح لن يكون أحسن منك ألن‬ ‫يقول الشاعر لليل ‪ :‬يا أهيا الليل َّ‬
‫اهلم ملء النهار والليل‪.‬‬
‫ويف املقطع الثالث حتدث الشاعر عن فروسيته ومهارته يف الصيد وكيف يبكر قبل خروج الطري‬
‫فره إىل اخللف‬
‫كره وهجومه ويف ّ‬
‫السيع الضخم‪ ،‬وهو حصان رسيع يف ِّ‬
‫من أعشاشها ممتط ًيا جواده رّ‬

‫(‪ )9‬األيطل ‪ :‬اخلارصة‪ .‬اإلرخاء والتقريب ‪ :‬نوعان من عدو اخليل‪ .‬رسحان ‪ :‬ذئب‪ .‬تتفل ‪ :‬ثعلب‪.‬‬
‫عن ‪ :‬عرض‪ .‬رسب ‪ :‬قطيع من بقر الوحش‪ .‬دوار ‪ :‬اسم صنم‪ .‬مالء مذيل ‪ :‬مالءات ذات أذيال‬ ‫(‪َّ )10‬‬
‫سوداء‪.‬‬
‫ً‬
‫دراكا ‪ :‬متتالية تباعً ا‪ .‬ماء ‪ :‬يقصد العرق‪.‬‬ ‫(‪ )11‬عادى ‪ :‬الحق وطارد‪.‬‬
‫(‪ )12‬قدير ‪ :‬حلم مطبوخ يف قدر‪.‬‬
‫‪35‬‬
‫وكأنه صخرة ضخمة تنحدر مع السيل من رأس جبل‪ .‬ثم شبه خارصة احلصان بخارصة الظبي يف‬
‫ضمورها‪ ،‬وساقيه بساقي النعامة يف طوهلام‪ ،‬أما ركضه فتارة كجري الذئب وتارة كعدو الثعلب‪.‬‬
‫ً‬
‫مشهدا من مشاهد الصيد حني عَ َرض هلم رسب من بقر الوحش سمينات كالعذارى‬ ‫ويصف بعدئذ‬
‫ثورا‬
‫املدلالت‪ ،‬وهن يطفن حول صنم دوار‪ ،‬وقد لبسن الثياب املطرزة‪ ،‬وكيف أن حصانه هذا طارد ً‬
‫معا‪ ،‬فق َّيد حركتهام لرسعته التي سيطرت عىل الوحوش املطاردة‪ ،‬ورغم ذلك مل يظهر عليه أثر‬
‫وبقرة ً‬
‫اإلعياء‪ .‬وحني سقط الصيد يف أيدهيم أقبل هو وصحبه‪ ،‬تارة يشوونه‪ ،‬وتارة يطبخونه يف القدور‪.‬‬

‫الـتـعـلـيـــق ‪:‬‬
‫إذا تأملت أبيات امرئ القيس وجدت فيها خصائص الشعر اجلاهيل عامة وهي ‪:‬‬
‫‪ 1‬أن القصيدة اجلاهلية تبدأ بذكر األطالل والديار واألحبة والفراق‪ّ ،‬‬
‫ولعل حياة الرتحال‬
‫هي التي فرضت مثل ذلك املطلع‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ أن القصيدة اجلاهلية تطرق أكثر من غرض‪ ،‬ففي معلقة امرئ القيس هذه غزل‬
‫ريا للصيد‪ً .‬‬
‫وإذا فالقصيدة اجلاهلية تنقصها‬ ‫وفخر ووصف لليل ثم للحصان‪ ،‬وأخ ً‬
‫وحدة املوضوع‪.‬‬
‫حمل ًقا كثري الصور والتشبيهات‪ ،‬ولعل امرأ القيس كان أوسع‬ ‫‪ 3‬ـ أن خيال الشعراء كان ِّ‬
‫حسية مستمدة من بيئة بدوية‪ ،‬كام يف قوله ‪:‬‬
‫خياال‪ ،‬وهي صور ِّ‬ ‫ً‬ ‫الشعراء اجلاهليني‬
‫أعجازا‪ ،‬ناء بكلكل‪ ،‬كجلمود صخر َّ‬
‫حطه السيل‬ ‫ً‬ ‫«ناقف حنظل‪ ،‬متتطى بصلبه‪ ،‬أردف‬
‫من علِ ‪ ،‬له أيطال ظبي وساقا نعامة‪.»...‬‬
‫‪ 4‬ـ أن األلفاظ سهلة‪ ،‬وإذا بدا فيها يشء من الصعوبة فذلك لبعد الزَّ من‪ ،‬ثم إن هذه‬
‫األلفاظ يف جمموعها متيل إىل اخلشونة والفخامة أكثر من ميلها إىل الرقة والعذوبة‪.‬‬
‫وذلك من أثر البيئة التي يقيمون فيها‪.‬‬

‫‪36‬‬
‫الـمـنـاقـشـــة ‪:‬‬

‫‪ 1‬قال الن َّقاد يف امرئ القيس ‪« :‬أول من وقف واستوقف وبكى واستبكى»‪.‬‬
‫أرشح هذه العبارة وأورد األبيات التي تؤيد هذا القول‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ما معنى قوهلم ‪« :‬أشعر الشعراء اجلاهليني امرؤ القيس إذا ركب» ؟ ألتقط من املعلقة‬
‫بيتًا تتجلىّ فيه هذه الصفة‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ ملاذا شبه الشاعر نفسه يف البيت الثاين بمن ينقف احلنظل ؟‬
‫َّ‬
‫الدال عىل هذا‪ ،‬وأبينِّ كيف َّ‬
‫تم‬ ‫أحدد البيت‬‫‪ 4‬ـ بالغ الشاعر يف وصف رسعة حصانه‪ِّ .‬‬
‫له ذلك‪.‬‬
‫وأوضح الصور‪.‬‬‫ِّ‬ ‫‪ 5‬ـ يف أحد األبيات أربع صور خيالية مجيلة‪ .‬أذكر البيت‬
‫‪ 6‬ـ عبرّ الشاعر عن تبكريه إىل الصيد بجملتني‪ .‬فام مها ؟‬
‫‪ 7‬ـ ما وجه الشبه بني رسب البقر الوحيش وبني العذارى ؟‬
‫‪ 8‬ـ عاطفة الشاعر يف األبيات الثالثة األوىل غريها يف األبيات الثالثة الثانية وستة األبيات‬
‫األخرية‪ .‬أوضح لون العاطفة يف ِّ‬
‫كل جمموعة‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ أستخرج من القاموس املحيط معاين الكلامت اآلتية ‪ :‬كلكل‪ ،‬األوابد‪ ،‬أيطل‪،‬‬
‫إرخاء‪.‬‬
‫‪ 10‬ـ ما معنى قوله ‪ :‬ومل ينضح بامء ؟ وما فائدة هذه العبارة ؟‬
‫‪ 11‬اشتملت أبيات امرئ القيس عىل ثالث أفكار رئيسة فام هي ؟‬
‫‪ 12‬ـ ما موقف الشاعر من الليل ؟ وهل الليل يطول ويقرص من شخص إىل آخر ؟‬
‫أوضح ما أقول‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫ب ــ َط َ‬
‫ـــر َفـــــة بـــن الــعــبــــد‬

‫فــي الـفـخـــر والـحـكـمـــة‬

‫الـتـعـريـف بالشـاعـر ‪:‬‬

‫فة بن العبد بن بكر بن وائل‪ .‬ولد يف بيت عريق يف الشعر‪ ،‬فأبوه شاعر‪ ،‬وخاله املتلمس‬‫طر ُ‬
‫هو َ‬
‫شاعر‪ ،‬وعمه املر ِّقش األصغر وخال أبيه املر ِّقش األكرب كالمها شاعر‪ ،‬وقد أمجع مؤرخو األدب‬
‫ونقاده عىل سمو مكانته الشعرية‪ ،‬حيث يصدر يف شعره عن موهبة فطرية‪ ،‬وجتربة نابضة‪ ،‬ولغة‬
‫ثر ّية‪ ،‬وعمق يف األفكار والصور‪ ،‬وكان لعمق جتربته أثر يف مجال الصياغة وصدق العاطفة‪.‬‬
‫وكان طرفة قد هجا عمرو بن هند‪ ،‬فأمر عامله عىل البحرين ليقتله‪ ،‬فكتب إىل طرفة يستدعيه‬
‫ليكرمه‪ ،‬فانطلت اخلدعة عىل طرفة لِثقته بعمرو بن هند حتى إذا وصل البحرين قتل وهو مل‬
‫يتجاوز السادسة والعرشين‪.‬‬

‫مـنـاسـبــة الـنــص ‪:‬‬


‫يبدو أن طرفة نظم َّ‬
‫معلقته يف فرتات خمتلفة‪ ،‬ألهنا متباعدة األفكار شأهنا يف ذلك شأن‬
‫أغلب الشعر اجلاهيل‪ ،‬فقد وصف الديار والفراق بعرشة أبيات‪ ،‬ثم وصف ناقته يف واحد‬
‫وثالثني بيتًا‪ .‬ثم َختَمها بالفخر والدفاع عن الكرم واحلكم اجلميلة يف اثنني وستني بيتًا فجاء‬
‫جمموع املعلقة أكثر من مئِة بيت‪ .‬عىل أن العاطفة السائدة يف معظم املعلقة هي عاطفة األمل‬
‫من ظلم األقارب‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫الــنــــص ‪:‬‬
‫يت َف َل ْم َأ ْك َس ْل َو لمَ ْ َأ َت َب َّل ِد‬ ‫عُ نِ ُ‬ ‫تى ؟ ِخ ْل ُت أ َّننِي‬ ‫‪َ 1‬إذا ال َق ْو ُم َق ُالوا ‪َ :‬م ْن َف ً‬
‫و َل ِك ْن َمتَى َي ْسترَ ْ ِف ِد ا ل َق ْو ُم َأ ْر ِف ِد‬ ‫ِّالع مخَ َ ا َف ًة‬‫ال ِل الت ِ‬ ‫‪ 2‬ـ َو َل ْس ُت بِ َح َّ‬
‫يت َت ْص َط ِد‬ ‫َ‬
‫احل َو ا نِ ِ‬ ‫إن َت ْق َتنِ ْصنِي فيِ‬ ‫َو ْ‬ ‫إن َت ْب ِغنِي فيِ َح ْل َق ِة ال َق ْو ِم َت ْل َقنِي‬ ‫‪ 3‬ـ َف ْ‬
‫امل َص َّم ِد‬ ‫يع ُ‬ ‫الر ِف ِ‬
‫ت َّ‬ ‫إ لىَ ِذ ْر َو ِة ال َب ْي ِ‬ ‫يع ُتال ِقنِي‬ ‫احل ُّي َ‬
‫اجل ِم ُ‬ ‫إن َي ْلت َِق َ‬ ‫‪ 4‬ـ َو ْ‬
‫أنت مخُ ْ ِل ِد ي‬ ‫ات هَ ْل َ‬ ‫اللذ ِ‬ ‫وأن َأ ْش َه َد َ‬ ‫ْ‬ ‫الو َغى‬ ‫أحضرُ َ َ‬ ‫‪ 5‬ـ أال أيهُّ َ َذا الالئ ِمي ْ‬
‫َف َد ْعنِي ُأ َبا ِد ْر هَ ا بِماَ َم َل َك ْت َي ِد ي‬ ‫يع َد ْف َع َمنِ َّيتي‬ ‫ْت ال َت ْس ِط ُ‬ ‫إن ُكن َ‬ ‫‪ 6‬ـ َف ْ‬
‫َك َقبرْ ِ َغ ِو ٍّي فيِ ا ل َب َطا َل ِة ُم ْف ِس ِد‬ ‫‪ 7‬ـ َأ رى َقبرْ َ َن َّحا ٍم َب ِخيلٍ بِماَ لِ ِه‬
‫لد ْه ُر َي ْن َف ِد‬ ‫ص ا أل َّيا ُم و ا َّ‬ ‫َو َما ُت ْن ِق ِ‬ ‫ش َكنْزً ا َنا ِق ًصا ُك َّل َل ْي َل ٍة‬ ‫الع ْي َ‬
‫‪ 8‬ـ َأرى َ‬
‫لط َو ِل ا ُمل ْر َخى َو َث ْن َيا ُه بِا ْل َي ِد‬ ‫َل َكا ِّ‬ ‫أخ َطأ ال َفتَى‬ ‫إن املَ ْو َت َما ْ‬ ‫‪ 9‬ـ َل َع ْم ُر َك َّ‬
‫َمتَى أ ْد ُن ِمنْهُ َين ََأ عَ نِّي و َي ْب ُع ِد‬ ‫امل َأ را نيِ وا ْب َن عَ ِّمي َما لِ ًكا‬ ‫‪ 10‬ـ َف يِ‬
‫َن َشدْ ُت َف َل ْم ُأ ْغ ِف ْل حمَ ُو َل َة َم ْع َب ِد‬ ‫ش ٍء ُق ْلتُهُ َغيرْ َ أ َّننِي‬ ‫‪ 11‬عَ لىَ َغيرْ ِ يَ ْ‬
‫احل َسا ِم ُ‬
‫امل َه َّن ِد‬ ‫عَ لىَ املَ ْر ِء ِم ْن َو ْق ِع ُ‬ ‫اض ًة‬ ‫الق ْر َبى َأ َشدُّ َم َض َ‬ ‫‪ 12‬ـ َو ُظ ْل ُم َذ ِوي ُ‬
‫حل َّي ِة ا ملت ََو ِّق ِد‬ ‫س ا َ‬ ‫َخ َشا ٌش َك َر أ ِ‬ ‫الر ُج ُل الضرَّ ْ ُب ال ِذي َت ْع ِر ُفو َنهُ‬ ‫‪ 13‬ـ أ َنا َّ‬
‫(‪ )1‬فتى ‪ :‬بطل‪.‬‬
‫(‪ )2‬التالع ‪ :‬مسايل املاء‪ .‬يسرتفد ‪ :‬يطلب العطاء‪ .‬أرفد ‪ :‬أعطي‪.‬‬
‫(‪ )3‬حلقة القوم ‪ :‬جملسهم‪ .‬احلوانيت ‪ :‬مجع حانة‪ ،‬وهي أماكن اللهو والرشب‪.‬‬
‫(‪ )4‬املصمد ‪ :‬العظيم الذي يقصده الناس‪.‬‬
‫(‪ )7‬نحام ‪ :‬بخيل شديد البخل‪ .‬غوي ‪ :‬مرسف‪ .‬مفسد ‪ :‬متلف للامل‪.‬‬
‫(‪ )11‬محولة معبد ‪ :‬إبل أخي معبد‪ .‬ومعبد أخو طرفة‪.‬‬ ‫(‪ )9‬الطول ‪ :‬احلبل‪ .‬ثنياه ‪ :‬طرفاه‪.‬‬
‫(‪ )12‬مضاضة ‪ :‬أمل‪.‬‬
‫(‪ )13‬الرضب ‪ :‬القوي اخلفيف اللحم‪ .‬خشاش ‪ :‬خفيف رسيع‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫اب واملت ََو ِّح ِد‬ ‫األص َح ِ‬
‫ْ‬ ‫او ُة ِذ ي‬‫عَ َد َ‬ ‫ال َلضرَ َّ نيِ‬
‫الرج ِ‬‫َ‬ ‫‪ 14‬ـ َف َل ْو ُكن ُْت َو ْغ ً‬
‫ال فيِ‬
‫عَ َل ْي ِه ْم وإ ْقدا ِمي َو ِصدْ ِقي َو محَ ْ َت ِد ي‬ ‫ال َج َراءَتيِ‬ ‫الر َج َ‬
‫‪ 15‬ـ َو َل ِك ْن َن َفى عَ نِّي ِّ‬
‫يك بِا أل ْخ َبا ِر َم ْن لمَ ْ ُتزَ ِّو ِد‬ ‫َو َيأ تِ َ‬ ‫ْت َجا ِه ً‬
‫ال‬ ‫‪ 16‬ـ َس ُت ْب ِدي َل َك األ َّي ُام َما ُكن َ‬
‫َبتَا ًتا َو لمَ ْ َتضرْ ِ ْب َلهُ َو ْق َت َم ْو ِع ِد‬ ‫األخ َبا ِر َم ْن لمَ ْ َتبِ ْع َلهُ‬
‫يك بِ ْ‬ ‫‪ 17‬ـ َو َيأتِ َ‬

‫الــشــــــرح ‪:‬‬

‫يمتدح الشاعر نفسه يف األبيات ‪ 4 1‬بالبطولة والنجدة‪ ،‬وبأنه كريم ال يسكن األماكن‬
‫فرارا من الضيوف‪ ،‬بل هو يعطي قومه كلام سألوه‪ .‬وهو جيلس يف جمالس القوم‬ ‫املنخفضة ً‬
‫للمشورة لكنه يرود احلانات للهو‪ ،‬ثم هو يف جمالس املفاخرة ينتمي إىل أرشف البيوتات‪.‬‬
‫ويف األبيات ‪ 5‬ـ ‪ 9‬يدافع عن الكرم واإلقدام‪ ،‬فيقول ‪ :‬يا أهيا الذي يلومني عىل حضور‬
‫احلرب واللذات هل ختلدين إن كففت عنها ؟ فإن كنت ال تستطيع أن تدفع املوت عني‬
‫فدعني أبادره بإنفاق ما أملك‪ ،‬فاملوت البد منه‪ ،‬وال معنى للبخل باملال وترك اللذات‪.‬‬
‫وعند املوت يتساوى كل من البخيل املقرت‪ ،‬واملنفق املرسف فقربامها متشاهبان‪ ،‬ويشبه عمر‬
‫اإلنسان بالكنز ينقص كلام مضت األيام وما تنقصه األيام والدهر البد أن ينفد‪ .‬ويقسم أن‬
‫املوت مالزم لإلنسان‪ ،‬كاحلبل املرخى للدابة لرتعى وطرفاه بيد صاحبها ال تفلت منه‪.‬‬
‫ويف األبيات ‪ 10‬ـ ‪ 12‬يشتكي الشاعر من مقاطعة ابن عمه مالك دونام ذنب جناه سوى‬
‫أنه طالبه بإبل أخيه معبد التي هنبت منه‪ .‬والشاعر متأمل لظلم ابن عمه‪ ،‬ألن ظلم األقارب‬
‫عنيف الوقع عىل النفس‪ ،‬فهو أقسى من رضبة السيف القاطع‪.‬‬
‫ً‬
‫وغال ‪ :‬ضعي ًفا‪ .‬املتوحد ‪ :‬املنفرد بنفسه‪.‬‬ ‫(‪)14‬‬
‫(‪ )15‬حمتدي ‪ :‬نسبي الرشيف‪.‬‬
‫تبع له ‪ :‬مل تشرت له‪ .‬البتات ‪ :‬كساء املسافر ومعنى البيتني متهل فستصلك األخبار بدون عناء ومن غري طلب‬
‫(‪ )16‬مل ْ‬
‫هلا‪.‬‬
‫‪40‬‬
‫ويف األبيات اخلمسة األخرية عاد الشاعر إىل الفخر بقوته ورشاقة جسمه وعدم مباالته‬
‫بعداوة الرجال؛ ملا يتمتع به من جرأة وصدق ورشف نسب‪ .‬وختم أبياته بحكمتني رائعتني‪،‬‬
‫فقال ‪ :‬إن األيام ستأتيك بالعجائب‪ ،‬فيحمل لك األخبار من ال متدُّ ه بزاده‪ .‬ويروى أن النبي‬
‫ً‬
‫جاهال»‪.‬‬ ‫ﷺ كان يتمثل بشطر البيت السادس عرش «ستبدي لك األيام ما كنت‬

‫الـتـعـلـيـــق ‪:‬‬
‫إذا تأملت أبيات طرفة أدركت اخلصائص الفنية اآلتية ‪:‬‬
‫‪ 1‬أن القصيدة مت ِّثل حياة الشباب اجلاهليني ممن ينتمون إىل البيوت العريقة و َيرِثون عن أهلهم‬
‫يتحول ساعة النجدة إىل بطوالت‪.‬‬ ‫لكن هلوهم َّ‬ ‫ً‬
‫أمواال فيجرون وراء الكرم واللهو‪َّ ،‬‬
‫أن ألفاظ طرفة يف جمموعها خشنة‪ ،‬وسبب هذا طبيعة املوضوعات التي طرقها من‬ ‫‪ 2‬ـ َّ‬
‫وصف للناقة وفخر ومحاسة‪ ،‬وكذا وعورة الصحراء‪ ،‬مما يدل عىل أثر البيئة اجلاهلية‬
‫يف الشعر‪.‬‬
‫أن طرفة عىل صغر سنّه عميق التجربة‪ ،‬جتري عىل لسانه روائع احلكمة‪ ،‬ولوال مقتله‬ ‫‪ 3‬ـ َّ‬
‫ريا لكان من أعظم الشعراء‪.‬‬ ‫صغ ً‬
‫أن من مميزات شعره ‪ :‬األلفاظ القوية اجلزلة‪ ،‬واملعاين اجلليلة الرائعة‪ ،‬واحلكمة العميقة‬ ‫‪ 4‬ـ َّ‬
‫وخصوصا األبيات‪:‬‬
‫ً‬ ‫ريا بأبياهتا‬
‫الصادقة‪ .‬وهلذا كان ملعلقته شهرة عظيمة‪ .‬ومتثل الناس كث ً‬
‫‪. 17 : 16 : 12 : 9 : 1‬‬

‫الـمـنـاقـشـــة ‪:‬‬

‫‪ 1‬ألخَ ِّ ص الصفات التي متدّ ح هبا الشاعر يف األبيات ‪ ،4 1‬واألبيات ‪ 14‬ـ ‪. 16‬‬
‫‪ 2‬ـ هل الشاعر يسكن األماكن املرتفعة أو املنخفضة ؟ وملاذا ؟‬

‫‪41‬‬
‫‪ 3‬ـ يف أحد األبيات يوضح الشاعر أنه جيمع بني اجلد واهلزل‪ .‬أحدد البيت وأرشحه‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ يف البيت الرابع وصف رائع‪ ،‬أوضحه‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ فيم يستوي البخيل والكريم بعد موهتام ؟ وهل نوافق الشاعر فيام ذهب إليه ؟‬
‫‪ 6‬ـ بم يشبه الشاعر العيش يف البيت الثامن ؟ أوضح رأيي يف هذا التشبيه‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ أوضح الصورة اخليالية يف البيت التاسع‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ ما سبب العداوة بني طرفة وبني أبناء عمه ؟‬
‫‪ 9‬ـ بم يتميز شعر طرفة ؟‬
‫‪ 10‬ـ أختار بعض احلكم التي أعجبتني‪ ،‬وأبني سبب إعجايب هبا‪.‬‬
‫‪ 11‬ما لون العاطفة التي تشيع يف هذا النص ؟‪.‬‬
‫‪ 12‬ـ أقرأ األبيات اآلتية التي قاهلا طرفة وهو سجني عند أمري البحرين‪ ،‬وأرشحها ‪:‬‬
‫حل ْت بهِ ِْم َفا ِد َح ْه‬ ‫َّ‬ ‫لِ َسو َأ ٍة‬ ‫َأ ْس َل َمنِي َق ْو ِمي َو لمَ ْ َي ْغ َض ُبو ا‬
‫( ‪)1‬‬
‫ال َت َر ا َك ا للهَّ ُ َلهُ َو ا ِض َحه‬ ‫َ‬ ‫كنت َصا َد ْقتُهُ‬ ‫ُ‬ ‫َك ْم ِم ْن َخ ِليلٍ‬
‫َما َأ ْشب َه ا َّلل ْي َل َة بِا ل َبا ِر َح ْه‬ ‫ب‬ ‫ِم ْن َث ْع َل ٍ‬ ‫ُك ُّل ُه ُم أ ْر َو ُغ‬

‫(‪ )1‬واضحة ‪ :‬سن‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫جـ ــ األعـــشـــــى‬

‫يـفـخـر بـقـومـه فـي يـوم ذي قــار‬

‫الـتـعـريـف بالشـاعـر ‪:‬‬


‫ُ‬
‫ميمون بن قيس‪ ،‬وكنيتُهُ أبو َبصري‪ ،‬ول ّقب باألعشى لضعف برصه‪ ،‬مولده ووفاته يف قرية‬ ‫اسمه‬
‫حي من أحياء الرياض‪ .‬واألعشى من شعراء الطبقة األوىل‪ ،‬ومن أصحاب‬ ‫منفوحة‪ ،‬وهي اآلن ٌّ‬
‫يتكسب بالشعر‪ ،‬فكثرت أسفاره وذاعت أشعار ُه‬ ‫املعلقات عند بعض أهل األدب‪ .‬وكان ممن َّ‬
‫وتغنَّى الناس بشعره‪ ،‬فلقب (صنّاجة العرب)؛ ألن شعره كان يطرب السامع بجودته‪.‬‬
‫املنورة؛ ليعلن إسالمه‬‫وتوجه إىل املدينة َّ‬
‫ّ‬ ‫النبي ﷺ‪ ،‬فأعدّ قصيدة‬
‫وقد أدرك األعشى بعثة ِّ‬
‫قريشا خشيت أن َين َْض َّم ببالغته إىل صفوف املسلمني فجمعت له‬ ‫ويمدح النبي الكريم‪ ،‬لكن ً‬
‫حيرم اخلمر رجع‬ ‫أعل َمتْه قريش أن ً‬
‫حممدا ّ‬ ‫فرتدد أول األمر‪ ،‬ولكن حني َ‬ ‫مئة ناقة ْ‬
‫وأغ َر ْته بالرجوع‪َّ ،‬‬
‫لكن قصيدته يف مدح رسول اللهّ‬
‫فد َّقت عنقه فامت‪َّ .‬‬
‫باإلبل‪ ،‬وملا اقرتب من بلدته سقط عن بعريه ُ‬
‫ور ِو َي ْت من بعده‪.‬‬
‫ﷺ عاشت ُ‬

‫مـنـاسـبــة الـنــص ‪:‬‬


‫ذو قار ‪ :‬ماء لبكر بن وائل قريب من الكوفة‪ ،‬وفيه كانت الواقعة املشهورة بني العرب‬
‫والفرس‪.‬‬
‫ومن حديثها أن كرسى ملك الفرس غدر بالنعامن بن املنذر ملك احلرية وقتله‪ ،‬وأراد أن‬
‫يستويل عىل ثروته التي تركها أمانة عند هانئ بن قبيصة بن هانئ بن ربيعة بن شيبان‪ ،‬ذلك‬

‫‪43‬‬
‫ريا لتأديب‬ ‫الذي رفض تسليم يشء لكرسى‪ ،‬فأغضب ذلك الرفض كرسى‪ ،‬وعبأ ً‬
‫جيشا كب ً‬
‫العرب وأخذ ما يريد‪ .‬فهب العرب للذود عن كرامتهم وانتقا ًما للنعامن‪.‬‬
‫والتقى اجلمعان عند ذي قار‪ ،‬واشتدت احلرب ودارت الدائرة عىل الفرس فاهنزموا وفروا‬
‫بعد أن ُقتل منهم عدد كبري‪ .‬وصار هذا اليوم من مفاخر عرب اجلاهلية‪ .‬وتقول بعض روايات‬
‫التاريخ إن يوم ذي قار صادف مولد النبي ﷺ‪.‬‬

‫الــنــــص ‪:‬‬

‫ث إ َّننِي َت ِل ُف‬ ‫ال ٍ‬‫يك ُم بِ َث َ‬ ‫ُأ و ِص ُ‬ ‫ال َلنَا ‪:‬‬ ‫ان َق َ‬ ‫إن األعَ زَّ أ َبا َنا َك َ‬ ‫‪َّ 1‬‬
‫َح ًّقا عَ ليَ َّ ‪َ ،‬ف ُأ ْع ِطي ِه َو َأ ْعترَ ِ ُف‬ ‫إن َلهُ‬‫ف‪َّ ،‬‬ ‫الض ْي ِ‬ ‫يك ُم بِ َّ‬ ‫وص ُ‬‫الض ْي ُف ُأ ِ‬ ‫‪ 2‬ـ َّ‬
‫الد ْه ِر َي ْثنِي ِه ‪َ ،‬ف َينْصرَ ِ ُف‬‫َي ْو ًما ِم َن َّ‬ ‫إن َلهُ‬ ‫اجلا ِر‪َّ ،‬‬ ‫يك ُم بِ َ‬ ‫وص ُ‬‫ار ُأ ِ‬ ‫‪ 3‬ـ َو َ‬
‫اجل ُ‬
‫الع ُر ُف‬
‫امل ْع َص ِم ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫إذ ا َت َل َّو ى بِ َك ِّ‬
‫َ‬ ‫إن ال َقت َْل َم ْك ُر َم ٌة‬ ‫‪ 4‬ـ و َقاتِ ُلوا ال َق ْو َم‪َّ ،‬‬
‫َائب ُتزْ ِجي املَ ْو َت َفا ْنصرَ َ ُفوا‬ ‫ِمنَّا َكت ُ‬ ‫حل ْن ِو ص َّب َح ُه ْم‬ ‫سى َغ َدا َة ا ِ‬ ‫‪ 5‬ـ َو ُجن ُْد ِك رْ َ‬
‫لِ َي ْع َل ُمو ا أ َّننَا َب ْك ٌر ‪َ ،‬ف َين َْح ِر ُفو ا‬ ‫‪ 6‬ـ لمَ َّا ا ْل َت َق ْينَا َك َش ْفنَا عَ ْن جمَ َا جمِ ِنَا‬
‫ال ا لنَّا ُر ‪َ ،‬فا ْن َك َش ُفو ا‬ ‫َو َ‬
‫ال َب ِق َّي َة إ َّ‬ ‫ْدي يحَ ْ ُص ُدهُ ْم‬ ‫‪ 7‬ـ َق ُالوا ‪ :‬ال َب ِق َّي َة‪ ،‬واهلِن ُّ‬
‫آذ ا نهِ َا الن َُّط ُف‬
‫اج ِم ‪ ،‬فيِ َ‬ ‫األ عَ ِ‬ ‫ِم َن َ‬ ‫ك َغ َطا ِر َف ٌة‬ ‫اج ٌح ‪َ ،‬و َبنُو ُم ْل ٍ‬ ‫‪ 8‬ـ َج َح ِ‬

‫(‪ )1‬التلف ‪ :‬الضعيف الذي قارب املوت‪.‬‬


‫(‪ )3‬يثنيه ‪ُ :‬يبعده‪ ،‬واملعنى ‪ :‬أن اجلار سريحل يف يوم ما‪ ،‬فليكن ُمكر ًما يذكر جريانه بخري‪.‬‬
‫(‪ )4‬املعصم ‪ :‬الذي يمسك بزمام الفرس خو ًفا من السقوط‪ ،‬وهذه كناية عن بلوغ األمر غاية اخلطورة‪ .‬والعرف ‪:‬‬
‫الزمام‪ ،‬أو هو شعر عنق الفرس‪.‬‬
‫(‪ )5‬احلنو ‪ :‬موضع جرت بقربه موقعة ذي قار‪ .‬تزجي املوت ‪ :‬تسوق املوت وتدفعه‪.‬‬
‫(‪ )6‬مجَامجنا ‪ :‬رؤوسنا‪ .‬ينحرفوا ‪ :‬يميلوا ً‬
‫بعيدا عن طريقنا‪.‬‬
‫(‪ )7‬قالوا البقية ‪ :‬أبقوا عىل ما بقى من اجلنود‪ .‬اهلندي ‪ :‬السيف املصنوع يف اهلند‪ .‬انكشفوا ‪ :‬زالوا عن أماكنهم منهزمني‪.‬‬
‫(‪ )8‬اجلحاجح ‪ :‬مفردها اجلحجاح وهو الشجاع‪ .‬الغطارفة ‪ :‬السادة الكرام‪ .‬النطف ‪ :‬مجع نطفة وهي اللؤلؤة‬
‫واجلوهرة‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫يض َف َظ َّل ا َهلا ُم يخُ ْ ت ََط ُف‬ ‫ِم ْلنَا بِبِ ٍ‬ ‫اب َأ ْي ِد يهَ ُ ْم‬
‫إذ ا َأ َم ُالوا إ لىَ الن َُّّش ِ‬ ‫‪9‬ـ َ‬
‫َحتَّى َت َو َّل ْو ا‪َ ،‬و َكا َد ال َي ْو ُم َي ْنت ِ‬
‫َص ُف‬ ‫‪ 10‬ـ َو َخ ْي ُل َب ْك ٍر َفماَ َت ْن َف ُّك َت ْط َحن ُُه ْم‬
‫أخ َطاهُ ُم الشرَّ َ ُف‬ ‫فيِ َي ْو ِم ِذي َقار َما ْ‬ ‫ار َكنَا‬ ‫ان َش َ‬ ‫‪َ 11‬ل ْو َأ َّن ُك َّل َم َع ٍّد َك َ‬
‫الــشــــــرح ‪:‬‬

‫يقول الشاعر يف األبيات من ‪ : 4 1‬إن أعز الناس لدينا وهو أبونا كان قد أوصانا بثالث وصايا‬
‫َن ْعتَزُّ هبا ونحرص عليها‪ ،‬وهي القيام بحق الضيف‪ ،‬وحق اجلار‪ ،‬وقتال َ‬
‫األعداء‪ .‬وإذا كان القتال‬
‫مذمو ًما يف أحوال فهو حممود يف أحوال منها إذا حدث من األعداء ما ال صرب عليه‪.‬‬
‫ويف األبيات من ‪ 5‬ـ ‪ : 8‬يرسد لنا الشاعر قصة املعركة التي حدثت عند ذي قار بني جنود كرسى‬
‫صباحا بكتائب تسوق أمامها الفناء لألعداء‪ .‬وعند اللقاء أعلنت‬
‫ً‬ ‫والعرب‪ ،‬يوم أن بدأ العرب اهلجوم‬
‫قبيلة بكر عن هويتها فملك الرعب القلوب‪ ،‬وفكر جنود كرسى يف اهلرب‪ ،‬لكن املعركة كانت قد‬
‫وأ ْح ِكمت القبضة عليهم فلم يستطيعوا الفرار‪ ،‬وأ ّنى هلم ذلك وسيوف العرب حتصدهم‬ ‫بدأت ُ‬
‫حصدا ؟ فاستغاثوا طالبني أن نرحم ما بقي منهم‪ ،‬لكن مل جيدوا إال جحيم املعركة‪ .‬ولقد حدث هلم‬‫ً‬
‫هذا عىل الرغم من أهنم مجعوا يف جيشهم األبطال الصناديد والسادة املنعمني‪.‬‬
‫تأت بجديد إذ هي استمرار لتصوير سري املعركة‪ .‬فعندما فكر جيش‬ ‫أما األبيات من‪ 9‬ـ‪ 11‬فلم ِ‬
‫كرسى يف استعامل النبال لرضبنا هبا كانت سيوفنا أسبق‪ ،‬تلك السيوف التي خطفت رؤوسهم‬
‫من فوق أجسادهم‪ ،‬وظل فرسان بكر يف حرب مد ِّمرة جلنود كرسى‪ ،‬حتى الذ بقيتهم بالفرار‬
‫بعد ساعات من بدء املعركة الفاصلة‪.‬‬
‫مجيعا يف رشف النرص العظيم يوم ذي قار‪.‬‬ ‫ويف ختام األبيات متنى الشاعر مشاركة العرب ً‬
‫(‪ )9‬النُّشاب ‪ :‬النبل‪ .‬البيض ‪ :‬السيوف‪.‬‬
‫(‪ )11‬ذي قار ‪ :‬جبل أو ماء لبكر جرت عنده موقعة بني جيش كرسى وقوم الشاعر‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫الـتـعـلـيـــق ‪:‬‬
‫‪ 1‬سواء أكانت وصية األب حقيقة أم نسج خيال فإن الشاعر قد أجاد الدخول إىل غرضه‪،‬‬
‫عن طريق احلكاية ورسد تلك الوصايا التي يتعلق هبا القارئ أو السامع من أول وهلة‪،‬‬
‫وإهنا لوصايا غالية تلك التي يقوهلا األب وهو يف ُأخريات أيامه‪ ،‬وإنه بذلك قد هيأ اجلو‬
‫للمعركة بني العرب والفرس‪ ،‬حيث كانت وصيته األخرية هي قتال القوم ويعني هبم قوم‬
‫كرسى‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ لألعشى طابع خاص يف نسج تراكيبه وصوره إذ هي من السهل املمتنع‪ ،‬وقد نصادف‬
‫ُ‬
‫والضيف‬ ‫حد ما‪ .‬فانظر إىل سهولة قوله ‪ :‬إن األعزَّ أبانا كان قال لنا‪ ..‬وقوله ‪:‬‬ ‫الصعب إىل ٍّ‬
‫مبسطة‪،‬‬ ‫يل‪ ..‬حيث نظم الكالم املعهود بلغة شاعرة َّ‬ ‫أوصيكم بالضيف إن الضيف له‪ ..‬ح ًّقا ع ّ‬
‫كي يفهمها كل من يطالعها‪ ،‬ويعزُّ عىل ُج ِّلهم أن يأتوا بنظري هلا‪ ،‬لكننا يف الوقت نفسه نقرأ‬
‫الع ُر ُف‪ ..‬فنجد شي ًئا من الصعوبة‪.‬‬ ‫املعصم ُ‬
‫ِ‬ ‫تلوى ِّ‬
‫بكف‬ ‫‪ :‬إذا َّ‬
‫‪ 3‬ـ استطاع خيال الشاعر أن يصور ميدان املعركة وما يدور فيه حتى لكأنك ترى وتشارك‪،‬‬
‫ودقة الوصف تستدعي اختيار األلفاظ املوحية‪ ،‬وهي كثرية يف النص منها ‪ :‬إنني َت ِل ُف‪،‬‬
‫ف األبناء عىل ما خيرج من بني شفتي أبيهم‪،‬‬ ‫إذ توحي بدنو األجل‪ ،‬وذلك يدعو إىل َت َل ُّه ِ‬
‫تقطيعا للرؤوس واستمرار ذلك‬ ‫ً‬ ‫اهلام يخُ ْ ت ََطف‪ ،‬إذ توحي باختالس الفرسان‬ ‫فظل ُ‬ ‫ومجلة ‪َّ :‬‬
‫التقطيع‪ .‬واملتذوق للنص جيد الكثري من تلك الصور اجلميلة‪.‬‬

‫الـمـنـاقـشـــة ‪:‬‬

‫‪ 1‬أوجز مناسبة القصيدة‪.‬‬


‫‪ 2‬ـ ما األفكار التي تناوهلا النص ؟‬

‫‪46‬‬
‫‪ 3‬ـ كيف استامل الشاعر قارئ النص ؟‬
‫األغر أبانا ‪ /‬إن األعزَّ أبانا‪ .‬أي التعبريين نفضل ؟ وملاذا ؟‬ ‫َّ‬ ‫‪ 4‬ـ إن‬
‫‪ 5‬ـ وصف الشاعر جو املعركة وص ًفا دقي ًقا‪ .‬أذكر ثالث صور تدل عىل ذلك‪.‬‬
‫متسك هبا عقالء العرب يف اجلاهلية‪ ،‬أوضح هذه‬ ‫‪ 6‬ـ يف النص بعض ال ِق َي ِم التي َّ‬
‫املقولة‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ أكتب األبيات التي تنص عىل األفكار التالية ‪:‬‬
‫مجع أقوى اجلنو ِد وأرش َفهم‪.‬‬‫جيش كرسى َ‬ ‫ُ‬ ‫كثرة القتىل ‪ ،‬رسعة القتل ‪،‬‬
‫واضحا‪.‬‬
‫ً‬ ‫رشحا أدب ًّيا‬
‫‪ 8‬ـ أرشح األبيات ‪ً 11 ، 6 ، 4 :‬‬
‫‪ 9‬ـ يقال ‪ :‬إن البيتني ‪ 10 ، 9‬تكرار للمعاين السابقة‪ .‬فهل هذا يؤخذ عىل الشاعر ؟‬
‫أوضح إجابتي‪.‬‬
‫درست خصائص أسلوب الشاعر‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫‪ 10‬ـ أستنتج مما‬

‫‪47‬‬
‫ـعـمــر ا ِ‬
‫إليـــادي‬ ‫د ــ ِ‬
‫لـقـيـط بـن َي ْ‬
‫ّ‬
‫يـحـذر قـومــه غــزو األعــداء‬

‫الـتـعـريـف بالشـاعـر ‪:‬‬


‫واستقرت يف احلرية‪،‬‬
‫َّ‬ ‫هو لقيط بن يعمر بن خارجة من قبيلة إياد التي رحلت إىل العراق‬
‫وشاعرا ُم ِقال‪ ،‬ويبدو أنه يتمتع بسداد الرأي والغرية عىل احلرمات‪ .‬ويقال إنه‬
‫ً‬ ‫كان خطي ًبا‬
‫كان كات ًبا للمراسالت يف ديوان كرسى‪ .‬ومل ُت ْر َو عنه أخبار كثرية‪.‬‬

‫مـنـاسـبــة الـنــص ‪:‬‬


‫كان بني قبيلة إياد وبني الفرس حروب‪ ،‬فصمم كرسى عىل غزو قبيلة إياد وتدمريها‪،‬‬
‫لكن‬ ‫وأمر ً‬
‫لقيطا أن يكتب إليهم كتا ًبا يطمئنهم فيه إىل نوايا كرسى جتاههم ويستدعيهم إليه‪َّ .‬‬
‫لقيطا الذي كان يعرف حقيقة املؤامرة كتب إىل قومه هبذه القصيدة التي تصلح أن خياطب‬ ‫ً‬
‫عدوهم اخلبيث‪.‬‬
‫هبا العرب يف هذه األيام ألهنا تنطبق عىل نوايا ّ‬
‫وتذكر كتب األدب أن قبيلة إياد اختلفت عىل نفسها ومل تأخذ برأي لقيط فأوقع هبم‬
‫كرسى‪ ،‬واكتشف كرسى كتاب لقيط فأمر به فقطع لسانه‪.‬‬

‫الــنــــص ‪:‬‬
‫الر ْأ َي ْ‬
‫إن لمَ ْ ُي ْع َ‬
‫ص َقدْ َن َص َعا‬ ‫َ‬ ‫‪َ 1‬أ ْب ِلغْ إ َيا ًد ا َ‬
‫وخ ِّل ْل فيِ سرَ َ هِ‬
‫أنيِّ أ َرى َّ‬ ‫اتِ ُم‬

‫(‪ )1‬خلل يف رساهتم ‪ :‬أكثر التجوال خالهلم‪ .‬رساهتم ‪ :‬رساة كل يشء أعاله‪ ،‬أي علية القوم ورساة الطريق وسطه‪.‬‬
‫نصع ‪ :‬وضح وظهر‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫اجت ََم َعا‬ ‫َّاس َف ْ‬
‫وأ ْح ِك َم أ ْم ُر الن ِ‬ ‫َشتَّى‪ُ ،‬‬ ‫ور ُك ُم‬ ‫إن َكا َن ْت ُأ ُم ُ‬ ‫ف َن ْفسيِ َ ْ‬ ‫‪ 2‬ـ َيا لهَ ْ َ‬
‫ب َقدْ َس َط َعا ؟‬ ‫اب َ‬
‫احل ْر ِ‬ ‫ون ِش َه َ‬ ‫َو َقدْ َت َر َ‬ ‫اك ْم نِ َيا ًما فيِ ُب َل ْهنِ َي ٍة‬ ‫ال َأ َر ُ‬ ‫‪ 3‬ـ َم يِ‬
‫ان َقدْ َن َق َعا‬ ‫ُي ْصبِ ْح ُف َؤ ا ِد ي بِ ِه َر َّي َ‬ ‫أي ِمن ُْك ُم َح ِص ٍد‬ ‫اش ُفوا َغ ِلييل بِ َر ٍ‬ ‫‪ 4‬ـ َف ْ‬
‫َو َج ِّد دُ و ا لِ ْل ِقسيِ ِّ ا ل َّن ْب َل و ا لشرُّ ُ عَ ا‬ ‫واج ُلوا ُس ُيو َف ُك ُم‬ ‫‪ 5‬ـ ُصو ُنوا ِج َياد َُك ُم ْ‬
‫وك ْم والتِّال َد َم َعا‬ ‫إن َي ْظ َه ُر وا يحَ ْ ت َُو ُ‬ ‫ْ‬ ‫ألعدا ِء إنهَّ ُُم‬ ‫ال لِ ْ‬ ‫ال ُت ْث ِم ُر وا املَ َ‬ ‫‪6‬ـ َ‬
‫مجَ ًْد ا ُأ َحا ِذ ُر أ ن َي ْفنَى َو َي ْن َق ِط َعا‬ ‫ث َأ َّولِ ُك ْم‬ ‫إر ِ‬‫إن َل ُك ْم ِم ْن ْ‬ ‫‪ 7‬ـ َيا َق ُ‬
‫وم َّ‬
‫أو َذ َّل وا َّت َض َعا ؟‬ ‫آخ ُر ُه ْ‬ ‫إن َضاعَ ِ‬ ‫ْ‬ ‫رد عَ َل ْي ُك ْم ِعزُّ َأ َّو لِ ُك ْم‬ ‫اذ ا ُي ُّ‬ ‫‪ 8‬ـ َم َ‬
‫س ى َو َما جمَ ََعا‬ ‫ئك ُم ِك رْ َ‬ ‫عَ لىَ نِ َسا ُ‬ ‫إن ُك ْنت ُُم ُغيرُ ً ا‬ ‫‪ 9‬ـ َيا َق ْو ُم ال َت ْأ َمنُوا ْ‬
‫َف َم ْن َرأى ِم ْث َل َذا َرأ ًيا َو َم ْن َس ِم َعا ؟‬ ‫أص َل ُك ُم‬ ‫َاء ال ِذي يجَ ْ ت َُّث ْ‬ ‫‪ 10‬ـ هُ و ال َفن ُ‬
‫َال األ ْم َن َم ْن ف ِز عَ ا‬ ‫ُث َّم ا ْفزَ عُ وا َقدْ َين ُ‬ ‫اط َأ ْر ُج ِل ُك ْم‬ ‫وموا ِق َيام ًا عَ لىَ أ ْم َش ِ‬ ‫‪ُ 11‬ق ُ‬
‫ب ُم ْض َط ِل َعا‬ ‫احل ْر ِ‬‫اع بِ َأ ْم ِر َ‬ ‫َر ْح َب ِّ‬
‫الذ َر ِ‬ ‫كم للِهَّ ِ َد ُّر ُك ُم‬ ‫‪ 12‬ـ َو َق ِّل ُد وا أ ْم َر ْ‬
‫لمِ َ ْن َر َأ ى َر ْأ َيهُ ِمن ُْك ْم َو َم ْن َس ِم َعا‬ ‫معا‬ ‫‪ 13‬ـ هَ َذ ا ِكتَا بيِ َإل ْي ُك ْم وال َّن ِذ ُير ً‬
‫إن َخيرْ َ ال ِع ْل ِم َما َن َفعا‬ ‫استَي ِق ُظوا َّ‬ ‫َف ْ‬ ‫ال د ََخلٍ‬ ‫‪ 14‬ـ َو َقدْ َب َذ ْل ُت َل ُك ْم ُن ْص ِحي بِ َ‬

‫(‪ )3‬بلهنية ‪ :‬نعمة وغفلة‪.‬‬ ‫حتس‪ .‬شتى متفرقة‪.‬‬ ‫(‪ )2‬هلف ‪ :‬كلمة رّ‬
‫(‪ )4‬الغليل ‪ :‬الظمأ‪ .‬حصد ‪ :‬ناضج قوي‪ .‬نقع ‪ :‬ارتوى ظمؤه‪.‬‬
‫(‪ )5‬اجلوا سيوفكم ‪ :‬أبرزوها‪ ،‬أو اجعلوها حادة‪ .‬القيس ‪ :‬مجع قوس‪ .‬الرشع ‪ :‬مجع رشعة وهي الوتر‪.‬‬
‫(‪ )6‬يظهروا ‪ :‬ينترصوا‪ .‬التالد ‪ :‬املال القديم املوروث‪.‬‬
‫(‪ )8‬اتضع ‪ :‬سقط‪.‬‬
‫(‪ُ )9‬غري ‪ :‬مجع غيور وهو الذي يثور لكرامته‪.‬‬
‫(‪ )11‬افزعوا ‪ :‬احذروا وه ُّبوا‪.‬‬
‫دركم ‪ :‬تعبري يدل عىل الدهشة أو اإلعجاب‪ .‬رحب الذراع ‪ :‬قوي ًا تتوفر فيه صفات القيادة‪ .‬مضطلع‬ ‫(‪ )12‬لهلِ ُّ‬
‫قوي التحمل‪.‬‬
‫‪ :‬مقتدر ّ‬
‫(‪ )14‬دخل ‪ :‬غش‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫الــشــــــرح ‪:‬‬

‫واضحا إذا مل ُيفسدْ ه العصيان‪.‬‬


‫ً‬ ‫أبلغ أهيا الرسول قبيلتي‪ ،‬وتن َّقل بني سادهتم بأن الرأي يصبح‬
‫تفرقت أمورهم واتحَّ د أمر عدوهم‪ ،‬فكيف تنامون ونار احلرب تلتهب‬ ‫إن الكارثة ُّ‬
‫حتل بالقوم إذا َّ‬
‫توحدوا حول رأي قوي سديد تشفوا به صدري وتطفئوا ظمئي‪ ،‬حافظوا عىل‬ ‫من حولكم ؟ ّ‬
‫خيلكم‪ ،‬واصقلوا سيوفكم‪ ،‬وجدّ دوا أوتار أقواسكم ونباهلا‪ ،‬وال تشغلوا باملصالح التجارية‬
‫إن أخشى ما أخشاه هو أن‬ ‫وتنمية األموال‪ ،‬فالعدو إذا انترص عليكم ملككم وملك أموالكم‪ّ .‬‬
‫يضيع املجد الذي ورثتموه عن آبائكم‪ ،‬وحينئ ٍذ ال ينفعكم ماضيكم العزيز ما دام حارضكم ً‬
‫ذليال‪.‬‬
‫إن كرسى وجيشه خطر عىل أعراضكم فهو املوت الذي يقتلعكم من جذوركم‪ً ،‬‬
‫وإذا فشمروا‬ ‫ّ‬
‫ً‬
‫بطال‪ ،‬واعلموا أن‬ ‫وختوف لقي األمن‪َ .‬و َن ِّصبوا عليكم زعيماً‬
‫واهنضوا واحذروا؛ فإن من َح ِذر َّ‬
‫كتايب هذا إليكم هو النذير ومقدّ مة اخلطر‪ ،‬فاستيقظوا واعملوا بنصحي اخلالص‪.‬‬

‫الـتـعـلـيـــق ‪:‬‬
‫نالحظ يف قصيدة لقيط األمور اآلتية ‪:‬‬
‫‪ 1‬أن العاطفة فيها حارة قو َّية؛ ألن عاطفة الغرية عىل احلرمات واألهل من أنبل العواطف‬
‫اإلنسانية وأسامها‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ألفاظ لقيط سهلة عذبة؛ ألنه من سكان احلارضة‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ معاين لقيط ٍ‬
‫معان سامية مقنعة كام ترى يف األبيات ‪ ، 9 ، 8 ، 7 ، 6 ، 5‬فاألسلوب فيها‬
‫منطقي‪.‬‬
‫أثرا عاطف ًّيا قو ًّيا كقوله ‪:‬‬
‫يكرر الشاعر أسلوب النداء واالستفهام واألمر فيحدث ً‬ ‫‪ 4‬ـ ِّ‬
‫يرد عليكم ؟‬ ‫يالهَ ْف نفيس‪ ،‬مايل أراكم نيا ًما ؟ فاشفوا غلييل‪ ،‬صونوا جيادكم‪ ،‬ماذا ُّ‬

‫‪50‬‬
‫ياقوم‪ ،‬قوموا قيا ًما‪ِّ ،‬‬
‫وقلدوا أمركم‪ ،‬فاستيقظوا‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ ويف األبيات صور مؤثرة كقوله ‪ :‬شهاب احلرب‪ ،‬اشفوا غلييل‪ ،‬هو الفناء الذي ُّ‬
‫جيتث‬

‫الـمـنـاقـشـــة ‪:‬‬

‫‪ 1‬أضع هلذا النص عنوا ًنا مناس ًبا‪.‬‬


‫‪ 2‬ـ إذا قرأت األبيات عَ َرفت جوانب شخصية الشاعر وصفاته‪ .‬أوضح تلك اجلوانب‬
‫والصفات‪.‬‬
‫خص الشاعر رساة قومه بالرسالة ؟‬ ‫‪ 3‬ـ ملاذا ّ‬
‫ً‬
‫ومفيدا ؟‬ ‫ناصعا‬
‫ً‬ ‫‪ 4‬ـ متى يكون الرأي السديد‬
‫‪ 5‬ـ ما اليشء الذي حيزُّ يف نفس الشاعر ؟ (أجيب من البيت الثاين)‪.‬‬
‫ال منهام‪ ،‬وأوضحهام‪.‬‬ ‫أحدد ك ّ‬
‫‪ 6‬ـ يف البيت الثالث كناية واستعارة‪ِّ .‬‬
‫‪ 7‬ـ ما الذي ينكره الشاعر عىل قومه يف البيت الثالث ؟‬
‫‪ 8‬ـ ما الذي يشفي غليل الشاعر ؟ (أجيب من البيت الرابع)‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ ما النصائح التي يوجهها الشاعر إىل قومه ليصلوا إىل ال ّنصرْ ؟‬
‫الرصايف ‪:‬‬
‫‪ 10‬ـ يقول ُّ‬
‫َن ُسو دُ بِ َك ْو ِن َما ِضينَا َس ِع َ‬
‫يد ا‬ ‫َو هَ ْل إ ْن َكا َن َحا ضرِ ُ َنا َش ِق ًّيا‬
‫فمن أي أبيات لقيط أخذ الرصايف معناه ؟‬
‫‪ 11‬يف البيت التاسع كلمة تشعل احلامسة فام هي ؟‬
‫‪ 12‬ـ أوضح الصورة يف البيت العارش‪.‬‬
‫الصفتان اللتان جيب أن تتوفرا يف الزعيم الذي يراد تنصيبه عىل القوم ؟‬
‫‪ 13‬ـ ما ِّ‬
‫‪ 14‬ـ ما معنى ‪ :‬قوموا قيا ًما عىل أمشاط أرجلكم ؟‬
‫‪ 15‬ـ يف القصيدة ِح َكم‪ .‬التقطها من األبيات ‪ 14 ، 11 ، 1‬وأرشحها‪ ،‬وأبينّ سبب تأثريها‪.‬‬
‫‪51‬‬
‫هـ ــ الـخـنــســـــاء‬

‫صـخــرا‬
‫ً‬ ‫تـرثــي أخـاهــا‬

‫الـتـعـريـف بالشـاعـرة ‪:‬‬


‫السلمية‪ ،‬من بني ُسليم من أهل نجد‪ ،‬أشهر شواعر العرب وأشعرهن‪.‬‬ ‫بنت عمرٍو ُّ‬
‫ُ‬ ‫هي تمَ َاضرُ‬
‫عاشت يف اجلاهلية‪ ،‬ثم أدركت اإلسالم فأسلمت‪ ،‬ووفدت عىل رسول اهلل ﷺ مع قومها‪ ،‬فكان‬
‫الرسول يستنشدها ويعجبه شعرها‪ ،‬فكانت تنشد وهو يقول ‪ :‬هيه ياخناس !‬
‫أكثر شعرها وأجوده رثاؤها ألخوهيا صخر ومعاوية‪ ،‬وكانا قد ُقتال يف اجلاهلية‪ ،‬وكان هلا‬
‫مجيعا‪ ،‬فقالت ‪:‬‬
‫حترضهم عىل الثبات حتى قتلوا ً‬ ‫أربعة بنني شهدوا حرب القادسية‪ ،‬فجعلت ِّ‬
‫احلمد هلل الذي َّ‬
‫رشفني بقتلهم‪.‬‬

‫مـنـاسـبــة الـنــص ‪:‬‬


‫رب هبا‪ ،‬مع أهنا أخته ألبيه‪،‬‬
‫صخر عظيم ال ِّ‬
‫ٌ‬ ‫كان للخنساء أخوان مها معاوية وصخر‪ ،‬وكان‬
‫ويف بعض املعارك التي دارت بني بني ُسليم قوم اخلنساء‪ ،‬وبني أسد‪ُ ،‬ط ِع َن صخر طعنة أورثته‬
‫شعرا باك ًيا ِّ‬
‫يقطع‬ ‫تفجر عىل لساهنا ً‬ ‫عل ًة مل يلبث أن مات بعدها‪ ،‬فحزنت اخلنساء حز ًنا ً‬
‫فظيعا ّ‬
‫نِ َياط القلوب‪ .‬ومن بني مراثيها هذه القصيدة الشهرية‪.‬‬

‫الــنــــص ‪:‬‬
‫َأ ْم َذ َّر َف ْت إ ْذ َخ َل ْت ِم ْن ْ‬
‫أه ِل َها َّ‬
‫الد ُار‬ ‫ك َأ ْم بِ َ‬
‫العينْ ِ عُ َّو ُ‬
‫ار‬ ‫‪َ 1‬ق ًذ ى بِ َع ْينِ ِ‬

‫متتابعا‪.‬‬
‫ً‬ ‫قطرا‬
‫ذرفت ‪ :‬قطرات ً‬
‫َّ‬ ‫عوار ‪ :‬رمد‪.‬‬
‫َّ‬ ‫(‪ )1‬قذى وسخ يف العني‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫خل َّد ْينِ ِمدْ َر ا ُر‬ ‫يل عَ لىَ ا َ‬ ‫ض َي ِس ُ‬ ‫َف ْي ٌ‬ ‫إذ ا َخ َط َر ْت‬ ‫أن عَ ْينِي لِ ِذ ْك َر ا ُه َ‬ ‫‪ 2‬ـ َك َّ‬
‫ب َأ ْست ُ‬
‫َار‬ ‫َو دُ و َنهُ ِم ْن َج ِد ي ِد ا لترُّ ْ ِ‬ ‫العبرْ َ ى َو َقدْ َولهِ َ ْت‬ ‫‪ 3‬ـ َت ْب ِكي لِ َص ْخ ٍر ِه َي َ‬
‫ار‬ ‫الد ْه َر ضرَ َّ ُ‬‫إن َّ‬ ‫إ ْذ َر ا بهَ َ ا َّ‬
‫الد ْه ُر َّ‬ ‫وح َّق لهَ َا‬ ‫َاس عَ لىَ َص ْخ ٍر ُ‬ ‫‪ 4‬ـ َت ْب ِكي ُخن ُ‬
‫ار‬ ‫ْ‬
‫وأط َو ُ‬ ‫والد ْه ُر فيِ صرَ ْ ِف ِه َح ْو ٌل‬ ‫َّ‬ ‫ال ُب َّد ِم ْن ِمي َت ٍة فيِ صرَ ْ ِف َها ِغيرَ ٌ‬ ‫‪5‬ـ َ‬
‫و إ َّن َص ْخ ًر ا إ ذ ا َن ْشتُو َلن ََّحا ُر‬ ‫وإن َص ْخ ًر ا َل َو ا لِينَا َو َس ِّي ُد َنا‬ ‫َّ‬ ‫‪ 6‬ـ‬
‫و إ َّن َص ْخ ًر ا إ َذ ا َجا عُ و ا َل َع َّقا ُر‬ ‫إذ ا َر ِك ُبوا‬ ‫وإن َص ْخ ًر ا لمَ ِ ْق َد ٌام َ‬ ‫‪ 7‬ـ َّ‬
‫َر أ ِس ِه َنا ُر‬ ‫َكأ َّنهُ عَ َل ٌم فيِ‬ ‫اهل َد ا ُة بِ ِه‬ ‫وإن َص ْخ ًر ا َلت َْأ َت ُّم ُ‬ ‫َّ‬ ‫‪ 8‬ـ‬
‫ب َغ َد ا َة ا َّلر ْو ِع ِم ْس َعا ُر‬ ‫َو لِ ْل ُح ُر و ِ‬ ‫امل َح َّيا َكا ِم ٌل َو ِر عٌ‬ ‫يل ُ‬ ‫‪ 9‬ـ َج ْل ٌد جمَ ِ ُ‬
‫ش َج َّر ا ُر‬ ‫َش َّها دُ أ ْن ِد َي ٍة ‪ ،‬لِ ْل َج ْي ِ‬ ‫أو ِد َي ٍة‬ ‫اط ْ‬ ‫َّال َأ ْل ِو َي ٍة ‪ ،‬هَ َّب ُ‬
‫‪ 10‬ـ حمَ ُ‬
‫جلا ُر‬ ‫ني يخُ ْ ليِ َب ْيتَهُ ا َ‬ ‫لِ ِر ي َب ٍة ِح َ‬ ‫احتِ َها‬ ‫ار ٌة َي ْمشيِ بِ َس َ‬ ‫‪ 11‬لمَ ْ َت َر ُه َج َ‬
‫ِم ْهماَ ُر‬ ‫لص ْحنِ‬ ‫َل ِكنَّهُ َبا ِر ٌز بِا َّ‬ ‫ت َي ْأ ُك ُلهُ‬‫ال َت َر ا ُه َو َما فيِ ال َب ْي ِ‬‫‪ 12‬ـ َو َ‬
‫ش أ ْو َطا ُر‬ ‫يب َفماَ لِ ْل َع ْي ِ‬ ‫َف َقدْ ُأ ِص َ‬ ‫ب‬ ‫ان َخالِ َصتِي ِم ْن ُك ِّل ِذي َن َس ٍ‬ ‫‪ 13‬ـ َقدْ َك َ‬

‫(‪ )2‬فيض ‪ :‬مطر غزير‪.‬‬


‫(‪ )3‬العربى ‪ :‬التي تسكب الدموع‪ .‬وهلت ‪ :‬ذهلت من احلزن‪.‬‬
‫(‪ )4‬راهبا ‪ :‬أرض هبا وأثار ريبتها‪.‬‬
‫ُّ‬
‫حتول وتقلب‪.‬‬
‫(‪ )5‬رصفها ‪ :‬حوادثها‪ .‬غري ‪ :‬مصائب‪ .‬حول وأطوار ‪ُّ :‬‬
‫(‪ )7‬عقار ‪ :‬يذبح األبل‪.‬‬ ‫(‪ )6‬نشتو ‪ :‬ندخل فصل الشتاء‪.‬‬
‫(‪ )8‬تأتم اهلداة به ‪ :‬تسري عىل هنجه‪ .‬علم ‪ :‬جبل‪.‬‬
‫(‪ )9‬جلد ‪ :‬عظيم الصرب‪ .‬املحيا ‪ :‬الوجه‪ .‬الروع ‪ :‬الفزع‪ .‬مسعار ‪ :‬موقد ومشعل‪.‬‬
‫(‪ )10‬ألوية ‪ :‬مجع لواء وهو راية احلرب‪ .‬هباط أودية ‪ :‬جسور ال خيشى ظلامت األودية مع أهنا خموفة‪ .‬شهاد أندية‪:‬‬
‫حيرض املحافل املهمة‪ .‬جرار ‪ :‬قائد‪.‬‬
‫(‪ )11‬ريبة ‪ :‬أمر قبيح‪.‬‬
‫(‪ )12‬وما يف البيت ‪ :‬مع الطعام الذي يف البيت‪ .‬مهامر ‪ :‬مكثار‪.‬‬
‫(‪ )13‬خالصتي ‪ :‬الذي اخرتته واستخلصته لنفيس‪ .‬من كل ذي نسب ‪ :‬من بني مجيع األقارب‪ .‬أوطار ‪ :‬أغراض‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫َو َحا َل َفهُ ُبؤْ ٌس و إ ْقتَا ُر‬ ‫َد ْه ٌر‬ ‫‪ 1 4‬ـ َل َي ْب ِك ِه ُم ْقترَ ٌ أ ْفنَى َح ِر ي َبتَهُ‬
‫ُظ ْل َمت ََها فيِ ا ُّ‬
‫لط ْخ َي ِة ا ل َقا ُر‬ ‫َكأ َّن‬ ‫ار هَ ا ِد هيِ ْم بِ َم ْه َل َك ٍة‬
‫‪ 15‬ـ َو ِر ْف َق ٌة َح َ‬
‫يجُ َ ا ِو ُز ُه بِا َّلل ْيلِ َم َّر ا ُر‬ ‫َو َ‬
‫ال‬ ‫ال َي ْمن َُع ال َق ْو َم إن َس َأ ُلو ُه ِخ ْل َعتَهُ‬
‫‪ 16‬ـ َ‬

‫الــشــــــرح ‪:‬‬

‫يف األبيات ‪ 5 1‬تعبرّ اخلنساء عن شدّ ة حزهنا وأملها لفراق صخر‪ ،‬فتقول خماطبة نفسها‬
‫سمى بالتجريد ‪ :‬ملاذا تذرفني الدمع ؟ أهو لرمد أصاب العني‪ ،‬أم ألن الدار خلت من‬ ‫فيام ُي َّ‬
‫األحباب بعد أن رحلوا عنها ؟‬
‫إن دمعي يفيض عىل اخلدين كاملطر الغزير ك ّلام خطرت ذكرى صخر‪ ،‬وأبكي وتدمع عيناي‬
‫وجدير يب أن أبكي‬‫ٌ‬ ‫ُحز ًنا عىل صخر حني أرى بيني وبينه حاجزًا من طبقات الرتاب اجلديد‪،‬‬
‫صخرا‪ ،‬وال عجب؛ فاملوت هو املصيبة التي ال ينجو منها إنسان والزمن طبعه ُّ‬
‫التقلب‪.‬‬ ‫ً‬
‫وم ُثلٍ عليا‪ ،‬فهو س ّيد كريم َينْحر اإلبل‬ ‫َ‬
‫بفضائل ُ‬ ‫صخرا‬
‫ً‬ ‫ويف األبيات ‪ 6‬ـ ‪ 16‬ترثي اخلنساء‬
‫ٌ‬
‫مضياف للجياع‪ .‬وهو إمام‬ ‫للضيوف يف ليايل الشتاء الباردة‪ ،‬وهو بطل مقدام يف احلرب‪ ،‬وكريم‬
‫ماهر يف إشعال‬
‫هيتدي به اهلداة كأنه جبل أوقدت يف رأسه نار‪ ،‬وهو صبور مجيل كريم‪ ،‬لكنه ٌ‬
‫املهمة‪،‬‬
‫احلرب‪ .‬وهو قائد حيمل اللواء‪ ،‬وبطل ال يبايل ظلامت األودية‪ ،‬وس ّيد حيرض املحافل ّ‬
‫زوجها‪،‬‬
‫وقائد يقود اجليوش‪ .‬ثم هو عفيف ال يمكن أن يقرتب من ساحة جارته حني يغيب ُ‬
‫وال يمكن أن خيلو وحد ُه بطعام بيته يأكله دون رشيك‪ ،‬لكنه يربز وبني يديه صحن الطعام‬
‫كل األقارب‪،‬‬ ‫ويكثر الطعام ليقري الضيوف‪ .‬لقد كان صخر هو الذي اصطفيته لنفيس من بني ِّ‬

‫(‪ )14‬مقرت ‪ :‬فقري‪ .‬حريبته ‪ :‬ماله الذي يعيش عليه‪ .‬إقتار ‪ :‬ضيق يف النفقة‪.‬‬
‫(‪ )15‬الطخية ‪ :‬الظلمة الشديدة‪ .‬القار ‪ :‬القطران ُت ْطلىَ به اإلبل من اجلرب‪.‬‬
‫(‪ )16‬خلعته ‪ :‬ثوبه الذي خيلعه عىل السائلني‪ .‬مرار ‪ :‬عابر سبيل‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫ذخرا لكل من فقد ماله فافتقر‪،‬‬
‫صخرا كان ً‬
‫ً‬ ‫ومادام قد أصيب ومات فام عاد يف احلياة أرب‪ .‬إن‬
‫وهو البطل الكثري األسفار‪ ،‬اخلبري بالطرق فام أجدر أن يبكيه الفقراء والتائهون يف الصحارى؛‬
‫ألهنم ال يستغنون عن عطاياه واالهتداء به‪.‬‬

‫الـتـعـلـيـــق ‪:‬‬
‫عندما نمعن النظر يف قصيدة اخلنساء نجد فيها السامت التالية ‪:‬‬
‫‪ 1‬أن القصيدة ذات عاطفة حزينة صادقة‪ ،‬تصدر من تلك النفس املفجوعة التي فقدت‬
‫متأوهة‪،‬‬
‫أعز إنسان لدهيا‪ ،‬وتتجىل تلك العاطفة يف تكرار «صخر» التي تقوهلا الشاعرة ِّ‬
‫كأهنا جتد يف ترديد اسمه شفاء ملا يف نفسها من َش َجن‪.‬‬
‫ريا‪ ،‬وتريد أن تعرب‬
‫ملعان خاصة بالبكاء؛ ألهنا يف الواقع تبكي كث ً‬‫‪ 2‬ـ أن فيها بعض التكرار ٍ‬
‫عن ذلك بام يفصح عن مداها البعيد‪ ،‬وقد اجتهدت أن تربز بذلك التكرار أخاها‬
‫الراحل‪ ،‬إذ كان بخصاله عَ َلماً ً‬
‫بارزا بني معارصيه‪.‬‬
‫هتتم باإلبداع الشعري لتسابق الفحول‪ ،‬ولكنها‬ ‫‪ 3‬ـ أن القصيدة قليلة الصور؛ ألن اخلنساء ال ُّ‬
‫كانت تن ِّفس عن مشاعر جتيش يف صدرها‪ ،‬وال يعنيها َأ َطرِب السامعون أم نقدوا‪ .‬ومع‬
‫ذلك فقد ُو ِجدت بعض الصور الرائعة كتشبيهها الدمع باملطر الغزير يف البيت الثاين‪،‬‬
‫صخرا باجلبل الواضح الذي هيتدي به اهلداة‪...‬‬ ‫ً‬ ‫وكتشبيهها أخاها‬
‫‪ 4‬ـ أن ألفاظ القصيدة واضحة ذات موسيقا متيل إليها األسامع‪ ،‬وقد جلأت اخلنساء إىل‬
‫األلفاظ القوية التي تعبرِّ عن هول تلك املصيبة الفادحة التي ح ّلت هبا‪ .‬وحسبك أن‬
‫نحار‪ ،‬مقدام‪ ،‬ع ّقار‪،‬‬ ‫تتبع صيغ املبالغة لتدرك صحة ما نقول‪ ،‬مثل ‪« :‬مدرار‪ّ ،‬‬
‫رضار‪ّ ،‬‬
‫مسعار‪ »...‬ثم إن يف بعض األبيات تقسيماً موسيق ًّيا بالغ الروعة كام يف األبيات ‪، 6( :‬‬
‫‪.)10 ، 9 ، 7‬‬

‫‪55‬‬
‫الـمـنـاقـشـــة ‪:‬‬

‫‪ 1‬كيف هي عاطفة اخلنساء ؟ وملاذا ؟‬


‫قذى بعينك‪ .‬فام معنى التجريد ؟‬ ‫‪ 2‬ـ يف البيت األول جتريد تقول فيه ‪ً :‬‬
‫‪ 3‬ـ بم شبهت اخلنساء دموعها يف البيت الثاين ؟ وأبني رأيي هبذا التشبيه‪.‬‬
‫صخرا ـ إذا نشتو ـ لنحار‪ .‬فام فائدة قوهلا ‪ :‬إذا نشتو ؟‬ ‫ً‬ ‫‪ 4‬ـ تقول اخلنساء ‪ :‬وإن‬
‫‪ 5‬ـ كررت الشاعرة كلمة صخر مخس مرات يف ثالثة أبيات‪ .‬فام فائدة هذا التكرار ؟‬
‫‪ 6‬ـ يف البيت الثامن صورة شعرية‪ .‬أوضحها‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ استخدمت الشاعرة يف البيت التاسع ثال ًثا من صيغ املبالغة‪ .‬أحددها‪ ،‬وأذكر أوزاهنا‪،‬‬
‫ثم أبني عالم يدل كثرة استخدام اخلنساء لصيغ املبالغة‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ يف البيت العارش أربع صفات‪ .‬أذكرها‪ ،‬ثم أوضح سبب مجال هذا البيت‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ يف البيت احلادي عرش فضيلة أ َّيدها اإلسالم وحث عليها‪ِّ .‬‬
‫أوضحها‪.‬‬
‫‪ 10‬ـ يف البيت الثالث عرش شعور يائس‪ .‬أوضح سببه‪.‬‬
‫صخرا ؟ وملاذا ؟ (أنظر البيتني ‪.)15 ، 14‬‬ ‫ً‬ ‫جيدر هبم أن يبكوا‬‫‪َ 11‬منِ الذين ُ‬
‫مرار ؟‬
‫‪ 12‬ـ ما معنى قوهلا ‪ :‬وال جياوزه بالليل ّ‬
‫مرا‪ ،‬واكتفت بقوهلا عند مقتل أبنائها األربعة‬ ‫صخرا بكا ًء ًّ‬
‫ً‬ ‫‪ 13‬ـ ملاذا بكت اخلنساء أخاها‬
‫رشفني بقتلهم» ؟‬ ‫‪« :‬احلمد للهّ الذي َّ‬
‫‪ 14‬ـ أرجع إىل أحد املعاجم وأبينِّ السبب الذي من أجله ُل ِّقبت اخلنساء هبذا اللقب‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫بـن أبــي ُسـ ْل َ‬
‫ـمــى‬ ‫زهــيــر ُ‬
‫ُ‬ ‫و ــ‬

‫فــي الـحـكـمـــة‬

‫الـتـعـريـف بالشـاعـر ‪:‬‬


‫شب زهري‬ ‫هو زهري بن ربيعة بن رياح من قبيلة ُمزينة من ُمضرَ ‪ .‬وكنية أبيه أبو ُس ْلمى‪َّ ،‬‬
‫ريا من حكمته ورأيه وشعره‪.‬‬ ‫وترعرع يف كنف خاله الشاعر بشامة بن الغدير‪ ،‬فأخذ عنه كث ً‬
‫ريا هو أوس بن حجر‪ ،‬فعني أوس‬ ‫شاعرا جاهل ًّيا شه ً‬
‫ً‬ ‫وكانت والدته قد تزوجت بعد وفاة أبيه‬
‫بزهري واختذه راوية له‪.‬‬
‫وتزوج زهري من امرأة مجيلة كريمة اسمها ليىل‪ ،‬وكنيتها أم أوىف‪ ،‬وملا مل يعش هلا أوالد ط ّلقها‬
‫أن أم أوىف َظ َّلت حتتل‬
‫وتزوج امرأة من أخواله‪ ،‬فأنجبت له ولدين مها كعب وبجري‪ .‬والظاهر َّ‬
‫تفكريه‪ ،‬فأراد بعد عرشين سنة من طالقها أن يعود إليها ولكنها مل تقبل‪.‬‬
‫ً‬
‫طويال نحو تسعني عا ًما حتى تويف ُقبيل بعثة النبي ﷺ ‪.‬‬ ‫وعمر زهري‬
‫ّ‬

‫مـنـاسـبــة الـنــص ‪:‬‬


‫بالصفاء الذي كان يرفرف عىل‬ ‫ً‬
‫سعيدا َّ‬ ‫كان زهري يعيش عند أخواله يف قبيلة َغ َط َفان‪ ،‬وكان‬
‫شتَّى بطون غطفان عبس وذبيان وفزارة وغريها‪ .‬ولكن حدث ذات يوم أن جرى سباق بني‬
‫رجلني أحدمها من عبس وحصانه (داحس)‪ ،‬والثاين من ذبيان وفرسه تدعى (الغرباء)‪ .‬ويبدو‬
‫داحسا سبق الغرباء فنصب له بعض فتيان ذبيان كمينًا فوقع احلصان وسقط عنه فارسه‪،‬‬ ‫ً‬ ‫أن‬
‫وتطور إىل قتال‪ ،‬فحرب مريرة استمرت أربعني عا ًما وهي حرب‬ ‫َّ‬ ‫ثم ارتفع اللغط واجلدل‬
‫تطوع رجالن‬ ‫داحس والغرباء‪ .‬وقد كثر فيها القتىل واجلرحى وصعب دفع الفدية‪ ،‬إىل أن َّ‬
‫كريامن من قبيلة ذبيان فدفعا مجيع الديات من أمواهلام‪ ،‬وحقنا دماء من تبقى من القبيلتني‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫وقد نظم زهري معلقته يمدح هذين الشهمني‪ ،‬ومها هرم بن سنان واحلارث بن عوف ويشيد‬

‫الــنــــص ‪:‬‬
‫و ُذ ْب َيا َن هَ ْل َأ ْق َس ْمت ُُم ُك َّل ُم ْق َس ِم‬ ‫ال ًة‬‫ال َف عَ نِّي ِر َس َ‬ ‫األح َ‬
‫ْ‬ ‫ال أ ْب ِلغ‬ ‫‪َ 1‬أ َ‬
‫لِ َي ْخ َفى َو َم ْهماَ ُي ْكت َِم ا للهَّ ُ َي ْع َل ِم‬ ‫وس ُك ْم‬ ‫ال َت ْكت ُُم َّن ا للهَّ َ َما فيِ ُن ُف ِ‬ ‫‪ 2‬ـ َف َ‬
‫ب أ و ُي َع َّج ْل َف ُي ْن َق ِم‬ ‫لِ َيو ِم ا ِ‬
‫حل َسا ِ‬ ‫َاب َف ُي َّد َخ ْر‬
‫وض ْع يف ِكت ٍ‬ ‫‪ 3‬ـ ُي َؤ َّخ ْر َف ُي َ‬
‫يث ا ُمل َر َّج ِم‬ ‫َو َما هُ َو عَ ن َْها بِا َ‬
‫حل ِد ِ‬ ‫إال َما عَ ِل ْمت ُْم َو ُذ ْقت ُُم‬‫احل ْر ُب َّ‬ ‫‪ 4‬ـ َو َما َ‬
‫َو َتضرْ َ إ ذ ا ضرَ َّ ْيت ُُمو هَ ا َف َتضرْ َ ِم‬ ‫يم ًة‬ ‫‪ 5‬ـ َمتَى َت ْب َع ُثو هَ ا َت ْب َع ُثو هَ ا َذ ِم َ‬
‫و َت ْل َق ْح ِك َشا ًفا ُث َّم ُت ْنتِ ْج ف ُت ْتئِ ِم‬ ‫الر َحى بِثِ َفا لهِ َا‬ ‫‪ 6‬ـ َفت َْع ُر َك ُك ْم عَ ْر َك َّ‬
‫ال أ َبا َل َك َي ْسأ ِم‬ ‫ال َ‬ ‫ني َح ْو ً‬
‫َثماَ نِ َ‬ ‫ش‬ ‫يف َ‬
‫احل َيا ِة َو َم ْن َي ِع ْ‬ ‫ئم ُت َت َكا لِ َ‬ ‫‪ 7‬ـ َس ْ‬
‫تمُ ِتْهُ َو َم ْن خُ ْت ِط ْئ ُي َع َّم ْر َف َي ْه َر ِم‬ ‫‪ 8‬ـ َرأ ْي ُت املَنَا َيا َخ ْب َط عَ ْش َوا َء َم ْن ُت ِص ْب‬
‫ب و ُيو َط ْأ بِ َمن ِْس ِم‬ ‫س بِأ ْن َيا ٍ‬ ‫ُيضرَ َّ ْ‬ ‫ري ٍة‬ ‫أمو ٍر َكثِ َ‬ ‫‪ 9‬ـ َو َم ْن لمَ ْ ُي َصا نِ ْع فيِ ُ‬
‫لشت َْم ُي ْشت َِم‬ ‫ال َيت َِّق ا َّ‬ ‫َي ِف ْر ُه َو َم ْن َ‬ ‫ون ِع ْر ِض ِه‬ ‫وف ِم ْن دُ ِ‬ ‫‪ 10‬ـ َو َم ْن يجَ ْ َعلِ املَ ْع ُر َ‬

‫وهَ ْل ‪ :‬بمعنى (قد)‪.‬‬


‫(‪ )1‬األحالف ‪ :‬حلفاء ذبيان‪.‬‬
‫(‪ )4‬املرجم ‪ :‬املبني عىل الظن‪.‬‬
‫(‪ )5‬ترضى ‪ :‬الرضى ‪ :‬شدة احلرب‪ .‬ترضم ‪ :‬تشتعل‪.‬‬
‫(‪ )6‬تعرك ‪ :‬تطحن‪ .‬الثفال ‪ :‬جلد أو خرقة يفرش حتت الطاحون ليقع عليه الطحني‪ .‬تلقح كشا ًفا ‪ :‬حتمل‬
‫كل سنة‪ .‬تتئم ‪ :‬تأيت بتوأم‪.‬‬
‫(‪ )7‬تكاليف ‪ :‬مشاق وشدائد‪.‬‬
‫(‪ )8‬اخلبط ‪ :‬الرضب باليد‪ .‬عشواء ‪ :‬العشواء الناقة ال تبرص ما أمامها‪ .‬والعبارة كناية عن املوت يصيب الناس‬
‫عىل غري هدى‪ ،‬هكذا يرى الشاعر اجلاهيل‪.‬‬
‫ض‪ .‬املنسم ‪ :‬خف البعري‪.‬‬ ‫(‪ )9‬يصانع ‪ :‬جيامل‪ .‬يرضس ‪ُ :‬ي َع ّ‬
‫(‪ )10‬ي ِف ْر ُه ‪ :‬يوفره وحيفظه‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫َق ْو ِم ِه ُي ْست َْغ َن عَ نْهُ و ُي ْذ َم ِم‬ ‫عَ لىَ‬ ‫‪َ 11‬و َم ْن َي ُك َذ ا َف ْضلٍ َف َي ْب َخ ْل بِ َف ْض ِل ِه‬
‫ُم ْط َمئِ ِّن ا لبرِ ِّ ال َيت ََج ْم َج ِم‬ ‫إ لىَ‬ ‫وف َ‬
‫ال ُي ْذ َم ْم َو َم ْن يهُ ْ َد َق ْل ُبهُ‬ ‫‪ 12‬ـ َو َم ْن ُي ِ‬
‫لسماَ ِء بِ ُس َّل ِم‬ ‫َو إ ْن َي ْر َق أ ْس َبا َب ا َّ‬ ‫اب املَنَا َيا َي َن ْل َنهُ‬‫أس َب َ‬‫اب ْ‬ ‫‪ 13‬ـ َو َم ْن هَ َ‬
‫َي ُك ْن حمَ ْ ُد ُه َذ ًّما عَ َل ْي ِه َو َين َْد ِم‬ ‫أه ِل ِه‬ ‫وف فيِ َغيرْ ِ ْ‬ ‫‪ 14‬ـ َو َم ْن يجَ ْ َعلِ املَ ْع ُر َ‬
‫س ُي ْظ َل ِم‬ ‫يهُ َ َّد ْم َو َم ْن ال َي ْظ ِلم ا لنَّا َ‬ ‫ال ِح ِه‬ ‫‪ 15‬ـ َو َم ْن لمَ ْ َي ُذ ْد عَ ن َح ْو ِض ِه بِ ِس َ‬
‫ال ُي َك َّر ِم‬ ‫َو َم ْن ال ُي َك ِّر ْم َن ْف َسهُ َ‬ ‫عدوا َص ِدي َقهُ‬ ‫‪ 16‬ـ َو َم ْن َي ْغترَ ِ ْب يحَ ْ َس ْب ًّ‬
‫َّاس ُت ْع َل ِم‬‫وإن َخا لهَ َا خَ ْت َفى عَ لىَ الن ِ‬ ‫ْ‬ ‫‪ 17‬ـ و َم ْهماَ َت ُك ْن ِعن َْد ا ْمرِى ٍء ِم ْن َخ ِلي َق ٍة‬
‫ِز َيا َد ُتهُ أ ْو َن ْق ُصهُ فيِ ا لت ََّك ُّل ِم‬ ‫ب‬ ‫ت َل َك ُم ْع ِج ٍ‬ ‫ائن َت َرى ِم ْن َصا ِم ٍ‬ ‫‪ 18‬ـ َو َك ْ‬
‫َّ‬
‫والد ِم‬ ‫ور ُة َّ‬
‫الل ْح ِم‬ ‫إال ُص َ‬ ‫َف َل ْم َي ْب َق َّ‬ ‫ان ال َفتَى نِ ْص ٌف َونِ ْص ٌف ُف َؤادُ ُه‬ ‫‪ 19‬ـ لِ َس ُ‬
‫لس َفا هَ ِة يحَ ْ ُل ِم‬ ‫و إ َّن ا ل َفتَى َب ْع َد ا َّ‬ ‫ال ِح ْل َم َب ْع َد ُه‬ ‫الش ْي ِخ َ‬‫وإن ِس َفا َه َّ‬ ‫‪ 20‬ـ َّ‬

‫الــشــــــرح ‪:‬‬

‫ُي َذ ِّكر الشاعر يف األبيات ‪ 6 1‬ذبيان وأحالفها بالقسم الذي أقسموه‪ّ ،‬‬
‫وحيذرهم من كتامن‬
‫يعجل عقوبتها‬
‫الرش وإضامره‪ ،‬ألن اهلل يعلم الرسائر‪ ،‬وحيفظها يف كتاب يوم احلساب‪ ،‬أو ّ‬
‫يف الدُّ نيا‪ .‬ثم ينفر من احلرب‪ ،‬ويؤكد أهنا قبيحة الصورة‪ ،‬ضارية كالوحش‪ ،‬مدمرة كالنار‪،‬‬
‫تطحن الناس كام تفعل الرحى‪ ،‬وحتمل ّ‬
‫كل عام توائم من املصائب والرشور‪.‬‬
‫ويورد يف األبيات ‪ 7‬ـ ‪ 20‬بعض احلكم فيقول ‪:‬‬

‫(‪ )12‬مطمئن الرب ‪ :‬اإلحسان الذي يطمئن إليه القلب‪ .‬يتجمجم ‪ :‬يرتدد ويتلعثم‪.‬‬
‫(‪ )17‬خليقة ‪ :‬خلق‪ .‬خاهلا ‪ :‬ظنها‪.‬‬ ‫ ‬ ‫(‪ )13‬أسباب السامء ‪ :‬طرقها‪.‬‬
‫(‪ )18‬كائن ‪ :‬كثريا‪ ،‬وهي بمعنى كم اخلربية‪.‬‬
‫(‪ )20‬سفاه ‪ :‬محاقة وسفاهة‪ .‬حلم ‪ :‬عقل وروية‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫إن املوت خيبط يف الناس كالناقة العمياء(‪ ،)1‬فمن أصابه أهلكه‪ ،‬ومن أمهله لقي اهلرم‬
‫صن كرامته‪،‬‬ ‫ً‬
‫شديدا‪ ،‬ومن يبذل املعروف َي ْ‬ ‫واملتاعب‪ ،‬ومن ال جيامل الناس يلق منهم ًأذى‬
‫ومن يبخل بمعروفه يقابله الناس باالحتقار واالستغناء‪ ،‬ومن حتلىّ بالوفاء لقي احلمد والثناء‪،‬‬
‫يرتدد يف‬‫واملوت واقع ولو اختذ املرء لنفسه مكا ًنا يف السامء‪ ،‬ومن ذاق حالوة اإلحسان مل َّ‬
‫إسدائه‪ ،‬ومن يصنع املعروف يف غري أهله ُيقا َبل معروفه بالذم وتعقب الندامة‪ ،‬ومن ال حيم‬
‫قادرا عىل ظلم الناس فإن الناس‬‫غرضا للعدوان‪ .‬وإذا مل يكن املرء قو ًّيا ً‬ ‫حوزته بالسالح يكن ً‬
‫يستقر‬
‫َّ‬ ‫يظلمونه‪ .‬ومن يغرتب عن قومه ختتلط عليه األمور‪ ،‬فال يعرف عدوه من صديقه حتى‬
‫ف من أخالقه شي ًئا فال بد أن يظهر‪ ،‬ثم إن‬ ‫عىل جتربة‪ ،‬ومن ال حيرتم نفسه ال يحُ رتم‪ ،‬ومن يخُ ْ ِ‬
‫املرء ما هو إال صورة وإنام يكشفه ويظهر حقيقته أمران ‪ :‬القلب واللسان‪.‬‬
‫ريا ‪ :‬إن الشيخ ال يمكن أن يرتك أخالقه‪ ،‬أما ّ‬
‫الشاب فيقبل التأديب ويغيرّ‬ ‫ويقول أخ ً‬
‫والسفاهة إىل عقل وحلم‪.‬‬‫اخلطأ إىل صواب َّ‬

‫الـتـعـلـيـــق ‪:‬‬
‫كان عمر بن اخلطاب ـ ريض اهلل عنه ـ يعجب بزهري؛ ملا يف شعره من وضوح وصدق‪.‬‬
‫وكان يقول عنه ‪ :‬صاحب َم ْن و َم ْن(‪ .)2‬وأبيات زهري التي أوردناها توضح خصائص أسلوب‬
‫وتصور شخصيته‪ .‬وإذا درسناها اتضحت لنا األمور التالية ‪:‬‬ ‫ِّ‬ ‫الشاعر‪،‬‬
‫شاعرا هاد ًئا رقيق احلاشية‪ .‬ثم هو مسامل يكره احلرب‪ ،‬ويعشق‬
‫ً‬ ‫‪ 1‬يبدو زهري من شعره‬
‫حكيم قوي التجربة يتحلىّ بقدر عظيم من األفكار الصادقة‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ريا‬
‫السالم‪ ،‬وهو أخ ً‬

‫(‪ )1‬هذا من وجهة نظر الشاعر‪ ،‬وإال فاملوت قدر من عند اللهّ تعاىل‪.‬‬
‫(‪ )2‬يشري بذلك إىل تكرار كلمة ( َمن) يف أول بعض أبيات زهري‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫‪ 2‬ـ يظهر يف شعر زهري أثر التنقيح والرو َّية‪ ،‬وال عجب فزهري يمثل طبقة من الشعراء كانوا‬
‫سمون عبيد الشعر؛ ألهنم ال حيبون االرجتال‪ ،‬بل ينقحون أشعارهم قبل عرضها‪ .‬وقد‬ ‫ُي َّ‬
‫ُس ِّميت قصائد زهري الطويلة باحلوليات؛ ألنه كان ينظمها وينقحها ويعرضها يف حول‬
‫كامل‪ .‬ومعلقة زهري هي إحدى حولياته‪.‬‬
‫يرضس بأنياب‪،‬‬ ‫‪ 3‬ـ تشبيهات زهري وصوره منتزعة من البيئة البدوية كقوله ‪ :‬خبط عشواء‪َّ ،‬‬
‫والرحى والناقة التي‬
‫يوطأ بمنسم‪ ،‬وانظر إىل تصويره للحرب فرتاه يشبهها بالوحش والنار َّ‬
‫تلد التوائم‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ تبدو يف زهري نزعة من التدين ولعلها هي التي أكسبته الصدق يف مدحه والوضوح يف‬
‫أفكاره‪ ،‬وتستطيع أن تتبني تلك النزعة يف األبيات ‪. 13 ، 12 ، 11 ، 10 ، 3 ، 2 :‬‬

‫الـمـنـاقـشـــة ‪:‬‬

‫‪ 1‬ما األفكار الرئيسة التي دار حوهلا النص ؟‬


‫‪ 2‬ـ ما معنى قول ال ُّن َّقاد ‪ :‬أشعر الشعراء ٌ‬
‫زهري إذا رغب ؟‬
‫‪ 3‬ـ ملاذا أحب املسلمون شعر زهري ؟ أستشهد عىل ذلك من شعره‪.‬‬
‫املعلقة أربعة أخالق من شخصية زهري‪ .‬فام هي ؟‬ ‫‪ 4‬ـ تتجلىّ يف َّ‬
‫‪ 5‬ـ أهيام أسهل وأرق ‪ :‬ألفاظ امرئ القيس أم ألفاظ زهري ؟ وملاذا ؟ وهل االرجتال يف‬
‫أح َس ُن أم الرو ّية والتنقيح ؟ أوضح ما أقول‪.‬‬
‫الشعر ْ‬
‫‪ 6‬ـ يف أبيات زهري ما يبني أنه كان من احلنفاء املؤمنني باهلل واليوم اآلخر‪ .‬أستشهد عىل‬
‫هذا بكالمه‪.‬‬
‫وأتلمس‬
‫ّ‬ ‫‪ 7‬ـ كانت صور زهري متثل بيئة البادية‪ .‬أذكر األبيات التي ن َّفر فيها من احلرب‪،‬‬
‫فيها طبيعة هذه الصور‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫‪ 8‬ـ كان زهري من عبيد الشعر شأنه يف هذا شأن أستاذه أوس بن حجر‪ .‬ما معنى عبيد‬
‫الشعر ؟ وما معنى احلوليات ؟‬
‫‪ 9‬ـ «رأيت املنايا خبط عشواء»‪ .‬أوضح رأيي يف معنى هذه العبارة‪.‬‬
‫‪ 10‬ـ «إنام املرء بأصغريه قلبه ولسانه»‪ .‬ما البيت الذي يتفق مع هذا القول ؟‬
‫‪ 11‬حكم زهري شديدة التأثري‪ .‬ما السبب ؟‬
‫‪ 12‬ـ أختار حكمة أعجبتني‪ ،‬وأوضحها‪ ،‬ثم أبني سبب إعجايب هبا‪.‬‬
‫}‪ .‬ما البيت الذي يتفق‬ ‫‪ 13‬ـ قال تعاىل ‪{ :‬‬
‫مع هذه اآلية؟‬
‫تنص عىل األفكار التالية ‪:‬‬ ‫‪ 14‬ـ أحدد األبيات التي ُّ‬
‫ـ اال ِّتصاف بالوفاء واإلحسان َمدْ عَ ا ٌة ل َثنَاء الناس‪.‬‬
‫تظهره األيام‪.‬‬
‫ْ‬ ‫ـ ما يبطن املرء‬
‫َت أفكاره‪.‬‬ ‫ـ من فارق أهله َت َش َّتت ْ‬
‫رشهم‪.‬‬‫ـ ُم َد َارا ُة الناس تقي َّ‬

‫‪62‬‬
‫ز ــ عـنــتــــــرة‬

‫فـي الـفـخـر والـحـمـاســة‬

‫الـتـعـريـف بالشـاعـر ‪:‬‬


‫العبيس ألب رشيف وأم حبشية ُتدعى ز َب ْي َبة‪ ،‬فانتفى منه أبوه منذ‬ ‫ّ‬ ‫ولد عَ ْنترَ ة بن َّ‬
‫شداد‬
‫يروض نفسه‬ ‫والدته عىل عادهتم يف أبناء اإلماء‪ ،‬ولكنه نزع بنفسه عن حال العبودية‪ ،‬وأخذ ِّ‬
‫فارسا ال ُي َش ُّق له غبار‪ .‬وحدث أن بعض أحياء العرب أغاروا عىل‬ ‫عىل الفروسية حتى غدا ً‬
‫عبس فاستاقوا إبلهم‪ ،‬وتبعهم العبسيون وعنرتة فيهم‪ .‬فقال له أبوه ‪ُ :‬ك َّر يا عنرتة‪ .‬فأجابه‬
‫الكر‪ ،‬وإنام حيسن احل ْلب والصرَّ َّ ‪ .‬فقال له‬
‫وهو غاضب عليه الستعباده إياه ‪ :‬العبد ال يحُ ْ ِسن ّ‬
‫شديدا حتى هزم املغريين واسرتجع اإلبل‪ ،‬فاستلحقه أبوه‪،‬‬ ‫ً‬ ‫فكر وقاتل ً‬
‫قتاال‬ ‫ُك َّر وأنت ُح ّر‪َّ .‬‬
‫وأخذ اسمه بعد ذلك يسري و ِذ ْكره يطري‪ ،‬حتى أصبح مرضب املثل يف اإلقدام واجلرأة‪.‬‬

‫مـنـاسـبــة الـنــص ‪:‬‬


‫إبال ألبيه‪ ،‬ثم ملا اشتعلت حرب داحس والغرباء‬ ‫منبوذا لسواده يرعى ً‬
‫ً‬ ‫كان عنرتة يف صغره‬
‫جتلت بطوالت هائلة لعنرتة وظهرت له يف احلرب فضائل‬ ‫بني قبيلة عبس وبني عمهم ذبيان‪َّ ،‬‬
‫عظيمة ومواهب شعرية‪ .‬وكان يف شعره يكثر من ذكر ابنة عمه عبلة بنت مالك التي كانت أول‬
‫األمر حتتقره لسواده ثم مل تلبث أن ُأعجبت ببطوالته ومكارم أخالقه‪.‬‬
‫مفتخرا بخلقه وشجاعته وعفافه‪ .‬ويقال ‪ :‬إن عنرتة‬
‫ً‬ ‫ويف هذه األبيات خياطب عنرتة ابنة عمه‬
‫مل يكن يف صغره جييد الشعر‪ ،‬وإنه نبغ يف الشعر دفعة واحدة يف كربه كالنابغة الذبياين‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫الــنــــص ‪:‬‬
‫ار َب ْع َد َت َو ُّه ِم‬ ‫َأ ْم هَ ْل عَ َر ْف َت َّ‬
‫الد َ‬ ‫الش َع َر ُاء ِم ْن ُمترَ َ َّد ِم‬ ‫‪ 1‬هَ ْل َغا َد َر ُّ‬
‫اس َل ِمي‬ ‫احا َد َار عَ ْب َل َة َو ْ‬ ‫َو ِع ِمي َص َب ً‬ ‫اجل َو ا ِء َت َك َّل ِمي‬ ‫ار عَ ْب َل َة بِ َ‬ ‫‪ 2‬ـ َيا َد َ‬
‫َأ ْق َو ى َو أ ْق َف َر َب ْع َد أ ِّم ا َهل ْي َث ِم‬ ‫يت ِم ْن َط َللٍ َت َقا َد َم عَ ْه ُد ُه‬ ‫‪ 3‬ـ ُح ِّي َ‬
‫٭‬ ‫٭‬ ‫٭‬
‫ْت َجا ِه َل ًة بِماَ لمَ ْ َت ْع َل ِمي‬ ‫إ ْن ُكن ِ‬ ‫ك‬ ‫ت َ‬
‫اخل ْي َل يا ْب َن َة َمالِ ٍ‬ ‫ال َس َأ ْل ِ‬ ‫‪ 4‬ـ هَ َّ‬
‫وأ ِع ُّف ِعن َْد املَ ْغن َِم‬ ‫الو َغى َ‬ ‫أغ َشى َ‬ ‫ْ‬ ‫الو ِقيع َة أ َّننِي‬ ‫‪ 5‬ـ يخُ ْ برِ ْ ِك َم ْن َش ِه َد َ‬
‫٭‬ ‫٭‬ ‫٭‬
‫ال ُم ْست َْس ِل ِم‬ ‫ال ممُ ْ ِعنٍ هَ َر ب ًا َو َ‬ ‫الكماَ ُة نِزَ َالهُ‬ ‫‪ 6‬ـ َو ُم َد َّج ٍج َك ِر َه ُ‬
‫ب ُم َق َّو ِم‬ ‫لك ُعو ِ‬ ‫ف َصدْ ِق ا ُ‬ ‫بِ ُم َث َّق ٍ‬ ‫اجلِ َط ْع َن ٍة‬ ‫‪ 7‬ـ َجا َد ْت َلهُ َك ِّفي بِ َع ِ‬
‫يم عَ لىَ ال َقنَا بِ ُم َح َّر م‬ ‫الك ِر ُ‬‫س َ‬ ‫َل ْي َ‬ ‫األص ِّم ثِ َيا َبهُ‬
‫الر ْم ِح َ‬ ‫‪ 8‬ـ َف َش َك ْك ُت بِ ُّ‬
‫َان عَ ْن َو ْض ِح ال َف ِم‬ ‫الش َفت ِ‬
‫ص َّ‬ ‫إ ْذ َت ْق ِل ُ‬ ‫الض َحى‬ ‫‪9‬ـ َو َل َقدْ َح ِف ْظ ُت َو َصا َةعَ ِّميبِ ُّ‬
‫يض ا هلِ ْن ِد َت ْق ُط ُر ِم ْن َد ِمي‬ ‫ِمنِّي َو بِ ُ‬ ‫اح َن َوا ِه ٌل‬ ‫والر َم ُ‬
‫ك ِّ‬ ‫‪ 10‬ـ َو َل َقدْ َذ َك ْر ُت ِ‬
‫لمَ َ َع ْت َك َبا ِر ِق َث ْغ ِر ِك ا ُمل َت َب ِّس ِم‬ ‫ألنهَّ َا‬ ‫وف َ‬ ‫الس ُي ِ‬ ‫‪َ 11‬ف َو ِد ْد ُت َت ْقبِ َ‬
‫يل ُّ‬
‫(‪ )1‬مرتدم ‪ :‬مكان ُي ْست َْصلح ملا اعرتاه من اهلدم‪.‬‬
‫ِ‬
‫صباحك‪ ،‬وهي حتية اجلاهليني‪.‬‬ ‫صباحا ‪ :‬أنعم‬
‫ً‬ ‫عمي‬ ‫(‪ )2‬اجلواء ‪ :‬واد يف ديار عبس بالقصيم‪.‬‬
‫(‪ )3‬أقوى ‪ :‬ضعف وتاليش‪ .‬أم اهليثم ‪ :‬كنية عبلة‪.‬‬
‫(‪ )6‬املدجج ‪ :‬التام السالح‪ .‬الكامة ‪ :‬األبطال‪ ،‬مفردها َك ِمي‪ .‬ممعن ‪ :‬اإلمعان ‪ :‬الغلو يف اليشء‪.‬‬
‫(‪ )7‬مثقف ‪ :‬رمح مقوم‪ .‬صدق الكعوب ‪ :‬قوي املقبض‪.‬‬
‫(‪ )8‬القنا ‪ :‬الرماح‪ .‬األصم ‪ :‬الصلب‪.‬‬
‫(‪ )9‬تقلص ‪ :‬تنفرج‪ .‬وضح ‪ :‬بياض‪.‬‬
‫(‪ )11‬بارق ثغرك ‪ :‬فمك الالمع‪.‬‬ ‫(‪ )10‬نواهل ‪ :‬أي ترشب‪ .‬بيض اهلند ‪ :‬السيوف‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫َيت ََذ ا َم ُر و َن َك َر ْر ُت َغيرْ َ ُم َذ َّم ِم‬ ‫‪ 12‬ـ لمَ َّا َرأ ْي ُت ال َق ْو َم أ ْق َب َل جمَ ْ ُع ُه ْم‬
‫أ ْش َطا ُن بِ ْئ ٍر فيِ َل َبا ِن ا أل ْد هَ ِم‬ ‫اح َكأنهَّ َا‬ ‫والر َم ُ‬ ‫ِّ‬ ‫‪ 13‬ـ َيدْ عُ َ‬
‫ون عَ ْنترَ َ‬
‫لد ِم‬ ‫س َب َل بِا َّ‬ ‫َو َل َبا نِ ِه َحتَّى َت رَ ْ‬ ‫أر ِمي ِه ْم بِ ُث ْغ َر ِة َن ْح ِر ِه‬ ‫‪ 14‬ـ َما ِز ْل ُت ْ‬
‫س ‪َ :‬و ْي َك عَ ْن ُ‬
‫رت أ ْق ِد ِم‬ ‫ِق ُ‬
‫يل ال َف َو ا ِر ِ‬ ‫‪ 15‬ـ َو َل َقدْ َش َفى َن ْفسيِ َو َأ ْب َر َأ ُس ْق َم َها‬

‫الــشــــــرح ‪:‬‬

‫عىل عادة الشعراء اجلاهليني يبدأ عنرتة معلقته بذكر الديار واألطالل فيقول ‪ :‬هل ترك‬
‫ويلتفت إىل نفسه فيتسا َءل ‪ :‬هل يمكنك أن تعرف‬‫ُ‬ ‫الشعراء من قبلنا من َط َللٍ مل يصفوه ؟‬
‫والتوهم ؟ ويتمنى لو تك ّلمه دار عبلة‪ .‬ويلقي إليها بالتحية‬
‫ُّ‬ ‫بالظن‬
‫ّ‬ ‫ديار األحباب املهجورة‬
‫بعد أن تالشت وأقفرت من عبلة‪.‬‬
‫كل من رأى املعركة‬ ‫ثم ينتقل إىل الفخر فيطلب من عبلة أن تسأل عن أخالقه اخليل‪ ،‬ألن ّ‬
‫يشهد أن عنرتة يتحىل يف احلرب بصفتني ‪ :‬اإلقدام عند القتال‪ ،‬والعفاف عند الغنائم‪.‬‬
‫رب فارس مدجج بالسالح ال هيرب وال يستسلم‪ ،‬طعنتهُ طعن ًة عاجل ًة برمح‬ ‫ويقول ‪ّ :‬‬
‫قوي فمزّ قت الطعنة ثيابه‪ ،‬ومات كام يموت األبطال الكرام عىل رؤوس الرماح‪ .‬وكنت‬ ‫ّ‬
‫عمي والد عبلة الذي كان يدعوين إىل اهلجوم يف املوطن الضنك‬ ‫بذلك مستجي ًبا لوصية ّ‬
‫الذي تعجز الشفتان فيه عن التعبري وذلك من اخلوف عند هول املعارك‪.‬‬
‫احلب فيقول لعبلة ‪ :‬لقد ذكرتك والقتال عىل أشدّ ه‪ ،‬والرماح‬
‫ثم يستطرد مرة أخرى نحو ّ‬

‫(‪ )12‬يتذامرون ‪ :‬حيض بعضهم ً‬


‫بعضا عىل القتال‪ .‬غري مذمم ‪ :‬حممود القتال‪.‬‬
‫(‪ )13‬أشطان ‪ :‬حبال‪ .‬لبان األدهم ‪ :‬صدر احلصان‪.‬‬
‫(‪ )14‬ثغرة نحره ‪ :‬مقدم صدره‪ .‬ترسبل ‪ :‬اكتسى‪.‬‬
‫(‪ )15‬ويك عنرت ‪ :‬صيحة استنجاد‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫فهممت أن أقبل السيوف؛ ألهنا ذكرتني‬
‫ُ‬ ‫ترشب من دمي‪ ،‬والسيوف تسيل من جراحي‪،‬‬
‫بثغرك عندما يبتسم‪ .‬وهو هنا يلمح إىل شجاعته‪ ،‬فحيث نرى الفرسان يصارعون املوت‬
‫نرى خياله يسبح به يف عامل آخر‪.‬‬
‫ويعود إىل الفخر بإقدامه فيقول ‪ :‬حينام رأيت اجلموع تتصايح يف املعركة هجمت هجمة‬
‫حممودة العواقب‪ ،‬وجعلت أقذف عىل األعداء مقدّ مة حصاين حتى ترسبل بالدم‪ .‬وكانت‬
‫الرماح من حوله كحبال ِّ‬
‫الدالء يف البئر‪ ،‬والفرسان تدعوين مستنجدة يب وذلك هو الذي‬
‫أثلج صدري وطابت نفيس‪.‬‬

‫الـتـعـلـيـــق ‪:‬‬
‫هذه األبيات تتجلىّ فيها اخلصائص الفن ّية وهي ‪:‬‬
‫‪ 1‬أن ألفاظ عنرتة أسهل من ألفاظ معظم الشعراء اجلاهليني‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ األبيات تعطي صورة واضحة لشخصية عنرتة املتكاملة‪ ،‬فهو فارس بطل‪ ،‬وهو‬
‫كريم األخالق‪ ،‬ثم هو شاعر مبدع‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ الصور يف األبيات تصور بيئة بدوية‪ ،‬كام يف البيت الثالث عرش؛ ألن البئر يف البادية‬
‫يكثر عليها الواردون بدالئهم فرتى حبال ِّ‬
‫الدالء كثرية فيها أثناء االستقاء‪ .‬وكام يف‬
‫البيت العارش يف قوله ‪ :‬والرماح نواهل‪.‬‬
‫وخصوصا غزله ـ برقة وعذوبة مصدرها إخالصه يف‬ ‫ً‬ ‫‪ 4‬ـ يتميز شعر عنرتة عمو ًما ـ‬
‫احلب‪ ،‬كام ترى يف األبيات ‪. 11 ، 10 ، 2‬‬ ‫ّ‬
‫كلها ُمستقاة من ُامل ُثل العليا التي كان يتحلىّ هبا الفارس العريب من إقدام‪،‬‬
‫‪ 5‬ـ معاين عنرتة ُّ‬
‫وشهامة‪ ،‬و َن ْجدة‪ ،‬وع َّفة نفس‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫الـمـنـاقـشـــة ‪:‬‬

‫‪ 1‬يف البيت األول استفهامان‪ .‬فام مها ؟ وما معنى قولنا ‪ :‬إن الغرض منهام هو‬
‫التحس؟‬ ‫رُّ‬
‫(تكلمي)‪ .‬فامذا يفيد األمر هذا ؟ هل هو يأمر الدار أم يتمنّى‬ ‫‪ 2‬ـ يقول عنرتة لدار عبلة ‪َّ :‬‬
‫لو تتك ّلم ؟ وماذا ُي َس َّمى هذا األسلوب يف النقد احلديث ؟‬
‫‪ 3‬ـ ملاذا ُأعجب ال ُّن ّقاد املسلمون بالبيت اخلامس ؟‬
‫تقديرا‪ .‬أين خربه ؟‬
‫ً‬ ‫جمرورا ً‬
‫لفظا مرفوعً ا‬ ‫ً‬ ‫(ومدجج) تعرب مبتدأ‬
‫ٍ‬ ‫‪4‬ـ‬
‫‪ 5‬ـ ما سبب السهولة والعذوبة اللتني نلمسهام يف غزل عنرتة ؟ وبم يتميز فخره ؟‬
‫‪ 6‬ـ يف البيت الثامن حكمة‪ ،‬أكتبها وأرشحها‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ يف البيت التاسع كناية‪ ،‬أحددها‪ ،‬وأبني املعنى املراد هبا‪.‬‬
‫تذكر حبيبته مع أنه يف موقف‬‫أوضح الصورة اجلميلة يف البيت العارش‪ ،‬ثم أبينِّ لمِ َ َّ‬ ‫‪ 8‬ـ ِّ‬
‫حرج‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ ملاذا متنَّى عنرتة يف البيت احلادي عرش تقبيل السيوف ؟ أوضح رأيي هبذه الفكرة‪.‬‬
‫‪ 10‬ـ ملاذا جاء املنادى يف البيت الثاين منصو ًبا ويف البيت اخلامس عرش مبن ًّيا عىل‬
‫الضم؟‬
‫أسجل ثالث مم ّيزات مت ّيز هبا أسلوب عنرتة يف لفظه ومعانيه وصوره‪.‬‬ ‫‪ّ 11‬‬
‫‪ 12‬ـ أراد عنرتة أن يوضح لنا شخصيته املتكاملة‪ .‬فام أبرز مالمح تلك الشخصية ؟‬

‫‪67‬‬
‫ــانــي‬
‫ّ‬ ‫ــابـغــ ُة ُّ‬
‫الـذبـ َي‬ ‫َ‬ ‫ح ــ الـ َّن‬

‫فـي االعــتـــذار‬

‫الـتـعـريـف بالشـاعـر ‪:‬‬


‫اسمه زياد بن معاوية‪ ،‬ولقبه النابغة ألنه عىل ما روي مل ينظم الشعر إال بعد أن جاوز‬
‫ينبغ (أي َي َت َف َّجر) املاء من ينبوعه‪.‬‬
‫األربعني‪ ،‬وطلع عىل الناس بأروع الشعر طفرة واحدة كام ُ‬
‫وقد قصد النابغة بالط النعامن بن املنذر ملك املناذرة ومدحه ُفأعجب النعامن بشاعريته‪،‬‬
‫وقربه حتى أصبح شاعره وجليسه وصديقه‪ ،‬واحتل هبذا منزل ًة سياسية وأدب ّية‪ .‬كانت ُتضرْ ب‬ ‫ّ‬
‫كل عا ٍم خيمة محراء من اجللد يف سوق عكاظ‪ ،‬ثم جيلس إىل الشعراء فيحكم بينهم ويفاضل‪.‬‬ ‫له ّ‬
‫وحسان واخلنساء‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وكان من بني من عرضوا شعرهم عليه األعشى‬

‫مـنـاسـبــة الـنــص ‪:‬‬


‫كان النابغة الذبياين شاعر امللك النعامن وجليسه‪ ،‬وقد ارتفع بذلك شأنه‪ ،‬فأصبح من‬
‫حمكماً بني الشعراء يف عُ كاظ‪ .‬وملا رأى ُ‬
‫احل ّساد عظم منزلة النابغة َس َع ْوا‬ ‫سادة ُذبيان‪ ،‬وجلس َّ‬
‫بالوشاية بينه وبني النعامن‪ ،‬ونظموا عىل لسانه أبيا ًتا يف هجاء النعامن‪ ،‬فغضب امللك وأهدر‬
‫دم شاعره‪ ،‬ففر الشاعر إىل الغساسنة يف الشام‪ ،‬وكانوا خصو ًما للملك النعامن‪ .‬وقد لقي‬
‫ربا عىل فراق صديقه القديم‪ ،‬فعاد‬ ‫الشاعر يف بالط الغساسنة ترحا ًبا واحرتا ًما‪ ،‬لكنه مل يطق ص ً‬
‫ودخل عىل النعامن متخف ًيا ومدحه‪ ،‬واعتذر إليه فعفا عنه‪ ،‬وعاد عنده إىل سابق َح ْظ َوته‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫الــنــــص ‪:‬‬

‫أهت َُّم ِمن َْها وأ ْن َص ُب‬ ‫َو تِ ْل َك التِي ْ‬ ‫الل ْع َن ـ َأ َّن َك لمُ ْ َتنِي‬ ‫‪َ 1‬أ َتانيِ ـ أ َب ْي َت َّ‬
‫اش و ُي ْق َش ُب‬ ‫اسا بِ ِه ُي ْعلىَ ِف َر يِ‬ ‫هَ َر ً‬ ‫ات َف َر ْش َن يِل‬ ‫ائد ِ‬ ‫الع َ‬‫أن َ‬ ‫‪ 2‬ـ َفبِ ُّت َك َّ‬
‫س َو َر ا َء ا للهَّ ِ لِ ْل َم ْر ِء َم ْذ هَ ُب‬ ‫َو َل ْي َ‬ ‫‪ 3‬ـ َح َل ْف ُت َف َل ْم أ ْت ُر ْك لِ َن ْف ِس َك ِري َب ًة‬
‫لو ا يِش أ َغ ُّش و أ ْك َذ ُب‬ ‫لمَ ُ ْب ِل ُغ َك ا َ‬ ‫ْت َقدْ ُب ِّل ْغ َت عَ نِّي ِو َشا َي ًة‬ ‫ئن ُكن َ‬‫‪ 4‬ـ َل ْ‬
‫ض ِفي ِه ُم ْسترَ َ ادٌ َو َم ْط َل ُب‬ ‫األر ِ‬
‫ْ‬ ‫ِم َن‬ ‫‪ 5‬ـ َو َل ِك َّننِي ُكن ُْت ا ْم َر ًأ يِ َل َجا نِ ٌب‬
‫ُأ َح َّك ُم فيِ أ ْم َو ا لهِ ِ ْم َو ُأ َق َّر ُب‬ ‫إذ ا َما أ َت ْيت ُُه ْم‬ ‫ان َ‬ ‫وإخ َو ٌ‬‫وك ْ‬ ‫‪ 6‬ـ ُم ُل ٌ‬
‫َف َل ْم َت َر هُ ْم فيِ ُش ْك ِر َذ لِ َك أ ْذ َن ُبوا‬ ‫اص َط َف ْيت َُهم‬ ‫اك ْ‬ ‫‪ 7‬ـ َك ِف ْع ِل َك فيِ َق ْو ٍم َأر َ‬
‫أج َر ُب‬ ‫ار ْ‬ ‫َّاس َم ْطليِ ٌّ بِ ِه ال َق ُ‬‫إ لىَ الن ِ‬ ‫الو ِعي ِد َكأ َّننِي‬ ‫ال َتترْ ُ َكنِّي بِ َ‬ ‫‪ 8‬ـ َف َ‬
‫ك دُ و نهَ ا َيت ََذ ْب َذ ُب‬ ‫َت َر ى ُك َّل َم ْل ٍ‬ ‫اك َس ْو َر ًة‬ ‫أع َط َ‬ ‫‪ 9‬ـ َأ لمَ ْ َت َر َّ‬
‫أن ا للهَّ َ ْ‬
‫إذ ا َط َل َع ْت لمَ ْ َي ْب ُد ِمن ُْه َّن َك ْو َك ُب‬ ‫َ‬ ‫وك َك َوا ِك ٌب‬ ‫‪ 10‬ـ َفإ َّن َك َش ْم ٌس َو ُامل ُل ُ‬
‫ال ُ‬
‫امل َه َّذ ُب‬ ‫الر َج ِ‬ ‫أي ِّ‬ ‫ث ُّ‬ ‫عَ لىَ َش َع ٍ‬ ‫أخا َ‬
‫ال َت ُل ُّمهُ‬ ‫‪َ 11‬و َل ْس ُت بِ ُم ْس َت ْب ٍق ً‬
‫أك َذ ا عُ ْت َبى َف ِم ْث ُل َك ُي ْعتِ ُب‬ ‫وإن ُ‬‫ْ‬ ‫أك َم ْظ ُلو ًما َف َع ْب ٌد َظ َل ْمتَهُ‬ ‫إن ُ‬ ‫‪ 12‬ـ َف ْ‬

‫أهتم ‪:‬‬ ‫(‪ )1‬أبيت اللعن ‪ :‬حتية كان خياطب هبا سادات العرب يف اجلاهلية‪ .‬ومعناها ‪ :‬محاك اهلل من اللعن‪.‬‬
‫أصاب باهلم‪ .‬أنصب ‪ :‬أتعب‪.‬‬
‫ً‬
‫هراسا ‪ :‬شوكا‪ .‬يقشب ‪ :‬خيلط‪.‬‬ ‫ً‬ ‫(‪ )2‬العائدات ‪ :‬زائرات املريض‪.‬‬
‫(‪ )3‬ريبة ‪ :‬شك‪ .‬مذهب ‪ :‬خمرج‪.‬‬
‫(‪ )5‬جانب من األرض ‪ :‬متسع‪ .‬مسرتاد ‪ :‬املكان الذي يرتدد فيه املرء لطلب الرزق‪.‬‬
‫(‪ )7‬اصطفيتهم ‪ :‬اخرتهتم وقربتهم وغمرهتم‬ ‫(‪ )6‬ملوك وإخوان ‪ :‬يعني الغساسنة‪.‬‬
‫بمعروفك‪.‬‬
‫لىَ‬ ‫ْ‬
‫(‪ )8‬الوعيد ‪ :‬التهديد‪ .‬القار ‪ :‬القطران ُتط به اإلبل من اجلرب‪.‬‬
‫(‪َ )9‬س ْورة ‪ :‬منزلة رفيعة‪ .‬يتذبذب ‪ :‬يضطرب وجيهد نفسه‪.‬‬
‫(‪ )12‬عتبى ‪ :‬عفو ومعذرة‪.‬‬ ‫أخا ‪ :‬صدي ًقا‪ .‬تلمه عىل شعث ‪ :‬تتحمله عىل أخطائه‪.‬‬ ‫(‪ً )11‬‬
‫‪69‬‬
‫الــشــــــرح ‪:‬‬

‫بت‬
‫حيملني مهو ًما ومتاعب‪ ،‬ولذلك فقد ُّ‬‫غاضب مني‪ ،‬وهذا أمر ّ‬ ‫ٌ‬ ‫وصلتني األنباء أ ّنك‬
‫وكأن الزائرات يضعن عىل فرايش ً‬
‫شوكا كلام جئن لزياريت‪ ،‬فتزداد بذلك آالمي‪ ،‬أقسم‬ ‫َّ‬ ‫لييل‬
‫بريء من تلك الوشاية‪ ،‬وأن مبلغها ٌ‬
‫غاش كذاب‪ .‬أما‬ ‫ٌ‬ ‫لك باهلل وهو أعظم ما يقسم به بأنني‬
‫يقربونني وحيكمونني يف أمواهلم‪ ،‬كام تقرب أنت‬‫أصدقاء وإخوان ّ‬
‫ُ‬ ‫صلتي بالغساسنة فألهنم‬
‫رجالك فيشكرونك‪.‬‬
‫فال ترتكني بتهديدك كاجلمل األجرب املط ّ‬
‫يل تتجنّبه اإلبل‪ .‬لقد منحك اهلل منزلة يعجز‬
‫حتملهم عىل‬
‫عن الوصول إليها كل امللوك‪ .‬وإن املرء ال يستطيع احلفاظ عىل أصدقائه إال إذا َّ‬
‫أخطائهم‪.‬‬
‫بكل ما يصدر عنك‪ ،‬إن تعاقبني فام عىل السيد إذا ظلم عبده ؟ وإن‬ ‫راض ِّ‬‫ريا فإين ٍ‬ ‫وأخ ً‬
‫جدير بالعفو‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫تعف فمثلك‬

‫الـتـعـلـيـــق ‪:‬‬
‫هم ًة من شخصية النابغة‪ ،‬منها أنه متد ّين كام يبدو من هلجته‬ ‫جوانب ُم َّ‬
‫َ‬ ‫‪ 1‬هذه األبيات جتلو‬
‫يف البيت الثالث؛ ولذا ُأعجب به عمر بن اخلطاب ـ ريض اهلل عنه‪ ،‬وهذا يؤيد ما ُيروى عن‬
‫النابغة أنه كان نرصان ًّيا‪ .‬ثم إ ّنه عظيم املنزلة عند امللوك كام يتجلىَّ يف البيت السادس‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ يبدو يف ألفاظ النابغة سهولة وعذوبة‪ .‬وهلذه السهولة واجلامل سببان‪ ،‬أوهلام ‪ :‬أنه ُي َعدّ‬
‫أن النابغة كان من عبيد الشعر‪ ،‬مثل زهري‪،‬‬ ‫حرض ًّيا لكثرة ما عاش يف بالط امللك‪ ،‬وثانيهام ‪َّ :‬‬
‫أي أنه كان ينقح شعره ويعيد النظر فيه ليصبح الئ ًقا بمخاطبة امللوك‪.‬‬
‫احل َّجة بليغ اإلقناع كام ترى يف األبيات ‪، 6 ، 5‬‬ ‫قوي ُ‬
‫‪ 3‬ـ يف األبيات ما ُيظهر أن النابغة كان َّ‬
‫‪.7‬‬
‫فضل كثري من النُّقاد النابغة عىل مجيع شعراء اجلاهلية‪ ،‬وقالوا ‪ :‬إنه جيمع ُس ُم َّو املعنى‪،‬‬ ‫‪ 4‬ـ ولقد َّ‬
‫وانتقاء اللفظ‪ ،‬وصدق العاطفة‪ ،‬وروح التد ُّين‪ ،‬ووصف العواطف اإلنسانية‪.‬‬
‫‪70‬‬
‫فن االعتذار يف الشعر العريب‪ ،‬وأبرز شعرائه ُمن ُْذ عُ رِف وإىل اآلن‪ .‬ويظهر‬
‫‪ 5‬ـ والنابغة هو مبتكر ِّ‬
‫حب النعامن كانت يف غاية الصدق‪ ،‬وهلذا صدر يف اعتذاره عن إجادة بالغة‪.‬‬ ‫أن عاطفته يف ّ‬
‫جدا مت َّثل به كثري‬
‫‪ 6‬ـ ومديح النابغة فيه مبالغة كام ترى يف البيتني ‪ 10 ، 9‬وبيته العارش مشهور ًّ‬
‫من الشعراء‪.‬‬
‫َنم عن صدق التجربة‪ ،‬وهلذا اشتهر هذا‬ ‫‪ 7‬ـ أما احلكمة التي وردت يف البيت احلادي عرش َفت ُّ‬
‫البيت ً‬
‫أيضا حتى لقد عُ َّد من شوارد الشعر‪.‬‬

‫الـمـنـاقـشـــة ‪:‬‬

‫‪ 1‬ما معنى قول النُّقاد ‪« :‬أشعر الشعراء النابغة إذا رهب» ؟‬


‫‪ 2‬ـ كان النابغة يتمتع بمنزلة أدب ّية وسياسية عظيمة‪ِّ .‬‬
‫أوضح هذه العبارة‪ ،‬وأستشهد‬
‫بواقعة حول مركزه األديب وحول منزلته عند امللوك‪.‬‬
‫ً‬
‫شاهدا عىل ما أقول‪.‬‬ ‫‪ 3‬ـ ملاذا كان عمر ـ ريض اهلل عنه ـ يعجب بشعر النابغة ؟ أذكر‬
‫‪ 4‬ـ يف البيت الثاين صورة آلالم الشاعر‪ .‬أوضحها‪ ،‬وأبينّ أبدوية هي أم حرض َّية ؟ وملاذا‬
‫أصبحت الصورة أبلغ حني ذكر العائدات ؟‬
‫‪ 5‬ـ أوضح فكرة البيت الثالث‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ البيت الثالث والبيت السادس يوضحان جانبني من شخصية النابغة‪ .‬فام مها ؟‬
‫‪ 7‬ـ سلك النابغة يف االعتذار طريقة مقنعة يف األبيات اخلمسة من الثالث حتى السابع‪.‬‬
‫أنثر تلك األبيات بلغتي وأبينّ طريقته املنطقية‪.‬‬
‫‪ 8‬ـ أوضح الصورة اخليالية اجلميلة الواردة يف البيت العارش‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ يف البيت احلادي عرش حكمة مشهورة‪ِّ .‬‬
‫أحددها‪ ،‬وأبينِّ معناها‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫مر هبا ؟ ِّ‬
‫أوضح ما‬ ‫‪ 10‬ـ هل نرى أن النابغة استطاع أن جيعلنا نشاركه جتربته التي َّ‬
‫أقول‪.‬‬
‫الحظ يف شعر النابغة رقة وعذوبة إذا قيس بسائر الشعر اجلاهيل ؟‬ ‫‪ 11‬ملاذا ُي َ‬
‫الفن الذي ابتدعه النابغة ؟ وما الظروف التي جعلته يبتكره ؟‬
‫‪ 12‬ـ ما ُّ‬

‫‪72‬‬
‫الـنـثــر فـي الـعـصــر الـجـاهـلــي‬

‫النثر أسبق أنواع الكالم يف الوجود لقرب تناوله‪ ،‬وعدم تق ُّيده‪ ،‬ورضورة استعامله‪ .‬وما‬
‫قياسا بام وصل إلينا من الشعر؛ ألن األمية الشائعة يف اجلاهلية قد حالت‬ ‫وصل إلينا منه قليل ً‬
‫أنصارا‪ ،‬ولذا ختصص له ُرواة‬
‫ً‬ ‫دون كتابته بشتى أنواعه‪ .‬أما الشعر فهو أسهل ً‬
‫حفظا وأكثر‬
‫حيفظونه ويتناقلونه فكثر املَ ْر ِوي منه كثرة وافرة‪.‬‬

‫أنــواع الـنثــر اجلـاهـلــي ‪:‬‬


‫يكاد النثر اجلاهيل يقترص عىل نوعني مها ‪ 1 :‬اخلطب والوصايا‪ 2 .‬ـ احلكم واألمثال‪ .‬ولكن‬
‫هناك أنواعً ا أخرى جاءت عىل نطاق ضيق كسجع الكهان‪ .‬والكهان فئة من أهل اجلاهلية كانوا‬
‫يدعون علم الغيب‪ ،‬وكان العرب يأتوهنم فيستشريوهنم يف كثري من أمورهم‪ ،‬فكان أولئك‬ ‫َّ‬
‫الكهان يسوقون عبارات قصرية مسجوعة غامضة‪ ،‬يضمنوهنا مازعموه من علم بالغيب‪ ،‬وكان‬
‫يصدقون تلك األباطيل واملعتقدات املنحرفة‪ ،‬حتى جاء اإلسالم فنهى عن إتيان‬ ‫بعض العرب ِّ‬
‫يطلع عىل غيبه أحد‪.‬‬ ‫العرافني والكهنة‪ ،‬وأعلن أن اهلل وحده هو الذي استأثر بعلم الغيب فال َّ‬
‫شديدا‪ ،‬وساعدهم عىل ذلك أوقات‬ ‫كام وجد نوع آخر وهو القصص الذي كانوا مشغوفني به شغ ًفا ً‬
‫وكبارا يستمعون‬
‫ً‬ ‫صغارا‬
‫ً‬ ‫فراغهم يف الصحراء‪ ،‬حيث كانوا جيتمعون للسمر حني ُي ْر ِخي الليل سدوله‬
‫للقاص الذي ُي ْضفي عىل قصصه من خياله وفنِّه؛ حتى ُي ْبهر سامعيه ويملك قلوهبم‪ ،‬وكانت هذه‬ ‫ِّ‬
‫القصص تدور حول أيامهم وحروهبم وملوكهم وأبطاهلم‪ ،‬كام كانت تدور حول اجلن والعفاريت‬
‫وغريها‪.‬‬
‫جدا أو معدومة؛ ألهنا تعتمد عىل القراءة والكتابة‪ ،‬كام تعتمد‬ ‫أما الكتابة الفنية فكانت قليلة ًّ‬
‫عىل الثقافة والتعليم‪ ،‬والعرب اجلاهليون كانوا يف جمموعهم ُأ ِّميني ال يتقن القراءة والكتابة منهم‬
‫إال عدد قليل‪.‬‬
‫‪73‬‬
‫خصـائـص الـنثــر اجلـاهـلــي ‪:‬‬

‫يمتاز النثر يف اجلاهلية بجريانه مع الطبع‪ ،‬فليس فيه تكلف وال زخرف وال ُغ ُل ّو‪ ،‬يسري مع‬
‫أخالق البدوي وبيئته‪ ،‬فهو جزل اللفظ‪ ،‬قوي الرتكيب‪ ،‬قصري اجلمل‪ ،‬موجز األسلوب‪ ،‬سطحي‬
‫الفكرة‪.‬‬
‫وسنلحظ ُج َّل هذه امليزات من خالل دراستنا ألهم أنواع النثر ومها ‪ :‬اخلطب والوصايا‪،‬‬
‫واحلكم واألمثال‪.‬‬
‫‪ 1‬الـخـطــب والـوصـايــا‬
‫اخلطبة والوصية كلتامها يراد هبام التأثري يف املستمع بالرتغيب فيام ينفع وعام يرض‪ ،‬إال أن األوىل‬
‫تكون عىل مأل من الناس يف املجامع واملواسم‪ ،‬واألخرى تكون لقوم معينني يف زمن معني كوصية‬
‫الرجل ألهله عند السفر أو املوت وغريمها‪.‬‬
‫تفوقت عىل الشعر أحيا ًنا‪ ،‬بسبب كثرة‬
‫أما اخلطابة فكانت ذات شأن عظيم لدى اجلاهليني‪ ،‬وربام َّ‬
‫للتكسب‪ ،‬وبسبب آخر وهو أن اخلطابة قرينة الرشف والسؤدد‬ ‫ُّ‬ ‫الشعراء بعد ِق َّلة‪ ،‬واختاذهم الشعر‬
‫وس ِج َّية من سجاياه‪.‬‬
‫والرياسة‪ ،‬فلم يرتفع نجم سيد من سادهتم إال واخلطابة صفة من صفاته‪َ ،‬‬
‫وقد كانت الدواعي إىل اخلطابة كثرية متنوعة منها ‪ :‬الفخر باألحساب واألجماد‪ ،‬والدعوة‬
‫إىل احلرب أو السلم‪ ،‬والسفارة بني القبائل‪ ،‬والنصح واإلرشاد‪ ،‬كام كانت تستخدم يف التعزية‬
‫يدربون فتياهنم عليها منذ احلداثة‪.‬‬‫واملصاهرة‪ ،‬ولذا فقد كانوا ِّ‬
‫فصيحا‪ ،‬جهري الصوت‪ ،‬سليم املنطق‪ ،‬ثابت َ‬
‫اجلنَان‪،‬‬ ‫ً‬ ‫يتصدى للخطابة إال من كان‬ ‫َّ‬ ‫ومل يكن‬
‫حارض البدهية‪ .‬وكان للخطابة سنن وتقاليد جيب أن يتبعها اخلطيب‪ ،‬وقد عُ رِفت أسامء كثرية‬
‫خلطباء بارعني منهم ‪ُ :‬ق ُّس بن ساعدة اإليادي‪ ،‬وأكثم بن صيفي التميمي‪ ،‬وهانئ بن مسعود‬
‫الشيباين‪ ،‬وعمرو بن معد يكرب الزبيدي‪ ،‬واحلارث بن عباد البكري‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫نـمـاذج مـن الـخـطــب والـوصـايــا الـجـاهـلـيــة‬

‫(أ) خطبـة ُق ِّ‬


‫ـس بـن سـاعـدة اإليــادي‬
‫فـي ســوق عـكــاظ‬

‫الـتـعـريـف باخلطـيـب ‪:‬‬


‫وخصوصا‬
‫ً‬ ‫هو ُق ُّس بن ساعدة بن عدي من قبيلة إياد‪ ،‬كان أسقف نجران‪ ،‬وكان ً‬
‫زاهدا يف الدنيا‬
‫بعد أن مات أخوان لهُ ودفنهام بيده‪ .‬وكان قس حيرض عُ كاظ ويسري يف أهل املوسم يزهدهم وينذرهم‪.‬‬
‫ويقال ‪ :‬إنه كان يرتدد عىل بالد الروم‪ .‬وقد تويف قبل بعثة النبي ﷺ بحوايل عرش سنوات‪.‬‬

‫مـنـاسـبــة الـنــص ‪:‬‬


‫يبدو أن ُق َّس بن ساعدة كان ينكر املنكر الذي شاع يف اجلاهلية‪ ،‬والغفالت التي كانت تسيطر عىل‬
‫الناس فتنسيهم املوت والبعث واجلزاء‪ .‬وكان ُق ٌّس وكثري من العقالء يتوقعون أن ُي ْب َعث ّ‬
‫نبي يغيرِّ ما‬
‫شاع يف اجلاهلية من معتقدات فاسدة ومنكرات موبقة‪ .‬وكانت هذه اخلطبة لقس يف سوق عكاظ‪.‬‬

‫الــنــــص ‪:‬‬
‫السماَ ِء‬‫آت آت‪َّ .‬إن فيِ َّ‬ ‫ات َفات‪َ ،‬و ُك ُّل َماهُ َو ٍ‬ ‫اش َمات‪َ ،‬و َم ْن َم َ‬ ‫اس َم ُعوا َوعُ وا(‪َ ،)1‬م ْن عَ َ‬ ‫َّاس‪ْ ،‬‬‫«أيهُّ َ ا الن ُ‬
‫زْخر(‪َ ،)3‬و َل ْي ٌل‬ ‫وم َتزْهَ ر(‪َ ،)2‬وبِ َح ٌار َت َ‬‫ات محُ َْكماَ ت‪َ ،‬و َم َط ٌر َو َن َبات‪َ ،‬و ُن ُج ٌ‬ ‫ض َل ِعبرَ ا‪ .‬آ َي ٌ‬
‫األر ِ‬
‫وإن يف ْ‬ ‫لخَ َ برَ ا‪َّ ،‬‬
‫ال َي ْر ِج ُعون ؟! َأر ُضوا َفأ َق ُاموا‪ْ ،‬أم ُتر ُِكوا َفن َُاموا‬ ‫ون َو َ‬ ‫َّاس َي ْذهَ ُب َ‬
‫ات أ ْب َراج‪َ .‬م يِال َأرى الن َ‬ ‫دَاج(‪َ ،)4‬و َسماَ ٌء َذ ُ‬
‫األج َداد ؟ وأ ْي َن ال َف َرا ِعن َُة ِّ‬
‫الش َداد ؟‬ ‫؟ َيا َم ْعشرَ َ إ َياد‪ ،‬أ ْي َن َث ُمودُ َوعَ اد ؟ وأ ْي َن اآل َب ُاء َو ْ‬
‫(‪ )1‬عوا ‪ :‬افهموا‪ ،‬والعني هنا فعل أمر من وعى‪ )2( .‬تزهر ‪ :‬تيضء‪.‬‬
‫(‪ )4‬داج ‪ :‬مظلم‪.‬‬ ‫(‪ )3‬تزخر ‪ :‬متتلئ ومتوج‪ .‬‬

‫‪75‬‬
‫( ‪)1‬‬
‫ون َلنَا َب َص ْ‬
‫ائر‬ ‫الق ُر ِ‬‫ـن ِم َن ُ‬ ‫َ‬ ‫ني ا أل َّو لِيـ‬ ‫لذ ا ِهبِ َ‬ ‫ا َّ‬ ‫فيِ‬
‫س لهَ َا َم َصا ِد ْر‬ ‫ت َل ْي َ‬‫لِ ْل َم ْو ِ‬ ‫َم َو ا ر ًد ا‬ ‫َر أ ْي ُت‬ ‫لمَ َّا‬
‫ا أل َصا ِغ ُر َو ا أل َكا بِ ْر‬ ‫تمَ ْضيِ‬ ‫َو َر أ ْي ُت َق ْو ِمي َن ْح َو ها‬
‫( ‪)2‬‬
‫ني َغا بِ ْر‬
‫ال ِم َن ال َبا ِق َ‬‫َي َو َ‬ ‫إ َل ْيـ‬ ‫ال َي ْر ِج ُع ا ملَا ضيِ‬ ‫َ‬
‫ائر »‬‫ار ال َق ْو ُم َص ْ‬ ‫َل َة َح ْي ُث َص َ‬ ‫محَ َ ( ‪)3‬‬
‫ا‬ ‫ال‬ ‫َأ ْي َقن ُْت َأ نيِّ‬

‫الـتـعـلـيـــق ‪:‬‬
‫ويذكرهم باملوت الذي هو غاية‬‫اخلطيب أهل املوسم بدالئل قدرة اهلل ليؤمنوا به‪ّ ،‬‬‫ُ‬ ‫ُي َذ ِّكر‬
‫مذكرا بمصري األجيال املاضية‬
‫ً‬ ‫كل حي‪ ،‬وكيف طوى القرون األوىل‪ ،‬وخيتم بأبيات من شعره‬ ‫ّ‬
‫ثم فال بدّ من أن يرده هو والناس ً‬
‫مجيعا‪.‬‬ ‫كيف وردت منهل املوت‪ ،‬ومن َّ‬
‫س بعض خصائص اخلطابة اجلاهلية ومنها ‪:‬‬ ‫ويتّضح يف خطبة ُق ٍّ‬
‫‪ 1‬العبارات القصرية املتوازنة‪.‬‬
‫تكلف‪ ،‬ولعلهم كانوا يسجعون لكي َي ْس ُه َل حفظ خطبهم‪،‬‬ ‫‪ 2‬ـ السجع اجلميل يف غري ُّ‬
‫ولكي يكون ملواقفهم وقع موسيقي يف األسامع‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ عدم وجود روابط قوية بني املعاين‪ ،‬كام ترى يف السطرين األولني‪ ،‬وكام سوف ترى‬
‫يف اخلطبة التالية خطبة أكثم بن صيفي‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ كثرة احلكم واألمثال كقوله ‪ :‬من عاش مات ومن مات فات‪ ،‬وسوف تالحظ هذه‬
‫وضوحا يف خطبة أكثم‪.‬‬
‫ً‬ ‫اخلاص ّية أشد‬
‫(‪ )2‬غابر ‪ :‬باق‪.‬‬ ‫ ‬‫(‪ )1‬بصائر ‪ :‬عرب وأفكار‪.‬‬
‫(‪ )3‬ال حمالة ‪ :‬ال مفر‪ ،‬ال بد‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫الـمـنـاقـشـــة ‪:‬‬

‫‪ُ 1‬توفيِّ لقس بن ساعدة أخوان دفنهام بيده‪ .‬فام أثر ذلك يف حياته ؟‬
‫‪ 2‬ـ لمِ َ كان قس يرتدد عىل سوق عكاظ ؟ وما الغرض الذي دعاه إىل إلقاء خطبته فيها؟‬
‫}(‪ )1‬؟‬ ‫‪ 3‬ـ ما العبارة التي تتفق مع قوله تعاىل ‪{ :‬‬
‫أوضح معاين الكلامت التالية‪ ،‬ثم أضع ك ًّ‬
‫ال منها يف مجلة مفيدة ‪ :‬تزهر‪ ،‬تزخر‪ ،‬داج‪ ،‬ال‬ ‫‪ 4‬ـ ِّ‬
‫حمالة‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ يتضح يف خطبة قس بعض خصائص اخلطابة اجلاهلية‪ .‬فام تلك اخلصائص ؟‬
‫مر يب‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ أدرس األبيات التي ختم هبا قس خطبته دراسة أدبية كاملة كام َّ‬

‫(‪ )1‬األنبياء ‪. 35 :‬‬

‫‪77‬‬
‫ـفــي‬
‫ّ‬ ‫أكـثــم بـنِ َصـ ْي‬
‫َ‬ ‫(ب) خـطـبــة‬
‫بـيـن يــدي كـســرى‬

‫الـتـعـريـف باخلطـيـب ‪:‬‬


‫أكثم بن صيفي س ّيد من سادات متيم‪ ،‬كان يقيم بني قومه ويقصد إليه الرجال يلتمسون‬ ‫ُ‬
‫عنده احلكمة والرأي السديد‪ .‬ويروى أ ّنه حني سمع ببعثة حممد ﷺ أرسل رجلني يسأالنه عن‬
‫نسبه وعام جاء به‪ ،‬فتال عليهام رسول اهلل ﷺ قوله تعاىل‪{ :‬‬
‫النحل‬ ‫}‬

‫فلام رجعا إىل أكثم قال لقومه ‪ :‬هذا رسول يأمر بمكارم األخالق‪ .‬لكنه تويف ـ ومل َي ْل َق‬
‫ً‬
‫طويال‪ .‬وكان أكثم خطي ًبا مبدعً ا وحكيماً‬ ‫النبي ﷺ ـ بعد البعثة النبوية بثالث سنني‪ .‬وقد عُ ِّمر‬
‫تتدفق احلكمة عىل لسانه‪.‬‬

‫مـنـاسـبــة الـنــص ‪:‬‬


‫ُي ْر َوى أن النعامن بن املنذر قصد إىل بالط كرسى فوجد عنده وفودًا من الروم واهلند‬
‫والصني‪ ،‬وقد افتخر كل وفد بمآثر أ ّمته‪ ،‬وملا افتخر النعامن بمفاخر العرب أنكر كرسى عىل‬
‫العرب أن يكون هلم جمد‪ ،‬ووصفهم بأهنم وحوش تقيم يف القفر‪ ،‬وحينئذ اقرتح عليه النعامن أن‬
‫وفدا من العرب ويسمع منهم‪ ،‬فوافق كرسى عىل ذلك وقدم وفد العرب وعىل رأسه‬ ‫يستدعي ً‬
‫ً‬
‫شديدا‪ ،‬وقال‬ ‫أكثم بن صيفي‪ ،‬الذي ألقى هذه اخلطبة بني يدي كرسى فأعجب هبا إعجا ًبا‬
‫فخرا‪ .‬ثم خطب رجال آخرون من زعامء القبائل‬ ‫ريك لكفاهم ذلك ً‬ ‫له ‪ :‬لو مل يكن لقومك غ ُ‬
‫فدهش كرسى لبالغة العرب وأكرم وفودهم‪ ،‬فرجعوا من بالطه معززين مكرمني‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫الــنــــص ‪:‬‬

‫وك أعَ ُّم َها َن ْفعا‪َ ،‬و َخيرْ َ‬ ‫وك َها‪ ،‬وأ ْف َض َل ُامل ُل ِ‬ ‫ال ُم ُل ُ‬‫الر َج ِ‬‫وأعلىَ ِّ‬‫األش َيا ِء َأعَ الِ َيها‪ْ ،‬‬
‫«إن أ ْف َض َل ْ‬ ‫َّ‬
‫والك ِذ ُب َم ْه َواة(‪ ،)1‬والشرَّ ُّ‬ ‫الصدْ ُق َمن َْجاة‪َ ،‬‬ ‫أص َد ُق َها‪ِّ .‬‬ ‫أخ َص ُب َها‪ ،‬وأ ْف َض َل ُ‬
‫اخل َط َبا ِء ْ‬ ‫األز ِم َن ِة ْ‬
‫ْ‬
‫َاح‬ ‫والع ْجزُ ِم ْفت ُ‬
‫اهل َوى‪َ ،‬‬ ‫الر ْأ ِي َ‬‫والع ْجزُ َم ْر َك ٌب َو ِطيء(‪ .)3‬آ َف ُة َّ‬ ‫واحلزْ ُم َم ْر َك ٌب َص ْعب‪َ ،‬‬ ‫اجة(‪َ ،)2‬‬ ‫لجَ َ َ‬
‫إص َ‬ ‫الظ ِّن َو ْر َطة‪َ ،‬و ُس ْو ُء َّ‬ ‫الصبرْ ‪ُ .‬ح ْس ُن َّ‬ ‫ال َف ْقر‪َ ،‬و َخيرْ ُ ُ‬
‫الر ِع َّي ِة‬‫ال ُح َف َسا ِد َّ‬ ‫الظ ِّن ِع ْص َمة‪ْ ،‬‬ ‫األ ُمو ِر َّ‬
‫ري‬ ‫الدٌ ال أ ِم َ‬ ‫اص بِاملَاء‪ .‬شرَ ُّ البِ َ‬
‫ال ِد بِ َ‬ ‫الغ ِّ‬ ‫ان َك َ‬ ‫الرا ِعي‪َ ،‬م ْن َف َس َد ْت بِ َطا َنتُهُ َك َ‬
‫ال ِح َف َسا ِد َّ‬ ‫إص َ‬‫َخيرْ ٌ ِم ْن ْ‬
‫ان‬ ‫األع َو ِ‬ ‫ال ِد البرَ َ َرة‪َ .‬خيرْ ُ ْ‬ ‫األو َ‬
‫ال محَ َ َالة‪ .‬أ ْف َض ُل ْ‬ ‫وك َم ْن َخا َفهُ البرَ ِيء‪ ،‬املَ ْر ُء َي ْع َجزُ َ‬ ‫لهَ َا‪ ،‬شرَ ُّ ُامل ُل ِ‬
‫يك ِم َن الزَّ ا ِد َما َب َّل َغ َك‬ ‫َت سرَ ِ َير ُته‪َ ،‬ي ْك ِف َ‬ ‫أح ُّق اجلنُو ِد بال َّنصرْ ِ َم ْن َح ُسن ْ‬ ‫يحة‪َ ،‬‬ ‫َّص َ‬‫َم ْن لمَ ْ ُي َرا ِء بِالن ِ‬
‫ال َغ ُة اإل َجياز(‪َ .)4‬م ْن َش َّد َد‬ ‫يل َفا ِع ُله‪ .‬ال َب َ‬‫الص ْم ُت ُح ْك ٌم و َق ِل ٌ‬ ‫املح ّل‪َ ،‬ح ْس ُب َك ِم ْن شرَ ِّ َسماَ عُ ه‪َّ .‬‬ ‫َ‬
‫اخى َت َّألف»‪.‬‬ ‫ن َّفر‪َ ،‬و َم ْن َت َر َ‬

‫الـتـعـلـيـــق ‪:‬‬
‫تالحظ أن هذه اخلطبة هي جمموعة حكم وأمثال متناثرة‪ ،‬وأهنا قصرية اجلمل خالية من‬
‫الس ْجع‪ .‬كام تالحظ أن الروابط املعنوية بني األفكار مفككة‪،‬‬
‫املبالغة والتزويق‪ ،‬فيها بعض َّ‬
‫ّ‬
‫ولعل سبب‬ ‫واحدا وإ ّنام تشتمل عىل عدة أفكار غري مرتابطة؛‬
‫ً‬ ‫فاخلطبة ال تطرق موضوعً ا‬
‫ثم فهم ال يستطيعون بسط موضوع واحد بتقسيم‬ ‫هذا أن العرب مل يكونوا متعلمني‪ ،‬ومن َّ‬
‫منطقي مرتابط‪.‬‬

‫(‪ )1‬مهواة ‪ :‬مهلكة هيوي فيها اإلنسان‪.‬‬


‫(‪ )2‬جلاجة ‪ :‬عناد ومتاد يف اخلصومة‪.‬‬
‫(‪ )3‬وطيء ‪ :‬سهل لني‪.‬‬
‫(‪ )4‬اإلجياز ‪ :‬االختصار‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫الـمـنـاقـشـــة ‪:‬‬

‫‪ 1‬من هو أكثم بن صيفي ؟ وما موقفه من بعثة الرسول ﷺ ؟‬


‫‪ 2‬ـ ما املناسبة التي دعت أكثم إىل إلقاء خطبته ؟ وعالم تدل ؟‬
‫‪ 3‬ـ «حسن الظن ورطة‪ ،‬وسوء الظن عصمة»‪ .‬ما مدى صحة هذه الفكرة ؟ وما الذي‬
‫جراء العمل هبا ؟‬
‫جينيه املجتمع من َّ‬
‫ريا من صالح الراعي ؟‬‫عد أكثم بن صيفي صالح الرعية خ ً‬ ‫‪ 4‬ـ ملاذا َّ‬
‫‪ 5‬ـ يف هذه اخلطبة بعض السجع‪ .‬أذكر مثالني له‪ ،‬ثم أوضح الصورة يف قوله ‪« :‬من‬
‫فسدت بطانته كان كالغاص باملاء»‪ ،‬وأوضح رأيي فيها‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ من خصائص اخلطابة اجلاهلية اشتامهلا عىل عدة أفكار غري مرتابطة‪ .‬فام سبب ذلك؟‬
‫وأي اخلطبتني أقرب إىل وحدة املوضوع خطبة قس أم خطبة أكثم ؟ وملاذا ؟‬

‫‪80‬‬
‫ـلـبـي لـبنيـه‬ ‫َـاب َ‬
‫الك ْ‬ ‫(جـ) وصـيـة زهـيـ ِر ِ‬
‫بـن َجـن ٍ‬

‫أوىص زهري بن َجنَاب الك ْلبي(‪ )1‬بنيه فقال ‪:‬‬


‫ور تجَ ْ ِر َب ٌة‬ ‫«يا َبنِي َقدْ َكبرِ َ ْت ِسنِّي‪َ ،‬و َب َل ْغ ُت َحر ًسا(‪ِ )2‬م ْن د َْهرِي‪َ ،‬ف َأ ْح َك َم ْتنِي الت ََّجا ِر ُب‪َ ،‬و ُ‬
‫األ ُم ُ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬
‫اخل َو َر(‪ِ )3‬عن َْد املَ َصائب‪ ،‬والت ََّو ُاك َل ِعن َْد الن ََّوائب‪،‬‬ ‫ول َوعُ وه‪ .‬إ َّي ُاك ْم َو َ‬ ‫اح َف ُظوا عني َما أ ُق ُ‬ ‫واختِ َب ٌار‪َ ،‬ف ْ‬
‫ْ‬
‫اث ُم ْغترَ ِّ ين‪،‬‬ ‫أن َت ُكو ُنوا بِ ْ‬
‫األح َد ِ‬ ‫الر ِّب‪ .‬وإ َّي ُاك ْم ْ‬ ‫وء َظ ٍّن بِ َّ‬ ‫إن َذلِ َك دَا ِع َي ٌة لِ ْل َغ ّم‪َ ،‬‬
‫وشماَ َت ٌة لِ ْل َع ُد ّو‪َ ،‬و ُس ُ‬ ‫َف َّ‬
‫ان يف‬ ‫إال ا ْبت ُُلوا‪َ ،‬و َل ِك ْن َت َو َّق ُعوهَ ا؛ َّ‬
‫فإن اإل ْن َس َ‬ ‫اخرِين‪َ ،‬فإ َّنهُ َما َس ِخ َر َق ْو ٌم َق ُّط َّ‬ ‫َولهَ َا آ ِمنِني‪َ ،‬و ِمنْها َس ِ‬
‫فم َقصرِّ ٍ دُ و َنه‪َ ،‬ومجُ َ ا ِو ٌز لمِ َ ْو ِض ِعه‪َ ،‬و َوا ِق ٌع عَ ْن َي ِمينِ ِه َو ِشماَ لِه‪ُ ،‬ث َّم َ‬
‫ال‬ ‫الر َما ُة(‪ُ ،)4‬‬ ‫ض َت َع َ‬
‫او َر ُه ُّ‬ ‫الدُّ ْن َيا َغ َر ٌ‬
‫أن ُي ِصي َبه»‪.‬‬ ‫ُب َّد ْ‬

‫الـتـعـلـيـــق ‪:‬‬
‫كانت وصايا اجلاهلني ذائعة منترشة‪ ،‬تحَ ْ فل بالنظرات الثاقبة واآلراء الصائبة‪ ،‬ألهنا‬
‫جمرب‪..‬‬‫وليدة خربات وجتارب‪ ،‬وهي تصدر غال ًبا عن أب كبري‪ ،‬أو أم حكيمة‪ ،‬أو رئيس ِّ‬
‫وموقعا يف النفس‪ ،‬ثم تفعل فعلها وتؤدي الغرض منها‪ .‬وزهري‬ ‫ً‬ ‫هوى يف الفؤاد‬
‫فتصادف ً‬
‫بن جناب رجل حكيم‪ ،‬اكتسب حكمته مع مرور األيام‪ ،‬وتقادم األعوام‪ ،‬وتعدُّ د التجارب‪،‬‬
‫أحس بدنو أجله فأصفى أبناءه هذه الوصية املؤثرة‪ .‬التي حتمل خالصة تلك األعوام‬ ‫وقد ّ‬
‫تتمعن يف تشبيهه اإلنسان باهلدف املراد إصابته‪ ،‬إذ ال يمكن لشاب‬ ‫وحسبك أن َّ‬ ‫ْ‬ ‫الطويلة‪،‬‬
‫ِغ ٍّر أن يأيت بمثله‪ ،‬ملا فيه من سداد الرأي‪ ،‬وقوة الصياغة‪ ،‬وبراعة التصوير‪.‬‬
‫ً‬
‫طويال وخاض من الوقائع ما يناهز املئتني‪.‬‬ ‫(‪ )1‬هو خطيب قضاعة وسيدها ورئيس وفدها إىل امللوك‪ ،‬عاش‬
‫حرسا ‪ :‬حينًا‪.‬‬
‫(‪ً )2‬‬
‫(‪ )3‬اخلور ‪ :‬الضعف‪.‬‬
‫(‪ )4‬غرض ‪ :‬هدف‪ ،‬وتعاوره الرماة ‪ :‬تداولوه وأرادوا إصابته‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫الـعـدوانــي البـنــه‬
‫ِّ‬ ‫ــع‬
‫اإلصـ َب ِ‬
‫ْ‬ ‫(د) وصـيــة ذي‬

‫أوىص ذو اإلصبع العدواين(‪ )1‬وهو يحُ ترض ابنه ُأ َس ْي ًدا فقال ‪:‬‬
‫يك بِماَ ْ‬
‫إن َح ِف ْظتَهُ‬ ‫وص َ‬‫ش‪ ،‬وإنيِّ ُم ِ‬ ‫الع ْي َ‬‫ئم َ‬ ‫اش َحتّى َس َ‬ ‫اك َقدْ َفنِ َي َوهُ َو َح ّي‪َ ،‬وعَ َ‬ ‫إن أ َب َ‬
‫« َيا ُبن ََّي‪َّ ،‬‬
‫اض ْع لهَ ُ ْم َي ْر َف ُعوك‪،‬‬
‫اح َف ْظ عَ نِّي ‪ :‬ألِ ْن َجانِ َب َك لِ َق ْو ِم َك يحُ ِ ُّبوك‪َ ،‬و َت َو َ‬ ‫َب َل ْغ َت يف َق ْو ِم َك َما َب َل ْغتُه‪َ ،‬ف ْ‬
‫ارهُ ْم‬ ‫سودُ وك(‪َ ،)3‬و ْأكر ِْم ِص َغ َ‬ ‫وال َت ْست َْأثِ ْر(‪ )2‬عَ َل ْي ِه ْم بِشيَ ْ ٍء ُي ِّ‬
‫َوا ْب ُس ْط لهَ ُ ْم َو ْج َه َك ُي ِط ُيعوك‪َ ،‬‬
‫اح ِم‬ ‫اس َم ْح(‪ )4‬بِماَ لِك‪َ ،‬و ْ‬ ‫ارهُ ْم ُي ْك ِر ْم َك ِك َب ُارهُ ْم َو َي ْكبرُ ْ عَ لىَ َم َو َّدتِ َك ِص َغ ُارهُ ْم‪َ ،‬و ْ‬ ‫َكماَ ُتكر ُِم ِك َب َ‬
‫يخ(‪،)5‬‬ ‫ان بِك‪َ ،‬و ْأكر ِْم َض ْي َفك‪َ ،‬وأسرْ ِِع الن َّْه َض َة يف الصرَّ ِ ِ‬ ‫است ََع َ‬ ‫أعز ِْز َج َارك‪َ ،‬وأ ِع ْن َمنِ ْ‬ ‫ِيمك‪َ ،‬و ْ‬ ‫َحر َ‬
‫ال َي ْع ُدوك‪َ ،‬و ُص ْن َو ْج َه َك عَ ْن َم ْس َأل ِة َ‬
‫أح ٍد َش ْي ًئا‪َ ،‬فبِ َذلِ َك َيتِ ُّم ُسؤْ دَدُ ك»‪.‬‬ ‫ال َ‬ ‫فإن َل َك َأ َج ً‬
‫َّ‬

‫الـتـعـلـيـــق ‪:‬‬
‫ذو اإلصبع العدواين أحد احلكامء اجلاهليني املشهورين‪ ،‬الذين كانت احلكمة والفصاحة‬
‫جتري عىل ألسنتهم وتتدفق من أفواههم‪ ،‬وهو هنا يف آخر رمق من احلياة َي ِض ُّن بام اكتسبه‬
‫وم ِّرها ـ أن يذهب ُسدى‪ ،‬ولذا فهو يصب عصارة فكره يف هذه‬ ‫من جتاربه يف احلياة ـ حلوِها ُ‬
‫الوصية‪ ،‬التي يوجهها لفلذة كبده وثمرة فؤاده‪ ،‬فيرسد عليه مجلة من التوجيهات والنصائح‬
‫ليخترص هبا املسافات كي يصبح ً‬
‫سيدا عىل قومه كام كان أبوه قبله‪.‬‬

‫(‪ )1‬هو حرثان بن احلارث ينتهي نسبه إىل مرض‪ ،‬شاعر حكيم شجاع‪ ،‬لقب بذي اإلصبع ألن ح َّي ًة هنشت إصبع‬
‫إصبعا زائدة‪ .‬عاش طويال حتى عد من املعمرين‪.‬‬
‫ً‬ ‫رجله فقطعتها‪ ،‬وقيل ألن له‬
‫(‪ )2‬تستأثر عليهم ‪ :‬ختتص باحلسن دوهنم‪.‬‬
‫(‪ )3‬يسودوك ‪ :‬جيعلوك ً‬
‫سيدا عليهم‪.‬‬
‫(‪ )4‬اسمح ‪ :‬كن كريماً ‪.‬‬
‫(‪ )5‬الرصيخ ‪ :‬نداء املستغيث‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫ولعلك تدرك بجالء أن العاطفة اجل َّياشة‪ ،‬والصدق‪ ،‬وموافقة الصواب إىل جانب قوة‬
‫أحرص‬
‫ُ‬ ‫األسلوب وسمو الفكرة هو أبرز ما يميز هذه الوصية‪ ،‬وال عجب يف ذلك‪ ،‬فال َ‬
‫أحد‬
‫عىل االبن من أبيه‪ ،‬الذي يريد أن يكون امتدادًا له ُي ْعيل ذكره‪ ،‬ويعز نفسه‪ ،‬ويصون كرامته‪.‬‬

‫الـمـنـاقـشـــة ‪:‬‬

‫‪ 1‬ما وصل إلينا من النثر اجلاهيل أقل بكثري مما وصل من الشعر‪ .‬فام السبب ؟‬
‫‪ 2‬ـ يتميز النثر اجلاهيل عامة بعدة ميزات‪ .‬أذكرها‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ ما الفرق بني اخلطبة والوصية ؟‬
‫‪ 4‬ـ أحتدث عن منزلة اخلطابة يف العرص اجلاهيل‪ُ ،‬‬
‫وأ َبينِّ أبرز دواعيها‪.‬‬
‫‪ 5‬ـ أرجع إىل أحد كتب األدب وأتبينَّ السنن اخلاصة التي يتبعها اخلطيب عند إلقاء‬
‫خطبته‪.‬‬
‫‪ 6‬ـ يقول زهري بن جناب ‪« :‬إن اإلنسان يف الدنيا غرض تعاوره الرماة‪ .»...‬أرشح هذه‬
‫أوضح املوقف الذي جيب أن يتخذه املرء من أحداث الدنيا‬ ‫الصورة وأبينّ رأيي فيها‪ .‬ثم ّ‬
‫من خالل هذه الوصية‪.‬‬
‫‪ 7‬ـ ما أبرز عنرص يلفت انتباهنا يف وصية ذي اإلصبع العدواين ؟ وما رأيي ببعض أبناء‬
‫هذا العرص الذين يتذمرون من نصائح اآلباء ويضيقون ذرعً ا هبا ؟‬

‫‪83‬‬
‫‪ 2‬ــ الـحــكــــم واألمــثــــال‬

‫موجز بليغ حيمل يف ط َّياته معنًى سام ًيا وجتربة إنسانية‬ ‫احلكمـة ‪ :‬هي قول َ‬
‫عميقة‪.‬‬
‫والـمثـل ‪ :‬هو قول موجز بليغ يعتمد عىل حادثة أو قصة أو مناسبة قيل فيها‪،‬‬
‫ويرضب يف احلوادث املشاهبة هلا‪.‬‬
‫فكل من احلكمة واملثل قول موجز بليغ‪ ،‬ولكن املثل يعتمد عىل قصة قيل فيها‪ ،‬أما‬ ‫ً‬
‫وإذا ٌّ‬
‫احلكمة فال تعتمد عىل حادثة أو قصة‪.‬‬
‫تصور لنا الكثري من مظاهر‬ ‫واألمثال اجلاهلية ذات قيمة تارخيية وأدبية عظيمة‪ ،‬ألهنا ِّ‬
‫احلياة اجلاهلية‪ ،‬وألهنا تعطينا صورة دقيقة للنثر اجلاهيل لسالمتها من التغيري وبقائها عىل‬
‫صورهتا األصيلة‪ .‬وهلذا فقد ُأ ِّل َف ْت عدة كتب يف أمثال العرب أشهرها كتاب ‪( :‬مجَ َْمع األمثال)‬
‫للميداين املتوىف سنة ‪518‬هـ‪ ،‬وقد مجع فيه أكثر من أربعة آالف مثل روى حوادثها ورتبها‬
‫عىل حروف املعجم‪ ،‬وهو يقول ي مقدمته ‪ :‬إنه رجع يف تأليف كتابه إىل ما يربو عىل مخسني‬
‫كتا ًبا‪.‬‬
‫ويمتاز كل من احلكمة واملثل باإلجياز ومجال الصياغة وقوة التأثري‪ .‬وال َي ْلزم أن يكون‬
‫صحيح املنْحى‪ ،‬فقد يشتهر مثل ال يصح معناه يف كل وقت؛ ألنه يمثل عقليات الناس‬ ‫ً‬ ‫املثل‬
‫جمرب أو حكيم‪،‬‬ ‫مجيعا‪ ،‬فهو يصدر من أي إنسان‪ ،‬بخالف احلكمة فإهنا ال تصدر إال عن ّ‬ ‫ً‬
‫ولذا فال ُب َّد أن تكون صادقة يف كل األحوال؛ ألهنا وليدة العقل وثمرة التجربة‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫نـمــاذج مـن الـحـكــم واألمـثـــال‬

‫أكثر حكم اجلاهليني كانت ترد عىل ألسنة اخلطباء من أمثال أكثم بن صيفي وعامر بن‬
‫الظرِب‪ ،‬وإليك بعض احلكم اجلاهلية ‪:‬‬ ‫َّ‬
‫‪ُ 1‬ر َّب عَ َجل ٍة هَت َُب َر ْي ًثا(‪.)1‬‬
‫‪ 2‬ـ ُر َّب َق ْول َأ ْن َف ُذ ِم ْن َص ْول(‪.)2‬‬
‫‪ 3‬ـ املَ ْر ُء َي ْع َجزُ َال محَ َ َالة‪.‬‬
‫اخت ََلف‪.‬‬ ‫‪ 4‬ـ َال جمَ َاعَ َة لمِ َنِ ْ‬
‫ان أ ْن َكى ِم ْن َك ْل ِم ِّ‬
‫السنَان(‪.)3‬‬ ‫‪ 5‬ـ َك ْل ُم ِّ‬
‫الل َس ِ‬
‫احل ِذر‪.‬‬‫‪ 6‬ـ ِم ْن َم ْأ َمنِه ُيؤْ َتى َ‬
‫‪ 7‬ـ َم ْن َس َل َك َ‬
‫اجل َد َد أ ِم َن ال ِع َثار(‪.)4‬‬
‫ات َب ْعلٍ َس َتئِيم(‪.)5‬‬ ‫‪ 8‬ـ ُك ُّل َذ ِ‬
‫َاب َق ْب َل ال ِع َقاب‪.‬‬ ‫‪ 9‬ـ ال ِعت ُ‬
‫الف َؤادُ َذهَ َب ُّ‬
‫الر َقاد‪.‬‬ ‫‪ 10‬ـ َإذا َف ِزعَ ُ‬
‫أما األمثال فكثري منها ال يعرف قائلها‪ ،‬فهي تسري بني الناس ويتناقلوهنا دون معرفة قائلها‪.‬‬
‫وإليك طائفة منها مع احلوادث التي قيلت فيها ‪:‬‬

‫(‪ )1‬ري ًثا ‪ :‬بط ًئا وتأخ ً‬


‫ريا‪.‬‬
‫(‪ )2‬صول ‪ :‬هجوم‪.‬‬
‫(‪ )3‬كلم ‪ :‬جرح‪ .‬السنان ‪ :‬الرمح‪.‬‬
‫(‪ )4‬اجلدد ‪ :‬األرض الصلبة املستوية‪.‬‬
‫(‪ )5‬ستئيم ‪ :‬سيموت زوجها‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫رجال نفخ قرب ًة‬ ‫ً‬ ‫ـوك َن َفـخ ‪ُ ( :‬يرضب ملن يقع يف سو ِء ِف ْعله)‪ .‬وأصله ّ‬
‫أن‬ ‫اك ْأو َكتَـا َو ُف َ‬ ‫ـد َ‬ ‫‪َ 1‬ي َ‬
‫وربطها ثم نزل هبا يسبح يف هنر‪ ،‬وكانت القربة ضعيفة الوكاء (أي الرباط)‪ ،‬فترسب هواؤها‬ ‫َ‬
‫وأوشك الرجل أن يغرق‪ ،‬فاستغاث برجل كان واق ًفا عىل الشاطئ فقال له ‪ :‬يداك أو كتا‬
‫وفوك نفخ‪ ،‬يعني بذلك أنه هو الذي ربط ونفخ فال يلو َم َّن إال نفسه‪.‬‬
‫يفرط يف األمر ثم يندم عليه ويعود فيطل ُبه)‪.‬‬ ‫ـت َّ‬
‫الل َبـن(‪ُ ( : )1‬يرضب ملن ِّ‬ ‫ـف َض َّي ْع ِ‬ ‫الص ْي َ‬
‫‪ 2‬ـ َّ‬
‫تزوجت من شيخ كبري‪ ،‬وكان ذلك الشيخ صاحب إبل وغنم ولبن‪،‬‬ ‫وأصله أن امرأة ّ‬
‫ولكن املرأة َظ ّلت تشغب عليه لِ ِكبرَ ِسنِّه حتى ط ّلقها يف الصيف فتزوجت من شاب فقري‪،‬‬
‫ِ‬
‫ضيعت‬ ‫الص َ‬
‫يف‬ ‫تطل ُب من زوجها األول فقال هلا ‪َّ :‬‬ ‫فاحتاجت يو ًما إىل بعض اللبن وذهبت ُ‬
‫اللبن‪.‬‬
‫ُ‬
‫وأصله أن بنّا ًء روم ًّيا فنا ًنا‬ ‫ـمـار ‪( :‬يرضب للمحسن يل َقى عىل إحسانه ًّ‬
‫رشا)‪.‬‬ ‫‪ 3‬ـ َجـزَ ُاء ِسنِ َّ‬
‫قرصا فخماً ‪ ،‬فلام أنجز بنا َءه قال للملك ‪ :‬إين ألعرف يف القرص لبِ َن ًة لو‬ ‫بنى للملك النعامن ً‬
‫زالت لسقط القرص ُك ُّله‪ .‬فقال له النعامن ‪ :‬وهل يعر ُفها أحد سواك ؟ فقال سنامر ‪ :‬ال‪ .‬فقال‬
‫أحد بعد اليوم‪ .‬وأمر بسنامر ُفق ِذف به من فوق القرص فامت‪.‬‬ ‫النعامن ‪ً :‬إذا لن يعرفها ٌ‬
‫يتعجل يف عمل ما ثم يتضح خطؤه فيندم عليه)‪.‬‬ ‫ـذل ‪( :‬يرضب ملن َّ‬ ‫الـع َ‬
‫ـف َ‬ ‫الس ْي ُ‬ ‫ـق َّ‬ ‫‪ 4‬ـ َس َب َ‬
‫رجال وثب عىل رجلٍ فقتله يظنُّه قاتل أبيه‪ ،‬ثم اتضح له أن القتيل بريء فندم‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وأصله أن‬
‫وملا عذله الناس يف ذلك (أي الموه) قال ‪ :‬سبق السيف العذل‪.‬‬
‫يمكن أن تساق فيها ‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫وهذه طائفة أخرى من األمثال مع املناسبة التي‬
‫‪ 1‬ـ ُم ْك َر ٌه أخوك َال َب َطل ‪ُ ( :‬يضرْ َ ب ملن جتربه الظروف عىل أن يفعل ما يكره)‪.‬‬
‫الش ْو ِك ال ِعنَب ‪( :‬يرضب ملن يفعل السوء وينتظر عاقبة حسنة)‪.‬‬ ‫‪ 2‬ـ إ َّن َك َال تجَ ْ نِي ِم َن َّ‬
‫ِ‬
‫ضيعت اللبن) بكرس التاء يقال خلطاب الواحد‬ ‫ُ‬
‫األمثال تنقل بلفظها دون أي تغيري‪ ،‬نقول يف هذا املثل ‪( :‬الصيف‬ ‫(‪)1‬‬
‫والواحدة‪ ،‬واالثنني واالثنتني‪ ،‬واجلامعة‪ .‬فاألمثال ًإذا لون أديب يتميز بالبقاء عىل صورته التي قيل فيها‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫إن ُكن َْت ِر ًحيا َف َقدْ َال َق ْي َت ْإع َص ًارا ‪( :‬يرضب للقوي ُي ْب َتلىَ بمن هو أقوى منه)‪.‬‬ ‫‪3‬ـ ْ‬
‫أح َش ًفا َو ُسو َء َك ْي َلة ؟ ‪( :‬يرضب ملن جيمع بني خصلتني ذميمتني)(‪.)1‬‬ ‫‪4‬ـ َ‬
‫أص َب ْح َت ِذ َراعً ا ‪( :‬يرضب ملن يعزُّ بعد ُذ ّل)‪.‬‬ ‫‪ 5‬ـ ُكن َْت ُك َراعً ا َف ْ‬
‫ائها وا ْن َس َّل ْت ‪( :‬يرضب ملن َي ِعيب اآلخرين بام ُيعاب به هو)‪.‬‬ ‫‪ 6‬ـ َر َم ْتنِي بِ َد َ‬
‫خيصه)‪.‬‬ ‫‪ 7‬ـ ُك ُّل َفتَا ٍة بِ َأبِ َيها ُم ْع َج َبة ‪( :‬يرضب ملن يعجب بام ُّ‬
‫‪ 8‬ـ تجَ ُ وعُ ُ‬
‫احل َّر ُة َو َال َت ُأك ُل بِ َثدْ َي ْيها ‪( :‬يرضب ملن يرت َّفع عن الدنايا)‪.‬‬
‫َّ‬
‫يستعد له)(‪.)2‬‬ ‫الس ْهم ‪( :‬يرضب ملن يعزم عىل اليشء ومل‬ ‫اش َّ‬ ‫الر ْم ِي ُي َر ُ‬‫‪ 9‬ـ َق ْب َل َّ‬
‫يتفوه بالكلمة وال يلقي هلا ً‬
‫باال)‪.‬‬ ‫احبِ َها د َْعنِي ‪( :‬يرضب ملن َّ‬ ‫ول لِ َص ِ‬ ‫‪ 10‬ـ ُر َّب َك ِل َم ٍة َت ُق ُ‬

‫الـمـنـاقـشـــة ‪:‬‬

‫‪ 1‬ما تعريف احلكمة واملثل ؟ وما الفرق بينهام ؟‬


‫أربعا من احلكم الواردة فيها‪.‬‬ ‫‪ 2‬ـ أقرأ خطبة أكثم بن صيفي السابقة وأستخرج منها ً‬
‫‪ 3‬ـ لألمثال اجلاهلية قيمة أدبية وتارخيية عظيمة‪ .‬فام هي ؟‬
‫‪ 4‬ـ األمثال فن أديب يتميز بالبقاء‪ .‬ما معنى هذا القول ؟‬
‫‪ 5‬ـ ما أشهر كتاب ُأ ِّلف يف األمثال ؟ ومن مؤلفه ؟ وكيف رتب مادته ؟‬
‫‪ 6‬ـ (جتوع احلرة وال تأكل بثدييها)‪ .‬ملن يرضب هذا املثل ؟ أورد حادثة يمكن أن ُيساق‬
‫فيها‪.‬‬
‫َت َب َرا ِقش‪ْ ،‬أو َس ْعت ُُه ْم س ًّبا وساروا باإلبل‪،‬‬
‫‪ 7‬ـ من األمثال اجلاهلية املشهورة ‪ :‬عىل ْأه ِلها َجن ْ‬
‫اث ِ‬
‫بأرضنَا َي ْس َتن رِْس‪.‬‬ ‫إن ال ُب َغ َ‬
‫َّ‬
‫كل منها‪ ،‬واملناسبة التي يمكن أن ُت َقال فيها‪.‬‬ ‫أرجع إىل أحد كتب األمثال وأتبينَّ قصة ٍّ‬

‫(‪ )1‬احلشف ‪ :‬أردأ التمر‪.‬‬


‫(‪ )2‬يراش ‪ :‬يلصق به ريشه‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫الـواجبـات املنـزليـة التي كلـف هبا الطـالـب والطـالبـة‬
‫إحـضــار الـواجــب‬ ‫رقـــم‬ ‫تـاريــخ‬
‫مـالحـظــات‬ ‫الدرجة‬ ‫مـوضـوع الـواجــب‬
‫الـتــاريــــخ‬ ‫اليوم‬ ‫الصفحة‬ ‫إعطـاء الواجـب‬
‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬
‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬
‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬
‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬
‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬
‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬
‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬
‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬
‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬
‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬
‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬
‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬
‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬
‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬
‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬
‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬
‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬
‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬
‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬
‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬
‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬
‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬
‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬
‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬ ‫‪14‬هـ‬ ‫‪/‬‬ ‫‪/‬‬

‫‪88‬‬

You might also like