You are on page 1of 20

‫عملق الفكر السلمي‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‬

‫عملق الفكر السلمي‬


‫الشهيد سيد قطب‬

‫تأليف الشيخ الشهيد‬


‫عبد ال عزام‬

‫الطبعة الول‬

‫نشر وتوزيع‬
‫مركز شهيد عزام العلمي‬
‫يشاور ‪ /‬باكستان‬

‫منب التوحيد والهاد‬

‫* * *‬
‫‪http://www.tawhed.ws‬‬
‫‪http://www.almaqdese.com‬‬
‫‪http://www.alsunnah.info‬‬
‫)‪(1‬‬ ‫منب التوحيد والهاد‬
‫‪http://www.abu-qatada.com‬‬
‫عملق الفكر السلمي‬

‫بسم ال الرحن الرحيم‬

‫رب اشرح ل صدري ويسر ل أمري‬

‫إن أ صحاب ا لقلم ي ستطيعون أن ي صنعوا شيئا كثيا ول كن ب شرط وا حد‪ :‬أن‬
‫يو توا هم لتع يش أف كارهم‪ ..‬أن يطع موا أف كارهم من لومهم ود مائهم‪ ..‬أن يقو لوا ما‬
‫يعت قدون أ نه حق‪ ،‬وي قدموا د ماءهم فداء لكل مة ا لق‪) ،‬إن أفكار نا وكلمات نا ت ظل جث ثا‬
‫هامدة‪ ،‬حت إذا متنا ف سبيلها أو غذيناها بالدماء انتفضت حية وعاشت بي الحياء(‪.1‬‬

‫)إن الدخول ف السلم صفقة بي متبايعي‪. ..‬ال سبحانه هو الشتري والؤمن‬


‫فيها هو البائع‪ ،‬فهي بيعة مع ال‪ ،‬ل يبقى بعدها للمؤمن شيء ف نفسه‪ ،‬ول ف ماله‪..‬‬
‫لتكون كلمة ال هي العليا‪ ،‬وليكون الدين كله ل(‪.2‬‬

‫حياة سيد قطب تنقسم إل أقسام‪:‬‬

‫‪ (1‬حياته الدبية‪.‬‬
‫‪ (2‬اتاهه السلمي العام‪.‬‬
‫‪ (3‬اتاهه السلمي الدد‪.‬‬

‫أول ‪ :‬حياته الدبية‪:‬‬

‫تنقسم إل عدة مراحل‪:‬‬

‫الرحلة الول‪ :‬بيئته ف البيت والقرية قبل دخوله دار العلوم‪.‬‬

‫‪ 1‬دراسات إسلمية )‪(931‬‬


‫‪) 2‬ف ظلل القرآن )‪ (11/6171‬ط‪/‬الشروق‬

‫)‪(2‬‬ ‫منب التوحيد والهاد‬


‫عملق الفكر السلمي‬

‫الرحلة الثانية‪ :‬الدراسة ف كلية دار العلوم‪.‬‬

‫الرح لة الثال ثة‪ :‬عم له ك مدرس واهت مامه ب قول ال شعر‪ ،‬وال صبغة العا مة ل شعره‬
‫وتأملته‪ ،‬وصلته بعبد القادر حزة ث عباس العقاد‪ ،‬ومقالته وقصائده ف هذه الرحلة ف‬
‫اللت العروفة مثل دار العلوم والرسالة والهاد والبلغ‪.‬‬

‫الرح لة الراب عة‪ :‬اهت مامه بالن قد ا لدب ونظر ته ف ال صور والظلل والحا سيس‬
‫كتلم يذ ف مدر سة العقاد الدبية‪ ،‬وت توجت هذه الرحلة بعرك ته الدب ية ف الرسالة مع‬
‫أنصار الرافعي وتأييده للعقاد‪.‬‬

‫الرحلة الامسة‪ :‬مرحلة خود أدبه ل يظهر له فيها إنتاج إل القليل وهي تتد‬
‫طيلة الرب العالية الثانية‪.‬‬

‫الرح لة الساد سة‪ :‬ظ هوره كنا قد أد ب م شهور من خلل مقالته ف الر سالة ‪-‬‬
‫بع ضها ظ هر ف كرار يس ك تب وشخ صيات ‪ -‬وماو لة ت صنيف ا لذاهب الفن ية الدب ية‬
‫كمدارس ووضع سات لكل مدرسة مثل‪ :‬مدرسة الرافعي ومدرسة النفلوطي ومدرسة‬
‫العقاد‪ ،‬ومدرسة الزيات‪ ،‬ومدرسة طه حسي ومدرسة توفيق الكيم‪.‬‬

‫الرح لة ال سابعة‪ :‬ا تاهه ا لدب نو ال قرآن واهت مامه بدرا سة وإ صدار ك تابي‪:‬‬
‫)التصوير‪ ،‬والشاهد( بالضافة لهتمامه بالنقد الدب ومقالته الختلفة‪.‬‬

‫الرح لة الثام نة‪ :‬خرو جه من مدر سة الع قاد الدب ية ون قده لا‪ ،‬و قد بدأ ي كون‬
‫لنفسه مدرسة أدبية جديدة‪ ،‬وكان له التلميذ‪ ،‬وكتابه )النقد الدب أصوله ومناهجه( نج‬
‫لذه الدرسة‪.‬‬

‫الرح لة التا سعة‪ :‬ر كود أد ب لدة عامي ف أمري كا ل يظهر له من الن تاج إل‬
‫القليل‪.‬‬

‫وف ناية الرحلة التاسعة وبعد أن عاد من أمريكا اته نو القسم الثان من حياته‬
‫وهو اتاهه السلمي العام‪ ،‬ودخوله جاعة الخوان السلمي وهي متداخلة مع القسم‬
‫الدب‪.‬‬

‫)‪(3‬‬ ‫منب التوحيد والهاد‬


‫عملق الفكر السلمي‬

‫تاريخ تأليف سيد قطب لكتبه‪:‬‬

‫‪ (1‬أشواك‪ :‬مايو )‪1947‬م(‪.‬‬


‫‪ (2‬مشاهد القيامة ف القرآن‪1947) :‬م(‪.‬‬
‫‪ (3‬طفل من القرية‪1946) :‬م(‪.‬‬
‫‪ (4‬الطياف الربعة‪1945) :‬م(‪.‬‬
‫‪ (5‬التصوير الفن ف القرآن‪1945) :‬م(‪.‬‬
‫‪ (6‬الدينة السحورة‪1946) :‬م(‪.‬‬
‫‪ (7‬كتب وشخصيات‪1946) :‬م(‪.‬‬
‫‪ (8‬النقد الدب‪1948) :‬م(‪.‬‬
‫‪ (9‬العدالة الجتماعية‪1949) :‬م(‪.‬‬

‫إن ال مد ل‪ ،‬ن مده ون ستعينه ون ستغفره‪ ،‬ون عوذ بال من شرور أنف سنا‪ ،‬و من‬
‫سيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده ال فل مضل له‪ ،‬ومن يضلل فل هادي له‪ ،‬ونشهد أن ل إله إل‬
‫ال وحده ل شريك له‪ ،‬ونشهد أن ممدا عبده ورسوله‪.‬‬

‫أصله ونشأته‪:‬‬

‫و لد ‪ -‬ر حه ا ل ‪ -‬ف قر ية من قرى ال صعيد ا سها )مو شه( سنة )‪1906‬م(‪،‬‬


‫و هي تت بع ماف ظة أ سيوط لبوين كري ي متو سطي ا لال‪ ،‬يملن ست أ هل ال صعيد‬
‫الصري من سرة ف البشرة‪ ،‬وقسمات وجوههم تعكس بعض ما جبلت عليه فطرتم من‬
‫غية على العرض‪ ،‬إل الطيب التأصل ف أعماق نفوسهم‪ ،‬والكرم الذي ل يفارقهم سواء‬
‫ف سن الدب أو الصب والنماء‪ ،‬هذا فضل عن العاطفة الفياضة الياشة الت تربطهم‬
‫بشدة بذا الدين القوي‪ ،‬ولقد ذكر الستاذ سيد ف مقدمة التصوير الفن ف القرآن أن‬
‫روح أمه التدينة قد طبعته بطابعها‪ ،‬وف مقدمة مشاهد القيامة أنه قد ترب ف مسارب‬
‫نفسه الوف من اليوم الخر من خلل الكلمات والتصرفات الت كانت تنطلق من والده‬
‫من خلل مارسته أعماله اليومية‪ ،‬والقيام بضرورياته من طعام وشراب وغيها‪ ،‬فتركت‬
‫شخصية الوالدين بصماتا واضحة على قلبه‪.‬‬

‫)‪(4‬‬ ‫منب التوحيد والهاد‬


‫عملق الفكر السلمي‬

‫ويقال إن أصل الستاذ سيد قطب هندي‪ ،‬وأن حسينا ‪ -‬جده الرابع ‪ -‬قد هاجر‬
‫من الند إل أرض الرمي حيث البيت العتيق ومثوى الصطفى ص‪ ،‬ث هاجر إل مصر‬
‫واستقر ف هذه القرية الصرية‪.‬‬

‫نشأته‪:‬‬

‫درج ف مراحل الطفولة الول ف قريته ف أحضان والديه اللذين أرضعاه حب‬
‫هذا الدين من خلل التدين الفطري الذي طبعت عليه هذه النفس‪ ،‬ث انتقل إل القاهرة‬
‫حيث يسكن خاله‪ ،‬وواصل تعليمه ودخل دار العلوم‪ ،‬وبرزت مواهبه الدبية إبان دراسته‪،‬‬
‫و كان يك تب ف عدة ملت أدب ية وسيا سية من ها )الر سالة(‪) ،‬ال لواء ال شتراكية(‪ ،‬ول قد‬
‫كتب عنه أستاذه مهدي علم ف تقديه لرسالة )مهمة الشاعر ف الياة( الت ألقاها سيد‬
‫قطب كمحاضرة ف دار العلوم يقول‪) :‬لو ل يكن ل تلميذ سواه لكفان ذلك سرورا‬
‫وقنا عة‪ ،‬ويعجب ن ف يه جرأ ته الاز مة ا لت ل ت سفه فت صبح تورا‪ ،‬و ل تذل فت غدو جب نا‪،‬‬
‫وتعجبن فيه عصبيته البصية‪ ،‬وإنن أعد سيد قطب مفخرة من مفاخر دار العلوم(‪.‬‬

‫و ف الربعي نات تول رئا سة تر ير م لة )الف كر الد يد( ل صاحبها م مد حل مي‬


‫الن ياوي‪ ،‬ول قد بدت ف هذه ال لة نز عة سيد ق طب العدائ ية للم لك فاروق‪ ،‬و قد كان‬
‫ماهرا ف نقده اللذع حت دس إليه فاروق من يطلق عليه النار‪ ،‬فأخطأه الرصاص‪ ،‬ولقد‬
‫صدر من ال لة ستة أ عداد صودر عددان من ها ث ا ضطرت الكو مة لغلق ها ب عد ستة‬
‫أعداد‪.‬‬

‫ولقد تتلمذ الستاذ سيد قطب أدبيا على يد العقاد‪ ،‬وكان يتردد على طه حسي‪،‬‬
‫وحل لواء العارضة للستاذ الكبي مصطفى صادق الرافعي‪ ،‬وكان هجومه على الرافعي‬
‫عنيفا حت أن الرافعي ل ينج منه بعد موته فلقد نقد الرافعي إثر موته نقدا لذعا فقام علي‬
‫الطنطاوي يدافع عن الرافعي فقابله الستاذ سيد برد مقذع حاد‪.‬‬

‫ولقد كتب ف أوائل الربعينات كتابيه الشهيين‪ :‬التصوير الفن ف القرآن‪ ،‬وقد‬
‫أهداه إل أمه‪ ،‬ومشاهد القيامة ف القرآن وأهداه إل روح أبيه‪ ،‬وكم كانت دهشة القراء‬
‫عندما وجدوا أن الكتابي يلوان من البسملة‪ ،‬إذ ل يكن سيد قد اته الوجهة السلمية‬
‫بعد‪.‬‬

‫)‪(5‬‬ ‫منب التوحيد والهاد‬


‫عملق الفكر السلمي‬

‫بعض ملمه وصفاته الشخصية‪:‬‬

‫‪ (1‬الصدق‪:‬‬

‫إن من أبرز الصفات ف نفسية سيد قطب الصدق‪ ،‬وهذه الصفة طبعت كتابته‬
‫كلها بالوضوح‪ ،‬ما جعل تعامله مع الساسة يكاد يكون مستحيل‪ ،‬ولقد كان هذا الط‬
‫بارزا ف جاهليته وإسلمه‪ ،‬ففي عهد فاروق كان الكتاب يعبون من سؤره ويطبون وده‬
‫بتذليل رخيص ويتزلفون حت يستطيعوا النكباب على أقدامه عل هم ينالوا من الطام‪،‬‬
‫أما سيد قطب فلقد كان رغم فقره أبيا صادقا‪ ،‬ففي زواج فاروق‪ ،‬وف أعياد ميلده ترى‬
‫ال قالت ا لت تز حم با ال صحف بأقلم الك تاب إل سيد فإ نك تفت قد ا سه ب ي هذه‬
‫القطعان‪.‬‬

‫وتلمح هذا الصدق من خلل عباراته‪ ،‬فلقد كتب ف ملة مصر الفتاه الشتراكية‬
‫تت عنوان كبي )رعاياك يا مولي( وأظهر صورا من الترف الفاجر وف القابل صور من‬
‫البؤس والفاقة‪.‬‬

‫ول قد طل بت ال ثورة ع ندما قامت سنة )‪1952‬م( من سيد ق طب أن ي كون لا‬


‫مستشارا للشؤون الداخلية فلم يستطع العمل معهم سوى ثلثة أشهر ث تركهم لن نفسه‬
‫ل تقبل اللتواء والتلون‪.‬‬

‫ولقد عمق السلم هذه الصفة ف مسارب نفسه‪ ،‬فأضحى الصدق عنوانا لتعامله‬
‫وكلمه ينبض بكل كلمة من كلماته وتنم عنها كل عبارة من عباراته ويبدو لك هذا‬
‫جليا من خلل الطبعة الثانية من الظلل ومن خلل فصول العال‪.‬‬

‫كان يقول لحد تلمذته واسه سيد أيضا‪) :‬تعال يا سيد نراجع معا فصل من‬
‫فصول هذا الكتاب‪ ،‬وأنا أظن أن أبواب السجن ستفتح له ولنا من جديد وقد تنصب لنا‬
‫أعواد الشانق(‪ ،‬فيجوه تلمذته أل يطبع العال حفاظا على حياته فيفض بإباء قائل ‪) :‬ل‬
‫بد أن يتم البلغ(‪.‬‬

‫وقد سأله تلميذه‪ :‬لاذا كنت صريا كل الصراحة ف الكمة الت تلك عنقك?‬
‫فقال‪) :‬لن التورية ل توز ف العقيدة‪ ،‬ولنه ليس للقائد أن يأخذ بالرخص(‪ ،‬ويبدو أن‬

‫)‪(6‬‬ ‫منب التوحيد والهاد‬


‫عملق الفكر السلمي‬

‫هذه الصفة هي الطابع الميز لل قطب جيعا‪ ،‬فلقد قالت حيدة شقيقته‪ :‬كان بإمكان أن‬
‫أعفى من سجن السنوات العشر لول أن أبيت أن أكتم عقيدت ورفضت إل أن أصارح‬
‫الطواغيت بكفرهم‪.‬‬

‫ي قول ف فصل )نق لة بع يدة ‪ /‬م عال ف الطر يق ‪ ) :(206‬لن نتد سس إ ل ال ناس‬
‫بالسلم تدسسا ولن نربت على شهواتم‪ ،‬وتصوراتم النحرفة‪ ،‬سنكون معهم صرحاء‬
‫غاية الصراحة‪ ،‬هذه الاهلية الت فيها خبث‪ ،‬وال يريد أن يطيبكم(‪.‬‬

‫‪ (2‬الشجاعة والرجولة‪:‬‬

‫ولقد كان خلق الرجولة بارزا ف تصرفاته سواء ف جاهليته أو إسلمه فلم يسف‬
‫ول يسقط ول يهو ف مهاوي الرذيلة‪ ،‬ول يغرق ف مستنقعات الوحل والنس‪ ،‬وأنت‬
‫ت قرأ له ف ح به ف جاهليته ق صة )أ شواك( فتل مح من خلل ال هداء ر جولته‪ ،‬ي قول ف‬
‫ال هداء‪) :‬إ ل ا لت خا ضت م عي ف ال شواك‪ ،‬فدميت ودم يت‪ ،‬و شقيت و شقيت‪ ،‬ث‬
‫سارت ف طريق وسرت ف طريق جريي بعد العركة‪ ،‬ل نفسها إل قرار‪ ،‬ول نفسي إل‬
‫استقرار(‪.‬‬

‫ل تد ف يه ن ت الفاح شة‪ ،‬وإ نا تل مح شخ صية معتد لة ت عب عن تر بة ب شرية‬


‫بكلمات أدبية‪ ،‬دون تيع ول انراف ول إسفاف ول تافت‪.‬‬

‫وخلق الرجال وجده السلم خامة طيبة ف أعماق الستاذ سيد فنماها ووجهها‬
‫فأتت بالعاجيب من فوق القمة الت أرتفع إليها‪ ،‬يقول ف مقدمة الظلل‪) :‬وعشت ف‬
‫ظلل القرآن أنظر من علو إل الاهلية الت توج ف الرض‪ ،‬وإل اهتمامات أهلها الزيلة‬
‫الصغية‪ ،‬أنظر إل تعاجب أهل الاهلية با لديهم من معرفة الطفال وتصورات الطفال‪،‬‬
‫واهتما مات الط فال‪ ،‬ك ما ين ظر ال كبي إ ل ع بث الط فال‪ ،‬و ماولت الط فال‪ ،‬ول غة‬
‫الطفال‪ ،‬وأعجب‪ ،‬ما بال هذا الناس‪ ،‬ما بالم يرتكسون ف المأة الوبيئة(‪.‬‬

‫و من ه نا داس دن يا ال كام وآ ثر الع يش وراء ق ضبان الزنزا نة‪ ،‬و كان ي قول‪):‬إن‬
‫إصبع السبابة الذي يشهد ل بالوحدانية ف الصلة ليفض أن يكتب حرفا واحدا يقر به‬
‫حكم طاغية(‪ ،‬رغم أن وزارة العارف تعرض عليه ف السجن‪.‬‬

‫)‪(7‬‬ ‫منب التوحيد والهاد‬


‫عملق الفكر السلمي‬

‫ويقول‪) :‬لاذا أسترحم? إن كنت مكوما بق فأنا أرتضي حكم الق‪ ،‬وإن كنت‬
‫مكوما بباطل‪ ،‬فأنا أكب من أن أسترحم الباطل(‪ ،‬بينما حبل الشنقة يلوح أمام ناظريه‪.‬‬

‫وبعد صدور حكم العدام وف يوم الحد )‪28/8/1966‬م( وقبل تنفيذ حكم‬
‫العدام جاء قرار موقع من الطاغوت الالك عبد الناصر‪) :‬ينفذ حكم العدام بكل من‬
‫سيد ق طب‪ ،‬م مد يو سف هواش‪ ،‬ع بد الف تاح إ ساعيل‪ ،‬و مع الك تاب إ شارة إ ل ماو لة‬
‫استدراج سيد قطب إل اعتذار يفف به حكم العدام عنه‪ ،‬فجاء حزة البسيون مدير‬
‫السجن الرب إل حيدة قطب وأطلعها على القرار‪ ،‬ث أردف قائل ‪) :‬لدينا فرصة واحدة‬
‫لنقاذ الستاذ‪ ،‬وهي اعتذاره‪ ،‬وأنا أتعهد بإخراجه بعد ستة أشهر(‪ ،‬قالت حيدة‪) :‬فجئت‬
‫أخي فذكرت له ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬لن أعتذر عن العمل مع ال(‪.‬‬

‫و ف شهر آب سنة )‪1965‬م( و هو ن فس ال شهر ا لذي اعت قل ف يه أر سل إل يه‬


‫ال باحث وا حدا فت سور ا لدار ود خل ليف تش فأم سكه وأن به وأد به‪ ،‬و قال‪) :‬إن ل لبيوت‬
‫حر مات أل ت عرف أدب ا لدخول?(‪ ،‬ث ك تب كتا با وأر سله إ ل مدير ال باحث و قال‪:‬‬
‫)أر سل إ ل ب شرا ول تر سل كل با (‪ ،‬ث ذ هب إ ل ق سم ال باحث‪ ،‬و قال‪) :‬جئت كم حت‬
‫تعتقلون(‪.‬‬

‫‪ (3‬كرمه وسخاؤه‪:‬‬

‫و هذه صفة ت قترن مع ال شجاعة غال با‪ ،‬فحيث ما و جدت صفاء الن فس و سخاءها‬
‫و جدت ا لرأة وال شجاعة‪ ،‬فالنفس الب ية ا لت تود بروح ها ير خص علي ها ا لال وم تاع‬
‫الياة‪ ،‬ولقد كان سيد ينفق كل ما يأتيه ول يدخر شيئا‪ ،‬وكان لكثي من نزلء ليمان طرة‬
‫ف أمواله شيء معلوم‪ ،‬حت من الرمي‪ ،‬ومن السجانيي‪ ،‬ولقد كان يشفق على حالة‬
‫ال سجانيي ال سرية‪ ،‬و ضيق ذات يدهم في ثي لالم وي فف من كر بم و ضنكهم‬
‫وبأسائهم‪.‬‬

‫ولقد ملك مضائه وسخائه هذا قلوب عارفيه‪ ،‬وأصبح بكرمه السر هو الدير‬
‫الفعلي لسجن ليمان طره‪ ،‬حت كان اللوان ‪ -‬مدير السجن ‪ -‬يقول‪) :‬إن الدير الفعلي‬
‫لل سجن هو سيد ق طب(‪ ،‬وأ قرأ إن شئت ر سالته ال صغية )أ فراح ا لروح( وك يف كان‬
‫يفجر ينابيع فطرة الي ف قلوب الرمي‪ ،‬وف هذه الرسالة زاد كبي للعاملي من الدعاة‪.‬‬

‫)‪(8‬‬ ‫منب التوحيد والهاد‬


‫عملق الفكر السلمي‬

‫ولذا فقد مضى إل ربه وهو ل يلك مترا واحدا فوق هذه الغباء‪ ،‬فهو بصدقه‬
‫وف العهود‪ ،‬وبكرمه أسر القلوب‪ ،‬وبتواضعه ألف بي النود‪ ،‬وبشجاعته وصلبته قاد‬
‫الموع‪.‬‬

‫‪ (4‬تواضعه‪:‬‬

‫وهذا ست الصالي )تلك الدار الخرة نعلها للذين ل يريدون علوا ف الرض‬
‫ول ف سادا والعاق بة للمتق ي(‪ ،‬وبال قدر ا لذي كان ي ستعلي به ع لى الط غاة كان يتوا ضع‬
‫ويت طامن لل مؤمني من تل مذته‪ ،‬فترى أ حدهم ي شي عل يه أن يذف ف قرة من م سودة‬
‫التفسي أو يصحح عبارة فيستجيب‪.‬‬

‫‪ (5‬حبه ووفاؤه وعاطفته الفياضة‪:‬‬

‫وأما عاطفته الياشة فلقد أفاضت من روحه على أسرته جيعا‪ ،‬وتراه لذا الوفاء‬
‫ل يتزوج قبل منته ليعى السرة الت أصبح راعيها بعد أبيه‪ ،‬يقول الستاذ ممد قطب‬
‫عن أخيه سيد‪) :‬هو أب وأخي وأستاذي وصديقي(‪.‬‬

‫كان سنة )‪1953‬م( ف ضيافة الؤتر السلمي ف القدس‪ ،‬وقد كان الخوان‬
‫آنذاك يشرفون عليه‪ ،‬يقول فضيلة الراقب العام للخوان ف الردن الستاذ ممد خليفة‪:‬‬
‫)كان الستاذ سيد يطلب من أن أطلب القاهرة ‪ -‬هذا من عمان ‪ -‬فأقول له‪ :‬هل طرأت‬
‫لك حاجة? فيقول‪ :‬ل‪ ،‬وإنا هو الشوق لسماع صوت الوالد الرشد العام الضيب ولو من‬
‫خلل الاتف(‪.‬‬

‫وكثيا ما كان يردد كلمة الوالد الرشد ف التحقيق وف الكمة‪ ،‬ول يقتصر وفاء‬
‫الستاذ سيد على صلته بالبشر بل تعداه إل علقته بكل ما حوله حت للحيوانات‪ ،‬فلقد أ‬
‫ل ف نزلء ليمان طرة قطا أعور تتقزز البدان لرؤيته‪ ،‬كان يأوي بالقرب من الستاذ‬
‫سيد قطب يصص له قسما من طعامه وكان يقول‪) :‬ليس من الوفاء أن نافيه ونضيعه ف‬
‫هرمه بعد طول صحبته لنا(‪ ،‬وهو بوفائه يعيد إل ذاكرتنا سية الرعيل الول كأب هريرة‬
‫ويفتح أمام ناظرينا صورة زيد بن الدثنة وهو يقول‪) :‬وال ل أحب أن أكون سالا ف‬
‫أهلي ويصاب ممد صلى ال عليه وسلم شوكة ف قدمه( وذلك وهو يرد على أب سفيان‬

‫)‪(9‬‬ ‫منب التوحيد والهاد‬


‫عملق الفكر السلمي‬

‫ع ندما سأله‪ :‬أ تب أن م مدا مكا نك نعل قه ع لى خ شبة ال صلب وال عدام؟‪ ،‬ف قال أ بو‬
‫سفيان‪) :‬ما رأيت مثل حب أصحاب ممد ممدا (‪.‬‬

‫أقول‪ :‬هذه النماذج الت أقفرت الرض منها إل القليل القليل والت عقمت الدنيا‬
‫أن تلد أمثالا‪ ،‬عاد جنود البنا يددون سية هذا النفر الكري‪ ،‬هؤلء أحيوا المل ف قلوب‬
‫مئات الليي وأثبتوا للدنيا أن السلم ل زال قادرا على صناعة الرجال‪.‬‬

‫يقول الستاذ سيد قطب لشقيقته حيدة‪) :‬إن رأيت الوالد الرشد ‪ -‬وهذا قبل‬
‫إعدامه بيوم ‪ -‬فبلغيه عن السلم وقول له‪ :‬لقد تمل سيد أقصى ما يتحمله البشر حت ل‬
‫تس بأدن سوء(‪.‬‬

‫سية سيد قطب الركية‪:‬‬

‫دخل الستاذ سيد دعوة الخوان السلمي سنة )‪1951‬م( وكان يعب عن هذا‬
‫بأعمق تعبي قائل ‪ :‬ولدت سنة )‪1951‬م(‪ ،‬وقد جاء سيد على قدر‪ ،‬ولكل أجل كتاب‬
‫فلم يفل سيد بالدعوة ف بداية المر ول يكن يعن نفسه للقاء بقائدها البنا الذي ضم‬
‫الفذاذ من أبناء مصر تت جناحيه وبي صفوفه‪ ،‬فكانت دعوته صفوة أبناء مصر‪.‬‬

‫وقد ابتدأ سيد قطب يتجه نو الكتابة عن السلم العام‪ ،‬ول يكن سيد بعد قد‬
‫أدرك ب عد أعماق هذا الدين‪ ،‬ول يسب أغواره بسبار‪ ،‬وكتب كتاب العدالة الجتماعية‬
‫مستعرضا نظام الكم والال‪ ،‬وتركه مع إهداء جيل‪) :‬إل الذين كنت الهم بعي اليال‬
‫قادمي فرأيت هم بوا قع ال ياة قائمي يا هدون بأموالم وأنف سهم ف م ستقبل قر يب جد‬
‫قريب(‪ ،‬ث عهد إل أخيه ممد ف مصر لطباعته‪ ،‬وطبعه الستاذ ممد مع هذا الهداء‬
‫على حي كانت الكومة قد نكلت بالخوان وأودعتهم العتقلت تهيد ا لغتيال المام‬
‫الشهيد البنا‪ ،‬وظنت الكومة أن سيد قطب هو أحد أعضاء الخوان وأن الكتاب مهدي‬
‫إل شباب الخوان‪ ،‬فصادرت الكومة الكتاب ول تسمح بنشره إل برفع الهداء‪ ،‬فرفع‬
‫الهداء‪.‬‬

‫و يدث ال ستاذ سيد عن نف سه و هو ف طري قه إ ل أمري كا مبعو ثا من وزارة‬


‫العارف الصرية الت يستلم وزارتا طه حسي ‪ -‬أستاذه ‪ -‬فأرسل الستاذ سيد للطلع‬
‫على الناهج المريكية‪ ،‬يقول الستاذ سيد‪) :‬كنا ستة نفر من النتسبي إل السلم على‬

‫)‪(10‬‬ ‫منب التوحيد والهاد‬


‫عملق الفكر السلمي‬

‫ظهر سفينة مصرية تخر بنا عباب اليط الطلسي إل نيويورك‪ .3‬فهو يعتب نفسه آنذاك‬
‫منتسبا إل السلم(‪.‬‬

‫ويشاء ال عز وجل أن يهديه سواء السبيل وأن يريه آياته ليجعله جنديا ملصا ف‬
‫صف الدعوة السلمية‪ ،‬وتدث معه حادثتان تضطرانه للدخول تت جناح الدعوة‪.‬‬

‫أما الادثة الول‪ :‬فقد حصلت ف )‪ (13‬شباط )‪1946‬م( يقول فيها أنه كان‬
‫م ستلقيا فوق سريره ف إ حدى مست شفيات أمري كا‪ ،‬ف يى م عال الزي نة وأ نوار الكهر باء‬
‫اللونة وألوان الوسيقى الغربية والرقصات‪ ،‬ما هذا العيد الذي أنتم فيه? فقالوا‪ :‬اليوم قتل‬
‫عدو النصرانية ف الشرق‪ ،‬اليوم قتل حسن البنا‪ ،‬وقد كانت هذه الادثة كفيلة أن تزه من‬
‫أعماقه‪ ،‬حسن البنا!! يتفل بقتله ف داخل أمريكا‪ ،‬إذن ل بد أن يكون الرجل ملصا وأن‬
‫تكون دعوته خطية حقا‪ ،‬ترجف لسماعها أوصال الغرب هلعا واضطرابا ‪.‬‬

‫وأما الادثة الثانية‪ :‬فقد حصلت ف بيت مدير الخابرات البيطان ف أمريكا‪ ،‬إذ‬
‫كانت ال سفارات الغرب ية تت سابق ف ر مي شباكها ل صطياد الطلب ال شرقيي وإي قاعهم‬
‫ببائلها ليكرسوا ف مافلها الختلفة‪ ،‬ويقسموا العهد على خدمتها وإنذار الياة خالصة‬
‫لدمتها‪ ،‬وأي صيد أثن من الكاتب العروف سيد? فدعاه مدير الخابرات البيطان إل‬
‫بيته‪ ،‬يقول الستاذ سيد‪) :‬واستدعى انتباهي أمران‪ :‬الول‪ :‬إن هذا البيطان يسمى أبناءه‬
‫بأساء السلمي‪ ،‬ممد وعلي وأحد‪ ،...‬والثان وجدت لديه كتاب العدالة الجتماعية‪،‬‬
‫وهو يعمل ف ترجته‪ ،‬وهي النسخة الثانية ف أمريكا‪ ،‬إذ الول لدى وصلتن من أخي‬
‫ممد قطب(‪.‬‬

‫وبدأ الديث عن أحوال الشرق وما ينتظره من مستقبل وأحداث‪ ،‬ويعرج على‬
‫م صر لي ستفيض ف ا لديث عن ها وتأ خذ جا عة ا لخوان ال سلمي الق سط ا لوافر من‬
‫الديث‪ ،‬ويعرض علي تقارير مفصلة عن نشاط الماعة وعن تركات البنا وخطبه منذ‬
‫أن كانت الما عة ستة ف ال ساعيلية حت سنة )‪1949‬م(‪ ،‬تف صيلت تؤ كد أ نم قد‬
‫سخروا أجهزة وأموال تتبع نشاط الخوان وحركاتم وسكناتم ورصدوا لذلك أموال‬
‫ور جال خو فا من هذا ال غول الب شع ‪ -‬ال سلم ‪ -‬وع قب البي طان قائل ‪) :‬إذا قدر‬
‫ونحت حركة الخوان ف استلم حكم مصر فلن تتقدم مصر أبدا‪ ،‬وسيحولون بعقليتهم‬

‫‪ 3‬ف ظلل القرآن عند تفسي آية )وما كان هذا القرآن أن يفترى من دون ال( )يونس‪ ، (73 :‬أنظر‬
‫طبعة الشروق )‪(11/1786‬‬

‫)‪(11‬‬ ‫منب التوحيد والهاد‬


‫عملق الفكر السلمي‬

‫التخلفة بي الضارة الغربية‪ ،‬وستقف عقلياتم التحجرة دون تطور الشعب والرض(‪ ،‬ث‬
‫قال‪) :‬و نن نأ مل من ال شباب التعلم ي أمثا لك أل يك نوا هؤلء من الو صول إ ل سدة‬
‫الكم(‪.‬‬

‫ي قول سيد‪) :‬ق لت ف نف سي "ا لن ح صحص ا لق"‪ ،‬وأيق نت أن هذه الما عة‬
‫على الق البي‪ ،‬ول يبق ل عذر عند ال إن ل أتبعها‪ ،‬فهذه أمريكا ترقص على ججمة‬
‫الب نا‪ ،‬و هذه بريطان يا ت سخر أجهز تا وأقلم مابرا تا ‪ -‬حت دا خل أمري كا ‪ -‬لار بة‬
‫الخوان(‪.‬‬

‫يقول سيد‪) :‬فصممت ف قرارة نفسي أن أدخل الخوان وأنا ل أخرج بعد من‬
‫بيت مدير الخابرات البيطان(‪.‬‬

‫وكانت يد ال تعد لتهيئة الجواء حت يدخل سيد قطب دعوة الخوان‪ ،‬فهناك‬
‫ف مصر وزع كتاب العدالة الجتماعية‪ ،‬والخوان مودعون لدى معتقلت الطور وغيها‬
‫تاربم زبانية فاروق‪ ،‬وإهداء الكتاب يوحي أنه مهدى إل الخوان‪ ،‬فظنه الخوان منهم‬
‫وأن الهداء موجه إليهم‪ ،‬فأقبلوا على العدالة يتداولونا ويقرؤونا‪.‬‬

‫وه نا ف أمري كا الاد ثة ت لو الاد ثة تق نع سيدا ب صدق د عوة ا ل‪.‬و يترامى إ ل‬


‫مسامع الخوان تاريخ مقدم سيد إل مصر‪ ،‬فتعد الدعوة كوكبة من شباب جاعة القاهرة‬
‫لستقباله ف ميناء السكندرية مثل عبد العزيز سيسي رحه ال‪.‬‬

‫فيع جب ال ستاذ سيد بترب ية ا لخوان وأد بم أ لم وخلق هم الرف يع‪ ،‬وب جرد أن‬
‫وطأت قدماه أرض مصر اتصل بالستاذ الضيب الرشد وعرض عليه أن يقبله جنديا ف‬
‫صف دعوة السلم‪ ،‬فيحب به الستاذ الضيب‪ ،‬ويبدأ الستاذ سيد منذ تلك اللحظة‬
‫جهاده النظم الركز‪ ،‬وقد كان صادقا منذ اللحظة الول‪ ،‬وتعبيا عن جده ف المر قدم‬
‫استقالته إل وزارة العارف وأعلن مفاصلته لطه حسي‪.‬‬

‫و قد سلمه ال ستاذ ال ضيب ب عد فترة رئا سة تر ير جر يدة ا لخوان ال سلمون‪،‬‬


‫وكتب با مقالت صدرت فيما بعد ف كتاب أساه ‪ -‬دراسات إسلمية –‬

‫ث قامت الثورة سنة )‪1952‬م(‪ ،‬وكان للخوان اليد الطول ف إناح الصورة‬
‫وتدئة الوضاع‪ ،‬إن الذي أجب اللك فاروق على التوقيع على وثيقة التنازل هو الضابط‬

‫)‪(12‬‬ ‫منب التوحيد والهاد‬


‫عملق الفكر السلمي‬

‫عبد النعم عبد الرؤوف أحد أفراد الدعوة الخلصي ف قصر النتزه ف السكندرية‪ ،‬ووزع‬
‫ا لخوان ع شرة آلف م سلح ف ال قاهرة و حدها لما ية ال ثورة‪ ،‬ول قد ك تب فاروق ف‬
‫مذكراته‪) :‬إن الخوان السلمي هم الذين قلبوا عرشي‪ ،‬وما كان ضباط الثورة إل العوبة‬
‫بأيديهم‪ ،‬ولقد أراد الخوان السلمون ضرب ف عرض البحر لول أن أمرت ربان السفينة‬
‫تغي اتاهها(‪.4‬‬

‫أ قول‪ :‬ب عد ال ثورة ط لب م لس ال ثورة من ال ستاذ سيد أن ي كون مست شارهم‬


‫للشؤون الداخلية فقبل‪ ،‬ولكن ل يستطع العمل معهم اكثر من ثلثة أشهر‪ ،‬وثلثة أشهر‬
‫أخرى على مضض وبفتور ث تركهم لن طبيعته ل تقبل اللتواء والتثن‪.‬‬

‫سجنه الطويل‪:‬‬

‫لقد بدأت سلسلة الن تتوال على الدعوة وعلى كبار رجالتا‪ ،‬والق أن سيدا‬
‫من بي النفر القليل الذين أعطوا الدعوة أوقاتم وحياته ودماءهم وأموالم‪ ،‬ول يروا من‬
‫إق بال ا لدنيا ع لى ا لدعوة شيئا‪ ،‬فقد أق بل عليها ودنيا ها ف إد بار‪ ،‬ور حم ال خباب بن‬
‫الرت إذ يقول‪) :‬هاجرنا مع رسول ال ص ف سبيل ال نبتغي وجه ال‪ ،‬فوجب أجرنا‬
‫على ال‪ ..‬فمنا من مضى‪ ،‬ول يأكل من أجره ف دنياه شيئا منهم مصعب بن عمي‪ ،‬قتل‬
‫يوم أحد فلم يوجد له شيء يكفن فيه(‪.5‬‬

‫وف سنة )‪1954‬م( وبعد تثيل فصول مسرحية الرصاصات على الطاغوت عبد‬
‫النا صر ف من شية الب كري ف ال سكندرية‪ ،‬بدأت اعت قالت ا لخوان وغي بت ال سجون‬
‫الظل مة وراء جدرانا آلف ال شباب‪ ،‬و ل ي كن سيد لين جو إذ كان رئي سا لق سم ن شر‬
‫الدعوة آنذاك‪ ،‬وكان من الفروض أن يكون سابع السبعة الذين علقوا على العواد شنقا )‬
‫وهم الشهداء؛ عبد القادر عودة‪ ،‬ممد فرغلي‪ ،‬يوسف طلعت‪ ،‬إبراهيم الطيب‪ ،‬هنداوي‬
‫دوير‪ ،‬ممود عبد اللطيف(‪.‬‬

‫إل أن إرادة ا ل أ خرت شهادته ليك تب الظلل وال عال‪ ،‬وخ صائص الت صور‬
‫السلمي‪ ،‬فلقد أصيب سيد قطب من جراء التعذيب الشديد بنيف ف الرئة ما اضطرهم‬
‫إل نقله إل الستشفى ونفذ العدام وهو ف الستشفى‪ ،‬وثارت ثائرة الشعوب السلمة‬

‫‪ 4‬أنظر فاروق بي القمة والضيض‪.‬‬


‫‪ 5‬رجال حول الرسول ص)‪.(47‬‬

‫)‪(13‬‬ ‫منب التوحيد والهاد‬


‫عملق الفكر السلمي‬

‫وعبت عن سخطها بتظاهرات احتشدت أمام السفارات ف الدول العربية والسلمية‪،‬‬


‫وأحرقت بعض الماكن وانال سيل البقيات الساخطة من السلمي ف كل مكان‪ ،‬تكيل‬
‫اللعنات وتنذر بالثبور والويل للقتلة ومصاصي الدماء‪.‬‬

‫وصدر وعد من القصر المهوري أل يدث إعدام فيما بعد‪ ،‬وجاءت ماكمة‬
‫سيد قطب ف اللقة الثانية‪ ،‬وكانت الاكمة مفتوحة ويرأس مكمة الشعب فيها جال‬
‫سال وحوله عضوان حسي الشافعي وأنور السادات‪ ،‬ولقد أبدى سيد قطب جرأة نادرة‬
‫أمام ما يسمون بالقضاة‪ ،‬فلقد خلع قميصه أمام الكمة وقال بسخرية‪) :‬انظروا يا قضاة‬
‫العدا لة!!(‪ ،‬ث قال‪ ) :‬نن نر يد أن ن سأل‪ ،‬آي نا أ حق بالاك مة وال سجن نن أم ان تم? إن‬
‫لدينا و ثائق أن كم عملء للم خابرات المريك ية‪ ،(...‬و بدأ ي سرد الو قائع والو ثائق ا لت‬
‫ت صمهم بالزي وت سمهم بال صلت ال شبوهة ب كافري ‪ -‬ال سفي ا لمريكي آ نذاك ‪ -‬ما‬
‫اضطر جال سال أن يرفع اللسة ويغلق الاكمة‪.‬‬

‫وصدر الكم عليه بالشغال الشاقة الؤبدة‪ ،،‬وبعد فترة ولسباب صحية خفف‬
‫الكم إل خسة عشر عاما ‪.‬‬

‫وأودع سيد قطب ليمان طره ‪ -‬السجن الذي يضم الئات من شباب الخوان ‪-‬‬
‫ولقد شهد بأم عينيه مذبة الخوان ف ليمان طره عندما فتحت الكومة الرشاشات على‬
‫الخوان حيث قتل من عنب واحد‪ ،‬واحد وعشرون من شباب الخوان والتصقت لومهم‬
‫بالائط‪ ،‬ومن شاء الستزادة فليقرأ كتاب )أقسمت أن أروي‪ /‬لروكس معكرون(‪.‬‬

‫كان سيد قطب مصابا بالتهاب ف الشعب الوائية‪ ،‬فوضع ف مصحة السجن ‪-‬‬
‫مست شفى صغي لل سجن ‪ -‬مع ال صابي با لمراض ال صدرية كالس ل من الرم ي‬
‫ال سجونيي‪ ،‬وا ستأذن من إدارة ال سجن أن ي ضع حواجز من الق ماش بي نه وب ي الر ضى‬
‫فأذن له‪ ،‬فوضع حواجز من القماش القوى فأصبح كأنه ف غرفة مستقلة‪ ،‬وألق به داخل‬
‫الواجز القماشية ممد يوسف هواش‪ ،‬وكانت هذه جرية لواش استحق عليها العدام‬
‫سنة )‪1966‬م(‪.‬‬

‫وبقي الستاذ سيد صابرا متسبا ف سجنه يرب إخوانه من حوله بالصدق ويفيض‬
‫عليهم من روحه الشرقة‪ ،‬ويضمهم ف حنايا قلبه الكبي‪ ،‬وكان يرد على الذين ياولونه‬
‫الهادنة والستسلم‪) :‬إن ف صبنا صب للكثيين( وهي نفس كلمة المام أحد بن حنبل‪.‬‬

‫)‪(14‬‬ ‫منب التوحيد والهاد‬


‫عملق الفكر السلمي‬

‫و ساءت حالته ال صحية ف ال سجن وأ صيب بالذ بة ال صدرية‪ ،‬وأ صبح ج سده‬
‫الناحل يمل ف طياته قائمة من المراض‪ ،‬وهو مصر على البقاء ف السجن وكانت الذبة‬
‫تصيبه مرتي ف السبوع ‪ -‬الذبة تشبه اللطة ‪-‬‬

‫وقدم الطباء الشرفون على صحته تقارير لعبد الناصر ونصحوه قائلي‪ :‬إن كان‬
‫يهمك أل يوت هذا الرجل ف السجن فأخرجه لنه معرض للموت ف كل لظة‪ ،‬وماطل‬
‫ع بد الناصر‪ ،‬ول قد تدخل الر حوم أ حد أوب لو ‪ -‬رئ يس وزراء نيجي يا ‪ -‬ال شمالية ا لذي‬
‫أسلم على يديه ستمائة ألف مسلم ‪ -‬لخراجه من السجن أثناء مروره بالقاهرة قبل قتله‬
‫بفترة وجيزة فكذبوا على أحد أوبلو متظاهرين بإخراجه فنقلوه إل مستشفى القطر العين‬
‫)جامعة القاهرة(‪ ،‬وكانت حالته الصحية تستدعي هذا النقل‪ ،‬لن مصحة السجن ل تعد‬
‫بعلجاتا وأدواتا البسيطة ل تعد تكفي لعلج أمراضه‪.‬‬

‫ومكث ف القصر العين ستة أشهر وأعيد إل مصحة ليمان طرة‪ ،‬وف نيسان سنة‬
‫)‪1964‬م( أقي مت الحت فالت بنا سبة النت هاء من الرح لة ا لول لل سد ال عال‪،‬‬
‫واستضافت مصر خريتشوف لشاهدة الحتفالت‪ ،‬وأخرج الشيوعيون من السجون تية‬
‫لريتشوف‪ ،‬وكان عبد السلم عارف من بي الذين دعوا للمشاركة ف الحتفال‪ ،‬وتلقى‬
‫ع بد ال سلم عارف برقية من مفت العراق الشيخ أ مد الزهاوي يقول فيها‪) :‬من ي شفع‬
‫شفاعة حسنة يكن له نصيب منها‪ ،‬فاشفع بسيد( فتوسط عبد السلم لخراجه فأخرج‬
‫الستاذ سيد من السجن ف سنة )‪1964‬م(‪ ،‬ولقد عرض عليه عبد السلم أن يصحبه إل‬
‫العراق ويكون مستشاره‪ ،‬ولكن الستاذ سيد استماحه عذرا‪ ،‬متعلل بصحته الت تشرف‬
‫على الرحيل وتؤذن بالوداع‪ ،‬ولكن السبب القيقي وراء اعتذاره هو الذي وضحه قائل‪:‬‬
‫)إن نا بإ سنادنا و لو با لراء لو ضع جاهلي‪ ،‬فإن نا ن كم بال عدام ع لى كل كتابات نا ضد‬
‫الطواغيت‪ ،‬وتصبح كملتنا حبا على أوراق(‪.‬‬

‫والقيقة أن عبد الناصر ما وافق على إخراجه إل بعد تيق نه أن سيد قطب قد‬
‫استهلك وأضحى حطام إنسان ليس لديه طاقة على حركة أو تميع‪.‬‬

‫ولكن الروح هي الت تعمل‪ ،‬فلقد كان الستاذ سيد قد أعد مسودات العال وبدأ‬
‫براجعتها‪ ،‬ث دفع با إل الطبعة‪ ،‬وخرج العال لتنفذ الطبعة الول الت أصدرتا مكتبه‬
‫وهبة ف وقت جد قصي‪ ،‬ما أدهش الخابرات الصرية‪ ،‬وترك الشيوعيون الذين قرأوا‬
‫كلمات العال كلمة كلمة‪ ،‬وأيقنوا أن هذا سيعصف بتنظيمهم الذي تقوى ف فترة غياب‬

‫)‪(15‬‬ ‫منب التوحيد والهاد‬


‫عملق الفكر السلمي‬

‫الشباب السلم ف غياهب السجون‪ ،‬واجج الشيوعيون نار القد والبغضاء الت ما هدأ‬
‫أوارها لظة ف قلب عبد الناصر‪.‬‬

‫جاء أحد الناس إل الستاذ ممد قطب وأخبه بأن الشيوعيي جادون ف ماولة‬
‫قتلك وقتل أخيك سيد قطب‪.‬‬

‫ويرى الستاذ سيد ف منامه أفعى حراء تلتف حول عنقه‪ ،‬فحدث با جلساءه‪،‬‬
‫فقالوا أضغاث أحلم‪ ،‬فقال‪) :‬ولكن أظنها الشنقة الت يسك با الشيوعيون(‪.‬‬

‫و حاولت الكو مة أول أن تق ضي ع لى ال ظاهرين من ا لدعاة باغت يالت فرد ية‪،‬‬


‫وابتدأت الاولة بالاجة الاهدة )زي نب الغزا ل( إذ دا هت سيارة كبية للم خابرات أو‬
‫بإي عاز من ها سيارتا وك سرت رجل ها‪ ،‬ومك ثت ع لى إثر ها عا ما كامل ف الست شفى‪،‬‬
‫وانت شر ا لب بأن ال خابرات جاده ف ق تل سيد ق طب‪ ،‬وزي نب الغزا ل‪ ،‬وم مد ق طب‪،‬‬
‫وم مد هواش فنك لت ال خابرات عن خطتها‪ ،‬وأق بل صيف )‪1965‬م( ا لذي ي مل بي‬
‫جوانه ما تبؤه القدار للدعوة السلمية‪ ،‬من اعتقال وتشريد وإعدام بتنفيذ الخططات‬
‫ا لت تر سم بروتو كولت ها ف الكرمل ي والق صر ا لبيض لتن فذ من خلل ال خالب ف‬
‫الشرق‪.‬‬

‫واعتقل سيد قطب ف )‪/26‬آب‪1965/‬م( وأودع السجن الرب بعد أن انتقل‬


‫من سجن إل سجن وانتهى به القام ف الرب‪ ،‬وف أوائل اعتقاله ألقي ف زنزانة مظلمة‬
‫ب ي أرب عة كلب بولي سية‪ ،‬وظيفت ها إر هاب ال سجناء بال ضافة إ ل انت هاش لومهم‪،‬‬
‫وتقطيعها فور تلقيها أية إشارة من الكلب البشرية‪.‬‬

‫وأسندت تمة اليانة العظمى له بترأس تنظيم إرهاب يدعو إل قلب نظام الكم‬
‫بالقوة‪ ،‬وهذه حقيقة وكلمة حق أريد با باطل‪ ،‬فصاحب الق يدعو لنتصار دينه وتطبيق‬
‫السلم ف كل مالت الياة‪ ،‬ول يهادن ول يداهن وليتنازل عن هذا الق الذي يطالب‬
‫به‪.‬‬

‫نعم لقد عهد إليه فضيلة الرشد بقيادة تنظيم سنة )‪1962‬م( وأطاع المر إذ أنه‬
‫يعرف معن الطاعة ف السلم‪ ،‬وأن طاعة المي فريضة ف العناق‪ ،‬ومعصيته إث يستحق‬
‫صاحبه العقاب‪ ،‬فقبل وأشرف على تربية أفراده بكتاباته وهو ف داخل السجن‪ ،‬ث أشرف‬
‫بنف سه وو هب التنظ يم ح ياته‪ ،‬ورو حه‪ ،‬ووق ته‪ ،‬وف كره‪ ،‬هذا التنظ يم ا لذي ي شي إل يه ف‬

‫)‪(16‬‬ ‫منب التوحيد والهاد‬


‫عملق الفكر السلمي‬

‫مقدمة العال بأنه طليعة البعث السلمي‪ ،‬وهو يعتقد تاما أن صلح البشرية وسعادتا‬
‫وراحتها متوقفة على ناح الركة السلمية‪ ،‬كما يقول ف مقدمة الظلل )ص‪ /5 :‬دار‬
‫ال شروق( ‪) :‬وانته يت من فترة ال ياة ف ظلل ال قرآن إ ل يق ي جازم حازم‪ ...‬أ نه ل‬
‫صلح لذه ا لرض‪ ،‬ول را حة لذه الب شرية‪ ،‬ول طمأني نة لذا الن سان ول رف عة‪ ،‬ول‬
‫بر كة‪ ،‬ول ط هارة‪ ،‬ول تنا سق مع سنن ال كون وف طرة ال ياة إل بالرجوع إ ل ا ل‪،‬‬
‫والرجوع إل ال ‪ -‬كما يتجلى ف ظلل القرآن ‪ -‬له صورة واحدة‪ ،‬وطريق واحد‪...‬‬
‫واحد ل سواه‪ ...‬إنه العودة بالياة كلها إل هذا الكتاب(‪.‬‬

‫لقد كان وهو يستجيب لمر الرشد بالشراف على التنظيم من قال ال فيهم‪:‬‬
‫)الذين استجابوا ل وللرسول من بعد ما أصابم القرح‪ ،‬للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر‬
‫عظيم( )آل عمران‪.(271 :‬‬

‫وبقي التحقيق والتعذيب مستمرا عاما كامل من آب سنة )‪1965‬م( حت آب‬


‫سنة )‪1966‬م(‪ ،‬وإن كان القضاة سلفا قد ارتشفوا دمه‪ ،‬وقد كان اللدون حريصي‬
‫أل يوت سيد قطب ليبقى معذبا فكانوا يربطونه بالكرسي ويقولون‪) :‬نن نعلم أنك إذا‬
‫عذبت ستموت‪ ،‬ونن ل نريد أن توت فتستريح(‪.‬‬

‫ولقد بدأ الستاذ سيد عملقا إبان التحقيق والاكمات‪ ،‬فكثيا ما كان يسخر‬
‫من ال ضباط ا لائني ا لذين انقل بوا ب ي ع شية و ضحاها ق ضاة يك مون ف ا لدماء‬
‫وا لعراض‪ ..‬كا لدجوي ا لذي ترأس الك مة‪ ،‬و قد كان من و قع ف ال سر سنة )‬
‫‪1956‬م(‪ ،‬و قد كان ي هاجم م صر من خلل اذا عة إ سرائيل‪ ،‬و قد كان سيد بأ سلوبه‬
‫اللذع الساخر يقابل الذئاب البشرية الت تسك بناق السلمي‪ ،‬وتتربع على عرش مصر‪،‬‬
‫وت كم بالد يد وال نار‪ ،‬وت تث با ف أ يديها من و سائل بقا يا ال لق والق يم من الت مع‪،‬‬
‫وتارب بأقلمها وأجهزتا كل فضيلة آدمية‪ ،‬أو مبدأ ربان‪ ،‬أو أرضي‪ ،‬واستطاع سيد‬
‫ب صبه وترف عه وب صيته أن يبي سخافة هؤلء الم ساخ وال تف حوله الفئة الؤم نة ا لت‬
‫استطاعت بطاعتها واحترامها له أن تقتل اللدين غما وحقدا وغيظا‪ ،‬قال أحد الققي‬
‫للحا جة زي نب الغزا ل ‪ -‬حفظ ها ا ل ‪) : -‬إن سيد ق طب كذب عل يك و قال ع نك‪(...‬‬
‫فقالت‪) :‬حاشا ل أن يكذب سيد(‪.‬‬

‫وقالوا لشاب مؤمن‪) :‬هل اتصلت بسيد قطب?(‪ ،‬فأنكر وأصر على إنكاره رغم‬
‫التعذيب‪ ،‬فقالوا له‪ :‬ولكن سيد قطب يقول؛ انك قد اتصلت به‪ ،‬فقال الشاب‪) :‬إن كان‬
‫قالا فقد صدق!!(‪ ،‬وهي نفس الكلمة الت قالا الصديق أبو بكر بصدد السراء والعراج‪.‬‬

‫)‪(17‬‬ ‫منب التوحيد والهاد‬


‫عملق الفكر السلمي‬

‫ولقد اهتز كيان الطاغوت عند رؤية هذه الفئات‪ ،‬وصعقوا إذ أنم ظنوا أن قد‬
‫ق ضى ع لى ال سلم والما عة ال سلمة‪ ،‬وإذا بم ي فاجئون بن ماذج أن قى‪ ،‬وبفئات أ صلب‬
‫عود ا وأشد ف دين ال ما رأوا من ذي قبل‪ ،‬وهم ف هذه الرة من الشباب التعلم الثقف‬
‫بل معظم هم من الكل يات العلم ية‪ ،‬والعمل ية كالطب والند سة والع لوم وا لذرة و لول‬
‫الصدمة كانت ضرباتم جنونية‪ ،‬ولقد استشهد تت التعذيب مائتان وثانون شابا من هذه‬
‫النماذج و كانت النازلة شديدة الو قع على الطاغوت‪ ،‬و كاد ين حقا‪ ،‬و بدأ يصرخ ف‬
‫وجوه الخابرات صرخات ممومه جنونية‪) :‬إزاي يسرقوا من جيل الثورة؛ قبان ‪ -‬بائع‬
‫ق طن و هو ال شهيد ع بد الف تاح إ ساعيل ‪ -‬وا مرأة يع ن ‪ -‬زي نب الغزا ل ‪ ،(-‬وأ ضطرب‬
‫ك يانه و ساءت صحته‪ ،‬و خارت قواه العقل ية والع صبية ما ا ضطره أن يذهب إ ل رو سيا‬
‫حيث المامات الساخنة واللسات الكهربائية‪ ،‬وبعد أن أمسك بأنفاسه ف روسيا أعلن‬
‫من فوق قب ليني‪) :‬لقد اكتشفنا مؤامرة للخوان السلمي‪ ،‬ولئن عفونا الرة الول‪ ،‬فلن‬
‫نعفو الرة الثانية(‪ ،‬وأعطيت الوامر الشديدة فكان التعذيب الرهيب الذي استمر قرابة عام‬
‫أثناء التحقيق‪ ،‬وهنالك علوات الجرام‪.‬‬

‫وي ضرن ق صة كتب ها أ حد رائف ف البوا بة ال سوداء ي قول في ها‪ ) :‬مات أ حدنا‬
‫لشدة التعذيب ف الزنزانة وعندما فتح السجان باب الزنزانة صباحا قلنا‪ :‬يا أفندم مات‬
‫وا حد! ف قال ال سجان‪ ) :‬يا أولد الك لب ب سى وا حد مات‪ ،‬حانودي و شنا ف ي من‬
‫السئول؟!(‪.‬‬

‫تقول الاجة زينب الغزال‪) :‬لقد ضربون ستة آلف وخسمائة سوط‪ ،‬وكانت‬
‫غرف التعذيب ثلثي غرفة تتلف أدوات التعذيب ف كل واحدة عن الخرى(‪.‬‬

‫و كان ل بد أن ي صدر ح كم ال عدام ع لى ال ستاذ سيد‪ ،‬وع لى تلم يذه م مد‬


‫يوسف هواش وعلى الشيخ عبدالفتاح إساعيل‪ ،‬قال سيد عند صدور الكم‪) :‬المد ل‬
‫لقد جاهدت مدة خسة عشر عاما حت نلت هذه الشهادة(‪ ،‬وقال الشيخ عبد الفتاح‪:‬‬
‫)فزت ورب الكعبة(‪.‬‬

‫ولقد ملك كل واحد منهما بصبه العجيب القلوب‪ ،‬حت قلوب جلديه‪ ،‬فلقد‬
‫كان ضباط الرب يقولون للشيخ عبد الفتاح‪) :‬وال ان هذه البلد ل تستحقك‪ ،‬فأنت درة‬
‫ضائعة ف مصر(‪.‬‬

‫)‪(18‬‬ ‫منب التوحيد والهاد‬


‫عملق الفكر السلمي‬

‫جاءت الر حام من آل ق طب لز يارة سيد ب عد صدور ح كم ال عدام‪ ،‬ف طوقهم‬


‫بذراعيه وقال‪) :‬لقد دعوت ال عزوجل أن ينفذ الكم لتكون الشهادة‪ ،‬دعوت ال أن‬
‫يعل هذه العائلة كلها شهداء‪ ،‬هل قبلتم?(‪ ،‬قالوا‪) :‬قبلنا(‪ ،‬ونفذ حكم العدام ف سحر‬
‫ليلة الثني )‪ (29‬آب )‪1966‬م(‪ ،‬وفاضت هذه الروح الكبية إل بارئها بعد أن أدت‬
‫دورها‪.‬‬

‫وقد تبدو هذه النتيجة ف حساب الرض أسيفة أليمة‪ ،‬وقد يعد ها البشر هزية‬
‫مر يرة‪ ،‬ل كن ك ما ي قول هو ف ف صل ) هذا هو الطر يق(‪ :‬و هو يت حدث عن أ صحاب‬
‫الخدود )ص‪ (235 :‬من معال ف الطريق‪) :‬إن النصر ف أرفع صوره هو انتصار الروح‬
‫على الادة‪ ،‬وانتصار العقيدة على الل‪ ،‬وانتصار اليان على الفتنة‪ ...‬وف هذا الادث‬
‫انت صرت الفئة الؤم نة انت صارا ي شرف ال نس الب شري ك له‪ ..‬إن ال ناس جي عا يو تون‪،‬‬
‫وتت لف ال سباب‪ ،‬ول كن ال ناس جي عا ل ينت صرون هذا النت صار ول يرتف عون هذا‬
‫الرتفاع‪ ،‬ول يتحررون هذه التحرر‪ ،‬ول ينطلقون هذا النطلق إل هذه الفاق‪ ،‬إنا هو‬
‫اختيار ال وتكريه لفئة كرية من عباده‪ ،‬لتشارك الناس ف الوت‪ ،‬وتنفرد دون الناس ف‬
‫الد ف الل العلى‪ ،‬وف دنيا الناس أيضا‪ ،‬إذا نن وضعنا ف الساب نظرة الجيال بعد‬
‫الجيال‪ ،‬لقد كان ف استطاعة الؤمني أن ينجوا بياتم ف مقابل الزية ليانم‪ ،‬ولكن‬
‫كم كانوا يسرون هم أنفسهم‪ ،‬وكم كانت البشرية كلها تسر? كم كانوا يسرون‬
‫و هم يقت لون هذا الع ن ال كبي? مع ن ز هادة ال ياة بل عق يدة‪ ،‬وب شاعتها بل حر ية‪،‬‬
‫وانطاطها حي يسيطر الطغاة على الرواح بعد سيطرتم على الجساد(‪.‬‬

‫ولقد صدق ال فصدقه‪ ،‬إذ كان يتمن الشهادة صادقا ‪ -‬وال أعلم ‪ -‬فرزقه ال‬
‫إيا ها‪ :‬ت قرأ له م قال كت به سنة )‪1952‬م( ف ك تابه درا سات إ سلمية )ص‪،(138 :‬‬
‫فكأنك تلمح من خلله أنه يط بالام من ال نايته إذ يقول‪) :‬إنه ليست كل كلمة تبلغ‬
‫إ ل ق لوب ا لخرين فتحرك ها‪ ،‬وتمع ها‪ ،‬و تدفعها‪ ،‬إ نا الكل مات ا لت تق طر د ماء ل نا‬
‫تق تات ق لب إن سان حي‪ .‬كل كل مة عا شت قد اق تاتت ق لب ان سان‪ ،‬أ ما الكل مات ا لت‬
‫ولدت ف الفواه‪ ،‬وقذفت با اللسنة‪ ،‬ول تتصل بذلك النبع اللي الي‪ ،‬فقد ولدت‬
‫مي ته‪ ،‬و ل تدفع بالب شرية شبا وا حدا إ ل ال مام‪ ،‬إن أ حدا لن يتبنا ها ل نا و لدت مي ته‪،‬‬
‫والناس ل يتبنون الموات(‪.‬‬

‫ويك تب ع ند آ ية‪) :‬إن ا ل ا شترى من الؤمني أنف سهم وأموالم بأن لم ال نة‪،‬‬
‫يقاتلون ف سبيل ال فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا ف التوراة والنيل والقرآن‪ ،‬ومن‬

‫)‪(19‬‬ ‫منب التوحيد والهاد‬


‫عملق الفكر السلمي‬

‫أوف بعهده من ال‪ ،‬فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم( )التوبة‪:‬‬
‫‪) :(111‬إن الدخول ف السلم صفقة بي متابيعي‪ ..‬ال سبحانه هو الشتري والؤمن‬
‫فيها هو البائع‪ ،‬فهي بيعة مع ال ليبقى بعدها للمؤمن من شيء ف نفسه‪ ،‬ول ف ماله‬
‫يت جزه دون ا ل سبحانه ودون ال هاد ف سبيله‪ ،‬لت كون كل مة ا ل هي العل يا‪ ،‬ولي كون‬
‫الدين كله ل‪...‬‬

‫إن الهاد ف سبيل ال بيعة معقودة بعنق كل مؤمن‪ ...‬كل مؤمن على الطلق‬
‫منذ كانت الرسل‪ ،‬ومنذ كان دين ال‪ ..‬إنا السنة الارية الت ل تستقيم الياة بدونا ول‬
‫تصلح ال ياة بتركها‪ ،‬بعو نك اللهم فإن الع قد ره يب‪ ..‬وهؤلء ا لذين يزع مون أنف سهم‬
‫"م سلمي" ف م شارق ا لرض ومغار با‪ ،‬قا عدون‪ ،‬ل يا هدون لتقر ير الوه ية ا ل ف‬
‫الرض‪ ،‬وطرد الطواغيت الغاصبة لقوق الربوبية وخصائصها ف حياة العباد‪ ،‬ول يقتلون‬
‫ول ي قتلون‪ ،‬ول ياهدون جهادا ما دون القتل والقتال(‪.6‬‬

‫منب التوحيد والهاد‬

‫* * *‬
‫‪http://www.tawhed.ws‬‬
‫‪http://www.almaqdese.com‬‬
‫‪http://www.alsunnah.info‬‬
‫‪http://www.abu-qatada.com‬‬

‫‪ 6‬ف ظلل القرآن )‪ (11/1716‬ط‪/‬الشروق‪.‬‬

‫)‪(20‬‬ ‫منب التوحيد والهاد‬

You might also like