You are on page 1of 77

‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫دور رفاعة الطهطاوي‬


‫ف تريب الوية السلمية‬

‫تأليف الستاذ‬
‫هان السباعي‬

‫ت تنـزيل هذه الادة من‬


‫منب التوحيد والهاد‬
‫‪http://www.tawhed.ws‬‬
‫‪http://www.almaqdese.com‬‬
‫‪http://www.alsunnah.info‬‬

‫)‪(1‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫مقدمة‬

‫إن المد ل نمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بال من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من‬
‫يهده ال فل مضل له ومن يضلل فل هادي له وأشهد أل إله إل ال وحده ل شريك له‬
‫وأشهد أن ممدا@ صلى ال عليه وسلم عبده ورسوله‪.‬‬

‫)ياأيها الذين آمنوا اتقوا ال حق‪ F‬تقاته ول توتن إل وأنتم مسلمون(‪.‬‬


‫)ياأيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث‪ K‬منهما‬
‫رجال@ كثي@ا ونساء‪ .‬واتقوا ال الذي تساءلون به والرحام‪ .‬إن‪ K‬ال كان عليكم رقيبا@(‪.‬‬
‫)ياأيها الذين آمنوا اتقوا ال وقولوا قول@ سديدا@ يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم‬
‫ومن يطع ال ورسوله فقد فاز فوز@ا عظيما(‪.‬‬

‫ل قد تعلم نا و نن ف مرا حل التعل يم ا لول أن ه ناك شيخا@ أزهر يا@ من صعيد م صر ا سه‬
‫رفاعة الطهطاوي ابتعثه ممد علي باشا حاكم مصر إل فرنسا ونبغ هذا الزهري وأتقن‬
‫اللغة الفرنسية واقتبس أنوار العلوم الفرنسية ليجع إل مصر عالا@ مستني@ا ورائد@ا من رواد‬
‫النهضة العلمية الديثة‪.‬‬

‫وف مقرر كتاب القراءة والطالعة كنا نيم بذا الرائد الفذ العملق الذي ل تزل صورته‬
‫بعمامته الزهرية عالقة ف ذهن؛ عال أزهري يسافر إل فرنسا لبضع سني يأت بذوة من‬
‫علم أهل باريس ليضيئ الطريق لمته هذا أمر عجاب وفذ بق!!‬

‫لكن مرت السنون وتغيت مفاهيم الصبا عن الرجل الفذ وانكشف الخبوء وبان الستور‬
‫وظهرت حقيقة رائد النهضة الصرية والعربية الديثة؛ تلكم القيقة الغائبة أو الغيبة عمدا‬
‫حت وقتنا الاضر‪.‬‬

‫)‪(2‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫ويرجع الفضل إل ال أول@ ف تصحيح هذه الفاهيم عن ما يسمى برواد النهضة الصرية‬
‫والعربية الديثة ث إل مؤلفات الغيورين من أهل السلم الذين كشفوا سوأة أفكار رواد‬
‫النهضة الديثة الذين اصطنعوا على أعي الغرب وتربوا على موائدهم؛ فكتابات هؤلء‬
‫العل ماء والد باء وال شتغلي بالتار يخ وبتار يخ ا لدب ساهوا ف ك شف ا لدعاوي البي ثة‬
‫ال ستوردة ا لت تمل ها أدم غة وأقلم هؤلء ا لرواد ا لدد؛ ك شفوا حقي قة د عاوى هؤلء‬
‫جيعا@ رغم تسترهم بزي السلم وحب العرفة وزعمهم البحث عن القيقة!!‬
‫وهم أبعد الناس عن تلك القيقة إنم مرد مرتزقة ف مال الفكر والدب تعمل بالجر‬
‫لساب الغي!!‬

‫هذا الغي الذي ليريد خيا@ لمتنا كما ليريد لا بعثا@ ول نضة كما يروجون!!‬

‫وأذكر من هؤلء الكتاب الغيورين الديب الكبي مصطفى صادق الرافعي رحه ال تعال‬
‫الذي جند قلمه للدفاع عن الفصحى وخاض معاركه الدبية تت راية القرآن‪.‬‬

‫وأذكر آل شاكر تلكم السرة الباركة الت حلت لواء الذب عن العقيدة والسنة النبوية‬
‫و نذرت نف سها لل غة العرب ية أو لم وا لدهم ال شيخ م مد شاكرالذي شغل من صب قا ضي‬
‫القضاة ف السودان وتوف سنة ‪1929‬م‪.‬‬

‫والدث العلمة أبو الشبال القاضي الشرعي أحد ممد شاكر الذي توف سنة ‪1958‬م‬
‫وزبدة هذه السرة الكرية الديب العلمة أبو فهر الستاذ الشيخ ممود ممد شاكر الذي‬
‫توف أغسطس ‪1997‬م الوافق )ربيع الخر ‪1418‬هـ( رحهم ال جيعا@‪.‬‬

‫وأذكر أيضا@ أستاذ الدب والتاريخ الدكتور ممد ممد حسي ذلك الرجل الغيور على‬
‫دينه الذي ألف وأجاد وأفاد حت صارت كتبه معلما@ لغن لطالب العلم الذي يبحث ف‬
‫جذور البلء الذي أحل بأمتنا ف العصر الديث‪.‬‬

‫وأرجو أل أ كون مغاليا@ إن قلت‪ :‬إن كل من ك تب ويك تب عن تاريخ الركية الوطنية‬


‫والدبية وحركة التغريب والستشراق ف العصر الديث هم عيال على كتب ومؤلفات‬
‫الدكتور ممد حسي ذلك الرجل الذي كان يعمل ف صمت ودافع عن حصوننا الهددة‬

‫)‪(3‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫من داخلها وفند التاهات الوطنية والدبية ف العصر الديث ووضعهم تت الهر وبقلم‬
‫الناقد البصي دحض مزاعمهم وب̃ين لن قولم وأفكارهم الدامة‪.‬‬

‫فجزاه ال خيا@ لسن صنيعه بكتابته القيمة الفيدة الت ساهت ف تبصي أجيال كانوا قد‬
‫تربوا على تقديس أصنام من صنع ماكينة إعلمية معادية لوية أمتنا السلمية‪.‬‬

‫وما لشك فيه أن هناك لفيفا@ من فند ودحض شبهات هؤلء الرجفي من سار على نج‬
‫آل شاكر والرافعي وممد حسي فجزاهم ال خي@ا لنم كانوا بق منافحي مدافعي عن‬
‫عقيدة السلم وثوابت المة ضد الجمة الشرسة الت يشنها من يطلق عليهم رواد النهضة‬
‫العربية والسلمية الديثة!‬

‫ل نريد أن ننقص من قدر أحد ‪:‬‬

‫"و نن ح ي ندعو إ ل إ عادة الن ظر ف ت قوي الر جال‪ ،‬ل نر يد أن نن قص من قدر أ حد‪،‬‬
‫ولكن نا ل نر يد أن ت قوم ف متمعات نا أ صنام¡ جد يدة مع بودة ل ناس يز عم الزاع مون أ نم‬
‫مع صومون من كل خ طأ‪ ،‬وأن أع مالم كل ها ح سنات ل تق بل ال قدح والن قد‪ ،‬حت إن‬
‫الخدوع بم والتعصب لم والروج لرائهم ليهيج ويوج إذا وصف أحد‪ £‬الناس إماما@ من‬
‫أئمتهم بالطأ ف رأي من آرائه‪ ،‬ف الوقت الذي ل يهيجون فيه ول يوجون حي يوصف‬
‫أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم با ليقبلون أن يوصف به زعماؤهم العصومون‪.‬‬

‫فيقبلون أن يوصم سيف السلم خالد بن الوليد بأنه قتل مالك بن نويرة ف حرب الردة‬
‫طمعا@ ف زوجته‪ ،‬ويرددون ماشاع حول ذلك من أكاذيب‪ .‬ويقبلون أن يل‪K‬طخ تاريخ ذي‬
‫النورين عثمان بن عفان با ألصقه به ابن سبأ اليهودي من ت‪£‬هم‪.‬‬

‫ويقب لون مايروي ال صبهان ف ك تاب ال غان ف س‪£‬ك©̈ين§ة ب نت سيد شباب أ هل ال نة‬
‫السي من أخبار اللهو والون‪ .‬وير̃ددون ما ي‪£‬ذاع من أخبار هارون الرشيد الذي كان‬
‫يج عاما@ ويغزو عاما@ ث أصبح ف أوهام أبناء هذا اليل رمزا@ للخلعة والترف‪ ،‬بل كاد‬
‫يصبح رمزا@ للسراف ف طلب الشهوات‪ ،‬وصورة من أبطال )ألف ليلة وليلة(‪.‬‬

‫يقبلون ذلك كله‪ ،‬ث يرفضون أن ‪£‬يم§س˜ أحد‪ £‬أصنامهم با هو أيسر منه‪.‬‬

‫)‪(4‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫ويت مون بر ية ا لرأي ف كل ما يالفون به ا جاع ال سلمي‪ ،‬و يأبون ع لى مالفيهم ف‬


‫الرأي هذه الرية‪.‬‬

‫ي‪£‬خط‪K‬ئون ك بار الت هدين من أئ مة ال سلمي‪ ،‬وي̃ر حونم بالظنون والو هام وي ثورون‬
‫لتخطيئ سادتم أو تريهم بالقائق الدامغة" د‪ .‬ممد ممد حسي‬

‫بطاقة تعريف بشخصية الطهطاوي ‪:‬‬

‫مولده ونشأته‪:‬‬
‫ولد رفاعة رافع الطهطاوي ف ‪ 7‬جادى الثانية سنة ‪1216‬هـ الوافق ‪ 15‬أكتوبر سنة‬
‫‪1801‬م ف مدينة طهطا إحدى مدن مافظة سوهاج بصعيد مصر‪.‬‬

‫الطهطاوي ف الزهر‪:‬‬
‫التحق بالزهر ف سنة ‪1817‬م )‪1232‬هـ(‪.‬‬
‫تلقى رفاعة العلم عن عديد من شيوخ الزهر العلم‪ :‬لقد درس صحيح البخاري على‬
‫الشيخ الفضال التوف ‪1820‬م )‪1236‬هـ(‪.‬‬

‫ودرس جع الوامع ف الصول و مشارق النوار ف الديث على الشيخ حسن القويسن‬
‫ا لذي تول م شيخة ا لزهر سنة ‪1834‬م )‪1250‬ه ـ( ودرس ال كم ل بن ع طاء ا ل‬
‫السكندري على الشيخ البخاري التوف ‪1840‬م )‪1256‬هـ( ودرس )مغن اللبيب( و‬
‫)جع الوامع( ع لى الشيخ م مد حبيش ال توف ‪1869‬م )‪ .(1269‬ودرس ) شرح ا بن‬
‫عق يل( ع لى ال شيخ ا لدمنهوري ال توف ‪1869‬م )‪1286‬ه ـ(‪ .‬ودرس )ال شون( ع لى‬
‫الشيخ أحد الدمهوجي الذي تول مشيخة الزهر سنة ‪1838‬م )‪1254‬هـ(‪ ،‬والتوف‬
‫‪1848‬م )‪1264‬هـ(‪ .‬ودرس على الشيخ إبراهيم البيجوري الذي تول مشيخة الزهر‬
‫التوف ‪1860‬م )‪1277‬هـ(‪.‬‬

‫)‪(5‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫أما أهم أستاذ تتلمذ على يديه رفاعة الطهطاوي هو الشيخ حسن العطار الولود ‪1766‬م‬
‫)‪1180‬ه ـ( وال توف ‪1835‬م )‪1251‬ه ـ( و قد تول ال شيخ الع طار م شيخة ا لزهر‬
‫سنة ‪1830‬م )‪1246‬هـ(‪.‬‬

‫تلقى تعليمه على أيدي نبة من العلماء منهم الشيخان المي والصبان وتصص ف علم‬
‫النطق و كانت له معارف وا سعة ف علم الف لك وال طب والكيمياء والندسة والوسيقى‬
‫وكان شاعرا‪.‬‬

‫يعده البعض رائد@ا من رواد النهضة العربية الديثة حيث تتلمذ على يديه جيل من الرواد‬
‫كرفا عة الطه طاوي وا لديب والل غوي م مد ع ياد الطن طاوي هاجر إ ل رو سيا عام‬
‫‪1840‬م وترج على يديه عدد كبي من الستشرقي ف مدينة بطرسبج الذين تلقوا علوم‬
‫اللغة العربية وآدابا وظل هناك حت توف ف بطرسبج سنة ‪1861‬م‪.‬‬

‫أنشأ الشيخ حسن العطار جريدة الوقائع الصرية ورأس تريرها‪.‬‬

‫كان يتردد ع لى ال مع العل مي ا لذي أن شأه نابليون ع قب احتل له ل صر سنة ‪1798‬م‬


‫وكانت له علقة حيمة مع حاكم مصر ممد على باشا وقد أدى ذلك إل اتامه من قبل‬
‫ب عض العل ماء أ نه م هادن ل مد ع لي و كان يبر ذ لك أ نه ير يد م صلحة ا لزهر! و كان‬
‫لرفاعة الطهطاوي امتياز خاص عند أستاذه الشيخ العطار إذ كان يلزمه ف غي الدروس‬
‫ليتلقى عنه علوما@ أخرى كالتاريخ والغرافيا والدب‪ ،‬وكان يشترك معه ف الطلع على‬
‫الكتب الغربية الت ل تتداولا أيدي علماء الزهر‪.‬‬

‫ولننسى أن الشيخ العطار هو الذي رشح رفاعة الطهطاوي للسفر إل باريس وزكاه عند‬
‫م مد ع لي با شا‪ .‬ف سنة ‪1821‬م ترج رفا عة ف ا لامع ا لزهر‪ ،‬و كانت سنه وا حد‬
‫وع شرين عا ما@‪ ،‬ث ج لس لل تدريس ف ن فس ا لامع ا لزهر لدة عامي )‪1822‬م ‪-‬‬
‫‪1824‬م( ث انتقل إل وظيفة واعظ وإمام ف خدمة اليش واستمر ف هذا العمل حت‬
‫سنة ‪.1826‬‬

‫وف سنة ‪1826‬م قررت الكومة الصرية إيفاد أكب بعثاتا إل فرنسا وكان الطهطاوي‬
‫ضمن هذه البع ثة ر غم أ نه ل ي كن طال با@ من طلب هذه البع ثة‪ ،‬بل ل قد ر شحه ال شيخ‬

‫)‪(6‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫حسن العطار لكي يقوم لطلبا بالوعظ والرشاد‪ ،‬ويؤمهم ف الصلة‪ ،‬لكنه ل يكتف‬
‫بذلك ونبغ ف تعلم الفرنسية وأجادها وتتلمذ على أيدي أنبه علماء فرنسا ف ذلك الوقت‬
‫فل ما ر جع إ ل مصر صار عل ما@ من ا لعلم حت وقت نا الاضر‪ .‬وأ هم أ ساء بعض طل بة‬
‫البعوث العلمية الت أرسلها ممد علي إل أوروبا‪:‬‬

‫)‪ (1‬رفاعة رافع بك الطهطاوي )أول ناظر لدرسة اللغات واللسن(‪.‬‬


‫)‪ (2‬مصطفى متار بك )أول ناظر للمعارف من تلمذة بعثة ‪1826‬م‪.‬‬
‫)‪ (3‬علي مبارك باشا )الهندس والؤرخ الشهور(‪.‬‬
‫)‪ (4‬يو سف بك حكيكيان ) ناظر مدرسة الهند سخانة من سنة ‪1834‬م إل‬
‫سنة ‪1838‬م‪.‬‬
‫)‪ (5‬ممد علي باشا الكيم )طبيب وجراح مشهور(‪.‬‬
‫)‪ (6‬مصطفى مرمي )مهندس قناطر وجسور(‪.‬‬
‫)‪ (7‬ممد بك السكري )مدرس بدرسة الطب(‪.‬‬
‫)‪ (8‬ممد شافعي بك )ناظر الدرسة الطبية(‬
‫)‪ (9‬ممد بيومي بك )مدرس بدرسة الهندسخانة(‪.‬‬
‫)‪ (10‬مظهر بك )مهندس القناطر اليية(‪.‬‬
‫)‪ (11‬ممد شباسي بك )مدرس بدرسة الطب(‪.‬‬
‫)‪ (12‬حسي بك السكندران )ناظر البحرية(‬
‫)‪ (13‬لبي بك )ناظر مدرسة الهندسخانة من ‪.1838‬‬

‫لقد بلغ عدد من أرسلهم ممد علي باشا إل أوروبا ف زمنه ‪ 319‬طالبا@ أنفق عليهم‬
‫‪ 224‬ألف جنيه مصري‪.‬‬

‫وا ستطاع هؤلء التلم يذ أن يكو نوا سادة الت مع وأن ي ساهوا ب شكل مبا شر وف عال ف‬
‫تغيي وجه التمع الصري على كافة الصعدة واليادين الياتية كما ساهوا ف تغيي بنية‬
‫التمع العقدية والفكرية هم وتلمذتم الذين جاءوا من بعدهم تاما@ كما أراد ممد علي‬
‫باشا ومستشارووه‪.‬‬

‫)‪(7‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫العودة إل مصر‪:‬‬
‫ف سنة ‪1832‬م )‪1283‬هـ( عاد الطهطاوي إل مصر من بعثته وكانت قد سبقته إل‬
‫م مد ع لي ت قارير أ ساتذته ف فرن سا ت كي ت فوقه وامت يازه وتع لق عل يه ال مال ف مال‬
‫الترجة‪.‬‬

‫وكانت أول الوظائف الت تولها بعد عودته من باريس‪ ،‬وظيفة مترجم بدرسة الطب‪،‬‬
‫فكان أول مصري يعي ف مثل هذا العمل‪.‬‬

‫و ف سنة ‪1249) 1833‬ه ـ( انت قل رفا عة الطه طاوي من مدر سة ال طب إ ل مدر سة‬
‫الطوبية )الدفعية( بنطقة )طره( إحدى ضواحي القاهرة كي يعمل مترجا@ للعلوم الندسية‬
‫والفنون العسكرية‪.‬‬

‫وف سنة ‪1251) 1835‬هـ( ت افتتاح أول مدرسة للغات ف مصر وكانت تسمى أول‬
‫ا لمر )مدر سة التر جة( ث تغ ي ا سها ب عد ذ لك إ ل )مدر سة الل سن( و هي ا لن كل ية‬
‫اللسن التابعة لامعة عي شس بالقاهرة‪ .‬ويعتب الطهطاوي أول من أنشأ متحفا@ للثار ف‬
‫تاريخ مصر‪.‬‬
‫ويع تب الطه طاوي أول من شئ ل صحيفة أخ بار ف ا لديار ال صرية ح يث قام بتغي ي شكل‬
‫جريدة )الوقائع الصرية( الت صدر عددها الول ف سنة ‪ 3‬ديسمب ‪1828‬م أي عندما‬
‫كان الطهطاوي ف باريس لكنه لا عاد تول الشراف عليها سنة ‪1842‬م وكانت تصدر‬
‫باللغتي العرب ية والترك ية ح يث ج عل الخ بار ال صرية ا لادة السا سية بدل@ من الترك ية‪،‬‬
‫وأول من أحيا القال السياسي عب افتتاحيته ف جريدة الوقائع‪ ،‬أصبح للجريدة ف عهده‬
‫مررون من الكتاب كان من أبرزهم أحد فارس الشدياق‪ ،‬والسيد شهاب الدين‪.‬‬

‫أهم مؤلفات الطهطاوي‪:‬‬

‫)‪ (1‬تليص البريز ف تلخيص باريز ويسمى هذا الكتاب أيضا@ )الديوان النفيس‬
‫بإيوان باريس( و هو ا لذي صور ف يه الطه طاوي رحل ته إ ل باريس وت قدم به إ ل ل نة‬
‫المتحان ف ‪ 19‬أكتوبر ‪1830‬م‪.‬‬

‫)‪(8‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫)‪ (2‬منا هج الل باب ال صرية ف مبا هج ا لداب الع صرية‪ ...‬و قد خص صه‬
‫الطهطاوي للكلم عن التمدن والعمران ولقد طبع ف حياته سنة ‪1869‬م )‪1286‬هـ(‪.‬‬
‫)‪ (3‬الرشد المي ف تربية البنات والبني‪ ..‬خصصه الطهطاوي لفكره ف التربية‬
‫والتعل يم وآرائه ف ا لوطن والوطن ية‪ ،‬و قد ط بع ف ال عام ا لذي توف ف يه ‪1873‬م )‬
‫‪1290‬هـ( ومطبوع الن طباعة حسنة متوفرة ف السواق‪.‬‬
‫)‪ (4‬أنوار توفيق الليل ف أخبار مصر وتوثيق بن إساعيل‪ ..‬وهو الزء الول‬
‫من الوسوعة الت كان قد عزم الطهطاوي على تأليفها وف هذا الزء يتكلم عن تاريخ‬
‫مصر القدية حت الفتح السلمي‪ ،‬وطبع ف حياة الؤلف سنة ‪1868‬م )‪1285‬هـ(‪.‬‬

‫وعشرات الكتب والباث والقصائد والنظومات الشعرية من علوم شرعية ولغوية وأشعار‬
‫ف الوطنية ومدح الولة وغي ذلك‪.‬‬

‫أهم الترجات الت قام با الطهطاوي‪:‬‬

‫)‪ (1‬ترايخ القدماء الصريي‪ .‬طبع ‪1838‬م‪.‬‬


‫)‪) (2‬تعريب قانون التجارة الفرنسي طبع سنة ‪1868‬م‪.‬‬
‫)‪ (3‬تعريب القانون الدن الفرنسي‪ ..‬طبع سنة ‪1866‬م‪.‬‬
‫)‪ (4‬كتاب قلئد الفلسفة‪ ..‬طبع سنة ‪1836‬م‪.‬‬
‫)‪ (5‬مبادئ الندسة‪ ..‬طبع ‪1854‬م‪.‬‬
‫)‪ (6‬النطق‪ ..‬طبع ‪1838‬م‪.‬‬
‫)‪ (7‬روح الشرائع لتسكيو‪ ..‬ل يطبع‪.‬‬
‫)‪ (8‬أصول القوق الطبيعية الت تعتبها الفرنج أصل@ لحكامهم‪ ..‬ل يطبع‪.‬‬
‫)‪ (9‬الدستور الفرنسي ال نشره ف كتابه تليص البريز‪.‬‬
‫)‪ (10‬ك تاب جغراف ية العموم ية‪ ..‬و هو ك تاب )مل طبون(‪ ..‬تر جم م نه رفا عة‬
‫الطهطاوي أربع ملدات من ثانية‪ ..‬وطبع بدون تاريخ‪.‬‬

‫)‪(9‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫هذا بالضافة إل عشرات الكتب والباث الت كتبها بنفسه أو أشرف عليها ولول خشية‬
‫الطالة لذكرناها‪.‬‬

‫لقد رضي ممد علي ومعظم أبنائه الولة عن الشيخ رفاعة الطهطاوي فقد بلغت ثروته‬
‫يوم وفاته ‪ 1600‬ألف وستمائة فدان غي العقارات وهذه ثروته كما ذكرها علي مبارك‬
‫باشا ف خططه‪ :‬أهدى له إبراهيم باشا حديقة نادرة الثال ف )الانقاة(‪ .‬وهي مدينة تبلغ‬
‫‪ 36‬فدانا@‪ ..‬أهداه ممد علي ‪ 250‬فدانا@ بدينة طهطا‪ ..‬أهداه الديو سعيد ‪ 200‬فدانا‪..‬‬
‫وأهداه الديو إساعيل ‪ 250‬فدانا@‪ ..‬واشترى الطهطاوي ‪ 900‬فدان‪ ..‬فبلغ جيع ما ف‬
‫ملكه إل حي وفاته ‪ 1600‬فدان‪ ،‬غي ما شراه من العقارات العديدة ف بلده طهطا وف‬
‫القاهرة!!‬

‫وف سنة ‪1873‬م كان الطهطاوي قد بلغ الثانية والسبعي من عمره‪ ..‬ودب ف جسده‬
‫ا لوهن‪ ..‬ث توف يوم الثل ثاء ‪ 27‬مايو سنة ‪1873‬م الوا فق ) غرة رب يع ال ثان‬
‫‪1290‬هـ(‪.‬‬

‫مدخل لفهم فكر الطهطاوي ‪:‬‬

‫استوقفتن عبارة ذكرها الشيخ رفاعة الطهطاوي ف كتابه تليص البريز‪" :‬اعلم أنه جاء‬
‫إ ل الفرن ساوية خب و قوع بلد ا لزائر ف أ يديهم ق بل ح صول هذه الفت نة بز من ي سي‪،‬‬
‫فبم جرد ما و صل هذا ا لب إ ل رئ يس ا لوزراء "بولي ناق" أ مر بت سييب مدافع ال فرح‬
‫وال سرور‪ ،‬و صار يتما شى ف الدي نة كأنه يظ هر الع جب بنف سه‪ ،‬ح يث إن مراده ن فذ‬
‫وانتصرت الفرنساوية ف زمن وزراته على بلد الزائر‪ ،‬وما وقع أن الطران الكبي لا سع‬
‫بأخذ الزائر‪ ،‬ودخل اللك القدي الكنيسة يشكر ال سبحانه وتعال على ذلك‪ ،‬جاء إليه‬
‫ذ لك ال طران ليهن يه ع لى هذه الن صرة‪ .‬ف من ج لة كلمه مامع ناه‪ :‬أ نه ب مد ا ل سبحانه‬
‫وت عال ع لى كون ال لة ال سيحية انت صرت ن صرة عظي مة ع لى ال لة ال سلمية‪ ،‬ولزا لت‬
‫كذلك‪ .‬انتهى‪.‬‬

‫مع أن ا لرب ب ي الفرن ساوية وأ هال ا لزائر إ نا هي مرد أ مور سيا سية وم شاحنات‬
‫تارات ومعاملت ومشاجرات ومادلت‪ ،‬منشأها التكب والتعاظم! ومن المثال الكيمة‬
‫لو كانت الشاجرة شجرا@ ل تثمر إل ضجرا" هكذا بكل بساطة يشخص لنا الشيخ رفاعة‬

‫)‪(10‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫الطهطاوي سبب عدوان فرنسا على الزائر!! فقراءة الحداث بنفس مادي واضح ف ثنايا‬
‫كل مات الطه طاوي؛ ف حرب فرن سا ال صليبية لل جزائر ال سلمة مرد أ مور سيا سية‬
‫ومشاحنات ومعاملت تارية!! هكذا حللت لنا قرحة الشيخ الطهطاوي أصل الداء؛ فأس‬
‫العضلة الفرنسية الزائرية منشؤها التكب والتعاظم!! فمن الذي يتكب على من أيها الشيخ‬
‫البجل؟! فرنسا الدولة العتدية الاربة لبلد إسلمي أم شعب الزائر العزل؟!‬

‫والعجيب أن الشيخ رفاعة نقل لنا فرح وسرور الفرنسيي لدرجة أن رئيس حكومتهم أمر‬
‫بإطلق ا لدافع عل مة ال فرح وال سرور‪ ...‬لاذا؟ لن ال لة ال سيحية انت صرت ع لى ال لة‬
‫السلمية!!‬

‫ويزيد المر وضوحا@ أن الطهطاوي ذكر أن مطران باريس الكبي كان يقيم القداس وشكر‬
‫الرب لنتصار اللة السيحية على اللة السلمية!! ورغم هذا الوضوح نرى الشيخ يبعد‬
‫النج عة! وير جع ا لمر إ ل غ ي مراد أه له‪ .‬وه نا كانت خ طورة العلم نة والتف سي ا لادي‬
‫للحداث التاريية‪.‬‬

‫ولعل قارئا@ يتساءل وما علقة الكاية السابقة بالعلمانية؟ أقول إن الدف من هذه الدراسة‬
‫هو إماطة اللثام عن فكر شخصية يعتبها اللدينيون )العلمانيون( رائدة من رواد النهضة‬
‫العربية وال سلمية الديثة ويضفي هؤلء العل مانيون ا لدد ع لى هذه الشخصية م سوح‬
‫القديسي وهالت التنوير والعقلنة وألقاب كثية بغية ارهاب الباحث وكأن رواد العلمانية‬
‫أنبياء جدد!! وحيث إن العلمانية ليست شعارا@ أجوف أو سفسطة جدلية مضة بل إنا‬
‫حقيقة واقعية ضاربة جذورها ف كافة الناحي الياتية ف أمتنا العربية والسلمية رغم‬
‫حداثتها نسبيا‪.‬‬

‫لذلك نسلط الضوء على شخصية الطهطاوي لكونه رائد@ا من رواد العلمانية الستوردة من‬
‫النظو مة الغرب ية وذ لك من خلل مؤل فاته وآرائه ا لت كانت اللب نات ا لول لدخول‬
‫العلمانية ف أقطارنا العربية والسلمية‪.‬‬
‫والعلمان ية ذ لك ال سرطان ا لبيث نده يا صرنا ع لي كا فة ال ستويات فه ناك علمان ية‬
‫حاك مة مت سلطة‪ :‬و هي أظ هر أ نواع العلم نة ونرا ها شاخصة ف عال نا العر ب وال سلمي‬
‫سواء تسربلت بنظام يطلق على نفسه أنه جهوري أو ملكي‪..‬إل‪.‬‬

‫)‪(11‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫وهناك علمانية فكرية‪ :‬وهي أخطر أنواع العلمنة إذا أنا تؤصل وتقعد للسلطة الاكمة‬
‫ولا منابر إعلمية وثقافية )إذاعة‪ ،‬تلفاز‪ ،‬ملت‪ ،‬صحف‪ ،‬دور سينما‪ ،‬مسارح‪ ،‬مؤلفات‪،‬‬
‫مراجع‪ ،‬منديات‪ ،‬قنوات فضائية‪ (..‬وهناك علمانية اجتماعية‪ :‬وهي نتيجة التقعيد السابق‬
‫وثرته وهي الت تعن بالسلوك والخلق والداب العامة والاصة وقد أدت إل تفسخ‬
‫الروا بط ال سرية و صدع التم عات العرب ية وال سلمية الدي ثة‪ ..‬فالعلمان ية قد أ حاطت‬
‫بيات نا و صارت عق بة كأداء أ مام ت قدم ال سلمي و عودتم لدينهم وا ستردادهم ح قوقهم‬
‫الغتصبة من شريعة وحكم وأرض وعرض‪..‬إل فهذه العلمانية شجرة خبيثة يب اجتثاث‬
‫جذورها كمطلب شرعي من حياة السلمي ودفنها ف مقبة اللعودة‪.‬‬

‫"والعلمانية كلمة اخترعها اللبنانيون من جذر )علم( أي العتماد على العلم وأن الدين‬
‫خرافة ولينسجم مع العلم‪ ،‬إذن يب أن يفصل بي الدولة وبي الدين ومع حرية التدين‬
‫لن شاء" "العلمانية هي فصل بي مالي ف حياة النسان‪ :‬مال الدنيا‪ ،‬وزينتها ومتعها‪،‬‬
‫ومال الصلة الاصة بي النسان وخالقه‪.‬‬

‫هي‪ :‬فصل بي سلطتي غي متجانستي‪ :‬بي دين أو كنيسة‪ ...‬وسلطة زمنية أو دولة‪.‬‬

‫هي تفرقة بي )طاهر( وهو سر ال ف النسان‪ ...‬و)نس( وهو ما يثل الادة وشرها ف‬
‫حياته‪.‬‬

‫والكنيسة كسلطة مسيحية تباشر أحوال النسان السيحي فيما يتصل بعلقته بربه‪ :‬تباشره‬
‫منذ ولدته إل موته‪ ...‬ومنذ زواجه واناب الولد‪ ..‬حت يظل ف رضاء ال‪ .‬بينما الدولة‬
‫والسلطة الزمنية تباشر شؤونه الجتماعية ف علقته بالخرين معه ف التمع‪ ..‬وشؤونه‬
‫القتصادية ف اللكية ومنفعة الال‪ ..‬وشؤونه ف العاملت التجارية والزراعية والصناعية‪.‬‬

‫العلمانية فصل ف كتاب الياة الوربية‪ ،‬عنيت به الصومة بي الكنيسة والسلطة الزمنية‪،‬‬
‫ف التمعات الوربية ف ماولة لستقلل كل منهما‪ ،‬أو ف ماولة لنع الحتكاك بينهما‪،‬‬
‫بعد الشد والتوتر ف علقتهما‪ ،‬طوال القرون الوسطى وسيادة حكم الكنيسة فيها‪.‬‬

‫ومفهوم الدين‪ :‬هو ما يغطي حاجة النسان‪ ،‬كفرد ف صلته بال داخل مكان العبادة‪ ،‬أو‬
‫ف خارج ها ف ال سرة‪ .‬ومف هوم السيا سة‪ :‬هو ماي شتمل ما عدا ذ لك ا لانب ف ح ياة‬

‫)‪(12‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫النسان‪ .‬والنسان بذلك له جانبان‪ :‬جانب دين‪ ..‬وآخر سياسي‪ ..‬وليتكلم ف الانب‬
‫ا لول‪ ،‬ك ما ليف صل ف يه إل )ر جل د ين( ‪ -‬بالفهوم الكن سي ‪ -‬بين ما ل يارس ا لانب‬
‫الثان إل )رجل دولة(‪.‬‬

‫ور جل ا لدين م طالب بأن ليق حم نف سه ف مال السيا سة‪ ..‬ور جل الدو لة م طالب بأن‬
‫ليق حم نف سه ف مال ا لدين‪ ،‬و قد ي كون ل كل منه ما تأثي ف مال ا لخر‪ ،‬ول كن هذا‬
‫التأثي يبقى ف الفاء‪ ،‬ويظل من الوجهة الشكلية غي معترف به من الانب الخر‪ .‬وعلى‬
‫أية حال فالعلمانية‪ ،‬كما اتفق على مفهومها رجال الكنيسة والدولة معا‪ :‬فصل واضح بي‬
‫تدخل أية من السلطتي القائمتي ـ سلطة الكنيسة‪ ،‬وسلطة الدولة ـ ف مال الخرى‪،‬‬
‫وشؤونا" وأود أن أؤكد أن لفظة )علمان( ليعن القائم بالعلم لمن قريب ولمن بعيد!‬
‫"وإنا يعن التفكي الادي الذي ليؤمن إل بالسوس ويستبعد الغيبات تاما@ من مال بثه‪،‬‬
‫وليسلم أصل@ بوجودها‪ ،‬ولقد ظهر النهج الادي ف الغرب كرد فعل للمنهج الروحي‬
‫الستمد من السيحية والذي يط من قيمة الادة ويعلل الوادث والشياء بالشيئة اللية‬
‫وحدها‪ ،‬وينفي القول بالسباب" أما السلم فهو دين حياة‪ ،‬دين ودولة‪ ..‬ل يوجد ف‬
‫السلم فصل بي السلطتي الدينية والدنيوية كما هو مستقر ف الفهوم الكنسي‪.‬‬

‫نلحظ أن الذي أوصل الطهطاوي إل هذا التأويل الفاسد والفهم السقيم هو انطلقه من‬
‫مقدمة مادية فاسدة فكانت النتيجة فاسدة بالتبعية لنه كان أسي التفسي الادي للظواهر‬
‫والحداث التاريية‪ .‬هكذا بشر الطهطاوي المة السلمية بدين الغرب الديد وبقواني‬
‫ال غرب وأخلق هم!! ونتي جة خل طة الطه طاوي ل هل فرن سا وعلمائ ها وانب هاره ب قوانينهم‬
‫وسلوكياتم‪ ،‬نراه يتأثر بالتفسي الادي ف قراءة الحداث التاريية‪ ،‬فلعجب إذن أن ينظر‬
‫الطه طاوي إ ل اع تداء فرن سا ع لى ا لزائر من من ظور مادي‪ ،‬فالل فات التجار ية‬
‫وال شاحنات الال ية مع الت كب والت عاظم هو سبب الع تداء!! وتغا ضى الطه طاوي عن‬
‫الباعث القيقي للعدوان الفرنسي وأغفل الانب العقدي وأسقط من قاموسه التحليلي‬
‫الرب القدسة أو الهاد ف سبيل ال‪.‬‬

‫ومن ث تواصى العلمانيون الدد بنهج روادهم الوائل وساروا على نفس الدرب الادي؛‬
‫فمراكز الدراسات النتشرة ف ربوع البلد العربية والسلمية تسي على نفس النوذج؛‬
‫التحل يل ا لادي لل حداث الار ية ف ال عال ال سلمي كال هاد ف فل سطي والشي شان‬
‫والر كات ال سلمية ف ال عال العر ب وال سلمي وخل صة أ باثهم ا لت أنف قوا علي ها‬
‫الموال الطائلة‪ ،‬ناهيك عن الوقت والهد؛ تدندن حول التفسي الادي سواء عن عمد أو‬

‫)‪(13‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫شبه ع مد؛ ف تارة هذا ال هاد نتي جة ع لى حد زعم هم ل ظروف اقت صادية وحا لة الف قر‬
‫وانت شار البطا لة و عدم تداول ال سلطة‪ ،‬و تارة حا لة رد ف عل لز ية ‪ 1967‬و تارة لب‬
‫الظ هور هذا ف حا لة إذا و جدوا أن ال قائمي ع لى ال هاد لي سوا ف قراء أو عاطلي!!‬
‫وتليلت ساذجة أن وراء هذا الهاد دول@ أجنبية تول الشباب القائمي على هذا الهاد‬
‫بالال!! وهناك تليلت ل حصر لا تدور ف فلك النظومة الغربية أو السلطوية وتصب ف‬
‫قناة التحليل الادي‪.‬‬

‫وت صداقا@ لا ن قول ع ندما اج تاحت ال قوات ال شيوعية ال سوفيتية أفغان ستان عام ‪1979‬م‬
‫خر جت علي نا العلمان ية العرب ية ال مراء! ت طل برأ سها وت قول إن سبب د خول ال قوات‬
‫الشيوعية استجابة لطلب رئيس دولة أفغانستان فدخل السوفييت لساعدة دولة صديقة!!‬
‫أما العلمانية البيضاء! إن سبب الحتلل هو الوصول إل الياه الدافئة وتأمي حدود التاد‬
‫السوفيات من القوات المريكية‪..‬إل‪.‬‬

‫و قس ع لى ذ لك م شكلة ال سلمي ف البو سنة وكو سوفا وج نوب ال سودان والقو قاز‬
‫وكشمي وبورما‪ :‬م شاكل عرق ية و تداخلت جيوسيا سية‪ ...‬تليلت ماأنزل ال با من‬
‫سلطان!! وضاعت بلد السلم بسبب هذه التحليلت الادية التعمدة وت تييع القضايا‬
‫وكاد أن يتفي من قاموسنا الشرعي الهاد ف سبيل ال كل ذلك نتيجة هذا السرطان‬
‫العلمان الذي هيأ الناخ لذه الصطلحات الدخيلة!!‬

‫وبعد ‪:‬‬

‫كانت هذه تقدمة للقاء الضوء على فكر ومنهج الشيخ رفاعة رافع الطهطاوي واضع‬
‫النط فة ا لول للعلمان ية ف العال العر ب وال سلمي؛ هذه النطفة ا لول ا لت وضعت ف‬
‫رحم أمتنا على حي فرقة من السلمي وعلى حي ضعف وغفلة ف بلد السلم! وطفق‬
‫السلخ يكب ف رحم المة حت صار تنين@ا ميفا@ يبتلع ف جوفه كل القيم بل استثناء!! من‬
‫منطلق هذه التقدمة سأحاول بتوفيق ال أن أستعرض بإياز غي مل أهم القضايا النهجية‬
‫ف فكر رفاعة الطهطاوي وقد رتبتها على النحو التال‪:‬‬

‫الفصل الول‪ :‬الضارة والبداوة ف فكر الطهطاوي‪.‬‬


‫الفصل الثان‪ :‬اللبنات الول للحياة البلانية والقواني الوضعية‪.‬‬

‫)‪(14‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫الفصل الثالث‪ :‬دور العقل ف التحسي والتقبيح عند الطهطاوي‪.‬‬


‫الفصل الرابع‪ :‬الطهطاوي وإحياء نعرات الاهلية وإحلل ولء الوطن مل الدين‬
‫والعقيدة‪.‬‬

‫)رب اشرح ل صدري ويسر ل أمري (‬


‫أسأل ال التوفيق والسداد‬

‫)‪(15‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫الفصل الول‬
‫الضارة‪ ،‬البداوة‪ ،‬التخلف‬

‫ماذا تعن هذه الفاهيم لدى الشيخ رفاعة وما أ ثر ذلك واقع يا@؟ أو بع ن آخر هل كان‬
‫للمنظو مة الغرب ية أ ثر ف ت شكيل عقل ية الطه طاوي ونظر ته إ ل هذه ال فردات‬
‫)الضارة‪/‬البداوة‪/‬التخلف( بنظور مادي وتبنيه التعريف الغرب لذه الفردات؟‬

‫هذا ما سنجيب عنه ف هذا الفصل‪.‬‬

‫يقول الطهطاوي ف الباب الثامن من كتابه )تليص البريز(‪" :‬وقد كانت الناس ف أول‬
‫الزمن تعبد الشمس والق مر والن جوم‪ ،‬وغي ذ لك‪ ،‬ث بالام ال تعال‪ ،‬وبإر ساله الر سل‪،‬‬
‫يع بدون إ لا@ وا حدا@‪ ،‬فك ما الز من ف ال صعود رأ يت ف ال صنائع الب شرية والع لوم الدن ية‪،‬‬
‫وكلما نزلت ونظرت إل الزمن ف البوط رأيت ف الغالب ترقيهم وتقدمهم ف ذلك‪،‬‬
‫وبذا الترقي وقياس درجاته‪ ،‬وحساب البعد عن عن الالة الصلية والقرب منها‪ ،‬انقسم‬
‫سائر اللق إل عدة مراتب‪:‬‬
‫الرتبة الول‪ :‬مرتبة المل التوحشي‪.‬‬
‫الرتبة الثانية‪ :‬مرتبة البابرة الشني‪.‬‬
‫الرتبة الثالثة‪ :‬مرتبة أهل الدب والظرافة والتحضر والتمدن والتمصر التطرقي"‪.‬‬

‫ث يذكر الطه طاوي أمث لة ل كل مرت بة ن تار أمث لة الرت بتي الثان ية والثال ثة‪" :‬وم ثال الرت بة‬
‫الثان ية؛ عرب الباد ية‪ ،‬فإن ع ندهم نو عا@ من الجت ماع الن سان وال ستئناس وا لئتلف‪،‬‬
‫لعرفتهم اللل من الرام‪ ،‬والقراءة والكتابة‪ ،‬وغيها من أمور الدين‪ ،‬ونو ذلك‪ ،‬غي‬
‫أ نم أي ضا@ ل تكت مل ع ندهم در جة ا لترقي ف أ مور ال عاش والع مران وال صنائع الب شرية‬
‫والعلوم العقلية والنقلية‪ ،‬وإن عرفوا البناء والفلحة وتربية البهائم ونو ذلك‪.‬‬

‫ومثال الرتبة الثالثة‪ :‬بلد مصر والشام واليمن والروم والعجم والفرنج والغرب وسنار‬
‫وبلد أمريكة‪ ،‬على أكثرها‪ ،‬وكثي من جزائر البحر اليط‪ ،‬فإن جيع هؤلء المم أرباب‬
‫ع مران وسيا سات‪ ،‬وع لوم‪ ،‬و شرائع و تارات‪ ،‬و لم م عارف كام لة ف آلت ال صنائع‬
‫وال يل ع لى حل ال شياء الثقي لة بأخف ال طرق‪ ،‬و لم ع لم بال سفر ف الب حور‪ ،‬إ ل غ ي‬

‫)‪(16‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫ذ لك" نل حظ تأثر الطه طاوي بالنظو مة الغرب ية فأل فاظ )ال ضارة‪/‬ال بداوة‪/‬التخ لف(‬
‫مصطلحات إغريقية الولد‪ ،‬قد أفرزتا النظومة الغربية الت تنظر إل التمعات النسانية‬
‫نظرة مادية لتعترف بالقيم والخلق كمعيار للرقي!‬

‫وهناك بعض الباحثي الوروبيي ليعترفون بذلك بل يصرون على أن حضارتم لا صلة‬
‫بالقيم وبا لدين ال سيحي وبت عاليم الن يل و يرد ع لى هذا ا لوهم ال ستاذ م مد ق طب‪:‬‬
‫"وأحيا نا@ ت غالط أور با نف سها وتز عم أن ح ضارتا ذات صلة با لدين! فتتم حك بال سيح‪،‬‬
‫وتسمي حضارتا )الضارة السيحية( وليس هناك ما هو أكذب من هذا على الواقع !‬
‫فالسيح قد دعا للترفع عن متاع الرض من أجل خلص الروح‪ ،‬وقال‪) :‬من ضربك على‬
‫خدك ا لين فأدر له الي سر‪ ،‬و من أراد أن يأ خذ ثو بك فأعطه ا لرداء أي ضا(‪ .‬و ما أب عد‬
‫الواقع الورب عن دعوة السيح عليه السلم‪.‬‬

‫فهي لتدير خدها اليسر لن ضربا على خدها الين‪ ،‬بل هي تضرب‪ ،‬وتنهب‪ ،‬وتسلب‪،‬‬
‫وتغتصب برغبة عدوانية خالصة دون أن يسها أحد! إنا ليست وريثة دعوة السيح‪ ،‬إنا‬
‫هي وري ثة الاهل ية الرومان ية ا لت ت سعى إ ل القوة ل تذل ا لخرين وتقهرهم‪ ،‬وت ستعبدهم‬
‫ل صالها الا صة‪ ،‬وا لت ت سعى إ ل تزي ي ال ياة ا لدنيا ب كل زي نة من أ جل أن ت غرق ف‬
‫التاع! والذين يقولون عن الضارة الغربية العاصرة إنا إغريقية رومانية هم أصدق بكثي‪،‬‬
‫وأوضح بكثي من الذين يزعمون لا أي صلة بالسيح عليه السلم‪.‬‬

‫وكونا إغريقية رومانية ف أساسها‪ ،‬هو الذي رشحها أن تتقبل التفسي اليوان للنسان‬
‫الذي ابتدعه دارون‪ ،‬وأن تتبن للنسان فكرة صراع البقاء الت فسربا دارون حياة اليوان‬
‫وسلوكه‪.‬‬

‫ورشحها كذلك أن تفسر التاع ذلك التفسي اليوان الذي تارسه ف الفوضى النسية‬
‫الت تعيشها ف وسائل إعلمها وف واقع حياتا" أقول‪ :‬أوربا رغم انسلخ حضارتا من‬
‫دعوة السيح عليه السلم إل أنا تعلن تسكها بذه الصلة إذا شعرت أن مصالها مهددة‬
‫من قبل قوة عقائدية تالف منظومتها فشعار الصليب يظهر وتعلن التعبئة العلمية العامة‬
‫ف مواجهة السلم‪ ،‬عدوها الول ف هذه الرحلة‪.‬‬

‫)‪(17‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫و من ق بل كانت تارب النظو مة الغرب ية ال شيوعية با سم د عوة ال سيح!! فأي ح ضارة‬


‫يبشرنا با الشيخ رفاعة الطهطاوي!! فالطهطاوي جعل مرتبة أفضل اللق رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم وصحابته الطهار أدن من الرتبة الثالثة أي ف مرتبة التخلفي حضاريا!!‬
‫بعن أوضح مرتبة هتلر وبيتهوفن وماري أنطوانيت ورزفلت وبوش وغيهم أفضل رقيا‬
‫وحضارة من مرتبة رسول ال صلى ال عليه وسلم وبقية الصحابة الخيار طبقا@ للمنظور‬
‫الغرب!! والسبب ف ذلك أن الصحابة رضي ال عنهم ومن تبعهم من أجيال خيية ل‬
‫تكت مل ع ندهم در جة الر قي ف أ مور ال عاش والع مران طب قا@ للت قوي ا لادي لدى‬
‫الطهطاوي!! ومن ث فالرتبة الثالثة‪ :‬هي النوذج المثل‪ ..‬لاذا؟ "لن جيع هؤلء المم‬
‫أر باب ع مران وسيا سات‪ ،‬وع لوم صنائع‪ ،‬و شرائع‪ ،‬و تارات‪ ،‬و لم م عارف كام لة ف‬
‫آلت الصنائع واليل على حل الشياء الثقيلة أخف الطرق " بناء على هذه النطلقات‬
‫والفاهيم النحر فة ظهرت ك تب م ثل "العظ ماء مائة‪ ،‬أولم ممد صلى ا ل عل يه و سلم"‬
‫فالكتاب ظاهره الدح وباطنه القدح والساءة لشخص رسول ال صلى ال عليه وسلم!!‬
‫ف هل يع قل أن أ ضع ر سول ا ل مع ممو عة من النحرف ي وال شواذ وال ساقطي و سفاكي‬
‫الدماء وأقول هؤلء أعظمهم ممد صلى ال عليه وسلم‪ ..‬حاشا لقام رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم أن يدنس ويوضع مع سفلة القوم مهما علت منلتهم ف أوطانم‪.‬‬

‫كل ذلك بسبب التقوي الادي‪ ،‬والذي دفعهم إل ذلك هو نظرتم إل شخصية الرسول‬
‫صلى ال عليه وسلم الردة دون النظر إل الوحي فشخصية الرسول عندهم الرجل النتصر‬
‫العبقري الذي اكتسح أتباعه العال ونشروا تعاليمه‪ ...‬دون النظر إل الوحي أو إل أو إل‬
‫القيمة الخلقية فيستوي الرسول هنا ف نظرهم مع نابليون وروميل جورج واشنطن!!‬
‫ومن ث ظهرت حى النهج التجريب ف بداية القرن النصرم ف النطقة العربية والسلمية‪.‬‬

‫ونرى ذلك واضحا@ ف كتاب "حياة ممد صلى ال عليه وسلم" ليكل الذي تكلم عن‬
‫شخ صية الر سول ال قائد العظ يم دون الن ظر إ ل ا لوحي‪ ..‬وا ندع الب عض ببيق الل قاب‬
‫فألف العقاد عبقرياته الشهية رغم أن العقاد أحسنهم ف الدفاع عن السلم وعن قادته‬
‫الخيار‪.‬‬

‫واتسع الرق على الراقع! وظهرت كتابات تطعن رمزا@ وتصريا@ ف شخص الرسول صلى‬
‫ا ل عل يه و سلم بل و ف رب ال عزة سبحانه وت عال وملئك ته القرب ي م ثل ك تاب "أولد‬
‫حارت نا" لنج يب م فوظ و"آ يات شيطانية ل سلمان ر شدي" وكتا بات لب عض الغ مورين‬
‫ا لذين سطروا صحائف سوداء بأقلم حا قدة ع لى ال سلم وأه له والقائ مة طو يل!! كل‬

‫)‪(18‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫ذلك بسبب هذه الفاهيم العلمانية الستوردة لتقوي وتليل الظاهرة النسانية من خلل‬
‫مايسمى بالرقي الادي‪.‬‬

‫وف هذا السياق يقول الدكتور ممد رشاد ردا@ على الذين ينبهرون بذه الفردات الغربية‪:‬‬
‫"إن النسياق وراء هذا الفهوم ‪ -‬ونن ننبه هنا أننا لننكر الرقي الادي ف إطار أخلقي‬
‫معي‪ ،‬ولنقلل من قيمته ـ يرنا دون وعي إل احتقار الانب الكثر قيمة ف تارينا‪،‬‬
‫إننا إذا طبقنا هذا الصطلح بفهومه الادي على تارينا فسوف نسلك رسول ال صلى‬
‫ا ل عل يه و سلم و هو خ ي ال لق‪ ،‬ون سلك أ صحابه و هم خ ي ج يل من الب شر ف عداد‬
‫التخلفي حضاريا@ وذلك لنم عاشوا حياة بسيطة خالية من التكلف والتعقيد ف الأكل‬
‫والشرب والسكن وطرائق الياة الختلفة‪ ،‬مع أننا انطلق@ا من مفهومنا الاص للحضارة‬
‫نتخذ من هذا الظهر دليل@ على سو الرسول صلى ال عليه وسلم وأصحابه‪ ،‬وعلى نبلهم‬
‫وعظيم خلقهم‪.‬‬

‫إننا بذا الفهوم لنسيئ إل تاريخ السلم وحده وإنا نسيئ إل تاريخ النسانية كلها؛ إذ‬
‫ندر بذلك قيمة أخلقية قدرتا وأجلتها النسانية عب تاريها وف جيع عصورها وف‬
‫متلف أديانا‪ ،‬وهي قيمة الزهد ف عرض الدنيا وأشيائها ومتعاها وأدواتا ل عن جهل‬
‫با‪ ،‬ول عن عجز عن استعمالا‪ ،‬ولكن ادراكا@ لقيمتها القيقية وهي التغي والزوال وإيثارا‬
‫لا هو أبقى‪ ،‬وهذه أعلى مراتب الدراك‪ ،‬والقدرة على ضبط النفس‪ ،‬وهي أرقى مراتب‬
‫ا لخلق‪ .‬وإن علي نا أن ن ستعيد ثقت نا ف أنف سنا وا لت ف قدناها أ مام ضغط الف كر الغر ب‬
‫والضارة الغربية‪.‬‬

‫إن نا إن فعل نا ذ لك تل صنا من أ سر ال صطلحات ا لت ا ستعبدت عقول نا ل ساب ال غرب‬


‫وح ضارته‪ .‬و هذه ال صطلحات ا لت لت ثل مقيا سا@ إن ساني@ا شامل@ ت قاس به الف كار‬
‫والعت قدات وال ضارات ـ ك ما يزع مون ـ وإ نا ت ثل وج هات ن ظر خا صة للف كار‬
‫والعت قدات‪ ،‬وال ضارات ت ثل ع قول مب تدعيها‪ ،‬و قد توا فق ا لق أو تالفه في ما يتع لق‬
‫بالخرين‪.‬‬

‫لو ووثقنا ف أنفسنا لتحررنا؛ ولو تررنا لرأينا الشياء على حقائقها‪ ،‬ولعرفنا أنفسنا على‬
‫حقائقها" وتصداق ذلك ينقل لنا الطهطاوي صورة كاملة لأكل وملبس الفرنسيس نتار‬
‫منها‪" :‬أحضروا لنا عدة خدم فرنساوية لنعرف لغاتم‪ ،‬ونو مئة كرسي للجلوس عليها‪،‬‬
‫لن هذه البلد يستغربون جلوس النسان على سجادة مفروشة على الرض‪ ،‬فضل@ عن‬

‫)‪(19‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫ال لوس با لرض‪ ،‬ث ال سفرة للف طور‪ ،‬ث جاءوا بطبل يات عال ية ث ر صوها من الصحون‬
‫البي ضاء ال شبيهة بالعجم ية‪ ،‬وجع لوا قدام كل صحن قدحا@ من ال قزاز و سكينة و شوكة‬
‫وملعقة‪ ،‬وف كل طبلية نو قزازتي من الاء وإناء فيه ملح وآخر فيه فلفل‪ ،‬ث رصوا حوال‬
‫الطبلية كراسي لكل واحد كرس‪ ،‬ث جاءوا بالطبيخ فوضعوا ف كل طبلية صحنا@ كبي@ا أو‬
‫صحني ليغرف أحد أهل الطبلية ويقسم على الميع‪ ،‬فيعطي لك إنسان ف صحنه شيئا‬
‫يقطعه بالسكينة الت قدامه‪ ،‬ث يوصله إل فمه بالشوكة الت بيده‪ ،‬فل يأكل النسان بيده‬
‫أ صل@ ول ب شوكة غ يه أو سكينته أو ي شرب من قدحه أ بدا@‪ ،‬ويزع مون أن هذا أن ظف‬
‫وأسلم عاقبة" ويسترسل الطهطاوي ف وصف الصحون والطباق وأطنب الطهطاوي ف‬
‫اليام بالشوربة الفرنسية والقهوة والشاي والقبلت والسلطة!! لكنه نسي أن يذكر لنا‬
‫هل كان يسك الشوكة بيده اليمن أم اليسرى!!‬

‫وليفى علينا أن هذا السهاب ف وصف البيت الفرنسي ليس من قبيل التسلية وإضفاء‬
‫مسحة التشويق ف الكتابة‪ ،‬بل إن الطهطاوي نقل أنوذجا@ غريبا@ إل متمعاتنا السلمية‬
‫بكم أنا شعوب مقهورة‪ ،‬ومغلوبة على أمرها‪ ،‬والغلوب يتطلع دائما@ إل من هو أقوى‬
‫منه سواء ف الكم أو ف الأكل واللبس! فالطهطاوي نظر إل النوذج الغرب على انه‬
‫أر قى در جة التح ضر والت مدن وأر قى عقلن ية وأو سع معر فة! ه كذا ين ظر ال هزوم إ ل‬
‫النتصر! هكذا ينظر الغلوب التائه الائر إل القوي التغلب!‬

‫وقد سب اين خلدون غور هذه النفس النهزمة فشخص لنا هذه الالة التكرة ف تاريخ‬
‫النسانية بقلمه الواعي الراصد لثل هذه الظواهر البشرية‪" :‬الغلوب دائم@ا مولع بالغالب ف‬
‫شعاره وزيه ونلته وسائر أحواله وعوائده‪.‬‬

‫والسبب ف ذلك أن النفس تعتقد الكمال ف من غلبها وانقادت إليه؛ إما لنظره بالكمال‬
‫با وقر عندها من تعظيمه أو لا تغالط به من أن انقيادها ليس لغلب طبيعي إنا هو لكمال‬
‫الغالب وتشبهت به‪.‬‬

‫وذلك هو القتداء أو لا تراه ـ وال أعلم ـ من أن غلب الغالب لا ليس بعصبية ولقوة‬
‫بأس‪ ،‬وإنا هو با انتحلته من العوائد والذاهب تغالط أيضا@ بذلك عن الغلب‪.‬‬

‫)‪(20‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫وهذا راجع للول‪ ،‬ولذلك ترى الغلوب يتشبه أبد@ا بالغالب ف ملبسه ومركبه وسلحه‪،‬‬
‫ف أخذها وأشكالا‪ ،‬بل وف سائر أحواله‪.‬‬

‫وانظر ذلك ف البناء مع آبائهم كيف تدهم متشبهي بم دائما@‪ .‬وما ذلك إل لعتقادهم‬
‫الكمال فيهم‪.‬‬

‫وان ظر إ ل كل ق طر من الق طار ك يف يغ لب ع لى أه له زي الام ية وج ند ال سلطان ف‬


‫الكثر لنم الغالبون لم حت إنه إذا كانت أمة تاور أمة أخرى ولا الغلب عليها فيسري‬
‫إليهم هذا التشبيه والقتداء حظ كبي‪.‬‬
‫تأمل هذا ف سر قولم‪ :‬العامة على دين اللك! فإنه من بابه‪ .‬إذ اللك غالب لن تت يده‬
‫والرعية مقتدون به لعتقاد الكمال فيه"‪.‬‬

‫أقول‪ :‬الشيخ رفاعة الطهطاوي برته الضارة الغربية الادية ولنه مهزوم ومغلوب اعتقد‬
‫فيهم الكمال فنقل لتمعاتنا السلمية صورا@ سياسية واقتصادية واجتماعية وحياتية لذا‬
‫التغلب القوي لكي يتذي به عالنا السلمي وهنا كان مكمن الطورة لدى التجربة‬
‫الطه طاوي ف باريس ف نراه ين قل ل نا كل شئ ف فرن سا حت حفلت الر قص ي صفها‬
‫بالتفصيل بل ويسنها‪.‬‬

‫وهذا ما سنتكلم عنه ف الفصل الثالث من هذا الكتاب‪.‬‬

‫)‪(21‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫الفصل الثان‬
‫اللبنات الول للحياة البلانية والقواني الوضعية‬

‫لقد اختمرت الفكرة العلمانية ف عقل الشيخ الزهري رفاعة الطهطاوي بعد أن استقاها‬
‫من عدة مصادر نذكر منها‪:‬‬

‫أول‪ :e‬اطلعه على الدستور الفرنسي وترجته للقواني الفرنسية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :e‬معاصرته للثورة الفرنسية‪:‬‬

‫فقد شهد الطهطاوي أحداث ثورة الشعب الفرنسي ‪1830‬م على اللك شارل العاشر‪..‬‬

‫ح يث عاش الطه طاوي أ حداث هذه ال ثورة و نزل ف شوارع باريس و سجل غ ضب‬
‫ال ماهي وتر كاتم ال سلحة‪ ،‬وو صف انت صاراتم ضد ال سلطة الاك مة‪ ،‬وتك لم عن‬
‫السلطة الثورية الؤقتة الت أقاموها ف الحياء‪.‬‬

‫"هذه هي ثورة ‪ 1830‬الت عاشها رفاعة الطهطاوي يوما@ بيوم ومسه منها ليب أشعل‬
‫قلبه وأضاء عقله‪ ،‬وعلمه أن الرية جوهرها مرادف انسان"‪.‬‬

‫)‪(22‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫و ف هذا الو صف ا لثي صور رفا عة الطه طاوي ك يف ا ستول ال شعب ف باريس ع لى‬
‫الوت يل دي ف يل و هي دار البلد ية‪ ،‬وك يف خرج ا لرس ا لوطن ل لدفاع عن ال شعب‪،‬‬
‫وكيف رفع الفرنسيون من جديد التريكولور ‪ -‬أي العلم الثلث اللوان ‪ -‬على الكنائس‪،‬‬
‫والبان العامة‪ .‬وهو علم الثورة الفرنسية الذي كانت اللكية قد ألغته بعد سقوط نابليون‬
‫و عودة ال كم إ ل البور بون وك يف ان ضم ال يش إ ل ال ثوار‪ ،‬وك يف انت هى ا لمر ب عزل‬
‫شارل العاشر وطرد ول العهد إل إنلترا‪ ،‬وبتول لفاييت رئاسة الكومة الؤقتة وبعودة‬
‫لويس فيليب‪ ،‬دوق أورليان‪ ،‬ليكون وصيا@ على العرش ث إعلنه ملكا@ على الفرنسيي‪ ،‬بعد‬
‫أن أقسم يي الولء للدستور‪.‬‬

‫فأسباب ثورة ‪ 1830‬كما شرحها رفاعة الطهطاوي لثقفي جيله تتلخص ف شئ واحد‬
‫وهو الوتوقراطية أو الكم الطلق‪.‬‬

‫وقد تلت أوتوقراطية شارل العاشر ف خرقه دستور ‪ 1818‬مرتي‪ :‬مرة بتمسكه بوزارة‬
‫بولينياك الت أقالتها الغلبية البلانية ولوئه إل إصادر سلسلة من القواني غي الدستورية‬
‫دون الرجوع إل البلان‪ ،‬وأمره بفرض الرقابة على الطبوعات وبصادرة حرية الصحافة‬
‫وحرية التعبي بوجه عام"‪.‬‬

‫أقول‪ :‬هذه الثورة الت يشيد با الطهطاوي ثورة الحادية معدية لي دين‪ ،‬قامت للقضاء‬
‫على الرابطة الدينية لدى الشعوب السيحية‪ ،‬وأكدت على عبادة الفرد والصلحة وإطلق‬
‫العنان لرغبات الفرد وقد أدت إل تفسخ التمع الواحد وتفرق الناس شيعا@ وأحزاب@ا ووقع‬
‫التمع ف فوضى وتناحر نتيجة لتشعب الراء واختلف الشاعر الت كان يوحدها الدين‪.‬‬

‫فالشيخ الطهطاوي أعجبه بريق الرية الت نادت با الثورة الفرنسية وحالة المن والرخاء‬
‫الادي ف التمع الفرنسي ول يسب غور مبادئ الثورة الفرنسية وأسباب اندلعها ومن‬
‫وراء أحداثها فهو ل يفهم من الرية معناها الواسع الذي عنته الثورة الفرنسية وهي ثورة‬
‫ل دينية‪ ،‬بل هي ثورة معادية للدين‪ ،‬وأصبع الاسونية وأثر الصهيونية العالية فيها واضح‬
‫مشهور‪.‬‬

‫ل يفهم الطهطاوي الرية ف ذلك العن اللدين الواسع الذي يشمل حاية القانون لكل‬
‫العمال والقوال الت تز القيم الدينية والعراف الجتماعية‪.‬‬

‫)‪(23‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫وتاهر بخالفتها وتسفيهها‪ ،‬والت تنشر الفوضى وتفرق الماعة بالتشكيك فيما يلتقي‬
‫عليه الناس من عقائد وقيم‪ ،‬والت تطلق للشهوات العنان لنا لترى أن على الدولة التزاما‬
‫دينيا أو خلقيا‪.‬‬

‫ثالثا‪ :e‬أساتذته الذين أشرفوا على تعليمه ف فرنسا‪:‬‬

‫من أمثال‪ :‬السيو "جومار" الشرف على البعثة التعليمية‪ .‬والكونت "دي شبول" مافظ‬
‫ولية السي وعضو ملس النواب‪ ،‬وأحد علماء الملة الفرنسية على مصر‪.‬‬

‫ورئ يس بع ثة الست شراق ف ع صره "سلف ستردي سا سي" والست شرق "كو سان دي‬
‫برسفال" وقد تتلمذ الطهطاوي على مموعة من أنبه علماء فرنسا ف ذلك الوقت وعقد‬
‫مع هم صداقات وع كف ع لى مؤل فاتم‪ ،‬و ل تف ته أم هات هذه الؤل فات من ها‪" :‬روح‬
‫القواني" لنتسكيو و"العقد الجتماعي" لان جاك روسو‪..‬إل‪.‬‬

‫وقد ذكر الطهطاوي ف كتابه )تليص البريز( بعض الراسلت بينه وبي كبار علماء‬
‫فرنسا‪ ،‬وذكر عبارات الفاوة والتشجيع الت كتبها له هؤلء العلماء‪.‬‬

‫فيقول عن نفسه‪ :‬رسالة من السيو دساسي‪" :‬فيمن كاتبن عدة مرات مسيو دساسي‪،‬‬
‫ولنذكر لك بعض مكاتبيه‪ ،‬فمنها ما كتبه باللغة العربية‪ ،‬ومنها ما كتبه باللغة الفرنساوية‪.‬‬
‫صورة مكتوب منه‪ " :‬من الفقي إل رحة ربه‪ ،‬سبحانه وتعال‪ ،‬إل الب العزيز الكرم‬
‫وا لخ ال عز الترم ال شيخ الرف يع رفا عة الطه طاوي‪ ،‬صانه ال عزو جل‪ ،‬من كل م كروه‬
‫وشر‪ ،‬وجعله من ذي العافية وأصحاب السعادة والي‪ .‬أما بعد فإن القطعة الت أكملت‬
‫الطالعة فيها من كتابك النفيس وحوادث إقامتك ف باريس رددتا إليك على يد غلمك‪،‬‬
‫ويصلك صحبتها حاشية من على ماتقوله ف باب الفعل ف لغتنا الفرنساوية‪ ،‬فإذا نظرت‬
‫فيها تبي لك صحة ما نستعمله من صيغة الفعل الاضي‪ ،‬فمن الواجب عليك أن تصنف‬
‫كتا با@ ي شتمل ع لى نو اللغة الفرن ساوية التداولة ع ند أمم أور با كلها و ف مالكها حت‬
‫يهتدي أهل مصر إل موارد تصانيفنا ف فنون العلوم والصناعات ومسالكها‪ ،‬فإنه يعود‬
‫لك ف بلدك أع ظم الف خر‪ ،‬ويع لك ع ند القرون الت ية دائم ا لذكر ودمت سالا‪ .‬كت به‬
‫الب‪ :‬سلوستري دساسي‪ .‬انتهى"‪.‬‬

‫)‪(24‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫ورسالة من السيو جومار‪" :‬لا أراد مسيو رفاعة أن أطلع على كتاب سفره‪ ،‬الؤلف باللغة‬
‫العربية‪ ،‬قرأت هذا التاريخ‪ ،‬إل اليسي منه‪ ،‬فحق ل أن أقول‪ :‬أنه يظهر ل أن صناعة ترتيبه‬
‫عظي مة‪ ،‬وأن م نه يف هم إ خوانه من أ هل بلده فه ما@ صحيحا@ عوائد نا وأمور نا الدين ية‬
‫والسياسية والعلمية‪ ،‬ولكنه يشتمل على بعض أوهام إسلمية‪ (..) .‬وبالملة فقد بان ل‬
‫أن م سيو رفا عة أح سن صرف زم نه مدة إ قامته ف فرن سا‪ ،‬وأ نه اكت سب في ها م عارف‬
‫عظيمة‪ ،‬وتكن منها كل التمكن‪ ،‬حت تأهل لن يكون نافعا@ ف بلده‪ ،‬وقد شهدت له‬
‫بذلك عن ط يب ن فس‪ ،‬و له ع ندي من لة عظي مة‪ ،‬وم بة ج سيمة‪ .‬ال بارون‪ :‬سلو ستري‬
‫دسا سي‪ .‬باريس ف شهر فباير سنة ‪ 19 - 1831‬ف شعبان سنة ‪ ."1246‬وه ناك‬
‫بعض الرسائل الخرى من مسيو كوسي دي برسوال الؤرخة بتاريخ ‪ 24‬فباير ‪1831‬‬
‫ولكن نكتفي بذين الثالي‪.‬‬

‫رابعا‪ :e‬تأثره بآراء "سان سيمون" ‪:‬‬

‫و هو مف كر فرن سي و لد عام ‪ 1760‬و هو مؤ سس ا لذهب الو ضعي ا لذي يرى ت طبيق‬


‫البادئ العلمية على جيع الظواهر الطبيعية والنسانية‪ ،‬وفهمها بعيدا@ عن الدين تاما@ وقد‬
‫اصر "سان سيمون" الثورة الفرنسية‪.‬‬

‫بل يعتبه البعض من أبرز مركيها كما أنه الؤسس الفعلي لعلم الجتماع‪ ،‬فهو أستاذ‬
‫"أوجست كونت" الذي تعرف عليه سنة ‪1817‬م وجعله سكرتيا@ له لدة ست سنوات‪،‬‬
‫ومنه استقى "أوجست كونت" مبادئ تقويض الدين وتدميه‪ ،‬وقد تأثر بأفكاره كارل‬
‫ماركس‪.‬‬

‫وخلصة مذهب سيمون اللادي‪:‬‬

‫" أ‪ -‬يرى سيمون أن النسان هو الذي اخترع ال مدفوعا‪ e‬بدوافع مادية! وبعد أن ت‬
‫له ذلك الختراع اعتقد ف أهية نفسه‪ ،‬ويذهب سان سيمون إل أبعد من ذلك فيقول‪:‬‬
‫إن ال ف القيقة فكرة مادية‪ ،‬وهي نتيجة لدورة السائل العصب ف الخ‪.‬‬

‫)‪(25‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫ب ‪ -‬اقترح سان سيمون تكوين جعية من واحد وعشرين عضوا‪ e‬لتمثيل الدارة اللية‬
‫ف الكون‪ ،‬ويقول سان سيمون‪ :‬إن ال يدثه‪ ،‬ويى إليه بفكرة الديانة الديدة ‪ -‬ديانة‬
‫نيوتن ‪ -‬ويقول له‪ :‬إن ملس سوف يثلن على الرض‪ ،‬فيقسم النسانية إل أربعة أقسام‪:‬‬
‫النليز ية‪ ،‬والفرن سية‪ ،‬واللانية‪ ،‬واليطالية‪ ،‬و سوف ي كون ل كل قسم من هذه الق سام‬
‫ملس على غراراللس الرئيس‪ ،‬وسوف يرتبط كل فرع ف العال مهما كان موطنه بأحد‬
‫هذه الق سام )الوروب ية الغرب ية بالطبع(‪ ،‬و باللس الرئ يس وم لس الق سم ا لذي يتب عه‪،‬‬
‫وينتخب النساء ف هذه الالس على قدم الساواة مع الرجال"‪.‬‬

‫وقد التقى الطهطاوي بتلميذ سان سيمون ف مدرسة الندسة العسكرية بباريس‪ ،‬وتأثر‬
‫بأف كارهم بل والت قى بم ف ال قاهرة ع قب عودته إ ل م صر‪ ،‬ون قل الطه طاوي أ هداف‬
‫الاسونية ف مؤلفاته‪ ،‬بعن أوضح التقى الطهطاوي وأتباع سان سيمون على هدف واحد‬
‫هو القضاء على السلم‪ ،‬وتغريب السلمي بجة التطوير‪ ،‬ومواكبة التحديث الوروب‪.‬‬

‫هكذا اصطنع الطهطاوي على أعي علماء الفكر الادي الديث ف فرنسا‪ ،‬وهؤلء هم‬
‫شيوخه الدد الدد!! وهذه أهم الينابيع الت استقى الطهطاوي منها أفكاره الت نقلها إل‬
‫العال السلمي‪.‬‬

‫و كانت أخ طر ال صور ا لت نقل ها الطه طاوي إ ل متمعات نا هي ال ياة البلان ية و مالس‬


‫التشريع وهي عصب النظومة الغربية بل وعمودها وإن اختلفت أشكالا‪.‬‬

‫ومن منطلق هذه التقدمة‪ ،‬سنلقي الضوء على بعض الفكار الت استقاها الطهطاوي من‬
‫الدستور الفرنسي كقضية القوق الدنية الت تعتمد على ركيزتي ها )الساواة والرية(‬
‫وقد دندن الطهطاوي حول هذه القوق ف معظم كتبه وهي الت جعلته مغرما@ بالنظومة‬
‫الغربية‪:‬‬

‫أول‪ :e‬الدستور الفرنسي والكلم عن الياة البلانية‪:‬‬

‫بداية ل يكن الطهطاوي مترجا@ بالعن الرف لذه الهنة‪ ،‬بل إن الطهطاوي قد تاوز ذلك‬
‫كثيا‪..‬‬

‫)‪(26‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫فال شيخ رفا عة ي قوم بالتر جة وال شرح والتعل يق وا بداء وج هة ن ظره ف كثي من الق ضايا‬
‫وهذا ما سنوضحه على النحو التال‪:‬‬

‫ي قول الطه طاوي ف ت قدمته لتر جة الد ستور الفرن سي‪" :‬وال قانون ا لذي ي شي عل يه‬
‫الفرنساوية الن ويتخذونه أساسا@ لسياستهم‪ ،‬هو القانون الذي ألفه لم ملكهم السمى‬
‫لويز الثامن عشر وليزال متبعا@ عندهم ومرضيا@ لم وفيه أمور لينكره ذووا العقول أنا من‬
‫باب العدل‪ .‬والك تاب الذكور الذي ف يه هذا القانون يسمى ال شرطة‪ .‬ومعناها ف اللغة‬
‫اللطين ية ور قة‪ ،‬ث ت سومح في ها فأطلقت ع لى ال سجل الك توب ف يه الح كام الق يدة‪،‬‬
‫فنذكره لك‪ ،‬وإن كان غالب ما فيه ليس ف كتاب ال وسنة رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم‪ ،‬لتعرف كيف قد حكمت عقولم بأن العدل والنصاف من أسباب تعمي المالك‬
‫ورا حة الع باد‪ ،‬وك يف ان قادت ال كام والرعا يا لذلك حت ع مرت بلد هم‪ ،‬و كثرت‬
‫معارفهم‪ ،‬وتراكم غناهم‪ ،‬وارتاحت قلوبم‪ ،‬فلتسمع فيهم من يشكو ظلما@ أبدا@‪ ،‬والعدل‬
‫أساس العمران‪".‬‬

‫أقول‪ :‬نلحظ أن الطهطاوي يدح دين العلمانية؛ فقانونم البشري هو الذي أراح بالم‬
‫وعقولم وكثرت معارفهم وتراكم غناهم وارتاحت قلوبم‪..‬إل ‪.‬‬

‫و كأن الر جل يتك لم عن الدو لة العمر ية أو الل فة الرا شدة! ول ن قول ع لى الر جل؛‬
‫فالطه طاوي يع لم أ نه يتك لم عن قواني و ضعية من أدم غة ب شرية ك ما ي قول "وإن كان‬
‫غالب مافيه ل يس ف ك تاب ا ل ول ف سنة ر سوله صلى ا ل عل يه و سلم" ور غم هذا‬
‫الوضوح انبى الستاذ فتحي رضوان مدافعا@ عن عبارة الطهطاوي الذكورة‪" :‬ول يكن‬
‫قصد الطهطاوي بذه العبارة الشارة إل علمانية الكم الفرنسي‪ ،‬أي فصل الدين عن‬
‫الدولة"‪.‬‬

‫وت صداقا@ لوج هة نظر نا ند أن مع ظم من ك تب عن الطه طاوي يث بت مدح الطه طاوي‬


‫العلمانية الغربية؛ فالدكتور ممد عمارة مقق العمال الكاملة لؤلفات الطهطاوي يذكر‪:‬‬
‫"فالطهطاوي يتدح علمانية الفرنسيي وتسامهم الدين الناتج عن هذه العلمانية"‪.‬‬

‫ولزيد من تلبس الطهطاوي بالفكرة العلمانية وخاصة ف التشريع‪ ،‬يقول الطهطاوي ف‬


‫كتابه مناهج اللباب "ث إن الالة الراهنة اقتضت أن تكون القضية والحكام على وفق‬

‫)‪(27‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫معاملت العصر‪ ،‬با حدث فيها من التفرعات الكثية التنوعة بتنوع الخذ والعطاء من‬
‫ال نام"‪ ،‬ول نا وقفة مع هذه الفقرات ف الفصل ال ثالث ‪ -‬إن شاء ا ل ‪ -‬و ف هذا القدر‬
‫كفاية‪.‬‬

‫عود إل الدستور الفرنسي ح يث يترجم الطهطاوي مواد الدستور بالتفصي التع مد‪ ،‬ث‬
‫يشرع ف التعليق على بعض بنوده‪ ،‬وقد أفسح لا الال ف فصل كامل ف كتابه تليص‬
‫البريز‪.‬‬

‫نتار بعض الفقرات والبنود الت ترجها وعلق عليها الشيخ رفاعة‪ :‬ذكر الطهطاوي ف‬
‫ترجة ديباجة الدستور الفرنسي "وف هذا القانون عدة مقاصد؛‬
‫القصد الول‪) :‬الق العام للفرنساوية(‪.‬‬
‫الثان‪) :‬كيفية تدبي الملكة(‪.‬‬
‫الثالث‪) :‬ف منصب ديوان البي(‪.‬‬
‫الرابع‪) :‬ف ديوان رسل العمالت الذين هم أمناء الرعايا ونوابم(‪.‬‬
‫الامس‪) :‬ف منصب الوزراء(‪.‬‬
‫السادس‪) :‬ف طبقات القضاة وحكمهم(‪.‬‬
‫السابع‪) :‬ف حقوق الرعية("‪.‬‬

‫ث شرع الطهطاوي ف ذكر مواد الدستور الفرنسي نتار منها‪" :‬الادة الامسة عشر‪:‬‬
‫)تدبي أمور العاملت بفعل اللك وديوان البي ورسل العمالت("‪.‬‬

‫ولنترك الطهطاوي يوضح لنا وظيفة هذه الديواني‪" :‬وظيفة أهل ديوان البي‪ :‬تديد قانون‬
‫مفقود أو إبقاء قانون موجود على حاله ويسمى عند الفرنساوية شريعة‪ ،‬فلذلك يقولون‪:‬‬
‫شريعة اللك الفلن‪ .‬ومن وظيفة ديوان البي أن يعضد حقوق تاج الملكة ويامي عنه‬
‫ويانع سائر من يتعرض له‪ ،‬وانعقاد هذا الديوان يكون مدة معلومة من السنة ف زمن‬
‫اجت ماع د يوان ر سل الع مالت بإذن م لك الفرن سيس‪ ،‬و عدد أ هل ذ لك ا لديوان غ ي‬
‫منح صر ف مصو صة‪ ،‬وليق بل د خول الن سان ف يه إل و هو ا بن خ سة وع شرين سنة‪،‬‬
‫وليشرك ف الشورى إل وهو ابن ثلثي سنة‪ ،‬مال يكن من بيت الملكة‪ ،‬وإل فبمجرد‬
‫ولدته يسب من أهل هذا الديوان‪ ،‬ويشرك ف الشورة حي يبلغ عمره خسة وعشرين‬

‫)‪(28‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫سنة‪ ،‬وكانت وظيفة البيية متوارثة للذكور‪ ،‬فيقدم أكب الولد‪ ،‬ث بعد موته يقدم من‬
‫يليه‪ ،‬وهكذا"‪.‬‬

‫ويشرح لنا الطهطاوي وظيفة ديوان رسل العمالت قائل@‪" :‬ووظيفة ديوان رسل العمالت‬
‫غي متوارثة‪ ،‬ووظيفتهم امتحان القواني والسياسات والوامر والتدبي‪ ،‬والبحث عن إيراد‬
‫الدو لة و مدخولا وم صرفها‪ ،‬والناز عة ف ذ لك‪ ،‬والمان عة عن الرع ية ف ال كوس وال فرد‬
‫وغيها إبعادا@ للظلم والور‪ ،‬وهذا الديوان مؤلف من عدة رجال ينصبهم أهال العمالت‪،‬‬
‫و عددهم أربع مائة وثان ية وع شرون ر سول@‪ ،‬ول يقب لون إل ب عد ب لوغ كل وا حد من هم‬
‫أربعي سنة‪ ،‬ولبد أن يكون لكل واحد منهم عقارات تبلغ فردتا ألف فرنك كل سنة" ‪،‬‬
‫تأمل! هذا الوصف السهب لذه الادة!‬

‫فالطهطاوي يتحدث عن ديوان البي وهو بثابة ملس شورى للسلطة الاكمة‪ ،‬ويشبه هذا‬
‫الديوان ملس اللوردات ف انلترا‪ .‬ث يتحدث عن ديوان رسل العمالت وهو ما يسمى‬
‫بجلس التشريع وهو يشبه ملس العموم البيطان‪ ،‬ومايسمى بجالس الشعب أو المة ف‬
‫بلد نا هذه ال يام‪ ..‬ونل حظ أن الطه طاوي تك لم عن وظي فة ا لديوان و شروط وكيف ية‬
‫عضوية هذه الالس بالتفصيل!! وكأنه يقول لتمعاتنا السلمية هذه صورة مثلى لكم‬
‫العلمانية الغربية فحري بكم أن تطبقوها ف متمعاتكم!! وفعل@ نزلت كتابات الطهطاوي‬
‫على أرض الواقع وصرنا ندور ف فلك النظومة الت كان ينشدها الشيخ رفاعة الزهري‬
‫الن شأة‪ ،‬ال صوف الن عة‪ ،‬ال شعري العق يدة!! و لن نط يل ف التعل يق ع لى مواد الد ستور‬
‫الفرن سي ول كن سنتعرض لبعض الق ضايا النبث قة من ق ضية تر جة الد ستور الفرن سي ا لت‬
‫أثار ها الطه طاوي ف كت به وتغ ن با العل مانيون ا لدد وهي كثية منها‪ :‬القوق الدن ية‬
‫ومايتعلق با مثل )الساواة ـ الرية(‪.‬‬

‫قضية القوق الدنية‪:‬‬

‫ل يستخدم الطهطاوي مصطلح القوق الدنية ف كتابه تليص البريز أي ف بداية حياته‬
‫و هو ف ريعان شبابه‪ ،‬لك نه استخدم الصطلح الذكور بعد أربع ي سنة و كان ذ لك ف‬
‫كتابه مناهج اللباب الذي ألفه سنة ‪1870‬لقد تدث الطهطاوي عن القوق الدنية أو‬
‫مايسمى بإعلن حقوق النسان والواطنة حيث ذكر ذلك ف خاتة كتابه مناهج اللباب‬
‫ف الفصل الول تت عنوان )حقوق الرعية(‪.‬‬

‫)‪(29‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫ويعرف الطه طاوي ال قوق الدن ية قائل@‪ " :‬هي ح قوق أهل الع مران بعضهم ع لى بعض‬
‫لفظ أملكهم ومالم وما عليهم‪ ،‬مافظة ومدافعة‪ ،‬ويتفرع من حقوق الملكة العمومية‬
‫أي الساسة والدارة اللكية‪ ،‬ومن القوق الدنية الشخصية فرع آخر من القوق مايسمى‬
‫ب قوق ا لدوائر البلد ية‪ ،‬يع ن ح قوق ال نواحي وال شيخة البلد ية‪ ،‬ف هذه ال قوق تتع لق‬
‫بالمت يازات الصو صية ل كل ناح ية" أ قول‪ :‬نل حظ أن الطه طاوي ل يأت بد يد ف هذه‬
‫القوق مدونة ف كتب الفقه السلمي تت مقاصد الشريعة السلمية ندها ف أبواب‬
‫ال عاملت والنك حة‪ ،‬وال فرائض‪ ،‬والو صايا‪ ،‬وا لدود‪ ،‬والنا يات‪ ،‬والق ضية‪ ،‬والبي نات‬
‫وا لدعاوى‪..‬إ ل‪ .‬فالطه طاوي يتك لم عن ال قانون ا لداري وال قانون الد ستوري بالفهوم‬
‫الغر ب ا لديث لذلك ب سط الكلم عن ا لدوائر البلد ية وطري قة انت خاب أع ضاء ا لالس‬
‫التشريعية والبلدية‪..‬‬

‫فالطهطاوي ينقل النوذج ويرسم السياسة من خلل ترجته ومؤلفاته‪ .‬لذلك لغرو أن‬
‫ي شيد العل مانيون ا لدد بعبقر ية الطه طاوي ومنهجي ته؛ ح يث ام تدحه لف يف من الك تاب‬
‫والدباء؛ فهذا سي أبوحدان يقول عن الطهطاوي بعد تعليقه على قضية القوق الدنية‪:‬‬
‫"لعله من نافل القول بأن رفاعة الطهطاوي يأت ف طليعة من تصدى‪ ،‬ف مصر لسألة‬
‫الريات والقوق الدنية‪.‬‬

‫وتأسيسا@ على ذلك نستطيع أن نعتبه عن حق أب الديقراطية الصرية‪ .‬ولعل رفاعة ف‬


‫تركيزه على هذه النقطة أي الريات والقوق الدنية‪.‬‬
‫كان ينطلق من فهم عميق لبنية الدولة الديثة‪.‬‬

‫ف لن ت كون الدو لة الدي ثة ف مت ناول ال يد‪ ،‬و ف مت ناول ال صريي تد يدا@‪ ،‬مال ي طالبوا‬
‫بدستور يفظ حقوقهم الدنية وحرياتم‪ .‬فلحداثة بغي حريات‪ ،‬ولدولة على نط ما هو‬
‫سائد ف أوربا بغي حقوق مدنية تفظ كرامة النسان وتن ظر إل يه كقيمة قائمة بذاتا"‬
‫تأمل! هذه الوصاف الت يرددونا )لحداثة بغي حريات( )ول دولة على نط ماهو سائد‬
‫ف أوروبا بغ ي حقوق مدنية تفظ كرامة الن سان( أي بفهوم الخالفة‪ :‬ل حداثة طالا‬
‫السلم يكم!! ل دولة على النمط الوروب طالا@ السلم يكم!! ل كرامة للنسان ف‬
‫ظل ح كم إ سلمي!! هذا ما ير يده الطه طاوي ومر يدوه وتلم يذه‪ ..‬إ سلم الوا لد‬
‫وا لدراويش!! إ سلم كن سي لغ ي!! نتك لم ا لن عن قضيتي متعل قتي بو ضوع ال قوق‬
‫الدنية ذكرها الطهطاوي بصدد شرحه للدستور الفرنسي‪:‬‬

‫)‪(30‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫)أ( الساواة ‪:‬‬

‫ذ كر ال شيخ رفا عة نص الادة ا لول من الدستور الفرن سي‪ " :‬سائر الفرن ساوية م ستوون‬
‫قدام ال شريعة" ويع لق الطه طاوي ع لى نص هذه ا لادة قائل@‪)" :‬الفرن ساوية م ستوون(‪..‬‬
‫مع ناه سائر من يو جد ف بلد فران سا من رف يع وو ضيع ليتل فون ف إ جراء الح كام‬
‫ا لذكورة ف ال قانون حت إن ا لدعوة ال شرعية ا لت ت قام ع لى ال لك‪ ،‬وين فذ عل يه ال كم‬
‫كغ يه‪ ،‬فانظر إ ل هذه ا لادة ا لول فإن لا سلطانا@ عظي ما@ ع لى إقا مة ال عدل وإ سعاف‬
‫الظ لوم وإر ضاء خاطر الفق ي بأنه العظ يم ن ظر@ا إ ل إ جراء الح كام‪ ،‬ول قد كادت هذه‬
‫القضية أن تكون من جوامع الكلم عند الفرنساوية‪ ،‬وهي من الدلة على وصول العدل‬
‫عندهم إل درجة عالية‪ ،‬وتقدمهم ف الداب الاضرة"‪.‬‬

‫هكذا يستمر الطهطاوي ف الطراء بعلمانية فرنسا ويتدح قوانينهم لدرجة اليام! فنص‬
‫الادة الول أخذ بلبه وطفق يردد )لفرق بي حاكم ومكوم‪ ..‬الكل أمام القانون سواء‪..‬‬
‫كادت هذه القضية أن تكون من جوامع الكلم عند الفرنساوية(‪ ..‬لو كان غ ي الشيخ‬
‫رفاعة قالا لقلنا ربا ل يقرأ الرجل عن العدل والساواة والرية ف شريعة السلم!!‬

‫ف هل ي هل الطه طاوي و هو ال شيخ ا لزهري مقا صد وما سن ال شريعة ال سلمية؟! هل‬


‫ي هل الطه طاوي م بادئ شريعننا ال غراء ا لت سطرت للب شرية صحائف من ضياء ح يث‬
‫العدل والساواة والرية ورفع الظلم‪..‬إل‪ ،‬تلكم الشريعة الت طبقها الئمة العلم عدة‬
‫قرون؟! أ كاد أ جزم أن الطه طاوي يع لم يقي نا أن تار يخ ال سلم حا فل ب ثل هذه البادئ‬
‫وال شعارات ا لت عرف ها ف باريس‪ ..‬فالطه طاوي رب يب ا لزهر يع لم أح كام ال شريعة‬
‫ال سلمية ج يدا@ و من ث ن ستطيع أن نؤ كد أ نه ل ي شفع للطه طاوي جور ح كام ز مانه‬
‫وب عدهم عن شريعة ال سلم أن ي ستورد للم سلمي قواني الفر نة ويتغ ن با لت حل مل‬
‫شريعة الرحن!!‬

‫وقد وقع الطهطاوي ف تناقض عجيب!! ففي الوقت الذي يشيد فيه بنص الادة الول من‬
‫الد ستور الفرن سي ) سائر الفرن ساوية م ستوون قدام ال شريعة( ‪) ..‬فل فرق ب ي حاكم‬
‫ومكوم ولبي رفيع ووضيع(‪ ..‬ند هذه الادة الت هي من جوامع الكلم عند الفرنساوية‬

‫)‪(31‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫ع لى حد قوله! ت صطدم ب نص ا لادة الراب عة والثلث ي ف باب كيف ية تدبي المل كة‬
‫الفرنساوية‪.‬‬

‫وهذا نصها‪ :‬الادة الرابعة والثلثون‪ :‬ليكن أن يقبض أحد على واحد من أهل ديوان‬
‫البي إل بأمر ذلك الديوان‪ ،‬وليكن أن يكم عليه غيهم ف مواد النايات"‪.‬‬

‫أ قول‪ :‬تأ مل! هذه ا لادة تتك لم عن ال صانة البلان ية لع ضو م لس ال نواب‬


‫)شورى‪/‬شعب‪/‬أمة( بعن أن أي عضو يرتكب أية جرية سواء )جناية‪/‬جنحة‪/‬مالفة( فإنه‬
‫ليستطيع أحد أن يرك ضده الدعوى العمومية إل بعد موافقة ملس الشعب أو الشورى‬
‫وليستطيع مأمورة الضبط القضائي أن يقبض عليه بوجب هذه الصانة!!‬

‫فأين الساوة وأين )لفرق بي حاكم ومكوم(!! وأين )جوامع الكلم(!! هذه الادة الت‬
‫صدرتا الثورة الفرنسية وهي مادة استغلل النفوذ؛ تعطي امتيازات لطبقة من أبناء التمع‬
‫ع لى حساب الخرين‪ ،‬فل يستطيع أحد أن يقاضي عضو م لس ال نواب إل بعد موافقة‬
‫اللس وهي عملية معقدة‪ ،‬وقد ليوافق اللس على سحب الصانة من العضو!! فأي‬
‫مساواة هذه الت يبشرنا با الطهطاوي؟!!‬

‫وأين هذه الساواة من قول الرسول صلى ال عليه وسلم‪" :‬لو أن فاطمة بنت ممد سرقت‬
‫لقطعت يدها"‪.‬‬

‫أين هذا من التطبيقات الواقعية ف عهد الرسول صلى ال عليه وسلم ف إقامته حد القذف‬
‫ع لى ح سان بن ثابت ر ضي ا ل ع نه؛ ر جل ا لعلم ا لول ا لذي كان ينا فح عن د عوة‬
‫السلم؟!‬
‫وأين هذه الساواة من قول عمر رضي ال عنه لحد أقباط مصر وهو يشكو ابن الاكم‬
‫"ا ضرب ا بن ا لكرمي"‪ ..‬أ ين ح صانة ع مرو بن ال عاص ا لذي ج يئ به من م صر و هو‬
‫واليها‪ ،‬ليحاكم أمام أحد رعيته‪ ،‬ويقتص من ابنه وأمام جع من عامة السلمي!!‬

‫وهل نسي الطهطاوي أو تناسى عدل الرشيد وآل زنكي وصلح الدين اليوب؟!! التاريخ‬
‫ال سلمي ذا خر بذه الو قائع النوران ية ول كن ماذا ع سانا أن ن قول إزاء هؤلء الهزوم ي‬
‫الذين يستضيئون بنار العلمانية!!‬

‫)‪(32‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫)ب(‪ :‬الرية ‪:‬‬

‫ذكر الطهطاوي ف ترجته للدستور الفرنسي‪" :‬الادة الرابعة‪ :‬ذات كل واحد منهم يستقل‬
‫با‪ ،‬وي ضمن له حريت ها‪ ،‬فليت عرض له إن سان إل بب عض ح قوق مذكورة ف ال شريعة‪،‬‬
‫وبالصورة الت يطلبه با الاكم" وذكر أيضا@‪" :‬الادة الثامنة‪ :‬لينع إنسان ف فرنسا أن‬
‫يظهر رأيه‪ ،‬وأن يكتبه‪ ،‬ويطبعه‪ ،‬بشرط أن ليضر ماف القانون‪ ،‬فإذا ضر أزيل"‪ ،‬ويعلق‬
‫الطهطاوي علي هاتي الادتي قائل‪" :‬أما الادة الرابعة‪ :‬فإنا نافعة لهل البلد والغرباء‪،‬‬
‫فلذلك كثر أهل هذه البلد وعمرت بكثي من الغرباء‪ .‬أما الادة الثامنة‪ :‬فإنا تقوي كل‬
‫إنسان على أن يظهر رأيه وعلمه وسائر ما يطر بباله ما ليضر غيه‪ ،‬فيعلم النسان سائر‬
‫ما ف نفس صاحبه"‪.‬‬

‫ث يتكلم الطهطاوي تت بند )خلصة القوق الفرنساوية الن بعد سنة ‪" :(1830‬ومن‬
‫الشياء الت ترتبت على الرية عند الفرنساوية أن لكل إنسان يتبع دينه الذي يتاره يكون‬
‫تت حاية الدولة‪ .‬ويعاقب من تعرض لعابد ف عبادته‪ ،‬وليوز وقف شئ على الكنائس‬
‫أو إهداء شئ لا إل بإذن صريح من الدولة‪ ،‬وكل فرنساوي له أن يبدي رأيه ف مادة‬
‫السياسات أو ف مادة الديان‪ ،‬بشرط أن ليل بالنتظام الذكور ف كتب الحكام"‪.‬‬

‫و ف ك تابه منا هج الل باب ين قل الطه طاوي و صية ال قس الفرن سي )فن لون( لول ع هد‬
‫بريطان يا )جر جس جاكس( و كان بروت ستان ا لذهب‪" :‬إذا آل ال لك إل يك أي ها ا لمي‬
‫لتب رعيتك القاثوليقية )الكاثوليكية( على تغيي مذهبهم ولتبديل عقائدهم الدينية‪ ،‬فإنه‬
‫لسلطان يستطيع أن يتسلطن على القلب وينع منه صفة الرية"‪.‬‬

‫ه كذا ي ستمر الطه طاوي ف ت سي صورة ال ثورة الفرن سية و شعاراتا وين قل ل نا و صية‬
‫الق لس الفرن سي فن لون باعتبه غ ي متع صب وإظ هار صورة و ل ع هد بريطان يا ع لى أ نه‬
‫حاكم يتق بل الن صيحة‪ ،‬و ف الم لة ت ي لدين ال غرب الد يد باعت بارهم أ هل ال عارف‬
‫والعلوم والتقدم ودعاة الرية الت يب على العال السلمي أن يسي على نفس الصراط‬
‫الغرب!!‬

‫)‪(33‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫رغم أن الواقع يكذب مثل هذه الوصايا فيما يسمى برية العقائد؛ ذلك الشعار الزيف‬
‫لدى الغرب! فالرب بي أهل اللة السيحية ل تزل مستعرة بي الكاثوليك والبوتستانت‬
‫ف أورو با أم الر يات! وب ي الكاثول يك وا لرثوذكس!! أ ما ال عداء الع قدي ال ستمر‬
‫وال ستعر ضد ال سلم فلي فى ع لى أ حد!! ف كان أو ل بالطه طاوي أن يذكر ال سلمي‬
‫بح نة إ خوانم ف ا لزائر ا لذين يك توون بن ي ال لة الع سكرية الفرن سية! ن عم فرن سا أم‬
‫الريات الت اعتب الطهطاوي حربا مع فرنسا من أجل مشاكل تارية!! كان الول أن‬
‫يتكلم عن الرية الت نالا السلمون ف ماكم التفتيش ف الندلس!!‬

‫أما قضية الرية العقدية؛ فالسلم هو الدين الوحيد الذي رسخ هذا البدأ الذي يتشدق به‬
‫العلمانيون أمس واليوم! )لإكراه ف الدين قد تبي الرشد من الغي(‪ ..‬لول ساحة السلم‬
‫وعدل ولته وسلطينه لا قامت لوروبا قائمة! لو عامل طارق بن زياد وموسى بن نصي‬
‫وعبد الرحن الناصر وابن أب عامر وابن تا شفي وغيهم من ملوك ال سلم لو عاملوا‬
‫نصارى الندلس والبتغال بنفس معاملة إليزابيث وفردريك وغيهم من ملوك ورؤساء‬
‫أوروبا لا قامت للمسيحية قائمة إل وقتنا الاضر!! ولكن قدر ال كان مقدورا!!‬

‫فهل أفلس التاريخ السلمي ليأت الطهطاوي بوصية القس )فنلون( كعنوان لرية العقائد‬
‫وعدم التعصب! ويترك آيات ال ووصايا رسول ال صلى ال عليه وسلم وهو ف مرض‬
‫الوت وهو يوصي بأهل الذمة خيا! وهذه شهادة رجل من أهل أوروبا تصداقا@ لا نرى؛‬
‫إذ يقول )ستنلي لينبول( منددا بوحشية بن جلدته ومشمئزا@ من سوء أخلقهم وقسوتم‬
‫مع م سلمي ال ندلس‪" :‬و كانت أخلق هم ع لى ات ساق مع رعيت هم‪ ،‬وما كان يتو قع من‬
‫هؤلء الفاة التوحشي إل التعصب والقسوة‪ ،‬فإنم ل يؤمنوا مستجيا@‪ ،‬ول يتركوا فارا@‪،‬‬
‫و ل يب قوا ع لى جر يح‪ ،‬و هذا يذكرنا وا لزن م لء صدورنا‪ ،‬با كان لل عرب من بطو لة‬
‫ور فق و ساحة خ لق‪ ،‬ف كثيا@ ما ع فوا عن أ عدائهم نبلء متكرم ي‪ ،‬بين ما نرى ال يوم أن‬
‫رجال ليون وقشتالة العتاة‪ ،‬يذبون جيع الاميات‪ ،‬ويستأصلون مدنا@ مليئة بالقطان‪ ،‬حت‬
‫إذا نا من سيفهم ل ينج من استعبادهم"‪.‬‬

‫وهل انتهى عداء الغرب للسلم وأهله؟! ل ينته بعد وما منة السلمي ف قلب أوروبا عنا‬
‫ببعيد؛ البونسة والرسك وكوسوفو‪ ،‬وتزايد العداء ضد القليات السلمة الت تعيش ف‬
‫دول الر يات والتحضر والدن ية وحر ية الع قائد كفرن سا أول دو لة غرب ية تت خذ العلمان ية‬
‫دي نا@ قامت ق يامتهم يوم أن و ضعت طال بة م سلمة ع لى رأ سها خارا!! وبريطان يا وألان يا‬
‫وغيهم من دول الغرب بالضافة إل الدولة الول ف العال أمريكا الت جعلت السلم‬

‫)‪(34‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫عدوها ا لول و هي ا لت تتب ن سيا سة التخو يف من ال سلم و ضربه وح صاره وتو يع‬
‫شعوب السلمي!!‬

‫تكلم الطهطاوي عن سلطات الدولة الديثة ف كتابه )مناهج اللباب(‪" :‬فالقوة الاكمة‬
‫العمومية وما يتفرع عليها تسمى أيضا@ بالكومة وباللكية‪ ،‬هي أمر مركزي تنبعث منه‬
‫ثلثة أشعة قوية تسمى أركان الكومة وقواها؛‬
‫فالقوة ا لول‪ :‬قوة تقن ي ال قواني‪ ،‬تنظيم ها وترج يح ما يري عل يه الع مل من‬
‫أحكام الشريعة أو السياسة الشرعية‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬قوة القضاء وفصل الكم‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬قوة التنفيذ للحكام بعد حكم القضاة با"‪.‬‬

‫هكذا نرى أول غيث للعلمانية )سلطة تشريعية‪/‬قضائية‪/‬تنفيذية( ث ينهمر علينا الطهطاوي‬
‫بسيل من ترجات للقواني والؤلفات الفرنسية لصباغ حياتنا بسربال من العلمنة الغربية‬
‫الستوردة‪.‬‬

‫ثرات الفكر الطهطاوي ‪:‬‬

‫أما عن أ ثر هذه الفكار الطهطاوية على أرض الوا قع فنوجزها ف النقاط التالية‪ :‬ترجة‬
‫وتعر يب ال قواني‪" :‬ع ندما أراد ا لديو إ ساعيل إ صلح الق ضاء‪ ،‬أن شأ لتر جة ال قواني‬
‫الدي ثة )ق لم( التر جة الد يد سنة ‪1863‬م‪ ،‬وع ي˜ن رفا عة ناظرا@ له فا ستدعى تلم يذه‬
‫ال قدامى ا لذين تر جوا من مدر سة الل سن‪ ،‬و عاونوه ف تر جة ال قواني‪ ،‬و من هؤلء‬
‫التلم يذ ال قدامى‪ :‬ع بد ا ل ال سيد‪ ،‬و صال مدي‪ ،‬وم مد قدري‪ ،‬وم مد لظ‪ ،‬وع بدال‬
‫أبوالسعود‪ ،‬وكان مقر هذا القلم ف غرفة واحدة بديوان الدارس‪.‬‬

‫ومع ذلك أنزوا ترجة ملدات القانون الفرنسي )كود نابليون( الذي طبع ف بولق مابي‬
‫عامي سنة ‪ 1866‬وسنة ‪1868‬م" ونزول@ على رغبة الديو إساعيل انكب˜ الطهطاوي‬
‫وآ خرون ع لى تر جة ال قواني الفرن سية و ف طليعت ها ال قانون ا لدن و قانون ا لجراءات‬
‫النائية‪ ،‬وقانون العقوبات وهي كلها قواني فرنسية‪ ،‬ولعل هذه الوسوعة القانونية كانت‬

‫)‪(35‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫الساس الذي بن عليه القانون الصري الديث" هكذا ت ترجة عدة قواني ف فترة زمنية‬
‫وجيزة منها‪ :‬تعريب الدستور الفرنسي الذي نشره الطهطاوي ف )تليص البريز(‪.‬‬

‫تعريب قانون العقوبات الفرنسي ‪:‬‬

‫تعريب قانون الجراءات النائية الفرنسي‪.‬‬


‫تعريب قانون التجارة الفرنسي الذي طبع سنة ‪1868‬م‪.‬‬
‫تعريب القانون الدن الفرنسي الذي ترجه االطهطاوي ف ملدين سنة ‪1868‬م‪.‬‬

‫افتتاح أول ملس نياب ف تاريخ مصر والعال العرب والسلمي‪:‬‬

‫افتتح الديو إساعيل ملس شورى النواب بطبة العرش ف ‪ 25‬نوفمب ‪1866‬م بالقلعة‬
‫بدي نة ال قاهرة‪ ،‬و كان هذا أول م لس ن ياب ف تار يخ ال ياة البلان ية للم صريي ذ لك‬
‫النوذج الغرب الذي تكلم عنه الطهطاوي ف مؤلفاته‪.‬‬

‫الاكم الختلطة‪:‬‬

‫كانت أول خ طوة ف سبيل إن شاء ا لاكم الختل طة ع ندما ف تح ا لديو إ ساعيل ا لوزارة‬
‫الفرن سية ف عام ‪ 1867‬أي ف ح ياة الطه طاوي ف قد شهد ثرة أف كاره و هو ع لى ق يد‬
‫الياة‪.‬‬

‫وف أوائل شهر يولية ‪1870‬م ت طبع القواني الصرية الختلطة فوزعها نوبار باشا على‬
‫ا لدول الختل فة‪ ،‬ف مرر ال لورد )جران فل( وز ير الارج ية ا لنليزي إ ل الرك يز )دي‬
‫ل فاليت( سفي فرن سا ف ل ندن ف ‪ 22‬يول ية ‪ 1870‬أ نه ب عد اطل عه علي ها يوا فق تام‬
‫الواف قة ع لى إن شاء اليئة الق ضائية الد يدة الر غوب في ها ب صر‪ ،‬وع لى شكلها ا لبي ف‬
‫ال شروع الفرن ساوي" " ت ت شكيل هذه ا لاكم ف ذي الق عدة ‪1291‬ه ـ )أول ي ناير‬
‫‪1875‬م(‪ ،‬إل أنا ل تفتح إبوابا إل ف شهر الرم ‪1293‬هـ )فباير ‪1876‬م("‪.‬‬

‫)‪(36‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫أقول‪ :‬وكانت هذه أول نطفة لستبدال الشريعة السلمية وتنحيتها بشكل رسي من قبل‬
‫الديو وعلى يد الطهطاوي وتلمذته من أمثال ممد قدري باشا أحد أعلم القانون الذي‬
‫قام بعبء ترجة القواني الوروبية وتقنينها وشرحها بعد الطهطاوي‪ ،‬وساهم ف تريب‬
‫بنية السلمي الشرعية‪ ،‬وقد ترج على يديه زمرة من رواد القانون حت جاء عبد الرزاق‬
‫ال سنهوري با شا ا لذي ا ستكمل م سية التخر يب و قدم للح كام خدمات وم سوغات‬
‫لضفاء الشرعية على سلطانم!!‬

‫وب ناء ع لى ما سبق ا خترت عي نة من كتا بات ب عض الفكر ين والد باء ا لذين أ شادوا‬
‫بالطهطاوي وبآثاره الفكرية لتعضيد ما وصلنا إليه من نتيجة‪.‬‬

‫يقول الدكتور حسي فوزي النجار‪" :‬ولعل أعظم ماقدمه ممد علي لصر أنه وضع البذرة‬
‫الول لتعليم عصري أخذت تؤت أكلها ف عصر إساعيل‪ ،‬روى تربتها رفاعة الطهطاوي‬
‫ف كثي من الوصب والهد ث جاء علي مبارك فنماها وأوصل جذورها فأينعت وأثرت‪،‬‬
‫وشهد تباشي الطهطاوي ف أخر يات أيامه ع ندما تيأت العقول لتق بل حركة الصلح‬
‫وأخذت البلد تسلك سبيلها إل الثورة السياسية والفكرية والجتماعية" ‪.‬‬

‫و تت ع نوان )أ بو الديقراط ية ال صرية( ‪ ،‬ك تب ع نه لويس عوض‪" :‬إن ك فاح ال شعب‬


‫الصري ف سبيل الديقراطية قدي‪ ،‬وقد كان لصر برلان اسه )البول( قبل الفتح الرومان‬
‫وكان مقره مدينة السكندرية‪ ،‬فعصف به الرومان‪ .‬وقد حاول الصريون استخلصه من‬
‫أ باطرة الرو مان ولكن هم ع جزوا لنم ت سكوا ب بادئ الر ية وال ساواة غ ي أ نم ف قدوا‬
‫ال قدرة ع لى التنظ يم السيا سي‪ ،‬أو ع لى ال صح أف قدهم إيا ها غزاتم‪ .‬وب عد ألفي عام أو‬
‫نوها من الكم الوتوقراطي‪ ،‬ظهر فيهم رفاعة رافع الطهطاوي لينادي بسيادة الشعب‬
‫ع لى ال لوك وليف تح أعين هم ع لى تارب ا لمم ا لخرى ف مار سة الر ية وال ساواة من‬
‫خلل الدساتي والنظم النيابية" ‪.‬‬

‫ويقول سي أبو حدان عن الطهطاوي‪" :‬ومن هنا فإن الفضل يعود للطهطاوي ف غرس‬
‫ف كرة ال ياة البلان ية المث لة بال سلطة الت شريعية ف تر بة البلد ال سلمية و قد أن بت هذا‬
‫الغرس الط يب )على حد زعم ال كاتب( بعد سنوان من وفاة الطه طاوي‪ ،‬وذلك عندما‬
‫قامت ف مصر أول جعية تشريعية على أساس انتخاب‪ .‬والدير بالذكر هنا أن الطهطاوي‬
‫م ه˜د لفكر ته هذه بتر جة لب نود الد ستور الفرن سي و شرحها ب يث أ صبحت ف مت ناول‬
‫الم يع من سا سة ور جال ف كر وأ ناس عاديي‪ .‬و كان رفا عة ير مي من وراء التف سيات‬

‫)‪(37‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫والشروح السهبة لبنود الدستور الفرنسي إل خلق وعي برلان ف مصر الت ل تكن قد‬
‫عرفت حت ذلك الوقت سوى الالس الدارية العينة من قبل العثمانيي"‪.‬‬

‫ويثن عليه مقق العمال الكاملة الدكتور ممد عمارة‪" :‬ولقد كان الطهطاوي هو البشر‬
‫بذا الف كر ا لديقراطي الل يبال ف ر بوع ال شرق ا لت أل فت طويل@ نط ال كم ال فردي‬
‫)يقصد الكم السلمي( بل لقد استطاع أن يضع كل أسس هذا النمط من أناط التفكي‬
‫والسلوك والمارسة السياسية بي يدي قومه"‪.‬‬

‫أقول‪ :‬نستطيع أن نقرر أن الشيخ رفاعة الطهطاوي أول من غرس النبتة الول للعلمانية‬
‫الغربية‪ ،‬وأول من وضع النطفة الول لتنحية الشريعة السلمية‪ ،‬وأول من بشر بالفكر‬
‫الديقراطي على غرار النظومة الغربية الذي يتعارض والشريعة السلمية‪.‬‬

‫)‪(38‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫الفصل الثالث‬
‫قضية التحسي والتقبيح‬
‫تقدمة ‪:‬‬

‫إن قضية التحسي والتقبيح من أخطر القضايا الت قصمت ظهر أمتنا السلمية‪ .‬فما نراه‬
‫ال يوم من قواني و ضعية‪ ،‬وتف سخات اجتماع ية‪ ،‬وت لل خل قي‪ ،‬وع لو البا طل ف‬
‫متمعاتنا‪...‬إل‪ ،‬كل ذلك نتاج قضية التحسي الت أثارها العتزلة الذين قالوا بالتحسي‬
‫والتقبيح بواسطة العقل‪ ،‬وأن العقل هو الذي يكم بسن الشياء وقبحها بصرف النظر‬
‫عن نصوص الكتاب والسنة‪ .‬هكذا أ‪Ö‬طلق للعقل العنان فصار العقل ربا@ جديدا@!! فما يراه‬
‫العقل حسن@ا فهو حسن‪ ،‬وما يقبحه العقل فهو كذلك ولعبة بنصوص القرآن النل من‬
‫لدن حكيم حيد‪ ،‬ول بالسنة النبوية الطهرة طالا خالفها العقل!! ورغم ذلك ل تذكر‬
‫كتب التاريخ والفرق أن العتزلة كان يدور ف خلدهم تنحية الشريعة السلمية‪.‬‬

‫لكن العتزلة الدد يرون تنحية الشريعة وفصلها عن الكم بجة تطوير الشريعة وأن هذا‬
‫ما يستحسنه العقل ف عصرنا الاضر!! إذن قضية التحسي والتقبيح ليست ترفا@ فكريا@ أو‬
‫جدل@ أصوليا@‪ ،‬بل نن بصدد قضية لا افرازاتا ونتائجها اللموسة على أرض الواقع‪.‬‬

‫ومن منطلق هذه التقدمة نتناول هذه القضية عب النقاط التالية‪:‬‬

‫أول‪ :e‬نبذة سريعة عن التحسي العقلي والتقبيح‪.‬‬


‫ثانيا‪ :e‬موقف الطهطاوي من قدرة العقل على التحسي والتقبيح‪.‬‬
‫ثالثا‪ :e‬تباين وجهة نظر الطهطاوي ف قضية التحسي والتقبيح‪.‬‬
‫رابعا‪ :e‬أثر الفكر الطهطاوي على أرض الواقع‪.‬‬

‫أول‪ :e‬نبذة سريعة عن التحسي العقلي والتقبيح ‪:‬‬

‫)‪(39‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫يذكر علماء الصول مسألة التحسي العقلي والتقبيح ف باب الاكم أي الذي صدر عنه‬
‫الكم وهو الشرع الكيم؛ ال سبحانه وتعال حيث قال )إن الكم إل ل( )ألله الكم‬
‫والمر(‪) ..‬وأن احكم بينهم با أنزل ال( والجاع منعقد على أن الاكم هو ال جل‬
‫جلله‪.‬‬
‫إل أن العلماء اختلفوا ف مسألة‪ :‬هل الكلف مأخوذ با يقضي به العقل أو هل يكن‬
‫للعقل أن يستقل بإدراك أحكام ال وإذا كان كذلك فهل يعد مصدرا@ من مصادر الفقه‬
‫السلمي؟ اختلف العلماء ف هذه السألة على عدة أقوال‪:‬‬

‫ال قول ا لول‪ :‬رأي العتز لة وال شيعة المام ية‪" :‬إن ال سن والق بح صفتان ذاتي تان لب عض‬
‫الشياء‪ ،‬وإن أشياء تتردد بي النفع والضرر والي والشر‪ .‬وبذا يتحرر أن العتزلة يرون‬
‫أن الشياء أقسام ثلثة‪ :‬أشياء حسنة ف ذاتا ل يوز إل أن يأمر با ال‪ ،‬وأشياء قبيحة ف‬
‫ذا تا‪ ،‬و هذه ل يوز أن يأمر ا ل با‪ ،‬وأ شياء مترددة ب ي ا لمرين القب يح وال سن‪ ،‬و هذا‬
‫الق سم يوز أن ا لمر به والنهي ع نه‪ ،‬فإن أمر به فهو ح سن للمر‪ ،‬وإن نى فهو قبيح‬
‫للنهي‪ .‬وهذا تقرير مذهب العتزلة وأساسه السن الذات والقبح الذات‪ ،‬وأن السن لذاته‬
‫يكلف الشخص القيام به‪ ،‬وإن ل يعلم الشرع‪ ،‬والقبيح لذاته يكلف الشخص أن يتجتنبه‪،‬‬
‫ولو كان يعلم ني الشارع عنه" وترتب على هذا الرأي عدة أمور منها‪:‬‬

‫ا لول‪ :‬أن أ هل ال فترة و من ل تبل غه د عوة ال سلم أو د عوة الر سل مز يزن ع لى عدلم‬
‫ماسبون على ظلمهم فهم مكلفون أن يفعلوا ماهو حسن لذاته وأن يتنعوا عما هو قبيح‬
‫لذاته حسب قول التعزلة والمامية‪.‬‬

‫الثان‪ :‬إذا ل يكن هناك نص فالناس مكلفون با يقضي به العقل ف الكم على الشياء‬
‫من حسن ذات أو قبح ذات‪.‬‬

‫القول الثان‪ :‬الاتريدية وبعض الصوليي‪ :‬وهو قول أب منصور ممد بن ممد الاتريدي‬
‫وهو مذهب بعض الحناف وبعض الصوليي وفريق من المامية وغيهم‪" .‬يقولون إن‬
‫للشياء حسنا@ ذاتيا@ وقبحا@ ذاتيا@‪ ،‬وأن ال تعال ل يأمر با هو قبيح ف ذاته‪ ،‬ول ينهى عن‬
‫أمر هو حسن ف ذاته‪ ،‬وهم يقسمون الشياء إل حسن لذاته‪ ،‬وقبيح لذاته‪ ،‬وما هو بينهما‬
‫تابع لمر ال تعال ونيه‪ ،‬وهو ذات التقسيم الذي قرره البائي العتزل‪ .‬وف هذا القدر‬
‫يتفق الاتردية والنفية مع العتزلة‪ ،‬لكنهم يتلفون بعد ذلك عنهم‪ ،‬فالنفية ل يرون أنه ل‬

‫)‪(40‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫تكليف ول ثواب بكم العقل الرد‪ ،‬بل إن المر ف التكليف والثواب والعقاب إل النص‬
‫والمل عليه‪ ،‬فليس للعقل الرد أن ينفرد بتقرير الحكام ف غي موضع النص‪ ،‬بل ل بد‬
‫أن يرجع إل النص أو يمل عليه بأي طريق من طرق المل‪ ،‬بالقياس أو الصلحة العتبة‬
‫الشابة‪ ،‬لا جاء بالنص‪ ،‬وهذا هو الستحسان‪ .‬وف الملة لبد من الرجوع إل النص ف‬
‫الملة فليس للعقل الرد قدرة على التكليف‪ ،‬والكم على الشياء‪ ،‬بل لبد من الستعانة‬
‫بالشرع" وترتب على ذلك أن حكم ال لبد أن يدرك بواسطة الرسل ومن ث فل حكم‬
‫ف أفعال العباد بدون هذه الواسطة إذن فل ثواب ول عقاب حيث لتكليف‪.‬‬

‫القول الثالث‪ :‬رأي الشاعرة وجهور الصوليي‪" :‬فهم يرون أن الشياء ليس لا حسن‬
‫ذا ت‪ ،‬ولق بح ذا ت‪ .‬وأن ا لمور كل ها ا ضافية‪ ،‬وإن إرادة ا ل ت عال ف ال شرع مطل قة ل‬
‫يقيدها شئ‪ ،‬فهو خالق الشياء‪ ،‬وهو خالق السن والقبيح‪ ،‬فأوامره هي الت تسن وتقبح‬
‫ول تكليف بالعقل‪ ،‬إنا التكليف بأوامر الشارع‪ ،‬ول عبة بأوامر العقل‪ ،‬إنا العبة دائما‬
‫بأوامر الشارع الكيم‪ .‬وبذلك خالفوا الاتريدية والعتزلة‪ ،‬فقرروا أنه لوجود لسن ذات‬
‫أو قبح ذات ولتكليف إل من الشارع" وترتب على ذلك أن أهل الفترة ومن ل تبلغهم‬
‫دعوة الرسل ليب عليهم شئ ول يرم عليهم فعل‪ ،‬حيث لحكم ل ف أفعال العباد قبل‬
‫بعثة الرسل ومن ث فل تكليف ولحساب ولمدح ولثواب ولعقاب‪.‬‬

‫وهناك توضيح لشيخ السلم ابن تيمية حول هذه القضية حيث ذكر ف مموع الفتاوى‪:‬‬
‫"النوع الول‪ :‬أن يكون العقل مشتمل@ على مصلحة أو مفسدة ولو ل يأت الشرع بذلك‪.‬‬
‫كما يعلم أن العدل مشتمل على مصلحة‪ ،‬والظلم يشتمل على فسادهم‪ .‬فهذا النوع هو‬
‫حسن وقبيح‪ ،‬وقد يعلم بالعقل والشرع قبح ذلك؛ ل أنه أثبت للعقل صفة ل تكن‪ ،‬لكن‬
‫ل ي لزم من حصول هذا الق بح أن ي كون فاعله معاق با@ عل يه ف ا لخرة‪ .‬ال نوع ال ثان‪ :‬أن‬
‫الشارع إذا أمر بشيئ ليمتحن العبد‪ ،‬هل يطيعه أم يعصيه؟ إل أن يكون الراد فعل الأمور‬
‫به‪ ،‬كما أمر إبراهيم )عليه السلم( بذبح ابنه‪ ،‬فالكمة منشؤها من نفس المر ل من‬
‫نفس الأمور به"‪.‬‬

‫وهذا قول نفيس للعلمة الشوكان‪" :‬الكلم ف هذا البحث يطول‪ ،‬وإنكار مرد ادراك‬
‫الع قل ل كون الف عل ح سنا@ أو قبي حا@ م كابرة ومباه تة‪ ،‬وأ ما إدرا كه ل كون الف عل ال سن‬
‫متعلقا@ للثواب‪ ،‬أو كون الفعل القبيح متعلقا@ للعقاب فغي مسلم‪ ،‬وغاية ما تدركه العقول‬

‫)‪(41‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫أن هذا الفعل السن يدح فاعله‪ ،‬وهذا الفعل القبيح يذم فاعله‪ ،‬ول تلزم بي هذا‪ ،‬وبي‬
‫كونه متعلقا@ للثواب والعقاب"‬

‫القول الختار ف قضية التحسي والتقبيح‪:‬‬

‫و هو ال قول ال ثان قول الاتريد ية وب عض النف ية وب عض ال صوليي و قول ا بن تيم ية‬


‫والشوكان‪" :‬هو الرأي الراجح الؤيد بالكتاب والسنة وبالعقل‪ ،‬أما الكتاب ففيه آيات‬
‫كثية تدل على أن ال إنا يأمر با هو حسن وينهى عما هو قبيح‪ ،‬والسن والقبح ثابتان‬
‫للفعال قبل المر والنهي‪ ،‬ومنها قوله تعال‪) :‬إ ن‪ K‬ال يأمر بالعدل والحسان وايتاء ذي‬
‫القرب وينهى عن الفحشاء والنكر والبغي( وقوله تعال‪) :‬يأمرهم بالعروف وينهاهم عن‬
‫النكر ويل لم الطيبات ويرم عليهم البائث( فما أمر به الشارع من عدل وإحسان‬
‫ومعروف‪ ،‬وما ناهم عنه من فحشاء ومنكر وبغي‪ ،‬وما أحل لم من طيبات وما حرم‬
‫عليهم من خبائث‪ ،‬كل هذه الوصاف السنة أو القبيحة‪ :‬كانت ثابتة للفعال قبل ورود‬
‫حكم الشرع فيها‪ ،‬ما يدل على أن للفعال حسنا@ وقبحا@ ذاتيي‪.‬‬

‫والع قل يدرك ح سن ب عض الف عال وق بح الب عض ا لخر بال ضرورة‪ :‬كح سن ال عدل‬
‫والصدق‪ ،‬وقبح الظلم والكذب‪ ،‬ولكن حكم ال ل يعرف إل عن طريق الرسول‪ ،‬فما ل‬
‫يأت رسول يبلغ الناس حكم ال‪ ،‬فل يثبت ف أفعال الناس حكم بالياب أو التحر ي‬
‫بدليل قوله تعال‪) :‬وما كنا معذبي حت نبعث رسول@( فل عذاب قبل بعثة الرسول أو‬
‫ب لوغ ا لدعوة‪ ،‬وح يث ل عذاب فل تكل يف‪ ،‬وح يث ل تكل يف فل ح كم ل ف أف عال‬
‫العباد على وجه طلب الفعل أو التخيي بينهما"‪.‬‬

‫ثانيا‪ :e‬موقف الطهطاوي من قدرة العقل على التحسي والتقبيح‪:‬‬

‫يقول الطهطاوي‪" :‬إن العقل هو الفيصل ف كل المور" ويقول ف موطن آخر‪" :‬وأما ما‬
‫وهبه ال تعال للنسان خاصة‪ ،‬ف حياته العنوية وصفاته العقلية الت يعب عنها ف تعريفه‬
‫بالناطقية‪ .‬فقد وهبه ال تعال الدماغ الذي هو ملس الواس الباطنية والقوى العقلية الت‬
‫هي آلة الفكر وأداة النظر‪ ،‬وإن شئت قلت الناطقية‪ ،‬أي الزء الناطق من النسان وهو‬
‫ا لروح الب شرية ا لت هي ع بارة عن الف كر وا لرادة‪ ،‬فبا لدراك يق تدر أن ير تب القدمات‬

‫)‪(42‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫ل ستخراج الن تائج‪ ،‬وأن ين سب الاضي لل حال‪ ،‬ويتصرف ف عواقب ال ستقبل‪ ،‬ويتصور‬
‫أسباب الظواهر الوية والوادث السماوية‪ ،‬وييز السن من القبيح والضار من النافع" ‪.‬‬

‫ويدح الطهطاوي ما أفرزته العقول الفرنسية من قواني قائل@‪" :‬والقانون الذي يشي عليه‬
‫الفرنساوية الن ويتخذونه أساسا@ لسياستهم‪ ،‬هو القانون الذي ألفه لم ملكهم السمى‬
‫"لويز الثامن عشر" وليزال متبعا@ عندهم ومرضيا@ لم وفيه أمورلينكر ذوو العقول أنا من‬
‫باب العدل‪ .‬وإن كان غالب مافيه ليس ف كتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم‪،‬‬
‫لتعرف كيف قد حكمت عقولم بأن العدل والنصاف من أسباب تعمي المالك وراحة‬
‫الع باد‪ ،‬وك يف ان قادت ال كام والرعا يا لذلك حت ع مرت بلد هم‪ ،‬و كثرت م عارفهم‪،‬‬
‫وتراكم غناهم‪ ،‬وارتاحت قلوبم" ‪.‬‬

‫وبذلك مهد الطهطاوي من حيث يدري أو من حيث ليدري لقبول التشريع الوضعي‬
‫الذي يستند إل العقل على قصوره وعلى مالطة الشهوات له" ‪.‬‬

‫ويوضح الطهطاوي فكرته قائل@‪" :‬وقد أكرم ال سبحانه وتعال النسان‪ ،‬وخلق له ما ف‬
‫سائر الكون من سائر النافع‪ ،‬وزينه بالعقل الذي ييز به بي السن والقبيح والضار والنافع‬
‫وال طأ وال صواب" نل حظ أن الطه طاوي أط لق الع نان للع قل و قدرته ع لى التح سي‬
‫والتقب يح ب صرف الن ظر عن ق يد ال شرع!! ور غم هذه الث قة الطل قة ف قدرة الع قل ع لى‬
‫التحسي والتقبيح‪ ،‬نراه يتناقض وهذه الثقة الفرطة!‬

‫وهذا ما سنوضحه ف الفقرة التالية‪.‬‬

‫ثالثا‪ :e‬تباين و اضطراب رأي الطهطاوي ف قضية التحسي والتقبيح ‪:‬‬

‫يقول الطهطاوي ف كتابه )الرشد المي(‪" :‬لن الشريعة والسياسة مبنيتان على الكمة‬
‫العقولة لنا أو التعبدية الت يعلم حكمتها الول سبحانه وتعال‪ ،‬وإنا ليس لنا أن نعتمد‬
‫على ما يسنه العقل أو يقبحه إل إذا ورد الشرع بتحسينه وتقبيحه" ‪" ،‬وليسوغ لتول‬
‫أن يكم ف التحري والتحليل با يلئم مزاجه فما يالف الوضاع الشرعية النقولة عن‬
‫الئمة التهدين‪ ،‬ولعبة بالستكراه النفسان والستحسان الطبيعي والخذ بالرأي من‬
‫غي دليل‪ ،‬بل يعتمد متول الحكام على فتاوى العلماء وأقوال التهدين ف الدين‪ ،‬فإن‬

‫)‪(43‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫المامة تلف النبوة ف حراسة الدين وسياسة الدنيا" ‪" ،‬وأما السلطنة الرسية على الرعية‬
‫فهي لتكون إل ف البلد الت تكون قوانينها مض سياسة وضعية بشرية‪ ،‬لن قواني هذه‬
‫المالك تبيح اختلط الرجال بالنساء بناء على قانون الرية الؤسس عليه تدن تلك البلد‬
‫وإل فت مدن الما لك ال سلمية مؤ سس ع لى التحل يل والتحر ي ال شرعيي بدون مدخل‬
‫للعقل تسينا@ وتقبيحا@ ف ذلك حيث ل حسن ول قبيح إل بالشرع" ‪" ،‬فكل رياضة ل‬
‫ت كن بسيا سة ال شرع ل تث مر العاق بة ال سن‪ ،‬فل عبة بالنفوس القا صرة ا لذين حك موا‬
‫ع قولم با اكت سبوه من ا لواطر ا لت رك نوا إلي ها ت سينا@ وتقبي حا@‪ ،‬وظ نوا أ نم فازوا‬
‫بالقصود يتعدى الدود‪ ،‬فينبغي تعليم النفوس السياسة بطريق الشرع‪ ،‬ل بطرق العقول‬
‫الردة" ‪.‬‬
‫تأمل! تد الطهطاوي هنا يناقض نفسه ف قدرة العقل على التحسي والتقبيح!‬

‫فهل تراجع الطهطاوي عن رأيه السابق؟ هذا ما سنوضحه ف خاتة هذا الفصل‪.‬‬

‫رابعا‪ :e‬أثر الفكر الطهطاوي على أرض الواقع‪:‬‬

‫)أ( تنح ية ال شريعة ال سلمية‪ :‬ي قول الطه طاوي ف ك تابه منا هج الل باب " ث إن الا لة‬
‫الراهنة اقتضت أن تكون القضية والحكام على وفق معاملت العصر‪ ،‬با حدث فيها من‬
‫التفر عات ال كثية التنو عة بت نوع ال خذ والع طاء من ال نام"‪ ..‬كا نا هذه أول ت صريح‬
‫بتنحية الشريعة السلمية والخذ من قواني غربية وبداية التشريع بغي ما أنزل ال!‬

‫)ب(‪ :‬تسينه لسلوك وآداب أهل الفرنة‪ :‬يقول الطهطاوي مسنا@ مادحا@ أهل الفرنة‪:‬‬
‫"ولينكر منصف أن بلد الفرنج الن ف غاية الباعة والعلوم الكمية وأعلها ف التبحر‪.‬‬
‫من ذ لك بلد ا لنليز والفرن سيس والنم سا‪ ،‬فإن حكماء ها فاقوا الك ماء الت قدمي‪.‬‬
‫وفل سفتهم أخ لص من فل سفة الت قدمي‪ ،‬ك ما أ نم يقي مون الد لة ع لى و جود ا ل ت عال‬
‫وبقايا الرواح والثواب والعقاب‪ .‬وإذا رأيت سياستها )أي باريس( علمت كمال راحة‬
‫الغرباء فيها وحظهم وانبساطهم مع أهلها‪ ،‬فالغالب على أهلها البشاشة ف وجوه الغرباء‬
‫ومراعاة خاطرهم‪ ،‬ولو اختلف الدين‪ ،‬وذلك لن أكثر أهل هذه الدينة إنا له من دين‬
‫الن صرانية ال سم ف قط‪ ،‬حت ل يت بع دي نه‪ ،‬ول غ ية له عل يه‪ ،‬بل هو من ال فرق ال سنة‬
‫والقبحة بالعقل‪ ،‬أو فرقة من الباحيي الذين يقولون إن كل عمل يأذن فيه العقل صواب‪،‬‬
‫فإذا ذكرت له دين السلم ف مقابلة غيه من الديان أثن على سائرها من حيث إنا‬

‫)‪(44‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫كلها تأمر بالعروف وتنهى عن النكر‪ ،‬وإذا ذكرت له ف مقابلة العلوم الطبيعية‪ .‬وبالملة‬
‫إنه ل يصدق بشئ ما ف كتب أهل الكتاب لروجه عن المور الطبيعية‪ .‬وبالملة ففي‬
‫بلد الفرنسيس يباح التعبد بسائر الديان‪ ،‬فل يعارض مسلم ف بنائه مسجد وليهودي‬
‫ف بنائه بيعة إل آخره"‪.‬‬

‫ويقول الطهطاوي مسنا@ ومادحا@ لهل باريس‪" :‬ظهر ل بعد التأمل ف آداب الفرنساوية‬
‫وأحوالم السياسية أنم أقرب شبها@ بالعرب منهم للترك ولغيهم من الجناس‪ ،‬وأقوى‬
‫مظنة العرب بأمور العرض والرية والفتخار‪ ،‬ويسمون العرض شرفا@‪ ،‬ويقسمون به عند‬
‫اله مات‪ ،‬وإذا عا هدوا عا هدوا عل يه‪ ،‬وو فوا بعهودهم‪ ،‬ول شك أن العرض ع ند ال عرب‬
‫العرباء أهم صفات النسان"‪.‬‬
‫وي قول أي ضا@‪" :‬اع لم أن ال بارزيي يت صون من ب ي الن صارى بذكاء الع قل ود قة الف هم‬
‫و غوص ذهن هم ف العوي صات‪ ،‬ولي سوا م ثل الن صارى الق بط ف أ نم يي لون بالطبي عة إ ل‬
‫ال هل والغف لة‪ ،‬ولي سوا أ سراء التقل يد أ صل@‪ ،‬بل ي بون معر فة أ صل ال شئ وال ستدلل‬
‫عليه"‪.‬‬

‫وي تدح ن ساء باريس وعفتهن!‪" :‬وح يث إن كثيا@ ما يقع ال سؤال عن حا لة الن ساء ع ند‬
‫الفرنج كشفنا عن حالن الغطاء‪ .‬وملخص ذلك أيضا@ وقوع اللخبطة بالنسبة لعفة النساء‬
‫ل يأت من كشفهن أو سترهن‪ ،‬بل منشأ ذلك التربية اليدة والسيسة‪ ،‬والتعود على مبة‬
‫وا حد دون غ يه‪ ،‬و عدم الت شريك ف ال بة‪ ،‬وال لتئام ب ي الزوج ي‪ ،‬و قد جرب ف بلد‬
‫فرانسا أن العفة تستول على قلوب النساء النسوبات إل الرتبة الوسطى من الناس دون‬
‫ن ساء الع يان والر عاع؛ فن ساء هاتي الرت بتي ي قع ع ندهن ال شبهة كثي@ا ويته مون ف‬
‫الغالب"‪.‬‬

‫أقول‪ :‬هكذا تستمر التحسينات الطهطاوية لعلوم وآداب وسلوك وأخلق أهل الفرنة!!‬
‫حت العرض والشرف فهم والعرب سواء إن ل يكونوا أكثر غية وحية للعرض والشرف‬
‫من العرب كما هو واضح ف ثنايا خطابه وأنفس كلماته!! فليس للعرب والسلمي إل‬
‫الهل والتخلف!! فالطهطاوي ينبي مدافعا@ عن اتام نساء الفرنة بعدم العفة! ويدافع عن‬
‫حياض فرنسا ويذب عن نساء باريس العفيفات الغافلت!!‬

‫)‪(45‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫ولعل الطهطاوي أراد أن يرد على الؤرخ العلمة عبد الرحن البت الذي عاصر الملة‬
‫الفرن سية م نذ احتل لا م صر إ ل و قت خروج ها من ها ح يث صور ل نا ال ياة الجتماع ية‬
‫والتح لل الل قي ا لذي ظ هر ف شوارع الرو سة ع لى أ يدي الفرن سيس )أ هل الع لوم‬
‫والداب واللق القوي!!( ‪.‬‬

‫ونن بدورنا سننقل قول البت بنفس اللهجة الصرية الت كتب با مؤلفه الاتع )عجائب‬
‫الثار( حيث يقول‪" :‬ومنها تبج النساء وخروج غالبهن عن الشمة والياء وهو أنه لا‬
‫ح ضر الفرن سيس إ ل م صر و مع الب عض من هم ن ساؤهم كانوا ي شون ف ال شوارع مع‬
‫نسائهم وهن حاسرات الوجوه لبسات الفستانات والناديل الرير اللونة ويسدلن على‬
‫م ناكبهن ال طرح الك شميي والزرك شات ال صبوغة ويرك ب ال يول والم ي وي سوقونا‬
‫سوقا@ عنيفا@ مع الضحك والقهقهة ومداعبة الكارية وحرافيش العامة‪ ،‬فمالت إليهم نفوس‬
‫أ هل ا لهواء من الن ساء ال سافل‪ .‬فل ما وق عت الفت نة ا لخية ب صر و حاربت الفرن سيس‬
‫بولق وفتكوا ف أهلها وغنموا أموالا وأخذوا ما استحسنوه من النساء والبنات صرن‬
‫مأسورات عندهم فزيوهن بزي نسائهم وأجروهن على طريقتهن ف كامل الحوال فخلع‬
‫أكثرهن نقاب الياء بالكلية وتداخل مع أولئك الأسورات غيهن من النساء الفواجر‪.‬‬
‫ولا حل بأ هل البلد من ا لذل والوان و سلب ا لموال واجت ماع ال يات ف غي جوار‬
‫الفرنسيس ومن والهم وشدة رغبتهم ف النساء وخضوعهن لن وموافقة مرادهن وعدم‬
‫مالفة هواهن لو شتمته أو ضربته‪...‬فطرحن الشمة والوقار والعتبار"‪.‬‬

‫أقول‪ :‬تأمل! هذا ما فعله الفرنسيس )أهل العلم والدب والعرض والشرف!!( ف نسائنا‬
‫وبناتنا ومتمعاتنا السلمية! فشهادة البت الذي عاصر احتلل جيوش نابليون لرض‬
‫م صر ل تع جب الطه طاوي!! ف كأنه يوجه ر سالة لل جبت أ نا قد سافرت إ ل فرن سا‬
‫و خالطت ال قوم ودخ لت ب يوت أ هل باريس وم سارحهم و حت مراق صهم‪ ،‬ف لم أ جد إل‬
‫الوقار والشمة والعلم!!‬

‫لذلك لغرو أن يثن طابور العلمانيي على هجوم نابليون واحتلله لصر لنه جاء بملة‬
‫عسكرية حررت الرأة من رق السلم!! وأخرجت الرأة من قفص الري!!‬

‫فهذا لويس عوض يقول‪" :‬هذه القارنة الت يعقدها رفاعة الطهطاوي بي الرقص الفرني‬
‫والرقص ال شرقي مقار نة مهمة‪ ،‬لنه تمل فيها مسئولية التند يد برقص الغوازي ورقص‬
‫العوال ف مصر ووسه بالنطاط والشهوانية بينما رفع رقص الفرني إل مرتبة الرياضة‬

‫)‪(46‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫وال فن الم يل‪ ،‬ف هو بذا ي قول ل نا إن نا أ قرب إ ل الف سق ف لو نا من ا لوروبيي‪ .‬و هذا‬
‫عكس الفكرة الت صورها البت عن التمع الفرنسي والصري الختلط الذي رآه يتفل‬
‫بالرقص والغناء ف عيد وفاء النيل رجاله مع نسائه"‪.‬‬

‫ويقول أبو حدان‪" :‬والدير ذكره أن هذا الدل )أي السفور( وأيضا@ النتفاضات النسوية‬
‫الت تدثنا عنها‪ ،‬وجدت أرضا@ خصبة لا بعد الملة الفرنسية على مصر‪ ،‬حيث شاهدت‬
‫الرأة الصرية وبأم العي مدى الرية الت تتمتع با الرأة الفرنسية من التبجيل الذي تاط‬
‫من قبل الرجل"‪.‬‬

‫ويلخص الكاتب الذكور مادحا@ فكرة الطهطاوي عن الرأة‪" :‬وليس ثة من دليل أقوى‬
‫ع لى التخلف والتبير من ت لك التمعات )يقصد التمعات السلمية( الت ت جب عن‬
‫ا لرأة حقوق ها وتنع ها من مار سة حريت ها‪ .‬هذه هي باخت صار شديد الف كرة ا لت تبنا ها‬
‫رفاعة الطهطاوي حينما كان يدعو إل ترر الرأة الصرية أول@ والرأة العربية السلمية‬
‫ثانيا"‪.‬‬
‫ونن بدورنا ناول أن نلقي الضوء على وضع الرأة ف النظومة الغربية‪ ،‬تلك الرأة الت‬
‫يبشر با الطهطاوي العال السلمي!‬

‫ن ظرة ر جال ا لدين ال سيحي إ ل ا لرأة‪" :‬ل قد هال ر جال ال سيحية ا لوائل ما رأوا ف‬
‫التمع الرومان من انتشار الفواحش والنكرات‪ ،‬و ما آل إليه التمع من انلل أخلقي‬
‫شنيع‪ .‬فاعتبوا الرأة مسؤولة عن هذا كله‪ ،‬لنا كانت ترج إل التمعات‪ ،‬وتتمتع با‬
‫ت شاء من الل هو وتت لط بن ت شاء من الر جال ك ما ت شاء ف قرروا أن ا لزواج د نس يب‬
‫البتعاد عنه وأن العزب عند ال أكرم من التزوج‪ ،‬وأعلنوا أنا باب الشيطان‪ ،‬وأنا يب‬
‫أن ت ستحي من جا لا لنه سلح إبل يس للفت نة وا لغراء‪ .‬قال ال قديس )ترتول يان(‪ :‬إ نا‬
‫مدخل الشيطان إل نفس النسان‪ ،‬ناقضة لنواميس ال‪ ،‬مشوهة لصورة ال )حاشا ل( أي‬
‫الر جل!! و قال ال قديس )سو ستام(‪ :‬إ نا شر ل بد م نه‪ ،‬وآ فة مر غوب في ها وخ طر ع لى‬
‫ال سرة وا لبيت‪ ،‬ومبو بة فتا كة‪ ،‬وم صيبة مطل ية مو هة‪ .‬و ف ال قرن ا لامس اجت مع م مع‬
‫)ماكون( للبحث ف السألة التالية‪ :‬هل الرأة مرد جسم ل روح فيه؟ أم لا روح؟ وأخيا‬
‫قرروا أنا خلو من الروح الناجية )من عذاب جهنم( ما عدا أم السيح‪ .‬ولا دخلت أمم‬
‫الغرب ف السيحية كانت آراء رجال الدين قد أثرت ف نظرتم للمرأة‪ ،‬فعقد الفرنسيون‬
‫ف عام ‪ 586‬للميلد )أي ف أيام شباب النب عليه الصلة والسلم( مؤترا@ للبحث‪ :‬هل‬
‫تعد الرأة إنسان@ا أم غي إنسان؟ وأخي@ا قرروا أنا إنسان خلقت لدمة الرجل فحسب"‪.‬‬

‫)‪(47‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫هذا عن ر جال ا لدين ال سيحي قديا أما ف ال قرون الو سطى‪" :‬وا ستمر احت قار الغربي ي‬
‫للمرأة وحرمانم لقوقها طيلة القرون الوسطى حت إن عهد الفروسية الذي كان يظن فيه‬
‫أن الرأة احتلت شيئ@ا من الكانة الجتماعية حيث كان الفرسان يتغزلون با ويرفعون من‬
‫شأنا‪ ،‬ل يكن عهد خي لا بالنسبة لوضعها القانون والجتماعي‪ .‬فقد ظلت تعتب قاصرة‬
‫ل حق لا ف الت صرف بأموا لا دون إذن زوج ها‪ .‬وا لق أن ع صر الفرو سية يري نا ب عض‬
‫الشواهد الواضحة على هذا الزدراء‪ ،‬يروى فيها‪ :‬أن اللكة )بلنشفلور( ذهبت إل قرينها‬
‫اللك )بيبيي( تسأله معونة أهل اللورين‪ .‬فأصغى إليها اللك‪ ،‬ث استشاط غضبا@‪ ،‬ولطمها‬
‫على أنفها بمع يده فسقطت منها أربع قطرات من الدم وصاحت تقول‪ :‬شكر@ا لك‪ .‬إن‬
‫أر ضاك هذا فأعطن من يدك لط مة أ خرى ح ي ت شاء‪ .‬و ل ت كن هذه حاد ثة م فردة لن‬
‫الكلمات على هذا النحو كثيا@ ما تتكرر‪ ،‬كأنا صيغة مفوظة‪ .‬وكأنا اللطمة بقبضة اليد‬
‫جزاء كل امرأة جسرت ف عهد الفروسية على أن تواجه زوجها بشورة!!"‪.‬‬

‫أما عن وضع الرأة ف عصر النهضة الصناعية ف أوروبا‪" :‬ولقد تقدم الزمن ف الغرب‬
‫من الع صور الظل مة‪ ،‬إ ل ع صور الفرو سية‪ ،‬إ ل ماب عدها من طلئع الع هد ا لديث‪ ،‬و لا‬
‫تبح الرأة ف منلة مسفة‪ ،‬ل تفضل ما كانت عليه ف الاهلية العربية‪ ،‬وقد تفضلها منلة‬
‫الرأة ف تلك الاهلية‪ .‬ففي سنة ‪ 1790‬بيعت امرأة ف أسواق انلترا بشلني لنا ثقلت‬
‫بتكاليف معيشتها على الكنيسة الت كانت تؤويها‪ .‬وبقيت الرأة إل سنة ‪ 1882‬مرومة‬
‫من حق ها الكا مل ف م لك الع قار وحر ية القا ضاة‪ ..‬و كان تع ل‪K‬م ا لرأة سبة ت شمئز من ها‬
‫النساء قبل الرجال فلما )الياصابات بلكويل( تتعلم ف جامعة جنيف سنة ‪ 1849‬ـ‬
‫وهي أول طبيبة ف العال ـ كانت النسوة القيمات معها يقاطعنها‪ ،‬ويأبي أن يكلمنها‪،‬‬
‫ويزوين ذيولن من طريقها احتقارا@ لا‪ ،‬كأنن متحرزات من ناسة يتقي مساسها‪ .‬ولا‬
‫اجت هد بع ضهم ف اقا مة مع هد يع لم الن ساء ال طب بدي نة )فلدلف يا( المريك ية‪ ،‬أعل نت‬
‫الماعة الطبية بالدينة أنا تصادر كل طبيب يقبل التعليم بذلك العهد وتصادر كل من‬
‫يستشي أولئك الطباء‪ ...‬ومن الطريف أن نذكر أن القانون النليزي حت عام ‪1805‬‬
‫كان يبيح للرجل أن يبيع زوجته‪ ،‬وقد حدد ثن الزوجة بستة بنسات‪ .‬فقد حدث أن باع‬
‫انل يزي زوج ته عام ‪ 1931‬بم سمائة جن يه‪ .‬و قال ماميه ف ا لدفاع ع نه‪ :‬إن ال قانون‬
‫النليزي قبل مائة عام كان يبيح للزوج أن يبيع زوجته‪ ،‬وكان القانون النليزي عام‬
‫‪ 1801‬يدد ثن الزو جة ب ستة بن سات ب شرط أن ي تم ا لبيع بواف قة الزو جة‪ .‬فأ جابت‬
‫الكمة بأن هذا القانون قد ألغي عام ‪ 1805‬بقانون ينع بيع الزوجات أو التنازل عنهن‪،‬‬
‫وبعد الداولة حكمت الكمة على بائع زوجته بالسجن عشرة أشهر‪ !!.‬وقد حدث أن‬

‫)‪(48‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫باع ايطال زوجته لخر على أقساط‪ ،‬فلما امتنع الشتري عن سداد القساط الخية قتله‬
‫الزوج البائع‪ .‬ولا قامت الثورة الفرنسية )ناية القرن الثامن عشر( وأعلنت ترير النسان‬
‫من العبودية والهانة‪ ،‬ل تشمل بنوها الرأة‪ ،‬فنص القانون الدن الفرنسي على أنا ليست‬
‫أهل@ للتعاقد دون رضا وليها إن كانت غي متزوجة‪ ،‬وقد جاء النص على أن القاصرين‬
‫هم‪ :‬ال صب‪ ،‬وال نون‪ ،‬وا لرأة!!‪ .‬وا ستمر ذ لك حت عام ‪ 1938‬ح يث عدلت هذه‬
‫النصوص لصلحة الرأة‪ ،‬ولتزال‪ ،‬فيه بعض القيود على تصرفات الرأة التزوجة"‪.‬‬

‫أ قول‪ :‬ه كذا كان و ضع ا لرأة ف فرن سا و ف أورو با حت بعد و فاة الطه طاوي ب سبعي‬
‫سنة!! فإذا كان الطهطاوي يريد أن يرر الرأة السلمة على الطريقة الغربية فكان أول به‬
‫وهو ف باريس أن يطالبهم بتحرير الرأة الفرنسية والوروبية من رق العبودية للرجل!!‬
‫فحت بعد إلغاء انلترا لقانون بيع الزوجات عام ‪ 1805‬ظل حال النساء ف الغرب مزريا‬
‫إ ل نا ية ا لرب العال ية الثان ية عام ‪ 1945‬فأي ب شارة هذه ا لت يب شرنا با الطه طاوي‬
‫وتلمذته؟!!‬

‫لقد كان وضع الرأة السلمة بالقارنة بالرأة الوربية ف عصر الطهطاوي وما قبله وما‬
‫بعده أفضل براحل ولمقارنة البتة بي وضع الرأة السلمة الت كرمها ال ف كتابه العزيز‬
‫وأكرمتها السنة النبوية أحسن تكري وبي الرأة الوروبية الت يتحكم ف حالتها مموعة‬
‫من العاهات العقلية والعقد النفسية الت أصابت رجل الدين السيحي الذي أثر على التمع‬
‫الوروب عدة قرون برسم صورة نطية للمرأة تلك الكائن الشرير وذلكم الرجس الذي‬
‫يب البتعاد عنه واجتنابه على حد زعمهم!!‬

‫أم ماذا يريد الطهطاوي من تقليد الرأة السلمة للمرأة الوروبية؟! هل يريد أن تاريها ف‬
‫العري والسفور والبتذال؟!! هل هذا هو ترير الرأة أم تدميها؟!‬

‫لقد أثرت دعوة الطهطاوي فبعد خسي عاما من وفاة الطهطاوي ألف قاسم أمي التوف‬
‫‪ 1908‬كتاب )ترير الرأة(‪ ..‬وظهرت حى التقليد العمى للمرأة الغربية‪ :‬فهذه صفية‬
‫م صطفى فه مي )ا لت تن سب إ ل زوج ها سعد زغ لول ع لى الطري قة الغرب ية( ت قوم ب شبه‬
‫مسرحية هزلية مستغلة ثورة الشعب ضد الحتلل النليزي فتقوم بتظاهرة من النسوة‬
‫تت قياد تا وت مع الن سوة أ مام ثك نات ا لنليز ف ق صر الن يل بال قاهرة )و هو م يدان‬
‫ال ساعيلية‪ ،‬فب عد هذه الواق عة غ يوا ا سه إ ل م يدان التحر ير احت فال@ بت ظاهرة هؤلء‬

‫)‪(49‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫النسوة(‪ ،‬ويهتفن ضد الحتلل‪ ..‬ث يلعن الجاب‪ ،‬ويلقينه ف الرض‪ ،‬ويسكب عليه‬
‫الكيوسي‪ ،‬ويشعلن فيه النار‪ ..‬وييا ترير الرأة!!‬

‫لكن ماعلقة الحتلل النليزي ومقاومته بلع الجاب؟!! رغم أنن خرجن لبسات‬
‫الجاب ضمن طوائف التمع الت خرجت ف ثورة ‪1919‬م‪ ..‬أكاد أشك أن هناك أمرا‬
‫دبر بليل!! فإذا كنت تريدين التحرر فلم التمحك ف الرجل ‪ -‬حسب تعبي الستاذ ممد‬
‫قطب ‪ -‬وتنسبي نفسك إليه وتتركي اسم أبيك؟!‬

‫أقول‪ :‬وليزال هذا التقليد الغرب معمول@ به وخاصة ف بيوتات ذوي الياقات البيضاء وما‬
‫يسى بعلية القوم!! ال يكرم النسان‪) :‬ادعوهم لبائهم(‪ ..‬ويصر النسان أن ينسب إل‬
‫غي أبيه!! فكأنم يرفون الية )ادعوهم لزواجهم(!! فماذا يريد هؤلء الطهطاويون من‬
‫الرأة السلمة‪ :‬إسلمها كرمها أعظم تكري؛ ذمتها الالية منفصلة عن ذمة زوجها‪ ،‬لتباع‬
‫ولت شترى‪ ،‬هي حرة بتحر ير ال سلم لا ف هي ا لم وا لخت والب نت والزو جة والرب ية‬
‫وال شاعرة والفقي هة والعا بدة والست شارة‪ ..‬ف ماذا )أت ستبدلون ا لذي هو أد ن با لذي هو‬
‫خي(‪..‬‬

‫وكان من ثرات الفكر الطهطاوي أنه "عندما أصدر قاسم أمي كتابه ترير الرأة‪ ،‬قاطعه‬
‫الناس وحرم الكباء عليه دخول بيوتم‪ ،‬وأفت بعض العلماء أنه خرج عن السلم‪ ،‬وكان‬
‫أ حد لط في ال سيد من القلئل ا لذين وق فوا إ ل جانب قا سم أم ي‪ ،‬و قال لط في ال سيد‬
‫يومها‪) :‬إنه لن تر على مصر أكثر من خسي عاما@ إل وتكون الرأة الصرية وزيرة( وسع‬
‫الديوي عباس لذا الرأي‪ ،‬فقال‪) :‬إن لطفي السيد قد جن وأنه يسن وضعه ف السراي‬
‫الصفراء( والسراي الصفراء هو السم الذي كان يطلق على مستشفى المراض العقلية‬
‫بالعباسية‪.‬‬

‫وقبل أن تضي خسون عاما@ على هذا الديث كانت الرأة الصرية تثبت بالفعل وزيرة‬
‫لل شئون الجتماع ية" و كان من ثرات الف كر الطه طاوي ظ هور ج يل من الن ساء اللئي‬
‫تفرنن وفضلن السفور على الجاب منهن الكاتبة الشهية )باحثة البادية( واسها ملك‬
‫ناصف ابنة الشيخ حفن ناصف بك‪ ،‬ولدت بالقاهرة سنة ‪1886‬م وتلقت مبادئ العلوم‬
‫ف مدارس أولية ث دخلت الدرسة السنية فنالت الشهادة البتدائية ف سنة ‪1900‬م ث‬
‫نالت إ جازة ال تدريس من ق سم العل مات ومار ست التعل يم ف مدارس الب نات المي ية‪،‬‬
‫و توفيت ‪1918‬م‪ ،‬و كانت من ا لداعيات إ ل ال سفور ب عد قا سم أم ي‪ ،‬و كانت تف ضل‬

‫)‪(50‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫السفور على الجاب ولا كتاب )النسائيات( وكانت تكتب مقالت ف تناهض الجاب‬
‫ورغم ذلك حافظ إبراهيم بقصيدة منشورة ف ديوانه سنة ‪1918‬م‪.‬‬

‫و جاءت نبو ية مو سى )‪ 1890‬ـ ‪ (1951‬و سارت ع لى ن فس ا لدرب ف كانت أول‬


‫ناظرة وأول مفت شة ف وزارة ال عارف ال صرية و لا كتا بات عن ا لرأة وترير ها!! و لا‬
‫كتا بات أيضا@ عن تار يخ الفراع نة وتج يدها للشخصية ال صرية بغض الن ظر عن ا لدين!!‬
‫هكذا تول الطهطاوي كب سفور الرأة السلمة تت شعار )ترير الرأة!( وسار على دربه‬
‫العل مانيون ا لدد ا لذي ل تعجبهم شهادة ا لبت فغ مزوا و لزوا و هزوا ف هذا الؤرخ‬
‫المي!! وعظموا وبلوا وشرفوا وكرموا الطهطاوي ومن سار على نجه لنه فتح باب‬
‫الطعن على مبادئ السلم وقيمه‪ ،‬فطفقوا يعربدون ف مقدسات السلم ول رادع لم!!‬

‫)ج(‪ :‬استح سانه الغ ناء والتمث يل والر قص‪ :‬قال الطه طاوي م سن@ا الغ ناء‪ " :‬قال ب عض‬
‫الكماء‪ :‬فضل الغناء كفضل النطق على الرس والدينار النقوش على القطعة من الذهب‪،‬‬
‫و ف ب عض كلم هم‪ :‬إن الغ ناء يرك ا لوى ال ساكن وي سكن أ ل ا لوى الت حرك‪ .‬قال‬
‫أفل طون‪ :‬هذا الع لم‪ ،‬يع ن ع لم الو سيقى‪ .‬ل ي ضعه الك ماء لل هو والل عب‪ ،‬بل للم نافع‬
‫الذات ية‪ ،‬و لذة الروحان ية‪ ،‬وب سط الن فس‪ ،‬وترط يب اليبو سات‪ ،‬وت عديل ال سوداء‪ ،‬وترو يق‬
‫الدم‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬سيت النغام واللان بالغناء لن النفس تستغن به عن اللذ البدنية‬
‫ف حال ساعه"‪" ،‬فمن مالس اللهي عندهم مال تسمى )التياتر( و)السكاتاكل( وهي‬
‫يلعب فيها تقليد سائر ما وقع‪ ،‬وف القيقة إن هذه اللعاب هي جد ف صورة هزل‪ ،‬فإن‬
‫الن سان يأ خذ من ها عبا@ عجي بة‪ ،‬وذ لك في ها سائر الع مال ال صالة وال سيئة‪ ،‬و مدح‬
‫الول‪ ،‬وذم الثانية حت إن الفرنساوية يقولون إنا تؤدب أخلق النسان وتذبه"‪" ،‬ومن‬
‫التنهات مال الرقص السماة )البال( وفيه الغناء والرقص‪ ،‬وق ل‪ K‬إن دخلت ف بيت من‬
‫بيوت الكابر إل وقد سعت به الوسيقى والغن‪ ،‬ولقد مكثنا لنفهم لغنائهم معن أصل‬
‫لعدم معرفتنا بلسانم"‪.‬‬

‫أقول‪ :‬نتساءل بدورنا‪ :‬لاذا ذهبت إل هذه اللهي وهذه السارح وأماكن اللهو والعبث‬
‫أيها الشيخ الزهري الوقور؟! وما الداعي لدخولك بيوت الكابر والسافل لتشاركهم ف‬
‫طر بم وغ نائهم ورق صهم؟! و ما هي الع مال ال صالة ا لت يتعلم ها مر تادواللهي ب عد‬
‫جرعات السموم من رقص وتثيل وخلعة؟! هل نسي أو تناسى الشيخ الطهطاوي أنه‬
‫ر جل أز هري يع لم حر مة ا لتردد ع لى هذه ال ماكن؟! أ ل يع لم ال شيخ رفا عة أن خلط ته‬

‫)‪(51‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫وجلوسه لهل الفن واللهو والطرب خارم من خوارم الروءة؟! أكاد أجزم أنه يعلم ذلك‬
‫جيدا‪.‬‬

‫ويدثنا فضيلة الشيخ رفاعة الطهطاوي عن فوائد الرقص‪" :‬وقد قلنا إن الرقص عندهم من‬
‫الفنون وقد أشار إليه السعودي ف تاريه )مروج الذهب( فهو نظي الصارعة ف موازنة‬
‫الع ضاء ود فع قوى بع ضها إ ل ب عض‪ .‬فل يس كل قوي ي عرف ال صارعة‪ ،‬بل قد يغل به‬
‫ضعيف البن ية بوا سطة ال يل القررة عندهم‪ ،‬وما كل را قص يقدر ع لى دقائق حر كات‬
‫الع ضاء‪ ،‬وظ هر ل أن الر قص وال صارعة وجعله ما شئ وا حد ي عرف بالتأ مل‪ ،‬ويتع لق‬
‫بالرقص ف فرنسا كل الناس وكأنه نوع من العيافة والشلبنة‪ ،‬ل من الفسق‪ ،‬فلذلك كان‬
‫دائما@ غي خارج عن قواني الياء‪ ،‬بلف الرقص ف أرض مصر ل يشم منه رائحة العهر‬
‫أبدا@‪ ،‬وكل إنسان يعزم امرأة يرقص معها‪ ،‬فإذا فرغ الراقص عزمها آخر للرقصة الثانية‬
‫وهكذا‪ ،‬وسواء كان يعرفها أول@ أم ل‪ ،‬وتفرح النساء بكثرة الراغبي ف الرقص معهن‪،‬‬
‫وليكفيهن واحد ول اثنان‪ ،‬بل يبب رؤية كثي من الناس يرقصن معهن لسآمة أنفسهن‬
‫بالتعلق بشئ واحد"‪.‬‬

‫ويسترسل الشيخ رفاعة شارحا@ بروتوكولت وقواعد الرقص وآدابه وأصوله‪" :‬وقد يقع‬
‫من الر قص رق صة مصو صة ير قص الن سان و يده ف خا صرة من تر قص م عه‪ ،‬وأغ لب‬
‫الوقات يسكها بيده‪ ،‬وبالملة فمس الرأة أيا@ ما كانت ف الهة العليا من البدن غي‬
‫عيب عند هؤلء النصارى‪ ،‬وكلما حسن خطاب الرجل مع النساء ومدحهن عد هذا من‬
‫الدب"‪.‬‬

‫أقول‪ :‬هذه بشارة لهل اللعة والفساد فقد جاءهم الشيخ رفاعة الطهطاوي بالرقص!!‬
‫فليهنأ الراقصون والراقصات وأهل الفن والطرب فإنم أبطال الصارعة الرة!! لقد حس˜ن‬
‫الطه طاوي لم ال فن الرف يع ومنح هم ال صك ال شرعي بالبا حة فل ضي علي هم فليق صوا‬
‫وليت عوا وليف سدوا ف كل شئ م باح!! تأ مل! هذا ال سخف ا لذي و ضعه ف ضيلة ال شيخ‬
‫الزهري ف كتبه! تأمل هذه الدعوى البيثة الت تدعو إل ماكاة الغرب حت ف فجورهم‬
‫وفسادهم! هذه دعوى بكل وضوح وصراحة للختلط بي الرجال والنساء حيث الرقص‬
‫والتف سخ الل قي! وح يث إن الطه طاوي يع لم أن د عواه مرفو ضة لدى ال عال ال سلمي‬
‫و ستقابل بال سخط وال ستنكار حت من عوام ال ناس‪ ،‬نراه يست شهد بالؤرخ ال سعودي‬
‫صاحب كتاب مروج الذهب‪ ،‬وكأنه يوفنا بروج الذهب وبالسعودي لن لديه أثارة من‬
‫علم بصوص الرقص! إذن فالرقص مدون ف كتب التاريخ وشبهه السعودي بالصارعة!!‬

‫)‪(52‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫ولنا رد على هذه الزئية نتصره ف النقاط التالية‪ :‬ل يقل السعودي هذا النص الذي‬
‫نقله الطهطاوي بل إن أقرب حكاية ذكرها السعودي عن الرقص وردت ف اللد الرابع‬
‫من مروج الذهب‪" :‬فلما كان صبيحة تلك الليلة دعا الليفة العتمد من حضره ف اليوم‬
‫الول‪ ،‬فلما أخذوا مراتبهم من اللس قال لبعض من حضره من ندمائه ومغنيه؛ صف ل‬
‫الرقص وأنواعه‪ ،‬والصفة المودة من الراقص واذكر ل شائله"‪.‬‬

‫وبعد التحقيق ل ند النص الذي ذكره الطهطاوي ف مروج الذهب‪ .‬ورغم ذلك فإن‬
‫السعودي ذكر أشنع من الرقص ف حق الصحابة وخلفاء السلمي من تم وأباطيل لطالا‬
‫يتخذها العلمانيون وأهل الهواء تكأة للنيل من السلم والسلمي‪.‬‬

‫إن الكايات التاريية ليست من الستندات الشرعية الت تبن عليها الحكام‪ ،‬وهذا معلوم‬
‫ف كتب الصول‪.‬‬

‫أما السعودي الؤرخ وأماته العلمية‪ :‬يقول عنه أبو بكر بن العرب‪" :‬ومن أشد شئ على‬
‫الناس جا هل عا قل‪ ،‬أو مب تدع ح تال‪ ،‬فأما الا هل )‪ (..‬وأما الب تدع ال تال فال سعودي‪،‬‬
‫فإنه يأت م نه متا خة ال لاد في ما روي من ذ لك‪ ،‬وأ ما البد عة فل شك ف يه‪ ،‬فإذا صنتم‬
‫أساعكم وأبصاركم عن مطالعة الباطل‪ ،‬ول تسمعوا ف خليفة ما ينسب إليه ما ليليق‬
‫ويذكره عنه ما ليوز نقله‪ ،‬كنتم على منهج السلف سائرين‪ ،‬وعن سبيل الباطل ناكبي"‪.‬‬

‫ويقول فيه الشيخ مب الدين مقق العواصم من القواصم‪" :‬على بن السي السعودي‬
‫يعده الشيعة من شيوخهم وكبارهم‪ ،‬ويذكر له الامقان‪ Ù‬ف تنقيح القال )‪- 282 : 2‬‬
‫‪ (283‬مؤلفات ف الوصاية وعصمة المام وغي ذلك ما يكشف عن عصيبته والتزامه غي‬
‫سبيل ال سنة المد ية‪ .‬و من طبي عة الت شيع والت حزب الب عد ب صاحبه عن الع تدال‬
‫والنصاف"‪.‬‬

‫وكان من ثرات الفكر الطهطاوي أن التمثيل والغناء ف عهد الديو إساعيل صار مرعيا‬
‫من جانب الدو لة‪ " :‬و لا كان إ ساعيل با شا نف سه‪ ..‬م يا @ل ب طبيعته للف نون المي لة و ف‬
‫طليعتها الوسيقى والغناء ل يكن غريبا@ أن يشتهر عصره بالرح والبور وأن ينمو الفن ف‬
‫عهده‪ .‬ولا كانت النهضة التمثيلية ف النصف الثان من القرن الغابر ماتزال ف بدايتها فقد‬

‫)‪(53‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫راح إساعيل يساعد الانب الورب منه آمل@ ف أن يؤدي ذلك إل نضة التمثيل ف مصر‪.‬‬
‫وف الق إنه ل يستكثر أية مساعدة على السرح الصري ولذا أنشأ ف القاهرة مسرح‬
‫الكوميدي بالزبكية وقد شرع ف بنائه ف نوفمب سنة ‪ 1866‬واحتفل بافتتاحه ف ‪3‬‬
‫يناير ‪ 1868‬ث دار الوبرا ف سنة ‪ 1869‬لناسبة حفلت افتتاح قناة السويس‪ .‬وت بناء‬
‫الوبرا ف خسة أشهر ومثلت فيها ف مساء ‪ 29‬نوفمب سنة ‪ 1866‬أول أوبرا واسها‬
‫)يولي تو( شهدتا ا لمباطورة أوجي ن عقي لة نابليون ال ثالث وأعج بت با‪ .‬و ل ي فت‬
‫إساعيل أن يعهد للموسيقى اليطال )فردي( بأن يضع أوبرا مصرية وضع العلمة ماربيت‬
‫باشا موضوعها وهي رواي )عايدة( وقد مثلت فعل@ ف القاهرة لول مرة ف ‪ 24‬ديسمب‬
‫سنة ‪1871‬م ومنذ ذلك الي أخذت الكومة تلب الفرق الفرق الجنبية وتغدق عليها‬
‫ا لال‪ .‬أ ما ف ال سكندرية ف قد أن شأ ا لديو م سرح )زيزي نا( وم سرحا@ آ خر ا سه‬
‫)الفييي(!!"‪.‬‬

‫و كان ا لديو إ ساعيل ي قرب الغن ي وأ هل ال طرب ف كان ع بده ا لامول ال توف سنة‬
‫‪1901‬م من ندماء ا لديو و من القرب ي إل يه و كان ا لديو ي صحب هذا الغ ن م عه ف‬
‫رحل ته واستصحبه معه إ ل الستانة‪ ..‬وظهرت ف عصر الديو أيضا@ راقصات وعوال‬
‫ومغنيات مثل )ألاس( الت يناديها العامة بألاظ كانت زوجا@ لعبده الامول!! وهناك مغن‬
‫ي هودي من أ هال ال سكندرية ا سه ) جاك رو مانو( كان صديقا@ لع بده ا لامول مدحه‬
‫حافظ إبراهيم وأشاد بباعته ف الغناء ف قصيدته الت نشرها ف ‪ 15‬نوفمب ‪1908‬م‪.‬‬

‫وانظر إل قول حافظ واسرافه ف الدح الخالف للشرع‪:‬‬

‫ما جعتم بذقكم من نقود‪Ü‬‬ ‫ارحونا بن اليهود كفاكم‬


‫ــق§ بسر‪ Ý‬التوراة والتلمود‪Ü‬‬ ‫واصفحوا عن عقولنا ودعوا اللـ‬
‫من غناء‪ Ù‬ما بي دف‪ Ù‬وعود‪Ü‬‬ ‫لتزيدوا على الصكوك فخاخا@‬
‫حت زاد§ ف قومه على داود‪Ü‬‬ ‫ويكم إن‪) K‬جاك( أسرف§‬
‫ــصوت§ صوت§ الت̃يم الغر̃يد‪Ü‬‬ ‫أسكتوه ل أسكت§ ال ذلك الـ‬
‫نفس‪ Ù‬وكل‪ Þ‬ما ف الوجود‪Ü‬‬ ‫أ̈و دعوه فداؤه إن تغ̃نى كل‪Þ‬‬

‫وقال ف هذا الاك أيضا@‪:‬‬

‫)‪(54‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫ولكل‪ à‬عصر‪ Ù‬واحد¡ ل ي‪ß £‬لح§ ‪£‬ق‬ ‫يا )جاك‪ (£‬إنك ف زمانك واحد¡‬
‫يسمعوك كأ̃نهم ل يلقوا‬ ‫إن الول عاصروك وفاتم أن‪ß‬‬
‫بالعود يشدو ف يديك وينطق‪£‬‬ ‫قد جاء )موسى( بالعصا وأتيتنا‬
‫م‪£‬هج¡ تسيل‪ Ö‬وأنفس¡ تتحرق‪£‬‬ ‫فإذا ارتلت لنا الغناء فكلنا‬

‫أقول‪ :‬هكذا يستمر حافظ إبراهيم بك شاعر النيل ف مبالغاته وذكره لنبياء ال لدرجة‬
‫أن هذا ا لاك الي هودي من حلوة صوته زاد ع لى ح سن صوت نب ا ل داود عل يه‬
‫السلم!! ليس هذا فحسب بل فكما جاء نب ال موسى عليه السلم بعجزة العصا جاء‬
‫هذا )الاك( بآلة العود ليطرب أهل هذا الزمان!! فبئس التشبيه وبئست القارنة!! فمقام‬
‫أنب ياء ال أ سى وأرفع من أن تدنس أ ساؤهم ف م ثل هذه الب يات وصدق ا ل تعال إذ‬
‫ي قول )وال شعراء يتبع هم ال غاوون أ ل تر أ نم ف كل واد يهي مون وأ نم يقو لون ما ل‬
‫يفع لون(‪ ..‬وظ هر ف ع صر إ ساعيل أي ضا@ ر جل يع تبونه سلطان ال عازفي ع لى آ لة‬
‫القانون !! اسه )ممد العقاد القانوني(‪..‬‬

‫وه كذا صار سفلة ال قوم عل ية ال ناس وانق لت ا لواززيي واخت لت ال عادلت وأ صبح‬
‫للراق صي والغن ي وال عوال حا ية من جانب الو لة و قويت شوكتهم ع لى مرور الز مان‬
‫وصارت لم دولة تسمى دولة الفناننيي يقربم الكام التسلطون ليخدروا المة بأغانيهم‬
‫وم سرحياتم وأفلم هم و من ث يتغا فل ال ناس عن هزائم ا لاكم و جبوته وظل مه للبلد‬
‫والعباد!!‬

‫أقول‪ :‬لقد منح الطهطاوي ثقته الكاملة ف قدرة العقل على التحسي والتقبيح مثلما رأت‬
‫العتزلة قديا@ غي أنه يفوق العتزلة الوائل بأطروحاته الغريبة حيث ل يتطرق العتزلة لتنحية‬
‫الشريعة السلمية ول يدر ف أدمغتهم ذلك‪ ،‬رغم أنم فتحوا باب هذه الفتنة للمعتزلة‬
‫الدد واللديني أيضا‪.‬‬

‫أما الطهطاوي تاوز الثوابت القدسة!! لكن اللحظ أن الطهطاوي سحب ثقته الطلقة‬
‫ف قدرة العقل على التحسي والتقبيح بعن أنه رجع إل أشعريته الزهرية؟! لن الزهر‬
‫ومعظم العال السلمي ف تلك الفترة كان على مذهب الشاعرة! لكن باذا نفسر هذا‬
‫التناقض لدى الطهطاوي؟‬

‫)‪(55‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫قد يقول قائل‪ :‬الرجل غي رأيه فلماذا تاكموه؟!!‬


‫أقول‪ :‬إن الطهطاوي ل يتراجع كما يفهم من آرائه التناقضة‪ ،‬فلو أنه قال رأيه ف كتابه‬
‫الول تليص البريز ث تراجع ف آخر مؤلفاته مناهج اللباب؛ لقلنا إن الرجل غي رأيه ف‬
‫آخر حياته‪ .‬ل كن ا لمر الذي لمراء ف يه أن الطهطاوي ل يتراجع و ل يغي رأ يه؛ فحالة‬
‫الضطراب الت انتابت الرجل هي الت أوقعته ف مثل هذه التناقضات‪ .‬فالرجل متناقض ف‬
‫الؤ لف الواحد ففي صدر الك تاب تراه يبدي رأيا@ ث ف نفس الكتاب يتناقض مع رأيه‬
‫السابق!! فالطهطاوي كان يثل مرحلة انتقالية )مرحلة النسلخ من السلم( والتسربل‬
‫بدين جديد اسه )العلمانية(!!‬

‫وقد فسر الدكتور عمارة مقق العمال الكامل هذه الزدواجية وهذا الضطراب قائل@‪:‬‬
‫"إنه ل يدخل معركة فكرية ضد النمط اللعقلن الذي كان سائدا@ ف الدولة العثمانية ـ‬
‫ع صر المال يك وا لتراك العثمان ية ـ وأي ضا@ كون الر جل ف هذا ال قل ي ثل مرح لة‬
‫النتقال‪ ،‬وهي أمور وعوامل أثقلت من خطاه على هذا الدرب‪ ،‬ول تثقل من خطا الذين‬
‫جاءوا من بعده‪ ،‬فكانوا امتدادا@ متطورا@ لكثي من الفكار الت قدمها هذا الرائد العملق‬
‫للنسان العرب ف مطلع عهد هذا النسان بركة البعث والنهضة والحياء"‪.‬‬

‫أ قول‪ :‬ه كذا برر أ حد ا لولعي بالفكر ا لعتزال ا ضطراب وت ناقض الطه طاوي ف قدرة‬
‫العقل على التحسي والتقبيح؟! وما هي الثار الترتبة على هذا التراجع؟!‬

‫أو بعن آخر‪ :‬هل تراجع الطهطاوي عن تسيناته العقلية للنوذج الغرب الستورد ومدحه‬
‫للمجالس التشريعية الت تشرع بغي ما أنزل ال وتسينه لسن قواني على غرار النظومة‬
‫الغرب ية؟!! هل ترا جع الطه طاوي عن ت سينه للر قص والغ ناء والتمث بل والو سيقى؟! هل‬
‫تراجع عن تسحينه لتقييد تعدد الزوجات؟ هل تراجع عن تسينه لروج الرأة ومزاحتها‬
‫للر جال ف م يادين ال ياة ا لت أدت إ ل ضياع ا لرأة و ضياع متمعات نا؟!! هل ترا جع‬
‫الطهطاوي عن عدائه للخلفة العثمانية ومدحه لاكم مصر ممد علي باشا وهو يارب‬
‫أتباع الشيخ ممد بن عبد الوهاب رحه ال؟! هل تراجع الطهطاوي عن تسينه لتاريخ‬
‫الفراعنة وإثارته للنعرة الصرية الفرعونية؟!!‬
‫زبدة القول‪ :‬ل يتراجع الشيخ رفاعة ول يتب عن اطروحاته ف كتبه الذكورة‪ ،‬ومن ث‬
‫كانت أفكاره هي اللبنات الول للعلمانية العربية الديثة‪.‬‬

‫)‪(56‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫الفصل الرابع‬
‫الطهطاوي وإحياء نعرات الاهلية‬

‫)‪(57‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫وإحلل ولء الوطن مل الدين والعقيدة‬

‫لول مرة ف تاريخ السلمي تظهر كتابات تتكلم عن الوطنية وللمواطن والتغن بالوطن‬
‫على حساب الدين‪ .‬لول مرة ف تاريخ السلم تل رابطة الرض والعرق والدم والقرابة‬
‫مل الرابطة الدينية اليانية‪ ،‬ولا كانت القضية الوطنية تتاج إل سياج يميها‪ ،‬نبش دعاة‬
‫التغريب ف تاريخ ما قبل السلم‪ ،‬من تاريخ الفراعنة والفينيقيي وبابل آشور‪...‬إل‪.‬‬

‫لقد تكلم الطهطاوي عن تاريخ الفراعنة بفخر واعتزاز بغية تأكيد مفهوم الولء والباء‬
‫على أساس الرض والدم والقرابة‪ ،‬فتمجيد تاريخ ما قبل السلم كان لتأكيد مصطلحات‬
‫الاهلية الديدة )الوطن‪/‬الواطن‪/‬الوطنية(‪.‬‬

‫كانت هذه تقدمة لا سنتناوله ف هذا الفصل ا لذي خص صناه لناق شة هذه الق ضية ا لت‬
‫تكلم الطهطاوي عنها ف مؤلفاته وتعليقنا على آرائه الطروحة والبثوثة ف كتبه‪.‬‬

‫أول‪ :e‬الطهطاوي ومفهوم الوطن والوطنية‪:‬‬

‫يعرف الطهطاوي الوطن بأنه‪" :‬عش النسان الذي فيه درج‪ ،‬ومنه خرج وممع أسرته‪،‬‬
‫ومق طع سرته و هو الب لد ا لذي ن شأته ترب ته و غذاؤه و هواؤه‪ ،‬ور̃باه ن سيمه‪ ،‬وح لت ع نه‬
‫التمائم فيه"‪.‬‬

‫ويقول عن )حقوق الواطن( ‪" :‬ث إن ابن الوطن التأصل به‪ ،‬أو النتجع إليه‪ ،‬الذي توطن‬
‫به واتذه وطنا@‪ ،‬ينسب إليه‪ ،‬تارة إل اسه فيقال‪ :‬مصري مثل@‪ ،‬أو إل الهل فيقال‪ :‬أهلي‪،‬‬
‫أو إل الوطن فيقال‪ :‬وطن‪ ،‬ومعن ذاك أنه يتمتع بقوق بلده‪ ،‬وأعظم هذه القوق الرية‬
‫التا مة ف المع ية التأن سية‪ ،‬ول يت صف ا لوطن بو صف الر ية إل إذا كان من قادا@ ل قانون‬
‫ا لوطن ومعي نا@ ع لى ا جرائه‪ ،‬فانق ياده ل صول ب لده ي ستلزم ضمنا@ ضمان وط نه له التم تع‬
‫بالقوق الدنية‪ ،‬والتمزي بالزايا البلدية‪ ،‬فبهذا العن هو وطن وبلدي‪ ،‬يعن أنه معدود‬
‫عضوا@ من أعضاء الدينة‪ ،‬فهو لا بنلة أحد أعضاء البدن‪ ،‬وهذه أعظم الزايا عند المم‬
‫التمدنة‪ .‬وقد كان أهال غالب المم مرومي من تلك الزية‪ ،‬الت هي من أعظم الناقب"‪.‬‬

‫)‪(58‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫ويتحدث عن واجبات الوطن‪" :‬فالوطن الخلص ف حب الوطن يفدي وطنه بميع منافع‬
‫نفسه‪ ،‬ويدمه ببذل جيع ما يلك‪ ،‬ويفديه بروحه‪ ،‬ويدفع عنه كل من تعرض له بضرر‬
‫كما يدفع الوالد عن ولده الشر‪ ،‬فينبغي أن تكون نية أبناء الوطن دائما@ متوجهة ف حق‬
‫وطنهم إل الفضيلة والشرف‪ ،‬ول يرتكبون شيئا@ ما يل بقوق أوطانم وإخوانم‪ ،‬فيكون‬
‫ميلهم لا فيه النفع والصلح‪ ،‬كما أن الوطن نفسه يمي عن ابنه جيع ما يضره‪ ،‬لا فيه‬
‫هذه الصفات‪ ،‬فحب الوطان وجلب الصال العامة للخوان من الصفات الميلة الت‬
‫تتمكن من كل واحد منهم مبوبا@ للخرين‪ ،‬فما أسعد النسان الذي ييل بطبعه لبعاد‬
‫ال شر عن وط نه و لو بإ ضرار نف سه‪ ،‬ف صفة الوطن ية لت ستدعي ف قط أن يط لب الن سان‬
‫ح قوقه الواج بة له ع لى ا لوطن‪ ،‬بل يب عل يه أي ضا@ أن يؤدي ال قوق ا لت ل لوطن عل يه‬
‫ل لوطن‪ ،‬فإذا ل يوف أ حد من أب ناء ا لوطن ب قوق وط نه ضاعت ح قوقه الدن ية ا لت‬
‫يستحقها على وطنه"‪.‬‬

‫ويتكلم عن الخوة ف الوطن‪" :‬الخوة الوطنية‪ :‬فجميع ما يب على الؤمن لخيه الؤمن‬
‫يب على أعضاء الوطن ف حقوق بعضهم على بعض‪ ،‬لا بينهم من الخوة الوطنية فضل‬
‫عن ا لخوة الدين ية‪ ،‬في جب أد با@ لن يمع هم و طن وا حد‪ :‬الت عاون ع لى ت سي ا لوطن‬
‫وتكميل نظامه فيما يص شرف الوطن وإعظامه وغناءه وثروته‪ ،‬لن الغن إنا يتحصل‬
‫من انتظام العاملت وتصيل النافع العمومية‪ ،‬وهي تكون بي أهل الوطن على السوية"‪.‬‬

‫نل حظ تب ن الطه طاوي للمف هوم ا لوروب للتعر يف بالوطن "لل مرة ا لول ف ا لبيئة‬
‫السلمية ند كلما@ عن الوطن والوطنية وحب الوطن بالعن القومي الديث ف أوروبا‪،‬‬
‫الذي يقوم على التعصب لساحة مدودة من الرض‪ ،‬يراد اتاذها وحدة وجودية‪ ،‬يرتبط‬
‫تاريها القدي بتاريها العاصر‪ ،‬فك̃ونا وحدة متكاملة‪ ،‬ذات شخصية مستقلة‪ ،‬تيزها عن‬
‫غيها من بلد السلمي وغي السلمي‪ .‬وللمرة الول ند اهتماما@ بالتاريخ القدي يوجه‬
‫لتدهيم هذا الفهوم الديد للوطن"‪.‬‬

‫وهذا سر اهتمام الطهطاوي بتاريخ ماقبل السلم وهو ما سنوضحه ف الفقرة التالية‪.‬‬

‫ثانيا‪ :e‬تجيد الطهطاوي لتاريخ الفراعنة‪:‬‬

‫)‪(59‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫تت عنوان حضارة مصر القدية يقول الطهطاوي‪" :‬فقد أجع الؤرخون على أن مصر‬
‫عظم تدنا‪ ،‬وبلغ أهلها درجة عليا ف الفنون والنافع العمومية‪ ،‬فكيف ل وإن آثار التمدن‬
‫وأماراته وعلماته مكثت بصر نو ثلثة وأربعي قرنا@ يشاهدها الوارد والتردد‪ ،‬ويعجب‬
‫من ح سنها الوا فد والت فرج‪ ،‬مع تنوع ها كل الت نوع‪ ،‬و سلطينها هي من أ قوى دلئل‬
‫العظمة اللوكية‪ .‬وفيها بيت فرعون‪ ،‬وهو قطعة واحدة من الجر وسقفه وفرشه وحيطانه‬
‫من الجر الخضر‪ ،‬وكان لا سبعون بابا@‪ ،‬وهي مدينة الملكة الصرية‪ ،‬وكانت منازل‬
‫اللوك من القبط الول والعماليق ومسكن الفراعنة‪ ،‬ومازال اللك با إل أن ملك الروم‬
‫اليونان ديار مصر‪ ،‬فانتقل كرسي الملكة منها إل السكندرية ومع ذلك ل تزل عامرة‬
‫إل أن جاء السلم‪ ،‬ث خربت‪ ،‬وفيها كانت النار تري من تت سرير اللك وكانت‬
‫أربعة أنار"‪.‬‬

‫ويستمر الطهطاوي ف مدح الفراعنة‪" :‬والصريون من قدي الزمان كانوا منقادين للحكم‬
‫ال لوكي‪ ،‬ف كانوا مطيع ي للك هم‪ ،‬و كان ال لك من قادا@ أي ضا@ ل قواني المل كة وأ صولا‪،‬‬
‫و كانت حك ماء م صر تذكر ال لوك دائ ما@ بالقوق والواج بات‪ ،‬وتث هم ع لى التم سك‬
‫بالفضائل اللوكية‪ ،‬وتعلن من يصرفهم عنها من بطانة السوء وأهل النفاق‪ ،‬وكانت اللوك‬
‫ف تلك الوقات يشتغلون بطالعة الكم والداب والواعظ‪ ،‬والتواريخ‪ ،‬وكل مايرشد إل‬
‫العدل والستقامة‪ .‬وكانت مصر منقسمة إل عمالت )أي مافظات( وعلى كل عمالة‬
‫حاكم فهذا التقسيم قوى شوكة أمناء الدين وجعلهم متصي بمارسة العلوم‪ ،‬وبتقني‬
‫القواني اللكية‪ ،‬وبنفوذ الكلمة ف الكومة "‪ " ،‬وأما الديانة عن الصريي فكانت أيضا‬
‫مرتبة إذ كان أمناء دينهم يعتقدون ألوهية الذات العليا‪ ،‬وكان لم أسرار عجيبة‪ ،‬فكانوا‬
‫ليظهرونا إل لقليل من الناس‪ ،‬وكان عامة الناس يعبدون الوثان‪ ،‬ومنشأ عبادتا عندهم‬
‫أنم كانوا يؤلون كل من اخترع أمرا@ غريبا@ من قانون أو علم أو فن‪ ،‬فكانوا متقدمي ف‬
‫الندسة والساحة واللت الندسية كعلم الغرافيا والنجوم "‪.‬‬

‫ويقول ف مدح قواني الفراعنة‪" :‬وكانت قوانينهم تيل إل الث على العمل‪ ،‬فقطع عرق‬
‫البطالة والغش والتدليس‪ ،‬وغي ذلك من الوبقات‪ ،‬فمن هذا يفهم تقدمهم ف التمدن‪،‬‬
‫وأن ملكتهم ف الزمان السالفة كانت عادلة مترسة مستنية بالعارف"‪.‬‬

‫وف تعليقه على قصة نب ال يوسف عليه السلم يقول مادحا@ قانون الفرعون‪" :‬ويستدل‬
‫بذا أيضا@ على أن قواني معاملة الدم والرقيق كانت عادلة لي سوغ فيها للسيد الذي‬
‫أساءه عبده كل الساءة أن ينتقم منه لنفسه‪ ،‬كما يب ويتار‪ ،‬فهذا يفيد أن اللة كانت‬

‫)‪(60‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫متمد نة"‪ .‬وي ضيف أي ضا@ ‪ " :‬فم نه يع لم أ نه كان ب صر إذ ذاك أح كام عاد لة و حدود‬
‫مشروعة خالية من الغراض والنفسيات وهي نتيجة التمدن التام"‪.‬‬

‫أقول‪ :‬لكن لاذا سجن نب ال يوسف عليه السلم إذا كانت أحكامهم عادلة؟! أل يقل‬
‫عزيز مصر وحاكمها لا تأ كد من براءة نب ال يوسف عليه السلم ك ما يقول القرآن‬
‫الكر ي‪) :‬فل ما رءا قمي صه قد من دبر قال إ نه من ك يدكن إ ن‪ K‬ك يدكن عظ يم‪ .‬يو سف‬
‫أعرض¨ عن هذا واستغفري لذنبك إنك كنت من الاطئي( فبعد أن تقق حاكم مصر من‬
‫صدق يوسف عليه السلم وكذب زوجته يقول لزوجته )إنه من كيدكن(‪) ..‬إن كيدكن‬
‫عظيم(‪ ..‬ث يقول للبئ آمرا@ ليوسف عليه السلم بكتمان ما وقع )يوسف أعرض عن‬
‫هذا(‪ ..‬ث ي قول العز يز لزوج ته ب كل هدوء ول ي شأن أ صحاب الق صور وأ هل ال كم‬
‫)استغفري لذنبك إنك كنت من الاطئي(‪..‬‬

‫ويت مادى ال قوم ف غي هم وظلم هم ليو سف عل يه ال سلم في ضعونه ف ال سجن ب عدما رأوا‬
‫اليات ‪) :‬ث بدا لم من بعد ما رأوا اليات ليسجننه حت حي(‪ ..‬يقول الافظ ابن كثي‬
‫معلقا@ على هذه الية‪) :‬يقول تعال ث ظهر لم من الصلحة فيما رأوه أنم يسجنونه إل‬
‫ح ي أي إ ل مدة وذ لك ب عد ما عر فوا براء ته وظ هرت ال يات و هي الد لة ع لى صدقه‬
‫وعفته ونزاهته‪ .‬وذكر السدي أنم سجنوه لئل يشيع ما كان منها ف حقه ويبأ عرضه‬
‫فيفضحها(‪.‬‬

‫ث يأت الطه طاوي بعد ذ لك ليقول ‪" :‬وي ستدل بذا أيضا@ ع لى أن قواني معام لة الدم‬
‫والرق يق كانت عاد لة لي سوغ في ها لل سيد ا لذي أ ساءه ع بده كل ال ساءة أن ينت قم م نه‬
‫لنفسه‪ ،‬كما يب ويتار‪ ،‬فهذا يفيد أن اللة كانت متمدنة"‪..‬‬

‫فأي عدل هذا وأي تدن هذا الذي يتكلم عنه الطهطاوي والقوم قد سجنوا البئ؟!!‬

‫ويقول مادحا@ فرعون مصر رمسيس‪" :‬من العلوم أن من أسس ف ملكة مصر السعادة‬
‫والسيا سة والمن ية وح فظ ح قوق الرع ية هو ال لك رم سيس ا لذي ا شتهر با سم‬
‫سيزوستريس وهو الذي شيد ف مصر القصور الشامة والياكل السامية النافسة للطواد‬
‫الراسخة‪ ،‬واتذ ما يلزم للوطن من السور والقناطر واللجان‪ ،‬ول يفارق الدنيا حت ترك‬

‫)‪(61‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫مصر على غاية من الثروة والغن والسعادة والنا وكل إنسان شاكر لفعله وعلى تداول‬
‫الزمان لزال التاريخ يثن على شائله وجيل خصاله"‪.‬‬

‫ويزيد ف مدح فرعون مصر‪" :‬فكان هذا اللك ف القيقة فخر الدولة الصرية ف الزمان‬
‫الاهلية ومصباح تاريها‪ ،‬اعتن بتاريه مؤرخو اليونان‪ ،‬لنه أول ملك مصري قربم إل‬
‫بلده‪ ،‬وا ستمال ق لوبم ب توظيفهم لرئا سة أج ناده و خالف عوائد أ سلفه‪ ،‬وعا مل يو نان‬
‫وآسيا وأوروبا بأخص استعطاف وأقطعهم القطاعات من الراضي الصري‪ ،‬و سوى ف‬
‫القوق بينهم وبي النود ف الوطنية"‪.‬‬

‫من خلل هذا التصور الديد للوطن والوطنية ضرب الطهطاوي أمثلة للسوة والقدوة من‬
‫تاريخ الفراعنة وتعظيمه لفرعون مصر )فخر الدولة الصرية ف الزمان الاهلية ومصباح‬
‫تاريها(!! فأي فخر هذا للك يفرط ف أرضه ويدخل الجانب وينحهم هذه المتيازات‬
‫على حساب شعبه وأبناء جلدته!! فهذه دعوى الاهلية الول‪ ،‬ولسنا نتقول على الرجل‬
‫بل هذه أقواله شاهدة على آرائه الغريبة على عالنا السلمي!!‬

‫فالطهطاوي ل يكتف بتحسي التاريخ الفرعون بل تادى ف إطرائه لدرجة أنه مدح ديانة‬
‫الفراعنة كما ذكرنا آنفا‪ .‬تأمل! هذا الحياء الديد لذه الرمم الت عفا عليها الزمن‪ .‬إنا‬
‫د عوى للفرعون ية وبعث ها من جد يد لتأك يد مف هوم ا لوطن والوطن ية وال عودة إ ل الع صبية‬
‫ل لرض والقرا بة أي د عوة إ ل عدم اعت بار راب طة ال سلم واليان ا لت دعا إليها القرآن‬
‫الكر ي )إ نا الؤم نون أ خوة( وتك من خ طورة الطه طاوي ف كونه عا لا@ أزهر ي@ا يست شهد‬
‫باليات القرآنية والحاديث النبوية وكثي من أبيات الشعر‪ ،‬ما يسهل مهمة تلبيس الق‬
‫بالباطل‪ ،‬وهذا نده واضحا@ ف قوله‪" :‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم حي خرج من‬
‫مكة‪ ،‬عل مطيته‪ ،‬واستقبل الكعبة‪ ،‬وقال‪) :‬وال لعلم أنك أحب بلد ال إل ال تعال‪،‬‬
‫ولول أن أهلك أخرجون منك لا خرجت"‪.‬‬

‫أقول‪ :‬هذا الني إل الديار أمر فطري لجناح عليه‪ ،‬وليتناقض وعقيدة الولء والباء ف‬
‫السلم‪ ،‬لكنه ف حالة تعارض الولءات‪ ،‬فالرسول صلى ال عليه وسلم قدم ولء العقيدة‬
‫والسلم على ولء الرض رغم أن مكة خي بقاع الرض‪ ،‬فهنا انتصر ولء العقيدة على‬
‫ولء الوطن‪ ،‬ومن قبل فعل نب ال إبراهيم عليه السلم عندما تعارض ولء البوة والرحم‬
‫مع ولء العقيدة قال تعال‪) :‬فلما تبي له أنه عدو ل تبأ منه( وقال تعال‪) :‬قد كانت‬
‫لكم أسوة حسنة ف إبراهيم والذين معه إذ قالوا لقومهم إنا برءاء منكم وما تعبدون من‬

‫)‪(62‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫دون ال كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم العداوة والبغضاء أبدا@ حت تؤمنوا بال وحده( وقد‬
‫كان هذا منهج الصحابة رضوان ال عليهم؛ ففي غزوة بدر تباينت الولءات‪ ،‬وتايزت‬
‫الباءات‪ ،‬فالهاجرون يقاتلون آباءهم وأبناءهم وإخوانم وعشيتم من الشركي‪ ،‬وهم‬
‫بنو وطن واحد‪ ،‬وعشية واحدة‪ ،‬بل وعائلة واحدة‪ ،‬فهذا أبو عبيدة بن الراح رضي ال‬
‫عنه يقتل أباه‪ ،‬وعمر بن الطاب رضي ال عنه يقتل خاله‪ ،‬فانتصر ولء العقيدة على ولء‬
‫القرابة والدم والرض‪.‬‬

‫وهذا عبادة بن الصامت رضي ال عنه الذي كان حليفا@ لليهود يعلن ولءه ل ورسوله‬
‫ويتبأ من حلفائه من يهود بن قينقاع الذين غدروا ونقضوا عهدهم إذ يعلن على الل‬
‫براءته من حلفائه من يهود مظاهرة ل ورسوله قائل‪) :‬يا رسول ال إن ل موال من يهود‬
‫كثي عددهم‪ ،‬وإن أبرأ إل ال ورسوله من ولية يهود‪ ،‬وأتول ال ورسوله(‪ .‬هكذا عندما‬
‫تعار ضت م صلحة العق يدة مع ال صلحة الشخ صية قدم ع بادة بن ال صامت ولء العق يدة‬
‫وأسقط تت قدميه ولء الصلحة الشخصية‪.‬‬

‫وقد أفاض القرآن الكري ف هذه القضية وركز على ولء العقيدة واليان فقال تعال‪:‬‬
‫)ياأيها الذين آمنوا لتتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على اليان ومن‬
‫يتولم منكم فأولئك هم الظالون( )ياأيها الذين آمنوا لتتخذوا اليهود والنصارى أولياء‬
‫بعضهم أولياء بعض‪ .‬ومن يتولم منكم فإنه منهم‪ .‬إن ال ليهدي القوم الظالي( ‪.‬‬

‫ل كن الطه طاوي يتغا فل عن هذه ال يات البي نات ف عق يدة ا لولء وا لباءة وي ضرب با‬
‫عرض الائط وي ض˜يق الفهوم الواسع للولء والباء ف العقيدة السلمية وينادى برابطة‬
‫جديدة تل مل رابطة السلم‪.‬‬

‫ولكي يفصل القرآن مبدأ )الولء( الذي هو مبدأ أساسي ف سياسة المة السلمي‪ ،‬ويبر‬
‫أسباب ما يراه ف يه فيقول‪) :‬إ نا وليكم ال ورسوله وا لذين آم نوا الذين يقي مون الصلة‬
‫ويؤ تون الز كاة و هم راك عون‪ ،‬ومن ي تول ال ور سوله وا لذين آم نوا فإن حزب ا ل هم‬
‫ال غالبون( فال ية ا لول تدد من ي كون له ا لولء وا لودة‪ .‬و هم ا ل ور سوله‪ ،‬والؤم نون‬
‫الذين يباشرون العبادة والطاعة ل‪ .‬والية الثانية تعد بنجاح التماسك ف المة على أساس‬
‫مثل هذا الولء‪.‬‬

‫)‪(63‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫ث يستطرد القرآن مبرا@ لا حدده هنا فيقول‪) :‬ياأيها الذين آمنوا لتتخذوا الذين اتذوا‬
‫دينكم هزوا@ ولعبا@ من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء‪ ،‬واتقوا ال إن كنتم‬
‫مؤمني‪ ،‬وإذا ناديتم إل الصلة اتذوها هزوا ولعبا@ ذلك بأنم قوم ليعقلون( فقد اعتاد‬
‫الفريقان أن يسخرا من الصلة ع ندما يؤذن لا‪ .‬وسخريتهم من دين الؤمني ع لى هذا‬
‫النحو يعب عن عدم احترامهم للمؤمني‪ .‬وليس من حسن السياسة أن يكونوا هم وأهل‬
‫الكتاب والشركون على السواء‪ ،‬موضحا‪ :‬أن منع الؤمني والؤمنات من أن يكون لم‬
‫ولء لغيهم‪ :‬يكون النسان مواليا@ أو صاحب و̃د وصداقة لن ليترمه‪ ،‬ولن يسئ إليه‬
‫فيما يعتقده‪ .‬وكما ينهى القرآن عن أن يتجاوز الؤمنون والؤمنات بولئهم أو صداقتهم‬
‫وودهم‪ :‬إخوانم ف اليان‪ ،‬إل غي الؤمني من أهل الكتاب والشركي من اعتادوا أو‬
‫من شأنم أن ي سخروا من ا لؤمني و من دين هم ع لى ال سواء‪ ،‬ين هي أي ضا@ عن أن يت خذ‬
‫الؤمنون والؤمنات )خاصة( و)مستشارين( من غي الؤمني‪ ،‬فيقول‪) :‬ياأيها الذين آمنوا ل‬
‫تتخذوا بطانة من دونكم ل يألونكم خبال@ ودوا ماعنتم قد بدت البغضاء من أفواههم وما‬
‫ت في صدورهم أ كب‪ ،‬قد بي نا ل كم ال يات إن كن تم تعق لون‪ .‬هاأنتم أولء ت بونم ول‬
‫يبونكم وتؤمنون بالكتاب كله وإذا لقوكم قالوا آمنا وإذا خلوا عضوا عليكم النامل من‬
‫الغ يظ‪ .‬قل مو توا بغيظ كم إن ا ل عل يم بذات الصدور‪ .‬إن تس سكم حسنة‪ á‬ت سؤهم وإن‬
‫ت صبكم سيئة‪ á‬يفر حوا با وإن ت صبوا وتت قوا لي ضركم ك يدهم شيئا@ إن ا ل با تعم لون‬
‫ميط( ‪ ،‬وإذا كان القرآن يبر ما يدعوا إليه الؤمني والؤمنات من قبل‪ :‬من عدم الولء‬
‫لغيهم‪ ،‬بسبب سخرية هؤلء لدين الؤمني واستهزائهم با يؤدونه من عبادة‪ ،‬فإنه يبر‬
‫دعوته الثانية إل الؤمني والؤمنات بعدم اتاذ )بطانة( و)خاصة( و)مستشارين(‪:‬‬
‫أ( بعدم تقصي هؤلء من أ هل الك تاب وا لوثنيي أو الاديي اللحدين ‪ -‬إذا ما‬
‫أصبحوا بطانة للمؤمني والؤمنات ‪ -‬فيما يسبب الزمات والشر والفساد لم )ليألونكم‬
‫خبال(‪.‬‬
‫ب( وبالرغ بة ف الت فتيش ع ما ي شق ع لى نفو سهم‪ ،‬وي سبب لم الع نت‪) :‬ودوا‬
‫ماعنتم(‪.‬‬
‫ج( و بانطواء نفو سهم ع لى البغض والقد ) قد بدت البغضاء من أ فواههم وما‬
‫تفي صدورهم أكب(‪.‬‬
‫د( وبالرغبة ف النتقام منهم‪) :‬وإذا خلوا عضوا عليكم النامل من الغيظ(‪.‬‬
‫هـ( وبأن ناح الؤمني يسوؤهم‪ ..‬بينما يسعدهم اخفاقهم )إن تسسكم حسنة‬
‫تسؤهم‪ ،‬وإن تصبكم سيئة يفرحوا با(‪.‬‬

‫)‪(64‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫وقد بلور القرآن ما دعا إليه الؤمني والؤمنات من مواقف ف سياستهم مع غيهم على‬
‫الخص ف قوله تعال‪) :‬تلقون إليهم بالودة وقد كفروا با جاءكم من الق( ‪ ،‬هم ف‬
‫واقع أمرهم أعداء للممؤمني وأعداء ل جل جلله لنم جيعا@ يكفرون بالقرآن كآخر‬
‫رسالة ساوية‪.‬‬

‫و قد حذر ال قرآن ا لؤمني ب عد أن ك فر أ عداؤهم با جاء إلي هم من ا لق‪ ،‬و هو ال قرآن‬


‫الكري‪ :‬من أن يدوا إليهم يد الولء والودة‪ ..‬أو أن يتخذوا منهم خاصة وبطانة لم‪ .‬لن‬
‫نفوسهم تنطوي على البغض والقد‪ ،‬لنم إن صادقوكم وانفردوا بكم يكشفوا لكم عن‬
‫عدوانم وتتد أيديهم إليكم بالسوء‪ ،‬كما تتد ألسنتهم‪ ،‬وناية مطافهم معكم‪ :‬أن تعودوا‬
‫كفارا@ وتتحولوا إل أن تكونوا أتباعا@ لم )إن يثقفوكم يكونوا لكم أعداء‪ ،‬ويبسطوا إليكم‬
‫أيديهم وألسنتهم بالسوء وودوا لو تكفرون(‪.‬‬
‫فهل يعي الؤمنون سياسة القرآن بالنسبة لمتهم ف تاسكهم‪ ..‬وبالنسبة لعدائهم ف عدم‬
‫موالتم‪ ،‬واتاذ بعضهم خاصة له؟‪ .‬ما أصاب السلمي بالمس‪ ..‬وما يصيبهم اليوم أو‬
‫غدا@‪ ،‬هو بسبب عدم اتباعهم لسياسة القرآن‪ ..‬وبقائهم مع حزب الشيطان فياتباع سياسة‬
‫الوى والشهوة‪.‬‬

‫من منطلق هذا الفهوم الديد للوطن‪ ،‬أعلن الطهطاوي عداءه للخلفة العثمانية‪ ،‬وتغن‬
‫ببطولت ممد علي باشا‪ ،‬وأشاد بانتصاراته على العثمانيي وف ذلك يقول‪" :‬وحروبه مع‬
‫وال عكا معلومة‪ ،‬وجولن جنوده ف الشام‪ ،‬وغي الشام مفهومة‪ ،‬ول تكن من مض‬
‫الع بث‪ ،‬ول من ذم يم ت عدي ا لدود‪ ،‬إذ جل مق صوده ت نبيه أع ضاء م لة عظي مة ت سبهم‬
‫أيقاظا@ وهم رقود‪ ،‬والدليل على حسن النية أن هذه السنة الت على صورة النية‪ ،‬أنتجت‬
‫أصل وارثي مصر‪ ،‬الت ترتب عليها رفع الصر"‪" ،‬ولول بقاؤه )يقصد ممد علي باشا(‬
‫)ت ‪ (1849‬تت ولء الدو لة العل ية‪ ،‬ومرا عاة ح فظ الا لة الراه نة عل يه من الراجح ية‬
‫والرجوحية‪ ،‬لال ف الفتوحات الارجة مال اسكندر الكب"‪.‬‬

‫ويشيد مقق العمال الكاملة بذا الفكر التقدمي! لرفاعة الطهطاوي فيقول‪" :‬فهو هنا‬
‫يقدم فكرا@ مددا@ يرى ف العمل العسكري الذي مارسه اليش الصري ضد العثمانيي‪،‬‬
‫وحرر به أغلب أجزاء الشرق العرب‪ ،‬عمل@ ل يدخل ف إطار )العبث( أو)التعدي( وإنا‬
‫هو تنبيه المة وإيقاظها من نومها ورقودها‪ ،‬فيا للكهف الظلم للتراك العثمانيي‪ ،‬هو‬
‫فكر قومي عرب لنطلب من الطهطاوي أكثر منه ف ذلك التاريخ وتلك الظروف"‪.‬‬

‫)‪(65‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫وانتشرت عدوى الفكر الطهطاوي ف عقول أمتنا؛ فيقول أحدهم ف معرض مدحه لرب‬
‫ممد علي باشا ضد اللفة العثمانية‪" :‬ونن ف نوفمب ‪ 1831‬ها هو ممد علي يرسل‬
‫ابنه إبراهيم على رأس جيش إل فلسطي‪ ،‬وهاهو اليش يتقدم بسرعة من فلسطي إل‬
‫باقي أجزاء الشام ـ ف تلك الفترة كان لفظ الشام يعن فلسطي ولبنان وسوريا"‪.‬‬

‫وي قول ماد حا@ الفلح ال صري‪" :‬ا لن يت حول الفلح نف سه إ ل مقا تل من ظم ف ج يش‬
‫حديث‪ ،‬يهزم المباطوية الت حكمته من قبل ثلثة قرون"‪.‬‬

‫من منط لق الفهوم الد يد ل لوطن نادى الطه طاوي بتقع يد الله جة العام ية والعت ناء با‪،‬‬
‫وح قق م شروعه بتعري به ل صحيفة )الو قائع ال صرية( وت شجيعه للكتا بة العام ية‪" :‬ومو قف‬
‫الطه طاوي من الله جة العام ية جدير بالتأ مل والدرا سة‪ ،‬ف قد كان الر جل ي ستخدم‬
‫م صطلحاتا ع ند التر جة إذا أ عوزه ال صطلح الف صيح‪ ،‬وي قدم ال صطلح ال عامي ع لى‬
‫الصطلح العرب‪ ،‬كما استخدم الكثي من ألفاظها ف تأليفه‪ ..‬وهو قد تدث عن أهية‬
‫تقعيد قواعدها والستفادة منها ف تعليم الصناعات لبناء الشعب‪ ،‬فقال‪ :‬إن اللغة التداولة‬
‫ف بلدة من البلد‪ ،‬السماة باللغة الدارجة‪ ،‬الت يقع با ف العاملت السائرة‪ ،‬لمانع أن‬
‫يكون لا قواعد قريبة الأخذ تضبطها‪ ،‬وأصول على حسب المكان تربطها‪ ،‬ليتعارفها‬
‫أهل القليم‪ ،‬حيث نفعها بالنسبة إليهم عميم‪ ،‬وتصنف فيه كتب النافع العمومية والصال‬
‫البلدية"‪.‬‬

‫وقد كان الطهطاوي عمليا@ فكتبه زاخرة بذه اللفاظ العامية‪ ..‬ونلحظ ذلك جيدا@ ف‬
‫م لة الو قائع ا لت كان ي شرف ع لى ترير ها وت طوير أ سلوبا ح يث غل بت علي ها العام ية‬
‫الصرية‪ ..‬وهكذا سن الطهطاوي سنة الكتابة بالعامية الصرية ف الصحف الت صدرت ف‬
‫وقته وصار اللف على نفس السنة الطهطاوية إل وقتنا الاضر‪.‬‬

‫أقول‪ :‬أود أن أشي إل أن هناك بعض الاولت قد جرت للكتابة بالعامية بعد الطهطاوي‬
‫عن طريق نقل أعمال من التراث العالي أو من العمال الدبية الكلسيكسة كمسرحيات‬
‫شك سبي إ ل لجت نا العام ية‪" :‬م ثل تر بة م مد عث مان جلل لتعر يب أع مال من ا لتراث‬
‫الكل سيكي الفرن سي لل قرن ال سادس ع شر‪ .‬إذ قام ف نا ية ال قرن التا سع ع شر بن قل‬
‫م سرحيات الؤ لف الكوم يدي موليي إ ل العام ية ال صرية؛ فترجم أر بع م سرحيات هي‬
‫)تاتوف( وقام يتعريبها با يتلءم مع البيئة الثقافية والجتماعية الصرية‪ ،‬واعطائها عنوان‬
‫)الشيخ متلوف( وكذلك مسرحية )النساء العاملت( ومسرحيات أخرى من هذا التراث‬

‫)‪(66‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫الف كاهي ال ساخر‪ .‬و ل ت قف تر بة م مد عث مان جلل ع ند تعر يب ا لتراث الكل سيكي‬
‫الكوميدي‪ ،‬بل أقدم على ترجة وتعريب مسرحيات )راسي( التراجيدية‪ ،‬وجاءت الترجة‬
‫ل سرحية )اي ستي( و )ايفيجي ن( كذلك ف صورة أ شعار زجل ية‪ .‬و ف ن فس هذه ال فترة‬
‫شرع )وليام ولكوكس( بترجة مقتطفات من روايت )هنري الرابع( و )هلت( لشكسبي‬
‫إل العامية الصرية ونشرها عام ‪1893‬م ولكن ف أغلب الظن ل يكن ولكوكس يفكر‬
‫ف نقل ما كان يقدمه إل خشبة السرح‪ ،‬بل كان هدفه الساسي هو تعضيد رأيه أن‬
‫العامية هي أداة التعبي الت يب على الصريي تبنيها والكتابة با لميع أغراض التصال"‪.‬‬

‫وتعتب جريدة )أبو نضارة( أول صحيفة هزلية تكتب بالعامية تنتقد حكم الديو إساعيل‬
‫التوف ‪ ،1879‬وهذه الريدة أسسها جال الدين الفغان التوف ‪1897‬م الذي يلقب‬
‫برائد اليقظة ف الشرق! وتاوب معه يعقوب صنوع والشيخ ممد عبده ف ترير هذه‬
‫الر يدة‪ .‬وانت شرت الكتا بة بالعام ية ع لى ن طاق وا سع وه ناك ماولت م ستميتة لق صاء‬
‫اللغة العربية من حياة الناطقي با‪.‬‬
‫لكن الفصحى ل تزل والمد ل تشغل وظائف التصال الكثر رسية كتابية كانت أو‬
‫شفهية‪ ،‬و ل تزل ه ناك مالت عمل ية لت ستخدم إل الف صحى كالطا بة و حت الكتا بة‬
‫الدار ية ون قل العلو مات العلم ية وو سائل الت صال الدي ثة ا لت تن قل هذه العلو مات ل‬
‫تترجم إل بالف صحى وطا لا كان ال قرآن ح يا@ ل ير فع من صدور ال ناس ب عد ف لن توت‬
‫الفصحى مهما حاول أعداؤها الذين يتسترون بالعامية القضاء عليها!!‬

‫أما عن العلقة بي الوطنية وتجيد ماقبل السلم‪:‬‬

‫لقد كان من لوازم مفهوم الوطنية أن نبش الطهطاوي ف تاريخ ما قبل السلم وإحياءه‬
‫ن عرات الاهل ية كالفرعون ية‪ ،‬واعتبار ها ام تدادا@ طبيع يا@ لتار يخ ال صريي مع ا لض ع لى‬
‫تعظيمها‪ ،‬ما أدى فيما بعد إل إحياء طقوس حرمها السلم وأبطلتها الشريعة السلمية‬
‫الغراء كالحتفال بيوم وفاء النيل وتقديس الجارة والقابر الفرعونية‪.‬‬

‫وكان من ثرة ذلك الفكر من الناحية التطبيقية انشاء مدرسة اللسان الصري القدي )اللغة‬
‫اليوغليفية( وكان ذلك عام ‪1879‬م وكان مديرها اللان )بروكش باشا( ومنها ترج‬
‫أحد كمال باشا الولود ‪ 1851‬والتوف ‪1923‬م وهو أول مصري حل لواء علم الثار‬
‫الفرعونية القدية وأول مصري يتقن هذا الفن الديث فهو العرب الصري الول الذي‬

‫)‪(67‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫تلقى هذا العلم من أثري الغرب وعربه وأقام له فلسفة واضحة‪ .‬وله موسوعات وأباث‬
‫ف قواعد اللغة اليوغليفية وقاموس بفرداتا‪ .‬وقد استطاع هذا الرجل أن يمل الكومة‬
‫الصرية على تعليم اللسان الصري لبعض الطلبة الصريي وقد ترج على يديه مموعة من‬
‫أزكي تلميذ مدرسة العلمي‪ :‬مثل سليم حسن عال الثار الشهور التوف سنة ‪1961‬م‬
‫وسليم حسن هو مكتشف أول مقبة ف الدولة الفرعونية القدية وهي مقبة )رع ور(‬
‫الكاهن الكب للوجهي البحري والقبلي‪ .‬وهو مكتشف الرم الرابع للجيزة وصاحبته هي‬
‫اللكة )خنت كاوس( أول مصرية تمل لقب اللوكية كما يقولون!!‬
‫وممود حزة ورمسيس شافعي وغيهم من علماء الثار الصريي‪ .‬ومع ظهور كشوف‬
‫مقبة اللك )توت عنخ آمون( عام ‪1922‬م تفرعنت الصحف الصرية وظهرت الدعوة‬
‫إل احياء طابع الفرعونية ف التمع الصري‪.‬‬

‫و قد كان الهت مام بذه الفر يات والك شوفات بغ ية خ لق ت يار الت شرذم والت جزئة ف‬
‫النطقة‪ ،‬والقضاء على وحدة المة حيث سيهتم كل قطر بنفسه ويتقوقع داخل حضارته‬
‫القدية فيمجد الصريون الفرعونية‪ ،‬واللبنانيون الفينيقية‪ ،‬والعراقيون الشورية وهكذا تل‬
‫ولءات الاهلية مل رابطة العقيدة والدين‪.‬‬
‫هكذا "نشأت فكرة الوطنية وقتذاك‪ ،‬فكرة تاول أن تمع الناس حول الطالبة بقوقهم‪،‬‬
‫ود عوة إ ل الر ية وإ ل هدم صرح الظ لم وال ستعباد‪ .‬ث ت طورت الف كرة ع لى أ يدي‬
‫أصحاب الثقافة الوروبية‪ ،‬وبدأت تاجم الرابطة الدينية وتعتبها مصدر شر وتفرقة بي‬
‫أبناء النس الواحد‪ .‬فدعا هذا لفهم الديد للوطنية إل أن يهاجها التمسكون بالرابطة‬
‫الدينية‪ ،‬ويعتبونا خطرا@ يهدد وحدة القطار السلمية ويفرق كلمتها ويهدم تعاطفها‬
‫ويضعف تكتلها‪ ،‬با يعرضها للسقوط تت أقدام الدول الوروبية الطامعة‪ ،‬واحدة تلو‬
‫أخرى"‪.‬‬

‫ما ل شك ف يه أن هذه الف كار )ا تاذ ا لوطن مع بودا@ من دون ا ل ( وإحل له ف ال شعر‬
‫والناشيد مل الدين‪ ،‬وقد ظهر ذلك جلي@ا ف قصائد زوج ابنته ‪ -‬صال مدي بك ‪-‬‬
‫الذي سار على منهج أستاذه الطهطاوي وحامل أفكاره والدافع عنه‪..‬‬

‫وك ما ي قول د‪ .‬م مد ح سي‪" :‬ور با كان صال مدي من أ سبق ال شعراء ف الع صر‬
‫الديث إل ترديد كلمات الوطن والوطنية ف شعره بعد أستاذه رفاعة الطهطاوي‪ .‬وله ف‬
‫آخر ديوانه خس عشرة مزدوجة ساها )الوطنيات(‪ ،‬امتدح فيها سعيد باشا وال مصر‪،‬‬

‫)‪(68‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫وعرضت عليه فأمر بتلحينها والتغن با بصاحبة الوسيقى العسكرية ف الافل والواسم‪.‬‬
‫و هو ف هذه الوطن يات ي شيد بالوطن ماول@ أن ي غرس ح به ف الق لوب‪ ،‬ويتغ ن بأ ماد‬
‫الجداد‪ ،‬ويفاخر بيش البلد‪ ،‬مبز@ا قوته‪ ،‬معتد@ا بشدة بأسه‪ .‬ولكنه يربط ذلك شخصيا‬
‫بشخص سعيد‪ ،‬ويعله سببا@ للتعظيم من شأنه وتبيبه إل أبناء جنسه‪ ،‬فمن ذلك قوله ف‬
‫الوطنية‪ :‬فامتداح الصدر غنوا فهو للوطان حصن وهو لليان ركن ولكم ف التوف‬
‫أمن ف ميادين الوقائع ف الوغى أنتم أسود يا بن الوطان سودوا ولا بالروح جودوا‬
‫وادخلوا الحياء وصيدوا يا بن الوطان هيا خيموا فوق الثريا واهجروا النوم مليا واطعنوا‬
‫الضد البيا واجدعوا أنف المانع"‪" ،‬من الواضح أن الصياغة ليست هي الت تلفت النظر‬
‫ف شعر صال مدي‪ .‬فهو قليل الظ من هذه الناحية‪ ،‬ل يقارن بشاعر كالبارودي‪ .‬لكن‬
‫الذي يلفت النظر ف شعره هو هذا الوضوح البكر للفكرة الوطنية‪ ،‬الت تعتز بصر وجيش‬
‫مصر‪ ،‬وتتلئ حاس@ا للحرب والقتال ف سبيل مد الوطن ورفعته" ‪.‬‬

‫لقد سار على هذا النهج شاعر النيل حافظ إبراهيم التوف ‪ 1932‬إذ يقول ف قصيدته‬
‫الت نشرت ف ‪15/12/1921‬م وهذه القصيدة على لسان مصر تتحدث بنفسها‪:‬‬

‫كيف أبن قواعد الد وحي‬ ‫وقف اللق ينظرون جيعا@‬


‫ـر كفون الكلم عند التحدي‬ ‫وبناة‪ Ö‬الهرام ف سالف الدهـ‬
‫الشرق ودر‪F‬اته فرائد‪ £‬عقدي‬ ‫أنا تاج العلء ف مفرق‬
‫مثل ما أنكروا مآثر و‪£‬ل‪ß‬دي‬ ‫قل لن أنكروا مفاخر قومي‬
‫ض ج‪̈£‬هدي‬ ‫ـب يوما@ فر§̈يت‪£‬م‪ £‬بع §‬ ‫هل وقفت‪̈£‬م بق̃مة الرم الكـ‬
‫أعجزت¨ ط©̈وق§ صنعة التحدي‬ ‫هل رأيتم تلك النقوش§ الل‪K‬وات‬
‫حال لون النهار قدي العهـ ـد وما مس˜ لون§ها طول‪ Ö‬عهدي‬
‫هل فهمتم أسرار ما كان عندي من علوم ‪ Ù‬مبوءة ‪ Ù‬ط©̃ي ب§̈ردي‬
‫ذاك فن التحنيط قد غلب الدهـ ـر وأبلى البلى وأعجز ند‪Ý‬ي‬
‫قد عقدت‪ £‬العهود§ من عهد فرعو ن ففي مصر كان أول‪ Ö‬عقد‬
‫من له مثل أ‪Ö‬وليات ومدي‬ ‫إن‪ K‬مدي ف الوليات‪ Ü‬عري ¡ق‬
‫مان‪ Ö‬ع̃ني الصول© ف ك ‪à‬ل حد‪Ü‬‬ ‫أنا أم‪ ã‬التشريع‪ Ù‬قد أخذ ال̃رو‬
‫ورصدت‪ £‬النجوم§ منذ أضاءت¨ ف ساء‪ Ü‬الد‪ã‬جى فأحكمت‪ £‬ر§ص¨دي‬

‫)‪(69‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫قبل عهد اليونان أو عهد )ند‪(Ü‬‬ ‫وشدا )بنتئور( فوق ربوعي‬

‫هكذا يتغن شاعر فحل مثل حافظ إبراهيم بذلك العبود الديد الذي حل مل رابطة‬
‫الدين والعقيدة!!‬

‫وهذا أحد لطفي السيد التوف سنة ‪ 1963‬الذي يلقبه أتباعه بأستاذ اليل يوجه رسالة‬
‫إ ل فت يان م صر ب شأن الوطن ية‪ " :‬يابن عل يك م صرك ل ينف عك إل مدها‪ ،‬ول يذلك إل‬
‫ضعفها‪ ،‬ولو قل‪K‬بت تاريها حديثا@ على قدي‪ ،‬لا وجدتا ف القيقة مدينة إل أحد من‬
‫الناس‪ ،‬تدعوك الذمة إل أداء الدين عنها‪ .‬إنا كانت مطمع الطامعي‪ ،‬يأخذون منافعها‬
‫بقوة السلح‪ ،‬أو بقوة العقل‪ ،‬فما أنت مسئول إل عنها‪ ،‬ولو أنفقت من عواطفك ومن‬
‫نتائج جهادك العقلي والبدن مثقال ذرة على غيها‪ ،‬ف حي أنا أحوج ماتكون إل ما‬
‫أنفقت‪ ،‬لو ستك بالعقوق‪ .‬وكما أنك بي أقرانك لك شخصية تب عليك رعايتها‪ ،‬فإن‬
‫لوطنك بي الوطان شخصية أيضا@ رعايتها واجبة على أهله‪ ،‬وأن فناءك ف إرادة الغي‪،‬‬
‫واهتما مك بأن ت كون ف رق اخت ياري‪ ،‬شر من ا لرق ال ضطراري‪ ،‬كذلك اهتما مك‬
‫بتمجيد غي وطنك‪ ،‬والسعي ف اناحه دون بلدك نقص ف وطنيتك‪ ،‬واحتقار لنفسك‬
‫وأهلك وبلدك‪ ،‬وما المم الطبيعية إل آكل أو مأكول‪ .‬ولو جعلت وطنك شيوعا@ بي‬
‫من ل تت فق منفع ته مع منفع تك دون أن تدده بدود بلدك‪ ،‬لك نت عدي ا لوطن‪،‬‬
‫وحاشاك أن تهل حقوق وطنط عليك"‪.‬‬

‫وكان أحد عراب التوف ‪ 1911‬صاحب الثورة العرابية الشهية ضد النليز يستعمل‬
‫لفظ الصريي والمة الصرية بعناه الديث ويعتب من ليسوا من أهل البلد سواء كانوا‬
‫من الرمن والتراك‪ ،‬وسواء أكانوا من السلمي أو غي السلمي‪ ،‬أجانب ليق لم أن‬
‫يكموها وهو أمر جديد ‪ -‬على حد قول الدكتور أحد عبد الرحيم مصطفى ‪ -‬ل يوجد‬
‫له أثر ف التفكي الصري منذ أن احتضنته الوجة السيحية‪ ،‬وقد قال ف هذا ف جريدة‬
‫الستاذ الت أنشأها عبد ال الندي التوف ‪ 1896‬ف بداية حكم الديو عباس الثان تت‬
‫ع نوان )السلمون والق باط( مايلي‪ " :‬هم أبناء مصر الذين ينسبون إليها وتنسب إليهم‪،‬‬
‫ليعرفون غي بلدهم وليرحلون لغيها إل زيارة‪ ...‬ورغم تقلبات الدولية إخوان الوطنية‬
‫يتزاورون تزاور أهل البيت ويشارك الار جاره ف أفراحه وأتراحه علما@ منهم أن البلد‬
‫تطالبهم بصرف حياتم ف إحيائها بالافظة على وحدة الجتماع الوطن الذي يشمله‬
‫اسم مصري من غي النظر إل الختلف الدين " )الستاذ ج ‪ 1‬ص ‪ 749‬وما بعدها(‪.‬‬

‫)‪(70‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫ويروي أحد عراب باشا عن نفسه قائل@‪" :‬إنن فلح مصري‪ ،‬وقد اجتهدت قدر طاقت أن‬
‫أحقق الصلح لوطن الذي أنا من أب نائه ومبيه‪ .‬لقد كنت أجتهد ف حفظ استقلل‬
‫بلدي مع نيل الرية والعدل والساواة للمساكي الذين أنا خادم لم‪ .‬فلسوء البخت ل‬
‫يتيسر ل الغرض القصود‪ .‬وإنن مكتف بشرف الشخصي الذي سوف يلزمن ماحييت‬
‫ويبقى بعدي إذا مت‪ .‬وسوف يرضين دائما@ أن أنادى بـ )أحد عراب الصري( فقط‪،‬‬
‫وبغيأل قاب‪ .‬ل قد و لدت ف بلد الفراع نة و ستظل أهرا ماتم قبي‪ .‬إن ال مة ال صري‬
‫بأسرها كانت معي‪ ،‬وصحبة ل‪ ،‬كما أن مب لا أبدا@‪ ،‬فآمل أنا لتنسان"‪.‬‬

‫وف مقالة بعنوان )دروس الوطنية الت أخذها مصطفى كامل من الندي( يبي د‪.‬عبد النعم‬
‫إبراه يم المي عي أو جه ا لختلف ب ي م صطفى كا مل وأ ستاذه ع بدال ال ندي‪" :‬ر غم أن‬
‫مصطفى كامل كان تلميذ عبدال الندي ‪ -‬الذي نادى بأن تكون مصر للمصريي وفضل‬
‫الوطن ية ال صرية ع ما عداها ‪ -‬ف قد د عا إ ل د عم تبع ية م صر لترك يا و ضرورة التم سك‬
‫بالرابطة العثمانية بقوله‪) :‬يب على الصريي أن يتمسكوا أشد التمسك بالرابطة الكيدة‬
‫الت تربطهم بالدولة العثمانية( بل وصل به المر أن طلب من السلطان ارسال جيوشه‬
‫لغراج النليز منها واحتللا باعتبارها ولية عثمانية‪ .‬كما أعلن ف خطبة له بباريس‬
‫بناسبة عيد جلوس السلطان ف ‪ 31‬من مارس أغسطس ‪) 1895‬أن الراية العثمانية هي‬
‫الرا ية الوح يدة ا لت يب أن نت مع حو لا(‪ .‬ل قد كان ال فرق شا سعا@ ب ي سيا سة ال ندي‬
‫وسياسة مصطفى كامل تاه الدولة العثمانية‪ ،‬فالندي ف ض˜ل الولء للوطنية عن الرتباط‬
‫بام عة ا لدين وع ندما تعار ضت م صلحة م صر مع م صلحة الدو لة العثمان ية و قف ال ندي‬
‫بانب مصر‪ ،‬وهاجم سياسة الدولة العثمانية تاه القضية الصرية‪ ،‬ورفض أن تتنازل مصر‬
‫عن المتيازات الت نالتها بالستقللا ف شئونا الداخلية‪ ،‬بينما ند مصطفى كامل يطلب‬
‫من السلطان ارسال جيوش عثمانية لحتلل مصر وإخراج النليز منها"‪.‬‬
‫ه كذا و ضع الطه طاوي النط فة ا لول لتخر يب الو ية ال سلمية ولتمز يق را بط ا لدين‬
‫والعقيدة‪ ،‬فصار السلم الصري يقاتل السلم السودان أو الليب أو العراقي بجة الدفاع‬
‫عن الولء الديد‪ :‬الوطن!!‬

‫صفوة القول ‪:‬‬

‫)‪(71‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫ل قد كان لل شيخ ا لزهري رفا عة را فع الطه طاوي أو قل إن شئت )رفا عة بك( ال سبق‬
‫والريادة ف إدخال العلمنة با تعنيه هذه الكلمة من تميش السلم‪ ،‬وإقصائه عن إدارة‬
‫شئون السلمي‪.‬‬

‫ل قد ا ستخدم الطه طاوي من هج التلف يق بغ ية ا ضفاء ال شرعية ال سلمية ع لى أف كاره‬


‫الستوردة من فرنسا حيث كان يشتشهد باليات القرآنية والحاديث النبوية وشواهد من‬
‫الشعر العرب القدي والستدلل ببعض الذاهب الفكرية‪.‬‬

‫لكنه قد أبعد النجعة باستدللته الت كانت ف غي مواضعها!! وف ناية هذا التطواف‬
‫نلص إل الفكار الساسية الت نادى با الطهطاوي‪:‬‬

‫أول@‪ :‬التأك يد ع لى ف كرة أن الدو لة الغرب ية اللدين ية هي ا لنوذج الم ثل ل كي‬


‫ينهض العال السلمي‪.‬‬

‫ثانيا‪ ً:‬تأكيده على أن الشريعة السلمية ل تنع العمل بقواني وضعية!!‬

‫ثانيا@‪ :‬إحياء النعرات الفرعونية والتأكيد على فكرة القومية الصرية‪.‬‬

‫ثالثا@‪ :‬التأكيد على ولء الوطن قبل ولء الدين والعقيدة‪.‬‬

‫رابعا@‪ :‬تأكيده على أن سفور الرأة ل يدل على انطاط التمع‪.‬‬

‫خام سا@‪ :‬التأك يد ع لى أن اختلط الر جال بالن ساء ع لى الطري قة الغرب ية ل ي ناف‬
‫الدين والخلق‪.‬‬

‫ساد سا@‪ :‬تأك يده ع لى أن ف نون الر قص والغ ناء والتمث يل ع مل مدوح من قب يل‬
‫العمال الرياضية‪.‬‬

‫سابعا@‪ :‬تثبيت فكرة أن الكتابة بالعامية الصرية أسرع وصول@ للجماهي‪.‬‬

‫)‪(72‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫أرجو أن أكون قد وفقت ف تقدي صورة واضحة عن شخصية الشيخ رفاعة الطهطاوي‬
‫ودوره الطي ف تريب الوية السلمية‪.‬‬

‫وال أسأل أن يفظ السلم وأهله! اللهم آمي!‬

‫وآخر دعوانا أن المد ل رب العالي‬

‫هان السباعي‬
‫لندن ف ‪ 17‬إبريل ‪2001‬م‬

‫ت تنـزيل هذه الادة من‬


‫منب التوحيد والهاد‬
‫‪http://www.tawhed.ws‬‬
‫‪http://www.almaqdese.com‬‬
‫‪http://www.alsunnah.info‬‬

‫مراجع‬

‫)‪(73‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫)‪ (1‬الع مال الكام لة لرفا عة الطه طاوي‪ ....‬تق يق د‪ .‬م مد ع مارة الؤس سة العرب ية‬
‫للدراسات والنشر‪ /‬بيوت‪ /‬ط ‪.1/1973‬‬
‫)‪ (2‬الع مال الكام لة لل مام م مد ع بده‪ ....‬تق يق د‪ .‬م مد ع مارة الؤس سة العرب ية‬
‫للدراسات والنشر‪ /‬بيوت‪ /‬ط ‪.1/1973‬‬
‫)‪ (3‬العمال الكاملة لقاسم أمي‪ ...‬تقيق د‪ .‬ممد عمارة دار الشروق‪ /‬القاهرة‪.‬‬
‫)‪ (4‬السلم والضارة الغربية‪ /‬د‪ .‬ممد ممد حسي‪/‬مؤسسة الرسالة‪/‬بيوت‪.‬‬
‫)‪ (5‬التاهات الوطنية ف الدب العاصرد‪ .‬ممد حسي‬
‫)‪ (5‬صفوة العصر ‪ /‬زكي فهمي‪ /‬مكتبة مدبول‪ /‬القاهرة ‪.1995‬‬
‫)‪ (6‬ارشاد الفحول‪ /‬الشوكان‪/‬دارالفكر‪/‬بيوت‪.1992/‬‬
‫)‪ (7‬العواصم من القواصم‪ /‬أبوبكر بن العرب‪ /‬تقيق مب الدين الطيب‪ /‬لنة الشباب‬
‫السلم‪ /‬القاهرة‪.‬‬
‫)‪ (8‬أصول الفقه‪ /‬ممد أبو زهرة‪ /‬دار الفكر العرب‪/‬بيوت‪.‬‬
‫)‪ (9‬أصول الفقه‪ /‬عبد الكري زيدان‪/‬مؤسسة الرسالة‪/‬بيوت‪.‬‬
‫)‪ (10‬شهود العصر‪ /‬مركز الهرام للترجة والنشر‪ /‬القاهرة‪.‬‬
‫)‪ (11‬أعلم وأصحاب أقلم‪ /‬أنور الندي‪ /‬دار النهضة العربية‪ /‬مصر‪.‬‬
‫)‪ (12‬رفا عة را قع الطه طاوي )رائد الت حديث ا لورب ا لديث(‪ ...‬سي أ بو حدان‪/‬‬
‫الشركة العالية للكتاب‪ /‬بيوت‪.‬‬
‫)‪ (13‬المام ممد عبده )جدلية العقل والنهضة(‪ /‬سي أبوحدان‪ /‬الشركة العالية للكتاب‪/‬‬
‫بيوت‪.‬‬
‫)‪ (14‬الثائر السلمي جال الدين الفغان‪ /‬بقلم الشيخ ممد عبده‪ /‬داراللل‪ /‬القاهرة‪.‬‬
‫)‪ (15‬عجائب الثار ف التراجم والخبار‪ /‬البت‪ /‬تقيق عبدالعزيز جال الدين‪ /‬مكتبة‬
‫مدبول‪ /‬القاهرة ‪.1977‬‬
‫)‪ (16‬كتاب تذكاري عن أستاذ اليل )أحد لطفي السيد( اللس العلى للثقافة‪ /‬القاهرة‬
‫‪.1986‬‬
‫)‪ (17‬بوث ندوة‪ :‬بذكرى مرور مائة عام ع لى و فاة )ع بدال ال ندي(‪ /‬ال لس ا لعلى‬
‫للثقافة‪ /‬القاهرة ‪.1997‬‬
‫)‪ (18‬تاريخ مصر ف عهد الديو إساعيل باشا‪ /‬إلياس اليوب مكتبة مدبول‪ /‬القاهرة‪.‬‬

‫)‪(74‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫)‪ (19‬تاريخ مصر من عهد الماليك إل ناية حكم إساعيل تأليف جورج يانج‪ /‬تعريب‬
‫علي أحد شكري‪ /‬مكتبة مدبول‪ /‬القاهرة ‪.1995‬‬
‫)‪ (20‬تاريخ مصر من الفتح العثمان )إل قبيل الوقت الاضر( تأليف عمر السكندري‬
‫وسليم حسن‪ /‬مكتبة مدبول‪ /‬القاهرة‪.‬‬
‫)‪ (21‬الؤامرة على السلم‪ /‬أنور الندي‪ /‬دار العتصام‪ /‬القاهرة ‪.1977‬‬
‫)‪ (22‬التعريف بالسلم ف مواجهة العصر الديث وتدياته‪ /‬عبد الكري الطيب‪ /‬دار‬
‫الفكر العرب‪.‬‬
‫)‪ (23‬تار يخ الر كة القوم ية وت طور ن ظام ال كم ف م صر‪ /‬ع بد الر حن الراف عي‪ /‬دار‬
‫العارف‪ /‬القاهرة ‪.1994‬‬
‫)‪ (24‬تاريخ الفكر الصري الديث‪ /‬د‪ .‬لويس عوض‪ /‬دار اللل‪ /‬القاهرة ‪.1994‬‬
‫)‪ (25‬الثورة العرابية‪ /‬صلح عيسى‪ /‬دار الستقبل العرب‪ /‬القاهرة‪.‬‬
‫)‪ (26‬مذكرات المام ممد عبده‪ /‬تقدي وتعليق طاهر الطناحي‪ /‬دار اللل‪ /‬القاهرة‪.‬‬
‫)‪ (27‬با شوات و سوبر با شوات‪ /‬د‪ .‬ح سي مؤنس‪ /‬الز هراء ل لعلم العر ب‪/‬ال قاهرة‪/‬‬
‫‪.1984‬‬
‫)‪ (28‬الملة الفرنسية على مصر‪ /‬هنري لورنس‪ /‬ترجة بشي السباعي‪ /‬دار سينا للنشر‬
‫‪ (29) .1995‬كيف نكتب التاريخ‪/.‬ممد قطب‪ /‬دار الوطن للنشر‪ /‬الرياض‪.‬‬
‫)‪ (30‬دور العمائم ف تاريخ مصر الديث‪ /‬فتحي رضوان الزهراء‪/‬القاهرة‪.‬‬
‫)‪ (31‬اليقظة السلمية ف مواجهة الستعمار‪ /‬أنور الندي‪ /‬دار العتصام‪ /‬القاهرة‪.‬‬
‫)‪ (32‬العودة إل الينابيع‪ /‬أنور الندي‪ /‬دار العتصام‪ /‬القاهرة‪.‬‬
‫)‪ (33‬علماء الجتماع وموقفهم من السلم‪ /‬أحد إبراهيم خضر ‪ /‬النتدى السلمي‪/‬‬
‫لندن‪.‬‬
‫)‪ (34‬وعليكم السلم‪ /‬ممود عوض‪ /‬دار الستقبل العرب‪ /‬بيوت‪.‬‬
‫)‪ (35‬النهج السلمي لدراسة التاريخ وتفسيه‪ /‬د‪.‬ممد رشاد سال‪ /‬دار الثقافة‪ /‬الدار‬
‫البيضاء‪.1986 /‬‬

‫)‪(75‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫الؤلف ف سطور‬

‫السم بالكامل‪ :‬هان السيد السباعي يوسف‬ ‫•‬


‫من مواليد‪ /‬القناطر اليية بمهورية مصر العربية‪.‬‬ ‫•‬

‫مام لدى ماكم أمن الدولة العليا بصر‪.‬‬ ‫•‬


‫عضو هيئة الدفاع ف القضايا السياسية‪.‬‬ ‫•‬
‫ساهم ف تأسيس رابطة الامي السلميي‪.‬‬ ‫•‬

‫عضو لنة الشريعة السلمية بنقابة الامي‬ ‫•‬


‫مدير مركز القريزي للدراسات التاريية‪.‬‬ ‫•‬
‫رئيس ملس إدارة المعية الشرعية بالقناطر اليية بصرسابقا@‪.‬‬ ‫•‬
‫رئيس ترير ملت الفرقان والبنيان الرصوص سابقا@‪.‬‬ ‫•‬
‫الستشار التاريي لركز الدراسات السلمية بإستراليا‪.‬‬ ‫•‬
‫كاتب متخصص ف السية النبوية والتاريخ السلمي‪.‬‬ ‫•‬
‫تهيد لنيل درجة الدكتوراة ف الفقه القارن‪.‬‬ ‫•‬

‫كاتب ف ملة الاماة الت تصدرها رابطة الامي السلميي‪.‬‬ ‫•‬


‫كاتب ف ملة نداء السلم باستراليا‪.‬‬ ‫•‬
‫كاتب ف ملة النهاج بلندن‪.‬‬ ‫•‬
‫اعتقل ف قضية تنظيم الهاد عام ‪1981‬م‪.‬‬ ‫•‬

‫اعتقل عدة مرات وظل يعمل ف مهنة الاماة والنشاط الدعوي حت هرب من‬ ‫•‬
‫مصر ويقيم الن ف بريطانيا‪.‬‬

‫)‪(76‬‬
‫دور الطهطهاوي ف تريب الوية السلمية‬

‫)‪(77‬‬

You might also like