Professional Documents
Culture Documents
المقدمة
ما ھي الصالة؟
إن مثل ھذه األمور و غيرھا ،البد من فھمھا لكي تكون لنا حياة الصالة
الحقيقية ،ونكون مؤثرين في الصالة.
إن الكاتب -واشمان ني – يشاركنا في ھذا الكتاب الدروس التي تعلمھا عبر
السنين ،قد تم تجميع ھذه الرسائل معا ً .إنه يعتبر الصالة ً
سرا ،لكنھا ليست
شيئا ً غير مدرك ،و يراھا أعظم عمل يقوم به البشر ،فالصالة ھي العمل مع
ﷲ ،و من خاللھا يتحقق قصد ﱠ
ﷲ و تتحطم نيات إبليس .أما نتيجتھا للذي ﱠ
يصلى نفسه ،فھي عظيمة أيضا ً.
دعونا إذا نتبع تحريض ربنا المبارك و الذي قال "قوموا وصلوا " )لو 22
) .64 :
"اسألوا تعطوا .اطلبوا تجدوا .اقرعوا يفتح لكم .ألن كل من يسأل يأخذ .و
َمن يطلب يجد .و َمن يقرع ُيفتح له " )متى )8 ، 7: 7
الصالة ھي أكثر عمل عجيب في المجال الروحي ،كما أنھا أكثر األعمال
السرية الغامضة.
الصـالة :سـر
توجد أسئلة تصعب اإلجابة عنھا ،و لكن بعد المحاولة سوف ندرك أكثر
الطبيعة السرية المحيطة بالصالة .و لكن ھذه المالحظة ال يقصد بھا عدم
إدراك السر ،أو أن المشاكل المتعددة المختصة بالصالة يصعب شرحھا ،
و لكنھا مجرد دليل على الحقيقة أن قلة فقط من الناس ھم الذين يعرفون
الكثير عن ھذه األمور ،و لذلك فإن قليلين ھم القادرون على إنجاز الكثير
من أجل ﱠ َ
الل◌ه في الصالة.
إن قوة الصالة ال تكمن في كيفية الصالة ،بل في كيفية توافق صلواتنا مع
مبدأ الصالة ،و مثل ھذه الصلوات ھي فقط التي لھا قيمة حقيقية.
إذا كنا نسأل مثل ھذه األسئلة ،علينا أن نستمر في التساؤل ھكذا :ھل
الصالة تعارض إرادة ﱠ
ﷲ و ما ھي العالقة بين الصالة و البر ؟
ﷲ ال يفعل مطلقا ً ضد إرادته الذاتية .إذا كان فتح ا ألبواب ھونحن نعلم أن ﱠ
إرادة ﱠ
ﷲ ،فلماذا ينتظرنا حتى نقرع عليھا قبل أن يفتحھا لنا ؟ لماذا ال
يفتحھا لنا بكل بساطة بحسب إرادته دون أن يطلب منا أن نقرع عليھا أوالً
؟ إنه العالم بكل شئ ،و يعرف حاجتنا لفتح األبواب فلماذا ينتظر قرعنا قبل
أن يفتح ؟ إذا كان الباب سوف ينفتح ،و طالما أن فتح األبواب متفق مع
ﷲ ،باإلضافة إلى أنه يعلم أيضا ً حاجتنا إلى ذلك ،لماذا ينتظرنا حتى إرادة ﱠ
ﷲنقرع ؟ لماذا ال يفتح الباب و ينتھي األمر؟ ما ھي الفائدة التي تعود إلى ﱠ
من جراء قرعنا نحن ؟
ﷲ ھي فتح الباب و أن ھذا األمر و ھناك أسئلة أخرى مثل :بما أن إرادة ﱠ
ﷲ الباب حتى لو لم نقرعه ؟ ھل سوف تتأخر بحسب بره ،فھل سوف يفتح ﱠ
إرادته و بره بدون إنجاز لھما ،انتظاراً لصلواتنا ؟ ھل يسمح ﱠ
ﷲ حقا ً أن
تتقيد إرادته بخصوص فتح األبواب ،بعدم قرعنا عليھا ؟ و إذا كان األمر
ﷲ محدودة بنا ؟ أليس ﷲ ھو حقا ً القادر على كل كذلك ،أال تكون إرادة ﱠ
شئ ،فلماذا ال يفتح الباب بنفسه بدالً من انتظاره لنا حتى نقرع ؟ أليس ھو
القادر أن يتمم إرادته ؟ و لكن طالما أنه القادر حقا ً ،فلماذا إذا يكون فتح
ﷲ ( محكوما ً بقرعنا ) صالة اإلنسان ( ؟ األبواب ) إرادة ﱠ
عندما نسأل مثل ھذه األسئلة ،نأتي إلى إدراك أن الصالة ھي " سر عظيم
ﷲ عليھم أن يصلوا قبل أنﷲ ،وھو أن شعب ﱠ "ألننا نرى ھنا مبدأ عمل ﱠ
ﷲ من خالل ﷲ نفسه بالعمل ؛ و بمعنى آخر ،فإنه يمكن إدراك إرادة ﱠ يقوم ﱠ
صلوات التابعين له فقط ،أي أن صلوات المؤمنين ھي لتتميم إرادته ،أي
ﷲ لن يتمم إرادته منفرداً ،بل يتممھا فقط بعدما ُيظھر شعبه مشاركتھمأن ﱠ
معه في صلواتھم.
"الحق أقول لكم كل ما تربطونه على األرض يكون مربوطا ً في السماء .و
كل ما تحلونه على األرض يكون محلوالً في السماء " ) مت . ( 18 : 18
إن ھذا القول مألوف لدينا ،لكن علينا أن ندرك أنه يشير إلى الصالة ،و
لذلك أعقبه قول السيد المسيح مباشرة " :و أقول لكم أيضا ً إن اتفق اثنان
قبل أبى الذي في منكم على األرض في آي شئ يطلبانه فإنه يكون لھما من ِ َ
السموات ( " مت ) .19 : 18
يوجد جزء في إشعياء يعبر عن الفكر ذاته كما ھو مكتوب في بشارة متى :
"ھكذا يقول الرب قدوس إسرائيل و جابله ،اسألوني عن اآلتيات ،من جھة
بنى و من جھة عمل يدي أوصوني " ) إش . ( 11 : 45عندما نتأمل في ﱠ
ھذه الكلمات ،علينا بالتقوى الحقيقية ،و بالتالي ال نسمح للجسد بالتدخل
ﷲ يريد أناسا ً متواضعين لتوصيته ! إنه يبدأ في عمله عندما خلسة .إن ﱠ
نوصيه ) أو نصدر أمراً بحسب الترجمة اإلنجليزية ( ! إن أي عمل يقوم به
ﷲ في السماء ،من الحل أو الربط ،فإنه يتم بحسب التوصية ) األمر ( التي ﱠ
نقدمھا على األرض.
إن األرض عليھا أن تربط أوالً قبل ربط السماء ،و أن تحل أوالً قبل حل
ﷲ ال يعمل أبداً ضد إرادته ،فليس ألن األرض قد ربطت شيئا ً السماء .إن ﱠ
ﷲ مضطراً أن يربطه رغما ً عن إرادته ،كال ..إنه يربط في ،يصبح ﱠ
السماء ما كان مربوطا ً على األرض ببساطة ألن إرادته األصلية ھي ربط
ما قد ربطته األرض في نھاية األمر .إنه ينتظر حتى يقوم شعبه على
األرض بربط ما أوحت السماء بربطه ،و من ثم يسمع لتوصيتھم أن يربط
ﷲ لسماع توصية شعبه و ربط ما قد لھم كما طلبوا منه .إن حقيقة رغبة ﱠ
ﷲربطوه ،إنما ھي دليل على رغبته و استعداده للربط ) ألن كل ما يريده ﱠ
ﷲ بالربط مبكراً ؟ بما أن إرادته ھي الربط ،وفھو أبدى ) .لماذا ال يقوم ﱠ
ھي إرادة أبدية ،فلماذا ال يربط حاالً ما البد من ربطه بحسب إرادته الذاتية
؟ لماذا يلزمه أن ينتظر األرض حتى تربط قبل أن يربط ھو في السماء ؟
ھل صحيح أن غير المربوط على األرض ال يمكن ربطه في السماء ؟ و إذا
كان ھناك تأخير في الربط على األرض ،فھل يصحبه تأخير أيضا ً في
ﷲ االرض حتى تربط قبل أن يربط ھو ما أراد ربطهالسماء ؟ لماذا ينتظر ﱠ
منذ زمن طويل ؟
دعوني أقول إنه بإجابة ھذه األسئلة ،يصبح المؤمن أكثر استخداما ً في يدي
ﷲ في ﷲ .إننا نعلم السبب لخلق اإلنسان ،حتى يتحد ھذا اإلنسان مع ﱠ
ﱠ
ھزيمة إبليس مع أعماله .و بما أن اإلنسان مخلوق بإرادة حرة ،فمن
ﷲ في التصدي إلرادة إبليس . المتوقع أن يمارس إرادته باالتحاد مع إرادة ﱠ
إن ھذا ھو ھدف الخليقة ،كما أنه ھدف الفداء ،و لعل حياة الرب يسوع
على األرض تبين ھذا المبدأ .و بالرغم من أننا ال نعرف السبب ،إال أننا
ﷲ في التجاوب معه و ﷲ ال يعمل منفرداً ،فإذا فشل شعب ﱠ نعرف أن ﱠ
إخضاع إرادتھم له معبرين عن فكرھم الواحد معه في الصالة ،فإنه سوف
ينتظر و يؤجل عمله ،و ذلك ألنه يرفض العمل مستقالً.
ﷲ فاترين كما ھو واضح اليوم ،و أن يكونوا راغبين آه لو لم يكن أوالد ﱠ
ﷲ في اھتمام أكثر لمجده و حفظ أكثر في إنكار ذواتھم و التسليم إلرادة ﱠ
ﷲ األبدية لھذا الجيل بأكثر سرعة ،و لنكلمته ،و عندئذ تتحقق إرادة ﱠ
تكون الكنيسة في مثل ھذا التشويش ،و لن يتقسى الخطاة ،و سوف يصل
بسرعة مجيء الرب يسوع و ملكوته ،و سوف يلقى بإبليس و جنوده مبكراً
في الھوة السحيقة ،و تمتد بسرعة معرفة الرب و تنتشر في كل األرض .
إنه بسبب اھتمام المؤمنين كثيراً بأمورھم الخاصة ،و فشلھم في العمل مع
ﷲ يبقى أعداء كثيرون و متمردون عديدون بال ربط ،و يظل خطاة ﱠ
ﷲ يحترمناكثيرون بال نعمة .إن السماء مقيدة كثيراً باألرض ! فإذا كان ﱠ
ھكذا كثيراً ،أال يدفعنا ذلك إلى ثقة أكثر به ؟ كيف نربط ما ينوى ﱠ
ﷲ أن
ﷲ على حله ؟ إن اإلجابة التي يقدمھا الرب يربطه ؟ و أن نحل ما ينوى ﱠ
يسوع ھي " :االتفاق على األرض في الطلب " و ھذه ھي الصالة ،صالة
ﷲ ،تكمن في الطلب بنفس واحدة أن جسد المسيح .إن قمة عملنا معا ً و مع ﱠ
ﷲ ما يريد أن ينجزه .إن المعنى الحقيقي للصالة لمن يريد أن يصلى ينجز ﱠ
،ھو أن يصلى من أجل تحقيق إرادة ذاك الذي يصلى إليه .الصالة ھي
ﷲ نفسه .الصالة تعنى وقوف الفرصة التي نعبر فيھا عن رغبتنا في إرادة ﱠ
ﷲ ،و خالف ذلك ،ال يوجد ما يدعى صالة. أرادتنا في جانب ﱠ
الذات و الصالة
ھناك خطأ فظيع و شائع في مفھومنا العام للصالة ،و ھو التفكير في
الصالة كمخرج للتعبير عما نحتاجه نحن ،و كأنھا صراخنا إلى ﱠ
ﷲ طلبا ً
ﷲ أن ينفذ احتياجاته ھو .إن للعون .إننا ال نرى أن الصالة ھي الطلب من ﱠ
ﷲ األصلي ،ھو بال شك أن ال يدع ما علينا أن نفھمه ،ھو أن فكر ﱠ
المؤمنين يحققون أھدافھم الخاصة من خالل صلوات المؤمنين .و ھذا ال
يعنى أن المؤمنين ال يطلبون من الرب أن يمدھم باحتياجاتھم ،و لكن يعنى
بيان مدى احتياجنا أوالً لفھم معنى الصالة و مبادئھا.
عندما يقع مؤمن في عوز ما ،عليه أن يسأل أوالً :ھل ھذا االحتياج يؤثر
ﷲ أن أحتاج ؟ أم أن إرادته ھي تسديد احتياجي ؟ ﷲ ؟ و ھل يريدني ﱠ
على ﱠ
ﷲ ھي تسديد احتياجك ،فإنك تستطيع حينئذ أن تطلب عندما تجد أن إرادة ﱠ
منه تحقيق إرادته بسد احتياجك ،و عندما تعرف إرادته ن عليك أن تصلى
ﷲ إرادته ،فال تكون ﷲ آلتي عرفتھا .إنك تصلى أن يحقق ﱠ بحسب إرادة ﱠ
ﷲ أم ال ؟ﷲ احتياجك أم ال ،بل ھل تمت إرادة ﱠ المسألة بعد ھي ھل سدد ﱠ
ربما ال تختلف صالتك اليوم كثيراً عن الماضي إال أن ما تتطلع إليه اليوم
ﷲ في ذلك األمر الشخصي ،و ليس إلى تسديد االحتياج في ھو إتمام إرادة ﱠ
ذاته .و لعلنا نسجل ھنا سقطات كثيرة ،فالمؤمنون يضعون عادة
ﷲ يريد أن يسددھا لھم ، احتياجاتھم في المرتبة األولى ،و رغم علمھم أن ﱠ
إال أنھم ال ينسون ذكرھا أوالً في صلواتھم.
إننا ال يجب أن نصلى فقط من أجل احتياجاتنا .توجد صالة واحدة شرعية
ﷲ سواء في السماء أو على األرض ،و ھي طلب تحقيق و مقبولة لدى ﱠ
مشيئته ،أما عن احتاجاتنا ،فھي داخل ھذه المشيئة .و عندما نرى إرادة
ﷲ بخصوص احتياجنا ،علينا أن نطرح جانبا ً و على الفور احتياجنا و ﱠ
ﷲ مباشرة أن يسددﷲ تحقيق إرادته .إننا عندما نطالب ﱠ نطلب من ﱠ
احتياجاتنا ،و مھما كانت ھذه االحتياجات ،فال يمكن اعتبار ھذا صالة من
أعلى المستويات .إن الصالة الحتياج شخصي ،يجب التنويه عنھا بطريق
ﷲ أوالً ،و ھذا ھو سر الصالة ،و مفتاح النصرة غير مباشر بطلب مشيئة ﱠ
فيھا.
ﷲ و الصالة فقط إن الصالة الحقيقية ھي عمل فعلى و الصالة بحسب إرادة ﱠ
من أجلھا ،ھي في الواقع عمل منكر للذات ،و ما لم ُنفطم تماما ً عن ذواتنا
و ال يكون لنا أقل اھتمام ألنفسنا ،و نعيش بالكامل للرب ساعين فقط إلى
مجده ،فإننا لن نحب إال ما يحبه ھو ،و لن نطلب إال ما يطلبه ھو ،و لن
ﷲ و بال ھدف نصلى إال كما يريدنا ھو أن نصلى .إن العمل من أجل ﱠ
ﷲشخصي ھو بال شك عمل صعب جداً ،و لعل الصالة من أجل مشيئة ﱠ
بدون غرض شخصي ،ھو عمل أصعب ،و على الرغم من ھذا ،فكل
الذين يعيشون ًّ ،عليھم أن يعلموا ھكذا.
ﷲ أموراً كثيرة كان يمكنه أن يعملھا ألنهفي األجيال السابقة ،لم يعمل ﱠ
ﷲ، يحبھا ،و ذلك بسبب قلة تعاون أوالده معه ،و ال يقع ھذا الفشل على ﱠ
بل على عبه و لو راجعنا تاريخنا نحن ،الكتشفنا الحالة المؤسفة ذاتھا لو
كان إيمان أعظم و قوة أكثر ،لما كانت حياتنا ھكذا بال تأثير .إن ما يتطلع
ﷲ إليه اآلن ھو رغبة أوالده أن يتحدوا مع إرادته و يعلنوا ذلك من خالل ﱠ
صلواتھم ،و ال يوجد مؤمن قد اختبر بالتمام عظمة اإلنجاز خالل االتحاد
ﷲ.مع إرادة ﱠ
دعوني أقول لكل الذين قد أعطوا ذواتھم بالكامل ًّ ،أن يفحصوا نفوسھم
ﷲ وحددوا عمله يوما ً بعد اآلخر .إن أھم لكي يروا أنھم ربما قد "منعوا " ًّ
عمل بالنسبة لنا ،ھو إعداد طريق الرب و ال يوجد عمل آخر يمكن مقارنته
بھذا العمل .ھناك "احتماالت " كثيرة بالنسبة ًّ ،لكنھا تتحول إلى "
مستحيالت " إذا لم يفتح المؤمنون الطريق ًّ .
ﷲالصالة ليست محاولة الستعادة قلب السماء .إنه فكر خاطئ االعتقاد أن ًّ
قاس ،ولذلك نحتاج للدخول في معركة ضده في الصالة حتى يغير قراره ،
ﷲ ،فھي فارغة لكن مھما كانت الصالة ،فطالما أنھا ليست بحسب إرادة ًّ
ﷲ كما لو كنا في نزاع ،و ذلك فقط عندما تتعثر تماما ً .إننا نصارع أمام ًّ
إرادته بواسطة الناس أو الشيطان ،و لذلك نريده بشدة أن يمارس إرادته
حتى ال تعانى إرادته المعينة آي نوع من التعارض ؛ و عندما نرغب في
ﷲ المحددة و نصلى من أجل ذلك ،و ربما نصارع ضد كل ما إرادة ًّ
يعترض إرادته ،فإننا نعد الطريق ًّ لكي يتمم إرادته المحددة دون السماح
لما يخرج من اإلنسان أو الشيطان أن يسود و لو مؤقتا ً .قد يبدو حقيقيا ً أننا
ﷲ كما لو أنه للضغط ﷲ ،لكن ھذا الصراع ليس موجھا ً ضد ًّ نصارع ضد ًّ
ﷲو عليه لتغيير إرادته لتناسبنا ،لكنه في الواقع ھو ضد كل ما يعارض ًّ
ذلك لكي يتمم إرادته .و في ضوء ذلك ،دعونا نرى أننا غير قادرين على
الصالة كتابعين ًّ ما لم نعلم حقا ً ما ھي إرادته .بعدما فھمنا شيئا عن
المعنى الحقيقي للصالة ،ليكن حرصنا مضاعفا ً حتى ال يدلف الجسد إلينا .
ﷲ يرسل بنفسه فعلة ،لما أمرنا السيد المسيح أن أرجو مالحظة أنه لو كان ًّ
ﷲ سوف يتقدس نصلى إلى رب الحصاد لكي يرسل فعلة ! و لو أن اسم ًّ
طبيعيا ً ،وأن ملكوته سوف يأتي دون الحاجة إلى معاونتنا ،و أن مشيئته
سوف تتم تلقائيا ً على األرض ،لما علمنا الرب يسوع أن نصلى كما فعل .
قبل كنيسته ،لما وإذا كان ھو نفسه سوف يعود دون الحاجة للتجاوب من ِ َ
حرك الروح القدس الرسول يوحنا لكي يصرخ من أجل سرعة مجيئه ثانية
.
ﷲ اآلب سوف يجعل المؤمنين واحداً على الفور ،لما صلى ربنا و إذا كان ًّ
إلى أبيه من أجل ھذا األمر ) يو ) .17
و إذا كان العمل مع ًّ
ﷲ ليس مھما ً فما فائدة الشفاعة المستمرة لربنا يسوع
في السماء ؟
ﷲ ،ھي أمر حيوي أكثر من أي آه ،دعونا نرى أن الصالة المنسجمة مع ًّ
شئ آخر ! ألن ًّ
ﷲ ال يعمل فقط في األمور التي يھتم أوالده بھا ،كما أنه
يرفض العمل في المجاالت التي تخلو من الصلوات ،وحيث ال تتفق إرادة
شعبه مع إرادته ھو .إن الصالة بالمشيئات المتحدة ،ھي صالة حقيقية .إن
أعلى دافع للصالة ،ليس في استجابتھا ،و لكن في ربط إرادة الناس مع
ﷲ أن يعمل .إننا أحيانا ً نطلب ما ھو غير صحيح ﷲ ،حتى يستطيع ًّ إرادة ًّ
،و لذلك تذھب صلواتنا بال استجابة ،و لكن إذا كانت إرادتنا متحدة مع
ﷲ أن يعمل ﷲ ،فھناك ربح ،ألنه من خالل تجاوبنا ،يستطيع ًّ إرادة ًّ
مشيئته.
الفصل الثاني )الصالة بحسب مشيئة ًّ
ﷲ)
"و ھذه ھي الثقة التي لنا عنده أنه إن طلبنا شيئا ً حسب مشيئته يسمع لنا "
)1يو) .14: 5
"في السنة الثالثة لكورش ملك فارس ،كشف أمر لدانيال … فتلك األيام
كنت نائحا ً ثالثة أسابيع أيام ،لم آكل طعاما ً شھيا ً و لم يدخل في فمي لحم و
ال خمر و لم أدھن حتي تمت ثالثة أسابيع أيام ..فقال لي ال تخف . .ألنه
من اليوم األول الذي فيه جعلت قلبك للفھم و إلذالل نفسك قدام إلھك ُسمع
كالمك و أنا أتيت ألجل كالمك ،و رئيس مملكة فارس وقف مقابلي واحداً
و عشرين يوما ً ..فقال ھل عرفت لماذا جئت إليك ؟ فاآلن أرجع و أحارب
رئيس فارس ،فإذا خرجت ھوذا رئيس اليونان يأتي ،و لكني أخبرك
بالمرسوم في كتاب الحق ) " ...دا ) .21 – 1 : 10
عندما نقرأ األصحاح العاشر من سفر دانيال ،و الذي يخبرنا عن كيفية
صالة دانيال ،سوف نالحظ أمرين على األقل:
األمر األول
إن النقطة األولى الملحوظة ،ھي أن الذي يصلى فعالً ھو شخص ال يقترب
ﷲ فحسب ،بل ھو أيضا من تدخل إرادته في إرادة ًّ
ﷲ ،أى يدخل نحو ًّ
فكره إلي فكر ًّ
ﷲ ؛ و ھذا أھم مبدأ في الصالة.
ﷲ أحيانا مثل ھذهھناك نوع من الصالة ينبع أساسا ً من احتياجنا و قد يسمع ًّ
الصلوات ،لكنه يخرج منھا القليل أو ال شئ .أرجو مالحظة ھذا العدد " :
فأعطاھم سؤلھم و أرسل ھزاالً في أنفسھم " )مز ، ( 15 : 106ما ھو
ﷲ إلشباع شھوتھم ،فقد المعنى ھنا ؟ عندما صرخ بنو إسرائيل إلي ًّ
استجاب لھم فعالً و لكن حل بھم الضعف.
ﷲ أحيانا ً صلواتك و يستجيب لھا من أجل سداد احتياجكنعم ،قد يسمع ًّ
لكن إرادته ال تتم ،و مثل ھذه الصالة ال تحمل قيمة كبيرة في ذاتھا.
ﷲ نفسه ،و ھو ذو لكن ھناك نوعا ً آخر من الصالة ،يأتي من احتياج ًّ
ﷲ فقط ، من يصلي ھكذا ،عليه أن ال يظھر شخصيا ً أمام ًّ القيمة الكبيرة .و َ ْ
ﷲ ،و أن يدخل فكره إلي بل يجب أن يسمح لمشيئته أن تدخل في مشيئة ًّ
ﷲ ،فإنه ينال معرفة ﷲ .وبما أنه قد تعود علي الحياة في محضر ًّ فكر ًّ
ﷲ و فكره ،ثم تصبح مطابقة له شخصيا ً ،و بالتالي فإنه يعبر عنھا مشيئة ًّ
في صالته ليتنا نتعلم ھذا النوع من الصالة ؛ فمع أننا ناقصون و ضعفاء ،
ﷲ و ندع روحه القدوس يأتي و يضع إرادتنا في في رادة لكننا نقترب إلي ًّ
ﷲ و فكره ، ﷲ .و عندما نلمس القليل من مشيئة ًّ ﷲ ،و فكرنا في فكر ًّ ًّ
ﷲ و ما يطلبه منا ،و ھكذا بالتدريج فإننا نفھم و لو قليالً عن كيفية عمل ًّ
تتحول ھذه المشيئة و ھذا الفكر و يصبحان مادتي صلواتنا نحن ،و ھذه
ھي الصالة ذات القيمة العظمى.
ﷲ و ھكذا لمس مشيئته و قصده ،فقد وجد في عندما دخل دانيال إلى فكر ًّ
قلبه الرغبة ذاتھا التي ًّ ،و عندما عبر عن ھذه الرغبة فى الصالة
بصراخ و أنين ،فقد كان يظھر حقا ً مشيئة ًّ
ﷲ.
إن ھذا النوع من الصالة ،ھو الذي يلمس حقا ً قلب ًّ
ﷲ .إننا ال نحتاج إلى
ﷲ .ليت روح ًّ
ﷲ يقودنا كلمات أكثر ،و كل ما نحتاجه ھو لمسة أكثر لفكر ًّ
إلى فحوى قلب ًّ
ﷲ.
بالطبع إن ھذا النوع من الصالة يحتاج إلى وقت لكى نتعلمه ؛ و في البداية
،دعونا ال نسعى إلى كلمات أكثر و ال إلى أفكار أوفر ،بل يجب أن تبقى
أرواحنا ھادئة و مستريحة .ربما نأتي بوضعنا الحالي إلى الرب و نضعه
في مواجھته ،أو ننسى وضعنا الحالي و نتأمل فقط في كالمه و أمامه ،أو
ربما نحيا فقط أمامه و نحاول أن نلمسه بأرواحنا .و الواقع إنه لسنا نحن
ﷲ الذي ينتظر ھناك من أجلنا ،و ھناك في ﷲ ،بل إنه ًّ
الذين نتقدم لمقابلة ًّ
ﷲ .و أعظم حكمة ھي التي تأتي في محضره نستقبل شيئا و نلمس إرادة ًّ
الواقع من ھذا المصدر .و بذلك تدخل مشيئتنا في مشيئته و أفكارنا في قلبه
،و من ھناك سوف تصعد صلواتنا إليه.
ﷲ و فكره يتولدان فينا وﷲ ،فإن مشيئة ًّ عندما نأتي بإرادتنا و فكرنا إلى ًّ
يصبحان بمثابة مشيئتنا و أفكارنا نحن .لقد علمنا الرب يسوع أن نصلي
ھكذا " :ليأت ملكوتك ،لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على األرض" )
ﷲ و فكره ،يجب أن مت . ( 10 ، 9 : 6إن ھذه الكلمات التي تعلن إرادة ًّ
ﷲ نفسه ،و عندما تصبح ھي ﷲ بأفكارنا إلى ًّ
تتولد فينا عندما يأتي روح ًّ
إرادتنا و فكرنا ،فصالتنا التي ننطق بھا بعد ذلك ،سوف تكون ذات قيمة
ووزن كبيرين.
إن ھذا الموضوع يضع أمامنا نوعين مختلفين من الصالة :نوع له مصدره
في مشيئتنا الخاصة ،و يعتمد على تفكيرنا الخاص و توقعاتنا الخاصة .و
ﷲ ھذه الصالة و يستجيب لھا ،لكن قيمتھا تبقى قليلة جداً .و لكن قد يسمع ًّ
ﷲ و جعلنا روحه يدمج إرادتنا من الجانب اآلخر ،إذا أتينا بھذا األمر أمام ًّ
ﷲ و فكرنا في فكره ،فسوف نكتشف في داخلنا شوقا ً عميقا ً ھو في إرادة ًّ
في الحقيقة نتاج من مشيئته و فكره .افترض أن الرب يحزن و يئن بسبب
موت البشر ،فإننا سوف نشعر بثقل و عدم رغبة لرؤية نفس واحدة تھلك ،
يمكننا أن نصلي بأنات داخلية .أو إذا كان ﷲ الذي ﱢ و مثل ھذا ھو نتاج قلب ًّ
ﷲ يتألم بسبب فشل أوالده ،فإن مثل ھذا اإلحساس سوف يتولد فينا و من ًّ
ثم ال نرغب في رؤية أي ابن ًّ يسقط في الخطية و في الظلمة.
و حيث يوجد نوع من الصالة يتم بحسب إرادتنا الخاصة ،فإن النوع اآلخر
ﷲ كما تولدت فينا و أصبحت ھي إرادتنا نحن .و ھو الذي يتم بحسب إرادة ًّ
يا للفرق بين ھذين النوعين من الصالة.
ﷲ أن يعملھا علي األرض ،و ھي تلمس مجاالت ھناك أمور كثيرة يريد ًّ
متعددة ،فكيف يمكن أن نصلي بحسب مشاعرنا و أفكارنا الخاصة ؟ علينا
ﷲ و نسمح له أن يؤثر فينا حسبما يريد أن يفعله حتى نقوم أن نقترب إلى ًّ
نحن بالتوسل و التشفع.
عندما نقترب من ًّ
ﷲ ،فإنه يضع فينا – مثالً – إرادته نحو انتشار اإلنجيل ،
و من ثم سوف نتثقل بذلك ،و عندما نصلي بحسب ھذا التثقل سوف يكون
ﷲ .قد يضعلنا إحساس كما لو كانت توسالتنا ھي التعبير الحقيقي إلرادة ًّ
ﷲ مجموعة من الرغبات أو األثقال فينا ؛ و لكن أيا كانت ھذه الرغبة أو ًّ
ﷲ إرادته ھو و التثقل في قلب الشخص ،فإنه يستطيع أن يجعل إرادة ًّ
ﷲ فقد لمس أمراً معينا ً ،ثم صلىيصلي بموجبھا .عندما تقدم دانيال أمام ًّ
من أجله نائحا ً بعمق .و ھذه ھي الصالة الثمينة ،و التي يتقدس بھا اسم ًّ
ﷲ
،و نأتي بملكوته ،و تجعل مشيئته تسود على األرض كما ھي في السماء.
األمر الثاني
إن مثل ھذه الصالة تزعزع الجحيم و تؤثر على إبليس ،و لذلك فإنه يقوم
لكي يعيق ھذه الصالة ،و ھنا تبدأ الحرب الروحية و التي تمس أجسادنا و
عائالتنا و كل ما يختص بنا .و ربما يطلق العدو بعض الموانع في الھواء
حتى يمنع استجابة الصالة أو تظل االستجابة معلقة فى الھواء ،و ھذا ما
حدث مع دانيال فقد أعيقت صالته واحداً و عشرين يوما ً رغم أن ًّ
ﷲ قد
ﷲ و انتظر سمعه من اليوم األول لصالته .ماذا فعل دانيال ؟ لقد ركع أمام ًّ
وصول استجابة لصالته.
ھل تتعجب بسبب عدم استجابة صالتك ؟ ربما ھي معلقة في مكان ما و ھي
ال تزال في فترة الواحد و العشرين يوما ً ! إن اإلجابة ربما صدرت من
العرش اإللھي ،لكنھا قابلت معارضة ،فظلت معلقة في الھواء .لماذا ؟
إنھا تنتظر صلوات أكثر من األرض ؛ و ھي تحتاج إلى شعب صابر و
ينتظر بتواضع ًّ .
ﷲ ،و تمسك بھدوئك أمامه ،و اترك جانبا ً أفكاركاقترب إلى محضر ًّ
ﷲ ،و عندئذ سوف تدرك أھمية الصالة و ترى الخاصة ،و ادخل إلى فكر ًّ
ﷲ ينتظر صالتك في أمور كثيرة .إن أموراً كثيرة حول العالم ھي أن ًّ
موضوعات لصالتك و عليك أن تلمسھا في كل االتجاھات .إنك ال تصلي
ﷲ،و بحسب مشاعرك الخاصة ،لكنك تضع رغبة قلبك في رغبة قلب ًّ
ھكذا تصبح إرادته ھي إرادتك أنت ،و تنوح من أجل الكون كله.
إن إرادة ًّ
ﷲ ال تنطلق أبدا دون المرور باإلنسان ،و عندما تنطلق ھكذا
فإنھا سوف تصطدم بقوة إبليس ،و ھنا تكمن أھمية الصالة .دعونا نمارس
سلطان الصالة من أجل حل ما يجب حله ،و ربط ما يجب ربطه .دعونا ال
ﷲ و نصلي بحسب المشيئة نصلي بحسب مشيئتنا نحن ،بل نقترب إلى ًّ
ﷲ إن ھذا يجب أن يكون ،نقول نحن كذلك ، التي يولدھا فينا .عندما يقول ًّ
و إذا قال إنه ال يجب أن يكون ،نقول نحن كذلك ،و كأننا نسينا ذواتنا ،و
ﷲ معبرين عنھا في صلواتنا. تمسكنا بإرادة ًّ
"مصلين بكل صالة و طلبة كل وقت في الروح و ساھرين لھذا بعينه بكل
مواظبة و طلبة" )أف).18 : 6
"ھكذا قال السيد الرب )يھوه( بعد ھذه أطلب من بيت إسرائيل
ألفعل لھم أكثرھم كغنم أناس" )حز ) .37 : 36
)(1
عندما يعمل ًّ
ﷲ ،فإنه يتبع قانونا ً معينا ً و مبدأ محدداً ،ورغم أنه يستطيع أن
يفعل كما يشاء ،لكنه ال يعمل أبدا بال اكتراث ،بل يعمل دائما ً بحسب
الناموس أو المبدأ الذي وضعه ،و كأنه يضع نفسه عمداً تحت القانون لكي
ﷲ ؟ ھذا المبدأ ھو صالة يكون محكوما ً بقانونه ھو .فما ھو إذاً مبدأ عمل ًّ
اإلنسان ،و ذلك رغبة منه في تعاون اإلنسان معه من خالل الصالة.
كان ھناك أحد المؤمنين و الذي علم تماما ً كيف يصلي ؛ و أعلن أن كل
األعمال الروحية تتضمن أربعة خطوات :
ﷲ و ھو بحسب إرادته ؛ ) ( 2إعالن ًّ
ﷲ ھذه المشيئة ألوالده ) ( 1فكر ًّ
من خالل الروح القدس ( 3 ) ،و بالتالي يعرفون إرادته وخطته ،وما
ﷲ لھذه المشيئة و ذلك بالصالة من يطلبه و يتوقعه منھم ؛ استجابة أوالد ًّ
ﷲ أنأجلھا ،و متى كانت قلوبنا متحدة مع قلبه فسوف نصلى بما ينوى ًّ
يفعله ؛ ) ( 4تحقيق ًّ
ﷲ لھذا األمر بعينه.
إن اھتمامنا ھنا ليس بالخطوتين األوليين ،بل بالخطوة الثالثة و ھي إعادة
ﷲ ثانية إليه من خالل الصالة ،و أرجو مالحظة عملية ) اإلعادة ) مشيئة ًّ
ھنا .إذا كانت صالتنا بھدف تحقيق خطتنا و توقعاتنا فقط ،فلن تكون لھا
ﷲ ثم نستجيب نحن قيمة في المجال الروحي .إن الصالة يجب أن تنشأ من ًّ
ﷲ محكوم بھا ،و قد ينتظر ﷲ لھا ،حتى تكون ذات معنى ،ألن عمل ًّ
حتى يتفق الناس معه ،ثم يبدأ في العمل.
)(2
يكثر بني إسرائيل مثل الغنم ،و لكنه لن يفعلﷲ يريد أن ﱢيقول الكتاب إن ًّ
ذلك في التو و اللحظة ،بل ينتظر قليالً .و لكن لماذا ؟ يقول الرب " :
أطلب من بيت إسرائيل ألفعل لھم " .لقد قرر أن يزيد عددھم ،لكنه ينتظر
ﷲً
حتى يطلب بنو إسرائيل منه ھذا األمر .دعونا نرى ھنا أنه حتى لو قرر ّ
أموراً معينة ،فإنه ال ينفذھا فوراً ،بل ينتظر موافقة الناس معه قبل البدء
في العمل ،و لعله أمر مدھش حقا ً!
ھناك مثال آخر " :على أسوارك يا أورشليم أقمت حراسا ً . .يا ذاكري
الرب ال تسكتوا و ال تدعوه يسكت حتى يثبت . . .أورشليم " ) إش 6 : 62
) .7 ،
ﷲ أن يجعل أورشليم تسبيحة في األرض ،كيف ؟ يقيم حراسا ً إن قصد ًّ
على أسوارھا يصرخون إليه .كيف ؟ " ال يسكتون ،و ال يدعوه يسكت " ؛
أي بالصالة المستمرة حتى يتمم عمله .إنه ال يحث الحراس بالصالة مرة
واحدة ،بل بالصالة دون توقف حتى يتم العمل ،و بمعنى آخر ،تكون
ﷲ تحت حكم صلوات اإلنسان ! إننا نالحظ أن " محتوى " المشيئة إرادة ًّ
ﷲ نفسه ،لكن " تنفيذ " ھذه المشيئة محكوم بصلواتنا اإللھية مقرر بواسطة ًّ
.ليس أن ًّ
ﷲ ال يستطيع ) مثل القطار الذي له قوة ( لكنه يختار التحكم
بصالة اإلنسان ( مثل قضبان السكة الحديد ( و التي تمھد الطريق ﱠ ،و
ﷲ.بالتالي إذا لم نتحمل مسؤلية الصالة ،فسوف نعيق إرادة ًّ
)(3
ﷲ اإلنسان ،أعطاه إرادة حرة ،و لذلك توجد ثالث إرادات ) عندما خلق ًّ
مشيئات ( مختلفة في الكون و ھي :إرادة ًّ
ﷲ ،و إرادة الشيطان العدو ،و
ﷲ ال يھلك إبليس في لحظة من إرادة اإلنسان .ربما يتعجب الناس أن ًّ
الزمان .لماذا ؟ ألنه يريد أن يتعاون اإلنسان معه في التعامل مع إبليس ،و
يطلب أن ترتبط إرادته مع إرادة اإلنسان ،و كأنه سوف ال يدمر إبليس
بمفرده ،و ھو يسعد بھذا األمر حين ال يعمل مستقالً عن البشر!
ﷲ أن يعمل شيئا ً ،فإنه يضع فكره ھذه ھي مسؤلية الكنيسة ،فعندما يريد ًّ
نحول ھذا الفكر إلى صالة ،أوالً فينا من خالل الروح القدس ،و عندما ﱢ
ﷲ .و ھذه ھي طريقة العمل اإللھي .إنه يطلب إرادة فعندئذ فقط يعمل ًّ
ﷲ يعمل كل شئ بال أى متفقة مع إرادته و متجاوبة معه ،و لو كان ًّ
تضامن مع اإلنسان ،لما كانت ھناك حاجة لوجود اإلنسان على االرض ،
ﷲ معمولة بنا ، ولما كنا نحتاج نحن أن نعرف إرادته .لكن تبقى كل إرادة ًّ
إذ يدعونا أن تكون إرادتنا واحدة مع إرادته.
ﷲ ھو أن ننطق بھا في الصالة ،و ھنا إن الخطوة األولى في عملنا إلرادة ًّ
تصبح الصالة عمالً واقعيا ً ،بل أھم عمل ،ألنھا التنفيذ و التعبير عن إرادة
ﷲ ،و من ثم فإن كل صالة تأتي من إرادة ذاتية ،فھي باطلة .أما ًّ
ﷲ ،فسوف تنشأ من ًّ
ﷲ ،و يعلنھا لنا الروح الصلوات التي بحسب إرادة ًّ
ﷲ من خالل الصلوات. القدس ثم تعود إلى ًّ
عندما نقرأ تاريخ الكنيسة ،ربما نالحظ أن كل نھضة عظيمة كانت تأتي
ﷲ من القيام بما دائما ً من الصالة .و ھذا يرينا أن الصالة ھي التي تمكن ًّ
يريده ،و ال يمكن أن نطلب منه أن يعمل ما ال يريده ھو ،و لكننا نستطيع
ﷲ مطلق الوجود ،و لذلك ال يمكن تغييره أو ﷲ عمله ًّ .أن نؤخر ما يريد ًّ
إجباره على شئ ،أو إقناعه بعدم القيام بما يريد أن يقوم به .أما دعوتنا أن
ﷲ إذا لم نتعاوننكون قناة مجرى إرادته ،فإننا بال شك قد نقف عثرة لعمل ًّ
معه.
لھذا السبب ،ال يجب أن نطلب في صلواتنا أن يعمل ًّ
ﷲ ما ال يريده ھو ،أو
محاولة تغيير إرادته ،و لكن نصلي بحسب إرادته ،و ھكذا ببساطة نمكنه
أن يعمل ما يريده .أما اإللحاح بخالف ذلك ،فھو مضيعة للوقت ،فإذا كان
فمن يستطيع أن يدفعه إلى العمل ؟ ھناك شئ واحد ًّ
ﷲ ال يريد أن يعمل ْ َ ،
ﷲ.نعمله ،أال و ھو أن نصلي بحسب إرادة ًّ
ﷲ ھذهلنأخذ مثالً ،و ھو حلول الروح القدس في يوم الخمسين .لقد ذكر ًّ
الحلول منذ مئات السنين قبل يوم الخمسين ،و ربما في أيام يوئيل ،لكن
الحدث تم عندما اجتمع تالميذ كثيرون و صلوا .إن قدوم الروح القدس قد
ﷲ منذ زمن طويل ،لكنه لم يتم أال بعدما صلى الناس ،و كأنه كان حدده ًّ
ينتظر موافقتھم ،ألنه يحب العمل بعدما يصلي البشر .وربما نفقد بركات
ﷲ من خالل الصالة. روحية عندما نفشل في التعبير عن إرادة ًّ
ﷲ ينتظر المصلين له لكي يتم عمله .ربما يسأل بعض المؤمنين لماذا ال إن ًّ
ﷲ خطاة أكثر ،و لماذا ال يجعل كل مؤمن منتصراً في حياته ؟يخلص ًّ
أعتقد بصدق أن ًّ
ﷲ يريد بال شك أن يقوم بذلك لو أن الناس صلوا ،أو
بمعنى آخر ،عملوا معه .و السؤال اآلن :ھل سوف نصلى ؟ إن صلواتنا
ﷲ ھي الشبكة الروحية الضخمة من القضبان التي سوف تسير عليھا إرادة ًّ
.
)(4
كيف نضع ھذه الخطوط إلرادة ًّ
ﷲ ،اإلجابة ھي " :مصلين بكل صالة و
طلبة كل وقت في الروح "
(أف ) .18 : 6
عندما يتوجه أحد األخوة للكرازة مثالً ،عليك أن تمھد له السبيل حتى تتم
إرادة ﷲ بواسطته .فإذا صليت من أجله صالة عامة ،فھي مثل شبكة
ضعيفة ،كأن تصلي ھكذا :يا رب باركه ،يا رب حافظ عليه . .و لكن إذا
أردت أن تصنع له شبكة قوية من الصالة ال ينفذ منھا إبليس ،فالبد أن
تكون صالتك محددة و ھادفة نحو صحته و وقته و راحته و طعامه و
الناس الذين يتقابل معھم ،و المكان الذي يقيم فيه ،و العمل الذي سوف
يقوم به و كل ما يتعلق به .إنك بذلك تسد كل ثغرة يمكن أن يدلف إبليس
منھا إليه .إن الكسالن أو المھمل ال يستطيع أن يعمل ھكذا.
ھناك درس آخر البد أن نتعلمه .إن الشيطان له خدع متعددة يصعب علينا
أن نحرزھا )نخمنھا ( و بالتالي ال نستطيع أن نصلي من أجل كل التفاصيل
،و من ثم يمكننا أن نصلي كما يلي " :يا رب ،ليت دمك الثمين يتعامل مع
كل ما يأتينا من الشيطان " .إن مثل ھذه الصالة ھي أفضل ما نحاربه بھا ،
و حتى ال يخرج من شبكته و يھاجم شعب ًّ
ﷲ.
من يعمل حقا ً من أجل الرب ،عليه أن يمد شبكة الصالة لكي يعمل
إن كل َ ْ
ﷲ من خالله .و ال يمكن أن يبقى ﷲ بال عمل ،لكنه ينتظرنا حتى نصلي ًّ
إليه ،و ھكذا نتمتع بحياة الصالة.
ﷲ لكو لعلنا نشعر كثيراً بروح التثقل نحو الصالة ،و ھذا يعني أن إرادة ًّ
ﷲ ،فال تتردد متى ،ھي أن تصلي ،و ھذه ھي الصالة بحسب إرادة ًّ
أحسست بذلك ،بل اسمح للروح القدس أن يحصرك و يقودك إلي مثل ھذه
تصل ،فقد تشعر باختناق ألن ھناك شيئا ً لم تعمله .
ﱢ الصالة .و ربما إذا لم
و إذا ظللت بال صالة ،فسوف يزداد شعورك بالتثقل ،أما إذا استمررت
في عدم الصالة ،فإن روح الصالة ،و التثقل بھا ،سوف تتضاءل في
داخلك ،و قد يصعب عليك استعادتھا في ما بعد.
في كل مرة يضع ًّ
ﷲ فكرة صالة فينا ،فإن روحه القدوس يحركنا فنشعر
بتثقل نحو الصالة من أجل ھذا األمر ،و حالما يكون لنا مثل ھذا الشعور ،
علينا فوراً بالصالة .عندما نتحرك بالروح القدس ،فإن أرواحنا نحن تشعر
في الحال أن شيئا ً ما قد ُوضع على قلوبنا ،و بعدما نصلي من أجل ھذا
الشئ ،فإننا نعود و نشعر و كأن حجراً قد انزاح عنا .و إن كنا ال نصلي ،
ﷲ .و إذا أردنا أن نكون أمناء في الصالة ، فنحن لسنا في انسجام مع قلب ًّ
أي نصلي بمجرد إحساسنا بالتثقل ،فإنھا لن تكون ثقالً علينا ،بل أمر سار
و خفيف.
إنه ألمر مؤسف ،أن كثيرين يطفئون الروح القدس ھنا ،أي يطفئون
اإلحساس الذي يعطيھم الروح القدس إياه للصالة ،و تقل لديھم مثل ھذه
ﷲ.األحاسيس ،و من ثم ال يعودون أواني مستخدمة أمام ًّ
ﷲ ال يستطيع أن ينجز بھم شيئا ً ألنھم لم يعودوا يتنفسون إرادته في إن ًّ
الصالة .آه لو سقطنا إلي مستوى عدم اإلحساس بثقل الصالة ،نكون في
الواقع قد غرقنا في موقف خطير ،ألننا نكون عندئذ قد فقدنا التواصل مع
ﷲ ،و ال يستطيع أن يستخدمنا بعد في عمله .و لھذا السبب يجب أن نكون ًّ
في منتھى الحرص إزاء التعامل مع اإلحساس الذي يعطيه الروح القدس لنا
.عندما نشعر بثقل الصالة يجب أن نطلب فوراً من الرب قائلين " :ماذا
تريدني أن أصلي من أجله ؟ و ماذا تريد أن تتممه و يحتاج منى الصالة؟ "
ﷲ يستأمننا على أمور أخرى ،و العكس أيضا ً .و عندما نفعل ھكذا ،فإن ًّ
صحيح.
ليتنا نطلب من ًّ
ﷲ أن يجعلنا شركاء أمناء في الصالة .إذا استمر إحساسنا
بثقل الصالة يزداد رغم استمرارنا في الصالة ،فالبد إذن من الصيام أيضا ً
.
ﷲ،و إذا استمر أي واحد في عمل الصالة ،فإنه سوف يصبح أداة إلرادة ًّ
ﷲ أن يفعل شيئا ً ،فإنه سوف يطلب مثل ھذا الشخص .و دعوني متى شاء ًّ
ﷲ تبحث دائما ً عن وسيلة ﱢ
يعبر بھا عن إرادته .و إذا قام أقول ،إن إرادة ًّ
ﷲ سوف يفعل الكثير بسبب ھذه الصلوات. كثيرون بعمل الصالة ،فإن ًّ
"فتركھم و مضى أيضا ً و صلى ثالثة قائالً ذلك الكالم بعينه " ) مت : 26
) .44
"من جھة ھذا تضرعت إلى الرب ثالث مرات أن يفارقني " ) 2كو : 12
) .8
إن ھذا المبدأ الثالثي مھم جداً ،ليس فقط في صلواتنا الخاصة ،بل أيضا ً
ﷲ ،و حتى في اجتماعات الصالة .علينا أن نصلي حتى تتضح لنا إرادة ًّ
نحصل على استجابة منه .و ال تظن أنه طالما صلى أحد اإلخوة في
اجتماع للصالة من أجل أمر معين ،أن ھذا األمر ال يحتاج منى صالة
أخرى ،كال ،فإن ھذا األخ قد صلى مرة ،و أنا أصلى المرة الثانية ،و
آخر يصلى المرة الثالثة .و ال يعنى ھذا أن كل صالة يجب أن ُترفع
بواسطة ثالثة أشخاص ،و لكن المعنى أن الصالة يجب أن تكون بتثقل ؛ و
قد نصلى أحيانا ً خمس أو عشر مرات .المھم ھو الحاجة إلى الصالة حتى
يتم األمر ،و ھذا ھو سر النجاح في اجتماعات الصالة.
أرجو أن ال نسمح لصلواتنا بالقفز مثل الجندب ) جراد صغير ( ،فننتقل من
موضوع إلى آخر ،قبلما نستوفي الصالة من أجل األمر األول .إن مثل
ھذه الصلوات ال تزيح األحمال ،و من الصعب أن تحصل على استجابة .
إنھا صالة قليلة الفائدة و ال تحقق خدمة الصالة.
لكي نحقق خدمة الصالة ،يجب أن نتثقل بالصالة أمام الرب .إننا ال نريد
أن نضع قانونا ً ،لكننا نقدم فقط ھذا المبدأ ،أال و ھو أن التثقل ھو سر
الصالة .إذا لم يشعر الفرد في داخله بتثقل في الصالة نحو أمر معين ،فمن
الصعب عليه أن ينجح في صالته .إن اإلخوة و األخوات في أي اجتماع
للصالة ،قد يذكرون عدة أمور ،لكن إذا لم ُتلمس داخليا ً فإنك ال تستطيع
من يحضر اجتماعا ً للصالة ،أن يكون مدفوعا ً و الصالة و لذلك على كل َ ْ
مثقالً بالصالة.
و في الوقت ذاته ،ال تنغمس تماما ً في ثقلك الخاص ،لكن عليك أيضا أن
تستشعر أثقال اآلخرين في االجتماع.
و على سبيل المثال ،ربما ھناك أخت متعبة بسبب زوجھا ،أو ھناك أخ
مريض ،فلو أن أحداً صلى من أجل ھذه األخت ،و صلى آخر من أجل
ھذا المريض ،و ثالث من أجل أمر آخر ،إذاً كل واحد سوف يصلى من
أجل موضوعه الخاص .إن مثل ھذه الصالة ال تتفق مع مبدأ الصالة
الثالثية ،ألنه في المثل السابق يتم الصالة من أجل الموضوع الثاني قبل أن
يستوفي الموضوع األول الصالة من أجله .إن على الجميع أن يصلوا من
أجل ھذه األخت أوالً ،ثم يصلوا من أجل المريض .يجب أن يتم رفع ثقل
الصالة ،قبل االنتقال إلى ثقل ( موضوع ( آخر .و إذا شعر االجتماع كله
بتثقل واحد – أي موضوع معين – ال يجب على أي فرد أن يرفع صالة
أخرى وسط االجتماع تكون بحسب ھواه الشخصي.
إن علينا أن نتعلم كيف نلمس روح الجماعة ،و كيف ندخل إلى الشعور
العام لھذه الجماعة كلھا .إن ھناك من األمور التي تحتاج إلى صالة مرة
واحدة ،و غيرھا يحتاج إلى مرتين ،و أخرى ربما يحتاج إلى ثالث أو
خمس مرات حتى يتمم رفع حمل الصالة ذاته .و بغض النظر عن عدد
مرات الصالة ،ال يجب إنھاء الصالة إال بعد رفع الثقل .و مبدأ الصالة
ثالث مرات ،ھو ببساطة الصالة حتى يتم رفع الحمل ) التثقل بالصالة) .
علينا أن نتعلم الصالة بنفس واحدة في اجتماعات الصالة ،و ھذا ال يتم
تلقائيا ً بل يحتاج إلى تعليم و تدريب .كيف نشعر بمشاعر اآلخرين ؟ كيف
نلمس صالة الكنيسة ؟ كيف نشعر أن حمل الصالة فد ُرفع ؟ عندما نتعلم
ذلك ،سوف نعرف كيف نحقق خدمة الصالة في أي اجتماع.
"وقال لھم أيضا ً مثالً قي أنه ينبغي أن يصلي كل حين و ال يمل ،قائالً كان
ﷲ و ال يھاب إنسانا ً و كان في تلك المدينة أرملة وفي مدينة قاض ال يخاف ًّ
كانت تأتى إليه قائلة أنصفني من خصمي ،و كان ال يشاء إلى زمان .و
ﷲ و ال أھاب إنسانا ً فإنيلكن بعد ذلك قال في نفسه وإن كنت ال أخاف ًّ
ألجل أن ھذه األرملة تزعجني أنصفھا لئال تأتي دائما ً فتقمعني .و قال
ﷲ مختاريه الصارخين الرب اسمعوا ما يقول قاضي الظلم .أفال ينصف ًّ
إليه نھاراً و ليالً و ھو متمھل عليھم ،أقول لكم إنه ينصفھم سريعا ً .و لكن
متى جاء ابن اإلنسان ،ألعله يجد اإليمان على األرض ؟ " ) لو – 1 : 18
) .8
إن لدينا احتياجات و رغبات و توقعات ،و لذلك نصلي من أجل خيرنا نحن
.و لكن في الصالة الحقيقية ،ال يجب أن نسأل فقط ما ھو لخيرنا ،بل
ﷲ و سيادة السماء على األرض .و عندما أيضا ً نصلي من أجل مجد ًّ
ﷲ تستجاب صلواتنا ،قد يبدو أننا المستفيدون المباشرون ،لكن الحقيقة أن ًّ
يتمجد و تتم إرادته .إن استجابة الصالة تعطي ًّ
ﷲ مجداً أكثر ،ألنھا تعلن
تبين إتمام
عن عظمة حبه ،و عن قوته في تحقيق مطالب أوالده ،كما أنھا ﱢ
مشيئته ألنه ال يستجيب لصالة ال تتفق مع إرادته.
ﷲ ،و في الصالة الناجحة يجب أن يفوز الطرفان نحن الذين نلتمس وجه ًّ
ﷲ ،فالملتمس ) أنا ( يحصل على رغبة قلبه ،و الملتمس إليه معا ً ،نحن و ًّ
ﷲ ( تتم إرادته .إن كل المؤمنين الروحانين ،يدركون العالقة المطلقة ) ًّ
بين الصالة و بين مجد ًّ
ﷲ و إرادته .و علينا أن نالحظ الوجه الثالث
ﷲ و ما يعدنا به ،فإنه بال شك يؤذيللصالة الناجحة ،أن ما نطلبه من ًّ
عدونا.
ﷲ ھو حاكم ھذا الكون ،لكن إبليس يدعي " رئيس ھذا العالم نحن نعلم أن ًّ
( "يو ( 30 : 14و ذلك ألن " العالم كله قد ُوضع في الشرير " ) 1يو : 5
19 ) .و بناء على ھذا ،ھناك قوتان متضادتان في ھذا العالم ،و كل قوة
تسعى نحو السطوة .و لئن كانت النصرة النھائية ًّ ،إال أن إبليس يدفع
ﷲ و إرادته وقصده .إننا كأوالد ًّ
ﷲ بقوته في ھذا العام لكي يقاوم عمل ًّ
ﷲ ،و عندما نربح شيئا ً من يده فھذا معناه خسارة للعدو ،و ننتمي إلى ًّ
ﷲ ،و ھذه بالتالي تساوي كمية الخسارة كمية الربح ھي كمية عمل إرادة ًّ
التي يعانيھا إبليس.
ﷲ ،فإن الشيطان يعمد إلى إحباطنا و مضايقتنا و و بما أننا من أتباع ًّ
الضغط علينا و عدم السماح لنا بموطئ قدم .و ربما ال يتحقق ھدفه بسبب
ﷲو اقترابنا لعرش النعمة و من خالل دم يسوع الغالي طالبين حماية ًّ
ﷲ صالتنا ،فإن خطة إبليس سوف تنھزم بكل عنايته بنا .و عندما يسمع ًّ
تأكيد .إن ربحنا في الصالة ،ھو خسارة العدو .و ھكذا يكون ربحنا و
ﷲ ھما في تناسب عكسي لخسارة إبليس ،فعندما يربح طرف ،يخسر مجد ًّ
الطرف اآلخر .و بھذا المنظور ،علينا أن نھتم في صلواتنا ليس فقط
ﷲ و إرادته ،بل أيضا ً نھتم بھذا المنظور الثالث ،و الذيبخيرنا و بمجد ًّ
يختص بالشيطان عدونا .و أي صالة ال تأخذ في االعتبار ھذه الجوانب
الثالثة ،فھي سطحية و قليلة القيمة و بال إنجاز كبير.
ال حاجة لنا أن نتحدث عن الصلوات السطحية ،إذ ليس لھا تأثير على أى
من الجوانب الثالثة للصالة .ففي حالة المؤمن الجسدي ،فإن صلواته
المعقولة تركز فقط على خيره الشخصي أي على جانب واحد ،و دافعه ھو
فائدة نفسه ،و ما يشغل عقله ھو احتياجاته و رغباته ،و سوف يشعر
ﷲ لصالته .و ربما ال يفطن أن ھناك شيئا ً مثلبالرضا عندما يستجيب ًّ
ﷲ أو مجد ًّ
ﷲ ،و بالطبع ال يدري شيئا ً عن الجانب البعيد و ھو إرادة ًّ
خسارة إبليس.
لقد لمس الرب يسوع الجوانب الثالثة التي تحدثنا عنھا ،و قد ذكر ثالثة
أشخاص كما يلي ( 1 ) :القاضي ؛ ) ( 2األرملة ؛ ) ( 3الخصم .إن
ﷲ ،و األرملة تمثل كنيسة اليوم أو اإليمان القاضي( سلبيا ً ( يشير إلى ًّ
الفردي للمؤمنين ،بينما يشير الخصم إلى عدونا إبليس .عندما نشرح ھذا
المثل ،فإننا نھتم عادة بالعالقة بين القاضي و األرملة ،و نالحظ أن ھذا
ﷲ و ال يھاب إنسانا ً ،قد أنصف المرأة أخيراً بسبب القاضي الذي ال يخاف ًّ
ﷲ ليس ظالما ً مثل ھذا القاضي ترددھا المستمر عليه ،و نستنتج أنه بما أن ًّ
،فإنه سوف ينصفنا سريعا ً عندما نصلي إليه.
لكن يبدو أن كثيرين منا ال يعيرون اھتماما ً بشخصية مھمة في ھذا المثل .
إذا لم يكن ھناك خصم ،فھل كان من الضروري لھذه األرملة أن تذھب إلى
القاضي ؟ إننا عندما نالحظ كلمات األرملة للقاضي ،ندرك مكان الخصم
في القصة .ربما بھدف االختصار يقول الوحي " أنصفني من خصمي "
ولعل ھذه الكلمات تحمل الكثير ،و أن الموقف فيه عذاب شديد ،وعداوة
عميقة .ونفھم كذلك أنھا عانت من ضيق مستمر على يدي ذلك الخصم .
إنھا تطلب من القاضي أن يرد لھا األخطاء الموجھة إليھا بإحضار الخصم
إلى العدالة.
القاضي
ﷲ و ال أھاب إن وصف ھذا القاضي نجده في كلماته ھو " :ال أخاف ًّ
إنسانا ً " ،ومع ذلك ،فإنه يسبب تردد األرملة عليه ،أحس بالضيق و
االمتعاض ،حتى أنه أنصفھا أخيراً .إن الرب يسوع يستخدم ھذا القاضي
ﷲ الذي ھو أبونا الصالح و المحب لنا دائما ً و سلبيا ً لكي يكشف عن صالح ًّ
ليس منفصالً عنا مثل ھذا القاضي .و إذا كان ھذا القاضي الظالم قد أنصف
ﷲ ولو قليالً من أجل شعبه ؟ األرملة بسبب صراخھا المستمر ،أال يعمل ًّ
إن سبب حصول األرمل على موافقة القاضي إلنصافھا كان ھو في سؤالھا
المتكرر .لم يكن لديھا أمل في القاضي ذاته ألنھا كانت تعلم أنه ظالم و
قاس.
ٍ
و لكن علينا أن ندرك أن استجابة صالتنا ًّ ال تأتي فقط بسبب عدم التوقف
_وھذا يكفي في ذاته لحصولنا على ما نسأل من أجله _ لكنھا أيضا ً بسبب
ﷲ مختاريه ؟ﷲ ؛ ولھذا يستنتج الرب يسوع ويقول " :أفال ينصف ًّ صالح ًّ
"وھنا يبرز المفارقة بين القاضي وبين ًّ
ﷲ.
األرملة
ھذه السيدة لم يكن لھا أحد تعتمد عليه ،و كلمة " أرملة " تعكس حقيقة
وحدتھا .إن زوجھا قد مات .و لعلھا مثال صالح لنا نحن المؤمنين في
العالم .إن ربنا يسوع المسيح قد صعد إلى السماء ،و إذا تحدثنا من النظرة
الجسدية ،فالمؤمنون ليس لھم متكل مثل األرملة .إن التعليم كما ورد في (
مت ( 5يكشف حال المؤمنين المؤلم ،فھم أضعف الكل و ليس لھم أية
مقاومة من أي نوع ،ومن ثم نعاني االضطھاد و اإلذالل في كل مكان .إن
الرب يسوع و رسله لم يأمروا قط المؤمنين أن يطلبوا قوة أو مركزاً في ھذا
العالم ،بل بالعكس ،يعلموننا التواضع و قبول الضيق ،و ھذا ھو الطريق
ﷲ على الصليب دون مقاومة أو الذي سلكه ربنا نفسه .و كما مات ابن ًّ
تذمر ،فال يتوقع تالميذه معاملة أفضل من العالم .و من ھذه الوجوه كلھا ،
فإن األرملة ھنا مثال طيب لنا نحن مؤمنو ھذا الدھر.
الخصم
كما أن األرملة كان لھا خصم ،فإننا نحن المؤمنين ،لنا خصمنا ،و ھو
إبليس كما ذكر القديس بطرس ) 1بط ( 8 : 5و علينا أن ندرك عدونا
بوضوح ،ثم نعرف كيفية االقتراب إلى قاضينا و الذي ھو إلھنا و نشكو
عدونا .إذا أردنا فحص أساس سبب العداوة الموجودة بيننا و بين إبليس ،
فسوف نكتشف تاريخا ً طويالً وراء ذلك .إنھا ببساطة قد بدأت في جنة
ﷲ " :و أضع عداوة بينك وبين المرأة و عدن ،و بعد سقوط اإلنسان ،قال ًّ
أنت تسحقين عقبه") تك . (15 :3و بين نسلك و نسلھا ھو يسحق رأسك و ِ
ﷲ قد وضع عداوة في قلوبنا و في بما أن الشيطان يضرنا نحن البشر ،فإن ًّ
قلب إبليس .نحن نعلم أن النسل المذكور ھنا يشير إلى الرب يسوع المسيح ،
ﷲ بنفسه .إنناو ھناك عداوة أبدية بينه و بين إبليس ،و ھذا أمر قد عينه ﱠ
ﷲ ،و بالتالي نعتبر أن عدوه ھو المؤمنون بالرب يسوع نقف في جانب ًّ
عدونا أيضا ً ،و من ثم لن يدعنا إبليس نمر بسھولة دون مقاومتنا .إنه
يحسب أن الرب يسوع عدوه و ھكذا كل تالميذه .أما الذين ال يؤمنون بالرب
يسوع ،فھم أوالد إبليس ) يو : 44 ) 8و بالطبع فإن إبليس يحب خاصته.
إن ھذه العداوة تزداد عمقا ً يوما ً بعد يوم .و حيث إن العدو قوي جداً و نحن
ضعفاء جداً و بدون سند مثل األرملة ،فإنه يستخدم كل قوته للضغط علينا
مسببا ً لنا خسارة عظيمة ،و بدون إنصاف لنا ،سوف تستمر الخسارة إلى
األبد.
إبليس و القديسون
كما تعامل الخصم بقسوة مع األرملة ،ھكذا يتعامل إبليس اليوم بقسوة معنا
من يعلم مقدار معاناتنا على يديه؟ و بالطبع عندما يضطھدنانحن المؤمنينْ َ .
،فإنه ال يظھر ذاته و ال يعمل مباشرة .إن كل أعماله تتم من خالل الناس
أو األشياء .إنه يثير أھل العالم للعمل من أجله و يستمر ھو في قيادتھم .و
كما اتخذ إبليس صورة حية في عمله األول ،ھكذا سوف يسعى لصور
ﷲ عندما المختلفة في عمله اليوم .و بسبب ھذا التخفي ،قد يخطئ أوالد ًّ
يتعرفون على عدوھم الحقيقي.
إن قائمة أعمال إبليس ال تنتھي ،و باختصار فإن العدو سوف يفعل أي شئ
يجعل المؤمنين يتألمون روحيا ً أو جسديا ً ،أو يسقطون في الخطايا ،أو
ﷲ ال يدرون يسبب لھم خسارة أو دماراً .و لألسف ،فإن كثيرين من أوالد ﱠ
أعمال إبليس و ھم يعانون بين يديه ،و يفسرون األحداث و يرجعونھا إلى
الطبيعة أو المصادفة أو الناس ،غير مميزين أنه في أحداث طبيعية كثيرة،
ھناك أمور شيطانية غير طبيعية ،و في المصادفات الكثيرة ،ھناك تخطيط
شيطاني ،و في معامالت البشر المتعددة ،ھناك أشرار يستخدمھم عدو
الخير.
اعرف العدو
إن أھم شئ أمامنا اآلن ھو التعرف على العدو .البد أن نعرف بالتأكيد َ ْ
من
ھو خصمنا الذي يسبب لنا عناء كثيراً .و كم من المرات نحسب أن آالمنا
سببھا الناس ،بينما يخبرنا الكتاب أن "مصارعتنا ليست مع دم ولحم بل مع
الرؤساء مع السالطين مع والة العالم على ظلمة ھذا الدھر مع أجناد الشر
الروحية في السماويات")أف . (12:6إننا بحاجة أن نتذكر في كل ألم من
الناس ،إن إبليس وراء الدم و اللحم و أنه ھو القائد لكل شئ ضدنا .يجب أن
ﷲ و بين محاوالت تكون لنا البصيرة الروحية الضرورية للتمييز بين عمل ًّ
إبليس خلف كل شئ ،و التمييز بين ما ھو طبيعي و بين ما ھو فوق
الطبيعي ؛ كما يجب أن نتدرب داخليا ً حتى نحصل على معرفة المجال
الروحاني ،و من ثم ال تفلت منا أعمال إبليس الخافية.
و الحال ھكذا ،أال ندرك أن ما نعتبره عادة أنه مصادفة أو طبيعي ،ربما
يشمل أعمال العدو خلف ھذه األحداث؟ سوف نرى عندئذ أن إبليس يحاول
فعالً أن يفشلنا في كل حركة ،و يضايقنا في كل شئ .و من المؤسف أن كل
معاناتنا الماضية منه لم نعلم أنه ھو مصدرھا ،و ھذا ظلم ال يجب أن يبقى
بدون إنصاف.
صرخة التبرئة
بعدما تألمت كثيراً ھذه األرملة ،توجھت إلى القاضي تطالب بالعدل ؛ و ھذا
ما يجب أن نتعلمه .إننا ال نتقدم إلى قضاة أرضيين نلتمس منھم أن يعملوا
من أجلنا ،كال ،إننا نأتي إلى قاضينا ﱠ
ﷲ أبينا في السماء .إن أسلحة
محاربتنا ليست جسدية )2كو (4 :10و لذلك سوف ال نستخدم أية وسيلة
أرضية أو جسدية ضد أدوات الدم والجسد التي يستخدمھا إبليس ،بل
بالعكس ،بدالً من إظھار عدم الصبر أو الغضب أو العداوة نحوھم ،سوف
نترفق بھم ألنھم مجرد آالت للشيطان .دعونا نرى أن األسلحة الجسدية في
الحروب الروحية غير مفيدة مطلقا ً .و ھي ليست غير مفيدة فحسب ،بل إن
من يستخدمھا سوف يفشل و سوف يھزمه إبليس. َ ْ
ھناك أنواع كثيرة من األسلحة الروحية نجدھا في )أف ، ( 6و لعل أكثرھا
فاعلية ھو الصالة ) عدد . ( 18صحيح أننا بال قوة ولذلك ال نستطيع أن
ﷲ لكي ينصفنا ،ألن الصالة ننصف ذواتنا من خصمنا ،ولكننا نصلي إلى ﱠ
ھي أفضل سالح ضد عدونا ،وھى التى تحتفظ بخط دفاعنا األول سليما ً ،و
من خاللھا نستطيع مھاجمة عدونا و نسبب له خسارة كبيرة في خطته و
عمله و قوته .لقد أدركت األرملة أنھا إذا صارعت بنفسھا ضد خصمھا فھي
خاسرة ،ألنھا أرملة ضعيفة ال تستطيع مقاومة ذلك المتشرد ،و ھكذا إذا
ﷲ بواسطة الصالة ، ﷲ بمفردھم دون االعتماد على قوة ﱠ صارع أوالد ﱠ
فإنھم سوف يصابون بالسھام الملتھبة .إن الرب يسوع يعلمنا في ھذا امثل
أفضل طريقة للتغلب على الخصم ،و ھي الصالة نھاراً و ليالً ﱠ طالبين
منه أن ينصفنا من عدونا و ذلك بالحكم عليه.
يقدم لنا الكتاب المقدس لنا مساعدات كثيرة في ھذا الشأن ،و سوف نفحص
القليل منھا حتى نتعلم مثل ھذه الصالة.
مكتوب في إنجيل ) مر ( 1أن الرب يسوع عندما أخرج الروح النجس ،لم
يسمح له أن يتكلم بل قال له " أخرس " ) مر .( 25 :1و لذلك عندما
يستخدم الشيطان الناس لكي ينطقوا بكلمات العنف أو سوء الفھم ،نستطيع
أن نسأل ﱠ
ﷲ لكي يغلق فم إبليس و ال يسمح له بالكالم من خاللھم.
أحيانا ً عندما نكرز باإلنجيل أو نعظ للناس ،نطلب من الرب أن يمنع إبليس
من التحدث إلى المستمعين لنا فيسبب لھم الشك أو مقاومة كلمة ﱠ
ﷲ .لعلنا
نتذكر قصة دانيال في جب األسود و صالة واحدة كانت مؤثرة ":يا رب،
سد فم األسد ،و ال تسمح له بأذية شعبك" .
يقول الكتاب أيضا ً " أم كيف يستطيع أحد أن يدخل بيت القوي و ينھب
أمتعته إن لم يربط القوي أوالً و حينئذ ينھب بيته" )مت . ( 29 :12نحن
نعلم أن الرجل القوي ھنا ھو إبليس ،و لكي نتغلب عليه ،يجب أن نربطه
أوالً و ھكذا نشل حركته .و نحن من أنفسنا ال نملك بالطبع القوة لكي نربط
الرجل القوي و نفقده حريته في مقاومة أعمالنا ؛ لكننا نستطيع أن نصلي ،و
ﷲ أن يربط الشيطان و يجعله بال قوة .إننا عندما نبدأ أي عملنطلب من ﱠ
في أي وقت ،إذا استطعنا أن نربط الشيطان أوالً بالصالة ،فإن النصرة
مؤكدة .لماذا ال نصلي دائما ً " :يا رب ،اربط القوى "" .ألجل ھذا أظھر ابن
ﷲ لكي ينقض أعمال إبليس") 1يو .( 8 :3عندما نميز عمالً من إبليس، ﱠ
يمكن أن نصلي كما يلي " :يا رب لقد ظھر ابنك لكي ينقض ) يدمر (
أعمال إبليس و كم نشكرك ألنه نقض أعماله على الصليب ،يبد أن إبليس
ال يزال يعمل أيضا ً ؛ من فضلك انقض عمله فينا و على عملنا و على
محاوالته في محيطنا " .عندما نالحظ أن إبليس يعمل فينا أو في العائلة أو
ﷲ أن ينقض كل أعماله. المدرسة أو الكنيسة أو الدولة ،نطلب من ﱠ
عندما نقرأ في المزامير ،نجد مقدار تأثير انتھار الرب " :فظھرت أعماق
المياه و انكشفت أسس المسكونة من زجرك ) انتھارك ( يا رب من نسمة
ريح أنفك")مز (15:18؛ " من انتھارك يا إله يعقوب ُ ﱠ
يسبخ ) ينام نوم
الموت )فارس و خيل" ) مز ( 6 :76؛ "ھي محروقة بنار مقطوعة ،من
انتھار وجھك يبيدون(" مز (16 :80؛ " من انتھارك تھرب من صوت
رعدك تفر " )مز(7:104؛ "انتھر بحر سوف فيبس" )مز) .9:106
إن كل ھذه اآليات ترينا قوة انتھار الرب .عندما يضايقنا العدو ،علينا أن
ﷲ أن ينتھره .مكتوب في )مت (16أن بطرس أراد أن يمنع نطلب من ًّ
الرب يسوع من الذھاب إلى الصليب بسبب العاطفة البشرية،لكن الرب
انتھره و قال له " :اذھب عني يا شيطان" )مت ، (23:16عندما يستخدم
إبليس أصدقائنا أو أقاربنا من أجل إعاقتنا -بسب عواطف بشرية -عن عمل
ﷲ ،علينا أن نطلب من ًّ
ﷲ أن يبعد عنا الشيطان. إرادة ًّ
يعلمنا الرب أن نصلي ھكذا ":نجنا من الشرير)مت ( 13 : 6و بما أننا ال
نعرف متى يأتي الشرير لكي يتحرش بنا ،علينا أن نصلى بھذه الكلمات.
و بما أن الرب يسوع جرد الرياسات
و السالطين بواسطة الصليب،علينا أن نتمسك بھذا الصليب كلما شاھدنا قوة
الشيطان،و نسأل الرب أن يخزى ھذا العدو مرة أخرى و متى خزي
الشيطان،فإنه ال يتجاسر بعد أن يرفع رأسه،و من ثم ال يستطيع التحرش بنا
مرة أخرى.
مدة الصالة
ھناك صلوات كثيرة نصليھا مرة واحدة .لكن الصالة التي تھاجم إبليس ربما
تطول كثيراً .إن ھدف ھذا المثل ھو "ينبغي أن نصلى كل حين" ) لو : 18
) .1
لقد أنصف القاضي األرملة ،ليس من أجل العدل و ال ألي سبب آخر سوى
أنه لم يحتمل تكرار ترددھا عليه ،و ھذا ما عبر عنه بقوله " :لئال تأتي دائما ً
فتقمعني " .و بالتالي فإن ھذا النوع من الصالة يجب تقديمه بال توقف و لو
مؤقتا ً .إن مثل ھذه الصالة ال تقال في وقت الحاجة ،و لكنھا تستمر كموقف،
و ننطق بھا في الروح و في األيام العادية .و لذلك يقول الرب في
ﷲ مختاريه الصارخين إليه نھاراً و ً
ليال؟" .إن ھذا المثل":أفال ينصف ًّ
النوع من الصالة يقدم نھاراً و ليالً بال توقف.
ﷲ ،كما أن ھذا العدو" يشتكى إننا يجب أن نشكو عدونا باستمرار أمام ًّ
ﷲ( أمام إلھنا نھاراً و ليالً " ) رؤ (10 : 12فإذا كان يشتكى عليھم)أوالد ًّ
ليال ،أفال يجب أن نشتكى عليه نحن أيضا ً نھاراً و ليالً ؟!
علينا نھاراً و ً
طالما ھناك يوم آخر يستمر الشيطان فيه من اغتصاب العالم ،و طالما أنه لم
ُيسجن بعد في الحفرة العميقة و لم ُيلق بعد بحيرة النار ،فإننا سوف نستمر
ﷲ ،و إلى أن يسقط إبليس في الصالة ضده ،و لن نتوقف إلى أن ينصفنا ًّ
مثل البرق من السماء.
لقد أظھر الشيطان عداوته نحونا في كل خطوات طريقنا ،و جعلنا نتألم
روحا ،فلماذا إذاً نتحمل اضطھاده بال كالم أو صالة ؟ و لماذا
ً بشدة جسداً و
ﷲ لكي نشكوه بالكالم و بالصالة؟ ھذا ھو السعي الحقيقي نحو ال نقف أمام ًّ
التبرئة.
تأثير الصالة
ما ھو تأثير مثل ھذه الصالة؟ إننا نرى ھذا التأثير في فترتين مختلفتين :
أوالھما ھي التأثير المباشر .في كل مرة ُتقدم شكوى ضد العدو ،فإنه
ﷲ صالتنا مرة بعد األخرى ،زادت ينحصر با ًّ فال يضرنا،و كلما سمع ًّ
خسارة إبليس و تم تجريد أمتعته.
بيد أن ھذا التأثير يتعدى الفورية .و يركز الرب في المثل على التبرئة
ﷲ ينتھر و يدمر إبليس مرة بعدالنھائية ،فكلما صلينا مرة بعد األخرى ،فإن ًّ
األخرى .لكن ليست ھذه ھي النھاية ،ألن العدو ينحصر مؤقتا ً ،و عليه أن
يتحمل نتيجة ھزيمته النھائية ،فعندما يقول "و ھو متمھل عليھم" يشير إلى
نھاية إبليس بطرحه في بحيرة النار ،و ھنا تتم التبرئة النھائية للمؤمنين .
ﷲ يسمع فعال صلوات المؤمنين و يقيد ﷲ .و رغم أن ًّ اآلن ھو وقت إمھال ًّ
أعمال إبليس ،إال أنه لم يطرحه بعد بالكامل حتى يستحيل عليه أن يتحرش
بنا .إنه اآلن وقت للمؤمنين للصالة حتى يأتي ذلك اليوم الذي ينطرح فيه
فمن كان يعلم متى سوف ً
دائماْ َ ، عدو الخير .إن األرملة ،لو لم تلتمس
ينصفھا القاضي من خصمھا؟ إن استمرارھا في االلتماس ،قد أسرع بيوم
تبرئتھا .و إننا اليوم علينا أن نفعل األمر نفسه.
يقول الرب " أقول لكم إنه ينصفھم سريعا ً " .و يبدو أن الرب يلمح ھنا أن
سرعة عمله إنما تتحدد بمثابرتنا على الصالة .فإذا كنا نشكو الشيطان
ﷲ سوف ينصفنا سريعا ً .عندما يأتي يسوع باستمرار في الصالة ،فإن ًّ
ثانية ،فإنه سوف يطرح إبليس تماما ً و يحرمه من كل قوته .و الصالة التي
تتھم إبليس سوف تعجل من عودة يوم الرب.
األيام األخيرة
عندما أنھى الرب يسوع حديثه ،ختمه بھذا القول " :و لكن متى جاء ابن
اإلنسان ،ألعله يجد اإليمان على األرض؟" .و يبدو من ذلك أنه وقت عودة
يسوع ثانية سوف يكون ھناك عجز كبير لھذا النوع من الصالة بين شعبه.
إنھم ال يصلون مثل ھذه الصالة إذ ال إيمان لھم .إنھم يرون أن طرح إبليس
الھوة السحيقة ثم في بحيرة النار ،كأنه أمر كبير جداً و صعب للغاية،
في ﱠ
فإذا كان الوعد " إله السالم سيسحق الشيطان تحت أرجلكم سريعا ً")رو16
ً
قرنا ،فكيف أتوقع تحقيقه من خالل صالتى؟ ) 20:لم يتحقق بعد عشرين
على أي حال ،إن األيام األخيرة ھي الوقت الذي يجب أن نصلي فيه مثل
ھذه الصالة .ھل نستطيع نحن القليلين المؤمنين أن نرفع صلوات ضد
الشيطان حتى يفقد قوته و مركزه ،و في األيام التي يندر فيھا مثل ھذه
الصلوات؟
نحن نعلم أنه في األيام األخيرة ،سوف ينشط إبليس و أعوانه بطريقة غير
عادية ،و لذلك لزم علينا أكثر من أي وقت آخر أن نصلي ضده و لكي
تسقط مملكته و الواقع أنه ال يوجد عمل ألوالد ًّ
ﷲ اليوم أعظم من ھذا
من ھو المستعد أن يصلي ضد إبليس من أجل ًّ
ﷲ و من العمل .يا ترى ْ َ ،
أجل نفسه؟
قل لنفسي خالصك أنا .ليخز و ليخجل الذين يطلبون نفسي .ليرتد إلى
الوراء و يخجل المتفكرون بإساءتي .ليكونوا مثل العصافة قدام الريح و
مالك الرب داحرھم )طاردھم( .ليكن طريقھم ظالما ً و زلقا ً ) غير ثابت( و
مالك الرب طاردھم)يتعقبھم(.ألنھم بال سبب أخفوا لي ھوة شبكتھم .بال
سبب حفروا لنفسي … ..استيقظ و انتبه إلى حكمي يا إلھي و سيدي إلى
دعواي ") مز 23 ).، :1-735
دعونا نتأمل أوالً في "الثقة" .إنھا تعني القدرة على التصديق ،و شجاعة
االتكال ،و التأكيد التام باالعتماد و ھكذا ..إن روح الثقة ھي في غاية
األھمية للصالة و للحياة اإليمانية بأكملھا .إذا كانت عالقتنا مع ًّ
ﷲ في
تذبذب مستمر ،فإن حياتنا كلھا سوف تتأثر "فإذ لنا أيھا اإلخوة ثقة بالدخول
إلى األقداس بدم يسوع ،طريقا ً كرسه لنا حديثا ً حيا ً بالحجاب أي جسده ..
لنتقدم بقلب صادق في يقين اإليمان") عب).22– 19: 10
"الذي به أيضا ً قد صار لنا الدخول باإليمان إلى ھذه النعمة التي نحن فيھا
مقيمون")رو) .2:5
"ألن به لنا كلينا قدوما ُ في روح واحد إلى اآلب ") أف " .( 18 : 2الذي
به لنا جراءة و قدوم بإيمانه عن ثقة " ) أف ) .12 : 3
إن الثقة الحقيقية تقوم على أساس واحد ،و ھو السيد المسيح نفسه.إن لنا
ﷲ ،ألن المسيح نفسه ھو ذلك االمتياز الذياالمتياز المطلق إن نقترب إلى ﱠ
لنا.
ﷲ به .إننا نأتي إلى اآلب في اسم المسيح و في أي وقت و و ھذا ما زودنا ّ
في أي مكان ،و ال يمكن أن نقترب إليه في شخصياتنا أو أسمائنا أو أحوالنا،
ألن ھذا مستحيل .إننا نتقدم لكي نرى اآلب في اسم ابنه فقط ...مكتوب في
(أف (12 :3أنه في المسيح يسوع ربنا ،لنا جراءة و قدوم عن ثقة من
ﷲ بعدم استحقاقنا له ،بل بالحرى إن السيد خالل إيماننا به .إننا ال نتقدم إلى ﱠ
المسيح ھو الذي يأخذ بيدنا و يقودنا إلى اآلب .إنه يتقدم بكل الذين تطھروا
ﷲ ،كأنھم قد قاموا من األموات و لبسوه ثوبا ً بالدم ،و يأتي بھم إلى حضرة ﱠ
لبرھم .و لھذا فإن ثقتنا ھي المسيح نفسه.
"كذلك الروح أيضا ً يعين ضعفاتنا ألننا لسنا نعلم ما نصلى ألجله كما ينبغي
و لكن الروح نفسه يشفع فينا بأنات ال ُينطق بھا .و لكن الذي يفحص القلوب
ﷲ يشفع في القديسين")رو : 8 يعلم ما ھو اھتمام الروح ألنه بحسب مشيئة ﱠ
27) . ، 26يظھر ھنا ضعفنا بوضوح ،أي في الصالة بالذات أكثر من أي
شئ آخر في المجال الروحي .و نحن نعلم الصعوبة الكبرى التي واجھت
التالميذ تجاه الصالة في بستان جثسيماني .لكن شكراً ﱠ ،إذ لنا الروح
القدس القادر على عوننا ،و علينا أن نتكل عليه ألنه يسكن فينا و يعمل
بداخلنا ال سيما في أوقات العجز أو الجھل .و رغم أننا ال نعلم كيفية
ﷲ ،و من ثم الصالة ،لكن الروح القدس المقيم فينا ،ھو نفسه يعلم إرادة ﱠ
ﷲ .ھذا باإلضافة إلى أنه يعطي معنى يعلمنا كيفية الصالة بحسب إرادة ﱠ
ﷲ و ھكذا يقودنا إلى حقيقة الشركة .دعونا إذن عندما نصلي لشركتنا مع ًّ
نعتمد على السيد المسيح الذي نؤمن به و على الروح القدس الذي ھو عوننا
.
ثانيا ً :لماذا يحاول إبليس مقاومة الصالة؟
إن الشيطان عازم على قطع شركتنا مع السماء ،و بالتالي ھو مستعد لدفع
أي ثمن في سبيل إعاقة الصالة الحقيقية دعونا ننتبه إلى ھذه الحقيقة،أنه
يھاجم باستمرار صلوات الكنيسة و أيضا ً صلوات المؤمنين ،و عندما ينجح
في الھجوم ،فإنه يشعر بالراحة ،و علينا إذن أن نتحذر و نحترص ضد
العدو ال سيما عندما ننوي الصالة.
ھناك مجاالت البد من االھتمام الخاص بھا في التعامل مع الھجوم
الشيطاني ،و ھي:
1.الشيطان سوف يھاجم ثقتنا في الرب .إنه يعلم أنه إذا استطاع أن يشعرنا
بعدم استحقاقنا و بعدم قدرتنا فإننا سوف نفقد ثقتنا في الرب ،و بالتالي يبعد
قلوبنا عن مجال الصالة.
2.أحيانا ً يھاجم أجسادنا ،و منھا األفكار و األعصاب .و عندما نشعر
بالتعب فإننا نترك الصالة ،و لكن علينا أن نحترص ضد ھذه األمور و
نتغلب عليھا .أما األمور التي ليس لنا سلطان عليھا ،فالرب ھو المسئول.
3.أحيانا ً يھاجمنا من جھة وقت صالتنا ،الخاصة ،أو داخل الكنيسة .وإذا
تضيع علينا وقت الصالة ،فإنه
ﱢ لم يستطع أن يشغلنا تماما ً بأمور أخرى
يشعرنا أننا لم نتمتع بصلوات حقيقية في ذلك الوقت .ربما ننجح في
االحتفاظ بأوقات الصالة ،لكننا نفشل في االحتفاظ بروح الصالة أو بحياتھا
.
4.قد يھاجم الشيطان شركتنا المستمرة مع الرب ،و ذلك بخلق طبقة سميكة
مانعة بيننا و بين الرب ،و من ثم ال نستطيع االتصال ،و يبدو كما لو أن
ھناك ضبابا ً سريا ً يفصلنا عن الرب.
أخيرا ،قد يدفعنا إلى الظالم فال نرى ضرورة للصالة .إنه يحاول دائما ً
ً 5.
أن يشتت انتباھنا نحو أمور أخرى و ھكذا يضر بحياة صالتنا .ليتنا ال
نسقط في ھذه المصيدة .علينا أن ننظر إلى الرب ،و نجمع أدوات الصالة
ﷲ و رغباته .إن مسئوليتنا في الصالة المتعددة و نلتفت كثيراً إلى مطالب ًّ
ليست بسيطة ،و لذلك علينا بالمراقبة و االستمرار في الصالة.
ثالثا ً:بجانب الصالة الفردية ،ما ھو نوع الصالة الواجب علينا؟ و بحسب
ﷲ.كلمة ًّ
ھناك صالة مشتركة ،أي صالة الكنيسة ،و ھي ال تقلل بأي حال من
ﷲ ،أن ما يعجز األحوال قيمة الصالة الشخصية .توجد قاعدة في ملكوت ًّ
عنه شخص واحد في بعض النواحي ،قد يكون ممكنا ً من خالل التعاون
المتبادل و المشترك ،و ينطبق ذلك بصفة خاصة على الصالة .إن كل الذين
اتبعوا الرب عن قرب يرون الحاجة إلى الصالة مع المؤمنين اآلخرين ؛ و
ربما يشعرون أحيانا ً بعدم كفاية صلواتھم الخاصة ،و بالذات عندما يصلون
ﷲ فھو يحتاج إلى كل قوة الكنيسة .من أجل موضوع عظيم مثل ملكوت ًّ
"مكتوب بيتي بيت الصالة")مت ،(13 :21و ھنا نضيف القول ":وبيته
نحن " )عب ) .6 :3
"و أقول لكم أيضا ً إن اتفق اثنان منكم على األرض في أي شئ يطلبانه فإنه
قبل أبي الذي في السموات .ألنه حيثما اجتمع اثنان أو ثالثة
يكون لھما من ِ َ
باسمي فھناك أكون في وسطھم") مت ).20 ، 19 :18
إن الواقع واالختبار يشھدان أن نصيب المسيح يكون أعظم عندما يجتمع
المؤمنون معا ً في اسم الرب ،عما لو كان الشخص بمفرده ،ذلك ألن الرب
يكون في "وسط" الكنيسة و ليس في وسط الفرد ) ألنه فيه إذا كان م ً
ؤمنا،
و ال يمكن أن يكون في "وسطه"( .إننا عندما نجتمع معا ً في اسم الرب
بحق ،فسوف نشعر بأفق واسع في الصالة و نتقوى جداً في معركة الصالة
ﷲ لنا خالل الروح القدس.؛ ثم إننا نختبر إعالن فكر ًّ
رابعا ً :ما ھي الجوانب المختلفة في عمل الصالة ،و التي يجب االھتمام بھا؟
ﷲ لكى نصلى من أجل اآلخرين من3-التأمل والتشفع :إننا نقف أمام ًّ
الناس ،و ھذا في الواقع اشتراك مع الرب في عمله كرئيس كھنة عظيم .إنه
يشفع من أجل شعبه باستمرار و من أجل احتياجاتھم )عب 25 :7؛ كو :4
).12
ً
فورا؟ و لماذا ﷲ4-مداومة الصالة ،أي المثابرة فيھا .لماذا ال يستجيب ًّ
ﷲ يريد ﷲ فيھا؟ ھناك سببان على األقل (1) :إن ًّ تمتد األيام التى يصمت ًّ
تفاعالً كامالً من شعبه بخصوص األمر الذي يھتم به و الذي يرغب فيه
بشدة؛
)(2أحيانا يتطلب األمر مثل ھذا النوع من الصالة ،ألن الحصون التي
يقيمھا الشيطان تحتاج إلى صلوات مكثفة لھدمھا) مت 8 ،7 :7؛ مر : 9
).29 ،28
5-الصالة الفاعلة :عندما نتحد مع الرب الجالس على العرش) ألنه رب
الكل( فإننا نصلى في اسمه الذي ھو فوق كل اسم )في ).9: 2
6-حرب الصالة :من خالل الصالة ،نرفع نصرة الصليب في التعامل مع
كل األمور ،و عملية الصالة تتبع انتصار الرب )أف ).20 - 10 : 6
ﷲ يرغب أن تكون له كنيسة مجيدة ،وھدف الصالة ھو إعداد ھذه الكنيسة ًّ
لكى ُتقدم للسيد المسيح ،و ھذا ھو إعالن الكتاب المقدس كله ،ألنه الفكر
المحورى ًّ ذاته .إننا نحتاج إلى اھتمام خاص لھذا األمر ،و قد ﱠ
عبر عنه
الرب في صالته الشفاعية )يو ،(17كما أنه واضح في رسائل القديس
بولس .و ال نقول إننا نقلل من الصلوات ألجل األمور األخرى ،و لكن ھذا
يھدف نحو إيجاد بؤرة مركزية لكل أنواع الصلوات المقدمة .و عندما يكون
ھذا الھدف في عقولنا ،فإن الصلوات األخرى سوف ترتفع إلى مستوى
أعلى .عندما ترى أن كرازتنا باإلنجيل ھي أكثر من نقل الناس من الموت
إلى الحياة ،و أنھا تھدف أساسا ً لمنح الناس حياة أبدية و من ثم التمتع
بالوحدة مع المسيح المجيد ،فعندئذ سوف تزداد صلواتنا الشفاعية و ال تقل
من أجل العالم كله .و أكثر من ذلك ،فإن العالم اليوم يحتاج أن يرى مجد
المسيح من خالل كنيسته .و يجب على ھذه الكنيسة أن تؤثر على العالم بقوة
الروح القدس ،و بحقيقة أنھا قناة توصيل بركة ًّ
ﷲ للعالم.
ﷲ المحتومة أن تكون لنا شركة وثيقة معه .إنه يريدنا أخيرا ،إنھا إرادة ًّ
ً
كأوالد له ،أن نأتي إليه في ابنه المحبوب ربنا يسوع المسيح .إنه يريد أن
كھنة كثيرين يصاحبون رئيس الكھنة األعظم)عب (25 :7في عمل
شفاعته" .و جعلنا ملوكا ً و كھنة ًّ أبيه")رؤ " (6 :1و أما أنتم ..كھنوت
ملوكى") 1بط ) .9 :2
ما معنى "يبلى"؟ ...إنه يحمل فكرة التقليل ھذه اللحظة .يتبعه تقليل آخر
بسيط اللحظة التالية .إنه تقليل ھذا اليوم ،ثم تقليل آخر في اليوم التالي ،و
فعال ،و نادراً ما يشعر به أحد،ً ھكذا يكون البالء غير ملحوظ ،لكنه حادث
لكن في النھاية ال يبقى شئ .و ھذا ھو مبدأ عمل الشيطان في حياة أوالد ًّ
ﷲ
أن يمزقھم حتى يبلون تماما ً .إنه سوف يجعلك تتألم قليالً اآلن ،و قليالً بعد
ذلك ،و ربما تظن أنه شئ غير مھم ،لكن الشيطان يعلم نتيجة ھذا البالء.
لھذا السبب يقول الكتاب":تبرد محبة الكثيرين" )مت ،(12 :24و ھذا يعنى
برودة تدريجية .إن الجارية التي بھا روح عرافة كانت تصرخ وراء بولس
و أتباعه "أياما ً كثيرة")أع .(18 :16وأيضا ً فيلكس كان يستحضر بولس
"مراراً أكثر و يتكلم معه")أع . (26 :24و يسجل لنا العھد القديم أن دليلة
كانت تضغط على شمشون سبعة أيام متوالية و حتى ضايقته إلى الموت )
قض ).17: 14
ﷲ .إن "اليوم الشرير" )أف) 13 : 6 ھكذا يبلى الشيطان تدريجيا ً أوالد ًّ
ﷲ أن يفتح عيوننا حتىيشير إلى بالء تكتيكات إبليس .علينا أن نطلب من ﱠ
نميز الكيفية التي يحطمنا الشيطان بھا ،و كيفية المقاومة.
إبتالء الجسد
ھناك مثاالن :ضرب جسد أيوب)أي(8 ،7 :2؛ و شوكة جسد بولس )2كو
،(7 :12و ھذان مثاالن لعمل الشيطان في أجساد البشر .ربما بعض
المؤمنين يعانون من أمراض و ضعف في أجسادھم بعد نوالھم الخالص،
ﷲ عيوننا ،فسوف نفھم أن ھناك َ ْ
من بينما كانوا أصحاء قبل ذلك .وإذا فتح ًّ
ﷲ كل الوقت ،و أنه إبليس العدو الذي يبلى قديسي العلي يخطط ضد أوالد ًّ
من يذھب للكرازة تضيع صحته في غضون سنوات و ال نستغرب ً
إذا ،أن َ ْ
قليلة ،بأن يجعله يأكل قليالً اليوم ،ثم ينام قليالً اليوم التالي ،و يشعر بالتعب
قليالً اليوم ،و أكثر قليالً في الغد ،و ھكذا تھتز الصحة ،و ھذا ھو عمل
إبليس.
إبتالء القلب
في بداية إيمانك بالرب ،قد تشعر بفرح غامر و سعادة و سالم .و لكن إذا لم
تراقب جيداً و ال تعلم بما يمكن أن يفعله العدو ،فسوف تجد نفسك يوما ً غير
مرتاح البتة .إنك تشعر بعدم راحة اليوم ،و كآبة في الغد ،و اكتئاب في اليوم
فشيئا ،تفقد سالمك تماما ً و يذھب عنك فرحك بالكامل.
ً التالي ،و ھكذا شيئا ً
ھذا ھو أسلوب إبليس لكي يمزقك و يجعلك في حالة وھن و يأس.
إبتالء الوقت
يضيع أوقاتنا .لقد اتصل فيلكس كثيراً مع بولس ،و لكنه لم
ﱠ إن الشيطان
يحصل على الخالص على مدى سنتين .و ھذه ھي طريقة إبليس لكي يبلى
الناس في أوقاتھم .لقد دعاه اليوم للحديث)بولس مع فيلكس( لكن بدون
نتيجة ،و في الغد دعاه أيضا ً للحديث ،لكن بال نتيجة ،و في اليوم التالي تمت
دعوته للحديث لكن أيضا ً بال نتيجة ،و ھكذا استمر بولس في عمل بال نتيجة
لمدة عامين .نعم ،إن إبليس يبلى وقت اإلنسان و طاقته.
ﷲ حيل إبليس ،فإنھم يسقطون في مصيدته بسھولة .إننا إذا لم يميز أوالد ًّ
يجب أن نفتدى الوقت و نسحب كل ساعة ،و يجب أن نقاوم إبليس حتى ال
يبتلى أوقاتنا ،و نمنعه من أن يجعلنا نعمل أعماالً ال نتيجة منھا.
كانت لشمشون سقطات ،لكن كان يجب أن ال يفقد تكريسه و ال شھادته .إن
فقدان التكريس معناه فقدان القوة ،و فقدان الشھادة يعنى فقدان حضور ًّ
ﷲ.
كان شمشون نذيراً أي مكرسا ً ًّ .والشيطان كان يعلم أن مصدر قوة ذلك
الرجل تكمن في تكريسه .إذاً لكي يتحطم شمشون ،كان البد أن نفقده
تكريسه ،فكيف فعل ذلك؟ لقد استخدم المرأة دليلة و التي استمرت تضغط
عليه يوميا ً حتى فتح لھا كل ما في قلبه )قض .(16 :16و ھكذا كشف
شمشون سر قوته ،و بالتالي سقط في مصيدة إبليس :لقد فقد تكريسه ،و
ﷲ.قوته ،و شھادة فرزه ،و حضور ًّ
ﷲ عيوننا ،سوف نرى أن إبليس يستخدم كل أنواع الطرق لكي عندما فتح ًّ
يبلى الناس ،في الجسد ،و في القلب ،و في الحياة الروحية .إنه ال يھاجم
بعنف ،لكنه يبلى فقط .و لذلك علينا أن نتحصن ضد أسلوبه،و ال ندعه
يبتلينا،بل على العكس،نقاومه في كل خطوة.
عندما كان بولس يكرز في مكدونية ،قابل جارية بھا روح عرافة ،و كانت
تتعقبه معلنة أنه ينادي بطريق الخالص ،لكن الرسول ضجر منھا و قال
للروح" أنا آمرك باسم يسوع المسيح أن تخرج منھا")أع .(18 :16إننا
نحتاج إلى مثل ھذا الضجر في المجال الروحي كما فعل بولس ھنا .إننا ال
نبغض البشر ،لكننا نبغض األرواح الشريرة .و بالطبع ،فإن بولس لم
يتضجر من الجارية ،بل من الروح الشرير ،و قد أمره بالخروج منھا.
إذا كنت تعلم حقا ً محاولة الشيطان لكي يمزقك ،فسوف تطلب من ًّ
ﷲ أن
يعطيك روح الضجر نحوه و عدم قبوله.
كثيرون يعرفون كيف يفقدون أعصابھم مع الناس ،لكن األمر الغريب أنھم
ال يفعلون ذلك مع إبليس .إنھم عندما يغتاظون من الناس ،يصبون غضبھم
عليھم ،لكنھم ال يدرون أن العدو يحطمھم .لقد شعر الرسول بولس أن إبليس
يبتليه يوما ً بعد يوم ،فضجر منه ،ثم فتح فمه لمقاومة الروح الشرير ،و ھكذا
خرج من الجارية .و لذلك ال تصمت كل الوقت ،بل ليكن عندك صوت
ترفعه للمقاومة .إذا غضب أوالد ًّ
ﷲ و فتحوا أفواھھم لمقاومة إبليس ،فإن
أموراً كثيرة سوف تنصلح .و إذا غضب الناس من الشيطان ،سوف نھتف
ھللويا! إنه أمر مؤسف ،أن البعض ضعفاء لدرجة سماحھم للعدو أن يستمر
في ابتالئھم كل الوقت ،بينما يجب على أوالد ﱠ
ﷲ أن يضجروا من إبليس و
يمقتوه ،و بذلك يوقفونه عن العمل.
كم من المرات تبقى صامتا ً و صابراً و متحمالً بھدوء ما يبتليك إبليس به ،و
لحين تشعر بالضيق في داخلك ،و تغضب جداً ثم تعلن ":أنا أعارض ذلك و
ال أوافق عليه"؛ و بمجرد ھذا القول ،تجد أنك تحررت ،و تنتھي عملية
ﷲ أن يجحدوا العدو و ينتھروه .ربما يفشل التمزيق .يجب إذاً على أوالد ًّ
البعض ،ذلك ألنه ال تزال لديھم قوة لالحتمال .إن الفرد الذي يستمر في
احتمال عملية البلى و التمزق الشيطانية ،و يسمح للعدو أن يستنفد طاقته،
فھو واقع فعالً في مصيدة إبليس .ليكن واضحا ً بالطبع ،أننا ال نغضب من
الناس الذين يستخدمھم الشيطان ،بل بالعكس ،يجب أن نترفق بھم بل و
أيضا ،لكن يجب أن نعارض و نقاوم المؤامرة الخفية إلبليس ،و متى ً نحبھم
استطعنا ذلك ،سوف نتحرر حاالً.
إن قوة مقاومة الشرير تأتي من تمييز ضغطه علينا .ھناك عدد من المؤمنين
يقاومون الھجوم ،لكنھم ال يجدون قوة في ذواتھم و ذلك ألنھم ال يميزون
ضغط إبليس عليھم ،و مع أنھم يقاومون ،إال أنھم ال يمتلكون قوة رفع
أصواتھم ضد العدو .إن إمكانية المقاومة من عدمھا ،تعتمد على كمية كره
العدو ،فإذا لم تكن مغتاظا ً جداً منه ،فإن كلماتك ضده سوف تذھب أدراج
الرياح ،و لكنك إذا كنت متضجراً فعالً فسوف تتضايق منه ،و ھذا الضيق
يتحول إلى قوة ،و عندما تفتح فمك ،سوف يھرب منك.
إن مثل ھذا المقت ،يأتي من إعالن ،و بما أنك تشعر أن الشيطان يمزقك،
فسوف تقاومه ،و حالما تكتشف ذلك ،يعرف الشيطان أن أسلوبه قد انفضح
و من ثم يفقد األمل.
ﷲ يرحمنا حتى ندرك عمل البلى و التمزيق الذي يقوم به الشيطان ،و ليت ًّ
لنعلم أنه إذا تحملنا بصبر ،فإن عمل إبليس سوف يستمر ،و لكن إذا
أبغضناه ،فإنه سوف يتركنا فوراً.ليتنا نفھم أن كل وسائل المقاومة ،ال طائل
منھا ،ما لم ننطق بالمقاومة ،و عندئذ سوف نرى أن العدو مضطر للتراجع،
ﷲ مثل ھذه المقاومة ،سوف تصبح على الفور مؤثرة تماما ً. و عندما يعطينا ًّ
في الختام ،علينا أن نقرأ ما كتبه الرسول بولس ":و بعد أن تتموا كل
شئ..أن تثبتوا")أف .(13 :6نعم ،يجب أن نثبت و ال نسمح للشيطان أن
يستمر في تمزيقنا .يجب أن نطلب من الرب أن يفتح عيوننا حتى نرى ھذا
ﷲ ،ثم نقوم للمقاومة ،و ضد العدو بالنطق ضده ،والعمل في أوالد ﱠ
نعلن":نحن نقاوم و نعارض ،و ال نقبل التمزيق و البلى"و عندئذ سوف
ﷲ و التحرير من تكتيك العدو.نشھد خالص ًّ
إن مثل ھذا الكالم يحتاج إلى غطاء دم يسوع المسيح فلنطلب من ًّ
ﷲ ھذا
الغطاء.