You are on page 1of 45

‫دعونا نصلي‬

‫المقدمة‬

‫ما ھي الصالة؟‬

‫عندما نصلى‪ ،‬ھل نحن نصلى ً‬


‫حقا؟‬

‫ھل ندرك قوة الصالة؟‬

‫إن مثل ھذه األمور و غيرھا‪ ،‬البد من فھمھا لكي تكون لنا حياة الصالة‬
‫الحقيقية‪ ،‬ونكون مؤثرين في الصالة‪.‬‬

‫إن الكاتب‪ -‬واشمان ني – يشاركنا في ھذا الكتاب الدروس التي تعلمھا عبر‬
‫السنين ‪ ،‬قد تم تجميع ھذه الرسائل معا ً ‪ .‬إنه يعتبر الصالة ً‬
‫سرا‪ ،‬لكنھا ليست‬
‫شيئا ً غير مدرك‪ ،‬و يراھا أعظم عمل يقوم به البشر‪ ،‬فالصالة ھي العمل مع‬
‫ﷲ‪ ،‬و من خاللھا يتحقق قصد ﱠ‬
‫ﷲ و تتحطم نيات إبليس‪ .‬أما نتيجتھا للذي‬ ‫ﱠ‬
‫يصلى نفسه‪ ،‬فھي عظيمة أيضا ً‪.‬‬
‫دعونا إذا نتبع تحريض ربنا المبارك و الذي قال "قوموا وصلوا " )لو ‪22‬‬
‫‪) .64 :‬‬

‫"اسألوا تعطوا‪ .‬اطلبوا تجدوا‪ .‬اقرعوا يفتح لكم‪ .‬ألن كل من يسأل يأخذ‪ .‬و‬
‫َمن يطلب يجد‪ .‬و َمن يقرع ُيفتح له " )متى ‪)8 ، 7: 7‬‬

‫الفصل األول )ما ھي الصالة ؟)‬

‫الصالة ھي أكثر عمل عجيب في المجال الروحي‪ ،‬كما أنھا أكثر األعمال‬
‫السرية الغامضة‪.‬‬

‫الصـالة ‪ :‬سـر‬

‫توجد أسئلة تصعب اإلجابة عنھا ‪ ،‬و لكن بعد المحاولة سوف ندرك أكثر‬
‫الطبيعة السرية المحيطة بالصالة ‪ .‬و لكن ھذه المالحظة ال يقصد بھا عدم‬
‫إدراك السر ‪ ،‬أو أن المشاكل المتعددة المختصة بالصالة يصعب شرحھا ‪،‬‬
‫و لكنھا مجرد دليل على الحقيقة أن قلة فقط من الناس ھم الذين يعرفون‬
‫الكثير عن ھذه األمور ‪ ،‬و لذلك فإن قليلين ھم القادرون على إنجاز الكثير‬
‫من أجل ﱠ َ‬
‫الل◌ه في الصالة‪.‬‬

‫إن قوة الصالة ال تكمن في كيفية الصالة ‪ ،‬بل في كيفية توافق صلواتنا مع‬
‫مبدأ الصالة ‪ ،‬و مثل ھذه الصلوات ھي فقط التي لھا قيمة حقيقية‪.‬‬

‫ﷲ ھو العالم بكل‬‫إن أھم سؤال ھو ‪ :‬لماذا الصالة ؟ و ما ھي فائدتھا ؟ أليس ﱠ‬


‫شئ و القادر على كل شئ ؟ لماذا ينتظرنا حتى نصلى له ثم يبدأ في العمل ؟‬
‫ﷲ مباشرة‬ ‫لماذا نخبره بكل شئ رغم علمه به ) في ‪ ( 6 : 4‬؟ لماذا ال يعمل ﱠ‬
‫ألنه القادر على كل شئ ؟ لماذا يحتاج إلى صلواتنا ؟ لماذا ال يعطى إال‬
‫للذين يسألون ‪ ،‬و الذين يطلبون ھم فقط الذين يجدون ‪ ،‬و الذين يقرعون ھم‬
‫ﷲ " لستم تمتلكون ألنكم ال‬ ‫فقط الذين يدخلون ) مت ‪ ( 7 : 7‬؟ لماذا يقول ﱠ‬
‫تطلبون " )يع ‪ ( 2 : 4‬؟‬

‫إذا كنا نسأل مثل ھذه األسئلة ‪ ،‬علينا أن نستمر في التساؤل ھكذا ‪ :‬ھل‬
‫الصالة تعارض إرادة ﱠ‬
‫ﷲ و ما ھي العالقة بين الصالة و البر ؟‬

‫ﷲ ال يفعل مطلقا ً ضد إرادته الذاتية ‪ .‬إذا كان فتح ا ألبواب ھو‬‫نحن نعلم أن ﱠ‬
‫إرادة ﱠ‬
‫ﷲ ‪ ،‬فلماذا ينتظرنا حتى نقرع عليھا قبل أن يفتحھا لنا ؟ لماذا ال‬
‫يفتحھا لنا بكل بساطة بحسب إرادته دون أن يطلب منا أن نقرع عليھا أوالً‬
‫؟ إنه العالم بكل شئ ‪ ،‬و يعرف حاجتنا لفتح األبواب فلماذا ينتظر قرعنا قبل‬
‫أن يفتح ؟ إذا كان الباب سوف ينفتح ‪ ،‬و طالما أن فتح األبواب متفق مع‬
‫ﷲ ‪ ،‬باإلضافة إلى أنه يعلم أيضا ً حاجتنا إلى ذلك ‪ ،‬لماذا ينتظرنا حتى‬ ‫إرادة ﱠ‬
‫ﷲ‬‫نقرع ؟ لماذا ال يفتح الباب و ينتھي األمر؟ ما ھي الفائدة التي تعود إلى ﱠ‬
‫من جراء قرعنا نحن ؟‬

‫ﷲ ھي فتح الباب و أن ھذا األمر‬ ‫و ھناك أسئلة أخرى مثل ‪ :‬بما أن إرادة ﱠ‬
‫ﷲ الباب حتى لو لم نقرعه ؟ ھل سوف تتأخر‬ ‫بحسب بره ‪ ،‬فھل سوف يفتح ﱠ‬
‫إرادته و بره بدون إنجاز لھما ‪ ،‬انتظاراً لصلواتنا ؟ ھل يسمح ﱠ‬
‫ﷲ حقا ً أن‬
‫تتقيد إرادته بخصوص فتح األبواب ‪ ،‬بعدم قرعنا عليھا ؟ و إذا كان األمر‬
‫ﷲ محدودة بنا ؟ أليس ﷲ ھو حقا ً القادر على كل‬ ‫كذلك ‪ ،‬أال تكون إرادة ﱠ‬
‫شئ ‪ ،‬فلماذا ال يفتح الباب بنفسه بدالً من انتظاره لنا حتى نقرع ؟ أليس ھو‬
‫القادر أن يتمم إرادته ؟ و لكن طالما أنه القادر حقا ً ‪ ،‬فلماذا إذا يكون فتح‬
‫ﷲ ( محكوما ً بقرعنا ) صالة اإلنسان ( ؟‬ ‫األبواب ) إرادة ﱠ‬

‫عندما نسأل مثل ھذه األسئلة ‪ ،‬نأتي إلى إدراك أن الصالة ھي " سر عظيم‬
‫ﷲ عليھم أن يصلوا قبل أن‬‫ﷲ ‪ ،‬وھو أن شعب ﱠ‬ ‫"ألننا نرى ھنا مبدأ عمل ﱠ‬
‫ﷲ من خالل‬ ‫ﷲ نفسه بالعمل ؛ و بمعنى آخر ‪ ،‬فإنه يمكن إدراك إرادة ﱠ‬ ‫يقوم ﱠ‬
‫صلوات التابعين له فقط ‪ ،‬أي أن صلوات المؤمنين ھي لتتميم إرادته ‪ ،‬أي‬
‫ﷲ لن يتمم إرادته منفرداً ‪ ،‬بل يتممھا فقط بعدما ُيظھر شعبه مشاركتھم‬‫أن ﱠ‬
‫معه في صلواتھم‪.‬‬

‫بھذه الكيفية ‪ ،‬يمكن القول إن الصالة ھي فقط عمل المؤمن مع ﱠ‬


‫ﷲ ‪ .‬إنھا‬
‫ﷲ ‪ .‬إن الصالة آلتي يتفوه بھا المؤمن على‬ ‫اتحاد فكر المؤمن مع إرادة ﱠ‬
‫ﷲ في السماء ‪ .‬ليست الصالة ھي التعبير عن‬ ‫األرض ‪ ،‬ھي صوت إرادة ﱠ‬
‫رغبتنا ﱠ حتى يذعن اللتماسنا و يحقق لنا أمنيتنا الخاصة ‪ ،‬و ليست وسيلة‬
‫ضغط على الرب لكي ﱠ‬
‫يغير إرادته و ينفذ ما ال يريد أن يعمله ھو ‪ ،‬كال ‪،‬‬
‫ﷲ من خالل فم المؤمن‪ ،‬فالمؤمن عندما‬ ‫فالصالة ھي ببساطة النطق بإرادة ﱠ‬
‫ﷲ في الصالة يقول له " لتكن مشيئتك"‬ ‫يقف أمام ﱠ‬

‫إن الصالة ال تغير ما قد قرره ﱠ‬


‫ﷲ ‪ ،‬و ال تغير شيئا ً أبداً ‪ ،‬و لكنھا تحقق فقط‬
‫ما سبق تقريره ‪ .‬و بالرغم من ھذا ‪ ،‬فإن عدم الصالة تحدث تغييراً ‪ ،‬ألن‬
‫ﷲ سوف يدع كثيراً من حلوله ھكذا معلقة بسبب عجز شعبه عن التعاون‬ ‫ﱠ‬
‫معه بالصالة‪.‬‬

‫"الحق أقول لكم كل ما تربطونه على األرض يكون مربوطا ً في السماء ‪ .‬و‬
‫كل ما تحلونه على األرض يكون محلوالً في السماء " ) مت ‪. ( 18 : 18‬‬
‫إن ھذا القول مألوف لدينا ‪ ،‬لكن علينا أن ندرك أنه يشير إلى الصالة ‪ ،‬و‬
‫لذلك أعقبه قول السيد المسيح مباشرة ‪ " :‬و أقول لكم أيضا ً إن اتفق اثنان‬
‫قبل أبى الذي في‬ ‫منكم على األرض في آي شئ يطلبانه فإنه يكون لھما من ِ َ‬
‫السموات ( " مت ‪) .19 : 18‬‬

‫سماء تحت حكم األرض‬


‫ﷲ ؛ فا ﱠ في السماء يربط‬
‫إننا نجد ھنا بوضوح العالقة بين الصالة و عمل ﱠ‬
‫و يحل ما يربطه و يحله أوالده فقط على األرض ‪ .‬توجد أمور كثيرة تحتاج‬
‫ﷲ سوف ال يربطھا بنفسه منفرداً ‪ ،‬بل يريد أن شعبه على‬ ‫إلى ربط ‪ ،‬لكن ﱠ‬
‫األرض يربطونھا أوالً ‪ ،‬ثم يربطھا ھو في السماء ؛ كما توجد أمور أخرى‬
‫كثيرة يجب حلھا ‪ ،‬و لكن ﱠ‬
‫ﷲ ال يريد أيضا ً أن يحلھا بمفرده ‪ ،‬بل ينتظر‬
‫شعبه أن يحلوھا على األرض ‪ ،‬ثم يحلھا ھو في السماء ‪ .‬ليتك تفكر في ھذا‬
‫األمر ! إن كل األعمال في السماء محكومة باألعمال على األرض ! و‬
‫بالمثل ‪ ،‬فإن كل التحركات في السماء ‪ ،‬ھي مقيدة بالتحركات على األرض‬
‫ﷲ يجد سروراً عظيما ً في وضع أعماله ھو تحت سيطرة شعبه ‪) .‬‬ ‫! إن ﱠ‬
‫البد من مالحظة أن ھذه األقوال في بشارة متى غير موجھة للناس‬
‫الجسدانيين ألنھم غير مؤھلين لسماعه ‪ ،‬و البد أن نحترس جداً لئال يتدخل‬
‫ﷲ في اعتبارات متعددة‪) .‬‬‫الجسد ‪ ،‬و في ھذه الحالة سوف نخطئ إلى ﱠ‬

‫يوجد جزء في إشعياء يعبر عن الفكر ذاته كما ھو مكتوب في بشارة متى ‪:‬‬
‫"ھكذا يقول الرب قدوس إسرائيل و جابله ‪،‬اسألوني عن اآلتيات ‪ ،‬من جھة‬
‫بنى و من جھة عمل يدي أوصوني " ) إش ‪ . ( 11 : 45‬عندما نتأمل في‬ ‫ﱠ‬
‫ھذه الكلمات ‪ ،‬علينا بالتقوى الحقيقية ‪ ،‬و بالتالي ال نسمح للجسد بالتدخل‬
‫ﷲ يريد أناسا ً متواضعين لتوصيته ! إنه يبدأ في عمله عندما‬ ‫خلسة ‪ .‬إن ﱠ‬
‫نوصيه ) أو نصدر أمراً بحسب الترجمة اإلنجليزية ( ! إن أي عمل يقوم به‬
‫ﷲ في السماء ‪ ،‬من الحل أو الربط ‪ ،‬فإنه يتم بحسب التوصية ) األمر ( التي‬ ‫ﱠ‬
‫نقدمھا على األرض‪.‬‬

‫إن األرض عليھا أن تربط أوالً قبل ربط السماء ‪ ،‬و أن تحل أوالً قبل حل‬
‫ﷲ ال يعمل أبداً ضد إرادته ‪ ،‬فليس ألن األرض قد ربطت شيئا ً‬ ‫السماء ‪ .‬إن ﱠ‬
‫ﷲ مضطراً أن يربطه رغما ً عن إرادته ‪ ،‬كال ‪ ..‬إنه يربط في‬ ‫‪ ،‬يصبح ﱠ‬
‫السماء ما كان مربوطا ً على األرض ببساطة ألن إرادته األصلية ھي ربط‬
‫ما قد ربطته األرض في نھاية األمر ‪ .‬إنه ينتظر حتى يقوم شعبه على‬
‫األرض بربط ما أوحت السماء بربطه ‪ ،‬و من ثم يسمع لتوصيتھم أن يربط‬
‫ﷲ لسماع توصية شعبه و ربط ما قد‬ ‫لھم كما طلبوا منه ‪ .‬إن حقيقة رغبة ﱠ‬
‫ﷲ‬‫ربطوه ‪ ،‬إنما ھي دليل على رغبته و استعداده للربط ) ألن كل ما يريده ﱠ‬
‫ﷲ بالربط مبكراً ؟ بما أن إرادته ھي الربط ‪ ،‬و‬‫فھو أبدى ‪ ) .‬لماذا ال يقوم ﱠ‬
‫ھي إرادة أبدية ‪ ،‬فلماذا ال يربط حاالً ما البد من ربطه بحسب إرادته الذاتية‬
‫؟ لماذا يلزمه أن ينتظر األرض حتى تربط قبل أن يربط ھو في السماء ؟‬
‫ھل صحيح أن غير المربوط على األرض ال يمكن ربطه في السماء ؟ و إذا‬
‫كان ھناك تأخير في الربط على األرض ‪ ،‬فھل يصحبه تأخير أيضا ً في‬
‫ﷲ االرض حتى تربط قبل أن يربط ھو ما أراد ربطه‬‫السماء ؟ لماذا ينتظر ﱠ‬
‫منذ زمن طويل ؟‬

‫دعوني أقول إنه بإجابة ھذه األسئلة ‪ ،‬يصبح المؤمن أكثر استخداما ً في يدي‬
‫ﷲ في‬ ‫ﷲ ‪ .‬إننا نعلم السبب لخلق اإلنسان ‪ ،‬حتى يتحد ھذا اإلنسان مع ﱠ‬
‫ﱠ‬
‫ھزيمة إبليس مع أعماله ‪ .‬و بما أن اإلنسان مخلوق بإرادة حرة ‪ ،‬فمن‬
‫ﷲ في التصدي إلرادة إبليس ‪.‬‬ ‫المتوقع أن يمارس إرادته باالتحاد مع إرادة ﱠ‬
‫إن ھذا ھو ھدف الخليقة ‪ ،‬كما أنه ھدف الفداء ‪ ،‬و لعل حياة الرب يسوع‬
‫على األرض تبين ھذا المبدأ ‪ .‬و بالرغم من أننا ال نعرف السبب ‪ ،‬إال أننا‬
‫ﷲ في التجاوب معه و‬ ‫ﷲ ال يعمل منفرداً ‪ ،‬فإذا فشل شعب ﱠ‬ ‫نعرف أن ﱠ‬
‫إخضاع إرادتھم له معبرين عن فكرھم الواحد معه في الصالة ‪ ،‬فإنه سوف‬
‫ينتظر و يؤجل عمله ‪ ،‬و ذلك ألنه يرفض العمل مستقالً‪.‬‬

‫إنه يعظم شعبه بدعوتھم للعمل معه ‪ .‬و بالرغم من أنه ﱠ‬


‫ﷲ القدير ‪ ،‬إال أنه‬
‫يسر عندما تحاط ھذه القدرة بواسطة أوالده ‪ .‬و لئن يكن غيوراً نحو إرادته‬
‫ﷲو‬ ‫الذاتية ‪ ،‬فإنه يسمح مؤقتا ً للشيطان بالمعاندة ‪ ،‬إذا أھمل شعبه إرادة ﱠ‬
‫فشل في إظھار التعاون معه‪.‬‬

‫ﷲ فاترين كما ھو واضح اليوم ‪ ،‬و أن يكونوا راغبين‬ ‫آه لو لم يكن أوالد ﱠ‬
‫ﷲ في اھتمام أكثر لمجده و حفظ‬ ‫أكثر في إنكار ذواتھم و التسليم إلرادة ﱠ‬
‫ﷲ األبدية لھذا الجيل بأكثر سرعة ‪ ،‬و لن‬‫كلمته ‪ ،‬و عندئذ تتحقق إرادة ﱠ‬
‫تكون الكنيسة في مثل ھذا التشويش ‪ ،‬و لن يتقسى الخطاة ‪ ،‬و سوف يصل‬
‫بسرعة مجيء الرب يسوع و ملكوته ‪ ،‬و سوف يلقى بإبليس و جنوده مبكراً‬
‫في الھوة السحيقة ‪ ،‬و تمتد بسرعة معرفة الرب و تنتشر في كل األرض ‪.‬‬
‫إنه بسبب اھتمام المؤمنين كثيراً بأمورھم الخاصة ‪ ،‬و فشلھم في العمل مع‬
‫ﷲ يبقى أعداء كثيرون و متمردون عديدون بال ربط ‪ ،‬و يظل خطاة‬ ‫ﱠ‬
‫ﷲ يحترمنا‬‫كثيرون بال نعمة ‪ .‬إن السماء مقيدة كثيراً باألرض ! فإذا كان ﱠ‬
‫ھكذا كثيراً ‪ ،‬أال يدفعنا ذلك إلى ثقة أكثر به ؟ كيف نربط ما ينوى ﱠ‬
‫ﷲ أن‬
‫ﷲ على حله ؟ إن اإلجابة التي يقدمھا الرب‬ ‫يربطه ؟ و أن نحل ما ينوى ﱠ‬
‫يسوع ھي " ‪ :‬االتفاق على األرض في الطلب " و ھذه ھي الصالة ‪ ،‬صالة‬
‫ﷲ ‪ ،‬تكمن في الطلب بنفس واحدة أن‬ ‫جسد المسيح ‪ .‬إن قمة عملنا معا ً و مع ﱠ‬
‫ﷲ ما يريد أن ينجزه ‪ .‬إن المعنى الحقيقي للصالة لمن يريد أن يصلى‬ ‫ينجز ﱠ‬
‫‪ ،‬ھو أن يصلى من أجل تحقيق إرادة ذاك الذي يصلى إليه ‪ .‬الصالة ھي‬
‫ﷲ نفسه ‪ .‬الصالة تعنى وقوف‬ ‫الفرصة التي نعبر فيھا عن رغبتنا في إرادة ﱠ‬
‫ﷲ ‪ ،‬و خالف ذلك ‪ ،‬ال يوجد ما يدعى صالة‪.‬‬ ‫أرادتنا في جانب ﱠ‬

‫الذات و الصالة‬

‫ﷲ ؟و كم من صلواتنا تخلو من‬ ‫كم من صلوات اليوم ‪ ،‬تعبر حقا ً عن إرادة ﱠ‬


‫ﷲ فقط ؟ كم عدد المؤمنين الذين يعملون حقا ً مع‬ ‫الذات تماما ً و تطلب إرادة ﱠ‬
‫ﷲ أمامه ‪ ،‬و يسكبون قلوبھم في‬ ‫ﷲ في الصالة ؟ كم منا يعلن يوميا ً إرادة ﱠ‬ ‫ﱠ‬
‫ﷲ إرادته و مھما تكن حسبما أعلنه لنا ؟‬ ‫الصالة حتى يصنع ﱠ‬

‫ليتنا ندرك بوضوح أن األنانية ال تقل وضوحا ً في الصالة ‪ ،‬عما ھي في‬


‫مجاالت أخرى ‪ .‬إن طلباتنا ألنفسنا ھي بال شك متعددة الجوانب ! و ما‬
‫أقوى آرائنا و رغباتنا و خططنا و مساعينا ! فإذا كانت الذات بھذا القدر‬
‫ﷲ‬‫فكيف يمكن أن نتوقع القدرة على نسيان ذواتنا بالكامل ‪ ،‬ثم نطلب إرادة ﱠ‬
‫في الصالة ؟ إننا يجب أن نمارس إنكار الذات في كل مكان ‪ ،‬و ال سيما في‬
‫الصالة ‪ .‬إننا يجب أن نعلم كمفديين أن نحيا للرب ‪ ،‬و ھو الذي مات من‬
‫أجلنا و يحيا اآلن من أجلنا ‪ .‬إننا يجب أن نحيا بالتمام له و ال نطلب شيئا ً‬
‫ألنفسنا ‪ .‬إن الصالة ھي ضمن البنود المقدسة في حياة التكريس‪.‬‬

‫ھناك خطأ فظيع و شائع في مفھومنا العام للصالة ‪ ،‬و ھو التفكير في‬
‫الصالة كمخرج للتعبير عما نحتاجه نحن ‪ ،‬و كأنھا صراخنا إلى ﱠ‬
‫ﷲ طلبا ً‬
‫ﷲ أن ينفذ احتياجاته ھو ‪ .‬إن‬ ‫للعون ‪ .‬إننا ال نرى أن الصالة ھي الطلب من ﱠ‬
‫ﷲ األصلي ‪ ،‬ھو بال شك أن ال يدع‬ ‫ما علينا أن نفھمه ‪ ،‬ھو أن فكر ﱠ‬
‫المؤمنين يحققون أھدافھم الخاصة من خالل صلوات المؤمنين ‪ .‬و ھذا ال‬
‫يعنى أن المؤمنين ال يطلبون من الرب أن يمدھم باحتياجاتھم ‪ ،‬و لكن يعنى‬
‫بيان مدى احتياجنا أوالً لفھم معنى الصالة و مبادئھا‪.‬‬

‫عندما يقع مؤمن في عوز ما ‪ ،‬عليه أن يسأل أوالً ‪ :‬ھل ھذا االحتياج يؤثر‬
‫ﷲ أن أحتاج ؟ أم أن إرادته ھي تسديد احتياجي ؟‬ ‫ﷲ ؟ و ھل يريدني ﱠ‬
‫على ﱠ‬
‫ﷲ ھي تسديد احتياجك ‪ ،‬فإنك تستطيع حينئذ أن تطلب‬ ‫عندما تجد أن إرادة ﱠ‬
‫منه تحقيق إرادته بسد احتياجك ‪ ،‬و عندما تعرف إرادته ن عليك أن تصلى‬
‫ﷲ إرادته ‪ ،‬فال تكون‬ ‫ﷲ آلتي عرفتھا ‪ .‬إنك تصلى أن يحقق ﱠ‬ ‫بحسب إرادة ﱠ‬
‫ﷲ أم ال ؟‬‫ﷲ احتياجك أم ال ‪ ،‬بل ھل تمت إرادة ﱠ‬ ‫المسألة بعد ھي ھل سدد ﱠ‬
‫ربما ال تختلف صالتك اليوم كثيراً عن الماضي إال أن ما تتطلع إليه اليوم‬
‫ﷲ في ذلك األمر الشخصي ‪ ،‬و ليس إلى تسديد االحتياج في‬ ‫ھو إتمام إرادة ﱠ‬
‫ذاته ‪ .‬و لعلنا نسجل ھنا سقطات كثيرة ‪ ،‬فالمؤمنون يضعون عادة‬
‫ﷲ يريد أن يسددھا لھم ‪،‬‬ ‫احتياجاتھم في المرتبة األولى ‪ ،‬و رغم علمھم أن ﱠ‬
‫إال أنھم ال ينسون ذكرھا أوالً في صلواتھم‪.‬‬

‫إننا ال يجب أن نصلى فقط من أجل احتياجاتنا ‪ .‬توجد صالة واحدة شرعية‬
‫ﷲ سواء في السماء أو على األرض ‪ ،‬و ھي طلب تحقيق‬ ‫و مقبولة لدى ﱠ‬
‫مشيئته ‪ ،‬أما عن احتاجاتنا ‪ ،‬فھي داخل ھذه المشيئة ‪ .‬و عندما نرى إرادة‬
‫ﷲ بخصوص احتياجنا ‪ ،‬علينا أن نطرح جانبا ً و على الفور احتياجنا و‬ ‫ﱠ‬
‫ﷲ مباشرة أن يسدد‬‫ﷲ تحقيق إرادته ‪ .‬إننا عندما نطالب ﱠ‬ ‫نطلب من ﱠ‬
‫احتياجاتنا ‪ ،‬و مھما كانت ھذه االحتياجات ‪ ،‬فال يمكن اعتبار ھذا صالة من‬
‫أعلى المستويات ‪ .‬إن الصالة الحتياج شخصي ‪ ،‬يجب التنويه عنھا بطريق‬
‫ﷲ أوالً ‪ ،‬و ھذا ھو سر الصالة ‪ ،‬و مفتاح النصرة‬ ‫غير مباشر بطلب مشيئة ﱠ‬
‫فيھا‪.‬‬

‫ﷲ لنا ھو أن نمتلئ ھكذا بإرادته ھو حتى ننسى نحن طلباتنا‬‫إن قصد ﱠ‬


‫الخاصة ‪ ،‬و ھو يدعونا للعمل معه من أجل تتميم إرادته ‪ ،‬و أسلوب ھذا‬
‫العمل الموحد ھو الصالة و لھذا السبب يريدنا أن نتعلم أن كل األشياء‬
‫متضمنة في مشيئته ‪ ،‬و بالتالي نستطيع أن نصلى بحسب ھذه المشيئة‪.‬‬

‫ﷲ و الصالة فقط‬ ‫إن الصالة الحقيقية ھي عمل فعلى و الصالة بحسب إرادة ﱠ‬
‫من أجلھا ‪ ،‬ھي في الواقع عمل منكر للذات ‪ ،‬و ما لم ُنفطم تماما ً عن ذواتنا‬
‫و ال يكون لنا أقل اھتمام ألنفسنا ‪ ،‬و نعيش بالكامل للرب ساعين فقط إلى‬
‫مجده ‪ ،‬فإننا لن نحب إال ما يحبه ھو ‪ ،‬و لن نطلب إال ما يطلبه ھو ‪ ،‬و لن‬
‫ﷲ و بال ھدف‬ ‫نصلى إال كما يريدنا ھو أن نصلى ‪ .‬إن العمل من أجل ﱠ‬
‫ﷲ‬‫شخصي ھو بال شك عمل صعب جداً ‪ ،‬و لعل الصالة من أجل مشيئة ﱠ‬
‫بدون غرض شخصي ‪ ،‬ھو عمل أصعب ‪ ،‬و على الرغم من ھذا ‪ ،‬فكل‬
‫الذين يعيشون ًّ ‪ ،‬عليھم أن يعلموا ھكذا‪.‬‬
‫ﷲ أموراً كثيرة كان يمكنه أن يعملھا ألنه‬‫في األجيال السابقة ‪ ،‬لم يعمل ﱠ‬
‫ﷲ‪،‬‬ ‫يحبھا ‪ ،‬و ذلك بسبب قلة تعاون أوالده معه ‪ ،‬و ال يقع ھذا الفشل على ﱠ‬
‫بل على عبه و لو راجعنا تاريخنا نحن ‪ ،‬الكتشفنا الحالة المؤسفة ذاتھا لو‬
‫كان إيمان أعظم و قوة أكثر ‪ ،‬لما كانت حياتنا ھكذا بال تأثير ‪ .‬إن ما يتطلع‬
‫ﷲ إليه اآلن ھو رغبة أوالده أن يتحدوا مع إرادته و يعلنوا ذلك من خالل‬ ‫ﱠ‬
‫صلواتھم ‪ ،‬و ال يوجد مؤمن قد اختبر بالتمام عظمة اإلنجاز خالل االتحاد‬
‫ﷲ‪.‬‬‫مع إرادة ﱠ‬

‫الصالة إعداد لطريق ًّ‬


‫ﷲ‬

‫ﷲ ‪ ،‬و الواقع إن الصالة‬‫قال أحد الخدام إن الصالة ھي سكة حديد عمل ﱠ‬


‫ﷲ ھي مثل القطبان الحديدية بالنسبة للقطار ‪.‬إن القاطرة لھا‬ ‫بالنسبة إلرادة ًّ‬
‫قوتھا ‪ ،‬و تمتلك قدرة السير آالف األميال في اليوم الواحد و لكن إذا لم يكن‬
‫ھناك قضبان ‪ ،‬فإن القاطرة لن تتحرك بوصة واحدة ولو تجاسرت على ذلك‬
‫فسوف تغوص في األرض و رغم قدرة القاطرة على السفر عبر مسافات‬
‫كبيرة كنھا ال تستطيع الذھاب إلى آي مكان ليست به قضبان ‪ .‬و ھكذا ھي‬
‫ﷲ ھو بال شك القادر على كل شئ‬ ‫ﷲ ‪ .‬إن ًّ‬ ‫العالقة بين الصالة و بين عمل ًّ‬
‫و ھو يعمل باقتدار ‪ ،‬و لكنه سوف ال يعمل و ال يستطيع أن يعمل ن إذا‬
‫كنت أنت و أنا ال نعمل معه في الصالة و نعد الطريق إلرادته و نصلى "‬
‫بكل صالة و طلبة " ) أف ‪ ( 18 : 6‬و من ثم نقدم ًّ وسيلة عمله ‪ .‬كثيرة‬
‫ﷲ أن يعملھا و يجب عملھا ‪ ،‬لكن يديه مقيدتان ألن‬ ‫ھي األمور آلتي يريد ًّ‬
‫يصلوا من أجل إعداد الطريق له‪.‬‬‫ّ‬ ‫أوالده ال يشتركون معه و لم‬

‫دعوني أقول لكل الذين قد أعطوا ذواتھم بالكامل ًّ ‪ ،‬أن يفحصوا نفوسھم‬
‫ﷲ وحددوا عمله يوما ً بعد اآلخر ‪ .‬إن أھم‬ ‫لكي يروا أنھم ربما قد "منعوا " ًّ‬
‫عمل بالنسبة لنا ‪ ،‬ھو إعداد طريق الرب و ال يوجد عمل آخر يمكن مقارنته‬
‫بھذا العمل ‪ .‬ھناك "احتماالت " كثيرة بالنسبة ًّ ‪ ،‬لكنھا تتحول إلى "‬
‫مستحيالت " إذا لم يفتح المؤمنون الطريق ًّ ‪.‬‬

‫ﷲ‬‫الصالة ليست محاولة الستعادة قلب السماء ‪ .‬إنه فكر خاطئ االعتقاد أن ًّ‬
‫قاس ‪ ،‬ولذلك نحتاج للدخول في معركة ضده في الصالة حتى يغير قراره ‪،‬‬
‫ﷲ ‪ ،‬فھي فارغة‬ ‫لكن مھما كانت الصالة ‪ ،‬فطالما أنھا ليست بحسب إرادة ًّ‬
‫ﷲ كما لو كنا في نزاع ‪ ،‬و ذلك فقط عندما تتعثر‬ ‫تماما ً ‪ .‬إننا نصارع أمام ًّ‬
‫إرادته بواسطة الناس أو الشيطان ‪ ،‬و لذلك نريده بشدة أن يمارس إرادته‬
‫حتى ال تعانى إرادته المعينة آي نوع من التعارض ؛ و عندما نرغب في‬
‫ﷲ المحددة و نصلى من أجل ذلك ‪ ،‬و ربما نصارع ضد كل ما‬ ‫إرادة ًّ‬
‫يعترض إرادته ‪ ،‬فإننا نعد الطريق ًّ لكي يتمم إرادته المحددة دون السماح‬
‫لما يخرج من اإلنسان أو الشيطان أن يسود و لو مؤقتا ً ‪ .‬قد يبدو حقيقيا ً أننا‬
‫ﷲ كما لو أنه للضغط‬ ‫ﷲ ‪ ،‬لكن ھذا الصراع ليس موجھا ً ضد ًّ‬ ‫نصارع ضد ًّ‬
‫ﷲو‬ ‫عليه لتغيير إرادته لتناسبنا ‪ ،‬لكنه في الواقع ھو ضد كل ما يعارض ًّ‬
‫ذلك لكي يتمم إرادته ‪.‬و في ضوء ذلك ‪ ،‬دعونا نرى أننا غير قادرين على‬
‫الصالة كتابعين ًّ ما لم نعلم حقا ً ما ھي إرادته ‪ .‬بعدما فھمنا شيئا عن‬
‫المعنى الحقيقي للصالة ‪ ،‬ليكن حرصنا مضاعفا ً حتى ال يدلف الجسد إلينا ‪.‬‬
‫ﷲ يرسل بنفسه فعلة ‪ ،‬لما أمرنا السيد المسيح أن‬ ‫أرجو مالحظة أنه لو كان ًّ‬
‫ﷲ سوف يتقدس‬ ‫نصلى إلى رب الحصاد لكي يرسل فعلة ! و لو أن اسم ًّ‬
‫طبيعيا ً ‪ ،‬وأن ملكوته سوف يأتي دون الحاجة إلى معاونتنا ‪ ،‬و أن مشيئته‬
‫سوف تتم تلقائيا ً على األرض ‪ ،‬لما علمنا الرب يسوع أن نصلى كما فعل ‪.‬‬
‫قبل كنيسته ‪ ،‬لما‬ ‫وإذا كان ھو نفسه سوف يعود دون الحاجة للتجاوب من ِ َ‬
‫حرك الروح القدس الرسول يوحنا لكي يصرخ من أجل سرعة مجيئه ثانية‬
‫‪.‬‬

‫ﷲ اآلب سوف يجعل المؤمنين واحداً على الفور ‪ ،‬لما صلى ربنا‬ ‫و إذا كان ًّ‬
‫إلى أبيه من أجل ھذا األمر ) يو ‪) .17‬‬
‫و إذا كان العمل مع ًّ‬
‫ﷲ ليس مھما ً فما فائدة الشفاعة المستمرة لربنا يسوع‬
‫في السماء ؟‬

‫ﷲ ‪ ،‬ھي أمر حيوي أكثر من أي‬ ‫آه‪ ،‬دعونا نرى أن الصالة المنسجمة مع ًّ‬
‫شئ آخر ! ألن ًّ‬
‫ﷲ ال يعمل فقط في األمور التي يھتم أوالده بھا ‪ ،‬كما أنه‬
‫يرفض العمل في المجاالت التي تخلو من الصلوات ‪ ،‬وحيث ال تتفق إرادة‬
‫شعبه مع إرادته ھو ‪ .‬إن الصالة بالمشيئات المتحدة ‪ ،‬ھي صالة حقيقية ‪.‬إن‬
‫أعلى دافع للصالة ‪ ،‬ليس في استجابتھا ‪ ،‬و لكن في ربط إرادة الناس مع‬
‫ﷲ أن يعمل ‪ .‬إننا أحيانا ً نطلب ما ھو غير صحيح‬ ‫ﷲ ‪ ،‬حتى يستطيع ًّ‬ ‫إرادة ًّ‬
‫‪ ،‬و لذلك تذھب صلواتنا بال استجابة ‪ ،‬و لكن إذا كانت إرادتنا متحدة مع‬
‫ﷲ أن يعمل‬ ‫ﷲ ‪ ،‬فھناك ربح ‪ ،‬ألنه من خالل تجاوبنا ‪ ،‬يستطيع ًّ‬ ‫إرادة ًّ‬
‫مشيئته‪.‬‬
‫الفصل الثاني )الصالة بحسب مشيئة ًّ‬
‫ﷲ)‬

‫"و ھذه ھي الثقة التي لنا عنده أنه إن طلبنا شيئا ً حسب مشيئته يسمع لنا "‬
‫)‪1‬يو‪) .14: 5‬‬

‫"تقدمت في الصبح و صرخت ‪ .‬كالمك انتظرت ‪.‬‬


‫تقدمت عيناي الھزع لكي ألھج بأقوالك " )مز ‪) .148 ، 147: 119‬‬

‫"في السنة الثالثة لكورش ملك فارس ‪ ،‬كشف أمر لدانيال … فتلك األيام‬
‫كنت نائحا ً ثالثة أسابيع أيام ‪ ،‬لم آكل طعاما ً شھيا ً و لم يدخل في فمي لحم و‬
‫ال خمر و لم أدھن حتي تمت ثالثة أسابيع أيام ‪ ..‬فقال لي ال تخف ‪ . .‬ألنه‬
‫من اليوم األول الذي فيه جعلت قلبك للفھم و إلذالل نفسك قدام إلھك ُسمع‬
‫كالمك و أنا أتيت ألجل كالمك ‪ ،‬و رئيس مملكة فارس وقف مقابلي واحداً‬
‫و عشرين يوما ً ‪ ..‬فقال ھل عرفت لماذا جئت إليك ؟ فاآلن أرجع و أحارب‬
‫رئيس فارس ‪ ،‬فإذا خرجت ھوذا رئيس اليونان يأتي ‪ ،‬و لكني أخبرك‬
‫بالمرسوم في كتاب الحق ‪ ) " ...‬دا ‪) .21 – 1 : 10‬‬

‫عندما نقرأ األصحاح العاشر من سفر دانيال ‪ ،‬و الذي يخبرنا عن كيفية‬
‫صالة دانيال ‪ ،‬سوف نالحظ أمرين على األقل‪:‬‬

‫األمر األول‬

‫إن النقطة األولى الملحوظة ‪ ،‬ھي أن الذي يصلى فعالً ھو شخص ال يقترب‬
‫ﷲ فحسب ‪ ،‬بل ھو أيضا من تدخل إرادته في إرادة ًّ‬
‫ﷲ ‪ ،‬أى يدخل‬ ‫نحو ًّ‬
‫فكره إلي فكر ًّ‬
‫ﷲ ؛ و ھذا أھم مبدأ في الصالة‪.‬‬

‫ﷲ أحيانا مثل ھذه‬‫ھناك نوع من الصالة ينبع أساسا ً من احتياجنا و قد يسمع ًّ‬
‫الصلوات ‪ ،‬لكنه يخرج منھا القليل أو ال شئ ‪ .‬أرجو مالحظة ھذا العدد " ‪:‬‬
‫فأعطاھم سؤلھم و أرسل ھزاالً في أنفسھم " )مز ‪ ، ( 15 : 106‬ما ھو‬
‫ﷲ إلشباع شھوتھم ‪ ،‬فقد‬ ‫المعنى ھنا ؟ عندما صرخ بنو إسرائيل إلي ًّ‬
‫استجاب لھم فعالً و لكن حل بھم الضعف‪.‬‬

‫ﷲ أحيانا ً صلواتك و يستجيب لھا من أجل سداد احتياجك‬‫نعم ‪ ،‬قد يسمع ًّ‬
‫لكن إرادته ال تتم ‪ ،‬و مثل ھذه الصالة ال تحمل قيمة كبيرة في ذاتھا‪.‬‬

‫ﷲ نفسه ‪ ،‬و ھو ذو‬ ‫لكن ھناك نوعا ً آخر من الصالة ‪ ،‬يأتي من احتياج ًّ‬
‫ﷲ فقط ‪،‬‬ ‫من يصلي ھكذا ‪ ،‬عليه أن ال يظھر شخصيا ً أمام ًّ‬ ‫القيمة الكبيرة ‪ .‬و َ ْ‬
‫ﷲ ‪ ،‬و أن يدخل فكره إلي‬ ‫بل يجب أن يسمح لمشيئته أن تدخل في مشيئة ًّ‬
‫ﷲ ‪ ،‬فإنه ينال معرفة‬ ‫ﷲ ‪ .‬وبما أنه قد تعود علي الحياة في محضر ًّ‬ ‫فكر ًّ‬
‫ﷲ و فكره ‪ ،‬ثم تصبح مطابقة له شخصيا ً ‪ ،‬و بالتالي فإنه يعبر عنھا‬ ‫مشيئة ًّ‬
‫في صالته ليتنا نتعلم ھذا النوع من الصالة ؛ فمع أننا ناقصون و ضعفاء ‪،‬‬
‫ﷲ و ندع روحه القدوس يأتي و يضع إرادتنا في في رادة‬ ‫لكننا نقترب إلي ًّ‬
‫ﷲ و فكره ‪،‬‬ ‫ﷲ ‪ .‬و عندما نلمس القليل من مشيئة ًّ‬ ‫ﷲ ‪ ،‬و فكرنا في فكر ًّ‬ ‫ًّ‬
‫ﷲ و ما يطلبه منا ‪ ،‬و ھكذا بالتدريج‬ ‫فإننا نفھم و لو قليالً عن كيفية عمل ًّ‬
‫تتحول ھذه المشيئة و ھذا الفكر و يصبحان مادتي صلواتنا نحن ‪ ،‬و ھذه‬
‫ھي الصالة ذات القيمة العظمى‪.‬‬

‫ﷲ و ھكذا لمس مشيئته و قصده ‪ ،‬فقد وجد في‬ ‫عندما دخل دانيال إلى فكر ًّ‬
‫قلبه الرغبة ذاتھا التي ًّ ‪ ،‬و عندما عبر عن ھذه الرغبة فى الصالة‬
‫بصراخ و أنين ‪ ،‬فقد كان يظھر حقا ً مشيئة ًّ‬
‫ﷲ‪.‬‬
‫إن ھذا النوع من الصالة ‪ ،‬ھو الذي يلمس حقا ً قلب ًّ‬
‫ﷲ ‪ .‬إننا ال نحتاج إلى‬
‫ﷲ ‪ .‬ليت روح ًّ‬
‫ﷲ يقودنا‬ ‫كلمات أكثر ‪ ،‬و كل ما نحتاجه ھو لمسة أكثر لفكر ًّ‬
‫إلى فحوى قلب ًّ‬
‫ﷲ‪.‬‬

‫بالطبع إن ھذا النوع من الصالة يحتاج إلى وقت لكى نتعلمه ؛ و في البداية‬
‫‪ ،‬دعونا ال نسعى إلى كلمات أكثر و ال إلى أفكار أوفر ‪ ،‬بل يجب أن تبقى‬
‫أرواحنا ھادئة و مستريحة ‪ .‬ربما نأتي بوضعنا الحالي إلى الرب و نضعه‬
‫في مواجھته ‪ ،‬أو ننسى وضعنا الحالي و نتأمل فقط في كالمه و أمامه ‪ ،‬أو‬
‫ربما نحيا فقط أمامه و نحاول أن نلمسه بأرواحنا ‪ .‬و الواقع إنه لسنا نحن‬
‫ﷲ الذي ينتظر ھناك من أجلنا ‪ ،‬و ھناك في‬ ‫ﷲ ‪ ،‬بل إنه ًّ‬
‫الذين نتقدم لمقابلة ًّ‬
‫ﷲ ‪ .‬و أعظم حكمة ھي التي تأتي في‬ ‫محضره نستقبل شيئا و نلمس إرادة ًّ‬
‫الواقع من ھذا المصدر ‪ .‬و بذلك تدخل مشيئتنا في مشيئته و أفكارنا في قلبه‬
‫‪ ،‬و من ھناك سوف تصعد صلواتنا إليه‪.‬‬

‫ﷲ و فكره يتولدان فينا و‬‫ﷲ ‪ ،‬فإن مشيئة ًّ‬ ‫عندما نأتي بإرادتنا و فكرنا إلى ًّ‬
‫يصبحان بمثابة مشيئتنا و أفكارنا نحن ‪ .‬لقد علمنا الرب يسوع أن نصلي‬
‫ھكذا ‪ " :‬ليأت ملكوتك ‪ ،‬لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على األرض" )‬
‫ﷲ و فكره ‪ ،‬يجب أن‬ ‫مت ‪. ( 10 ، 9 : 6‬إن ھذه الكلمات التي تعلن إرادة ًّ‬
‫ﷲ نفسه ‪ ،‬و عندما تصبح ھي‬ ‫ﷲ بأفكارنا إلى ًّ‬
‫تتولد فينا عندما يأتي روح ًّ‬
‫إرادتنا و فكرنا ‪ ،‬فصالتنا التي ننطق بھا بعد ذلك ‪ ،‬سوف تكون ذات قيمة‬
‫ووزن كبيرين‪.‬‬

‫إن ھذا الموضوع يضع أمامنا نوعين مختلفين من الصالة ‪ :‬نوع له مصدره‬
‫في مشيئتنا الخاصة ‪ ،‬و يعتمد على تفكيرنا الخاص و توقعاتنا الخاصة ‪ .‬و‬
‫ﷲ ھذه الصالة و يستجيب لھا ‪ ،‬لكن قيمتھا تبقى قليلة جداً ‪ .‬و لكن‬ ‫قد يسمع ًّ‬
‫ﷲ و جعلنا روحه يدمج إرادتنا‬ ‫من الجانب اآلخر ‪ ،‬إذا أتينا بھذا األمر أمام ًّ‬
‫ﷲ و فكرنا في فكره ‪ ،‬فسوف نكتشف في داخلنا شوقا ً عميقا ً ھو‬ ‫في إرادة ًّ‬
‫في الحقيقة نتاج من مشيئته و فكره ‪ .‬افترض أن الرب يحزن و يئن بسبب‬
‫موت البشر ‪ ،‬فإننا سوف نشعر بثقل و عدم رغبة لرؤية نفس واحدة تھلك ‪،‬‬
‫يمكننا أن نصلي بأنات داخلية ‪ .‬أو إذا كان‬ ‫ﷲ الذي ﱢ‬ ‫و مثل ھذا ھو نتاج قلب ًّ‬
‫ﷲ يتألم بسبب فشل أوالده ‪ ،‬فإن مثل ھذا اإلحساس سوف يتولد فينا و من‬ ‫ًّ‬
‫ثم ال نرغب في رؤية أي ابن ًّ يسقط في الخطية و في الظلمة‪.‬‬

‫و حيث يوجد نوع من الصالة يتم بحسب إرادتنا الخاصة ‪ ،‬فإن النوع اآلخر‬
‫ﷲ كما تولدت فينا و أصبحت ھي إرادتنا نحن ‪ .‬و‬ ‫ھو الذي يتم بحسب إرادة ًّ‬
‫يا للفرق بين ھذين النوعين من الصالة‪.‬‬

‫ﷲ أن يعملھا علي األرض ‪ ،‬و ھي تلمس مجاالت‬ ‫ھناك أمور كثيرة يريد ًّ‬
‫متعددة ‪ ،‬فكيف يمكن أن نصلي بحسب مشاعرنا و أفكارنا الخاصة ؟ علينا‬
‫ﷲ و نسمح له أن يؤثر فينا حسبما يريد أن يفعله حتى نقوم‬ ‫أن نقترب إلى ًّ‬
‫نحن بالتوسل و التشفع‪.‬‬
‫عندما نقترب من ًّ‬
‫ﷲ ‪ ،‬فإنه يضع فينا – مثالً – إرادته نحو انتشار اإلنجيل ‪،‬‬
‫و من ثم سوف نتثقل بذلك ‪ ،‬و عندما نصلي بحسب ھذا التثقل سوف يكون‬
‫ﷲ ‪ .‬قد يضع‬‫لنا إحساس كما لو كانت توسالتنا ھي التعبير الحقيقي إلرادة ًّ‬
‫ﷲ مجموعة من الرغبات أو األثقال فينا ؛ و لكن أيا كانت ھذه الرغبة أو‬ ‫ًّ‬
‫ﷲ إرادته ھو و‬ ‫التثقل في قلب الشخص ‪ ،‬فإنه يستطيع أن يجعل إرادة ًّ‬
‫ﷲ فقد لمس أمراً معينا ً ‪ ،‬ثم صلى‬‫يصلي بموجبھا ‪ .‬عندما تقدم دانيال أمام ًّ‬
‫من أجله نائحا ً بعمق ‪ .‬و ھذه ھي الصالة الثمينة ‪ ،‬و التي يتقدس بھا اسم ًّ‬
‫ﷲ‬
‫‪ ،‬و نأتي بملكوته ‪ ،‬و تجعل مشيئته تسود على األرض كما ھي في السماء‪.‬‬

‫األمر الثاني‬

‫إن مثل ھذه الصالة تزعزع الجحيم و تؤثر على إبليس ‪ ،‬و لذلك فإنه يقوم‬
‫لكي يعيق ھذه الصالة ‪ ،‬و ھنا تبدأ الحرب الروحية و التي تمس أجسادنا و‬
‫عائالتنا و كل ما يختص بنا ‪ .‬و ربما يطلق العدو بعض الموانع في الھواء‬
‫حتى يمنع استجابة الصالة أو تظل االستجابة معلقة فى الھواء ‪ ،‬و ھذا ما‬
‫حدث مع دانيال فقد أعيقت صالته واحداً و عشرين يوما ً رغم أن ًّ‬
‫ﷲ قد‬
‫ﷲ و انتظر‬ ‫سمعه من اليوم األول لصالته ‪ .‬ماذا فعل دانيال ؟ لقد ركع أمام ًّ‬
‫وصول استجابة لصالته‪.‬‬

‫ھل تتعجب بسبب عدم استجابة صالتك ؟ ربما ھي معلقة في مكان ما و ھي‬
‫ال تزال في فترة الواحد و العشرين يوما ً ! إن اإلجابة ربما صدرت من‬
‫العرش اإللھي ‪ ،‬لكنھا قابلت معارضة ‪ ،‬فظلت معلقة في الھواء ‪ .‬لماذا ؟‬
‫إنھا تنتظر صلوات أكثر من األرض ؛ و ھي تحتاج إلى شعب صابر و‬
‫ينتظر بتواضع ًّ ‪.‬‬

‫ﷲ ‪ ،‬و تمسك بھدوئك أمامه ‪ ،‬و اترك جانبا ً أفكارك‬‫اقترب إلى محضر ًّ‬
‫ﷲ ‪ ،‬و عندئذ سوف تدرك أھمية الصالة و ترى‬ ‫الخاصة ‪ ،‬و ادخل إلى فكر ًّ‬
‫ﷲ ينتظر صالتك في أمور كثيرة ‪ .‬إن أموراً كثيرة حول العالم ھي‬ ‫أن ًّ‬
‫موضوعات لصالتك و عليك أن تلمسھا في كل االتجاھات ‪ .‬إنك ال تصلي‬
‫ﷲ‪،‬و‬ ‫بحسب مشاعرك الخاصة ‪ ،‬لكنك تضع رغبة قلبك في رغبة قلب ًّ‬
‫ھكذا تصبح إرادته ھي إرادتك أنت ‪ ،‬و تنوح من أجل الكون كله‪.‬‬
‫إن إرادة ًّ‬
‫ﷲ ال تنطلق أبدا دون المرور باإلنسان ‪ ،‬و عندما تنطلق ھكذا‬
‫فإنھا سوف تصطدم بقوة إبليس ‪ ،‬و ھنا تكمن أھمية الصالة ‪ .‬دعونا نمارس‬
‫سلطان الصالة من أجل حل ما يجب حله ‪ ،‬و ربط ما يجب ربطه ‪ .‬دعونا ال‬
‫ﷲ و نصلي بحسب المشيئة‬ ‫نصلي بحسب مشيئتنا نحن ‪ ،‬بل نقترب إلى ًّ‬
‫ﷲ إن ھذا يجب أن يكون ‪ ،‬نقول نحن كذلك ‪،‬‬ ‫التي يولدھا فينا ‪ .‬عندما يقول ًّ‬
‫و إذا قال إنه ال يجب أن يكون ‪ ،‬نقول نحن كذلك ‪ ،‬و كأننا نسينا ذواتنا ‪ ،‬و‬
‫ﷲ معبرين عنھا في صلواتنا‪.‬‬ ‫تمسكنا بإرادة ًّ‬

‫الفصل الثالث )الصالة و عمل ًّ‬


‫ﷲ)‬

‫"مصلين بكل صالة و طلبة كل وقت في الروح و ساھرين لھذا بعينه بكل‬
‫مواظبة و طلبة" )أف‪).18 : 6‬‬

‫"ھكذا قال السيد الرب )يھوه( بعد ھذه أطلب من بيت إسرائيل‬
‫ألفعل لھم أكثرھم كغنم أناس" )حز ‪) .37 : 36‬‬

‫على أسوارك يا أورشليم أقمت حراسا ً ال يسكتون كل النھار و كل الليل‬


‫على الدوام ‪ .‬يا ذاكري الرب ال تسكتوا و ال تدعوه يسكت حتى يثبت و‬
‫يجعل أورشليم تسبيحة في األرض " )إش ‪).7 ، 6 : 62‬‬

‫)‪(1‬‬
‫عندما يعمل ًّ‬
‫ﷲ ‪ ،‬فإنه يتبع قانونا ً معينا ً و مبدأ محدداً ‪ ،‬ورغم أنه يستطيع أن‬
‫يفعل كما يشاء ‪ ،‬لكنه ال يعمل أبدا بال اكتراث ‪ ،‬بل يعمل دائما ً بحسب‬
‫الناموس أو المبدأ الذي وضعه ‪ ،‬و كأنه يضع نفسه عمداً تحت القانون لكي‬
‫ﷲ ؟ ھذا المبدأ ھو صالة‬ ‫يكون محكوما ً بقانونه ھو ‪ .‬فما ھو إذاً مبدأ عمل ًّ‬
‫اإلنسان ‪ ،‬و ذلك رغبة منه في تعاون اإلنسان معه من خالل الصالة‪.‬‬

‫كان ھناك أحد المؤمنين و الذي علم تماما ً كيف يصلي ؛ و أعلن أن كل‬
‫األعمال الروحية تتضمن أربعة خطوات ‪:‬‬
‫ﷲ و ھو بحسب إرادته ؛ ) ‪ ( 2‬إعالن ًّ‬
‫ﷲ ھذه المشيئة ألوالده‬ ‫) ‪( 1‬فكر ًّ‬
‫من خالل الروح القدس ‪ ( 3 ) ،‬و بالتالي يعرفون إرادته وخطته ‪ ،‬وما‬
‫ﷲ لھذه المشيئة و ذلك بالصالة من‬ ‫يطلبه و يتوقعه منھم ؛ استجابة أوالد ًّ‬
‫ﷲ أن‬‫أجلھا ‪ ،‬و متى كانت قلوبنا متحدة مع قلبه فسوف نصلى بما ينوى ًّ‬
‫يفعله ؛ ) ‪ ( 4‬تحقيق ًّ‬
‫ﷲ لھذا األمر بعينه‪.‬‬
‫إن اھتمامنا ھنا ليس بالخطوتين األوليين ‪ ،‬بل بالخطوة الثالثة و ھي إعادة‬
‫ﷲ ثانية إليه من خالل الصالة ‪ ،‬و أرجو مالحظة عملية ) اإلعادة )‬ ‫مشيئة ًّ‬
‫ھنا ‪ .‬إذا كانت صالتنا بھدف تحقيق خطتنا و توقعاتنا فقط ‪ ،‬فلن تكون لھا‬
‫ﷲ ثم نستجيب نحن‬ ‫قيمة في المجال الروحي ‪ .‬إن الصالة يجب أن تنشأ من ًّ‬
‫ﷲ محكوم بھا ‪ ،‬و قد ينتظر ﷲ‬ ‫لھا ‪ ،‬حتى تكون ذات معنى ‪ ،‬ألن عمل ًّ‬
‫حتى يتفق الناس معه ‪ ،‬ثم يبدأ في العمل‪.‬‬

‫)‪(2‬‬

‫يكثر بني إسرائيل مثل الغنم ‪ ،‬و لكنه لن يفعل‬‫ﷲ يريد أن ﱢ‬‫يقول الكتاب إن ًّ‬
‫ذلك في التو و اللحظة ‪ ،‬بل ينتظر قليالً ‪ .‬و لكن لماذا ؟ يقول الرب ‪" :‬‬
‫أطلب من بيت إسرائيل ألفعل لھم " ‪ .‬لقد قرر أن يزيد عددھم ‪ ،‬لكنه ينتظر‬
‫ﷲً‬
‫حتى يطلب بنو إسرائيل منه ھذا األمر ‪ .‬دعونا نرى ھنا أنه حتى لو قرر ّ‬
‫أموراً معينة ‪ ،‬فإنه ال ينفذھا فوراً ‪ ،‬بل ينتظر موافقة الناس معه قبل البدء‬
‫في العمل ‪ ،‬و لعله أمر مدھش حقا ً!‬

‫ﷲ و يتمناھا‬‫دعونا نتفھم ھذه الحقيقة ‪ ،‬أن كل األعمال الروحية يقررھا ًّ‬


‫أوالده ‪ ،‬يضعھا ًّ‬
‫ﷲ و يوافق عليھا أوالده ‪ .‬و منذ تأسيس الكنيسة ‪ ،‬لم يفعل‬
‫ﷲ شيئا على األرض بدون صالة أوالده ‪ ،‬و ربما ال نعلم السبب الحقيقي‬ ‫ًّ‬
‫في ذلك ‪ ،‬لكنھا الحقيقة ‪ ،‬فا ًّ يسر عندما يتنازل و يحقق مشيئته من خالل‬
‫أوالده‪.‬‬

‫ھناك مثال آخر ‪ " :‬على أسوارك يا أورشليم أقمت حراسا ً ‪ . .‬يا ذاكري‬
‫الرب ال تسكتوا و ال تدعوه يسكت حتى يثبت ‪ . . .‬أورشليم " ) إش ‪6 : 62‬‬
‫‪) .7 ،‬‬

‫ﷲ أن يجعل أورشليم تسبيحة في األرض ‪ ،‬كيف ؟ يقيم حراسا ً‬ ‫إن قصد ًّ‬
‫على أسوارھا يصرخون إليه ‪ .‬كيف ؟ " ال يسكتون ‪ ،‬و ال يدعوه يسكت " ؛‬
‫أي بالصالة المستمرة حتى يتمم عمله ‪ .‬إنه ال يحث الحراس بالصالة مرة‬
‫واحدة ‪ ،‬بل بالصالة دون توقف حتى يتم العمل ‪ ،‬و بمعنى آخر ‪ ،‬تكون‬
‫ﷲ تحت حكم صلوات اإلنسان ! إننا نالحظ أن " محتوى " المشيئة‬ ‫إرادة ًّ‬
‫ﷲ نفسه ‪ ،‬لكن " تنفيذ " ھذه المشيئة محكوم بصلواتنا‬ ‫اإللھية مقرر بواسطة ًّ‬
‫‪ .‬ليس أن ًّ‬
‫ﷲ ال يستطيع ) مثل القطار الذي له قوة ( لكنه يختار التحكم‬
‫بصالة اإلنسان ( مثل قضبان السكة الحديد ( و التي تمھد الطريق ﱠ ‪ ،‬و‬
‫ﷲ‪.‬‬‫بالتالي إذا لم نتحمل مسؤلية الصالة ‪ ،‬فسوف نعيق إرادة ًّ‬

‫)‪(3‬‬

‫ﷲ اإلنسان ‪ ،‬أعطاه إرادة حرة ‪ ،‬و لذلك توجد ثالث إرادات )‬ ‫عندما خلق ًّ‬
‫مشيئات ( مختلفة في الكون و ھي ‪ :‬إرادة ًّ‬
‫ﷲ ‪ ،‬و إرادة الشيطان العدو ‪ ،‬و‬
‫ﷲ ال يھلك إبليس في لحظة من‬ ‫إرادة اإلنسان ‪ .‬ربما يتعجب الناس أن ًّ‬
‫الزمان ‪ .‬لماذا ؟ ألنه يريد أن يتعاون اإلنسان معه في التعامل مع إبليس ‪ ،‬و‬
‫يطلب أن ترتبط إرادته مع إرادة اإلنسان ‪ ،‬و كأنه سوف ال يدمر إبليس‬
‫بمفرده ‪ ،‬و ھو يسعد بھذا األمر حين ال يعمل مستقالً عن البشر!‬

‫ﷲ أن يعمل شيئا ً ‪ ،‬فإنه يضع فكره‬ ‫ھذه ھي مسؤلية الكنيسة ‪ ،‬فعندما يريد ًّ‬
‫نحول ھذا الفكر إلى صالة ‪،‬‬‫أوالً فينا من خالل الروح القدس ‪ ،‬و عندما ﱢ‬
‫ﷲ ‪ .‬و ھذه ھي طريقة العمل اإللھي ‪ .‬إنه يطلب إرادة‬ ‫فعندئذ فقط يعمل ًّ‬
‫ﷲ يعمل كل شئ بال أى‬ ‫متفقة مع إرادته و متجاوبة معه ‪ ،‬و لو كان ًّ‬
‫تضامن مع اإلنسان ‪ ،‬لما كانت ھناك حاجة لوجود اإلنسان على االرض ‪،‬‬
‫ﷲ معمولة بنا ‪،‬‬ ‫ولما كنا نحتاج نحن أن نعرف إرادته ‪ .‬لكن تبقى كل إرادة ًّ‬
‫إذ يدعونا أن تكون إرادتنا واحدة مع إرادته‪.‬‬

‫ﷲ ھو أن ننطق بھا في الصالة ‪ ،‬و ھنا‬ ‫إن الخطوة األولى في عملنا إلرادة ًّ‬
‫تصبح الصالة عمالً واقعيا ً ‪ ،‬بل أھم عمل ‪ ،‬ألنھا التنفيذ و التعبير عن إرادة‬
‫ﷲ ‪ ،‬و من ثم فإن كل صالة تأتي من إرادة ذاتية ‪ ،‬فھي باطلة ‪ .‬أما‬ ‫ًّ‬
‫ﷲ ‪ ،‬فسوف تنشأ من ًّ‬
‫ﷲ ‪ ،‬و يعلنھا لنا الروح‬ ‫الصلوات التي بحسب إرادة ًّ‬
‫ﷲ من خالل الصلوات‪.‬‬ ‫القدس ثم تعود إلى ًّ‬

‫عندما نقرأ تاريخ الكنيسة ‪ ،‬ربما نالحظ أن كل نھضة عظيمة كانت تأتي‬
‫ﷲ من القيام بما‬ ‫دائما ً من الصالة ‪ .‬و ھذا يرينا أن الصالة ھي التي تمكن ًّ‬
‫يريده ‪ ،‬و ال يمكن أن نطلب منه أن يعمل ما ال يريده ھو ‪ ،‬و لكننا نستطيع‬
‫ﷲ مطلق الوجود‪ ،‬و لذلك ال يمكن تغييره أو‬ ‫ﷲ عمله ‪ًّ .‬‬‫أن نؤخر ما يريد ًّ‬
‫إجباره على شئ ‪ ،‬أو إقناعه بعدم القيام بما يريد أن يقوم به ‪ .‬أما دعوتنا أن‬
‫ﷲ إذا لم نتعاون‬‫نكون قناة مجرى إرادته ‪ ،‬فإننا بال شك قد نقف عثرة لعمل ًّ‬
‫معه‪.‬‬
‫لھذا السبب ‪ ،‬ال يجب أن نطلب في صلواتنا أن يعمل ًّ‬
‫ﷲ ما ال يريده ھو ‪ ،‬أو‬
‫محاولة تغيير إرادته ‪ ،‬و لكن نصلي بحسب إرادته ‪ ،‬و ھكذا ببساطة نمكنه‬
‫أن يعمل ما يريده ‪ .‬أما اإللحاح بخالف ذلك ‪ ،‬فھو مضيعة للوقت ‪ ،‬فإذا كان‬
‫فمن يستطيع أن يدفعه إلى العمل ؟ ھناك شئ واحد‬ ‫ًّ‬
‫ﷲ ال يريد أن يعمل ‪ْ َ ،‬‬
‫ﷲ‪.‬‬‫نعمله ‪ ،‬أال و ھو أن نصلي بحسب إرادة ًّ‬

‫ﷲ ھذه‬‫لنأخذ مثالً ‪ ،‬و ھو حلول الروح القدس في يوم الخمسين ‪ .‬لقد ذكر ًّ‬
‫الحلول منذ مئات السنين قبل يوم الخمسين ‪ ،‬و ربما في أيام يوئيل ‪ ،‬لكن‬
‫الحدث تم عندما اجتمع تالميذ كثيرون و صلوا ‪ .‬إن قدوم الروح القدس قد‬
‫ﷲ منذ زمن طويل ‪ ،‬لكنه لم يتم أال بعدما صلى الناس ‪ ،‬و كأنه كان‬ ‫حدده ًّ‬
‫ينتظر موافقتھم ‪ ،‬ألنه يحب العمل بعدما يصلي البشر ‪ .‬وربما نفقد بركات‬
‫ﷲ من خالل الصالة‪.‬‬ ‫روحية عندما نفشل في التعبير عن إرادة ًّ‬

‫ﷲ ينتظر المصلين له لكي يتم عمله ‪ .‬ربما يسأل بعض المؤمنين لماذا ال‬ ‫إن ًّ‬
‫ﷲ خطاة أكثر ‪ ،‬و لماذا ال يجعل كل مؤمن منتصراً في حياته ؟‬‫يخلص ًّ‬
‫أعتقد بصدق أن ًّ‬
‫ﷲ يريد بال شك أن يقوم بذلك لو أن الناس صلوا ‪ ،‬أو‬
‫بمعنى آخر ‪ ،‬عملوا معه ‪ .‬و السؤال اآلن ‪ :‬ھل سوف نصلى ؟ إن صلواتنا‬
‫ﷲ‬ ‫ھي الشبكة الروحية الضخمة من القضبان التي سوف تسير عليھا إرادة ًّ‬
‫‪.‬‬

‫)‪(4‬‬
‫كيف نضع ھذه الخطوط إلرادة ًّ‬
‫ﷲ ‪ ،‬اإلجابة ھي ‪ " :‬مصلين بكل صالة و‬
‫طلبة كل وقت في الروح "‬
‫(أف ‪) .18 : 6‬‬

‫يجب أن تمتد صلواتنا في اتجاھات متعددة ‪ .‬ھناك صلوات خاصة و أخرى‬


‫عامة ‪ ،‬و ربما توجد بھا ثغرات كثيرة ينفذ من خاللھا إبليس ‪ .‬و كلما كانت‬
‫محددة ‪ ،‬كانت نتائجھا أفضل‪.‬‬

‫عندما يتوجه أحد األخوة للكرازة مثالً ‪،‬عليك أن تمھد له السبيل حتى تتم‬
‫إرادة ﷲ بواسطته ‪ .‬فإذا صليت من أجله صالة عامة ‪ ،‬فھي مثل شبكة‬
‫ضعيفة ‪ ،‬كأن تصلي ھكذا ‪ :‬يا رب باركه ‪ ،‬يا رب حافظ عليه ‪ . .‬و لكن إذا‬
‫أردت أن تصنع له شبكة قوية من الصالة ال ينفذ منھا إبليس ‪ ،‬فالبد أن‬
‫تكون صالتك محددة و ھادفة نحو صحته و وقته و راحته و طعامه و‬
‫الناس الذين يتقابل معھم ‪ ،‬و المكان الذي يقيم فيه ‪ ،‬و العمل الذي سوف‬
‫يقوم به و كل ما يتعلق به ‪ .‬إنك بذلك تسد كل ثغرة يمكن أن يدلف إبليس‬
‫منھا إليه ‪ .‬إن الكسالن أو المھمل ال يستطيع أن يعمل ھكذا‪.‬‬

‫ھناك درس آخر البد أن نتعلمه ‪ .‬إن الشيطان له خدع متعددة يصعب علينا‬
‫أن نحرزھا )نخمنھا ( و بالتالي ال نستطيع أن نصلي من أجل كل التفاصيل‬
‫‪ ،‬و من ثم يمكننا أن نصلي كما يلي ‪ " :‬يا رب ‪ ،‬ليت دمك الثمين يتعامل مع‬
‫كل ما يأتينا من الشيطان " ‪ .‬إن مثل ھذه الصالة ھي أفضل ما نحاربه بھا ‪،‬‬
‫و حتى ال يخرج من شبكته و يھاجم شعب ًّ‬
‫ﷲ‪.‬‬

‫ھناك ثالثة جوانب في كل صالة ‪ :‬أوالً ‪ :‬إلى من نصلي ؟ وثانيا ً ‪ْ َ :‬‬


‫لمن‬
‫من نصلي ؟ ولعلنا نتذكر دائما ً الجانبين األولين ‪ -‬أي‬
‫نصلي ؟ و ثالثا ً ‪ :‬ضد َ ْ‬
‫ما يختص با ًّ و بالناس – و ال نلتفت للجانب الثالث و الذي يختص بالعدو‬
‫ﷲ سوف‬ ‫‪ ،‬و ھو الذي يكمن لضررنا ‪ .‬و عندما نصلي ھكذا ‪ ،‬فالبد أن ًّ‬
‫يعمل من أجلنا‪.‬‬

‫من يعمل حقا ً من أجل الرب ‪ ،‬عليه أن يمد شبكة الصالة لكي يعمل‬
‫إن كل َ ْ‬
‫ﷲ من خالله‪ .‬و ال يمكن أن يبقى ﷲ بال عمل ‪ ،‬لكنه ينتظرنا حتى نصلي‬ ‫ًّ‬
‫إليه‪ ،‬و ھكذا نتمتع بحياة الصالة‪.‬‬

‫ﷲ لك‬‫و لعلنا نشعر كثيراً بروح التثقل نحو الصالة ‪ ،‬و ھذا يعني أن إرادة ًّ‬
‫ﷲ ‪ ،‬فال تتردد متى‬ ‫‪ ،‬ھي أن تصلي‪ ،‬و ھذه ھي الصالة بحسب إرادة ًّ‬
‫أحسست بذلك ‪ ،‬بل اسمح للروح القدس أن يحصرك و يقودك إلي مثل ھذه‬
‫تصل ‪ ،‬فقد تشعر باختناق ألن ھناك شيئا ً لم تعمله ‪.‬‬
‫ﱢ‬ ‫الصالة ‪ .‬و ربما إذا لم‬
‫و إذا ظللت بال صالة ‪ ،‬فسوف يزداد شعورك بالتثقل ‪ ،‬أما إذا استمررت‬
‫في عدم الصالة ‪ ،‬فإن روح الصالة ‪ ،‬و التثقل بھا ‪ ،‬سوف تتضاءل في‬
‫داخلك ‪ ،‬و قد يصعب عليك استعادتھا في ما بعد‪.‬‬
‫في كل مرة يضع ًّ‬
‫ﷲ فكرة صالة فينا ‪ ،‬فإن روحه القدوس يحركنا فنشعر‬
‫بتثقل نحو الصالة من أجل ھذا األمر ‪ ،‬و حالما يكون لنا مثل ھذا الشعور ‪،‬‬
‫علينا فوراً بالصالة ‪ .‬عندما نتحرك بالروح القدس ‪ ،‬فإن أرواحنا نحن تشعر‬
‫في الحال أن شيئا ً ما قد ُوضع على قلوبنا ‪ ،‬و بعدما نصلي من أجل ھذا‬
‫الشئ ‪ ،‬فإننا نعود و نشعر و كأن حجراً قد انزاح عنا ‪ .‬و إن كنا ال نصلي ‪،‬‬
‫ﷲ ‪ .‬و إذا أردنا أن نكون أمناء في الصالة ‪،‬‬ ‫فنحن لسنا في انسجام مع قلب ًّ‬
‫أي نصلي بمجرد إحساسنا بالتثقل ‪ ،‬فإنھا لن تكون ثقالً علينا ‪ ،‬بل أمر سار‬
‫و خفيف‪.‬‬

‫إنه ألمر مؤسف ‪ ،‬أن كثيرين يطفئون الروح القدس ھنا‪ ،‬أي يطفئون‬
‫اإلحساس الذي يعطيھم الروح القدس إياه للصالة ‪ ،‬و تقل لديھم مثل ھذه‬
‫ﷲ‪.‬‬‫األحاسيس ‪ ،‬و من ثم ال يعودون أواني مستخدمة أمام ًّ‬

‫ﷲ ال يستطيع أن ينجز بھم شيئا ً ألنھم لم يعودوا يتنفسون إرادته في‬ ‫إن ًّ‬
‫الصالة ‪ .‬آه لو سقطنا إلي مستوى عدم اإلحساس بثقل الصالة ‪ ،‬نكون في‬
‫الواقع قد غرقنا في موقف خطير ‪ ،‬ألننا نكون عندئذ قد فقدنا التواصل مع‬
‫ﷲ ‪ ،‬و ال يستطيع أن يستخدمنا بعد في عمله‪ .‬و لھذا السبب يجب أن نكون‬ ‫ًّ‬
‫في منتھى الحرص إزاء التعامل مع اإلحساس الذي يعطيه الروح القدس لنا‬
‫‪ .‬عندما نشعر بثقل الصالة يجب أن نطلب فوراً من الرب قائلين ‪ " :‬ماذا‬
‫تريدني أن أصلي من أجله ؟ و ماذا تريد أن تتممه و يحتاج منى الصالة؟ "‬
‫ﷲ يستأمننا على أمور أخرى ‪ ،‬و العكس أيضا ً‬ ‫‪ .‬و عندما نفعل ھكذا ‪ ،‬فإن ًّ‬
‫صحيح‪.‬‬
‫ليتنا نطلب من ًّ‬
‫ﷲ أن يجعلنا شركاء أمناء في الصالة ‪ .‬إذا استمر إحساسنا‬
‫بثقل الصالة يزداد رغم استمرارنا في الصالة ‪ ،‬فالبد إذن من الصيام أيضا ً‬
‫‪.‬‬

‫ﷲ‪،‬و‬ ‫إذا استمر أي واحد في عمل الصالة ‪ ،‬فإنه سوف يصبح أداة إلرادة ًّ‬
‫ﷲ أن يفعل شيئا ً ‪ ،‬فإنه سوف يطلب مثل ھذا الشخص ‪ .‬و دعوني‬ ‫متى شاء ًّ‬
‫ﷲ تبحث دائما ً عن وسيلة ﱢ‬
‫يعبر بھا عن إرادته ‪ .‬و إذا قام‬ ‫أقول ‪ ،‬إن إرادة ًّ‬
‫ﷲ سوف يفعل الكثير بسبب ھذه الصلوات‪.‬‬ ‫كثيرون بعمل الصالة ‪ ،‬فإن ًّ‬

‫‪" . .‬ينبغي أن يصلي في كل حين و ال يمل ‪ ) " . .‬لو ‪)1 : 18‬‬


‫الفصل الرابع )مبدأ الصالة ثالث مرات)‬

‫"فتركھم و مضى أيضا ً و صلى ثالثة قائالً ذلك الكالم بعينه " ) مت ‪: 26‬‬
‫‪) .44‬‬
‫"من جھة ھذا تضرعت إلى الرب ثالث مرات أن يفارقني " ) ‪ 2‬كو ‪: 12‬‬
‫‪) .8‬‬

‫ھناك سر خاص يجب أن نعرفه عن الصالة ‪ ،‬و ھو الصالة ثالث مرات‬


‫إلى الرب ‪ .‬و ال تقتصر ھذه المرات على ثالث فقط ‪ ،‬بل ربما تكون أكثر‬
‫ﷲ ثالث مرات في بستان جثسيمانى و‬ ‫كثيراً ‪ .‬لقد سأل الرب يسوع من ًّ‬
‫ﷲ ثالث‬‫حتى ُسمعت صالته و بعدئذ توقف ‪ .‬و بولس أيضا ً صلى إلى ًّ‬
‫مرات ثم توقف بعدما أجابه الرب ‪ .‬إن المعنى المقصود وراء ھذه المرات ‪،‬‬
‫ھو االستمرار في الصالة بالكامل و حتى يستجيب ًّ‬
‫ﷲ لنا‪.‬‬

‫إن ھذا المبدأ الثالثي مھم جداً ‪ ،‬ليس فقط في صلواتنا الخاصة ‪ ،‬بل أيضا ً‬
‫ﷲ ‪ ،‬و حتى‬ ‫في اجتماعات الصالة ‪ .‬علينا أن نصلي حتى تتضح لنا إرادة ًّ‬
‫نحصل على استجابة منه ‪ .‬و ال تظن أنه طالما صلى أحد اإلخوة في‬
‫اجتماع للصالة من أجل أمر معين ‪ ،‬أن ھذا األمر ال يحتاج منى صالة‬
‫أخرى ‪ ،‬كال ‪ ،‬فإن ھذا األخ قد صلى مرة ‪ ،‬و أنا أصلى المرة الثانية ‪ ،‬و‬
‫آخر يصلى المرة الثالثة ‪ .‬و ال يعنى ھذا أن كل صالة يجب أن ُترفع‬
‫بواسطة ثالثة أشخاص ‪ ،‬و لكن المعنى أن الصالة يجب أن تكون بتثقل ؛ و‬
‫قد نصلى أحيانا ً خمس أو عشر مرات ‪ .‬المھم ھو الحاجة إلى الصالة حتى‬
‫يتم األمر ‪ ،‬و ھذا ھو سر النجاح في اجتماعات الصالة‪.‬‬

‫أرجو أن ال نسمح لصلواتنا بالقفز مثل الجندب ) جراد صغير ( ‪ ،‬فننتقل من‬
‫موضوع إلى آخر ‪ ،‬قبلما نستوفي الصالة من أجل األمر األول ‪ .‬إن مثل‬
‫ھذه الصلوات ال تزيح األحمال ‪ ،‬و من الصعب أن تحصل على استجابة ‪.‬‬
‫إنھا صالة قليلة الفائدة و ال تحقق خدمة الصالة‪.‬‬

‫لكي نحقق خدمة الصالة ‪ ،‬يجب أن نتثقل بالصالة أمام الرب ‪ .‬إننا ال نريد‬
‫أن نضع قانونا ً ‪ ،‬لكننا نقدم فقط ھذا المبدأ ‪ ،‬أال و ھو أن التثقل ھو سر‬
‫الصالة ‪ .‬إذا لم يشعر الفرد في داخله بتثقل في الصالة نحو أمر معين ‪ ،‬فمن‬
‫الصعب عليه أن ينجح في صالته ‪ .‬إن اإلخوة و األخوات في أي اجتماع‬
‫للصالة ‪ ،‬قد يذكرون عدة أمور ‪ ،‬لكن إذا لم ُتلمس داخليا ً فإنك ال تستطيع‬
‫من يحضر اجتماعا ً للصالة ‪ ،‬أن يكون مدفوعا ً و‬ ‫الصالة و لذلك على كل َ ْ‬
‫مثقالً بالصالة‪.‬‬

‫و في الوقت ذاته ‪ ،‬ال تنغمس تماما ً في ثقلك الخاص ‪ ،‬لكن عليك أيضا أن‬
‫تستشعر أثقال اآلخرين في االجتماع‪.‬‬

‫و على سبيل المثال ‪ ،‬ربما ھناك أخت متعبة بسبب زوجھا ‪ ،‬أو ھناك أخ‬
‫مريض ‪ ،‬فلو أن أحداً صلى من أجل ھذه األخت ‪ ،‬و صلى آخر من أجل‬
‫ھذا المريض ‪ ،‬و ثالث من أجل أمر آخر ‪ ،‬إذاً كل واحد سوف يصلى من‬
‫أجل موضوعه الخاص ‪ .‬إن مثل ھذه الصالة ال تتفق مع مبدأ الصالة‬
‫الثالثية ‪ ،‬ألنه في المثل السابق يتم الصالة من أجل الموضوع الثاني قبل أن‬
‫يستوفي الموضوع األول الصالة من أجله ‪ .‬إن على الجميع أن يصلوا من‬
‫أجل ھذه األخت أوالً ‪ ،‬ثم يصلوا من أجل المريض ‪ .‬يجب أن يتم رفع ثقل‬
‫الصالة ‪ ،‬قبل االنتقال إلى ثقل ( موضوع ( آخر‪ .‬و إذا شعر االجتماع كله‬
‫بتثقل واحد – أي موضوع معين – ال يجب على أي فرد أن يرفع صالة‬
‫أخرى وسط االجتماع تكون بحسب ھواه الشخصي‪.‬‬

‫إن علينا أن نتعلم كيف نلمس روح الجماعة ‪ ،‬و كيف ندخل إلى الشعور‬
‫العام لھذه الجماعة كلھا ‪ .‬إن ھناك من األمور التي تحتاج إلى صالة مرة‬
‫واحدة ‪ ،‬و غيرھا يحتاج إلى مرتين ‪ ،‬و أخرى ربما يحتاج إلى ثالث أو‬
‫خمس مرات حتى يتمم رفع حمل الصالة ذاته ‪ .‬و بغض النظر عن عدد‬
‫مرات الصالة ‪ ،‬ال يجب إنھاء الصالة إال بعد رفع الثقل ‪ .‬و مبدأ الصالة‬
‫ثالث مرات ‪ ،‬ھو ببساطة الصالة حتى يتم رفع الحمل ) التثقل بالصالة‪) .‬‬

‫بالطبع على المؤمنين أن يفھموا الفرق بين الصلوات الشخصية و الصالة‬


‫الجماعية ‪ .‬عندما يصلى الفرد فإنه يفكر فقط في أحماله الشخصية لكن في‬
‫الصالة الجماعية ھناك تثقل جماعي ‪ ،‬و يجب أن نتعلم كيفية اإلحساس‬
‫بذلك ‪ .‬ھناك بعض البنود يكفى لھا الصالة مرة واحدة ‪ ،‬بينما ھناك أمور‬
‫أخرى ال يكفيھا ذلك ‪ ،‬بل تحتاج إلى مرات عديدة‪.‬‬

‫علينا أن نتعلم الصالة بنفس واحدة في اجتماعات الصالة ‪ ،‬و ھذا ال يتم‬
‫تلقائيا ً بل يحتاج إلى تعليم و تدريب ‪ .‬كيف نشعر بمشاعر اآلخرين ؟ كيف‬
‫نلمس صالة الكنيسة ؟ كيف نشعر أن حمل الصالة فد ُرفع ؟ عندما نتعلم‬
‫ذلك ‪ ،‬سوف نعرف كيف نحقق خدمة الصالة في أي اجتماع‪.‬‬

‫"ال تھتموا بشئ بل في كل شئ بالصالة و الدعاء مع الشكر " ) فيلبي ‪: 4‬‬


‫‪)6‬‬

‫الفصل الخامس )الصالة التي تقاوم إبليس)‬

‫"وقال لھم أيضا ً مثالً قي أنه ينبغي أن يصلي كل حين و ال يمل ‪ ،‬قائالً كان‬
‫ﷲ و ال يھاب إنسانا ً و كان في تلك المدينة أرملة و‬‫في مدينة قاض ال يخاف ًّ‬
‫كانت تأتى إليه قائلة أنصفني من خصمي ‪ ،‬و كان ال يشاء إلى زمان ‪ .‬و‬
‫ﷲ و ال أھاب إنسانا ً فإني‬‫لكن بعد ذلك قال في نفسه وإن كنت ال أخاف ًّ‬
‫ألجل أن ھذه األرملة تزعجني أنصفھا لئال تأتي دائما ً فتقمعني ‪ .‬و قال‬
‫ﷲ مختاريه الصارخين‬ ‫الرب اسمعوا ما يقول قاضي الظلم ‪ .‬أفال ينصف ًّ‬
‫إليه نھاراً و ليالً و ھو متمھل عليھم ‪ ،‬أقول لكم إنه ينصفھم سريعا ً ‪ .‬و لكن‬
‫متى جاء ابن اإلنسان ‪ ،‬ألعله يجد اإليمان على األرض ؟ " ) لو ‪– 1 : 18‬‬
‫‪) .8‬‬

‫ثالثة جوانب للصالة‬


‫)‪(1‬نحن أنفسنا )‪ًّ . (2‬‬
‫ﷲ الذي نصلي له )‪ . (3‬عدونا الشيطان‪.‬‬

‫إن لدينا احتياجات و رغبات و توقعات ‪ ،‬و لذلك نصلي من أجل خيرنا نحن‬
‫‪ .‬و لكن في الصالة الحقيقية ‪ ،‬ال يجب أن نسأل فقط ما ھو لخيرنا ‪ ،‬بل‬
‫ﷲ و سيادة السماء على األرض ‪ .‬و عندما‬ ‫أيضا ً نصلي من أجل مجد ًّ‬
‫ﷲ‬ ‫تستجاب صلواتنا ‪ ،‬قد يبدو أننا المستفيدون المباشرون ‪ ،‬لكن الحقيقة أن ًّ‬
‫يتمجد و تتم إرادته ‪ .‬إن استجابة الصالة تعطي ًّ‬
‫ﷲ مجداً أكثر ‪ ،‬ألنھا تعلن‬
‫تبين إتمام‬
‫عن عظمة حبه ‪ ،‬و عن قوته في تحقيق مطالب أوالده ‪ ،‬كما أنھا ﱢ‬
‫مشيئته ألنه ال يستجيب لصالة ال تتفق مع إرادته‪.‬‬
‫ﷲ ‪ ،‬و في الصالة الناجحة يجب أن يفوز الطرفان‬ ‫نحن الذين نلتمس وجه ًّ‬
‫ﷲ ‪ ،‬فالملتمس ) أنا ( يحصل على رغبة قلبه ‪ ،‬و الملتمس إليه‬ ‫معا ً ‪ ،‬نحن و ًّ‬
‫ﷲ ( تتم إرادته ‪ .‬إن كل المؤمنين الروحانين ‪ ،‬يدركون العالقة المطلقة‬ ‫) ًّ‬
‫بين الصالة و بين مجد ًّ‬
‫ﷲ و إرادته ‪ .‬و علينا أن نالحظ الوجه الثالث‬
‫ﷲ و ما يعدنا به ‪ ،‬فإنه بال شك يؤذي‬‫للصالة الناجحة ‪ ،‬أن ما نطلبه من ًّ‬
‫عدونا‪.‬‬

‫ﷲ ھو حاكم ھذا الكون ‪ ،‬لكن إبليس يدعي " رئيس ھذا العالم‬ ‫نحن نعلم أن ًّ‬
‫( "يو ‪ ( 30 : 14‬و ذلك ألن " العالم كله قد ُوضع في الشرير " ) ‪1‬يو ‪: 5‬‬
‫‪19 ) .‬و بناء على ھذا ‪ ،‬ھناك قوتان متضادتان في ھذا العالم ‪ ،‬و كل قوة‬
‫تسعى نحو السطوة ‪ .‬و لئن كانت النصرة النھائية ًّ ‪ ،‬إال أن إبليس يدفع‬
‫ﷲ و إرادته وقصده ‪ .‬إننا كأوالد ًّ‬
‫ﷲ‬ ‫بقوته في ھذا العام لكي يقاوم عمل ًّ‬
‫ﷲ ‪ ،‬و عندما نربح شيئا ً من يده فھذا معناه خسارة للعدو ‪ ،‬و‬ ‫ننتمي إلى ًّ‬
‫ﷲ ‪ ،‬و ھذه بالتالي تساوي كمية الخسارة‬ ‫كمية الربح ھي كمية عمل إرادة ًّ‬
‫التي يعانيھا إبليس‪.‬‬

‫ﷲ ‪ ،‬فإن الشيطان يعمد إلى إحباطنا و مضايقتنا و‬ ‫و بما أننا من أتباع ًّ‬
‫الضغط علينا و عدم السماح لنا بموطئ قدم ‪ .‬و ربما ال يتحقق ھدفه بسبب‬
‫ﷲو‬ ‫اقترابنا لعرش النعمة و من خالل دم يسوع الغالي طالبين حماية ًّ‬
‫ﷲ صالتنا ‪ ،‬فإن خطة إبليس سوف تنھزم بكل‬ ‫عنايته بنا ‪ .‬و عندما يسمع ًّ‬
‫تأكيد ‪ .‬إن ربحنا في الصالة ‪ ،‬ھو خسارة العدو ‪ .‬و ھكذا يكون ربحنا و‬
‫ﷲ ھما في تناسب عكسي لخسارة إبليس ‪ ،‬فعندما يربح طرف ‪ ،‬يخسر‬ ‫مجد ًّ‬
‫الطرف اآلخر ‪ .‬و بھذا المنظور ‪ ،‬علينا أن نھتم في صلواتنا ليس فقط‬
‫ﷲ و إرادته ‪ ،‬بل أيضا ً نھتم بھذا المنظور الثالث ‪ ،‬و الذي‬‫بخيرنا و بمجد ًّ‬
‫يختص بالشيطان عدونا ‪ .‬و أي صالة ال تأخذ في االعتبار ھذه الجوانب‬
‫الثالثة ‪ ،‬فھي سطحية و قليلة القيمة و بال إنجاز كبير‪.‬‬

‫ال حاجة لنا أن نتحدث عن الصلوات السطحية ‪ ،‬إذ ليس لھا تأثير على أى‬
‫من الجوانب الثالثة للصالة ‪ .‬ففي حالة المؤمن الجسدي ‪ ،‬فإن صلواته‬
‫المعقولة تركز فقط على خيره الشخصي أي على جانب واحد ‪ ،‬و دافعه ھو‬
‫فائدة نفسه ‪ ،‬و ما يشغل عقله ھو احتياجاته و رغباته ‪ ،‬و سوف يشعر‬
‫ﷲ لصالته ‪ .‬و ربما ال يفطن أن ھناك شيئا ً مثل‬‫بالرضا عندما يستجيب ًّ‬
‫ﷲ أو مجد ًّ‬
‫ﷲ ‪ ،‬و بالطبع ال يدري شيئا ً عن الجانب البعيد و ھو‬ ‫إرادة ًّ‬
‫خسارة إبليس‪.‬‬

‫ﷲ من أجل الكثيرين‬ ‫لكن ليس كل المؤمنين جسدانيين ‪ ،‬فنحن نشكر ًّ‬


‫ّ‬
‫يصلون ‪ ،‬فإن ھدفھم ليس ذاتيا ً أي‬ ‫الروحانيين من أوالده ‪ .‬إنھم عندما‬
‫ﷲ لصالتھم و سدد احتياجاھم الشخصية ‪ .‬إنھم يلتفتون‬ ‫يسرون إذا استجاب ًّ‬
‫ﷲ وإرادته ‪ ،‬و يتوقعون استجابة صلواتھم ليس ألنھم‬ ‫كثيراً إلى مجد ًّ‬
‫يريدون شيئا ً ألنفسھم بل أيضا ً ألن ذلك إضافة إلى مجد ًّ‬
‫ﷲ ‪ .‬إنھم ال‬
‫ﷲ‬‫يصرون على الحصول لما يصلون من أجله ‪ ،‬ألنھم يھتمون فقط بإرادة ًّ‬
‫‪ ،‬ليس من جھة حصولھم على ما يلتمسونه منه ‪ ،‬بل من جھة موافقة أو‬
‫معارضة ھذه االستجابة مع عمل ﷲ وخطته و حكمه ‪ .‬إن االھتمام موجه‬
‫ليس إلى موضوع الصالة في ذاتھا ‪ ،‬بل أيضا ً إلى العالقة بين ھذه الصالة‬
‫ﷲو‬ ‫ﷲ ‪ .‬وھكذا فإن صلواتھم تغطي جانبي ًّ‬ ‫و بين المفھوم الواسع لعمل ًّ‬
‫اإلنسان‪.‬‬

‫و مع ذلك ‪ ،‬فإن قليلين من المؤمنين يھتمون بالجانب الثالث في صالتھم ‪،‬‬


‫أي إبليس ‪ .‬إنھم ال يحسبون أھمية قصوى ألحوالھم الخاصة ‪ ،‬بل يعتبرون‬
‫ﷲ ‪ .‬إنھم يتطلعون‬ ‫صالتھم ناجحة جداً إذا تسببت في خسارة إبليس و تمجيد ًّ‬
‫في صالتھم نحو خسارة العدو‪ .‬إن نظرتھم ليست محدودة بمحيطھم المباشر‬
‫ﷲ و أرادته في كل العالم ‪ .‬و دعني أضيف‬ ‫‪ ،‬بل يدخل في منظورھم عمل ًّ‬
‫ﷲ و إبليس ‪ ،‬و يھملون تماما ً‬ ‫أني ال أقترح أنھم يعملون حسابا ً فقط لجانبي ًّ‬
‫ﷲ ‪ ،‬و يخسر‬ ‫الجانب الشخصي للصالة ‪ .‬و الواقع أنه عندما تتم إرادة ًّ‬
‫إبليس ‪ ،‬فإنھم بال شك سوف يستفيدون شخصيا ً ‪ .‬إن التقدم الروحي ألي‬
‫قديس يكون محكوما ً بحسب التأكيد الذي يصنعه ھو في صالته الخاصة‪.‬‬

‫المثل في ) لو ‪)8 – 1 : 18‬‬

‫لقد لمس الرب يسوع الجوانب الثالثة التي تحدثنا عنھا ‪ ،‬و قد ذكر ثالثة‬
‫أشخاص كما يلي ‪ ( 1 ) :‬القاضي ؛ ) ‪ ( 2‬األرملة ؛ ) ‪ ( 3‬الخصم ‪ .‬إن‬
‫ﷲ ‪ ،‬و األرملة تمثل كنيسة اليوم أو اإليمان‬ ‫القاضي( سلبيا ً ( يشير إلى ًّ‬
‫الفردي للمؤمنين ‪ ،‬بينما يشير الخصم إلى عدونا إبليس ‪.‬عندما نشرح ھذا‬
‫المثل ‪ ،‬فإننا نھتم عادة بالعالقة بين القاضي و األرملة ‪ ،‬و نالحظ أن ھذا‬
‫ﷲ و ال يھاب إنسانا ً ‪ ،‬قد أنصف المرأة أخيراً بسبب‬ ‫القاضي الذي ال يخاف ًّ‬
‫ﷲ ليس ظالما ً مثل ھذا القاضي‬ ‫ترددھا المستمر عليه ‪ ،‬و نستنتج أنه بما أن ًّ‬
‫‪ ،‬فإنه سوف ينصفنا سريعا ً عندما نصلي إليه‪.‬‬

‫لكن يبدو أن كثيرين منا ال يعيرون اھتماما ً بشخصية مھمة في ھذا المثل ‪.‬‬
‫إذا لم يكن ھناك خصم ‪ ،‬فھل كان من الضروري لھذه األرملة أن تذھب إلى‬
‫القاضي ؟ إننا عندما نالحظ كلمات األرملة للقاضي ‪ ،‬ندرك مكان الخصم‬
‫في القصة ‪ .‬ربما بھدف االختصار يقول الوحي " أنصفني من خصمي "‬
‫ولعل ھذه الكلمات تحمل الكثير ‪ ،‬و أن الموقف فيه عذاب شديد ‪ ،‬وعداوة‬
‫عميقة ‪ .‬ونفھم كذلك أنھا عانت من ضيق مستمر على يدي ذلك الخصم ‪.‬‬
‫إنھا تطلب من القاضي أن يرد لھا األخطاء الموجھة إليھا بإحضار الخصم‬
‫إلى العدالة‪.‬‬

‫إن الخصم ‪ ،‬باعتبار معين ‪ ،‬يعتبر الشخصية المركزية في المثل ‪ ،‬وبدونه‬


‫لم يكن ھناك أي إشكال سواء للقاضي أو لألرملة و التي كانت تستطيع أن‬
‫تعيش بسالم ‪ .‬إن الخصم ھو المحرك الوحيد للمشاكل ‪ ،‬و لواله لما كان‬
‫ھناك مثل أو قصة ‪ .‬إنه المثير لكل االضطرابات والضيقات ‪ ،‬و من ثم‬
‫يجب التركيز عليه‪.‬‬

‫القاضي‬

‫ھذا القاضي ھو الوحيد صاحب السلطة في تلك المدينة ‪ ،‬و ھي صورة‬


‫ﷲ و قوته ‪ .‬ولئن يحكم إبليس حاليا ً و مؤقتا ً على العالم ‪ ،‬فھو‬ ‫لسلطان ًّ‬
‫مغتصب بالقوة ‪ .‬عندما مات الرب يسوع على الصليب ‪ ،‬فقد طرح جانبا ً‬
‫جرد الرياسات و السالطين ‪ ،‬أشھرھم جھاراً‬ ‫ًّ‬ ‫رئيس ھذا العالم ‪ ،‬و بموته "‬
‫ظافراً بھم فيه " ) كو‪ ، ( 15 : 2‬ومع أن العالم ال يزال تحت الشرير ‪ ،‬فھذا‬
‫ﷲ يوما ً يسترد فيه مملكته ويملك ابنه‬ ‫عين ًّ‬
‫ليس شرعيا ً على اإلطالق ‪ .‬لقد ﱠ‬
‫ﷲ يسمح للشيطان بالعمل ‪،‬‬ ‫إلى األبد ‪ .‬ولكن قبل وصول ھذا الوقت ‪ ،‬فإن ًّ‬
‫بينما يظل ھو نفسه يمسك بتقاليد حكم ھذا العالم ‪ .‬إن إبليس يتحكم في كل‬
‫ﷲ ‪ ،‬ولكن يبقى‬ ‫الذين ينتمون إليه ‪ ،‬و ربما يضطھد كل الذين ينتمون إلى ًّ‬
‫كل ھذا إلى حين فقط ‪ ،‬و حتى في ھذا الحين القصير ‪ ،‬فإن الشيطان محدود‬
‫تماما ً با ًّ ‪ .‬ربما يضايق القديسين ‪ ،‬ولكن في حدود معينة ‪ ،‬و بخالف ما‬
‫ﷲ به ‪ ،‬فإن العدو ليس له أي سلطان ‪ .‬وھذا ما نفھمه بوضوح من‬ ‫يسمح ًّ‬
‫ﷲ‬ ‫قصة أيوب ‪ .‬و كما أن القاضي ھنا يحكم على مدينة بأكملھا ‪ ،‬كذلك ًّ‬
‫يحكم على كل العالم ‪ .‬وكما يبدو غريبا ً أن الناس تحت حكم ھذا القاضي‬
‫يضايقون آخرين ‪ ،‬و يصبحون أخصاما ً ‪ ،‬ھكذا يفعل إبليس تحت حكم ًّ‬
‫ﷲو‬
‫يضطھد القديسين‪.‬‬

‫ﷲ و ال أھاب‬ ‫إن وصف ھذا القاضي نجده في كلماته ھو ‪ " :‬ال أخاف ًّ‬
‫إنسانا ً " ‪ ،‬ومع ذلك ‪ ،‬فإنه يسبب تردد األرملة عليه ‪ ،‬أحس بالضيق و‬
‫االمتعاض ‪ ،‬حتى أنه أنصفھا أخيراً ‪ .‬إن الرب يسوع يستخدم ھذا القاضي‬
‫ﷲ الذي ھو أبونا الصالح و المحب لنا دائما ً و‬ ‫سلبيا ً لكي يكشف عن صالح ًّ‬
‫ليس منفصالً عنا مثل ھذا القاضي ‪ .‬و إذا كان ھذا القاضي الظالم قد أنصف‬
‫ﷲ ولو قليالً من أجل شعبه ؟‬ ‫األرملة بسبب صراخھا المستمر ‪ ،‬أال يعمل ًّ‬
‫إن سبب حصول األرمل على موافقة القاضي إلنصافھا كان ھو في سؤالھا‬
‫المتكرر‪ .‬لم يكن لديھا أمل في القاضي ذاته ألنھا كانت تعلم أنه ظالم و‬
‫قاس‪.‬‬
‫ٍ‬

‫و لكن علينا أن ندرك أن استجابة صالتنا ًّ ال تأتي فقط بسبب عدم التوقف‬
‫_وھذا يكفي في ذاته لحصولنا على ما نسأل من أجله _ لكنھا أيضا ً بسبب‬
‫ﷲ مختاريه ؟‬‫ﷲ ؛ ولھذا يستنتج الرب يسوع ويقول ‪ " :‬أفال ينصف ًّ‬ ‫صالح ًّ‬
‫"وھنا يبرز المفارقة بين القاضي وبين ًّ‬
‫ﷲ‪.‬‬

‫األرملة‬

‫ھذه السيدة لم يكن لھا أحد تعتمد عليه ‪ ،‬و كلمة " أرملة " تعكس حقيقة‬
‫وحدتھا ‪ .‬إن زوجھا قد مات ‪ .‬و لعلھا مثال صالح لنا نحن المؤمنين في‬
‫العالم ‪ .‬إن ربنا يسوع المسيح قد صعد إلى السماء ‪ ،‬و إذا تحدثنا من النظرة‬
‫الجسدية ‪ ،‬فالمؤمنون ليس لھم متكل مثل األرملة ‪ .‬إن التعليم كما ورد في (‬
‫مت ‪( 5‬يكشف حال المؤمنين المؤلم ‪ ،‬فھم أضعف الكل و ليس لھم أية‬
‫مقاومة من أي نوع ‪ ،‬ومن ثم نعاني االضطھاد و اإلذالل في كل مكان ‪ .‬إن‬
‫الرب يسوع و رسله لم يأمروا قط المؤمنين أن يطلبوا قوة أو مركزاً في ھذا‬
‫العالم ‪ ،‬بل بالعكس ‪ ،‬يعلموننا التواضع و قبول الضيق ‪ ،‬و ھذا ھو الطريق‬
‫ﷲ على الصليب دون مقاومة أو‬ ‫الذي سلكه ربنا نفسه ‪ .‬و كما مات ابن ًّ‬
‫تذمر ‪ ،‬فال يتوقع تالميذه معاملة أفضل من العالم ‪ .‬و من ھذه الوجوه كلھا ‪،‬‬
‫فإن األرملة ھنا مثال طيب لنا نحن مؤمنو ھذا الدھر‪.‬‬

‫الخصم‬
‫كما أن األرملة كان لھا خصم ‪ ،‬فإننا نحن المؤمنين ‪ ،‬لنا خصمنا ‪ ،‬و ھو‬
‫إبليس كما ذكر القديس بطرس ) ‪1‬بط ‪ ( 8 : 5‬و علينا أن ندرك عدونا‬
‫بوضوح ‪ ،‬ثم نعرف كيفية االقتراب إلى قاضينا و الذي ھو إلھنا و نشكو‬
‫عدونا ‪ .‬إذا أردنا فحص أساس سبب العداوة الموجودة بيننا و بين إبليس ‪،‬‬
‫فسوف نكتشف تاريخا ً طويالً وراء ذلك ‪ .‬إنھا ببساطة قد بدأت في جنة‬
‫ﷲ ‪ " :‬و أضع عداوة بينك وبين المرأة و‬ ‫عدن‪ ،‬و بعد سقوط اإلنسان‪ ،‬قال ًّ‬
‫أنت تسحقين عقبه") تك‪ . (15 :3‬و‬ ‫بين نسلك و نسلھا ھو يسحق رأسك و ِ‬
‫ﷲ قد وضع عداوة في قلوبنا و في‬ ‫بما أن الشيطان يضرنا نحن البشر‪ ،‬فإن ًّ‬
‫قلب إبليس‪ .‬نحن نعلم أن النسل المذكور ھنا يشير إلى الرب يسوع المسيح ‪،‬‬
‫ﷲ بنفسه‪ .‬إننا‬‫و ھناك عداوة أبدية بينه و بين إبليس‪ ،‬و ھذا أمر قد عينه ﱠ‬
‫ﷲ ‪ ،‬و بالتالي نعتبر أن عدوه ھو‬ ‫المؤمنون بالرب يسوع نقف في جانب ًّ‬
‫عدونا أيضا ً ‪ ،‬و من ثم لن يدعنا إبليس نمر بسھولة دون مقاومتنا‪ .‬إنه‬
‫يحسب أن الرب يسوع عدوه و ھكذا كل تالميذه‪ .‬أما الذين ال يؤمنون بالرب‬
‫يسوع ‪ ،‬فھم أوالد إبليس ) يو ‪ : 44 ) 8‬و بالطبع فإن إبليس يحب خاصته‪.‬‬
‫إن ھذه العداوة تزداد عمقا ً يوما ً بعد يوم‪ .‬و حيث إن العدو قوي جداً و نحن‬
‫ضعفاء جداً و بدون سند مثل األرملة ‪ ،‬فإنه يستخدم كل قوته للضغط علينا‬
‫مسببا ً لنا خسارة عظيمة‪ ،‬و بدون إنصاف لنا‪ ،‬سوف تستمر الخسارة إلى‬
‫األبد‪.‬‬

‫إبليس و القديسون‬

‫كما تعامل الخصم بقسوة مع األرملة‪ ،‬ھكذا يتعامل إبليس اليوم بقسوة معنا‬
‫من يعلم مقدار معاناتنا على يديه؟ و بالطبع عندما يضطھدنا‬‫نحن المؤمنين‪ْ َ .‬‬
‫‪ ،‬فإنه ال يظھر ذاته و ال يعمل مباشرة ‪ .‬إن كل أعماله تتم من خالل الناس‬
‫أو األشياء ‪ .‬إنه يثير أھل العالم للعمل من أجله و يستمر ھو في قيادتھم ‪ .‬و‬
‫كما اتخذ إبليس صورة حية في عمله األول ‪ ،‬ھكذا سوف يسعى لصور‬
‫ﷲ عندما ال‬‫مختلفة في عمله اليوم ‪ .‬و بسبب ھذا التخفي ‪ ،‬قد يخطئ أوالد ًّ‬
‫يتعرفون على عدوھم الحقيقي‪.‬‬

‫إنه أحيانا ً يضعف أجساد الناس)أع‪ ،( 38 :10‬أو يثيرھم الضطھاد المؤمنين‬


‫(رؤ‪(10: 2‬و من ثم ُيھاجمون بواسطة مجتمعاتھم و أصدقائھم و عائالتھم‪.‬و‬
‫ربما يظنون أن ذلك يعود إلى كراھية الناس للرب‪،‬و ال يفطنون أن إبليس‬
‫ھو المثير الحقيقي لكل الھجمات ‪ .‬و أحيانا ً يعمل الشرير في البيئة و يسبب‬
‫مخاطر و صعابا ً للمؤمنين‪ ،‬أو يخلق سوء فھم وسطھم‪،‬فيفصل بين أعز‬
‫األصدقاء و يسبب الكثير من الدموع و كسر القلوب‪.‬‬

‫وأحيانا ً يمنع عن المؤمنين المواد الغذائية ‪ ،‬فيحتاجون و ربما يجوعون ‪ .‬و‬


‫في أوقات أخرى ‪ ،‬يجعلھم يشعرون باالكتئاب و يھبط من أرواحھم‪،‬‬
‫فيفقدون العزم و القوة ‪ ،‬أو يدفع بالمخاوف في قلوبھم ‪ ،‬أو يثقلھم بأمور‬
‫كثيرة حتى يتعبھم‪ ،‬أو يحرمھم من النوم ‪،‬أو يقنعھم بأفكار مغلوطة و غير‬
‫نقية ليضعف مقاومتھم ‪ ،‬أو يظھر لھم كمالك من نور لكي يخدعھم و‬
‫يضلھم‪.‬‬

‫إن قائمة أعمال إبليس ال تنتھي ‪ ،‬و باختصار فإن العدو سوف يفعل أي شئ‬
‫يجعل المؤمنين يتألمون روحيا ً أو جسديا ً ‪ ،‬أو يسقطون في الخطايا ‪،‬أو‬
‫ﷲ ال يدرون‬ ‫يسبب لھم خسارة أو دماراً ‪ .‬و لألسف ‪ ،‬فإن كثيرين من أوالد ﱠ‬
‫أعمال إبليس و ھم يعانون بين يديه ‪ ،‬و يفسرون األحداث و يرجعونھا إلى‬
‫الطبيعة أو المصادفة أو الناس ‪ ،‬غير مميزين أنه في أحداث طبيعية كثيرة‪،‬‬
‫ھناك أمور شيطانية غير طبيعية ‪ ،‬و في المصادفات الكثيرة ‪ ،‬ھناك تخطيط‬
‫شيطاني‪ ،‬و في معامالت البشر المتعددة ‪ ،‬ھناك أشرار يستخدمھم عدو‬
‫الخير‪.‬‬

‫اعرف العدو‬

‫إن أھم شئ أمامنا اآلن ھو التعرف على العدو‪ .‬البد أن نعرف بالتأكيد َ ْ‬
‫من‬
‫ھو خصمنا الذي يسبب لنا عناء كثيراً‪ .‬و كم من المرات نحسب أن آالمنا‬
‫سببھا الناس ‪ ،‬بينما يخبرنا الكتاب أن "مصارعتنا ليست مع دم ولحم بل مع‬
‫الرؤساء مع السالطين مع والة العالم على ظلمة ھذا الدھر مع أجناد الشر‬
‫الروحية في السماويات")أف‪ . (12:6‬إننا بحاجة أن نتذكر في كل ألم من‬
‫الناس ‪ ،‬إن إبليس وراء الدم و اللحم و أنه ھو القائد لكل شئ ضدنا‪ .‬يجب أن‬
‫ﷲ و بين محاوالت‬ ‫تكون لنا البصيرة الروحية الضرورية للتمييز بين عمل ًّ‬
‫إبليس خلف كل شئ ‪ ،‬و التمييز بين ما ھو طبيعي و بين ما ھو فوق‬
‫الطبيعي ؛ كما يجب أن نتدرب داخليا ً حتى نحصل على معرفة المجال‬
‫الروحاني‪ ،‬و من ثم ال تفلت منا أعمال إبليس الخافية‪.‬‬
‫و الحال ھكذا‪ ،‬أال ندرك أن ما نعتبره عادة أنه مصادفة أو طبيعي ‪ ،‬ربما‬
‫يشمل أعمال العدو خلف ھذه األحداث؟ سوف نرى عندئذ أن إبليس يحاول‬
‫فعالً أن يفشلنا في كل حركة ‪ ،‬و يضايقنا في كل شئ‪ .‬و من المؤسف أن كل‬
‫معاناتنا الماضية منه لم نعلم أنه ھو مصدرھا ‪ ،‬و ھذا ظلم ال يجب أن يبقى‬
‫بدون إنصاف‪.‬‬

‫صرخة التبرئة‬

‫بعدما تألمت كثيراً ھذه األرملة‪ ،‬توجھت إلى القاضي تطالب بالعدل ؛ و ھذا‬
‫ما يجب أن نتعلمه‪ .‬إننا ال نتقدم إلى قضاة أرضيين نلتمس منھم أن يعملوا‬
‫من أجلنا‪ ،‬كال ‪ ،‬إننا نأتي إلى قاضينا ﱠ‬
‫ﷲ أبينا في السماء ‪ .‬إن أسلحة‬
‫محاربتنا ليست جسدية )‪2‬كو ‪ (4 :10‬و لذلك سوف ال نستخدم أية وسيلة‬
‫أرضية أو جسدية ضد أدوات الدم والجسد التي يستخدمھا إبليس ‪ ،‬بل‬
‫بالعكس ‪ ،‬بدالً من إظھار عدم الصبر أو الغضب أو العداوة نحوھم ‪ ،‬سوف‬
‫نترفق بھم ألنھم مجرد آالت للشيطان‪ .‬دعونا نرى أن األسلحة الجسدية في‬
‫الحروب الروحية غير مفيدة مطلقا ً‪ .‬و ھي ليست غير مفيدة فحسب‪ ،‬بل إن‬
‫من يستخدمھا سوف يفشل و سوف يھزمه إبليس‪.‬‬ ‫َ ْ‬

‫ھناك أنواع كثيرة من األسلحة الروحية نجدھا في )أف ‪ ، ( 6‬و لعل أكثرھا‬
‫فاعلية ھو الصالة ) عدد ‪ . ( 18‬صحيح أننا بال قوة ولذلك ال نستطيع أن‬
‫ﷲ لكي ينصفنا‪ ،‬ألن الصالة‬ ‫ننصف ذواتنا من خصمنا ‪ ،‬ولكننا نصلي إلى ﱠ‬
‫ھي أفضل سالح ضد عدونا‪ ،‬وھى التى تحتفظ بخط دفاعنا األول سليما ً ‪ ،‬و‬
‫من خاللھا نستطيع مھاجمة عدونا و نسبب له خسارة كبيرة في خطته و‬
‫عمله و قوته‪ .‬لقد أدركت األرملة أنھا إذا صارعت بنفسھا ضد خصمھا فھي‬
‫خاسرة‪ ،‬ألنھا أرملة ضعيفة ال تستطيع مقاومة ذلك المتشرد‪ ،‬و ھكذا إذا‬
‫ﷲ بواسطة الصالة ‪،‬‬ ‫ﷲ بمفردھم دون االعتماد على قوة ﱠ‬ ‫صارع أوالد ﱠ‬
‫فإنھم سوف يصابون بالسھام الملتھبة‪ .‬إن الرب يسوع يعلمنا في ھذا امثل‬
‫أفضل طريقة للتغلب على الخصم ‪ ،‬و ھي الصالة نھاراً و ليالً ﱠ طالبين‬
‫منه أن ينصفنا من عدونا و ذلك بالحكم عليه‪.‬‬

‫الصالة التي تقاوم الشيطان‬

‫يقدم لنا الكتاب المقدس لنا مساعدات كثيرة في ھذا الشأن ‪ ،‬و سوف نفحص‬
‫القليل منھا حتى نتعلم مثل ھذه الصالة‪.‬‬

‫إننا نذكر عقاب ﱠ‬


‫ﷲ و لعنته للحية بعد عملھا الشرير األول‪ ،‬و أن ھذه اللعنة‬
‫كانت نبوة أن رأس الشيطان سوف يسحقھا الرب يسوع على الصليب ‪،‬و‬
‫ﷲ أن يجدد لعنته على إبليس‪ ،‬و عندئذ لن يتجاسر على‬ ‫يمكننا أن نطلب من ﱠ‬
‫أذيتنا‪.‬‬

‫مكتوب في إنجيل ) مر ‪ ( 1‬أن الرب يسوع عندما أخرج الروح النجس ‪ ،‬لم‬
‫يسمح له أن يتكلم بل قال له " أخرس " ) مر ‪ .( 25 :1‬و لذلك عندما‬
‫يستخدم الشيطان الناس لكي ينطقوا بكلمات العنف أو سوء الفھم‪ ،‬نستطيع‬
‫أن نسأل ﱠ‬
‫ﷲ لكي يغلق فم إبليس و ال يسمح له بالكالم من خاللھم‪.‬‬

‫أحيانا ً عندما نكرز باإلنجيل أو نعظ للناس‪ ،‬نطلب من الرب أن يمنع إبليس‬
‫من التحدث إلى المستمعين لنا فيسبب لھم الشك أو مقاومة كلمة ﱠ‬
‫ﷲ ‪ .‬لعلنا‬
‫نتذكر قصة دانيال في جب األسود و صالة واحدة كانت مؤثرة ‪ ":‬يا رب‪،‬‬
‫سد فم األسد ‪ ،‬و ال تسمح له بأذية شعبك‪" .‬‬

‫يقول الكتاب أيضا ً " أم كيف يستطيع أحد أن يدخل بيت القوي و ينھب‬
‫أمتعته إن لم يربط القوي أوالً و حينئذ ينھب بيته" )مت ‪ . ( 29 :12‬نحن‬
‫نعلم أن الرجل القوي ھنا ھو إبليس‪ ،‬و لكي نتغلب عليه‪ ،‬يجب أن نربطه‬
‫أوالً و ھكذا نشل حركته‪ .‬و نحن من أنفسنا ال نملك بالطبع القوة لكي نربط‬
‫الرجل القوي و نفقده حريته في مقاومة أعمالنا ؛ لكننا نستطيع أن نصلي‪ ،‬و‬
‫ﷲ أن يربط الشيطان و يجعله بال قوة‪ .‬إننا عندما نبدأ أي عمل‬‫نطلب من ﱠ‬
‫في أي وقت ‪ ،‬إذا استطعنا أن نربط الشيطان أوالً بالصالة‪ ،‬فإن النصرة‬
‫مؤكدة‪ .‬لماذا ال نصلي دائما ً‪ " :‬يا رب‪ ،‬اربط القوى "‪" .‬ألجل ھذا أظھر ابن‬
‫ﷲ لكي ينقض أعمال إبليس") ‪1‬يو ‪ .( 8 :3‬عندما نميز عمالً من إبليس‪،‬‬ ‫ﱠ‬
‫يمكن أن نصلي كما يلي " ‪:‬يا رب لقد ظھر ابنك لكي ينقض ) يدمر (‬
‫أعمال إبليس و كم نشكرك ألنه نقض أعماله على الصليب ‪ ،‬يبد أن إبليس‬
‫ال يزال يعمل أيضا ً ؛ من فضلك انقض عمله فينا و على عملنا و على‬
‫محاوالته في محيطنا "‪ .‬عندما نالحظ أن إبليس يعمل فينا أو في العائلة أو‬
‫ﷲ أن ينقض كل أعماله‪.‬‬ ‫المدرسة أو الكنيسة أو الدولة ‪ ،‬نطلب من ﱠ‬

‫نقرأ في رسالة يھوذا كلمات ميخائيل رئيس المالئكة للشيطان "لينتھرك‬


‫الرب )‪ ، " (9‬و بعدھا لم يتجاسر إبليس على أية مقاومة‪ .‬و نستطيع أن‬
‫ﷲ أن ينتھر عدونا‪ ،‬و‬‫نستخدم ھذه الكلمات عينھا في صالتنا ضده‪ .‬و نسأل ًّ‬
‫ﷲ يسمع مثل ھذه الصالة‪ ،‬و أن الشيطان ال يستطيع المقاومة‪،‬‬ ‫نحن نعلم أن ًّ‬
‫ألنه يخشى انتھار الرب‪.‬‬
‫عندما انتھر الرب الريح و البحر فقد أطاعاه و في الحال سكنت الريح و‬
‫ھدأ البحر‪ .‬إن انتھار الرب يفعل الشيء ذاته مع إبليس‪.‬‬

‫عندما نقرأ في المزامير ‪ ،‬نجد مقدار تأثير انتھار الرب‪ " :‬فظھرت أعماق‬
‫المياه و انكشفت أسس المسكونة من زجرك ) انتھارك ( يا رب من نسمة‬
‫ريح أنفك")مز ‪ (15:18‬؛ " من انتھارك يا إله يعقوب ُ ﱠ‬
‫يسبخ ) ينام نوم‬
‫الموت )فارس و خيل" ) مز ‪( 6 :76‬؛ "ھي محروقة بنار مقطوعة‪ ،‬من‬
‫انتھار وجھك يبيدون(" مز ‪(16 :80‬؛ " من انتھارك تھرب من صوت‬
‫رعدك تفر " )مز‪(7:104‬؛ "انتھر بحر سوف فيبس" )مز‪) .9:106‬‬

‫إن كل ھذه اآليات ترينا قوة انتھار الرب‪ .‬عندما يضايقنا العدو‪ ،‬علينا أن‬
‫ﷲ أن ينتھره‪ .‬مكتوب في )مت ‪ (16‬أن بطرس أراد أن يمنع‬ ‫نطلب من ًّ‬
‫الرب يسوع من الذھاب إلى الصليب بسبب العاطفة البشرية‪،‬لكن الرب‬
‫انتھره و قال له‪ " :‬اذھب عني يا شيطان" )مت‪ ، (23:16‬عندما يستخدم‬
‫إبليس أصدقائنا أو أقاربنا من أجل إعاقتنا‪ -‬بسب عواطف بشرية‪ -‬عن عمل‬
‫ﷲ‪ ،‬علينا أن نطلب من ًّ‬
‫ﷲ أن يبعد عنا الشيطان‪.‬‬ ‫إرادة ًّ‬

‫يعلمنا الرب أن نصلي ھكذا‪ ":‬نجنا من الشرير)مت ‪ ( 13 : 6‬و بما أننا ال‬
‫نعرف متى يأتي الشرير لكي يتحرش بنا‪ ،‬علينا أن نصلى بھذه الكلمات‪.‬‬
‫و بما أن الرب يسوع جرد الرياسات‬
‫و السالطين بواسطة الصليب‪،‬علينا أن نتمسك بھذا الصليب كلما شاھدنا قوة‬
‫الشيطان‪،‬و نسأل الرب أن يخزى ھذا العدو مرة أخرى و متى خزي‬
‫الشيطان‪،‬فإنه ال يتجاسر بعد أن يرفع رأسه‪،‬و من ثم ال يستطيع التحرش بنا‬
‫مرة أخرى‪.‬‬

‫مدة الصالة‬

‫ھناك صلوات كثيرة نصليھا مرة واحدة‪ .‬لكن الصالة التي تھاجم إبليس ربما‬
‫تطول كثيراً ‪ .‬إن ھدف ھذا المثل ھو "ينبغي أن نصلى كل حين" ) لو ‪: 18‬‬
‫‪) .1‬‬

‫لقد أنصف القاضي األرملة‪ ،‬ليس من أجل العدل و ال ألي سبب آخر سوى‬
‫أنه لم يحتمل تكرار ترددھا عليه‪ ،‬و ھذا ما عبر عنه بقوله‪ " :‬لئال تأتي دائما ً‬
‫فتقمعني "‪ .‬و بالتالي فإن ھذا النوع من الصالة يجب تقديمه بال توقف و لو‬
‫مؤقتا ً‪ .‬إن مثل ھذه الصالة ال تقال في وقت الحاجة‪ ،‬و لكنھا تستمر كموقف‪،‬‬
‫و ننطق بھا في الروح و في األيام العادية‪ .‬و لذلك يقول الرب في‬
‫ﷲ مختاريه الصارخين إليه نھاراً و ً‬
‫ليال؟"‪ .‬إن ھذا‬ ‫المثل‪":‬أفال ينصف ًّ‬
‫النوع من الصالة يقدم نھاراً و ليالً بال توقف‪.‬‬

‫ﷲ‪ ،‬كما أن ھذا العدو" يشتكى‬ ‫إننا يجب أن نشكو عدونا باستمرار أمام ًّ‬
‫ﷲ( أمام إلھنا نھاراً و ليالً " ) رؤ‪ (10 : 12‬فإذا كان يشتكى‬ ‫عليھم)أوالد ًّ‬
‫ليال‪ ،‬أفال يجب أن نشتكى عليه نحن أيضا ً نھاراً و ليالً ؟!‬
‫علينا نھاراً و ً‬
‫طالما ھناك يوم آخر يستمر الشيطان فيه من اغتصاب العالم‪ ،‬و طالما أنه لم‬
‫ُيسجن بعد في الحفرة العميقة و لم ُيلق بعد بحيرة النار‪ ،‬فإننا سوف نستمر‬
‫ﷲ ‪،‬و إلى أن يسقط إبليس‬ ‫في الصالة ضده ‪،‬و لن نتوقف إلى أن ينصفنا ًّ‬
‫مثل البرق من السماء‪.‬‬

‫لقد أظھر الشيطان عداوته نحونا في كل خطوات طريقنا‪ ،‬و جعلنا نتألم‬
‫روحا‪ ،‬فلماذا إذاً نتحمل اضطھاده بال كالم أو صالة ؟ و لماذا‬
‫ً‬ ‫بشدة جسداً و‬
‫ﷲ لكي نشكوه بالكالم و بالصالة؟ ھذا ھو السعي الحقيقي نحو‬ ‫ال نقف أمام ًّ‬
‫التبرئة‪.‬‬

‫تأثير الصالة‬

‫ما ھو تأثير مثل ھذه الصالة؟ إننا نرى ھذا التأثير في فترتين مختلفتين ‪:‬‬
‫أوالھما ھي التأثير المباشر‪ .‬في كل مرة ُتقدم شكوى ضد العدو‪ ،‬فإنه‬
‫ﷲ صالتنا مرة بعد األخرى‪ ،‬زادت‬ ‫ينحصر با ًّ فال يضرنا‪،‬و كلما سمع ًّ‬
‫خسارة إبليس و تم تجريد أمتعته‪.‬‬

‫بيد أن ھذا التأثير يتعدى الفورية‪ .‬و يركز الرب في المثل على التبرئة‬
‫ﷲ ينتھر و يدمر إبليس مرة بعد‬‫النھائية‪ ،‬فكلما صلينا مرة بعد األخرى‪ ،‬فإن ًّ‬
‫األخرى ‪ .‬لكن ليست ھذه ھي النھاية‪ ،‬ألن العدو ينحصر مؤقتا ً ‪ ،‬و عليه أن‬
‫يتحمل نتيجة ھزيمته النھائية‪ ،‬فعندما يقول "و ھو متمھل عليھم" يشير إلى‬
‫نھاية إبليس بطرحه في بحيرة النار‪ ،‬و ھنا تتم التبرئة النھائية للمؤمنين ‪.‬‬
‫ﷲ يسمع فعال صلوات المؤمنين و يقيد‬ ‫ﷲ‪ .‬و رغم أن ًّ‬ ‫اآلن ھو وقت إمھال ًّ‬
‫أعمال إبليس‪ ،‬إال أنه لم يطرحه بعد بالكامل حتى يستحيل عليه أن يتحرش‬
‫بنا‪ .‬إنه اآلن وقت للمؤمنين للصالة حتى يأتي ذلك اليوم الذي ينطرح فيه‬
‫فمن كان يعلم متى سوف‬ ‫ً‬
‫دائما‪ْ َ ،‬‬ ‫عدو الخير‪ .‬إن األرملة‪ ،‬لو لم تلتمس‬
‫ينصفھا القاضي من خصمھا؟ إن استمرارھا في االلتماس‪ ،‬قد أسرع بيوم‬
‫تبرئتھا‪ .‬و إننا اليوم علينا أن نفعل األمر نفسه‪.‬‬

‫يقول الرب " أقول لكم إنه ينصفھم سريعا ً "‪ .‬و يبدو أن الرب يلمح ھنا أن‬
‫سرعة عمله إنما تتحدد بمثابرتنا على الصالة‪ .‬فإذا كنا نشكو الشيطان‬
‫ﷲ سوف ينصفنا سريعا ً‪ .‬عندما يأتي يسوع‬ ‫باستمرار في الصالة‪ ،‬فإن ًّ‬
‫ثانية‪ ،‬فإنه سوف يطرح إبليس تماما ً و يحرمه من كل قوته‪ .‬و الصالة التي‬
‫تتھم إبليس سوف تعجل من عودة يوم الرب‪.‬‬

‫األيام األخيرة‬

‫عندما أنھى الرب يسوع حديثه‪ ،‬ختمه بھذا القول‪ " :‬و لكن متى جاء ابن‬
‫اإلنسان‪ ،‬ألعله يجد اإليمان على األرض؟" ‪ .‬و يبدو من ذلك أنه وقت عودة‬
‫يسوع ثانية سوف يكون ھناك عجز كبير لھذا النوع من الصالة بين شعبه‪.‬‬
‫إنھم ال يصلون مثل ھذه الصالة إذ ال إيمان لھم‪ .‬إنھم يرون أن طرح إبليس‬
‫الھوة السحيقة ثم في بحيرة النار‪ ،‬كأنه أمر كبير جداً و صعب للغاية‪،‬‬
‫في ﱠ‬
‫فإذا كان الوعد " إله السالم سيسحق الشيطان تحت أرجلكم سريعا ً")رو‪16‬‬
‫ً‬
‫قرنا‪ ،‬فكيف أتوقع تحقيقه من خالل صالتى؟‬ ‫‪) 20:‬لم يتحقق بعد عشرين‬

‫على أي حال‪ ،‬إن األيام األخيرة ھي الوقت الذي يجب أن نصلي فيه مثل‬
‫ھذه الصالة‪ .‬ھل نستطيع نحن القليلين المؤمنين أن نرفع صلوات ضد‬
‫الشيطان حتى يفقد قوته و مركزه‪ ،‬و في األيام التي يندر فيھا مثل ھذه‬
‫الصلوات؟‬

‫نحن نعلم أنه في األيام األخيرة‪ ،‬سوف ينشط إبليس و أعوانه بطريقة غير‬
‫عادية‪ ،‬و لذلك لزم علينا أكثر من أي وقت آخر أن نصلي ضده و لكي‬
‫تسقط مملكته و الواقع أنه ال يوجد عمل ألوالد ًّ‬
‫ﷲ اليوم أعظم من ھذا‬
‫من ھو المستعد أن يصلي ضد إبليس من أجل ًّ‬
‫ﷲ و من‬ ‫العمل ‪.‬يا ترى ‪ْ َ ،‬‬
‫أجل نفسه؟‬

‫مقاتلي‪ .‬أمسك مجنا ً و ترسا ً و انھض إلى‬


‫ّ‬ ‫مخاصمي قاتل‬
‫ّ‬ ‫"خاصم يا رب‬
‫معونتي و أشرع رمحا ً و صد تلقاء مطاردى‪.‬‬

‫قل لنفسي خالصك أنا‪ .‬ليخز و ليخجل الذين يطلبون نفسي‪ .‬ليرتد إلى‬
‫الوراء و يخجل المتفكرون بإساءتي‪ .‬ليكونوا مثل العصافة قدام الريح و‬
‫مالك الرب داحرھم )طاردھم( ‪ .‬ليكن طريقھم ظالما ً و زلقا ً ) غير ثابت( و‬
‫مالك الرب طاردھم)يتعقبھم(‪.‬ألنھم بال سبب أخفوا لي ھوة شبكتھم‪ .‬بال‬
‫سبب حفروا لنفسي …‪ ..‬استيقظ و انتبه إلى حكمي يا إلھي و سيدي إلى‬
‫دعواي ") مز ‪23 ).، :1-735‬‬

‫الفصل السادس )بعض المؤشرات نحو الصالة)‬

‫أوال‪ ،‬ھل قدم ًّ‬


‫ﷲ لنا إمداداً كافيا ً للصالة؟ نعم‪ ،‬لقد فعل ذلك في ابنه بواسطة‬ ‫ً‬
‫الروح القدس‪ ،‬و بدون ذلك‪ ،‬ربما ننسحب من امتياز الصالة و واجبنا‬
‫نحوھا‪ .‬و لكن شكراً ًّ ألنه أعطانا كل الحقوق لالقتراب منه و الحياة أمامه‬
‫؛ و نستطيع أن نلخص ذلك في كلمتين‪ :‬الثقة و العون‪.‬‬

‫دعونا نتأمل أوالً في "الثقة"‪ .‬إنھا تعني القدرة على التصديق‪ ،‬و شجاعة‬
‫االتكال‪ ،‬و التأكيد التام باالعتماد و ھكذا ‪ ..‬إن روح الثقة ھي في غاية‬
‫األھمية للصالة و للحياة اإليمانية بأكملھا‪ .‬إذا كانت عالقتنا مع ًّ‬
‫ﷲ في‬
‫تذبذب مستمر‪ ،‬فإن حياتنا كلھا سوف تتأثر "فإذ لنا أيھا اإلخوة ثقة بالدخول‬
‫إلى األقداس بدم يسوع‪ ،‬طريقا ً كرسه لنا حديثا ً حيا ً بالحجاب أي جسده ‪..‬‬
‫لنتقدم بقلب صادق في يقين اإليمان") عب‪).22– 19: 10‬‬

‫"الذي به أيضا ً قد صار لنا الدخول باإليمان إلى ھذه النعمة التي نحن فيھا‬
‫مقيمون")رو‪) .2:5‬‬

‫"ألن به لنا كلينا قدوما ُ في روح واحد إلى اآلب ") أف ‪ " .( 18 : 2‬الذي‬
‫به لنا جراءة و قدوم بإيمانه عن ثقة " ) أف ‪) .12 : 3‬‬
‫إن الثقة الحقيقية تقوم على أساس واحد‪ ،‬و ھو السيد المسيح نفسه‪.‬إن لنا‬
‫ﷲ‪ ،‬ألن المسيح نفسه ھو ذلك االمتياز الذي‬‫االمتياز المطلق إن نقترب إلى ﱠ‬
‫لنا‪.‬‬

‫ﷲ به‪ .‬إننا نأتي إلى اآلب في اسم المسيح و في أي وقت و‬ ‫و ھذا ما زودنا ّ‬
‫في أي مكان‪ ،‬و ال يمكن أن نقترب إليه في شخصياتنا أو أسمائنا أو أحوالنا‪،‬‬
‫ألن ھذا مستحيل‪ .‬إننا نتقدم لكي نرى اآلب في اسم ابنه فقط ‪ ...‬مكتوب في‬
‫(أف ‪ (12 :3‬أنه في المسيح يسوع ربنا‪ ،‬لنا جراءة و قدوم عن ثقة من‬
‫ﷲ بعدم استحقاقنا له‪ ،‬بل بالحرى إن السيد‬ ‫خالل إيماننا به‪ .‬إننا ال نتقدم إلى ﱠ‬
‫المسيح ھو الذي يأخذ بيدنا و يقودنا إلى اآلب‪ .‬إنه يتقدم بكل الذين تطھروا‬
‫ﷲ‪ ،‬كأنھم قد قاموا من األموات و لبسوه ثوبا ً‬ ‫بالدم‪ ،‬و يأتي بھم إلى حضرة ﱠ‬
‫لبرھم‪ .‬و لھذا فإن ثقتنا ھي المسيح نفسه‪.‬‬

‫ثم نأتي إلى الكلمة الثانية"العون" ‪ .‬طوبى للذين يقتربون إلى ﱠ‬


‫ﷲ بجرأة و‬
‫قدوم‪.‬و بالرغم من ھذا االمتياز العظيم‪ ،‬فإننا نشعر بعجزنا الذاتي‪ ،‬و ضعفنا‬
‫‪ ،‬و جھلنا‪ ،‬للدرجة التي نجھل فيھا كيف نصلي‪ .‬و ما أجمل أن نعرف و‬
‫نختبر معونة الروح القدس ھنا‪.‬‬

‫"كذلك الروح أيضا ً يعين ضعفاتنا ألننا لسنا نعلم ما نصلى ألجله كما ينبغي‬
‫و لكن الروح نفسه يشفع فينا بأنات ال ُينطق بھا‪ .‬و لكن الذي يفحص القلوب‬
‫ﷲ يشفع في القديسين")رو ‪: 8‬‬ ‫يعلم ما ھو اھتمام الروح ألنه بحسب مشيئة ﱠ‬
‫‪27) . ، 26‬يظھر ھنا ضعفنا بوضوح‪ ،‬أي في الصالة بالذات أكثر من أي‬
‫شئ آخر في المجال الروحي‪ .‬و نحن نعلم الصعوبة الكبرى التي واجھت‬
‫التالميذ تجاه الصالة في بستان جثسيماني‪ .‬لكن شكراً ﱠ ‪ ،‬إذ لنا الروح‬
‫القدس القادر على عوننا‪ ،‬و علينا أن نتكل عليه ألنه يسكن فينا و يعمل‬
‫بداخلنا ال سيما في أوقات العجز أو الجھل‪ .‬و رغم أننا ال نعلم كيفية‬
‫ﷲ ‪ ،‬و من ثم‬ ‫الصالة‪ ،‬لكن الروح القدس المقيم فينا‪ ،‬ھو نفسه يعلم إرادة ﱠ‬
‫ﷲ‪ .‬ھذا باإلضافة إلى أنه يعطي معنى‬ ‫يعلمنا كيفية الصالة بحسب إرادة ﱠ‬
‫ﷲ و ھكذا يقودنا إلى حقيقة الشركة‪ .‬دعونا إذن عندما نصلي‬ ‫لشركتنا مع ًّ‬
‫نعتمد على السيد المسيح الذي نؤمن به و على الروح القدس الذي ھو عوننا‬
‫‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪:‬لماذا يحاول إبليس مقاومة الصالة؟‬

‫إن الشيطان عازم على قطع شركتنا مع السماء‪ ،‬و بالتالي ھو مستعد لدفع‬
‫أي ثمن في سبيل إعاقة الصالة الحقيقية دعونا ننتبه إلى ھذه الحقيقة‪،‬أنه‬
‫يھاجم باستمرار صلوات الكنيسة و أيضا ً صلوات المؤمنين‪ ،‬و عندما ينجح‬
‫في الھجوم‪ ،‬فإنه يشعر بالراحة‪ ،‬و علينا إذن أن نتحذر و نحترص ضد‬
‫العدو ال سيما عندما ننوي الصالة‪.‬‬
‫ھناك مجاالت البد من االھتمام الخاص بھا في التعامل مع الھجوم‬
‫الشيطاني ‪ ،‬و ھي‪:‬‬

‫‪1.‬الشيطان سوف يھاجم ثقتنا في الرب‪ .‬إنه يعلم أنه إذا استطاع أن يشعرنا‬
‫بعدم استحقاقنا و بعدم قدرتنا فإننا سوف نفقد ثقتنا في الرب ‪ ،‬و بالتالي يبعد‬
‫قلوبنا عن مجال الصالة‪.‬‬

‫‪2.‬أحيانا ً يھاجم أجسادنا‪ ،‬و منھا األفكار و األعصاب‪ .‬و عندما نشعر‬
‫بالتعب فإننا نترك الصالة‪ ،‬و لكن علينا أن نحترص ضد ھذه األمور و‬
‫نتغلب عليھا ‪.‬أما األمور التي ليس لنا سلطان عليھا‪ ،‬فالرب ھو المسئول‪.‬‬

‫‪3.‬أحيانا ً يھاجمنا من جھة وقت صالتنا ‪ ،‬الخاصة‪ ،‬أو داخل الكنيسة‪ .‬وإذا‬
‫تضيع علينا وقت الصالة‪ ،‬فإنه‬
‫ﱢ‬ ‫لم يستطع أن يشغلنا تماما ً بأمور أخرى‬
‫يشعرنا أننا لم نتمتع بصلوات حقيقية في ذلك الوقت‪ .‬ربما ننجح في‬
‫االحتفاظ بأوقات الصالة‪ ،‬لكننا نفشل في االحتفاظ بروح الصالة أو بحياتھا‬
‫‪.‬‬

‫‪4.‬قد يھاجم الشيطان شركتنا المستمرة مع الرب‪ ،‬و ذلك بخلق طبقة سميكة‬
‫مانعة بيننا و بين الرب‪ ،‬و من ثم ال نستطيع االتصال‪ ،‬و يبدو كما لو أن‬
‫ھناك ضبابا ً سريا ً يفصلنا عن الرب‪.‬‬

‫أخيرا‪ ،‬قد يدفعنا إلى الظالم فال نرى ضرورة للصالة‪ .‬إنه يحاول دائما ً‬
‫ً‬ ‫‪5.‬‬
‫أن يشتت انتباھنا نحو أمور أخرى و ھكذا يضر بحياة صالتنا‪ .‬ليتنا ال‬
‫نسقط في ھذه المصيدة‪ .‬علينا أن ننظر إلى الرب‪ ،‬و نجمع أدوات الصالة‬
‫ﷲ و رغباته‪ .‬إن مسئوليتنا في الصالة‬ ‫المتعددة و نلتفت كثيراً إلى مطالب ًّ‬
‫ليست بسيطة‪ ،‬و لذلك علينا بالمراقبة و االستمرار في الصالة‪.‬‬
‫ثالثا ً‪:‬بجانب الصالة الفردية‪ ،‬ما ھو نوع الصالة الواجب علينا؟ و بحسب‬
‫ﷲ‪.‬‬‫كلمة ًّ‬

‫ھناك صالة مشتركة‪ ،‬أي صالة الكنيسة‪ ،‬و ھي ال تقلل بأي حال من‬
‫ﷲ‪ ،‬أن ما يعجز‬ ‫األحوال قيمة الصالة الشخصية‪ .‬توجد قاعدة في ملكوت ًّ‬
‫عنه شخص واحد في بعض النواحي‪ ،‬قد يكون ممكنا ً من خالل التعاون‬
‫المتبادل و المشترك‪ ،‬و ينطبق ذلك بصفة خاصة على الصالة‪ .‬إن كل الذين‬
‫اتبعوا الرب عن قرب يرون الحاجة إلى الصالة مع المؤمنين اآلخرين ؛ و‬
‫ربما يشعرون أحيانا ً بعدم كفاية صلواتھم الخاصة‪ ،‬و بالذات عندما يصلون‬
‫ﷲ فھو يحتاج إلى كل قوة الكنيسة ‪.‬‬‫من أجل موضوع عظيم مثل ملكوت ًّ‬
‫"مكتوب بيتي بيت الصالة")مت‪ ،(13 :21‬و ھنا نضيف القول ‪ ":‬وبيته‬
‫نحن " )عب ‪) .6 :3‬‬

‫"و أقول لكم أيضا ً إن اتفق اثنان منكم على األرض في أي شئ يطلبانه فإنه‬
‫قبل أبي الذي في السموات‪ .‬ألنه حيثما اجتمع اثنان أو ثالثة‬
‫يكون لھما من ِ َ‬
‫باسمي فھناك أكون في وسطھم") مت ‪).20 ، 19 :18‬‬

‫إن الواقع واالختبار يشھدان أن نصيب المسيح يكون أعظم عندما يجتمع‬
‫المؤمنون معا ً في اسم الرب‪ ،‬عما لو كان الشخص بمفرده‪ ،‬ذلك ألن الرب‬
‫يكون في "وسط" الكنيسة و ليس في وسط الفرد ) ألنه فيه إذا كان م ً‬
‫ؤمنا‪،‬‬
‫و ال يمكن أن يكون في "وسطه"(‪ .‬إننا عندما نجتمع معا ً في اسم الرب‬
‫بحق‪ ،‬فسوف نشعر بأفق واسع في الصالة و نتقوى جداً في معركة الصالة‬
‫ﷲ لنا خالل الروح القدس‪.‬‬‫؛ ثم إننا نختبر إعالن فكر ًّ‬

‫رابعا ً‪ :‬ما ھي الجوانب المختلفة في عمل الصالة‪ ،‬و التي يجب االھتمام بھا؟‬

‫‪1-‬الشركة مع الرب في كل شئ‪ .‬علينا أن نأتي بكل األمور في حياتنا إلى‬


‫الرب‪ ،‬ألنه ال يوجد أمر غير مھم في الحياة اإليمانية المسيحية ؛ وھذا ما‬
‫يجب أن نتعود عليه يوميا ً‪" :‬بل في كل شئ بالصالة و الدعاء…")في ‪:4‬‬
‫‪).6‬‬
‫‪2-‬السؤال و االستمرار في السؤال‪ ،‬ألن ًّ‬
‫ﷲ يسر بذلك‪" .‬إن كان أحد تعوزه‬
‫يعير فسيعطى له‪ ،‬و‬‫ﷲ الذي يعطى الجميع بسخاء و ال ﱢ‬ ‫حكمة فليطلب من ًّ‬
‫لكن ليطلب بإيمان غير مرتاب البتة")يع‪" .(6 ،5 :1‬لستم تمتلكون ألنكم ال‬
‫تطلبون‪ .‬تطلبون و لستم تأخذون ألنكم تطلبون رديا ً")يع‪ .(3 ،2: 4‬و‬
‫السؤال ھنا يتضمن الثقة و الرغبة‪ ،‬و ھذه الرغبة أو الدافع يجب أن يكون‬
‫نقيا ً‪.‬‬

‫ﷲ لكى نصلى من أجل اآلخرين من‬‫‪3-‬التأمل والتشفع‪ :‬إننا نقف أمام ًّ‬
‫الناس‪ ،‬و ھذا في الواقع اشتراك مع الرب في عمله كرئيس كھنة عظيم‪ .‬إنه‬
‫يشفع من أجل شعبه باستمرار و من أجل احتياجاتھم )عب ‪25 :7‬؛ كو ‪:4‬‬
‫‪).12‬‬

‫ً‬
‫فورا؟ و لماذا‬ ‫ﷲ‬‫‪4-‬مداومة الصالة‪ ،‬أي المثابرة فيھا‪ .‬لماذا ال يستجيب ًّ‬
‫ﷲ يريد‬ ‫ﷲ فيھا؟ ھناك سببان على األقل‪ (1) :‬إن ًّ‬ ‫تمتد األيام التى يصمت ًّ‬
‫تفاعالً كامالً من شعبه بخصوص األمر الذي يھتم به و الذي يرغب فيه‬
‫بشدة؛‬
‫)‪(2‬أحيانا يتطلب األمر مثل ھذا النوع من الصالة‪ ،‬ألن الحصون التي‬
‫يقيمھا الشيطان تحتاج إلى صلوات مكثفة لھدمھا) مت‪ 8 ،7 :7‬؛ مر ‪: 9‬‬
‫‪).29 ،28‬‬

‫‪5-‬الصالة الفاعلة‪ :‬عندما نتحد مع الرب الجالس على العرش) ألنه رب‬
‫الكل( فإننا نصلى في اسمه الذي ھو فوق كل اسم )في ‪).9: 2‬‬

‫‪6-‬حرب الصالة‪ :‬من خالل الصالة‪ ،‬نرفع نصرة الصليب في التعامل مع‬
‫كل األمور‪ ،‬و عملية الصالة تتبع انتصار الرب )أف ‪).20 - 10 : 6‬‬

‫‪7-‬صالة اإليمان‪ :‬يستطيع الروح القدس أن يعلن لنا نوعا ً من التأكيد‬


‫ﷲ ‪ ،‬و ھكذا نجد تأكيداً مباشراً‬ ‫الداخلى تحت بعض الظروف‪ ،‬فنعرف إرادة ًّ‬
‫لصلواتنا‪.‬‬

‫‪8-‬التثقل بالصالة‪ :‬الصالة ھي نوع من المخاض في والدة روحية‪ ،‬و ھي‬


‫دخول في شركة مع آالم المسيح‪ ،‬و مع قلب اآلب ‪ ،‬و مع أنات الروح‬
‫القدس‪ ،‬و حتى يوم المجد)غال ‪).19 :4‬‬
‫خامسا ً‪:‬ما ھو الھدف الرئيسى للصالة؟‬

‫ﷲ يرغب أن تكون له كنيسة مجيدة‪ ،‬وھدف الصالة ھو إعداد ھذه الكنيسة‬ ‫ًّ‬
‫لكى ُتقدم للسيد المسيح‪ ،‬و ھذا ھو إعالن الكتاب المقدس كله‪ ،‬ألنه الفكر‬
‫المحورى ًّ ذاته‪ .‬إننا نحتاج إلى اھتمام خاص لھذا األمر‪ ،‬و قد ﱠ‬
‫عبر عنه‬
‫الرب في صالته الشفاعية )يو ‪ ،(17‬كما أنه واضح في رسائل القديس‬
‫بولس ‪.‬و ال نقول إننا نقلل من الصلوات ألجل األمور األخرى ‪ ،‬و لكن ھذا‬
‫يھدف نحو إيجاد بؤرة مركزية لكل أنواع الصلوات المقدمة‪ .‬و عندما يكون‬
‫ھذا الھدف في عقولنا‪ ،‬فإن الصلوات األخرى سوف ترتفع إلى مستوى‬
‫أعلى‪ .‬عندما ترى أن كرازتنا باإلنجيل ھي أكثر من نقل الناس من الموت‬
‫إلى الحياة‪ ،‬و أنھا تھدف أساسا ً لمنح الناس حياة أبدية و من ثم التمتع‬
‫بالوحدة مع المسيح المجيد‪ ،‬فعندئذ سوف تزداد صلواتنا الشفاعية و ال تقل‬
‫من أجل العالم كله‪ .‬و أكثر من ذلك‪ ،‬فإن العالم اليوم يحتاج أن يرى مجد‬
‫المسيح من خالل كنيسته‪ .‬و يجب على ھذه الكنيسة أن تؤثر على العالم بقوة‬
‫الروح القدس‪ ،‬و بحقيقة أنھا قناة توصيل بركة ًّ‬
‫ﷲ للعالم‪.‬‬

‫ﷲ المحتومة أن تكون لنا شركة وثيقة معه‪ .‬إنه يريدنا‬ ‫أخيرا‪ ،‬إنھا إرادة ًّ‬
‫ً‬
‫كأوالد له‪ ،‬أن نأتي إليه في ابنه المحبوب ربنا يسوع المسيح‪ .‬إنه يريد أن‬
‫كھنة كثيرين يصاحبون رئيس الكھنة األعظم)عب ‪ (25 :7‬في عمل‬
‫شفاعته" ‪.‬و جعلنا ملوكا ً و كھنة ًّ أبيه")رؤ ‪ " (6 :1‬و أما أنتم ‪..‬كھنوت‬
‫ملوكى") ‪1‬بط ‪) .9 :2‬‬

‫الفصل السابع )تكتيكات إبليس البالية)‬

‫العلى" ) دا ‪).25: 7‬‬


‫ﱢ‬ ‫"و يتكلم بكالم ضد العلى‪ ،‬و يبلى قديسى‬
‫إن عمل الشيطان ھو مھاجمة أوالد ًّ‬
‫ﷲ‪ .‬قد ال يأتى ھجومه فجأة‪،‬و غالبا ً ما‬
‫يكون تدريجيا ً و بطيئا ً‪ .‬يقول دانيال إن إبليس سوف يبلى قديسى العلى ‪.‬إن‬
‫له خطة ضدھم لكى يقضي عليھم‪ .‬و من ثم دعونا ندرك بوضوح أن عمل‬
‫إبليس في حياة أوالد ًّ‬
‫ﷲ ھو عادة غير ملحوظ ألنه بطئ‪.‬‬

‫ما معنى "يبلى"؟ ‪ ...‬إنه يحمل فكرة التقليل ھذه اللحظة‪ .‬يتبعه تقليل آخر‬
‫بسيط اللحظة التالية‪ .‬إنه تقليل ھذا اليوم‪ ،‬ثم تقليل آخر في اليوم التالي ‪ ،‬و‬
‫فعال‪ ،‬و نادراً ما يشعر به أحد‪،‬‬‫ً‬ ‫ھكذا يكون البالء غير ملحوظ‪ ،‬لكنه حادث‬
‫لكن في النھاية ال يبقى شئ‪ .‬و ھذا ھو مبدأ عمل الشيطان في حياة أوالد ًّ‬
‫ﷲ‬
‫أن يمزقھم حتى يبلون تماما ً‪ .‬إنه سوف يجعلك تتألم قليالً اآلن‪ ،‬و قليالً بعد‬
‫ذلك‪ ،‬و ربما تظن أنه شئ غير مھم‪ ،‬لكن الشيطان يعلم نتيجة ھذا البالء‪.‬‬

‫لھذا السبب يقول الكتاب‪":‬تبرد محبة الكثيرين" )مت‪ ،(12 :24‬و ھذا يعنى‬
‫برودة تدريجية‪ .‬إن الجارية التي بھا روح عرافة كانت تصرخ وراء بولس‬
‫و أتباعه "أياما ً كثيرة")أع‪ .(18 :16‬وأيضا ً فيلكس كان يستحضر بولس‬
‫"مراراً أكثر و يتكلم معه")أع ‪ . (26 :24‬و يسجل لنا العھد القديم أن دليلة‬
‫كانت تضغط على شمشون سبعة أيام متوالية و حتى ضايقته إلى الموت )‬
‫قض ‪).17: 14‬‬

‫ﷲ‪ .‬إن "اليوم الشرير" )أف‪) 13 : 6‬‬ ‫ھكذا يبلى الشيطان تدريجيا ً أوالد ًّ‬
‫ﷲ أن يفتح عيوننا حتى‬‫يشير إلى بالء تكتيكات إبليس‪ .‬علينا أن نطلب من ﱠ‬
‫نميز الكيفية التي يحطمنا الشيطان بھا‪ ،‬و كيفية المقاومة‪.‬‬

‫إبتالء الجسد‬

‫ھناك مثاالن‪ :‬ضرب جسد أيوب)أي‪(8 ،7 :2‬؛ و شوكة جسد بولس )‪2‬كو‬
‫‪ ،(7 :12‬و ھذان مثاالن لعمل الشيطان في أجساد البشر‪ .‬ربما بعض‬
‫المؤمنين يعانون من أمراض و ضعف في أجسادھم بعد نوالھم الخالص‪،‬‬
‫ﷲ عيوننا‪ ،‬فسوف نفھم أن ھناك َ ْ‬
‫من‬ ‫بينما كانوا أصحاء قبل ذلك ‪.‬وإذا فتح ًّ‬
‫ﷲ كل الوقت‪ ،‬و أنه إبليس العدو الذي يبلى قديسي العلي‬ ‫يخطط ضد أوالد ًّ‬
‫من يذھب للكرازة تضيع صحته في غضون سنوات‬ ‫و ال نستغرب ً‬
‫إذا‪ ،‬أن َ ْ‬
‫قليلة‪ ،‬بأن يجعله يأكل قليالً اليوم‪ ،‬ثم ينام قليالً اليوم التالي‪ ،‬و يشعر بالتعب‬
‫قليالً اليوم‪ ،‬و أكثر قليالً في الغد‪ ،‬و ھكذا تھتز الصحة‪ ،‬و ھذا ھو عمل‬
‫إبليس‪.‬‬

‫إبتالء القلب‬
‫في بداية إيمانك بالرب‪ ،‬قد تشعر بفرح غامر و سعادة و سالم‪ .‬و لكن إذا لم‬
‫تراقب جيداً و ال تعلم بما يمكن أن يفعله العدو‪ ،‬فسوف تجد نفسك يوما ً غير‬
‫مرتاح البتة‪ .‬إنك تشعر بعدم راحة اليوم‪ ،‬و كآبة في الغد‪ ،‬و اكتئاب في اليوم‬
‫فشيئا‪ ،‬تفقد سالمك تماما ً و يذھب عنك فرحك بالكامل‪.‬‬
‫ً‬ ‫التالي‪ ،‬و ھكذا شيئا ً‬
‫ھذا ھو أسلوب إبليس لكي يمزقك و يجعلك في حالة وھن و يأس‪.‬‬

‫إبتالء الحياة الروحية‬

‫رويدا‪ ،‬و يضعف ثقتك با ًّ و يزيد من‬


‫ً‬ ‫إنه يحرمك من حياة الصالة رويداً‬
‫ثقتك بنفسك‪ ،‬و كل ذلك بالتدريج مرة بعد األخرى‪ .‬سوف يجعلك تشعر أنك‬
‫أمھر من ذي قبل‪ ،‬و ھكذا خطوة بعد خطوة تجد نفسك متكالً أكثر على‬
‫ﷲ‬‫ﷲ‪ .‬لو أن الشيطان ضرب أوالد ًّ‬ ‫مواھبك الخاصة و ينجرف قلبك عن ﱠ‬
‫بقوة عظيمة مرة واحدة‪ ،‬لعرفوا كيف يقاومونه ألنھم سوف يدركون على‬
‫الفور أن ھذا عمله‪ ،‬و لذلك فإن سياسته ھي تكتيك ابتالء القديسين على‬
‫مدى زمني طويل‪.‬‬

‫إبتالء الوقت‬

‫يضيع أوقاتنا‪ .‬لقد اتصل فيلكس كثيراً مع بولس ‪ ،‬و لكنه لم‬
‫ﱠ‬ ‫إن الشيطان‬
‫يحصل على الخالص على مدى سنتين‪ .‬و ھذه ھي طريقة إبليس لكي يبلى‬
‫الناس في أوقاتھم‪ .‬لقد دعاه اليوم للحديث)بولس مع فيلكس( لكن بدون‬
‫نتيجة‪ ،‬و في الغد دعاه أيضا ً للحديث‪ ،‬لكن بال نتيجة‪ ،‬و في اليوم التالي تمت‬
‫دعوته للحديث لكن أيضا ً بال نتيجة‪ ،‬و ھكذا استمر بولس في عمل بال نتيجة‬
‫لمدة عامين ‪.‬نعم‪ ،‬إن إبليس يبلى وقت اإلنسان و طاقته‪.‬‬

‫ﷲ حيل إبليس‪ ،‬فإنھم يسقطون في مصيدته بسھولة‪ .‬إننا‬ ‫إذا لم يميز أوالد ًّ‬
‫يجب أن نفتدى الوقت و نسحب كل ساعة‪ ،‬و يجب أن نقاوم إبليس حتى ال‬
‫يبتلى أوقاتنا‪ ،‬و نمنعه من أن يجعلنا نعمل أعماالً ال نتيجة منھا‪.‬‬

‫إبتالء تكريس شمشون‬

‫كانت لشمشون سقطات‪ ،‬لكن كان يجب أن ال يفقد تكريسه و ال شھادته‪ .‬إن‬
‫فقدان التكريس معناه فقدان القوة‪ ،‬و فقدان الشھادة يعنى فقدان حضور ًّ‬
‫ﷲ‪.‬‬
‫كان شمشون نذيراً أي مكرسا ً ًّ ‪ .‬والشيطان كان يعلم أن مصدر قوة ذلك‬
‫الرجل تكمن في تكريسه‪ .‬إذاً لكي يتحطم شمشون‪ ،‬كان البد أن نفقده‬
‫تكريسه‪ ،‬فكيف فعل ذلك؟ لقد استخدم المرأة دليلة و التي استمرت تضغط‬
‫عليه يوميا ً حتى فتح لھا كل ما في قلبه )قض ‪ .(16 :16‬و ھكذا كشف‬
‫شمشون سر قوته‪ ،‬و بالتالي سقط في مصيدة إبليس‪ :‬لقد فقد تكريسه‪ ،‬و‬
‫ﷲ‪.‬‬‫قوته‪ ،‬و شھادة فرزه‪ ،‬و حضور ًّ‬

‫ﷲ عيوننا‪ ،‬سوف نرى أن إبليس يستخدم كل أنواع الطرق لكي‬ ‫عندما فتح ًّ‬
‫يبلى الناس‪ ،‬في الجسد‪ ،‬و في القلب‪ ،‬و في الحياة الروحية‪ .‬إنه ال يھاجم‬
‫بعنف ‪ ،‬لكنه يبلى فقط ‪ .‬و لذلك علينا أن نتحصن ضد أسلوبه‪،‬و ال ندعه‬
‫يبتلينا‪،‬بل على العكس‪،‬نقاومه في كل خطوة‪.‬‬

‫بغضة عمل إبتالء الشيطان‬

‫عندما كان بولس يكرز في مكدونية‪ ،‬قابل جارية بھا روح عرافة‪ ،‬و كانت‬
‫تتعقبه معلنة أنه ينادي بطريق الخالص‪ ،‬لكن الرسول ضجر منھا و قال‬
‫للروح" أنا آمرك باسم يسوع المسيح أن تخرج منھا")أع ‪ .(18 :16‬إننا‬
‫نحتاج إلى مثل ھذا الضجر في المجال الروحي كما فعل بولس ھنا‪ .‬إننا ال‬
‫نبغض البشر‪ ،‬لكننا نبغض األرواح الشريرة‪ .‬و بالطبع‪ ،‬فإن بولس لم‬
‫يتضجر من الجارية‪ ،‬بل من الروح الشرير‪ ،‬و قد أمره بالخروج منھا‪.‬‬
‫إذا كنت تعلم حقا ً محاولة الشيطان لكي يمزقك‪ ،‬فسوف تطلب من ًّ‬
‫ﷲ أن‬
‫يعطيك روح الضجر نحوه و عدم قبوله‪.‬‬

‫كثيرون يعرفون كيف يفقدون أعصابھم مع الناس‪ ،‬لكن األمر الغريب أنھم‬
‫ال يفعلون ذلك مع إبليس‪ .‬إنھم عندما يغتاظون من الناس‪ ،‬يصبون غضبھم‬
‫عليھم‪ ،‬لكنھم ال يدرون أن العدو يحطمھم‪ .‬لقد شعر الرسول بولس أن إبليس‬
‫يبتليه يوما ً بعد يوم‪ ،‬فضجر منه‪ ،‬ثم فتح فمه لمقاومة الروح الشرير‪ ،‬و ھكذا‬
‫خرج من الجارية‪ .‬و لذلك ال تصمت كل الوقت‪ ،‬بل ليكن عندك صوت‬
‫ترفعه للمقاومة‪ .‬إذا غضب أوالد ًّ‬
‫ﷲ و فتحوا أفواھھم لمقاومة إبليس‪ ،‬فإن‬
‫أموراً كثيرة سوف تنصلح‪ .‬و إذا غضب الناس من الشيطان‪ ،‬سوف نھتف‬
‫ھللويا! إنه أمر مؤسف‪ ،‬أن البعض ضعفاء لدرجة سماحھم للعدو أن يستمر‬
‫في ابتالئھم كل الوقت‪ ،‬بينما يجب على أوالد ﱠ‬
‫ﷲ أن يضجروا من إبليس و‬
‫يمقتوه‪ ،‬و بذلك يوقفونه عن العمل‪.‬‬

‫كم من المرات تبقى صامتا ً و صابراً و متحمالً بھدوء ما يبتليك إبليس به‪ ،‬و‬
‫لحين تشعر بالضيق في داخلك‪ ،‬و تغضب جداً ثم تعلن‪ ":‬أنا أعارض ذلك و‬
‫ال أوافق عليه"؛ و بمجرد ھذا القول‪ ،‬تجد أنك تحررت‪ ،‬و تنتھي عملية‬
‫ﷲ أن يجحدوا العدو و ينتھروه ‪ .‬ربما يفشل‬ ‫التمزيق ‪.‬يجب إذاً على أوالد ًّ‬
‫البعض‪ ،‬ذلك ألنه ال تزال لديھم قوة لالحتمال‪ .‬إن الفرد الذي يستمر في‬
‫احتمال عملية البلى و التمزق الشيطانية‪ ،‬و يسمح للعدو أن يستنفد طاقته‪،‬‬
‫فھو واقع فعالً في مصيدة إبليس‪ .‬ليكن واضحا ً بالطبع‪ ،‬أننا ال نغضب من‬
‫الناس الذين يستخدمھم الشيطان‪ ،‬بل بالعكس‪ ،‬يجب أن نترفق بھم بل و‬
‫أيضا‪ ،‬لكن يجب أن نعارض و نقاوم المؤامرة الخفية إلبليس‪ ،‬و متى‬ ‫ً‬ ‫نحبھم‬
‫استطعنا ذلك‪ ،‬سوف نتحرر حاالً‪.‬‬

‫إن قوة مقاومة الشرير تأتي من تمييز ضغطه علينا‪ .‬ھناك عدد من المؤمنين‬
‫يقاومون الھجوم‪ ،‬لكنھم ال يجدون قوة في ذواتھم و ذلك ألنھم ال يميزون‬
‫ضغط إبليس عليھم‪ ،‬و مع أنھم يقاومون‪ ،‬إال أنھم ال يمتلكون قوة رفع‬
‫أصواتھم ضد العدو‪ .‬إن إمكانية المقاومة من عدمھا‪ ،‬تعتمد على كمية كره‬
‫العدو‪ ،‬فإذا لم تكن مغتاظا ً جداً منه‪ ،‬فإن كلماتك ضده سوف تذھب أدراج‬
‫الرياح‪ ،‬و لكنك إذا كنت متضجراً فعالً فسوف تتضايق منه‪ ،‬و ھذا الضيق‬
‫يتحول إلى قوة‪ ،‬و عندما تفتح فمك‪ ،‬سوف يھرب منك‪.‬‬

‫إن مثل ھذا المقت‪ ،‬يأتي من إعالن‪ ،‬و بما أنك تشعر أن الشيطان يمزقك‪،‬‬
‫فسوف تقاومه‪ ،‬و حالما تكتشف ذلك ‪ ،‬يعرف الشيطان أن أسلوبه قد انفضح‬
‫و من ثم يفقد األمل‪.‬‬

‫ﷲ يرحمنا حتى ندرك عمل البلى و التمزيق الذي يقوم به الشيطان‪ ،‬و‬ ‫ليت ًّ‬
‫لنعلم أنه إذا تحملنا بصبر‪ ،‬فإن عمل إبليس سوف يستمر‪ ،‬و لكن إذا‬
‫أبغضناه ‪ ،‬فإنه سوف يتركنا فوراً‪.‬ليتنا نفھم أن كل وسائل المقاومة‪ ،‬ال طائل‬
‫منھا‪ ،‬ما لم ننطق بالمقاومة‪ ،‬و عندئذ سوف نرى أن العدو مضطر للتراجع‪،‬‬
‫ﷲ مثل ھذه المقاومة‪ ،‬سوف تصبح على الفور مؤثرة تماما ً‪.‬‬ ‫و عندما يعطينا ًّ‬

‫في الختام‪ ،‬علينا أن نقرأ ما كتبه الرسول بولس‪ ":‬و بعد أن تتموا كل‬
‫شئ‪..‬أن تثبتوا")أف‪ .(13 :6‬نعم‪ ،‬يجب أن نثبت و ال نسمح للشيطان أن‬
‫يستمر في تمزيقنا‪ .‬يجب أن نطلب من الرب أن يفتح عيوننا حتى نرى ھذا‬
‫ﷲ‪ ،‬ثم نقوم للمقاومة‪ ،‬و ضد العدو بالنطق ضده‪ ،‬و‬‫العمل في أوالد ﱠ‬
‫نعلن‪":‬نحن نقاوم و نعارض‪ ،‬و ال نقبل التمزيق و البلى"و عندئذ سوف‬
‫ﷲ و التحرير من تكتيك العدو‪.‬‬‫نشھد خالص ًّ‬

‫إن مثل ھذا الكالم يحتاج إلى غطاء دم يسوع المسيح فلنطلب من ًّ‬
‫ﷲ ھذا‬
‫الغطاء‪.‬‬

You might also like