Professional Documents
Culture Documents
الكل يف الكل
بقلم
وات�شمان نى
تعريب
فخرى كرم
يناير 2009
حمتويات الكتاب لا ح لآب واالبن والرو
ا الواحـــــد آآمـ قد
ـ
بسسم
�صفحة
ــني إللـه
سس
4 تقديــــم
ا
5 الف�صل الأول :امل�سيح هو الطريق واحلق واحلياة
30 الف�صل الثانى :امل�سيح هو القيامة واحلياة
55 الف�صل الثالث :امل�سيح هو خبز احلياة ونور احلياة
86 الف�صل الرابع :امل�سيح هو كل ما عند اهلل لنا
117 الف�صل اخلام�س :ال �شىء �سوى امل�سيح اسم الكتاب :امل�سيح الكل يف الكل
اسم املؤلف :وات�شمان نى
156 خـامتــــــة
اسم املترجم :فخرى كرم
158 �صــــــــالة الطبعة :الأوىل /يناير 2009
التصميمات واإلخراج الفنى والطباعة :مطبعة اخلال�ص
الناشر :جلنة خال�ص النفو�س للن�شر 12ش قطة شبرا مصر
مكتبة اخلال�ص 13ش قطة شبرا مصر ت 25776605
ت 25764200 :ـ 25772526ـ فاكس 25777787
بريد إلكترونى lgnt_elnshr@yahoo.com :
ـ3ـ
الف�صل الأول
تقدمي
امل�سيــح هــو م��ادة ه��ذا الكتـ��اب ُقدم��ت
الطريق واحلق واحلياة ف��ي سلس��لة م��ن الدراس��ـات ف��ي
اجتماع��ات وس��ـط األس��بوع ف��ي
« قال له يسوع :أنا هو الطريق مدينـة «ش��نغهاي» بالص�ين ما بني
واحلق واحلياة ،ليس أحـد يـأتى عام��ى ، 1940 _1939ثم تُرجمت إلى
إلـى اآلب إال بـى » ( يو ) 6:14 اإلجنليزية ونُشرت حتت عنوان «املسيح
هو مجموع كل األمور الروحية».
الرب يس��وع يقول هنا « :أنا هو الطريق واحلق واحلياة»
و ه��ا بني أيدينا الترجم��ة العربية
وهو به��ذا يعلِّمن��ا أن الطريق الذى يعطي��ه اآلب لنا هو
الت��ي نصل��ي أن يس��تخدمها ال��روح
ش��خص املس��يح ،واحلق ال��ذى يعلنه اآلب لنا ه��و أيضا ً
القدس ليش��رق في أذهانن��ا وأرواحنا
املس��يح ،واحلياة التى مينحها اهلل لنا هى ذات املسيح ،إن
بإعالن جديد عن ش��خص ربنا يس��وع
شخص املسيح نفسه هو طريقنا وهو حقنا وهو حياتنا،
من خالل ش��خص املس��يح لنا قدوم إلى اآلب ،وش��خص املس��يح ،الذي له وح��ده كل اجملد إلى
املس��يح هو كل م��ا في قل��ب اآلب من نحون��ا ،إنه االبن األبد ،آمني.
الوحيد احلبيب ،اآلب لم يُعطنا أش��ياء كثيرة متعددة بل
ـ5ـ ـ4ـ
في سيرنا إلى اآلب وبامتالكنا للمسيح نحن منتلك الطريق أعطانا ش��خصا ً واحدا ً جتتمع فيه كل البركات الروحية،
إلى اآلب كما منتلك املنهج الذى نتبعه للس��لوك في هذا إنه شخص املسيح له اجملد.
الطري��ق .كل مؤم��ن حقيقى البد أن يكون ق��د تع ّلم هذا نحن ع��ادة نتعام��ل مع األم��ور الروحي��ة باعتبارها
ال��درس ولو مرة واحدة في حياته ،أال وهو :أن الرب يس��وع «أش��ياء» مج ّردة ،تعاليم أو عقائ��د الهوتية خالية من
هو الطريق وهو املنهج للسير في الطريق. أية حي��اة ،لذلك نح��ن نحتاج أن نطل��ب من اهلل لكى
إن كنت قد اختبرت اخلالص فأنت بال ش��ك قد وثقت يفتح عيوننا لنعرف املس��يح نفس��ه ،إن مت ُّيز املسيحية
في الرب يسوع بصفته طريقك إلى اهلل ،ألنه هو الطريق ؤس��س على حقيقة أن منبعه��ا وعمقها وغناها في ُم َّ
الوحيد وبدونه ال يستطيع أحد أن يأتى إلى اآلب .شكرا ً معرفـ��ة ش��خص اب��ن اهلل ،وال قيمة حلج��م معرفتنا
للتعاليم والعقائد اجمل ّردة وال ملدى حماسنا وإخالصنا بل
هلل ألن كل املؤمنني احلقيقيني عرفوا معنى الس��ير في
هذا الطريق ،وأعداد ال تحُ صى من خُ املهم حقا ً هو معرفتنا الشخصية واحلقيقية البن اهلل،
امللَّصني قد تعلَّموا هذا
معرفة اب��ن اهلل هى الطريق واحلق واحلي��اة ،وتكمن كل
ال��درس ولو مرة واحدة في بداية اإلميان ،درس القدوم إلى
قوتن��ا الروحية في معرفتنا البن اهلل ،ألن اهلل لم يعطنا
اآلب من خالل يسوع ابن اهلل .إن هذا الطريق ليس سوى
أى شىء بعيدا ً عن ابنه.
ش��خص املسيح نفسه ،ال يوجد أى طريق أو منهج آخر
بخالف شخصه ميكن أن يأتى بنا إلى اآلب .إننا نحتاج أن املسيح هو الطريق
تنفتح عيوننا فنرى أن الرب يس��وع وحده ـ وليس��ت أى كلمة «الطريق» التى قالها املسيح قد تعنى «الطريق»
وس��يلة أخرى ـ هو الطريقة التي بها نتالمس مع اهلل، إلى اآلب كما تعنى أيضا ً «الطريقة» أو املنهج الذى نتبعه
ـ7ـ ـ6ـ
للوص��ول إلى أي انتصار روحى ،وال توجد طريقة بعيدا ً عن ف��ي وقت حصولنا عل��ى اخلالص أوال ً ثم ف��ي كل أيامنا
ش��خصه الكرمي ،وال يوجد تعليم يصلح أن يكون وسيلة بعد ذلك.
لالنتص��ار .اهلل لم يعطنا أية وس��يلة روحي��ة بل أعطانا
شخصا ً ،أعطانا ابنه الوحيد.
واملسيح هو املنهج
بعض املؤمنني يبحثون عن «منهج» روحى لالنتصار.
كثيرا ً ما نستمع الختبارات اآلخرين ونشعر بقيمتها،
في أحد االجتماعات ـ وبعد خدمة عن االنتصار من خالل
لكننا لألس��ف نرى في ه��ذه االختب��ارات «املنهج» الذى
اتّبع��وه ب��دال ً من أن نرى ال��رب الذى قادهم به��ذا املنهج، املسيح وليس من خالل الذات ـ أخذ أحد اإلخوة بيد اخلادم
وما يبق��ى معنا بعد س��ماعنا لالختبار ه��و «الطريقة» وق��ال له «لقد ذق��ت مرارة الهزمية لعدة س��نوات ولكنى
املرك لكل األحداث،التى س��ارت بها األحداث وليس الرب حُ أعتقد اليوم أن كل ش��ىء سيصير على ما يرام» فسأله
ولذلك نحن نعانى الهزمية تل��و األخرى رغم محاوالتنا أن اخل��ادم «مل��اذا تعتقد هذا ؟» فأجاب��ه األخ «ألنى اآلن أعرف
نتِّبع ذات األس��لوب الذى اتّبعه اآلخرون ،والس��بب هو أننا الوس��يلة لالنتصار ،لقد فهم��ت اليوم املنهج الصحيح
لم نتعلَّم بعد أن الرب نفسه هو وحده الطريق . لالنتصار ،ش��كرا ً هلل» لكن اخلادم أجابه بصراحة «لو كل
م��ا أخذته اليوم هو فهم ملنهج جديد لالنتصار فس��وف
دعون��ا ن��درك جي��دا ً أن اإلمي��ان بالرب نفس��ه واإلميان
تعود للهزمية مرة أخرى» !!
بأس��لوب ما ،هما عمليا ً أم��ران مختلفان متام��اً ،ولنأخذ
لهذا مثالً :أحد اإلخوة انفتحت عيناه بنعمة اهلل فرأى أى مل��اذا ق��ال اخلادم ه��ذا ؟ ألن الرب يس��وع ق��ال «أنا هو
نوع من الناس هو وأدرك فس��اده الداخلى ،فرفض نفسه الطريق» أى أنه هو شخصيا ً «املنهج» أو الوسيلة الوحيدة
ٍ
ـ9ـ ـ8ـ
فعنده أس��لوب جاف بال قوة أو تأثير ،ألن أى أسلوب بعيدا ً ووضع ثقته في الرب لكى يفعل بداخله ما لم يس��تطع
عن شخص املسيح هو شىء ميت. هو أن يفعله ،وكنتيجة لهذا ش��عر باحلرية والس�لام في
دعون��ا نؤكد ه��ذه احلقيق��ة :إن أى أمر روح��ى بعيدا ً قدم ش��هادته عم��ا حدث معه محض��ر اهلل ،وبعد فترة ّ
عن شخص املس��يح هو ش��يء ميت .كثيرون من الناس ألحد اإلخوة ،وبنا ًء على هذه الشهادة حاول األخ الثانى أن
يتس��اءلون «ك��م ه��و غري��ب أن األخ فالن يث��ق في اهلل يرفض نفس��ه وينكسر أمام اهلل و يتخلَّى عن أى ثقة في
ويصلى وصالته ُمس��تجابة بينما نحن أيضا ً نثق ونصلى ذاته ،متاما ً كما فعل األخ األول ،لكن لدهش��ته لم ينل أية
وال تُس��تجاب صلواتنا ،ملاذا يك��ون اهلل كرميا ً معه وليس حرية أو س�لاما ً في محضر اهلل !! ما هو التفس��ير لهذا
ه��و كذلك معنا»؟ إنهم يش��تكون عل��ى اهلل ويتهمونه االختالف بينهما رغم أن األخ الثانى ات َّبع نفس األس��لوب
بالتفرق��ة والتح ُّيز ،بينما ه��م ال يدركون أن ما يؤمنون به الذى اتّبعه األخ األول ؟!
ليس س��وى تعاليم ومعتقدات ،أى أن إميانهم هو بأشياء التفس��ير ه��و أن األخ األول لديه إميان ح��ى أخذه من
وليس بش��خص الرب نفسـه ،لذلك فإميانهم ميت ألنـه الرب نفسه ،وبهذا اإلميان استطاع أن ميسك بالرب نفسه
ال توجد حياة في التعاليم واملعتقدات ،احلياة في شخص ويض��ع ثقته فيه ،أم��ا األخ الثانى فلي��س عنده إميان حى
املس��يح وحده ،حتى لو تع ّلم اإلنسان قدرا ً من التعاليم بل مجرد «أس��لوب» اس��تقاه من اختب��ار األخ األول ،كل
الروحية و األساليب الناجحة فهذا لن يجعله مؤمنا ً حيا ً ما عنده هو «نس��خة كربونية» مك ّررة من صيغة إميانية
أو ابن��ا ً هلل ،ألن أبناء اهلل يخرج��ون إلى احلياة من خالل سمعها من اآلخرين ،ولذلك لم يستطع بها أن يصل إلى
«امليالد» وليس من خالل «التعليم». الرب نفسه ،األخ األول كان عنده الرب احلي أما األخ الثاني
ـ 11ـ ـ 10ـ
ونكس رأس��ه لبرهة صامت��اَ ،وعندما س��أله اخلادم عما
ّ ال��رب يؤكد هنا «أن��ا هو الطريق» أى أن املس��يح هو
يش��عر به أجابه بتردد «أنا ال أع��رف كيف أصف ما حدث الطري��ق وهو الطريق��ة أو املنهج للوص��ول إلى اهلل ،هل
عينى ،ورغم أنى ال أجرؤ على القول
َّ معى ،لكن الرب فتح املس��يح هو طريق��ك؟ وهل ه��و طريقت��ك؟ أم أنك تتبع
إنى رأيت الرب بوضوح إال أنى بال شك تالمست معه »!! طريقا ً ميتا ً وطريقة جوفاء؟ متى كان شخص املسيح هو
م��ا الفرق بني االثن�ين ؟ األخ األول لم يتالمس مع الرب طريقنا فس��وف نصل إلى هدفنا بنجاح ،لكن إذا كان كل
نفس��ه بل كل ما أخذه هو فهم جدي��د ملنهج االنتصار، ما منلكه هو مجرد أس��لوب ـ مهما كان حس��نا ً ومتميزا ً
لذل��ك الش��ك أنه عاد إل��ى الهزمية مرة أخ��رى !! أما األخ ودقيقا ً ـ فسوف نفشل بالتأكيد ،ألن أى أسلوب هو شىء
الثانى فلم يأخذ منهجا ً بل أخـذ الــرب نفس��ـه ،لذلك ميت وليست له أية قيمة روحية.
ال شك أنه ظل ثابتاً. الس��بب الكام��ن وراء العدي��د م��ن الصل��وات غي��ر
أحيانا ً كثيرة يكون الدافع وراء سماعنا للخدمة خاطئاً، املس��تجابة والش��هادات غير املجُ دية هو أننا ال نتالمس أو
بدال ً من أن نسأل الرب ألجل إعالن جديد لكى نستطيع أن نتعامل مع الرب نفس��ه ،وما عندنا هو مجرد ن ُس��خ من
نرى ش��خصه بش��كل أوضح جتدنا نستمع للخدمة لكى اختبارات اآلخرين.
نحتفظ في عقولنا بأس��لوب جديد نح��اول أن نتّبعه في قدم خادم للرب خدم��ة من (رو6ـ )8 في إحدى امل��رات ّ
حياتن��ا ،لذلك ـ حتى لو اتبعنا هذا األس��لوب ـ فلن نصل وبع��د اخلدمة ق��ال أحد اإلخ��وة « :اليوم أن��ا أفهم طريق
إلى أى شىء !! الغلبة ،اآلن صار كل ش��ىء واضح��ا ً ،وأنا أثق أنى من اآلن
ف��ي املقابل ل��و طلبنا م��ن الرب إعالنا ً عن ش��خصه لن أعود للهزمية كما في املاضي »!! أخ آخر أتى إلى اخلادم
ـ 13ـ ـ 12ـ
املسيح هو احلق فسيعطينا ولو حملة صغيرة ،رمبا تكون صغيرة لدرجة أننا
ال جنرؤ عل��ى القول أننا رأينا الرب بوضوح لكننا رغم ذلك
ال��رب ال يقدم نفس��ه لنا بصفت��ه الطريق فقط بل
نكون قد تالمس��نا مع الرب نفس��ه ،وهذه اللمحة تؤدى
أيض��ا ً بصفته احل��ق ،واحلق ال يعنى الكلم��ات والتعاليم
التى تختّص بشخص املسيح بل يعنى شخص املسيح إلى تغيير حقيقى ،شكرا ً للرب !! هذا هو الطريق :ليس
نفسه ،كثيرا ً ما يتعامل املؤمنون مع التعاليم والعقائد أننا فهمنا أسلوبا ً جديدا ً بل أننا عرفنا الرب أكثر ،ألن الرب
اخلاصة باملس��يح باعتبارها «احلق» ،بالرغم من أن «احلق» نفسه هو « الطريق »!!
ليس ش��يئا ً بل ش��خصاً ،لقد قال ال��رب «وتعرفون احلق لذلك ينبغى أن منتحن أنفس��نا ونحن نستمع إلى أى
واحلق يحرركم» (يو.)32:8 خدمة أو شهادة :هل نحن اآلن نتالمس مع الرب نفسه أم
إخوت��ى :هل تذكرون كم مرة قام احلق فعالً بتحريرنا؟ نفهم بأذهاننا طرقا ً جديدة فحسب؟ ليس هناك انتصار
في ه��ذه املرات فقط كن��ا نتعامل فعالً م��ع «احلق» ألن ميكن احلص��ول عليه من فهم طرق معين��ة بل االنتصار
كلمة اهلل تؤكد لنا أن احلق ـ إن عرفناه ـ س��وف يحررنا، في معرفة الرب نفسه ،اختبارات اآلخرين لن تخلِّصنا بل
لكن لألس��ف ك��م من مرات أخ��رى كان احلق بالنس��بة ال��رب وحده هو اخمللِّص ،كلمات اإلخ��وة األتقياء قد تنقل
لن��ا مجرد عقي��دة أو تعليم��اً ،ولم تنفت��ح عيوننا لترى لن��ا بعض املعان��ى اجمل ّردة لكنه��ا لن تنقل لن��ا حياتهم
شخص املس��يح نفس��ه ،قد نظل نتكلم عن التعاليم التى أخذوها من ال��رب ،الرب إلهنا هو رب احلياة وكل من
اخلاصة بالرب لعشرات السنني ومع ذلك نبقى بدون رؤية يتالمس معه يتالمس مع احلياة ،التالمس مع الرب نفسه
حقيقية لشخص الرب نفسه !! وقد نظل نستمع لذات يعطى حياة.
ـ 15ـ ـ 14ـ
يبك بن��ا ًء على توصية من ش��خص آخر ش��خص أو لم ِ العقائد لعش��رات الس��نني بدون رؤية الرب نفسه!! إننا
يكون بكاؤه أو عدم بكائه ليس حقيقياً ،كالهما مزيف!! نس��تطيع أن نتكلم عن عقيدة املوت مع املس��يح بدون
كالهما من قبي��ل األعمال امليتة التى ليس فيها حيـاة، أن نختب��ر معنى ه��ذا املوت ،وميكن أن نتح��دث عن حياة
وهك��ذا األمر مع الغفران ملن أس��ـاء إلينا ،إذا كنـا نغفر القيامة بدون أن نختبر قوتها ،لو كل ما نتعامل معه هو
أو ال نغف��ر مبوج��ب تعلي��م أو عقيدة جام��دة فكالهما التعاليم والعقائد فإننا نتعامل مع شىء ميت!!
سيكون باطالً!! كتب أحدهم إلى خادم للرب قائالً «أحد اإلخوة أخطأ
إخوتى ،إن كل عمل ال يعيش��ه املسيح فينا هو عمل إلى ،وأنا لست متأكدا ً ما إذا كان ينبغى أن أغفر له أم ال،
َّ
ميت ،ليس فيه حياة وال يس��تطيع أن يُحيينا مهما كان لذلك أسألك لكى ترشدنى ،إن قلبى هادىء أمام اهلل ،إن
ُمؤسس��ا ً على تعاليم صحيحة ،هل تدركون الفرق هنا؟ رأيت أنه ليس منقلت ينبغى أن أغفر له فس��أغفر ،ولو َ َ
أن��ه فرق كبير ال ميكنن��ا أن نغفله :العم��ل اجمل ّرد يحتاج الضرورى أن أغفر فلن أغفر» !!
فقط إلى الذاكرة التى نحتفظ فيها بالتعاليم والوصايا، إخوت��ى :ما رأيكم ف��ي هذا املؤمن؟ لنفت��رض أن أع ّز
تغذيه الذاكرةأما العمل اخلارج من املسيح الذي فينا فال ّ فكتبت خطابا ً ألحد اإلخوة أقول «إن
ُ أصدقائ��ى قد مات،
بل احلي��اة الكامنة في أعماقنا ،وه��ذه احلياة تفيض من قلتأع�� ّز أصدقائى قد مات ،أتران��ى ينبغى أن أبكيه؟ لو َ
داخلنا بتلقائية وعفو ّية وبدون مجهود ،وينبغى أن يكون رأيت أنه ليس من
إنه ينبغى أن أبكى فسأبكى ،ولكن إن َ
الرب نفس��ه ـ وليس التعليم أو العقيدة ـ هو املسيطر الضرورى البكاء فلن أبكى»!! الشك أنكم ستضحكون
علينا واحملرك لكل أعمالنا .ينبغى أن يأتى اليوم الذى فيه عل��ى هذا اخلطاب ألنه س��خيف وغير معق��ول ،لو بكى
ـ 17ـ ـ 16ـ
ما رأيك��م في هذا املوقف؟ بحس��ب الظاهر يبدو أن يفت��ح اهلل عيوننا لن��رى أن احلق هو املس��يح .ليس احلق
هذا اخلط��اب مكتوب من أخ يعتذر ألخي��ه ،إال أننا نعلم هو أن نحاول تذك��ر تعاليم معينة ونعمل مبوجبها ،احلق
أن ه��ذا االعتذار نابع من تعليم موجود في ذهن هذا األخ هو أن يحيا املس��يح فينا ،املسيح هو احلق لذلك فاحلق
وليس م��ن احلياة التى في أعماق��ه ،لذلك رغم أنه كتب شخص حى ويُحيى.
خط��اب االعتذار إال أن قلبه ظل مملوءا ً غضبا ً وغيظا ً ،وإذا ُجرح أحد األخوة من أخ آخر وملا لم يس��تطع أن يكتم
قابل أخاه مرة أخرى فق��د يصافحه بحرارة ظاهريا ً إال أن بكته ضميره مش��اعره ذهب وو ّبخ أخاه بعنف ،فيما بعد ّ
الغض��ب م��ازال كامنا ً في داخل��ه ،وحديثهما ال ميكن أن وشعر أنه ينبغى أن يذهب إلى أخيه ويعتذر ،ولكن عندما
يكون تلقائيا ً بل مفتعالً. تذك��ر كيف ُجرح من هذا األخ عاوده الش��عور بالغضب،
إخوت��ى ،هل نس��تطيع اآلن أن نرى الف��رق؟ إن الرب وفي نفس الوقت ظل يش��عر بأنه مدين ألخيه باالعتذار،
هو احلق ،لو كان احلق بالنس��بة لن��ا تعليما ً وليس الرب لذل��ك ق ّرر أن يرس��ل إليه خطابا ً بدال ً م��ن أن يذهب إليه
نفس��ه فهو ش��ىء ميت .ليتنا ندرك أن��ه إذا كان الرب بنفس��ه ،فأخذ قلمه وبدأ يكتب «أنا أش��عر أنى أخطأت
موج��ودا ً في أى أمر من أمورن��ا الروحية فهذا األمر حى، عندما و ّبختك بعنف و »..وهنا تذكر اجلرح مرة أخرى وعاد
لك��ن إذا لـم يكن الرب بنفس��ه موج��ودا ً فهذا األمر ـ ّ
وكف عن الكتابة، غضبه يشتعل بداخله ،فوضع القلم
مهم��ا كان ـ هو أمر مي��ت ،وكل عمل نعمله كنتيجة ولكن بعد فترة ـ وحتت اإلحس��اس بالواجب ـ عاد يتناول
إلشراق الرب علينا وعمله في داخلنا هو عمل حى ،وكل قلم��ه ويكمل خط��اب االعتذار رغم أنه ظ��ل غاضبا ً من
ما عدا ذلك أعمال ميتة . أخيه حتى بعدما أرسل اخلطاب !!
ـ 19ـ ـ 18ـ
مؤمناً!! وه��ذا ينطبق باألكثر على الش��باب في مقتبل املسيح هو احلياة
العمر ،كلما حاولوا أكثر ،بدت لهم املهمة أكثر صعوبة
بعد قوله «أنا هو الطريق واحلق» أضاف الرب «واحلياة»،
،ورغ��م محاوالتهم املتعددة إال أنه��م مازالوا ال يحملون
ونح��ن نعلم أن احلياة تتدفق تلقائيا ً في ش��كل «عمل»،
صفات املؤمنني بعد!!
ولك��ن ليس كل «عم��ل» نابع��ا ً بالضرورة م��ن «احلياة».
إل��ى كل هؤالء أقول :لو لم يكن املس��يح هو حياتنا العمل قد يكون نتيجة االلتزام بقوانني وتعاليم مختزنة
ل��كان املطل��وب من��ا «نح��ن» أن نق��وم به��ذه األعمال في الذهن ولذل��ك يكون مرهقا ً وش��اقاً ،أما احلياة فهى
الش��اقة ،أما إذا كان املس��يح هو حياتنا فسيقوم «هو» تفيض بعفوية و تلقائية من داخلنا وتتجس��د في عمل
بهذه األعمال فينا ،ووقتها س��تكون تلك األعمال سهلة خارجى ،ولكن العمل في هذه احلالة يكون سهالً ومريحا ً
وميسورة ألنها تنبع بتلقائية من داخلنا .إذا كان املسيح للنفس ،إن احلياة هى املسيح نفسه .
هو حياتنا فلن نحتاج كل هذا اجملهود الشاق . كم يتع��ب البع��ض كى يصي��روا مؤمن�ين !! إنهم
هناك خطأ خطير منتش��ر وسط أبناء اهلل :كثيرون يظن��ون أن اإلميان هو االلتزام ببع��ض القوانني األخالقية
منه��م يعتقدون أن احلياة هي ش��ىء ينبغى أن يصنعوه والعقائد الدينية ،لذلك يجتهدون لاللتزام بهذه القوانني
بقواه��م الذاتية وإال فلن تكون هناك حياة على اإلطالق ، والعقائ��د ،وك��م هى مرهقة تل��ك القوان�ين والعقائد!!
لكن احلقيقة التى ينبغى أن ندركها جميعا ً هى أن احلياة إنه��ا تطالبهم أن يكونوا متواضع�ين و لطفاء و غافرين
ال حتت��اج إلى أدنى مجهود منا لك��ى توجد ،احلياة تتدفق وطويل��ى األن��اة ...وكم ه��و صعب أن يكون��وا هكذا كل
بطبيعتها وبدون معونة من أحد . الوقت!! لذلك هم يعتقدون أنها مهمة ش��اقة أن تكون
ـ 21ـ ـ 20ـ
تفيض من داخلنا في ش��كل أخالق حميدة لكن األخالق تأمل��وا لبرهة كي��ف تبصر عيوننا وتس��مع آذاننا ،إن
احلميدة ال ميكن أن تخلق فينا حياة!! عيوننا تبص��ر بطبيعي��ة وآذاننا تس��مع بتلقائية وبدون
آخ��رون يعتق��دون أن «احلياة» هى «الق��وة» ،أن يكون مجه��ود ،ذلك ألن فيه��ا حياة .ينبغ��ى أن نتيقن من هذه
الــ��رب هــو حياتنــا يعنى ـ ف��ي اعتقادهم ـ أن نأخذ احلقيقة متاما ً « :احلياة» تفيض بطبيع ّية في شكل «عمل»
من��ه القوة لفع��ل اخلي��ر ،إال أن اهلل يخبرن��ا أن حياتنا لكن «العمل» ال ميكن أبدا ً أن يكون بديالً عن «احلياة».
ليست «ش��يئاً» بل هى املسيح نفس��ه ،حياتنا ليست لنأخ��ذ لهذا مث�لاً :إذا رأينا إنس��انا ً مهذب��ا ً للغاية
«الق��وة» التى نعمل بها اخلير بل هى «الش��خص» الذى ولطيفا ً فهل نس��تطيع أن منتدح��ه قائلني «إن حياة هذا
يعمل اخلير من خاللنا ،إنها املس��يح ُمعلنا ً نفس��ه فينا اإلنس��ان رائعة ؟» كال ،إن كلمة «حياة» هنا ليس��ت في
وليس��ت مجرد ق��وة نأخذها لكى نتباه��ى بعمل اخلير، محلها ،ألن املسيح قال « أنا هو احليـاة » مهما كان هذا
احلياة ليس��ت قوة مج ّردة بل قوة متجسدة في شخص اإلنسـان مهذبا ً ولطيفـا ً إال أننا ال نستطيع أن نعتبر هذه
املسيح له اجملد!! الصفـات «حياة» طاملا لم تنبع من املس��يح ش��خصيا ً ،
اعت��اد أحد اإلخوة على حض��ور اجتماعات روحية في نس��تطيع أن نقول إن هذا اإلنسان لديه أخالق حميدة أو
مكان بعيد عن كنيس��ته ،وذات مرة س��أله أحد ش��يوخ أنه لطيف أو أنـه متسامح وال يسبب مشـاكل ،لكننـا
كنيس��ته «مل��اذا تذه��ب كثي��را ً إل��ى تل��ك االجتماعات ال نستطيع القول إن عنده «حياة» روحية حقيقية ،لو كل
بال��ذات»؟ فأجابه األخ «ألن هناك حياة»!! فقال الش��يخ هذه الصفات احلسنة موجودة في شخصيته بالطبيعة
«فع�لاً ،بالنظر إلى اجلو احلماس��ى تك��ون اجتماعاتهم فهى ليس��ت « حياة » ألنها لم تنبع من املس��يح ،احلياة
ـ 23ـ ـ 22ـ
فاحلماس والصوت العالى ليس��ا دليالً عل��ى احلياة متاما ً أفض��ل بكثير من اجتماعاتنا» لك��ن األخ أجابه «أنت لم
كم��ا أن األقوال املنطقية واملناقش��ات العقلية ليس��ت تفهمنى ،هذه االجتماعات ليس فيها جو حماسي على
دليالً على احلياة . اإلطالق» فسأله الشيخ مندهشا ً «ماذا تقصد إذا ً ؟ كيف
ليس من املس��تغرب إذا ً أن يس��أل البعض «عجبا ً أمر تكون هناك حياة إذا لم يكن هناك حماس»؟ فأجابه األخ
هذه احلياة التى ليس��ت حماسا ً وليس��ت فكرا ً ،ما هي «إنك ال تسمع هناك أصواتا ً عالية باملـرة ومع ذلك فهناك
احليـاة إذا ً ؟ وأين ميكننــا أن جندها»؟! نحن نعترف أننــا ال حياة واضحة ،ألن احلياة ال تع ِّبر عن نفسها بالضرورة في
منتلك تعريفا ً كافيا ً نستطيع به التعبير عن ماهية احلياة، حماس عاطفى أو انفعاالت أو أصوات عالية».
كل ما نس��تطيع قول��ه هو أن احلياة أعمق من املش��اعر عندئذ حاول الشيخ أن يب ّرر الوضع في كنيسته فقال
تدب في وأرقى من الفكر ،مبجرد أن يتقابل معها اإلنسان ُّ «أنتم الش��باب حتبون الصخب واملشاعر الفياضة لكننا
أوصاله القوة و الطاقة ،هذا ما نسميه «احليــاة»!! نفضل التعاليم العقلية ،أنا أحب االس��تماع إلى
نح��ن ِّ
احلياة أرقى من الفكر ،الفكر ال يتف ّوق أبدا ً على احلياة، األقوال التعليمي��ة وأعتقد أن هذه هي احلياة احلقيقية»
وأيضا ً احلياة أعمق من املش��اعر ،املشاعر سطحية جدا ً لكن الش��اب أجاب بصراحة «لقد استمعت مرارا ً عديدة
باملقارنة مع احلياة ،كل من الفكر واملش��اعر س��طحى لتل��ك األقوال الت��ى تقصدها ولكنى لم أج��د فيها أية
ومتأثر باخلارج أما احليـاة فعميقة وتنبع من الداخل. حياة على اإلطالق»!!
ما هى احلياة إذا ً ؟ لقد قال الرب بوضوح «أنا هو احلياة»، من حديث هذين األخوين نستطيع أن نفهم أن احلياة
دعونا ال نحكم بسرعة أننا وجدنا «احلياة» عندما نصادف ليست انفعاال ً عاطفيا ً كما أنها ليست كلمات عقالنية،
ـ 25ـ ـ 24ـ
بس��هولة أو أولئك الذين ميتلك��ون معرفة ذهنية كبيرة نوعا ً من «اجلو الروحى الس��اخن» كم��ا يحلو للبعض أن
ليسوا بالضرورة لهم معرفة بالرب ،ألن معرفة شخصه يس ِّميه ،بل دعونا نس��أل باألحرى «من أين ينبع هذا اجلو
حتت��اج إل��ى رؤية روحي��ة وليس إل��ى انفع��ال عاطفى أو الساخن»؟ فالعديد من االختبارات تؤكد لنا أن الكثيرين
معرفة ذهنية ،وهذه الرؤية الروحية متنحنا احلياة وتغ ّيرنا، م��ن محترفى خلق األج��واء الس��اخنة ال يعرفون إال أقل
إذا كن��ا نعرف الرب كحياتنا فالب��د أننا ندرك عدم جدوى القليل عن ش��خص الرب يس��وع املس��يح!! العديد من
كل اجملهودات الطبيعية في األمور الروحية ،وهذا يجعلنا األشخاص سريعى االنفعال جتدهم لألسف ناقصني جدا ً
نث ّبت أنظارنا على شخص الرب وحده. في املعرفة احلقيقية للرب .أيها األعزاء :إن املسيح وحده
هو احلياة وكل ما عداه موت!!
في بداي��ة اإلميان ال ندرك متاما ً معنى النظر إلى الرب،
لك��ن بالتدريج نبدأ نتعلم كيف ننظ��ر إليه وحده ،ألننا نحتاج أن نتعلم هذا الدرس جيدا ً :إن احلياة ال تعتمد
نبدأ إدراك كيف أن كل األمور الروحية تعتمد في وجودها على حجم حماس مش��اعرنا أو حجم األفكار التى تدور
على املسيح وليس علينا .في البداية كنا نشتاق المتالك في أذهانن��ا ،لكنها تعتمد بالكامل على ما إذا كان الرب
ه��ذا األمر أو ذاك من األمور الروحية ،كنا ننظر إلى األمور يعلن نفس��ه لن��ا أم ال ،وال يوجد ش��ىء أهم من معرفة
و لي��س إلى الرب وح��ده ،لكن بعدما تعلمن��ا أكثر بدأنا الرب نفس��ه ،وبينما نتعرَّف على ش��خصه جند أنفسنا
نفه��م أهمية الثقة في الرب وحده من جهة كل األمور ، نتالمس مع احلياة !!
لي��س مبعنى أن نثق في قدرته أن يعطينا هذا األمر أو ذاك ينبغ��ى أن نفه��م متاما ً ف��ي محض��ر اهلل معنى أن
بل أن نثق في قدرته أن يحيا فينا هذا األمر أو ذاك . املس��يح ه��و حياتنا ،ه��ؤالء الذي��ن ينفعل��ون عاطفيا ً
ـ 27ـ ـ 26ـ
«األش��ياء» امليت��ة طريقا ً وحق��ا ً وحي��اة ،أو أن ندعو «اجلو في بداية اإلميان كنا منيل إلى فعل كل شىء بأنفسنا
الس��اخن» حياة ،أو نعتبر «الفكر الراق��ى» حياة ،أو نظن خوفا ً من أن ش��يئا ً لن يحدث إن لم نعمله بأنفسنا ،وإن
الس��لوك احلميد حياة ،بينما احلقيقة أن كل هذه ليست كل األمور ستفش��ل إذا لم ن َ ُقم نح��ن بعملها ،ولذلك
احلياة ،املس��يح وحده هو احلياة ،إنه يعيش هذه احلياة في كنا نعمل ونتعب كل الوقت ،لكن فيما بعد بدأنا نتعلم
داخلنا ،ليتنا نطلب منه أن يخلصنا من األمور السطحية كي��ف أن الكل من املس��يح ولي��س منا ،وبالتال��ى بدأنا
والثانوية لكى نس��تطيع أن نتالمس مع شخصه وحده، نتعل��م أن نهدأ ونتطلع إلى ش��خصه وحده ،أخيرا ً بدأنا
ليتنا ن��رى الرب في كل األم��ور ،إن الطري��ق واحلق واحلياة نرى أن الرب هو «حياتنا» .
كلها موجودة في معرفة ش��خصه ،ليتن��ا باحلق نتقابل دعون��ا نتذكر دائما ً ه��ذه احلقيقة :إن اهلل بدال ً من أن
مع ابن اهلل وندعه يحيا حياته املباركة فينا .آمـني. يعطين��ا أمرا ً تلو اآلخر م��ن األمور الروحي��ة أعطانا مرة
واحدة ابنه احلبيب!! ولذل��ك ميكننا دائما ً أن نرفع قلوبنا
وأنظارن��ا إلى الرب ونق��ول «يارب أنت طريق��ى ،يارب أنت
حق��ى ،يارب أنت حيات��ى ،أنت وحدك ي��ارب الذى تعنينى
وليست األمور التى تعطيها لى»
ليتنا نطلب نعمة من اهلل حتى نرى املس��يح في كل
أمورنا الروحية ،يوما ً بعد يوم نقتنع أنه بعيدا ً عن املسيح
ال يوجد طريق وال حق وال حياة ،من الس��هل جدا ً أن جنعل
ـ 29ـ ـ 28ـ
الف�صل الثانى
قادر وسيعطيه اخلير الذى يطلبه ،وصلواتنا في معظمها
ه��ى ألجل أن يعمل الرب لنا هذا األم��ر أو ذاك ،لكن الرب
يريدنا أن ننظر إلى ش��خصه ولي��س إلى ما يعمله لنا،
امل�سيــح هــو
ألن عمله مؤسس على شخصه. القيامــة واحليــاة
كانت مرثا تؤمن بقدرة الرب ولذلك قالت له «يارب ،لو
« قال لها يسوع :أنا هو القيامة واحلياة »
كنت ههنا لم ميت أخى» وهكذا أيضا ً قالت مرمي ،ولكنهما
(يو )25:11
فشلتا في فهم أن الرب نفسه هو القيامة واحلياة ،ليتنا
نتعلم أن كل ما يعمله اهلل معنا هو بحسب طبيعته له نقرأ ف��ي اإلصحاح احلادى عش��ر من إجني��ل يوحنا أن
اجملد ،فنحن نفش��ل كثيرا ً في قبول أعمال اهلل في حياتنا الرب يس��وع أعطى احلياة لش��خص مات منذ أربعة أيام،
ألننا ال نفهم طبيعته. إنه يس��تطيع أن يقيم امليت ولقد أقامه فعالً ،ولكن بدال ً
يري��د الرب يس��وع أن يخبرنا هنا أنه لي��س قادرا ً على م��ن أن يق��ول «أنا أس��تطيع أن أقيم امليت» ق��ال «أنا هو
إعادة احلياة إلى إنسان مات بل أنه هو نفسه احلياة ،ليس القيامة»!!
أنه يستطيع أن يقيم امليت بل أنه هو شخصيا ً القيامة. كان��ت مرمي و مرثا موجودتني في ه��ذا اليوم ،وبالنظر
دعون��ا نس��أل اهلل أن يفت��ح عيوننا لنرى من ه��و الرب؟، إلى حالتهما النفسية كنا نظن أنه من األفضل أن يقول
ينبغى أن نرى في محضر اهلل أن املس��يح هو كل ش��يء الرب لهما «ال تقلقا من جهة أخيكما ألنى أس��تطيع أن
بالنس��بة لنا ،بهذه الرؤية س��نحقق تقدما ً حقيقيا ً في أقيمه وسوف أقيمه» فاإلنسان عادة يحب سماع أن اهلل
ـ 31ـ ـ 30ـ
خاضعة لهذا القانون :ألن الرب بذاته موجود فينا لذلك حياتن��ا الروحية ،من الض��روري أن ندرك هذا احلق :أن اهلل
نحن منتلك هذا األم��ر أو ذاك من األمور الروحية ،وجود ليس لديه ما يقدمه لنا س��وى املس��يح��!! وكل تقدم
الرب أوال ً ثم امتالكنا ألعماله وعطاياه ثانياً .إذا كان الرب حقيقي في احلياة الروحية يعتمد على مدى اس��تيعابنا
«احلي��اة» فينا فنحن منتلك احلياة ،إذا كان الرب «القيامة» له��ذا احلق .إخوت��ى :هل نحن نع��رف اهلل أم نعرف فقط
فينا فنحن نتمتع بالقيامة . األعمال التى يعملها لنا ؟!
ـ 33ـ ـ 32ـ
هن��اك اختي��اران أمام اإلنس��ان :أن يحي��ا أو أن ميوت ،إذا الظاه��ر للقيامة بل املهم حقا ً هو معرفة الرب يس��وع
أكل ثم��ر ش��جرة احلياة س��يحيا و إذا أكل ثمر ش��جرة نفسه بصفته القيامة .
معرفة اخلير والش��ر سيموت ،واإلنسان الذي خلقه اهلل كثي��رون يؤمن��ون بالرب يس��وع بصفت��ه « ُمعطى
كان «حس��نا ً جداً» وكانت له حري��ة اإلرادة والقدرة على احلي��اة» لكن أن نؤمن به بصفته «احلي��اة» بذاتها فهذا
االختي��ار بني احلياة واملوت ،في ذلك الوقت كان اإلنس��ان ش��ىء مختلف متاماً .إنه ليس فق��ط معطى احلياة بل
ميتل��ك الق��درة على التفكي��ر واحلركة ولكن��ه لم يكن ه��و احلياة نفس��ها .إن��ه رب القيامة والقيام��ة ذاتها!!
ميتلك «احلياة» !! مبجرد أن تتالمس أرواحنا مع هذه احلقيقة نفهم أن كل
بالطب��ع نح��ن ال نق��ول أن آدم لم يكن حي��اً ،بالنظر ما أعطاه اهلل لإلنس��ان هو املس��يح ،ليت اهلل يعطينا
للحي��اة الطبيعية كان آدم نفس��ا ً حية (ت��ك )7:2لكن قبس��ا ً من نور يضىء داخلنا لندرك أن الرب يس��وع هو
بالنظ��ر للحياة املوجودة في ش��جرة احلي��اة لم يكن آدم كل شىء لنا.
ميتلك هذه احلياة ،إنه ميتلك القوة للتفكير واإلحس��اس قال يسوع «أنا هو القيامة واحلياة» ،إن القيامة واحلياة
وهذه هي وظائف النفس األساسية ،إال أنه ال ميتلك احلياة تش��مالن الكتاب املقدس كله ،لذلك من املهم أن نعرف
كما هي ممثلة في ش��جرة احلياة ،وكما قلنا س��ابقا ً هذه ماهية القيامة واحلياة:
احلياة أعمق من املشاعر و أعظم من الفكر .
كل شىء في احلياة املس��يحية له نظيره املزيف :
املسيح هو احليـاة
هناك توبة مزيفة ،واعتراف مزيف ،وجتديد مزيف ،وحماس ف��ي جنة عدن وضع اهلل اإلنس��ان الذى خلقه ،وكان
ـ 35ـ ـ 34ـ
لي��س املقصود أن احلياة ليس فيها فكر أو إحس��اس مزي��ف ،وأعمال معجزيه مزيفة ،ومواهب للروح القدس
أو عم��ل ،بل أنها أعمق وأعظم من كل هذا .قد تس��مع مزيفة ،وهناك أيضا ً حياة مزيفة!! كثير من املس��يحيني
كلمات من ش��خص وتش��عر فيها باحلياة بينما تشعر يعتب��رون أن املش��اعر الفياضة ه��ى احلي��اة ويظنون أن
أنها مجرد كلمات عندما تس��معها بذاتها من شخص احلماس املتقد والصوت العالى دليل على االمتالء باحلياة،
آخر .قد تلتقي مبشاعر حارة في إنسان ما ولكنك تلتقي إنه��م ال يس��تطيعون التمييز ب�ين احلياة واملش��اعر ،وال
باحلياة في آخر ،بعض اإلخوة يعتبرون إحساسات معينة يعرفون كيف أن األولى أعمق بكثير من الثانية .
داخلهم إنها احلي��اة إال أن الذين تع ّلموا من اهلل يعرفون فئ��ة أخرى م��ن املس��يحيني تعتبر أن الفك��ر املثالى
أنه��ا ليس��ت كذل��ك ،وآخ��رون يعتق��دون أن أفكارهم حياة ،لو وجدوا في العظة قدرا ً كبيرا ً من األفكار املثالية
الس��امية هي احلياة لكن املؤمنني اخملتبرين يعرفون أنها والكلم��ات املمتعة واحلج��ج القوية فإنه��م يعتبرونها
ليست حياة على اإلطالق !! ممل��وءة باحلياة ،لكن املؤمنني الذين اختبروا احلق وتعلَّموه
ق��د يتحدث اثن��ان بنف��س التعليم من نف��س اجلزء م��ن اهلل يقولون لن��ا إن احلياة أعمق بكثير من املش��اعر
الكتابى ،لكنهما ـ بالنس��بة للمؤمن اخملتبر ـ مختلفان وأرق��ى من الفكر .احلياة ليس��ت عمالً نعمله ،اإلنس��ان
متام��اً ،األول لدي��ه فك��ر فقط بينم��ا الثان��ى لديه حياة النش��يط واحلماس��ي واملتحرك ليس بالضرورة حياً ،إنه
إل��ى جانب الفكر ،الفكر احملض ليس حي��اة ،هذان أمران مش��حون باألعمال ولكن ه��ذا ال ميكن اعتباره حياة ،إنه
مختلفان متاما ً ،كثي��رون يعتقدون أنهم ماداموا يقولون «يعمل» ولكنه ال «يحيا» !!
ـ 37ـ ـ 36ـ
ومع ذلك تبقى حية ،كل ما يحيا بعد املوت ميتلك حياة نفس الكلمات فهم ميتلكون نفس احلياة ،لكن هذا ليس
القيام��ة .لقد أتى امل��وت إلى اإلنس��ان بعدما أكل من صحيحا ً ،نفس الكلمات قد تكون أفكارا ً في ذهن الواحد
ش��جرة معرفة اخلير والشر ،ومنذ ذلك الوقت فصاعدا ً وحياة في قلب اآلخر !!
لم يعد اإلنسان قادرا ً على هزمية املوت ،كل الذين دخلوا قال الرب «أنا هو احلياة» إذا ً فاحلياة ليس��ت «ش��يئاً»
القبر لم يعودوا أبدا ً ،أعداد ال تحُ صى من البش��ر مبجرد خارج املس��يح بل هي املس��يح نفس��ه ،لو كانت احلياة
ذهابه��م إل��ى املوت ال يعودون ،لكن م��ن بني كل هؤالء «ش��يئاً» نس��تطيع إن نعمله لكانت ميت��ة ،احلياة التى
كان هن��اك ش��خص واحد ذهب إلى امل��وت ثم عاد منه يتكلم عنها مس��يحيون كثيرون ليس��ت سوى «شىء»
«فلما
ّ حياً ،هذا الشخص الواحد هو ربنا يسوع املسيح يصنعونه بأنفسهم ولذلك هى شىء ميت !!
علي
رأيته س��قطت عند رجلي��ه كميت ،فوض��ع يده ّ نح��ن نحت��اج إلى رحم��ة اهلل في ه��ذا اجمل��ال!! إننا
قائ�لاً :ال تخف ،أن��ا هو األول واآلخر ،احل��ى وكنت ميتا ً نفه��م ماهية الفكر واملش��اعر واألعم��ال لكن ينقصنا
وهاأن��ا حي إلى أبد اآلبدين ،آمني ،ولي مفاتيح الهاوية إدراك واض��ح ملاهية احلياة ،ليتنا نس��أل الرب أن يعطينا
واملوت» (رؤ)18-17 :1 إعالنا ً عن ماهية احلياة ،وعندما نحصل على هذا اإلعالن
سنتالمس مع الرب بصورة أعمق .
الرب يسوع املسيح هو نفسه القيامة ،نوعية احلياة
الت��ي فيه هي حي��اة القيامة ،احلياة الت��ي متر من خالل املسيح هو القيامة
امل��وت لكن امل��وت ال يس��تطيع أن ميس��كها (أع )24 : 2 ما هى حي��اة القيامة ؟ هى احلي��اة التى جتتاز املوت
ـ 39ـ ـ 38ـ
حيـاة القيامة يس��تخدم الكتاب كلمة «يمُ سك» لكى يصف سلطان
املوت ،الناس تدخل إلى املوت وال تقدر أن تخرج مرة أخرى
ينبغ��ى أن تك��ون نوعية احلي��اة التي فين��ا هي حياة
القيامة ،لكن لألس��ف مازال في حياتنا أشياء عديدة ال ألن املوت ميس��ك بق��وة كل الداخلني إليه ،لكن املوت لم
حتم��ل آثار املوت ولذل��ك ال ميكن أن نعتبره��ا حية بحياة يقدر أن ميس��ك بحياة املس��يح ،لذلك فاحلي��اة التي في
القيامة ،أنه��ا حية بقوى الطبيعة وليس بقوة القيامة، املسيح هى حياة القيامة ،احلياة التي جتتاز املوت ثم حتيا
هذا أخ س��عيد ألنه ميتلك القدرة واملهارة والبالغة ،لكن إلى األبد ،احلياة التى نزلت إلى أقس��ام األرض الس��فلى
لألس��ف ه��ذه اإلمكانيات ال حتمل آثار امل��وت ولذلك هى ث��م صعدت إلى قمة اجملد ،احلياة التى تعيش وهي حتمل
حي��ة بقوى احلياة الطبيعية ولي��س بقوى حياة القيامة، آثار املوت!!
وبالتال��ى هذه اإلمكانيات عاجزة عن الش��هادة ليس��وع بعدم��ا ق��ام ال��رب يس��وع من ب�ين األم��وات أظهر
ألنها غير عاملة بحياته ،ألن حياته التي يعطيها لنا هى لتالميذه آثار املس��امير في يدي��ه ورجليه وأثر احلربة في
دائما ً حياة القيامة . جنب��ه ،وطلب منه��م أن يلمس��وها وميتحنوها بدقة ،
وهذا أخ آخر ميتلك موهبة عظيمة وقدرات هائلة ،إنه ألن ه��ذه اآلثار هي دالئل حياة القيام��ة ،وما أراد الرب أن
يب��دو «حياً» ومتحركا ً جداً ،ومع ذل��ك ال تالحظ آثار املوت يؤكده لتالميذه لي��س أنه ُجرح ومات بل أنه ُجرح ومات
على حياته بل تستطيع أن تالحظ بوضوح قدرا ً هائالً من وق��ام ثانية ،وأنه يحمـل في جس��ده آثار املوت ومع ذلك
الثقة بالنفس واالعتداد بالذات ،يثق أنه ال يخطئ أبدا ً وهو هو حى! هذه هى حياة القيامة .
ـ 41ـ ـ 40ـ
يع��رف اهلل باحلق!! كم هو مح��زن أن كثيرين من املؤمنني متأكد من النجاح في أي شيء يفعله .إن احلياة النابضة
أقوياء وذوو ثقة بأنفس��هم!! لكننا نرى هنا إنس��انا ً عرف بداخله هي حياة الذات وليس��ت حياة القيامة ،وبالتالى
نفسه على حقيقتها فامتأل ضعفا ً وخوفا ً ورعدة كثيرة، ال نندهش إن وجدنا هذه املوهبة العظيمة وتلك القدرات
وهذه هي آثار املوت على حياته . الهائلة عاجزة متاما ً عن خدمة اهلل أو متجيد املسيح .
الصليب هو الطريق للقيامة نحن ال نقول إن الشخص الذي ميتلك حياة القيامة ال
ال ميكنن��ا الفصل بني الصلي��ب والقيامة في حياتنا، ميتلك مواهب عظيمة أو قدرات هائلة ،بل نقول إنه يحمل
نح��ن نحتاج إل��ى كليهم��ا :الصليب قوة « إنه��اء » أما آثار امل��وت على مواهبه وقدراته ،وال تس��تطيع أن تالحظ
القيامة فه��ى قوة «إحياء»!! الصلي��ب يضع نهاية لكل علي��ه ثقته في ذاته بل كل ثقته في الرب ،إنه يس��تطيع
األشياء النابعة من الذات ،مبجرد أن جنتاز الصليب ال تقوم أن يعمل أشياء كثيرة لكنه ال يعملها إال إذا حتركت حياة
ثاني��ة ألن الصليب أنهاها ،أما األش��ياء النابعة من اهلل ال��رب بداخله لعمل هذه األش��ياء ،لقد فقد القدرة على
فهى جتتاز الصليب وتظل حية ،حتمل آثار املوت ومع ذلك التحرك الذاتي وق��واه اخلاصة باتت في نظره ضعفاً ،هذا
تبقى حية ،هذه هي قوة القيامة . ما نعنيه بحياة القيامة.
القيام��ة تس��تلزم املرور م��ن خالل امل��وت ،واملرور من كتب الرسول بولس في رس��الته األولى إلى كنيسة
خالل املوت دائما ً ينهى شيئا ً ما ،إذا أردنا أن نعرف القيامة كورنث��وس «وأنا كن��ت عندكم في ضع��ف وخوف ورعدة
كقوة إحي��اء ينبغي أن نع��رف الصليب كق��وة إنهاء ،إذا كثي��رة» (1ك��و )3 :2هذه الكلمات ال يقولها إال ش��خص
ـ 43ـ ـ 42ـ
لم يكن ممكنا ً أن يمُ سك من املوت ،بهذه احلياة األبدية التي اجتزنا من خالل الصليب فسوف نتجرد من أشياء كثيرة،
فيه استهان باملوت وهو يدخله . سنصبح أشخاصا ً مختلفني متاما ً ألن الصليب قد أنهى
اجتياز الصليب أشياء كثيرة فينا ،وما يبقى حيا ً بعد الصليب فهو وحده
املتمتع بحياة القيامة .
إنن��ا نحمل أش��ياء كثيرة معن��ا ونحن داخل��ون إلى
الصليب ولكننا نخرج ونح��ن مجرَّدون منها ،ال توجد أية لنأخ��ذ له��ذا مث��اال ً :إذا أخ��ذت قطعة من اخلش��ب
فرصة للخروج بهذه األش��ياء مرة أخرى ،فقط األش��ياء وقطعته��ا إلى أجزاء ودفنتها في األرض ،ماذا س��يحدث ّ
التي من اهلل فينا هي التي ستقوم بعد الصليب ،ينبغى لها ؟ بعد عدة أيام س��تتحلل بالكامل وتصير غير نافعة
أن نس��قط أمام الصليب ،فالصليب هو سقوط عظيم ألى ش��ىء ،لكن ل��و قطعت غصن��ا ً من ش��جرة وزرعته
لذواتنا ألنه ينهي أشياء كثيرة فيها !! في األرض س��تجده بعد أيام يُزهر ويُخ��رج براعم جديدة،
كالهم��ا اندفن ف��ي األرض لك��ن إحداهما حتلل��ت بينما
قد يس��أل بعض اإلخوة « :كيف أعرف أني قد اجتزت
األخرى أزه��رت!! هكذا األمر معنا عندم��ا جنتاز الصليب:
ه��ذا املوت؟ كي��ف أعرف أن الصليب ق��د عمل عمله في
كل ما هو ميت س��وف يتحلل وينتهي بالصليب وكل ما
داخل��ى؟» واإلجابة ببس��اطة هى :لو عم��ل الصليب في
فيه حياة القيامة سيقوم بعد مروره في الصليب.
حياتك فالبد أنك فقدت أشياء كثيرة ،لكن لو بقيت كما
أن��ت منذ أن حصلت على اخلالص فهذا يعنى أن الصليب لذلك نقول إن قيامة الرب يسوع مؤسسة على نوعية
لم يعمل في داخلك حتى اآلن !! حياته ،وبس��بب احلياة التى ال متوت املوجودة في شخصه
ـ 45ـ ـ 44ـ
أحيانا ً بعض األش��ياء التى ُفقدت باملوت تُستعاد مرة بينما يعمل الصليب في حياتك س��تختبر سقوط
أخرى في القيامة ،مثل الغصن الذي يُقطع من الش��جرة وانهيار أشياء كثيرة في داخلك ،كما ستختبر أن أشياء
ويبدو أنه مات لكن عندما نزرعه في األرض يعود ينمو مرة أخرى س��وف تتنقى وتفقد الكثير من حجمها السابق،
أخرى .عندما نقول إننا سنجتاز املوت ونقوم ونحن نحمل وبالتالى ستش��عر أن أش��ياء كثيرة مما كنت قادرا ً على
آثار املوت ال نقصد أننا س��نصير غي��ر قادرين على الكالم أصبح��ت اآلن غير قادر عل��ى فعلها،
َ فعله��ا من قب��ل
والتصرف ،كال ،بل املقصود هو أننا لن نكون بنفس القدر وأش��ياء أخرى كنت متأكدا ً منها إلى حد اليقني ستبدأ
من الثقة واالتكال على ذواتنا في أقوالنا وأعمالنا . تتشكك فيها ،وما كنت متتلك رغبة عظيمة فيه قبالً
عندم��ا يتالم��س اهلل م��ع ش��خص ويتعام��ل معه هاأن��ت اآلن متردد بش��أنه ،كل ه��ذه عالمات على عمل
بالصليب يصبح هذا الشخص مدركا ً لضعفه و قصوره، الصليب داخلك.
ولذل��ك لن يج��رؤ فيما بعد عل��ى القول «أنا أس��تطيع» إذا كان��ت هن��اك قيامة في حيات��ك فالبد أنك تركت
أو «أنا س��أفعل» .ق��د يعطيه اهلل أن يظ��ل يعمل نفس خلفك أشياء كثيرة في القبر!! ألن هذه األشياء ال ميكنها
األعمال لكن��ه اآلن يعملها وهو يحم��ل مخافة اهلل في أبدا ً اجتياز املوت ،كل ما هو من آدم ال يس��تطيع أن يحيا
داخله!! قد يستمر في السير لكنه اآلن يسير خلف اهلل، بع��د دخوله ف��ي املوت ،احلي��اة التي من ال��رب هي فقط
متام��ا ً مثل إبراهيم الذى كان يس��ير خطوة خطوة خلف الق��ادرة أن مت��ر من خـالل امل��وت وتخرج ثاني��ة ،هذه هي
اهلل !! ميكنك أن تالحظ آثار الصليب واضحة على حياته حيـاة القيامة .
ـ 47ـ ـ 46ـ
شركة مع اهلل ،كل ما يتحد باهلل في أعماقنا ينبغي أن ،لق��د أخت��رق اهلل كيانه بالصليب حت��ى أن ذاته لم تعد
يكون ُمقاما ً من املوت . صحيح��ة كما كانت ،أصبحت حتمل آثار املوت ،هذه هي
حياة القيامة .
حياة القيامة ضرورية خلدمة اهلل
في اجمل��ال الروحي نواجه مش��كلة صعبة أال وهي
حياة القيامة ضرورية للشركة مع اهلل
أن اخلدام يخدمون اهلل ً
عادة بإمكانيات طبيعية وليس ال توجد شركة بني اهلل واإلنسان إال من خالل حياة
بإمكاني��ات ُمقامة !! كثيرون لديهم احلماس واملش��اعر القيامة!! والقيامة تشمل ضمنيا ً اجتياز موت الصليب،
احل��ارة لكن قليلني هم الذين ميتلكون قوة القيامة ،القوة ال ميك��ن ألى ش��يء فينا أن يدخل في ش��ركة مع اهلل إال
الت��ى اجت��ازت امل��وت وقامت ،ق��د يعمل اخلدام بنش��اط إذا اجت��از امل��وت و القيامة ،كل ما أخذن��اه من الطبيعة
واجته��اد لكن هذا النش��اط من الن��وع الطبيعي ألنهم ينبغ��ي أن يدخل إلى املوت قبل أن يخرج إلى ش��ركة مع
ندعي اهلل ،طبيع��ة حي��اة اهلل هي حياة أبدي��ة لذلك ال تدخل
رفض��وا املرور من خالل املوت ،ونحن ال نس��تطيع أن ّ
ف��ي ش��ركة إال مع حياة ُمقامة ،ال ميك��ن أن يدخل اهلل
أننا نحيا حياة القيامة إذا كنا نعيش أمام اهلل بقوة هذه
ف��ي ش��ركة حقيقيـة م��ع ش��خص ال يحم��ل احليـاة
اإلمكانيات الطبيعية .
املُقام��ة ،ال ميكن أن يتحد اهلل مع ش��خص مازال يحتاج
حياة القيامة ضرورية لبناء الكنيسة أن يجت��از موت الصليب ويق��وم ،وبعد أن جنتاز املوت ننال
إذا سألنا :ما هى الكنيسة ؟ جند اإلجابة :الكنيسة حياة القيامة وهذه احلياة وحدها تس��تطيع أن تدخل في
ـ 49ـ ـ 48ـ
تتنافر وتتباعد وال ميكنها أن تصنع احتادا ً حقيقياً ،لكن هي جسد املسيح املقام ،أي أن كل ما ليس من القيامة
إذا ن��ال اجلمي��ع حياة القيام��ة فسيش��عرون أن احلياة ليس جزءا ً من الكنيسة!! فالكنيسة ليست املكان الذي
التي تس��ري فيه��م هى حي��اة واحدة ،حي��اة تربطهم تأتي إليه بشيء من مهارتك وآتى أنا ببعض لباقتي ونصنع
معا ً وتربطهم باهلل ،ال توجد وس��يلة مجدية لالحتاد إال سويا ً خدمة روحية ،كال ،الكنيسة ال تُبنى مبواهب املؤمنني
اختبار اجللجثة!! الطبيعية ،الكنيس��ة تط��رد كل ما ه��و طبيعي خارجا ً
ال ميكن ملواهبنا الطبيعية أن تبنى الكنيسة ،وحكمة تدخلت اإلمكانيات الطبيعية في وتقبل فقط املُقام ،إذا ّ
اإلنس��ان ودهاؤه ال ميكنهما أن يحال مش��اكل الكنيسة، بناء الكنيس��ة فالكنيسة عندئذ تفقد صفتها كجسد
الكنيس��ة ال تتبع طرق اجلس��د أو الطبيع��ة ألن كليهما ال��رب املُقام ،ال ميكن أن يكون في الكنيس��ة عنصر واحد
س��يدمرها!! بالتأكيد الكنيسة حتتاج مواهبك ومواهبى غير ُمقام.
لكن بعد أن يوضع عليها ختم الصليب!! الكنيسة تُبنى كثير من املؤمنني يتساءلون عن كيفية حتقيق االحتاد
مبواهبنا بعد اجتيازها املوت والقيامة ،إن الرب يسوع نفسه بني املؤمنني ،كيف يعود املؤمنون مرة أخرى جسدا ً واحدا ً
هو القيامة و كنيسته هي استعالن حياة القيامة. ونفس��ا ً واحدة ؟ واإلجابة هي أيض��ا ً في حياة القيامة ،
ينبغ��ي أن نعت��رف أن كل الط��رق الطبيعية ال ميكن أن
حياة القيامة حتمل آثار الصليب حتق��ق وحدة بني املؤمنني ،أبناء اهلل يحتاجون أن يجتازوا
إذا أردن��ا اختبار القيامة ينبغ��ي أن نطلب من اهلل أن في املوت ويتركوا الصليب يتعامل مع الطبيعي فيهم
يجيزن��ا في اختبار املوت ،ال قيم��ة للتعاليم املوجودة في إذا أرادوا أن يصل��وا إلى الوحدة ،احلياة الطبيعية فيهم
ـ 51ـ ـ 50ـ
قيامت��ه ،وبع��د اختبارنا لهذه اجل��روح لن جن��رؤ أبدا ً أن أذهانن��ا إذا ل��م نقبل عم��ل الصليب في حياتن��ا ،إذا لم
نعتمد على أنفس��نا و قوانا ،مبجرد أن ن ُضرب من الرب يضرب الرب ُحق فخذنا فسنبقى كما نحن !! أحيانا ً نعثر
ل��ن ننهض ثانية ،لي��ت آثار الصليب ت��زداد وضوحا ً في ونس��قط ونتألم وقد ننكس��ر أمام الرب أليام أو لشهور
حياتنا كل يوم !! لكن سرعان ما ننهض مرة أخرى ،لكن إذا ضرب الرب ُحق
فخذنا فلن ننكس��ر أليام أو لش��هور بل سنحتفظ بهذا
عندما كانت الذبيحة توضع على املذبح وتحُ رق لم يكن
الكس��ر مدى احلياة ،س��نظل نخمع أم��ام اهلل إلى األبد
ممكن��ا ً أن تقوم ثانية ،هكذا نح��ن إذا اجتزنا في الصليب
وختم الصليب سيظل دائما ً علينا .
لن نقوم مرة أخري كما كنا ،سندرك أننا ضعفاء ومزدرى
بعد عدة س��نوات م��ن الرؤيا التي ش��اهدها بولس
وغي��ر موجود ،وس��تظل آث��ار الصليب هذه عل��ى حياتنا
لتشهد أننا اجتزنا املوت واختبرنا القيامة ،وكلما عرفنا على أبواب دمشق شهد قائال ً «… لم أكن معاندا ً للرؤيا
الصلي��ب أكثر عرفنا القيام��ة أكثر ،وكل ما يبقى بعد السماوية » (أع )19 :26لقد انكسرت طبيعته املعاندة
الصليب هو فقط املتمتع بالقيامة !! من��ذ ذلك اليوم فصاعداً ،لو تراءف الرب علينا وضربنا
بعن��ف فذواتنا لن تس��تطيع النهوض م��رة أخرى !!
آه !! ك��م هي كثيرة األش��ياء التي لن تق��وم أبدا ً بل
س��نظل نحمل آثار هذه اجلروح إل��ى األبد ،وكما بقيت
ستنتهي مبجرد أن جتتاز الصليب !! فقط ما يستطيع أن
يحتم��ل الصليب هو الذي ميتلك قيمة روحية حقيقية ، يدي الرب وفي رجليه هكذا ينبغى أن
آثار املس��امير في ّ
أي ش��يء يدخل إلى القبر ويبقى هناك فهو شيء ميت، تبقى آثار الصليب في حي��اة كل من عرف الرب بصفة
ـ 53ـ ـ 52ـ
الف�صل الثالث
لك��ن ما يخرج م��ن اجلانب اآلخ��ر للقب��ر ـ وإن َح َمل آثار
امل�سيــح هــو الصليب ـ فهو املُقام .
دعونا نصلى لكى نعرف املسيح بصفته قيامتنا كما
خبز احلياة ونور احلياة عرفن��اه بصفته حياتنا ،ليت الرب يخلصنا من األش��ياء
ن
الطبيعي��ة العديدة التى في نفوس��نا ،ويعطينا أن تزداد
« فقال لهم يس�وع :أنا هو خب�ز احلياةَ ،م ْ
�ن يؤم�ن بى فال
إل�ى فال يج�وع و َم ْ يقب�ل حيات��ه فينا وتنقص حياتنا فينا !! كفانا ما عش��ناه دون
ّ
يعطش أبداً » (يو .)35:6 أن نعرف عمل الصليب في حياتنا ،دعونا نطلب من الرب
ً
قائلا :أنا هو نور «ثم كلمهم يس�وع أيضا ً أن يرحمنا حتى يبدأ الطبيعي يتناقص فينا ويزداد املُقام،
ن يتبعنى فال ميشى في الظلمة بل
العالمَ ،م ْ
ليت احلياة و القيامة تصبحان حقائق حية وليست مجرد
يكون له نور احلياة» (يو .)12:8 نظريات في حياتنا ،ليت الرب يشرق بنور قيامته على كل
أعمالن��ا و مجهوداتنا لكي نرى أن كل ما هو طبيعي غير
لقد قلنا إن كل البركات الروحية هي في املسيح ،اهلل نافع أو غير مقبول .آمــني.
أعطانا ش��خص املس��يح ليكون هو كل شىء بالنسبة
لنا ،يقول الرسول« :املس��يح يسوع الذي صار لنا حكمة
م��ن اهلل وبرا ً وقداس��ة وف��دا ًء» (1كو )30 :1ه��ذه نقطة
جوهري��ة للغاية لفه��م احلياة الروحية ،ه��ل نحن نختبر
ـ 55ـ ـ 54ـ
في املس��يح جتتمع كل البركات الروحية التى أعطانا أش��ياء مجرَّدة أم نختبر شخص املسيح نفسه؟ هل ب ّرنا
إياها اهلل ،اهلل لم يعطنا برا ً بل املس��يح نفس��ه هو برنا، هو أعمال مجرَّدة أم هو الرب يسوع نفسه؟ هل قداستنا
اهلل لم مينحنا القوة لنصير قديس�ين بل منحنا املسيح مجرد س��لوكيات أم هي شخص املسيح ذاته؟ هل فداؤنا
ليك��ون قداس��تنا ،اهلل ل��م مينحنا فدا ًء بل املس��يح هو عقيدة مج ّردة أم هو املسيح شخصيا ً ؟
فداؤنا ،اهلل لم يفتح أمامنا طريقا ً لنسير فيه بل أعطانا كثي��را ً ما نتكلم عن «الطري��ق» إال إن هذا الطريق قد
املس��يح نفس��ه طريقا ً ،اهلل لم يقدم لنا بعض احلقائق ال يكون هو املس��يح نفس��ه ،وعلى نف��س املنوال ميكننا
لك��ي نؤمن بها بل أعطانا املس��يح ليك��ون هو احلق في احلديث عن «احلق» و «احلياة» دون أن يكون حديثنا بالضرورة
حياتنا ،اهلل لم مينحنا ش��يئا ً اس��مه احلياة بل املس��يح عن ش��خص املس��يح ،أى أنه ميكننا امتالك أشياء كثيرة
نفسه هو حياتنا . بعيدا ً عن شخص املسيح ،وهذه مشكلة روحية مخيفة
إخوت��ى وأخوات��ى ،أثن��اء ارحتالن��ا ف��ي طري��ق اهلل في وس��ط أبناء اهلل .قد نعترف بأفواهنا بأن املس��يح هو
سنكتش��ف أكثر فأكثر أن كل نِع��م اهلل مجتمعة في مركز كل األشياء ومع ذلك منتلك في حياتنا أشياء كثيرة
نعمة واح��دة وكل عطايا اهلل إمنا هي عطية واحدة ،هذه بعي��دا ً عن املس��يح ،ونعتقد أن هذه األش��ياء لها قيمة
النعم��ة والعطية ما هي إال ش��خص املس��يح نفس��ه، روحية وتس��اعدنا في حياة اإلميان .إنن��ا نحتاج إلى جتديد
ش��كرا ً هلل ،يوما ً بعد يوم سنفهم أن املسيح يحتوي في أذهـاننا لكي نفهم أن اهلل ال يريدنا أن منتلك أية «أشياء»
شخصه كل البركات الروحية . روحية بعيدا ً عن شخص املسيح .
ـ 57ـ ـ 56ـ
املسيح خبز احلياة في بدء اإلميان كنا نفتكر في الرب باعتباره مخلِّصنا،
ق��ال الرب للناس الذين طلبوه ف��ي كفرناحوم وكانوا أم��ا اآلن فإنن��ا نفهم أن ال��رب ليس فق��ط مخلصنا بل
يتوقعون أن يطعمهم باخلبز « :أنا هو خبز احلياة ،أنه ليس هو أيض��ا ً «خالصن��ا» ،هل مازال��ت الكلم��ة غريبة على
فقط «يعطى» خبز احليـاة بل هو نفس��ـه هذا اخلبز !! إن مس��امعنا؟ لكنها احلقيقة التي نكتشفها كل يوم :أن
«العطية» و «املُعطى» كيان واحد ال يتجزأ !! ش��كرا ً هلل، املسيح هو كل عطايا اهلل لنا !!
إن املس��يح هو «عطي��ة» اهلل لنا متاما ً كم��ا أنه هو الرب ل��و أخطأن��ا التمييز ب�ين عطايا الرب يس��وع وبني
«املُعطى» !! ش��خصه ،بني العطي��ة واملُعط��ى ،س��نعانى معاناة
م��ا هو معن��ى اخلبز ف��ي الكتاب املق��دس؟ إنه يعني كبيرة في حياتنا الروحية !! سنسعى وراء بركات وليس
الش��بع واالكتف��اء ألن الكتاب يس��تخدم كلمة «اجلوع» وراء الرب نفس��ه ،و هذا اخلطأ سيحرمنا من التالمس مع
للتعبير عن عدم الش��بع الروحي لإلنسان ،وإذا كان اجلوع مصدر احلياة ذاته ،أما إذا كنا ننظر إلى املس��يح باعتباره
اجلسدى يجد عالجه في اخلبز املادي فهكذا اجلوع الروحي كل الب��ركات لنا فالبد أننا نش��تاق أن نرى جوانب جديدة
يحتاج خلبز روحى حتى يشعر املؤمن بالشبع واالكتفاء . في ش��خصه في كل ي��وم ،في (ي��و 35 : 6و )12: 8يذكر
قدرة أبناء اهلل على إكم��ال اجلهاد املوضوع أمامهم لنا الكتاب جوانب أخرى من شخص املسيح ،حيث يقول
تتوق��ف عل��ى مدى ش��بعهم الروح��ى .لو كنا نش��عر ال��رب عن نفس��ه أنه «خبز احلي��اة» و «نور احلي��اة» ،دعونا
بالش��بع اليوم س��يكون لدينا القوة ألج��ل اليوم ،لكن نتأمل كالً منهما بالترتيب :
ـ 59ـ ـ 58ـ
كثي��را ً ما ن��رى أبن��اء اهلل ال يش��عرون بالش��بع في لو ش��عرنا بالفراغ الداخلي مثل اإلطار الذي تسرب منه
حياتهم الروحية والس��بب هو أنهم ال يعرفون املس��يح الهواء س��نكون غير قادرين على س��حب أنفسنا طوال
بصفته خبز احلياة ،تراهم دائما ً شاعرين باخلواء والضجر، الي��وم ،ال نس��تطيع أن نقول أننا ال منتل��ك «حياة» لكن
س��اخطني على كل ش��ىء ،ليسوا سعداء في أي وضع ، بالتأكي��د نح��ن ال منتلك «قوة » للس��عى .إن الش��بع»
من الفجر وحتى الليل قلقني ومضطربني ،إنه اإلحساس هو ذلك الش��عور الذي يعطينا الق��وة ملواصلة الطريق
باجلوع الروحى. املوضوع أمامنا حتى نهايته .
نحن بالطبع ال نريد أن يكون املؤمنون متك ِّبرين مكتفني دعون��ا نرى ما يقصده الرب بقوله «أنا هو خبز احلياة»:
بذواته��م وراضني عن أنفس��هم .إن الكبري��اء املصاحب هو يعنى أن��ه ليس فقط ُمعطي احلياة ب��ل أيضا ً حافظ
لالكتفاء بالذات ش��يء واالمتالء املصاحب للشبع بالرب اس��تمرارها !! كثير من املؤمنني يعتقدون أن اخلبز الروحي
ش��يء مختلف متاما ً !! بعض املؤمنني األفاضل عرفوا سر هو س��اعة يقضونها في الصالة أو ق��راءة الكتاب ،إنهم
الش��بع في الرب لذلك تراهم ميكث��ون طويالً في محضر لألس��ف ال يدركون أن خبزه��م الروحي ينبغ��ي أن يكون
الرب وهم ش��اعرون باالكتفاء واالمتالء وهذا الش��بع هو هو الرب يس��وع نفس��ه .إننا ال نقصد بالطبع أن نقول أن
قوتهم ،ومع ذل��ك ال تبدو عليهم أية عالمة للكبرياء أو الص�لاة وقراءة الكتاب بال فائ��دة لكن ينبغي أن نتذكر أن
االعتداد بالذات ،بل على العك��س جتدهم دائما ً أمام اهلل الرب قال أنه هو خبز احلياة مما يعني أن اخلبز ليس أي شيء
في خوف ورعدة مقدسة . آخر سوى الرب يسوع نفسه .
ـ 61ـ ـ 60ـ
أن ال��رب كان جائع��اً ،وهن��اك تقابل مع املرأة الس��امرية كيف إذا ً نس��تطيع أن نأكل حتى الشبع ؟ ينبغى أوال ً
وكانت مش��يئة اهلل أن يتكلم إليه��ا ويعطيها اخلالص ، أن ندرك أن كل الشبع هو في شخص املسيح ،كل الشبع
ولقد فعل مش��يئة اهلل ومتم م��ا أراده اآلب ،وعندما رجع موجود في احلي��اة وعندما نتالمس مع احلياة املوجودة في
التالمي��ذ بالطع��ام وطلبوا إليه أن يأكل ق��ال لهم « :لى املس��يح نن��ال حاال ً الش��بع ،وفي املقاب��ل عندما نخطئ
طع��ام آلكل لس��تم تعرفونه» واعتق��دوا حينئذ أن أحدا ً ضد احلياة نش��عر فورا ً باجلوع والفراغ ،واآلن دعونا نش��رح
موضوع الشبع ببعض األمثلة الواقعية :
أحضر له طعاما ً آخر ،لكنه أوضح لهم قائالً « :طعامي
أن أعمل مشيئة الذى أرسلني وأمتم عمله». املثل األول
من هذه الواقعة في حياة الرب نستطيع أن نستنتج أحيانا ً نس��مع أحد اخلدام يق��ول « :لقد عملت كثيرا ً
أن عمل مش��يئة اهلل البد أن يجعلنا نش��بع ومنتلئ ،بعد الفترة املاضية ،كنت مش��غوال ً باس��تمرار مل��دة تزيد عن
أن نتم��م مش��يئة إلهنا البد أن نش��عر بالش��بع وليس السنة ،ذهبت هنا وهناك ،أعطيت كثيرا ً حتى أني أشعر
باجلوع ،في مجال العمل الروحي كلما عملنا أكثر شعرنا اآلن باخل��واء واجلوع الروحي ،أش��تاق أن أجد مكانا ً أش��بع
باالمت�لاء أكثر !! أما لو ش��عرنا باخلواء واجلوع بعد العمل فيه روحيا ً وأنتعش» !!
فالب��د أن هن��اك خطأ ما !! إذا ش��عرت بعد إجناز عمل ما إذا قرأنا ( يو )4س��نجد تعارضا ً ف��ي أقوال هذا اخلادم،
أنك ف��ارغ مثل إطار الس��يارة الذي تس��رب من��ه الهواء عندما تعب الرب يسوع من السفر جلس على بئر يعقوب
فينبغى أن تعرف أن هناك خطأ ما في هذا العمل !! ألننا أم��ا تالميذه فذهبوا ليبتاعوا طعاما ً من املدينة ،مما يؤكد
ـ 63ـ ـ 62ـ
س��واء كنا نعمل أعم��اال ً كثيرة أو قليل��ة ينبغي في إذا س��رنا بحسب مش��يئة اهلل وليس بحسب مشيئتنا
كل مرة نق��ف لنتكلم عن املس��يح أن نكون مملوئني من نحن فينبغي أال نشعر بالضعف بل بالقـوة .
القوة حتى أنه ليس الس��امعون فقط يشبعون بل نحن املشكلة أننا كثيرا ً ما نقوم بأعمال ليس ألننا جاهزون
املتكلمني أيضا ً نش��بع !! إذا كان الرب نفسه هو العامل لها أمام اهلل لكن ألن االحتياج املوجود كبير جدا ً والضغط
فينا فلن نش��عر بالفراغ بعد العمل بل باألحرى بالشبع، اخلارج��ى ق��وى للغاي��ة ،وفي مث��ل هذه األعمال نش��عر
بتالمس��نا مع الرب نفس��ه أثناء العمل سنشعر بالقوة باس��تهالك لطاقتنا ونصير منهكني وبال قوة ،والس��بب
واالمتالء . أن هناك خطأ ما بيننا وبني الرب ،كل عمل خارج مشيئة
نخط��ئ كثي��را ً عندما نظ��ن أن التوقف ع��ن العمل الرب يجعلنا نشعر باجلوع أكثر .ينبغى إذا ً أن نعكف على
والراحة أو االستماع للوعظ أو االشتراك في خلوة روحية فعل مشيئة اهلل فقط إذا أردنا أن نشعر بالشبع .
هي وس��ائل للشبع الروحي ،الش��بع واالنتعاش الروحي ينبغى أن ندرك أن ش��بعنا وراحتنا ليسا في االنعزال
يحدث��ان عندما نس��مح للرب أن يعمل فين��ا كل ما يريد
ف��ي مكان بعيد أو االس��تماع إلى مواعظ انتعاش��ية ،إن
أن يعمل��ه ،وعندما يعمل الرب فين��ا ويتحرك من خاللنا
املسيح نفسه هو خبزنا ،أما أن نعمل حتى نشعر باخلواء
ونتالم��س مع احلياة التي في ش��خصه نش��عر بالش��بع
ثم نذهب ألحد املؤمت��رات بحثا ً عن إمداد فهذا خطأ !! إذا
واالمتالء .
كن��ا نتكلم حتى نش��عر بالتعب ثم نبح��ث عن تعاليم
في اجملال الروحى لي��س الذى عنده وقت فراغ كبير هو جدي��دة لكى نس��ترد قدرتنا على العط��اء فهذا يعنى أن
الذى يس��تطيع األكل الروحي والشبع بل على العكس ، شبعنا ليس هو الرب نفسه .
ـ 65ـ ـ 64ـ
املقابلة تش��عر بالتع��ب كما لو أنك ارتكب��ت للتو خطأ نحن نش��بع أكثر كلما كنا مش��غولني أكثر !! نحن نأكل
فظيعا ً !! أثناء العمل باجتهاد ،لو كنا نسير في مشيئة اهلل فكلما
ف��ي بع��ض األحيان نختبر مش��اعر النج��اح عندما كنا مش��غولني أكثر صرنا نأكل أكث��ر ،ولذلك ال ميكن أن
نش��عر أننا فعلنا كل ما علينا عل��ى أكمل وجه ،ورغم نشعر باجلوع أو اخلواء مهما كان العمل شاقا ً .
ذلك س��رعان م��ا تزول هذه املش��اعر الس��طحية ونبدأ أثق أن الكثير من اإلخوة واألخوات ميكنهم أن يصادقوا
نش��عر بخواء وج��وع عظيم ف��ي داخلنا ،ك��م من مرة باختبارهم على هذا احلق ،لنفترض مثالً أنك خرجت اليوم
اختبرن��ا هذا احلق :عندما نتح��رك بالذات ـ ورغم بعض لتتكلم مع ش��خص آخر ،قد تتكلم بانفعال كبير لكن
النج��اح اخلارج��ى ـ إال أننا في النهاية نش��عر بأننا مثل ال��رب ال يتح��رك بداخل��ك ،بعدما تتكلم مل��دة خمس أو
البالون الفارغ !! عشر دقائق تبدأ تشعر بخطأ ما داخلك ،وترغب حاال ً في
أخى ،هل ش��عرت مرة كما لو أنك تتفرغ من الهواء ؟ تغيير مس��ار احلديث ألنك تش��عر أنك لم تعد قادرا ً على
إذا سرت بحسب أفكارك اخلاصة بدال ً من اتباع الرب بكل االس��تمرار في احلديث بنفس الطريق��ة ،وعندما تنتهي
خوف ورعدة ،حتى لو كانت مقاصدك حس��نة ،فس��وف املقابلة تشعر باإلنهاك واخلواء .
تنتهي دائما ً كش��خص فارغ ليس لديه أية طاقة روحية، لم يكن هناك خطأ في كالمك أو موقفك ،لقد بذلت
وكلما عملت أكثر ش��عرت باجل��وع أكثر !! وفي مثل هذه كل جهدك لكي تساعد هذا الشخص ،ومع ذلك تشعر
احلالة ستش��عر بالضجر إذا امتدحك الناس على عملك، بالف��راغ واإلجه��اد كلما تكلم��ت أكث��ر ،وعندما تنتهي
ـ 67ـ ـ 66ـ
بع��ض املؤمنني ال يخدم��ون خدمات كبي��رة ظاهرة وسترفض نفس��ك وجناحك !! وهذا يثبت بوضوح أن مثل
فهل ليس لهم أن يختبروا هذا الش��بع؟ حاش��ا ،إن كل يعطك أى شبع .
هذا العمل ليس غذاء للنفس ألنه لم ِ
مؤم��ن له حق الش��بع ألن كل مؤمن ل��ه عمل حتى ولو القديس��ون الذين اختبروا الش��بع الروحى احلقيقى
كان صغيراً ،قد يتكلم في عمل فردى ملدة عش��ر دقائق، عرف��وا أن هذا الش��بع هو في الرب نفس��ه ،املس��يح هو
قد ال يتكلم س��وى كلمات قليلة ،قد يحملون تثقالً في خبز احلياة ،هو وحده يس��تطيع أن يشبعك ،إذا كنت أثناء
أرواحهم بصمت أمام الرب ،قد يرفعون صلوات بحس��ب اخلدمة ال تس��تطيع التالمس مع ش��خص الرب نفس��ه
إرش��اد ال��روح ،هذه كله��ا أعمال تبدو صغي��رة لكنهم فالبد أن تش��عر باجلوع ،لكن متى ملس��ت شخصه فأنت
سيش��عرون بالش��بع إذا عملوه��ا بالتالمس م��ع الرب، تلم��س احلي��اة احلقيقي��ة وتتعامل م��ع الواق��ع الروحي
فالشبع الروحى ال يتوقف على حجم العمل بل على وس��يكون لس��ان حالك عندئذ « :شكرا ً هلل ! لقد وجدت
مدى التالمس مع ال��رب في تنفيذه ،متى كان الرب هو طعاما ً لشبعى ،ألن الرب هو خبز احلياة لى».
ال��ذى وضع الكلمات القليلة في أفواهنا ووضع التثـقل إخوتى األحباء ،ينبغى أن ندرك أن احلل لكل مش��كلة
على أرواحنا ووضع الصالة في قلوبنا فسنشعر بالشبع روحي��ة تواجهنا في اخلدمة ال يكمن في «أش��ياء» مادية
في ه��ذه األعمال الصغي��رة ،ليس اخل��دام الكبار فقط مثل «أين نذهب» أو «ماذا نعمل» أو «أية رسالة نقدمها»
لهم امتياز الش��بع بالرب بل كل مؤمن له هذا االمتياز، أو حتى «كم الوقت الذى نقضيه في اخللوة» !! احلل دائما ً
في كل يوم لنا فرصة للشبع بالرب ،في كل يوم نتالمس يكمن في تالمسنا الداخلى مع الرب شخصيا ً ،فكل من
مع شخصه سنشبع به . يلمسه ينال منه الشبع واالمتالء .
ـ 69ـ ـ 68ـ
لو أن «قاع البرميل قد س��قط»!! ش��عر لدهشته بفراغ املثل الثانى
وجوع روحي مفاجئ !! من وجهة النظر البشرية يبدو أنه
لنتق��دم خطوة أعم��ق ونقول إننا غالب��ا ً ما نعمل ما
تصرف حسنا ً وجنح في مهمته ،موقفه كان لطيفا ً وغير
نعتق��د أنه الصواب ب��دون أن نحاول معرف��ة فكر الرب ،
جارح ،لكن رغم ذلك رجع بإحساس اجلوع بدل الشبع !!
ولذلك غالبا ً ما نشعر باخلواء بعد إمتام هذا العمل ،فقط
استمرت هذه احلالة لعدة أشهر فأدرك أن هناك خطأ عندما نتبع خطوات الرب نشعر بالشبع أما إذا عملنا ما
ما ف��ي عالقته بالرب ،طلب من ال��رب أن ينيره ويُظهر له
نعتقد أنه حس��ن وروحى دون إتباع ارشاد واضح من الرب
الس��بب ،قال للرب «يا رب ،مهما كان ما تريدنى أن أفعله
فلن نشعر بالشبع!!
س��أفعله متاما ً كما تريد أنت وليس كما أريد أنا » وسمع
ال��رب له وأراه ما ينبغ��ي أن يفعله ،فذهب فورا ً إلى أخيه أحد اإلخوة رأى أخاه يشرد بعيدا ً عن طريق الرب بدعوى
الش��ارد وف��ي هذه امل��رة وبَّخه بق��وة وبكلم��ات صريحة التحضر ومجاراة العصر ،وش��عر م��رارا ً بتثـقل من الرب
وشديدة !! لك��ى يذهب ألخيه ويواجه��ه بأن ما يفعل��ه ليس تنويرا ً
وحتضرا ً بل فس��ادا ً وارتداداً ،لكنه عندم��ا ذهب ليواجهه
ّ
رغم أن هذا األخ رقيق بطبعه ويش��عر مبعاناة شديدة
ق��رر أن يكون رقيق��ا ً ومهذبا ً لكى ال يجرح أخ��اه ،اعتقادا ً
لعدة أيـام إذا أضطر أن يوجـه كلمة قاس��يـة ألى إنسان
إال أن��ه في هذه املرة كان يش��عر براحة كبي��رة وهو يو ّبخ من��ه أن املؤمن الب��د أن يكون رقيقا ً ولطيف��اً ،فتكلم مع
أخ��اه بكلمات قاس��ية!! بل كلما تكلم بق��وة أكثر كان أخيـه الضـال بكلمـات قليلـة ولطيفــة واالبتس��امـة
يلمس حضور الرب أكثر !! ال تفارق وجهه!! لكن بعد انتهاء املقابلة شعر فجأة كما
ـ 71ـ ـ 70ـ
املسيح هو نور احلياة في ه��ذه املرة ل��م يضط��ر أن يعتذر لل��رب مثل املرة
الس��ابقة بل استطاع أن يفرح و يس��بح اهلل ،لم يشعر
ال��رب ال يق��ول إنه فق��ط « خبز احلياة » ب��ل أيضا ً أنه
بج��وع بعد انتهاء مهمته بل ش��عر باالمتالء والش��بع ،
«نور احلياة» ،اخلبز ألجل الشبع والنور ألجل الرؤية ،الشبع
شعر كما لو أنه تناول لتوه وجبة دسمة!! نحن ال نقصد
يعطى الطاقة والقوة بينما الرؤية تعطى إمكانية السير
بالطبع أننا ينبغى أن نكون قس��اة مع إخوتنا فهذا ليس
في االجتاه الصحيح ،ولقد رأينا كيف أن املس��يح هو خبز صحيحا ً ف��ي كل األحوال ،في هذه احلال��ة اخلاصة كانت
احلياة واآلن دعونا نرى كيف أنه أيضا ً نور احلياة . هذه هي مش��يئة الرب جتاه ه��ذا األخ ،ما نقصده هو أننا
أول كل ش��يء دعونا نؤك��د أن «نور احلي��اة» ليس هو ينبغي أن نس��ير دائما ً بحس��ب فكر الرب في كل موقف
معرف��ة الكت��اب املقدس ،كلن��ا يعلم أن املؤم��ن ينبغى يصادفنا ،وإذا فعلنا مشيئة الرب سوف نشعر بالشبع.
أن ي��درس كتابه املق��دس باجتهاد ،لك��ن إذا قرأنا الكتاب نتعل��م م��ن احلال��ة الس��ابقة أن عملك مل��ا تظنه
للحص��ول عل��ى املعرفة أو كمرجع الهوت��ى فلن نحصل «حسناً» أو «مفروضاً» لن يعطيك شبعاً ،قد تعتقد أنه
عل��ى ش��ىء إال معرفة مج��ردة ،قد نس��تطيع أن نثقف من احلس��ن أن تكون لطيفا ً لكن االختب��ار يعلمنا أنك
أنفس��نا ببع��ض التعاليم الكتابي��ة الصحيحة إال إنها حت��ى لو كنت لطيفا ً فهذا ليس س��وى عمل إنس��انك
اخل��ارج وال ميكن أن يكون هذا ه��و طعامك ،فقط عندما
ليست سوى أحرف جامدة وليست «نور احلياة» .
يتحرك الرب داخلك وتتحرك أنت وفق مشيئته ستشعر
في وقت والدة الرب في بيت حلم كان هناك العديد من بالش��بع ،عندم��ا تتالمس م��ع احلياة س��تأكل وعندما
الكهنة والكتبة و الفريس��يني الذين لهم معرفة كبيرة تتالمس مع الرب ستشبع !!
ـ 73ـ ـ 72ـ
أو ق��درا ً من التفس��ير جلزء م��ن الكلمة املقدس��ة ،متاما ً بالكتب املقدسة ومتمسكني بشدة بكل أقوال الناموس
مثل العديد من الكتبة و الفريس��يني في أيام الرب الذين و األنبياء ،ورغم ذلك لم يعرفوا ش��خص املس��يح عندما
رغ��م معرفتهم للكلمة املقدس��ة لم يعرفوا ش��خص أتى في وس��طهم إذ كان��ت معرفتهم للكت��اب معرفة
املسيح نفسه ،فالنور احلقيقى ليس مجرد معرفة بل هو ذهنية ميتة وليست «نور احلياة» .
«شخص» ،شخص املسيح نفسه !! وفي يومنا هذا أُضيف العهد اجلديد إلى العهد القدمي
إخوتى وأخواتى ،اختبارنا يؤكد أن ما نراه في نور احلياة ولكن مازالت نفس اإلمكانية موجودة ،إمكانية أن نعرف
يكون عادة سيئا ً لدرجة أننا قد ال نستطيع التعبير عنه، الكتب املقدس��ة دون أن نعرف ش��خص املسيح !! ونحن
قد يبدو غريبا ً أننا في النور نكون قادرين على الرؤية ولكننا بالطبع ال نقصد أن دراس��ة الكتاب ليس��ت مهمة ،ولم
غير قادرين على التعبير ،طلب أحدهم من إحدى األخوات يخطر على بالنا ولو لدقيقة واحدة أننا ال ينبغى أن ندرس
أن تؤك��د له م��ا إذا كانت قد حصلت عل��ى اخلالص أم ال، كتابنا بكل عناية ،لكن ما نقصده ببس��اطة هو التأكيد
فأجابت « :نعم ،لقد نل��ت اخلالص ،أنا ال أعرف كيف أع ّبر على أننا ميكن أن نقرأ الكلمة ونحفظها دون أن تكون لنا
عن ه��ذا االختبار لكنى أعلم بالتأكي��د أنى خلصت!! لو معرفة حية بشخص املسيح .
صدقتني فأنا ُمخلَّصة وإن لم تصدقني سأظل ُمخلَّصة الكثي��ر من املؤمن�ين يخطئ��ون إذ يعتب��رون معرفة
رغم عدم تصديقك!!». الكتاب ودراس��ة الالهوت ن��وراً .البعض يقولون إن «فالناً»
لقد قالت احلق ،لقد نالت اخلالص لكنها ال تس��تطيع عنده «نور» رغم أن كل ما ميلكه هـو مجرد معرفة ذهنـية
التعبير عنه ،لقد اختبرته ولكنها ال تستطيع أن تشرح لبعض التعـاليم أو نوعا ً من الدراس��ة لبعض األسفــار
ـ 75ـ ـ 74ـ
يس��تنفذ كل طاقته!! كم هو ش��اق للمتكبر بطبعه أن كيف ،وهكذا عندما يرى اإلنس��ان النور ألول مرة ال يكون
يكون متواضعاً ،كم هو صعب بالنس��بة لنا أن نس��قط عنده الكثير من التعاليم لكي يتحدث عنها ،ورمبا يحتاج
م��ن عرش غرورنا !! لكن عندما يش��رق نور الرب فإننا فورا ً أن ينتظر سنتني أو ثالث قبل أن يستطيع التحدث ببعض
نس��قط منطرحني ،قد ال نفهم كيف لكننا نعرف يقينا ً التعالي��م والعقائد ،إذا ً فالنور ليس هو التعليم أو الكالم
أن النور يصرعنا أرضا ً !! بل هو شخص الرب نفسه ،وكل َمن يراه يرى النور .
التعليم ال يجعل أحدا ً يس��قط ،اإلنسان قد يستمع م��ا هو الفرق إذا ً بني رؤيتن��ا للنور وعدم رؤيتنا له؟ ما
إلى عشر عظات وقد يحفظها عن ظهر قلب إال إنه يظل هو التغيير الذى س��يطرأ علينا ل��و رأينا النور؟ الفرق جد
كما هو ،قد يس��تطيع اإلنس��ان أن يقدم رس��الة تستدر كبير ،متى رأينا النور باحلق فس��وف نس��قط على األرض،
الدموع وتثير املش��اعر ولكنه ال يستطيع أن يغ ِّير احلياة ، النور ال ينير فقط بل يصرع !! قبل أن يستنير بولس كانت
ألنه في هذه احلالة كان التعليم «شيئاً» وليس «شخصاً»، هناك صعوبة ش��ديدة لكي جتعله يسقط ،ولكن مبجرد
وكذلك الدراس��ة كانت «ش��يئاً» والكلمة «شيئاً» ،وكل أن تواجه مع النور انطرح أرضا ً على الفور !!
هذه «األشياء » ميتة ليس فيها قوة حياة وبالتالى ليس بعض الن��اس يرغمون أنفس��هم عل��ى التواضع في
فيها نور !! ال��كالم والتص��رف ،لكن هذا الن��وع م��ن التواضع يكون
الفهم ليس نوراً متعبا ً لهم وللمتعاملني معهم على حد سواء !! مثل أن
تع��زَّى أحد اإلخوة م��رة بجزء كتابي م��ن ( رومية ) 6 يحمل طفل صغير قاموسا ً كبيرا ً ،قد ال يكون القاموس
وأعتقد أنه اآلن «رأى» املعن��ى املوجود في هذا اإلصحاح، ثقيالً بالنس��بة للشخص الكبير لكنه بالنسبة للطفل
ـ 77ـ ـ 76ـ
متضعني ،لكن مبجرد أن يشرق النور نسقط أمامه أمواتا ً ولكنه بعد أيام قليلة اش��تبك مع زوجته في مش��اجرة
و متضعني!! النور اآلتى من الرب لديه قوة «إسقاط» ،إنه كبيرة !! يالها من حالة مؤس��فة متكررة بشكل أو آخر
يُس ِقط الناس عندما يشرق عليهم !! في حياتنا جميعـا ً ،لقد كان النص الكتـابي بالنس��بة
الرب يس��وع نفس��ه ه��و الن��ور وكل َم��ن يلتقي به له مجـرد «ش��ىء» ،حروف جـامدة على الورق وليس نورا ً
«يرى» و « يس��قط» كميت ،كثيرون لديهم صفات جافة ،لق��د «فهم» الن��ص الكتابى لكنه لم يبص��ر النور ،لو
وقاسية ،لم يختبروا قط االنكسار أمام الرب ،وال يوجد َمن كان ق��د رأى «نوراً» فع�لاً لكان النور قد أس��قطه وهزم
يس��تطيع أن يجرِّدهم من صفاتهم القاسية هذه ،ال ُهم طبيعته القدمية وما اس��تطاع أن يتصرف بهذا الشكل
وال اآلخرون!! فقط عندما يش��رق عليهم نور الرب ومبجرد مع زوجته.
أن يروا النور يسقطون كاخلزف املكسور!! املؤمن الذي يرى
قاس عل��ى طبيعتنا القدمية ،إنه يعمل فينا ماالنور ٍ
الرب البد أن يصير منكسرا ً و متضعاً ،ال يستطيع أحد أن
يعجز البشر عن فعله ،يغ ّير فينا ما ال تستطيع العقائد
يظل « قائما ً » بعد التقابل مع الرب ،هذا هو تأثير النور.
أن تغي��ره ،ق��د نظن أنفس��نا ذوي صالبة لك��ن مبجرد أن
أحبائى ،ال تخلطوا أبدا ً بني «النور» و بني «أشياء» أخرى يش��رق النور علينا تذوب صالبتن��ا ،عندما رأى يوحنا النور
كثيرة ،ما نس��ميه نورا ً قد ال يكون بالضرورة نورا ً !! أشياء سقط كميت وهكذا فعل دانيال وكل رجال اهلل األتقياء
كثيرة نظنها نورا ً وهى ليست سوى عقائد أو أفكار ليس ،ال أح��د يس��تطيع أن يرى وجه الرب وال يس��قط أرضاً ،ال
لها تأثير على حياتنا ،ولنأخذ لهذا مثالً :
أحد يقدر أن يواجه الرب دون أن يس��قط كميت ،ال ش��ك
كان هن��اك أخ تقيا ً يحب الرب ج��دا ً ،وفي أحد األيام ان��ه من الصع��ب علينا أن من��وت ومن الصع��ب أن نصير
ـ 79ـ ـ 78ـ
كل ما ال يستطيع أن يُسقطنا ليس نورا ً !! وليس نورا ً قابله أحد اإلخوة وقال له «أنا سعيد جدا ً ألني اكتشفت
ال��ذي ال يجعلنا متضعني أمام ال��رب !! عندما رأى بولس للتو حقيقة جس��د اخلطية في رس��الة رومية» فأجابه
النور انطرح على األرض ولم يستطع الرؤية ملدة ثالثة أيام، «كيف تكتش��ف ه��ذه احلقيقة اليوم فقط في رس��الة
فاإلنس��ان الذى عاش كل عمره في الظالم عندما يواجه رومي��ة ؟! كن��ت أظ��ن أن��ك اكتش��فت حقيقة جس��د
النور ألول مرة يصاب بعمى مؤقت وال يس��تطيع أن يبصر اخلطية ف��ي أعماقك منذ زمن بعيد» !! لألس��ف هناك
لفترة ،هذا أيضا ً ما يفعله نور احلياة معنا !! كثيرون يهتمون باكتشاف احلقائق بني صفحات الكتاب
لي��ت الرب يرح��م هؤالء الذين يش��عرون بالبر الذاتي لكنهم ال يعيشون هذه احلقائق أبداً ،وتظل التعاليم في
واإلعجاب بأنفس��هم ،فهؤالء لم يروا النور قط !! كل ما حياتهم كلمات و «أش��ياء» ميتة ،هذا ليس نورا ً وال حياة
ميلكون��ه ليس س��وى تعاليم نظرية ومعرف��ة ذهنية ،لو وال مسيحاً!!
رأوا الن��ور لصرخوا «آه يا رب! أنا أعمى ،أنا ال أعرف ش��يئا ً النور يُعمى !!
على اإلطالق »!! وكلما كان اإلعالن أعظم كان اإلحساس أول تأثير للنور ه��و أن يُعمي !! ال تظن أن النور يأتينا
بالعمى أعمق ،وكلما كان النور أقوى كان السقوط أكبر!! فقط لكي نبصر ،كال ،عندما يشرق النور أمامنا يجعلنا
النور يكس��رنا أمامه قب��ل أن يعطينا القدرة على الرؤية، ألول وهل��ة نصاب بالعمى !! إن��ه بالتأكيد يجعلنا نبصر
إذا لم نكن ساقطني ومتواضعني و منسحقني أمام الرب لك��ن هذا هو التأثير التالي ،أما التأثير األول للنور فهو أن
فهذا يعنى أننا مازلنا في الظالم و لم نر النور قط !! يُعمينا ويُسقطنا قبل أن يمُ ّكننا من الرؤية .
ـ 81ـ ـ 80ـ
الواع��ظ مؤمنا ً حقيقيا ً مخلَّص��ا ً ،وأثناء الوعظ نال هذا ليت الرب يرحمنا وبنوره يقضي على اعتدادنا بأنفسنا
وجتددت حياته ،ف��ي كل حياته املاضية كان
األخ اخل�لاص ّ واتكالن��ا عليها حتى ال جنرؤ فيما بعد أن نثق في معرفتنا
كل ما عنده بعض التعاليم النظرية ولذلك لم يكن قادرا ً وحكمتن��ا ،آه ! ليتنا نأت��ي أمامه قائلني «يا رب ،أنت النور،
أن يحصل على اخلالص أما اآلن فقد تقابل مع خادم مؤمن عندما رأيتك أدركت أن كل ما رأيته في املاضى كان مجرد
مول��ود ثانية ،وفي هذا املؤمن تقابل مع ش��يء حقيقي و أشياء »!!
تالمس مع نور فعلي ،ولذلك نال اخلالص !! النور ليس أمرا ً نظريا ً بل عمليا ً إلى أقصى درجة ،الرب
أحد اإلخوة ش��اركنا باختباره فقال « بعدما سمعت يس��وع هو النور ،بوجوده في وس��طنا يوج��د النور بيننا.
عددا ً ال بأس به من اإلخوة يتكلمون عن القداسة قررت أن مما يؤس��ف له أن أش��ياء كثيرة في حي��اة املؤمنني مجرد
أدرس عقيدة القداس��ة بنفسي ،ولقد وجدت في العهد نظري��ات ،لقد اس��تمعوا إلى نظري��ات ال حصر لها وهذه
اجلديد ما يزيد عن مائتي آية تتحدث عن القداسة ،حفظت املعرفة العقلية ليس لها فائدة عملية كبيرة.
ه��ذه اآليات عن ظهر قلب ورتبتها بنظام معني ،ومع ذلك أح��د اإلخ��وة كان يدرس في مدرس��ة تابع��ة ألحدى
ظللت ال أعرف ما هي القداسة و كنت أشعر بفراغ كبير اإلرس��اليات وه��و صغي��ر ،كان دائم��ا ً يحض��ر خدم��ات
!! واستمرت هذه احلالة حتى تقابلت يوما ً مع أخت عجوز مس��يحية ويس��مع كثي��را ً ع��ن عقيدة اخل�لاص ،لكنه
عيني
َّ كانت باحلق امرأة مقدسة ،في هذا اليوم انفتحت يلتق بشخص اخمللَّص وبالتالى لم ينل اخلالص
لألسف لم ِ
ألرى م��ا هي القداس��ة !! ألنى قابلت ش��خصا ً مقدس��ا ً !! وفي أحد األيام التقى بشخص يعظ باإلجنيل وكان هذا
ـ 83ـ ـ 82ـ
مج��رد معرفة ذهني��ة ،نحن نحتـاج أن مني��ز أن الرب احلى اس��تطعت أن أرى احلقيق��ة ،وكم كان هذا النور قاس��يا ً
وحده هو القادر على والدة أبناء أحياء !! على طبيعتى القدمية !! لقد س َّبب لى أملا ً شديدا ً ،ولكنه
لي��ت الرب يرحمنا ويعطين��ا النعمة حتى نرى أن كل لم يترك لى أية فرصة للهرب ،لقد أمسك الرب بتالبيبى
«األشياء» ميتة وش��خصه وحده هو احلي ،إن أكثر األمور وأظهر لى ما هى القداسة!!».
جم��اال ً وروحانية في املس��يحية تصبح مجرد «أش��ياء» وحى ومؤثِّر،
من هذه االختبارات نفهم أن النور حقيقى ُّ
ميت��ة متى بعدت عن ش��خص املس��يح!! ينبغى أن ندع لو كنا نكرز بالعقائد فما سيقبله الناس هو مجرد عقائد،
الرب نفس��ه يكون بالنس��بة لنا هذا األمر أو ذاك ،عندئذ ولكن العقائد «شىء» ميت وليست هى نور احلياة ،بينما
سيكون هذا األمر حيا ً فينا وفي الناس الذين يأخذوه منا، لو قدمنا النور احلقيقى للناس فهو لن ينير حياتهم فقط
ليعطن��ا الرب أن ننط��رح أمامه إل��ى األرض ونبدأ نعرفه
بل سيش��رق م��ن خاللهم لآلخرين أيضاً ،كم��ا كان النور
بشكل مختلف متاماً .آمـني.
حيا ً ومؤثرا ً في حياة الرب يسوع هكذا ينبغى أن يكون في
حياتنا ،ألن نور احلياة هو ش��خص الرب نفسه لذلك فهو
يحيينا عندما نقبله.
إخوت��ى ،ملاذا يب��دو أن حق اهلل يفقد س��لطانه وقوته
بع��د فترة ويصبح ضعيفا ً لدرجة أن��ه ال يعود يؤثر فينا؟!
ليس لس��بب آخر س��وى أنه أصبح نظريا ً أكثر من الالزم،
ـ 85ـ ـ 84ـ
ألنك�م إن ل�م تؤمن�وا أن�ي أن�ا ه�و متوت�ون ف�ي الف�صل الرابع
خطاياكم» (يو)24 :8
«قال له يسوع :أنا هو الطريق واحلق واحلياة ،ليس «فقـ�ال لهم يس�وع :أنــ�ا هـو خبز احلي�اة َ ،من
أحد يأتي إلى اآلب إال بي» (يو )6 :14 إل�ي فال يجـ�وع و َمن يؤمن ب�ى فـال يعطش
ّ يقبـ�ل
«ومنه أنتم باملس�يح يس�وع ،الذي صار لنا حكمة أبـداً» (يو)35 :6
من اهلل وبراً وقداسة وفداء» (1كو)30 :1 «فقال لهم يس�وع :احلق احل�ق أقول لكم إن لم
«متى ُأظهر املس�يح حياتنا فحينئذ ُتظهرون أنتم تأكلوا جسد ابن اإلنس�ان وتشربوا دمه فليس لكم
« بول�س رس�ول يس�وع املس�يح بحس�ب أمر اهلل «ثم كلمهم يس�وع أيضا ً قائ ً
ال :أنا هو نور العالم،
مخلصنا وربنا يسوع املسيح رجائنا » ( 1تي)1 :1 م�ن يتبعني فال ميش�ى ف�ي الظلمة بل يك�ون له نور
احلياة » (يو)12 :8
«ال�رب ن�وري وخالصي مم�ن أخاف ؟ ال�رب حصن
حياتى ممن أرتعب ؟» (مز)1 :27 « فقل�ت لكـ�م :إنك�م متوت�ون ف�ي خطاياكم
ـ 87ـ ـ 86ـ
وفي كل ش��يء س��تجتمع في ش��خصه كل األشياء ما املسيح هو الهدف والوسيلة
في الس��ماء وم��ا على األرض ،لو املس��يح في الكل فمن هدف اهلل هو املس��يح ،وأيضا ً وس��يلة اهلل لتحقيق
الطبيعى أن يكون الكل فيه ،لو شخصه هو كل األشياء الهدف هي املس��يح ،أى أن اهلل بواس��طة املسيح يصل
فماذا تكون كل األش��ياء إال ش��خصه؟! وغني عن البيان بنا إلى املسيح!! ونس��تطيع أن نتعلَّم عن هدف اهلل من
أن «كل األش��ياء» التى نقصدها هنا ليس��ت أشياء هذا رس��التى أفسس وكولوسى ،دعونا نحاول أن نفهم هدف
العالم املادى بل أشياء العالم الروحى . اهلل بنظرة سريعة لهاتني الرسالتني ،وأول ما نالحظه أن
لنتذك��ر دائما ً ي��ا إخوتى أن اهلل يرى املس��يح في كل هناك فرقا ً بينهما وهو أنه في رس��الة أفسس نرى كيف
األشياء ،اهلل ال يرى أشياء عديدة ومواضيع شتى بل فقط رت َّب اهلل بحسب قصده األزلى أنه في ملء الزمـان يجمع
املسيح ،األشياء واملواضيع التي عادة ما تستأسر أفكارنا كل األش��ياء في شخص املسيح ،كل األشياء سواء تلك
ليس��ت موج��ودة أمام اهلل ،ق��د نظن أن هن��اك مواضيع التى في السماء أو على األرض ،هذا هو هدف اهلل األزلى،
كثيرة في حياتنـا الروحية حتتاج منا للتحرك هنا وهناك بينما من الناحية األخرى تُظهر رس��الة كولوس��ى كيف
لكن بحس��ب نظ��رة اهلل ال يوجد ما يس��تحق االهتمام أن اهلل يريد أن يجعل املس��يح هو الكل وفي الكل ،وهذه
واالنش��غال سوى شخص املسيح ،املسيح هو الكل وفي هى وس��يلة اهلل لتحقيق هدف��ه األزلى ،لكى جتتمع كل
ال��كل ،والبد أن يأتي يوم في املس��تقبل يكمل فيه هدف األش��ياء في املس��يح البد أن يكون املسيح هو كل شىء
اهلل األزلى هذا. وفي كل ش��ىء ،فقط عندما يكون املسيح هو كل شىء
ـ 89ـ ـ 88ـ
أن إجنيل يوحنا هو أعمق األناجيل وآخرها في زمن كتابته ، أرجو أن ينير اهلل أذهانكم لتدركوا شيئـا ً واحدا ً وهو أن
لقد ُكتب بعد كل العهد اجلديد ،األناجيل األخرى وبعض املسيح سوف يجمع كل األشياء في شخصه ،وهذا الهدف
الرسائل كانت قد جتمعت بالفعل عندما بدأ يوحنا يكتب اإللهي بدأ بالفعل اآلن من خالل الكنيس��ة وسيكمل في
إجنيل��ه ،ولقد أظهر لنا فيه ما هو تقدير اهلل للمس��يح األبدي��ة ،هدف اهلل لن يصير حقيقيا ً فقط في املس��تقبل
وكيف أننا ينبغي أن نعرف املسيح كما يعرفه اهلل. بل البد أن يكون حقيقيا ً اآلن في حياة املؤمنني.
في إجنيل يوحنا نفه��م أن ما يطلبه اهلل ليس مجرد ليت اهلل يفتح عيوننا فنرى أنه في الكنيسة ينبغي
«ح َمل اهلل» ليرفع خطي��ة العالم ،وال ما أن يكون املس��يح هو كل شيء ،هو كل األمور واملواضيع
ش��يء اس��مه َ
يعطيه هو مجرد ش��يء اس��مه «خبز احليـاة» ليهب لنـا الروحية ،البد أن الكنيس��ة تبدأ تفهم هذا وتعيشه في
الزمن احلاضر قبل أن يكمل في األبدية ،لو أن الكنيس��ة
احلياة األبدية ،وندرك أن اهلل لم يعطنا «أش��ياء» تُس َّمى
الطريق واحلق واحلياة وال املسيح استخدم قوته وسلطانه مازالت ترى أشياء ومواضيع كثيرة فهذا يعني أنها لم ترَ
بعد املسيح كما ينبغى !!
ليعطي «ش��يئاً» اس��مه احلياة مليت أو «ش��يئاً» اس��مه
البص��ر ألعمى ،كل هذا نراه في األناجي��ل األخرى أما في إجنيل يوحنا يعلن املسيح
إجنيل يوحنا فنرى حقيقة واحدة وهي أن شخص املسيح باعتباره كل شىء لدى اهلل
هو نفسه كل هذه األشياء مجتمعة !!
من املدهش أن نرى يوحنا الرسول يستخدم في إجنيله
ف��ي إجني��ل يوحن��ا يقول املس��يح إنه هو بش��خصه عدة كلمـ��ات ال جندها في األناجيل األخرى ،ومن املعروف
ـ 91ـ ـ 90ـ
أن املس��يح يعطينا نورا ً بل أنه ه��و نورنا ،ليس أنه يقودنا ن��ور العال��م ،وال يقول إن��ه يعطى للناس ن��ورا ً بل أنه هو
ف��ي الطريق بل هو طريقنا ،ليس أنه يعطينا احلياة بل هو النور .املس��يح يق��ول إنه هو خبز احلياة وليس أنه س��وف
حياتن��ا ،ليس أنه يعلِّمنا احلق بل هو احلق ،هل ترون الفرق يعطين��ا خبز احلي��اة .هو يقول إنه نفس��ه الطريق وليس
هنا ؟! كل ما يعطيه املسيح لنا هو ذاته نفسها !! أنه س��يقودنا لنمش��ى في الطريق ؛ يقول إنه بذاته احلق
إن مسيح اهلل هو كل شيء هلل ،اهلل ليس عنده لنا وليس أنه س��يعلِّمنا احلق؛ يؤكد أنه ه��و احلياة احلقيقية
شىء آخر سوى املسيح ،اهلل لم يعطنـا نورا ً بل أعطانا وليس مجرد أنه س��يعطينا احلي��اة .عندما مات لعازر لم
املس��يـح ،اهلل لم يعطنـا طعاما ً بل أعطانا املس��يح ي َ ُق��ل الرب ملرمي ومرثا أنه قادر أن يقي��م أخاهما بل أنه هو
،ل��م يعطنا الطري��ق واحلق واحلياة بل أعطانا املس��يح، نفسه القيامة .
مسيح اهلل هو كل شيء وبعيدا ً عنه ليس لنا عند اهلل
من فضلكم الحظوا أن خبز احلياة هو «شىء» ،وباملثل
أى شىء.
الن��ور والطريق واحلق واحلي��اة والقيام��ة والذبيحة كلها
الرسول بولس يعلن أن مجرد أشياء ،لكن املسيحية ليس فيها أشياء مجردة بل
املسيح هو رجاؤنا شخص واحـد حي ،املسيحية ليس فيها سـوى شخص
الرسول بولس قال نفس ما قاله ربنا يسوع املسيح، املسيح فقط ،وهو بالنسبة لنا كل هذه األشياء !!
كان الرس��ول يعرف الرب جيدا ً وق��ال لنا بعض احلقائق م��ا نحت��اج أن ندرك��ه أمام اهلل ه��و أنه ف��ي حياتنا
الثمينة عن��ه ،وأول هذه احلقائق ما قال��ه لتيموثاوس: الروحية ال توجد أشياء أو مواضيع بل فقط املسيح ،ليس
ـ 93ـ ـ 92ـ
حكمة بل أعطانا املس��يح ألن املسيح هو برنا وقداستنا «يسوع املسيح (الذى هو) رجاؤنا» ،أنه ال يقول إن رجاءنا
وفداؤنا وحكمتنا ؛ وألجل هذا نحن نقول إن مس��يح اهلل هو في ش��خص املس��يـح بل أن املس��يح هو نفس��ه
هو كل ما عند اهلل لنا ،املس��يح هو كل األمور واملواضيع رجاؤنا ،ليس أننا نعلق رجاءنا على املس��يـح بل نتعلق
التي يري��د اهلل أن مينحها لنا ،وبعيدا ً عنه ليس عند اهلل باملسيـح رجائنا .
ما يعطيه لنا !! واملسيح هو حياتنا
لو كان الرس��ول يق��ول إن اهلل جعل املس��يح ُمبرِّرنا وكتب الرس��ول بولس إلى أهل كولوسى «متى أُظهر
لكان هذا مفهوما ً من جميعنا ،فكلنا يؤمن أن املس��يح املس��يح حياتنا ،»..إنه ال يقول متى ظهر املسيح سننال
قد بررنا مبوته وقيامته ،لكن الرس��ول يقول إن اهلل جعل حياة اجملد بل يقول إن املسيح نفسه هو حياتنا ،وإذا كان
املس��يح نفس��ه ب ّرنا وهذا م��ا يغيب عن أذه��ان معظم املس��يح نفس��ه هو حياتنا فهل يحتاج املؤمن إلى شيء
املؤمنني ونحتاج أن ندركه ونفهمه . آخر غير املسيح ؟!
الرس��ول لم يقل هن��ا أن املس��يح ُمق ِّدس��نا بل أنه واملسيح هو حكمتنا وبرنا و قداستنا وفداؤنا
يأت لكي يق ِّدس��نا بل ليكون هو
قداس��تنا ،املسيح لم ِ واحدة من أش��هر اآلي��ات الكتابية املُس��تخدمة في
بنفس��ه قداستنا .إن قداستنا ليس��ت «شيئاً» ،ليست خدماتن��ا ه��ي الواردة في (1ك��و« ) 30 :1ومن��ه (من اهلل)
أعمـاال ً أو أقوال ً بل هي ش��خص حي ،ش��خص املس��يح أنتم باملس��يح يس��وع ،الذى صار لنا حكمة من اهلل وبرا ً
بنفسه !! وباملثل ال يقول الرسول إن املسيح هو فادينا بل وقداس��ة وفدا ًء» اهلل لم يعطنا برا ً أو قداس��ة أو فداء أو
ـ 95ـ ـ 94ـ
وأن��ا أجيب��ك :ألن هنا يوج��د الفرق بني املس��يحية احلية يقول إنه فداؤنا ،هل مازال هذا يبدو غريبا ً على آذاننا ؟ هل
واملس��يحية امليتة !! والفرق بينهم��ا كبير ،األولى روحية مازلنا ال ندرك الفرق ؟!
و األخ��رى جس��دية ،األول��ى م��ن اهلل واألخ��رى من صنع ش��كرا ً هلل ألجل نعمته الغنية ،لقد جعل املس��يح
اإلنسان. فداءنا وفادينا ،وجعله قداستنا و ُمق ِّدسنا ،وبرنا و ُمبرِّرنا،
وحكمتنا و َمن يعطينا احلكمة !!
عندما ندرس كلمة اهلل جيدا ً سنكتشف أن الكتاب
يدور كله حول «ش��خص» واحد ،ش��خص وليس ش��يئاً. داود أيضاً يعلن أن
وهذا الش��خص هو الرب يسوع املسيح ،وال نستطيع أن املسيح هو خالصنا
جند أى شىء سوى هذا الشخص املبارك . عندما نقول إن الرب يس��وع هو ُمخ ّلصنا يبدو كالمنا
توجد مش��كلة كبي��رة بني أبناء اهلل الي��وم ،وهي أن مألوفا ً ومقبوال ً م��ن الكل ،لكن داود يقول بالوحى «الرب
املس��يحية التي يعرفونها اليوم مؤلفة من أشياء وأجزاء نورى وخالصى» ،الرب ليس فقط ُمخ ّلصنا بل هو نفس��ه
كثي��رة ،أن��ت تأخذ نعم��ة و أنا آخذ موهب��ة ،وهو ينطق خالصنا ،اهلل أعلن لداود منذ القدمي أن املس��يح سيكون
بالوعظ وآخر يختبر بعض التغيير في سلوكه ،هذا األخ ُمخلصنا وخالصنا في نفس الوقت ،اهلل لم يعطنا مجرد
خالص بل أعطانا املسيح نفسه ليكون خالصنا .
ميتل��ك بعض احملب��ة وذاك لديه صبر وآخر عن��ده تواضع ،
وهذه األشياء معا ً تُس َّمى باملسيحية !! كال ،ليست هذه املسيحية احلية ال متتلك إال شخصاً حياً
املس��يحية .املسيحية هى ش��خص املسيح ،املسيحية قد تس��ألنى :ملاذا تؤكد بش��دة على ه��ذه احلقيقة ؟
ـ 97ـ ـ 96ـ
واملسيح هو الذي صار لنا تواضعنا ومحبتنا وطول أناتنا ، ليست أش��ياء يعطيها املس��يح بل هي املسيح يعطي
املسيح يصير فينا كل ما نحتاج إليه وما نحيا به ،وهذه نفسه لشعبه !!
فقط هى املسيحية احلقيقية . هل مت ِّي��زون الفرق بني املس��يحية احلقيقية واملزيفة؟
من فضلكم الحظوا أنه ليس هناك أي شيء مجرَّد في إنهم��ا مختلف��ان متام��ا ً ،املس��يحية ليس��ت أش��ياء
املس��يحية ،ال تستطيع أن جتد عنصرا ً مجرَّدا ً فيها بل كل يعطينا إياها املس��يح بل هي املس��يح نفسه يعمل في
أمر في املسيحية احلقيقية موجود في شخص حى ،وهذا حياتنا.املش��كلة الي��وم أن الن��اس تعتبر أن املس��يحية
الشخص الذى يحتوى كل شىء هو املسيح يسوع . هي مجموعة من عطايا املس��يح ،عندم��ا أكون خاطئا ً
دعون��ا نقول ه��ذا احلق بكلم��ات أخ��رى :إن محبتنا يعطيني املس��يح الغفران واخل�لاص وعندما أصير مؤمناُ
ليس��ت «ش��يئاً» بل «ش��خصاً» و «قداس��تنا» ليست يعطين��ي احملبة والتواض��ع وطول األناة ..إل��خ ،لكن هذه
«اختبارا» بل «إنس��اناً» و «برنا» ليس «تصرفاً» بل «كائنا ً ليست املسيحية.
حي��اً» !! عندما أُفتدينا و خلُصنا لم نأخذ أش��ياء مجردة
ألن فداءنا وخالصنا هما شخص املسيح نفسه ،وباملثل ال توجد أشياء مجردة في املسيحية
محبتنا وتواضعنا وطول أناتنا و قداستنا هى الرب نفسه ال توج��د أمام اهلل أش��ياء مجرَّدة لك��ي يعطيها لنا
عامالً فينا وليس��ت أش��ياء ميكن أن نأخذها منه .ينبغى وليس عند اهلل لنـا إال ش��خص املس��يـح نفس��ه ،اهلل
أن يكون املس��يح هو كل ش��ىء ف��ي حي��اة املؤمن منذ ال يعطينا أش��ياء مجردة تُس��مى احملبة والتواضع وطول
اآلن ولي��س فقط في األبدية .إن الكثيري��ن من أبناء اهلل األناة ..بل يعطينا ش��خص ابنه الوحيد يس��وع املسيح،
ـ 99ـ ـ 98ـ
شيئا ً اسمه «اخلالص»؟! اهلل ليس لديه سوى ابن وحيد يعانون الهزمية والتدهور الروحى ألنهم يحاولون أن ينالوا
وه��ذا االبن هو خالصن��ا ،وبحصولنا عل��ى خُ
امللص ننال خضعوا حياتهم لش��خص أش��ياء من اهلل بدال ً من أن ي ُ ِ
ضمني��ا ً عطية اخلالص ،أليس م��ن اخلطأ أن نقول للرب املسيح نفسه ،إنهم يأخذون « عطايا » بدال ً من املسيح
ص��رت ُمخلصى ليت��ك تعطينى اخلالصَ «مادم��ت قد
َ و ميتلكون «مواضيع» و ليس «شخصاً» ،ولذلك يفقدون
أيضاً» !! بسهولة ما أخذوه !!
أنـا هـو ..
عندما نس��مع كلمة اهلل تقرر أن��ه هكذا أحب اهلل
الي��وم نحن مؤمن��ون و ُمخلَّص��ون واهلل ق��د أعطانا
العال��م حتى بذل ابن��ه الوحيد (ي��و )16 :3هل ميكننا أن
املسيح نفسه ليكون كل شىء لنا ومع ذلك نحن مازلنا
نذه��ب إلى ال��رب ونصلي قائل�ين «يارب ،لق��د أحببتنى
نس��أل اهلل ألجل هذا األم��ر أو ذاك ،نود لو منتلك عش��رة
وأعطيتنى نفس��ك ،أرج��وك أن تعطيني اخلـالص أيضا ً
أش��ياء أو مائة أو ألف شىء روحى ونظن أن اهلل سيرضى
بذلك ،بينما اهلل يعلن لنا أن املسيح هو كل شىء لنا. !! لقد قبلتك مخلصي لذلك أريدك أن متنحنى خالصك
اآلن»!! ألي��س م��ن الغب��اء أن نطلب «اخل�لاص» كما لو
ألجل هذا جند كلمة اهلل تعلن لنا أن اس��م املس��يح
أن خُ
«املل��ص» نفس��ه ليس كافيا ً !! لك��ن هذا ما يفعله
«أنا ه��و» ،وكم نحتاج أن نفهم ونختب��ر املزيد مما يعنيه
هذا االسم املبارك. الكثيرون منا لألسف !!
خبز احلياة ما هو اإلجني��ل الذى نكرز به ؟ نحن نعلن أن اهلل قد
ف��ي اإلجنيل بحس��ب يوحن��ا يقول الرب «أن��ا هو خبز أعطان��ا ابن��ه الوحيد ُمخلصا ً ،مل��اذا إذا ً نصلى ونطلب
ـ 101ـ ـ 100ـ
يشبع قلوبنا اخلاوية ،وال نأخذ شيئاً ،لكننا عندما نقترب احلياة» إننا كثيرا ً ما نطلب شيئا ً اسمه اخلبز ،إننا جائعون
من ال��رب أكثر ونؤمن به أكثر ونقبل املزيد من ش��خصه جدا ً حتى أننا نتوس��ل إلى اهلل لك��ى يعطينا خبزا ً لكن
ونس��تمتع بحضوره أكثر نبدأ نش��عر بالشبع واالمتالء ، لدهش��تنا ال نحصل على ش��ىء ،وكل من يس��أل ألجل
وما يدهش��نا أننا لم نأخذ شيئا ً ملموسا ً ولكننا شعرنا اخلبز لن يحصل على شىء البتة وسيظل جوعانا ً !! لقد
بالشبع ،لم نحصل على اخلبز الذى توقعناه لكننا امتألنا خدمت الرب لس��نوات طويلة وطوال هذه الس��نوات لم
خي��را ً !! لم نأخذ األش��ياء الت��ى توقعناها لكن بس��بب أقابل شخصا ً يصلى ألجل اخلبز ويحصل عليه !!
اقترابنا إلى الرب نفسه وإمياننا به وقبولنا لشخصه نلنا ق��د تقول ل��ى :هل ميكن أن تخط��ئ كلمة اهلل؟ ألم
الشبع الذى كنا نرجوه !! ألن خبز اهلل هو املسيح نفسه، يقل اهلل «ألنه أشبع نفسا ً مشتهية ومأل نفسا ً جائعة
ال يوجد عند اهلل شىء اس��مه خبز بل فقط املسيح هو خب��زاً» ( مز )9 :107وأن��ا أجيبك :إن كلم��ة اهلل صادقة
اخلبز احلى النازل من السماء ،الصينيون عندهم مثل يقول متاما ً وه��ذا املعنى موج��ود أيضا ً في ( لو« )53 :1أش��بع
«ش��خص واحد لكل األغراض» وهذا املثل ميكن تطبيقه اجلي��اع خيرات وصرف األغني��اء فارغني» لكن ما هى هذه
بالتأكيد عل��ى أغراضنا الروحية ،فمهما كانت األش��ياء اخليرات التي أعطاها اهلل ليشبع اجلائعني ؟ إنها شخص
الت��ى نطلبها من اهلل فهو دائما ً يعطينا املس��يح فقط، املسيح نفسه !!
إنه شخص واحد جتتمع فيه كل األغراض !!
كثيرا ً ما نش��عر باجلوع الروحى واخل��واء الداخلى ألننا
برى وقداستى نؤمن أن اهلل لديه الش��بع احلقيقى نصلى ونسأل شبعا ً
أن��ا دائما ً أش��عر بالفرح ويفيض قلبى بتس��بيح اهلل ألنفس��نا و نتوقع أن يعطينا اهلل خبزا ً لنأكله ،ش��يئا ً ما
ـ 103ـ ـ 102ـ
يجتاز فيه جميع املؤمنني ،إن اختبارنا الروحى يكش��ف ألجل س��بب واحد وه��و أن برى ليس هو س��لوكى بل هو
حقيقة واحدة وهى أننا نفقد أشياء كثيرة كلما تقدمنا شخص الرب يسوع نفسه ،وألن برى هو شخص املسيح
في اإلميان !! كثيرون يقولون إنهم في بداية اإلميان كانوا فأن��ا ال أمتل��ك البر فقط بل أس��تطيع أن أتكلم إلى برى
طويلى األن��اة ومتس��امحني و لكنهم اآلن ل��م يعودوا وأس�� ِّبحه وأعطي��ه اجملد !! ق��د تتعجب من ه��ذا القول
حتمل كل تعامل هك��ذا !! في البداية كانوا قادرين على ُّ وتتس��اءل كيف ميكن أن أعطى اجملد لبرى ؟! أنا أفعل هذا
سىء يواجهونه في البيت أو العمل لكنهم في الوقت ألن الرب يسوع نفسه هو برى!!
احلالي ال يحتملون ه��ذا التعامل وفي أعماقهم يريدون وأيضا ً قداس��تى ليس��ت هي تصرفاتي ،لذا أنا دائما ً
االنتقام ،لم يع��ودوا متواضعني أو طويلي األناة أو ودعاء أس�� ِّبح وأ ُ ِّ
عظم قداس��تى !! وال أقصد طبع��ا ً إنى أمتدح
أو محبني كما كانوا قبالً !! تصرفاتى ب��ل على العكس أنا أبغ��ض تصرفاتى النابعة
أق��ول لكل هؤالء إن اهلل البد أن يهدم كل «األش��ياء» مني إال أنى أستطيع أن أمتدح قداستى ألن قداستى هي
اجلميلة التى كنا نستند عليها في بداية حياتنا الروحية!! رب��ى !! ك��م أن هذين املفهومني عن القداس��ة مختلفان
في البداية عندما آمنا بالرب طلبنا من اهلل «محبة» ألننا متاما ً :األول يعتبر القداس��ة «أش��ياء» بينما الثانى يراها
ش��عرنا باحتياجنا إليه��ا ،واهلل أعطانا ف��ي ذلك الوقت شخص الرب نفسه!!
«جرعة» من احملبة فاستطعنا وقتها أن نحب ،كان الهدف اهلل يهدم ويبنى
وقته��ا هو «احملبة» ولقد أعطانا اهلل ما نهدف إليه ،لكن عدد كبي��ر من اإلخوة أخبرنى أنهم لم يعودوا ودعاء
دعوني أقول أن اهلل لن يسمح بأن تبقى احملبة هي الهدف مثلم��ا كانوا في بداية اإلميان ،واحلقيقة أن هذا االختبار
ـ 105ـ ـ 104ـ
العالم بل حتى األش��ياء واألغراض الروحية التي حتاول أن ف��ي حياتنا ولن يقبل بأن يظل «ش��ىء» ما مهما كان هو
تش��غل مكان املسيح في داخلنا ،البد أن يقودنا اهلل يوما ً هدفن��ا وموضوع صالتن��ا وافتخارنا .الب��د أن يأتى الوقت
ما إلى إدراك أن املسيح هو كل حياتنا !! عندما يهدم اهلل كل «ش��ىء» نس��تند عليه ونفتخر به،
في البداية يُنقى اهلل حياتنا من أشياء هذا العالم ثم ويبني في أعماقنا اليقني بأن ش��خص املسيح نفسه هو
بع��د ذلك ينقينا حتى من األش��ياء الروحية !! يبدأ يهدم برنا الذى نستند عليه ونفتخر به وجند فيه كل احتياجنا،
صبرنا ومحبتنا وقوتنا وتواضعنا وكل شيء استندنا عليه البد أن ينزع منا هذا الش��ىء الذي يُسمى «محبة» ويزرع
قدميا ً لكي ال نعيش فيما بعد باالتكال على هذه األش��ياء فينا اإلميان بأن املسيح هو محبتنا !!
بل باالتكال على ش��خص املسيح وس��نكون متواضعني كثيرون كانوا أصحاب مزاج حاد قبل أن يؤمنوا بالرب،
ليس ألننا أخذنا تواضعا ً بل ألننا أخذنا شخصا ً متواضعا ً لذلك فهم يعتبرون حصولهم على طول األناة بعد اإلميان
يسكن فينا ،ليس شيئا ً بل شخصا ً !! شيئا ً حسنا ً ويق ِّدرون هذه الصفة كثيرا ً ويعتبرونها دليالً
وهكذا يعمل اهلل عمل اله��دم يوميا ً في حياة أوالده عل��ى نوالهم للخالص ،وقد تس��ير بهم األم��ور على ما
لكي يس��تطيع أيضا ً أن يعمل فيه��م عمل البناء يومياً، ي��رام لعام أو عامني لكنهم يبدأون في االنحدار بعد ذلك
هذا هو أسلوب اهلل مع كل أوالده . وتعاودهم حدة املزاج مرة أخرى !!
ف��ي بداية حياة اإلميان يعطينا اهلل «موهبة» أو «قوة» عمل اله��دم هذا يعمله اهلل في حي��اة جميع أوالده،
نستطيع بها أن نسلك بالصواب أمامه في هذا العالم ، البد أن يزيل كل «شىء» من حياتنا ،ليس فقط أشياء هذا
ـ 107ـ ـ 106ـ
بأن املس��يح هو كل شيء لنا ،وسيستمر هذا اإلعالن في في موقف ما نش��عر باحتياجنا لطول األناة فنطلب قوة
ازدياد حت��ى نهاية الزمان عندما تعت��رف كل اخلليقة بأن للتغلب على هذا االحتياج فيعطينا اهلل القوة للسلوك
املسيح هو الكل في الكل !! بطول أناة ،وعندئذ نظن أن مش��كلتنا مع طول األناة قد
كخادم للمس��يح أن��ا مهتم ومس��تأمن على احلياة انته��ت ونفرح بهذا االختبار ،ومتر األي��ام ونواجه احتياجا ً
الروحي��ة لع��دد كبي��ر م��ن الن��اس ،وأحيان��ا ً أرى أن أحد آخ��ر وليكن للتواضع ،ومرة أخ��رى يعطينا اهلل قوة لكي
األش��خاص يحت��اج إلى نصيح��ة فأقول ل��ه «أخى ،أنت نس��تطيع التواضع ،حتى أننا ش��عرنا أن مش��كلتنا مع
تنقص��ك احملبة ،في املرة القادم��ة ينبغي أن تُظهر محبة التواض��ع قد وجدت طريقها للح��ل ،وهكذا في كل يوم
أكب��ر ألخيك» وهكذا أعتقد أنى دفعت��ه للمحبة وأتوقع تب��رز لنا مش��كلة جديدة ونطلب م��ن اهلل القوة حللها ،
أن��ه سيس��تمع لنصيحت��ى وينج��ح في محب��ة أخيه، وهكذا قضينا أيامنا األولى في اإلميان نحاول أن نحل هذه
وس��أعتبره ش��خصا ً صاحلا ً لو فعل هذا وسأشعر براحة املش��كلة أو تلك ،واكتفينا بهذه احللول وافتخرنا بالقوة
الضمي��ر ألنى جنحت في إرش��اده ،لكن الواقع أنى دفعته التي حصلنا عليها .
للمحب��ة ولي��س للمس��يح ،واحملبة بالنس��بة له ش��ىء إخوتى ،اهلل س��وف يه��دم كل «األش��ياء» في حياتنا
وليس��ت ش��خصا ً ،مجرد نوع من الس��لوك اإلنس��انى، لكى يعطينا شخصا ً واحدا ً يكون كل شيء بالنسبة لنا،
وهذا ما أسميه املس��يحية السلوكية وهي تختلف عن س��يكون هو محبتنا وتواضعنا وط��ول أناتنا ووداعتنا في
املس��يحية الكتابية احلقيقية !! املس��يحية السلوكية ذات الوقت ،ينبغى أن يكون املسيح هو الكل بالنسبة لنا،
تتكون من التم ُّرن على عدد من الس��لوكيات اإلنس��انية وهذه هى املس��يحية عملي��ا ً !! اهلل يبنى بداخلنا اإلعالن
ـ 109ـ ـ 108ـ
معرفـة أكبر اجلي��دة .إنها تعتمد على مجهودات اإلنس��ان ،اإلنس��ان
م��اذا أقص��د مبعرفة املس��يح ؟ وهل أقص��د أن هؤالء ه��و الذى يعمل ويس��أل و يتوقع و يصل��ي ويؤمن و يقبل
اإلخ��وة لم يكونوا يعرفون املس��يح على اإلطالق؟ كال ،أنا وينتظر وينجح في ممارس��ة احملبة ،لهذا أقول إن احملبة في
أقص��د معرفة أكبر من املعرفة األولية التى نأخذها وقت حياته ليس��ت سوى شىء ،مادة للسلوك ،هذا مختلف
اخلالص ،أقصد أن نعرف املس��يح باعتباره كل ش��يء في متاما ً عن احملبة احلقيقية التي هي املس��يح نفسه ،احملبة
حياتن��ا ،أن نعرف أنه محبتنا وط��ول أناتنا ووداعتنا ،مثل هي املس��يح وليس��ت أنا ،املس��يح هو الذي يحب وليس
هذه املعرفة س��تصنع تغييرا ً قويا ً ف��ي حياتنا ،لن تكون أنا ،وعندئذ تكون احملبة هي ناموس احلياة كلها وليس��ت
هناك أش��ياء في حياتن��ا فيما بعد بل ش��خص حى هو
مجرد س��لوك إرادي حلظي ،ويالها من حياة عظيمة تلك
املسيح نفسه .
احلياة املسيحية !!
لن يكون هناك شيء اسمه «القداسة» نسعى وراءه
كي منتلكه ألننا أدركنـا أن املس��يح هو قداستنا ،وكلما أرجو أن نكون قد فهمنا هذا ،فكم من مرات ساعدنا
اقتربنا من ش��خصه والتصقنا ب��ه ،حتررت حياتنا من كل اإلخوة على الس��ير في سلوكيات حس��نة ثم اكتشفوا
النجاس��ات التي تعلق بنا .كل ما نحتاج إليه هو معرفة بع��د وقت طويل أنهم مازالوا في حاجة ملعرفة املس��يح
أكبر للمس��يح ولي��س مجرد مجه��ودات للحصول على والثب��ات في��ه ،وأنه��م كانوا مش��غولني بأش��ياء وليس
أشياء . باملس��يح ،وأن احتياجه��م احلقيقي هو معرفة املس��يح
أرجو أن يالحظ كل خدام املس��يح هذا احلق :النفوس ككل شيء عند اهلل لهم !!
ـ 111ـ ـ 110ـ
سكنى شخص قوة يعطيها لهم اهلل لكنها تكمن في ُ ال حتتاج إلى مجرد تشجيع أو اجتهاد بل إلى معرفة حية
املسيح نفس��ه بداخلهم كقداس��تهم ،القوة ميكن أن للمس��يح ،تش��جيعكم قد يدفع الناس ملزيد من أفعال
تُفقد لكن املس��يح ال ميكن أن يُفقد !! برنا وقداس��تنا ال الب��ر الذاتي لك��ن إذا فتح اهلل عيونهم ملعرفة املس��يح
تس��تند على ما نفعله نحن بل على مدى وجود شخص سيكون هو نفسه برَّهم احلقيقي .
املس��يح بداخلنا ،عندما نعرفه ككل ش��يء لنا ستُحل
ميكنن��ا أن نك��رر هذه الكلم��ات مئات امل��رات دون أن
كل مش��اكلنا ،لذلك ليس لي رس��الة لكم اآلن س��وى:
ندركه��ا فعالً ،لك��ن عندما يفتح اهلل عيوننا س��نرى أن
اعرفوا املسيح ككل شيء لكم !!
كل ما نحتاج إليه هو ش��خص املس��يح نفسه ،كثيرون
أن��ا أعرف عددا ً كبيرا ً م��ن املؤمنني الذين يعرفون الرب يعرف��ون املس��يح كمبرِّرهم لكنهم يعيش��ون في خوف
يسوع كس��يدهم وربهم لكنهم ال يعرفونه ككل شيء دائ��م م��ن اهلل ألنهم لم يعرفوا أن املس��يح نفس��ه هو
كمعطي الب��ركات ولكنهم ال ف��ي حياته��م ،يعرفون��ه ُ برهم !! كثيرون يؤمنون أن املس��يح هو ُمق ِّدس��هم لكن
يعرفونه كالبركات ذاتها ،عيونهم تنظر إلى أعماله وليس تراه��م دائما ً غير ُمقدس�ين متاما ً ،مل��اذا ؟ ألنهم يذهبون
إلى ش��خصه ،هؤالء اإلخ��وة يحتاجون إل��ى معرفة أكبر إلى الرب ويسألونه أن يعطيهم القوة ليكونوا قديسني ،
للرب .إنهم يعرفونه كفاديهم ومق ِّدس��هم ومبرِّرهم إال وبينما يسعون في هذا السبيل يكتشفون عدم قدرتهم
أنهم ينبغي أن يعرفوه كفدائهم و قداستهم و برهم. عل��ى بلوغ القداس��ة ،لك��ن عندما يفت��ح اهلل عيونهم
كمخلِّص��ك أم كخالصك؟أخى ،هل تعرف املس��يح ُ وينير أذهانهم سيكتش��فون أن املس��يح ش��خصيا ً هو
كمق ِّدس��ك
كفادي��ك أم كفدائ��ك ؟ محرِّرك أم حريتك؟ ُ قداستهم ،القوة للقداسة ال تكمن في قوة إرادتهم أو في
ـ 113ـ ـ 112ـ
الكثير من الناس هى أشياء ميتة ،وإذا أدركنا هذا فسوف كمب��رِّرك أم ب��رك؟ أن تعرف��ه كمعط��ي
أم قداس��تك ؟ ُ
حتيا هذه األش��ياء وتتحول لش��خص املسيح نفسه ،لن البركات فهذه معرفة بدائية أما أن تعرفه كذات البركات
يكون جتديدى «بركة» حصلت عليها بل شخصا ً دخل إلى ومجموعها فهذه معرفة أكبر وأعمق !!
حياتى ،كل بركات حياتنا ستكتس��ب حلم��ا ً ودما ً وتصير لألس��ف توجد اليوم «أش��ياء» كثيرة ج��دا ً في حياة
كائنا ً حيا ً !! أوالد اهلل ،مواضي��ع روحية كثيرة تش��غل أفكارهم ومتأل
في أحد األيام اجتذبنا الرب يسوع إلى معرفته ،واليوم صلواته��م ،ليته يأتى اليوم الذي في��ه نعرف معنى قول
هو يقودنا إلى معرفة أعمق حيث نعرفه ككل ش��يء في الرب «أنا هو» ،وندرك أن كل األش��ياء الروحية قد جت َّمعت
حياتنا ،إنه يري��د أن يحررنا من ذواتنا بل وحتى من التعلق لتصير شخصا ً واحدا ً ،عندئذ فقط سنستطيع أن نعرف
باألش��ياء الروحية ،يريدنا من اليوم أن نقول باحلق إنه صار قصد اهلل األبدى.
ال��كل ف��ي الكل لنا ،يريد أن تش��هد حياتن��ا اليومية أن إذا كانت قداستنا وبرنا و قوتنا ومواهبنا مازالت مجرد
املسيح هو الكل والكل صار في املسيح . «أش��ياء» فنحن مازلنا نقف على خ��ط البداية في احلياة
كنت اليوم طوي��ل األناة فهذا ليس أن��ا بل «هو»،
ُ ل��و املسيحية ،لكن عندما نبدأ نرى كل هذه ليست كأشياء
في هو طويل األناة ،لو كنت اليوم بل كالرب نفس��ه نكون عندئذ قد بدأنا نعرف اهلل وندرك
الشخص الذى يعيش َّ
أح��ب اآلخري��ن فهذا ليس ألن��ى حاولت ب��كل طاقتي أن قصده األزلى ،ومن وقتها فصاعدا ً س��يصير الرب نفسه
أحب وليس ألني أخذت من اهلل قوة للمحبة بل ألن هناك هو موضوع اهتمامنا وليست األشياء .
شخصا ً يسكن في داخلى و « هو » يحب كل الناس !! لو لذل��ك قلت في البداي��ة إن «األش��ياء» التى ميتلكها
ـ 115ـ ـ 114ـ
الف�صل اخلام�س
إلي فهذا ليس لسماحتي أو رأيتني اليوم أغفر ملن أس��اء ّ
ال �شىء �سوى امل�سيح مجهودي أو قدرتي بل هذا يعود بالكامل للش��خص الذى
في و «هو» دائ��م الغفران للكل ،إن��ه في احلقيقةيحي��ا ّ
« فق�ال لهم يس�وع :مت�ى رفعتم ابن اإلنس�ان
«غفرانى» !! لو أنى اليوم متواضع فهذا ليس ألنى أش��عر
فحينئذ تفهمون أني أنا هو » ( يو) 28 :8 بكبريائى وأحاول أن أجاهد ضد هذا الكبرياء ،فالتواضع ال
« ألنكم قد متم وحياتكم مس�تترة مع املس�يح
يأتى بالضغط على كبريائنا حتى ال يظهر للناس ،وال يأتي
ف�ي اهلل ،متى ُأظهر املس�يح حياتنا فحينئذ تظهرون م��ن خالل تصميمن��ا اإلرادى أن نك��ون متواضعني ،لكنه
أنتم أيضا ً معه في اجملد » ( كو )4 ،3 :3 يأتى من الشخص الساكن بداخلنا الذى «هو» دائما ً وديع
« فإن�ه فيه ُ
خلق ال�كل :ما في الس�ماوات وما على ومتواض��ع القلب ،ألنه «هو» تواضع��ى لذلك أنا متواضع
األرض م�ا ُي�رى وم�ا ال ُيرى ،س�واء كان عروش�ا ً أم وه��ذا هو ناموس احلياة ،ما هو ناموس احلياة ؟ إنه ليس إال
س�يادات أم رياس�ات أم سلاطني ،الكل ب�ه وله قد أن يصير املسيح كل حياتنا وبركاتنا .
ُ
خلق ،الذي هو قبل كل ش�يء وفيه يقوم الكل ،وهو
إخوت��ى وأخواتى ،أرجو أننا جميع��ا ً نطلب من اهلل أن
رأس اجلس�د :الكنيس�ة ،الذي هو الب�داءة ،بكر من
يفتح عيوننا لكى نرى أن كل «األش��ياء» ستزول إن عاجالً
األم�وات ،لكي يكون هو متقدما ً في كل ش�يء ،ألنه
فيه ُسر أن يحل كل امللء ،وأن يصالح به الكل لنفسه، أو آجالً وس��يبقى فقط املس��يح ،لذل��ك دعونا من اليوم
عام ً
ال الصلح بدم صليبه ،بواسطته ،سواء كان ما على نتخذ املسيح كل شىء بالنسبة لنا .آمني.
األرض أم ما في السماوات » (كو.)20-16 :1
ـ 117ـ ـ 116ـ
وألنهم يفهمون أن اهلل عنده لهم عطايا كثيرة يبدأون في ما يفهمه اإلنسان يحدد ما يطلبه
طلب هذه العطية أو تلك من اهلل ،هذا يطلب سالما ً وآخر
لق��د أعطان��ا اهلل عطيت��ه التي ال يُعب��ر عنها و هي
ط��ول أناة وثالث تواضعا ً ،وهم يعتبرون املس��يح أحد هذه
ابنه يسوع املس��يح ،إال أن فهم اإلنس��ان لهذه العطية
العطايا الكثيرة التى يطلبونها وإن كانوا بالطبع يق ِّدرونه
يختلف من مؤمن إلى آخر ،البعض من أبناء اهلل يعتبرون
باعتباره األول واألكثر أهمية بني عطايا اهلل املتعددة .
الرب يس��وع واحدا ً من ضمن عطاي��ا اهلل العديدة ،أو قل
م��ن العجيب أنن��ا ال نبدأ نش��عر بنقائصن��ا إال بعد
أنه العطية األولى ب�ين كل عطايا اهلل التى تُعد باآلالف،
اإلميان ،وكثيرون يتشككون في إميانهم بسبب هذا األمر،
بينما البعض اآلخر من املؤمنني يعتبرون ش��خصه الكرمي
يعتق��دون أنه��م طاملا أصبح��وا مؤمنني فالب��د أن تخلو
كعطية اهلل الوحيـدة لهـم ،عطيـة اهلل الواحدة التى
حياته��م من العي��وب والنقائص ،ولذلك يب��دأون اجلهاد
ال يُعبر عنها .
ضد هذه النقائص ويس��عون لس��د الثغرات املوجودة في
حياتهم ،ويرفعون الصلوات بجهاد وإميان ومثابرة ،وعندما كثيرون م��ن أبناء اهلل نالوا اخل�لاص عندما قبلوا الرب
يش��عرون أنهم انتصروا على هذا النقص أو ذاك ينتابهم يسوع في البداية كمخلصهم ،ولكنهم بعدئذ اكتشفوا
فرح غامر ألنهم أخذوا «عطية» من اهلل . أنه��م مازالوا يحتاج��ون إلى أش��ياء كثيرة ف��ي حياتهم
الكثيرون من أبناء اهلل األعزاء ينظرون إلى عطايا اهلل الروحية ،البعض يكتش��ف أن الطبع املتسرع مازال باقيا ً
ونعمته ألجل تسديد احتياجاتهم ،يظنون أنه تنقصهم حتى بعد اخل�لاص ،وآخرون يالحظ��ون أن كبرياءهم مازال
قطع��ة هنا أو قطع��ة هنـاك مث��ل الصورة ف��ي لعبـة يتبعه��م ،وفريق ثالث مازال يش��عر بنف��س اخلوف القدمي ،
ـ 119ـ ـ 118ـ
مقياس العطية «البازل ـ »Puzzleالش��هيرة التي تنقصها بعض القطع
لك��ي تكتم��ل ،ويعتقدون أن املطلوب م��ن نعمة اهلل أن
إذا كان احتياجنا هو إلى أش��ياء وعطايا فالبد لنا من
متنحه��م تلك القط��ع الناقصة لكي يش��عروا بالكمال
مقياس نقيس به هذه األش��ياء ،فما ه��و املقياس الذي
واالكتف��اء ،هذا األخ يحتاج خمس قطع لكي يكتمل أما
نقيس به عطايا اهلل ؟ لنفترض أنه ينقصنا طول أناة فما ذاك األخ فمازال ينقصه عش��رة قطع !! هذا األخ محبته
ه��و بالضبط حجم ونوعية طول األناة التي س��نطلبها ممتازة ولكنه سيكون رائعا ً لو أضفنا إليه بعض التواضع
م��ن اهلل؟ نحن ع��ادة ال ننظر إلى الس��ماء بحثا ً عن هذا وقليالً من طول األناة ،ال شك ستكون حياته كاملة بعد
املقياس لكننا دائما ً ما ننظر حولنا بحثا ً عنه بني الناس: تسديد هذه الثغرات !!
«لألس��ف أنا لست صبورا ً مثل األخ فالن ،إنه طويل األناة معظ��م صلواتنا ت��دور حول هذا األم��ر الذي ينقصنا
جدا ً بينما أنا مازلت عصبيا ً ومتسرعا ً جدا ً ،إنه وديع جدا ً أو ذاك ،نظ��ن أن ه��ذه األمور هي ما نحت��اج إليه وبالتالي
بينما أنا متكبر للغاية ،ليتني أس��تطيع أن أكون صبورا ً تتح��رك إرادتنا نحوه��ا ونطلب م��ن اهلل أن يعطينا هذه
ووديعا ً مثله». األمور بالتحديد ،نحن نظن أننا نحتاج إلى عدة «أشياء»
لو قام اهلل بتسديدها لصرنا على ما يرام ،لكن هذا الظن
أذك��ر أني صليت ألول مرة بع��د نوالي اخلالص وطلبت
لي��س صوابا ً يا إخوت��ي ،فأنا لم أجد ف��ي كتابي املقدس
من ال��رب أن يعطينى كتابا ً مقدس��ا ً مث��ل الكتاب الذى كله آية واحدة تقول إن اهلل سيعطينا هذا الشيء أو ذاك
ميتلك��ه أحد اإلخوة !! إننا دائم��ا ً نصلى ألجل ما نراه عند لكي يكمل نقصنا الروحي !! اهلل ليس عنده لنا أش��ياء ،
اآلخرين وال جنده عندنا ،فاإلنس��ان ال يس��تطيع أن يصلى اهلل ليس عنده لنا سوى شخص املسيح !!
ـ 121ـ ـ 120ـ
التدين املزيف واملسيحية احلقيقية من أجل ش��ىء لم يره من قبل ،ال نستطيع أن نطلب من
اهلل أن يعطين��ا ش��يئا ً غير محدد التفاصيل ،فاألش��ياء
أقول بكل صراحة إن هنا يكمن االختالف األساسي بني
الب��د لها م��ن مقاييس حتددها ،لذل��ك نحن نصلي ألجل
التدين املزيف واملس��يحية احلقيقية !! في الديانة املزيفة
طول أناة األخ فالن و تواضع ووداعة األخت فالنة !!
يبحث الناس عن «أشياء» يعتقدون أنها موجودة في كل
م��كان ماعدا حياته��م ،يظنون أن كثيري��ن ميتلكون هذا أس��ألك سؤاال ً افتراضيا ً :هل س��تكون راضيا ً لو أخذ
الش��ىء وهم ال ميتلكونه ،ولذلك هم يس��عون ويبحثون اهلل طول أناة األخ فالن ووضعها بداخلك ؟ من املرجح أنك
عن هذا الش��يء ،وإذا حتقق بعض التحس��ن في حياتهم ستكون مس��رورا ً وس��ترضى متاما ً بهذه اإلضـافة ،ملاذا؟
يفرحون بامتالكهم الش��يء الذي كانوا يبحثون عنه ،أما ألنك تظن أن طـول األنـاة هى «شىء» ميتلكه اآلخرون وال
في املسيحية احلقيقية فال يوجد سوى : متتلكه أنت ،وطاملا هناك ش��يء اس��مه طول األناة فأنت
ترغب في امتالكه ،وكثيرا ً ما متيل في داخلك للوم نفسك
املسيح وحده وتقريعه��ا ألنك ال متتل��ك هذه الصفة اجلميل��ة ،وأحيانا ً
م��ا يفش��ل معظم الن��اس في معرفته ه��و أنه في تصاب ف��ي أعماقك بصغ��ر النفس والرث��اء للذات ألجل
املسيحية احلقيقية ال توجد « أشياء » بل فقط املسيح، ه��ذا الطبع العصبي الذى أنت ُمبتلى به ،أنت تعتـقد أن
ال توجد أش��ياء تُس��مى « ط��ول أن��اة » أو « تواضع » في هناك ش��يئا ً عند اهلل اسمه طول األناة وأن بعض اإلخوة
العالم الروحي بل فقط يوجد املس��يح واملس��يح وحده ، حصلوا على هذا الش��ىء وكم سيكون جميالً أن حتصل
ولكى نفهم هذا احلق نحن نحتاج إلى ما يلى : أنت أيضا ً عليه.
ـ 123ـ ـ 122ـ
كل شىء لنا ،كم تختلف املسيحية احلقيقية كثيرا ً عن استنارة أعمق
املسيحية املزيفة التى اعتادها الناس!!
في بداية حياتنا الروحية أخذنا استنارة من اهلل لكي
إلي ويس��ألونني ع��ن حياتهم الروحية كثيرون يأتون ّ نفهم أن ما نحتاج إليه للخالص هو عمل املسيح وليس
ومجهوداتهم لتحسينها وكيفية إضافة بعض الصفات أعمالنا الصاحلة ،لقد خلصنا بواس��طة كفارة املس��يح
احلس��نة إليها ،ويك��ون جوابي مبثابة الصدم��ة لهم ،إذ وليس مبجهوداتنا ،وباملثل نحن نحتاج اليوم إلى استنارة
أق��ول لهم :بخص��وص احملبة أنتم محبون ج��دا ً وبالنظر أعمق لكي نرى أننا نحتاج املس��يح نفس��ه وليس مجرد
للتواضع الش��ك أنكم متواضعون متام��ا ً ،أنتم أمناء في أش��ياء منه ،ومثلما انهارت أش��ياء كثي��رة بعدما أخذنا
أعمالكم ومؤدبون جدا ً في سلوككم ،دائما ً لديكم رغبة االس��تنارة األولى هكذا اليوم البد أن تنهار أش��ياء كثيرة
في املعونة واملساعدة ،بحسب مقياس اإلنسان أقول :أين عندما نأخذ االس��تنارة األعم��ق ،رمبا كان ما انهار في أول
يجد املرء مس��يحيني صاحلني مثلك��م ؟!! وبرغم كل هذا مرة هو خطايا وش��رور لكن ما سينهار هذه املرة هو قيم
ينبغي أن أخبركم مباش��رة وبصراحة أن كل ما متتلكونه ومبادئ تبدو روحية و جميلة !!
في أنفسكم هو مجرد أشياء ،ينبغي أن تدركوا أن القيم عندما أخذنا االستنارة أول مرة حتطم كبرياؤنا ومجدنا
الروحية احلقيقية في نظر اهلل ليس��ت «أش��ياء» بل هي الذات��ي وفخرنا الباطل ،أما الي��وم فما يجب أن يتحطم
الرب يس��وع نفس��ه ،ماله قيمة أم��ام اهلل ليس هو ما هو تواضعنا وطول أناتنا ومحبتنا وكل القيم النفسانية
متتلكه وال ما تس��تطيع أن تفعله وال حتى ما تس��تطيع الت��ى حاولنا أن نصنعها في حياتن��ا ،وينبغى أن تتحطم
يكونه املسيح بداخلك ،إذا احلصول عليه باجتهادك بل ما ّ أمام أعيننا لكى نفهم أن املس��يح وحده هو حياتنا وهو
ـ 125ـ ـ 124ـ
في طريقى ،شعرت بالبرودة تسرى في روحى ،حتى عندما لم يحيا املسيح داخلك بكل هذه القيم ،فال توجد قيمة
وصلت ملنزل هذا األخ كانت روحى باردة كالثلج !! روحية ف��ي حياتك أمام اهلل ،في العالم الروحي احلقيقي
ف��ي احلال أدركت أن��ي كنت أتالمس مع أش��ياء ميتة ال يوجد سوى املس��يح ،وشخصه الكرمي هو كل ما عند
وليس مع الرب احلي ،كانت نفسي هي التي تتحرك وليس اهلل لنا !!
في ،كنت أريد أن أكون متعاطفا ً وودودا ً ،
الرب هو املتحرك ّ كل َمن يلمس املسيح يلمس احلياة
كنت أريد أن أصنع عمالً من أعمال احملبة األخوية ،ولكني
قد يكون مفيدا ً في هذا الس��ياق أن نش��ير إلى بعض
بهذا كنت أتالمس مع « أشياء » ميتة ليس فيها حياة !!
العم��ل في حد ذاته يبدو صاحل��ا ً وجديرا ً بالتقدير لكن أنا اخلب��رات العملي��ة ،واس��محوا ل��ى أن أتكل��م قليالً من
في ،وما هي اختب��ارى الش��خصي :منذ عدة أيام ح��دث ظرف صعب
الذى كنت أعمله وليس املس��يح الس��اكن ّ
نتيج��ة العمل الذي أعمله أنا وليس الرب ؟ املوت والبرودة علي أن أقوم
ف��ي منزل أحد اإلخ��وة ،وكان الواجب يحتم ّ
الروحية اللذان كنت أشعر بهما !! بزيارت��ه ،ألنه من الطبيع��ي أن يكون امل��رء متعاطفا ً مع
قد أبدأ عمال ً حس��نا ً ولكني ال أشعر باحلياة تنبض اآلخرين في ظروفهم الصعبة ،وطاملا ذهبت لزيارته فالبد
بداخلي ،إنه إذا ً عمل ميت من أعمال النفس اإلنسانية، أن أكون مس��تعدا ً ملس��اعدته ،أوال ً بأن أشاركه مبشاعري
قد يكون عمال ً ودودا ً ولكني ال أجد الرب فيه .إن نفس��ي الش��خصية وثانيا ً بأن أساعده للخروج من الظرف الذي
تريد أن تكون عطوفة ولكنى أشعر ببرودة املوت ألن الرب حدث له ،وهكذا حتركت فعالً لزيارة هذا األخ ،لكني بدأت
في ،في كل مرة يكون الرب هو العامل ليس هو العامل ّ أشعر بش��ىء غريب يحدث في داخلى ،كنت كلما سرت
ـ 127ـ ـ 126ـ
اآلخري��ن وحرصت أال يخرج أحدهم م��ن بيتي متضايقا ً ، في أش��عر باحلياة تنبض في داخلى .إن كنا نتعامل معّ
كن��ت أفرِّط في حق نفس��ي كثيرا ً لك��ي أحفظ لآلخرين املس��يح املوجود بداخلنا فنحن نتعامل مع احلياة ،أما
ماء وجوهه��م ،وإذا كان ينبغى أن يح��زن أحد فليكن أنا إذا كن��ا نتعامل مع قيم وس��لوكيات نفس��ية فنحن
وليس أى شخص آخر ،ورغم أن سلوكي هذا كان يبدو في نتعامل مع أش��ياء ميتة ليس فيها حياة وال تستطيع
منتهى اجلم��ال والرقة إال أني كنت أش��عر دائما ً بالبرودة أن تعطى حياة .
واجلف��اف في عالقتي م��ع اإلخوة !! كنت أح��اول أن أكون ينبغى أن نفهم أن املس��يحية احلقيقية هي املسيح
ش��خصا ً صاحلا ً ولطيفا ً جتاه الكل وفي كل املواقف ولكن نفسه ،وحياة املؤمن املسيحي هي أيضا ً املسيح نفسه،
لدهشتي كنت أش��عر بعد كل موقف مبوت داخلي بدون ال تصن��ع كومة م��ن األش��ياء الصاحلة وتنظ��ر إلى هذه
أى نبض للحياة !! الكوم��ة باعتبارها احلياة املس��يحية !! إن اس��تطعت أن
لم يكن هناك س��وى تفس��ير واحد للب��رودة واجلفاف جتم��ع كل الصفات احلس��نة الت��ى ف��ي األرض وتضعها
اللذين أشعر بهما :لقد كانت الرقة التي أتعامل بها مع في حياة إنس��ان واح��د فأنت بعد لم تصن��ع منه مؤمنا ً
اإلخوة من نتاج مجهودى الشخصي ،لم يكن املسيح هو مس��يحيا ً !! قد يرى فيه الناس صفات حسنة وجميلة
في ومن خاللي ،كنت أس��تمد س��لوكي من قدرة لكنهم لن يروا فيه املسيح !!
الرقيق ّ
نفسية موجودة بداخلى وليس من املسيح ،ولذلك كنت ف��ي بداية خدمتي قررت أن أكون رقيقا ً مع ش��ركائي
أش��عر باملوت ألن��ي كنت أتالمس مع ش��يء ميت ،وكلما في اخلدمة ،قررت أال أ ُ ِّ
س��بب إحراجا ً ألحد وال أتكلم كالما ً
كنت أستمر في هذا السلوك كنت أشعر بالضعف أكثر، حفظت نفسى من التدخل في شئون ُ يؤذى مشاعر أحد،
ـ 129ـ ـ 128ـ
وممدوحة من الناس ،أما متى تعاملنا مع املسيح الساكن حتى بدأت قواي الروحية تضمحل وتنتهي وشعرت بعدم
فينا فسوف نشعر بنبض احلياة وقوتها تسري في داخلنا القدرة لالستمرار على نفس املنوال !!
ألننا نتعامل مع احلياة ،ألن املسيح هو نفسه احلياة .
خدمة اهلل بال ش��ك عمل جميل ورائع وعادة يتطلب
ُك ْل من شجرة احلياة فتحيا !! ونضحي ألج��ل اآلخرين ،أن نن ِف��ق ون ُن َفق،
ِّ من��ا أن نعانى
أيها األحباء إننا ال نس��لك بحسب قانون معرفة اخلير ورغم ذلك كثيرا ً ما يشعر اخلادم باجلفاف في أثناء اخلدمة،
والش��ر بل بحس��ب قانون احلي��اة ،ما يحك��م تصرفاتنا ويشعر بالضعف واخلوار يسرىان في أعماقه ،ويبدأ يلوم
ليس م��دى جمال العم��ل الذي نصنع��ه أو مدى صحته نفس��ه ويش��عر أن هناك خطأ ما ،أين اخلطأ ؟ اخلطأ بدأ
ومشروعيته ،ما يحكمنا هو مدى احلياة املوجودة في هذا حني اعتقدنا أننا نستطيع أن نخدم اهلل بأنفسنا ،وبدأنا
العمل ،هل الرب احلي بداخلنا هو الذي يقوم بهذا العمل نتحرك بقوانا وإمكانياتنا ،عندئذ البد أن نشعر باجلفاف
فينا أم نحن القائمون به؟. واملوت ألننا نتعامل مع «أش��ياء» ميت��ة جافة وليس مع
رب احلياة .
كثي��ر من املؤمن�ين يظنون أن اهلل س��يغضب منا إذا
فعلنا أفعاال ً شريرة وخاطئة ،لكن احلقيقة أن اهلل كثيراً خالصة األمر :
ما يغض��ب منا ألننا فعلن��ا أعماالً تب��دو صاحلة !! ألن إذا كنا نتعامل مع مجرد « أش��ياء » فالبد أن نش��عر
املقياس الذي يقيس به اهلل أعمالنا ليس مقياس معرفة باجلفاف واملوت ألننا نتعامل مع كيان ميت ليس فيه حياة،
اخلير والش��ر بل مقياس احلياة ،إذا امتدت أيادينا لتقطف حتى لو كانت هذه األش��ياء صف��ات وقيم روحية جميلة
ـ 131ـ ـ 130ـ
احلقيق��ة املاثلة أمام اهلل أن احدهم��ا مجرد «كومة» من ثمار ش��جرة معرفة اخلير والش��ر وتأكلها فالبد أن نشعر
«األش��ياء» بينما اآلخر يحيا فيه «املس��يح» نفسه ،كم باملوت واجلفاف ،أما إذا أكلنا من ثمر شجرة احلياة سنجد
أنهما متضادان متاما ً من الداخل !! احلياة تس��ري فينا ومتألنا .إذا قمنا بأعمال رائعة مدفوعني
بالرغب��ة في فعل اخلير وجتنب الش��ر ف�لا قيمة أمام اهلل
عمل الصليب
له��ذه األعم��ال مهما بدت صاحلة ،أم��ا إذا كان رب احلياة
دعونى أقولها بصراحة :إذا كنا نريد أن منتلك مجموعة الس��اكن فينا ه��و املتحرك بداخلنا لفع��ل هذه األعمال
من القيم اجلميلة والصفات احلس��نة فلن نس��تطيع أن فهذا وحده املقبول أمام اهلل واملُسر لقلبه .
نقب��ل عمل الصليب بداخلن��ا ،ألن الصليب يحكم على
كل ما نظنه جميالً في ذواتنا ويجرِّدنا مما نعتقد أنه صفات نوعان من احلياة املسيحية
حس��نة فينا ،أم��ا إذا كنا نريد أن منتلك ونعيش املس��يح يوج��د نوعان من احلياة املس��يحية جتدهم��ا بني أبناء
نفسه فسوف نقبل عمل الصليب بداخلنا ونتعلم كيف اهلل ،النوع األول مملوء من «األش��ياء» بينما اآلخر مملوء من
نخض��ع له ،الصلي��ب ال يحكم عل��ى خطايانا فقط بل «املس��يح» !! قد يبدو في الظاهر أنهما متش��ابهان جدا ً
أيضا ً على كل نشاطات اجلسد .إنه مييت ليس فقط آثامنا حتى أنك جتد صعوب��ة بالغة في حتديد االختالف بينهما،
ب��ل أيضا ً برنا الذاتي ،هذا احلق كثيرا ً ما س��بب صعوبات لك��ن احلقيقة أنهما مختلف��ان كل االختالف أمام اهلل ،
للعديد من أبناء اهلل األعزاء !! كالهما قد يتحدث عن التواضع والوداعة واحملبة والغفران
كثي��رون م��ن أبناء اهلل يظن��ون أنه م��ن املفروض أن حتى أنك ال تس��تطيع التمييز بينهما م��ن اخلارج ،لكن
ـ 133ـ ـ 132ـ
نتالمس مع املوت ونبدأ نش��عر بالضعف واخلواء وينتشر يعملوا أعماال ً حس��نة ،وعندما يعملون أعماال ً حس��نة
اجلفاف بداخلنا !! راض عنهم يفرح��ون ويفتخرون به��ا ويعتق��دون أن اهلل ٍ
بس��بب هذه األعمال ،واحلقيقة أنه��م ال يدركون أن هذه
كان من الس��هل علينا فيما مضى أن نساعد الناس
األعم��ال مجرد « أش��ياء » وليس��ت املس��يح ،ولكنهم
في مجاالت عديدة ونكتس��ب مديحهم واستحسانهم
إذا دخلوا إل��ى محضر اهلل س��يدركون ويتعلَّمون أن اهلل
باعتبارن��ا من ذوي القلوب الرحيم��ة ،لكننا اآلن إذا فعلنا
ال يقبل إال املس��يح نفس��ه ،أمام اهلل املس��يح هو اخلير،
نفس األعمال نش��عر فورا ً باجلفاف الداخلي واملوت ،ملاذا؟
املسيح هو احلياة ،وعندما ندرك هذا احلق في محضر اهلل
ألن الصلي��ب قد عم��ل عمله فينا واس��تطاع أن يفصل
يبدأ الصليب عمله بداخلن��ا ويدين كل عمل لم يقم به
داخلن��ا بني األعم��ال النابعة من ذواتنا وتل��ك النابعة من
املسيح فينا .
املسيح .
عندم��ا ندرك هذا احل��ق ويعمل فين��ا الصليب عمله
إذا كن��ا نريد أن نتح��رك مدفوع�ين بالرغبة في فعل الكامل س��نتعلم كيف نعيش باملس��يح الذي بداخلنا.
احلسن واملقبول أمام الناس فلن نحتاج إذا ً لعمل الصليب عندما يكون املس��يح فينا ساكنا ً فلن نستطيع نحن أن
داخلن��ا ولن نفهم ه��ذا العمل ولن نقبل��ه !! أما إذا كنا نتح��رك ،وعندما يظ��ل صامتا ً كيف نس��تطيع نحن أن
نريد أن نتحرك باحلياة التي في املس��يح فس��وف نش��عر نتكلم ؟! بحس��ب إمكانياتنا نحن نس��تطيع أن نتكلم
عندئذ باحتياجنا لعمل الصليب بداخلنا لكي مييز ويدين كالما ً كثيرا ً وكالما ً حسنا ً ولكن ألن الرب صامت بداخلنا
كل أعم��ال الذات فينا ،س��نحتاج إلي��ه لكي يفصل بني فلن جنرؤ أن نتكلم بكلمة واحدة ،ألننا إذا فعلنا فس��وف
ـ 135ـ ـ 134ـ
اجلس��دي ،عندما نصاب باألمراض الش��ك أننا نبحث عن التح��رك الذي من املس��يح والتحرك الذي من أنفس��نا ،
الش��فاء ،وهنا ينقس��م املؤمنون إلى قسمني :القسم س��نحب عمل الصليب ونقبله ونخضع ل��ه ألننا نريد أن
األول يؤمنون بأن الرب هو طبيبهم الذي مينحهم الشفاء نحيا باملسيح فقط !!
والصحة ،أما القس��م الثاني فيؤمنون بأن الرب نفس��ه آه يا إخوتى ،إننا نحتاج أن نطلب من اهلل أن يحررنا
هو شفاؤهم .
من «أعمالنا احلس��نة» متاماً كما نطلب منه أن يحررنا
القس��م األول يؤمن��ون أن ال��رب احل��ي الق��ادر على من خطايانا !! بل لعل اخلالص من اخلطية يكون أس��هل
كل ش��يء س��وف يلمس أجس��ادهم ومينحهم الشفاء، كثي��را ً من اخلالص من أعمال الذات احلس��نة ،ألن اخلطية
وأخش��ى أن أقول إنه بالنس��بة لهذا القسم يظل الرب واضح��ة و ُمدانة ومرفوضة ف��ي ضمائرنا بينم��ا أعمالنا
خ��ارج حياتهم كم��ا يظل الطبيب خ��ارج حياة مرضاه ، احلسنة مازالت حتظى منا بالتعاطف والقبول !!
الطبي��ب يقترب من املريض إلى ح�ين ثم يبتعد ألن لكل
منهم��ا حيات��ه اخلاص��ة ،الطبي��ب يقترب م��ن مريضه املسيح حياتنا
ويتعامل معه حتى يتم الش��فاء ث��م يذهب كل منهما « متى ُأظهر املسيح حياتنا فحينئذ تظهرون
إلى طريقه ،هؤالء املؤمنون يطلبون «ش��يئاً» خارجيا ً من أنتـم أيضا ً معه في اجملـد » ( كو)4 :3
الرب أال وهو الشفاء. يقول الكتاب إن املسيح هو حياتنا .إنه احلياة ألرواحنا
وف��ي الكثي��ر م��ن األحي��ان مي��د اهلل ي��ده بالش��فاء وأجس��ادنا ،إنه ال مينحنا احلياة فحس��ب بل هو نفس��ه
ويس��تجيب لطلبة هذا القس��م من املؤمنني ،لكنه في حياتن��ا ،ولك��ي نفهم ه��ذا دعون��ا ننظر ألمر الش��فاء
ـ 137ـ ـ 136ـ
عن شخص املسيح ،وطاملا ينالون الشفاء من اهلل فكل الواقع يفعل هذا بقلب اآلب الذي يُس��ر بتسديد احتياج
ش��يء على ما يرام ،لكن احلقيقة أن الش��فاء كامن في أطفاله الصغار ،بالنس��بة للمؤم��ن «الطفل» قد يقبل
شخص املسيح نفسه وليس مستقل عنه . اهلل أن يكون بالنسبة له الطبيب املُعالج ومانح الشفاء،
انظروا إلى املرأة نازفة الدم ( لو )43 :8لقد اقتربت إلى لكن هذا ليس فكر اهلل الكامل ،والبد بعد فترة طالت أو
ال��رب من اخللف وملس��ت هدب ثوبه ،م��اذا حدث عندئذ ؟ قص��رت أن يبدأ في التعامل م��ع هذا املؤمن الطفل لكى
لقد ش��عر الرب بأن ق��وة قد خرجت منه ،ق��وة من الرب يصل به للنضج ،لن يظل اهلل مجرد الطبيب بالنس��بة
نفسه خرجت لشفائها ،لم يعطها شيئا ً مستقالً عنه له��ذا املؤمن وقد ال يعطيه الش��فاء في املرة التالية ألنه
بل أعطاها قوة من نفس��ه ،لم مينحها شفاء بل كان هو ي ِّدخر له األفضل ،فاهلل يريد أن يصل بأبنائه الناضجني إلى
ذاته شفاءها !! احلياة املوجودة في شخصه خرجت إليها إدراك أفضل ،يريدهم أن يدركوا أنه ليس الرب ش��افيهم
وأعطت جلسدها املريض احلياة ،وفي كل مكان ذهب إليه
فحس��ب بل باحلرى هو الرب ش��فاؤهم ،إن��ه ليس مجرد
الرب كان يبذل نفسه لشفاء جميع الناس !!
طبيب يهتم بهم أحيانا ً ويقترب منهم في وقت مرضهم
القس��م الثان��ى م��ن املؤمن�ين يعتب��رون ال��رب هو ويعطيهم الشفاء بل هو نفسه الشفاء !!
ش��فاؤهم وليس شافيهم ،في وس��ط املرض والضعف
يرف��ع املؤمن الناض��ج عينيه إلى الس��ماء ،وبرغم األلم الرب شفاؤنا
يصلي قائ�لاً «يارب ،أنا ال أريد أن تك��ون طبيبي ثم متضي عدد كبير جدا ً من املؤمنني يعتبرون الش��فاء «شيئاً»
بعد نوالى الش��فاء ،وأن��ا ال أنظر إليك منتظرا ً أن متنحنى يأخذونه من اهلل ،يظنون الش��فاء ش��يئا ً مستقالً بذاته
ـ 139ـ ـ 138ـ
عالقتنا بال��رب عمقاً ،تأثرت أجس��ادنا به��ذه العالقة ش��فاء أس��تمتع به حتى في غيابك عني ،ي��ا رب أنا أريد
،الف��رق يكم��ن فيم��ا نتطلع إلي��ه ونطلبه ونش��عر كنت أحتاج لطبيب فأنا أريدك ُ أن تكون أنت ش��فائي ،إن
باالحتي��اج إليه ،في البداية كنا نطلب الش��فاء ونريد كنت أحتاج لشفاء فأنا أحتاج طبيبا ً تسكن بداخلي ،وإن ُ
أن نأخذه م��ن الرب ،أما بعد النضوج صرنا نطلب الرب الشفاء املوجود في شخصك».
نفس��ه وننتظر مش��يئته وعمله وهو بال شك يحمل أيه��ا األحباء إن ش��فاءنا له ذات حي��ة وليس مجرد
في شخصه كل الشفاء لنا. ش��يء ميت ،إنه ش��خص ح��ي ،لقد صار الرب نفس��ه
أش��كر إلهي ألني نلت منه الش��فاء م��رات عديدة ، شفاءنا ،اهلل شفاؤنا ،هل تستطيعون اآلن أن تروا الفرق
أس��تطيع أن أخبركم بتواريخ محددة كنت فيها مريضا ً بني هذين القس��مني من املؤمنني ؟ إنهما مختلفان كل
ث��م بتواريخ مح��ددة أخذت فيها من اهلل الش��فاء ،إنها االختالف ،البد أن يأتي اليوم الذي نتعلم فيه هذا الدرس
مرات كثيرة وكلما حاولت أن أحصيها كان يزداد عددها!! ون��درك هذا الف��رق ،البد أن يأتي ي��وم نطلب فيه ما هو
لكني أريد أن أشكر اهلل أكثر جدا ً ألنه في يوم محدد فتح أكثر من الش��فاء ،البد أن يأتي يوم ندرك أن الرب نفسه
عيني ألرى أن الرب يسوع املسيح هو نفسه شفائي ،هذا ّ هو احلياة ألجسادنا.
حدث مرة واحدة ولـم يتكرر م��رة ثانيـة ألن هـذا اإلعالن هذا ليس معناه إننا لن نطلب الش��فاء ولن نناله،
ال يحت��اج أن يتكرر ،إنها مرة واحدة وإلى األبد ،مرة واحدة حاشا ،فإذا كان الرب ساكنا ً فينا فالبد أن تتأثر أجسادنا
عيني من على الش��فاء كش��يء إلى الرب ّ ارتفعت فيها بالش��فاء املوجود في ش��خصه ،إن عالقتن��ا الروحية
نفس��ه كش��فائي ،ومن يومها لم يعد ش��فائي حالة أو م��ع الرب تترك بصمتها على أجس��ادنا ،وكلما ازدادت
ـ 141ـ ـ 140ـ
لقد اس��تمر املرض كم��ا هو لكنه أدرك أن ش��فاءه أيضا ً اختبارا ً بل صار ش��خصا ً حياً .احلاالت واالختبارات ميكن أن
مستمر معه كل الوقت !! تحُ صى وتُعد أما الشخص فال يخضع لإلحصاء أو التعدد،
إنه ش��خص واح��د وإلى األب��د !! أيها األحب��اء ،أن نطلب
إخوت��ي ،م��ا ه��و مفهومنا ع��ن الش��فاء ؟ معظمنا
ش��فاءنا من الرب أو أن نطلب ش��خصه كشفائنا هذان
يعتقد أن الش��فاء هو زوال املرض ،وأنه ال يوجد شفاء إال
طريق��ان مختلفان متاماً ،األول نهايته «ش��يء» أما الثاني
بخروج املرض من أجس��ادنا ،لكن احلقيقة ليست هكذا
فآخره «شخص» الرب نفسه.
دائما ً ،الش��فاء في مفهومه األعم��ق ليس خروج املرض
من أجس��ادنا بل دخول الرب إلى أجسادنا ،الشفاء ليس الشفاء في حياة الرسول بولس
غياب الضعف بل حضور القوة !! رغ��م أن الرس��ول بولس ل��م ينل الش��فاء من اهلل
لش��وكته إال أنه ُ
شفي !! هل تالحظ الفرق بني األمرين؟!
قبول اإلعالن يخبرنا الرس��ول في ( 2ك��و )12أنه ل��م يحصل من اهلل
أن��ا أتذكر جيدا ً كي��ف رأيت وقبلت ه��ذا اإلعالن ألول على الش��فاء باعتباره «شيئاً» مستقالً إال أنه أخذ فهما ً
م��رة ،كان مثل نور الفجر الذي يبدأ ثم يتزايد ببطء حتى يرفعه فوق املرض ،لقد فهم أن نعمة الرب ستكفيه ،وأن
يش��رق بكل بهائه ،وس��بب البطء في قبول هذا اإلعالن ق��وة الرب في ضعفه س��تُكمل ،أي أن الرب نفس��ه كان
أن ذهني لم يكن يس��تطيع أن يقبل إال منطق «األشياء»، هو ش��فاءه من امل��رض ،لقد فهم أن ش��فاءه يكمن في
لقد اعتدنا على «األش��ياء» وكل ما ن��راه حولنا حتى في الرب املوجود في حيات��ه بنعمته وقوته ،ورغم أن ضعف
اجملال الروحي هو مجرد «أش��ياء» ،كنت أحتاج شفاء في اجلس��د ظل موجوداً إال أن الشفاء أيضاً ظل موجوداً!!
ـ 143ـ ـ 142ـ
آلخر بصخور بارزة من قاع النهر ،كانت مياه النهر ضحلة أمر ما ولم أكن أفهم بعد أن الش��فاء ليس ش��يئا ً بل هو
في هذا الوقت من الس��نة وقاع النهر كان صخريا ً ،حتى الرب نفس��ه ،لم أكن أفهم أن ال��رب يهيئني ليكون هو
أن قائد القارب كان يضطر أحيانا ً إلى ربط القارب وسحبه بش��خصه كل ش��يء بالنس��بة لي ،كنت أفهم أن اهلل
باحلبال ،وعندما تذكرت هذا املشهد وجدت نفسي أصلي أعطان��ي وع��دا ً بالش��فاء لكنى ل��م أكن أفه��م أنه هو
«أنه من الس��هل عليك يا رب أن تزيل هذه الصخور ،كم شفائي !!
س��يكون ممتعا ً أن يبحر القارب بسهولة على مياه النهر وفي أح��د األيام كنت أقرأ قصة الرس��ول بولس في
لو أنك فقط أزلت هذه الصخور» !! (2كو )12ووقف��ت متحيرا ً أمام فكرة طرأت لي :ملاذا لم
عندئذ ب��دأت أقرأ مرة أخرى (2ك��و )12ووجدت أن هذه ينزع الرب الش��وكة من جسد الرسول ؟! كنت أؤمن أنه
كانت صالة بولس أيض��ا ً ،كانت مياهه ضحلة والصخور من الس��هل جدا ً على الرب أن يعطي للرس��ول الشفاء
تب��رز حادة من ق��اع النهر ،لذلك كان��ت صالته «يارب ،هل وينزع الشوكة من جسده ،فلماذا لم يفعل هكذا ؟! بدا
لك أن تزيل هذه الصخور حتى يبحر قاربي بس��هولة على ل��ي هذا األمر غريبا ً حتى أني حتولت للصالة طالبا ً فهما ً
املياه؟!» ولكن اهلل أجابه «أنا لن أزيل الصخور ولكني سأرفع من اهلل.
منسوب املياه ،وعندما ترتفع املياه في النهر سيستطيع يذكرني مبوقف حدث معي وبينما كنت أصلي بدأ الرب ِّ
القارب أن يسير بسهولة مرتفعا ً فوق الصخور» !! إخوتي منذ عدة س��نوات مضت ،في عام 1923دُعيت ألعظ في
األعزاء ،إن حل مشاكلنا ال يكمن دائما ً في «نزع» املعوقات إح��دى املدن ،وفي طريقي للمدين��ة ركبت قاربا ً يبحر في
لكن في «أخذ» قوة ترفعنا فوق املعوقات !! نه��ر «مينج» ،والحظت أن الق��ارب كان يصطدم من حني
ـ 145ـ ـ 144ـ
أكثر صبرا ً وطول أناة ،ظانني أنه إذا زادت « كمية » الصبر ه��ذه هى طريق��ة اهلل معنا في أحي��ان كثيرة ،نحن
في حياتهن فس��يكون كل شيء على ما يرام ،يطلنب من نطلب الش��فاء كش��يء نأخذه م��ن اهلل ،نري��د دائما ً أن
اهلل « جرع��ة » إضافية من طول األن��اة ليتمك َّن من إدارة ين��زع اهلل الداء الذي يعوقنا ،لك��ن اهلل يريد أن يكون هو
بيوتهن بشكل سليم ،وأحيانا ً يستجيب اهلل ويعطيهن ش��فاءنا ،يريد أن يرفعنا بنفس��ه فوق الضعف واملرض ،
نعمة جتعله��ن طويالت األناة ملدة ثالث��ة أو أربعة أيام ثم لقد ظ��ل الضعف اخلاص ببولس موج��ودا ً لكنه لم يعد
يعود كل ش��يء كما كان« .طول األن��اة» الذى مينحه اهلل يحاول اجتيازه بقواه الشخصية ،لقد صارت قوة املسيح
له حدود زمنية يتناقص بعدها حتى يضمحل ،ألنه مجرد تظلله وترفعه فوق ضعفه ،لم ينل شفاء لكنه ُ
شفي !!
«شيء» فالبد أن ينتهي ألن األشياء ال تدوم !! لم ينزع الرب الضعف من جس��د الرسول لكنه َّ
حل فيه
بقوته ونعمته فرفعه فوق الضعف حتى صار يفتخر في
ورغ��م أننا نأخذ هذه العطايا من اهلل بالصالة إال أنها
الضعف��ات !! إخوتي ،هل رأيتم الفرق بني أن يعطينا اهلل
تُس��تهلك وتنتهي ،املقاوم��ة والظروف الت��ي نواجهها
شفاء وبني أن يكون هو بنفسه شفاءنا ؟!
تس��تهلك طاقتنا والعطايا التي نأخذها من اهلل ،أحيانا ً
يعطينا اهلل «أشياء» ليس��د بها احتياجا ً مؤقتا ً ألبنائه ، األشياء ال تدوم
وقد يتغاضى عن غبائهم ويستجيب طلباتهم ويعطيهم لألس��ف مازال الكثيرون من أبناء اهلل يس��عون خلف
«األش��ياء» التي يريدونها ،لكن هذه األشياء ال تدوم واهلل األش��ياء !! بعض األخوات أتني مؤخرا ً ليتكلمن معي عن
لن يستمر يس��تجيب طلباتنا بهذا الشكل طويالً ،البد معاناتهن مع أبنائهن وأزواجهن ،ويطلنب معونتي ليصرن
ـ 147ـ ـ 146ـ
للنموذج الذي في فكر اهلل لن جند بداخلنا سؤاال ً أو طلبة أن يقودن��ا آج�لاً أو عاجالً لكي نفهم أن املس��يح هو كل
سوى شخص املسيح . شيء بالنسبة لنا .
ينبغى أن نعرف املسيح مبا أن الكتاب يعلن لنا احلق اخلاص بكون املس��يح هو
كل شيء عند اهلل لنا ،وأن شخصه ينبغي أن يكون الكل
في نظر اهلل كل املواضيع الروحية تدور حول موضوع
في الكل ،لذلك أثق أن اهلل لن يس��مح لألشياء بأن حتتل
واحد مركزي أال وهو «معرفة املسيح» ،ماذا نقصد مبعرفة
مكان املسيح في حياتنا ،ولن يسمح للمحبة والتواضع
املس��يح ؟! نقصد مدى إدراكنا أن املسيح صار كل شيء
لن��ا ،بعض املؤمنني يعرفون املس��يح باعتب��اره محبتهم وطول األناة وأية «أش��ياء» أخرى أن تظل حتظى باهتمامنا
فقط بينم��ا البعض اآلخر يعرفون��ه كتواضعهم أيضا ً ، أكثر من ال�لازم .البد أن يأتى اليوم الذي نقبل فيه اإلعالن
البعض يعرفون الكثير من جوانب ش��خصه والبعض لم القائ��ل بأن املس��يح هو محبتنا وطول أناتن��ا وتواضعنا ،
يعرفوا إال القليل ،البعض يعرف املس��يح باعتباره أربعة املس��يح هو كل ما وهبه اهلل لنا ،املسيح هو عطية اهلل
أو خمس��ة مواضيع بينما البعض اآلخ��ر يعرفونه ككل الوحيدة التي ال يُعبر عنها ،اهلل لم مينحنا أش��ياء كثيرة
مواضيع حياتهم ،إن مقدار األشياء التي صرنا جندها في بل عطية واحدة هى شخص االبن الوحيد ،وعندما نقبل
املسيح يحدد مقدار معرفتنا بشخصه ،معرفة املسيح هذا اإلعالن ستنتهى كل التساؤالت واحليرة التي بداخلنا
ليس��ت مجرد معرفة نظرية تتعلق بقبول احلق الكتابي وس��نجد كل اإلجابات في ش��خص املس��يح ،لن جند في
عن شخصه بل هي معرفة حية وإيجابية وواقعية ،إنها داخلنا سعيا ً وراء احملبة أو الصبر أو أي شيء آخر بل فقط
معرفة شخصه باعتباره كل شيء في حياتنا !! وراء املس��يح ،عندما تصي��ر عالقتنا باملس��يح مطابقة
ـ 149ـ ـ 148ـ
أنه يجته��د ويصلي ويأخذ من اهلل بعض األش��ياء إال أن س��معت مرة أحد اإلخوة يش��هد كي��ف أنه لم يكن
كل ما ميلك س��يبقى مؤقتا ً وزائالً ،وأعمالنا مهما كانت يعرف ش��يئا ً ع��ن نقاء القلب ،وقلبه وأف��كاره كانت غير
س��تظل ضئيلة القيمة أمام اهلل ،هذا إذا كان لها قيمة نقية باملرة ،لكنه يش��كر اهلل اآلن ألن املسيح صار نقاءه،
على اإلطالق !! فاهلل جعل املس��يح برنا وقداستنا ،وكلما عرف املسيح
يؤس��فنى تك��رار القول إن معظ��م املؤمنني ينظرون أكث��ر متتع بنق��اء القلب واألف��كار ،وأنت تس��تمع لهذه
للنعمة على أنها ش��ىء يأخذونه من اهلل ،وقليلون فقط الش��هادة تدرك أن نقاء القلب والفكر ليس شيئا ً منتلكه
هم الذين يرون أن النعمة هي ش��خص املس��يح نفس��ه ب��ل باحلري هو املس��يح نفس��ه يحيا بنقائه ف��ي القلب
والفكر ،هذا األخ عرف املس��يح باعتباره قداسته ونقائه
،إن��ي أتطلَّ��ع لليوم ال��ذي فيه يس��تطيع كل ابن هلل أن
وطاملا املس��يح يحيا بداخله فهو يس��تمتع بالقداس��ة
يصل��ى قائالً « :يا رب أنا أس��بحك وأش��كرك ألن النعمة
والنقاء ،إنه ال ميتلك ش��يئا ً اس��مه القداس��ة بل باحلري
التى أخذتها منك هي ش��خص املسيح ،نعمتك لى هى
ميتلك املسيح واملسيح يحمل في شخصه كل القداسة
ش��خص حي وليست مجرد أشياء ،نعمتك لها ذات حية
له ،هذه هي املسيحية احلقيقية !!
و كيان أبدي!!»
دعوني أقول بصراحة :إن أي مؤمن ال يفتح اهلل عينيه
التمييز بني املوت واحلياة ليرى أن املسيح هو كل ش��يء بالنسبة له سيظل بدون
مبج��رد أن نصل إلى ه��ذا اإلدراك سنس��تطيع أن من ِّيز ميجد اهلل في
فائ��دة هلل !! لن يس��تطيع هذا املؤم��ن أن ِّ
بني املوت واحلياة !! كثيرون من اإلخوة يس��تطيعون فقط حيات��ه ألنه ال ميتلك إال مجه��وده وأعماله الصاحلة ،رغم
ـ 151ـ ـ 150ـ
بالنس��بة ملن ل��م يدرك ه��ذا احلق يبدو ه��ذا التمييز التمييز بني اخلير والش��ر لكنهم ال يس��تطيعون التمييز
صعب��ا ً لكن بالنس��بة لكل م��ن فتح ال��رب عينيه على ب�ين املوت واحلياة !! ال يس��تطيعون التميي��ز بني العطايا
املسيح سيكون هذا التمييز سهالً جدا ً ،كل ما هو مجرد واألش��ياء امليت��ة وب�ين احلياة التي في ش��خص املس��يح
«ش��يء» هو موت ويصنع موتا ً !! ولو كنت متتلك التمييز نفس��ه ،والس��بب أنهم لم يفهموا بع��د أن كل البركات
الروحي لشعرت باملوت في أعماقك وأنت تقوم بعمل ناجت الروحية هي في شخص املسيح وحده ،لم يدركوا بعد أن
العالم الروحي ليس فيه أش��ياء بل شخص املسيح احلي
عن «شيء» وليس عن املسيح احلي بداخلك ،ونتيجة هذا
الذي يجمع في ذاته كل األشياء والبركات الروحية .
العمل ال ميكن أن تكون سوى موت وليس حياة !!
عندما يفتح اهلل عينيك لتدرك هذا احلق س��تبدأ حاال ً
ق��د تُصادف خادما ً لطيفا ً جدا ً لك��ن تالحظ أن تأثيره
ف��ي التمييز ب�ين املوت واحلي��اة ،قد تلتقي يوما ً بش��خص
الروحي في اآلخرين محدود جدا ً أو منعدم ،والسبب هو أن
يبدو لك هادئ��ا ً ورقيقا ً ومتواضعا ً ومحب��ا ً وحنونا ً ،ولكنك
ما ميتلكه من صفات حس��نة هي مجرد صفات طبيعية
تستطيع التمييز بعينيك املفتوحتني أن كل ما ميتلكه هذا
جسدية ،قد يسعدنا أن جند خادما ً لطيفا ً ومحبا ً وصبورا ً الش��خص هو أشياء ميتة !! وس��يكون هذا التمييز سهالً
ومضحي��ا ً ولك��ن إذا كانت ه��ذه مجرد صف��ات طبيعية ألن الرب قد فتح عينيك ،متاما ً كما يس��تطيع أي إنسان أن
فهي ليست سوى أشياء ميتة وال ميكن أن تؤثر روحيا ً في مييز بسهولة بني اخلامت واألصبع أو بني القبعة والرأس أو بني
اآلخري��ن ،ال ميكن للموت أن يصنع حي��اة !! ولو كان لديك النظارة والعني أو بني الثوب واجلسد هكذا يستطيع إنسان
التمييز الروحي لشعرت باملوت الكامن في هذه الصفات اهلل أن مييز بسهولة بني األشياء امليتة واملسيح احلي !!
ـ 153ـ ـ 152ـ
عندم��ا ندرك هذا احلق لن جند ش��يئا ً نفعله أمام اهلل احلس��نة ورمبا أثارت بداخلك اإلحس��اس بع��دم الراحة أو
س��وى أن ننتظره ،ونحن ننتظر أمام اهلل سوف نكتشف حتى بالرغبة في املقاومة !!
شيئا ً فشيئا ً الش��ر الكامن في أفضل أعمالنا ،تدريجيا ً
احلياة تقاوم املوت
س��ندرك أن اهلل يرفض أعمالنا الصاحلة متاما ً كما يرفض
خطايانا !! إذا كان ينبغ��ي أن يتوب اخلطاة عن خطاياهم احلياة املوج��ودة بداخلنا لديها ق��وة لتمييز ومقاومة
فأصح��اب البر الذاتي واألعمال الصاحل��ة ينبغي أيضا ً أن كل موت يوجد وس��ط جماعة ال��رب ،ولنأخذ لهذا مثالً:
يتوبوا عن أعمالهم !! ألن اهلل يبغض صالح اجلسد متاماً عندم��ا توجد في اجتم��اع للصالة جتد نفس��ك تتجاوب
أحيان��ا ً م��ع بعض الصل��وات بكلمة « آم�ين » ،ملاذا ؟ ألن
كما يبغض خطايا اجلس��د !! اهلل ال يقبل إال ش��خصا ً
احلياة التي بداخلك تالمست مع حياة املُصلي ،األخ الذي
واح��دا ً فقط أال وهو ابنه يس��وع املس��يح الذي ينبغي أن
يصل��ي تالمس مع احلياة التي بداخل��ك لذلك جتاوبت مع
يصير كل شيء بالنسبة لنا.
صالته بقولك « آمني » ،لكن صالة شخص آخر في نفس
إلي أنا ،شكرا ً
ش��كرا ً هلل ألنه ينظر إلى املسيح وليس ّ االجتماع قد تُنت��ج بداخلك برودة وموتا ً ،ورغم أن الصالة
هلل ألنه ال يتوقع مني أنا أي ش��يء بل من املس��يح الساكن تبدو أمينة وصادقة إال أنك تتمنى أن تنتهي ،بل قد تشعر
بداخلي ،لست أنا الذي يحاول أن يكون متواضعا ً بل املسيح أنك تري��د منع هذا األخ من مواصلة الصالة !! ملـاذا ؟! ألن
بداخلي هو املتواضع ،لس��ت أنا الذي ينبغي أن يجاهد لكي هذا األخ ال ميتلك إال « أش��ياء » يصلي بها ،وهذه األشياء
يحب بل املسيح هو الذي يحب بداخلي ،إنه ال يعطيني قوة ميتة في ذاتها وينتش��ر املوت حولها ،هذه األشياء ليس
ألفعل هذا أو ذاك بل هو نفسه قوتي ،له اجملد لألبد !! لها قيمة روحية ألنها من صنع اإلنسان !!
ـ 155ـ ـ 154ـ
يصير املس��يح هو الكل في الكل في املستقبل إذا كنتم خـامتــة
ال تعرفون��ه اليوم كالكل في ال��كل في حياتكم ؟! كيف
آه يا إخوتي وأخواتي ،أنا ال أس��تطيع التعبير عن هذا
ندعي أننا نشتاق لليوم الذي يصير فيه املسيح هو الكل ّ احلق بكلمات أكثر ،لكني أمتنى أن تكون الكلمات السابقة
في األرض والس��مـاء إذا كنا ال نس��تطيع أن نقبله اليوم كافية لكي تلفت أنظارك��م إلى هذا احلق الكتابي ،كم
كالكل في حياتنا ؟! أش��تاق أن تتعلموا هذا احلق مبكرا ً في حياتكم الروحية
اهلل قد أعطانا ابنه الوحيد ليصير كل شيء في حياتنا، لك��ي تو ِّفروا على أنفس��كم الكثير من املش��قة ،وألنه
اهلل ل��م يعطنا أش��ياء ب��ل أعطانا ذات��ه ،لذل��ك ينبغي أن كلم��ا م��ر الوق��ت دون أن نتعلم��ه يصي��ر التعلُّ��م أكثر
نقبل املس��يح ككل ش��يء بالنس��بة لنا ،ينبغي أال نظن أن صعوبة ،كلما كبرت كومة « األش��ياء » في حياتنا ازدادت
هناك أش��ياء روحية بعيدا ً عن املس��يح ،املس��يح فقط هو صعوبة النظر من خاللها !! كثرة األش��ياء الروحية التي
«الروح��ى» وكل ما عداه أش��ياء جس��دية فاني��ة ،هذا احلق نفتخر بها حتجب عنا رؤية احلق اخلاص باملس��يح باعتباره
ينبغ��ي أن يتث َّبت فينا وفي كل الكنيس��ة في الوقت احلاضر كل ش��يء في حياتنا ،مما يضطر اهلل أن يهز حياتنا بعنف
قبل أن نتطلع لتحقيقه بصورة كاملة وعامة في املستقبل ويهدم أش��ياء كثيرة نفتخر بها ونحبها لكي يكون قادرا ً
،عندما نفهم اآلن كيف يكون املس��يح هو محبتنا وصبرنا و أن يلفت أنظارنا إلى املسيح وحده .
س�لامنا سنستطيع أن نفهم كيف سيكون الكل في الكل أنا أتطل��ع معكم إلى اليوم الذي يجمع فيه اهلل كل
في املس��تقبل القريب ،ما نتعلمه اليوم ونعيشه في نطاق األش��ياء ـ س��واء ما في الس��ماء أو ما عل��ى األرض ـ في
حياتنا احملدودة سيفيدنا جدا ً في ذلك اليوم حني يُستعلن ابن شخص املسيح ،عندئذ سيتم قول الكتاب إن املسيح هو
اهلل كالكل في الكل في األرض والسماء ،له اجملد لألبد !! الكل في الكل ،لكني أريد أن أسألكم :كيف تتوقعون أن
ـ 157ـ ـ 156ـ
احلق واالس��تنارة ،اكس��رنا أمامك يا رب وال تسمح لنا أن صــالة
نخدع أنفس��نا ،ال تس��مح أن نظن أننا ن��رى جيدا ً بينما ي��ا رب هانحن أمامك نطلب من��ك نعمة ،يا رب نحن
نح��ن ال ن��ري ش��يئا ً باملرة ،ال تس��مح أن نعتق��د أننا في
نعت��رف أن عيوننا عمياء جدا ً وال تس��تطيع أن مت ِّيز األمور
الطريق بينما نحن بعيدا ً متاما ً عنه ،ال تس��مح أن نص ِّدق
بوضوح ،عيوننا تري األش��ياء وال ترى املس��يح ،األش��ياء
أننا مملؤون باحلياة بينما احلقيقة أننا مملؤون بأشياء ميتة،
تبدو قريبة جدا ً بينما املس��يح يبدو لنا بعيدا ً ،إننا نطلب
يا رب املس��نا وث ِّبت ش��خصك بقوة فينا حتى تصير أنت
ب��كل قلوبنا أن جتعلنا نري احلق جليا ً ،نري املس��يح وليس
الكل في الكل في حياتنا !!
األش��ياء ،لنبتعد عن األشياء امليتة ومنتلئ باحلياة ،يا رب
ي��ا رب بارك ه��ذه الكلم��ات حتى تثمر وحت��ول إخوتي
إنن��ا بأمانة نطل��ب أن تخلِّصنا من األش��ياء حتى نعرف
فش��لت أنا في قوله تس��تطيع أن تقوله
ُ رجوعا ً إليك ،ما
املسيح شخصيا ً ويكون هو كل شيء في حياتنا ،دع كل
أنت ،ليتك تغطي ضعفي اإلنساني وتغفر حماقتي ،ليتك
ش��يء فينا ينبض باحلياة حتى عندما ينظر الناس إلينا ال
تأخذ لنفسك مجدا ً في وسطنا ،نحتاج أن ننطرح أمامك
يروا إال املسيح احلي !!
عرايا حتى نرى أنفسنا كما ترانا أنت ،ليت هذا اليوم يكون
يوم الكش��ف والفض��ح لكثيرين منا ،ليت ش��عاعا ً من يا رب اجعلنا نفهم كيف أن هذين الطريقني مختلفان
نورك يقتحمنا ويفضح كل زيف فينا ،ومي ِّيز بني شخصك متاما ً ،كما أن طريق األبرار يختلف متاما ً عن طريق األشرار
وبني كل األش��ياء األخرى بداخلنا ،ليتك تبارك كلمتك لنا كذلك وبنفس املقياس يختلف طريق املؤمن احلقيقي عن
ومتجد اسمك ،في اسم ربنا يسوع املسيح .آمــني. ِّ طريق املس��يحي املزيف ،نحن نحتاج بشدة إلى مزيد من
ـ 159ـ ـ 158ـ