You are on page 1of 80

‫امل�سيــــــح‬

‫الكل يف الكل‬
‫بقلم‬
‫وات�شمان نى‬
‫تعريب‬
‫فخرى كرم‬

‫يناير ‪2009‬‬
‫حمتويات الكتاب‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ح‬ ‫لآب واالبن والرو‬
‫ا الواحـــــد آآمـ قد‬
‫ـ‬

‫بسسم‬
‫�صفحة‬
‫ــني‬ ‫إللـه‬

‫سس‬
‫‪4‬‬ ‫تقديــــم‬
‫ا‬
‫‪5‬‬ ‫الف�صل الأول ‪ :‬امل�سيح هو الطريق واحلق واحلياة‬
‫‪30‬‬ ‫الف�صل الثانى ‪ :‬امل�سيح هو القيامة واحلياة‬
‫‪55‬‬ ‫الف�صل الثالث ‪ :‬امل�سيح هو خبز احلياة ونور احلياة‬
‫‪86‬‬ ‫الف�صل الرابع ‪ :‬امل�سيح هو كل ما عند اهلل لنا‬
‫‪117‬‬ ‫الف�صل اخلام�س ‪ :‬ال �شىء �سوى امل�سيح‬ ‫اسم الكتاب ‪ :‬امل�سيح الكل يف الكل‬
‫اسم املؤلف ‪ :‬وات�شمان نى‬
‫‪156‬‬ ‫خـامتــــــة‬
‫اسم املترجم ‪ :‬فخرى كرم‬
‫‪158‬‬ ‫�صــــــــالة‬ ‫الطبعة ‪ :‬الأوىل ‪ /‬يناير ‪2009‬‬
‫التصميمات واإلخراج الفنى والطباعة ‪ :‬مطبعة اخلال�ص‬
‫الناشر ‪ :‬جلنة خال�ص النفو�س للن�شر ‪ 12‬ش قطة شبرا مصر‬
‫مكتبة اخلال�ص ‪ 13‬ش قطة شبرا مصر ت ‪25776605‬‬
‫ت ‪ 25764200 :‬ـ ‪ 25772526‬ـ فاكس ‪25777787‬‬
‫بريد إلكترونى ‪lgnt_elnshr@yahoo.com :‬‬

‫ـ‪3‬ـ‬
‫الف�صل الأول‬
‫تقدمي‬
‫امل�سيــح هــو‬ ‫م��ادة ه��ذا الكتـ��اب ُقدم��ت‬
‫الطريق واحلق واحلياة‬ ‫ف��ي سلس��لة م��ن الدراس��ـات ف��ي‬
‫اجتماع��ات وس��ـط األس��بوع ف��ي‬
‫« قال له يسوع ‪ :‬أنا هو الطريق‬ ‫مدينـة «ش��نغهاي» بالص�ين ما بني‬
‫واحلق واحلياة ‪ ،‬ليس أحـد يـأتى‬ ‫عام��ى ‪ ، 1940 _1939‬ثم تُرجمت إلى‬
‫إلـى اآلب إال بـى » ( يو ‪) 6:14‬‬ ‫اإلجنليزية ونُشرت حتت عنوان «املسيح‬
‫هو مجموع كل األمور الروحية»‪.‬‬
‫الرب يس��وع يقول هنا ‪« :‬أنا هو الطريق واحلق واحلياة»‬
‫و ه��ا بني أيدينا الترجم��ة العربية‬
‫وهو به��ذا يعلِّمن��ا أن الطريق الذى يعطي��ه اآلب لنا هو‬
‫الت��ي نصل��ي أن يس��تخدمها ال��روح‬
‫ش��خص املس��يح‪ ،‬واحلق ال��ذى يعلنه اآلب لنا ه��و أيضا ً‬
‫القدس ليش��رق في أذهانن��ا وأرواحنا‬
‫املس��يح‪ ،‬واحلياة التى مينحها اهلل لنا هى ذات املسيح‪ ،‬إن‬
‫بإعالن جديد عن ش��خص ربنا يس��وع‬
‫شخص املسيح نفسه هو طريقنا وهو حقنا وهو حياتنا‪،‬‬
‫من خالل ش��خص املس��يح لنا قدوم إلى اآلب‪ ،‬وش��خص‬ ‫املس��يح ‪ ،‬الذي له وح��ده كل اجملد إلى‬
‫املس��يح هو كل م��ا في قل��ب اآلب من نحون��ا‪ ،‬إنه االبن‬ ‫األبد ‪ ،‬آمني‪.‬‬
‫الوحيد احلبيب‪ ،‬اآلب لم يُعطنا أش��ياء كثيرة متعددة بل‬
‫ـ‪5‬ـ‬ ‫ـ‪4‬ـ‬
‫في سيرنا إلى اآلب وبامتالكنا للمسيح نحن منتلك الطريق‬ ‫أعطانا ش��خصا ً واحدا ً جتتمع فيه كل البركات الروحية‪،‬‬
‫إلى اآلب كما منتلك املنهج الذى نتبعه للس��لوك في هذا‬ ‫إنه شخص املسيح له اجملد‪.‬‬
‫الطري��ق‪ .‬كل مؤم��ن حقيقى البد أن يكون ق��د تع ّلم هذا‬ ‫نحن ع��ادة نتعام��ل مع األم��ور الروحي��ة باعتبارها‬
‫ال��درس ولو مرة واحدة في حياته‪ ،‬أال وهو‪ :‬أن الرب يس��وع‬ ‫«أش��ياء» مج ّردة ‪ ،‬تعاليم أو عقائ��د الهوتية خالية من‬
‫هو الطريق وهو املنهج للسير في الطريق‪.‬‬ ‫أية حي��اة ‪ ،‬لذلك نح��ن نحتاج أن نطل��ب من اهلل لكى‬
‫إن كنت قد اختبرت اخلالص فأنت بال ش��ك قد وثقت‬ ‫يفتح عيوننا لنعرف املس��يح نفس��ه‪ ،‬إن مت ُّيز املسيحية‬
‫في الرب يسوع بصفته طريقك إلى اهلل‪ ،‬ألنه هو الطريق‬ ‫ؤس��س على حقيقة أن منبعه��ا وعمقها وغناها في‬ ‫ُم َّ‬
‫الوحيد وبدونه ال يستطيع أحد أن يأتى إلى اآلب‪ .‬شكرا ً‬ ‫معرفـ��ة ش��خص اب��ن اهلل‪ ،‬وال قيمة حلج��م معرفتنا‬
‫للتعاليم والعقائد اجمل ّردة وال ملدى حماسنا وإخالصنا بل‬
‫هلل ألن كل املؤمنني احلقيقيني عرفوا معنى الس��ير في‬
‫هذا الطريق‪ ،‬وأعداد ال تحُ صى من خُ‬ ‫املهم حقا ً هو معرفتنا الشخصية واحلقيقية البن اهلل‪،‬‬
‫امللَّصني قد تعلَّموا هذا‬
‫معرفة اب��ن اهلل هى الطريق واحلق واحلي��اة‪ ،‬وتكمن كل‬
‫ال��درس ولو مرة واحدة في بداية اإلميان‪ ،‬درس القدوم إلى‬
‫قوتن��ا الروحية في معرفتنا البن اهلل ‪،‬ألن اهلل لم يعطنا‬
‫اآلب من خالل يسوع ابن اهلل‪ .‬إن هذا الطريق ليس سوى‬
‫أى شىء بعيدا ً عن ابنه‪.‬‬
‫ش��خص املسيح نفسه‪ ،‬ال يوجد أى طريق أو منهج آخر‬
‫بخالف شخصه ميكن أن يأتى بنا إلى اآلب‪ .‬إننا نحتاج أن‬ ‫املسيح هو الطريق‬
‫تنفتح عيوننا فنرى أن الرب يس��وع وحده ـ وليس��ت أى‬ ‫كلمة «الطريق» التى قالها املسيح قد تعنى «الطريق»‬
‫وس��يلة أخرى ـ هو الطريقة التي بها نتالمس مع اهلل‪،‬‬ ‫إلى اآلب كما تعنى أيضا ً «الطريقة» أو املنهج الذى نتبعه‬
‫ـ‪7‬ـ‬ ‫ـ‪6‬ـ‬
‫للوص��ول إلى أي انتصار روحى‪ ،‬وال توجد طريقة بعيدا ً عن‬ ‫ف��ي وقت حصولنا عل��ى اخلالص أوال ً ثم ف��ي كل أيامنا‬
‫ش��خصه الكرمي ‪ ،‬وال يوجد تعليم يصلح أن يكون وسيلة‬ ‫بعد ذلك‪.‬‬
‫لالنتص��ار‪ .‬اهلل لم يعطنا أية وس��يلة روحي��ة بل أعطانا‬
‫شخصا ً ‪ ،‬أعطانا ابنه الوحيد‪.‬‬
‫واملسيح هو املنهج‬
‫بعض املؤمنني يبحثون عن «منهج» روحى لالنتصار‪.‬‬
‫كثيرا ً ما نستمع الختبارات اآلخرين ونشعر بقيمتها‪،‬‬
‫في أحد االجتماعات ـ وبعد خدمة عن االنتصار من خالل‬
‫لكننا لألس��ف نرى في ه��ذه االختب��ارات «املنهج» الذى‬
‫اتّبع��وه ب��دال ً من أن نرى ال��رب الذى قادهم به��ذا املنهج‪،‬‬ ‫املسيح وليس من خالل الذات ـ أخذ أحد اإلخوة بيد اخلادم‬
‫وما يبق��ى معنا بعد س��ماعنا لالختبار ه��و «الطريقة»‬ ‫وق��ال له «لقد ذق��ت مرارة الهزمية لعدة س��نوات ولكنى‬
‫املرك لكل األحداث‪،‬‬‫التى س��ارت بها األحداث وليس الرب حُ‬ ‫أعتقد اليوم أن كل ش��ىء سيصير على ما يرام» فسأله‬
‫ولذلك نحن نعانى الهزمية تل��و األخرى رغم محاوالتنا أن‬ ‫اخل��ادم «مل��اذا تعتقد هذا ؟» فأجاب��ه األخ «ألنى اآلن أعرف‬
‫نتِّبع ذات األس��لوب الذى اتّبعه اآلخرون‪ ،‬والس��بب هو أننا‬ ‫الوس��يلة لالنتصار ‪ ،‬لقد فهم��ت اليوم املنهج الصحيح‬
‫لم نتعلَّم بعد أن الرب نفسه هو وحده الطريق ‪.‬‬ ‫لالنتصار‪ ،‬ش��كرا ً هلل» لكن اخلادم أجابه بصراحة «لو كل‬
‫م��ا أخذته اليوم هو فهم ملنهج جديد لالنتصار فس��وف‬
‫دعون��ا ن��درك جي��دا ً أن اإلمي��ان بالرب نفس��ه واإلميان‬
‫تعود للهزمية مرة أخرى»‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍ !!‬
‫بأس��لوب ما‪ ،‬هما عمليا ً أم��ران مختلفان متام��اً‪ ،‬ولنأخذ‬
‫لهذا مثالً ‪ :‬أحد اإلخوة انفتحت عيناه بنعمة اهلل فرأى أى‬ ‫مل��اذا ق��ال اخلادم ه��ذا ؟ ألن الرب يس��وع ق��ال «أنا هو‬
‫نوع من الناس هو وأدرك فس��اده الداخلى ‪ ،‬فرفض نفسه‬ ‫الطريق» أى أنه هو شخصيا ً «املنهج» أو الوسيلة الوحيدة‬
‫ٍ‬
‫ـ‪9‬ـ‬ ‫ـ‪8‬ـ‬
‫فعنده أس��لوب جاف بال قوة أو تأثير‪ ،‬ألن أى أسلوب بعيدا ً‬ ‫ووضع ثقته في الرب لكى يفعل بداخله ما لم يس��تطع‬
‫عن شخص املسيح هو شىء ميت‪.‬‬ ‫هو أن يفعله‪ ،‬وكنتيجة لهذا ش��عر باحلرية والس�لام في‬
‫دعون��ا نؤكد ه��ذه احلقيق��ة ‪ :‬إن أى أمر روح��ى بعيدا ً‬ ‫قدم ش��هادته عم��ا حدث معه‬ ‫محض��ر اهلل‪ ،‬وبعد فترة ّ‬
‫عن شخص املس��يح هو ش��يء ميت‪ .‬كثيرون من الناس‬ ‫ألحد اإلخوة‪ ،‬وبنا ًء على هذه الشهادة حاول األخ الثانى أن‬
‫يتس��اءلون «ك��م ه��و غري��ب أن األخ فالن يث��ق في اهلل‬ ‫يرفض نفس��ه وينكسر أمام اهلل و يتخلَّى عن أى ثقة في‬
‫ويصلى وصالته ُمس��تجابة بينما نحن أيضا ً نثق ونصلى‬ ‫ذاته‪ ،‬متاما ً كما فعل األخ األول‪ ،‬لكن لدهش��ته لم ينل أية‬
‫وال تُس��تجاب صلواتنا ‪ ،‬ملاذا يك��ون اهلل كرميا ً معه وليس‬ ‫حرية أو س�لاما ً في محضر اهلل !‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍‍! ما هو التفس��ير لهذا‬
‫ه��و كذلك معنا»؟ إنهم يش��تكون عل��ى اهلل ويتهمونه‬ ‫االختالف بينهما رغم أن األخ الثانى ات َّبع نفس األس��لوب‬
‫بالتفرق��ة والتح ُّيز‪ ،‬بينما ه��م ال يدركون أن ما يؤمنون به‬ ‫الذى اتّبعه األخ األول ؟!‬
‫ليس س��وى تعاليم ومعتقدات ‪ ،‬أى أن إميانهم هو بأشياء‬ ‫التفس��ير ه��و أن األخ األول لديه إميان ح��ى أخذه من‬
‫وليس بش��خص الرب نفسـه‪ ،‬لذلك فإميانهم ميت ألنـه‬ ‫الرب نفسه‪ ،‬وبهذا اإلميان استطاع أن ميسك بالرب نفسه‬
‫ال توجد حياة في التعاليم واملعتقدات ‪ ،‬احلياة في شخص‬ ‫ويض��ع ثقته فيه‪ ،‬أم��ا األخ الثانى فلي��س عنده إميان حى‬
‫املس��يح وحده‪ ،‬حتى لو تع ّلم اإلنسان قدرا ً من التعاليم‬ ‫بل مجرد «أس��لوب» اس��تقاه من اختب��ار األخ األول‪ ،‬كل‬
‫الروحية و األساليب الناجحة فهذا لن يجعله مؤمنا ً حيا ً‬ ‫ما عنده هو «نس��خة كربونية» مك ّررة من صيغة إميانية‬
‫أو ابن��ا ً هلل ‪ ،‬ألن أبناء اهلل يخرج��ون إلى احلياة من خالل‬ ‫سمعها من اآلخرين‪ ،‬ولذلك لم يستطع بها أن يصل إلى‬
‫«امليالد» وليس من خالل «التعليم»‪.‬‬ ‫الرب نفسه‪ ،‬األخ األول كان عنده الرب احلي أما األخ الثاني‬
‫ـ ‪ 11‬ـ‬ ‫ـ ‪ 10‬ـ‬
‫ونكس رأس��ه لبرهة صامت��اَ‪ ،‬وعندما س��أله اخلادم عما‬
‫ّ‬ ‫ال��رب يؤكد هنا «أن��ا هو الطريق» أى أن املس��يح هو‬
‫يش��عر به أجابه بتردد «أنا ال أع��رف كيف أصف ما حدث‬ ‫الطري��ق وهو الطريق��ة أو املنهج للوص��ول إلى اهلل‪ ،‬هل‬
‫عينى ‪ ،‬ورغم أنى ال أجرؤ على القول‬
‫َّ‬ ‫معى ‪ ،‬لكن الرب فتح‬ ‫املس��يح هو طريق��ك؟ وهل ه��و طريقت��ك؟ أم أنك تتبع‬
‫إنى رأيت الرب بوضوح إال أنى بال شك تالمست معه »!!‬ ‫طريقا ً ميتا ً وطريقة جوفاء؟ متى كان شخص املسيح هو‬
‫م��ا الفرق بني االثن�ين ؟ األخ األول لم يتالمس مع الرب‬ ‫طريقنا فس��وف نصل إلى هدفنا بنجاح‪ ،‬لكن إذا كان كل‬
‫نفس��ه بل كل ما أخذه هو فهم جدي��د ملنهج االنتصار‪،‬‬ ‫ما منلكه هو مجرد أس��لوب ـ مهما كان حس��نا ً ومتميزا ً‬
‫لذل��ك الش��ك أنه عاد إل��ى الهزمية مرة أخ��رى !! أما األخ‬ ‫ودقيقا ً ـ فسوف نفشل بالتأكيد‪ ،‬ألن أى أسلوب هو شىء‬
‫الثانى فلم يأخذ منهجا ً بل أخـذ الــرب نفس��ـه ‪ ،‬لذلك‬ ‫ميت وليست له أية قيمة روحية‪.‬‬
‫ال شك أنه ظل ثابتاً‪.‬‬ ‫الس��بب الكام��ن وراء العدي��د م��ن الصل��وات غي��ر‬
‫أحيانا ً كثيرة يكون الدافع وراء سماعنا للخدمة خاطئاً‪،‬‬ ‫املس��تجابة والش��هادات غير املجُ دية هو أننا ال نتالمس أو‬
‫بدال ً من أن نسأل الرب ألجل إعالن جديد لكى نستطيع أن‬ ‫نتعامل مع الرب نفس��ه‪ ،‬وما عندنا هو مجرد ن ُس��خ من‬
‫نرى ش��خصه بش��كل أوضح جتدنا نستمع للخدمة لكى‬ ‫اختبارات اآلخرين‪.‬‬
‫نحتفظ في عقولنا بأس��لوب جديد نح��اول أن نتّبعه في‬ ‫قدم خادم للرب خدم��ة من (رو‪6‬ـ ‪)8‬‬ ‫في إحدى امل��رات ّ‬
‫حياتن��ا ‪ ،‬لذلك ـ حتى لو اتبعنا هذا األس��لوب ـ فلن نصل‬ ‫وبع��د اخلدمة ق��ال أحد اإلخ��وة ‪« :‬اليوم أن��ا أفهم طريق‬
‫إلى أى شىء !!‬ ‫الغلبة‪ ،‬اآلن صار كل ش��ىء واضح��ا ً ‪ ،‬وأنا أثق أنى من اآلن‬
‫ف��ي املقابل ل��و طلبنا م��ن الرب إعالنا ً عن ش��خصه‬ ‫لن أعود للهزمية كما في املاضي »!! أخ آخر أتى إلى اخلادم‬

‫ـ ‪ 13‬ـ‬ ‫ـ ‪ 12‬ـ‬
‫املسيح هو احلق‬ ‫فسيعطينا ولو حملة صغيرة ‪ ،‬رمبا تكون صغيرة لدرجة أننا‬
‫ال جنرؤ عل��ى القول أننا رأينا الرب بوضوح لكننا رغم ذلك‬
‫ال��رب ال يقدم نفس��ه لنا بصفت��ه الطريق فقط بل‬
‫نكون قد تالمس��نا مع الرب نفس��ه ‪ ،‬وهذه اللمحة تؤدى‬
‫أيض��ا ً بصفته احل��ق‪ ،‬واحلق ال يعنى الكلم��ات والتعاليم‬
‫التى تختّص بشخص املسيح بل يعنى شخص املسيح‬ ‫إلى تغيير حقيقى ‪ ،‬شكرا ً للرب !! هذا هو الطريق ‪ :‬ليس‬
‫نفسه‪ ،‬كثيرا ً ما يتعامل املؤمنون مع التعاليم والعقائد‬ ‫أننا فهمنا أسلوبا ً جديدا ً بل أننا عرفنا الرب أكثر‪ ،‬ألن الرب‬
‫اخلاصة باملس��يح باعتبارها «احلق»‪ ،‬بالرغم من أن «احلق»‬ ‫نفسه هو « الطريق »!!‬
‫ليس ش��يئا ً بل ش��خصاً‪ ،‬لقد قال ال��رب «وتعرفون احلق‬ ‫لذلك ينبغى أن منتحن أنفس��نا ونحن نستمع إلى أى‬
‫واحلق يحرركم» (يو‪.)32:8‬‬ ‫خدمة أو شهادة ‪ :‬هل نحن اآلن نتالمس مع الرب نفسه أم‬
‫إخوت��ى‪ :‬هل تذكرون كم مرة قام احلق فعالً بتحريرنا؟‬ ‫نفهم بأذهاننا طرقا ً جديدة فحسب؟ ليس هناك انتصار‬
‫في ه��ذه املرات فقط كن��ا نتعامل فعالً م��ع «احلق» ألن‬ ‫ميكن احلص��ول عليه من فهم طرق معين��ة بل االنتصار‬
‫كلمة اهلل تؤكد لنا أن احلق ـ إن عرفناه ـ س��وف يحررنا‪،‬‬ ‫في معرفة الرب نفسه‪ ،‬اختبارات اآلخرين لن تخلِّصنا بل‬
‫لكن لألس��ف ك��م من مرات أخ��رى كان احلق بالنس��بة‬ ‫ال��رب وحده هو اخمللِّص‪ ،‬كلمات اإلخ��وة األتقياء قد تنقل‬
‫لن��ا مجرد عقي��دة أو تعليم��اً‪ ،‬ولم تنفت��ح عيوننا لترى‬ ‫لن��ا بعض املعان��ى اجمل ّردة لكنه��ا لن تنقل لن��ا حياتهم‬
‫شخص املس��يح نفس��ه‪ ،‬قد نظل نتكلم عن التعاليم‬ ‫التى أخذوها من ال��رب‪ ،‬الرب إلهنا هو رب احلياة وكل من‬
‫اخلاصة بالرب لعشرات السنني ومع ذلك نبقى بدون رؤية‬ ‫يتالمس معه يتالمس مع احلياة‪ ،‬التالمس مع الرب نفسه‬
‫حقيقية لشخص الرب نفسه !! وقد نظل نستمع لذات‬ ‫يعطى حياة‪.‬‬
‫ـ ‪ 15‬ـ‬ ‫ـ ‪ 14‬ـ‬
‫يبك بن��ا ًء على توصية من ش��خص آخر‬ ‫ش��خص أو لم ِ‬ ‫العقائد لعش��رات الس��نني بدون رؤية الرب نفسه!! إننا‬
‫يكون بكاؤه أو عدم بكائه ليس حقيقياً‪ ،‬كالهما مزيف!!‬ ‫نس��تطيع أن نتكلم عن عقيدة املوت مع املس��يح بدون‬
‫كالهما من قبي��ل األعمال امليتة التى ليس فيها حيـاة‪،‬‬ ‫أن نختب��ر معنى ه��ذا املوت‪ ،‬وميكن أن نتح��دث عن حياة‬
‫وهك��ذا األمر مع الغفران ملن أس��ـاء إلينا‪ ،‬إذا كنـا نغفر‬ ‫القيامة بدون أن نختبر قوتها‪ ،‬لو كل ما نتعامل معه هو‬
‫أو ال نغف��ر مبوج��ب تعلي��م أو عقيدة جام��دة فكالهما‬ ‫التعاليم والعقائد فإننا نتعامل مع شىء ميت!!‬
‫سيكون باطالً!!‬ ‫كتب أحدهم إلى خادم للرب قائالً «أحد اإلخوة أخطأ‬
‫إخوتى‪ ،‬إن كل عمل ال يعيش��ه املسيح فينا هو عمل‬ ‫إلى‪ ،‬وأنا لست متأكدا ً ما إذا كان ينبغى أن أغفر له أم ال‪،‬‬
‫َّ‬
‫ميت‪ ،‬ليس فيه حياة وال يس��تطيع أن يُحيينا مهما كان‬ ‫لذلك أسألك لكى ترشدنى‪ ،‬إن قلبى هادىء أمام اهلل‪ ،‬إن‬
‫ُمؤسس��ا ً على تعاليم صحيحة‪ ،‬هل تدركون الفرق هنا؟‬ ‫رأيت أنه ليس من‬‫قلت ينبغى أن أغفر له فس��أغفر‪ ،‬ولو َ‬ ‫َ‬
‫أن��ه فرق كبير ال ميكنن��ا أن نغفله ‪ :‬العم��ل اجمل ّرد يحتاج‬ ‫الضرورى أن أغفر فلن أغفر» !!‬
‫فقط إلى الذاكرة التى نحتفظ فيها بالتعاليم والوصايا‪،‬‬ ‫إخوت��ى‪ :‬ما رأيكم ف��ي هذا املؤمن؟ لنفت��رض أن أع ّز‬
‫تغذيه الذاكرة‬‫أما العمل اخلارج من املسيح الذي فينا فال ّ‬ ‫فكتبت خطابا ً ألحد اإلخوة أقول «إن‬
‫ُ‬ ‫أصدقائ��ى قد مات‪،‬‬
‫بل احلي��اة الكامنة في أعماقنا‪ ،‬وه��ذه احلياة تفيض من‬ ‫قلت‬‫أع�� ّز أصدقائى قد مات‪ ،‬أتران��ى ينبغى أن أبكيه؟ لو َ‬
‫داخلنا بتلقائية وعفو ّية وبدون مجهود‪ ،‬وينبغى أن يكون‬ ‫رأيت أنه ليس من‬
‫إنه ينبغى أن أبكى فسأبكى‪ ،‬ولكن إن َ‬
‫الرب نفس��ه ـ وليس التعليم أو العقيدة ـ هو املسيطر‬ ‫الضرورى البكاء فلن أبكى»!! الشك أنكم ستضحكون‬
‫علينا واحملرك لكل أعمالنا‪ .‬ينبغى أن يأتى اليوم الذى فيه‬ ‫عل��ى هذا اخلطاب ألنه س��خيف وغير معق��ول‪ ،‬لو بكى‬

‫ـ ‪ 17‬ـ‬ ‫ـ ‪ 16‬ـ‬
‫ما رأيك��م في هذا املوقف؟ بحس��ب الظاهر يبدو أن‬ ‫يفت��ح اهلل عيوننا لن��رى أن احلق هو املس��يح‪ .‬ليس احلق‬
‫هذا اخلط��اب مكتوب من أخ يعتذر ألخي��ه‪ ،‬إال أننا نعلم‬ ‫هو أن نحاول تذك��ر تعاليم معينة ونعمل مبوجبها‪ ،‬احلق‬
‫أن ه��ذا االعتذار نابع من تعليم موجود في ذهن هذا األخ‬ ‫هو أن يحيا املس��يح فينا‪ ،‬املسيح هو احلق لذلك فاحلق‬
‫وليس م��ن احلياة التى في أعماق��ه‪ ،‬لذلك رغم أنه كتب‬ ‫شخص حى ويُحيى‪.‬‬
‫خط��اب االعتذار إال أن قلبه ظل مملوءا ً غضبا ً وغيظا ً ‪ ،‬وإذا‬ ‫ُجرح أحد األخوة من أخ آخر وملا لم يس��تطع أن يكتم‬
‫قابل أخاه مرة أخرى فق��د يصافحه بحرارة ظاهريا ً إال أن‬ ‫بكته ضميره‬ ‫مش��اعره ذهب وو ّبخ أخاه بعنف‪ ،‬فيما بعد ّ‬
‫الغض��ب م��ازال كامنا ً في داخل��ه‪ ،‬وحديثهما ال ميكن أن‬ ‫وشعر أنه ينبغى أن يذهب إلى أخيه ويعتذر ‪ ،‬ولكن عندما‬
‫يكون تلقائيا ً بل مفتعالً‪.‬‬ ‫تذك��ر كيف ُجرح من هذا األخ عاوده الش��عور بالغضب‪،‬‬
‫إخوت��ى‪ ،‬هل نس��تطيع اآلن أن نرى الف��رق؟ إن الرب‬ ‫وفي نفس الوقت ظل يش��عر بأنه مدين ألخيه باالعتذار‪،‬‬
‫هو احلق‪ ،‬لو كان احلق بالنس��بة لن��ا تعليما ً وليس الرب‬ ‫لذل��ك ق ّرر أن يرس��ل إليه خطابا ً بدال ً م��ن أن يذهب إليه‬
‫نفس��ه فهو ش��ىء ميت‪ .‬ليتنا ندرك أن��ه إذا كان الرب‬ ‫بنفس��ه‪ ،‬فأخذ قلمه وبدأ يكتب «أنا أش��عر أنى أخطأت‬
‫موج��ودا ً في أى أمر من أمورن��ا الروحية فهذا األمر حى‪،‬‬ ‫عندما و ّبختك بعنف و‪ »..‬وهنا تذكر اجلرح مرة أخرى وعاد‬
‫لك��ن إذا لـم يكن الرب بنفس��ه موج��ودا ً فهذا األمر ـ‬ ‫ّ‬
‫وكف عن الكتابة‪،‬‬ ‫غضبه يشتعل بداخله ‪ ،‬فوضع القلم‬
‫مهم��ا كان ـ هو أمر مي��ت‪ ،‬وكل عمل نعمله كنتيجة‬ ‫ولكن بعد فترة ـ وحتت اإلحس��اس بالواجب ـ عاد يتناول‬
‫إلشراق الرب علينا وعمله في داخلنا هو عمل حى‪ ،‬وكل‬ ‫قلم��ه ويكمل خط��اب االعتذار رغم أنه ظ��ل غاضبا ً من‬
‫ما عدا ذلك أعمال ميتة ‪.‬‬ ‫أخيه حتى بعدما أرسل اخلطاب !!‬
‫ـ ‪ 19‬ـ‬ ‫ـ ‪ 18‬ـ‬
‫مؤمناً!! وه��ذا ينطبق باألكثر على الش��باب في مقتبل‬ ‫املسيح هو احلياة‬
‫العمر ‪ ،‬كلما حاولوا أكثر‪ ،‬بدت لهم املهمة أكثر صعوبة‬
‫بعد قوله «أنا هو الطريق واحلق» أضاف الرب «واحلياة»‪،‬‬
‫‪ ،‬ورغ��م محاوالتهم املتعددة إال أنه��م مازالوا ال يحملون‬
‫ونح��ن نعلم أن احلياة تتدفق تلقائيا ً في ش��كل «عمل»‪،‬‬
‫صفات املؤمنني بعد!!‬
‫ولك��ن ليس كل «عم��ل» نابع��ا ً بالضرورة م��ن «احلياة»‪.‬‬
‫إل��ى كل هؤالء أقول ‪ :‬لو لم يكن املس��يح هو حياتنا‬ ‫العمل قد يكون نتيجة االلتزام بقوانني وتعاليم مختزنة‬
‫ل��كان املطل��وب من��ا «نح��ن» أن نق��وم به��ذه األعمال‬ ‫في الذهن ولذل��ك يكون مرهقا ً وش��اقاً‪ ،‬أما احلياة فهى‬
‫الش��اقة‪ ،‬أما إذا كان املس��يح هو حياتنا فسيقوم «هو»‬ ‫تفيض بعفوية و تلقائية من داخلنا وتتجس��د في عمل‬
‫بهذه األعمال فينا‪ ،‬ووقتها س��تكون تلك األعمال سهلة‬ ‫خارجى ‪ ،‬ولكن العمل في هذه احلالة يكون سهالً ومريحا ً‬
‫وميسورة ألنها تنبع بتلقائية من داخلنا‪ .‬إذا كان املسيح‬ ‫للنفس‪ ،‬إن احلياة هى املسيح نفسه ‪.‬‬
‫هو حياتنا فلن نحتاج كل هذا اجملهود الشاق ‪.‬‬ ‫كم يتع��ب البع��ض كى يصي��روا مؤمن�ين !! إنهم‬
‫هناك خطأ خطير منتش��ر وسط أبناء اهلل ‪ :‬كثيرون‬ ‫يظن��ون أن اإلميان هو االلتزام ببع��ض القوانني األخالقية‬
‫منه��م يعتقدون أن احلياة هي ش��ىء ينبغى أن يصنعوه‬ ‫والعقائد الدينية‪ ،‬لذلك يجتهدون لاللتزام بهذه القوانني‬
‫بقواه��م الذاتية وإال فلن تكون هناك حياة على اإلطالق ‪،‬‬ ‫والعقائ��د‪ ،‬وك��م هى مرهقة تل��ك القوان�ين والعقائد!!‬
‫لكن احلقيقة التى ينبغى أن ندركها جميعا ً هى أن احلياة‬ ‫إنه��ا تطالبهم أن يكونوا متواضع�ين و لطفاء و غافرين‬
‫ال حتت��اج إلى أدنى مجهود منا لك��ى توجد‪ ،‬احلياة تتدفق‬ ‫وطويل��ى األن��اة‪ ...‬وكم ه��و صعب أن يكون��وا هكذا كل‬
‫بطبيعتها وبدون معونة من أحد ‪.‬‬ ‫الوقت!! لذلك هم يعتقدون أنها مهمة ش��اقة أن تكون‬

‫ـ ‪ 21‬ـ‬ ‫ـ ‪ 20‬ـ‬
‫تفيض من داخلنا في ش��كل أخالق حميدة لكن األخالق‬ ‫تأمل��وا لبرهة كي��ف تبصر عيوننا وتس��مع آذاننا‪ ،‬إن‬
‫احلميدة ال ميكن أن تخلق فينا حياة‍‍‍‍!!‬ ‫عيوننا تبص��ر بطبيعي��ة وآذاننا تس��مع بتلقائية وبدون‬
‫آخ��رون يعتق��دون أن «احلياة» هى «الق��وة»‪ ،‬أن يكون‬ ‫مجه��ود‪ ،‬ذلك ألن فيه��ا حياة‪ .‬ينبغ��ى أن نتيقن من هذه‬
‫الــ��رب هــو حياتنــا يعنى ـ ف��ي اعتقادهم ـ أن نأخذ‬ ‫احلقيقة متاما ً ‪« :‬احلياة» تفيض بطبيع ّية في شكل «عمل»‬
‫من��ه القوة لفع��ل اخلي��ر ‪ ،‬إال أن اهلل يخبرن��ا أن حياتنا‬ ‫لكن «العمل» ال ميكن أبدا ً أن يكون بديالً عن «احلياة»‪.‬‬
‫ليست «ش��يئاً» بل هى املسيح نفس��ه‪ ،‬حياتنا ليست‬ ‫لنأخ��ذ لهذا مث�لاً ‪ :‬إذا رأينا إنس��انا ً مهذب��ا ً للغاية‬
‫«الق��وة» التى نعمل بها اخلير بل هى «الش��خص» الذى‬ ‫ولطيفا ً فهل نس��تطيع أن منتدح��ه قائلني «إن حياة هذا‬
‫يعمل اخلير من خاللنا‪ ،‬إنها املس��يح ُمعلنا ً نفس��ه فينا‬ ‫اإلنس��ان رائعة ؟» كال ‪ ،‬إن كلمة «حياة» هنا ليس��ت في‬
‫وليس��ت مجرد ق��وة نأخذها لكى نتباه��ى بعمل اخلير‪،‬‬ ‫محلها ‪ ،‬ألن املسيح قال « أنا هو احليـاة » مهما كان هذا‬
‫احلياة ليس��ت قوة مج ّردة بل قوة متجسدة في شخص‬ ‫اإلنسـان مهذبا ً ولطيفـا ً إال أننا ال نستطيع أن نعتبر هذه‬
‫املسيح له اجملد‍‍!!‬ ‫الصفـات «حياة» طاملا لم تنبع من املس��يح ش��خصيا ً ‪،‬‬
‫اعت��اد أحد اإلخوة على حض��ور اجتماعات روحية في‬ ‫نس��تطيع أن نقول إن هذا اإلنسان لديه أخالق حميدة أو‬
‫مكان بعيد عن كنيس��ته‪ ،‬وذات مرة س��أله أحد ش��يوخ‬ ‫أنه لطيف أو أنـه متسامح وال يسبب مشـاكل ‪ ،‬لكننـا‬
‫كنيس��ته «مل��اذا تذه��ب كثي��را ً إل��ى تل��ك االجتماعات‬ ‫ال نستطيع القول إن عنده «حياة» روحية حقيقية‪ ،‬لو كل‬
‫بال��ذات»؟ فأجابه األخ «ألن هناك حياة»!! فقال الش��يخ‬ ‫هذه الصفات احلسنة موجودة في شخصيته بالطبيعة‬
‫«فع�لاً‪ ،‬بالنظر إلى اجلو احلماس��ى تك��ون اجتماعاتهم‬ ‫فهى ليس��ت « حياة » ألنها لم تنبع من املس��يح ‪ ،‬احلياة‬

‫ـ ‪ 23‬ـ‬ ‫ـ ‪ 22‬ـ‬
‫فاحلماس والصوت العالى ليس��ا دليالً عل��ى احلياة متاما ً‬ ‫أفض��ل بكثير من اجتماعاتنا» لك��ن األخ أجابه «أنت لم‬
‫كم��ا أن األقوال املنطقية واملناقش��ات العقلية ليس��ت‬ ‫تفهمنى‪ ،‬هذه االجتماعات ليس فيها جو حماسي على‬
‫دليالً على احلياة ‪.‬‬ ‫اإلطالق» فسأله الشيخ مندهشا ً «ماذا تقصد إذا ً ؟ كيف‬
‫ليس من املس��تغرب إذا ً أن يس��أل البعض «عجبا ً أمر‬ ‫تكون هناك حياة إذا لم يكن هناك حماس»؟ فأجابه األخ‬
‫هذه احلياة التى ليس��ت حماسا ً وليس��ت فكرا ً ‪ ،‬ما هي‬ ‫«إنك ال تسمع هناك أصواتا ً عالية باملـرة ومع ذلك فهناك‬
‫احليـاة إذا ً ؟ وأين ميكننــا أن جندها»؟! نحن نعترف أننــا ال‬ ‫حياة واضحة ‪ ،‬ألن احلياة ال تع ِّبر عن نفسها بالضرورة في‬
‫منتلك تعريفا ً كافيا ً نستطيع به التعبير عن ماهية احلياة‪،‬‬ ‫حماس عاطفى أو انفعاالت أو أصوات عالية»‪.‬‬
‫كل ما نس��تطيع قول��ه هو أن احلياة أعمق من املش��اعر‬ ‫عندئذ حاول الشيخ أن يب ّرر الوضع في كنيسته فقال‬
‫تدب في‬ ‫وأرقى من الفكر‪ ،‬مبجرد أن يتقابل معها اإلنسان ُّ‬ ‫«أنتم الش��باب حتبون الصخب واملشاعر الفياضة لكننا‬
‫أوصاله القوة و الطاقة‪ ،‬هذا ما نسميه «احليــاة»!!‬ ‫نفضل التعاليم العقلية‪ ،‬أنا أحب االس��تماع إلى‬
‫نح��ن ِّ‬
‫احلياة أرقى من الفكر ‪ ،‬الفكر ال يتف ّوق أبدا ً على احلياة‪،‬‬ ‫األقوال التعليمي��ة وأعتقد أن هذه هي احلياة احلقيقية»‬
‫وأيضا ً احلياة أعمق من املش��اعر ‪ ،‬املشاعر سطحية جدا ً‬ ‫لكن الش��اب أجاب بصراحة «لقد استمعت مرارا ً عديدة‬
‫باملقارنة مع احلياة ‪ ،‬كل من الفكر واملش��اعر س��طحى‬ ‫لتل��ك األقوال الت��ى تقصدها ولكنى لم أج��د فيها أية‬
‫ومتأثر باخلارج أما احليـاة فعميقة وتنبع من الداخل‪.‬‬ ‫حياة على اإلطالق»!!‬
‫ما هى احلياة إذا ً ؟ لقد قال الرب بوضوح «أنا هو احلياة»‪،‬‬ ‫من حديث هذين األخوين نستطيع أن نفهم أن احلياة‬
‫دعونا ال نحكم بسرعة أننا وجدنا «احلياة» عندما نصادف‬ ‫ليست انفعاال ً عاطفيا ً كما أنها ليست كلمات عقالنية‪،‬‬

‫ـ ‪ 25‬ـ‬ ‫ـ ‪ 24‬ـ‬
‫بس��هولة أو أولئك الذين ميتلك��ون معرفة ذهنية كبيرة‬ ‫نوعا ً من «اجلو الروحى الس��اخن» كم��ا يحلو للبعض أن‬
‫ليسوا بالضرورة لهم معرفة بالرب‪ ،‬ألن معرفة شخصه‬ ‫يس ِّميه‪ ،‬بل دعونا نس��أل باألحرى «من أين ينبع هذا اجلو‬
‫حتت��اج إل��ى رؤية روحي��ة وليس إل��ى انفع��ال عاطفى أو‬ ‫الساخن»؟ فالعديد من االختبارات تؤكد لنا أن الكثيرين‬
‫معرفة ذهنية‪ ،‬وهذه الرؤية الروحية متنحنا احلياة وتغ ّيرنا‪،‬‬ ‫م��ن محترفى خلق األج��واء الس��اخنة ال يعرفون إال أقل‬
‫إذا كن��ا نعرف الرب كحياتنا فالب��د أننا ندرك عدم جدوى‬ ‫القليل عن ش��خص الرب يس��وع املس��يح‍‍‍!! العديد من‬
‫كل اجملهودات الطبيعية في األمور الروحية‪ ،‬وهذا يجعلنا‬ ‫األشخاص سريعى االنفعال جتدهم لألسف ناقصني جدا ً‬
‫نث ّبت أنظارنا على شخص الرب وحده‪.‬‬ ‫في املعرفة احلقيقية للرب‪ .‬أيها األعزاء ‪ :‬إن املسيح وحده‬
‫هو احلياة وكل ما عداه موت!!‬
‫في بداي��ة اإلميان ال ندرك متاما ً معنى النظر إلى الرب‪،‬‬
‫لك��ن بالتدريج نبدأ نتعلم كيف ننظ��ر إليه وحده‪ ،‬ألننا‬ ‫نحتاج أن نتعلم هذا الدرس جيدا ً ‪ :‬إن احلياة ال تعتمد‬
‫نبدأ إدراك كيف أن كل األمور الروحية تعتمد في وجودها‬ ‫على حجم حماس مش��اعرنا أو حجم األفكار التى تدور‬
‫على املسيح وليس علينا‪ .‬في البداية كنا نشتاق المتالك‬ ‫في أذهانن��ا‪ ،‬لكنها تعتمد بالكامل على ما إذا كان الرب‬
‫ه��ذا األمر أو ذاك من األمور الروحية‪ ،‬كنا ننظر إلى األمور‬ ‫يعلن نفس��ه لن��ا أم ال ‪ ،‬وال يوجد ش��ىء أهم من معرفة‬
‫و لي��س إلى الرب وح��ده ‪ ،‬لكن بعدما تعلمن��ا أكثر بدأنا‬ ‫الرب نفس��ه ‪ ،‬وبينما نتعرَّف على ش��خصه جند أنفسنا‬
‫نفه��م أهمية الثقة في الرب وحده من جهة كل األمور ‪،‬‬ ‫نتالمس مع احلياة !!‬
‫لي��س مبعنى أن نثق في قدرته أن يعطينا هذا األمر أو ذاك‬ ‫ينبغ��ى أن نفه��م متاما ً ف��ي محض��ر اهلل معنى أن‬
‫بل أن نثق في قدرته أن يحيا فينا هذا األمر أو ذاك ‪.‬‬ ‫املس��يح ه��و حياتنا ‪ ،‬ه��ؤالء الذي��ن ينفعل��ون عاطفيا ً‬

‫ـ ‪ 27‬ـ‬ ‫ـ ‪ 26‬ـ‬
‫«األش��ياء» امليت��ة طريقا ً وحق��ا ً وحي��اة‪ ،‬أو أن ندعو «اجلو‬ ‫في بداية اإلميان كنا منيل إلى فعل كل شىء بأنفسنا‬
‫الس��اخن» حياة‪ ،‬أو نعتبر «الفكر الراق��ى» حياة‪ ،‬أو نظن‬ ‫خوفا ً من أن ش��يئا ً لن يحدث إن لم نعمله بأنفسنا‪ ،‬وإن‬
‫الس��لوك احلميد حياة‪ ،‬بينما احلقيقة أن كل هذه ليست‬ ‫كل األمور ستفش��ل إذا لم ن َ ُقم نح��ن بعملها ‪ ،‬ولذلك‬
‫احلياة‪ ،‬املس��يح وحده هو احلياة‪ ،‬إنه يعيش هذه احلياة في‬ ‫كنا نعمل ونتعب كل الوقت‪ ،‬لكن فيما بعد بدأنا نتعلم‬
‫داخلنا‪ ،‬ليتنا نطلب منه أن يخلصنا من األمور السطحية‬ ‫كي��ف أن الكل من املس��يح ولي��س منا‪ ،‬وبالتال��ى بدأنا‬
‫والثانوية لكى نس��تطيع أن نتالمس مع شخصه وحده‪،‬‬ ‫نتعل��م أن نهدأ ونتطلع إلى ش��خصه وحده‪ ،‬أخيرا ً بدأنا‬
‫ليتنا ن��رى الرب في كل األم��ور‪ ،‬إن الطري��ق واحلق واحلياة‬ ‫نرى أن الرب هو «حياتنا» ‪.‬‬
‫كلها موجودة في معرفة ش��خصه‪ ،‬ليتن��ا باحلق نتقابل‬ ‫دعون��ا نتذكر دائما ً ه��ذه احلقيقة ‪ :‬إن اهلل بدال ً من أن‬
‫مع ابن اهلل وندعه يحيا حياته املباركة فينا‪ .‬آمـني‪.‬‬ ‫يعطين��ا أمرا ً تلو اآلخر م��ن األمور الروحي��ة أعطانا مرة‬
‫واحدة ابنه احلبيب‍!! ولذل��ك ميكننا دائما ً أن نرفع قلوبنا‬
‫وأنظارن��ا إلى الرب ونق��ول «يارب أنت طريق��ى‪ ،‬يارب أنت‬
‫حق��ى‪ ،‬يارب أنت حيات��ى‪ ،‬أنت وحدك ي��ارب الذى تعنينى‬
‫وليست األمور التى تعطيها لى»‬
‫ليتنا نطلب نعمة من اهلل حتى نرى املس��يح في كل‬
‫أمورنا الروحية ‪ ،‬يوما ً بعد يوم نقتنع أنه بعيدا ً عن املسيح‬
‫ال يوجد طريق وال حق وال حياة‪ ،‬من الس��هل جدا ً أن جنعل‬

‫ـ ‪ 29‬ـ‬ ‫ـ ‪ 28‬ـ‬
‫الف�صل الثانى‬
‫قادر وسيعطيه اخلير الذى يطلبه‪ ،‬وصلواتنا في معظمها‬
‫ه��ى ألجل أن يعمل الرب لنا هذا األم��ر أو ذاك‪ ،‬لكن الرب‬
‫يريدنا أن ننظر إلى ش��خصه ولي��س إلى ما يعمله لنا‪،‬‬
‫امل�سيــح هــو‬
‫ألن عمله مؤسس على شخصه‪.‬‬ ‫القيامــة واحليــاة‬
‫كانت مرثا تؤمن بقدرة الرب ولذلك قالت له «يارب‪ ،‬لو‬
‫« قال لها يسوع ‪ :‬أنا هو القيامة واحلياة »‬
‫كنت ههنا لم ميت أخى» وهكذا أيضا ً قالت مرمي ‪ ،‬ولكنهما‬
‫(يو ‪)25:11‬‬
‫فشلتا في فهم أن الرب نفسه هو القيامة واحلياة‪ ،‬ليتنا‬
‫نتعلم أن كل ما يعمله اهلل معنا هو بحسب طبيعته له‬ ‫نقرأ ف��ي اإلصحاح احلادى عش��ر من إجني��ل يوحنا أن‬
‫اجملد‪ ،‬فنحن نفش��ل كثيرا ً في قبول أعمال اهلل في حياتنا‬ ‫الرب يس��وع أعطى احلياة لش��خص مات منذ أربعة أيام‪،‬‬
‫ألننا ال نفهم طبيعته‪.‬‬ ‫إنه يس��تطيع أن يقيم امليت ولقد أقامه فعالً ‪ ،‬ولكن بدال ً‬
‫يري��د الرب يس��وع أن يخبرنا هنا أنه لي��س قادرا ً على‬ ‫م��ن أن يق��ول «أنا أس��تطيع أن أقيم امليت» ق��ال «أنا هو‬
‫إعادة احلياة إلى إنسان مات بل أنه هو نفسه احلياة‪ ،‬ليس‬ ‫القيامة»!!‬
‫أنه يستطيع أن يقيم امليت بل أنه هو شخصيا ً القيامة‪.‬‬ ‫كان��ت مرمي و مرثا موجودتني في ه��ذا اليوم ‪ ،‬وبالنظر‬
‫دعون��ا نس��أل اهلل أن يفت��ح عيوننا لنرى من ه��و الرب؟‪،‬‬ ‫إلى حالتهما النفسية كنا نظن أنه من األفضل أن يقول‬
‫ينبغى أن نرى في محضر اهلل أن املس��يح هو كل ش��يء‬ ‫الرب لهما «ال تقلقا من جهة أخيكما ألنى أس��تطيع أن‬
‫بالنس��بة لنا ‪ ،‬بهذه الرؤية س��نحقق تقدما ً حقيقيا ً في‬ ‫أقيمه وسوف أقيمه» فاإلنسان عادة يحب سماع أن اهلل‬
‫ـ ‪ 31‬ـ‬ ‫ـ ‪ 30‬ـ‬
‫خاضعة لهذا القانون ‪ :‬ألن الرب بذاته موجود فينا لذلك‬ ‫حياتن��ا الروحية ‪ ،‬من الض��روري أن ندرك هذا احلق ‪ :‬أن اهلل‬
‫نحن منتلك هذا األم��ر أو ذاك من األمور الروحية ‪ ،‬وجود‬ ‫ليس لديه ما يقدمه لنا س��وى املس��يح‍��‍!! وكل تقدم‬
‫الرب أوال ً ثم امتالكنا ألعماله وعطاياه ثانياً‪ .‬إذا كان الرب‬ ‫حقيقي في احلياة الروحية يعتمد على مدى اس��تيعابنا‬
‫«احلي��اة» فينا فنحن منتلك احلياة‪ ،‬إذا كان الرب «القيامة»‬ ‫له��ذا احلق‪ .‬إخوت��ى ‪ :‬هل نحن نع��رف اهلل أم نعرف فقط‬
‫فينا فنحن نتمتع بالقيامة ‪.‬‬ ‫األعمال التى يعملها لنا ؟‍‍!‬

‫مؤمنون كثيرون يتحدثون ع��ن املُعطى وعطاياه ٍ‬


‫كل‬ ‫إن موض��وع األصحاح احلادى عش��ر م��ن يوحنا ليس‬
‫عل��ى حدة‪ ،‬لكن يوما ً ما البد أن نكتش��ف أن املُعطى هو‬ ‫كيف أقام الرب يسوع «لعازر» من املوت بل باألحرى كيف‬
‫نفسه عطاياه !! اهلل ال يحمل عطايا مختلفة يعطيها‬ ‫أن ش��خصه كان «القيامة» للعازر!! هل نرى الفرق هنا؟‬
‫لنا الواحدة بعد األخرى‪ ،‬لقد أعطانا املس��يح مرة واحدة‪،‬‬ ‫الرب نفس��ه هو القيامة‪ ،‬وألنه كان القيامة بالنس��بة‬
‫وفي املس��يح ُمذخَّ ر لنا كل العطايا‪ ،‬ليت عيوننا تنفتح‬ ‫للعازر لذلك قـام لعازر م��ن بني األموات‪ ،‬وما فعله الرب‬
‫حتى نرى أن كل األشياء هى في املسيح ‪.‬‬ ‫أمـ��ام الن��اس كان هو اجلــ��زء الظاهر م��ن القيامة أما‬
‫في ه��ذا األصح��اح يعلن ال��رب عن نفس��ه «أنا هو‬ ‫جوهر القيامة فكان كامنا ً في طبيعة شخصه له اجملد‪.‬‬
‫القيامة واحلياة» وألنه ه��و القيامة لذلك ال توجد عقبة‬ ‫إنن��ا ال نق��ول إن الرب لم يُقم لع��ازر لكننا نريد أن نقول‬
‫تعوق لعازر عن القيام��ة من بني األموات‪ .‬اجلميع يؤمنون‬ ‫باألح��رى أنه كان القيامة بالنس��بة للع��ازر ولذلك قام‬
‫أن ال��رب أقام لعازر م��ن املوت لكن األكث��ر أهمية هو أن‬ ‫لعازر من املوت ‪.‬‬
‫نؤمن أن الرب نفس��ه هو القيامة‪ ،‬ليس املهم هو الفعل‬ ‫من املفيد لنا أن نفهم أن كل أعمال اهلل في املسيح‬

‫ـ ‪ 33‬ـ‬ ‫ـ ‪ 32‬ـ‬
‫هن��اك اختي��اران أمام اإلنس��ان ‪ :‬أن يحي��ا أو أن ميوت ‪ ،‬إذا‬ ‫الظاه��ر للقيامة بل املهم حقا ً هو معرفة الرب يس��وع‬
‫أكل ثم��ر ش��جرة احلياة س��يحيا و إذا أكل ثمر ش��جرة‬ ‫نفسه بصفته القيامة ‪.‬‬
‫معرفة اخلير والش��ر سيموت‪ ،‬واإلنسان الذي خلقه اهلل‬ ‫كثي��رون يؤمن��ون بالرب يس��وع بصفت��ه « ُمعطى‬
‫كان «حس��نا ً جداً» وكانت له حري��ة اإلرادة والقدرة على‬ ‫احلي��اة» لكن أن نؤمن به بصفته «احلي��اة» بذاتها فهذا‬
‫االختي��ار بني احلياة واملوت ‪ ،‬في ذلك الوقت كان اإلنس��ان‬ ‫ش��ىء مختلف متاماً‪ .‬إنه ليس فق��ط معطى احلياة بل‬
‫ميتل��ك الق��درة على التفكي��ر واحلركة ولكن��ه لم يكن‬ ‫ه��و احلياة نفس��ها‪ .‬إن��ه رب القيامة والقيام��ة ذاتها‌!!‬
‫ميتلك «احلياة» !!‬ ‫مبجرد أن تتالمس أرواحنا مع هذه احلقيقة نفهم أن كل‬
‫بالطب��ع نح��ن ال نق��ول أن آدم لم يكن حي��اً‪ ،‬بالنظر‬ ‫ما أعطاه اهلل لإلنس��ان هو املس��يح‪ ،‬ليت اهلل يعطينا‬
‫للحي��اة الطبيعية كان آدم نفس��ا ً حية (ت��ك ‪ )7:2‬لكن‬ ‫قبس��ا ً من نور يضىء داخلنا لندرك أن الرب يس��وع هو‬
‫بالنظ��ر للحياة املوجودة في ش��جرة احلي��اة لم يكن آدم‬ ‫كل شىء لنا‪.‬‬
‫ميتلك هذه احلياة ‪ ،‬إنه ميتلك القوة للتفكير واإلحس��اس‬ ‫قال يسوع «أنا هو القيامة واحلياة»‪ ،‬إن القيامة واحلياة‬
‫وهذه هي وظائف النفس األساسية‪ ،‬إال أنه ال ميتلك احلياة‬ ‫تش��مالن الكتاب املقدس كله‪ ،‬لذلك من املهم أن نعرف‬
‫كما هي ممثلة في ش��جرة احلياة‪ ،‬وكما قلنا س��ابقا ً هذه‬ ‫ماهية القيامة واحلياة‪:‬‬
‫احلياة أعمق من املشاعر و أعظم من الفكر ‪.‬‬
‫كل شىء في احلياة املس��يحية له نظيره املزيف ‪:‬‬
‫املسيح هو احليـاة‬
‫هناك توبة مزيفة ‪ ،‬واعتراف مزيف ‪ ،‬وجتديد مزيف‪ ،‬وحماس‬ ‫ف��ي جنة عدن وضع اهلل اإلنس��ان الذى خلقه‪ ،‬وكان‬
‫ـ ‪ 35‬ـ‬ ‫ـ ‪ 34‬ـ‬
‫لي��س املقصود أن احلياة ليس فيها فكر أو إحس��اس‬ ‫مزي��ف ‪ ،‬وأعمال معجزيه مزيفة ‪ ،‬ومواهب للروح القدس‬
‫أو عم��ل‪ ،‬بل أنها أعمق وأعظم من كل هذا‪ .‬قد تس��مع‬ ‫مزيفة‪ ،‬وهناك أيضا ً حياة مزيفة!! كثير من املس��يحيني‬
‫كلمات من ش��خص وتش��عر فيها باحلياة بينما تشعر‬ ‫يعتب��رون أن املش��اعر الفياضة ه��ى احلي��اة ويظنون أن‬
‫أنها مجرد كلمات عندما تس��معها بذاتها من شخص‬ ‫احلماس املتقد والصوت العالى دليل على االمتالء باحلياة‪،‬‬
‫آخر‪ .‬قد تلتقي مبشاعر حارة في إنسان ما ولكنك تلتقي‬ ‫إنه��م ال يس��تطيعون التمييز ب�ين احلياة واملش��اعر‪ ،‬وال‬
‫باحلياة في آخر‪ ،‬بعض اإلخوة يعتبرون إحساسات معينة‬ ‫يعرفون كيف أن األولى أعمق بكثير من الثانية ‪.‬‬
‫داخلهم إنها احلي��اة إال أن الذين تع ّلموا من اهلل يعرفون‬ ‫فئ��ة أخرى م��ن املس��يحيني تعتبر أن الفك��ر املثالى‬
‫أنه��ا ليس��ت كذل��ك ‪ ،‬وآخ��رون يعتق��دون أن أفكارهم‬ ‫حياة ‪ ،‬لو وجدوا في العظة قدرا ً كبيرا ً من األفكار املثالية‬
‫الس��امية هي احلياة لكن املؤمنني اخملتبرين يعرفون أنها‬ ‫والكلم��ات املمتعة واحلج��ج القوية فإنه��م يعتبرونها‬
‫ليست حياة على اإلطالق !!‬ ‫ممل��وءة باحلياة ‪ ،‬لكن املؤمنني الذين اختبروا احلق وتعلَّموه‬
‫ق��د يتحدث اثن��ان بنف��س التعليم من نف��س اجلزء‬ ‫م��ن اهلل يقولون لن��ا إن احلياة أعمق بكثير من املش��اعر‬
‫الكتابى ‪ ،‬لكنهما ـ بالنس��بة للمؤمن اخملتبر ـ مختلفان‬ ‫وأرق��ى من الفكر‪ .‬احلياة ليس��ت عمالً نعمله ‪ ،‬اإلنس��ان‬
‫متام��اً‪ ،‬األول لدي��ه فك��ر فقط بينم��ا الثان��ى لديه حياة‬ ‫النش��يط واحلماس��ي واملتحرك ليس بالضرورة حياً‪ ،‬إنه‬
‫إل��ى جانب الفكر‪ ،‬الفكر احملض ليس حي��اة ‪ ،‬هذان أمران‬ ‫مش��حون باألعمال ولكن ه��ذا ال ميكن اعتباره حياة ‪ ،‬إنه‬
‫مختلفان متاما ً ‪ ،‬كثي��رون يعتقدون أنهم ماداموا يقولون‬ ‫«يعمل» ولكنه ال «يحيا» !!‬
‫ـ ‪ 37‬ـ‬ ‫ـ ‪ 36‬ـ‬
‫ومع ذلك تبقى حية‪ ،‬كل ما يحيا بعد املوت ميتلك حياة‬ ‫نفس الكلمات فهم ميتلكون نفس احلياة ‪ ،‬لكن هذا ليس‬
‫القيام��ة‪ .‬لقد أتى امل��وت إلى اإلنس��ان بعدما أكل من‬ ‫صحيحا ً ‪ ،‬نفس الكلمات قد تكون أفكارا ً في ذهن الواحد‬
‫ش��جرة معرفة اخلير والشر ‪ ،‬ومنذ ذلك الوقت فصاعدا ً‬ ‫وحياة في قلب اآلخر !!‬
‫لم يعد اإلنسان قادرا ً على هزمية املوت ‪ ،‬كل الذين دخلوا‬ ‫قال الرب «أنا هو احلياة» إذا ً فاحلياة ليس��ت «ش��يئاً»‬
‫القبر لم يعودوا أبدا ً ‪ ،‬أعداد ال تحُ صى من البش��ر مبجرد‬ ‫خارج املس��يح بل هي املس��يح نفس��ه ‪ ،‬لو كانت احلياة‬
‫ذهابه��م إل��ى املوت ال يعودون ‪ ،‬لكن م��ن بني كل هؤالء‬ ‫«ش��يئاً» نس��تطيع إن نعمله لكانت ميت��ة‪ ،‬احلياة التى‬
‫كان هن��اك ش��خص واحد ذهب إلى امل��وت ثم عاد منه‬ ‫يتكلم عنها مس��يحيون كثيرون ليس��ت سوى «شىء»‬
‫«فلما‬
‫ّ‬ ‫حياً‪ ،‬هذا الشخص الواحد هو ربنا يسوع املسيح‬ ‫يصنعونه بأنفسهم ولذلك هى شىء ميت !!‬
‫علي‬
‫رأيته س��قطت عند رجلي��ه كميت ‪ ،‬فوض��ع يده ّ‬ ‫نح��ن نحت��اج إلى رحم��ة اهلل في ه��ذا اجمل��ال!! إننا‬
‫قائ�لاً‪ :‬ال تخف ‪ ،‬أن��ا هو األول واآلخر ‪ ،‬احل��ى وكنت ميتا ً‬ ‫نفه��م ماهية الفكر واملش��اعر واألعم��ال لكن ينقصنا‬
‫وهاأن��ا حي إلى أبد اآلبدين ‪ ،‬آمني ‪ ،‬ولي مفاتيح الهاوية‬ ‫إدراك واض��ح ملاهية احلياة ‪ ،‬ليتنا نس��أل الرب أن يعطينا‬
‫واملوت» (رؤ‪)18-17 :1‬‬ ‫إعالنا ً عن ماهية احلياة‪ ،‬وعندما نحصل على هذا اإلعالن‬
‫سنتالمس مع الرب بصورة أعمق ‪.‬‬
‫الرب يسوع املسيح هو نفسه القيامة‪ ،‬نوعية احلياة‬
‫الت��ي فيه هي حي��اة القيامة ‪ ،‬احلياة الت��ي متر من خالل‬ ‫املسيح هو القيامة‬
‫امل��وت لكن امل��وت ال يس��تطيع أن ميس��كها (أع ‪)24 : 2‬‬ ‫ما هى حي��اة القيامة ؟ هى احلي��اة التى جتتاز املوت‬
‫ـ ‪ 39‬ـ‬ ‫ـ ‪ 38‬ـ‬
‫حيـاة القيامة‬ ‫يس��تخدم الكتاب كلمة «يمُ سك» لكى يصف سلطان‬
‫املوت‪ ،‬الناس تدخل إلى املوت وال تقدر أن تخرج مرة أخرى‬
‫ينبغ��ى أن تك��ون نوعية احلي��اة التي فين��ا هي حياة‬
‫القيامة‪ ،‬لكن لألس��ف مازال في حياتنا أشياء عديدة ال‬ ‫ألن املوت ميس��ك بق��وة كل الداخلني إليه‪ ،‬لكن املوت لم‬

‫حتم��ل آثار املوت ولذل��ك ال ميكن أن نعتبره��ا حية بحياة‬ ‫يقدر أن ميس��ك بحياة املس��يح‪ ،‬لذلك فاحلي��اة التي في‬
‫القيامة‪ ،‬أنه��ا حية بقوى الطبيعة وليس بقوة القيامة‪،‬‬ ‫املسيح هى حياة القيامة‪ ،‬احلياة التي جتتاز املوت ثم حتيا‬
‫هذا أخ س��عيد ألنه ميتلك القدرة واملهارة والبالغة‪ ،‬لكن‬ ‫إلى األبد‪ ،‬احلياة التى نزلت إلى أقس��ام األرض الس��فلى‬
‫لألس��ف ه��ذه اإلمكانيات ال حتمل آثار امل��وت ولذلك هى‬ ‫ث��م صعدت إلى قمة اجملد ‪ ،‬احلياة التى تعيش وهي حتمل‬
‫حي��ة بقوى احلياة الطبيعية ولي��س بقوى حياة القيامة‪،‬‬ ‫آثار املوت!!‬
‫وبالتال��ى هذه اإلمكانيات عاجزة عن الش��هادة ليس��وع‬ ‫بعدم��ا ق��ام ال��رب يس��وع من ب�ين األم��وات أظهر‬
‫ألنها غير عاملة بحياته‪ ،‬ألن حياته التي يعطيها لنا هى‬ ‫لتالميذه آثار املس��امير في يدي��ه ورجليه وأثر احلربة في‬
‫دائما ً حياة القيامة ‪.‬‬ ‫جنب��ه ‪ ،‬وطلب منه��م أن يلمس��وها وميتحنوها بدقة ‪،‬‬
‫وهذا أخ آخر ميتلك موهبة عظيمة وقدرات هائلة‪ ،‬إنه‬ ‫ألن ه��ذه اآلثار هي دالئل حياة القيام��ة‪ ،‬وما أراد الرب أن‬
‫يب��دو «حياً» ومتحركا ً جداً‪ ،‬ومع ذل��ك ال تالحظ آثار املوت‬ ‫يؤكده لتالميذه لي��س أنه ُجرح ومات بل أنه ُجرح ومات‬
‫على حياته بل تستطيع أن تالحظ بوضوح قدرا ً هائالً من‬ ‫وق��ام ثانية‪ ،‬وأنه يحمـل في جس��ده آثار املوت ومع ذلك‬
‫الثقة بالنفس واالعتداد بالذات‪ ،‬يثق أنه ال يخطئ أبدا ً وهو‬ ‫هو حى! هذه هى حياة القيامة ‪.‬‬
‫ـ ‪ 41‬ـ‬ ‫ـ ‪ 40‬ـ‬
‫يع��رف اهلل باحلق!! كم هو مح��زن أن كثيرين من املؤمنني‬ ‫متأكد من النجاح في أي شيء يفعله‪ .‬إن احلياة النابضة‬
‫أقوياء وذوو ثقة بأنفس��هم!! لكننا نرى هنا إنس��انا ً عرف‬ ‫بداخله هي حياة الذات وليس��ت حياة القيامة‪ ،‬وبالتالى‬
‫نفسه على حقيقتها فامتأل ضعفا ً وخوفا ً ورعدة كثيرة‪،‬‬ ‫ال نندهش إن وجدنا هذه املوهبة العظيمة وتلك القدرات‬
‫وهذه هي آثار املوت على حياته ‪.‬‬ ‫الهائلة عاجزة متاما ً عن خدمة اهلل أو متجيد املسيح ‪.‬‬
‫الصليب هو الطريق للقيامة‬ ‫نحن ال نقول إن الشخص الذي ميتلك حياة القيامة ال‬
‫ال ميكنن��ا الفصل بني الصلي��ب والقيامة في حياتنا‪،‬‬ ‫ميتلك مواهب عظيمة أو قدرات هائلة‪ ،‬بل نقول إنه يحمل‬
‫نح��ن نحتاج إل��ى كليهم��ا ‪ :‬الصليب قوة « إنه��اء » أما‬ ‫آثار امل��وت على مواهبه وقدراته‪ ،‬وال تس��تطيع أن تالحظ‬
‫القيامة فه��ى قوة «إحياء»!! الصلي��ب يضع نهاية لكل‬ ‫علي��ه ثقته في ذاته بل كل ثقته في الرب‪ ،‬إنه يس��تطيع‬
‫األشياء النابعة من الذات ‪ ،‬مبجرد أن جنتاز الصليب ال تقوم‬ ‫أن يعمل أشياء كثيرة لكنه ال يعملها إال إذا حتركت حياة‬
‫ثاني��ة ألن الصليب أنهاها ‪ ،‬أما األش��ياء النابعة من اهلل‬ ‫ال��رب بداخله لعمل هذه األش��ياء ‪ ،‬لقد فقد القدرة على‬
‫فهى جتتاز الصليب وتظل حية ‪ ،‬حتمل آثار املوت ومع ذلك‬ ‫التحرك الذاتي وق��واه اخلاصة باتت في نظره ضعفاً‪ ،‬هذا‬
‫تبقى حية‪ ،‬هذه هي قوة القيامة ‪.‬‬ ‫ما نعنيه بحياة القيامة‪.‬‬
‫القيام��ة تس��تلزم املرور م��ن خالل امل��وت ‪ ،‬واملرور من‬ ‫كتب الرسول بولس في رس��الته األولى إلى كنيسة‬
‫خالل املوت دائما ً ينهى شيئا ً ما ‪ ،‬إذا أردنا أن نعرف القيامة‬ ‫كورنث��وس «وأنا كن��ت عندكم في ضع��ف وخوف ورعدة‬
‫كقوة إحي��اء ينبغي أن نع��رف الصليب كق��وة إنهاء‪ ،‬إذا‬ ‫كثي��رة» (‪1‬ك��و ‪ )3 :2‬هذه الكلمات ال يقولها إال ش��خص‬

‫ـ ‪ 43‬ـ‬ ‫ـ ‪ 42‬ـ‬
‫لم يكن ممكنا ً أن يمُ سك من املوت‪ ،‬بهذه احلياة األبدية التي‬ ‫اجتزنا من خالل الصليب فسوف نتجرد من أشياء كثيرة‪،‬‬
‫فيه استهان باملوت وهو يدخله ‪.‬‬ ‫سنصبح أشخاصا ً مختلفني متاما ً ألن الصليب قد أنهى‬
‫اجتياز الصليب‬ ‫أشياء كثيرة فينا‪ ،‬وما يبقى حيا ً بعد الصليب فهو وحده‬
‫املتمتع بحياة القيامة ‪.‬‬
‫إنن��ا نحمل أش��ياء كثيرة معن��ا ونحن داخل��ون إلى‬
‫الصليب ولكننا نخرج ونح��ن مجرَّدون منها‪ ،‬ال توجد أية‬ ‫لنأخ��ذ له��ذا مث��اال ً ‪ :‬إذا أخ��ذت قطعة من اخلش��ب‬
‫فرصة للخروج بهذه األش��ياء مرة أخرى ‪ ،‬فقط األش��ياء‬ ‫وقطعته��ا إلى أجزاء ودفنتها في األرض ‪ ،‬ماذا س��يحدث‬ ‫ّ‬
‫التي من اهلل فينا هي التي ستقوم بعد الصليب‪ ،‬ينبغى‬ ‫لها ؟ بعد عدة أيام س��تتحلل بالكامل وتصير غير نافعة‬
‫أن نس��قط أمام الصليب ‪ ،‬فالصليب هو سقوط عظيم‬ ‫ألى ش��ىء‪ ،‬لكن ل��و قطعت غصن��ا ً من ش��جرة وزرعته‬
‫لذواتنا ألنه ينهي أشياء كثيرة فيها !!‬ ‫في األرض س��تجده بعد أيام يُزهر ويُخ��رج براعم جديدة‪،‬‬
‫كالهم��ا اندفن ف��ي األرض لك��ن إحداهما حتلل��ت بينما‬
‫قد يس��أل بعض اإلخوة ‪« :‬كيف أعرف أني قد اجتزت‬
‫األخرى أزه��رت!! هكذا األمر معنا عندم��ا جنتاز الصليب‪:‬‬
‫ه��ذا املوت؟ كي��ف أعرف أن الصليب ق��د عمل عمله في‬
‫كل ما هو ميت س��وف يتحلل وينتهي بالصليب وكل ما‬
‫داخل��ى؟» واإلجابة ببس��اطة هى‪ :‬لو عم��ل الصليب في‬
‫فيه حياة القيامة سيقوم بعد مروره في الصليب‪.‬‬
‫حياتك فالبد أنك فقدت أشياء كثيرة‪ ،‬لكن لو بقيت كما‬
‫أن��ت منذ أن حصلت على اخلالص فهذا يعنى أن الصليب‬ ‫لذلك نقول إن قيامة الرب يسوع مؤسسة على نوعية‬
‫لم يعمل في داخلك حتى اآلن !!‬ ‫حياته‪ ،‬وبس��بب احلياة التى ال متوت املوجودة في شخصه‬

‫ـ ‪ 45‬ـ‬ ‫ـ ‪ 44‬ـ‬
‫أحيانا ً بعض األش��ياء التى ُفقدت باملوت تُستعاد مرة‬ ‫بينما يعمل الصليب في حياتك س��تختبر سقوط‬
‫أخرى في القيامة‪ ،‬مثل الغصن الذي يُقطع من الش��جرة‬ ‫وانهيار أشياء كثيرة في داخلك ‪ ،‬كما ستختبر أن أشياء‬
‫ويبدو أنه مات لكن عندما نزرعه في األرض يعود ينمو مرة‬ ‫أخرى س��وف تتنقى وتفقد الكثير من حجمها السابق‪،‬‬
‫أخرى‪ .‬عندما نقول إننا سنجتاز املوت ونقوم ونحن نحمل‬ ‫وبالتالى ستش��عر أن أش��ياء كثيرة مما كنت قادرا ً على‬
‫آثار املوت ال نقصد أننا س��نصير غي��ر قادرين على الكالم‬ ‫أصبح��ت اآلن غير قادر عل��ى فعلها‪،‬‬
‫َ‬ ‫فعله��ا من قب��ل‬
‫والتصرف‪ ،‬كال ‪ ،‬بل املقصود هو أننا لن نكون بنفس القدر‬ ‫وأش��ياء أخرى كنت متأكدا ً منها إلى حد اليقني ستبدأ‬
‫من الثقة واالتكال على ذواتنا في أقوالنا وأعمالنا ‪.‬‬ ‫تتشكك فيها ‪ ،‬وما كنت متتلك رغبة عظيمة فيه قبالً‬

‫عندم��ا يتالم��س اهلل م��ع ش��خص ويتعام��ل معه‬ ‫هاأن��ت اآلن متردد بش��أنه‪ ،‬كل ه��ذه عالمات على عمل‬
‫بالصليب يصبح هذا الشخص مدركا ً لضعفه و قصوره‪،‬‬ ‫الصليب داخلك‪.‬‬
‫ولذل��ك لن يج��رؤ فيما بعد عل��ى القول «أنا أس��تطيع»‬ ‫إذا كان��ت هن��اك قيامة في حيات��ك فالبد أنك تركت‬
‫أو «أنا س��أفعل»‪ .‬ق��د يعطيه اهلل أن يظ��ل يعمل نفس‬ ‫خلفك أشياء كثيرة في القبر!! ألن هذه األشياء ال ميكنها‬
‫األعمال لكن��ه اآلن يعملها وهو يحم��ل مخافة اهلل في‬ ‫أبدا ً اجتياز املوت ‪ ،‬كل ما هو من آدم ال يس��تطيع أن يحيا‬
‫داخله!! قد يستمر في السير لكنه اآلن يسير خلف اهلل‪،‬‬ ‫بع��د دخوله ف��ي املوت ‪ ،‬احلي��اة التي من ال��رب هي فقط‬
‫متام��ا ً مثل إبراهيم الذى كان يس��ير خطوة خطوة خلف‬ ‫الق��ادرة أن مت��ر من خـالل امل��وت وتخرج ثاني��ة ‪ ،‬هذه هي‬
‫اهلل !! ميكنك أن تالحظ آثار الصليب واضحة على حياته‬ ‫حيـاة القيامة ‪.‬‬
‫ـ ‪ 47‬ـ‬ ‫ـ ‪ 46‬ـ‬
‫شركة مع اهلل‪ ،‬كل ما يتحد باهلل في أعماقنا ينبغي أن‬ ‫‪ ،‬لق��د أخت��رق اهلل كيانه بالصليب حت��ى أن ذاته لم تعد‬
‫يكون ُمقاما ً من املوت ‪.‬‬ ‫صحيح��ة كما كانت ‪ ،‬أصبحت حتمل آثار املوت ‪ ،‬هذه هي‬
‫حياة القيامة ‪.‬‬
‫حياة القيامة ضرورية خلدمة اهلل‬
‫في اجمل��ال الروحي نواجه مش��كلة صعبة أال وهي‬
‫حياة القيامة ضرورية للشركة مع اهلل‬
‫أن اخلدام يخدمون اهلل ً‬
‫عادة بإمكانيات طبيعية وليس‬ ‫ال توجد شركة بني اهلل واإلنسان إال من خالل حياة‬
‫بإمكاني��ات ُمقامة !! كثيرون لديهم احلماس واملش��اعر‬ ‫القيامة!! والقيامة تشمل ضمنيا ً اجتياز موت الصليب‪،‬‬
‫احل��ارة لكن قليلني هم الذين ميتلكون قوة القيامة‪ ،‬القوة‬ ‫ال ميك��ن ألى ش��يء فينا أن يدخل في ش��ركة مع اهلل إال‬
‫الت��ى اجت��ازت امل��وت وقامت‪ ،‬ق��د يعمل اخلدام بنش��اط‬ ‫إذا اجت��از امل��وت و القيامة ‪ ،‬كل ما أخذن��اه من الطبيعة‬
‫واجته��اد لكن هذا النش��اط من الن��وع الطبيعي ألنهم‬ ‫ينبغ��ي أن يدخل إلى املوت قبل أن يخرج إلى ش��ركة مع‬
‫ندعي‬ ‫اهلل‪ ،‬طبيع��ة حي��اة اهلل هي حياة أبدي��ة لذلك ال تدخل‬
‫رفض��وا املرور من خالل املوت‪ ،‬ونحن ال نس��تطيع أن ّ‬
‫ف��ي ش��ركة إال مع حياة ُمقامة ‪ ،‬ال ميك��ن أن يدخل اهلل‬
‫أننا نحيا حياة القيامة إذا كنا نعيش أمام اهلل بقوة هذه‬
‫ف��ي ش��ركة حقيقيـة م��ع ش��خص ال يحم��ل احليـاة‬
‫اإلمكانيات الطبيعية ‪.‬‬
‫املُقام��ة‪ ،‬ال ميكن أن يتحد اهلل مع ش��خص مازال يحتاج‬
‫حياة القيامة ضرورية لبناء الكنيسة‬ ‫أن يجت��از موت الصليب ويق��وم ‪ ،‬وبعد أن جنتاز املوت ننال‬
‫إذا سألنا ‪ :‬ما هى الكنيسة ؟ جند اإلجابة ‪ :‬الكنيسة‬ ‫حياة القيامة وهذه احلياة وحدها تس��تطيع أن تدخل في‬
‫ـ ‪ 49‬ـ‬ ‫ـ ‪ 48‬ـ‬
‫تتنافر وتتباعد وال ميكنها أن تصنع احتادا ً حقيقياً‪ ،‬لكن‬ ‫هي جسد املسيح املقام‪ ،‬أي أن كل ما ليس من القيامة‬
‫إذا ن��ال اجلمي��ع حياة القيام��ة فسيش��عرون أن احلياة‬ ‫ليس جزءا ً من الكنيسة!! فالكنيسة ليست املكان الذي‬
‫التي تس��ري فيه��م هى حي��اة واحدة‪ ،‬حي��اة تربطهم‬ ‫تأتي إليه بشيء من مهارتك وآتى أنا ببعض لباقتي ونصنع‬
‫معا ً وتربطهم باهلل‪ ،‬ال توجد وس��يلة مجدية لالحتاد إال‬ ‫سويا ً خدمة روحية‪ ،‬كال‪ ،‬الكنيسة ال تُبنى مبواهب املؤمنني‬
‫اختبار اجللجثة!!‬ ‫الطبيعية‪ ،‬الكنيس��ة تط��رد كل ما ه��و طبيعي خارجا ً‬
‫ال ميكن ملواهبنا الطبيعية أن تبنى الكنيسة‪ ،‬وحكمة‬ ‫تدخلت اإلمكانيات الطبيعية في‬ ‫وتقبل فقط املُقام ‪ ،‬إذا ّ‬
‫اإلنس��ان ودهاؤه ال ميكنهما أن يحال مش��اكل الكنيسة‪،‬‬ ‫بناء الكنيس��ة فالكنيسة عندئذ تفقد صفتها كجسد‬
‫الكنيس��ة ال تتبع طرق اجلس��د أو الطبيع��ة ألن كليهما‬ ‫ال��رب املُقام‪ ،‬ال ميكن أن يكون في الكنيس��ة عنصر واحد‬
‫س��يدمرها!! بالتأكيد الكنيسة حتتاج مواهبك ومواهبى‬ ‫غير ُمقام‪.‬‬
‫لكن بعد أن يوضع عليها ختم الصليب!! الكنيسة تُبنى‬ ‫كثير من املؤمنني يتساءلون عن كيفية حتقيق االحتاد‬
‫مبواهبنا بعد اجتيازها املوت والقيامة‪ ،‬إن الرب يسوع نفسه‬ ‫بني املؤمنني‪ ،‬كيف يعود املؤمنون مرة أخرى جسدا ً واحدا ً‬
‫هو القيامة و كنيسته هي استعالن حياة القيامة‪.‬‬ ‫ونفس��ا ً واحدة ؟ واإلجابة هي أيض��ا ً في حياة القيامة ‪،‬‬
‫ينبغ��ي أن نعت��رف أن كل الط��رق الطبيعية ال ميكن أن‬
‫حياة القيامة حتمل آثار الصليب‬ ‫حتق��ق وحدة بني املؤمنني‪ ،‬أبناء اهلل يحتاجون أن يجتازوا‬
‫إذا أردن��ا اختبار القيامة ينبغ��ي أن نطلب من اهلل أن‬ ‫في املوت ويتركوا الصليب يتعامل مع الطبيعي فيهم‬
‫يجيزن��ا في اختبار املوت ‪ ،‬ال قيم��ة للتعاليم املوجودة في‬ ‫إذا أرادوا أن يصل��وا إلى الوحدة ‪ ،‬احلياة الطبيعية فيهم‬

‫ـ ‪ 51‬ـ‬ ‫ـ ‪ 50‬ـ‬
‫قيامت��ه‪ ،‬وبع��د اختبارنا لهذه اجل��روح لن جن��رؤ أبدا ً أن‬ ‫أذهانن��ا إذا ل��م نقبل عم��ل الصليب في حياتن��ا ‪ ،‬إذا لم‬
‫نعتمد على أنفس��نا و قوانا ‪ ،‬مبجرد أن ن ُضرب من الرب‬ ‫يضرب الرب ُحق فخذنا فسنبقى كما نحن !! أحيانا ً نعثر‬
‫ل��ن ننهض ثانية‪ ،‬لي��ت آثار الصليب ت��زداد وضوحا ً في‬ ‫ونس��قط ونتألم وقد ننكس��ر أمام الرب أليام أو لشهور‬
‫حياتنا كل يوم !!‬ ‫لكن سرعان ما ننهض مرة أخرى ‪ ،‬لكن إذا ضرب الرب ُحق‬
‫فخذنا فلن ننكس��ر أليام أو لش��هور بل سنحتفظ بهذا‬
‫عندما كانت الذبيحة توضع على املذبح وتحُ رق لم يكن‬
‫الكس��ر مدى احلياة ‪ ،‬س��نظل نخمع أم��ام اهلل إلى األبد‬
‫ممكن��ا ً أن تقوم ثانية ‪ ،‬هكذا نح��ن إذا اجتزنا في الصليب‬
‫وختم الصليب سيظل دائما ً علينا ‪.‬‬
‫لن نقوم مرة أخري كما كنا ‪ ،‬سندرك أننا ضعفاء ومزدرى‬
‫بعد عدة س��نوات م��ن الرؤيا التي ش��اهدها بولس‬
‫وغي��ر موجود ‪ ،‬وس��تظل آث��ار الصليب هذه عل��ى حياتنا‬
‫لتشهد أننا اجتزنا املوت واختبرنا القيامة ‪ ،‬وكلما عرفنا‬ ‫على أبواب دمشق شهد قائال ً «… لم أكن معاندا ً للرؤيا‬

‫الصلي��ب أكثر عرفنا القيام��ة أكثر ‪ ،‬وكل ما يبقى بعد‬ ‫السماوية » (أع ‪ )19 :26‬لقد انكسرت طبيعته املعاندة‬
‫الصليب هو فقط املتمتع بالقيامة !!‬ ‫من��ذ ذلك اليوم فصاعداً‪ ،‬لو تراءف الرب علينا وضربنا‬
‫بعن��ف فذواتنا لن تس��تطيع النهوض م��رة أخرى !!‬
‫آه !! ك��م هي كثيرة األش��ياء التي لن تق��وم أبدا ً بل‬
‫س��نظل نحمل آثار هذه اجلروح إل��ى األبد ‪ ،‬وكما بقيت‬
‫ستنتهي مبجرد أن جتتاز الصليب !! فقط ما يستطيع أن‬
‫يحتم��ل الصليب هو الذي ميتلك قيمة روحية حقيقية ‪،‬‬ ‫يدي الرب وفي رجليه هكذا ينبغى أن‬
‫آثار املس��امير في ّ‬
‫أي ش��يء يدخل إلى القبر ويبقى هناك فهو شيء ميت‪،‬‬ ‫تبقى آثار الصليب في حي��اة كل من عرف الرب بصفة‬

‫ـ ‪ 53‬ـ‬ ‫ـ ‪ 52‬ـ‬
‫الف�صل الثالث‬
‫لك��ن ما يخرج م��ن اجلانب اآلخ��ر للقب��ر ـ وإن َح َمل آثار‬
‫امل�سيــح هــو‬ ‫الصليب ـ فهو املُقام ‪.‬‬
‫دعونا نصلى لكى نعرف املسيح بصفته قيامتنا كما‬
‫خبز احلياة ونور احلياة‬ ‫عرفن��اه بصفته حياتنا ‪ ،‬ليت الرب يخلصنا من األش��ياء‬
‫ن‬
‫الطبيعي��ة العديدة التى في نفوس��نا ‪ ،‬ويعطينا أن تزداد‬
‫« فقال لهم يس�وع‪ :‬أنا هو خب�ز احلياة‪َ ،‬م ْ‬
‫�ن يؤم�ن بى فال‬
‫إل�ى فال يج�وع و َم ْ‬ ‫يقب�ل‬ ‫حيات��ه فينا وتنقص حياتنا فينا !! كفانا ما عش��ناه دون‬
‫ّ‬
‫يعطش أبداً » (يو ‪.)35:6‬‬ ‫أن نعرف عمل الصليب في حياتنا ‪ ،‬دعونا نطلب من الرب‬
‫ً‬
‫قائلا‪ :‬أنا هو نور‬ ‫«ثم كلمهم يس�وع أيضا ً‬ ‫أن يرحمنا حتى يبدأ الطبيعي يتناقص فينا ويزداد املُقام‪،‬‬
‫ن يتبعنى فال ميشى في الظلمة بل‬
‫العالم‪َ ،‬م ْ‬
‫ليت احلياة و القيامة تصبحان حقائق حية وليست مجرد‬
‫يكون له نور احلياة» (يو ‪.)12:8‬‬ ‫نظريات في حياتنا‪ ،‬ليت الرب يشرق بنور قيامته على كل‬
‫أعمالن��ا و مجهوداتنا لكي نرى أن كل ما هو طبيعي غير‬
‫لقد قلنا إن كل البركات الروحية هي في املسيح‪ ،‬اهلل‬ ‫نافع أو غير مقبول‪ .‬آمــني‪.‬‬
‫أعطانا ش��خص املس��يح ليكون هو كل شىء بالنسبة‬
‫لنا‪ ،‬يقول الرسول‪« :‬املس��يح يسوع الذي صار لنا حكمة‬
‫م��ن اهلل وبرا ً وقداس��ة وف��دا ًء» (‪1‬كو‪ )30 :1‬ه��ذه نقطة‬
‫جوهري��ة للغاية لفه��م احلياة الروحية‪ ،‬ه��ل نحن نختبر‬
‫ـ ‪ 55‬ـ‬ ‫ـ ‪ 54‬ـ‬
‫في املس��يح جتتمع كل البركات الروحية التى أعطانا‬ ‫أش��ياء مجرَّدة أم نختبر شخص املسيح نفسه؟ هل ب ّرنا‬
‫إياها اهلل‪ ،‬اهلل لم يعطنا برا ً بل املس��يح نفس��ه هو برنا‪،‬‬ ‫هو أعمال مجرَّدة أم هو الرب يسوع نفسه؟ هل قداستنا‬
‫اهلل لم مينحنا القوة لنصير قديس�ين بل منحنا املسيح‬ ‫مجرد س��لوكيات أم هي شخص املسيح ذاته؟ هل فداؤنا‬
‫ليك��ون قداس��تنا ‪ ،‬اهلل ل��م مينحنا فدا ًء بل املس��يح هو‬ ‫عقيدة مج ّردة أم هو املسيح شخصيا ً ؟‬
‫فداؤنا ‪ ،‬اهلل لم يفتح أمامنا طريقا ً لنسير فيه بل أعطانا‬ ‫كثي��را ً ما نتكلم عن «الطري��ق» إال إن هذا الطريق قد‬
‫املس��يح نفس��ه طريقا ً ‪ ،‬اهلل لم يقدم لنا بعض احلقائق‬ ‫ال يكون هو املس��يح نفس��ه ‪ ،‬وعلى نف��س املنوال ميكننا‬
‫لك��ي نؤمن بها بل أعطانا املس��يح ليك��ون هو احلق في‬ ‫احلديث عن «احلق» و «احلياة» دون أن يكون حديثنا بالضرورة‬
‫حياتنا ‪ ،‬اهلل لم مينحنا ش��يئا ً اس��مه احلياة بل املس��يح‬ ‫عن ش��خص املس��يح‪ ،‬أى أنه ميكننا امتالك أشياء كثيرة‬
‫نفسه هو حياتنا ‪.‬‬ ‫بعيدا ً عن شخص املسيح‪ ،‬وهذه مشكلة روحية مخيفة‬
‫إخوت��ى وأخوات��ى ‪ ،‬أثن��اء ارحتالن��ا ف��ي طري��ق اهلل‬ ‫في وس��ط أبناء اهلل‪ .‬قد نعترف بأفواهنا بأن املس��يح هو‬
‫سنكتش��ف أكثر فأكثر أن كل نِع��م اهلل مجتمعة في‬ ‫مركز كل األشياء ومع ذلك منتلك في حياتنا أشياء كثيرة‬
‫نعمة واح��دة وكل عطايا اهلل إمنا هي عطية واحدة‪ ،‬هذه‬ ‫بعي��دا ً عن املس��يح ‪ ،‬ونعتقد أن هذه األش��ياء لها قيمة‬
‫النعم��ة والعطية ما هي إال ش��خص املس��يح نفس��ه‪،‬‬ ‫روحية وتس��اعدنا في حياة اإلميان‪ .‬إنن��ا نحتاج إلى جتديد‬
‫ش��كرا ً هلل‪ ،‬يوما ً بعد يوم سنفهم أن املسيح يحتوي في‬ ‫أذهـاننا لكي نفهم أن اهلل ال يريدنا أن منتلك أية «أشياء»‬
‫شخصه كل البركات الروحية ‪.‬‬ ‫روحية بعيدا ً عن شخص املسيح ‪.‬‬
‫ـ ‪ 57‬ـ‬ ‫ـ ‪ 56‬ـ‬
‫املسيح خبز احلياة‬ ‫في بدء اإلميان كنا نفتكر في الرب باعتباره مخلِّصنا‪،‬‬
‫ق��ال الرب للناس الذين طلبوه ف��ي كفرناحوم وكانوا‬ ‫أم��ا اآلن فإنن��ا نفهم أن ال��رب ليس فق��ط مخلصنا بل‬
‫يتوقعون أن يطعمهم باخلبز ‪« :‬أنا هو خبز احلياة ‪ ،‬أنه ليس‬ ‫هو أيض��ا ً «خالصن��ا»‪ ،‬هل مازال��ت الكلم��ة غريبة على‬
‫فقط «يعطى» خبز احليـاة بل هو نفس��ـه هذا اخلبز !! إن‬ ‫مس��امعنا؟ لكنها احلقيقة التي نكتشفها كل يوم ‪ :‬أن‬
‫«العطية» و «املُعطى» كيان واحد ال يتجزأ !! ش��كرا ً هلل‪،‬‬ ‫املسيح هو كل عطايا اهلل لنا !!‬
‫إن املس��يح هو «عطي��ة» اهلل لنا متاما ً كم��ا أنه هو الرب‬ ‫ل��و أخطأن��ا التمييز ب�ين عطايا الرب يس��وع وبني‬
‫«املُعطى» !!‬ ‫ش��خصه‪ ،‬بني العطي��ة واملُعط��ى‪ ،‬س��نعانى معاناة‬
‫م��ا هو معن��ى اخلبز ف��ي الكتاب املق��دس؟ إنه يعني‬ ‫كبيرة في حياتنا الروحية !! سنسعى وراء بركات وليس‬
‫الش��بع واالكتف��اء ألن الكتاب يس��تخدم كلمة «اجلوع»‬ ‫وراء الرب نفس��ه‪ ،‬و هذا اخلطأ سيحرمنا من التالمس مع‬
‫للتعبير عن عدم الش��بع الروحي لإلنسان ‪ ،‬وإذا كان اجلوع‬ ‫مصدر احلياة ذاته ‪ ،‬أما إذا كنا ننظر إلى املس��يح باعتباره‬
‫اجلسدى يجد عالجه في اخلبز املادي فهكذا اجلوع الروحي‬ ‫كل الب��ركات لنا فالبد أننا نش��تاق أن نرى جوانب جديدة‬
‫يحتاج خلبز روحى حتى يشعر املؤمن بالشبع واالكتفاء ‪.‬‬ ‫في ش��خصه في كل ي��وم ‪ ،‬في (ي��و ‪ 35 : 6‬و ‪ )12: 8‬يذكر‬
‫قدرة أبناء اهلل على إكم��ال اجلهاد املوضوع أمامهم‬ ‫لنا الكتاب جوانب أخرى من شخص املسيح ‪ ،‬حيث يقول‬
‫تتوق��ف عل��ى مدى ش��بعهم الروح��ى‪ .‬لو كنا نش��عر‬ ‫ال��رب عن نفس��ه أنه «خبز احلي��اة» و «نور احلي��اة»‪ ،‬دعونا‬
‫بالش��بع اليوم س��يكون لدينا القوة ألج��ل اليوم ‪ ،‬لكن‬ ‫نتأمل كالً منهما بالترتيب ‪:‬‬
‫ـ ‪ 59‬ـ‬ ‫ـ ‪ 58‬ـ‬
‫كثي��را ً ما ن��رى أبن��اء اهلل ال يش��عرون بالش��بع في‬ ‫لو ش��عرنا بالفراغ الداخلي مثل اإلطار الذي تسرب منه‬
‫حياتهم الروحية والس��بب هو أنهم ال يعرفون املس��يح‬ ‫الهواء س��نكون غير قادرين على س��حب أنفسنا طوال‬
‫بصفته خبز احلياة ‪ ،‬تراهم دائما ً شاعرين باخلواء والضجر‪،‬‬ ‫الي��وم ‪ ،‬ال نس��تطيع أن نقول أننا ال منتل��ك «حياة» لكن‬
‫س��اخطني على كل ش��ىء ‪ ،‬ليسوا سعداء في أي وضع ‪،‬‬ ‫بالتأكي��د نح��ن ال منتلك «قوة » للس��عى‪ .‬إن الش��بع»‬
‫من الفجر وحتى الليل قلقني ومضطربني ‪ ،‬إنه اإلحساس‬ ‫هو ذلك الش��عور الذي يعطينا الق��وة ملواصلة الطريق‬
‫باجلوع الروحى‪.‬‬ ‫املوضوع أمامنا حتى نهايته ‪.‬‬
‫نحن بالطبع ال نريد أن يكون املؤمنون متك ِّبرين مكتفني‬ ‫دعون��ا نرى ما يقصده الرب بقوله «أنا هو خبز احلياة»‪:‬‬
‫بذواته��م وراضني عن أنفس��هم‪ .‬إن الكبري��اء املصاحب‬ ‫هو يعنى أن��ه ليس فقط ُمعطي احلياة ب��ل أيضا ً حافظ‬
‫لالكتفاء بالذات ش��يء واالمتالء املصاحب للشبع بالرب‬ ‫اس��تمرارها !! كثير من املؤمنني يعتقدون أن اخلبز الروحي‬
‫ش��يء مختلف متاما ً !! بعض املؤمنني األفاضل عرفوا سر‬ ‫هو س��اعة يقضونها في الصالة أو ق��راءة الكتاب‪ ،‬إنهم‬
‫الش��بع في الرب لذلك تراهم ميكث��ون طويالً في محضر‬ ‫لألس��ف ال يدركون أن خبزه��م الروحي ينبغ��ي أن يكون‬
‫الرب وهم ش��اعرون باالكتفاء واالمتالء وهذا الش��بع هو‬ ‫هو الرب يس��وع نفس��ه‪ .‬إننا ال نقصد بالطبع أن نقول أن‬
‫قوتهم ‪ ،‬ومع ذل��ك ال تبدو عليهم أية عالمة للكبرياء أو‬ ‫الص�لاة وقراءة الكتاب بال فائ��دة لكن ينبغي أن نتذكر أن‬
‫االعتداد بالذات‪ ،‬بل على العك��س جتدهم دائما ً أمام اهلل‬ ‫الرب قال أنه هو خبز احلياة مما يعني أن اخلبز ليس أي شيء‬
‫في خوف ورعدة مقدسة ‪.‬‬ ‫آخر سوى الرب يسوع نفسه ‪.‬‬
‫ـ ‪ 61‬ـ‬ ‫ـ ‪ 60‬ـ‬
‫أن ال��رب كان جائع��اً‪ ،‬وهن��اك تقابل مع املرأة الس��امرية‬ ‫كيف إذا ً نس��تطيع أن نأكل حتى الشبع ؟ ينبغى أوال ً‬
‫وكانت مش��يئة اهلل أن يتكلم إليه��ا ويعطيها اخلالص ‪،‬‬ ‫أن ندرك أن كل الشبع هو في شخص املسيح‪ ،‬كل الشبع‬
‫ولقد فعل مش��يئة اهلل ومتم م��ا أراده اآلب ‪ ،‬وعندما رجع‬ ‫موجود في احلي��اة وعندما نتالمس مع احلياة املوجودة في‬
‫التالمي��ذ بالطع��ام وطلبوا إليه أن يأكل ق��ال لهم ‪« :‬لى‬ ‫املس��يح نن��ال حاال ً الش��بع‪ ،‬وفي املقاب��ل عندما نخطئ‬
‫طع��ام آلكل لس��تم تعرفونه» واعتق��دوا حينئذ أن أحدا ً‬ ‫ضد احلياة نش��عر فورا ً باجلوع والفراغ‪ ،‬واآلن دعونا نش��رح‬
‫موضوع الشبع ببعض األمثلة الواقعية ‪:‬‬
‫أحضر له طعاما ً آخر ‪ ،‬لكنه أوضح لهم قائالً ‪« :‬طعامي‬
‫أن أعمل مشيئة الذى أرسلني وأمتم عمله»‪.‬‬ ‫املثل األول‬
‫من هذه الواقعة في حياة الرب نستطيع أن نستنتج‬ ‫أحيانا ً نس��مع أحد اخلدام يق��ول ‪« :‬لقد عملت كثيرا ً‬
‫أن عمل مش��يئة اهلل البد أن يجعلنا نش��بع ومنتلئ‪ ،‬بعد‬ ‫الفترة املاضية‪ ،‬كنت مش��غوال ً باس��تمرار مل��دة تزيد عن‬
‫أن نتم��م مش��يئة إلهنا البد أن نش��عر بالش��بع وليس‬ ‫السنة‪ ،‬ذهبت هنا وهناك ‪ ،‬أعطيت كثيرا ً حتى أني أشعر‬
‫باجلوع‪ ،‬في مجال العمل الروحي كلما عملنا أكثر شعرنا‬ ‫اآلن باخل��واء واجلوع الروحي ‪ ،‬أش��تاق أن أجد مكانا ً أش��بع‬
‫باالمت�لاء أكثر !! أما لو ش��عرنا باخلواء واجلوع بعد العمل‬ ‫فيه روحيا ً وأنتعش» !!‬
‫فالب��د أن هن��اك خطأ ما !! إذا ش��عرت بعد إجناز عمل ما‬ ‫إذا قرأنا ( يو ‪ )4‬س��نجد تعارضا ً ف��ي أقوال هذا اخلادم‪،‬‬
‫أنك ف��ارغ مثل إطار الس��يارة الذي تس��رب من��ه الهواء‬ ‫عندما تعب الرب يسوع من السفر جلس على بئر يعقوب‬
‫فينبغى أن تعرف أن هناك خطأ ما في هذا العمل !! ألننا‬ ‫أم��ا تالميذه فذهبوا ليبتاعوا طعاما ً من املدينة‪ ،‬مما يؤكد‬

‫ـ ‪ 63‬ـ‬ ‫ـ ‪ 62‬ـ‬
‫س��واء كنا نعمل أعم��اال ً كثيرة أو قليل��ة ينبغي في‬ ‫إذا س��رنا بحسب مش��يئة اهلل وليس بحسب مشيئتنا‬
‫كل مرة نق��ف لنتكلم عن املس��يح أن نكون مملوئني من‬ ‫نحن فينبغي أال نشعر بالضعف بل بالقـوة ‪.‬‬
‫القوة حتى أنه ليس الس��امعون فقط يشبعون بل نحن‬ ‫املشكلة أننا كثيرا ً ما نقوم بأعمال ليس ألننا جاهزون‬
‫املتكلمني أيضا ً نش��بع !! إذا كان الرب نفسه هو العامل‬ ‫لها أمام اهلل لكن ألن االحتياج املوجود كبير جدا ً والضغط‬
‫فينا فلن نش��عر بالفراغ بعد العمل بل باألحرى بالشبع‪،‬‬ ‫اخلارج��ى ق��وى للغاي��ة ‪ ،‬وفي مث��ل هذه األعمال نش��عر‬
‫بتالمس��نا مع الرب نفس��ه أثناء العمل سنشعر بالقوة‬ ‫باس��تهالك لطاقتنا ونصير منهكني وبال قوة ‪ ،‬والس��بب‬
‫واالمتالء ‪.‬‬ ‫أن هناك خطأ ما بيننا وبني الرب ‪ ،‬كل عمل خارج مشيئة‬
‫نخط��ئ كثي��را ً عندما نظ��ن أن التوقف ع��ن العمل‬ ‫الرب يجعلنا نشعر باجلوع أكثر‪ .‬ينبغى إذا ً أن نعكف على‬
‫والراحة أو االستماع للوعظ أو االشتراك في خلوة روحية‬ ‫فعل مشيئة اهلل فقط إذا أردنا أن نشعر بالشبع ‪.‬‬
‫هي وس��ائل للشبع الروحي ‪ ،‬الش��بع واالنتعاش الروحي‬ ‫ينبغى أن ندرك أن ش��بعنا وراحتنا ليسا في االنعزال‬
‫يحدث��ان عندما نس��مح للرب أن يعمل فين��ا كل ما يريد‬
‫ف��ي مكان بعيد أو االس��تماع إلى مواعظ انتعاش��ية‪ ،‬إن‬
‫أن يعمل��ه ‪ ،‬وعندما يعمل الرب فين��ا ويتحرك من خاللنا‬
‫املسيح نفسه هو خبزنا ‪ ،‬أما أن نعمل حتى نشعر باخلواء‬
‫ونتالم��س مع احلياة التي في ش��خصه نش��عر بالش��بع‬
‫ثم نذهب ألحد املؤمت��رات بحثا ً عن إمداد فهذا خطأ !! إذا‬
‫واالمتالء ‪.‬‬
‫كن��ا نتكلم حتى نش��عر بالتعب ثم نبح��ث عن تعاليم‬
‫في اجملال الروحى لي��س الذى عنده وقت فراغ كبير هو‬ ‫جدي��دة لكى نس��ترد قدرتنا على العط��اء فهذا يعنى أن‬
‫الذى يس��تطيع األكل الروحي والشبع بل على العكس ‪،‬‬ ‫شبعنا ليس هو الرب نفسه ‪.‬‬
‫ـ ‪ 65‬ـ‬ ‫ـ ‪ 64‬ـ‬
‫املقابلة تش��عر بالتع��ب كما لو أنك ارتكب��ت للتو خطأ‬ ‫نحن نش��بع أكثر كلما كنا مش��غولني أكثر !! نحن نأكل‬
‫فظيعا ً !!‬ ‫أثناء العمل باجتهاد ‪ ،‬لو كنا نسير في مشيئة اهلل فكلما‬
‫ف��ي بع��ض األحيان نختبر مش��اعر النج��اح عندما‬ ‫كنا مش��غولني أكثر صرنا نأكل أكث��ر ‪ ،‬ولذلك ال ميكن أن‬
‫نش��عر أننا فعلنا كل ما علينا عل��ى أكمل وجه ‪ ،‬ورغم‬ ‫نشعر باجلوع أو اخلواء مهما كان العمل شاقا ً ‪.‬‬
‫ذلك س��رعان م��ا تزول هذه املش��اعر الس��طحية ونبدأ‬ ‫أثق أن الكثير من اإلخوة واألخوات ميكنهم أن يصادقوا‬
‫نش��عر بخواء وج��وع عظيم ف��ي داخلنا ‪ ،‬ك��م من مرة‬ ‫باختبارهم على هذا احلق‪ ،‬لنفترض مثالً أنك خرجت اليوم‬
‫اختبرن��ا هذا احلق ‪ :‬عندما نتح��رك بالذات ـ ورغم بعض‬ ‫لتتكلم مع ش��خص آخر ‪ ،‬قد تتكلم بانفعال كبير لكن‬
‫النج��اح اخلارج��ى ـ إال أننا في النهاية نش��عر بأننا مثل‬ ‫ال��رب ال يتح��رك بداخل��ك ‪ ،‬بعدما تتكلم مل��دة خمس أو‬
‫البالون الفارغ !!‬ ‫عشر دقائق تبدأ تشعر بخطأ ما داخلك ‪ ،‬وترغب حاال ً في‬
‫أخى ‪ ،‬هل ش��عرت مرة كما لو أنك تتفرغ من الهواء ؟‬ ‫تغيير مس��ار احلديث ألنك تش��عر أنك لم تعد قادرا ً على‬
‫إذا سرت بحسب أفكارك اخلاصة بدال ً من اتباع الرب بكل‬ ‫االس��تمرار في احلديث بنفس الطريق��ة ‪ ،‬وعندما تنتهي‬
‫خوف ورعدة ‪ ،‬حتى لو كانت مقاصدك حس��نة ‪ ،‬فس��وف‬ ‫املقابلة تشعر باإلنهاك واخلواء ‪.‬‬
‫تنتهي دائما ً كش��خص فارغ ليس لديه أية طاقة روحية‪،‬‬ ‫لم يكن هناك خطأ في كالمك أو موقفك ‪ ،‬لقد بذلت‬
‫وكلما عملت أكثر ش��عرت باجل��وع أكثر !! وفي مثل هذه‬ ‫كل جهدك لكي تساعد هذا الشخص ‪ ،‬ومع ذلك تشعر‬
‫احلالة ستش��عر بالضجر إذا امتدحك الناس على عملك‪،‬‬ ‫بالف��راغ واإلجه��اد كلما تكلم��ت أكث��ر ‪ ،‬وعندما تنتهي‬

‫ـ ‪ 67‬ـ‬ ‫ـ ‪ 66‬ـ‬
‫بع��ض املؤمنني ال يخدم��ون خدمات كبي��رة ظاهرة‬ ‫وسترفض نفس��ك وجناحك !! وهذا يثبت بوضوح أن مثل‬
‫فهل ليس لهم أن يختبروا هذا الش��بع؟ حاش��ا‪ ،‬إن كل‬ ‫يعطك أى شبع ‪.‬‬
‫هذا العمل ليس غذاء للنفس ألنه لم ِ‬
‫مؤم��ن له حق الش��بع ألن كل مؤمن ل��ه عمل حتى ولو‬ ‫القديس��ون الذين اختبروا الش��بع الروحى احلقيقى‬
‫كان صغيراً‪ ،‬قد يتكلم في عمل فردى ملدة عش��ر دقائق‪،‬‬ ‫عرف��وا أن هذا الش��بع هو في الرب نفس��ه‪ ،‬املس��يح هو‬
‫قد ال يتكلم س��وى كلمات قليلة‪ ،‬قد يحملون تثقالً في‬ ‫خبز احلياة‪ ،‬هو وحده يس��تطيع أن يشبعك‪ ،‬إذا كنت أثناء‬
‫أرواحهم بصمت أمام الرب‪ ،‬قد يرفعون صلوات بحس��ب‬ ‫اخلدمة ال تس��تطيع التالمس مع ش��خص الرب نفس��ه‬
‫إرش��اد ال��روح‪ ،‬هذه كله��ا أعمال تبدو صغي��رة لكنهم‬ ‫فالبد أن تش��عر باجلوع‪ ،‬لكن متى ملس��ت شخصه فأنت‬
‫سيش��عرون بالش��بع إذا عملوه��ا بالتالمس م��ع الرب‪،‬‬ ‫تلم��س احلي��اة احلقيقي��ة وتتعامل م��ع الواق��ع الروحي‬
‫فالشبع الروحى ال يتوقف على حجم العمل بل على‬ ‫وس��يكون لس��ان حالك عندئذ ‪« :‬شكرا ً هلل ! لقد وجدت‬
‫مدى التالمس مع ال��رب في تنفيذه‪ ،‬متى كان الرب هو‬ ‫طعاما ً لشبعى‪ ،‬ألن الرب هو خبز احلياة لى»‪.‬‬
‫ال��ذى وضع الكلمات القليلة في أفواهنا ووضع التثـقل‬ ‫إخوتى األحباء‪ ،‬ينبغى أن ندرك أن احلل لكل مش��كلة‬
‫على أرواحنا ووضع الصالة في قلوبنا فسنشعر بالشبع‬ ‫روحي��ة تواجهنا في اخلدمة ال يكمن في «أش��ياء» مادية‬
‫في ه��ذه األعمال الصغي��رة‪ ،‬ليس اخل��دام الكبار فقط‬ ‫مثل «أين نذهب» أو «ماذا نعمل» أو «أية رسالة نقدمها»‬
‫لهم امتياز الش��بع بالرب بل كل مؤمن له هذا االمتياز‪،‬‬ ‫أو حتى «كم الوقت الذى نقضيه في اخللوة» !! احلل دائما ً‬
‫في كل يوم لنا فرصة للشبع بالرب‪ ،‬في كل يوم نتالمس‬ ‫يكمن في تالمسنا الداخلى مع الرب شخصيا ً ‪ ،‬فكل من‬
‫مع شخصه سنشبع به ‪.‬‬ ‫يلمسه ينال منه الشبع واالمتالء ‪.‬‬

‫ـ ‪ 69‬ـ‬ ‫ـ ‪ 68‬ـ‬
‫لو أن «قاع البرميل قد س��قط»!! ش��عر لدهشته بفراغ‬ ‫املثل الثانى‬
‫وجوع روحي مفاجئ !! من وجهة النظر البشرية يبدو أنه‬
‫لنتق��دم خطوة أعم��ق ونقول إننا غالب��ا ً ما نعمل ما‬
‫تصرف حسنا ً وجنح في مهمته ‪ ،‬موقفه كان لطيفا ً وغير‬
‫نعتق��د أنه الصواب ب��دون أن نحاول معرف��ة فكر الرب ‪،‬‬
‫جارح‪ ،‬لكن رغم ذلك رجع بإحساس اجلوع بدل الشبع !!‬
‫ولذلك غالبا ً ما نشعر باخلواء بعد إمتام هذا العمل ‪ ،‬فقط‬
‫استمرت هذه احلالة لعدة أشهر فأدرك أن هناك خطأ‬ ‫عندما نتبع خطوات الرب نشعر بالشبع أما إذا عملنا ما‬
‫ما ف��ي عالقته بالرب‪ ،‬طلب من ال��رب أن ينيره ويُظهر له‬
‫نعتقد أنه حس��ن وروحى دون إتباع ارشاد واضح من الرب‬
‫الس��بب‪ ،‬قال للرب «يا رب‪ ،‬مهما كان ما تريدنى أن أفعله‬
‫فلن نشعر بالشبع!!‬
‫س��أفعله متاما ً كما تريد أنت وليس كما أريد أنا » وسمع‬
‫ال��رب له وأراه ما ينبغ��ي أن يفعله ‪ ،‬فذهب فورا ً إلى أخيه‬ ‫أحد اإلخوة رأى أخاه يشرد بعيدا ً عن طريق الرب بدعوى‬
‫الش��ارد وف��ي هذه امل��رة وبَّخه بق��وة وبكلم��ات صريحة‬ ‫التحضر ومجاراة العصر ‪ ،‬وش��عر م��رارا ً بتثـقل من الرب‬
‫وشديدة !!‬ ‫لك��ى يذهب ألخيه ويواجه��ه بأن ما يفعل��ه ليس تنويرا ً‬
‫وحتضرا ً بل فس��ادا ً وارتداداً‪ ،‬لكنه عندم��ا ذهب ليواجهه‬
‫ّ‬
‫رغم أن هذا األخ رقيق بطبعه ويش��عر مبعاناة شديدة‬
‫ق��رر أن يكون رقيق��ا ً ومهذبا ً لكى ال يجرح أخ��اه‪ ،‬اعتقادا ً‬
‫لعدة أيـام إذا أضطر أن يوجـه كلمة قاس��يـة ألى إنسان‬
‫إال أن��ه في هذه املرة كان يش��عر براحة كبي��رة وهو يو ّبخ‬ ‫من��ه أن املؤمن الب��د أن يكون رقيقا ً ولطيف��اً‪ ،‬فتكلم مع‬
‫أخ��اه بكلمات قاس��ية!! بل كلما تكلم بق��وة أكثر كان‬ ‫أخيـه الضـال بكلمـات قليلـة ولطيفــة واالبتس��امـة‬
‫يلمس حضور الرب أكثر !!‬ ‫ال تفارق وجهه!! لكن بعد انتهاء املقابلة شعر فجأة كما‬

‫ـ ‪ 71‬ـ‬ ‫ـ ‪ 70‬ـ‬
‫املسيح هو نور احلياة‬ ‫في ه��ذه املرة ل��م يضط��ر أن يعتذر لل��رب مثل املرة‬
‫الس��ابقة بل استطاع أن يفرح و يس��بح اهلل‪ ،‬لم يشعر‬
‫ال��رب ال يق��ول إنه فق��ط « خبز احلياة » ب��ل أيضا ً أنه‬
‫بج��وع بعد انتهاء مهمته بل ش��عر باالمتالء والش��بع ‪،‬‬
‫«نور احلياة» ‪ ،‬اخلبز ألجل الشبع والنور ألجل الرؤية‪ ،‬الشبع‬
‫شعر كما لو أنه تناول لتوه وجبة دسمة!! نحن ال نقصد‬
‫يعطى الطاقة والقوة بينما الرؤية تعطى إمكانية السير‬
‫بالطبع أننا ينبغى أن نكون قس��اة مع إخوتنا فهذا ليس‬
‫في االجتاه الصحيح‪ ،‬ولقد رأينا كيف أن املس��يح هو خبز‬ ‫صحيحا ً ف��ي كل األحوال‪ ،‬في هذه احلال��ة اخلاصة كانت‬
‫احلياة واآلن دعونا نرى كيف أنه أيضا ً نور احلياة ‪.‬‬ ‫هذه هي مش��يئة الرب جتاه ه��ذا األخ ‪ ،‬ما نقصده هو أننا‬
‫أول كل ش��يء دعونا نؤك��د أن «نور احلي��اة» ليس هو‬ ‫ينبغي أن نس��ير دائما ً بحس��ب فكر الرب في كل موقف‬
‫معرف��ة الكت��اب املقدس‪ ،‬كلن��ا يعلم أن املؤم��ن ينبغى‬ ‫يصادفنا ‪ ،‬وإذا فعلنا مشيئة الرب سوف نشعر بالشبع‪.‬‬
‫أن ي��درس كتابه املق��دس باجتهاد‪ ،‬لك��ن إذا قرأنا الكتاب‬ ‫نتعل��م م��ن احلال��ة الس��ابقة أن عملك مل��ا تظنه‬
‫للحص��ول عل��ى املعرفة أو كمرجع الهوت��ى فلن نحصل‬ ‫«حسناً» أو «مفروضاً» لن يعطيك شبعاً‪ ،‬قد تعتقد أنه‬
‫عل��ى ش��ىء إال معرفة مج��ردة‪ ،‬قد نس��تطيع أن نثقف‬ ‫من احلس��ن أن تكون لطيفا ً لكن االختب��ار يعلمنا أنك‬
‫أنفس��نا ببع��ض التعاليم الكتابي��ة الصحيحة إال إنها‬ ‫حت��ى لو كنت لطيفا ً فهذا ليس س��وى عمل إنس��انك‬
‫اخل��ارج وال ميكن أن يكون هذا ه��و طعامك‪ ،‬فقط عندما‬
‫ليست سوى أحرف جامدة وليست «نور احلياة» ‪.‬‬
‫يتحرك الرب داخلك وتتحرك أنت وفق مشيئته ستشعر‬
‫في وقت والدة الرب في بيت حلم كان هناك العديد من‬ ‫بالش��بع‪ ،‬عندم��ا تتالمس م��ع احلياة س��تأكل وعندما‬
‫الكهنة والكتبة و الفريس��يني الذين لهم معرفة كبيرة‬ ‫تتالمس مع الرب ستشبع !!‬
‫ـ ‪ 73‬ـ‬ ‫ـ ‪ 72‬ـ‬
‫أو ق��درا ً من التفس��ير جلزء م��ن الكلمة املقدس��ة‪ ،‬متاما ً‬ ‫بالكتب املقدسة ومتمسكني بشدة بكل أقوال الناموس‬
‫مثل العديد من الكتبة و الفريس��يني في أيام الرب الذين‬ ‫و األنبياء‪ ،‬ورغم ذلك لم يعرفوا ش��خص املس��يح عندما‬
‫رغ��م معرفتهم للكلمة املقدس��ة لم يعرفوا ش��خص‬ ‫أتى في وس��طهم إذ كان��ت معرفتهم للكت��اب معرفة‬
‫املسيح نفسه‪ ،‬فالنور احلقيقى ليس مجرد معرفة بل هو‬ ‫ذهنية ميتة وليست «نور احلياة» ‪.‬‬
‫«شخص»‪ ،‬شخص املسيح نفسه !!‬ ‫وفي يومنا هذا أُضيف العهد اجلديد إلى العهد القدمي‬
‫إخوتى وأخواتى‪ ،‬اختبارنا يؤكد أن ما نراه في نور احلياة‬ ‫ولكن مازالت نفس اإلمكانية موجودة‪ ،‬إمكانية أن نعرف‬
‫يكون عادة سيئا ً لدرجة أننا قد ال نستطيع التعبير عنه‪،‬‬ ‫الكتب املقدس��ة دون أن نعرف ش��خص املسيح !! ونحن‬
‫قد يبدو غريبا ً أننا في النور نكون قادرين على الرؤية ولكننا‬ ‫بالطبع ال نقصد أن دراس��ة الكتاب ليس��ت مهمة‪ ،‬ولم‬
‫غير قادرين على التعبير‪ ،‬طلب أحدهم من إحدى األخوات‬ ‫يخطر على بالنا ولو لدقيقة واحدة أننا ال ينبغى أن ندرس‬
‫أن تؤك��د له م��ا إذا كانت قد حصلت عل��ى اخلالص أم ال‪،‬‬ ‫كتابنا بكل عناية‪ ،‬لكن ما نقصده ببس��اطة هو التأكيد‬
‫فأجابت ‪« :‬نعم‪ ،‬لقد نل��ت اخلالص‪ ،‬أنا ال أعرف كيف أع ّبر‬ ‫على أننا ميكن أن نقرأ الكلمة ونحفظها دون أن تكون لنا‬
‫عن ه��ذا االختبار لكنى أعلم بالتأكي��د أنى خلصت!! لو‬ ‫معرفة حية بشخص املسيح ‪.‬‬
‫صدقتني فأنا ُمخلَّصة وإن لم تصدقني سأظل ُمخلَّصة‬ ‫الكثي��ر من املؤمن�ين يخطئ��ون إذ يعتب��رون معرفة‬
‫رغم عدم تصديقك!!»‪.‬‬ ‫الكتاب ودراس��ة الالهوت ن��وراً‪ .‬البعض يقولون إن «فالناً»‬
‫لقد قالت احلق‪ ،‬لقد نالت اخلالص لكنها ال تس��تطيع‬ ‫عنده «نور» رغم أن كل ما ميلكه هـو مجرد معرفة ذهنـية‬
‫التعبير عنه ‪ ،‬لقد اختبرته ولكنها ال تستطيع أن تشرح‬ ‫لبعض التعـاليم أو نوعا ً من الدراس��ة لبعض األسفــار‬

‫ـ ‪ 75‬ـ‬ ‫ـ ‪ 74‬ـ‬
‫يس��تنفذ كل طاقته!! كم هو ش��اق للمتكبر بطبعه أن‬ ‫كيف‪ ،‬وهكذا عندما يرى اإلنس��ان النور ألول مرة ال يكون‬
‫يكون متواضعاً‪ ،‬كم هو صعب بالنس��بة لنا أن نس��قط‬ ‫عنده الكثير من التعاليم لكي يتحدث عنها‪ ،‬ورمبا يحتاج‬
‫م��ن عرش غرورنا !! لكن عندما يش��رق نور الرب فإننا فورا ً‬ ‫أن ينتظر سنتني أو ثالث قبل أن يستطيع التحدث ببعض‬
‫نس��قط منطرحني‪ ،‬قد ال نفهم كيف لكننا نعرف يقينا ً‬ ‫التعالي��م والعقائد‪ ،‬إذا ً فالنور ليس هو التعليم أو الكالم‬
‫أن النور يصرعنا أرضا ً !!‬ ‫بل هو شخص الرب نفسه‪ ،‬وكل َمن يراه يرى النور ‪.‬‬
‫التعليم ال يجعل أحدا ً يس��قط‪ ،‬اإلنسان قد يستمع‬ ‫م��ا هو الفرق إذا ً بني رؤيتن��ا للنور وعدم رؤيتنا له؟ ما‬
‫إلى عشر عظات وقد يحفظها عن ظهر قلب إال إنه يظل‬ ‫هو التغيير الذى س��يطرأ علينا ل��و رأينا النور؟ الفرق جد‬
‫كما هو‪ ،‬قد يس��تطيع اإلنس��ان أن يقدم رس��الة تستدر‬ ‫كبير‪ ،‬متى رأينا النور باحلق فس��وف نس��قط على األرض‪،‬‬
‫الدموع وتثير املش��اعر ولكنه ال يستطيع أن يغ ِّير احلياة ‪،‬‬ ‫النور ال ينير فقط بل يصرع !! قبل أن يستنير بولس كانت‬
‫ألنه في هذه احلالة كان التعليم «شيئاً» وليس «شخصاً»‪،‬‬ ‫هناك صعوبة ش��ديدة لكي جتعله يسقط ‪ ،‬ولكن مبجرد‬
‫وكذلك الدراس��ة كانت «ش��يئاً» والكلمة «شيئاً»‪ ،‬وكل‬ ‫أن تواجه مع النور انطرح أرضا ً على الفور !!‬
‫هذه «األشياء » ميتة ليس فيها قوة حياة وبالتالى ليس‬ ‫بعض الن��اس يرغمون أنفس��هم عل��ى التواضع في‬
‫فيها نور !!‬ ‫ال��كالم والتص��رف‪ ،‬لكن هذا الن��وع م��ن التواضع يكون‬
‫الفهم ليس نوراً‬ ‫متعبا ً لهم وللمتعاملني معهم على حد سواء !! مثل أن‬
‫تع��زَّى أحد اإلخوة م��رة بجزء كتابي م��ن ( رومية ‪) 6‬‬ ‫يحمل طفل صغير قاموسا ً كبيرا ً ‪ ،‬قد ال يكون القاموس‬
‫وأعتقد أنه اآلن «رأى» املعن��ى املوجود في هذا اإلصحاح‪،‬‬ ‫ثقيالً بالنس��بة للشخص الكبير لكنه بالنسبة للطفل‬
‫ـ ‪ 77‬ـ‬ ‫ـ ‪ 76‬ـ‬
‫متضعني‪ ،‬لكن مبجرد أن يشرق النور نسقط أمامه أمواتا ً‬ ‫ولكنه بعد أيام قليلة اش��تبك مع زوجته في مش��اجرة‬
‫و متضعني!! النور اآلتى من الرب لديه قوة «إسقاط»‪ ،‬إنه‬ ‫كبيرة !! يالها من حالة مؤس��فة متكررة بشكل أو آخر‬
‫يُس ِقط الناس عندما يشرق عليهم !!‬ ‫في حياتنا جميعـا ً ‪ ،‬لقد كان النص الكتـابي بالنس��بة‬
‫الرب يس��وع نفس��ه ه��و الن��ور وكل َم��ن يلتقي به‬ ‫له مجـرد «ش��ىء»‪ ،‬حروف جـامدة على الورق وليس نورا ً‬
‫«يرى» و « يس��قط» كميت‪ ،‬كثيرون لديهم صفات جافة‬ ‫‪ ،‬لق��د «فهم» الن��ص الكتابى لكنه لم يبص��ر النور‪ ،‬لو‬
‫وقاسية‪ ،‬لم يختبروا قط االنكسار أمام الرب‪ ،‬وال يوجد َمن‬ ‫كان ق��د رأى «نوراً» فع�لاً لكان النور قد أس��قطه وهزم‬
‫يس��تطيع أن يجرِّدهم من صفاتهم القاسية هذه‪ ،‬ال ُهم‬ ‫طبيعته القدمية وما اس��تطاع أن يتصرف بهذا الشكل‬
‫وال اآلخرون!! فقط عندما يش��رق عليهم نور الرب ومبجرد‬ ‫مع زوجته‪.‬‬
‫أن يروا النور يسقطون كاخلزف املكسور!! املؤمن الذي يرى‬
‫قاس عل��ى طبيعتنا القدمية‪ ،‬إنه يعمل فينا ما‬‫النور ٍ‬
‫الرب البد أن يصير منكسرا ً و متضعاً‪ ،‬ال يستطيع أحد أن‬
‫يعجز البشر عن فعله‪ ،‬يغ ّير فينا ما ال تستطيع العقائد‬
‫يظل « قائما ً » بعد التقابل مع الرب‪ ،‬هذا هو تأثير النور‪.‬‬
‫أن تغي��ره‪ ،‬ق��د نظن أنفس��نا ذوي صالبة لك��ن مبجرد أن‬
‫أحبائى‪ ،‬ال تخلطوا أبدا ً بني «النور» و بني «أشياء» أخرى‬ ‫يش��رق النور علينا تذوب صالبتن��ا‪ ،‬عندما رأى يوحنا النور‬
‫كثيرة‪ ،‬ما نس��ميه نورا ً قد ال يكون بالضرورة نورا ً !! أشياء‬ ‫سقط كميت وهكذا فعل دانيال وكل رجال اهلل األتقياء‬
‫كثيرة نظنها نورا ً وهى ليست سوى عقائد أو أفكار ليس‬ ‫‪ ،‬ال أح��د يس��تطيع أن يرى وجه الرب وال يس��قط أرضاً‪ ،‬ال‬
‫لها تأثير على حياتنا‪ ،‬ولنأخذ لهذا مثالً ‪:‬‬
‫أحد يقدر أن يواجه الرب دون أن يس��قط كميت‪ ،‬ال ش��ك‬
‫كان هن��اك أخ تقيا ً يحب الرب ج��دا ً ‪ ،‬وفي أحد األيام‬ ‫ان��ه من الصع��ب علينا أن من��وت ومن الصع��ب أن نصير‬
‫ـ ‪ 79‬ـ‬ ‫ـ ‪ 78‬ـ‬
‫كل ما ال يستطيع أن يُسقطنا ليس نورا ً !! وليس نورا ً‬ ‫قابله أحد اإلخوة وقال له «أنا سعيد جدا ً ألني اكتشفت‬
‫ال��ذي ال يجعلنا متضعني أمام ال��رب !! عندما رأى بولس‬ ‫للتو حقيقة جس��د اخلطية في رس��الة رومية» فأجابه‬
‫النور انطرح على األرض ولم يستطع الرؤية ملدة ثالثة أيام‪،‬‬ ‫«كيف تكتش��ف ه��ذه احلقيقة اليوم فقط في رس��الة‬
‫فاإلنس��ان الذى عاش كل عمره في الظالم عندما يواجه‬ ‫رومي��ة ؟! كن��ت أظ��ن أن��ك اكتش��فت حقيقة جس��د‬
‫النور ألول مرة يصاب بعمى مؤقت وال يس��تطيع أن يبصر‬ ‫اخلطية ف��ي أعماقك منذ زمن بعيد» !! لألس��ف هناك‬
‫لفترة ‪ ،‬هذا أيضا ً ما يفعله نور احلياة معنا !!‬ ‫كثيرون يهتمون باكتشاف احلقائق بني صفحات الكتاب‬
‫لي��ت الرب يرح��م هؤالء الذين يش��عرون بالبر الذاتي‬ ‫لكنهم ال يعيشون هذه احلقائق أبداً‪ ،‬وتظل التعاليم في‬
‫واإلعجاب بأنفس��هم ‪ ،‬فهؤالء لم يروا النور قط !! كل ما‬ ‫حياتهم كلمات و «أش��ياء» ميتة‪ ،‬هذا ليس نورا ً وال حياة‬
‫ميلكون��ه ليس س��وى تعاليم نظرية ومعرف��ة ذهنية‪ ،‬لو‬ ‫وال مسيحاً!!‬
‫رأوا الن��ور لصرخوا «آه يا رب! أنا أعمى‪ ،‬أنا ال أعرف ش��يئا ً‬ ‫النور يُعمى !!‬
‫على اإلطالق »!! وكلما كان اإلعالن أعظم كان اإلحساس‬ ‫أول تأثير للنور ه��و أن يُعمي !! ال تظن أن النور يأتينا‬
‫بالعمى أعمق‪ ،‬وكلما كان النور أقوى كان السقوط أكبر!!‬ ‫فقط لكي نبصر ‪ ،‬كال ‪ ،‬عندما يشرق النور أمامنا يجعلنا‬
‫النور يكس��رنا أمامه قب��ل أن يعطينا القدرة على الرؤية‪،‬‬ ‫ألول وهل��ة نصاب بالعمى !! إن��ه بالتأكيد يجعلنا نبصر‬
‫إذا لم نكن ساقطني ومتواضعني و منسحقني أمام الرب‬ ‫لك��ن هذا هو التأثير التالي ‪ ،‬أما التأثير األول للنور فهو أن‬
‫فهذا يعنى أننا مازلنا في الظالم و لم نر النور قط !!‬ ‫يُعمينا ويُسقطنا قبل أن يمُ ّكننا من الرؤية ‪.‬‬
‫ـ ‪ 81‬ـ‬ ‫ـ ‪ 80‬ـ‬
‫الواع��ظ مؤمنا ً حقيقيا ً مخلَّص��ا ً ‪ ،‬وأثناء الوعظ نال هذا‬ ‫ليت الرب يرحمنا وبنوره يقضي على اعتدادنا بأنفسنا‬
‫وجتددت حياته ‪ ،‬ف��ي كل حياته املاضية كان‬
‫األخ اخل�لاص ّ‬ ‫واتكالن��ا عليها حتى ال جنرؤ فيما بعد أن نثق في معرفتنا‬
‫كل ما عنده بعض التعاليم النظرية ولذلك لم يكن قادرا ً‬ ‫وحكمتن��ا‪ ،‬آه ! ليتنا نأت��ي أمامه قائلني «يا رب‪ ،‬أنت النور‪،‬‬
‫أن يحصل على اخلالص أما اآلن فقد تقابل مع خادم مؤمن‬ ‫عندما رأيتك أدركت أن كل ما رأيته في املاضى كان مجرد‬
‫مول��ود ثانية ‪ ،‬وفي هذا املؤمن تقابل مع ش��يء حقيقي و‬ ‫أشياء »!!‬
‫تالمس مع نور فعلي ‪ ،‬ولذلك نال اخلالص !!‬ ‫النور ليس أمرا ً نظريا ً بل عمليا ً إلى أقصى درجة‪ ،‬الرب‬
‫أحد اإلخوة ش��اركنا باختباره فقال « بعدما سمعت‬ ‫يس��وع هو النور‪ ،‬بوجوده في وس��طنا يوج��د النور بيننا‪.‬‬
‫عددا ً ال بأس به من اإلخوة يتكلمون عن القداسة قررت أن‬ ‫مما يؤس��ف له أن أش��ياء كثيرة في حي��اة املؤمنني مجرد‬
‫أدرس عقيدة القداس��ة بنفسي ‪ ،‬ولقد وجدت في العهد‬ ‫نظري��ات‪ ،‬لقد اس��تمعوا إلى نظري��ات ال حصر لها وهذه‬
‫اجلديد ما يزيد عن مائتي آية تتحدث عن القداسة‪ ،‬حفظت‬ ‫املعرفة العقلية ليس لها فائدة عملية كبيرة‪.‬‬
‫ه��ذه اآليات عن ظهر قلب ورتبتها بنظام معني‪ ،‬ومع ذلك‬ ‫أح��د اإلخ��وة كان يدرس في مدرس��ة تابع��ة ألحدى‬
‫ظللت ال أعرف ما هي القداسة و كنت أشعر بفراغ كبير‬ ‫اإلرس��اليات وه��و صغي��ر ‪ ،‬كان دائم��ا ً يحض��ر خدم��ات‬
‫!! واستمرت هذه احلالة حتى تقابلت يوما ً مع أخت عجوز‬ ‫مس��يحية ويس��مع كثي��را ً ع��ن عقيدة اخل�لاص ‪ ،‬لكنه‬
‫عيني‬
‫َّ‬ ‫كانت باحلق امرأة مقدسة ‪ ،‬في هذا اليوم انفتحت‬ ‫يلتق بشخص اخمللَّص وبالتالى لم ينل اخلالص‬
‫لألسف لم ِ‬
‫ألرى م��ا هي القداس��ة !! ألنى قابلت ش��خصا ً مقدس��ا ً‬ ‫!! وفي أحد األيام التقى بشخص يعظ باإلجنيل وكان هذا‬

‫ـ ‪ 83‬ـ‬ ‫ـ ‪ 82‬ـ‬
‫مج��رد معرفة ذهني��ة‪ ،‬نحن نحتـاج أن مني��ز أن الرب احلى‬ ‫اس��تطعت أن أرى احلقيق��ة ‪ ،‬وكم كان هذا النور قاس��يا ً‬
‫وحده هو القادر على والدة أبناء أحياء !!‬ ‫على طبيعتى القدمية !! لقد س َّبب لى أملا ً شديدا ً ‪ ،‬ولكنه‬
‫لي��ت الرب يرحمنا ويعطين��ا النعمة حتى نرى أن كل‬ ‫لم يترك لى أية فرصة للهرب ‪ ،‬لقد أمسك الرب بتالبيبى‬
‫«األشياء» ميتة وش��خصه وحده هو احلي‪ ،‬إن أكثر األمور‬ ‫وأظهر لى ما هى القداسة!!»‪.‬‬
‫جم��اال ً وروحانية في املس��يحية تصبح مجرد «أش��ياء»‬ ‫وحى ومؤثِّر‪،‬‬
‫من هذه االختبارات نفهم أن النور حقيقى ُّ‬
‫ميت��ة متى بعدت عن ش��خص املس��يح!! ينبغى أن ندع‬ ‫لو كنا نكرز بالعقائد فما سيقبله الناس هو مجرد عقائد‪،‬‬
‫الرب نفس��ه يكون بالنس��بة لنا هذا األمر أو ذاك‪ ،‬عندئذ‬ ‫ولكن العقائد «شىء» ميت وليست هى نور احلياة‪ ،‬بينما‬
‫سيكون هذا األمر حيا ً فينا وفي الناس الذين يأخذوه منا‪،‬‬ ‫لو قدمنا النور احلقيقى للناس فهو لن ينير حياتهم فقط‬
‫ليعطن��ا الرب أن ننط��رح أمامه إل��ى األرض ونبدأ نعرفه‬
‫بل سيش��رق م��ن خاللهم لآلخرين أيضاً‪ ،‬كم��ا كان النور‬
‫بشكل مختلف متاماً‪ .‬آمـني‪.‬‬
‫حيا ً ومؤثرا ً في حياة الرب يسوع هكذا ينبغى أن يكون في‬
‫حياتنا‪ ،‬ألن نور احلياة هو ش��خص الرب نفسه لذلك فهو‬
‫يحيينا عندما نقبله‪.‬‬
‫إخوت��ى‪ ،‬ملاذا يب��دو أن حق اهلل يفقد س��لطانه وقوته‬
‫بع��د فترة ويصبح ضعيفا ً لدرجة أن��ه ال يعود يؤثر فينا؟!‬
‫ليس لس��بب آخر س��وى أنه أصبح نظريا ً أكثر من الالزم‪،‬‬

‫ـ ‪ 85‬ـ‬ ‫ـ ‪ 84‬ـ‬
‫ألنك�م إن ل�م تؤمن�وا أن�ي أن�ا ه�و متوت�ون ف�ي‬ ‫الف�صل الرابع‬
‫خطاياكم» (يو‪)24 :8‬‬

‫«فق�ال له�م يس�وع ‪ :‬مت�ى رفعتم إبن اإلنس�ان‬


‫امل�سيــح هــو‬
‫فحينئ�ذ تفهمون أني أنا هو‪ ،‬ولس�ت أفعل ش�يئا ً من‬
‫نفسي بل أتكلم بهذا كما علمنى أبى» (يو‪)28 :8‬‬
‫كل ما عند الله لنا‬
‫« فقال لها يس�وع ‪ :‬أنا هو القيام�ة واحلياة ‪َ ،‬من آمن‬ ‫«وفي الغد نظر يوحنا يسوع مقب ً‬
‫ال إليه فقال ‪ :‬هوذا‬
‫بى ولو مات فسيحيا» (يو‪)25 :11‬‬ ‫حمـل اهلل الذي يرفع خطية العـالم» (يو‪)29 :1‬‬

‫«قال له يسوع ‪ :‬أنا هو الطريق واحلق واحلياة ‪ ،‬ليس‬ ‫«فقـ�ال لهم يس�وع ‪ :‬أنــ�ا هـو خبز احلي�اة ‪َ ،‬من‬
‫أحد يأتي إلى اآلب إال بي» (يو ‪)6 :14‬‬ ‫إل�ي فال يجـ�وع و َمن يؤمن ب�ى فـال يعطش‬
‫ّ‬ ‫يقبـ�ل‬

‫«ومنه أنتم باملس�يح يس�وع ‪ ،‬الذي صار لنا حكمة‬ ‫أبـداً» (يو‪)35 :6‬‬

‫من اهلل وبراً وقداسة وفداء» (‪1‬كو‪)30 :1‬‬ ‫«فقال لهم يس�وع ‪ :‬احلق احل�ق أقول لكم إن لم‬

‫«متى ُأظهر املس�يح حياتنا فحينئذ ُتظهرون أنتم‬ ‫تأكلوا جسد ابن اإلنس�ان وتشربوا دمه فليس لكم‬

‫أيضا ً معه في اجملـد» ( كو‪)4 :3‬‬ ‫حياة فيكم» (يو‪)53 :6‬‬

‫« بول�س رس�ول يس�وع املس�يح بحس�ب أمر اهلل‬ ‫«ثم كلمهم يس�وع أيضا ً قائ ً‬
‫ال ‪ :‬أنا هو نور العالم‪،‬‬

‫مخلصنا وربنا يسوع املسيح رجائنا » ( ‪1‬تي‪)1 :1‬‬ ‫م�ن يتبعني فال ميش�ى ف�ي الظلمة بل يك�ون له نور‬
‫احلياة » (يو‪)12 :8‬‬
‫«ال�رب ن�وري وخالصي مم�ن أخاف ؟ ال�رب حصن‬
‫حياتى ممن أرتعب ؟» (مز‪)1 :27‬‬ ‫« فقل�ت لكـ�م ‪ :‬إنك�م متوت�ون ف�ي خطاياكم‬

‫ـ ‪ 87‬ـ‬ ‫ـ ‪ 86‬ـ‬
‫وفي كل ش��يء س��تجتمع في ش��خصه كل األشياء ما‬ ‫املسيح هو الهدف والوسيلة‬
‫في الس��ماء وم��ا على األرض‪ ،‬لو املس��يح في الكل فمن‬ ‫هدف اهلل هو املس��يح ‪ ،‬وأيضا ً وس��يلة اهلل لتحقيق‬
‫الطبيعى أن يكون الكل فيه ‪ ،‬لو شخصه هو كل األشياء‬ ‫الهدف هي املس��يح‪ ،‬أى أن اهلل بواس��طة املسيح يصل‬
‫فماذا تكون كل األش��ياء إال ش��خصه؟! وغني عن البيان‬ ‫بنا إلى املسيح!! ونس��تطيع أن نتعلَّم عن هدف اهلل من‬
‫أن «كل األش��ياء» التى نقصدها هنا ليس��ت أشياء هذا‬ ‫رس��التى أفسس وكولوسى‪ ،‬دعونا نحاول أن نفهم هدف‬
‫العالم املادى بل أشياء العالم الروحى ‪.‬‬ ‫اهلل بنظرة سريعة لهاتني الرسالتني‪ ،‬وأول ما نالحظه أن‬
‫لنتذك��ر دائما ً ي��ا إخوتى أن اهلل يرى املس��يح في كل‬ ‫هناك فرقا ً بينهما وهو أنه في رس��الة أفسس نرى كيف‬
‫األشياء‪ ،‬اهلل ال يرى أشياء عديدة ومواضيع شتى بل فقط‬ ‫رت َّب اهلل بحسب قصده األزلى أنه في ملء الزمـان يجمع‬
‫املسيح‪ ،‬األشياء واملواضيع التي عادة ما تستأسر أفكارنا‬ ‫كل األش��ياء في شخص املسيح ‪ ،‬كل األشياء سواء تلك‬
‫ليس��ت موج��ودة أمام اهلل‪ ،‬ق��د نظن أن هن��اك مواضيع‬ ‫التى في السماء أو على األرض ‪ ،‬هذا هو هدف اهلل األزلى‪،‬‬
‫كثيرة في حياتنـا الروحية حتتاج منا للتحرك هنا وهناك‬ ‫بينما من الناحية األخرى تُظهر رس��الة كولوس��ى كيف‬
‫لكن بحس��ب نظ��رة اهلل ال يوجد ما يس��تحق االهتمام‬ ‫أن اهلل يريد أن يجعل املس��يح هو الكل وفي الكل‪ ،‬وهذه‬
‫واالنش��غال سوى شخص املسيح‪ ،‬املسيح هو الكل وفي‬ ‫هى وس��يلة اهلل لتحقيق هدف��ه األزلى ‪ ،‬لكى جتتمع كل‬
‫ال��كل‪ ،‬والبد أن يأتي يوم في املس��تقبل يكمل فيه هدف‬ ‫األش��ياء في املس��يح البد أن يكون املسيح هو كل شىء‬
‫اهلل األزلى هذا‪.‬‬ ‫وفي كل ش��ىء ‪ ،‬فقط عندما يكون املسيح هو كل شىء‬

‫ـ ‪ 89‬ـ‬ ‫ـ ‪ 88‬ـ‬
‫أن إجنيل يوحنا هو أعمق األناجيل وآخرها في زمن كتابته ‪،‬‬ ‫أرجو أن ينير اهلل أذهانكم لتدركوا شيئـا ً واحدا ً وهو أن‬
‫لقد ُكتب بعد كل العهد اجلديد ‪ ،‬األناجيل األخرى وبعض‬ ‫املسيح سوف يجمع كل األشياء في شخصه‪ ،‬وهذا الهدف‬
‫الرسائل كانت قد جتمعت بالفعل عندما بدأ يوحنا يكتب‬ ‫اإللهي بدأ بالفعل اآلن من خالل الكنيس��ة وسيكمل في‬
‫إجنيل��ه ‪ ،‬ولقد أظهر لنا فيه ما هو تقدير اهلل للمس��يح‬ ‫األبدي��ة‪ ،‬هدف اهلل لن يصير حقيقيا ً فقط في املس��تقبل‬
‫وكيف أننا ينبغي أن نعرف املسيح كما يعرفه اهلل‪.‬‬ ‫بل البد أن يكون حقيقيا ً اآلن في حياة املؤمنني‪.‬‬

‫في إجنيل يوحنا نفه��م أن ما يطلبه اهلل ليس مجرد‬ ‫ليت اهلل يفتح عيوننا فنرى أنه في الكنيسة ينبغي‬
‫«ح َمل اهلل» ليرفع خطي��ة العالم‪ ،‬وال ما‬ ‫أن يكون املس��يح هو كل شيء ‪ ،‬هو كل األمور واملواضيع‬
‫ش��يء اس��مه َ‬
‫يعطيه هو مجرد ش��يء اس��مه «خبز احليـاة» ليهب لنـا‬ ‫الروحية ‪ ،‬البد أن الكنيس��ة تبدأ تفهم هذا وتعيشه في‬
‫الزمن احلاضر قبل أن يكمل في األبدية ‪ ،‬لو أن الكنيس��ة‬
‫احلياة األبدية ‪ ،‬وندرك أن اهلل لم يعطنا «أش��ياء» تُس َّمى‬
‫الطريق واحلق واحلياة وال املسيح استخدم قوته وسلطانه‬ ‫مازالت ترى أشياء ومواضيع كثيرة فهذا يعني أنها لم ترَ‬
‫بعد املسيح كما ينبغى !!‬
‫ليعطي «ش��يئاً» اس��مه احلياة مليت أو «ش��يئاً» اس��مه‬
‫البص��ر ألعمى‪ ،‬كل هذا نراه في األناجي��ل األخرى أما في‬ ‫إجنيل يوحنا يعلن املسيح‬
‫إجنيل يوحنا فنرى حقيقة واحدة وهي أن شخص املسيح‬ ‫باعتباره كل شىء لدى اهلل‬
‫هو نفسه كل هذه األشياء مجتمعة !!‬
‫من املدهش أن نرى يوحنا الرسول يستخدم في إجنيله‬
‫ف��ي إجني��ل يوحن��ا يقول املس��يح إنه هو بش��خصه‬ ‫عدة كلمـ��ات ال جندها في األناجيل األخرى ‪ ،‬ومن املعروف‬
‫ـ ‪ 91‬ـ‬ ‫ـ ‪ 90‬ـ‬
‫أن املس��يح يعطينا نورا ً بل أنه ه��و نورنا‪ ،‬ليس أنه يقودنا‬ ‫ن��ور العال��م‪ ،‬وال يقول إن��ه يعطى للناس ن��ورا ً بل أنه هو‬
‫ف��ي الطريق بل هو طريقنا‪ ،‬ليس أنه يعطينا احلياة بل هو‬ ‫النور‪ .‬املس��يح يق��ول إنه هو خبز احلياة وليس أنه س��وف‬
‫حياتن��ا‪ ،‬ليس أنه يعلِّمنا احلق بل هو احلق ‪ ،‬هل ترون الفرق‬ ‫يعطين��ا خبز احلي��اة‪ .‬هو يقول إنه نفس��ه الطريق وليس‬
‫هنا ؟! كل ما يعطيه املسيح لنا هو ذاته نفسها !!‬ ‫أنه س��يقودنا لنمش��ى في الطريق ؛ يقول إنه بذاته احلق‬
‫إن مسيح اهلل هو كل شيء هلل ‪ ،‬اهلل ليس عنده لنا‬ ‫وليس أنه س��يعلِّمنا احلق؛ يؤكد أنه ه��و احلياة احلقيقية‬
‫شىء آخر سوى املسيح ‪ ،‬اهلل لم يعطنـا نورا ً بل أعطانا‬ ‫وليس مجرد أنه س��يعطينا احلي��اة‪ .‬عندما مات لعازر لم‬
‫املس��يـح ‪ ،‬اهلل لم يعطنـا طعاما ً بل أعطانا املس��يح‬ ‫ي َ ُق��ل الرب ملرمي ومرثا أنه قادر أن يقي��م أخاهما بل أنه هو‬
‫‪ ،‬ل��م يعطنا الطري��ق واحلق واحلياة بل أعطانا املس��يح‪،‬‬ ‫نفسه القيامة ‪.‬‬
‫مسيح اهلل هو كل شيء وبعيدا ً عنه ليس لنا عند اهلل‬
‫من فضلكم الحظوا أن خبز احلياة هو «شىء»‪ ،‬وباملثل‬
‫أى شىء‪.‬‬
‫الن��ور والطريق واحلق واحلي��اة والقيام��ة والذبيحة كلها‬
‫الرسول بولس يعلن أن‬ ‫مجرد أشياء ‪ ،‬لكن املسيحية ليس فيها أشياء مجردة بل‬
‫املسيح هو رجاؤنا‬ ‫شخص واحـد حي ‪ ،‬املسيحية ليس فيها سـوى شخص‬
‫الرسول بولس قال نفس ما قاله ربنا يسوع املسيح‪،‬‬ ‫املسيح فقط ‪ ،‬وهو بالنسبة لنا كل هذه األشياء !!‬
‫كان الرس��ول يعرف الرب جيدا ً وق��ال لنا بعض احلقائق‬ ‫م��ا نحت��اج أن ندرك��ه أمام اهلل ه��و أنه ف��ي حياتنا‬
‫الثمينة عن��ه‪ ،‬وأول هذه احلقائق ما قال��ه لتيموثاوس‪:‬‬ ‫الروحية ال توجد أشياء أو مواضيع بل فقط املسيح ‪ ،‬ليس‬

‫ـ ‪ 93‬ـ‬ ‫ـ ‪ 92‬ـ‬
‫حكمة بل أعطانا املس��يح ألن املسيح هو برنا وقداستنا‬ ‫«يسوع املسيح (الذى هو) رجاؤنا»‪ ،‬أنه ال يقول إن رجاءنا‬
‫وفداؤنا وحكمتنا ؛ وألجل هذا نحن نقول إن مس��يح اهلل‬ ‫هو في ش��خص املس��يـح بل أن املس��يح هو نفس��ه‬
‫هو كل ما عند اهلل لنا ‪ ،‬املس��يح هو كل األمور واملواضيع‬ ‫رجاؤنا‪ ،‬ليس أننا نعلق رجاءنا على املس��يـح بل نتعلق‬
‫التي يري��د اهلل أن مينحها لنا ‪ ،‬وبعيدا ً عنه ليس عند اهلل‬ ‫باملسيـح رجائنا ‪.‬‬
‫ما يعطيه لنا !!‬ ‫واملسيح هو حياتنا‬
‫لو كان الرس��ول يق��ول إن اهلل جعل املس��يح ُمبرِّرنا‬ ‫وكتب الرس��ول بولس إلى أهل كولوسى «متى أُظهر‬
‫لكان هذا مفهوما ً من جميعنا ‪ ،‬فكلنا يؤمن أن املس��يح‬ ‫املس��يح حياتنا ‪ ،»..‬إنه ال يقول متى ظهر املسيح سننال‬
‫قد بررنا مبوته وقيامته ‪ ،‬لكن الرس��ول يقول إن اهلل جعل‬ ‫حياة اجملد بل يقول إن املسيح نفسه هو حياتنا ‪ ،‬وإذا كان‬
‫املس��يح نفس��ه ب ّرنا وهذا م��ا يغيب عن أذه��ان معظم‬ ‫املس��يح نفس��ه هو حياتنا فهل يحتاج املؤمن إلى شيء‬
‫املؤمنني ونحتاج أن ندركه ونفهمه ‪.‬‬ ‫آخر غير املسيح ؟!‬

‫الرس��ول لم يقل هن��ا أن املس��يح ُمق ِّدس��نا بل أنه‬ ‫واملسيح هو حكمتنا وبرنا و قداستنا وفداؤنا‬
‫يأت لكي يق ِّدس��نا بل ليكون هو‬
‫قداس��تنا ‪ ،‬املسيح لم ِ‬ ‫واحدة من أش��هر اآلي��ات الكتابية املُس��تخدمة في‬
‫بنفس��ه قداستنا‪ .‬إن قداستنا ليس��ت «شيئاً» ‪ ،‬ليست‬ ‫خدماتن��ا ه��ي الواردة في (‪1‬ك��و‪« ) 30 :1‬ومن��ه (من اهلل)‬
‫أعمـاال ً أو أقوال ً بل هي ش��خص حي ‪ ،‬ش��خص املس��يح‬ ‫أنتم باملس��يح يس��وع ‪ ،‬الذى صار لنا حكمة من اهلل وبرا ً‬
‫بنفسه !! وباملثل ال يقول الرسول إن املسيح هو فادينا بل‬ ‫وقداس��ة وفدا ًء» اهلل لم يعطنا برا ً أو قداس��ة أو فداء أو‬
‫ـ ‪ 95‬ـ‬ ‫ـ ‪ 94‬ـ‬
‫وأن��ا أجيب��ك ‪ :‬ألن هنا يوج��د الفرق بني املس��يحية احلية‬ ‫يقول إنه فداؤنا ‪ ،‬هل مازال هذا يبدو غريبا ً على آذاننا ؟ هل‬
‫واملس��يحية امليتة !! والفرق بينهم��ا كبير ‪ ،‬األولى روحية‬ ‫مازلنا ال ندرك الفرق ؟!‬
‫و األخ��رى جس��دية ‪ ،‬األول��ى م��ن اهلل واألخ��رى من صنع‬ ‫ش��كرا ً هلل ألجل نعمته الغنية ‪ ،‬لقد جعل املس��يح‬
‫اإلنسان‪.‬‬ ‫فداءنا وفادينا ‪ ،‬وجعله قداستنا و ُمق ِّدسنا ‪ ،‬وبرنا و ُمبرِّرنا‪،‬‬
‫وحكمتنا و َمن يعطينا احلكمة !!‬
‫عندما ندرس كلمة اهلل جيدا ً سنكتشف أن الكتاب‬
‫يدور كله حول «ش��خص» واحد ‪ ،‬ش��خص وليس ش��يئاً‪.‬‬ ‫داود أيضاً يعلن أن‬
‫وهذا الش��خص هو الرب يسوع املسيح ‪ ،‬وال نستطيع أن‬ ‫املسيح هو خالصنا‬
‫جند أى شىء سوى هذا الشخص املبارك ‪.‬‬ ‫عندما نقول إن الرب يس��وع هو ُمخ ّلصنا يبدو كالمنا‬
‫توجد مش��كلة كبي��رة بني أبناء اهلل الي��وم ‪ ،‬وهي أن‬ ‫مألوفا ً ومقبوال ً م��ن الكل ‪ ،‬لكن داود يقول بالوحى «الرب‬
‫املس��يحية التي يعرفونها اليوم مؤلفة من أشياء وأجزاء‬ ‫نورى وخالصى»‪ ،‬الرب ليس فقط ُمخ ّلصنا بل هو نفس��ه‬
‫كثي��رة ‪ ،‬أن��ت تأخذ نعم��ة و أنا آخذ موهب��ة ‪ ،‬وهو ينطق‬ ‫خالصنا‪ ،‬اهلل أعلن لداود منذ القدمي أن املس��يح سيكون‬
‫بالوعظ وآخر يختبر بعض التغيير في سلوكه ‪ ،‬هذا األخ‬ ‫ُمخلصنا وخالصنا في نفس الوقت‪ ،‬اهلل لم يعطنا مجرد‬
‫خالص بل أعطانا املسيح نفسه ليكون خالصنا ‪.‬‬
‫ميتل��ك بعض احملب��ة وذاك لديه صبر وآخر عن��ده تواضع ‪،‬‬
‫وهذه األشياء معا ً تُس َّمى باملسيحية !! كال‪ ،‬ليست هذه‬ ‫املسيحية احلية ال متتلك إال شخصاً حياً‬
‫املس��يحية‪ .‬املسيحية هى ش��خص املسيح ‪ ،‬املسيحية‬ ‫قد تس��ألنى ‪ :‬ملاذا تؤكد بش��دة على ه��ذه احلقيقة ؟‬
‫ـ ‪ 97‬ـ‬ ‫ـ ‪ 96‬ـ‬
‫واملسيح هو الذي صار لنا تواضعنا ومحبتنا وطول أناتنا ‪،‬‬ ‫ليست أش��ياء يعطيها املس��يح بل هي املسيح يعطي‬
‫املسيح يصير فينا كل ما نحتاج إليه وما نحيا به ‪ ،‬وهذه‬ ‫نفسه لشعبه !!‬
‫فقط هى املسيحية احلقيقية ‪.‬‬ ‫هل مت ِّي��زون الفرق بني املس��يحية احلقيقية واملزيفة؟‬
‫من فضلكم الحظوا أنه ليس هناك أي شيء مجرَّد في‬ ‫إنهم��ا مختلف��ان متام��ا ً ‪ ،‬املس��يحية ليس��ت أش��ياء‬
‫املس��يحية‪ ،‬ال تستطيع أن جتد عنصرا ً مجرَّدا ً فيها بل كل‬ ‫يعطينا إياها املس��يح بل هي املس��يح نفسه يعمل في‬
‫أمر في املسيحية احلقيقية موجود في شخص حى‪ ،‬وهذا‬ ‫حياتنا‪.‬املش��كلة الي��وم أن الن��اس تعتبر أن املس��يحية‬
‫الشخص الذى يحتوى كل شىء هو املسيح يسوع ‪.‬‬ ‫هي مجموعة من عطايا املس��يح ‪ ،‬عندم��ا أكون خاطئا ً‬
‫دعون��ا نقول ه��ذا احلق بكلم��ات أخ��رى ‪ :‬إن محبتنا‬ ‫يعطيني املس��يح الغفران واخل�لاص وعندما أصير مؤمناُ‬
‫ليس��ت «ش��يئاً» بل «ش��خصاً» و «قداس��تنا» ليست‬ ‫يعطين��ي احملبة والتواض��ع وطول األناة ‪..‬إل��خ ‪ ،‬لكن هذه‬
‫«اختبارا» بل «إنس��اناً» و «برنا» ليس «تصرفاً» بل «كائنا ً‬ ‫ليست املسيحية‪.‬‬
‫حي��اً» !! عندما أُفتدينا و خلُصنا لم نأخذ أش��ياء مجردة‬
‫ألن فداءنا وخالصنا هما شخص املسيح نفسه ‪ ،‬وباملثل‬ ‫ال توجد أشياء مجردة في املسيحية‬
‫محبتنا وتواضعنا وطول أناتنا و قداستنا هى الرب نفسه‬ ‫ال توج��د أمام اهلل أش��ياء مجرَّدة لك��ي يعطيها لنا‬
‫عامالً فينا وليس��ت أش��ياء ميكن أن نأخذها منه‪ .‬ينبغى‬ ‫وليس عند اهلل لنـا إال ش��خص املس��يـح نفس��ه‪ ،‬اهلل‬
‫أن يكون املس��يح هو كل ش��ىء ف��ي حي��اة املؤمن منذ‬ ‫ال يعطينا أش��ياء مجردة تُس��مى احملبة والتواضع وطول‬
‫اآلن ولي��س فقط في األبدية‪ .‬إن الكثيري��ن من أبناء اهلل‬ ‫األناة ‪ ..‬بل يعطينا ش��خص ابنه الوحيد يس��وع املسيح‪،‬‬
‫ـ ‪ 99‬ـ‬ ‫ـ ‪ 98‬ـ‬
‫شيئا ً اسمه «اخلالص»؟! اهلل ليس لديه سوى ابن وحيد‬ ‫يعانون الهزمية والتدهور الروحى ألنهم يحاولون أن ينالوا‬
‫وه��ذا االبن هو خالصن��ا‪ ،‬وبحصولنا عل��ى خُ‬
‫امللص ننال‬ ‫خضعوا حياتهم لش��خص‬ ‫أش��ياء من اهلل بدال ً من أن ي ُ ِ‬
‫ضمني��ا ً عطية اخلالص‪ ،‬أليس م��ن اخلطأ أن نقول للرب‬ ‫املسيح نفسه ‪ ،‬إنهم يأخذون « عطايا » بدال ً من املسيح‬
‫ص��رت ُمخلصى ليت��ك تعطينى اخلالص‬‫َ‬ ‫«مادم��ت قد‬
‫َ‬ ‫و ميتلكون «مواضيع» و ليس «شخصاً»‪ ،‬ولذلك يفقدون‬
‫أيضاً» !!‬ ‫بسهولة ما أخذوه !!‬
‫أنـا هـو ‪..‬‬
‫عندما نس��مع كلمة اهلل تقرر أن��ه هكذا أحب اهلل‬
‫الي��وم نحن مؤمن��ون و ُمخلَّص��ون واهلل ق��د أعطانا‬
‫العال��م حتى بذل ابن��ه الوحيد (ي��و‪ )16 :3‬هل ميكننا أن‬
‫املسيح نفسه ليكون كل شىء لنا ومع ذلك نحن مازلنا‬
‫نذه��ب إلى ال��رب ونصلي قائل�ين «يارب‪ ،‬لق��د أحببتنى‬
‫نس��أل اهلل ألجل هذا األم��ر أو ذاك‪ ،‬نود لو منتلك عش��رة‬
‫وأعطيتنى نفس��ك ‪ ،‬أرج��وك أن تعطيني اخلـالص أيضا ً‬
‫أش��ياء أو مائة أو ألف شىء روحى ونظن أن اهلل سيرضى‬
‫بذلك‪ ،‬بينما اهلل يعلن لنا أن املسيح هو كل شىء لنا‪.‬‬ ‫!! لقد قبلتك مخلصي لذلك أريدك أن متنحنى خالصك‬
‫اآلن»!! ألي��س م��ن الغب��اء أن نطلب «اخل�لاص» كما لو‬
‫ألجل هذا جند كلمة اهلل تعلن لنا أن اس��م املس��يح‬
‫أن خُ‬
‫«املل��ص» نفس��ه ليس كافيا ً !! لك��ن هذا ما يفعله‬
‫«أنا ه��و» ‪ ،‬وكم نحتاج أن نفهم ونختب��ر املزيد مما يعنيه‬
‫هذا االسم املبارك‪.‬‬ ‫الكثيرون منا لألسف !!‬
‫خبز احلياة‬ ‫ما هو اإلجني��ل الذى نكرز به ؟ نحن نعلن أن اهلل قد‬
‫ف��ي اإلجنيل بحس��ب يوحن��ا يقول الرب «أن��ا هو خبز‬ ‫أعطان��ا ابن��ه الوحيد ُمخلصا ً ‪ ،‬مل��اذا إذا ً نصلى ونطلب‬

‫ـ ‪ 101‬ـ‬ ‫ـ ‪ 100‬ـ‬
‫يشبع قلوبنا اخلاوية‪ ،‬وال نأخذ شيئاً‪ ،‬لكننا عندما نقترب‬ ‫احلياة» إننا كثيرا ً ما نطلب شيئا ً اسمه اخلبز‪ ،‬إننا جائعون‬
‫من ال��رب أكثر ونؤمن به أكثر ونقبل املزيد من ش��خصه‬ ‫جدا ً حتى أننا نتوس��ل إلى اهلل لك��ى يعطينا خبزا ً لكن‬
‫ونس��تمتع بحضوره أكثر نبدأ نش��عر بالشبع واالمتالء ‪،‬‬ ‫لدهش��تنا ال نحصل على ش��ىء ‪ ،‬وكل من يس��أل ألجل‬
‫وما يدهش��نا أننا لم نأخذ شيئا ً ملموسا ً ولكننا شعرنا‬ ‫اخلبز لن يحصل على شىء البتة وسيظل جوعانا ً !! لقد‬
‫بالشبع ‪ ،‬لم نحصل على اخلبز الذى توقعناه لكننا امتألنا‬ ‫خدمت الرب لس��نوات طويلة وطوال هذه الس��نوات لم‬
‫خي��را ً !! لم نأخذ األش��ياء الت��ى توقعناها لكن بس��بب‬ ‫أقابل شخصا ً يصلى ألجل اخلبز ويحصل عليه !!‬
‫اقترابنا إلى الرب نفسه وإمياننا به وقبولنا لشخصه نلنا‬ ‫ق��د تقول ل��ى‪ :‬هل ميكن أن تخط��ئ كلمة اهلل؟ ألم‬
‫الشبع الذى كنا نرجوه !! ألن خبز اهلل هو املسيح نفسه‪،‬‬ ‫يقل اهلل «ألنه أشبع نفسا ً مشتهية ومأل نفسا ً جائعة‬
‫ال يوجد عند اهلل شىء اس��مه خبز بل فقط املسيح هو‬ ‫خب��زاً» ( مز‪ )9 :107‬وأن��ا أجيبك ‪ :‬إن كلم��ة اهلل صادقة‬
‫اخلبز احلى النازل من السماء‪ ،‬الصينيون عندهم مثل يقول‬ ‫متاما ً وه��ذا املعنى موج��ود أيضا ً في ( لو‪« )53 :1‬أش��بع‬
‫«ش��خص واحد لكل األغراض» وهذا املثل ميكن تطبيقه‬ ‫اجلي��اع خيرات وصرف األغني��اء فارغني» لكن ما هى هذه‬
‫بالتأكيد عل��ى أغراضنا الروحية‪ ،‬فمهما كانت األش��ياء‬ ‫اخليرات التي أعطاها اهلل ليشبع اجلائعني ؟ إنها شخص‬
‫الت��ى نطلبها من اهلل فهو دائما ً يعطينا املس��يح فقط‪،‬‬ ‫املسيح نفسه !!‬
‫إنه شخص واحد جتتمع فيه كل األغراض !!‬
‫كثيرا ً ما نش��عر باجلوع الروحى واخل��واء الداخلى ألننا‬
‫برى وقداستى‬ ‫نؤمن أن اهلل لديه الش��بع احلقيقى نصلى ونسأل شبعا ً‬
‫أن��ا دائما ً أش��عر بالفرح ويفيض قلبى بتس��بيح اهلل‬ ‫ألنفس��نا و نتوقع أن يعطينا اهلل خبزا ً لنأكله‪ ،‬ش��يئا ً ما‬

‫ـ ‪ 103‬ـ‬ ‫ـ ‪ 102‬ـ‬
‫يجتاز فيه جميع املؤمنني‪ ،‬إن اختبارنا الروحى يكش��ف‬ ‫ألجل س��بب واحد وه��و أن برى ليس هو س��لوكى بل هو‬
‫حقيقة واحدة وهى أننا نفقد أشياء كثيرة كلما تقدمنا‬ ‫شخص الرب يسوع نفسه‪ ،‬وألن برى هو شخص املسيح‬
‫في اإلميان !! كثيرون يقولون إنهم في بداية اإلميان كانوا‬ ‫فأن��ا ال أمتل��ك البر فقط بل أس��تطيع أن أتكلم إلى برى‬
‫طويلى األن��اة ومتس��امحني و لكنهم اآلن ل��م يعودوا‬ ‫وأس�� ِّبحه وأعطي��ه اجملد !! ق��د تتعجب من ه��ذا القول‬
‫حتمل كل تعامل‬ ‫هك��ذا !! في البداية كانوا قادرين على ُّ‬ ‫وتتس��اءل كيف ميكن أن أعطى اجملد لبرى ؟! أنا أفعل هذا‬
‫سىء يواجهونه في البيت أو العمل لكنهم في الوقت‬ ‫ألن الرب يسوع نفسه هو برى!!‬
‫احلالي ال يحتملون ه��ذا التعامل وفي أعماقهم يريدون‬ ‫وأيضا ً قداس��تى ليس��ت هي تصرفاتي ‪ ،‬لذا أنا دائما ً‬
‫االنتقام‪ ،‬لم يع��ودوا متواضعني أو طويلي األناة أو ودعاء‬ ‫أس�� ِّبح وأ ُ ِّ‬
‫عظم قداس��تى !! وال أقصد طبع��ا ً إنى أمتدح‬
‫أو محبني كما كانوا قبالً !!‬ ‫تصرفاتى ب��ل على العكس أنا أبغ��ض تصرفاتى النابعة‬
‫أق��ول لكل هؤالء إن اهلل البد أن يهدم كل «األش��ياء»‬ ‫مني إال أنى أستطيع أن أمتدح قداستى ألن قداستى هي‬
‫اجلميلة التى كنا نستند عليها في بداية حياتنا الروحية!!‬ ‫رب��ى !! ك��م أن هذين املفهومني عن القداس��ة مختلفان‬
‫في البداية عندما آمنا بالرب طلبنا من اهلل «محبة» ألننا‬ ‫متاما ً ‪ :‬األول يعتبر القداس��ة «أش��ياء» بينما الثانى يراها‬
‫ش��عرنا باحتياجنا إليه��ا‪ ،‬واهلل أعطانا ف��ي ذلك الوقت‬ ‫شخص الرب نفسه!!‬
‫«جرعة» من احملبة فاستطعنا وقتها أن نحب ‪ ،‬كان الهدف‬ ‫اهلل يهدم ويبنى‬
‫وقته��ا هو «احملبة» ولقد أعطانا اهلل ما نهدف إليه ‪ ،‬لكن‬ ‫عدد كبي��ر من اإلخوة أخبرنى أنهم لم يعودوا ودعاء‬
‫دعوني أقول أن اهلل لن يسمح بأن تبقى احملبة هي الهدف‬ ‫مثلم��ا كانوا في بداية اإلميان ‪ ،‬واحلقيقة أن هذا االختبار‬
‫ـ ‪ 105‬ـ‬ ‫ـ ‪ 104‬ـ‬
‫العالم بل حتى األش��ياء واألغراض الروحية التي حتاول أن‬ ‫ف��ي حياتنا ولن يقبل بأن يظل «ش��ىء» ما مهما كان هو‬
‫تش��غل مكان املسيح في داخلنا‪ ،‬البد أن يقودنا اهلل يوما ً‬ ‫هدفن��ا وموضوع صالتن��ا وافتخارنا‪ .‬الب��د أن يأتى الوقت‬
‫ما إلى إدراك أن املسيح هو كل حياتنا !!‬ ‫عندما يهدم اهلل كل «ش��ىء» نس��تند عليه ونفتخر به‪،‬‬
‫في البداية يُنقى اهلل حياتنا من أشياء هذا العالم ثم‬ ‫ويبني في أعماقنا اليقني بأن ش��خص املسيح نفسه هو‬
‫بع��د ذلك ينقينا حتى من األش��ياء الروحية !! يبدأ يهدم‬ ‫برنا الذى نستند عليه ونفتخر به وجند فيه كل احتياجنا‪،‬‬
‫صبرنا ومحبتنا وقوتنا وتواضعنا وكل شيء استندنا عليه‬ ‫البد أن ينزع منا هذا الش��ىء الذي يُسمى «محبة» ويزرع‬
‫قدميا ً لكي ال نعيش فيما بعد باالتكال على هذه األش��ياء‬ ‫فينا اإلميان بأن املسيح هو محبتنا !!‬
‫بل باالتكال على ش��خص املسيح وس��نكون متواضعني‬ ‫كثيرون كانوا أصحاب مزاج حاد قبل أن يؤمنوا بالرب‪،‬‬
‫ليس ألننا أخذنا تواضعا ً بل ألننا أخذنا شخصا ً متواضعا ً‬ ‫لذلك فهم يعتبرون حصولهم على طول األناة بعد اإلميان‬
‫يسكن فينا ‪ ،‬ليس شيئا ً بل شخصا ً !!‬ ‫شيئا ً حسنا ً ويق ِّدرون هذه الصفة كثيرا ً ويعتبرونها دليالً‬
‫وهكذا يعمل اهلل عمل اله��دم يوميا ً في حياة أوالده‬ ‫عل��ى نوالهم للخالص ‪ ،‬وقد تس��ير بهم األم��ور على ما‬
‫لكي يس��تطيع أيضا ً أن يعمل فيه��م عمل البناء يومياً‪،‬‬ ‫ي��رام لعام أو عامني لكنهم يبدأون في االنحدار بعد ذلك‬
‫هذا هو أسلوب اهلل مع كل أوالده ‪.‬‬ ‫وتعاودهم حدة املزاج مرة أخرى !!‬
‫ف��ي بداية حياة اإلميان يعطينا اهلل «موهبة» أو «قوة»‬ ‫عمل اله��دم هذا يعمله اهلل في حي��اة جميع أوالده‪،‬‬
‫نستطيع بها أن نسلك بالصواب أمامه في هذا العالم ‪،‬‬ ‫البد أن يزيل كل «شىء» من حياتنا‪ ،‬ليس فقط أشياء هذا‬

‫ـ ‪ 107‬ـ‬ ‫ـ ‪ 106‬ـ‬
‫بأن املس��يح هو كل شيء لنا‪ ،‬وسيستمر هذا اإلعالن في‬ ‫في موقف ما نش��عر باحتياجنا لطول األناة فنطلب قوة‬
‫ازدياد حت��ى نهاية الزمان عندما تعت��رف كل اخلليقة بأن‬ ‫للتغلب على هذا االحتياج فيعطينا اهلل القوة للسلوك‬
‫املسيح هو الكل في الكل !!‬ ‫بطول أناة ‪ ،‬وعندئذ نظن أن مش��كلتنا مع طول األناة قد‬
‫كخادم للمس��يح أن��ا مهتم ومس��تأمن على احلياة‬ ‫انته��ت ونفرح بهذا االختبار ‪ ،‬ومتر األي��ام ونواجه احتياجا ً‬
‫الروحي��ة لع��دد كبي��ر م��ن الن��اس‪ ،‬وأحيان��ا ً أرى أن أحد‬ ‫آخ��ر وليكن للتواضع ‪ ،‬ومرة أخ��رى يعطينا اهلل قوة لكي‬
‫األش��خاص يحت��اج إلى نصيح��ة فأقول ل��ه «أخى‪ ،‬أنت‬ ‫نس��تطيع التواضع ‪ ،‬حتى أننا ش��عرنا أن مش��كلتنا مع‬
‫تنقص��ك احملبة‪ ،‬في املرة القادم��ة ينبغي أن تُظهر محبة‬ ‫التواض��ع قد وجدت طريقها للح��ل ‪ ،‬وهكذا في كل يوم‬
‫أكب��ر ألخيك» وهكذا أعتقد أنى دفعت��ه للمحبة وأتوقع‬ ‫تب��رز لنا مش��كلة جديدة ونطلب م��ن اهلل القوة حللها ‪،‬‬
‫أن��ه سيس��تمع لنصيحت��ى وينج��ح في محب��ة أخيه‪،‬‬ ‫وهكذا قضينا أيامنا األولى في اإلميان نحاول أن نحل هذه‬
‫وس��أعتبره ش��خصا ً صاحلا ً لو فعل هذا وسأشعر براحة‬ ‫املش��كلة أو تلك ‪ ،‬واكتفينا بهذه احللول وافتخرنا بالقوة‬
‫الضمي��ر ألنى جنحت في إرش��اده ‪ ،‬لكن الواقع أنى دفعته‬ ‫التي حصلنا عليها ‪.‬‬
‫للمحب��ة ولي��س للمس��يح‪ ،‬واحملبة بالنس��بة له ش��ىء‬ ‫إخوتى‪ ،‬اهلل س��وف يه��دم كل «األش��ياء» في حياتنا‬
‫وليس��ت ش��خصا ً ‪ ،‬مجرد نوع من الس��لوك اإلنس��انى‪،‬‬ ‫لكى يعطينا شخصا ً واحدا ً يكون كل شيء بالنسبة لنا‪،‬‬
‫وهذا ما أسميه املس��يحية السلوكية وهي تختلف عن‬ ‫س��يكون هو محبتنا وتواضعنا وط��ول أناتنا ووداعتنا في‬
‫املس��يحية الكتابية احلقيقية !! املس��يحية السلوكية‬ ‫ذات الوقت‪ ،‬ينبغى أن يكون املسيح هو الكل بالنسبة لنا‪،‬‬
‫تتكون من التم ُّرن على عدد من الس��لوكيات اإلنس��انية‬ ‫وهذه هى املس��يحية عملي��ا ً !! اهلل يبنى بداخلنا اإلعالن‬
‫ـ ‪ 109‬ـ‬ ‫ـ ‪ 108‬ـ‬
‫معرفـة أكبر‬ ‫اجلي��دة‪ .‬إنها تعتمد على مجهودات اإلنس��ان ‪ ،‬اإلنس��ان‬
‫م��اذا أقص��د مبعرفة املس��يح ؟ وهل أقص��د أن هؤالء‬ ‫ه��و الذى يعمل ويس��أل و يتوقع و يصل��ي ويؤمن و يقبل‬
‫اإلخ��وة لم يكونوا يعرفون املس��يح على اإلطالق؟ كال‪ ،‬أنا‬ ‫وينتظر وينجح في ممارس��ة احملبة ‪ ،‬لهذا أقول إن احملبة في‬
‫أقص��د معرفة أكبر من املعرفة األولية التى نأخذها وقت‬ ‫حياته ليس��ت سوى شىء ‪ ،‬مادة للسلوك ‪ ،‬هذا مختلف‬
‫اخلالص‪ ،‬أقصد أن نعرف املس��يح باعتباره كل ش��يء في‬ ‫متاما ً عن احملبة احلقيقية التي هي املس��يح نفسه ‪ ،‬احملبة‬
‫حياتن��ا‪ ،‬أن نعرف أنه محبتنا وط��ول أناتنا ووداعتنا ‪ ،‬مثل‬ ‫هي املس��يح وليس��ت أنا ‪ ،‬املس��يح هو الذي يحب وليس‬
‫هذه املعرفة س��تصنع تغييرا ً قويا ً ف��ي حياتنا ‪ ،‬لن تكون‬ ‫أنا ‪ ،‬وعندئذ تكون احملبة هي ناموس احلياة كلها وليس��ت‬
‫هناك أش��ياء في حياتن��ا فيما بعد بل ش��خص حى هو‬
‫مجرد س��لوك إرادي حلظي ‪ ،‬ويالها من حياة عظيمة تلك‬
‫املسيح نفسه ‪.‬‬
‫احلياة املسيحية !!‬
‫لن يكون هناك شيء اسمه «القداسة» نسعى وراءه‬
‫كي منتلكه ألننا أدركنـا أن املس��يح هو قداستنا ‪ ،‬وكلما‬ ‫أرجو أن نكون قد فهمنا هذا ‪ ،‬فكم من مرات ساعدنا‬
‫اقتربنا من ش��خصه والتصقنا ب��ه‪ ،‬حتررت حياتنا من كل‬ ‫اإلخوة على الس��ير في سلوكيات حس��نة ثم اكتشفوا‬
‫النجاس��ات التي تعلق بنا‪ .‬كل ما نحتاج إليه هو معرفة‬ ‫بع��د وقت طويل أنهم مازالوا في حاجة ملعرفة املس��يح‬
‫أكبر للمس��يح ولي��س مجرد مجه��ودات للحصول على‬ ‫والثب��ات في��ه ‪ ،‬وأنه��م كانوا مش��غولني بأش��ياء وليس‬
‫أشياء ‪.‬‬ ‫باملس��يح ‪ ،‬وأن احتياجه��م احلقيقي هو معرفة املس��يح‬
‫أرجو أن يالحظ كل خدام املس��يح هذا احلق ‪ :‬النفوس‬ ‫ككل شيء عند اهلل لهم !!‬
‫ـ ‪ 111‬ـ‬ ‫ـ ‪ 110‬ـ‬
‫سكنى شخص‬ ‫قوة يعطيها لهم اهلل لكنها تكمن في ُ‬ ‫ال حتتاج إلى مجرد تشجيع أو اجتهاد بل إلى معرفة حية‬
‫املسيح نفس��ه بداخلهم كقداس��تهم ‪ ،‬القوة ميكن أن‬ ‫للمس��يح ‪ ،‬تش��جيعكم قد يدفع الناس ملزيد من أفعال‬
‫تُفقد لكن املس��يح ال ميكن أن يُفقد !! برنا وقداس��تنا ال‬ ‫الب��ر الذاتي لك��ن إذا فتح اهلل عيونهم ملعرفة املس��يح‬
‫تس��تند على ما نفعله نحن بل على مدى وجود شخص‬ ‫سيكون هو نفسه برَّهم احلقيقي ‪.‬‬
‫املس��يح بداخلنا ‪ ،‬عندما نعرفه ككل ش��يء لنا ستُحل‬
‫ميكنن��ا أن نك��رر هذه الكلم��ات مئات امل��رات دون أن‬
‫كل مش��اكلنا ‪ ،‬لذلك ليس لي رس��الة لكم اآلن س��وى‪:‬‬
‫ندركه��ا فعالً ‪ ،‬لك��ن عندما يفتح اهلل عيوننا س��نرى أن‬
‫اعرفوا املسيح ككل شيء لكم !!‬
‫كل ما نحتاج إليه هو ش��خص املس��يح نفسه ‪ ،‬كثيرون‬
‫أن��ا أعرف عددا ً كبيرا ً م��ن املؤمنني الذين يعرفون الرب‬ ‫يعرف��ون املس��يح كمبرِّرهم لكنهم يعيش��ون في خوف‬
‫يسوع كس��يدهم وربهم لكنهم ال يعرفونه ككل شيء‬ ‫دائ��م م��ن اهلل ألنهم لم يعرفوا أن املس��يح نفس��ه هو‬
‫كمعطي الب��ركات ولكنهم ال‬ ‫ف��ي حياته��م ‪ ،‬يعرفون��ه ُ‬ ‫برهم !! كثيرون يؤمنون أن املس��يح هو ُمق ِّدس��هم لكن‬
‫يعرفونه كالبركات ذاتها‪ ،‬عيونهم تنظر إلى أعماله وليس‬ ‫تراه��م دائما ً غير ُمقدس�ين متاما ً ‪ ،‬مل��اذا ؟ ألنهم يذهبون‬
‫إلى ش��خصه‪ ،‬هؤالء اإلخ��وة يحتاجون إل��ى معرفة أكبر‬ ‫إلى الرب ويسألونه أن يعطيهم القوة ليكونوا قديسني ‪،‬‬
‫للرب‪ .‬إنهم يعرفونه كفاديهم ومق ِّدس��هم ومبرِّرهم إال‬ ‫وبينما يسعون في هذا السبيل يكتشفون عدم قدرتهم‬
‫أنهم ينبغي أن يعرفوه كفدائهم و قداستهم و برهم‪.‬‬ ‫عل��ى بلوغ القداس��ة‪ ،‬لك��ن عندما يفت��ح اهلل عيونهم‬
‫كمخلِّص��ك أم كخالصك؟‬‫أخى‪ ،‬هل تعرف املس��يح ُ‬ ‫وينير أذهانهم سيكتش��فون أن املس��يح ش��خصيا ً هو‬
‫كمق ِّدس��ك‬
‫كفادي��ك أم كفدائ��ك ؟ محرِّرك أم حريتك؟ ُ‬ ‫قداستهم‪ ،‬القوة للقداسة ال تكمن في قوة إرادتهم أو في‬
‫ـ ‪ 113‬ـ‬ ‫ـ ‪ 112‬ـ‬
‫الكثير من الناس هى أشياء ميتة ‪ ،‬وإذا أدركنا هذا فسوف‬ ‫كمب��رِّرك أم ب��رك؟ أن تعرف��ه كمعط��ي‬
‫أم قداس��تك ؟ ُ‬
‫حتيا هذه األش��ياء وتتحول لش��خص املسيح نفسه ‪ ،‬لن‬ ‫البركات فهذه معرفة بدائية أما أن تعرفه كذات البركات‬
‫يكون جتديدى «بركة» حصلت عليها بل شخصا ً دخل إلى‬ ‫ومجموعها فهذه معرفة أكبر وأعمق !!‬
‫حياتى‪ ،‬كل بركات حياتنا ستكتس��ب حلم��ا ً ودما ً وتصير‬ ‫لألس��ف توجد اليوم «أش��ياء» كثيرة ج��دا ً في حياة‬
‫كائنا ً حيا ً !!‬ ‫أوالد اهلل‪ ،‬مواضي��ع روحية كثيرة تش��غل أفكارهم ومتأل‬
‫في أحد األيام اجتذبنا الرب يسوع إلى معرفته ‪ ،‬واليوم‬ ‫صلواته��م ‪ ،‬ليته يأتى اليوم الذي في��ه نعرف معنى قول‬
‫هو يقودنا إلى معرفة أعمق حيث نعرفه ككل ش��يء في‬ ‫الرب «أنا هو» ‪ ،‬وندرك أن كل األش��ياء الروحية قد جت َّمعت‬
‫حياتنا‪ ،‬إنه يري��د أن يحررنا من ذواتنا بل وحتى من التعلق‬ ‫لتصير شخصا ً واحدا ً ‪ ،‬عندئذ فقط سنستطيع أن نعرف‬
‫باألش��ياء الروحية‪ ،‬يريدنا من اليوم أن نقول باحلق إنه صار‬ ‫قصد اهلل األبدى‪.‬‬
‫ال��كل ف��ي الكل لنا ‪ ،‬يريد أن تش��هد حياتن��ا اليومية أن‬ ‫إذا كانت قداستنا وبرنا و قوتنا ومواهبنا مازالت مجرد‬
‫املسيح هو الكل والكل صار في املسيح ‪.‬‬ ‫«أش��ياء» فنحن مازلنا نقف على خ��ط البداية في احلياة‬
‫كنت اليوم طوي��ل األناة فهذا ليس أن��ا بل «هو»‪،‬‬
‫ُ‬ ‫ل��و‬ ‫املسيحية ‪ ،‬لكن عندما نبدأ نرى كل هذه ليست كأشياء‬
‫في هو طويل األناة ‪ ،‬لو كنت اليوم‬ ‫بل كالرب نفس��ه نكون عندئذ قد بدأنا نعرف اهلل وندرك‬
‫الشخص الذى يعيش َّ‬
‫أح��ب اآلخري��ن فهذا ليس ألن��ى حاولت ب��كل طاقتي أن‬ ‫قصده األزلى‪ ،‬ومن وقتها فصاعدا ً س��يصير الرب نفسه‬
‫أحب وليس ألني أخذت من اهلل قوة للمحبة بل ألن هناك‬ ‫هو موضوع اهتمامنا وليست األشياء ‪.‬‬
‫شخصا ً يسكن في داخلى و « هو » يحب كل الناس !! لو‬ ‫لذل��ك قلت في البداي��ة إن «األش��ياء» التى ميتلكها‬

‫ـ ‪ 115‬ـ‬ ‫ـ ‪ 114‬ـ‬
‫الف�صل اخلام�س‬
‫إلي فهذا ليس لسماحتي أو‬ ‫رأيتني اليوم أغفر ملن أس��اء ّ‬
‫ال �شىء �سوى امل�سيح‬ ‫مجهودي أو قدرتي بل هذا يعود بالكامل للش��خص الذى‬
‫في و «هو» دائ��م الغفران للكل ‪ ،‬إن��ه في احلقيقة‬‫يحي��ا ّ‬
‫« فق�ال لهم يس�وع ‪ :‬مت�ى رفعتم ابن اإلنس�ان‬
‫«غفرانى» !! لو أنى اليوم متواضع فهذا ليس ألنى أش��عر‬
‫فحينئذ تفهمون أني أنا هو » ( يو‪) 28 :8‬‬ ‫بكبريائى وأحاول أن أجاهد ضد هذا الكبرياء ‪ ،‬فالتواضع ال‬
‫« ألنكم قد متم وحياتكم مس�تترة مع املس�يح‬
‫يأتى بالضغط على كبريائنا حتى ال يظهر للناس‪ ،‬وال يأتي‬
‫ف�ي اهلل ‪ ،‬متى ُأظهر املس�يح حياتنا فحينئذ تظهرون‬ ‫م��ن خالل تصميمن��ا اإلرادى أن نك��ون متواضعني ‪ ،‬لكنه‬
‫أنتم أيضا ً معه في اجملد » ( كو ‪)4 ،3 :3‬‬ ‫يأتى من الشخص الساكن بداخلنا الذى «هو» دائما ً وديع‬
‫« فإن�ه فيه ُ‬
‫خلق ال�كل ‪ :‬ما في الس�ماوات وما على‬ ‫ومتواض��ع القلب‪ ،‬ألنه «هو» تواضع��ى لذلك أنا متواضع‬
‫األرض م�ا ُي�رى وم�ا ال ُيرى ‪ ،‬س�واء كان عروش�ا ً أم‬ ‫وه��ذا هو ناموس احلياة‪ ،‬ما هو ناموس احلياة ؟ إنه ليس إال‬
‫س�يادات أم رياس�ات أم سلاطني ‪ ،‬الكل ب�ه وله قد‬ ‫أن يصير املسيح كل حياتنا وبركاتنا ‪.‬‬
‫ُ‬
‫خلق‪ ،‬الذي هو قبل كل ش�يء وفيه يقوم الكل ‪ ،‬وهو‬
‫إخوت��ى وأخواتى‪ ،‬أرجو أننا جميع��ا ً نطلب من اهلل أن‬
‫رأس اجلس�د ‪ :‬الكنيس�ة ‪ ،‬الذي هو الب�داءة ‪ ،‬بكر من‬
‫يفتح عيوننا لكى نرى أن كل «األش��ياء» ستزول إن عاجالً‬
‫األم�وات ‪ ،‬لكي يكون هو متقدما ً في كل ش�يء ‪ ،‬ألنه‬
‫فيه ُسر أن يحل كل امللء ‪ ،‬وأن يصالح به الكل لنفسه‪،‬‬ ‫أو آجالً وس��يبقى فقط املس��يح ‪ ،‬لذل��ك دعونا من اليوم‬
‫عام ً‬
‫ال الصلح بدم صليبه ‪ ،‬بواسطته ‪ ،‬سواء كان ما على‬ ‫نتخذ املسيح كل شىء بالنسبة لنا ‪ .‬آمني‪.‬‬
‫األرض أم ما في السماوات » (كو‪.)20-16 :1‬‬

‫ـ ‪ 117‬ـ‬ ‫ـ ‪ 116‬ـ‬
‫وألنهم يفهمون أن اهلل عنده لهم عطايا كثيرة يبدأون في‬ ‫ما يفهمه اإلنسان يحدد ما يطلبه‬
‫طلب هذه العطية أو تلك من اهلل ‪ ،‬هذا يطلب سالما ً وآخر‬
‫لق��د أعطان��ا اهلل عطيت��ه التي ال يُعب��ر عنها و هي‬
‫ط��ول أناة وثالث تواضعا ً ‪ ،‬وهم يعتبرون املس��يح أحد هذه‬
‫ابنه يسوع املس��يح‪ ،‬إال أن فهم اإلنس��ان لهذه العطية‬
‫العطايا الكثيرة التى يطلبونها وإن كانوا بالطبع يق ِّدرونه‬
‫يختلف من مؤمن إلى آخر‪ ،‬البعض من أبناء اهلل يعتبرون‬
‫باعتباره األول واألكثر أهمية بني عطايا اهلل املتعددة ‪.‬‬
‫الرب يس��وع واحدا ً من ضمن عطاي��ا اهلل العديدة‪ ،‬أو قل‬
‫م��ن العجيب أنن��ا ال نبدأ نش��عر بنقائصن��ا إال بعد‬
‫أنه العطية األولى ب�ين كل عطايا اهلل التى تُعد باآلالف‪،‬‬
‫اإلميان ‪ ،‬وكثيرون يتشككون في إميانهم بسبب هذا األمر‪،‬‬
‫بينما البعض اآلخر من املؤمنني يعتبرون ش��خصه الكرمي‬
‫يعتق��دون أنه��م طاملا أصبح��وا مؤمنني فالب��د أن تخلو‬
‫كعطية اهلل الوحيـدة لهـم ‪ ،‬عطيـة اهلل الواحدة التى‬
‫حياته��م من العي��وب والنقائص ‪ ،‬ولذلك يب��دأون اجلهاد‬
‫ال يُعبر عنها ‪.‬‬
‫ضد هذه النقائص ويس��عون لس��د الثغرات املوجودة في‬
‫حياتهم‪ ،‬ويرفعون الصلوات بجهاد وإميان ومثابرة ‪ ،‬وعندما‬ ‫كثيرون م��ن أبناء اهلل نالوا اخل�لاص عندما قبلوا الرب‬
‫يش��عرون أنهم انتصروا على هذا النقص أو ذاك ينتابهم‬ ‫يسوع في البداية كمخلصهم ‪ ،‬ولكنهم بعدئذ اكتشفوا‬
‫فرح غامر ألنهم أخذوا «عطية» من اهلل ‪.‬‬ ‫أنه��م مازالوا يحتاج��ون إلى أش��ياء كثيرة ف��ي حياتهم‬
‫الكثيرون من أبناء اهلل األعزاء ينظرون إلى عطايا اهلل‬ ‫الروحية ‪ ،‬البعض يكتش��ف أن الطبع املتسرع مازال باقيا ً‬
‫ونعمته ألجل تسديد احتياجاتهم ‪ ،‬يظنون أنه تنقصهم‬ ‫حتى بعد اخل�لاص ‪ ،‬وآخرون يالحظ��ون أن كبرياءهم مازال‬
‫قطع��ة هنا أو قطع��ة هنـاك مث��ل الصورة ف��ي لعبـة‬ ‫يتبعه��م‪ ،‬وفريق ثالث مازال يش��عر بنف��س اخلوف القدمي ‪،‬‬

‫ـ ‪ 119‬ـ‬ ‫ـ ‪ 118‬ـ‬
‫مقياس العطية‬ ‫«البازل ـ ‪ »Puzzle‬الش��هيرة التي تنقصها بعض القطع‬
‫لك��ي تكتم��ل ‪ ،‬ويعتقدون أن املطلوب م��ن نعمة اهلل أن‬
‫إذا كان احتياجنا هو إلى أش��ياء وعطايا فالبد لنا من‬
‫متنحه��م تلك القط��ع الناقصة لكي يش��عروا بالكمال‬
‫مقياس نقيس به هذه األش��ياء ‪ ،‬فما ه��و املقياس الذي‬
‫واالكتف��اء ‪ ،‬هذا األخ يحتاج خمس قطع لكي يكتمل أما‬
‫نقيس به عطايا اهلل ؟ لنفترض أنه ينقصنا طول أناة فما‬ ‫ذاك األخ فمازال ينقصه عش��رة قطع !! هذا األخ محبته‬
‫ه��و بالضبط حجم ونوعية طول األناة التي س��نطلبها‬ ‫ممتازة ولكنه سيكون رائعا ً لو أضفنا إليه بعض التواضع‬
‫م��ن اهلل؟ نحن ع��ادة ال ننظر إلى الس��ماء بحثا ً عن هذا‬ ‫وقليالً من طول األناة ‪ ،‬ال شك ستكون حياته كاملة بعد‬
‫املقياس لكننا دائما ً ما ننظر حولنا بحثا ً عنه بني الناس‪:‬‬ ‫تسديد هذه الثغرات !!‬
‫«لألس��ف أنا لست صبورا ً مثل األخ فالن‪ ،‬إنه طويل األناة‬ ‫معظ��م صلواتنا ت��دور حول هذا األم��ر الذي ينقصنا‬
‫جدا ً بينما أنا مازلت عصبيا ً ومتسرعا ً جدا ً ‪ ،‬إنه وديع جدا ً‬ ‫أو ذاك‪ ،‬نظ��ن أن ه��ذه األمور هي ما نحت��اج إليه وبالتالي‬
‫بينما أنا متكبر للغاية ‪ ،‬ليتني أس��تطيع أن أكون صبورا ً‬ ‫تتح��رك إرادتنا نحوه��ا ونطلب م��ن اهلل أن يعطينا هذه‬
‫ووديعا ً مثله»‪.‬‬ ‫األمور بالتحديد ‪ ،‬نحن نظن أننا نحتاج إلى عدة «أشياء»‬
‫لو قام اهلل بتسديدها لصرنا على ما يرام ‪ ،‬لكن هذا الظن‬
‫أذك��ر أني صليت ألول مرة بع��د نوالي اخلالص وطلبت‬
‫لي��س صوابا ً يا إخوت��ي ‪ ،‬فأنا لم أجد ف��ي كتابي املقدس‬
‫من ال��رب أن يعطينى كتابا ً مقدس��ا ً مث��ل الكتاب الذى‬ ‫كله آية واحدة تقول إن اهلل سيعطينا هذا الشيء أو ذاك‬
‫ميتلك��ه أحد اإلخوة !! إننا دائم��ا ً نصلى ألجل ما نراه عند‬ ‫لكي يكمل نقصنا الروحي !! اهلل ليس عنده لنا أش��ياء ‪،‬‬
‫اآلخرين وال جنده عندنا ‪ ،‬فاإلنس��ان ال يس��تطيع أن يصلى‬ ‫اهلل ليس عنده لنا سوى شخص املسيح !!‬

‫ـ ‪ 121‬ـ‬ ‫ـ ‪ 120‬ـ‬
‫التدين املزيف واملسيحية احلقيقية‬ ‫من أجل ش��ىء لم يره من قبل‪ ،‬ال نستطيع أن نطلب من‬
‫اهلل أن يعطين��ا ش��يئا ً غير محدد التفاصيل ‪ ،‬فاألش��ياء‬
‫أقول بكل صراحة إن هنا يكمن االختالف األساسي بني‬
‫الب��د لها م��ن مقاييس حتددها ‪ ،‬لذل��ك نحن نصلي ألجل‬
‫التدين املزيف واملس��يحية احلقيقية !! في الديانة املزيفة‬
‫طول أناة األخ فالن و تواضع ووداعة األخت فالنة !!‬
‫يبحث الناس عن «أشياء» يعتقدون أنها موجودة في كل‬
‫م��كان ماعدا حياته��م ‪ ،‬يظنون أن كثيري��ن ميتلكون هذا‬ ‫أس��ألك سؤاال ً افتراضيا ً ‪ :‬هل س��تكون راضيا ً لو أخذ‬
‫الش��ىء وهم ال ميتلكونه ‪ ،‬ولذلك هم يس��عون ويبحثون‬ ‫اهلل طول أناة األخ فالن ووضعها بداخلك ؟ من املرجح أنك‬
‫عن هذا الش��يء ‪ ،‬وإذا حتقق بعض التحس��ن في حياتهم‬ ‫ستكون مس��رورا ً وس��ترضى متاما ً بهذه اإلضـافة ‪ ،‬ملاذا؟‬
‫يفرحون بامتالكهم الش��يء الذي كانوا يبحثون عنه‪ ،‬أما‬ ‫ألنك تظن أن طـول األنـاة هى «شىء» ميتلكه اآلخرون وال‬
‫في املسيحية احلقيقية فال يوجد سوى ‪:‬‬ ‫متتلكه أنت‪ ،‬وطاملا هناك ش��يء اس��مه طول األناة فأنت‬
‫ترغب في امتالكه‪ ،‬وكثيرا ً ما متيل في داخلك للوم نفسك‬
‫املسيح وحده‬ ‫وتقريعه��ا ألنك ال متتل��ك هذه الصفة اجلميل��ة ‪ ،‬وأحيانا ً‬
‫م��ا يفش��ل معظم الن��اس في معرفته ه��و أنه في‬ ‫تصاب ف��ي أعماقك بصغ��ر النفس والرث��اء للذات ألجل‬
‫املسيحية احلقيقية ال توجد « أشياء » بل فقط املسيح‪،‬‬ ‫ه��ذا الطبع العصبي الذى أنت ُمبتلى به ‪ ،‬أنت تعتـقد أن‬
‫ال توجد أش��ياء تُس��مى « ط��ول أن��اة » أو « تواضع » في‬ ‫هناك ش��يئا ً عند اهلل اسمه طول األناة وأن بعض اإلخوة‬
‫العالم الروحي بل فقط يوجد املس��يح واملس��يح وحده ‪،‬‬ ‫حصلوا على هذا الش��ىء وكم سيكون جميالً أن حتصل‬
‫ولكى نفهم هذا احلق نحن نحتاج إلى ما يلى ‪:‬‬ ‫أنت أيضا ً عليه‪.‬‬
‫ـ ‪ 123‬ـ‬ ‫ـ ‪ 122‬ـ‬
‫كل شىء لنا ‪ ،‬كم تختلف املسيحية احلقيقية كثيرا ً عن‬ ‫استنارة أعمق‬
‫املسيحية املزيفة التى اعتادها الناس!!‬
‫في بداية حياتنا الروحية أخذنا استنارة من اهلل لكي‬
‫إلي ويس��ألونني ع��ن حياتهم الروحية‬ ‫كثيرون يأتون ّ‬ ‫نفهم أن ما نحتاج إليه للخالص هو عمل املسيح وليس‬
‫ومجهوداتهم لتحسينها وكيفية إضافة بعض الصفات‬ ‫أعمالنا الصاحلة ‪ ،‬لقد خلصنا بواس��طة كفارة املس��يح‬
‫احلس��نة إليها ‪ ،‬ويك��ون جوابي مبثابة الصدم��ة لهم ‪ ،‬إذ‬ ‫وليس مبجهوداتنا ‪ ،‬وباملثل نحن نحتاج اليوم إلى استنارة‬
‫أق��ول لهم ‪ :‬بخص��وص احملبة أنتم محبون ج��دا ً وبالنظر‬ ‫أعمق لكي نرى أننا نحتاج املس��يح نفس��ه وليس مجرد‬
‫للتواضع الش��ك أنكم متواضعون متام��ا ً ‪ ،‬أنتم أمناء في‬ ‫أش��ياء منه ‪ ،‬ومثلما انهارت أش��ياء كثي��رة بعدما أخذنا‬
‫أعمالكم ومؤدبون جدا ً في سلوككم ‪ ،‬دائما ً لديكم رغبة‬ ‫االس��تنارة األولى هكذا اليوم البد أن تنهار أش��ياء كثيرة‬
‫في املعونة واملساعدة ‪ ،‬بحسب مقياس اإلنسان أقول ‪ :‬أين‬ ‫عندما نأخذ االس��تنارة األعم��ق ‪ ،‬رمبا كان ما انهار في أول‬
‫يجد املرء مس��يحيني صاحلني مثلك��م ؟!! وبرغم كل هذا‬ ‫مرة هو خطايا وش��رور لكن ما سينهار هذه املرة هو قيم‬
‫ينبغي أن أخبركم مباش��رة وبصراحة أن كل ما متتلكونه‬ ‫ومبادئ تبدو روحية و جميلة !!‬
‫في أنفسكم هو مجرد أشياء ‪ ،‬ينبغي أن تدركوا أن القيم‬ ‫عندما أخذنا االستنارة أول مرة حتطم كبرياؤنا ومجدنا‬
‫الروحية احلقيقية في نظر اهلل ليس��ت «أش��ياء» بل هي‬ ‫الذات��ي وفخرنا الباطل ‪ ،‬أما الي��وم فما يجب أن يتحطم‬
‫الرب يس��وع نفس��ه ‪ ،‬ماله قيمة أم��ام اهلل ليس هو ما‬ ‫هو تواضعنا وطول أناتنا ومحبتنا وكل القيم النفسانية‬
‫متتلكه وال ما تس��تطيع أن تفعله وال حتى ما تس��تطيع‬ ‫الت��ى حاولنا أن نصنعها في حياتن��ا‪ ،‬وينبغى أن تتحطم‬
‫يكونه املسيح بداخلك‪ ،‬إذا‬ ‫احلصول عليه باجتهادك بل ما ّ‬ ‫أمام أعيننا لكى نفهم أن املس��يح وحده هو حياتنا وهو‬
‫ـ ‪ 125‬ـ‬ ‫ـ ‪ 124‬ـ‬
‫في طريقى‪ ،‬شعرت بالبرودة تسرى في روحى ‪ ،‬حتى عندما‬ ‫لم يحيا املسيح داخلك بكل هذه القيم‪ ،‬فال توجد قيمة‬
‫وصلت ملنزل هذا األخ كانت روحى باردة كالثلج !!‬ ‫روحية ف��ي حياتك أمام اهلل‪ ،‬في العالم الروحي احلقيقي‬
‫ف��ي احلال أدركت أن��ي كنت أتالمس مع أش��ياء ميتة‬ ‫ال يوجد سوى املس��يح ‪ ،‬وشخصه الكرمي هو كل ما عند‬
‫وليس مع الرب احلي ‪ ،‬كانت نفسي هي التي تتحرك وليس‬ ‫اهلل لنا !!‬
‫في ‪ ،‬كنت أريد أن أكون متعاطفا ً وودودا ً ‪،‬‬
‫الرب هو املتحرك ّ‬ ‫كل َمن يلمس املسيح يلمس احلياة‬
‫كنت أريد أن أصنع عمالً من أعمال احملبة األخوية ‪ ،‬ولكني‬
‫قد يكون مفيدا ً في هذا الس��ياق أن نش��ير إلى بعض‬
‫بهذا كنت أتالمس مع « أشياء » ميتة ليس فيها حياة !!‬
‫العم��ل في حد ذاته يبدو صاحل��ا ً وجديرا ً بالتقدير لكن أنا‬ ‫اخلب��رات العملي��ة ‪ ،‬واس��محوا ل��ى أن أتكل��م قليالً من‬
‫في ‪ ،‬وما هي‬ ‫اختب��ارى الش��خصي ‪ :‬منذ عدة أيام ح��دث ظرف صعب‬
‫الذى كنت أعمله وليس املس��يح الس��اكن ّ‬
‫نتيج��ة العمل الذي أعمله أنا وليس الرب ؟ املوت والبرودة‬ ‫علي أن أقوم‬
‫ف��ي منزل أحد اإلخ��وة ‪ ،‬وكان الواجب يحتم ّ‬
‫الروحية اللذان كنت أشعر بهما !!‬ ‫بزيارت��ه‪ ،‬ألنه من الطبيع��ي أن يكون امل��رء متعاطفا ً مع‬
‫قد أبدأ عمال ً حس��نا ً ولكني ال أشعر باحلياة تنبض‬ ‫اآلخرين في ظروفهم الصعبة ‪ ،‬وطاملا ذهبت لزيارته فالبد‬
‫بداخلي ‪ ،‬إنه إذا ً عمل ميت من أعمال النفس اإلنسانية‪،‬‬ ‫أن أكون مس��تعدا ً ملس��اعدته‪ ،‬أوال ً بأن أشاركه مبشاعري‬
‫قد يكون عمال ً ودودا ً ولكني ال أجد الرب فيه‪ .‬إن نفس��ي‬ ‫الش��خصية وثانيا ً بأن أساعده للخروج من الظرف الذي‬
‫تريد أن تكون عطوفة ولكنى أشعر ببرودة املوت ألن الرب‬ ‫حدث له‪ ،‬وهكذا حتركت فعالً لزيارة هذا األخ ‪ ،‬لكني بدأت‬
‫في ‪ ،‬في كل مرة يكون الرب هو العامل‬ ‫ليس هو العامل ّ‬ ‫أشعر بش��ىء غريب يحدث في داخلى ‪ ،‬كنت كلما سرت‬

‫ـ ‪ 127‬ـ‬ ‫ـ ‪ 126‬ـ‬
‫اآلخري��ن وحرصت أال يخرج أحدهم م��ن بيتي متضايقا ً ‪،‬‬ ‫في أش��عر باحلياة تنبض في داخلى‪ .‬إن كنا نتعامل مع‬‫ّ‬
‫كن��ت أفرِّط في حق نفس��ي كثيرا ً لك��ي أحفظ لآلخرين‬ ‫املس��يح املوجود بداخلنا فنحن نتعامل مع احلياة ‪ ،‬أما‬
‫ماء وجوهه��م ‪ ،‬وإذا كان ينبغى أن يح��زن أحد فليكن أنا‬ ‫إذا كن��ا نتعامل مع قيم وس��لوكيات نفس��ية فنحن‬
‫وليس أى شخص آخر ‪ ،‬ورغم أن سلوكي هذا كان يبدو في‬ ‫نتعامل مع أش��ياء ميتة ليس فيها حياة وال تستطيع‬
‫منتهى اجلم��ال والرقة إال أني كنت أش��عر دائما ً بالبرودة‬ ‫أن تعطى حياة ‪.‬‬
‫واجلف��اف في عالقتي م��ع اإلخوة !! كنت أح��اول أن أكون‬ ‫ينبغى أن نفهم أن املس��يحية احلقيقية هي املسيح‬
‫ش��خصا ً صاحلا ً ولطيفا ً جتاه الكل وفي كل املواقف ولكن‬ ‫نفسه‪ ،‬وحياة املؤمن املسيحي هي أيضا ً املسيح نفسه‪،‬‬
‫لدهشتي كنت أش��عر بعد كل موقف مبوت داخلي بدون‬ ‫ال تصن��ع كومة م��ن األش��ياء الصاحلة وتنظ��ر إلى هذه‬
‫أى نبض للحياة !!‬ ‫الكوم��ة باعتبارها احلياة املس��يحية !! إن اس��تطعت أن‬
‫لم يكن هناك س��وى تفس��ير واحد للب��رودة واجلفاف‬ ‫جتم��ع كل الصفات احلس��نة الت��ى ف��ي األرض وتضعها‬
‫اللذين أشعر بهما ‪ :‬لقد كانت الرقة التي أتعامل بها مع‬ ‫في حياة إنس��ان واح��د فأنت بعد لم تصن��ع منه مؤمنا ً‬
‫اإلخوة من نتاج مجهودى الشخصي ‪ ،‬لم يكن املسيح هو‬ ‫مس��يحيا ً !! قد يرى فيه الناس صفات حسنة وجميلة‬
‫في ومن خاللي ‪ ،‬كنت أس��تمد س��لوكي من قدرة‬ ‫لكنهم لن يروا فيه املسيح !!‬
‫الرقيق ّ‬
‫نفسية موجودة بداخلى وليس من املسيح ‪ ،‬ولذلك كنت‬ ‫ف��ي بداية خدمتي قررت أن أكون رقيقا ً مع ش��ركائي‬
‫أش��عر باملوت ألن��ي كنت أتالمس مع ش��يء ميت‪ ،‬وكلما‬ ‫في اخلدمة‪ ،‬قررت أال أ ُ ِّ‬
‫س��بب إحراجا ً ألحد وال أتكلم كالما ً‬
‫كنت أستمر في هذا السلوك كنت أشعر بالضعف أكثر‪،‬‬ ‫حفظت نفسى من التدخل في شئون‬ ‫ُ‬ ‫يؤذى مشاعر أحد‪،‬‬

‫ـ ‪ 129‬ـ‬ ‫ـ ‪ 128‬ـ‬
‫وممدوحة من الناس ‪ ،‬أما متى تعاملنا مع املسيح الساكن‬ ‫حتى بدأت قواي الروحية تضمحل وتنتهي وشعرت بعدم‬
‫فينا فسوف نشعر بنبض احلياة وقوتها تسري في داخلنا‬ ‫القدرة لالستمرار على نفس املنوال !!‬
‫ألننا نتعامل مع احلياة‪ ،‬ألن املسيح هو نفسه احلياة ‪.‬‬
‫خدمة اهلل بال ش��ك عمل جميل ورائع وعادة يتطلب‬
‫ُك ْل من شجرة احلياة فتحيا !!‬ ‫ونضحي ألج��ل اآلخرين‪ ،‬أن نن ِف��ق ون ُن َفق‪،‬‬
‫ِّ‬ ‫من��ا أن نعانى‬

‫أيها األحباء إننا ال نس��لك بحسب قانون معرفة اخلير‬ ‫ورغم ذلك كثيرا ً ما يشعر اخلادم باجلفاف في أثناء اخلدمة‪،‬‬
‫والش��ر بل بحس��ب قانون احلي��اة ‪ ،‬ما يحك��م تصرفاتنا‬ ‫ويشعر بالضعف واخلوار يسرىان في أعماقه ‪ ،‬ويبدأ يلوم‬
‫ليس م��دى جمال العم��ل الذي نصنع��ه أو مدى صحته‬ ‫نفس��ه ويش��عر أن هناك خطأ ما ‪ ،‬أين اخلطأ ؟ اخلطأ بدأ‬
‫ومشروعيته‪ ،‬ما يحكمنا هو مدى احلياة املوجودة في هذا‬ ‫حني اعتقدنا أننا نستطيع أن نخدم اهلل بأنفسنا ‪ ،‬وبدأنا‬
‫العمل‪ ،‬هل الرب احلي بداخلنا هو الذي يقوم بهذا العمل‬ ‫نتحرك بقوانا وإمكانياتنا ‪ ،‬عندئذ البد أن نشعر باجلفاف‬
‫فينا أم نحن القائمون به؟‪.‬‬ ‫واملوت ألننا نتعامل مع «أش��ياء» ميت��ة جافة وليس مع‬
‫رب احلياة ‪.‬‬
‫كثي��ر من املؤمن�ين يظنون أن اهلل س��يغضب منا إذا‬
‫فعلنا أفعاال ً شريرة وخاطئة ‪ ،‬لكن احلقيقة أن اهلل كثيراً‬ ‫خالصة األمر ‪:‬‬
‫ما يغض��ب منا ألننا فعلن��ا أعماالً تب��دو صاحلة !! ألن‬ ‫إذا كنا نتعامل مع مجرد « أش��ياء » فالبد أن نش��عر‬
‫املقياس الذي يقيس به اهلل أعمالنا ليس مقياس معرفة‬ ‫باجلفاف واملوت ألننا نتعامل مع كيان ميت ليس فيه حياة‪،‬‬
‫اخلير والش��ر بل مقياس احلياة ‪ ،‬إذا امتدت أيادينا لتقطف‬ ‫حتى لو كانت هذه األش��ياء صف��ات وقيم روحية جميلة‬

‫ـ ‪ 131‬ـ‬ ‫ـ ‪ 130‬ـ‬
‫احلقيق��ة املاثلة أمام اهلل أن احدهم��ا مجرد «كومة» من‬ ‫ثمار ش��جرة معرفة اخلير والش��ر وتأكلها فالبد أن نشعر‬
‫«األش��ياء» بينما اآلخر يحيا فيه «املس��يح» نفسه‪ ،‬كم‬ ‫باملوت واجلفاف ‪ ،‬أما إذا أكلنا من ثمر شجرة احلياة سنجد‬
‫أنهما متضادان متاما ً من الداخل !!‬ ‫احلياة تس��ري فينا ومتألنا‪ .‬إذا قمنا بأعمال رائعة مدفوعني‬
‫بالرغب��ة في فعل اخلير وجتنب الش��ر ف�لا قيمة أمام اهلل‬
‫عمل الصليب‬
‫له��ذه األعم��ال مهما بدت صاحلة ‪ ،‬أم��ا إذا كان رب احلياة‬
‫دعونى أقولها بصراحة ‪ :‬إذا كنا نريد أن منتلك مجموعة‬ ‫الس��اكن فينا ه��و املتحرك بداخلنا لفع��ل هذه األعمال‬
‫من القيم اجلميلة والصفات احلس��نة فلن نس��تطيع أن‬ ‫فهذا وحده املقبول أمام اهلل واملُسر لقلبه ‪.‬‬
‫نقب��ل عمل الصليب بداخلن��ا ‪ ،‬ألن الصليب يحكم على‬
‫كل ما نظنه جميالً في ذواتنا ويجرِّدنا مما نعتقد أنه صفات‬ ‫نوعان من احلياة املسيحية‬
‫حس��نة فينا‪ ،‬أم��ا إذا كنا نريد أن منتلك ونعيش املس��يح‬ ‫يوج��د نوعان من احلياة املس��يحية جتدهم��ا بني أبناء‬
‫نفسه فسوف نقبل عمل الصليب بداخلنا ونتعلم كيف‬ ‫اهلل‪ ،‬النوع األول مملوء من «األش��ياء» بينما اآلخر مملوء من‬
‫نخض��ع له ‪ ،‬الصلي��ب ال يحكم عل��ى خطايانا فقط بل‬ ‫«املس��يح» !! قد يبدو في الظاهر أنهما متش��ابهان جدا ً‬
‫أيضا ً على كل نشاطات اجلسد‪ .‬إنه مييت ليس فقط آثامنا‬ ‫حتى أنك جتد صعوب��ة بالغة في حتديد االختالف بينهما‪،‬‬
‫ب��ل أيضا ً برنا الذاتي ‪ ،‬هذا احلق كثيرا ً ما س��بب صعوبات‬ ‫لك��ن احلقيقة أنهما مختلف��ان كل االختالف أمام اهلل ‪،‬‬
‫للعديد من أبناء اهلل األعزاء !!‬ ‫كالهما قد يتحدث عن التواضع والوداعة واحملبة والغفران‬
‫كثي��رون م��ن أبناء اهلل يظن��ون أنه م��ن املفروض أن‬ ‫حتى أنك ال تس��تطيع التمييز بينهما م��ن اخلارج ‪ ،‬لكن‬

‫ـ ‪ 133‬ـ‬ ‫ـ ‪ 132‬ـ‬
‫نتالمس مع املوت ونبدأ نش��عر بالضعف واخلواء وينتشر‬ ‫يعملوا أعماال ً حس��نة ‪ ،‬وعندما يعملون أعماال ً حس��نة‬
‫اجلفاف بداخلنا !!‬ ‫راض عنهم‬ ‫يفرح��ون ويفتخرون به��ا ويعتق��دون أن اهلل ٍ‬
‫بس��بب هذه األعمال ‪ ،‬واحلقيقة أنه��م ال يدركون أن هذه‬
‫كان من الس��هل علينا فيما مضى أن نساعد الناس‬
‫األعم��ال مجرد « أش��ياء » وليس��ت املس��يح ‪ ،‬ولكنهم‬
‫في مجاالت عديدة ونكتس��ب مديحهم واستحسانهم‬
‫إذا دخلوا إل��ى محضر اهلل س��يدركون ويتعلَّمون أن اهلل‬
‫باعتبارن��ا من ذوي القلوب الرحيم��ة ‪ ،‬لكننا اآلن إذا فعلنا‬
‫ال يقبل إال املس��يح نفس��ه ‪ ،‬أمام اهلل املس��يح هو اخلير‪،‬‬
‫نفس األعمال نش��عر فورا ً باجلفاف الداخلي واملوت ‪ ،‬ملاذا؟‬
‫املسيح هو احلياة ‪ ،‬وعندما ندرك هذا احلق في محضر اهلل‬
‫ألن الصلي��ب قد عم��ل عمله فينا واس��تطاع أن يفصل‬
‫يبدأ الصليب عمله بداخلن��ا ويدين كل عمل لم يقم به‬
‫داخلن��ا بني األعم��ال النابعة من ذواتنا وتل��ك النابعة من‬
‫املسيح فينا ‪.‬‬
‫املسيح ‪.‬‬
‫عندم��ا ندرك هذا احل��ق ويعمل فين��ا الصليب عمله‬
‫إذا كن��ا نريد أن نتح��رك مدفوع�ين بالرغبة في فعل‬ ‫الكامل س��نتعلم كيف نعيش باملس��يح الذي بداخلنا‪.‬‬
‫احلسن واملقبول أمام الناس فلن نحتاج إذا ً لعمل الصليب‬ ‫عندما يكون املس��يح فينا ساكنا ً فلن نستطيع نحن أن‬
‫داخلن��ا ولن نفهم ه��ذا العمل ولن نقبل��ه !! أما إذا كنا‬ ‫نتح��رك ‪ ،‬وعندما يظ��ل صامتا ً كيف نس��تطيع نحن أن‬
‫نريد أن نتحرك باحلياة التي في املس��يح فس��وف نش��عر‬ ‫نتكلم ؟! بحس��ب إمكانياتنا نحن نس��تطيع أن نتكلم‬
‫عندئذ باحتياجنا لعمل الصليب بداخلنا لكي مييز ويدين‬ ‫كالما ً كثيرا ً وكالما ً حسنا ً ولكن ألن الرب صامت بداخلنا‬
‫كل أعم��ال الذات فينا ‪ ،‬س��نحتاج إلي��ه لكي يفصل بني‬ ‫فلن جنرؤ أن نتكلم بكلمة واحدة ‪ ،‬ألننا إذا فعلنا فس��وف‬
‫ـ ‪ 135‬ـ‬ ‫ـ ‪ 134‬ـ‬
‫اجلس��دي ‪ ،‬عندما نصاب باألمراض الش��ك أننا نبحث عن‬ ‫التح��رك الذي من املس��يح والتحرك الذي من أنفس��نا ‪،‬‬
‫الش��فاء ‪ ،‬وهنا ينقس��م املؤمنون إلى قسمني ‪ :‬القسم‬ ‫س��نحب عمل الصليب ونقبله ونخضع ل��ه ألننا نريد أن‬
‫األول يؤمنون بأن الرب هو طبيبهم الذي مينحهم الشفاء‬ ‫نحيا باملسيح فقط !!‬
‫والصحة ‪ ،‬أما القس��م الثاني فيؤمنون بأن الرب نفس��ه‬ ‫آه يا إخوتى ‪ ،‬إننا نحتاج أن نطلب من اهلل أن يحررنا‬
‫هو شفاؤهم ‪.‬‬
‫من «أعمالنا احلس��نة» متاماً كما نطلب منه أن يحررنا‬
‫القس��م األول يؤمن��ون أن ال��رب احل��ي الق��ادر على‬ ‫من خطايانا !! بل لعل اخلالص من اخلطية يكون أس��هل‬
‫كل ش��يء س��وف يلمس أجس��ادهم ومينحهم الشفاء‪،‬‬ ‫كثي��را ً من اخلالص من أعمال الذات احلس��نة ‪ ،‬ألن اخلطية‬
‫وأخش��ى أن أقول إنه بالنس��بة لهذا القسم يظل الرب‬ ‫واضح��ة و ُمدانة ومرفوضة ف��ي ضمائرنا بينم��ا أعمالنا‬
‫خ��ارج حياتهم كم��ا يظل الطبيب خ��ارج حياة مرضاه ‪،‬‬ ‫احلسنة مازالت حتظى منا بالتعاطف والقبول !!‬
‫الطبي��ب يقترب من املريض إلى ح�ين ثم يبتعد ألن لكل‬
‫منهم��ا حيات��ه اخلاص��ة‪ ،‬الطبي��ب يقترب م��ن مريضه‬ ‫املسيح حياتنا‬
‫ويتعامل معه حتى يتم الش��فاء ث��م يذهب كل منهما‬ ‫« متى ُأظهر املسيح حياتنا فحينئذ تظهرون‬
‫إلى طريقه‪ ،‬هؤالء املؤمنون يطلبون «ش��يئاً» خارجيا ً من‬ ‫أنتـم أيضا ً معه في اجملـد » ( كو‪)4 :3‬‬
‫الرب أال وهو الشفاء‪.‬‬ ‫يقول الكتاب إن املسيح هو حياتنا‪ .‬إنه احلياة ألرواحنا‬
‫وف��ي الكثي��ر م��ن األحي��ان مي��د اهلل ي��ده بالش��فاء‬ ‫وأجس��ادنا ‪ ،‬إنه ال مينحنا احلياة فحس��ب بل هو نفس��ه‬
‫ويس��تجيب لطلبة هذا القس��م من املؤمنني ‪ ،‬لكنه في‬ ‫حياتن��ا ‪ ،‬ولك��ي نفهم ه��ذا دعون��ا ننظر ألمر الش��فاء‬
‫ـ ‪ 137‬ـ‬ ‫ـ ‪ 136‬ـ‬
‫عن شخص املسيح ‪ ،‬وطاملا ينالون الشفاء من اهلل فكل‬ ‫الواقع يفعل هذا بقلب اآلب الذي يُس��ر بتسديد احتياج‬
‫ش��يء على ما يرام ‪ ،‬لكن احلقيقة أن الش��فاء كامن في‬ ‫أطفاله الصغار ‪ ،‬بالنس��بة للمؤم��ن «الطفل» قد يقبل‬
‫شخص املسيح نفسه وليس مستقل عنه ‪.‬‬ ‫اهلل أن يكون بالنسبة له الطبيب املُعالج ومانح الشفاء‪،‬‬
‫انظروا إلى املرأة نازفة الدم ( لو‪ )43 :8‬لقد اقتربت إلى‬ ‫لكن هذا ليس فكر اهلل الكامل ‪ ،‬والبد بعد فترة طالت أو‬
‫ال��رب من اخللف وملس��ت هدب ثوبه ‪ ،‬م��اذا حدث عندئذ ؟‬ ‫قص��رت أن يبدأ في التعامل م��ع هذا املؤمن الطفل لكى‬
‫لقد ش��عر الرب بأن ق��وة قد خرجت منه ‪ ،‬ق��وة من الرب‬ ‫يصل به للنضج ‪ ،‬لن يظل اهلل مجرد الطبيب بالنس��بة‬
‫نفسه خرجت لشفائها ‪ ،‬لم يعطها شيئا ً مستقالً عنه‬ ‫له��ذا املؤمن وقد ال يعطيه الش��فاء في املرة التالية ألنه‬
‫بل أعطاها قوة من نفس��ه ‪ ،‬لم مينحها شفاء بل كان هو‬ ‫ي ِّدخر له األفضل ‪ ،‬فاهلل يريد أن يصل بأبنائه الناضجني إلى‬
‫ذاته شفاءها !! احلياة املوجودة في شخصه خرجت إليها‬ ‫إدراك أفضل‪ ،‬يريدهم أن يدركوا أنه ليس الرب ش��افيهم‬
‫وأعطت جلسدها املريض احلياة ‪ ،‬وفي كل مكان ذهب إليه‬
‫فحس��ب بل باحلرى هو الرب ش��فاؤهم ‪ ،‬إن��ه ليس مجرد‬
‫الرب كان يبذل نفسه لشفاء جميع الناس !!‬
‫طبيب يهتم بهم أحيانا ً ويقترب منهم في وقت مرضهم‬
‫القس��م الثان��ى م��ن املؤمن�ين يعتب��رون ال��رب هو‬ ‫ويعطيهم الشفاء بل هو نفسه الشفاء !!‬
‫ش��فاؤهم وليس شافيهم ‪ ،‬في وس��ط املرض والضعف‬
‫يرف��ع املؤمن الناض��ج عينيه إلى الس��ماء ‪ ،‬وبرغم األلم‬ ‫الرب شفاؤنا‬
‫يصلي قائ�لاً «يارب‪ ،‬أنا ال أريد أن تك��ون طبيبي ثم متضي‬ ‫عدد كبير جدا ً من املؤمنني يعتبرون الش��فاء «شيئاً»‬
‫بعد نوالى الش��فاء‪ ،‬وأن��ا ال أنظر إليك منتظرا ً أن متنحنى‬ ‫يأخذونه من اهلل‪ ،‬يظنون الش��فاء ش��يئا ً مستقالً بذاته‬

‫ـ ‪ 139‬ـ‬ ‫ـ ‪ 138‬ـ‬
‫عالقتنا بال��رب عمقاً‪ ،‬تأثرت أجس��ادنا به��ذه العالقة‬ ‫ش��فاء أس��تمتع به حتى في غيابك عني ‪ ،‬ي��ا رب أنا أريد‬
‫‪ ،‬الف��رق يكم��ن فيم��ا نتطلع إلي��ه ونطلبه ونش��عر‬ ‫كنت أحتاج لطبيب فأنا أريدك‬ ‫ُ‬ ‫أن تكون أنت ش��فائي‪ ،‬إن‬
‫باالحتي��اج إليه‪ ،‬في البداية كنا نطلب الش��فاء ونريد‬ ‫كنت أحتاج لشفاء فأنا أحتاج‬ ‫طبيبا ً تسكن بداخلي‪ ،‬وإن ُ‬
‫أن نأخذه م��ن الرب‪ ،‬أما بعد النضوج صرنا نطلب الرب‬ ‫الشفاء املوجود في شخصك»‪.‬‬
‫نفس��ه وننتظر مش��يئته وعمله وهو بال شك يحمل‬ ‫أيه��ا األحباء إن ش��فاءنا له ذات حي��ة وليس مجرد‬
‫في شخصه كل الشفاء لنا‪.‬‬ ‫ش��يء ميت‪ ،‬إنه ش��خص ح��ي‪ ،‬لقد صار الرب نفس��ه‬
‫أش��كر إلهي ألني نلت منه الش��فاء م��رات عديدة ‪،‬‬ ‫شفاءنا‪ ،‬اهلل شفاؤنا‪ ،‬هل تستطيعون اآلن أن تروا الفرق‬
‫أس��تطيع أن أخبركم بتواريخ محددة كنت فيها مريضا ً‬ ‫بني هذين القس��مني من املؤمنني ؟ إنهما مختلفان كل‬
‫ث��م بتواريخ مح��ددة أخذت فيها من اهلل الش��فاء ‪ ،‬إنها‬ ‫االختالف‪ ،‬البد أن يأتي اليوم الذي نتعلم فيه هذا الدرس‬
‫مرات كثيرة وكلما حاولت أن أحصيها كان يزداد عددها!!‬ ‫ون��درك هذا الف��رق ‪ ،‬البد أن يأتي ي��وم نطلب فيه ما هو‬
‫لكني أريد أن أشكر اهلل أكثر جدا ً ألنه في يوم محدد فتح‬ ‫أكثر من الش��فاء‪ ،‬البد أن يأتي يوم ندرك أن الرب نفسه‬
‫عيني ألرى أن الرب يسوع املسيح هو نفسه شفائي‪ ،‬هذا‬ ‫ّ‬ ‫هو احلياة ألجسادنا‪.‬‬
‫حدث مرة واحدة ولـم يتكرر م��رة ثانيـة ألن هـذا اإلعالن‬ ‫هذا ليس معناه إننا لن نطلب الش��فاء ولن نناله‪،‬‬
‫ال يحت��اج أن يتكرر‪ ،‬إنها مرة واحدة وإلى األبد ‪ ،‬مرة واحدة‬ ‫حاشا ‪ ،‬فإذا كان الرب ساكنا ً فينا فالبد أن تتأثر أجسادنا‬
‫عيني من على الش��فاء كش��يء إلى الرب‬ ‫ّ‬ ‫ارتفعت فيها‬ ‫بالش��فاء املوجود في ش��خصه ‪ ،‬إن عالقتن��ا الروحية‬
‫نفس��ه كش��فائي ‪ ،‬ومن يومها لم يعد ش��فائي حالة أو‬ ‫م��ع الرب تترك بصمتها على أجس��ادنا ‪ ،‬وكلما ازدادت‬

‫ـ ‪ 141‬ـ‬ ‫ـ ‪ 140‬ـ‬
‫لقد اس��تمر املرض كم��ا هو لكنه أدرك أن ش��فاءه أيضا ً‬ ‫اختبارا ً بل صار ش��خصا ً حياً‪ .‬احلاالت واالختبارات ميكن أن‬
‫مستمر معه كل الوقت !!‬ ‫تحُ صى وتُعد أما الشخص فال يخضع لإلحصاء أو التعدد‪،‬‬
‫إنه ش��خص واح��د وإلى األب��د !! أيها األحب��اء‪ ،‬أن نطلب‬
‫إخوت��ي‪ ،‬م��ا ه��و مفهومنا ع��ن الش��فاء ؟ معظمنا‬
‫ش��فاءنا من الرب أو أن نطلب ش��خصه كشفائنا هذان‬
‫يعتقد أن الش��فاء هو زوال املرض ‪ ،‬وأنه ال يوجد شفاء إال‬
‫طريق��ان مختلفان متاماً‪ ،‬األول نهايته «ش��يء» أما الثاني‬
‫بخروج املرض من أجس��ادنا ‪ ،‬لكن احلقيقة ليست هكذا‬
‫فآخره «شخص» الرب نفسه‪.‬‬
‫دائما ً ‪ ،‬الش��فاء في مفهومه األعم��ق ليس خروج املرض‬
‫من أجس��ادنا بل دخول الرب إلى أجسادنا ‪ ،‬الشفاء ليس‬ ‫الشفاء في حياة الرسول بولس‬
‫غياب الضعف بل حضور القوة !!‬ ‫رغ��م أن الرس��ول بولس ل��م ينل الش��فاء من اهلل‬
‫لش��وكته إال أنه ُ‬
‫شفي !! هل تالحظ الفرق بني األمرين؟!‬
‫قبول اإلعالن‬ ‫يخبرنا الرس��ول في ( ‪2‬ك��و ‪ )12‬أنه ل��م يحصل من اهلل‬
‫أن��ا أتذكر جيدا ً كي��ف رأيت وقبلت ه��ذا اإلعالن ألول‬ ‫على الش��فاء باعتباره «شيئاً» مستقالً إال أنه أخذ فهما ً‬
‫م��رة ‪ ،‬كان مثل نور الفجر الذي يبدأ ثم يتزايد ببطء حتى‬ ‫يرفعه فوق املرض ‪ ،‬لقد فهم أن نعمة الرب ستكفيه‪ ،‬وأن‬
‫يش��رق بكل بهائه ‪ ،‬وس��بب البطء في قبول هذا اإلعالن‬ ‫ق��وة الرب في ضعفه س��تُكمل ‪ ،‬أي أن الرب نفس��ه كان‬
‫أن ذهني لم يكن يس��تطيع أن يقبل إال منطق «األشياء»‪،‬‬ ‫هو ش��فاءه من امل��رض ‪ ،‬لقد فهم أن ش��فاءه يكمن في‬
‫لقد اعتدنا على «األش��ياء» وكل ما ن��راه حولنا حتى في‬ ‫الرب املوجود في حيات��ه بنعمته وقوته ‪ ،‬ورغم أن ضعف‬
‫اجملال الروحي هو مجرد «أش��ياء» ‪ ،‬كنت أحتاج شفاء في‬ ‫اجلس��د ظل موجوداً إال أن الشفاء أيضاً ظل موجوداً!!‬

‫ـ ‪ 143‬ـ‬ ‫ـ ‪ 142‬ـ‬
‫آلخر بصخور بارزة من قاع النهر ‪ ،‬كانت مياه النهر ضحلة‬ ‫أمر ما ولم أكن أفهم بعد أن الش��فاء ليس ش��يئا ً بل هو‬
‫في هذا الوقت من الس��نة وقاع النهر كان صخريا ً ‪ ،‬حتى‬ ‫الرب نفس��ه ‪ ،‬لم أكن أفهم أن ال��رب يهيئني ليكون هو‬
‫أن قائد القارب كان يضطر أحيانا ً إلى ربط القارب وسحبه‬ ‫بش��خصه كل ش��يء بالنس��بة لي ‪ ،‬كنت أفهم أن اهلل‬
‫باحلبال ‪ ،‬وعندما تذكرت هذا املشهد وجدت نفسي أصلي‬ ‫أعطان��ي وع��دا ً بالش��فاء لكنى ل��م أكن أفه��م أنه هو‬
‫«أنه من الس��هل عليك يا رب أن تزيل هذه الصخور ‪ ،‬كم‬ ‫شفائي !!‬
‫س��يكون ممتعا ً أن يبحر القارب بسهولة على مياه النهر‬ ‫وفي أح��د األيام كنت أقرأ قصة الرس��ول بولس في‬
‫لو أنك فقط أزلت هذه الصخور» !!‬ ‫(‪2‬كو ‪ )12‬ووقف��ت متحيرا ً أمام فكرة طرأت لي ‪ :‬ملاذا لم‬
‫عندئذ ب��دأت أقرأ مرة أخرى (‪2‬ك��و‪ )12‬ووجدت أن هذه‬ ‫ينزع الرب الش��وكة من جسد الرسول ؟! كنت أؤمن أنه‬
‫كانت صالة بولس أيض��ا ً ‪ ،‬كانت مياهه ضحلة والصخور‬ ‫من الس��هل جدا ً على الرب أن يعطي للرس��ول الشفاء‬
‫تب��رز حادة من ق��اع النهر ‪ ،‬لذلك كان��ت صالته «يارب‪ ،‬هل‬ ‫وينزع الشوكة من جسده ‪ ،‬فلماذا لم يفعل هكذا ؟! بدا‬
‫لك أن تزيل هذه الصخور حتى يبحر قاربي بس��هولة على‬ ‫ل��ي هذا األمر غريبا ً حتى أني حتولت للصالة طالبا ً فهما ً‬
‫املياه؟!» ولكن اهلل أجابه «أنا لن أزيل الصخور ولكني سأرفع‬ ‫من اهلل‪.‬‬
‫منسوب املياه ‪ ،‬وعندما ترتفع املياه في النهر سيستطيع‬ ‫يذكرني مبوقف حدث معي‬ ‫وبينما كنت أصلي بدأ الرب ِّ‬
‫القارب أن يسير بسهولة مرتفعا ً فوق الصخور» !! إخوتي‬ ‫منذ عدة س��نوات مضت ‪ ،‬في عام ‪ 1923‬دُعيت ألعظ في‬
‫األعزاء ‪ ،‬إن حل مشاكلنا ال يكمن دائما ً في «نزع» املعوقات‬ ‫إح��دى املدن ‪ ،‬وفي طريقي للمدين��ة ركبت قاربا ً يبحر في‬
‫لكن في «أخذ» قوة ترفعنا فوق املعوقات !!‬ ‫نه��ر «مينج»‪ ،‬والحظت أن الق��ارب كان يصطدم من حني‬

‫ـ ‪ 145‬ـ‬ ‫ـ ‪ 144‬ـ‬
‫أكثر صبرا ً وطول أناة ‪ ،‬ظانني أنه إذا زادت « كمية » الصبر‬ ‫ه��ذه هى طريق��ة اهلل معنا في أحي��ان كثيرة ‪ ،‬نحن‬
‫في حياتهن فس��يكون كل شيء على ما يرام ‪ ،‬يطلنب من‬ ‫نطلب الش��فاء كش��يء نأخذه م��ن اهلل ‪ ،‬نري��د دائما ً أن‬
‫اهلل « جرع��ة » إضافية من طول األن��اة ليتمك َّن من إدارة‬ ‫ين��زع اهلل الداء الذي يعوقنا ‪ ،‬لك��ن اهلل يريد أن يكون هو‬
‫بيوتهن بشكل سليم ‪ ،‬وأحيانا ً يستجيب اهلل ويعطيهن‬ ‫ش��فاءنا ‪ ،‬يريد أن يرفعنا بنفس��ه فوق الضعف واملرض ‪،‬‬
‫نعمة جتعله��ن طويالت األناة ملدة ثالث��ة أو أربعة أيام ثم‬ ‫لقد ظ��ل الضعف اخلاص ببولس موج��ودا ً لكنه لم يعد‬
‫يعود كل ش��يء كما كان‪« .‬طول األن��اة» الذى مينحه اهلل‬ ‫يحاول اجتيازه بقواه الشخصية ‪ ،‬لقد صارت قوة املسيح‬
‫له حدود زمنية يتناقص بعدها حتى يضمحل‪ ،‬ألنه مجرد‬ ‫تظلله وترفعه فوق ضعفه ‪ ،‬لم ينل شفاء لكنه ُ‬
‫شفي !!‬
‫«شيء» فالبد أن ينتهي ألن األشياء ال تدوم !!‬ ‫لم ينزع الرب الضعف من جس��د الرسول لكنه َّ‬
‫حل فيه‬
‫بقوته ونعمته فرفعه فوق الضعف حتى صار يفتخر في‬
‫ورغ��م أننا نأخذ هذه العطايا من اهلل بالصالة إال أنها‬
‫الضعف��ات !! إخوتي ‪ ،‬هل رأيتم الفرق بني أن يعطينا اهلل‬
‫تُس��تهلك وتنتهي ‪ ،‬املقاوم��ة والظروف الت��ي نواجهها‬
‫شفاء وبني أن يكون هو بنفسه شفاءنا ؟!‬
‫تس��تهلك طاقتنا والعطايا التي نأخذها من اهلل ‪ ،‬أحيانا ً‬
‫يعطينا اهلل «أشياء» ليس��د بها احتياجا ً مؤقتا ً ألبنائه ‪،‬‬ ‫األشياء ال تدوم‬
‫وقد يتغاضى عن غبائهم ويستجيب طلباتهم ويعطيهم‬ ‫لألس��ف مازال الكثيرون من أبناء اهلل يس��عون خلف‬
‫«األش��ياء» التي يريدونها ‪ ،‬لكن هذه األشياء ال تدوم واهلل‬ ‫األش��ياء !! بعض األخوات أتني مؤخرا ً ليتكلمن معي عن‬
‫لن يستمر يس��تجيب طلباتنا بهذا الشكل طويالً ‪ ،‬البد‬ ‫معاناتهن مع أبنائهن وأزواجهن ‪ ،‬ويطلنب معونتي ليصرن‬
‫ـ ‪ 147‬ـ‬ ‫ـ ‪ 146‬ـ‬
‫للنموذج الذي في فكر اهلل لن جند بداخلنا سؤاال ً أو طلبة‬ ‫أن يقودن��ا آج�لاً أو عاجالً لكي نفهم أن املس��يح هو كل‬
‫سوى شخص املسيح ‪.‬‬ ‫شيء بالنسبة لنا ‪.‬‬

‫ينبغى أن نعرف املسيح‬ ‫مبا أن الكتاب يعلن لنا احلق اخلاص بكون املس��يح هو‬
‫كل شيء عند اهلل لنا ‪ ،‬وأن شخصه ينبغي أن يكون الكل‬
‫في نظر اهلل كل املواضيع الروحية تدور حول موضوع‬
‫في الكل ‪ ،‬لذلك أثق أن اهلل لن يس��مح لألشياء بأن حتتل‬
‫واحد مركزي أال وهو «معرفة املسيح»‪ ،‬ماذا نقصد مبعرفة‬
‫مكان املسيح في حياتنا ‪ ،‬ولن يسمح للمحبة والتواضع‬
‫املس��يح ؟! نقصد مدى إدراكنا أن املسيح صار كل شيء‬
‫لن��ا‪ ،‬بعض املؤمنني يعرفون املس��يح باعتب��اره محبتهم‬ ‫وطول األناة وأية «أش��ياء» أخرى أن تظل حتظى باهتمامنا‬
‫فقط بينم��ا البعض اآلخر يعرفون��ه كتواضعهم أيضا ً ‪،‬‬ ‫أكثر من ال�لازم‪ .‬البد أن يأتى اليوم الذي نقبل فيه اإلعالن‬
‫البعض يعرفون الكثير من جوانب ش��خصه والبعض لم‬ ‫القائ��ل بأن املس��يح هو محبتنا وطول أناتن��ا وتواضعنا ‪،‬‬
‫يعرفوا إال القليل ‪ ،‬البعض يعرف املس��يح باعتباره أربعة‬ ‫املس��يح هو كل ما وهبه اهلل لنا ‪ ،‬املسيح هو عطية اهلل‬
‫أو خمس��ة مواضيع بينما البعض اآلخ��ر يعرفونه ككل‬ ‫الوحيدة التي ال يُعبر عنها ‪ ،‬اهلل لم مينحنا أش��ياء كثيرة‬
‫مواضيع حياتهم ‪ ،‬إن مقدار األشياء التي صرنا جندها في‬ ‫بل عطية واحدة هى شخص االبن الوحيد ‪ ،‬وعندما نقبل‬
‫املسيح يحدد مقدار معرفتنا بشخصه ‪ ،‬معرفة املسيح‬ ‫هذا اإلعالن ستنتهى كل التساؤالت واحليرة التي بداخلنا‬
‫ليس��ت مجرد معرفة نظرية تتعلق بقبول احلق الكتابي‬ ‫وس��نجد كل اإلجابات في ش��خص املس��يح ‪ ،‬لن جند في‬
‫عن شخصه بل هي معرفة حية وإيجابية وواقعية ‪ ،‬إنها‬ ‫داخلنا سعيا ً وراء احملبة أو الصبر أو أي شيء آخر بل فقط‬
‫معرفة شخصه باعتباره كل شيء في حياتنا !!‬ ‫وراء املس��يح ‪ ،‬عندما تصي��ر عالقتنا باملس��يح مطابقة‬
‫ـ ‪ 149‬ـ‬ ‫ـ ‪ 148‬ـ‬
‫أنه يجته��د ويصلي ويأخذ من اهلل بعض األش��ياء إال أن‬ ‫س��معت مرة أحد اإلخوة يش��هد كي��ف أنه لم يكن‬
‫كل ما ميلك س��يبقى مؤقتا ً وزائالً ‪ ،‬وأعمالنا مهما كانت‬ ‫يعرف ش��يئا ً ع��ن نقاء القلب ‪ ،‬وقلبه وأف��كاره كانت غير‬
‫س��تظل ضئيلة القيمة أمام اهلل ‪ ،‬هذا إذا كان لها قيمة‬ ‫نقية باملرة ‪ ،‬لكنه يش��كر اهلل اآلن ألن املسيح صار نقاءه‪،‬‬
‫على اإلطالق !!‬ ‫فاهلل جعل املس��يح برنا وقداستنا ‪ ،‬وكلما عرف املسيح‬
‫يؤس��فنى تك��رار القول إن معظ��م املؤمنني ينظرون‬ ‫أكث��ر متتع بنق��اء القلب واألف��كار ‪ ،‬وأنت تس��تمع لهذه‬
‫للنعمة على أنها ش��ىء يأخذونه من اهلل‪ ،‬وقليلون فقط‬ ‫الش��هادة تدرك أن نقاء القلب والفكر ليس شيئا ً منتلكه‬
‫هم الذين يرون أن النعمة هي ش��خص املس��يح نفس��ه‬ ‫ب��ل باحلري هو املس��يح نفس��ه يحيا بنقائه ف��ي القلب‬
‫والفكر ‪ ،‬هذا األخ عرف املس��يح باعتباره قداسته ونقائه‬
‫‪ ،‬إن��ي أتطلَّ��ع لليوم ال��ذي فيه يس��تطيع كل ابن هلل أن‬
‫وطاملا املس��يح يحيا بداخله فهو يس��تمتع بالقداس��ة‬
‫يصل��ى قائالً ‪« :‬يا رب أنا أس��بحك وأش��كرك ألن النعمة‬
‫والنقاء ‪ ،‬إنه ال ميتلك ش��يئا ً اس��مه القداس��ة بل باحلري‬
‫التى أخذتها منك هي ش��خص املسيح ‪ ،‬نعمتك لى هى‬
‫ميتلك املسيح واملسيح يحمل في شخصه كل القداسة‬
‫ش��خص حي وليست مجرد أشياء ‪ ،‬نعمتك لها ذات حية‬
‫له‪ ،‬هذه هي املسيحية احلقيقية !!‬
‫و كيان أبدي!!»‬
‫دعوني أقول بصراحة ‪ :‬إن أي مؤمن ال يفتح اهلل عينيه‬
‫التمييز بني املوت واحلياة‬ ‫ليرى أن املسيح هو كل ش��يء بالنسبة له سيظل بدون‬
‫مبج��رد أن نصل إلى ه��ذا اإلدراك سنس��تطيع أن من ِّيز‬ ‫ميجد اهلل في‬
‫فائ��دة هلل !! لن يس��تطيع هذا املؤم��ن أن ِّ‬
‫بني املوت واحلياة !! كثيرون من اإلخوة يس��تطيعون فقط‬ ‫حيات��ه ألنه ال ميتلك إال مجه��وده وأعماله الصاحلة ‪ ،‬رغم‬
‫ـ ‪ 151‬ـ‬ ‫ـ ‪ 150‬ـ‬
‫بالنس��بة ملن ل��م يدرك ه��ذا احلق يبدو ه��ذا التمييز‬ ‫التمييز بني اخلير والش��ر لكنهم ال يس��تطيعون التمييز‬
‫صعب��ا ً لكن بالنس��بة لكل م��ن فتح ال��رب عينيه على‬ ‫ب�ين املوت واحلياة !! ال يس��تطيعون التميي��ز بني العطايا‬
‫املسيح سيكون هذا التمييز سهالً جدا ً ‪ ،‬كل ما هو مجرد‬ ‫واألش��ياء امليت��ة وب�ين احلياة التي في ش��خص املس��يح‬
‫«ش��يء» هو موت ويصنع موتا ً !! ولو كنت متتلك التمييز‬ ‫نفس��ه‪ ،‬والس��بب أنهم لم يفهموا بع��د أن كل البركات‬
‫الروحي لشعرت باملوت في أعماقك وأنت تقوم بعمل ناجت‬ ‫الروحية هي في شخص املسيح وحده ‪ ،‬لم يدركوا بعد أن‬
‫العالم الروحي ليس فيه أش��ياء بل شخص املسيح احلي‬
‫عن «شيء» وليس عن املسيح احلي بداخلك‪ ،‬ونتيجة هذا‬
‫الذي يجمع في ذاته كل األشياء والبركات الروحية ‪.‬‬
‫العمل ال ميكن أن تكون سوى موت وليس حياة !!‬
‫عندما يفتح اهلل عينيك لتدرك هذا احلق س��تبدأ حاال ً‬
‫ق��د تُصادف خادما ً لطيفا ً جدا ً لك��ن تالحظ أن تأثيره‬
‫ف��ي التمييز ب�ين املوت واحلي��اة ‪ ،‬قد تلتقي يوما ً بش��خص‬
‫الروحي في اآلخرين محدود جدا ً أو منعدم‪ ،‬والسبب هو أن‬
‫يبدو لك هادئ��ا ً ورقيقا ً ومتواضعا ً ومحب��ا ً وحنونا ً ‪ ،‬ولكنك‬
‫ما ميتلكه من صفات حس��نة هي مجرد صفات طبيعية‬
‫تستطيع التمييز بعينيك املفتوحتني أن كل ما ميتلكه هذا‬
‫جسدية ‪ ،‬قد يسعدنا أن جند خادما ً لطيفا ً ومحبا ً وصبورا ً‬ ‫الش��خص هو أشياء ميتة !! وس��يكون هذا التمييز سهالً‬
‫ومضحي��ا ً ولك��ن إذا كانت ه��ذه مجرد صف��ات طبيعية‬ ‫ألن الرب قد فتح عينيك ‪ ،‬متاما ً كما يس��تطيع أي إنسان أن‬
‫فهي ليست سوى أشياء ميتة وال ميكن أن تؤثر روحيا ً في‬ ‫مييز بسهولة بني اخلامت واألصبع أو بني القبعة والرأس أو بني‬
‫اآلخري��ن‪ ،‬ال ميكن للموت أن يصنع حي��اة !! ولو كان لديك‬ ‫النظارة والعني أو بني الثوب واجلسد هكذا يستطيع إنسان‬
‫التمييز الروحي لشعرت باملوت الكامن في هذه الصفات‬ ‫اهلل أن مييز بسهولة بني األشياء امليتة واملسيح احلي !!‬
‫ـ ‪ 153‬ـ‬ ‫ـ ‪ 152‬ـ‬
‫عندم��ا ندرك هذا احلق لن جند ش��يئا ً نفعله أمام اهلل‬ ‫احلس��نة ورمبا أثارت بداخلك اإلحس��اس بع��دم الراحة أو‬
‫س��وى أن ننتظره ‪ ،‬ونحن ننتظر أمام اهلل سوف نكتشف‬ ‫حتى بالرغبة في املقاومة !!‬
‫شيئا ً فشيئا ً الش��ر الكامن في أفضل أعمالنا ‪ ،‬تدريجيا ً‬
‫احلياة تقاوم املوت‬
‫س��ندرك أن اهلل يرفض أعمالنا الصاحلة متاما ً كما يرفض‬
‫خطايانا !! إذا كان ينبغ��ي أن يتوب اخلطاة عن خطاياهم‬ ‫احلياة املوج��ودة بداخلنا لديها ق��وة لتمييز ومقاومة‬
‫فأصح��اب البر الذاتي واألعمال الصاحل��ة ينبغي أيضا ً أن‬ ‫كل موت يوجد وس��ط جماعة ال��رب ‪ ،‬ولنأخذ لهذا مثالً‪:‬‬
‫يتوبوا عن أعمالهم !! ألن اهلل يبغض صالح اجلسد متاماً‬ ‫عندم��ا توجد في اجتم��اع للصالة جتد نفس��ك تتجاوب‬
‫أحيان��ا ً م��ع بعض الصل��وات بكلمة « آم�ين » ‪ ،‬ملاذا ؟ ألن‬
‫كما يبغض خطايا اجلس��د !! اهلل ال يقبل إال ش��خصا ً‬
‫احلياة التي بداخلك تالمست مع حياة املُصلي ‪ ،‬األخ الذي‬
‫واح��دا ً فقط أال وهو ابنه يس��وع املس��يح الذي ينبغي أن‬
‫يصل��ي تالمس مع احلياة التي بداخل��ك لذلك جتاوبت مع‬
‫يصير كل شيء بالنسبة لنا‪.‬‬
‫صالته بقولك « آمني » ‪ ،‬لكن صالة شخص آخر في نفس‬
‫إلي أنا ‪ ،‬شكرا ً‬
‫ش��كرا ً هلل ألنه ينظر إلى املسيح وليس ّ‬ ‫االجتماع قد تُنت��ج بداخلك برودة وموتا ً ‪ ،‬ورغم أن الصالة‬
‫هلل ألنه ال يتوقع مني أنا أي ش��يء بل من املس��يح الساكن‬ ‫تبدو أمينة وصادقة إال أنك تتمنى أن تنتهي ‪ ،‬بل قد تشعر‬
‫بداخلي ‪ ،‬لست أنا الذي يحاول أن يكون متواضعا ً بل املسيح‬ ‫أنك تري��د منع هذا األخ من مواصلة الصالة !! ملـاذا ؟! ألن‬
‫بداخلي هو املتواضع ‪ ،‬لس��ت أنا الذي ينبغي أن يجاهد لكي‬ ‫هذا األخ ال ميتلك إال « أش��ياء » يصلي بها ‪ ،‬وهذه األشياء‬
‫يحب بل املسيح هو الذي يحب بداخلي ‪ ،‬إنه ال يعطيني قوة‬ ‫ميتة في ذاتها وينتش��ر املوت حولها ‪ ،‬هذه األشياء ليس‬
‫ألفعل هذا أو ذاك بل هو نفسه قوتي ‪ ،‬له اجملد لألبد !!‬ ‫لها قيمة روحية ألنها من صنع اإلنسان !!‬

‫ـ ‪ 155‬ـ‬ ‫ـ ‪ 154‬ـ‬
‫يصير املس��يح هو الكل في الكل في املستقبل إذا كنتم‬ ‫خـامتــة‬
‫ال تعرفون��ه اليوم كالكل في ال��كل في حياتكم ؟! كيف‬
‫آه يا إخوتي وأخواتي ‪ ،‬أنا ال أس��تطيع التعبير عن هذا‬
‫ندعي أننا نشتاق لليوم الذي يصير فيه املسيح هو الكل‬ ‫ّ‬ ‫احلق بكلمات أكثر ‪ ،‬لكني أمتنى أن تكون الكلمات السابقة‬
‫في األرض والس��مـاء إذا كنا ال نس��تطيع أن نقبله اليوم‬ ‫كافية لكي تلفت أنظارك��م إلى هذا احلق الكتابي ‪ ،‬كم‬
‫كالكل في حياتنا ؟!‬ ‫أش��تاق أن تتعلموا هذا احلق مبكرا ً في حياتكم الروحية‬
‫اهلل قد أعطانا ابنه الوحيد ليصير كل شيء في حياتنا‪،‬‬ ‫لك��ي تو ِّفروا على أنفس��كم الكثير من املش��قة ‪ ،‬وألنه‬
‫اهلل ل��م يعطنا أش��ياء ب��ل أعطانا ذات��ه ‪ ،‬لذل��ك ينبغي أن‬ ‫كلم��ا م��ر الوق��ت دون أن نتعلم��ه يصي��ر التعلُّ��م أكثر‬
‫نقبل املس��يح ككل ش��يء بالنس��بة لنا ‪ ،‬ينبغي أال نظن أن‬ ‫صعوبة‪ ،‬كلما كبرت كومة « األش��ياء » في حياتنا ازدادت‬
‫هناك أش��ياء روحية بعيدا ً عن املس��يح ‪ ،‬املس��يح فقط هو‬ ‫صعوبة النظر من خاللها !! كثرة األش��ياء الروحية التي‬
‫«الروح��ى» وكل ما عداه أش��ياء جس��دية فاني��ة ‪ ،‬هذا احلق‬ ‫نفتخر بها حتجب عنا رؤية احلق اخلاص باملس��يح باعتباره‬
‫ينبغ��ي أن يتث َّبت فينا وفي كل الكنيس��ة في الوقت احلاضر‬ ‫كل ش��يء في حياتنا‪ ،‬مما يضطر اهلل أن يهز حياتنا بعنف‬
‫قبل أن نتطلع لتحقيقه بصورة كاملة وعامة في املستقبل‬ ‫ويهدم أش��ياء كثيرة نفتخر بها ونحبها لكي يكون قادرا ً‬
‫‪ ،‬عندما نفهم اآلن كيف يكون املس��يح هو محبتنا وصبرنا و‬ ‫أن يلفت أنظارنا إلى املسيح وحده ‪.‬‬
‫س�لامنا سنستطيع أن نفهم كيف سيكون الكل في الكل‬ ‫أنا أتطل��ع معكم إلى اليوم الذي يجمع فيه اهلل كل‬
‫في املس��تقبل القريب ‪ ،‬ما نتعلمه اليوم ونعيشه في نطاق‬ ‫األش��ياء ـ س��واء ما في الس��ماء أو ما عل��ى األرض ـ في‬
‫حياتنا احملدودة سيفيدنا جدا ً في ذلك اليوم حني يُستعلن ابن‬ ‫شخص املسيح ‪ ،‬عندئذ سيتم قول الكتاب إن املسيح هو‬
‫اهلل كالكل في الكل في األرض والسماء ‪ ،‬له اجملد لألبد !!‬ ‫الكل في الكل ‪ ،‬لكني أريد أن أسألكم ‪ :‬كيف تتوقعون أن‬
‫ـ ‪ 157‬ـ‬ ‫ـ ‪ 156‬ـ‬
‫احلق واالس��تنارة ‪ ،‬اكس��رنا أمامك يا رب وال تسمح لنا أن‬ ‫صــالة‬
‫نخدع أنفس��نا ‪ ،‬ال تس��مح أن نظن أننا ن��رى جيدا ً بينما‬ ‫ي��ا رب هانحن أمامك نطلب من��ك نعمة ‪ ،‬يا رب نحن‬
‫نح��ن ال ن��ري ش��يئا ً باملرة ‪ ،‬ال تس��مح أن نعتق��د أننا في‬
‫نعت��رف أن عيوننا عمياء جدا ً وال تس��تطيع أن مت ِّيز األمور‬
‫الطريق بينما نحن بعيدا ً متاما ً عنه ‪ ،‬ال تس��مح أن نص ِّدق‬
‫بوضوح ‪ ،‬عيوننا تري األش��ياء وال ترى املس��يح ‪ ،‬األش��ياء‬
‫أننا مملؤون باحلياة بينما احلقيقة أننا مملؤون بأشياء ميتة‪،‬‬
‫تبدو قريبة جدا ً بينما املس��يح يبدو لنا بعيدا ً ‪ ،‬إننا نطلب‬
‫يا رب املس��نا وث ِّبت ش��خصك بقوة فينا حتى تصير أنت‬
‫ب��كل قلوبنا أن جتعلنا نري احلق جليا ً ‪ ،‬نري املس��يح وليس‬
‫الكل في الكل في حياتنا !!‬
‫األش��ياء ‪ ،‬لنبتعد عن األشياء امليتة ومنتلئ باحلياة ‪ ،‬يا رب‬
‫ي��ا رب بارك ه��ذه الكلم��ات حتى تثمر وحت��ول إخوتي‬
‫إنن��ا بأمانة نطل��ب أن تخلِّصنا من األش��ياء حتى نعرف‬
‫فش��لت أنا في قوله تس��تطيع أن تقوله‬
‫ُ‬ ‫رجوعا ً إليك‪ ،‬ما‬
‫املسيح شخصيا ً ويكون هو كل شيء في حياتنا ‪ ،‬دع كل‬
‫أنت‪ ،‬ليتك تغطي ضعفي اإلنساني وتغفر حماقتي‪ ،‬ليتك‬
‫ش��يء فينا ينبض باحلياة حتى عندما ينظر الناس إلينا ال‬
‫تأخذ لنفسك مجدا ً في وسطنا ‪ ،‬نحتاج أن ننطرح أمامك‬
‫يروا إال املسيح احلي !!‬
‫عرايا حتى نرى أنفسنا كما ترانا أنت ‪ ،‬ليت هذا اليوم يكون‬
‫يوم الكش��ف والفض��ح لكثيرين منا ‪ ،‬ليت ش��عاعا ً من‬ ‫يا رب اجعلنا نفهم كيف أن هذين الطريقني مختلفان‬
‫نورك يقتحمنا ويفضح كل زيف فينا ‪ ،‬ومي ِّيز بني شخصك‬ ‫متاما ً ‪ ،‬كما أن طريق األبرار يختلف متاما ً عن طريق األشرار‬
‫وبني كل األش��ياء األخرى بداخلنا ‪ ،‬ليتك تبارك كلمتك لنا‬ ‫كذلك وبنفس املقياس يختلف طريق املؤمن احلقيقي عن‬
‫ومتجد اسمك ‪ ،‬في اسم ربنا يسوع املسيح‪ .‬آمــني‪.‬‬ ‫ِّ‬ ‫طريق املس��يحي املزيف ‪ ،‬نحن نحتاج بشدة إلى مزيد من‬

‫ـ ‪ 159‬ـ‬ ‫ـ ‪ 158‬ـ‬

You might also like