Professional Documents
Culture Documents
تعريف "العولمة":
"العولمة" Globalizationحسب تعبير خبراء السياسة في الششدول الناميششة ،تحمششل معنششى "جعششل
الشيء على مستوى عالمي ،أي نقله من حيز المحدود إلى آفاق "اللمحدود" .واللمحدود هنا يعنششي العششالم
بأسششره ،فيكششون إطششار النشششاط والعلقششات والتعامششل والتبششادل والتفاعششل علششى اختلف صششوره السياسششية
والقتصادية والثقافية والعلمية وغيرها ،متجاوزًا الحدود الجغرافية المعترف بها لدول العالم ،وهذا المعنى
يجعل "العولمة" تطرح ضمنًا مستقبل الدولة القومية Nation-Stateوحششدود سششيادتها الوطنيششة ،ودورهششا
على الصعيدين الداخلي و الخارجي" .بينما جاء تعريف "العولمة" حسب المفهوم المريكي "بتعميم نمششط
من النماط الفكرية والسياسية والقتصادية لجماعة معينة ،أو نطاق معين ،أو أمة معينششة علششى الجميششع ،أو
العالم بأسره" .وبما أن "العولمة" بدأت أساسًا من الوليات المتحدة المريكيششة ،فقششد جششاءت نظريشًا كششدعوة
لتبني النموذج المريكي في القتصاد والسياسة والثقافة والعلوم وبالتالي طريقة الحياة بشكل عام.
مقدمات "العولمة":
وجاءت "العولمة" أساسًا كنتاج للثورة العلمية والتكنولوجيششة ،الششتي كششانت نقلششة نوعيششة فششي تطششور
الرأسمالية العالمية ،في مرحلة ما بعد الثورة الصناعية التي ظهرت فششي منتصششف القششرن 18فششي أوروبششا،
ونتيجة لستخدام الطاقة ،التي غيرت بشكل جذري أسلوب وعلقات النتاج ،لتبدأ معها مرحلة جديششدة مششن
مراحل التطور النساني ،اتصششف بالتوسششع القتصششادي ،والبحششث عشن المششوارد الطبيعيششة ،وفتشح السششواق
العالمية .وهي المسببات التي أدت لظهور السششتعمار التقليششدي ،وقيششام الحششروب الوروبيششة لتلبيششة حاجششات
الرأسمالية الصاعدة.
ومما سارع في شيوع "العولمة" اسشتمرار التطشور العلمشي والتكنولشوجي ،ومشا رافقشه مشن تطشور
هششائل لوسششائل التصششال ونقششل المعلومششات الحديثششة ،الششتي شششكلت بششدورها تجديششدًا لنمششط وطبيعششة النتششاج
والتفاعلت والتعاملت الدولية .وبذلك لم تعد الحروب وسيلة لحسم الخلفششات بيششن الششدول الرأسششمالية كمششا
كان الوضع حششتى الحششرب العالميششة الثانيششة ،بششل أصششبحت الحاجششة ملحششة لتوحيششد أسششواق الششدول الصششناعية
المتقدمة من خلل سوق عالمية واحدة ،أي ضرورة تجاوز الحدود السياسية القومية المعترف بها ،وإعششادة
توزيع الششدخل القششومي ،والعمششل علششى رفششع المسششتوى المعيشششي للنسششان ليمكششن معششه توسششيع سششوق الششدول
الصششناعية المتقدمششة ،لسششتيعاب المنتجششات الحديثششة ،أي خلششق "مجتمششع السششتهلك الكششبير Consumer
.Society
وشكلت هذه السمات نقطة التحول من "الرأسمالية القومية" إلى "الرأسمالية العابرة للقوميات" من
خلل الشركات متعددة الجنسيات ،التي ارتبط فيها ظهور مفهوم "العولمة" الذي عششبر عششن ظششاهرة اتسششاع
مجال النتاج والتجارة ،ليشمل السوق العالمية بأسششرها .وتجشاوز الفاعليشة القتصششادية الششتي كششانت لمشالكي
رؤوس الموال ،من تجار وصناعيين ،الذين كانت تصرفاتهم محكومة فشي السشابق بحشدود الدولشة القوميشة
التي ينتمون إليها ،لتصبح الفاعلية القتصادية مرهونششة بالمجموعششات الماليششة والصششناعية العالميششة الحششرة،
المدعومة من قبل الدول المشاركة في رأس مالها ،عبر الشركات متعددة الجنسيات .وهكششذا لششم تعششد الدولششة
القومية هي المحرك الرئيسي للفاعلية القتصادية على المستوى العالمي ،بل حششل مكانهششا القطششاع الخششاص
بالدرجة الولى في مجالت النتاج والتسويق والمنافسة العالمية.
و"العولمة" ليست نظامًا اقتصششاديًا فقششط ،بششل تعششدته إلششى كافششة مجششالت الحيششاة السياسششية والثقافيششة
والعلمية والعلمية .لن النمو القتصادي الرأسمالي العالمي استلزم وجود أسششواق حششرة ،ووجششود أنظمششة
سياسية من شكل معين لدارة الحكم .كمششا وتعششددت مراكششز القششوة القتصششادية العالميششة للرأسششمالية الدوليششة
الحديثة ،وتعددت معها مراكز القوة السياسية ،مما خلق بشدائل وتعدديشة فششي القشوى علششى مسششتوى السششلطة،
2
وهو ما دعم إمكانيات التطور الديمقراطي بكل شروطه ،من عدم احتكار السلطة ،وتداولها ،وتعششدد وتنششوع
مراكز القشوة والنفششوذ فششي المجتمششع ،ومنششع تركيششز الششثروة فششي يششد الدولشة وحششدها ،محققشة بششذلك نوعشًا مششن
اللمركزية في الدارة والحكم.
ومما ساعد على النتشار السريع "للعولمة" انتصار الرأسمالية على النظمة الخرى ،مششن نازيششة
وفاشية وشيوعية ،وانهيار التحاد السوفييتي السششابق ،لتحششل محلششه الجمهوريششات المسششتقلة .وسششقوط النظششم
الشمولية في أوروبا الشرقية ،وتحول النظمة الجديدة في تلك الدول نحو أشششكال مششن الحكششم الششديمقراطي،
الذي يربط في جوهره بين التطور الديمقراطي والنمط الرأسمالي ،الذي يعتمد على الديمقراطية في عمليششة
التنمية القتصادية والجتماعية والثقافية .وأتاح التصال المباشر عبر القارات من خلل شبكات التصششال
العالمية للحاسب اللي ومحطات الذاعة الفضائية المسموعة والمرئية ،الفرصة لبراز ملمششح "العولمششة"
التي أصبحت ملموسة حتى من قبل الشخاص العاديين في أي مكان في العالم .ومن المنتظر أن يتيششح هششذا
التطور الهائل في تكنولوجيا وسائل التصال الحديثة ،إمكانية زيادة التواصششل الثقششافي بيششن شششعوب العششالم،
ويساعد على إيجاد آمال وأهداف ومصالح مشتركة تتجاوز المصالح القومية ول تتناقض معها.
ومع ذلك فقد أثارت العديد من الحكومات مخاوف وشكوك كششثيرة .منهششا المخششاوف السياسششية الششتي
يمكن أن تنجششم عششن بششث برامششج معاديششة لنظمششة الحكششم ،وأفكششارًا وأيششديولوجيات تهششدد المششن والسششتقرار
السياسي والجتماعي داخل الدول .كما وعبرت بعض القوى السياسية والجتماعية المؤثرة في العديششد مششن
دول العالم عن خشيتها من النظام العلمي المفتوح الجديد الذي قد يهدد ثقافات وتقاليد وعادات ومقدسششات
الشعوب ،وانطلقت الصوات تطالب بتحقيششق أمششن إعلمششي وطنششي ودولششي .وإذا كششانت "العولمششة" ترتبششط
بسيادة نموذج اقتصاد السشوق ،فشإن هشذا النمشوذج بشدوره يشثير قضشية العلقشة بالدولشة ودورهشا ،ول يشبرر
النتقال إلى اقتصاد السوق أبدًا اختفاء دور الدولة ،وكل ما هنالششك سششيؤدي إلششى تغييششر محششدود لهششذا الششدور
الذي اعتادت عليه بعض الدول البطيئة التطور .ومعظم من كتب في أهمية نظام السششوق ،كششان يقششرن ذلششك
دائمًا بضرورة وجود دولة قوية ،ودونها ل تستطيع السوق أن تقوم بدورها.
ومن هنا ليس هناك مجال للحديث عن محاولة إلغاء أو تقليص دور الدولشة ،بشل بششالعكس لبششد مششن
التأكيد على هذا الدور وأهميته وضرورته ،مع ضرورة إجراء تعديل معين لهششذا الششدور ليتوافششق مششع نظششام
السوق المنفتششح .فالوليششات المتحششدة المريكيششة وهششي أكششبر دولششة رأسششمالية فششي العششالم ،تتششدخل فششي الحيششاة
القتصادية ،وتحدد شروط النشاطات القتصادية ،والسياسات النقديششة والماليششة والتجاريششة ،والفششارق المهششم
بين النظم المركزية ،ونظم السوق ،هو أن الدولة تتششدخل فششي الحيششاة القتصششادية باعتبارهششا سششلطة ،وليششس
باعتبارها منتجًا .لن سلطة الدولة ل غنى عنها ول تتناقض مع تطور الحياة القتصادية.
والقتصاد الحر ل يعني أبدًا غياب الدولة عششن النظششام القتصششادي .والفششرق بيششن النظششام الليششبرالي
ونظام التخطيط المركزي ،ليس في مبدأ "التدخل" ولكن في مضمونه.
ففي ظل التخطيط المركزي تقوم الدولة بالنتاج المباشر للسلع والخدمات ،وتسششيطر علششى النشششاط
القتصادي ،عن طريق القطاع العام .أما في ظل القتصاد الحر ،فإن الدولة تششترك النتششاج المباشششر للسششلع
والخدمات للفراد والمشروعات الخاصة ،أي تحقق التكامل بين دور الدولة ودور القطاع الخاص ،ويكون
تدخلها في سير الحياة القتصادية ،بوسائل أخرى أكثر فعالية ،من حيث الكفششاءة النتاجيششة وتحقيشق العدالشة
الجتماعية .من خلل المحافظة علششى مسششتويات عاليششة فششي نمششو الناتششج القششومي .والقيششام بتششوفير الخششدمات
الساسية في مجالت التعليم والصحة ،والقضاء والمن والدفاع ،ويدخل فيها قيام الدولة بمشروعات البنية
الساسية.
ومبدأ الحرية القتصادية ل يعني أبششدًا إهمششال مبششدأ العدالششة الجتماعيششة ،فششالبلد الششتي أخششذت بهششذا
المبدأ ،هي في مقدمة بلد العالم من حيث الهتمام بششالفقراء ،وتحقيششق العدالششة فششي التوزيششع ،وتششوفير شششبكة
المان لكل المواطنين ،ضد المخاطر الجتماعية بما في ذلششك البطالششة والعجششز والشششيخوخة ،وغيرهششا مششن
المراض الجتماعية.
3
وهناك علقة وثيقة بين الكفاءة في الداء القتصادي وبين شششروط العدالششة .ذلششك أن الكفششاءة تعنششي
نمو القتصاد القومي بمعدلت عالية ،وتعاظم قشدرة النظشام القتصششادي لتشوفير فششرص العمششل المنتششج لكشل
القادرين عليه ،وهي من المقومات الساسية للعدالة الجتماعية .والدور الجديد هشذا للدولشة يؤهلهشا للتكيشف
مع المتغيرات العالمية الجديدة ،دون النتقاص من سيادتها ،فششي ظششل انتشششار مفهششوم "العولمششة" ،وشششروط
النظام العالمي الجديد .الذي يقوم على مبدأ العتماد المتبادل وليس فرض الراء بين دول وشعوب العالم.
والندماج اليجابي والواعي في النظام العالمي الجديششد .انطلقشًا مششن حقششائق أن "العولمششة" ليسششت
ظاهرة بل جذور ،بششل هششي ظششاهرة تاريخيششة وموضششوعية نتجششت عششن التطششور الهششائل لتكنولوجيششا وسششائل
التصال ونقل المعلومات ،والطبيعة التوسعية للنتاج الرأسمالي .ول يجوز البقاء خارجها ،ويجب اللحششاق
بما يجري في العالم ،والتعامل معه بوعي ووفق قواعد محددة تجنبًا للبقاء خارج إطار التاريخ.
والنظام القتصششادي الجديششد جششاء نتيجششة لنجششازات كششبرى فششي تاريششخ تطششور البشششرية علششى كافششة
المستويات العلمية والثقافية والقتصادية والتقنية والسياسية والفكرية ،ويمثل نقطة جذرية مختلفة تمامًا عن
كل ما سبقتها من نظشم .وأن الحضششارة العالميششة الحديثششة قشامت علشى أنقششاض حضشارات القششرون الوسشطى
وثقافاتها ،ورفضت فكرة الحق اللهي ،وفصلت الدين عن الدولة لتفسح المجال أمششام الجميششع للنتمششاء إلششى
الوطن المشترك والعمل على رفعته وتقدمه ،كما هي الحال في أكثر دول العالم الحديث.
وزودت الفكر البشري برؤية عقلنية تاريخية تنويرية ،بتوجه ديمقراطي يقوم على أساس احششترام
الرأي ،والرأي الخر ،والتعددية ،وحرية التعبير ،وتكريس مبادئ حقوق النسششان الششتي ل تعششرف الحششدود
القومية أو الجغرافية أو السياسية.
و"العولمة" تفرض على الدول القل تقدمًا ،القيششام بمزيششد مششن خطششوات التحششديث الشششامل الششذي ل
يمكن دون الدور الفاعل للدولة ،التي تضطلع به من خلل الترشششيد والداء القتصششادي ،وتنظيششم تفششاعلت
السوق ،وما تتطلبه تلك العملية من وسائل وتقنيششات تجعششل السششاحة والمششوارد العلميششة الخاصششة والعامششة
متاحة للجميع ضمن الطر والنظمة التي تضبط عملها في إطار العلقات على صعيد الدولششة نفسششها وفششي
علقاتها مع غيرها من دول العالم.
ولكن التجاوزات الكثيرة والعمال التخريبية التي تعرضت لها الموارد العلميششة لبعششض الششدول،
إضافة للخطار التي يتنبأ بها المختصون بين الفينة والخرى ،فرض على المجتمع الدولي ضرورة النظر
في خطر جديد أصبح يهدد المجتمع النساني ويعرف بالمن العلمي الدولي.
وكان من بين الوثائق الهامة التي صدرت عشن الششدورة 54للهيئة العامششة لمنظمششة المششم المتحششدة،
وثيقششة حملششت فششي مضششمونها أبعششادًا سياسششية وإنسششانية عميقششة ،تنششاولت موضششوع "العولمششة" واسششتقرار
إستراتيجية العمل السياسي والدبلوماسي في القششرن الحششادي والعشششرين ،بعششد أن اعششترف المجتمششع الششدولي
وللمرة الولى بوجود مشكلة المن العلمششي الششدولي كنتيجششة حتميششة "للعولمششة" ،علششى أنهششا مشششكلة تهششدد
المجتمع النساني في المرحلة التالية للقرن النووي .وجاء هششذا العششتراف مششن خلل القششرار 54/49الششذي
تناول مشكلة "تحقيق المن الدولي في العلم والتصالت المرئية".
فقد برزت تلك المشكلة بحدة بعد التقدم الهائل في تكنولوجيا العلم ووسائله المختلفة ،وخلششق هششذا
ل جديششدًا
التقدم إلى جانب النواحي اليجابية التي حملها للبشرية التي تنتظر منه الكثير فششي المسششتقبل ،مجششا ً
تمامًا من التهديد تمثل فشي خطششر اسشتخدام منجششزات التقشدم التكنولشوجي فششي العلم والتصششال لغششراض
تتعارض والمهام المنتظرة منها في دعم وتعزيز التفاهم والمن والستقرار الدولي.
ومشكلة الخطار التي تهدد المن العلمي للدول القل تطورًا ،لم تعد مشكلة منتظششرة بششل حقيقششة
قائمة خلقت نوعًا من التبعية الواقعية لكل مجالت النشاط النسششاني داخششل المجتمعششات المحليششة فششي الششدول
ذات السيادة ،اقتصادية كانت أم سياسية أم علمية ،أو ثقافية ،وأصبحت الحاجة معها ملحة لتأمين نششوع مششن
المن القومي والمصالح الدولية المتشششابكة بفعششل "العولمششة" وابتعششاد التبششادل العلمششي الششدولي عششن دوره
4
الطبيعي ،وابتعششاد اسشتخدام شششبكات التبشادل العلمششي الدوليشة وشششبكات التصششالت المرئيشة والمسششموعة
العالمية ،وتقنياتها ووسائلها عن أداء وظيفتها اليجابية المنتظرة منها.
وأدى اتسششاع وشششمولية تلششك الشششبكات بفضششل تكنولوجيششا ووسششائل التصششال والعلم الجماهيريششة
الحديثة ،إلى زيادة تأثيرها على وعي الفراد والمجتمعات .مما دفع بالكثير من الدول لضافتها أو التفكيششر
فشي إضشافتها للمكانيشات العسشكرية الهائلشة المتشوفرة لشديها ،والشتي تملكهشا بالدرجشة الولشى الشدول عاليشة
التطور ،والمعدة للستخدام في الصراعات والنزاعششات الدوليشة .ممششا أدى بششدوره إلششى خلششق تبششدلت هائلششة
أصبحت تؤثر على توازن القوى القليمية.
هذا إن لم نقل أنها أضافت بذلك مصادر جديدة للتوتر بين مراكز القششوى التقليديششة والناشششئة ،وإلششى
خلق مجالت جديدة للصراع لم تكن في الحسبان لفششترة قريبششة .فقششد أدى تفششوق الششدول المتقدمششة فششي مجششال
تكنولوجيا ووسائل التصال والعلم الجماهيرية التي تملكها ،إلى احتكششار الششوعي الفكششري والجتمششاعي،
وأدى إلى استغلل التفوق التكنولوجي والعلمي والسياسي والقتصادي والثقافي والعسكري ،إلى تشجيع
تلك الدول على استخدام مششا تملكششه مششن إمكانيششات " كسششلح إعلمششي " ل يتعششارض اسششتخدامه مششع قواعششد
القانون الدولي الذي لم يتعرض جديًا حتى الن لهذه المشششكلة الهامششة والعويصششة الششتي أفرزتهششا "العولمششة"
العلمية .فالتقدم الهائل فششي تقنيششات وتكنولوجيششا التصششال والعلم الجمششاهيري أصششبح اليششوم يعششادل فششي
خطره ،خطر السلح النووي الذي كان سمة من سمات القرن العشرين.
وأصبح فرعًا من فروع سباق التسلح ،الذي أصبح مرة أخرى يستنزف موارد ضخمة ،كان يجششب
أن توجه لخير البشرية وليس لتهديدها .خاصة وأن أكثر دول العالم غير مهيأة حاليًا وغيششر مسششتعدة لقامششة
أو تحديث وسائلها العلمية المششؤثرة ،رغششم أن الكششثير منهششا بششدأت بالميششل نحششو شششراء وامتلك مثششل تلششك
الوسائل ،من الدول المتقدمة التي أصبحت مسيطرة تمامًا على الشكال الجديدة من أسششلحة الششدمار الشششامل
ومن بينها السلح العلمي .ولم يقتصر المر على الدول فقط ،بل اتسع ليشمل القششوى السياسششية المختلفششة
المتصارعة ،والتنظيمات الرهابية وعصابات الجريمششة المنظمششة ،ممششا خلششق نوعشًا جديششدًا وسششوقًا مربحششة
لتجارة السلحة الجديدة التي أصبحت تتضمن قوائمها تقنيات وتكنولوجيا وبرامج الحاسششب اللششي ووسششائل
التصال والعلم الجماهيرية.
ففي ظروف العولمة وتشابك الحياة على الكرة الرضية ،وظهور وتشششكل شششبكات وبنششى إعلميششة
دولية فششوق الششدول ،أصشبحت بمششا ل يششدع المجششال لي ششك تسشتخدم كسشلح إعلمششي مشؤثر علشى العقشول
والمواقف ،ووسيلة لشن حروب واسعة النطاق تطال النسان أينما كان ،بفاعلية يمكن أن تؤدي نتائجها بششل
وتعادل قوتها وتأثيرها التدميري وتتفوق في بعض الظروف على أسلحة الدمار الشامل التقليدية المعروفة.
وليس عبثًا أن ترصد بعض الدول المتقدمة في ميزانياتهششا مخصصششات للمششن العلمششي تعششادل بمسششتواها
المخصصات التي ترصد لمواجهة أخطار استخدام أسلحة الدمار الشامل التقليدية.
رغم اختلف اسشتخدام السشلح العلمشي فشي الحشرب عشن الششكال التقليديشة مشن أسشلحة الشدمار
الشامل ،لن تأثيرها يمكن أن يطال الجبهة الداخلية في الصميم .مششع إمكانيششة اسششتخدام السششلحة العلميششة
الدولية التي تتميز بالقدرة المؤثرة الكبيرة ضد الهداف المدنية ،كوسيلة من وسائل الصراع على السششلطة،
وفي الصراعات القومية والعرقية والدينية.
والمثلة على ذلك في عالم اليوم كثيرة ،ول ينحصر تهديدها الواقعي على القوى البشرية فقط ،بششل
اتسع ليشمل النظمة العلمية التي تملكها الدول ،والمنظمات والهيئات الدولية ،مششن قبششل دول معاديششة أو
قوى الرهاب والجرام المنظم على السواء ،مما أعطى لطابع تأثيرها طبيعة كارثية من خلل ليس التسلل
لداخل تلك النظمة وحسب ،بل وفي تخريب تلك النظمة ،والتأثير على محتوياتها من معلومات وإتلفهششا.
وهو ما كان الدافع لتخاذ القرار 54/49أثناء الدورة 54للهيئة العامة للمم المتحدة في .1/12/1999
5
التهديدات الجديدة "للعولمة":
وكان من الطبيعي أن تتوصل الدول العضاء في منظمة المم المتحدة للتفاهم حول موضوع هششام
يمس البشرية بأسرها في ظل العولمة .سبق ونوقش في أيار/مايو 1996أثناء المؤتمر الدولي للعولمة فششي
المجتمع العلمي الذي انعقد في ميدراند.
واستعرض بجدية موضوع التهديدات الجديد للعولمة ،وأسفر عن نتائج واستجابة عاصفة من قبششل
كل المشاركين في المؤتمر .مما رفع من مستوى القضية لتصبح من بين القضايا الملحة الشتي تنتظشر الحشل
من قبل المجتمع الدولي ،وتتطلب إيجاد حل ملئم لها قبل أن تتفاقم وتصبح مستعصية كغيرها من المشاكل
العالقة في إطار الدبلوماسية الدولية حتى اليوم .وقد تبلورت المشكلة أكششثر أثنششاء التحضششيرات الششتي جششرت
للعداد للقاء القمة بين رئيس الوليات المتحدة المريكية والرئيس الروسي في أيلول/سبتمبر .1998
فقد اقترح الجانب الروسي مشروع بيان مشترك للقاء القمة تنششاول مشششكلة المششن العلمششي .لكششن
المريكيين اكتفوا بالطلع على المشروع ،وامتنعوا عن مناقشته .ورغم ذلك فقششد تضششمن البيششان الختششامي
للقاء القمة ،إششارة صششريحة للتهديشدات العامششة للمشن علششى عتبشة القشرن الحششادي والعشششرين ،حيششث أعلششن
الجانبان أنهما :وافقا على "تنشيط الجهشود المششتركة للتصشدي للتهديشدات العشابرة للقوميشات فشي القتصشاد
والمن للبلدين ،بما فيها تلك التي تعتبر جرائم عن طريق استخدام تكنولوجيا الحاسششب اللششي وغيرهششا مششن
التكنولوجيا المتقدمة"؛ واعترفا "بأهمية الجهود اليجابية المشششتركة لضششعاف التششأثيرات السششلبية الجاريششة
الن نتيجة لثورة تكنولوجيا التصال ،التي تعتبر مهمة وجادة فششي الجهششود الراميششة لحمايششة مصششالح المششن
الستراتيجي للبلدين في المستقبل".
وأصبح واضحًا بعد ذلك عزم روسيا إثارة المشكلة أبعد من ذلششك ،فقششام وزيششر الخارجيششة الروسششي
ي.س .إيفانوف بتوجيه رسالة خاصة إلى المين العام لمنظمششة المششم المتحششدة فششي 23/9/1998تضششمنت
اقتراحًا بإدراج مشكلة المن العلمي الششدولي بيشن مواضششيع عمشل المنظمششة ،والنظشر فششي مشششروع قششرار
خاص حول هذا الموضوع.
وأعلن في كلمتششه مششن علششى منششبر الششدورة 53للهيئة العامششة للمششم المتحششدة ،بششأن جششوهر القششتراح
الروسي يتضمن القتراح على الدول العضاء فششي منظمششة المششم المتحششدة ،التوصششل لمفهششوم محششدد حششول
التهديد في مجال المن العلمي ،وأن تقدم كل دولة تقديراتها الخاصة للمشكلة ،بما في ذلك إعششداد مبششادئ
دولية توفر المن في ظروف عولمة المنظومات العلمية الدولية .وأن تتضمن تلك التقييمات التي تقششدمها
الدول العضاء في المنظمة إلى المين العام للمم المتحدة ،إلزامه بتقديم تقرير خاص يبحث خلل الدورة
التالية للهيئة العامة لمنظمة المم المتحدة .بشششكل تتوضششح معشه جششوانب الصششراع المبششدئي حششول موضششوع
التهديد باستخدام المنجزات العلمية والتقنية والتكنولوجية الحديثة في أغراض تتعارض مششع أهششداف تعزيششز
المن والستقرار الدولي.
وجاء القرار الذي استند على القتراح الروسششي خلل الششدورة 53للجمعيششة العامششة لمنظمششة المششم
المتحششدة 53/70عششن "المنجششزات فششي مجششال العلم والتصششالت المرئيششة ضششمن المششن الششدولي" فششي
،4/12/1998بشكل ملطف عن المشروع الروسي حيث اختفت مششن القششرار الكششثير مششن المقترحششات الششتي
حددت الجراءات اللزمة حسب التصور الروسي ،لتنظيم عملية التصششدي لمكانيششة اسششتخدام التكنولوجيششا
العلمية في الحرب ،وشرح خطر تطوير السلح العلمي ،وإشعال الحروب العلمية.
وبششذلك اعششترف المجتمششع الششدولي مششن خلل منظمششة المششم المتحششدة ولول مششرة بوجششود الحششرب
العلمية على المستوى الدولي .واعتبر هذا النجاز تقدمًا سياسيًا هامًا رغششم عششدم اسششتعداد أكثريششة الششدول
العضاء في منظمة المم المتحدة لتقبل القضية كمشكلة من كل جوانبها.
وعاد المجتمع الدولي وغير من موقفه من المشكلة خلل الدورة 54للجمعية العامة لمنظمة المششم
المتحدة .فما الذي حدث بين الدورتين 54-53لمنظمة المم المتحدة ؟ وهل جاء تغيير المواقف تلششك نتيجششة
للجهود الدبلوماسية والمجاملت السياسية بين الدول ؟ أم لن العالم استطاع خلل تلك الفشترة مشن التعشرف
أكثر على أخطار "العولمة" العلمية ،والدور المتصاعد للعلم فششي عششالم اليششوم .واسششتخلص العششبر مششن
6
استخدام سلح العلم في الحروب التي جرت خلل تلك الفترة .ومن خلل أمثلة محددة تششم فيهششا اسشتخدام
السلح العلمي في عمليات محددة ،عبر من خللها الحدود المعترف بها لمختلف دول العششالم ،جنب شًا إلششى
جنب مع السلحة المتقدمة الخرى المستخدمة في العمليات العسكرية ،للقضشاء علششى الخصشم أو الحشد مشن
إمكانيات دفاعه الذاتية.
فالمعارك للسيطرة على عقول الكثير مششن الشخصششيات السياسششية هششي "حششرب غيششر مرئيششة" علششى
الرض رغم أنها أخذت خطًا واقعيًا ،وأصبحت بالتدريشج تهشدد جشوهر الصشراع مشن أجشل السشيطرة علشى
وعي صاحب القرار ،ولتحد من إمكانيات أي مواجهة جششادة للخطششار الخارجيششة ،إضششافة لخطششار التششأثير
والتخريششب المتعمششد للمششوارد العلميششة المتاحششة لكششل دولششة ،ووسششائل الحصششول عليهششا وحفظهششا ونشششرها
واستعادتها والتعامل معها.
مما دفع ببعض الدول إلى الشروع بتطبيق برامج حكومية طويلشة المشدى علشى المسشتوى القشومي،
الهدف منها تأمين المن العلمي وسلمة البنى التحتية العلمية الوطنية الساسية .في نفس الوقت الذي
بششدأت فيششه بالتعامششل مششع "العولمششة" وآثششار التشششابك المتبششادل بيششن المجششالين العلمششي الششوطني والششدولي.
واضطرت مجبرة على العتراف بأن نجاح الجهود الوطنية للحفاظ على الموارد العلمية الخاصششة بكششل
دولة ،ليست في النهاية سوى جهود حثيثة لرفع مستوى المناعة "السششلمية" للنظششام العلمششي الششوطني فششي
ل بعيششدة جغرافي شًا عنهششا ،وليششس
مواجهششة السششاحات العلميششة للششدول الخششرى الششتي أصششبحت تشششمل دو ً
بالضرورة أن تكون تلك الدول مجاورة ،ولكن يكفي أن تكون متشششابكة معهششا مششن خلل شششبكات التصششال
الدولية في الموارد العلمية بشكل موضوعي ومتشعب يصعب فصله.
وموضوع السلح العلمي والحرب العلمية أصبح مثارًا للمناقشة من قبل المتخصصين بشكل
واسع ،منذ بداية الشتسعينات من القرن العشرين .ومنذ ذلك الوقت بدأت تظهششر أعششدادًا كششبيرة مششن المقششالت
والدراسات حول هذا الموضوع الهام في العديد من الصششحف والمجلت .وبششدأ ينششاقش ضششمن موضششوعات
الكثير من المؤتمرات واللقاءات العلمية الوطنية والقليمية والدولية ،التي صششبت اهتمامهششا بمعظمهششا علششى
مواضيع البحاث التي ل تتفششق ومبششادئ السششلم العششالمي ،وبرامششج التطششوير التكنولوجيششة الخاصششة بطششرق
حماية الموارد العلمية من التأثير الخارجي.
ولكن كل تلك المناقشات والمقالت والدراسات المنشورة حملت طابع المحليششة ،وكششانت بعيششدة كششل
البعد عشن المناقششات الدوليشة الشتي كشان يجشب أن تتنشاول مششاكل "العولمشة" والمشن العلمشي .رغشم أن
المشكلة حظيت ليششس باهتمششام المتخصصششين وحسششب ،بششل واسششتحوذت علششى اهتمششام عششدد كششبير مششن غيششر
المتخصصين وقادة الرأي.
ولهذا يمكننا اعتبار صدور القشرار 53/70عشن منظمشة المشم المتحشدة بمثابشة إنشذار يششير بجديشة
للخطر الجاثم ،الذي وقعت فيه البشرية ويهدد صميم النظم العلمية الوطنية ،ويهدد النسششانية علششى عتبششة
ل للشك ،أنه أصبح متوفرًا لششدى القرن الحادي والعشرين .بعد أن ظهر جليًا للمجتمع الدولي بما ل يدع مجا ً
العديد من الدول المتقدمة تكنولوجيا إعلمية متطورة ،ونتائج أبحاث جششاهزة وهامششة يمكششن اسششتخدامها فششي
التأثير على الموارد العلمية للغير .وحقشائق ل تقبششل الجشدل مشن أن نتشائج البحششاث تلششك أدت إلششى صششنع
وسائل تستخدم في الغراض العسكرية البحتة ،حتى ولو لم يتم تسميتها بالسلحة العلمية.
وأصبح واضحًا أيضًا بعد توفر معلومات كافية ،تتحدث عن شششروع العديششد مششن الششدول الصششناعية
المتقدمششة فششي إجششراء أبحششاث للحصششول علششى تقنيششات وتكنولوجيششا متطششورة فششي مجششال التصششال ،وإعششداد
تكنولوجيا متطورة وتقنيات وطرق لستخدامها بهدف السيطرة المباشرة على الموارد العلميششة للخصششم،
والتأثير المباشر عليه.
7
حيث أشارت بعض المصادر إلى أن أكثر من 120دولة مششن دول العششالم وصششلت وفششي مسششتويات
مختلفة لنتائج ملموسة في هذا المجال الذي ل يقل خطورة عن السلح النووي .بينما تجرى أبحاث لتطششوير
السلح النووي في 20دولة من دول العالم تقريبًا فقط.
وتذكر بعض المصادر أن بعض الدول أصبحت تملك وسائل جاهزة للدفاع العلمششي ضششد العششدو
المتوقع في ظروف الصششراعات العسششكرية علششى مختلششف المجششالت والمسششتويات ،حششتى فششي زمششن السششلم.
ويشمل الطارين الستراتيجي والعملياتي التكتيكي ،وصولً إلى أرض المعركة.
وأن الهتمام منصب الن على مواضيع تتعلق بحماية المجال العلمي الخشاص بتلشك الشدول مشن
تششأثير اسششتخدام السششلح العلمششي مشن قبششل دول معاديششة ،تفاديشًا لتششأثير الحششرب غيششر المعلنششة فششي المجششال
ل بشن الحرب العلمية ،أو شنتها قششد العلمي .كما وبات معروفًا أيضًا من أن بعض الدول التي تقوم فع ً
ل في نظمها العسكرية وتقوم بإعداد وحدات عسكرية مدربة خاصة ومدعومششة أدخلت السلح العلمي فع ً
بالمتخصصين في هذا المجال الهام ،للقيام بالعمليات العلمية الهجومية كأداة من أدوات الصراع الخرى
لتحقيق النصر العسكري الحاسم على العدو.
ل عششن اسششتخدم السششلح العلمششي عمليشًا فششي
ويعتبر المهتمون بالمشكلة أن الستار قششد انكشششف فع ً
الحروب الهلية الجارية هنا وهناك ،وفي الصراع على السلطة فششي معظششم دول العششالم ،وفششي الصششراعات
القوميششة والعرقيششة والدينيششة سششمة الحقبششة الخيششرة مششن القششرن العشششرين .وأن السششلحة العلميششة أظهششرت
مقدراتها الفريدة على أرض المعركة سواء في وقشت السشلم أو فشي وقشت الحشرب ،وتجاوزهشا عمليشًا لكافشة
الحدود الوطنية والسياسية والجغرافية دون اعتراف ل باستقلل ول بسيادة تلك الدول.
ومن خلل الصراعات الداخلية الخيرة والهامة ،أكتشف المراقبون أنها تتم ومع السف بمسششاعدة
ودعم كبيرين من الخارج .لنستشف مششن ذلششك أن تلششك الصششراعات لششم تنجششو مششن اسششتخدام بعششض الوسششائل
الحديثة في الصراع في المجال العلمي ،والتي يمكن اعتبارها أسلحة إعلمية.
وأصبح واضحًا :أن وقت الشششكال التقليديششة مششن "التخريششب اليششديولوجي" و"عمليششات الخششتراق
الفكري" قد ذهبت ،لتحل محلها الوسائل الحديثة ،وعلى مسشتوى جديشد مشن التششأثير .وأن مسشتوى اسشتخدام
تلك الوسائل قد ارتفع بشكل ل يوصف.
إذ ل يمكن مقارنة الخطابششة أمششام حشششد مششن الجمهششور يمكششن تفريقششه ،أو مقالششة فششي صششحيفة يمكششن
مصادرتها ،أو برنامج إذاعي يمكن التشويش عليشه ،بسشرعة انتششار المعلومشات فشي كشل أنحشاء العشالم ،أو
اختفاء تلك المعلومات مباشرة وبسرعة هائلة من كل أنحاء العالم ،عششبر شششبكات الحاسششب اللششي وأشششهرها
شششبكة "النششترنيت" العالميششة ،وهششي معلومششات أصششبحت اليششوم مششزودة بالصششورة ،والتسششجيلت المرئيششة
والمسموعة.
وكلها يمكن أن تعادل بفعاليتها السلحة العلمية ،التي يهدف استخدامها أن تكون فوق القوميات،
وفوق الدول ،وثبت عمليًا أن في كل أنواع "الحروب العلميشة الهليششة" وبششكل غيششر مباشششر هنشاك قشوة
ثالثة ،وضعت ضمن أهدافها الحيوية الختراق وتخطي الحششدود لشداخل ضشمير تلششك المجتمعششات الضشحية.
وظهر ذلك جليًا خلل العام الماضي عندما استخدمت أراض الغير لدارة هذا النوع مششن الصششراعات كمششا
حدث في إندونيسيا )تيمور الشرقية( ،وجمهورية إشكيريا )الشيشان( وفي يوغوسلفيا السابقة.
فعلى مثال يوغوسلفيا انكشفت محاولت توريط التحاد الدولي للتصالت اللكترونية من خلل
مبادرة المم المتحدة في كوسوفو ،وقرار تحديد نهايات القنيششة المسششتقلة للتصششالت التلفونيششة والسششتيلء
على الرمز الدولي لتلك الدولة ،وكان من الممكن أن يبقى ذلك الجراء شبه مجهول لو لم يعلن .ومثل تلششك
الخطوة يمكن اعتبارها بالكامل جهودًا إضافية ،الهدف منها عزل القنية العلميششة للخصشم وبالتشالي الحششد
من تأثيرها وإخراجها من معادلة الصراع.
8
ومثشششال أدوات الصششراع مشششن أجششل اسشششتقلل تيمششور الشششرقية ،قيششام منظمششة “East Timor
"campaignمباشرة بعد القتراع على استقلل المحافظة الندونيسية السابقة تلك ،ومن أراضششي إسششبانيا
والبرتغال وفرنسا بهجوم كاسشح اسشتهدف المواقشع الحكوميشة الندونيسشية فشي ششبكة النشترنيت العالميشة،
خربت بنتيجتها صفحات ،WEBالخاصة ليس بالحكومة وحدها ،بششل وصششفحات المنظمششات الندونيسششية،
وأطلقت فيروسات كمبيوتر جديدة ،بدأت بالعمل مباشرة للقضاء علششى المواقششع العلميششة الندونيسششية فششي
شبكات الكمبيوتر العالمية.
ول يمكن أن تعتبر تلك العملية العلمية المنفذة من أراضي دول أوروبية بعيدة جششدًا عششن جنششوب
شششرق آسششيا ،إل حقيقششة تثبششت "ل حدوديششة" اسششتخدام السششلحة العلميششة ،ومثششال لسششتخدامات السششلحة
العلمية بشكل مباشر من أجل الوصول إلى أهداف سياسية داخلية محددة رغششم البعششد الجغرافششي الشاسششع
بين المؤثر والمتأثر من استخدام السلح العلمي .وفششي الصشراع الشدائر بيشن قششوات الحكومششة الششكيرية
المتطلعة للستقلل عن الفيدرالية الروسية ،والمقاتلين الشيشان من جهة ،والقوات الفيدرالية الروسششية مششن
جهة أخرى على الرض الشيشششانية ،فنششرى أن السششلحة العلميششة لششم تبقششى جانبشًا فقششد اسششتخدم المقششاتلون
الشيشان مختلف وسائل العلم ،وكانت صفحات النترنيت واحدة من ساحات القتششال مششن أجششل "اسششتقلل
إشكيريا" والتخلص من الظلم الروسي .وبفضششلها اطلششع العششالم كلششه علششى مششواد إعلميششة ملموسششة وواقعيششة
تتحدث عن الوضع فششي شششمال القفقششاس ،وعششن جهششود أعضششاء الحكومششة والدبلوماسششية الشششكيرية لطلع
العاملين في مؤسسات العلقات الخارجيشة الرسششمية بالششدول المتقدمشة فششي العششالم علششى الحقشائق ،مشن خلل
محاضراتهم التي دعتهم للقائها بعض أقسام الجامعات في تلششك الششدول وتحششدثوا مششن خللهششا عششن الششؤون
الشيشانية.
وفي الحالة العراقية عندما أجبرت الحكومة العراقية على إغلق مواقعها في النترنيت بعشد أن تشم
التسلل إليها ،وتغيير مضمونها لصالح المعارضة العراقية ،وفق النبششأ الششذي أذاعتششه إذاعششة صششوت العششراق
الحر من براغ يوم .3/6/2000
هذا إن لم نتحدث عن العزل العلمي والتعششتيم العلمششي شششبه الكامششل ،مششن قبششل وسششائل العلم
الدولية المؤثرة والتي هي فوق الدول ،لرأي الجانب العربي في الصراع الدائر من أجل تحقيق سلم عادل
وحقيقي بين العرب وإسرائيل ،والستعاضة عنه بإبراز رأي الجششانب السششرائيلي فقششط .ممششا يششوحي بخلششق
رأي عام دولي متحيز أحادي الجانب يشوه الحقائق وينصر المعتدي على الضشحية ،ممشا أدى إلشى حرمشان
المعتدى عليه ضمن إطار هذا الوضع غير الطبيعي من التعبير عن رأيه عالميًا.
ناهيك عن الحرب العلمية غير المعلنة من الخارج لشعال نار الفتنة وتفعيل الخلفششات العربيششة
العربية ،والعربية مع دول الجوار القليمي .وهي أحادية الجانب ل تواجه أية مقاومة تذكر لضششعف أدوات
وفعاليات العلم العربي الدولي حاليًا على القل .ولبد أن تلك الصورة هي التي أثرت بشكل نهائي علششى
تقدير المشكلة بالكامل من قبل دول العالم القل تطورًا.
وهي التي أدت إلى تغيير مواقف الكثير منها بشكل جذري عما كان فششي السششابق .وظهششر هششذا مششن
خلل مؤتمر جينيف حول المن العلمي الذي انعقد في آب/أغسطس ،1999والششذي نظمششه معهششد المششم
المتحدة لمشششاكل نششزع السششلح )يونيششدير( ،وإدارة قضششية نششزع السششلح فششي المانششة العامششة لمنظمششة المششم
المتحدة ،من ضمن إطار إجراءات تطبيق القرار 53/70للهيئة العامة للمم المتحدة .وشارك في المششؤتمر
ممثلين عن أكثر من 50بلدًا ،من بينهم كل اللعبين الساسيين علششى أرض تكنولوجيششا التصششال والعلم
الدولية المتقدمة ،مما سمح برفع مستوى نتائجه ،ولو في إثارة المشكلة على مستوى عششالمي بعششد أن كششانت
حصرًا بلقاءات المتخصصين.
كما ويمكننا اعتبار أن الهدف الرئيسي لكثرية المشاركين في المؤتمر كششان إظهششار الطريقششة الششتي
تتعامل فيها كل جهة من الجهات المشاركة ،مع مشكلة المن العلمي الدولي ،من خلل المناقشششات الششتي
جرت في إطار مواضيع الدورة 54للهيئة العامة لمنظمة المم المتحدة.
9
ولكن كان من الملحظ أنها لم تكن مستعدة لششذلك ممششا أدى إلششى حصششر المناقشششات حششول القششتراح
الروسي فقط ،ومتابعة إعداد كل المواضيع المتعلقة بالمن العلمشي الشدولي علشى مسشتوى خشبراء الشدول
المهتمة ،تحت رعاية منظمة المم المتحدة.
وهذا من حيث الجوهر يعتبر اعترافًا دوليًا بأهمية المشششكلة ونجششاح للدبلوماسششية الروسششية باختيششار
توقيت عرضها للقتراح .ومحاولة التأثير في مضمون المشكلة وتوجيههششا نحششو مششداخل تعتششبر ذات أهميششة
خاصة لروسيا ،وتعتبر المدخل للتحديد الدقيق لتصششور دولششي ونهششائي تششدور مششن خللششه المناقشششات التاليششة
لمشاكل المن العلمي الدولي .والتي يرى البعض أنها تنحصر في إطارين ،وهما:
الطار الول :الذي يششؤدي عمليشًا إلششى إلغششاء الوحششدة الموضششوعية للمشششكلة ويحششاول تجزئتهششا إلششى
قضيتين فرعيتين هي:
الولى :وتتناول الجريمة العلمية؛
والثانييية :وتتنشاول الرهشاب العلمشي .وفشي هشذا الطشار يمكشن السشتمرار فشي إعشداد السشلحة
العلمية وتطويرها مما يهدد بخطر اندلع الحروب العلمية .ول يعترف المؤيدين لهذا الطششار بوجششود
المشكلة أساسًا ،بل يعتبرونها مرض ثانوي يمكن علجه .وبالتالي وبشكل منطقي كامل تصبح وفق وجهششة
النظر تلك مشكلة نزع السلح العلمي ملغاة تلقائيًا ،ول حاجة لمناقشها.
وهششو مششا يسششمح بإخراجهششا مششن إطششار منظمششة المششم المتحششدة وتحويلهششا إلششى المنششابر القليميششة
والمتخصصة ،لتبقى مشكلة هامشية عالقة إلى البد تتحول من لجنة إلى أخرى وهكذا دواليك.
الطار الثاني :ويمثل خط الدول التي أظهرت استعدادها الفشوري للمششاركة فشي إعشداد آليشة دوليشة
محددة تواجه إقامة وسائل مؤثرة على الموارد العلمية خارج إطار القانون الدولي .واقترحت بذلك تقديم
المشكلة للمجتمع الدولي ،واتخاذ تدابير من بينها إحداث محكمة دولية خاصة للنظر في الجرائم العلميششة.
والقيام في نفس الوقت بإعداد تكنولوجيا عالمية للوقاية من الهجمات والتعديات العلمية الدولية.
ورغم ذلك فإنه يمكننا اعتبار العتراف بالمشكلة وضششرورة إيجششاد حلشول لهشا فشي إطشار قششرارات
الشرعية الدولية مشن خلل قشرارات الهيئة العامشة للمشم المتحشدة ،ودفعهشا إلشى المشام لتصشبح واحشدة مشن
المشاكل التي تناقش في إطار منظمة المم المتحدة من أهم نتائج المؤتمر.
وبذلك يكون الهدف النهائي من القضية إعداد برامج عملية تمكن الدول من اتخششاذ إجششراءات ذاتيششة
أو مشتركة لمواجهة خطر التهديدات العلمية الدولية .لتتحول نتائج هذا المؤتمر مششن حيششث الجششوهر إلششى
مرحلة تحضيرية لنقل المشكلة الناتجة عن العولمة إلى إطار الهيئة العامة للمم المتحدة ،بغض النظر عششن
الخلفات في وجهات النظر حول العشتراف بهشا ،أو بطشرق التعامشل معهشا بششكل مكششوف ،انطلقشًا مشن
مصالح المن الوطني والعالمي.
ومن القضايا الهامة التي تنتظر الحل مشن قبشل المجتمششع الششدولي ،وخاصششة منشه الوسشط الكشاديمي
الدولي في إطار المنظمات الدولية المتخصصة ،مشكلة التفاق من حيث المبدأ علششى المصششطلح والتوصششل
لتعريف مشترك لماهية الحرب العلمية غير المرئية تلششك ،وأسششلحتها وأدواتهششا ووسششائلها المشششتركة فششي
جوهر الصراع .لتششؤدي فششي النهايششة إلششى العششتراف بششالحرب العلميششة ،مثلهششا مثششل العششتراف بششالحرب
التقليدية ،والحرب النووية ،والحرب الباردة ،والسلحة التقليدية وغير التقليدية المستخدمة في الصششراعات
بين الدول.
ورغم ضيق الهوة بين فهم الخبراء في الدول المختلفة حول المصطلح ،فقد لوحظ تباين واضح في
التوجهات .التي يمكن تحديدها ببعض التجاهات الرئيسية والتي نلخصها بالتالي:
10
الحرب العلمية :وهششي المواجهششات العلميششة الششتي تهششدف إلحششاق الضششرر أو تخريششب النظمششة
العلميششة الهامششة للخصششم ،وتخريششب نظمششه السياسششية والجتماعيششة ،وزعزعششة المششن والسششتقرار داخششل
المجتمع والدولة الخصم؛
والصراع العلمي :وهو شكل من أشكال الصراع بين الدول ،مششن خلل تششأثير دولششة مششا إعلميشاً
على نظم إدارة الصراع في غيرهششا مششن الششدول أو علششى قواتهششا المسششلحة ،والتششأثير علششى القيششادة السياسششية
والعسكرية وحشتى المجتمشع بأسشره .وكشذلك التشأثير علشى النظمشة العلميششة ووسشائل التصشال والعلم
الجماهيرية لتلك الدول من أجل تحقيق أهداف محددة ومناسبة لها ،والحد من تأثير أيششة ممارسششات مشششابهة
قد تخرق المجال العلمي للقائم بالصراع؛
والتأثير العلمي :وهو الفعل الموجه ضد الخصم باستخدام السلحة العلمية المختلفة؛
والسلحة العلمية :وهي مجموعة مششن الوسششائل التكنولوجيششة وغيرهششا مششن التقنيششات والسششاليب
والتقنيات المسشتخدمة مشن قبشل القشائم بالصشراع بغشرض :السشيطرة علشى المشوارد العلميشة والمكانيشات
المتاحة للخصم؛ والتدخل في عمل أنظمة إدارة الخصم وشبكاته العلمية ،ونظم اتصاله وغيرهششا ،بهششدف
تخريبها عمليًا ،وإخراجها تمامًا من حيز العمل .والتسلل للمواقع العلمية للخصم بهششدف السششتيلء علششى
موارده العلمية فيها ،وتحريف مضششمونها أو إدخششال معلومششات مغششايرة ،أو اسششتبدالها بمعلومششات أخششرى
بشكل موجه ومدروس؛ ونشر معلومات أخرى ،أو معلومات مضششللة مششن خلل نظششم تشششكيل الششرأي العششام
ومراكز اتخاذ القرار ،لصالح القائم بالصراع؛ وإتبششاع مجموعششة مششن السششاليب الخاصششة باسششتخدام وسششائل
تؤثر على وعي وسلوك القيادة السياسية والعسكرية ،وتؤثر على الحالة المعنوية للقوات المسلحة ،وأجهزة
المن الوطني ،ومواطني الدولة الخصمة ،لتحقيق التفوق عليها أو إضعاف تأثيرها العلمي؛
والمن العلمييي ،ويتضششمن :إجششراءات محششددة لحمايششة المجششال العلمششي والمشوارد العلميششة،
بشكل يششؤمن تشششكلها وتطورهششا لصششالح المشواطنين والمؤسسشات والمنظمشات والششدول؛ وإجشراءات محششددة
لحماية نظم العلم الخاصة بالفراد والمنظمات والدول ،التي يتم من خللها استخدام المعلومششات بأشششكال
محددة ودقيقة ،وضمان عدم التأثير السلبي عليها أثنششاء السششتخدام؛ وإجششراءات محششددة لحمايششة المعلومششات
التي تحمششل طششابع السششرية ،لضششمان عششدم وصششول الغيششر إليهششا بسششهولة ،وتشوفير إجششراءات تؤكششد صششعوبة
الوصول إليها أو تخريبها ،والمحافظة على خصائصها وسريتها وسلمتها ،واسترجاعها عنششد الحاجششة مششن
قبل الشخاص والجهات المصرح لها بالوصول إلى تلك المعلومات؛
والمجال العلمي :وهو مجششال النشششاط النسششاني الششذي يتضششمن إحششداث وتشششكيل واسششتخدام نظششم
المعلومات من أجل :تشكيل الششوعي الفششردي والجتمششاعي؛ وتششوفير المشوارد العلميششة ،أي البنيششة التحتيششة
العلمية بما فيها مجموعة الجهزة والنظمة ،والتجهيزات التكنولوجية ،والبرامج وغيرهششا ،الششتي تششؤمن
تكششوين وحفششظ المعلومششات ،وإعششدادها والتعامششل معهششا وإرسششالها واسششتردادها وتششدفقها؛ وتكششوين وتششوفير
المعلومات الخاصة وتأمين تدفقها؛
والجريمة العلمية :وهشي أي تصشرف يشؤدي إلشى حشدوث تشأثير سشلبي علشى المجشال العلمشي
وموارده ،لفرد أو منظمة أو دولة ،أو لي جزء منه بشكل مخالف للقانون .وينتج عنها أضششرارًا اقتصششادية
أو سياسية أو اجتماعية أو ثقافية بما فيها تخريب المجال العلمي للغيششر ومششوارده ،لهششداف اقتصششادية أو
سياسية أو عسكرية.
ول يسششتطيع أحششد فششي الششوقت الحاضششر ،أن ينكششر الصششعاب الكششثيرة الششتي تعششترض تششوفير المششن
العلمي في ظروف الصراع العلمي الدولي .الذي أصبح يستهدف كل مجالت حياة النسششان اليوميششة.
المر الذي دعى الكثير من الخبراء للنظر في ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلشة تشوفر المشن العلمشي فشي
المجالت التالية:
11
السياسية :بما فيها بنيششة النظششام السياسششي والجتمششاعي والحكششومي للدولشة ،ونظششم دراسششة وإعششداد
واتخاذ القرار السياسي .والجهزة المختصة بإجراء النتخابات والستفتاء العام وغيرها مششن أدوات قيششاس
الرأي العام .ونظم الدارة المحلية والمركزية والقليمية ،والهياكل العلمية ووسائل التصششالت المرئيششة
والمسموعة ،وشبكات الحاسب اللي التابعة لجهزة السلطات الحكومية والدارية؛
والوعي الجتماعي :وتشمل وسائل تشششكيل الشرأي العشام ،ووسششائل العلم الجماهيريشة المقششروءة
والمسموعة والمرئية ،والحزاب السياسية والمنظمات والتحادات والهيئات الجتماعية والثقافيششة والدينيششة
القومية والوطنية؛
والقتصادية :وتشمل نظم الدارة القتصادية ،ونظم جمع وتخزيششن واسششترداد وإعششداد المعلومششات
الخاصششة بالمقششدرات النتاجيششة للقتصششاد الششوطني ،ونظششم التحليششل القتصششادي العامششة ،وتوقعششات تطششور
القتصشششاد الشششوطني العشششام والخشششاص ،ونظشششم الدارة والتنسشششيق فشششي المجشششالت الصشششناعية والزراعيشششة
والمواصلت ،ونظم الدارة والمداد المركزية للطاقة ،ونظم اتخاذ القرار والتنسيق في حالت الطششوارئ،
ونظم العلم القتصادي المقروءة والمسموعة والمرئية ،وشبكات الحاسب اللي؛
والمالية :بما فيها بنوك المعلومات وشبكات التصال وتبادل المعلومات ،بيشن البنشوك والتحششادات
المصرفية ،ونظم التصال الخاصة بالتبادل المالي والحسابات المالية ،الخاصة والحكومية والدولية؛
والدفاعييية :وتشششمل مششوارد المعلومششات الخاصششة بششالقوات المسششلحة ،والهيئات العلميششة والمنشششآت
العاملة في المجالت الصناعة الدفاعية ،ونظششم إمششداد وإدارة القششوات المسششلحة ،ونظششم السششيطرة والمراقبششة
الدائمششة ،وقنششوات تششدفق المعلومششات ذات الطبيعششة السششتراتيجية والعملياتيششة والسششتطلعية؛ والعلمييية
والتكنولوجية :بما فيها نظم إجراء البحششوث العلميششة النظريششة والتطبيقيششة ،ونظششم جمششع وتخزيششن واسششتعادة
المعلومات الخاصة بالبحوث العلمية الجارية ،والكتشافات العلمية ،والختراعات التي تششم التوصششل إليهششا،
سواء أكانت في المجالت التكنولوجية أم في مجالت العلوم النسانية أم في مجالت العلوم الحية وغيرهششا
من المواضيع الخاصة بالملكية الفكرية؛ والمن الداخلي :وتشمل نظام التحقيق ،والتأكششد ،والنيابششة العامششة،
والجششراءات العدليششة ،والمششوارد العلميششة لجهششزة المششن ،ومنظومششة جمششع وحفششظ وإعششداد واسششترجاع
المعلومات والحصائيات الخاصة بالجريمة ،بما فيها بنوك معلومات الشرطة الدولية )النتربول(.
لن المن العلمي الدولي يقصد به أساسًا كل ما يدخل في مجال تهديد المن العلمي الوطني،
من:
تهديدات البنى التحتية العلمية :التي تسششتهدف تخريششب مواقششع تبششادل المعلومششات الفوريششة عششبر
شبكات الحاسششب اللششي ،وتكنولوجيششا معالجششة المعلومششات ،وتقنيششات التسششلل للمواقششع الخاصششة فششي شششبكات
الحاسب اللي ،وجمع واستخدام ونشر المعلومات بشكل مخالف للقانون؛
ل ضششد الخصششائص الهامششة الششتي يجششب أن تتمتششع بهششا
وتهديييدات الميين العلمييي :الموجهششة أصش ً
المعلومات مثل السلمة والسرية وقيود أو حرية الوصول إليها؛
وتهديدات الحياة الروحية للمجتمع :والتي تتم من خلل إدخال معلومات سياسية أو دينية مغلوطة
في أجهزة العلم الحكومية ووسائل التصال والعلم الجماهيريشة بشششكل يهششدد المصشالح الوطنيشة العليشا
والمصالح الخاصشة ،ومصشالح المجتمشع والدولشة بشششكل عشام .أو عشن طريشق الحتكشار والحجششب المتعمشد
للمعلومات الموجهة للمواطنين .أو في ترويج وبث النباء الكاذبة ،والخفاء أو تحريف المتعمد للمعلومششات
بشكل يؤدي إلى تحريف وتشويه الوسششط العلمششي المحلششي ويزعششزع الحالششة النفسششية للمجتمششع ،ويخششرب
ويشوه التقاليد الثقافية ،ويفسد الخلق العامة ،ويشوه القيم الجمالية والتربوية لدى الفرد والمجتمع؛
وتهديدات حقوق الفييرد والحريييات العاميية :والششتي تطششال المجششال العلمششي ،مششن خلل القواعششد
القانونيششة المتبعششة ،والششتي تحششد مششن حقششوق وحريششات المششواطنين فششي مجششالت الحيششاة الخاصششة والعامششة،
والمعتقدات الدينية والسياسية ،والنشاطات العلمية الفردية .بما فيها الفعال التي تهششدد نظششم جمششع وحفششظ
12
واسترداد وتدفق المعلومات الشخصية التي من خصائصششها السششرية فششي التششداول مثششل المعلومششات الطبيششة،
والوثائق المدنية الشخصية ،والمعلومات الخاصة عن عمل ودخل المششواطنين وغيرهششا .فششالمن العلمششي
الوطني مطششالب فششي مجتمششع الديمقراطيششة وسششيادة القششانون بتششأمين سششرية المعلومششات عششن الحيششاة الخاصششة
للمواطنين والحاديث الصريحة والخاصة التي تتم بين شخصين عبر وسائل التصال الحديثة.
وهكذا نرى أن الهدف الرئيسي مششن اسششتخدام السششلحة العلميششة هششو تحقيششق أهششداف إسششتراتيجية
موجهة ضد الجهزة الحكومية الحساسة ،وتطال وعي وأمن المجتمع بأسره .وهو مششا يسششمح ولششو بالتلميششح
بأن نقول أنه سلح مدمر جديد قد دخل ترسانة أسلحة الدمار الشامل .وتلك هي بعض ملمششح هششذا السششلح
الجديد الخذ بالتطور والنتشار السريع .فماذا سيحدث لو لششم تتمكششن البحششاث العلميششة الحديثششة مششن وضششع
أسس ملموسة للوقاية منه ،أو الحد من تأثيره كما هي الحال مع السششلحة التقليديششة وأسششلحة الششدمار الشششامل
الخرى ؟ لن السلحة العلمية الجديدة تتميششز عششن غيرهششا مششن الشششكال التقليديششة مششن السششلحة السششابقة
بسرعة النتشار والتأثير الفعال والسريع على الهدف الذي تستخدم ضده.
ومن تحليل لما تم نشره من أبحاث حتى الن يمكننا إلقاء بعششض الضششوء علششى بعششض الخصششائص
الساسية للسلحة العلمية ،انطلقًا من إمكانياتها الساسية في التأثير على الهداف المسششتخدمة ضششدها،
وهي:
أنظمة نقل المعلومات :من نظم وشبكات التصال ،ونظششم وشششبكات المعلومششات والحاسششب اللششي،
وبنوك خزن وإعداد وتوزيع وتبادل المعلومات إلخ؛
والوعي الجتماعي )الرأي العام( ونظم تشكيله :ويتضمن التأثير على الحالة النفسية الجتماعية،
وأدوات تشكل القيم الخلقية والدينيششة والتربويششة فششي المجتمششع ،ووسششائل العلم والتصششال الجماهيريششة،
ونظم إعداد وتنشئة وتربية الطفال والشباب وغيرها؛
وأخيرًا الوعي الفردي أو الشخصي :فالسلحة العلمية ليست وسائل "للتخريب الفكششري" فقششط،
بل هي وسائل يقصد منها أساسًا التأثير على البنية التحتيششة لتششدفق المعلومششات الضششرورية للنشششاط الفكششري
والتي تطال وتصب داخل الوعي الجتماعي .والهدف منها أساسًا ،هو :التأثير الفعال على نظم المعلومات
العلمية والسياسية والقتصادية والمالية والعسكرية والثقافية والتربوية والحصائية.
وحتى المعلومات المخزنة داخل أجهزة السيطرة وإطلق وتفجير أسلحة الدمار الشامل والسششلحة
المتطورة التي تسششتخدم الحاسششب اللششي لمراقبششة وتحديششد واختيششار والوصشول إلششى الهشداف وتشدميرها .أو
تضليل أسلحة العدو المتطورة أو شلها أو إخراجها مششن سشاحة المعركششة؛ والتششأثير النفسشي والتخشدير وششل
قدرات العدو على استخدام نظم معلوماته أو السششيطرة عليهششا ،والقضششاء علششى إمكانيششاته المتاحششة للتصششال
والتنسيق داخل الدولة أو بالعالم الخارجي.
وتتم عادة من خلل حاسب آلي )كمبيوتر شخصي( مزود ببرامج خاصة ،أو من خلل غيرها من
أشكال السلحة العلمية الخرى .فالفيروس المرسل من كمبيوتر شخصي عبر شبكة النششترنيت العالميششة
هو الن أكثر فتكًا من تأثير السلح النووي أو الجرثومي من حيث النتائج على الحضارة النسششانية .فنشششر
الجراثيم الحية لحمى إيبول ،أو القرحة السيبيرية ،أو مرض نقص المناعة "اليدز" وغيرها من المراض
الخطيششرة ،يمكششن التصششدي لهششا وحصششرها ووقششف انتشششارها ومعالجتهششا ،أمششا فيروسششات الحاسششب اللششي
"الكمبيوتر" مثل (( Melissa :و) ( I Love youأو "تشرنوبل" أو) ( DIRوغيرها من الفيروسات
الجديدة التي تظهر كل يوم ،من خلل شبكات الحاسب اللي الدولية ،لها مفعول مدمر ل يمكن التصدي لششه
حتى الن وخلل ثوان فقط تدمر محتويات ملفات كاملة ،وجهود سنوات طويلة في جمع وإعششداد وتخزيششن
13
المعلومات وتختفي إلى البد من على شاشات الحاسششب اللششي ومششن ذاكرتششه .والمصششيبة أن ذلششك يششأتي فششي
ظروف غير متوقعة ،وفي لحظة حرجة ،وتؤدي إلى إرباك كبير.
ولنتصور معًا نتائج تخريب مواقششع شششبكات الحاسششب اللششي للعمليششات الماليششة الدوليششة ،أو شششبكات
خطوط النقل الجوي والبري والبحري العالمية ،أو شبكات السيطرة على أسلحة التدمير الشامل ،أو شبكات
الشرطة الدولية "النتربول".
فالنسانية أصبحت اليوم أكثر تهديدًا من قبل ،بسششلح جديششد فتششاك يصششعب مششواجهته ،ول نقششول ل
يمكن مواجهته ،لن هذا يحتاج إلى رغبة الدول التي أصبحت تملك مثل تلك السلحة والقادرة على تطوير
وسائل قادرة على التصدي لمثل تلك السلحة ،وعلى القل ضد أولئك الذين يستخدمون تلك السلحة بشكل
مخالف للقانون .وعلى مستوى قرار تلك الدول وجديتهم في تطوير واستخدام هذا السششلح الجديششد ووسششائل
الوقاية منه يتوقف الكثير.
ولبد أن قرار دولي من هذا النوع سيكون من الهمية أكششثر بكششثير مششن الهميششة الششتي تمتعششت بهششا
اتفاقية الحد من انتشار السلحة النووية في العالم لعام .1968
ولكن الخوف بعد مؤتمر جينيششف يششأتي مششن إمكانيششة فششرض الششدول المتقدمششة نوعشًا مششن الرقابيية أو
الشراف على المجال العلمي العالمي ! وهنا يبرز خطر حقيقششي يهششدد التششدفق العلمششي الششدولي الحششر.
ويحد من الدور الحقيقي للعلم ،ويجعل من الدول القل تطورًا والدول النامية رهينة لمشيئة تلششك الششدول،
وتصبح الساحات العلمية للدول القل تطورًا والنامية مكشوفة أمام تلك الدول ،ويحرمها وهششي مششن دون
ذلك محرومة مششن التششدفق العلمششي القششادم مششن الششدول المتقدمششة الحريصششة علششى عششدم انتقششال التكنولوجيششا
المتطورة للدول القل تطورًا والدول النامية بشكل عام.
وهو ما يعني أيضًا إشراف بعض الدول المتقدمة على الساحة العلمية الدولية على الرض وفي
الفضاء الكوني في آن معًا ،وعلى مختلف أوجه النشاط النساني وتوجيها لصالحها والسيطرة عليها.
وانطلقًا من تلك التوقعات نرى أن الكششثير مششن مراكششز البحششث العلمششي المتخصصششة فششي مجششالت
التصششال والعلم والحششرب العلميششة ،راحششت منششذ مششدة تعششد خططشًا وسششيناريوهات للحششرب العلميششة
المحتملة .وراحت تعد إستراتيجيات خاصة بها ،الغرض منها السيطرة على الساحة العلميششة ليشس للغيششر
وحسب ،بل ومن أجل أن تكون "عولمة" العلم تحت إشششرافها فقششط .ولنسشتعرض الن بعضشًا مشن نتشائج
تلك البحاث العلمية من خلل السيناريوهات التي أصبحت معروفة ،وهي:
السيناريو الول :وفيه الدولة هي المبادر الساسي في شن الحرب العلمية بمششا تملششك مششن تفششوق
ساحق في مجال السلحة العلمية الهجومية ،ومن إمكانيات الحشد مشن صشلحية النظشم الدفاعيشة لي مشن
الدول الخرى "الحالة العراقية" و"الحالة اليوغسلفية" .وفي هذه الحالة تفرز تلك الدولة قسمًا ممششا تملكششه
من وسائل وأسلحة الحرب العلمية لتسشتخدم مشن قبشل حلفائهشا ،أخشذة علشى نفسشها مهمشة تنسشيق الجهشود
والعمليات ،في الهجوم وفي الحد من التهديدات العلمية المشابهة التي قد تتعرض لهششا مششن قبششل الخصششم،
والمواقع التي يمكن أن ينطلق منها الخصم لتوجيه الضربة المعاكسة.
بحيث تضمن لنفسها التفوق وتحقيق النصر مهمششا كششان نشوع "العششدوان العلمششي" الششذي تقشوم بشه
وحلفائها ضد الخصم ،أو الذي تتعرض له هي أو أي من حلفائها مششن قبششل الخصششم فششي الحششرب العلميششة
غير المعلنة وغير المرئية في أكثر الحالت.
والسيييناريو الثيياني :احتفششاظ عششدد محششدود مششن الششدول المتقدمششة بقششدرات وإمكانيششات شششن الحششرب
العلمية واحتكار تلك الدول للسلح العلمششي ،بشششكل يسششمح لهششا بششالتفوق الكامششل والقششدرة علششى امتلك
أجهزة وشبكات معلومات مستقلة .في هذه الحالة لبد لواحدة من تلك الدول من الحتفششاظ بششالتفوق فششي هششذا
14
المجال .وبذلك يصبح هذا الوضع عامل تخويف للدول الخرى ،تمنعهششا مششن اسششتخدام السششلحة العلميششة
ضدها أو ضد أي من الدول التي تشرف عليها وبذلك تضمن التفوق حتى في المستقبل.
والسيناريو الثالث :ويركز على الدولة المتفوقة إعلميًا ،ونظم دفاعاتها غير القابلة للقهر ضششد أي
شكل من أشكال السلحة العلمية .ممششا يجششبر أكشثر دول العشالم علششى المتنششاع عشن امتلك أي شششكل مششن
أشكال السلحة العلميششة الهجوميشة ،أي الرضشوخ التشام .لنهشا ل تسششتطيع مواجهشة الهجمشات العلميشة
ضدها بسبب عدم امتلك التكنولوجيا المعادلة للدولة المتفوقة.
وفي هذه الحالة تستطيع الدولة المتفوقة إعلميًا فرض نظامها الخشاص للششراف الجبشاري علشى
السلحة العلمية ونزعها وتدميرها ،بما يششبه مششا تفعلشه الوليشات المتحشدة المريكيششة مشن خلل برنامشج
تدمير أسلحة الدمار الشششامل العراقيششة منششذ مطلششع التسششعينات فششي الرقابششة اللكترونيششة والسششتطلع الششدائم.
وبالنتيجة يمكن منع الحرب العلمية ضد الدولة المتفوقة أو تخفيض خطرها إلى الحد الدنى ،والسششيطرة
على وسائل استعمالها المتوفرة لدى الخصم المتوقع بمششا يمكششن مششن إزالتهششا وتششدميرها .ممششا يششوفر أرضششية
منطقية لعطاء مثل هذه الخطوات في ظروف التفوق الساحق لتلك الدولة ،لتفرض علششى المجتمششع الششدولي
اتخاذ قرارات دولية مناسبة تتفق ومصالح تلك الدولة المتفوقة.
وإشراف كهذا على المجال العلمي العالمي أصبح شبه واقعيًا على ضششوء التفششوق الشششامل الششذي
يسمح لدولة معينة ،أو لمجموعة قليلة من الدول ،بالتأثير على النظم العلمية الدولية من خلل المكانيات
الفعلية التي تملكها ،وهو ما يسمح لهم بفرض رأيهم علششى الخريششن ،بمشا يعنشي أن تكشون العولمشة مقرونشة
بإشراف المتفوق .وهو ما يؤكد وفق المعايير القليمية والنسانية أنهشا ملكشت وبالتأكيشد الحشد القصشى مشن
إمكانيات القناع أثناء الحروب المعلوماتية وفرض النباء التي تراها مناسبة ،وعمليات حفظ السششلم وفششق
منظورها الخاص.
لهذا يعتمد خصوم وجهة النظر التي تطالب بالنظر العاجل في قضششايا المششن العلمششي فششي إطششار
منظمة المم المتحدة على حجج ترى مششن وجهششة نظرهششم :أن المشششكلة ل تتضششمن جششوانب عسششكرية؛ وأن
الحقيقة هي في خطر استخدام المعلوماتية في المجالت الجرامية والرهابية فقط.
وهنا يبرز سؤال هام ،ماذا سيفعل المجتمع الدولي حيال إرهاب الدولة ،وحيششال الجششرائم المرتكبششة
من قبل دولة ضد دولة أخرى ،أو شعب ضد شعب آخر لهداف التطهير العرقي أو إبادة العششرق الخششر أو
لهداف توسعية واقتصادية وسياسية ،وعدم العتراف بالحقوق الشرعية للغير كما هي الحال في الصراع
العربي السرائيلي من أجل تحقيق السلم العادل ؟ فهل يمكن تسمية ذلك بغير الحششرب المسششتمرة ؟ أليسششت
الحروب وفق المفاهيم النسانية جرائم ترتكب بحق البشرية ؟ حتى ولو قامت بها دولة معينششة أو مجموعششة
من الدول ضد دولة أخرى أو مجموعة من الدول بقصد العدوان وليس الدفاع عن النفس.
ومن يستطيع إثبششات أن تلششك الحششروب والجششرائم والعمششال الرهابيششة تتششم دون اسششتخدام السششلحة
العلمية التي هي سمة من سششمات الحقبششة الخيششرة مشن القششرن العشششرين ؟ ومششن الخطششأ إخششراج الجريمششة
المنظمة والرهاب الدولي من مفهوم المن العلمي الدولي ،لنها تهدد الكيان النساني برمته؛
وأنه ل وجود للسلحة العلمية وهي ليست سوى عبششارة عششن وسششائل للتششأثير علششى نظششم العلم
وشبكات التصال فقط ،ول تشمل غيرها من الوسائل والطرق التي هي من أشكال السششلحة الششتي تسششتخدم
في تنفيذ الحروب النفسية؛ وأنه ل يمكن متابعة وتسجيل وضبط القائمين في التأثير العلمي.
وهذه بحد ذاتها حجة واهية لن الحقائق تثبت عكس ذلك ،والتاريخ يتضمن أمثلة محددة على ذلششك
منهششا :حششل مشششكلة تحديششد مواقششع إطلق الصششواريخ العششابرة للقششارات ،والحجششم الكششبير للقضششايا الجنائيششة
المرفوعة ضد المتسللين إلى شبكات الحاسب اللي الخاصة ،ومخربي محتويششات شششبكات الحاسششب اللششي،
مما يثبت إمكانية وفعالية الجراءات المتبعة حتى الن والتي يمكن تطويرها والزيادة من فعاليتها كل يوم؛
15
وأن غياب المصطلحات الموحدة وغيششاب المششداخل الموحششدة لمفهششوم المششن العلمششي يششؤدي إلششى
الخلف في التجاهات نحو تناول المشكلة وفق المفهوم الدولي .وهي مشكلة تحتششاج للحششل قبششل النظششر فششي
المشكلة جديًا ضمن إطار منظمة المم المتحدة كهيئة سياسششية دوليششة وحيششدة تملششك حششق النظششر فششي قضششايا
"العولمة" وآثارها؛
وأن القوانين الوطنية التي تلبي المصالح القومية العليا لمختلف الششدول غيششر متوافقششة ،وهششو وضششع
يجب تصحيحه؛
وهنا يبرز السؤال التالي :على أي أساس يجب تصحيحه ؟ هل علششى أسششاس قششوانين دولششة مختششارة
من دول العالم ؟ ومن هي تلك الدولة المختششارة صششاحبة الحششظ السششعيد ؟ ومششن يملششك الحششق بنشششر مفششاهيمه
القانونية الوطنية ومصالحه القومية العليا على كافة دول العالم ؟ ومن هي تلك الدولة التي ستكون المبششادرة
في فرض قوانينها الوطنية والمبادرة لفرض مفهومها وإجراءاتها في الدفاع عششن المجششال العلمششي وأمنششه
على غيرها من دول العالم ؟ فهذا من غير الواقعي تمامًا .لن المرجعية والساس يجششب أن يكششون للقششانون
الدولي فقط ،وهو ما دعت إليه الهيئة العامة لمنظمة المم المتحدة في قراريهششا 53/70و 54/49؛ وأخيششرًا
حجة عدم كفاية الدراسات اللزمة للعداد لعرض الموضوع على الهيئة العامة للمم المتحششدة ،وضششرورة
النتظار حتى اكتمال واستلم نتائج البحوث العلمية والقانونية.
والجدال حول هذه النقطة صعب لن البحوث العلمية الساسية المنتهية والمنشورة والمناقشة على
مستوى الخبراء كثيرة ،وتم اقتراح الكثير من الحلول التطبيقية للمشكلة من قبلهم .مما يفسح المجششال للشششك
في النوايا التي يمكن أن يكون الغرض منها النتظار حتى تنتهي بعض الدول من إعداد الوسائل العسكرية
التي تعمل على إنشائها ،للوصششول إلششى التفششوق المنتظششر الششذي يتيششح لتلششك الششدول الفرصششة الكاملششة لفششرض
وجهات نظرها على الغير .ولعزل الدول التي لم تبدأ بعد بالقيششام بمثششل تلششك الجششراءات والحيلولششة دون أن
يكون لها صوت مؤثر في حل تلك المشكلة الخطيرة.
ولتبقششى الثغششرات فششي النظمششة العلميششة لمختلششف دول العششالم قائمششة ،ولتبقششى عرضششة للعششدوان
العلمي دون القدرة حتى على الرد .وليبقى الطريق أمام الدول المتفوقة مفتوحًا لشن الحشروب العلميشة
وفرض السيطرة والشراف العلمي على النظم العلمية للدول الضعف .ولكن هل ستقبل الدول القششل
تقدمًا بهذا الوضع المختل ؟ في حال غياب آلية دولية للحد من السباق في مجششال امتلك واسششتخدام السششلح
العلمي ،وبالتالي منع قيام الحروب العلمية.
ففي ذلك الوضع ستفقد المششم المتحششدة دورهشا الريشادي فشي "العولمشة" ،ممشا يشؤدي إلشى الفوضشى
العلمية الدولية مع كل النتائج الوخيمة التي لبد وأن تؤثر في صميم الثقافة النسششانية ،وتششدفن إلششى البششد
أية إمكانية لقيام حوار ديمقراطششي عششادل بيششن الثقافششات ،ولتحششل مكششانه الثقافششة المفروضششة مشن قبششل الدولشة
القوى.
ومن الصعب الن أيجاد شكل محدد لتلك اللية الدولية دون تحقيق التفاهم داخل المجتمششع الششدولي.
ويكون مبنيًا على مبادئ عامة دوليشة ،مدعومشة مششن البدايششة بوثيقشة دوليششة متعششددة الطششراف تحششت رعايششة
منظمة المششم المتحششدة ،تتضششمن تصششور شششامل للمشن العلمششي الششدولي .ويأخششذ فششي اعتبششاره طبيعششة كششل
التهديدات العسكرية والجرامية والرهابية ،بما فيها استخدام سياسة الفرض والكراه لفرض هيبة القانون
سواء في المجال العسكري أو في المجال المدني .وهشذا يتطلشب مشن وجهشة نظشر أنصشار "عولمشة" المشن
العلمي القيام بما يلي:
16
إعششداد نظششم للفهششم المشششترك ،تسششتخدم أثنششاء تحليششل ومناقشششة المشششاكل المطروحششة حششول المششن
العلمششي ،وتحديششد المصششادر التكنولوجيششة وطبيعششة الخطششار المتوقعششة؛ وإعششداد المبششادئ الساسششية لبنششاء
"عولمة" النظم لتأمين المن العلمي الدولي؛
وإصدار بيان متعدد الطراف في أطار منظمة المم المتحدة يخلق تصور للمن العلمي الدولي
على أساس المبادئ الساسية المعلنة؛
وإعششداد اتفاقيششة تتضششمن المواضششيع الخاصششة ،مثششل قضششايا مكافحششة الرهششاب العلمششي الششدولي
والجريمششة فششي مجششال العلم ،تتفششق ومبششادئ المنظمششات الدوليششة العاملششة والقائمششة فششي مجششال العلم
والتصالت المرئية ،ووسائل التصال والعلم الجماهيرية وحقوق النسان؛
وإعداد المبادئ الساسية الخاضعة للمحاسبة فششي إطششار منظمششة المششم المتحششدة للنظششر فششي ملئمششة
القوانين الوطنية بهدف التوفيق بينها؛
وإدخال جميشع الشدول العضشاء لضشافات وتغييشرات فشي قوانينهشا الساسشية بمشا يتفشق والمبشادئ
الساسية المعلنشة؛ وإعشداد المبشادئ الساسشية لتنظيشم آليشة للرقابشة والسشيطرة فشي مجشال المشن العلمشي
الدولي ،وضمان تناسقه مع النظششم العالميششة العاملششة فششي مجششال المعلوماتيششة والتصششالت المرئيششة ووسششائل
العلم والتصال الجماهيرية وحقوق النسان ،والرقابة علششى تصششدير مششواد وتكنولوجيششا العلم .ويعنششي
هذا العمل المشترك في أجهزة الرقابة على تصدير المنتجات والخدمات في مجال المعلوماتية والتصالت
المرئية ،وخاصة منها التي يمكن أن تستخدم عسكريًا أو للستخدامات الثنائية ،بما فيها المشواد المخصصششة
لنتاج أسلحة الحرب النفسية.
ويرى أنصار هذا التجاه أن تتوج المرحلة الختامية بتوقيع كششل الششدول فششي المجتمششع الششدولي علششى
اتفاقية متعددة الطراف لها صبغة نهائية تؤكد مبادئ المن العلمي الدولي ،وتفششرض آليششة دوليششة معينششة
لمراقبة مجال المن العلمي الدولي ووضعه حيز التطبيق .على أن يجري كل ذلك في إطار الدبلوماسششية
الدولية وضمن إطار منظمة المم المتحشدة ،وعلشى مسشتوى المنظمشات القليميشة ،وهنشا يشبرز دور جامعشة
الدول العربية ،ومجلس تعاون دول الخليج العربية وغيرها مششن التجمعششات القليميششة والدبلوماسششية الثنائيششة
بين الدول ،لتحقيق أوسع تعشاون دولشي مفيشد وواقعشي وممكشن يسشاعد علشى حشل مششاكل المشن العلمشي
الدولي.
ويضمن تنفيذ الجراءات المتخذة لحشل المشششاكل الجديشدة والصشعبة الناتجشة عشن دخششول النسششانية
عصر "العولمة" المعلوماتية .وتوفر المن العلمي الدولي الواقعي بما يضمن المصشالح الوطنيششة لجميشع
دول العالم صغيرها وكبيرها ،فقيرها وغنيها .ويتصدى لي عدوان خارجي أو إجرامششي أو إرهششابي علششى
المجال العلمي لي دولة من دول العالم.
لمزيد من المعلومات حول الموضوع أنظر:
د .أسامة الغزالي حرب :الحزاب السياسية في العالم الثالث .سلسلة المعرفة 1987 .سبتمبر. .1
أندريه فلديميروفيتش كروتسكيخ ،وأليكساندر فلديميروفيتش فيدروف :عن المن العلمششي .2
الدولي // .موسكو :مجلة الحياة الدولية ،العدد 2لعام ) .2000باللغة الروسية(
إسلم كريموف :أوزبكستان ،طريقها الخاص للتجديد والتقدم.ترجمششة :أ.د .محمييد البخيياري .دار .3
السروات ،جدة .1999
إسلم كريموف :أوزبكستان ،نموذجها الخاص للنتقال إلى اقتصاد السششوق .ترجمششة :أ.د .محمييد .4
البخاري .دار السروات ،جدة .1999
إسلم كريموف :أوزبكستان على طريق الصششلحات القتصششادية .شششركة المطبوعششات للتوزيششع .5
والنشر .بيروت .1996
د .بطييرس بطييرس غييالي :حقششوق النسششان فششي 30عام شًا // .القششاهرة :مجلششة السياسششة الدوليششة .6
/1979يناير.
د .حازم الببلوي :العرب والعولمة .القاهرة :الهرام .1997/12.30 .7
د .صابر فلحوط ،د .محمد البخاري :العولمة والتبادل العلمي الدولي .دار علء الشدين .دمششق .8
.1999
17
عاطف الغمري :السلحة الجديدة في ترسششانة الهجششوم القتصششادي العششالمي // .القششاهرة .صششحيفة .9
الهرام /1996يناير .30
د .محمد سامي عبد الحميد :أصول القانون الدولي العام.1979 . .10
د .محمد عابد الجابري :قضايا فششي الفكششر العربششي المعاصششر .مركششز دراسششات الوحششدة العربيششة. .11
بيروت .1997
د .محمد علي العويني :العلم الدولي بين النظرية والتطبيق .مكتبة النجلو المصششرية ،القششاهرة .12
.1990
د .محمد البخاري :مبادئ الصحافة الدولية والتبادل العلمي الدولي .جامعة ميرزة أولششوغ بيششك .13
الحكومية .طشقند .1997
د .ممييدوح شييوقي :المششن القششومي والعلقششات الدوليششة // .القششاهرة .مجلششة السياسششة الدوليششة .14
/1997العدد .127
د .هالة مصطفى :العولمة ..دور جديد للدولة // .القاهرة .مجلششة السياسششة الدوليششة 1998 ،العششدد .15
.134
د .هاليية مصييطفى :المشششروع القششومي فششي مصششر :دور الدولششة الساسششي //.القششاهرة :الهششرام .16
.1997/4.28
ل // .القاهرة :الهرام .1997/3.31 د .هالة مصطفى :المشروع القومي بناء الداخل أو ً .17
د .هالة مصطفى :حقوق النسان ،وفلسفة الحرية الفردية" .نشطاء" البرنامج القليمي لدراسششات .18
حقوق النسان 1997 .العدد .3أكتوبر.
19. Francis Fukuyama, End of History, National Interest, summer. 1989.
20. James N. Rosenau, New Dimensions of Security: The Interaction of
Globalizing and Localizing Dynamics, Security Dialogue, 1994, Vol. 25 (3).
21. Paul Kennedy, Globalization and its Discontents, New Perspectives Quarterly,
Vol. 13, No. 4. Fall 1996.
22. Peter Drucker, The Second Infuriation Revolution, New Perspectives
Quarterly, Vol. 14, No. 2, Spring 1997.
23. Jan AART SCHOLTE, Global Capitalism and the State, International Affairs,
Vol. 73, No. 3, July 1997.
24. “Joint Doctrine for Information Operations", Joint Chief of Staffs, Joint Pub.
3-13, October 9, 1998.
25. Hans Morganthue, Political Nations, Calcutta, Scientific Book Agency, 1965, Chap.
28.
26. Edward N. Luttwak, The Global Setting of U.S. Military Power-Washington. 1996.
18