Professional Documents
Culture Documents
الدرس
ومهارات التوجيه
إن المد ل ،نمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ،ونعوذ بال من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ،من يهده ال
فل مضل له ومن يضلل فل هادي له ،وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له ،وأشهد أن ممدا عبده
ورسوله ،أما بعد-:
فقبل ثلث سنوات صدرت الطبعة الول ،ولا عدت لقراءة هذا الكتاب رأيت أنه باجة لزيد مراجعة وإضافة،
فأعدت النظر فيه مرة أخرى ،ليخرج بذه الطبعة الديدة ،والت تتاز عن سابقتها با يلي:
أولً -:إضافة الزيد من الفكار والباحث ،وقد بلغ ما ت إضافته ف هذه الطبعة قريبا من ثلث الكتاب.
ثانيا -:كنت قد قرأت بعض ما كتبه السلف حول آداب العال والتعلم ،فأضفت بعض النقول عنهم ف ذلك،
وتركت الكثي لئل يزيد حجم الكتاب.
ثالثا -:إعادة ترتيب بعض فصول الكتاب ومباحثه.
رابعا -:تصحيح بعض الخطاء ف الطبعة السابقة.
وأشعر أنه كلما امتد الزمن ،لبد أن ِتدّ للنسان أمور ،أو يعيد النظر ف بعض اقتناعاته ،أو ترتيب أولويات
أفكاره ،لذا فسيبقى العمل البشري عرضةً للصواب والطأ ،والتغيي والتبديل ،ومهما امتد ذلك فلن يصل مرتبة
الكمال ،أو يتجاوز مرحلة الوقوع ف الطأ والزلل.
وأسأل ال سبحانه وتعال أن يرزقن الخلص ف القول والعمل إنه سيع ميب.وصلى ال وسلم على نبينا ممد.
القدمة
إن المد ل ،نمده ونستعينه ،ونستغفره ،ونتوب إليه ،ونعوذ بال من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ،من يهده
ال فل مضل له ،ومن يضلل فل هادي له ،وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له ،وأشهد أن ممدا عبده
ورسوله ،أما بعد-:
فإنه قرار صائب ذاك الذي اتذتَه بالتوجه لذه الهنة الشريفة ،والتصدي لمل هذه الرسالة الالدة ،فقد وضعتَ
قدميك ف طريق البناء والعداد لذه المة ،ولستَ باجة أخي الدرس إل أن أدبج لك القال ،وأستنجد لك
الياع.
أي خطأ يرتكبه ذاك الذي يظن التعليم وظيفة رسية فحسب ،وأي ظلم وإهانة للجيل والنشء -ل للمعلم وحده
-تلك النظرة القاصرة الت تقلل من مكانة العلم ،وترى أن التعليم وظيفة من رضوا بالدون ،وأخلدوا للدعة،
وتركوا التسابق للمراتب العالية.
وكم أتلل بشرا وأسعد حي أراك أخي الدرس يا من تمل بي طياتك نفسا صادقة ،وقلبا حارّا يترق على واقع
أمته ،ويتأل لال الشباب .ومع ذلك فلم يكن هذا الم عائقا لك ومثبطا ،بل أنت تمل طموحا صادقا ،ونفسا
أبية متطلعة للصلح والتغيي .ول يقف الد عند هذه الشاعر ،فها أنا أرى ثرات جهدك ،ونتاج عملك ،بارك
ال فيك ،وزادك علما وعملً.
أخي الدرس :كثيا ما سعت كلمات الثناء الصادقة من طلبك ،وكثيا ما رأيت بصماتك ظاهرة عليهم،
أرأيت الشباب الغض الذي يتسابق إل الصفوف الول ف الساجد ،ويسارع إل حلق العلم ومالس الي؟ ولن
أقول لك اذهب إل الدارس ،فأنت من أهلها ،أل تر إليها وقد تزينت بأولئك الخيار ،وقد صاروا يسابقون إل
أعلى الراتب ،ويبزون أقرانم .فكل ما ترى أخي الكري بعض ثرة جهدك وجهد إخوانك من الساتذة والدعاة.
ولكن ومع هذه الهود الية الشكورة هناك فئة من العلمي الخيار ،ل مطعن ف دينهم ،ول شك ف فضلهم،
فنحن نبهم ف ال ،ونعتقد أن أكثرهم أفضل منا عند ال ،ونسعد بلقائهم ودعواتم الصادقة ،لكنهم ل يزيدون
على أن يندبوا واقع الشباب ،ويتألوا لا هم فيه ،دون أن يركوا ساكنا.
فأستأذنك أخي الكري أن أخاطب هؤلء الحباب فحقهم علينا عظيم..
فهل فكرت أخي الكري ف عظم الوقع الذي تبوأته ،والمانة الت تملتها ،فذاك الرجل الطاعن ف السن ،وتلك
الرأة الضعيفة قد علقوا آمالم بعد ال عليك ف استنقاذ ابنهم وحايته ،والصلحون الغيورون يعدونك من أكب
68 الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش
المال ف استنقاذ الجتمع ،والمة تبحث أخي الفاضل عن النقذ لا ولبنائها ،وأنت أخي الدرس جزء من مط
آمال المة.
أخي الدرس :أنت يا قارئ السطور أعنيك ول أعن سواك ،أنت مط آمالنا ،أنت طريقنا ل إل الشباب
والتلميذ وحدهم بل إل الناس كلهم.
أعلم أخي العلم أنك ستقول :علمي ضعيف ،قدرات مدودة ،وربا لست صاحب اختصاص شرعي ،أعلم ذلك
كله ،ولكن أجزم أنك قادر على أن تصنع الكثي ،ومهما ضعف علمك ،وتواضعت قدراتك ،وقلّت خبتك،
مهما خلعت على نفسك من أوصاف القصور ،وسلكت من أبواب التواضع ،فأنت قادر على أن تقدم الكثي،
ول نطلب منك أخي الدرس إل ما تطيق .أل تطيق الكلمة الناصحة؟ أل تطيق التأل والرقة على واقع أبنائك؟.
وحجة أخرى طالا سعناها :النهج طويل ،ل أجد الوقت ،لكنا نريد أخي الكري دقائق معدودة ،تستطيع توفيها
من كثي من الوقت الذي يضيع ،والستطراد الذي ل ضرورة له.
أخي الدرس :ما أغناك عن أن أحدثك عن الواقع الرير لمتنا ،أو عن التآمر على شباب السلمي ،أنسيت ما
فعل دنلوب وأذنابه؟ أنسيت ما بذل جيل السخ ليحول بينك -أنت العلم -وبي إبلغ كلمة الق الصادقة
إل القلوب التعطشة؟ .
ي غفلة وعال
أخي الدرس :أخاطب فيك الغية والمية لدين ال ،فأنت تقابل الشباب كلّ يوم ،وتدرك أ ّ
يعيشونه ،ترى مظاهر العراض ،ومصارع الفت ،فكيف ل ترك فيك ساكنا؟ .أل تره ذاك الشاب الذي يعيش
معاناة واضطرابات الراهقة ،ويصارع الشهوات ،وتعصف به الرياح من كل فج ،أو الخر الذي اكتنفه رفاق
السوء فأحاطوا به إحاطة السوار بالعصم؟ فهل وصل بك أخي الكري عدمُ القدرة ونقصُ البة إل أن تعجز أن
تقدم شيئا لذا وأمثاله؟.
أخي الدرس :لست أدعوك إل عمل خي تساهم فيه فحسب ،ول أحثك على القيام بنافلة من أفضل النوافل ،إنا
أدعوك إل أن ترعى المانة ،وتقوم بالسؤولية ،وبعبارة أدق :أن تؤدي الواجب الشرعي.
ألست راعيا أخي الدرس ؟ أل يقل صلى ال عليه وسلم " :كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" (رواه
البخاري ( ) 893ومسلم ( ). ) 1829؟ ألست ترى النكر؟ أل يقل صلى ال عليه وسلم ":من رأى منكم
منكرا فليغيه بيده ،فإن ل يستطع فبلسانه ،فإن ل يستطع فبقلبه"( رواه مسلم ( ). ) 49؟ وهل وصل بك المر
إل أن ل تطيق إل الكلمة العابرة أو النقد السلب؟ أل تطيق أن تمل همّ الصلح؟ أل تطيق أن تفكر ف وسائل
تربية الناشئة وتوجيههم؟
كيف أخي الدرس تتحمل أمانة تدريس النهج الدراسي ،وتأخذ مقابل ذلك أجرا من مال السلمي؟ وحي
ندعوك لتحمل أمانة الدعوة والتوجيه -الت هي واجبة عليك ابتداءً ،وقد زادت مع تبوئك هذا الوقع -حي
تكون الاجة الاسة لمل المانة التربوية تعتذر بعدم القدرة ،والضعف العلمي ،وفقد البة ،وتسب أن هذا من
68 الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش
التواضع .بل التواضع هو القيام بالواجب والستعانة بال.فعجبا لذا القلب للمفاهيم! ومت كان التخلي عن
الواجب وترك السؤولية تواضعا؟
كيف أخي الدرس تنقد واقع الشباب ،وتتحدث عن سلبياتم ومع ذلك ل ترك ساكنا ،ول تقوم بهد؟.
معذرة لذا الطاب الريء فلول أن أقدر مسؤوليتك الت ستسأل عنها يوم الساب ،ولول أن أخاطب قلبك
الواعي ،وعقلك الدرك .لا جرأت عليك ،ولول أن المر ل يتمل الغضاء لطويت الصفحة ،ولول ثقت الكبية
بأن ما أقوله سيثي كوامن خفية ف نفسك لا سطرت حرفا واحدا.
أخي الدرس :هل تزهد ف اب ٍن بار ،وتلمي ٍذ يقدر جهدك؟ وهل أنت مستغنٍ عن دعوة صالة يصك با من
قدّمت له خيا؟ إن هذه عاجل النتائج وبشرى الؤمن ،أما ما عند ال فهو خي وأبقى.
أخي الدرس :إن الشعورَ بأهية التوجيه ،بل والطوات العملية مطلبٌ نفيس ،ولكن ل ينبغي أن نقف عند هذا
الد بل يب أن نتجاوزه إل أن نتعلم فن التوجيه ،وأساليب التأثي ،وهذا باب واسع ،لن ييط به ما سطرته،
ومهما بذلت فالمر أكب من شخصٍ قاصر ،ولذا فأنا أدعو أن تتضافر الهود لكتشاف وسائل التأثي ،وأن
نتبادل البات .فأدعو هنا إخوان إل الساهة ف المر ،كتابة وماضرة ،ومناقشة ،ويسعدن أن أتلقى من الخوة
الكرام أي ملحوظة ،أو رأي ،أو توجيه ،أو اقتراح.
وأنا كاتب هذه السطور إن نسيت فلن أنسى ذاك الستاذ الفاضل الذي درسن ف الراحل الولية-رحه ال-
كنت ألس يومها -وأنا طفل بريء -ف وجهه الصدق والعاطفة الية ،ول تزال أصداء كلماته تتردد ف أذن،
فرحه ال وأجزل مثوبته ،وأعلى درجته .والخر الذي عوّضه ال عن نور بصره بنور بصيته -أحسبه كذلك
ف من فضائل ،وكم من كلمة صادقة سعتها إن نسيت
وال حسيبه ول أزكي على ال أحدا -فلله كم ربّى ّ
حروفها الن فقد ترجت إل عمل وواقع فصارت جزءا من ليفارقن .وهل أنسى بعد ذلك ذاك الشيخ الوقور
الذي مَنّ ال عليّ بفظ كتابه على يديه؟
وبعدهم خطا ب العمر فانتقلت إل العهد العلمي ،فتشرفت بالتتلمذ على مشايخ أجلء وأساتذة أفاضل.ولست
أملك وال ما أقدم لم من العرفان والوفاء أفضل من الثناء الصادق ،والدعاء الصال .اللهم فاغفر لم جيعا،
وارفع درجاتم ف الدنيا والخرة ،واجزهم عن خي ما جزيت والدا وأستاذا ناصحا.
الصورة الثالثة:
وهي قد تمل أوجه تلق مع الصورة الول أو الثانية ،لكن صاحبها متبلد الحساس ،فاقد الغية يرى أبناء
السلمي يتهافتون على الفساد ،ويقعون ف شبك الرذيلة ،ول يرك المر لديه ساكنا ،أو يثي عنده حية ،فهذا
ليس من شأنه .شأنه تدريس الفاعل والفعول ،أو توضيح الركبات وقوانينها ،أو حل العادلت ،بل قد يتبوأ
تدريس العلم الشرعي ،والتربية السلمية ،ومع ذلك فواقع الطلب ل يعنيه بقليل ول كثي.
لست أدري أي عقلية تكم هذا النوع من الناس؟! ول أعلم من أيهما أعجب من واقع الشباب ،أم من ضعف
68 الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش
الصورة الرابعة:
مدرس اته إل التدريس كرها ل طوعا ،فهو ل يد وظيفة أصلً غيه ،أو كان يريد البقاء ف بلده ،فهو اليار
الوحيد له ،ولسان حاله يقول :مكره أخاك ل بطل ،نعم من حقه أن يؤمن مالً يعمل فيه ،لكن مثل هذا الصنف
قد ل يدرك رسالة التعليم ،وشرف التربية.
ونصيب الدرس ل يقف عند واحدة من هذه الثلث ،بل يظفر با جيعا كما بيّن ذلك الافظ بدر الدين ابن
جاعة حي قال":وأنا أقول :إذا نظرت وجدت معان الثلثة موجودة ف معلم العلم ،أما الصدقة الارية فإقراؤه
إياه العلم وإفادته إياه ،أل ترى إل قول النب صلى ال عليه وسلم ف الصلي وحده " :من يتصدق على هذا؟"
(رواه أحد ([ )3/14 ]11016وأبو داود ( )574والدارمي ( .).)1368أي بالصلة معه لتحصل له فضيلة
الماعة ،ومعلم العلم يصل للطالب فضيلة العلم الت هي أفضل من صلة ف جاعة ،وينال با شرف الدنيا
والخرة .وأما العلم النتفع به فظاهر؛ لنه كان سببا ليصال ذلك العلم إل كل من انتفع به .وأما الدعاء الصال
له فالعتاد على ألسنة أهل العلم والديث قاطبة من الدعاء لشايهم وأئمتهم… فسبحان من اختص من شاء
بزيل عطائه" (تذكرة السامع والتكلم ( .). ) 64 - 63
وانظر إل الثمرة الت جناها أبو حنيفة رحه ال حي علّم مسألة واحدة ،قال مكي بن إبراهيم":كنت أتر فقال ل
المام :التجارة بل علم ربا تورث فساد العاملة ،فما زال ب حت تعلمت ،فما زلت كلما ذكرته وذكرت كلمه
وصليت أدعو له بالي؛ لنه فتح عليّ ببكته أبواب العلم"(من أعلم التربية السلمية ( )1/44نقلً عن
مناقب أب حنيفة للكردي ( .) .)138
الدرس صاحب اللبنة الول:
هل رأيت العال الداعية الذي يمل همّ دينه ،وتلتف حوله الماهي ،ويثن الناس ركبهم لديه؟
أم أبصرت القاضي الذي يكم ف دماء الناس وأعراضهم وأموالم؟
أم قابلت الندي الذي يقف ف اليدان حاميا لعرين المة ،وحارسا لثغورها؟
كل أولئك إنا جازوا من قنطرة التعليم ،وعبوا من بوابة الدراسة ،وقد كان لم ولشك معلمون وأساتذة ،ول
يعدموا مدرسا ناصحا ،وأستاذا صادقا.
" إن عظماء العال وكبار الساسة فيه وصناع القرارات الطية ،كل هؤلء قد مرّوا من خلل عمليات تربوية
طويلة ومعقدة ،شارك فيها أساتذة ومعلمون ،وضع كل منهم بصماته على ناحية معينة من نواحي تفكيهم ،أو
على جانب من جوانب شخصياتم ،وليس من الحتم أن يكون هؤلء العظماء وقواد المة ومصلحيها قد مرّوا
على عيادات الطباء ،أو على مكاتب الهندسي ،أو الحامي ،أو الصيادلة ،أو الحاسبي .بل إن العكس هو
الصحيح إذ لبد أن يكون كل هؤلء الطباء والهندسي والحامي والصيادلة والحاسبي وغيهم ،لبد وأن
يكونوا قد مرّوا من تت يد العلم؛ لنم من ناتج عمله وجهده وتدريبه… إن العلمي يدمون البشرية جعاء،
ويتركون بصماتم واضحة على حياة الجتمعات الت يعملون فيها ،كما أن تأثيهم على حياة الفراد ومستقبلهم
يستمر مع هؤلء الفراد لسنوات قد تتد معهم ما امتد بم العمر ،إنم يتدخلون ف تشكيل حياة كل فرد م ّر من
باب الدرسة ،ويشكلون شخصيات رجال الجتمع من سياسيي ،وعسكريي ،ومفكرين ،وعاملي ف مالت
68 الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش
الياة الختلفة" (العلم والناهج وطرق التدريس لستاذنا .د .ممد عبدالعليم مرسي (.). )15-14
فهو أنت أخي الدرس تدرس الصغي والكبي ،وتعد الميع ،وتيئهم ليصل بعضهم إل ما ل تصل إليه ،لكنك
صاحب اللبنة الول وحجر الساس.
أرأيت أخي حجم مسؤوليتك؟ وأدركت موقعك من الجتمع؟ وعلمت مكانك بي الناس؟
الدرس يتد أثره خارج أسوار الدرسة:
يدرك الميع مدى ناح الدرس ف التأثي من خلل فصله الدراسي ،وعلى طلبته الالسي أمامه على مقاعد
الدراسة ،أما أن تأثيه يتد خارج أسوار الدرسة فهذا أمر قد ل يدركه الميع ،إن الدرس الناصح الخلص لن
يعدم أن يد واحدا من بي طلبته الئات يمل أفكاره ،ويتحمس لا ربا أكثر منه ،وينافح عنها ف الجالس
والحافل ،فتبلغ كلماته مدى يعجز هو قبل غيه عن قياسه.
وأحسب أنك توافقن أن هذه البوابة من التأثي غي مفتوحة للجميع ،وأن من يفشل ف التأثي على الالسي
أمامه لن تاوز كلماته فصله.
صلة ال وملئكته:
عن أب أمامة الباهلي رضي ال عنه أن النب صلى ال عليه وسلم قال " :إن ال وملئكته وأهل السموات
والرضي ،حت النملة ف جحرها ،وحت الوت ،ليصلون على معلم الناس الي " (رواه الترمذي ( ) 2685
والدارمي (.). )289
أي منلة عالية تلك الت يبلغها الدرس ،أن يصلي عليه ال سبحانه وتعال وملئكته الكرام الذين ل يعصون ال
ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون؟ وحت سائر أهل السماء وأهل الرض ،وهذا أمر يشاهده الميع ،أل تسمع تلك
الدعوات الصادقة الت تصدر من الناس حي يسمعون خطيبا أو داعية للخي ،قد علّمهم أمرا جهلوه ،أو ذكّرهم
شيئا نسوه؟
ولكن ما بالك بن جعل هذه المانة والنلة سليما للثراء ،ووسيلة للكسب الادي ،ففقد الخلص ل سبحانه،
ول يبتغ بتعليم الناس وجه ربّه ،أتراه يستحق هذا الثواب؟ "إنا العمال بالنيات وإنا لكل امرئ ما نوى"(رواه
البخاري ( ) 1ومسلم ( .) .) 1907
له مثل أجر من تبعه:
عن أب هريرة -رضي ال عنه -أن النب صلى ال عليه وسلم قال":من دعا إل هدى كان له من الجر مثل
أجور من تبعه ل ينقص ذلك من أجورهم شيئا ،ومن دعا إل ضللة كان عليه من الث مثل آثام من تبعه ل
ينقص ذلك من آثامهم شيئا (رواه مسلم ( .).) 2674
وعن جرير بن عبد ال البجلي -رضي ال عنه -أن النب صلى ال عليه وسلم قال":من سنّ ف السلم سنة
68 الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش
حسنة فله أجرها وأجر من عمل با بعده من غي أن ينقص من أجورهم شيء ،ومن سن ف السلم سنة سيئة
كان عليه وزرها ووزر من عمل با من بعده من غي أن ينقص من أوزارهم شيء"(رواه مسلم ( .).) 1017
وعن حذيفة -رضي ال عنه -أن النب صلى ال عليه وسلم قال ":من س ّن خيا فاست به؛ كان له أجره ومن
أجور من يتبعه غي منتقص من أجورهم شيئا ،ومن سنّ شرّا فاست به؛ كان عليه وزره ومن أوزار من يتبعه غي
منتقص من أوزارهم شيئا"(رواه أحد (.).)5/387
فالدرس له النصيب الوفر من هذه الفضائل؛ فهو من يدعو للهدى ،ويسن السنة السنة ،بل روى ابن ماجه من
حديث سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه رضي ال عنهم أن النب صلى ال عليه وسلم قال":من علّم علما فله أجر
من عمل به ل ينقص من أجر العامل" (رواه ابن ماجه ( . ) 240وانظر :صحيح الترغيب والترهيب ( .).) 76
النضارة:
لقد تواتر عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال":نضرّ ال امرًأ سع مقالت فوعاها فأداها كما سعها ،فَ ُربّ مبلغ
أوعى من سامع" (انظر لقط اللل التناثرة ( ) 161وأورده السيوطي والكتان .وذكر ابن منبه أنه رواه أربعة
وعشرون) فهذه دعوة من النب صلى ال عليه وسلم للمعلم ،فبادر أخي الدرس ف تعليم الي لتفوز بدعوة النب
صلى ال عليه وسلم ،فرب كلمة ل تلقي لا بالً تقع على من يكون أوعى لا منك ،فينالك أجرها.
من تلميذك البار؟
من أعظم ما تدخره أخي الدرس ف الياة الدنيا أن تكسب طالبا ،يتلقى توجيهك ،ويمل علمك ،ويعرف بعد
ذلك قدرك .
ويوصيك بذلك ابن جاعة فيقول":واعلم أن الطالب الصال أعود على العال بي الدنيا والخرة من أعز الناس
عليه ،وأقرب أهله إليه ،ولذلك كان علماء السلف الناصحون ل ودينه يلقون شبك الجتهاد؛ لصيد طالب
ينتفع الناس به ف حياتم ،ومن بعدهم ،ولو ل يكن للعال إل طالب واحد ينتفع الناس بعلمه وهديه وإرشاده
لكفاه ذلك الطالب عند ال تعال ،فإنه ل يتصل شيء من علمه إل أحد فينتفع به إل كان له نصيب من الجر"
(تذكرة السامع والتكلم (.))63
68 الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش
الديث أحد أول منك لا رأيت من حرصك على الديث"(رواه البخاري ( .).) 99
ول يكن أن يلو متعلم من السؤال والاجة إليه ،ومن هنا كان عليه أن يتعلم مت يسأل؟ وعم يسأل؟ ومن
يسأل؟ وكيف يسأل؟ وهو منهج سعى صلى ال عليه وسلم لتأكيده ،وتعليمه لصحابه.
والنفس أيّا كان شأنا تيل إل الرغبة ف الشعور بالناز ،ويدفعها ثناء الناس -النضبط -خطوات أكثر.
سادسا:العناية بالتعلم:
كان صلى ال عليه وسلم يدث فجاءه أعراب فقال :مت الساعة؟ فمضى رسول ال صلى ال عليه وسلم يدث،
فقال بعض القوم :سع ما قال فكره ما قال ،وقال بعضهم :بل ل يسمع ،حت إذا قضى حديثه قال":أين أراه
السائل عن الساعة؟" قال :ها أنا يا رسول ال ،قال":فإذا ضيعت المانة فانتظر الساعة" قال:كيف إضاعتها؟
قال":إذا و ّسدَ المر إل غي أهله فانتظر الساعة" (رواه البخاري ( ) .) 59فرغم أنه صلى ال عليه وسلم ل
يقطع حديثه إل أنه ل ينس هذا السائل ول يهمله ،وهو أمر يكشف عن تلك النفس العالية ،واللق السامي من
العلم الول صلى ال عليه وسلم .
وحي خطب ف حجة الوداع قال أبو شاه:اكتبوا ل ،قال صلى ال عليه وسلم":اكتبوا لب شاه" (رواه البخاري
( . )2434ومسلم ( . ) .) 1355
حت انتهى إل فأت بكرسي حسبت قوائمه حديدا ،قال :فقعد عليه رسول ال صلى ال عليه وسلم وجعل يعلمن
ما علمه ال ث أتى خطبته فأت آخرها(رواه مسلم (.) )876
فالناس معادن ،وقدرات وطاقات متفاوتة ،حرصا ،وذكاءً ،واستعدادا ،وتصيلً .والعلم يتعامل مع الميع،
وياطب الكل ،وهنا تكمن مهارته ف إقناع الميع ،وتقيق التوازن بينهم.
والعتناء بالفروق الفردية أمر ل تبتكره التربية العاصرة ،بل أشار إليه أسلفنا الوائل وأدركوه وأوصوا العلم
به ،قال النووي":وينبغي أن يكون باذلً وسعه ف تفهيمهم ،وتقريب الفائدة إل أذهانم ،حريصا على هدايتهم،
ويفهم كل واحد بسب فهمه وحفظه ،فل يعطيه ما ل يتمله ،ول يقصر به عما يتمله بلمشقة ،وياطب كل
واح ٍد على قدر درجته ،وبسب فهمه وهته ،فيكتفي بالشارة لن يفهمها فهما مققا ،ويوضح العبارة لغيه
ويكررها لن ل يفظها إل بتكرار ،ويذكر الحكام موضحة بالمثلة من غي دليل لن ل ينحفظ له الدليل ،فإن
جهل دليل بعضها ذكره له"(الجموع شرح الهذب (.) .)1/31
وكان السلف ربا خصوا بعض الطلب بالتعليم والتحديث دون غيه .قال أبو عاصم":ربا رأيت سفيان يذب
الرجل من وسط اللقة فيحدثه بعشرين حديثا والناس قعود" ،قالوا :لعله كان ضعيفا .قال:ل(أخرجه
الرامهرمزي ف الحدث الفاصل (.))785
فنهدي هذه القبسات إل كل من حبس نفسه ف إطار قوالب جامدة ،وأساليب موروثة ،فحول السلوب هدفا،
والوسيلة غاية.
الثالث عشر :الربط بي الواقف التعليمية:
عن أنس -رضي ال عنه -قال :قدم على النب صلى ال عليه وسلم سب ،فإذا امرأة من السب قد تلب ثديها
تسقي ،إذا وجدت صبيا ف السب أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته ،فقال لنا النب صلى ال عليه وسلم ":أترون
هذه طارحة ولدها ف النار؟" قلنا :ل ،وهي تقدر على أن ل تطرحه ،فقال":ل أرحم بعباده من هذه بولدها"(رواه
البخاري ( )5999ومسلم ( . ) .) 2754
فل يستوي أثر العان حي تربط بصور مسوسة ،وحي تعرض ف صورة مردة جافة.
إن الواقف تستثي مشاعر جياشة ف النفس ،فحي يستثمر هذا الوقف يقع التعليم موقعه الناسب ،ويبقى الدث
وما صاحبه من توجيه وتعليم صورة منقوشة ف الذاكرة ،تستعصي على النسيان.
بصال أعمالم (رواه البخاري ( )3465ومسلم ( ،).)2743وقصة الذي قتل تسعة وتسعي إنسانا (رواه
البخاري ( ) 3470ومسلم ( ،).) 2766وأمثلتها كثي.
هـ -وأحيانا يربط العن العقول بالصورة الحسوسة ،فينظر مرة إل القمر ليلة البدر ث
يقول":إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر ل تضامون ف رؤيته ،فإن استطعتم أن ل تغلبوا على
صلة قبل طلوع الشمس وقبل غروبا فافعلوا ،ث قرأ [ :وسبح بمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل
الغروب]( رواه البخاري ( ) 554ومسلم ( .).) 633
وقال لعلي -رضي ال عنه ": -قل :اللهم اهدن ،وسددن ،واذكر بالدى هدايتك الطريق ،وبالسداد سداد
السهم"(رواه مسلم (.).)2725
فاستعماله صلى ال عليه وسلم لا أتيح ف عصره من وسائل ،يعن لنا أن من تام القتداء بديه صلى ال عليه
وسلم أن نستعمل خي ما تفتق عنه العصر من وسائل وأساليب حديثة ف التربية والتعليم ،مادامت مباحة.
ال عليه وسلم عن الصلة بضرة ما يشغل الصلي ،ومن ذلك:الصلة بضرة الطعام ،ومدافعة الخبثي ،ووجود
ما يشغله ف قبلته.
السابع عشر:مراعاة نشاط الطلب واستعدادهم:
ويدل لذا العن ما رواه ابن مسعود -رضي ال عنه -قال :كان النب صلى ال عليه وسلم يتخولنا بالوعظة ف
اليام كراهة السآمة علينا (رواه البخاري ( )68ومسلم ( )2821وانظر الصدر السابق (. ). )108
أما الذين يشعرون أن التعليم يقف عند سرد معلومات جافة ،فل يعنيهم مدى استعداد الطالب ،وتيئه للتعلم،
فأولئك بعيدون ك ّل البعد عن هدي العلم الول صلى ال عليه وسلم .
إن التعلم ليس آلة صماء تستقبل كل ما يرد إليها ،بل هو بشرٌ له قدرات مددة ،وغرائز ،وصفات بشرية لبد
من مراعاتا.
الثامن عشر :مراجعة العلم والفظ:
فقد أوصى صلى ال عليه وسلم حفاظ القرآن بتعاهده والعناية به فقال":تعاهدوا القرآن فو الذي نفسي بيده لو
أشد تفصيا من البل ف عقلها" (رواه البخاري ( ) 5033ومسلم ( . ). ) 791
وكان جبيل يدارسه القرآن ف رمضان (رواه البخاري ( )4997ومسلم (. ).)2308
هذه بعض العال الت استطعت أن أقبسها من خلل مراجعت الادئة لبعض نصوص السنة ،وأجزم أن ما بقي أكثر
ما أوردت لكنه جهد القل ،ل أدعي فيه الكمال ،ول أبرئ نفسي فيه من القصور ،والقررات السابقة ،وقد
حرصت قدر المكان على الختصار ف التعليق والستطراد.
ويظهر من خلل تلك العال أن النب صلى ال عليه وسلم كان العلم الول بق ،ويظهر من ذلك أيضا عظم
الرم والتقصي ف حق تراثنا حي نتجاوزه جهلً بقدره ،أو استخفافا بقه.
وإن أجزم أن ثة جوانب عدة نستطيع اكتشافها من خلل مزيد من الراجعة والقراءة التأنية لسيته وسنته صلى
ال عليه وسلم .
68 الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش
إنه ما من عمل أو مهمة صغرت أو كبت إل ولن يقوم با صفات لبد أن يتحلى با ،وصفات لبد أن يتخلى
عنها ،فكيف بن يتول أمانة إعداد اليل ،وتربية النشء؟
والديث عن صفات العلم يطول ،فاقتصرت هنا على ما أرى ضرورة إيراده ،إما لكثرة الخلل به ،أو لرتباطه
بالتوجيه ،أو لن البعض قد يهله ويغفل عنه .
ويكن أن نقسم هذه الصفات الت ينبغي أن يتحلى با الدرس إل صفات إيابية ينبغي له أن يتصف با ،وصفات
سلبية ينبغي أن يتخلى عنها.
وتزيد عليهم ف الدنيا أنك تتذوق عملك ،وتعشق مهنتك فتحبها وتقبل عليها ،وأن جيع الساعات الت تقضيها
كل يوم ف مدرستك ،بل ف ذهابك وإيابك مدخرة لك عند ال عز وجل.
أما الدار الخرة فهي القصود العظم والطلب السى ،فهناك أي ثواب سيناله الخلصون ،وأي أجر سيكتب
لم؟ هذه أمور ل تدركها أنت ول أنا ،إنا علمها عند ال [وال يضاعف لن يشاء] (البقرة.)261:
والنية الالصة مع كونا شعورا داخليا إل أنا تثل عاملً مهما يضبط سلوك الدرس ،ويفرض عليه رقابة داخلية؛
فيتقن العمل ويرعى المانة.
-2التقوى والعبادة:
روى الرامهرمزي بإسناده عن أب العالية قال":كنا إذا أتينا الرجل لنأخذ عنه نظرنا إل صلته ،فإن أحسن الصلة
أخذنا عنه ،وإن أساء الصلة ل نأخذ عنه"(الحدث الفاصل بي الراوي والواعي للقاضي السن بن عبدالرحن
الرامهرمزي (. ). )409
وقال ممد بن سيين" :إن هذا العلم دين؛ فانظروا عمن تأخذون دينكم"(رواه مسلم ف مقدمة صحيحه .
والطيب ف الكفاية . 121والرامهرمزي ف الحدث الفاصل(. ). )437
وقال حاد بن زيد :دخلنا على أنس بن سيين ف مرضه فقال":اتقوا ال يا معشر الشباب ،وانظروا عمن تأخذون
هذه الحاديث فإنا دينكم "(رواه الطيب ف الكفاية ( . )122والرامهرمزي ف الحدث الفاصل (. ). )440
وقال المام مالك رحه ال" :إن هذا العلم هو لمك ودمك ،وعنه تسأل يوم القيامة ،فانظر عمن تأخذه" (رواه
الرامهرمزي ف الحدث الفاصل (. ). )444
وقال مالد" :ل يؤخذ الدين إل عن أهل الدين" (رواه الرامهرمزي ف الحدث الفاصل (. ). )445
فحي تطرق هذه النصوص أخي الدرس مسمع طلبنا أتراهم يرونا تنطبق علينا بق؟ أم أنم يدرجونا ضمن
قائمة من حذّر السلف من الخذ عنهم؟ فل علينا أن نطرح هذا السؤال بصدق وصراحة على أنفسنا :هل نن
معنيون بق ف الرص على استقامة ديننا وسلوكنا؟ وهل نن نشعر أن إعداد أنفسنا ،وتقوية إياننا ،والعناية
بعبادة ال عز وجل وطاعته جزءٌ ل يتجزأ من واجبنا؟
-3حث الطالب على العلم وتريضه عليه:
إن غرس حب العلم ،والعناية به من أهم الصفات الت ينبغي أن يتسم با الدرس ،وهي وصية يوصي با العلمَ
مَنْ سلف من أهل العلم .قال المام النووي":وينبغي أن يرغبه ف العلم ،ويذكره بفضائله وفضائل العلماء ،وأنم
ورثة النبياء صلوات ال وسلمه عليهم ،ولرتبة ف الوجود أعلى من هذه"(الجموع شرح الهذب (.). )1/30
وف عصرنا الاضر تزداد القضية تأكيدا ،وتستحق مزيدا من الرعاية والعناية؛ إذ كثرت الصوارف والشواغل
68 الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش
للجيل العاصر من اللهي ووسائل قضاء الشهوات ،ما يعل العلم والعناية به ف مرتبة متأخرة من اهتمامات
الطالب ،هذا إن وجد ذلك أصلً.
والترغيب ف العلم والث عليه ليس بالضرورة حكرا على طريقة واحدة تتمثل كما يتصور البعض بالديث
النظري الستفيض عن فضائل العلم وأهله ،وعن تقصي اليل الاضر ف ذلك.
إن مثل هذا الديث مطلب له أهيته ،لكن حي نضيف لذلك عنايتنا بغرس حب العلم عند تلمذتنا من خلل
إعطائهم الزيد ما يشد انتباههم من الفوائد العلمية ،وتعويدهم على القراءة من خلل توجيههم لكتب مفيدة
ومشوقة .وحي يلمسون عنايتنا نن با نقدمه لم ،ويرون أثر العلم على ما نقدمه ،ونضيف لذلك كله ناذج من
سي أهل العلم وعنايتهم به؛ إننا من خلل ذلك كله يكن أن نسهم ف دفع الم العلمي لدى طلبنا مرحلة أعلى
ما هي عليه ف الواقع.
- 4حسن الظهر:
ل أشك أنك توافقن أن علينا أن نعتن بظاهرنا با ل يرج عن حد العتدال؛ إذ ذلك أدعى للقبول والتقدير،
وذاك يشعر طلبتنا أن الستقامة ل تعن بالضرورة رثة الظهر ،وقد كان السلف يعنون بذلك ،ويوصون الحدث
بسن مظهره ،نقرأ ف فهرس (الامع لخلق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي) ما يلي :باب إصلح
الحدث هيئته وأخذه لرواية الديث زينته ،مبحث وليبتدئ بالسواك ،مبحث وليقص أظافيه إذا طالت ،مبحث
إذا اتسخ ثوبه غسله ،مبحث إذا أكل طعاما زها اتقى يديه من غمره ،مبحث لباس الحدث الستحب له،
مبحث ويكره له أن يلبس الثوب اللق وهو يقدر على الديد....
وقال":ينبغي للمحدث أن يكون ف حال روايته على أكمل هيئة وأفضل زينة ،ويتعاهد نفسه قبل ذلك بإصلح
أموره الت تمله عند الاضرين من الوافقي والخالفي"(الامع لخلق الراوي وآداب السامع (. ). )373
وروى بإسناده عن يي بن ممد الشهيد قال":ما رأيت أورع من يي بن معي ،ول أحسن لباسا منه" (الامع
لخلق الرواي وآداب السامع (. ). )381
ومن تام حسن الظهر وأولوياته اللتزام بالضوابط الشرعية ،فإسبال الثياب ،أو لبس الخالف منها ،أو حلق
اللحية ما يل بظهر العلم ،ويتأكد عليه قبل غيه من الناس أن يلتزم بالظهر الشرعي.
- 5حسن النطق :
إن النطق واللسان يعد أخي الدرس معيارا من معايي تقوي الشخصية ،لذا فلعلك توافقن أن من واجبات الدرس
أن يفظ منطقه ولسانه ،فل يسمع منه الطلب إل خيا ،وحت حي يعاتب أو ياسب ،فل يليق به أن يتجاوز
ويرمي بالكلمات الت ليبال با.
ولئن كانت الكلمة الطيبة تترك أثرها ف النفوس ،فالكلمة الارحة تدم أسوار الحبة ،وتقضي على بنيانا .ولئن
68 الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش
كنا لندرك بدقة أثر ما نقوله على الناس ،فالناس لم مشاعر ،واعتبارات ينبغي أن نرعاها.
إننا نلمس ف أنفسنا جيعا أن هناك كلمات نسمعها فتترك أثرا إيابيا أو سلبيا ف نفوسنا دون أن يشعر من قالا
بذلك .أفل نعل من هذا العتبار مقياسا للخرين ،فنفترض أن مشاعرهم تاه ما يسمعونه منا لن تكون
بالضرورة مدركة لنا ،أو حت واردة ف حسباننا؟ ما يدفعنا إل مراجعة منطقنا أكثر ،وأن نسب لكل كلمة نقولا
حسابا.
- 6النضباط واتزان الشخصية:
يؤكد هذه الصفة المام النووي فيقول ":وينبغي أن يصون يديه عن العبث ،وعينيه عن تفريق النظر بل حاجة،
ويلتفت إل الاضرين التفاتا قصدا بسب الاجة للخطاب"(الجموع شرح الهذب (.). )1/33
والتزان صفة يتاج إليها من يطلب من الناس أدن اعتبار لشخصيته واحترام لا ،فكيف بن يكون معلما للجيل
وقدوة للناشئة؛ إذ إن أولئك الذين يفقدون اتزانم ،وتنبئ تصرفاتم عن نقص ف العقل وكمال الرجولة ،وفقد
ليبة العلم ،أولئك إنا تنادي أحوالم بزيد من السخرية والعبث من قبل تلمذتم.
- 7القدوة الصالة:
كثي من الناس يستطيع التوجيه ويسن القول ،ولكن كم هم العلمون الذين يدعون بأعمالم ،ويرى فيهم
الطالب القدوة السنة؟ فيحسن بك أخي الكري أن تكون قدوة صالة لبنائك ،ف عبادتك ،وف تعاملك ،وف
سلوكك .وبعبارة أدق أن يتفق مقالك وحالك.
إن التناقض بي القول والعمل ،والظاهر والباطن ،وازدواجية التوجيه وتناقضه ،كل ذلك من أكب مشكلت
اليل العاصر ،وذلك كله نبات بذرة خبيثة واحدة ،أل وهي عدم العمل بالعلم ،والأمول منك أخي الدرس أن
تسهم ف اجتثاث هذه النبتة السوء ،ل أن تسهم دون قصد ف سقيها.
ولذا يقول الشافعي موصيا مؤدب أولد الليفة الرشيد":ليكن أول ما تبدأ به من إصلح أولد أمي الؤمني
إصلح نفسك ،فإن أعينهم معقودة بعينك ،فالسن عندهم ما تستحسنه ،والقبيح عندهم ما تكرهه".
وها هو ابن مسعود -رضي ال عنه -يقول":من كان كلمه ل يوافق فعله فإنا يوبّخ نفسَه".
ويرى الغزال أن الوظيفة الثامنة للمعلم" :أن يكون عاملً بعلمه ،فل يكذب قوله فعله؛ لن العلم يدرك
بالبصائر ،والعمل يدرك بالبصار ،وأرباب البصار أكثر ،فإذا خالف العلم العمل منع الرشد ،وكل من تناول
شيئا وقال للناس ل تتناولوه فإنه سم مهلك؛ سخر الناس به ،واتموه ،وزاد حرصهم على ما نوا عنه ،فيقولون:
لول أنه أطيب الشياء وألذها لا كان يستأثر به"(إحياء علوم الدين (. ).)1/97
فالدرس الذي يتحدث لطلبه عن أهية الصلة والحافظة عليها ،وحي يصلّون ف الدرسة يرونه ف آخر
الصفوف أو"الذي يث طلبه على اللتزام بالواعيد وأهية الوفاء با ،ث يضر إل دروسه متأخرا يحو بتصرف
68 الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش
واحد عشرات القوال الت يصبّها ف آذانم"(العلم والناهج وطرق التدريس لستاذنا :د .ممد مرسي ()21
.).
- 8الوفاء بالوعد:
إن الوفاء بالوعد من خلق الؤمن ،بل اللف من خصال النفاق ،وإخلف الوعد مظهر من مظاهر عدم الدية
واللمبالة ،ينطبع ف أذهان الطلب عن شخصية أستاذهم ،ويعطيهم مقياسا لضآلة قدرهم عنده.
فحي تعد طالبا بكافأة ،أو بث مسألة ،أو تعد سائر طلبتك بأي أمر ،فاجتهد واحرص كل الرص على الوفاء
با وعدت به ،وإن حال دون ذلك حائل ،أو عاق دون تقيقه عائق فالعتذار اللطيف يزيل ما قد يكون ف
النفس.
-9السهام ف إصلح نظام التعليم:
الدرس الاد الخلص يشعر أن مهمته ل تقف عند حد ما يقدمه ف الفصل الدراسي ،ولئن كانت السؤولية عن
نظم التعليم والناهج وما يتعلق بذلك أمورا يعن با غي العلم ،إل أن ذلك ل يعفيه من الشاركة والسعي
للصلح.
وهو حي يمل هذا الم ف خاطره ،ويدرك أن هذه الهمة جزءٌ من مسؤوليته ،سيسهم ف اقتراحٍ بناءٍ على إدارة
الدرسة ،أو تنبيهٍ على ملحظ ،أو مناقشة هادئة ف قرار.
وسيدعوه ذلك أيضا للمساهة ف إبداء اقتراح أو تصحيح خطأ حول منهج مادة يدرسها ،أو طرح فكرة بناءة
والكتابة عنها ،أو السعي لدراسة ظاهرة من الظواهر السلبية ف نظام التعليم أو مشكلة من مشكلته.
ولذا كان السلف يوصون العلم بالعناية بماية نظام التعليم من الخالفات الشرعية ،ولو كانت ف نظر البعض
من المور اليسية .قال سحنون":وأكره للمعلم أن يعلم الواري ،ول يلطهن مع الغلمان؛ لن ذلك فساد لم"
(آداب العلمي .مصدر سابق (. ). )123
- 10حسن العاملة للطالب:
إن الطالب هو القصود الول والساس من العملية التعليمية والتربوية ،ولذا فهو التغي الرئيس الذي يتعامل معه
الستاذ ،أما النهج ،وأنظمة التعليم ،وغي ذلك فهي إنا وضعت أساسا لتحقيق الدف التربوي التعليمي
للطالب ،ولذا الوقع الذي يتبوأه الطالب ف العملية التربوية كان لبد من وضع بعض العال والقواعد ف التعامل
مع الطالب ،حت يتحقق الدف القصود من التربية والتعليم.
ومدار ذلك كله على حسن اللق ،وقد أعلى الشرع منلة حسن اللق ورفع من شأنا ،قال صلى ال عليه
وسلم ":ليس شيء أثقل ف ميزان الؤمن يوم القيامة من خلق حسن"(رواه الترمذي ( )2002وأبو داود (
)4799وأحد ()26971وانظر :السلسلة الصحيحة ( . ). ) 876
68 الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش
وترتقي منلة أهل اللق السن ليدركوا درجة أهل العبادة والزهد":إن الؤمن ليدرك بسن خلقه درجة الصائم
القائم" (رواه أبو داود ( )4798وأحد ( )23834وابن حبان ( . ). )1927وإذا كان حسن اللق يتأكد على
كل مسلم ،فهو ف حق معلم الجيال ،وأستاذ النشء آكد وأوجب ،وحسن خلق الدرس مع طلبه كلمة
واسعة تمع أبوابا شت منها:
أولً :توقي الطالب وتقديره:
بعيدا عن نظرة التعال الت سادت بي كثي من السلمي وللسف ،وفوق احتقار الخرين وازدرائهم -كما هو
حال بعض العلمي -فوق ذلك كله وأسى منه يب أن تكون أخلقنا معشر العلمي الدعاة.
وف الامع لخلق الراوي وآداب السامع :باب إكرامه الغرباء من الطلبة وتقريبهم ،استقباله لم بالترحيب،
تواضعه لم ،تسي خلقه معهم ،الرفق بن جفا طبعه منهم ،ويروي ف الباب الخي عن أب عثمان الوراق قال:
اجتمع أصحاب الديث عند وكيع ،قال :وعليه ثوب أبيض ،فانقلبت الحبة على ثوبه ،فسكت مليّا ث قال :ما
أحسن السواد ف البياض.
وعن سفيان بن وكيع قال :قال أب :من أراد أن يدث فليصب وإل فليسكت(الامع لخلق الراوي وآداب
السامع (.). )1/355
وف الدب الرابع للمعلم عند ابن جاعة":أن يب لطالبه ما يب لنفسه كما جاء ف الديث ،ويكره له ما يكره
لنفسه ،قال ابن عباس :أكرم الناس علي جليسي الذي يتخطى رقاب الناس إلّ ،لو استطعت أن ليقع الذباب
عليه لفعلت ،وف رواية :إن الذباب ليقع عليه فيؤذين" (تذكرة السامع والتكلم ( . ). ) 49
ويؤكد ابن جاعة على العلم حسن العاملة ف موضع آخر فيقول":وكذلك ينبغي أن يترحب بالطلبة إذا جلسوا
إليه ،ويؤنسهم بسؤالم عن أحوالم،وأحوال من يتعلق بم بعد درسهم ،وليعاملهم بطلقة الوجه ،وظهور البشر،
وحسن الودة ،وإعلم الحبة ،وإضمار الشفقة"(تذكرة السامع والتكلم ( . ) . ) 65
وقال النووي":وينبغي له أن ينو عليه ،ويعتن بصال نفسه وولده ،ويريه مرى ولده ف الشفقة عليه والهتمام
بصاله" (الجوع شرح الهذب ( . ). ) 31 /1
إن توقي الطالب وتقديره -مع أنه خلق السلم ابتداء -يعلّمه أن يوقر الناس ،ويدعوه لحبة مدرسه ،والتلقي
فرع عن الحبة وصفاء القلوب ،وهو كذلك يرج لنا جيلً يتصف بسن اللق ،وصفاء السريرة؛ إذ هو يتعلمها
ويدرسها من خلل الواقع اللموس والصورة الية ،ما يفعل ما ل تفعله الكلمات الجردة.
ثانيا :الثناء عليه حي يسن:
إننا نيد النقد لن أساء ،ونرى أن إيقافه عند حده من بدهيات واجبات الدرس؟ فما بالك بن يسن؟ أليس ف
القابل يستحق الثناء ،ولو بدعوة صالة :جزاك ال خيا ،أثابك ال ،زادك ال علما وحي يتجاوب الثغر مع
68 الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش
أولده من النو والشفقة عليه ،والحسان إليه ،والصب على جفاء ربا وقع منه نقص ل يكاد يلو النسان عنه،
وسيئ أدب ف بعض الحيان ،ويبسط عذره بسب المكان ،ويوقفه مع ذلك على ما صدر منه بنصح وتلطف،
ل بتعنيف وتعسف ،قاصدا بذلك حسن تربيته ،وتسي خلقه ،وإصلح شأنه ،فإن عرف ذلك لذكائه بالشارة،
فل حاجة لصريح العبارة ،وإن ل يفهم إل بصريها أتى با وراعى التدريج ف التلطف"(ذكرة السامع والتكلم (
.) . ) 50
ويكرر الغزال الوصية نفسها فيى أن من آداب العلم":أن يزجر التعلم عن سيئ الخلق بطريق التعريض ما
أمكن ول يصرح ،وبطريق الرحة لبطريق التبويخ" (إحياء علوم الدين ( .) . ) 1/57
ويؤكد المام النووي هذا العن فيقول":ويريه مرى ولده ف الشفقة عليه ،والصب على جفائه وسوء أدبه،
ويعذره ف سوء أدب وجفوة تعرض منه ف بعض الحيان ،فإن النسان معرضٌ للنقائص"(الجموع شرح الهذب
(.). )1/30
والنطق السليم يقتضي من العلم أن يعال الطأ داخل الفصل با يراه يقق الصلحة ،وأن ليتدخل طرف ثالث
قدر المكان ،والكي إنا هو آخر الدواء ل أوله.
وحي نتصور أن القصور والطأ صفة ملزمة للطالب قلما ينفك عنها ،وباصة ف هذا الوقت ،فسوف نتجاوز
كثيا من الخطاء ،أو نضعها ف حجمها الطبيعي على القل ،وما أعظم أن يتوي العلم خطأ الطالب بنظرة ،أو
هسة ،أو لفتة غي مباشرة ،أو حديث خاص خارج الفصل.
وانظر إل هذا النموذج الرائع من الصب على جفاء الاهل .قال أبو يوسف رحه ال" :أتيت ملس أب حنيفة
رحه ال تعال ،فجلست فيه ،فجاء رجل فقام ف ناحية الجلس فجعل يسبّ أبا حنيفة ويشتمه ،فما يقطع أبو
حنيفة حديثه ول التفت إل كلمه ،ول أجابه أحد من أهل الجلس حت فرغ أبو حنيفة من كلمه ،وقام ليدخل
داره ،فلما بلغ أبو حنيفة إل باب داره قام عند بابه واستقبل الرجل ،وقال :هذه داري أريد الدخول ،فإن كنت
مستتم باقي كلمك فأته حت ل يبقى شيء ما عندك تاف عليه الفوت ،فاستحيا الرجل ،وقال :اجعلن ف
ل عن مناقب أب حنيفة للموفق
حل ،فقال :أنت ف حل" (من أعلم التربية السلمية ( . ) 138 -137 /1نق ً
الكي ( .) . ) 249
خامسا :الهتمام بالطالب:
"إن وجود التعلم داخل الدرسة ل يعن انفصاله بأي حال من الحوال عن الؤثرات الارجية الت يتك با ،بل
إن تأثي بعض الشكلت الارجية على التعليم يعل الوصول إل الهداف التربوية والتعليمية النشودة ف غاية
الصعوبة والتعقيد ،لذا فإن واجب العلم أن يتعرف على جانب من الشكلت الجتماعية الت يعيشها التعلم؛ لا
لا من أثر ف نوه العلمي والجتماعي" (إعداد العلم من منظور التربية السلمية.د عبدال عبدالميد ممود (
. ).)71
68 الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش
وقد تر بالطالب حالة خاصة ،كمرض ،أو ظروف شخصية ،فحي يعطيه مدرسه اهتماما شخصيا ،ولو بجرد
السؤال عن حاله ،والستفصال عنها فإن هذا يشعره بقيمته واهتمام مدرسه به ،بل يذهب ابن جاعة إل أبعد
من ذلك فيقول":وإذا غاب بعض الطلبة أو ملزمي اللقة زائدا عن العادة سأل عنه ،وعن أحواله وعن من
يتعلق به ،فإن ل يب عنه بشيء أرسل إليه ،أو قصد منله بنفسه وهو أفضل ،فإن كان مريضا عاده ،وإن كان ف
غم خفض عليه ،وإن كان مسافرا تفقد أهله ومن يتعلق به ،وسأل عنهم وتعرض لوائجهم ،ووصله با أمكن،
وإن كان فيما يتاج إليه فيه أعانه ،وإن ل يكن شيء من ذلك تودد له ودعا له"(تذكرة السامع والتكلم ( - 61
. ) 63مع ملحظة اختلف العراف والعبة بالعن العام من كلمه رحه).
وقد يد العلم أن لدى تلميذه ضائقة مالية فيسعى لن يكون وسيطا بينه وبي أهل الي ،ليقدم له شيئا من
الساعدة الت تشعره أن هناك من يدرك معاناته ويس بآلمه.
سادسا :التواضع:
التعليم ميدان للتصدر والرفعة ،فقد يدخل على العلم ف ذلك ما يدخل عليه من زهو ،وشعور بالرفعة ،قال ابن
عبدوس":كلما توقر العال وارتفع كان العجب إليه أسرع إل من عصمه ال بتوفيقه ،وطرح حب الرياسة عن
نفسه"(جامع بيان العلم وفضله (.). )1/142
ولذا يؤكد أهل العلم على العلم التخلق بلق التواضع.
روى ابن عبدالب ف جامع بيان العلم وفضله عن عمر بن الطاب -رضي ال عنه -أنه قال":تعلموا العلم
وعلّموه للناس ،وتعلّموا له الوقار والسكينة ،وتواضعوا لن تعلمتم منه ،ولن علمتموه ،ول تكونوا جبابرة
العلماء ،فليقوم جهلكم بعلمكم" (جامع بيان العلم وفضله (.). )1/135
وقد أوصى المام الجري من يعلّم القرآن بالتواضع فقال":ويتواضع لن يلقنه القرآن ،ويقبل عليه إقبالً جيلً"
(أخلق أهل القرآن للجري (. ). )111
وقال أيضا رحه ال":وينبغي لن قرأ عليه القرآن فأخطأ عليه أو غلط أل يعنفه ،وأن يرفق به ،ول يفو عليه ،فإن
ل آمن أن يفو عليه فينفر عنه ،وبالري أل يعود إل السجد"(أخلق أهل القرآن للجري (. ). )120
قال المام النووي":وينبغي له أل يتعظم على التعلمي ،بل يلي لم ويتواضع ،فقد أمر بالتواضع لحاد الناس،
قال ال تعال [ :واخفض جناحك للمؤمني] وعن عياض بن حار -رضي ال عنه -قال :قال رسول ال صلى
ال عليه وسلم ":إن ال أوحى إل أن تواضعوا "رواه مسلم.
وعن أب هريرة -رضي ال عنه -أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال":ما نقصت صدقة من مال ،وما زاد
ال عبدا بعفو إل عزّا ،وما تواضع أحدٌ ل إل رفعه ال" رواه مسلم ،فهذا التواضع لطلق الناس فكيف بؤلء
الذين هم كأولده مع ما هم عليه من اللزمة لطلب العلم ،ومع ما لم عليه من حق الصحبة وترددهم إليه،
واعتمادهم عليه ،وف الديث عن النب صلى ال عليه وسلم ":لينوا لن تُعلّمون ،ولن تتعلّمون منه" وعن
68 الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش
الفضيل بن عياض رحه ال"أن ال عز وجل يب العال التواضع ،ويبغض العال البار ،ومن تواضع ل تعال ورّثه
الكمة" أ.هـ(الجموع شرح الهذب (. ))1/30
وقد يكون الرء ف موقع يرى منه الناس ما ليرونه ف أنفسهم ،فيكبونه ،وينلونه فوق منلته ،والدرس من
أكثر الناس عرضة لذلك ،فالري به أن"يعرف قدر نفسه فل ينخدع با يقال عنه ،وليركن إل ثناء أحد عليه،
ول يدخله العجب والغرور با يرى من كثرة طلب العلم حوله" (إعداد العلم من منظور التربية السلمية .د
عبدال بن عبدالميد ممود (. ).)225
سابعا :العناية بالطالب الوهوب :
لقد خلق ال الناس معادن وطاقات متفاوتة كما قال صلى ال عليه و سلم ":الناس معادن ،خيارهم ف الاهلية
خيارهم ف السلم إذا فقهوا "(رواه البخاري ( )3383ومسلم ( .) . ) 2638
وقال":مثل ما بعثن ال به من الدى والعلم كمثل الغيث الكثي أصاب أرضا ،فكان منها نقية قبلت الاء فأنبتت
الكل والعشب الكثي ،وكانت منها أجادب أمسكت الاء فنفع ال با الناس فشربوا وسقوا وزرعوا ،وأصابت
منها طائفة أخرى إنا هي قيعان ل تسك ماء ول تنبت كل ،فذلك مثل من فقه ف دين ال ونفعه ما بعثن ال به؛
فَ َع ِل َم وعلّم ،ومثل من ل يرفع بذلك رأسا ،ول يقبل هدى ال الذي أرسلت به"(رواه البخاري ( ) 79ومسلم (
. ) . ) 2282
ولقد كان سلف المة -رحهم ال -يعنون بذلك أيا عناية ،روى ابن عبد الب ف الامع عن عبد اللك بن عبد
العزيز بن سلمة بن أب الاجشون قال:أتيت النذر بن عبدال الزامي وأنا حديث السن ،فما رآن اهتز إل على
غيي لا رأى ف بعض الفصاحة ،فقال ل:من أنت؟ فقلت له :عبد اللك بن عبدالعزيز بن أب سلمة.
فقال":اطلب العلم فإن معك حذاءك وسقاءك"(جامع بيان العلم وفضله (.))1/86
ومصطلح الوهوب أوسع وأشل من أن يقتصر على من يتمتع بقدر أكب من الذكاء ،فهو يشمل كل من يلك
قدرات خاصة تؤهله للتفوق ف أي مال من الجالت ،فالشعر والطابة والكتابة مواهب ،والقدرات العملية
والقيادية كذلك.
ونأسف حي نرى الغرب الكافر يعتن بالوهوبي ،ويسن لرعايتهم أنظمة خاصة ،ويقيم فصولً ومدارس خاصة
بم ،ف حي يلقون غاية الهال لدى السلمي ،فتقام ف أمريكا سنويا مسابقة لختيار الختراعات الت يتقدم با
الطفال( )13-5سنة ،وأقيمت مسابقة عام 1992م ف واشنطن وشارك فيها 51طفل من فازوا ف التصفيات
الت جرت على مستوى الوليات التحدة ،وابتداءً من شهر أغسطس الاضي عرضت الختراعات الفائزة ف
متحف التاريخ المريكي جنبا إل جنب مع الختراعات المريكية الخرى ،كبادرة لتشجيع الخترعي الصغار
(جريدة الرياض ( 1413 /3 / 7 ) 838 8هـ ) .
فحي ترى طالبا يفوق غيه ف قدراته ،فماذا أنت صانع نوه؟ وهل فكرت أن عليك أن تنظر له نظرة غي
68 الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش
أقرانه؟ وأن توليه رعايةً واهتماما يليقان به؟ أليست هذه الطاقات هي الؤهلة لتتبوأ الكانة الجتماعية أو العلمية
والفكرية ف الجتمع؟ وصلحها ينتج عنه خي كثي.
ونستطيع أن نرسم لنفسنا هدفي رئيسي ف التعامل مع الوهوب:
الدف الول:
أن نسلك به طريق الستقامة والصلح ،ويسي ف ركب جيل الصحوة ،وهذا هو الطلب الول والساس،
والضمانة لستثمار هذه الطاقة وتوجيهها.
الدف الثان:
قد يعجز الدرس عن التأثي التام على الوهوب وجلبه لتيار الي والستقامة والتغيي الذري لديه ،فل أقل من
أن يزرع لديه حب الي وأهله ،والولء للدين ،واستغلل طاقته وموهبته ف خدمة دين ال ،فهذا من تام شكر
نعمة ال عليه.
من أن يمل ف قلبه حسدا أو غلً تاه أحد أبنائه؛ خاصة حي يفوقه ،وهو مسلك حذر منه السلف الصال.
قال المام النووي":ول يسد أحدا منهم لكثرة تصيله ،فالسد حرا ٌم للجانب وهنا أشد؛ لنه بنلة الوالد،
وفضيلته يعود إل معلمه منها نصيبٌ وافرٌ؛ فإنه مربيه ،وله ف تعليمه وتريه ف الخرة الثواب الزيل ،وف الدنيا
الدعاء الستمر والثناء الميل"(الجموع شرح الهذب (.). )1/33
عنه " : -يا أيها الناس ،من علم شيئا فليقل به ،ومن ل يعلم فليقل :ال أعلم ،فإن من العلم أن يقول لا ل يعلم
:ال أعلم ،قال ال تعال لنبيه صلى ال عليه وسلم [ :قل ما أسألكم عليه من أج ٍر وما أنا من التكلفي] رواه
البخاري .وقالوا :ينبغي للعال أن يورث لصحابه ل أدري ،معناه يكثر منها ،وليعلم أن معتقد الحققي أن قول
العال ل أدري ل يضع منلته ،بل هو دليل على عظم مله وتقواه ،وكمال معرفته؛ لن التمكن ل يضره عدم
معرفته مسائل معدودة ،بل يستدل بقوله ل أدري على تقواه ،وأنه ل يازف ف فتواه .وإنا يتنع من ل أدري مَنْ
قلّ علمه ،وقصرت معرفته ،وضعفت تقواه؛ لنه ياف لقصوره أن يسقط من أعي الاضرين ،وهو جهالة منه،
فإنه بإقدامه على الواب فيما ل يعلمه ،يبوء بالث العظيم ،ول يرفعه ذلك عما عرف له من القصور بل يستدل
به على قصوره؛ لنا إذا رأينا الحققي يقولون ف كثي من الوقات ل أدري ،وهذا القاصر ل يقولا أبدا علمنا
أنم يتورعون لعلمهم وتقواهم ،وأنه يازف لهله وقلة دينه ،فوقع فيما فرّ عنه ،واتصف با احترز منه ،لفساد
نيته ،وسوء طويته ،وف الصحيح عن رسول ال صلى ال عليه وسلم ":التشبع با ل يعط كلبس ثوب
زور"(الجموع شرح الهذب (. ) )1/34
- 4كثرة الزاح:
ل شك أن الترويح ،والدعابة اللطيفة وإذهاب اللل أمر مطلوب ،وقد كان صلى ال عليه وسلم يداعب أصحابه
ول يقول إل حقاّ (رواه الترمذي ( ) 1991ورواه أيضا ف الشمائل ( ) 202وقال :حسن صحيح ).لكن
الزاح حي يكثر يصبح له أثر آخر يذرنا منه الطيب البغدادي قائلً":يب أن يتقي الزاح ف ملسه؛ فإنه يسقط
الشمة ،ويقل اليبة" .وساق بإسناده إل الحنف بن قيس قال :قال ل عمر بن الطاب":يا أحنف ،من كثر
ضحكه قلت هيبته ،ومن أكثر من شيء عرف به ،ومن مزح استخف به"(الامع لخلق الراوي وآداب السامع
( . ) . ) 2/50
وقال ممد بن النكدر :قالت ل أمي :يا بن ،ل تازح الصبيان فتهون عليهم"(الامع لخلق الراوي وآداب
السامع (. ). )2/150
وحي يكثر الدرس من الزاح فسوف يسقط قدره وتقل هيبته ويهون على تلمذته ،ناهيك عن أن من أهم ما
يُنتظر من الدرس ومعلم اليل أن يكون قدوة صالة ،وأن يسهم ف غرس الد والثابرة لدى أبنائه ،والسفاف
ف الزاح وكثرة الزل يعطيهم قدوة سيئة ف ذلك.
-5استخدام الطلبة ف المور الشخصية:
أل ترى أنه ما ل يليق بالدرس أن يستخدم طلبه ف أموره الشخصية ،ويكلفهم با مهما هانت ؟ ييبنا على هذا
التساؤل الافظ ابن جاعة فيقول":وكذا ينهه -علمه -من طمع ف رفق من طلبته بال أو خدمة أو غيها
بسبب اشتغالم عليه وترددهم إليه"(تذكرة السامع والتكلم ( ). ) 19اللهم إل أن تكون حاجة عامة غي
68 الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش
شخصية ،وف اشتغال العلم با تضييع لوقته ،وهذا الطالب من خاصته فل حرج حينئذ بل إنه يتشرف بدمته،
مادام يشعر أن ذلك ليس لشخصه فقط.
-6الوقوع ف مواطن التهم:
الرء مسئول عن نفسه ،وعليه أن يبعدها عن مواضع التهم كما قال ابن جاعة":وكذلك يتجنب مواضع التهم
وإن بعدت ،ول يفعل شيئا يتضمن نقص مروءة ،أو ما يستنكر ظاهرا ،وإن كان جائزا باطنا؛ فإنه يعرض نفسه
للتهمة ،وعرضة للوقيعة ،ويوقع الناس ف الظنون الكروهة ،وتأثيم الوقيعة ،فإن اتفق وقوع شيء من ذلك لاجة
أو نوها ،أخب من شاهده بكمه ،وبعذره ومقصوده كيل يأث بسببه ،أو ينفر عنه فل ينتفع بعلمه ،ولذلك قال
النب صلى ال عليه وسلم للرجلي لا رأياه يتحدث مع صفية فوليا ":على رسلكما إنا صفية" ث قال":إن
الشيطان يري من ابن آدم مرى الدم ،فخفت أن يقذف ف قلوبكما شيئا(رواه البخاري ( )3281ومسلم (
").)2175ا.هـ( .تذكرة السامع والتكلم (). )20-19
-7سرعة النفعال ولغة التهديد:
من لوازم حسن اللق الترفع عن سرعة النفعال وشدة الغضب ،واستبعاد لغة التهديد ،ومن أسوأ الساليب الت
ل ين منها الدرس إل الكراهية من طلبه بل استخفافهم وسخريتهم:التهديد با يعلم الطلب أنه لن يفعله.
وعناية الدرس بانضباط الفصل وهدوئه ينبغي أل تكون على حساب التربية ،وعلقته مع الطلب.
والغلب أن تكون هذه الواقف ردة فعل لسلوكيات ومالفات ل ترقى لجم هذه العقوبة والقسوة ،ويكن
تاوزها بإشارة ،أو تنبيه لطيف يزيلها ويفظ للمدرس وقاره وقدره.
- 8السخرية من الطالب واحتقاره:
قال عز وجل [ :يا أيها الذين آمنوا ل يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيا منهم ول نساء من نساء عسى
أن يكن خيا منهن ول تلمزوا أنفسكم ول تنابزوا باللقاب بئس السم الفسوق بعد اليان ومن ل يتب فأولئك
هم الظالون] (الجرات )11:وشدد النب صلى ال عليه وسلم من أمر السخرية بالسلم فقال":بسب امرئ من
الشر أن يقر أخاه السلم"(رواه مسلم (.) .)2564
لقد جع ال سبحانه وتعال بي قلوب عباده الؤمني بامع الخوة ،وربط بينهم برابطة التقوى ،تلك الخوة
والرابطة الت تذوب عندها كل الفواصل الرضية والنعرات الاهلية ،ويستوي فيها الصغي والكبي ،والشريف
والوضيع ،ومن الخلل بذا الدب الذي أدبنا ال به ف كتابه ،ومن ارتكاب الشر الذي نانا عنه صلى ال عليه
وسلم أن نتقر الطالب ونسخر منه ،فنحرجه أمام زملئه؛ فقد ييب إجابة ،أو يسأل سؤالً ،أو يقع ف خطأ ما،
فهل يعن هذا أن نرغ كل معان اللق الفاضل لنوجه له سخرية لذعة؟
إن إيغار صدره على معلمه ،ورده لا يسمع منه ،ومشاركة سائر الطلبة له مشاعر السخط ،كل ذلك نتيجة
68 الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش
ومثل ذلك الديث عن مادة معينة ،وعدم صلحيتها للتدريس ،فهذا ما ل يقدم وليؤخر ،وليفيد الطالب شيئاً.
وهو مسلك كان ينهى عنه الولون كما قال أبو حامد الغزال":إن التكفل ببعض العلوم ينبغي أل يقبح ف نفس
التعلم العلوم الت وراءه ،كمعلم اللغة إذ عادته تقبيح علم الفقه ،ومعلم الفقه إذ عادته تقبيح الديث
والتفسي"(إحياء علوم الدين (. ).)1/96
ينظر بعض الدرسي لهمته نظرة قاصرة؛ فيختزلا ف زاوية ضيقة تتمثل ف سرد معلومات مددة على الطلب
بعد حفظه لا واستظهارها ،أما ما سوى ذلك من كل ما يص سلوك الطالب وحياته فل يعنيه ف قليل ول كثي.
ورفض هذا الصنف ل يعن قبول الصنف الخر الذي يبالغ ف الستطرادات على حساب النهج الدراسي ،فهو
ف واد ومنهجه ف واد آخر ،والوسط ف كل المور سة السلم ،وكل طرف قصد المور ذميم.
ولقد كان سلف المة يشعرون أن دور الدرس ل ينتهي عند هذا الد ،أو ينحصر ف هذه الزاوية الادة الت
نراها الن ،فتتتابع وصايا سلف المة للمعلم ف أن يأخذ بأيدي تلمذته إل الي ويأمرهم به ،وينهاهم عما
يالفه.
قال سحنون" :وينبغي للمعلم أن يأمرهم بالصلة إذا كانوا بن سبع سني ،ويضربم عليها إذا كانوا بن عشر،
وكذلك قال مالك .قال سحنون :ويلزمه أن يعلمهم الوضوء والصلة؛ لن ذلك دينهم ،وعدد ركوعها
وسجودها والقراءة فيها والتكبي ،وكيف اللوس والحرام والسلم ،وما يلزمهم ف الصلة ،والتشهد والقنوت
ف الصبح… وليتعاهدهم بتعليم الدعاء ليغبوا إل ال ،ويعرفهم عظمته وجلله ليكبوا على ذلك ،وإذا أجدب
الناس واستسقى بم المام ،فأحب للمعلم أن يرج بم ،من يعرف الصلة منهم ،وليبتهلوا إل ال بالدعاء
ويرغبوا إليه… وينبغي له أن يعلمهم سنن الصلة مثل ركعت الفجر والوتر وصلة العيدين والستسقاء
والسوف ،حت يعلمهم دينهم الذي تعبدهم ال به ،وسنة نبيهم صلى ال عليه وسلم … ول يس الصب
الصحف إل على وضوء ،وليأمرهم بذلك حت يتعلموه .قال :وليعلمهم الصلة على النائز والدعاء عليها؛ فإنه
من دينهم"(آداب العلمي لبن سحنون .مصدر سابق (.). )122
وقال المام النووي":وينبغي أن يؤدب التعلم على التدريج بالداب السنية ،والشيم الرضية ،ورياضة نفسه
بالداب والدقائق الفية ،وتعوده الصيانة ف جيع أموره الكامنة واللية .فأول ذلك أن يرضه بأقواله وأحواله
التكررات على الخلص والصدق وحسن النيات ،ومراقبة ال تعال ف جيع اللحظات ،وأن يكون دائما على
ذلك حت المات ،ويعرفه أن بذلك تنفتح عليه أبواب العارف ،وينشرح صدره ،وتتفجر من قلبه ينابيع الكم
68 الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش
واللطائف ،ويبارك له ف حاله وعلمه ،ويوفق للصابة ف قوله وفعله وحكمه ،ويزهّده ف الدنيا ويصرفه عن
التعلق با ،والركون إليها ،والغترار با ،ويذكّره أنا فانية ،والخرة آتية باقية ،والتأهب للباقي والعراض عن
الفان هو طريق الازمي ودأب عباد ال الصالي" (الجموع شرح الهذب (. ). )1/30
وقبل الديث عن التوجيه وما يتعلق به ،أو ّد التأكيد على ما سبق ف القدمة من أن التوجيه الجرد وحده
ليكفي ،بل لبد أن ننتقل نقلة أخرى ،لنتعلم فن التوجيه ،ونتقن أساليب التأثي.
والن إليك بعض العال التعلقة بالتوجيه.
- 1النهج الدراسي :
إن وظيفة الدرس الرسية ،وعمله الساس الذي يتقاضى عليه أجرا هو تدريس النهج القرر للطلب ،لذا فعليه
أن يتقي ال ،ويؤدي الواجب على أكمل وجه ،فهو مؤتن عليه ،وأول الناس برعاية المانة وحفظها هم الدعاة
إل ال ،فاحرص أخي الكري على أداء واجب النهج مراعيا:
- 1الستيعاب اليد للمادة العلمية.
- 2الجتهاد ف حسن عرضها وإيصالا للطالب.
- 3أداء ما يترتب على ذلك من الواجبات النظامية.
واعلم أخي الدرس أن من أهم عوامل قبول الطلب لدرسهم ومبتهم له :مدى ناحه ف إيصال العلومات لم،
وأنت حي تعتن بذلك ليس دافعك هو كسب مبة طلبك فقط ،بل قبل ذلك كله أداء المانة الت اؤتنت
عليها.
أليس من التناقض والفارقات ،أن يسمع الطلب من مدرسهم التوجيه ،والث على معال المور ،ويرون منه
الخلل بواجبه وأمانته؟ بل سترى كثيا منهم يفسر حرص هذا الدرس القصر ف أداء الواجب على التوجيه،
أن ذلك ماولة لتعويض النقص والفشل الذي يعان منه.
ب مهم ف بناء شخصية الطالب ،والمة تتاج لن يمل العلم الواسع ،والفكر الصيل.
ث إن العداد العلمي جان ٌ
والنهج الدراسي إنا وضع لتحقيق أهداف مددة؛ فعناية الدرس بذا الانب مساهة ف البناء العلمي للمة من
خلل إعداد أبنائها ،ومساهة ف تقيق أهداف هذه البامج التعليمية والتربوية.
بل لاذا نفترض أن التوجيه ل يكن من خلل النهج الدراسي نفسه ،أفل يستطيع الدرس الناجح أن يوظف
النهج لتحقيق الهداف التربوية والصلحية؟
-2ل تتقر الكلمة:
يتصور بعض الدرسي أن نتاجه إنا هو منحصر من خلل الطلبة الذين يتعامل معهم خارج الفصل الدراسي
سواء عن طريق النشطة الدراسية أو غيها ،وهذا مال له أهيته ،لكنه ليس الجال الوحيد؛ فالكلمة الت يقولا
68 الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش
العلم ف الفصل ل تذهب سدى ،فالدرس قادر على توجيه أفكار الطلبة ،وتصوراتم ،واهتماماتم ،ولكلماته
وتوجيهاته العامة مدى قد ل يدركه ول يتصوره.
وخارج أسوار الدرسة لبد أن يوجد من يمل أفكار مدرسه ،وينقلها للخرين ،ويتحمس لا ربا أكثر من
الدرس صاحب الفكرة ،وذلك إنا يتم حي يقرأ الطلبة القتناع والماس لفكرتك على قسمات وجهك ،قبل
أن تسمعها آذانم ،وتتجاوز توجيهاتك الكلم الجرد ،والماس العاطفي إل قناعة تسري لديك.
فل تتقر الكلمة أو تستهي با؛ فكثي هم أولئك الذين كان لكلمة واحدة أثرها ف توبتهم ورجوعهم إل ال ،أو
توجههم للعلم وعنايتهم به ،أو ضبط مسارهم ،فل ترم نفسك هذا الي.
- 3الدرس والبذرة الفية:
نتصور أحيانا أن جهدنا قد ذهب سدى ،وأن كلماتنا قد انتهى مداها حيث نطقنا با .لكن هناك كلمات تبقى
بذرة خفية ،تؤت ثارها ف الوقت الذي يشاء ال؛ فقد يسمع شاب مُعرضٌ كلمة ناصحة من معلمه فتقع موقعا
من قلبه ،ويقصر مداها عن أن تؤثر ف سلوكه ،ولكن هذه البذرة ل تزال معلقة ف القلب ،حت ييسر ال لا
الغيث فتؤت ثارها بإذن ال ولو بعد حي.
ومثل ذلك فتاة تعيش أوج مراهقتها ،وعنفوان صبوتا ،فتسمع من مدرستها كلمة تستقر ف سويداء قلبها؛ لتبقى
حت يأذن ال بسقيها واستوائها على سوقها.
إن هذه البذرة هي الت استقرت ف فؤاد جبي بن مطعم -رضي ال عنه -فسمع النب صلى ال عليه وسلم ف
غزوة بدر يقرأ سورة الطور فقال":وذلك أول ما وقر اليان ف قلب" (رواه البخاري ( ).)4023ومع ذلك ل
يسلم -رضي ال عنه -إل بعد ذلك بسني.
-4التلقي فرع عن الحبة:
إن للعلقة بي التلقي والحبة من التصال قدرا أكب ما قد نتصور أحيانا ،فمن ل يغرس الحبة له ف نفوس
الطلب فكثيٌ ما يقوله ستكون نايته عندما يتلفظ به ،ولن يأخذ طريقه نو القلوب ،فضلً عن أن يتحول إل
رصيد عملي.
ومهما بلغ النسان ف التأثي وقوة النطق ورصانة الجة ،فلن يكون أعلم ،أو أفصح ،أو أكثر تأثيا من النب
صلى ال عليه وسلم ومع ذلك قال ال سبحانه ف شأنه [ :ولو كنت فظا غليظ القلب لنفضوا من حولك]
[آل عمران .] 159 :فهو صلى ال عليه وسلم -مع ما أتاه ال سبحانه من وسائل التأثي ،ومع شعور الناس
أن الق معه وحده -مأمور بأن يلي لصحابه وإل انفضوا عنه .فكيف بغيه من يمل قائمة طويلة من صفات
القصور والنقص؛ فهو حي ل يظى بقبول تلمذته له سيون فيه من القصور ما يدعوهم لرفضه وإهال ما يقول؛
بل إل تفسي نصحه وتوجيهه على غي وجهه.
68 الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش
لذا يؤكد الرب ممد قطب على ذلك فيقول":والضمان لذلك هو الب ...فما ل يشعر التلقي أن مربيه يبه،
ويب له الي ،فلن يقبل على التلقي منه ،ولو أيقن أن عنده الي كله ،بل لو أيقن أنه لن يد الي إل عنده،
وأي خي يكن أن يتم بغي حب"(منهج التربية السلمية ( .). ) 45/ 2
- 5اقتصد ف الوعظة:
يدفع الرص أحيانا بعضا من العلمي إل كثرة التوجيه ،وبيان الخطاء والسلوكيات الخالفة ،ولكن الرص
وحده ليس معيار إصابة الق ،أل ترى أن هذا السلوك يدعو إل إملل الطلب وسأمهم؟ ما يفقد الوعظة الدف
الراد منها .إن صلتك بطلبك ولقاءك بم يتد على مدى عام كامل ،وليست درسا عابرا أو لقاءً عاجلً حت
تقذف لم بكل ما عندك ،وقبل ذلك كله فهذا مالف لدي النب صلى ال عليه وسلم ف القتصاد ف الوعظة
كما روى ذلك ابن مسعود -رضي ال عنه ":-كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يتخولنا بالوعظة ف اليام
كراهة السآمة علينا"(رواه البخاري ( ،)68ومسلم ( .). )2821وبوب عليه البخاري :باب ما كان النب صلى
ال عليه وسلم يتخولم بالوعظة والعلم كي ل ينفروا .
وقد أخذ ابن عباس -رضي ال عنهما -بذا الدب فيوجه عكرمة قائلً":حدث الناس كل جعة ،فإن أبيت
فمرتي ،فإن أكثرت فثلث مرات ،ول تل الناس هذا القرآن"(رواه البخاري (.). )6337
- 6حدث الناس با يعرفون:
إن واقع الطلبة اليوم يتاج إل التنل معهم كثيا ،وإل الواقعية وخطابم با يطيقون ،فالديث عن دقائق الورع،
أو عن السائل الدقيقة ف الزهد قد ل يتناسب مع مستويات الشباب الذين يعانون من فت الشهوات ،ومن لواء
الغفلة والبعد عن ال ،أو مع الفتيات اللت يعشن أزمة العاطفة ،وربا التطلع للصداقة الحرمة ،إنم يتاجون إل
أن تدثهم عن أضرار العاصي ،وعن الوف من ال عز وجل ومراقبته ،والحافظة على الصلة مع الماعة ...إل
غي ذلك.
قال ابن القيم رحه ال":العارف ل يأمر الناس بترك الدنيا فإنم ل يقدرون على تركها ،ولكن يأمرهم بترك
الذنوب مع إقامتهم على دنياهم ،فترك الدنيا فضيلة ،وترك الذنوب فريضة ،فكيف يُؤمر بالفضيلة من ل يقم
الفريضة؟ فإن صعب عليهم ترك الذنوب فاجتهد أن تبب ال إليهم بذكر آلئه وإنعامه وإحسانه ،وصفات
كماله ،ونعوت جلله ،فإن القلوب مفطورة على مبته ،فإذا تعلقت ببه هان عليها ترك الذنوب والصرار
عليها ،والستقلل منها"(الفوائد (.) .)231
وحي نؤكد على التوازن والواقعية ف الطرح فإننا ل نعن تلك الواقعية الغرقة الت تؤدي إل تييع النهج،
والرضا بالمر الواقع والستسلم له.
68 الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش
أي شعور يتلج ف نفس هذا الطالب الذي يتمتع بعاطفة جياشة ،حي يأخذه أستاذه بديث شخصي ،يلمس من
خلله الشفقة والنصح؟ ألن يدرك أنه أستاذ صادق ،يب له الي والصلح ؟ وهب أنه أخذ المر باللمبالة
فهل سينسى هذا الوقف أم أنه سيستجيش ف نفسه بي آونة وأخرى؟
إن الطالب قد يد تفسيا غي صادق لديث عام يسمعه من أستاذه داخل الفصل ،فهو إما استطراد ،أو
للستهلك -كما يقال -أو لن الوقت بقي فيه بقية فرأى الدرس مله بذا الديث ،أما الديث الشخصي
الباشر فلن يد له ف الغلب تفسيا إل مض النصيحة والتوجيه.
والديث العام أيضا قد يطمره النسيان ،ويعفو أثره على مرّ السني ،أما الديث الاص فسيبقى صورة منقوشة
ف الذاكرة تستعصي على النسيان.
هذه جوانب ثلثة تتاز با النصيحة الشخصية وقبل ذلك هي هدي شرعي نبوي فقد قال صلى ال عليه وسلم
":الدين النصيحة"(رواه مسلم ( ) 55وبوب البخاري :باب قول النب صلى ال عليه وسلم (:الدين النصيحة
.) ....ول يرجه ).ويصل المر بالنصيحة إل قدر من الهية يعله صلى ال عليه وسلم يبايع عليها ،فها هو
جرير بن عبد ال البجلي -رضي ال عنه -يقول":بايعت رسول ال صلى ال عليه وسلم على إقام الصلة
وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم"(رواه البخاري ( )57ومسلم ( ). )56والطالب من عموم السلمي شأنه
شأنم ،ول يرجه كونه طالبا من استحقاقه للنصيحة والنصرة كما قال صلى ال عليه وسلم ":انصر أخاك ظالا
أو مظلوما (رواه البخاري ( ) 2443وفسر النصرة ف الديث للظال :بنعه من الظلم وهو الشاهد هنا .
ويلحظ هنا أن) .بل إن السؤولية تاهه آكد ،والمانة أعظم .
68 الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش
إن ما ذكرنا سابقا حول دور الدرس ف التوجيه ،وقدرته على التأثي على تلمذته ،ل يعن أن يكون الدرس هو
وحده ف اليدان ،وكلمته هي الول والخية .فهو ل يعدو أن يكون واحدا من العوامل الؤثرة ف شخصية
الطالب.
وف كثي من متمعات السلمي اليوم يشعر الدرس وكل من يمل أمانة التوجيه أنه يواجه تيارا جارفا ،وأنه يسي
باتاه يعاكس كافة وسائل التوجيه والتربية ف الجتمع.
فقد يتلقى الدرسُ التلمي َذ وفق تربية شاذة مالفة للمنهج التربوي السليم .،وبعد ذلك فالسرة ،والصحبة،
والنادي ،ووسائل العلم تدم ف لظات ما يبنيه الدرس ف شهور.
والقارنة هنا ليست ف جانب متكافئ ،فهذه الوسائل مع كثرتا وتوافرها تلك من الثارة والغراء والاذبية،
وربا الصداقية لدى التلميذ أكب بكثي ما يلكه الدرس.
لذا فالدرس مع افتقاره للتعرف على وسائل التوجيه وأساليبه مفتقر إل معرفة العوقات والعقبات وإدراكها.
وفيما يلي ماولة للحديث عن أهم هذه العوقات وبعض القترحات للمدرس كي يتجاوزها:
التجارب ،واستعادة الصور السابقة من حياته الدراسية ،وذكرياته مع من سبق أن درّسه عله أن يستمد منها
رصيدا يضيء له الطريق!.
ومع تقديرنا لهية تقق هذه الصفة لدى الدرس ،ودورها ف تقبل تلمذته له ،إل أن النظرة إليها عند الغلب
أعطتها بعدا أكثر غلوا ومبالغة؛ ما أسهم ف انعكاسات سيئة على نفسية الدرس وأدائه ،ومن النعكاسات
السلبية لذه النظرة:
-1أن هاجس خوف الفشل ،وضياع الشخصية أمام الطلب يعدّ أكب هاجس يواجه الدرس الستجد؛ ما
يسهم ف رفع قيمة هذا الدف لديه ،وزيادة رقعة الساحة الخصصة له من بي الهتمامات والهداف الخرى،
وهذا يعن بالضرورة سيطرته على سائر الهداف وضمورها ،فهدف التوجيه والتربية لن يأخذ مكانه الطبيعي
لدى هذا الدرس ،ذلك أن حاسته قد ُفرّغت ،وجهده قد جع لتحقيق هدف ضبط الفصل.
وحت حي توجد الهداف الخرى ،فسيبقى هذا الدف حاكما عليها ،وموجها لا؛ فهدف التربية والتوجيه
مرهونٌ عند هذا الدرس با ل يدش شخصيته ،والرفع من الستوى العلمي لطلبه مشترط بأل يتسبب ف خدش
هذه الشخصية.
-2يسهم هذا الاجس ف إياد حالة من التوتر ،وشد العصاب لدى الدرس ،فيدخل الفصل بنفسية مشدودة،
تسيطر عليه مشاعر الرجاء والوف .فهو يتمن أن ينتهي الدرس بسلم ،ويتنفس الصعداء حي يسمع قرع
الرس ،ويرص على ملء الدرس بالديث حت ل يترك فرصة للطالب ليعبث ويطم هذه الشخصية التوهة!
حينها يتحول الفصل الدراسي لدى الدرس من ملس للتعليم والتربية إل ساحة معركة ينبغي أن يتغدى فيها
الستاذ بالطالب قبل أن يتعشى به.
أي تربية وتوجيه ،وأي إناز ينتظر بال عليك من يدخل الفصل بذه النفسية الشدودة؟
-3ينعكس أثر هذا الاجس لدى الدرس على سلوكه داخل الفصل ،فيسهم ف خلق جو معي ،وفرض مواقف ل
يأخذ ف حسبانا إل تقيق هذا الدف ،والوصول لذه النتيجة.
فالواجز الت يفتعلها الدرس بينه وبي تلمذته ،فتصبح علقته معهم علقة رسية جافة ،فل يكن أن يد تلميذه
ابتسامة ،أو يسمع كلمة حانية ،ومنطق الستبداد بالرأي ،ورفض الوار والراجعة والتنازل عن الراء ،والقسوة
والغلظة ،والت يعلن البعض فيها مقاطعته لكل ما يت للرحة والرفق بصلة ،فيحول الفصل إل ثكنة عسكرية،
أما التجاوز عن الطأ ،والعفو عن الزلة فهي من مظاهر الضعف والور ،ومن مسببات انيار الشخصية.
كل هذه الظاهر وغيها ،إنا هي نتائج مباشرة لذه النظرة الفرطة لقوة الشخصية .إن هذه الصور ليست
حكايات من نسج اليال ،أو ماولة قصصية ،بل هي واقع رأيناه ولسناه ونن ف ميدان الطلب والتدريس ،ولئن
كان هذا الاجس يبلغ ذروته عند الدرس الستجد ،فهو يبدأ بعد ذلك يتناقص .لكنه ل يصل عند كثي منهم إل
حد العتدال ،ويبدو ذلك من خلل الناقشة مع أمثال أولئك حي تطالبهم بالسهام ف التوجيه ،أو بناء علقة
68 الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش
حسنة مع الطلب ،حي تفتح مثل هذا النقاش يبدي البعض لك هذه الجة وهذا التخوف من النيار الزعوم
للشخصية ،ويظل يسهم مساهة فعالة ف حجب كثي من الدوار التربوية.
ونن إذ نرفض تول قوة الشخصية إل هاجس يسيطر على نفسية الدرس ،وهمّ يقيمه ويقعده ،فليس البديل
الذي نطرحه هو ضياع شخصيته ،وإفلت الزمام من يده؛ ليصبح ف حال يلعب به الصبيان.
وحي يفلت المر من يد الدرس ،فيصبح ألعوبة ف يد الطلب ،فيتعال صراخهم ،ويزيد عبثهم ،ويفقد سيطرته
عليهم ،فإنه يصبح ف وضع ل يسد عليه ،ول يكن أن يلقي درسه بدوء ،أو يترك أثره على تلمذته.
ول يسوغ أن يكون التطرف بديلً لتطرف آخر.
ونقطة اختلفنا مع إخوتنا الفاضل ليست ف مبدأ قوة الشخصية ،إنا ف الفهم التطرف لا ،وف وسائل تقيقها.
إن الدرس التمكن علميا من مادته ،الوقور ف سلوكه وسته ،الليم الذي ل يرجه حلمه عن حزمه ،إن من هذه
صفته لن يستخف به طلبه لتنازل عن رأي ،أو احترام لشخاصهم ،أو تاوز عن خطأ ،أو ابتسامة هادئة.
وهو ف الوقت نفسه يدخل الفصل ويرج مطمئن البال ،مستقر السريرة ،ويؤدي دوره ف التوجيه والتربية من
خلل حاله قبل مقاله.
ولعل أبرز معيار لقوة شخصية الدرس هو قدرته على اتاذ القرار الذي يريد ،وسيطرته على نظام الفصل ،أما
اختفاء النفاس ،وسيطرة السكون والرهبة فهو أمر يليق بالعسكر واللدين أكثر منه بالساتذة الصلحي.
العوق الثان :الفهم القاصر لدور الدرس:
يرى بعض من الدرسي والدرسات أن الدور النوط به ،والواجب الساس الذي سيحاسب عليه هو أداء النهج
الدراسي والواجبات الرسية ،وقد يشعر بعض هؤلء بثقل المانة والسؤولية حي يطئ ف درجة واحدة للطالب
قد ل يترتب عليها أثر يذكر ،أو حي يترك صفحة من الكتاب القرر ،أو ربا حي يهمل العداد التحريري
للدرس.
لكن إهاله لتوجيه الطلب ونصحهم ،وعدم مبالته با يراه أمامه من تقصي وسلوك شاذ،واعتقاده أن ذلك كله
خارج دائرة مسؤوليته ،أو هو نافلة والثان فريضة -وهو فهم يسيطر على بعض الدرسي والدرسات ،وبعضهم
للسف من الصالي -إن ذلك كله فهم قاصر للمسؤولية والمانة .
إن أداء الواجب الرسي مطلب من الدرس لبد أن ياسب نفسه تاهه ،لكن ذلك ليس ناية الطاف ،وماذا
تصنع المة بأجيال غاية إنازهم إجادة القراءة والكتابة ،واستظهار وسرد معلومات حفظوها ودرسوها؟
إن الدعوة إل ال واجبة على السلمي ابتداءً ،وهي بق طالب العلم آكد ،وبق من يقابلهم صباح مساء تصبح
فرض عي يأث بتركه والتقصي فيه.
وإنه لزء من أمراض المة الت أوغلت ف الظاهر على حساب الضمون أن يتصور الدرس أنه مسؤول عن
إجراءات إدارية ل تقدم ول تؤخر ،أما ما سوى ذلك من البناء العلمي ،والتربية والتوجيه فهو ضمن دائرة
68 الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش
النوافل ،ولئن قبلنا من يعيش العمل الداري البحت ،أو من بعض العامة من الناس أن يوغل ف الظاهر على
حساب الضمون ،فإنه ل يكن أن يتمل بال من الدرس والرب ومعلم الجيال.
عمدا.
فكثيٌر من الشباب يعود للجادة ،ويستقيم أمره فيسي ف قوافل التائبي.
ي منهم مع ما فيه من فساد وانراف يتطلع إل تلك الساعة الت يودع فيها هذه الالة ،ويسلك طريق أهل
وكث ٌ
الي والصلح.
وقد قمت بإجراء دراسة على فئة من الشباب من غي أهل الصلح والستقامة فأجاب %93من طلب الرحلة
الثانوية ،و %92من طلب الرحلة التوسطة أنم سبق أن فكروا ف اللتزام .وأجاب %32من الميع أنم
فكروا تفكيا جادا ف اللتزام.
وأفاد %46من طلب الرحلة الثانوية ،و %37من طلب الرحلة التوسطة أنم يرغبون رغبة أكيدة ف تغيي
واقعهم ،أما الذين ليس لديهم رغبة ف تغيي واقعهم فهم %3فقط من طلب الرحلة الثانوية ،و %7فقط من
طلب الرحلة التوسطة.
والغالب من هؤلء الشباب -مع ما فيه من فساد وإعراض -أنه غي راضٍ عن واقعه الذي هو عليه الن وقد
أفاد %6من طلب الرحلة الثانوية ،و %14من طلب الرحلة التوسطة أنم راضون عن واقعهم أي أن
%94من طلب الرحلة الثانوية ،و %86من طلب الرحلة التوسطة يلك قدرا من عدم الرضا عن واقعه.
أليس عدم الرضا هذا بداية خي ،وبذرة يكن أن تستثمر؟ (بث عوائق الستقامة لدى الشباب للكاتب .ل
ينشر .) .
وأخيا فهؤلء مع ما فيهم من انراف وفساد فهم يلكون جوانب خي ،وفطرة سليمة ،فليس بي صفوفهم من
يتبن نلة أرضية أو ملة إلادية ،ول يكن منهم من يرفض الدين جلة وتفصيلً ،وغالب ما لديهم من انراف
وخلل إنا هو ف جوانب سلوكية.
وأنا حي أقول هذا لست أدافع عن هؤلء الشباب ،ول أقلل من شأن ما هم فيه من فساد ،ولكن أقول :إن
هذه جوانب خي ل يوز أن تغفل ،ويب أن نضعها ف السبان ،لتكون دافعا لنا لزيد من الهد والبذل.
العوق الامس :التركيز على النقد:
هناك ظواهر سلبية منشرة بكثرة بي صفوف الطلب والطالبات ،وأمور ل يسع الؤمن السكوت عليها ،ولبد
للمدرس والدرسة أن يشارك ف إزالتها ،ويتحمل مسؤوليته ف ذلك ،ولكن حي ل يسمع الطلب منه إل النقد
اللذع ،والديث عن الخطاء والساوئ ،فإما أن يشعروا بأنه صاحب نظرة موغلة ف التشاؤم فل يسمعوا منه
بعد ذلك ،أو أن يتجاوبوا مع ما يطرحه فيشعرون أنم قد غرقوا ف الخطاء والساوئ ولن يتخلصوا منها،
فيصيبهم اليأس والحباط.
فبدلً من أن أقول للطلبة :أنتم تتهاونون ف العاصي ،وتقعون ف الصغية والكبية ،ول ترعون حرمات ال ،ول
تافون منه ،لو حدثتهم بدل ذلك عن شؤم العصية ونتائجها الوخيمة دون أن أشي إليهم من قريب ول بعيد،
68 الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش
أفل يفهم العاقل منهم أن هذا ينطبق عليه؟ أول يتحقق القصود من ذلك؟
وبد ًل من أن أحدثهم عن التهاون ف النظر الرام وتافتهم عليه ،لو حدثتهم عن فوائد غض البصر ،وعن النتائج
الوخيمة الت تترتب على إطلقه أفل أدرك الراد؟
وحي أراهم يقصرون ف الصلة ،ويتهاونون بأمرها .أل يكن أن أتدث معهم عن شأن الصلة وعظمها ،وأنا
أول ما ياسب به العبد يوم القيامة من عمله؟
ولنا ف رسول ال صلى ال عليه وسلم أسوة حسنة ،فقد رأى رجلي يستبّان فغضب أحدها ،فلم يوجه له صلى
ال عليه وسلم الديث إنا قال ياطب أصحابه":إن لعلم كلمة لو قالا ذهب عنه ما يد ،لو قال :أعوذ بال
من الشيطان ذهب عنه ما يد"(رواه البخاري ()3282ومسلم ( .). )2610
وأنا ل أدعو بذلك الدرسي إل أل يقولوا لطلبم إن هذا خطأ ،فقد يستوجب المر الديث الصريح الباشر،
ول أدعوهم إل أن يدافعوا عن أخطاء الطلبة ،لكن هذا شيء ،واستمراء النقد وسيطرة لغته شي آخر.
إن سيطرة لغة النقد على حديث الدرس قد تعود عليه هو بأثر سلب ،فيصبح دون شعور ينظر من هذه الزاوية،
وتسهم هذه النظرة السلبية لواقع طلبه ف حجب الرؤية الواضحة لا يكن أن يققه أو يصل إليه ،ث يعود ف
النهاية مبطا مبدد المال.
العوق السادس :كثرة التكاليف:
يشكو بعض الدرسي من كثرة التكاليف الدرسية والواجبات الدارية التعلقة بالدرس ،بدءا بعدد الصص
السبوعية ،إضافة إل ما يتبعها من واجبات منلية وتضي وإعداد ،وقد يكون لدى الدرس مهام وتكاليف إدارية
وإشرافية أخرى.
إضافة إل طول النهج الدراسي وقصر الوقت الخصص للمادة ما يعل الدرسي والدرسات يشعرون أنم باجة
لزيد من الوقت لكمال القرر ،فكيف يدون الوقت الفائض الذي يسمح لم بأداء الدور التوجيهي التربوي؟
هذه العقبات من وجهة نظر هؤلء تبقى عائقا وحاجزا دون أداء الدرس الدور النوط به ،فهي تستهلك وقته،
وتستنفذ طاقته حت ل يد الوقت الكاف للتفكي والراجعة.
ويكن أن نسجل على ذلك اللحوظات التية-:
أولً :لشك أن الدرس يتحمل أعباء كثية تؤثر على عطائه وأدائه التعليمي التربوي ،وأنه حي ينتظر منه نتاج
أفضل فل بد من تفيف العباء.
ولئن قبلنا القول بأن زيادة النصاب من الصص لا ما يبرها من تزايد أعداد الطلبة والطالبات ونقص الفرص
الوظيفية ،إل أن الكثي من العباء الدارية ليس لا تفسي سوى الغراق ف الشكليات الذي ابتليت به المة
على حساب الضمون.
ثانيا :ومع هذا الوضع فإن صاحب الدف الاد الذي يسري ف أعماقه وروحه ،والذي يشعر أن تقيق الدور
68 الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش
التربوي هدف أساس وليس قضية هامشية أو نافلة من النوافل؛ إن الذي يمل هذا الشعور يلك الستعداد التام
لتحمل الواقع والتعامل معه.
وأحسب أن هناك ارتباطا وثيقَ الصلةِ بي مستوى الدية ف الدف والماس له والتشكي من كثرة التكاليف،
ول نزال نرى عددا من الدرسي والدرسات الفاضل الذين ل ينكر جهدهم ،ول يهل أثرهم ،نراهم استطاعوا
تقيق هذا القدر من النجاح بالرغم من كثرة أعبائهم.
ثالثا :ل نزال نرى أصحاب الهداف الدنيوية والتطلعات الاصة يتحملون ف سبيلها اللواء؛ فيصب أحدهم
على جفاء رئيسه ف العمل ،ويتحمل من العمال أكثر من غيه ،ويتظاهر بقدر من الرتياح والخلص أكثر ما
ف داخله؛ يعمل كل ذلك من أجل تقيق هدف عاجل ،وأحسب أن الدف التربوي والصلحي لدى إخواننا
وأخواتنا أسى وأعلى من ذلك كله ،فهم أول بالتحمل والبذل.
رابعا :الدور الذي نطالب الدرس بتحقيقه معظمه يتم من خلل وجوده ف الفصل الدراسي الذي لبد له منه،
فهو سيدخل الفصل ل مالة ،وسيخاطب تلمذته ولبد ،فمعظم هذه الدوار لن تتم بتحمل مزيد من العبء بل
بإحسان النية ،وصدق الكلمة ،واختيار ما يقول.
خامسا :من يتأمل السنن الكونية يرى أن من يسعى للتغيي ف الجتمعات -أيّا كان هذا التغيي -لبد أن يدفع
الثمن الباهظ لذلك ،ويبذل الهد الائل ،فكيف بأصحاب الدعوات؟ وسي النبياء والصلحي على مدى تاريخ
البشرية خي شاهد على هذا العن .قال تعال [ :حت إذا استيأس الرسل وظنوا أنم قد كذبوا جاءهم نصرنا
فنجي من نشاء ]..ويكي صلى ال عليه وسلم صورة من معاناة النبياء قبله فيقول ابن مسعود -رضي ال عنه
: -كأن أنظر إل النب صلى ال عليه وسلم يكي نبيا من النبياء ضربه قومه فأدموه وهو يسح الدم عن وجهه
ويقول":اللهم اغفر لقومي فإنم ل يعلمون" (رواه البخاري ( )3477ومسلم (. ).)1792
ب -معوقات خارجية
العوق الول :التربية السرية الاطئة:
ويكن أن نصور الصعوبات الت تواجه دور الدرس والرتبطة بالتربية السرية الاطئة فيما يلي-:
-1السرة هي الدائرة الول من دوائر التنشئة الجتماعية ،وهي السؤولة بشكل أساس عن صياغة عقلية
التلميذ ومعاييه وخلفيته الدراكية؛ فتتلقى الطفل صحيفة بيضاء تط فيها ما تشاء.
وقد تكون هذه التنشئة خاطئة ،وغي متسقة مع التربية السلمية الصحيحة.
-2ل يقف دور السرة عند مرد توجيهات تعارض ما يطرحه الدرس ،أو آراء تالف آراءه؛ بل هي تنشىء
التلميذ وفق معايي معينة تتحول إل جزء من تفكيه ،وتسهم ف تشكيل وصياغة معايي يكم من خللا على ما
68 الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش
يطرح عليه.
ماذا يصنع الدرس بتلميذ نشأ بعيدا عن الجواء الشرعية النضبطة ،وصار يستنكف العبادات الشرعية ،ويرى
فيها صورة من التطرف والشذوذ ،ويعتب أن مطالبته بالنضباط الشرعي إنا هي ضمن دائرة التطرف والغلو.
فهو هاهنا يقيّم ما يسمعه من أستاذه ف ضوء هذه اللفية.
-3نظرة التلميذ لستاذه ابتداءً تتحكم فيها تربيته السرية ،فمن خلل التربية السرية ترتسم ف ذهنه صورة
مددة للشخصية السوية وصورة للشخصية الخرى .ويسعى لتطبيق هذه الواصفات على شخصية أستاذه،
فحي ل تتفق شخصية أستاذه مع الشخصية السوية لديه تشكل هذه النظرة حاجزا وعائقا أمام أي ماولة
للتوجيه والبناء.
فهو قد ينشأ ف جو يتقر الشخص التدين ،وينظر إليه نظرة شاذة ،أو يعتب التدين غلوا وتطرفا ،فحي يرى
أستاذه كذلك فهو سيدرجه ضمن هذه القائمة ما ينعكس بالضرورة على مدى تقبله لا يطرحه عليه من توجيه.
-4قد تسهم السرة ف نقض كلم الدرس وتقويه ،فتنقض ما أحكمه ،وتدم ما بناه ،وما أكثر ما يقول الب
أو الم :كلم أستاذك غي صحيح ،وغي مقبول.
وقد يستطيع الستاذ أن يقطع خطوات ف تربية التلميذ وتوجيهه لكنه جهد"غي مضمون الثمرة؛ لن تأثي البيت
العاكس يظل دائما عرضة لفساد ما تاوله الدرسة"(منهج التربية السلمية لحمد قطب ج 2ص . )101
-5قد يسهم الو العام للمنل ف التأثي اللشعوري على التلميذ وتطبيعه با يتناقض مع توجيه أستاذه.
فالتلميذ الذي ينشأ ف بيتٍ يهمل العناية بالصلة ،ول يستيقظ أحد منه لصلة الفجر سيكون كذلك ،وقد ل
يأخذ توجيه أستاذه بالستيقاظ للصلة مأخذ الد.
والخر الذي اعتاد ف النل أن يرى الصورة الفاتنة على الشاشة ،قد ل يتقبل بالضرورة نصح أستاذه التكرر
بغض البصر وحفظه ،وحي يتفاعل مع توجيه أستاذه ،ويعزم على ترجة القول إل عمل ،يعود للمنل وقد
هبطت حاسته وف الوقت نفسه انتصر داعي الشهوة ،ول يطق ماهدة نفسه والكف عما يراه أمام عينيه.
العوق الثان :وسائل العلم:
لقد شهد العصر الاضر ثورة هائلة ف مال تقنية التصالت ،وتفتق العقل البشري -با منحه ال من قدرة -عن
وسائل تاطب الفرد والجتمع بكافة حواسه من خلل الصحيفة القروءة ،والذاعة السموعة والرئية.
وتسهم هذه الوسائل ف التأثي على تربية التلميذ فـ"الفلم الساقطة والبامج الدامة الت تعرض على الماهي
عب وسائل العلم لا دور كبي ف هدم جوانب شخصية الطفل بشكل عام ،وهذا النوع من الفلم والبامج
هو الذي يتل مل الصدارة ف العلم العرب"(الؤثرات السلبية ف تربية الطفل السلم وطرق علجها .لعائشة
جلل (.).)292
" ويكاد يمع الهتمون بذا الانب التربوي على أن مظاهر الب والغرام ،والعشق بي النسي هي الحور
68 الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش
الرئيسي ،والقاعدة الساسية الت تدور عليها أحداث السلسلت ،والسرحيات التمثيلية الت يعرضها التلفزيون،
إل جانب الدعاية السيئة العتمدة على إظهار مفاتن الرأة وماسنها"(مسؤلية الب السلم ف تربية الولد ف مرحلة
الطفولة .عدنان باحارث (. ))485-484
والجلة الساقطة هي الخرى تسهم ف وأد الفضيلة والياء من خلل التسابق على نشر الصور الفاتنة ،والظاهر
الغرية ،واعتبار الب والعلقة الحرمة وسيلة شرعية وسلوكا ل يرفضه إل الشاذون ،والغلب العم ما يعرض
أمام التلميذ هو من هذا النوع.
وتتاز هذه الوسائل عن سائر الؤثرات با يلي:
-1ماطبتها لكثر من حاسة لدى التلميذ ،ففي الوقت الذي يرى الستاذ يتحدث أمامه ف الفصل حديثا
متواصلً ،ل ياطب سوى حاسة السمع وحدها ،وربا كان حديثا علميا جافا ،يرى من خلل الشاشة من يدثه
حديثا مصحوبا بالصورة ،والشهد الثي لنتباهه ،والذي صيغ بطريقة تأسر لبّه ،وقل مثل ذلك ف الصحيفة أو
الجلة الت تمل الصور اللونة ،يقرأها وهو مضطجع على فراشه ف غرفته الكيفة.
-2يتعامل التلميذ مع هذه الوسائل بنفسية تتلف كليّا عن تلك الت يتعامل فيها مع توجيه أستاذه .فهو يتعامل
معها بعقلية التلقي والقبل عليها ،أما أستاذه فربا كان زائرا ثقيلً ف الفصل يتمن أن يسكته قرع الرس.
-3تطرح هذه الوسائل على التلميذ طرحا يلب داعي شهوته ،ويتسق مع هواه ،ف حي يستهدف توجيه أستاذه
إخراجه من أسر هواه وشهوته.
ل هامّا
-4تثل الختبارات وأعمال السنة والواجبات الدرسية ومطالبة الستاذ بالنضباط داخل الفصل عام ً
يقلل من دور الستاذ التوجيهي -ف نظر الطالب -بلف من يتعامل معهم بصورة غي مباشرة ول يقابلهم يوما
من الدهر ف حياته.
-5إن"تراكم عددٍ كبي من الوسائل العلمية بطرق مشوقة وجذابة ،وعب بعد زمن متد وهي تركز على
موقف معي ،أو تبشر بسلوك مدد قد يكسب ذلك الوقف أو السلوك شرعية اجتماعية ،ويكسر الواجز
النفسية بي المهور وبي ذلك الوقف أو السلوك؛ فيعتاد عليه ويتقبله واقعا معترفا به"(الرشاد النفسي خطواته
وكيفيته .د.عبدالعزيز النغيمشي .ضمن الكتاب السنوي الثان لست (.)297
-6وترقى خطورة وسائل العلم لتقاوم أيضا دور السرة .ما دعا الدكتور ممد نصار أن يتساءل قائلً":ماذا
يصنع الب أو ماذا تصنع الم إذا أرادت أن يكون ابنها ف الرتبة السامية العليا من الخلق ،ومن الداب،
ومن السلوك الطيب ،حيث تقوم بتوجيه أبنائها توجيها تربويا سليما ولكن يفسد هذا التوجيه تريك مفتاح
التلفاز ،وتريك الؤشر ف الذاعة والراديو وغي ذلك؟"(مشكلت الشباب والنهج السلمي ف علجها .وليد
شلش نايف شبي (.). )317
68 الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش
أوسع.
أولً :تربية اليان والتقوى:
إن العناية بتربية اليان بال وتقواه وخشيته ،والرص على غرس ذلك ف نفوس الناشئة ،من أهم ما ينبغي أن
يكون ف أولوياتنا التربوية؛ فاليان والتقوى هو العاصم بإذن ال من مواقعة الرذيلة ،والنزام أمام داعي الوى
والشهوة.
إن من السبعة الذين يظلهم ال ف ظله يوم ل ظل إل ظله رجلٌ دعته امرأة ذات منصب وجال إل نفسها فقال:
إن أخاف ال عز وجل ،نعم هكذا يصنع اليان بصاحبه ،فيكون بإذن ال وقاية من السي ف ركب الشهوة
وطريق الضللة والوى.
ث إن من يلك التقوى واليان ل يلبث حي يواقع ما حرم ال أن يستفيق ويتوب إل ال عز وجل [إن الذين
اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون] (العراف . ) 201:
وإن من الفوارق الوهرية الت تيز التربية السلمية عن الناهج الرضية قيامها على أساس إصلح القلوب
وغرس اليان ،بلف تلك الناهج الت تقوم على مبدأ تقوي السلوك -مع ملحظة أن معايي السلوك القبول
والرفوض ف هذه الناهج معايي بشرية -إذ القلب هو الساس لكل ما يصدر عن النسان من سلوك كما قال
صلى ال عليه وسلم ":أل وإن ف السد مضغة ،إذا صلحت صلح السد كله ،وإذا فسدت فسد السد كله،
أل وهي القلب"(رواه البخاري ( )52ومسلم (. ).)1599
وهب أن الرء استقام سلوكه وقلبه خواء من اليان والعبودية ل فلن يدي ذلك عنه شيئا.
ثانيا :تنمية الستقللية ف التفكي والرأي:
إن التبعية ف الرأي والسي وراء الخرين ،من مشكلت اليل العاصر ،وهي تكوّن الرضية الناسبة لتلقي التأثي
الارجي على الشخص ،أيا كان مصدر هذا التأثي.
ومن ث فإن عناية الستاذ بتربية تلمذته على روح الستقللية ف الرأي والتفكي ،والتخلص من التلقي الجرد ما
سوى الوحيي يدم ف تنمية الشخصية الناقدة لا يعرض لا وما يواجهها.
والستاذ الذي يعنيه بدرجة أساس أن يترب تلمذته تربية ناضجة ،يشعر أن غرس الستقللية لديهم مطلبٌ ملح،
ولو كان على حساب قبولم لكل آرائه ،وساعهم لكل ما يطرحه ،بل إنه ليسر حي يرى تلميذه يالفه ف رأيه
واقتناعاته ،ويرى أن ذلك معيار نضج وكمال.
وهو حينها سيعن بتعليمهم القائق العلمية مقرونة بالدليل والبهان ،وسيناقش القوال والسائل مناقشة علمية
موضوعية بعيدة عن الحكام الاهزة والنتائج السبقة ،وهو لن يقبل منهم مناقشةً لقول ،أو اعتراضا على نتيجة
علمية ،ما ل تكن مناقشتهم مقرونة بالدليل والبهان.
68 الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش
إن هذا السلك مع أنه يرب العقلية العلمية الناضجة فهو أيضا يسهم بشكل آخر ف ضبط سلوك التلميذ
الجتماعي ،وتطبيعه بذلك ،فل يقبل بعد ذلك ف حياته ومسلكه إل ما يقتنع منه.
هذه التربية تشكل بإذن ال درعا واقيا للتلميذ من الؤثرات الخرى ،وتضع قناة لراجعة ما يرد عليه بد ًل من
كونه يتلقى ويتلقف كل ما يرده ،حينها تتحطم الكثي من العوائق أمام هذه الشخصية.
ثالثا :التجديد ف الوسائل ولغة الطاب:
إن النفوس تسأم التكرار والرتابة؛ ومن ث كانت تتاج باستمرار للتغيي والتنويع .وحت ف حياة النسان العادية
وسلوكه اليومي فهو ينح للتغيي ،ويسأم الروتي.
إن سيطرة لغة مددة للخطاب والتوجيه قد يفقدها قيمتها وجاذبيتها ،فتتحول إل روتي مجوج لدى البعض؛
فالتنويع والبتكار ف وسائل ماطبة التلميذ وإقناعهم يسهم ف تقيق قدر أكب من القبول.
وإدراك الدرس لذا المر يدعوه إل إعادة النظر ف وسائل التوجيه ،ولغة الطاب ،والتجديد ف أساليب النصح
والتأثي ،وإل الشعور بأن التوجيه ليس مرد كلمات جوفاء يلقيها على طلبه وينتظر منهم الترحيب والبادرة.
وحي نتصور أننا قادرون على مواجهة هذا الزخم الائل من الصوارف والغريات ،والت تلك من الاذبية ما
تلكه .بجرد كلمات ،أو توجيهات نلقيها ونن ننتظر التنفيذ والستجابة ،وربا كانت مقرونة ابتداءً بلغة
استعلء واحتقار للطلب ووصف لم أنم ليسوا على شيء ،وغي جادين ،ول صادقي ،وأن طلب العلم مضوا
مع الرعيل الول واليل السابق ،حي نتصور ذلك فنحن نغرق ف السذاجة والسطحية.
رابعا :الواقعية ف الهداف والطموحات:
قد يرتفع مستوى الماسة لدى البعض ،ويرى أنه قادر على تقيق ما يريد ،فيسم لنفسه أهدافا طموحة ،ونظرة
مثالية يصعب الوصول إليها ،وتقويه لعمله ،ورؤيته لنجاحه وفشله مرهون بأهدافه .فإذا كانت أهدافه أعلى من
الواقع فسيشعر بالفشل وضعف النتاج وطول الطريق ،ويقول بلسان حاله أو مقاله:ما الفائدة والدوى من
العمل؟
أما حي يدرك العقبات ،ويعرف الصاعب ،فسوف يرسم أهدافا تتسق مع الواقع ،ويكن ترجتها إل واقع
عملي.
خامسا :رصيد الفطرة:
إنه ومع كل العقبات والعوائق ما ذكرنا وما ل نذكر ،فسيبقى جانبٌ مهم ل ينبغي إغفاله.
لئن كان طريق الشهوات والغواية طريقا تستهويه النفس وتيل إليه ،طريقا يد الرء ما يدعوه له .فالي ف
القابل له رصيد عميق ف فطرة النسان [فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة ال الت فطر الناس عليها ل تبديل للق
ال ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس ل يعلمون .منيبي إليه واتقوه وأقيموا الصلة ول تكونوا من الشركي]
68 الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش
(الروم .)31-30:نعم فقد فطر ال الناس منيبي إليه ،فطرهم على الدين والتوجه له سبحانه.
وهو العن نفسه الذي يشي إليه النب صلى ال عليه وسلم ف قوله ":ما من مولود إل يولد على الفطرة ،فأبواه
يهودانه أو ينصرانه أو يجسانه ،كما تنتج البهيمة بيمة جعاء ،هل تسون فيها من جدعاء؟" ث يقول أبو هريرة
-رضي ال عنه [-فطرة ال الت فطر الناس عليها ل تبديل للق ال ذلك الدين القيم] (رواه البخاري (
)1359مسلم (. ) .)2658
وف الديث الخر يقول صلى ال عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعال":إن خلقت عبادي حنفاء كلهم،
وإنم أتتهم الشياطي فاجتالتهم عن دينهم؛ فحرّمت عليهم ما أحللت لم("...رواه مسلم (.) )2865
فمن يدعو الناس لنهج ال إنا يستهدف إزالة الران والغشاء عن القلوب الذي يغطي رصيد هذه الفطرة ،قبل أن
يكون داعيا لتأسيس بنيان جديد.
ث إن الناس وإن ابتعدوا عن شرع ال ،وغرقوا ف الفساد ،وارتكبوا الشهوات ،إل أنم يشعرون برارة العصية
خلّص .وها نن نراهم ف الواقع يتوافدون بمد ال
وشؤم الغواية ،ومن َث ّم فهم يبحثون عن النقذ ،ويتطلعون للمُ َ
على طريق الي ،ويسلكون السبيل.
سادسا :العاطفة الصادقة:
وهي تلك اللغة الت ل ييدها إل الصادقون الخلصون ،والمارة الفارقة بي التصنع التشبع با ل يعط وبي
الخلص الاد .فحي يلك الستاذ العاطفة الصادقة والتفاعل مع ما يقوله لتلمذته ،يرج حديثه من القلب،
فيشعر التلميذ وهو يسمع حديث أستاذه أنه حديثٌ صادق ناصح.
وكم نرى من يؤهله للقبول عند الناس عاطفة حية ومنطق صادق أكثر من أسلوب رصي بليغ.
وكما أن التلميذ يتعامل مع تلك الوسائل السابقة تعامل القبل عليها ،فهو ف وسط ركام الغفلة ،ومن بي أنقاض
الواقع البئيس ،يشعر حي يسمع الصوت الناصح أن يس من خلله بلغة النصيحة ،ومنطق الصدق؛ فتتجاوب
نفسه ،ويسمو على أهوائه ورغباته الشخصية ليصيخ لنطق الدين والعقل.
وحي سأل ذر بن عمر أباه:ما بال التكلمي يتكلمون فل يبكي أحد ،فإذا تكلمت أنت سعت البكاء من كل
جانب ،فقال :يا بن ،ليست النائحة الثكلى كالنائحة الستأجرة (إحياء علوم الدين (. ).)4/288
سابعا :القلوب بيد ال وحده:
ومع ماسبق ،فالمر أو ًل وآخرا بيد الالق سبحانه وتعال الذي خلق عباده ويعلم ضمائرهم ودواخلهم ،وقلوبم
ونواصيهم بيده سبحانه وتعال يصرفها كيف يشاء ،يضل من يشاء ويهدي من يشاء سبحانه وتعال.
ورؤية السلم للسباب الادية ،وعنايته بتحصيلها ل يوز بال أن تشغله عن إدراك قدرة ال سبحانه ،وأن المور
ونواصي العباد بيده عز وجل.
68 الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش
أرأيت النبياء والصلحي السابقي ،كيف استطاعوا أن يققوا أهدافهم؟ وكيف تاوزوا العقبات الت يصنعها
شياطي النس والن ليحولوا بي الناس وبي دعوة ال؟ فالطريق واحدة والسبيل متفقة.
إن إدراك هذه العان والسنن الربانية كفيل بإزالة تلك العوائق والعقبات ،غي أن السلم مأمور بفعل السباب،
وتلمس الصعاب والجتهاد ف تذليلها ،ث حي يبذل ما يستطيع فالتوفيق بيد موله ،والعون منه سبحانه وتعال؛
فما من دابة إل هو آخذ بناصيتها ،وما من قلب إل هو بي إصبعي من أصابعه سبحانه وتقدس يقلبه كيف شاء.
ولبد أن ينتج من طول تفكيه وسائل وبرامج يغذيها بمارسته وخبته ،وينضجها بالستفادة ما عند الخرين.
وهو على كل الحوال لن يكون أقل قدرة من أصحاب الهداف الوضيعة والقاصد الدنيئة الذين يدون ألف
وسيلة ووسيلة لتحقيق أهدافهم.
هذه بعض الواطر حول ما أرى أن الدرس قادر على القيام به لتجاوز بعض هذه العوقات ،وهي ل تعدو أن
ج قلمٍ وتربة مدودة .مع يقين أن إخوت الفاضل قادرون بإذن ال على اكتشاف
تكون حاضرَ ذهنٍ قاصر ،ونتا َ
الزيد ،وعلى تقيق ما يريدون .حي يلكون الصدق والخلص -وهم كذلك نسبهم وال حسيبهم.
ثامنا :استثمار النشطة الطلبية:
لشك أن للتوجيهات والطاب الناصح الدور البارز الذي ل ينكر ،خاصة حي تضاف لذلك القدوة السنة،
لكن ذلك مهما عل شأنه ل يكن أن ينقل الطالب إل مرحلة الستغناء عن البامج التربوية العملية.
ومن هنا يبز دور النشطة الطلبية اللصفية ف توجيه الطالب وتربيته ،وتؤدي هذه النشطة هذا
الدور من خلل ما يلي:
أولً :لقاء الستاذ بطلبه خارج الطار الرسي والو الدرسي يساهم ف زيادة اللفة وزوال كثي من الواجز
والعوائق ،فيهيئ نفسه للتقبل والتجاوب مع ما يطرحه عليه بعد ذلك.
ثانيا :أن هذه النشطة غالبا ما توي الفئات الادة والتميزة من الطلب؛ ما يتيح للطالب فرصة للقدوة السنة
والو البديل عن أجواء الشارع والتجمعات غي النضبطة.
ثالثا :تسهم هذه البامج ف تشكيل صداقات الطلب ،فيختار الطالب من بي هؤلء الذين يشاركهم النشطة
الدرسية أصدقاء له ،ولشك أن ذلك حاية له من أصدقاء السوء وتوجيها غي مباشر للصحبة الصالة.
رابعا :كما أن هذه النشطة توي خية العناصر من الطلب ،فكذلك الذين يشرفون عليها هم ف الغلب من
خية الساتذة.
خامسا :غالبا ما تتضمن هذه النشطة برامج لا آثارها التربوية كالرحلت الستطلعية ،والسابقات الثقافية،
والحاضرات ...وسائر النشطة.
سادسا :توفر هذه النشطة البدائل النضبطة لكثي من النشطة الت ربا مارسها الطالب ف أجواء شاذة؛
68 الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش
حي نتاز الرحلة الول وهي القتناع بأهية التوجيه ،وقيمة دوره ،وضرورة الشاركة الفعالة فيه .فهل يعن هذا
ناية الطاف؟ أم أن هناك مراحل أخرى وخطوات للعمل؟
وبعبارة أخرى :هل يكن أن نعل الدور التربوي للستاذ ،والذي يشكل هذا القدر من الهية و الطورة ،أن
نعله مطلبا عائما ،وطريقا مفتوحا يسلكه النسان كيفما اتفق وحيثما تيسر له؟
وأحسب أن الرحلة الول قد اجتازها الكثي ،وأنه أصبح يشعر بالسؤولية بغض النظر عن مدى حرارة هذا
الشعور ومستواه..
وخطورة الدور التربوي للستاذ تفرض علينا مزيدا من العناية والدراسة لساليب هذا الدور ،وأل نتركه ضحية
مواقف متبعثرة غي منضبطة.
والرأي الذي يطرح ل يعدو أن يكون ماولة متواضعة ،تنتظر الزيد من الثراء والتعديل والناقشة لتستوي على
سوقها ،وتتأهل لتكون برنامج عمل ينتظر منه بإذن ال نتاجا مثمرا .
ونستطيع أن ندد أساليب التوجيه ،ونظرات الدرسي تاهه ف الصور التية :
الرؤية الول:
ح أبلج ،وأن معظم الناس يدركون ويعرفون الطريق جلة ،وإن وجد بعض
تلك الرؤية الت ترى أن الق واض ٌ
الغبش ف بعض الوانب ،إل أن العلة ومكمن الداء عند هؤلء وأولئك هي تويل القتناع إل عمل واقعي
والعمل با يعلمون.
إن ما نراه من واقع كثي من الشباب والتلميذ من الخالفات ،والظاهر الشاذة ليس بالضرورة نتيجة للجهل.
ومن ث فهؤلء أحوج ما يكونون إل الوعظة والث والترغيب والترهيب ،وهي قضية واضحة مددة ل لبس
68 الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش
الرؤية الثانية:
وهي تلك الرؤية الت ترى أن مرد التوجيه والديث العام قد ل يكفي ،فل بد من النطلق إل مرحلة أكثر
تديدا ،وتتجه الرؤية إل ماولة استصلح أكب عدد مكن من أصابه من غبار الضللة ما أصابه ،وتلبس بشيء
من الخالفات السلوكية؟
وينطلق أصحاب هذه الرؤية من خلل ما يرونه ف الواقع من أن التوجيه العام والوعظة الطلقة سرعان ما يذوب
أثرها وتحى نتائجها .وما يرونه ف القابل من نتائج مثمرة ومواقف سارة تتمثل ف ذاك التحول من طريق الغواية
إل الداية الذي نراه كل حي للعديد من الطلب.
وبد ًل من أن تكون هذه الصور الشرقة السارة نتاج مواقف طارئة غي مقصودة فلنسهم نن ف دفع عجلتها.
الرؤية الثالثة:
وهي تلك الرؤية التشائمة الت ترى أنه ل مال ول مناص من هذا الواقع الذي يعيشه الطلب ،أو أن التغيي
ليس بيد الدرس ،بل هو بيد من يلك دفة المور ف الجتمع ،فيصلح العلم ،ويصلح الشارع ،ويصلح رفقة
التلميذ .وهي مطالب ف قائمة الستحيل ،ومن ث فالمر خارج عن الطوق ليس ف مقدور فلن أو ذاك ،فما
علينا سوى التشكي والدعاء لم با لداية ،والمور بيد ال سبحانه وتعال.
وهي رؤية مع إغراقها ف التوان والسلبية واحتقار الذات إل أنا وللسف تل مساحة واسعة من يتصدر للتربية
والتوجيه ف بلد السلمي ،وهي قد تكون إفرازا للهزية النفسية الت تعيشها المة أجع ،أو نتاج تارب خاطئة،
أو رغبة ف التنصل من المانة والسؤولية ،وأيّا كانت الدوافع فهي تت هذه الظلة ،وداخل هذا الطار.
إننا ومع رفضنا لذه النظرة ،أو تلك النظرات التشائمة ،نتفق أن بقية تلك الرؤى تلك قدرا من الصداقية،
وتلك رصيدا من العتبار ،والنتائج التحققة منها تزيد من اقتناع أصحابا با.
ولشك أن الكلمة الصادقة الت يرسلها صاحبها دون إعداد مسبق ،أو يدفعها له موقف ل يسب له حسابا
لشك أنا تترك أثرها بإذن ال.
68 الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش
ول ريب أن استصلح عدد من وقع ف الفساد والرذيلة جهد ل يادل فيه إل مكابر.
إذا فهي أدوار مطلوبة ،ورؤى تلك قدرا من الصحة؛ لكن أليس المر يستحق منا نظرة أعمق وأشل؟
فهذه مقترحات أضعها بي يدي إخوت الدرسي أرى أنا تسهم ف الرتقاء بالتوجيه ليؤدي
الدور النتظر منه بإذن ال:
أولً :تديد الهداف:
فرق ظاهر بي أولئك الذين يرسون لعمالم أهدافا واضحة ومددة ،وأولئك الذين يسيون ف أعمالم ارتالً
دون أن ينظروا إل إل ما تت أقدامهم.
إن صاحب أي مشروع تاري أو عمل دنيوي لبد له من أهداف واضحة مددة ،يستطيع من خللا أن يطط
لعمله تطيطا سليما ،وتكون هذه الهداف معيارا للتقوي وحساب الرباح والسائر ،والفكر والعلم شأنه أعلى
وأت ،فهو أول أن يسي على خطى ثابتة ،وأن يرسم أهدافا واضحة مددة.
كثيٌ هم الساتذة الذين يبذلون جهودا خية مشكورة ،لكنها تسي ارتالً دون تطيط .وربا كان هذا خيا بد
ذاته ،لكن خي منه أن يكون للمدرس هدف واضح يسعى إليه ،ومنهج وخطط توصله لتحقيق هذا الدف ،مع
إتقان عمله والسعي نو الفضل والكمل.
وحي يعتن الدرس بعملية التوجيه ،لتصبح عملية مططة مقصودة ،ويرسم لنفسه أهدافا مددة فهذا
يعن:
أولً :أن جهده أنضج ثرة ،فثمرات عمله مقصودة مرادة ،ف حي تكون ثرات النموذج الول اتفاقا.
ثانيا :أن هذا يتطلب منه تفكيا هادئا يسبق عملية التوجيه والتدريس ،ويتولد من هذا التفكي نضج أكثر
للمضمون والسلوب ،بلف التوجيه الرتل؛ إذ ل يعدو غالبا أن يكون ردة فعل لوقف يطرأ ف الفصل أو ير
بالستاذ ،أو ربا كان مصدره خاطر ير ف خياله وهو يتحدث.
ثالثا :أن مثل هذا التوجيه ينطلق من اعتبار ومراعاة أكثر لعوامل عدة لا دور مهم ف تديد أسلوب ومضمون
ما يطرح ،ومن هذه العوامل:
أ -الرحلة الدراسية والعمرية للطلب ،فما يستهدف الدرس تقيقه لدى طلب الرحلة التوسطة يتلف عما
يستهدف تقيقه لدى طلب الرحلة الثانوية.
ب -التركيبة الجتماعية للطلب ،ففرق بي قرية صغية نائية وبادية ،وبي مدينة تعيش الضجيج والصخب
والؤثرات؛ فرق بي تفكي هذا الطالب وذاك ،بي إدراك ابن القرية والبادية ،وبي إدراك ابن الدينة.
68 الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش
وقد تكون الشرية العامة ف الدرسة من طبقة فقية ،وقد تكون من طبقة ثرية ،وهي أمور لا تأثيها الكبي على
نط التفكي والسلوك ،وعلى طبيعة الطاب الذي ينبغي أن يوجه لؤلء وأولئك.
ل أن يؤصل لدى تلمذته
ج -طبيعة الادة الت يدرسها الدرس فقد يكون ضمن أهداف مدرس مادة الاسب مث ً
الشعور با تعانيه المة من تلف مادي ،وتقدم أعدائها عليها ،وأن المة تتاج لن يعن أبناؤها بذه الوانب
الادية ليساهوا ف تقيق نضة المة ،وقل مثل ذلك ف سائر الواد التطبيقية والت تسمى علمية(هناك اصطلح
شائع وهو تسمية هذه الواد كالعلوم والرياضيات ونوها الواد العلمية ،وسواها الواد الدبية.).
وقد يكون ضمن أهداف مدرس التربية الرياضية معالة الظاهر السلبية والسلوكيات الشاذة التعلقة بمارسة
الرياضة ،وتأصيل الفهوم الصحيح للرياضة وكونا وسيلة ل غاية.
وقل مثل ذلك ف سائر الواد والتخصصات.
:حي يسلك الدرس هذا السلك ف التوجيه فإنه يستطيع أن يق ّومَ جهده ويقيس عمله ،فيدرك ما حققه رابعا
ل فماذا يقيس؟ وأي عوامل للنجاح
من نتائج ،ويتعرف على أسباب النجاح والفشل ،أما حي يكون عمله مرت ً
والفشل يستطيع إدراكها وهو ل يضع شيئا ف حسبانه؟
:وحي يسلك هذا النهج فإنه سيسعى للوصول إل هدفه من طرق عدة وأبواب شت؛ فتتضافر على خامسا
مسمع الطالب الؤثرات التنوعة ،لتؤدي ف النهاية لنتيجة واحدة ،بلف ما لو كان الدف والوسيلة هو ما يطر
ف ذهنه؛ فستكون الواقف مبتورة.
وبعد هذا كله يتضح لنا أن الدرس حي يدد لنفسه أهدافا واضحة فإنه يستطيع أن يقق ناحا أكب ،ويترك أثرا
أعظم.
ومع دعوتنا للمدرس أن يسلك هذا النهج والسلك فهذا ل يعن تول الوسيلة إل غاية ،والغراق ف هذا المر
وترك التجاوب مع الواطر الواردة ،والحوال الطارئة.
الشائعات الباطلة الت تروج عند الناس فيقبلونا ،ومن خلل الديث عن ضوابط من تقبل روايته وخبه...
ج -الولء للسلم وقضيته مهما كان تدين الرء؛ إذ ساد مفهوم خاطئ عند الناس هذا العصر ،وهو أن الرء
حي يكون مقصرا أو مذنبا فذلك يعن أن يعفى من السؤولية ف التفاعل مع القضايا السلمية.
ويكن تأصيل هذا الفهوم بأن يبيّن الدرس لتلمذته أن الصل ف الرء أنه مسلم مهما كان مقصرا ،وأن تقصيه
وإن أنزل رتبته إل أنه ل يكن أن يعفيه عن شيء من الواجبات الشرعية كهذا الواجب ،ومن خلل عرض ناذج
من التاريخ السلمي ساهم فيها أمثال هؤلء ف نصرة قضية الدين ،ومن خلل عرض ناذج من التآمر على
السلمي ما يثي العاطفة تاه قضيتهم ونصرتم ،وبيان تآمر العداء واشتراكهم ف ذلك وإن ل يكونوا متديني أو
ملتزمي بذاهبهم ،ومن خلل اقتراح برامج ووسائل مددة يكن أن يشارك فيها هؤلء...
أحدهم وهو شاب غي متدين كان ف ملس قال فيه أحد الاضرين كلمة فيها سخرية بالدين فانتهره وأنكر
عليه ،وبعد افتراق ملسهم سأله أحد الاضرين عن سر هذا الشعور مع ما هو عليه ،فأعاد ذلك إل كلمة سعها
من أحد مدرسيه يتحدث فيها عن الدفاع عن الدين ولو كان الرء فاسقا.
هذه ناذج ذكرتا على سبيل الثال ل الصر عل با يتضح القصود ما أردناه من ضرورة التركيز على بناء
الفاهيم والتصورات الشرعية.
وما ينبغي أن يعلم هنا أن بناء الفاهيم يتاج لوقت وطول نفس ،وتنويع ف الساليب والوسائل ،وأنه ل يكن أن
يتم من خلل الوامر الت توجه مباشرة.
ومع ذلك كله يبقى اعتراضنا على النماذج والرؤى السابقة منحصرا على مرد اعتبارها وحدها منطلقا للتوجيه،
وتبقى سائر الساليب مطلوبة ينبغي أن يسعى إليها جيعا.
68 الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش
الاتة
وبعد فهذه أخي الكري كلمات سطرها أخ لك ،عايش هذه الهنة سنوات معدودة ،اجتمعت له خللا هذه
الواطر ،الت ل تعدو أن تكون آراءً شخصية إن أصاب فيها فمن ال ،وإن أخطأ فمن نفسه والشيطان وال
ورسوله بريئان ما يقول.
أخي الكري :إنا برامج ومقترحات للتوجيه ،قد تالفن ف بعضها ،وقد تصدق ف أحوال وبيئة دون أخرى ،فما
رأيت فيها من الصواب فدونك إياه ،وما كان سوى ذلك فإن من حقي عليك الناصحة والنصرة ،وأجزم أن لن
أعدم ف كل حال دعوة صالة منك بظهر الغيب ،فدعوة الخ لخيه بظهر الغيب مابة.
ومرة أخرى أقول :إنه ل يكفي للقيام بواجب التربية والتوجيه الكلمات العاجلة ،أو البامج الرتلة ،فمن حق
الشباب علينا وهم فلذات أكبادنا ،أن نعن بتربيتهم ،فهل خطوات جادة للوصول إل أسلوب أمثل ف التوجيه
والتربية؟
وأنا بدوري أرحب بكل خواطر الخوة القراء ،واقتراحاتم لعلها أن تأخذ طريقها ف الطبعات القادمة.حفظك
ال أخي الستاذ ،ووفقك ،ورزقك التلميذ النجيب والبن البار.وصلى ال وسلم على نبينا ممد وآله وصحبه
أجعي.
68 الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش
الراجع والصادر
-أخلق أهل القرآن -الجري -ت ممد عمرو عبداللطيف -دار الكتب العلمية -ط 1406 1هـ
-أساسيات ف طرق التدريس العامة -مب الدين أبو صال -دار الدى -ط 1412 - 2هـ
-إحياء علوم الدين -ابو حامد الغزال -ت سيد إبراهيم -دار الديث -ط 1412 - 1هـ
-الرشاد النفسي خطواته وكيفيته -د عبدالعزيز النغيميشي -الكتاب السنوي الثان لست 1410 -هـ
-إعداد العلم من منظور التربية السلمية -د عبدال بن عبدالميد ممود -دار البخاري ،مكتبة الغرباء -
ط1
-تذكرة السامع والتكلم ف أدب العال والتعلم -دار الكتب العلمية
-جامع الصول من أحاديث الرسول -ابن الثي -ت عبدالقادرالرناؤوط -دار الفكر -ط - 2
1403هـ
-جامع بيان العلم وفضله -الطيب البغدادي -دار الكتب العلمية
-الامع لخلق الراوي وآداب السامع -ت ممود الطحان -مكتبة العارف 1403 -هـ
-الرسول العلم ومنهجه ف التعليم -ممد رأفت سعيد -دار الدى للنشر والتوزيع -ط 1402 - 1هـ
-سلسلة الحاديث الصحيحة -ممد بن ناصر الدين اللبان -الكتب السلمي
-سنن أب داود -ت كمال الوت -دار النان -ط 1409 - 1هـ
-سنن ابن ماجه -ت ممد فؤاد عبدالباقي -دار الفكر
-سنن الترمذي -ت أحد شاكر -دار إحياء التراث العرب
-سنن الدارمي -ت مصطفى البغا -دار القلم -ط 1412 - 1هـ
-سنن النسائي -ت عبدالفتاح أبوغدة -مكتبة الطبوعات السلمية بلب -ط 1406-1هـ
-صحيح الترغيب والترهيب -ممد بن ناصر الدين اللبان -مكتبة العارف -ط 1409 - 2هـ
-صحيح سنن أب داود -ممد ناصر الدين اللبان -مكتب التربية العرب -ط 1409 - 1هـ
-صحيح سنن ابن ماجه -ممد ناصر الدين اللبان -مكتب التربية العرب -ط 1408 - 2هـ
-صحيح سنن الترمذي -ممد ناصر الدين اللبان -مكتب التربية العرب -ط 1408 - 1هـ
-صحيح سنن النسائي -ممد ناصر الدين اللبان -مكتب التربية العرب -ط 1409 - 1هـ
68 الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش
-صحيح مسلم بشرح النووي -مراجعة خليل اليس -مكتبة العارف -ط 1410 - 1هـ
-فتح الباري شرح صحيح البخاري -ابن حجر العسقلن -دار الكتب العلمية -ط 1410 - 1هـ
-الفروسية -ابن قيم الوزية
-الفكر التربوي عند ابن القيم -حسن الجاجي -دار حافظ للنشر والتوزيع -ط 1408 - 1هـ
-الفوائد -ابن قيم الوزية
-الكفاية ف علم الرواية -الطيب البغدادي -ت أحد عمر هاشم -دار الكتاب العرب -ط - 2
1406هـ
-لقط الللء التناثرة ف الحاديث التواترة
-الؤثرات السلبية ف تربية الطفل السلم وطرق علجها -عائشة جلل -دار الجتمع -ط 1412 - 1هـ