You are on page 1of 68

‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫الدرس‬
‫ومهارات التوجيه‬

‫ممد بن عبدال الدويش‬


‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫مقدمة الطبعة الثانية‬

‫إن المد ل‪ ،‬نمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه‪ ،‬ونعوذ بال من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده ال‬
‫فل مضل له ومن يضلل فل هادي له‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له‪ ،‬وأشهد أن ممدا عبده‬
‫ورسوله‪ ،‬أما بعد‪-:‬‬
‫فقبل ثلث سنوات صدرت الطبعة الول‪ ،‬ولا عدت لقراءة هذا الكتاب رأيت أنه باجة لزيد مراجعة وإضافة‪،‬‬
‫فأعدت النظر فيه مرة أخرى‪ ،‬ليخرج بذه الطبعة الديدة‪ ،‬والت تتاز عن سابقتها با يلي‪:‬‬
‫أولً‪ -:‬إضافة الزيد من الفكار والباحث‪ ،‬وقد بلغ ما ت إضافته ف هذه الطبعة قريبا من ثلث الكتاب‪.‬‬
‫ثانيا‪ -:‬كنت قد قرأت بعض ما كتبه السلف حول آداب العال والتعلم‪ ،‬فأضفت بعض النقول عنهم ف ذلك‪،‬‬
‫وتركت الكثي لئل يزيد حجم الكتاب‪.‬‬
‫ثالثا‪ -:‬إعادة ترتيب بعض فصول الكتاب ومباحثه‪.‬‬
‫رابعا‪ -:‬تصحيح بعض الخطاء ف الطبعة السابقة‪.‬‬
‫وأشعر أنه كلما امتد الزمن‪ ،‬لبد أن ِتدّ للنسان أمور‪ ،‬أو يعيد النظر ف بعض اقتناعاته‪ ،‬أو ترتيب أولويات‬
‫أفكاره‪ ،‬لذا فسيبقى العمل البشري عرضةً للصواب والطأ‪ ،‬والتغيي والتبديل‪ ،‬ومهما امتد ذلك فلن يصل مرتبة‬
‫الكمال‪ ،‬أو يتجاوز مرحلة الوقوع ف الطأ والزلل‪.‬‬
‫وأسأل ال سبحانه وتعال أن يرزقن الخلص ف القول والعمل إنه سيع ميب‪.‬وصلى ال وسلم على نبينا ممد‪.‬‬

‫ممد بن عبدال الدويش‬


‫الرياض ‪30/1/1416‬هـ‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫القدمة‬

‫إن المد ل‪ ،‬نمده ونستعينه‪ ،‬ونستغفره‪ ،‬ونتوب إليه‪ ،‬ونعوذ بال من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده‬
‫ال فل مضل له‪ ،‬ومن يضلل فل هادي له‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له‪ ،‬وأشهد أن ممدا عبده‬
‫ورسوله‪ ،‬أما بعد‪-:‬‬
‫فإنه قرار صائب ذاك الذي اتذتَه بالتوجه لذه الهنة الشريفة‪ ،‬والتصدي لمل هذه الرسالة الالدة‪ ،‬فقد وضعتَ‬
‫قدميك ف طريق البناء والعداد لذه المة‪ ،‬ولستَ باجة أخي الدرس إل أن أدبج لك القال‪ ،‬وأستنجد لك‬
‫الياع‪.‬‬
‫أي خطأ يرتكبه ذاك الذي يظن التعليم وظيفة رسية فحسب‪ ،‬وأي ظلم وإهانة للجيل والنشء‪ -‬ل للمعلم وحده‬
‫‪ -‬تلك النظرة القاصرة الت تقلل من مكانة العلم‪ ،‬وترى أن التعليم وظيفة من رضوا بالدون‪ ،‬وأخلدوا للدعة‪،‬‬
‫وتركوا التسابق للمراتب العالية‪.‬‬
‫وكم أتلل بشرا وأسعد حي أراك أخي الدرس يا من تمل بي طياتك نفسا صادقة‪ ،‬وقلبا حارّا يترق على واقع‬
‫أمته‪ ،‬ويتأل لال الشباب‪ .‬ومع ذلك فلم يكن هذا الم عائقا لك ومثبطا‪ ،‬بل أنت تمل طموحا صادقا‪ ،‬ونفسا‬
‫أبية متطلعة للصلح والتغيي‪ .‬ول يقف الد عند هذه الشاعر‪ ،‬فها أنا أرى ثرات جهدك‪ ،‬ونتاج عملك‪ ،‬بارك‬
‫ال فيك‪ ،‬وزادك علما وعملً‪.‬‬
‫أخي الدرس ‪ :‬كثيا ما سعت كلمات الثناء الصادقة من طلبك‪ ،‬وكثيا ما رأيت بصماتك ظاهرة عليهم‪،‬‬
‫أرأيت الشباب الغض الذي يتسابق إل الصفوف الول ف الساجد‪ ،‬ويسارع إل حلق العلم ومالس الي؟ ولن‬
‫أقول لك اذهب إل الدارس‪ ،‬فأنت من أهلها‪ ،‬أل تر إليها وقد تزينت بأولئك الخيار‪ ،‬وقد صاروا يسابقون إل‬
‫أعلى الراتب‪ ،‬ويبزون أقرانم‪ .‬فكل ما ترى أخي الكري بعض ثرة جهدك وجهد إخوانك من الساتذة والدعاة‪.‬‬

‫ولكن ومع هذه الهود الية الشكورة هناك فئة من العلمي الخيار‪ ،‬ل مطعن ف دينهم‪ ،‬ول شك ف فضلهم‪،‬‬
‫فنحن نبهم ف ال‪ ،‬ونعتقد أن أكثرهم أفضل منا عند ال‪ ،‬ونسعد بلقائهم ودعواتم الصادقة‪ ،‬لكنهم ل يزيدون‬
‫على أن يندبوا واقع الشباب‪ ،‬ويتألوا لا هم فيه‪ ،‬دون أن يركوا ساكنا‪.‬‬
‫فأستأذنك أخي الكري أن أخاطب هؤلء الحباب فحقهم علينا عظيم‪..‬‬
‫فهل فكرت أخي الكري ف عظم الوقع الذي تبوأته‪ ،‬والمانة الت تملتها‪ ،‬فذاك الرجل الطاعن ف السن‪ ،‬وتلك‬
‫الرأة الضعيفة قد علقوا آمالم بعد ال عليك ف استنقاذ ابنهم وحايته‪ ،‬والصلحون الغيورون يعدونك من أكب‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫المال ف استنقاذ الجتمع‪ ،‬والمة تبحث أخي الفاضل عن النقذ لا ولبنائها‪ ،‬وأنت أخي الدرس جزء من مط‬
‫آمال المة‪.‬‬
‫أخي الدرس‪ :‬أنت يا قارئ السطور أعنيك ول أعن سواك‪ ،‬أنت مط آمالنا‪ ،‬أنت طريقنا ل إل الشباب‬
‫والتلميذ وحدهم بل إل الناس كلهم‪.‬‬
‫أعلم أخي العلم أنك ستقول‪ :‬علمي ضعيف‪ ،‬قدرات مدودة‪ ،‬وربا لست صاحب اختصاص شرعي‪ ،‬أعلم ذلك‬
‫كله‪ ،‬ولكن أجزم أنك قادر على أن تصنع الكثي‪ ،‬ومهما ضعف علمك‪ ،‬وتواضعت قدراتك‪ ،‬وقلّت خبتك‪،‬‬
‫مهما خلعت على نفسك من أوصاف القصور‪ ،‬وسلكت من أبواب التواضع‪ ،‬فأنت قادر على أن تقدم الكثي‪،‬‬
‫ول نطلب منك أخي الدرس إل ما تطيق‪ .‬أل تطيق الكلمة الناصحة؟ أل تطيق التأل والرقة على واقع أبنائك؟‪.‬‬
‫وحجة أخرى طالا سعناها‪ :‬النهج طويل‪ ،‬ل أجد الوقت‪ ،‬لكنا نريد أخي الكري دقائق معدودة‪ ،‬تستطيع توفيها‬
‫من كثي من الوقت الذي يضيع‪ ،‬والستطراد الذي ل ضرورة له‪.‬‬
‫أخي الدرس‪ :‬ما أغناك عن أن أحدثك عن الواقع الرير لمتنا‪ ،‬أو عن التآمر على شباب السلمي‪ ،‬أنسيت ما‬
‫فعل دنلوب وأذنابه؟ أنسيت ما بذل جيل السخ ليحول بينك ‪ -‬أنت العلم ‪ -‬وبي إبلغ كلمة الق الصادقة‬
‫إل القلوب التعطشة؟ ‪.‬‬
‫ي غفلة وعال‬
‫أخي الدرس‪ :‬أخاطب فيك الغية والمية لدين ال‪ ،‬فأنت تقابل الشباب كلّ يوم‪ ،‬وتدرك أ ّ‬
‫يعيشونه‪ ،‬ترى مظاهر العراض‪ ،‬ومصارع الفت‪ ،‬فكيف ل ترك فيك ساكنا؟‪ .‬أل تره ذاك الشاب الذي يعيش‬
‫معاناة واضطرابات الراهقة‪ ،‬ويصارع الشهوات‪ ،‬وتعصف به الرياح من كل فج‪ ،‬أو الخر الذي اكتنفه رفاق‬
‫السوء فأحاطوا به إحاطة السوار بالعصم؟ فهل وصل بك أخي الكري عدمُ القدرة ونقصُ البة إل أن تعجز أن‬
‫تقدم شيئا لذا وأمثاله؟‪.‬‬
‫أخي الدرس‪ :‬لست أدعوك إل عمل خي تساهم فيه فحسب‪ ،‬ول أحثك على القيام بنافلة من أفضل النوافل‪ ،‬إنا‬
‫أدعوك إل أن ترعى المانة‪ ،‬وتقوم بالسؤولية‪ ،‬وبعبارة أدق‪ :‬أن تؤدي الواجب الشرعي‪.‬‬
‫ألست راعيا أخي الدرس ؟ أل يقل صلى ال عليه وسلم ‪" :‬كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته" (رواه‬
‫البخاري ( ‪ ) 893‬ومسلم ( ‪ ). ) 1829‬؟ ألست ترى النكر؟ أل يقل صلى ال عليه وسلم ‪":‬من رأى منكم‬
‫منكرا فليغيه بيده‪ ،‬فإن ل يستطع فبلسانه‪ ،‬فإن ل يستطع فبقلبه"( رواه مسلم ( ‪ ). ) 49‬؟ وهل وصل بك المر‬
‫إل أن ل تطيق إل الكلمة العابرة أو النقد السلب؟ أل تطيق أن تمل همّ الصلح؟ أل تطيق أن تفكر ف وسائل‬
‫تربية الناشئة وتوجيههم؟‬
‫كيف أخي الدرس تتحمل أمانة تدريس النهج الدراسي‪ ،‬وتأخذ مقابل ذلك أجرا من مال السلمي؟ وحي‬
‫ندعوك لتحمل أمانة الدعوة والتوجيه ‪ -‬الت هي واجبة عليك ابتداءً‪ ،‬وقد زادت مع تبوئك هذا الوقع ‪ -‬حي‬
‫تكون الاجة الاسة لمل المانة التربوية تعتذر بعدم القدرة‪ ،‬والضعف العلمي‪ ،‬وفقد البة‪ ،‬وتسب أن هذا من‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫التواضع‪ .‬بل التواضع هو القيام بالواجب والستعانة بال‪.‬فعجبا لذا القلب للمفاهيم! ومت كان التخلي عن‬
‫الواجب وترك السؤولية تواضعا؟‬
‫كيف أخي الدرس تنقد واقع الشباب‪ ،‬وتتحدث عن سلبياتم ومع ذلك ل ترك ساكنا‪ ،‬ول تقوم بهد؟‪.‬‬
‫معذرة لذا الطاب الريء فلول أن أقدر مسؤوليتك الت ستسأل عنها يوم الساب‪ ،‬ولول أن أخاطب قلبك‬
‫الواعي‪ ،‬وعقلك الدرك‪ .‬لا جرأت عليك‪ ،‬ولول أن المر ل يتمل الغضاء لطويت الصفحة‪ ،‬ولول ثقت الكبية‬
‫بأن ما أقوله سيثي كوامن خفية ف نفسك لا سطرت حرفا واحدا‪.‬‬
‫أخي الدرس ‪ :‬هل تزهد ف اب ٍن بار‪ ،‬وتلمي ٍذ يقدر جهدك؟ وهل أنت مستغنٍ عن دعوة صالة يصك با من‬
‫قدّمت له خيا؟ إن هذه عاجل النتائج وبشرى الؤمن‪ ،‬أما ما عند ال فهو خي وأبقى‪.‬‬
‫أخي الدرس ‪ :‬إن الشعورَ بأهية التوجيه‪ ،‬بل والطوات العملية مطلبٌ نفيس‪ ،‬ولكن ل ينبغي أن نقف عند هذا‬
‫الد بل يب أن نتجاوزه إل أن نتعلم فن التوجيه‪ ،‬وأساليب التأثي‪ ،‬وهذا باب واسع‪ ،‬لن ييط به ما سطرته‪،‬‬
‫ومهما بذلت فالمر أكب من شخصٍ قاصر‪ ،‬ولذا فأنا أدعو أن تتضافر الهود لكتشاف وسائل التأثي‪ ،‬وأن‬
‫نتبادل البات‪ .‬فأدعو هنا إخوان إل الساهة ف المر‪ ،‬كتابة وماضرة‪ ،‬ومناقشة‪ ،‬ويسعدن أن أتلقى من الخوة‬
‫الكرام أي ملحوظة‪ ،‬أو رأي‪ ،‬أو توجيه‪ ،‬أو اقتراح‪.‬‬
‫وأنا كاتب هذه السطور إن نسيت فلن أنسى ذاك الستاذ الفاضل الذي درسن ف الراحل الولية‪-‬رحه ال‪-‬‬
‫كنت ألس يومها ‪-‬وأنا طفل بريء ‪ -‬ف وجهه الصدق والعاطفة الية‪ ،‬ول تزال أصداء كلماته تتردد ف أذن‪،‬‬
‫فرحه ال وأجزل مثوبته‪ ،‬وأعلى درجته‪ .‬والخر الذي عوّضه ال عن نور بصره بنور بصيته ‪-‬أحسبه كذلك‬
‫ف من فضائل‪ ،‬وكم من كلمة صادقة سعتها إن نسيت‬
‫وال حسيبه ول أزكي على ال أحدا‪ -‬فلله كم ربّى ّ‬
‫حروفها الن فقد ترجت إل عمل وواقع فصارت جزءا من ليفارقن‪ .‬وهل أنسى بعد ذلك ذاك الشيخ الوقور‬
‫الذي مَنّ ال عليّ بفظ كتابه على يديه؟‬
‫وبعدهم خطا ب العمر فانتقلت إل العهد العلمي‪ ،‬فتشرفت بالتتلمذ على مشايخ أجلء وأساتذة أفاضل‪.‬ولست‬
‫أملك وال ما أقدم لم من العرفان والوفاء أفضل من الثناء الصادق‪ ،‬والدعاء الصال‪ .‬اللهم فاغفر لم جيعا‪،‬‬
‫وارفع درجاتم ف الدنيا والخرة‪ ،‬واجزهم عن خي ما جزيت والدا وأستاذا ناصحا‪.‬‬

‫ممد بن عبدال الدويش‬


‫الرياض ‪1413/ 3/ 26‬هـ‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫الفصل الول‪:‬ماذا يعن لنا التعليم ؟‬

‫صور لقيقة واحدة‪:‬‬


‫أل ترى أخي الكري أن هناك فئة من العاملي ف قطاع التعليم قد أهان هذه الوظيفة الشريفة‪ ،‬حي اتذها وسيلة‬
‫للثراء والكسب الادي؟ فهو ل ينظر لذا العمل إل من خلل هذه الزاوية الادة‪ .‬إن وظيفة التعليم أسى وأعلى‬
‫من أن تكون وظيفةً رسيةً‪ ،‬أو مصدرا لكسب الرزق‪ ،‬إنا إعدادٌ للجيال‪ ،‬وبناءٌ للمة‪ .‬ومن حق ك ّل فردٍ أن‬
‫يتطلع لعيشة هنية‪ ،‬وأن يتحصل على مصدر شريف لكسب الرزق‪ ،‬لكن هذه صورة أخرى غي تلك الت يتهن‬
‫صاحبها التدريس فل يتاره إل لا يدره من مال‪ ،‬وغاية هّه وج ّل حساباته القارنة بي الكاسب والسائر‪،‬‬
‫والوافز والعقبات‪ ،‬فهل يؤتن من هذه ناية نظرته‪ ،‬وغاية تطلعه؟! هل يؤتن مثله على رعاية اليل وإعداد‬
‫النشء؟ هذه صورة‪..‬‬
‫الصورة الثانية‪:‬‬
‫ذاك الدرس الذي يشكو دهرَه‪ ،‬ويندب حظّه‪ ،‬فإجازاته ليست بيده‪ ،‬والطلب أحالوا سوادَ شعره إل بياض‪،‬‬
‫والباء يتمون مايعجز عنه أبناؤهم‪ .‬فالدرس عند صاحبنا أسوأ الناس حظّا‪ ،‬فأقرانه حاز بعضهم على مراتب‬
‫عالية‪ ،‬وأسوأهم حا ًل من يستأذن مت شاء‪ ،‬ويأت مت أراد‪ ،‬ويتعامل مع أوراق جامدة‪ ،‬ل أنفس متباينة‪ ،‬أما هو‬
‫فيعيش بي ضجيج الراهقي‪ ،‬وصخب الصغار‪ ،‬ليعود بعدها إل أكوام الدفاتر‪.‬‬
‫إنه هو الخر وإن خالف صاحبه ف التاه‪ ،‬فتشاءم حي تفاءل صاحبه‪ ،‬ونظر بعي السائر حي نظر صاحبه بعي‬
‫الكاسب‪ ،‬إنه مع ذلك ل يدرك شرف التعليم‪ ،‬ول يرتق إل أهلية التوجيه‪ ،‬وأي نتاج وتربية ترتى وراء هؤلء؟!‪.‬‬

‫الصورة الثالثة‪:‬‬
‫وهي قد تمل أوجه تلق مع الصورة الول أو الثانية‪ ،‬لكن صاحبها متبلد الحساس‪ ،‬فاقد الغية يرى أبناء‬
‫السلمي يتهافتون على الفساد‪ ،‬ويقعون ف شبك الرذيلة‪ ،‬ول يرك المر لديه ساكنا‪ ،‬أو يثي عنده حية‪ ،‬فهذا‬
‫ليس من شأنه ‪ .‬شأنه تدريس الفاعل والفعول‪ ،‬أو توضيح الركبات وقوانينها‪ ،‬أو حل العادلت‪ ،‬بل قد يتبوأ‬
‫تدريس العلم الشرعي‪ ،‬والتربية السلمية‪ ،‬ومع ذلك فواقع الطلب ل يعنيه بقليل ول كثي‪.‬‬
‫لست أدري أي عقلية تكم هذا النوع من الناس؟! ول أعلم من أيهما أعجب من واقع الشباب‪ ،‬أم من ضعف‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫التوجيه وعدم إيابية هذا النمط من العلمي؟‬

‫الصورة الرابعة‪:‬‬
‫مدرس اته إل التدريس كرها ل طوعا‪ ،‬فهو ل يد وظيفة أصلً غيه‪ ،‬أو كان يريد البقاء ف بلده‪ ،‬فهو اليار‬
‫الوحيد له‪ ،‬ولسان حاله يقول‪ :‬مكره أخاك ل بطل‪ ،‬نعم من حقه أن يؤمن مالً يعمل فيه‪ ،‬لكن مثل هذا الصنف‬
‫قد ل يدرك رسالة التعليم‪ ،‬وشرف التربية‪.‬‬

‫الدرس الذي نريد‪:‬‬


‫وحي نرفض تلك الصور السابقة جلةً وتفصيلً‪ ،‬ونرى أن ما تمله من تباين ل يرجها من أن تكون مظاهر‬
‫لقيقة واحدة هي الهال وعدم إدراك السؤولية‪ ،‬فما الصورة الت نريد‪ ،‬والدرس الذي نتطلع إليه؟‪.‬‬
‫لسنا نريد ذاك الذي رمى الدنيا وراء ظهره وطلقها ثلثا فلم يعبأ با‪ ،‬أو ذاك الذي ل يفارق مرابه‪ ،‬أو ذاك‬
‫الذي ل تن ّد منه شاردة ول واردة‪ ،‬إنا صور سامقة لكنها ليست لكل الناس‪.‬‬
‫إننا نريد الدرس البشر الذي يتطلع كغيه لتحصيل مورد لرزقه‪ ،‬ويرى أن من حقه كغيه أن يتمتع بزايا إدارية‬
‫ووظيفية‪ ،‬لكن كل تطلعاته تلك ل ترق إل أن تكون الدف الول والساس‪ ،‬والقياس الوحد‪ ،‬والعامل الهم ف‬
‫اتاذ قراره بسلوك طريق التعليم‪ ،‬فقد اختار هذا الطريق ليخدم المة من خلله‪ ،‬ويعدّ اليل ويربَ النشء‪ .‬إنه‬
‫يترق على واقع الشباب‪ ،‬ويعدهم أبناءه‪ ،‬ويعتب إصلحهم من أولويات وظيفته‪ ،‬وتربيتهم من مسؤوليته‪ .‬ويؤدي‬
‫واجبات وظيفته على الوجه الطلوب ليهنأ بأكل راتبه حللً‪.‬‬
‫وهو مع ذلك كله سيحصّل ما يصّله غيه من مزايا مادية‪ ،‬ويعيش عيشة مستقرة هنية‪.‬‬
‫التعليم يعطي امتدادا لعمل النسان بعد موته‪:‬‬
‫حي يوت النسان ويفضي إل ما قدم ينقطع عمله إل من ثلثة‪":‬صدقة جارية‪ ،‬أو علم ينتفع به‪ ،‬أو ولد صال‬
‫يدعو له"( رواه مسلم ( ‪ . ).) 1631‬وف حديث أب هريرة ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬أن النب صلى ال عليه وسلم‬
‫قال‪":‬إن ما يلحق الؤمن من عمله وحسناته بعد موته‪ :‬علما علّمه ونشره‪ ،‬وولدا صالا تركه‪ ،‬ومصحفًا ورّثه‪ ،‬أو‬
‫مسجدا بناه‪ ،‬أو بيتا لبن السبيل بناه‪ ،‬أو نرا أجراه‪ ،‬أو صدقةً أخرجها من ماله ف صحته وحياته‪ ،‬يلحقه من بعد‬
‫موته" (رواه ابن ماجه ( ‪ ) 242‬والبيهقي وابن خزية ‪ .‬وانظر ‪ :‬صحيح الترغيب والترهيب ص ‪. ).73‬‬
‫وروى ابن ماجه بإسناد صحيح عن أب قتادة ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬
‫"خي ما يلّف الرجل من بعده ثلثٌ‪ :‬ولدٌ صال يدعو له‪ ،‬وصدقة تري يبلغه أجرها‪ ،‬وعلمٌ يُعمل به من‬
‫بعده"(رواه ابن ماجه ( ‪ . ) 241‬وانظر ‪ :‬صحيح الترغيب والترهيب ( ‪.).) 75‬‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫ونصيب الدرس ل يقف عند واحدة من هذه الثلث‪ ،‬بل يظفر با جيعا كما بيّن ذلك الافظ بدر الدين ابن‬
‫جاعة حي قال‪":‬وأنا أقول ‪ :‬إذا نظرت وجدت معان الثلثة موجودة ف معلم العلم‪ ،‬أما الصدقة الارية فإقراؤه‬
‫إياه العلم وإفادته إياه‪ ،‬أل ترى إل قول النب صلى ال عليه وسلم ف الصلي وحده ‪" :‬من يتصدق على هذا؟"‬
‫(رواه أحد ([‪ )3/14 ]11016‬وأبو داود (‪ )574‬والدارمي (‪ .).)1368‬أي بالصلة معه لتحصل له فضيلة‬
‫الماعة‪ ،‬ومعلم العلم يصل للطالب فضيلة العلم الت هي أفضل من صلة ف جاعة‪ ،‬وينال با شرف الدنيا‬
‫والخرة‪ .‬وأما العلم النتفع به فظاهر؛ لنه كان سببا ليصال ذلك العلم إل كل من انتفع به‪ .‬وأما الدعاء الصال‬
‫له فالعتاد على ألسنة أهل العلم والديث قاطبة من الدعاء لشايهم وأئمتهم… فسبحان من اختص من شاء‬
‫بزيل عطائه" (تذكرة السامع والتكلم ( ‪.). ) 64 - 63‬‬
‫وانظر إل الثمرة الت جناها أبو حنيفة رحه ال حي علّم مسألة واحدة‪ ،‬قال مكي بن إبراهيم‪":‬كنت أتر فقال ل‬
‫المام‪ :‬التجارة بل علم ربا تورث فساد العاملة‪ ،‬فما زال ب حت تعلمت‪ ،‬فما زلت كلما ذكرته وذكرت كلمه‬
‫وصليت أدعو له بالي؛ لنه فتح عليّ ببكته أبواب العلم"(من أعلم التربية السلمية ( ‪ )1/44‬نقلً عن‬
‫مناقب أب حنيفة للكردي ( ‪.) .)138‬‬
‫الدرس صاحب اللبنة الول‪:‬‬
‫هل رأيت العال الداعية الذي يمل همّ دينه‪ ،‬وتلتف حوله الماهي‪ ،‬ويثن الناس ركبهم لديه؟‬
‫أم أبصرت القاضي الذي يكم ف دماء الناس وأعراضهم وأموالم؟‬
‫أم قابلت الندي الذي يقف ف اليدان حاميا لعرين المة‪ ،‬وحارسا لثغورها؟‬
‫كل أولئك إنا جازوا من قنطرة التعليم‪ ،‬وعبوا من بوابة الدراسة‪ ،‬وقد كان لم ولشك معلمون وأساتذة‪ ،‬ول‬
‫يعدموا مدرسا ناصحا‪ ،‬وأستاذا صادقا‪.‬‬
‫" إن عظماء العال وكبار الساسة فيه وصناع القرارات الطية‪ ،‬كل هؤلء قد مرّوا من خلل عمليات تربوية‬
‫طويلة ومعقدة‪ ،‬شارك فيها أساتذة ومعلمون‪ ،‬وضع كل منهم بصماته على ناحية معينة من نواحي تفكيهم‪ ،‬أو‬
‫على جانب من جوانب شخصياتم‪ ،‬وليس من الحتم أن يكون هؤلء العظماء وقواد المة ومصلحيها قد مرّوا‬
‫على عيادات الطباء‪ ،‬أو على مكاتب الهندسي‪ ،‬أو الحامي‪ ،‬أو الصيادلة‪ ،‬أو الحاسبي‪ .‬بل إن العكس هو‬
‫الصحيح إذ لبد أن يكون كل هؤلء الطباء والهندسي والحامي والصيادلة والحاسبي وغيهم‪ ،‬لبد وأن‬
‫يكونوا قد مرّوا من تت يد العلم؛ لنم من ناتج عمله وجهده وتدريبه… إن العلمي يدمون البشرية جعاء‪،‬‬
‫ويتركون بصماتم واضحة على حياة الجتمعات الت يعملون فيها‪ ،‬كما أن تأثيهم على حياة الفراد ومستقبلهم‬
‫يستمر مع هؤلء الفراد لسنوات قد تتد معهم ما امتد بم العمر‪ ،‬إنم يتدخلون ف تشكيل حياة كل فرد م ّر من‬
‫باب الدرسة‪ ،‬ويشكلون شخصيات رجال الجتمع من سياسيي‪ ،‬وعسكريي‪ ،‬ومفكرين‪ ،‬وعاملي ف مالت‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫الياة الختلفة" (العلم والناهج وطرق التدريس لستاذنا ‪ .‬د ‪ .‬ممد عبدالعليم مرسي (‪.). )15-14‬‬
‫فهو أنت أخي الدرس تدرس الصغي والكبي‪ ،‬وتعد الميع‪ ،‬وتيئهم ليصل بعضهم إل ما ل تصل إليه‪ ،‬لكنك‬
‫صاحب اللبنة الول وحجر الساس‪.‬‬
‫أرأيت أخي حجم مسؤوليتك؟ وأدركت موقعك من الجتمع؟ وعلمت مكانك بي الناس؟‬
‫الدرس يتد أثره خارج أسوار الدرسة‪:‬‬
‫يدرك الميع مدى ناح الدرس ف التأثي من خلل فصله الدراسي‪ ،‬وعلى طلبته الالسي أمامه على مقاعد‬
‫الدراسة‪ ،‬أما أن تأثيه يتد خارج أسوار الدرسة فهذا أمر قد ل يدركه الميع‪ ،‬إن الدرس الناصح الخلص لن‬
‫يعدم أن يد واحدا من بي طلبته الئات يمل أفكاره‪ ،‬ويتحمس لا ربا أكثر منه‪ ،‬وينافح عنها ف الجالس‬
‫والحافل‪ ،‬فتبلغ كلماته مدى يعجز هو قبل غيه عن قياسه‪.‬‬
‫وأحسب أنك توافقن أن هذه البوابة من التأثي غي مفتوحة للجميع‪ ،‬وأن من يفشل ف التأثي على الالسي‬
‫أمامه لن تاوز كلماته فصله‪.‬‬
‫صلة ال وملئكته‪:‬‬
‫عن أب أمامة الباهلي رضي ال عنه أن النب صلى ال عليه وسلم قال‪ " :‬إن ال وملئكته وأهل السموات‬
‫والرضي‪ ،‬حت النملة ف جحرها‪ ،‬وحت الوت‪ ،‬ليصلون على معلم الناس الي " (رواه الترمذي ( ‪) 2685‬‬
‫والدارمي (‪.). )289‬‬
‫أي منلة عالية تلك الت يبلغها الدرس‪ ،‬أن يصلي عليه ال سبحانه وتعال وملئكته الكرام الذين ل يعصون ال‬
‫ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون؟ وحت سائر أهل السماء وأهل الرض‪ ،‬وهذا أمر يشاهده الميع‪ ،‬أل تسمع تلك‬
‫الدعوات الصادقة الت تصدر من الناس حي يسمعون خطيبا أو داعية للخي‪ ،‬قد علّمهم أمرا جهلوه‪ ،‬أو ذكّرهم‬
‫شيئا نسوه؟‬
‫ولكن ما بالك بن جعل هذه المانة والنلة سليما للثراء‪ ،‬ووسيلة للكسب الادي‪ ،‬ففقد الخلص ل سبحانه‪،‬‬
‫ول يبتغ بتعليم الناس وجه ربّه‪ ،‬أتراه يستحق هذا الثواب؟ "إنا العمال بالنيات وإنا لكل امرئ ما نوى"(رواه‬
‫البخاري ( ‪ ) 1‬ومسلم ( ‪.) .) 1907‬‬
‫له مثل أجر من تبعه‪:‬‬
‫عن أب هريرة‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬أن النب صلى ال عليه وسلم قال‪":‬من دعا إل هدى كان له من الجر مثل‬
‫أجور من تبعه ل ينقص ذلك من أجورهم شيئا‪ ،‬ومن دعا إل ضللة كان عليه من الث مثل آثام من تبعه ل‬
‫ينقص ذلك من آثامهم شيئا (رواه مسلم ( ‪.).) 2674‬‬
‫وعن جرير بن عبد ال البجلي‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬أن النب صلى ال عليه وسلم قال‪":‬من سنّ ف السلم سنة‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫حسنة فله أجرها وأجر من عمل با بعده من غي أن ينقص من أجورهم شيء‪ ،‬ومن سن ف السلم سنة سيئة‬
‫كان عليه وزرها ووزر من عمل با من بعده من غي أن ينقص من أوزارهم شيء"(رواه مسلم ( ‪.).) 1017‬‬
‫وعن حذيفة‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬أن النب صلى ال عليه وسلم قال‪ ":‬من س ّن خيا فاست به؛ كان له أجره ومن‬
‫أجور من يتبعه غي منتقص من أجورهم شيئا‪ ،‬ومن سنّ شرّا فاست به؛ كان عليه وزره ومن أوزار من يتبعه غي‬
‫منتقص من أوزارهم شيئا"(رواه أحد (‪.).)5/387‬‬
‫فالدرس له النصيب الوفر من هذه الفضائل؛ فهو من يدعو للهدى‪ ،‬ويسن السنة السنة‪ ،‬بل روى ابن ماجه من‬
‫حديث سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه رضي ال عنهم أن النب صلى ال عليه وسلم قال‪":‬من علّم علما فله أجر‬
‫من عمل به ل ينقص من أجر العامل" (رواه ابن ماجه ( ‪ . ) 240‬وانظر ‪:‬صحيح الترغيب والترهيب ( ‪.).) 76‬‬

‫النضارة‪:‬‬
‫لقد تواتر عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال‪":‬نضرّ ال امرًأ سع مقالت فوعاها فأداها كما سعها‪ ،‬فَ ُربّ مبلغ‬
‫أوعى من سامع" (انظر لقط اللل التناثرة ( ‪ ) 161‬وأورده السيوطي والكتان ‪ .‬وذكر ابن منبه أنه رواه أربعة‬
‫وعشرون) فهذه دعوة من النب صلى ال عليه وسلم للمعلم‪ ،‬فبادر أخي الدرس ف تعليم الي لتفوز بدعوة النب‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬فرب كلمة ل تلقي لا بالً تقع على من يكون أوعى لا منك‪ ،‬فينالك أجرها‪.‬‬
‫من تلميذك البار؟‬
‫من أعظم ما تدخره أخي الدرس ف الياة الدنيا أن تكسب طالبا‪ ،‬يتلقى توجيهك‪ ،‬ويمل علمك‪ ،‬ويعرف بعد‬
‫ذلك قدرك ‪.‬‬
‫ويوصيك بذلك ابن جاعة فيقول‪":‬واعلم أن الطالب الصال أعود على العال بي الدنيا والخرة من أعز الناس‬
‫عليه‪ ،‬وأقرب أهله إليه‪ ،‬ولذلك كان علماء السلف الناصحون ل ودينه يلقون شبك الجتهاد؛ لصيد طالب‬
‫ينتفع الناس به ف حياتم‪ ،‬ومن بعدهم‪ ،‬ولو ل يكن للعال إل طالب واحد ينتفع الناس بعلمه وهديه وإرشاده‬
‫لكفاه ذلك الطالب عند ال تعال‪ ،‬فإنه ل يتصل شيء من علمه إل أحد فينتفع به إل كان له نصيب من الجر"‬
‫(تذكرة السامع والتكلم (‪.))63‬‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫الفصل الثان‪:‬هدي النب صلى ال عليه وسلم ف التعليم‬

‫لاذا هدي النب صلى ال عليه وسلم ؟‬


‫ترتفع الرؤوس كثيا اليوم‪ ،‬ويتطلع منظرو التربية ف العال السلمي إل فلسفة التربية الغربية ورموزها؛ فهم‬
‫الذين نظّروا لذا العلم ورسوا خطوطه العريضة‪ ،‬والؤلف الناضج والكاتب الرصي هو الذي يدبج مقاله بالنقل‬
‫عن علماء الغرب وأساتذته‪ ،‬والتربية عند هؤلء علم حديث النشأة إنا بدأ مع العصر الديث‪ :‬عصر النهضة‬
‫والتقدم العلمي‪.‬‬
‫ونن إذ ل ننكر ما بذله علماء الغرب من جهود ف هذا العلم وغيه‪ ،‬ول نغلو فندعو السلم إل هجر ورفض‬
‫جيع ما عند أولئك ‪ -‬نن إذ ل نقف هذا الوقف‪ -‬فلسنا بال مع من يدعو المة إل أن تتزل تاريها‪ ،‬وتطوي‬
‫صفحاته‪ ،‬فتغضّ الطرف جهلً أو تاهلً‪ ،‬وتيل الركام على تراثها الق‪.‬‬
‫لقد بعث ال نبيه صلى ال عليه وسلم ف أمة سيطر عليها الهل‪ ،‬واستولت عليها الرافة‪ ،‬فصنع بإذن ال منها‬
‫أمة حاملة للهداية للبشرية أجع‪ ،‬أمة حاملة منهج العلم‪ ،‬ومنهج التعليم والتفقه‪.‬‬
‫لقد وصف ال سبحانه وتعال نبيه ممدا صلى ال عليه وسلم بأنه معلم فقال [هو الذي بعث ف الميي رسولً‬
‫منهم يتلو عليهم آياته ويعلمهم الكتاب والكمة ويزكيهم وإن كانوا من قبل لفي ضلل مبي] (المعة‪.)2 :‬‬
‫وامت على الؤمني بذلك [ لقد منّ ال على الؤمني إذ بعث فيهم رسو ًل من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم‬
‫ويعلمهم الكتاب والكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلل مبي] (آل عمران‪.)164 :‬‬
‫وقال ‪[ :‬كما أرسلنا فيكم رسولً منكم يتلو عليكم آياتنا ويعلمكم الكتاب والكمة ويعلمكم ما ل تكونوا‬
‫تعلمون] (البقرة ‪.)151:‬‬
‫وما أجل ذلك الوصف‪ ،‬وأبر هذا القسم الذي صدر من معاوية بن الكم السلمي رضي ال عنه" فبأب هو‬
‫وأمي‪ ،‬ما رأيت معلما قبله ول بعده أحسن تعليما منه" (رواه مسلم ( ‪.).) 537‬‬
‫بل وهل يظن مسلم أن يوجد أسى وأعلى‪ ،‬وأشرف منه صلى ال عليه وسلم معلما ومربيا‪ ،‬بل وهل يظن ظان‬
‫أن سيد مشرب التعليم والتربية من غي حوضه‪ ،‬أو يدخل إل ساحة البناء دون بابه‪.‬‬
‫فما أحوجنا معاشر العلمي والربي إل التماس هديه صلى ال عليه وسلم ف التعليم‪ ،‬والتأسي بسنته‪ ،‬وهل ثة‬
‫رمز نتطلع إليه‪ ،‬وموجه نتلقى منه غيه؟‬
‫ومن َثمّ كانت هذه الحاولت لتلمس بعض معال هديه صلى ال عليه وسلم ف التعليم‪.‬‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫أولً ‪:‬إياد الدافع للتعلم‪:‬‬


‫ل شك أن للترغيب ف العلم دورا كبيا ف إياد الماسة لدى طالب العلم للتعلم؛ إذ هو مهما علت حاسته‬
‫وارتفعت عزيته‪ ،‬ليلو من أن تعصف به رياح الكسل‪ ،‬ويصيبه العجز والفتور‪ ،‬ومن ث كان لبد من تعاهد هذه‬
‫النبتة بالرعاية‪ ،‬وهو أمر ل يكن أن يغفل عنه معلم البشرية صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فكان صلى ال عليه‬
‫وسلم يسلك مبدأ إثارة الدافع لدى التعلم من خلل‪:‬‬
‫وطلبه‪ :‬فيقول صلى ال عليه وسلم ‪":‬من سلك طريقا يبتغي فيه علما سلك ال به‬ ‫أ ‪ -‬بيان فضل العلم‬
‫طريقا إل النة‪ ،‬وإن اللئكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم‪ ،‬وإن العال ليستغفر له من ف السموات ومن ف‬
‫الرض حت اليتان ف الاء‪ ،‬وفضل العال على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب‪ ،‬إن العلماء ورثة‬
‫النبياء‪ ،‬إن النبياء ل يورثوا دينارا ول درها؛ إنا ورثوا العلم؛ فمن أخذ به فقد أخذ بظ وافر"(رواه الترمذي (‬
‫‪ )2682‬وأبو داود (‪ )3641‬وأحد (‪ )21208‬وابن ماجه (‪.).)223‬‬
‫وحي جاء ثلثة نفر وهو جالسٌ مع أصحابه‪ ،‬فجلس أحدهم خلف اللقة‪ ،‬والخر رأى فرجة فجلس فيها‪ ،‬وأما‬
‫الثالث فأعرض‪.‬قال صلى ال عليه وسلم بعد ذلك‪":‬أما أحدهم فأوى إل ال فآواه‪ ،‬وأما الخر فاستحيا فاستحيا‬
‫ال منه‪ ،‬وأما الخر فأعرض فأعرض ال عنه"(رواه البخاري (‪ )66‬ومسلم (‪.).)2176‬‬
‫العلم‪ :‬فحي جاء السيء صلته وصلى قال له النب صلى ال عليه وسلم‬ ‫ب ‪ -‬إشعار التعلم باجته إل‬
‫‪":‬ارجع فصلّ فإنك ل تصل"‪ .‬فأعاده صلى ال عليه وسلم مرارا حت أحسّ ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬بالاجة للتعلم‬
‫فقال‪":‬والذي بعثك بالق ما أحسن غيه فعلمن"( رواه البخاري (‪ )757‬ومسلم (‪.) )397‬‬
‫وفرق بي أن يعلمه صلى ال عليه وسلم ابتداءً‪ ،‬وبي أن يشعر هو باجته للعلم فيأت سائلً باحثا عنه‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬جعه بي التعليم والتربية‪:‬‬


‫فقد وصفه ال سبحانه وتعال بذلك فقال‪[ :‬هو الذي بعث ف الميي رسولً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم‬
‫ويعلمهم الكتاب والكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلل مبي ] (المعة ‪ .)2 :‬فمن وظائفه صلى ال عليه وسلم‬
‫تعليم العلم‪ ،‬والتزكية‪ ،‬وتلوة الكتاب على أصحابه‪ .‬ولذا ل يكن صلى ال عليه وسلم يرج أقواما يفظون‬
‫السائل فقط‪ ،‬بل ربّى أصحابه تربية علمية‪ ،‬وتربية جهادية‪ ،‬وقيادية‪ ،‬وإدارية‪ ،‬وقبل ذلك كله تربية إيانية‪ ،‬فهذا‬
‫حنظلة‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬يكي عن النب صلى ال عليه وسلم أنه كان يشهد معه مالس التذكي والعلم‪ ،‬فكأنه‬
‫يرى النة والنار(رواه مسلم (‪ ).)2750‬فهي إذا مالس مع ما فيها من التحصيل العرف تنقل السلم بشاعره إل‬
‫الدار الخرة‪ ،‬وما يلبث أن يظهر ذلك على سلوكه وهديه‪.‬‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫ثالثا‪:‬عنايته بتعليم النهج العلمي‪:‬‬


‫ففي تربيته العلمية لصحابه ل يكن صلى ال عليه وسلم يقتصر على تعليم أصحابه مسائل علمية فقط‪ ،‬بل ربّى‬
‫علماء ومتهدين‪ ،‬وحلة العلم للبشرية‪ .‬ولقد ظهرت أثار هذه التربية على صحابته بعد وفاته ف مواقفهم من‬
‫حادثة الردة‪ ،‬وجع القرآن‪ ،‬وشرب المر‪ ،‬واتاذ السجون‪ ،‬والراج‪ ،‬وغي ذلك من السائل الت اجتهد فيها‬
‫صحابته رضوان ال عليهم‪ ،‬فلم يقفوا مكتوف اليدي أمام النوازل الت واجهتهم‪ ،‬واستطاعوا أن يتوصلوا فيها‬
‫للحكم الشرعي‪ ،‬ولقد واجه أصحاب النب صلى ال عليه وسلم دولة متدة الطراف‪ ،‬متنامية النواحي‪ ،‬وتعاملوا‬
‫مع أصناف أخرى من الشعوب‪ ،‬وأناط جديدة من العيشة والسلوك‪ ،‬واستطاعوا أن يستوعبوا ذلك كله‪ .‬كل‬
‫ذلك كان نتاج التربية العلمية الت ربّاهم عليها صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫ومن معال تعليمه النهج العلمي‪:‬‬
‫‪ - 1‬كان يعودهم على معرفة العلة ومناط الكم‪:‬‬
‫فلما سئل عن شراء التمر بالرطب‪ ،‬قال‪":‬أينقص الرطب إذا يبس؟" قالوا‪:‬نعم فنهى صلى ال عليه وسلم عن‬
‫ذلك (رواه أبو داود (‪ )3359‬والنسائي (‪ )4545‬والترمذي (‪ )1225‬وابن ماجه (‪ ،).)2264‬وقد كان‬
‫معلوما له صلى ال عليه وسلم ولغيه أن الرطب ينقص إذا يبس‪ ،‬لكنه أراد تعليمهم مناط الكم وعلته‪.‬‬
‫وحي ناهم عن بيع الثمرة قبل بدو صلحها قال لم ‪" :‬أرأيت إذا منع ال الثمرة ب يأخذ أحدكم مال‬
‫أخيه؟"(رواه البخاري (‪ )2198‬ومسلم (‪.).)1555‬‬
‫وحي قال صلى ال عليه وسلم ‪":‬وف بضع أحدكم صدقة" قالوا له‪ :‬أيأت أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟‬
‫قال‪": :‬أرأيتم لو وضعها ف حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها ف اللل كان له أجرا"(رواه مسلم (‬
‫‪.).) 1006‬‬
‫ففي هذه النصوص علّم صلى ال عليه وسلم أصحابه علةَ الكم ومناطه‪ ،‬ول يقتصر على الكم وحده‪.‬‬
‫‪ - 2‬كان يعودهم على منهج السؤال وأدبه‪:‬‬
‫ففي موضع يقول‪":‬إن أعظم السلمي جرما من سأل عن شيء ل يرم‪ ،‬فحرّم من أجل مسألته" (رواه البخاري (‬
‫‪ ) 7289‬ومسلم ( ‪. ).) 2358‬‬
‫وف آخر يقول‪ ":‬إن ال كره لكم ثلثا‪ :‬قيل وقال‪ ،‬وإضاعة الال‪ ،‬وكثرة السؤال"(رواه البخاري (‪)1477‬‬
‫ومسلم (‪ .).)1715‬فهاهنا يذم السؤال‪.‬‬
‫لكنه ف موضع آخر يأمر بالسؤال‪ ،‬أو يثن عليه فيقول‪":‬أل سألوا إذ ل يعلموا‪ ،‬فإنا شفاء العي السؤال" (رواه‬
‫أحد (‪ )3048‬وأبو داود (‪ )336‬وابن ماجه ( ‪ .). ) 572‬ويقول‪":‬لقد ظننت يا أبا هريرة أن ليسألن عن هذا‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫الديث أحد أول منك لا رأيت من حرصك على الديث"(رواه البخاري ( ‪.).) 99‬‬
‫ول يكن أن يلو متعلم من السؤال والاجة إليه‪ ،‬ومن هنا كان عليه أن يتعلم مت يسأل؟ وعم يسأل؟ ومن‬
‫يسأل؟ وكيف يسأل؟ وهو منهج سعى صلى ال عليه وسلم لتأكيده‪ ،‬وتعليمه لصحابه‪.‬‬

‫‪ -3‬كان ف إجابته ل يقتصر على موضع السؤال بل ييب بقاعدة عامة‪:‬‬


‫سئل‪ :‬إنا نركب البحر ونمل معنا القليل من الاء‪ ،‬فإن توضأنا به عطشنا‪ ،‬أفنتوضأ باء البحر؟ فلم يقتصر صلى‬
‫ال عليه وسلم ف إجابته على قوله نعم‪ ،‬وإل كان الكم قاصرا على الالة موضع السؤال وحدها‪ .‬إنا أعطاه‬
‫حكم ماء البحر وزاده فائدةً أخرى يتاج إليها حي قال‪ ":‬هو الطهور ماؤه الل ميتته" (رواه أبو داود ( ‪) 83‬‬
‫والترمذي ( ‪ ) 69‬والنسائي ( ‪ ) 332‬وأحد (‪ )7192‬وابن ماجه (‪)386‬وصححه)‪ .‬ويعن هذا أن ماء البحر‬
‫له سائر أحكام الاء الطهور‪ ،‬وليس فقط يوز الوضوء به ف هذه الالة‪.‬‬
‫وسئل صلى ال عليه وسلم‪ :‬ما يلبس الحرم من الثياب؟ فقال‪":‬ل يلبس القميص ول العمائم ول السراويلت‬
‫ول البنس‪ ،‬ول ثوبا مسه زعفران ول ورس…"(رواه البخاري (‪ )1842‬ومسلم (‪ .).)1177‬فلم يعدد له ما‬
‫يوز للمحرم لبسه؛ إنا أعطاه قاعدة عامة فيما ل يل للمحرم لبسه؛ ليعلم أن ما سواه غي مظور‪.‬‬
‫‪ - 4‬تربيته لصحابه على منهج التلقي‪:‬‬
‫عن العرباض بن سارية‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬قال‪ :‬صلى لنا رسول ال صلى ال عليه وسلم الفجر ث أقبل علينا‬
‫فوعظنا موعظة بليغة‪ ،‬ذرفت لا العي‪ ،‬ووجلت منها القلوب‪ ،‬قلنا أو قالوا‪ :‬يا رسول ال‪ ،‬كأن هذه موعظة‬
‫مودع فأوصنا‪ ،‬قال‪":‬أوصيكم بتقوى ال والسمع والطاعة‪ ،‬وإن كان عبدا حبشيا؛ فإنه من يعش منكم يرى‬
‫بعدي اختلفا كثيا‪ ،‬فعليكم بسنت وسنة اللفاء الراشدين الهديي‪ ،‬وعضوا عليها بالنواجذ‪ ،‬وإياكم ومدثات‬
‫المور؛ فإن كل مدثة بدعة‪ ،‬وإن كل بدعة ضللة"(واه أحد (‪)16694‬الترمذي ( ‪ ) 2157‬وأبو داود (‬
‫‪) 4607‬وابن ماجه (‪. ) .) 42‬‬
‫وقال ف وصف الطائفة الناجية‪":‬من كانوا على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحاب"‪.‬‬
‫فهو هنا يسن لم الطريق‪ ،‬ويرسم لم الحجة‪ .‬وحي يرى خللً ف هذا النهج‪ ،‬أو اعوجاجا فإنه يأخذ بيد‬
‫صاحبه‪ ،‬فحي رأى مع عمر صحيفة من التوراة غضب‪ ،‬وناه عن ذلك‪ ،‬وقال‪":‬أمتهوكون فيها يا ابن الطاب؟‬
‫والذي نفسي بيده‪ ،‬لقد جئتكم با بيضاء نقية‪ ،‬ل تسألوهم عن شيء فيخبوكم بق فتكذبوا به‪ ،‬أو بباطل‬
‫فتصدقوا به‪ ،‬والذي نفسي بيده‪ ،‬لو أن موسى صلى ال عليه وسلم كان حيا ما وسعه إل أن يتبعن"(رواه أحد (‬
‫‪ ) 3/387‬والدارمي ( ‪. ).) 1/115‬‬
‫إن العلم الق هو الذي يعطي التعلم الداة الت يصل من خللا إل النتيجة بنفسه‪ ،‬ل الذي يعوده ف كل موطن‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫أن يلي عليه موقفا مددا‪.‬‬


‫‪ - 5‬تربيتهم على منهج التعامل مع النصوص‪:‬‬
‫إن التعامل مع الصادر الشرعية دون سواها‪ ،‬ليس ناية الطريق‪ ،‬إنا هو مرحلة مهمة وأساسة‪ ،‬ويبقى بعد ذلك‬
‫كيفية التعامل مع هذه الصادر‪ ،‬وهو ما سلكه صلى ال عليه وسلم ف تعليم أصحابه وتربيتهم‪.‬‬
‫خرج صلى ال عليه وسلم على أصحابه وهم يتكلمون ف القدر‪ ،‬وكأنا تفقأ ف وجهه حب الرمان من الغضب‬
‫قال‪ :‬فقال لم‪":‬ما لكم تضربون كتاب ال بعضه ببعض‪ ،‬بذا هلك من كان قبلكم" ( رواه أحد ( ‪) 2/196‬‬
‫وابن ماجه ( ‪ ) 85‬وقال ف الزوائد ‪ (:‬هذا إسناد صحيح )‪ .‬وصححه أحد شاكر ‪. ).‬‬
‫ولقد ضل فئام من البتدعة‪ ،‬حي تنكبوا هذا النهج‪ ،‬وانرفوا عن هذا الدي‪ ،‬فما أحوج العلمي إل تسنم ذرى‬
‫هذا النهج‪ ،‬فيبون طلبم على تعظيم النص‪ ،‬وإجلل كلم ال ورسوله‪ ،‬والوقوف عند نصوص الوحيي‪ ،‬والبعد‬
‫عن التلعب بالنصوص وضرب بعضها ببعض‪.‬‬
‫فالدير بنا معشر الدرسي أن نعلّم طلبنا أن هناك أطرا للبحث ل تتعداها؛ فالسائل الشريعة الت ثبتت بالنص ل‬
‫مال للمناقشة فيها‪ ،‬أو جعل الدين ف معامل الختبار الفعلية‪.‬‬
‫‪ - 6‬تعويدهم على الستنباط‪:‬‬
‫سأل صلى ال عليه وسلم أصحابه يوما‪ ،‬فقال‪":‬إن من الشجر شجرة ل يسقط ورقها‪ ،‬وإنا مثل السلم فحدثون‬
‫ما هي؟" فوقع الناس ف شجر البوادي‪ ،‬قال عبد ال ‪ -‬يعن ابن عمر‪ :-‬ووقع ف نفسي أنا النخلة فاستحييت‪،‬‬
‫ث قالوا‪ :‬حدثنا ما هي يا رسول ال؟ قال‪":‬هي النخلة"( رواه البخاري (‪ )61‬ومسلم (‪.) )2811‬‬
‫وجاء رجل ذات يوم فقال‪ :‬رأيت الليلة ف النام ظلة تنطف السمن والعسل‪ ،‬فأرى الناس يتكففون منها‬
‫فالستكثر والستقل‪ ،‬وإذا سبب واصل من الرض إل السماء‪ ،‬فأراك أخذت به فعلوت‪ ،‬ث أخذ به رجل آخر‬
‫فعل به‪ ،‬ث أخذ به رجل آخر فعل به‪ ،‬ث أخذ به رجل آخر فانقطع ث وصل‪ ،‬فقال أبو بكر‪ :‬يا رسول ال‪ ،‬بأب‬
‫أنت وال لتدعن فأعبها‪ ،‬فقال النب صلى ال عليه وسلم‪:‬اعبها‪ .‬قال‪ :‬أما الظلة فالسلم‪ ،‬وأما الذي ينطف‬
‫من العسل والسمن فالقرآن حلوته تنطف‪ ،‬فالستكثر من القرآن والستقل‪ ،‬وأما السبب الواصل من السماء إل‬
‫الرض فالق الذي أنت عليه‪ ،‬تأخذ به فيعليك ال‪ ،‬ث يأخذ به رجل من بعدك فيعلو به‪ ،‬ث يأخذ به رجل آخر‬
‫فيعلو به‪ ،‬ث يأخذ به رجل آخر فينقطع به‪ ،‬ث يوصل له فيعلو به‪ ،‬فأخبْن يا رسول ال ‪ -‬بأب أنت ‪ -‬أصبتُ أم‬
‫ت بعضا وأخطأتَ بعضا" قال‪ :‬فوال يا رسول ال لتحدثن بالذي‬
‫أخطأت؟ قال النب صلى ال عليه وسلم ‪":‬أصب َ‬
‫أخطأت‪ ،‬قال‪":‬ل تقسم" ( رواه البخاري (‪ )7046‬ومسلم (‪ )2269‬وانظر النظرية التربوية ف طرق تدريس‬
‫الديث النبوي ليوسف) ‪.‬‬
‫وما أحوج المة ف هذه الرحلة إل الترب على النهج العلمي‪ ،‬وعدم الوقوف عند حفظ السائل الجردة‪ ،‬أو‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫المود على التون والختصرات والواشي‪.‬‬


‫‪ - 7‬تعويدهم على الناقشة والراجعة‪:‬‬
‫وتروي لنا هذا النهج عنه صلى ال عليه وسلم أم الؤمني عائشة ‪ -‬رضي ال عنها‪ -‬فقد كانت ل تسمع شيئا‬
‫ل تعرفه إل راجعت فيه حت تعرفه‪ ،‬وأن النب صلى ال عليه وسلم قال‪":‬من حوسب عذب" قالت عائشة‪:‬‬
‫فقلت‪ :‬أوليس يقول ال تعال ‪[ :‬فسوف ياسب حسابا يسيا] ؟ قالت ‪ :‬فقال‪":‬إنا ذلك العرض‪ ،‬ولكن من‬
‫نوقش الساب يهلك"( رواه البخاري (‪ ) 103‬ومسلم (‪.)2876‬وانظر أساسيات ف طرق التدريس العامة ‪.‬‬
‫لحب الدين أبو صال) ‪ .‬والقضية ليست سلوكا ذاتيا لعائشة رضي ال عنها ‪-‬وإن كان ذاك مل تقدير واحترام‬
‫‪ -‬بل هو ما تعلمته واعتادته من العلم الول صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫وبعد هذه الولة مع هدي العلم الول ف العناية بتعليم النهج العلمي نشعر أن تساؤ ًل يفرض نفسه‪ ،‬ويقفز إل‬
‫أذهاننا‪ :‬هل نن نعن بتعليم طلبنا وتيئتهم ليكونوا أهل علم يستنبطون ويبدعون ويبتكرون؟ أم أننا نربيهم على‬
‫تلقي أقوال أساتذتم بالتسليم دون مراجعة وربا دون فهم لضمون القول؟‬
‫هل نرى أن من أهدافنا ف التعليم أن نرب ملكة التفكي والبداع لدى طلبنا‪ ،‬وأن نعودهم على استنباط‬
‫الحكام الشرعية من النصوص‪ ،‬وعلى المع بي ما يبدو متعارضا؟‬
‫وهل من أهدافنا تربيتهم على تنيل الحكام الشرعية على الوقائع الت يرونا؟‬
‫إن التأمل ف واقع التعليم الذي نقدمه لبنائنا يلحظ أننا كثيا ما نستطرد ف السرد العلمي الجرد‪ ،‬ونشعر‬
‫ل من العلومات‪ ،‬والطالب هو الخر يقيس مدى النجاح والناز بقدر‬
‫بارتياح أكثر حي نقدم للطالب كمّا هائ ً‬
‫ما يسطره ما يسمعه من أستاذه‪ ،‬والتقوي والمتحان إنا هو على أساس ما حفظه الطالب من معلومات‪،‬‬
‫واستطاع استدعاء ذلك وتذكره‪.‬‬
‫وشيء من ذلك حق‪ ،‬لكن توجيه الهد لذا النوع وهذا النمط من التعليم ل يعدو أن يرج جيلً يفظ السائل‬
‫والعارف ‪ -‬ث ينساها بعد ذلك ‪ -‬أو يكون ظلً لستاذه وشيخه‪.‬‬
‫ولن تعلم الائع صيد السمك خي من أن تعطيه ألف سكة‪.‬‬
‫وحت دروس الساجد وحلق العلم ليست بأحسن حظاّ‪ ،‬ول أفضل حالً‪.‬‬
‫إن هذا يدعونا لراجعة هادئة‪ ،‬مراجعة تتضمن أهدافنا وحجمها وأولوياتا‪ ،‬وتتضمن طرق التعليم والتدريس‬
‫ووسائله وأساليبه‪.‬‬
‫والقتداء بالنب صلى ال عليه وسلم ليس قاصرا على مسائل الطهارة والذكر والصلة ‪ -‬وإن كانت من أول ما‬
‫يدخل ف ذلك‪-‬بل هو معن أشل يظلل برواقه جوانب الياة الختلفة‪ ،‬فيطبعها بديه وسنته صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫رابعا‪:‬تربيته لصحابه على القيام بواجب التبليغ‪:‬‬


‫عن أب هريرة‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪":‬من سئل عن علم فكتمه ألمه ال‬
‫بلجام من نار يوم القيامة" ( رواه أبو داود (‪ )3658‬والترمذي (‪ )2649‬وابن ماجه (‪ )266‬وأحد (‬
‫‪ ) 2/236‬وصححه أحد شاكر ‪ .).‬والمر ليقف عند طائفة خاصة‪ ،‬أو مستوى معي من التحصيل‪ ،‬بل يدعو‬
‫صلى ال عليه وسلم حت صغار التعلمي‪ ،‬وأولئك الذين ل يبلغوا منلة عالية ف التحصيل‪ ،‬يدعوهم إل الشاركة‬
‫ف تعليم العلم ونشره قائلً‪ ":‬بلغوا عن ولو آية"(رواه البخاري (‪ . ) .)3461‬وهي دعوة للمشاركة والساهة‬
‫النضبطة‪ ،‬ل فتحا للباب لتصدير من تعلم مسألة واحدة‪.‬‬
‫ب مبلغ أوعى من سامع"‬
‫وقال صلى ال عليه وسلم ‪":‬نضر ال امرأً سع مقالت فوعاها‪ ،‬فأداها كما سعها‪َ ،‬فرُ ّ‬
‫( سبق تريه ) ‪ .‬وقد روى هذا الديث أكثر من(‪ )16‬من أصحابه ما يشعر أنه صلى ال عليه وسلم قاله ف‬
‫أكثر من مناسبة‪ ،‬أو قاله ف أحد الجامع العامة تأكيدا لشأنه‪.‬‬
‫وانظر إل أثر هذه التربية ف قول أب ذر ‪ -‬رضي ال عنه ‪ ": -‬لو وضعتم الصمصامة (السيف) على هذه ‪-‬‬
‫وأشار إل قفاه ‪ -‬ث ظننت أن أنفذ كلمة سعتها من النب صلى ال عليه وسلم قبل أن تيزوا عليّ لنفذتا"(‬
‫رواه البخاري تعليقا كتاب العلم باب العلم قبل القول والعمل ‪.).‬‬
‫ويتحرج معاذ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬فيى أن من الخلل بواجب العلم أن يكتم حديثا سعه منه صلى ال عليه‬
‫وسلم مع أنه ناه أن يدث به الناس"هل تدري ما حق ال على عباده؟… "( رواه البخاري(‪ )6500‬وموضع‬
‫الشاهد برقم (‪ )128‬ومسلم (‪ ).)32‬فيخب‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬به قبل موته تأثا ‪.‬‬
‫إن هذا كله بعض نتاج ما ورثه ذاك اليل من العلم الول صلى ال عليه وسلم‪.‬‬

‫خامسا ‪ :‬تشجيع الطالب والثناء عليه‪:‬‬


‫سأله أبو هريرة‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬يوما ‪:‬من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة ؟ فقال صلى ال عليه وسلم ‪":‬‬
‫لقد ظننت يا أبا هريرة أن ل يسألن عن هذا الديث أحد أول منك‪ ،‬لا رأيت من حرصك على الديث‪ .‬أسعد‬
‫الناس بشفاعت يوم القيامة من قال ل إله إل ال خالصا من قلبه أو نفسه" ( رواه البخاري ( ‪ . ). ) 99‬فتخيل‬
‫معي أخي القارئ موقف أب هريرة‪ ،‬وهو يسمع هذا الثناء‪ ،‬وهذه الشهادة من أستاذ الساتذة‪ ،‬وشيخ الشايخ‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ ،‬برصه على العلم‪ ،‬بل وتفوقه على كثي من أقرانه‪ ،‬وتصور كيف يكون أثر هذا الشعور‬
‫دافعا لزيد من الرص والجتهاد والعناية؟!‪.‬‬
‫ب بن كعب فقال‪":‬يا أبا النذر‪ ،‬أتدري أي آية من كتاب ال معك أعظم؟" فقال أب‪ :‬ال ل إله إل‬
‫وحي سأل أ َ‬
‫هو الي القيوم‪ .‬قال له صلى ال عليه وسلم‪":‬وال ليهنك العلم أبا النذر" ((رواه مسلم ( ‪. ).) 810‬‬
‫إن المر قد ل يعدو كلمة ثناء‪ ،‬أو عبارة تشجيع‪ ،‬تنقل الطالب مواقع ومراتب ف سلم الرص والجتهاد‪،‬‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫والنفس أيّا كان شأنا تيل إل الرغبة ف الشعور بالناز‪ ،‬ويدفعها ثناء الناس ‪ -‬النضبط ‪ -‬خطوات أكثر‪.‬‬

‫سادسا‪:‬العناية بالتعلم‪:‬‬
‫كان صلى ال عليه وسلم يدث فجاءه أعراب فقال‪ :‬مت الساعة؟ فمضى رسول ال صلى ال عليه وسلم يدث‪،‬‬
‫فقال بعض القوم‪ :‬سع ما قال فكره ما قال‪ ،‬وقال بعضهم‪ :‬بل ل يسمع‪ ،‬حت إذا قضى حديثه قال‪":‬أين أراه‬
‫السائل عن الساعة؟" قال‪ :‬ها أنا يا رسول ال‪ ،‬قال‪":‬فإذا ضيعت المانة فانتظر الساعة" قال‪:‬كيف إضاعتها؟‬
‫قال‪":‬إذا و ّسدَ المر إل غي أهله فانتظر الساعة" (رواه البخاري ( ‪ ) .) 59‬فرغم أنه صلى ال عليه وسلم ل‬
‫يقطع حديثه إل أنه ل ينس هذا السائل ول يهمله‪ ،‬وهو أمر يكشف عن تلك النفس العالية‪ ،‬واللق السامي من‬
‫العلم الول صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫وحي خطب ف حجة الوداع قال أبو شاه‪:‬اكتبوا ل‪ ،‬قال صلى ال عليه وسلم‪":‬اكتبوا لب شاه" (رواه البخاري‬
‫(‪ . )2434‬ومسلم ( ‪. ) .) 1355‬‬

‫سابعا‪ :‬معرفته لقدرات تلمذته وإدراكهم العقلي‪:‬‬


‫فهو يقول لب هريرة‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬حي سأله عن الشفاعة‪" :‬لقد ظننت يا أبا هريرة أن ل يسألن عن هذا‬
‫الديث أحد أول منك‪ ،‬لا رأيت من حرصك على الديث" (رواه البخاري ( ‪ ) .) 99‬فهو صلى ال عليه وسلم‬
‫يعلم أن تلميذه أبا هريرة ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬من أحرص أصحابه على الديث‪ ،‬ويظن أن يسبقهم بالسؤال‪.‬‬
‫ويقول صلى ال عليه وسلم ‪":‬أرحم أمت بأمت أبو بكر‪ ،‬وأشدهم ف أمر ال عمر‪ ،‬وأصدقهم حياء عثمان‪،‬‬
‫وأعلمهم باللل والرام معاذ بن جبل‪ ،‬وأفرضهم زيد بن ثابت‪ ،‬وأقرؤهم أُب‪ ،‬ولكل أمة أمي‪ ،‬وأمي هذه المة‬
‫أبو عبيدة بن الراح"( رواه الترمذي (‪ )3790‬وابن ماجه (‪ )154‬وأحد (‪ . ) .)12493‬أفليس هذا مظهرا‬
‫من مظاهر إدراكه صلى ال عليه وسلم لدارك واستعداد أصحابه؟‬
‫أفل يدر بن يتأسى بنهجه‪ ،‬ويقتدي بديه ف التعليم أن يعن بالتعرف على قدرات تلمذته‪ ،‬ومدى حرصهم‬
‫واستعدادهم ؟‬
‫إن معرفة الدرس لتلمذته تنعكس على تدريسه وعطائه‪ ،‬فالذي يعرف تلمذته معرفة دقيقة هو القادر أن يعلمهم‬
‫ما يتاجون إليه ويتناسب معهم‪ ،‬وهو القادر على توجيههم للتخصص الناسب‪ ،‬وعلى الجابة الدقيقة عن‬
‫تساؤلتم‪ ،‬وهو القادر أيضا على العدالة والدقة ف تقويهم وإعطائهم الدرجات الت يستحقونا‪.‬‬

‫ثامنا‪:‬مراعاة الفروق الفردية‪:‬‬


‫عن أب رفاعة ‪-‬رضي ال عنه‪ -‬قال‪:‬انتهيت إل النب صلى ال عليه وسلم وهو يطب قال‪ :‬فقلت‪ :‬يا رسول ال‪،‬‬
‫رجل غريب جاء يسأل عن دينه ل يدري ما دينه‪ ،‬قال‪ :‬فأقبل عليّ رسول ال صلى ال عليه وسلم وترك خطبته‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫حت انتهى إل فأت بكرسي حسبت قوائمه حديدا‪ ،‬قال‪ :‬فقعد عليه رسول ال صلى ال عليه وسلم وجعل يعلمن‬
‫ما علمه ال ث أتى خطبته فأت آخرها(رواه مسلم (‪.) )876‬‬
‫فالناس معادن‪ ،‬وقدرات وطاقات متفاوتة‪ ،‬حرصا‪ ،‬وذكاءً‪ ،‬واستعدادا‪ ،‬وتصيلً‪ .‬والعلم يتعامل مع الميع‪،‬‬
‫وياطب الكل‪ ،‬وهنا تكمن مهارته ف إقناع الميع‪ ،‬وتقيق التوازن بينهم‪.‬‬
‫والعتناء بالفروق الفردية أمر ل تبتكره التربية العاصرة‪ ،‬بل أشار إليه أسلفنا الوائل وأدركوه وأوصوا العلم‬
‫به‪ ،‬قال النووي‪":‬وينبغي أن يكون باذلً وسعه ف تفهيمهم‪ ،‬وتقريب الفائدة إل أذهانم‪ ،‬حريصا على هدايتهم‪،‬‬
‫ويفهم كل واحد بسب فهمه وحفظه‪ ،‬فل يعطيه ما ل يتمله‪ ،‬ول يقصر به عما يتمله بلمشقة‪ ،‬وياطب كل‬
‫واح ٍد على قدر درجته‪ ،‬وبسب فهمه وهته‪ ،‬فيكتفي بالشارة لن يفهمها فهما مققا‪ ،‬ويوضح العبارة لغيه‬
‫ويكررها لن ل يفظها إل بتكرار‪ ،‬ويذكر الحكام موضحة بالمثلة من غي دليل لن ل ينحفظ له الدليل‪ ،‬فإن‬
‫جهل دليل بعضها ذكره له"(الجموع شرح الهذب (‪.) .)1/31‬‬
‫وكان السلف ربا خصوا بعض الطلب بالتعليم والتحديث دون غيه‪ .‬قال أبو عاصم‪":‬ربا رأيت سفيان يذب‬
‫الرجل من وسط اللقة فيحدثه بعشرين حديثا والناس قعود"‪ ،‬قالوا‪ :‬لعله كان ضعيفا‪ .‬قال‪:‬ل(أخرجه‬
‫الرامهرمزي ف الحدث الفاصل (‪.))785‬‬

‫تاسعا‪ :‬التوجيه للتخصص الناسب‪:‬‬


‫عن زيد بن ثابت‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬أن قومه قالوا للنب صلى ال عليه وسلم ‪:‬هاهنا غل ٌم من بن النجار حفظ‬
‫بضع عشرة سورة‪ ،‬فاستقرأن فقرأت سورة ق‪ ،‬فقال‪ ":‬إن أكتب إل قوم فأخاف أن يزيدوا علي أو ينقصوا‪،‬‬
‫فتعلم السريانية" فتعلمها‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬ف سبعة عشر يوما‪ ،‬وف رواية ‪ :‬خسة عشر(رواه البخاري) ‪.‬‬
‫والمة أحوج ما تكون إل طاقات أبنائها وقدراتم‪ ،‬فبد ًل من تشتيتها وبعثرتا‪ ،‬أليس من حق الطالب على أستاذه‬
‫أن ينصح له ويوجهه لا يناسبه حي يبدع ف فن دون غيه‪ ،‬ومن جانب آخر فالمة لن تستغن عمن يسد ثغراتا‪،‬‬
‫فالتخطيط السليم‪ ،‬والعداد التكامل يقضي أن توجه طاقات المة لسد هذه الثغرات‪ ،‬ومن أين يبدأ التوجيه إن‬
‫ل يكن من التعليم؟‬
‫والتلميذ قد يسعى لتخصص ليناسبه‪ ،‬أو يوجهه والده لا غيه أول منه‪ ،‬فحي يساهم الدرس ف توجيهه لا يرى‬
‫أنه أول يقدم خيا للتلميذ‪ ،‬بل وللمجتمع أجع‪.‬‬

‫عاشرا‪ :‬المع بي التعليم الفردي والماعي‪:‬‬


‫ف كثي من النصوص نقرأ ‪:‬كان النب صلى ال عليه وسلم جالسا مع أصحابه‪ ،‬بينما كنا جلوسا مع النب صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ ،‬فهذا نوذج للتعليم الماعي‪ ،‬وأما التعليم الفردي فنماذجه كثية‪ ،‬قال ابن مسعود ‪ -‬رضي ال‬
‫عنه ‪ ": -‬علمن رسول ال صلى ال عليه وسلم وكفي بي كفيه التشهد كما يعلمن السورة من القرآن…"(‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫رواه البخاري (‪ )6265‬ومسلم (‪.) )402‬‬


‫ومن ذلك ما ورد عن غي واحد من أصحابه‪ :‬أوصان رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫ومن ذلك حديث معاذ ‪ -‬رضي ال عنه ‪ :-‬بينا أنا رديف النب صلى ال عليه وسلم ليس بين وبينه إل آخرة‬
‫الرحل فقال‪" :‬يا معاذ" قلت‪ :‬لبيك رسول ال وسعديك‪ ،‬ث سار ساعة ث قال‪" :‬يا معاذ" قلت‪ :‬لبيك رسول ال‬
‫وسعديك‪ ،‬ث سار ساعة‪ ،‬ث قال‪" :‬يا معاذ" قلت‪ :‬لبيك رسول ال وسعديك‪ ،‬قال‪":‬هل تدري ما حق ال على‬
‫عباده؟" قلت‪:‬ال ورسوله أعلم‪ ،‬قال‪":‬حق ال على عباده أن يعبدوه ول يشركوا به شيئا" ث سار ساعة ث‬
‫قال‪":‬يا معاذ بن جبل" قلت‪ :‬لبيك رسول ال وسعديك‪ ،‬فقال‪":‬هل تدري ما حق العباد على ال إذا فعلوه"‬
‫قلت‪ :‬ال ورسوله أعلم‪ ،‬قال‪":‬حق العباد على ال أن ل يعذبم"( رواه البخاري (‪ )5967‬ومسلم (‪.) )30‬‬

‫الادي عشر‪ :‬العناية بتعليم الرأة‪:‬‬


‫حي صلى العيد صلى ال عليه وسلم اته إل النساء فوعظهن وأمرهن بالصدقة‪ ،‬فعن ابن عباس ‪ -‬رضي ال‬
‫عنهما ‪ -‬قال‪ :‬خرجت مع النب صلى ال عليه وسلم يوم فطر أو أضحى فصلى ث خطب‪ ،‬ث أتى النساء‬
‫فوعظهن وذكرهن وأمرهن بالصدقة( رواه البخاري (‪ )975‬ومسلم (‪ )884‬مطولً‪.) .‬‬
‫بل تاوز المر مرد استثمار اللقاءات العابرة‪ ،‬فعن أب سعيد الدري ‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬قال‪ :‬قالت النساء للنب‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ :‬غلبنا عليك الرجال فاجعل لنا يوما من نفسك‪ ،‬فوعدهن يوما لقيهن فيه فوعظهن وأمرهن‬
‫فكان فيما قال لن ‪":‬ما منكن امرأة تقدم ثلثة من ولدها إل كان لا حجابا من النار" فقالت امرأة‪ :‬واثنتي‪،‬‬
‫فقال‪":‬واثنتي"( رواه البخاري (‪ )101‬ومسلم (‪. ).)2633‬‬
‫إن الرأة ف الجتمع السلمي تناط با أدوار ومسؤوليات جسام‪ ،‬وهي لن تستطيع أداء هذه الدوار حي ل يعن‬
‫بتعليمها ورعايتها‪.‬‬
‫الثان عشر‪ :‬التشويق والتنويع ف عرض الادة ‪:‬‬
‫فهو أحيانا يطرح السألة على أصحابه متسائلً‪":‬أتدرون ما الغيبة؟"(رواه مسلم (‪".).)2589‬أتدرون ما الفلس؟"‬
‫( رواه مسلم ( ‪" .).) 2581‬إن من الشجر شجرة ل يسقط ورقها وإنا مثل السلم فحدثون ما هي؟" (رواه‬
‫البخاري (‪ )61‬ومسلم (‪. ) .)2811‬‬
‫ولشك أن السؤال مدعاةٌ للتفكي وتنميته‪ ،‬ومدعاة للشتياق لعرفة الواب ما يكون أرسخ ف الذهن‪.‬‬
‫وأحيانا يغيّر نبات صوته‪ ،‬فكان إذا خطب احرّت عيناه‪ ،‬وعل صوته‪ ،‬واشتد غضبه حت كأنه منذر جيش يقول‬
‫صبحكم ومساكم(رواه مسلم (‪.) )867‬‬
‫وأحيانا يغيّر جلسته‪ ،‬كما ف حديث أكب الكبائر‪ :‬وجلس وكان متكئا فقال‪":‬أل وقول الزور" ( رواه البخاري (‬
‫‪ ) 2654‬ومسلم ( ‪.) .) 87‬‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫فنهدي هذه القبسات إل كل من حبس نفسه ف إطار قوالب جامدة‪ ،‬وأساليب موروثة‪ ،‬فحول السلوب هدفا‪،‬‬
‫والوسيلة غاية‪.‬‬
‫الثالث عشر‪ :‬الربط بي الواقف التعليمية‪:‬‬
‫عن أنس‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬قال‪ :‬قدم على النب صلى ال عليه وسلم سب‪ ،‬فإذا امرأة من السب قد تلب ثديها‬
‫تسقي‪ ،‬إذا وجدت صبيا ف السب أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته‪ ،‬فقال لنا النب صلى ال عليه وسلم ‪":‬أترون‬
‫هذه طارحة ولدها ف النار؟" قلنا‪ :‬ل‪ ،‬وهي تقدر على أن ل تطرحه‪ ،‬فقال‪":‬ل أرحم بعباده من هذه بولدها"(رواه‬
‫البخاري ( ‪ )5999‬ومسلم ( ‪. ) .) 2754‬‬
‫فل يستوي أثر العان حي تربط بصور مسوسة‪ ،‬وحي تعرض ف صورة مردة جافة‪.‬‬
‫إن الواقف تستثي مشاعر جياشة ف النفس‪ ،‬فحي يستثمر هذا الوقف يقع التعليم موقعه الناسب‪ ،‬ويبقى الدث‬
‫وما صاحبه من توجيه وتعليم صورة منقوشة ف الذاكرة‪ ،‬تستعصي على النسيان‪.‬‬

‫الرابع عشر‪:‬استعمال الوسائل التعليمية‪:‬‬


‫كقوله‪":‬أنا وكافل اليتيم ف النة هكذا" وأشار بالسبابة‬ ‫أ ‪ -‬فهو صلى ال عليه وسلم يشي تارة‬
‫والوسطى وفرّج بينهما شيئا (رواه البخاري ( ‪. ). ) 5304‬‬
‫وقوله‪" :‬الفتنة من هاهنا" وأشار إل الشرق ( رواه البخاري (‪ )5296‬ومسلم ( ‪.) . ) 2905‬‬
‫قوله‪" :‬مثل القائم على حدود ال والواقع فيها‬ ‫ب ‪ -‬وتارة يضرب الثل‪ ،‬أو يفترض قصة كما ف‬
‫كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلها وبعضهم أسفلها‪ ،‬فكان الذين ف أسفلها إذا استقوا من‬
‫الاء مرّوا على من فوقهم فقالوا‪ :‬لو أنا خرقنا ف نصيبنا خرقا ول نؤذ من فوقنا‪ ،‬فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا‬
‫جيعا وإن أخذوا على أيديهم نوا ونوا جيعا" (رواه البخاري (‪ . ). )2493‬وكما ف قوله صلى ال عليه‬
‫وسلم‪":‬ل أفرح بتوبة العبد من رجل نزل منل وبه مهلكة ومعه راحلته عليها طعامه وشرابه‪ ،‬فوضع رأسه فنام‬
‫نومة فاستيقظ وقد ذهبت راحلته‪ ،‬حت اشتدّ عليه الرّ والعطش أو ما شاء ال‪ ،‬قال‪ :‬أرجع إل مكان‪ ،‬فرجع‬
‫فنام نومة‪ ،‬ث رفع رأسه فإذا راحلته عنده"( رواه البخاري (‪ )6308‬ومسلم (‪.) )2744‬‬
‫ط خطّا ف الوسط خارجا منه‪ ،‬وخطّ‬
‫ط خطّا مربعا‪ ،‬وخ ّ‬
‫ج ‪ -‬وتارة يستعمل الرسم للتوضيح فقد خ ّ‬
‫خططا صغارا إل هذا الذي ف الوسط من جانبه الذي ف الوسط‪ ،‬وقال‪" :‬هذا النسان‪ ،‬وهذا أجله‬
‫ميط به‪ ،‬أو قد أحاط به‪ ،‬وهذا الذي هو خارج أمله‪ ،‬وهذه الطط الصغار العراض‪ ،‬فإن أخطأه هذا نشه هذا‪،‬‬
‫وإن أخطأه هذا نشه هذا"( رواه البخاري (‪.) )6417‬‬
‫د ‪ -‬وأحيانا يكي قصة واقعية من المم السابقة‪ ،‬كما ف قصة الثلثة الذين آواهم البيت إل غار فدعوا ال‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫بصال أعمالم (رواه البخاري (‪ )3465‬ومسلم (‪ ،).)2743‬وقصة الذي قتل تسعة وتسعي إنسانا (رواه‬
‫البخاري ( ‪ ) 3470‬ومسلم ( ‪ ،).) 2766‬وأمثلتها كثي‪.‬‬
‫هـ ‪ -‬وأحيانا يربط العن العقول بالصورة الحسوسة‪ ،‬فينظر مرة إل القمر ليلة البدر ث‬
‫يقول‪":‬إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر ل تضامون ف رؤيته‪ ،‬فإن استطعتم أن ل تغلبوا على‬
‫صلة قبل طلوع الشمس وقبل غروبا فافعلوا‪ ،‬ث قرأ‪ [ :‬وسبح بمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل‬
‫الغروب]( رواه البخاري ( ‪ ) 554‬ومسلم ( ‪.).) 633‬‬
‫وقال لعلي ‪ -‬رضي ال عنه ‪ ": -‬قل ‪ :‬اللهم اهدن‪ ،‬وسددن‪ ،‬واذكر بالدى هدايتك الطريق‪ ،‬وبالسداد سداد‬
‫السهم"(رواه مسلم (‪.).)2725‬‬
‫فاستعماله صلى ال عليه وسلم لا أتيح ف عصره من وسائل‪ ،‬يعن لنا أن من تام القتداء بديه صلى ال عليه‬
‫وسلم أن نستعمل خي ما تفتق عنه العصر من وسائل وأساليب حديثة ف التربية والتعليم‪ ،‬مادامت مباحة‪.‬‬

‫الامس عشر‪ :‬تأكيد ما يتاج للتأكيد‪:‬‬


‫فقد حلف صلى ال عليه وسلم على مسائل كثية تزيد على الثماني ‪ :‬وال ليؤمن… والذي نفسي بيده‪ ..‬وأي‬
‫ال‪ ..‬وغيها كثي‪ ،‬وكرر بعض العبارات كقوله‪":‬أل وقول الزور" فما زال يكررها حت تن أصحابه سكوته‬
‫إشفاقا عليه صلى ال عليه وسلم (سبق تريه ‪.).‬‬

‫السادس عشر‪ :‬البعد عن مشتتات الفهم‪:‬‬


‫ويدل على هذا العن حديث السائل عن الساعة‪ ، .‬إذ أعرض عنه صلى ال عليه وسلم حت ل يشتت فهم‬
‫أصحابه‪ ،‬ث عاد إليه (انظر ‪ :‬أساسيات ف طرق التدريس العامة ‪ .‬لحب الدين أبو صال (‪ . ). )110‬ومن َثمّ‬
‫فأولئك الذين يتيهون بطلبم ف أودية من التفرعات‪ ،‬والروج عن مقصود الدرس‪ ،‬باجة إل مراجعة هديه‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫ويشي القرآن الكري إل شيء من هذا العن‪ ،‬فيقول تعال ف شأن تدبر القرآن [إن ف ذلك لذكرى لن كان له‬
‫قلب أو ألقى السمع وهو شهيد] (ق‪ )37 :‬فهو حي يريد أن يتدبر القرآن التدبر المثل لبد أن يفرغ قلبه من‬
‫الشوارد والصوارف‪.‬‬
‫وف صلة المعة ينهى صلى ال عليه وسلم عن النشغال عن الطبة‪ ،‬أو إشغال الخرين‪ ،‬ولو لسكات من كان‬
‫يتحدث "إذا قلت لصاحبك يوم المعة أنصت والمام يطب فقد لغوت"(رواه البخاري (‪ )934‬ومسلم (‬
‫‪ .) )851‬كل هذا دعوة لن يتهيأ السلم للنصات والستماع‪.‬‬
‫ولا كانت الصلة تتطلب حضور القلب وخشوعه‪ ،‬وتدبر الصلي لا يكون ف صلته من تلوة وذكر نى صلى‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫ال عليه وسلم عن الصلة بضرة ما يشغل الصلي‪ ،‬ومن ذلك‪:‬الصلة بضرة الطعام‪ ،‬ومدافعة الخبثي‪ ،‬ووجود‬
‫ما يشغله ف قبلته‪.‬‬
‫السابع عشر‪:‬مراعاة نشاط الطلب واستعدادهم‪:‬‬
‫ويدل لذا العن ما رواه ابن مسعود‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬قال‪ :‬كان النب صلى ال عليه وسلم يتخولنا بالوعظة ف‬
‫اليام كراهة السآمة علينا (رواه البخاري (‪ )68‬ومسلم (‪ )2821‬وانظر الصدر السابق (‪. ). )108‬‬
‫أما الذين يشعرون أن التعليم يقف عند سرد معلومات جافة‪ ،‬فل يعنيهم مدى استعداد الطالب‪ ،‬وتيئه للتعلم‪،‬‬
‫فأولئك بعيدون ك ّل البعد عن هدي العلم الول صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫إن التعلم ليس آلة صماء تستقبل كل ما يرد إليها‪ ،‬بل هو بشرٌ له قدرات مددة‪ ،‬وغرائز‪ ،‬وصفات بشرية لبد‬
‫من مراعاتا‪.‬‬
‫الثامن عشر‪ :‬مراجعة العلم والفظ‪:‬‬
‫فقد أوصى صلى ال عليه وسلم حفاظ القرآن بتعاهده والعناية به فقال‪":‬تعاهدوا القرآن فو الذي نفسي بيده لو‬
‫أشد تفصيا من البل ف عقلها" (رواه البخاري ( ‪ ) 5033‬ومسلم ( ‪. ). ) 791‬‬
‫وكان جبيل يدارسه القرآن ف رمضان (رواه البخاري (‪ )4997‬ومسلم (‪. ).)2308‬‬
‫هذه بعض العال الت استطعت أن أقبسها من خلل مراجعت الادئة لبعض نصوص السنة‪ ،‬وأجزم أن ما بقي أكثر‬
‫ما أوردت لكنه جهد القل‪ ،‬ل أدعي فيه الكمال‪ ،‬ول أبرئ نفسي فيه من القصور‪ ،‬والقررات السابقة‪ ،‬وقد‬
‫حرصت قدر المكان على الختصار ف التعليق والستطراد‪.‬‬
‫ويظهر من خلل تلك العال أن النب صلى ال عليه وسلم كان العلم الول بق‪ ،‬ويظهر من ذلك أيضا عظم‬
‫الرم والتقصي ف حق تراثنا حي نتجاوزه جهلً بقدره‪ ،‬أو استخفافا بقه‪.‬‬
‫وإن أجزم أن ثة جوانب عدة نستطيع اكتشافها من خلل مزيد من الراجعة والقراءة التأنية لسيته وسنته صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫الفصل الثالث‪ :‬من صفات الدرس‬

‫إنه ما من عمل أو مهمة صغرت أو كبت إل ولن يقوم با صفات لبد أن يتحلى با‪ ،‬وصفات لبد أن يتخلى‬
‫عنها‪ ،‬فكيف بن يتول أمانة إعداد اليل‪ ،‬وتربية النشء؟‬
‫والديث عن صفات العلم يطول‪ ،‬فاقتصرت هنا على ما أرى ضرورة إيراده‪ ،‬إما لكثرة الخلل به‪ ،‬أو لرتباطه‬
‫بالتوجيه‪ ،‬أو لن البعض قد يهله ويغفل عنه ‪.‬‬
‫ويكن أن نقسم هذه الصفات الت ينبغي أن يتحلى با الدرس إل صفات إيابية ينبغي له أن يتصف با‪ ،‬وصفات‬
‫سلبية ينبغي أن يتخلى عنها‪.‬‬

‫البحث الول ‪ :‬صفات إيابية‬


‫‪ -1‬الخلص ل وحده‪:‬‬
‫وهي خصلة تواطأ من ألّف من سلف المة ف أدب العلم على الوصاة با‪ .‬قال الافظ ابن جاعة ف أدب العال‬
‫مع طلبته‪ ": :‬الول أن يقصد بتعليمهم وتذيبهم وجه ال تعال‪ ،‬ونشر العلم‪ ،‬ودوام ظهور الق وخول الباطل‪،‬‬
‫ودوام خي المة بكثرة علمائها‪ ،‬واغتنام ثوابم‪ ،‬وتصيل ثواب من ينتهي إليه علمه" (تذكرة السامع والتكلم ف‬
‫أدب العال والتعلم (‪.). )47‬‬
‫وقال المام النووي‪":‬ويب على العلم أن يقصد بتعليمه وجه ال لا سبق‪ ،‬وأل يعله وسيلة إل غرض دنيوي‪،‬‬
‫فيستحضر العلم ف ذهنه كون التعليم آكد العبادات‪ ،‬ليكون ذلك حاثاّ له على تصحيح النية‪ ،‬ومرضا له على‬
‫صيانته من مكدراته ومن مكروهاته‪ ،‬مافة فوات هذا الفضل العظيم والي السيم"(الجموع شرح الهذب (‬
‫‪.). )1/30‬‬
‫وحي يصلح الدرس نيته‪ ،‬ويطيب طويته يتحول عمله إل عبادة ل وحده‪ ،‬ويكتب له نصبه وجهده وكل ما‬
‫يلقيه حسنات عند ال‪ ،‬فلئن كان الرجل يثاب حي يأت زوجته‪ ،‬أو حي يرفع متاع الرجل على دابته‪ ،‬أو حي‬
‫يكف لسانه عن القيل والقال‪ ،‬أفل يثاب من يغار على أبناء المة ويمل ههم؟‬
‫والخلص أخي الدرس ينتج عنه أن تتمتع بكل ما يتمتع به الخرون ف الدنيا من مزايا مادية‪ ،‬وإجازات‪....‬‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫وتزيد عليهم ف الدنيا أنك تتذوق عملك‪ ،‬وتعشق مهنتك فتحبها وتقبل عليها‪ ،‬وأن جيع الساعات الت تقضيها‬
‫كل يوم ف مدرستك‪ ،‬بل ف ذهابك وإيابك مدخرة لك عند ال عز وجل‪.‬‬
‫أما الدار الخرة فهي القصود العظم والطلب السى‪ ،‬فهناك أي ثواب سيناله الخلصون‪ ،‬وأي أجر سيكتب‬
‫لم؟ هذه أمور ل تدركها أنت ول أنا‪ ،‬إنا علمها عند ال [وال يضاعف لن يشاء] (البقرة‪.)261:‬‬
‫والنية الالصة مع كونا شعورا داخليا إل أنا تثل عاملً مهما يضبط سلوك الدرس‪ ،‬ويفرض عليه رقابة داخلية؛‬
‫فيتقن العمل ويرعى المانة‪.‬‬
‫‪ -2‬التقوى والعبادة‪:‬‬
‫روى الرامهرمزي بإسناده عن أب العالية قال‪":‬كنا إذا أتينا الرجل لنأخذ عنه نظرنا إل صلته‪ ،‬فإن أحسن الصلة‬
‫أخذنا عنه‪ ،‬وإن أساء الصلة ل نأخذ عنه"(الحدث الفاصل بي الراوي والواعي للقاضي السن بن عبدالرحن‬
‫الرامهرمزي (‪. ). )409‬‬
‫وقال ممد بن سيين‪" :‬إن هذا العلم دين؛ فانظروا عمن تأخذون دينكم"(رواه مسلم ف مقدمة صحيحه ‪.‬‬
‫والطيب ف الكفاية ‪ . 121‬والرامهرمزي ف الحدث الفاصل(‪. ). )437‬‬
‫وقال حاد بن زيد‪ :‬دخلنا على أنس بن سيين ف مرضه فقال‪":‬اتقوا ال يا معشر الشباب‪ ،‬وانظروا عمن تأخذون‬
‫هذه الحاديث فإنا دينكم "(رواه الطيب ف الكفاية (‪ . )122‬والرامهرمزي ف الحدث الفاصل (‪. ). )440‬‬
‫وقال المام مالك رحه ال‪" :‬إن هذا العلم هو لمك ودمك‪ ،‬وعنه تسأل يوم القيامة‪ ،‬فانظر عمن تأخذه" (رواه‬
‫الرامهرمزي ف الحدث الفاصل (‪. ). )444‬‬
‫وقال مالد‪" :‬ل يؤخذ الدين إل عن أهل الدين" (رواه الرامهرمزي ف الحدث الفاصل (‪. ). )445‬‬
‫فحي تطرق هذه النصوص أخي الدرس مسمع طلبنا أتراهم يرونا تنطبق علينا بق؟ أم أنم يدرجونا ضمن‬
‫قائمة من حذّر السلف من الخذ عنهم؟ فل علينا أن نطرح هذا السؤال بصدق وصراحة على أنفسنا‪ :‬هل نن‬
‫معنيون بق ف الرص على استقامة ديننا وسلوكنا؟ وهل نن نشعر أن إعداد أنفسنا‪ ،‬وتقوية إياننا‪ ،‬والعناية‬
‫بعبادة ال عز وجل وطاعته جزءٌ ل يتجزأ من واجبنا؟‬
‫‪ -3‬حث الطالب على العلم وتريضه عليه‪:‬‬
‫إن غرس حب العلم‪ ،‬والعناية به من أهم الصفات الت ينبغي أن يتسم با الدرس‪ ،‬وهي وصية يوصي با العلمَ‬
‫مَنْ سلف من أهل العلم‪ .‬قال المام النووي‪":‬وينبغي أن يرغبه ف العلم‪ ،‬ويذكره بفضائله وفضائل العلماء‪ ،‬وأنم‬
‫ورثة النبياء صلوات ال وسلمه عليهم‪ ،‬ولرتبة ف الوجود أعلى من هذه"(الجموع شرح الهذب (‪.). )1/30‬‬

‫وف عصرنا الاضر تزداد القضية تأكيدا‪ ،‬وتستحق مزيدا من الرعاية والعناية؛ إذ كثرت الصوارف والشواغل‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫للجيل العاصر من اللهي ووسائل قضاء الشهوات‪ ،‬ما يعل العلم والعناية به ف مرتبة متأخرة من اهتمامات‬
‫الطالب‪ ،‬هذا إن وجد ذلك أصلً‪.‬‬
‫والترغيب ف العلم والث عليه ليس بالضرورة حكرا على طريقة واحدة تتمثل كما يتصور البعض بالديث‬
‫النظري الستفيض عن فضائل العلم وأهله‪ ،‬وعن تقصي اليل الاضر ف ذلك‪.‬‬
‫إن مثل هذا الديث مطلب له أهيته‪ ،‬لكن حي نضيف لذلك عنايتنا بغرس حب العلم عند تلمذتنا من خلل‬
‫إعطائهم الزيد ما يشد انتباههم من الفوائد العلمية‪ ،‬وتعويدهم على القراءة من خلل توجيههم لكتب مفيدة‬
‫ومشوقة‪ .‬وحي يلمسون عنايتنا نن با نقدمه لم‪ ،‬ويرون أثر العلم على ما نقدمه‪ ،‬ونضيف لذلك كله ناذج من‬
‫سي أهل العلم وعنايتهم به؛ إننا من خلل ذلك كله يكن أن نسهم ف دفع الم العلمي لدى طلبنا مرحلة أعلى‬
‫ما هي عليه ف الواقع‪.‬‬
‫‪- 4‬حسن الظهر‪:‬‬
‫ل أشك أنك توافقن أن علينا أن نعتن بظاهرنا با ل يرج عن حد العتدال؛ إذ ذلك أدعى للقبول والتقدير‪،‬‬
‫وذاك يشعر طلبتنا أن الستقامة ل تعن بالضرورة رثة الظهر‪ ،‬وقد كان السلف يعنون بذلك‪ ،‬ويوصون الحدث‬
‫بسن مظهره‪ ،‬نقرأ ف فهرس (الامع لخلق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي) ما يلي‪ :‬باب إصلح‬
‫الحدث هيئته وأخذه لرواية الديث زينته‪ ،‬مبحث وليبتدئ بالسواك‪ ،‬مبحث وليقص أظافيه إذا طالت‪ ،‬مبحث‬
‫إذا اتسخ ثوبه غسله‪ ،‬مبحث إذا أكل طعاما زها اتقى يديه من غمره‪ ،‬مبحث لباس الحدث الستحب له‪،‬‬
‫مبحث ويكره له أن يلبس الثوب اللق وهو يقدر على الديد‪....‬‬
‫وقال‪":‬ينبغي للمحدث أن يكون ف حال روايته على أكمل هيئة وأفضل زينة‪ ،‬ويتعاهد نفسه قبل ذلك بإصلح‬
‫أموره الت تمله عند الاضرين من الوافقي والخالفي"(الامع لخلق الراوي وآداب السامع (‪. ). )373‬‬
‫وروى بإسناده عن يي بن ممد الشهيد قال‪":‬ما رأيت أورع من يي بن معي‪ ،‬ول أحسن لباسا منه" (الامع‬
‫لخلق الرواي وآداب السامع (‪. ). )381‬‬
‫ومن تام حسن الظهر وأولوياته اللتزام بالضوابط الشرعية‪ ،‬فإسبال الثياب‪ ،‬أو لبس الخالف منها‪ ،‬أو حلق‬
‫اللحية ما يل بظهر العلم‪ ،‬ويتأكد عليه قبل غيه من الناس أن يلتزم بالظهر الشرعي‪.‬‬
‫‪ - 5‬حسن النطق ‪:‬‬
‫إن النطق واللسان يعد أخي الدرس معيارا من معايي تقوي الشخصية‪ ،‬لذا فلعلك توافقن أن من واجبات الدرس‬
‫أن يفظ منطقه ولسانه‪ ،‬فل يسمع منه الطلب إل خيا‪ ،‬وحت حي يعاتب أو ياسب‪ ،‬فل يليق به أن يتجاوز‬
‫ويرمي بالكلمات الت ليبال با‪.‬‬
‫ولئن كانت الكلمة الطيبة تترك أثرها ف النفوس‪ ،‬فالكلمة الارحة تدم أسوار الحبة‪ ،‬وتقضي على بنيانا‪ .‬ولئن‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫كنا لندرك بدقة أثر ما نقوله على الناس‪ ،‬فالناس لم مشاعر‪ ،‬واعتبارات ينبغي أن نرعاها‪.‬‬
‫إننا نلمس ف أنفسنا جيعا أن هناك كلمات نسمعها فتترك أثرا إيابيا أو سلبيا ف نفوسنا دون أن يشعر من قالا‬
‫بذلك‪ .‬أفل نعل من هذا العتبار مقياسا للخرين‪ ،‬فنفترض أن مشاعرهم تاه ما يسمعونه منا لن تكون‬
‫بالضرورة مدركة لنا‪ ،‬أو حت واردة ف حسباننا؟ ما يدفعنا إل مراجعة منطقنا أكثر‪ ،‬وأن نسب لكل كلمة نقولا‬
‫حسابا‪.‬‬
‫‪ - 6‬النضباط واتزان الشخصية‪:‬‬
‫يؤكد هذه الصفة المام النووي فيقول ‪":‬وينبغي أن يصون يديه عن العبث‪ ،‬وعينيه عن تفريق النظر بل حاجة‪،‬‬
‫ويلتفت إل الاضرين التفاتا قصدا بسب الاجة للخطاب"(الجموع شرح الهذب (‪.). )1/33‬‬
‫والتزان صفة يتاج إليها من يطلب من الناس أدن اعتبار لشخصيته واحترام لا‪ ،‬فكيف بن يكون معلما للجيل‬
‫وقدوة للناشئة؛ إذ إن أولئك الذين يفقدون اتزانم‪ ،‬وتنبئ تصرفاتم عن نقص ف العقل وكمال الرجولة‪ ،‬وفقد‬
‫ليبة العلم‪ ،‬أولئك إنا تنادي أحوالم بزيد من السخرية والعبث من قبل تلمذتم‪.‬‬
‫‪ - 7‬القدوة الصالة‪:‬‬
‫كثي من الناس يستطيع التوجيه ويسن القول‪ ،‬ولكن كم هم العلمون الذين يدعون بأعمالم‪ ،‬ويرى فيهم‬
‫الطالب القدوة السنة؟ فيحسن بك أخي الكري أن تكون قدوة صالة لبنائك‪ ،‬ف عبادتك‪ ،‬وف تعاملك‪ ،‬وف‬
‫سلوكك‪ .‬وبعبارة أدق أن يتفق مقالك وحالك‪.‬‬
‫إن التناقض بي القول والعمل‪ ،‬والظاهر والباطن‪ ،‬وازدواجية التوجيه وتناقضه‪ ،‬كل ذلك من أكب مشكلت‬
‫اليل العاصر‪ ،‬وذلك كله نبات بذرة خبيثة واحدة‪ ،‬أل وهي عدم العمل بالعلم‪ ،‬والأمول منك أخي الدرس أن‬
‫تسهم ف اجتثاث هذه النبتة السوء‪ ،‬ل أن تسهم دون قصد ف سقيها‪.‬‬
‫ولذا يقول الشافعي موصيا مؤدب أولد الليفة الرشيد‪":‬ليكن أول ما تبدأ به من إصلح أولد أمي الؤمني‬
‫إصلح نفسك‪ ،‬فإن أعينهم معقودة بعينك‪ ،‬فالسن عندهم ما تستحسنه‪ ،‬والقبيح عندهم ما تكرهه"‪.‬‬
‫وها هو ابن مسعود‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬يقول‪":‬من كان كلمه ل يوافق فعله فإنا يوبّخ نفسَه"‪.‬‬
‫ويرى الغزال أن الوظيفة الثامنة للمعلم‪" :‬أن يكون عاملً بعلمه‪ ،‬فل يكذب قوله فعله؛ لن العلم يدرك‬
‫بالبصائر‪ ،‬والعمل يدرك بالبصار‪ ،‬وأرباب البصار أكثر‪ ،‬فإذا خالف العلم العمل منع الرشد‪ ،‬وكل من تناول‬
‫شيئا وقال للناس ل تتناولوه فإنه سم مهلك؛ سخر الناس به‪ ،‬واتموه‪ ،‬وزاد حرصهم على ما نوا عنه‪ ،‬فيقولون‪:‬‬
‫لول أنه أطيب الشياء وألذها لا كان يستأثر به"(إحياء علوم الدين (‪. ).)1/97‬‬
‫فالدرس الذي يتحدث لطلبه عن أهية الصلة والحافظة عليها‪ ،‬وحي يصلّون ف الدرسة يرونه ف آخر‬
‫الصفوف أو"الذي يث طلبه على اللتزام بالواعيد وأهية الوفاء با‪ ،‬ث يضر إل دروسه متأخرا يحو بتصرف‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫واحد عشرات القوال الت يصبّها ف آذانم"(العلم والناهج وطرق التدريس لستاذنا ‪ :‬د‪ .‬ممد مرسي (‪)21‬‬
‫‪.).‬‬
‫‪ - 8‬الوفاء بالوعد‪:‬‬
‫إن الوفاء بالوعد من خلق الؤمن‪ ،‬بل اللف من خصال النفاق‪ ،‬وإخلف الوعد مظهر من مظاهر عدم الدية‬
‫واللمبالة‪ ،‬ينطبع ف أذهان الطلب عن شخصية أستاذهم‪ ،‬ويعطيهم مقياسا لضآلة قدرهم عنده‪.‬‬
‫فحي تعد طالبا بكافأة‪ ،‬أو بث مسألة‪ ،‬أو تعد سائر طلبتك بأي أمر‪ ،‬فاجتهد واحرص كل الرص على الوفاء‬
‫با وعدت به‪ ،‬وإن حال دون ذلك حائل‪ ،‬أو عاق دون تقيقه عائق فالعتذار اللطيف يزيل ما قد يكون ف‬
‫النفس‪.‬‬
‫‪ -9‬السهام ف إصلح نظام التعليم‪:‬‬
‫الدرس الاد الخلص يشعر أن مهمته ل تقف عند حد ما يقدمه ف الفصل الدراسي‪ ،‬ولئن كانت السؤولية عن‬
‫نظم التعليم والناهج وما يتعلق بذلك أمورا يعن با غي العلم‪ ،‬إل أن ذلك ل يعفيه من الشاركة والسعي‬
‫للصلح‪.‬‬
‫وهو حي يمل هذا الم ف خاطره‪ ،‬ويدرك أن هذه الهمة جزءٌ من مسؤوليته‪ ،‬سيسهم ف اقتراحٍ بناءٍ على إدارة‬
‫الدرسة‪ ،‬أو تنبيهٍ على ملحظ‪ ،‬أو مناقشة هادئة ف قرار‪.‬‬
‫وسيدعوه ذلك أيضا للمساهة ف إبداء اقتراح أو تصحيح خطأ حول منهج مادة يدرسها‪ ،‬أو طرح فكرة بناءة‬
‫والكتابة عنها‪ ،‬أو السعي لدراسة ظاهرة من الظواهر السلبية ف نظام التعليم أو مشكلة من مشكلته‪.‬‬
‫ولذا كان السلف يوصون العلم بالعناية بماية نظام التعليم من الخالفات الشرعية‪ ،‬ولو كانت ف نظر البعض‬
‫من المور اليسية‪ .‬قال سحنون‪":‬وأكره للمعلم أن يعلم الواري‪ ،‬ول يلطهن مع الغلمان؛ لن ذلك فساد لم"‬
‫(آداب العلمي ‪ .‬مصدر سابق (‪. ). )123‬‬
‫‪- 10‬حسن العاملة للطالب‪:‬‬
‫إن الطالب هو القصود الول والساس من العملية التعليمية والتربوية‪ ،‬ولذا فهو التغي الرئيس الذي يتعامل معه‬
‫الستاذ‪ ،‬أما النهج‪ ،‬وأنظمة التعليم‪ ،‬وغي ذلك فهي إنا وضعت أساسا لتحقيق الدف التربوي التعليمي‬
‫للطالب‪ ،‬ولذا الوقع الذي يتبوأه الطالب ف العملية التربوية كان لبد من وضع بعض العال والقواعد ف التعامل‬
‫مع الطالب‪ ،‬حت يتحقق الدف القصود من التربية والتعليم‪.‬‬
‫ومدار ذلك كله على حسن اللق‪ ،‬وقد أعلى الشرع منلة حسن اللق ورفع من شأنا‪ ،‬قال صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪":‬ليس شيء أثقل ف ميزان الؤمن يوم القيامة من خلق حسن"(رواه الترمذي (‪ )2002‬وأبو داود (‬
‫‪ )4799‬وأحد (‪)26971‬وانظر ‪ :‬السلسلة الصحيحة ( ‪. ). ) 876‬‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫وترتقي منلة أهل اللق السن ليدركوا درجة أهل العبادة والزهد‪":‬إن الؤمن ليدرك بسن خلقه درجة الصائم‬
‫القائم" (رواه أبو داود (‪ )4798‬وأحد (‪ )23834‬وابن حبان (‪ . ). )1927‬وإذا كان حسن اللق يتأكد على‬
‫كل مسلم‪ ،‬فهو ف حق معلم الجيال‪ ،‬وأستاذ النشء آكد وأوجب‪ ،‬وحسن خلق الدرس مع طلبه كلمة‬
‫واسعة تمع أبوابا شت منها‪:‬‬
‫أولً‪ :‬توقي الطالب وتقديره‪:‬‬
‫بعيدا عن نظرة التعال الت سادت بي كثي من السلمي وللسف‪ ،‬وفوق احتقار الخرين وازدرائهم ‪ -‬كما هو‬
‫حال بعض العلمي ‪ -‬فوق ذلك كله وأسى منه يب أن تكون أخلقنا معشر العلمي الدعاة‪.‬‬
‫وف الامع لخلق الراوي وآداب السامع‪ :‬باب إكرامه الغرباء من الطلبة وتقريبهم‪ ،‬استقباله لم بالترحيب‪،‬‬
‫تواضعه لم‪ ،‬تسي خلقه معهم‪ ،‬الرفق بن جفا طبعه منهم‪ ،‬ويروي ف الباب الخي عن أب عثمان الوراق قال‪:‬‬
‫اجتمع أصحاب الديث عند وكيع‪ ،‬قال ‪ :‬وعليه ثوب أبيض‪ ،‬فانقلبت الحبة على ثوبه‪ ،‬فسكت مليّا ث قال‪ :‬ما‬
‫أحسن السواد ف البياض‪.‬‬
‫وعن سفيان بن وكيع قال‪ :‬قال أب‪ :‬من أراد أن يدث فليصب وإل فليسكت(الامع لخلق الراوي وآداب‬
‫السامع (‪.). )1/355‬‬
‫وف الدب الرابع للمعلم عند ابن جاعة‪":‬أن يب لطالبه ما يب لنفسه كما جاء ف الديث‪ ،‬ويكره له ما يكره‬
‫لنفسه‪ ،‬قال ابن عباس‪ :‬أكرم الناس علي جليسي الذي يتخطى رقاب الناس إلّ‪ ،‬لو استطعت أن ليقع الذباب‬
‫عليه لفعلت‪ ،‬وف رواية ‪ :‬إن الذباب ليقع عليه فيؤذين" (تذكرة السامع والتكلم ( ‪. ). ) 49‬‬
‫ويؤكد ابن جاعة على العلم حسن العاملة ف موضع آخر فيقول‪":‬وكذلك ينبغي أن يترحب بالطلبة إذا جلسوا‬
‫إليه‪ ،‬ويؤنسهم بسؤالم عن أحوالم‪،‬وأحوال من يتعلق بم بعد درسهم‪ ،‬وليعاملهم بطلقة الوجه‪ ،‬وظهور البشر‪،‬‬
‫وحسن الودة‪ ،‬وإعلم الحبة‪ ،‬وإضمار الشفقة"(تذكرة السامع والتكلم ( ‪. ) . ) 65‬‬
‫وقال النووي‪":‬وينبغي له أن ينو عليه‪ ،‬ويعتن بصال نفسه وولده‪ ،‬ويريه مرى ولده ف الشفقة عليه والهتمام‬
‫بصاله" (الجوع شرح الهذب ( ‪. ). ) 31 /1‬‬
‫إن توقي الطالب وتقديره ‪ -‬مع أنه خلق السلم ابتداء ‪ -‬يعلّمه أن يوقر الناس‪ ،‬ويدعوه لحبة مدرسه‪ ،‬والتلقي‬
‫فرع عن الحبة وصفاء القلوب‪ ،‬وهو كذلك يرج لنا جيلً يتصف بسن اللق‪ ،‬وصفاء السريرة؛ إذ هو يتعلمها‬
‫ويدرسها من خلل الواقع اللموس والصورة الية‪ ،‬ما يفعل ما ل تفعله الكلمات الجردة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الثناء عليه حي يسن‪:‬‬
‫إننا نيد النقد لن أساء‪ ،‬ونرى أن إيقافه عند حده من بدهيات واجبات الدرس؟ فما بالك بن يسن؟ أليس ف‬
‫القابل يستحق الثناء‪ ،‬ولو بدعوة صالة‪ :‬جزاك ال خيا‪ ،‬أثابك ال‪ ،‬زادك ال علما وحي يتجاوب الثغر مع‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫اللسان فيفتر عن ابتسامة صادقة‪ ،‬يدرك الطالب صدق مودة مدرسه‪.‬‬


‫وحي نقرأ سية النب صلى ال عليه وسلم فلن تطئنا تلك الواقف الت كان يثن فيها على من أحسن من‬
‫صحابته كما سبق الديث عن ذلك ف هديه صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫ومرة أخرى مع ابن جاعة يعلمنا هذا الدب فيقول‪":‬فمن رآه مصيبا ف الواب‪ ،‬ول يف عليه شدة العجاب‬
‫شكره وأثن عليه بي أصحابه؛ ليبعثه وإياهم على الجتهاد ف طلب الزدياد"(تذكرة السامع والتكلم ( ‪) 54‬‬
‫‪.).‬‬
‫ثالثا‪ :‬العدل بي الطلب‪:‬‬
‫على العدل قامت السموات والرض‪ ،‬وبه أوصى ال عباده ‪[ :‬إن ال يأمر بالعدل والحسان وإيتاء ذي القرب‬
‫وينهى عن الفحشاء والنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون] (النحل ‪ )90:‬ولذا فعلينا معشر العلمي أن نتحرى‬
‫العدل ونقصده‪ ،‬ونسعى إليه بي طلبتنا‪ ،‬وأل تظهر اليول والتقديرات الشخصية قدر المكان‪ .‬فالحاباة والتفريق‬
‫ف العاملة ما يقته الطلب وينفرون منه ومن صاحبه‪.‬‬
‫وهي قضية ل تكن تغيب عن علمائنا الوائل‪ ،‬فتوارثوا إيصاء العلم بالعدل‪ ،‬وتذيره من خلفه‪ .‬قال المام‬
‫النووي‪":‬وينبغي أن يقدم ف تعليمهم إذا ازدحوا السبق فالسبق‪ ،‬وليقدمه ف أكثر من درس إل برضا الباقي"‬
‫(الجموع شرح الهذب (‪.). )1/33‬‬
‫وقال ابن قيم الوزية‪":‬إن الطالب التعلم إذا سبق غيه إل الشيخ ليقرأ عليه ل يقدم بدرسي إل أن يكون كل‬
‫منهم يقرأ درس" (الفروسية (‪ . )114‬وانظر الفكر التربوي عند ابن القيم لسن الجاجي (‪.). )450‬‬
‫وعقد ابن سحنون بابا ف ذلك (ماجاء ف العدل بي الصبيان) وأورد فيه بإسناده عن السن قال‪":‬إذا قوطع‬
‫العلم على الجرة فلم يعدل بينهم ‪ -‬أي الصبيان ‪ -‬كتب من الظلمة" (آداب العلمي لبن سحنون ‪ .‬الطبوع‬
‫ف ناية كتاب الذهب التربوي عند ابن سحنون (‪. ). )115‬‬
‫وقال ف موضع آخر‪":‬وليجعلهم بالسواء ف التعليم‪ ،‬الشريف والوضيع‪ ،‬وإل كان خائنا"‪.‬‬
‫وغن عن البيان أن تلك التوجيهات والوصايا قد ذكرها أصحابا على سبيل الثال‪ ،‬فالعدل صفة ممودة مطلوبة‬
‫كل وقت‪ ،‬وإن اختلفت صوره وتطبيقاته من عصر لخر‪.‬‬
‫رابعا‪:‬العتدال ف معالة الخطاء‪:‬‬
‫إن الصب على الفاء‪ ،‬وتمل سيئ الطباع من ماسن الخلق‪ ،‬ونن نسعى لبناء كل خلق فاضل ف نفوس‬
‫أبنائنا‪ ،‬أوليست التربية بالفعل أبلغ من القول ؟ فما رأيك أخي الدرس حي يعتاد تلميذك منك الصب على‬
‫جفائه‪ ،‬وتمل هفوته‪ ،‬با ل يزيل اليبة‪ ،‬و يرئ على العاودة؟ وإن كان ولبد من التنبيه فبحسن الشارة‪ ،‬وجيل‬
‫التلطف‪ ،‬لذا يوصي ابن جاعة العلم بذا اللق فيقول‪":‬وينبغي أن يعتن بصال الطالب‪ ،‬ويعامله با يعامل به أعز‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫أولده من النو والشفقة عليه‪ ،‬والحسان إليه‪ ،‬والصب على جفاء ربا وقع منه نقص ل يكاد يلو النسان عنه‪،‬‬
‫وسيئ أدب ف بعض الحيان‪ ،‬ويبسط عذره بسب المكان‪ ،‬ويوقفه مع ذلك على ما صدر منه بنصح وتلطف‪،‬‬
‫ل بتعنيف وتعسف‪ ،‬قاصدا بذلك حسن تربيته‪ ،‬وتسي خلقه‪ ،‬وإصلح شأنه‪ ،‬فإن عرف ذلك لذكائه بالشارة‪،‬‬
‫فل حاجة لصريح العبارة‪ ،‬وإن ل يفهم إل بصريها أتى با وراعى التدريج ف التلطف"(ذكرة السامع والتكلم (‬
‫‪.) . ) 50‬‬
‫ويكرر الغزال الوصية نفسها فيى أن من آداب العلم‪":‬أن يزجر التعلم عن سيئ الخلق بطريق التعريض ما‬
‫أمكن ول يصرح‪ ،‬وبطريق الرحة لبطريق التبويخ" (إحياء علوم الدين ( ‪.) . ) 1/57‬‬
‫ويؤكد المام النووي هذا العن فيقول‪":‬ويريه مرى ولده ف الشفقة عليه‪ ،‬والصب على جفائه وسوء أدبه‪،‬‬
‫ويعذره ف سوء أدب وجفوة تعرض منه ف بعض الحيان‪ ،‬فإن النسان معرضٌ للنقائص"(الجموع شرح الهذب‬
‫(‪.). )1/30‬‬
‫والنطق السليم يقتضي من العلم أن يعال الطأ داخل الفصل با يراه يقق الصلحة‪ ،‬وأن ليتدخل طرف ثالث‬
‫قدر المكان‪ ،‬والكي إنا هو آخر الدواء ل أوله‪.‬‬
‫وحي نتصور أن القصور والطأ صفة ملزمة للطالب قلما ينفك عنها‪ ،‬وباصة ف هذا الوقت‪ ،‬فسوف نتجاوز‬
‫كثيا من الخطاء‪ ،‬أو نضعها ف حجمها الطبيعي على القل ‪ ،‬وما أعظم أن يتوي العلم خطأ الطالب بنظرة‪ ،‬أو‬
‫هسة‪ ،‬أو لفتة غي مباشرة‪ ،‬أو حديث خاص خارج الفصل‪.‬‬
‫وانظر إل هذا النموذج الرائع من الصب على جفاء الاهل‪ .‬قال أبو يوسف رحه ال‪" :‬أتيت ملس أب حنيفة‬
‫رحه ال تعال‪ ،‬فجلست فيه‪ ،‬فجاء رجل فقام ف ناحية الجلس فجعل يسبّ أبا حنيفة ويشتمه‪ ،‬فما يقطع أبو‬
‫حنيفة حديثه ول التفت إل كلمه‪ ،‬ول أجابه أحد من أهل الجلس حت فرغ أبو حنيفة من كلمه‪ ،‬وقام ليدخل‬
‫داره‪ ،‬فلما بلغ أبو حنيفة إل باب داره قام عند بابه واستقبل الرجل‪ ،‬وقال ‪ :‬هذه داري أريد الدخول‪ ،‬فإن كنت‬
‫مستتم باقي كلمك فأته حت ل يبقى شيء ما عندك تاف عليه الفوت‪ ،‬فاستحيا الرجل‪ ،‬وقال ‪ :‬اجعلن ف‬
‫ل عن مناقب أب حنيفة للموفق‬
‫حل‪ ،‬فقال ‪ :‬أنت ف حل" (من أعلم التربية السلمية ( ‪. ) 138 -137 /1‬نق ً‬
‫الكي ( ‪.) . ) 249‬‬
‫خامسا‪ :‬الهتمام بالطالب‪:‬‬
‫"إن وجود التعلم داخل الدرسة ل يعن انفصاله بأي حال من الحوال عن الؤثرات الارجية الت يتك با‪ ،‬بل‬
‫إن تأثي بعض الشكلت الارجية على التعليم يعل الوصول إل الهداف التربوية والتعليمية النشودة ف غاية‬
‫الصعوبة والتعقيد‪ ،‬لذا فإن واجب العلم أن يتعرف على جانب من الشكلت الجتماعية الت يعيشها التعلم؛ لا‬
‫لا من أثر ف نوه العلمي والجتماعي" (إعداد العلم من منظور التربية السلمية‪.‬د عبدال عبدالميد ممود (‬
‫‪. ).)71‬‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫وقد تر بالطالب حالة خاصة‪ ،‬كمرض‪ ،‬أو ظروف شخصية‪ ،‬فحي يعطيه مدرسه اهتماما شخصيا‪ ،‬ولو بجرد‬
‫السؤال عن حاله‪ ،‬والستفصال عنها فإن هذا يشعره بقيمته واهتمام مدرسه به ‪ ،‬بل يذهب ابن جاعة إل أبعد‬
‫من ذلك فيقول‪":‬وإذا غاب بعض الطلبة أو ملزمي اللقة زائدا عن العادة سأل عنه‪ ،‬وعن أحواله وعن من‬
‫يتعلق به‪ ،‬فإن ل يب عنه بشيء أرسل إليه‪ ،‬أو قصد منله بنفسه وهو أفضل‪ ،‬فإن كان مريضا عاده‪ ،‬وإن كان ف‬
‫غم خفض عليه‪ ،‬وإن كان مسافرا تفقد أهله ومن يتعلق به‪ ،‬وسأل عنهم وتعرض لوائجهم‪ ،‬ووصله با أمكن‪،‬‬
‫وإن كان فيما يتاج إليه فيه أعانه‪ ،‬وإن ل يكن شيء من ذلك تودد له ودعا له"(تذكرة السامع والتكلم ( ‪- 61‬‬
‫‪ . ) 63‬مع ملحظة اختلف العراف والعبة بالعن العام من كلمه رحه)‪.‬‬
‫وقد يد العلم أن لدى تلميذه ضائقة مالية فيسعى لن يكون وسيطا بينه وبي أهل الي‪ ،‬ليقدم له شيئا من‬
‫الساعدة الت تشعره أن هناك من يدرك معاناته ويس بآلمه‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬التواضع‪:‬‬
‫التعليم ميدان للتصدر والرفعة‪ ،‬فقد يدخل على العلم ف ذلك ما يدخل عليه من زهو‪ ،‬وشعور بالرفعة‪ ،‬قال ابن‬
‫عبدوس‪":‬كلما توقر العال وارتفع كان العجب إليه أسرع إل من عصمه ال بتوفيقه‪ ،‬وطرح حب الرياسة عن‬
‫نفسه"(جامع بيان العلم وفضله (‪.). )1/142‬‬
‫ولذا يؤكد أهل العلم على العلم التخلق بلق التواضع‪.‬‬
‫روى ابن عبدالب ف جامع بيان العلم وفضله عن عمر بن الطاب ‪-‬رضي ال عنه‪ -‬أنه قال‪":‬تعلموا العلم‬
‫وعلّموه للناس‪ ،‬وتعلّموا له الوقار والسكينة‪ ،‬وتواضعوا لن تعلمتم منه‪ ،‬ولن علمتموه‪ ،‬ول تكونوا جبابرة‬
‫العلماء‪ ،‬فليقوم جهلكم بعلمكم" (جامع بيان العلم وفضله (‪.). )1/135‬‬
‫وقد أوصى المام الجري من يعلّم القرآن بالتواضع فقال‪":‬ويتواضع لن يلقنه القرآن‪ ،‬ويقبل عليه إقبالً جيلً"‬
‫(أخلق أهل القرآن للجري (‪. ). )111‬‬
‫وقال أيضا رحه ال‪":‬وينبغي لن قرأ عليه القرآن فأخطأ عليه أو غلط أل يعنفه‪ ،‬وأن يرفق به‪ ،‬ول يفو عليه‪ ،‬فإن‬
‫ل آمن أن يفو عليه فينفر عنه‪ ،‬وبالري أل يعود إل السجد"(أخلق أهل القرآن للجري (‪. ). )120‬‬
‫قال المام النووي‪":‬وينبغي له أل يتعظم على التعلمي‪ ،‬بل يلي لم ويتواضع‪ ،‬فقد أمر بالتواضع لحاد الناس‪،‬‬
‫قال ال تعال ‪[ :‬واخفض جناحك للمؤمني] وعن عياض بن حار‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬قال ‪ :‬قال رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪":‬إن ال أوحى إل أن تواضعوا "رواه مسلم‪.‬‬
‫وعن أب هريرة‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪":‬ما نقصت صدقة من مال‪ ،‬وما زاد‬
‫ال عبدا بعفو إل عزّا‪ ،‬وما تواضع أحدٌ ل إل رفعه ال" رواه مسلم‪ ،‬فهذا التواضع لطلق الناس فكيف بؤلء‬
‫الذين هم كأولده مع ما هم عليه من اللزمة لطلب العلم‪ ،‬ومع ما لم عليه من حق الصحبة وترددهم إليه‪،‬‬
‫واعتمادهم عليه‪ ،‬وف الديث عن النب صلى ال عليه وسلم‪ ":‬لينوا لن تُعلّمون‪ ،‬ولن تتعلّمون منه" وعن‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫الفضيل بن عياض رحه ال"أن ال عز وجل يب العال التواضع‪ ،‬ويبغض العال البار‪ ،‬ومن تواضع ل تعال ورّثه‬
‫الكمة" أ‪.‬هـ(الجموع شرح الهذب (‪. ))1/30‬‬
‫وقد يكون الرء ف موقع يرى منه الناس ما ليرونه ف أنفسهم‪ ،‬فيكبونه‪ ،‬وينلونه فوق منلته‪ ،‬والدرس من‬
‫أكثر الناس عرضة لذلك‪ ،‬فالري به أن"يعرف قدر نفسه فل ينخدع با يقال عنه‪ ،‬وليركن إل ثناء أحد عليه‪،‬‬
‫ول يدخله العجب والغرور با يرى من كثرة طلب العلم حوله" (إعداد العلم من منظور التربية السلمية‪ .‬د‬
‫عبدال بن عبدالميد ممود (‪. ).)225‬‬
‫سابعا‪ :‬العناية بالطالب الوهوب ‪:‬‬
‫لقد خلق ال الناس معادن وطاقات متفاوتة كما قال صلى ال عليه و سلم ‪":‬الناس معادن‪ ،‬خيارهم ف الاهلية‬
‫خيارهم ف السلم إذا فقهوا "(رواه البخاري (‪ )3383‬ومسلم ( ‪.) . ) 2638‬‬
‫وقال‪":‬مثل ما بعثن ال به من الدى والعلم كمثل الغيث الكثي أصاب أرضا‪ ،‬فكان منها نقية قبلت الاء فأنبتت‬
‫الكل والعشب الكثي‪ ،‬وكانت منها أجادب أمسكت الاء فنفع ال با الناس فشربوا وسقوا وزرعوا‪ ،‬وأصابت‬
‫منها طائفة أخرى إنا هي قيعان ل تسك ماء ول تنبت كل‪ ،‬فذلك مثل من فقه ف دين ال ونفعه ما بعثن ال به؛‬
‫فَ َع ِل َم وعلّم‪ ،‬ومثل من ل يرفع بذلك رأسا‪ ،‬ول يقبل هدى ال الذي أرسلت به"(رواه البخاري ( ‪ ) 79‬ومسلم (‬
‫‪. ) . ) 2282‬‬
‫ولقد كان سلف المة ‪ -‬رحهم ال ‪ -‬يعنون بذلك أيا عناية‪ ،‬روى ابن عبد الب ف الامع عن عبد اللك بن عبد‬
‫العزيز بن سلمة بن أب الاجشون قال‪:‬أتيت النذر بن عبدال الزامي وأنا حديث السن‪ ،‬فما رآن اهتز إل على‬
‫غيي لا رأى ف بعض الفصاحة‪ ،‬فقال ل‪:‬من أنت؟ فقلت له‪ :‬عبد اللك بن عبدالعزيز بن أب سلمة‪.‬‬
‫فقال‪":‬اطلب العلم فإن معك حذاءك وسقاءك"(جامع بيان العلم وفضله (‪.))1/86‬‬
‫ومصطلح الوهوب أوسع وأشل من أن يقتصر على من يتمتع بقدر أكب من الذكاء‪ ،‬فهو يشمل كل من يلك‬
‫قدرات خاصة تؤهله للتفوق ف أي مال من الجالت‪ ،‬فالشعر والطابة والكتابة مواهب‪ ،‬والقدرات العملية‬
‫والقيادية كذلك‪.‬‬
‫ونأسف حي نرى الغرب الكافر يعتن بالوهوبي‪ ،‬ويسن لرعايتهم أنظمة خاصة‪ ،‬ويقيم فصولً ومدارس خاصة‬
‫بم‪ ،‬ف حي يلقون غاية الهال لدى السلمي‪ ،‬فتقام ف أمريكا سنويا مسابقة لختيار الختراعات الت يتقدم با‬
‫الطفال(‪ )13-5‬سنة‪ ،‬وأقيمت مسابقة عام ‪1992‬م ف واشنطن وشارك فيها ‪ 51‬طفل من فازوا ف التصفيات‬
‫الت جرت على مستوى الوليات التحدة‪ ،‬وابتداءً من شهر أغسطس الاضي عرضت الختراعات الفائزة ف‬
‫متحف التاريخ المريكي جنبا إل جنب مع الختراعات المريكية الخرى‪ ،‬كبادرة لتشجيع الخترعي الصغار‬
‫(جريدة الرياض ( ‪1413 /3 / 7 ) 838 8‬هـ ) ‪.‬‬
‫فحي ترى طالبا يفوق غيه ف قدراته‪ ،‬فماذا أنت صانع نوه؟ وهل فكرت أن عليك أن تنظر له نظرة غي‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫أقرانه؟ وأن توليه رعايةً واهتماما يليقان به؟ أليست هذه الطاقات هي الؤهلة لتتبوأ الكانة الجتماعية أو العلمية‬
‫والفكرية ف الجتمع؟ وصلحها ينتج عنه خي كثي‪.‬‬
‫ونستطيع أن نرسم لنفسنا هدفي رئيسي ف التعامل مع الوهوب‪:‬‬
‫الدف الول‪:‬‬
‫أن نسلك به طريق الستقامة والصلح‪ ،‬ويسي ف ركب جيل الصحوة‪ ،‬وهذا هو الطلب الول والساس‪،‬‬
‫والضمانة لستثمار هذه الطاقة وتوجيهها‪.‬‬
‫الدف الثان‪:‬‬
‫قد يعجز الدرس عن التأثي التام على الوهوب وجلبه لتيار الي والستقامة والتغيي الذري لديه‪ ،‬فل أقل من‬
‫أن يزرع لديه حب الي وأهله‪ ،‬والولء للدين‪ ،‬واستغلل طاقته وموهبته ف خدمة دين ال‪ ،‬فهذا من تام شكر‬
‫نعمة ال عليه‪.‬‬

‫البحث الثان‪ :‬صفات سلبية‬


‫لئن كانت هناك صفات إيابية ينبغي للمعلم أن يتحلى با‪ ،‬فهناك صفات سلبية ينبغي له أن يتأى عنها ويتجنبها‪،‬‬
‫ومن أبرز تلك الصفات ‪:‬‬
‫‪ -1‬الستكبار عن قبول الق‪:‬‬
‫قد يكون لدى أحد طلبتك علم ف مسألة معينة ليس عندك‪ ،‬أو سع فيها ما ل تسمع‪ ،‬أو يتضح لك بعد النقاش‬
‫أن الق بلف ما قلته‪ ،‬فهل فكرت ف كسر حاجز الوى‪ ،‬وقبول الق والنتصار على الوهم الذي يوحي إليك‬
‫أن هذا يغض من شأنك؟ بل فيه الرفعة والثقة‪ ،‬فالناس كل الناس يدركون أنه ل كمال لبشر‪ ،‬وأنه ما من أحد‬
‫من كبار أهل العلم إل وتعزب عنه شاردة أو واردة‪ ،‬فكيف ب وبك؟ بل إن العتراف بالق يزيد تلمذتك ثقة‬
‫أنك ل تقول إل ما تعلم‪ ،‬ول تنطق إل با توقن‪.‬‬
‫لذا فيعد المام النووي من صفات العلم أن‪":‬ليستنكف عن التعلم من هو دونه‪ ،‬ف سن‪ ،‬أو نسب‪ ،‬أو شهرة‪،‬‬
‫أو دين‪ ،‬أو ف علم آخر‪ ،‬بل يرص على الفائدة من كانت عنده‪ ،‬وإن كان دونه ف جيع هذا"(لجموع شرح‬
‫الهذب (‪.) . )1/29‬‬
‫‪ - 2‬حسد الطالب‪:‬‬
‫السد سلوك شاذ يصدر عن أصحاب النفوس الريضة حي ترى من فاقها ف أمر من أمور الدنيا الفانية‪ ،‬وهو‬
‫يمل علوة على خبث الطوية سخطا على قضاء ال وعدم رضا بعطائه؛ لذا فالدرس أعظم قدرا‪ ،‬وأعلى شأنا‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫من أن يمل ف قلبه حسدا أو غلً تاه أحد أبنائه؛ خاصة حي يفوقه‪ ،‬وهو مسلك حذر منه السلف الصال‪.‬‬
‫قال المام النووي‪":‬ول يسد أحدا منهم لكثرة تصيله‪ ،‬فالسد حرا ٌم للجانب وهنا أشد؛ لنه بنلة الوالد‪،‬‬
‫وفضيلته يعود إل معلمه منها نصيبٌ وافرٌ؛ فإنه مربيه‪ ،‬وله ف تعليمه وتريه ف الخرة الثواب الزيل‪ ،‬وف الدنيا‬
‫الدعاء الستمر والثناء الميل"(الجموع شرح الهذب (‪.). )1/33‬‬

‫‪ - 3‬الفتيا بغي علم‪:‬‬


‫ما أكثر ما يأتيك أخي الدرس السؤال والستفتاء من طلبتك فهل روّضت نفسك على أن تقول لا لتعلم ل‬
‫أعلم؟ فمن حرم ل أدري أصيبت مقاتله‪ ،‬وهل وضعت نصب عينيك قوله تعال ‪ [ :‬قل إنا حرم رب الفواحش ما‬
‫ظهر منها وما بطن والث والبغي بغي الق وأن تشركوا بال ما ل ينل به سلطانا وأن تقولوا على ال ما ل‬
‫تعلمون] (العراف ‪ .)33 :‬وقوله سبحانه ‪[ :‬ل تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك‬
‫كان عنه مسؤولً] (السراء ‪ . )36 :‬وأجرأ الناس على الفتيا أقلهم علما كما قال سحنون ‪.‬‬
‫عقد المام ابن عبد الب ف جامع بيان العلم وفضله بابا بعنوان‪( :‬ما يلزم العال إذا سئل عما ل يدريه من وجوه‬
‫العلم) وروى بسنده عن عبد الرحن بن مهدي قال‪ :‬كنا عند مالك بن أنس فجاء رجل فقال‪ :‬يا أبا عبد ال‪،‬‬
‫جئتك من مسية ستة أشهر حّلن أهلُ بلدي مسألةً أسألك عنها‪ .‬قال‪ :‬فسل‪ .‬قال‪:‬فسأله الرجل عن السألة‪.‬‬
‫فقال‪ :‬ل أحسنها‪ .‬قال‪ :‬فبهت الرجل كأنه قد جاء إل من يعلم كل شيء‪ .‬قال‪:‬أي شيء أقول لهل بلدي إذا‬
‫رجعت إليهم؟ قال‪ :‬تقول لم‪ :‬قال مالك ‪ :‬ل أحسن"(امع بيان العلم وفضله (‪. ) . )2/53‬‬
‫وقال مالك رحه ال‪":‬ينبغي للعال أن يألف فيما أشكل عليه قول ل أدري‪ ،‬فإنه عسى أن يهيأ له خي"‪ .‬قال ابن‬
‫وهب‪ :‬وكنت أسعه كثيا ما يقول‪ :‬ل أدري‪ .‬وقال ف موضع آخر‪":‬لو كتبنا عن مالك ل أدري للنا‬
‫اللواح"(جامع بيان العلم وفضله ( ‪.). )54-2/53‬‬
‫ولذا يوصي ابن جاعة العلم بذلك فيقول‪":‬واعلم أن قول السئول ل أدري ل يضع من قدره كما يظنه بعض‬
‫الهلة‪ ،‬بل يرفعه؛ لنه دليل عظيم على عظم مله‪ ،‬وقوة دينه‪ ،‬وتقوى ربه‪ ،‬وطهارة قلبه‪ ،‬وكمال معرفته وحسن‬
‫تثبته‪ ،‬وقد روينا معن ذلك عن جاعة من السلف‪ ،‬وإنا يأنف من قول ل أدري من ضعفت ديانته‪ ،‬وقلت معرفته؛‬
‫لنه ياف من سقوطه من أعي الاضرين‪ ،‬وهذه جهالة ورقة دين‪ ،‬وربا يشهر خطؤه بي الناس فيقع فيما فرّ‬
‫منه‪ ،‬ويتصف عندهم با احترز عنه‪ ،‬وقد أدب ال تعال العلماء بقصة موسى مع الضر حي ل يرد موسى عليه‬
‫السلم العلم إل ال تعال لا سئل هل أحد ف الرض أعلم منك" (تذكرة السامع والتكلم (‪.) . )43-42‬‬
‫وقال المام النووي‪":‬وإذا سئل عن شيء ل يعرفه أو عرض ف الدرس ما ل يعرفه فليقل ل أعرفه ول أتققه‪ ،‬ول‬
‫يستنكف من ذلك‪ ،‬فمِن ِعلْم العال أن يقول لا ل يعلم‪ :‬ل أعلم‪ ،‬أو ال أعلم‪ .‬فقد قال ابن مسعود ‪ -‬رضي ال‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫عنه ‪ " : -‬يا أيها الناس‪ ،‬من علم شيئا فليقل به‪ ،‬ومن ل يعلم فليقل‪ :‬ال أعلم‪ ،‬فإن من العلم أن يقول لا ل يعلم‬
‫‪ :‬ال أعلم‪ ،‬قال ال تعال لنبيه صلى ال عليه وسلم ‪[ :‬قل ما أسألكم عليه من أج ٍر وما أنا من التكلفي] رواه‬
‫البخاري‪ .‬وقالوا‪ :‬ينبغي للعال أن يورث لصحابه ل أدري‪ ،‬معناه يكثر منها‪ ،‬وليعلم أن معتقد الحققي أن قول‬
‫العال ل أدري ل يضع منلته‪ ،‬بل هو دليل على عظم مله وتقواه‪ ،‬وكمال معرفته؛ لن التمكن ل يضره عدم‬
‫معرفته مسائل معدودة‪ ،‬بل يستدل بقوله ل أدري على تقواه‪ ،‬وأنه ل يازف ف فتواه‪ .‬وإنا يتنع من ل أدري مَنْ‬
‫قلّ علمه‪ ،‬وقصرت معرفته‪ ،‬وضعفت تقواه؛ لنه ياف لقصوره أن يسقط من أعي الاضرين‪ ،‬وهو جهالة منه‪،‬‬
‫فإنه بإقدامه على الواب فيما ل يعلمه‪ ،‬يبوء بالث العظيم‪ ،‬ول يرفعه ذلك عما عرف له من القصور بل يستدل‬
‫به على قصوره؛ لنا إذا رأينا الحققي يقولون ف كثي من الوقات ل أدري‪ ،‬وهذا القاصر ل يقولا أبدا علمنا‬
‫أنم يتورعون لعلمهم وتقواهم‪ ،‬وأنه يازف لهله وقلة دينه‪ ،‬فوقع فيما فرّ عنه‪ ،‬واتصف با احترز منه‪ ،‬لفساد‬
‫نيته‪ ،‬وسوء طويته‪ ،‬وف الصحيح عن رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪":‬التشبع با ل يعط كلبس ثوب‬
‫زور"(الجموع شرح الهذب (‪. ) )1/34‬‬
‫‪ - 4‬كثرة الزاح‪:‬‬
‫ل شك أن الترويح‪ ،‬والدعابة اللطيفة وإذهاب اللل أمر مطلوب‪ ،‬وقد كان صلى ال عليه وسلم يداعب أصحابه‬
‫ول يقول إل حقاّ (رواه الترمذي ( ‪ ) 1991‬ورواه أيضا ف الشمائل ( ‪ ) 202‬وقال ‪ :‬حسن صحيح ‪ ).‬لكن‬
‫الزاح حي يكثر يصبح له أثر آخر يذرنا منه الطيب البغدادي قائلً‪":‬يب أن يتقي الزاح ف ملسه؛ فإنه يسقط‬
‫الشمة‪ ،‬ويقل اليبة"‪ .‬وساق بإسناده إل الحنف بن قيس قال‪ :‬قال ل عمر بن الطاب‪":‬يا أحنف‪ ،‬من كثر‬
‫ضحكه قلت هيبته‪ ،‬ومن أكثر من شيء عرف به‪ ،‬ومن مزح استخف به"(الامع لخلق الراوي وآداب السامع‬
‫( ‪. ) . ) 2/50‬‬
‫وقال ممد بن النكدر‪ :‬قالت ل أمي‪ :‬يا بن‪ ،‬ل تازح الصبيان فتهون عليهم"(الامع لخلق الراوي وآداب‬
‫السامع (‪. ). )2/150‬‬
‫وحي يكثر الدرس من الزاح فسوف يسقط قدره وتقل هيبته ويهون على تلمذته‪ ،‬ناهيك عن أن من أهم ما‬
‫يُنتظر من الدرس ومعلم اليل أن يكون قدوة صالة‪ ،‬وأن يسهم ف غرس الد والثابرة لدى أبنائه‪ ،‬والسفاف‬
‫ف الزاح وكثرة الزل يعطيهم قدوة سيئة ف ذلك‪.‬‬
‫‪ -5‬استخدام الطلبة ف المور الشخصية‪:‬‬
‫أل ترى أنه ما ل يليق بالدرس أن يستخدم طلبه ف أموره الشخصية‪ ،‬ويكلفهم با مهما هانت ؟ ييبنا على هذا‬
‫التساؤل الافظ ابن جاعة فيقول‪":‬وكذا ينهه ‪ -‬علمه ‪ -‬من طمع ف رفق من طلبته بال أو خدمة أو غيها‬
‫بسبب اشتغالم عليه وترددهم إليه"(تذكرة السامع والتكلم ( ‪ ). ) 19‬اللهم إل أن تكون حاجة عامة غي‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫شخصية‪ ،‬وف اشتغال العلم با تضييع لوقته‪ ،‬وهذا الطالب من خاصته فل حرج حينئذ بل إنه يتشرف بدمته‪،‬‬
‫مادام يشعر أن ذلك ليس لشخصه فقط‪.‬‬
‫‪ -6‬الوقوع ف مواطن التهم‪:‬‬
‫الرء مسئول عن نفسه‪ ،‬وعليه أن يبعدها عن مواضع التهم كما قال ابن جاعة‪":‬وكذلك يتجنب مواضع التهم‬
‫وإن بعدت‪ ،‬ول يفعل شيئا يتضمن نقص مروءة‪ ،‬أو ما يستنكر ظاهرا‪ ،‬وإن كان جائزا باطنا؛ فإنه يعرض نفسه‬
‫للتهمة‪ ،‬وعرضة للوقيعة‪ ،‬ويوقع الناس ف الظنون الكروهة‪ ،‬وتأثيم الوقيعة‪ ،‬فإن اتفق وقوع شيء من ذلك لاجة‬
‫أو نوها‪ ،‬أخب من شاهده بكمه‪ ،‬وبعذره ومقصوده كيل يأث بسببه‪ ،‬أو ينفر عنه فل ينتفع بعلمه‪ ،‬ولذلك قال‬
‫النب صلى ال عليه وسلم للرجلي لا رأياه يتحدث مع صفية فوليا ‪":‬على رسلكما إنا صفية" ث قال‪":‬إن‬
‫الشيطان يري من ابن آدم مرى الدم‪ ،‬فخفت أن يقذف ف قلوبكما شيئا(رواه البخاري (‪ )3281‬ومسلم (‬
‫‪ ").)2175‬ا‪.‬هـ‪( .‬تذكرة السامع والتكلم (‪). )20-19‬‬
‫‪ -7‬سرعة النفعال ولغة التهديد‪:‬‬
‫من لوازم حسن اللق الترفع عن سرعة النفعال وشدة الغضب‪ ،‬واستبعاد لغة التهديد‪ ،‬ومن أسوأ الساليب الت‬
‫ل ين منها الدرس إل الكراهية من طلبه بل استخفافهم وسخريتهم‪:‬التهديد با يعلم الطلب أنه لن يفعله‪.‬‬
‫وعناية الدرس بانضباط الفصل وهدوئه ينبغي أل تكون على حساب التربية‪ ،‬وعلقته مع الطلب‪.‬‬
‫والغلب أن تكون هذه الواقف ردة فعل لسلوكيات ومالفات ل ترقى لجم هذه العقوبة والقسوة‪ ،‬ويكن‬
‫تاوزها بإشارة‪ ،‬أو تنبيه لطيف يزيلها ويفظ للمدرس وقاره وقدره‪.‬‬
‫‪ - 8‬السخرية من الطالب واحتقاره‪:‬‬
‫قال عز وجل ‪ [ :‬يا أيها الذين آمنوا ل يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيا منهم ول نساء من نساء عسى‬
‫أن يكن خيا منهن ول تلمزوا أنفسكم ول تنابزوا باللقاب بئس السم الفسوق بعد اليان ومن ل يتب فأولئك‬
‫هم الظالون] (الجرات‪ )11:‬وشدد النب صلى ال عليه وسلم من أمر السخرية بالسلم فقال‪":‬بسب امرئ من‬
‫الشر أن يقر أخاه السلم"(رواه مسلم (‪.) .)2564‬‬
‫لقد جع ال سبحانه وتعال بي قلوب عباده الؤمني بامع الخوة‪ ،‬وربط بينهم برابطة التقوى‪ ،‬تلك الخوة‬
‫والرابطة الت تذوب عندها كل الفواصل الرضية والنعرات الاهلية‪ ،‬ويستوي فيها الصغي والكبي‪ ،‬والشريف‬
‫والوضيع‪ ،‬ومن الخلل بذا الدب الذي أدبنا ال به ف كتابه‪ ،‬ومن ارتكاب الشر الذي نانا عنه صلى ال عليه‬
‫وسلم أن نتقر الطالب ونسخر منه‪ ،‬فنحرجه أمام زملئه؛ فقد ييب إجابة‪ ،‬أو يسأل سؤالً‪ ،‬أو يقع ف خطأ ما‪،‬‬
‫فهل يعن هذا أن نرغ كل معان اللق الفاضل لنوجه له سخرية لذعة؟‬
‫إن إيغار صدره على معلمه‪ ،‬ورده لا يسمع منه‪ ،‬ومشاركة سائر الطلبة له مشاعر السخط‪ ،‬كل ذلك نتيجة‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫منطقية وبدهية لسلوب السخرية الذي يارسه بعض العلمي‪.‬‬


‫فهل أدبنا أنفسنا بالدب الشرعي‪ ،‬ووزنا ألفاظنا قبل أن نتفوه با؟‬
‫ويذكر أستاذنا د‪ .‬ممد عبد العليم مرسي قصة تصور النتيجة الت يكن أن يصل إليها الطالب حي يعامل‬
‫بالسخرية والحتقار فيقول‪ ":‬ول زلت أذكر حت الن‪ ،‬منذ كنت طالبا أن زميلً ل ف بداية الرحلة الثانوية‪،‬‬
‫ن متلفا عما قاله الستاذ… وكانت كارثة‪.‬‬
‫وقف ليخب مدرس اللغة النليزية أنه قد نظر ف القاموس فوجد مع ً‬
‫لقد استلمه الستاذ سخريةً واستهزا ًء وانسحب الولد صامتا‪ ،‬ول ينته المر عند هذا الد‪ ،‬بل قد صارت عادةً‬
‫للمعلم الذكور كل يوم أن يدخل إل الفصل ليبادر بالسؤال‪ :‬أين صاحبنا الباحث ف القاموس؟ أين قاموسنا‬
‫اليوم؟ وهكذا والطلب يضحكون من زميلهم‪ ،‬إما ماملة للستاذ‪ ،‬وإما عدم فهم لالة زميلهم السكي الذي‬
‫انسحب تاما من درس اللغة النليزية"(لعلم والناهج وطرق التدريس ‪ .‬د‪ .‬ممد عبد العليم مرسي (‪.).)99‬‬
‫‪ - 9‬غيبة الطلب‪:‬‬
‫يدور الديث كثيا بي العلمي فيما يتعلق بالطلب‪ ،‬وقد يتد هذا الديث إل الوقوع ف أعراضهم‪ .‬وتري‬
‫الغيبة ما ل يشك فيه مسلم‪ ،‬قال تعال ‪[ :‬ول يغتب بعضكم بعضا أيب أحدكم أن يأكل لم أخيه ميتا‬
‫فكرهتموه واتقوا ال إن ال تواب رحيم] ‪(.‬الجرات‪ )12 :‬ويشبّه النب صلى ال عليه وسلم تري عرض‬
‫السلم بتشبيه بليغ‪ ،‬إذ يقول‪":‬إن دماءكم‪ ،‬وأموالكم‪ ،‬وأعراضكم عليكم حرام‪ ،‬كحرمة يومكم هذا‪ ،‬ف شهركم‬
‫هذا‪ ،‬ف بلدكم هذا" (رواه البخاري (‪ )67‬ومسلم (‪) )1679‬ويعرفها صلى ال عليه وسلم بتعريف جامع مانع‬
‫بأنا‪":‬ذكرك أخاك با يكره"(رواه مسلم (‪.))2589‬‬
‫فالطالب أخ لك أيها العلم‪ ،‬وذكرك له با يكره من الغيبة الت هي أرب الربا‪ ":‬إن من أرب الربا الستطالة ف‬
‫عرض السلم بغي حق"(رواه أحد (‪ )1354‬وأبو داود (‪. ))4876‬‬
‫‪ -10‬إملل الطالب‪:‬‬
‫عقد الطيب البغدادي ف كتابه الامع لخلق الراوي وآداب السامع بابا بعنوان‪( :‬كراهة إملل السامع‬
‫وإضجاره بطول إملء الحدث وإكثاره)‪.‬‬
‫وقال‪ " :‬ينبغي للمحدث أل يطيل الجلس الذي يرويه‪ ،‬بل يعله متوسطا ويقتصد فيه؛ حذرا من سآمة السامع‬
‫وملله‪ ،‬وأن يؤدي ذلك إل فتوره عن الطلب وكسله‪ .‬فقد قال أبو العباس ممد بن يزيد البد فيما بلغن عنه‪:‬‬
‫من أطال الديث وأكثر القول فقد عرّض أصحابه للملل وسوء الستماع‪ .‬ولن يدع من حديثه فضلة يعاد‬
‫إليها أصلح من أن َي ْفضُل عنه ما يلزم الطالبَ استماعُه من غي رغبة فيه ول نشاط له" (لامع لخلق الراوي‬
‫وآداب السامع (‪. ). )2/127‬‬
‫وروى بإسناده أن عبيد بن عمي دخل على عائشة ‪ -‬رضي ال عنها‪ -‬فقالت له‪":‬أل أحدث أنك تلس ويلس‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫إليك؟ قال‪ :‬بلى‪ .‬قالت‪ :‬فإياك وإملل الناس وتقنيطهم"‪.‬‬


‫وروى عن الوليد بن مزيد البيوت قال‪":‬الستمع أسرع مللً من التكلم"(لامع لخلق الراوي وآداب السامع‬
‫(‪. ). )1/130‬‬
‫ومع نيهم عن طول الجلس الذي يؤدي لملل الطالب‪ ،‬فقد دعوا لزالة اللل عنه وإذهاب السآمة فعقد‬
‫الطيب ف الامع بابا بعنوان (ختم الجلس بالكايات ومستحسن النوادر والنشادات)(لامع لخلق الراوي‬
‫وآداب السامع (‪ . ). )2/129‬وأورد فيه بعض الثار ف ذلك منها‪-:‬‬
‫ما رواه بإسناده عن علي‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬أنه قال‪ ":‬روّحوا القلوب وابتغوا لا طرف الكمة؛ فإنا تل كما تل‬
‫البدان"‪.‬‬
‫وروى عن الزهري أنه كان يقول لصحابه‪":‬هاتوا من أشعاركم‪ ،‬هاتوا من حديثكم؛ فإن الذن مّة‪ ،‬والقلب‬
‫حَمِض"‪.‬‬
‫وروى عن كثي بن أفلح أنه قال‪" :‬آخر ملس جالَسْنا فيه زيد بن ثابت تناشدنا فيه الشعر"(لامع لخلق‬
‫الراوي وآداب السامع ( ‪. ). ) 130 - 2/129‬‬
‫‪ -11‬تعليم الطالب ما ل يدرك‪:‬‬
‫قد تبلغ الماسة بالعلم والرص على تعليم طلبه إل أن يسعى لتعليمهم ما قد يصعب عليهم فهمه‪ ،‬أو يكون‬
‫مدعاة للتخليط واللبس‪.‬ولذا نى السلف عن ذلك‪.‬‬
‫قال علي ‪ -‬رضي ال عنه ‪ ":-‬حدثوا الناس با يعرفون‪ ،‬أتبون أن يُكذّب ال ورسوله؟"(رواه البخاري (‬
‫‪.).)127‬‬
‫وقال ابن مسعود ‪ -‬رضي ال عنه‪": -‬ما أنت مدث قوما حديثا ل تبلغه عقولم إل كان لبعضهم فتنة"(رواه‬
‫مسلم ف مقدمة الصحيح‪.).‬‬
‫ويرى الغزال أن من وظيفة العلم"أن يقتصر بالتعلم على قدر فهمه‪ ،‬فل يلقي إليه ما ل يبلغه عقله؛ فينفره أو‬
‫يبط عليه عقله" (إحياء علوم الدين (‪. ).)1/96‬‬
‫قال المام النووي‪":‬ول يلق إليه شيئا ل يتأهل له‪ ،‬لئل يفسد عليه حاله‪ ،‬فلو سأله التعلم عن ذلك ل يبه‪ ،‬ويعرفه‬
‫أن ذلك يضره ولينفعه‪ ،‬وأنه ل ينعه من ذلك شحّا‪ ،‬بل شفقة ولطفا"(الجموع شرح الهذب (‪. ). )1/30‬‬
‫‪ -12‬انتقاد الدرسي الخرين أو موادهم‪:‬‬
‫قد يلحظ الدرس على بعض زملئه ملحظا‪ ،‬أو يكون له وجهة نظر تاهه ف سلوكه‪ ،‬أو أسلوبه ف التدريس‪ ،‬أو‬
‫ف تعامله مع طلبه‪ .‬لكن هذه اللحوظة مهما عل شأنا فل يسوغ أن تدفع الدرس إل التصريح بانتقاد زميله‬
‫أمام الطلب‪ ،‬أو الياء لذلك والشارة إليه‪.‬‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫ومثل ذلك الديث عن مادة معينة‪ ،‬وعدم صلحيتها للتدريس‪ ،‬فهذا ما ل يقدم وليؤخر‪ ،‬وليفيد الطالب شيئاً‪.‬‬

‫وهو مسلك كان ينهى عنه الولون كما قال أبو حامد الغزال‪":‬إن التكفل ببعض العلوم ينبغي أل يقبح ف نفس‬
‫التعلم العلوم الت وراءه‪ ،‬كمعلم اللغة إذ عادته تقبيح علم الفقه‪ ،‬ومعلم الفقه إذ عادته تقبيح الديث‬
‫والتفسي"(إحياء علوم الدين (‪. ).)1/96‬‬

‫الفصل الرابع ‪ :‬الدرس والتوجيه‬

‫ينظر بعض الدرسي لهمته نظرة قاصرة؛ فيختزلا ف زاوية ضيقة تتمثل ف سرد معلومات مددة على الطلب‬
‫بعد حفظه لا واستظهارها‪ ،‬أما ما سوى ذلك من كل ما يص سلوك الطالب وحياته فل يعنيه ف قليل ول كثي‪.‬‬
‫ورفض هذا الصنف ل يعن قبول الصنف الخر الذي يبالغ ف الستطرادات على حساب النهج الدراسي‪ ،‬فهو‬
‫ف واد ومنهجه ف واد آخر‪ ،‬والوسط ف كل المور سة السلم‪ ،‬وكل طرف قصد المور ذميم‪.‬‬
‫ولقد كان سلف المة يشعرون أن دور الدرس ل ينتهي عند هذا الد‪ ،‬أو ينحصر ف هذه الزاوية الادة الت‬
‫نراها الن‪ ،‬فتتتابع وصايا سلف المة للمعلم ف أن يأخذ بأيدي تلمذته إل الي ويأمرهم به‪ ،‬وينهاهم عما‬
‫يالفه‪.‬‬
‫قال سحنون‪" :‬وينبغي للمعلم أن يأمرهم بالصلة إذا كانوا بن سبع سني‪ ،‬ويضربم عليها إذا كانوا بن عشر‪،‬‬
‫وكذلك قال مالك‪ .‬قال سحنون‪ :‬ويلزمه أن يعلمهم الوضوء والصلة؛ لن ذلك دينهم‪ ،‬وعدد ركوعها‬
‫وسجودها والقراءة فيها والتكبي‪ ،‬وكيف اللوس والحرام والسلم‪ ،‬وما يلزمهم ف الصلة‪ ،‬والتشهد والقنوت‬
‫ف الصبح… وليتعاهدهم بتعليم الدعاء ليغبوا إل ال‪ ،‬ويعرفهم عظمته وجلله ليكبوا على ذلك‪ ،‬وإذا أجدب‬
‫الناس واستسقى بم المام‪ ،‬فأحب للمعلم أن يرج بم‪ ،‬من يعرف الصلة منهم‪ ،‬وليبتهلوا إل ال بالدعاء‬
‫ويرغبوا إليه… وينبغي له أن يعلمهم سنن الصلة مثل ركعت الفجر والوتر وصلة العيدين والستسقاء‬
‫والسوف‪ ،‬حت يعلمهم دينهم الذي تعبدهم ال به‪ ،‬وسنة نبيهم صلى ال عليه وسلم … ول يس الصب‬
‫الصحف إل على وضوء‪ ،‬وليأمرهم بذلك حت يتعلموه‪ .‬قال‪ :‬وليعلمهم الصلة على النائز والدعاء عليها؛ فإنه‬
‫من دينهم"(آداب العلمي لبن سحنون ‪ .‬مصدر سابق (‪.). )122‬‬
‫وقال المام النووي‪":‬وينبغي أن يؤدب التعلم على التدريج بالداب السنية‪ ،‬والشيم الرضية‪ ،‬ورياضة نفسه‬
‫بالداب والدقائق الفية‪ ،‬وتعوده الصيانة ف جيع أموره الكامنة واللية‪ .‬فأول ذلك أن يرضه بأقواله وأحواله‬
‫التكررات على الخلص والصدق وحسن النيات‪ ،‬ومراقبة ال تعال ف جيع اللحظات‪ ،‬وأن يكون دائما على‬
‫ذلك حت المات‪ ،‬ويعرفه أن بذلك تنفتح عليه أبواب العارف‪ ،‬وينشرح صدره‪ ،‬وتتفجر من قلبه ينابيع الكم‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫واللطائف‪ ،‬ويبارك له ف حاله وعلمه‪ ،‬ويوفق للصابة ف قوله وفعله وحكمه‪ ،‬ويزهّده ف الدنيا ويصرفه عن‬
‫التعلق با‪ ،‬والركون إليها‪ ،‬والغترار با‪ ،‬ويذكّره أنا فانية‪ ،‬والخرة آتية باقية‪ ،‬والتأهب للباقي والعراض عن‬
‫الفان هو طريق الازمي ودأب عباد ال الصالي" (الجموع شرح الهذب (‪. ). )1/30‬‬
‫وقبل الديث عن التوجيه وما يتعلق به‪ ،‬أو ّد التأكيد على ما سبق ف القدمة من أن التوجيه الجرد وحده‬
‫ليكفي‪ ،‬بل لبد أن ننتقل نقلة أخرى‪ ،‬لنتعلم فن التوجيه‪ ،‬ونتقن أساليب التأثي‪.‬‬
‫والن إليك بعض العال التعلقة بالتوجيه‪.‬‬
‫‪ - 1‬النهج الدراسي ‪:‬‬
‫إن وظيفة الدرس الرسية‪ ،‬وعمله الساس الذي يتقاضى عليه أجرا هو تدريس النهج القرر للطلب‪ ،‬لذا فعليه‬
‫أن يتقي ال‪ ،‬ويؤدي الواجب على أكمل وجه‪ ،‬فهو مؤتن عليه‪ ،‬وأول الناس برعاية المانة وحفظها هم الدعاة‬
‫إل ال‪ ،‬فاحرص أخي الكري على أداء واجب النهج مراعيا‪:‬‬
‫‪ - 1‬الستيعاب اليد للمادة العلمية‪.‬‬
‫‪ - 2‬الجتهاد ف حسن عرضها وإيصالا للطالب‪.‬‬
‫‪ - 3‬أداء ما يترتب على ذلك من الواجبات النظامية‪.‬‬
‫واعلم أخي الدرس أن من أهم عوامل قبول الطلب لدرسهم ومبتهم له ‪ :‬مدى ناحه ف إيصال العلومات لم‪،‬‬
‫وأنت حي تعتن بذلك ليس دافعك هو كسب مبة طلبك فقط‪ ،‬بل قبل ذلك كله أداء المانة الت اؤتنت‬
‫عليها‪.‬‬
‫أليس من التناقض والفارقات‪ ،‬أن يسمع الطلب من مدرسهم التوجيه‪ ،‬والث على معال المور‪ ،‬ويرون منه‬
‫الخلل بواجبه وأمانته؟ بل سترى كثيا منهم يفسر حرص هذا الدرس القصر ف أداء الواجب على التوجيه‪،‬‬
‫أن ذلك ماولة لتعويض النقص والفشل الذي يعان منه‪.‬‬
‫ب مهم ف بناء شخصية الطالب‪ ،‬والمة تتاج لن يمل العلم الواسع‪ ،‬والفكر الصيل‪.‬‬
‫ث إن العداد العلمي جان ٌ‬
‫والنهج الدراسي إنا وضع لتحقيق أهداف مددة؛ فعناية الدرس بذا الانب مساهة ف البناء العلمي للمة من‬
‫خلل إعداد أبنائها‪ ،‬ومساهة ف تقيق أهداف هذه البامج التعليمية والتربوية‪.‬‬
‫بل لاذا نفترض أن التوجيه ل يكن من خلل النهج الدراسي نفسه‪ ،‬أفل يستطيع الدرس الناجح أن يوظف‬
‫النهج لتحقيق الهداف التربوية والصلحية؟‬
‫‪-2‬ل تتقر الكلمة‪:‬‬
‫يتصور بعض الدرسي أن نتاجه إنا هو منحصر من خلل الطلبة الذين يتعامل معهم خارج الفصل الدراسي‬
‫سواء عن طريق النشطة الدراسية أو غيها‪ ،‬وهذا مال له أهيته‪ ،‬لكنه ليس الجال الوحيد؛ فالكلمة الت يقولا‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫العلم ف الفصل ل تذهب سدى‪ ،‬فالدرس قادر على توجيه أفكار الطلبة‪ ،‬وتصوراتم‪ ،‬واهتماماتم‪ ،‬ولكلماته‬
‫وتوجيهاته العامة مدى قد ل يدركه ول يتصوره‪.‬‬
‫وخارج أسوار الدرسة لبد أن يوجد من يمل أفكار مدرسه‪ ،‬وينقلها للخرين‪ ،‬ويتحمس لا ربا أكثر من‬
‫الدرس صاحب الفكرة‪ ،‬وذلك إنا يتم حي يقرأ الطلبة القتناع والماس لفكرتك على قسمات وجهك‪ ،‬قبل‬
‫أن تسمعها آذانم‪ ،‬وتتجاوز توجيهاتك الكلم الجرد‪ ،‬والماس العاطفي إل قناعة تسري لديك‪.‬‬
‫فل تتقر الكلمة أو تستهي با؛ فكثي هم أولئك الذين كان لكلمة واحدة أثرها ف توبتهم ورجوعهم إل ال‪ ،‬أو‬
‫توجههم للعلم وعنايتهم به‪ ،‬أو ضبط مسارهم‪ ،‬فل ترم نفسك هذا الي‪.‬‬
‫‪ - 3‬الدرس والبذرة الفية‪:‬‬
‫نتصور أحيانا أن جهدنا قد ذهب سدى‪ ،‬وأن كلماتنا قد انتهى مداها حيث نطقنا با‪ .‬لكن هناك كلمات تبقى‬
‫بذرة خفية‪ ،‬تؤت ثارها ف الوقت الذي يشاء ال؛ فقد يسمع شاب مُعرضٌ كلمة ناصحة من معلمه فتقع موقعا‬
‫من قلبه‪ ،‬ويقصر مداها عن أن تؤثر ف سلوكه‪ ،‬ولكن هذه البذرة ل تزال معلقة ف القلب‪ ،‬حت ييسر ال لا‬
‫الغيث فتؤت ثارها بإذن ال ولو بعد حي‪.‬‬
‫ومثل ذلك فتاة تعيش أوج مراهقتها‪ ،‬وعنفوان صبوتا‪ ،‬فتسمع من مدرستها كلمة تستقر ف سويداء قلبها؛ لتبقى‬
‫حت يأذن ال بسقيها واستوائها على سوقها‪.‬‬
‫إن هذه البذرة هي الت استقرت ف فؤاد جبي بن مطعم‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬فسمع النب صلى ال عليه وسلم ف‬
‫غزوة بدر يقرأ سورة الطور فقال‪":‬وذلك أول ما وقر اليان ف قلب" (رواه البخاري (‪ ).)4023‬ومع ذلك ل‬
‫يسلم ‪-‬رضي ال عنه‪ -‬إل بعد ذلك بسني‪.‬‬
‫‪ -4‬التلقي فرع عن الحبة‪:‬‬
‫إن للعلقة بي التلقي والحبة من التصال قدرا أكب ما قد نتصور أحيانا‪ ،‬فمن ل يغرس الحبة له ف نفوس‬
‫الطلب فكثيٌ ما يقوله ستكون نايته عندما يتلفظ به‪ ،‬ولن يأخذ طريقه نو القلوب‪ ،‬فضلً عن أن يتحول إل‬
‫رصيد عملي‪.‬‬
‫ومهما بلغ النسان ف التأثي وقوة النطق ورصانة الجة‪ ،‬فلن يكون أعلم‪ ،‬أو أفصح‪ ،‬أو أكثر تأثيا من النب‬
‫صلى ال عليه وسلم ومع ذلك قال ال سبحانه ف شأنه ‪ [ :‬ولو كنت فظا غليظ القلب لنفضوا من حولك]‬
‫[آل عمران ‪ .] 159 :‬فهو صلى ال عليه وسلم ‪ -‬مع ما أتاه ال سبحانه من وسائل التأثي‪ ،‬ومع شعور الناس‬
‫أن الق معه وحده ‪ -‬مأمور بأن يلي لصحابه وإل انفضوا عنه‪ .‬فكيف بغيه من يمل قائمة طويلة من صفات‬
‫القصور والنقص؛ فهو حي ل يظى بقبول تلمذته له سيون فيه من القصور ما يدعوهم لرفضه وإهال ما يقول؛‬
‫بل إل تفسي نصحه وتوجيهه على غي وجهه‪.‬‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫لذا يؤكد الرب ممد قطب على ذلك فيقول‪":‬والضمان لذلك هو الب‪ ...‬فما ل يشعر التلقي أن مربيه يبه‪،‬‬
‫ويب له الي‪ ،‬فلن يقبل على التلقي منه‪ ،‬ولو أيقن أن عنده الي كله‪ ،‬بل لو أيقن أنه لن يد الي إل عنده‪،‬‬
‫وأي خي يكن أن يتم بغي حب"(منهج التربية السلمية ( ‪.). ) 45/ 2‬‬

‫‪ - 5‬اقتصد ف الوعظة‪:‬‬
‫يدفع الرص أحيانا بعضا من العلمي إل كثرة التوجيه‪ ،‬وبيان الخطاء والسلوكيات الخالفة‪ ،‬ولكن الرص‬
‫وحده ليس معيار إصابة الق‪ ،‬أل ترى أن هذا السلوك يدعو إل إملل الطلب وسأمهم؟ ما يفقد الوعظة الدف‬
‫الراد منها‪ .‬إن صلتك بطلبك ولقاءك بم يتد على مدى عام كامل‪ ،‬وليست درسا عابرا أو لقاءً عاجلً حت‬
‫تقذف لم بكل ما عندك‪ ،‬وقبل ذلك كله فهذا مالف لدي النب صلى ال عليه وسلم ف القتصاد ف الوعظة‬
‫كما روى ذلك ابن مسعود‪ -‬رضي ال عنه ‪":-‬كان رسول ال صلى ال عليه وسلم يتخولنا بالوعظة ف اليام‬
‫كراهة السآمة علينا"(رواه البخاري (‪ ،)68‬ومسلم (‪ .). )2821‬وبوب عليه البخاري‪ :‬باب ما كان النب صلى‬
‫ال عليه وسلم يتخولم بالوعظة والعلم كي ل ينفروا ‪.‬‬
‫وقد أخذ ابن عباس‪ -‬رضي ال عنهما ‪ -‬بذا الدب فيوجه عكرمة قائلً‪":‬حدث الناس كل جعة‪ ،‬فإن أبيت‬
‫فمرتي‪ ،‬فإن أكثرت فثلث مرات‪ ،‬ول تل الناس هذا القرآن"(رواه البخاري (‪.). )6337‬‬
‫‪ - 6‬حدث الناس با يعرفون‪:‬‬
‫إن واقع الطلبة اليوم يتاج إل التنل معهم كثيا‪ ،‬وإل الواقعية وخطابم با يطيقون‪ ،‬فالديث عن دقائق الورع‪،‬‬
‫أو عن السائل الدقيقة ف الزهد قد ل يتناسب مع مستويات الشباب الذين يعانون من فت الشهوات‪ ،‬ومن لواء‬
‫الغفلة والبعد عن ال‪ ،‬أو مع الفتيات اللت يعشن أزمة العاطفة‪ ،‬وربا التطلع للصداقة الحرمة‪ ،‬إنم يتاجون إل‬
‫أن تدثهم عن أضرار العاصي‪ ،‬وعن الوف من ال عز وجل ومراقبته‪ ،‬والحافظة على الصلة مع الماعة‪ ...‬إل‬
‫غي ذلك‪.‬‬
‫قال ابن القيم رحه ال‪":‬العارف ل يأمر الناس بترك الدنيا فإنم ل يقدرون على تركها‪ ،‬ولكن يأمرهم بترك‬
‫الذنوب مع إقامتهم على دنياهم‪ ،‬فترك الدنيا فضيلة‪ ،‬وترك الذنوب فريضة‪ ،‬فكيف يُؤمر بالفضيلة من ل يقم‬
‫الفريضة؟ فإن صعب عليهم ترك الذنوب فاجتهد أن تبب ال إليهم بذكر آلئه وإنعامه وإحسانه‪ ،‬وصفات‬
‫كماله‪ ،‬ونعوت جلله‪ ،‬فإن القلوب مفطورة على مبته‪ ،‬فإذا تعلقت ببه هان عليها ترك الذنوب والصرار‬
‫عليها‪ ،‬والستقلل منها"(الفوائد (‪.) .)231‬‬
‫وحي نؤكد على التوازن والواقعية ف الطرح فإننا ل نعن تلك الواقعية الغرقة الت تؤدي إل تييع النهج‪،‬‬
‫والرضا بالمر الواقع والستسلم له‪.‬‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫‪ - 7‬تنويع أساليب الطاب والوعظة‪:‬‬


‫كنت أتدث مع طلب يوما عن المراض النسية ونتائجها الوخيمة‪ ،‬فرأيت أثر ذلك عليهم‪ ،‬وقرأت ف‬
‫وجوههم التابعة والتفاعل مع ما طرحته والذي ل يتجاوز سبع دقائق‪ ،‬فتذكرت حديث الرسول صلى ال عليه‬
‫وسلم حي جاءه الشاب يستأذنه بالزنا فلم يذكّره بالقب والقيامة‪ ،‬إنا قال له‪" :‬أترضاه لمك ؟ أترضاه لعمتك ؟‬
‫…" ( رواه أحد (‪ ) )21708‬فتنويع أساليب التربية والتذكي‪:‬بالديث عن البزخ والقيامة تارة‪ ،‬وعن نتائج‬
‫العصية ف الدنيا تارة‪ ،‬وعن آثارها الجتماعية تارة أخرى… وهكذا؛ هذا التنويع خيٌ وأجدى من المود على‬
‫أسلوبٍ واحدٍ‪ ،‬ولغة واحدة‪ ،‬وهو قبل ذلك هدي النب صلى ال عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪ - 8‬التربية من خلل الحداث‪:‬‬
‫حي نقرأ القرآن الكري ند أنه بعد حادثة الفك وف التعليق عليها ربّى الؤمني على منهج التثبت‪ ،‬وحاية‬
‫العراض‪ ،‬وحسن الظن بالؤمني‪.‬‬
‫وبعد غزوة أحد نقرأ ف سورة آل عمران التعقيب على هذه الغزوة ودروسها فنرى ف ذلك بيان سنن ال ف‬
‫النصر والزية‪ ،‬والوقف من النافقي‪ ،‬والتنازع‪ ،‬وظن السوء‪ ،‬والتطلع للدنيا‪ ....‬إل غي ذلك من العان‪.‬‬
‫وأما السنة النبوية فهي مليئة بذلك‪ ،‬وغنية عن التمثيل‪ ،‬فأنت تقرأ مرارا ف نصوص السنة‪":‬فخطب النب صلى‬
‫ال عليه وسلم الناس"‪ ،‬وذلك بعد حدث أو مقالة قيلت‪.‬‬
‫أل تفهم أخي الدرس من ذلك أن التربية من خلل الحداث سنة شرعية؟ فحي يصل زلزال أو كارثة نقول‬
‫لطلبنا ‪ :‬إن هذا من سنن ال ف عقوبة أهل العاصي‪ ،‬وإن سرنا ف طريقهم تق علينا نفس السنة‪ ،‬وحي يصلي‬
‫الناس الستسقاء يسن أن نقول لبنائنا ولو بإشارة عابرة‪ :‬إن هذا القحط من شؤم العصية‪ ،‬وحي تصل ماعة‬
‫أو مصيبة للمسلمي ندثهم عن الولء بي الؤمني ونصرتم‪ ،‬وحي يسري لدى الناس إشاعة كاذبة فلنتحدث‬
‫عن التثبت والتبي ف الخبار‪ ،‬وهكذا ينبغي أن نستغل الحداث القريبة والبعيدة لتقرير العان الشرعية‪،‬‬
‫والقائق التربوية‪.‬‬
‫‪ -9‬هل جربت النصيحة الاصة؟‬
‫بعض الدرسي يارس التوجيه العام لطلبته بصورة أو أخرى‪ ،‬ولكن حي يدرك خطأ فرديا على طالب من‬
‫الطلب‪ ،‬فهل جرب أن يدثه بصورة فردية ؟‬
‫كم هم الطلب الذين يتغي مسارهم ‪-‬خاصة ف مرحلة الراهقة‪ -‬فماذا لو كان هذا الطالب يتلقى كلمة‬
‫شخصية خاصة من أكثر من مدرس وآخر؟‬
‫كثيٌ هم الشباب الذين يقعون ف صحبة أصحاب السوء فيقلبون حياتم رأسا على عقب‪ ،‬فلم ل نذره ‪ -‬حي‬
‫تبدو بوادر تلك الظاهرة‪ -‬بكلمة ل يسمعها غيه؟‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫أي شعور يتلج ف نفس هذا الطالب الذي يتمتع بعاطفة جياشة‪ ،‬حي يأخذه أستاذه بديث شخصي‪ ،‬يلمس من‬
‫خلله الشفقة والنصح؟ ألن يدرك أنه أستاذ صادق‪ ،‬يب له الي والصلح ؟ وهب أنه أخذ المر باللمبالة‬
‫فهل سينسى هذا الوقف أم أنه سيستجيش ف نفسه بي آونة وأخرى؟‬
‫إن الطالب قد يد تفسيا غي صادق لديث عام يسمعه من أستاذه داخل الفصل‪ ،‬فهو إما استطراد‪ ،‬أو‬
‫للستهلك ‪ -‬كما يقال ‪ -‬أو لن الوقت بقي فيه بقية فرأى الدرس مله بذا الديث‪ ،‬أما الديث الشخصي‬
‫الباشر فلن يد له ف الغلب تفسيا إل مض النصيحة والتوجيه‪.‬‬
‫والديث العام أيضا قد يطمره النسيان‪ ،‬ويعفو أثره على مرّ السني‪ ،‬أما الديث الاص فسيبقى صورة منقوشة‬
‫ف الذاكرة تستعصي على النسيان‪.‬‬
‫هذه جوانب ثلثة تتاز با النصيحة الشخصية وقبل ذلك هي هدي شرعي نبوي فقد قال صلى ال عليه وسلم‬
‫‪":‬الدين النصيحة"(رواه مسلم ( ‪ ) 55‬وبوب البخاري ‪ :‬باب قول النب صلى ال عليه وسلم ‪(:‬الدين النصيحة‬
‫‪ .) ....‬ول يرجه‪ ).‬ويصل المر بالنصيحة إل قدر من الهية يعله صلى ال عليه وسلم يبايع عليها‪ ،‬فها هو‬
‫جرير بن عبد ال البجلي‪ -‬رضي ال عنه ‪ -‬يقول‪":‬بايعت رسول ال صلى ال عليه وسلم على إقام الصلة‬
‫وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم"(رواه البخاري (‪ )57‬ومسلم (‪ ). )56‬والطالب من عموم السلمي شأنه‬
‫شأنم‪ ،‬ول يرجه كونه طالبا من استحقاقه للنصيحة والنصرة كما قال صلى ال عليه وسلم ‪":‬انصر أخاك ظالا‬
‫أو مظلوما (رواه البخاري ( ‪ ) 2443‬وفسر النصرة ف الديث للظال ‪ :‬بنعه من الظلم وهو الشاهد هنا ‪.‬‬
‫ويلحظ هنا أن)‪ .‬بل إن السؤولية تاهه آكد‪ ،‬والمانة أعظم ‪.‬‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫الفصل الامس ‪ :‬معوقات التوجيه‬

‫إن ما ذكرنا سابقا حول دور الدرس ف التوجيه‪ ،‬وقدرته على التأثي على تلمذته‪ ،‬ل يعن أن يكون الدرس هو‬
‫وحده ف اليدان‪ ،‬وكلمته هي الول والخية‪ .‬فهو ل يعدو أن يكون واحدا من العوامل الؤثرة ف شخصية‬
‫الطالب‪.‬‬
‫وف كثي من متمعات السلمي اليوم يشعر الدرس وكل من يمل أمانة التوجيه أنه يواجه تيارا جارفا‪ ،‬وأنه يسي‬
‫باتاه يعاكس كافة وسائل التوجيه والتربية ف الجتمع‪.‬‬
‫فقد يتلقى الدرسُ التلمي َذ وفق تربية شاذة مالفة للمنهج التربوي السليم‪ .،‬وبعد ذلك فالسرة‪ ،‬والصحبة‪،‬‬
‫والنادي‪ ،‬ووسائل العلم تدم ف لظات ما يبنيه الدرس ف شهور‪.‬‬
‫والقارنة هنا ليست ف جانب متكافئ‪ ،‬فهذه الوسائل مع كثرتا وتوافرها تلك من الثارة والغراء والاذبية‪،‬‬
‫وربا الصداقية لدى التلميذ أكب بكثي ما يلكه الدرس‪.‬‬
‫لذا فالدرس مع افتقاره للتعرف على وسائل التوجيه وأساليبه مفتقر إل معرفة العوقات والعقبات وإدراكها‪.‬‬
‫وفيما يلي ماولة للحديث عن أهم هذه العوقات وبعض القترحات للمدرس كي يتجاوزها‪:‬‬

‫أ ‪ -‬معوقات من داخل الدرس‬


‫حوْل‬
‫وهي تلك العوقات الت تعود إل شخصية الدرس نفسه‪ ،‬أو أسلوبه ف التدريس‪ ،‬أو معاملته مع الطلب‪ ،‬فت ُ‬
‫هذه العوقات عن بلوغ كلمة الدرس مداها الطلوب‪ ،‬ووصولا إل تقيق الدف الذي يسعى إليه‪ ،‬ومن أهم هذه‬
‫العوقات ‪:‬‬
‫العوق الول‪ :‬الفهم الاطئ لقوة الشخصية‪:‬‬
‫حي يفهم الدرس قوة الشخصية فهما خاطئا‪ ،‬فيسيطر عليه هذا الاجس‪ ،‬فسيؤثر هذا الفهم على أدائه الدور‬
‫الراد منه والنتظر‪.‬‬
‫إذ يَعدّ بعض الدرسي قوة الشخصية الحور الساس لنجاحه‪ ،‬والدف الرئيس الذي يسعى الدرس الستجد إل‬
‫تقيقه ف عال الواقع‪ .‬فهو الدف الول والساس‪ ،‬وعلى ضوئه يتحدد مستقبله ف التعليم‪.‬‬
‫وتتوال النصائح على الدرس ف وسائل تقيق هذا الدف ومعوقاته‪ ،‬ويكثر صاحبنا استشارة من سبقه‪ ،‬واستثارة‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫التجارب‪ ،‬واستعادة الصور السابقة من حياته الدراسية‪ ،‬وذكرياته مع من سبق أن درّسه عله أن يستمد منها‬
‫رصيدا يضيء له الطريق!‪.‬‬
‫ومع تقديرنا لهية تقق هذه الصفة لدى الدرس‪ ،‬ودورها ف تقبل تلمذته له‪ ،‬إل أن النظرة إليها عند الغلب‬
‫أعطتها بعدا أكثر غلوا ومبالغة؛ ما أسهم ف انعكاسات سيئة على نفسية الدرس وأدائه‪ ،‬ومن النعكاسات‬
‫السلبية لذه النظرة‪:‬‬
‫‪ -1‬أن هاجس خوف الفشل‪ ،‬وضياع الشخصية أمام الطلب يعدّ أكب هاجس يواجه الدرس الستجد؛ ما‬
‫يسهم ف رفع قيمة هذا الدف لديه‪ ،‬وزيادة رقعة الساحة الخصصة له من بي الهتمامات والهداف الخرى‪،‬‬
‫وهذا يعن بالضرورة سيطرته على سائر الهداف وضمورها‪ ،‬فهدف التوجيه والتربية لن يأخذ مكانه الطبيعي‬
‫لدى هذا الدرس‪ ،‬ذلك أن حاسته قد ُفرّغت‪ ،‬وجهده قد جع لتحقيق هدف ضبط الفصل‪.‬‬
‫وحت حي توجد الهداف الخرى‪ ،‬فسيبقى هذا الدف حاكما عليها‪ ،‬وموجها لا؛ فهدف التربية والتوجيه‬
‫مرهونٌ عند هذا الدرس با ل يدش شخصيته‪ ،‬والرفع من الستوى العلمي لطلبه مشترط بأل يتسبب ف خدش‬
‫هذه الشخصية‪.‬‬
‫‪ -2‬يسهم هذا الاجس ف إياد حالة من التوتر‪ ،‬وشد العصاب لدى الدرس‪ ،‬فيدخل الفصل بنفسية مشدودة‪،‬‬
‫تسيطر عليه مشاعر الرجاء والوف‪ .‬فهو يتمن أن ينتهي الدرس بسلم‪ ،‬ويتنفس الصعداء حي يسمع قرع‬
‫الرس‪ ،‬ويرص على ملء الدرس بالديث حت ل يترك فرصة للطالب ليعبث ويطم هذه الشخصية التوهة!‬
‫حينها يتحول الفصل الدراسي لدى الدرس من ملس للتعليم والتربية إل ساحة معركة ينبغي أن يتغدى فيها‬
‫الستاذ بالطالب قبل أن يتعشى به‪.‬‬
‫أي تربية وتوجيه‪ ،‬وأي إناز ينتظر بال عليك من يدخل الفصل بذه النفسية الشدودة؟‬
‫‪-3‬ينعكس أثر هذا الاجس لدى الدرس على سلوكه داخل الفصل‪ ،‬فيسهم ف خلق جو معي‪ ،‬وفرض مواقف ل‬
‫يأخذ ف حسبانا إل تقيق هذا الدف‪ ،‬والوصول لذه النتيجة‪.‬‬
‫فالواجز الت يفتعلها الدرس بينه وبي تلمذته‪ ،‬فتصبح علقته معهم علقة رسية جافة‪ ،‬فل يكن أن يد تلميذه‬
‫ابتسامة‪ ،‬أو يسمع كلمة حانية‪ ،‬ومنطق الستبداد بالرأي‪ ،‬ورفض الوار والراجعة والتنازل عن الراء‪ ،‬والقسوة‬
‫والغلظة‪ ،‬والت يعلن البعض فيها مقاطعته لكل ما يت للرحة والرفق بصلة‪ ،‬فيحول الفصل إل ثكنة عسكرية‪،‬‬
‫أما التجاوز عن الطأ‪ ،‬والعفو عن الزلة فهي من مظاهر الضعف والور‪ ،‬ومن مسببات انيار الشخصية‪.‬‬
‫كل هذه الظاهر وغيها‪ ،‬إنا هي نتائج مباشرة لذه النظرة الفرطة لقوة الشخصية‪ .‬إن هذه الصور ليست‬
‫حكايات من نسج اليال‪ ،‬أو ماولة قصصية‪ ،‬بل هي واقع رأيناه ولسناه ونن ف ميدان الطلب والتدريس‪ ،‬ولئن‬
‫كان هذا الاجس يبلغ ذروته عند الدرس الستجد‪ ،‬فهو يبدأ بعد ذلك يتناقص‪ .‬لكنه ل يصل عند كثي منهم إل‬
‫حد العتدال‪ ،‬ويبدو ذلك من خلل الناقشة مع أمثال أولئك حي تطالبهم بالسهام ف التوجيه‪ ،‬أو بناء علقة‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫حسنة مع الطلب‪ ،‬حي تفتح مثل هذا النقاش يبدي البعض لك هذه الجة وهذا التخوف من النيار الزعوم‬
‫للشخصية‪ ،‬ويظل يسهم مساهة فعالة ف حجب كثي من الدوار التربوية‪.‬‬
‫ونن إذ نرفض تول قوة الشخصية إل هاجس يسيطر على نفسية الدرس‪ ،‬وهمّ يقيمه ويقعده‪ ،‬فليس البديل‬
‫الذي نطرحه هو ضياع شخصيته‪ ،‬وإفلت الزمام من يده؛ ليصبح ف حال يلعب به الصبيان‪.‬‬
‫وحي يفلت المر من يد الدرس‪ ،‬فيصبح ألعوبة ف يد الطلب‪ ،‬فيتعال صراخهم‪ ،‬ويزيد عبثهم‪ ،‬ويفقد سيطرته‬
‫عليهم‪ ،‬فإنه يصبح ف وضع ل يسد عليه‪ ،‬ول يكن أن يلقي درسه بدوء‪ ،‬أو يترك أثره على تلمذته‪.‬‬
‫ول يسوغ أن يكون التطرف بديلً لتطرف آخر‪.‬‬
‫ونقطة اختلفنا مع إخوتنا الفاضل ليست ف مبدأ قوة الشخصية‪ ،‬إنا ف الفهم التطرف لا‪ ،‬وف وسائل تقيقها‪.‬‬
‫إن الدرس التمكن علميا من مادته‪ ،‬الوقور ف سلوكه وسته‪ ،‬الليم الذي ل يرجه حلمه عن حزمه‪ ،‬إن من هذه‬
‫صفته لن يستخف به طلبه لتنازل عن رأي‪ ،‬أو احترام لشخاصهم‪ ،‬أو تاوز عن خطأ‪ ،‬أو ابتسامة هادئة‪.‬‬
‫وهو ف الوقت نفسه يدخل الفصل ويرج مطمئن البال‪ ،‬مستقر السريرة‪ ،‬ويؤدي دوره ف التوجيه والتربية من‬
‫خلل حاله قبل مقاله‪.‬‬
‫ولعل أبرز معيار لقوة شخصية الدرس هو قدرته على اتاذ القرار الذي يريد‪ ،‬وسيطرته على نظام الفصل‪ ،‬أما‬
‫اختفاء النفاس‪ ،‬وسيطرة السكون والرهبة فهو أمر يليق بالعسكر واللدين أكثر منه بالساتذة الصلحي‪.‬‬
‫العوق الثان ‪ :‬الفهم القاصر لدور الدرس‪:‬‬
‫يرى بعض من الدرسي والدرسات أن الدور النوط به‪ ،‬والواجب الساس الذي سيحاسب عليه هو أداء النهج‬
‫الدراسي والواجبات الرسية‪ ،‬وقد يشعر بعض هؤلء بثقل المانة والسؤولية حي يطئ ف درجة واحدة للطالب‬
‫قد ل يترتب عليها أثر يذكر‪ ،‬أو حي يترك صفحة من الكتاب القرر‪ ،‬أو ربا حي يهمل العداد التحريري‬
‫للدرس‪.‬‬
‫لكن إهاله لتوجيه الطلب ونصحهم‪ ،‬وعدم مبالته با يراه أمامه من تقصي وسلوك شاذ‪،‬واعتقاده أن ذلك كله‬
‫خارج دائرة مسؤوليته‪ ،‬أو هو نافلة والثان فريضة ‪ -‬وهو فهم يسيطر على بعض الدرسي والدرسات‪ ،‬وبعضهم‬
‫للسف من الصالي‪ -‬إن ذلك كله فهم قاصر للمسؤولية والمانة ‪.‬‬
‫إن أداء الواجب الرسي مطلب من الدرس لبد أن ياسب نفسه تاهه‪ ،‬لكن ذلك ليس ناية الطاف‪ ،‬وماذا‬
‫تصنع المة بأجيال غاية إنازهم إجادة القراءة والكتابة‪ ،‬واستظهار وسرد معلومات حفظوها ودرسوها؟‬
‫إن الدعوة إل ال واجبة على السلمي ابتداءً‪ ،‬وهي بق طالب العلم آكد‪ ،‬وبق من يقابلهم صباح مساء تصبح‬
‫فرض عي يأث بتركه والتقصي فيه‪.‬‬
‫وإنه لزء من أمراض المة الت أوغلت ف الظاهر على حساب الضمون أن يتصور الدرس أنه مسؤول عن‬
‫إجراءات إدارية ل تقدم ول تؤخر‪ ،‬أما ما سوى ذلك من البناء العلمي‪ ،‬والتربية والتوجيه فهو ضمن دائرة‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫النوافل‪ ،‬ولئن قبلنا من يعيش العمل الداري البحت‪ ،‬أو من بعض العامة من الناس أن يوغل ف الظاهر على‬
‫حساب الضمون‪ ،‬فإنه ل يكن أن يتمل بال من الدرس والرب ومعلم الجيال‪.‬‬

‫العوق الثالث‪ :‬الواجز الصطنعة‪:‬‬


‫ييط بعض الدرسي نفسه بسياج وهي وحاجز مصطنع‪ ،‬ينعه من التعامل والتأثي على فئة وقطاع عريض من‬
‫الطلبة‪ ،‬فأحيانا يتصور أن تأثيه وجهده ل ياوز الطلبة الشاركي معه ف المعية الدرسية‪ ،‬أو فئة خاصة من‬
‫الطلبة (أهل الستقامة والصلح) ولو كان المر يقف عند مرد نظرته لان‪ ،‬لكن هذه النظرة تولد سلوكا‬
‫يشكل عائقا له عن التأثي والتوجيه‪ ،‬ث يتحول المر إل شعور متبادل فيشعر الطلبة أنم معزولون عن هذا‬
‫الدرس أو ذاك‪ ،‬ويتحدث الدرس ف فصله أمام ثلثي طالبا وهو يشعر أنه ل ياطب إل الفئة الادة‪ ،‬فيحرم‬
‫الغالبية من توجيهه‪.‬‬
‫وكم نسر معشر الدرسي حي نفرض على أنفسنا هذه الواجز‪ ،‬فبد ًل من مئات الطلب ياطب الستاذ‬
‫العشرات‪ ،‬فهل فكرنا تفكيا جادا وسعينا لتحطيم هذه الواجز‪ ،‬ليتسع مدى الخاطبي بذه الدعوة؟‬
‫وحي نلقي نظرة سريعة على مدارسنا التوسطة والثانوية ‪ -‬وباصة ف الدن‪ -‬نرى أنه ل تكاد تلو مدرسة من‬
‫عدد من الدرسي والدرسات الخيار الذين يملون هذه الدعوة‪ ،‬فدون احتقار لهدهم‪ ،‬ومن غي إقلل من‬
‫شأنم‪ ،‬نتساءل‪:‬ماذا حقق إخواننا الخيار؟ خاصة مع عامة الطلب والطالبات الذين هم القاعدة والسواد‬
‫العظم‪ ،‬والذين لن يلو أحدهم من أن يكون قد تتلمذ على واحد من هؤلء‪ ،‬فماذا سع منه؟ وماذا قدم له؟ مرة‬
‫أخرى لست أحتقر جهود العاملي‪ ،‬ول أقلل أعمال الخلصي‪ ،‬لكنها دعوة جادة للمصارحة والواقعية مع‬
‫أنفسنا‪.‬‬
‫فلنحطم هذه الواجز الوهية‪ ،‬ولنتوسع ف خطابنا ليشمل السواد العظم من الطلب‪ ،‬مع الستمرار ف الهود‬
‫الخرى فهي أيضا ل ينبغي أن يقلل من شأنا‪.‬‬
‫العوق الرابع‪ :‬النظرة التشائمة‪:‬‬
‫ل جدال أن واقع الشباب اليوم ل يسر مسلما‪ ،‬وأن شقة النراف قد اتسعت لتشمل رقعة واسعة من خارطة‬
‫حياة الشباب العاصرة‪ ،‬ول جدال أن السافة بي واقع الشباب اليوم وبي ما يب أن يكون عليه ليست قريبة‬
‫بال‪.‬‬
‫ولكن أيعن ذلك أن الي قد أفل نمه؟ وأن الشر قد استبد بالناس؟ أليست هناك صفحات أخرى من حياة‬
‫أولئك العرضي غي هذه الصفحات الكالات؟ أل يقل صلى ال عليه وسلم ‪" :‬إذا قال الرجل هلك الناس فهو‬
‫أهلكهم"(رواه مسلم (‪ ) . )2623‬؟‬
‫فلنسع ف قراءة بعض الصفحات الية والت قد نهلها أحيانا ونتغاضى عنها‪ ،‬أو نقلل منها‪ ،‬وأحيانا نتجاهلها‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫عمدا‪.‬‬
‫فكثيٌر من الشباب يعود للجادة‪ ،‬ويستقيم أمره فيسي ف قوافل التائبي‪.‬‬
‫ي منهم مع ما فيه من فساد وانراف يتطلع إل تلك الساعة الت يودع فيها هذه الالة‪ ،‬ويسلك طريق أهل‬
‫وكث ٌ‬
‫الي والصلح‪.‬‬
‫وقد قمت بإجراء دراسة على فئة من الشباب من غي أهل الصلح والستقامة فأجاب ‪ %93‬من طلب الرحلة‬
‫الثانوية‪ ،‬و ‪ %92‬من طلب الرحلة التوسطة أنم سبق أن فكروا ف اللتزام‪ .‬وأجاب ‪ %32‬من الميع أنم‬
‫فكروا تفكيا جادا ف اللتزام‪.‬‬
‫وأفاد ‪ %46‬من طلب الرحلة الثانوية‪ ،‬و ‪ %37‬من طلب الرحلة التوسطة أنم يرغبون رغبة أكيدة ف تغيي‬
‫واقعهم‪ ،‬أما الذين ليس لديهم رغبة ف تغيي واقعهم فهم ‪ %3‬فقط من طلب الرحلة الثانوية‪ ،‬و ‪ %7‬فقط من‬
‫طلب الرحلة التوسطة‪.‬‬
‫والغالب من هؤلء الشباب ‪ -‬مع ما فيه من فساد وإعراض ‪ -‬أنه غي راضٍ عن واقعه الذي هو عليه الن وقد‬
‫أفاد ‪ %6‬من طلب الرحلة الثانوية‪ ،‬و ‪ %14‬من طلب الرحلة التوسطة أنم راضون عن واقعهم أي أن‬
‫‪%94‬من طلب الرحلة الثانوية‪ ،‬و ‪ %86‬من طلب الرحلة التوسطة يلك قدرا من عدم الرضا عن واقعه‪.‬‬
‫أليس عدم الرضا هذا بداية خي‪ ،‬وبذرة يكن أن تستثمر؟ (بث عوائق الستقامة لدى الشباب للكاتب ‪ .‬ل‬
‫ينشر ‪.) .‬‬
‫وأخيا فهؤلء مع ما فيهم من انراف وفساد فهم يلكون جوانب خي‪ ،‬وفطرة سليمة‪ ،‬فليس بي صفوفهم من‬
‫يتبن نلة أرضية أو ملة إلادية‪ ،‬ول يكن منهم من يرفض الدين جلة وتفصيلً‪ ،‬وغالب ما لديهم من انراف‬
‫وخلل إنا هو ف جوانب سلوكية‪.‬‬
‫وأنا حي أقول هذا لست أدافع عن هؤلء الشباب‪ ،‬ول أقلل من شأن ما هم فيه من فساد‪ ،‬ولكن أقول ‪ :‬إن‬
‫هذه جوانب خي ل يوز أن تغفل‪ ،‬ويب أن نضعها ف السبان‪ ،‬لتكون دافعا لنا لزيد من الهد والبذل‪.‬‬
‫العوق الامس‪ :‬التركيز على النقد‪:‬‬
‫هناك ظواهر سلبية منشرة بكثرة بي صفوف الطلب والطالبات‪ ،‬وأمور ل يسع الؤمن السكوت عليها‪ ،‬ولبد‬
‫للمدرس والدرسة أن يشارك ف إزالتها‪ ،‬ويتحمل مسؤوليته ف ذلك‪ ،‬ولكن حي ل يسمع الطلب منه إل النقد‬
‫اللذع‪ ،‬والديث عن الخطاء والساوئ‪ ،‬فإما أن يشعروا بأنه صاحب نظرة موغلة ف التشاؤم فل يسمعوا منه‬
‫بعد ذلك‪ ،‬أو أن يتجاوبوا مع ما يطرحه فيشعرون أنم قد غرقوا ف الخطاء والساوئ ولن يتخلصوا منها‪،‬‬
‫فيصيبهم اليأس والحباط‪.‬‬
‫فبدلً من أن أقول للطلبة‪ :‬أنتم تتهاونون ف العاصي‪ ،‬وتقعون ف الصغية والكبية‪ ،‬ول ترعون حرمات ال‪ ،‬ول‬
‫تافون منه‪ ،‬لو حدثتهم بدل ذلك عن شؤم العصية ونتائجها الوخيمة دون أن أشي إليهم من قريب ول بعيد‪،‬‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫أفل يفهم العاقل منهم أن هذا ينطبق عليه؟ أول يتحقق القصود من ذلك؟‬
‫وبد ًل من أن أحدثهم عن التهاون ف النظر الرام وتافتهم عليه‪ ،‬لو حدثتهم عن فوائد غض البصر‪ ،‬وعن النتائج‬
‫الوخيمة الت تترتب على إطلقه أفل أدرك الراد؟‬
‫وحي أراهم يقصرون ف الصلة‪ ،‬ويتهاونون بأمرها‪ .‬أل يكن أن أتدث معهم عن شأن الصلة وعظمها‪ ،‬وأنا‬
‫أول ما ياسب به العبد يوم القيامة من عمله؟‬
‫ولنا ف رسول ال صلى ال عليه وسلم أسوة حسنة‪ ،‬فقد رأى رجلي يستبّان فغضب أحدها‪ ،‬فلم يوجه له صلى‬
‫ال عليه وسلم الديث إنا قال ياطب أصحابه‪":‬إن لعلم كلمة لو قالا ذهب عنه ما يد‪ ،‬لو قال‪ :‬أعوذ بال‬
‫من الشيطان ذهب عنه ما يد"(رواه البخاري (‪)3282‬ومسلم ( ‪.). )2610‬‬
‫وأنا ل أدعو بذلك الدرسي إل أل يقولوا لطلبم إن هذا خطأ‪ ،‬فقد يستوجب المر الديث الصريح الباشر‪،‬‬
‫ول أدعوهم إل أن يدافعوا عن أخطاء الطلبة‪ ،‬لكن هذا شيء‪ ،‬واستمراء النقد وسيطرة لغته شي آخر‪.‬‬
‫إن سيطرة لغة النقد على حديث الدرس قد تعود عليه هو بأثر سلب‪ ،‬فيصبح دون شعور ينظر من هذه الزاوية‪،‬‬
‫وتسهم هذه النظرة السلبية لواقع طلبه ف حجب الرؤية الواضحة لا يكن أن يققه أو يصل إليه‪ ،‬ث يعود ف‬
‫النهاية مبطا مبدد المال‪.‬‬
‫العوق السادس ‪ :‬كثرة التكاليف‪:‬‬
‫يشكو بعض الدرسي من كثرة التكاليف الدرسية والواجبات الدارية التعلقة بالدرس‪ ،‬بدءا بعدد الصص‬
‫السبوعية‪ ،‬إضافة إل ما يتبعها من واجبات منلية وتضي وإعداد‪ ،‬وقد يكون لدى الدرس مهام وتكاليف إدارية‬
‫وإشرافية أخرى‪.‬‬
‫إضافة إل طول النهج الدراسي وقصر الوقت الخصص للمادة ما يعل الدرسي والدرسات يشعرون أنم باجة‬
‫لزيد من الوقت لكمال القرر‪ ،‬فكيف يدون الوقت الفائض الذي يسمح لم بأداء الدور التوجيهي التربوي؟‬
‫هذه العقبات من وجهة نظر هؤلء تبقى عائقا وحاجزا دون أداء الدرس الدور النوط به‪ ،‬فهي تستهلك وقته‪،‬‬
‫وتستنفذ طاقته حت ل يد الوقت الكاف للتفكي والراجعة‪.‬‬
‫ويكن أن نسجل على ذلك اللحوظات التية‪-:‬‬
‫أولً‪ :‬لشك أن الدرس يتحمل أعباء كثية تؤثر على عطائه وأدائه التعليمي التربوي‪ ،‬وأنه حي ينتظر منه نتاج‬
‫أفضل فل بد من تفيف العباء‪.‬‬
‫ولئن قبلنا القول بأن زيادة النصاب من الصص لا ما يبرها من تزايد أعداد الطلبة والطالبات ونقص الفرص‬
‫الوظيفية‪ ،‬إل أن الكثي من العباء الدارية ليس لا تفسي سوى الغراق ف الشكليات الذي ابتليت به المة‬
‫على حساب الضمون‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬ومع هذا الوضع فإن صاحب الدف الاد الذي يسري ف أعماقه وروحه‪ ،‬والذي يشعر أن تقيق الدور‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫التربوي هدف أساس وليس قضية هامشية أو نافلة من النوافل؛ إن الذي يمل هذا الشعور يلك الستعداد التام‬
‫لتحمل الواقع والتعامل معه‪.‬‬
‫وأحسب أن هناك ارتباطا وثيقَ الصلةِ بي مستوى الدية ف الدف والماس له والتشكي من كثرة التكاليف‪،‬‬
‫ول نزال نرى عددا من الدرسي والدرسات الفاضل الذين ل ينكر جهدهم‪ ،‬ول يهل أثرهم‪ ،‬نراهم استطاعوا‬
‫تقيق هذا القدر من النجاح بالرغم من كثرة أعبائهم‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬ل نزال نرى أصحاب الهداف الدنيوية والتطلعات الاصة يتحملون ف سبيلها اللواء؛ فيصب أحدهم‬
‫على جفاء رئيسه ف العمل‪ ،‬ويتحمل من العمال أكثر من غيه‪ ،‬ويتظاهر بقدر من الرتياح والخلص أكثر ما‬
‫ف داخله؛ يعمل كل ذلك من أجل تقيق هدف عاجل‪ ،‬وأحسب أن الدف التربوي والصلحي لدى إخواننا‬
‫وأخواتنا أسى وأعلى من ذلك كله‪ ،‬فهم أول بالتحمل والبذل‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬الدور الذي نطالب الدرس بتحقيقه معظمه يتم من خلل وجوده ف الفصل الدراسي الذي لبد له منه‪،‬‬
‫فهو سيدخل الفصل ل مالة‪ ،‬وسيخاطب تلمذته ولبد‪ ،‬فمعظم هذه الدوار لن تتم بتحمل مزيد من العبء بل‬
‫بإحسان النية‪ ،‬وصدق الكلمة‪ ،‬واختيار ما يقول‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬من يتأمل السنن الكونية يرى أن من يسعى للتغيي ف الجتمعات ‪ -‬أيّا كان هذا التغيي‪ -‬لبد أن يدفع‬
‫الثمن الباهظ لذلك‪ ،‬ويبذل الهد الائل‪ ،‬فكيف بأصحاب الدعوات؟ وسي النبياء والصلحي على مدى تاريخ‬
‫البشرية خي شاهد على هذا العن‪ .‬قال تعال ‪[ :‬حت إذا استيأس الرسل وظنوا أنم قد كذبوا جاءهم نصرنا‬
‫فنجي من نشاء‪ ]..‬ويكي صلى ال عليه وسلم صورة من معاناة النبياء قبله فيقول ابن مسعود‪ -‬رضي ال عنه‬
‫‪: -‬كأن أنظر إل النب صلى ال عليه وسلم يكي نبيا من النبياء ضربه قومه فأدموه وهو يسح الدم عن وجهه‬
‫ويقول‪":‬اللهم اغفر لقومي فإنم ل يعلمون" (رواه البخاري (‪ )3477‬ومسلم (‪. ).)1792‬‬

‫ب ‪ -‬معوقات خارجية‬
‫العوق الول ‪:‬التربية السرية الاطئة‪:‬‬
‫ويكن أن نصور الصعوبات الت تواجه دور الدرس والرتبطة بالتربية السرية الاطئة فيما يلي‪-:‬‬
‫‪ -1‬السرة هي الدائرة الول من دوائر التنشئة الجتماعية‪ ،‬وهي السؤولة بشكل أساس عن صياغة عقلية‬
‫التلميذ ومعاييه وخلفيته الدراكية؛ فتتلقى الطفل صحيفة بيضاء تط فيها ما تشاء‪.‬‬
‫وقد تكون هذه التنشئة خاطئة‪ ،‬وغي متسقة مع التربية السلمية الصحيحة‪.‬‬
‫‪ -2‬ل يقف دور السرة عند مرد توجيهات تعارض ما يطرحه الدرس‪ ،‬أو آراء تالف آراءه؛ بل هي تنشىء‬
‫التلميذ وفق معايي معينة تتحول إل جزء من تفكيه‪ ،‬وتسهم ف تشكيل وصياغة معايي يكم من خللا على ما‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫يطرح عليه‪.‬‬
‫ماذا يصنع الدرس بتلميذ نشأ بعيدا عن الجواء الشرعية النضبطة‪ ،‬وصار يستنكف العبادات الشرعية‪ ،‬ويرى‬
‫فيها صورة من التطرف والشذوذ‪ ،‬ويعتب أن مطالبته بالنضباط الشرعي إنا هي ضمن دائرة التطرف والغلو‪.‬‬
‫فهو هاهنا يقيّم ما يسمعه من أستاذه ف ضوء هذه اللفية‪.‬‬
‫‪ -3‬نظرة التلميذ لستاذه ابتداءً تتحكم فيها تربيته السرية‪ ،‬فمن خلل التربية السرية ترتسم ف ذهنه صورة‬
‫مددة للشخصية السوية وصورة للشخصية الخرى‪ .‬ويسعى لتطبيق هذه الواصفات على شخصية أستاذه‪،‬‬
‫فحي ل تتفق شخصية أستاذه مع الشخصية السوية لديه تشكل هذه النظرة حاجزا وعائقا أمام أي ماولة‬
‫للتوجيه والبناء‪.‬‬
‫فهو قد ينشأ ف جو يتقر الشخص التدين‪ ،‬وينظر إليه نظرة شاذة‪ ،‬أو يعتب التدين غلوا وتطرفا‪ ،‬فحي يرى‬
‫أستاذه كذلك فهو سيدرجه ضمن هذه القائمة ما ينعكس بالضرورة على مدى تقبله لا يطرحه عليه من توجيه‪.‬‬
‫‪ -4‬قد تسهم السرة ف نقض كلم الدرس وتقويه‪ ،‬فتنقض ما أحكمه‪ ،‬وتدم ما بناه‪ ،‬وما أكثر ما يقول الب‬
‫أو الم‪ :‬كلم أستاذك غي صحيح‪ ،‬وغي مقبول‪.‬‬
‫وقد يستطيع الستاذ أن يقطع خطوات ف تربية التلميذ وتوجيهه لكنه جهد"غي مضمون الثمرة؛ لن تأثي البيت‬
‫العاكس يظل دائما عرضة لفساد ما تاوله الدرسة"(منهج التربية السلمية لحمد قطب ج ‪ 2‬ص ‪. )101‬‬
‫‪ -5‬قد يسهم الو العام للمنل ف التأثي اللشعوري على التلميذ وتطبيعه با يتناقض مع توجيه أستاذه‪.‬‬
‫فالتلميذ الذي ينشأ ف بيتٍ يهمل العناية بالصلة‪ ،‬ول يستيقظ أحد منه لصلة الفجر سيكون كذلك‪ ،‬وقد ل‬
‫يأخذ توجيه أستاذه بالستيقاظ للصلة مأخذ الد‪.‬‬
‫والخر الذي اعتاد ف النل أن يرى الصورة الفاتنة على الشاشة‪ ،‬قد ل يتقبل بالضرورة نصح أستاذه التكرر‬
‫بغض البصر وحفظه‪ ،‬وحي يتفاعل مع توجيه أستاذه‪ ،‬ويعزم على ترجة القول إل عمل‪ ،‬يعود للمنل وقد‬
‫هبطت حاسته وف الوقت نفسه انتصر داعي الشهوة‪ ،‬ول يطق ماهدة نفسه والكف عما يراه أمام عينيه‪.‬‬
‫العوق الثان‪ :‬وسائل العلم‪:‬‬
‫لقد شهد العصر الاضر ثورة هائلة ف مال تقنية التصالت‪ ،‬وتفتق العقل البشري‪ -‬با منحه ال من قدرة‪ -‬عن‬
‫وسائل تاطب الفرد والجتمع بكافة حواسه من خلل الصحيفة القروءة‪ ،‬والذاعة السموعة والرئية‪.‬‬
‫وتسهم هذه الوسائل ف التأثي على تربية التلميذ فـ"الفلم الساقطة والبامج الدامة الت تعرض على الماهي‬
‫عب وسائل العلم لا دور كبي ف هدم جوانب شخصية الطفل بشكل عام‪ ،‬وهذا النوع من الفلم والبامج‬
‫هو الذي يتل مل الصدارة ف العلم العرب"(الؤثرات السلبية ف تربية الطفل السلم وطرق علجها ‪ .‬لعائشة‬
‫جلل (‪.).)292‬‬
‫" ويكاد يمع الهتمون بذا الانب التربوي على أن مظاهر الب والغرام‪ ،‬والعشق بي النسي هي الحور‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫الرئيسي‪ ،‬والقاعدة الساسية الت تدور عليها أحداث السلسلت‪ ،‬والسرحيات التمثيلية الت يعرضها التلفزيون‪،‬‬
‫إل جانب الدعاية السيئة العتمدة على إظهار مفاتن الرأة وماسنها"(مسؤلية الب السلم ف تربية الولد ف مرحلة‬
‫الطفولة ‪ .‬عدنان باحارث (‪. ))485-484‬‬
‫والجلة الساقطة هي الخرى تسهم ف وأد الفضيلة والياء من خلل التسابق على نشر الصور الفاتنة‪ ،‬والظاهر‬
‫الغرية‪ ،‬واعتبار الب والعلقة الحرمة وسيلة شرعية وسلوكا ل يرفضه إل الشاذون‪ ،‬والغلب العم ما يعرض‬
‫أمام التلميذ هو من هذا النوع‪.‬‬
‫وتتاز هذه الوسائل عن سائر الؤثرات با يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬ماطبتها لكثر من حاسة لدى التلميذ‪ ،‬ففي الوقت الذي يرى الستاذ يتحدث أمامه ف الفصل حديثا‬
‫متواصلً‪ ،‬ل ياطب سوى حاسة السمع وحدها‪ ،‬وربا كان حديثا علميا جافا‪ ،‬يرى من خلل الشاشة من يدثه‬
‫حديثا مصحوبا بالصورة‪ ،‬والشهد الثي لنتباهه‪ ،‬والذي صيغ بطريقة تأسر لبّه‪ ،‬وقل مثل ذلك ف الصحيفة أو‬
‫الجلة الت تمل الصور اللونة‪ ،‬يقرأها وهو مضطجع على فراشه ف غرفته الكيفة‪.‬‬
‫‪ -2‬يتعامل التلميذ مع هذه الوسائل بنفسية تتلف كليّا عن تلك الت يتعامل فيها مع توجيه أستاذه‪ .‬فهو يتعامل‬
‫معها بعقلية التلقي والقبل عليها‪ ،‬أما أستاذه فربا كان زائرا ثقيلً ف الفصل يتمن أن يسكته قرع الرس‪.‬‬
‫‪ -3‬تطرح هذه الوسائل على التلميذ طرحا يلب داعي شهوته‪ ،‬ويتسق مع هواه‪ ،‬ف حي يستهدف توجيه أستاذه‬
‫إخراجه من أسر هواه وشهوته‪.‬‬
‫ل هامّا‬
‫‪ -4‬تثل الختبارات وأعمال السنة والواجبات الدرسية ومطالبة الستاذ بالنضباط داخل الفصل عام ً‬
‫يقلل من دور الستاذ التوجيهي ‪ -‬ف نظر الطالب‪ -‬بلف من يتعامل معهم بصورة غي مباشرة ول يقابلهم يوما‬
‫من الدهر ف حياته‪.‬‬
‫‪ -5‬إن"تراكم عددٍ كبي من الوسائل العلمية بطرق مشوقة وجذابة‪ ،‬وعب بعد زمن متد وهي تركز على‬
‫موقف معي‪ ،‬أو تبشر بسلوك مدد قد يكسب ذلك الوقف أو السلوك شرعية اجتماعية‪ ،‬ويكسر الواجز‬
‫النفسية بي المهور وبي ذلك الوقف أو السلوك؛ فيعتاد عليه ويتقبله واقعا معترفا به"(الرشاد النفسي خطواته‬
‫وكيفيته ‪ .‬د‪.‬عبدالعزيز النغيمشي ‪ .‬ضمن الكتاب السنوي الثان لست (‪.)297‬‬
‫‪ -6‬وترقى خطورة وسائل العلم لتقاوم أيضا دور السرة‪ .‬ما دعا الدكتور ممد نصار أن يتساءل قائلً‪":‬ماذا‬
‫يصنع الب أو ماذا تصنع الم إذا أرادت أن يكون ابنها ف الرتبة السامية العليا من الخلق‪ ،‬ومن الداب‪،‬‬
‫ومن السلوك الطيب‪ ،‬حيث تقوم بتوجيه أبنائها توجيها تربويا سليما ولكن يفسد هذا التوجيه تريك مفتاح‬
‫التلفاز‪ ،‬وتريك الؤشر ف الذاعة والراديو وغي ذلك؟"(مشكلت الشباب والنهج السلمي ف علجها ‪ .‬وليد‬
‫شلش نايف شبي (‪.). )317‬‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫العوق الثالث‪ :‬الصحبة السيئة‪:‬‬


‫إن من نافلة القول الديث عن الدور الطي والساس الذي تلعبه الصحبة ف التأثي على الشاب بصفة خاصة‪،‬‬
‫لذا فقد أشار أنصح اللق صلى ال عليه وسلم وأعرفهم بال سبحانه إل هذا العن ف أحاديث عدة‪.‬‬
‫منها قوله‪":‬الرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يالل"(رواه أحد (‪ )8212‬الترمذي (‪ )2378‬وأبو داود (‬
‫‪.).)4833‬‬
‫وقوله صلى ال عليه وسلم ‪":‬ل تصاحب إل مؤمنا‪ ،‬ول يأكل طعامك إل تقي"(رواه أحد (‪3/38)10944‬‬
‫والترمذي (‪ )2395‬وأبو داود (‪ )4832‬والدارمي (‪.))2057‬‬
‫وما يزيد من أهية دور الرفقة‪:‬‬
‫‪ -1‬كونا اختيارية ف الغالب"فهو الذي ينتقي أصدقاءه ويبن العلقة معهم برغبته وحسب ميله‪....‬وهذا بلف‬
‫علقته بوالديه أو أستاذه أو زملء صفه‪ ،‬فإنا تكون مفروضة عليه"(الراهقون ‪ .‬د‪.‬عبدالعزيز النغيمشي (‪-64‬‬
‫‪. ).)65‬‬
‫‪ -2‬الرفقة تغذي حاجة اجتماعية ملحة لدى الشاب‪ ،‬يندر أن يستأنس بدونا‪.‬‬
‫‪ -3‬وجود التشابه والتلقي بينه وبي رفقته ف الطبائع والحاسيس والاجات والشكلت (الراهقون ‪.‬‬
‫د‪.‬عبدالعزيز النغيمشي (‪ ).)68‬؛ فهو يشعر أنه وإياهم شيء واحد‪ ،‬بلف أستاذه أو والده الذي يرى أنه يعيش‬
‫عالا آخر غي عاله‪.‬‬
‫‪ -4‬طول الوقت الذي يقضيه التلميذ مع رفقته‪ ،‬فهو أطول ما يقضيه مع أستاذه وربا والديه‪.‬‬
‫هذه بعض العوقات الت تواجه الدرس وهو يريد أن يرب أبناءه وتلمذته التربية السلمية‪ ،‬وأن يصحح ما يراه‬
‫من خلل ف سلوكياتم‪.‬‬

‫مقترحات لتجاوز هذه العوقات‬


‫إن سياقنا لا سبق ليس تثبيطا وإبرازا للعقبات والعوائق أمام الستاذ الناصح لكن سقناه لمور منها‪-:‬‬
‫أن يدرك الدرس ضخامة التحديات الت تواجهه‪ ،‬وصعوبة الدور الذي يناط به وينتظر منه أن يؤديه؛ ما يدفعه إل‬
‫مزيد من الهتمام والجتهاد والعناية‪ .‬ولجل ذلك أخب صلى ال عليه وسلم معاذا حي بعثه إل اليمن أنه يأت‬
‫قوما أهل كتاب؛ وذلك ليأخذ للمر عدته‪ ،‬قال ابن حجر‪":‬هي كالتوطئة للوصية لتستجمع هته عليها؛ لكون‬
‫أهل الكتاب أهل علم ف الملة‪ ،‬فل تكون العناية ف ماطبتهم كمخاطبة الهّال من عبدة الوثان"(فتح الباري (‬
‫‪.))3/457‬‬
‫ل متكاملً لذه الشكلة‪ ،‬ومدعاة لتجاوز هذه العقبات‬
‫وبادئ ذي بدء أشعر أن ما يطرح هنا ليس بالضرورة ح ً‬
‫تاوزا تاما؛ فهو ل يعدو أن يكون مقترحات قد تسهم ف رفع مستوى تأثي خطاب الدرس‪ ،‬وامتداده مساحة‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫أوسع‪.‬‬
‫أولً‪ :‬تربية اليان والتقوى‪:‬‬
‫إن العناية بتربية اليان بال وتقواه وخشيته‪ ،‬والرص على غرس ذلك ف نفوس الناشئة‪ ،‬من أهم ما ينبغي أن‬
‫يكون ف أولوياتنا التربوية؛ فاليان والتقوى هو العاصم بإذن ال من مواقعة الرذيلة‪ ،‬والنزام أمام داعي الوى‬
‫والشهوة‪.‬‬
‫إن من السبعة الذين يظلهم ال ف ظله يوم ل ظل إل ظله رجلٌ دعته امرأة ذات منصب وجال إل نفسها فقال‪:‬‬
‫إن أخاف ال عز وجل‪ ،‬نعم هكذا يصنع اليان بصاحبه‪ ،‬فيكون بإذن ال وقاية من السي ف ركب الشهوة‬
‫وطريق الضللة والوى‪.‬‬
‫ث إن من يلك التقوى واليان ل يلبث حي يواقع ما حرم ال أن يستفيق ويتوب إل ال عز وجل [إن الذين‬
‫اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون] (العراف ‪. ) 201:‬‬
‫وإن من الفوارق الوهرية الت تيز التربية السلمية عن الناهج الرضية قيامها على أساس إصلح القلوب‬
‫وغرس اليان‪ ،‬بلف تلك الناهج الت تقوم على مبدأ تقوي السلوك ‪ -‬مع ملحظة أن معايي السلوك القبول‬
‫والرفوض ف هذه الناهج معايي بشرية ‪ -‬إذ القلب هو الساس لكل ما يصدر عن النسان من سلوك كما قال‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪":‬أل وإن ف السد مضغة‪ ،‬إذا صلحت صلح السد كله‪ ،‬وإذا فسدت فسد السد كله‪،‬‬
‫أل وهي القلب"(رواه البخاري (‪ )52‬ومسلم (‪. ).)1599‬‬
‫وهب أن الرء استقام سلوكه وقلبه خواء من اليان والعبودية ل فلن يدي ذلك عنه شيئا‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تنمية الستقللية ف التفكي والرأي‪:‬‬
‫إن التبعية ف الرأي والسي وراء الخرين‪ ،‬من مشكلت اليل العاصر‪ ،‬وهي تكوّن الرضية الناسبة لتلقي التأثي‬
‫الارجي على الشخص‪ ،‬أيا كان مصدر هذا التأثي‪.‬‬
‫ومن ث فإن عناية الستاذ بتربية تلمذته على روح الستقللية ف الرأي والتفكي‪ ،‬والتخلص من التلقي الجرد ما‬
‫سوى الوحيي يدم ف تنمية الشخصية الناقدة لا يعرض لا وما يواجهها‪.‬‬
‫والستاذ الذي يعنيه بدرجة أساس أن يترب تلمذته تربية ناضجة‪ ،‬يشعر أن غرس الستقللية لديهم مطلبٌ ملح‪،‬‬
‫ولو كان على حساب قبولم لكل آرائه‪ ،‬وساعهم لكل ما يطرحه‪ ،‬بل إنه ليسر حي يرى تلميذه يالفه ف رأيه‬
‫واقتناعاته‪ ،‬ويرى أن ذلك معيار نضج وكمال‪.‬‬
‫وهو حينها سيعن بتعليمهم القائق العلمية مقرونة بالدليل والبهان‪ ،‬وسيناقش القوال والسائل مناقشة علمية‬
‫موضوعية بعيدة عن الحكام الاهزة والنتائج السبقة‪ ،‬وهو لن يقبل منهم مناقشةً لقول‪ ،‬أو اعتراضا على نتيجة‬
‫علمية‪ ،‬ما ل تكن مناقشتهم مقرونة بالدليل والبهان‪.‬‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫إن هذا السلك مع أنه يرب العقلية العلمية الناضجة فهو أيضا يسهم بشكل آخر ف ضبط سلوك التلميذ‬
‫الجتماعي‪ ،‬وتطبيعه بذلك‪ ،‬فل يقبل بعد ذلك ف حياته ومسلكه إل ما يقتنع منه‪.‬‬
‫هذه التربية تشكل بإذن ال درعا واقيا للتلميذ من الؤثرات الخرى‪ ،‬وتضع قناة لراجعة ما يرد عليه بد ًل من‬
‫كونه يتلقى ويتلقف كل ما يرده‪ ،‬حينها تتحطم الكثي من العوائق أمام هذه الشخصية‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬التجديد ف الوسائل ولغة الطاب‪:‬‬
‫إن النفوس تسأم التكرار والرتابة؛ ومن ث كانت تتاج باستمرار للتغيي والتنويع‪ .‬وحت ف حياة النسان العادية‬
‫وسلوكه اليومي فهو ينح للتغيي‪ ،‬ويسأم الروتي‪.‬‬
‫إن سيطرة لغة مددة للخطاب والتوجيه قد يفقدها قيمتها وجاذبيتها‪ ،‬فتتحول إل روتي مجوج لدى البعض؛‬
‫فالتنويع والبتكار ف وسائل ماطبة التلميذ وإقناعهم يسهم ف تقيق قدر أكب من القبول‪.‬‬
‫وإدراك الدرس لذا المر يدعوه إل إعادة النظر ف وسائل التوجيه‪ ،‬ولغة الطاب‪ ،‬والتجديد ف أساليب النصح‬
‫والتأثي‪ ،‬وإل الشعور بأن التوجيه ليس مرد كلمات جوفاء يلقيها على طلبه وينتظر منهم الترحيب والبادرة‪.‬‬
‫وحي نتصور أننا قادرون على مواجهة هذا الزخم الائل من الصوارف والغريات‪ ،‬والت تلك من الاذبية ما‬
‫تلكه ‪.‬بجرد كلمات‪ ،‬أو توجيهات نلقيها ونن ننتظر التنفيذ والستجابة‪ ،‬وربا كانت مقرونة ابتداءً بلغة‬
‫استعلء واحتقار للطلب ووصف لم أنم ليسوا على شيء‪ ،‬وغي جادين‪ ،‬ول صادقي‪ ،‬وأن طلب العلم مضوا‬
‫مع الرعيل الول واليل السابق‪ ،‬حي نتصور ذلك فنحن نغرق ف السذاجة والسطحية‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬الواقعية ف الهداف والطموحات‪:‬‬
‫قد يرتفع مستوى الماسة لدى البعض‪ ،‬ويرى أنه قادر على تقيق ما يريد‪ ،‬فيسم لنفسه أهدافا طموحة‪ ،‬ونظرة‬
‫مثالية يصعب الوصول إليها‪ ،‬وتقويه لعمله‪ ،‬ورؤيته لنجاحه وفشله مرهون بأهدافه‪ .‬فإذا كانت أهدافه أعلى من‬
‫الواقع فسيشعر بالفشل وضعف النتاج وطول الطريق‪ ،‬ويقول بلسان حاله أو مقاله‪:‬ما الفائدة والدوى من‬
‫العمل؟‬
‫أما حي يدرك العقبات‪ ،‬ويعرف الصاعب‪ ،‬فسوف يرسم أهدافا تتسق مع الواقع‪ ،‬ويكن ترجتها إل واقع‬
‫عملي‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬رصيد الفطرة‪:‬‬
‫إنه ومع كل العقبات والعوائق ما ذكرنا وما ل نذكر‪ ،‬فسيبقى جانبٌ مهم ل ينبغي إغفاله‪.‬‬
‫لئن كان طريق الشهوات والغواية طريقا تستهويه النفس وتيل إليه‪ ،‬طريقا يد الرء ما يدعوه له‪ .‬فالي ف‬
‫القابل له رصيد عميق ف فطرة النسان [فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة ال الت فطر الناس عليها ل تبديل للق‬
‫ال ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس ل يعلمون‪ .‬منيبي إليه واتقوه وأقيموا الصلة ول تكونوا من الشركي]‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫(الروم‪ .)31-30:‬نعم فقد فطر ال الناس منيبي إليه‪ ،‬فطرهم على الدين والتوجه له سبحانه‪.‬‬
‫وهو العن نفسه الذي يشي إليه النب صلى ال عليه وسلم ف قوله ‪":‬ما من مولود إل يولد على الفطرة‪ ،‬فأبواه‬
‫يهودانه أو ينصرانه أو يجسانه‪ ،‬كما تنتج البهيمة بيمة جعاء‪ ،‬هل تسون فيها من جدعاء؟" ث يقول أبو هريرة‬
‫‪ -‬رضي ال عنه ‪[-‬فطرة ال الت فطر الناس عليها ل تبديل للق ال ذلك الدين القيم] (رواه البخاري (‬
‫‪)1359‬مسلم (‪. ) .)2658‬‬
‫وف الديث الخر يقول صلى ال عليه وسلم فيما يرويه عن ربه تبارك وتعال‪":‬إن خلقت عبادي حنفاء كلهم‪،‬‬
‫وإنم أتتهم الشياطي فاجتالتهم عن دينهم؛ فحرّمت عليهم ما أحللت لم‪("...‬رواه مسلم (‪.) )2865‬‬
‫فمن يدعو الناس لنهج ال إنا يستهدف إزالة الران والغشاء عن القلوب الذي يغطي رصيد هذه الفطرة‪ ،‬قبل أن‬
‫يكون داعيا لتأسيس بنيان جديد‪.‬‬
‫ث إن الناس وإن ابتعدوا عن شرع ال‪ ،‬وغرقوا ف الفساد‪ ،‬وارتكبوا الشهوات‪ ،‬إل أنم يشعرون برارة العصية‬
‫خلّص‪ .‬وها نن نراهم ف الواقع يتوافدون بمد ال‬
‫وشؤم الغواية‪ ،‬ومن َث ّم فهم يبحثون عن النقذ‪ ،‬ويتطلعون للمُ َ‬
‫على طريق الي‪ ،‬ويسلكون السبيل‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬العاطفة الصادقة‪:‬‬
‫وهي تلك اللغة الت ل ييدها إل الصادقون الخلصون‪ ،‬والمارة الفارقة بي التصنع التشبع با ل يعط وبي‬
‫الخلص الاد‪ .‬فحي يلك الستاذ العاطفة الصادقة والتفاعل مع ما يقوله لتلمذته‪ ،‬يرج حديثه من القلب‪،‬‬
‫فيشعر التلميذ وهو يسمع حديث أستاذه أنه حديثٌ صادق ناصح‪.‬‬
‫وكم نرى من يؤهله للقبول عند الناس عاطفة حية ومنطق صادق أكثر من أسلوب رصي بليغ‪.‬‬
‫وكما أن التلميذ يتعامل مع تلك الوسائل السابقة تعامل القبل عليها‪ ،‬فهو ف وسط ركام الغفلة‪ ،‬ومن بي أنقاض‬
‫الواقع البئيس‪ ،‬يشعر حي يسمع الصوت الناصح أن يس من خلله بلغة النصيحة‪ ،‬ومنطق الصدق؛ فتتجاوب‬
‫نفسه‪ ،‬ويسمو على أهوائه ورغباته الشخصية ليصيخ لنطق الدين والعقل‪.‬‬
‫وحي سأل ذر بن عمر أباه‪:‬ما بال التكلمي يتكلمون فل يبكي أحد‪ ،‬فإذا تكلمت أنت سعت البكاء من كل‬
‫جانب‪ ،‬فقال ‪ :‬يا بن‪ ،‬ليست النائحة الثكلى كالنائحة الستأجرة (إحياء علوم الدين (‪. ).)4/288‬‬
‫سابعا‪ :‬القلوب بيد ال وحده‪:‬‬
‫ومع ماسبق‪ ،‬فالمر أو ًل وآخرا بيد الالق سبحانه وتعال الذي خلق عباده ويعلم ضمائرهم ودواخلهم‪ ،‬وقلوبم‬
‫ونواصيهم بيده سبحانه وتعال يصرفها كيف يشاء‪ ،‬يضل من يشاء ويهدي من يشاء سبحانه وتعال‪.‬‬
‫ورؤية السلم للسباب الادية‪ ،‬وعنايته بتحصيلها ل يوز بال أن تشغله عن إدراك قدرة ال سبحانه‪ ،‬وأن المور‬
‫ونواصي العباد بيده عز وجل‪.‬‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫أرأيت النبياء والصلحي السابقي‪ ،‬كيف استطاعوا أن يققوا أهدافهم؟ وكيف تاوزوا العقبات الت يصنعها‬
‫شياطي النس والن ليحولوا بي الناس وبي دعوة ال؟ فالطريق واحدة والسبيل متفقة‪.‬‬
‫إن إدراك هذه العان والسنن الربانية كفيل بإزالة تلك العوائق والعقبات‪ ،‬غي أن السلم مأمور بفعل السباب‪،‬‬
‫وتلمس الصعاب والجتهاد ف تذليلها‪ ،‬ث حي يبذل ما يستطيع فالتوفيق بيد موله‪ ،‬والعون منه سبحانه وتعال؛‬
‫فما من دابة إل هو آخذ بناصيتها‪ ،‬وما من قلب إل هو بي إصبعي من أصابعه سبحانه وتقدس يقلبه كيف شاء‪.‬‬
‫ولبد أن ينتج من طول تفكيه وسائل وبرامج يغذيها بمارسته وخبته‪ ،‬وينضجها بالستفادة ما عند الخرين‪.‬‬
‫وهو على كل الحوال لن يكون أقل قدرة من أصحاب الهداف الوضيعة والقاصد الدنيئة الذين يدون ألف‬
‫وسيلة ووسيلة لتحقيق أهدافهم‪.‬‬
‫هذه بعض الواطر حول ما أرى أن الدرس قادر على القيام به لتجاوز بعض هذه العوقات‪ ،‬وهي ل تعدو أن‬
‫ج قلمٍ وتربة مدودة‪ .‬مع يقين أن إخوت الفاضل قادرون بإذن ال على اكتشاف‬
‫تكون حاضرَ ذهنٍ قاصر‪ ،‬ونتا َ‬
‫الزيد‪ ،‬وعلى تقيق ما يريدون‪ .‬حي يلكون الصدق والخلص‪ -‬وهم كذلك نسبهم وال حسيبهم‪.‬‬
‫ثامنا‪ :‬استثمار النشطة الطلبية‪:‬‬
‫لشك أن للتوجيهات والطاب الناصح الدور البارز الذي ل ينكر‪ ،‬خاصة حي تضاف لذلك القدوة السنة‪،‬‬
‫لكن ذلك مهما عل شأنه ل يكن أن ينقل الطالب إل مرحلة الستغناء عن البامج التربوية العملية‪.‬‬
‫ومن هنا يبز دور النشطة الطلبية اللصفية ف توجيه الطالب وتربيته‪ ،‬وتؤدي هذه النشطة هذا‬
‫الدور من خلل ما يلي‪:‬‬
‫أولً‪ :‬لقاء الستاذ بطلبه خارج الطار الرسي والو الدرسي يساهم ف زيادة اللفة وزوال كثي من الواجز‬
‫والعوائق‪ ،‬فيهيئ نفسه للتقبل والتجاوب مع ما يطرحه عليه بعد ذلك‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أن هذه النشطة غالبا ما توي الفئات الادة والتميزة من الطلب؛ ما يتيح للطالب فرصة للقدوة السنة‬
‫والو البديل عن أجواء الشارع والتجمعات غي النضبطة‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬تسهم هذه البامج ف تشكيل صداقات الطلب‪ ،‬فيختار الطالب من بي هؤلء الذين يشاركهم النشطة‬
‫الدرسية أصدقاء له‪ ،‬ولشك أن ذلك حاية له من أصدقاء السوء وتوجيها غي مباشر للصحبة الصالة‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬كما أن هذه النشطة توي خية العناصر من الطلب‪ ،‬فكذلك الذين يشرفون عليها هم ف الغلب من‬
‫خية الساتذة‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬غالبا ما تتضمن هذه النشطة برامج لا آثارها التربوية كالرحلت الستطلعية‪ ،‬والسابقات الثقافية‪،‬‬
‫والحاضرات‪ ...‬وسائر النشطة‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬توفر هذه النشطة البدائل النضبطة لكثي من النشطة الت ربا مارسها الطالب ف أجواء شاذة؛‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫ي من الشباب وربا أصبحت بيئة لصداقة سيئة‪ ،‬هذه النشطة‬


‫فالنشطة الرياضية والترويية الت يتعلق با كث ٌ‬
‫يكن أن تارس من خلل برامج النشطة الطلبية؛ فتصرف الطالب عن مارستها ف تلك الجواء‪ ،‬وتتيح له‬
‫الجواء النضبطة‪.‬‬
‫ويتاج الطالب للرفقة والصداقة الت تتجانس معه‪ ،‬فتسهم هذه النشطة ف تقيقها له كما سبق‪.‬‬
‫ويتاج لب الستطلع‪ ،‬وتقيق الذات‪ ...‬كل ذلك وغيه يكن أن توفره هذه النشطة للطالب؛ فتحقق له‬
‫ل لمارستها من خلل أجواء ضارة‪.‬‬
‫الوانب الت يفتقر إليها ف نوه التكامل‪ ،‬وتقدم بدي ً‬

‫الفصل السادس‪:‬الدرس والتوجيه الذي نريد‬

‫حي نتاز الرحلة الول وهي القتناع بأهية التوجيه‪ ،‬وقيمة دوره‪ ،‬وضرورة الشاركة الفعالة فيه‪ .‬فهل يعن هذا‬
‫ناية الطاف؟ أم أن هناك مراحل أخرى وخطوات للعمل؟‬
‫وبعبارة أخرى‪ :‬هل يكن أن نعل الدور التربوي للستاذ‪ ،‬والذي يشكل هذا القدر من الهية و الطورة‪ ،‬أن‬
‫نعله مطلبا عائما‪ ،‬وطريقا مفتوحا يسلكه النسان كيفما اتفق وحيثما تيسر له؟‬
‫وأحسب أن الرحلة الول قد اجتازها الكثي‪ ،‬وأنه أصبح يشعر بالسؤولية بغض النظر عن مدى حرارة هذا‬
‫الشعور ومستواه‪..‬‬
‫وخطورة الدور التربوي للستاذ تفرض علينا مزيدا من العناية والدراسة لساليب هذا الدور‪ ،‬وأل نتركه ضحية‬
‫مواقف متبعثرة غي منضبطة‪.‬‬
‫والرأي الذي يطرح ل يعدو أن يكون ماولة متواضعة‪ ،‬تنتظر الزيد من الثراء والتعديل والناقشة لتستوي على‬
‫سوقها‪ ،‬وتتأهل لتكون برنامج عمل ينتظر منه بإذن ال نتاجا مثمرا ‪.‬‬
‫ونستطيع أن ندد أساليب التوجيه‪ ،‬ونظرات الدرسي تاهه ف الصور التية ‪:‬‬
‫الرؤية الول‪:‬‬
‫ح أبلج‪ ،‬وأن معظم الناس يدركون ويعرفون الطريق جلة‪ ،‬وإن وجد بعض‬
‫تلك الرؤية الت ترى أن الق واض ٌ‬
‫الغبش ف بعض الوانب‪ ،‬إل أن العلة ومكمن الداء عند هؤلء وأولئك هي تويل القتناع إل عمل واقعي‬
‫والعمل با يعلمون‪.‬‬
‫إن ما نراه من واقع كثي من الشباب والتلميذ من الخالفات‪ ،‬والظاهر الشاذة ليس بالضرورة نتيجة للجهل‪.‬‬
‫ومن ث فهؤلء أحوج ما يكونون إل الوعظة والث والترغيب والترهيب‪ ،‬وهي قضية واضحة مددة ل لبس‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫فيها‪ ،‬وليست باجة لزيد فلسفة وتنظي‪.‬‬


‫وبناءً عليه‪ ،‬فالتوجيه الذي يراد يكن أن يتحقق عفويا من خلل كلمة عارضة‪ ،‬أو موعظة طارئة‪ ،‬فهي تقق ما‬
‫يققه غيها‪.‬‬
‫أو تعل ف التوجيه والوعظة قضية موسية يكن أن تتم ف حصة انتظار‪ ،‬أو ف استقبال شهر رمضان أو عشر ذي‬
‫الجة‪ ،‬أو من حدث معي ككسوف‪ ،‬ومصيبة عامة للمسلمي‪ ،‬أو وفاة أحد الطلب؛ حيث تسهم هذه الواقف‬
‫وتلك ف خلق استعداد نفسي لدى الطالب يكن استثماره وتوظيفه لتحقيق أهداف تربوية معينة‪.‬‬
‫أو ربا ينطلق التوجيه من خلل خطأ أو تاوز أو مالفة‪ ،‬فيتحدث عنها الستاذ مذرا ومنبها‪.‬‬

‫الرؤية الثانية‪:‬‬
‫وهي تلك الرؤية الت ترى أن مرد التوجيه والديث العام قد ل يكفي‪ ،‬فل بد من النطلق إل مرحلة أكثر‬
‫تديدا‪ ،‬وتتجه الرؤية إل ماولة استصلح أكب عدد مكن من أصابه من غبار الضللة ما أصابه‪ ،‬وتلبس بشيء‬
‫من الخالفات السلوكية؟‬
‫وينطلق أصحاب هذه الرؤية من خلل ما يرونه ف الواقع من أن التوجيه العام والوعظة الطلقة سرعان ما يذوب‬
‫أثرها وتحى نتائجها‪ .‬وما يرونه ف القابل من نتائج مثمرة ومواقف سارة تتمثل ف ذاك التحول من طريق الغواية‬
‫إل الداية الذي نراه كل حي للعديد من الطلب‪.‬‬
‫وبد ًل من أن تكون هذه الصور الشرقة السارة نتاج مواقف طارئة غي مقصودة فلنسهم نن ف دفع عجلتها‪.‬‬

‫الرؤية الثالثة‪:‬‬
‫وهي تلك الرؤية التشائمة الت ترى أنه ل مال ول مناص من هذا الواقع الذي يعيشه الطلب‪ ،‬أو أن التغيي‬
‫ليس بيد الدرس‪ ،‬بل هو بيد من يلك دفة المور ف الجتمع‪ ،‬فيصلح العلم‪ ،‬ويصلح الشارع‪ ،‬ويصلح رفقة‬
‫التلميذ‪ .‬وهي مطالب ف قائمة الستحيل‪ ،‬ومن ث فالمر خارج عن الطوق ليس ف مقدور فلن أو ذاك‪ ،‬فما‬
‫علينا سوى التشكي والدعاء لم با لداية‪ ،‬والمور بيد ال سبحانه وتعال‪.‬‬
‫وهي رؤية مع إغراقها ف التوان والسلبية واحتقار الذات إل أنا وللسف تل مساحة واسعة من يتصدر للتربية‬
‫والتوجيه ف بلد السلمي‪ ،‬وهي قد تكون إفرازا للهزية النفسية الت تعيشها المة أجع‪ ،‬أو نتاج تارب خاطئة‪،‬‬
‫أو رغبة ف التنصل من المانة والسؤولية‪ ،‬وأيّا كانت الدوافع فهي تت هذه الظلة‪ ،‬وداخل هذا الطار‪.‬‬
‫إننا ومع رفضنا لذه النظرة‪ ،‬أو تلك النظرات التشائمة‪ ،‬نتفق أن بقية تلك الرؤى تلك قدرا من الصداقية‪،‬‬
‫وتلك رصيدا من العتبار‪ ،‬والنتائج التحققة منها تزيد من اقتناع أصحابا با‪.‬‬
‫ولشك أن الكلمة الصادقة الت يرسلها صاحبها دون إعداد مسبق‪ ،‬أو يدفعها له موقف ل يسب له حسابا‬
‫لشك أنا تترك أثرها بإذن ال‪.‬‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫ول ريب أن استصلح عدد من وقع ف الفساد والرذيلة جهد ل يادل فيه إل مكابر‪.‬‬
‫إذا فهي أدوار مطلوبة‪ ،‬ورؤى تلك قدرا من الصحة؛ لكن أليس المر يستحق منا نظرة أعمق وأشل؟‬

‫فهذه مقترحات أضعها بي يدي إخوت الدرسي أرى أنا تسهم ف الرتقاء بالتوجيه ليؤدي‬
‫الدور النتظر منه بإذن ال‪:‬‬
‫أولً‪ :‬تديد الهداف‪:‬‬
‫فرق ظاهر بي أولئك الذين يرسون لعمالم أهدافا واضحة ومددة‪ ،‬وأولئك الذين يسيون ف أعمالم ارتالً‬
‫دون أن ينظروا إل إل ما تت أقدامهم‪.‬‬
‫إن صاحب أي مشروع تاري أو عمل دنيوي لبد له من أهداف واضحة مددة‪ ،‬يستطيع من خللا أن يطط‬
‫لعمله تطيطا سليما‪ ،‬وتكون هذه الهداف معيارا للتقوي وحساب الرباح والسائر‪ ،‬والفكر والعلم شأنه أعلى‬
‫وأت‪ ،‬فهو أول أن يسي على خطى ثابتة‪ ،‬وأن يرسم أهدافا واضحة مددة‪.‬‬
‫كثيٌ هم الساتذة الذين يبذلون جهودا خية مشكورة‪ ،‬لكنها تسي ارتالً دون تطيط‪ .‬وربا كان هذا خيا بد‬
‫ذاته‪ ،‬لكن خي منه أن يكون للمدرس هدف واضح يسعى إليه‪ ،‬ومنهج وخطط توصله لتحقيق هذا الدف‪ ،‬مع‬
‫إتقان عمله والسعي نو الفضل والكمل‪.‬‬
‫وحي يعتن الدرس بعملية التوجيه‪ ،‬لتصبح عملية مططة مقصودة‪ ،‬ويرسم لنفسه أهدافا مددة فهذا‬
‫يعن‪:‬‬
‫أولً‪ :‬أن جهده أنضج ثرة‪ ،‬فثمرات عمله مقصودة مرادة‪ ،‬ف حي تكون ثرات النموذج الول اتفاقا‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أن هذا يتطلب منه تفكيا هادئا يسبق عملية التوجيه والتدريس‪ ،‬ويتولد من هذا التفكي نضج أكثر‬
‫للمضمون والسلوب‪ ،‬بلف التوجيه الرتل؛ إذ ل يعدو غالبا أن يكون ردة فعل لوقف يطرأ ف الفصل أو ير‬
‫بالستاذ‪ ،‬أو ربا كان مصدره خاطر ير ف خياله وهو يتحدث‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬أن مثل هذا التوجيه ينطلق من اعتبار ومراعاة أكثر لعوامل عدة لا دور مهم ف تديد أسلوب ومضمون‬
‫ما يطرح‪ ،‬ومن هذه العوامل‪:‬‬
‫أ ‪ -‬الرحلة الدراسية والعمرية للطلب‪ ،‬فما يستهدف الدرس تقيقه لدى طلب الرحلة التوسطة يتلف عما‬
‫يستهدف تقيقه لدى طلب الرحلة الثانوية‪.‬‬
‫ب ‪ -‬التركيبة الجتماعية للطلب‪ ،‬ففرق بي قرية صغية نائية وبادية‪ ،‬وبي مدينة تعيش الضجيج والصخب‬
‫والؤثرات؛ فرق بي تفكي هذا الطالب وذاك‪ ،‬بي إدراك ابن القرية والبادية‪ ،‬وبي إدراك ابن الدينة‪.‬‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫وقد تكون الشرية العامة ف الدرسة من طبقة فقية‪ ،‬وقد تكون من طبقة ثرية‪ ،‬وهي أمور لا تأثيها الكبي على‬
‫نط التفكي والسلوك‪ ،‬وعلى طبيعة الطاب الذي ينبغي أن يوجه لؤلء وأولئك‪.‬‬
‫ل أن يؤصل لدى تلمذته‬
‫ج ‪ -‬طبيعة الادة الت يدرسها الدرس فقد يكون ضمن أهداف مدرس مادة الاسب مث ً‬
‫الشعور با تعانيه المة من تلف مادي‪ ،‬وتقدم أعدائها عليها‪ ،‬وأن المة تتاج لن يعن أبناؤها بذه الوانب‬
‫الادية ليساهوا ف تقيق نضة المة‪ ،‬وقل مثل ذلك ف سائر الواد التطبيقية والت تسمى علمية(هناك اصطلح‬
‫شائع وهو تسمية هذه الواد كالعلوم والرياضيات ونوها الواد العلمية‪ ،‬وسواها الواد الدبية‪.).‬‬
‫وقد يكون ضمن أهداف مدرس التربية الرياضية معالة الظاهر السلبية والسلوكيات الشاذة التعلقة بمارسة‬
‫الرياضة‪ ،‬وتأصيل الفهوم الصحيح للرياضة وكونا وسيلة ل غاية‪.‬‬
‫وقل مثل ذلك ف سائر الواد والتخصصات‪.‬‬
‫‪ :‬حي يسلك الدرس هذا السلك ف التوجيه فإنه يستطيع أن يق ّومَ جهده ويقيس عمله‪ ،‬فيدرك ما حققه‬ ‫رابعا‬
‫ل فماذا يقيس؟ وأي عوامل للنجاح‬
‫من نتائج‪ ،‬ويتعرف على أسباب النجاح والفشل‪ ،‬أما حي يكون عمله مرت ً‬
‫والفشل يستطيع إدراكها وهو ل يضع شيئا ف حسبانه؟‬
‫‪ :‬وحي يسلك هذا النهج فإنه سيسعى للوصول إل هدفه من طرق عدة وأبواب شت؛ فتتضافر على‬ ‫خامسا‬
‫مسمع الطالب الؤثرات التنوعة‪ ،‬لتؤدي ف النهاية لنتيجة واحدة‪ ،‬بلف ما لو كان الدف والوسيلة هو ما يطر‬
‫ف ذهنه؛ فستكون الواقف مبتورة‪.‬‬
‫وبعد هذا كله يتضح لنا أن الدرس حي يدد لنفسه أهدافا واضحة فإنه يستطيع أن يقق ناحا أكب‪ ،‬ويترك أثرا‬
‫أعظم‪.‬‬
‫ومع دعوتنا للمدرس أن يسلك هذا النهج والسلك فهذا ل يعن تول الوسيلة إل غاية‪ ،‬والغراق ف هذا المر‬
‫وترك التجاوب مع الواطر الواردة‪ ،‬والحوال الطارئة‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬العناية ببناء الفاهيم والتصورات‪:‬‬


‫وتبدو العناية بذا الانب ملحة ومهمة لا يلي‪:‬‬
‫ل من الفاهيم والتصورات الشاذة البعيدة عن الفاهيم‬
‫‪ - 1‬أن الغزو الكثف الذي واجهته المة ولّد نتاجا هائ ً‬
‫الشرعية‪ ،‬إضافة إل النتاج التراكم للعراف والتقاليد الاطئة الت سادت ف متمعات السلمي فولدت العديد‬
‫من الفاهيم الشاذة الت أصبحت جزءا من تفكي الناس يصعب إزالتها واقتلعها‪.‬‬
‫ذلك كله ولّد حاجة ملحة لواجهة هذا النراف والسعي ف تصحيحه‪ ،‬وأضاف ضمن أهداف الصحوة والعمل‬
‫السلمي العناية بإعادة بناء الفاهيم والتصورات الشرعية لدى الناس‪.‬‬
‫‪ - 2‬أن الفاهيم والتصورات ليست نبتة متثة ف العراء كالطأ والسلوك الجرد‪ ،‬بل هي نواة ونبتة تنمو وتورق‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫ما يليق با‪.‬‬


‫لذا فالفاهيم والتصورات الاطئة ستولد وتنتج ألوانا من الواقف والسلوكيات الشاذة والت ليست إل ثرة لتلك‬
‫الفاهيم‪.‬‬
‫وف القابل فالفاهيم والتصورات الشرعية هي الخرى ستولد ألوانا من الواقف والسلوكيات الشرعية‪.‬‬
‫فالدعوة للتصحيح إذا ستزيل ألوانا من الخطاء التراكمة‪ ،‬وتولد ألوانا من الواقف اليابية‪.‬‬
‫‪ - 3‬قد تكون الدعوة للسلوكيات الحددة فعلً وتركا صعبة النتاج‪ ،‬بطيئة الثر‪ ،‬ويشعر الدرس وهو يسعى‬
‫لذلك أن هناك أفواجا من الطلب‪ -‬بل ربا كانوا الغلب ‪ -‬يرون عليه دون أن ينجح ف تصحيح ما لديهم من‬
‫مالفات؛ ذلك أن قضية السلوك الحدد تتأثر بالشهوات والهواء‪ ،‬وقد تثقل على صاحبها‪ ،‬بلف الفاهيم‬
‫والتصورات الت ل تصطدم بشيء من ذلك‪ ،‬ومن َثمّ فسيتجاوب مع ذلك الغالب العم‪ ،‬ويستطيع الدرس أن‬
‫يترك أثره على معظم طلبه ظاهرا واضحا‪.‬‬
‫‪ - 4‬أن الفاهيم الصائبة حي تغرس باقتناع لدى الناشئة يصعب اقتلعها بإذن ال‪ ،‬بل هي ربا تتضمن أداة‬
‫للحكم على ما يسمعونه من غيهم‪.‬‬
‫وهي ليست دعوة لترك الانب الخر‪ ،‬ول للتهوين ما يقوم به إخواننا من النصح والبيان والتوجيه‪ ،‬لكنه حي‬
‫يكون وحده كذلك فسوف يعزل أثر الدرس ف إطار مدد‪.‬‬
‫إن المة تواجه اليوم تيارا جارفا‪ ،‬وغزوا مكثفا يستهدف اقتلع كل ما من شأنه ربط الناس بالسلم‪ ،‬وما يت‬
‫للدين بصلة من قريب أو بعيد ف وقت تواجه النابر السلمية جفافا وماصرة هي الخرى‪ ،‬فتبقى هذه النابر‬
‫وهذه القنوات أداة مهمة للمصلحي للتصحيح‪ ،‬وبناءِ اليل البناءَ الشرعي‪.‬‬
‫ويكن أن نطرح أمثلة عاجلة على بعض الفاهيم والتصورات والت نرى أن يعن الدرس ببنائها البناء‬
‫الشرعي‪ ،‬وتصحيحها لدى تلمذته‪.‬‬
‫أ ‪ -‬شولية الشريعة السلمية وأنا جاءت لتحكم سائر حياة الناس‪ ،‬وليست قاصرة على جانب واحد من‬
‫الوانب‪.‬‬
‫ويكن أن يتم ذلك من خلل بيان كثي من الواقف الخالفة لا هو مستقر لدى الناس من أسس الشريعة ف‬
‫جوانب متلفة من الياة (الجتماعية‪ ،‬القتصادية‪ ،‬التربوية‪ ، )...‬ومن خلل بيان الوقف الشرعي ف كثي من‬
‫هذه الواقف‪ ،‬ومن خلل الديث عن سعي العلمانيي الكثف إل حصر السلم ف زوايا ضيقة‪.‬‬
‫ب ‪ -‬التثبت والتبي ف الخبار والشائعات إذ هي تؤثر كثيا ف حياة السلمي‪ ،‬فيحكمون على الناس‬
‫والؤسسات من خلل ما يسمعونه من إشاعات ربا كان وراءها أعداؤهم‪ ،‬وكثيا ما يستغل ذلك العداء ف‬
‫تشويه صورة رجال الصحوة ومؤسساتا‪.‬‬
‫ويستطيع الدرس تأصيل هذا الفهوم من خلل الديث عن أهية التثبت ف الخبار‪ ،‬ومن خلل عرض ناذج من‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫الشائعات الباطلة الت تروج عند الناس فيقبلونا‪ ،‬ومن خلل الديث عن ضوابط من تقبل روايته وخبه‪...‬‬
‫ج ‪ -‬الولء للسلم وقضيته مهما كان تدين الرء؛ إذ ساد مفهوم خاطئ عند الناس هذا العصر‪ ،‬وهو أن الرء‬
‫حي يكون مقصرا أو مذنبا فذلك يعن أن يعفى من السؤولية ف التفاعل مع القضايا السلمية‪.‬‬
‫ويكن تأصيل هذا الفهوم بأن يبيّن الدرس لتلمذته أن الصل ف الرء أنه مسلم مهما كان مقصرا‪ ،‬وأن تقصيه‬
‫وإن أنزل رتبته إل أنه ل يكن أن يعفيه عن شيء من الواجبات الشرعية كهذا الواجب‪ ،‬ومن خلل عرض ناذج‬
‫من التاريخ السلمي ساهم فيها أمثال هؤلء ف نصرة قضية الدين‪ ،‬ومن خلل عرض ناذج من التآمر على‬
‫السلمي ما يثي العاطفة تاه قضيتهم ونصرتم‪ ،‬وبيان تآمر العداء واشتراكهم ف ذلك وإن ل يكونوا متديني أو‬
‫ملتزمي بذاهبهم‪ ،‬ومن خلل اقتراح برامج ووسائل مددة يكن أن يشارك فيها هؤلء‪...‬‬
‫أحدهم وهو شاب غي متدين كان ف ملس قال فيه أحد الاضرين كلمة فيها سخرية بالدين فانتهره وأنكر‬
‫عليه‪ ،‬وبعد افتراق ملسهم سأله أحد الاضرين عن سر هذا الشعور مع ما هو عليه‪ ،‬فأعاد ذلك إل كلمة سعها‬
‫من أحد مدرسيه يتحدث فيها عن الدفاع عن الدين ولو كان الرء فاسقا‪.‬‬
‫هذه ناذج ذكرتا على سبيل الثال ل الصر عل با يتضح القصود ما أردناه من ضرورة التركيز على بناء‬
‫الفاهيم والتصورات الشرعية‪.‬‬
‫وما ينبغي أن يعلم هنا أن بناء الفاهيم يتاج لوقت وطول نفس‪ ،‬وتنويع ف الساليب والوسائل‪ ،‬وأنه ل يكن أن‬
‫يتم من خلل الوامر الت توجه مباشرة‪.‬‬
‫ومع ذلك كله يبقى اعتراضنا على النماذج والرؤى السابقة منحصرا على مرد اعتبارها وحدها منطلقا للتوجيه‪،‬‬
‫وتبقى سائر الساليب مطلوبة ينبغي أن يسعى إليها جيعا‪.‬‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫الاتة‬

‫وبعد فهذه أخي الكري كلمات سطرها أخ لك‪ ،‬عايش هذه الهنة سنوات معدودة‪ ،‬اجتمعت له خللا هذه‬
‫الواطر‪ ،‬الت ل تعدو أن تكون آراءً شخصية إن أصاب فيها فمن ال‪ ،‬وإن أخطأ فمن نفسه والشيطان وال‬
‫ورسوله بريئان ما يقول‪.‬‬
‫أخي الكري‪ :‬إنا برامج ومقترحات للتوجيه‪ ،‬قد تالفن ف بعضها‪ ،‬وقد تصدق ف أحوال وبيئة دون أخرى‪ ،‬فما‬
‫رأيت فيها من الصواب فدونك إياه‪ ،‬وما كان سوى ذلك فإن من حقي عليك الناصحة والنصرة‪ ،‬وأجزم أن لن‬
‫أعدم ف كل حال دعوة صالة منك بظهر الغيب‪ ،‬فدعوة الخ لخيه بظهر الغيب مابة‪.‬‬
‫ومرة أخرى أقول ‪ :‬إنه ل يكفي للقيام بواجب التربية والتوجيه الكلمات العاجلة‪ ،‬أو البامج الرتلة‪ ،‬فمن حق‬
‫الشباب علينا وهم فلذات أكبادنا‪ ،‬أن نعن بتربيتهم‪ ،‬فهل خطوات جادة للوصول إل أسلوب أمثل ف التوجيه‬
‫والتربية؟‬
‫وأنا بدوري أرحب بكل خواطر الخوة القراء‪ ،‬واقتراحاتم لعلها أن تأخذ طريقها ف الطبعات القادمة‪.‬حفظك‬
‫ال أخي الستاذ‪ ،‬ووفقك‪ ،‬ورزقك التلميذ النجيب والبن البار‪.‬وصلى ال وسلم على نبينا ممد وآله وصحبه‬
‫أجعي‪.‬‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫الراجع والصادر‬

‫‪ -‬أخلق أهل القرآن ‪ -‬الجري ‪ -‬ت ممد عمرو عبداللطيف ‪ -‬دار الكتب العلمية ‪ -‬ط ‪1406 1‬هـ‬
‫‪ -‬أساسيات ف طرق التدريس العامة ‪ -‬مب الدين أبو صال ‪ -‬دار الدى ‪ -‬ط ‪1412 - 2‬هـ‬
‫‪ -‬إحياء علوم الدين ‪ -‬ابو حامد الغزال‪ -‬ت سيد إبراهيم ‪ -‬دار الديث ‪ -‬ط ‪1412 - 1‬هـ‬
‫‪ -‬الرشاد النفسي خطواته وكيفيته ‪ -‬د عبدالعزيز النغيميشي ‪ -‬الكتاب السنوي الثان لست ‪1410 -‬هـ‬
‫‪ -‬إعداد العلم من منظور التربية السلمية ‪ -‬د عبدال بن عبدالميد ممود ‪ -‬دار البخاري‪ ،‬مكتبة الغرباء ‪-‬‬
‫ط‪1‬‬
‫‪ -‬تذكرة السامع والتكلم ف أدب العال والتعلم ‪ -‬دار الكتب العلمية‬
‫‪ -‬جامع الصول من أحاديث الرسول ‪ -‬ابن الثي ‪ -‬ت عبدالقادرالرناؤوط ‪ -‬دار الفكر ‪ -‬ط ‪- 2‬‬
‫‪1403‬هـ‬
‫‪ -‬جامع بيان العلم وفضله ‪ -‬الطيب البغدادي ‪ -‬دار الكتب العلمية‬
‫‪ -‬الامع لخلق الراوي وآداب السامع ‪ -‬ت ممود الطحان ‪ -‬مكتبة العارف ‪1403 -‬هـ‬
‫‪ -‬الرسول العلم ومنهجه ف التعليم ‪ -‬ممد رأفت سعيد ‪-‬دار الدى للنشر والتوزيع ‪ -‬ط ‪1402 - 1‬هـ‬
‫‪ -‬سلسلة الحاديث الصحيحة ‪ -‬ممد بن ناصر الدين اللبان ‪ -‬الكتب السلمي‬
‫‪ -‬سنن أب داود ‪ -‬ت كمال الوت ‪ -‬دار النان ‪ -‬ط ‪1409 - 1‬هـ‬
‫‪ -‬سنن ابن ماجه ‪ -‬ت ممد فؤاد عبدالباقي ‪ -‬دار الفكر‬
‫‪ -‬سنن الترمذي ‪ -‬ت أحد شاكر ‪ -‬دار إحياء التراث العرب‬
‫‪ -‬سنن الدارمي ‪ -‬ت مصطفى البغا ‪ -‬دار القلم ‪ -‬ط ‪1412 - 1‬هـ‬
‫‪ -‬سنن النسائي ‪ -‬ت عبدالفتاح أبوغدة ‪ -‬مكتبة الطبوعات السلمية بلب ‪ -‬ط ‪1406-1‬هـ‬
‫‪ -‬صحيح الترغيب والترهيب ‪ -‬ممد بن ناصر الدين اللبان‪ -‬مكتبة العارف ‪ -‬ط ‪1409 - 2‬هـ‬
‫‪ -‬صحيح سنن أب داود ‪ -‬ممد ناصر الدين اللبان ‪ -‬مكتب التربية العرب ‪ -‬ط ‪1409 - 1‬هـ‬
‫‪ -‬صحيح سنن ابن ماجه ‪ -‬ممد ناصر الدين اللبان ‪ -‬مكتب التربية العرب‪ -‬ط ‪1408 - 2‬هـ‬
‫‪ -‬صحيح سنن الترمذي ‪ -‬ممد ناصر الدين اللبان ‪ -‬مكتب التربية العرب‪ -‬ط ‪1408 - 1‬هـ‬
‫‪ -‬صحيح سنن النسائي ‪ -‬ممد ناصر الدين اللبان ‪ -‬مكتب التربية العرب‪ -‬ط ‪1409 - 1‬هـ‬
‫‪68‬‬ ‫الدرس ومهارات التوجيه للشيخ ممد بن عبدال الدويش‬

‫‪ -‬صحيح مسلم بشرح النووي ‪ -‬مراجعة خليل اليس ‪ -‬مكتبة العارف ‪ -‬ط ‪1410 - 1‬هـ‬
‫‪ -‬فتح الباري شرح صحيح البخاري ‪ -‬ابن حجر العسقلن ‪ -‬دار الكتب العلمية ‪ -‬ط ‪1410 - 1‬هـ‬
‫‪ -‬الفروسية ‪ -‬ابن قيم الوزية‬
‫‪ -‬الفكر التربوي عند ابن القيم ‪ -‬حسن الجاجي ‪ -‬دار حافظ للنشر والتوزيع ‪ -‬ط ‪1408 - 1‬هـ‬
‫‪ -‬الفوائد ‪ -‬ابن قيم الوزية‬
‫‪ -‬الكفاية ف علم الرواية ‪ -‬الطيب البغدادي ‪ -‬ت أحد عمر هاشم ‪ -‬دار الكتاب العرب ‪ -‬ط ‪- 2‬‬
‫‪1406‬هـ‬
‫‪ -‬لقط الللء التناثرة ف الحاديث التواترة‬
‫‪ -‬الؤثرات السلبية ف تربية الطفل السلم وطرق علجها ‪ -‬عائشة جلل ‪ -‬دار الجتمع ‪ -‬ط ‪1412 - 1‬هـ‬

‫‪ -‬الجموع شرح الهذب ‪ -‬النووي ‪ -‬دار الفكر‬


‫‪ -‬الحدث الفاصل بي الراوي والواعي‪-‬السن بن عبدالرحن الرامهرمزي‪-‬ت ممد عجاج الطيب‪-‬ط ‪-3‬‬
‫‪1404‬هـ‬
‫‪ -‬متصر الشمائل الحمدية للترمذي ‪ -‬ممد ناصر الدين اللبان ‪ -‬مكتبة العارف ‪ -‬ط ‪1412 - 4‬‬
‫‪ -‬الذهب التربوي عند ابن سحنون ‪ -‬مؤسسة الرسالة ‪ -‬ط ‪1406 - 1‬‬
‫‪ -‬الراهقون ‪ -‬د عبدالعزيز النغيمشي ‪ -‬دار طيبة ‪ -‬ط ‪1411 - 1‬هـ‬
‫‪ -‬مسند المام أحد ‪ -‬المام أحد بن حنبل الشيبان ‪ -‬دار صادر‬
‫‪ -‬مسؤولية الب السلم ف تربية الولد ف مرحلة الطفولة ‪ -‬عدنان باحارث ‪ -‬دار الجتمع ‪ -‬ط ‪- 1‬‬
‫‪1410‬هـ‬
‫‪ -‬مشكلت الشباب والنهج السلمي ف علجها‪-‬وليد شلش نايف سبي ‪ -‬مؤسسة الرسالة ‪ -‬ط ‪- 1‬‬
‫‪1409‬هـ‬
‫‪ -‬العجم الفهرس للفاظ الديث الشريف ‪ -‬مطبعة بريل بدينة ليدن ‪1967 -‬م‬
‫‪ -‬العلم الناهج وطرق التدريس ‪ -‬د‪/‬ممد عبدالعليم مرسي‬
‫‪ -‬من أعلم التربية السلمية ‪ -‬مكتب التربية العرب ‪1409 -‬هـ‬
‫‪ -‬منهج التربية السلمية ‪ -‬ممد قطب ‪ -‬دار الشروق ‪ -‬ط ‪1408 - 8‬هـ‬
‫‪ -‬النظرية التربوية ف طرق تدريس الديث النبوي ‪ -‬يوسف صديق ‪ -‬دار ابن القيم ‪ -‬ط ‪1412 - 1‬هـ‬

You might also like