You are on page 1of 37

‫رسالة في إيضاح‬

‫الدللة‬
‫في عموم الرسالة‬
‫شيخ السلم ابن تيمية‬
‫مكتبة مشكاة السلمية‬
‫وقال شيخ السلم رحه ال فصل يب على النسان أن يعلم أن ال عز وجل‬
‫أرسل ممدا صلى ال عليه وسلم إل جيع الثقلي ‪ :‬النس والن وأوجب عليهم‬
‫اليان به وبا جاء به وطاعته وأن يللوا ما حلل ال ورسوله ويرموا ما حرم ال‬
‫ورسوله وأن يوجبوا ما أوجبه ال ورسوله ويبوا ما أحبه ال ورسوله ويكرهوا ما‬
‫كرهه ال ورسوله وأن كل من قامت عليه الجة برسالة ممد صلى ال عليه‬
‫وسلم من النس والن فلم يؤمن به استحق عقاب ال تعال كما يستحقه أمثاله‬
‫من الكافرين الذين بعث إليهم الرسول ‪ .‬وهذا أصل متفق عليه بي الصحابة‬
‫والتابعي لم بإحسان وأئمة السلمي وسائر طوائف السلمي ‪ :‬أهل السنة‬
‫والماعة وغيهم رضي ال عنهم أجعي ل يالف أحد من طوائف السلمي ف‬
‫وجود الن ول ف أن ال أرسل ممدا صلى ال عليه وسلم إليهم وجهور طوائف‬
‫الكفار على إثبات الن أما أهل الكتاب من اليهود والنصارى فهم مقرون بم‬
‫كإقرار السلمي وإن وجد فيهم من ينكر ذلك وكما يوجد ف السلمي من ينكر‬
‫ذلك كما يوجد ف طوائف السلمي الغالطون والعتزلة من ينكر ذلك وإن كان‬
‫جهور الطائفة وأئمتها مقرين بذلك ‪ .‬وهذا لن وجود الن تواترت به أخبار‬
‫النبياء تواترا معلوما بالضطرار ومعلوم بالضطرار أنم أحياء عقلء فاعلون‬
‫بالرادة بل مأمورون منهيون ليسوا صفات وأعراضا قائمة بالنسان أو غيه كما‬
‫يزعمه بعض اللحدة فلما كان أمر الن متواترا عن النبياء تواترا ظاهرا تعرفه‬
‫العامة والاصة ل يكن طائفة كبية من الطوائف الؤمني بالرسل أن تنكرهم كما‬
‫ل يكن لطائفة كبية من الطوائف الؤمني بالرسل إنكار اللئكة ول إنكار معاد‬
‫البدان ول إنكار عبادة ال وحده ل شريك له ول إنكار أن يرسل ال رسول من‬
‫النس إل خلقه ونو ذلك ما تواترت به الخبار عن النبياء تواترا تعرفه العامة‬
‫والاصة كما تواتر عند العامة والاصة ميء موسى إل فرعون وغرق فرعون‬
‫وميء السيح إل اليهود وعداوتم له وظهور ممد صلى ال عليه وسلم بكة‬
‫وهجرته إل الدينة وميئه بالقرآن والشرائع الظاهرة وجنس اليات الارقة الت‬
‫ظهرت على يديه كتكثي الطعام والشراب والخبار بالغيوب الاضية والستقبلة الت‬
‫ل يعلمها بشر إل بإعلم ال وغي ذلك ‪ .‬ولذا أمر ال رسوله صلى ال عليه وسلم‬
‫بسؤال أهل الكتاب عما تواتر عندهم كقوله ‪ { :‬وما أرسلنا من قبلك إل رجال‬
‫نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم ل تعلمون } فإن من الكفار من أنكر أن‬
‫يكون ل رسول بشر فأخب ال أن الذين أرسلهم قبل ممد كانوا بشرا وأمر‬
‫بسؤال أهل الكتاب عن ذلك لن ل يعلم ‪ .‬وكذلك سؤالم عن التوحيد وغيه ما‬
‫جاءت به النبياء وكفر به الكافرون قال تعال ‪ { :‬قل كفى بال شهيدا بين‬
‫وبينكم ومن عنده علم الكتاب } وقال تعال ‪ { :‬فإن كنت ف شك ما أنزلنا‬
‫إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك } وقال تعال ‪ { :‬قل أرأيتم إن كان‬
‫من عند ال وكفرت به وشهد شاهد من بن إسرائيل على مثله فآمن واستكبت } ‪.‬‬
‫وكذلك شهادة أهل الكتاب بتصديق ما أخب به من أنباء الغيب الت ل يعلمها إل‬
‫نب أو من أخبه نب وقد علموا أن ممدا ل يتعلم من أهل الكتاب شيئا ‪ .‬وهذا‬
‫غي شهادة أهل الكتاب له نفسه با يدونه من نعته ف كتبهم كقوله تعال ‪{ :‬‬
‫أول يكن لم آية أن يعلمه علماء بن إسرائيل } وقوله تعال { والذين آتيناهم‬
‫الكتاب يعلمون أنه منل من ربك بالق } وأمثال ذلك ‪ .‬وهذا بلف ما تواتر‬
‫عند الاصة من أهل العلم كأحاديث الرؤية وعذاب القب وفتنته وأحاديث الشفاعة‬
‫والصراط والوض فهذا قد ينكره بعض من ل يعرفه من أهل الهل والضلل ؛‬
‫ولذا أنكر طائفة من العتزلة كالبائي وأب بكر وغيها دخول الن ف بدن‬
‫الصروع ول ينكروا وجود الن إذ ل يكن ظهور هذا ف النقول عن الرسول‬
‫كظهور هذا وإن كانوا مطئي ف ذلك ‪ .‬ولذا ذكر الشعري ف مقالت أهل‬
‫السنة والماعة أنم يقولون ‪ :‬إن الن يدخل ف بدن الصروع كما قال تعال ‪{ :‬‬
‫الذين يأكلون الربا ل يقومون إل كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من الس }‬
‫وقال عبد ال بن أحد بن حنبل ‪ :‬قلت لب ‪ :‬إن قوما يزعمون أن الن ل يدخل‬
‫ف بدن النسي ‪ .‬فقال ‪ :‬يا بن يكذبون هو ذا يتكلم على لسانه ‪ .‬وهذا مبسوط‬
‫ف موضعه ‪ .‬والقصود هنا أن جيع طوائف السلمي يقرون بوجود الن وكذلك‬
‫جهور الكفار كعامة أهل الكتاب وكذلك عامة مشركي العرب وغيهم من أولد‬
‫الذيل والند وغيهم من أولد حام وكذلك جهور الكنعانيي واليونانيي وغيهم‬
‫من أولد يافث ‪ .‬فجماهي الطوائف تقر بوجود الن بل يقرون با يستجلبون به‬
‫معاونة الن من العزائم والطلسم سواء أكان ذلك سائغا عند أهل اليان أو‬
‫كان شركا فإن الشركي يقرءون من العزائم والطلسم والرقى ما فيه عبادة للجن‬
‫وتعظيم لم وعامة ما بأيدي الناس من العزائم والطلسم والرقى الت ل تفقه‬
‫بالعربية فيها ما هو شرك بالن ‪ .‬ولذا نى علماء السلمي عن الرقى الت ل يفقه‬
‫معناها ؛ لنا مظنة الشرك وإن ل يعرف الراقي أنا شرك ‪ .‬وف صحيح مسلم عن‬
‫{ عوف بن مالك الشجعي ‪ .‬قال ‪ :‬كنا نرقي ف الاهلية فقلنا ‪ :‬يا رسول ال‬
‫كيف ترى ف ذلك ؟ فقال ‪ :‬اعرضوا علي رقاكم ل بأس بالرقى ما ل يكن فيه‬
‫شرك } ‪ .‬وف صحيح مسلم أيضا عن جابر قال ‪ { :‬نى رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم عن الرقى فجاء آل عمرو بن حزم إل رسول ال صلى ال عليه وسلم فقالوا‬
‫‪ :‬يا رسول ال إنه كانت عندنا رقية نرقي با من العقرب وإنك نيت عن الرقى‬
‫قال ‪ :‬فعرضوها عليه فقال ‪ :‬ما أرى بأسا من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه‬
‫} وقد كان للعرب ولسائر المم من ذلك أمور يطول وصفها وأخبار العرب ف‬
‫ذلك متواترة عند من يعرف أخبارهم من علماء السلمي وكذلك عند غيهم‬
‫ولكن السلمي أخب باهلية العرب منهم باهلية سائر المم إذ كان خي القرون‬
‫كانوا عربا وكانوا قد عاينوا وسعوا ما كانوا عليه ف الاهلية وكان ذلك من‬
‫أسباب نزول القرآن فذكروا ف كتب التفسي والديث والسي والغازي والفقه‬
‫فتواترت أيام جاهلية العرب ف السلمي وإل فسائر المم الشركي هم من جنس‬
‫العرب الشركي ف هذا وبعضهم كان أشد كفرا وضلل من مشركي العرب‬
‫وبعضهم أخف ‪ .‬واليات الت أنزلا ال على ممد صلى ال عليه وسلم فيها‬
‫خطاب لميع اللق من النس والن ‪ .‬إذ كانت رسالته عامة للثقلي وإن كان‬
‫من أسباب نزول اليات ما كان موجودا ف العرب فليس شيء من اليات متصا‬
‫بالسبب العي الذي نزل فيه باتفاق السلمي وإنا تنازعوا ‪ :‬هل يتص بنوع‬
‫السبب السئول عنه ؟ وأما بعي السبب فلم يقل أحد من السلمي ‪ :‬أن آيات‬
‫الطلق أو الظهار أو اللعان أو حد السرقة والحاربي وغي ذلك يتص بالشخص‬
‫العي الذي كان سبب نزول الية ‪ .‬وهذا الذي يسميه بعض الناس تنقيح الناط‬
‫وهو أن يكون الرسول صلى ال عليه وسلم حكم ف معي وقد علم أن الكم ل‬
‫يتص به فييد أن ينقح مناط الكم ليعلم النوع الذي حكم فيه كما أنه لا { أمر‬
‫العراب الذي واقع امرأته ف رمضان بالكفارة } وقد علم أن الكم ل يتص به‬
‫وعلم أن كونه أعرابيا أو عربيا أو الوطوءة زوجته ل أثر له فلو وطئ السلم‬
‫العجمي سريته كان الكم كذلك ‪ .‬ولكن هل الؤثر ف الكفارة كونه مامعا ف‬
‫رمضان أو كونه مفطرا ؟ فالول مذهب الشافعي وأحد ف الشهور عنه والثان‬
‫مذهب مالك وأب حنيفة وهو رواية منصوصة عن أحد ف الجامة فغيها أول ث‬
‫مالك يعل الؤثر جنس الفطر وأبو حنيفة يعلها الفطر كتنوع جنسه فل يوجبه‬
‫ف ابتلع الصاة والنواة ‪ .‬وتنازعوا هل يشترط أن يكون أفسد صوما صحيحا ؟‬
‫وأحد ل يشترط ذلك ؛ بل كل إمساك وجب ف شهر رمضان أوجب فيه الكفارة‬
‫كما يوجب الربعة مثل ذلك ف الحرام الفاسد فالصيام الفاسد عنده كالحرام‬
‫الفاسد كلها يب إتامه والضي فيه والشافعي وغيه ل يوجبونا إل ف صوم‬
‫صحيح والناع فيمن أكل ث جامع أو ل ينو الصوم ث جامع ومن جامع وكفر ث‬
‫جامع ‪ .‬ومثل قوله لن أحرم بالعمرة ف جبة متضمخا باللوق ‪ { :‬انزع عنك‬
‫البة واغسل عنك أثر الصفرة } هل أمره بالغسل لكون الحرم ل يستدي الطيب‬
‫كما يقوله مالك ؟ أو لكونه نى أن يتزعفر الرجل فل ينع من استدامة الطيب‬
‫كقول الثلثة ؟ وعلى الول فهل هذا الديث منسوخ بتطييب عائشة له ف حجة‬
‫الوداع ؟ ومثل { قوله لا سئل عن فأرة وقعت ف سن ‪ :‬ألقوها وما حولا وكلوا‬
‫سنكم } هل الؤثر عدم التغي بالنجاسة أو بكونه جامدا أو كونا فأرة وقعت ف‬
‫سن فل يتعدى إل سائر الائعات ؟ ومثل هذا كثي وهذا ل بد منه ف الشرائع ول‬
‫يسمى قياسا عند كثي من العلماء كأب حنيفة ونفاة القياس ؛ لتفاق الناس على‬
‫العمل به كما اتفقوا على تقيق الناط وهو ‪ :‬أن يعلق الشارع الكم بعن كلي‬
‫فينظر ف ثبوته ف بعض النواع أو بعض العيان كأمره باستقبال الكعبة وكأمره‬
‫باستشهاد شهيدين من رجالنا من نرضى من الشهداء وكتحريه المر واليسر ؛‬
‫وكفرضه تليل اليمي بالكفارة وكتفريقه بي الفدية والطلق ؛ وغي ذلك ‪ .‬فيبقى‬
‫النظر ف بعض النواع ‪ :‬هل هي خر ويي وميسر وفدية أو طلق ؟ وف بعض‬
‫العيان ‪ :‬هل هي من هذا النوع ؟ وهل هذا الصلي مستقبل القبلة ؟ وهذا‬
‫الشخص عدل مرضي ؟ ونو ذلك ؛ فإن هذا النوع من الجتهاد متفق عليه بي‬
‫السلمي بل بي العقلء فيما يتبعونه من شرائع دينهم وطاعة ولة أمورهم ومصال‬
‫دنياهم وآخرتم ‪ .‬وحقيقة ذلك يرجع إل تثيل الشيء بنظيه وإدراج الزئي تت‬
‫الكلي وذاك يسمى قياس التمثيل ؛ وهذا يسمى قياس الشمول وها متلزمان فإن‬
‫القدر الشترك بي الفراد ف قياس الشمول الذي يسميه النطقيون الد الوسط‬
‫هو القدر الشترك ف قياس التمثيل الذي يسميه الصوليون الامع ؛ والناط ؛‬
‫والعلة ؛ والمارة ؛ والداعي والباعث ؛ والقتضي ؛ والوجب ؛ والشترك ؛ وغي‬
‫ذلك من العبارات ‪ .‬وأما تريج الناط وهو ‪ :‬القياس الحض وهو ‪ :‬أن ينص على‬
‫حكم ف أمور قد يظن أنه يتص الكم با فيستدل على أن غيها مثلها إما لنتفاء‬
‫الفارق ؛ أو للشتراك ف الوصف الذي قام الدليل على أن الشارع علق الكم به‬
‫ف الصل ؛ فهذا هو القياس الذي تقر به جاهي العلماء وينكره نفاة القياس ‪ .‬وإنا‬
‫يكثر الغلط فيه لعدم العلم بالامع الشترك الذي علق الشارع الكم به وهو الذي‬
‫يسمى سؤال الطالبة وهو ‪ :‬مطالبة العترض للمستدل بأن الوصف الشترك بي‬
‫الصل والفرع هو علة الكم ؛ أو دليل العلة ‪ .‬فأكثر غلط القائسي من ظنهم علة‬
‫ف الصل ما ليس بعلة ولذا كثرت شناعاتم على أهل القياس الفاسد ‪ .‬فأما إذا‬
‫قام دليل على إلغاء الفارق وأنه ليس بي الصل والفرع فرق يفرق الشارع لجله‬
‫بي الصورتي ؛ أو قام الدليل على أن العن الفلن هو الذي لجله حكم الشارع‬
‫بذا الكم ف الصل وهو موجود ف صورة أخرى ؛ فهذا القياس ل ينازع فيه إل‬
‫من ل يعرف هاتي القدمتي ‪ .‬وبسط هذا له موضع آخر ‪ .‬والقصود هنا ‪ :‬أن‬
‫دعوة ممد صلى ال عليه وسلم شاملة للثقلي ‪ :‬النس والن على اختلف‬
‫أجناسهم فل يظن أنه خص العرب بكم من الحكام أصل بل إنا علق الحكام‬
‫باسم مسلم وكافر ؛ ومؤمن ومنافق ؛ وبر وفاجر ؛ ومسن وظال ؛ وغي ذلك من‬
‫الساء الذكورة ف القرآن والديث وليس ف القرآن ول الديث تصيص‬
‫العرب بكم من أحكام الشريعة ولكن بعض العلماء ظن ذلك ف بعض الحكام‬
‫وخالفه المهور كما ظن طائفة منهم أبو يوسف أنه خص العرب بأن ل يسترقوا‬
‫وجهور السلمي على أنم يسترقون كما صحت بذلك الحاديث الصحيحة‬
‫حيث استرق بن الصطلق وفيهم جويرية بنت الارث ث أعتقها وتزوجها وأعتق‬
‫بسببها من استرق من قومها ‪ .‬وقال ف حديث هوازن ‪ { :‬اختاروا إحدى‬
‫الطائفتي ‪ :‬إما السب ؛ وإما الال } وف الصحيحي عن أب أيوب النصاري عن‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم أنه قال ‪ { :‬من قال ‪ :‬ل إله إل ال وحده ل‬
‫شريك له ؛ له اللك وله المد ؛ وهو على كل شيء قدير عشر مرات كان كمن‬
‫أعتق أربعة أنفس من ولد إساعيل } ‪ .‬وف الصحيحي أيضا عن أب هريرة أنه {‬
‫كانت سبية من سب هوازن عند عائشة فقال ‪ :‬أعتقيها فإنا من ولد إساعيل }‬
‫وعامة من استرقه الرسول صلى ال عليه وسلم من النساء والصبيان كانوا عربا‬
‫وذكر هذا يطول ‪ .‬ولكن عمر بن الطاب لا رأى كثرة السب من العجم واستغناء‬
‫الناس عن استرقاق العرب رأى أن يعتقوا العرب من باب مشورة المام وأمره‬
‫بالصلحة ؛ ل من باب الكم الشرعي الذي يلزم اللق كلهم فأخذ من أخذ با‬
‫ظنه من قول عمر وكذلك ظن من ظن أن الزية ل تؤخذ من مشركي العرب مع‬
‫كونا تؤخذ من سائر الشركي ‪ .‬وجهور العلماء على أنه ل يفرق بي العرب‬
‫وغيهم ‪ .‬ث منهم من يوز أخذها من كل مشرك ومنهم من ل يأخذها إل من‬
‫أهل الكتاب والجوس ؛ وذلك أن النب صلى ال عليه وسلم ل يأخذ الزية من‬
‫مشركي العرب وأخذها من الجوس وأهل الكتاب ‪ .‬فمن قال ‪ :‬تؤخذ من كل‬
‫كافر ‪ .‬قال ‪ :‬إن آية الزية لا نزلت أسلم مشركو العرب فإنا نزلت عام تبوك ول‬
‫يبق عرب مشرك ماربا ول يكن النب صلى ال عليه وسلم ليغزو النصارى عام‬
‫تبوك بميع السلمي ‪ -‬إل من عذر ال ‪ -‬ويدع الجاز وفيه من ياربه ويبعث أبا‬
‫بكر عام تسع فنادى ف الوسم أن ل يج بعد العام مشرك ول يطوف بالبيت‬
‫عريان ونبذ العهود الطلقة وأبقى الؤقتة ما دام أهلها موفي بالعهد كما أمر ال‬
‫بذلك ف أول سورة التوبة وأنظر الذين نبذ إليهم أربعة أشهر وأمر عند انسلخها‬
‫بغزو الشركي كافة قالوا ‪ :‬فدان الشركون كلهم كافة بالسلم ول يرض بذل‬
‫أداء الزية لنه ل يكن لشركي العرب من الدين بعد ظهور دين السلم ما‬
‫يصبون لجله على أداء الزية عن يد وهم صاغرون ؛ إذ كان عامة العرب قد‬
‫أسلموا فلم يبق لشركي العرب عز يعتزون به فدانوا بالسلم حيث أظهره ال ف‬
‫العرب بالجة والبيان والسيف والسنان ‪ .‬وقول النب صلى ال عليه وسلم {‬
‫أمرت أن أقاتل الناس حت يشهدوا أن ل إله إل ال وأن ممدا رسول ال ويقيموا‬
‫الصلة ؛ ويؤتوا الزكاة } مراده قتال الحاربي الذين أذن ال ف قتالم ل يرد قتال‬
‫العاهدين الذين أمر ال بوفاء عهدهم ‪ .‬وكان النب صلى ال عليه وسلم قبل نزول‬
‫" براءة " يعاهد من عاهده من الكفار من غي أن يعطي الزية عن يد فلما أنزل ال‬
‫براءة وأمره بنبذ العهود الطلقة ل يكن له أن يعاهدهم كما كان يعاهدهم بل كان‬
‫عليه أن ياهد الميع كما قال ‪ { :‬فإذا انسلخ الشهر الرم فاقتلوا الشركي‬
‫حيث وجدتوهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا‬
‫الصلة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن ال غفور رحيم } ‪ .‬وكان دين أهل الكتاب‬
‫خيا من دين الشركي ومع هذا فأمروا بقتالم حت يعطوا الزية عن يد وهم‬
‫صاغرون فإذا كان أهل الكتاب ل توز معاهدتم كما كان ذلك قبل نزول براءة‬
‫فالشركون أول بذلك أن ل توز معاهدتم بدون ذلك ‪ .‬قالوا ‪ :‬فكان ف‬
‫تصيص أهل الكتاب بالذكر تنبيها بطريق الول على ترك معاهدة الشركي بدون‬
‫الصغار والزية ؛ كما كان يعاهدهم ف مثل هدنة الديبية وغي ذلك من‬
‫العاهدات ‪ .‬قالوا ‪ :‬وقد ثبت ف الصحيح من حديث بريدة قال ‪ { :‬كان رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم إذا أمر أميا على جيش أو سرية أوصاه ف خاصته بتقوى‬
‫ال ومن معه من السلمي خيا ث قال ‪ :‬اغزوا بسم ال ف سبيل ال قاتلوا من كفر‬
‫بال اغزوا ول تغلوا ول تغدروا ول تثلوا ول تقتلوا وليدا وإذا لقيت عدوك من‬
‫الشركي فادعهم إل ثلث خصال أو خلل فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف‬
‫عنهم ادعهم إل السلم فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ث ادعهم إل التحول‬
‫من دارهم إل دار الهاجرين وأخبهم أنم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين‬
‫وعليهم ما على الهاجرين فإن أبوا أن يتحولوا منها فأخبهم أنم يكونون كأعراب‬
‫السلمي يري عليهم حكم ال الذي يري على الؤمني ول يكون لم ف الغنيمة‬
‫والفيء شيء إل أن ياهدوا مع السلمي فإن هم أبوا فاسألم الزية فإن هم‬
‫أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم فإن هم أبوا فاستعن بال عليهم وقاتلهم وإذا‬
‫حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تعل لم ذمة ال وذمة نبيه فل تعل لم ذمة ال‬
‫ول ذمة نبيه ولكن اجعل لم ذمتك وذمة أصحابك فإنكم أن تفروا ذمكم وذمة‬
‫أصحابكم أهون من أن تفروا ذمة ال وذمة رسوله وإذا حاصرت أهل حصن‬
‫فأرادوك أن تنلم على حكم ال فل تنلم على حكم ال ولكن أنزلم على‬
‫حكمك ؛ فإنك ل تدري أتصيب حكم ال فيهم أم ل } ‪ .‬قالوا ‪ :‬ففي الديث‬
‫أمره لن أرسله أن يدعو الكفار إل السلم ث إل الجرة إل المصار وإل فإل‬
‫أداء الزية وإن ل يهاجروا كانوا كأعراب السلمي والعراب عامتهم كانوا‬
‫مشركي فدل على أنه دعا إل أداء الزية من حاصره من الشركي وأهل الكتاب‬
‫‪ .‬والصون كانت باليمن كثية بعد نزول آية الزية وأهل اليمن كان فيهم‬
‫مشركون وأهل كتاب وأمر معاذا أن يأخذ من كل حال دينارا أو عد له معافريا‬
‫ول ييز بي الشركي وأهل الكتاب فدل ذلك على أن الشركي من العرب آمنوا‬
‫كما آمن من آمن من أهل الكتاب ومن ل يؤمن من أهل الكتاب أدى الزية ‪.‬‬
‫وقد أخذ النب صلى ال عليه وسلم الزية من أهل البحرين وكانوا موسا وأسلمت‬
‫عبد القيس وغيهم من أهل البحرين طوعا ول يكن النب صلى ال عليه وسلم‬
‫ضرب الزية على أحد من اليهود بالدينة ول بيب ؛ بل حاربم قبل نزول آية‬
‫الزية وأقر اليهود بيب فلحي بل جزية إل أن أجلهم عمر ؛ لنم كانوا‬
‫مهادني له وكانوا فلحي ف الرض فأقرهم لاجة السلمي إليهم ث أمر‬
‫بإجلئهم قبل موته وأمر بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب فقيل ‪ :‬هذا‬
‫الكم مصوص بزيرة العرب وقيل ‪ :‬بل هو عام ف جيع أهل الذمة إذا استغن‬
‫السلمون عنهم أجلوهم من ديار السلم ؛ وهذا قول ابن جرير وغيه ‪ .‬ومن قال‬
‫‪ :‬إن الزية ل تؤخذ من مشرك قال ‪ :‬إن آية الزية نزلت والشركون موجودون‬
‫فلم يأخذها منهم ‪ .‬والقصود أنه ل يص العرب بكم وإن قيل ‪ :‬إنه خص جزيرة‬
‫العرب الت هي حول السجد الرام كما خص السجد الرام بقوله ‪ { :‬إنا‬
‫الشركون نس فل يقربوا السجد الرام بعد عامهم هذا } ‪ .‬وكذلك من قال من‬
‫العلماء ‪ :‬إنه حرم على جيع السلمي ما تستخبثه العرب وأحل لم ما تستطيبه ‪.‬‬
‫فجمهور العلماء على خلف هذا القول كمالك وأب حنيفة وأحد وقدماء‬
‫أصحابه ولكن الرقي وطائفة منهم وافقوا الشافعي على هذا القول وأما أحد‬
‫نفسه فعامة نصوصه موافقة لقول جهور العلماء وما كان عليه الصحابة والتابعون‬
‫أن التحليل والتحري ل يتعلق باستطابة العرب ول باستخباثهم ؛ بل كانوا‬
‫يستطيبون أشياء حرمها ال ؛ كالدم واليتة ؛ والنخنقة والوقوذة ؛ والتردية‬
‫والنطيحة ؛ وأكيلة السبع ؛ وما أهل به لغي ال وكانوا ‪ -‬بل خيارهم ‪ -‬يكرهون‬
‫أشياء ل يرمها ال حت لم الضب كان النب صلى ال عليه وسلم يكرهه وقال ‪:‬‬
‫{ ل يكن بأرض قومي فأجدن أعافه } وقال مع هذا ‪ " :‬إنه ليس بحرم " وأكل‬
‫على مائدته وهو ينظر وقال فيه ‪ " :‬ل آكله ول أحرمه " ‪ .‬وقال جهور العلماء ‪:‬‬
‫الطيبات الت أحلها ال ما كان نافعا لكله ف دينه والبيث ما كان ضارا له ف‬
‫دينه ‪ .‬وأصل الدين العدل الذي بعث ال الرسل بإقامته فما أورث الكل بغيا‬
‫وظلما حرمه كما حرم كل ذي ناب من السباع ‪ .‬لنا باغية عادية والغاذي شبيه‬
‫بالغتذي فإذا تولد اللحم منها صار ف النسان خلق البغي والعدوان ‪ .‬وكذلك‬
‫الدم يمع قوى النفس من الشهوة والغضب فإذا اغتذى‬
‫منه زادت شهوته وغضبه على العتدل ولذا ل يرم منه إل السفوح بلف القليل‬
‫فإنه ل يضر ‪ .‬ولم النير يورث عامة الخلق البيثة ؛ إذ كان أعظم اليوان ف‬
‫أكل كل شيء ل يعاف شيئا وال ل يرم على أمة ممد شيئا من الطيبات وإنا‬
‫حرم ذلك على أهل الكتاب كما قال تعال ‪ { :‬فبظلم من الذين هادوا حرمنا‬
‫عليهم طيبات أحلت لم } وقال تعال ‪ { :‬وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي‬
‫ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إل ما حلت ظهورها أو الوايا أو‬
‫ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون } ‪ .‬وأما السلمون فلم يرم‬
‫عليهم إل البائث كالدم السفوح فأما غي السفوح كالذي يكون ف العروق فلم‬
‫يرمه بل ذكرت عائشة أنم كانوا يضعون اللحم ف القدر فيون آثار الدم ف‬
‫القدر ؛ ولذا عفا جهور الفقهاء عن الدم اليسي ف البدن والثياب إذا كان غي‬
‫مسفوح وإذا عفي عنه ف الكل ففي اللباس والمل أول أن يعفى عنه ‪ .‬وكذلك‬
‫ريق الكلب يعفى عنه عند جهور العلماء ف الصيد كما هو مذهب مالك وأب‬
‫حنيفة وأحد ف أظهر القولي ف مذهبه وهو أحد الوجهي ف مذهب الشافعي وإن‬
‫وجب غسل الناء من ولوغه عند جهورهم ‪ .‬إذ كان الريق ف الولوغ كثيا ساريا‬
‫ف الائع ل يشق الحتراز منه بلف ما يصيب الصيد فإنه قليل ناشف ف جامد‬
‫يشق الحتراز منه ‪ .‬وكذلك التقدي ف إمامة الصلة بالنسب ل يقول به أكثر‬
‫العلماء وليس فيه نص عن النب صلى ال عليه وسلم بل الذي ثبت ف الصحيح عنه‬
‫صلى ال عليه وسلم أنه قال ‪ { :‬يؤم القوم أقرؤهم لكتاب ال فإن كانوا ف القراءة‬
‫سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا ف السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا ف‬
‫الجرة سواء فأقدمهم سنا } فقدمه صلى ال عليه وسلم بالفضيلة العلمية ث‬
‫بالفضيلة العملية وقدم العال بالقرآن على العال بالسنة ث السبق إل الدين باختياره‬
‫ث السبق إل الدين بسنه ول يذكر النسب ‪ .‬وبذا أخذ أحد وغيه فرتب الئمة‬
‫كما رتبهم النب صلى ال عليه وسلم ول يذكر النسب وكذلك أكثر العلماء‬
‫كمالك وأب حنيفة ل يرجحوا بالنسب ولكن رجح به الشافعي وطائفة من‬
‫أصحاب أحد ؛ كالرقي وابن حامد والقاضي وغيهم واحتجوا بقول سلمان‬
‫الفارسي ‪ :‬إن لكم علينا معشر العرب أل نؤمكم ف صلتكم ول ننكح نساءكم ‪.‬‬
‫والولون يقولون ‪ :‬إنا قال سلمان هذا تقديا منه للعرب على الفرس كما يقول‬
‫الرجل لن هو أشرف منه ‪ :‬حقك علي كذا وليس قول سلمان حكما شرعيا يلزم‬
‫جيع اللق اتباعه كما يب عليهم اتباع أحكام ال ورسوله ولكن من تأسى من‬
‫الفرس بسلمان فله به أسوة حسنة ؛ فإن سلمان سابق الفرس ‪ .‬وكذلك اعتبار‬
‫النسب ف أهل الكتاب ليس هو قول أحد من الصحابة ول يقول به جهور العلماء‬
‫كمالك وأب حنيفة وأحد بن حنبل وقدماء أصحابه ولكن طائفة منهم ذكرت عنه‬
‫روايتان واختار بعضهم اعتبار النسب موافقة للشافعي والشافعي أخذ ذلك عن‬
‫عطاء وبسط هذا له موضع آخر ‪.‬‬

‫والقصود هنا أن النب صلى ال عليه وسلم إنا علق الحكام بالصفات الؤثرة‬
‫فيما يبه ال وفيما يبغض فأمر با يبه ال ودعا إليه بسب المكان ونى عما‬
‫يبغضه ال وحسم مادته بسب المكان ل يص العرب بنوع من أنواع الحكام‬
‫الشرعية ؛ إذ كانت دعوته لميع البية ؛ لكن نزل القرآن بلسانم بل نزل بلسان‬
‫قريش كما ثبت عن عمر بن الطاب أنه قال لبن مسعود ‪ :‬أقرئ الناس بلغة‬
‫قريش فإن القرآن نزل بلسانم وكما قال عثمان للذين يكتبون الصحف من قريش‬
‫والنصار ‪ :‬إذا اختلفتم ف شيء فاكتبوه بلغة هذا الي من قريش فإن القرآن نزل‬
‫بلسانم وهذا لجل التبليغ ؛ لنه بلغ قومه أول ث بواسطتهم بلغ سائر المم وأمره‬
‫ال بتبليغ قومه أول ث بتبليغ القرب فالقرب إليه كما أمر بهاد القرب فالقرب‬
‫‪ .‬وما ذكره كثي من العلماء من أن غي العرب ليسوا أكفاء للعرب ف النكاح‬
‫فهذه مسألة نزاع بي العلماء فمنهم من ل يرى الكفاءة إل ف الدين ومن رآها ف‬
‫النسب أيضا فإنه يتج بقول عمر ‪ :‬لمنعن ذوات الحساب إل من الكفاء ؛ لن‬
‫النكاح مقصوده حسن اللفة فإذا كانت الرأة أعلى منصبا اشتغلت عن الرجل فل‬
‫يتم به القصود ‪ .‬وهذه حجة من جعل ذلك حقا ل ‪ .‬حت أبطل النكاح إذا‬
‫زوجت الرأة بن ل يكافئها ف الدين أو النصب ومن جعلها حقا لدمي قال ‪:‬‬
‫إن ف ذلك غضاضة على أولياء الرأة وعليها والمر إليهم ف ذلك ‪ .‬ث هؤلء ل‬
‫يصون الكفاءة بالنسب بل يقولون ‪ :‬هي من الصفات الت تتفاضل با النفوس‬
‫كالصناعة واليسار والرية وغي ذلك وهذه مسائل اجتهادية ترد إل ال‬
‫والرسول ؛ فإن جاء عن ال ورسوله ما يوافق أحد القولي فما جاء عن ال ل‬
‫يتلف وإل فل يكون قول أحد حجة على ال ورسوله ‪ .‬وليس عن النب صلى ال‬
‫عليه وسلم نص صحيح صريح ف هذه المور بل قد قال صلى ال عليه وسلم {‬
‫إن ال أذهب عنكم عيبة الاهلية وفخرها بالباء الناس رجلن ‪ :‬مؤمن تقي ؛‬
‫وفاجر شقي } وف صحيح مسلم عنه صلى ال عليه وسلم أنه قال ‪ { :‬أربع ف‬
‫أمت من أمر الاهلية ل يتركونن ‪ . :‬الفخر بالحساب ؛ والطعن ف النساب ؛‬
‫والنياحة ؛ والستسقاء بالنجوم } وقد ثبت عنه صلى ال عليه وآله وسلم أنه قال‬
‫‪ { :‬إن ال اصطفى كنانة من بن إساعيل ‪ .‬واصطفى قريشا من كنانة واصطفى‬
‫بن هاشم من قريش واصطفان من بن هاشم فأنا خيكم نفسا وخيكم نسبا } ‪.‬‬
‫وجهور العلماء على أن جنس العرب خي من غيهم كما أن جنس قريش خي من‬
‫غيهم وجنس بن هاشم خي من غيهم ‪ .‬وقد ثبت ف الصحيح عنه صلى ال عليه‬
‫وسلم أنه قال ‪ { :‬الناس معادن كمعادن الذهب والفضة خيارهم ف الاهلية‬
‫خيارهم ف السلم إذا فقهوا } ‪ .‬لكن تفضيل الملة على الملة ل يستلزم أن‬
‫يكون كل فرد أفضل من كل فرد فإن ف غي العرب خلقا كثيا خيا من أكثر‬
‫العرب وف غي قريش من الهاجرين والنصار من هو خي من أكثر قريش وف غي‬
‫بن هاشم من قريش وغي قريش من هو خي من أكثر بن هاشم كما قال رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم { إن خي القرون القرن الذين بعثت فيهم ث الذين يلونم‬
‫ث الذين يلونم } وف القرون التأخرة من هو خي من كثي من القرن الثان‬
‫والثالث ومع هذا فلم يص النب صلى ال عليه وسلم القرن الثان والثالث بكم‬
‫شرعي كذلك ل يص العرب بكم شرعي بل ول خص بعض أصحابه بكم‬
‫دون سائر أمته ولكن الصحابة لا كان لم من الفضل أخب بفضلهم وكذلك‬
‫السابقون الولون ل يصهم بكم ولكن أخب با لم من الفضل لا اختصوا به من‬
‫العمل وذلك ل يتعلق بالنسب ‪ .‬والقصود هنا أنه أرسل إل جيع الثقلي ‪ :‬النس‬
‫والن فلم يص العرب دون غيهم من المم بأحكام شرعية ولكن خص قريشا‬
‫بأن المامة فيهم وخص بن هاشم بتحري الزكاة عليهم وذلك لن جنس قريش لا‬
‫كانوا أفضل وجب أن يكون المامة ف أفضل الجناس مع المكان وليست‬
‫المامة أمرا شامل لكل أحد منهم وإنا يتولها واحد من الناس ‪ .‬وأما تري‬
‫الصدقة فحرمها عليه وعلى أهل بيته تكميل لتطهيهم ودفعا للتهمة عنه كما ل‬
‫يورث فل يأخذ ورثته درها ول دينارا ؛ بل ل يكون له ولن يونه من مال ال إل‬
‫نفقتهم وسائر مال ال يصرف فيما يبه ال ورسوله وذوو قرباه يعطون بعروف‬
‫من مال المس والفيء الذي يعطى منه ف سائر مصال السلمي ل يتص‬
‫بأصناف معينة كالصدقات ث ما جعل لذوي القرب قد قيل ‪ :‬إنه سقط بوته كما‬
‫يقوله أبو حنيفة وقيل ‪ :‬هو لقرب من يلي المر بعده كما روي عنه ‪ { :‬ما أطعم‬
‫ال نبيا طعمة إل كانت لن يلي المر بعده } وهذا قول أب ثور وغيه ‪ .‬وقيل ‪:‬‬
‫إن هذا كان مأخذ عثمان ف إعطاء بن أمية وقيل ‪ :‬هو لذوي قرب الرسول صلى‬
‫ال عليه وسلم دائما ‪ .‬ث من هؤلء من يقول ‪ :‬هو مقدر بالشرع وهو خس‬
‫المس كما يقوله الشافعي وأحد ف الشهور عنه ‪ .‬وقيل ‪ :‬بل المس والفيء‬
‫يصرف ف مصال السلمي باجتهاد المام ول يقسم على أجزاء مقدرة متساوية‬
‫وهذا قول مالك وغيه ‪ .‬وعن أحد أنه جعل خس الزكاة فيئا وعلى هذا القول‬
‫يدل الكتاب والسنة وسية اللفاء الراشدين وبسط هذه المور له موضع آخر ‪.‬‬
‫والقصود هنا ‪ :‬أن بعض آيات القرآن وإن كان سببه أمورا كانت ف العرب‬
‫فحكم اليات عام يتناول ما تقتضيه اليات لفظا ومعن ف أي نوع كان وممد‬
‫صلى ال عليه وسلم بعث إل النس والن ‪ .‬وجاهي المم يقر بالن ولم‬
‫معهم وقائع يطول وصفها ول ينكر الن إل شرذمة قليلة من جهال التفلسفة‬
‫والطباء ونوهم وأما أكابر القوم فالأثور عنهم ‪ :‬إما القرار با ‪ .‬وإما أن ل يكى‬
‫عنهم ف ذلك قول ‪ .‬ومن العروف عن بقراط أنه قال ف بعض الياه ‪ :‬إنه ينفع من‬
‫الصرع لست أعن الذي يعاله أصحاب الياكل وإنا أعن الصرع الذي يعاله‬
‫الطباء ‪ .‬وأنه قال ‪ :‬طبنا مع طب أهل الياكل كطب العجائز مع طبنا ‪ .‬وليس لن‬
‫أنكر ذلك حجة يعتمد عليها تدل على النفي وإنا معه عدم العلم ؛ إذ كانت‬
‫صناعته ليس فيها ما يدل على ذلك كالطبيب الذي ينظر ف البدن من جهة صحته‬
‫ومرضه الذي يتعلق بزاجه وليس ف هذا تعرض لا يصل من جهة النفس ول من‬
‫جهة الن وإن كان قد علم من غي طبه أن للنفس تأثيا عظيما ف البدن أعظم من‬
‫تأثي السباب الطبية وكذلك للجن تأثي ف ذلك كما قال النب صلى ال عليه‬
‫وسلم ف الديث الصحيح ‪ { :‬إن الشيطان يري من ابن آدم مرى الدم } وف‬
‫الدم الذي هو البخار الذي تسميه الطباء الروح اليوان النبعث من القلب‬
‫الساري ف البدن الذي به حياة البدن كما قد بسط هذا ف موضع آخر ‪ .‬والراد‬
‫هنا أن ممدا صلى ال عليه وسلم أرسل إل الثقلي النس والن وقد أخب ال ف‬
‫القرآن أن الن استمعوا القرآن وأنم آمنوا به كما قال تعال ‪ { :‬وإذ صرفنا إليك‬
‫نفرا من الن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا } إل قوله ‪ { :‬أولئك ف‬
‫ضلل مبي } ث أمره أن يب الناس بذلك فقال تعال ‪ { :‬قل أوحي إل أنه استمع‬
‫نفر من الن فقالوا إنا سعنا قرآنا عجبا } إل فأمره أن يقول ذلك ليعلم النس‬
‫بأحوال الن وأنه مبعوث إل النس والن ؛ لا ف ذلك من هدي النس والن ما‬
‫يب عليهم من اليان بال ورسله واليوم الخر وما يب من طاعة رسله ومن‬
‫تري الشرك بالن وغيهم كما قال ف السورة ‪ { :‬وأنه كان رجال من النس‬
‫يعوذون برجال من الن فزادوهم رهقا } ‪ .‬كان الرجل من النس ينل بالوادي‬
‫‪ -‬والودية مظان الن ؛ فإنم يكونون بالودية أكثر ما يكونون بأعال الرض ‪-‬‬
‫فكان النسي يقول ‪ :‬أعوذ بعظيم هذا الوادي من سفهائه فلما رأت الن أن‬
‫النس تستعيذ با زاد طغيانم وغيهم وبذا ييبون العزم والراقي بأسائهم وأساء‬
‫ملوكهم فإنه يقسم عليهم بأساء من يعظمونه فيحصل لم بذلك من الرئاسة‬
‫والشرف على النس ما يملهم على أن يعطوهم بعض سؤلم ل سيما وهم‬
‫يعلمون أن النس أشرف منهم وأعظم قدرا فإذا خضعت النس لم واستعاذت‬
‫بم كان بنلة أكابر الناس إذا خضع لصاغرهم ليقضي له حاجته ‪ .‬ث الشياطي‬
‫منهم من يتار الكفر والشرك ومعاصي الرب ‪ .‬وإبليس وجنوده من الشياطي‬
‫يشتهون الشر ويلتذون به ويطلبونه ويرصون عليه بقتضى خبث أنفسهم وإن‬
‫كان موجبا لعذابم وعذاب من يغوونه كما قال إبليس ‪ { :‬فبعزتك لغوينهم‬
‫أجعي } { إل عبادك منهم الخلصي } وقال تعال ‪ { :‬قال أرأيتك هذا الذي‬
‫كرمت علي لئن أخرتن إل يوم القيامة لحتنكن ذريته إل قليل } وقال تعال ‪{ :‬‬
‫ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إل فريقا من الؤمني } ‪ .‬والنسان إذا‬
‫فسدت نفسه أو مزاجه يشتهي ما يضره ويلتذ به ؛ بل يعشق ذلك عشقا يفسد‬
‫عقله ودينه وخلقه وبدنه وماله والشيطان هو نفسه خبيث فإذا تقرب صاحب‬
‫العزائم والقسام وكتب الروحانيات السحرية وأمثال ذلك إليهم با يبونه من‬
‫الكفر والشرك صار ذلك كالرشوة والبطيل لم فيقضون بعض أغراضه كمن‬
‫يعطي غيه مال ليقتل له من يريد قتله أو يعينه على فاحشة أو ينال معه فاحشة ‪.‬‬
‫ولذا كثي من هذه المور يكتبون فيها كلم ال بالنجاسة ‪ -‬وقد يقلبون حروف‬
‫كلم ال عز وجل إما حروف الفاتة وإما حروف { قل هو ال أحد } وأما‬
‫غيها ‪ -‬إما دم وإما غيه وإما بغي ناسة ‪ .‬أو يكتبون غي ذلك ما يرضاه‬
‫الشيطان أو يتكلمون بذلك ‪ .‬فإذا قالوا أو كتبوا ما ترضاه الشياطي أعانتهم على‬
‫بعض أغراضهم إما تغوير ماء من الياه وإما أن يمل ف الواء إل بعض المكنة‬
‫وإما أن يأتيه بال من أموال بعض الناس كما تسرقه الشياطي من أموال الائني‬
‫ومن ل يذكر اسم ال عليه وتأت به وإما غي ذلك ‪ .‬وأعرف ف كل نوع من هذه‬
‫النواع من المور العينة ومن وقعت له من أعرفه ما يطول حكايته ؛ فإنم كثيون‬
‫جدا ‪ .‬والقصود أن ممدا صلى ال عليه وسلم بعث إل الثقلي واستمع الن‬
‫لقراءته وولوا إل قومهم منذرين كما أخب ال عز وجل وهذا متفق عليه بي‬
‫السلمي ‪ .‬ث أكثر السلمي من الصحابة والتابعي وغيهم يقولون ‪ :‬أنم جاءوه‬
‫بعد هذا وإنه قرأ عليهم القرآن وبايعوه وسألوه الزاد لم ولدوابم فقال لم ‪{ :‬‬
‫لكم كل عظم ذكر اسم ال عليه يعود أوفر ما يكون لما ولكم كل بعرة علف‬
‫لدوابكم قال النب صلى ال عليه وسلم فل تستنجوا بما فإنما زاد إخوانكم من‬
‫الن } وهذا ثابت ف صحيح مسلم وغيه من حديث ابن مسعود ‪ .‬وقد ثبت ف‬
‫صحيح البخاري وغيه من حديث أب هريرة { نيه صلى ال عليه وسلم عن‬
‫الستنجاء بالعظم والروث } ف أحاديث متعددة وف صحيح مسلم وغيه { عن‬
‫سلمان قال ‪ :‬قيل له ‪ :‬قد علمكم نبيكم كل شيء حت الراءة قال ‪ :‬فقال ‪ :‬أجل‬
‫لقد نانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول وأن نستنجي باليمي وأن نستنجي بأقل‬
‫من ثلثة أحجار وأن نستنجي برجيع أو عظم } ‪ .‬وف صحيح مسلم وغيه أيضا‬
‫عن جابر قال ‪ { :‬نى رسول ال صلى ال عليه وسلم أن نتمسح بعظم أو ببعر }‬
‫وكذلك النهي عن ذلك ف حديث خزية بن ثابت وغيه ‪ .‬وقد بي علة ذلك ف‬
‫حديث ابن مسعود ففي صحيح مسلم وغيه عن ابن مسعود أن النب صلى ال‬
‫عليه وسلم قال ‪ { :‬أتان داعي الن فذهبت معه فقرأت عليهم القرآن قال ‪:‬‬
‫فانطلق بنا فأرانا آثارهم وآثار نيانم وسألوه الزاد فقال ‪ :‬لكم كل عظم ذكر اسم‬
‫ال عليه يقع ف أيديكم لما وكل بعرة علف لدوابكم فقال النب صلى ال عليه‬
‫وسلم فل تستنجوا بما فإنما زاد إخوانكم } ‪ .‬ف صحيح البخاري وغيه عن أب‬
‫هريرة { أنه كان يمل مع النب صلى ال عليه وسلم إداوة لوضوئه وحاجته فبينما‬
‫هو يتبعه با قال ‪ :‬من هذا ؟ قلت ‪ :‬أبو هريرة قال ‪ :‬ابغن أحجارا أستنفض با ول‬
‫تأتن بعظم ول بروثة فأتيته بأحجار أحلها ف طرف ثوب حت وضعتها إل جنبه ث‬
‫انصرفت حت إذا فرغ مشيت فقلت ‪ :‬ما بال العظم والروثة ؟ قال ‪ :‬ها من طعام‬
‫الن وإنه أتان وفد جن نصيبي ‪ -‬ونعم الن ‪ -‬فسألون الزاد فدعوت ال لم أن‬
‫ل يروا بعظم ول روثة إل وجدوا عليها طعاما } ‪ .‬ولا نى النب صلى ال عليه‬
‫وسلم عن الستنجاء با يفسد طعام الن وطعام دوابم كان هذا تنبيها على‬
‫النهي عما يفسد طعام النس وطعام دوابم بطريق الول لكن كراهة هذا والنفور‬
‫عنه ظاهر ف فطر الناس بلف العظم والروثة فإنه ل يعرف ناسة طعام الن ؛‬
‫فلهذا جاءت الحاديث الصحيحة التعددة بالنهي عنه ‪ .‬وقد ثبت بذه الحاديث‬
‫الصحيحة أنه خاطب الن وخاطبوه وقرأ عليهم القرآن وأنم سألوه الزاد ‪ .‬وقد‬
‫ثبت ف الصحيحي عن ابن عباس أنه كان يقول ‪ :‬إن النب صلى ال عليه وسلم ل‬
‫ير الن ول خاطبهم ولكن أخبه أنم سعوا القرآن وابن عباس قد علم ما دل عليه‬
‫القرآن من ذلك ول يعلم ما علمه ابن مسعود وأبو هريرة وغيها من إتيان الن‬
‫إليه وماطبته إياهم وأنه أخبه بذلك ف القرآن وأمره أن يب به وكان ذلك ف أول‬
‫المر لا حرست السماء وحيل بينهم وبي خب السماء وملئت حرسا شديدا وكان‬
‫ف ذلك من دلئل النبوة ما فيه عبة كما قد بسط ف موضع آخر وبعد هذا أتوه‬
‫وقرأ عليهم القرآن وروي أنه قرأ عليهم سورة الرحن وصار كلما قال ‪ { :‬فبأي‬
‫آلء ربكما تكذبان } قالوا ‪ :‬ول بشيء من آلئك ربنا نكذب فلك المد ‪ .‬وقد‬
‫ذكر ال ف القرآن من خطاب الثقلي ما يبي هذا الصل كقوله تعال ‪ { :‬يا‬
‫معشر الن والنس أل يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آيات وينذرونكم لقاء‬
‫يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا } وقد أخب ال عن الن أنم قالوا ‪ { :‬وأنا‬
‫منا الصالون ومنا دون ذلك كنا طرائق قدا } أي ‪ :‬مذاهب شت ‪ :‬مسلمون‬
‫وكفار ؛ وأهل سنة وأهل بدعة وقالوا ‪ { :‬وأنا منا السلمون ومنا القاسطون فمن‬
‫أسلم فأولئك تروا رشدا } { وأما القاسطون فكانوا لهنم حطبا } والقاسط ‪:‬‬
‫الائر يقال ‪ :‬قسط إذا جار وأقسط إذا عدل ‪ .‬وكافرهم معذب ف الخرة باتفاق‬
‫العلماء ‪ .‬وأما مؤمنهم فجمهور العلماء على أنه ف النة وقد روي ‪ " :‬أنم‬
‫يكونون ف ربض النة تراهم النس من حيث ل يرونم " ‪ .‬وهذا القول مأثور عن‬
‫مالك والشافعي وأحد وأب يوسف وممد ‪ .‬وقيل ‪ :‬إن ثوابم النجاة من النار وهو‬
‫مأثور عن أب حنيفة ‪ .‬وقد احتج المهور بقوله‪ { :‬ل يطمسهن إنس قبلهم ول‬
‫جان } قالوا‪ :‬فدل ذلك على تأت الطمث منهم لن طمث الور العي إنا يكون‬
‫ف النة‪.‬‬

‫فصل وإذا كان الن أحياء عقلء مأمورين منهيي لم ثواب وعقاب وقد أرسل‬
‫إليهم النب صلى ال عليه وسلم فالواجب على السلم أن يستعمل فيهم ما‬
‫يستعمله ف النس من المر بالعروف والنهي عن النكر والدعوة إل ال كما‬
‫شرع ال ورسوله وكما دعاهم النب صلى ال عليه وسلم ويعاملهم إذا اعتدوا با‬
‫يعامل به العتدون فيدفع صولم با يدفع صول النس ‪ .‬وصرعهم للنس قد‬
‫يكون عن شهوة وهوى وعشق كما يتفق للنس مع النس وقد يتناكح النس‬
‫والن ويولد بينهما ولد وهذا كثي معروف وقد ذكر العلماء ذلك وتكلموا عليه‬
‫وكره أكثر العلماء مناكحة الن ‪ .‬وقد يكون وهو كثي أو الكثر عن بغض‬
‫ومازاة مثل أن يؤذيهم بعض النس أو يظنوا أنم يتعمدوا أذاهم إما ببول على‬
‫بعضهم وإما بصب ماء حار وإما بقتل بعضهم وإن كان النسي ل يعرف ذلك ‪-‬‬
‫وف الن جهل وظلم ‪ -‬فيعاقبونه بأكثر ما يستحقه وقد يكون عن عبث منهم‬
‫وشر بثل سفهاء النس ‪ .‬وحينئذ فما كان من الباب الول فهو من الفواحش الت‬
‫حرمها ال تعال كما حرم ذلك على النس وإن كان برضا الخر فكيف إذا كان‬
‫مع كراهته فإنه فاحشة وظلم ؟ فيخاطب الن بذلك ويعرفون أن هذا فاحشة‬
‫مرمة أو فاحشة وعدوان لتقوم الجة عليهم بذلك ويعلموا أنه يكم فيهم بكم‬
‫ال ورسوله الذي أرسله إل جيع الثقلي النس والن ‪ .‬وما كان من القسم الثان‬
‫فإن كان النسي ل يعلم فيخاطبون بأن هذا ل يعلم ومن ل يتعمد الذى ل‬
‫يستحق العقوبة وإن كان قد فعل ذلك ف داره وملكه عرفوا بأن الدار ملكه فله أن‬
‫يتصرف فيها با يوز وأنتم ليس لكم أن تكثوا ف ملك النس بغي إذنم بل لكم‬
‫ما ليس من مساكن النس كالراب والفلوات ؛ ولذا يوجدون كثيا ف الراب‬
‫والفلوات ويوجدون ف مواضع النجاسات كالمامات والشوش والزابل‬
‫والقمامي والقابر ‪ .‬والشيوخ الذين تقترن بم الشياطي وتكون أحوالم شيطانية‬
‫ل رحانية يأوون كثيا إل هذه الماكن الت هي مأوى الشياطي ‪ .‬وقد جاءت‬
‫الثار بالنهي عن الصلة فيها لنا مأوى الشياطي والفقهاء منهم من علل النهي‬
‫بكونا مظنة النجاسات ‪ .‬ومنهم من قال ‪ :‬إنه تعبد ل يعقل معناه ‪ .‬والصحيح أن‬
‫العلة ف المام وأعطان البل ونو ذلك أنا مأوى الشياطي وف القبة أن ذلك‬
‫ذريعة إل الشرك مع أن القابر تكون أيضا مأوى للشياطي ‪ .‬والقصود أن أهل‬
‫الضلل والبدع الذين فيهم زهد وعبادة على غي الوجه الشرعي ولم أحيانا‬
‫مكاشفات ولم تأثيات يأوون كثيا إل مواضع الشياطي الت نى عن الصلة فيها‬
‫؛ لن الشياطي تتنل عليهم با وتاطبهم الشياطي ببعض المور كما تاطب‬
‫الكهان وكما كانت تدخل ف الصنام وتكلم عابدي الصنام وتعينهم ف بعض‬
‫الطالب كما تعي السحرة وكما تعي عباد الصنام وعباد الشمس والقمر‬
‫والكواكب إذا عبدوها بالعبادات الت يظنون أنا تناسبها من تسبيح لا ولباس‬
‫وبور وغي ذلك ‪ .‬فإنه قد تنل عليهم شياطي يسمونا روحانية الكواكب وقد‬
‫تقضي بعض حوائجهم إما قتل بعض أعدائهم أو إمراضه وإما جلب بعض من‬
‫يهوونه وإما إحضار بعض الال ولكن الضرر الذي يصل لم بذلك أعظم من‬
‫النفع بل قد يكون أضعاف أضعاف النفع ‪ .‬والذين يستخدمون الن بذه المور‬
‫يزعم كثي منهم أن سليمان كان يستخدم الن با فإنه قد ذكر غي واحد من‬
‫علماء السلف أن سليمان لا مات كتبت الشياطي كتب سحر وكفر وجعلتها‬
‫تت كرسيه وقالوا ‪ :‬كان سليمان يستخدم الن بذه فطعن طائفة من أهل‬
‫الكتاب ف سليمان بذا ‪ .‬وآخرون قالوا ‪ :‬لول أن هذا حق جائز لا فعله سليمان ؛‬
‫فضل الفريقان هؤلء بقدحهم ف سليمان وهؤلء باتباعهم السحر فأنزل ال تعال‬
‫ف ذلك قوله تعال { ولا جاءهم رسول من عند ال مصدق لا معهم نبذ فريق من‬
‫الذين أوتوا الكتاب كتاب ال وراء ظهورهم } إل قوله تعال { ولو أنم آمنوا‬
‫واتقوا لثوبة من عند ال خي لو كانوا يعلمون } بي سبحانه أن هذا ل يضر ول‬
‫ينفع ؛ إذ كان النفع هو الي الالص أو الراجح والضرر هو الشر الالص أو‬
‫الراجح وشر هذا إما خالص وإما راجح ‪ .‬والقصود أن الن إذا اعتدوا على‬
‫النس أخبوا بكم ال ورسوله وأقيمت عليهم الجة وأمروا بالعروف ونوا عن‬
‫النكر كما يفعل بالنس ؛ لن ال يقول ‪ { :‬وما كنا معذبي حت نبعث رسول }‬
‫وقال تعال ‪ { :‬يا معشر الن والنس أل يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آيات‬
‫وينذرونكم لقاء يومكم هذا } ولذا نى النب صلى ال عليه وسلم عن قتل حيات‬
‫البيوت حت تؤذن ثلثا كما ف صحيح مسلم وغيه عن أب سعيد الدري قال ‪:‬‬
‫قال رسول ال صلى ال عليه وسلم { إن بالدينة نفرا من الن قد أسلموا فمن‬
‫رأى شيئا من هذه العوامر فليؤذنه ثلثا فإن بدا له بعد فليقتله فإنه شيطان } وف‬
‫صحيح مسلم أيضا { عن أب السائب مول هشام بن زهرة أنه دخل على أب‬
‫سعيد الدري ف بيته قال ‪ :‬فوجدته يصلي فجلست أنتظره حت يقضي صلته‬
‫فسمعت تريكا ف عراجي ف ناحية البيت فالتفت فإذا حية فوثبت لقتلها فأشار‬
‫إل أن اجلس فجلست فلما انصرف أشار إل بيت ف الدار فقال ‪ :‬أترى هذا‬
‫البيت ؟ فقلت ‪ :‬نعم فقال ‪ :‬كان فيه فت منا حديث عهد بعرس قال ‪ :‬فخرجنا مع‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم إل الندق فكان ذلك الفت يستأذن رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم بأنصاف النهار ويرجع إل أهله فاستأذنه يوما فقال له رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم خذ عليك سلحك فإن أخشى عليك قريظة فأخذ الرجل‬
‫سلحه ث رجع فإذا امرأته بي البابي قائمة فأهوى إليها بالرمح ليطعنها به وأصابته‬
‫غية فقالت ‪ :‬اكفف عليك رمك وادخل البيت حت تنظر ما الذي أخرجن‬
‫فدخل فإذا بية عظيمة منطوية على الفراش فأهوى إليها بالرمح فانتظمها به ث‬
‫خرج فركزه ف الدار فاضطربت عليه فما يدرى أيهما كان أسرع موتا الية أم‬
‫الفت ؟ قال ‪ :‬فجئنا إل رسول ال صلى ال عليه وسلم فذكرنا له ذلك وقلنا ‪:‬‬
‫ادع ال يييه لنا قال ‪ :‬استغفروا لصاحبكم ث قال ‪ :‬إن بالدينة جنا قد أسلموا فإذا‬
‫رأيتم منهم شيئا فآذنوه ثلثة أيام فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فإنا هو شيطان }‬
‫وف لفظ آخر لسلم أيضا ‪ :‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم { إن لذه‬
‫البيوت عوامر فإذا رأيتم شيئا منها فحرجوا عليه ثلثا فإن ذهب وإل فاقتلوه فإنه‬
‫كافر } وقال لم ‪ { :‬اذهبوا فادفنوا صاحبكم } ‪ .‬وذلك أن قتل الن بغي حق‬
‫ل يوز كما ل يوز قتل النس بل حق والظلم مرم ف كل حال ؟ فل يل لحد‬
‫أن يظلم أحدا ولو كان كافرا بل قال تعال ‪ { :‬ول يرمنكم شنآن قوم على أل‬
‫تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى } والن يتصورون ف صور النس والبهائم‬
‫فيتصورون ف صور اليات والعقارب وغيها وف صور البل والبقر والغنم واليل‬
‫والبغال والمي وف صور الطي وف صور بن آدم كما أتى الشيطان قريشا ف‬
‫صورة سراقة بن مالك بن جعشم لا أرادوا الروج إل بدر قال تعال ‪ { :‬وإذ زين‬
‫لم الشيطان أعمالم وقال ل غالب لكم اليوم من الناس وإن جار لكم } إل قوله‬
‫‪ { :‬وال شديد العقاب } ‪ .‬وكما روي أنه تصور ف صورة شيخ ندي لا‬
‫اجتمعوا بدار الندوة هل يقتلوا الرسول أو يبسونه أو يرجونه ؟ كما قال تبارك‬
‫وتعال ‪ { :‬وإذ يكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يرجوك ويكرون‬
‫ويكر ال وال خي الاكرين } فإذا كان حيات البيوت قد تكون جنا فتؤذن ثلثا‬
‫فإن ذهبت وإل قتلت فإنا إن كانت حية قتلت وإن كانت جنية فقد أصرت على‬
‫العدوان بظهورها للنس ف صورة حية تفزعهم بذلك والعادي هو الصائل الذي‬
‫يوز دفعه با يدفع ضرره ولو كان قتل وأما قتلهم بدون سبب يبيح ذلك فل يوز‬
‫‪ .‬وأهل العزائم والقسام يقسمون على بعضهم ليعينهم على بعض تارة يبون‬
‫قسمه وكثيا ل يفعلون ذلك بأن يكون ذلك الن معظما عندهم وليس للمعزم‬
‫وعزيته من الرمة ما يقتضي إعانتهم على ذلك إذ كان العزم قد يكون بنلة‬
‫الذي يلف غيه ويقسم عليه بن يعظمه وهذا تتلف أحواله فمن أقسم على الناس‬
‫ليؤذوا من هو عظيم عندهم ل يلتفتوا إليه وقد يكون ذاك منيعا فأحوالم شبيهة‬
‫بأحوال النس لكن النس أعقل وأصدق وأعدل وأوف بالعهد ؛ والن أجهل‬
‫وأكذب وأظلم وأغدر ‪ .‬والقصود أن أرباب العزائم مع كون عزائمهم تشتمل‬
‫على شرك وكفر ل توز العزية والقسم به فهم كثيا ما يعجزون عن دفع الن‬
‫وكثيا ما تسخر منهم الن إذا طلبوا منهم قتل الن الصارع للنس أو حبسه‬
‫فيخيلوا إليهم أنم قتلوه أو حبسوه ويكون ذلك تييل وكذبا هذا إذا كان الذي‬
‫يرى ما ييلونه صادقا ف الرؤية فإن عامة ما يعرفونه لن يريدون تعريفه إما‬
‫بالكاشفة والخاطبة إن كان من جنس عباد الشركي وأهل الكتاب ومبتدعة‬
‫السلمي الذين تضلهم الن والشياطي وأما ما يظهرونه لهل العزائم والقسام أنم‬
‫يثلون ما يريدون تعريفه فإذا رأى الثال أخب عن ذلك وقد يعرف أنه مثال وقد‬
‫يوهونه أنه نفس الرئي وإذا أرادوا ساع كلم من يناديه من مكان بعيد مثل من‬
‫يستغيث ببعض العباد الضالي من الشركي وأهل الكتاب وأهل الهل من عباد‬
‫السلمي إذا استغاث به بعض مبيه فقال ‪ :‬يا سيدي فلن فإن الن ياطبه بثل‬
‫صوت ذلك النسي فإذا رد الشيخ عليه الطاب أجاب ذلك النسي بثل ذلك‬
‫الصوت وهذا وقع لعدد كثي أعرف منهم طائفة ‪.‬‬

‫فصل ‪ :‬وكثيا ما يتصور الشيطان بصورة الدعو النادى الستغاث به إذا كان‬
‫ميتا ‪ .‬وكذلك قد يكون حيا ول يشعر بالذي ناداه ؛ بل يتصور الشيطان بصورته‬
‫فيظن الشرك الضال الستغيث بذلك الشخص أن الشخص نفسه أجابه وإنا هو‬
‫الشيطان وهذا يقع للكفار الستغيثي بن يسنون به الظن من الموات والحياء‬
‫كالنصارى الستغيثي برجس وغيه من قداديسهم ويقع لهل الشرك والضلل‬
‫من النتسبي إل السلم الذين يستغيثون بالوتى والغائبي يتصور لم الشيطان ف‬
‫صورة ذلك الستغاث به وهو ل يشعر ‪ .‬وأعرف عددا كثيا وقع لم ف عدة‬
‫أشخاص يقول ل كل من الشخاص ‪ :‬أن ل أعرف أن هذا استغاث ب‬
‫والستغيث قد رأى ذلك الذي هو على صورة هذا وما اعتقد أنه إل هذا ‪ .‬وذكر‬
‫ل غي واحد أنم استغاثوا ب كل يذكر قصة غي قصة صاحبه فأخبت كل منهم‬
‫أن ل أجب أحدا منهم ول علمت باستغاثته فقيل ‪ :‬هذا يكون ملكا فقلت ‪ :‬اللك‬
‫ل يغيث الشرك إنا هو شيطان أراد أن يضله ‪ .‬وكذلك يتصور بصورته ويقف‬
‫بعرفات فيظن من يسن به الظن أنه وقف بعرفات وكثي منهم حله الشيطان إل‬
‫عرفات أو غيها من الرم فيتجاوز اليقات بل إحرام ول تلبية ول يطوف بالبيت‬
‫ول بالصفا والروة وفيهم من ل يعب مكة وفيهم من يقف بعرفات ويرجع ول‬
‫يرمي المار إل أمثال ذلك من المور الت يضلهم با الشيطان حيث فعلوا ما هو‬
‫منهي عنه ف الشرع إما مرم وإما مكروه ليس بواجب ول مستحب وقد زين لم‬
‫الشيطان أن هذا من كرامات الصالي وهو من تلبيس الشيطان فإن ال ل يعبد إل‬
‫با هو واجب أو مستحب وكل من عبد عبادة ليست واجبة ول مستحبة وظنها‬
‫واجبة أو مستحبة فإنا زين ذلك له الشيطان وإن قدر أنه عفا عنه لسن قصده‬
‫واجتهاده لكن ليس هذا ما يكرم ال به أولياءه التقي إذ ليس ف فعل الحرمات‬
‫والكروهات إكرام بل الكرام حفظه من ذلك ومنعه منه ؛ فإن ذلك ينقصه ل‬
‫يزيده وإن ل يعاقب عليه بالعذاب فل بد أن يفضه عما كان ويفض أتباعه الذين‬
‫يدحون هذه الال ويعظمون صاحبها فإن مدح الحرمات والكروهات وتعظيم‬
‫صاحبها هو من الضلل عن سبيل ال وكلما ازداد العبد ف البدع اجتهادا ازداد‬
‫من ال بعدا لنا ترجه عن سبيل ال ؛ سبيل الذين أنعم ال عليهم من النبيي‬
‫والصديقي والشهداء والصالي إل بعض سبيل الغضوب عليهم والضالي ‪.‬‬
‫فصل إذا عرف الصل ف هذا الباب فنقول ‪ :‬يوز بل يستحب وقد يب أن يذب‬
‫عن الظلوم وأن ينصر ؛ فإن نصر الظلوم مأمور به بسب المكان وف‬
‫الصحيحي حديث الباء بن عازب قال ‪ { :‬أمرنا رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫بسبع ونانا عن سبع أمرنا بعيادة الريض واتباع النازة وتشميت العاطس وإبرار‬
‫القسم أو القسم ونصر الظلوم وإجابة الداعي وإفشاء السلم ‪ .‬ونانا عن خواتيم‬
‫أو تتم الذهب ؛ وعن شرب بالفضة ؛ وعن الياثر وعن القسي ولبس الرير ؛‬
‫والستبق والديباج } ‪ .‬وف الصحيح عن أنس قال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم { انصر أخاك ظالا أو مظلوما قلت ‪ :‬يا رسول ال أنصره مظلوما‬
‫فكيف أنصره ظالا ؟ قال ‪ :‬تنعه من الظلم فذلك نصرك إياه } وأيضا ففيه تفريج‬
‫كربة هذا الظلوم ‪ .‬وف صحيح مسلم عن أب هريرة عن النب صلى ال عليه وسلم‬
‫أنه قال { من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس ال عنه كربة من كرب‬
‫يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر ال عليه ف الدنيا والخرة ومن ستر مسلما‬
‫ستره ال ف الدنيا والخرة وال ف عون العبد ما كان العبد ف عون أخيه } ‪ .‬وف‬
‫صحيح مسلم أيضا عن جابر { أن رسول ال صلى ال عليه وسلم لا سئل عن‬
‫الرقى قال ‪ :‬من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل } لكن ينصر بالعدل كما أمر‬
‫ال ورسوله مثل الدعية والذكار الشرعية ومثل أمر الن ونيه كما يؤمر النسي‬
‫وينهى ويوز من ذلك ما يوز مثله ف حق النسي مثل أن يتاج إل انتهار الن‬
‫وتديده ولعنه وسبه كما ثبت ف صحيح مسلم عن أب الدرداء قال ‪ { :‬قام‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم فسمعناه يقول ‪ :‬أعوذ بال منك ث قال ‪ :‬ألعنك‬
‫بلعنة ال ثلثا وبسط يده كأنه يتناول شيئا فلما فرغ من الصلة قلنا ‪ :‬يا رسول‬
‫ال قد سعناك تقول ف الصلة شيئا ل نسمعك تقوله قبل ذلك ورأيناك بسطت‬
‫يدك قال ‪ :‬إن عدو ال إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله ف وجهي فقلت ‪ :‬أعوذ‬
‫بال منك ثلث مرات ث قلت ‪ :‬ألعنك بلعنة ال التامة فلم يستأخر ثلث مرات ث‬
‫أردت أخذه ووال لول دعوة أخينا سليمان لصبح موثقا يلعب به ولدان أهل‬
‫الدينة } ففي هذا الديث الستعاذة منه ولعنته بلعنة ال ول يستأخر بذلك فمد‬
‫يده إليه ‪ .‬وف الصحيحي عن أب هريرة عن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ { :‬إن‬
‫الشيطان عرض ل فشد علي ليقطع الصلة علي فأمكنن ال منه فذعته ولقد‬
‫همت أن أوثقه إل سارية حت تصبحوا فتنظروا إليه فذكرت قول أخي سليمان {‬
‫رب اغفر ل وهب ل ملكا ل ينبغي لحد من بعدي } فرده ال خاسئا } فهذا‬
‫الديث يوافق الول ويفسره وقوله ‪ " :‬ذعته " أي ‪ :‬خنقته فبي أن مد اليد كان‬
‫لنقه وهذا دفع لعدوانه بالفعل وهو النق وبه اندفع عدوانه فرده ال خاسئا ‪ .‬وأما‬
‫الزيادة وهو ربطه إل السارية فهو من باب التصرف اللكي الذي تركه لسليمان‬
‫فإن نبينا صلى ال عليه وسلم كان يتصرف ف الن كتصرفه ف النس تصرف‬
‫عبد رسول يأمرهم بعبادة ال وطاعته ل يتصرف لمر يرجع إليه وهو التصرف‬
‫اللكي ؛ فإنه كان عبدا رسول وسليمان نب ملك والعبد الرسول أفضل من النب‬
‫اللك كما أن السابقي القربي أفضل من عموم البرار أصحاب اليمي وقد روى‬
‫النسائي على شرط البخاري { عن عائشة أن النب صلى ال عليه وسلم كان‬
‫يصلي فأتاه الشيطان فأخذه فصرعه فخنقه قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫حت وجدت برد لسانه على يدي ولول دعوة سليمان لصبح موثقا حت يراه‬
‫الناس } ‪ .‬ورواه أحد وأبو داود من حديث أب سعيد وفيه ‪ { :‬فأهويت بيدي‬
‫فما زلت أخنقه حت وجدت برد لعابه بي أصبعي هاتي ‪ :‬البام والت تليها }‬
‫وهذا فعله ف الصلة وهذا ما احتج به العلماء على جواز مثل هذا ف الصلة وهو‬
‫كدفع الار وقتل السودين والصلة حال السايفة ‪ .‬وقد تنازع العلماء ف شيطان‬
‫الن إذا مر بي يدي الصلي هل يقطع ؟ على قولي ها قولن ف مذهب أحد‬
‫كما ذكرها ابن حامد وغيه ‪ :‬أحدها ‪ :‬يقطع لذا الديث ؛ ولقوله لا أخب أن‬
‫مرور الكلب السود يقطع للصلة ‪ { :‬الكلب السود شيطان } فعلل بأنه شيطان‬
‫‪ .‬وهو كما قال رسول ال صلى ال عليه وسلم فإن الكلب السود شيطان‬
‫الكلب والن تتصور بصورته كثيا وكذلك صورة القط السود ؛ لن السواد‬
‫أجع للقوى الشيطانية من غيه وفيه قوة الرارة ‪ .‬وما يتقرب به إل الن الذبائح‬
‫فإن من الناس من يذبح للجن وهو من الشرك الذي حرمه ال ورسوله وروي أنه‬
‫نى عن ذبائح الن وإذا برئ الصاب بالدعاء ‪ .‬والذكر وأمر الن ونيهم‬
‫وانتهارهم وسبهم ولعنهم ونو ذلك من الكلم حصل القصود وإن كان ذلك‬
‫يتضمن مرض طائفة من الن أو موتم فهم الظالون لنفسهم إذا كان الراقي‬
‫الداعي العال ل يتعد عليهم كما يتعدى عليهم كثي من أهل العزائم فيأمرون بقتل‬
‫من ل يوز قتله وقد يبسون من ل يتاج إل حبسه ؛ ولذا قد تقاتلهم الن على‬
‫ذلك ففيهم من تقتله الن أو ترضه وفيهم من يفعل ذلك بأهله وأولده أو دوابه ‪.‬‬
‫وأما من سلك ف دفع عداوتم مسلك العدل الذي أمر ال به ورسوله فإنه ل‬
‫يظلمهم بل هو مطيع ل ورسوله ف نصر الظلوم وإغاثة اللهوف والتنفيس عن‬
‫الكروب بالطريق الشرعي الت ليس فيها شرك باللق ول ظلم للمخلوق ومثل هذا‬
‫ل تؤذيه الن إما لعرفتهم بأنه عادل ؛ وإما لعجزهم عنه ‪ .‬وإن كان الن من‬
‫العفاريت وهو ضعيف فقد تؤذيه فينبغي لثل هذا أن يترز بقراءة العوذ مثل آية‬
‫الكرسي والعوذات والصلة والدعاء ونو ذلك ما يقوي اليان وينب الذنوب‬
‫الت با يسلطون عليه فإنه ماهد ف سبيل ال وهذا من أعظم الهاد فليحذر أن‬
‫ينصر العدو عليه بذنوبه وإن كان المر فوق قدرته فل يكلف ال نفسا إل وسعها‬
‫فل يتعرض من البلء لا ل يطيق ‪ .‬ومن أعظم ما ينتصر به عليهم آية الكرسي فقد‬
‫ثبت ف صحيح البخاري حديث { أب هريرة قال ‪ :‬وكلن رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم بفظ زكاة رمضان فأتان آت فجعل يثو من الطعام فأخذته وقلت‬
‫لرفعنك إل رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ :‬إن متاج وعلي عيال ول‬
‫حاجة شديدة قال ‪ :‬فخليت عنه فأصبحت فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم يا‬
‫أبا هريرة ما فعل أسيك البارحة ؟ قلت ‪ :‬يا رسول ال شكا حاجة شديدة وعيال‬
‫فرحته وخليت سبيله قال ‪ :‬أما أنه قد كذبك وسيعود فعرفت أنه سيعود لقول‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم فرصدته فجاء يثو من الطعام فأخذته فقلت ‪:‬‬
‫لرفعنك إل رسول ال صلى ال عليه وسلم قال ‪ :‬دعن فإن متاج وعلي عيال ل‬
‫أعود فرحته فخليت سبيله فأصبحت فقال ل رسول ال صلى ال عليه وسلم يا أبا‬
‫هريرة ما فعل أسيك ؟ قلت ‪ :‬يا رسول ال شكا حاجة وعيال فرحته فخليت‬
‫سبيله قال ‪ :‬أما إنه قد كذبك وسيعود فرصدته الثالثة فجاء يثو من الطعام فأخذته‬
‫فقلت ‪ :‬لرفعنك إل رسول ال صلى ال عليه وسلم وهذا آخر ثلث مرات تزعم‬
‫أنك ل تعود ث تعود قال ‪ :‬دعن أعلمك كلمات ينفعك ال با قلت ‪ :‬ما هن ؟‬
‫قال ‪ :‬إذا أويت إل فراشك فاقرأ آية الكرسي ‪ { :‬ال ل إله إل هو الي القيوم }‬
‫حت تتم الية فإنك لن يزال عليك من ال حافظ ول يقربك شيطان حت تصبح‬
‫فخليت سبيله فأصبحت فقال ل رسول ال صلى ال عليه وسلم ما فعل أسيك‬
‫البارحة ؟ قلت ‪ :‬يا رسول ال زعم أنه يعلمن كلمات ينفعن ال با فخليت سبيله‬
‫قال ‪ :‬ما هي ؟ قلت ‪ :‬قال ل ‪ :‬إذا أويت إل فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولا‬
‫حت تتم الية ‪ { :‬ال ل إله إل هو الي القيوم } وقال ل ‪ :‬لن يزال عليك من‬
‫ال حافظ ول يقربك شيطان حت تصبح وكانوا أحرص شيء على الي فقال النب‬
‫صلى ال عليه وسلم أما إنه قد صدقك وهو كذوب تعلم من تاطب منذ ثلث‬
‫ليال يا أبا هريرة ؟ قلت ‪ :‬ل ‪ .‬قال ‪ :‬ذاك شيطان } ‪ .‬ومع هذا فقد جرب‬
‫الجربون الذين ل يصون كثرة أن لا من التأثي ف دفع الشياطي وإبطال‬
‫أحوالم ما ل ينضبط من كثرته وقوته فإن لا تأثيا عظيما ف دفع الشيطان عن‬
‫نفس النسان وعن الصروع وعن من تعينه الشياطي مثل أهل الظلم والغضب‬
‫وأهل الشهوة والطرب وأرباب السماع الكاء والتصدية إذا قرئت عليهم بصدق‬
‫دفعت الشياطي وبطلت المور الت ييلها الشيطان ويبطل ما عند إخوان الشياطي‬
‫من مكاشفة شيطانية وتصرف شيطان إذ كانت الشياطي يوحون إل أوليائهم‬
‫بأمور يظنها الهال من كرامات أولياء ال التقي وإنا هي من تلبيسات الشياطي‬
‫على أوليائهم الغضوب عليهم والضالي ‪ .‬والصائل العتدي يستحق دفعه سواء‬
‫كان مسلما أو كافرا وقد قال النب صلى ال عليه وسلم { من قتل دون ماله فهو‬
‫شهيد ومن قتل دون دمه فهو شهيد ومن قتل دون دينه فهو شهيد } فإذا كان‬
‫الظلوم له أن يدفع عن مال الظلوم ولو بقتل الصائل العادي فكيف ل يدفع عن‬
‫عقله وبدنه وحرمته فإن الشيطان يفسد عقله ويعاقبه ف بدنه وقد يفعل معه فاحشة‬
‫إنسي بإنسي وإن ل يندفع إل بالقتل جاز قتله ‪ .‬وأما إسلم صاحبه والتخلي عنه‬
‫فهو مثل إسلم أمثاله من الظلومي وهذا فرض على الكفاية مع القدرة ففي‬
‫الصحيحي عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال ‪ { :‬السلم أخو السلم ل يسلمه‬
‫ول يظلمه } فإن كان عاجزا عن ذلك أو هو مشغول با هو أوجب منه أو قام به‬
‫غيه ل يب وإن كان قادرا وقد تعي عليه ول يشغله عما هو أوجب منه وجب‬
‫عليه ‪ .‬وأما قول السائل ‪ :‬هل هذا مشروع ؟ فهذا من أفضل العمال وهو من‬
‫أعمال النبياء والصالي ؛ فإنه ما زال النبياء والصالون يدفعون الشياطي عن‬
‫بن آدم با أمر ال به ورسوله كما كان السيح يفعل ذلك وكما كان نبينا صلى‬
‫ال عليه وسلم يفعل ذلك فقد روى أحد ف مسنده وأبو داود ف سننه من حديث‬
‫مطر بن عبد الرحن العنق قال ‪ :‬حدثتن { أم أبان بنت الوازع بن زارع ف عامر‬
‫العبدي ؛ عن أبيها أن جدها الزارع انطلق إل رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫فانطلق معه بابن له منون ‪ -‬أو ابن أخت له ‪ -‬قال جدي ‪ :‬فلما قدمنا على رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم قلت ‪ :‬إن معي ابنا ل ‪ -‬أو ابن أخت ل ‪ -‬منون أتيتك‬
‫به تدعو ال له ‪ .‬قال ‪ :‬ائتن به قال ‪ :‬فانطلقت به إليه وهو ف الركاب فأطلقت‬
‫عنه وألقيت عنه ثياب السفر وألبسته ثوبي حسني وأخذت بيده حت انتهيت به‬
‫إل رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال ‪ :‬ادنه من اجعل ظهره ما يلين قال ‪:‬‬
‫بجامع ثوبه من أعله وأسفله فجعل يضرب ظهره حت رأيت بياض إبطيه ويقول‬
‫‪ :‬اخرج عدو ال اخرج عدو ال فأقبل ينظر نظر الصحيح ليس بنظره الول ث‬
‫أقعده رسول ال صلى ال عليه وسلم بي يديه فدعا له باء فمسح وجهه ودعا له‬
‫فلم يكن ف الوفد أحد بعد دعوة رسول ال صلى ال عليه وسلم يفضل عليه } ‪.‬‬
‫وقال أحد ف السند ‪ :‬ثنا عبد ال بن ني ؛ عن عثمان بن حكيم أنا عبد الرحن‬
‫بن عبد العزيز ؛ { عن يعلى بن مرة قال ‪ :‬لقد رأيت من رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ثلثا ما رآها أحد قبلي ول يراها أحد بعدي لقد خرجت معه ف سفر حت‬
‫إذا كنا ببعض الطريق مررنا بامرأة جالسة معها صب لا فقالت ‪ :‬يا رسول ال هذا‬
‫صب أصابه بلء وأصابنا منه بلء يؤخذ ف اليوم ما أدري كم مرة قال ‪ :‬ناولينيه‬
‫فرفعته إليه فجعله بينه وبي واسطة الرحل ث فغر فاه فنفث فيه ثلثا وقال ‪ :‬بسم‬
‫ال أنا عبد ال اخسأ عدو ال ث ناولا إياه فقال ‪ :‬ألقينا ف الرجعة ف هذا الكان‬
‫فأخبينا ما فعل قال ‪ :‬فذهبنا ورجعنا فوجدناها ف ذلك الكان معها شياه ثلث‬
‫فقال ‪ :‬ما فعل صبيك ؟ فقالت ‪ :‬والذي بعثك بالق ما حسسنا منه شيئا حت‬
‫الساعة فاجترر هذه الغنم قال ‪ :‬انزل خذ منها واحدة ورد البقية } ‪ .‬وذكر‬
‫الديث بتمامه ‪ .‬ثنا وكيع قال ‪ :‬ثنا العمش ؛ عن النهال بن عمرو ؛ عن يعلى‬
‫بن مرة ؛ عن أبيه قال وكيع ‪ :‬مرة يعن الثقفي ؛ ول يقل ‪ :‬مرة عن أبيه ‪ { :‬أن‬
‫امرأة جاءت إل النب صلى ال عليه وسلم معها صب لا به لم فقال النب صلى ال‬
‫عليه وسلم اخرج عدو ال أنا رسول ال قال ‪ :‬فبأ قال ‪ :‬فأهدت إليه كبشي‬
‫وشيئا من أقط وشيئا من سن قال ‪ :‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم خذ‬
‫القط والسمن وخذ أحد الكبشي ورد عليها الخر } ‪ .‬ثنا عبد الرزاق أخبنا‬
‫معمر ؛ عن عطاء بن السائب ؛ عن عبد ال بن حفص { عن يعلى بن مرة الثقفي‬
‫قال ‪ :‬ثلثة أشياء رأيتهن من رسول ال صلى ال عليه وسلم وذكر الديث وفيه‬
‫قال ‪ :‬ث سرنا فمررنا باء فأتته امرأة بابن لا به جنة فأخذ النب صلى ال عليه‬
‫وسلم بنخره فقال ‪ :‬اخرج إن ممد رسول ال قال ‪ :‬ث سرنا فلما رجعنا من‬
‫سفرنا مررنا بذلك الاء فأتته الرأة بزر ولب فأمرها أن ترد الزر وأمر أصحابه‬
‫فشربوا من اللب فسألا عن الصب فقالت ‪ :‬والذي بعثك بالق ما رأينا منه ريبا‬
‫بعدك } ‪ .‬ولو قدر أنه ل ينقل ذلك لكون مثله ل يقع عند النبياء ؛ لكون‬
‫الشياطي ل تكن تقدر [ أن ] تفعل ذلك عند النبياء وفعلت ذلك عندنا فقد أمرنا‬
‫ال ورسوله من نصر الظلوم والتنفيس عن الكروب ونفع السلم با يتناول ذلك‬
‫‪ .‬وقد ثبت ف الصحيحي حديث الذين رقوا بالفاتة وقال النب صلى ال عليه‬
‫وسلم { وما أدراك أنا رقية } { وأذن لم ف أخذ العل على شفاء اللديغ‬
‫بالرقية } وقد { قال النب صلى ال عليه وسلم للشيطان الذي أراد قطع صلته ‪:‬‬
‫أعوذ بال منك ألعنك بلعنة ال التامة ثلث مرات } وهذا كدفع ظالي النس من‬
‫الكفار والفجار ؛ فإن النب صلى ال عليه وسلم وأصحابه وإن كانوا ل يروا الترك‬
‫ول يكونوا يرمون بالقسي الفارسية ونوها ما يتاج إليه ف قتال فقد ثبت عن‬
‫النب صلى ال عليه وسلم أنه أمر بقتالم وأخب أن أمته ستقاتلهم ومعلوم أن قتالم‬
‫النافع إنا هو بالقسي الفارسية ولو قوتلوا بالقسي العربية الت تشبه قوس القطن ل‬
‫تغن شيئا ؛ بل استطالوا على السلمي بقوة رميهم فل بد من قتالم با يقهرهم ‪.‬‬
‫وقد قال بعض السلمي لعمر بن الطاب ‪ :‬إن العدو إذا رأيناهم قد لبسوا الرير‬
‫وجدنا ف قلوبنا روعة فقال ‪ :‬وأنتم فالبسوا كما لبسوا ‪ .‬وقد { أمر النب صلى ال‬
‫عليه وسلم أصحابه ف عمرة القضية بالرمل والضطباع } ليي الشركي قوتم‬
‫وإن ل يكن هذا مشروعا قبل هذا ففعل لجل الهاد ما ل يكن مشروعا بدون‬
‫ذلك ‪ .‬ولذا قد يتاج ف إبراء الصروع ودفع الن عنه إل الضرب فيضرب‬
‫ضربا كثيا جدا والضرب إنا يقع على الن ول يس به الصروع حت يفيق‬
‫الصروع ويب أنه ل يس بشيء من ذلك ول يؤثر ف بدنه ويكون قد ضرب‬
‫بعصا قوية على رجليه نو ثلثائة أو أربعمائة ضربة وأكثر وأقل بيث لو كان‬
‫على النسي لقتله وإنا هو على الن والن يصيح ويصرخ ويدث الاضرين‬
‫بأمور متعددة كما قد فعلنا نن هذا وجربناه مرات كثية يطول وصفها بضرة‬
‫خلق كثيين ‪ .‬وأما الستعانة عليهم با يقال ويكتب ما ل يعرف معناه فل‬
‫يشرع ل سيما إن كان فيه شرك ؛ فإن ذلك مرم ‪ .‬وعامة ما يقوله أهل العزائم‬
‫فيه شرك وقد يقرءون مع ذلك شيئا من القرآن ويظهرونه ويكتمون ما يقولونه من‬
‫الشرك وف الستشفاء با شرعه ال ورسوله ما يغن عن الشرك وأهله ‪ .‬والسلمون‬
‫وإن تنازعوا ف جواز التداوي بالحرمات كاليتة والنير فل يتنازعون ف أن‬
‫الكفر والشرك ل يوز التداوي به بال ؛ لن ذلك مرم ف كل حال وليس هذا‬
‫كالتكلم به عند الكراه ‪ .‬فإن ذلك إنا يوز إذا كان قلبه مطمئنا باليان والتكلم‬
‫به إنا يؤثر إذا كان بقلب صاحبه ولو تكلم به مع طمأنينة قلبه باليان ل يؤثر ‪.‬‬
‫والشيطان إذا عرف أن صاحبه مستخف بالعزائم ل يساعده وأيضا فإن الكره‬
‫مضطر إل التكلم به ول ضرورة إل إبراء الصاب به لوجهي ‪ :‬أحدها ‪ :‬أنه قد ل‬
‫يؤثر أكثر ما يؤثر من يعال بالعزائم فل يؤثر بل يزيده شرا ‪ .‬والثان ‪ :‬أن ف الق‬
‫ما يغن عن الباطل ‪ .‬والناس ف هذا الباب ثلثة أصناف ‪ :‬قوم يكذبون بدخول‬
‫الن ف النس ‪ .‬وقوم يدفعون ذلك بالعزائم الذمومة فهؤلء يكذبون بالوجود‬
‫وهؤلء يعصون بل يكفرون بالعبود ‪ .‬والمة الوسط تصدق بالق الوجود وتؤمن‬
‫بالله الواحد العبود وبعبادته ودعائه وذكره وأسائه وكلمه فتدفع شياطي النس‬
‫والن ‪ .‬وأما سؤال الن وسؤال من يسألم فهذا إن كان على وجه التصديق لم‬
‫ف كل ما يبون به والتعظيم للمسئول فهو حرام كما ثبت ف صحيح مسلم‬
‫وغيه { عن معاوية بن الكم السلمي قال ‪ :‬قلت ‪ :‬يا رسول ال أمورا كنا‬
‫نصنعها ف الاهلية كنا نأت الكهان قال ‪ :‬فل تأتوا الكهان } وف صحيح مسلم‬
‫أيضا عن عبيد ال ؛ عن نافع ؛ عن صفية ؛ عن بعض أزواج النب صلى ال عليه‬
‫وسلم عن النب صلى ال عليه وسلم قال ‪ { :‬من أتى عرافا فسأله عن شيء ل‬
‫تقبل له صلة أربعي يوما } ‪ .‬وأما إن كان يسأل السئول ليمتحن حاله ويتب‬
‫باطن أمره وعنده ما ييز به صدقه من كذبه فهذا جائز كما ثبت ف الصحيحي ‪:‬‬
‫{ أن النب صلى ال عليه وسلم سأل ابن صياد فقال ‪ :‬ما يأتيك ؟ فقال ‪ :‬يأتين‬
‫صادق وكاذب قال ‪ :‬ما ترى ؟ قال ‪ :‬أرى عرشا على الاء قال ‪ :‬فإن قد خبأت‬
‫لك خبيئا قال ‪ :‬الدخ الدخ قال ‪ :‬اخسأ فلن تعدو قدرك فإنا أنت من إخوان‬
‫الكهان } ‪ .‬وكذلك إذا كان يسمع ما يقولونه ويبون به عن الن كما يسمع‬
‫السلمون ما يقول الكفار والفجار ليعرفوا ما عندهم فيعتبوا به وكما يسمع خب‬
‫الفاسق ويتبي ويتثبت فل يزم بصدقه ول كذبه إل ببينة كما قال تعال ‪ { :‬إن‬
‫جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا } وقد ثبت ف صحيح البخاري عن أب هريرة ‪ { :‬أن‬
‫أهل الكتاب كانوا يقرءون التوراة ويفسرونا بالعربية فقال النب صلى ال عليه‬
‫وسلم إذا حدثكم أهل الكتاب فل تصدقوهم ول تكذبوهم فإما أن يدثوكم بق‬
‫فتكذبوه وإما أن يدثوكم بباطل فتصدقوه وقولوا ‪ { :‬آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل‬
‫إليكم وإلنا وإلكم واحد ونن له مسلمون } } فقد جاز للمسلمي ساع ما‬
‫يقولونه ول يصدقوه ول يكذبوه ‪ .‬وقد روي عن أب موسى الشعري أنه أبطأ عليه‬
‫خب عمر وكان هناك امرأة لا قرين من الن فسأله عنه فأخبه أنه ترك عمر يسم‬
‫إبل الصدقة ‪ .‬وف خب آخر أن عمر أرسل جيشا فقدم شخص إل الدينة فأخب‬
‫أنم انتصروا على عدوهم وشاع الب فسأل عمر عن ذلك فذكر له فقال ‪ :‬هذا‬
‫أبو اليثم بريد السلمي من الن وسيأت بريد النس بعد ذلك فجاء بعد ذلك بعدة‬
‫أيام ‪.‬‬

‫فصل ويوز أن يكتب للمصاب وغيه من الرضى شيئا من كتاب ال وذكره‬


‫بالداد الباح ويغسل ويسقى كما نص على ذلك أحد وغيه قال عبد ال بن أحد‬
‫‪ :‬قرأت على أب ثنا يعلى بن عبيد ؛ ثنا سفيان ؛ عن ممد بن أب ليلى عن الكم‬
‫؛ عن سعيد بن جبي ؛ عن ابن عباس قال ‪ :‬إذا عسر على الرأة ولدتا فليكتب ‪:‬‬
‫بسم ال ل إله إل ال الليم الكري سبحان ال رب العرش العظيم المد ل رب‬
‫العالي { كأنم يوم يرونا ل يلبثوا إل عشية أو ضحاها } { كأنم يوم يرون ما‬
‫يوعدون ل يلبثوا إل ساعة من نار بلغ فهل يهلك إل القوم الفاسقون } ‪ .‬قال‬
‫أب ‪ :‬ثنا أسود بن عامر بإسناده بعناه وقال ‪ :‬يكتب ف إناء نظيف فيسقى قال أب‬
‫‪ :‬وزاد فيه وكيع فتسقى وينضح ما دون سرتا قال عبد ال ‪ :‬رأيت أب يكتب‬
‫للمرأة ف جام أو شيء نظيف ‪ .‬وقال أبو عمرو ممد بن أحد بن حدان اليي ‪:‬‬
‫أنا السن بن سفيان النسوي ؛ حدثن عبد ال بن أحد بن شبوية ؛ ثنا علي بن‬
‫السن بن شقيق ؛ ثنا عبد ال بن البارك ؛ عن سفيان ؛ عن ابن أب ليلى ؛ عن‬
‫الكم ؛ عن سعيد بن جبي ؛ عن ابن عباس قال ‪ :‬إذا عسر على الرأة ولدها‬
‫فليكتب ‪ :‬بسم ال ل إله إل ال العلي العظيم ل إله إل ال الليم الكري ؛ سبحان‬
‫ال وتعال رب العرش العظيم ؛ والمد ل رب العالي { كأنم يوم يرونا ل‬
‫يلبثوا إل عشية أو ضحاها } { كأنم يوم يرون ما يوعدون ل يلبثوا إل ساعة من‬
‫نار بلغ فهل يهلك إل القوم الفاسقون } ‪ .‬قال علي ‪ :‬يكتب ف كاغدة فيعلق‬
‫على عضد الرأة قال علي ‪ :‬وقد جربناه فلم نر شيئا أعجب منه فإذا وضعت تله‬
‫سريعا ث تعله ف خرقة أو ترقه ‪ .‬آخر كلم شيخ السلم ابن تيمية ‪ -‬قدس ال‬
‫روحه ونور ضريه ‪.‬‬
‫تم نسخه من موقع السلم‬

‫‪WWW.ALMESHKAT.NET‬‬

You might also like