Professional Documents
Culture Documents
الدللة
في عموم الرسالة
شيخ السلم ابن تيمية
مكتبة مشكاة السلمية
وقال شيخ السلم رحه ال فصل يب على النسان أن يعلم أن ال عز وجل
أرسل ممدا صلى ال عليه وسلم إل جيع الثقلي :النس والن وأوجب عليهم
اليان به وبا جاء به وطاعته وأن يللوا ما حلل ال ورسوله ويرموا ما حرم ال
ورسوله وأن يوجبوا ما أوجبه ال ورسوله ويبوا ما أحبه ال ورسوله ويكرهوا ما
كرهه ال ورسوله وأن كل من قامت عليه الجة برسالة ممد صلى ال عليه
وسلم من النس والن فلم يؤمن به استحق عقاب ال تعال كما يستحقه أمثاله
من الكافرين الذين بعث إليهم الرسول .وهذا أصل متفق عليه بي الصحابة
والتابعي لم بإحسان وأئمة السلمي وسائر طوائف السلمي :أهل السنة
والماعة وغيهم رضي ال عنهم أجعي ل يالف أحد من طوائف السلمي ف
وجود الن ول ف أن ال أرسل ممدا صلى ال عليه وسلم إليهم وجهور طوائف
الكفار على إثبات الن أما أهل الكتاب من اليهود والنصارى فهم مقرون بم
كإقرار السلمي وإن وجد فيهم من ينكر ذلك وكما يوجد ف السلمي من ينكر
ذلك كما يوجد ف طوائف السلمي الغالطون والعتزلة من ينكر ذلك وإن كان
جهور الطائفة وأئمتها مقرين بذلك .وهذا لن وجود الن تواترت به أخبار
النبياء تواترا معلوما بالضطرار ومعلوم بالضطرار أنم أحياء عقلء فاعلون
بالرادة بل مأمورون منهيون ليسوا صفات وأعراضا قائمة بالنسان أو غيه كما
يزعمه بعض اللحدة فلما كان أمر الن متواترا عن النبياء تواترا ظاهرا تعرفه
العامة والاصة ل يكن طائفة كبية من الطوائف الؤمني بالرسل أن تنكرهم كما
ل يكن لطائفة كبية من الطوائف الؤمني بالرسل إنكار اللئكة ول إنكار معاد
البدان ول إنكار عبادة ال وحده ل شريك له ول إنكار أن يرسل ال رسول من
النس إل خلقه ونو ذلك ما تواترت به الخبار عن النبياء تواترا تعرفه العامة
والاصة كما تواتر عند العامة والاصة ميء موسى إل فرعون وغرق فرعون
وميء السيح إل اليهود وعداوتم له وظهور ممد صلى ال عليه وسلم بكة
وهجرته إل الدينة وميئه بالقرآن والشرائع الظاهرة وجنس اليات الارقة الت
ظهرت على يديه كتكثي الطعام والشراب والخبار بالغيوب الاضية والستقبلة الت
ل يعلمها بشر إل بإعلم ال وغي ذلك .ولذا أمر ال رسوله صلى ال عليه وسلم
بسؤال أهل الكتاب عما تواتر عندهم كقوله { :وما أرسلنا من قبلك إل رجال
نوحي إليهم فاسألوا أهل الذكر إن كنتم ل تعلمون } فإن من الكفار من أنكر أن
يكون ل رسول بشر فأخب ال أن الذين أرسلهم قبل ممد كانوا بشرا وأمر
بسؤال أهل الكتاب عن ذلك لن ل يعلم .وكذلك سؤالم عن التوحيد وغيه ما
جاءت به النبياء وكفر به الكافرون قال تعال { :قل كفى بال شهيدا بين
وبينكم ومن عنده علم الكتاب } وقال تعال { :فإن كنت ف شك ما أنزلنا
إليك فاسأل الذين يقرءون الكتاب من قبلك } وقال تعال { :قل أرأيتم إن كان
من عند ال وكفرت به وشهد شاهد من بن إسرائيل على مثله فآمن واستكبت } .
وكذلك شهادة أهل الكتاب بتصديق ما أخب به من أنباء الغيب الت ل يعلمها إل
نب أو من أخبه نب وقد علموا أن ممدا ل يتعلم من أهل الكتاب شيئا .وهذا
غي شهادة أهل الكتاب له نفسه با يدونه من نعته ف كتبهم كقوله تعال { :
أول يكن لم آية أن يعلمه علماء بن إسرائيل } وقوله تعال { والذين آتيناهم
الكتاب يعلمون أنه منل من ربك بالق } وأمثال ذلك .وهذا بلف ما تواتر
عند الاصة من أهل العلم كأحاديث الرؤية وعذاب القب وفتنته وأحاديث الشفاعة
والصراط والوض فهذا قد ينكره بعض من ل يعرفه من أهل الهل والضلل ؛
ولذا أنكر طائفة من العتزلة كالبائي وأب بكر وغيها دخول الن ف بدن
الصروع ول ينكروا وجود الن إذ ل يكن ظهور هذا ف النقول عن الرسول
كظهور هذا وإن كانوا مطئي ف ذلك .ولذا ذكر الشعري ف مقالت أهل
السنة والماعة أنم يقولون :إن الن يدخل ف بدن الصروع كما قال تعال { :
الذين يأكلون الربا ل يقومون إل كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من الس }
وقال عبد ال بن أحد بن حنبل :قلت لب :إن قوما يزعمون أن الن ل يدخل
ف بدن النسي .فقال :يا بن يكذبون هو ذا يتكلم على لسانه .وهذا مبسوط
ف موضعه .والقصود هنا أن جيع طوائف السلمي يقرون بوجود الن وكذلك
جهور الكفار كعامة أهل الكتاب وكذلك عامة مشركي العرب وغيهم من أولد
الذيل والند وغيهم من أولد حام وكذلك جهور الكنعانيي واليونانيي وغيهم
من أولد يافث .فجماهي الطوائف تقر بوجود الن بل يقرون با يستجلبون به
معاونة الن من العزائم والطلسم سواء أكان ذلك سائغا عند أهل اليان أو
كان شركا فإن الشركي يقرءون من العزائم والطلسم والرقى ما فيه عبادة للجن
وتعظيم لم وعامة ما بأيدي الناس من العزائم والطلسم والرقى الت ل تفقه
بالعربية فيها ما هو شرك بالن .ولذا نى علماء السلمي عن الرقى الت ل يفقه
معناها ؛ لنا مظنة الشرك وإن ل يعرف الراقي أنا شرك .وف صحيح مسلم عن
{ عوف بن مالك الشجعي .قال :كنا نرقي ف الاهلية فقلنا :يا رسول ال
كيف ترى ف ذلك ؟ فقال :اعرضوا علي رقاكم ل بأس بالرقى ما ل يكن فيه
شرك } .وف صحيح مسلم أيضا عن جابر قال { :نى رسول ال صلى ال عليه
وسلم عن الرقى فجاء آل عمرو بن حزم إل رسول ال صلى ال عليه وسلم فقالوا
:يا رسول ال إنه كانت عندنا رقية نرقي با من العقرب وإنك نيت عن الرقى
قال :فعرضوها عليه فقال :ما أرى بأسا من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه
} وقد كان للعرب ولسائر المم من ذلك أمور يطول وصفها وأخبار العرب ف
ذلك متواترة عند من يعرف أخبارهم من علماء السلمي وكذلك عند غيهم
ولكن السلمي أخب باهلية العرب منهم باهلية سائر المم إذ كان خي القرون
كانوا عربا وكانوا قد عاينوا وسعوا ما كانوا عليه ف الاهلية وكان ذلك من
أسباب نزول القرآن فذكروا ف كتب التفسي والديث والسي والغازي والفقه
فتواترت أيام جاهلية العرب ف السلمي وإل فسائر المم الشركي هم من جنس
العرب الشركي ف هذا وبعضهم كان أشد كفرا وضلل من مشركي العرب
وبعضهم أخف .واليات الت أنزلا ال على ممد صلى ال عليه وسلم فيها
خطاب لميع اللق من النس والن .إذ كانت رسالته عامة للثقلي وإن كان
من أسباب نزول اليات ما كان موجودا ف العرب فليس شيء من اليات متصا
بالسبب العي الذي نزل فيه باتفاق السلمي وإنا تنازعوا :هل يتص بنوع
السبب السئول عنه ؟ وأما بعي السبب فلم يقل أحد من السلمي :أن آيات
الطلق أو الظهار أو اللعان أو حد السرقة والحاربي وغي ذلك يتص بالشخص
العي الذي كان سبب نزول الية .وهذا الذي يسميه بعض الناس تنقيح الناط
وهو أن يكون الرسول صلى ال عليه وسلم حكم ف معي وقد علم أن الكم ل
يتص به فييد أن ينقح مناط الكم ليعلم النوع الذي حكم فيه كما أنه لا { أمر
العراب الذي واقع امرأته ف رمضان بالكفارة } وقد علم أن الكم ل يتص به
وعلم أن كونه أعرابيا أو عربيا أو الوطوءة زوجته ل أثر له فلو وطئ السلم
العجمي سريته كان الكم كذلك .ولكن هل الؤثر ف الكفارة كونه مامعا ف
رمضان أو كونه مفطرا ؟ فالول مذهب الشافعي وأحد ف الشهور عنه والثان
مذهب مالك وأب حنيفة وهو رواية منصوصة عن أحد ف الجامة فغيها أول ث
مالك يعل الؤثر جنس الفطر وأبو حنيفة يعلها الفطر كتنوع جنسه فل يوجبه
ف ابتلع الصاة والنواة .وتنازعوا هل يشترط أن يكون أفسد صوما صحيحا ؟
وأحد ل يشترط ذلك ؛ بل كل إمساك وجب ف شهر رمضان أوجب فيه الكفارة
كما يوجب الربعة مثل ذلك ف الحرام الفاسد فالصيام الفاسد عنده كالحرام
الفاسد كلها يب إتامه والضي فيه والشافعي وغيه ل يوجبونا إل ف صوم
صحيح والناع فيمن أكل ث جامع أو ل ينو الصوم ث جامع ومن جامع وكفر ث
جامع .ومثل قوله لن أحرم بالعمرة ف جبة متضمخا باللوق { :انزع عنك
البة واغسل عنك أثر الصفرة } هل أمره بالغسل لكون الحرم ل يستدي الطيب
كما يقوله مالك ؟ أو لكونه نى أن يتزعفر الرجل فل ينع من استدامة الطيب
كقول الثلثة ؟ وعلى الول فهل هذا الديث منسوخ بتطييب عائشة له ف حجة
الوداع ؟ ومثل { قوله لا سئل عن فأرة وقعت ف سن :ألقوها وما حولا وكلوا
سنكم } هل الؤثر عدم التغي بالنجاسة أو بكونه جامدا أو كونا فأرة وقعت ف
سن فل يتعدى إل سائر الائعات ؟ ومثل هذا كثي وهذا ل بد منه ف الشرائع ول
يسمى قياسا عند كثي من العلماء كأب حنيفة ونفاة القياس ؛ لتفاق الناس على
العمل به كما اتفقوا على تقيق الناط وهو :أن يعلق الشارع الكم بعن كلي
فينظر ف ثبوته ف بعض النواع أو بعض العيان كأمره باستقبال الكعبة وكأمره
باستشهاد شهيدين من رجالنا من نرضى من الشهداء وكتحريه المر واليسر ؛
وكفرضه تليل اليمي بالكفارة وكتفريقه بي الفدية والطلق ؛ وغي ذلك .فيبقى
النظر ف بعض النواع :هل هي خر ويي وميسر وفدية أو طلق ؟ وف بعض
العيان :هل هي من هذا النوع ؟ وهل هذا الصلي مستقبل القبلة ؟ وهذا
الشخص عدل مرضي ؟ ونو ذلك ؛ فإن هذا النوع من الجتهاد متفق عليه بي
السلمي بل بي العقلء فيما يتبعونه من شرائع دينهم وطاعة ولة أمورهم ومصال
دنياهم وآخرتم .وحقيقة ذلك يرجع إل تثيل الشيء بنظيه وإدراج الزئي تت
الكلي وذاك يسمى قياس التمثيل ؛ وهذا يسمى قياس الشمول وها متلزمان فإن
القدر الشترك بي الفراد ف قياس الشمول الذي يسميه النطقيون الد الوسط
هو القدر الشترك ف قياس التمثيل الذي يسميه الصوليون الامع ؛ والناط ؛
والعلة ؛ والمارة ؛ والداعي والباعث ؛ والقتضي ؛ والوجب ؛ والشترك ؛ وغي
ذلك من العبارات .وأما تريج الناط وهو :القياس الحض وهو :أن ينص على
حكم ف أمور قد يظن أنه يتص الكم با فيستدل على أن غيها مثلها إما لنتفاء
الفارق ؛ أو للشتراك ف الوصف الذي قام الدليل على أن الشارع علق الكم به
ف الصل ؛ فهذا هو القياس الذي تقر به جاهي العلماء وينكره نفاة القياس .وإنا
يكثر الغلط فيه لعدم العلم بالامع الشترك الذي علق الشارع الكم به وهو الذي
يسمى سؤال الطالبة وهو :مطالبة العترض للمستدل بأن الوصف الشترك بي
الصل والفرع هو علة الكم ؛ أو دليل العلة .فأكثر غلط القائسي من ظنهم علة
ف الصل ما ليس بعلة ولذا كثرت شناعاتم على أهل القياس الفاسد .فأما إذا
قام دليل على إلغاء الفارق وأنه ليس بي الصل والفرع فرق يفرق الشارع لجله
بي الصورتي ؛ أو قام الدليل على أن العن الفلن هو الذي لجله حكم الشارع
بذا الكم ف الصل وهو موجود ف صورة أخرى ؛ فهذا القياس ل ينازع فيه إل
من ل يعرف هاتي القدمتي .وبسط هذا له موضع آخر .والقصود هنا :أن
دعوة ممد صلى ال عليه وسلم شاملة للثقلي :النس والن على اختلف
أجناسهم فل يظن أنه خص العرب بكم من الحكام أصل بل إنا علق الحكام
باسم مسلم وكافر ؛ ومؤمن ومنافق ؛ وبر وفاجر ؛ ومسن وظال ؛ وغي ذلك من
الساء الذكورة ف القرآن والديث وليس ف القرآن ول الديث تصيص
العرب بكم من أحكام الشريعة ولكن بعض العلماء ظن ذلك ف بعض الحكام
وخالفه المهور كما ظن طائفة منهم أبو يوسف أنه خص العرب بأن ل يسترقوا
وجهور السلمي على أنم يسترقون كما صحت بذلك الحاديث الصحيحة
حيث استرق بن الصطلق وفيهم جويرية بنت الارث ث أعتقها وتزوجها وأعتق
بسببها من استرق من قومها .وقال ف حديث هوازن { :اختاروا إحدى
الطائفتي :إما السب ؛ وإما الال } وف الصحيحي عن أب أيوب النصاري عن
رسول ال صلى ال عليه وسلم أنه قال { :من قال :ل إله إل ال وحده ل
شريك له ؛ له اللك وله المد ؛ وهو على كل شيء قدير عشر مرات كان كمن
أعتق أربعة أنفس من ولد إساعيل } .وف الصحيحي أيضا عن أب هريرة أنه {
كانت سبية من سب هوازن عند عائشة فقال :أعتقيها فإنا من ولد إساعيل }
وعامة من استرقه الرسول صلى ال عليه وسلم من النساء والصبيان كانوا عربا
وذكر هذا يطول .ولكن عمر بن الطاب لا رأى كثرة السب من العجم واستغناء
الناس عن استرقاق العرب رأى أن يعتقوا العرب من باب مشورة المام وأمره
بالصلحة ؛ ل من باب الكم الشرعي الذي يلزم اللق كلهم فأخذ من أخذ با
ظنه من قول عمر وكذلك ظن من ظن أن الزية ل تؤخذ من مشركي العرب مع
كونا تؤخذ من سائر الشركي .وجهور العلماء على أنه ل يفرق بي العرب
وغيهم .ث منهم من يوز أخذها من كل مشرك ومنهم من ل يأخذها إل من
أهل الكتاب والجوس ؛ وذلك أن النب صلى ال عليه وسلم ل يأخذ الزية من
مشركي العرب وأخذها من الجوس وأهل الكتاب .فمن قال :تؤخذ من كل
كافر .قال :إن آية الزية لا نزلت أسلم مشركو العرب فإنا نزلت عام تبوك ول
يبق عرب مشرك ماربا ول يكن النب صلى ال عليه وسلم ليغزو النصارى عام
تبوك بميع السلمي -إل من عذر ال -ويدع الجاز وفيه من ياربه ويبعث أبا
بكر عام تسع فنادى ف الوسم أن ل يج بعد العام مشرك ول يطوف بالبيت
عريان ونبذ العهود الطلقة وأبقى الؤقتة ما دام أهلها موفي بالعهد كما أمر ال
بذلك ف أول سورة التوبة وأنظر الذين نبذ إليهم أربعة أشهر وأمر عند انسلخها
بغزو الشركي كافة قالوا :فدان الشركون كلهم كافة بالسلم ول يرض بذل
أداء الزية لنه ل يكن لشركي العرب من الدين بعد ظهور دين السلم ما
يصبون لجله على أداء الزية عن يد وهم صاغرون ؛ إذ كان عامة العرب قد
أسلموا فلم يبق لشركي العرب عز يعتزون به فدانوا بالسلم حيث أظهره ال ف
العرب بالجة والبيان والسيف والسنان .وقول النب صلى ال عليه وسلم {
أمرت أن أقاتل الناس حت يشهدوا أن ل إله إل ال وأن ممدا رسول ال ويقيموا
الصلة ؛ ويؤتوا الزكاة } مراده قتال الحاربي الذين أذن ال ف قتالم ل يرد قتال
العاهدين الذين أمر ال بوفاء عهدهم .وكان النب صلى ال عليه وسلم قبل نزول
" براءة " يعاهد من عاهده من الكفار من غي أن يعطي الزية عن يد فلما أنزل ال
براءة وأمره بنبذ العهود الطلقة ل يكن له أن يعاهدهم كما كان يعاهدهم بل كان
عليه أن ياهد الميع كما قال { :فإذا انسلخ الشهر الرم فاقتلوا الشركي
حيث وجدتوهم وخذوهم واحصروهم واقعدوا لم كل مرصد فإن تابوا وأقاموا
الصلة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن ال غفور رحيم } .وكان دين أهل الكتاب
خيا من دين الشركي ومع هذا فأمروا بقتالم حت يعطوا الزية عن يد وهم
صاغرون فإذا كان أهل الكتاب ل توز معاهدتم كما كان ذلك قبل نزول براءة
فالشركون أول بذلك أن ل توز معاهدتم بدون ذلك .قالوا :فكان ف
تصيص أهل الكتاب بالذكر تنبيها بطريق الول على ترك معاهدة الشركي بدون
الصغار والزية ؛ كما كان يعاهدهم ف مثل هدنة الديبية وغي ذلك من
العاهدات .قالوا :وقد ثبت ف الصحيح من حديث بريدة قال { :كان رسول
ال صلى ال عليه وسلم إذا أمر أميا على جيش أو سرية أوصاه ف خاصته بتقوى
ال ومن معه من السلمي خيا ث قال :اغزوا بسم ال ف سبيل ال قاتلوا من كفر
بال اغزوا ول تغلوا ول تغدروا ول تثلوا ول تقتلوا وليدا وإذا لقيت عدوك من
الشركي فادعهم إل ثلث خصال أو خلل فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف
عنهم ادعهم إل السلم فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ث ادعهم إل التحول
من دارهم إل دار الهاجرين وأخبهم أنم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين
وعليهم ما على الهاجرين فإن أبوا أن يتحولوا منها فأخبهم أنم يكونون كأعراب
السلمي يري عليهم حكم ال الذي يري على الؤمني ول يكون لم ف الغنيمة
والفيء شيء إل أن ياهدوا مع السلمي فإن هم أبوا فاسألم الزية فإن هم
أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم فإن هم أبوا فاستعن بال عليهم وقاتلهم وإذا
حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تعل لم ذمة ال وذمة نبيه فل تعل لم ذمة ال
ول ذمة نبيه ولكن اجعل لم ذمتك وذمة أصحابك فإنكم أن تفروا ذمكم وذمة
أصحابكم أهون من أن تفروا ذمة ال وذمة رسوله وإذا حاصرت أهل حصن
فأرادوك أن تنلم على حكم ال فل تنلم على حكم ال ولكن أنزلم على
حكمك ؛ فإنك ل تدري أتصيب حكم ال فيهم أم ل } .قالوا :ففي الديث
أمره لن أرسله أن يدعو الكفار إل السلم ث إل الجرة إل المصار وإل فإل
أداء الزية وإن ل يهاجروا كانوا كأعراب السلمي والعراب عامتهم كانوا
مشركي فدل على أنه دعا إل أداء الزية من حاصره من الشركي وأهل الكتاب
.والصون كانت باليمن كثية بعد نزول آية الزية وأهل اليمن كان فيهم
مشركون وأهل كتاب وأمر معاذا أن يأخذ من كل حال دينارا أو عد له معافريا
ول ييز بي الشركي وأهل الكتاب فدل ذلك على أن الشركي من العرب آمنوا
كما آمن من آمن من أهل الكتاب ومن ل يؤمن من أهل الكتاب أدى الزية .
وقد أخذ النب صلى ال عليه وسلم الزية من أهل البحرين وكانوا موسا وأسلمت
عبد القيس وغيهم من أهل البحرين طوعا ول يكن النب صلى ال عليه وسلم
ضرب الزية على أحد من اليهود بالدينة ول بيب ؛ بل حاربم قبل نزول آية
الزية وأقر اليهود بيب فلحي بل جزية إل أن أجلهم عمر ؛ لنم كانوا
مهادني له وكانوا فلحي ف الرض فأقرهم لاجة السلمي إليهم ث أمر
بإجلئهم قبل موته وأمر بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب فقيل :هذا
الكم مصوص بزيرة العرب وقيل :بل هو عام ف جيع أهل الذمة إذا استغن
السلمون عنهم أجلوهم من ديار السلم ؛ وهذا قول ابن جرير وغيه .ومن قال
:إن الزية ل تؤخذ من مشرك قال :إن آية الزية نزلت والشركون موجودون
فلم يأخذها منهم .والقصود أنه ل يص العرب بكم وإن قيل :إنه خص جزيرة
العرب الت هي حول السجد الرام كما خص السجد الرام بقوله { :إنا
الشركون نس فل يقربوا السجد الرام بعد عامهم هذا } .وكذلك من قال من
العلماء :إنه حرم على جيع السلمي ما تستخبثه العرب وأحل لم ما تستطيبه .
فجمهور العلماء على خلف هذا القول كمالك وأب حنيفة وأحد وقدماء
أصحابه ولكن الرقي وطائفة منهم وافقوا الشافعي على هذا القول وأما أحد
نفسه فعامة نصوصه موافقة لقول جهور العلماء وما كان عليه الصحابة والتابعون
أن التحليل والتحري ل يتعلق باستطابة العرب ول باستخباثهم ؛ بل كانوا
يستطيبون أشياء حرمها ال ؛ كالدم واليتة ؛ والنخنقة والوقوذة ؛ والتردية
والنطيحة ؛ وأكيلة السبع ؛ وما أهل به لغي ال وكانوا -بل خيارهم -يكرهون
أشياء ل يرمها ال حت لم الضب كان النب صلى ال عليه وسلم يكرهه وقال :
{ ل يكن بأرض قومي فأجدن أعافه } وقال مع هذا " :إنه ليس بحرم " وأكل
على مائدته وهو ينظر وقال فيه " :ل آكله ول أحرمه " .وقال جهور العلماء :
الطيبات الت أحلها ال ما كان نافعا لكله ف دينه والبيث ما كان ضارا له ف
دينه .وأصل الدين العدل الذي بعث ال الرسل بإقامته فما أورث الكل بغيا
وظلما حرمه كما حرم كل ذي ناب من السباع .لنا باغية عادية والغاذي شبيه
بالغتذي فإذا تولد اللحم منها صار ف النسان خلق البغي والعدوان .وكذلك
الدم يمع قوى النفس من الشهوة والغضب فإذا اغتذى
منه زادت شهوته وغضبه على العتدل ولذا ل يرم منه إل السفوح بلف القليل
فإنه ل يضر .ولم النير يورث عامة الخلق البيثة ؛ إذ كان أعظم اليوان ف
أكل كل شيء ل يعاف شيئا وال ل يرم على أمة ممد شيئا من الطيبات وإنا
حرم ذلك على أهل الكتاب كما قال تعال { :فبظلم من الذين هادوا حرمنا
عليهم طيبات أحلت لم } وقال تعال { :وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي
ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما إل ما حلت ظهورها أو الوايا أو
ما اختلط بعظم ذلك جزيناهم ببغيهم وإنا لصادقون } .وأما السلمون فلم يرم
عليهم إل البائث كالدم السفوح فأما غي السفوح كالذي يكون ف العروق فلم
يرمه بل ذكرت عائشة أنم كانوا يضعون اللحم ف القدر فيون آثار الدم ف
القدر ؛ ولذا عفا جهور الفقهاء عن الدم اليسي ف البدن والثياب إذا كان غي
مسفوح وإذا عفي عنه ف الكل ففي اللباس والمل أول أن يعفى عنه .وكذلك
ريق الكلب يعفى عنه عند جهور العلماء ف الصيد كما هو مذهب مالك وأب
حنيفة وأحد ف أظهر القولي ف مذهبه وهو أحد الوجهي ف مذهب الشافعي وإن
وجب غسل الناء من ولوغه عند جهورهم .إذ كان الريق ف الولوغ كثيا ساريا
ف الائع ل يشق الحتراز منه بلف ما يصيب الصيد فإنه قليل ناشف ف جامد
يشق الحتراز منه .وكذلك التقدي ف إمامة الصلة بالنسب ل يقول به أكثر
العلماء وليس فيه نص عن النب صلى ال عليه وسلم بل الذي ثبت ف الصحيح عنه
صلى ال عليه وسلم أنه قال { :يؤم القوم أقرؤهم لكتاب ال فإن كانوا ف القراءة
سواء فأعلمهم بالسنة فإن كانوا ف السنة سواء فأقدمهم هجرة فإن كانوا ف
الجرة سواء فأقدمهم سنا } فقدمه صلى ال عليه وسلم بالفضيلة العلمية ث
بالفضيلة العملية وقدم العال بالقرآن على العال بالسنة ث السبق إل الدين باختياره
ث السبق إل الدين بسنه ول يذكر النسب .وبذا أخذ أحد وغيه فرتب الئمة
كما رتبهم النب صلى ال عليه وسلم ول يذكر النسب وكذلك أكثر العلماء
كمالك وأب حنيفة ل يرجحوا بالنسب ولكن رجح به الشافعي وطائفة من
أصحاب أحد ؛ كالرقي وابن حامد والقاضي وغيهم واحتجوا بقول سلمان
الفارسي :إن لكم علينا معشر العرب أل نؤمكم ف صلتكم ول ننكح نساءكم .
والولون يقولون :إنا قال سلمان هذا تقديا منه للعرب على الفرس كما يقول
الرجل لن هو أشرف منه :حقك علي كذا وليس قول سلمان حكما شرعيا يلزم
جيع اللق اتباعه كما يب عليهم اتباع أحكام ال ورسوله ولكن من تأسى من
الفرس بسلمان فله به أسوة حسنة ؛ فإن سلمان سابق الفرس .وكذلك اعتبار
النسب ف أهل الكتاب ليس هو قول أحد من الصحابة ول يقول به جهور العلماء
كمالك وأب حنيفة وأحد بن حنبل وقدماء أصحابه ولكن طائفة منهم ذكرت عنه
روايتان واختار بعضهم اعتبار النسب موافقة للشافعي والشافعي أخذ ذلك عن
عطاء وبسط هذا له موضع آخر .
والقصود هنا أن النب صلى ال عليه وسلم إنا علق الحكام بالصفات الؤثرة
فيما يبه ال وفيما يبغض فأمر با يبه ال ودعا إليه بسب المكان ونى عما
يبغضه ال وحسم مادته بسب المكان ل يص العرب بنوع من أنواع الحكام
الشرعية ؛ إذ كانت دعوته لميع البية ؛ لكن نزل القرآن بلسانم بل نزل بلسان
قريش كما ثبت عن عمر بن الطاب أنه قال لبن مسعود :أقرئ الناس بلغة
قريش فإن القرآن نزل بلسانم وكما قال عثمان للذين يكتبون الصحف من قريش
والنصار :إذا اختلفتم ف شيء فاكتبوه بلغة هذا الي من قريش فإن القرآن نزل
بلسانم وهذا لجل التبليغ ؛ لنه بلغ قومه أول ث بواسطتهم بلغ سائر المم وأمره
ال بتبليغ قومه أول ث بتبليغ القرب فالقرب إليه كما أمر بهاد القرب فالقرب
.وما ذكره كثي من العلماء من أن غي العرب ليسوا أكفاء للعرب ف النكاح
فهذه مسألة نزاع بي العلماء فمنهم من ل يرى الكفاءة إل ف الدين ومن رآها ف
النسب أيضا فإنه يتج بقول عمر :لمنعن ذوات الحساب إل من الكفاء ؛ لن
النكاح مقصوده حسن اللفة فإذا كانت الرأة أعلى منصبا اشتغلت عن الرجل فل
يتم به القصود .وهذه حجة من جعل ذلك حقا ل .حت أبطل النكاح إذا
زوجت الرأة بن ل يكافئها ف الدين أو النصب ومن جعلها حقا لدمي قال :
إن ف ذلك غضاضة على أولياء الرأة وعليها والمر إليهم ف ذلك .ث هؤلء ل
يصون الكفاءة بالنسب بل يقولون :هي من الصفات الت تتفاضل با النفوس
كالصناعة واليسار والرية وغي ذلك وهذه مسائل اجتهادية ترد إل ال
والرسول ؛ فإن جاء عن ال ورسوله ما يوافق أحد القولي فما جاء عن ال ل
يتلف وإل فل يكون قول أحد حجة على ال ورسوله .وليس عن النب صلى ال
عليه وسلم نص صحيح صريح ف هذه المور بل قد قال صلى ال عليه وسلم {
إن ال أذهب عنكم عيبة الاهلية وفخرها بالباء الناس رجلن :مؤمن تقي ؛
وفاجر شقي } وف صحيح مسلم عنه صلى ال عليه وسلم أنه قال { :أربع ف
أمت من أمر الاهلية ل يتركونن . :الفخر بالحساب ؛ والطعن ف النساب ؛
والنياحة ؛ والستسقاء بالنجوم } وقد ثبت عنه صلى ال عليه وآله وسلم أنه قال
{ :إن ال اصطفى كنانة من بن إساعيل .واصطفى قريشا من كنانة واصطفى
بن هاشم من قريش واصطفان من بن هاشم فأنا خيكم نفسا وخيكم نسبا } .
وجهور العلماء على أن جنس العرب خي من غيهم كما أن جنس قريش خي من
غيهم وجنس بن هاشم خي من غيهم .وقد ثبت ف الصحيح عنه صلى ال عليه
وسلم أنه قال { :الناس معادن كمعادن الذهب والفضة خيارهم ف الاهلية
خيارهم ف السلم إذا فقهوا } .لكن تفضيل الملة على الملة ل يستلزم أن
يكون كل فرد أفضل من كل فرد فإن ف غي العرب خلقا كثيا خيا من أكثر
العرب وف غي قريش من الهاجرين والنصار من هو خي من أكثر قريش وف غي
بن هاشم من قريش وغي قريش من هو خي من أكثر بن هاشم كما قال رسول
ال صلى ال عليه وسلم { إن خي القرون القرن الذين بعثت فيهم ث الذين يلونم
ث الذين يلونم } وف القرون التأخرة من هو خي من كثي من القرن الثان
والثالث ومع هذا فلم يص النب صلى ال عليه وسلم القرن الثان والثالث بكم
شرعي كذلك ل يص العرب بكم شرعي بل ول خص بعض أصحابه بكم
دون سائر أمته ولكن الصحابة لا كان لم من الفضل أخب بفضلهم وكذلك
السابقون الولون ل يصهم بكم ولكن أخب با لم من الفضل لا اختصوا به من
العمل وذلك ل يتعلق بالنسب .والقصود هنا أنه أرسل إل جيع الثقلي :النس
والن فلم يص العرب دون غيهم من المم بأحكام شرعية ولكن خص قريشا
بأن المامة فيهم وخص بن هاشم بتحري الزكاة عليهم وذلك لن جنس قريش لا
كانوا أفضل وجب أن يكون المامة ف أفضل الجناس مع المكان وليست
المامة أمرا شامل لكل أحد منهم وإنا يتولها واحد من الناس .وأما تري
الصدقة فحرمها عليه وعلى أهل بيته تكميل لتطهيهم ودفعا للتهمة عنه كما ل
يورث فل يأخذ ورثته درها ول دينارا ؛ بل ل يكون له ولن يونه من مال ال إل
نفقتهم وسائر مال ال يصرف فيما يبه ال ورسوله وذوو قرباه يعطون بعروف
من مال المس والفيء الذي يعطى منه ف سائر مصال السلمي ل يتص
بأصناف معينة كالصدقات ث ما جعل لذوي القرب قد قيل :إنه سقط بوته كما
يقوله أبو حنيفة وقيل :هو لقرب من يلي المر بعده كما روي عنه { :ما أطعم
ال نبيا طعمة إل كانت لن يلي المر بعده } وهذا قول أب ثور وغيه .وقيل :
إن هذا كان مأخذ عثمان ف إعطاء بن أمية وقيل :هو لذوي قرب الرسول صلى
ال عليه وسلم دائما .ث من هؤلء من يقول :هو مقدر بالشرع وهو خس
المس كما يقوله الشافعي وأحد ف الشهور عنه .وقيل :بل المس والفيء
يصرف ف مصال السلمي باجتهاد المام ول يقسم على أجزاء مقدرة متساوية
وهذا قول مالك وغيه .وعن أحد أنه جعل خس الزكاة فيئا وعلى هذا القول
يدل الكتاب والسنة وسية اللفاء الراشدين وبسط هذه المور له موضع آخر .
والقصود هنا :أن بعض آيات القرآن وإن كان سببه أمورا كانت ف العرب
فحكم اليات عام يتناول ما تقتضيه اليات لفظا ومعن ف أي نوع كان وممد
صلى ال عليه وسلم بعث إل النس والن .وجاهي المم يقر بالن ولم
معهم وقائع يطول وصفها ول ينكر الن إل شرذمة قليلة من جهال التفلسفة
والطباء ونوهم وأما أكابر القوم فالأثور عنهم :إما القرار با .وإما أن ل يكى
عنهم ف ذلك قول .ومن العروف عن بقراط أنه قال ف بعض الياه :إنه ينفع من
الصرع لست أعن الذي يعاله أصحاب الياكل وإنا أعن الصرع الذي يعاله
الطباء .وأنه قال :طبنا مع طب أهل الياكل كطب العجائز مع طبنا .وليس لن
أنكر ذلك حجة يعتمد عليها تدل على النفي وإنا معه عدم العلم ؛ إذ كانت
صناعته ليس فيها ما يدل على ذلك كالطبيب الذي ينظر ف البدن من جهة صحته
ومرضه الذي يتعلق بزاجه وليس ف هذا تعرض لا يصل من جهة النفس ول من
جهة الن وإن كان قد علم من غي طبه أن للنفس تأثيا عظيما ف البدن أعظم من
تأثي السباب الطبية وكذلك للجن تأثي ف ذلك كما قال النب صلى ال عليه
وسلم ف الديث الصحيح { :إن الشيطان يري من ابن آدم مرى الدم } وف
الدم الذي هو البخار الذي تسميه الطباء الروح اليوان النبعث من القلب
الساري ف البدن الذي به حياة البدن كما قد بسط هذا ف موضع آخر .والراد
هنا أن ممدا صلى ال عليه وسلم أرسل إل الثقلي النس والن وقد أخب ال ف
القرآن أن الن استمعوا القرآن وأنم آمنوا به كما قال تعال { :وإذ صرفنا إليك
نفرا من الن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا } إل قوله { :أولئك ف
ضلل مبي } ث أمره أن يب الناس بذلك فقال تعال { :قل أوحي إل أنه استمع
نفر من الن فقالوا إنا سعنا قرآنا عجبا } إل فأمره أن يقول ذلك ليعلم النس
بأحوال الن وأنه مبعوث إل النس والن ؛ لا ف ذلك من هدي النس والن ما
يب عليهم من اليان بال ورسله واليوم الخر وما يب من طاعة رسله ومن
تري الشرك بالن وغيهم كما قال ف السورة { :وأنه كان رجال من النس
يعوذون برجال من الن فزادوهم رهقا } .كان الرجل من النس ينل بالوادي
-والودية مظان الن ؛ فإنم يكونون بالودية أكثر ما يكونون بأعال الرض -
فكان النسي يقول :أعوذ بعظيم هذا الوادي من سفهائه فلما رأت الن أن
النس تستعيذ با زاد طغيانم وغيهم وبذا ييبون العزم والراقي بأسائهم وأساء
ملوكهم فإنه يقسم عليهم بأساء من يعظمونه فيحصل لم بذلك من الرئاسة
والشرف على النس ما يملهم على أن يعطوهم بعض سؤلم ل سيما وهم
يعلمون أن النس أشرف منهم وأعظم قدرا فإذا خضعت النس لم واستعاذت
بم كان بنلة أكابر الناس إذا خضع لصاغرهم ليقضي له حاجته .ث الشياطي
منهم من يتار الكفر والشرك ومعاصي الرب .وإبليس وجنوده من الشياطي
يشتهون الشر ويلتذون به ويطلبونه ويرصون عليه بقتضى خبث أنفسهم وإن
كان موجبا لعذابم وعذاب من يغوونه كما قال إبليس { :فبعزتك لغوينهم
أجعي } { إل عبادك منهم الخلصي } وقال تعال { :قال أرأيتك هذا الذي
كرمت علي لئن أخرتن إل يوم القيامة لحتنكن ذريته إل قليل } وقال تعال { :
ولقد صدق عليهم إبليس ظنه فاتبعوه إل فريقا من الؤمني } .والنسان إذا
فسدت نفسه أو مزاجه يشتهي ما يضره ويلتذ به ؛ بل يعشق ذلك عشقا يفسد
عقله ودينه وخلقه وبدنه وماله والشيطان هو نفسه خبيث فإذا تقرب صاحب
العزائم والقسام وكتب الروحانيات السحرية وأمثال ذلك إليهم با يبونه من
الكفر والشرك صار ذلك كالرشوة والبطيل لم فيقضون بعض أغراضه كمن
يعطي غيه مال ليقتل له من يريد قتله أو يعينه على فاحشة أو ينال معه فاحشة .
ولذا كثي من هذه المور يكتبون فيها كلم ال بالنجاسة -وقد يقلبون حروف
كلم ال عز وجل إما حروف الفاتة وإما حروف { قل هو ال أحد } وأما
غيها -إما دم وإما غيه وإما بغي ناسة .أو يكتبون غي ذلك ما يرضاه
الشيطان أو يتكلمون بذلك .فإذا قالوا أو كتبوا ما ترضاه الشياطي أعانتهم على
بعض أغراضهم إما تغوير ماء من الياه وإما أن يمل ف الواء إل بعض المكنة
وإما أن يأتيه بال من أموال بعض الناس كما تسرقه الشياطي من أموال الائني
ومن ل يذكر اسم ال عليه وتأت به وإما غي ذلك .وأعرف ف كل نوع من هذه
النواع من المور العينة ومن وقعت له من أعرفه ما يطول حكايته ؛ فإنم كثيون
جدا .والقصود أن ممدا صلى ال عليه وسلم بعث إل الثقلي واستمع الن
لقراءته وولوا إل قومهم منذرين كما أخب ال عز وجل وهذا متفق عليه بي
السلمي .ث أكثر السلمي من الصحابة والتابعي وغيهم يقولون :أنم جاءوه
بعد هذا وإنه قرأ عليهم القرآن وبايعوه وسألوه الزاد لم ولدوابم فقال لم { :
لكم كل عظم ذكر اسم ال عليه يعود أوفر ما يكون لما ولكم كل بعرة علف
لدوابكم قال النب صلى ال عليه وسلم فل تستنجوا بما فإنما زاد إخوانكم من
الن } وهذا ثابت ف صحيح مسلم وغيه من حديث ابن مسعود .وقد ثبت ف
صحيح البخاري وغيه من حديث أب هريرة { نيه صلى ال عليه وسلم عن
الستنجاء بالعظم والروث } ف أحاديث متعددة وف صحيح مسلم وغيه { عن
سلمان قال :قيل له :قد علمكم نبيكم كل شيء حت الراءة قال :فقال :أجل
لقد نانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول وأن نستنجي باليمي وأن نستنجي بأقل
من ثلثة أحجار وأن نستنجي برجيع أو عظم } .وف صحيح مسلم وغيه أيضا
عن جابر قال { :نى رسول ال صلى ال عليه وسلم أن نتمسح بعظم أو ببعر }
وكذلك النهي عن ذلك ف حديث خزية بن ثابت وغيه .وقد بي علة ذلك ف
حديث ابن مسعود ففي صحيح مسلم وغيه عن ابن مسعود أن النب صلى ال
عليه وسلم قال { :أتان داعي الن فذهبت معه فقرأت عليهم القرآن قال :
فانطلق بنا فأرانا آثارهم وآثار نيانم وسألوه الزاد فقال :لكم كل عظم ذكر اسم
ال عليه يقع ف أيديكم لما وكل بعرة علف لدوابكم فقال النب صلى ال عليه
وسلم فل تستنجوا بما فإنما زاد إخوانكم } .ف صحيح البخاري وغيه عن أب
هريرة { أنه كان يمل مع النب صلى ال عليه وسلم إداوة لوضوئه وحاجته فبينما
هو يتبعه با قال :من هذا ؟ قلت :أبو هريرة قال :ابغن أحجارا أستنفض با ول
تأتن بعظم ول بروثة فأتيته بأحجار أحلها ف طرف ثوب حت وضعتها إل جنبه ث
انصرفت حت إذا فرغ مشيت فقلت :ما بال العظم والروثة ؟ قال :ها من طعام
الن وإنه أتان وفد جن نصيبي -ونعم الن -فسألون الزاد فدعوت ال لم أن
ل يروا بعظم ول روثة إل وجدوا عليها طعاما } .ولا نى النب صلى ال عليه
وسلم عن الستنجاء با يفسد طعام الن وطعام دوابم كان هذا تنبيها على
النهي عما يفسد طعام النس وطعام دوابم بطريق الول لكن كراهة هذا والنفور
عنه ظاهر ف فطر الناس بلف العظم والروثة فإنه ل يعرف ناسة طعام الن ؛
فلهذا جاءت الحاديث الصحيحة التعددة بالنهي عنه .وقد ثبت بذه الحاديث
الصحيحة أنه خاطب الن وخاطبوه وقرأ عليهم القرآن وأنم سألوه الزاد .وقد
ثبت ف الصحيحي عن ابن عباس أنه كان يقول :إن النب صلى ال عليه وسلم ل
ير الن ول خاطبهم ولكن أخبه أنم سعوا القرآن وابن عباس قد علم ما دل عليه
القرآن من ذلك ول يعلم ما علمه ابن مسعود وأبو هريرة وغيها من إتيان الن
إليه وماطبته إياهم وأنه أخبه بذلك ف القرآن وأمره أن يب به وكان ذلك ف أول
المر لا حرست السماء وحيل بينهم وبي خب السماء وملئت حرسا شديدا وكان
ف ذلك من دلئل النبوة ما فيه عبة كما قد بسط ف موضع آخر وبعد هذا أتوه
وقرأ عليهم القرآن وروي أنه قرأ عليهم سورة الرحن وصار كلما قال { :فبأي
آلء ربكما تكذبان } قالوا :ول بشيء من آلئك ربنا نكذب فلك المد .وقد
ذكر ال ف القرآن من خطاب الثقلي ما يبي هذا الصل كقوله تعال { :يا
معشر الن والنس أل يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آيات وينذرونكم لقاء
يومكم هذا قالوا شهدنا على أنفسنا } وقد أخب ال عن الن أنم قالوا { :وأنا
منا الصالون ومنا دون ذلك كنا طرائق قدا } أي :مذاهب شت :مسلمون
وكفار ؛ وأهل سنة وأهل بدعة وقالوا { :وأنا منا السلمون ومنا القاسطون فمن
أسلم فأولئك تروا رشدا } { وأما القاسطون فكانوا لهنم حطبا } والقاسط :
الائر يقال :قسط إذا جار وأقسط إذا عدل .وكافرهم معذب ف الخرة باتفاق
العلماء .وأما مؤمنهم فجمهور العلماء على أنه ف النة وقد روي " :أنم
يكونون ف ربض النة تراهم النس من حيث ل يرونم " .وهذا القول مأثور عن
مالك والشافعي وأحد وأب يوسف وممد .وقيل :إن ثوابم النجاة من النار وهو
مأثور عن أب حنيفة .وقد احتج المهور بقوله { :ل يطمسهن إنس قبلهم ول
جان } قالوا :فدل ذلك على تأت الطمث منهم لن طمث الور العي إنا يكون
ف النة.
فصل وإذا كان الن أحياء عقلء مأمورين منهيي لم ثواب وعقاب وقد أرسل
إليهم النب صلى ال عليه وسلم فالواجب على السلم أن يستعمل فيهم ما
يستعمله ف النس من المر بالعروف والنهي عن النكر والدعوة إل ال كما
شرع ال ورسوله وكما دعاهم النب صلى ال عليه وسلم ويعاملهم إذا اعتدوا با
يعامل به العتدون فيدفع صولم با يدفع صول النس .وصرعهم للنس قد
يكون عن شهوة وهوى وعشق كما يتفق للنس مع النس وقد يتناكح النس
والن ويولد بينهما ولد وهذا كثي معروف وقد ذكر العلماء ذلك وتكلموا عليه
وكره أكثر العلماء مناكحة الن .وقد يكون وهو كثي أو الكثر عن بغض
ومازاة مثل أن يؤذيهم بعض النس أو يظنوا أنم يتعمدوا أذاهم إما ببول على
بعضهم وإما بصب ماء حار وإما بقتل بعضهم وإن كان النسي ل يعرف ذلك -
وف الن جهل وظلم -فيعاقبونه بأكثر ما يستحقه وقد يكون عن عبث منهم
وشر بثل سفهاء النس .وحينئذ فما كان من الباب الول فهو من الفواحش الت
حرمها ال تعال كما حرم ذلك على النس وإن كان برضا الخر فكيف إذا كان
مع كراهته فإنه فاحشة وظلم ؟ فيخاطب الن بذلك ويعرفون أن هذا فاحشة
مرمة أو فاحشة وعدوان لتقوم الجة عليهم بذلك ويعلموا أنه يكم فيهم بكم
ال ورسوله الذي أرسله إل جيع الثقلي النس والن .وما كان من القسم الثان
فإن كان النسي ل يعلم فيخاطبون بأن هذا ل يعلم ومن ل يتعمد الذى ل
يستحق العقوبة وإن كان قد فعل ذلك ف داره وملكه عرفوا بأن الدار ملكه فله أن
يتصرف فيها با يوز وأنتم ليس لكم أن تكثوا ف ملك النس بغي إذنم بل لكم
ما ليس من مساكن النس كالراب والفلوات ؛ ولذا يوجدون كثيا ف الراب
والفلوات ويوجدون ف مواضع النجاسات كالمامات والشوش والزابل
والقمامي والقابر .والشيوخ الذين تقترن بم الشياطي وتكون أحوالم شيطانية
ل رحانية يأوون كثيا إل هذه الماكن الت هي مأوى الشياطي .وقد جاءت
الثار بالنهي عن الصلة فيها لنا مأوى الشياطي والفقهاء منهم من علل النهي
بكونا مظنة النجاسات .ومنهم من قال :إنه تعبد ل يعقل معناه .والصحيح أن
العلة ف المام وأعطان البل ونو ذلك أنا مأوى الشياطي وف القبة أن ذلك
ذريعة إل الشرك مع أن القابر تكون أيضا مأوى للشياطي .والقصود أن أهل
الضلل والبدع الذين فيهم زهد وعبادة على غي الوجه الشرعي ولم أحيانا
مكاشفات ولم تأثيات يأوون كثيا إل مواضع الشياطي الت نى عن الصلة فيها
؛ لن الشياطي تتنل عليهم با وتاطبهم الشياطي ببعض المور كما تاطب
الكهان وكما كانت تدخل ف الصنام وتكلم عابدي الصنام وتعينهم ف بعض
الطالب كما تعي السحرة وكما تعي عباد الصنام وعباد الشمس والقمر
والكواكب إذا عبدوها بالعبادات الت يظنون أنا تناسبها من تسبيح لا ولباس
وبور وغي ذلك .فإنه قد تنل عليهم شياطي يسمونا روحانية الكواكب وقد
تقضي بعض حوائجهم إما قتل بعض أعدائهم أو إمراضه وإما جلب بعض من
يهوونه وإما إحضار بعض الال ولكن الضرر الذي يصل لم بذلك أعظم من
النفع بل قد يكون أضعاف أضعاف النفع .والذين يستخدمون الن بذه المور
يزعم كثي منهم أن سليمان كان يستخدم الن با فإنه قد ذكر غي واحد من
علماء السلف أن سليمان لا مات كتبت الشياطي كتب سحر وكفر وجعلتها
تت كرسيه وقالوا :كان سليمان يستخدم الن بذه فطعن طائفة من أهل
الكتاب ف سليمان بذا .وآخرون قالوا :لول أن هذا حق جائز لا فعله سليمان ؛
فضل الفريقان هؤلء بقدحهم ف سليمان وهؤلء باتباعهم السحر فأنزل ال تعال
ف ذلك قوله تعال { ولا جاءهم رسول من عند ال مصدق لا معهم نبذ فريق من
الذين أوتوا الكتاب كتاب ال وراء ظهورهم } إل قوله تعال { ولو أنم آمنوا
واتقوا لثوبة من عند ال خي لو كانوا يعلمون } بي سبحانه أن هذا ل يضر ول
ينفع ؛ إذ كان النفع هو الي الالص أو الراجح والضرر هو الشر الالص أو
الراجح وشر هذا إما خالص وإما راجح .والقصود أن الن إذا اعتدوا على
النس أخبوا بكم ال ورسوله وأقيمت عليهم الجة وأمروا بالعروف ونوا عن
النكر كما يفعل بالنس ؛ لن ال يقول { :وما كنا معذبي حت نبعث رسول }
وقال تعال { :يا معشر الن والنس أل يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آيات
وينذرونكم لقاء يومكم هذا } ولذا نى النب صلى ال عليه وسلم عن قتل حيات
البيوت حت تؤذن ثلثا كما ف صحيح مسلم وغيه عن أب سعيد الدري قال :
قال رسول ال صلى ال عليه وسلم { إن بالدينة نفرا من الن قد أسلموا فمن
رأى شيئا من هذه العوامر فليؤذنه ثلثا فإن بدا له بعد فليقتله فإنه شيطان } وف
صحيح مسلم أيضا { عن أب السائب مول هشام بن زهرة أنه دخل على أب
سعيد الدري ف بيته قال :فوجدته يصلي فجلست أنتظره حت يقضي صلته
فسمعت تريكا ف عراجي ف ناحية البيت فالتفت فإذا حية فوثبت لقتلها فأشار
إل أن اجلس فجلست فلما انصرف أشار إل بيت ف الدار فقال :أترى هذا
البيت ؟ فقلت :نعم فقال :كان فيه فت منا حديث عهد بعرس قال :فخرجنا مع
رسول ال صلى ال عليه وسلم إل الندق فكان ذلك الفت يستأذن رسول ال
صلى ال عليه وسلم بأنصاف النهار ويرجع إل أهله فاستأذنه يوما فقال له رسول
ال صلى ال عليه وسلم خذ عليك سلحك فإن أخشى عليك قريظة فأخذ الرجل
سلحه ث رجع فإذا امرأته بي البابي قائمة فأهوى إليها بالرمح ليطعنها به وأصابته
غية فقالت :اكفف عليك رمك وادخل البيت حت تنظر ما الذي أخرجن
فدخل فإذا بية عظيمة منطوية على الفراش فأهوى إليها بالرمح فانتظمها به ث
خرج فركزه ف الدار فاضطربت عليه فما يدرى أيهما كان أسرع موتا الية أم
الفت ؟ قال :فجئنا إل رسول ال صلى ال عليه وسلم فذكرنا له ذلك وقلنا :
ادع ال يييه لنا قال :استغفروا لصاحبكم ث قال :إن بالدينة جنا قد أسلموا فإذا
رأيتم منهم شيئا فآذنوه ثلثة أيام فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه فإنا هو شيطان }
وف لفظ آخر لسلم أيضا :فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم { إن لذه
البيوت عوامر فإذا رأيتم شيئا منها فحرجوا عليه ثلثا فإن ذهب وإل فاقتلوه فإنه
كافر } وقال لم { :اذهبوا فادفنوا صاحبكم } .وذلك أن قتل الن بغي حق
ل يوز كما ل يوز قتل النس بل حق والظلم مرم ف كل حال ؟ فل يل لحد
أن يظلم أحدا ولو كان كافرا بل قال تعال { :ول يرمنكم شنآن قوم على أل
تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى } والن يتصورون ف صور النس والبهائم
فيتصورون ف صور اليات والعقارب وغيها وف صور البل والبقر والغنم واليل
والبغال والمي وف صور الطي وف صور بن آدم كما أتى الشيطان قريشا ف
صورة سراقة بن مالك بن جعشم لا أرادوا الروج إل بدر قال تعال { :وإذ زين
لم الشيطان أعمالم وقال ل غالب لكم اليوم من الناس وإن جار لكم } إل قوله
{ :وال شديد العقاب } .وكما روي أنه تصور ف صورة شيخ ندي لا
اجتمعوا بدار الندوة هل يقتلوا الرسول أو يبسونه أو يرجونه ؟ كما قال تبارك
وتعال { :وإذ يكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يرجوك ويكرون
ويكر ال وال خي الاكرين } فإذا كان حيات البيوت قد تكون جنا فتؤذن ثلثا
فإن ذهبت وإل قتلت فإنا إن كانت حية قتلت وإن كانت جنية فقد أصرت على
العدوان بظهورها للنس ف صورة حية تفزعهم بذلك والعادي هو الصائل الذي
يوز دفعه با يدفع ضرره ولو كان قتل وأما قتلهم بدون سبب يبيح ذلك فل يوز
.وأهل العزائم والقسام يقسمون على بعضهم ليعينهم على بعض تارة يبون
قسمه وكثيا ل يفعلون ذلك بأن يكون ذلك الن معظما عندهم وليس للمعزم
وعزيته من الرمة ما يقتضي إعانتهم على ذلك إذ كان العزم قد يكون بنلة
الذي يلف غيه ويقسم عليه بن يعظمه وهذا تتلف أحواله فمن أقسم على الناس
ليؤذوا من هو عظيم عندهم ل يلتفتوا إليه وقد يكون ذاك منيعا فأحوالم شبيهة
بأحوال النس لكن النس أعقل وأصدق وأعدل وأوف بالعهد ؛ والن أجهل
وأكذب وأظلم وأغدر .والقصود أن أرباب العزائم مع كون عزائمهم تشتمل
على شرك وكفر ل توز العزية والقسم به فهم كثيا ما يعجزون عن دفع الن
وكثيا ما تسخر منهم الن إذا طلبوا منهم قتل الن الصارع للنس أو حبسه
فيخيلوا إليهم أنم قتلوه أو حبسوه ويكون ذلك تييل وكذبا هذا إذا كان الذي
يرى ما ييلونه صادقا ف الرؤية فإن عامة ما يعرفونه لن يريدون تعريفه إما
بالكاشفة والخاطبة إن كان من جنس عباد الشركي وأهل الكتاب ومبتدعة
السلمي الذين تضلهم الن والشياطي وأما ما يظهرونه لهل العزائم والقسام أنم
يثلون ما يريدون تعريفه فإذا رأى الثال أخب عن ذلك وقد يعرف أنه مثال وقد
يوهونه أنه نفس الرئي وإذا أرادوا ساع كلم من يناديه من مكان بعيد مثل من
يستغيث ببعض العباد الضالي من الشركي وأهل الكتاب وأهل الهل من عباد
السلمي إذا استغاث به بعض مبيه فقال :يا سيدي فلن فإن الن ياطبه بثل
صوت ذلك النسي فإذا رد الشيخ عليه الطاب أجاب ذلك النسي بثل ذلك
الصوت وهذا وقع لعدد كثي أعرف منهم طائفة .
فصل :وكثيا ما يتصور الشيطان بصورة الدعو النادى الستغاث به إذا كان
ميتا .وكذلك قد يكون حيا ول يشعر بالذي ناداه ؛ بل يتصور الشيطان بصورته
فيظن الشرك الضال الستغيث بذلك الشخص أن الشخص نفسه أجابه وإنا هو
الشيطان وهذا يقع للكفار الستغيثي بن يسنون به الظن من الموات والحياء
كالنصارى الستغيثي برجس وغيه من قداديسهم ويقع لهل الشرك والضلل
من النتسبي إل السلم الذين يستغيثون بالوتى والغائبي يتصور لم الشيطان ف
صورة ذلك الستغاث به وهو ل يشعر .وأعرف عددا كثيا وقع لم ف عدة
أشخاص يقول ل كل من الشخاص :أن ل أعرف أن هذا استغاث ب
والستغيث قد رأى ذلك الذي هو على صورة هذا وما اعتقد أنه إل هذا .وذكر
ل غي واحد أنم استغاثوا ب كل يذكر قصة غي قصة صاحبه فأخبت كل منهم
أن ل أجب أحدا منهم ول علمت باستغاثته فقيل :هذا يكون ملكا فقلت :اللك
ل يغيث الشرك إنا هو شيطان أراد أن يضله .وكذلك يتصور بصورته ويقف
بعرفات فيظن من يسن به الظن أنه وقف بعرفات وكثي منهم حله الشيطان إل
عرفات أو غيها من الرم فيتجاوز اليقات بل إحرام ول تلبية ول يطوف بالبيت
ول بالصفا والروة وفيهم من ل يعب مكة وفيهم من يقف بعرفات ويرجع ول
يرمي المار إل أمثال ذلك من المور الت يضلهم با الشيطان حيث فعلوا ما هو
منهي عنه ف الشرع إما مرم وإما مكروه ليس بواجب ول مستحب وقد زين لم
الشيطان أن هذا من كرامات الصالي وهو من تلبيس الشيطان فإن ال ل يعبد إل
با هو واجب أو مستحب وكل من عبد عبادة ليست واجبة ول مستحبة وظنها
واجبة أو مستحبة فإنا زين ذلك له الشيطان وإن قدر أنه عفا عنه لسن قصده
واجتهاده لكن ليس هذا ما يكرم ال به أولياءه التقي إذ ليس ف فعل الحرمات
والكروهات إكرام بل الكرام حفظه من ذلك ومنعه منه ؛ فإن ذلك ينقصه ل
يزيده وإن ل يعاقب عليه بالعذاب فل بد أن يفضه عما كان ويفض أتباعه الذين
يدحون هذه الال ويعظمون صاحبها فإن مدح الحرمات والكروهات وتعظيم
صاحبها هو من الضلل عن سبيل ال وكلما ازداد العبد ف البدع اجتهادا ازداد
من ال بعدا لنا ترجه عن سبيل ال ؛ سبيل الذين أنعم ال عليهم من النبيي
والصديقي والشهداء والصالي إل بعض سبيل الغضوب عليهم والضالي .
فصل إذا عرف الصل ف هذا الباب فنقول :يوز بل يستحب وقد يب أن يذب
عن الظلوم وأن ينصر ؛ فإن نصر الظلوم مأمور به بسب المكان وف
الصحيحي حديث الباء بن عازب قال { :أمرنا رسول ال صلى ال عليه وسلم
بسبع ونانا عن سبع أمرنا بعيادة الريض واتباع النازة وتشميت العاطس وإبرار
القسم أو القسم ونصر الظلوم وإجابة الداعي وإفشاء السلم .ونانا عن خواتيم
أو تتم الذهب ؛ وعن شرب بالفضة ؛ وعن الياثر وعن القسي ولبس الرير ؛
والستبق والديباج } .وف الصحيح عن أنس قال :قال رسول ال صلى ال
عليه وسلم { انصر أخاك ظالا أو مظلوما قلت :يا رسول ال أنصره مظلوما
فكيف أنصره ظالا ؟ قال :تنعه من الظلم فذلك نصرك إياه } وأيضا ففيه تفريج
كربة هذا الظلوم .وف صحيح مسلم عن أب هريرة عن النب صلى ال عليه وسلم
أنه قال { من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس ال عنه كربة من كرب
يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر ال عليه ف الدنيا والخرة ومن ستر مسلما
ستره ال ف الدنيا والخرة وال ف عون العبد ما كان العبد ف عون أخيه } .وف
صحيح مسلم أيضا عن جابر { أن رسول ال صلى ال عليه وسلم لا سئل عن
الرقى قال :من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل } لكن ينصر بالعدل كما أمر
ال ورسوله مثل الدعية والذكار الشرعية ومثل أمر الن ونيه كما يؤمر النسي
وينهى ويوز من ذلك ما يوز مثله ف حق النسي مثل أن يتاج إل انتهار الن
وتديده ولعنه وسبه كما ثبت ف صحيح مسلم عن أب الدرداء قال { :قام
رسول ال صلى ال عليه وسلم فسمعناه يقول :أعوذ بال منك ث قال :ألعنك
بلعنة ال ثلثا وبسط يده كأنه يتناول شيئا فلما فرغ من الصلة قلنا :يا رسول
ال قد سعناك تقول ف الصلة شيئا ل نسمعك تقوله قبل ذلك ورأيناك بسطت
يدك قال :إن عدو ال إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله ف وجهي فقلت :أعوذ
بال منك ثلث مرات ث قلت :ألعنك بلعنة ال التامة فلم يستأخر ثلث مرات ث
أردت أخذه ووال لول دعوة أخينا سليمان لصبح موثقا يلعب به ولدان أهل
الدينة } ففي هذا الديث الستعاذة منه ولعنته بلعنة ال ول يستأخر بذلك فمد
يده إليه .وف الصحيحي عن أب هريرة عن النب صلى ال عليه وسلم قال { :إن
الشيطان عرض ل فشد علي ليقطع الصلة علي فأمكنن ال منه فذعته ولقد
همت أن أوثقه إل سارية حت تصبحوا فتنظروا إليه فذكرت قول أخي سليمان {
رب اغفر ل وهب ل ملكا ل ينبغي لحد من بعدي } فرده ال خاسئا } فهذا
الديث يوافق الول ويفسره وقوله " :ذعته " أي :خنقته فبي أن مد اليد كان
لنقه وهذا دفع لعدوانه بالفعل وهو النق وبه اندفع عدوانه فرده ال خاسئا .وأما
الزيادة وهو ربطه إل السارية فهو من باب التصرف اللكي الذي تركه لسليمان
فإن نبينا صلى ال عليه وسلم كان يتصرف ف الن كتصرفه ف النس تصرف
عبد رسول يأمرهم بعبادة ال وطاعته ل يتصرف لمر يرجع إليه وهو التصرف
اللكي ؛ فإنه كان عبدا رسول وسليمان نب ملك والعبد الرسول أفضل من النب
اللك كما أن السابقي القربي أفضل من عموم البرار أصحاب اليمي وقد روى
النسائي على شرط البخاري { عن عائشة أن النب صلى ال عليه وسلم كان
يصلي فأتاه الشيطان فأخذه فصرعه فخنقه قال رسول ال صلى ال عليه وسلم
حت وجدت برد لسانه على يدي ولول دعوة سليمان لصبح موثقا حت يراه
الناس } .ورواه أحد وأبو داود من حديث أب سعيد وفيه { :فأهويت بيدي
فما زلت أخنقه حت وجدت برد لعابه بي أصبعي هاتي :البام والت تليها }
وهذا فعله ف الصلة وهذا ما احتج به العلماء على جواز مثل هذا ف الصلة وهو
كدفع الار وقتل السودين والصلة حال السايفة .وقد تنازع العلماء ف شيطان
الن إذا مر بي يدي الصلي هل يقطع ؟ على قولي ها قولن ف مذهب أحد
كما ذكرها ابن حامد وغيه :أحدها :يقطع لذا الديث ؛ ولقوله لا أخب أن
مرور الكلب السود يقطع للصلة { :الكلب السود شيطان } فعلل بأنه شيطان
.وهو كما قال رسول ال صلى ال عليه وسلم فإن الكلب السود شيطان
الكلب والن تتصور بصورته كثيا وكذلك صورة القط السود ؛ لن السواد
أجع للقوى الشيطانية من غيه وفيه قوة الرارة .وما يتقرب به إل الن الذبائح
فإن من الناس من يذبح للجن وهو من الشرك الذي حرمه ال ورسوله وروي أنه
نى عن ذبائح الن وإذا برئ الصاب بالدعاء .والذكر وأمر الن ونيهم
وانتهارهم وسبهم ولعنهم ونو ذلك من الكلم حصل القصود وإن كان ذلك
يتضمن مرض طائفة من الن أو موتم فهم الظالون لنفسهم إذا كان الراقي
الداعي العال ل يتعد عليهم كما يتعدى عليهم كثي من أهل العزائم فيأمرون بقتل
من ل يوز قتله وقد يبسون من ل يتاج إل حبسه ؛ ولذا قد تقاتلهم الن على
ذلك ففيهم من تقتله الن أو ترضه وفيهم من يفعل ذلك بأهله وأولده أو دوابه .
وأما من سلك ف دفع عداوتم مسلك العدل الذي أمر ال به ورسوله فإنه ل
يظلمهم بل هو مطيع ل ورسوله ف نصر الظلوم وإغاثة اللهوف والتنفيس عن
الكروب بالطريق الشرعي الت ليس فيها شرك باللق ول ظلم للمخلوق ومثل هذا
ل تؤذيه الن إما لعرفتهم بأنه عادل ؛ وإما لعجزهم عنه .وإن كان الن من
العفاريت وهو ضعيف فقد تؤذيه فينبغي لثل هذا أن يترز بقراءة العوذ مثل آية
الكرسي والعوذات والصلة والدعاء ونو ذلك ما يقوي اليان وينب الذنوب
الت با يسلطون عليه فإنه ماهد ف سبيل ال وهذا من أعظم الهاد فليحذر أن
ينصر العدو عليه بذنوبه وإن كان المر فوق قدرته فل يكلف ال نفسا إل وسعها
فل يتعرض من البلء لا ل يطيق .ومن أعظم ما ينتصر به عليهم آية الكرسي فقد
ثبت ف صحيح البخاري حديث { أب هريرة قال :وكلن رسول ال صلى ال
عليه وسلم بفظ زكاة رمضان فأتان آت فجعل يثو من الطعام فأخذته وقلت
لرفعنك إل رسول ال صلى ال عليه وسلم قال :إن متاج وعلي عيال ول
حاجة شديدة قال :فخليت عنه فأصبحت فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم يا
أبا هريرة ما فعل أسيك البارحة ؟ قلت :يا رسول ال شكا حاجة شديدة وعيال
فرحته وخليت سبيله قال :أما أنه قد كذبك وسيعود فعرفت أنه سيعود لقول
رسول ال صلى ال عليه وسلم فرصدته فجاء يثو من الطعام فأخذته فقلت :
لرفعنك إل رسول ال صلى ال عليه وسلم قال :دعن فإن متاج وعلي عيال ل
أعود فرحته فخليت سبيله فأصبحت فقال ل رسول ال صلى ال عليه وسلم يا أبا
هريرة ما فعل أسيك ؟ قلت :يا رسول ال شكا حاجة وعيال فرحته فخليت
سبيله قال :أما إنه قد كذبك وسيعود فرصدته الثالثة فجاء يثو من الطعام فأخذته
فقلت :لرفعنك إل رسول ال صلى ال عليه وسلم وهذا آخر ثلث مرات تزعم
أنك ل تعود ث تعود قال :دعن أعلمك كلمات ينفعك ال با قلت :ما هن ؟
قال :إذا أويت إل فراشك فاقرأ آية الكرسي { :ال ل إله إل هو الي القيوم }
حت تتم الية فإنك لن يزال عليك من ال حافظ ول يقربك شيطان حت تصبح
فخليت سبيله فأصبحت فقال ل رسول ال صلى ال عليه وسلم ما فعل أسيك
البارحة ؟ قلت :يا رسول ال زعم أنه يعلمن كلمات ينفعن ال با فخليت سبيله
قال :ما هي ؟ قلت :قال ل :إذا أويت إل فراشك فاقرأ آية الكرسي من أولا
حت تتم الية { :ال ل إله إل هو الي القيوم } وقال ل :لن يزال عليك من
ال حافظ ول يقربك شيطان حت تصبح وكانوا أحرص شيء على الي فقال النب
صلى ال عليه وسلم أما إنه قد صدقك وهو كذوب تعلم من تاطب منذ ثلث
ليال يا أبا هريرة ؟ قلت :ل .قال :ذاك شيطان } .ومع هذا فقد جرب
الجربون الذين ل يصون كثرة أن لا من التأثي ف دفع الشياطي وإبطال
أحوالم ما ل ينضبط من كثرته وقوته فإن لا تأثيا عظيما ف دفع الشيطان عن
نفس النسان وعن الصروع وعن من تعينه الشياطي مثل أهل الظلم والغضب
وأهل الشهوة والطرب وأرباب السماع الكاء والتصدية إذا قرئت عليهم بصدق
دفعت الشياطي وبطلت المور الت ييلها الشيطان ويبطل ما عند إخوان الشياطي
من مكاشفة شيطانية وتصرف شيطان إذ كانت الشياطي يوحون إل أوليائهم
بأمور يظنها الهال من كرامات أولياء ال التقي وإنا هي من تلبيسات الشياطي
على أوليائهم الغضوب عليهم والضالي .والصائل العتدي يستحق دفعه سواء
كان مسلما أو كافرا وقد قال النب صلى ال عليه وسلم { من قتل دون ماله فهو
شهيد ومن قتل دون دمه فهو شهيد ومن قتل دون دينه فهو شهيد } فإذا كان
الظلوم له أن يدفع عن مال الظلوم ولو بقتل الصائل العادي فكيف ل يدفع عن
عقله وبدنه وحرمته فإن الشيطان يفسد عقله ويعاقبه ف بدنه وقد يفعل معه فاحشة
إنسي بإنسي وإن ل يندفع إل بالقتل جاز قتله .وأما إسلم صاحبه والتخلي عنه
فهو مثل إسلم أمثاله من الظلومي وهذا فرض على الكفاية مع القدرة ففي
الصحيحي عن النب صلى ال عليه وسلم أنه قال { :السلم أخو السلم ل يسلمه
ول يظلمه } فإن كان عاجزا عن ذلك أو هو مشغول با هو أوجب منه أو قام به
غيه ل يب وإن كان قادرا وقد تعي عليه ول يشغله عما هو أوجب منه وجب
عليه .وأما قول السائل :هل هذا مشروع ؟ فهذا من أفضل العمال وهو من
أعمال النبياء والصالي ؛ فإنه ما زال النبياء والصالون يدفعون الشياطي عن
بن آدم با أمر ال به ورسوله كما كان السيح يفعل ذلك وكما كان نبينا صلى
ال عليه وسلم يفعل ذلك فقد روى أحد ف مسنده وأبو داود ف سننه من حديث
مطر بن عبد الرحن العنق قال :حدثتن { أم أبان بنت الوازع بن زارع ف عامر
العبدي ؛ عن أبيها أن جدها الزارع انطلق إل رسول ال صلى ال عليه وسلم
فانطلق معه بابن له منون -أو ابن أخت له -قال جدي :فلما قدمنا على رسول
ال صلى ال عليه وسلم قلت :إن معي ابنا ل -أو ابن أخت ل -منون أتيتك
به تدعو ال له .قال :ائتن به قال :فانطلقت به إليه وهو ف الركاب فأطلقت
عنه وألقيت عنه ثياب السفر وألبسته ثوبي حسني وأخذت بيده حت انتهيت به
إل رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال :ادنه من اجعل ظهره ما يلين قال :
بجامع ثوبه من أعله وأسفله فجعل يضرب ظهره حت رأيت بياض إبطيه ويقول
:اخرج عدو ال اخرج عدو ال فأقبل ينظر نظر الصحيح ليس بنظره الول ث
أقعده رسول ال صلى ال عليه وسلم بي يديه فدعا له باء فمسح وجهه ودعا له
فلم يكن ف الوفد أحد بعد دعوة رسول ال صلى ال عليه وسلم يفضل عليه } .
وقال أحد ف السند :ثنا عبد ال بن ني ؛ عن عثمان بن حكيم أنا عبد الرحن
بن عبد العزيز ؛ { عن يعلى بن مرة قال :لقد رأيت من رسول ال صلى ال عليه
وسلم ثلثا ما رآها أحد قبلي ول يراها أحد بعدي لقد خرجت معه ف سفر حت
إذا كنا ببعض الطريق مررنا بامرأة جالسة معها صب لا فقالت :يا رسول ال هذا
صب أصابه بلء وأصابنا منه بلء يؤخذ ف اليوم ما أدري كم مرة قال :ناولينيه
فرفعته إليه فجعله بينه وبي واسطة الرحل ث فغر فاه فنفث فيه ثلثا وقال :بسم
ال أنا عبد ال اخسأ عدو ال ث ناولا إياه فقال :ألقينا ف الرجعة ف هذا الكان
فأخبينا ما فعل قال :فذهبنا ورجعنا فوجدناها ف ذلك الكان معها شياه ثلث
فقال :ما فعل صبيك ؟ فقالت :والذي بعثك بالق ما حسسنا منه شيئا حت
الساعة فاجترر هذه الغنم قال :انزل خذ منها واحدة ورد البقية } .وذكر
الديث بتمامه .ثنا وكيع قال :ثنا العمش ؛ عن النهال بن عمرو ؛ عن يعلى
بن مرة ؛ عن أبيه قال وكيع :مرة يعن الثقفي ؛ ول يقل :مرة عن أبيه { :أن
امرأة جاءت إل النب صلى ال عليه وسلم معها صب لا به لم فقال النب صلى ال
عليه وسلم اخرج عدو ال أنا رسول ال قال :فبأ قال :فأهدت إليه كبشي
وشيئا من أقط وشيئا من سن قال :فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم خذ
القط والسمن وخذ أحد الكبشي ورد عليها الخر } .ثنا عبد الرزاق أخبنا
معمر ؛ عن عطاء بن السائب ؛ عن عبد ال بن حفص { عن يعلى بن مرة الثقفي
قال :ثلثة أشياء رأيتهن من رسول ال صلى ال عليه وسلم وذكر الديث وفيه
قال :ث سرنا فمررنا باء فأتته امرأة بابن لا به جنة فأخذ النب صلى ال عليه
وسلم بنخره فقال :اخرج إن ممد رسول ال قال :ث سرنا فلما رجعنا من
سفرنا مررنا بذلك الاء فأتته الرأة بزر ولب فأمرها أن ترد الزر وأمر أصحابه
فشربوا من اللب فسألا عن الصب فقالت :والذي بعثك بالق ما رأينا منه ريبا
بعدك } .ولو قدر أنه ل ينقل ذلك لكون مثله ل يقع عند النبياء ؛ لكون
الشياطي ل تكن تقدر [ أن ] تفعل ذلك عند النبياء وفعلت ذلك عندنا فقد أمرنا
ال ورسوله من نصر الظلوم والتنفيس عن الكروب ونفع السلم با يتناول ذلك
.وقد ثبت ف الصحيحي حديث الذين رقوا بالفاتة وقال النب صلى ال عليه
وسلم { وما أدراك أنا رقية } { وأذن لم ف أخذ العل على شفاء اللديغ
بالرقية } وقد { قال النب صلى ال عليه وسلم للشيطان الذي أراد قطع صلته :
أعوذ بال منك ألعنك بلعنة ال التامة ثلث مرات } وهذا كدفع ظالي النس من
الكفار والفجار ؛ فإن النب صلى ال عليه وسلم وأصحابه وإن كانوا ل يروا الترك
ول يكونوا يرمون بالقسي الفارسية ونوها ما يتاج إليه ف قتال فقد ثبت عن
النب صلى ال عليه وسلم أنه أمر بقتالم وأخب أن أمته ستقاتلهم ومعلوم أن قتالم
النافع إنا هو بالقسي الفارسية ولو قوتلوا بالقسي العربية الت تشبه قوس القطن ل
تغن شيئا ؛ بل استطالوا على السلمي بقوة رميهم فل بد من قتالم با يقهرهم .
وقد قال بعض السلمي لعمر بن الطاب :إن العدو إذا رأيناهم قد لبسوا الرير
وجدنا ف قلوبنا روعة فقال :وأنتم فالبسوا كما لبسوا .وقد { أمر النب صلى ال
عليه وسلم أصحابه ف عمرة القضية بالرمل والضطباع } ليي الشركي قوتم
وإن ل يكن هذا مشروعا قبل هذا ففعل لجل الهاد ما ل يكن مشروعا بدون
ذلك .ولذا قد يتاج ف إبراء الصروع ودفع الن عنه إل الضرب فيضرب
ضربا كثيا جدا والضرب إنا يقع على الن ول يس به الصروع حت يفيق
الصروع ويب أنه ل يس بشيء من ذلك ول يؤثر ف بدنه ويكون قد ضرب
بعصا قوية على رجليه نو ثلثائة أو أربعمائة ضربة وأكثر وأقل بيث لو كان
على النسي لقتله وإنا هو على الن والن يصيح ويصرخ ويدث الاضرين
بأمور متعددة كما قد فعلنا نن هذا وجربناه مرات كثية يطول وصفها بضرة
خلق كثيين .وأما الستعانة عليهم با يقال ويكتب ما ل يعرف معناه فل
يشرع ل سيما إن كان فيه شرك ؛ فإن ذلك مرم .وعامة ما يقوله أهل العزائم
فيه شرك وقد يقرءون مع ذلك شيئا من القرآن ويظهرونه ويكتمون ما يقولونه من
الشرك وف الستشفاء با شرعه ال ورسوله ما يغن عن الشرك وأهله .والسلمون
وإن تنازعوا ف جواز التداوي بالحرمات كاليتة والنير فل يتنازعون ف أن
الكفر والشرك ل يوز التداوي به بال ؛ لن ذلك مرم ف كل حال وليس هذا
كالتكلم به عند الكراه .فإن ذلك إنا يوز إذا كان قلبه مطمئنا باليان والتكلم
به إنا يؤثر إذا كان بقلب صاحبه ولو تكلم به مع طمأنينة قلبه باليان ل يؤثر .
والشيطان إذا عرف أن صاحبه مستخف بالعزائم ل يساعده وأيضا فإن الكره
مضطر إل التكلم به ول ضرورة إل إبراء الصاب به لوجهي :أحدها :أنه قد ل
يؤثر أكثر ما يؤثر من يعال بالعزائم فل يؤثر بل يزيده شرا .والثان :أن ف الق
ما يغن عن الباطل .والناس ف هذا الباب ثلثة أصناف :قوم يكذبون بدخول
الن ف النس .وقوم يدفعون ذلك بالعزائم الذمومة فهؤلء يكذبون بالوجود
وهؤلء يعصون بل يكفرون بالعبود .والمة الوسط تصدق بالق الوجود وتؤمن
بالله الواحد العبود وبعبادته ودعائه وذكره وأسائه وكلمه فتدفع شياطي النس
والن .وأما سؤال الن وسؤال من يسألم فهذا إن كان على وجه التصديق لم
ف كل ما يبون به والتعظيم للمسئول فهو حرام كما ثبت ف صحيح مسلم
وغيه { عن معاوية بن الكم السلمي قال :قلت :يا رسول ال أمورا كنا
نصنعها ف الاهلية كنا نأت الكهان قال :فل تأتوا الكهان } وف صحيح مسلم
أيضا عن عبيد ال ؛ عن نافع ؛ عن صفية ؛ عن بعض أزواج النب صلى ال عليه
وسلم عن النب صلى ال عليه وسلم قال { :من أتى عرافا فسأله عن شيء ل
تقبل له صلة أربعي يوما } .وأما إن كان يسأل السئول ليمتحن حاله ويتب
باطن أمره وعنده ما ييز به صدقه من كذبه فهذا جائز كما ثبت ف الصحيحي :
{ أن النب صلى ال عليه وسلم سأل ابن صياد فقال :ما يأتيك ؟ فقال :يأتين
صادق وكاذب قال :ما ترى ؟ قال :أرى عرشا على الاء قال :فإن قد خبأت
لك خبيئا قال :الدخ الدخ قال :اخسأ فلن تعدو قدرك فإنا أنت من إخوان
الكهان } .وكذلك إذا كان يسمع ما يقولونه ويبون به عن الن كما يسمع
السلمون ما يقول الكفار والفجار ليعرفوا ما عندهم فيعتبوا به وكما يسمع خب
الفاسق ويتبي ويتثبت فل يزم بصدقه ول كذبه إل ببينة كما قال تعال { :إن
جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا } وقد ثبت ف صحيح البخاري عن أب هريرة { :أن
أهل الكتاب كانوا يقرءون التوراة ويفسرونا بالعربية فقال النب صلى ال عليه
وسلم إذا حدثكم أهل الكتاب فل تصدقوهم ول تكذبوهم فإما أن يدثوكم بق
فتكذبوه وإما أن يدثوكم بباطل فتصدقوه وقولوا { :آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل
إليكم وإلنا وإلكم واحد ونن له مسلمون } } فقد جاز للمسلمي ساع ما
يقولونه ول يصدقوه ول يكذبوه .وقد روي عن أب موسى الشعري أنه أبطأ عليه
خب عمر وكان هناك امرأة لا قرين من الن فسأله عنه فأخبه أنه ترك عمر يسم
إبل الصدقة .وف خب آخر أن عمر أرسل جيشا فقدم شخص إل الدينة فأخب
أنم انتصروا على عدوهم وشاع الب فسأل عمر عن ذلك فذكر له فقال :هذا
أبو اليثم بريد السلمي من الن وسيأت بريد النس بعد ذلك فجاء بعد ذلك بعدة
أيام .
WWW.ALMESHKAT.NET