تعالى أمرنا أن نعفو عمن أساء إلينا حتى ولو كان أقرب الناس إلينا ،فما هو سر ذلك؟ ولماذا يأمرنا القرآن بالعفو دائما ً ولو صدر من أزواجنا َ َ نمُنوا إ ِ ّ نآ َ ذي َ ها ال ّ ِ وأولدنا؟ يقول تعالىَ) :يا أي ّ َ من أ َزواجك ُم َ ن وإ ِ ْم َ ه ْحذَُرو ُ فا ْ م َ وا ل َك ُ ْعد ُ ّ وَلِدك ُ ْ م َ وأ ْ ِ ْ ْ َ ِ ْ َ م( حي ٌ فوٌر َر ِ غ ُه َ ن الل ّ َ فُروا َ فإ ِ ّ غ ِوت َ ْ حوا َ ص َ ف ُ وت َ ْ ع ُ فوا َ تَ ْ ]التغابن.[14 : طبعا ً كمؤمنين لبد أن نعتقد أن كل ما أمرنا به القرآن الكريم فيه النفع والخير ،وكل ما نهانا عنه فيه الشر والضرر ،فما هي فوائد العفو؟ وماذا وجد العلماء والمهتمين بسعادة النسان حديثا ً من حقائق علمية حول ذلك؟ في كل يوم يتأكد العلماء من شيء جديد في رحلتهم لعلج المراض المستعصية ،وآخر هذه الكتشافات ما وجده الباحثون من أسرار التسامح! فقد أدرك علماء النفس حديثا ً أهمية الرضا عن النفس وعن الحياة وأهمية هذا الرضا في علج الكثير من الضطرابات النفسية ،وفي دراسة نشرت على مجلة "دراسات السعادة" اتضح أن هناك علقة وثيقة بين التسامح والمغفرة والعفو من جهة ،وبين السعادة والرضا من جهة ثانية. فقد جاؤوا بعدد من الشخاص وقاموا بدراستهم دراسة دقيقة ،درسوا واقعهم الجتماعي ودرسوا ظروفهم المادية والمعنوية ،ووجهوا إليهم العديد من السئلة التي تعطي بمجموعها مؤشرا ً على سعادة النسان في الحياة. وكانت المفاجأة أن الشخاص الكثر سعادة هم الكثر تسامحا ً مع غيرهم! فقرروا بعد ذلك إجراء التجارب لكتشاف العلقة بين التسامح وبين أهم أمراض العصر مرض القلب ،وكانت المفاجأة من جديد أن الشخاص الذين تعودوا على العفو والتسامح وأن يصفحوا عمن أساء إليهم هم أقل الشخاص انفعا ً ل. وتبين بنتيجة هذه الدراسات أن هؤلء المتسامحون ل يعانون من ضغط الدم ،وعمل القلب لديهم فيه انتظام أكثر من غيرهم، ولديهم قدرة على البداع أكثر ،وكذلك خلصت دراسات أخرى إلى أن التسامح يطيل العمر، فأطول الناس أعمارا ً هم أكثرهم تسامحا ً ولكن لماذا؟ لقد كشفت هذه الدراسة أن الذي يعود نفسه على التسامح ومع مرور الزمن فإن أي موقف يتعرض له بعد ذلك ل يحدث له أي توتر نفسي أو ارتفاع في ضغط الدم مما يريح عضلة القلب في أداء عملها ،كذلك يتجنب هذا المتسامح الكثير من الحلم المزعجة والقلق والتوتر الذي يسببه التفكير المستمر بالنتقام ممن أساء إليه. ويقول العلماء :إنك لن تنسى موقفا ً مزعجا ً حدث لك أوفر بكثير من أن تضيع الوقت وتصرف طاقة كبيرة من دماغك للتفكير بالنتقام! وبالتالي فإن العفو يوفر على النسان الكثير سّر عدوك ف ّ كر من المتاعب ،فإذا أردت أن ت ُ بالنتقام منه ،لنك ستكون الخاسر الوحيد!!! بينت الدراسات أن العفو والتسامح يخفف نسبة موت الخليا العصبية في الدماغ ،ولذلك تجد أدمغة الناس الذين تعودوا على التسامح وعلى المغفرة أكبر حجما ً وأكثر فعالية ،وهناك بعض الدراسات تؤكد أن التسامح يقوي جهاز المناعة لدى النسان ،وبالتالي هو سلح لعلج المراض! وهكذا يا أحبتي ندرك لماذا أمرنا الله تعالى بالتسامح والعفو ،حتى إن الله جعل العفو نفقة كسأ َُلون َ َ وي َ ْ نتصدق بها على غيرنا! يقول تعالىَ ) : مه ل َك ُ ُ ن الل ّ ُك ي ُب َي ّ ُو ك َذَل ِ َ ف َ ع ْل ال ْ َ ق ِ ن ُ قو َ ف ُ ما َ ذا ي ُن ْ ِ َ ن( ]البقرة .[219 :وطلب فكُرو َ ّ م ت َت َ َ ُ علك ْ ّ َ تل َ اْل ََيا ِ منا أن نتفكر في فوائد هذا العفو ،ولذلك ختم ن( فتأمل! فك ُّرو َ م ت َت َ َ عل ّك ُ ْ الية بقوله) :ل َ َ بسبب الهمية البالغة لموضوع التسامح والعفو و( فإن الله تبارك وتعالى قد سمى نفسه )العف ّ فوا ع ُ َ خ ُ َ و تَ ْفوهُ أ ْ و تُ ْ خي ًْرا أ ْ دوا َ ن ت ُب ْ ُيقول تعالى) :إ ِ ْ ديًرا( ]النساء: ق ِوا َ ف ّع ُن َ كا َ ه َ ن الل ّ َ ء َ فإ ِ ّ سو ٍ ن ُ ع ْ َ .[149وقد وجد بعض علماء البرمجة اللغوية العصبية أن أفضل منهج لتربية الطفل السوي هو التسامح معه!! فكل تسامح هو بمثابة رسالة إيجابية يتلقاها الطفل ،وبتكرارها يعود نفسه هو على التسامح أيضًا ،وبالتالي يبتعد عن ظاهرة النتقام المدمرة والتي للسف يعاني منها اليوم معظم الشباب! ولذلك فقد أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم ،وبالطبع كل مؤمن رضي بالله ربا ً ل ،أمر بأخذ العفو ،وكأن الله يريد وبالنبي رسو ً أن يجعل العفو منهجا ً لنا ،نمارسه في كل لحظة ،فنعفو عن أصدقاءنا الذين أساؤوا إلينا، نعفو عن زوجاتنا وأولدنا ،نعفو عن طفل صغير أو شيخ كبير ،نعفو عن إنسان غشنا أو خدعنا وآخر استهزأ بنا ...لن العفو والتسامح يبعدك عن الجاهلين ويوفر لك وقتك وجهدك ،وهكذا ض ر ْ وأ َ ْ ع ِ ف َ مْر ِبال ْ ُ عْر ِ فو ْ وأ ُ ذ ال ْ َ ع ْ َ َ خ ِيقول تعالىُ ) : ن( ]العراف.[199 : هِلي َ جا ِن ال ْ َ ع ِ َ ومن روائع القصص النبوي الشريف أن رجل ً لم يعمل في حياته حسنة قط!! تأملوا هذا الرجل ما هو مصيره؟ إل أنه كان يتعامل مع الناس في تجارته فيقول لغلمه إذا بعثه لتحصيل الموال: ت معسرا ً فتجاوز عنه لعل الله أن يتجاوز إذا وجد َ عني ،فلما مات تجاوز الله عنه وأدخله الجنة، سبحان الله! ما هذا الكرم اللهي ،هل أدركتم كم نحن غافلون عن أبواب الخير ،وهل أدركتم كم من الثواب ينتظرنا مقابل قليل من التسامح؟
وأخيرا ً أخي المؤمن ،هل تقبل بنصيحة الله
لك؟؟! إذا أردت أن يعفو الله عنك يوم القيامة ف عن البشر في الدنيا! يقول تعالى مخاطبا ً فاع ُ َ َ حوا أَل ت ُ ِ ن نأ ْ حّبو َ ص َ ف ُ ول ْي َ ْ فوا َ ع ُول ْي َ ْكل واحد مناَ ) : م( ]النور.[22 : حي ٌ فوٌر َر ِ ه َ غ ُ والل ّ ُ م َ ه ل َك ُ ْ فَر الل ّ ُ غ ِ يَ ْ