You are on page 1of 94

‫تابع الجديد والحصري على موقع األلوكة‬

‫‪www.alukah.net ‬‬

‫أحب األعمال إلى هللا‬

‫تأليف‪:‬‬

‫د‪ .‬عاطف بن محمد عبد المجيد‬ ‫أ‪.‬د‪ .‬عبد هللا بن محمد الطيار‬
‫األستاذ المشارك بكلية التربية للبنات بالزلفي‬ ‫األستاذ بجامعة القصيم‬

‫‪‬‬
‫ات أ َْع َمالِنَا‪،‬‬‫ومن سيئ ِ‬ ‫هلل حَنْم ُده ونَستَعِينُه ونَسَت ْغ ِفره و َنعوذُ بِ ِ‬
‫اهلل ِم ْن ُشُر ْو ِر أَْن ُف ِسنا ِ ْ َ َّ‬ ‫ْ ُ ُْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ‬
‫إِ َّن احلم َد ِ‬
‫َْ‬
‫ِ‬
‫ي لَه وبعد ‪:‬‬ ‫ِ‬
‫ضلل فَالَ َهاد َ‬ ‫َم ْن َي ْه ِد ِه اهللُ فَالَ ُمض َّل لَه‪َ ،‬و َم ْن يُ ْ‬
‫ِ‬
‫َح َس نها‪َ ،‬و َدهلَّ ْم َعلَْيه ا‪،‬‬ ‫اهلل َتع اىل على ِعب ِاد ِه أَ ْن َش رع هلم أَفْض ل َّ ِ‬ ‫إِ ّن ِمن ع ِظي ِم نِع ِم ِ‬
‫الش َرائع َوأ ْ‬ ‫َ َ َ ََ‬ ‫َ َ َ َ َ‬ ‫ْ َ ْ َ‬
‫اد ِمبا أ ُِم ُروا بِه وا ْنَت َه وا َع ّما نُ ُه وا َعْن ه‪،‬‬ ‫ِ هِب‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َو َر ّغبَهم فيه ا‪َ ،‬وأ ََم َر ُه ْم ب أَ ْن َيَت َعبَّ ُدوا إلَيه ا‪ ،‬فَ َم َ‬
‫ىت قَ َام العب ُ‬
‫ص َل هلَم بِ َذلِك ّ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الش َق َاوةُ ِيف‬ ‫ُسع ُدوا يِف ال ّدنيا َواْآلخرة‪َ ،‬و َمىت َخالَ ُفوا أ َْمَر َخالقهم َومَتَّر ُدوا َعلى عبَ َادته َح َ‬
‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪2‬‬
‫آلخ رة‪ ،‬ق اَ َل تَع اىل ‪        ‬‬‫ال ّدنْيا واْ ِ‬
‫َ‬
‫‪          ‬‬
‫‪          ‬‬
‫‪          ‬‬ ‫‪)1(  ‬وق ال‬
‫نس اْ َلع َمل‪.‬‬ ‫‪ )2(  ‬فَاجْلََزاء ِم ْن ِج ِ‬
‫اض ُل‬ ‫ٍ ِ ٍ‬ ‫ب ‪ ‬يِف ِعبَ َادتِ ه َبنَّي ‪ ‬أ َّ‬
‫لى َد َر َج ة َواح َدة بَ ل َيَت َف َ‬ ‫ت َع َ‬ ‫َع َم َال لَْي َس ْ‬‫َن اْأل ْ‬ ‫غب ال َّر ّ‬
‫َولَ ّم ا َر َ‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ض اْأل ْ ِ‬ ‫ت حَمَبَّته ‪ ‬لَِب ْع ِ‬ ‫بعض ها على بع ٍ ِ‬
‫ص َحابَةُ‬ ‫َع َم ال أَ ْكَث َر م ْن حَمَبَّت ه لغَرْيِ َه ا‪َ ،‬ولََق ْد َك ا َن َ‬ ‫ض‪َ ،‬ول َذا َك انَ ْ‬ ‫َْ ُ َ َ َ َْ‬
‫هِب‬ ‫ِ‬
‫اهلل ليََت َقَّربُ وا إِلَْي ِه َ ا‪َ ،‬و َينَ الُوا‬
‫َعم ِال إِىل ِ‬
‫َ‬ ‫ب اْأل ْ َ‬ ‫ض َوان اهلل َعلَْي ِهم‪ -‬يَ ْس أَلُْو َن النَّيِب َّ ‪َ ‬ع ْن أ َ‬
‫َح ِّ‬ ‫النَّيِب ‪ِ – ‬ر ْ‬
‫ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ت َر ُس ْو َل‬ ‫لى َد َر َج ات اْملَ َحبَّة م َن اهلل َت َع اىل‪َ ،‬ف َع ْن أَيِب ْ َعْب د الرَّمْح ٰ ِن َعْب د اهلل بْ ِن َم ْس عُ ْود ‪ ‬قَ َال‪َ :‬س أَلْ ُ‬
‫أ َْع ٰ‬
‫ت‪ :‬مُثَّ أَي؟ قَ َال‪َ :‬ب ُّر اْ َلوالِ َديْ ِن‪،‬‬ ‫ِ‬
‫{الص الَةُ َعلىٰ َوقْت َه ا‪ُ ،‬ق ْل ُ‬
‫اهلل َت َع اىلٰ؟ قَ َال َّ‬ ‫ب إَىل ِ‬
‫َح ُّ َ‬
‫َي اْأل ْ ِ‬
‫َع َم ال أ َ‬
‫ِ‬
‫اهلل ‪ :‬أ ُّ‬
‫اهلل} (‪.)3‬‬ ‫ُق ْلت‪ :‬مُثَّ أَي؟ قَ َال‪ :‬اجلِهاد يِف سبِي ِل ِ‬
‫َ ُ َْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫وعن أيب هريرة ‪ ‬قال‪ :‬سئل النيب ‪ ‬أي األعمال أفضل؟ قال‪{ :‬إميان باهلل ورسوله‪ ،‬قيل‪ :‬مث‬
‫ماذا؟ قال‪ :‬اجلهاد يف سبيل اهلل‪ ،‬قيل‪ :‬مث ماذا؟ قال‪ :‬حج مربور} (‪.)4‬‬
‫وهكذا كان صحابته ‪ ‬يسألون عن أفضل أعمال الرب وأحبها إىل اهلل لكي ينالوا حمبته سبحانه‬
‫ويفوزوا بأعلى الدرجات يف جناته‪.‬‬
‫وملا ك انت النفس البش رية ينتاهبا ش يء من الكس ل والفت ور أحيان اً ك ان من األفض ل هلا أن ه‬
‫تتعرف على جانب من أنواع العبادات اليت خصها اهلل تعاىل بالفضل لكي تتعبد هلل هبا وحيصل من‬
‫فعلها هلا ما ال حيصل هلا يرتك بعضها‪.‬‬
‫والنفس البشرية متيل إىل التنويع ألن يف التنويع رياضة هلذه النفس ودعوة هلا لالستمرار‪ ،‬فإن‬
‫النفس البش رية إذا تع ودت على أم ر م ا ق د يص يبها ش يء من املل ل لكن إذا فتح هلا ب اب من أن واع‬
‫العبادات اختارت ما يناسبها حال الكسل وحال اهلمة والنشاط‪.‬‬
‫وحرص اً منا على نفع إخواننا املسلمني جعلنا هذه الرسالة اليت تبني مجلة من أنواع العبادات‬
‫اليت حيبها اهلل تعاىل مع بيان عظيم األجر ملن قام هبا نسأل اهلل أن يرزقنا حمبته وأن جيمعنا وإخواننا‬
‫املسلمني يف دار كرامته إنه مسيع جميب‪.‬‬
‫وقب ل الش روع يف موض وعنا حنب أن ننب ه على أم ر ه ام وه و بي ان جمم ل اعتق اد أه ل الس نة‬
‫واجلماع ة يف أمساء اهلل وص فاته وذل ك ألن موض وع الرس الة يف بي ان األعم ال ال يت حيبه ا ومن خالل‬

‫‪1‬‬
‫() سورة طه‪ ،‬اآلية‪126-124:‬‬
‫‪2‬‬
‫() سورة الزخرف‪ ،‬اآلية‪36:‬‬
‫‪3‬‬
‫() متفق عليه (البخاري يف الفتح ‪ )10/336‬ومسلم برقم (‪)85‬‬
‫‪4‬‬
‫() متفق عليه ( البخاري يف الفتح ‪ ، )3/302‬ومسلم برقم (‪)83‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪3‬‬
‫ه ذا املس مى (أحب األعم ال إىل اهلل) إذ في ه إش ارة إىل إثب ات ص فة احملب ة هلل تع اىل ال يت عطله ا أه ل‬
‫التعطيل أو حرفها أهل التحريف‪.‬‬
‫فما هو جممل اعتقاد أهل السنة واجلماعة يف صفات اهلل تعاىل؟‬
‫قال مساحة شيخنا العالمة حممد بن صاحل العثيمني –رمحه اهلل‪:-‬‬
‫«أه ل الس نة واجلماع ة ط ريقتهم يف أمساء اهلل وص فاته أهنم يعت ربون أن م ا ثبت من أمساء اهلل‬
‫وصفاته يف كتاب اهلل‪ ،‬أو فيما صح عن رسول اهلل ‪ ‬وهو حق على حقيقته يراد به ظاهره وال حيتاج‬
‫إىل حتريف احملرفني وذلك ألن حتريف احملرفني مبين على سوء فهم‪ ،‬أو سوء قصد حيث ظنوا أهنم إذا‬
‫أثبت وا تل ك النص وص‪ ،‬أو تل ك األمساء والص فات على ظاهره ا ظن وا أن ذل ك إثب ات للتمثي ل‪ ،‬وهلذا‬
‫صاروا حيرفون الكلم عن مواضعه‪ ،‬وقد يكونون ممن مل يفهموا هذا الفهم ولكن هلم سوء قصد يف‬
‫تفريق هذه األمة اإلسالمية شيعاً كل حزب مبا لديهم فرحون‪.‬‬
‫وأهل السنة واجلماعة يؤمنون بأن ما مسى اهلل به نفسه وما وصف اهلل به نفسه يف كتابه‪ ،‬أو‬
‫على لسان رسوله ‪ ،‬فهو حق على حقيقته وعلى ظاهره‪،‬وال حيتاج إىل حتريف احملرفني بل هو أبعد‬
‫ما يكون عن ذلك‪ ،‬وهو أيض اً ال ميكن أن يفهم منه ما ال يليق باهلل ‪ ‬من صفات النقص أو املماثلة‬
‫باملخلوقني‪ ،‬هبذه الطريقة املثلى يسلمون من الزيغ واإلحلاد يف أمساء اهلل وصفاته‪ ،‬فال يثبتون هلل إال ما‬
‫أثبته لنفسه‪ ،‬أو أثبته له رسوله ‪ ،‬غري زائدين يف ذلك وال ناقصني عنه‪ ،‬وهلذا كانت طريقتهم أن‬
‫أمساء اهلل وص فاته توقيفي ة ال ميكن ألح د أن يس مي اهلل مبا مل يس م ب ه نفس ه أو أن يص ف اهلل مبا مل‬
‫يصف به نفسه‪.‬‬
‫فإن أي إنسان يقول أن من أمساء اهلل كذا‪ ،‬أو ليس من أمساء اهلل‪ ،‬أو أن من صفات اهلل كذا‪،‬‬
‫أو ليس من ص فات اهلل بال دلي ل فه ذا بال ش ك ق ول على اهلل بال علم‪ ،‬وق د ق ال اهلل س بحانه ‪ ‬‬
‫‪          ‬‬
‫‪           ‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪     ‬‬

‫‪           ‬‬ ‫اىل‬ ‫ال تع‬ ‫وق‬
‫(‪)2‬‬
‫‪      ‬‬

‫مث إن طريقتهم يف أمساء اهلل تعاىل مما مسى اهلل به نفسه فإن كان من األمساء املتعدية فإهنم يرون‬
‫من شرط حتقيق اإلميان به ما يلي ‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يؤمن املرء بذلك االسم امساً له ‪‬‬

‫‪1‬‬
‫() سورة األعراف‪ ،‬اآلية‪33:‬‬
‫‪2‬‬
‫() سورة اإلسراء‪ ،‬اآلية‪36:‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪4‬‬
‫‪ -2‬أن يؤمن مبا دل عليه من الصفة سواء كانت الداللة تضمناً أو التزاماً‪.‬‬
‫‪ -3‬أن ي ؤمن ب أثر ذلك االسم ال ذي ك ان مما دل عليه االسم من الص فة وحنن هنا نض رب‬
‫مثالً‪:‬‬
‫من أمساء اهلل تع اىل «الس ميع» جيب على طريق أهل الس نة واجلماعة أن يثبت ه ذا االسم من‬
‫أمساء اهلل في دعى هلل به ويعبد به فيق ال مثالً عبد الس ميع ويق ال يا مسيع يا عليم وما أش به ذلك ألن‬
‫(‪)1‬‬
‫اهلل تعاىل يقول ‪       ‬‬

‫وكذلك أيضاً يثبت ما دل عليه هذا االسم من الصفة وهي السمع فنثبت هلل مسعاً عام اً شامالً‬
‫فال خيفى عليه أي صوت وإن ضعف‪.‬‬
‫كما نثبت أيضاً أثر هذه الصفة وهي أن اهلل تبارك وتعاىل يسمع كل شيء وهبذا ننتفع انتفاع اً‬
‫كبرياً من أمساء اهلل ألنه يلزم من هذه األمور الثالثة اليت أثبتناها يف االسم إذا كان متعدياً أن نتعبد اهلل‬
‫(‪)2‬‬
‫هبا فنحقق قول اهلل ‪        ‬‬
‫فأنت إذا آمنت بأن اهلل يسمع فإنك لن تُ ْس ِمع ربك ما يغضبه عليك لن تسمعه إال ما يكون‬
‫به راضياً عنك‪ ،‬ألنك تؤمن أنك مهما قلت من قول سواء كان سراً أم علن اً فإن اهلل تبارك وتعاىل‬
‫يسمعها‪ ،‬فسوف ينبئك مبا كنت تقول يف يوم القيامة‪ ،‬فسوف حياسبك على ذلك على حسب ما‬
‫تقتضيه حكمته يف كيفية من حياسبهم تبارك وتعاىل‪ ،‬إذاً القاعدة عند أهل السنة واجلماعة أن االسم‬
‫من أمساء اهلل إذا كان متعدياً فإنه ال ميكن حتقيق اإلميان به إال باإلميان هبذه األمور الثالثة‪:‬‬
‫‪ -1‬أن نؤمن به امساً من أمساء اهلل فنثبت من أمسائه‪.‬‬
‫‪ -2‬أن نؤمن مبا دل عليه من صفة‬
‫‪ -3‬أن نؤمن مبا يرتتب على تلك الصفة من األثر‪.‬‬
‫وهبذا يتحقق اإلميان بأمساء اهلل تبارك وتعاىل املتعدية‪.‬‬
‫أما إذا كان االسم الزم اً فإهنم يثبتون هذا االسم من أمساء اهلل‪ ،‬ويسمون اهلل به ويدعون اهلل‬
‫به‪ ،‬ويثبتون ما دل عليه االسم من صفة على الوجه األكمل الالئق باهلل تعاىل‪ ،‬ولكن هنا ال يكون‬
‫أث ر‪ ،‬ألن ه ذا االس م مش تق من ش يء ال يتع دى موص وفه فل ذلك ال يك ون أث ر‪ ،‬ونض رب مثالً بـ‬
‫«احلي» ف إن احلي من أمساء اهلل ‪ ‬نثبت ه امساً هلل فنق ول من أمساء اهلل تع اىل «احلي» ون دعو اهلل ب ه‬
‫فنقول‪« :‬يا حي‪ ،‬يا قيوم»‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫() سورة األعراف‪ ،‬اآلية‪180:‬‬
‫‪2‬‬
‫() سورة األعراف‪ ،‬اآلية‪180:‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪5‬‬
‫ون ؤمن مبا دل علي ه من ص فة‪ ،‬س واء ك ان ذل ك تض مناً‪ ،‬أو التزام اً وهي احلي اة الكامل ة ال يت‬
‫تتضمن كل ما يكون من صفات الكمال يف احلي من علم وقدرة ومسع وبصر وكالم وغري ذلك‪،‬‬
‫فعلى هذا نقول‪ :‬إذا كان االسم من أمساء اهلل غري متعد فإن حتقيق اإلميان به يكون بأمرين‪:‬‬
‫أحدمها‪ :‬إثباته امساً من أمساء اهلل‬
‫والثاين‪ :‬إثبات ما دل عليه من الصفة على وجه الكمال الالئق باهلل تبارك وتعاىل‪.‬‬
‫أما الصفات فإننا ال نصف اهلل إال مبا وصف به نفسه سواء ذكر الصفات وحدها بدون أن‬
‫يتس مى مبا دلت علي ه‪ ،‬أو ك انت ه ذه الص فة مما دلت علي ه أمساؤه‪ ،‬فإن ه جيب علين ا أن ن ؤمن هبذه‬
‫الصفة على حقيقتها مثال ذلك‪ :‬أثبت اهلل تبارك وتعاىل لنفسه أنه استوى على عرشه‪ ،‬وهو خياطبنا‬
‫بالقرآن النازل باللسان العريب املبني‪ ،‬وكل الناس الذين هلم ذوق يف اللغة العربية يعلمون معىن استوى‬
‫يف اللغة العربية‪ ،‬وهلذا قال اإلمام مالك –رمحه اهلل تعاىل‪ -‬وقد سئل عن قوله تعاىل ‪ ‬‬
‫‪ )1(    ‬كيف استوى؟ فقال‪« :‬االستواء معلوم‪ ،‬والكيف جمهول‪ ،‬واإلميان‬
‫به واجب والسؤال عنه بدعة» وهذا اللفظ أدق من اللفظ اآلخر‪ ،‬ألن كلمة «الكيف غري معقول»‬
‫تدل على أنه إذا انتفى عنه الدليالن النقلي والعقلي فإنه ال ميكن التكلم به‪.‬‬
‫ه ذه الص فة من ص فات اهلل مل ي رد اس م من أمساء اهلل مش تق منه ا فليس من أمسائه املس توى‪،‬‬
‫ولكننا نقول إنه استوى على العرش ونؤمن هبذه الصفة على الوجه الالئق به ونعلم أن معىن االستواء‬
‫هو العلو‪ ،‬فهو علو خاص بالعرش‪ ،‬ليس العلو املطلق على مجيع املخلوقات‪ ،‬بل هو علو خاص وهلذا‬
‫نقول يف قوله تعاىل ‪.)2(     ‬‬
‫أي عال واستقر على وجه يليق جبالله وعظمته‪ ،‬وليس كاستواء اإلنسان على البعري والكرسي‬
‫مثالً‪ ،‬ألن اس تواء اإلنس ان على البع ري والكرس ي اس تواء مفتق ر إىل مكانه ال ذي يس توي علي ه‪ ،‬أم ا‬
‫استواء اهلل جل ذكره فإنه ليس استواء مفتقر‪ ،‬بل إن اهلل تعاىل غين عن كل شيء‪ ،‬كل شيء مفتقر‬
‫إىل اهلل‪ ،‬واهلل تبارك وتعاىل غين عنه‪.‬‬
‫وم ْن زعم أنه حباجة إىل عرش يقله أساء بربه ‪ ‬فهو سبحانه وتعاىل غري مفتقر إليه‪ ،‬كذلك‬ ‫َ‬
‫النـزول إىل مساء الدنيا حينما يبقى ثلث الليل اآلخر نؤمن به على أنه نزول حقيقي‪ ،‬لكنه يليق باهلل ‪‬‬
‫ال يشبه نزول املخلوقني‪ ،‬ومن هنا نقول أنه جيب عل املؤمن أن يتحاشى أمراً يلقيه الشيطان يف باله‬
‫أمراً خطرياً للغاية – وهو أمر محل أهل البدع على حتريف النصوص‪ ،‬من أجل هذا األمر الذي جيعله‬
‫الشيطان يف قلوب الناس‪ -‬أال وهو ختيل كيفية صفة من صفات اهلل‪ ،‬أو ختيل كيفية ذات اهلل ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫() سورة طه‪ ،‬اآلية‪5:‬‬
‫‪2‬‬
‫() األعراف‪ ،‬اآلية‪54:‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪6‬‬
‫فاعلم أنه ال جيوز أبداً أن يتخيل كيفية ذات اهلل‪ ،‬أو كيفية صفة من صفاته‪ ،‬واعلم إنك إذا‬
‫ختيلت أو حاولت التخيل فإنك ال بد أن تقع يف أحد أمرين‪:‬‬
‫إما التحريف والتعطيل‪ ،‬وإما التمثيل والتشبيه وهلذا جيب عليكم أيها اإلخوة أن ال تتخيلوا أي‬
‫شيء من كيفية صفات اهلل ‪ ،‬ال أقول ال تثبتوا املعىن ألن املعىن جيب أن يثبت لكن ختيل كيفية تلك‬
‫الصفة ال ميكن أن تتخيلها وعلى أي مقياس تقيس هذا التخيل‪.‬‬
‫ال ميكن أبداً أن تتخيل كيفية صفات اهلل ‪ ‬ال بالتقدير وال بالقول جيب عليك أن تتجنب هذا‬
‫ألنك حتاول ما ال ميكن الوصول إليه بل حتاول ما خيشى أن يوقعك يف أمر عظيم ال تستطيع اخلالص‬
‫منه إال بسلوك التمثيل والتعطيل وذلك ألن الرب جلت عظمته ال ميكن ألحد أن يتخيله على كيفية‬
‫معينة ألنه إن فعل ذلك فقد قفا ما ليس له به علم وقد قال اهلل تعاىل ‪     ‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪   ‬‬

‫‪    ‬‬ ‫وإن ختيله على وصف مقارب مبثيل فقد مثل اهلل واهلل ‪ ‬يقول‬
‫‪.)2(    ‬‬
‫وهبذا نعلم أن من أنك ر ص فات اهلل أنكره ا ألن ه ختي ل أوالً‪ ،‬مث ق الوا ه ذا التخي ل يل زم من ه‬
‫التمثيل مث حرفوا‪ ،‬وهلذا نقول إن كل معطل ومنكر للصفات فإنه ممثل سبق متثيله تعطيله‪ .‬مثَّل أوالً‬
‫وعطَّل ثاني اً ولو أنه قدر اهلل حق قدره ومل يتعرض لتخيل صفاته سبحانه ما احتاج إىل هذا اإلنكار‬
‫(‪)3‬‬
‫وإىل هذا التعطيل‬

‫‪1‬‬
‫() سورة أإلسراء‪ ،‬اآلية‪36:‬‬
‫‪2‬‬
‫() سورة الشورى ‪ ،‬اآلية‪11:‬‬
‫‪3‬‬
‫() جمموع فتاوى ورسائل لفضيلة الشيخ حممد بن صاحل العثيمني ‪190-5/185‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪7‬‬
‫اإليمان باهلل‪ -‬وصلة الرحم‪-‬‬
‫واألمر بالمعروف والنهي عن المنكر‬
‫من أحب األعمال إىل اهلل تعاىل‪ :‬اإلميان باهلل‪ ،‬وصلة الرحم‪ ،‬واألمر باملعروف والنهي عن‬
‫‪{:‬أحب األعمال إىل اهلل إميان باهلل‪ ،‬مث صلة الرحم‪ ،‬مث األمر باملعروف والنهي‬
‫ُّ‬ ‫املنكر‪ ،‬لقول النيب ‪‬‬
‫(‪)1‬‬
‫عن املنكر}‬
‫أوالً‪ :‬اإلميان باهلل‬
‫اإلميان يف اللغة‪ :‬مطلق التصديق‬
‫(‪)2‬‬
‫ويف الشرع‪ :‬تصديق النيب ‪ ‬بكل ما جاء به مما عُلم من الدين ضرورة‬
‫وفسره النيب ‪ ‬يف حديث جربيل املشهور بقوله‪ ..{ :‬أن تؤمن باهلل‪ ،‬ومالئكته‪ ،‬وكتبه‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫ورسله‪ ،‬والبعث بعد املوت‪ ،‬وتؤمن بالقدر خريه وشره}‬
‫وقد جاء يف القرآن الكرمي إطالق اإلميان على هذه األصول‪ ،‬قال اهلل تبارك وتعاىل‪  :‬‬
‫‪          ‬‬
‫‪          ‬‬
‫‪.)4(        ‬‬
‫بحانه ‪        ‬‬ ‫ال س‬ ‫وق‬
‫‪        ‬‬
‫‪       ‬‬
‫‪      ‬‬
‫‪        ‬‬
‫‪        ‬‬
‫(‪)5‬‬
‫‪     ‬‬

‫وهذا املفهوم أمجله سلفنا الصاحل –رضوان اهلل عليهم بقوهلم‪« :‬اإلميان‪ :‬اعتقاد بالقلب‪ ،‬وقول‬
‫باللسان‪ ،‬وعمل باجلوارح يزيد بالطاعة وينقص باملعصية»‬
‫قال شيخ اإلسالم أمحد بن تيمية –يرمحه اهلل‪:-‬‬

‫‪1‬‬
‫() رواه أبو يعلى (‪ )6839‬وحسنه األلباين كما يف صحيح اجلامع (‪ )1/95‬رقم (‪ .)166‬وقال اهليثمي يف جممع الزوائد (‪)8/377‬‬
‫رقم (‪ : )13454‬رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح غري نافع بن خالد الطاجي وهو ثقة إهـ‬
‫‪2‬‬
‫() خمتصر شعب اإلميان للبيهقي ص ‪8‬‬
‫‪3‬‬
‫() رواه مسلم رقم احلديث (‪)8‬‬
‫‪4‬‬
‫() سورة البقرة ‪285/‬‬
‫‪5‬‬
‫() سورة البقرة ‪177/‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪8‬‬
‫«واملأثور عن أص حابنا وأئمة الت ابعني‪ ،‬ومجه ور الس لف وهو م ذهب أهل احلديث‪ ،‬وهو‬
‫املنس وب إىل أهل الس نة واجلماعة أن اإلميان ق ول وعم ل‪ ،‬يزيد وينقص؛ يزيد بالطاعة وينقص‬
‫(‪)6‬‬
‫باملعصية‪»...‬‬
‫وقال ابن حجر –رمحه اهلل‪ -‬روى الاللكائي بسنده الصحيح عن البخاري قال‪« :‬لقيت أكثر‬
‫من الف رجل من العلم اء باألمص ار فما رأيت منهم أح داً خيتلف يف أن اإلميان ق ول وعمل يزيد‬
‫(‪)2‬‬
‫وينقص»‬
‫وقال مساحة شيخنا عبد العزيز بن باز –رمحه اهلل‪:-‬‬
‫«‪ ...‬والص واب ال ذي عليه أهل الس نة واجلماعة أن اإلميان ق ول وعمل واعتق اد يزيد بالطاعة‬
‫وينقص باملعصية‪.)3( »...‬‬
‫ونظم ابن مشرف يف ذلك أبياتاً منها‪:‬‬
‫إمياننا قول وقصد وعمإلن وافق الشرع به نيل األمل‬
‫(‪)4‬‬
‫والزيد والنيقصان لإلميانيعرض بالطاعة والعصيــان‬
‫وهذا العامل العالمة ابن القيم –يرمحه اهلل‪ -‬يشرح حقيقة اإلميان وكماله فيقول‪:‬‬
‫«وهو – أي اإلميان‪-‬حقيقة مركبة من معرفة ما جاء به الرسول ‪ ‬علماً‪ ،‬والتصديق به عقداً‪،‬‬
‫واإلفراد به نطقاً‪ ،‬واالنقياد له حمبة وخضوعاً‪ ،‬والعمل به باطن اً وظاهراً‪ ،‬وتنفيذه والدعوة إليه حبسب‬
‫اإلمكان‪.‬‬
‫وكماله يف احلب يف اهلل والبغض يف اهلل‪ ،‬والعط اء هلل واملنع هلل‪ ،‬وأن يك ون اهلل وح ده إهله‬
‫ومعبوده‪،‬‬
‫والطريق إليه جتريد متابعة رسوله ظاهراً وباطن اً‪ ،‬وتغميض عني القلب عن االلتفات إىل سوى‬
‫اهلل ورسوله‪ ،‬وباهلل التوفيق» (‪.)5‬‬
‫ويف القرآن الكرمي والسنة املطهرة نصوص كثرية تدل على كون اإلميان بالقلب‪ ،‬قال مساحة‬
‫شيخنا عبد العزيز بن باز –يرمحه اهلل‪« :-‬واألدلة على ذلك من الكتاب والسنة أكثر من أن حتصر»‬
‫(‪)6‬‬

‫‪6‬‬
‫() جمموع فتاوى ‪7/505‬‬
‫‪2‬‬
‫() فتح الباري ‪1/74‬‬
‫‪3‬‬
‫() العقيدة الطحاوية ‪ ،‬تعليق مساحته ص ‪36‬‬
‫‪4‬‬
‫() ديوانه ص ‪9‬‬
‫‪5‬‬
‫() الفوائد ص ‪140‬‬
‫‪6‬‬
‫() العقيدة الطحاوية هامش ص ‪36‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪9‬‬
‫ومن هذه األدلة قوله تعاىل‪:‬‬
‫‪          ‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪        ‬‬

‫قال ابن كثري –رمحه اهلل‪:-‬‬


‫«ن زلت يف املس ارعني يف الكفر اخلارجني عن طاعة اهلل ورس وله املق دمني آراءهم وأه واءهم‬
‫رائع اهلل ‪ ﴿      ‬‬ ‫على ش‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ ﴾‬أي أظهروا اإلميان بألسنتهم‪ ،‬وقلوهبم خراب خاوية منه‪ ،‬وهؤالء هم املنافقون »‬
‫وقوله تع اىل ‪          ‬‬
‫‪          ‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪   ‬‬

‫‪          ‬‬ ‫اىل‬ ‫وقوله تع‬
‫(‪)4‬‬
‫‪       ‬‬

‫وق ول النيب ‪{ :‬أال وإن يف اجلسد مض غة إذا ص لحت ص لح اجلسد كله وإذا فسد فس دت‬
‫(‪)5‬‬
‫اجلسد كله أال وهي القلب}‬
‫فه ذه النص وص ت دل على أن اإلميان ي دخل القلب ويطمئن ب ه‪ ،‬وأن إميان القلب ش رط يف‬
‫صحة اإلميان‪.‬‬
‫وك ون اإلميان باللس ان ي دل عليه ق ول النيب ‪{ ‬أم رت أن أقاتل الن اس حىت يقول وا‪ :‬ال إله إال‬
‫(‪)6‬‬
‫اهلل‪}...‬‬
‫وقوله ‪{ :‬خيرج من الن ار َم ْن ق ال‪ :‬ال إله إال اهلل ويف قلبه وزن ش عرية من إميان‪ ،‬وخيرج من‬
‫الن ار َم ْن ق ال‪ :‬ال إله إال اهلل ويف قلبه وزن برة من إميان‪ ،‬وخيرج من الن ار َم ْن ق ال‪ :‬ال إله إال اهلل ويف‬
‫(‪)7‬‬
‫قلبه وزن ذرة من إميان}‬
‫فنطق الشهادتني باللسان شرط لصحة اإلميان وأن قائلها غري خملد يف النار كما هو واضح يف‬
‫هذين احلديثني الشريفني‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫() سورة املائدة ‪41/‬‬
‫‪2‬‬
‫() املصباح املنري يف هتذيب تفسري ابن كثري ‪378‬‬
‫‪3‬‬
‫() سورة النحل ‪106/‬‬
‫‪4‬‬
‫() سورة احلجرات‪14/‬‬
‫‪5‬‬
‫() رواه البخاري يف كتاب اإلميان‬
‫‪6‬‬
‫() رواه مسلم يف كتاب اإلميان – باب األمر بقتال الناس حىت يقولوا ال إله إال اهلل‬
‫‪7‬‬
‫() رواه البخاري يف كتاب اإلميان – باب زيادة اإلميان ونقصانه‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪10‬‬
‫وك ون اإلميان عمالً ب اجلوارح يزيد وينقص ي دل عليه قوله تع اىل ‪  ‬‬
‫‪         ‬‬
‫‪        ‬‬
‫‪          ‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪     ‬‬

‫اىل ‪         ‬‬ ‫وقوله تع‬
‫‪        ‬‬
‫‪         ‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪    ‬‬

‫قال احلافظ ابن كثري –يرمحه اهلل‪:-‬‬


‫﴿‪‬‬ ‫«‪...‬وقوله ﴿‪ ﴾     ‬كقوله‬
‫‪ ﴾...   ‬اآلية‪ ،‬وقد استدل البخاري وغريه من األئمة هبذه اآلية وأشباهها على‬
‫زيادة اإلميان وتفاضله يف القلوب‪ ،‬كما هو مذهب مجهور األئمة‪ ،‬بل قد حكى اإلمجاع على ذلك‬
‫(‪)3‬‬
‫غري واحد من األئمة كالشافعي وأمحد بن حنبل وأيب عبيد‪»...‬‬
‫ومن ذل ك – أيض اً‪ -‬قول ه تع اىل‪       :‬‬
‫‪        ‬‬
‫(‪)4‬‬
‫‪      ‬‬

‫فهذه النصوص تدل داللة واضحة على أن اإلميان يزيد بالطاعة وينقص باملعصية‪ ،‬وأنه يكون‬
‫باألعمال الظاهرة كالصالة والزكاة وغريمها‬
‫واملراد باإلميان باهلل تعاىل‪ :‬التصديق القاطع اجلازم بوجود اهلل ‪ ،‬وأنه ‪ ‬هو املستحق للعبادة‬
‫دون كل ما سواه‪.‬‬
‫قال مساحة شيخنا عبد العزيز بن باز –يرمحه اهلل‪ ...« :-‬من اإلميان باهلل اإلميان بأنه اإلله‬
‫احلق املستحق للعبادة دون كل ما سواه‪ ،‬لكونه خالق العباد واحملسن إليهم والقائم بأرزاقهم والعامل‬
‫بسرهم وعالنيتهم والقادر على إثابة مطيعهم وعقاب عاصيهم‪ ،‬وهلذه العبادة خلق اهلل الثقلني‬ ‫ّ‬
‫(‪)5‬‬
‫وأمرهم هبا‪»...‬‬
‫ويتحقق هذا اإلميان بأمور ثالثة هي‪:‬‬
‫‪ -1‬اإليمان بأسماء اهلل تعالى‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫() سورة األنفال‪4-2/‬‬
‫‪2‬‬
‫() سورة التوبة ‪125-124/‬‬
‫‪3‬‬
‫() املصباح املنري على هتذيب تفسري ابن كثري ص ‪525‬‬
‫‪4‬‬
‫() سورة الفتح‪4/‬‬
‫‪5‬‬
‫() العقيدة الصحيحة ونواقض اإلميان ص ‪7‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪11‬‬
‫‪        ‬‬ ‫ق ال س بحانه‬
‫(‪)1‬‬
‫‪        ‬‬

‫وعن أيب هري رة ‪ ‬ق ال‪ :‬ق ال رس ول اهلل ‪{ ‬إن هلل تس عة وتس عني امساً مائ ة إال واح داً من‬
‫(‪)2‬‬
‫أحصاها دخل اجلنة إنه وتر حيب الوتر}‬
‫وزاد الرتمذي بعد قوله {حيب الوتر}‪:‬‬
‫«هو اهلل الذي ال إله إال هو الرمحن الرحيم امللك القدوس السالم املؤمن املهيمن العزيز اجلبار‬
‫املتك رب اخلالق الب ارئ املص ور الغف ار القه ار الوه اب ال رزاق الفت اح العليم الق ابض الباس ط اخلافض‬
‫الراف ع املع ز املذل الس ميع البص ري احلكم الع دل اللطي ف اخلب ري احلكيم العظيم الغف ور الش كور العلي‬
‫الكب ري احلفي ظ املقيت احلس يب اجللي ل الك رمي ال رقيب اجمليب الواس ع احلكيم ال ودود اجملي د الب اعث‬
‫الشهيد احلق الوكيل القوي املتني الويل احلميد احملصي املبدي املعيد احمليي املميت احلي القيوم الواجد‬
‫املاج د الواح د األح د الف رد الص مد الق ادر املقت در املق دم املؤخر األول اآلخ ر الظ اهر الب اطن ال ويل‬
‫املتعايل الرب التواب املنتقم العفو الرؤوف امللك ذو اجلالل واإلكرام املقسط اجلامع الغين املغين املانع‬
‫الضار النافع النور اهلادي البديع الوارث الرشيد الصبور»‬
‫مث قال‪« :‬حديث غريب‪ ....‬وقد ُروي هذا احلديث من غري وجه عن أيب هريرة عن النيب ‪‬‬
‫(‪)3‬‬
‫وال نعلمه يف شيء من الروايات له إسناد صحيح ذكر األمساء إال يف هذا احلديث»‬
‫ومعىن األمساء احلسىن‪ :‬أحسن األمساء؛ ألهنا تدل على معان حسنة من حتميد وتقديس وغري‬
‫ذلك‪.‬‬
‫(‪)4‬‬
‫واحلسىن مؤنث أحسن‪ ،‬ومجع التكثري لغري العقالء يعامل معاملة املؤنثة الواحدة‬
‫ويف قول ه ‪{ ‬من أحص اها} أق وال منه ا‪َ :‬م ْن حفظه ا‪َ ،‬م ْن ع رف معانيه ا وآمن هبا‪َ ،‬م ْن ق رأ‬
‫(‪)5‬‬
‫القرآن حىت خيتمه فإنه يستويف هذه األمساء يف تالوته‬
‫ف عدد من العلماء مؤلفات شرحوا فيها هذه األمساء‪ ،‬جاء يف كتاب كشف الظنون‬ ‫وقد أَلَّ َ‬
‫يف أسامي الكتب والفنون‪:‬‬
‫«ش رح األمساء احلس ىن جلماع ة من أه ل العلم منهم‪ :‬األزه ري‪ ،‬واإلقليش ي‪ ،‬والبواس ي‪،‬‬
‫والنسفي‪،‬والبقايل‪ ،‬والبيضاوي‪ ،‬وفخر الدين‪ ،‬والقشريي‪ ،‬وغريهم»‬

‫‪1‬‬
‫() سورة األعراف‪180/‬‬
‫‪2‬‬
‫() رواه اإلمام أمحد (‪ )7493‬و (‪ )10486‬والبخاري (‪ )6410‬ومسلم (‪ )2677‬والرتمذي (‪ )3506‬وابن ماجه (‪)3860‬‬
‫‪3‬‬
‫() شرح الرتمذي البن العريب ‪ 1/13‬وما بعدها‬
‫‪4‬‬
‫() انظر البحر احمليط أليب حيان ‪5/230‬‬
‫‪5‬‬
‫() انظر يف هذا بدائع الفوائد البن القيم ‪ ،1/164‬وتلخيص احلبري البن حجر ‪4/174‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪12‬‬

‫‪ -2‬اإليم‪00 0 0‬ان بص‪00 0 0‬فات اهلل تع‪00 0 0‬الى‪ ،‬مث ل‪ :‬الوج ود والق دم والوحدانية والبق اء والق درة‬
‫واإلرادة‪ .....‬بالكيفية اليت أثبتها اهلل لنفسه‪.‬‬
‫قال مساحة شيخنا –ابن باز‪ -‬يرمحه اهلل‪:‬‬
‫«‪ ...‬اإلميان بكل ما ورد يف كتاب اهلل العزيز ويف السنة الصحيحة عن رسول اهلل ‪ ‬من أمساء‬
‫اهلل وص فاته وإثباهتا هلل على الوجه ال ذي يليق به من غري حتريف وال تعطي ل‪ ،‬ومن غري تك ييف وال‬
‫متثي ل‪ ،‬كما ق ال اهلل س بحانه ‪           :‬‬
‫س‪   ‬‬
‫‪        ‬وق ال س بحانه‪  :‬لَْي َ‬
‫(‪)1‬‬
‫‪   ‬وقال ‪»..        ‬‬
‫‪ -3‬اإليمان بأفعال اهلل تعالى‪ ،‬مثل‪ :‬اخللق‪ ،‬والرزق‪ ،‬واإلحياء واإلماتة‪...‬‬
‫قال شيخنا حممد صاحل العثيمني –رمحه اهلل‪:-‬‬
‫«فاهلل وح ده هو اخلالق وال خ الق س واه ق ال تع اىل ‪     ‬‬
‫‪            ‬‬
‫‪       ‬‬‫وق ال تع اىل مبين اً بطالن آهلة الكف ار‬
‫‪  ‬فاهلل تع اىل وح ده ه و اخلالق ‪       ‬وخلق ه‬
‫(‪)2‬‬
‫يشمل ما يقع من مفعوالت خلقه أيضاً‪»...‬‬
‫وقال –رمحه اهلل‪ -‬أيضاً‪:‬‬
‫(‪)3‬‬
‫«‪ ...‬فنؤمن بربوبية اهلل تعاىل أي بأنه الرب اخلالق امللك املدبر جلميع األمور‪»...‬‬
‫ويقوم هذا اإلميان على أسس أمهها‪:‬‬
‫‪ -1‬الكفر بالطاغوت‬
‫‪       ‬‬ ‫ق ال اهلل تب ارك وتع اىل‬
‫(‪)4‬‬
‫‪         ‬‬

‫‪         ‬‬ ‫اىل‬ ‫ال تع‬ ‫وق‬
‫(‪)5‬‬
‫‪   ‬‬

‫‪1‬‬
‫() العقيدة الطحاوية ص ‪7 ،6‬‬
‫‪2‬‬
‫() التوحيد ومعىن الشهادتني وحكم املتابعة ص ‪4‬‬
‫‪3‬‬
‫() عقيدة أهل السنة واجلماعة ص‪6‬‬
‫‪4‬‬
‫() سورة البقرة ‪256/‬‬
‫‪5‬‬
‫() سورة النحل‪36/‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪13‬‬
‫وقال النيب ‪{ :‬من قال ال إله إال اهلل وكفر مبا يعبد من دون اهلل حرم ماله ودمه وحسابه على‬
‫(‪)1‬‬
‫اهلل}‬
‫ق ال الش يخ س ليمان بن عب د اهلل بن حمم د بن عب د الوه اب‪ -‬رمحه اهلل‪« :-‬وحاص له‪ -‬أي‬
‫التوحيد‪ -‬هو الرباء من عبادة كل ما سوى اهلل‪ ،‬واإلقبال بالقلب والعبادة على اهلل وذلك هو معىن‬
‫(‪)2‬‬
‫الكفر بالطاغوت واإلميان باهلل‪ ،‬وهو معىن ال إله إال اهلل‪»...‬‬
‫ويف اآلي ة األوىل ‪     .... ‬ق دم احلق س بحانه‪ :‬الكف ر‬
‫بالطاغوت على اإلميان باهلل؛ ألنه فعل العبد وامتثاله ملا كلف به‪ ،‬فيجب أوالً أن خيلع ثوب الشرك‬
‫ويكفر بالطاغوت مث يدخل اإلميان يف قلبه نقياً طاهراً‪.‬‬
‫ويف اآلية الثانية واحلديث قدم اإلميان باهلل على الكفر بالطاغوت؛ ألن دعوة الرسل تتجه إىل‬
‫املقصد األهم وهو العبادة اخلالصة مث بيان شرطها وهو الكفر بالطاغوت وغريه‪.‬‬
‫‪ -2‬اإليمان بالغيب‪ ،‬واألدلة عليه كثرية منها‪:‬‬
‫اىل ‪          ‬‬ ‫ق ول اهلل تب ارك وتع‬
‫‪       ‬‬
‫‪          ‬‬
‫‪          ‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪   ‬‬

‫وقد وضح ابن كثري املراد به فق ال‪ ...« :‬ق ال أبو جعفر ال رازي عن الربيع بن أين عن أيب‬
‫العالية يف قوله تعاىل‪ ﴾ ﴿ :‬قال‪ :‬يؤمنون باهلل ومالئكته وكتبه ورسله واليوم‬
‫اآلخر وجنته وناره ولقائه‪ ،‬ويؤمنون باحلياة بعد املوت والبعث‪ ،‬فهذا غيب كله‪ ،‬وكذا قال قتادة بن‬
‫(‪)4‬‬
‫دعامة»‬
‫‪ -3‬امتثال أوامر اهلل واجتناب نواهيه‪ ،‬ويف القرآن الكرمي والسنة النبوية نصوص كثرية تبني‬
‫هذا األساس وتوضحه‪ ،‬منها‪:‬‬
‫(‪)5‬‬
‫‪        ‬‬ ‫قوله تعاىل‪:‬‬
‫‪            ‬‬ ‫وقوله تعاىل‪:‬‬
‫(‪)6‬‬
‫‪       ‬‬

‫‪1‬‬
‫() رواه مسلم يف كتاب اإلميان – باب األمر بقتال الناس حىت يقولوا ال إله إال اهلل‬
‫‪2‬‬
‫() تيسر العزيز احلميد للشيخ سليمان بن عبد اهلل ص ‪139‬‬
‫‪3‬‬
‫() سورة البقرة‪5-1/‬‬
‫‪4‬‬
‫() املصباح املنري يف هتذيب تفسري ابن كثري ص ‪32‬‬
‫‪5‬‬
‫() سورة التوبة ‪31/‬‬
‫‪6‬‬
‫() سورة يوسف ‪40/‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
14
         :‫وقوله تعاىل‬
‫ واملراد‬،‫ اإلسالم‬:‫) والسلم‬1(         
)2(
‫ مجيع شرائع اإلسالم‬:‫بكافة‬
        :‫وقوله تع اىل‬
          
  « ‫) و«حيييكم» يص لحكم و‬3(    
.)4( ‫ حيول بني اإلنسان وقلبه فال يستطيع أن يؤمن وال يكفر إال بإذنه‬:‫» قال السدي‬
 :‫وق د ح ذر اهلل س بحانه من التفري ط يف الطاع ة وع دم االل تزام ب التكليف فق ال س بحانه‬
         
.)5(   
‫ من أطاعين‬:‫ ومن يأىب؟ قال‬:‫ قالوا‬،‫ {كل أميت يدخلون اجلنة إال من أىب‬: ‫ومن السنة قوله‬
)6(
}‫دخل اجلنة ومن عصاين فقد أىب‬
‫ فال‬،‫ ومعن اه أن يقص د العب د يف ك ل عبادت ه وج ه اهلل تع اىل‬،‫ادة‬00 ‫ اإلخالص هلل في العب‬-4
.‫ وال يصرف شيئاً منها لغريه‬،ً‫يشرك مع ربه أحدا‬
         ‫ق ال اهلل تع اىل‬
)7(
         

          ‫وق ال تع اىل‬
           
)8(
    

‫﴾ أي م ا‬  ﴿ ...« :‫ق ال ابن كثري رمحه اهلل يف تفسري ه ذه اآلي ة‬
‫﴾ وهو الذي يراد به وجه اهلل‬    ﴿ ‫كان موافق اً لشرع اهلل‬
‫ صواباً على شريعة رسول اهلل‬،ً‫ ال بد أن يكون خالصا‬،‫ وهذا ركنا العمل املتقبل‬،‫وحده ال شريك له‬
)9(

1
208/ ‫() سورة البقرة‬
2
153 ‫ املصباح املنري يف هتذيب تفسري ابن كثري ص‬:‫() انظر‬
3
24/ ‫() سورة األنفال‬
4
532 ‫() املصباح املنري يف هتذيب تفسري ابن كثري ص‬
5
63/‫() سورة النور‬
6
.‫ باب االقتداء بسنن رسول اهلل‬-‫() رواه البخاري يف كتاب االعتصام بالكتاب والسنة‬
7
5/‫() سورة البينة‬
8
110/‫() سورة الكهف‬
9
818 ‫() املصباح املنري ص‬

 www.alukah.net
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪15‬‬
‫وبني الن يب ‪ ‬أن إخالص العب ادة هلل وح ده ح ق له س بحانه على عب اده‪ .‬فعن مع اذ بن جب ل ‪‬‬
‫قال‪ :‬كنت رديف النيب ‪ ‬على محار فقال‪{ :‬يا معاذ‪ ،‬أتدري ما حق اهلل على العباد‪ ،‬وما حق العباد‬
‫على اهلل؟ قلت‪ :‬اهلل ورسوله أعلم‪ ،‬قال‪ :‬حق اهلل على العباد أن يعبدوه وال يشركوا به شيئاً‪ ،‬وحق‬
‫(‪)1‬‬
‫العباد على اهلل أن ال يعذب من يشرك به شيئاً‪}...‬‬
‫‪ -5‬صدق المتابعة للنبي ‪ ‬في أقواله وأفعاله وأحواله‪.‬‬
‫‪          ‬‬ ‫اىل‬ ‫ال اهلل تع‬ ‫ق‬
‫(‪)2‬‬
‫‪       ‬‬

‫ق ال ابن كثري –رمحه اهلل‪« :-‬ه ذه اآلية أصل كبري يف التأسي برس ول اهلل ‪ ‬يف أقواله وأفعاله‬
‫(‪)3‬‬
‫وأحواله»‬
‫‪         ‬‬ ‫وق ال تع اىل‬
‫(‪)4‬‬
‫‪‬‬
‫(‪)5‬‬
‫‪         ‬‬ ‫وقال تعاىل‬
‫فمن حقق اإلميان باهلل بالكيفية اليت أرادها اهلل سبحانه‪ ،‬ووضحها لنا نبينا ‪ ‬جىن مثرات اإلميان‬
‫واليت منها‪:‬‬
‫‪ ‬محبة اهلل‪ ،‬وتعظيمه‪ ،‬وطاعته‪ ،‬والسعادة في الدارين‪.‬‬
‫اىل ‪         ‬‬ ‫ال اهلل تع‬ ‫ق‬
‫‪        ‬‬
‫((‪6‬‬
‫‪ ‬‬

‫قال شيخنا حممد بن عثيمني –يرمحه اهلل‪ ...« :-‬فاإلميان باهلل وأمسائه وصفاته يثمر للعبد حمبة‬
‫اهلل وتعظيمه املوجبني للقيام بأمره واجتناب هنيه‪ ،‬والقيام بأمر اهلل تعاىل واجتناب هنيه حيصل هبما‬
‫(‪)7‬‬
‫كمال السعادة يف الدنيا واآلخرة للفرد واجملتمع‪»...‬‬
‫ويؤك د ه ذا ق ول اهلل تع اىل ‪    ‬‬
‫‪        ‬‬
‫‪         ‬‬
‫‪           ‬‬
‫‪1‬‬
‫() رواه البخاري (‪ )2856‬ومسلم (‪)30‬‬
‫‪2‬‬
‫() سورة األحزاب‪21/‬‬
‫‪3‬‬
‫() املصباح املنري ص ‪1082‬‬
‫‪4‬‬
‫() سورة احلشر‪7/‬‬
‫‪5‬‬
‫() سورة آل عمران ‪31/‬‬
‫‪6‬‬
‫() سورة النحل‪97/‬‬
‫‪7‬‬
‫() عقيدة أهل السنة واجلماعة ص ‪38‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
16
          
)1(
        

        ‫اىل‬ ‫وقوله تع‬
)2(
  

‫ ومن أحبه اهلل‬،‫أي بس بب إمياهنم وأعم ال اإلميان حيبهم اهلل وجيعل هلم احملبة يف قلوب املؤم نني‬
‫وأحبه املؤمن ون من عب اده حص لت له الس عادة والفالح والفوائد الكث رية من حمبة املؤم نني من الثن اء‬
)3(
‫ وحصول اإلمامة يف الدين‬،‫والدعاء له حياً وميتاً واالقتداء به‬
‫ واألمن التام من جميع الوجوه‬،‫حصول البشارة بكرامة اهلل‬: ً‫ومن مثرات اإلميان أيضا‬
         ‫لقوله تع اىل‬
            
            
)4(
     

       ‫ويف األمن يق ول تع اىل‬


)5(
     

‫أمن من سخط‬
ٌ :‫ «فاملؤمن له األمن التام يف الدنيا واآلخرة‬:-‫قال الشيخ السعدي –رمحه اهلل‬
...‫وأمن من مجيع املكاره والشرور وله البشارة الكاملة بكل خري‬
ٌ ،‫اهلل وعقابه‬
        ‫ويوضح هذه البشارة قوله تعاىل‬
       
         
            
)7( )6(
    

،‫ أن اإليمان الصحيح يمنع العبد من الوقوع في الموبقات المهلكة‬:‫ومنها‬


،‫ وال يسرق السارق حني يسرق وهو مؤمن‬،‫ {ال يزين الزاين حني يزين وهو مؤمن‬ ‫لقوله‬
)8(
»‫وال يشرب اخلمر حني يشرب وهو مؤمن‬

1
72-71 ‫() سورة التوبة‬
2
96/ ‫() سورة مرمي‬
3
.128 ‫) العقيدة اإلسالمية ص‬3( ‫() انظر اجملموعة الكاملة ملؤلفات الشيخ السعدي‬
4
25/ ‫() سورة البقرة‬
5
82/ ‫() سورة األنعام‬
6
32-30: ‫() سورة فصلت‬
7
130 ‫) العقيدة اإلسالمية ص‬3( ‫() اجملموعة الكاملة‬
8
10/91 ‫ والرتمذي‬1/54 ‫ ومسلم‬2/136 ‫() صحيح البخاري‬

 www.alukah.net
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪17‬‬
‫فاإلميان يعصم ص احبه من ارتك اب الف واحش ما ظهر منها وما بطن‪ ،‬فما أح وج األمة إىل‬
‫اإلميان الكامل يف هذا الزمان الذي تكالب فيه األعداء عليها‪ ،‬وسعوا جاهدين إىل نشر الرذائل بكل‬
‫الوسائل‪ ،‬مستغلني تقدمهم العلمي يف إشاعة الفاحشة يف الذين آمنوا قاتلهم اهلل أىن يؤفكون‪.‬‬
‫هلذا كان اإلميان باهلل من أحب األعمال إىل اهلل كما أخرب بذلك الصادق األمني حممد بن عبد‬
‫اهلل ‪.‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪18‬‬
‫ثانياً‪ :‬صلة الرحم‬
‫من أحب األعمال إىل اهلل تعاىل‪ :‬صلة الرحم لقوله ‪ ...{ ‬مث صلة الرحم} والرحم‪ :‬رحم‬
‫(‪)1‬‬
‫املرأة‪ ،‬ومنه استعري الرحم للقرابة لكوهنم خارجني من رحم واحدة‬
‫ويطلق الرحم على كل من جيمعك وإياه نسب من جهة الذكور أو من جهة النساء‪.‬‬
‫وصلة الرحم كناية عن اإلحسان إىل األقربني من ذوي النسب واألصهار والعطف عليهم‬
‫(‪)2‬‬
‫والرفق هبم والرعاية ألحواهلم وإن أساءوا‬
‫وواصل الرحم يصله اهلل‪ ،‬جاء يف الصحيحني عن أم املؤمنني عائشة –رضي اهلل عنها‪ -‬عن‬
‫وم ْن قطعين قطعه اهلل}‬
‫النيب ‪{ :‬الرحم متعلقة بالعرش تقول َم ْن وصلين وصله اهلل‪َ ،‬‬
‫وعن أيب هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪{‬إن اهلل تعاىل خلق اخللق حىت إذا فرغ منهم قامت‬
‫ال رحم فق الت‪ :‬ه ذا مق ام العائذ بك من القطيع ة‪ ،‬ق ال‪ :‬نعم أما ترضني أن أصل من وص لك وأقطع‬
‫من قطعك‪ ،‬قالت‪:‬بلى‪ ،‬قال‪ :‬فذلك} مث قال رسول اهلل ‪ ‬اقرءوا إن شئتم‪   :‬‬
‫‪        ‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪      ‬‬

‫قال ابن كثري –رمحه اهلل‪ -‬يف تفسري هاتني اآليتني‪:‬‬


‫«‪ ...‬وهذا هني عن اإلفساد يف األرض عموماً‪ ،‬وعن قطع الرحم خصوصاً‪ ،‬بل قد أمر اهلل‬
‫تعاىل باإلصالح يف األرض وصلة األرحام‪ ،‬وهو اإلحسان إىل األقارب يف املقال واألفعال وبذل‬
‫(‪)4‬‬
‫املال»‬
‫وصلة الرحم من عالمات اإلميان‪ ،‬لقوله ‪{ :‬من كان يؤمن باهلل واليوم اآلخر فليكرم ضيفه‪،‬‬
‫ومن كان يؤمن باهلل واليوم اآلخر فليصل رمحه‪ ،‬ومن كان يؤمن باهلل واليوم اآلخر فليقل خرياً أو‬
‫(‪)5‬‬
‫ليصمت}‬
‫أحب أن‬
‫كما أهنا سبب بسط الرزق وطول العمر‪ ،‬فعن أنس ‪ ‬أن رسول اهلل ‪ ‬قال‪{ :‬من ّ‬
‫(‪)6‬‬
‫يُبسط له يف رزقه‪ ،‬ويُنسأ له يف أثره فليصل رمحه}‬

‫‪1‬‬
‫() انظر املفردات يف غريب القرآن للراغب األصفهاين ص ‪191‬‬
‫‪2‬‬
‫() انظر لسان العرب البن منظور ‪11/728‬‬
‫‪3‬‬
‫() سورة حممد‪ -23 ،22/‬رواه البخاري ومسلم‪...........‬‬
‫‪4‬‬
‫() املصباح املنري يف هتذيب تفسري ابن كثري ص ‪1280‬‬
‫‪5‬‬
‫() رواه البخاري (‪ )6018‬و (‪ )6136‬ومسلم (‪ )47‬واإلمام أمحد (‪)6621‬‬
‫‪6‬‬
‫() رواه البخاري (‪ )5986‬ومسلم (‪)2557‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪19‬‬
‫والزيادة يف العمر قد تكون معنوية وذلك بأن يبارك اهلل فيه فيهب لصاحبه قوة يف اجلسم‪،‬‬
‫ورجاحة يف العقل‪ ،‬وعزمية يف الرأي‪ ،‬ويوفقه ألعمال اخلري والرب والطاعة‪ ،‬فتكون حياته حافلة‬
‫باألعمال الصاحلة‪.‬‬
‫وقد تكون الزيادة يف عمر الواصل حقيقية فيطول عمره وميتد أجله‪ ،‬يوضح ذلك شيخ‬
‫اإلسالم ابن تيمية –رمحه اهلل‪ -‬فيقول‪ ...« :‬واألجل أجالن‪ :‬مطلق يعلمه اهلل‪ ،‬وأجل مقيد‪ ،‬وهبذا‬
‫سره أن يُبسط له يف رزقه وينسأ له يف أثره فليصل رمحه‪.‬‬
‫يتبني معىن قوله ‪{ :‬من ّ‬
‫فإن اهلل أمر امللك أن يكتب له أجالً‪ ،‬وقال‪ :‬إن وصل رمحه زدته كذا وكذا‪ ،‬وامللك ال يعلم‬
‫(‪)1‬‬
‫أيزاد أم ال‪ ،‬لكن اهلل يعلم ما يستقر عليه األمر‪ ،‬فإذا جاء األجل ال يتقدم وال يتأخر»‬
‫وصلة الرحم سبب من أسباب دخول اجلنة‪ :‬فعن أيب أيوب خالد بن زيد األنصاري ‪ ‬أن‬
‫رجالً قال‪ :‬يا رسول اهلل أخربين بعمل يدخلين اجلنة ويباعدين من النار‪ ،‬فقال النيب ‪{ ‬تعبد اهلل وال‬
‫(‪)2‬‬
‫تشركوا به شيئاً‪ ،‬وتقيم الصالة‪ ،‬وتؤيت الزكاة‪ ،‬وتصل الرحم}‬
‫هذا باإلضافة إىل آثار صلة الرحم احلميدة على الفرد واجلماعة من نشر املودة واأللفة واحملبة‬
‫بني ذوي األرحام حىت تصري األمة كالبنيان املرصوص يشد بعضه بعضاً‪ ،‬وكاجلسد الواحد إذا‬
‫اشتكى منه عضو تداعى له سائر اجلسد بالسهر واحلمى‪ ،‬فما أحوج أمتنا يف هذا الزمن إىل االحتاد‬
‫والرتابط‪.‬‬
‫وبرهم وإن جفوك‪ ،‬وأحلم‬ ‫فصل أخي املسلم أرحامك وإن قطعوك‪ ،‬وأعطهم وإن حرموك‪ّ ،‬‬
‫عليهم وإن جهلوا عليك‪ ،‬تفز يرضى اهلل يف الدارين‪ ،‬وحساهبم على اهلل‪ .‬فعن أيب هريرة ‪ ‬أن رجالً‬
‫إيل‪ ،‬وأحلم عنهم‬
‫قال‪ :‬يا رسول اهلل إن يل قرابة أصلهم ويقطعونين‪ ،‬وأحسن إليهم ويسيئون ّ‬
‫علي‪ ،‬قال‪{ :‬لئن كنت كما قلت‪ ،‬فكأمنا تسفهم املل‪ ،‬وال يزال معك من اهلل ظهري ما‬‫وجيهلون ّ‬
‫دامت على ذلك} (‪ )3‬ومعىن تسفهم‪ :‬تطعمهم‪ ،‬واملل‪ :‬الرماد احلار‪.‬‬
‫قال اإلمام النووي –رمحه اهلل‪ -‬يف شرح احلديث‪« :‬وهو تشبيه ملا يلحقهم من األمل‪ ،‬مبا يلحق‬
‫أكل الرماد احلار من األمل‪ ،‬وال شيء على هذا احملسن‪ ،‬بل يناهلم اإلمث العظيم يف قطيعته‪ ،‬وإدخاهلم‬
‫األذى عليه »‬
‫وقيل معناه‪ :‬أنك باإلحسان إليهم ختزيهم وحتقِّرهم يف أنفسهم؛ لكثرة إحسانك‪ ،‬وقبيح‬
‫املل‪.‬‬
‫فعلهم من اخلزي واحلقارة عند أنفسهم‪ ،‬كمن يسف ّ‬
‫كاملل حيرق أحشاءهم‪ .‬واهلل أعلم‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬ذلك الذي يأكلونه من إحسانك ّ‬
‫‪1‬‬
‫() جمموع الفتاوى ‪8/517‬‬
‫‪2‬‬
‫() رواه البخاري (‪ )5983‬ومسلم (‪)13‬‬
‫‪3‬‬
‫() روا مسلم (‪ )2558‬واإلمام أمحد (‪)7979‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪20‬‬
‫ويف هذا املعىن يقول الشاعر‪ :‬املقنع الكندي‪:‬‬
‫وبني بين عمي ملختلف جــداً‬ ‫وإن الذي بيــين وبني بين أيب‬
‫قدحت هلم يف كل مكرمة زنـدا‬
‫ُ‬ ‫إذا قدحوا يل نار حرب بزندهم‬
‫وإن هدموا جمدي بنيت هلم جمـدا‬ ‫وفرت حلومهم‬
‫ُ‬ ‫وإن أكلوا حلمي‬
‫وليس رئيس القوم من حيمل احلقدا‬ ‫وال أمحل احلقد القدمي عليهـم‬
‫(‪)1‬‬
‫قل مايل مل أكلفهم رفـدا‬
‫وإن ّ‬ ‫وأعطيهم مايل إذا كنت واجدا‬

‫ثالثاً‪ :‬األمر بالمعروف والنهي عن المنكر‬


‫رس ولنا ‪ ‬خري الرس ل؛ ألن اهلل نسخ برس الته كل الرس االت‪ .‬وأمتنا خري األمم؛ ألهنا ت أمر‬
‫ب املعروف وتنهى عن املنكر ق ال اهلل تع اىل ‪      ‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪       ‬‬

‫واملع روف‪ :‬اس م لك ل فع ل يُ ْع َرف بالعق ل أو الش رع ُح ْس نَه‪ .‬واملنك ر‪ :‬م ا ينك ر بالعق ل أو‬
‫الشرع(‪.)3‬‬
‫وق د أم ر اهلل املس لمني هبم ا وحثهم عليهم ا‪ ،‬فق ال س بحانه ‪   ‬‬
‫‪        ‬‬
‫(‪)4‬‬
‫‪   ‬‬

‫قال احلافظ ابن كثري –يرمحه اهلل‪      :-‬منتصبة للقيام بأمر اهلل يف‬
‫(‪)5‬‬
‫الدعوة إىل اخلري واألمر باملعروف والنهي عن املنكر»‬
‫وهو واجب على كل فرد من أفراد هذه األمة‪ ،‬فعن أيب سعيد اخلدري ‪ ‬قال‪ :‬مسعت رسول‬
‫اهلل ‪ ‬يق ول‪{ :‬من رأى منكم منك راً فليغ ريه بي ده‪ ،‬ف إن مل يس تطع فبلس انه‪ ،‬ف إن مل يس تطع فبقلب ه‪،‬‬
‫(‪)6‬‬
‫وذلك أضعف اإلميان} ويف رواية {وليس وراء ذلك من اإلميان حبة خردل}‬
‫قال ابن دقيق العيد –رمحه اهلل‪ -‬يف شرح هذا احلديث‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫() روضة العقالء البن حبان ‪174-173‬‬
‫‪2‬‬
‫() سورة آل عمران ‪110/‬‬
‫‪3‬‬
‫() املفردات يف غريب القرآن ص ‪331‬‬
‫‪4‬‬
‫() سورة آل عمران ‪104/‬‬
‫‪5‬‬
‫() املصباح املنري يف هتذيب تفسري ابن كثري ص ‪237‬‬
‫‪6‬‬
‫() رواه مسلم‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪21‬‬
‫«‪ ...‬وأم ا قول ه {فليغ ريه} فه و أم ر إجيايب بإمجاع األم ة‪ ،‬وق د تط ابق الكت اب والس نة على‬
‫(‪)7‬‬
‫وجوب األمر باملعروف والنهي عن املنكر‪ ،‬وهو أيضاً من النصيحة اليت هي الدين»‬
‫ويقوي ه م ا يروي ه حذيف ة ‪ ‬عن الن يب ‪{ ‬وال ذي نفس ي بي ده لت أمرن ب املعروف‬
‫ويؤك د ه ذا ِّ‬
‫(‪)2‬‬
‫ولتنهون عن املنكر أو ليوشكن اهلل أن يبعث عليكم عقاباً منه‪ ،‬مث تدعونه فال يستجاب لكم}‬
‫وقد لعن اهلل الذي كفروا من بين إسرائيل على لسان أنبيائهم بسبب تركهم األمر باملعروف‬
‫والنهي عن املنك ر فق ال ‪        ‬‬
‫‪            ‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪         ‬‬

‫والذي خلق اإلنسان ويعلم ما توسوس به نفسه‪ ،‬وما يستقيم به أمره‪ ،‬وما تصلح به دنياه‪،‬‬
‫وتعمر به أخراه‪ ،‬قد ألزمه هبذا األمر‪.‬‬
‫وملا هتاون املس لمون يف ه ذه الش عرية انتش ر يف كث ري من بالدهم الفس ق والفج ور‪ ،‬وأص بح‬
‫الف اجر الفاس ق اجملاهر باملعص ية املتب اهي هبا ال داعي إليه ا عزي زاً كرمياً‪ ،‬واملؤمن املتمس ك بدين ه ذليالً‬
‫إرهابياً أصولياً حقرياً‪ ،‬فال حول وال قول وال قوة إال باهلل العلي العظيم‪.‬‬
‫وهنا نسجل بكل إعزاز وفخر أن بالد احلرمني الشريفني (اململكة العربية السعودية) متفردة‬
‫من بني البالد اإلس المية بإحي اء ه ذه الشعرية‪ ،‬فال توج د هيئ ة منظم ة تنظيم اً دقيق اً لألمر ب املعروف‬
‫والنهي عن املنك ر إال فيه ا‪ ،‬وال يوج د رج ال للحس بة جيوب ون البالد من أقص اها إىل أقص اها آم رين‬
‫باملعروف ناهني عن املنكر‪ ،‬إال فيها‪ ،‬وهذا مما أغاظ أعداء اإلسالم يف كل مكان كافرين ومنافقني‬
‫فتعالت أصواهتم مطالبني بالقضاء على هذه اهليئة املباركة‪ ،‬أو حتجيم دورها وجعلها شكالً فقط‪.‬‬
‫نسأل اهلل أن يرد كيد الكائدين يف حنورهم وأن يشغلهم بأنفسهم عن املسلمني‪.‬‬
‫كما نسأله سبحانه أن حيمي بالدنا وبالد املسلمني من كل سوء ومكروه وأن حيفظ لنا هذه‬
‫الفئة املؤمنة اآلمرة باملعروف الناهية عن املنكر‪ ،‬واليت كانت سبباً بعد فضل اهلل يف محاية بالد احلرمني‬
‫الشريفني من شرور كثرية وآثام عديدة‪.‬‬
‫ومن هن ا ن درك ملاذا ك ان األم ر ب املعروف والنهي عن املنك ر من أحب األعم ال إىل اهلل كم ا‬
‫قال سيدنا رسول اهلل ‪‬؟‬
‫الحنيفية السمحة‬

‫‪7‬‬
‫() شرح األربعني النووية البن دقيق العيد ص ‪82‬‬
‫‪2‬‬
‫() رواه الرتمذي (‪ )2169‬وقال‪ :‬هذا حديث حسن‪ ،‬واإلمام أمحد (‪ )23690‬والطرباين يف الكبري (‪ )10/146‬رقم (‪)10267‬‬
‫والبيهقي يف الشعب (‪ )7556‬وحسنه األلباين‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫() سورة املائدة ‪79-78/‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪22‬‬
‫{أحب األعمال إىل اهلل تعاىل‪:‬‬
‫ّ‬ ‫من أحب األعمال إىل اهلل احلنيفية السمحة لقول النيب ‪‬‬
‫(‪)1‬‬
‫احلنيفية السمحة}‬
‫ف‪ :‬هو امليل عن الضالل إىل االستقامة‪ ،‬وضده اجلنف‪ :‬وهو امليل عن االستقامة إىل‬
‫احلَنَ ُ‬
‫الضالل‪.‬‬
‫‪      ‬‬ ‫واحلنيف‪ :‬هو املائل إىل االستقامة قال اهلل تعاىل‬
‫(‪)2‬‬
‫‪     ‬‬

‫‪        ‬‬ ‫بحانه‬ ‫ال س‬ ‫وق‬
‫(‪)3‬‬
‫‪  ‬‬

‫‪        ‬‬ ‫وق ال اهلل تع اىل‬
‫(‪)4‬‬
‫‪  ‬‬

‫َّف فالن‪ :‬أي حتري طريق االستقامة‪.‬‬


‫وحتن َ‬
‫ت العرب كل من حج أو اختنت حنيفاً تنبيهاً أنه على دين إبراهيم ‪.‬‬
‫ومسَّ ْ‬
‫ميل‪.‬‬ ‫ِ‬
‫واألحنف‪َ :‬م ْن يف رجله ٌ‬
‫(‪)5‬‬
‫اجملرد‬
‫قيل‪ :‬مُسِّي بذلك تفاؤالً‪ ،‬وقيل‪ :‬بل استعري للميل َّ‬
‫واحلنيفي ة‪ :‬هي امللَّة املائل ة عن الش رك املبني ة على اإلخالص هلل ‪ )6( ‬وهي مل ة إب راهيم علي ه‬
‫الصالة والسالم‪.‬‬
‫قال شيخ اإلسالم حممد بن عبد الوهاب –رمحه اهلل تعاىل‪:-‬‬
‫(‪)7‬‬
‫«‪ ...‬احلنيفية ملة إبراهيم‪ :‬أن تعبد اهلل وحده خملصاً له الدين»‬

‫‪1‬‬
‫() رواه اإلمام أمحد (‪ )2107‬بلفظ {قيل لرسول اهلل ‪ : ‬أي األديان أحب إىل اهلل؟ قال‪ :‬احلنيفية السمحة} ورواه عبد بن محيد يف‬
‫مسنده ص (‪ )199‬رقم (‪ ،)569‬وقال ابن حجر اهليثمي يف جممع الزوائد (‪ )1/255‬رقم (‪ )203‬رواه أمحد والطرباين يف األوسط‬
‫والكبري والبزار وفيه‪ :‬ابن إسحاق وهو مدلس ومل يصرح بالسماع إهـ‪.‬‬
‫وقد َّبوب البخاري يف كتاب اإلميان (‪ )29‬حديث رقم (‪ :)39‬باب الدين يسر وقول النيب ‪{ : ‬أحب الدين إىل اهلل احلنيفية السمحة} وحسنه‬
‫ابن حجر يف الفتح (‪)1/94‬‬
‫‪2‬‬
‫() سورة النحل ‪120/‬‬
‫‪3‬‬
‫() سورة آل عمران ‪67/‬‬
‫‪4‬‬
‫() سورة احلج ‪31 ،30/‬‬
‫‪5‬‬
‫() املفردات يف غريب القرآن للراغب األصفهاين ‪134-133‬‬
‫‪6‬‬
‫() شرح ثالثة األصول للشيخ حممد بن صاحل العثيمني ‪ 37‬هامش (‪)4‬‬
‫‪7‬‬
‫() ثالثة األصول ‪37‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪23‬‬
‫مفهوم العبــادة‪:‬‬
‫وللعبادة مفهومان‪:‬‬
‫األول‪ :‬ع ام وه و الت ذلل هلل حمب ه وتعظيم اً بفع ل أوام ره واجتن اب نواهي ه على الوج ه ال ذي‬
‫جاءت به شرائعه‪.‬‬
‫والثاين‪ :‬خاص وهو كوهنا اسم جامع لكل ما حيبه اهلل ويرضاه من األقوال واألعمال الظاهرة‬
‫والباطنة كاخلوف واخلشية والتوكل والصالة والزكاة والصيام وغري ذلك من شرائع اهلل (‪.)1‬‬
‫‪     ‬‬ ‫وق د خل ق اهلل اخلل ق لعبادت ه وح ده‪ ،‬ق ال تع اىل‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ ‬‬

‫‪‬‬ ‫وق ال س بحانه ‪ )3(        ‬وأم ر اهلل هبا فق ال‬
‫(‪)4‬‬
‫‪       ‬‬

‫‪         ‬‬ ‫وبعث اهلل هبا الرس ل‬
‫(‪)5‬‬
‫‪   ‬‬

‫وبني رسولنا ‪ ‬أهنا حق اهلل على عباده‪ ،‬وذلك فيما يرويه معاذ بن جبل حيث يقول‪{ :‬كنت‬
‫رديف النيب ‪ ‬على محار فقال يل‪ :‬يا معاذ‪ ،‬أتدري ما حق اهلل على العباد‪ ،‬وما حق العباد على اهلل؟‬
‫قلت‪ :‬اهلل ورسوله أعلم‪ ،‬قال‪ :‬حق اهلل على العباد أن يعبدوه وال يشركوا به شيئاً‪ ،‬وحق العباد على‬
‫اهلل أن ال يع ذب من ال يش رك ب ه ش يئاً‪ ،‬قلت‪ :‬ي ا رس ول اهلل أفال أبش ر الن اس؟ ق ال‪ :‬ال تبش رهم‬
‫(‪)6‬‬
‫فيتكلوا}‬
‫أنواع العبادة‪:‬‬
‫قال شيخنا حممد بن عثيمني –يرمحه اهلل‪ ...« :-‬واعلم أن العبادة نوعان‪:‬‬
‫عبادة كونية وهي اخلضوع ألمر اهلل تعاىل الكوينّ‪ ،‬وهذه شاملة جلميع اخللق ال خيرج عنها‬
‫أحد لقوله تعاىل‪            :‬‬
‫(‪ )7‬فهي شاملة للمؤمن والكافر والرب والفاجر‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫() انظر السابق ص ‪37‬‬
‫‪2‬‬
‫() سورة الذاريات ‪56/‬‬
‫‪3‬‬
‫() سورة اإلسراء ‪23/‬‬
‫‪4‬‬
‫() سورة النساء ‪36/‬‬
‫‪5‬‬
‫() سورة النحل ‪36/‬‬
‫‪6‬‬
‫() رواه البخاري ‪ :‬كتاب اجلهاد – باب اسم الفرس واحلمار‪ ،‬ومسلم ‪ :‬كتاب اإلميان – باب الدليل على أن من مات على التوحيد‬
‫دخل اجلنة قطعاً‬
‫‪7‬‬
‫() سورة مرمي ‪93/‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪24‬‬
‫الشرعي‪ ،‬وهذه خاصة مبن أطاع اهلل تعاىل‬
‫ّ‬ ‫والثاين‪ :‬عبادة شرعية وهي اخلضوع ألمر اهلل تعاىل‬
‫واتب ع م ا ج اء ب ه الرس ل مث ل قول ه تع اىل‪      :‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪  ‬‬
‫(‪)2‬‬
‫فالنوع األول ال حيمد عليه اإلنسان؛ ألنه بغري فعله‪ ...‬خبالف النوع الثاين فإنه حيمد عليه »‬
‫وال يقبل اهلل العبادة من عباده إال إذا اقرتنت باإلخالص‪ ،‬قال تعاىل ‪   ‬‬
‫‪         ‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪     ‬‬

‫‪ ‬فَ َم ْن ‪       ‬‬ ‫وق ال س بحانه‬
‫(‪)4‬‬
‫‪    ‬‬

‫قال احلافظ ابن كثري –رمحه اهلل‪« :-‬وهذان ركنا العمل املتقبل‪ :‬ال بد أن يكون خالص اً هلل‪،‬‬
‫(‪)5‬‬
‫صواباً على شريعة رسول اهلل ‪»...‬‬
‫(‪)6‬‬
‫وللعلماء يف اإلخالص أقوال كثرية منها‪:‬‬
‫‪ -‬أن يراد بالعمل وجه اهلل تعاىل ال غريه‬
‫‪ -‬إفراد احلق سبحانه بالقصد يف الطاعة‬
‫‪ -‬تصفية الفعل عن مالحظة املخلوقني‬
‫‪ -‬أن يقصد املرؤ بعبادته وجه اهلل ‪ ‬والوصول إىل دار كرامته حبيث ال يعبد معه غريه ال ملك اً‬
‫مقرباً وال نبياً مرسالً‬
‫مثرات اإلخالص‬
‫ولإلخالص مثرات كثرية أمهها‪:‬‬
‫‪‬نصر األمة‬
‫ق ال س يدنا رس ول اهلل ‪{ ‬إمنا ينص ر اهلل ه ذه األم ة بض عيفها‪ :‬ب دعوهتم‪ ،‬وص الهتم‪،‬‬
‫(‪)7‬‬
‫وإخالصهم}‬

‫‪1‬‬
‫() سورة الفرقان ‪63/‬‬
‫‪2‬‬
‫() شرح ثالثة األصول ص ‪39-38‬‬
‫‪3‬‬
‫() سورة البينة ‪5/‬‬
‫‪4‬‬
‫() سورة الكهف ‪110/‬‬
‫‪5‬‬
‫() املصباح املنري يف هتذيب تفسري ابن كثري ص ‪818‬‬
‫‪6‬‬
‫() انظر‪ :‬هذه األقوال يف هبجة الناظرين شرح رياض الصاحلني ‪ ،1/29‬وخمتصر شعب اإلميان ص ‪ ،163‬وشرح ثالثة األصول ص ‪37‬‬
‫‪7‬‬
‫() صحيح الرتغيب والرتهيب ‪1/65‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
25
‫ تعيش الي وم حال ة من الض عف واهلزمية فهي يف حاج ة إىل‬-‫وأمتن ا – أخي الق ارئ الك رمي‬
.-‫دعائك وصالتك وإخالصك فال تبخل عليها مبا تستطيعه ولك األجر واملثوبة – إن شاء اهلل‬
:‫ لقوله تعاىل يف حق طائفة من املخلصني‬،‫ النجاة من عذاب اآلخرة والفوز بالجنة‬
         
            
          
          
           
         
         
          
)1(

‫ وقد أوحى‬-‫وهي احلنيفية السمحة‬-  ‫ وإخالص الدين له مها ملة إبراهيم‬،‫فعبادة اهلل وحده‬
       ‫ال‬ ‫ فق‬،‫ا‬ ‫ أن يتبعه‬ ‫اهلل إىل نبيه حممد‬
)2(
       

         ‫ووصف الذين يرغبون عنها بقوله‬
)3(
  

. ‫هلذا كانت احلنيفية السمحة من أحب األعمال إىل اهلل تعاىل كما قال النيب حممد‬

1
18-/8/ ‫() سورة اإلنسان‬
2
123/ ‫() سورة النحل‬
3
130/ ‫() سورة البقرة‬

 www.alukah.net
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪26‬‬
‫الصالة وبر الوالدين والجهاد‬
‫أحب األعم ال إىل اهلل تع اىل‪ :‬الص الة وب ر الوال دين واجله اد يف س بيل اهلل‪ .‬فعن أيب عب د‬
‫من ّ‬
‫الرمحن عبد اهلل بن مسعود ‪ ‬قال‪ :‬سألت النيب ‪:‬‬
‫أحب إىل اهلل تعاىل؟‬
‫أي العمل ّ‬
‫قال‪{ :‬الصالة على وقتها}‬
‫أي؟‬
‫قلت‪ :‬مث ٌّ‬
‫قال‪{ :‬بر الوالدين}‬
‫أي؟‬
‫قلت‪ :‬مث ُّ‬
‫(‪)1‬‬
‫قال‪{ :‬اجلهاد يف سبيل اهلل}‬

‫أوالً‪ :‬الصالة على وقتها‬


‫‪ ‬الصالة لغة‬
‫للصالة يف اللغة معان كثرية‪ ،‬أمهها‪:‬‬
‫ال دعاء‪ ،‬يق ال‪ :‬ص لّيت علي ه‪ ،‬أي دع وت ل ه‪ ،‬ومن ه قول ه ‪-‬علي ه الص الة والس الم‪{:-‬إذا دعي‬
‫(‪)3‬‬
‫فليصل}(‪ )2‬أي‪ :‬ليدع ألهله‬
‫ِّ‬ ‫أحدكم إىل طعام فليجب‪ ،‬وإن كان صائماً‬
‫(‪)4‬‬
‫‪         ‬‬ ‫ومنه –أيضاً‪ -‬قوله تعاىل‬
‫قال ابن كثري –رمحه اهلل‪:-‬‬
‫«‪      ...‬أي‪ :‬ادع هلم واستغفر هلم‪ ،‬كما رواه مسلم يف صحيحه عن‬
‫عبد اهلل بن أيب أوىف قال‪ :‬كان النيب ‪ ‬إذا أتى بصدقة قوم صلى عليهم‪ ،‬فأتاه أيب بصدقته فقال‪ :‬اللهم‬
‫(‪)5‬‬
‫صل على آل أيب أوىف»‬
‫‪        ‬‬ ‫وقول ه تع اىل‪:‬‬
‫(‪)6‬‬
‫‪      ‬‬

‫‪1‬‬
‫() رواه البخاري ومسلم ‪ ،‬وانظر أيضاً يف رياض الصاحلني ص ‪156‬وفتح الباري البن حجر ‪2/12‬‬
‫‪2‬‬
‫() رواه مسلم ‪2/1054‬‬
‫‪3‬‬
‫() انظر املفردات يف غريب القرآن ص ‪285‬‬
‫‪4‬‬
‫() سورة التوبة ‪103/‬‬
‫‪5‬‬
‫() املصباح املنري يف هتذيب تفسري ابن كثري ص ‪589‬‬
‫‪6‬‬
‫() سورة األحزاب ‪56/‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪27‬‬
‫ج اء يف تفس ري ابن كث ري عقب ه ذه اآلي ة‪« :‬ق ال البخ اري‪ :‬ق ال أب و العالي ة‪ :‬ص الة اهلل تع اىل‬
‫(‪)1‬‬
‫ثناؤه عليه عند املالئكة‪ ،‬وصالة املالئكة الدعاء»‬
‫الص الء‪ ،‬ومعىن ص لَّى الرجل أي أزال عن نفسه هبذه العبادة‬
‫وقال بعضهم‪ :‬أصل الصالة من ِّ‬
‫(‪)2‬‬
‫الصالء الذي هو نار اهلل املوقودة‬
‫ِّ‬
‫وقي ل‪ :‬أص لها التعظيم‪ ،‬ومسيت الص الة املخصوص ة ص الة ملا فيه ا من تعظيم ال رب تع اىل‬
‫(‪)3‬‬
‫وتقديسه‬

‫‪‬وشرعـاً‬
‫وأم ا تعريفه ا يف الش رع فهي‪« :‬التعب د هلل ب أقوال وأفع ال خمصوص ة مفتتح ة ب التكبري وخمتتم ة‬
‫بالتسليم» (‪.)4‬‬
‫ق ال مساحة ش يخنا عب د العزي ز بن ب از‪ -‬يرمحه اهلل‪ ...« :-‬الص الة عب ادة ذات أق وال وأفع ال‬
‫(‪)5‬‬
‫أوهلا التكبري وآخرها التسليم»‬
‫وق د أم ر اهلل املس لمني باحملافظ ة عليه ا وإقامته ا يف أوقاهتا فق ال س بحانه ‪  ‬‬
‫‪         ‬‬
‫‪           ‬‬
‫(‪)6‬‬
‫‪ ‬‬

‫فال جيوز تأخريها عن وقتها إال لعذر قدره الشرع من نوم أو نسيان وما يلحق هبما من إغماء‬
‫(‪)7‬‬
‫وغريه قال اهلل تعاىل ‪        ‬‬
‫(‪)8‬‬
‫قال ابن عباس ‪« :‬أي مفروضاً‪ ،‬وقال‪ :‬إن للصالة وقتاً كوقت احلج»‬
‫وهذا شيخ اإلسالم ابن تيمية –قدس اهلل روحه‪ -‬يقول‪:‬‬
‫«‪ ...‬فال جيوز تأخري الصالة عن وقتها جلنابة وال حلدث وال لنجاسة وال غري ذلك‪ ،‬بل يصلي‬
‫يف الوقت حبسب حاله؛ فإن كان حمدثاً وعدم املاء أو خاف الضرر باستعماله‪ ،‬تيمم وصلى‪ ،‬وكذلك‬
‫اجلنب يتيمم ويصلي إذا عدم املاء أو خاف الضرر باستعماله ملرض أو لربد‪ ،‬وكذلك العريان يصلي‬
‫‪1‬‬
‫() املصباح املنري يف هتذيب تفسري ابن كثري ص ‪1102‬‬
‫‪2‬‬
‫() انظر املفردات يف غريب القرآن ص ‪285‬‬
‫‪3‬‬
‫() لسان العرب البن منظور ‪14/466‬‬
‫‪4‬‬
‫() انظر الروض املربع ‪1/118‬‬
‫‪5‬‬
‫() رسائل يف الطهارة والصالة ص ‪28‬‬
‫‪6‬‬
‫() سورة البقرة ‪239-238/‬‬
‫‪7‬‬
‫() سورة النساء‪103/‬‬
‫‪8‬‬
‫() املصباح املنري يف هتذيب تفسري ابن كثري ص ‪321‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
28
‫ وكذلك إذا كان عليه جناسة ال‬،‫ وال يؤخر الصالة حىت يصلي بعد الوقت يف ثيابه‬،ً‫يف الوقت عريانا‬
...‫ وهكذا املريض يصلي على حسب حاله يف الوقت‬،‫يقدر أن يزيلها فيصلي يف الوقت حبسب حاله‬
)1(
»‫وهذا كله ألن فعل الصالة يف وقتها فرض والوقت أوكد فرائض الصالة‬
‫ وليس له أن يؤخر الصالة‬،‫ «فاملريض له أن يؤخر الصوم باتفاق املسلمني‬:-ً‫وقال – أيض ا‬
)2(
»‫باتفاق املسلمني‬
:‫وجاء األمر يف القرآن الكرمي بإقامة الصالة وليس بالصالة فقط‬
)3 (
          ‫قال اهلل تعاىل‬
           :‫وق ال‬
)4(
 

        :‫وقال‬


)5(

)6(
         :‫وقال‬
          :‫وق ال‬
)7(
 
)8(
       :‫وقال‬
          :‫وقال‬
)9(

        :‫وق ال‬


)10(
 

1
22/30 ‫() الفتاوى‬
2
22/31 ‫() الفتاوى‬
3
114/ ‫() سورة هود‬
4
14/‫() سورة طه‬
5
43/‫() سورة البقرة‬
6
83/ ‫() سورة البقرة‬
7
77/‫() سورة النساء‬
8
103/‫() سورة النساء‬
9
72/ ‫() سورة األنعام‬
10
87/ ‫() سورة يونس‬

 www.alukah.net
‫أحب األعمال إلى هللا‬
29
        :‫وق ال‬
)1(
  

         :‫وق ال‬
)2(
  

        :‫وق ال‬


)3(
  

          :‫وقال‬


)4(

‫ إال مقرتنة بلفظ اإلقامة أو‬-ً‫وأكثر من ذلك فإنه مل يرد يف القرآن الكرمي ذكر الصالة –غالب ا‬
     :‫ ومن ذل ك قول ه تع اىل‬،‫م ا اش تق منه ا‬
)5(
 

           ‫وقول ه‬
)6(
  

         ‫وقول ه‬


)7(
  
)8(
         ‫وقوله‬
          ‫وقوله‬
)9(
 
)10(
        ‫وقوله‬

1
78 ‫() سورة احلج‬
2
13/ ‫() سورة اجملادلة‬
3
20/‫() سورة املزمل‬
4
33/ ‫() سورة األحزاب‬
5
3/ ‫() سورة البقرة‬
6
162/‫() سورة النساء‬
7
170/‫() سورة األعراف‬
8
40/‫() سورة إبراهيم‬
9
102/‫() سورة النساء‬
10
142/‫() سورة النساء‬

 www.alukah.net
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪30‬‬
‫‪       ‬‬ ‫وقوله‬
‫(‪)1‬‬
‫‪‬‬

‫‪           ‬‬ ‫وقوله‬
‫(‪)2‬‬
‫‪‬‬

‫‪‬‬ ‫وإذا أطل ق لف ظ اإلقام ة يف الق رآن الك رمي فإن ه ي راد ب ه الص الة‪ ،‬من ذل ك قول ه تع اىل‬
‫(‪)3‬‬
‫‪       ‬‬

‫قال ابن كثري –يرمحه اهلل‪ ...« :-‬يأمر تعاىل رسوله ‪ ‬أن يرتك التزمل وهو التغطي يف الليل‬
‫(‪)4‬‬
‫وينهض إىل القيام لربه ‪ ...‬وكذلك كان رسول اهلل ‪ ‬ممتثالً ما أمره اهلل به من قيام الليل‪»...‬‬
‫‪          ‬‬ ‫اىل‬ ‫ه تع‬ ‫وقول‬
‫(‪)5‬‬
‫‪  ‬‬

‫وقوله ‪ )6(       ‬قال الضحاك – رمحه اهلل‪« :-‬أي إىل‬
‫(‪)7‬‬
‫الصالة»‬
‫‪            ‬‬ ‫وقول ه‬
‫(‪)8‬‬
‫‪‬‬
‫(‪)10‬‬ ‫)‪(9‬‬
‫‪     ‬‬ ‫‪    ‬‬ ‫وقوله‬

‫‪ ‬املراد بإقامة الصالة‬


‫واملراد بإقامتها‪ :‬إمتام قراءهتا وإمتام ركوعها‪ ،‬وإمتام سجودها‪ ،‬وحضور القلب فيها وكل ذلك‬
‫يف خشوع وخضوع هلل رب العاملني‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫() سورة التوبة‪71/‬‬
‫‪2‬‬
‫() سورة النور‪37/‬‬
‫‪3‬‬
‫() سورة املزمل‪2-1/‬‬
‫‪4‬‬
‫() املصباح املنري يف هتذيب تفسري ابن كثري ص ‪1454‬‬
‫‪5‬‬
‫() سورة املزمل‪20/‬‬
‫‪6‬‬
‫() سورة الطور‪48/‬‬
‫‪7‬‬
‫() انظر املصباح املنري يف هتذيب تفسري ابن كثري ص ‪1325‬‬
‫‪8‬‬
‫() سورة التوبة ‪108/‬‬
‫‪9‬‬
‫() سورة الشعراء‪218/‬‬
‫‪10‬‬
‫() سورة البقرة‪238/‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪31‬‬
‫ق ال الض حاك‪ :‬عن ابن عب اس –رض ي اهلل عنهم ا‪« -‬إقام ة الص الة إمتام الرك وع والتالوة‬
‫واخلشوع واإلقبال عليها»‬
‫وق ال قت ادة‪« :‬إقام ة الص الة احملافظ ة على مواقيته ا ووض وئها وركوعه ا وس جودها وتالوة‬
‫(‪)1‬‬
‫القرآن فيها والتشهد والصالة على النيب ‪ ‬فيها»‬
‫عم ا سواها‪ ،‬وآثرها على غريها‪،‬‬
‫واخلشوع يف الصالة إمنا حيصل ملن َّفرغ قلبه هلا‪ ،‬واشتغل هبا ّ‬
‫ب‬
‫{حبِّ َ‬
‫وحينئذ تكون الصالة راحة لبدنه‪ ،‬وقرة لعينه‪ ،‬وطمأنينة لفؤاده وسكينة لقلبه كما قال ‪ُ :‬‬
‫(‪)2‬‬
‫إيل الطيب والنساء‪ ،‬وجعلت قرة عيين يف الصالة}‬
‫ّ‬
‫وكث ري من الن اس ‪ -‬إال من رحم اهلل‪ -‬ال حيقق ون الص الة هبذا املفه وم ف إذا دخ ل املرؤ يف‬
‫الصالة أقبل عليه الشيطان خبيله ورجله وأخذ يوسوس له‪ ،‬ويصرفه عن الصالة ويشغله بأمور الدنيا‪،‬‬
‫وجيعله يكثر من احلركة وااللتفات حىت أنه مل يعقل من صالته شيئاً‪ ،‬فاملصلون كثري واملقيمون قليل‪،‬‬
‫وكما قال أمري املؤمنني عمر بن اخلطاب ‪« :‬احلاج قليل والركب كثري»‬
‫وهذا أمر خطري يئن منه كثري من املصلني‪ ،‬وحنن نوصي أنفسنا ونوصيك أيها القارئ الكرمي‬
‫احلبيب بأن جياه د كل من ا نفسه حىت يتخلص من هذا األم ر‪ ،‬وحيقق إقامة الصالة كي يتحقق لنا‬
‫مجيعاً الفالح والفوز والسعادة يف الدارين‪ .‬قال تعاىل ‪     ‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪    ‬‬

‫وأليب حامد الغزايل –رمحه اهلل‪ -‬كالم طيب يساعد على اخلشوع يف الصالة فاقرأه –يرمحك‬
‫اهلل‪ -‬بتدبر وإمعان‪ ،‬يقول‪:‬‬
‫«‪...‬اعلم أن الص الة إمنا هي ذك ر وق راءة ومناج اة وحماورة‪ ،‬وذل ك ال يك ون إال حبض ور‬
‫القلب‪ ،‬ومتامه حيصل بالتفهيم والتعظيم واهليبة والرجاء واحلياء‪ ،‬وعلى اجلملة كلما ازداد العلم باهلل‬
‫القلب هول النداء يوم القيامة‪،‬‬
‫زادت اخلشية وحصل احلضور‪ ،‬فإذا مسعت املؤذن ينبغي أن تستحضر َ‬
‫وتتشمر بظاهرك وباطنك لإلجابة واملسارعة‪ ،‬فإن املسارعني إىل هذا النداء هم الذين ينادون باللطف‬
‫يوم العرض األكرب‪ ،‬فإن وجدت قلبك مملوءاً بالفرح واالستبشار ومشغوفاً إىل االبتدار فسيكون ذلك‬
‫يف ذلك النداء‪ ،‬ولذا قال عليه الصالة والسالم‪{ :‬أرحنا هبا يا بالل} إذ كانت قرة عينه يف الصالة‪.‬‬
‫السر عما سوى اهلل‪ ،‬فبها تتم هذه الصالة‪ ،‬فإنك إن سرتت العورة بالثياب‬
‫فالطهارة طهارة ِّ‬
‫فما الذي يسرت عورتك يف الباطن عن اهلل؟‬

‫‪1‬‬
‫() انظر املصباح املنري يف هتذيب تفسري ابن كثري ص ‪33‬‬
‫‪2‬‬
‫() رواه أمحد (‪ ،)19913‬والنسائي (‪)62 ،7/61‬‬
‫‪3‬‬
‫() سورة املؤمنون ‪2 ،1/‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪32‬‬
‫سرك فتواضع بظاهرك وباطنك وانظر لو قمت بني‬
‫فتأدب بني يدي اهلل‪ ،‬واعلم أنه يطلع على ِّ‬
‫يدي امللك كيف تكون؟‬
‫وال نس بة بينه تعاىل وبني املل وك‪ ،‬والك ل عبي ده‪ ،‬ف إذا فعلت ذل ك فال تك ون كاذب اً يف قولك‬
‫«وجهت وجهي» ويف قول ك «حنيف اً مس لماً وم ا أن ا من املش ركني» وقول ك «إن ص اليت ونس كي‬
‫وحمياي وممايت هلل رب العاملني»‬
‫ف انظر فال ينبغي أن يك ون ه ذا ك ذباً فيك ون س بب هالك ك‪ ،‬وينبغي أن ت ذكر كربي اء اهلل‬
‫وعظمت ه عن د ركوع ك وس جودك‪ ،‬وتعلم ذل ك بص غارك‪ ،‬واهلل برمحت ه َّأهل ك ملناجات ه فال أق ّل من‬
‫التأدب واحلضور بقلبك بني يديه‪ .‬قال ‪{ ‬إن اهلل يُقبل على املصلي ما مل يلتفت} فاحفظ ظاهرك‬
‫وباطن ك عن االلتف ات ق ال علي ه الص الة والس الم‪{ :‬إن العب د ليص لي وال يكتب ل ه من ص الته ال‬
‫نص فها وال ثلثه ا وال ربعه ا وال مخس ها وال سدس ها وال عش رها‪ ،‬وإمنا يكتب للرج ل من ص الته م ا‬
‫عقل منها}‬
‫وقال بعضهم‪ :‬إن العبد يسجد السجدة‪ ،‬وعنده أنه تقرب هبا إىل اهلل تعاىل ولو قسمت ذنوبه‬
‫يف سجدته على أهل مدينته هللكوا‪ ،‬قيل‪ :‬وكيف ذلك؟‬
‫ص ٍغ إىل هوى‪ ،‬ومشاهد لباطل قد استوىل عليه‪»...‬‬
‫قال‪ :‬يكون ساجداً عند اهلل تعاىل وقلبه ُم ْ‬
‫(‪.)1‬‬
‫والتدبر يف القراءة‪َ ،‬وتَ َذ ّكُر عظمة اهلل وكربيائه‪ ،‬يساعد على ترك االنشغال‬ ‫ض ُار القلب‪،‬‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫فاست ْح َ‬
‫ْ‬
‫يف الصالة وترك االلتفات وترك احلركة فيها‪ ،‬وجيلب اخلشوع واخلضوع والطمأنينة يف الصالة‪.‬‬

‫‪‬من فوائد الصالة‬


‫للصالة فوائد كثرية‪ ،‬وفضائل جليلة‪ ،‬نذكر منها – بإجياز واختصار‪:‬‬
‫‪ -1‬النهي عن الفحشاء واملنكر‬
‫‪        ‬‬ ‫لقوله تع اىل‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪       ‬‬

‫وروى اإلم ام أمحد عن أيب هري رة ق ال‪ :‬ج اء رج ل إىل الن يب ‪ ‬فق ال‪ :‬إن فالن اً يص لي باللي ل‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫فإذا أصبح سرق‪ ،‬فقال‪{ :‬إنه سينهاه ما تقول}‬

‫‪1‬‬
‫() املرشد األمني من إحياء علوم الدين ص ‪35-34‬‬
‫‪2‬‬
‫() سورة العنكبوت ‪45/‬‬
‫‪3‬‬
‫() مسند أمحد ‪2/447‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
33
‫ فك ل ص الة ال يك ون فيه ا ش يء من ه ذا‬،‫ «إن الص الة فيه ا ثالث خص ال‬:‫وق ال أب و العالي ة‬
‫ واخلشية تنهاه‬،‫ وذكر اهلل؛ فاإلخالص يأمره باملعروف‬،‫ واخلشية‬،‫ اإلخالص‬:‫اخلصال فليست بصالة‬
)1(
»‫ وذكر اهلل يأمره وينهاه‬،‫عن املنكر‬
‫ وق د حجزت ك عن‬،‫ ف أنت يف مع روف‬،‫ «إذا كنت يف ص الة‬: ‫وق ال ابن ع وف األنص اري‬
)2(
»‫الفحشاء واملنكر‬
‫ البسطة يف الرزق والزيادة يف الفضل‬-2
           ‫لقول ه تع اىل‬
           
          
         
)3(
        

        ‫بحانه‬ ‫ولقول ه س‬


         
)4(
         

‫ مغفرة الذنوب وتكفري السيئات‬-3


          ‫لقول ه تع اىل‬
           
       
        
)5(
           

‫ من أحسن‬،‫ {مخس صلوات افرتضهن اهلل‬ ‫ قال رسول اهلل‬:‫ قال‬ ‫وعن عبادة بن الصامت‬
‫ وإن مل‬،‫وض وءهن وج اء هبن ل وقتهن وأمت رك وعهن وخش وعهن ك ان له على اهلل عهد أن يغفر ل ه‬
)6(
}‫ إن شاء غفر له وإن شاء عذبه‬،‫يفعل فليس له على اهلل عهد‬
‫ {الص لوات اخلمس واجلمعة إىل اجلمعة ورمض ان إىل‬:ً‫ولقوله عليه الص الة والس الم أيض ا‬
)7(
}‫رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر‬

1
1042 ‫() املصباح املنري يف تفسري ابن كثري ص‬
2
1042 ‫() السابق ص‬
3
38-36/ ‫() سورة النور‬
4
30-29/ ‫() سورة فاطر‬
5
12/‫() سورة املائدة‬
6
‫() رواه أبو داود‬
7
1/209 ‫() صحيح مسلم‬

 www.alukah.net
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪34‬‬
‫وح ديث عثم ان ‪ ‬يف ص حيح مس لم {ما من ام رئ مس لم حتض ره ص الة مكتوبة فيحسن‬
‫وضوءها وخشوعها وركوعها إال كانت كفارة ملا قبلها من الذنوب ما مل يأت كبرية وذلك الدهر‬
‫(‪)1‬‬
‫كله}‬
‫وق ال ‪{‬أرأيتم لو أن هنراً بب اب أح دكم يغتسل منه كل ي وم مخس م رات هل يبقى من درنه‬
‫(‪)2‬‬
‫شيء؟ قالوا‪ :‬ال يبقى من درنه شيء‪ ،‬قال‪ :‬فذلك مثل الصلوات اخلمس ميحو اهلل هبن اخلطايا}‬
‫وه ذا ي دعوك أخي احلبيب إىل احملافظة على الص الة يف أوقاهتا خبش وع وخض وع هلل رب‬
‫العلمني‪ ،‬حىت يغفر اهلل لك ذنب ك‪ ،‬وميحو خط أك‪ ،‬ويرفع عنك وزرك‪ ،‬وما أحوجنا هلذا فكل ابن‬
‫آدم خطاء وخري اخلطائني التوابون‪.‬‬
‫‪ -4‬الفوز باجلنة‬
‫لقوله تعاىل ‪       ‬‬
‫‪       ‬‬
‫‪          ‬‬
‫‪       ‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪           ‬‬

‫وقول ه تع اىل ‪        ‬‬
‫‪          ‬‬
‫‪         ‬‬
‫‪            ‬‬
‫‪.)4 ( ‬‬
‫ويف اجلن ة نعيم مقيم ففيه ا م ا ال عني رأت وال أذن مسعت وال خط ر على قلب بش ر‪ .‬وق د‬
‫وصف ابن القيم بعض نعيمها يف نونيته املشهورة فقال‪:‬‬
‫يا خاطب احلور احلسان وطالبـ ـاًلو صاهلن جبنة احلي ــوان‬
‫لو كنت تدري من خطبت ومن طلبتبذلت ما حتوي من األمثـان‬
‫أو كنت تدري أين مسكنها جـعلتالسعي منك هلا على األجفان‬
‫ولو وصفت طريق مسكنها فإنرمت الوصال فال تكن بالواين‬
‫(‪)5‬‬
‫أسرع وحث السري جهدك إمنامسراك هذا ساعة لزمــان‬
‫مث قال‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫() خمتصر شعب اإلميان ص ‪55‬‬
‫‪2‬‬
‫() صحيح البخاري ‪ ،1/134‬وصحيح مسلم ‪1/462‬‬
‫‪3‬‬
‫() سورة الرعد ‪24-22/‬‬
‫‪4‬‬
‫() سورة السجدة ‪17-15/‬‬
‫‪5‬‬
‫() شرح القصيدة النونية ‪2/301‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪35‬‬
‫هي جنة طابت وطاب نعيمهـافنعيمها باق وليس بفــان‬
‫دار السالم وجنة املأوى ومنـزلعسكر اإلميان والق ــرآن‬
‫(‪)1‬‬
‫فالدار دار سالمة وخطاهبــمفيها سالم واسم ذي الغفران‬

‫‪   ‬‬ ‫نس أل اهلل أن جيعلن ا وإي اك واملس لمني من ال ذين يق ال هلم‬
‫(‪)2‬‬
‫‪  ‬‬

‫وهلذا وغريه الكثري كانت الصالة على وقتها من أحب األعمال إىل اهلل تعاىل كما قال سيدنا‬
‫حممد ‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬بر الوالدين‬


‫‪  ‬‬ ‫من مب ادئ اإلس الم الس امية «مبادلة اإلحس ان باإلحس ان» ق ال اهلل تع اىل‬
‫(‪)3‬‬
‫‪   ‬‬

‫انطالق اً من ه ذا املب دأ الك رمي حثت اآلي ات القرآني ة واألح اديث النبوي ة األوالد على الوف اء‬
‫لوالديهم واالعرتاف بفضلهم والرب هبم ورغبت يف ذلك‪.‬‬
‫وب ر الوال دين معن اه التوس ع يف اإلحس ان إليهم ا وذل ك بطاعتهم ا وإكرامهم ا والتواض ع هلم ا‬
‫والشفقة عليهما والتلطف هبما بأن يقول هلما قوالً حسناً وكالماً طيباً مقروناً باالحرتام والتعظيم‪.‬‬
‫فعن عائشة أم املؤم نني رضي اهلل عنهما ق الت‪ :‬أتى رجل النيب ‪ ‬ومعه ش يخ‪ ،‬فق ال النيب ‪:‬‬
‫(‪)5( )4‬‬
‫{من معك؟ فقال‪ :‬أيب‪ ،‬قال‪ :‬ال متش أمامه‪ ،‬وال تقعد قبله‪ ،‬وال تدعه بامسه‪ ،‬وال تستسب له }‬
‫وقد ق رن اهلل س بحانه ب َّر الوال دين بعبادته لبي ان حقهما على الولد إذ أهنما الس بب الظ اهر‬
‫لوج وده يف احلي اة ال دنيا ق ال اهلل تع اىل‪         :‬‬

‫‪1‬‬
‫() شرح القصيدة النونية ‪2/305‬‬
‫‪2‬‬
‫() سورة الزخرف ‪70/‬‬
‫‪3‬‬
‫() سورة الرمحن‪60/‬‬
‫‪4‬‬
‫() معىن ال تستسب له ‪ :‬ال تكن سبباً يف سبه‬
‫‪5‬‬
‫() أخرجه عبد الرزاق يف املصنف (‪ )11/138‬رقم احلديث (‪ )20134‬والبخاري يف األدب املفرد (‪ )44‬والدارقطين يف العلل (‪)5/86‬‬
‫وضعَّف إسناده حمقق الكتاب بشري حممد عيون‪ ،‬وقال اهليثمي يف جممع‬
‫وابن السين يف عمل اليوم والليلة (‪ )395‬من حديث أيب هريرة‪َ ،‬‬
‫الزوائد (‪ )8/255‬رقم (‪ )13396‬بعد ذكره للحديث‪ :‬رواه الطرباين يف األوسط وقال‪ :‬ال يروى عن النيب ‪ ‬إال هبذا اإلسناد عن شيخه‬
‫علي بن سعيد بن بشري وهو لني‪ ،‬وقد نقل ابن دقيق العيد أنه وثقه‪ ،‬وحممد بن عروة بن الربند مل أعرفه‪ ،‬وبقية رجاله رجال الصحيح‪،‬‬
‫وصححه األلباين يف صحيح األدب املفرد ص (‪ )46‬رقم (‪)32‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪36‬‬
‫‪      ‬‬ ‫‪ )1(   ‬وق ال تع اىل‬
‫‪.)2(     ‬‬
‫‪     ‬‬ ‫كما ق رن س بحانه ش كرمها بش كره فق ال‪:‬‬
‫‪.)3( ‬‬
‫وعن ابن عب اس –رضي اهلل عنهم ا‪ -‬أنه ق ال‪ :‬ثالث آي ات ن زلت مقرونة بثالث ال ُت ْقبَل منها‬
‫واحدة بغري قرينتها؛‬
‫إح داها‪ :‬قوله تع اىل ‪ )4(      ‬فمن أط اع اهلل ومل‬
‫يطع الرسول مل يقبل منه‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬قوله تعاىل ‪)5(      ‬فمن صلى ومل َّيز ِك‬
‫مل يقبل منه‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬قوله تعاىل ‪ )6(      ‬فمن شكر اهلل ومل يشكر لوالديه‬
‫(‪)7‬‬
‫مل يقبل منه‬
‫واحلق تبارك وتعاىل أمر األوالد بالرب بوالديهم‪ ،‬والرفق هبم‪ ،‬وخفض اجلناح هلم‪ ،‬ولني القول‬
‫واملؤانس ة‪ ،‬والرمحة واملالطف ة‪ ،‬وال دعاء هلم والص دقة عنهم‪ ،‬وه ذه آي ات اإلس راء حتدد النهج ال ذي‬
‫جيب اتباعه يف معاملة الوال دين ومعاش رهتما والتوص ية هبما وخصوص اً حني يض عفان وميرض ان‬
‫ويكربان وحيتاجان إىل العناية واخلدمة‪.‬‬
‫يق ول تع اىل ‪   (8)      ‬‬
‫‪           ‬‬
‫‪           ‬‬

‫‪1‬‬
‫() سورة النساء‪36/‬‬
‫‪2‬‬
‫() سورة اإلسراء ‪23‬‬
‫‪3‬‬
‫() سورة لقمان ‪14‬‬
‫‪4‬‬
‫() سورة املائدة‪92 /‬‬
‫‪5‬‬
‫() سورة البقرة‪ 110 ،43/‬وسورة النور ‪56/‬‬
‫‪6‬‬
‫() سورة لقمان ‪14‬‬
‫‪7‬‬
‫() كتاب الكبائر ص ‪143‬‬
‫‪8‬‬
‫() القض اء يس تعمل يف اللغة على وج وه‪ :‬فيك ون مبعىن األمر كقوله تع اىل ﴿‪    ‬‬
‫‪ ﴾‬أي أمر وأل زم وأوجب‪ ،‬ويك ون مبعىن اخللق كقوله تع اىل﴿ ‪﴾     ‬‬
‫يعين خلقهن‪ ،‬ويك ون مبعىن احلكم كقوله تع اىل ﴿ ‪ ﴾     ‬أي احكم ما أنت حتكم‪ ،‬ويك ون = =مبعىن‬
‫الفراغ كقوله تعاىل ﴿ ‪ ﴾     ‬أي فرغ ويكون مبعىن اإلرادة كقوله ﴿ ‪‬‬
‫‪ ﴾       ‬أي أراد‪ .‬انظر املفردات يف غريب القرآن ص ‪406‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪37‬‬
‫‪          ‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪           ‬‬

‫فلو تدبر األوالد هذه اآليات احملكمات وفهموا معانيها وعلموا أهنم سيجزون يف كربهم مبا‬
‫جازوا به آباءهم وأمهاهتم ملا عقوهم وهنروهم‪.‬‬
‫واحلياة دين ووفاء فمن َّبر والديه ّبره أبناؤه قال سيدنا رسول اهلل ‪{ :‬عفوا عن نساء الناس‬
‫تع ف نس اؤكم‪ ،‬وب روا آب اءكم ت ربكم أبن اؤكم‪ ،‬ومن أت اه أخ وه متنص الً فليقب ل ذل ك حمق اً ك ان أو‬
‫(‪)2‬‬
‫علي احلوض}‬‫مبطالً‪ ،‬فإن مل يفعل مل يرد ّ‬
‫واعلم وا أيه ا األبن اء أن اهلل ق د جع ل لك ل من الوال دين باب اً من اجلن ة يتفتّح ب اخلري على الول د‬
‫كلما خرج يسعى هلما‪ ،‬وتنـزل عليه رمحة اهلل ما دام حريص اً على إرضائهما‪ ،‬فإن أغضب أحدمها‬
‫(‪)3‬‬
‫غضب اهلل عليه وأغلق دونه باب اخلري وإن كان الولد مظلوماً‬
‫روى البخاري يف األدب املفرد عن ابن عباس –رضي اهلل عنهما‪ -‬قال أن رسول اهلل ‪ ‬قال‪:‬‬
‫{ما من مسلم له والدان مسلمان يصبح إليهما حمتبس اً إال فتح اهلل له باببني من اجلنة وإن كان واحد‬
‫(‪)4‬‬
‫فواحد‪ ،‬وإن أغضب أحدمها مل يرض اهلل عنه‪ ،‬قيل‪ :‬وإن ظلماه‪ ،‬قال‪ :‬وإن ظلماه}‬

‫ب ّر الوالدين مقدم على الجهاد في سبيل هللا‬


‫ّبر الوالدين فرض عني على أوالدمها‪ ،‬واجلهاد فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن‬
‫اآلخرين‪ -‬إال إذا غزى العدو بالد املسلمني واغتصب أرضهم فإنه يصبح فرض عني‪ ،‬ويف هذه احلالة‬
‫ال جيب على الولد أن يستأذهنما‪.‬‬
‫وفرض العني مقدم على الكفاية لذا قُدِّم ّبر الوالدين على اجلهاد‪ ،‬واألحاديث يف ذلك كثرية‬
‫تذكر منها‪:‬‬
‫عن عبد اهلل بن عمرو بن العاص –رضي اهلل عنهما‪ -‬قال‪ :‬جاء رجل إىل النيب ‪ ‬يستأذنه يف‬
‫(‪)5‬‬
‫اجلهاد‪ ،‬فقال‪{ :‬أحي والداك؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬ففيهما فجاهد}‬
‫فمع عظم فضل اجلهاد يف نشر الدعوة اإلسالمية يف أرجاء املعمورة فقد قدم الرسول ‪ّ ‬بر‬
‫الوالدين وطاعتهما عليه حيث قال للرجل {ففيهما فجاهد} أي ابذل غاية جهدك يف خدمتهما‪،‬‬
‫واعمل أقصى ما تستطيع إلرضائهما‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫() سورة اإلسراء ‪25-23/‬‬
‫‪2‬‬
‫() الرتغيب والرتهيب لإلمام عبد العظيم بن عبد القوي املنذري ‪3/137‬‬
‫‪3‬‬
‫() انظر بر الوالدين لألستاذ عبد الرؤوف احلناوي ص ‪24‬‬
‫‪4‬‬
‫() األدب املفرد ص ‪15‬‬
‫‪5‬‬
‫() رواه البخاري (‪ )3004‬و (‪ )5972‬ومسلم (‪ )2549‬واإلمام أمحد (‪ )6544‬والنسائي (‪)3103‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪38‬‬
‫وعنه ‪ ‬ق ال‪ :‬أتى رجل النيب ‪ ‬فق ال‪ :‬أبايعك على اهلج رة واجله اد أبتغي األجر من اهلل‪ ،‬ق ال‬
‫حي؟ ق ال –أي الرج ل‪ :-‬نعم‪ ،‬بل كالمها‪ .‬ق ال‪ :‬أفتبتغي‬ ‫–أي النيب ‪{ :‬فهل من وال ديك أحد ّ‬
‫(‪)1‬‬
‫األجر من اهلل؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬فارجع إىل والديك فأحسن صحبتهما}‬
‫ما أحسن ق ول النيب ‪{ ‬فأحسن ص حبتهما}! ففيه حث على برمها وطاعتهما والتلطف هبما‬
‫وخفض اجلناح هلما وهذا يعدل أجر اجملاهد يف سبيل اهلل‪.‬‬
‫وعن أيب سعيد اخلدري ‪ ‬قال‪ :‬هاجر إىل رسول اهلل ‪ ‬رجل من اليمن‪ ،‬فقال له رسول اهلل ‪‬‬
‫‪{ :‬هجرت الشرك ولكنه اجلهاد‪ ،‬هل باليمن أبواك؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪ :‬أذنا لك؟ قال‪ :‬ال‪ ،‬فقال رسول‬
‫اهلل ‪ :‬ارجع إىل أبويك فإن فعال و إال فربمها} (‪.)2‬‬
‫ومقتضى ه ذا احلديث أنه ال جيوز لألبن اء أن خيرج وا للجه اد وال للس فر وال لغريمها إال ب إذن‬
‫اآلباء واألمهات‪.‬‬
‫وخ ِش يت عقوهلم بآراء منحرفة‪ ،‬وأفكار غريبة‪ ،‬أن‬ ‫وهنا نوجه دعوة للشباب الذين غُ ِّرر هبم ُ‬
‫يق رءوا ه ذا احلديث ويعمل وا به ويس تأذنوا آب اءهم وأمه اهتم قبل أن خيرج وا من بي وهتم الرتك اب‬
‫روعت اآلم نني وأف زعت املواط نني واملقيمني‪ ،‬وأزهقت أرواح اً‪،‬‬ ‫أعم ال التخ ريب والتفجري اليت ّ‬
‫وأراقت دماء‪ ،‬وأهدرت أمواالً‪ ،‬وخربت دياراً‪.‬‬
‫ف إن آب اءهم س وف ي بينون هلم الطريق ويه دوهنم س واء الس بيل‪ ،‬ويوض حون هلم احلق من‬
‫الباطل‪ ،‬ويأخذون على أيديهم محاية ألنفسهم أوالً مث لوطنهم ثانياً‪.‬‬
‫علي ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول‬
‫فأول ذنب ارتكبه هؤالء هو عقوق الوالدين‪ ،‬والعاق يف النار‪ ،‬فعن َ‬
‫(‪)3‬‬
‫اهلل ‪{ :‬من أحزن والديه فقد عقها}‬
‫وعن ابن عمر ‪ ‬ق ال‪ :‬ق ال رس ول اهلل ‪{ :‬بك اء الوال دين من العق وق} (‪ )4‬وعن عبد اهلل بن‬
‫عم رو بن الع اص –رضي اهلل عنهم ا‪ -‬أن رس ول اهلل ‪ ‬ق ال‪{ :‬ثالثة ح رم اهلل تب ارك وتع اىل عليهم‬
‫(‪)5‬‬
‫قر اخلبث يف أهله}‬
‫اجلنة؛ مدمن اخلمر‪ ،‬والعاق‪ ،‬والديوث الذي يُ ّ‬
‫وإذا كانت اجلنة حمرمة عليه فإن النار هي مصريه وبئس املصري‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫() رواه مسلم (‪)2549‬‬
‫‪2‬‬
‫() رواه أمحد بإسناد حسن‪ ،‬جممع الزوائد ‪8/137‬‬
‫‪3‬‬
‫() رواه أمحد بإسنادهن ‪ ،‬جممع الزوائد ‪8/137‬‬
‫‪4‬‬
‫() رواه البخاري يف األدب املفرد (‪)31‬‬
‫‪5‬‬
‫() رواه اإلمام أمحد (‪ )5372‬و (‪ )6113‬وقال حمقق املوسوعة احلديثية (‪ )10/269‬رقم (‪ )6113‬حديث صحيح‪ ،‬وهذا سند ضعيف‬
‫جلهالة راويه عن سامل إهـ‪ .‬والبزار (‪ )1875‬وقال‪ :‬صحيح اإلسناد‪ ،‬وصححه األلباين كما يف صحيح اجلامع (‪ )1/585‬رقم (‪،)3052‬‬
‫وقال اهليثمي يف جممع الزوائد (‪ )8/270‬رقم (‪ :)13431‬رواه أمحد وفيه را ٍو مل يسم ‪.‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪39‬‬

‫ب ّر الوالدين مقدم على رضى الزوجة‬


‫حفظ اإلسالم للزوجة حقوقها وصان هلا كرامتها وأوجب على الرجل اإلنفاق عليها‪ ،‬وأمره‬
‫حبسن معاش رهتا ق ال اهلل تب ارك وتع اىل ‪     ‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪         ‬‬

‫وقال سيدنا رسول اهلل ‪{ :‬خريكم خريكم ألهله وأنا خريكم ألهلي}‬
‫قال ابن كثري –رمحه اهلل‪ ...« :-‬وكان من أخالقه ‪ ‬أنه مجيل العشرة‪ ،‬دائم البشر‪ ،‬يداعب‬
‫أهله ويتلطف هبم‪ ،‬ويوسعهم نفقته‪ ،‬ويضاحك نساءه حىت إنه كان يسابق عائشة أم املؤمنني –رضي‬
‫اهلل عنه ا‪ -‬يت ودد إليه ا ب ذلك‪ ،‬ق الت‪ :‬س ابقين رس ول اهلل ‪ ‬فس بقته وذل ك قب ل أن أمحل اللحم‪ ،‬مث‬
‫(‪)3‬‬
‫سابقته بعد ما محلت اللحم فسبقين‪ ،‬فقال {هذه بتلك}(‪»...)2‬‬
‫ومع ه ذا فقد قُ دِّم ب ّر الوال دين على رضى الزوجة ملا هلما من فضل على الول د‪ ،‬ق ال عبد اهلل‬
‫بن عمر ‪ : ‬ك انت حتيت ام رأة‪ ،‬كنت أحبه ا‪ ،‬وك ان عمر يكرهه ا‪ ،‬فق ال يل‪ :‬طلقه ا‪ ،‬ف أبيت‪ ،‬ف أتى‬
‫عمر النيب ‪ ‬فذكر ذلك له‪ ،‬فقال النيب ‪{ :‬طلقها}(‪.)4‬‬
‫ُ‬
‫ففي ذلك تق دمي ل ّرب الوال دين على الزوجة يف أمر خطري أال وهو طالقه ا‪ ،‬وإهناء حياهتا مع ه‪،‬‬
‫وإخراجها من عص مته‪ ،‬مع أنه حيبها ويري دها‪ ،‬وعلى العكس من ذلك س أذكر لك أيها الق ارئ‬
‫الكرمي قصة عجيبة من عصرنا احلاضر تبكي العني‪ ،‬وتُ دمي الفؤاد‪ ،‬وحتزن القلب ملا فيها من تفضيل‬
‫للزوجة على األم‪.‬‬
‫وه ذه القصة رواها الش يخ علي الق رين عن أحد ب ائعي اجملوهرات يف حماض رة له بعن وان «كل‬
‫يغدو»‪.‬‬
‫يقول البائع للشيخ ‪:‬‬
‫«جاءين يف أحد األيام األخرية من شهر رمضان رجل وزوجته وأمه وابنه‪ ،‬وكانت األم على‬
‫حي اء ومعها ابن ه ذا الرج ل‪ ،‬ف وقفت به يف ج انب احملل‪ ،‬وج اءت زوجته وأخ ذت من ال ذهب ما‬

‫‪1‬‬
‫() سورة النساء ‪19/‬‬
‫‪2‬‬
‫() رواه اإلمام أمحد (‪ )24619‬وصححه حمقق املوسوعة الديثية (‪ )40/144‬حيث قال‪ :‬إسناده صحيح على شرط الشيخني‪ ،‬ورواه أبو‬
‫داود (‪ )2578‬والبيهقي يف السنن (‪ )10/18‬وابن حيان يف صحيحه (‪ )4691‬وصححه حمقق الكتاب‪/‬شعيب األرناؤوط رمحه اهلل‪،‬‬
‫وصححه األلباين كما يف مشكاة املصابيح (‪)3251‬‬
‫‪3‬‬
‫() ابن كثري ص (‪)282‬‬
‫‪4‬‬
‫() رواه أبو داود والرتمذي‪ ،‬رياض الصاحلني (‪)149‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪40‬‬
‫يع ادل العش رين ألف لاير‪ ،‬مث تق دمت األم وأخ ذت خامتاً واح داً من ال ذهب قيمته مائة لاير وعن دما‬
‫ج اء االبن لي دفع احلس اب دفع العش رين ألف لاير‪ ،‬فقلت‪ :‬بقي مائة لاير‪ ،‬فق ال االبن‪ :‬ألي ش يء؟‬
‫فقلت‪ :‬هلذا اخلامت ال ذي أخذته أم ك‪ ،‬فق ال االبن‪ :‬العج ائز ليس هلن ذهب‪ ،‬وأخذ اخلامت من ي دها‬
‫ورماه على الطاولة‪ ،‬فما كان من األم إال أن جترعت غصصها وأخذت ابنه بني يديها وخرجت إىل‬
‫الس يارة‪ ،‬فأنبته زوجته قائل ة‪ :‬ملاذا فعلت ذل ك؟ س تخرج أمك من عن دنا‪ ،‬من سيمسك ابننا بعد‬
‫ذلك؟ فأخذ اخلامت وذهب به إىل أمه‪ ،‬فقالت األم‪ :‬واهلل لن ألبس ذهب اً ما حييت أبداً‪ ،‬ما كنت أريد‬
‫سوى هذا اخلامت ألفرح به يوم العيد مع الناس‪ ،‬فقتلت هذه الفرحة يف نفسي فساحمك اهلل (‪.)1‬‬
‫ه ذا الولد أبكى بفعلته ه ذه قلب أم ه‪ ،‬ولو أدرك ما حيل به من اخلس ران والندامة يف ال دنيا‬
‫واآلخرة ألسعدها قبل أن يسعد زوجته ويرضيهما‪.‬‬
‫رت ه ذه القصة بعد قصة عبد اهلل بن عمر –رضي اهلل عنهم ا‪ -‬ليت بني لنا الف رق بني‬
‫وقد ذك ُ‬
‫الرب والعقوق‪ ،‬وألخذ العربة‪ ،‬والعظة فالسعيد من سعد بغريه والشقي من شقي بنفسه‪.‬‬

‫ب ّر الوالدين بعد موتهما‬


‫من الوف اء أن ال ينسى اإلنس ان املع روف وال جيحد الفض ل‪ ،‬وفضل اآلب اء على األبن اء عظيم‬
‫ولذلك مل تكتف آيات اإلسراء باألمر باإلحسان إىل الوالدين يف الدنيا فحسب بل بعد موهتما أيض اً‬
‫(‪)2‬‬
‫‪       ‬‬

‫يرب والديه بعد موهتم ا من خالهلا‪،‬‬


‫وقد بينت السنة املطه رة الطرق اليت يستطيع اإلنس ان أن ّ‬
‫ح ّدث مالك بن ربيعة الساعدي ‪ ‬قال‪ :‬بينما أنا جالس عند رسول اهلل ‪ ‬إذ جاء رجل من األنصار‬
‫أبرمها به؟ قال‪{ :‬نعم خصال أربع‪:‬‬ ‫أبوي شيء بعد موهتما ّ‬
‫علي من ّبر ّ‬
‫فقال‪ :‬يا رسول اهلل هل بقي ّ‬
‫الصالة عليهما واالستغفار هلما‪ ،‬وإنقاذ عهدمها‪ ،‬وإكرام صديقهما‪ ،‬وصلة الرحم اليت ال رحم لك‬
‫(‪)3‬‬
‫إال من قبلهما‪ ،‬فهو الذي بقي عليك بعد موهتما}‬
‫وعن أيب هريرة ‪ ‬ق ال‪{:‬رفع للميت بعد موته درجته فيق ول‪ :‬أي ريب أي شيء ه ذا؟ فيقول‬
‫(‪)4‬‬
‫له‪ :‬ولدك استغفر لك}‬

‫‪1‬‬
‫() انظر كتاب بر الوالدين وحترمي عقوقهما للشيخ غالب بن سليمان احلريب ص ‪50 ،49‬‬
‫‪2‬‬
‫() سورة اإلسراء‪24 /‬‬
‫‪3‬‬
‫() رواه اإلمام أمحد (‪ )16156‬وأبو داود (‪ )5142‬وابن ماجه (‪ )3664‬والبخاري يف األدب املفرد (‪ )35‬وضعفه األلباين‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫() األدب املفرد للبخاري باب (‪ )19‬ص ‪21 ،20‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪41‬‬
‫‪   ‬‬‫فاس تغفر أيها الق ارئ لوال ديك أو ملن م ات منهما وردد ق ائالً‬
‫‪ )2(   (1)،        ‬وأك ثر من ال دعاء‬
‫هلم ا فلق د انقط ع عملهم ا من ال دنيا إال من ثالث ة أنت واح د منه ا‪ ،‬ق ال س يدنا حمم د رس ول اهلل ‪:‬‬
‫{إذا مات اإلنسان انقطع عنه عمله إال من ثالثة‪ :‬صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صاحل يدعو‬
‫(‪)3‬‬
‫له}‬
‫ُخي على والديك بعد موهتما بالدعاء هلما واالستغفار‪ ،‬واستمطار الرمحة عليهما‬
‫فال تبخل أ ّ‬
‫والرضوان‪ ،‬وحترى أوقات االستجابة والغفران‪.‬‬
‫مث عليك أيض اً إنفاذ وصيتهما والصدقة عنهما‪ ،‬عن ابن عباس –رضي اهلل عنهما‪ -‬أن رجالً‬
‫(‪)4‬‬
‫قال‪ :‬إن أمي توفيت ومل توص أفينفعها أن أتصدق عنها؟ {قال‪ :‬نعم}‬
‫وعن س عد بن عب ادة ق ال‪{ :‬قلت ي ا رس ول اهلل إن أمي م اتت أفأتص دق عنه ا؟ ق ال‪ :‬نعم‪،‬‬
‫(‪)5‬‬
‫قلت‪ :‬فأي صدقة أفضل؟ قال‪ :‬سقي املاء}‬
‫وال يتوقف الرب هبما عند الدعاء واالستغفار والصدقة بل ميت ّد أيضاً ليشمل أموراً أخرى كثرية‬
‫منها‪:‬‬
‫‪ -‬قضاء النذر عنهما فلقد روي عن ابن عباس –رضي اهلل عنهما‪ -‬أن سعد بن عبادة استفىت‬
‫(‪)6‬‬
‫النيب ‪ ‬فقال‪ :‬إن أمي ماتت وعليها نذر‪ ،‬فقال‪{ :‬اقضه عنها}‬
‫‪ -‬ومنه ا قض اء الص وم عنهم ا‪ ،‬فعن عائش ة رض ي اهلل عنه ا أن رس ول اهلل ‪ ‬قال‪{ :‬من م ات‬
‫(‪)7‬‬
‫وعليه صوم صام عنه وليه}‬
‫وعن ابن عب اس ق ال‪ :‬ج اء رج ل إىل الن يب ‪ ‬فق ال ي ا رس ول اهلل إن أمي م اتت وعليه ا ص وم‬
‫(‪)8‬‬
‫شهر أفأقضيه عنها؟ قال‪{ :‬نعم فدين اهلل أحق أن يقضى}‬

‫‪1‬‬
‫() سورة نوح ‪28/‬‬
‫‪2‬‬
‫() سورة اإلسراء‪24 /‬‬
‫‪3‬‬
‫() األدب املفرد للبخاري باب (‪ )19‬ص ‪21‬‬
‫‪4‬‬
‫() األدب املفرد للبخاري باب (‪ )19‬ص ‪21‬‬
‫‪5‬‬
‫() رواه اإلمام أمحد (‪ )22826‬والنسائي (‪ )3664‬وأبو داود (‪ )1681‬وابن ماجه (‪ )3684‬وابن خزمية يف صحيحه (‪ )2497‬وابن‬
‫حبان يف صحيحه (‪ )3337‬وحسنه األلباين‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫) أخرجه البخاري (‪ )2761‬و (‪ )6698‬و (‪ )6959‬ومسلم (‪ )1638‬واإلمام أمحد يف مسنده (‪ )1893‬والنسائي (‪ )3657‬وأبو داود‬
‫(‪ )3307‬والرتمذي (‪ )1546‬وابن ماجه (‪)2132‬‬
‫‪7‬‬
‫() رواه البخاري (‪ )1952‬ومسلم (‪ )1147‬وأبو دود (‪)2400‬‬
‫‪8‬‬
‫() أخرجه البخاري (‪ )1953‬ومسلم (‪)1148‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪42‬‬
‫‪ -‬ومن ذلك أيضاً احلج عنهما فعن ابن عباس –رضي اهلل عنهما‪ -‬أن امرأة من جهينة جاءت‬
‫إىل الن يب ‪ ‬فق الت‪ :‬إن أمي ن ذرت أن حتج فلم حتج ح ىت م اتت‪ ،‬أفحج عنه ا؟ ق ال‪{ :‬حجي عنه ا‪،‬‬
‫(‪)1‬‬
‫أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ اقضوا دين اهلل‪ ،‬فاهلل أحق بالوفاء}‬
‫‪ -‬ومن ذلك صلة أص دقائهما فعن ابن عمر –رضي اهلل عنهما‪ -‬أن رسول اهلل ‪ ‬قال‪{ :‬إن‬
‫(‪)2‬‬
‫الرب أن يصل الرجل أهل ُو ِّد أبيه}‬
‫أبر ّ‬‫ّ‬
‫فمن قص ر يف ب ر والدي ه يف حياهتم ا ون دم على م ا ف رط يف حقهم ا وخ اف عاقب ة العق وق فال‬
‫يي أس من روح اهلل وال يقن ط من رمحت ه‪ ،‬وليعلم أن ب اب اإلحس ان إليهم ا مفت وح على مص راعيه‪،‬‬
‫ودمها‪ ،‬وإمنا يتقبل اهلل من‬
‫فليدخل منه داعياً ومستغفراً هلما‪ ،‬وصائماً عنهما وحاجاً هلما وواصالً أهل ّ‬
‫املتقني‪.‬‬

‫ثمرات بر الوالدين‬
‫لرب الوالدين مثرات كثرية منها‪:‬‬
‫ّ‬
‫‪ ‬تفريج الكروب وذهاب اهلموم واألحزان (‪.)3‬‬
‫قال رسول اهلل ‪{ :‬بينما ثالثة نفر يتماشون أخذهم املطر فمالوا إىل غار يف اجلبل فاحنطت‬
‫على فم غارهم صخرة من اجلبل فأطبقت عليهم‪ ،‬فقال بعضهم لبعض‪ :‬انظروا أعماالً عملتموها هلل‬
‫صاحلة‪ ،‬فادعوا اهلل هبا لعله يفرجها‪ ،‬فقال أحدهم‪ :‬اللهم إنه كان يل والدان شيخان كبريان‪ ،‬ويل‬
‫بوالدي أسقيهما قبل ولدي‪ ،‬وإنه‬
‫ّ‬ ‫صبية صغار كنت أرعى عليهم فإذا رحت عليهم فحلبت بدأت‬
‫ناء يب الشجر فما أتيت حىت أمسيت فوجدهتما قد ناما‪ ،‬فحلبت كما كنت أحلب‪ ،‬فجئت باحلالب‬
‫فقمت عند رؤوسهما أكره أن أوقظهما من نومهما ‪ ,‬وأكره أن أبدأ بالصبية قبلهما‪ ،‬والصبية‬
‫يتضاغون عند قدمي‪ .‬فلم يزل ذلك دأيب ودأهبم حىت طلع الفجر‪ ،‬فإن كنت تعلم أين فعلت ذلك‬
‫ابتغاء وجهك فأفرج لنا فرجة نرى منها السماء ففرج اهلل فرجة فرأوا منها السماء؛ وقال الثاين‪:‬‬
‫اللهم إنه كان يل ابنة عم أحبها كأشد ما حيب الرجال النساء فطلبت إليها نفسها فأبت حىت آتيها‬
‫مبئة دينار‪ ،‬فسعيت حىت مجعت مئة دينار فلقيتها هبا فلما قعدت بني رجليها قالت‪ :‬يا عبد اهلل اتق اهلل‬
‫وال تفتح اخلامت‪ ،‬فقمت عنها‪ .‬اللهم فإن كنت تعلم أين فعلت ذلك ابتغاء وجهك فأفرج لنا منها‬
‫ففرج هلم فرجة‪ .‬وقال اآلخر‪ :‬اللهم إين كنت استأجرت أجرياً يفرق أرزاً‪ ،‬فلما قضى عمله قال‪:‬‬
‫أعطين حقي فعرضت عليه حقه فرتكه ويرغب عنه فلم أزل أزرعه حىت مجعت منه بقراً وراعيها‪،‬‬

‫‪1‬‬
‫() أخرجه البخاري (‪)1852‬‬
‫‪2‬‬
‫() األدب املفرد باب ‪ 20‬ص ‪22 ،21‬‬
‫‪3‬‬
‫() بر الوالدين ص ‪30‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪43‬‬
‫فجاءين فقال‪ :‬اتق اهلل وال تظلمين وأعطين حقي‪ ،‬فقلت‪ :‬اذهب إىل ذلك البقر وراعيها‪ ،‬فقال‪ :‬اتق‬
‫اهلل وال هتزأ يب‪ ،‬فقلت‪ :‬إين ال أهزأ بك فخذ ذلك البقر وراعيها فأخذه فانطلق هبا‪ ،‬فإن كنت تعلم‬
‫(‪)1‬‬
‫أين فعلت ذلك ابتغاء وجهك فأفرج ما بقي ففرج اهلل عنهم}‬
‫فرب الوالدين كما جاء على لسان الصادق املصدوق ‪-‬يف هذه القصة‪ -‬املبلغ عن ربه الذي ال‬
‫ينطق عن اهلوى إن هو إال وحي يوحى‪ :‬سيدنا حممد ‪ ‬سبب يف حلول الفرج إذا بلغت الشدة‬
‫غايتها‪ ،‬وسبب يف تيسري العسر إذا استحكمت عقده‪.‬‬
‫‪ ‬الزيادة يف العمر والربكة فيه‬
‫(‪)2‬‬
‫قال رسول اهلل ‪{ ‬من بر والديه طوىب له زاد اهلل يف عمره}‬
‫وقال أيضاً‪{ :‬وإن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه‪ ،‬وال يرد القدر إال الدعاء‪ ،‬وال يزيد يف‬
‫(‪)3‬‬
‫العمر إال الرب}‬
‫فما أحلى احلياة إذا طال فيها العمر‪ ،‬وكثر فيها املال احلالل؛ وما أهنأ العيش إذا رافقته‬
‫طمأنينة النفس وراحة الضمري وحمبة الناس‪.‬‬
‫ُخي أن تتأمل معي هذا احلديث الشريف الذي رواه أنس ‪ ‬عن سيدنا رسول اهلل ‪‬‬ ‫ولك أ َّ‬
‫(‪)4‬‬
‫فليرب والديه وليصل رمحه}‬
‫سره أن ميد له يف عمره‪ ،‬ويزاد له يف رزقه ّ‬
‫حيث قال‪{ :‬من ّ‬
‫‪ ‬إجابة الدعوة‬
‫فعن عمر بن اخلطاب ‪ ‬قال‪ :‬مسعت رسول اهلل ‪ ‬يقول‪{ :‬يأيت عليكم أويس بن عامر مع‬
‫أمداد أهل اليمن من مراد مث من قرن كان به برص‪ ،‬فربأ منه إال موضع درهم‪ ،‬له والدة هو هبا ّبر لو‬
‫(‪)5‬‬
‫أقسم على اهلل ألبره‪ ،‬فإن استطعت أن يستغفر لك اهلل فافعل}‬
‫فألويس بن عامر فضل كبري ومنـزلة عالية عند اهلل تعاىل حىت أنه لو أقسم على اهلل ألبر اهلل‬
‫قسمه‪ ،‬وذلك لربهّ بأمه وإكرامه هلا‪.‬‬
‫‪ ‬مغفرة الذنوب وقبول التوبة‬
‫روي عن حيىي بن أيب بكر‪ ،‬قال‪ :‬ملا قدم أبو موسى األشعري وأبو عامر على رسول اهلل ‪‬‬
‫وأسلما‪ ،‬قال‪{ :‬ما فعلت امرأة منكم تدعى كذا وكذا؟ قالوا‪ :‬تركناها يف أهلها‪ ،‬قال‪ :‬فإنه قد غُ ِفر‬

‫‪1‬‬
‫() صحيح البخاري ‪3/47‬‬
‫‪2‬‬
‫() الرتغيب والرتهيب ‪3/137‬‬
‫‪3‬‬
‫() الرتغيب والرتهيب ‪3/137‬‬
‫‪4‬‬
‫() أخرجه اإلمام أمحد (‪ )13847‬قال حمقق املسند (املوسوعة احلديثية (‪ )21/319‬رقم احلديث (‪ :)13811‬حديث صحيح‪ ،‬وهذا‬
‫إسناد حسن من أجل ميمون بن سياه ومن دونه ثقات إهـ‪.‬‬
‫‪5‬‬
‫() أخرجه مسلم (‪)2542‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪44‬‬
‫هلا‪ ،‬قالوا مبا يا رسول اهلل؟ قال‪ :‬كانت هلا أم عجوز كبرية‪ ،‬فجاءها النذير‪ ،‬إن العدو يريد أن يغري‬
‫عليكم‪ ،‬فجعلت حتملها على ظهرها‪ ،‬فإذا أعيت وضعتها مث ألزقت بطنها ببطن أمها‪ ،‬وجعلت‬
‫(‪)1‬‬
‫رجليها حتت رجلي أمها من الرمضاء حىت جنت}‬
‫‪ ‬قبول األعمال ودخول اجلنة‪.‬‬
‫يف س ورة األحق اف آي ات حتدثت عن ص نف من الن اس ع رف ح ق اهلل تع اىل علي ه فش كره‪،‬‬
‫وع رف ح ق والدي ه فأحس ن إليهم ا وأط اع أمرمها‪ ،‬واجته د يف برمها‪ ،‬وع رف ح ق ذريت ه فأحس ن‬
‫تربيتها ودعا هلا بإلصالح والتوفيق‪ ،‬وسأل اهلل تعاىل التوبة واملغفرة‪ ،‬فتقبل اهلل عمله‪ ،‬وغفر له ذنبه‪،‬‬
‫ووع ده باجلن ة‪ ،‬ق ال اهلل تع اىل‪       :‬‬
‫‪           ‬‬
‫‪          ‬‬
‫‪          ‬‬
‫‪          ‬‬
‫‪         ‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪        ‬‬

‫وهكذا فليكن األبناء‪:‬‬


‫وبر هبم‪ ،‬واعرتاف بفضلهم‪ ،‬وطاعة هلم‪ ،‬وتقدميهم على النفس واألهل والولد‪،‬‬ ‫حب لآلباء‪ٌّ ،‬‬
‫ٌّ‬
‫خفض اجلناح هلم‪ ،‬ولني الكالم معهم‪ ،‬مث الدعاء واالستغفار هلم بعد وفاهتم‪.‬‬
‫وأختم هذا املوضع بأبيات تبني حقوق األم وفضلها‪ ،‬يقول الشاعر‪:‬‬

‫كثريك يا هذا لديه يســريُ‬ ‫ألمك حق لو علمت كب ــري‬


‫من جواها أنّة وزفيـ ُـر‬ ‫فكم ليلة باتت بثقلك تشتــكيلها‬
‫فمن غصص منها الفؤاد يطري‬ ‫ويف الوضع لو تدري عليها مشقة‬
‫وما حجرها إال لديك سرير‬ ‫فكم غسلت عنك الألذى بيمينها‬
‫ومن ثديها شرب لديك منري‬ ‫وتفديك مما تشتكيه بنفسهــا‬
‫حنواً وإشفاقاً وأنت صغري‬ ‫وكم مرة جاعت وأعطتك قوهتا‬
‫وآه ألعمى القلب وهو بصري‬ ‫فآه لذي عقل ويتبع اهلــوى‬
‫(‪)3‬‬
‫فأنت ملا تدعو إليه فقــري‬ ‫فدونك فارغب يف عميم دعائها‬

‫‪1‬‬
‫() رواه عبد الرزاق يف املصنف‪ ،‬والبيهقي يف شعب اإلميان انظر كتاب بر الوالدين ص ‪82‬‬
‫‪2‬‬
‫() سورة األحقاف‪16-15/‬‬
‫‪3‬‬
‫() حقوق اآلباء على األبناء – طه عبد اهلل العفيفي ص ‪30-29‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪45‬‬
‫ثالثاً‪ :‬الجهاد في سبيل هللا‬
‫عمت الدعوة اإلسالمية أرجاء املعمورة بسبب اجلهاد الذي بذله املسلمون إلعالء كلمة اهلل‬
‫ونشر دينه‪ ،‬وإخراج العباد من عبادة العباد إىل عبادة رب العباد‪ ،‬ومن ظلمات الكفر إىل نور‬
‫اإلسالم‪.‬‬
‫ولو ال اجلهاد الحنصر اإلسالم يف تلك البقعة الصغرية اليت انطلق منها‪ ،‬والندثرت معامل هذا‬
‫الدين يف فرتة وجيزة من الزمن‪.‬‬
‫واجلهاد هو بذل اجلهد والطاقة والنفس واملال يف حماربة العدو‪ ،‬فمادة الكلمة (ج هـ د) تدل‬
‫(‪)1‬‬
‫يف اللغة على‪ :‬الطاقة واملشقة والوسع والقتال‬
‫وهو من أحب األعمال إىل اهلل‪ ،‬وأفضل القربات إليه سبحانه‪ ،‬وهو ماض إىل يوم القيامة؛‬
‫نصرة لدين اهلل‪ ،‬ومحاية حلوزته‪ ،‬وذوداً عن حياضه‪ ،‬وحفاظاً على عزة أمته‪ ،‬ودحضاً للباطل وأهله‪،‬‬
‫ولذلك رفع اهلل شأن اجلهاد يف اإلسالم ووعد أهله املنازل العالية واألجر العظيم‪.‬‬
‫ق ال اهلل تع اىل ‪        ‬‬
‫‪           ‬‬
‫‪          ‬‬
‫‪          ‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ ‬‬

‫قال القرطيب ‪-‬رمحه اهلل‪ ...« :-‬أصل الشراء بني اخللق أن يعوضوا عما خرج من أيديهم ما‬
‫ك ان أنف ع هلم أو مث ل م ا خ رج عنهم يف النف ع‪ ،‬فاش رتى اهلل س بحانه من العب اد إتالفهم أنفس هم‬
‫وأمواهلم يف طاعته‪ ،‬وإهالكها يف مرضاته‪ ،‬وأعطاهم سبحانه عوض اَ عنها اجلنة إذا فعلوا ذلك‪ ،‬وهو‬
‫(‪)3‬‬
‫عوض عظيم ال يدانيه عوض وال يقاس به‪»..‬‬
‫واجله اد جتارة راحبة م ع اهلل‪ ،‬ق ال تع اىل ‪     ‬‬
‫‪         ‬‬
‫‪          ‬‬
‫‪         ‬‬
‫‪          ‬‬
‫‪            ‬‬
‫(‪)4‬‬

‫ف رأس م ال ه ذه التج ارة ه و اإلميان باهلل ورس وله واجله اد يف س بيل اهلل ب األموال واألنفس‪.‬‬
‫ورحبها مغفرة الذنوب‪ ،‬ودخول اجلنة‪ ،‬وبشارة بالنصر على األعداء‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫() انظر املفردات للراغب ص ‪ ،99‬وبدائع الصنائع للكاساين ‪19/429‬‬
‫‪2‬‬
‫() سورة التوبة ‪111/‬‬
‫‪3‬‬
‫() أحكام القرآن ‪8/267‬‬
‫‪4‬‬
‫() سورة الصف ‪13-10‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
46
   ‫ قال تعاىل‬،‫وهو أفضل عند اهلل من عمارة املسجد احلرام وسقاية احلجاج فيه‬
        
              
        
         
)1(

:-‫رمحه اهلل‬-‫قال ابن القيم‬


‫ وهم عم اره باالعتك اف والط واف‬،‫ أن ه ال يس توى عن ده عُ َّمار املس جد احلرام‬ ‫«أخ رب‬
‫ ال يستوون هم وأهل‬،‫ وأهل سقاية احلاج‬،‫ هذه هي عمارة مساجده املذكورة يف القرآن‬،‫والصالة‬
‫ وأهنم أهل‬،‫ وأهنم هم الفائزون‬،‫ وأخرب أن املؤمنني اجملاهدين أعظم درجة عنده‬،‫اجلهاد يف سبيل اهلل‬
‫ فنفي التس وية بني اجملاه دين وعم ار املس جد احلرام م ع أن واع‬،‫البش ارة بالرمحة والرض وان واجلن ات‬
        ‫ م ع ثنائ ه على عم اره بقول ه تع اىل‬،‫العب ادة‬
          
)2(
      
)3(
» ‫ ومع هذا فأهل اجلهاد أرفع درجة عند اهلل منهم‬،‫فهؤالء هم عمار املساجد‬
 ‫ قال تعاىل‬،‫ فرحني مبا آتاهم رهبم من العطايا واهلبات‬،‫والشهداء عند اهلل أحياء غري أموات‬
            
)4(
 

           ‫وق ال س بحانه‬
)5(
    

           ‫وق ال تع اىل‬
          
         
)6(
   

‫ أحاديث كثرية تبني فضل اجلهاد ومنزلة الشهداء عند اهلل‬ ‫كما رويت عن الرسول الكرمي‬
َّ ‫وما‬
:‫ نذكر منها‬،‫ ودرجات عالية ومنازل رفيعة‬،‫ وخريكثري‬،‫أعد هلم من نعيم مقيم‬
‫ وص ام‬،‫ وأق ام الص الة‬،‫ {من آمن باهلل ورس وله‬: ‫ ق ال رس ول اهلل‬:‫ ق ال‬ ‫عن أيب هري رة‬
،‫ ك ان حق اً على اهلل أن يدخل ه اجلن ة جاه د يف س بيل اهلل أو جلس يف أرض ه ال يت ول د فيه ا‬،‫رمض ان‬
1
20-19 ‫() سورة التوبة‬
2
350 ‫ وانظر منهاج املسلم للشيخ أيب بكر اجلزائري ص‬18/‫() سورة التوبة‬
3
‫ طبع الشؤون الدينية يف قطر‬623 ‫() طريق اهلجرتني وباب السعادتني ص‬
4
154/‫() سورة البقرة‬
5
157/‫() سورة آل عمران‬
6
170-169/ ‫() سورة آل عمران‬

 www.alukah.net
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪47‬‬
‫قالوا يا رسول اهلل أفال نبشر الناس؟ قال‪ :‬إن يف اجلنة مائة درجة أعدها اهلل للمجاهدين يف سبيل اهلل‪،‬‬
‫ما بني الدرجتني كما بني السماء واألرض‪ ،‬فإذا سألتم اهلل فسألوه الفردوس فإهنا أوسط اجلنة وأعلى‬
‫(‪)1‬‬
‫اجلنة}‬
‫ففي احلديث بيان درجات اجملاهدين اليت ال يناهلا غريهم‪.‬‬
‫وعن أيب هري رة ‪ ‬عن الن يب ‪ ‬ق ال‪« :‬انت دب اهلل ملن خ رج يف س بيله ال خيرج ه إال إميان يب‬
‫وتص ديق برس لي أن أرجع ه مبا ن ال من أج ر أو غنيم ة أو ادخل ه اجلن ة‪ ،‬ول وال أن أش ق على أم يت م ا‬
‫(‪)2‬‬
‫فعدت خلف سرية‪ ،‬ولوددت أين أقتل يف سبيل اهلل مث أحيا مث أقتل مث أحيا مث أقتل}‬
‫فاجملاهد رابح على كل حال‪ ،‬انتصر على عدوه فعاد إىل بيته غامنا مأجوراً‪ ،‬أو استشهد فإنه‬
‫ي دخل اجلن ة‪ ،‬وال يتم ىن أح د غ ري الش هيد أن حييي ه اهلل وخيرج ه من اجلن ة ليع ود إىل ال دنيا ليقات ل يف‬
‫سبيل اهلل مراراً‪ ،‬ملا رأى من اخلري العظيم املرتتب على الشهادة يف سبيل اهلل‪.‬‬
‫فعن أنس بن مالك ‪ ‬عن النيب ‪ ‬قال‪{ :‬ما أحد يدخل اجلنة حيب أن يرجع إىل الدنيا وله ما‬
‫على األرض من شيء إال الشهيد‪ ،‬يتمىن أن يرجع إىل الدنيا فيقتل عشر مرات ملا يرى من الكرامة}‬
‫(‪)3‬‬

‫بل إن رسول اهلل ‪ ‬صاحب املقام احملمود‪ ،‬واحلوض املورد‪ ،‬والفردوس األعلى‪ ،‬يتمىن أن يقتل‬
‫مث حييا مث يقتل يف سبيل اهلل حباً يف كرامة الشهداء عند اهلل‪.‬‬
‫وعن نعيم بن مهار الغطف اين ‪ ‬أن رجالً س أل الن يب ‪ ‬أي الش هداء أفض ل؟ ق ال‪{ :‬ال ذين إن‬
‫يلقوا يف الصف ال يلفتون وجوههم حىت يقتلوا‪ ،‬أولئك ينطلقون يف الغرف العلى يف اجلنة‪ ،‬ويضحك‬
‫(‪)4‬‬
‫إليهم رهبم‪ ،‬وإذا ضحك ربك إىل عبد يف الدنيا فال حساب عليه}‬

‫حكم الجهاد‬
‫اجلهاد إما فرض كفاية وإما فرض عني‪:‬‬
‫‪ .1‬فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقني وإال أمث اجلميع برتكه‪ ،‬قال السرخسي‪-‬‬
‫رمحه اهلل‪:-‬‬

‫‪1‬‬
‫() صحيح البخاري رقم (‪ )2790‬وفتح الباري (‪)6/11‬‬
‫‪2‬‬
‫() صحيح البخاري رقم (‪ )36‬وفتح الباري (‪)1/92‬‬
‫‪3‬‬
‫() صحيح البخاري رقم (‪ )2817‬وفتح الباري (‪)6/32‬‬
‫‪4‬‬
‫() مسند أمحد ‪5/287‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪48‬‬
‫«‪ ...‬ونوع هو فرض على الكفاية‪ ،‬إذا قام به البعض سقط عن الباقني حلصول املقصود‪ ،‬وهو‬
‫(‪)5‬‬
‫كسر شوكة املشركني وإعزاز الدين»‬
‫ق ال مص طفى الس يوطي‪ ...« :‬وش رعاً‪ :‬قت ال الكف ار‪ ،‬وهو ف رض كفاية إذا ق ام به من يكفي‬
‫(‪)2‬‬
‫سقط وجوبه عن غريهم‪ ،‬و إال أمث الناس كلهم»‬
‫‪ .2‬ف رض عني على مجي ع املس لمني وذل ك إذا غ زا الع دو بالد املس لمني واعت دى على‬
‫يهب لل دفاع عن أرض ه‬
‫حرم اهتم ومقدس اهتم – كم ا ه و احلال اآلن‪ -‬فيجب على ك ل مس لم أن ّ‬
‫ومقدس اته بدم ه ومال ه فمن مل يس تطع اجله اد بنفس ه فعلي ه الت ربع مبال ه ت دعيماً للمح اربني‪ ،‬ومن مل‬
‫يقدم كل ما يستطيع تقدميه للجهاد واجملاهدين يكون آمثاً لتخلفه عن واجب اجلهاد‪ ،‬يقول تعاىل ‪‬‬
‫‪           ‬‬
‫‪          ‬‬
‫‪          ‬‬
‫‪           ‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪  ‬‬

‫ويق ول تع اىل ‪        ‬‬


‫‪        ‬‬
‫‪        ‬‬
‫(‪)4‬‬
‫‪    ‬‬
‫(‪)5‬‬
‫وعن أنس بن مالك ‪ ‬أن رسول اهلل ‪ ‬قال‪{ :‬جاهدوا املشركني بأموالكم وأنفسكم}‬
‫وعن أيب هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪{ :‬من مات ومل يغز ومل حيدث نفسه بالغزو‪ ،‬مات‬
‫(‪)6‬‬
‫على شعبة من نفاق}‬
‫فاجله اد واجب ياعب اد اهلل على مجي ع املس لمني الي وم لكن ذل ك بش روط ق ال الش يخ حمم د‬
‫الصاحل بن عثيمني‪:‬‬
‫«ال بد فيه –أي يف اجلهاد‪ -‬من شرط وهو أن يكون عند املسلمني قدرة وقوة يستطيعون هبا‬
‫القت ال‪ ،‬فإن مل يكن ل ديهم قدرة فإن إقحام أنفسهم يف القتال إلقاء بأنفسهم إىل التهلك ة‪ ،‬وهلذا مل‬
‫جيب اهلل ‪ ‬على املسلمني القتال وهم يف مكة‪ ،‬ألهنم عاجزون ضعفاء فلما هاجروا إىل املدينة وكونوا‬
‫(‪)7‬‬
‫الدولة اإلسالمية وصار هلم الشوكة أمروا بالقتال‪ ،‬وعلى هذا فال بد من هذا الشرط‪»...‬‬

‫‪5‬‬
‫() املبسوط ‪10/30‬‬
‫‪2‬‬
‫() مطالب أوىل النهى ‪2/497‬‬
‫‪3‬‬
‫() سورة التوبة ‪39 ،38:‬‬
‫‪4‬‬
‫() سورة التوبة‪45-44/‬‬
‫‪5‬‬
‫() أخرجه النسائي‪ ،‬والدارمي‪ ،‬وأمحد‪ ،‬وصححه ابن حبان‬
‫‪6‬‬
‫() صحيح مسلم ‪3/1517‬‬
‫‪7‬‬
‫() الفتاوى الشرعية يف القضايا العصرية – مجع األستاذ حممد بن فهد احلصني ص‪106‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪49‬‬
‫وقال الشيخ صاحل الفوزان –حفظه اهلل‪:-‬‬
‫«‪ ...‬أم ا أه ل الس نة فيقول ون‪ :‬ال ب د من راي ة وال ب د من إم ام ه ذا منهج املس لمني من عه د‬
‫(‪)1‬‬
‫رسول اهلل ‪ ،‬فالذي يفيت بأنه ال إمام وال راية‪ ،‬وكل يتبع هواه‪ ،‬هذا رأي اخلوارج»‬
‫وهذه الشروط ال تكون إال يف جهاد الطلب والغزو‪ .‬قال الشيخ صاحل الفوزان –حفظه اهلل‪-‬‬
‫يف هذا‪:‬‬
‫(‪)2‬‬
‫«‪ ...‬أما قتال الطلب والغزو فهذا ال يكون إال إذا توفرت مقوماته‪»...‬‬
‫أما جهاد الدفاع فال يشرتط فيه شروط‪ ،‬بل خيرج الولد من غري إذن والديه‪ ،‬واملرأة من غري‬
‫إذن زوجها‪ ،‬كما هو احلال يف بعض ديار املسلمني‪ ،‬فإن أهل هذه البالد يهبون للدفاع عن بالدهم‬
‫وأرواحهم وأعراضهم بدون إذن وبدون أمري وبدون راية‪ ،‬وإن وجدت الراية واألمري فذلك أحسن‬
‫وأوىل لدحر العدو عن ديار املسلمني‪.‬‬
‫قال شيخنا ابن عثيمني‪:‬‬
‫«‪ ...‬إذا حصر العدو بلدة صار اجلهاد واجب اً؛ ألنه جهاد دفاع؛ ألن العدو إذا حصر البلد‬
‫معناه أن أهلها يكون عرضة للهالك‪ ...‬فيجب الدفاع ما دام عندهم ما ميكن أن يدافعوا به جيب أن‬
‫(‪)3‬‬
‫يدافعوا »‬
‫وجيب على البالد اجملاورة هلم نص رهتم ومس اعدهتم بك ل م ا ميلك ون حتقيق اً لألخ وة اإلس المية‬
‫(‪)4‬‬
‫ومبدأ التناصر ‪       ‬‬
‫(‪)5‬‬
‫‪          ‬‬

‫‪         ‬‬ ‫فتناص روا أيه ا املؤمن ون واحتدوا‬
‫(‪)6‬‬
‫‪    ‬‬

‫كلمة حق عند سلطان جائر‬


‫(‪)7‬‬
‫يقوم النيب ‪{ :‬أحب اجلهاد إىل اهلل كلمة حق تقال إلمام جائر}‬

‫‪1‬‬
‫() الفتاوى الشرعية يف القضايا العصرية ص‪109‬‬
‫‪2‬‬
‫() الفتاوى الشرعية يف القضايا العصرية ص ‪111‬‬
‫‪3‬‬
‫() الفتاوى الشرعية يف القضايا العصرية ص ‪104‬‬
‫‪4‬‬
‫() سورة األنفال‪72/‬‬
‫‪5‬‬
‫() سورة احلج‪40/‬‬
‫‪6‬‬
‫() سورة النساء ‪84/‬‬
‫‪7‬‬
‫() رواه أمحد وحسنه األلباين‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪50‬‬
‫عُ نيت الش ريعة اإلس المية ب والة األم ر عناي ة فائق ة‪ ،‬وأك دت على حق وقهم تأكي داً عظيم اً‪،‬‬
‫وجعلت طاعتهم أمراً واجباً على الرعية يف حدود ما شرع اهلل‪.‬‬
‫‪       ‬‬ ‫يق ول تع اىل‬
‫‪ )1(     ‬و «أولو األمر» كما قال املفسرون هم احلكام والعلماء‪.‬‬
‫وروى الشيخان عن عبادة بن الصامت ‪ ‬قال‪« :‬دعانا رسول اهلل ‪ ‬فبايعناه فكان فيما أخذ‬
‫علينا أن بايعناه على السمع والطاعة يف منشطنا ومكرهنا وعسرنا ويسرنا وأثرة علينا‪ ،‬وأال ننازع‬
‫(‪)2‬‬
‫األمر أهله ما مل نر كفراً بواحاً لنا فيه من اهلل برهان»‬
‫وعن ابن عمر ‪ ‬عن النيب ‪ ‬قال‪{ :‬على املرء املسلم السمع والطاعة فيما أحب وكره‪ ،‬إال أن‬
‫(‪)3‬‬
‫يؤمر مبعصية فإن أمر مبعصية فال مسع وال طاعة}‬
‫فللح اكم على الرعية حق الس مع والطاع ة؛ ألنه حيمل مههم‪ ،‬ويق ودهم إىل احلق‪ ،‬وحيفظ‬
‫حقوقهم‪ ،‬ويدافع عن حرماهتم‪.‬‬
‫وله –أيض اً‪ -‬عليهم حق النصح والت ذكري؛ ألن احلاكم غري معص وم من اخلطأ والزل ل‪ .‬وه ذا‬
‫واجب العلم اء الرب انيني دون ش ٍق لعصا الطاع ة‪ ،‬أوإث ارة لفتن ة‪ ،‬أو دع وة إىل طائفية أو حزبية لغري‬
‫احلق‪.‬‬
‫وقد ك ان مش اهري علم اء الس لف –رض وان اهلل عليهم‪ -‬يقوم ون بالنص يحة ألئمة املس لمني‬
‫وحك امهم؛ ألن هداية احلاكم من أعظم اخلري‪ ،‬وأج ّل مثرات اجله اد؛ إذ بص الحه ص الح البالد‬
‫وأحوال العباد‪.‬‬
‫يقول اإلمام مالك –رمحه اهلل‪:-‬‬
‫«حق على كل مسلم جعل اهلل يف صدره شيئاً من العلم والفقه‪ ،‬أن يدخل على ذي سلطان‬
‫(‪)4‬‬
‫يأمره باخلري وينهاه عن الشر ويعظه»‬
‫ومن أمثلة ذلك‪:‬‬
‫‪ ‬دخل عط اء بن أيب رب اح على عبد امللك بن م روان – وهو ج الس على س ريرة – وحوله‬
‫األش راف من كل بطن‪ -‬وذلك يف مكة يف وقت حجه يف خالفته فلما بصر ب ه‪ ،‬ق ام وأجلسه معه‬
‫على السرير وقعد بني يديه وقال له‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫() سورة النساء ‪59/‬‬
‫‪2‬‬
‫() متفق عليه انظر فتح الباري ‪ ،6 ،13/5‬وشرح النووي لصحيح مسلم ‪12/228‬‬
‫‪3‬‬
‫() رواه البخاري رقم (‪)7144‬‬
‫‪4‬‬
‫() املهذب من إحياء علوم الدين ‪1/481‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪51‬‬
‫يا أبا حممد ما حاجت ك؟ فق ال‪:‬يا أمري املؤم نني اتق اهلل يف ح رم اهلل وح رم رس وله فتعاه دمها‬
‫بالعم ارة‪ ،‬واتق اهلل يف أوالد امله اجرين واألنص ار‪ ،‬فإنك هبم جلست ه ذا اجمللس‪ ،‬واتق اهلل يف أهل‬
‫الثغور فإهنم حصن املسلمني‪ ،‬وتفقد أمور املسلمني فإنك وحدك املسؤول عنهم‪ ،‬واتق اهلل فيمن على‬
‫بابك فال تغفل عنهم‪،‬وال تغلق بابك دوهنم‪.‬‬
‫فق ال ل ه‪ :‬أجل أفع ل‪ .‬مث هنض‪ ،‬فقبض عليه عبد املل ك‪ ،‬فق ال‪ :‬يا أبا حممد إمنا س ألتنا حاجة‬
‫لغريك‪ ،‬وقد قضيناها‪ ،‬فما حاجتك أنت؟ قال‪ :‬مايل إىل خملوق حاجة‪ ،‬مث انصرف‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫فقال عبد امللك‪ :‬هذا‪ -‬وأبيك‪ -‬الشرف»‬
‫‪ ‬وبعث احلجاج إىل احلسن البصري‪ ،‬فلما دخل عليه قال‪« :‬أنت الذي تق ول‪ :‬قاتلهم اهلل‪،‬‬
‫قتلوا عباد اهلل على الدينار والدراهيم؟ قال‪ :‬نعم‪.‬‬
‫ق ال‪ :‬ما محلك على ه ذا؟ ق ال‪ :‬ما أخذ اهلل على العلم اء من املواثي ق‪ :‬ليبيننه للن اس وال‬
‫يكتمون ه‪ .‬ق ال‪ :‬يا حسن أمسك عليك لس انك‪ ،‬وإي اك أن يبلغين عنك ما أك ره ف أفرق بني رأسك‬
‫(‪)2‬‬
‫وجسدك »‬
‫وهك ذا‪ ،‬فجهر العلم اء ب احلق أم ام احلك ام ومناص حتهم س راً وتض حيتهم يف س بيل ذلك‬
‫ب أرواحهم‪ ،‬وع دم خش يتهم يف اهلل لومة الئم‪ ،‬من أحب اجله اد إىل اهلل تع اىل كما ق ال النيب ‪‬‬
‫واحلاكم الص احل ال بد أن يس تجيب هلؤالء ما دامت نص يحتهم خالصة وحسب الض وابط الش رعية‪،‬‬
‫وليس وراءها مط امع شخص ية‪ ،‬وه ذا دأب العلم اء واحلك ام ق دمياً وح ديثاً‪ ،‬ولقد ك ان لش يخما‬
‫العالمة الشيخ عبد العزيز بن باز منهج اً متميزاً يف مناصحة احلكام ومالطفتهم وداللتهم على اخلري‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫ولذا حتقق على يده خري عظيم للبالد والعباد داخل بالدنا وخارجها فرمحه اهلل رمحة واسعة‬

‫‪1‬‬
‫() نفسه ‪1/482‬‬
‫‪2‬‬
‫() نفسه ‪1/483‬‬
‫‪3‬‬
‫() عقدت مبحثاً خاصاً هلذا األمر يف ترمجة الشيخ ضمن كتاب لقاءايت مع الشيخني (الطيار)‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪52‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪53‬‬
‫المداومة على الطاعات‬
‫من أحب األعمال إىل اهلل املداومة على الطاعات‪ ،‬جاء يف صحيح مسلم‪ :‬حدثنا ابن خمري‬
‫حدثنا أيب حدثنا سعد بن سعيد أخربين القاسم بن حممد عن عائشة رضي اهلل عنها قالت‪ :‬قال‬
‫قل} قال‪ :‬وكانت عائشة إذا عملت العمل‬‫رسول اهلل ‪{ ‬أحب األعمال إىل اهلل تعاىل أدومها وإن ّ‬
‫(‪)1‬‬
‫لزمته‬
‫اإلسالم دين الوسطية واالعتدال يف األقوال واألفعال‪ ،‬ولذلك ينبغي للمسلم أن يتوسط يف‬
‫حيمل نفسه ما ال تطيق فإنه إذا أجهدها ملّت وكلت وانقطعت عن العبادة‪.‬‬‫العبادة‪ ،‬وال ّ‬
‫فقليل العبادة الدائم خري من كثريها املنقطع‪ ،‬قال تعاىل‬
‫‪    ‬‬
‫‪ )2(      ‬هذا مثل قرآين ملن نقض عهده بعد توكيده‪.‬‬
‫ق ال ش يخنا حممد بن ع ثيمني –يرمحه اهلل‪...« :-‬العمل وإن ق ّل إذا داومت عليه ك ان أحسن‬
‫(‪)3‬‬
‫لك‪ ،‬ألنك تفعل العمل براحة وترتكه وأنت ترغب فيه‪ ،‬ال ترتكه وأنت متل منه»‬
‫وك انت ص الة النيب ‪ ‬وخطبته «قص داً» أي بني الط ول والقصر ‪ -‬فعن أيب عبد اهلل ج ابر بن‬
‫السوائي قال‪{ :‬كنت أصلي مع النيب ‪ ‬الصلوات فكانت صالته قصداً وخطبته قصداً} (‪.)4‬‬ ‫مسرة ّ‬
‫وقد أمرهم النيب ‪ ‬أن حيلوا حبل زينب من املسجد فعن أنس ‪ ‬قال‪ :‬دخل النيب ‪ ‬املسجد‬
‫فإذا حبل ممدود بني الساريتني قال‪{:‬ما هذا احلبل؟ قالوا هذا حبل لزينب‪ ،‬فإذا فرتت تعلقت به‪،‬‬
‫فقال النيب ‪ُ ‬حلُّوهُ ! ِّ‬
‫(‪)5‬‬
‫ليصل أحدكم نشاطه‪ ،‬فإذا فرت فلريقد}‬
‫والعمل القليل املستمر أفضل من العمل الكثري الذي متل به النفس وتسأم منه‪ ،‬مث ترتكه‬
‫ألصومن‬
‫ّ‬ ‫وتنقطع عنه‪ ،‬وقد بلغ النيب ‪ ‬أن عبد اهلل بن عمرو بن العاص –رضي اهلل عنهما‪ -‬قال‪:‬‬
‫وألقومن الليل ما عشت‪ ،‬فقال له النيب ‪{ :‬أنت الذي قلت ذلك؟ قال‪ :‬نعم يا رسول اهلل‪،‬‬
‫ّ‬ ‫النهار‪،‬‬
‫قال ‪-‬أي النيب ‪ :- ‬إنك ال تطيق ذلك‪ ،‬فصم وأفطر مث من وقم‪،‬صم من الشهر ثالثة أيام‪ ،‬فإن‬
‫احلسنة بعشر أمثاهلا وذلك مثل صيام الدهر‪ ،‬قلت‪ :‬إين أطيق أفضل من ذلك‪ ،‬قال‪ :‬فصم يوماً وأفطر‬
‫يوماً فذلك صيام داود ‪ ‬وهو أعدل الصيام‪ ،‬فقلت‪ :‬فإين أطيق أفضل من ذلك‪ ،‬فقال رسول اهلل ‪:‬‬
‫(‪)6‬‬
‫وال أفضل من ذلك}‬

‫‪1‬‬
‫() صحيح مسلم (‪ )1/541‬رقم (‪)782‬‬
‫‪2‬‬
‫() سورة النحل ‪92/‬‬
‫‪3‬‬
‫() شرح رياض الصاحلني للشيخ حممد بن عثيمني ‪1/561‬‬
‫‪4‬‬
‫() صحيح مسلم رقم (‪)866‬‬
‫‪5‬‬
‫() صحيح البخاري رقم (‪ ،)212‬وصحيح مسلم رقم (‪)786‬‬
‫‪6‬‬
‫() صحيح البخاري رقم (‪)1976‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪54‬‬
‫وكرب عبد اهلل بن عمرو‪ ،‬وصار يشق عليه أن يصوم يوماً ويرتك يوماً‪ ،‬فقال‪ :‬ليتين قبلت‬
‫(‪)1‬‬
‫رخصة النيب ‪ ،‬مث صار يصوم مخسة عشر يوماً سرداً‪ ،‬ويفطر مخسة عشر يوماً سرداً‬
‫واالقتصاد يف العبادة من سنن النيب ‪ ‬فعن أنس ‪ ‬قال‪ :‬جاء ثالثة رهط إىل بيوت أزواج النيب‬
‫‪ ‬يسألون عن عبادة النيب ‪ ‬فلما أُخربوا‪ ،‬كأهنم تقالّوها وقالوا‪ :‬أين حنن من النيب ‪ ‬وقد غُفر له ما‬
‫تقدم من ذنبه وما تأخر؟ قال أحدهم‪ :‬أما انا فأصلي الليل أبداً‪ ،‬وقال اآلخر‪ :‬وأنا أصوم الدهر أبداً‬
‫وال أفطر‪ ،‬وقال اآلخر‪ :‬وأنا أعتزل النساء فال أتزوج أبداً‪ .‬فجاء رسول اهلل ‪ ‬إليهم‪ ،‬فقال‪{ :‬أنتم‬
‫الذين قلتم كذا وكذا؟ أما واهلل إين ألخشاكم هلل وأتقاكم له‪ ،‬لكين أصوم وأفطر وأصلي وأرقد‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫وأتزوج النساء؛ فمن رغب عن سنيت فليس مين}‬
‫وعلى العاقل أن يكون له ساعات‪ :‬ساعة يناجي فيها ربه‪ ،‬وساعة حياسب فيها نفسه‪ ،‬وساعة‬
‫يفكر فيها يف صنع اهلل‪ ،‬وساعة خيلو فيها حلاجته من مطعم ومشرب وغريمها‪ ،‬وهذا معىن ما أوصى‬
‫به الرسول ‪ ‬حنظلة ‪‬‬
‫ربعي حنظلة بن الربيع األسيدي الكاتب‪ ،‬أحد كتاب رسول اهلل ‪ ‬قال‪ :‬لقيين أبو‬ ‫فعن أيب ّ‬
‫بكر ‪ ‬فقال‪ :‬كيف أنت يا حنظلة؟ قلت‪ :‬نافق حنظلة‪ ،‬قال‪ :‬سبحان اهلل! ما تقول‪ :‬قلت‪ :‬نكون‬
‫(‪)3‬‬
‫عند رسول اهلل ‪ ‬يذكرنا باجلنة والنار كأهنا رأي عني‪ ،‬فإذا خرجنا من عند رسول اهلل ‪ ‬عافسناَ‬
‫األزواج واألوالد والضيعات نسينا كثرياً‪ ،‬قال أبو بكر ‪ :‬فواهلل إنا لنلقى مثل هذا؛ فانطلقت أنا‬
‫وأبو بكر حىت دخلنا على رسول اهلل ‪ ‬فقلت‪ :‬نافق حنظلة يا رسول اهلل ! فقال رسول اهلل ‪{ :‬وما‬
‫ذاك؟} قلت‪ :‬يا رسول اهلل! نكون عندك تذكرنا بالنار واجلنة رأي عني‪ ،‬فإذا خرجنا من عندك‬
‫عافسنا األزواج واألوالد والضيعات نسينا كثرياً؛ فقال رسول اهلل ‪:‬‬
‫{والذي نفسي بيده لو تدومون على ما تكونون عليه عندي ويف ِّ‬
‫الذ ْك ِر‪ ،‬لصافحتكم املالئكة‬
‫(‪)4‬‬
‫على فراشكم ويف طرقكم‪ ،‬ولكن يا حنظلة ساعةً وساعة} ثالث مرات‬
‫‪     ‬‬ ‫فاحلمد اهلل ال ذي أراد بنا اليسر ومل ي رد بنا العسر‬
‫(‪)5‬‬
‫‪   ‬‬

‫‪1‬‬
‫() شرح رياض الصاحلني البن عثيمني ‪1/562‬‬
‫‪2‬‬
‫() صحيح البخاري رقم (‪ ،)5063‬ومسلم رقم (‪)1401‬‬
‫‪3‬‬
‫() عافسنا‪ :‬الَ َعْبناَ‬
‫‪4‬‬
‫() رواه مسلم رقم (‪)2750‬‬
‫‪5‬‬
‫() سورة البقرة‪185/‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪55‬‬
‫يشاد الدين أحد إال غلبه‪ ،‬فسددوا وقاربوا‬
‫وصدق رسول اهلل القائل‪{ :‬إن الدين يسر ولن ّ‬
‫وأبشروا‪ ،‬واستعينوا بالغدوة (‪ )1‬والروحة (‪ )2‬وشيء من الدجلة (‪})3‬‬

‫آثار املداومة على األعمال الصاحلة‬


‫للمداومة على األعمال الصاحلة آثار كثرية منها ‪:‬‬
‫‪ ‬دوام اتصال القلب خبالقه وذلك يكسبه قوة ويقين اً وثبات اً وتعلق اً باهلل سبحانه وتوكالً عليه‬
‫(‪)4‬‬
‫ومن مث يكفيه اهلل مهه قال تعاىل ‪       ‬‬

‫‪   ‬‬ ‫‪ ‬أهنا س بب حمب ة اهلل تع اىل للعب د ووالي ة العب د هلل‪ ،‬ق ال اهلل تع اىل‬
‫(‪)5‬‬
‫‪   ‬‬

‫وعن أيب هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪{ :‬إن اهلل قال‪:‬من عادى يل ولي اً فقد آذنته باحلرب‪،‬‬
‫إيل بالنواف ل حىت‬
‫إيل عبدي بش يء أحب إيل مما افرتض ته عليه‪ ،‬وما يزال عبدي يتق رب ّ‬ ‫وم ا تق رب ّ‬
‫أحبه‪ ،‬فإذا أحببته كنت مسعه الذي يسمع به‪ ،‬وبصره الذي يبصر به‪ ،‬ويده اليت يبطش هبا‪ ،‬ورجله‬
‫اليت ميشي هبا‪ ،‬وإن سألين ألعطيه‪ ،‬ولئن استعاذين ألعيذنه‪ ،‬وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي‬
‫(‪)6‬‬
‫عن نفس املؤمن يكره املوت وأنا أكره مساءته}‬
‫‪ ‬أهنا سبب يف حمو الذنوب واخلطايا‪ ،‬فعن أيب هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪{ :‬أرأيتم لو أن‬
‫هنراً بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم مخس مرات هل يبقى من درنه شيء؟ قالوا‪ :‬ال‪ ،‬قال‪ :‬فذلك‬
‫(‪)7‬‬
‫مثل الصلوات اخلمس ميحو اهلل هبن اخلطايا}‬
‫فاملداوم ة على الص لوات اخلمس يف أوقاهتا حيث ينادي هبن‪ ،‬وكثرة اخلطا إىل املس اجد ميحو‬
‫اهلل به اخلطايا ويكفر به الذنوب واآلثام‪ ،‬ويرفع به الدرجات‪ ،‬فعن أيب هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول اهلل‬
‫‪{ :‬أال أدلكم على م ا ميح و اهلل ب ه اخلطاي ا‪ ،‬ويرف ع ب ه ال درجات؟ ق الوا بلى ي ا رس ول اهلل‪ ،‬ق ال‪:‬‬
‫إس باغ الوض وء على املك اره‪ ،‬وك ثرة اخلط ا إىل املس اجد‪ ،‬وانتظ ار الص الة؛ ف ذلكم الرب اط‪ ،‬ف ذلكم‬
‫(‪)8‬‬
‫الرباط}‬
‫‪1‬‬
‫() الغدوة‪ :‬سري أول النهار‬
‫‪2‬‬
‫() الروحة‪ :‬آخر النهار‬
‫‪3‬‬
‫() الدجلة ‪ :‬آخر الليل ‪ .‬رواه البخاري رقم (‪)6463‬‬
‫‪4‬‬
‫() سورة الطالق ‪3/‬‬
‫‪5‬‬
‫() سورة البقرة‪222/‬‬
‫‪6‬‬
‫() انظر فتح الباري (‪)11/340‬‬
‫‪7‬‬
‫() رواه البخاري رقم (‪ ، )528‬ومسلم رقم (‪)667‬‬
‫‪8‬‬
‫() رواه مسلم رقم (‪252‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪56‬‬
‫‪ ‬أن املداوم ة على األعم ال الص احلة س بب حلس ن اخلامتة‪ ،‬حيث أن يف املداوم ة جه اد للنفس‬
‫ودف ع للش يطان ق ال تع اىل‪        :‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪   ‬‬

‫‪ ‬أن املداومة على العمل الصاحل سبب لطهارة القلب من النفاق‪ ،‬وجناة صاحبه من النار‪.‬‬
‫فعن أنس بن مال ك ‪ ‬ق ال‪ :‬ق ال رس ول اهلل ‪{ :‬من ص لى هلل أربعني يوم اً يف مجاع ة ي درك‬
‫(‪)2‬‬
‫التكبرية األوىل كتبت له براءتان ؛ براءة من النار وبراءة من النفاق}‬
‫‪ ‬أهنا س بب ل دخول اجلن ة‪ ،‬فعن أيب هري رة ‪ ‬ق ال‪ :‬ق ال رس ول اهلل ‪{ :‬من أنف ق زوجني من‬
‫شيء من األشياء يف سبيل اهلل ُدعي من أبواب اجلنة‪ ،‬وللجنة أبواب‪ ،‬فمن كان من أهل الصالة ُدعي‬
‫من باب الصالة‪ ،‬ومن كان من أهل اجلهاد ُدعي من باب اجلهاد‪ ،‬ومن كان من أهل الصدقة ُدعي‬
‫من باب الصدقة‪ ،‬ومن كان من أهل الصيام ُدعي من باب الريان‪.‬‬
‫فقال أبو بكر ‪ :‬ما على من دعي من تلك األبواب من ضرورة‪ ،‬فهل يُدعى أح ٌد من تلك‬
‫(‪)3‬‬
‫األبواب كلها؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬وأرجو أن تكون منهم}‬
‫هلذا كان دوام العمل من أحب األعمال إىل اهلل كما أخرب النيب حممد ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫() سورة العنكبوت ‪69/‬‬
‫‪2‬‬
‫() أخرجه الرتمذي ‪2/7‬‬
‫‪3‬‬
‫() متفق عليه‪0‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪57‬‬
‫ذكر هللا عز وجل‬
‫من أحب األعم ال إىل اهلل «ذك ر اهلل» لق ول الن يب ‪{ :‬أحب األعم ال إىل اهلل‪ ،‬أن متوت‬
‫(‪)1‬‬
‫ولسانك رطب من ذكر اهلل}‬
‫لذكر اهلل يف اإلسالم شأن عظيم‪ ،‬ومنـزلة سامية‪ ،‬ومكانة عالية‪ ،‬وثواب جزيل‪ ،‬وأجر كبري‪.‬‬
‫وهو من أجل العبادات‪ ،‬ومن أعظم القربات‪ ،‬ومن أنفع الطاعات‪ ،‬ومن أحب األعمال‪.‬‬
‫وهلذا ج اءت نص وص كث رية يف كت اب اهلل تع اىل وس نة رس وله ‪ ‬مبين ة لفض له‪ ،‬وموض حة‬
‫ملكانته‪ ،‬وآمرة به‪ ،‬وحاثة عليه‪ ،‬ومرغبة فيه‪ ،‬وحمذرة من تركه واإلعراض عنه‪.‬‬
‫‪          ‬‬ ‫ق ال اهلل تع اىل‬
‫(‪)2‬‬
‫‪          ‬‬

‫ق ال بن عب اس ‪ « :‬معن اه ول ذكر اهلل إي اكم أك رب من ذك ركم إي اه» وق ال قت ادة‪« :‬ذك ر اهلل‬


‫أكرب من كل شيء »‬
‫وقيل‪ :‬ذكر اهلل أكرب من سائر أركان الصالة‪ ،‬وقيل‪ :‬أكرب من كل العبادات‪ ،‬وقال ابن عطية‪:‬‬
‫(‪)3‬‬
‫«وعندي أن املعىن‪ :‬ولذكر اهلل أكرب على اإلطالق‪ ،‬أي هو الذي ينهى عن الفحشاء واملنكر‪»...‬‬
‫‪       ‬‬ ‫وق ال تع اىل‬
‫(‪)4‬‬
‫‪     ‬‬

‫قال شيخنا حممد بن عثيمني –رمحه اهلل‪:-‬‬


‫«فذكر اهلل تعاىل من أسباب الثبات والفالح‪ ،‬والفالح كلمة جامعة يراد هبا حصول املطلوب‬
‫(‪)5‬‬
‫والنجاة من املرهوب»‬
‫(‪)6‬‬
‫وق ال‬ ‫‪       ‬‬ ‫وق ال تع اىل‬
‫بحانه ‪         ‬‬ ‫س‬
‫((‪7‬‬
‫‪  ‬‬

‫‪1‬‬
‫() رواه الطرباين وحسنه األلبايت‪ ،‬ورواه ابن حيان رقم (‪ )2318‬باب فضل الذكر والذاركرين‬
‫‪2‬‬
‫() سورة العنكبوت ‪45/‬‬
‫‪3‬‬
‫() انظر هذه األقوال يف البحر احمليط أليب حيان ‪8/359‬‬
‫‪4‬‬
‫() سورة األنفال ‪45/‬‬
‫‪5‬‬
‫() شرح رياض الصاحلني ‪3/544‬‬
‫‪6‬‬
‫() سورة البقرة ‪152/‬‬
‫‪7‬‬
‫() سورة األحزاب ‪42-41/‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪58‬‬
‫‪         ‬‬ ‫وق ال س بحانه‬
‫(‪)1‬‬
‫‪       ‬‬

‫‪        ‬‬ ‫وقال سبحانه‬
‫‪       ‬‬ ‫‪ )2(  ‬وقال تعاىل‬
‫(‪)3‬‬
‫‪     ‬‬

‫قال ابن كثري –رمحه اهلل‪« :-‬أي تطيب وتركن إىل جانب اهلل‪ ،‬تسكن عند ذكره‪ ،‬وترضى به‬
‫(‪) 4‬‬
‫موىل ونصرياً‪ ،‬وهلذا قال ﴿‪ ﴾    ‬أي هو حقيق بذلك»‬
‫فما أحوجنا إىل ذكر اهلل يف زمن طغت فيه املادة‪ ،‬وك ثرت فيه أم راض القل وب‪ ،‬واض طرابات‬
‫النفوس وسيطرت القلق واخلوف والفزع والظنون واهلواجس عليها‪.‬‬
‫وقد شبه النيب ‪ ‬الذاكر هلل باحلي‪ ،‬واملعرض عنه بامليت –وال يستوى األحياء واألموات‪ -‬فعن‬
‫(‪)5‬‬
‫أيب موسى األشعري ‪ ‬عن النيب ‪{ ‬مثل الذي يذكر ربه والذي ال يذكره مثل احلي وامليت}‬
‫وس يدنا رس ول اهلل ‪ ‬ك ان مالزم اً ل ذكر اهلل‪ ،‬ي ذكر اهلل يف كل أحوال ه‪ ،‬يف الص باح واملس اء‬
‫ويف الليل والنهار ويف اليقظة وعند املنام‪ .‬تقول أم املؤمنني عائشة ‪-‬رضي اهلل عنها‪« :-‬كان رسول‬
‫(‪)6‬‬
‫اهلل يذكر اهلل يف كل أحيانه»‬
‫ويوصي النيب ‪ ‬مبالزمة الذكر واستمراره فعن عبد اهلل بن بشر ‪ ‬أن رجالً قال‪ :‬يا رسول اهلل‬
‫علي‪ ،‬فأخربين بشيء أتشبث به! قال‪{ :‬ال يزال لسانك رطب اً من‬ ‫! إن شرائع اإلسالم قد كثرت ّ‬
‫(‪)7‬‬
‫ذكر اهلل}‬
‫ويُنَيَبّء ‪ ‬أص حابه خبري األعم ال وأفض لها فيق ول‪{ :‬أال أن بئكم خبري أعم الكم‪ ،‬وأزكاها عند‬
‫مليلكم‪ ،‬وأرفعها يف درج اتكم‪ ،‬وخري لكم من إنف اق ال ذهب والفض ة‪ ،‬وخري لكم من أن تلق وا‬
‫(‪)8‬‬
‫عدوكم فتضربوا أعناقهم؟ قالوا‪ :‬بلى‪ ،‬قال‪ :‬ذكر اهلل تعاىل}‬
‫َولِ ِذ ْك ِر اهلل ص يغ كث رية أفض لها ق راءة الق رآن‪ ،‬وق ول "ال إله إال اهلل" وس بحان اهلل واحلمد هلل‬
‫واهلل أكرب واالستغفار وغري ذلك‪.‬‬
‫‪1‬‬
‫() سورة األعراف ‪205/‬‬
‫‪2‬‬
‫() سورة األحزاب‪35/‬‬
‫‪3‬‬
‫() سورة الرعد‪28/‬‬
‫‪4‬‬
‫() املصباح املنري يف هتذيب تفسري ابن كثري ص ‪688‬‬
‫‪5‬‬
‫() رواه البخاري رقم (‪)6407‬‬
‫‪6‬‬
‫() رواه مسلم رقم (‪)373‬‬
‫‪7‬‬
‫() رواه الرتمذي رقم (‪)3372‬‬
‫‪8‬‬
‫() رواه الرتمذي رقم (‪)3374‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪59‬‬
‫فعن جابر ‪ ‬قال‪ :‬مسعت رسول اهلل ‪ ‬يقول‪{:‬أفضل الذكر ال إله إال اهلل}(‪ .)1‬وعن أيب ذر ‪‬‬
‫ق ال‪ :‬ق ال رس ول اهلل ‪{ ‬أال أخ ربك ب أحب الكالم إىل اهلل؟ إن أحب الكالم إىل اهلل‪ :‬س بحان اهلل‬
‫(‪)2‬‬
‫وحبمده}‬
‫التحذير من ترك الذكر‬
‫ت رك ذك ر اهلل تع اىل واإلع راض عن ه خط ر عظيم إذ أن ه ي ورث قس وة القلب‪ ،‬وض يق الص در‪،‬‬
‫وتس لط الش ياطني ق ال اهلل تع اىل ‪        ‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪   ‬‬

‫﴿‪ ‬‬ ‫ق ال ابن كث ري –رمحه اهلل‪ ﴾ ﴿...« :-‬أي يتع امى ويتغاف ل ويع رض‬
‫‪ ،﴾‬والعشا‪ :‬يف العني ضعف بصرها‪ ،‬واملراد ههنا عشا البصرية‪ ﴿ ،‬‬
‫اىل ﴿‪       ‬‬ ‫‪ ﴾‬كقول ه تع‬
‫(‪)5‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫‪ ﴾ ‬وكقوله ‪        ‬وكقوله جل جالله ‪‬‬
‫(‪)6‬‬
‫‪           ‬‬
‫‪      ‬‬ ‫وهلذا ق ال تب ارك وتع اىل‬
‫‪ )7(      ‬أي هذا الذي تغافل عن اهلدى نقيض له من الشياطني‬
‫(‪)8‬‬
‫من يضله ويهديه إىل صراط اجلحيم‪»...‬‬
‫واملع رض عن ذك ر اهلل يعيش يف ال دنيا عيش ة ض نكاً وإن ك ان يف الظ اهر متنعم اً‪ ،‬ويع ذب يف‬
‫اآلخرة العذاب الشديد‪ ،‬ألنه نسي اهلل فأنساه نفسه يف الدنيا ونسيه يف العذاب يوم القيامة ‪ ‬‬
‫‪          ‬‬
‫‪            ‬‬
‫(‪)9‬‬
‫‪      ‬‬

‫والضنك‪ :‬الضيق والشدة والبالء‪ ،‬ووصف املعيشة نفسها بالضنك مبالغة‬


‫قال ابن كثري –رمحه اهلل‪:-‬‬

‫‪1‬‬
‫() رواه الرتمذي رقم (‪)3380‬‬
‫‪2‬‬
‫() رواه مسلم رقم (‪)2731‬‬
‫‪3‬‬
‫() سورة الزخرف‪36/‬‬
‫‪4‬‬
‫() سورة النساء ‪115/‬‬
‫‪5‬‬
‫() سورة الصف‪5/‬‬
‫‪6‬‬
‫() سورة فصلت ‪25/‬‬
‫‪7‬‬
‫() سورة الزخرف‪38 ،37/‬‬
‫‪8‬‬
‫() املصباح املنري يف هتذيب تفسري ابن كثري ص ‪1247‬‬
‫‪9‬‬
‫() سورة طه‪126-124/‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪60‬‬
‫«‪ ﴾   ﴿ ...‬أي ض نكاً يف ال دنيا‪ ،‬فال طمأنين ة ل ه وال انش راح‬
‫لص دره‪ ،‬بل صدره ضيق ح رج لضالله‪ ،‬وإن تنعم ظاهره‪ ،‬ولبس م ا شاء‪ ،‬وأك ل ما شاء‪ ،‬وسكن‬
‫حيث ش اء‪ ،‬ف إن قلب ه م امل خيلص إىل اليقني واهلدى فه و يف قل ق وح رية وش ك‪ ،‬فال ي زال يف ريب ة‬
‫(‪)1‬‬
‫يرتدد‪ ،‬فهذا من ضنك املعيشة‪»...‬‬
‫وق ال الن يب ‪{ :‬م ا من ق وم يقوم ون من جملس ال ي ذكرون اهلل تع اىل في ه إال ق اموا عن مث ل‬
‫(‪)2‬‬
‫جيفة محار‪ ،‬وكان عليهم حشرة}‬
‫فانتبه أخي احلبيب وال تكن من الغافلني‪ ،‬وأكثر من ذكر اهلل تكن من الفائزين‪.‬‬
‫فوائد ذكر اهلل تعاىل‬
‫(‪)3‬‬
‫لذكر اهلل تعاىل فوائد كثرية جداً نذكر منها‪:‬‬
‫‪ ‬أنه يطرد الشيطان ويقمعه‪.‬‬
‫قال ابن عباس ‪« :‬الشيطان جامث على قلب ابن آدم‪ ،‬فإذا سها وغفل وسوس‪ ،‬فإذا ذكر اهلل‬
‫(‪)4‬‬
‫تعاىل اخننس»‬
‫‪ ‬أنه من أحب األشياء إىل الرمحن سبحانه‬
‫ق ال أب و هري رة ‪ :‬ق ال رس ول اهلل ‪{ :‬كلمت ان خفيفت ان على اللس ان‪ ،‬ثقيلت ان يف امليزان‬
‫(‪)5‬‬
‫حبيبتان إىل الرمحن سبحان اهلل وحبمده سبحان اهلل العظيم}‬
‫وق ال الن يب ‪{: ‬أحب الكالم إىل اهلل تع اىل أرب ع‪ :‬س بحان اهلل واحلم د هلل وال إل ه إال اهلل واهلل‬
‫(‪)6‬‬
‫أكرب‪ ،‬ال يضرك بأيهن بدأت}‬
‫‪ ‬أنه جيلو صدأ القلب‬
‫(‪)7‬‬
‫قال أبو الدرداء ‪« :‬لكل شيء جالء‪ ،‬وإن جالء القلب ذكر اهلل ‪» ‬‬
‫وذك ر البيهقي مرفوع اً من حديث عب د اهلل بن عمرو ‪ ،‬عن النيب ‪ ‬أنه ك ان يق ول‪{ :‬لك ل‬
‫(‪)8‬‬
‫شيء صقالة‪ ،‬وإن صقالة القلوب ذكر اهلل ‪}‬‬

‫‪1‬‬
‫() املصباح املنري يف هتذيب تفسري ابن كثري ص ‪856‬‬
‫‪2‬‬
‫() مسند اإلمام أمحد (‪)494 ،2/389‬‬
‫‪3‬‬
‫() انظر يف هذا كتاب الصيب الوابل ورافع الكلم الطيب البن القيم ص‪84‬‬
‫‪4‬‬
‫() أخرجه الطربي ‪30/28‬‬
‫‪5‬‬
‫() صحيح البخاري رقم (‪ ،)6682‬وصحيح مسلم رقم (‪)2694‬‬
‫‪6‬‬
‫() رواه مسلم‬
‫‪7‬‬
‫() انظر الوابل الصيب البن القيم ص‪81‬‬
‫‪8‬‬
‫() ذكره املنذري يف الرتغيب والرتهيب ‪2/395‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪61‬‬
‫قال ابن القيم –رمحه اهلل‪:-‬‬
‫(‪)1‬‬
‫«وكل شيء له صدأ‪ ،‬وصدأ القلب الغفلة واهلوى‪ ،‬وجالؤه الذكر والتوبة واالستغفار»‬
‫‪ ‬أنه ميحو اخلطايا ويذهب السيئات‬
‫عن أيب هريرة ‪ ‬عن رسول اهلل ‪ ‬قال‪{ :‬من سبّح اهلل يف دبر كل صالة ثالث اً وثالثني‪ ،‬ومحّد‬
‫اهلل ثالثاً وثالثني‪ ،‬وكرّب اهلل ثالثاً وثالثني‪ ،‬وقال متام املئة‪ :‬ال إله إال اهلل وحده ال شريك له‪ ،‬له امللك‬
‫(‪)2‬‬
‫وله احلمد وهو على كل شيء قدير‪ ،‬غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر}‬
‫‪ ‬أنه سبب نزول السكينة‪ ،‬وغشيان الرمحة‪ ،‬وحفوف املالئكة بالذاكر‪ ،‬ففي صحيح مسلم‬
‫عن األغر أيب مسلم قال‪ :‬أشهد على أيب هريرة وأيب سعيد‪ ،‬أهنما شهدا على رسول اهلل ‪ ‬أنه قال‪:‬‬
‫{ال يقع د ق وم يف جملس ي ذكرون اهلل في ه إال حفتهم املالئك ة‪ ،‬وغش يتهم الرمحة‪ ،‬ون زلت عليهم‬
‫(‪)3‬‬
‫السكينة‪ ،‬وذكرهم اهلل فيمن عنده}‬
‫‪ ‬أنه يهون الصعاب وخيفف املشاق وييسر العسري‬
‫ق ال ابن القيم –رمحه اهلل‪ ...«:-‬فم ا ذك ر اهلل ‪ ‬على ص عب إال ه ان‪ ،‬وال على عس ري إال‬
‫تيس ر‪ ،‬وال مش قة إال خفت‪ ،‬وال ش دة إال زالت‪ ،‬وال كرب ة إال انف رجت‪ ،‬ف ذكر اهلل ه و الف رج بع د‬
‫(‪)4‬‬
‫واهلم»‬
‫الشدة‪ ،‬واليسر بعد العسر‪ ،‬والفرج بعد الغم ّ‬
‫‪ ‬أن اهلل ‪ ‬يب اهي بال ذاكرين مالئكت ه‪ ،‬فعن أيب س عيد اخلدري ق ال‪ :‬خ رج معاوي ة على‬
‫حلق ة يف املس جد‪ ،‬فق ال‪{ :‬م ا أجلس كم؟ ق الوا‪ :‬جلس نا ن ذكر اهلل تع اىل‪ ،‬ق ال‪ :‬آهلل م ا أجلس كم إال‬
‫ذاك؟ قالوا‪ :‬واهلل ما أجلسنا إال ذاك‪.‬‬
‫قال‪ :‬أما إين مل أستحلفكم هتمة لكم‪ ،‬وما كان أحد مبنزليت من رسول اهلل ‪ ‬أقل عنه حديثاً‬
‫مين‪ ،‬وإن رسول اهلل ‪ ‬خرج على حلقة من أصحابه‪ ،‬فقال‪ :‬ما أجلسكم‪ .‬قالوا‪ :‬جلسنا نذكر اهلل‬
‫وم ّن به علينا‪.‬‬
‫تعاىل وحنمده على ما هدانا لإلسالم َ‬
‫قال‪ :‬آهلل ما أجلسكم إال ذاك‪ .‬قالوا‪ :‬واهلل ما أجلسنا إال ذاك‪.‬‬
‫قال‪ :‬أما إين مل أستحلفكم هتمة لكم‪ ،‬ولكنه أتاين جربيل فأخربين‪ :‬أن اهلل تبارك وتعاىل يباهي‬
‫(‪)5‬‬
‫بكم املالئكة}‬

‫‪1‬‬
‫() الوابل الصيب ورافع الكلم الطيب ص ‪86‬‬
‫‪2‬‬
‫() رواه مسلم رقم (‪)597‬‬
‫‪3‬‬
‫() رواه مسلم رقم (‪)2700‬‬
‫‪4‬‬
‫() الوابل الصيب ص ‪155‬‬
‫‪5‬‬
‫() رواه مسلم رقم (‪)2071‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪62‬‬
‫‪ ‬أن كثرة ذكر اهلل ‪ ‬أمان من النفاق‪ ،‬قال كعب ‪« :‬من أكثر من ذكر اهلل ‪ ‬بريء من‬
‫(‪)1‬‬
‫النفاق»‬
‫‪ ‬أنه ينجي من عذاب اهلل‪.‬‬
‫عن معاذ بن جبل ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪{ :‬ما عمل آدمي عمالً قط أَجْنَى له من عذاب اهلل‬
‫(‪)2‬‬
‫من ذكر اهلل ‪}‬‬
‫‪      ‬‬ ‫ومن جنى من ع ذاب اهلل دخ ل اجلن ة‬
‫(‪)3‬‬
‫‪   ‬‬

‫وإذا مل يكن ل ذكر اهلل إال ه ذه الفائ دة وح دها لكفى هبا‪ ،‬ف أكثر أخي احلبيب من ذك ر اهلل ‪‬‬
‫ح ىت تلقى اهلل ولس انك رطب من ذك ره س بحانه فتف وز باجلن ة وتنعم هبا م ع النب يني والص ديقني‬
‫والشهداء والصاحلني وحسن أولئك رفيقاً‪.‬‬
‫هلذا ك ان اإلكث ار من ذك ر اهلل واملداوم ة علي ه من أحب األعم ال إىل اهلل ‪ ‬كم ا أخ رب ب ذلك‬
‫احلبيب احملبوب الصادق األمني سيدنا حممد ‪.‬‬

‫المساجد‬

‫‪1‬‬
‫() الوابل الصيب ص ‪164‬‬
‫‪2‬‬
‫() مسند اإلمام أمحد ‪5/239‬‬
‫‪3‬‬
‫() سورة آل عمران ‪186‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪63‬‬
‫أحب البقاع إىل اهلل املساجد‪ ،‬لقوله ‪{ :‬أحب البالد إىل اهلل مساجدها‪ ،‬وأبغض البالد إىل‬
‫(‪)4‬‬
‫اهلل أسواقها}‬
‫أوردن ا ه ذا احلديث هن ا م ع أن ه من أحب البالد وليس من أحب األعم ال؛ ألن من أهم‬
‫وظ ائف املس جد ذك ر اهلل وإقام ة الص الة في ه لقول ه تع اىل ‪      ‬‬
‫‪          ‬‬
‫‪           ‬‬
‫‪         ‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪            ‬‬

‫وهذه األشياء من أحب األعمال إىل اهلل‪.‬‬


‫‪ ‬‬ ‫وللمس جد يف اإلس الم مكان ة عظيم ة لكون ه مكان اً للعب ادة‪ ،‬وإلض افته إىل اهلل تع اىل‬
‫(‪)3‬‬
‫‪       ‬‬

‫لذا حث اإلسالم على عمارة املساجد‪ ،‬والعناية هبا‪ ،‬ورغب يف بنائها‪ ،‬قال النيب ‪{ :‬من بىن‬
‫(‪)4‬‬
‫مسجداً يبتغي به وجه اهلل بىن اهلل له بيتاً يف اجلنة}‬
‫وبنَّي اهلل ص فات عم ار املس اجد فق ال س بحانه‪      :‬‬
‫‪         ‬‬
‫(‪)5‬‬
‫‪         ‬‬

‫وعمارة املساجد تكون باحملافظة على الصالة فيها مع اجلماعة‪ ،‬وانتظار الصالة بعد الصالة‪،‬‬
‫ولذلك أجر عظيم فقد مساه الرسول الكرمي ‪ ‬الرباط‪.‬‬
‫فعن أيب هري رة –رض ي اهلل عن ه‪ -‬أن رس ول اهلل ‪ ‬ق ال‪{ :‬أال أدلكم على م ا ميح و اهلل ب ه‬
‫اخلطاي ا‪ ،‬ويرف ع ب ه ال درجات؟ ق الوا ‪:‬بلى ي ا رس ول اهلل‪ ،‬ق ال‪ :‬إس باغ الوض وء على املك اره‪ ،‬وك ثرة‬
‫(‪)6‬‬
‫اخلطا إىل املساجد‪ ،‬وانتظار الصالة بعد الصالة؛ فذلكم الرباط‪ ،‬فذلكم الرباط}‬
‫وتك ون أيض اً بتالوة الق رآن الك رمي والتهلي ل والتس بيح والتعليم والتناص ح يف اهلل والتواص ي‬
‫باحلق والتواصي بالصرب‪.‬‬
‫فوظيفة املسجد احلقيقية هي بناء شخصية املسلم املتكاملة يف خلقه وسلوكه‪ ،‬وعمله وعبادته‪،‬‬
‫ويف عالقته بربه وبنفسه وبأخيه املسلم وبالناس أمجعني‪ ،‬ولذلك كانت من أحب البقاع إىل اهلل‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫() رواه مسلم‬
‫‪2‬‬
‫() سورة النور ‪38-36/‬‬
‫‪3‬‬
‫() سورة اجلن ‪18/‬‬
‫‪4‬‬
‫() جامع األصول ‪11/186‬‬
‫‪5‬‬
‫() سورة التوبة‪18/‬‬
‫‪6‬‬
‫() رواه مسلم رقم (‪)251‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪64‬‬
‫وللمسجد آداب ينبغي أن يتحلى هبا كل مسلم منها‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ ‬الذهاب إليه يف سكينة ووقار‬
‫ففي الص حيحني عن أيب هري رة ‪ ‬عن الن يب ‪ ‬ق ال‪{ :‬إذا أتيتم الص الة فامش وا وعليكم‬
‫السكينة‪ ،‬فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأمتوا}‬
‫‪ ‬جتنب الروائح الكريهة عموماً‪ ،‬وخصوصاً رائحة البصل والثوم والكراث والدخان‪.‬‬
‫فعن جابر ‪ ‬قال‪ :‬قال النيب ‪{ :‬من أكل ثوماً أو بصالً فليعتزلنا أو فليعتزل مسجدنا}‬
‫ويف رواية ملسلم‪{ :‬من أكل البصل والثوم والكراث فال يقربن مسجدنا فإن املالئكة تتأذى مما‬
‫(‪)2‬‬
‫يتأذى منه بنو آدم}‬

‫‪ ‬احملافظ ة على نظافته ا‪ .‬فعن أنس ‪ ‬أن رس ول اهلل ‪ ‬ق ال‪{ :‬البص اق يف املس جد خطيئ ة‪،‬‬
‫(‪)3‬‬
‫وكفارهتا دفنها}‬
‫وعنه أيضاً أن رسول اهلل ‪ ‬قال‪{ :‬إن هذه املساجد ال تصلح لشيء من هذا البول وال القذر‬
‫(‪)4‬‬
‫إمنا هي لذكر اهلل تعاىل‪ ،‬وقراءة القرآن}‬
‫‪ ‬جتنب اجلدال واخلصومة ورفع الصوت فيها ونشد الضالة والبيع والشراء وحنو ذلك‪.‬‬
‫فعن السائب بن زيد الصحايب ‪ ‬قال‪« :‬كنت يف املسجد فحصبين رجل‪ ،‬فنظرت‪ ،‬فإذا عمر‬
‫بن اخلط اب ‪ ‬فق ال‪ :‬اذهب فأتين هبذين فجئت هبما‪ ،‬فق ال‪ :‬من أين أنتما؟ قال‪ :‬من أه ل الط ائف‪،‬‬
‫فقال‪ :‬لو كنتما من أهل البلد ألوجعتكما‪ ،‬ترفعان أصواتكما يف مسجد رسول اهلل ‪.)5( » ‬‬
‫وعن أيب هريرة ‪ ‬أن رسول اهلل قال‪{ :‬إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع يف املسجد فقولوا‪ :‬ال أربح‬
‫(‪)6‬‬
‫ردها اهلل عليك}‬
‫اهلل جتارتك‪ ،‬وإذا رأيتم من ينشد ضالته فقولوا‪ :‬ال ّ‬
‫‪ ‬إغالق اجلوال أو وضعه على الصامت حىت ال تؤذي املصلني وتؤثر على خشوعهم بصوته‪.‬‬
‫ف التزم أخي الك رمي هبذه اآلداب‪ ،‬وكن ممن تعلقت قل وهبم باملس اجد تكن يف ظ ل اهلل ي وم ال‬
‫ظل إال ظله‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫() السكينة‪ :‬هي الطمأنينة والتأين‪ ،‬والوقار‪ :‬الرزانة واحللم‪،‬وغض البصر وخفض الصوت‬
‫‪2‬‬
‫() رواه البخاري رقم (‪ ،)854‬ومسلم رقم (‪)564‬‬
‫‪3‬‬
‫() رواه البخاري رقم (‪)415‬‬
‫‪4‬‬
‫() رواه مسلم رقم (‪)415‬‬
‫‪5‬‬
‫() رواه البخاري رقم (‪)470‬‬
‫‪6‬‬
‫() رواه الرتمذي رقم (‪ ، )1321‬وقال حديث حسن‪.‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪65‬‬
‫فائـــــــدة‬
‫األسواق من أبغض البقاع إىل اهلل بسبب ما يقع فيها من املنكرات مثل‪ :‬الكذب يف املراحبة‪،‬‬
‫وإخفاء عيوب البيع‪ ،‬واألميان الفاجرة‪ ،‬ونقصان الكيل والوزن أو التطفيف فيهما‪ ،‬وبيع أدوات‬
‫اللهو‪ ،‬والصور اجملسمة احملرمة شرعاً‪.‬‬
‫واختالط النساء بالرجال مع تربج وسفور كثري من النساء املرتددات على األسواق‪.‬‬
‫وم ع م ا يف األس واق من املنك رات ال غ ىن لكث ري من الن اس عنه ا‪ ،‬وأذك ر إخ واين وأخ وايت‬
‫الذاهبني إىل السوق والذاهبات أن يقولوا عند دخوهلا‪« :‬ال إله إال اهلل وحده ال شريك له‪ ،‬له امللك‬
‫وله احلمد حييي ومييت‪ ،‬وهو حي ال ميوت‪ ،‬بيده اخلري وهو على كل شيء قدير»‬
‫ففي الرتمذي {من دخل السوق فقال‪« :‬ال إله إال اهلل وحده ال شريك له‪ ،‬له امللك وله احلمد‬
‫حييي ومييت‪ ،‬وه و حي ال ميوت‪ ،‬بي ده اخلري وه و على ك ل ش يء ق دير» كتب اهلل ل ه أل ف أل ف‬
‫حسنة‪ ،‬وحما عنه ألف ألف سيئة‪ ،‬ورفع له ألف ألف درجة}(‪.)1‬‬
‫فيخ رج من الس وق راحباً رغم م ا في ه من منك رات‪ ،‬اللهم وفقن ا لفع ل الطاع ات وت رك‬
‫املنكرات‪ ،‬واجتناب السيئات إنك على كل شيء قدير‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫() رواه الرتمذي (‪)3386‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪66‬‬
‫صالة وصيام «داود» عليه السالم‬
‫من أحب األعم ال إىل اهلل تع اىل‪ :‬ص الة داود وص يامه فعن عب د اهلل بن عم رو بن الع اص‪-‬‬
‫رض ي اهلل عنهم ا‪ -‬أن رس ول اهلل ‪ ‬ق ال‪{ :‬أحب الص الة إىل اهلل ص الة داود ك ان ين ام نص ف اللي ل‬
‫ويقوم ثلثه‪ ،‬وينام سدسه‪ ،‬ويصوم يوماً ويفطر يوماً}(‪ )1‬متفق عليه‪.‬‬
‫يش تمل ه ذا احلديث الش ريف على عملني من أحب األعم ال إىل اهلل تع اىل مها‪ :‬أحب ص الة‬
‫التطوع واملراد هبا هنا «قيام الليل» وأحب صيام التطوع وهو «صيام يوم وفطر يوم»‬
‫أوالً‪ :‬قيام الليل‬
‫قيام الليل من أحب األعمال إىل اهلل ومن أفضل القربات إليه سبحانه‪ ،‬ويكون باألسحار؛ ألن‬
‫ال دعاء فيه ا أق رب إىل اإلجاب ة‪ ،‬والنفس فيه ا أص فى‪ ،‬وال روح أمجع‪ ،‬والعب ادة أخلص؛ ول ذلك ج اء‬
‫الرتغيب فيه واحلث عليه يف القرآن الكرمي والسنة املطهرة‪.‬‬
‫فأما القرآن الكرمي فمنه‪:‬‬
‫قول ه تع اىل ‪      ‬‬ ‫‪-1‬‬
‫‪           ‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪       ‬‬
‫(‪)3‬‬
‫قال أبو عبيدة‪ « :‬أي ترتفع عنها – أي عن املضاجع‪ -‬وتتنحى ؛ ألهنم يصلون بالليل »‬
‫(‪)4‬‬
‫وقال القرطيب‪ « :‬املضاجع مجع مضجع وهي مواضع النوم‪» ....‬‬
‫وقال ابن القيم –رمحه اهلل‪ « :-‬تأمل كيف قابل ما أخفوه من قيام الليل باجلزاء الذي أخفاه‬
‫هلم مما ال تعلم ه نفس‪ ،‬وكي ف قاب ل قلقهم وخ وفهم واض طراهبم على مض اجعهم‪ ،‬حني يقوم ون إىل‬
‫(‪)5‬‬
‫صالة الليل بقرة األعني يف اجلنة »‬
‫‪       ‬‬ ‫اىل‬ ‫ه تع‬ ‫قول‬ ‫‪-2‬‬
‫(‪)6‬‬
‫‪   ‬‬

‫قال الراغب األصفهاين‪:‬‬

‫‪1‬‬
‫() البخاري رقم (‪ ،)1331‬ومسلم (‪)189( ، )1159‬‬
‫‪2‬‬
‫() سورة السجدة ‪17 ،16/‬‬
‫‪3‬‬
‫() جماز القرآن ‪1/195‬‬
‫‪4‬‬
‫() تفسري القرطيب ‪21/99‬‬
‫‪5‬‬
‫() حادي األرواح إىل بالد األفراح ص ‪278‬‬
‫‪6‬‬
‫() سورة الذاريات‪18 ،17/‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪67‬‬
‫« هج ع‪ :‬اهلج وع‪ :‬الن وم ليالً‪ ،‬ق ال‪،﴾      ﴿ :‬‬
‫(‪)7‬‬
‫وذلك يصح أن يكون معناه كان هجوعهم قليالً من أوقات الليل»‬
‫وقال سيد قطب –رمحه اهلل‪ -‬يف تفسريه‪:‬‬
‫«‪ ...‬فهم األيق اظ يف جنح اللي ل والن اس ني ام‪ ..‬املتوجه ون إىل رهبم باالس تغفار واالس رتحام‪،‬‬
‫وال يطعم ون الك رى إال قليالً‪ ،‬وال يهجع ون يف ليلهم إال يس رياً‪ ،‬يأنس ون ل رهبم يف ج وف اللي ل‬
‫فتتجاىف جنوهبم عن املضاجع‪ ،‬وخيف هبم التطلع فال يثقلهم املنام‪ ،‬فهي حال يتطلع إليها رجال من‬
‫التابعني ذوي املكانة يف اإلميان واليقني‪ ،‬وجيدون أنفسهم دوهنا‪ ...‬اختص هبا الناس ممن اختارهم اهلل‪،‬‬
‫(‪)2‬‬
‫ووفقهم إىل القيام حبقها‪ ،‬وكتبهم هبا عنده من احملسنني‪»...‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪      ‬‬ ‫قوله تعاىل‬ ‫‪-3‬‬
‫قول ه تع اىل ‪        ‬‬ ‫‪-4‬‬
‫‪           ‬‬
‫‪            ‬‬
‫‪            ‬‬
‫(‪)4‬‬
‫‪   ‬‬

‫وقال سيد قطب –رمحه اهلل‪ -‬يف تفسريه‪:‬‬


‫﴿‪‬‬ ‫« إن اهلل س بحانه وتع اىل حينم ا انت دب حمم داً ‪ ‬لل دور الكب ري الش اق ق ال ل ه‪:‬‬
‫‪ ﴾...     ‬اآلي ات‪ .‬فك ان اإلع داد للق ول الثقي ل والتكلي ف‬
‫الش اق‪ ،‬وال دور العظيم ه و قي ام اللي ل وترتي ل الق رآن‪ ،‬إهنا العب ادة ال يت تفتح القلب‪ ،‬وتوث ق الص لة‪،‬‬
‫وتيسر األمر‪ ،‬وتشرق بالنور‪ ،‬وتفيض بالعزاء والسلوى والراحة واالطمئنان‪.‬‬
‫(‪)5‬‬
‫ومن مثَّ يوجه اهلل املؤمنني هنا وهم على أبواب املشقات العظام إىل الصرب والصالة »‬
‫‪        ‬‬ ‫اىل‬ ‫ه تع‬ ‫قول‬ ‫‪-5‬‬
‫(‪)6‬‬
‫‪    ‬‬
‫(‪)7‬‬
‫‪        ‬‬ ‫قوله تعاىل‬ ‫‪-6‬‬
‫قال الطربي –رمحه اهلل‪:-‬‬

‫‪7‬‬
‫() املفردات ص ‪537‬‬
‫‪2‬‬
‫() الظالل ‪13 ،3/12‬‬
‫‪3‬‬
‫() سورة الفرقان‪64/‬‬
‫‪4‬‬
‫() سورة املزمل‪8-1/‬‬
‫‪5‬‬
‫() ظالل القرآن ‪4/177‬‬
‫‪6‬‬
‫() سورة اإلسراء‪79/‬‬
‫‪7‬‬
‫() سورة اإلنسان‪26/‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪68‬‬
‫(‪)1‬‬
‫« ﴿‪ ﴾  ‬يعين الصالة والتسبيح »‬
‫أما السنة املطهرة فمنها‪:‬‬
‫عن أيب ذر قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪{ :‬ما من عبد حيدث نفسه بقيام ساعة من الليل‬ ‫‪‬‬
‫(‪)2‬‬
‫فينام عنها‪ ،‬إال كان نومه صدقة تصدق اهلل هبا عليه‪ ،‬وكتب له أجر ما نوى به}‬
‫وعن أيب هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪{ :‬أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر‬ ‫‪‬‬
‫(‪)3‬‬
‫احملرم‪ ،‬وأفضل الصالة بعد الفريضة صالة الليل}‬
‫وحديث{أحب الصالة إىل اهلل صالة داود‪}....‬‬
‫وكان داود ‪ ‬يقسم الليل ثالثة أقسام‪:‬‬
‫النصف األول للنوم‪ ،‬مث الثلث للقيام‪ ،‬مث السدس للنوم‪ ،‬وهذا فيه راحة للبدن‪ ،‬وجتديد للطاقة‪،‬‬
‫واستمرار للعبادة‪.‬‬
‫قال شيخنا ابن عثيمني‪ -‬رمحه اهلل‪:-‬‬
‫«‪ ...‬فإن اإلنسان إذا نام نصف الليل أخذ حظاً كبرياً من النوم‪ ،‬فإذا قام الثلث مث نام السدس‬
‫(‪)4‬‬
‫فإن التعب الذي حصل له يف القيام يذهب بالنوم الذي يف آخر الليل»‬
‫وهلذا كانت صالة داود أحب األعمال إىل اهلل تعاىل كما ذكره النيب ‪.‬‬
‫ولكن إذا ق ام اإلنس ان يف أي س اعة من اللي ل ي رجى أن ين ال األج ر والث واب – إن ش اء اهلل‬
‫تعاىل‪ -‬فاألمر يف هذا –وهلل احلمد‪ -‬واسع كما قال شيخنا ابن عثيمني –رمحه اهلل تعاىل‪.-‬‬
‫وحيسن أن نشري هنا إىل أهم آداب قيام الليل وسننه وهي‪:‬‬
‫أن ينوي املسلم قيام الليل عند نومه‬ ‫‪‬‬
‫أن يستاك إذا استيقط للقيام‬ ‫‪‬‬
‫أن يقول‪ « :‬احلمد هلل الذي أحياين بعد ما أماتين وإليه النشور »‬ ‫‪‬‬
‫أن ميسح النوم عن وجهه بيده‪ ،‬ويرفع بصره إىل السماء ويقرأ اآليات‪ :‬من آخر‬ ‫‪‬‬
‫سورة آل عمران من قوله تعاىل ‪       ‬‬
‫‪ ....‬وما بعدها‪.‬‬
‫أن يفتتح هتجده بركعتني خفيفتني‪ ،‬وأن يسلم من كل ركعتني‬ ‫‪‬‬

‫‪1‬‬
‫() الطربي ‪29/225‬‬
‫‪2‬‬
‫() انظر الرتغيب والرتهيب ‪1/246‬‬
‫‪3‬‬
‫() فتح الباري البن حجر ‪3/9‬‬
‫‪4‬‬
‫() شرح رياض الصاحلني ‪3/346‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪69‬‬
‫(‪)1‬‬
‫أن يطيل القيام والركوع والسجود‬ ‫‪‬‬

‫ثانياً‪ :‬صيام يوم وفطر يوم‬


‫للصوم أسرار عظيمة‪ ،‬ومنافع كثرية فهو يهذب النفوس‪ ،‬ويسمو باألرواح‪ ،‬ويريب يف املسلم‬
‫ملك ة الص رب وقه ر النفس األم ارة بالس وء‪ ،‬وينمي عن ده فض يلة األمان ة‪ ،‬واإلخالص هلل يف العب ادة‬
‫والعمل‪.‬‬
‫كم ا أن ه يبعث على تق وى القل وب وخش يتها هلل وح ده‪ ،‬ويقض ي على م ا حتم ل النف وس من‬
‫الضغائن واألحقاد واإلحن‪ .‬وبه تغفر الذنوب‪ ،‬وتكفر السيئات‪ ،‬وتزاد احلسنات‪ ،‬وترفع الدرجات‪.‬‬
‫ومن املعلوم املعروف أن الصوم يف رمضان فريضة وركن من أركان اإلسالم‪ ،‬ويف غريه نافلة‬
‫(‪)2‬‬
‫وتطوع‪ ،‬واملراد هنا النافلة‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫‪ -1‬صيام ستة من شوال‬
‫فعن أيب أيوب ‪ ‬أن رسول اهلل ‪ ‬قال‪{ :‬من صام رمضان مث أتبعه ستاً من شوال كان كصيام‬
‫(‪)3‬‬
‫الدهر}‬
‫‪ -2‬صيام يوم عرفة لغري احلاج‬
‫فعن أيب قت ادة ‪ ‬ق ال‪ :‬س ئل رس ول اهلل ‪ ‬عن ص وم ي وم عرف ة‪ ،‬ق ال‪{ :‬يكف ر الس نة املاض ية‬
‫(‪)4‬‬
‫والباقية}‬
‫‪ -3‬صيام يوم عاشوراء‬
‫(‪)5‬‬
‫فعن ابن عباس –رضي اهلل عنهما‪{ -‬أن رسول اهلل ‪ ‬صام يوم عاشوراء وأمر بصيامه}‬
‫‪ -4‬صيام أيام البيض‪ ،‬وهي الثالث عشر‪ ،‬والرابع عشر‪ ،‬واخلامس عشر من كل شهر‪.‬‬
‫فعن عبد اهلل بن عمرو بن العاص –رضي اهلل عنهما‪ -‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪{ :‬صوم ثالثة‬
‫(‪)6‬‬
‫أيام من كل شهر صوم الدهر كله}‬
‫‪ -5‬صيام يوم االثنني واخلميس‬

‫‪1‬‬
‫() انظر يف هذا املختصر يف فقه العبادات للدكتور‪/‬خالد املشيقح ص ‪100‬‬
‫‪2‬‬
‫() انظر الصيام لألستاذ الدكتور‪ /‬عبد اهلل بن حممد بن أمحد الطيار ص ‪156-155‬‬
‫‪3‬‬
‫() رواه مسلم رقم (‪)1164‬‬
‫‪4‬‬
‫() رواه مسلم رقم (‪)1162‬‬
‫‪5‬‬
‫() متفق عليه؛ البخاري رقم (‪ ،)2004‬ومسلم رقم (‪)1130/128‬‬
‫‪6‬‬
‫() متفق عليه ؛ البخاري رقم (‪ ،)1979‬ومسلم رقم (‪)1159‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪70‬‬
‫فعن أيب هري رة ‪ ‬عن رس ول اهلل ‪ ‬ق ال‪{ :‬تع رض األعم ال ي وم االث نني واخلميس‪ ،‬ف أحب أن‬
‫(‪)1‬‬
‫يعرض عملي وأنا صائم}‬
‫‪ -6‬اإلكثار من الصيام يف شهري شعبان واحملرم‬
‫فعن عائشة –رضي اهلل عنها‪ -‬قالت‪ « :‬مل يكن النيب ‪ ‬يصوم من شهر أكثر من شعبان» ويف‬
‫(‪)2‬‬
‫رواية « كان يصوم شعبان إال قليالً »‬
‫(‪)3‬‬
‫وعن أيب هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪{ :‬أفضل الصيام بعد رمضان شهر اهلل احملرم}‬
‫‪ -7‬صيام عشر ذي احلجة‬
‫فعن سعيد بن جبري عن ابن عباس –رضي اهلل عنهما‪ -‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪{ :‬ما من أيام‬
‫العم ل الص احل فيه ا أحب إىل اهلل من ه ذه العش ر ق الوا‪ :‬ي ا رس ول اهلل! وال اجله اد يف س بيل اهلل‪،‬‬
‫(‪)4‬‬
‫قال‪:‬وال اجلهاد يف سبيل اهلل‪ ،‬إال رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء}‬
‫‪ -8‬صيام األعزب غري القادر على الزواج‬
‫فعن عبد اهلل بن مسعود قال‪ :‬كنا مع النيب ‪ ‬فقال‪{ :‬من استطاع الباءة فليتزوج‪ ،‬فإنه أغض‬
‫(‪)5‬‬
‫للبصر وأحصن للفرج‪ ،‬ومن مل يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء}‬
‫‪ -9‬صيام يوم وفطر يوم‬
‫وه و أحب الص يام إىل اهلل كم ا قال سيدنا حمم د ‪ ...{ :‬أحب الص يام إىل اهلل تع اىل؛ ص يام‬
‫داود كان يصوم يوماً وفطر يوماً}‬
‫وإمنا كان ذلك أحب من أجل األخذ بالرفق للنفس اليت خيشى منها السآمة وامللل فإن اهلل ال‬
‫ميل حىت متلوا‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫() رواه الرتمذي رقم (‪)747‬‬
‫‪2‬‬
‫() رواه البخاري رقم (‪ ،)1969‬ومسلم رقم (‪)1156‬‬
‫‪3‬‬
‫() رواه مسلم رقم (‪)1163‬‬
‫‪4‬‬
‫() سنن أيب داود (‪)7/103‬‬
‫‪5‬‬
‫() سنن أيب داود رقم (‪ ،)2046‬وصحيح ابن حبان رقم (‪ )4026‬والسنن الكربى رقم (‪)2548‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪71‬‬

‫فائــــــدة‬
‫داود عليه السالم‬
‫نذكر هنا نبذة خمتصرة عن داود ‪ ‬صاحب أحب الصالة وأحب الصيام إىل اهلل سبحانه‪.‬‬
‫كان داود ‪ ‬راعياً للغنم‪ ،‬ويف عهده قامت حرب بني جالوت وجنوده‪ ،‬وطالوت ‪ -‬ملك بين‬
‫إسرائيل‪ -‬وجنوده وكان جالوت مشهوراً بالقوة والشدة والبأس‪ ،‬وقد حتدى أبطال جيش طالوت‬
‫طالباً منهم النـزال فلم يستطع أحد منهم إجابته خوفاً منه‪.‬‬
‫فتقدم داود وطلب من طالوت اإلذن مبنازلته‪ ،‬وكان يومئذ شاباً صغرياً‪ ،‬فإذن له بعد تردد‬
‫وخوف عليه‪ ،‬لصغره وقلة خربته يف احلرب‪ ،‬وقال له‪ :‬لو قتلت جالوت فسوف تصري قائداً على‬
‫اجليش‪ ،‬وتتزوج ابنيت‪.‬‬
‫وتقدم داود ملبارزة جالوت؛ وليس معه من أدوات احلرب سوى عصاة ومقالع وبعض‬
‫األحجار؛ فاستخف به جالوت‪ ،‬ولكن دود سدد إليه حجراً من مقالعه فشج رأسه مث أتبعه بآخر‬
‫حىت سقط جالوت صريعاً وانتصر بنو إسرائيل على عدوهم (‪)1‬مث أصبح داود ملكاً على بين إسرائيل‪،‬‬
‫وقد بعثه اهلل رسوالً فيهم‪ ،‬وأنزل عليه الزبور‪.‬‬
‫حكى الق رآن الك رمي ه ذه القص ة يف س ورة البق رة يف قول ه ‪   ‬‬
‫‪        ‬‬
‫‪         ‬‬
‫‪          ‬‬
‫‪           ‬‬
‫(‪)2‬‬

‫وق د أنعم اهلل على داود ‪ ‬بنعم كث رية عظيم ة‪ ،‬منه ا م ا ج اء يف قول ه س بحانه‪   :‬‬
‫‪           ‬‬
‫‪           ‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪    ‬‬

‫‪1‬‬
‫() نسأل اهلل أن ينصر الفلسطنني اجملاهدين على اليهود احملتلني باملقالع واحلجارة كما نصر هبما داود ‪ ‬إنه على كل شيء قدير‬
‫‪2‬‬
‫() سورة البقرة ‪251-250/‬‬
‫‪3‬‬
‫() سورة سبأ‪11-10/‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪72‬‬
‫أي أن اهلل أعطى لداود احلكمة وهي النبوة‪ ،‬وأنزل عليه كتابه الزبور‪ ،‬وأنه سبحانه أمر اجلبال‬
‫والطي ور أن ت ردد مع ه التس بيح إذا س بح‪ ،‬وأن ه جع ل احلدي د ل ه لين اً ليش كله كم ا يش اء ويعم ل من ه‬
‫(‪)1‬‬
‫دروعاً واقية جلنوده ومحاية هلم من سهام األعداء‬
‫‪  ‬‬ ‫وق د رزق اهلل داود ابن ه س ليمان ‪ ،‬وك ان عب داً ص احلاً ق ال تع اىل‬
‫(‪)2‬‬
‫‪       ‬‬

‫فلم ا ك رب ص ار يش ركه مع ه يف جمالس القض اء واحلكم لتدريب ه وتعليم ه‪ -‬عليهم ا وعلى نبين ا‬
‫الصالة والسالم‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫() انظر املصباح املنري يف هتذيب تفسري ابن كثري ‪ ،1111‬وقصص األنبياء حملمد إمساعيل إبراهيم ص ‪106‬‬
‫‪2‬‬
‫() سورة ص ‪30/‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪73‬‬
‫التسمية بعبد هللا وعبد الرحمن‬
‫(‪)1‬‬
‫يقول النيب ‪{ :‬أحب األمساء إىل اهلل عبد اهلل وعبد الرمحن}‬
‫األوالد فلذات األكباد (‪ ،)2‬ونور العيون‪ ،‬ومثرات القلوب‪ ،‬ورحيانة البيوت‪ ،‬وزينة احلياة‬
‫الدنيا‪ .‬جاء يف األثر‪ « :‬لكل شيء مثرة ومثرة القلب الولد »‬
‫وقد عين اإلسالم باألوالد عناية فائقة‪ ،‬واهتم هبم اهتمام اً كبرياً‪ .‬فشرع هلم حقوق اًعلى اآلباء‬
‫هبا تنتظم حياهتم‪ ،‬وتستقيم أمورهم؛ ليكونوا أعضاء صاحلني مصلحني تسعد هبم أمتهم وتنتفع هبم‬
‫دولتهم‪.‬‬
‫ومن هذه احلقوق « اختيار االسم احلسن »‬
‫وقد صدر األمر بذلك من نبينا حممد ‪ ‬وبني سببه وعلته فعن أيب الدرداء ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول‬
‫(‪)3‬‬
‫اهلل ‪{ :‬إنكم تدعون يوم القيامة بأمسائكم وبأمساء آبائكم؛ فأحسنوا أمساءكم}‬
‫وأحس ن األمساء وأحبه ا إىل اهلل « عب د اهلل » و « عب د ال رمحن » ملا فيهم ا من استش عار‬
‫العبودية اخلالصة هلل وحده‪ ،‬واهلل خلق اخللق ليكونوا له عباداً قال تعاىل ‪   ‬‬
‫(‪)4‬‬
‫‪   ‬‬

‫مرة‪.‬‬
‫وأصدق األمساء « حارث » و « مهّام » وأقبحها حرب و ّ‬
‫فعن أيب وهب اجلش مي ق ال‪ :‬ق ال رس ول اهلل ‪{ :‬تس موا بأمساء األنبي اء‪ ،‬وأحب األمساء إىل‬
‫(‪)5‬‬
‫ومَّرةُ}‬
‫اهلل‪ :‬عبد اهلل وعبد الرمحن‪ ،‬وأصدقها حارث ومهّام وأقبحها‪ :‬حرب ُ‬
‫(‪)6‬‬
‫{سم ابنك عبد الرمحن}‬ ‫ِ‬
‫وروي أن النيب ‪ ‬قال لرجل ُولد له ول ٌد ّ‬
‫وقد حرم اإلسالم بعض األمساء ككل اسم ُم َعبَّ ٍد لغري اهلل‪ ،‬مثل‪ :‬عبد العزى‪ ،‬وعبد هبل‪ ،‬وعب د‬
‫علي‪ ،‬وعبد احلسني‪ ،‬وعبد احلسن وغريها ملا‬ ‫الكعبة‪ ،‬وعبد النيب‪ ،‬وعبد الرسول‪ ،‬وعبد املسيح‪ ،‬وعبد ّ‬
‫فيها من صرف العبودية لغري اهلل‪ ،‬أو إشراك غري اهلل مع اهلل فيما هو من خصائص اهلل‪.‬‬
‫وغرَّي النيب ‪ ‬بعض األمساء اليت تتناىف مع احلُ ْس ِن املطلوب يف التسمية‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫() رواه مسلم يف صحيحه رقم (‪)2132‬‬
‫‪2‬‬
‫أكبادنا متشي على األرض‬ ‫() يقول الشاعر ‪ :‬إمنا أوالدنـا بينـ ــنا‬
‫المتنعت عيين من الغمض‬ ‫لو هبت الريح على بعضهم‬
‫‪3‬‬
‫() سنن أيب داود (‪)4948‬‬
‫‪4‬‬
‫() سورة الذاريات‪56/‬‬
‫‪5‬‬
‫() مسند أمحد (‪)4/345‬‬
‫‪6‬‬
‫() صحيح البخاري (‪)6186‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪74‬‬
‫فقد روى ابن أيب شيبة حديث يزيد بن املقدام بن ُش ريح‪ ،‬عن املقدام بن شريح عن أبيه‪ ،‬عن‬
‫جده هانئ بن يزيد‪ ،‬قال‪ :‬وفَ َد على النيب ‪ ‬قوم‪ ،‬فسمعهم يسمون‪ :‬عبد احلجر‪ ،‬فقال له رسول اهلل‬
‫(‪)1‬‬
‫‪{ :‬إمنا أنت عبد اهلل}‬
‫وعن هشام عن أبيه أن رجالً كان امسه احلُباب‪ ،‬فسماه رسول اهلل ‪ ‬عبد اهلل‪ ،‬وقال‪{ :‬احلُباب‬
‫(‪)2‬‬
‫شيطان}‬
‫(‪)3‬‬
‫وعن ابن عمر أن النيب ‪ ‬غرّي اسم « عاصية » وقال‪ « :‬أنت مجيلة »‬
‫أص َرم‪ ،‬ك ان يف‬ ‫وروى أب و داود يف «س ننه » عن أس امة بن أخ دري أن رجالً ك ان يق ال ل ه ْ‬
‫(‪)4‬‬
‫أصَرم‪ ،‬قال‪ :‬بل أنت ُز ْر َعة}‬
‫النفر الذي أتوا رسول اهلل ‪ ،‬فقال رسول اهلل ‪{ :‬ما امسك؟ قال‪ْ :‬‬
‫قال أبو داود‪ « :‬وغرّي رسول اهلل ‪ ‬اسم العاص‪ ،‬وعزيز‪ ،‬وعُْتلة‪ ،‬وشيطان‪ ،‬واحلكم‪ ،‬وغراب‪،‬‬
‫وحباب فسماه هامشاً‪.‬‬ ‫ِ‬
‫وشهاب‪ُ ،‬‬
‫ومسّى حرباً سلماً‪ ،‬ومسى املضطجع‪ :‬املْنبَعِث‪ ،‬وأرض اً يقال هلا َع ْف َرة‪َ :‬خ ْ‬
‫ض رة‪ ،‬وشعب الضاللة‬
‫شدة‪ .‬ومسى بين ُم ْغ ِويَة‪ :‬بين َر ْش َدة‪.‬‬
‫الر َ‬
‫الزيْنة مساهم‪ :‬بين َّ‬
‫مساه‪ :‬شعب اهلُدى وبنو َّ‬
‫(‪)5‬‬
‫وقال أبو داود‪ « :‬تركت أسانيدها لالختصار»‬
‫ُخ ّي –وفقك اهلل تعاىل‪ -‬على اختيار االسم احلسن البنك‪ ،‬وكن أشد حرص اً على‬
‫فاحرص أ َ‬
‫عبد اهلل وعبد الرمحن للولد‪.‬‬
‫فأما البنت فعليك بأمساء أمهات املؤمنني وبنات الرسول ‪ ‬ورضي اهلل عنهن أو أي اسم آخر‬
‫يكون حسناً‪ ،‬وال تلجأ إىل األمساء غري احلسنة واليت تكون سبباً يف إضحاك الناس عليه واستهتارهم‬
‫به‪.‬‬

‫حسن الخلق‬
‫‪1‬‬
‫() األدب املفرد للبخاري (‪ )811‬ومصنف ابن أيب شيبة (‪)25901‬‬
‫‪2‬‬
‫() مصنف ابن أيب شيبة (‪)25898‬‬
‫‪3‬‬
‫() صحيح مسلم رقم (‪)2139‬‬
‫‪4‬‬
‫() سنن أيب داود رقم (‪)4954‬‬
‫‪5‬‬
‫() سنن أيب داود (‪)5/152‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪75‬‬
‫من أحب األعمال إىل اهلل تعاىل حسن اخللق‪ ،‬لقول النيب ‪{ :‬أحب عباد اهلل إىل اهلل أحسنهم‬
‫(‪)1‬‬
‫خلقاً}‬
‫حسن اخللق صفة من صفات األنبياء والصديقني والصاحلني‪ ،‬امتدح اهلل سبحانه هبا نبينا حممد‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ ‬فقال‪      :‬‬

‫وحسن اخللق طالقة الوجه‪ ،‬وبذل املعروف‪ ،‬وكف األذى عن الناس‪.‬‬


‫ومن عالماته‪ :‬الكرم‪ ،‬والسخاء‪ ،‬واحلياء‪ ،‬والصرب‪ ،‬واملساحمة‪ ،‬والقناعة‪ ،‬والورع‪ ،‬واللطافة‪،‬‬
‫واملس اعدة‪ ،‬وقل ة الطم ع‪ ،‬والنج دة والش هامة‪ ،‬واحللم‪ ،‬والثب ات‪ ،‬وكظم الغي ظ‪ ،‬والوق ار‪ ،‬والت ودد‪،‬‬
‫وحسن التدبري‪.‬‬
‫وأن يك ون اإلنس ان ص دوق اللس ان‪ ،‬قلي ل الكالم‪ ،‬كث ري العم ل‪ ،‬قلي ل الفض ول‪ ،‬ال لعان اً وال‬
‫(‪)3‬‬
‫سباباً‪ ،‬وال مناماً وال مغتاباً‪ ،‬وال عجوالً وال حقوداً وال حسوداً‬
‫وق د مجع اهلل ذل ك كل ه يف قول ه س بحانه‬
‫‪     ‬‬
‫‪ )4(   ‬فليس يف الق رآن آي ة أمجع ملك ارم األخالق من ه ذه اآلي ة‪ ،‬كم ا ق ال‬
‫املفسرون‪.‬‬
‫وروي أنه ملا نزلت هذه اآلية قال رسول اهلل ‪{ :‬ما هذا يا جربيل؟ قال‪ :‬إن اهلل يأمرك أن‬
‫(‪)5‬‬
‫تعفو عمن ظلمك‪ ،‬وتعطي من حرمك‪ ،‬وتصل من قطعك}‬
‫وقد وردت أحاديث كثرية حتث الناس على حسن اخللق والتحلي به وتبني هلم مثرته يف الدنيا‬
‫اآلخرة وأنه سبب يف دخول اجلنة‪ ،‬ومنها‪:‬‬
‫‪ ‬ق ول الن يب ‪{ :‬ات ق اهلل حيثم ا كنت‪ ،‬وأتب ع الس يئة احلس نة متحه ا‪ ،‬وخ الق الن اس خبل ق‬
‫(‪)6‬‬
‫حسن}‬
‫(‪)7‬‬
‫‪ ‬وقوله ‪{ :‬أثقل شيء يف امليزان‪ :‬اخللق احلسن}‬
‫(‪)8‬‬
‫‪ ‬وقوله ‪{ :‬استقم وليحسن خلقك للناس}‬

‫‪1‬‬
‫() رواه الطرباين يف الكبري‪ ،‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع رقم (‪)177‬‬
‫‪2‬‬
‫() سورة القلم ‪4 /‬‬
‫‪3‬‬
‫() انظر إحياء علوم الدين ‪ ،3/588‬ومدارج السالكني البن القيم ‪ 3/316‬وكلمات من نور للشيخ ثاين املنصور ص ‪135‬‬
‫‪4‬‬
‫() سورة األعراف ‪199/‬‬
‫‪5‬‬
‫() املصباح املنري يف هتذيب تفسري ابن كثري ص ‪521‬‬
‫‪6‬‬
‫() روا أمحد والرتمذي واحلاكم‪،‬والبيهقي يف شعب اإلميان ‪ ،‬وحسنه األلباين يف صحيح اجلامع رقم ‪96‬‬
‫‪7‬‬
‫() رواه الطرباين يف الكبري‪ ،‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامه رقم (‪)133‬‬
‫‪8‬‬
‫() حسنه األلباين يف صحيح اجلامع رقم (‪)962‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪76‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪ ‬وقوله ‪{ :‬أفضل املؤمنني أحسنهم خلقاً}‬
‫(‪)2‬‬
‫‪ ‬وقوله ‪{ :‬أكمل املؤمنني إمياناً أحسنهم خلقاً}‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ ‬وقوله ‪{ :‬أقرهبم مين جملساً يوم القيامة أحسنهم خلقاً}‬
‫‪ ‬وقوله ‪{:‬إ ّن أكمل املؤمنني إميان اً أحسنهم خلق اً‪ ،‬وإن حسن اخللق ليبلغ درجة الصوم‬
‫(‪)4‬‬
‫والصالة}‬
‫(‪)5‬‬
‫‪ ‬وقوله ‪{:‬إن الرجل ليدرك حبسن خلقه درجات قائم الليل صائم النهار}‬
‫(‪)6‬‬
‫‪ ‬وقوله ‪{ :‬إن الناس مل يعطوا شيئاً خرياً من حسن اخللق}‬
‫‪ ‬وقول ه ‪{ :‬إن أحبكم إيل وأق ربكم م ين يف اآلخ رة جمالس أحاس نكم أخالق اً‪ ،‬وإن‬
‫(‪)7‬‬
‫أبغضكم إيل وأبعدكم مين يف اآلخرة أسوأكم أخالقاً الثرثارون املتفيهقون املتشدِّقون}‬
‫‪ ‬ويف س نن الرتم ذي‪ ،‬وص ححه‪ ،‬عن أيب هري رة ‪ ‬؛ أن رس ول اهلل ‪ ‬س ئل عن أك ثر م ا‬
‫يدخل الناس اجلنة‪ ،‬فقال‪ :‬تقوى اهلل وحسن اخللق}‬
‫وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار‪ ،‬فقال‪{ :‬الفم والفرج}‬
‫‪ ‬وقوله ‪{ :‬عليك حبسن اخللق‪ ،‬وطول الصمت‪ ،‬فو الذي نفسي بيده‪ ،‬ما جتمل اخلالئق‬
‫(‪)8‬‬
‫مبثلها}‬
‫‪ ‬وعن ابن عم ر ‪ ‬عن الن يب ‪{ ‬أن ا زعيم ب بيت يف ربض اجلن ة ملن ت رك املراء وإن ك ان‬
‫حمق اً‪ ،‬وب بيت يف وس ط اجلن ة ملن ت رك الك ذب وإن ك ان مازح اً‪ ،‬وب بيت يف أعلى اجلن ة ملن حس ن‬
‫(‪)9‬‬
‫خلقه}‬
‫فجعل ‪ ‬البيت العلوي جزاء ألعلى املقامات الثالثة‪ ،‬وهي حسن اخللق‪ ،‬واألوسط ألوسطها‬
‫وهو ترك الكذب‪ ،‬واألدىن ألدناها وهو ترك املماراة وإن كان معه حق‪ .‬وال ريب أن حسن اخللق‬
‫مشتمل على هذا كله‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫() صححه األلباين يف صحيح اجلامع رقم (‪)1139‬‬
‫‪2‬‬
‫() صحيح اجلامع رقم (‪)1241‬‬
‫‪3‬‬
‫() صحيح اجلامع رقم (‪)1187‬‬
‫‪4‬‬
‫() صحيح اجلامع رقم (‪)1574‬‬
‫‪5‬‬
‫() صحيح اجلامع رقم (‪)1617‬‬
‫‪6‬‬
‫) صحيح اجلامع رقم (‪)1973‬‬
‫‪7‬‬
‫) رواه أمحد وابن حبان‪ ،‬وصححه األلباين يف صحيح اجلامع رقم (‪)1531‬‬
‫‪8‬‬
‫() رواه أبو يعلى‪ ،‬وحسنه األلباين يف صحيح اجلامع رقم (‪)3927‬‬
‫‪9‬‬
‫() سنن أيب داود رقم (‪ ، )4800‬و الرتغيب والرتهيب (‪) 1/230‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪77‬‬
‫فاحرص أخي الكرمي على هذه الصفة (حسن اخللق) وختلق هبا تكن يف أعلى اجلنة مع احلبيب‬
‫‪ ،‬وتكن من أحب عباد اهلل إىل اهلل‪.‬‬
‫وإياك وسوء اخللق فإنه خلق مذموم‪ ،‬واعلم أن األخالق املذمومة هي الكرب‪ ،‬والفخر‪ ،‬والبطر‪،‬‬
‫واألش ر‪ ،‬والعجب‪ ،‬واحلس د والبغي واخليالء والظلم والقس وة والتج رب‪ ،‬وحب اجلاه والرئاس ة وأن‬
‫حيمد مبا مل يفعل‪.‬‬
‫وكذا الكذب واخليانة والرياء واملكر واخلديعة والطمع واجلنب والبخل والعجز والكسل والذل‬
‫لغري اهلل واستبدال الذي هو أدىن بالذي هو خري وحنو ذلك‪.‬‬
‫جنان ا اهلل وإي اك واملس لمني واملس لمات من ه ذه الص فات القبيح ة املهلك ة يف ال دنيا واآلخ رة‬
‫آمني‪.‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪78‬‬
‫قراءة القرآن‬
‫من أحب األعمال إىل اله قراءة القرآن؛ فعن أيب هريرة ‪ ‬أنه قال‪ :‬قام رجل إىل النيب ‪ ‬فقال‪:‬‬
‫يا رسول اهلل أي العمل أفضل أو أي العمل أحب إىل اهلل‪ ،‬قال‪{ :‬احلال املرحتل الذي يفتح القرآن‬
‫(‪)1‬‬
‫وخيتمه‪ ،‬صاحب القرآن يضرب من أوله إىل آخره‪ ،‬ومن آخره إىل أوله كلما حلٌّ ارحتل}‬
‫‪     ‬‬ ‫الق رآن يف األصل مص در ق رأ‪ ،‬ق ال اهلل تع اىل‬
‫(‪)2‬‬
‫‪    ‬‬
‫(‪)3‬‬
‫قال ابن عباس ‪ « :‬أي‪ :‬إذا مجعناه وأثبتناه يف صدرك فاعمل به »‬
‫ومسي القرآن هبذا االسم لكونه جامعاً لثمرة الكتب السماوية السابقة وجلمعه مثرة مجيع العلوم‬
‫(‪)5‬‬ ‫‪4‬‬
‫( )‪ ،‬وقد أشار اهلل تعاىل إليه بقوله‪      :‬و قوله ‪  ‬‬
‫(‪)6‬‬
‫‪ ‬‬

‫وهو كالم اهلل املنـزل على خري خلقه سيدنا حممد ‪ ،‬املتعبد بتالوته‪ ،‬املتحدي بأقصر سورة‬
‫منه‪.‬‬
‫‪         ‬‬ ‫ق ال تع اىل‬
‫(‪)7‬‬
‫‪          ‬‬

‫وقد وصف النيب ‪ ‬القرآن بقوله‪ ...{ :‬فيه نبأ من قبلكم‪ ،‬وخرب ما بعدكم‪ ،‬وحكم ما بينكم‪،‬‬
‫وه و فص ل ليس باهلزل‪ ،‬من تركه جترباً قص مه اهلل‪ ،‬ومن ابتغى اهلدى يف غ ريه أضله اهلل تع اىل‪ ،‬وهو‬
‫حبل اهلل املتني‪ ،‬ونوره املبني‪ ،‬والذكر احلكيم‪ ،‬والصراط املستقيم‪ ،‬وهو الذي ال تزيغ به األهواء‪ ،‬وال‬
‫تتشعب معه اآلراء‪ ،‬وال يشبع منه العلماء‪ ،‬وال ميله األتقياء‪ ،‬من علم علمه سبق‪ ،‬ومن عمل به أجر‪،‬‬
‫(‪)8‬‬
‫ومن حكم به عدل‪ ،‬ومن عصم به فقد هدى إىل صراط مستقيم}‬
‫‪   ‬‬ ‫وش اء اهلل أن يك ون نزول ه يف أعظم األزم ان وأش رف الش هور‬
‫(‪)9‬‬
‫‪          ‬‬

‫‪1‬‬
‫() املستدرك على الصحيحني (‪ ، )1/758‬وسنن الدارمي (‪)2/560‬‬
‫‪2‬‬
‫() سورة القيامة ‪18 ،17/‬‬
‫‪3‬‬
‫() املفردات يف غريب القرآن ‪204‬‬
‫‪4‬‬
‫() انظر املفردات يف غريب القرآن ‪204‬‬
‫‪5‬‬
‫() سورة يوسف ‪111/‬‬
‫‪6‬‬
‫() سورة النحل ‪89/‬‬
‫‪7‬‬
‫() سورة اإلسراء ‪88/‬‬
‫‪8‬‬
‫() البحر احمليط (‪)24-1/23‬‬
‫‪9‬‬
‫() سورة البقرة ‪185 /‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪79‬‬
‫واقتض ت حكمت ه أن يك ون ذل ك يف أعظم ليل ه من رمض ان‪ ،‬وهي ليل ة الق در‪  :‬‬
‫‪           ‬‬
‫(‪)1‬‬
‫‪     ‬‬

‫ووص ف اهلل ه ذه الليل ة باملبارك ة فق ال س بحانه بع د أن أقس م ب ه ‪   ‬‬


‫‪            ‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪            ‬‬

‫وبني اهلل سبحانه عظيم شأن هذا القرآن وجاللة قدرته حىت إنه لو نزل على اجلبال الشاهقة‬
‫لتص دعت من خش ية اهلل ق ال تع اىل ‪      ‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪       ‬‬

‫‪   ‬‬ ‫وجعل ه اهلل ميس راً للحف ظ والفهم‪ ،‬ق ال س بحانه‪:‬‬
‫(‪)4‬‬
‫‪    ‬‬

‫وفض له اهلل على غ ريه من الكتب وجعل ه ناس خاً هلا ومهيمن اً عليه ا فق ال س بحانه‪ :‬‬
‫‪        ‬‬
‫‪ ‬‬ ‫‪ )5( ‬وق د تكف ل اهلل س بحانه حبفظ ه فق ال س بحانه‬ ‫‪   ‬‬
‫(‪)6‬‬
‫‪      ‬‬

‫وجاءت أحاديث كثرية تشحذ اهلمم يف تالوة القرآن وتبني ثواب ذلك وجزاءه منها‪:‬‬
‫‪ ‬قول النيب ‪{ :‬اقرءوا القرآن فإنكم تؤجرون عليه‪ ،‬أما إين ال أقول‪ : :‬حرف‪ ،‬ولكن‬
‫(‪)7‬‬
‫ألف عشر‪ ،‬والم عشر وميم عشر‪ ،‬فتلك ثالثون}‬
‫(‪)8‬‬
‫‪‬وقوله ‪{ :‬اقرءوا القرآن فإنه يأيت يوم القيامة شفيعاً ألصحابه}‬
‫‪‬وقوله ‪{ :‬يؤتى يوم القيامة بالقرآن وأهله الذين كانوا يعملون يف الدنيا تقدمه سورة البقرة‬
‫(‪)9‬‬
‫وآل عمران حتاجان عن صاحبهما}‬

‫‪1‬‬
‫() سورة القدر‪3-1/‬‬
‫‪2‬‬
‫() سورة الدخان‪5-1/‬‬
‫‪3‬‬
‫() سورة احلشر‪21/‬‬
‫‪4‬‬
‫() سورة القمر‪17/‬‬
‫‪5‬‬
‫() سورة املائدة‪48/‬‬
‫‪6‬‬
‫() سورة احلجر‪9/‬‬
‫‪7‬‬
‫() صححه األلباين يف صحيح اجلامع رقم (‪)660‬‬
‫‪8‬‬
‫() رواه مسلم رقم (‪)804‬‬
‫‪9‬‬
‫() رواه مسلم رقم (‪)805‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪80‬‬
‫‪‬وعن عائشة‪-‬رضي اهلل عنها‪ -‬قالت‪ :‬قال رسول اهلل ‪{ :‬الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به‬
‫(‪)10‬‬
‫مع السفرة الكرام الربرة‪ ،‬والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه وهو عليه شاق له أجران}‬
‫‪‬وعن عب د اهلل بن عم رو بن الع اص –رض ي اهلل عنهم ا‪ -‬عن الن يب ‪ ‬ق ال‪{ :‬يق ال لص احب‬
‫(‪)2‬‬
‫القرآن اقرأ وارتق‪ ،‬ورتل كما كنت ترتل يف الدنيا‪ ،‬فإن منـزلتك عند آخر آية تقرأ}‬
‫‪‬وخري أمة اإلسالم وأفضلها من تعلم القرآن وعلّمه غريه‪ ،‬قال ‪{: ‬خريكم من تعلم القرآن‬
‫(‪)3‬‬
‫وعلّمه}‬
‫‪‬وقال ‪{ :‬من علّم آية من كتاب اهلل فله ثواهبا ما تُليت}‬
‫(‪)4‬‬

‫‪‬ويوصي النيب ‪ ‬أمته بقراءة القرآن واملداومة عليها فيقول‪{ :‬تعاهدوا هذا القرآن‪ ،‬فوالذي‬
‫(‪)5‬‬
‫نفس حممد بيده هلو أشد تفلتاً من اإلبل يف عُ َقلها}‬
‫أما الذي ال يقرأ القرآن وليس يف جوفه منه شيء فال بركة فيه وال خري عنده إمنا هو كالبيت‬
‫اخلرب‪.‬‬
‫فعن ابن عباس –رضي اهلل عنهما‪ -‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪{ :‬إن الذي ليس يف جوفه شيء‬
‫(‪)6‬‬
‫من القرآن كالبيت اخلرب}‬
‫ُخ َّي – أرش دين اهلل وإي اك واملس لمني إىل اخلري‪ -‬على تعه د الق رآن ب التالوة وإي اك‬
‫ف احرص أ َ‬
‫إي اك إي اك أن تك ون م ع ال ذين هج روا الق رآن وجعل وه وراء ظه ورهم واس تبدلوه بق راءة الص حف‬
‫واجملالت وغريها نسأل اهلل لنا وهلم اهلداية‪.‬‬
‫واعلم أن الس لف الص احل ك انت هلم مهم عالي ة يف ق راءة الق رآن فمنهم من ك ان خيتم ه ك ل‬
‫أسبوع ومنهم من ختمه يف مخس ليال‪ ،‬ومنهم من ختمه يف يوم وليلة‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬ختم أبو حنيفة القرآن يف ليلة‪ ،‬وختم الشافعي ستني مرة يف شهر رمضان‪ ،‬وختمه قتادة‬
‫(‪)7‬‬
‫مرة كل يوم يف العشر األواخر من رمضان‬

‫‪10‬‬
‫() رواه البخاري رقم (‪)4937‬‬
‫‪2‬‬
‫() روا أبو داود رقم (‪)1664‬‬
‫‪3‬‬
‫() رواه أمحد وأبو داود والرتمذي‬
‫‪4‬‬
‫() صحيح اجلامع‬
‫‪5‬‬
‫() رواه البخاري رقم (‪)5033‬‬
‫‪6‬‬
‫() رواه الرتمذي رقم (‪)2914‬‬
‫‪7‬‬
‫() انظر صالح األمة يف علو اهلمة للدكتور سيد حسني العفاين ‪3/24‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪81‬‬
‫قال اإلمام النووي –رمحه اهلل‪ « :-‬ينبغي حلامل القرآن أن حيافظ على تالوته ويكثر منه‪ ،‬ليالً‬
‫وهناراً‪ ،‬س فراً وحض راً‪ ،‬وق د ك انت للس لف – رض ي اهلل عنهم‪ -‬ع ادت خمتلف ة فيم ا خيتم ون يف‬
‫(‪)1‬‬
‫القرآن‪}..‬‬
‫ف الزم نفسك بق راءة ج زء –على األق ل‪ -‬كل ي وم حىت ختتم يف ش هر‪ ،‬واعلم أن للتالوة أداب اً‬
‫ينبغي مراعاهتا ومنها‪:‬‬
‫‪ ‬الوضوء‬
‫‪ ‬استقبال القبلة‬
‫‪ ‬الرتتيل والتدبر‬
‫‪ ‬البك اء واخلش وع‪ ،‬لقوله تع اىل ‪       ‬‬
‫‪         ‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪    ‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪          ‬‬ ‫وقوله‬
‫(‪)4‬‬
‫‪       ‬‬ ‫وقوله‬
‫‪ ‬حضور القلب وترك حديث النفس‬
‫(‪)5‬‬
‫فلقد كان بعض السلف –رضوان اهلل عليهم‪ -‬إذا قرأ آية مل يكن قلبه فيها أعادها ثانية‬

‫‪1‬‬
‫() التبيان يف آداب محلة القرآن للنووي ص ‪11‬‬
‫‪2‬‬
‫() سورة اإلسراء‪108 ،107/‬‬
‫‪3‬‬
‫() سورة مرمي‪58/‬‬
‫‪4‬‬
‫() سورة اإلسراء‪109/‬‬
‫‪5‬‬
‫() صالح األمة يف علو اهلمة ‪3/29‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪82‬‬
‫العمل الصالح‬
‫في العشر األول من ذي الحجة‬
‫عن ابن عباس –رضي اهلل عنهما‪ -‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪{ :‬ما من أيام العمل الصاحل فيها‬
‫أحب إىل اهلل من هذه األيام‪ ،‬قالوا يا رسول اهلل وال اجلهاد يف سبيل اهلل؟ قال‪ :‬وال اجلهاد يف سبيل‬
‫(‪)1‬‬
‫اهلل إال رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء}‬
‫األيام العشر األول من شهر من ذي احلجة أيام مباركة فاضلة‪ ،‬فلقد أقسم اهلل سبحانه هبا يف‬
‫(‪)2‬‬
‫كتابه فقال‪      :‬‬

‫قال ابن كثري –رمحه اله‪...« :-‬والليايل العشر املراد هبا عشر ذي احلجة كما قال ابن عباس‬
‫(‪)3‬‬
‫وابن الزبري وجماهد وغري واحد من السلف واخللف »‬
‫وفيها يوم عرفة الذي قال فيه النيب ‪{ :‬ما من يوم أكثر من أن يعتق اهلل فيه عبداً أو أمة من‬
‫(‪)4‬‬
‫النار من يوم عرفة}‬
‫وآخر هذه األيام يوم النحر ويليه يوم القر وقد قال فيها النيب ‪{ :‬أعظم األيام عند اهلل يوم‬
‫(‪)5‬‬
‫النحر مث يوم القر}‬
‫ويبني احلافظ ابن حجر –يرمحه اهلل‪ -‬سبب تفضيل هذه األيام ومتييزها فقال‪« :‬والذي يظهر‬
‫أن الس بب يف امتي از عش ر ذي احلج ة ملك ان اجتم اع أمه ات العب ادة في ه‪ ،‬وهي‪ :‬الص الة‪ ،‬والص يام‪،‬‬
‫(‪)6‬‬
‫والصدقة‪ ،‬واحلج‪ ،‬وال يأيت ذلك يف غريه»‬
‫وق ال ابن تيمي ة –رمحه اهلل‪ « :-‬أي ام عش ر ذي احلج ة أفض ل من أي ام العش ر من رمض ان‪،‬‬
‫(‪)7‬‬
‫والليايل العشر األواخر من رمضان أفضل من ليايل عشر ذي احلجة »‬
‫ووضح ذلك ابن القيم –رمحه اهلل‪ -‬فقال‪:‬‬
‫«‪ ...‬فإنه ليس من أيام العمل فيها أحب إىل اهلل من أيام عشر ذي احلجة‪ ،‬وفيها يوم عرفة‪،‬‬
‫وي وم النح ر‪ ،‬وي وم الرتوي ة‪ .‬وأم ا لي ايل عش ر رمض ان فهي لي ايل اإلحي اء ال يت ك ان الرسول ‪ ‬حيييه ا‬
‫(‪)8‬‬
‫كلها‪ ،‬وفيها ليلة خري من ألف شهر‪»...‬‬
‫‪1‬‬
‫() رواه البخاري رقم (‪)969‬‬
‫‪2‬‬
‫() سورة الفجر‪2 ،1/‬‬
‫‪3‬‬
‫() املصباح املنري يف هتذيب تفسري ابن كثري ‪1505‬‬
‫‪4‬‬
‫() رواه مسلم برقم (‪)1348‬‬
‫‪5‬‬
‫() رواه أبو داود ‪5/174‬‬
‫‪6‬‬
‫() فتح الباري ‪2/460‬‬
‫‪7‬‬
‫() جمموع الفتاوى ‪25/287‬‬
‫‪8‬‬
‫() زاد املعاد ‪1/57‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪83‬‬

‫أنواع العمل يف هذه العشر‬


‫‪ -1‬الصيام‪ ،‬فيسن للمسلم صيام تسع ذي احلجة‪ ،‬أو ما تيسر منها وباألخص يوم عرفة لغري‬
‫احلاج‪.‬‬
‫فعن أيب قت ادة عن الن يب ‪ ‬ق ال‪« :‬ص يام ي وم عرف ة احتس ب على اهلل أن يكف ر الس نة ال يت قبل ه‬
‫((‪1‬‬
‫واليت بعده »‬
‫وكان النيب ‪ ‬يصوم أيام التسع هذه‪ ،‬فعن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النيب ‪‬‬
‫(‪)2‬‬
‫قالت‪{ :‬كان النيب ‪ ‬يصوم تسع ذي احلجة ويوم عاشوراء‪ ،‬وثالثة أيام من كل شهر}‬
‫‪ -2‬التس بيح والتحمي د والتكب ري‪ ،‬لق ول الن يب ‪{ :‬م ا من أي ام أعظم عن د اهلل وال أحب إلي ه‬
‫(‪)3‬‬
‫العمل فيهن من هذه األيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبري والتحميد}‬
‫ويش رع يف ه ذه األي ام التكب ري املطل ق وص فته‪ :‬اهلل أك رب اهلل أك رب ال إل ه إال اهلل‪ ،‬اهلل أك رب وهلل‬
‫احلمد – يف مجيع األوقات من ليل أو هنار إىل صالة العيد‪.‬‬
‫كما يشرع التكبري املقيد بعد الصالة املفروضة ويبدأ لغري احلاج من فجر يوم عرفة‪ ،‬وللحاج‬
‫من ظهر يوم النحر ويستمر إىل صالة عصر آخر أيام التشريق‪.‬‬
‫‪ -3‬احلج والعمرة‪ ،‬فاحلج إىل بيت اهلل احلرام ركن من أركان اإلسالم وفرض على املستطيع‪،‬‬
‫فيجب على من وجب علي ه احلج أن يب ادر إىل أدائ ه لق ول الن يب ‪{:‬تعجل وا احلج ف إن أح دكم ال‬
‫(‪)4‬‬
‫يدري ما يعرض له}‬
‫احلج من أفض ل األعم ال وأكثره ا ثواب اً وأعظمه ا أج راً لق ول الن يب ‪{ :‬احلج املربور ليس ل ه‬
‫(‪)5‬‬
‫جزاء إال اجلنة}‬
‫(‪)6‬‬
‫‪    ‬‬ ‫‪ -4‬األضحية يف يوم النحر وأيام التشريق‪ ،‬قال تعاىل‬
‫وعن أيب هريرة ‪ ‬قال‪ :‬قال رسول اهلل ‪{ :‬من وجد سعة فلم يضح فال يقربن مصالنا}(‪.)7‬‬

‫‪1‬‬
‫() أخرجه مسلم رقم (‪)1662‬‬
‫‪2‬‬
‫() أخرجه النسائي (‪)4/205‬‬
‫‪3‬‬
‫() رواه أمحد (‪)7/224‬‬
‫‪4‬‬
‫() رواه أمحد (‪)31411‬‬
‫‪5‬‬
‫() رواه البخاري (‪)1773‬‬
‫‪6‬‬
‫() سورة الكوثر‪2/‬‬
‫‪7‬‬
‫() رواه أمحد ‪2/321‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪84‬‬
‫(‪)8‬‬
‫وعن عبد اهلل بن عمر –رضي اهلل عنهما‪{ -‬أقام النيب ‪ ‬باملدينة عشر سنني يضحي}‬
‫‪ -5‬ك ثرة األعم ال الص احلة من ص الة وص دقة ودع اء واس تغفار ومس اعدة احملت اجني وغ ري‬
‫ذلك‪ ،‬فاألعمال الصاحلة ال حد هلا وال عد‪.‬‬
‫هلذا كله وغريه الكثري كان العمل يف هذه األيام املباركة أحب إىل اهلل كما قال النيب الكرمي‬
‫‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫() رواه أمحد ‪13/65‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪85‬‬
‫نفع الناس وإدخال السرور عليهم‬
‫قال النيب ‪{: ‬أحب الناس إىل اهلل أنفعهم للناس‪ ،‬وأحب األعمال إىل اهلل ‪ ‬سرور تدخله‬
‫على مسلم‪ ،‬أو تكشف عنه كربة‪ ،‬أو تقضي عنه ديناً‪ ،‬أو تطرد عنه جوعاً‪.‬‬
‫إيل من أن أعتكف يف املسجد شهراً‪ ،‬ومن كف‬ ‫وألن أمشي مع أخي املسلم يف حاجة أحب ّ‬
‫غضبه سرت اهلل عورته‪ ،‬ومن كظم غيظاً ولو شاء أن ميضيه أمضاه‪ ،‬مأل اهلل قلبه رضا يوم القيامة‪،‬‬
‫ومن مشى مع أخيه يف حاجته حىت يثبتها له‪ ،‬أثبت اهلل تعاىل قدمه يوم ُّ‬
‫تزل األقدام‪ ،‬وإن سوء‬
‫(‪)1‬‬
‫اخلل العسل}‬
‫اخللق ليفسد العمل كما يفسد ُّ‬
‫املسلم أخو املسلم‪ ،‬ال يظلمه وال يسلمه‪ ،‬حيب له ما حيب لنفسه‪ ،‬ويكره له ما يكره لنفسه‪.‬‬
‫واملسلمون مجيعاً كاجلسد الواحد‪ ،‬إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر اجلسد بالسهر‬
‫واحلمى‪.‬‬
‫وهم كالبنيان املرصوص يشد بعضه بعضاً‪ ،‬كما أهنم ي ٌد على من سواهم‪.‬‬
‫‪‬‬ ‫أم رهم اهلل س بحانه بالتع اون على ال رب والتق وى‪ ،‬وهناهم عن التع اون على اإلمث والع دوان‪،‬‬
‫‪         ‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪‬‬

‫وذل ك لينتش ر بينهم احلب واإلخ اء واإلخالص والتع اون والوف اء واملودة والرمحة‪ ،‬ومما يعم ل‬
‫على ذلك – أيض اً‪ -‬ما جاء يف هذا احلديث‪ :‬فنفع الناس‪ -‬وإدخال السرور على املسلم‪-‬وكشف‬
‫كربه‪ -‬وقضاء دينه‪ -‬وطرد اجلوع عنه‪-‬واملشي يف حاجته‪ -‬وكف الغضب‪-‬وكظم الغيظ‪-‬واالبتعاد‬
‫عن سوء اخللق‪.‬‬
‫أمور هامة يف حياة املسلمني‪ ،‬وهلا أثرها العجيب يف نشر احملبة واملودة واإلخاء والتعاون بني‬
‫املسلمني‪ ،‬وقد أعد اهلل ملن يفعل ذلك أجراً عظيم اً وثواب اً جزيالً‪ ،‬وهذه بعض األحاديث النبوية اليت‬
‫توضح ذلك‪:‬‬
‫‪ ‬قال رسول اهلل ‪{: ‬أميا مسلم كسا مسلماً ثوباً كساه اهلل تعاىل من خضر اجلنة‪ ،‬وأميا مسلم‬
‫أطعم مس لماً على ج وع أطعم ه اهلل ي وم القيام ة من مثار اجلن ة‪ ،‬وأميا مس لم س قى مس لماً على ظم أ‬
‫(‪)3‬‬
‫سقاه اهلل تعاىل يوم القيامة من الرحيق املختوم}‬

‫‪1‬‬
‫() رواه ابن أيب الدنيا يف قضاء احلوائج‪ ،‬والطرباين يف الكبري عن ابن عمر‪ ،‬وحسنه األلباين يف صحيح اجلامع رقم (‪)176‬‬
‫‪2‬‬
‫() سورة املائدة‪2/‬‬
‫‪3‬‬
‫() رواه أمحد وأبو داود والرتمذي عن أيب سعيد اخلدري‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪86‬‬
‫‪ ‬وقال رسول اهلل ‪{: ‬من أنظر معسراً‪ ،‬أو وضع عنه‪ ،‬أظله اهلل يف ظله يوم ال ظل إال ظله}‬
‫(‪.)4‬‬
‫‪ ‬وق ال رس ول اهلل ‪{: ‬أفض ل األعم ال أن ت دخل على أخي ك املؤمن س روراً‪ ،‬أو تقض ي عن ه‬
‫(‪)2‬‬
‫ديناً‪ ،‬أوتطعمه خبزاً}‬
‫‪ ‬وقال رسول اهلل ‪{: ‬الساعي على األرملة واملسكني‪ ،‬كاجملاهد يف سبيل اهلل‪ ،‬أو القائم الليل‬
‫(‪)3‬‬
‫الصائم النهار}‬
‫(‪)4‬‬
‫‪ ‬وقال رسول اهلل ‪{: ‬خري الناس أنفعهم للناس}‬
‫فليعم ل ك ل من ا‪ -‬ق در طاقت ه‪ -‬على مس اعدة إخوان ه املس لمني‪ ،‬وقض اء ح وائجهم‪ ،‬وإدخ ال‬
‫الس رور عليهم‪ ،‬وال دعاء جلمي ع املس لمني عس ى اهلل ان ي أيت ب الفتح أو أم ر من عن ده فيص بح أع داء‬
‫اإلسالم نادمني‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫() رواه مسلم وأمحد‪...‬‬
‫‪2‬‬
‫() حسنه األلباين يف صحيح اجلامع رقم (‪)1096‬‬
‫‪3‬‬
‫() رواه البخاري ومسلم والرتمذي والنسائي عن أيب هريرة ‪. ‬‬
‫‪4‬‬
‫() حسنه األلباين يف صحيح اجلامع رقم (‪)3289‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪87‬‬
‫تكاثر األيدي على الطعام‬
‫من أحب األعمال إىل اهلل تعاىل تكاثر األيدي على الطعام لقول النيب ‪{:‬أحب الطعام إىل اهلل‬
‫(‪)1‬‬
‫ما كثرت عليه األيدي}‬
‫الك رم واجلود والس خاء واإلنف اق وإطع ام الطع ام‪ ،‬ص فات كرمية حث عليه ا اإلس الم ور ّغب‬
‫فيه ا‪ ،‬وم دح املتص فني هبا‪ ،‬ووص فهم ب الفالح‪ ،‬ق ال اهلل تع اىل ‪    ‬‬
‫(‪)2‬‬
‫‪   ‬‬

‫وجعل اهلل األجر العظيم عليه يف الدنيا واآلخرة؛ يف الدنيا البدل واخللف‪ ،‬ويف اآلخرة اجلزاء‬
‫والث واب‪ ،‬ق ال اهلل تع اىل ‪         ‬‬
‫‪            ‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪‬‬

‫وق ال تع اىل ‪         ‬‬
‫‪           ‬‬
‫‪            ‬‬
‫‪             ‬‬
‫(‪)4‬‬
‫‪    ‬‬

‫وق ال رس ول اهلل ‪{: ‬م ا من ي وم يص بح العب اد في ه إال ملك ان ينـزالن‪ ،‬فيق ول أح دمها‪ :‬اللهم‬
‫(‪)5‬‬
‫أعط منفقاً خلفاً‪ ،‬ويقول اآلخر‪ :‬اللهم أعط ممسكاً تلفاً}‬
‫وإطع ام الطع ام وك ثرة األي دي علي ه من ص نائع املع روف ال يت تقى ص احبها مص ارع الس وء‬
‫واهلالك‪.‬‬
‫ق ال س يدنا رس ول اهلل ‪{ :‬ص نائع املع روف تقى مص ارع الس وء واآلف ات واهللك ات وأه ل‬
‫(‪)6‬‬
‫املعروف يف الدنيا هم أهل املعروف يف اآلخرة}‬
‫كما أن إطعام الطعام من أسباب دخول اجلنة‪ ،‬قال رسول اهلل ‪{ :‬اعبدوا الرمحن وأطعموا‬
‫(‪)7‬‬
‫الطعام‪ ،‬وأفشوا السالم تدخلوا اجلنة بسالم}‬

‫‪1‬‬
‫() رواه ابن حبان وحسنه األلباين‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫() سورة احلشر‪9/‬‬
‫‪3‬‬
‫() سورة سبأ‪39/‬‬
‫‪4‬‬
‫() سورة البقرة‪262-261/‬‬
‫‪5‬‬
‫() رواه الشيخان عن أيب هريرة‪ ،‬ورواه احلاكم يف املستدرك عن أيب الدرداء‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫() صحيح اجلامع رقم (‪)3689‬‬
‫‪7‬‬
‫() رواه الرتمذي انظر الرتغيب والرتهيب ‪1/395‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪88‬‬
‫وقال أيضاً‪{ :‬إن يف اجلنة غرفاً‪ ،‬يُرى ظاهرها من باطنها‪ ،‬وباطنها من ظاهرها‪ ،‬أعدها اهلل ملن‬
‫(‪)8‬‬
‫أطعم الطعام‪ ،‬وأفشى السالم‪ ،‬وصلى بالليل والناس نيام}‬
‫فاهلل اهلل يف إطعام الطعام‪ ،‬واهلل اهلل يف كثرة األيدي عليه‪ ،‬فرسولنا ‪ ‬كان أجود الناس‪ ،‬وكان‬
‫حيب إطعام الطعام‪ .‬فعن أنس ‪ ‬قال‪{ :‬كان النيب ‪ ‬أحسن الناس‪ ،‬وأجود الناس‪ ،‬وأشجع الناس}‬
‫(‪)2‬‬

‫(‪)3‬‬
‫الغراء‪ ،‬حيملها أربعة رجال}‬
‫وعن عبد اهلل بن بر قال‪{ :‬كان للنيب ‪ ‬قصعةٌ يقال هلا َّ‬
‫وه ذا ي دل على ض خامة ه ذه القص عة وكربه ا‪ ،‬وأن الغ رض منه ا تكث ري األي دي على طع ام‬
‫رسول اهلل ‪ ‬فهو اجلواد الكرمي‪.‬‬
‫واعلم أخي املس لم أن ال ذين يطعم ون الطع ام هم خيارن ا فعن محزة بن ص هيب‪ ،‬عن أبي ه ‪‬‬
‫قال‪ :‬قال عمر ‪ ‬لصهيب‪« :‬فيك سرف يف الطعام» فقال‪:‬إين مسعت رسول اهلل ‪ ‬يقول‪{ :‬خياركم‬
‫(‪)4‬‬
‫من أطعم الطعام}‬
‫أما ال ذين ليس هلم ض يوف ي أكلون عن دهم فال خري فيهم ق ال رس ول اهلل ‪{ :‬ال خري يف َم ْن‬
‫(‪)5‬‬
‫يضيّف}‬‫ال َ‬
‫هلذا كان إطعام الطعام وكثرة األيدي عليه من أحب األعمال إىل اهلل‪ .‬هذا وآخر دعوانا أن‬
‫احلمد هلل رب العاملني وصلى اهلل وسلم على سيدنا حممد وعلى آله وصحبه أمجعني‬

‫الزلفي ‪ 26‬من رمضان ‪1425‬هـ‬


‫ص‪.‬ب‪ 188 .‬الرمز ‪11932‬‬

‫‪8‬‬
‫() رواه بن حبان يف صحيحه‬
‫‪2‬‬
‫() رواه البخاري ومسلم والرتمذي وابن ماجه‬
‫‪3‬‬
‫() صحيح اجلامع رقم (‪4833‬‬
‫‪4‬‬
‫حسنه األلباين يف صحيح الرتغيب ‪1/396‬‬
‫() ّ‬
‫‪5‬‬
‫() صحيح اجلامع رقم (‪)7492‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪89‬‬
‫أهم المراجع‬
‫‪ ‬األدب املف رد أليب عب د اهلل حمم د بن إمساعيل البخ اري‪ ،‬حتقي ق حمم د ف ؤاد عب د الب اقي‪،‬‬
‫املكتبة األثرية – باكستان‬
‫‪ُّ ‬بر الوالدين لألستاذ عبد الرؤوف احلناوي‪ ،‬الطبعة الثانية ‪1409‬هـ‪ ،‬دار طيبة ‪-‬الرياض‬
‫‪ ‬ب ُّر الوال دين وحترمي عقوقهم ا – أحك ام –قص ص‪ -‬فت اوى‪ ،‬للش يخ غ الب بن س ليمان‬
‫احلريب‪ ،‬دار الثبات ‪ 1425-‬الرياض‬
‫‪ ‬البحر احمليط يف التفسري أليب حيان األندلسي الغرناطي‪ ،‬دار الفكر‬
‫‪ ‬هبجة الناظرين شرح رياض الصاحلني لسليم بن عيد اهلاليل‪ ،‬األوىل ‪1415‬هـ ‪ -‬دار ابن‬
‫اجلوزي‪ -‬اململكة العربية السعودية‬
‫‪ ‬الرتغيب والرتهيب لإلمام عبد العظيم بن عبد القوي املنذري‪ ،‬مكتبة الدعوة‪-‬مصر‪.‬‬
‫‪ ‬تفسري القرطيب – الشعب‪.‬‬
‫‪ ‬التوحي د مع ىن الش هادتني وحكم املتابع ة لش يخنا حمم د بن ع ثيمني‪ ،‬دار املس لم للنش ر‬
‫والتوزيع – الرياض‬
‫‪ ‬حادي األرواح إىل بالد األفراح البن القيم – مطبعة املدين‬
‫‪ ‬ح ق اآلب اء على األبن اء‪ ،‬وح ق األبن اء على اآلب اء لألس تاذ ط ه عب د اهلل العفيفي‪ ،‬دار‬
‫االعتصام‪ -‬القاهرة‬
‫‪ ‬رسائل يف الطهارة والصالة لسماحة شيخنا عبد العزيز بن باز‪ ،‬الطبعة الرابعة ‪1417‬هـ‪،‬‬
‫دار طيبة –الرياض‬
‫‪ ‬الروض املربع شرح زاد املستقنع مجع الشيخ عبد الرمحن النجدي‪ ،‬الثالثة ‪1405‬هـ‬
‫‪ ‬رياض الصاحلني لإلمام النووي‪ ،‬بعناية بسام عبد الوهاب اجلايب‪ ،‬دار املغين‪-‬الرياض‪.‬‬
‫‪ ‬زاد املعاد يف هدي خري العباد البن القيم اجلوزية‪ ،‬األوىل ‪1420‬هـ دار ابن حزم‪.‬‬
‫‪ ‬سنن أيب داود‪ -‬دار احلديث‬
‫‪ ‬سنن الدارمي – الكتاب العريب‬
‫‪ ‬سنن النسائي‪ -‬دار البشائر‬
‫‪ ‬شرح األربعني النووية البن دقيق العيد‪ ،‬مكتبة اإلرشاد‪-‬جدة – اململكة العربية السعودية‬
‫‪ ‬ش رح ثالث ة األص ول لش يخنا حمم د بن ص احل الع ثيمني‪ ،‬دار الثري ا –الطبع ة الرابع ة‬
‫‪1418‬هـ‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪90‬‬
‫‪ ‬شرح صحيح مسلم للنووي‪ -‬مكتبة الرياض‬
‫‪ ‬شرح القصيدة النونية البن القيم – مكتبة الرياض‬
‫‪ ‬صحيح البخاري – عامل الكتب – بريوت ‪1402‬هـ‬
‫‪ ‬صحيح اجلامع للشيخ األلباين –املكتب اإلسالمي‬
‫‪ ‬صحيح مسلم‪ -‬دار إحياء الرتاث العريب –بريوت‬
‫‪ ‬صالح األمة يف علو اهلمة للدكتور حسني العفاين – األوىل ‪1417‬هـ‪ -‬مؤسسة الرسالة‬
‫‪ ‬الصيام لألستاذ الدكتور عبد اهلل بن حممد الطيار‪ ،‬مكتبة التوبة –الرياض ‪1412‬هـ‬
‫‪ ‬طريق اهلجرتني وباب السعادتني البن القيم‪ ،‬طبع الشؤون الدينية‪ -‬قطر‬
‫‪ ‬ظالل القرآن للسيد قطب – دار الشروق‬
‫‪ ‬عقي دة أه ل الس نة واجلماع ة لش يخنا حمم د بن ع ثيمني‪ ،‬مكتب ة دار الفيح اء‪ -‬دمش ق‪-‬‬
‫بريوت‬
‫‪ ‬العقيدة الطحاوية تعليق مساحة الشيخ عبد العزيز بن باز‪ ،‬مكتبة ابن تيمية –القاهرة‪-‬دار‬
‫ماجد العسريي –جدة‬
‫‪ ‬الفتاوى الشرعية يف القضايا العصرية مجع األستاذ حممد فهد احلصني‪-‬األوىل ‪1424‬هـ‬
‫‪ ‬فتح الباري شرح صحيح البخاري البن حجر – السلفية‬
‫‪ ‬الفوائد البن القيم – دار البيان‬
‫‪ ‬قصص األنبياء كما جاءت يف القرآن الكرمي حملمد إمساعيل إبراهيم‪ ،‬الثانية ‪1401‬هـ‪-‬‬
‫دار الفكر العريب‪ -‬القاهرة‬
‫‪ ‬كلمات من نور للشيخ ثاين املنصور‪ ،‬مكتبة الرياض احلديثة‪-‬البطحاء‪ -‬الرياض‬
‫‪ ‬لسان العرب البن منظور‪ -‬دار صادر –بريوت‬
‫‪ ‬جمموع فتاوى شيخ اإلسالم ابن تيمية – عامل الكتب‬
‫‪ ‬خمتصر شعب اإلميان للبيهقي‪ ،‬الثانية ‪1355‬هـ‬
‫‪ ‬املختص ر يف فق ه العب ادات لل دكتور خال د املش يقح‪ ،‬األوىل ‪1425‬هـ‪ -‬دار اآلص ال‪-‬‬
‫الزلفي‪ -‬اململكة العربية السعودية‬
‫‪ ‬مدارج السالكني البن القيم‪-‬دار الكتاب العريب‬
‫‪ ‬املستدرك على الصحيحني للحاكم – دار الكتب العلمية‬
‫‪ ‬مسند اإلمام أمحد بن حنبل‪ -‬املكتب اإلسالمي بريوت ‪1405‬هـ‬
‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪91‬‬
‫‪ ‬املصباح املنري يف هتذيب تفسري ابن كثري إعداد مجاعة من العلماء بإشراف الشيخ صفي‬
‫الرمحن املباركفوري –دار السالم للنشر والتوزيع – الرياض‬
‫‪ ‬املفردات يف غريب القرآن للراغب األصفهاين –دار املعرفة –بريوت لبنان‬
‫‪ ‬منه اج املس لم للش يخ أيب بك ر ج ابر اجلزائ ري‪ ،‬الثاني ة ‪1387‬هـ دار الطباع ة احلديث ة‪-‬‬
‫الدار البيضاء‪ -‬املغرب‬
‫‪ ‬املهذب من إحياء علوم الدين للشيخ صاحل أمحد الشامي‪ ،‬األوىل ‪1413‬هـ دار القلم –‬
‫دمشق‬
‫‪ ‬الوابل الصيب ورافع الكلم الطيب البن القيم‪ ،‬حتقيق بشر حممد عيون‪ ،‬الثانية ‪1409‬هـ‬
‫مكتبة املؤيد‪ -‬مكتبة دار البيان‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪92‬‬

‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫‪2‬‬ ‫المقدمة‪0‬‬
‫‪8‬‬ ‫‪ ‬اإليمان باهلل‬
‫‪19‬‬ ‫‪ ‬صلة الرحم‬
‫‪21‬‬ ‫‪ ‬األمر بالمعروف والنهي عن المنكر‬
‫‪23‬‬ ‫‪ ‬الحنيفية السمحة‬
‫‪27‬‬ ‫‪ ‬الصالة على وقتها‬
‫‪46‬‬ ‫‪ ‬الجهاد في سبيل اهلل‬
‫‪51‬‬ ‫‪ ‬كلمة حق عند سلطان جائر‬
‫‪54‬‬ ‫‪ ‬المداومة على الطاعات‬
‫‪58‬‬ ‫‪ ‬ذكر اهلل عز وجل‬
‫‪64‬‬ ‫‪ ‬المساجد‬
‫‪67‬‬ ‫‪ ‬صالة وصيام « داود » عليه السالم‬
‫‪74‬‬ ‫‪ ‬التسمية بعبد اهلل وعبد الرحمن‬
‫‪76‬‬ ‫‪ ‬حسن الخلق‬
‫‪79‬‬ ‫‪ ‬قراءة القرآن‬
‫‪83‬‬ ‫‪ ‬العمل الصالح في العشر األولى من ذي الحجة‬
‫‪86‬‬ ‫‪ ‬نفع الناس وإدخال السرور عليهم‬
‫‪88‬‬ ‫‪ ‬تكاثر األيدي على الطعام‬
‫‪90‬‬ ‫‪ ‬أهم المراجع‬
‫‪93‬‬ ‫‪ ‬فهرس‪ 0‬الموضوعات‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪93‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬
‫أحب األعمال إلى هللا‬
‫‪94‬‬

‫‪ www.alukah.net‬‬

You might also like