Professional Documents
Culture Documents
من نافذة الطائرة كانت تبدو الرمال المترامية بل حدود تلمع في وهج الشمس كقميص من الذهب تعلو فيه التلل كنهود مكورة.
خمرية في رسم سيريالي خرافي من تلك الرسوم التي يرسمها سلفادور دالي.
و كنت غارقا في أحلمي أتتبع هذه اللوحة السطورية حينما تيقظت على يد رفيقي في الرحلة الخ المصراتي ))الكاتب الليبي
المعروف((.
و سمعته يقول بصوت قلق:
هل أحضرت في حقيبتك كل اللوازم ؟
قلت في أطمئنان:
-ان بها كل ما أحتاج اليه من هدوم.
و رأيته ينفجر ضاحكا
-هدوم؟؟!..هذه الحقيبة المنفوخة كلها هدوم..
و راح يقهقه ..
-هل تعرف أن درجة الحرارة في غدامس خمسون درجة في الظل ..هل سمعت النشرة الجوية؟
قلت و قد بدأت أتصبب عرقا:
-يا لطيف.
و تذكرت درجة حرارة الربعين في القاهرة و أنا أسير مغمى علي و قلت و أنا أرتجف:
-على أي حال لبد أني سأجد دشا في الوتيل.
-هناك لدشاش بعدد ما تريد و لكن المياه كلحة و تشقق الجلد.
-أعوذ بال و هل سنشرب من هذه المياه الملحة؟
-يمكنك أن تشرب مياها غازية و لو أنها مصنوعة من نفس المياه الملحة ..و على أي حال هي مياه ملحة مفيدة للصحة فيها حديد
و نحاس و زئبق.
-و زيبق كمان ..هذا يعني أننا سوف نموت بالتسمم.
-سوف تتعود.
-الظاهر أننا سوف نتعود على أشياء كثيرة.
-و لكنك طبعا أحضرت معك المصل.
-أي مصل؟
و هنا قفز صديقي من كرسيه في أنزعاج.
-المصل المضاد للعقرب و الثعبان ..هل نسيته ؟
و الواقع أني كنت قد نسيت تماما.
و قلت و أنا أحاول أن أطمئن نفسي:
-و هل هناك عقارب و ثعابين؟
-و عناكب و حيات ..نحن نازلون في قلب الصحراء الفريقية.
-و لكننا سوف نسكن في أوتيل و ننام في غرفة يمكن أن نقفل بابها و شباكها علينا .
-ستنام في غرفة صحيح و لكنك لن تستطيع أن تقفل بابها من الحر ال اذا كنت تريد أن تموت مسلوقا.
و راح يضرب كفا بكف.
-كيف تنسى احتياطيا طبيا كهذا ..و انا معتمد عليك باعتبارك طبيبا.
و أرتفع أزيز الطائرة ذات المحرك الواحد و راحت ترتفع و تنخفض في المطبات الساخنة كأنها ريشة في مهب الرياح و غرق
المصراتي في سكوت قلق.
قلت و انا أحاول أن ألتمس كلمة مطمئنة:
-و لكن هناك مستشفى على أي حال أو مركز أسعاف في حالة ما اذا ..
-هناك مركز أسعاف و لكن الحقن الموجودة ..تنفذ بسرعة لن حوادث العقارب كثيرة جدًا ..و تمر أيام قبل أن تصل شحنة جديدة
1
من طرابلس بالطائرة ..و أنت تعلم أن لدغة العقرب تقتل في ظرف ساعات.
-أعوذ بال.
قال في نبرة أستسلم:
-نهايته ..العمار كتاب ..ة الحذر ل ينجي من القدر..
و اذا كان مكتوبا لنا الموت في غدامس سنموت حتى و لو كان مركز السعاف كله في جيبنا.
و شعرت بأطرافي تتثلج لهذه النبرة الجنائزية ..لم يبق ال أن نحضر معنا الكفان و نقرأ الشهادتين و يكتب كل منا وصيته.
و راحت الطائرة تهتز مرة أخرى و تسقط كأنها تهوى الى قاع بئر ثم ترتفع و تنتزع أحشائي في كل مرة ..و مال الخ المصراتي
على النافذة مشيرا باصبعه:
-أتري هذه النقطة الخضراء ..هذه غدامس ..لؤلؤة الصحراء كما يسمونها ..في هذه النقطة تاريخ أربعة آالف سنة من
الحضارة.
و أخذت الطائرة تدور مستعدة للهبوط.
و ظهرت شواشي النخيل خضراء تلمع في الشمس الغاربة.
و سكت المحرك الواحد و بدأت الطائرة تهبط حتى أستوت على الرض في نعومة,,
و هبطنا لتستقبلنا على الباب لفحة ساخنة.
و كان الترمومتر في المطار يشير الى درجة .. 45و لكن الحرارة كانت محتملة بسبب الجفاف الشديد .
و كان كل شئ جافا نظيفا ساخنا ..الرض و الجدران و المقاعد و البواب.ز و لكن الهواء كان صافيا نقيا معقما كأنه خارج من
أتوكلف و كان يدخل الصدر فيغسله.
و شعرت بالنتعاش بالرغم من شدة الحر.
و لكن كنت مازلت أفكر في العقارب.
و حينما ألتقينا بمتصرف المنطقة الشيخ ونيس الدهماني..
))المتصرف في مقام المحافظ عندنا(( كنت مازلت مشغول بحكاية العقارب ..و كنت أفكر في الطريقة التي أسأله بها.
و أمسك بيدي يشد عليها في حرارة.
-كيف الحال ..ان شاء ال تكون مرتاح ..كيف الحال عندكو في مصر؟
و نظرت الى الرجل المديد القامة ..كان وجهه الصريح و ملمحه الحادة القوية و السمرة النبيلة التي تكسو وجهه تحكي قصة
كفاح طويلة مع الصحراء و مراس متصل مع المشقات.
و كانت عيناه تتدفقان طيبة و بساطة.
و قلت له ان الحوال بخير في مصر و دعوته لزيارتنا و لقضاء الشتاء على ضفاف النيل.
و لكني كنت مشغول بحكاية العقارب..
و رأيتني أسأله فجأة عن العقارب؟
و ضحك الرجل ضحكة مجلجلة .
-العجارب ..العجارب ما بتعمل شئ ..الولد هنا بيجمعوا العجارب في طاسة و يلعبوا بها ..بينبشوا عليها في الصحرا ..فيه حد
يخاف من العجارب ..انت خايف يا دكتور.
و قلت له و أنا أكذب بشدة .
-ل ل ..أبدا ..
و عدت أسأل على أستيحاء بعد لحظة صمت .
-لكن يعني ..فيه أظن مركز أسعاف في البلد .ز و فيه مصل عقرب.
-ما في حد بياخد المصل ..و حانآخذ المصل ليه..
العجارب ما بتعمل شئ.
و اعتبرت أن المسألة منتهية و أن العجارب ما بتعمل شئ.
و قلت للخ متحديا:
-شايف يا علي – العجارب ما بتعمل شئ.
و ضحك علي ساخرا.
-طيب ما بتعمل شئ ..ما بتعمل شئ ..مبروك علينا عجارب غدامس.
و تطرق الحديث بعد ذلك الى عديد من الموضوعات ثم خطر لي أن أسأل المتصرف في ناحية من نواحي اختصتصه فسألته عن
أحصائية بالحوادث في غدامس في السنوات الخيرة.
قال الرجل في أستفهام:
-احصائية بالحوادث ..كيف ؟
-يعني عدد الجرائم مثل ..عدد الجنايات ؟
-جرائم كيف ؟
-جرائم السرقة ..و جرائم القتل ..
و ابتسم الرجل في طيبة.
-احنا ما عندنا جرائم.
2
و فتح دفترا كبيرا راح يقلب صفحاته أمامي ..صفحات عديدة بيضاء ..أستفستارات من الوزارة ..و ردود عليها.
مشروع مساكن شعبية ..مذكرة بانشاء ناد للشباب ..محضر صلح بين عائلتين ..مذكرة من الهالي بطلب بناء خزان ماء للمسجد..
و لكن ل جريمة واحدة ..ل جريمة سرقة ..و ل جريمة قتل ..المن مستتب بطول السنوات العشرة الماضية.
-و أبديت دهشتي و قلت ان هذا شئ غير معقول .ثم عدت أقول أن البوليس لبد أنه كفء جدا.
و قال المتصرف:
-هذا بفضل السيد البدري.
قلت له ان السيد البدري هذا الرجل عظيم الشأن جدا و أبديت رغبتي في زيارته و في الطريق الى السيد البدري كنت أقول لنفسي
طول الوقت ..أخيرا وجدت الرجل الذي صنع المستحيل ..انه و ل شك أعظم مأمور بوليس في الدنيا و فجأة توقف المتصرف و
أشار بأصبعه الى نافذة.
-هذا هو السيد البدري
-و لكن هذا ضريح
-نعم انه ضريح السيد البدري
و راح يقرأ الفاتحة
و راح الكل يقرءون الفاتحة.
و قال المتصرف:
-انه صحابي دخل غدامس مع جنود عقبة بن نافع في عام 42هجرية و حارب الكفار و كافح حتى نشر السلم في آخر زقاق
من أزقة الواحة ثم أستشهد منذ أكثر من ألف عام .
-و لكني ل أفهم كيف يحافظ رجل ميت على المن.
-ان الهالي يؤمنون به ايمانا راسخا و يعتقدون أنه يستطيع أن يكشف أي سر.
-ازاي.
-حينما تحدث سرقة يجتمع المشايخ في الضريح و يقرءون سورة يس أربعين مرة فيظهر السارق على الباب و هو يتوسل ..
استروني من الفضيحة يرحمكم ال ..و يرد كل ما سرق كامل ..و تنتهي القصة دون تدخل البوليس..
-غير معقول ..و هل حدث هذا فعل؟
-حدث كثيرا.
و هنا تقدم عسكري بالجمرك ليروي آخر قصة حدثت منذ ستة أشهر حينما سقطت محفظة أحد السياح و بها أربعمائة جنيه و
ألتقطها أحد الهالي و أخفاها ..و روى كيف أجتمع المشايخ في الضريح و قضوا الليل في قراءة سورة يس ..و حينما بلغوا العدد
32ظهر السارق على الباب و هو يتوسل ..استروني ..ل تفضحوني يرحمكم ال و ألقى لهم بالمحفظة و جميع أوراقها كاملة ..
و طلب الصفح و المغفرة و المان.
و كنت أجد صعوبة في تصديق هذا الكلم .
و لكن ها هي دفاتر البوليس خالية منذ سنوات لم تسجل بها جريمة واحدة.
هناك شئ واحد أكيد على أي حال ..أن غدامس لم تبلغ عن جريمة سرقة و ل قتل منذ عشر سنوات ..و أن المن و السلم ينشر
ألويته على هذه الربوع ..و هو لغز في ذاته يحتاج الى تفسير.
و سواء كان التفسير هو كرامة السيد البدري أم غيرها ،فان السيد البدري في الحالتين شخصية خطيرة و جديرة بكل احترام.
و بسطت كفي و قرأت الفاتحة للرجل الذي أستطاع أن يحقق و هو ميت ما عجز عن تحقيقه جميع الحياء.
و كنا قد وصلنا الى ))عين الفرس(( و هي العين التي تسقى منها كل الواحة :زرعها و أرضها و نخيلها و حيوانها و ناسها.
و هي عين قديمة تاريخ تفجرها غير معروف و يقال انه أربعة آالف سنة ،و ان الواحة بدأت بالعين ..و الحياة بدأت من اللحظة
التي أنفجرت فيها ..و التاريخ بدأ من عندها.
و في حكاية أخرى أنها تفجرت تحت أقدام فرسة عقبة بن نافع ..كانت الفرسة تنبش بحافرها و هي عطشى فتنفجر الماء تحت
أقدامها و من هنا سميت )) عين الفرس (( و هي حكاية مشكوك فها لن العين بدأت في الغالب مع مولد الواحة ذاتها و لم تجئ
متأخرة مع دخول السلم .
و هناك حكاية ثالثة تروى أن قافلة من البدو الرحل تذكروا بعد أن أوغلوا في الصحراء أنهم نسوا قصعة طعامهم في المكان الذي
تغدوا فيه أمس و عادوا أدراجهم يبحثون عنها في المكان الذي أكلوا فيه ،و بينما هم يبحثون تفجرت العين فسموها عين غدامس
أي حيث الغداء بالمس ..غدامس ..فأصبحت غدامس و هي فبركة طريفة لختلق أصل عربي لسم غير عربي.
لكن الحقيقة غير معروفة .
متى ..و كيف ..و في أي عصر ..أنفجر هذا الينبوع فأحال الصحراء الى جنة ..ل أحد يعلم .
لكن كالعادة الخير أتى و معه الشر.
فما لبثت الواحة الخصبة أن أصبحت مطمعا للقوياء و تعاقب عليه الغزاة..
الرومان و الوندال و البيزنطيون ..و مازلت بها الى الن آثار رومانية ..و طرز العمارة البيزنطية واضحة في طابع مبانيها.
و لقد ظلت غدامس مسيحية بسبب الوندال و البيزنطيين الى سنة 666ميلدية الموافقة 42هجرية حينما دخلها العرب بقيادة عقبة
بن نافع ليحولها الى السلم ..و بعد العرب جاء التراك في القرن السادس عشر ثم إيطاليا في سنة .. 1924و انتهت قصة
استعمار الواحة في يناير 1943حينما أغارت قاذفات القنابل الفرنسية على مطارات ايطاليا و ثكناتها في الواحة في الحرب
العالمية الثانية و نزل الستار على التاريخ الطويل الدامي.
3
و لكن أغلب الظن أنه كان هناك تاريخ ما قبل التاريخ في الواحة ..فهناك آثار عصر حجري و سكاكين و خناجر من الصوان ..
و قد عثر على تمثال عجل ذي رأس بشري بالقرب من بئر عوان بجنوب غدامس ذي ملمح من النحت البدائي الذي كان موجودا
في مصر قبل التاريخ.
انها قصة قد تطول اذن الى عشرة آلف سنة و ربما أكثر ل أحد يدري.
و كل هذا التناطح دار حول بئر أنفجرت في الصجراء.
و كان هناك نظام قديم للسقاية من البئر يدل على مدى قيمة الماء في ذلك الوقت فقد شق الهالي عدة أنهار تجري فيها مياه العين و
على كل نهر بوابة يمكن أن تفتح و تقفل و استعملوا ما يشبه الساعة المائية ..سطل مثقوب تسيل منه المياه ببطء حتى يفرغ على
مدى ساعة زمن ..و عند بدء الساعة يفتح أحد النهار لتسقى منه احدى القبائل و في نهاية الساعة تقفل البوابة فتنتهي السقاية ..و
يجئ الدور على القبيلة الثانية التى تستقى من النهر الثاني و هكذا يمر الدور على جميع القبائل ..أول نظام لعداد مائي في العالم
و ما زالت هناك أنهار جارية تخرج من البحيرة الكبيرة التي تصب فيها العين ..و مازالت تحمل السماء البربرية القديمة ..تاسكو
..و تارت ..تنجستين.
و قد بنى الهالي مدينتهم فوق هذه النهار فأصبحت أول مدينة تجري من تحتها النهار ..انها الجنة.
أهلها ل يعرفون السرقة ول القتل..
و البوليس يجلس فيها بل وظيفة أمام دفاتر خالية..
و تحكمها روح سيدس البدري.
و تجري من تحتها النهار..
و لكنها جنة درجة حرارتها . 48
4
الظلم حالك في عز النهار
كان خادم فندق غدامس يدور في غرفتي في سعادة و يشير باصبعه مبتسما الى السرير الذي أنام عليه
-هذا السرير نام عليه لمارشال بالبو منذ أكثر من ثلثين سنة ..و منذ سنوات قليلة كانت تحتل هذه الغرفة صوفيا لورين و نامت
على نفس السرير أربعين ليلة و كانت تصور هنا فيلم ))الخيمة السوداء(( و في هذا البانيو كانت تستحم كل مساء.
انها غرفة محظوظة ..و في أيام الستعمار اليطالي كان المارشال بالبو يجلب العشيقات الفاتنات من روما بالطائرة و كان يمل
هذه الغرفة بالضحكات ..و كانت قرعات الكئوس ترن في شكون الواحة ..هذا السرير له ذكريات و رحت أتمرغ في سرير
المارشال بالبو و صوفيا لورين أنتهت الضحكات.
أحترقت طائرة المارشال بالبو و هو الن رماد تذروه الرياح من سنين .
ماتت القبلت.
و العشيقات الفاتنات أصبحن الن عجائز بل أسنان.
و ها هو السرير الشهير في فندق غدامس يشهد ليلة جديدة مختلفة.
فعندما يأتي الظلم سوف آوى الى السرير و أنا أحتضن كتابا .
انه عشق من نوع جديد؟
و لعله العشق الوحيد الذي تدوم فيه القبلت و يستمر العناق و شعرت بأنني يجب أن أعتذر للبانيو فلن يكون له دور كبير في
غراميات الليلة.
و كان البانيو فاخرا مبطنا بالقيشاني السود و الدش ينزل فيه ساخنا ملتهبا بل سخان .و كل حنفية هنا تنزل منها المياه ساخنة،
فرمال الواحة الملتهبة تعمل كموقد طبيعي طول الليل و النهار فترفع حرارة جميع الشياء.
و رحت أنقب تحت السرير ووراء البواب و في الركان عن العقارب و الثعابين و السحالي و العناكب و الفاعي.
و سمعت قرعا على النافذة و أطل رأس الخ المصراتي.
-أنت مستعد .
-ليه.
-حانطلع جبل قصر الغول.
و أعجبني السم .
كانت له رنة في الذن توقظ الرغبة في المغامرة.
و قلت له اني آت فورا.
جبل قصر الغول .
و في دقائق كنا نركب عربة لندروفر تترنح بنا خارجة من الواحة الى عرض الصحراء.
و كان أول لقاء لي مع الصحراء ذلك البساط من الرمل بل حدود و بل طرقات و بل عود أخضر و بل قطرة ماء ..و ذلك الهواء
الجاف الساخن كأنه منديل كبير من الشاش يمسح العرق و يجفف اللعاب ..و تلك الرض الهشة التي أنفرطت الى ركام من الدقيق
الصفر و تلل و آكام و جبال و أودية تصفر فيها الرياح فتصبح السماء بلون الرض و ل ترى يديك على بعد متر من عينيك و
كأنك غرقت في مستحلب أصفر و تحولت الى ذرة تراب في عالم من التراب يدخل من فمك و أنفك و أذنيك و عينيك و جلدك و
يلذعك بمليين النبال الساخنة.
و كانت اللندروفر تتلوى صاعدة هابطة ساقطة .
و أمعائي تتخضخض ..و رأسي يخبط في السقف ..و بعضى يخبط في بعض ..و السائق ماهر جدا ..و متخصص في الطريق
و معه دليل ..و نحن جميعا نشكر ال ..فلول ذلك لتاهت السيارة لي خطأ طفيف في التجاه و دخلت في واحدة من تلك المتاهات
التي يسمونها الرمال الناعمة حيث تغوص كما يغوص الحجر في الماء.
و مرت ساعات دون أن نقطع مسافة تذكر .
و ظهرت الحدود الجزائرية على البعد.
و درنا حول الحدود ثم بدأت السيارة تسرع على سهل منبسط لتلقي بنا في النهاية عند أقدام جبل صغير أشهب ملئ بالنتوءات
الصخرية ..قال السائق و هو يتوقف أمامه.
-هذا هو جبل قصر الغول ..هنا حدثت المعركة بين جنود عقبة بن نافع و بين الكفار.
و نزلنا نتسابق جريا الى القمة و أشهد أن الخ المصراتي كان أسرعنا وصول و كان أول من صاح و هو يطل علينا من فوق:
-لقد وجدت البئر.
أما أنا فقد توقفت عند منتصف الجبل أمام كهف مظلم..
و جلست على صخرة كبيرة ألتقط أنفاسي و قال لي الضابط المرافق ان هذا الكهف نقبه جنود عقبة بن نافع في الجبل و ظلوا
ينقبون في الجبل حتى بلغوا نقطة التقاطع مع البئر و رابطوا هناك يقطعون كل حبل يدلي به الكفار ليستقوا من الماء حتى أشرفوا
على الموت عطشا فلم يجدوا بدا من النزول و اللتحام مع جيش عقبة و انتهت المذبحة بانتصار العرب ..و أنت تستطيع أن ترى
من هنا قبور الشهداء من الصحابة ..و أشار على عدد من القبور منصوبة بطريقة اسلمية بسيطة.
و حينما بدأنا نسير نحو القبور ..كنت أفكر في الطريق الطويل الذي قطعه هؤلء المحاربين من مكة الى قلب الصحراء الليبية ال
5
حفنة من التمر.
و أي قوة رهيبة ..
و أي طاقة أطلقتها كلمات القرآن في هؤلء البدو الجاهليين فجعلت منهم فدائيين و رسل فكر و علم و حضارة و يسعون لمصارعة
الموت و هم يبتسمون.
و حينما بدأت أقرأ الفاتحة لحظت أني فقدت صوتي من العطش و أن حلقي قد جف تماما و تحول الى أنبوبة من الحطب ل تخرج
سوى الفحيح.
إن ترف المدينة و اللندروفر و خبراء الطريق لم تستطيع أن تعطيني قوة.
إن الكهرباء و الذرة و القطار و التليفزيون و الفريجدير و الحياة المنعمة سوف تزيدنا رخاوة.
إننا نخسر و ل نكسب.
إن إنسان العصر ينحرف تدريجيا و يخسر ذلك الشئ الذي كان عند هؤلء المحاربين العظام الذين انطلقوا كالمردة و هبطوا
كالعاصير و غيروا وجه الدنيا.
نور القلب قبل نور الكهرباء و هو ما يجب أن نبحث عنه.
نبع روح أول ..ثم نبع بترول.
لقد خرج النور من أفقر أمة على وجه الرض ل تملك سوى البعير و الخيام و اقتحم على الفرس و الروم ديارهم و كل ذخيرته
كلمة حق.
و اليوم عندنا الحديد و الصلب و الكهرباء و البخار و الذرة و نغوص كل يوم في الحقد و الكراهية الى الركبتين و نزداد رخاوة و
ضعفا .
العلم المادي أضاء لنا البيت و لكنه لم يضئ لنا قلوبنا.
العلم قدم لنا جاهلية جديدة أسلحتها الغواصات و الصواريخ و القنابل الذرية لنه كان علما خل من الدين.
و ركعت ألثم الرمال حيث تنام قلوب امتلت عزما و محبة و حينما كنا نعود الى غدامس كانت أكثر من عشرين مئذنة تؤذن باسم
ال.
******************************************************
و واحة غدامس تقع في قلب الصحراء الليبية على خط عرض 30شمال و ارتفاع 1200قدم فوق سطح البحر قرب حدود تونس
و الجزائر ..و تعدادها السكاني وصل في عام 1845الى ثلثة آلف بينهم خمسمائة عبد ...و في سنة 1940وصل الى تسعة
آلف و خمسمائة معظمهم من البربر و الطوارق ..و هو تعداد كبير نسبيا ففي بلد آخر قريب مثل ))فلفلت(( يبلغ عدد السكان
أربعين نفرا منهم سبعة رجال فقط و الباقي نساء و أطفال ..و هذا كل شعب فلفلت..
و الواحة محاطة بسور منخفض يبلغ محيطه 3أميال ..و فيه عدة أبواب كان يقف عليها الحرس شاكي السلح.
و اشتهرت غدامس بطول التاريخ بأنها أكبر محطة قوافل ..و كان يمر منها في العام أكثر من ثلثين ألفا من البل .
و من أهم خطوط القوافل التي تخرج من غدامس ذلك الخط الذي يبدأ من غدامس ثم يتجه الى غات ثم تمبو كتو.
و تجارة العاج و ريش النعام و تراب الذهب و الشاي و العطور التونسية و الثياب المطرزة و مناديل الحرير كانت تخرج و تدخل
ليبيا عبر غدامس.
و قد عرف الكثير من التجار السبيل الى الثراء عن طريق تلك القوافل.
كتب أحدهم يقول ))قطعت ذلك الطريق سبع مرات كنت في أولها خادما و في آخر مرة كان عندي سبعة من الخدم((.
و كان هذا أمرا طبيعيا بالنسبة لعالم قديم ل يعرف الطائرة و ل القطار و ل السيارة و لم تكن له شرايين يعيش بها سوى قوافل
الصحاري.
و لكن مثل تلك الرحلت لم تكن نزهة سهلة فقد كان الموت والهلك يترصد المسافر في كل خطوة من الوحوش و قطاع الطرق و
هلك البل و الموت عطشا و ضلل الطريق و طول السفر الذي كان يمتد الى شهور في الحر اللفح و سوافى الرياح ..و لهذا
كان طبيعيا أن يرتفع ثمن البضاعة الى عشرة أضعافها و أن يصبح الربح سخيا مجزيا ..مثل كانت العباءة الحريرية يبلغ ثمنها
عشرة خراف و كان رأس البل الواحد يباع بمائة و عشرين خروفا.
و مازال تجار غدامس الى الن يحتفظون بألقاب عائلتهم القديمة ..أولد شهاب و أولد بكر ..و أولد التنى .
و الجد الكبر لعائلة التنى الذي بلغ من الثراء و تكدس الذهب الى درجة الخرافة كان يقال ان الجن هو الذي يجلب له الذهب و أنه
بدأ رأسماله بكنز من العملت الذهبية دله عليه الجن.
و الرض خصبة في غدامس تنبت كل شئ حتى القطن و الزيتون و الرمان و الشمام و البطيخ و الطماطم و الخضر و لكنها
مهملة ل ينبت فيها سوى النخيل.
و أعجب ما في غدامس مبانيها ...البيوت المتلصقة ذوات النتوءات المثلثة )لطرد الشياطين و الرواح الشريرة( و البواب
المنقوشة و المزينة بالطلسم و التعاويذ و خاتم سليمان المطبوع عى رقاع من الجلد و معلق في المداخل.
و جميع البيوت لصق بعضها و لها سطح واحد و النساء يعشن على السطح و ل يري على الرض في الشوارع ال الرجال.
6
و الشوارع جميعها مسقوفة و ضيقة و مظلمة حالكة الظلم في عز النهار مثل ممرات منجم تفوح منها روائح العرق و التراب و
ل تستطيع أن تمشي فيها بدون بطارية..
و في المدينة سوق للنخاسة كان يباع فيها الرقيق في اليام الخالية .
و فيها أكثر من عشرين مسجدا ...و في كل مسجد مقصورة خاصة بالنساء.
و جميع الغدامسية مسلمون متمسكون بديانتهم و عندما ينادي المؤذن للصله تخلو جميع الشوارع و تخلو جميع المتاجر من
الناس...الكل يذهب الى المسجد.
و هم يعالجون المجنون بتلوة القرآن على رأسه.
و ل احد يسرق و ل احد يقتل..و الغدامسي إنسان وديع جدا و مسالم جدا.
و من تقاليد الزواج عندهم أن يبقى العريس و العروس في )الحجبة( و هي دروة أو خيمة صغيرة – متر في متر – داخل البيت ل
يبرحانها لمدة سبعة أيام.
و الكلة )الغدامسية( الشعبية هي الملوخية و البازين.
و الملوخية تطهى بطريقة خاصة فهي تجفف ثم تطحن حتى تصبح دقيقا غاية في النعومة ثم تمزج بالزيت و تضاف الى الماء و
تغلى مدة طويلة ثم يضاف اليها اللحم و البهارات و قليل من السمن..و طبق الملوخية يقدم عادة مغطى بالزيت.
أما البازين )و هو ايضا أكلة طرابلسية شائعة( أشبه بالعصيدة المصنوعة من دقيق الشعير و الماء المغلي و بعد النضج يضاف اليها
الملح ثم تكور على شكل كرة و تجوف و يوضع في قلبها الخضار و اللحم.
و في غدامس قلعة بنيت في عهد الحتلل اليطالي و قلعة أخرى قديمة في عهد الحتلل التركي.
و ما زال )الغدامسة( يذكرون اليوم المشئوم الذي جاءت فيه كوكبة من جنود يوسف القرماللي )الحاكم التركي( إلى الواحة و أخذت
بالغصب و التهديد أكثر من ألف وزنة من الذهب ,و كانت تجمع النساء و الطفال رهائن و تجلد كل من يرفض الدفع.
و هم يذكرون ايضا أيام الستعمار اليطالي السود سنة 1940حينما كان اليطاليون يجمعون الشبان و يجندوهم بالسخرة لحرب
الفرنسيين في الجزائر..و كانوا يعتقلون كل من يرفض و يودعونه السجن..و يفرضون الضرائب على كل تاجر و على كل رأس من
البل.
و هم يذكرون ذلك اليوم من شهر يناير 1943حينما هاجمت قاذفات القنابل الفرنسية غدامس لضرب الثكنات اليطالية فيها و
أشعلت الحرائق و قتلت المئات من )الغدامسيين( تحت الردم.
و لكنهم يواجهون هذه الكوارث بروح قدرية تؤمن بأن الموت كتاب و تسلم كل شيء ل.
و القبائل التي تسكن غدامس بعضها بربر و بعضها طوارق و بعضها عرب.
و الطوارق يسكنون خارج غدامس في قرية ))الظاهرة((.
أما البربر فيسكنون المدينة و هم مزيج من عرق بربري و آخر عربيو ينحدرون من قبيلتين قبيلة وليد..و قبيلة زيد.
و من قبيلة وليد خرجت ثلثة قبائل ضرار....و ناسكو...و مازيغ.
و من زيد خرجت أربع قبائل :جرسان و فرفرة و تنجسين و ولد باليل.
و القبائل السبع أطلقت أسماؤها على شوارع المدينة...شارع ضرار و شارع تاسكو...و شارع مازيغ...و شارع جرسان...و شارع
فرفرة...و شارع تنجسين...و شارع باليل.
و شارع باليل هو آخر شارع دار فيه القتال بين المسلمين و سكان الواحة و هو القتال الذي استشهد فيه السيد البدري.
و المدينة ذات البيوت المتلصقة و السطح الواحد و الشوارع المسقوفة لها ايضا عدة ابواب...على كل باب تقرأ عبارة عربية
منحوتة و تقرأ تاريخ بناء ذلك الباب...و كل باب له اسم.
على باب ))أم سبيلن(( تقرأ :
يا من دخل و خرج بعد الضيق تجد الفرج..
و تدخل من باب ))أم سبيلن(( إلى شارع مظلم متفرع بك إلى تلك القنوات الغريبة كأنها ممرات و تتفتح بك الطرقات هنا و هناك
على ميدان أو ساحة يجتمع فيها أهل البلد في الحفلت و المهرجانات أو ملعب يلعب فيه الطفال.
و حفلت العراس عندهم يعزف فيها زمار و عدد من النساء يضربن الطبل و هن محجبات تماما و يرقص الرجال و ل ترقص
النساء البربريات.
و اللغة )الغدامسية( هي مزيج من اللغة العربية و اللغة البربرية و العامية الليبية و اللغة الطارجية )لغة الطوارق(.
و تعدد الزوجات موجود بين )الغدامسة( و لكنه قليل.
و شرط البكارة في الزواج ضروري.
و في أحد شوارع البلدة المسقوفة تجد عددا من الحمامات مبنية فوق أحد انهار عين الفرس )و جميع النهار التي تخرج من عين
الفرس تجري تحت مباني البلدة...فالبلدة مقامة فوق النهار( و في كل حمام شماعة تضع عليها ثيابك قبل أن تنزل الى البانيو و
البانيو هو النهر نفسه الذي تجري فيه مياه العين دافئة صيفا و شتاء.
و مازالت الصنام التي كان يعبدها أهل غدامس قائمة خارج البلدة قرب قرية الضاهرة.
8
كوسن الكراهية طيط عين
آبليس الغضب طيط وردة
ترامان الفرح آخ الحليب
آن مفغي الحرب آهني الدم
مانا وين السلم تيني قمر
ايسل أهل ترا المحبه
تامت دورت الحياة اي الذكر
تامت تانت الموت تونتي النثي
ايملي ال ايمناس الجمل
آضو الريح آيس الحصان
آضرار جبل آشك شجرة
أرواضي مهرجان تينيري صحراء
تاوسنت قبيلة آنجي المطر
تاكايا خبز آباراء الطفل
آمان ماء تيمسي النار
آجنا سماء ايصا غيرن الحطب
آيمن الخير اكس الرجل
طمطم المرأة
وعادة اللثام بالنسبة للرجل والسفور بالنسبة للمرأة عادة غريبة من الصعب تفسيرها.
والنظرية القائلة بان اللثام يلبس كوقاية من العواصف الرملية ل تفسر لنا لماذا لتلبسة المرأة ايضا ..والنظرية التي تقول إن
الرجل يلبس اللثام لكي يتخفي من عدوه نظرية غير صحيحة لن الرجال يتعارفون علي بعضهم بالرغم من اللثام .
9
وأغلب الظن أنه نوع قديم من التحريم الوثني الذي كان يعتبر فم الرجل عورةلنه مدخل الهواء والماء والطعام ،ومخرج النفس او
هو باب الروح الذي يمكن ان يدخل منه الجن و الرواح الطيبة والشريرة ،ولهذا وجب ان يحجبه الرجل فل يكشفه أبدا .
والمرأة تقول في امتداح زوجها أنها عاشت معه عشرين سنة دون أن تري فمه ..
وحينما يحدث أن يقع اللثام فجأة يسارع الرجل بيده ليحجب فمه و كأنه عورة فعل ويسارع بيده الخري ليلتقط اللثام من علي
الرض .
ومنتهي سوء الدب أن يكشف الرجل فمه امام المرأة حتي ولو كانت زوجته .
ول يمشي بدون لثام غير الطفال ،فإذا أدركوا سن البلوغ ألسهم آباؤهم اللثام في إحتفال يقام خصيصا لذلك .ومن تلك اللحظه
يسمح لهم بحضور مجالس السمر وينظر لهم علي أنهم اصبحوا رجال .
إن اللثام علمة كمال الرجولة .
وحتي أثناء الكل علي الرجل أل يكشف عن فمه ..وعليه أن يأكل من تحت الللثام ومن يكشف عن فمه أثناء الكل فهو يدل علي
وضاعة تربيته وسوء منبته تماما كمن يأكل بأظافره عندنا .
أما لماذا لتلبس المرأة اللثام فهو أمر غير مفهوم.
ولماذا إعتبرت التقاليد فم الرجل عورة ولم تعتبر فم المرأة عورة ؟
هذه كلها أسئلة بل جواب .
والطوارق ل يختنون البنات ..والختان عملية مقصورة علي الرجال .
وختان الطفال يتم في اليوم السابع .
كما أن تسمية الطفال تتم في اليوم السابع يسميهم أعمامهم وليس آباؤهم .
والزواج يبدأ بالخطبة والاب هو الذي يخطب لبنه .لكن البنت في الطوارق تختار بحرية ..وتوافق أو ل توافق .والمهر عادة
سبعة رؤس من البل او مايقابلها من الخراف ويتم حفل العرس بالموسيقي والغناء "اغنية شجرة الزيتون " وفي نظر الدكتور
فرمان أن في ذلك بقايا وثنية لن شجرة الزيتون من الشجار التي كانت تعبد أيام الوثنية الولي .
وتبدأ العلقة الزوجية وتستمر لمدة سنةوأحيانا خمسة سنوات ،تذهب الزوجة كل ليلة الي الزوج لتبيت معه ثم تعود لهلها في
الصباح ويسمون هذه الفترة فترة التأهيل .
وتدخل امرأة عجوز لتقرأ تعاويذ خاصة لطرد الجن ..وبعد ذلك تبدأ الحياة المشتركة.
والطلق يحدث بسبب العقم وسوء المعاملة وامراض مثل الجذام والجنون ..وعلي المرأة بعد الطلق ان تقضي شهور العدة "كما
في السلم" قبل أن يجوز لها الزواج من جديد .
والطوارق الغدامسة إشتراكيون بالفطرة .فاذا ذبح أحدهم ذبيحة فهو يطعم كل الجيران ويقسم الذبيحة بالتساوي علي القبيلة ..ول
أحد يأكل اللحم وحده .وكذلك إذا تقدم السن بأحدهم فإن كل القبيلة تشترك في سداد حاجاته وكل واحد يعطيه نصيبا من السكر
والشاي واللحم والقمشه.
ول يوجد طوارقي يشحذ .
و السارق يعاقب بالطرد والنبذ والمقاطعة الكاملة من القبيلة .
والقاتل يحكم عليه بالقتل ..والحكم يصدره الرئيس العلي للقبيلة " امينو كال " .
والطوارق معمرون .والواحد منهم يبلغ الثمانين وهو محتفظ بجميع لياقته وفي صحة جيدة ..والسر في ذلك هو حياة الهواء الطلق
والطعام القليل وبساطة المعيشة وخلوها من القلق والهموم .
والطوارقي ل يأكل إل وجبة واحدة وباقي اليوم يشرب اللبن ،وأثناء الترحال الطويل يكتفي بشرب اللبن وأكل التمر وهو يشرب
من اللبن كمياة كبيرة ،وأحيانا لترا كامل في المرة الواحدة ،وهو دائما لبن حامض..وهو ل يعرف الخمر ول المخدرات..
ويمضغ الدخان ول يدخنه .وهم يحكون عن اوفانايت الذي كان مغرما بتدخين البيبه وعاش 115سنة .
والطوارقي ل يرهب عندما يحضره الموت ينطق الشهادتين إذا كان مسلما وإل فهو يرفع أصبعه السبابه ويطلق أخر تنهيدة.
ويعقب الموت الغسل ثم التكفين والدفن علي الطريقة السلمية حيث يمدد متجها الي القبلة ،ثم تفك خيمة الميت ويصبح مكانها
حراما ل ينصب أحد خيمته فيه .
وترفع الراية البيضاء علي الخيمة حينما يموت أحد فيها ،والحداد والملبس السوداء واللطم والندب والعويل أشياء غير معروفة
بين الطوارق .والكلمة التي تقال عند الموت لهل الميت "علينا ان نفرح فقد ذهب من نحب الي الجنة.
والزوج يلبث ثلثة ايام بعد وفاة زوجته في خلوة كاملة داخل خيمته ل يبرحها ..
والزوجة تظل اربعة اشهر وعشرة أيام في إعتكاف كامل ،ثم بعد هذا تستطيع معاودة الحياة الجتماعية العادية وتتزوج إذا أرادت
.
10
تيسادالن البيض
تاجل – تاكايا الخبز
شاهي الشاي
ايرد القمح
اينالي الذرة
تبني التمر
ايفيليلي البصل
الحر الشطة
تيمظن الشعير
آخ اللبن
ايسان اللحم
تابا الدخان
تاسو كالت ملعقة
ايغير إناء الطبخ
ياظيه الحلو
سمم المر
والزوجة لها مقام عال واحترام في بيت الزوجية .وهي تشارك زوجها جميع المسؤليات والعباء ،ورأيها يؤخذ في كل
الشئون ..وتعدد الزوجات غير معروف بين الطوارق مع أن السلم يبيحه..ول تفسير لهذه الظاهره سوي أن الطوارق قد ورثوا
مع ماورثوه من تقاليد "تقديس الم" استمرارا للقوانين القديمة التي كانت تضع الم علي راس القبيلة وتنسب البن لمه،
ل لبية وتعطي المرأة الحق في أن تتزوج أكثر من زوج .وأن تكون الحاكمة علي أزواجها الرجال والحاكمة علي القبيلة كلها .
وفي كتاب تاريخ السودان نجد فعل أن المؤلف يروي لنا أن في سنه 1475كانت تقطن السودان قبيلة من البربر تحكمها أمراه
اسمها بيجوم كابي .
ومعني ذلك أن نظام سيادة المم كان معروفا بالنسبة للبربر القدامى .
وبالرغم من انقراض هذا النظام إل أنه مازال يخلف تلك الثار من تقديس المراه في قبيلة الطوارق ..فالمرأة تعمل وتعزف
الموسيقي وترأس الحفلت وتختار حبيبها وتختار زوجها ..وترفض تعدد الزوجات بالرغم من أن السلم يبيح هذا التعدد شرعا .
وأخيا التارجي كان فارسا شهيرا حارب التراك في غات وقتل حاميها وقاد ثوره مطالبا بالمتيازات السياسية .
وأخنوخا التارجي عاصر نابليون ..وأرسل إليه نابليون الرسل ليعقد اتفاقيه بين فرنسا والطوارق فرفض اخنوخا .
11
يبدوا أن قلب الصحراء الليبية كان مسرحا لنسان ما قبل التاريخ ..تدل علي ذلك الثورة الهائلة من الثار والمخلفات من العصر
الحجري ..ما تكاد تحفر في الرمل حتي تحصل علي تلك اللت العجيبة ..سكاكين وبلط وحراب وسهام ومناشير ومبارد حجرية
وابر من العظام ...
وتلك التلل من الحصى المرصوص عند أقدام هي ما تبقي من شواهد المدافن القديمة ..ما تكاد تحفر تحتها حتي تجد المئات من
الهياكل العظمية والدمية لهؤلء الذين رقدوا رقود الموت منذ عشرة آلف سنه .
وعلي جدران الكهوف ترك الفنان الول رسومه الولي وأولي مغامراته في عالم الفن . .صورا محفورة بأناقة مذهله وملونه
للغزال والزراف والثور وللرقص والصيد والزواج والحب رسمها قبل أن يعرف كيف يكتب وكيف يتكلم .
وكل تلك القبائل كانت من أجناس ما قبل التاريخ .من ذلك الجنس الذي ظهر في الشمال الفريقي والذي يعرف باسم )) كروما
جنون (( .
ويقال إن أصل الطوارق من البربر وأصل البربر من جنس الكروما جنون .
وفي أحد الراء أن الفراعنة أنفسهم من البربر .ويساق هذا الرأي كتفسير للطفرة الحضارية التي حدثت في وادي النيل وكيف
كانت بتأثير هجرات الكروما جنون والبربر .
ومعني هذه النظرية أننا سنلتقي مع الطوارق في سابع جد .
وفي رأي آخر أن أصل الفراعنة أسيوي .
والكلم كثير في أصل الفراعنة والحقيقة غير معروفه ..
ولكن مما ل شك فيه أن الصلت بين مصر وليبيا عن طريق التجارة والهجرة والحروب لم تنقطع طوال التاريخ القديم .
أما الطوارق البيض ذوو العيون الزرقاء من دماء أوروبية جاءت إلي الشمال الفريقي عن طريق البحر في الزمن القديم ..وفي
قول آخر إنهم من أصل أفريقي وفينيقي وكريتي .
وطوارق الجنوب السود ذوو التقاطيع الزنجية من أصل سوداني جنوبي .
والمؤرخون العرب لهم نظريه خاصة في أصل البربر ..يقول ابن عبد الحكم إنهم من فلسطين وأنهم هربوا بعد مقتل ملكهم
جالوت بيد النبي داود وهاجروا إلي ليبيا .
ويتحدث صاحب المسالك عن هجرة قبائل الهوارة والزناتة والداريسة..
أما الرأي الوروبي الذي يقول بان الطوارق فينيقيون هربوا من السكندر المقدوني فهو رأي خاطئ لن وجود هذه القبائل قديم
ونابت منذ أيام هيرودوت وقبل السكندر بزمن طويل .
ومن طرائف الوثائق ما كتبه هيرودوت يصف جبل سماه جبل الطلس يقول هيرودوت :
)) وقد وجدته جبل مرتفعا شديد النحدار من ناحية حتي ليستحيل علي الناظر أن يري قمته التي يغطيها الضباب صيفا وشتاء .
ويقول سكان الوادي إن هناك علي القمة تقوم دولة السماء ويسكن أهل التلنتيس ((
ورد هذا الكلم في رحله هيرودوت إلي شمال أفريقيا ووصوله إلي منطقه طوارق الهجارة في الجزائر . .وأغلب الظن أنه قصد
بالقمة التي وصفها القمة المعروف الن )) مونت أودان (( .
ولكن خرافه دوله السماء وقاره التلنتيس ما لبثت أن تناولها أفلطون ليجعل منها المسرح الخيالي لجمهوريته حيث تصورها
جزيرة في وسط البحر يسكنها صفوه من المثاليين ويقوم عليها مجتمع نموذجي هو الذي وصفه جمهوريه أفلطون .
ثم انتقلت خرافه التلنتيس لتصبح القارة المفقودة بين أفريقيا وأمريكا التي ابتلعها المحيط وحق عليها عقاب الله العادل حينما
خرجت عن طاعة ال ) .قصه أشبه بالجنة وطرد آدم ( ومنذ ذلك الحين دخلت قارة التلنتيس إلي كتب الغيبيات وتحولت إلي
لغز مثير ..والصل سطر كتبه هيرودوت في رحلته إلي طوارق الهجارة ..
وهيرودوت يسمي قبائل الطوارق )) ناسامون (( ناس آمون ويذكر عنها أنها قبائل تصطاد الجراد وتجففه في الشمس ثم تطحنه
وتمزج الدقيق الناتج باللبن ) وهي عاده موجودة عند بعض الطوارق إلي الن ( .
12
ويذكر هيرودوت أن ناسامون لهم أيام مقدسة يترددون فيها علي قبور أجدادهم لخذ مشورتهم في أمور الحياة الدنيا أو لسؤالهم عن
المستقبل ) .وهي عاده مازالت متبعه عند نسوه الطوارق يبتن الي جوار المقابر ليحملن بأخبار المفقودين والغائبين (
ويذكر هيرودوت طريقه تصفيف الشعر وتسريحه عند الطوارق بما يتفق مع الملحظات المشاهدة حاليا .
وقد لمعت أسماء غريبة لرحالة ومؤرخين ذرعوا رمال الصحاري وألفوا المراجع القيمة أمثال :البكري ..والدريسي ..ابن سعيد
..ابن فاطيما ..أبو الفدا ..ابن بطوطة .
يقول ابن بطوطة انه عبر الصحراء الليبية لقبيلة برداما وهي قبيلة من البدو الرحل ل تستقر في مكان وتمتاز بان نساءها جميلت
سمينات ويقول فيهن ابن بطوطة إنهن أجمل ما رأي من نساء العالم .
ويضرب ابن بطوطة في الصحراء شهورا يخترق فيها مناطق جرداء ل ماء فيها ول شجر ويصف لنا مناجم للملح والنحاس ومياه
حديدية تغتسل فيها ثيابك فيسود لونها ..ثم يصف لنا صحبته لقافلة بها ستمائة فتاه من الرقيق ..
ثم يصف لنا وصولة أخيرا إلي منطقة الهجارة ورؤيته لقبيلة عجيبة .رجالها ملثمون ونساءها سافرات )) الطوارق (( .
ولم تترك هذه القبيلة أثرا طيبا في نفس ابن بطوطة .فلقد استوقف بعض فرسانها قافلته واخذوا منها أقمشة وبضائع .وكان ذلك
في رمضان .ويقول ابن بطوطة عن حرمة شهر رمضان إنه حتي لصوص الصحاري يتعففون في هذا الشهر عن السرقة فل
يمدون أيديهم إلي شئ ولو كان مفقودا وبل صاحب .
أما الرحالة الوروبي انتونيو مالفونتي .فيصف الطوارق بأنهم جنس راق وفرسان علي درجة عاليه من النبل والشجاعة .ويقول
إنهم يعتمدون في طعامهم علي اللبن والخبز واللحم .وإنهم ألد أعداء اليهود .ول يجرؤ يهودي علي القتراب من مضارب خيامهم
.
ويقول هيرودوت إن عبادة الجداد كانت متبعه في ليبيا القديمة ..وبالنسبة للصحراء الليبية القريبة في مصر كانت تبعد ايزيس
وتقدم القرابين للشمس والقمر وتحريم أكل الخنزير ولحم البقر طقوسا متبعة ..وبالنسبة للجزء الشمالي من الصحراء كانت اللهة
أمثال إله البحر والخصب والمطر تعبد ..وكانت القرابين البشرية تقدم في القرن الثالث قبل المسيح .
ومن المحتمل أن يكون الطوارق الوائل عبدوا آمون ..ولكن ل يوجد ما يؤيد ذلك في الرسوم والحفائر القديمة ..فلم يعثر إلي
الن علي رسم قرص الشمس المعروف .
والرأي الخر إنهم كانوا يعبدون الحيوان أمثال الثور والبقرة والزراف ) العقائد الطوطمية ( ..بدليل ما وجد من رسوم جميله
ومفصلة لهذه الحيوانات .
وبالرغم من وجود رسم الصليب في بعض الثار التاريخية إل أن دخول المسيحية إليها أمر مشكوك فيه .وفي رأي ابن خلدون إن
المسيحية لم تدخل الصحراء الليبية ..وهو رأي خاطئ لن المسيحية دخلت غدامس أيام البيزنطيين والرومان .
ولكن ابن خلدون يقول رأيا مختلفا عن الديانة اليهودية .فهو يعتقد أن الديانة اليهودية تسللت الي الصحراء وأن اليهود انتشروا في
قبائل الهوارة بالذات .
ويحتمل أن يكون بعض أجداد الطوارق من اليهود لكن المر المؤكد أن السلم اكتسح هذه القلة .
وقد دخل السلم الطوارق مع عقبه بن نافع وانتشر بين كل القبائل التارجيه .ولكنه بالنسبة لطوارق الجبل والدواخل والرحل كان
إسلما سطحيا .فمعظم العادات الوثنية ظلت علي حالها وظلت اللغة علي حالها وبقي القرآن كتابا يقرا بطريقه ببغاوية دون أن
يفهم .مثله مثل التعاويذ الغامضة السطوريه .
وهناك مدارس الدين واللغة العربية والقرآن ولكنها قليله جدا وهي بالنسبة للقبائل الرحل غير معروفة .
ومع ذلك فقد ظل السلم علي ضعفه هو علم المقاومة الذي تجمع تحت رايته الطوارق الذين حاربوا الستعمار الفرنسي
واليطالي .
13
والعتقاد في الجن والماكن المسكونة والرواح الطيبة والشريرة التي ترتاد الينابيع والجداول ..والعتقاد في الشجار التي
تلبسها الرواح ,أكثر رسوخا عند الطوارق الرحل من العقيدة السلمية الزائرة .
وشئ مألوف أن تري رجل من الطوارق يرجم شجره ليطرد منها الجن ..أو أمراه تعلق شبشبا قديما علي باب الخيمة لتطرد
الرواح الشريرة ..أو تستعمل قرن خروب لمنع الحسد ..أو عجوزا تبيع أحجية وتعاويذ أو جلد
بقرة للوقاية من لدغة العقارب وهم يشمون جلد بقر الوحش كعلج من لدغه العقرب .
والطارقي الذي يحلم بأنه يأكل البلح يفسر حلمه بأنه سوف يصاب بجراح ..فإذا حلم بثعبان فهو شر مستطير ..وإذا حلم بأنه
يحمل راية بيضاء فهو فأل حسن .وإذا حلم بأنه يحمل راية سوداء فهي كارثة .
وخرافه شائعة أن الذي يصاب بجراح يمتنع عن شرب اللبن اعتقادا منهم ان اللبن سوف يساعد علي تكوين الصديد .
ومعظم هذه العقائد هي بقايا وثنية لم يستطيع السلم أن يمحوها من الذهان .
وقد ظل الطوارق يعيشون حياه مستقلة في أغلب فترات حياتهم ,لم يستطع الغزاة من الفرس والرومان ول التتار ول الهكسوس
والوندال أن يقتحموا أسوار هذه العزلة لبعدها ولن متاهات من الصحاري الجرداء كانت تحمي هذه العزلة من كل جانب .
ولهذا استطاع الطوارق أن يصنعوا لنفسهم حياه وعادات وتقاليد وأعرافا وطباعا انفردوا بها ومازالوا يتميزون بها .
وكلما توغلنا في الصحراء وخرجنا من غدامس الي أطراف البادية ومراعي الجبال والتقينا بالطوارق الول الذين مازالوا يعيشون
حياة الفطرة والتنقل بين قبائل الهجارة في الجزائر والسودان والنيجر .استطعنا أن نتعرف علي تلك
14
الكلمة بالعربية
الصبع
النف
الفم
اللسان
الذقن
الشعر
البطن
القلب
الكبد
العقل
المخ
السنان
الكف
الذراع
الساق
القدم
الذن
الظافر
الظهر
الكتاف
الرأس
لولد و البنات . .فمنذلسلم . .ومنها تلك الحرية الجنسية التى يتمتع بها ا ْ العادات البدائية التى ما زالت على حالها لم يهذبها ا ٍ
أن يبلغ الولد سن الخامسة عشرة و يضع اللثام و يصبح رجل . .يصبح له الحق فى حضور "الهال" ،و هو مجلس الكبار حيث
يتسامر الكل فى جو مختلط مفتوح فى شبه حفل يبدأ بعزف الموسيقى "اليمزاد" ،و تعزفها فى العادة فتاة ثم السمر ثم الغزل فيميل
لنف ويتواعدان على اختلس اللقاءات فى الخلء . .و يحدث عادة ان تتم لنف فى ا ْ كل شاب على الفتاة ٍالى جوارة يقبلها بحك ا ْ
لولد و البنات لعبة الجنس بل حرج و بل حمل. اللقاءات المختلسة فى نفس الليلة حيث يمارس ا ْ
لب فوكو و الدكتور فولن(. ى غير معروف فى الطوارق )بحوث ا ْ و البكارة ش ْ
لجهاض قامت وفى حالت الحمل النادرة تذهب البنت ْالى الداية فتكتب لها تعويذة تذيبها فى الماء لتشربها فٍاذا لم يحدث ا ٍ
بٍاجهاضها ،فٍاذا حدثت الولدة يخنق المولود . .والبنت التى يعرف عنها انهاحملت دون زواج ينظر اليها فى احتقار من الجميع.
وبسبب حرية العلقات الجنسية فٍان الزواج ل يحدث ال فى سن متاخرة ثلثين سنة بالنسبة للرجل وعشرين سنة بالنسبة للبنت.
وتبادل الجنس ليس عار عند الطوارق وٍانما العار أن يكون ذلك بين رجل وجاريته ْاو امرْاة وعبدها.
ومن الصعب الحكم على السلوك الجنسى للمرأة بعد الزواج من حيث الخيانة و الوفاء ،ولكن من المعلوم أن عقاب الزانية هو
الموت . .ومن المعلوم ايضا أن الرجل قد يخون زوجته مع جارياته وعبدانة . .وفى حالة حمل ٍاحدى هذه الجاريات تكون
فضيحة ويحدث فى مثل تلك الحالت أن تغضب الزوجة عند أهلها ول تعود ٍال فى حالة دفع تعويضات مادية كبيرة .
ومن التقاليد العجيبة أن لقاءات الجنس بين العشاق تتم فى خلوة وخصوصية ،فٍاذا ضبط عزول هذه الخلوة فعلى العشيق الذى
افتضح أمره أن يبادر بٍاهداء العزول هدية فورية ،وٍال فٍان العزول يرفع اللثام كاشفا عن شخصيته ويصبح له الحق فى أن يحل
محل غريمة فى خلوتة . .
15
مجتمع الطوارق مجتمع طبقى . . .على رأس جميع القبائل نجد المير "أمينو كال" وهو الحاكم الصلى لجميع القبائل ويصل ٍالى
لمارة طبل كبير يعلق على باب خيمته ويقرع هذا الكبل عند قدوم الضيوف أو فى الحكم وراثة عن ابيه كالنظام الملكى . .ورمز ا ٍ
الحفلت أو فى الحروب . .وخرق الطبل هو أكبر ٍاهانة يمكن أن تلحق بالمير .
والمير هو الذى يعلن الحرب ويدير خططها و هو الذى يفض الخلفات بين القبائل ،وله خليفه ينوب عنه فى غيابه . .و هو
يتقاضى الضرائب من جميع القبائل .
ويلى أمينو كال فى السلم الطبقى شيوخ القبائل ثم الفرسان و رجال الدين ثم الرعاة ثم الحرفيون وفى القاع نجد العبيد و الخدم و
الجوارى .
و التزاوج بين فارس و جارية أمر مستهجن جدا و مشين .
و الفرسان ل عمل لهم ٍال الحرب و حراسة القوافل و السطو على العداء ،وهم يحتقرون الحرفيين ويعتبرون العمل اليدوى
وضيعا .
و تستطيع أن تعرف الفارس من مشيته ،فهو يختال فى خطواته ويختال فى كلماته ويتانق فى ملبسه وأحيانا يلبس لثاما أحمر زيادة
فى الناقة .
ورجل الدين "شريفن" من الكلمة العربيه شريف . .له مكانه محترمة فى قبيله الطوارق ،وهو يعفى من الضرائب ،ويعتبر فى
لسلمية لطفال القبيله . مستوى الفارس بالنسبه للمكانه الطبقيه . .وهو الذى يدرس القرآن و الشريعة ا ٍ
و العبيد و الجوارى و كلهم اسرى غنمتهم القبيله فى حروبها أو اشترتهم من تجار النخاسه . .يعاملون بٍانسانيه ،فالعبد يمكن أن
يمتلك رؤوسا من الماشية أو حصانا ،و هو ٍاذا بلغ سن الزواج فٍان سيده يعطيه مهرا ليتزوج . .وٍاذا انجب السيد من جاريه فٍان
لبن الذى ينجم من العلقة يحق له الميراث . .و يستطيع العبد أن يخرج من خدمه سيده ليلتحق بخدمه سيد آخر بسبب سوء اٍ
المعاملة . .وٍاذا تزوج السيد من جاريته فٍانها تصبح حرة . .وبعد ٍالغاء الرقيق تحول العبيد ٍالى خدم وظلوا ملزمين لقبائل
سادتهم . .
أما أصحاب الحرف فهم فئه محتقرة و كل من يزاول عمل يدويا محتقر عند الطوارق ،والطارقى يخاف من الحداد و من كل ما
له صله بالنار أو من يطرق المعادن ويظن أنهم على صله بالشياطين و الجان ولذلك يسكن بعيدا عنهم و يتجنبهم .
والحلق عند الطوارق يحلق الشعر و يخلع السنان و يقوم بالعمليات الجراحية الصغيرة كالطهارة وايقاف النزيف وعلج الجروح
.
والحرفيون يعتبرون من جنس مشبوه ،وهم يتهمون بالتجسس أحيانا وبالخيانه ولكن ل أحد يجرؤ على قتل حرفى لنه يخشى من
انتقام الجن لروحه .
و الحرفيون أذكياء و حكماء ،وفيهم من يتقن الكتابه و من يلقى القاصيص و الحكايات و بعضهم يرقى ٍالى مستوى مستشار
المير .
وهم يتلثمون كبقية الطوارق ،و لكن لهم لغه خاصه سريه يتخاطبون بها ،ولهم تعاويذ و طقوس خاصه . .وهم ل يزيدون فى
مجموعهم عن خمس أو ست عائلت .
والمعتقد انهم من أصل يهودى وأنهم مهاجرون من فلسطين ،يدل على ذلك تلك المطروقات الفضية النيقة الراقية والمفاتيح و
القفال المعقدة التى يصنعونها والتى ل تتناسب مع الحياة البدائية التى يعيشها الطوارق ،وتدل ايضا عاداتهم العنصرية فى عدم
الزواج من خارج جنسهم .
واسم هذه الفئة العاملة باللغة التارجية "ايتادين" أى )من ل أسم لهم( و هذا ٍامعان فى تحقيرهم .
لبل ،وفى قبيلة أخرى مثل داج وبعض قبائل الطوارق غنية نسبيا ،ففى قبيلة مثل كيل هجار أكثر من عشرة آلف رأس من ا ٍ
لبل عن ألف رأس ،بينما قبيلة ثالثة هى التأتيوك ل تزيد ثروتها عن ثلثمائة رأس. رالى ل تزيد ا ٍ
والطوارق يعتمدون فى حياتهم على الرعى والصيد متنقلين من واد ٍالى واد ٍالى حيث تجود المرعى و يكثر المطر ،وأهم
محصول طبيعى يتاجرون فيه هو الملح ،يحملون به القوافل ٍالى السودان لتعود بالتالى محملة بالقمشة و الحبوب .
فٍاذا شح المطر و جف المرعى أنتشروا فى الصحارى و الجبال يقطعون الطريق على القوافل . .فٍاذا أستمر الجفاف نزحوا ٍالى
السودان .
وهم فى الشتاء يفضلون سكنى الوديان المنخفضة فى أحضان الجبال التى تحميهم من الرياح . .وفى الصيف يفضلون سكنى
العالى و القمم حيث الجو طليق .
وكل قبيلة لها مضارب خيامها و لها مجالتها الخاصة التى تتحرك فيها وهى تعود من موسم لموسم لنفس الماكن التى بدأت
منها .
و الخيام تصنع عادة من جلد الماعز ،يدهن بالزبد و بمادة حمراء لوقايتة من الشمس و المطر .
والمعتاد ان ينام الرجل فى شرق الخيمة و معه الولد بينما تنام الزوجة فى غربها و معها البنات .
ول ينام على سرير ٍال المير و شيوخ القبائل .
أما المطبخ فهو دائما خارج الخيمة وهو عبارة عن موقد حوله بعض الطوب و الحجارة لحمايته من الريح .
وهم ل يستخدمون حجارة البازلت السوداء لنهم يعتقدون أنها مسكونة بالجن و السبب أنها تفرقع بصوت شديد بتأثير النار .
لنسان ليطهى عليها طعامه و لكن الشيطان عرف و النار عبد الطوارق لها أسطورة مقدسة . .فهم يقولون أن النار خلقها ال ل ٍ
سرها و سرقها ثم أعطاها لصديقه الحداد ليصنع بها الحديد و لهذا خلق ال الجحيم و خصصها للشيطان عقابا له على سرقته .
وهم ل يوقدون النار فى داخل الخيمة وٍانما دائما خارجها .
16
والثاث عبارة عن صندوق و مخله بهما ملبس و عدة أطباق و ملعق خشبية و أوتاد لتثبيت الخيمة و ٍاناء للماء و طاسة لحلب
اللبن و أكواب و فناجين .
و المرأة هى التى تنصب الخيمة و هى التى تفككها و تحملها على الحمير و هى التى تصنع الدوات الجلدية و الطباق و الوتاد
لبل ٍال من كانت زوجة لفارس أو أمير . الخشبية . .وهى تستعمل فى تنقلتها الحمار ول تركب ا ٍ
ى و كهوف بالجبل ،و عندهم عقيدة أن ال يرعى و كل قبيلة تخزن ما عندها من فائض التمر و الحبوب والمواد الغذائية فى مخاب ْ
ى و يسهر عليها بنفسه . .و هم يهاجرون ثم يعودون ٍاليها فيجدونها على حالها ،فالتارجى ل يمد يده أبدا ٍالى مثل تلك هذه المخاب ْ
ى . .و عقاب السارق فى مثل تلك الحالت شديد . المخاب ْ
ى من جوعة . و هناك أكثر من ستة أصناف من العشاب الجبلية و الجذور مما يأكله التارجى هو و مواشيه ليهد ْ
واللبن و الزبد و الجبن و الحبوب و التمر هى غذاؤه الرئيسى ،و هو يأكل اللحم فى حالت قليلة حينما تشرف ٍاحدى مواشيه على
الموت فيذبحها و حينما تجف المراعى فيذبح الناقة التى يراها تموت جوعا أمامه . .و هو يأكل الرانب و الغزلن و الجراد . .و
الجراد المشوى طعام فاخر عنده . .أما لحم الدجاج فيعتبر نجسا مثل الخنزير و بالمثل السمك . .
لسلمية .وواضح من أنواع التحريم أنه يجمع بين التحريم ول يجوز أكل ذبيحة لم يقرأ عليا أسم ال و لم تذبح وفقا للشريعة ا ٍ
لسلمى و التحريم الوثنى . اٍ
و الكلة الشعبية هى نوع من أنواع العصيدة باللبن .
و هم يستعملون الجبن المجفف و الطماطم و البصل فى تصنبف ألوان من الصلصات . .و فى حفلت الزواج و الحفلت الدينية
تذبح ناقة و تشوى على النار و تقدم مع الكسكسى و تحفظ الرأس و العنق للنساء ،ويقدم الفخذ و الموزة و الضلوع للضيوف .
وهم يأكلون بالملعقة ..وعادة الكل بالملعقة عادة غريبة بالنسبة للحياة البدائية التي يحياها التارجى ،ولكن تفسيرها هو حرصه
على عدم رفع اللثام أثناء الكل وبالتالي احتياجه إلى وسيلة كالملعقة لدس الكل في فمه .
والبل والماعز والماشية والحمير والكلب هي الحيوانات التي يربيها التارجى .
وهم في العادة يختمون إبلهم بعلمات خاصة ،كل قبيلة لها علمة مميزة تختمها على رقبة الجمل أو فخذه بطلء أحمر.
ورأس ابل عندهم أثمن من وزنه ذهوالزراف.حمير فل يهتمون بها ،وأحيانا" ل تعرف القبيلة عدد حميرها وأحيانا" حينما يشح
المرعى تترك القبيلة جزءا" كبيرا" من حميرها وترحل.
وهم يصطادون الغزال وبقر الوحش والزراف ..يخرج أربعة من الطوارق معهم عشرة كلب في فرقة صيد ويطاردون الفريسة
حتى تسقط إعياء ،وهى في حالة الغزالة وسيلة كافية ،أما بقر الوحش ،وهو حيوان شديد البأس ،يدافع عن نفسه حتى الموت
فيحتاج المر إلى حصار وقتال بالحراب أحيانا" يذهب ضحيته عدد من الكلب أو الصائد نفسه .
ولكنهم الن يستعملون البنادق في كل شئ بدرجة تهدد وحوش الصحارى بالنقراض.
والتقاليد المتبعة إذا طاردت قبيلة حيوانا" في أرض قبيلة أخرى واصطادته أن تعطى جلده ورأسه ونصيبا" من اللحم للقبيلة صاحبة
الرض.
والطوارق رحل ل يزرعون الرض احتقارا" للعمل اليدوي واحتقارا" للستقرار ولكن في بعض الماكن حيث يغزر المطر
وتكثر العيون الجوفية تجد التارجى يزرع القمح والشعير والجزر والعدس والبصل والبطيخ والشمام ..وتجد حدائق من التين
والعنب والنخيل .
لكن مثل تلك المزروعات تصبح تحت رحمة الحر والبرد والعواصف والسيول والجفاف وجدب الرض وافتقارها مع تكرار
الزراعة ..والترجي ليس عنده طول بال ليبيع.ول صبره ،وهو ما يلبث أن يهجر الرض التي أجدبت دون أن يفكر في إصلحها.
وهو حينما يزرع فليأكل ل ليبيع .
وسعادته وهو يضرب في الفلوات تعدل محصول ألف فدان ..يكفيه ما يجلب من ألبان إبله وما يقطف من بلح وتمر في الطريق
وما تجود به المرعى ،فإذا جف فأرض ال واسعة.
وليست من عادة التارجى الغتسال يوميا بسبب شح الماء في الصحارى ،وهو يقولون أن الغتسال يوميا ضار بالبشرة وهذا
صحيح نظرا لملوحة المياه وجفاف الجو كما أنه يؤدى إلى تشقق الجلد ..وهم لهذا يستعملون الزبد للتطرية ..ويتوضأون للصلة
بطريقة التيمم ) بالرمل الجاف بدون ماء (.
ولكنهم شديدو العناية بالكل .فهم يستعملون السواك والمضمضة بالماء عدة مرات بعد الكل .
وهم يحلقون للطفال رءوسهم إل خصلة يتركونها في الوسط.
والعيونهم.رن شعورهن ضفائر كثيرة على الجانبين ويستعملن الزبد للشعر .
والنساء والرجال يحلقون شعر العانة ويقصون أظافرهم ويكحلون عيونهم .
ومخلفات الشعر والظافر تدفن في مكان بعيد حتى ل يسحر عليها أحد أو يقرأ عليها تعاويذ مهلكة.
والوشم غير معروف لكن المرأة تستعمل الحمر للزينة .
وفى المهرجانات قد تجد امرأة تنقش على وجهها رسوما" عجيبة ) طريقة الهيبى ( ،وترقص كنوع من التهريج أو كبقايا طقوس
وثنية .
17
والمرأة التارجية أقصر من الرجل وأكثر سمنة واستدارة وهى ذات عيون واسعة كحيلة وجبهة عالية ويدين دقيقتين رقيقتين ..
والسمنة عنصر هام في الجاذبية الجنسية عند النساء وهن يتوسلن إليها بكل طريقة ويأكلن أنواعا خاصة من العشاب يعتقدن أنها
تسمن ) كالمفتقة عندنا (.
والمراض عندهم قسمان :مرض جسدي يعالج بالدوية ،ومرض روحي يعالج بالسحر )) آمى كيللو ((.
وعلج من تلبسه الرواح الشريرة هو إلقاء الرعب في قلبه عن طريق رقصة مخيفة بالقنعة تتخللها الصرخات والبالزبد .يفقد
الوعي ويدخل في غيبوبة تخرج أثناءها الروح الشريرة وتفر مذعورة ول تعود.
وهو يمارسون الجراحات البسيطة كالطهارة وعلج الجروح وتجبير الكسور والقطع الحادث بعد الطهارة يدهن عادة بالزبد .
والناقة وحسن المظهر مسويختال .في الهمية بالنسبة للتارجى ..أهم من الطعام أن يتأنق ويختال ..
والطوارق أصحاب قامة طويلة وفرع باسق وأكتاف عريضة ،وهم يرفعون رءوسهم في اعتزاز حينما يمشون كأنهم أمراء
أسطوريون .ويلبس الواحد منهم سروال واسعا" يغطى قدميه ،وفوق السروال عباءة فضفاضة بيضاء أو زرقاء أو ملونة ،وعلى
الرأس تلفيعة تلتف كالعمامة وتغطى الرأس ثم تنسدل كللثام فوق الفم والنف فل يبقى ظاهرا منه إل العينان السوداوان البراقتان ..
وفى القدمين يلبس صندل.
والرجل يتحلى بالخواتم الفضية المزركشة والساور المنقوشة من حجر الشيست ..وعلى الساور يكتب عادة عهدا بالوفاء لحبيبه
أو دعوة بالقوة والتوفيق في القتال..
وهم يتنافسون في حمل الكياس الجلدية النيقة ..جراب جلدي للولعة ..وجراب جلدي للسواك ..وجراب جلدي للبر ..وجراب
جلدي فيه آية قرآنية أو تعويذة ..يحملها في سلسلة مدلة على صدره ..
وبالنسبة للنساء هناك تصانيف أكثر من الحلي ..هناك خواتم من الفضة كبيرةللعطر.لفصوص وللعطر.بدل الللعطر.عطر.صغيرة
للعطر ..وتلبس المرأة اثنين أو ثلثة من هذه الخواتم الكبيرة في اليد الواحدة ..وهى دائما من الفضة ..لن الذهب مكروه عند
الطوارق ول أحد يتحلى به لنهم يعتقدون أنه مجلبة للشر والطمع .
وهناك رواية يرويها مؤلف من تمبوكتو عن رئيس الطوارق )أكيل( الذي كان يرفض أن يلمس الذهب بيديه لنه يجلب النحس .
والساور المنقوشة من الفضة والمحلة بفصوص اللؤلؤ ..والساور الزجاجية و الساور الجلدية المحلة بفصوص كريمة ..
والكردان.لتي تتدلى من العنق وفيها فص من العاج ..والكردان ..والبنتنتيف ذو الفص الحمر من المرجان ..والدليات الفضية
المزركشة ..كلها حلى ضالظهر.النسبة للمرأة ..والحلق يكون عادة من الفضة وكبير ويتدلى على العنق .
وفى الشعور والضفائر حلى أخرى تتدلى على الظهر ..هذا عدا الحجبة الفضية وجراب الكحل وجراب البر .
والنساء ل يلبسن هذه الحلي إل في الفراح والمهرجانات.
أما في اليام العادية فتودع هذه الحلي في صناديق ذوات أقفال حديدية يحمل التارجى مفتاحها في حله وترحاله .
والمرأة التارجية صانعة ماهرة ،فهي التي تسلخ الجلد وتدبغه وتصقله وتصنع منه الخيام والحلي الجلدية والصنادل والحقائب ..
وهى أيضا التي تصنع من الخشب أوتاد الخيمة والصحون وأواني الحليب ..وهى التي تصنع من القش القبعات والحصر ..وهى
التي تغزل من فراء الماشية الحبال المتينة .
وتوضع الخطة في المساء ثم يخرعادة،ال في ارتحال سريع بغية انقضاضه مفاجئة قبل الفجر على خيام القافلة .
وبعد معركة سريعة يفر الحراس عادة ،فيقود اللصوص البل ثم يدخلون الخيام ويجمعون ما يجدون من حلى وثياب ويفرون .
ويحدث عادة أن تنقض القبيلة المعتدى عليها في هجوم مضاد يرصدون له كمائن خاصة عند البار التي يعرفون أن اللصوص
سيردونها في طريق العودة.
ويحث اللتحام ويقع قتلى وجرحى كثيرون .
وأحيانا" يحدث اتفاق سلمى وتدفع القبيلة المعتدى عليها ضريبة محددة من البل والثياب في مقابل تسوية معقولة.
وقطع الطريق على القبائل السودالمراعى .عادة بهدف خطف البنات والولد لبيعهم في أسواق النخاسة أو استخدامهم كعبيد.
أما الحروب المنظمة بين القبائل فأكثر ندرة من حوادث قطع الطريق وهى تحدث عادة لسباب سياسية ..تنازع على السلطة أو
خلف حول المراعى .
وهم يختارون الشتاء موسما" لحروبهم حيث تكون كل قبيلة قد جهزت نفسها بخزين من التموين والمواد الغذائية .
ومن تقاليد الحرب أل يعتدي على النساء السرى.
والعتداء على امرأة أسيرة وصمة عار ل تمحى في جبين المعتدى وقبيلته ..وكثيرا ما حدثت سلسلة من الحروب النتقامية بسبب
مثل هذا الحادث .
والسلحة المستعملة في الحروب هي السيوف والحراب والخناجر والبلط.
أما العبيد فيسلحون بالعصي ول يحمل الدروع إل النبلء والرؤساء والقواد.
وقد دخلت البنادق والمسدسات والرشاشات الحروب القبلية بعد دخول الفرنسيين.
وأول رحالة غربي اكتشف الطوارق هو النجليزي جوردون لنج 1800
الذي بدأ رحلته من طرابلس إلى تمبوكتو عابرا اغدامس وفى الطريق تعرف على الشيخ عثمان )) شيخ منطقة الزاوية (( الذي
دله على مسالك الصحراء.
ولكنه قتل قبل أن يتم رحلته ،قتله الدلء العرب الذين كانوا يرافقونه.
وفى سنة 1849استطاع اللماني هنرى بارت أن يتم الرحلة التي لم يستطع زميله النجليزي إتمامها ،فوصل إلى تومبوكتو ثم
عاد إلى طرابلس مارا بكل قبائل الطوارق في المنطقة ..وبذلك دخل التاريخ مع الرحالة العظام أمثال لفنجستون وستانلى وبرازا.
وأول مرجع وافى عن الطوارق هو ما كتبه دوفيريه الفرنسى في رحلة استغرقت 28شهرا" ،رافقه فيها الشيخ عثمان والرئيس
التارجى أخنوخ .
وقد حدث بعد ذلك أن دعا دوفيريه الشيخ عثمان إلى باريس وقدمه إلى نابليون الثالث.
وأعقب هذا اتفق تجارى بين الفرنسيين في الجزائر وبين الطوارق..
وبعد ذلك بدأت المقاومة ،فرفع الطوارق المسلمون شعار )) ل كفار ول مشركين في بلدنا (( ..وبدأ التقتيل يطارد كل بعثة
فرنسية تحاول اختراق الصحراء.
وتوقفت البعثات عشرين عاما".
وفى عام 1899عاد اللصحراء.يد ومعه ثللصحراء.ل مسلح ليقتحم قلعة الصحراء ..وهذه المرة استطاعت البنادق الحديثة
والمسدسات المتعددة الطلقات أن تقتحم القلعة ،ورفع فورد العلم الفرنسي على واحة عين صالح وأعلن احتللها.
وحاول الطوارق بقيادة )) تيت (( الهجوم على الفرقة الفرنسية ولكنهم عادوا وقد تركوا وراءهم سبعين قتيل.
وبعد ذلك بدأت القبائل التارجية تعلن خضوعها واحدة بعد أخرى .
20
اللغة البربرية والبربر
21
بطول الشمال الفريقي ..في ليبيا في جبل نفوسة وزواره وفى جنوب تونس وفى وادي مزاب بالجزائر تجد اللغة البربرية
والبربر.
وقد رأينا أن اللغة البربرية تدخل في تكوين اللغة التارجيه وتدخل في تكوين اللغة الغدامسية وتدخل في لهجات سكان الدواخل
الليبية .
وقرأنا في التاريخ أن البربر هم أصل الطوارق ،وفى إحدى النظريات أنهم أصل الفراعنة أيضا.
وقد استطاعت الصحراء الليبية أن تذيب العرب والطوارق والبربر في سبيكة واحدة متناسقة ذات وحدة وطنية.
وأمام الظلم والستعمار يهب الكل ..كما يهب غوما العربي يهب أخيا التارجى وينتفض سليمان الباروني البربري .
وقد عرفت القاهرة سليمان الباروني حينما كان يصدر جريدة السد السلمي .
وقد أطلق سليمان شعر لحيته ورأسه وأقسم أل يحلقه إل حينما يخرج آخر جندي إيطالي من أرض الوطن ..وقاد الكفاح الليبي ضد
الستعمار اليطالي وسافر إلى تركيا ثم الهند ثم توفى في بمباي وما زال له فيها قبر يزار .
وفى اللغة البربرية يستعمل حرف ) ت ( للتأنيث كما في العربية:
ديك :زييط
دجاجة :تزييط
حصان :أجمار
فرسة :تجمارت
يقتل:يف الفعال يضاف حرف ) و ( ليدل على الماضي ويضاف حرف ) أ ( ليدل على المر وحرف ) س ( للمستقبل كما في
العربية.
يقتل :يناغ
قتل :ينغو
سيقتل :سينغ
أقتل :أنغ
وهناك شواذ مثل فعل يأكل وفعل ينام:
يأكل :يتت
78
أكل :يتشو
كل :انش
سوف يأكل :سايش
وفى فعل ينام يستخدم التخفيف فيحذف حرف ) ط ( للدللة على الماضي:
ينام :يططس
نام :يطس
سينام :سيطس
نم :اطس
جمل :يضاف حرف ) ن ( :
جمل :الغم
جمال :ايلغمن
حصان :اجمار
أحصنة :اجمارن
ديك :زييط
ديوك :ايزيطن
ذئب :أوشن
ذئاب :أوشانن
ومن الغاني الشعبية ابالعربية:تي يغنونها في العراس مثل أغنية )) مبروك عليك يا عروسة (( عندنا ..هذه الغنية وكلماتها
بالعربية :
رأيتها نائمة وشعرها متناثر حولها
والسطورة تلمع في يدها
كانت متكئة
ونظراتي تحج إليها
كما تحج نظرات المؤمن إلى مكة
بل أكثر ..استغفر ال
رأيتها تسير
وعودها ينساب كالسفينة
معبأة بكل ما يخطر ببالك
من عنبر وعطور وسلع جميلة
أبناء نوح
25
ل :إن نوح أنجب ثلثة أبناء هم سام وحام
في كتاب العبر لبن خلدون يروي لنا ابن خلدون عن شجرة عائلة نوح وأولده قائ ً
ويافت.
أما فرع يافت فهو الذي جاء منه سكان شمال أفريقيا الذين استوطنوا هذا المكان من العالم قبل البربر وهم أجناس ما قبل التاريخ
الذين يطلق عليهم الكروماجنون .ويقول عنهم ابن خلدون أنهم كانوا يعبدون الشمس والقمر والكبش والقرد والثور وكانوا يدفنون
الميت في وضع جنيني لعتقادهم بأنه سوف يبعث كميلد الجنين من بطن الرض.
أما فرع نوح الثاني )) حام (( فهو قد أعطانا ثلثة أبناء هم مصارييم وفلسطين وكنعان.
وكلمة بربر جاءت من الجد الكبر بربر بن تمل بن مازيغ بن كنعان بن نوح.
وجاء البربر في هجرة من الشام إلى شمال أفريقيا ثلثة ألف سنة قبل المسيح أي قبل التاريخ.
وكان الرحل منهم يسكنون الخيام من الشعر والوبر وبعض الذين استقروا على الزراعة في الوديان كانوا ينحتون بيوتهم في الجبال
وينقرون في الجبل غرفات كاملة بمرافقها ومازالت بعد هذه البيوت المنحوتة باقية في جبل نفوسة وفي جنوب تونس وجبال
الوراس.
وكان دين البربر القديم هو أمون ومظاهره الشمس والقمر والكبش ذو القرنين وكانوا يقدسون الحمامة والطاووس والقط والضفدعة
والسلحفاة ..وكانوا يعتقدون أن قتل هذه الحيوانات يصيبهم بالشلل والجنون والعاهات.
ومازالت عقيدة تحريم صيد الحمام باقية إلى الن في أنحاء كثيرة من المغرب.
وكانت الم عندهم مقدسة وكانت تحكم على القبيلة وتسوس الرجال.
واستخدموا لغة منطوقة ومكتوبة هي اللغة البربرية ..واللغة المكتوبة سموها " تيفينناغ " وهو نفس السم المستخدم في اللغة
النارجية.
26
وترجمة كلمة تيفيناغ ..الحروف المنزلة من عند ال .
وحينما دخلت اللغة العربية مع السلم شرع البربر في بربرة الكلمات العربية بإضافة التاء إليها :
تدارت الدار
تاحنوت الحانوت
الغابت الغابة
الجنت الجنة
وقد أقام البربر دولة بربرية كبرى كانت تشمل ليبيا والمغرب وموريتانيا.
وحفظ لنا التاريخ أسماء ملوك عظام أمثال صفاقس ومصنيًا ويوغورطة ويوبا.
وقد غزا الرومان الدولة البربرية وأسروا ملوكها وساقوهم مكبلين بالحديد في شوارع روما وجندوا ألوف البربر في جيوشهم
بالسخرة.
وتمزقت الدولة البربرية ..ولكن ظلت المقاومة تندلع من برابرة الجبل والثورات تتوالى ضد حكم روما.
ويروي لنا التاريخ أن أحد الباطرة الرومان سبتموس سافاروس كان من أصل بربري وأنه أنصف البربر وسن القوانين بمساواتهم
بالرومان في عهده.
ومازال تمثال سبتموس سافاروس قائمًا في أحد ميادين طرابلس إلى الن.
وقد تعانقت الديانات البربرية القديمة مع الديانات الرومانية ،فكلها كانت ديانات وثنية.
ل.
وحينما جاءت المسيحية كان البربر أسرع من الرومان أعتناقًا لها ،فقد وجدوا فيها خلصًا وأم ً
وفي عهد المبراطور صوكليسيان أحرق وقتل آلفًا من شهداء البربر المسيحيين.
وحينما دخلت روما المسيحية ..أنشأ اثنان من القسس البرابرة مذهبًا مسيحيًا خاصًا إسمه الدونتسية ..واعتنق الكثير من البربر
اليهودية نكاية في الرومان.
ويروي لنا التاريخ سقوط الحكم الروماني على يد قبائل الوندال )قبائل جرمانية غازية مثل التتار(.
27
وبعد موجة غزو الوندال تأتي موجة الغزو البيزنطي.
وفي سنة 648وفي حكم عثمان بن عفان يدخل القائد المسلم عبد ال بن سعد على رأس جيش من عشرين ألفًا ليحارب مائة
وعشرون ألفًا من البربر بقيادة جرجير البربري وينتصر عليه ويقتله ويدخل السلم لول مرة إلى البربر.
28
ول يبقى أثر لهذا الطوفان من الغزو الروماني والوندالي والبيزنطي ..ل نجد أثرًا من وثنية أو مسيحية أو لغة رومانية أو جرمانية
أو بيزنطية برغم سنوات من حكم السيوف . .ويفتح البرابرة أزرعهم للغزاة الجدد لغة ودينًا ليصبح السلم هو الدين الوحيد
والعربية هي لغة الشمال الفريقي كله.
ونسمع الن في جبل نفوسه ،في مولد النبي ،البربر ينشدون المدائح النبوية المؤثرة بلغتهم البربرية:
ومعناها :
29
كلمة ال في الصحراء
الصحراء كانت دائمًا مخبأ عظيمًا للحرية والحركات التحررية وأوكار للثوار والمفكرين ،احتضنوا فيها أفكارهم حضانة طويلة
قبل أن تفرخ زوابع غيرت وجه المة العربية.
في برقة وواحة الجغبوب والكفرة وغدماس كان ابن السنوسي يتنقل لينشر دعوته بين البدو والبربر والطوابق وقبائل التبو وأولد
سليمان والمجابرة. .
وأكثر من هذا كان السنوسية يشترون العبيد والرقاء صغارًا من السودان ويربونهم في جغبوب وغدامس حتى إذا بلغو أشدهم
وأكملوا تحصيل العلوم الدينية أعتقوهم وسرحوهم إلى أطراف السودان لنشر الدعوة بين أبناء جنسهم .
وبواسطة السنوسية صارت نواحي بحيرة تشاد مركزًا إسلميًا هامًا في وسط أفريقيا.
ويقول هاملتون أن السنوسي أسس أكبر أخوة دينية في أفريقيا امتدت فروعها من مراكش إلى الحجاز.
وكانت وسائله هي التقرب إلى ال بالعلم والقرآن والعمل الصالح والكفاح واتباع الزهد وقراءة التسابيح والذكر حتى يصل بالمريد
إلى درجة النورانية والوجد.
ولكنه لم يكن صوفيًا منقطعًا ،وإنما كان مبشرًا له رؤية إجتماعية . .وفي ذهنه نظام مثالي عاش يخطط من أجله . .
وفي أواخر عصره كانت هناك 121زاوية منها سبع عشرة في مصر وواحدة في استنامبول واثنتان في الحجاز وست وستون في
طرابلس وبرقة وعشر في تونس وخمس في المغرب واثنتا عشر في تونس وخمس في المغرب واثنتا عشرة في السودان
الفريقي .
والزاوية ملكية عامة للنظام نفسه هي والراضي الموقوفة عليها . .وفائض غلت الراضي إذا كان هناك فائض يرسل للمركز
ليرسلها بدوره إلى الزوايا التي يديرها.
وكل فرد من أفراد القبائل يتبرع بحراث يوم وحصاد يوم ودراس يوم في أرض الزاوية ،وذلك لتسهيل العمران دون نفقة.
30
وكانت الزاوية بمثابة استراحة للقوافل ومركز تجاري ومركز أجتماعي ومحكمة ومصرف وبيت الضيافة وملجأ للفقراء ومدرسة
للقرآن وحرم أمن ومدافن وساحة للتدريب اليومي على الرماية وأطلق النار.
وكان حفر البار وبناء الصهاريج واستصلح الراضي البور واجب كل زاوية في المكان الذي تقام فيه.
وكان يوم الخميس من كل اسبوع مخصصًا عندهم للشغل باليدي .فيتركون الدروس في ذلك اليوم ويشتغلون بالنجارة والحدادة
وغزل الصوف وفلح الرض ،ل تجد منهم إل من يكد ويكدح وعلى رأسهم الشيخ السنوسي نفسه .
ولكل زاوية رئيس هو شيخ الزاوية ،ومجلس يضم وكيل الزاوية وشيخ القبائل وأعيان المنطقة .
وهو نوع من التنظيم الهرمي في أسفله قاعدة من التباع والمريدين ،يليهم إلى أعلى شيوخ القبائل ثم شيوخ الزوايا ثم الشيخ
السنوسي.
ومن برقة اتسع نفوذ السنوسية ودخلت صحراء جزيرة العرب حيث اعتنقها عدد من القبائل كبني الحارث وبني حرب كما انتشرت
بواسطة الحجاج في اليمن . .وبنيت الزوايا في المدينة والطائف والحمراء وينبع وجدة.
وكان السنوسي يحلم بإعادة بناء العالم السلمي وتوحيده بتكاثر هذه الخليا حتى تبتلع المة العربية في داخل هذا الشكل التنظيمي
الجديد من الشتراكية السلمية.
ولكن الستعمار اليطالي الزاحف من الشمال والستعمار الفرنسي الزاحف من الجنوب لم يمهل هذه الحركة حتى تؤتي ثمرتها . .
وما لبث أن اطبق عليها بكلبة الحديد والنار.
يقول دوفريبه إن السنوسية هي المسئولة عن جميع أعمال المقاومة التي قامت ضد فرنسا في الجزائر وأنها السبب في الثورات
المختلفة التي قامت ضد فرنسا كثورة محمد بن عبد ال في تلمسان وعصيان محمد بن تكول في الظهرا.
وفي سنة 1895كان علم المقاومة للستعمار الفرنسي في الجنوب ،في يد
31
السنوسية وحدهم.
وكان محمد البراني يجمع الجيوش من الطوارق والبدو والبربر لمقاومة الزحف الفرنسي.
وفي خطاب مرسل من أحد تلميذ السنوسي إلى مدير غدامس التركي يكتب التلميذ:
ل وغنمنا من
" وقد وقع القتال بيننا بالبارود والسيوف حتى كسرناهم كسرة عظيمة وقتلنا منهم نحو ثلثمائة وستة وثمانين رج ً
الخيل كثيرًا والبنادق بل عدد والخزنة والبل والخبية والحمد ل على ذلك وبركة شيخنا معنا ".
وكانت من تقاليد الطريقة السنوسية مناولة السبحة والسيف للمريد حينما يتم دراسته ،ويكون ذلك بأن يلبسه الشيخ الجرة أو
الخرقة ،وبعد أيام يناوله السبحة ويلبسه السيف ويأمره بالصلة بهذا الزي.
" إنه من الواجب على كل فرد من السنوسية مادام قادرًا وغير عاجز أن يكون مستعدًا للطوارئ متهيئًا للحرب منتظرًا للمر منفذًا
له بكمال طاعته ".
ومما يروى أن رشيد باشا التركي أرسل جواسيسه إلى أحدى الزوايا ،وسأل الجاسوس أحد الخوان وهو محمد البكري عما إذا
كان بالزاوية أسلحة ،فأجاب البكري نعم لدينا مخازن من السلحة ،ثم قاده إلى أحد مخازن الكتب وفتحها له.
وفي سنة 1902سقطت زاوية بير العلني في أيدي الجيش الفرنسي الذي هدمها وبنى مكانها قلعة حصينة.
وفي سنة 1911تحولت السنوسية إلى الشمال لمقاومة الستعمار اليطالي ،واستطاعت أن تقاوم اليطاليين عشرين سنة.
ولكن الصلب والبارود والصناعة الغربية والعلم الغربي أستطاع أن يهزم بدو الصحراء.
وفي كل صدام بين الشرق والغرب كانت الصناعة الغربية تحسم المعركة.
32
حديث الرجل الصالح
يلبس بردًا من الصوف ويجلس على الرض بغير فراش ويتوسد الحجر . .وما رأيت معه إل بعض كتب مخطوطة ..وما رأيته
ضاحكًا . .وما رأيته رافعًا بصره في طريق.
ول يأكل إل بضع ثمرات فإذا ارتحل فأعشاب الطريق زاده . .وهو مورد الوجه يفيض صحة وإشراقًا.
قال لي :كف يدك عن الذى ،وطهر لسانك عن الغيبة ،وافتح قلبك للحب يجعل لك ال في كل عود أخضر من هذه العيدان غذاء
ل.
كام ً
قال ال للمسيح " :يا عيسى عظ نفسك فإن اتعظت فعظ الناس وإل فأستحي مني ".
ل تشتغل بطلب الدنيا ،فمن يشتغل بطلب الدنيا يبتلى فيها بالذل.
الستئناس بالناس علمة الفلس وفراغ العقل وهذا شأن من تراهم على المقاهي . .فل شئ يؤتنس به إل الحضرة اللهية والخلوة
مع الرحمن.
من دعا لظالم بطول العمر أو البقاء فقد دعا إلى معصية.
نقاء السريرة وصفاء القلوب وسلمة النيات ومحبة الخلق والخالق هي رأس العبادة والسعي وراء الشهرة فسادها.
ـ ومن هم الصالحون ؟
قال :
ـ لباسهم ما ستر وطعامهم ما حضر . .أبرار أخفياء ،أتقياء إذا غابوا لم يفتقدوا وإذا حضروا لم يعرفوا . .تحابوا في روح ال
على غير أموال ول أنساب . .يتعارفون في ال ويحبون في ال ويكرهون في ال .يقول ال عنهم يوم القيامة :أين المتحابون
بجللي . .اليوم أظلهم في ظلي يوم ل ظل إل ظلي.
قال :
ـ خلت الديار ،وباد القوم ،وارتحل أرباب السهر ،وبقى أهل النوم ،واستبدل الزمان بآكلي الشهوات أهل الصوم . .لم يبق إل
أقزام مهازيل حثالة كحثالة أمثالنا ل يبالي ال بهم.
ـ اعترفوا بال وتركوا أمره ،وقرءوا القرآن ولم يعملوا به وقالوا نحب الرسول ولم يتبعوا سنته ،وقالوا نحب الجنة وتركوا
طريقها ،وقالوا نكره النار وتسابقوا إليها ،وقالوا ابليس لنا عدو واطاعوه ،ودفنوا أمواتهم ولم يعتبروا بهم ،واشتغلوا بعيوب
إخوانهم ونسوا عيوبهم ،وجمعوا المال ونسوا الحساب ،وبنوا القصور ونسوا القبور.
لقد كنا في زماننا نحلم بالحج إلى مكة والقدس والموت بهما.
وال لول عباد ركع وصبية رضع وبهائم رتع لصب عليكم العذاب صبًا.
فمغربها فينا ومشرقها منا . وشمس على المعنى مطالع أفقها
وحينما كانت نغمات أنشاده تذوب في الهواء كانت ذاكرتي تعود بي إلي لقائي بالمتصوف الهندي براهما وأجيسوارا الذي رويت
حديثه في كتابي الخروج من التابوت . .ول أدري لماذا احسست أني أمام نفس الرجل.
كان كلهما يقول كلمًا واحدًا ،ويتكلم نفس اللغة وكأنما يجلسان على مائدة واحدة ويقرآن من نفس الكتاب.
34
وتذكرت حديثي مع المتصوف المغربي عبد العزيز بن عبد ال وكيف كان يقول لي إن التصوف الهندي هو الذي أخذ منا ولم نأخذ
منه وإن تجار بابل وفارس وعلماءها كانوا ينقلون دياناتنا الشرقية إلى الهند من أيام إبراهيم الخليل بدليل دخول الكلمات العربية في
الكلمات السنسكريتية :
سوترا . . .الصورة
جو . . .هو
احسين . . .احسان
اسرافا . . .اسراف
ماهايانا . . .معاينة
كارما . . .كرمة
والتصوف السلمي احتوى بين دفتيه على كل الطرائق بما فيها اليوجا الهندية و غيرها.
و تفوق عليها جميعا بعمقه و أصالته.