You are on page 1of 36

‫مغامرة في الصحراء‬

‫الجنة درجة حرارتها ‪48‬‬

‫من نافذة الطائرة كانت تبدو الرمال المترامية بل حدود تلمع في وهج الشمس كقميص من الذهب تعلو فيه التلل كنهود مكورة‪.‬‬
‫خمرية في رسم سيريالي خرافي من تلك الرسوم التي يرسمها سلفادور دالي‪.‬‬
‫و كنت غارقا في أحلمي أتتبع هذه اللوحة السطورية حينما تيقظت على يد رفيقي في الرحلة الخ المصراتي ))الكاتب الليبي‬
‫المعروف((‪.‬‬
‫و سمعته يقول بصوت قلق‪:‬‬
‫هل أحضرت في حقيبتك كل اللوازم ؟‬
‫قلت في أطمئنان‪:‬‬
‫‪-‬ان بها كل ما أحتاج اليه من هدوم‪.‬‬
‫و رأيته ينفجر ضاحكا‬
‫‪-‬هدوم؟؟!‪..‬هذه الحقيبة المنفوخة كلها هدوم‪..‬‬
‫و راح يقهقه ‪..‬‬
‫‪ -‬هل تعرف أن درجة الحرارة في غدامس خمسون درجة في الظل ‪ ..‬هل سمعت النشرة الجوية؟‬
‫قلت و قد بدأت أتصبب عرقا‪:‬‬
‫‪ -‬يا لطيف‪.‬‬
‫و تذكرت درجة حرارة الربعين في القاهرة و أنا أسير مغمى علي و قلت و أنا أرتجف‪:‬‬
‫‪ -‬على أي حال لبد أني سأجد دشا في الوتيل‪.‬‬
‫‪-‬هناك لدشاش بعدد ما تريد و لكن المياه كلحة و تشقق الجلد‪.‬‬
‫‪-‬أعوذ بال و هل سنشرب من هذه المياه الملحة؟‬
‫‪-‬يمكنك أن تشرب مياها غازية و لو أنها مصنوعة من نفس المياه الملحة‪ ..‬و على أي حال هي مياه ملحة مفيدة للصحة فيها حديد‬
‫و نحاس و زئبق‪.‬‬
‫‪ -‬و زيبق كمان ‪ ..‬هذا يعني أننا سوف نموت بالتسمم‪.‬‬
‫‪ -‬سوف تتعود‪.‬‬
‫‪ -‬الظاهر أننا سوف نتعود على أشياء كثيرة‪.‬‬
‫‪ -‬و لكنك طبعا أحضرت معك المصل‪.‬‬
‫‪-‬أي مصل؟‬
‫و هنا قفز صديقي من كرسيه في أنزعاج‪.‬‬
‫‪ -‬المصل المضاد للعقرب و الثعبان‪ ..‬هل نسيته ؟‬
‫و الواقع أني كنت قد نسيت تماما‪.‬‬
‫و قلت و أنا أحاول أن أطمئن نفسي‪:‬‬
‫‪ -‬و هل هناك عقارب و ثعابين؟‬
‫‪ -‬و عناكب و حيات ‪ ..‬نحن نازلون في قلب الصحراء الفريقية‪.‬‬
‫‪ -‬و لكننا سوف نسكن في أوتيل و ننام في غرفة يمكن أن نقفل بابها و شباكها علينا ‪.‬‬
‫‪ -‬ستنام في غرفة صحيح و لكنك لن تستطيع أن تقفل بابها من الحر ال اذا كنت تريد أن تموت مسلوقا‪.‬‬
‫و راح يضرب كفا بكف‪.‬‬
‫‪ -‬كيف تنسى احتياطيا طبيا كهذا ‪ ..‬و انا معتمد عليك باعتبارك طبيبا‪.‬‬
‫و أرتفع أزيز الطائرة ذات المحرك الواحد و راحت ترتفع و تنخفض في المطبات الساخنة كأنها ريشة في مهب الرياح و غرق‬
‫المصراتي في سكوت قلق‪.‬‬
‫قلت و انا أحاول أن ألتمس كلمة مطمئنة‪:‬‬
‫‪-‬و لكن هناك مستشفى على أي حال أو مركز أسعاف في حالة ما اذا ‪..‬‬
‫‪-‬هناك مركز أسعاف و لكن الحقن الموجودة‪ ..‬تنفذ بسرعة لن حوادث العقارب كثيرة جدًا ‪ ..‬و تمر أيام قبل أن تصل شحنة جديدة‬
‫‪1‬‬
‫من طرابلس بالطائرة‪ ..‬و أنت تعلم أن لدغة العقرب تقتل في ظرف ساعات‪.‬‬
‫‪-‬أعوذ بال‪.‬‬
‫قال في نبرة أستسلم‪:‬‬
‫‪-‬نهايته‪ ..‬العمار كتاب ‪ ..‬ة الحذر ل ينجي من القدر‪..‬‬
‫و اذا كان مكتوبا لنا الموت في غدامس سنموت حتى و لو كان مركز السعاف كله في جيبنا‪.‬‬
‫و شعرت بأطرافي تتثلج لهذه النبرة الجنائزية‪ ..‬لم يبق ال أن نحضر معنا الكفان و نقرأ الشهادتين و يكتب كل منا وصيته‪.‬‬
‫و راحت الطائرة تهتز مرة أخرى و تسقط كأنها تهوى الى قاع بئر ثم ترتفع و تنتزع أحشائي في كل مرة‪ ..‬و مال الخ المصراتي‬
‫على النافذة مشيرا باصبعه‪:‬‬
‫‪-‬أتري هذه النقطة الخضراء ‪ ..‬هذه غدامس ‪ ..‬لؤلؤة الصحراء كما يسمونها ‪ ..‬في هذه النقطة تاريخ أربعة آالف سنة من‬
‫الحضارة‪.‬‬
‫و أخذت الطائرة تدور مستعدة للهبوط‪.‬‬
‫و ظهرت شواشي النخيل خضراء تلمع في الشمس الغاربة‪.‬‬
‫و سكت المحرك الواحد و بدأت الطائرة تهبط حتى أستوت على الرض في نعومة‪,,‬‬
‫و هبطنا لتستقبلنا على الباب لفحة ساخنة‪.‬‬
‫و كان الترمومتر في المطار يشير الى درجة ‪ .. 45‬و لكن الحرارة كانت محتملة بسبب الجفاف الشديد ‪.‬‬
‫و كان كل شئ جافا نظيفا ساخنا‪ ..‬الرض و الجدران و المقاعد و البواب‪.‬ز و لكن الهواء كان صافيا نقيا معقما كأنه خارج من‬
‫أتوكلف و كان يدخل الصدر فيغسله‪.‬‬
‫و شعرت بالنتعاش بالرغم من شدة الحر‪.‬‬
‫و لكن كنت مازلت أفكر في العقارب‪.‬‬
‫و حينما ألتقينا بمتصرف المنطقة الشيخ ونيس الدهماني‪..‬‬
‫))المتصرف في مقام المحافظ عندنا(( كنت مازلت مشغول بحكاية العقارب‪ ..‬و كنت أفكر في الطريقة التي أسأله بها‪.‬‬
‫و أمسك بيدي يشد عليها في حرارة‪.‬‬
‫‪-‬كيف الحال ‪ ..‬ان شاء ال تكون مرتاح ‪ ..‬كيف الحال عندكو في مصر؟‬
‫و نظرت الى الرجل المديد القامة ‪ ..‬كان وجهه الصريح و ملمحه الحادة القوية و السمرة النبيلة التي تكسو وجهه تحكي قصة‬
‫كفاح طويلة مع الصحراء و مراس متصل مع المشقات‪.‬‬
‫و كانت عيناه تتدفقان طيبة و بساطة‪.‬‬
‫و قلت له ان الحوال بخير في مصر و دعوته لزيارتنا و لقضاء الشتاء على ضفاف النيل‪.‬‬
‫و لكني كنت مشغول بحكاية العقارب‪..‬‬
‫و رأيتني أسأله فجأة عن العقارب؟‬
‫و ضحك الرجل ضحكة مجلجلة ‪.‬‬
‫‪ -‬العجارب‪ ..‬العجارب ما بتعمل شئ‪ ..‬الولد هنا بيجمعوا العجارب في طاسة و يلعبوا بها‪ ..‬بينبشوا عليها في الصحرا‪ ..‬فيه حد‬
‫يخاف من العجارب‪ ..‬انت خايف يا دكتور‪.‬‬
‫و قلت له و أنا أكذب بشدة ‪.‬‬
‫‪ -‬ل ل ‪ ..‬أبدا ‪..‬‬
‫و عدت أسأل على أستيحاء بعد لحظة صمت ‪.‬‬
‫‪ -‬لكن يعني ‪ ..‬فيه أظن مركز أسعاف في البلد ‪.‬ز و فيه مصل عقرب‪.‬‬
‫‪ -‬ما في حد بياخد المصل ‪ ..‬و حانآخذ المصل ليه‪..‬‬
‫العجارب ما بتعمل شئ‪.‬‬
‫و اعتبرت أن المسألة منتهية و أن العجارب ما بتعمل شئ‪.‬‬
‫و قلت للخ متحديا‪:‬‬
‫‪-‬شايف يا علي – العجارب ما بتعمل شئ‪.‬‬
‫و ضحك علي ساخرا‪.‬‬
‫‪ -‬طيب ما بتعمل شئ‪ ..‬ما بتعمل شئ‪ ..‬مبروك علينا عجارب غدامس‪.‬‬
‫و تطرق الحديث بعد ذلك الى عديد من الموضوعات ثم خطر لي أن أسأل المتصرف في ناحية من نواحي اختصتصه فسألته عن‬
‫أحصائية بالحوادث في غدامس في السنوات الخيرة‪.‬‬
‫قال الرجل في أستفهام‪:‬‬
‫‪ -‬احصائية بالحوادث‪ ..‬كيف ؟‬
‫‪-‬يعني عدد الجرائم مثل‪ ..‬عدد الجنايات ؟‬
‫‪ -‬جرائم كيف ؟‬
‫‪-‬جرائم السرقة ‪ ..‬و جرائم القتل ‪..‬‬
‫و ابتسم الرجل في طيبة‪.‬‬
‫‪ -‬احنا ما عندنا جرائم‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫و فتح دفترا كبيرا راح يقلب صفحاته أمامي ‪ ..‬صفحات عديدة بيضاء ‪ ..‬أستفستارات من الوزارة‪ ..‬و ردود عليها‪.‬‬
‫مشروع مساكن شعبية ‪ ..‬مذكرة بانشاء ناد للشباب‪ ..‬محضر صلح بين عائلتين‪ ..‬مذكرة من الهالي بطلب بناء خزان ماء للمسجد‪..‬‬
‫و لكن ل جريمة واحدة ‪ ..‬ل جريمة سرقة ‪ ..‬و ل جريمة قتل ‪ ..‬المن مستتب بطول السنوات العشرة الماضية‪.‬‬
‫‪ -‬و أبديت دهشتي و قلت ان هذا شئ غير معقول ‪ .‬ثم عدت أقول أن البوليس لبد أنه كفء جدا‪.‬‬
‫و قال المتصرف‪:‬‬
‫‪ -‬هذا بفضل السيد البدري‪.‬‬
‫قلت له ان السيد البدري هذا الرجل عظيم الشأن جدا و أبديت رغبتي في زيارته و في الطريق الى السيد البدري كنت أقول لنفسي‬
‫طول الوقت‪ ..‬أخيرا وجدت الرجل الذي صنع المستحيل‪ ..‬انه و ل شك أعظم مأمور بوليس في الدنيا و فجأة توقف المتصرف و‬
‫أشار بأصبعه الى نافذة‪.‬‬
‫‪ -‬هذا هو السيد البدري‬
‫‪ -‬و لكن هذا ضريح‬
‫‪ -‬نعم انه ضريح السيد البدري‬
‫و راح يقرأ الفاتحة‬
‫و راح الكل يقرءون الفاتحة‪.‬‬
‫و قال المتصرف‪:‬‬
‫‪ -‬انه صحابي دخل غدامس مع جنود عقبة بن نافع في عام ‪ 42‬هجرية و حارب الكفار و كافح حتى نشر السلم في آخر زقاق‬
‫من أزقة الواحة ثم أستشهد منذ أكثر من ألف عام ‪.‬‬
‫‪ -‬و لكني ل أفهم كيف يحافظ رجل ميت على المن‪.‬‬
‫‪-‬ان الهالي يؤمنون به ايمانا راسخا و يعتقدون أنه يستطيع أن يكشف أي سر‪.‬‬
‫‪-‬ازاي‪.‬‬
‫‪-‬حينما تحدث سرقة يجتمع المشايخ في الضريح و يقرءون سورة يس أربعين مرة فيظهر السارق على الباب و هو يتوسل ‪..‬‬
‫استروني من الفضيحة يرحمكم ال ‪ ..‬و يرد كل ما سرق كامل‪ ..‬و تنتهي القصة دون تدخل البوليس‪..‬‬
‫‪-‬غير معقول ‪ ..‬و هل حدث هذا فعل؟‬
‫‪-‬حدث كثيرا‪.‬‬
‫و هنا تقدم عسكري بالجمرك ليروي آخر قصة حدثت منذ ستة أشهر حينما سقطت محفظة أحد السياح و بها أربعمائة جنيه و‬
‫ألتقطها أحد الهالي و أخفاها ‪ ..‬و روى كيف أجتمع المشايخ في الضريح و قضوا الليل في قراءة سورة يس‪ ..‬و حينما بلغوا العدد‬
‫‪ 32‬ظهر السارق على الباب و هو يتوسل ‪ ..‬استروني ‪ ..‬ل تفضحوني يرحمكم ال و ألقى لهم بالمحفظة و جميع أوراقها كاملة ‪..‬‬
‫و طلب الصفح و المغفرة و المان‪.‬‬
‫و كنت أجد صعوبة في تصديق هذا الكلم ‪.‬‬
‫و لكن ها هي دفاتر البوليس خالية منذ سنوات لم تسجل بها جريمة واحدة‪.‬‬
‫هناك شئ واحد أكيد على أي حال‪ ..‬أن غدامس لم تبلغ عن جريمة سرقة و ل قتل منذ عشر سنوات‪ ..‬و أن المن و السلم ينشر‬
‫ألويته على هذه الربوع ‪ ..‬و هو لغز في ذاته يحتاج الى تفسير‪.‬‬
‫و سواء كان التفسير هو كرامة السيد البدري أم غيرها‪ ،‬فان السيد البدري في الحالتين شخصية خطيرة و جديرة بكل احترام‪.‬‬
‫و بسطت كفي و قرأت الفاتحة للرجل الذي أستطاع أن يحقق و هو ميت ما عجز عن تحقيقه جميع الحياء‪.‬‬
‫و كنا قد وصلنا الى ))عين الفرس(( و هي العين التي تسقى منها كل الواحة ‪ :‬زرعها و أرضها و نخيلها و حيوانها و ناسها‪.‬‬
‫و هي عين قديمة تاريخ تفجرها غير معروف و يقال انه أربعة آالف سنة‪ ،‬و ان الواحة بدأت بالعين‪ ..‬و الحياة بدأت من اللحظة‬
‫التي أنفجرت فيها‪ ..‬و التاريخ بدأ من عندها‪.‬‬
‫و في حكاية أخرى أنها تفجرت تحت أقدام فرسة عقبة بن نافع ‪ ..‬كانت الفرسة تنبش بحافرها و هي عطشى فتنفجر الماء تحت‬
‫أقدامها و من هنا سميت )) عين الفرس (( و هي حكاية مشكوك فها لن العين بدأت في الغالب مع مولد الواحة ذاتها و لم تجئ‬
‫متأخرة مع دخول السلم ‪.‬‬
‫و هناك حكاية ثالثة تروى أن قافلة من البدو الرحل تذكروا بعد أن أوغلوا في الصحراء أنهم نسوا قصعة طعامهم في المكان الذي‬
‫تغدوا فيه أمس و عادوا أدراجهم يبحثون عنها في المكان الذي أكلوا فيه ‪ ،‬و بينما هم يبحثون تفجرت العين فسموها عين غدامس‬
‫أي حيث الغداء بالمس‪ ..‬غدامس‪ ..‬فأصبحت غدامس و هي فبركة طريفة لختلق أصل عربي لسم غير عربي‪.‬‬
‫لكن الحقيقة غير معروفة ‪.‬‬
‫متى ‪ ..‬و كيف ‪ ..‬و في أي عصر ‪ ..‬أنفجر هذا الينبوع فأحال الصحراء الى جنة ‪ ..‬ل أحد يعلم ‪.‬‬
‫لكن كالعادة الخير أتى و معه الشر‪.‬‬
‫فما لبثت الواحة الخصبة أن أصبحت مطمعا للقوياء و تعاقب عليه الغزاة‪..‬‬
‫الرومان و الوندال و البيزنطيون ‪ ..‬و مازلت بها الى الن آثار رومانية ‪ ..‬و طرز العمارة البيزنطية واضحة في طابع مبانيها‪.‬‬
‫و لقد ظلت غدامس مسيحية بسبب الوندال و البيزنطيين الى سنة ‪ 666‬ميلدية الموافقة ‪ 42‬هجرية حينما دخلها العرب بقيادة عقبة‬
‫بن نافع ليحولها الى السلم‪ ..‬و بعد العرب جاء التراك في القرن السادس عشر ثم إيطاليا في سنة ‪ .. 1924‬و انتهت قصة‬
‫استعمار الواحة في يناير ‪ 1943‬حينما أغارت قاذفات القنابل الفرنسية على مطارات ايطاليا و ثكناتها في الواحة في الحرب‬
‫العالمية الثانية و نزل الستار على التاريخ الطويل الدامي‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫و لكن أغلب الظن أنه كان هناك تاريخ ما قبل التاريخ في الواحة ‪ ..‬فهناك آثار عصر حجري و سكاكين و خناجر من الصوان ‪..‬‬
‫و قد عثر على تمثال عجل ذي رأس بشري بالقرب من بئر عوان بجنوب غدامس ذي ملمح من النحت البدائي الذي كان موجودا‬
‫في مصر قبل التاريخ‪.‬‬
‫انها قصة قد تطول اذن الى عشرة آلف سنة و ربما أكثر ل أحد يدري‪.‬‬
‫و كل هذا التناطح دار حول بئر أنفجرت في الصجراء‪.‬‬
‫و كان هناك نظام قديم للسقاية من البئر يدل على مدى قيمة الماء في ذلك الوقت فقد شق الهالي عدة أنهار تجري فيها مياه العين و‬
‫على كل نهر بوابة يمكن أن تفتح و تقفل و استعملوا ما يشبه الساعة المائية ‪ ..‬سطل مثقوب تسيل منه المياه ببطء حتى يفرغ على‬
‫مدى ساعة زمن ‪ ..‬و عند بدء الساعة يفتح أحد النهار لتسقى منه احدى القبائل و في نهاية الساعة تقفل البوابة فتنتهي السقاية‪ ..‬و‬
‫يجئ الدور على القبيلة الثانية التى تستقى من النهر الثاني و هكذا يمر الدور على جميع القبائل ‪ ..‬أول نظام لعداد مائي في العالم‬
‫و ما زالت هناك أنهار جارية تخرج من البحيرة الكبيرة التي تصب فيها العين ‪ ..‬و مازالت تحمل السماء البربرية القديمة‪ ..‬تاسكو‬
‫‪ ..‬و تارت ‪ ..‬تنجستين‪.‬‬
‫و قد بنى الهالي مدينتهم فوق هذه النهار فأصبحت أول مدينة تجري من تحتها النهار ‪ ..‬انها الجنة‪.‬‬
‫أهلها ل يعرفون السرقة ول القتل‪..‬‬
‫و البوليس يجلس فيها بل وظيفة أمام دفاتر خالية‪..‬‬
‫و تحكمها روح سيدس البدري‪.‬‬
‫و تجري من تحتها النهار‪..‬‬
‫و لكنها جنة درجة حرارتها ‪. 48‬‬

‫‪4‬‬
‫الظلم حالك في عز النهار‬

‫كان خادم فندق غدامس يدور في غرفتي في سعادة و يشير باصبعه مبتسما الى السرير الذي أنام عليه‬
‫‪ -‬هذا السرير نام عليه لمارشال بالبو منذ أكثر من ثلثين سنة‪ ..‬و منذ سنوات قليلة كانت تحتل هذه الغرفة صوفيا لورين و نامت‬
‫على نفس السرير أربعين ليلة و كانت تصور هنا فيلم ))الخيمة السوداء(( و في هذا البانيو كانت تستحم كل مساء‪.‬‬
‫انها غرفة محظوظة ‪ ..‬و في أيام الستعمار اليطالي كان المارشال بالبو يجلب العشيقات الفاتنات من روما بالطائرة و كان يمل‬
‫هذه الغرفة بالضحكات ‪ ..‬و كانت قرعات الكئوس ترن في شكون الواحة ‪ ..‬هذا السرير له ذكريات و رحت أتمرغ في سرير‬
‫المارشال بالبو و صوفيا لورين أنتهت الضحكات‪.‬‬
‫أحترقت طائرة المارشال بالبو و هو الن رماد تذروه الرياح من سنين ‪.‬‬
‫ماتت القبلت‪.‬‬
‫و العشيقات الفاتنات أصبحن الن عجائز بل أسنان‪.‬‬
‫و ها هو السرير الشهير في فندق غدامس يشهد ليلة جديدة مختلفة‪.‬‬
‫فعندما يأتي الظلم سوف آوى الى السرير و أنا أحتضن كتابا ‪.‬‬
‫انه عشق من نوع جديد؟‬
‫و لعله العشق الوحيد الذي تدوم فيه القبلت و يستمر العناق و شعرت بأنني يجب أن أعتذر للبانيو فلن يكون له دور كبير في‬
‫غراميات الليلة‪.‬‬
‫و كان البانيو فاخرا مبطنا بالقيشاني السود و الدش ينزل فيه ساخنا ملتهبا بل سخان ‪ .‬و كل حنفية هنا تنزل منها المياه ساخنة‪،‬‬
‫فرمال الواحة الملتهبة تعمل كموقد طبيعي طول الليل و النهار فترفع حرارة جميع الشياء‪.‬‬
‫و رحت أنقب تحت السرير ووراء البواب و في الركان عن العقارب و الثعابين و السحالي و العناكب و الفاعي‪.‬‬
‫و سمعت قرعا على النافذة و أطل رأس الخ المصراتي‪.‬‬
‫‪-‬أنت مستعد ‪.‬‬
‫‪ -‬ليه‪.‬‬
‫‪ -‬حانطلع جبل قصر الغول‪.‬‬
‫و أعجبني السم ‪.‬‬
‫كانت له رنة في الذن توقظ الرغبة في المغامرة‪.‬‬
‫و قلت له اني آت فورا‪.‬‬
‫جبل قصر الغول ‪.‬‬
‫و في دقائق كنا نركب عربة لندروفر تترنح بنا خارجة من الواحة الى عرض الصحراء‪.‬‬
‫و كان أول لقاء لي مع الصحراء ذلك البساط من الرمل بل حدود و بل طرقات و بل عود أخضر و بل قطرة ماء ‪ ..‬و ذلك الهواء‬
‫الجاف الساخن كأنه منديل كبير من الشاش يمسح العرق و يجفف اللعاب‪ ..‬و تلك الرض الهشة التي أنفرطت الى ركام من الدقيق‬
‫الصفر و تلل و آكام و جبال و أودية تصفر فيها الرياح فتصبح السماء بلون الرض و ل ترى يديك على بعد متر من عينيك و‬
‫كأنك غرقت في مستحلب أصفر و تحولت الى ذرة تراب في عالم من التراب يدخل من فمك و أنفك و أذنيك و عينيك و جلدك و‬
‫يلذعك بمليين النبال الساخنة‪.‬‬
‫و كانت اللندروفر تتلوى صاعدة هابطة ساقطة ‪.‬‬
‫و أمعائي تتخضخض ‪ ..‬و رأسي يخبط في السقف ‪ ..‬و بعضى يخبط في بعض ‪ ..‬و السائق ماهر جدا ‪ ..‬و متخصص في الطريق‬
‫و معه دليل ‪ ..‬و نحن جميعا نشكر ال ‪ ..‬فلول ذلك لتاهت السيارة لي خطأ طفيف في التجاه و دخلت في واحدة من تلك المتاهات‬
‫التي يسمونها الرمال الناعمة حيث تغوص كما يغوص الحجر في الماء‪.‬‬
‫و مرت ساعات دون أن نقطع مسافة تذكر ‪.‬‬
‫و ظهرت الحدود الجزائرية على البعد‪.‬‬
‫و درنا حول الحدود ثم بدأت السيارة تسرع على سهل منبسط لتلقي بنا في النهاية عند أقدام جبل صغير أشهب ملئ بالنتوءات‬
‫الصخرية ‪ ..‬قال السائق و هو يتوقف أمامه‪.‬‬
‫‪ -‬هذا هو جبل قصر الغول‪ ..‬هنا حدثت المعركة بين جنود عقبة بن نافع و بين الكفار‪.‬‬
‫و نزلنا نتسابق جريا الى القمة و أشهد أن الخ المصراتي كان أسرعنا وصول و كان أول من صاح و هو يطل علينا من فوق‪:‬‬
‫‪-‬لقد وجدت البئر‪.‬‬
‫أما أنا فقد توقفت عند منتصف الجبل أمام كهف مظلم‪..‬‬
‫و جلست على صخرة كبيرة ألتقط أنفاسي و قال لي الضابط المرافق ان هذا الكهف نقبه جنود عقبة بن نافع في الجبل و ظلوا‬
‫ينقبون في الجبل حتى بلغوا نقطة التقاطع مع البئر و رابطوا هناك يقطعون كل حبل يدلي به الكفار ليستقوا من الماء حتى أشرفوا‬
‫على الموت عطشا فلم يجدوا بدا من النزول و اللتحام مع جيش عقبة و انتهت المذبحة بانتصار العرب ‪ ..‬و أنت تستطيع أن ترى‬
‫من هنا قبور الشهداء من الصحابة ‪ ..‬و أشار على عدد من القبور منصوبة بطريقة اسلمية بسيطة‪.‬‬
‫و حينما بدأنا نسير نحو القبور ‪ ..‬كنت أفكر في الطريق الطويل الذي قطعه هؤلء المحاربين من مكة الى قلب الصحراء الليبية ال‬
‫‪5‬‬
‫حفنة من التمر‪.‬‬
‫و أي قوة رهيبة ‪..‬‬
‫و أي طاقة أطلقتها كلمات القرآن في هؤلء البدو الجاهليين فجعلت منهم فدائيين و رسل فكر و علم و حضارة و يسعون لمصارعة‬
‫الموت و هم يبتسمون‪.‬‬
‫و حينما بدأت أقرأ الفاتحة لحظت أني فقدت صوتي من العطش و أن حلقي قد جف تماما و تحول الى أنبوبة من الحطب ل تخرج‬
‫سوى الفحيح‪.‬‬
‫إن ترف المدينة و اللندروفر و خبراء الطريق لم تستطيع أن تعطيني قوة‪.‬‬
‫إن الكهرباء و الذرة و القطار و التليفزيون و الفريجدير و الحياة المنعمة سوف تزيدنا رخاوة‪.‬‬
‫إننا نخسر و ل نكسب‪.‬‬
‫إن إنسان العصر ينحرف تدريجيا و يخسر ذلك الشئ الذي كان عند هؤلء المحاربين العظام الذين انطلقوا كالمردة و هبطوا‬
‫كالعاصير و غيروا وجه الدنيا‪.‬‬
‫نور القلب قبل نور الكهرباء و هو ما يجب أن نبحث عنه‪.‬‬
‫نبع روح أول ‪ ..‬ثم نبع بترول‪.‬‬
‫لقد خرج النور من أفقر أمة على وجه الرض ل تملك سوى البعير و الخيام و اقتحم على الفرس و الروم ديارهم و كل ذخيرته‬
‫كلمة حق‪.‬‬
‫و اليوم عندنا الحديد و الصلب و الكهرباء و البخار و الذرة و نغوص كل يوم في الحقد و الكراهية الى الركبتين و نزداد رخاوة و‬
‫ضعفا ‪.‬‬
‫العلم المادي أضاء لنا البيت و لكنه لم يضئ لنا قلوبنا‪.‬‬
‫العلم قدم لنا جاهلية جديدة أسلحتها الغواصات و الصواريخ و القنابل الذرية لنه كان علما خل من الدين‪.‬‬
‫و ركعت ألثم الرمال حيث تنام قلوب امتلت عزما و محبة و حينما كنا نعود الى غدامس كانت أكثر من عشرين مئذنة تؤذن باسم‬
‫ال‪.‬‬

‫******************************************************‬

‫و واحة غدامس تقع في قلب الصحراء الليبية على خط عرض ‪ 30‬شمال و ارتفاع ‪ 1200‬قدم فوق سطح البحر قرب حدود تونس‬
‫و الجزائر‪ ..‬و تعدادها السكاني وصل في عام ‪ 1845‬الى ثلثة آلف بينهم خمسمائة عبد‪ ...‬و في سنة ‪ 1940‬وصل الى تسعة‬
‫آلف و خمسمائة معظمهم من البربر و الطوارق‪ ..‬و هو تعداد كبير نسبيا ففي بلد آخر قريب مثل ))فلفلت(( يبلغ عدد السكان‬
‫أربعين نفرا منهم سبعة رجال فقط و الباقي نساء و أطفال ‪ ..‬و هذا كل شعب فلفلت‪..‬‬

‫و الواحة محاطة بسور منخفض يبلغ محيطه ‪ 3‬أميال ‪ ..‬و فيه عدة أبواب كان يقف عليها الحرس شاكي السلح‪.‬‬
‫و اشتهرت غدامس بطول التاريخ بأنها أكبر محطة قوافل ‪ ..‬و كان يمر منها في العام أكثر من ثلثين ألفا من البل ‪.‬‬
‫و من أهم خطوط القوافل التي تخرج من غدامس ذلك الخط الذي يبدأ من غدامس ثم يتجه الى غات ثم تمبو كتو‪.‬‬
‫و تجارة العاج و ريش النعام و تراب الذهب و الشاي و العطور التونسية و الثياب المطرزة و مناديل الحرير كانت تخرج و تدخل‬
‫ليبيا عبر غدامس‪.‬‬
‫و قد عرف الكثير من التجار السبيل الى الثراء عن طريق تلك القوافل‪.‬‬

‫كتب أحدهم يقول ))قطعت ذلك الطريق سبع مرات كنت في أولها خادما و في آخر مرة كان عندي سبعة من الخدم((‪.‬‬
‫و كان هذا أمرا طبيعيا بالنسبة لعالم قديم ل يعرف الطائرة و ل القطار و ل السيارة و لم تكن له شرايين يعيش بها سوى قوافل‬
‫الصحاري‪.‬‬
‫و لكن مثل تلك الرحلت لم تكن نزهة سهلة فقد كان الموت والهلك يترصد المسافر في كل خطوة من الوحوش و قطاع الطرق و‬
‫هلك البل و الموت عطشا و ضلل الطريق و طول السفر الذي كان يمتد الى شهور في الحر اللفح و سوافى الرياح‪ ..‬و لهذا‬
‫كان طبيعيا أن يرتفع ثمن البضاعة الى عشرة أضعافها و أن يصبح الربح سخيا مجزيا‪ ..‬مثل كانت العباءة الحريرية يبلغ ثمنها‬
‫عشرة خراف و كان رأس البل الواحد يباع بمائة و عشرين خروفا‪.‬‬
‫و مازال تجار غدامس الى الن يحتفظون بألقاب عائلتهم القديمة ‪ ..‬أولد شهاب و أولد بكر ‪ ..‬و أولد التنى ‪.‬‬
‫و الجد الكبر لعائلة التنى الذي بلغ من الثراء و تكدس الذهب الى درجة الخرافة كان يقال ان الجن هو الذي يجلب له الذهب و أنه‬
‫بدأ رأسماله بكنز من العملت الذهبية دله عليه الجن‪.‬‬
‫و الرض خصبة في غدامس تنبت كل شئ حتى القطن و الزيتون و الرمان و الشمام و البطيخ و الطماطم و الخضر و لكنها‬
‫مهملة ل ينبت فيها سوى النخيل‪.‬‬
‫و أعجب ما في غدامس مبانيها ‪ ...‬البيوت المتلصقة ذوات النتوءات المثلثة )لطرد الشياطين و الرواح الشريرة( و البواب‬
‫المنقوشة و المزينة بالطلسم و التعاويذ و خاتم سليمان المطبوع عى رقاع من الجلد و معلق في المداخل‪.‬‬
‫و جميع البيوت لصق بعضها و لها سطح واحد و النساء يعشن على السطح و ل يري على الرض في الشوارع ال الرجال‪.‬‬
‫‪6‬‬
‫و الشوارع جميعها مسقوفة و ضيقة و مظلمة حالكة الظلم في عز النهار مثل ممرات منجم تفوح منها روائح العرق و التراب و‬
‫ل تستطيع أن تمشي فيها بدون بطارية‪..‬‬
‫و في المدينة سوق للنخاسة كان يباع فيها الرقيق في اليام الخالية ‪.‬‬
‫و فيها أكثر من عشرين مسجدا‪ ...‬و في كل مسجد مقصورة خاصة بالنساء‪.‬‬

‫و جميع الغدامسية مسلمون متمسكون بديانتهم و عندما ينادي المؤذن للصله تخلو جميع الشوارع و تخلو جميع المتاجر من‬
‫الناس‪...‬الكل يذهب الى المسجد‪.‬‬
‫و هم يعالجون المجنون بتلوة القرآن على رأسه‪.‬‬
‫و ل احد يسرق و ل احد يقتل‪..‬و الغدامسي إنسان وديع جدا و مسالم جدا‪.‬‬
‫و من تقاليد الزواج عندهم أن يبقى العريس و العروس في )الحجبة( و هي دروة أو خيمة صغيرة – متر في متر – داخل البيت ل‬
‫يبرحانها لمدة سبعة أيام‪.‬‬
‫و الكلة )الغدامسية( الشعبية هي الملوخية و البازين‪.‬‬
‫و الملوخية تطهى بطريقة خاصة فهي تجفف ثم تطحن حتى تصبح دقيقا غاية في النعومة ثم تمزج بالزيت و تضاف الى الماء و‬
‫تغلى مدة طويلة ثم يضاف اليها اللحم و البهارات و قليل من السمن‪..‬و طبق الملوخية يقدم عادة مغطى بالزيت‪.‬‬
‫أما البازين )و هو ايضا أكلة طرابلسية شائعة( أشبه بالعصيدة المصنوعة من دقيق الشعير و الماء المغلي و بعد النضج يضاف اليها‬
‫الملح ثم تكور على شكل كرة و تجوف و يوضع في قلبها الخضار و اللحم‪.‬‬
‫و في غدامس قلعة بنيت في عهد الحتلل اليطالي و قلعة أخرى قديمة في عهد الحتلل التركي‪.‬‬
‫و ما زال )الغدامسة( يذكرون اليوم المشئوم الذي جاءت فيه كوكبة من جنود يوسف القرماللي )الحاكم التركي( إلى الواحة و أخذت‬
‫بالغصب و التهديد أكثر من ألف وزنة من الذهب‪ ,‬و كانت تجمع النساء و الطفال رهائن و تجلد كل من يرفض الدفع‪.‬‬
‫و هم يذكرون ايضا أيام الستعمار اليطالي السود سنة ‪ 1940‬حينما كان اليطاليون يجمعون الشبان و يجندوهم بالسخرة لحرب‬
‫الفرنسيين في الجزائر‪..‬و كانوا يعتقلون كل من يرفض و يودعونه السجن‪..‬و يفرضون الضرائب على كل تاجر و على كل رأس من‬
‫البل‪.‬‬
‫و هم يذكرون ذلك اليوم من شهر يناير ‪ 1943‬حينما هاجمت قاذفات القنابل الفرنسية غدامس لضرب الثكنات اليطالية فيها و‬
‫أشعلت الحرائق و قتلت المئات من )الغدامسيين( تحت الردم‪.‬‬
‫و لكنهم يواجهون هذه الكوارث بروح قدرية تؤمن بأن الموت كتاب و تسلم كل شيء ل‪.‬‬
‫و القبائل التي تسكن غدامس بعضها بربر و بعضها طوارق و بعضها عرب‪.‬‬
‫و الطوارق يسكنون خارج غدامس في قرية ))الظاهرة((‪.‬‬
‫أما البربر فيسكنون المدينة و هم مزيج من عرق بربري و آخر عربيو ينحدرون من قبيلتين قبيلة وليد‪..‬و قبيلة زيد‪.‬‬
‫و من قبيلة وليد خرجت ثلثة قبائل ضرار‪....‬و ناسكو‪...‬و مازيغ‪.‬‬
‫و من زيد خرجت أربع قبائل ‪ :‬جرسان و فرفرة و تنجسين و ولد باليل‪.‬‬
‫و القبائل السبع أطلقت أسماؤها على شوارع المدينة‪...‬شارع ضرار و شارع تاسكو‪...‬و شارع مازيغ‪...‬و شارع جرسان‪...‬و شارع‬
‫فرفرة‪...‬و شارع تنجسين‪...‬و شارع باليل‪.‬‬
‫و شارع باليل هو آخر شارع دار فيه القتال بين المسلمين و سكان الواحة و هو القتال الذي استشهد فيه السيد البدري‪.‬‬
‫و المدينة ذات البيوت المتلصقة و السطح الواحد و الشوارع المسقوفة لها ايضا عدة ابواب‪...‬على كل باب تقرأ عبارة عربية‬
‫منحوتة و تقرأ تاريخ بناء ذلك الباب‪...‬و كل باب له اسم‪.‬‬
‫على باب ))أم سبيلن(( تقرأ ‪:‬‬
‫يا من دخل و خرج بعد الضيق تجد الفرج‪..‬‬
‫و تدخل من باب ))أم سبيلن(( إلى شارع مظلم متفرع بك إلى تلك القنوات الغريبة كأنها ممرات و تتفتح بك الطرقات هنا و هناك‬
‫على ميدان أو ساحة يجتمع فيها أهل البلد في الحفلت و المهرجانات أو ملعب يلعب فيه الطفال‪.‬‬
‫و حفلت العراس عندهم يعزف فيها زمار و عدد من النساء يضربن الطبل و هن محجبات تماما و يرقص الرجال و ل ترقص‬
‫النساء البربريات‪.‬‬
‫و اللغة )الغدامسية( هي مزيج من اللغة العربية و اللغة البربرية و العامية الليبية و اللغة الطارجية )لغة الطوارق(‪.‬‬
‫و تعدد الزوجات موجود بين )الغدامسة( و لكنه قليل‪.‬‬
‫و شرط البكارة في الزواج ضروري‪.‬‬
‫و في أحد شوارع البلدة المسقوفة تجد عددا من الحمامات مبنية فوق أحد انهار عين الفرس )و جميع النهار التي تخرج من عين‬
‫الفرس تجري تحت مباني البلدة‪...‬فالبلدة مقامة فوق النهار( و في كل حمام شماعة تضع عليها ثيابك قبل أن تنزل الى البانيو و‬
‫البانيو هو النهر نفسه الذي تجري فيه مياه العين دافئة صيفا و شتاء‪.‬‬
‫و مازالت الصنام التي كان يعبدها أهل غدامس قائمة خارج البلدة قرب قرية الضاهرة‪.‬‬

‫الرجل ملثم و المرأة سافرة‬


‫‪7‬‬
‫ل شيء يثير في غدامس مثل هؤلء الفرسان العرب الملثمين‪ .‬يركبون المهاري )نوع من البل السريعه ( ويسيرون في قوافل‬
‫مهيبه ل يظهر من الواحد إل عيناه تبرقان في ضوء الشمس ‪ ،‬اما الوجه والرأس فيخفيهما لثام ابيض وأحيانا ملون‪ ،‬والجسم يلتف‬
‫في عباءه فضفاضه بيضاء او ملونه ‪ ..‬واذا صادفت احدهما يمشي في الصحراء خيل اليك انه امير أو ملك يمشي في قصر ‪،‬فهو‬
‫دائما يمشي رافع الرأس في اعتداد وخطو ثابت واثق كأنه قيصريتفقد مملكته ‪ ،.‬وهو دائما انيق رشيق معطر ‪.‬‬
‫هؤلء الفرسان هم الطوارق ‪.‬‬
‫والطوارق هم قبائل متعدده تملء الصحاري الشاسعه في الجزائر وليبيا والسودان والنيجر ‪.‬‬
‫وطوارق غدامس اكثر تحضرا من إخوانهم الذين يعيشون علي البداوه و الارتحال والتنقل وراء المراعي في صحاري الجزائر‬
‫والسودان ‪.‬‬
‫وهم يتبعون قبيله كبيره اسمها فوغاس والسم مشتق من فغسي باللغه التارجيه ) اي الطوارقيه( وهو اسم حيوان مفترس ‪ ..‬وهذا‬
‫يدل علي العقيده الطوطميه ) تقديس الحيوانات وإعتبارها اجدادا إنحدر منها الجنس ( ‪.‬‬
‫وقد إنحدر من فوغاس ثلث قبائل ‪ :‬كل تهي هاوت ‪ ..‬وكل اوراغن ‪ ..‬وكل تسيللي ‪.‬‬
‫وكلمة "كل" معناها " ابن" ‪ -‬اي ابن تهي هاوت ‪ ..‬وابن اوراغن ‪ ..‬وابن تسيللي ‪..‬وهي القبائل الثلث التي تؤلف الطوارق‬
‫في قرية الظاهره وخارج غدامس ‪.‬‬ ‫الستمائه الذين يستقرون‬
‫والطوارق الغدامسه مسلمون مالكيه متمسكون بدينهم ‪.‬‬
‫وقد غير السلم طبائعهم وعاداتهم ‪.‬‬
‫ودخل الترانزيستور ودخلت البطاريه والدراجه لتغيرهم أكثر ‪.‬‬
‫وقواعد الزواج يحكمها التشريع السلمي ‪ ،‬فل زواج بين أبناء وبنات البطن الواحده ول بين الب وابنته ول بين الم وابنها ول‬
‫بين الخوات في الرضاع وبالمثل تكون المسافحه بين امثال هؤلءمن المحرمات ايضا ‪.‬‬
‫وفي كل قبيله فقيه يعلمها القرأن ويخرج معها في إرتحالها ‪.‬‬
‫وامراة عجوز سنها ‪ 82‬سنه اسمها "مبروكه ايدا ماهولزا " سمعناها تقرأ القرأن في مصحف مخطوط ‪ ..‬وهي تحفظ‪ ..‬جميع‬
‫السور عن ظهر قلب ‪.‬‬
‫وفي الوليمه الكبيره التي أقامها لنا الطوارق جلسنا علي سجاجيد وحشايا وثيره وقدم الي كل واحد منا فوطه نظيفه مبخره بالمسك‬
‫والعنبر وبدأت الضيافه باللبن والتمر "وهم يشربون لبنا حامضا" ثم الخروف المشوي بالكسكسي ثم الشاي العربي ‪.‬‬
‫وقبل العشاء قدم شباب القبيله عرضا للعاب الفروسيه علي ظهور المهاري ورقصت المهاري علي الطبول ‪.‬‬
‫وبعد العشاء بدأ السمر الذي طال الي نصف الليل ‪.‬‬
‫واللغه التي يتكلم بها الطوارق " التارجية " من الصل البربري ويقال إنها مشتقه من اللغات السامية القديمة وفي رأي ئالث إنها‬
‫إنتاج محلي ولها أصالتها الخاصه فهي وسائل التعبير الوليه التي إبتكرها الجناس البدائية التي سكنت الشمال الفريقي من ألوف‬
‫السنين ‪.‬‬
‫واللغه "التارجية" ليس فيها حرف ) د ( وحرف)ض( وإنما حرف واحد يدل علي الثنين وأيضا ليوجد فيها حرف )س( وحرف )‬
‫ص ( ول حرف )ق ( وحرف ) ك ( وإنما حرف واحد أقرب الي حرف الصاد و الكاف ‪.‬‬
‫ولغة الكتابه واسمها " تيفياخ " مؤلفة من ‪ 24‬حرفا ‪ .‬وهي اشبه بالعلمات الهندسيه "دوائر ومربعات ونقطوشرط ومثلثات" ‪.‬‬
‫وهي تنقش علي الحجاره والجلود والخشب وتستعمل في مناسبات قليله لتسجيل الملكية او عقود الزواج وتكتب من اليمين الي‬
‫اليسار او من فوق الي تحت ‪،‬ويتخاطب العشاق بإشارات من أصابعهم دون نطق كطريقه سرية للتفاهم علي المواعيد‪.‬‬
‫وأصل هذه اللغه غير معروف ويقال أنها من نفس لغة الكلم من أصل سامي ‪.‬‬
‫واللغة العربية معروفة قراءة وكتابة بالنسبة للطوارق الغدامسة ‪.‬‬
‫وللطوارق أشعار وأنغام ومنشورات باللغة التارجية تتحدث عن الحرب ‪.‬‬
‫والحب والصحراء والجبال وسكون الليل وجلسة العشاق متشابكي اليدي حول النار الراقصة وذلك الحساس الذي يستولي علي‬
‫الحبيبين فيشعران بالجمال الطاغي للحياة والقمر والنجوم ورقصة العصفور "مول مول" أمام الخيمة ونشوة القلب حينما يفضي‬
‫بأعمق اللواعج والعواطف ‪.‬‬
‫وهم يغنون اشعارهم علي الربابه "يمزاد" ‪.‬‬
‫والعجائز تحكين الحكايات والساطير للطفال قبل النوم ‪ ..‬وأشهر الساطير تلك التي تحكي أن الصحاري في الماضي البعيد كان‬
‫يسكنها ناس ينبحون كالكلب ول يعرفون ال وان ملكهم عكار كان عاتيا جبارا وأنه مات مقتول وبنيت له مقبرة من الحجارة ‪.‬‬
‫وموسيقي الطوارق هي معزوفات علي اليمزاد والطبول والسلم خماسي مثل الموسيقي السودانية ‪.‬‬
‫ول يعزف الربابة "يمزاد" إل النساء ‪ ..‬وإجادة اليمزاد علمة علي حسن تربية البنت ونبل عنصرها ‪ ..‬وبعض الفتيات عازفات‬
‫قديرات ذوات شهرة بين قبيلتهن يقطع لهن الرجال أميال من الصحاري ليستمعوا إليهن ‪.‬‬

‫قاموس تارجي عربي‬


‫الكلمة بالتارجي‬ ‫الكلمة بالعربي‬ ‫الكلمة بالتارجي‬ ‫الكلمه بالعربي‬

‫‪8‬‬
‫كوسن‬ ‫الكراهية‬ ‫طيط‬ ‫عين‬
‫آبليس‬ ‫الغضب‬ ‫طيط‬ ‫وردة‬
‫ترامان‬ ‫الفرح‬ ‫آخ‬ ‫الحليب‬
‫آن مفغي‬ ‫الحرب‬ ‫آهني‬ ‫الدم‬
‫مانا وين‬ ‫السلم‬ ‫تيني‬ ‫قمر‬
‫ايسل‬ ‫أهل‬ ‫ترا‬ ‫المحبه‬
‫تامت دورت‬ ‫الحياة‬ ‫اي‬ ‫الذكر‬
‫تامت تانت‬ ‫الموت‬ ‫تونتي‬ ‫النثي‬
‫ايملي‬ ‫ال‬ ‫ايمناس‬ ‫الجمل‬
‫آضو‬ ‫الريح‬ ‫آيس‬ ‫الحصان‬
‫آضرار‬ ‫جبل‬ ‫آشك‬ ‫شجرة‬
‫أرواضي‬ ‫مهرجان‬ ‫تينيري‬ ‫صحراء‬
‫تاوسنت‬ ‫قبيلة‬ ‫آنجي‬ ‫المطر‬
‫تاكايا‬ ‫خبز‬ ‫آباراء‬ ‫الطفل‬
‫آمان‬ ‫ماء‬ ‫تيمسي‬ ‫النار‬
‫آجنا‬ ‫سماء‬ ‫ايصا غيرن‬ ‫الحطب‬
‫آيمن‬ ‫الخير‬ ‫اكس‬ ‫الرجل‬
‫طمطم‬ ‫المرأة‬

‫وعادة اللثام بالنسبة للرجل والسفور بالنسبة للمرأة عادة غريبة من الصعب تفسيرها‪.‬‬
‫والنظرية القائلة بان اللثام يلبس كوقاية من العواصف الرملية ل تفسر لنا لماذا لتلبسة المرأة ايضا ‪ ..‬والنظرية التي تقول إن‬
‫الرجل يلبس اللثام لكي يتخفي من عدوه نظرية غير صحيحة لن الرجال يتعارفون علي بعضهم بالرغم من اللثام ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫وأغلب الظن أنه نوع قديم من التحريم الوثني الذي كان يعتبر فم الرجل عورةلنه مدخل الهواء والماء والطعام ‪،‬ومخرج النفس او‬
‫هو باب الروح الذي يمكن ان يدخل منه الجن و الرواح الطيبة والشريرة ‪ ،‬ولهذا وجب ان يحجبه الرجل فل يكشفه أبدا ‪.‬‬
‫والمرأة تقول في امتداح زوجها أنها عاشت معه عشرين سنة دون أن تري فمه ‪..‬‬
‫وحينما يحدث أن يقع اللثام فجأة يسارع الرجل بيده ليحجب فمه و كأنه عورة فعل ويسارع بيده الخري ليلتقط اللثام من علي‬
‫الرض ‪.‬‬
‫ومنتهي سوء الدب أن يكشف الرجل فمه امام المرأة حتي ولو كانت زوجته ‪.‬‬
‫ول يمشي بدون لثام غير الطفال ‪ ،‬فإذا أدركوا سن البلوغ ألسهم آباؤهم اللثام في إحتفال يقام خصيصا لذلك ‪ .‬ومن تلك اللحظه‬
‫يسمح لهم بحضور مجالس السمر وينظر لهم علي أنهم اصبحوا رجال ‪.‬‬
‫إن اللثام علمة كمال الرجولة ‪.‬‬
‫وحتي أثناء الكل علي الرجل أل يكشف عن فمه ‪ ..‬وعليه أن يأكل من تحت الللثام ومن يكشف عن فمه أثناء الكل فهو يدل علي‬
‫وضاعة تربيته وسوء منبته تماما كمن يأكل بأظافره عندنا ‪.‬‬
‫أما لماذا لتلبس المرأة اللثام فهو أمر غير مفهوم‪.‬‬
‫ولماذا إعتبرت التقاليد فم الرجل عورة ولم تعتبر فم المرأة عورة ؟‬
‫هذه كلها أسئلة بل جواب ‪.‬‬
‫والطوارق ل يختنون البنات ‪ ..‬والختان عملية مقصورة علي الرجال ‪.‬‬
‫وختان الطفال يتم في اليوم السابع ‪.‬‬
‫كما أن تسمية الطفال تتم في اليوم السابع يسميهم أعمامهم وليس آباؤهم ‪.‬‬
‫والزواج يبدأ بالخطبة والاب هو الذي يخطب لبنه ‪.‬لكن البنت في الطوارق تختار بحرية‪ ..‬وتوافق أو ل توافق ‪ .‬والمهر عادة‬
‫سبعة رؤس من البل او مايقابلها من الخراف ويتم حفل العرس بالموسيقي والغناء "اغنية شجرة الزيتون " وفي نظر الدكتور‬
‫فرمان أن في ذلك بقايا وثنية لن شجرة الزيتون من الشجار التي كانت تعبد أيام الوثنية الولي ‪.‬‬
‫وتبدأ العلقة الزوجية وتستمر لمدة سنةوأحيانا خمسة سنوات ‪ ،‬تذهب الزوجة كل ليلة الي الزوج لتبيت معه ثم تعود لهلها في‬
‫الصباح ويسمون هذه الفترة فترة التأهيل ‪.‬‬
‫وتدخل امرأة عجوز لتقرأ تعاويذ خاصة لطرد الجن ‪ ..‬وبعد ذلك تبدأ الحياة المشتركة‪.‬‬
‫والطلق يحدث بسبب العقم وسوء المعاملة وامراض مثل الجذام والجنون‪ ..‬وعلي المرأة بعد الطلق ان تقضي شهور العدة "كما‬
‫في السلم" قبل أن يجوز لها الزواج من جديد ‪.‬‬
‫والطوارق الغدامسة إشتراكيون بالفطرة ‪ .‬فاذا ذبح أحدهم ذبيحة فهو يطعم كل الجيران ويقسم الذبيحة بالتساوي علي القبيلة ‪ ..‬ول‬
‫أحد يأكل اللحم وحده ‪ .‬وكذلك إذا تقدم السن بأحدهم فإن كل القبيلة تشترك في سداد حاجاته وكل واحد يعطيه نصيبا من السكر‬
‫والشاي واللحم والقمشه‪.‬‬
‫ول يوجد طوارقي يشحذ ‪.‬‬
‫و السارق يعاقب بالطرد والنبذ والمقاطعة الكاملة من القبيلة ‪.‬‬
‫والقاتل يحكم عليه بالقتل ‪ ..‬والحكم يصدره الرئيس العلي للقبيلة " امينو كال " ‪.‬‬
‫والطوارق معمرون ‪ .‬والواحد منهم يبلغ الثمانين وهو محتفظ بجميع لياقته وفي صحة جيدة ‪..‬والسر في ذلك هو حياة الهواء الطلق‬
‫والطعام القليل وبساطة المعيشة وخلوها من القلق والهموم ‪.‬‬
‫والطوارقي ل يأكل إل وجبة واحدة وباقي اليوم يشرب اللبن ‪ ،‬وأثناء الترحال الطويل يكتفي بشرب اللبن وأكل التمر وهو يشرب‬
‫من اللبن كمياة كبيرة ‪ ،‬وأحيانا لترا كامل في المرة الواحدة‪ ،‬وهو دائما لبن حامض‪..‬وهو ل يعرف الخمر ول المخدرات‪..‬‬
‫ويمضغ الدخان ول يدخنه ‪.‬وهم يحكون عن اوفانايت الذي كان مغرما بتدخين البيبه وعاش ‪ 115‬سنة ‪.‬‬
‫والطوارقي ل يرهب عندما يحضره الموت ينطق الشهادتين إذا كان مسلما وإل فهو يرفع أصبعه السبابه ويطلق أخر تنهيدة‪.‬‬
‫ويعقب الموت الغسل ثم التكفين والدفن علي الطريقة السلمية حيث يمدد متجها الي القبلة ‪ ،‬ثم تفك خيمة الميت ويصبح مكانها‬
‫حراما ل ينصب أحد خيمته فيه ‪.‬‬
‫وترفع الراية البيضاء علي الخيمة حينما يموت أحد فيها ‪ ،‬والحداد والملبس السوداء واللطم والندب والعويل أشياء غير معروفة‬
‫بين الطوارق‪ .‬والكلمة التي تقال عند الموت لهل الميت "علينا ان نفرح فقد ذهب من نحب الي الجنة‪.‬‬
‫والزوج يلبث ثلثة ايام بعد وفاة زوجته في خلوة كاملة داخل خيمته ل يبرحها ‪..‬‬
‫والزوجة تظل اربعة اشهر وعشرة أيام في إعتكاف كامل ‪ ،‬ثم بعد هذا تستطيع معاودة الحياة الجتماعية العادية وتتزوج إذا أرادت‬
‫‪.‬‬

‫الكلمة التارجية‬ ‫الكلمة العربية‬

‫‪10‬‬
‫تيسادالن‬ ‫البيض‬
‫تاجل – تاكايا‬ ‫الخبز‬
‫شاهي‬ ‫الشاي‬
‫ايرد‬ ‫القمح‬
‫اينالي‬ ‫الذرة‬
‫تبني‬ ‫التمر‬
‫ايفيليلي‬ ‫البصل‬
‫الحر‬ ‫الشطة‬
‫تيمظن‬ ‫الشعير‬
‫آخ‬ ‫اللبن‬
‫ايسان‬ ‫اللحم‬
‫تابا‬ ‫الدخان‬
‫تاسو كالت‬ ‫ملعقة‬
‫ايغير‬ ‫إناء الطبخ‬
‫ياظيه‬ ‫الحلو‬
‫سمم‬ ‫المر‬

‫والزوجة لها مقام عال واحترام في بيت الزوجية ‪ .‬وهي تشارك زوجها جميع المسؤليات والعباء ‪ ،‬ورأيها يؤخذ في كل‬
‫الشئون ‪..‬وتعدد الزوجات غير معروف بين الطوارق مع أن السلم يبيحه‪..‬ول تفسير لهذه الظاهره سوي أن الطوارق قد ورثوا‬
‫مع ماورثوه من تقاليد "تقديس الم" استمرارا للقوانين القديمة التي كانت تضع الم علي راس القبيلة وتنسب البن لمه‪،‬‬

‫ل لبية وتعطي المرأة الحق في أن تتزوج أكثر من زوج ‪ .‬وأن تكون الحاكمة علي أزواجها الرجال والحاكمة علي القبيلة كلها ‪.‬‬
‫وفي كتاب تاريخ السودان نجد فعل أن المؤلف يروي لنا أن في سنه ‪ 1475‬كانت تقطن السودان قبيلة من البربر تحكمها أمراه‬
‫اسمها بيجوم كابي ‪.‬‬
‫ومعني ذلك أن نظام سيادة المم كان معروفا بالنسبة للبربر القدامى ‪.‬‬
‫وبالرغم من انقراض هذا النظام إل أنه مازال يخلف تلك الثار من تقديس المراه في قبيلة الطوارق ‪ ..‬فالمرأة تعمل وتعزف‬
‫الموسيقي وترأس الحفلت وتختار حبيبها وتختار زوجها ‪ ..‬وترفض تعدد الزوجات بالرغم من أن السلم يبيح هذا التعدد شرعا ‪.‬‬

‫ومن أسماء الرجال ‪ ..‬أوخا ‪ ..‬اخديدي ‪ ..‬أخيا ‪ ..‬أخنوخا‬

‫وأخيا التارجي كان فارسا شهيرا حارب التراك في غات وقتل حاميها وقاد ثوره مطالبا بالمتيازات السياسية ‪.‬‬

‫وأخنوخا التارجي عاصر نابليون ‪ ..‬وأرسل إليه نابليون الرسل ليعقد اتفاقيه بين فرنسا والطوارق فرفض اخنوخا ‪.‬‬

‫ومن أسماء الفتيات ‪ ..‬فتاتا ‪ ..‬ومال ‪.‬‬

‫القبلت بحك النف بالنف‬

‫‪11‬‬
‫يبدوا أن قلب الصحراء الليبية كان مسرحا لنسان ما قبل التاريخ ‪ ..‬تدل علي ذلك الثورة الهائلة من الثار والمخلفات من العصر‬
‫الحجري ‪ ..‬ما تكاد تحفر في الرمل حتي تحصل علي تلك اللت العجيبة ‪ ..‬سكاكين وبلط وحراب وسهام ومناشير ومبارد حجرية‬
‫وابر من العظام ‪...‬‬

‫وتلك التلل من الحصى المرصوص عند أقدام هي ما تبقي من شواهد المدافن القديمة ‪ ..‬ما تكاد تحفر تحتها حتي تجد المئات من‬
‫الهياكل العظمية والدمية لهؤلء الذين رقدوا رقود الموت منذ عشرة آلف سنه ‪.‬‬

‫وعلي جدران الكهوف ترك الفنان الول رسومه الولي وأولي مغامراته في عالم الفن ‪ . .‬صورا محفورة بأناقة مذهله وملونه‬
‫للغزال والزراف والثور وللرقص والصيد والزواج والحب رسمها قبل أن يعرف كيف يكتب وكيف يتكلم ‪.‬‬

‫وكل تلك القبائل كانت من أجناس ما قبل التاريخ ‪ .‬من ذلك الجنس الذي ظهر في الشمال الفريقي والذي يعرف باسم )) كروما‬
‫جنون (( ‪.‬‬

‫ويقال إن أصل الطوارق من البربر وأصل البربر من جنس الكروما جنون ‪.‬‬

‫وفي أحد الراء أن الفراعنة أنفسهم من البربر ‪ .‬ويساق هذا الرأي كتفسير للطفرة الحضارية التي حدثت في وادي النيل وكيف‬
‫كانت بتأثير هجرات الكروما جنون والبربر ‪.‬‬
‫ومعني هذه النظرية أننا سنلتقي مع الطوارق في سابع جد ‪.‬‬
‫وفي رأي آخر أن أصل الفراعنة أسيوي ‪.‬‬
‫والكلم كثير في أصل الفراعنة والحقيقة غير معروفه ‪..‬‬
‫ولكن مما ل شك فيه أن الصلت بين مصر وليبيا عن طريق التجارة والهجرة والحروب لم تنقطع طوال التاريخ القديم ‪.‬‬
‫أما الطوارق البيض ذوو العيون الزرقاء من دماء أوروبية جاءت إلي الشمال الفريقي عن طريق البحر في الزمن القديم ‪ ..‬وفي‬
‫قول آخر إنهم من أصل أفريقي وفينيقي وكريتي ‪.‬‬
‫وطوارق الجنوب السود ذوو التقاطيع الزنجية من أصل سوداني جنوبي ‪.‬‬
‫والمؤرخون العرب لهم نظريه خاصة في أصل البربر ‪ ..‬يقول ابن عبد الحكم إنهم من فلسطين وأنهم هربوا بعد مقتل ملكهم‬
‫جالوت بيد النبي داود وهاجروا إلي ليبيا ‪.‬‬
‫ويتحدث صاحب المسالك عن هجرة قبائل الهوارة والزناتة والداريسة‪..‬‬

‫أما الرأي الوروبي الذي يقول بان الطوارق فينيقيون هربوا من السكندر المقدوني فهو رأي خاطئ لن وجود هذه القبائل قديم‬
‫ونابت منذ أيام هيرودوت وقبل السكندر بزمن طويل ‪.‬‬

‫ومن طرائف الوثائق ما كتبه هيرودوت يصف جبل سماه جبل الطلس يقول هيرودوت ‪:‬‬
‫)) وقد وجدته جبل مرتفعا شديد النحدار من ناحية حتي ليستحيل علي الناظر أن يري قمته التي يغطيها الضباب صيفا وشتاء ‪.‬‬
‫ويقول سكان الوادي إن هناك علي القمة تقوم دولة السماء ويسكن أهل التلنتيس ((‬

‫ورد هذا الكلم في رحله هيرودوت إلي شمال أفريقيا ووصوله إلي منطقه طوارق الهجارة في الجزائر ‪ . .‬وأغلب الظن أنه قصد‬
‫بالقمة التي وصفها القمة المعروف الن )) مونت أودان (( ‪.‬‬

‫ولكن خرافه دوله السماء وقاره التلنتيس ما لبثت أن تناولها أفلطون ليجعل منها المسرح الخيالي لجمهوريته حيث تصورها‬
‫جزيرة في وسط البحر يسكنها صفوه من المثاليين ويقوم عليها مجتمع نموذجي هو الذي وصفه جمهوريه أفلطون ‪.‬‬

‫ثم انتقلت خرافه التلنتيس لتصبح القارة المفقودة بين أفريقيا وأمريكا التي ابتلعها المحيط وحق عليها عقاب الله العادل حينما‬
‫خرجت عن طاعة ال ‪ ) .‬قصه أشبه بالجنة وطرد آدم ( ومنذ ذلك الحين دخلت قارة التلنتيس إلي كتب الغيبيات وتحولت إلي‬
‫لغز مثير ‪ ..‬والصل سطر كتبه هيرودوت في رحلته إلي طوارق الهجارة ‪..‬‬

‫وهيرودوت يسمي قبائل الطوارق )) ناسامون (( ناس آمون ويذكر عنها أنها قبائل تصطاد الجراد وتجففه في الشمس ثم تطحنه‬
‫وتمزج الدقيق الناتج باللبن ) وهي عاده موجودة عند بعض الطوارق إلي الن ( ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫ويذكر هيرودوت أن ناسامون لهم أيام مقدسة يترددون فيها علي قبور أجدادهم لخذ مشورتهم في أمور الحياة الدنيا أو لسؤالهم عن‬
‫المستقبل ‪ ) .‬وهي عاده مازالت متبعه عند نسوه الطوارق يبتن الي جوار المقابر ليحملن بأخبار المفقودين والغائبين (‬

‫ويذكر هيرودوت طريقه تصفيف الشعر وتسريحه عند الطوارق بما يتفق مع الملحظات المشاهدة حاليا ‪.‬‬

‫وقد لمعت أسماء غريبة لرحالة ومؤرخين ذرعوا رمال الصحاري وألفوا المراجع القيمة أمثال ‪ :‬البكري ‪ ..‬والدريسي ‪ ..‬ابن سعيد‬
‫‪ ..‬ابن فاطيما ‪ ..‬أبو الفدا ‪ ..‬ابن بطوطة ‪.‬‬

‫يقول ابن بطوطة انه عبر الصحراء الليبية لقبيلة برداما وهي قبيلة من البدو الرحل ل تستقر في مكان وتمتاز بان نساءها جميلت‬
‫سمينات ويقول فيهن ابن بطوطة إنهن أجمل ما رأي من نساء العالم ‪.‬‬

‫ويضرب ابن بطوطة في الصحراء شهورا يخترق فيها مناطق جرداء ل ماء فيها ول شجر ويصف لنا مناجم للملح والنحاس ومياه‬
‫حديدية تغتسل فيها ثيابك فيسود لونها ‪ ..‬ثم يصف لنا صحبته لقافلة بها ستمائة فتاه من الرقيق ‪..‬‬
‫ثم يصف لنا وصولة أخيرا إلي منطقة الهجارة ورؤيته لقبيلة عجيبة ‪ .‬رجالها ملثمون ونساءها سافرات )) الطوارق (( ‪.‬‬

‫ولم تترك هذه القبيلة أثرا طيبا في نفس ابن بطوطة ‪ .‬فلقد استوقف بعض فرسانها قافلته واخذوا منها أقمشة وبضائع ‪ .‬وكان ذلك‬
‫في رمضان ‪ .‬ويقول ابن بطوطة عن حرمة شهر رمضان إنه حتي لصوص الصحاري يتعففون في هذا الشهر عن السرقة فل‬
‫يمدون أيديهم إلي شئ ولو كان مفقودا وبل صاحب ‪.‬‬

‫أما ابن خلدون فينقل ما يرويه عن الطوارق من شهادة الخرين ‪.‬‬

‫أما الرحالة الوروبي انتونيو مالفونتي ‪ .‬فيصف الطوارق بأنهم جنس راق وفرسان علي درجة عاليه من النبل والشجاعة ‪ .‬ويقول‬
‫إنهم يعتمدون في طعامهم علي اللبن والخبز واللحم ‪ .‬وإنهم ألد أعداء اليهود ‪ .‬ول يجرؤ يهودي علي القتراب من مضارب خيامهم‬
‫‪.‬‬

‫ويقول هيرودوت إن عبادة الجداد كانت متبعه في ليبيا القديمة ‪ ..‬وبالنسبة للصحراء الليبية القريبة في مصر كانت تبعد ايزيس‬
‫وتقدم القرابين للشمس والقمر وتحريم أكل الخنزير ولحم البقر طقوسا متبعة ‪ ..‬وبالنسبة للجزء الشمالي من الصحراء كانت اللهة‬
‫أمثال إله البحر والخصب والمطر تعبد ‪ ..‬وكانت القرابين البشرية تقدم في القرن الثالث قبل المسيح ‪.‬‬

‫ومن المحتمل أن يكون الطوارق الوائل عبدوا آمون ‪ ..‬ولكن ل يوجد ما يؤيد ذلك في الرسوم والحفائر القديمة ‪ ..‬فلم يعثر إلي‬
‫الن علي رسم قرص الشمس المعروف ‪.‬‬

‫والرأي الخر إنهم كانوا يعبدون الحيوان أمثال الثور والبقرة والزراف ) العقائد الطوطمية ( ‪ ..‬بدليل ما وجد من رسوم جميله‬
‫ومفصلة لهذه الحيوانات ‪.‬‬

‫وبالرغم من وجود رسم الصليب في بعض الثار التاريخية إل أن دخول المسيحية إليها أمر مشكوك فيه ‪ .‬وفي رأي ابن خلدون إن‬
‫المسيحية لم تدخل الصحراء الليبية ‪ ..‬وهو رأي خاطئ لن المسيحية دخلت غدامس أيام البيزنطيين والرومان ‪.‬‬

‫ولكن ابن خلدون يقول رأيا مختلفا عن الديانة اليهودية ‪ .‬فهو يعتقد أن الديانة اليهودية تسللت الي الصحراء وأن اليهود انتشروا في‬
‫قبائل الهوارة بالذات ‪.‬‬

‫ويحتمل أن يكون بعض أجداد الطوارق من اليهود لكن المر المؤكد أن السلم اكتسح هذه القلة ‪.‬‬

‫وقد دخل السلم الطوارق مع عقبه بن نافع وانتشر بين كل القبائل التارجيه ‪ .‬ولكنه بالنسبة لطوارق الجبل والدواخل والرحل كان‬
‫إسلما سطحيا ‪ .‬فمعظم العادات الوثنية ظلت علي حالها وظلت اللغة علي حالها وبقي القرآن كتابا يقرا بطريقه ببغاوية دون أن‬
‫يفهم ‪ .‬مثله مثل التعاويذ الغامضة السطوريه ‪.‬‬

‫وهناك مدارس الدين واللغة العربية والقرآن ولكنها قليله جدا وهي بالنسبة للقبائل الرحل غير معروفة ‪.‬‬

‫ومع ذلك فقد ظل السلم علي ضعفه هو علم المقاومة الذي تجمع تحت رايته الطوارق الذين حاربوا الستعمار الفرنسي‬
‫واليطالي ‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫والعتقاد في الجن والماكن المسكونة والرواح الطيبة والشريرة التي ترتاد الينابيع والجداول ‪ ..‬والعتقاد في الشجار التي‬
‫تلبسها الرواح ‪ ,‬أكثر رسوخا عند الطوارق الرحل من العقيدة السلمية الزائرة ‪.‬‬

‫وشئ مألوف أن تري رجل من الطوارق يرجم شجره ليطرد منها الجن ‪ ..‬أو أمراه تعلق شبشبا قديما علي باب الخيمة لتطرد‬
‫الرواح الشريرة ‪ ..‬أو تستعمل قرن خروب لمنع الحسد ‪ ..‬أو عجوزا تبيع أحجية وتعاويذ أو جلد‬

‫بقرة للوقاية من لدغة العقارب وهم يشمون جلد بقر الوحش كعلج من لدغه العقرب ‪.‬‬

‫والطارقي الذي يحلم بأنه يأكل البلح يفسر حلمه بأنه سوف يصاب بجراح ‪ ..‬فإذا حلم بثعبان فهو شر مستطير ‪ ..‬وإذا حلم بأنه‬
‫يحمل راية بيضاء فهو فأل حسن ‪ .‬وإذا حلم بأنه يحمل راية سوداء فهي كارثة ‪.‬‬

‫وخرافه شائعة أن الذي يصاب بجراح يمتنع عن شرب اللبن اعتقادا منهم ان اللبن سوف يساعد علي تكوين الصديد ‪.‬‬

‫ومعظم هذه العقائد هي بقايا وثنية لم يستطيع السلم أن يمحوها من الذهان ‪.‬‬

‫وقد ظل الطوارق يعيشون حياه مستقلة في أغلب فترات حياتهم ‪ ,‬لم يستطع الغزاة من الفرس والرومان ول التتار ول الهكسوس‬
‫والوندال أن يقتحموا أسوار هذه العزلة لبعدها ولن متاهات من الصحاري الجرداء كانت تحمي هذه العزلة من كل جانب ‪.‬‬

‫ولهذا استطاع الطوارق أن يصنعوا لنفسهم حياه وعادات وتقاليد وأعرافا وطباعا انفردوا بها ومازالوا يتميزون بها ‪.‬‬

‫وكلما توغلنا في الصحراء وخرجنا من غدامس الي أطراف البادية ومراعي الجبال والتقينا بالطوارق الول الذين مازالوا يعيشون‬
‫حياة الفطرة والتنقل بين قبائل الهجارة في الجزائر والسودان والنيجر ‪ .‬استطعنا أن نتعرف علي تلك‬

‫قاموس تارجى عربى‬

‫‪14‬‬
‫الكلمة بالعربية‬

‫الصبع‬
‫النف‬
‫الفم‬
‫اللسان‬
‫الذقن‬
‫الشعر‬
‫البطن‬
‫القلب‬
‫الكبد‬
‫العقل‬
‫المخ‬
‫السنان‬
‫الكف‬
‫الذراع‬
‫الساق‬
‫القدم‬
‫الذن‬
‫الظافر‬
‫الظهر‬
‫الكتاف‬
‫الرأس‬

‫لولد و البنات ‪ . .‬فمنذ‬‫لسلم ‪ . .‬ومنها تلك الحرية الجنسية التى يتمتع بها ا ْ‬ ‫العادات البدائية التى ما زالت على حالها لم يهذبها ا ٍ‬
‫أن يبلغ الولد سن الخامسة عشرة و يضع اللثام و يصبح رجل ‪ . .‬يصبح له الحق فى حضور "الهال" ‪ ،‬و هو مجلس الكبار حيث‬
‫يتسامر الكل فى جو مختلط مفتوح فى شبه حفل يبدأ بعزف الموسيقى "اليمزاد" ‪ ،‬و تعزفها فى العادة فتاة ثم السمر ثم الغزل فيميل‬
‫لنف ويتواعدان على اختلس اللقاءات فى الخلء ‪ . .‬و يحدث عادة ان تتم‬ ‫لنف فى ا ْ‬ ‫كل شاب على الفتاة ٍالى جوارة يقبلها بحك ا ْ‬
‫لولد و البنات لعبة الجنس بل حرج و بل حمل‪.‬‬ ‫اللقاءات المختلسة فى نفس الليلة حيث يمارس ا ْ‬
‫لب فوكو و الدكتور فولن(‪.‬‬ ‫ى غير معروف فى الطوارق )بحوث ا ْ‬ ‫و البكارة ش ْ‬
‫لجهاض قامت‬ ‫وفى حالت الحمل النادرة تذهب البنت ْالى الداية فتكتب لها تعويذة تذيبها فى الماء لتشربها فٍاذا لم يحدث ا ٍ‬
‫بٍاجهاضها ‪ ،‬فٍاذا حدثت الولدة يخنق المولود ‪ . .‬والبنت التى يعرف عنها انهاحملت دون زواج ينظر اليها فى احتقار من الجميع‪.‬‬
‫وبسبب حرية العلقات الجنسية فٍان الزواج ل يحدث ال فى سن متاخرة ثلثين سنة بالنسبة للرجل وعشرين سنة بالنسبة للبنت‪.‬‬
‫وتبادل الجنس ليس عار عند الطوارق وٍانما العار أن يكون ذلك بين رجل وجاريته ْاو امرْاة وعبدها‪.‬‬
‫ومن الصعب الحكم على السلوك الجنسى للمرأة بعد الزواج من حيث الخيانة و الوفاء ‪ ،‬ولكن من المعلوم أن عقاب الزانية هو‬
‫الموت ‪ . .‬ومن المعلوم ايضا أن الرجل قد يخون زوجته مع جارياته وعبدانة ‪ . .‬وفى حالة حمل ٍاحدى هذه الجاريات تكون‬
‫فضيحة ويحدث فى مثل تلك الحالت أن تغضب الزوجة عند أهلها ول تعود ٍال فى حالة دفع تعويضات مادية كبيرة ‪.‬‬
‫ومن التقاليد العجيبة أن لقاءات الجنس بين العشاق تتم فى خلوة وخصوصية ‪ ،‬فٍاذا ضبط عزول هذه الخلوة فعلى العشيق الذى‬
‫افتضح أمره أن يبادر بٍاهداء العزول هدية فورية ‪ ،‬وٍال فٍان العزول يرفع اللثام كاشفا عن شخصيته ويصبح له الحق فى أن يحل‬
‫محل غريمة فى خلوتة ‪. .‬‬

‫مجتمع غريب فى الخلء‬

‫‪15‬‬
‫مجتمع الطوارق مجتمع طبقى ‪ . . .‬على رأس جميع القبائل نجد المير "أمينو كال" وهو الحاكم الصلى لجميع القبائل ويصل ٍالى‬
‫لمارة طبل كبير يعلق على باب خيمته ويقرع هذا الكبل عند قدوم الضيوف أو فى‬ ‫الحكم وراثة عن ابيه كالنظام الملكى ‪ . .‬ورمز ا ٍ‬
‫الحفلت أو فى الحروب ‪ . .‬وخرق الطبل هو أكبر ٍاهانة يمكن أن تلحق بالمير ‪.‬‬
‫والمير هو الذى يعلن الحرب ويدير خططها و هو الذى يفض الخلفات بين القبائل ‪ ،‬وله خليفه ينوب عنه فى غيابه ‪ . .‬و هو‬
‫يتقاضى الضرائب من جميع القبائل ‪.‬‬
‫ويلى أمينو كال فى السلم الطبقى شيوخ القبائل ثم الفرسان و رجال الدين ثم الرعاة ثم الحرفيون وفى القاع نجد العبيد و الخدم و‬
‫الجوارى ‪.‬‬
‫و التزاوج بين فارس و جارية أمر مستهجن جدا و مشين ‪.‬‬
‫و الفرسان ل عمل لهم ٍال الحرب و حراسة القوافل و السطو على العداء ‪ ،‬وهم يحتقرون الحرفيين ويعتبرون العمل اليدوى‬
‫وضيعا ‪.‬‬
‫و تستطيع أن تعرف الفارس من مشيته ‪ ،‬فهو يختال فى خطواته ويختال فى كلماته ويتانق فى ملبسه وأحيانا يلبس لثاما أحمر زيادة‬
‫فى الناقة ‪.‬‬
‫ورجل الدين "شريفن" من الكلمة العربيه شريف ‪ . .‬له مكانه محترمة فى قبيله الطوارق ‪ ،‬وهو يعفى من الضرائب ‪ ،‬ويعتبر فى‬
‫لسلمية لطفال القبيله ‪.‬‬ ‫مستوى الفارس بالنسبه للمكانه الطبقيه ‪ . .‬وهو الذى يدرس القرآن و الشريعة ا ٍ‬
‫و العبيد و الجوارى و كلهم اسرى غنمتهم القبيله فى حروبها أو اشترتهم من تجار النخاسه ‪ . .‬يعاملون بٍانسانيه ‪ ،‬فالعبد يمكن أن‬
‫يمتلك رؤوسا من الماشية أو حصانا ‪ ،‬و هو ٍاذا بلغ سن الزواج فٍان سيده يعطيه مهرا ليتزوج ‪ . .‬وٍاذا انجب السيد من جاريه فٍان‬
‫لبن الذى ينجم من العلقة يحق له الميراث ‪ . .‬و يستطيع العبد أن يخرج من خدمه سيده ليلتحق بخدمه سيد آخر بسبب سوء‬ ‫اٍ‬
‫المعاملة ‪ . .‬وٍاذا تزوج السيد من جاريته فٍانها تصبح حرة ‪ . .‬وبعد ٍالغاء الرقيق تحول العبيد ٍالى خدم وظلوا ملزمين لقبائل‬
‫سادتهم ‪. .‬‬
‫أما أصحاب الحرف فهم فئه محتقرة و كل من يزاول عمل يدويا محتقر عند الطوارق ‪ ،‬والطارقى يخاف من الحداد و من كل ما‬
‫له صله بالنار أو من يطرق المعادن ويظن أنهم على صله بالشياطين و الجان ولذلك يسكن بعيدا عنهم و يتجنبهم ‪.‬‬
‫والحلق عند الطوارق يحلق الشعر و يخلع السنان و يقوم بالعمليات الجراحية الصغيرة كالطهارة وايقاف النزيف وعلج الجروح‬
‫‪.‬‬
‫والحرفيون يعتبرون من جنس مشبوه ‪ ،‬وهم يتهمون بالتجسس أحيانا وبالخيانه ولكن ل أحد يجرؤ على قتل حرفى لنه يخشى من‬
‫انتقام الجن لروحه ‪.‬‬
‫و الحرفيون أذكياء و حكماء ‪ ،‬وفيهم من يتقن الكتابه و من يلقى القاصيص و الحكايات و بعضهم يرقى ٍالى مستوى مستشار‬
‫المير ‪.‬‬
‫وهم يتلثمون كبقية الطوارق ‪ ،‬و لكن لهم لغه خاصه سريه يتخاطبون بها ‪ ،‬ولهم تعاويذ و طقوس خاصه ‪ . .‬وهم ل يزيدون فى‬
‫مجموعهم عن خمس أو ست عائلت ‪.‬‬
‫والمعتقد انهم من أصل يهودى وأنهم مهاجرون من فلسطين ‪ ،‬يدل على ذلك تلك المطروقات الفضية النيقة الراقية والمفاتيح و‬
‫القفال المعقدة التى يصنعونها والتى ل تتناسب مع الحياة البدائية التى يعيشها الطوارق ‪ ،‬وتدل ايضا عاداتهم العنصرية فى عدم‬
‫الزواج من خارج جنسهم ‪.‬‬
‫واسم هذه الفئة العاملة باللغة التارجية "ايتادين" أى )من ل أسم لهم( و هذا ٍامعان فى تحقيرهم ‪.‬‬
‫لبل ‪ ،‬وفى قبيلة أخرى مثل داج‬ ‫وبعض قبائل الطوارق غنية نسبيا ‪ ،‬ففى قبيلة مثل كيل هجار أكثر من عشرة آلف رأس من ا ٍ‬
‫لبل عن ألف رأس ‪ ،‬بينما قبيلة ثالثة هى التأتيوك ل تزيد ثروتها عن ثلثمائة رأس‪.‬‬ ‫رالى ل تزيد ا ٍ‬
‫والطوارق يعتمدون فى حياتهم على الرعى والصيد متنقلين من واد ٍالى واد ٍالى حيث تجود المرعى و يكثر المطر ‪ ،‬وأهم‬
‫محصول طبيعى يتاجرون فيه هو الملح ‪ ،‬يحملون به القوافل ٍالى السودان لتعود بالتالى محملة بالقمشة و الحبوب ‪.‬‬
‫فٍاذا شح المطر و جف المرعى أنتشروا فى الصحارى و الجبال يقطعون الطريق على القوافل ‪ . .‬فٍاذا أستمر الجفاف نزحوا ٍالى‬
‫السودان ‪.‬‬
‫وهم فى الشتاء يفضلون سكنى الوديان المنخفضة فى أحضان الجبال التى تحميهم من الرياح ‪ . .‬وفى الصيف يفضلون سكنى‬
‫العالى و القمم حيث الجو طليق ‪.‬‬
‫وكل قبيلة لها مضارب خيامها و لها مجالتها الخاصة التى تتحرك فيها وهى تعود من موسم لموسم لنفس الماكن التى بدأت‬
‫منها ‪.‬‬
‫و الخيام تصنع عادة من جلد الماعز ‪ ،‬يدهن بالزبد و بمادة حمراء لوقايتة من الشمس و المطر ‪.‬‬
‫والمعتاد ان ينام الرجل فى شرق الخيمة و معه الولد بينما تنام الزوجة فى غربها و معها البنات ‪.‬‬
‫ول ينام على سرير ٍال المير و شيوخ القبائل ‪.‬‬
‫أما المطبخ فهو دائما خارج الخيمة وهو عبارة عن موقد حوله بعض الطوب و الحجارة لحمايته من الريح ‪.‬‬
‫وهم ل يستخدمون حجارة البازلت السوداء لنهم يعتقدون أنها مسكونة بالجن و السبب أنها تفرقع بصوت شديد بتأثير النار ‪.‬‬
‫لنسان ليطهى عليها طعامه و لكن الشيطان عرف‬ ‫و النار عبد الطوارق لها أسطورة مقدسة ‪ . .‬فهم يقولون أن النار خلقها ال ل ٍ‬
‫سرها و سرقها ثم أعطاها لصديقه الحداد ليصنع بها الحديد و لهذا خلق ال الجحيم و خصصها للشيطان عقابا له على سرقته ‪.‬‬
‫وهم ل يوقدون النار فى داخل الخيمة وٍانما دائما خارجها ‪.‬‬
‫‪16‬‬
‫والثاث عبارة عن صندوق و مخله بهما ملبس و عدة أطباق و ملعق خشبية و أوتاد لتثبيت الخيمة و ٍاناء للماء و طاسة لحلب‬
‫اللبن و أكواب و فناجين ‪.‬‬
‫و المرأة هى التى تنصب الخيمة و هى التى تفككها و تحملها على الحمير و هى التى تصنع الدوات الجلدية و الطباق و الوتاد‬
‫لبل ٍال من كانت زوجة لفارس أو أمير ‪.‬‬ ‫الخشبية ‪ . .‬وهى تستعمل فى تنقلتها الحمار ول تركب ا ٍ‬
‫ى و كهوف بالجبل ‪ ،‬و عندهم عقيدة أن ال يرعى‬ ‫و كل قبيلة تخزن ما عندها من فائض التمر و الحبوب والمواد الغذائية فى مخاب ْ‬
‫ى و يسهر عليها بنفسه ‪ . .‬و هم يهاجرون ثم يعودون ٍاليها فيجدونها على حالها ‪ ،‬فالتارجى ل يمد يده أبدا ٍالى مثل تلك‬ ‫هذه المخاب ْ‬
‫ى ‪ . .‬و عقاب السارق فى مثل تلك الحالت شديد ‪.‬‬ ‫المخاب ْ‬
‫ى من جوعة ‪.‬‬ ‫و هناك أكثر من ستة أصناف من العشاب الجبلية و الجذور مما يأكله التارجى هو و مواشيه ليهد ْ‬
‫واللبن و الزبد و الجبن و الحبوب و التمر هى غذاؤه الرئيسى ‪ ،‬و هو يأكل اللحم فى حالت قليلة حينما تشرف ٍاحدى مواشيه على‬
‫الموت فيذبحها و حينما تجف المراعى فيذبح الناقة التى يراها تموت جوعا أمامه ‪ . .‬و هو يأكل الرانب و الغزلن و الجراد ‪ . .‬و‬
‫الجراد المشوى طعام فاخر عنده ‪ . .‬أما لحم الدجاج فيعتبر نجسا مثل الخنزير و بالمثل السمك ‪. .‬‬
‫لسلمية ‪ .‬وواضح من أنواع التحريم أنه يجمع بين التحريم‬ ‫ول يجوز أكل ذبيحة لم يقرأ عليا أسم ال و لم تذبح وفقا للشريعة ا ٍ‬
‫لسلمى و التحريم الوثنى ‪.‬‬ ‫اٍ‬
‫و الكلة الشعبية هى نوع من أنواع العصيدة باللبن ‪.‬‬
‫و هم يستعملون الجبن المجفف و الطماطم و البصل فى تصنبف ألوان من الصلصات ‪ . .‬و فى حفلت الزواج و الحفلت الدينية‬
‫تذبح ناقة و تشوى على النار و تقدم مع الكسكسى و تحفظ الرأس و العنق للنساء ‪ ،‬ويقدم الفخذ و الموزة و الضلوع للضيوف ‪.‬‬

‫وهم يأكلون بالملعقة ‪ ..‬وعادة الكل بالملعقة عادة غريبة بالنسبة للحياة البدائية التي يحياها التارجى ‪ ،‬ولكن تفسيرها هو حرصه‬
‫على عدم رفع اللثام أثناء الكل وبالتالي احتياجه إلى وسيلة كالملعقة لدس الكل في فمه ‪.‬‬
‫والبل والماعز والماشية والحمير والكلب هي الحيوانات التي يربيها التارجى ‪.‬‬
‫وهم في العادة يختمون إبلهم بعلمات خاصة‪ ،‬كل قبيلة لها علمة مميزة تختمها على رقبة الجمل أو فخذه بطلء أحمر‪.‬‬
‫ورأس ابل عندهم أثمن من وزنه ذهوالزراف‪.‬حمير فل يهتمون بها‪ ،‬وأحيانا" ل تعرف القبيلة عدد حميرها وأحيانا" حينما يشح‬
‫المرعى تترك القبيلة جزءا" كبيرا" من حميرها وترحل‪.‬‬
‫وهم يصطادون الغزال وبقر الوحش والزراف ‪ ..‬يخرج أربعة من الطوارق معهم عشرة كلب في فرقة صيد ويطاردون الفريسة‬
‫حتى تسقط إعياء ‪ ،‬وهى في حالة الغزالة وسيلة كافية ‪ ،‬أما بقر الوحش ‪ ،‬وهو حيوان شديد البأس ‪ ،‬يدافع عن نفسه حتى الموت‬
‫فيحتاج المر إلى حصار وقتال بالحراب أحيانا" يذهب ضحيته عدد من الكلب أو الصائد نفسه ‪.‬‬
‫ولكنهم الن يستعملون البنادق في كل شئ بدرجة تهدد وحوش الصحارى بالنقراض‪.‬‬
‫والتقاليد المتبعة إذا طاردت قبيلة حيوانا" في أرض قبيلة أخرى واصطادته أن تعطى جلده ورأسه ونصيبا" من اللحم للقبيلة صاحبة‬
‫الرض‪.‬‬
‫والطوارق رحل ل يزرعون الرض احتقارا" للعمل اليدوي واحتقارا" للستقرار ولكن في بعض الماكن حيث يغزر المطر‬
‫وتكثر العيون الجوفية تجد التارجى يزرع القمح والشعير والجزر والعدس والبصل والبطيخ والشمام ‪ ..‬وتجد حدائق من التين‬
‫والعنب والنخيل ‪.‬‬

‫لكن مثل تلك المزروعات تصبح تحت رحمة الحر والبرد والعواصف والسيول والجفاف وجدب الرض وافتقارها مع تكرار‬
‫الزراعة‪ ..‬والترجي ليس عنده طول بال ليبيع‪.‬ول صبره‪ ،‬وهو ما يلبث أن يهجر الرض التي أجدبت دون أن يفكر في إصلحها‪.‬‬
‫وهو حينما يزرع فليأكل ل ليبيع ‪.‬‬
‫وسعادته وهو يضرب في الفلوات تعدل محصول ألف فدان ‪ ..‬يكفيه ما يجلب من ألبان إبله وما يقطف من بلح وتمر في الطريق‬
‫وما تجود به المرعى‪ ،‬فإذا جف فأرض ال واسعة‪.‬‬
‫وليست من عادة التارجى الغتسال يوميا بسبب شح الماء في الصحارى ‪ ،‬وهو يقولون أن الغتسال يوميا ضار بالبشرة وهذا‬
‫صحيح نظرا لملوحة المياه وجفاف الجو كما أنه يؤدى إلى تشقق الجلد ‪ ..‬وهم لهذا يستعملون الزبد للتطرية ‪ ..‬ويتوضأون للصلة‬
‫بطريقة التيمم ) بالرمل الجاف بدون ماء (‪.‬‬
‫ولكنهم شديدو العناية بالكل‪ .‬فهم يستعملون السواك والمضمضة بالماء عدة مرات بعد الكل ‪.‬‬
‫وهم يحلقون للطفال رءوسهم إل خصلة يتركونها في الوسط‪.‬‬
‫والعيونهم‪.‬رن شعورهن ضفائر كثيرة على الجانبين ويستعملن الزبد للشعر ‪.‬‬
‫والنساء والرجال يحلقون شعر العانة ويقصون أظافرهم ويكحلون عيونهم ‪.‬‬

‫ومخلفات الشعر والظافر تدفن في مكان بعيد حتى ل يسحر عليها أحد أو يقرأ عليها تعاويذ مهلكة‪.‬‬
‫والوشم غير معروف لكن المرأة تستعمل الحمر للزينة ‪.‬‬
‫وفى المهرجانات قد تجد امرأة تنقش على وجهها رسوما" عجيبة ) طريقة الهيبى ( ‪ ،‬وترقص كنوع من التهريج أو كبقايا طقوس‬
‫وثنية ‪.‬‬
‫‪17‬‬
‫والمرأة التارجية أقصر من الرجل وأكثر سمنة واستدارة وهى ذات عيون واسعة كحيلة وجبهة عالية ويدين دقيقتين رقيقتين ‪..‬‬
‫والسمنة عنصر هام في الجاذبية الجنسية عند النساء وهن يتوسلن إليها بكل طريقة ويأكلن أنواعا خاصة من العشاب يعتقدن أنها‬
‫تسمن ) كالمفتقة عندنا (‪.‬‬

‫علج المساك بشجر الجرجر‬

‫الطوارق أطباء بالفطرة ‪.‬‬


‫‪18‬‬
‫وهم يطيبون المرضى بالفصد والكي والحقن الشرجية والعلج بالعشاب ‪.‬‬
‫وعندهم ما يشبه تذكرالعرب‪ .‬وعلم غزير بالعشاب القابضة والمسهلة والمخدرة والمدرة للبول والمقوية للقلب ‪ ،‬ويستعملون‬
‫الورق المغلي والمجفف والمسحوق والبذور والجذور بفطنة ربما ‪ ..‬وصلت إليهم عن طريق العرب ‪.‬‬
‫وهم يستعملون لبن الحمير كعلج للسعال‪.‬‬
‫ويجففون شجرة الجرجر والنبق‪ .‬علجا" للمساك ‪.‬‬
‫ويداوون السهال بشجرة النبق ‪.‬‬

‫والمراض عندهم قسمان ‪ :‬مرض جسدي يعالج بالدوية ‪ ،‬ومرض روحي يعالج بالسحر )) آمى كيللو ((‪.‬‬
‫وعلج من تلبسه الرواح الشريرة هو إلقاء الرعب في قلبه عن طريق رقصة مخيفة بالقنعة تتخللها الصرخات والبالزبد‪ .‬يفقد‬
‫الوعي ويدخل في غيبوبة تخرج أثناءها الروح الشريرة وتفر مذعورة ول تعود‪.‬‬
‫وهو يمارسون الجراحات البسيطة كالطهارة وعلج الجروح وتجبير الكسور والقطع الحادث بعد الطهارة يدهن عادة بالزبد ‪.‬‬
‫والناقة وحسن المظهر مسويختال‪ .‬في الهمية بالنسبة للتارجى ‪ ..‬أهم من الطعام أن يتأنق ويختال ‪..‬‬
‫والطوارق أصحاب قامة طويلة وفرع باسق وأكتاف عريضة ‪ ،‬وهم يرفعون رءوسهم في اعتزاز حينما يمشون كأنهم أمراء‬
‫أسطوريون ‪ .‬ويلبس الواحد منهم سروال واسعا" يغطى قدميه ‪ ،‬وفوق السروال عباءة فضفاضة بيضاء أو زرقاء أو ملونة ‪ ،‬وعلى‬
‫الرأس تلفيعة تلتف كالعمامة وتغطى الرأس ثم تنسدل كللثام فوق الفم والنف فل يبقى ظاهرا منه إل العينان السوداوان البراقتان ‪..‬‬
‫وفى القدمين يلبس صندل‪.‬‬
‫والرجل يتحلى بالخواتم الفضية المزركشة والساور المنقوشة من حجر الشيست ‪ ..‬وعلى الساور يكتب عادة عهدا بالوفاء لحبيبه‬
‫أو دعوة بالقوة والتوفيق في القتال‪..‬‬
‫وهم يتنافسون في حمل الكياس الجلدية النيقة‪ ..‬جراب جلدي للولعة ‪ ..‬وجراب جلدي للسواك ‪ ..‬وجراب جلدي للبر ‪ ..‬وجراب‬
‫جلدي فيه آية قرآنية أو تعويذة‪ ..‬يحملها في سلسلة مدلة على صدره ‪..‬‬

‫وبالنسبة للنساء هناك تصانيف أكثر من الحلي ‪ ..‬هناك خواتم من الفضة كبيرةللعطر‪.‬لفصوص وللعطر‪.‬بدل الللعطر‪.‬عطر‪.‬صغيرة‬
‫للعطر‪ ..‬وتلبس المرأة اثنين أو ثلثة من هذه الخواتم الكبيرة في اليد الواحدة‪ ..‬وهى دائما من الفضة ‪ ..‬لن الذهب مكروه عند‬
‫الطوارق ول أحد يتحلى به لنهم يعتقدون أنه مجلبة للشر والطمع ‪.‬‬
‫وهناك رواية يرويها مؤلف من تمبوكتو عن رئيس الطوارق )أكيل( الذي كان يرفض أن يلمس الذهب بيديه لنه يجلب النحس ‪.‬‬
‫والساور المنقوشة من الفضة والمحلة بفصوص اللؤلؤ ‪ ..‬والساور الزجاجية و الساور الجلدية المحلة بفصوص كريمة ‪..‬‬
‫والكردان‪.‬لتي تتدلى من العنق وفيها فص من العاج‪ ..‬والكردان ‪ ..‬والبنتنتيف ذو الفص الحمر من المرجان ‪ ..‬والدليات الفضية‬
‫المزركشة ‪ ..‬كلها حلى ضالظهر‪.‬النسبة للمرأة ‪ ..‬والحلق يكون عادة من الفضة وكبير ويتدلى على العنق ‪.‬‬
‫وفى الشعور والضفائر حلى أخرى تتدلى على الظهر ‪ ..‬هذا عدا الحجبة الفضية وجراب الكحل وجراب البر ‪.‬‬
‫والنساء ل يلبسن هذه الحلي إل في الفراح والمهرجانات‪.‬‬
‫أما في اليام العادية فتودع هذه الحلي في صناديق ذوات أقفال حديدية يحمل التارجى مفتاحها في حله وترحاله ‪.‬‬
‫والمرأة التارجية صانعة ماهرة ‪ ،‬فهي التي تسلخ الجلد وتدبغه وتصقله وتصنع منه الخيام والحلي الجلدية والصنادل والحقائب ‪..‬‬
‫وهى أيضا التي تصنع من الخشب أوتاد الخيمة والصحون وأواني الحليب ‪ ..‬وهى التي تصنع من القش القبعات والحصر ‪ ..‬وهى‬
‫التي تغزل من فراء الماشية الحبال المتينة ‪.‬‬

‫وهى تؤدى عملها دائما" بدرجة عالية من الدقة والتفنن ‪.‬‬


‫والفتيات ذوات المنبت العريللعبيد‪،‬ن بما تصنع أيديهن من تلك الدوات ول يتركنها للعبيد ‪ ،‬وإنما يصنعنها بأيديهن ويقدمنها هدايا‬
‫حب لصدقائهن ‪.‬‬
‫وصناعة الجلد والخشب والقش والصوف هي الصناعات التارجية الصلية ولها تقاليد وأسلوب وخصائص وملمح مميزة ‪.‬‬
‫أما الحدادة وصناعة المطروقات وتشكيل الفضة واللفضة‪.‬ناعة القفال والمفاتيح والولعات فيختص بها )) الينادين (( كما ذكرنا‬
‫‪ ،‬وهم من أصل يهودي ‪ ..‬وهم يعتمدون على صهر العملة الفضية كمصدر لخام الفضة ‪ ..‬أما الحديد فمن صهر الخردة والعلب‬
‫الفارغة التي يجمعونها الدقيقة‪ ...‬والنحاس من صهر الخرطوش الفارغ ‪ ..‬ويصنعون منه القفال والسكاكين والبر والملقط‬
‫والدوات الدقيقة ‪.‬‬
‫أما السلحة فهي مستوردة في أغلب الحالت‪ ..‬لكن بعض القبائل التي تسكن في أالعبيد‪.‬د بها خام الحديد بكثرة تشتغل بتعدين‬
‫الحديد وتصنع الخناجر والحراب والسلحة ‪.‬‬
‫أما صناعة الفخار فقد استخدمها العبيد ‪ ..‬وهم الذين أدخلوها للطوارق ‪ ..‬وهم الذين يصنعون الطواجن الفخارية والواني‬
‫المختلفة ‪.‬‬
‫ونظام القوافل في الطوارق يختلف عن نظام القوافل عند العرب ‪.‬‬
‫فالطوارق يركبون دائما" في مقدمة قوافلهم لستكشاف الطريق ويتركون وراءهم مرشدين يوجهون البل للحتفاظ بالصف‬
‫) والسبب هو ارتفاع وهبوط وتعرج الطرق الجبلية (‪..‬‬
‫‪19‬‬
‫بينما يركب العرب في مؤخرة قوافلهم ويتركون البل شبه حرة دون مرشدين لسبب واضح أنهم يسكنون فلوات منبسطة ل عوائق‬
‫فيها وهم لهذا يكشفون الطريق كله من مكانهم في المؤخرة ويوجهون خط السير دون صعوبة تذكر ويدعون الفرصة للبل لتنتقل‬
‫وراء العشب كيفما شاءت دون قيود الصف ‪ ،‬فالعشاب شحيحة ومتفرقة في الصحارى وليست بالكثرة ول التركيز كما هي في‬
‫الوديان الجبلية ‪..‬‬
‫والطوارق أحيانا" يؤجرون لحراسة القوافل التجارية مقابل نصيللتعامل‪.‬ن البضائع ‪ ،‬وأحيانا" يعطون المان لقافلة لتمر في‬
‫أراضيهم مقابل ضريبة محددة ‪ ،‬وأحيانا" يقدمون إبلهم ومرشديهم للقوافل مقابل عمولة ‪ ..‬وهى مناسبات تشكل لهم مصادر سخية‬
‫للدخل ‪.‬‬
‫ولم تكن هناك عملة مصكوكة خاصة بالطوابق ‪ ..‬وإنما كانوا يتعاملون بالمقايضة ويعتبرون مقطع القماش وحدة للتعامل ‪ ..‬ولكن‬
‫الجنيه التركي الذهب كان عملة مقبولة‪.‬‬
‫والقاعدة عند خروج الطوارق بقوافلهم للمقايضة في السودان أنهم يتركون النساء والشيوخ والطفال في مضاربهم ول يخرج‬
‫للرتحال إل الرجال القادرون‪.‬‬
‫وقطع الطريق على القوافل السرقة والسطو هو عادة بعض قبائل الهجارة وليس كلها ‪ ،‬والفرسان يحكون عن هذه المغامرات في‬
‫مجال التفاخر والزهو أمام النساء ‪ ..‬وهم يقومون بها بدافع سلب الحلي والثياب الجميلة لهدائها للعشيقات والحبيبات‪.‬‬
‫والصيف هو الموسم المختارالعشب‪.‬لك المغامرات لن الجفافالعشب‪.‬وشح المرعالعشب‪.‬القبائل للتفرق بحثا عن العشب ‪.‬‬

‫وتوضع الخطة في المساء ثم يخرعادة‪،‬ال في ارتحال سريع بغية انقضاضه مفاجئة قبل الفجر على خيام القافلة ‪.‬‬
‫وبعد معركة سريعة يفر الحراس عادة ‪ ،‬فيقود اللصوص البل ثم يدخلون الخيام ويجمعون ما يجدون من حلى وثياب ويفرون ‪.‬‬
‫ويحدث عادة أن تنقض القبيلة المعتدى عليها في هجوم مضاد يرصدون له كمائن خاصة عند البار التي يعرفون أن اللصوص‬
‫سيردونها في طريق العودة‪.‬‬
‫ويحث اللتحام ويقع قتلى وجرحى كثيرون ‪.‬‬
‫وأحيانا" يحدث اتفاق سلمى وتدفع القبيلة المعتدى عليها ضريبة محددة من البل والثياب في مقابل تسوية معقولة‪.‬‬
‫وقطع الطريق على القبائل السودالمراعى‪ .‬عادة بهدف خطف البنات والولد لبيعهم في أسواق النخاسة أو استخدامهم كعبيد‪.‬‬
‫أما الحروب المنظمة بين القبائل فأكثر ندرة من حوادث قطع الطريق وهى تحدث عادة لسباب سياسية ‪ ..‬تنازع على السلطة أو‬
‫خلف حول المراعى ‪.‬‬
‫وهم يختارون الشتاء موسما" لحروبهم حيث تكون كل قبيلة قد جهزت نفسها بخزين من التموين والمواد الغذائية ‪.‬‬
‫ومن تقاليد الحرب أل يعتدي على النساء السرى‪.‬‬
‫والعتداء على امرأة أسيرة وصمة عار ل تمحى في جبين المعتدى وقبيلته‪ ..‬وكثيرا ما حدثت سلسلة من الحروب النتقامية بسبب‬
‫مثل هذا الحادث ‪.‬‬
‫والسلحة المستعملة في الحروب هي السيوف والحراب والخناجر والبلط‪.‬‬
‫أما العبيد فيسلحون بالعصي ول يحمل الدروع إل النبلء والرؤساء والقواد‪.‬‬
‫وقد دخلت البنادق والمسدسات والرشاشات الحروب القبلية بعد دخول الفرنسيين‪.‬‬
‫وأول رحالة غربي اكتشف الطوارق هو النجليزي جوردون لنج ‪1800‬‬
‫الذي بدأ رحلته من طرابلس إلى تمبوكتو عابرا اغدامس وفى الطريق تعرف على الشيخ عثمان )) شيخ منطقة الزاوية (( الذي‬
‫دله على مسالك الصحراء‪.‬‬
‫ولكنه قتل قبل أن يتم رحلته‪ ،‬قتله الدلء العرب الذين كانوا يرافقونه‪.‬‬
‫وفى سنة ‪ 1849‬استطاع اللماني هنرى بارت أن يتم الرحلة التي لم يستطع زميله النجليزي إتمامها ‪ ،‬فوصل إلى تومبوكتو ثم‬
‫عاد إلى طرابلس مارا بكل قبائل الطوارق في المنطقة ‪ ..‬وبذلك دخل التاريخ مع الرحالة العظام أمثال لفنجستون وستانلى وبرازا‪.‬‬
‫وأول مرجع وافى عن الطوارق هو ما كتبه دوفيريه الفرنسى في رحلة استغرقت ‪ 28‬شهرا" ‪ ،‬رافقه فيها الشيخ عثمان والرئيس‬
‫التارجى أخنوخ ‪.‬‬
‫وقد حدث بعد ذلك أن دعا دوفيريه الشيخ عثمان إلى باريس وقدمه إلى نابليون الثالث‪.‬‬
‫وأعقب هذا اتفق تجارى بين الفرنسيين في الجزائر وبين الطوارق‪..‬‬
‫وبعد ذلك بدأت المقاومة‪ ،‬فرفع الطوارق المسلمون شعار )) ل كفار ول مشركين في بلدنا ((‪ ..‬وبدأ التقتيل يطارد كل بعثة‬
‫فرنسية تحاول اختراق الصحراء‪.‬‬
‫وتوقفت البعثات عشرين عاما"‪.‬‬
‫وفى عام ‪ 1899‬عاد اللصحراء‪.‬يد ومعه ثللصحراء‪.‬ل مسلح ليقتحم قلعة الصحراء‪ ..‬وهذه المرة استطاعت البنادق الحديثة‬
‫والمسدسات المتعددة الطلقات أن تقتحم القلعة‪ ،‬ورفع فورد العلم الفرنسي على واحة عين صالح وأعلن احتللها‪.‬‬

‫وحاول الطوارق بقيادة )) تيت (( الهجوم على الفرقة الفرنسية ولكنهم عادوا وقد تركوا وراءهم سبعين قتيل‪.‬‬
‫وبعد ذلك بدأت القبائل التارجية تعلن خضوعها واحدة بعد أخرى ‪.‬‬
‫‪20‬‬
‫اللغة البربرية والبربر‬

‫‪21‬‬
‫بطول الشمال الفريقي ‪ ..‬في ليبيا في جبل نفوسة وزواره وفى جنوب تونس وفى وادي مزاب بالجزائر تجد اللغة البربرية‬
‫والبربر‪.‬‬
‫وقد رأينا أن اللغة البربرية تدخل في تكوين اللغة التارجيه وتدخل في تكوين اللغة الغدامسية وتدخل في لهجات سكان الدواخل‬
‫الليبية ‪.‬‬
‫وقرأنا في التاريخ أن البربر هم أصل الطوارق‪ ،‬وفى إحدى النظريات أنهم أصل الفراعنة أيضا‪.‬‬
‫وقد استطاعت الصحراء الليبية أن تذيب العرب والطوارق والبربر في سبيكة واحدة متناسقة ذات وحدة وطنية‪.‬‬

‫وأمام الظلم والستعمار يهب الكل ‪ ..‬كما يهب غوما العربي يهب أخيا التارجى وينتفض سليمان الباروني البربري ‪.‬‬
‫وقد عرفت القاهرة سليمان الباروني حينما كان يصدر جريدة السد السلمي ‪.‬‬
‫وقد أطلق سليمان شعر لحيته ورأسه وأقسم أل يحلقه إل حينما يخرج آخر جندي إيطالي من أرض الوطن‪ ..‬وقاد الكفاح الليبي ضد‬
‫الستعمار اليطالي وسافر إلى تركيا ثم الهند ثم توفى في بمباي وما زال له فيها قبر يزار ‪.‬‬
‫وفى اللغة البربرية يستعمل حرف ) ت ( للتأنيث كما في العربية‪:‬‬
‫ديك ‪ :‬زييط‬
‫دجاجة ‪ :‬تزييط‬
‫حصان ‪ :‬أجمار‬
‫فرسة ‪ :‬تجمارت‬
‫يقتل‪:‬يف الفعال يضاف حرف ) و ( ليدل على الماضي ويضاف حرف ) أ ( ليدل على المر وحرف ) س ( للمستقبل كما في‬
‫العربية‪.‬‬
‫يقتل ‪ :‬يناغ‬
‫قتل ‪ :‬ينغو‬
‫سيقتل ‪ :‬سينغ‬
‫أقتل ‪ :‬أنغ‬
‫وهناك شواذ مثل فعل يأكل وفعل ينام‪:‬‬
‫يأكل ‪ :‬يتت‬
‫‪78‬‬
‫أكل ‪ :‬يتشو‬
‫كل ‪ :‬انش‬
‫سوف يأكل ‪ :‬سايش‬
‫وفى فعل ينام يستخدم التخفيف فيحذف حرف ) ط ( للدللة على الماضي‪:‬‬
‫ينام ‪ :‬يططس‬
‫نام ‪ :‬يطس‬
‫سينام ‪ :‬سيطس‬
‫نم ‪ :‬اطس‬
‫جمل‪ :‬يضاف حرف ) ن ( ‪:‬‬
‫جمل ‪ :‬الغم‬
‫جمال ‪ :‬ايلغمن‬

‫الكلمة البربرية‬ ‫الكلمة العربية‬


‫مل لل‬ ‫البيض‬
‫زطف‬ ‫السود‬
‫ازفاغ‬ ‫الحمر‬
‫‪22‬‬
‫أوراغ‬ ‫الصفر‬
‫نيتش‬ ‫أنا‬
‫نيت‬ ‫هو‬
‫شك‬ ‫أنت‬
‫نيتن‬ ‫هم‬
‫تيت‬ ‫يأكل‬
‫يططس‬ ‫ينام‬
‫يساو‬ ‫يشرب‬
‫يناغ‬ ‫يقتل‬
‫الشيشيو‬ ‫العصفور‬
‫تيازيط‬ ‫الدجاجة‬
‫ابرنى‬ ‫الصقر‬
‫تليفساء‬ ‫الفعى‬
‫تفاردنت‬ ‫العقرب‬
‫أرتيلت‬ ‫العنكبوت‬
‫تكيتشا‬ ‫الدودة‬
‫فوناس‬ ‫الثور‬
‫تفوناسيا‬ ‫البقرة‬
‫تاحجامت‬ ‫حمامة‬
‫ابرنى‬ ‫الصقر‬
‫أزعلوك‬ ‫الكبير‬
‫أمزان‬ ‫الصغير‬

‫حصان ‪ :‬اجمار‬
‫أحصنة ‪ :‬اجمارن‬
‫ديك ‪ :‬زييط‬
‫ديوك ‪ :‬ايزيطن‬
‫ذئب ‪ :‬أوشن‬
‫ذئاب ‪ :‬أوشانن‬
‫ومن الغاني الشعبية ابالعربية‪:‬تي يغنونها في العراس مثل أغنية )) مبروك عليك يا عروسة (( عندنا ‪ ..‬هذه الغنية وكلماتها‬
‫بالعربية ‪:‬‬
‫رأيتها نائمة وشعرها متناثر حولها‬
‫والسطورة تلمع في يدها‬
‫كانت متكئة‬
‫ونظراتي تحج إليها‬
‫كما تحج نظرات المؤمن إلى مكة‬
‫بل أكثر ‪ ..‬استغفر ال‬
‫رأيتها تسير‬
‫وعودها ينساب كالسفينة‬
‫معبأة بكل ما يخطر ببالك‬
‫من عنبر وعطور وسلع جميلة‬

‫و كلماتها بالبربرية ‪:‬‬


‫زر يغطط ططس‬
‫لغط يتنس بمحل وس‬
‫ادبلج دوفسنس يبجص‬
‫زر يغطط تتكا‬
‫ديس اشتحت خران مكا‬
‫ل يمتل ما يميلغ‬
‫زر يغطط تيجور‬
‫الجدنس امالبابور‬
‫يا سباسلعت يتشور‬
‫‪23‬‬
‫ابلل تمتلد يلل دبس‬

‫و العراس الشعبية لها تقاليد طريفة عند البربر‪.‬‬


‫اول يوم في الفرح و يسمونة فرش الحصيرة " ايساين جرتيلت" يطلقون الزغاريد و البخور وتغنى فرقة من العبيد) وكل المغنيات‬
‫و الرقصات عبيد سود وليسوا من البربر وهم نسل الرقيق القديم الذى اعتنق وظل يخدم سادتة ويتوارث هذة الخدمة ابا عن جد (‬
‫و البربرية الصلية وهى عادة بيضاء و احيانًا شقراء ل تغنى ول ترقص وإن كانت بعضهن زجالت وشاعرات‪.‬‬
‫وفي اليوم التانى من الفرح تقدم الصرة وبها الكسوة و الحنة و السواك و البخور تحملها جارية في موكب زغاريد من بيت العريس‬
‫الي بيت العروس‪.‬‬
‫و في الليل تقام حفلة ساهرة في بيت العريس رقص وغناء وزغاريد ثم يتقدم احد المغنيين العبيد ويعدد محاسن المعازيم علي‬
‫الطبلة في مقابل النقطة "ايريح" وفي ثالث يوم وهو يوم مشهود يشرف السلطان العريس في المساء مع الحاشية ويجلس وعند‬
‫قدمية يجلس العبيد ‪ ...‬وفي نفس الوقت تشرف السلطانة " العروس" لتجلس مع اترابها من البنات‪.‬‬
‫وتطول جلسة السلطان وهو يتلفت حولة في الطة ) وهذة اللطة جزء من التقاليد( ثم يمد يدة الي العبد الجالس عند قدمية فيعطية‬
‫زجاجة عطر ويمنحة منحة مالية وبذلك تفتتح الحفلة ويبدأ الرقص والغناء‪.‬‬
‫وفي الليل تسير السلطانة في زفة وتعمل لفة علي قدميها في البلدة علي ضوء المشاعل و انغام وزغاريد فرقة العبيد ‪ ...‬و الغنية‬
‫التى يرددونها في تلك المناسبة ‪:‬‬
‫يالل ايا نروح‬
‫تدرتنر تام طوح‬
‫ومعناها هيا يا سيدتى ‪ ...‬اسرعى الخطو فالبيت بعيد‪.‬‬
‫و في ليلة الدخلة يسير موكب يتقدمة اقرباء العريس الي البيت العروس وياخذون السلطانة الي بيت عريسها ‪ ...‬و اثناء الطريق‬
‫يطوق العبيد الموكب ويحجبونة بملءه كبيرة تخفية عن اعين الفضوليين‪.‬‬
‫و البربرية ل تتزوج ال بربريا‪.‬‬
‫و الحب العذرى عندهم موجود ولكنهم محافظون جدا الي درجة التزمت ‪.‬‬
‫فالبنت تختفى وراء حجاب ول تختلط بالرجال ول يستطيع ان يختلى حبيبان في خلوة ‪ ...‬والتعارف ل يزيد علي نظرات مختلسة‪.‬‬
‫و الم هى التى تستطلع وتختار لبنها ثم يتقدم الب ليخطب ويكتب الكتاب بمهر رمزى ‪ 25‬قرشا كما هو متبع في الشرع ثم‬
‫يشترك الزوجان في الثاث و الجهاز‪.‬‬
‫و بالنسبة للموت تكتفي المراة بوضع وشاح اسود حول راسها لمدة اربعة اشهر واحيانا احمر " افكاى" وتجتمع النساء في‬
‫مجموعات ليبكين " دموع الرحمة " ويشترك الجيران في جلب الطعام لهل البيت ليأكل المعزون ‪ ..‬وفي اليوم التانى تذبح ذبيحة‬
‫توزع علي الهالى وتتلى الختمة لمدة ثلث ليال " ايمبغران "‬
‫و المجتمع البربرى مجتمع استقرار يعتمد على الزراعة ) الحبوب و الزيتون و التين و الرمان ( وهناك صناعات غزل و‬
‫صناعات جلود واحذية يحترفها بعض البربر ‪ ..‬ولكن صناعة الحدادة تتوارثها اسرتان كلتاهما غير بربريتين‪.‬‬
‫وطبقة الصفوة الرائدة هم موظفون الداريون وفقهاء الدين ويسمونهم " الغرابة " وهم الذين يقومون بالفتاء وتعليم القران و‬
‫الشريعة و كتابة عقود الزواج والطلق‪.‬‬
‫وهناك قلة من كبار الملك‪.‬‬
‫ومستوى المعيشة مرتفع نسبيا بين البربر و القبال علي التعليم كبير لن كل واحد يحلم بان يصبح " عزابة "‬
‫و البوتاجاز والثلجة والتليفزيون و الترانزاسيتور و الكاديلك و البويك دخلت جبل نفوسة ‪.‬‬
‫اما العبيد و السود فيؤلفون طبقة داخل بعضهم تحترف الزراعة و الرقص و الغناء و الخدمة في البيوت‪.‬‬
‫ويغنى السود في اعراسهم اغانى تكشف عن ماضيهم الطويل الليم‪:‬‬
‫باباى من كاوار‬
‫وامى خادم‬
‫واللى جرى لى ماجرى لبن ادم‬
‫باباى من كاور‬
‫وامى حرة‬
‫واللى جرى لى ما جرى للضرة‬
‫ولكن بعض السود المحظوظين استطاع ان يتعلم في الجامعة‪.‬‬
‫وبعضهم دخل الجيش و البوليس‪.‬‬
‫ول يوجد مسيحيون بين البربر‪.‬‬
‫وكلهم محافظون الي درجة التزمت‬
‫وهم يتبعون المذهب الباضى‬
‫والمذهب الباضى يختلف في بعض شكليات قليلة عن المالكى و الشافعى والحنفي مثل عندهم لبد من البسملة مع كل سورة‪.‬‬
‫والصلة تبدا بدون رفع اليدين الي جانبي الرأس‪.‬‬
‫و التشهد بدون حركة الصبع‪.‬‬
‫‪24‬‬
‫و الخلفة تجوز من خارج البيت الهاشمى لن شرطها هو الكفاية الخلقية و الدينية وليس الدم الهاشمى‪.‬‬
‫وفي نظرهم ان علي بن ابي طالب اخطأ حينما قبل التحكيم في واقعة الجمل‬
‫وقد اثبت ان الواقعة حدثت بين جيش معاوية وجيش على ‪ ..‬واكتشف معاوية بذكائة ان فرصتة في النصر قليلة فأمر برفع‬
‫المصاحف علي اسنة الرماح وطلب التحكيم‪.‬‬
‫وفي نظر الباضية ان عليا اخطا بقبول التحكيم لنة صاحب حق في الخلفة ‪ .‬وبصرف النظر عن هذة الفروق الشكلية فان البربر‬
‫شديدو اليمان وشديدو التمسك باخلقيات السلم ‪ .‬وهم بالدعاء امناء قلما يصل بينهم شجار او خلف الي درجة البوليس لنهم‬
‫يحلون اكثر مشاكلهم علي المستوى العائلى وعندهم كلمة " رجل جيالى" مرادفة " لرجل امين"‬

‫أبناء نوح‬

‫‪25‬‬
‫ل ‪ :‬إن نوح أنجب ثلثة أبناء هم سام وحام‬
‫في كتاب العبر لبن خلدون يروي لنا ابن خلدون عن شجرة عائلة نوح وأولده قائ ً‬
‫ويافت‪.‬‬

‫أما فرع يافت فهو الذي جاء منه سكان شمال أفريقيا الذين استوطنوا هذا المكان من العالم قبل البربر وهم أجناس ما قبل التاريخ‬
‫الذين يطلق عليهم الكروماجنون‪ .‬ويقول عنهم ابن خلدون أنهم كانوا يعبدون الشمس والقمر والكبش والقرد والثور وكانوا يدفنون‬
‫الميت في وضع جنيني لعتقادهم بأنه سوف يبعث كميلد الجنين من بطن الرض‪.‬‬

‫أما فرع نوح الثاني )) حام (( فهو قد أعطانا ثلثة أبناء هم مصارييم وفلسطين وكنعان‪.‬‬

‫مصارييم أنجب الفراعنة‪..‬‬

‫وفلسطين أنجب الفلسطنيين القدماء‪..‬‬

‫وكنعان أنجب البربر‪.‬‬

‫وكلمة بربر جاءت من الجد الكبر بربر بن تمل بن مازيغ بن كنعان بن نوح‪.‬‬

‫وجاء البربر في هجرة من الشام إلى شمال أفريقيا ثلثة ألف سنة قبل المسيح أي قبل التاريخ‪.‬‬

‫وكان الرحل منهم يسكنون الخيام من الشعر والوبر وبعض الذين استقروا على الزراعة في الوديان كانوا ينحتون بيوتهم في الجبال‬
‫وينقرون في الجبل غرفات كاملة بمرافقها ومازالت بعد هذه البيوت المنحوتة باقية في جبل نفوسة وفي جنوب تونس وجبال‬
‫الوراس‪.‬‬

‫وكان دين البربر القديم هو أمون ومظاهره الشمس والقمر والكبش ذو القرنين وكانوا يقدسون الحمامة والطاووس والقط والضفدعة‬
‫والسلحفاة ‪ ..‬وكانوا يعتقدون أن قتل هذه الحيوانات يصيبهم بالشلل والجنون والعاهات‪.‬‬

‫ومازالت عقيدة تحريم صيد الحمام باقية إلى الن في أنحاء كثيرة من المغرب‪.‬‬

‫واعتقد البربر في الجن والرواح التي تسكن الينابيع الحارة‪.‬‬

‫وكانت الم عندهم مقدسة وكانت تحكم على القبيلة وتسوس الرجال‪.‬‬

‫وكان البن قديمًا ينسب لمه ل لبيه‪.‬‬

‫واستخدموا لغة منطوقة ومكتوبة هي اللغة البربرية ‪ ..‬واللغة المكتوبة سموها " تيفينناغ " وهو نفس السم المستخدم في اللغة‬
‫النارجية‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫وترجمة كلمة تيفيناغ ‪ ..‬الحروف المنزلة من عند ال ‪.‬‬

‫وأكثر الكلمات البربرية تجدها في اللغة النارجية بنصها‪.‬‬

‫وحينما دخلت اللغة العربية مع السلم شرع البربر في بربرة الكلمات العربية بإضافة التاء إليها ‪:‬‬

‫تدارت‬ ‫الدار‬

‫تاحنوت‬ ‫الحانوت‬

‫الغابت‬ ‫الغابة‬

‫الجنت‬ ‫الجنة‬

‫وهناك أمثلة شعبية بربرية تشبه في المعنى أمثلتنا العربية‪:‬‬

‫انفسي تشورداست ــ يلقي العضم في الكرشة‪.‬‬

‫ويدهكلن يطاود ــ من صبر ظفر‪.‬‬

‫اغرم وليتو ابنى ديواس ــ الدنيا لم تبن في يوم‪.‬‬

‫طيطس أنا وساعت ــ أبو عين فارغة ‪ ..‬أبو عيون جريئة‪.‬‬

‫تالويت سوزاف البلسيقنطارون ــ الشفاء بالدرهم والمرض بالقنطار‪.‬‬

‫وقد أقام البربر دولة بربرية كبرى كانت تشمل ليبيا والمغرب وموريتانيا‪.‬‬

‫وحفظ لنا التاريخ أسماء ملوك عظام أمثال صفاقس ومصنيًا ويوغورطة ويوبا‪.‬‬

‫وقد غزا الرومان الدولة البربرية وأسروا ملوكها وساقوهم مكبلين بالحديد في شوارع روما وجندوا ألوف البربر في جيوشهم‬
‫بالسخرة‪.‬‬

‫ويروي لنا التاريخ المعارك بين يوليوس قيصر ويوبا‪.‬‬

‫وتمزقت الدولة البربرية‪ ..‬ولكن ظلت المقاومة تندلع من برابرة الجبل والثورات تتوالى ضد حكم روما‪.‬‬

‫ويروي لنا التاريخ أن أحد الباطرة الرومان سبتموس سافاروس كان من أصل بربري وأنه أنصف البربر وسن القوانين بمساواتهم‬
‫بالرومان في عهده‪.‬‬

‫ومازال تمثال سبتموس سافاروس قائمًا في أحد ميادين طرابلس إلى الن‪.‬‬

‫وقد تعانقت الديانات البربرية القديمة مع الديانات الرومانية‪ ،‬فكلها كانت ديانات وثنية‪.‬‬

‫ل‪.‬‬
‫وحينما جاءت المسيحية كان البربر أسرع من الرومان أعتناقًا لها‪ ،‬فقد وجدوا فيها خلصًا وأم ً‬

‫وفي عهد المبراطور صوكليسيان أحرق وقتل آلفًا من شهداء البربر المسيحيين‪.‬‬

‫وحينما دخلت روما المسيحية‪ ..‬أنشأ اثنان من القسس البرابرة مذهبًا مسيحيًا خاصًا إسمه الدونتسية‪ ..‬واعتنق الكثير من البربر‬
‫اليهودية نكاية في الرومان‪.‬‬

‫ويروي لنا التاريخ سقوط الحكم الروماني على يد قبائل الوندال )قبائل جرمانية غازية مثل التتار(‪.‬‬
‫‪27‬‬
‫وبعد موجة غزو الوندال تأتي موجة الغزو البيزنطي‪.‬‬

‫وفي سنة ‪ 648‬وفي حكم عثمان بن عفان يدخل القائد المسلم عبد ال بن سعد على رأس جيش من عشرين ألفًا ليحارب مائة‬
‫وعشرون ألفًا من البربر بقيادة جرجير البربري وينتصر عليه ويقتله ويدخل السلم لول مرة إلى البربر‪.‬‬

‫قاموس بربري عربي‬

‫الكلمة البربرية‬ ‫الكلمة العربية‬


‫غاس‬ ‫الحب‬
‫اكراه‬ ‫الكراهية‬
‫اسلن‬ ‫الفرح‬
‫تورديت‬ ‫الوردة‬
‫تشجريت‬ ‫الشجرة‬
‫نعنوش‬ ‫الطفل‬
‫تمطوط‬ ‫المرأة‬
‫آرجاز‬ ‫الرجل‬
‫تعذبت‬ ‫الفتاة‬
‫اييلم‬ ‫السحاب‬
‫آمن‬ ‫الماء‬
‫تفاوت‬ ‫النار‬
‫أغي‬ ‫اللبن‬
‫زورين‬ ‫العنب‬
‫ايمطكن‬ ‫التين‬
‫أزمور‬ ‫الزيتون‬
‫غرون‬ ‫الخبز‬
‫يردن‬ ‫القمح‬
‫طمزين‬ ‫الشعير‬
‫اللى‬ ‫الذرة‬
‫الصفصاء‬ ‫البرسيم‬
‫اجمار‬ ‫حصان‬
‫الغم‬ ‫جمل‬
‫أوشن‬ ‫ذئب‬
‫وار‬ ‫السد‬

‫‪28‬‬
‫ول يبقى أثر لهذا الطوفان من الغزو الروماني والوندالي والبيزنطي‪ ..‬ل نجد أثرًا من وثنية أو مسيحية أو لغة رومانية أو جرمانية‬
‫أو بيزنطية برغم سنوات من حكم السيوف‪ . .‬ويفتح البرابرة أزرعهم للغزاة الجدد لغة ودينًا ليصبح السلم هو الدين الوحيد‬
‫والعربية هي لغة الشمال الفريقي كله‪.‬‬

‫ونسمع الن في جبل نفوسه‪ ،‬في مولد النبي ‪ ،‬البربر ينشدون المدائح النبوية المؤثرة بلغتهم البربرية‪:‬‬

‫باتا يمرفد تلقيس ‪ ..‬اس مكة استوقغنت ايشركن‬

‫عنجال الدين انربيس ‪ . .‬بيوض الدباغ سيضغا عن‬

‫ومعناها ‪:‬‬

‫ما أشد ما لقي النبي من عذاب‬

‫من مكة وطنه أخرجه المشركون‬

‫ومن أجل دين ربه رجموه بالحجار حتى نزف دمًا‬

‫‪29‬‬
‫كلمة ال في الصحراء‬

‫الصحراء كانت دائمًا مخبأ عظيمًا للحرية والحركات التحررية وأوكار للثوار والمفكرين‪ ،‬احتضنوا فيها أفكارهم حضانة طويلة‬
‫قبل أن تفرخ زوابع غيرت وجه المة العربية‪.‬‬

‫وكانت جميع هذه الحركات التحررية دينية‪.‬‬

‫السنوسية في الشمال الفريقي والمهدية في السودان‪.‬‬

‫في برقة وواحة الجغبوب والكفرة وغدماس كان ابن السنوسي يتنقل لينشر دعوته بين البدو والبربر والطوابق وقبائل التبو وأولد‬
‫سليمان والمجابرة‪. .‬‬

‫وأكثر من هذا كان السنوسية يشترون العبيد والرقاء صغارًا من السودان ويربونهم في جغبوب وغدامس حتى إذا بلغو أشدهم‬
‫وأكملوا تحصيل العلوم الدينية أعتقوهم وسرحوهم إلى أطراف السودان لنشر الدعوة بين أبناء جنسهم ‪.‬‬

‫وبواسطة السنوسية صارت نواحي بحيرة تشاد مركزًا إسلميًا هامًا في وسط أفريقيا‪.‬‬

‫ويقدر المؤرخ دوفرييه أتباع السنوسية في عام ‪ 1873‬بحوالي ثلثة مليين‪.‬‬

‫ويقول هاملتون أن السنوسي أسس أكبر أخوة دينية في أفريقيا امتدت فروعها من مراكش إلى الحجاز‪.‬‬

‫فما هي الدعوة السنوسية؟‬

‫كان ابن السنوسي يرفع شعارًا واحدًا هو إعلء كلمة الحق‪.‬‬

‫تنبه الغافل وتعلم الجاهل وترشد الضال‪.‬‬

‫وكانت وسائله هي التقرب إلى ال بالعلم والقرآن والعمل الصالح والكفاح واتباع الزهد وقراءة التسابيح والذكر حتى يصل بالمريد‬
‫إلى درجة النورانية والوجد‪.‬‬

‫ولكنه لم يكن صوفيًا منقطعًا‪ ،‬وإنما كان مبشرًا له رؤية إجتماعية ‪ . .‬وفي ذهنه نظام مثالي عاش يخطط من أجله ‪. .‬‬

‫كان يحلم بإعادة بناء العالم السلمي على صورة جديدة‪.‬‬

‫ومن أجل هذا الحلم أنشأ نظام الزوايا‪.‬‬

‫وفي أواخر عصره كانت هناك ‪ 121‬زاوية منها سبع عشرة في مصر وواحدة في استنامبول واثنتان في الحجاز وست وستون في‬
‫طرابلس وبرقة وعشر في تونس وخمس في المغرب واثنتا عشر في تونس وخمس في المغرب واثنتا عشرة في السودان‬
‫الفريقي ‪.‬‬

‫كل زاوية مبنية على مكان مرتفع حصين لتكون كالقلعة‪.‬‬

‫وبكل زاوية مسجد ومدرسة ومكتبة وحدائق وأراض موقوفة‪.‬‬

‫والزاوية ملكية عامة للنظام نفسه هي والراضي الموقوفة عليها ‪ . .‬وفائض غلت الراضي إذا كان هناك فائض يرسل للمركز‬
‫ليرسلها بدوره إلى الزوايا التي يديرها‪.‬‬

‫وكل فرد من أفراد القبائل يتبرع بحراث يوم وحصاد يوم ودراس يوم في أرض الزاوية‪ ،‬وذلك لتسهيل العمران دون نفقة‪.‬‬
‫‪30‬‬
‫وكانت الزاوية بمثابة استراحة للقوافل ومركز تجاري ومركز أجتماعي ومحكمة ومصرف وبيت الضيافة وملجأ للفقراء ومدرسة‬
‫للقرآن وحرم أمن ومدافن وساحة للتدريب اليومي على الرماية وأطلق النار‪.‬‬

‫وتجرى المسابقات وتعطى الجوائز لمهر الرماة‪.‬‬

‫وكان حفر البار وبناء الصهاريج واستصلح الراضي البور واجب كل زاوية في المكان الذي تقام فيه‪.‬‬

‫وكان يوم الخميس من كل اسبوع مخصصًا عندهم للشغل باليدي‪ .‬فيتركون الدروس في ذلك اليوم ويشتغلون بالنجارة والحدادة‬
‫وغزل الصوف وفلح الرض ‪ ،‬ل تجد منهم إل من يكد ويكدح وعلى رأسهم الشيخ السنوسي نفسه ‪.‬‬

‫ولكل زاوية رئيس هو شيخ الزاوية ‪ ،‬ومجلس يضم وكيل الزاوية وشيخ القبائل وأعيان المنطقة ‪.‬‬

‫ومن شيوخ الزوايا جميعهم يتألف مجلس أعلى يترأسه السنوسي‪.‬‬

‫وهو نوع من التنظيم الهرمي في أسفله قاعدة من التباع والمريدين‪ ،‬يليهم إلى أعلى شيوخ القبائل ثم شيوخ الزوايا ثم الشيخ‬
‫السنوسي‪.‬‬

‫ويجتمع المجلس العلى للنظر في سير الحركة مرة كل سنة‪.‬‬

‫واتخذ النظام من برقة مركزًا للدعوة‪.‬‬

‫ومن برقة اتسع نفوذ السنوسية ودخلت صحراء جزيرة العرب حيث اعتنقها عدد من القبائل كبني الحارث وبني حرب كما انتشرت‬
‫بواسطة الحجاج في اليمن ‪ . .‬وبنيت الزوايا في المدينة والطائف والحمراء وينبع وجدة‪.‬‬

‫كانت السنوسية دولة داخل دولة‪.‬‬

‫وكان السنوسي يحلم بإعادة بناء العالم السلمي وتوحيده بتكاثر هذه الخليا حتى تبتلع المة العربية في داخل هذا الشكل التنظيمي‬
‫الجديد من الشتراكية السلمية‪.‬‬

‫ولكن الستعمار اليطالي الزاحف من الشمال والستعمار الفرنسي الزاحف من الجنوب لم يمهل هذه الحركة حتى تؤتي ثمرتها ‪. .‬‬
‫وما لبث أن اطبق عليها بكلبة الحديد والنار‪.‬‬

‫وفي لحظة وجدت السنوسية نفسها في موقف الدفاع‪.‬‬

‫وانطلق الرصاص من عشرات الزوايا في أعماق الصحراء‪.‬‬

‫يقول دوفريبه إن السنوسية هي المسئولة عن جميع أعمال المقاومة التي قامت ضد فرنسا في الجزائر وأنها السبب في الثورات‬
‫المختلفة التي قامت ضد فرنسا كثورة محمد بن عبد ال في تلمسان وعصيان محمد بن تكول في الظهرا‪.‬‬

‫وفي سنة ‪ 1895‬كان علم المقاومة للستعمار الفرنسي في الجنوب ‪ ،‬في يد‬

‫‪31‬‬
‫السنوسية وحدهم‪.‬‬

‫وكان محمد البراني يجمع الجيوش من الطوارق والبدو والبربر لمقاومة الزحف الفرنسي‪.‬‬

‫وكانت الموال والسلحة تتدفق من التلميذ والمريدين‪.‬‬

‫وفي خطاب مرسل من أحد تلميذ السنوسي إلى مدير غدامس التركي يكتب التلميذ‪:‬‬

‫ل وغنمنا من‬
‫" وقد وقع القتال بيننا بالبارود والسيوف حتى كسرناهم كسرة عظيمة وقتلنا منهم نحو ثلثمائة وستة وثمانين رج ً‬
‫الخيل كثيرًا والبنادق بل عدد والخزنة والبل والخبية والحمد ل على ذلك وبركة شيخنا معنا "‪.‬‬

‫وكانت من تقاليد الطريقة السنوسية مناولة السبحة والسيف للمريد حينما يتم دراسته‪ ،‬ويكون ذلك بأن يلبسه الشيخ الجرة أو‬
‫الخرقة ‪ ،‬وبعد أيام يناوله السبحة ويلبسه السيف ويأمره بالصلة بهذا الزي‪.‬‬

‫وفيما أورده المؤرخ أحمد زاده ‪:‬‬

‫" إنه من الواجب على كل فرد من السنوسية مادام قادرًا وغير عاجز أن يكون مستعدًا للطوارئ متهيئًا للحرب منتظرًا للمر منفذًا‬
‫له بكمال طاعته "‪.‬‬

‫ومما يروى أن رشيد باشا التركي أرسل جواسيسه إلى أحدى الزوايا‪ ،‬وسأل الجاسوس أحد الخوان وهو محمد البكري عما إذا‬
‫كان بالزاوية أسلحة‪ ،‬فأجاب البكري نعم لدينا مخازن من السلحة‪ ،‬ثم قاده إلى أحد مخازن الكتب وفتحها له‪.‬‬

‫وقد استمرت مقاومة السنوسية للفرنسيين عشر سنوات‪.‬‬

‫وفي سنة ‪ 1902‬سقطت زاوية بير العلني في أيدي الجيش الفرنسي الذي هدمها وبنى مكانها قلعة حصينة‪.‬‬

‫وفي سنة ‪ 1911‬تحولت السنوسية إلى الشمال لمقاومة الستعمار اليطالي ‪ ،‬واستطاعت أن تقاوم اليطاليين عشرين سنة‪.‬‬

‫ولكن الصلب والبارود والصناعة الغربية والعلم الغربي أستطاع أن يهزم بدو الصحراء‪.‬‬

‫وفي كل صدام بين الشرق والغرب كانت الصناعة الغربية تحسم المعركة‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫حديث الرجل الصالح‬

‫هو رجل مغربي منقطع للعبادة في جبل‪.‬‬

‫لم يشأ أن يذكر اسمه ول مكانه ‪. .‬‬

‫هو عبد ال في أرض ال‪.‬‬

‫يلبس بردًا من الصوف ويجلس على الرض بغير فراش ويتوسد الحجر ‪ . .‬وما رأيت معه إل بعض كتب مخطوطة ‪ ..‬وما رأيته‬
‫ضاحكًا ‪ . .‬وما رأيته رافعًا بصره في طريق‪.‬‬

‫يكسب حياته من غزل الصوف ‪. .‬‬

‫ول يأكل إل بضع ثمرات فإذا ارتحل فأعشاب الطريق زاده ‪ . .‬وهو مورد الوجه يفيض صحة وإشراقًا‪.‬‬

‫قلت له ‪ :‬كيف تجد الكفاية في هذه العشاب ؟‬

‫قال لي ‪ :‬كف يدك عن الذى ‪ ،‬وطهر لسانك عن الغيبة ‪ ،‬وافتح قلبك للحب يجعل لك ال في كل عود أخضر من هذه العيدان غذاء‬
‫ل‪.‬‬
‫كام ً‬

‫سألته أن يعظني ‪. .‬‬

‫فنظر إلي في حياء وغمغم ‪:‬‬

‫قال ال للمسيح ‪ " :‬يا عيسى عظ نفسك فإن اتعظت فعظ الناس وإل فأستحي مني "‪.‬‬

‫وأنا لم اتعظ بعد لعظك‪.‬‬

‫فقلت له ‪ :‬إذن تمنحني بعض كلمات تكون زادي على الطريق‪.‬‬

‫فقال وهو يرسل نظراته إلى الفق البعيد ‪:‬‬


‫اصرف كل اهتمامك إلى العلم ‪ ،‬فإن ال ل يعبد إل بالعلم‪.‬‬

‫ل تشتغل بطلب الدنيا ‪ ،‬فمن يشتغل بطلب الدنيا يبتلى فيها بالذل‪.‬‬

‫إذا خفت ال خاف منك كل شئ‪.‬‬

‫احذر صحبة النساء اتقاء على إيمان قلبك‪.‬‬

‫الستئناس بالناس علمة الفلس وفراغ العقل وهذا شأن من تراهم على المقاهي ‪ . .‬فل شئ يؤتنس به إل الحضرة اللهية والخلوة‬
‫مع الرحمن‪.‬‬

‫من لزم الناس أصبح محصورًا في محيطاتهم وفي هيكل ذاته‪.‬‬

‫من دعا لظالم بطول العمر أو البقاء فقد دعا إلى معصية‪.‬‬

‫نقاء السريرة وصفاء القلوب وسلمة النيات ومحبة الخلق والخالق هي رأس العبادة والسعي وراء الشهرة فسادها‪.‬‬

‫أكثر من صحبة الصالحين فإن فيهم الشفعاء ‪.‬‬


‫‪33‬‬
‫قلت له ‪:‬‬

‫ـ ومن هم الصالحون ؟‬

‫قال ‪:‬‬

‫ـ لباسهم ما ستر وطعامهم ما حضر ‪ . .‬أبرار أخفياء ‪ ،‬أتقياء إذا غابوا لم يفتقدوا وإذا حضروا لم يعرفوا ‪ . .‬تحابوا في روح ال‬
‫على غير أموال ول أنساب ‪ . .‬يتعارفون في ال ويحبون في ال ويكرهون في ال ‪ .‬يقول ال عنهم يوم القيامة ‪ :‬أين المتحابون‬
‫بجللي ‪ . .‬اليوم أظلهم في ظلي يوم ل ظل إل ظلي‪.‬‬

‫قلت له ‪ :‬هل لهم وجود في هذه اليام؟‬

‫قال ‪:‬‬

‫ـ خلت الديار‪ ،‬وباد القوم ‪ ،‬وارتحل أرباب السهر ‪ ،‬وبقى أهل النوم ‪ ،‬واستبدل الزمان بآكلي الشهوات أهل الصوم ‪ . .‬لم يبق إل‬
‫أقزام مهازيل حثالة كحثالة أمثالنا ل يبالي ال بهم‪.‬‬

‫قلت له ‪ :‬ما رأيك في هذا الزمان ؟‬

‫قال في حسرة ‪:‬‬

‫ـ اعترفوا بال وتركوا أمره ‪ ،‬وقرءوا القرآن ولم يعملوا به وقالوا نحب الرسول ولم يتبعوا سنته ‪ ،‬وقالوا نحب الجنة وتركوا‬
‫طريقها ‪ ،‬وقالوا نكره النار وتسابقوا إليها ‪ ،‬وقالوا ابليس لنا عدو واطاعوه ‪ ،‬ودفنوا أمواتهم ولم يعتبروا بهم ‪ ،‬واشتغلوا بعيوب‬
‫إخوانهم ونسوا عيوبهم ‪ ،‬وجمعوا المال ونسوا الحساب ‪ ،‬وبنوا القصور ونسوا القبور‪.‬‬

‫لقد كنا في زماننا نحلم بالحج إلى مكة والقدس والموت بهما‪.‬‬

‫وأنتم جائتكم فرصة الشهادة إلى بابكم في القدس فماذا فعلتم ؟‬

‫ولم أجد كلمة أجيبه بها ‪.‬‬

‫أما هو فراح يبكي ويغمغم بين دموعه‪.‬‬

‫وال لول عباد ركع وصبية رضع وبهائم رتع لصب عليكم العذاب صبًا‪.‬‬

‫وحينما تركته كان قد بدأ ينشد ‪:‬‬

‫فمغربها فينا ومشرقها منا ‪.‬‬ ‫وشمس على المعنى مطالع أفقها‬

‫وحينما كانت نغمات أنشاده تذوب في الهواء كانت ذاكرتي تعود بي إلي لقائي بالمتصوف الهندي براهما وأجيسوارا الذي رويت‬
‫حديثه في كتابي الخروج من التابوت ‪ . .‬ول أدري لماذا احسست أني أمام نفس الرجل‪.‬‬

‫كان كلهما يقول كلمًا واحدًا ‪ ،‬ويتكلم نفس اللغة وكأنما يجلسان على مائدة واحدة ويقرآن من نفس الكتاب‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫وتذكرت حديثي مع المتصوف المغربي عبد العزيز بن عبد ال وكيف كان يقول لي إن التصوف الهندي هو الذي أخذ منا ولم نأخذ‬
‫منه وإن تجار بابل وفارس وعلماءها كانوا ينقلون دياناتنا الشرقية إلى الهند من أيام إبراهيم الخليل بدليل دخول الكلمات العربية في‬
‫الكلمات السنسكريتية ‪:‬‬

‫سوترا ‪ . . .‬الصورة‬

‫جو ‪ . . .‬هو‬

‫منتا ‪ . . .‬من أنت‬

‫بوداتا ‪ . . .‬ذات بودا‬

‫احسين ‪ . . .‬احسان‬

‫اسرافا ‪ . . .‬اسراف‬

‫ماهايانا ‪ . . .‬معاينة‬

‫كارما ‪ . . .‬كرمة‬

‫نيرافانا ‪ . . .‬نور الفنا‪.‬‬

‫لقد كنا نعطي دائمًا‪.‬‬

‫ولقد أخذ منا الكل ‪.‬‬

‫واحتوت دياناتنا على الحق كله‪.‬‬

‫والتصوف السلمي احتوى بين دفتيه على كل الطرائق بما فيها اليوجا الهندية و غيرها‪.‬‬
‫و تفوق عليها جميعا بعمقه و أصالته‪.‬‬

‫و كنت أسير مستغرقًا في التفكير‪.‬‬

‫وكان انشاد الفقير المغربي مازال يرن في أذني‪:‬‬

‫فمغربها فينا ومشرقها منا‬ ‫وشمس على المعنى مطالع أفقها‬

‫نعم ‪ ...‬إن الشمس تغرب فينا الن ‪...‬‬

‫فمتى يكون مشرقها منا ؟ ‪..‬‬

‫متى تعود الشمس لتشرق منا؟‬


‫متى ينتهي الغروب و الليل و ينبثق منا الفجر من جديد ‪.‬‬
‫متى ‪..‬؟؟‬
‫و كنت أرتجف كلما تذكرت أنه بعد الغروب يأتي دائمًا الليل السود‪.‬‬
‫و أخشى أن يكون نصيب جيلنا من الزمان هو الليل السود‪.‬‬
‫و أخشى أن يطول النتظار‪.‬‬
‫و أشعر أني أبكي كما يبكي المغربي العجوز المجهول السم و المكان ‪ ..‬عبد ال في أرض ال‪.‬‬
‫‪35‬‬
36

You might also like