Professional Documents
Culture Documents
ديباك تشوبرا
ترجمة كامل السعدون
kamilalsaadon@hotmail.com
1
القوانين النجاح الروحية السبع
القانون الثاني
الكون كلّ ه ينشط ويتفاعل مع بعضه البعض ،عبر التبادل الديناميكي للخ يرات والنعم .األخ ذ والعط اء
هما مجالين مختلفين من مجاالت تبادل تي ار الطاق ة في الك ون .في إرادة العط اء ل دينا ،عط اء ه ذا
الذي نرغب في نيله ،نحافظ نحن على فائض الخير الكوني جاريا ً في محيطنا اإلنساني .
تلك العربة الرعناء ،تفرغها أنت مرات ومرات ،وتعود لتمتلئ باستمرار بحيا ٍة جديدة .
هذا الناي الصغير من قصب الخيزران ،هذا الذي جلته به عبر الجبال والغابات ،وعبره نفخت
دوماً أناشيد خلو ٍد جديد ٍة جميلة .
هباتك التي ال حدود لها ،تمأل يداي الصغيرتان وتفيضان … … ،تفيضان لتمألن الكون كل ّه …!
ع للمزيد …! وتدور عجلة الزمان ،ودوماً تصب أنت في الكأس ودوماً هناك متس ٌ
راباندرا طاغور
المبدأ الثاني من مبادئ النجاح هو ( مبدأ العطاء ) ،أو لنقل مبدأ األخذ والعطاء ،ألن الكون كلّه ق ائم
تبادل ديناميكيٍ .ال شيء ثابتٍ على هذا المبدأ ضمن جملة مبادئ طبيعي ٍة أخرى .الكون كلّه قائ ٌم على
دائم
ادل ٍ وال شيء غير قابل للتغيير .أجسامنا مثالً تقوم طوال الوقت وبدون أن نشعر طبع ا ً بعملي ة تب ٍ
تبادل ال ينقطع مع العق ل الك وني ،والطاق ة هي التعب ير الص ريح عن ٍ مع الكون ،عقولنا تقوم بعملية
الطاقة الكونية .تيار الحياة ما هو إال تع اونٌ هرم وني بين مختل ف العناص ر والق وى الكوني ة لتعطي
للوجود هذا الهيكل الذي هو عليه .ه ذا التع اون الهرم وني بين العناص ر ينش طك وفق ا ً لق انون األخ ذ
اء . والعط
طالما الجسم والعقل والكون كلّه هو في حال ة تواف ٍق هرم وني س لمي ،تتم ع بره عملي ة تب ادل النع ْم
ف لتي ار التب ادل ،ه و ش بيه بدق ة لتوق ف ال دم في الجس م عن الج يران إذ ( الطاقات ) ،فإن أي توق ٍ
يحصل تخث ٌر وتكت ل ي ؤدي بالنتيج ة إلى الم وت .له ذا ينبغي أن نعطي ونأخ ذ لكي نحاف ظ على ت دفق
كل م رنْ ،ب ل وتناميه ا وتكاثره ا بال توق ف …! تي ارات الخ ير بين الن اس وتبادله ا بش ٍ
المال … النقود … ما هي إال رم ٌز للطاق ة الحياتي ة ال تي نتبادله ا ونس تخدمها مقاب ل الخ دمات ال تي
ننالها والنعم التي ننعم بها ،أو التي نقدمها لآلخرين فنأخذ مقابله ا م اال …! ل و إن رغبتن ا الوحي دة
كانت االحتفاظ بالنقود واالستمتاع بجمعها وعدّ ها ،فأننا نعطل تدفقها ( إذ تتوقف طاقتها الحيوي ة عن
2
الجريان ) وبالتالي فأنها ال تقوى على أن تعود إلين ا بطاق ات إض افية جدي دة ،ألن حي اة الم ال قائم ة
على أن ينشط وتتداوله األيدي ليحيا ويتنفس ويكبر .
دوران الطاقة للمال أو ألي نعم ٍة أخرى ،ولو كانت الكلمة الجميل ة ال تي ننفحه ا للص ٍ
ديق أو ح بيب ،
ه و ال ذي يحاف ظ له ا على الحي اة ويعي دها لن ا وق د تض اعفت حجم ا ً وتحس نت نوع ا ً .
كل التعامل بين البشر قائ ٌم على هذا المبدأ ،مب دأ العط اء واألخ ذ ،والعط اء ي دفع بالمقاب ل إلى األخ ذ
كمحص لة طبيعي ة ،ال تحت اج م ّن ا إلى جه ٍد كب ير لتحقيقه ا ،فق ط عبن ا أن نعطي ليعطى لن ا …!
م ا ي ذهب في اله واء ،يع ود إلى األرض ،وك ل م ا يط ير ،ال ب د ل ه بالنتيج ة أن يح ط.
تعطيل ألي حلق ة من حلق ات ه ذا التي ار ،األخ ذ والعط اء ،ي ؤدي إلى التجم د والتخ ثر والتوق ف ٍ أي
لجريان الطاقة ،وبالتالي تنامي هذه الطاقة …!في كل حبة ألي نبتة ،هن اك م ا ال يع د من اإلمكان ات
ت عديدة ،لكن إذا ما ُخزنت تلك الحبة فال أمل بإنتاج شيء منها مطلقا ً ،ألنك تقت ل طاق ة الحي اة لغابا ٍ
بها عبر تخزينها …!
تل ك الحب ة ينبغي أن ت زرع في األرض المناس بة لتتح ول إلى نبت ٍة وارف ة الظالل .
وكلما أزداد العطاء ،أزداد بالمقابل ما نأخذ .يصح هذا مع المال ومع كل ش يء ذو قيم ة ،أم ا م ا ال
بخير أو نعمة ،فهو الشيء الذي ال قيمة له أص الً وم ا ك ان يجب أن يس تثمر ويعطى ،ألن ه ٍ يعود لنا
أصالً ال يستحق أن يؤخذ …! وإذا ما شعر المرء بأنه خاس ٌر إذا م تى أعطى ش يئا ً ،ف أن العط اء في
الواقع كأنه لم يعطى ،وال تتوقعن منه خيراً .لماذا ؟ ألن طاقة العطاء تعتمد على الحب والحب وح ده
ف إذا انتفى الحب في هب ٍة تهبه ا ،ف أن تل ك الهب ة ميت ٍة أص الً وال تت وقعن منه ا م ردوداً ق ط …!
ٌ
مهمة للغاية في األخذ كم ا في العط اء ،وتل ك الني ة ينبغي أن تك ون ودي ٍة لكي م ا تمتل ك طاق ة النية
الحياة والنمو .لهذا يجب أن تكون األجواء الشعورية والعقلية لحظ ة العط اء أج واءٍ متفائل ة إيجابي ة
منزوعة من الرغبة المباشرة بالكسب ،ومحملة بدعوات الخير والرجاء بالتوفيق لهذا الذي نعطيه ما
نود إعطاءه .
ٌ
منطقية للغاية تحكم قانون أو مبدأ األخ ذ والعط اء :أتري د أن يهب ك اآلخ رون الس عادة ، ٌ
معادلة هناك
بصدق وح رارة ،أتري د م االً وف يراً ،
ٍ هبهم السعادة التي يستحقون ،أتريد حبا ً من اآلخرين ،أحببهم
ساعد اآلخرين على أن ينالوا المال ،ولو باقتراح تقترحه أو دعو ٍة تدعوها لهم فتحسسهم بأن ك مهت ٌم
بهم ،أتريد اعترافا بالقيمة واألهمية ،أعط اآلخرين ما يستحقون من أهمية ،ولن تعدم جانبا ً إيجابي ا ً
يمكن أن تطريه فتعززه ليعود لك الحقا ً بما تريد .وهذا المبدأ هو ذاته قائ ٌم في الطبيعة والكون كله كما
خاص وله أبعاده التي ال يستوعبها العقل البشري .
ْ أسلفنا ،وضمن وعيٍ كونيٍ
وذات األمر ما تفعله ال دول م ع بعض ها البعض وم ا تفعل ه الش ركات والمس تثمرين إذ يق دمون الم ال
روض أو مس اعدات لل دول الفق يرة أو لبعض المؤسس ات والجامع ات والمستش فيات فيه ا ، ٍ بش كل ق
فينالوا بالنتيجة محبة شعوب تلك الدول ويرفعوا من مستوى أهلها االقتصادي والمع رفي ،فيع ود لهم
هذا كله عقب تحسن القدرة الشرائية وتنامي نمط جديد من االس تهالك ،يع ود لهم بربحي ٍة أك بر …!
إن أضأل عطاء ولو كان مجرد فكرةٌ أو دعوة صادقة أو كلم ة تنب ع من القلب ،له ا ق وة ت ٍ
أثير هائل ٍة
على المعطى إليه …!
3
كيف …؟ ألن أجسامنا وفي جوهرها األصلي هي باق ٌة مح دودةٌ من الطاق ات والمعلوم ات ،في ك ٍ
ون
كون واعي .وما هو ال وعي ؟ … ٍ ٌ
واعية في حافل بكنوز ال تحد من الطاقة والمعلومات .إننا كائناتٌ
ٍ
ْ اتٌ ٌ
إنه شيء أكبر من الطاق ة والمعلوم ات ،إن ه طاق ة ومعلوم حي ة إذ ترت دي جس د األفك ار .أي أن
الم مفك ر . وطاقة ٌ
ٌ ٌ
جسم أس مه الفك رة …! أي أنن ا كائن ات تمل ك أفك ار في ع ٍ ٍ حية في معلومة الوعي
دع ك من األجس ام فمكوناته ا موج ودة في ت راب األرض وفي ك ل األحي اء والجم ادات ،نحن كائن ات
تمتلك معلومة وطاقة نشطة حية عبر الفكرة والقدرة على إنتاج الفكرة …! وال شيء أكثر من ذلك.
والفكرة لها القدرة على أن تغير كل شيء … كل ش يء …! الحي اة هي رقص ة ال وعي الخال دة حيث
يتم تبادل نبضات الذكاء بين جسم الفرد والجسد الكوني الكبير األوحد بمختل ف عناص ره ،من أجس اد
ت عاقل ٍة أو جمادات …! لو إنك أعطيت هذا الذي تود أخ ذه ،فأن ك تنش ط رقص ة ال وعي ْ
فردية لكائنا ٍ
الخالدة إذ تهبها طاق ٍة جديدة تدعم استمرارها وتناميها …
شخص مؤمن بهذا المبدأ أن نضعه على محك التطبيق بأن نبدأ دورة العط اء من ٍ يمكننا أنت وأنا وأي
ألفها قبل أن نصل يائه ا ،بمع نى أن نق رر أن نعطي ،ألي ك ان نوش ك أن نك ون على تواص ٍل مع ه .
ليس مهم أن يكون العطاء ماديا ً ،بل يمكن أن يكون زهر ٍة صغير ٍة نقطفه ا من حديق ة بيوتن ا أو يمكن
ٌ
خارجة من القلب ،لتص ل قلب اآلخ ر وتس تنبت أن يكون كلم ٍة جميل ٍة نقولها بحرارة وصدق ،وتكون
وجوده ا الحي في وعي ه ،فتع ود إلين ا الحق ا ً ب أكبر من حجمه ا .الحن ان والحب والرعاي ة والعط ف
واالهتمام ،هي أكثر ما يحتاج ه الن اس ونحن منهم ،وهي أص دق وأجم ل الهب ات ال تي تمنح وتخل د
ثمن م اديٍ وال يمكن أن تش ترى على اإلطالق …! وتنم و بس رعة …! وهي مم ا ال يعادل ه أي ٍ
جمي ل ٌ أن نتعلم أن نعطي ،ال أن ننتظ ر من اآلخ رين أن يعطون ا ،وجمي ل ٌ أن نعلم أبنائن ا العط اء
ونشجعهم عليه ونجعله مبد ٍأ وعاد ٍة واستثمار مستقبلي لديهم …! حبذا لو نشجع أنت وأنا أبنائنا على
أن ال يذهبوا لزي ارة ج ٍد أو عم ٍة أو ص ديق دون أن يأخ ذوا معهم ش يئا ً ول و بش كل بطاق ة جميل ة أو
رسم ٍة لطيفة أو زهرة …!
لنقرر … مع أنفسنا أن نعطي شيئا ً حيث نذهب ،وكما نعطي ال بد سنأخذ ح تى وإن لم نكن ق د فكرن ا
بذلك ،وعليه ال ينبغي أن نتعفف ،إذ بمثل ه ذا التعف ف نمن ع ت دفق النعم ة ( طاق ة الخ ير الكوني ة )
وبالتالي فقد نؤلم اآلخرين ونشككهم بأنفسهم ،ونحرم أنفسنا فرصة صداقتهم واحترامهم وح ّبهم …!
ير
إن جوهرنا اإلنساني ( ،قبل أن تشوهه عقولنا ومعطيات حض ارتنا ) ،ه و في األس اس ج وهر خ ٍ
وثراء …!
ْ ونعمة وعطا ٌء
ْ
ثرية ،والعق ل الك وني األوح د ال ذي يش د نحن أثرياء جميعا ً في واقع الحال ألن الكون ثر ٌ
ي والطبيعة
ريص على أن ال يح رم أح ٍد من حق ه فيٌ ي غاية الثراء ،وهو حكل عناصر الخليقة ببعضها ،هو ثر ٌ
فيوض النعمة والخير ،ولكن طمع البعض م ّنا وقسوتهم ،وتعطيلهم لمب دأ العط اء الط بيعي الك وني ،
يدفع الكثيرين م ّنا إلى الوقوع في مستنقع الحرمان… حرمان ما هم مس تحقون ل ه ،ب ل و محت اجين
إليه من هذه الفيوض …!
4
إننا أثري اء بال ح دود …ولكنن ا ال نع رف ،ألنن ا أض عنا مفت اح ال ثروة المختزن ة في جوهرن ا … في
جوهر عقولنا وأرواحنا وضمائرنا …! لق د ول دنا مجه زين بإمكاني ات رهيب ة في جوهرن ا ال روحي ،
يكفي أن نؤمن بها ونتخيلها ونسعى لها حسب القوانين الطبيعية التلقائية السلمية للسعي .
قانون السببية
الكارمــا
5
الكارما مبدأ ٌ في العقيدة البوذية ،يعنى به الفعل ورد الفع ل أو الس بب والنتيج ة مع ا ً في تعب ٍ
ير واح ٍد
يضمهما ،ليعير بالتالي عن الحرية اإلنسانية الخالدة ،عكس ما تقول به بعض األدي ان الس ماوية من
أن اإلنسان مجب ٌر إلى ح ٍد كبير وأنه بال خيار أو بأقل الخيارات .
وكما يقول الحكيم الهندي العظيم سوامي فيفا كناندا " :أفكارنا ،أفعالنا وكلماتنا هي خي وط الش بكة
ثر في داخله ا " .تق ول الكارم ا ( ب ل وكم ا تق ول التي نلقيها ح ول أنفس نا بأنفس نا ،ثم ُن ْ
حبس ونتع ْ
شراً ك انت
فعل تعقبه نتيجة تعود إلينا بذات العملة التي دفعنا بها ،فإن فعلنا ّ
الفيزياء الكالسيكية ) كل ٍ
عاقبته وال شك من جنسه وإن فعلنا خيراً فال بد أن ننال الخير .ليس ه ذا الق انون بجدي د ،فق د ج اء
في أغلب األديان والفلسفات ،ونحن نعرفه جميعا ً ولكننا بالكاد نعتمده في تصريف شؤوننا الحياتي ة .
كيف نعتمده يا ترى …؟
حسنا ً … حين قلنا أن هذا القانون يعبر عن الحرية اإلنسانية فهو يعبر في واق ع الح ال عن حجم وك ّم
ف نواجه ه ،وفي ك ل ثاني ة من ث واني العم ر . الخي ارات المطروح ة أمامن ا في ك ل موق ٍ
تام أو جزئي ،وبعضها غير واعي ة ،أي بعض هذه الخيارات ،خيارات واعية نتخذها في حالة وعيٍ ٍ
إنها تنبع من الداخل بشكل أوتوماتيكي .وإذن فنحن نعتمد قانون الكارما أو العلة ومعلولها بأن ن ؤمن
ب ه أوالً ثم نس لط ال وعي الناف ذ على المس احات غ ير المض اءة من دواخلن ا ،فننتج بالت الي خي ارات
واعية ومتحسبة للنتائج !!..
أنظر إلى هذه اللحظة التي أنت فيها اآلن عزيزي القارئ ،سواء شئت أم أبيت ،أنت هنا اآلن في هذا
المكان الذي أنت فيه ،في هذه اللحظة الزمنية التي أنت فيها ،بما في ه ذا المك ان وه ذه اللحظ ة من
سوء أو خير ،كل هذا الذي أنت فيه هو محصلة لخي ارات س ابقة ،س يئة ك انت أم حس نة ،أوص لتك
شر .
إلى ما أنت فيه من خير أو ّ
ٌ
بديهية هذه أليس كذلك …؟ طبعا ً …لكن من م ّنا مستعد ألن يعيها ويحس بها بعناي ة في حال ة انتخ اب
هذا الخيار أو ذاك ..؟ إنن ا مخ يرون بالكام ل ،ولكنن ا حين نق ع أس رى للخي ارات الس يئة ،ن دعي أن
اآلخرين أو الظروف أو …الخ ،هو السبب وراء هذا الذي وقع علين ا …! لكن حين ننجح أو نت وهم
أننا نجحنا ،نسارع إلى اإلدعاء أن السبب وراء نجاحنا هو ذكائنا وعبقريتنا …!!
لو إنني شتمت الناس يوما ً فماذا أنا متوق ٌع منهم ،في الغالب ،ال ّرد بالمث ل أو بم ا ه و أس وأ ،ك ذلك
فأنا أمتلك خيار أن أتقبل اإلس اءة أو أتجاوزه ا …! نحن مخ يرون ،ه ذه حقيق ة أكي دة …! لكن …
رغم إننا نمتلك دوما ما ال يعد من الخي ارات ،فنحن فق راء لألس ف في اختيارن ا ،وفي الغ الب نعتم د
على ردود أفعال انعكاسية شرطية ،تنبثق من العقل الباطن إلى اللسان واليد والفك ر كأس لحة مأمون ة
االستعمال ونمتلك الخبرة الكافية إلطالقها ،إنها تنبث ق من الع ادة أو التص ورات الس الفة أو األمني ات
القديم ة أو نم ط فهمن ا ألنفس نا والب ديهيات ال تي نملكه ا عن حجمن ا وح دودنا وص ورتنا الذاتي ة .
لو إني مثالً قابلت إنسانا ً ما ألول مرة ،تجدني أسلك معه س لوكا ً مقارب ا ً أو متطابق ا ً م ع م ا أمل ك في
الذاكرة من سلوك سلف لي أن استعملت أو ربما من خالل عقدة نفسية قديمة أو تجربة غير س ارة أو
ربما سارة عشتها ذات مرة مع من هو مشاب ٌه لهذا اإلنسان .
6
من الطريف أن ردود أفعالن ا االنعكاس ية الش رطية ت ذكر إلى ح د كب ير به ذا االكتش اف الم ذهل للع الم
جرس يدق في ذات اللحظ ة ،بع د ف ترةٌ الروسي ( بافلوف ) ،حين ربط بين تقديم الغذاء للكلب وبين
صار لعاب الكلب يسيل لمجرد أن يدق الجرس ،سواءٍ جاء الطع ام أم لم ي أتي .كي ف …؟ لق د س جل
الكلب في ذاكرته خياراً مأمونا ً تعود عليه وهذا ما نفعله نحن .وإذن ف إن من الض روري ج داً أن نعي
خياراتنا وال ندعها تنطل ق بتلقائي ٍة وبحكم الع ادة أو ال ذكرى أو االنعك اس الش رطي ،وبالت الي فحيث
نعي ،نتحم ل المس ؤولية عن أفعالن ا فال نلقي به ا على أكت اف الق در أو الن اس أو الظ روف …!!
بل إن وعي الخيارات التي حصلت أو التي توشك أن تحصل واالنتباه لخلفيتها ،سيعطينا سيطرة طيبة
على آثارها ونتائجها .
لو إني وجدتني أقتنع حقا ً بهذا الخيار وأراه ملبيا ً للحد المعق ول من األم ان والتق دم والس عادة وأن ه ال
يس يء أو يج رح اآلخ رين ،ف إن من الض روري أن أتخ ذه ،بعكس ذل ك علي أن أبحث عن خي ارات
رى . أخ
من الطري ف أن هن اك ميكانيكي ة جس مانية ( له ا ارتب اط بالميكانيكي ة الكوني ة في وعي وح دس
النت ائج ) ،ه ذه الميكانيكي ة تتمث ل في ظه ور أع راض جس مانية معين ة من قبي ل اض طراب األجف ان
عور ع ام
المتس ارع أو ش عورك وك أن قلب ك يهب ط من مكان ه أو اض طراب الس اقين أو غيره ا م ع ش ٍ
بالهدوء والراحة النفسية أو االضطراب الجس ماني والت وتر ،عن دما تك ون على وش ك انتخ اب خي ا ٌر
معين .
يستحسن أن ننتبه لتلك الظواهر ،بل ويستحسن أن نفعلّها إن لم تظهر تلقائيا ً ،وذلك بأن أوجه لقلبي
السؤال ،هل هذا الخيار ناجح أم ال ؟ سيأتي الجواب بالحال بشكل طمأنينة نفسية أو توتر واض طراب
أو غيرها …! لألسف ،يضن الكثير من الناس وبينهم الكثير من المثقف ون أن القلب ه و ال أك ثر من
مضخ ٍة إسفنجي ٍة تضخ الدم ليل نهار بال انقطاع …! هذا ليس صحيح …أبداً …! القلب جها ٌز حدس ٌي
ٌ
كونية ن ؤمن به ا من خالل التجرب ة أو في ح االت الص فاء النفس ي الخ الص ،وال نمل ك له ارتباطات
معرف ٍة يقينية مجربة مختبريا ً عنها …!
7
وكم أخسر ،بل هو ينظر إلى مدى انسجام هذا الخي ار أو ذاك م ع اعتب ارات الض مير وس عادة الن اس
واالنسجام الكوني .
ق انون الكارم ا الب وذي ،يمكن إن أحس ن الم رء اس تخدامه أن يفض ي للكس ب الم ادي والرفاهي ة
الحياتية ،شريطة أن نعي ،إن ما نفعله اليوم سيكون له في الغ د نت ائج ،وإن مس تقبلنا يعتم د بق وة
على خياراتنا في اللحظة هذه التي نحن فيها اآلن .حسنا ً …ماذا بشأن أفعال الماض ي وال تي م ا ع اد
بمق دورنا تغي ير خياراتن ا فيه ا ،وال تي نع اني بالت الي في يومن ا ه ذا من آثاره ا الس البة ؟
نعم …هناك ثالث خيارات يمكنك أن تختار كيفية التعامل مع ( كارما ) الماضي من خاللها :
الخيار الثاني :هو أن تحيل هذا الدين الذي تدفعه إلى تجربه مفيدة لك ولآلخرين ،وهذا خيا ٌر حكيم ،
يعتمد على أنك تعي مسئوليتك عن خيارات الماض ي ثم تط رح على نفس ك س ؤال ،كي ف أس تطيع أن
ه؟ ز ٌم بدفع دني مل ذي أج دين ال ذا ال ة أو ه ذه التجرب ع به أنتف
بهذه الطريقة سينشط وعيك باحثا ً عن إمكانيات الستخدام ه ذه التجرب ة وإحالته ا إلى منفع ة ق د تفي د
ناسا ً كثيرين وقد تجلب لك م االً كث يراً ،من قبي ل أن تخ ترع جه ازاً على ض وء تجربت ك المؤلم ة في
اإلصابة إثناء ممارس ة رياض ة أو إثن اء العم ل على ماكن ة غ ير س ليمة وأدت ب ك إلى اإلص ابة أو أن
تكتب كتاب ا ً تعليمي ا ً أو ح تى م ذكرات تش رح فيه ا قس وة تجربت ك ،كائن ة م ا ك انت تل ك التجرب ة .
أو ربما تكون التجربة إنذارا لك بضرورة أن تأخ ذ األم ور بقس ط أك بر من اله دوء والروي ة وبالت الي
تحفظ صحتك وتطيل عمرك .
الخيار الثالث :أن تتجاوز التجربة بالكامل فال يتخلف منها في ذهنك شيء وتتابع حيات ك بش كل ربم ا
أفضل من السابق ،ويتم هذا من خالل أن تعي بأنك لست ملزما ً بعد أن تدفع الثمن في أن تظل عائش ا ً
بالفكر والفعل والخيال في هذه التجربة ،بل تنساها وتتابع حياتك ،هن ا يحت اج الم رء للتأم ل لتحري ر
عقل ه وفك ره وحيات ه بالكام ل من أعب اء القل ق بش أن الثمن ال ذي دف ع أو س يدفع .
هنا نود أن نضيف أن كل األحداث الحياتية صغيرها وكبيرها هي سالسل كارمية Karma Episodes
ي جداً هو فعل ٌ karmaألن احتساء القهوة في لحظ ٍة م ا يخل ق ،تناول قدح قهوة مثالً وهو فعل ٌ عاد ٌ
ذك رى ص غيرة تتخل ف في ال ذاكرة ،ه ذه ال ذكرى ب دورها ل ديها الق درة على خل ق رغب ة Desire
والرغبة بدورها تؤدي إلى تكرار شرب القهوة .
8
لو إنك وعيت هذه السالسل من األفعال ونتائجها ،فإن بمقدور انتباهك أن يفضي إلى سيطرة العقل
على الفعل فال يخرج الفعل من نطاق المنفعة والخير .تماما ً كما يفعل هذا الذي يجرب الخمر ّ
مرة
ويعي سخف التجربة في حينها فال يكررها … !.نكرر نحن مخيرون ولكننا نلقي بشباك الخيارات
السيئة حول أجسامنا وعقولنا وحين نتعثر ،ندعي أن هللا أو القدر أو الناس أو الظروف هي السبب
…!! هذا القانون الجميل القديم قدم الدهر ،يمكن لنا لو إننا وعيناه وآم ّنا به ،أن ننال عبر تطبيقه
ونجاح منقطع النظير …!
ٍ هو والقوانين الروحية األخرى ،سعاد ٍة
9
تعتمد الطبيعة الخالدة في ديناميكيتها األزلية على عوامل الحب واالنسجام والتوافق .الطبيعة وهي
تنشط و ُك ٍل يؤدي وظيفته ،ليس فيها من يبدو وكأنه يعاني في أداء مهمته ،بل كل شيءٍ يجري
بانسيابية شديد ٍة …الكواكب تدور منذ األزل في مداراتها أو تسبح في الفضاء بغاية الحرية
واالنضباط بذات الوقت …النهر يتدفق في مجراه بغير عناء … والطير يسبح في سماءه بحرية ،
وكل متج ٍه إلى هدفه بال توتر وال اضطراب …!ٍ
سيقول قائل ،ولكنها عناص ُر جامد ٍة غير حية ،ومحكومة بقوانينها ،وبالتالي ال فضل لها أو ذكاء
وهي مقهورةٌ مجبرةٌ على إتباع ثوابتها األزلية …؟
هذا صحيح تماما ً …والصحيح أيضا ً هو أن قوانينها هو ما يعنينا ،ألن تلك القوانين تدل على ذكاءٍ
عجيب ،وحيث تكون القوانين محكم ٍة ذكي ٍة يتحقق الوفاق والوئام والسالم والشفافية وتنتفي المعاناة
…!
ماذا لو أعتمد البشر قوانين الطبيعة أو كيفوها لمصالحهم ؟
هذا هو الذي أردنا الوصول إليه عبر كافة فصول هذا الكتاب .أن نؤكد أن قوانين الطبيعة الخالدة ،
تتبع إذا ما أ ُريد النجاح الحق.مبدأ الشفافية والتوافق واالنسجام بين العناصر ،يسمى
هي األصلح أن ّ
في الكتاب المقدس لدى الهنود ( الفيدا VEDA -بـ( مبدأ االقتصاد في الجهد ) أو افعل قليالً ونل
كثيراً ،لغاية ما تصل إلى اليوم الذي ال تفعل فيه شيء وتنال كل شيء ( تماما ً مثل هذا المليونير
الذي تتكدس ماليينه وهو نائم على سريره .
بمعنى آخر ،أن تصل إلى اللحظة التي يكفي لومضة من حلم في الفكر أن تتجسم إلى شيءٍ ماديٍ
حقيقيٍ ملموس .
ٌ
شفافية وانسيابية وتسامي أهو سح ٌر أم ماذا ؟ سيسألنا الكثيرون ،ونجيب …ال …ليس بسحر ولكن
عن الصغائر ورق ٌي في الوعي يفضي إلى أن تغدو الروح قادرةٌ على التأثير في الخارج بمجرد أن
تفكر أو تريد …!
متى يكون التعب أقل والربح أكبر …؟
حين يكون الحب والحب وحده هو الهدف والدافع وراء أفعالنا وليس األطماع الشخصية والرغبة في
الكسب الرخيص ،إذ إن الحب هو منتج كل الطاقات وهو وحده الذي يشد الكواكب واألجرام واألرواح
إلى بعضها ويمنح األمان والثقة والسالم والتفاؤل والمعنى لوجودنا على هذه األرض ،ووحده من
يجعلنا نعي الجمال ونستمتع به .
لو إنك بحثت عن السيطرة واستالب اآلخرين ،فإنك تهدر طاقات عظيمة فيما ال طائل منه على
اإلطالق ،القوة المادية التي ال تأتي من خالل الحب وال تتوجه نحو اآلخرين بدافع الحب ،تمنحك قوة
زائفة ،موهومة ( . ) ILLUSION
من المفيد أن تنظر إلى كيانك الجسماني على أنه أداة إدارة وتنظيم وتخزين واستهالك الطاقة ،فلو
كان بمقدورك أن تستهلك طاقتك الشعورية والنفسية عامة بشكل عقالني فعال ّ ،فإن بإمكانك أن تنال
ما تتوق إليه من ثراء .
المؤسف أن أغلب البشر مستلبون للذات األنانية ( ) EGOبرغباتها وعواطفها الجامحة وأحالمها
10
وأخيلتها المريضة ( غالبا ً ) ،وجميع تلك العواطف واألحالم تنبع في األصل من الخوف وليس
القوة .
لكن لو كانت مرجعيتك الذاتية هي ذاتك العليا ،روحك بشمولية وسعة نظرتها وثقتها العالية بذاتها
وإيمانها بالوحدة الكونية وبأن كل نعم الدنيا موجودة في خزين الروح الداخلي الهائل ،نقول لو كانت
مرجعيتك تلك فإنك لن تخاف ولن تخجل ولن تتردد ولن تكذب ولن تنتظر من اآلخرين حبا ً أو
إعجابا ،رغم إن اآلخرين حين يرونك متوهجا ً بقو ٍة روحي ٍة ال يستطيعون الوصول إليها ،فإنهم
سيمنحونك ما تريد من الحب واإلعجاب واالهتمام ويسلمون لك قيادهم وهم آمنون وواثقون بك ومنك
.
في كتاب فن الحلم The Art Of Dreamingيقول دون جوان لكارلوس كاستنادا ( نحن نستهلك
الجزء األكبر من طاقتنا للمحافظة على قيمتنا الذاتية في عيون الناس وعين أنفسنا ،لو إننا أرخينا
قبضتنا قليالً على وهم القيمة واالعتبار ألمكن لنا أن نحقق شيئين بآن واحد ،األول أن نوفر طاقة
هائلة مضاعفة في الدفاع عن أنفسنا وتجميل صورتنا ،والثاني أن نستهلك جزء بسيط من هذه
الطاقة في رؤية عظمة الكون وجماله ،خارج حدود القوقعة التي تغلف قيمتنا الذاتية الزائفة ) .
حسنا ً كيف يتسنى لنا يا ترى أن نستخدم هذا المبدأ الطبيعي الكوني في حياتنا الشخصية :
أوالً :بالقبول والتسليم ،قبول الناس كما هم والحياة كما هي والظروف كما هي كائنة ،ال كما أريدها
أن تكون .أن نؤمن بأن هذه اللحظة القائمة اآلن هي لحظة كونية ،قائمة بذات اآلن في كل مكان في
العالم ،وال مجال لتغييرها في زمنها هذا وال مندوحة من قبولها والتسليم بها كما هي ،ألنني لو
تنكرت للحظتي أو ألي موجو ٍد من موجودات لحظتي هذه وحاولت إلغاءه أو تغييره أو إقصائه فإني
لن أنجح إال بأن أعكر مزاجي وأسيء لصحتي النفسية وبالتالي الجسدية ،بل وألجل أن أغير شيئا ً
في هذا الموجود ،علي أن أقبل به كما هو ثم أخطط لكيفية تغييره في المستقبل تأسيسا ً على واقعية
وجوده في الحاضر وعلى قبولي ورضاي عن هذا الوجود .
ال أعني هنا أنني يجب أن أرقص وأطبل للحاضر وأذوب فيه شغفا ً مع استنكاري لبعض مفرداته أو
كلّ ها ،ال ولكن أسلم به حسب كحقيقة واقعية قائمة ثم أبحث عن الفرص لتغييره بالحب ال الكراهية
وبالرضا ال الرفض المطلق .
هذه اللحظة التي أنا فيها اآلن ،هي ثمرة الختياراتي واختباراتي الشخصية في الماضي ،وحيث أن
الماضي لم يعد له وجود ألحاسبه أو أعيد رسمه ،فإذن لماذا أثور على لحظتي وأرهقها بالحساب
الثقيل والندم واأللم والحسرة ،لماذا ال أقبلها برضا ،ومن خالل الرضا يمكن أن أنتج لحظة مستقبلية
جميلة ،ألن المستقبل نبت الحاضر كما هو الحاضر نبت الماضي .
األمر اآلخر الذي يجب أن نضعه في االعتبار ونحن نناقش مسألة التسليم بالواقع ،هذا األمر هو أني
حينما أستنكر شيء أو شخص أو موقف في لحظتي الزمنية الحاضرة ،فأنا في الحقيقة ال أستنكر
سالف لما كنت أريده أو أتوهمه في هذا
ْ بتصور
ٍ الشخص أو الحدث أو اللحظة لذاتها ،بل إلني متأثر
الشخص أو هذه اللحظة .
إنني أحاسب اللحظة وناسها وظروفها من خالل تصوراتي السالفة المسبقة ،فمن قال أن هذه
11
التصورات صحيحة ونافذة اآلن كما كانت يومها ؟
وما مسؤولية الناس والظروف واللحظة عن تصوراتي التي حلمت بها يوما ً وخذلت نفسي أو خذلتني
خياراتي الغير واقعية ربما.
ألنني توهمت أني قد تمكنت من رسم حياتي بالشكل الذي ال تحصل فيه اختراقات ،وهذا خطأ ألني
رسمت في الماضي وبوعي الماضي ،وال شك أن أخطاء إستراتيجية حصلت في خططي ،طيب لماذا
ال أتقبل الواقع كما هو فال أهدره بالحزن واألسى وبذات اآلن أرسم اللحظة القادمة انطالقا من وعي
الحاضر ال وعي الماضي ،فأعيش حاضراً متفائالً جميالً وقطعا ً حيث يكون الحاضر دافئا ً رحبا ً يكون
المستقبل مشرقا ً .
لو إنني فعلت هذا ووجدت العذر دوما ً لآلخرين والظ روف في ه ذا الحاص ل لي على أس اس خي اراتي
وتصوراتي السابقة وبوعيي السابق ( ،الذي هو قطعا ً دون مستوى وعيي الحالي ) ،ف إنني س أحرر
طاقة هائلة مستخدمة لألسف في اللوم والندم والكراهية والحسد والحزن والكآبة ،وبالتالي بمقدوري
الحر من آث ار الماض ي النفس ية ،ق ادر على أن أدف ع به ذه الطاق ات الهائل ة جه ة العم ل النش ط
ّ وأنا
الدؤوب لتغيير واقعي وخلق مستقبل جميل ومشرق لي ولمن حولي .ت ذكر أيه ا العزي ز الق ارئ ،أن
الماضي ال كثافة له وال وزن وال طعم وال رائحة إال في الخيال ،أما الواقع الحاضر فه و وح ده الق ائم
والموجود والذي له كل األعراض الفيزيائية الحقيقية المرئية والمحسوسة ( لون وطعم ونكه ة ووزن
اد) . وأبع
أما المستقبل فهو لما يزل حلم ا ً في ع الم المجه ول وبذرت ه موج ودة في ه ذه اللحظ ة حس ب ،ال في
الماضي ،ب ل هن اك وحيث يك ون حاض ري منس جما ً متوازن ا ً س عيداً جميالً ،يك ون مس تقبلي ك ذلك .
وحين أقول حرر طاقاتك بالكف عن اللوم والتأنيب والتثريب والكراهية ،فأن ا ال أعفي نفس ي وأعفي ك
من تحرير ذاتك أيضا ً من المسؤولية .
كي ف …ومن المس ؤول إذن ،سيس أل أك ثر من واح د …؟ طبع ا ً أن ا وأنت مس ؤولين عن تص وراتنا
وعن خياراتنا في الماضي ،لكن ما فائدة أن أجلد نفسي على ما فعلت في الماضي ؟ ما الج دوى وق د
رحل الماضي وال مج ال لمحاس بته أو محاس بة نفس ي علي ه .إذن فكم ا أح رر الن اس والظ روف من
أعباء مسئوليتي عن أخطائي وتصوراتي وخي اراتي الس يئة ،فأن ا أفع ل األم ر ذات ه م ع نفس ي ذاته ا
أقول : ف
لقد أخطأت ألني كنت فقير الوعي ،ض حل التفك ير ،متس رعا ً في خي اراتي ،وه ذا زمن وانقض ي فال
ينبغي أن أعيش فيه إال األبد ،أعترف وأبكي قليالً ربما أو أتألم قليالً ثم أغلق ملف الماض ي وأس امح
12
نفسي وأشفق عليها وأقول لها ،ال بأس يا نفس سنعوض الماض ي بخي ارات حاض ر ٍة حس نة ومتقن ة
غاية اإلتقان ،فلنكف عن النحيب ولنتفرغ للعمل .
األمر الثالث :إتباع سياسة ( الال دفاع ) ،بمعنى أن يكون وعيي غير منصب على الدفاع عن آرائي
ووجهات نظري .لو الحظت الناس عام ٍة من حولك ،لوجدت أنهم يستهلكون أكثر من تسعون بالمائة
من الوقت في الدفاع عن آرائهم .تخيل كم من الطاقة يستهلكون وكم من وقت….؟ ،ما الفائدة ،بل
وما الضرر ،إذا قال لنا اآلخرون أننا مخطئون ،ال شيء ،ربما يكونوا على حق ،وربما تكون
لديهم ظروفهم وتصوراتهم التي أنتجت هذه اآلراء ،طيب لماذا أحرمهم من حقهم هذا ،وما الداعي
للدفاع وكم سأخسر لو قلت لمن يخطئني ،بال إنك على حق …!
أوالً :سأكسب هذا الشخص وأنال وده واحترامه ألني تنازلت له بسهولة عن نقطة ليس بالضرورة
نفع لي أو حتى له ،والثاني أني وفرت وقتي وجهدي وراحة أعصابي ،وكل هذه طاقات (
ذات ٍ
) ENERGYيمكن أن تنفع في شيء حقيقي مفيد لي .
ليس من الحكمة أن يتصلب المرء في آرائه كالشجرة المتيبسة ،فيكسر بسهولة .من الضروري أن
يكون المرء مرنا ً يميل مع الريح إن كانت قوي ٍة ،فيحفظ ثماره بعيداً عن عصفها ،ثم يعود ليعرض
لشمس الواقع ( ال لظى النقد ) ثماره فتزداد نضوجا ً وحالوة .
حسنا ً ،لو أننا أنا وأنت اعتمدنا هذا الثالثي الجميل في قبول الواقع وتحمل المسؤولية عن عثراته ثم
التحرر من هذه العثرات وأخيراً الكف عن الدفاع غير المجدي ،لو فعلنا هذا تخيل كم من النجاحات
العظيمة سنحقق .هذه هي حكمة البوذيين الرائعة العبقة الغنية ،وهذا مبدأ ٌ من مبادئهم .وإلى مقال ٍة
وقانون طبيعيٍ آخر يفضي إلى النجاح الحق الدائم الذي ال يزول .
ٍ أخرى
13
The Seven Spirtual Laws Of Success
Inention & Desire
القانون الخامس
النيـة و الرغبـة
ف وكل رغبة ،تكمن في جسد الرغبة ذاتها وجوهر الهدف ذاته … في عالم ميكانيكية تحقق كل هد ٍ
الطاقات والقوى الكامنة المجهولة النقية ،غير المرئية وال المحسوسة ،تملك الرغبات واألهداف
ب وتنظيم وتجني ٍد ال نهائية ،للعالقات والظروف بما يحقق كل الرغبات وكل األهداف .حين
قوة ترتي ٍ
نستنبتُ غرضا ً ما في جوف حقل المجهول الغامض الخفي ،فإن كل القوى غير المرئية ستسعى
إلنماء تلك البذور وإنضاجها في موسمها المناسب .
في البدء كانت هناك رغبة ،وكانت تلك بذرةُ الفكر األول ،الحكماء الذين كانوا يتأملون صادق التأمل
في أعماق قلوبهم ،أمكن لهم من خالل قلوبهم اكتشاف العالقة بين ما هو كائن وما هو لم يوجد
بعد .
قانون أو مبدأ الرغبة والهدف والسبيل لتحقيقهما ،يعتمد في واقع الحال على حقيقة أن الطاقة
والمعلوماتية موجودة في كل شيء في الطبيعة ،ولو عدنا إلى نظرية الكم ( ) Quantum Theory
طاقة ومعلومات .إن عالم الكم ( Quantum ٌ ،لوجدنا أن ليس في كل هذا الكون في واقع الحال إال
) Worldهو في واقع الحال ليس أكثر من تعبير آخر للوعي الخالص أو المجهول الكامن الخالص ،
وإن الحقل الك ّمي يتأثر بقوة باألهداف والرغبات .
لو أخذت أي جسم مادي ( جسم إنسان أو نبات أو حيوان أو حتى جماد ) ،بل ولو أخذت أيضا ً أي
ظاهرة فيزيائية ( كالبرق أو الرعد أو قوس القزح ) ،ووضعتها في المختبر وحللتها وقسمتها إلى
أصغر جزيءٍ فيها فماذا ترى …؟
ماديا ً … أنت وأنا والحجر والبرق ولحاء الشجر ،يتكون جوهرنا المادي ( أصغر مكوناته ) من ذات
ومرات ،أوكسجين ،هيدروجين ، مرات ّ المواد الكيماوية األساسية المعاد تجميعها واستخدامها ّ
نتروجين ،حديد ،كاربون ،جميع تلك المواد يمكن لي ولك وبمنتهى البساطة أن نشتريها ببضع
محل للمواد اإلنشائية …!طيب ،فما الفرق إذن بيني وبين الشجرة والحجر و…ٍ دوالرات من أي
الخ ؟
14
الفرق ليس في المواد الكيماوية البنائية األساسية ،بل في نوع الطاقة ونوع المعلومات المختزنة في
تلك العناصر األساسية البنائية …!!
ومن محاسن الطبيعة وحكمة الخلق أن اإلنسان تميز عن بقية الجمادات واألحياء بمميزات خاص ٍة
تمثلت بمنظومتنا العصبية المدهشة والقادرة على االنتباه والوعي لمحتوى الطاقة ونوع المعلومات
المختزنة في جوهرنا المادي األساسي الذي منه تشكل كامل كياننا الفيزيائي .
ما نغفله ربما ،هو أن كل هذه الحاالت تمثل حقيقة واحدة ،ألن أجسامنا ليست منفصلة على اإلطالق
عن هذا الكون بكل تكويناته المادية ،ألنه حسب نظرية الك ّم ،ال يوجد أي حدود واضحة المعالم بين
جسم وآخر .أنت وأنا تماما ً كنبضة إلكترونية أو موجة راديوية في هذا الحقل الك ّمي الكبير ٍ أي
المسمى الكون .
مخه أو في أصغر خلية من الجهاز العصبي لإلنسان ال يعي نوع الطاقة والمعلوماتية المختزنة في ّ
جسمه ،ال بل هو قادر أيضا ً على أن يغير محتوى المعلومات المختزنة فيه .بال ،بحكم مرونة
جهازنا العصبي ،نستطيع تغيير الطاقة ونوع المعلومات وبالتالي وألن كل األجسام مترابطة بشبك ٍة
تحس وال ترى ،فإننا نستطيع تغيير والتأثير في الناس واألشياء والظروف المحيطة بنا . ّ سري ٍة
هذا التغيير الواعي يتم من خالل هذين الشكلين من الوعي ،االنتباه واالهتمام ثم القصد والهدف .
االنتباه أو التركيز على شيء ما يؤدي إلى اندفاع سيال فاعل ٌ من الطاقة ،أما الغرض أو الهدف فإنه
يجند هذه الطاقة للتغيير ،وكما نعلم فإن كل شيءٍ ننظر له باعتبار واهتمام يمكن أن يتألق وينمو ،
وكل ما نشيح باهتمامنا وانتباهنا عنه ،يذبل ويذوي .وإذن فالغرض يمتلك آلية تحققه من خالل
تنظيم أدوات التحقق لهذا الغرض .
ٌ
رغبة غير الهدف أو الغرض هو القوة الحقيقية التي تدعم الرغبات ،إنه يملك القوة الكبيرة ،إنه
مرتبطة بنتيج ٍة محددة ،بل هو أكبر من الرغبات الصغيرة ،الرغبات والشهوات الثانوية هي في
واقع الحال ظواهر ضعيفة تخفي حاجات أنانية صغيرة تنبع من العوز أو الخوف أو الضعف ،أما
األهداف أو األغراض فهي بلغة السياسة ،حاجات إستراتيجية تشبع رغبات أكبر من رغباتنا
اليومية ،فمثالً خذ هذا الطالب النابه الذي لما يزل ّ بعد في مقعد الدرس في الثانوية ويمتلك اعتبارا
كبيراً لنفسه ولديه خيال خصب وإيمان عميق بشخصيته ونتيجة كل هذا ،أمكن له أن يستنبت في
عقله الباطن طموحا ً في أن يغدو وزيراً أو فنانا ً كبيراً مثل بيكاسو أو عالما ً المعا ً ،مثل هذا ال تحركه
رغبة آنية لنيل الحب أو رضا األبوين أو المجتمع أو إشباع حاجات معدته للطعام ،إذن فما لديه حل ٌم
15
غرض إستراتيجي ،ومثل هذا الغرض يحتاج ليتحقق إلى أن يفعل فعله في تعديلٌ ح أوأو طمو ٌ
منظومة المعلوماتية وتجنيد كم هائل من الطاقة الروحية الداخلية لتحقيق الهدف.
طالما أن مثل هذا الشخص وأي شخص طامح لتغييرات إستراتيجية في حياته ،عليه أن يفكر تفكيراً
إستراتيجيا ً ويجند أدوات إستراتيجية أبرزها االنتباه والتركيز الشديد على الهدف ،ومجرد أن يكون
الهدف إستراتيجيا واالنتباه عليه شديداً فإنه يملك ذاته أدوات تنظيم العالئق الزمكانية ( – Time
) Place Eventsواإلنسانية باتجاه خدمته .لكن ينبغي أن نتذكر أن ال تكون أغراضنا موجهه صوب
إيذاء الناس ألن هذا منافي ليس للقيم اإلنسانية حسب ،بل ومناقض للطبيعة وقوانينها األزلية
الكونية .
الحقيقة أن هناك عامل ٌ إضاف ٌي فاعل في تحقيق األغراض اإلستراتيجية ،إال وهو عامل التباعد أو
اخذ مسافة معينة عن النتيجة دون أن ننسى أو نضحي بالهدف .هذا العامل مهم جداً جداً في تحقيق
األهداف اإلستراتيجية ونعني به أن ال أكون منشغال ب( متى الوصول إلى الهدف …؟ ) ،بل أكتفي
بأن أستنبت هدفي في العقل الباطن وأعمل أجندتي الخاصة العملية والروحية ( تمارين التأمل وإعادة
استذكار الهدف عبر اإليحاء والتصور المكثف ) ثم أعود إلى واقعي اليومي بشكل اعتيادي وأؤدي
واجباتي الحياتية كما ينبغي أن تنجز ،وأبدو وكأني غير مهتم بالهدف ،مثل هذا يجعلني سعيداً وآمنا ً
ومتطوراً في حياتي اليومية ،آلني أعيش الحاضر وال أنشغل بالمستقبل ،بذات الوقت أجد أن
قسر أو ضغطٍ مني ،وبذات اآلن فإن التركيز
المستقبل الذي أحلم به يقترب بسرعته الذاتية وبدون ٍ
الداخلي ( في العقل الباطن ) على الهدف يؤدي بآليته الخاصة غير المرئية ،إلى تقريب الهدف
وتجنيد الظروف الكونية عامة لخدمة إيصالي إلى هدفي .
كيف ال أنشغل بهدفي اإلستراتيجي ،وكيف أجمع بين وعي المستقبل وانتظاره المتلهف واحتياجات
الحاضر والتزاماته ؟ يمكنني ذلك بأن أؤمن بأن ما لليوم لليوم وما للغد للغد وإني ال أستطيع أن
أعيش الغد في يومي هذا ،ألن هذا الغد له زمنه الخاص الذي ال قدرة لي على التعجيل به أو
السيطرة عليه ،فلم أنشغل به أو بأجندتي التي أريد تنفيذها على ساحته …!
علي أن أتقبل الحاضر كما هو وأترك للمستقبل أغراضه وأحالمه ورغباتي التي أود تنفيذها فيه ّ
.وكلما عشت الحاضر بسالم وانسجام وعمل دؤوب وهادئ وسلوك متزن مع نفسي ومع اآلخرين ،
كلما أمكن لي أن أطمئن إلى أن المستقبل سيكون كما أريد ألن المستقبل جنينٌ في رحم الحاضر ،
وحيث يكون الحاضر سليم البنية ومعافى ،يخرج الجنين في موعده وهو صحيح البنية ومعافى
وليس فيه أدنى تشوه أو نقص .الحاضر ،الماضي ،المستقبل ما هي إال أشكال ٌ من الوعي .الماضي
ذكريات ،المستقبل تصورات ،أما الحاضر فهو الحقيقة الوحيدة والقائمة دائما ً ،إذ هي ذاتها كانت
ماضي وهي ذاتها ستكون مستقبل .الحاضر هو شكل الوعي الذي له بنية مادية فيزيائية لها كتلة
ووزن وجاذبية ونكهة ورائحة ،فهل للماضي أو للمستقبل تلك الخواص المحسوسة التي يملكها
الحاضر ؟ قطعا ً ال …!ثم … حين يضع المرء أهدافا ً إستراتيجية كبيرة ،من قبيل نيل الثراء الواسع
أو الوصول إلى النجومية في نشاطٍ ما أو غيره ،وبذات اآلن يعيش الحاضر بمنتهى الحيوية
والفعالية والكفاءة ،فإن مجمل المعوقات التي يمكن أن يتخيلها في سبيل تحقيق حلمه اإلستراتيجي
ستختفي ،ألن تسعون بالمائة من المعوقات هي معوقات زائفة قائمة على المخاوف واألوهام وغياب
16
التخطيط السليم للهدف وك ّم من المشاعر اإلحباطية المترسبة في العقل الباطن وعقد في الماضي
وغيرها ،وبالتالي لو إنني أقصيت هدفي إلى زاوية قصية في العقل الباطن ثم عشت حياتي اليومية
بكل شجاعة وحيوية وامتالء ومواجهة عاجلة وسريعة وحكيمة لمتاعبي فإن المستقبل حين يغدو
حاضراً سيجد األرضية مهيأة له وسترى أن أغلب المتاعب والمعوقات أمام الهدف ستختفي أما البقية
الباقية فإنها يمكن أن تحيد أو أن ينتفع بها إذا ما عوملت بحكمة ومن خالل رؤية عقالنية موضوعية
ومن خالل العيش بكامل الحيوية والحرارة في الحاضر ال في الماضي وال في المستقبل .
أود أن أضرب مثالً وهو متكر ٌر في يومنا هذا وفي كل مكان :
شاب في مقتبل العمر لديه طموحات إستراتيجية كبيرة من قبيل نيل الدكتوراه والوصول إلى مركز ٌ
وظيفي مرموق في بلده أو في الغرب ،وحلمه يتطلب كفاحا ً دؤوبا ً ربما لعشرة أعوام أخرى ،لو إن
هذا الشاب أنشغل بالقراءة المكثفة لعشر ساعات يوميا ً وتجاوز على أوقات األكل واالستحمام وأمتنع
عن تناول العقاقير حين يمرض ،ألنه في حالة انشغال تام بهدفه ،وتراه غالب الوقت ساهما ً شارد
الفكر يحاول أن يحرق الزمن للوصول إلى الهدف رغم قناعته أن الزمن ال يحرق دائما ً ألن له آليته
التي يجب أن توضع في االعتبار .
مثل هذا الشاب سيصاب وال شك بأمراض فسيولوجية وربما سيكولوجية وستضطرب عالقاته
االجتماعية ،بل وسيضطرب عمل الذاكرة والمخ وربما يصاب بأمراض عقلية وقد يفشل في النهاية ،
في حين تجد آخر أحترم الزمن وآمن بالحاضر ووضع إستراتيجية عقالنية وحافظ على صحته
النفسية والجسمانية وعلى عالقاته االجتماعية ووضع في ذهنه أن المستقبل ال يتحقق باستعجاله بل
بالثقة بالنفس وبأنه سيكون كما نريد شريطة أن نعيش حاضراً متزنا ً منسجما ً ،مثل هذا سيصل إلى
وبشكل أكثر تطوراً وسرعة من األول ،بل وسينال سعادة أكبرٍ هدفه وسيحصد النتائج ربما قبل األول
ألنه لم يعش ملتصقا ً بهدفه بحيث حين يصل إليه يسأم منه بسرعة ،ال إنه أختزن المستقبل وحافظ
على فرحته به مؤجلة حتى يناله ،فكانت فرحته بالتالي أكبر وأعظم .حسنا ً …كيف نستطيع أن نصل
إلى أغراضنا اإلستراتيجية بأقل جه ٍد وأكثر كفاءه:
بممارسة التأمل بشكل يومي منتظم ،ألن التأمل يحرر المخ من ضجيج عمله غير المجدي -1
مكررة ومملة ،ومتى تحرر المخ ّ في طحن ما سلف طحنه من أفكار وصور ومشاهد
وراقت بحيرة العقل أمكن لك أن تنال سعادة خاصة ونقية غاية النقاوة وأمكن لك بالتالي
وفي لحظة هدوء المخ وصفاء العقل وغياب األفكار ،يمكنك أن تستنبت ما تريد من
األحالم واألهداف ،ليس كشعارات أو كلمات فقط من قبيل أن تقول لنفسك ( يجب أن أكون
وزيراً في بلدي بعد كذا سنة ) ،ال وإنما أن تتصور نفسك وتزرع في العقل الباطن صورتك
وأنت وزير وبمنتهى الحيوية والحرارة والنكهة ،إذ كلما كانت الصورة ساخنة حية لها
لون ونكهة ووضوح على شاشة الذهن ،كلما أمكن لك أن تحققها ألنها ستكون أكثر
إلحاحا وستنشط آليات تحققها بنفسها ،ألن الكون كما أسلفنا يتأثر بالخيال واألفكار
وينفذها دون أن نعرف الكيفية وآلية التنفيذ
- 2وهذا ما نؤكده دائما عبر كل فصول هذا الكتاب ،أؤمن بالغامض المجهول المخبوء ،
أؤمن بأن الكون غن ٌي بكنوز ال ترى ولكنها موجودة ومن حصة أولئك المؤمنين بها والذين
17
يعيشون الحياة مع الحب وفي أحضان الحب وينشرون الحب دوما ً وال يطلبون شيئا ً
ويأتيهم كل شيء .حافظ على تواصلك مع معدنك الروحي غير المرئي ،وال تتوهم أنك
ي فقط وأن هذا الجسد وتلك العضالت هي وحدها الموجودة ووحدها الفاعلة في جس ٌد ماد ٌ
هذا الكون ،ال …الروح موجودة ومجاالت عملها ال تعد وال تحصى وقدراتها عظيمة
ولديها شبكة كونية من العالقات ،يمكنها أن تحقق كل األغراض بآلية ال نعرفها ولكننا
نؤمن بها ومن مصلحتنا أن نؤمن بها .طبعا ً ،حين أتحدث عن الروح والقوى الروحية فأنا
ال أعني ربا ً معينا ً من أرباب اليهود والمسيحيين والمسلمين وغيرهم ،ال مطلقا ً وإنما أعني
روح الحياة وجوهر الخلق والقوة األزلية األبدية الفاعلة المهيمنة التي تنظم سرا وبآلياتها
الخاصة ،كل األنشطة والفعاليات وعمليات تبادل الطاقة والمعلومات ،وتلك القوة العظمى
يمكن أن أشبهها بكمبيوتر جبار ،يمكن أن أرى واجهته وقرصه الصلب ولكنني ال أستطيع
أن أرى كيف يعمل وأين تخزن تلك األطنانٌ الهائلة من المعلومات وكيف يقوم بتوزيع
األوامر وإصدارها ورصد الظواهر وتسجيل البيانات .
فك اإلرتبـاط
القانون أو المبدأ الروحي السادس لتحقيق النجاح يعتمد على فكرة التباعد المحسوب بين وعيك
والهدف ،بمعنى إن أردت أن تحقق هدفا ً ما في الحياة ،وبالذات األهداف السامية ذات القيمة الكبيرة
،فعليك أن تحافظ على Distanceمسافة معينة بينك وبين هدفك ،فال يصبح هذا الهدف شغلك
الشاغل في يومك العادي ،بحيث تفسد عليك حياتك ،دون أن تنفع الهدف كثيراً أو تقربه .
ال يعني هذا أن تسقط الهدف من حسابك أو أن ال تركز عليه ،لكن أن ال تتعلق به بشكل مرضي
بحيث أن ال تنشغل إال به وال تفكر إال بشأنه ،حتى ليغدو قيداً يفسد أيامك واستمتاعك بالحياة .
صراح ٍة …هذا المبدأ يشكل تقنية خطيرة لتحقيق األهداف بانسيابية شديدة ،من خالل أن يكون لديك
هدف مستنبت في العقل الباطن ،وبذات اآلن هناك مساحة فاصلة وبأحكام وبوعي بينك وبين هذا
الهدف ،مسافة أنت من خلقها وأنت من سيطر على بواباتها وأمسك مفاتيحها .حيث تستزرع هدفا ً
وتسقيه بماء اإلرادة واإليمان والثقة ومبررات التحقيق ،ثم تودعه في العقل الباطن وتتابع عيش
حياتك حسب آلياتها االعتيادية ،فأنت بهذا تضمن للهدف التحقق في وقته وحينه ،وإذ يأتيك يأتيك
وأنت سعيد أصالً وناجح ومنسجم ومتوازن ذهنيا ً وسيكولوجيا ً ،ألنك تعيش الواقع كما هو دون أن
تترك هدفك المؤجل يفسد هذا الواقع أو يعكر صفوه .
لماذا نتشبث نحن وبقوة بأهداف معينة أو أحالم أو رغبات ،بحيث نتلف أيامنا بأحالم اليقظة والتفكير
المواظب بها ؟ إنه الشعور بالال أمان ،إنه الخوف ،وتلك ثمار الجهل بالذات ،الجهل بذواتنا
18
الحقيقية األصلية ،التي هي منبع كل الثروات والنعم .الذات الحقة هي الوعي الجوهري الذي يعرف
كيف تشبع كل االحتياجات وكيف يتحقق التوازن النفسي والشعوري وكيف ينسجم الكائن الفرد مع
ظروفه االجتماعية وحركة الواقع خارج إطار الجسد والذات الفردية .الذات العليا هي الجوهر
الروحي الشفيف العادل المنسجم ،أما الذات السفلى ال ( ، ) EGOفما هي إال تلك الذات التي تربت
على الخوف والجهل والطمع والقسوة والجبن بذات الحين ،إنها الذات االجتماعية ،القناع الذي
استعرناه من المجتمع لنعيش فيه مع هذا المجتمع وننسجم فيه مع العقل الجمعي لهذا المجتمع .
السعادة الحقة ال يمكن أن تنال بالمقتنيات المادية ،كائنة ما كانت تلك المقتنيات ،سيارات ،فلل ،
أطيان ،أرصدة مصرفية …الخ …الخ .جميع هذا ليس إال رموز للثروة وليست الثروة الحقة ،إنها
رموز تذهب وتجيء ،وغالبا ً ما تخذلنا ألنها ال تمنح إال شبح سعادة وليس السعادة الحقيقية ،
خصوصا ً ما إذا جاءت تلك الثروات على النقيض من جواهرنا وقيمنا الجوهرية األصيلة .التعلق
المرضي بالهدف ،يدل على الفقر الروحي ،فقر الوعي الذي يجعل الواحد منا يتشبث بالرمز المادي
كدليل على الغنى أو القوة أو الحرية ،ويستبدل بالرمز ما هو جدي ٌر باالعتبار وهو الثراء النفسي ،
ثراء الجاذبية الروحية والنفسية ،ثراء المعرفة الحقة ،ثراء االقتدار الروحي الحق الذي ال يغلب وال
يهز ْم .
بعكسه ،فوعي التباعد المحسوب عن الهدف ،يدل على أنك غني وواثق من وصولك إلى الهدف ،
وواثق من امتالكك للقوة والقدرة والطاقة الداخلية الهائلة التي تمكنك من الوصول إلى هدفك في وقت
نضوجه ،ال في الوقت الذي تقرره ذاتك الخائفة المترددة الخائرة .
وعي التباعد المحسوب عن التعلق بالهدف ،يضمن لك حرية الخلق ألنك ح ٌر من أي هدف قريب
( دون أن تكون بال هدف ) ،يضمن لك حرية االستمتاع بيومك ،بحاضرك ،بإمكاناتك الموجودة في
فخاخ عديد ٍة متنوعة ،
ٍ يومك هذا ،ال في المستقبل .التعلق المرضي باألهداف يفضي إلى الوقوع في
الشعور بالتوتر ،الكآبة بين الحين واآلخر ،الشعور بالعجز ،اليأس ( وجميع تلك المشاعر تنبع من
الشك بتحقق الهدف والتعلق الشديد به ،بحيث نضع كل رصيدنا من الطاقة النفسية والفسيولوجية
والروحية في ك ّفة هذا الهدف
الوعي الحقيقي الصادق هو وعي الثراء الموجود ال المنتظر ،وعي أننا في واقع الحال أثرياء ونملك
كل شيء في داخلنا ،وما هذا الذي نريده في الخارج أو من الخارج فهو ال أكثر من استعراض قوتنا
الداخلية وليس ألننا محتاجون لثراء الخارج ،مثل هكذا وعي هو وحده الذي يحررنا من األمل
الخائب واالنتظار القلق للنتائج ،وبذات اآلن مثل هكذا وعي ،هو ما يجعلنا نحوز على أفضل
النتائج .
هناك شيء عرفه الحكماء والمتصوفة منذ فجر التاريخ ،إال وهو اإليمان بالمجهول وما يسمى حكمة
المجهول ،اإليمان بأن هناك شيء عظي ٌم في االنتظار ،هناك شي ٌء جميل وكبير سيحصل وسيغني
حياتنا ويجعلها أكثر رحاب ٍة واكثر حرية ،هكذا إيمان يتميز بأنه غير متلهف ،هادئ ومستقر وقائم
على ثقة وأيمان داخلي بأن شيء سيحصل وأن الحياة في الخارج غنية جداً ولها قوانينها الخفية في
أن تهب الثروة والقوة والجمال والسعادة ألولئك غير المتلهفين ،غير الخائفين ،غير القلقين ،بل
الواثقين المؤمنين بالمجهول وكنوز المجهول .
هذه الحكمة ال تقوم على التعلق الشديد حد االلتصاق بهدف واحد أو أمل واحد والتشبث به واستعجاله
19
للتحقق ،فإن تحقق كان زائفا ً هشا ً رخيصا ً سهل الكسر .
إن لم تؤمن بأنك قويا ً في داخلك ،لن تستطيع أي قوة في الخارج أن تغني ضعفك أو تزيله ،وإن
كنت فقيراً في داخلك فإن كل ثروات العالم لن تغنيك ،وإن كنت تعيسا ً مع نفسك وفي داخلك ،فلن
يسعدك شيء آت من الخارج ،وعليه فإن بناء قوة الداخل وحكمة الداخل وسعادة الداخل هي األساس
لتحقيق النجاح والتطور والنمو الطبيعي للشخصية ،في الخارج .
أولئك الذين يبحثون عن األمان في الخارج ،يطاردون شبحا ً ال يمكن اإلمساك به ،ألن األمان ال
يمكن أن يتحقق عبر المال ،والقلق الشديد على األمان الموهوم المنتظر مجيئه من الخارج ،يفضي
بالمرء ألن يخسر الكثير من روحه وال يكسب أمانا ولو أجتمع له كل مال الدنيا .
تخلى عن التعلق الشديد بهذا الذي تع رف ولج بنفس ك في فض اءات م ا ال تع رف ،به ذا يمكن ل ك أن
تضمن لك نصيبا ً أسمى من هذا ال ذي حس بته وخططت ل ه ،وكلن ا ع اش غ رائب الحي اة ورأى كي ف
يمكن أن تأتي الفرصة الغير متوقعة بل ما تبدو وكأنها معجزات ،تأتي عبر بوابة اإليمان بثراء العالم
واالبتع اد عن التعل ق الض يق ب وهم األم ان ووهم ( م ا تعرف ه خ ير مم ا ال تعرف ه ) .
المجهول الذي ال نعرف ،هو تلك اإلمكانات الجبارة ال تي ال تع د وال تحص ى وال تي يمكن أن تفتح لن ا
عبر اإليمان بها وعبر عيش الحاضر بحميمية واالبتعاد عن األهداف الكبرى عقب ترسيخها في العق ل
اطن . الب
طبعا ً ال نق ول أن ك ال ينبغي أن تض ع إس تراتيجية أو خط ة عم ل للوص ول إلى أه دافك ،قطع ا ً ال …!
ولكن نقول ال تضع خطة تفتقد المرونة وال تستوعب احتماالت التغيير أو التعديل ،وال تعش المستقبل
بذهنك وخيال ك ،بينم ا جس دك وروح ك في الحاض ر ،ال …ض ع خط ة مرن ة وقابل ة للتغي ير وأحبب
حاض رك وأؤمن بأن ه ه و األجم ل وه و الممكن الوحي د ال ذي تملك ه اآلن ويجب أن تعيش ه بعقل ك
يوم لديك ،بذات الوقت… أت رك في خطت ك أو إس تراتيجيتك فراغ ات وعواطفك وروحك ،وكأنه آخر ٍ
تستوعب االحتماالت القادمة .
الجميل في المجهول أو الغامض الذي ال ي رى ولكن ه موج ود ،ه و أن هن اك إمكاني ات تنظيم وتع ديل
مسارات زمنية – مكانية ال تعد وال تحص ى لتحقي ق األغ راض اإلس تراتيجية ال تي وض عتها لنفس ك ،
20
بحيث بينما أنت تبدو وكأنك ناسيا ً لهدفك اإلستراتيجي ،تج د أن ق وى المجه ول تنظم نفس ها وتنس ق
العالئق واألحداث الزمكانية ،بحيث تحقق لك هدفك في الوقت والمكان المناسب ،وبطريقة ربم ا أنت
لم تفكر فيها أبداً .
إنك إذا تشبثت بشكل مرضي بهدفك ،تكون قد ض يقت إب داعات المجه ول وقللت ف رص تحرك ه الح ر
ألنك فرضت عليك ما تعرف فقط من خيارات وفرص مصطنعة وقد تكون زائفة كالورود البالس تيكية ،
أفتس تبدل ورود الك ون الجميل ة المتم يزة بنكهته ا وعطره ا ،ب ورود بالس تيكية ؟
بالمناسبة ،قانون التباعد المحسوب عن الهدف واالمتناع عن التشبث المرضي بالهدف ،ال يتعارض
أبداً مع القانون السابق الذي تحدثنا عنه في الفصل السابق ،أي ق انون الرغب ة والغ رض ،ال أب داً ،
ولكن قانوننا هذا يقول أنك وبينما تضع لك هدف إستراتيجي سامي ،أترك بين النقطة ( أ ) التي تمثل
نقطة الطالق الهدف ،والنقطة ( ب ) نقطة الوصول إليه ونيل النتيجة ،ات رك فراغ ا ً لك ل االحتم االت
ال تي ال تب دو متوقع ة في الحاض ر ،ولكنه ا موج ودة في المجه ول ويمكن أن تنظم نفس ها وتخ دمك
س اعة تكتم ل الظ روف الزمكاني ة والعالئ ق الض رورية ،ودون ت دخل حاس م من ك .
هذا الفراغ الذي تتركه من خالل عدم االلتصاق بالتفاصيل ،يؤدي إلى أنك لن تض غط حل ول متس رعة
ربما تنسف الهدف بأكمله أو تشوهه أو تؤدي بك إلى الكآبة والضيق والي أس والش عور ب العجز ،إذا
ما فشلت في أن توصلك لما تريد.
حين خلق الخالق الكون ،خلقه ال ألنه يشعر بالعجز أو الضعف أو المل ل أو الكآب ة ،ب ل ألن ه أراد أن
يستعرض أمام عينيه قوته وعظمة إبداعه .
كن مث ل ه ذا الخ الق ،ألن ك في ج وهرك تمل ك س مات الخ الق ،الثق ة والق وة والرغب ة بالتجس د في
الخارج …!جسد نفسك وإبداعك في الخارج وال تنتظر من هذا الخارج أن يعطيك ما ال تملك ،بل إن ه
يعطيك حسب… .أرباح ما تملك أصالً ،مزيد من السعادة ،مزيد من التألق ،مزيد من الجم ال ،ف إن
لم يعطي ك ش يئا ً ف أنت لم تخس ر ش يء ألن م ا ل ديك من رأس مال موج ود في ج وهرك وس يبقى ولن
يستهلك .
21
قوانين النجاح الروحية السبع
القانون السابع
هناك معنى لوجودنا ،وهناك غرض يتحقق من وراء هذا الوجود ،وهذين الثنائيين الجميلين
ٌ
تسمية واحدةٌ هي ال ( المعنى والهدف ) يضمهما في الفكر الهندوسي وباللغة السنسكريتية
، ) ) DHARMAوقانوننا أو مبدأنا هذا الذي هو سابع القوانين الطبيعية السبعة للحياة الناجحة
بغرض ما ،
ٍ السعيدة يقول ،أن وجودنا في هذه الحياة ،وجود أي واحد منا ليس عبثا ً وإنما محكو ٌم
ف ما ،بمعنى أنت تضع لنفسك هدف وهذا الهدف يماثل أو يلبي حاجة الوجود من عبر الوصول لهد ٍ
وجودك فيه ،لكي ما ال يكون وجودك عبئا ً وعبثا ً .
تقول الهندوسية أن هذا المجهول الغامض السامي ( الخالق ) ،اإلله في شكله الجوهري المطلق ،
يتجسم عبر كل فر ٍد فينا ،ليخدم غرضا ً حياتيا ً ،وبالتالي فإنك كفرد ،تتميز ال شك بخصيص ٍة ال
يملكها غيرك أو ال يملك تحقيقها بتلك الكفاءة التي ال تضاهيها مطلقا ً كفاءةُ غيرك ،وإن هذا الذي
معين ينتظر منك إشباعه ،هنا
ٍ لغرض
ٍ لديك ،والذي ال يجيده غيرك كما تجيده ،ينبغي أن يتوجه
مستخدم لقدراتك الخاصة بشكل جيد ،ولمن يحتاج منك
ٍ كفاعل
ٍ حسب يمكن للحياة أن تغدو سعيد ٍة لك
هذه الخدمة أو هذا اإلشباع الحتياجاته ،وبالتالي لو إن كل واحد م ّنا عرف ما يملك وكيف يحقق ما
يملك ووجه هذا الذي عنده لمن يحتاجه ،لنلنا السعادة وأسعدنا اآلخرين بذات الوقت .
لو عمد الواحد منا على تعليم أطفاله أو لو إن أنظمتنا الدراسية تعتمد هذا المبدأ باكرا وتعلمه لألطفال
،ألمكن للمدرسة أو البيت أن تنشئ أجياالً من النشء يعرفون ما يريدون ويصلون إلى أهدافهم
بأقصر السبيل وأنجعها ،لقد فعلت هذا مع أبنائي منذ الطفولة الباكرة .لقد أوحيت لهم بأن لدى كل
واحد منهم قدرات أو قدرة خاصة ،ولدى كل واحد منهم طريقته الخاصة لتحقيق أو تنفيذ هذه القدرة
مهمة ُخلق من أجلها ،وعلى كل واحد منهم أن يسعى بجهوده الخاصة ٌ واجب أو
ٌ ولكل واحد منهم
الكتشاف ما هذا الشيء الخاص الذي يملكه دون سواه أو الذي يملك طريقة خاصة في األداء ال
يملكها سواه ،كما وأن يكتشف بذاته المهمة الخاصة التي خلق من أجلها وعليه تنفيذها لسد
احتياجات معينة لدى ناس آخرين ال يملكون القدرة على تغطية تلك االحتياجات بإمكاناتهم الخاصة
.مضافا ً لهذا فمنذ الصغر علمت أبنائي أن يمارسوا التأمل ،ومنذ البدء قلت لهم أنهم ال ينبغي أن
يقلقوا من أجل رغيفهم أو منامهم ،فأنا معهم على طول الخط ،بل وأن ال يحاولوا أن يجبروا أنفسهم
على اختيار مدرسة معينة أو نيل شهادة معينة ليس لديهم فيها رغبة حقيقية بل لمجرد أن يرضوني
أو يرضوا أمهم أو المجتمع .
ال …لقد عودتهم على أن يكونوا أحراراً ويفكرون بحرية ويختاروا الخيار الذي يضنون أنه فعالً
يناسب استعداداتهم وقابلياتهم ورغباتهم ،ثم أوحيت لهم بأن يبحثوا عن كل عن طريقه الخاص
22
لخدمة اإلنسانية وقلت لهم على كل واحد منكم أن يسأل نفسه ،ما هذا الشيء الخاص الذي أملكه وال
يملكه غيري أو ال يجيد غيري استعماله كما أفعل أنا .
وفعالً نجحت في أن أستنبت في كل واحد منهم القناعة بأن لديه ما يتميز به عن غيره ،وكل واح ٍد
منهم لديه الطريقة الخاصة التي ال يجيدها غيره ألداء هذه القابلية أو تلك الموهبة وإن كل واحد لديه
التزام أدبي تاه الجنس البشري عامة ،والنتيجة كبر أبنائي ونجحوا كل في طريقه الخاص وخدموا
البشرية وغدوا مواطنين ناجحين .
23