You are on page 1of 83

‫البسملة‬

‫للمام الخميني‪+‬‬
‫مقدمة الناشر‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫قععد يكععون "الخمينععي المفسععر للقععرآن" مععن أبععرز البعععاد‬
‫المخفية في شخصية المام الراحل السير روح الله الموسوي‬
‫الخميني‪ ،‬فقد حجبتها عن النظار البعععاد الجهاديععة فععي هععذا‬
‫العالم الرباني العارف والقائد الثائر والدوار التاريخيععة الععتي‬
‫تضععمنتها شخصععية المععام علععى صعععيد إحيععاء السععلم وقيمععة‬
‫المحمديععة الخالععدة‪ :‬ولكععن هععل يمكععن إحيععاء السععلم دون‬
‫القععرآن؟! الجابععة واضععحة‪ ،‬وعلععى أساسععها يتضععح أن البعععد‬
‫التفسيري للقرآن ع ومن قناة المامة المعصومة وهي الثقععل‬
‫الثاني القرين الملزم للقرآن ع هو البعد الظهر في شخصععية‬
‫المععام الخمينععي )قععده( باعتبععاره مجععدد السععلم فععي تععاريخه‬
‫الحديث‪.‬‬
‫هععذا هععو الطععار العععام وهععذه هععي الملمععح العامععة لبعععد‬
‫"المفسر للقرآن" في شخصية العععارف الخمينععي‪ ،‬ولكععن هععل‬
‫للمام الراحل تععراث تفسععيري ومنهععج فعي تفسععير القعرآن؟!‬
‫بالنسبة للشطر الول من السععؤال مععن المعلععوم أنععه لععم تتععح‬
‫للمام فرصة تصنيف تفسير كامل للقرآن الكريم وينقل أحععد‬
‫تلمذته أنه ع رضوان الله عليه ع كان يعتذر عن ذلك بععأن المععر‬
‫يحتاج إلى تفرغ كامل وهذا ما لم يسمح له به دوره التععأريخي‬
‫ومهماته النهضوية والحيائية‪.‬‬
‫أمععا بالنسععبة للشععطر الثععاني مععن السععؤال فالجابععة عليععه‬
‫إيجابية بالكامل‪ ،‬فللمام الراحل "متفرقات" تفسيرية متناثرة‬
‫في مؤلفاته ورسائله ومحاضراته وخطاباته‪ ،‬بعضععها تخصصععية‬
‫بالكامل والبعض الخر على نحو الستشهاد ومن مجموع هععذه‬
‫المتفرقات يمكن اكتشاف منهج متكامل فععي التفسععير إلععتزم‬
‫به المام في تعامله مع القرآن الكريم‪ ،‬وحيععث ل تتسععع هععذه‬

‫‪1‬‬
‫المقدمة الموجزة للحديث عن هذا المنهععج تفصععيل نشععير هنععا‬
‫إلى أبرز خصائصه العامة وهي‪:‬‬
‫أول‪ :‬إدخاله عنصر الدعية المرويععة عععن أهععل بيععت العصععمة‬
‫عليهم السلم في فهم المقاصد القرآنية إضافة إلى الحديث‪،‬‬
‫المر الذي يعبر عن عمق فهمه لمقاصد الدعية المرورية عنه‬
‫بععل إنععه يصععرح فععي المحاضععرة الخامسععة مععن محاضععراته‬
‫التفسيرية التي نقدم ترجمتها للقععارىء العربععي بععأن الدعيععة‬
‫إنما هي تفسر القرآن‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الميزة الثانية لمنهج المام في التفسير القرآني هععو‬
‫استناده إلى عنصر التدبر والسععتنطاق ل التحميععل فععي فهععم‬
‫القرآن وفي ذلك استجابة عملية لنصوصه والنصوص الحديثية‬
‫الداعية إلى التدبر وإعمال العقل في فهم القرآن إضافة إلى‬
‫اللتزام ع والتدبر أيضا ً ع بتفسيرات الذي يسر القععرآن بلسععانه‬
‫والمتعلمين مععن نبعععه اللهععي الصععافي‪ ،‬وهععذه الميععزة تجعععل‬
‫المنهج الخمينععي فععي التفسععير منهجععا إبععداعيا مسععتزيدا فععي‬
‫استنطاق القرآن واكتشاف المزيد من حقائقه الععتي ل ينععزف‬
‫بحرها‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬وكثمععرة للميععزة الثانيععة امتععاز هععذا المنهععج بتجسععيده‬
‫العملععي لمقتضععيات تعععدد البطععون القرآنيععة إضععافة إلععى‬
‫ظواهرها‪ ،‬وتتجلى هذه الميزة بوضوح فععي تفسععيره ع ع رحمععة‬
‫الله ع ليات من سورة الحشر ضمن رسالة تربوية لنجله السيد‬
‫أحمد‪ ،‬حيعث يطععرح لتفسعيرها ععدة بطععون تمتعد طوليععا عع ول‬
‫تتقاطع ع على مراتب‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬والميزة الرابعة هي تأكيععده علععى الجععانب الحتمععالي‬
‫لرائه التفسيرية وهذه الميزة إضافة إلى مبرراتهععا الشععرعية‬
‫لهععا اثععر إيجععابي غايععة فععي الهميععة فععي العانععة علععى فهععم‬
‫البطععون الخععرى للظععواهر القرآنيععة إذ أن للجععزم فععي طععرح‬
‫تفسير ما آثارا سلبية في تجميععد الععذهن عليععه وإغلق أبععواب‬
‫التدبر ولو ل شعوريا كما أن هعذه الميععزة تجععل لهعذا المنهععج‬
‫تحقيقا علميا ً بعيدا ً عن تحميل الراء على المنطوق القرآني‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬ويمتععاز المنهععج التفسععيري للمععام بطععابع عرفععاني‬
‫واضح لكنه ل يغفل آراء وأقوال غيععر العرفععاء واسععتنطاقاتهم‬
‫لليات الكريمة وهذا المر يجعل المنهج الخميني في التفسير‬

‫‪2‬‬
‫شموليا ً يستوعب كافة اللتفاتات‪ ،‬وهذا الطابع العرفععاني هععو‬
‫عملي بالدرجة الولععى وليععس علمي عا ً محض عًا‪ ،‬مععن هنععا نلحععظ‬
‫امتياز التفسير الخميني بأنه تربوي يهتم بالمطععالب التربويععة‬
‫المؤثرة على الجانب العلمععي وفععي ذلععك تجسععيد لكععونه هععدى‬
‫للعالمين‪.‬‬
‫وجميع هذه المميزات يمكن للقارىء أن يلحظها فععي هععذه‬
‫المحاضرات المعرفية في تفسير البسععملة مععن سععورة الحمععد‬
‫والتي نقدم ترجمتها العربية وهي خمسععة دروس كععان المععام‬
‫الراحل قععد أفععاض بهععا بعيععد انتصععار الثععورة السععلمية )خلل‬
‫شهر صفر عام ‪ 1400‬للهجرة( وقععد بثععت عععبر جهععاز التلفععزة‬
‫اليرانية في التأريخ المذكور وقد سعى المام بحكم ذلك إلععى‬
‫تبسيطها بما يتناسععب مععع عموميتهععا وكععان ينععوي مواصععلتها‬
‫أسبوعيا‬
‫كما يصرح بذلك في الدروس ولكن ع مع السف ع فقد حععال‬
‫دون استمرار فيوضاتها المباركة توعك صحة المععام وعوامععل‬
‫أخرى غفر الله لمسببيها الذين أوجدوا عقبععات بععوجه انتشععار‬
‫المعارف السلمية مععن خلل مسععاهمتهم فععي الحيلولععة دون‬
‫استمرار هذه المحاضرات المعرفية القيمة‪.‬‬
‫ملحظة أخيععرة نععود الشععارة إليهععا فععي المقدمععة المععوجزة‬
‫وهععي أننععا حرصععنا فععي هععذه الترجمععة علععى المحافظععة علععى‬
‫أسلوب المخاطبة المباشرة فيها بمعني إبقاء حالة المحاضععرة‬
‫فيهععا آمليععن أن يفتععح القععارئ قلبععه لهععذا الخطععاب المعنععوي‬
‫لينتفع من ثماره المباركة رزق اللععه صععاحبها زيععادة الععدرجات‬
‫العلى ورزقنا شفاعة أجداد الكرام إنه ولي التوفيق‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫مقدمة الكتاب‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫وردت طلبات أن أتحدث في تفسععير بعععض اليععات القرآنيععة‬
‫الشريفة في حين أن تفسير القرآن ليس من المهمععات الععتي‬
‫يستطيع أمثالنا أداء حقها بععل إن علمععاء الطععراز الول ع ع مععن‬
‫العامة والخاصة ع صنفوا ع طول التأريخ السلمي ع كتبا كثيرة‬
‫في هذا الباب ومساعيهم مشكورة بل شك ولكن كل منهم لم‬
‫يقععم بععأكثر مععن كشععف أحععد أغطيععة القععرآن الكريععم وفقععا ً‬
‫لتخصصه‪ ،‬وحتى في هذا الحد ما مععن يقيععن أن التفسععير جععاء‬
‫كامل‪.‬‬
‫فمثل عمد العرفاء على مدى قرون عدة إلى كتابععة تفاسععير‬
‫عديدة وفق طريقتهم وهي الطريقة المعرفيععة‪ ،‬أمثععال محععي‬
‫الدين )إبن عربي( في بعض كتبه وعبد الرزاق الكاشععاني فعي‬
‫تععأويلته والمل سععلطان علععي فععي تفسععيره وبعضععهم أجععاد‬
‫التصنيف وفق هذا الفن ولكن القرآن ل ينحصر فيمععا صععنفوا‬
‫فمععا قععاموا ب هععو إزاحععة بعععض الحجععب عععن القععرآن الكريععم‬
‫وقراءة بعض أوراقه‪.‬‬
‫كما قام الطنطاوي وأمثععاله وكععذلك السععيد قطععب بتفسععير‬
‫ة أخرى هي أيضا ً ليست تفسيرا للقرآن بكافععة‬ ‫القرآن بطريق ٍ‬
‫معانية فهم أيضا ً كشفوا غطاء واحدا آخرا ً عنه‪.‬‬
‫وللكثير من سائر المفسرين ع من غير هاتين الطععائفتين ععع‬
‫تفاسير كتفسير "مجمع البيان " وهو تفسععير جيععد جععامع بيععن‬
‫أقوال العامة والخاصة‪ ،‬وحال هذه التفاسععير كحععال سععابقاتها‬
‫فالقرآن ليس ذاك الكتاب الذي نستطيع نحن أو غيرنا تصنيف‬
‫م هععي‬ ‫تفسير جامع له يحوي كافة علومه كما هي‪ ،‬ففيععه علععو ٌ‬
‫فوق ما نفهم نحن‪ ،‬نحن نفهم ظاهرا ً منه ونفسر غطععاءً منععه‬
‫والبععاقي يحتععاج إلععى تفسععير أهععل العصععمة وهععم المعلمععون‬
‫بتعليمات رسول الله‪.‬‬

‫التفسير بالهواء‬
‫وقععد ظهععر فععي الونععة الخيععرة أشععخاص ليععس مععن أهععل‬

‫‪4‬‬
‫التفسير أصل ً أرادوا تحميل ما لديهم من أفكععار علععى القععرآن‬
‫ة من اليساريين والشععيوعيين عمععدت إلععى‬ ‫والسنة حتى أن فئ ً‬
‫ً‬
‫التستر بالقرآن أيضا لعرض بضععائعهم‪ ،‬وهععؤلء ل علقععة لهععم‬
‫أصل ً بالتفسير ول بالقرآن فما يريدونه هعو خعداع شععبابنا بمعا‬
‫يقدمونه لهم على أنه هو السلم‪.‬‬
‫وعلى هذا فما أريد التنبيه إليه هو أنععه ل ينبغععي للععذين لععم‬
‫يصلوا بعععد إلععى المسععتويات العاليععة مععن النضععوج العلمععي أن‬
‫يدخلوا مضمار التفسير‪ ،‬فل ينبغي للشباب غير المطلععع علععى‬
‫المعارف السلمية إقتحام ميدان تفسير القرآن وإذا حدث أن‬
‫تطفل أمثال هؤلء لغايات وأهداف مععا علععى ميععدان التفسععير‬
‫فل ينبغي لشبابنا أن يولوا أهمية أو يقيمععوا وزن عا ً لمثععل هععذه‬
‫ح عععن "التفسععير‬ ‫ي صععري ٌ‬
‫التفاسير فقععد ورد فععي السععلم نه ع ٌ‬
‫بالرأي" )من فسر القععرآن برأيععه فليتبععوأ مقعععده مععن النععار "‬
‫حديث نبوي مشهور راجع كتاب القرآن فععي السععلم للعلمععة‬
‫الطباطبععائي ص ‪ 82‬طبعععة منظمععة العلم السععلمي وكتععاب‬
‫التعرف على القععرآن للشععهيد المطهععري ص ‪ 25‬طبعععة وزارة‬
‫الرشاد فععي الجمهوريععة السعلمية والحععديث المعذكور يرويععه‬
‫الشيخ الصدوق عععن النععبي الكععرم )ص( فععي الغنيععة وأخرجععه‬
‫الترمذي في صحيح ج‪ 11‬ص ‪ (67‬كأن‬
‫ي كان إلى تلبي آرائه علععى القععرآن فيطبععق المععادي‬‫يعمد أ ٌ‬
‫أفكاره على بعض اليات القرآنية فيفسر القععرآن وفععق رأيععه‪،‬‬
‫أو أن يعمد أحد أصحاب الراء المعنويععة والروحيععة إلععى تأويععل‬
‫كل ما في القرآن الكريم ويرجعه إلى ما يعتقد هو‪.‬‬
‫إن اللزم هععو أن نجتنععب كععل ذلععك فأيععدينا ليسععت مطلقععة‬
‫العنان في هذا المضمار والباب ليس مفتوحا ً علععى مصععراعيه‬
‫لكي يعمد النسان إلى تحميل كل ما يصله عقله على القععرآن‬
‫فيقول هذا ما يقوله القرآن‪.‬‬

‫تفسيراتنا هي على نحو الحتمال‬


‫وحيعث أنععي أتحعدث ببعععض الكلمععات حععول بعععض مععن آيععات‬
‫القرآن الكريم فل أدعي أن مععا أقععوله هععو المععراد والمقصععود‬
‫فيها‪ ،‬فما أقوله هو على نحو الحتمععال ل الجععزم ولععن أقععول‬
‫بأن المراد هو هذا ل غير‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫وإستجابة لما طلبه بعض السادة من أحاديث في هذا البععاب‬
‫قررت أن أتناول كل عدة أيام مرة ع كأنه يكععون فععي السععبوع‬
‫مرة ع وضمن وقت محدود السورة الولى في القرآن وإحععدى‬
‫السععور الواخعر وأتحععدث عنهععا بصعورة مختصععرة إذ ل يتسععنى‬
‫التفصيل ل لي ول للخرين وأكععرر القععول بععأن هععذا التفسععير‬
‫ليس على نحو الجزم وليس أنه هو المراد ل غيععر‪ ،‬إذ أن مثععل‬
‫ذلك هو من التفسير بالرأي فمععا نعرضععه مععا يصععله نظرنععا مععا‬
‫نفهمه فنقوله على نحو الحتمال‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫الدرس الول‬
‫أعوذ بالله من الشيطان الرجيم‪ ،‬بسم الله الرحمن الرحيم‪،‬‬
‫والحمد لله رب العالمين ‪.....‬‬
‫يحتمععل أن تكععون "البسععملة" فععي جميععع السععور القرآنيععة‬
‫مرتبطة باليات الععتي تليهععا‪ ،‬ولقععد قيععل أن البسععملة متعلقععة‬
‫ن القععرب هععو أن كععل بسععملة مرتبطععة‬ ‫بمعنى مقدر واحد ولك ّ‬
‫بنفس السورة ع الععتي تفتتحهععا ع ع فمثل فععي "الحمععد" ترتبععط‬
‫البسملة بما بعدها فباسم الله تبارك وتعالى يكون الحمد له‪.‬‬
‫ص أو لكععل‬
‫والسم علمة‪ ،‬وهو للتعريف‪ ،‬ويوضععع لكععل شععخ ٍ‬
‫م لكي يكون علمة ومعرفا ً لععه‪ ،‬فعنععدما يقععال "زيععد"‬
‫ء اس ٌ‬
‫شي ٍ‬
‫يعرف النسان من هو المقصود بذلك‪.‬‬
‫أسماء الله علئم ذاته )بحعث المعام هعذا الموضععوع بصععورة‬
‫اكثر تفصيل في كتابيععة مصععباح الهدايععة وشععرح دعععاء السععحر‬
‫وكلهما بالعربية(‬
‫وأسماء الله هي أيضا ً علئم ذاته المقدسععة‪ ،‬وأسععماء الحععق‬
‫تعالي هي التي يمكن للنسععان التعععرف علععى ذاتععه المقدسععة‬
‫ة ناقصعة عع أمعا نفععس العذات المقدسعة‬ ‫من خللها ع ولو بصور ٍ‬
‫للحق تعالى فل يصلها إنسان حععتى خععاتم النبيععاء وهععو أعلععم‬
‫وأشرف بني آدم فهو ل يستطيع الوصععول إلععى مرتبععة الععذات‬
‫مععا مععا يمكععن لبنععي‬
‫تلك إذ ل يعرفهععا سععوى ذاتععه المقدسععة‪ ،‬أ ّ‬
‫النسان الوصول إليه فهو أسمعاء الله )راجع في هذا المجععال‬
‫كتاب التوحيد العلمي والعيني الذي يضم مراسلت آيععات اللععه‬
‫محمععد حسععين الكمبععاني والسععيد أحمععد الكععربلئي وتععذييلت‬
‫العلمة الطباطبائي وتلميذه محمععد حسععن الطهرانععي عليهععا(‬
‫ولهذه السماء أيض عا ً مراتععب نسععتطيع نحععن أن نععدرك بعضععها‬
‫فيما ينحصر إدراك البعض الخععر بأوليععاء اللععه والنععبي الكععرم‬
‫صلي الله عليه وآله وأولئك المعلمين بتعليمه‪.‬‬

‫العالم كافة اسم الله‬


‫والعالم أجمع هو اسععم ا للععه فالسععم هععو العلمععة‪ ،‬وجميععع‬
‫الموجععودات فععي العععالم هععي علئم علععى ذات الحععق تعععالى‬

‫‪7‬‬
‫المقدسة‪ ،‬وغاية المر أن البعض يستطيع الوصول إلععى عمععق‬
‫كونها علمة فيعععرف كيععف أنهععا علمععة والبعععض الخععر يفهععم‬
‫المر على نحو الجمال وذلك من خلل مقولععة أن الموجععود ل‬
‫يحصل على الوجود مععن تلقععاء نفسععه‪ ،‬وهععذه حقيقععة واضععحة‬
‫يستطيع إدراكها عقل أي إنسان بالفطرة ويفهم أن الموجود‬
‫الذي يمكن وجوده ويمكن عدمه مثل هععذا الوجععود المكععاني ل‬
‫يمكن أن يوجد بذاته فهذا الممكن يجب أن ينتهععي إلععى وجععود‬
‫موجود بالذات أي الموجود الععذي ل يمكععن سععلب الوجععود منععه‬
‫وهععو الزلعععي الععذي يسععتحيل سعععلب الوجعععود منععه وسعععائر‬
‫الموجودات الخععرى ممكنععة الوجععود والعععدم وهععذه ل تكتسععب‬
‫الوجود بذاتها فهي محتاجة إلى من يوجدها وهو خارج عنها‪.‬‬
‫لو فرضنا هذا الفضاء الوهمي الذي ليس بشععيء وليععس لععه‬
‫واقع خارجي أنه فضاء أزلععي فل يمكععن أن يتبععدل إلععى شععيء‬
‫موجود بنفسه أو أن يظهر فيه موجودٌ دون موجد‪.‬‬
‫وقول أولئك الذين يقولون بأنه كععان فععي الععدنيا منععذ الزل‬
‫فضاءً غير متناه )والشكال في اللمتناهي يبقععي قائمععا(‪ ،‬ثععم‬
‫ظهر بعد ذلك هواء وبخار ومن هذا الموجود "البخار الذي فععي‬
‫وجععد شععيءٌ آخععر وهكععذا‪ ،‬مثععل هععذا القععول يخععالف‬ ‫الفضععاء " ُ‬
‫الضرورة العقلية التي تنفي تحول شيء إلى شيء آخر بععذاته‬
‫ودون تدخل علة خارجية‪ ،‬فكععل شععيء يتبععدل إلععى شععيء آخععر‬
‫ل أن يتبععدل‪ ،‬فالمععاء مثل ً‬ ‫ة خارجية وبدونها محععا ٌ‬ ‫يحتاج إلى عل ٍ‬
‫ة خارجية ليصبح ثلجا ً منجمدا ً أو ليصبح ماءً مغلي ّا ً‬ ‫يحتاج إلى عل ٍ‬
‫وبدون هذه العلة الخارجية يبقى إلى البد ماءً ل تصبح درجتععه‬
‫ة خارجيععة وشععيء‬ ‫ج إلععى عل ع ٍ‬‫تحت الصفر ول فوقه‪ ،‬فهو محتععا ٌ‬
‫خععارجي حععتى ل يتعفععن‪ ،‬وهععذا توضععيح إجمععالي لحتيععاج كععل‬
‫معلول إلى علة وافتقار كل ممكن إلى علة‪.‬‬
‫هذه هي من البديهيات العقلية فكل مععن يتصععورها ويتأمععل‬
‫فيها يصدقها يصععدق بععأن الشععيء الععذي يمكععن أن يكععون أو ل‬
‫ل أو يوجد أو ينعدم بذاته‪ ،‬فل يمكنه السععتغناء عععن‬ ‫يكون‪ .‬محا ٌ‬
‫العلة فما من شيء ينتقل بذاته من العدم إلععى الوجععود بععدون‬
‫علة‪ ،‬وهذا "المتناع" هو من الضروريات العقلية‪.‬‬

‫الموجودات آيات الله‬


‫وما تقععدم هععو إيضععاح إجمععالي لقضععية أن جميععع موجععودات‬

‫‪8‬‬
‫العالم هو "أسععماء اللععه" وآيععات اللععه‪ ،‬ويمكععن لكافععة العقععول‬
‫إدراك هذه الحقيقة ومعرفة أن كل العالم أسماء الله‪.‬‬
‫وأما المعني الحقيقي للمطلب فليس فيه قضية التسععمية‪،‬‬
‫كأن نفرض أننا نريد أن نوصل لحد معنى شععيء مععا المصععباح‬
‫مثل‪ ،‬عندما نطلق عليه إسما ً ونقول "مصععباح" أو "سععيارة" أو‬
‫ه فععي جميععع‬‫" زيد" وهذه حقيقة واقعية عن موجوٍد غيععر متنععا ٍ‬
‫أوصاف الكمال‪ ،‬والموجود غير المتنععاهي فععي جميععع أوصععاف‬
‫الكمال هو موجود ل حدّ له وهذا الموجود ليس ممكن الوجود‪.‬‬

‫المحدود ممكن الوجود‬


‫فلو كان الموجود محدودا فهو "الممكن" أما الموجود الععذي‬
‫ليس له حد في موجوديته أصل فيجععب بالضععرورة العقليععة أن‬
‫ل يجعلععه‬
‫يكععون حاويععا لجميععع الكمععالت‪ ،‬لن فقععدانه لي كمععا ٍ‬
‫محدودا ً ولو أصبح محدودا ً فهو "ممكن " وهذا هو الفععرق بيععن‬
‫ء وهععو‬
‫"الممكن" و"الواجب" فالواجب غير متناه في كل شععي ٍ‬
‫الموجود المطلععق‪ ،‬أمععا الموجععودات الممكنععة فهععي موجععودات‬
‫محدودة‪.‬‬
‫وما لم تكععن جميععع أوصععاف الكمععال موجععودة فععي الععواجب‬
‫بصورة غير متناهية ول محدودة فإنه يكون "ممكنعًا" أي أن معا‬
‫تصورناه "واجبا" ما هو بع" واجب الوجود" بل ممكنًا‪.‬‬
‫ومثععل هععذا الموجععود "الععواجب الوجععود" هععو مبععدأ اليجععاد‬
‫والوجود‪ ،‬وجميع الموجودات التي تظهر مععن "مبععدأيته" تكععون‬
‫مستجمعة لنفس تلك الوصاف ولكن على نحو النقص‪ ،‬وغايععة‬
‫المر أن لها مراتب‪ ،‬والمرتبة العلى هععي المسععتجمعة لكافععة‬
‫أوصاف الحق تعالى بالقدر الممكن أن يكون في موجود واجد‬
‫لذاك "السم العظم"‪.‬‬

‫ما هو السم العظم‬


‫السم العظم )للمام الخمينععي بحععث معمععق حععول السععم‬
‫العظم وأقسامه تجده في شرحه لدعاء السحر ص ‪ 85‬ععع ‪(98‬‬
‫عبارة عن ذلك السععم وتلععك العلمععة الحاويععة لجميععع كمععالت‬
‫الحق تعالي على نحعو النقععص عع أي النقععص المكععاني عع فهععو‬
‫واجد لكافة الكمالت اللهية نسبة إلى سائر الموجودات علععى‬

‫‪9‬‬
‫نحو الكمال هذا هو السم‪.‬‬
‫والموجودات التي تععأتي بعععد هععذا "السععم العظععم" واجععدة‬
‫لنفس الكمالت ولكن بمقععدار سعععتها الوجوديععة‪ ،‬حععتى نصععل‬
‫إلى هذه الموجودات الماديععة الععتي نتصععور عععدم وجععود العلععم‬
‫فيها ول القدرة ول أي من الكمالت في حيععن أن المععر ليععس‬
‫كذلك‪.‬‬

‫ح بحمده‬ ‫ك ّ‬
‫ل يسب ّ‬
‫ن هذه الموجودات‬ ‫ب فل نستطيع الدراك‪ ،‬إذْ أ ّ‬ ‫نحن في حجا ٍ‬
‫السععفلية الدنععى مععن النسععان والحيععوان‪ ،‬هععذه الموجععودات‬
‫الناقصة تنعكس فيها جميع تكل الكمالت‪ ،‬غاية المععر أن هععذا‬
‫النعكاس هععو بمقععدار سعععتها الوجوديععة‪ ،‬فلععديها إدراك أيض عا ً‬
‫ن‬ ‫نفس الدراك الموجود في النسان موجود فيهععا أيضععًا‪َ } :‬‬
‫وإ ِ ْ‬
‫ن‬ ‫ه ك َععا َ‬
‫م إ ِن ّ ُ‬
‫ه ْ‬
‫ح ُ‬
‫سِبي َ‬
‫ن تَ ْ‬
‫هو َ‬ ‫ف َ‬
‫ق ُ‬ ‫ول َك ِ ْ‬
‫ن ل َ تَ ْ‬ ‫ه َ‬
‫د ِ‬
‫م ِ‬
‫ح ْ‬
‫ح بِ َ‬ ‫ء إ ِل ّ ي ُ َ‬
‫سب ّ ُ‬ ‫ي ٍ‬‫ش ْ‬‫ن َ‬‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ما غفوًرا{)السراء ‪ .(44‬نحن محجوبععون فل نفهععم تسععبيح‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫حِلي ً‬
‫َ‬
‫الموجودات‪ ،‬وأولئك الذين ل يعلمون أن من الممكن أن يكععون‬
‫هنععاك إدراك لموجععود نععاقص‪ ،‬يفسععرون هععذا التسععبيح بععأنه‬
‫التسبيح التكويني في حين أن ما تقوله الية هو‬
‫غيععر التسععبيح التكععويني الععذي نعرفععه ونعععرف أنععه ليععس‬
‫تسععبيحها بمعنععى أنهععا موجععودات ولهععا علععة‪ ،‬كل المععر ليععس‬
‫كععذلك‪ ،‬بععل إنهععا تسععبح‪ ،‬وقععد ذكععرت الحععاديث تسععبيح بعععض‬
‫الموجععودات ومععا هععو ؟‍! )أورد الشععيخ المفيععد فععي كتععاب‬
‫"الختصاص" عن المام الصادق عليععه السععلم أنععه قععال‪ " :‬مععا‬
‫من طير يصاد إل بععتركه التسععبيح‪.‬ز" ص ‪ 25‬مععن طبعععة وزارة‬
‫الرشاد في الجمهورية السلمية(‪.‬‬
‫في قصة تسبيح تلك الحصاة الصغيرة فععي يععد رسععول اللععه‬
‫صلى الله عليه وآله )أفععراد العلمععة أبععي جعفععر رشععيد الععدين‬
‫محمد بن شهر آشوب )متوفى سنة ‪ 588‬هع( فصل خاصععا فععي‬
‫نطق الموجودات في كتععابه الشععهير )منععاقب آل أبععي طععالب(‬
‫ص ‪90‬ع ع ص ‪ 102‬ضععمن حععديثه المفصععل عععن منععاقب الرسععول‬
‫العظم صلى الله عليه وآله وأورد فيععه قصععة تسععبيح الحصععاة‬
‫في يد الرسول الكرم ضععمن روايععات أخععرى عديععدة فععي هععذا‬
‫المجال يقول رحمه الله "‪ ..‬وأتاه مكععرز العععامري وسععأله آيععة‬
‫فععدعا )ص( تسععع حصععيات فسععبحن فععي يععده وفععي حععديث‬

‫‪10‬‬
‫فوضعهن على الرض فلم يسبحن وسععكتن ثععم عععاد وأخععذهن‬
‫فسبحن‪ "..‬المنععاقب ص ‪ 90‬طبعععة قععم إيععران(‪ .‬مععا هععو الععذي‬
‫؟ إنه تسبيح تعتبر أجنبية عنععه أذنععي وأذنععك‪ ،‬إنععه نطععق‬
‫سمعوه ‍‬
‫وكلم ولغة ولكن لغته ليست لغتنا ونطقه ليس نطقنععا ولكنععه‬
‫إدراك‪ ،‬إدراك بمقدار السعة الوجودية للحصاة‪.‬‬
‫ولعل بعععض المراتععب العاليععة ولكونهععا تععرى نفسععها مصععدر‬
‫كافة الدراكات تقول إن الموجودات الخرى ليس لععديها هععذه‬
‫الدراكات ع وبالطبع فععإن ليععس لهععا إدراكععات تلععك المرتبععة ع ع‬
‫ونحن أيضا ً ولكوننا ل نععدرك حقععائق هععذه الموجععودات‪ ،‬فنحععن‬
‫محجوبون عنها لذلك فلسنا مطلعيععن ولكوننععا لسععنا مطلعيععن‬
‫نتصور عدم الكثير من الشياء‪.‬‬

‫المجاهيل الكثيرة‬
‫كثيرة هي الشياء الععتي يتصععورها النسععان معدومععة لكنهععا‬
‫موجودة أنا وأنت أجانب عنها‪.‬‬
‫الن يقولععون أن هنععاك مجهععولت اتضععحت‪ ،‬فمثل النباتععات‬
‫التي كان الجميع فيما مضععى يقولععون بأنهععا صععامتة‪ ،‬يقولععون‬
‫الن بععأنه يمكععن سععماع ضععجيج ع ع بواسععطة أجهععزة وهوائيععات‬
‫خاصة ع ينطلق من جذور الشجرة التي توضع في مععاء مغلععي‪،‬‬
‫؟! ولكععن العععالم مليعءٌ‬‫أنععا ل أعلععم هععل هععذا صععحيح أم كععذب ‍‬
‫بالضجيج وجميع ما فيه حي وجميعها اسم الله أيضا ً كل شيء‬
‫هو اسم الله‪ ،‬أنتم أنفسكم أسماء الله‪ ،‬ألسععنتكم أسععماء اللععه‬
‫أيضا ً وكذلك أيديكم‪.‬‬

‫الحركة بسم الله‬


‫م{ عنععدما تحمععدون اللععه فهنععا‬‫حيع ِ‬
‫ن الّر ِ‬
‫مععا ِ‬
‫ح َ‬ ‫سم ِ الل ّع ِ‬
‫ه الّر ْ‬ ‫}ِبا ْ‬
‫اسم الله أيضًا‪ ،‬عندما تتحرك ألسنتكم فهنا اسم الله‪ ،‬وعنععدما‬
‫تقومون وتذهبون إلى منازلكم فباسم الله أيضا ً تفعلون ذلك‪،‬‬
‫ل يمكنكم عزل اسم الله‪ ،‬فأنتم أنفسكم أسماء الله‪ ،‬ونبضات‬
‫قلوبكم اسم الله‪ ،‬النسمات المتحركة هي اسم الله وانطلقععا‬
‫من هذا‪ ،‬فلعل ما تريد قععوله اليععة الكريمععة هععو هععذا المعنععى‪،‬‬
‫وهو وارد في الكثير اليات الخرى‪ ،‬حيث يكون باسم الله كذا‬
‫وكذا‪ ،‬فكل شيء اسععم اللععه يعنععي الحععق وأسععماء اللععه‪ ،‬فكععل‬
‫ن فععي المسععمى‪ ،‬نحععن نتععوهم أننععا‬ ‫شععيء هععو‪ ،‬فالسععم فععا ٍ‬

‫‪11‬‬
‫مستقلون وأننا "شيء" وما نحعن بشععيء‪ ،‬فلعو انقطعع لحظعة‬
‫شعاع الوجود‪ ،‬ذاك الذي تكون الموجودات موجععودة بععه وبتلععك‬
‫الدارة وذلعععك التجلعععي‪ ،‬لعععو انقطعععع لحظعععة لععععادت جميعععع‬
‫الموجودات إلى "اللشيئية" ولخرجت من الحالة الوجودية‬
‫إلى حالتها الولععى إذ أن اسععتمرارية الموجوديععة أيض عا ً هععي‬
‫قائمة بنفععس هععذا التجلععي‪ ،‬وبتجلععي الحععق تعععالى وجععد عععالم‬
‫الوجود كافة‪ ،‬وذاك التجلععي والنععور هععو أصعل حقيقعة الوجععود‬
‫َ‬
‫ض {)النععور ‪ .(35‬أي‬ ‫والْر ِ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬
‫سع َ‬
‫ه ن ُععوُر ال ّ‬‫وهو أسم الله }الل ّ ُ‬
‫أنها تجلي الله‪ ،‬يعني النور‪ ،‬فكععل شععيء لععه تحقيععق إنمععا هععو‬
‫ظهععور ذلععك النععور‪ ،‬نحععن نسععمي هععذا نععورا ً لن لععه ظهععور‪،‬‬
‫والنسان ظاهر فهو النور‪ ،‬وكذلك المر مععع الحيوانععات فهععي‬
‫َ‬
‫ض{‬‫والْر ِ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬‫سع َ‬ ‫ه ن ُععوُر ال ّ‬ ‫نور أيضًا‪ ،‬وجميعها نععور اللععه }الل ّع ُ‬
‫ويعني أن وجود السموات والرض ع وهو عبارة عن نور ع هععو‬
‫ت{ وليععس‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬
‫س َ‬ ‫ه ُنوُر ال ّ‬ ‫من الله‪ ،‬وهو فان إلى درجة أن }الل ّ ُ‬
‫أن " بالله تتنور السموات" لن هذه الصععيغة تشععير إلععى نمععط‬
‫َ‬
‫ض{ فهععي‬ ‫والْر ِ‬ ‫ت َ‬ ‫وا ِ‬‫ما َ‬‫سع َ‬‫ه ن ُععوُر ال ّ‬ ‫مععن السععتقللية‪ :‬أمععا }الل ّع ُ‬
‫تعني أنها ع السموات والرض ع ع جميععا ً لشععيء‪ ،‬فليععس لععدينا‬
‫في العالم موجود له نحو من الستقلل‪.‬‬
‫إن معنى الستقلل هو الخععروج مععن حعدّ المكععان إلععى حعدّ‬
‫الوجوب في حين ل موجود غير الحق تعععالى‪ ،‬ولععذا يقععول عععز‬
‫ه{ أو }بسعم اللععه‪ ..‬قععل هععو اللععه‬ ‫معدُ ل ِل ّع ِ‬ ‫ه ال ْ َ‬
‫ح ْ‬ ‫سم ِ الل ّ ِ‬‫وجل }ب ِا ِ ْ‬
‫أحد{ فباسم الله قل إذ أن المراد هو ع احتمال ً ع أن قععل بسععم‬
‫الله الرحمن الرحيععم أن هععذه الحقيقععة هععي هععذه الصععورة أي‬
‫ما‬
‫و َ‬
‫ت َ‬‫وا ِ‬‫ما َ‬
‫س َ‬
‫في ال ّ‬
‫ما ِ‬ ‫ح ل ِل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫سب ّ ُ‬
‫بمعنى ليكن قولك بسم الله }ي ُ َ‬
‫ض { )الجمعة‪ .(1‬وليس " من في السععماوات والرض‬ ‫َ‬
‫في الْر ِ‬ ‫ِ‬
‫"‪.‬‬
‫كل ما في الرض والسماء يسبح لهذا الموجود وباسم اللععه‬
‫وهععو تجليععه تعععالى وبهععذا التجلععي تتحقععق جميععع الموجععودات‬
‫وكافة الحركات هي من نفس التجلي‪.‬‬

‫الكل من تجلياته‬
‫كل ما يحدث فععي العععالم هععو مععن هععذا التجلععي ولن جميععع‬
‫الشياء والمر منه وإليه ترجع لذا فليس لي موجود شيء من‬
‫ذاته بل ليست هناك "ذاته" في المر‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫ذاك الذي يقف في مقابل "مبدأ النور" ويقول أنا أيضا ً لدي‬
‫شيء‪ ،‬هذا يعني أنه يقععول‪ :‬أن هععذا الوجععود مععن عنععدي‪ ،‬فععي‬
‫حين أن نفس "عندي" هععذه هععي ليسععت مععن عنععدك‪ ..‬والعيععن‬
‫وجدت بتجليه تعالي‪.‬‬ ‫التي لديك هي ليست من عندك فهي ُ‬
‫كل "حمد" وثناء يصدر عنععا وعنهععم إنمععا يكععون باسععم اللععه‪،‬‬
‫بسبب اسم الله ولهذا أيضا ً قوله باسم "الله"‪.‬‬

‫"الله" التجلي الجامع‬


‫"الله" هو التجلععي الجععامع تجلععي مععن الحععق تعععالي الجععامع‬
‫لكافععععة التجليععععات‪ ،‬ومععععن هععععذا التجلععععي تكععععون تجليععععات‬
‫"الرحمععن" ‪",‬الرحيععم" "اللععه" تجلععي الحععق تعععالى والرحمععن‬
‫والرحيم هي من تجليات هذا التجلي‪.‬‬
‫"الرحمععن" أوجععد بالرحمععة والرحمانيععة كافععة الموجععودات‪،‬‬
‫وهذه الرحمة هي أصل وجود الرحمة‪ ،‬وحتى ذاك الوجود الذي‬
‫ُأعطي للموجودات الشريرة هو أيضا ً رحمة‪ ،‬الرحمععة الواسعععة‬
‫التي وسعت كل الموجودات يعني أن جميععع الموجععودات هععي‬
‫عين الرحمة‪ ،‬جميعها رحمععة و"اللععه" هععو باسععم اللععه هععو هععذا‬
‫التجلي الذي هو تجلي بالمعنى التام‪.‬‬
‫المقام الذي يستطيع إظهار التجلي بالمعنى التام هععو هععذا‬
‫م هو أيضا ً تجلي نفس ذات الحق تعالى اسم‬ ‫السم الجامع اس ٌ‬
‫أيضا ً و "ل إسم له ول رسم " إسمه إسم الله وإسم "الرحمن‬
‫" وإسم "الرحيم" جميعهععا أسععماء‪ ،‬جميعهععا تجليععات‪ ،‬وباسععم‬
‫"الله" وهو الجععامع لكافععة الكمععالت بمرتبععة الظهععور ع ع وذكععر‬
‫"الرحمععن الرحيععم " لععه مععن بععاب أنععه الرحمععة والرحمانيععة‬
‫والرحيمية‪ ،‬أما أوصاف الغضب والنتقععام فهععي تبعيععة وليععس‬
‫بالععذات‪ ،‬الرحمععة هععي بالععذات‪ ،‬والرحمانيععة والرحيميععة هععي‬
‫بالذات‪ ،‬أما تلك الوصاف فهي تبعية‪.‬‬
‫بسم اللععه الرحمعن الرحيععم ‪" ...‬الحمعد اللعه " كعل المحامععد‬
‫وكععل كمععال وكععل ثنععاء يقععع فععي هععذا العععالم هععو لععه تعععالى‪،‬‬
‫والنسان يتوهم أنه عندما يتنععاول طعام عا ً لذيععذا ً فيمععدحه أنععه‬
‫ن هععذا الحمععد هععو للععه تعععالي ول‬ ‫يثني على هععذا الطعععام ولكع ّ‬
‫يععدري النسععان ذلععك‪ ،‬يمععدح إنسععانا ً مععا فيقععول أي فيلسععوف‬
‫وعالم هو؟ لكنه إنما يمدح ويحمد ويثني علععى اللععه ول يععدري‪،‬‬

‫‪13‬‬
‫لمععاذا ؟ لن هععذا الفيلسععوف والعععالم ليععس لععديه شععيء مععن‬
‫نفسه‪ ،‬فكل ما هو موجودٌ هو تجليه تعالى‪ ،‬والذي أدرك عقليا ً‬
‫ن نفس هذا الدراك هو أيض عا ً وكععذلك حععال‬ ‫أنه تجليه تعالى فإ ّ‬
‫المدرك‪ ،‬فكل شيء منه تعالى‪.‬‬
‫النسان يتوهم أنه يمدح هذه السجادة أو هذا الشخص لكنععه‬
‫ل حمد ول ثناء يقع إل ّ لله تعالى‪ ،‬لنكم إنمععا تمععدحون شخصعا ً‬
‫لشيء فيه‪ ،‬فالمدح ل يكون للعدم‪ ،‬وكل شيء هو موجود منععه‬
‫تعالى لذا فكل حمد ومدح وثناء فهو له‪" :‬الحمد " يعنععي كافععة‬
‫المحامد ولله كل ما هو وله تعالى حقيقة الحمد‪.‬‬
‫نتوهم أننا نمدح ونحمد زيدا أو عمرا أو نور الشمس أو نععور‬
‫القمر‪ ،‬لكننععا فععي الحقيقععة محجوبععون عععن هععذه الحقيقععة‪ ،‬ل‬
‫ندري بها فهي مستورة عنا‪.‬‬
‫نتوهم أننا نمدح ونحمد هذا أو ذاك لكن عندما ترفع الحجععب‬
‫نري أن جميع المحامد هععي لععه وأن نفععس حمععدنا لععه هععو مععن‬
‫تجلية‪.‬‬
‫}الله نور السموات والرض{ تعني أن كل حسن منععه وكععل‬
‫الكمالت منه أي من تجلياته‪ ،‬تجلععى مععرة فأوجععد كععل العععالم‪،‬‬
‫ت‬ ‫ت إ ِذْ َر َ‬
‫مي ْ َ‬ ‫مي ْ َ‬
‫ما َر َ‬‫و َ‬ ‫نتوهم أننا نقوم بعمل ما بأنفسنا ولكن } َ‬
‫مى{)النفال‪" .(17 /‬رميت وما رميت" فالرمي هو‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه َر َ‬ ‫ول َك ِ ّ‬
‫َ‬
‫أيض عا ً تجلععي‪ ،‬ومععن التجلععي الرمععي‪ ،‬لكععن "مععا رميععت" تجلععي‬
‫الرمي‪" ،‬إن الله رمي " أولئك الذين بايعوك إنما بععايعوا اللععه‪،‬‬
‫وهذه اليد أيضا ً تجلي الله‪ ،‬وغاية المر أننا محجوبون فل نعلم‬
‫ما المر؟ نحععن جميععا ً محجوبععون إل ّ ذاك المعلععم بتعليععم اللععه‬
‫وأولئك المعلمون بتعليمه‪.‬‬
‫ن مععن الممكععن‬ ‫واستنادا ً لما تقدم أقول أنه أصععبح واضععحا ً أ ّ‬
‫طرح احتمال أن يكون "بسععم‪ "..‬هععذا بع ع "الحمععد" بمعنععى أنععه‬
‫بإسم الله تكون جميع المحامد له تعععالى‪ ،‬فتجليععات اللععه هععي‬
‫التي تجذب إليها كافععة المحامععد فل يكععون حمععد وثنععاء لغيععره‪،‬‬
‫بمعنى أنكم مهما أردتم فلن تستطيعوا أن تحمدوا الغير إنكم‬
‫تحمدون وتمدحون الغير ولكن كععل حمععدكم وثنععائكم يقععع للععه‬
‫تعالى‪ ،‬وكلما تفكرون وتتوهمون أنه "الغير" فمععن جهععة عععدم‬
‫العلم‪.‬‬
‫ة لغيععر‬
‫وكلما أردتم أن تضغطوا على أنفسكم لتقولععوا كلم ع ً‬

‫‪14‬‬
‫الله ل تستطيعون ذلك إذ ل كلم لغير الله‪ ،‬فكععل مععا تقولععونه‬
‫عنه وما هي بنقائص‪.‬‬
‫للموجودات جهتان الولععى الجهععة الوجوديععة والخعرى جهعة‬
‫النقص الجهة الوجودية نوٌر وهو ل نقص فيه‪ ،‬فهععو منععزه عععن‬
‫النقعععص و"اللءات" ليسعععت منعععه‪ ،‬ول يمكعععن معععدح "اللءات"‬
‫فالمدح والحمد هععو دائمععا لع ع " نعععم" أي للوجععود والكمععال ول‬
‫كمال في العالم إل لكمال واحد هو كمال "الله " والجمال هو‬
‫أيضا ً جمال "الله "‪.‬‬

‫"التصديق غير العتقاد العلمي"‬


‫يجب أن نفهم هذه الحقائق‪ ،‬أن نعيهععا بقلوبنععا ل بألسععنتنا‪،‬‬
‫ن إيصععالها إلععى‬‫فععإدراك هعذه الكلمععة بععالقول أمععر يسععير ولكع ّ‬
‫القلب وفهم هذا الموجود الممكن فهمه بحيث يصدقه القلععب‬
‫أمر صعب‪.‬‬
‫ة ونععار‪ ،‬وقععد‬
‫فمرة يقول النسان ع باللسان عع إن هنععاك جنع ٌ‬
‫يكون معتقدا بذلك ولكن التصديق غيععر العتقععاد العلمععي‪ ،‬قععد‬
‫يحصل على البرهان أيضا ً ولكن التصديق شيء آخر‪.‬‬
‫العصمة الموجودة في النبياء هي ثمععرة التصععديق واليقيععن‬
‫فالععذي يصععدق يقينععا مععن المسععتحيل أن يتخلععف‪ ،‬أنتععم عنععدما‬
‫تصدقون أن أمامكم شخصا ً شاهرا ً سيفه يقطععع بععه عنععق مععن‬
‫يعصععيه‪ ،‬تصععبحون معصععومين عععن معصععيته يعنععي يصععبح مععن‬
‫المستحيل أن تصدر عنكم معصية لععه‪ ،‬لنكععم تحبععون أنفسععكم‬
‫فل يمكن أن تصدر عنكم مخالفة‪.‬‬
‫الذي يصدق أن "كلمة غيبة واحدة " يقولها بحق شخص في‬
‫مكة مثل تؤدي إلى ظهور صورته ع هناك ع ع وكععأنه يمععد لسععانه‬
‫من هنا ويظهععر فععي مكععة حيععث الشععخص الععذي اغتععابه فتطععأ‬
‫لسععانه أقععدام النععاس مععن هنععا إلععى هنععاك ععع أي مععن محععل‬
‫المستغيب إلى محل المغتاب‪.‬‬
‫والذي يصدق أن "الغيبععة أدام كلب النععار")روي الطبرسععي‬
‫في كتاب الحتجاج عن المام السجاد عليه السععلم أنععه سععمع‬
‫رجل يغتاب آخر فقال‪" :‬إياك والغيبععة فإنهععا إدام كلب النععار"‬
‫ص ‪ 172‬ونحوه مروي عن المام علي عليه السلم في كتععاب‬
‫الوسعععائل ج‪ 2‬ص ‪ 238‬وكعععذلك فعععي بحعععار النعععوار ج ‪ 72‬ص‬

‫‪15‬‬
‫‪.(248‬أي أن الععذي يغتععاب تبتلعععه كلب النععار ليععس بععالبتلع‬
‫المتعععارف وينتهععي المععر‪ ،‬بععل ابتلع يسععحق وجععوده وعنععدما‬
‫يذهب إلى هناك أيضا ً تبتلعه‪...‬‬
‫نقول إن الذي يصععدق ذلععك ل يمكععن أيض عا ً أن يغتععاب وحععن‬
‫عندما نغتاب أحيانا عع والعيععاذ بععالله عع فلننععا لععم يحصععل لععدينا‬
‫التصديق بذلك‪.‬‬

‫الصور الخرى للعمال‪.‬‬


‫الذي يصدق أن جميع العمال التي يفعلهععا هنععا لهععا صععورة‬
‫هناك في العالم الخععر فععإذا كععانت العمععال حسععنة فصععورتها‬
‫حسععنة فصععورتها حسععنة وإن كععانت سععيئة فصععورتها سععيئة‬
‫)تضمن حديث قصة معععراج الرسععول الكععرم صععلي اللععه عليععه‬
‫وآله وسلم إلى السموات العلععى الكععثير مععن مصععاديق الصععور‬
‫الخرى للعمال كما أن هناك العديععد مععن اليععات الدالععة علععى‬
‫ذلك راجع اليات الكريمة‪:‬ع‬
‫‪ 1‬ع سورة الكهف الية ‪49‬‬
‫‪ 2‬ع سورة آل عمران الية ‪30‬‬
‫‪ 3‬ع سورة النجم الية ‪40‬‬
‫‪ 4‬ع سورة الزلزلععة اليععة ‪6‬عع‪ ..8‬وغيرهععا والحععاديث الخععرى‬
‫كثيرة في هذا الباب(‬
‫والذي يصدق أن هناك حساب ع ولو كان على نحععو الجمععال‬
‫فافرضوا أن التفصيل ليس لزما ع والذي يصدق أنععه لععو وقععع‬
‫في الغيبة هنا فسيحاسععب عليهععا هنععاك وان هنععاك جهنععم إذا‬
‫آذي المؤمنين وأن هناك جنة إذا قام بالخيرات والمبرات هنععا‪،‬‬
‫الععذي يصععدق بععذلك فسععيلتزم إذا كععان المععر تصععديقا وليععس‬
‫مطالعة كتاب وإدراك كتاب وإدراك عقله له فهناك فععرق بيععن‬
‫الدراك العقلي والتصديق النفسي والقلععبي عع ول أقصععد هنععا‬
‫القلععب الحقيقععي ععع الدراك العقلععي والتصععديق فععي الدراك‬
‫العقلي كثيرا ما يحدث أن يدرك النسان عقل قضية ما ولكنععه‬
‫ل يلتزم بمقتضياتها عمليا لنععه لععم يصععدقها فععإذا مععا صععدقها‬
‫عمل وفقها‪.‬‬
‫واليمان هو عبارة عن هذا التصععديق العلععم بععالنبي ل يثمععر‬

‫‪16‬‬
‫هذه الفائدة لكن اليمان بالنبي يثمر هذه الفائدة‪.‬‬
‫ل تكفي إقامة البرهان على وجود الله تبععارك وتعععالي فععي‬
‫إيجاد "اليمان بالله" بل اليمان يثمره التصديق القلععبي الععذي‬
‫يجعل النسان خاضعا لله ويثمر اليمان بععه تعععالى وإذا حصععل‬
‫اليمان جاء كل شيء تبعا له‪.‬‬
‫إذ صععدق النسععان أن هنععاك موجععودا هععو مبععدأ هععذا العععالم‬
‫وهناك حساب وأن هناك مرحلة بعد المععوت وأن المععوت ليععس‬
‫فناء بل هو انتقال من نقص إلى كمال فهذا التصديق يحفظه‬
‫مععن كافععة الشععياء ومععن كافععة النحرافععات فالصععل هععو هععذا‬
‫التصديق ولكن المسألة الوحيدة هي كيف يحصل هذا التصديق‬
‫؟!‬
‫ه { حسععنًا‪،‬‬ ‫مدُ ل ِّلعع ِ‬ ‫ه‪ ..‬ال ْ َ‬
‫ح ْ‬ ‫سم ِ الل ّ ِ‬
‫هذه الية الشريفة تقول }ب ِا ِ ْ‬
‫ً‬
‫لقد أوضحت أحد أبعادها ع وأكرر أيضا أن ما قلته هو على نحو‬
‫ن جميع المحامد هععي‬ ‫الحتمال ل الجزم ع فإذا صدق النسان أ ّ‬
‫لله فعنععدما لععن يحععدث فععي قلبععه شععرك وإذا أثنععى علععى أحععد‬
‫فلكونه من تجليات الله‪.‬‬

‫علي )ع( التجلي اللهي العظيم‬


‫إذا أنشععد قصععيدة فععي معدح الميععر علععي )ع( فهععو يريععد أن‬
‫يقول أنه يدرك أنها لله‪ ،‬لن المام عليععه السععلم هععو التجلععي‬
‫العظيم لله‪ ،‬ولكونه لذا فإن ما فرضتموه مععدحا لععه فهععو مععدح‬
‫لله من خلل مدح تجليه‪.‬‬
‫إذا أيقن النسان وصدق أن المحامد لله لعرض عن نفسه‪:‬‬
‫إن ما ترونه ويراه من كععثرة ضععجيج النسععان بمقولععة‪} :‬لمععن‬
‫الملك{ وما ترونه ويراه من كععثرة غععرور النسععان يرجععع إلععى‬
‫كونه لم يعرف نفسه فإن "من عععرف نفسععه فقععد عععرف ربععه‬
‫")حديث مشهور مروي عععن المععام علععي عليععه السععلم راجععع‬
‫شععرح الشععيخ ابععن ميثععم البحرانععي علععى المععائة كلمععة لميععر‬
‫المؤمنين عليه السلم ]الكلمة الثالثة ص ‪ 57‬من طبعة جماعة‬
‫المدرسين في حوزة قم المقدسة( ل يدري أنععه ل شععيء ولععو‬
‫ل ما هو موجععود منععه تعععالى‬‫نك ّ‬ ‫دق به‪ ،‬وصدق أ ّ‬ ‫عرف ذلك وص ّ‬
‫لعرف ربه‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫والمشكلة الساسية هي أننععا ل نعععرف ل أنفسععنا ول ربنععا‪،‬‬
‫ول إيمان لنا ل بأنفسنا ول بربنا لم نصععدق أننععا ل شععيء ولععم‬
‫نصدق أنه هو كل شيء‪ ،‬وما لم يحصل هععذا التصععديق فل مععن‬
‫إقامة الععبراهين مهمععا زادت واتسعععت إذ تبقععى تلععك "النانيععة‬
‫النفسية" فاعلة‪.‬‬

‫إن أقوال )أنا كذا وأنت كذا( هي جميعا ً ادعاءات فارغة مععن‬
‫أجل الرئاسة وأمثالهععا وأصععلها بقععاء النانيععة الععتي مععا دامععت‬
‫فالنسان يرى نفسه‪.‬‬

‫رأس البلء‪...‬‬
‫جميع المصائب التي تنزل على رأس اليمان تصدر من حب‬
‫النفس فالنسان يحب نفسه فععي حيععن أنععه لععو أدرك حقيقععة‬
‫المر وجدانيا لعرف أن نفسه ل شيء وهي للغير وحبه للغير‪،‬‬
‫وقععد سععموه اشععتباه بععع "حععب النفععس وهععذا الشععتباه يععدمر‬
‫النسان فجميع المصائب التي تحععل بنععا هععي مععن حععب الجععاه‬
‫وحب النفس هذا حب الجاه هو الععذي يقتععل النسععان ويععدمره‬
‫ويؤدي به إلى النار‪.‬‬

‫وحب الجاه وحب النفس هذا هو‪" :‬رأس كل خطيئة" جميععع‬


‫الخطايا تصدر من حب النفععس وحععب الجععاه‪ ،‬ولكععون النسععان‬
‫ينظر إلى نفسه ويعجب بها ويحبها لذلك فهو يريد كععل شععيئ‬
‫لها ويعادي كل ما يمنعه عن ذلك أو يتوهم أنععه مععانع‪ ،‬ولكععونه‬
‫يريد كل شيء لنفسه لذا فهو ل يضع لععذلك حععدودا ومععن هنععا‬
‫كان "حب الدنيا رأس كل خطيئة")معروي بعاختلف يسععير ععن‬
‫المععامين السععجاد والصععادق عليهمععا السععلم ) الصععول مععن‬

‫‪18‬‬
‫الكافي للشيخ الكليني باب ذم الدنيا والزهد فيهععا وبععاب حععب‬
‫الدنيا والحععرص عليهععا ويلحععظ أن النععص يعتععبر "حععب الععدنيا"‬
‫بصورة مطلقععة بععأنه رأس كععل خطيئة دون تخصععيص لحرامهععا‬
‫عن حللها وقد نبه إلى ذلك المام الخميني )قده( وحععذر مععن‬
‫الدنيا مطلقا ً )راجع رسالته لنجله السععيد أحمععد المؤرخععة فععي‬
‫‪/17‬شععوال ‪ 1404 /‬هععع‪ .‬ق المطبوعععة مععع مجموعععة أشعععار‬
‫عرفانية للمام تحت عنوان "نقطة عطف" بالفارسية(‬

‫كل المحامد لله‬


‫كتاب الله ابتداء بمطلب ينبهنا إلععى جميععع القضععايا‪ ،‬فعلععى‬
‫نحو الحتمععال إن جميععع القضععايا تتضععح عنععدما يقععول تعععالى‪:‬‬
‫ه{ فهو ل يريد القول‪ :‬ع إن بعض المحامد لله عندما‬ ‫مدُ ل ِل ّ ِ‬ ‫}ال ْ َ‬
‫ح ْ‬
‫ن جميععع المحامععد‬‫يقول هو قادر ولكني أحمد لكم ل لله!! ولك ّ‬
‫لله‪.‬‬
‫عنعدما يقععول تعععالى‪ " :‬الحمععد اللععه " فهععو يعنععي أن جميععع‬
‫أقسام الحمد وحيثيته هي من الله ولله‪ ،‬أنتم تتوهمععون أنكععم‬
‫تحمععدون غيععره ولكنععه هنععا يكشععف غطععاء عععن كافععة القضععايا‬
‫ونفس هذه الية الكريمة الفريدة تكفععي النسععان لععو صععدقها‬
‫ولكن المسألة هي في التصديق‪.‬‬
‫}الحمد لله{ جميع المحامد للععه‪ ،‬ولععو صععدق النسععان بهععذه‬
‫الكلمة فقط لخرجت من قلبه كافة أنواع الشرك‪ ،‬وذاك الععذي‬
‫يكشف أنه لم يشرك بالله طرفة عين أبععدًا‪ ،‬إنمععا حصععل علععى‬
‫هذا التصععديق وجععدانيًا‪ ،‬وصععل إليععه بوجععدانه وأدرك المطلععوب‬
‫وهذا ما ل يمكن للبراهين أن تععؤدي إليععه فليععس لهععا الصععالة‬
‫والقتدار المطلوب‪ ،‬البرهان جيد فل نقول أنععه شععيء ولكنععه‬
‫يجب أن يكون وسيلة فالبرهان وسيلة إذ أنكم وفععق عقععولكن‬
‫وبالسعي والجتهاد تستحصلون اليمان‪.‬‬

‫خشبية قدم الستدلليين‬


‫الفلسفة وسيلة فليست مطلوبة بذاتها‪ ،‬وواجب السععتدلل‬
‫هو إيصال القضايا والمعارف إلى عقولكم و"خشبية هي قععدم‬

‫‪19‬‬
‫السععتدلليين ")ترجمععة نثريععة لصععدر بيععت شعععر بالفارسععية‬
‫للشععاعر اليرانععي المععولى جلل الععدين الموسععوي الرومععي‬
‫وكامل ترجمة البيت هي‪ :‬خشبية هي قدم أصععحاب السععتدلل‬
‫والقدم الخشبية هي في غاية العجز(‬
‫المقصود هععو أن هععذه القععدم خشععبة تجعععل النسععان قععادرا‬
‫على السير والنسان حقيقة يستطيع السععير بهععا إنهععا عبععارة‬
‫عن تلك القدم التي يرى بها النسان تجليععات اللععه ع ع فيسععتند‬
‫إليها ع ليدخل اليمان قلبععه ويحصععل بالوجععدان الععذوقي الععذي‬
‫يوجه على مرتبة من اليمان وهناك مراتب إيمانية أسمي‪.‬‬
‫أأمل أن ل نكتفي بقراءة القرآن وتفسععيره‪ ،‬بععل المهععم أن‬
‫نصدق بمسائله وأن نصدق بكل قدم وكلمة نقرأها من القرآن‬
‫فهو الكتاب الهادف إلى بناء النسان بناءً صععحيحا ً وهععو يصععنع‬
‫الموجود الذي أوجده بنفسه أوجده بالسم العظم وجعل فيه‬
‫كل شيء موجودا بالله ولكن ليس بصورة جلية‪.‬‬
‫القرآن يريد أن ينقل النسان من هذه المرتبة الناقصة إلى‬
‫تلك المرتبة التي تليق به‪ ،‬ولهذا الهدف تنزل القععرآن وكععانت‬
‫بعثععة جميععع النبيععاء‪ ،‬حيععث أنهععم ُبعثععوا ليأخععذوا بيععد النسععان‬
‫وينقذوه من هذه البئر العميقة التي سقط فيها وأعمقهععا بئر‬
‫"النفسانية" ويهدوه إلى تجليات الحق لينمي ويذهل عععن كععل‬
‫شيء‪ ..‬رزقنا الله ذلك بمشيئته عز اسمه‪.‬‬
‫السلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪.‬‬
‫ختام الدرس الول من دروس المام الخميني ]رض[ في‬
‫التفسير ‪/2‬صفر‪1400 /‬هع‪.‬ق‬

‫‪20‬‬
‫الدرس الثاني‬
‫أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم اللععه الرحمععن الرحيععم‬
‫الحمد لله رب العالمين‪.‬‬
‫كععان الكلم فععي "بسععم اللععه" فبمععاذا يتعلععق هععذا الجععار‬
‫والمجرور؟ قلنا ع على نحو الحتمال ع إن أحد الحتمال هو أن‬
‫تكون البسملة فععي كععل سععورة متعلقععة بنفععس هععذه السععورة‬
‫بالمعنى الذي يناسبها‪ ،‬فمثل ً في سورة "الحمد" يكون معنععى‬
‫"بسم الله الرحمن الرحيم " هو أن "الحمد بسم الله"‪.‬‬
‫واستنادا ً إلى هذا الحتمال يكععون معنععى البسععملة فععي كععل‬
‫سورة مختلفا ً عن معنى البسملة في السععورة الخععرى وعلععى‬
‫هذا يجب البحث ع مثل ع عن السم الذي يناسب بسملة سععورة‬
‫الحمد فما هو السم الذي يكون به الظهععور للحععق عع تعععالى عع‬
‫ويقع الحمد لله بهذا السم؟‬
‫وهكذا يجب البحث عن معنى السم المناسب في بسععملت‬
‫السور الخرى فمثل في سورة "هل هو الله‪ "..‬ما هععو السععم‬
‫المناسب لقول "هو الله أحد"؟‬
‫ومذكور في الفقه أنه لععو قععرأت البسععملة لسععورة وأوردت‬
‫قراءة سورة أخرى فالبسععملة الولععى ل تكفععي ويجععب تكععرار‬
‫البسملة مع السورة مع السععورة الخععرى وهععذا المععر يناسععب‬
‫المعنى المتقدم من اختلف في المعنى بيععن بسععملت سععائر‬
‫السور لما كانت البسملة جزء من كل سورة سوى في سععورة‬
‫الحمد وهنا أيضا ً هو من باب التبرك كما يقول البعععض وليععس‬
‫هذا القول بالصحيح‪.‬‬
‫وفيما يتعلق بسورة الحمد التي نحن بصددها فع "بسم اللععه‬
‫" هنا متعلقة بالجار والمجرور الععذي بعععدها وأحععد الحتمععالت‬
‫هو أن "الحمد" يعني جميع مصاديق الحمد من أي حامععد كععان‪،‬‬
‫فكل حامد يحمد إنما باسم الله ‪ ،‬يعني أن الحامد نفسععه اسععم‬
‫عاللهع وجميع أعضائه وجععوارحه أسععماء أيضعًا‪ ،‬والحمععد الصععادر‬
‫من النسان هو باعتبار أن هذا السم يحمد باسععم اللععه وأنععت‬
‫أيضا ً اسم آخر وزيد كذلك اسعم‪ ،‬فكععل منكععم مععن أسععماء اللععه‬
‫يعني مظاهر السماء "الفاعل اللهي فاعل الوجععود" انتبهععوا‬
‫إلى كون أن الفاعل اللهي ع وهو فاعل الوجود ع يتمععايز عععن‬

‫‪21‬‬
‫الفواعل الطبيعية بفععروق منهععا أن الشععيء الععذي يصععدر مععن‬
‫ن‬‫المبدأ اللهي وُيسمى بالفاعل اللهي‪ ،‬هععذا الصععادر هععو فععا ٍ‬
‫ي‬
‫في المصدر بحيث ليس له أي حيثية من نفسععه وليععس لععه أ ُ‬
‫نحععو مععن السععتقلل‪ ،‬ولتقريععب المعنععى للععذهن نشععبه المععر‬
‫بشعاع الشمس في مقابععل الشععمس ع ع وأن كععان المععر ليععس‬
‫كذلك أيضا ً فهو فوق هذا التشبيه ع ولكن على أي حال فمثلما‬
‫أن شعاع الشمس ل اسععتقلل لعه أصعل ً فععي مقابععل الشععمس‬
‫كذلك الحععال مععع الفاعععل اللهععي وهععو نفععس اليجععاد ونفععس‬
‫الوجود الصادر عن مبدأ الخير فليس له أي نحو من الستقلل‬
‫بنفسه ل في التحقق ول فععي البقععاء ول لموجععود واحععد‪ ،‬فلععو‬
‫انقطع عنه شعاع الوجود لما استطاع البقاء لنه محتععاج إلععى‬
‫المبدأ في البقاء مثلما هو مفتقر إليه في أصل التحقععق ولن‬
‫الموجودات ل حيثية من أنفسها ولكونها فانية في المبععدأ لععذا‬
‫فإنها وفي نفس الوقت الذي تكون ظهور أسععماء اللععه فهععي‬
‫أنفسها أسماء الله إنها أسماء الله الفعلية‪.‬‬

‫فناء الظاهر في مبدأ الظهور‬


‫ففي نفس الحال الععذي يكععون فيععه نععور السععموات والرض‬
‫ظهععور نععور اللععه }اللععه نععور السععموات والرض{ يكععون أيضعا ً‬
‫ظهوره ل أن يكون هو نفسه‪ ،‬لكن العلقة بين الظاهر ومبععدأ‬
‫ن فععي مععبرأ الظهععور‪ ،‬فهععذا‬
‫الظهور هععي أن هععذا الظععاهر فععا ٍ‬
‫ن فععي مبععدأ بحيععث ل يكععون لععه أي شععكل مععن‬ ‫الموجععود فععا ٍ‬
‫الستقلل فهذا هو وهذا الظهور هو الفاني فيععه ولهععذا قالععع‬
‫َ‬
‫ض{‪.‬‬
‫والْر ِ‬ ‫ت َ‬
‫وا ِ‬
‫ما َ‬
‫س َ‬
‫ه ُنوُر ال ّ‬ ‫عز وجلع }الل ّ ُ‬
‫احتمالت "الحمد"‬
‫وعلى القول بأن اللف واللم في "الحمد" هي إسععتغراقية‬
‫وأن "بسم الله" متعلق بها‪ ،‬فإن كععل حمعد مععن أي حامعد إنمععا‬
‫يتحقق باسم الله‪ ،‬والحامد هو اسععمه‪ ،‬وعلععى أحععد العتبععارات‬
‫فالحامد والمحمود واحد ظهور ومظهر‪ " :‬أنت كما أثنيت على‬
‫نفسك أعوذ بك منك")في مناجععاة الشععاكرين والراغععبين مععن‬
‫المناجاة الخمسة عشر للمام السجاد توضععيحات دقيقععة لهععذا‬
‫المعنى( فلن الحامد يكون فانيا ً في المحمود مععن هنععا يكععون‬
‫وكأنه هو الذي يثني فما من حيثية للغير لكي نقول إنني عليه‬

‫‪22‬‬
‫فهو الذي يثني من باب ع الفناء ع‬
‫وهنععاك احتمععال آخععر هععو أن ل تكععون اللععف واللم فععي‬
‫"الحمععد" للسععتغراق‪ ،‬أي أن يكععون تكععثير فععردي للفععراد‪ .‬إن‬
‫نفس الطبيعة مجععردة عععن جميععع الخصوصععيات هععي "الحمععد"‬
‫ليس له تعين بأي نحو كععان‪ ،‬وهنععاك يكععون معنععى "بسععم اللععه‬
‫الرحمن الرحيم الحمد لله" الحمد بدون تعيين الحمد المطلق‪.‬‬
‫وبناء علععى هععذا الحتمععال تصععبح محامععدنا عكععس الحتمععال‬
‫الول فل تكون واقععة لعه )توضععح هعذا المعنععي بدقعة مناجعاة‬
‫الذاكرين من المناجاة الخمسة عشر للمام علي ابن الحسععين‬
‫السجاد عليهما السلم( فالحمد الذي يقع له هععو الععذي يفعلععه‬
‫بنفسه فالحمد الصععادر عععن غيععر حمععد محععدود متعيععن وهععو ع ع‬
‫تعالى عع غيععر محععدود وحمععد المحععدود لغيععر المحععدود ل يصععبح‬
‫حمدًا‪ ،‬ويكون عكسه ما تقدم قوله مععن أن الحمععد ل يكععون إل ّ‬
‫للععه فععأنتم تتصععورون أنهععم يمععدحون الخععط الحسععن لكنهععم‬
‫يمععدحون اللععه ل الخععط‪ ،‬تتصععورون أنكععم تمععدحون النععور أو‬
‫تمدحون العالم ولكنه مدح "الله" ل العالم هكذا تقععدم القععول‬
‫ن جميع المحامد لله‪ ،‬فكل ما هو حمد من أي حامععد صععدر‬ ‫من أ ّ‬
‫يرجع إلى الله لنعه مععا مععن كمعال ول معن جمعال فععي العععالم‬
‫سوى كماله وجماله‪ ،‬أما الموجودات فليست بشععيء فلععو ن ُععزع‬
‫عنها هذا التجلي لما بقي منها شيء فهي موجودة به‪.‬‬
‫ع فيما تقدم ع قيل أن جميععع الموجععودات هععي تجليععات اللععه‬
‫ت‪ {..‬ولو نزع هععذا التجلععي مععا بقععي‬‫وا ِ‬
‫ما َ‬
‫س َ‬ ‫ونوره }الل ّ ُ‬
‫ه ُنوُر ال ّ‬
‫ن المدح هو للكمال فل يقع مععدح‬ ‫موجود ولكونه تجلي وكون أ ّ‬
‫لغيره ع تعالى ع إذ ل كمال غير كماله‪ ،‬كماله ظهور كمال ذاتععه‬
‫وكماله في‬
‫ل فععي مقععام‬ ‫ل فععي مقععام الععذات‪ ،‬كمععا ٌ‬ ‫مقام الظهور ع كما ٌ‬
‫ل في مقام الظهور‪،‬جميععع كمععالت العععالم هععي‬ ‫الصفات‪ .‬كما ٌ‬
‫ح كمععا ً‬
‫ل‪،‬‬ ‫كماله‪ ،‬وفي مقام الظهععور ك ع ّ‬
‫ل مععن يمععدح إنمععا يمععد ُ‬
‫وعليه فكل مدح يقع‪ ،‬يقع له‪ ،‬هكذا هععو المععر وفععق الحتمععال‬
‫الول‪.‬‬
‫أما في هذا الحتمال الثاني ع وهو احتمععال طبعععا عع فيكععون‬
‫الحمد حمدا ً مطلقا ً ل حمد كل حمد‪ ،‬الحمد المطلق يعني حمدا ً‬

‫‪23‬‬
‫دون غير ودون قيععد‪ ،‬حمععدا ً ليععس فيععه أي قيععد‪ ،‬والحمععد الععذي‬
‫يصدر عنا جميعه حمععد متعيععن ولمتعيععن‪ ،‬إذ ل سععبيل لنععا إلععى‬
‫الموجود المطلق لكي نحمده‪ ،‬ل ندركه حتى نحمده‪ ،‬أنتم حتى‬
‫عندما تقولون "الحمد لله" فل يحصععل إدراك تلععك "الحقيقععة"‬
‫لكي يكون الحمد له‪ ،‬لذا فكل حمععد يقععع ل يكععون لععه لمظععاهر‬
‫على العكس مما ورد في الحتمال الول حيث كل حمد يقع ل‬
‫يكون لغيره في حين أن المر في الحتمال الثاني هو أن كععل‬
‫حمد يقع ل يكون لععه سععوى حمععده نفسععه أي أن يحمععد نفسععه‬
‫بنفسه‪.‬‬

‫وعلى هذا فل يمكععن أن يكععون "السععم" فععي "بسععم اللععه‪..‬‬


‫الحمد لله " على نفس المعنى الول أي أنععك أنععت اسععم وهععو‬
‫اسم والخر اسم أيضًا‪ ،‬هذا اسم الله وظهور المطلق بل قيد‪،‬‬
‫وعلمة المطلععق أن يكععون بل قيععد‪ ،‬ظهععوٌر مععن الغيععب واسععم‬
‫الغيععب‪ ،‬وبععذاك السععم يكععون وقععوع الحمععد أي يحمععد بنفسععه‬
‫تلقائيا‪ ،‬الظهععور يحمعد المظهعر‪ ،‬وهعذا أيضعا ً قععول علععى نحعو‬
‫الحتمععال‪ ،‬وبععالطبع يكععون المتعلععق باسععم اللععه هنععا متعلقععا‬
‫بالحمد فحينا كل مصداق من الحمد وحينا صرف وجععود الحمععد‬
‫الذي ليس له أي قيد‪.‬‬

‫مرة تكون جميع المحامد الواقعة لله ل لغيره ومرة أخرى ل‬


‫يقع أي حمد للععه عع بمعنععي الحمععد المطلععق ع ع أي يكععون حمععدا‬
‫محدودا ل حمدا‬

‫مطلقععًا‪ ،‬وعنععدما يكععون معنععى "الحمععد للععه " ذلععك الحمععد‬


‫المطلق غير المقيد بأي قيعد‪ ،‬ويقععع لعه بالسععم المناسععب لعه‬
‫وهذا أيضا ً احتمال آخر‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫كمععا ذكععروا احتمععال أن ل تكععون البسععملة متعلقععة بنفععس‬
‫السورة‪ ،‬وقععال البعععض أنهععا متعلقععة بظهععور الوجععود فيكععون‬
‫معنى البسملة أن كل شيء يوجد إنما يكون وجوده باسم الله‬
‫يعني السم مبدأ ظهور جميع الموجودات‪ ،‬وهذا السم عبععارة‬
‫عن المشيئة التي ورد ذكرها في الحديث الشريف ع " إن خلق‬
‫المشععيئة بنفسععها وخلععق الشععياء بالمشععيئة")يرويععه الشععيخ‬
‫الصدوق في كتاب التوحيد بسععند متصععل عععن المععام الصععادق‬
‫عليه السلم )البععاب ‪ 11‬ص ‪ 147‬ع ع ‪ 148‬الحععديث ‪ (19‬وقريععب‬
‫منه ما في الباب ‪ 55‬ص ‪ 339‬الحديث الثامن بسند متصل عععن‬
‫الصادق عليه السلم أيضًا(‬

‫المشيئة هي الظهور الول‬


‫والمشيئة هي عبارة عن الظهور الول الذي خلقععه بنفسععه‬
‫أي بدون واسطة‪ ،‬ويكون خلق كافة الشياء الخرى بالمشععيئة‬
‫ويحتمل أن يكون الوجععود الععذي هععو ظهععر الوجععود‪ ،‬تتعلععق بععه‬
‫البسملة التي ل تتعلق بالسورة بععل بشععيء خععارجي وهععذا مععا‬
‫يراه أهل الدب مناسبا لمثععل الحالععة مععع "أسععتعين" وأمثالهععا‬
‫فلو كانت استعانة بالله ع ولو أن أهل الدب ل يلتفتون ع فهي‬
‫استعانة بالله ع ولو أن أهل الدب ل يلتفتون ع فهععي اسععتعانة‬
‫باسم الله فكل من يستعين إنما يستعين باسم الله فل يمكععن‬
‫لحد أن يستعين بغير اسعم اللعه‪ ،‬ل أن يكععون اسعم اللعه أمعرا‬
‫لفظيا وشكليا بل هو حقيقة واقعية فاسم الله في كل شيء‬
‫)راجع في هذا المجععال المقععاطع الععتي ورد فيهععا ذكععر "إسععم‬
‫الله" في الدعية المروية عن أهل بيت العصمة عليهم السلم‬
‫خاصة دعاء كميل بععن زيععاد ودعععاء السععمات( والسععتعانة هععي‬

‫‪25‬‬
‫باسم الله‪،‬‬

‫بهذا الظهور‪ ،‬وكل شععيء يكععون بهععذا الظهععور وهععي ترجععع‬


‫إليه ولو لم يتلفت الديب‪.‬‬

‫"اللععه" هععذا الععذي يرتبععط بععالمتعلق مععا هععو؟! فيمععا يرتبععط‬


‫بالسم قلت سابقا أنعه علمعة المسععمى فعأي شعئ موجععود ل‬
‫يكون علمة على هذا السععم؟ أي شععيء تفرضععون لععه وجععودا ً‬
‫بنحو ما هو ظهوٌر له بنحو ما وعلمة له‪.‬‬

‫مراتب السماء‬
‫ن لععه مراتععب‪ ،‬فهنععاك اسعم‬
‫السم هو العلمة‪ ،‬وغاية المر أ ّ‬
‫يجسد تمام معنى العلمة وهناك اسععم دونععه حععتى يصععل إلععى‬
‫مرتبة سععائر الموجععودات‪ ،‬فجميعهععا علمععات وجميعهععا ظهععور‬
‫للسم على مراتب ورد في الحديث الشععريف " نحععن السععماء‬
‫الحسنى )يرويه الكليني في الكععافي بسععنده عععن معاويععة بععن‬
‫عمار عن المام الصادق عليه السلم ونص الحديث هععو "نحععن‬
‫واللععه السععماء الحسععنى الععتي ل يقبععل اللععه مععن العبععاد إل‬
‫بمعرفتنعععا " راجعععع تفسعععير الميعععزان ج ‪ 8‬ص ‪ (384‬فالسعععم‬
‫العلى في مقام الظهور هو النععبي الكععرم والئمععة الطهععار‬
‫أولئك الذين وصلوا في مرتبة السير ع في مرتبة الحركععة مععن‬
‫النقص ع وصلوا إلى حيث تحررهم مععن جميععع الطبيعيععات مععن‬
‫كععل شععيء أولئك ليسععوا أمثالنععا حيععث نحععن فععي هععذه الععبئر‬
‫العميقة‪.‬‬

‫هجرة إلى الله‬


‫نحن لم نتحرك هناك أشخاص تحركوا وخرجوا من هذه البئر‬

‫‪26‬‬
‫ه ُثعع ّ‬
‫م‬ ‫سععول ِ ِ‬
‫وَر ُ‬
‫ه َ‬‫جًرا إ َِلى الّلعع ِ‬
‫ها ِ‬
‫م َ‬ ‫ه ُ‬‫ن ب َي ْت ِ ِ‬‫م ْ‬
‫ج ِ‬‫خُر ْ‬
‫ن يَ ْ‬
‫م ْ‬‫و َ‬‫وهاجروا } َ‬
‫رك ْ ُ‬
‫ه‬ ‫ي ُدْ ِ‬
‫ق َ‬
‫ه{)النساء‪.(100 /‬‬ ‫عَلى الل ّ ِ‬ ‫جُرهُ َ‬‫عأ ْ‬‫و َ َ‬‫قد ْ َ‬‫ف َ‬
‫ت َ‬
‫و ُ‬
‫م ْ‬‫ال ْ َ‬
‫أحد الحتمالت هو أن هذه الهجرة هي من النفس إلى الله‬
‫و"البيت" هنا هو نفس النسان فهناك طائفة خرجوا وهاجروا‬
‫ه{ إلععى أن‬ ‫سععول ِ ِ‬
‫وَر ُ‬ ‫جًرا إ َِلى الل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫ها ِ‬
‫م َ‬
‫عن هذا البيت الظلماني } ُ‬
‫وصلوا إلى منزل‪" :‬أدركه الموت" وصلوا مرتبععة لععم يعععد لهععم‬
‫فيها شيء من أنفسععهم مععوت مطلععق وعنععدها "وقععع أجرهععم‬
‫علععى اللععه" فهنععا أجععر آخععر مععا هععو الجنععة ول أشععكال النعيععم‬
‫الخرى هنا "الله" فقط"‪.‬‬
‫إن من يتحرك ويخرج من بيت نفسععانيته ويهععاجر إلععى اللععه‬
‫وإلى رسوله ع وهذه أيضعا ً هععي هجععرة إلععى اللععه عع يصععل إلععى‬
‫مرتبة "أدركه الموت")يقول مولى الموحدين المام على عليه‬
‫السلم في الخطبة ‪ 201‬من نهج البلغة "وأخرجوا من الععدنيا‬
‫قلوبكن قبل أن تخرج منها أبدانكم " ويقول عليه السلم فععي‬
‫الخطبععة ‪" 218‬قععد أحيععا وأمععات نفسععه ‪ ("...‬وعنععدها ل يكععون‬
‫هناك شيءٌ من نفسه‪ ،‬كل ما هو موجود هو من الله‪ ،‬هععذا مععا‬
‫يشاهده في هذه الهجرة وأجره على الله‪.‬‬
‫ة هاجروا هذه الهجرة ووصلوا إلععى المنتهععي وأجرهععم‬ ‫طائف ٌ‬
‫أيضا ً على الله وآخرون مهععاجرون علععى الععدوام فهععم طائفععة‬
‫ة مستمرة لكنهم لم يصلوا إلى "آيععات الهجععرة"‬ ‫في حالة هجر ٍ‬
‫وهي " أدركه الموت " وهناك طائفة مثلنععا ل هجععرة لنععا أصععل‬
‫فنحن في هذه الظلمات أسرى هععذه الععدنيا والطبيعععة و؟أشععد‬
‫منها أسرى "أنانية" أنفسنا سجناء هذه البئر العميقععة سععجناء‬
‫في بيت النفسانية‪ ،‬وبناء على هذا الحتمال فإننععا ل نععرى إل ّ‬
‫أنفسنا وكل ما نريده هو لنفسنا ليس لدينا غير النفععس ولععم‬
‫نفكر أصل‬
‫ولم نسع للهجرة فكل ما نفكر به هو في بيت النفسانية‪.‬‬

‫الوديعة اللهية‬
‫جميع القوى اللهية التي أودعهععا اللععه فينععا أمانععة لععدينا‪ ،‬ل‬
‫نّردها إلى صاحبها نصرفها على ما هي عليععه هنععا عع فععي هععذا‬
‫البيت ع ول زلنا فيه ول نزال ويوما بعد آخععر نععزداد ُبعععدا ً عنععه‪،‬‬

‫‪27‬‬
‫عن هذا المبدأ‪ ،‬عن المحل الذي يجب أن نهاجر إليه‪ ،‬وقد روي‬
‫أن الرسول العظم صلى الله عليه وآله وسلم كان قاعدا ً مععع‬
‫أصحابه في المسعجد فسعمعوا هعدةً عظيمعة عع صععوتا ً رهيبعا ً عع‬
‫فارتاعوا وسألوا عن هذا الصوت فقععال ]ص[‪:‬ع ع " حجععر ألقععي‬
‫من أعلى جهنععم منععذ سععبعين سععنة الن وصععل إلععى قعرهععا "‬
‫فقال ذوو القلوب الحية "فسععمعنا إن كععافرا ع ع منافقععا ع ع قععد‬
‫مات وكان عمره سبعين سنة )راجع كتاب علم اليقين للفيض‬
‫الكاشاني ج ‪ 2‬ص ‪) 1002‬المقصد الرابع الباب الثالث عشععر عع‬
‫الفصل الرابع( ونحن أيضا ً سععائرون بهععذا التجععاه غايععة المععر‬
‫أني منذ ثمانين عاما أسععير بهععذا التجععاه‪ ،‬وأنتععم منععذ سععنوات‬
‫عديدة وأرجو أن ل تسيروا أنتم أيضا ً بهذا التجاه‬

‫أعدى العداء‬
‫كل ما يجري علينا وكل ما نبتلي به هو من حب النفس مععن‬
‫هذه "النانية" "أعدى عدوك نفسك التي بيععن جنبيععك ) حععديث‬
‫نبوي مشهور راجع بحار النوار للعلمة المجلسي ج ‪ 15‬ص ‪40‬‬
‫إذ ينقععل حععديثا عععن النععبي الكععرم )ص( قريبععا مععن مضععمون‬
‫الحديث( هكذا ورد التعبير عن النفععس فهععي السععوأ مععن كععل‬
‫العداء وأكبر من كل الوثان فهععي أم الوثععان إذ أن النسععان‬
‫يعبدها أكععثر مععن سععائر الوثععان يتععوجه إليهععا أكععثر مععن سععائر‬
‫الوثان‪ ،‬وما لم يحطم هذا الوثن فل يستطيع أن يصععبح إلهّيععا ً‬
‫فل يمكن الجمع بيععن اللععه وبيععن الععوثن ل يمكععن الجمععع بنععي‬
‫النانية واللهية‪.‬‬

‫العبادة الحقة‬
‫ما لم نتحرر من هذا البيت من معبد الصععنام هععذا‪ ،‬ومععا لععم‬
‫نتحرر من هععذا الععوثن ونعععوض عنععه ونتععوجه إلععى اللععه تبععارك‬
‫وتعالى وما لم نخرج من هذا البيت فنحععن مععن عبعدة الصععنام‬
‫حتى لو كنا موحدين ظاهري ًّا‪.‬‬
‫نقول "الله" بألسنتنا ولكن الععذي فععي قلوبنععا هععو أنفسععنا‪،‬‬
‫نريد "الله" لنفسنا‪ ،‬وإذا كنا نريد "الله" لنفسنا‪ ،‬فإننععا نقععف‬
‫ن{ ولكععن‬ ‫عي ُ‬‫سعت َ ِ‬ ‫وإ ِي ّععا َ‬
‫ك نَ ْ‬ ‫عب ُعدُ َ‬ ‫ونصععلي ونععردد ألفععاظ ‪} :‬إ ِي ّععا َ‬
‫ك نَ ْ‬
‫العبععادة هععي فععي الواقععع هععي عبععادة النفععس‪ ،‬وعنععدما يكععون‬
‫اللتفات والتوجه هو للنفس عندها أرى جميع البعاد بععالنفس‬

‫‪28‬‬
‫وأريد جميع الشياء لنفسي‪.‬‬

‫"النانية" أم المصائب‬
‫جميع هذه المصائب الععتي تحععل بالنسععانية ناشععئة مععن هعذا‬
‫النقاط من "أنانية النسان" جميع الحروب في هذا العالم من‬
‫هذه النانية‪ ،‬فما من حرب ونزاع بين المععؤمنين‪ ،‬فععإذا نشععبت‬
‫حرب بين المؤمنين فليعلموا أنهععم ليسععوا مععؤمنين فل حععرب‬
‫بين المؤمنين‪.‬‬
‫ولكن حيث ل يكون هنععاك إيمععان وحيععث أن تععوجه النسععان‬
‫إلى النفس لذا فهععو يريععد كععل شععيء لنفسععه ومععن هنععا يقععع‬
‫النزاع‪ ،‬أنا أريد هذه الريكة لنفسي وأنتم تريععدونها لنفسععكم‬
‫وحيععث ل يمكععن الجمععع يقععع التعععارض والتضععاد أنععا أريععد هععذا‬
‫البساط لي وأنتم تريدونه لكم أنا أريد أن تكون هععذه الرئاسععة‬
‫الوهمية لي وأنتم تريععدونها لكععم وحيععث ل يمكععن الجمععع بيععن‬
‫الرادتين ينشب النزاع‪.‬‬
‫هععذا يريععد هععذه الدولععة لععه والثععاني يريععدها لنفسععه‪ ،‬فنقععع‬
‫الحرب‪ ،‬جميععع هععذه الحععروب فععي العععالم هععي بيععن النانيععات‬
‫النسان يحارب بأنانيته والحروب هي حععروب النانيععات وهععي‬
‫معدومة بين الولياء لنهم ل أنانيات لديهم فلو اجتمع الولياء‬
‫في مكان واحد لما نشب بينهععم أبععدا ول ظهععر اختلف بينهععم‬
‫لن كل شيء هو "لله" فل مكععان هنععا للنفععس لكععي يجععر هعذا‬
‫البساط إلى طرفه فيحدث الختلف وينشب بينهم النزاع‪.‬‬
‫الجميع هم لمبدأ واحد ويسيرون بنفس التجاه ولكنععا نحععن‬
‫واقعون فععي بئر عميقععة وظلمععات أشععدها ظلمععة هععي ظلمععة‬
‫"النانية" وما لم نخرج منها فل سبيل للخروج مععن تلععك الععبئر‬
‫العميقة‪.‬‬
‫مععا دمنععا فععي ظلمععات النانيععة فسععنظل ل نلتفععت إل إلععى‬
‫أنفسنا فنعتبر الخرين ل شيء أمععا أنفسععنا فهععي كععل شععيء‬
‫وكل ما يطرح يقبله النسان إذا ينفعه وإل ّ فل يرضى به حتى‬
‫إذا كان حقًا‪ ،‬يصدق به فورا إذا كان يععرى فيععه منفعععة لنفسععه‬
‫وإل ّ ل يصدق به بتلك السرعة وكل ذلك ناشئ من النانية‪.‬‬
‫كل المصائب التي تحل بنا وبكم وببني آدم فععي كععل مكععان‬
‫ناشئة من هذا المنبع‪ ،‬فالنزاع ناشئ من النانية من كوني أنععا‬

‫‪29‬‬
‫أجر إلى طرفي وأنت إلى طرفك‪.‬‬
‫وما دامت هععذه النانيععة موجععود فمععا مععن "إلهيععة" ومععا مععن‬
‫عبادة إل عبادة النفس‪.‬‬

‫الهدف من بعثة النبياء‬


‫والن من هو القععادر علععى الخععروج مععن معبععد الوثععان هععذا‬
‫الموجود في داخل النسان ذاته؟!‬
‫المر يحتاج إلى يد غيبية تأخذ بيد النسان وتخرجه من هععذا‬
‫المعبد ولهذه الغاية كانت بعثة جميع النبياء‪.‬‬
‫لقد ُبعث كافة النبياء وُأنزلت كافة الكتععب السععماوية لجععل‬
‫إخراج النسان من معبد الصنام هذا وتحطيمها وتحععويله إلععى‬
‫عابد لله‪.‬‬
‫جاء النبياء جميعا ً لتحويععل عععالم النسععانية هععذا إلععى عععالم‬
‫إلهي بعد أن أصبح عالما ً شيطانيا ً يخضع لحكومة الشيطان‪.‬‬
‫والحاكم علينا هو الشيطان ونحن أتباعه فهوى النفس هععو‬
‫من مظاهر الشيطان وحكمه علينا‪ ،‬لذا فكل عمل نقوم به هو‬
‫خعع ٌ‬
‫ل‬ ‫عمل شيطاني وكل ما نفعله نقوم به بأنانية ما دام فيه دَ ْ‬
‫للشععيطان الكععبر وهععو النفععس المععارة وحيععث نفعلععه بأنانيععة‬
‫فنحن تبع لشيطاننا‪.‬‬
‫الشيطان مهيمن علينا الن إلى أن نهععاجر مععن هععذا الععبيت‬
‫بتعليم النبياء والولياء وتوجيههم‪ ،‬ونعرض عععن هععذه النانيععة‬
‫وتحقق ذلك يعني أننا بدأنا نخرج مععن هععذه الععبئر ونسععير إلععى‬
‫ذلك الجانب وإذا أفلح شخص ع في هذه الدنيا ع بالوصول إلععى‬
‫ذاك المحععل الععذي ل يخطععر فععي أوهععامي ول أوهامععك عنععدها‬
‫ينعععدم ويفنععى والععذي يطلععب الكمععال عليععه أن يهععاجر هععذه‬
‫الهجرة‪.‬‬

‫الجهاد الكبر‬
‫علععى مععن يريععد الخععروج مععن هععذه النانيععة أن يهععاجر هععذه‬
‫الهجرة بالمجاهععدة يجاهععد ويهععاجر جئتععم مععن الجهععاد الصععغر‬
‫"وبقي عليكم الجهاد الكبر" )الختصاص ص ‪ 240‬وكذلك فععي‬
‫البحار ج ‪ 6‬ص ‪ 443‬عن الكععافي( وسععائر أشععكال الجهععاد فععي‬

‫‪30‬‬
‫الدنيا تبع لهذا الجهاد‪ ،‬فلوا انتصرنا فيه لكان كل جهععاد نقععوم‬
‫به هو جهاد‪ ،‬وإذا لم ننجح في هذا الجهاد لكانت سائر أشععكال‬
‫جهادنا الخرى شيطانية‪.‬‬
‫فالذي خرج للجهاد من أجل الحصول على "جارية" أو طعام‬
‫فهذا هو أجر جهاده أما الذي كان لله فععأجره أيض عا ً علععى اللععه‬
‫فسنخية الفعال تختلف‪ ،‬وهنععاك فعرق بيععن الفعععال الصععادرة‬
‫عن أولياء الله وبين تلك الصادرة عنا لن المصدر مختلف‪.‬‬

‫الخلص اللهي‬
‫هل كانت "ضربة علي يوم الخندق افضل من عبادة الثقلين‬
‫)بحار النععوار ج‪ 39‬ص ‪ (2‬دونمععا مععبرر؟! ضععربة واحععدة لقتععل‬
‫شععخص واحععد تفضععل عبععادة الثقليععن فلمععاذا؟ بععالطبع هععذا‬
‫التفضيل يرجع من جهة إلى كون أن هذه الضربة جاءت عندما‬
‫برز اليمان كله إلى الشرك كله فلو كانت هزيمععة لعلععي يععوم‬
‫الخندق لضاع السلم‪ ،‬هذا مععن جهععة ومععن جهععة أخععرى هنععاك‬
‫ذلك الخلص واللهية فعنععدما جلععس المععام علععى صععدر ذلععك‬
‫الشخص ثم بصق هذا على المام نهض المام ع حسععبما يرويع ع‬
‫لئل يكون لذلك تأثير )وهذا الموقف مععن بععاب الحتيععاط أيض عا ً‬
‫وإل ّ فع" النا" غير مطروحة‬
‫أصل بالنسبة له( وهذا الموقف صدر من الجنبة اللهية فيععه‬
‫وظهر في الجنبة النفسانية‪ ،‬لذا فهذه الضععربة تعععبر عععن روح‬
‫أسمي من كل العبادات هي الروح التي تجعل العبادة عبادة‪.‬‬
‫حسب الظاهر فإن الفرق بين المشرك ويغععر المشععرك هععو‬
‫في عبادة الصنام فالول يعبد الصنام والثاني ل يعبدها‪ ،‬وله‬
‫أذكار وأوراد تتشابه ظواهرها أبو سفيان كان يصلي ومعاويععة‬
‫كان يأم صلة الجماعة الظاهر متشابهة أما الذي يرفع الصلة‬
‫فهي الروح تنفخ في الصلة فإذا وجدت هععذه الععروح ارتفعععت‬
‫الصععلة وأصععبحت إلهيععة وبععدون ذلععك تكععون عبععادة مععن أجععل‬
‫النفس وهذا هو حالنا جميعا ً فل نخادع بعضنا البعض‪.‬‬

‫عبادة من أجل الجنة‬


‫إن عبادتنا جميعها هي من أجععل أنفسععنا والصععالح جععدا هععو‬
‫الذي يعبد من أجل الجنععة فععارفعوا الجنععة مععن ثععواب العمععال‬

‫‪31‬‬
‫ي يبقي وحوض علي ن علي‬ ‫ولحظا من الذي يبقي يعبد؟! عل ٌ‬
‫الذي "عشق العبادة وعانقها " فالعبادة مععن أجععل الجنععة غيععر‬
‫مطروحة بالنسبة للذي غض الطرف عن نفسه وهجرها وخرج‬
‫من هذا البيت ووصل إلى مرحلععة "المععوت" فلععم تعععد اللععذات‬
‫مطروحة أصل ً بالنسبة له فهو ذاهل عنها وميت عنهععا "أدركععه‬
‫الموت" فلم تعد هذه المور مطروحة بالنسبة له أصعل ً وعنععده‬
‫الجنة والنار والجميععع علععى حععد سععواء‪ ":‬أثنععي علععى ذات اللععه‬
‫تعالي " أثني على الله إذ وجده أهل ً لن ُيعبععد ووجععد أنععه أهل ً‬
‫لن يعبععده وهععذه مرتبععة مععن مراتبهععم؛ وهععي أن يجععد عاشععق‬
‫العبععادة أنععه أهل للعبوديععة وأن يعبععد المعبععود وهنععاك مراتععب‬
‫أخرى أيضا ً هي فوق ما نتصور نحن‪.‬‬

‫القيام لله‬
‫والقععدم الولععى هععي أن تقععرروا الخععروج مععن هععذا الععبيت‬
‫وتخرجععوا‪ ،‬القععدم الولععى أن يقععوم النسععان قيامععا للععه أن‬
‫يستيقظ‪ ،‬أن ل يبق نائما مثلما نحععن الن فععي سععبات ظععاهره‬
‫اليقظة يقظة حيوانية وسععبات ونععوم النسععانية نحععن نععائمون‬
‫"الناس نيام فإذا ماتوا إنتبهععوا" )مععن الكلمععات المععأثورة عععن‬
‫أمير المؤمنين عليه السلم وهي الكلمة الثانيععة مععن الكلمععات‬
‫المععائة الععتي شععرحها ابععن ميثععم البحرانععي ص ‪ 54‬مععن طبعععة‬
‫جماعة مدرسي حوزة قععم والحععديث منقععول أيض عا ً فععي كتععاب‬
‫"غوالي الللععي" ج‪ 4‬ص ‪ 73‬وكععذلك فععي بحععار النععوار ج‪ 4‬ص‬
‫‪.(43‬نيععام الن وعنععدما يحصععل المععوت ينتبهععوا إلععى أي واقععع‬
‫ن{)التوبة‪ .(49 /‬بععأي‬ ‫ري َ‬
‫ف ِ‬ ‫ة ِبال ْ َ‬
‫كا ِ‬ ‫حيطَ ٌ‬ ‫م لَ ُ‬
‫م ِ‬ ‫هن ّ َ‬
‫ج َ‬
‫ن َ‬
‫وإ ِ ّ‬
‫كانوا فيه؟! } َ‬
‫أنها الن أيضا ً محيطة ولكن النسععان ل يعتععبر لنععه فععي خععدر‬
‫الطبيعة ع حيث النسان طبيعته الخدر ع فإذا زال هععذا التخععدير‬
‫ينتبه ويرى أن الكل أصبح نارًا‪.‬‬
‫يجب سلوك هذا الطريععق فل منععاص‪ ،‬سععيأخذوننا فيععه علععى‬
‫كل حال ولكن علينا أن نستيقظ ونسععلك الطريععق المسععتقيم‬
‫الذي يجب أن نسلكه وعلينا الخضوع لتربية النبياء‪.‬‬
‫لقد جاء جميع النبياء لصععلح النسععان ومععا مععن نععبي بعععث‬
‫دون أن يكون هدفه إصلح النسان إقامة العدل ليست سععوى‬
‫إصلح بني النسان فالعدل يصدر من النسان وكععذلك الظلععم‬
‫وإقامة العدل تعني تحويل الظالم إلى عععادل والمشععرك إلععى‬

‫‪32‬‬
‫مؤمن تحويل هذا الموجود الذي لو ترك لحععاله لكععانت عععاقبته‬
‫الهاوية وجهنم والنبياء يرشدون هذا الوجود إلى‬
‫الطريق الذي يجب عليه أن يسلكه نحن إلى الن لععم نسععلك‬
‫هذا الطريق وقد تصرمت من العمر سبعون وثمانون سنة ولم‬
‫نتحرك ولم نهاجر إلى الن ل زلنا واقفين حيث نحن من هععذه‬
‫الرض والى النهاية نحن على هذا الحال ولكن ل مناص علينععا‬
‫أن نتحرك ونسلك الطريق‪.‬‬

‫وصية للشباب‬
‫أنتم أيها الشباب تستطيعون العثور على الطريععق الفضععل‬
‫لقد فاتنا المععر وذهبععت قوانععا إلععى حيععث عاقبتهععا أنتععم أيهععا‬
‫الشباب تستطيعون بصورة أفضل أن تهععذبوا أنفسععكم فععأنتم‬
‫أقرب للملكوت من كبار السن‪ ،‬إذ أن جذور الفساد أقل تأصل‬
‫فيكم لم تمتد كثيرا بعععد لكنهععا تتأصععل وتتكععاثر فععي كععل يععوم‬
‫مادامت باقية ويصعب المر كلما تأخر وتعرقل فعسير للغايععة‬
‫على الشععيخ العجععوز إصععلح حععاله إذا أراد ذلععك ولكععن الشععاب‬
‫يستطيع تحقيق ذلك أسرع‪.‬‬
‫يتحقق إصلح آلف الشباب‪ ،‬ول يتحقق إصلح عجععوز واحععد‪،‬‬
‫ل تتركوا أمر الصلح ليام الشيخوخة ابدأوا ع ع الن ع ع سععيركم‬
‫ما دمتم شبابا اجعلوا ع الن ع أنفسععكم تابعععة لتعععاليم النبيععاء‬
‫وهذا هو مبدأ المسيرة ومنه يجب النطلق فالنبياء أوضععحوا‬
‫الطريق وأرشدوا إليه ونحن ل نعرفه‪ ،‬هم يعرفونه فهم أطباء‬
‫يعرفون سبيل السلمة وأوضععحوه وأرشععدوا إليععه فععإن أردتععم‬
‫السلم فعليكم أن تسلكوه عليكم أن تقللوا شععيئا ً فشععيئا ً مععن‬
‫التوجه والهتمععام بععالنفس‪ ،‬وبععالطبع فمثععل هععذه المهمععة ل‬
‫يمكن إنجازها بسرعة ولكن عليكم التحرر شععيئا ً فشععيئا ً جميععع‬
‫آمالنا هععذه سععتقبر وتنتهععي جميععع أشععكال الهتمععام بععالنفس‬
‫ستنتهي وبالضرار بنا والذي يبقى هو‬
‫عن ْدَ الّلعع ِ‬
‫ه‬ ‫ما ِ‬
‫و َ‬
‫ف دُ َ‬ ‫عن ْدَك ُ ْ‬
‫م َين َ‬ ‫ما ِ‬
‫المتعلق بالله )وما عند الله(‪َ } :‬‬
‫ق{)النحل ‪.(96‬‬‫َبا ٍ‬
‫لدى النسان "ما عندكم" وللنسان "ما عند الله"‪ ،‬فما دوام‬
‫متوجها مهتمععا بععالنفس فهععو مععن جنععس "مععا عنععدكم " وكلععه‬
‫سيفني وينتهي ولكن المتعلق بالله فهو باق باسمه ل ينفد‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫جاهدوا للنتصار على النفس‬
‫جاهدوا ولنجاهد من أجل الخروج من هذه الحالة التي تحيط‬
‫بنا وبكم أولئك الذين كانوا ينتصرون علععى الكفععار لععم يكونععوا‬
‫يهتموا لتعداد أعدائهم مهما كثر‪ ،‬ذاك الذي كان يعلععن أنععه لععو‬
‫اجتمعععت العععرب عليععه لمععا تراجععع إنمععا كععان يقععول ذلععك لن‬
‫القضية قضية الله وما دامت كذلك فل هزيمة فيها ول تراجع‪.‬‬
‫أولئك الذين كانوا يجاهدون وينتصرون ‪،‬كانوا يتقدمون دون‬
‫اللتفات إلععى أنفسععهم وطموحععاتهم هععؤلء كععانوا قععد قععاموا‬
‫بمجاهدة النفس إلى حدّ ما وأولئك كانوا في مراتععب عاليععة ععع‬
‫وكل حسب مرتبته ع وما لم يقومععوا بععذاك الجهععاد لمععا تحقععق‬
‫لهم ذاك النتصار فما لم يعرض النسان عن آمال نفسه وعن‬
‫الدنيا ل يمكن أن يتقدم‪.‬‬
‫والدنيا هي آمال النسان فععدنيا كععل إنسععان آمععاله‪ ،‬فالععدنيا‬
‫الخارجية ما هي من الدنيا المكذوبة وكذلك حال عالم الطبيعة‬
‫الدنيا هي هذه التي عندكم فأنتم عندما تلتفتون إلى أنفسكم‬
‫فأنتم "دنيا" دنيا كل شخص هي الموجععودة فععي نفسععه وهععي‬
‫المكذوبة أما الشمس والقمر والطبيعععة فليسععت مكذوبععة بععل‬
‫مدحت فهي مظاهر الله‪ ،‬لكن الذي يبعد النسان عن‬
‫ساحة القععدس والكمععال فهععي تلععك الععدنيا المكذوبععة وهععي‬
‫داخل نفسه )التوجه إلى النفس(‪.‬‬
‫أسععأل اللععه التوفيععق لن نخععرج مععن هععذه الععبئر الظلمانيععة‬
‫العميقة ونتبع أولياء الله فهععم ق تخلصععوا مععن هععذه المهلكععة‬
‫وخرجوا منها و "أدر كهم الموت " والسلم‪.‬‬
‫ختام الدرس الثاني من دروس المام الخميني )قده( في‬
‫التفسير ‪/11‬صفر‪1400 /‬‬

‫‪34‬‬
‫الدرس الثالث‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين‬
‫كان الحديث فيما تقعدم حععول السعم فعي البسععملة وبمعاذا‬
‫يتعلق حيث عرضنا لذلك عدة إحتمالت‪.‬‬

‫العلقة بين الحق والخلق‬


‫والسععاس فععي فهععم بعععض هععذه القضععايا هععو أن يعععرف‬
‫النسان طبيعة العلقة بين الحق والخلععق وكيععف تكععون‪ ،‬نحععن‬
‫نفهم المر بصورة ببغاوية والكثر البرهععان )حيععث أن مععا هععو‬
‫أسمي من البرهان هو الشخاص آخرين(‪.‬‬
‫العلقة بين الموجودات والحق تعالى هي ليست علععى نحععو‬
‫العلقة بين موجود وموجود آخر كالعلقة بيععن الب والبععن أو‬
‫بالعكس‪ ،‬فهذه بين علقة بني موجود مستقل وآخععر مسععتقل‬
‫أيضا ً علقة بين ذوي بصيرة متساوية‪.‬‬
‫كما أن العلقة بين الموجودات والحععق تعععالي ليسععت علععى‬
‫نحو علقة‬
‫شعاع الشمس بالشمس ع رغم أن الربط فيهععا أسععمي مععن‬
‫النمععوذج السععابق ععع لن الشعععاع الشععمس أيضععا ً غيريععة عععن‬
‫الشمس‪ ،‬فهععي كععذلك علقععة موجععود بموجععود آخععر كمععا أنهععا‬
‫ليست كعلقععة قععوى النفععس المجععردة بععالنفس‪ ،‬إذا أن لربععط‬
‫القوة الباصرة والقوة السععامعة بععالنفس نحععوا مععن المغععايرة‬
‫والكثرة أيضًا‪.‬‬
‫نعم ل يمكن تصنيف علقة الموجودات بمبععدأ الوجععود الحععق‬
‫تعالى من أي نحو من أنواع الربط بين ذكرتها‪.‬‬
‫لقععد وردت فععي الكتععاب والسععنة تعععابير عععن معنععى الربععط‬
‫الموجود عمليا ً على نحو الفادة فقد ورد التعبير عنه بععالتجلي‬
‫ه{)العراف‪ (143 /‬أو كالذي‬ ‫عل َ ُ‬
‫ج َ‬ ‫ل َ‬ ‫ه ل ِل ْ َ‬
‫جب َ ِ‬ ‫جّلى َرب ّ ُ‬ ‫كقوله تعالى ت َ َ‬
‫ورد في دعاء "السمات"‪" :‬وبنور وجهك الذي تجليت بع للجبععل‬
‫فجعلته دكا" )دعاء السمات المروي عن الحجة المنتظععر عجععل‬
‫الله تعالى فرجه مفاتيح الجنان ص ‪ 73‬وفي النص إشارة إلى‬
‫ها{)الزمععر ‪.(42‬‬
‫وت ِ َ‬
‫م ْ‬
‫ن َ‬
‫حي َ‬
‫س ِ‬
‫ف َ‬ ‫فى ال َن ْ ُ‬ ‫و ّ‬ ‫ه ي َت َ َ‬ ‫الية المتقدمة( }الل ّ ُ‬

‫‪35‬‬
‫ملك الموت هو الذي يتععوفى النفععس ولكععن التعععبير القرآنععي‬
‫جععاء ب "اللععه يتععوفى‪ "..‬ونفععس التعععبير ورد فيمععا يتعلععق‬
‫ت إ ِذْ‬
‫مي ْ ع َ‬
‫مععا َر َ‬
‫و َ‬
‫بالنسععان الععذي يقتععل شخصععا‪ :‬قتلععه ولكععن‪َ } :‬‬
‫ت{ "ما رميت ورميت" "رميت وما رميت" هععذا هععو تجلععي‬ ‫مي ْ َ‬
‫َر َ‬
‫وهععذا هععو نععور ولععو أدركنععا هععذا المعنععى بالبرهععان أو بصععورة‬
‫ببغاوية عندها تتضح بعض القضايا في هذه اليات الكريمة‪.‬‬

‫معاني الحمد‬
‫في الحتمال الول الذي ذكرناه حيععث أن الحمععد هععو جميععع‬
‫المحامد متكثر ملحوظ بنحو الكثرة يكون السم كذلك ملحوظا‬
‫بطور الكثرة‪ ،‬وعلي ذاك الحتمال فان كععل حمععد يقععع ل يقععع‬
‫للحق تعالى لن الحمد يقع للتجليات وهي ظهوره ع ع تعععالى ع ع‬
‫ظهور فوق ظهور الشمس في الشعععاع وظهععور النفععس فععي‬
‫السمع والبصر‪.‬‬
‫فالحمد يقع للمظاهر ولكن هذه هععي أسععماء متكععثرة للحععق‬
‫تعالى‪ ،‬لذا فالحمد له ع تعالى ع في نفس الوقت‪.‬‬
‫وعلى الحتمال الثاني قلنععا أن الحمععد يكععون حمععدا ً مطلق عا ً‬
‫وعليه يكون المر عكس ما في الحتمال الول فل يقععع لععه ععع‬
‫تعالى ع أي حمد من حامد وهنا أيض عا ً فالتجليععات هععي مظععاهر‬
‫ظهوره وعليه‪ ،‬فرغم أن الحمد يقع لهذه المظاهر لكن الحمععد‬
‫المطلق ل يصدر منا لذا فل يقع للمطلق ع تعالى ع‬
‫ولكن من بععاب أن جميععع هععذه الكععثرات مضععمحلة فععي ذلععك‬
‫الوجود المطلععق يقععع لععه الحمععد أيض عا ً فععالمر يختلععف بلحععاظ‬
‫النظر للكثرة والنظر للوحدة‪.‬‬
‫بلحاظ الكثرة عع حسععب الحتمععال الثععاني عع ل يقععع أي حمععد‬
‫للوجود المطلق ولكن وبلحاظ اضمحلل الكثرات فععي الوحععدة‬
‫تكون جميع المحامد له أيضًا‪ .‬وحسب هذين الحتمالين يختلف‬
‫معنى الية الشريفة بين أولها وآخرها‪ ،‬فوفق كون أن الحمععد‬
‫استغراقي فيشمل كععل حمععد ويكععون السععم أسععماءً متكععاثرة‬
‫تشمل كل موجود فكل موجود اسم‪ ،‬وعليه تكون أسععماء اللععه‬
‫الرحمن الرحيم‪ ،‬الواقعة في البسملة بمعنى بععالله والرحمععن‬
‫الرحيم وحسب الحتمععال الخععر يختلععف المععر‪ ،‬فالسععم اسععم‬
‫ظاهر‪ ،‬وكل اسم يختلف عن السم الخر ومرتبة الكععثرة هععي‬

‫‪36‬‬
‫ملحظة مرتبة الكثرة وفي ملحظة مراتب الكثرة يكون "الله"‬
‫هو وصف هذا السم‪ ،‬فالسععم اسععم "اللععه" ولكععن فععي مقععام‬
‫الكثرات وفي مقععام التفصععيل يكععون "اللععه" هنععا تجليععا للحععق‬
‫تعالى بالسم العظم‪.‬‬

‫تجليات السم العظم‬


‫التجلي في الموجودات هععو بالسععم العظععم‪ ،‬أمععا الرحمععن‬
‫فهععو التجلععي بالرحمانيععة فععي مقععام الفعععل وهكععذا بالنسععبة‬
‫للرحيم ورب العالمين كذلك مع " إياك نعبد" وبنفععس الصععورة‬
‫أيضا ً يكون اختلفه عن الحال مع الحتمال الخر‪.‬‬
‫في الحتمال الثاني وحيث يكون "الحمد" حمدا مطلقا ً دون‬
‫أي قيد يختلف اسم الله الرحمن الرحيعم وإلععى آخعر السععورة‪،‬‬
‫فالسم هنا هو جميع الموجودات كل موجود هو اسم في كععل‬
‫عمل ومعنى السم يختلف فيععه مععع العمععل الخععر هنععا وحيععث‬
‫يكون الحمد مطلقا ً يكون مطلقا ً باسم "الله الرحمععن الرحيععم‬
‫"‪.‬‬
‫والحمد المطلق هو لله‪ ،‬الحمد المطلق يكون بالسععم الععذي‬
‫هو اسم ظهور مقام الععذات أي فععي مقععام أسععماء اللععه‪ ،‬فععي‬
‫مقام الذات‪ ،‬يكون "الله" اسما ً جامع عا ً لمقععام الععذات ل مقععام‬
‫الظهور والسم هو تجلي تلك نفسها وكذا الرحمن فهو تجلي‬
‫رحمانيععة مقععام الععذات والرحيععم رحيميععة مقععام الععذات وهكععذا‬
‫الحال مع "الرب"‪.‬‬
‫وهنععاك بععالطبع براهيععن إسععتدللية علععى ذلععك مدونععة فععي‬
‫الفلسفة ع المقصود الفلسفة العالية ل المتعارفة ع ولكن كععل‬
‫ذلك غير الذي وصله الوليععاء فقععدم الوليععاء عععبرت بالسععلوك‬
‫المنازل وأدركوا المسألة وشاهدوها ولكنهم ل يستطيعون أن‬
‫يبينوا مشاهداتهم للناس‪.‬‬

‫نزول القرآن وتنزله‬


‫والقرآن أيضا ً نزل وتنزل حععتى وصععل إلععى مخاطبععة هععؤلء‬
‫السرى في حفرة الضللة النبي الكرم )ص( أيضا ً ل يستطيع‬
‫أيضا ً بيان الحقيقة الواقعية للناس إل بأن ينزلهععا أيضعًا‪ ،‬بيععان‬
‫الحقيقة الواقعية للناس إل بععأن ينزلهععا أيض عا ً مععن هنععا كععانت‬

‫‪37‬‬
‫للقرآن مراتب سبعة بطون أو سبعون تنزل عبر هذه البطععون‬
‫حتى وصل إلى درجعة مخاطبتنععا نحعن وأن يعععرف اللعه نفسعه‬
‫ت{)الغاشععية ‪(17‬‬ ‫قع ْ‬‫خل ِ َ‬‫ف ُ‬ ‫ل ك َي ْع َ‬ ‫ن إ ِل َععى ال ِب ِع ِ‬‫فل َ ي َن ْظُعُرو َ‬ ‫بالبل }أ َ َ‬
‫وهععذا مععن بععواعث السععف أن يتنععزل إلععى الشععمس والسععماء‬
‫والرض ونفس النسان هناك عقدة في لسععان النبيععاء وفععي‬
‫ل‬‫حُلعع ْ‬ ‫َ‬ ‫با ْ‬ ‫قا َ‬ ‫قلوبهم‪َ } :‬‬
‫وا ْ‬
‫ري‪َ ،‬‬ ‫م ِ‬
‫سْر ِلي أ ْ‬ ‫وي َ ّ‬‫ري‪َ ،‬‬ ‫صد ْ ِ‬‫ح ِلي َ‬ ‫شَر ْ‬ ‫ل َر ّ‬
‫سععاِني{)طععه ‪25‬ع ع‪ .(27‬فلععم يسععتطيعوا بيععان مععا‬ ‫ن لِ َ‬ ‫مع ْ‬ ‫ق عدَةً ِ‬‫ع ْ‬‫ُ‬
‫شاهدوه ع بالصورة التي أدركوه ع لععم يكععن ممععا ُيقععال ولععذلك‬
‫عمدوا إلى المثال والنظائر من أجل أن يفهمونا شيئا ً عنععدما‬
‫يعّرف الله نفسععه لنععا بالبععل تتضععح المرتبععة الععتي نحععن فيهععا‬
‫مرتبة نفس الحيوان كما تتضح طبيعععة المعرفععة الععتي نحصععل‬
‫عليها عن هذا الطريق معرفة هععي غايععة فععي النقععص مقارنععة‬
‫جل ّععى َرب ّع ُ‬
‫ه‬ ‫مععا ت َ َ‬ ‫فل َ ّ‬‫بتلك التي ورد ذكرها فيما يتعلق بالنبيععاء‪َ } :‬‬
‫قا{)العراف‪.(143 /‬‬ ‫ع ً‬‫ص ِ‬‫سى َ‬ ‫مو َ‬ ‫خّر ُ‬‫و َ‬
‫كا َ‬‫ه دَ ّ‬ ‫عل َ ُ‬‫ج َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل ِل ْ َ‬
‫جب َ ِ‬
‫فبعدما خضع لربوبية‬
‫الحق تعالى وعبر هذه المنععازل خععاطب موسععى رب ّععه قععائل‪:‬‬
‫ك{ طلب منععه الرؤيععة‪ ،‬ومعلععوم أن طلععب منععه‬ ‫رِني َأنظُْر إ ِل َي ْ َ‬ ‫َ‬
‫}أ ِ‬
‫الرؤية ومعلوم أن طلب الرؤية بالعين ل يمكععن أن يصععدر مععن‬
‫نبي عظيم‪ ،‬بل المطلوبة هععي الرؤيععة المتناسععبة مععع المععرئي‬
‫والرائي وهذه الرؤية ل نصلها نحععن فموسععى يطلبهععا بعععد أن‬
‫رِني‬ ‫َ‬
‫بأ ِ‬ ‫وصل إلى مرتبة "كليم الله" فيتكلم مع ربه قائل }َر ّ‬
‫ن ت ََران ِععي{ يعنععي ع ع علععى نحععو‬ ‫ك{ فيأتيه الجواب‪} :‬ل َع ْ‬ ‫َأنظُْر إ ِل َي ْ َ‬
‫الحتمال ع ل يمكن أن تكون هنععاك "رؤيععة" مععا دمععت موسععى‪،‬‬
‫مادمت "أنت" لكنه لم يجعله يرجع آيسا ً بل حوله إلى " }انظُْر‬
‫ل{‪ ،‬ما هو هذا الجبل الذي يقع عليه تجلي الحق فععي‬ ‫جب َ ِ‬‫إ َِلى ال ْ َ‬
‫حيععن ل يقععع لموسععى؟! انععه جبععل طععور؟! وهععذا التجلععي هععل‬
‫بإمكان أهل ذلك العصر أن يععروه لععو كععانوا فععي جبععل طععور؟!‬
‫ن‬‫ول َك ِع ْ‬ ‫ل{ أمععا } َ‬ ‫جب َع ِ‬‫ه ل ِل ْ َ‬‫جّلى َرب ّ ُ‬ ‫ما ت َ َ‬ ‫فل َ ّ‬
‫كانت تلك هي الشمس } َ‬
‫ل{ )العععراف‪ .(143 /‬ففيهععا موعععد للقععاء لععن‬ ‫جب َع ِ‬ ‫انظُْر إ ِل َععى ال ْ َ‬
‫ف‬ ‫و َ‬‫سع ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ه َ‬‫مك َععان َ ُ‬
‫قّر َ‬ ‫سعت َ َ‬ ‫نا ْ‬ ‫ل َ‬
‫فعإ ِ ْ‬ ‫ن انظُْر إ َِلى ال ْ َ‬
‫جب َ ِ‬ ‫ول َك ِ ْ‬ ‫تراني‪َ } _ :‬‬
‫ت ََراِني{ )العراف‪ .(143 /‬قد يكون معنى "استقر" هنععا هععو أن‬
‫هذا الجبل أصععبح "دكععا" فيحتمععل أن يكععون معنععى الجبععل هععو‬
‫"أنانية" موسى التي كانت هناك بقايا منها لععدى موسععى إلععى‬
‫قا{‪.‬‬ ‫ع ً‬ ‫ص ِ‬‫سى َ‬ ‫مو َ‬ ‫خّر ُ‬‫و َ‬
‫مقام "الموت" } َ‬

‫‪38‬‬
‫كل ذلك هو بالنسبة لنا قصة فالذي أولئك بقدم الشهود هو‬
‫قصة بالنسبة لنا فنحن نعيش في هذه الظلمات فلقد حععدثونا‬
‫عن ذاك الجبل وجبل الطور‪.‬‬

‫معنى التجلي لموسى )ع(‬


‫ذاك التجلي ع يبدو في نظرنا ع ع بععأنه كععان نععورا ً رآه موسععى‬
‫من جبل الطور والخرون كععانوا يرونععه أيضعا ً فهععل كععان نععورا ً‬
‫حسي ّا ً لكي يراه الجميع؟! كععان جبرائيععل الميععن يقععرأ القععرآن‬
‫لرسول الله فهععل كععان الععذين كععانوا عنععده كععانوا يسععمعون؟!‬
‫بالنسبة لنا المر شجي أصله غير موجود ونحععن غععافلون عنععه‬
‫ونسمع من بعيد بالمر‪.‬‬
‫حال النبياء كحال ذاك النسان الذي رأى رؤيا وشاهد لكععن‬
‫وفي لسانه عقدة عن البيان ومن حوله طرشان جميعًا‪ ،‬فهععم‬
‫ل يقدرون على البيان ونحععن عععاجزون عععن السععتماع وقععالوا‬
‫ولكن ليس لنععا!! فنحععن نفهععم القضععايا الععتي يمكععن لدراكنععا‬
‫فهمها في القرآن تبيان كل شععيء فيععه أحكععام شععرعية‪ ،‬ولععه‬
‫ظاهر‪ ،‬وفيه قصص ل نستطيع أن نفهم لبابها مععا نفهمععه هععو‬
‫ظواهرها والظواهر هي للجميع‪ ،‬لكن هنععاك شععيئا ً آخععر ينتفععع‬
‫منه الجميع أمععا النتفععاع الععذي يجععب أن يتحقععق فهععو إنتفععاع‬
‫"إنما يعرف القرآن من خععوطب بععه " )لتوضععيح هععذا المطلععب‬
‫ومعنععى الحقيقععة القرآنيععة وكيفيععة تنزلهععا تراجععع إضععافات‬
‫العارف الكامل المععولى الشععيخ الشععاه آبععادي عع أسععتاذ المععام‬
‫الخميني في العرفان ع ع وقععد أورد تحقيقععات عرفانيععة دقيقععة‬
‫حول هذا الموضععوع فععي كتععابه "رشععحات البخععار" ص ‪12‬ع ع‪34‬‬
‫طبعععة طهععران المذيلععة بالترجمععة الفارسععية للمتععن العربععي(‬
‫واستنادا ً لهذا النص‪ ،‬فهذا النتفاع مختص برسول اللععه صععلى‬
‫الله عليععه وآلععه وسععلم والخععرون محرومععون منععه إل بتعليمععه‬
‫ه‬ ‫والولياء أيضا ً بتعليمه ولكن رغم هذه المنزلة فأنععه }ن ََز َ‬
‫ل بِ ِ‬
‫ن{)الشعراء ‪193‬ععع‬ ‫ري َ‬‫ذ ِ‬
‫من ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫م ْ‬‫ن ِ‬‫كو َ‬ ‫قل ْب ِ َ‬
‫ك ل ِت َ ُ‬ ‫عَلى َ‬
‫ن‪َ ،‬‬ ‫ح ال َ ِ‬
‫مي ُ‬ ‫الّرو ُ‬
‫‪ .(194‬فهو ع القرآن ع قد نزل وتنزل أيضعا ً بيععد العروح الميععن‬
‫لكن رسول الله فععي مقععام التنععزل وذاك النععزول كععان بحيععث‬
‫ر{)القععدر ‪.(1‬‬ ‫ة ال ْ َ‬
‫ق عد ْ ِ‬ ‫فععي ل َي ْل َع ِ‬ ‫يتلقى منه مباشرة }إ ِّنا َأنَزل ْن َععاهُ ِ‬
‫ففععي ليلععة القععدر نععزل جميع عًا‪ ،‬يعنععي أنععه تجلععي بنفععس ذاك‬
‫التجلي في ليلة القدر‪ ،‬ولكن في مقام التنزل فالعلى الروح‬

‫‪39‬‬
‫المين‪.‬‬
‫يعني أن ما كان يرد على قلبه يجععب أن يتنععزل مراتععب مععن‬
‫هذا البطن إلى ذاك ومن هذا الحععد إلععى ذاك حععتى يصععل إلععى‬
‫الحد الذي يظهر على صورة ألفاظ‪.‬‬

‫حقيقة القرآن‬
‫القرآن ليس ألفاظًا‪ ،‬ليععس مععن مقولععة السععمع والبصععر ول‬
‫من مقولة اللفاظ ول العراض‪ ،‬ولكن أنزل إلى الدرجة الععتي‬
‫نستطيع نحن الصم العمي أن ننتفع به أيض عًا‪ ،‬أمععا حععال أولئك‬
‫الذين ينتفعون منه بتلك الصور العليا فهو حال آخر ووضعععهم‬
‫التربوي وضع آخر‪ ،‬وكيفية تلقيهم من القرآن هي علععى نحععو‬
‫آخر غير الموجود هنا فععالفرق مععا بينهمععا كععالفرق بيععن عععالم‬
‫الطبيعة وعالم الجسم وعالم الظاهر مقارنععة بمراتععب الغيععب‬
‫إلى ماشاء الله حتى يصل إلععى مرتبععة التجلععي الول‪ ،‬فتجلععي‬
‫الحق تعالى هو الذي يظهر من عالم الغيب ويتنزل حتى يصل‬
‫إلى عالم الطبيعة‪ ،‬وهو نفس الفععرق بيععن إدراكاتنععا وبيععن مععا‬
‫فوقنا وما فوق هؤلء وما فوق حتى يصععل إلععى مرتبععة خاصععة‬
‫أولياء الله والنبياء الذين هععم فععي مرتبععة ذلععك التجلععي الععذي‬
‫حصععل لموسععى )عليععه السععلم(‪" :‬بنععور وجهععك الععذي تجليععت‬
‫للجبل" وهناك حيث يقععول‪" :‬فلمعا تجلععى ربعه للجبعل" وحيعث‬
‫ورد في دعاء السمات‪:‬‬
‫ع"بنور وجهك الذي تجليت للجبععل" وهنععاك أيض عا ً يقععول‪":‬يععا‬
‫موسى إني أنا الله" هنا تجلى للشجرة فكان " أني أنععا اللععه "‬
‫وهناك تجلى للجبل فكان‪":‬بنور وجهععك الععذي تجليععت للجبععل"‬
‫جميع تلك صحيحة وكل منها تامة في مقامها‪.‬‬

‫معرفة القرآن‬
‫إذا أردنا أن نتعلم القرآن فماذا نفعل؟! هذه القضايا ليست‬
‫للمتعلمين بذاك المعنى من التعليم والتعلم‪ ،‬عندما ننظر إلععى‬
‫القععرآن وإلععى تفاسععيره نجععد أنهععا نفععس هععذه التفاسععير‬
‫المتعارفة‪ ،‬ونجد في بعضها إشارات إلععى هععذه المعععاني لكععن‬
‫على نفس هذا النحو من التعليم والتعلم للصم والعمي‪.‬‬
‫القرآن فيعه تبيععان كععل شععيء ولععن الععذي يععدركه هععو‪":‬إنمععا‬

‫‪40‬‬
‫يعرف القرآن من خوطب به" مععا هععو القععرآن الععذي ل يعرفععه‬
‫سوى من خوطب به؟ معلوم أنها مرتبة القرآن الذي‪":‬نزل بععه‬
‫ر{ و"نععزل علععى‬ ‫ة ال ْ َ‬
‫ق عد ْ ِ‬ ‫الروح المين" }}إ ِن ّععا َأنَزل ْن َععاهُ ِ‬
‫فععي ل َي ْل َع ِ‬
‫قلبه" فقضية هذه المرتبة ل يمكن لحد غيره )صلى الله عليه‬
‫وآله( إدراكها ومشاهدتها‪ ،‬فالقضععية هنععا ليسععت قضععية إدراك‬
‫عقلي ول قضية برهانية‪ ،‬بععل هععي قضععية مشععاهدة ومشععاهدة‬
‫غيبيععة مشععاهدة ليسععت بععالعين ول بععالنفس ول العقععل ول‬
‫القلب‪ ،‬المشاهدة كانت لذلك القلععب الععذي هععو قلععب العععالم‪،‬‬
‫قلب نبي‪ ،‬هو وصل وأدراك "إنما يعععرف القععرآن مععن خععوطب‬
‫به" هو أدراك وشاهد ولكنه ل يستطيع أن يوضح ذلععك إل ّ فععي‬
‫شكل المثلة واللفاظ‪ ،‬فكيف تستطيعون أن تفهموا العمععى‬
‫ما هي الشمس وما هو النور؟! بأي لسان وبأي قول‪ ،‬غيععر أن‬
‫النور هو الشيء الذي يضيء ولكععن الععذي لععم يععر النععور كيععف‬
‫يمكن تفهيمععه معنععاه؟! هععذه العقععدة هععي الععتي فععي اللسععان‬
‫وطرفها في الذن وهذه هي العقععدة الععتي كععانت فععي ألسععنة‬
‫النبياء‪.‬‬

‫محنة الرسول الكرم )ص(‬


‫عقدة النبي الكرم أشدّ من الجميع‪ ،‬فإلى مععن يتحععدث عععن‬
‫الذي شاهده وما نزل عليه من القرآن‪ ،‬سوى لمن وصععل إلععى‬
‫مقام الولية التامة؟! ولعل أحد معاني حععديث‪":‬مععا أوذي نععبي‬
‫مثل ما أوذيت" ع لو صحت نسبته إلى رسععول اللععه ع ع هععو فععي‬
‫الذى الناتج عععن عععدم قععدرة النسععان علععى إيصععال مععا يجععب‬
‫إيصععاله‪ ،‬أذى ذلععك الععذي ل ينبغععي لععه أن يخععبر عزيععزه بالععذي‬
‫شاهده وهو أسمى من كععل مععا شععاهده الجميععع وأدركععوه‪ ،‬مععا‬
‫ن‬
‫أشد أذى ذلك الوالد الذي يريد أن يشاهد ولده الشمس ولكعع ّ‬
‫ولده ضرير‪ ،‬يريد أن يوضععح لععه هععذا النععور ولكععن كيععف؟! هععل‬
‫يتحقق ما يريععد مععن خلل عنععاوين جميعهععا مجهولععة ل غيععر؟!‬
‫"العلم هو الحجاب الكععبر" حجععاب كععبير هععو هععذا العلععم الععذي‬
‫يشغل النسان بهذه المفاهيم العامة والعقليععة ويصععدره عععن‬
‫السبيل حجاب للولياء وكلما زاد أزداد الحجاب غلظة‪ :‬النسان‬
‫وبهذا العلم الذي لديه يتوهم أن العالم أجمععع هععو هعذا ل غيععر‬
‫فالنسان أناني معجب بنفسه ما لم يخرج من هذا الغطاء‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫"الحتكار" العلمي‬
‫جميع الكمالت يحصرها النسععان بععالعلم الععذي توصععل إليععه‬
‫وأدركه‪ ،‬فالفقيه يتصور أن ل شععيء غيععر الفقععه فععي العععالم‪،‬‬
‫والعارف يتصور أن ل شيء غير العرفان والفيلسععوف يتصععور‬
‫أن ل شععيء غيععر الفلسععفة‪ ،‬والمهنععدس يتصععور أن ل شععيء‬
‫سوى الهندسععة‪ ،‬فلعلهععم يعتععبرون العلععم عبععارة عمععا عرفععوه‬
‫بالمشاهدة والتجربة وأمثال ذلك لذا يععرون أن هععذا هععو العلععم‬
‫وغيره ليس بعلم وهذا حجاب كبير‪ ،‬هنععاك حجععب كععثيرة تلفنععا‬
‫جميعا ً ولكن أكبرها هو حجاب العلم هذا‪.‬‬
‫لنه هو الذي ينبغي أن يرشد النسععان إلععى الطريععق وإلععى‬
‫الهداية فإذا به يصده عععن الطريععق ويمنعععه الهدايععة وهععذا هععو‬
‫حال العلوم الرسمية جميعا ً فهي تحجب النسععان عمععا ينبغععي‬
‫أن يصل إليه وتولد لديه العجب فعندما يدخل العلععم قلب عا ً غيععر‬
‫مهذب يجّر صاحبه إلى الخلف وكلما زاد خزينة زادت مصائبه‪.‬‬
‫مهما نثرت من بععذور ف الرض الملحيععة فلععن تحصععل علععى‬
‫ثمرة وهذا هو حال القلب المحجوب غير المهذب‪ ،‬القلب الذي‬
‫يخععالف مععن اسععم اللععه البعععض ومثلمععا يخععافون مععن الفعععى‬
‫يخشون المسائل الفلسفية رغم أن الفلسععفة هععي أيضعا ً مععن‬
‫العلوم الرسمية الفيلسوف أيضا ً يخاف ع بنفس الصورةععع مععن‬
‫العرفان وهكذا حععال العععارف لمععا فععوقه والجميععع هععي علععوم‬
‫رسمية وكلها "قيل وقال"‪.‬‬

‫علم التوحيد قد يصدّ عن التوحيد‬


‫ل أدري إلى متى نبقي على هذه الحالة يجب كحد أدنععى أن‬
‫ة لنععا‬
‫نهذب أنفسنا بحيث ل تكون هععذه العلععوم الرسععمية مانعع ً‬
‫عن الله وذكر الله وهععذه مسععألة مهمععة أن ل يصععبح الشععغال‬
‫بالعلم سببا ً للغفلة عن اللععه وأن ل يتحععول إلععى عامععل لبعععث‬
‫الغرور فينا فيبعدنا عن مبدأ الكمال‪.‬‬
‫هذا الغرور موجود لدى العلماء بمختلف الختصاصات سععواء‬
‫العلوم المادية والطبيعة أو العلوم الشرعية أو العلوم العقلية‬
‫فما لم يكن القلععب مهععذبا ظهععر الغععرور الععذي يصععد النسععان‬
‫بصورة كاملة عن اللععه عنععدما ينهمععك بالمطالعععة يغععرق فيهععا‬
‫وعندما يقوم للصلة يؤديها ولكن ليس هو مع‬

‫‪42‬‬
‫الصلة فماذا يعني هذا؟! كان أحد أصععدقائي عععرحمه اللععه ع ع‬
‫يقول‪ :‬عع " ل أتععذكر الن إتركنععي إلععى أن أقععوم للصععلة لكععي‬
‫أتذكر "!! كأن النسععان عنععدما يععؤدي الصععلة فهععو ليععس فععي‬
‫ل‪ ،‬ل يتوجه إلى الله وقلبه ليس مع الصلة بععل فعي‬ ‫الصلة أص ً‬
‫مكان آخر قد يفكر أيضا ً بكيفيععة حععل مسععألة علميععة‪ ،‬مععن ذاك‬
‫العلم الذي العلم الذي هو مقدمة للوصععول للغايععة والمقصععود‬
‫فإذا به يصدّ النسان عن الغاية والمقصود‪ ،‬هععذا المععر يصععدق‬
‫على العلوم الشرعية علم التفسير وعلم التوحيد فععالقلب إذا‬
‫لم يكن مستعدا ً مهذبا ً يتحول فيه حتى علم التوحيععد إلععى غععل‬
‫وقيد يصد النسان‪.‬‬

‫الوسيلة والغاية‬
‫العلوم الشرعية جميعا ً وسائل‪ ،‬المسائل الشععرعية جميعهععا‬
‫وسائل للعمل والعمل أيضا ً وسععيلة جميعهععا وسععائل الوصععول‬
‫للمقصد والغاية‪ ،‬وسائل ليقاظ النفس ولكي تخرج مععن هععذه‬
‫الحجب الظلمانية هذه الحجب التي تجعلنا فععي ظلمععات تخععرج‬
‫من هذه الظلمات لتصل إلى الحجب التي تجعلنا فععي ظلمععات‬
‫تخرج من هذه الظلمات لتصل إلى الحجب النورانية ويبععدو أن‬
‫هناك تعبير ورد في وصفها هو أن هناك "سبعين ألععف حجععاب‬
‫من نور ومن ظلمة" )راجع بحار النععوار )ج‪ 2‬و ص ‪ (395‬حيععث‬
‫أورد حديثا عن الرسول الكععرم )صععلى اللععه عليععه وآلععه( قععال‬
‫إلى حجب ربي دخلت سبعين ألف حجاب بين كععل حجععاب مععن‬
‫حجععب العععزة والقععدرة والبهععاء والكرامععة والكبريععاء والعظمععة‬
‫والنور والظلمة والوقار والكمال ‪ "...‬والنص مأخوذ من حديث‬
‫المعراج( وحتى تلك النورية فهي حجب أيضا ً ونحععن لععم نخععرج‬
‫حتى من الحجب الظلمانيععة ل زلنععا نتقلقععل فععي أطباقهععا ول‬
‫ندري ماذا ستكون العاقبة‪.‬‬
‫للعلم آثار سيئة أيضا ً‬
‫العلععم لععم يععؤثر فععي نفوسععنا سععوى بالتععأثير السععيء‪ ،‬هععذه‬
‫العلوم وتلععك الشععرعية والعقليععة الععتي سععماها المسععاكين بع ع‬
‫"الذهنيات" أي التي ل عينيععة لهععا هععي وسععائل للوصععول إلععى‬
‫المقصد والغاية‪ ،‬ولكن كل ً منها يصدنا عن المقصععد‪ ،‬فل يعععود‬
‫علما ً بل حجابا ظلمانيا ً وهذا هو واقع كل علم يحجععز النسععان‬

‫‪43‬‬
‫عن الوصول إلى المقصد‪ ،‬وعن تحقيععق مععا بعععث النبيععاء مععن‬
‫أجله فبعثه النبياء هي من أجل إخراج الناس مععن هععذه الععدنيا‬
‫ومن هذه الظلمات وإيصالهم إلى مبععدأ النععور ل النععوار ل أن‬
‫في هذه الجهة ظلمات وفي تلك نور النععور المطلععق‪ ،‬النبيععاء‬
‫جاؤوا من أجل إيصال الناس إلععى الفنععاء فععي النععور المطلععق‬
‫وأن تفنععي هععذه القطععرة فععي البحععر )وبععالطبع المثععال ليععس‬
‫منطبقا(‪.‬‬
‫لجل هذه الغاية كانت بعثة جميع النبياء‪ ،‬وكافة العلوم هي‬
‫وسيلة العينية هي لذلك النور ونحععن العععدم أصععلنا مععن هنععاك‬
‫والعينية هي لذاك المبععدأ جميععع النبيععاء جععاؤوا لخراجنععا مععن‬
‫هذه الظلمععات وإيصععالنا إلععى النععور ل النععوار‪ ،‬يخرجوننععا مععن‬
‫الحجب الظلمانية والنورانية ويجعلوننا نتصل بالنور المطلق‪.‬‬
‫أحيانا يكون علم التوحيععد حجاب عًا‪ ،‬يقيععم برهان عا ً علععى وجععود‬
‫الحق تعالى لكنه نفسه محجوب‪ ،‬نفس برهانه يبعده عن الععذي‬
‫يجب أن يصله‪ ،‬لم يكن منهج النبياء والوليععاء بهععذه الصععورة‬
‫البرهانية كانوا يعرفون البراهين ولكن القضععية ليسععت إثبععات‬
‫الواجب ع تعالى ع بالبرهان‪.‬‬
‫يقول سععيد الشععهداء )عليععه السععلم( "مععتى غبععت"؟! )مععن‬
‫دعائه )عليععه السععلم( فععي يععوم عرفععه راجععع مفاتيععح الجنععان‬
‫المعرف )ص ‪ ((272‬ويقول " عميت عين ل تراك عليها رقيبًا"‬
‫وهي عمياء بالفعل‪.‬‬
‫القيام "الله" أول ً‬
‫حد َ‬ ‫ما أ َ ِ‬
‫مععوا‬ ‫ن تَ ُ‬
‫قو ُ‬ ‫ةأ ْ‬‫وا ِ َ ٍ‬ ‫عظُك ُ ْ‬
‫م بِ َ‬ ‫ل إ ِن ّ َ‬ ‫المرتبة الولى القيام } ُ‬
‫ق ْ‬
‫ه{ )سبأ ‪ .(46‬وقد اعتبر أصحاب السععير هععذا القيععام المنععزل‬ ‫ل ِل ّ ِ‬
‫الول ولعله ليس منععزل بععل مقدمععة‪ ،‬اعتععبره صععاحب "منععازل‬
‫السععائرين" )مععن تصععنيف الخواجععة الشععيخ المععولى عبععدالله‬
‫النصاري وعليه شرح للمولى عبععدالرزاق الكاشععاني( المنععزل‬
‫الول‪ ،‬ولكن من الممكن أن يكون مقدمة والمنزل الععذي يليععه‬
‫هو المنزل الول‪.‬‬
‫ما في الية وصية وموعظة من موجود عععرف نفسععه يقععول‬
‫ة{ موعظة واحدة هي‪" :‬أن‬ ‫حد َ ٍ‬
‫وا ِ‬
‫م بِ َ‬ ‫ما أ َ ِ‬
‫عظُك ُ ْ‬ ‫له‪ :‬ع قل لهم‪} :‬إ ِن ّ َ‬
‫تقوموا" و"لله" ومن هنا تبعدأ كافععة القضععايا‪ ،‬القيععام للعه‪ ،‬أن‬

‫‪44‬‬
‫ينهض النسان لله من هذه النومة‪ ،‬قل لولئك النائمين الذين‬
‫سقطوا هنا فاقدي الوعي‪ :‬ع لي عنععدكم موعظععة واحععدة هععي‬
‫أن تقوموا من مكانكم لله‪ ،‬من أجلععه اسععلكوا الطريععق‪ ،‬ونحععن‬
‫لم نصغي بعد لهذه الموعظة الواحدة ولم نسلك الطريععق مععن‬
‫أجله فطريقنا يؤدي إلينا حتى حال أولئك الجيدين جدا هو هذا‬
‫الحال‪ :‬نعم هناك طائفة من الولياء هم على نحو آخر‪.‬‬
‫هعذه الموعظعة موجهععة لنععا نحعن النععائمون أمععا أولئك فقعد‬
‫وصلوا هم في العلى وسععيجرونا إلععى هنععاك‪ ،‬ل أحععد يسععتطيع‬
‫القول بأننا هنا الن‬
‫فععالموكلون المهيمنععون علععى جميععع قوانععا يأخععذوننا‪ ،‬هععذه‬
‫القوى تجرنا إلى ذلك التجععاه فمنععذ البدايععة وحيععث نحععن فععي‬
‫الطبيعععة هععم يقودوننععا إلععى مكععان آخععر وسععنذهب ولكععن مععع‬
‫الظلمات والحجب ذاهبون‪.‬‬

‫مصدر الفتن‬
‫حب الدنيا هو المنبع "حب الدنيا رأس كل خطيئة" )المحجععة‬
‫البيضععاء فععي تهععذيب الحيععاء )ج‪ ،5‬ص ‪ (353‬كتععاب ذم الععدنيا‬
‫والحديث أخرجه البيهقي في شعععب اليمععان وقععد تقععدم ذكععر‬
‫مصادرا أخرى له( وقد يوصل النسععان الموحدع ع أحيانععا ع ع إلععى‬
‫نوع من البغض والسخط علععى اللععه تعععالى عنععدما يتصععور أنععه‬
‫ن النسان عندما يشرف‬ ‫تعالى قد سلبه شيئا ً يحبه‪ ،‬وقد قيل أ ّ‬
‫على الرحيل إلى العالم الخر‪ ،‬يأتيه شياطين ل يريدون له أن‬
‫يرحععل عععن هععذه الععدنيا موحععدا ً فيععأتونه بالشععياء الععتي يحبهععا‬
‫طالب العلوم الدينية مثل ً يأتونه بكتابه الذي يحبه ويقولون له‬
‫أرجع عن عقائدك وإل ّ أحرقنا هععذا الكتععاب‪ ،‬ونفععس المععر مععع‬
‫من كان حبه للولد أو أي شيء آخر‪.‬‬

‫المعيار في التعلق‬
‫ل تتصععوروا أن أهععل الععدنيا هععم الععذين يمتلكععون الحععدائق‬
‫والبساتين‪ ،‬فقد يكون هناك من يمتلك الكثير منها لكنعه ليععس‬
‫من أهل الدنيا‪ ،‬وقد يكون هناك طالبا لعلععوم الععدين لععه كتععاب‬
‫واحد وهو من أهل الدنيا‪ ،‬الميزان هو التعلق والرتباط‪ ،‬تعلععق‬
‫النسان بالشياء‪ ،‬وهذا التعلق قد يؤدي إلى إيجاد العداوة للععه‬
‫في قلب النسان عندما يرى أنه راحل عععن هععذا العععالم حيععث‬

‫‪45‬‬
‫تنقطع صلته الشياء التي تعلق بها‪ ،‬فيصبح لذلك معاديا لله‪.‬‬
‫عليكم أن تقللععوا مععن شععدة هععذا التعلععق بمختلععف أشععكاله‪،‬‬
‫فنحن على‬
‫كل حال راحلون عن هذه الدنيا سواء أحببنععا شععيئا ً وتعلقنععا‬
‫به أم ل‪ ،‬فل فرق‪.‬‬
‫سواء تعلقتم بهععذا الكتععاب أو هععذا المنععزل أم لععم تتعلقععوا‪،‬‬
‫فهما لكم تنتفعون منهما على كل حال‪ ،‬فقللوا التعلق بهمععا‪،‬‬
‫فأنتم تستطيعون أن تقطعوا هععذا التعلععق‪ ،‬فهععو الععذي يجلععب‬
‫على النسان المصائب وهو من حب النفس‪ ،‬حب الدنيا وحععب‬
‫الرئاسة وهو المرض المهلك للنسان‪.‬‬
‫حب المنصب وحب المسجد وغير ذلك هي جميعا ً من الدنيا‪،‬‬
‫وهي من التعلقات الدنيوية‪ ،‬وهي حجععب بعضععها فععوق بعععض‪،‬‬
‫كرارا ومرارا ما نقعد ونقول‪ ،‬هؤلء لععديهم كععذا وكععذا وأولئك‬
‫لديهم كذا وكذا ع وهم أسرى التعلقات الدنيوية ع ولكن دققععوا‬
‫النظر في أنفسكم ولحظوا كيف حالكم أنتععم‪ ،‬مععا هععي شععدة‬
‫تعلقكععم بمععا لععديكم‪ ،‬قارنوهععا بقععوة تعلععق مععن تعيبععون عليععه‬
‫تعلقه‪.‬‬

‫سر انتقاص الخرين‬


‫لول حب النفس والنانية لما عاب النسععان علععى الخريععن‪،‬‬
‫فحالة تقصي معائب الخرين الموجودة لدى بعضنا ناشئة عععن‬
‫أننا نعتبر أنفسنا غاية في التهذيب والسععلمة والخريععن ذوي‬
‫عيوب فنعترض عليهم بسببها‪ ،‬وذلك بسبب حب النفس الععذي‬
‫نرى بسببه أننا كاملون‪.‬‬
‫في تلك المقطوعة الشعرية ع ع ل أريععد أن أقرأهععا ع ع ورد أن‬
‫أحدهم عاب على آخر عيبا فأجابه‪:‬ع أنا كما قلت ولكن هععل يععا‬
‫تري أنت كما هو ظاهرك؟!‬
‫نحن نستعرض "مظاهر" للناس‪ ،‬من قبيل أننا جئنا إلى هنععا‬
‫لطلب العلم ودراسة الشريعة وأننا من جند الله وأطلقنا إسم‬
‫"جنععد اللععه" علععى أنفسععنا‪ ،‬فهععل نحععن حقيقععة كمععا تبععدو‬
‫مظاهرنا؟! هذا هععو الحععد الدنععى أمععا أن يكععون البععاطن شععيئا ً‬
‫والظاهر شيئا ً آخر فهل هذا غير النفاق؟! فالنفاق ليس فقط‬
‫أن يظهر النسان التدين وما هو بمتععدين كععأبي سععفيان‪ ،‬فمععا‬

‫‪46‬‬
‫تقدم نفاق أيضًا‪ ،‬نفاق هو أن يظهر النسان شيئا ً ساميا وهو‬
‫علععى خلفععه وهععو بععذلك مععن المنععافقين‪ ،‬والفععرق هععو فععي‬
‫المرتبة‪.‬‬
‫وعلى أي حال فالعاقبععة هععي الرحيععل عععن هععذه الععدنيا‪ ،‬ول‬
‫يقال أن أولئك يدعون إلى الخرة إلى هناك وهنا هععي الععدنيا‪،‬‬
‫فهم ع النبياء ع وإن كععانت دعععواتهم جميععا ً إلععى الخععرة فقععد‬
‫كانوا يروجون للعدالة هنا‪.‬‬

‫المرتبة العليا‪ :‬دوام الحضور‬


‫النععبي الكععرم )صععلى اللععه عليععه وآلععه وسععلم(‪ :‬ورغععم أنععه‬
‫موجود إلهي‪ ،‬ينسب إليععه قععوله‪" :‬ليععران علععى قلععبي عع وإنععي‬
‫لستغفر الله في كل يوم سبعين مرة" )المحجة البيضععاء فععي‬
‫تهذيب الحياء )ج‪ ،7‬ص ‪ (17‬كتاب التوبة وقريب من ه مععا فععي‬
‫صحيح مسلم )ج‪،8‬ص ‪ " (72‬كما جاء في هامش المحجة" هناك‬
‫في المصدر إضافة "الليلة" والغين هو الغيععم وعينععت السععماء‬
‫اذا أطبق عليها الغيم(‪،‬نفس معاشرة هؤلء الشخاص ع كععانت‬
‫تؤدي إلى كدورة ما‪ ،‬فالذي يجب أن يكععون دائم الحضععور عنععد‬
‫محبوبة يرى في مجيء شخص ع وإن كان صالحا للغاية ع سائل‬
‫عن مسألة‪ ،‬مانعا له ع بهذا المقدار ع ع عععن تلععك المرتبععة الععتي‬
‫يريدها وإن كان نفس ذلك هو حضور‪ ،‬فالنسان الععذي يحععادثه‬
‫هو في عينه من المظاهر ولكن رغم ذلععك يمنعععه عع بمقععدار عع‬
‫عععن تلععك المرتبععة الععتي يريععدها وهععي مرتبععة دائم الحضععور‪:‬ع ع‬
‫"ليران على قلبي وإني لستغفر اللععه فععي كععل يععوم سععبعين‬
‫مرة " مثل هذا منقول عن النبي الكرم‪.‬‬
‫الشتغال بمثل هذه المسععائل بالنسععبة لنععا حجععاب يجععب أن‬
‫نخرج منه‪ ،‬ولو ع حد أدنععي ع ع بمقععدار أن نكععون حقععا مثلمععا مععا‬
‫نظهر ل أن نكون خلفا لظاهرنا‪ ،‬لععو كععانت علععى جباهنععا آثععار‬
‫السجود وكان ظاهرنا أننا نعمععل للععه فكحععد أدنععى يجععب أن ل‬
‫نرائي في الصلة‪ ،‬ولو كنا نظهر أنفسنا ورعين جععدا فلنتععورع‬
‫عن أكل الربا والحتيال على الخرين وهكذا‪.‬‬

‫المعنويات والحركة‬
‫أولئك الذين تصوروا أن هذه العلوم المعنوية تحجععز النععاس‬
‫عن الحركة والنشاط هم على اشتباه‪.‬‬

‫‪47‬‬
‫ذات النسان الذي كان يعلم الناس العلععوم المعنويععة هععذه‪،‬‬
‫والذي لم يكن له نظير بعد رسول الله )صلى الله عليععه وآلععه(‬
‫في معرفة الحقععائق‪ ،‬هععذا النسععان وفععي نفععس اليععوم الععذي‬
‫بايعوه بالخلفة حمل فأسه وذهب إلععى عملععه فععي الزراعععة ع ع‬
‫كما ينقل لنا التأريخ‪.‬‬
‫أولئك الذين ع وبدافع من توهماتهم ع ع يحععذرون النععاس مععن‬
‫الدعاء والذكر وما ماثل‪ ،‬لكي يلتصقوا بالدنيا‪ ،‬هؤلء ل يعدرون‬
‫ما المر‪ ،‬ل يعرفون أن نفس هععذا الععدعاء والذكععار هععي الععتي‬
‫تجعل النسان يتعامععل مععع الععدنيا بالصععورة المطلوبععة‪ ،‬الععذين‬
‫أقاموا العععدل فععي الععدنيا هععم هععؤلء النبيععاء الععذين بالصععورة‬
‫المطلوبة الذين أقاموا العععدل فععي الععدنيا هععم هععؤلء النبيععاء‬
‫الذين كانوا أهل الذكر والفكر وكل شععيء‪ ،‬وهععم الععذين ثععاروا‬
‫ضد الظلمة‪ ،‬وهذا نهج الولياء أيضًا‪ ،‬المام الحسين بععن علععي‬
‫)سلم الله عليه( قام بتلععك الثععورة‪ ،‬وهععو نفسععه الععذي تععرون‬
‫دعاءه في يوم عرفة كيف هو‪.‬‬

‫الدعاء والتحرك النهضوي‬


‫هذه الدعية هي مصدر أمثال هذه النهضات‪ ،‬وهععذه الدعيععة‬
‫هي التي تععوجه النسععان للمبععدأ الغيععبي لععو أحسععن قراءتهععا‪،‬‬
‫ونفععس هععذا التععوجه يععؤدي إلععى تقليععل تعلععق وحععب النسععان‬
‫لنفسه‪ ،‬وهذا ل يمنع النسان عن الحركععة والنشععاط‪ ،‬كل‪ ،‬بععل‬
‫على العكس هو يولد حركة ونشاطا أيضا ً لدي النسععان ولكععن‬
‫ليس من أجل نفسه‪ ،‬يل إنه يدرك أنه يجب أن يتحرك وينشط‬
‫من أجل خدمة عباد الله‪ ،‬فهي خدمة لله‪.‬‬
‫أولئك المنتقدون لكتب الدعية إنمععا يفعلععون ذلععك لكععونهم‬
‫جهلة مساكين ل يعرفععون كيععف أن كتععب الدعيععة هععذه تصععنع‬
‫النسان‪ ،‬فأي إنسان ع عظيم ع تصنعه الدعية الدعية الععواردة‬
‫عن أئمتنا‪ ،‬كالمناجععاة الشعععبانية ودعععاء كميععل‪ ،‬ودعععاء المععام‬
‫سيد الشهداء )سلم الله عليه( يوم عرفه‪ ،‬دعاء السمات‪...‬‬
‫إن الذي يقععرأ المناجععاة الشعععبانية هععو نفسععه الععذي يشععهر‬
‫السيف أيضا ً هذه المناجاة كان يقرأهععا جميععع الئمععة‪ ،‬ولععم أر‬
‫فيما يتعلق بسائر الدعية الخرى مثععل هععذا الوصععف عع قععراءة‬
‫جميع الئمة لها ع والذي يقرأها يشهر السيف ويجاهد الكفار‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫هذه الدعية تخرج النسان من هذه الظلمات وعنععدما يخععرج‬
‫منهما يصبح عامل ً فععي سععبيل اللععه‪ ،‬مقععاتل فععي سععبيل اللععه‪،‬‬
‫قائما لله‪.‬‬
‫الدعية ل تحجععز النسععان عععن الحركععة والعمععل كمععا يععدعي‬
‫أولئك قاصرين آمالهم على هذه الدنيا معتبرين كل ما وراءهععا‬
‫مععن "الععذهنيات" لكنهععم سيصععلون إلععى حيععث يععرون أن هععذه‬
‫الذهنيات هي "العينيات" وما كانوا يرونه عينيا هو الذهنيات‪.‬‬
‫هذه الدعية والخطب ونهج البلغة ومفاتيح الجنععان وسععائر‬
‫كتب الدعية‪ ،‬هي التي تعين النسان ليصبح إنسانًا‪.‬‬

‫كل العمال لله‬


‫وعندما يصبح النسععان إنسععانا ً يقععوم بجميععع تلععك العمععال‪،‬‬
‫يزرع ولكن لله‪ ،‬ويقاتل لله‪ ،‬أولئك الذين قاموا بأعباء كل تلك‬
‫الحروب ضد الكفار والظالمين هم قععراء الدعيععة‪ .‬أكععثر أولئك‬
‫الذين كانوا في ركاب الرسول العظم )صلى الله عليه وآلععه(‬
‫وأمير المؤمنين )عليه السلم( كان نفسععه يقععوم للصععلة فععي‬
‫خضععم اشععتداد حمععى القتععال‪ ،‬يقاتععل ويصععلي‪ ،‬وفععي اشععتداد‬
‫القتال قام خطيبا متحدثا عن التوحيد عندما سأله أحدهم عععن‬
‫التوحيد‪ ،‬وعندما اعترض آخر بأن الوقت غير مناسب لمثل هذا‬
‫أجاب )عليه السلم(‪" :‬دعوة فإن الذي يريععده العرابععي نريععده‬
‫من القوم" )راجع كتاب" النوادر فععي جميععع الحععاديث "ص ‪43‬‬
‫طبعة رقم والكتاب للمولى الفيض الكاشععاني وهععو مسععتدركه‬
‫على شرحه "الععوافي " لصععول الكععافي والحععديث ينقلععه عععن‬
‫توحيد الصدوق[‪.‬‬
‫فالحرب هنععا ليسععت للععدنيا‪ :‬علععي لععم يحععارب معاويععة لكععي‬
‫يتسلط على الشام الرسول الكرم والمععام لععم يكععن هععدفهم‬
‫العراق والشام بل هععدف أن يكععون النسععان فيهععا إنسععانا ً أن‬
‫ينقععذوا أهلهععا مععن سععلطة المسععتكبرين هععؤلء هععم أصععحاب‬
‫الدعية المام علي الذي كان يقععرأ "دعععاء كميععل" هععو نفسععه‬
‫المقاتل الشجاع‪.‬‬

‫تأثير الدعاء في النفوس‬


‫الععذين يبعععدون النععاس الدعيععة ع ع كمععا فعععل يومععا الخععبيث‬

‫‪49‬‬
‫"كسععروي" حيععث دعععا إلععى يععوم لحععرق كتععب العرفععان وكتععب‬
‫الدعية‪ ..‬هؤلء ل يعرفون ما الدعاء وما هي طبيعة تأثيره في‬
‫النفوس ل يفقهون أن جميع هذه الخيرات والبركات هي مععن‬
‫قراء نفس هذه الدعية حتى الذين يقرءونها ع بكيفية ضعععيفة‬
‫ع ويرددون ذكر "الله" ولو بصععورة ببغاويععة فععأنه يتععأثرون بهععا‬
‫وهم خير من تاركيها‪.‬‬
‫المصلي ع ولو وفق أدني مراتب إقامة الصلة ع هو خير مععن‬
‫تاركها وأكثر تهذيبا فهععو ل يععرق راجعععوا ملفععات الجععرائم ول‬
‫حظوا نسبة مرتكبيها من طلبة العلوم الدينية ونسععبة غيرهععم‬
‫من مرتكبي جرائم السرقة وشراب الخمر وغيرها‪.‬‬
‫هناك في هذه الطائفة ع المعممين ع مععن تسععلل إليهمععا ول‬
‫شك لكن هععؤلء ليسععوا ل مععن هععل الصععلة ولغيرهععا تسععتروا‬
‫بهععذه الظععاهر لسععتغلله فقععط أمععا أهععل الععدعاء والعععاملون‬
‫بشعائر السلم فليست لهم ملفات جنائيععة مقارنععة بععالخرين‬
‫وإن ان هناك من شيء فهو قليل جدا‪.‬‬

‫الفصل بين القرآن والدعاء والحديث‬


‫للدعاء وأمثاله دخل وتأثير في نظم هععذا العععالم فل ينبغععي‬
‫أن يختفي الدعاء مععن أوسععاط المجتمععع ل ينبغععي لشععبابنا أن‬
‫يعزفوا عن الدعاء وليععس مععن الصععحيح الععدعوة للعععزوف عععن‬
‫الدعاء تحت شعار الععدعوة لعععودة القععرآن فهععذا يعنععي تضععييع‬
‫الطريق إلى القرآن هذه من الوساوس الشيطانية فالشيطان‬
‫يدعو إلى ترك الدعاء والحديث لفسععح المجععال للقععرآن يقععول‬
‫يجب أخذ القرآن والعععراض عععن الحععديث !! وأمثععال هععؤلء ل‬
‫يستطيعون والخععذ الععذين يقولععون الععدعاء ولنقععرأ القععرآن ل‬
‫يستطيعون الخذ بالقرآن فهذه من وساوس الشععيطان الععتي‬
‫تخدع النسان وهي ن القوال التي تخدع الشباب‪.‬‬
‫على هؤلء الشباب أن يلحظوا هل أن الذين كانوا من أهل‬
‫الحععديث والععذكر والععدعاء خععدموا المجتمععع أكععثر أم الععذين لععم‬
‫يكونوا من أهل ذلععك وكععانوا يزعمععون "نحععن أهععل القععرآن"؟!‬
‫جميععع هععذه الخيععرات والمععبررات الععتي ترونهععا وجميععع هععذه‬
‫الوقععاف المخصصععة لمطلععق المععور الخيريععة ولعانععة الععتي‬
‫ترونها وجميع هذه الوقاف المخصصة لمطلق المور الخيريععة‬
‫ولعانة الضعفاء هي من عمل هؤلء المؤمنين من أهل الععذكر‬

‫‪50‬‬
‫والدعاء والصلة ل من غيرهم‪.‬‬
‫حتى العيان الثرياء الذين بنوا ع ع فيمععا مضععى ع ع المععدارس‬
‫والمصحات وأمثال ذلك إنما كانوا من أهل الصلة وهععذا المععر‬
‫ل ينبغي أن يغيب عععن أذهععان النععاس بععل علععى العكععس يجععب‬
‫ترسيخه يجب جعل الناس متوجهين لله تعالى‪.‬‬

‫الدعاء والوصول للكمال‬


‫وإذا تجاوزنا كل هذه المور فأن الدعية تعين النسان على‬
‫الوصول إلي الكمال المطلق وهععي تعيععن علععى إدارة وتسععيير‬
‫أمور البلد على إدارة وتسيير أمور البلد ومرة تكون المعونععة‬
‫في إلقاء القبععض علععى السععارق وأخععرى تكععون بععأن النسععان‬
‫نفسه ل يسرق وأهل المسععجد والععدعاء ل يعتععدون وهععذا بحععد‬
‫ذاته معونة للمجتمع عنععدما يكععون نصععف أفععراده مثل يجتبععون‬
‫المعاصي لشتغالهم بالدعاء والذكر أمثال ذلك‪.‬‬
‫فمثل الكاسععب يععزاول كسععبة دون معصععية ول سععرقة أمععا‬
‫قطاع الطرق‬
‫والقتلة فهم ول شك ليسوا من أهععل الصععلة والععدعاء ولععو‬
‫كانوا من أهلها لما كانوا قتلة وقطاع طرق‪.‬‬
‫بهذه الدعية وبهذه المور الععواردة عععن اللععه ورسععوله تتععم‬
‫تربية المجتمععع‪ ،‬إن كنتععم تقععرأون القععرآن فهععو يمععدح الععدعاء‬
‫ويدعو الناس له‪:‬‬
‫ُ‬
‫م{)الفرقععان ‪ .(77‬إذن‬ ‫ؤك ُ ْ‬
‫عععا ُ‬ ‫م َرب ّععي ل َع ْ‬
‫و ل َ دُ َ‬ ‫عب َعأ ب ِك ُع ْ‬
‫مععا ي َ ْ‬ ‫} ُ‬
‫ق ْ‬
‫ل َ‬
‫فالععذين يععدعون إلععى تععرك الععدعاء والخععذ بععالقرآن يرفضععون‬
‫َ‬
‫م{ )غافر ‪.(60‬‬ ‫ب ل َك ُ ْ‬
‫ج ْ‬‫ست َ ِ‬
‫عوِني أ ْ‬ ‫القرآن أيضًا‪} :‬ادْ ُ‬
‫أسأل الله أن يجعلنععا مععن أهععل الععدعاء وأهععل الععذكر وأهععل‬
‫القرآن بمشيئته تعالى‪.‬‬
‫ختام الدرس الثالث من دروس التفسير للمام الخميني‬
‫)قده(‬

‫‪51‬‬
‫الدرس الرابع‬
‫أعوذ بالله من الشيطان الرجيم‪ ،‬بسم الله الرحمن الرحيم‪،‬‬
‫الحمد لله رب العالمين‪.‬‬

‫"باء" البسملة ليست سببية‬


‫ن "البععاء" فععي البسععملة‬
‫يسععتفاد مععن الحععاديث السععابقة أ ّ‬
‫ليسععت البععاء السععببية ع ع بععالمعنى الععذي يقععوله أهععل الدب ع ع‬
‫فالموضوع أصل ً ليس من باب السببية والمسببية بل وإن في‬
‫الحديث عن فاعلية الحق‪ ،‬ل محععل للعلععة والمعلوليععة وافضععل‬
‫تعبير عنه هو مععا ورد فععي القععرآن الكريععم فمععرة ورد التعععبير‬
‫خ عُر‬
‫وال ِ‬ ‫و ُ‬ ‫َ‬
‫ل َ‬ ‫و ال ّ‬
‫هع َ‬
‫بالتجلي "تجلى ربه ‪ "...‬وأخرى بععالظهور‪ُ } :‬‬
‫ن{ وهذه غير قضية السببية والمسببية فهنععا‬ ‫وال َْباطِ ُ‬
‫هُر َ‬ ‫وال ّ‬
‫ظا ِ‬ ‫َ‬
‫تمايل ل يقتضي وجوده في ذات الحق تعالى مع الموجودات‪،‬‬
‫لذا يجب أن نحمععل السععببية علععى معنععى موسععع لكععي تشععمل‬
‫قضية التجلي وقضية الظهععور أو أن نقععول أن "البععاء" ليسععت‬
‫باء السببية و "به" كذا وباسم اللععه كععذا بظهععوره‪ ،‬وكععذلك مععع‬
‫تجليه‪ ،‬وكذا بالحمععد بسععم اللععه أو تجلععي اللععه‪ ،‬ل مععن بععاب أن‬
‫الحمد مسبب للسم ول أتذكر أنععه ورد فععي الكتععاب أو السععنة‬
‫التعبير بالسععببية أو العليععة فهععذه مصععطلحات فلسععفية وردت‬
‫على لسان الفلسفة أما في القرآن والسنة فلم يرد التعععبير‬
‫بالسببية عن هذا المعنى ع على مععا أتععذكر عع بععل وردت فيهمععا‬
‫تعبيرات عنه بالخلق والظهور والتجلي‪.‬‬

‫قضية حديث النقطة تحت الباء‬


‫وهناك جنبة أخرى وفيها حديث شريف‪ ،‬وهي قضية النقطة‬

‫‪52‬‬
‫تحت الباء وبالنسبة للحعديث ومعدى صعحته‪ ،‬وهععل أنعه وارد أم‬
‫ل؟! لعععل الشععواهد تععدل علععى عععدم صععحة وروده‪ ،‬والحععديث‬
‫منسوب إلى المععام علععي )سععلم اللععه عليععه( أنععه قععال‪ " :‬أنععا‬
‫نقطة تحت الباء" )راجع شرح فصععوص الحكععم للقيصععري )ص‬
‫‪ (36‬الورق )‪ (18‬من المقدمة والحديث هو بدايععة خطبععة( ولععو‬
‫صح فتأويله هو أن الباء هي بمعنى الظهور المطلق‪ ،‬والتعين‬
‫الول عبارة عن مقام الوليععة فلععو صععحت نسععبة هععذا القععول‬
‫للمير فيكون مقصوده )عليه السلم( هععو أن مقععام الوليععة عع‬
‫بععالمعنى الحقيقععي للوليععة أي الوليععة العامععة ع ع هععو التعيععن‬
‫الول‪.‬‬

‫الولية الحمدية والعلوية‬


‫السععم هععو التجلععي المطلععق‪ ،‬والتعيععن الول لععه هععو تعيععن‬
‫الوليععة الحمديععة والعلويععة وحععتى لععو لععم يععرد هععذا المعنععى‬
‫فالقضية هي علععى هععذا المعنععى فهنععاك تجلععي مطلععق يكععون‬
‫تعينه الول هو المرتبععة العلععى للوجععود وهععي مرتبععة الوليععة‬
‫المطلقة‪.‬‬
‫وهذا السم يكون مرةً لمقام الذات‪ ،‬حيث اسمه الجامع هععو‬
‫"الله" والسماء الخرى ظهوٌر للرحيمية والرحمانية و‪ ..‬وهععي‬
‫جميعها تجليات السم العظم‪.‬‬
‫"الله" هو السم العظم والتجلي الول والسماء منهععا مععا‬
‫هي فععي مقععام الععذات ومنهععا فععي مقععام التجليععات بالسععمية‬
‫وهناك أيضا ً أسععماء التجلععي الفعلععي الععذي يقععال لقسععم منععه‬
‫مقام الحد‪ ،‬وللخععر مقععام الواحديععة وللثععالث مقععام المشععيئة‬
‫ومثل هذه المصطلحات‪ ،‬ويحتمععل أن تكععون مقامععات السععماء‬
‫الثلثة هي المقصودة باليات الخيرة من سورة الحشر‪ ،‬حيععث‬
‫ذكرت في آياتها الثلثة الخيرة بثلثة أشكال وهي }هو اللععه‬
‫الذي ل إله إل هو عالم الغيب والشهادة هو الرحمن الرحيم {‬
‫}هو الله الذي ل إله إل هو الملععك القععدوس السععلم المععؤمن‬
‫المهيمن العزيز الجبار المتكععبر سععبحان اللععه عمععا يشععركون{‬

‫‪53‬‬
‫}هو الله الخالق البارئ المصور{‪..‬‬
‫فالسم في مقام الذات يناسب السماء الععواردة فععي اليععة‬
‫الولى‪ ،‬والسم بععالتجلي الصععفاتي يناسععب الصععفات الععواردة‬
‫في الية الثانية فيمععا التجلععي الفعلععي يناسععب مععا فععي اليععة‬
‫الثالثة }هو الله الخالق البارئ المصور{ والتجلي الفعلي هععو‬
‫على ثلثعة أنمعاط‪ ،‬تجلععي العذات للععذات‪ ،‬والتجلععي فعي مقعام‬
‫السععماء‪ ،‬والتجلععي فععي مقععام الظهععور ولعععل‪} :‬هععو الول‬
‫والخر{ يعني وكأن الخرين أصل هم نفي عا ً منفي عا ً }هععو الول‬
‫والخر والظاهر والبععاطن{ فكععل ظهععور هععو وليععس منععه هععو‬
‫الظاهر وهو الباطن وهو الول وهو الخر‪.‬‬

‫ل فصل بين التجلي والمتجلي‬


‫هناك مراتب للتجليات ولكن ليس بحيث تكون مستقلة عععن‬
‫المتجلي ل شك أن تصور المر صعب ولكن تصديقه بعععد ذلععك‬
‫يسير‪.‬وقد يكون "الله" اسما ً لهذا التجلي في مقام الصععفات‪،‬‬
‫ولو كان كذلك يكون "اسم الله" "بسم الله" اسما لظهور ذلك‬
‫التجلي على‬
‫النحو الجمعععي وهععذا ل يتعععارض مععع كل الحتمععالين الععذين‬
‫تحدثنا عنهما سابقا بل ينسجم مع كليهما‪ ،‬لن هععذه المسععائل‬
‫ليسععت علععى نحععو السععتقلل وكافععة هععذه القضععايا يجععب أن‬
‫نمررها على نحو النقص‪.‬‬
‫وهناك قضية أخرى ترتبط بجميععع هععذه القضععايا والمبععاحث‬
‫وهي أننا نتعععرف إلععى الواقعيععات مععرة بععالحواس الععتي لععدينا‬
‫وأخرى بما ينتزعه العقل ويدركه منهععا‪ ،‬وثالثععة بحسععب مقععام‬
‫القلب وما يدركه منها ورابعة في مقام الشهود وأمثععال هععذه‬
‫المعاني‪.‬‬
‫وغاية ما تصله إدراكاتنععا نحععن هععي المععدركات العقلععي إمععا‬
‫بالقدم البرهانية أو مععا يشععبه السععتدلل‪ ،‬فالواقعيععات حسععب‬
‫تصورنا هي التي نفهمها بمدركاتنا العقلية ولكن عندما نرتفع‬
‫درجععة عععن هععذه المععدركات نفهععم أن ا لواقعيععات هععي الععذات‬
‫المقدسة وتجلياتها‪ :‬بأي نحو كان إدراكاتنا نجد هذا‪.‬‬
‫وواقع المر هععو أن ل مقابععل للحععق تعععالى أي ليععس هنععاك‬
‫موجود مقابل ع مستقل عنه ع بل إن مقابل الوجود المطلق ل‬

‫‪54‬‬
‫معنى له أصل ً فالموجود هو الذات المقدسععة وتجلياتهععا سععواء‬
‫التجلي في مقام الذات‪ ،‬أو في مقام الصفات‪ ،‬أو في مقابععل‬
‫الفعل‪ ،‬ونفس اليات التي نشير إليها أحيانععا يمكععن أن تكععون‬
‫شاهدا على أن }هو الول والخر والظاهر والبععاطن{ فواقععع‬
‫المر هو أن ل مقابل للحععق تعععالى‪ ،‬مععرةً نتسععاءل عع وبحسععب‬
‫إدراكناع ما الذي أدركناه وما هو إدراكنععا العقلععي؟! وهععل أننععا‬
‫أوصلناه إلى القلب ليصبح اسمه إيمانا؟! أو هل تحركنا بقععدم‬
‫السير ليكععون اسععمه عرفانععا ومعرفععة إلععى غايععة مععا يسععتطيع‬
‫النسان الوصول إليه؟!‬
‫وتلك هي قضية إدراكنا للواقعيات على ما هي عليععه ولكععن‬
‫الواقع عندما يحسب بحسب الواقع ع ع فمععا مععن شععيء سععوى‬
‫الحق تعالى‪ ،‬كل مععا هععو موجععود هععو والتجلععي هععو تجليععه‪ ،‬ول‬
‫ص أيض عا ً‬ ‫يمكننا أن نجد مثال منطقيا و " ظ ع ٌ‬
‫ل وذو ظععل " نععاق ٌ‬
‫الذات والتجليات والبحر والمواج‪.‬‬
‫ولعل أقرب المثلة الموضحة هو مثال موج البحععر‪ ،‬فععالموج‬
‫ليس خارجا ع مستقل ع ععن البحعر بمعنععي هنععاك مععوج وهنععاك‬
‫بحر‪ ،‬بل هناك موج البحر هذه المواج الحاصلة إنما هي البحععر‬
‫يتموج‪ ،‬ولكن عندما ننظر إلى المر بسحب إدراكنا‪ ،‬نرى بحععرا ً‬
‫ج‪ ،‬ولكن الموج معنى عععارض‬ ‫وأمواج البحر كأنه هناك بحٌر ومو ٌ‬
‫للبحر وحقيقة المر أن ليس هناك سععوى البحععر ومععوج البحععر‬
‫هو البحر‪ ،‬وكذلك حال العالم فهو " كموج"‪.‬‬
‫وبالطبع فهو مثال والحععال هععو مثلمععا قععال القععائل " حثععوا‬
‫التراب على مفرقي وعلى مثععالي" فععالمر ل مثععال لععه‪ ،‬نحععن‬
‫عندما نريد أن نلععج فععي هععذه المسععائل نطععرح حسععب إدراكنععا‬
‫تصورات عامة من قبيععل اسععم الععذات واسععم الصععفات واسععم‬
‫الفعال والمقام الفلنععي وهكععذا وهععي نفسععها مفععاهيم فععي‬
‫مفاهيم والدراك إدراك مفهومي‪.‬‬
‫أما المرتبة الخرى فهي أن نععدرك مععا وراء هععذه المفععاهيم‬
‫نثبت برهانيا ً أن الحقيقة هععي هععذه‪ ،‬ولكععن المنهععج البرهععاني‬
‫عندما يستدل على أن الموجود هو الذات وتجلياتهععا ول شععيء‬
‫غيرها‪ ،‬يقول أن صرف الوجود والوجععود المطلععق هععو الوجععود‬
‫الذي ل يقيد قيد و"أنت وجودنا المطلق" فلععو كععان لععه ح عدّ أو‬
‫نقص فما هععو بوجععود مطلععق‪ ،‬فععالوجود المطلععق ليععس لععه أي‬
‫ن‬
‫تعين أو نقص وإذا كان كذلك فهو يشمل تمام الوجععود‪ ،‬ولك ع ّ‬

‫‪55‬‬
‫"تمام "‬
‫هذه ناقصة أيضًا‪ ،‬أي أنه ل يمكن أن يكون فاقدا ً لحيثية مععا‪،‬‬
‫فجميع أوصافه هععي مطلقععة ل علععى نحععو التعيععن ل رحمانيععة‬
‫متعينة ول رحيمية متعينة ول إلوهية متعينة‪.‬‬

‫فقدان أي كمال يؤدى إلى التعين‬


‫عندما يكون النععور مطلق عا ً يصععبح بل تعيععن وبععذلك يجععب أن‬
‫ي كمععال يععوجب‬ ‫ن فقععدان أ ّ‬
‫يكععون جامعععا لكافععة الكمععالت‪ ،‬ل ّ‬
‫"التعيععن" فلععو كععانت هنععاك نقطععة نقععص واحععدة فععي مقععام‬
‫الربوبية‪ ،‬أو لم تكن هناك ولو نقطة وجود فقط ع بل وما دون‬
‫النقطة من العدم لخرج عن الطلق وأصبح ناقصا ممكنا ً ولععم‬
‫يكن واجب الوجود فالواجب كمال مطلق وجمال مطلق‪.‬‬
‫مععن هنععا فعنععدما نعتععبر "اللععه" وبحسععب المنهععج البرهععاني‬
‫الناقص ع اسما ً للذات المطلقة ولها كافة التجليات‪ ،‬فيجب أن‬
‫يكون جامعا ً لكافة السماء والصععفات جامع عا ً لكافععة الكمععالت‬
‫كمال ً مطلقا ً دون أي تعين‪ ،‬وهذا ل يمكن أن يكون فاقععدا ً لي‬
‫شيء وإل ّ لم يكن كمال ً مطلقا ً بل كان "ممكنًا" والممكععن هععو‬
‫ناقص مهما كانت درجة الكمال الععتي يصععلها فبمجععرد خروجععه‬
‫عن مرتبة الطلق يدخل حدود المكان‪ ،‬الوجود المطلق واجععد‬
‫لكل شيء لكل الكمالت‪ ،‬البرهان يقول‪" :‬صععرف الوجععود كععل‬
‫الشععياء وليععس بشععيء منهععا " )العبععارة متكععررة فععي معظععم‬
‫المتون الفلسفية خاصة مصنفات المولى صد الدين الشععرازي‬
‫ومن بعده راجع "السفار الربعة " )ج‪ ،6‬ص ‪ (211‬وما بعدها(‬
‫كل الشياء لكن ل بالتعينات‪ ،‬واجدٌ لكععل وجععود ولكععن ل علععى‬
‫نحو التعين بل على نحو الكمال المطلق‪.‬‬
‫وحينا ً يكون هذا الكمال المطلق ع عندما نحسب واقع المععر‬
‫ع يكون في كل السماء فهذه ليست مسععتقلة بععل هععي نفععس‬
‫أسماء الذات غير منعزلة ونفس الخصوصععيات الموجععودة فععي‬
‫اسم "الله" موجودة في "الرحمن" فيصبح هععذا كمععال ً مطلق عا ً‬
‫}إدعععو اللععه أو إدعععوا الرحمععن أيععا ً مععا تععدعوا فلععه السععماء‬
‫الحسنى{ )سورة السراء بني إسرائيل آية ‪ (110‬سواء "الله"‬
‫أو " الرحمن" أو "الرحيععم" وسععائر السععماء فع ع }لععه السععماء‬
‫الحسنى{ وهذه موجودة أيضا ً في جميع صفات الحععق تعععالى‪،‬‬
‫ولكونها علععى نحععو الطلق فل حععدود بيععن السععم والمسععمى‬

‫‪56‬‬
‫واسم واسم آخر‪ ،‬فهي ليست مثل السماء التي نطلقها على‬
‫شيء ما باعتبارات مختلفة‪.‬‬
‫عندما نقول "نور" و "ظهور" فل يعنععي ذلععك أنععه مععن جهععة‬
‫نور ومن أخرى ظهور‪ ،‬بل إن الظهور هو عيععن النععور‪ ،‬والنععور‬
‫ص أيض عًا‪ ،‬الوجععود‬
‫أيضا ً عين الظهور‪ ،‬وبالطبع فهذا المثال ناق ٌ‬
‫ء مطلععق‪ ،‬جميععع الوصععاف‬ ‫المطلق كما ٌ‬
‫ل مطلق في كععل شععي ٍ‬
‫هععي علععى الطلق بحيععث ل يمكننععا فععرض أي شععكل مععن‬
‫السععتقللية )يقععول السععهرودي مؤسععس فلسععفة الشععراف‬
‫"صرف الوجود الذي ل أتم منه كلما فرضته ثانيععا فععإذا نظععرت‬
‫إليه هو هو " التوحيد العلمي والعيني ص ‪(139‬‬

‫المشاهدة فوق البرهان والعمى‬


‫هذا بحسب القدم البرهانية وهذا ما يقععوله البرهععان‪ ،‬يقععال‬
‫أن أحد العارفين قد قال "أنني حيثما ذهبت جاء هععذا العمععى‬
‫بعصععاه " ومععراده هععو الشععيخ الرئيععس أبععو علععي بععن سععينا‪،‬‬
‫ومقصودة من هذا القول هو أن كل مععا وجععده ووصععله أدركععه‬
‫برهانيا ً هذا العمى ولكن بعصا البرهان وصععل إلععى مععا وصععل‬
‫إليععه هععذا العععارف بقععدم العرفععان والمشععاهدة وعلععى هععذا‬
‫التفسير قالوا أن مقصوده من العمى هو ابن سينا‪.‬‬
‫وأصحاب البرهان ع كما يقول ع نحن العمي‪ ،‬فعندما ل تكون‬
‫مشاهدة يعني أن عناك "عمى" فحتى بعد أن نبرهن استدلليا ً‬
‫على التوحيد المطلق والوحدة المطلقة وأن مبدأ الوجععود هععو‬
‫الكمال المطلق‪ ،‬فالمر برهان أيض عًا‪ ،‬والمحجوبيععة هععي خلععف‬
‫جدار البرهان والمهم أن تصل ع بالمجاهدة والسعي عع حقيقععة‬
‫أن "صععرف الوجععود كععل شععيء" إلععى القلععب فيععدركها وحععال‬
‫قلوبنا كحععال الطفععل الععذي يجععب أن تلقنععه كلمععة بعععد أخععرى‬
‫وعلععى الععذي أدراك تلععك الحقععائق عقليععا ً أن يوصععلها قلبععه‬
‫بطريقة التلقين كلمة كلمة بالتكرار والمجاهدة وأمثال ذلك‪.‬‬
‫فإذا وصععلت هععذه الحقععائق إلععى القلععب ووعاهععا وأدراك أن‬
‫"صرف الوجود كل الكمال" فهذا هو اليمان‪ ،‬اليمععان يتحقععق‬
‫عنععدما يصععل إلععى القلععب هععذا الدراك العقلععي والتصععورات‬
‫المفهومية التي أقيم عليها البرهان‪ ،‬وعندما يصل إلى القلب‬
‫هذا المعنى القرآني البرهاني ويقرأ بالقلب ما قرأه بالعقععل‪،‬‬
‫وعندما يعلععم القلععب ذلععك بععالتكرار والرياضععيات والمجاهععدات‬

‫‪57‬‬
‫عندها يؤمن القلب بأن "ليس في الدار غيععر ديععار" )راجععع ص‬
‫‪ 147‬من رسالة لب اللبععاب فععي سععير وسععلوك أولععي اللبععاب‬
‫)بالفارسية( وهي تقديرات السيد الطهراني لععدروس أسععتاذه‬
‫العلمة الطباطبائي ع قدس سره ع في العرفععان( ولكععن هععذه‬
‫أيضا ً هي مرتبة من اليمان‪ ،‬بل وحتى مرتبة }ليطمئن قلبي{‬
‫)إشععارة إلععى قصععد دافععع إبراهيععم )عليععه السععلم( مععن ربععه‬
‫مشاهدة إحياء الموتى وتقطيع الطير وإحيععائه المععذكورة فععي‬
‫القرآن( هي غير تلك التي كانت للنبياء فقد كانت لهععم قععدم‬
‫المشاهدة وهي فوق ذلك‪ ،‬لهم مشععاهدة جمععال الحععق تعععالى‬
‫}تجلى ربه للجبععل{ تجلععى لموسععى الععذي كععانت لععه محطععات‬
‫ثلثون ليلة في البداية ثم أصبحت أربعين وجععاءت بعععدها تلععك‬
‫الوقائع بعد أن رحععل عععن منععزل شعععيب "ولععد زوجتععه" وسععار‬
‫بأهله قال لهم‪} :‬إني أنسععت نععارًا{ )إشععارة إلععى قصععة دافععع‬
‫إبراهيم )عليه السلم( من ربه مشاهدة إحياء الموتى وتقطيع‬
‫الطير وإحيائه المذكورة في القرآن(هو أدراك هععذه النععار أمععا‬
‫ل‪ ،‬بعد ذلك ذهب إليها‪} :‬لعلي أتيكععم منهععا‬ ‫أهله فلم يروها أص ً‬
‫بقبس{ )سورة طه مقاطع من الية ‪ (10‬وعندما اقترب منهععا‬
‫جاء النداء }إني أنععا اللععه{ )سععورة طععه مقععاطع مععن اليععة ‪10‬‬
‫والية ‪ (14‬هذا النداء جاء من نفس تلك النار التي كععانت فععي‬
‫الشجرة‪ ،‬وقدم المشاهدة يعني أن موسى شاهد ما ذهب إليه‬
‫ذاك العمى بالعصا وذاك العارف بالقلب‪.‬‬
‫هذه كأقوال نحسن التحدث بها نحن‪ ،‬وأنت تستمعون إليهععا‬
‫بآذانكم ولكن الحقائق هي أسمى‪} ،‬أني أنا الله{ والنور الذي‬
‫كان في الشععجرة هععذا النععور لععم يكععن يسععتطيع رؤيتععه سععوى‬
‫م( مثلما هو الحال مععع الععوحي الععذي كععان‬ ‫موسى )عليه السل ّ‬
‫ينزل على رسول الله )ص( فمن ذاك الععذي كععان يسععتطيع أن‬
‫يفهم ما هو هذا الوحي؟! وما هو أصله؟! والقرآن الذي نععزل‬
‫على قلب رسول الله دفعة واحد جميعه ما هو؟! فلو كان هععو‬
‫ة واحععدة علععى قلععب‬‫هذا القرآن ذي الثلثين جزءً فنزوله دفع ع ً‬
‫عادي أمر محال‪.‬‬
‫ب أخرى والقععرآن حقيقععة وهععي تععرد إلععى القلععب‪،‬‬
‫القلب با ُ‬
‫القرآن سّر‪ ،‬وسّر السر‪ ،‬وسّر مستسٌر بسّر‪ ،‬وسّر مقنع بسععر‪،‬‬
‫ويجب أن يتنزل وينزل إلى السفل ويتنععزل حععتى يصععل إلععى‬
‫هذه المراتب النازلة‪ ،‬وحتى وروده على قلب رسول الله كععان‬

‫‪58‬‬
‫ل‪ ،‬تنّزل حتى دخل القلب‪ ،‬ومن هناك يجب أن يتنزل أيضععا ً‬ ‫تنز ً‬
‫إلى أن يصععل إلععى حيععث يفهمععه الخععرون أيضعًا‪ ،‬وهكععذا حعال‬
‫النسان‪ ،‬فهو أيضا ً سّر وسّر وسر‪ ،‬نحن نرى من النسان هععذا‬
‫ن‪ ،‬هذا الحيععوان الموجععود ول غيععر‪ ،‬بععل‬‫الشيء الموجود‪ ،‬حيوا ٌ‬
‫ن أسوأ من سائر الحيوانات‪ ،‬ولكن له خصوصية هععي‬ ‫وهو حيوا ٌ‬
‫إمكانية وصوله إلى النسععانية وإلععى مراتععب الكمععال والكمععال‬
‫المطلق حتى إلى حيث ل تصل أوهامنا ثم ينعدم‪.‬‬

‫ما ندركه هي العراض‬


‫كل ذلك سّر وأسرار‪ ،‬والظاهر هو هذا‪ ،‬وفي عالم الطبيعععة‬
‫هذا أيضعا ً سعّر هنععاك مسععألة وهععي أنكععم ل تسععتطيعون فهععم‬
‫ماهيععة الجسععام‪ ،‬ول نحععن نسعتطيع ذلعك‪ ،‬ول نسعتطيع إدراك‬
‫"الجواهر" وكل ما ندركه هو "العراض" عيوننععا تععرى اللععوان‬
‫وما شابه‪ ،‬آذاننا تسمع الصوت وحاسععة الععذوق تععدرك الطعععم‪،‬‬
‫وحاسة اللمس تدرك الظععواهر‪ ،‬ولحععل ذلععك أعععراض‪ ،‬وعنععدما‬
‫يريدون تعريف جسم ٍ ما يقولون أنععه الشععيء الععذي لععه عععرض‬
‫وعمق وطول وهذه هي من العراض أيضًا‪.‬‬
‫الذي له جابية فمن العراض‪ ،‬إذْ كل ما تريععدون تعريفععه بععه‬
‫أوصاف العراض إذن فأين هو الجسم؟! الجسم أيضا ً هو سععر‬
‫إذن‪ ،‬الظل هو سر‪ ،‬فظل نفس الحدية هو السماء والصفات‬
‫أي عا ً كععانت‪ ،‬فععالمعلوم لنععا هععو السععماء والصععفات أمععا نفععس‬
‫الصفات أما نفس العالم فهو غيععب أسععماءه وصععفاته ظععاهرة‬
‫ولكنه نفسه غيب ولعل إحدى مراتب "الغيععب والشععهادة" هععو‬
‫ه ما غععاب عنععا فل‬ ‫ن العالم الطبيعة أيضا ً غيب وشهادة‪ ،‬فغيب ُ ُ‬‫أ ّ‬
‫ن أي شيء تريععدون تعريفععه إنمععا‬ ‫نستطيع أن ندركه بحال إذْ أ ّ‬
‫تعرفونه بالوصاف والسماء والثععار ومععا شععابه‪ ،‬فععأي سععبيل‬
‫لتعريفكم له غير هذه؟!‬
‫ناقص هو إدراك النسان لظل السر المطلق‪ ،‬إل إدراك مععن‬
‫وصل بقدم الولية إلى حيث يععدخل قلبععه تجلععي الحععق تعععالى‬
‫ء‪ ،‬أي أن الغيععب‬‫بكافة أبعاده‪ ،‬وهذا السر موجودٌ في كل شععي ٍ‬
‫والشهادة يسريان في كل مكان‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫سعة عالم الغيب‬
‫ت ما كان ُيقععال أن عععالم الغيععب هععو عع مثل عع عععالم‬ ‫في وق ٍ‬
‫ملئكة الله عالم العقول ونظائر هذا التفسععير‪ ،‬ولكععن لنفععس‬
‫هذا العوالم سّرا ً وظاهرا ً ظهععورا ً وبطون عًا‪ ،‬وهععذا نفسععه فععي‪:‬‬
‫"هو الظاهر والباطن " فهناك بطون في نفس الشيء الععذي‬
‫ظهر فيه‪ ،‬وفي نفعس هعذا البطععون ظهعور‪ ،‬وعلععى هعذا فععإن‬
‫جميع أسماء الحق تعالى واجدة لجميععع مراتععب الوجععود‪ ،‬فكععل‬
‫اسم ٍ هو جميع السماء‪ ،‬فالمر ليس أن الرحمن صععفة واحععدة‬
‫أو اسما ً واحدًا‪ ،‬والرحيم اسم مقابل وكذا الحال مععع المنتقععم‬
‫هذه لو كانت من السماء فجميعها حاوية لكل شيء‪} :‬أيععا ً مععا‬
‫تععدعوا فلععه السععماء الحسععنى{ فجميععع السععماء الحسععنى‬
‫موجودة فععي الرحمععن وموجععودة فععي القيععوم وفععي الرحيععم‪،‬‬
‫وليس الحال أن أحدها يحكي شيئا ً ما والخر يحكي عن شععيء‬
‫ن يكون الرحمعن حاكيععا لحيثيعة مععا موجععودة‬ ‫آخر‪ ،‬فذلك يعني أ ّ‬
‫ة أخرى‪ ،‬وبععذلك‬ ‫في ذات الحق تعالى‪ ،‬وغيره يكون حاكيا ً لحيثي ٍ‬
‫تكععون ذات الحععق تعععالى مجمع عا ً للحيثيععات‪ ،‬وهععذا محععال فععي‬
‫الوجود المطلق‪ ،‬الوجود المطلق هو رحمععن بوجععوده المطلععق‬
‫ورحيععم بوجععوده المطلععق رحمععن بتمععام الععذات ورحيععم بتمععام‬
‫الععذات‪ ،‬ونععوٌر بتمععام الععذات و"اللععه " بتمععام الععذات‪ ،‬فل تكععون‬
‫رحيميته شيئا ً ورحمانيته شيئا ً آخر‪.‬‬
‫أولئك الذين يسمون علوا ً بقدم المعرفة حتى يصععلون إلععى‬
‫حيث تتجلى الذات بتمام التجليععات‪ ،‬وبعالطبع ليععس الععذات بععل‬
‫علععى نحععو التجلععي فععي قلععوبهم‪ ،‬وقلععوبهم ليسععت مععن هععذه‬
‫القلوب‪ ،‬بل القلب الذي يدخله القرآن‪ ،‬القلب الذي فيععه مبععدأ‬
‫ل‪ ،‬فععي هععذا القلععب‬ ‫الوحي القلععب الععذي يتخععذه جبرائيععل منععز ً‬
‫تتجلى الذات بذاك التجلي الجامع لكافة التجليات وهععو نفسععه‬
‫السععم العظععم والمتجلععي بتجلععي السععم العظععم‪ ،‬والسععم‬
‫العظععم هععو نفسععه " نحععن السععماء الحسععنى " )تقععدم ذكععر‬
‫مصدره(‪.‬‬
‫السم العظم هو نفس رسول اللععه‪ ،‬وهععو أعظععم السععماء‬
‫في مقام التجلي‪.‬‬

‫‪60‬‬
‫وجوداتنا تجليات‬
‫وعلى ما تقدم‪ ،‬فالذي جععرى الحععديث عنععه الليلععة‪ :‬هععو أول ً‬
‫قضية السببية فيجب أن ل نعتبرها في موضوع الحععديث مثععل‬
‫ل مععا إل علععى‬ ‫سائر أشكال السببية ول يمكننا أن نشبهها بمثا ٍ‬
‫بعض المثلة البعيدة‪ ،‬هذا أول ً وثانيا أن حديث نقطععة البععاء لععو‬
‫صحت نسبتهع يعني ما أوضحت تععأويله آنفعًا‪ ،‬وثالثعا ً أن السععم‬
‫هو بمراتب اسم الذات‪ ،‬فاسم في مقام الصفات‪ ،‬واسم فععي‬
‫مقام التجلي الفعلي‪ ،‬تجلي الذات على الذات‪ ،‬وتجلععى الععذات‬
‫على الصفات وتجلي الذات على الموجععودات تجلععي نقععول إذا‬
‫أردنا تفسيره أن وجوداتنا هي تجلي‪ ،‬نوٌر متكععثر فععي المرايععا‬
‫)والمثال هنا بعيد أيضًا( وأما إذا وضعتم هنا مائة مرآة ينعكس‬
‫فيها هذا النور أو نور الشمس‪ ،‬فستقولون باعتبار واحد مععائة‬
‫نور‪ ،‬النور نور المرآة‪ ،‬ونور المرآة هو نفس ذلك النور إل أنععه‬
‫محدود‪ ،‬مائة لكنها نفس هذا النور‪ ،‬نفس تجلي الشمس هععذا‪،‬‬
‫فنور الشمس يظهر في مائة مرآة‪ ،‬والمثال كما قلت بعيد‪.‬‬

‫التعين لزمة التجلى‬


‫تجلي الحق تعالى موجود في هعذه التعينععات‪ ،‬ولكععن ذلعك ل‬
‫يعني أن هناك تعّينا ً ونورًا‪ ،‬بل إن النور عنععدما يتجلععي فيكععون‬
‫التعين لزمه‪ ،‬وعليععه يكععون السععم فععي }بسععم اللععه الرحمععن‬
‫الرحيم{ هو اسم مقام الذات‪ ،‬واسم "الله" هو ظهععور الععذات‬
‫بجميع التجليععات‪ ،‬اسععم نفععس هععذا الظهععور والتجلععي الجععامع‬
‫وكذلك الرحمن والرحيم فهي ظهورات لهععذا التجلععي الجععامع‬
‫ن رحمععانه شععيء ورحيمععه شععيء آخععر‪ ،‬بععل‬ ‫أيض عًا‪ ،‬ل بمعنععى أ ّ‬
‫اعتبروا أن الله والرحمن والرحيم وهععي ثلثععة أسععماء لشععيء‬
‫واحد‪ ،‬كلها تجلي واحد لجميع الذات‪ ،‬فالله تجلى بتمام الععذات‬
‫وكذا الرحمن وكذا الرحيم وغير ذلك محععال وإل ّ كععان محععدودا ً‬
‫ممكنًا‪.‬‬
‫وعلععى أسععاس ذاك الععذي تحععدثنا عنععه حععول أن التعلععق هععو‬
‫بالحمد يكون أيضا ً السم اللهي الجامع للظهور "اللععه" حاويعا ً‬
‫للرحمععن والرحيععم بععذاته‪ ،‬فتقععع لععه جميععع الحامععد أو الحمععد‬
‫المطلق )على ضوء الحتمالين المذكورين سععابقا( كمععا نعتععبر‬
‫السم‪ ،‬واللععه‪ ،‬تجلي عا ً جامع عا ً فععي مقععام الصععفات‪ ،‬السععم هععو‬
‫التجلي الجامع في مقام الصفات تلك المشيئة المطلقة التي‬

‫‪61‬‬
‫يقع بها كل شيء وباسم "الله" نعتبر "الله" تجليا ً جامع عا ً فععي‬
‫مقام الفعل‪ ،‬اسمه نفس الحقيقة في مقام الظهور كوصععف‬
‫الله بععالرحمن والرحيععم وكععل واحععد مععن هععذه السععماء يكععون‬
‫الكلم فيه على نمط خاص عندما ننظر إليه في الية الكريمة‪.‬‬
‫وإلى هنا نكون قد تحدثنا عن أسم "الله" هو السم الجععامع‬
‫ومقام الذات ومقام الصفات ومقام التجلي بالفعل في اليععة‬
‫الكريمععة وتحععدثنا عععن السععم وعععن "اللععه" وعععن البععاء فععي‬
‫البسملة وعن نقطتها‪ ،‬وهناك فيما يتعلععق بععالرحمن الرحيععم‪،‬‬
‫مسائل يجب أن نمر عليها بصععورة مختصعرة سعريعة‪ ،‬والرجععاء‬
‫أن نصدق بوجودها‪ ،‬فبعض القلوب منكرة من الساس وبعععض‬
‫الشخاص ينكرون كافة قضايا المعععارف‪ ،‬فالععذي فععي المنععزل‬
‫الحيواني ل يستطيع أن يصدق أن هناك شيئا ً وراء هذا المقام‬
‫الحيواني‪.‬‬

‫عدم النكار هو الخطوة الولى‬


‫يجب أن نصدق بتلععك الحقععائق‪ ،‬والخطععوة الولععى للنسععان‬
‫الذي يريععد أن يحععدث تحركععا فععي نفسععه هععي عععدم النكععار‪ ،‬ل‬
‫ينبغععي للنسععان أن ينكععر كععل مععا ل يعلمععه ويبععدو أن الشععيخ‬
‫الرئيس ابن سينا هو صععاحب القععول بععأن المنكععر لشععيء دون‬
‫ئ مععا‬
‫برهان خارج عن فطرة النسععان‪ ،‬فمثلمععا أن إثبععات شععي ٍ‬
‫يحتاج إلى برهععان كععذلك الحععال مععع النفععي فهععو يفتقععر إلععى‬
‫برهان أيضًا‪ ،‬فمرةً تقول ل أعلم وأخرى تنفي‪ ،‬هناك أشخاص‬
‫ل شععيء لكونهععا ل‬ ‫منكععر تنكععر كع ّ‬
‫قلععوبهم فيهععا جحععود‪ ،‬فهععي ُ‬
‫تستطيع فهمه‪ ،‬وأصحابها يخرجون بهذا الجحععود عععن الفطععرة‬
‫النسانية‪ ،‬فالنسان يجب أن يكععون قبععوله لفكععرة مععا مسععتند‬
‫إلى برهان وكذلك نفيه لها عن برهععان ودليععل‪ ،‬فععإن لععم يكععن‬
‫لديه برهان على النفي أو الثبات فعليه أن يقول‪ :‬ل أعلم أو‪:‬‬
‫قد تكون الفكرة صحيحة‪ ،‬كل ما تسمعه أحتمل صحته " كل ما‬
‫قرع سمعك ذرة في بقعة المكان" فقد يكون صععحيحا ً أو غيععر‬
‫صحيح فلماذا النكار؟!‬
‫إن علمنا ل يصل إلى ما وراء هذا العالم وما توصلنا له مععن‬
‫هذا العالم فهو ناقص أيضًا‪ ،‬فل زالت المجاهيل كععثيرة‪ ،‬وإلععى‬
‫ما قبل قرن من الزمان كععانت هنععاك الكععثير مععن المجهععولت‬
‫التي أصبحت اليوم معلومة وستتضح مستقبل غيرها‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫فععإذا كنععا لععم نسععتطع أن نفهععم هععذا العععالم ولععم يسععتطع‬
‫النسان أن يعرفه فما هو مبرر إنكاره لما عند الوليععاء؟! هععذا‬
‫م كلّيععا ً مععن دخععول الحقععائق‬
‫القلععب قلععب "إنكععاري" محععرو ُ‬
‫والنوار إليه‪ ،‬ولهععذا فالععذي ل يعلععم ُينكععر ول يقععول‪ :‬ل أعلععم‬
‫فيصف ما يقوله أهل المعرفة بأنه نسععيج أوهععام‪ ،‬وسععر قععوله‬
‫ذلععك هععو كععونه محععروم إذْ أ ّ‬
‫ن مععا يصععفه بععأنه "نسععيج أوهععام"‬
‫موجود في القرآن والسنة فلماذا ينكره النسان؟!‬

‫إنكار المجهول نمط من الكفر‬


‫هععذا النكععار هععو مرتبععه مععن مراتععب الكفععر ع ع ليععس الكفععر‬
‫الشرعي ع مرتبة من الكفران فإحععدى مراتععب الكفععر أن ينكععر‬
‫النسان ما يجهله‪ ،‬وجميع مصائب النسان ناشئة من هنا‪ ،‬من‬
‫لجععوئه إلععى جحععود سلسععلة مععن الحقععائق الواقعيععة لكععونه ل‬
‫يسععتطيع أن يععدركها مععن جحععوده لععدى أوليععاء اللععه لكععونه ل‬
‫يستطيع الوصول إليه‪.‬‬
‫هذا الكفر الجحودي هععو مععن أسععوأ أقسععام الكفععر‪ ،‬والقععدم‬
‫الولععى لحركععة النسععان هععي أن ل يجحععد الحقععائق الواقعيععة‬
‫الموجودة في الكتاب والسنة‪ ،‬والتي يقول بها الولياء وكذلك‬
‫العرفاء والفلسفة حسب سعة إدراكهم‪ ،‬فعلى النسععان أن ل‬
‫يجزم بعدم ما ل يدركه‪ ،‬جحود هو ول ريب قلب ذلك "الُرجيل"‬
‫الذي يريد وضععع اللععه تحععت سععكاكين التشععريح ويقععول‪ " :‬لععن‬
‫أؤمن بالله ما لم أشرحه بهذه السكين التي أشحذها"‪.‬‬
‫الخطوة الولية هي أن ل ننكر ما قاله النبياء والولياء فلو‬
‫أنكرنا لن نستطيع أن نخطععو الخطععوة الثانيععة‪ ،‬فالنكععار يمنععع‬
‫النسان من الحركة والمنكر لوجود شيء ل يراه لععن يسععتطيع‬
‫متابعععة السععي‪،‬ر فعلععى مععن يريععد التحععرك للخععروج مععن هععذه‬
‫الظلمات أن يحتمل صععحة تلععك القععوال ول ينكرهععا وإل ّ بقععي‬
‫خلف جدار النكار إلى النهاية‪ ،‬عليه أن يسأل الله أن يفتح لععه‬
‫بابا ً للسير‪ ،‬فهو فتاح البواب‪ ،‬عليه أن يسأل الله أن يفتح لععه‬
‫سبيل الوصول إلى ما يجب عليه الوصول إليه‪.‬‬

‫الله ل يخيب من سأله‬


‫فإذا أجتنب النكار وسأل الله أن يفتح لععه سععبي ً‬
‫ل‪ ،‬تفتععح لععه‬
‫بعض السبل ولن يخيبه الله ورجائي أن نخرج نحععن مععن دائرة‬

‫‪63‬‬
‫النكععار‪ ،‬فل ننكععر مععا ورد فععي القععرآن والسععنة ونحععن نععدعي‬
‫العتقاد بهما‪ ،‬ما ل يدركه عقله من القععرآن والسععنة ل ينكععره‬
‫ص آخععر‬
‫فيهما مباشععرة ولكععن إذا صععدر بلسععان إنسععاني لشععخ ٍ‬
‫يستفرد بهذا المسكين ويصف قوله بأنه "هرطقععة" ول يقععول‬
‫أنه هو الذي ل يعلم‪.‬‬
‫ومثل هذا النكار يحرم النسان من الكثير من الحقائق فهو‬
‫يصده عن السبيل الذي يجععب للنسععان أن يسععلكه مععن دخععول‬
‫هذا السبيل أصل‪.‬‬
‫أنني أخععاطب الجميععع أن احتملععوا الصععحة فيمععا وصععل إليععه‬
‫الولياء‪ ،‬قد ل يقول صراحة بين النععاس باحتمععال الصععحة هععذا‬
‫ولكععن المهععم أن ل ينكععر هععذه الحقععائق أصععل ويقععول إنهععا‬
‫هرطقة‪ ،‬فمثل هذا المنكر ل يفلح بعععد ذلععك بسععلوك الطريععق‬
‫أبدًا‪ ،‬فإن أراد الفلح في السلوك فعليه أن يستأصععل الجحععود‬
‫من قلبه ويزيل هذه العقبة من طريقه‪.‬‬
‫أرجععو أن نفلععح فععي استئصععال حجععاب الجحععود مععن قلوبنععا‬
‫ونسأل الله تبارك وتعالى أن يعرفنععا لغعة القععرآن عع هععي لغعة‬
‫خاصة ع نسأل الله أن يوفقنا للتعرف على اللغة التي نزل بها‬
‫القرآن‪.‬‬

‫القرآن مادة عامة‬


‫القرآن يشبه النسان في كععونه موجععود لععديه كععل شععيء ع ع‬
‫والمقصود هنا هو النسان النسععان بالفعععل ع ع القععرآن مععائدة‬
‫أعععدها اللععه لجميععع البشععر‪ ،‬سععفرة واسعععة يتنععاول منهععا كععل‬
‫إنسان حسب رغبته ما لم يكن مريضا ً ينعععدم عنععده الشععتهاء‪،‬‬
‫المراض القلبية تعدم في النسععان الرغبععة فععي الكععل‪ ،‬فععإذا‬
‫ض وكععانت لععه رغبععة داخليععة أنتفععع مععن‬
‫كان النسان غير مريع ٍ‬
‫القرآن الذي تتسع سفرته للجميع‪ ،‬مثلما هو حال الدنيا فهععي‬
‫كسفرة كبيرة ينتفع هذا من فاكهتها وذاك من علفها وهكععذا‪،‬‬
‫النسععان ينتفععع منهععا بطريقععة مععا والحيععوان بطريقععة أخععرى‪،‬‬
‫والنسان في مقععام الحيوانيععة بطريقععة معينععة‪ ،‬وكلمععا سععمى‬
‫أكثر انتفع أكععثر مععن هععذه السععفرة اللهيععة وهععي عبععارة عععن‬
‫الوجود‪ ،‬ونفس المر يصدق على القععرآن فهععو سععفرة عععامرة‬
‫ل ينتفع منها قدر رغبتععه وعععبر السععبيل الععذي‬ ‫تسع الجميع وك ّ‬

‫‪64‬‬
‫وجده والدرجة العلمية العلى هي للذي نزل عليه "إنما يعرف‬
‫القرآن من خوطب به "‪.‬‬
‫لكن ل يبغي لنا اليأس والقنععوط‪ ،‬بععل علينععا الحصععول علععى‬
‫منافع مععن هعذه السععفرة وأولععى هعذه المنععافع أن نطععرد معن‬
‫أذهاننا وهم عدم وجود غير هذه القضايا الطبيعيععة وفكععرة أن‬
‫القععرآن تنععزل ليضععاح هععذه القضععايا الجتماعيععة والطبيعيععة‬
‫والحياة الدنيوية فقط‪ ،‬ففي هذه الفكرة إنكار لجميع النبوات‬
‫إن الغاية الععتي تنععزل مععن أجلهععا القععرآن هععي صععنع النسععان‬
‫وجعله "إنسانًا"‬

‫وجميععع تلععك القضععايا هععي وسععائل لتحقيععق هععذه‬


‫الغاية‬
‫كافة العبادات والدعية هي وسيلة لظهار "لباب" النسععان‬
‫وتحويل ما لديه بالقوة ع وهو لب النسان ع إلععى دائرة الفعععل‬
‫وبذلك يصبح النسععان بععالقوة إنسععانا ً بالفعععل يصععبح النسععان‬
‫الطبيعي إنسانا ً إلهيا بحيث تكون كافة أبعاده إلهيععة فكععل مععا‬
‫يراه هو الحق‪.‬‬
‫ولجل هذه الغاية كانت بعثة النبياء‪ ،‬فهم لم يأتوا للحكومة‬
‫بذاتها ول لدارة وتسيير المور الدنيوية فللحيوانات أيضا ً دنيععا‬
‫يسيرون شؤونها‪.‬‬
‫ومفهععوم أن إقامععة العدالععة الجتماعيععة إنمععا تكععون بأيععدي‬
‫النبياء ع وبحث موضوع العدالة هو بحث في صفة للحق تعالى‬
‫عن أهل البصيرة ع كما أنهععم يقيمععون الحكومععة العادلععة أيضعا ً‬
‫ولكععن الغايععة ليسععت كععل ذلععك بععل كععل ذلععك وسععائل ليصععال‬
‫النسان إلى المراتب السامية وهذه غاية بعثة النبياء‪.‬‬
‫نسأل الله تعالى التأييد في أمورنا كافة‪.‬‬
‫ختام الدرس الرابع من دروس التفسير للمام الخميني‬
‫)قده(‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫الدرس الخامس‬
‫أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم‪..‬‬
‫الحمد لله رب العالمين‪.‬‬
‫قبل أن أتابع الحديث حععول موضععوع البحععث‪ ،‬يجعب أن أبيععن‬
‫ة قد تكون نافعة وضرورية وهي أن علة وقوع الختلف ع‬ ‫نقط ً‬
‫أحيانا ع بين أهل الرأي والعلم هي أنهععم ل يعرفععون لغععة كععل‬
‫منهم فلكل طائفة منهم لغة خاصة بها‪.‬‬
‫ول ادري هل سمعتم قصة مثل العنب بيععن أولئك الصععدقاء‬
‫الثلثة الذين كان أحدهم عربيا ً والخر فارسيا ً والثععالث تركي ّعًا‪،‬‬
‫فقد كانوا يتناقشون حول ما يعدونه من طعام لوجبععة الغععداء‪،‬‬
‫فقال الفارسععي ليكععن "أنكععور" وقععال العربععي‪ :‬كل كل ليكععن‬
‫طعامنا "عنبًا" فأجاب التركي " ل نريد ذلك بل لنأكل "أوزوم"‬
‫)الع " أنكور أوزوم " تعنععي العنععب بالفارسععي والتركيععة( لقععد‬
‫وقع الختلف بين هؤلء لكععونهم ل يعععرف أحعدهم لغععة الخععر‬
‫وتكملة قصة المثل هي أن أحدهم ذهب وأتععى بععالعنب فعععرف‬
‫الجميع أن مقصودهم واحد‪.‬‬
‫المقصود واحد وإن اختلفععت اللسععنة‪ ،‬الفلسععفة لهععم لغععة‬
‫خاصة ومصطلحات خاصة بهم وكذلك الحععال مععع كععل طائفععة‪،‬‬
‫وعلينععا أن ننظععر أيععا ً مععن هععذه الطععوائف الثلثععة أو الربعععة‬
‫المختلفة فيما بينها‪ ،‬تكععون لغتهععا أقععرب إلععى لغععة أهععل بيععت‬
‫العصمة وإلى لغة الوحي‪.‬‬
‫المقصود واحد‪ ،‬ول أظن أن هنععاك أي إنسععان عاقععل موحععد‬
‫يخععالف العتقععاد بوجععود الحععق تعععالى وكععونه مبععدأ جميععع‬
‫الموجودات وهي معلولة لمبععدأ الوجععود‪ ،‬ول أحععد يقععول بأنععك‬
‫بهذا القميص والسروال أنت اللععه ومععا مععن عاقععل يتصععور أن‬
‫فلنا ً بعمامته ولحيته وعصاه هو الله فهذا مخلععوق ول إشععكال‬
‫ول شبهة في ذلك ولكن يقع الختلف في التعععبير عععن العلععة‬
‫إشكال ول شبهة في ذلك ولكن يقع الختلف في التعبير عن‬
‫العلة والمعلول‪ ،‬وعلينا أن نعرف ما هي طبيعة اهتمام طائفة‬
‫العرفاء مثل ليكون تعبيرها عععن المععر بالصععيغة الفلنيععة ومععا‬
‫الذي إلى هذا الشكل من التعبير؟!‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫مصالحة بين الطوائف وأشكال التعبير‬
‫وأنا الن وحيث أريد إقرار الصلح بني تلك الطوائف وأقول‬
‫أن مقصودهم واحد فل أقصد تنزيععه كافععة الفلسععفة أو كافععة‬
‫العرفاء أو كافة الفقهاء كل القضية ليست هذه فع"ربما تكون‬
‫خرقععة الزهععد مسععتوجبة للنععار" )تعريععب جععزء مععن بيععت شعععر‬
‫بالفارسية للشاعر اليرانععي الشععهير حععافظ الشععيرازي وفيععه‬
‫يشير إلى عدم صدق وصفاء كل من الصوفية وإن بينهععم مععن‬
‫يستحق النار( ولعل صاحب الععدكان يطلععق بعععض القععوال بمععا‬
‫يناسب تسيير أمور دكانه إن أريد قوله هو أن هناك بيععن هععذه‬
‫الطوائف الكثير من المنزهين والختلف الحاصل هععو اختلف‬
‫مدرسي كععالختلف الععذي حصععل فععي مدرسععة بيععن الصععولي‬
‫والخباري والذي وصل حد ن ينعت الخباري الصولي بععالكفر‬
‫ع ع أحيانععا ع ع فيمععا الصععولي ينعععت الخبععاري بالجهععل رغععم أن‬
‫مقصودها ليس اثنين مثلما أنهما أنفسهما ليسا "أثنين"‪.‬‬
‫على حال فحديثنا هو في اختلف اللغة والمصععطلحات‪ ،‬فئة‬
‫من الفلسفة يستخدمون مصععطلحات أمثععال "علععة العلععل " و‬
‫"المعلول الول والثاني إلى آخععره" و" العليععة والمعلوليععة" و‬
‫"السعععببية والمسعععببية" " و "المبعععدأ والثعععر" وأمثعععال هعععذه‬
‫المصععطلحات وهععي مصععطلحات جافععة خاصععة الععواردة لععدى‬
‫فلسفة قبل السلم‪.‬‬
‫الفقهععاء أيضععا ً ل يحجمععون عععن أسععتخدم مصععطلح العليععة‬
‫والمعلولية‪ ،‬كما يستخدمون أيضا ً مصععطلح الخععالق والمخلععوق‬
‫ول بأس به أيضًا‪ ،‬ولطائفة من أهل العرفان مصطلحات أخرى‬
‫تختلف عن السابقات‪ ،‬كمصطلحات لمثال هععذه الشععكال مععن‬
‫التعبير؟! ولماذا نجدها هي بالذات الواردة في أحععاديث أئمتنععا‬
‫)عليهععم السععلم(‪ ،‬فل أتععذكر أبععدا ورود مصععطلحات العليععة‬
‫والمعلولية السببية والمسببية وأمثالها في أحاديثهم )عليهععم‬
‫السلم( بععل وردت اسععتعمالت الخالقيععة والمخلوقيععة التجلععي‬
‫الظاهر والمظهر وأمثالها‪ ،‬علينا أن نفكر في سر تجلععي أهععل‬
‫العرفان عن مصطلحات الفلسفة مثل أو عما يستخدمه عامععة‬
‫الناس‪ ،‬ولماذا قالوا بمصطلحات أخرى رغم أنها سععببت إثععارة‬
‫إشكاليات أهل الظاهر ضدهم لنناقش المر‪ :‬ع‬

‫‪67‬‬
‫إشكالية التعبير بالعلة والمعلول‬
‫في مفهوم العلة والمعلول يكععون هنععاك موجععود هععو العلععة‬
‫وموجود آخر هو المعلول‪ ،‬فهنا تكون العلة في جهة والمعلول‬
‫في جهة أخرى فماذا يعني هععذا؟! إنععه يعنععي أنهمععا مختلفيععن‬
‫مكانيعًا‪ ،‬مثععل الشععمس ونورهععا‪ ،‬فللشععمس نفععس هععذا النععور‪،‬‬
‫ولكنه صادر عنها ومظهر لها‪ ،‬ولكن على نحو تكععون الشععمس‬
‫فيه موجودا ً في مكان معين‪ ،‬والنععور موجععودا آخععر مكععان آخععر‬
‫رغم أنه أثرها ومعلولها‪ ،‬فهععل هععذه المعلوليععة والعليععة نسععبة‬
‫إلى ذات واجب الوجود‪ ،‬هي على غرار المعلولية والعلية فععي‬
‫عععالم الطبيعععة؟ أي هععل أنهععا مثععل كععون النععار علععة للحععرارة‬
‫ل حععتى‬ ‫والشمس علة للنارة‪ ،‬في حيععن الثععر هنععا أثعٌر مسععتق ٌ‬
‫مكانيا ً عن العلة فلكل منهما مكان؟!‬

‫إشكالية التعبير بالثر والمؤثر‬


‫الثر والمؤثر في الطبيعة غالب عا ً مععا يكونععان منفصععلن مععن‬
‫جهة البعد المكاني فهععل يمكععن أن نقععول بمثععل هععذا الفصععل‬
‫بالنسععبة للمبععدأ العلععى عععن الموجععودات الخععرى فععي البعععد‬
‫المكاني والبعد الزمععاني؟! لقععد قلععت سععابقا أن مععن الصعععب‬
‫للغاية تصور طبيعة الحالة الوجودية للموجود المجرد‪ ،‬خصوصا ً‬
‫مع المبدأ العلى حيث ل يمكنك التعبير بأي شيء عنه‪ ،‬فكيف‬
‫هي هذه الحاطة القيومية من قبل الحق تعالى للموجودات؟!‬
‫ما هي كيفية ما يقوله القرآن من أن }هو معكم أينما كنتععم{‬
‫)سورة الحديد الية ‪ (4‬فهل أن المعيععة الدميععة هععي مععن هععذا‬
‫القبيل؟!‬

‫القرب للواقع وليس الواقع‬


‫إن اختيار تعبيرات من أمثععال "هععو معكععم" هععو سععبب عععدم‬
‫القدرة على التعبير عن الواقع‪ ،‬فاختاروا التعبير القععرب فععي‬
‫إيضاح الواقععع مثلمععا أن الكتععاب والسععنة اسععتخدما التعععبيرات‬
‫القرب في إيضاح الواقععع‪ ،‬إذ ل يمكععن فهمعه‪ ،‬تصععور القضععية‬
‫أمٌر غاية في الصعععوبة قضععية المخلععوق والخععالق حسععنا نحععن‬
‫مخلوقات الخالق ولكن ما هي وضعية البعد المكاني في هععذه‬
‫العلقة وما هي كيفيتها؟ هل هي مثل كيفية النار مععع أثرهععا‪،‬‬
‫والنفس وهذه العين والذن وقوى الحععواس؟ قععد تكععون هععذه‬

‫‪68‬‬
‫الخيعرة أقعرب مععن البقيععة لواقععع تلععك العلقععة ولكنهععا أيضعا ً‬
‫ليست هي‪.‬‬
‫الحاطة هي إحاطة قيومية ولضيق الخناق ع فععي التعععبير ع ع‬
‫يجب القععول أن الحاطععة القيوميععة للحععق تعععالى تجععاه جميععع‬
‫الموجودات هي بحيث أن ل مكان للموجودات إل وهععو موجععود‬
‫"لو دليتم بحبععل إلععى الرضععيين السععفلى لهبطتععم إلععى اللععه"‬
‫)حديث مروي عن النبي الكرم )صلى اللععه عليععه وآلععه( راجععع‬
‫مصعععباح الهدايعععة إلعععى الخلفعععى والوليعععة تعععأليف المعععام‬
‫الخميني)ص ‪(99‬‬
‫الذين عّبروا عن المعنى بهذا القول أو بقععولهم أن الشععيء‬
‫الفلني هو الحق تعالى ليس مرادهم أن هذا النسان الممكن‬
‫الوجود ذي العباءة والعمامة هو الحق تعععالى‪ ،‬فمععا مععن عاقععل‬
‫يقععول بععذلك‪ ،‬بععل إن المععراد هععو التعععبير القععرب فععي تبيععان‬
‫القضية وطبيعة العلقة بين الحق تعالى والمخلوق‪ ،‬هدف هذا‬
‫التعبير هو تقريب كيفية العلقة إلى الذهان ولكن يصل المر‬
‫بالنسان إلى الغفلة وعدم التوجه عن ع ظواهر ع هذه القضايا‬
‫فيقول بأن الشيء الفلني هو الحق تعععالى وكععل شععيء هععو‪،‬‬
‫ولكنه ل يريد أن يقول هذا هو الحععق تعععالى‪ ،‬ولهععذا تععرون أن‬
‫الفلسفة السععلميين يقولععون "صععرف الشععياء كععل الشععياء‬
‫وليس بشيء منها "‪.‬‬
‫ظاهر العبارة متناقض ولكنه المععراد منهععا هععو‪ ،‬أن ل نقععص‬
‫فععي صععرف الوجععود وهعو واجعد لكععل سععنخ مععن الكمععال فيمععا‬
‫الموجودات كافة ناقصة إذن فع "ليععس بشععيء منهععا" إذا كععان‬
‫المراد موجودا آخر إذ يكون ناقصا والموجود التام هو الععذي ل‬
‫نقصععان فيععه وإذا كععان كععذلك فل يمكععن أن يكععون فاقععدا ً لي‬
‫كمال‪ ،‬كل كمال وفي أي موجععود كععان إنمععا هععو مععن رشععحاته‬
‫وتجليه وما دام من تجليه فهععو موجععود فععي الععذات علععى نحععو‬
‫البساطة الذات كل الكمال‪.‬‬
‫"كل الشياء" يعني "كل الكمال" و"ليس بشيء منها" يعني‬
‫أن ل نقص فيه أصععل وليععس المععراد مععن "صععرف الوجععود كععل‬
‫الشياء" هو أن تكونوا أنتم صرف الوجود ولهذا تقول العبععارة‬
‫"ليس بشيء منها" المراد هو أنه تمععام الكمععال وحيععث أن مععا‬
‫مععن موجععوٍد يكععون تمععام الكمععال‪ ،‬لععذا فليععس بشععيء مععن‬
‫الموجودات فعبروا عن هذه الحقيقة بتلك الصورة‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫إحدى سبل تفسععير تلععك العبععارة هععي مععا عمععد إليععه مععن ل‬
‫إطلع له على هذه القضايا فقال إن ما قالوه هو من بععاب أن‬
‫ن هععذا الشعععر ل يرتبععط‬ ‫"عديم اللون أسير اللون" في حيععن أ ّ‬
‫بهذا الموضععوع أص عل ً ولععم يلتفتععوا إلععى عععدم ارتبععاطه بواقععع‬
‫"الحقيقة" بل هو مرتبط بحالة النزاع التي تنشب بيععن أثنيععن‬
‫فلم ينتبهوا إلى المقصود من هذا الشعر فقالوا إن ذاك كفر‪،‬‬
‫في حين أنه ل يرتبط بهذه القضية بل بقضية أخرى هععي سععر‬
‫كل هذه الحروب والنزاعات التي يقع في العالم‪.‬‬

‫دوافع النزاعات‬
‫لماذا تقع الحروب؟! وما هي دوافعها؟ التعبير بععاللون فععي‬
‫هععذا الشعععر هععو عععن التعلععق والرتبععاط وهععو مسععتخدم بهععذا‬
‫المعنى في موارد أخرى كقول أحد الشعراء "متحععرر هععو مععن‬
‫لون قبول التعلق" هذا اللون وعديم اللععون يعنععي أن ل يكععون‬
‫متعلقا بشيء من الطبيعة‪ ،‬وإذا كععان كععذلك فلععن يقععع النععزاع‬
‫فكافة أشكال النزاع الواقعة ناشئة من هذا التعلععق بالطبيعععة‬
‫التي يريدها كل إنسان لنفسه بحكم تعلقه بهععا‪ ،‬فهععذا يريععدها‬
‫له وذاك كذلك فيقع النزاع في كععل شععأن مععن الشععؤون‪ ،‬فمععا‬
‫يريد أن يقوله هذا الشاعر هو أن ل لون في الفطرة السليمة‬
‫وعندما يكون هناك صدأ التعلق فل نزاع‪.‬‬
‫لو كان فرعن مثل موسى )عليه السلم( غير متعلق بالدنيا‬
‫لما حدث كل ذلك النزاع ولو أجتمععع النبيععاء كلهععم فععي محععل‬
‫واحد لما حدث نزاع بينهم أبدا كل هذه النزاعععات هععي بسععبب‬
‫أشكال التعلق‪" :‬عديم اللون أصبح أسير اللون "‪.‬‬
‫الفطععرة السععليمة الععتي ل لععون فيهععا ل تعلععق فيهععا ولكععن‬
‫عندما يصبح النسان أسير التعلععق يقععع النععزاع فععإذا زال هععذا‬
‫اللون والتعلق تصالح موسى وفرعون أيضًا‪.‬‬
‫هذا الموضوع غير الول والذي أشكل به على أصععحاب تلععك‬
‫القوال‪ ،‬لم يتلفت إلى أن هععذا الشعععر ومعنععاه مرتبععط بنععزاع‬
‫بين أثنين بين أثنين ول علقة له بأصل الموضوع المتقدم‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫تعبيرات الئمة واقتباس العرفاء‬
‫لحظوا أشكال التعععبير الععواردة فععي أدعيععة الئمععة )عليهععم‬
‫السلم( فهل أنها تختلف عععن تلععك الععتي يسععتخدمها أولئك ع ع‬
‫العرفاء ع والععتي أدت بععالبعض إلععى الععذهاب إلععى حععد التكفيععر‬
‫بسبب عدم إلتفاتهم إلى مراد القوم؟! وهذا البععاب هععو أيض عا ً‬
‫باب مرتبة سير النسان نفسه‪.‬‬
‫في المناجاة الشعععبانية وهععي المناجععاة الععتي كععان يقرأهععا‬
‫جميع الئمة ع حسبما ورد في الروايات ولععم أر فععي الروايععات‬
‫غيرهععا دعععاء لععه هععذه الميععزة ععع ورد "إلهععي هععب لععي كمععال‬
‫النقطاع إليك وأنر أبصععار قلوبنععا بضععياء نظرهععا إليععك‪ ،‬حععتى‬
‫تخرق أبصار القلوب حجب النععور فتصععل إلععى معععدن العظمععة‬
‫وتصير أرواحنا معلقة بعز قدسك‪ ،‬إلهي واجعلني ممن نععاديته‬
‫فأجابك ولحظته فصعق لجللك‪)..‬مفاتيععح الجنععان )ص ‪((157‬‬
‫فما هي هذه المعاني والتعبيرات؟! وما معنى هذه التعععبيرات‬
‫التي يقولها السادة الواردة في كلماتهم الخرى؟! ماذا يعنععي‬
‫"كمال النقطاع إليك "؟! وماذا يعني طلب جميع الئمة له؟!‬
‫المام المعصوم يطلب مععن اللععه فمععا يعنععي ذلععك؟! ومععا هععي‬
‫أبصار القلوب هذه التي يطلب من الله إنارتها؟! "وأنر أبصععار‬
‫قلوبنا " كيف يريد بالبصر النظر إلى الحق تعالى؟! ما هو هذا‬
‫القلب وما هو بصره بحيععث يكععون بهععذا البصععر القلععبي نظععرة‬
‫إلى الله تعالى ثععم "أنععر أبصععار قلوبنععا بضععياء نظرهععا إليععك "‬
‫المام يطلب من الله كل ذلك من أجل غاية هي "حتى تخععرق‬
‫أبصار القلوب حجب النور" وعندما تخرق هذه الحجععب‪" :‬تصععل‬
‫إلى معدن العظمة وتصير أرواحنا معلقة بعععز قدسععك " ومععاذا‬
‫بعد ذلك؟! إنه "إلهي اجعلني ممن ناديته فصعععق لجللععك" مععا‬
‫هو صعق الجلل هذا؟! أليس هو ما يذكره القرآن الكريم فععي‬
‫شأن موسى )عليه السلم(؟! فهل هو غير الفناء الذي يقععوله‬
‫العرفاء؟‬
‫ة‪ ،‬أبصععار‬‫ة مرتبع ً‬
‫"فصعععق لجللععك" مرتبععة يرتفععع إليععه مرتبع ً‬
‫القلوب تخرق جميع الحجب‪" ،‬فتصل إلععى معععدن العظمععة" مععا‬
‫هو معدن العظمة الذي تصل إليععه؟! ومععا هععو هععذا الوصععول؟!‬
‫أليس هو نفسه الوصول الذي يقوله أولئك "ومعدن العظمععة"‬
‫هل هو غير الحق تعالى؟! هععل يمكععن لغيععره تعععالى أن يكععون‬
‫معدن العظمة الذي يجب أن تصدر منه كافة أشكال العظمة؟!‬

‫‪71‬‬
‫وعنععدما تصععل إلععى هععذا المعععدن "تصععير أرواحنععا معلقععة بعععز‬
‫قدسك" وهذا المعنى هو نفس ما يقوله أولئك ع العرفاء‪.‬‬
‫لو التفت النسان إلى كافة أطراف القضية لما استطاع أن‬
‫يعّبر عنها "بالعلة والمعلول" لضيق هذا التعبير‪ ،‬ونفععس المععر‬
‫يصدق على تعبير "الثر والمؤثر" أما تعبير التجلي "تجلي ربه‬
‫للجبل" فهو القرب ع القرب وحسب ع ع إلععى المعنععى الععذي ل‬
‫يمكن التعبير عنه أصل‪.‬‬

‫قضية تصورها أصعب من تصديقها‬


‫العلقة ما بين الحق تعالى والخلق هععي مععن القضععايا الععتي‬
‫يكون تصورها أصعب من التصديق بهععا‪ ،‬فتصععديقها ممكععن إذا‬
‫تصورها النسان ولكن كيف نتصععور موجععودا ً ل يغيععب عععن أي‬
‫مكععان ول يغيععب عنععه مكععان؟! موجععود فععي بععواطن الشععياء‬
‫وظواهرها وهي معلولة له أيضًا‪.‬‬
‫كيف نعبر عن مثل هذا المؤثر هو في باطن أثاره ع الشياء‬
‫ع وفي ظواهرها "ل يخلععو مععن شععيء" ومععا هععو التعععبير الععذي‬
‫يؤدى حق هذا المطلب؟! ل يمكععن التعععبير عععن ذلععك إل لهلععه‬
‫أولئك الذين يدعون بأمثال المناجاة الشعبانية سائلين الله مععا‬
‫سألوه‪.‬‬
‫وعلى ما تقدم يتضح أنععه ليععس هنععاك اختلف يسععتوجب أن‬
‫تنسب طائفة أخرى إلععى الكفععر وتنسععب الثانيععة الولععى إلععى‬
‫الجهل‪ ،‬أنت أيضا ً إذا أردتم أن تتحععدثوا عععن المعنععى المتقععدم‬
‫فكيف تعبرون عنه؟! أفهموا ما يقوله أولئك إفهمععوا مععا فععي‬
‫قلب ذلك النسان الذي ل يستطيع أن يعبر عععن ذلععك المعنععى‬
‫إل بمثل تلك التعبيرات‪ ،‬فمععرة يسععطع فععي قلبععه نععور بدرجععة‬
‫يقول معها عكل شيء هو والجميع هو "‪.‬‬

‫على )ع( عين الله ونوره‬


‫توجد في أدعيتكم أيضا ً تعبيرات من أمثال "على عيععن اللععه‬
‫نععور اللععه ويععد اللععه" )وردت فععي الزيععارة الثالثععة مععن زيععارات‬
‫المام علي )عليه السلم( وهي مروية عن المام الصادق )ع(‬
‫" السلم عليك يا نور الله التام " )ص ‪ 352‬من مفاتيح الجنان‬
‫وجاء في الزيارة السادسة ص ‪ " 355‬السلم عليك ياعين الله‬

‫‪72‬‬
‫الناظرة ويده الباسطة وأذنه الواعية وحكمتععه البالغععة( فمععاذا‬
‫تعنى هذه أليست هي من نظععائر التعععبيرات الععتي يسععتخدمها‬
‫أولئك؟! ونفس هذه التعبيرات واردة فععي الحععاديث الشععريفة‬
‫التي تصف الصدقة التي تضعها في يد الفقير إنما تصععل إلععى‬
‫يد اللععه وفععي القععرآن أيضعا ً ورد قععوله تعععالى }ومععا رميععت إذ‬
‫رميت ولكن الله رمى{ المعنى واحد وهععو نفععس مععا تقولععونه‬
‫جميعععا ً ولكععن ذلععك المسععكين الععذي يلمععس المعنععى عيانععا ً ل‬
‫يستطيع أن يعبر عنه بهذه الصورة وبالكيفيععة الععتي يععراه بهععا‬
‫ولذلك فهععو يسععتخدم مثععل تلععك التعععبيرات وهععي كععثيرة فععي‬
‫القرآن وخاصة في الدعية فهي مليئة بهععذه التعععبيرات الععتي‬
‫يستخدمها أولئك فلماذا نسيء الظن بمن يستخدمها؟! اسعوا‬
‫إلى فهم المراد والدافع إلى إستخدمه مثل هععذه التعععبيرات؟!‬
‫ما هععو اللععم الععذي أضععطره إلععى إسععتخدمها والعععراض عمععا‬
‫يستخدمه عامة الناس‪ ،‬وهو يعلم ماذا سيلقاه بسبب استخدام‬
‫مثل هذه التعبيرات‪ ،‬فلجل أن ل يضععحي بالحقيقععة مععن أجععل‬
‫نفسه ضحى بنفسه من أجل الحقيقة‪ ،‬ولععو أننععا فهمنععا قععوله‬
‫ومراده لعبرنا عنه بنفس مععا عععبر بععه ومثلمععا أسععتخدمه أيض عا ً‬
‫القرآن والئمة‪.‬‬
‫والمر ليس هو على نحو يكون معه المراد مععن تعععبير "هععذا‬
‫ل يقول ذلععك‪،‬‬ ‫هو الحق" هو أن هذا هو الله واقعا ً فما من عاق ٍ‬
‫ة ل يكععون‬ ‫ولكنكم تععرون ظهععروا ً ل يمكععن التعععبير عنععه بصععور ٍ‬
‫معها انفصال مثلما ورد في أحععد الدعيععة وصععف الوليععاء‪" :‬ل‬
‫فرق بينك وبينهم إل أنهم عبادك خلقهععا بيععدك فتقهععا بيععدك"‬
‫)مفاتيح الجنان )ص ‪ (73‬فهذا من باب ضععيق التعععبير‪ ،‬واختيععار‬
‫هذا التعبير من باب كونه القععرب إلععى المعنععى ونفععس المععر‬
‫يصدق على ما ورد في الكتاب والسنة‪.‬‬
‫ل تسععيئوا الظععن بالععذين يسععتخدمون هععذه التعععبيرات وأي‬
‫أشخاص صالحين هم‪ ،‬لقد عاصرنا عددا ً منهم وعرفنععاهم عععن‬
‫قععرب ورأينععا حععالهم وتبحرهععم ودقععة نظرهععم فععي كععل تلععك‬
‫العلوم‪ ،‬ورأينا وصولهم إلى الكمال‪ ،‬هععؤلء كععانوا يسععتخدمون‬
‫أيضا ً مثل هذه التعبيرات كالتجلي والظهور وتجليك ‪...‬‬
‫وورد فععي دعععاء السععمات التعععبير بععع "طلعتععك " )ورد هععذا‬
‫المقطع ضمن أحد أدعية شهر رجب وهو مععروي عععن المهععدي‬
‫المنتظر أرواحنا لتراب مقدمة الفداء راجع مفاتيععح الجنععة ص‬

‫‪73‬‬
‫‪ (134‬والتجلععي والنععور ونععور وجهععك وباسععمك‪ ،....‬وعليععه‬
‫فأصلحوا حال الذين يسيئون الظن بهؤلء العظام وبالطبع أنا‬
‫ل أريد تنزيه الجميععع )فعنععدما أدافععع عععن الحععوزويين وعلمععاء‬
‫ن مععا‬
‫الدين ل أقصد أن جميعهم على نحععو وبمسععتوى واحععد( إ ّ‬
‫أعععترض عليععه هععو أن تسعقطوا الجميععع وليععس أنععي أطعالبكم‬
‫بتأييد الجميع‪ ،‬وهنا أيضا ً فما أريد قوله هو أن ل تتوهموا كفر‬
‫كل من قال مطلبا عرفانيا ً أو نطق بكلمة عرفانية‪.‬‬
‫حققوا في المطلب أول ً‬
‫انظروا أول ً إلى ما يقوله وما هو مراده ومقصوده منه‪ ،‬فل‬
‫أعتقد أن من يفهم مقصوده سينكره عليه‪ ،‬فهذه القضية هي‬
‫كقضععية قصععة مثععل "العنععب وأنكععور وأوزوم" فععالمر وأنتععم‬
‫تعبرون عنه بتعبير معين‪ ،‬والخععر يحععدث عنععه ضععمن مصععطلح‬
‫العليععة والمعلوليععة والثععالث بالسععببية والمسععببية والرابععع‬
‫بالظهور والمظهر‪.‬‬
‫حسنا نحن أيضا ً بماذا نعبر عن وجود موجود في كععل مكععان‬
‫وهو كل الشياء ولكنععه ليععس بشععيء منهععا؟! تععرون الحععاديث‬
‫الشريفة تقول‪" :‬علععي يعد اللععه علععي عيععن اللععه" )تقعدم ذكععر‬
‫مصدرها( والقرآن الكريم يقول‪} :‬وما رميععت إذ رميععت ولكععن‬
‫الله رمى{ )سورة النفال الية ‪} (17‬إن الذين يبايعونك إنمععا‬
‫يبايعون الله{ )سورة الفتح الية ‪ (10‬و }يد الله فوق أيديهم‬
‫[ )سورة الفتح الية ‪ (10‬فهل الع "فوق" هنا مكاني؟! كل بععل‬
‫هو "فوق" معنوي علو ل يمكن التعبير عنه‪ ،‬ول يمكننا التعععبير‬
‫عنه بما هو حق التعبير‪.‬‬
‫كما أن الله تبارك وتعالى أجل من أن يكون مختلطا ً بشععيء‬
‫ل وتعععالى ععن أن‬ ‫أو مرتبطا ً بشيء وفق هذه المعاني‪ ،‬بل وج ّ‬
‫نفهم كيفية تجليه وظهوره فحتى تجليه مجهععول لععدينا‪ ،‬لكننععا‬
‫نؤمن بواقعية المر ول ننكرها ونرجو أن نكون معتقععدين بمععا‬
‫ورد في القرآن الكريم والسنة عن هذه القضععايا وعععن تجلععي‬
‫الحق تعالى لخلقه وظهوره وكععونه }هععو الظععاهر والبععاطن{‪،‬‬
‫كما ورد في سورة الحديد وقد ورد فععي الحععديث الشععريف أن‬
‫اليات الستة الولى من سورة الحديد قد أنزلت لرجال يععأتون‬
‫في آخععر الزمععان هعم الععذين يفهمونهععا‪ ،‬وفيهععا كيفيعة الخلععق‬
‫وأمثالها وفيها يقول‪} :‬هو الول والخر والظاهر والبععاطن{‪،‬‬

‫‪74‬‬
‫}هععو معكععم أينمععا كنتععم{ )سععئل علععي بععن الحسععين )عليهمععا‬
‫السلم( عن التوحيد فقال إن الله عز وجل علم أنه يكون في‬
‫أخر الزمان أقوام متعمقون فأنزل ع الله تعالىع )قععل هععو اللععه‬
‫أحد( واليات من سورة الحديععد إلععى قععوله )وهععو عليععم بععذات‬
‫الصدور( فمن رام وراء ذلك فقد هلك أصول الكافي ) ج ‪1‬عص‬
‫‪ (91‬بععاب النسععبة( وحععتى آخععر الزمععان هععذا لععن يشععهد بتلععك‬
‫السرعة ظهور من يستطيع أن يفهمها فلعل شخصا واحععدا أو‬
‫اثنان سيظهران في العالم يستطيعان فهمها‪.‬‬

‫شمولية السلم وأصوله‬


‫إن ما أدعو له بالدرجععة الولععى هععو أن يرتفععع سععوء الفهععم‬
‫بشععأن هععذا الموضععوع ويععزول الختلف المدرسععي بيععن أهععل‬
‫العلم‪ ،‬وتزول العقبات عن طريق انتشار المعارف فالسلم ل‬
‫ينحصر في الحكام الفرعية‪ ،‬فهععذه فععرع والصععل شععيء آخععر‬
‫ول ينبغي أن نضحي بالصل من أجل الفرع ونقو أن ل وجععود‬
‫للصل أساسا أو نخترع أصل غير واقعي ينقل أحد السععادة أن‬
‫الشيخ محمد البهاري ع على مععا يبععدو ع ع قععال عنععدما ذكععر أحععد‬
‫الشخاص "إنه عادل كافر" فقلنا‪:‬ع كيف هو عععادل وكيععف هععو‬
‫كافر ؟! فأجاب‪" :‬عادل لنه يعمععل وفععق المععوازيين الشععرعية‬
‫ن الله الذي يعبده ليععس هععو‬ ‫ول يرتكب المعاصي لكنه كافر ل ّ‬
‫"الله "‪.‬‬

‫كل موجود يرى كمال الله من نفسه‬


‫وقععد ورد فععي رواياتنععا أن النملععة تتععوهم أن للععه زبععانيتين‬
‫)وفي كلم المام أبي جعفر محمد بععن علععي البععاقر )عليهمععا‬
‫السلم( إشارة إلى هذا المعنى حيث قال‪ " :‬كل ما ميزتمععوه‬
‫فععي أدق معععانيه مخلععوق مصععنوع مثلكععم مععردود إليكععم ولعععل‬
‫النمل الصغار تتوهم أن لله تعالى زبانيتين فععإن ذلععك كمالهععا‬
‫وتتوهم أن عععدمها نقصععان لمععن ل يتصععف بهمععا وهكععذا حععال‬
‫العقلء فيما يصفون الله تعععالى بععه " انتهععى كلمععه )صععلوات‬
‫الله عليه( كتاب التوحيد العلمي والعينععي )ص ‪252‬ع ع‪ (253‬نقل‬
‫عن كتاب الربعين للشععيخ البهععائي(‪ ،‬وهععذا مععن حععب النفععس‬
‫ويفهم أنه موجود فععي النملععة أيض عًا‪ ،‬والنملععة مخلععوق عجيععب‬
‫حقا‪ ،‬وهي عنععدما تتصععور أن للععه زبععانيتين فلكونهععا تعتععبر أن‬

‫‪75‬‬
‫امتلك زبانيتين كمال ً ع على ما يبدوع ونحن أيضععا ً عنععدما نريععد‬
‫أن نعبر عن كمالته تعععالى ننطلععق ممععا نتصععوره كمععال ً عنععدنا‬
‫هذه النملة تصف سليمان وجنوده بأنهم ل يشعرون }يععا أيهععا‬
‫النمل ادخلوا مساكنكم ل يحطمنكم سععليمان وجنععوده وهععم ل‬
‫يشعرون فتبسم ضععاحكا مععن قولهععا{)سععورة النمععل ‪18‬ع ع‪(19‬‬
‫ضحك من أن تقوله ذلعك وقععول النملععة هعذا موجعود فععي كعل‬
‫مكان ينطق به كل شيء ع قال مثله الهدهد أيضا ً }أحطت بمععا‬
‫لععم تحععط بععه{ )سععورة النمععل اليععة ‪ (22‬والخطععاب هنععا هععو‬
‫لسععليمان النععبي الععذي جلععب أحععد أصععحابه وجلسععاؤه عععرش‬
‫بلقيس }قبل أن يرتد إليك طرفععك{ )سععورة النمععل اليععة ‪(40‬‬
‫ولم يحدث مثل هذا للنسان حتى الن فكيف جلبه وماذا كانت‬
‫حقيقة المر؟! هل كانت اتصال ً أم إعععداما ً وإيجععادا ً أم تحععويل ً‬
‫للعرش إلى موجات كهربائية ثم إيصاله وإعادته إلععى مععا كععان‬
‫عليه؟! نبي الله سليمان كععان أحععد أصععحابه يعععرف حرفععا مععن‬
‫السم العظم ع كما ورد في الروايععات عع )جعابر الجعفععي عععن‬
‫الباقر )ع( قال‪ " :‬إن اسم اللععه العظععم علععى ثلثععة وسععبعين‬
‫حرفا وإنما كان عند آصف منها حرف واحد فتكلم بععه فخسععف‬
‫بالرض ما بينه وبين سرير بلقيس حععتى تنععاول السععرير بيععده‬
‫ثم عادت الرض كما كانت أسرع من طرفة عين وعنععدنا نحععن‬
‫السم العظم اثنععان وسععبعون حرفعا ً وحععرف واحععد عنععد اللععه‬
‫تبارك وتعالى استأثر بععه فععي علععم الغيععب عنععده ول حععول ول‬
‫قوة إل بالله العلي العظيععم" راجععع الكععافي للكلينععي )ج‪،1‬ص‬
‫‪ (230‬وهناك طرق أخرى عديدة للحععديث المتقععدم كمععا وردت‬
‫أحععاديث أخععرى بمعنععاه فععي الكععافي وغيععره( وهععو يععأتي لععه‬
‫بععالعرش }قبععل أن يرتععد إليععك طرفععك{ ويخععاطبه الهدهععد‪:‬‬
‫}أحطت بما لم تحط به{ وسليمان )عليععه السععلم( ل يعععترض‬
‫فهو كان يجيب على قدر فهمهم ويتعامل معهم وفق ذلك‪.‬‬

‫الحرمان من الحقائق المعرفية ظلم‬


‫إن الذي أريد قوله هو أن من الظلم أن تبقععى طائفععة مععن‬
‫أهععل العلععم الصععالحين الطيععبين محرومععة مععن هععذه الحقععائق‬
‫ومعارفها‪.‬‬
‫عندما جئنا إلى قم كان فيهععا المرحععوم الميععرزا علععي اكععبر‬
‫الحكيم )رحمه الله(‪ ،‬وعندما تأسست الحوزة العلمية في قععم‪،‬‬

‫‪76‬‬
‫قال أحد " المقدسين" توفى أيض عا ً ع ع )رحمععه اللععه(‪" :‬انظععروا‬
‫إلى أين وصل السلم بحيث فتحت حععتى بععاب منععزل الميععرزا‬
‫على اكبر؟!‬
‫العلماء كانوا يذهبون للدراسة عنده أمثال السادة المرحععوم‬
‫الخوانساري والمرحوم الشراقي ورغم ذلععك يقععول الرجععل‪":‬‬
‫انظروا إلى أين وصل السلم بحيث فتحت باب منزل الميزرا‬
‫علي أكبر أيضا ً " يقولون بشأن الميرزا مثل هذا القععول رغععم‬
‫أنه كان صالحا ً للغايععة‪ ،‬ولكع ّ‬
‫ن قععائلهم صعععد المنععبر بعععد وفععاة‬
‫الميرزا علي أكبر وقال إنه شاهده بنفسه يقرأ القرآن !! وقد‬
‫تأذى المرحوم الشاه آيادي من هذا القول‪.‬‬
‫مععن الظلععم أن ُتحععرم حععوزة علميععة مععن بركععات وخيععرات‬
‫موجودة‪ ،‬أن تحرم حتى من الفلسفة وهي علم عععادي فضععل ً‬
‫عن غيرها‪ ،‬والمهععم هععو عععدم وصععول مععن فيهععا إلععى حقيقععة‬
‫المطلب‪ ،‬وهذا ما دفعنععي إلععى الحععديث المتقععدم فلععو أدركععوا‬
‫حقيقة المر لما كان هناك نزاع ولما كععان هنععاك تكفيععر لمععن‬
‫يستخدم تلك التعبيرات فلو أدركوا ما يقول لما أنكروا فهم ل‬
‫يدرون ما الذي يقوله‪ ،‬ولذلك ينكرون وهذا هو ابتلءه فتعبيره‬
‫"كفري"!! وهو يرى أن التعبير بالعلية والمعلولية ل يعبر عععن‬
‫حقيقة المر‪.‬‬
‫وما قلته يضع مرات خلل اليام الماضية من أن السم غير‬
‫مستقل عن المسععمى‪ ،‬فهععو لكععون أن السععم ظهععور وعلمععة‬
‫ولكن ليععس كالعلمععات الععتي توضععع لفراسععخ المسععافات‪ ،‬فل‬
‫يمكن التعبير عنه بأنه علمة‪ ،‬بل "الية" كمفردة أقرب للواقع‬
‫وهذه هي أيضا ً تعبير يستخدم لع "ضيق الخناق"‪.‬‬
‫القرآن أيضا ً جاء وفععق ذلععك‪ ،‬وكمععا قلععت سععابقا فهععو مثععل‬
‫المائدة التي يجب أن ينتفع كل إنسان بمععا فيهععا قععدر سعععته‪،‬‬
‫ة خاصععة بععل هععي للجميععع وعلععى‬‫وهععي ليسععت حكععرا ً علععى فئ ٍ‬
‫الجميع وعلى الجميع أن ينتفعوا منها كل على سعععته وكععذلك‬
‫الحععال مععع أدعيععة الئمععة )عليهععم السععلم( ففيهععا كنععوز مععن‬
‫المعارف ولكن مع ذلك فهم يقومون بفصل الناس عنها‪.‬‬

‫الدعاء يفسر القرآن‬


‫الدعيععة مليئة بالمعععارف وهععي لسععان القععرآن ومفسععرة‬

‫‪77‬‬
‫القرآن بخصوص القضايا التي ل يصلها الخرون‪.‬‬
‫ل ينبغي عزل الناس عن الدعية‪ ،‬ول ينبغي القول بأننععا مععا‬
‫دمنا وصلنا إلععى القععرآن ونريععد تلوتععه فل حاجععة للععدعاء‪ ،‬كل‪،‬‬
‫يجب أن يأنس الناس بالدعاء فبذلك يصلون إلى النععس بععالله‬
‫أولئك الذين يأنسون بالله المتحررون من أسر الدنيا‪ ،‬والععذين‬
‫ل يرون لنفسهم قيمة العاملون لله‪ ،‬ومنهععم المقععاتلون فععي‬
‫سبيل الله هؤلء هععم قععراء الدعيععة‪ ،‬لهععم تلععك الحععالت وهععم‬
‫يقععاتلون فععي سععبيل اللععه فل ينبغععي عععزل النععاس عععن هععذه‬
‫البركات‪ ،‬القرآن والدعاء ليسا منفصلين مثلما أن النبي ليععس‬
‫منعزل عن القرآن‪.‬‬
‫ل ينبغي لنا القول بأن لدينا القععرآن فل حاجععة لنععا بععالنبي‪،‬‬
‫المر واحد وهما معا " لن يفترقععا حععتى يععردا علععي الحععوض "‬
‫)ذيععل حععديث الثقليععن الشععهير( فل افععتراق‪ ،‬ول ينبغععي أن‬
‫نفصل بينهما فنأخذ القرآن بمعزل عن الئمة والئمة بمعععزل‬
‫عنهععا والدعيععة بمعععزل عنععه‪ ،‬ونقععول ل حاجععة لنععا بالدعيععة‬
‫فلنحرق كتبها أو مثل لنحرق كتب العرفاء‪ ،‬فمثل هذا الموقف‬
‫ناشئ من كونه أصابه ل يعلمون ما المر‪ ،‬مساكين‪ ،‬والنسععان‬
‫إذا تجاوز حده سقط في الخطأ‪.‬‬

‫عاقبة الغرور‬
‫" كسروي" كععان مؤرخ عًا‪ ،‬معلومععاته التأريخيععة كععانت جيععدة‪،‬‬
‫بيانه كان جيدا ً ولكنه سقط في الغرور حتى وصععل بععه الحععال‬
‫أن قععال‪ ":‬أنععا نععبي أيض عًا" أعععرض عععن الدعيععة كافععة وقبععل‬
‫القرآن‪ ،‬أنزل النبوة حععتى أوصععلها إلععى مسععتواه لععم يسععتطع‬
‫الرتفاع إليها فأنزلها إلى مستواه‪.‬‬
‫الدعية والقرآن وأولئك ليسوا منعزلين عن بعضهم البعض‪،‬‬
‫كما أن العرفاء والشعراء العرفععانيون جميعهععم يتحععدثون عععن‬
‫حقيقة واحدة والذي يختلف هو أشكال التعععبير فللشعععر لغتععه‬
‫الخاصة و"حافظ" نفسه له لغتععه الخاصععة‪ ،‬يتحععدث عععن نفععس‬
‫تلك الحقائق ويقول ما يقوله أولئك ولكن بلغة أخرى‪ ،‬أشكال‬
‫التعععبير هععي الععتي تختلععف فل ينبغععي إبعععاد النععاس عععن هععذه‬
‫البركات‪ ،‬بل يجب عليهم أن ينتفعوا من هععذه المععائدة اللهيععة‬
‫الكبيرة العامرة الععتي تشععمل القععرآن والسععنة والدعيععة فقععد‬
‫دعى الله الجميع للنتفاع منها كل على سعته‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫مقدمة ولكن وا أسفا ً‬
‫كانت هذه مقدمة للمواضيع التي ستأتي تباعععا لععو كععان لنععا‬
‫عمر‪ ،‬فإذا استخدمنا أحيانا مثل أشكال التعبير تلك فل تقولوا‬
‫أنك أعدت هذه التعبيرات مرة أخرى إلى الساحة كل ول يجععب‬
‫أن تعود هذه التعبيرات مرة أخرى‪.‬‬
‫إنني قلت للمرحوم الشاه آبادي )رحمه اللععه( وكععان يحععدث‬
‫عددا ً من الكسبة عن هذه القضايا مثلما كان يحدث بها الجميع‬
‫قلت له‪ :‬ع ع أيععن هععؤلء مععن هععذه القضععايا؟! فأجععاب "دع هععذه‬
‫الكفريات تطرق أسماع هؤلء أيضا ً !!"‪.‬‬
‫نعم‪ ..‬كان لدينا مثل هذه الشخصيات‪ ،‬فععإذا لععم تنسععجم مععع‬
‫ذوقي فل ينبغي النكار والقول‪:‬ع ع مععا هععذه؟! وفلن وفلن !!‬
‫هذه المواقف خاطئة‪.‬‬
‫والحديث الن هو في "الرحمععن الرحيععم " الموجععودين فععي‬
‫البسملة وفي }الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم{ فهل‬
‫هما فععي البسععملة صععفات للسععم أم "للععه"؟ هنععاك احتمععالت‬
‫سنرى فيما بعد إن شاء الله أيهما أقرب للفهم والسلم‪.‬‬
‫نهاية الدرس الخامس من دروس التفسير المعرفية التي‬
‫ألقاها المام الخميني )قده(‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫محتويات الكتاب‬
‫مقدمة الناشر‪1..........................................................‬‬
‫مقدمة الكتاب‪4..........................................................‬‬
‫التفسير بالهواء‪4......................................................‬‬
‫تفسيراتنا هي على نحو الحتمال‪5.................................‬‬
‫الدرس الول‪7...........................................................‬‬
‫العالم كافة اسم الله ‪7................................................‬‬
‫الموجودات آيات الله ‪8................................................‬‬
‫المحدود ممكن الوجود ‪9..............................................‬‬
‫ما هو السم العظم ‪9................................................‬‬
‫ح بحمده ‪10....................................................‬‬ ‫ك ّ‬
‫ل يسب ّ‬
‫المجاهيل الكثيرة ‪11...................................................‬‬
‫الحركة بسم الله ‪11...................................................‬‬
‫الكل من تجلياته ‪12....................................................‬‬
‫"الله" التجلي الجامع ‪13..............................................‬‬
‫"التصديق غير العتقاد العلمي" ‪15.................................‬‬
‫الصور الخرى للعمال‪16.............................................‬‬
‫علي )ع( التجلي اللهي العظيم ‪17................................‬‬
‫رأس البلء‪18............................................................‬‬
‫كل المحامد لله ‪19.....................................................‬‬
‫خشبية قدم الستدلليين‪19..........................................‬‬
‫الدرس الثاني‪21........................................................‬‬
‫فناء الظاهر في مبدأ الظهور ‪22...................................‬‬
‫احتمالت "الحمد"‪22...................................................‬‬
‫المشيئة هي الظهور الول ‪25......................................‬‬
‫مراتب السماء ‪26......................................................‬‬
‫هجرة إلى الله ‪26......................................................‬‬
‫الوديعة اللهية ‪27......................................................‬‬

‫‪80‬‬
‫أعدى العداء ‪28........................................................‬‬
‫العبادة الحقة‪28.........................................................‬‬
‫"النانية" أم المصائب ‪29.............................................‬‬
‫الهدف من بعثة النبياء‪30............................................‬‬
‫الجهاد الكبر‪30.........................................................‬‬
‫الخلص اللهي ‪31.....................................................‬‬
‫عبادة من أجل الجنة ‪31...............................................‬‬
‫القيام لله ‪32............................................................‬‬
‫وصية للشباب ‪33.......................................................‬‬
‫جاهدوا للنتصار على النفس ‪34....................................‬‬
‫الدرس الثالث‪35........................................................‬‬
‫العلقة بين الحق والخلق ‪35.........................................‬‬
‫معاني الحمد ‪36........................................................‬‬
‫تجليات السم العظم ‪37............................................‬‬
‫نزول القرآن وتنزله ‪37...............................................‬‬
‫فبعدما خضع لربوبية ‪38...............................................‬‬
‫معنى التجلي لموسى )ع( ‪39........................................‬‬
‫حقيقة القرآن ‪40......................................................‬‬
‫معرفة القرآن‪40........................................................‬‬
‫محنة الرسول الكرم )ص( ‪41.......................................‬‬
‫"الحتكار" العلمي ‪42..................................................‬‬
‫علم التوحيد قد يصدّ عن التوحيد ‪42................................‬‬
‫الوسيلة والغاية ‪43.....................................................‬‬
‫للعلم آثار سيئة أيضا ً ‪43..............................................‬‬
‫القيام "الله" أول ً ‪44...................................................‬‬
‫مصدر الفتن ‪45.........................................................‬‬
‫المعيار في التعلق ‪45.................................................‬‬
‫سر انتقاص الخرين ‪46...............................................‬‬
‫المرتبة العليا‪ :‬دوام الحضور ‪47.....................................‬‬

‫‪81‬‬
‫المعنويات والحركة ‪47................................................‬‬
‫الدعاء والتحرك النهضوي ‪48.........................................‬‬
‫كل العمال لله ‪49.....................................................‬‬
‫تأثير الدعاء في النفوس ‪49.........................................‬‬
‫الفصل بين القرآن والدعاء والحديث ‪50...........................‬‬
‫الدعاء والوصول للكمال ‪51..........................................‬‬
‫الدرس الرابع‪52........................................................‬‬
‫"باء" البسملة ليست سببية ‪52......................................‬‬
‫قضية حديث النقطة تحت الباء ‪52..................................‬‬
‫الولية الحمدية والعلوية ‪53.........................................‬‬
‫ل فصل بين التجلي والمتجلي ‪54...................................‬‬
‫فقدان أي كمال يؤدى إلى التعين ‪56..............................‬‬
‫المشاهدة فوق البرهان والعمى ‪57................................‬‬
‫ما ندركه هي العراض ‪59............................................‬‬
‫سعة عالم الغيب ‪60...................................................‬‬
‫وجوداتنا تجليات ‪61....................................................‬‬
‫التعين لزمة التجلى‪61................................................‬‬
‫عدم النكار هو الخطوة الولى ‪62..................................‬‬
‫إنكار المجهول نمط من الكفر ‪63...................................‬‬
‫الله ل يخيب من سأله ‪63.............................................‬‬
‫القرآن مادة عامة ‪64..................................................‬‬
‫وجميع تلك القضايا هي وسائل لتحقيق هذه الغاية ‪65.........‬‬
‫الدرس الخامس‪66.....................................................‬‬
‫مصالحة بين الطوائف وأشكال التعبير ‪67.........................‬‬
‫إشكالية التعبير بالعلة والمعلول ‪68................................‬‬
‫إشكالية التعبير بالثر والمؤثر ‪68...................................‬‬
‫القرب للواقع وليس الواقع ‪68.....................................‬‬
‫دوافع النزاعات ‪70.....................................................‬‬

‫‪82‬‬
‫تعبيرات الئمة واقتباس العرفاء ‪71................................‬‬
‫قضية تصورها أصعب من تصديقها ‪72.............................‬‬
‫على )ع( عين الله ونوره ‪72.........................................‬‬
‫حققوا في المطلب أول ً‪74...........................................‬‬
‫شمولية السلم وأصوله‪75...........................................‬‬
‫كل موجود يرى كمال الله من نفسه ‪75...........................‬‬
‫الحرمان من الحقائق المعرفية ظلم ‪76...........................‬‬
‫الدعاء يفسر القرآن ‪77...............................................‬‬
‫عاقبة الغرور ‪78........................................................‬‬
‫مقدمة ولكن وا أسفا ً ‪79..............................................‬‬
‫محتويات الكتاب‪80.....................................................‬‬

‫‪83‬‬

You might also like