You are on page 1of 275

‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.

com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬

‫كتاب ‪:‬‬
‫ع‬
‫سـتـمـِتـ ْ‬
‫اِ ْ‬
‫بـحـيـاتـك‬
‫مهارات وفنون التعامل مع الناس في ظل السيرة‬
‫النبوية‬
‫حصيلة بحوث ودورات وذكريات أكثر من عشرين‬
‫سنة‬
‫في رسول الل ّه أ ُ‬
‫وةٌ‬ ‫س‬
‫ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫َ ُ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ن ل َك ُ ْ‬
‫كا َ‬ ‫‪ ‬لَ َ‬
‫قد ْ َ‬
‫ة ‪‬‬‫سن َ ٌ‬‫ح َ‬
‫َ‬
‫بقلم ‪ /‬د‪.‬محمد بن عبد الّرحمن‬
‫العريفي‬
‫أستاذ جامعي ‪ ،‬خطيب جامع البواردي بالرياض‬
‫محاضر معتمد لدورات السعادة وفن التعامل مع الناس‬
‫عضو الهيئة العليا للعلم السلمي‬
‫مدير عام مركز ناصح للدراسات والستشارات الجتماعية‬
‫‪6/2/1427‬هـ الموافق ‪6/3/2006‬م‬
‫‪www.alarefe.com‬‬

‫‪1‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫جعلتها كلمات من القلب إلى‬ ‫لما كنت في السادسة‬
‫القلب ‪..‬‬ ‫عشرة من عمري وقع في‬
‫وأقسم أنها خرجت من قلبي‬ ‫يدي‪ -‬كتاب " فن التعامل مع‬
‫مشتاقة أن يكون مستقرها‬ ‫الناس " لمؤلفه " دايل‬
‫قلبك ‪ ..‬فرحماك بها ‪..‬‬ ‫كارنيجي " كان كتابا ً رائعا ً‬
‫ما أعظم سروري لو علمت أن‬ ‫قرأته عدة مرات ‪..‬‬
‫قارئا ً أو قارئة لهذه الورقات‬ ‫كان كاتبه اقترح أن يعيد‬
‫طبق ما فيه ‪ ..‬فشعر وشعر‬ ‫الشخص قراءته كل شهر ‪..‬‬
‫غيره بتطور مهاراته ‪ ..‬وازدادت‬ ‫ففعلت ذلك ‪ ..‬جعلت أطبق‬
‫متعته في حياته ‪..‬‬ ‫قواعده عند تعاملي مع‬
‫فسطر بيمينه الطاهرة –‬ ‫الناس فرأيت لذلك نتائج‬
‫مشكورا ً ‪ -‬رسالة عبر فيها عن‬ ‫عجيبة ‪..‬‬
‫ور مشاعره بصدق‬ ‫رأيه ‪ ..‬وص ّ‬ ‫كان كارنيجي يسوق القاعدة‬
‫وصراحة ‪ ..‬ثم أرسلها عبر بريد‬ ‫ويذكر تحتها أمثلة ووقائع‬
‫أو رسالة جوال ‪ sms‬إلى كاتب‬ ‫لرجال تميزوا من قومه ‪..‬‬
‫هذه السطور ‪ ..‬لكون للطفه‬ ‫روزفلت ‪ ..‬لنكولن ‪..‬‬
‫شاكرا ً ‪ ..‬وبظهر الغيب له‬ ‫جوزف ‪ ..‬مايك ‪ ..‬فبحثت في‬
‫داعيا ً ‪..‬‬ ‫تاريخنا فرأيت أن في سيرة‬
‫أسأل الله أن ينفع بهذه‬ ‫رسول الله ‪ e‬وأصحابه‬
‫الورقات ‪ ..‬وأن يجعلها خالصة‬ ‫ومواقف المتميزين من‬
‫لوجهه الكريم ‪..‬‬ ‫رجال أمتنا ما يغنينا ‪..‬‬
‫كتبه الداعي لك بالخير‪/‬‬ ‫فبدأت من ذلك الحين أؤلف‬
‫د‪.‬محمد بن عبد الرحمن‬ ‫هذا الكتاب في فن التعامل‬
‫العريفي‬ ‫مع الناس ‪..‬‬
‫فهذا الكتاب الذي بين يديك‬
‫بداية ‪..‬‬ ‫ليس وليد شهر أو سنة ‪..‬‬
‫ليست الغاية أن تقرأ كتابا ً ‪ ..‬بل‬ ‫بل هو نتيجة دراسات قمت‬
‫الغاية أن تستفيد منه ‪..‬‬ ‫بها لمدة عشرين عاما ً ‪..‬‬
‫ن‬‫ومع أن الله تعالى قد م ّ‬
‫‪ .1‬هؤلء لن يستفيدوا ‪..‬‬ ‫ي بتأليف قرابة العشرين‬ ‫عل ّ‬
‫أذكر أن رسالة جاءتني على‬ ‫عنوانا ً إلى الن ‪ ..‬إل أني‬
‫هاتفي المحمول ‪ ..‬نصها ‪:‬‬ ‫ي‬‫أجد أن أحب كتبي إل ّ‬
‫فضيلة الشيخ ‪ ..‬ما حكم النتحار‬ ‫وأغلها إلى قلبي ‪ ..‬وأكثرها‬
‫؟‬ ‫فائدة عملية ‪ -‬فيما أظن –‬
‫فاتصلت بالسائل فأجاب شاب‬ ‫هو هذا الكتاب ‪..‬‬
‫في عمر الزهور ‪ ..‬قلت له ‪:‬‬ ‫كتبت كلماته بمداد خلطته‬
‫عفوا ً لم أفهم سؤالك ‪ ..‬أعد‬ ‫بدمي ‪ ..‬سكبت روحي بين‬
‫السؤال !‬ ‫أسطره ‪ ..‬عصرت ذكرياتي‬
‫فأجاب بكل تضجر ‪ :‬السؤال‬ ‫فيه ‪..‬‬
‫‪2‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫استسلم لخطائه وقنع‬ ‫واضح ‪ ..‬ما حكم النتحار ‪..‬‬
‫بقدراته ‪ ،‬وقال ‪ :‬هذا طبعي‬ ‫فأردت أن أفاجئه بجواب ل‬
‫الذي نشأت عليه ‪ ..‬وتعودت‬ ‫يتوقعه فضحكت وقلت ‪:‬‬
‫عليه ‪ ،‬ول يمكن أن أغير‬ ‫مستحب ‪..‬‬
‫طريقتي ‪ ..‬والناس تعودوا علي‬ ‫صرخ ‪ :‬ماذا ؟!‬
‫بهذا الطبع ‪..‬‬ ‫قلت ‪ :‬أقول لك ‪ :‬حكم‬
‫أما أن أكون مثل خالد في‬ ‫النتحار أنه مستحب ‪..‬‬
‫طريقة إلقائه ‪ ..‬أو أحمد في‬ ‫لكن ما رأيك أن نتعاون في‬
‫بشاشته ‪ ..‬أو زياد في محبة‬ ‫تحديد الطريقة التي تنتحر‬
‫الناس له ‪..‬‬ ‫بها ‪ ..‬؟‬
‫فهذا محال ‪..‬‬ ‫سكت الشاب ‪..‬‬
‫جلست يوما ً مع شيخ كبير بلغ‬ ‫فقلت ‪ :‬طيب ‪ ..‬لماذا تريد‬
‫من الكبر عتيا ً ‪ ..‬في مجلس عام‬ ‫أن تنتحر ؟‬
‫‪ ،‬كل من فيه عوام متواضعو‬ ‫قال ‪ :‬لني ما وجدت وظيفة‬
‫القدرات ‪..‬‬ ‫‪ ..‬والناس ما يحبونني ‪..‬‬
‫وكان الشيخ يتجاذب أحاديث‬ ‫وأصل ً أنا إنسان فاشل ‪..‬‬
‫عامة مع من بجانبه ‪..‬‬ ‫و ‪..‬‬
‫لم يكن يمثل بالنسبة لمن في‬ ‫وانطلق يروي لي قصة‬
‫المجلس إل واحدا ً منهم له حق‬ ‫مطولة تحكي فشله في‬
‫الحترام لكبر سنه ‪ ..‬فقط ‪..‬‬ ‫تطوير ذاته ‪ ..‬وعدم‬
‫ألقيت كلمة يسيرة ‪ ..‬ذكرت‬ ‫استعداده للستفادة بما هو‬
‫خللها فتوى للشيخ العلمة عبد‬ ‫متاح بين يديه من قدرات ‪..‬‬
‫العزيز بن باز ‪..‬‬ ‫وهذه آفة عند الكثيرين ‪..‬‬
‫فلما انتهيت ‪ ..‬قال لي الشيخ‬ ‫لماذا ينظر أحدنا إلى نفسه‬
‫مفتخرا ً ‪ :‬أنا والشيخ ابن باز كنا‬ ‫نظرة دونية ؟‬
‫زملء ندرس في المسجد عند‬ ‫لماذا يلحظ ببصره إلى‬
‫الشيخ محمد بن إبراهيم ‪ ..‬قبل‬ ‫الواقفين على قمة الجبل‬
‫أربعين سنة ‪..‬‬ ‫ويرى نفسه أقل من أن‬
‫التفت أنظر إليه ‪ ..‬فإذا هو قد‬ ‫يصل إلى القمة كما‬
‫انبلجت أساريره لهذه‬ ‫وصلوا ‪ ..‬أو على القل أن‬
‫المعلومة ‪ ..‬كان فرحا ً جدا ً لنه‬ ‫يصعد الجبل كما صعدوا ‪..‬‬
‫صاحب رجل ً ناجحا ً يوما ً من‬ ‫ومن يتهيب صعود الجبال‬
‫الدهر ‪..‬‬ ‫*** يعش أبد الدهر بين‬
‫بينما جعلت أردد في نفسي ‪:‬‬ ‫الحفر‬
‫ولماذا يا مسكين ما صرت ناجحا ً‬ ‫تدري من الذي لن يستفيد‬
‫مثل ابن باز ؟‬ ‫من هذا الكتاب ‪ ،‬ول من أي‬
‫ما دام أنك عرفت الطريق لماذا‬ ‫كتاب آخر من كتب المهارات‬
‫لم تواصل ‪..‬؟‬ ‫؟!‬
‫لماذا يموت ابن باز فتبكي عليه‬ ‫إنه الشخص المسكين الذي‬
‫‪3‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫أعمالهم ‪..‬‬ ‫المنابر ‪ ..‬والمحاريب ‪..‬‬
‫ويفرحون إذا شفوا من‬ ‫والمكتبات ‪ ..‬وتئن أقوام‬
‫أمراضهم ‪..‬‬ ‫لفقده ‪..‬‬
‫ويفرحون إذا ابتسمت الدنيا لهم‬ ‫وأنت ستموت يوما ً من‬
‫‪ ..‬فتحققت لهم مراداتهم ‪..‬‬ ‫الدهر ‪ ..‬ولعله ل يبكي عليك‬
‫وفي الوقت نفسه ‪ ..‬هم جميعا ً‬ ‫أحد ‪ ..‬إل مجاملة ‪ ..‬أو‬
‫يحزنون إذا افتقروا ‪ ..‬ويحزنون‬ ‫عادة ‪!!..‬‬
‫إذا مرضوا ‪ ..‬ويحزنون إذا ُأهينوا‬ ‫ً‬
‫كلنا قد نقول يوما من اليام‬
‫‪..‬‬ ‫‪ ..‬عرفنا فلنا ً ‪ ..‬وزاملنا‬
‫فما دام ذلك كذلك ‪ ..‬فتعال‬ ‫فلنا ً ‪ ..‬وجالسنا فلنا ً !!‬
‫نبحث عن طرق نديم فيها‬ ‫وليس هذا هو الفخر ‪ ..‬إنما‬
‫أفراحنا ‪ ..‬ونتغلب بها على‬ ‫الفخر أن تشمخ فوق القمة‬
‫أتراحنا ‪..‬‬ ‫كما شمخ ‪..‬‬
‫نعم ‪ ..‬سنة الحياة أن يتقلب‬ ‫فكن بطل ً واعزم من الن‬
‫ة ‪ ..‬أنا معك‬ ‫مر ٍ‬
‫ةو ُ‬
‫حلو ٍ‬‫المرء بين ُ‬ ‫أن تطبق ما تقتنع بنفعه من‬
‫في هذا ‪..‬‬ ‫قدرات ‪ ..‬كن ناجحا ً ‪..‬‬
‫ولكن لماذا نعطي المصائب‬ ‫اقلب عبوسك ابتسامة ‪..‬‬
‫والحزان في أحيان كثيرة أكبر‬ ‫وكآبتك بشاشة ‪ ..‬وبخلك‬
‫من حجمها ‪ ..‬فنغتم أياما ً ‪ ..‬مع‬ ‫كرما ً ‪ ..‬وغضبك حلما ً ‪..‬‬
‫إمكاننا أن نجعل غمنا ساعة ‪..‬‬ ‫اجعل المصائب أفراحا ً ‪..‬‬
‫ونحزن ساعات على ما ل‬ ‫واليمان سلحا ً ‪..‬‬
‫يستحق الحزن ‪ ..‬لماذا ‪..‬؟!‬ ‫استمتع بحياتك‪..‬فالحياة‬
‫أعلم أن الحزن والغم يهجمان‬ ‫قصيرة ل وقت فيها للغم‪..‬‬
‫على القلب ويدخلنه من غير‬ ‫أما كيف تفعل ذلك ‪..‬فهذا‬
‫استئذان ‪ ..‬ولكن كل باب هم‬ ‫ما ألفت الكتاب لجله‬
‫يفتح فهناك ألف طريقة لغلقه‬ ‫كن معي وسنصل إلى الغاية‬
‫‪ ..‬هذا مما سنتعلمه ‪..‬‬ ‫بإذن الله ‪..‬‬
‫تعال إلى شيء آخر ‪..‬‬ ‫بقي معنا ‪..‬‬
‫كم نرى من الناس المحبوبين ‪..‬‬ ‫البطل الذي لديه العزيمة‬
‫الذين يفرح الخرون بلقائهم ‪..‬‬ ‫والصرار على أن يطور‬
‫ويأنسون بمجالستهم ‪ ..‬أفلم‬ ‫مهاراته ‪ ..‬ويستفيد من‬
‫تفكر أن تكون واحدا ً منهم ‪..‬؟‬ ‫قدراته ‪..‬‬
‫لماذا ترضى أن تبقى دائما ً‬
‫جـبا ً ) بفتح الجيم ( ول تسعى‬ ‫مع َ‬ ‫‪ .2‬ماذا سنتعلم ؟‬
‫جـبا ً ) بكسرها ( !!‬ ‫لن تكون مع ِ‬ ‫يشترك الناس غالبا ً في‬
‫هنا سنتعلم كيف تصبح كذلك ‪..‬‬ ‫أسباب الحزن والفرح ‪..‬‬
‫لماذا إذا تكلم ابن عمك في‬ ‫فهم جميعا ً يفرحون إذا‬
‫المجلس أنصت له الناس وملك‬ ‫كثرت أموالهم ‪..‬‬
‫أسماعهم ‪ ..‬وأعجبوا بأسلوب‬ ‫ويفرحون إذا ترقوا في‬
‫‪4‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫القادمين من خارج المنطقة ‪..‬‬ ‫كلمه ‪..‬‬
‫قال لي ‪ :‬نود أن تساعدنا في‬ ‫وإذا تكلمت أنت انصرفوا‬
‫كفالة بعض الطلب ‪..‬‬ ‫عنك ‪ ..‬وتنازعتهم الحاديث‬
‫قلت ‪ :‬عجبا ً !! أليست المدارس‬ ‫الجانبية ؟!‬
‫حكومية ‪ ..‬مجانية ؟!‬ ‫لماذا ؟‬
‫قال ‪ :‬بلى ‪ ..‬لكننا نكفلهم‬ ‫مع أن معلوماتك قد تكون‬
‫للدراسة الجامعية ‪..‬‬ ‫أكثر ‪ ..‬وشهادتك أعلى ‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬كذلك الجامعة ‪ ..‬أليست‬ ‫ومنصبك أرفع ‪..‬‬
‫حكومية ‪ ..‬بل تصرف للطلب‬ ‫لماذا إذن استطاع ملك‬
‫مكافآت ‪..‬‬ ‫أسماعهم وعجزت أنت ؟!!‬
‫قال ‪ :‬سأشرح لك القصة ‪..‬‬ ‫لماذا ذاك الب يحبه أولده‬
‫ت ‪..‬‬‫قلت ‪ :‬ها ِ‬ ‫ويفرحون بمرافقته في كل‬
‫قال ‪ :‬يتخرج من الثانوية عندنا‬ ‫ذهاب ومجيء ‪ ..‬وآخر ل‬
‫طلب نسبتهم المئوية ل تقل‬ ‫يزال يلتمس من أولده‬
‫عن ‪ .. %99‬يملك من الذكاء‬ ‫مرافقته وهم يعتذرون‬
‫وّزع على أمة‬ ‫والفهم قدرا ً لو ُ‬ ‫بصنوف العذار ‪ ..‬لماذا ؟!‬
‫لكفاهم ‪..‬‬ ‫أليس كلهما أب ؟!!‬
‫فإذا تخرج وعزم أن يسافر خارج‬ ‫ولماذا ‪ ..‬ولماذا ‪..‬‬
‫قريته ليدرس في الطب أو‬ ‫سنتعلم هنا كيفية الستمتاع‬
‫الهندسة ‪ ..‬أو الشريعة ‪ ..‬أو‬ ‫بالحياة ‪..‬‬
‫الكمبيوتر ‪ ..‬أو غيرها ‪ ..‬منعه‬ ‫أساليب جذب الناس ‪..‬‬
‫أبوه وقال ‪ :‬يكفي ما تعلمت ‪..‬‬ ‫والتأثير فيهم ‪..‬‬
‫فاجلس عندي لرعي الغنم ‪..‬‬ ‫تحمل أخطائهم ‪..‬‬
‫صرخت من غير شعور ‪ :‬رعي‬ ‫التعامل مع أصحاب‬
‫غنم !!‬ ‫الخلقيات المؤذية ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪ ..‬رعي غنم ‪..‬‬ ‫إلى غير ذلك ‪ ..‬فمرحبا ً‬
‫وفعل ً يجلس المسكين عند أبيه‬ ‫بك ‪..‬‬
‫يرعى الغنم ‪ ..‬وتموت هذه‬
‫القدرات والمهارات ‪ ..‬وتمضي‬ ‫كلمة ‪..‬‬
‫عليه السنين وهو راعي غنم ‪..‬‬ ‫ليس النجاح أن تكتشف ما‬
‫بل قد يتزوج ‪ ..‬ويرزق بأولد ‪..‬‬ ‫يحب الخرون ‪ ..‬إنما النجاح‬
‫ويمارس معهم أسلوب أبيه ‪..‬‬ ‫أن تمارس مهارات تكسب‬
‫فيرعون الغنم !!‬ ‫بها محبتهم ‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬والحل؟!‬
‫قال ‪ :‬الحل أننا نقنع الب‬ ‫‪ .3‬لماذا نبحث عن‬
‫باستخدام راعي غنم ‪ ..‬ببضع‬ ‫المهارات؟‬
‫مئات من الريالت ‪ ..‬ندفعها‬ ‫زرت إحدى المناطق الفقيرة‬
‫نحن له ‪ ..‬وولده النابغة يستثمر‬ ‫للقاء محاضرة ‪..‬‬
‫مواهبه وقدراته ‪ ..‬ونتكفل‬ ‫جاءني بعدها أحد المدرسين‬
‫‪5‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫‪ ..‬لنعرف كيف نجحوا ؟ وهل‬ ‫بمصاريف الولد أيضا ً حتى‬
‫يمكن أن نسلك الطريق نفسه‬ ‫يتخرج ‪..‬‬
‫فننجح مثلهم ‪..‬؟‬ ‫ثم خفض هذه المدرس‬
‫استمعت قبل فترة إلى مقابلة‬ ‫رأسه ‪ ..‬وقال ‪ :‬حرام أن‬
‫مع أحد أثرياء العالم الشيخ‬ ‫تموت المواهب والقدرات‬
‫سليمان بن عبد الله الراجحي ‪..‬‬ ‫في صدور أصحابها ‪ ..‬وهم‬
‫فوجدته جبل ً في خلقه وفكره ‪..‬‬ ‫يتحسرون عليها ‪..‬‬
‫رجل يملك المليارات ‪ ..‬آلف‬ ‫تفكرت في كلمه بعدها ‪..‬‬
‫العقارات ‪ ..‬بنى مئات‬ ‫فرأيت أننا ل يمكن أن نصل‬
‫المساجد ‪ ..‬كفل آلف اليتام ‪..‬‬ ‫إلى القمة إل بممارسة‬
‫رجل في قمة النجاح ‪..‬‬ ‫مهارات ‪ ..‬أو اكتساب‬
‫تكلم عن بداياته قبل خمسين‬ ‫مهارات ‪..‬‬
‫سنة ‪ ..‬كان من عامة الناس ‪ ..‬ل‬ ‫نعم ‪..‬‬
‫يكاد يملك إل قوت يومه وربما ل‬ ‫ً‬
‫أتحدى أن تجد أحدا من‬
‫يجده أحيانا ً !‪..‬‬ ‫الناجحين ‪ ..‬سواء في علم ‪..‬‬
‫ذكر أنه ربما نظف بيوت بعض‬ ‫أو دعوة ‪ ..‬أو خطابة ‪ ..‬أو‬
‫الناس ليكسب رزقه ‪ ..‬وربما‬ ‫تجارة ‪ ..‬أو طب ‪ ..‬أو هندسة‬
‫واصل ليله بنهاره عامل ً في‬ ‫‪ ..‬أو كسب محبة الناس ‪..‬‬
‫دكان أو مصرف ‪..‬‬ ‫أو الناجحين أسريا ً ‪ ..‬كأب‬
‫تكلم كيف كان في سفح‬ ‫ناجح مع أولده ‪ ..‬أو زوجة‬
‫الجبل ‪ ..‬ثم ل زال يصعد حتى‬ ‫ناجحة مع زوجها ‪..‬‬
‫وصل القمة ‪..‬‬ ‫أو اجتماعيا ً ‪ ..‬كالناجح مع‬
‫جعلت أتأمل مهاراته وقدراته ‪..‬‬ ‫جيرانه وزملئه ‪..‬‬
‫فوجدت أن كثيرا ً منا يمكن أن‬ ‫أعني الناجحين ‪ ..‬ول أعني‬
‫يكون مثله بتوفيق الله ‪ ..‬لو‬ ‫الصاعدين على أكتاف‬
‫تعلم مهارات وتدرب عليها ‪..‬‬ ‫الخرين ‪!!..‬‬
‫وثابر وثبت ‪..‬‬ ‫أتحدى أن تجد أحدا ً من‬
‫نعم ‪..‬‬ ‫هؤلء بلغ مرتبة في‬
‫أمر آخر يدعونا إلى البحث عن‬ ‫النجاح ‪ ..‬إل وهو يمارس‬
‫المهارات ‪..‬‬ ‫مهارات معينة – شعر أو لم‬
‫هو أن بعضنا يكون عنده قدرات‬ ‫يشعر ‪ -‬استطاع بها أن يصل‬
‫على البداع لكنه غافل عنها ‪..‬‬ ‫إلى النجاح ‪..‬‬
‫أو لم يساعده أحد على‬ ‫قد يمارس بعض الناس‬
‫إذكائها ‪..‬‬ ‫مهارات ناجحة بطبيعته ‪..‬‬
‫كقدرة على اللقاء ‪ ..‬أو فكر‬ ‫وقد يتعلم آخرون مهارات‬
‫تجاري ‪ ..‬أو ذكاء معرفي ‪..‬‬ ‫فيمارسونها ‪ ..‬فينجحون ‪..‬‬
‫قد يكتشف هذه القدرات بنفسه‬ ‫نحن هنا نبحث عن هؤلء‬
‫‪ ..‬أو يذكي هذه المهارات مدرس‬ ‫الناجحين ‪ ..‬وندرس‬
‫‪ ..‬أو مسئول وظيفي ‪ ..‬أو أخ‬ ‫حياتهم ‪ ..‬ونراقب طريقتهم‬
‫‪6‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫واهتماماتهم ‪..‬‬ ‫ناصح ‪..‬‬
‫القنوات الفضائية مثل ً ‪..‬‬ ‫وما أقّلهم ‪..‬‬
‫من الناس من يتابع ما ينمي‬ ‫وقد تبقى هذه المهارات‬
‫فكره المعرفي ‪ ..‬ويطور‬ ‫حبيسة النفس حتى يغلبها‬
‫ذكاءه ‪ ..‬ويستفيد من خبرات‬ ‫الطبع السائر بين الناس ‪..‬‬
‫الخرين من خلل متابعة‬ ‫وتموت في مهدها ‪..‬‬
‫الحوارات الهادفة ‪ ..‬يكتسب‬ ‫ونفقد عندها قائدا ً أو خطيبا ً‬
‫منها مهارات رائعة في‬ ‫أو عالما ً ‪ ..‬أو ربما زوجا ً‬
‫النقاش ‪ ..‬واللغة ‪ ..‬والفهم ‪..‬‬ ‫ناجحا ً أو أبا ً ناصحا ً ‪..‬‬
‫وسرعة البديهة ‪ ..‬والقدرة على‬ ‫نحن هنا سنذكر مهارات‬
‫المناظرة ‪ ..‬وأساليب القناع ‪..‬‬ ‫متميزة نذكرك بها إن كانت‬
‫ومن الناس من ل يكاد يفوته‬ ‫عندك ‪ ..‬وندربك عليها إن‬
‫مسلسل يحكي قصة حب فاشلة‬ ‫كنت فاقدا ً لها ‪..‬‬
‫‪ ..‬أو مسرحية عاطفية ‪ ..‬أو‬ ‫م ‪..‬‬ ‫فهل ّ‬
‫فيلم خيالي مرعب ‪ ..‬أو أفلم‬
‫لقصص افتراضية تافهة ‪ ..‬ل‬ ‫فكرة ‪..‬‬
‫حقيقة لها ‪..‬‬ ‫إذا صعدت الجبل فانظر إلى‬
‫تعال بالله عليك ‪ ..‬وانظر إلى‬ ‫القمة ‪ ..‬ول تلتفت للصخور‬
‫حال الول وحال الثاني بعد‬ ‫المتناثرة حولك ‪..‬‬
‫خمس سنوات ‪ ..‬أو عشر ‪..‬‬ ‫اصعد بخطوات واثقة ‪ ..‬ول‬
‫أيهما سيكون أكثر تطورا ً في‬ ‫تقفز فتزل قدمك ‪..‬‬
‫مهاراته ؟ في القدرة على‬
‫الستيعاب ؟ في سعة الثقافة ؟‬ ‫‪ .4‬طور نفسك ‪..‬‬
‫في القدرة على القناع ؟ في‬ ‫تجلس مع بعض الناس‬
‫أسلوب التعامل مع الحداث ؟‬ ‫وعمره عشرون سنة ‪..‬‬
‫ل شك أنه الول ‪..‬‬ ‫فترى له أسلوبا ً ومنطقا ً‬
‫بل تجد أسلوب الول مختلفا ً ‪..‬‬ ‫وفكرا ً معينا ً ‪..‬‬
‫فاستشهاداته بنصوص شرعية ‪..‬‬ ‫ثم تجلس معه وعمره ثلثون‬
‫أو أرقام وحقائق ‪..‬‬ ‫ي ‪ ..‬لم‬ ‫‪ ..‬فإذا قدراته هي ه َ‬
‫أما الثاني فاسشهاداته بأقوال‬ ‫يتطور فيه شيء ‪..‬‬
‫الممثلين ‪ ..‬والمغنين ‪..‬‬ ‫بينما تجلس مع آخرين‬
‫حتى قال أحدهم يوما ً في‬ ‫فتجدهم يستفيدون من‬
‫معرض كلمه ‪ ..‬والله يقول ‪:‬‬ ‫حياتهم ‪ ..‬تجده كل يوم‬
‫ع يا عبدي وأنا أسعى‬ ‫س َ‬
‫اِ ْ‬ ‫متطورا ً عن اليوم الذي قبله‬
‫معاك !!‬ ‫‪ ..‬بل ما تمر ساعة إل ارتفع‬
‫فنبهناه إلى أن هذه ليست آية ‪..‬‬ ‫بها دينا ً أو دنيا ‪..‬‬
‫فتغير وجهه وسكت ‪..‬‬ ‫إذا أردت أن تعرف أنواع‬
‫ثم تأملت العبارة ‪ ..‬فإذا الذي‬ ‫الناس في ذلك ‪ ..‬فتعال‬
‫ذكره هو مثل مصري انطبع في‬ ‫نتأمل في أحوالهم‬
‫‪7‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫عجب عبد الله من هــذا الــذي مــا‬ ‫ذهنه من إحدى‬
‫اهتم بالصلة ‪ ..‬وكــأنه مــا ســمع‬ ‫المسلسلت !!‬
‫إذانا ً ول ينتظر إقامة ‪!!..‬‬ ‫نعم ‪ ..‬كل إناء بما فيه‬
‫فصاح به غاضبا ً ‪ :‬انزل للصلة ‪..‬‬ ‫ينضح ‪..‬‬
‫فقال الرجل بكل برود ‪ :‬طيب ‪..‬‬ ‫بل تعال إلى جانب آخر ‪..‬‬
‫طيب ‪..‬‬ ‫في قراءة الصحف والمجلت‬
‫فقال ‪ :‬عجل ‪ ..‬صل يا حمار !!‬ ‫‪ ..‬كم هم أولئك الذين‬
‫فصرخ الرجل ‪ :‬أنا حمار ‪ !!..‬ثــم‬ ‫يهتمون بقراءة الخبار‬
‫انــتزع عســيبا ً مــن النخلــة ونــزل‬ ‫المفيدة والمعلومات النافعة‬
‫ليفلق به رأسه !!‬ ‫التي تساعد على تطوير‬
‫غطــى عبــد اللــه وجهــه بطــرف‬ ‫الذات ‪ ..‬وتنمية المهارات ‪..‬‬
‫غترته لئل يعرفه ‪ ..‬وانطلق يعدو‬ ‫وزيادة المعارف ‪..‬‬
‫إلى المسجد ‪..‬‬ ‫بينما كم الذين ل يكادون‬
‫ً‬
‫نزل الرجل من النخلــة غاضــبا ‪..‬‬ ‫يلتفتون إلى غير الصفحات‬
‫ومضى إلى بيتــه وصــلى وارتــاح‬ ‫الرياضية والفنية ؟!‬
‫قليل ً ‪ ..‬ثـــم خـــرج إلـــى نخلتـــه‬ ‫حتى صارت الجرائد تتنافس‬
‫ليكمل عمله ‪..‬‬ ‫في تكثير الصفحات‬
‫دخل وقت العصر وخرج عبد الله‬ ‫الرياضية والفنية ‪ ..‬على‬
‫إلى المسجد ‪..‬‬ ‫حساب غيرها ‪..‬‬
‫مّر بالنخلة فإذا الرجل فوقها ‪..‬‬ ‫قل مثل ذلك في مجالسنا‬
‫فقــال ‪ :‬الســلم عليكــم ‪ ..‬كيــف‬ ‫التي نجلسها ‪ ..‬وأوقاتنا‬
‫الحال ‪..‬‬ ‫التي نصرفها ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬الحمد لله بخير ‪..‬‬ ‫فأنت إذا أردت أن تكون‬
‫قال ‪ :‬بشــر !! كيــف الثمــر هــذه‬ ‫رأسا ً ل ذيل ً ‪ ..‬احرص على‬
‫السنة ‪..‬‬ ‫تتبع المهارات أينما كانت ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬الحمد لله ‪..‬‬ ‫دّرب نفسك عليها ‪..‬‬
‫قــال عبــد اللــه ‪ :‬اللــه يوفقــك‬ ‫كان عبد الله رجل ً متحمسا ً ‪..‬‬
‫ويرزقــك ‪ ..‬ويوســع عليــك ‪ ..‬ول‬ ‫لكنــــــه تنقصــــــه بعــــــض‬
‫يحرمك أجر عملك وكدك لولدك‬ ‫المهــارات ‪ ..‬خــرج يوم ـا ً مــن‬
‫‪..‬‬ ‫بيتــه إلــى المســجد ليصــلي‬
‫ابتهج الرجل لهذا الدعاء ‪ ..‬فأمن‬ ‫الظهـــر ‪ ..‬يســـوقه الحـــرص‬
‫على الدعاء وشكر ‪..‬‬ ‫على الصلة ويدفعه تعظيمــه‬
‫فقال عبد اللـه ‪ :‬لكـن يبـدو أنـك‬ ‫للدين ‪..‬‬
‫لشــدة انشــغالك لــم تنتبــه إلــى‬ ‫كان يحث خطاه خوفا ً من أن‬
‫أذان العصر !! قــد أذن العصــر ‪..‬‬ ‫تقــام الصــلة قبــل وصــوله‬
‫والقامة قريبــة ‪ ..‬فلعلــك تنــزل‬ ‫على المسجد ‪..‬‬
‫لترتــاح وتــدرك الصــلة ‪ ..‬وبعــد‬ ‫مر أثناء الطريــق بنخلــة فــي‬
‫الصلة أكمل عملك ‪ ..‬الله يحفظ‬ ‫أعلهــا رجــل بلبــاس مهنتــه‬
‫عليك صحتك ‪..‬‬ ‫يشتغل بإصلح التمر ‪..‬‬
‫‪8‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫طوق الحمامة ‪:‬‬ ‫فقــــال الرجــــل ‪ :‬إن شــــاء‬
‫أنه كان في الندلس تاجر‬ ‫الله ‪ ..‬إن شاء الله ‪..‬‬
‫مشهور ‪ ..‬وقع بينه وبين أربعة‬ ‫وبدأ ينزل برفق ‪ ..‬ثــم أقبــل‬
‫من التجار تنافس ‪ ..‬فأبغضوه ‪..‬‬ ‫علـــى عبـــد اللـــه وصـــافحه‬
‫وعزموا على أن يزعجوه ‪..‬‬ ‫بحــرارة ‪ ..‬وقــال ‪ :‬أشــكرك‬
‫فخرج ذات صباح من بيته متجها ً‬ ‫على هــذه الخلق الرائعــة ‪..‬‬
‫إلى متجره ‪ ..‬لبسا ً قميصا ً أبيض‬ ‫أما الذي مر بــي الظهــر فيــا‬
‫وعمامة بيضاء ‪..‬‬ ‫ليتني أراه لعلمه من الحمار‬
‫لقيه أولهم فحياه ثم نظر إلى‬ ‫!!‬
‫عمامته وقال ‪ :‬ما أجمل هذه‬
‫العمامة الصفراء ‪..‬‬ ‫نتيجة‬
‫ي بصُرك ؟!!‬ ‫فقال التاجر ‪ :‬أعم َ‬ ‫مهاراتك في التعامل مع‬
‫هذه عمامة بيضاء ‪..‬‬ ‫الخرين ‪ ..‬على أساسها‬
‫فقال ‪ :‬بل صفراء ‪ ..‬صفراء‬ ‫تتحدد طريقة تعامل الناس‬
‫لكنها جميلة ‪..‬‬ ‫معك ‪..‬‬
‫تركه التاجر ومضى ‪..‬‬
‫فلما مشى خطوات لقيه‬ ‫‪ .5‬ل تبك على اللبن‬
‫الخر ‪ ..‬فحياه ثم نظر إلى‬ ‫المسكوب ‪..‬‬
‫عمامته وقال ‪ :‬ما أجملك‬ ‫بعض الناس يعتبر طبعه‬
‫اليوم ‪ ..‬وما أحسن لباسك ‪..‬‬ ‫الذي نشأ عليه ‪ ..‬وعرفه‬
‫خاصة هذه العمامة الخضراء ‪..‬‬ ‫الناس به ‪ ..‬وتكونت في‬
‫فقال التاجر ‪ :‬يا رجل العمامة‬ ‫أذهانهم الصورة الذهنية عنه‬
‫بيضاء ‪..‬‬ ‫على أساسه ‪ ..‬يعتبره شيئا ً‬
‫قال ‪ :‬بل خضراء ‪..‬‬ ‫لزما ً له ل يمكن تغييره ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬بيضاء ‪ ..‬اذهب عني ‪..‬‬ ‫فيستسلم له ويقنع ‪ ..‬كما‬
‫ومضى المسكين يكلم نفسه ‪..‬‬ ‫يستسلم لشكل جسمه أو‬
‫وينظر بين الفينة والخرى إلى‬ ‫لون بشرته ‪ ..‬إذ ل يمكنه‬
‫طرف عمامته المتدلي على‬ ‫تغيير ذلك ‪..‬‬
‫كتفه ‪ ..‬ليتأكد أنها بيضاء ‪..‬‬ ‫مع أن الذكي يرى أن تغيير‬
‫وصل إلى دكانه ‪ ..‬وحرك القفل‬ ‫الطباع لعله أسهل من تغيير‬
‫ليفتحه ‪ ..‬فأقبل إليه الثالث ‪:‬‬ ‫الملبس !!‬
‫وقال ‪ :‬يا فلن ‪ ..‬ما أجمل هذا‬ ‫فطباعنا ليست كاللبن‬
‫الصباح ‪ ..‬خاصة لباسك‬ ‫المسكوب الذي ل يمكن‬
‫الجميل ‪ ..‬وزادت جمالك هذه‬ ‫تداركه أو جمعه ‪ ..‬بل هي‬
‫العمامة الزرقاء ‪..‬‬ ‫بين أيدينا ‪..‬‬
‫نظر التاجر إلى عمامته ليتأكد‬ ‫بل نستطيع بأساليب معينة‬
‫من لونها ‪ ..‬ثم فرك عينيه ‪..‬‬ ‫أن نغير طباع الناس ‪ ..‬بل‬
‫وقال ‪ :‬يا أخي عمامتي‬ ‫عقولهم – ربما ‪!! -‬‬
‫بيضااااااء ‪..‬‬ ‫ذكر ابن حزم في كتابه‬
‫‪9‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫قلت ‪ :‬تعلم ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬بل زرقاء ‪ ..‬لكنها‬
‫قال ‪ : r‬إنما العلم بالتعلم ‪،‬‬ ‫عموما ً جميلة ‪ ..‬ل تحزن ‪..‬‬
‫وإنما الحلم بالتحلم ‪..‬‬ ‫ثم مضى ‪ ..‬فجعل التاجر‬
‫يصيح به ‪ ..‬العمامة بيضاء ‪..‬‬
‫وجهة نظر ‪..‬‬ ‫وينظر إليها ‪ ..‬ويقلب‬
‫البطل يتجاوز القدرة على‬ ‫أطرافها ‪..‬‬
‫تطوير مهاراته ‪ ..‬إلى القدرة‬ ‫جلس في دكانه قليل ً ‪ ..‬وهو‬
‫على تطوير مهارات الناس ‪..‬‬ ‫ل يكاد يصرف بصره عن‬
‫وربما تغييرها !!‬ ‫طرف عمامته ‪..‬‬
‫دخل عليه الرابع ‪ ..‬وقال ‪:‬‬
‫‪ .6‬كن متميزا ً ‪..‬‬ ‫أهل ً يا فلن ‪ ..‬ما شاء الله !!‬
‫لماذا يتحاور اثنان في مجلس‬ ‫من أين اشتريت هذه‬
‫فينتهي حوارهما بخصومة ‪..‬‬ ‫العمامة الحمراء ؟!‬
‫بينما يتحاور آخران وينتهي‬ ‫فصاح التاجر ‪ :‬عمامتي‬
‫الحوار بأنس ورضا ‪..‬‬ ‫زرقاء ‪..‬‬
‫إنها مهارات الحوار ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬بل حمراء ‪..‬‬
‫لماذا يخطب اثنان الخطبة‬ ‫قال التاجر ‪ :‬بل خضراء ‪..‬‬
‫نفسها بألفاظها نفسها ‪ ..‬فترى‬ ‫ل ‪ ..‬ل ‪ ..‬بل بيضاء ‪ ..‬ل ‪..‬‬
‫الحاضرين عند الول ما بين‬ ‫زرقاء ‪ ..‬سوداء ‪..‬‬
‫متثائب ونائم ‪ ..‬أو عابث بسجاد‬ ‫ثم ضحك ‪ ..‬ثم صرخ ‪ ..‬ثم‬
‫المسجد ‪ ..‬أو مغير لجلسته‬ ‫بكى ‪ ..‬وقام يقفز !!‬
‫مرارا ً ‪..‬‬ ‫قال ابن حزم ‪ :‬فلقد كنت‬
‫بينما الحاضرون عند الثاني‬ ‫أراه بعدها في شوارع‬
‫منشدون متفاعلون ‪ ..‬ل تكاد‬ ‫الندلس مجنونا ً يحذفه‬
‫)‪(1‬‬
‫ترمش لهم عين أو يغفل لهم‬ ‫الصبيان بالحصى !!‬
‫قلب ‪..‬‬ ‫فإذا كان هؤلء بمهارات‬
‫إنها مهارات اللقاء ‪..‬‬ ‫بدائية غيروا طبع رجل ‪ ..‬بل‬
‫لماذا إذا تحدث فلن في‬ ‫غيروا عقله ‪..‬‬
‫المجلس أنصت له السامعون ‪..‬‬ ‫فما بالك بمهارات‬
‫ورموا إليه أبصارهم ‪..‬‬ ‫مدروسة ‪ ..‬منورة بنصوص‬
‫بينما إذا تحدث آخر انشغل‬ ‫الوحيين ‪ ..‬يمارسها المرء‬
‫الجالسون بالحاديث الجانبية ‪..‬‬ ‫تعبدا ً لله تعالى بها ‪..‬‬
‫أو قراءة الرسائل من هواتفهم‬ ‫فطبق ما تقف عليه من‬
‫المحمولة ‪..‬‬ ‫مهارات حسنة لتسعد ‪..‬‬
‫إنها مهارات الكلم ‪..‬‬ ‫وإن قلت لي ‪ :‬ل أستطيع ‪!..‬‬
‫لماذا إذا مشى مدرس في‬ ‫قلت ‪ :‬حاول ‪..‬‬
‫ممرات مدرسته رأيت الطلب‬ ‫وإن قلت ‪ :‬ل أعرف ‪!! ..‬‬
‫حوله ‪ ..‬هذا يصافحه ‪ ..‬وذاك‬ ‫‪ ( ) 1‬القصة على ذمححة ابححن حححزم ‪..‬‬
‫يستشيره ‪ ..‬وثالث يعرض عليه‬ ‫رحمه الله ‪.‬‬
‫‪10‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫البناء ‪..‬‬ ‫مشكلة ‪ ..‬ولو جلس في‬
‫قل مثل ذلك في المسجد ‪..‬‬ ‫مكتبه وسمح للطلب‬
‫وفي العراس ‪ ..‬وغيرها ‪..‬‬ ‫بالدخول لمتلت غرفته في‬
‫يختلف الناس بقدراتهم‬ ‫لحظات ‪ ..‬الكل يحب‬
‫ومهاراتهم في التعامل مع‬ ‫مجالسته ‪..‬‬
‫الخرين ‪ ..‬وبالتالي يختلف‬ ‫بينما مدرس آخر ‪ ..‬أو‬
‫الخرون في طريقة الحتفاء‬ ‫مدرسون ‪ ..‬يمشي أحدهم‬
‫بهم أو معاملتهم ‪..‬‬ ‫في مدرسته وحده ‪ ..‬ويخرج‬
‫والتأثير في الناس وكسب‬ ‫من مسجد المدرسة وحده ‪..‬‬
‫محبتهم أسهل مما تتصور ‪!..‬‬ ‫فل طالب يقترب مبتهجا ً‬
‫ل أبالغ في ذلك فقد جربته‬ ‫مصافحا ً ‪ ..‬أو شاكيا ً‬
‫مرارا ً ‪ ..‬فوجدت أن قلوب أكثر‬ ‫مستشيرا ً ‪ ..‬ولو فتح مكتبه‬
‫الناس يمكن صيدها بطرق‬ ‫من طلوع الشمس إلى‬
‫ومهارات سهلة ‪ ..‬بشرط أن‬ ‫غروبها ‪ ..‬وآناء الليل‬
‫نصدق فيها ونتدرب عليها‬ ‫وأطراف النهار ‪ ..‬لما اقترب‬
‫فنتقنها ‪..‬‬ ‫منه أحد أو رغب في‬
‫والناس يتأثرون بطريقة‬ ‫مجالسته ‪ ..‬لماذا ؟!!‬
‫تعاملنا ‪ ..‬وإن لم نشعر ‪..‬‬ ‫إنها مهارات التعامل مع‬
‫أتولى منذ ثلث عشرة سنة‬ ‫الناس ‪..‬‬
‫المامة والخطابة في جامع‬ ‫لماذا إذا دخل شخص إلى‬
‫الكلية المنية ‪..‬‬ ‫مجلس عام هش الناس في‬
‫كان طريقي إلى المسجد يمر‬ ‫وجهه وبشوا ‪ ..‬وفرحوا‬
‫ببوابة يقف عندها حارس أمن‬ ‫بلقائه ‪ ..‬وود كل واحد لو‬
‫يتولى فتحها وإغلقها ‪..‬‬ ‫يجلس بجانبه ‪..‬‬
‫كنت أحرص إذا مررت به أن‬ ‫بينما يدخل آخر ‪..‬‬
‫أمارس معه مهارة البتسامة ‪..‬‬ ‫فيصافحونه مصافحة باردة ‪-‬‬
‫فأشير بيدي مسلما ً مبتسما ً‬ ‫عادة أو مجاملة – ثم يتلفت‬
‫ابتسامة واضحة ‪ ..‬وبعد الصلة‬ ‫يبحث له عن مكان فل يكاد‬
‫أركب سيارتي راجعا ً للبيت ‪..‬‬ ‫أحد يوسع له أو يدعوه‬
‫وفي الغالب يكون هاتفي‬ ‫للجلوس إلى جانبه ‪..‬‬
‫المحمول مليئا ً باتصالت‬ ‫لماذا ؟!!‬
‫ورسائل مكتوبة وردت أثناء‬ ‫إنها مهارات جذب القلوب‬
‫الصلة ‪ ..‬فأكون مشغول ً بقراءة‬ ‫والتأثير في الناس ‪..‬‬
‫الرسائل فيفتح الحارس البوابة‬ ‫لماذا يدخل أب إلى بيته‬
‫وأغفل عن التبسم ‪..‬‬ ‫فيهش أولده له ‪ ..‬ويقبلون‬
‫حتى تفاجأت به يوما ً يوقفني‬ ‫إليه فرحين ‪..‬‬
‫وأنا خارج ويقول ‪ :‬يا شيخ ‪!..‬‬ ‫بينما يدخل الثاني على‬
‫أنت زعلن مني ؟!‬ ‫أولده ‪ ..‬فل يلتفتون إليه ‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬لماذا ؟‬ ‫إنها مهارات التعامل مع‬
‫‪11‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫كل هؤلء تستطيع أن تجعلهم‬ ‫قال ‪ :‬لنك وأنت داخل‬
‫يجمعون على أنك أحب الناس‬ ‫تبتسم وتسلم وأنت‬
‫إليهم إذا أشعرتهم أنهم أحب‬ ‫فرحان ‪ ..‬أما وأنت خارج‬
‫الناس إليك ‪..‬‬ ‫فتكون غير مبتسم ول‬
‫وقد كان ‪ r‬قدوة في ذلك ‪..‬‬ ‫فرحان !!‬
‫إذ أن من تتبع سيرته ‪ ..‬وجد أنه‬ ‫وكان رجل ً بسيطا ً ‪ ..‬فبدأ‬
‫كان يتعامل بمهارات أخلقية‬ ‫المسكين يقسم لي أنه‬
‫راقية ‪ ..‬فيعامل كل أحد يلقاه‬ ‫يحبني ويفرح برؤيتي ‪..‬‬
‫بمهارات من احتفاء وتفاعل‬ ‫فاعتذرت منه وبينت له‬
‫وبشاشة ‪ ..‬حتى يشعر ذلك‬ ‫سبب انشغالي ‪..‬‬
‫الشخص أنه أحب الناس إليه ‪..‬‬ ‫ثم انتبهت فعل ً إلى أن هذه‬
‫وبالتالي يكون هو أيضا ً ‪ r‬أحب‬ ‫المهارات مع تعودنا عليها‬
‫الناس إليهم ‪ ..‬لنه أشعرهم‬ ‫تصبح من طبعنا ‪ ..‬يلحظها‬
‫بمحبته ‪..‬‬ ‫الناس إذا غفلنا عنها ‪..‬‬
‫كان عمرو بن العاص ‪ t‬داهية‬ ‫إضاءة ‪..‬‬
‫من دهاة العرب ‪ ..‬حكمة وفطنة‬ ‫ل تكسب المال وتفقد‬
‫وذكاءً ‪ ..‬فأدهى العرب أربعة ‪..‬‬ ‫الناس ‪ ..‬فإن كسب‬
‫عمرو واحد منهم ‪..‬‬ ‫الناس طريق لكسب المال ‪..‬‬
‫أسلم عمرو وكان رأسا ً في‬
‫قومه ‪..‬‬ ‫‪ .7‬أي الناس أحب إليك ؟‬
‫فكان إذا لقي النبي ‪ r‬في‬ ‫تكون أقوى الناس قدرة‬
‫طريق رأى البشاشة والبشر‬ ‫على استعمال مهارات‬
‫والمؤانسة ‪..‬‬ ‫التعامل مع الخرين عندما‬
‫وإذا دخل مجلسا ً فيه النبي ‪r‬‬ ‫تتعامل مع كل أحد تعامل ً‬
‫رأى الحتفاء والسعادة‬ ‫رائعا ً يجعله يشعر أنه أحب‬
‫بمقدمه ‪..‬‬ ‫الناس إليك ‪..‬‬
‫فتتعامل مع أمك تعامل ً رائعا ً‬
‫وإذا دعاه النبي ‪ .. r‬ناداه بأحب‬
‫السماء إليه ‪..‬‬ ‫مشبعا ً بالتفاعل والنس‬
‫شعر عمرو بهذا التعامل الراقي‬ ‫والحتفاء إلى درجة أنها‬
‫‪ ..‬ودوام الهتمام والتبسم‬ ‫تشعر أن هذا التعامل‬
‫أنه أحب الناس إلى رسول‬ ‫الراقي لم يلقه أحد منك‬
‫قبلها ‪..‬‬
‫الله ‪.. r‬‬
‫وقل مثل ذلك عند تعاملك‬
‫فأراد أن يقطع الشك باليقين ‪..‬‬
‫مع أبيك ‪ ..‬مع زوجتك ‪..‬‬
‫فأقبل يوما ً إلى النبي ‪r‬‬
‫أولدك ‪ ..‬زملئك ‪..‬‬
‫وجلس إليه ‪ ..‬ثم قال ‪:‬‬
‫بل قل مثله عند تعاملك مع‬
‫يا رسول الله ‪ ..‬أي الناس أحب‬
‫من تلقاهم مرة واحدة ‪..‬‬
‫إليك ؟‬
‫كبائع في دكان ‪ ..‬أو عامل‬
‫فقال ‪ : r‬عائشة ‪..‬‬ ‫في محطة وقود ‪..‬‬
‫‪12‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فل ملك يقود ‪ ..‬ول جيش مرتب‬ ‫قال عمرو ‪ :‬ل ‪ ..‬من الرجال‬
‫‪..‬‬ ‫يا رسول الله ؟ لست أسألك‬
‫وكان المسلمون في حروبهــم ‪..‬‬ ‫عن أهلك ‪..‬‬
‫يحســـــنون إلـــــى النـــــاس ‪..‬‬ ‫فقال ‪ : r‬أبوها ‪..‬‬
‫ويعطفون وهم في قتال ‪..‬‬ ‫قال عمرو ‪ :‬ثم من ؟‬
‫كان المقصود صد كيد قوم عدي‬ ‫قال ‪ :‬ثم عمر بن الخطاب ‪..‬‬
‫عــن المســلمين ‪ ..‬وإظهــار قــوة‬ ‫قال ‪ :‬ثم أي ‪ ..‬فجعل النبي‬
‫المسلمين لهم ‪..‬‬ ‫‪ r‬يعدد رجال ً ‪ ..‬يقول ‪:‬‬
‫أســـر المســـلمون بعـــض قـــوم‬ ‫فلن ‪ ..‬ثم فلن ‪..‬‬
‫عــدي ‪ ..‬وكــان مــن بينهــم أخــت‬ ‫بحسب سبقهم إلى‬
‫لعدي بن حاتم ‪..‬‬ ‫السلم ‪ ..‬وتضحيتهم من‬
‫مضــوا بالســرى إلــى المدينــة ‪..‬‬ ‫أجله ‪..‬‬
‫حيث رســول اللــه ‪ .. ‬وأخــبروا‬ ‫ت مخافة‬ ‫قال عمرو ‪ :‬فسك ّ‬
‫النـــبي ‪ ‬بفـــرار عـــدي إلـــى‬ ‫أن يجعلني في آخرهم ‪..‬‬
‫الشام ‪..‬‬ ‫فانظر كيف استطاع ‪ r‬أن‬
‫فعجب ‪ ‬من فراره !! كيف يفر‬ ‫يملك قلب عمرو بمهارات‬
‫من الدين ؟ كيف يترك قومه ؟‬ ‫أخلقية مارسها معه ‪..‬‬
‫ولكن لم يكن إلى الوصــول إلــى‬ ‫بل كان عليه الصلة والسلم‬
‫عدي سبيل ‪..‬‬ ‫ينزل الناس منازلهم ‪..‬‬
‫لم يطب المقام لعدي في ديار‬ ‫وقد يترك أشغاله لجلهم ‪..‬‬
‫الروم ‪ ..‬فاضطر للرجوع لديار‬ ‫لشعارهم بمحبته لهم‬
‫العرب ‪ ..‬ثم لم يجد بدا ً من أن‬ ‫وقدرهم عنده ‪..‬‬
‫يذهب إلى المدينة للقاء النبي ‪r‬‬ ‫لما توسع ‪ r‬بالفتوحات وبدأ‬
‫ومصالحته ‪ ..‬أو التفاهم على‬ ‫ينتشر السلم ‪..‬‬
‫شيء يرضيهما ‪.. (2) ..‬‬ ‫جعل ‪ r‬يرسل الدعاة من‬
‫يقول عدي وهو يحكي قصة‬ ‫عنده لدعوة القبائل إلى‬
‫ذهابه إلى المدينة ‪:‬‬ ‫السلم ‪ ..‬وربما احتاج المر‬
‫ما رجل من العرب كان أشد‬ ‫أن يرسل جيشا ً ‪..‬‬
‫كراهة لرسول الله ‪ r‬مني ‪..‬‬ ‫وكان عدي بن حاتم‬
‫وكنت على دين النصرانية ‪..‬‬ ‫الطائي ‪ ..‬ملكا ً ابن ملك ‪..‬‬
‫وكنت ملكا ً في قومي لما كان‬ ‫فوقع بين قبيلته " طي "‬
‫يصنع بي ‪.‬‬ ‫وبين المسلمين حرب ‪..‬‬
‫فلما سمعت برسول الله ‪r‬‬ ‫وكان عدي قد هرب من‬
‫كرهته كراهية شديدة ‪..‬‬ ‫الحرب فلم يشهدها ‪..‬‬
‫فخرجت حتى قدمت الروم على‬ ‫واحتمى بالروم في الشام ‪..‬‬
‫قيصر ‪..‬‬ ‫وصل جيش المســلمين إلــى‬
‫قال ‪ :‬فكرهت مكاني ذلك ‪..‬‬ ‫ديار طيء ‪..‬‬
‫كانت هزيمة طيــء ســهلة ‪..‬‬
‫) ( وقيل إن أخته هي التي ذهبت إليه في الشام وردته إلى العرب ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪13‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫‪..‬‬ ‫فقلت ‪ :‬والله لو أتيت هذا‬
‫في أثناء الطريق وقعت ثلثة‬ ‫الرجل ‪ ..‬فإن كان كاذبا ً لم‬
‫مواقف ‪:‬‬ ‫يضرني ‪ ..‬وإن كان صادقا ً‬
‫بينما هما يمشيان إذا بامرأة قد‬ ‫علمت ‪..‬‬
‫وقفت في وسط الطريق‬ ‫فقدمت فأتيته ‪ ..‬فلما دخلت‬
‫فجعلت تصيح ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬ ‫المدينة جعل الناس‬
‫لي إليك حاجة ‪..‬‬ ‫يقولون ‪ :‬هذا عدي بن‬
‫فانتزع النبي ‪ r‬يده من يد عدي‬ ‫حاتم ‪ ..‬هذا عدي بن حاتم ‪..‬‬
‫ومضى إليها ‪ ..‬وجعل يستمع‬ ‫فمشيت حتى أتيت فدخلت‬
‫إلى حاجتها ‪..‬‬ ‫على رسول الله ‪ r‬في‬
‫عدي بن حاتم ‪ ..‬الذي قد عرف‬ ‫المسجد فقال لي ‪ :‬عدي بن‬
‫الملوك والوزراء جعل ينظر إلى‬ ‫حاتم ؟‬
‫هذا المشهد ‪ ..‬ويقارن تعامل‬ ‫قلت ‪ :‬عدي بن حاتم ‪..‬‬
‫النبي ‪ r‬مع الناس بتعامل من‬ ‫فرح النبي ‪ r‬بمقدمه ‪..‬‬
‫رآهم من قبل من الرؤساء‬ ‫واحتفى به ‪ ..‬مع أن عديا ً‬
‫والسادة ‪..‬‬ ‫محارب للمسلمين وفاٌر من‬
‫فتأمل طويل ً ثم قال ‪ :‬والله ما‬ ‫الحرب ‪ ..‬ومبغض للسلم ‪..‬‬
‫هذه بأخلق الملوك ‪ ..‬هذه‬ ‫ئ إلى النصارى ‪ ..‬ومع‬ ‫ولج ٌ‬
‫أخلق النبيااااااء ‪..‬‬ ‫ذلك لقيه ‪ r‬بالبشاشة‬
‫وانتهت المرأة من حاجتها ‪..‬‬ ‫والبشر ‪ ..‬وأخذ بيده يسوقه‬
‫فعاد النبي ‪ r‬إلى عدي ‪ ..‬ومضيا‬ ‫معه إلى بيته ‪..‬‬
‫يمشيان ‪ ..‬فبينما هما كذلك ‪..‬‬ ‫عدي وهو يمشي بجانب‬
‫فإذا برجل يقبل على النبي ‪.. r‬‬ ‫النبي ‪ r‬يرى أن الرأسين‬
‫فماذا قال الرجل ؟ هل قال ‪ :‬يا‬ ‫متساويان ‪!!..‬‬
‫رسول الله عندي أموال زائدة‬ ‫فمحمد ) ‪ ( r‬ملك على‬
‫أبحث لها عن فقير ؟! أم قال ‪:‬‬ ‫المدينة وما حولها ‪ ..‬وعدي‬
‫حصدت أرضي وزاد عندي‬ ‫ملك على جبال طي وما‬
‫الثمر ‪ ..‬فماذا أفعل به ؟‬ ‫حولها ‪..‬‬
‫يا ليته قال شيئا ً من ذلك ‪ ..‬لعل‬ ‫ومحمد ) ‪ ( r‬على دين‬
‫عديا ً إذا سمعه يشعر بغنى‬ ‫سماوي " السلم " ‪ ..‬وعدي‬
‫المسلمين وكثرة أموالهم ‪..‬‬ ‫على دين سماوي "‬
‫قال الرجل ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬ ‫النصرانية " ‪..‬‬
‫أشكو إليك الفاقة والفقر ‪..‬‬ ‫ومحمد ) ‪ ( r‬عنده كتاب‬
‫ما يكاد هذا الرجل يجد طعاما ً‬
‫منزل " القرآن " ‪ ..‬وعدي‬
‫يسد به جوعة أولده ‪ ..‬ومن‬ ‫عنده كتاب منزل " النجيل "‬
‫حوله من المسلمين يعيشون‬ ‫‪..‬‬
‫على الكفاف ليس عندهم ما‬ ‫كان عدي يشعر أنه ل فرق‬
‫يساعدونه به ‪..‬‬ ‫بينهما إل في القوة والجيش‬
‫قال الرجل هذه الكلمات وعدي‬
‫‪14‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫مني ؟‬ ‫يسمع ‪ ..‬فأجابه النبي ‪r‬‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪ ..‬ألست من‬ ‫بكلمات ومضى ‪..‬‬
‫الركوسية ‪..‬‬ ‫فلما مشيا خطوات ‪ ..‬أقبل‬
‫والركوسية ديانة نصرانية‬ ‫رجل آخر ‪ ..‬قال ‪ :‬يا رسول‬
‫مشّربة بشيء من المجوسية ‪..‬‬ ‫الله أشكو إليك قطع‬
‫فمن مهارته ‪ r‬في القناع أنه‬ ‫الطريق !!‬
‫لم يقل ألست نصرانيا ً ‪ ..‬وإنما‬ ‫يعني أننا يا رسول الله‬
‫تجاوز هذه المعلومة إلى معلومة‬ ‫لكثرة أعدائنا حولنا ل نأمن‬
‫أدق منها فأخبره بمذهبه في‬ ‫أن نخرج عن بنيان المدينة‬
‫النصرانية تحديدا ً ‪..‬‬ ‫لكثرة من يعترضنا من كفار‬
‫كما لو لقيك شخص في أحد بلد‬ ‫أو لصوص ‪..‬‬
‫أوروبا وقال لك ‪ :‬لماذا ل تتنصر‬ ‫أجابه النبي ‪ r‬بكلمات‬
‫؟ فقلت ‪ :‬إني على دين ‪..‬‬ ‫ومضى ‪..‬‬
‫فلم يقل لك ‪ :‬ألست مسلما ً ‪..‬‬ ‫جعل عدي يقلب المر في‬
‫ولم يقل ‪ :‬ألست سن ُي ّا ً ‪ ..‬وإنما‬ ‫نفسه ‪ ..‬هو في عز وشرف‬
‫قال ‪ :‬ألست شافعيا ً ‪ ..‬أو‬ ‫في قومه ‪ ..‬وليس له أعداء‬
‫حنبليا ً ‪..‬‬ ‫يتربصون به ‪..‬‬
‫عندها ستدرك أنه يعرف كل‬ ‫فلماذا يدخل هذا الدين الذي‬
‫شيء عن دينك ‪..‬‬ ‫أهله في ضعف ومسكنة ‪..‬‬
‫فهذا الذي فعله المعلم الول ‪r‬‬ ‫وفقر وحاجة ‪..‬‬
‫مع عدي ‪ ..‬قال ‪ :‬ألست من‬ ‫وصل إلى بيت النبي ‪.. r‬‬
‫الركوسية ‪..‬‬ ‫فدخل ‪ ..‬فإذا وسادة واحدة‬
‫فقال عدي ‪ :‬بلى ‪..‬‬ ‫فدفعها النبي ‪ r‬إلى عدي‬
‫فقال ‪ : r‬فإنك إذا غزوت مع‬ ‫إكراما ً له ‪ ..‬وقال ‪ :‬خذ هذه‬
‫)‪(3‬‬
‫قومك تأكل فيهم المرباع ؟‬ ‫فاجلس عليها ‪ ..‬فدفعها‬
‫قال ‪ :‬بلى ‪..‬‬ ‫عدي إليه قال ‪ :‬بل اجلس‬
‫فقال ‪ : r‬فإن هذا ل يحل لك‬ ‫عليها أنت ‪ ..‬فقال ‪ : r‬بل‬
‫في دينك ‪..‬‬ ‫أنت ‪ ..‬حتى استقرت عند‬
‫فتضعضع لها عدي ‪ ..‬وقال ‪ :‬نعم‬ ‫عدي فجلس عليها ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫عندها ‪ ..‬بدأ النبي ‪ r‬يحطم‬
‫فقال ‪ : r‬أما إني أعلم الذي‬ ‫الحواجز بين عدي‬
‫يمنعك من السلم ‪..‬‬ ‫والسلم ‪..‬‬
‫أنك تقول ‪ :‬إنما اتبعه ضعفة‬ ‫يا عدي أسلم ‪ ..‬تسلم ‪..‬‬
‫الناس ومن ل قوة لهم ‪..‬‬ ‫أسلم تسلم ‪ ..‬أسلم تسلم ‪..‬‬
‫قال عدي ‪ :‬إني على دين ‪..‬‬
‫‪ ( ) 3‬المربححاع ‪ :‬إذا غححزت القبيلححة قسححم‬ ‫فقال ‪ : r‬أنا أعلم بدينك‬
‫رئيسها الغنيمة أربعة أقسام فأخذ الربححع لححه‬ ‫منك ‪..‬‬
‫وحده ‪ ،‬وهذا حرام في دين النصرانية ‪ ،‬جائز‬ ‫قال ‪ :‬أنت تعلم بديني‬
‫عند العرب ‪.‬‬
‫‪15‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫قال ‪ : r‬ولئن طالت بك حياة‬ ‫وقد رمتهم العرب ‪..‬‬
‫)‪(4‬‬
‫لترين الرجل يخرج بملء كفه‬ ‫يا عدي ‪ ..‬أتعرف الحيرة ؟‬
‫من ذهب أوفضة يطلب من‬ ‫قلت ‪ :‬لم أرها وقد سمعت‬
‫يقبله منه فل يجد أحدا يقبله‬ ‫بها ‪..‬‬
‫منه ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬فوالذي نفسي بيده‬
‫يعني من كثرة المال يخرج‬ ‫ليتمن الله هذا المر حتى‬
‫الغني يطوف بصدقته ل يجد‬ ‫تخرج الظعينة من الحيرة‬
‫فقيرا ً يعطيه إياها ‪..‬‬ ‫حتى تطوف بالبيت في غير‬
‫ثم بدأ ‪ ‬يعظ عديا ً ويذكره‬ ‫جوار أحد ‪..‬‬
‫بالخرة ‪ ..‬فقال ‪:‬‬ ‫أي سيقوى السلم إلى‬
‫دكم يوم يلقاه‬ ‫ه أح ُ‬
‫وليلقين الل َ‬ ‫درجة أن المرأة المسلمة‬
‫ليس بينه وبينه ترجمان ‪ ،‬فينظر‬ ‫الحاجة تخرج من الحيرة‬
‫عن يمينه فل يرى إل جهنم ‪،‬‬ ‫حتى تصل إلى مكة ليس‬
‫وينظر عن شماله فل يرى إل‬ ‫معها إل محرم ‪ ..‬من غير‬
‫جهنم " ‪..‬‬ ‫أحد يحميها ‪ ..‬وتمر على‬
‫سكت عدي متفكرا ً ‪..‬‬ ‫مئات القبائل فل يجرؤ أحد‬
‫ففاجأه ‪ ‬قائل ً ‪ :‬يا عدي ‪ ..‬فما‬ ‫أن يعتدي عليها أو يسلبها‬
‫يفرك أن تقول ل إله إل الله ؟‪..‬‬ ‫مالها ‪ ..‬لن المسلمين صار‬
‫أو تعلم من إله أعظم من‬ ‫لهم قوة وهيبة ‪ ..‬إلى درجة‬
‫الله ؟!‬ ‫أن أحدا ً ل يجرؤ على‬
‫قال عدي ‪ :‬فإني حنيف مسلم ‪..‬‬ ‫التعرض لمسلم خوفا ً من‬
‫أشهد أن ل إله إل الله ‪ ..‬وأشهد‬ ‫انتصار المسلمين له ‪..‬‬
‫أن محمدا ً عبده ورسوله ‪..‬‬ ‫فلما سمع عدي ذلك ‪ ..‬جعل‬
‫فتهلل وجه النبي ‪ r‬فرحا ً‬ ‫يتصور المنظر في ذهنه ‪..‬‬
‫مستبشرا ً ‪..‬‬ ‫امرأة تخرج من العراق حتى‬
‫قال عدي بن حاتم ‪:‬‬ ‫تصل إلى مكة ‪ ..‬معنى ذلك‬
‫فهذه الظعينة تخرج من الحيرة‬ ‫أنها ستمر بشمال الجزيرة ‪..‬‬
‫تطوف بالبيت في غير جوار‬ ‫يعني ستمر بجبال طي ‪..‬‬
‫‪..‬ولقد كنت فيمن فتح كنوز‬ ‫ديار قومه ‪..‬‬
‫كسرى ‪..‬‬ ‫فتعجب عدي وقال في‬
‫والذي نفسي بيده لتكونن‬ ‫عار طي‬ ‫نفسه ‪ :‬فأين عنها ذُ ّ‬
‫الثالثة لن رسول الله ‪ r‬قد‬ ‫الذين سعروا البلد !!‬
‫)‪(5‬‬
‫قالها " ‪..‬‬ ‫ثم قال ‪ : r‬وليفتحن كنوز‬
‫فتأمل كيف كان هذا النس منه‬ ‫كسرى بن هرمز ‪..‬‬
‫‪ ‬لعدي ‪ ..‬وهذا الحتفاء الذي‬ ‫قال ‪ :‬كنوز ابن هرمز ؟‬
‫قابله به ‪ ..‬حتى شعر به عدي ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬نعم كسرى بن‬
‫تأمل كيف كان كل ذلك جاذبا ً‬ ‫هرمز ‪ ..‬ولتنفقن أمواله‬
‫في سبيل الله ‪..‬‬
‫) ( رواه مسلم وأحمد ‪..‬‬ ‫‪5‬‬
‫) ( الحيرة ‪ :‬مدينة بالعراق‬ ‫‪4‬‬

‫‪16‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫الشعراء ينشدون ويربحون ‪..‬‬ ‫لعدي للدخول في السلم ‪..‬‬
‫والمتوكل هو المتوكل ‪ ..‬سطوة‬ ‫فلو مارسنا هذا الحب مع‬
‫وهيبة وجبروت ‪..‬‬ ‫الناس ‪ ..‬مهما كانوا ‪ ..‬لملكنا‬
‫فانطلق مادحا ً الخليفة بقصيدة‬ ‫قلوبهم ‪..‬‬
‫مطلعها ‪:‬‬
‫يا أيها الخليفة ‪..‬‬ ‫فكرة ‪..‬‬
‫أنت كالكلب في حفاظك للود ‪..‬‬ ‫بالرفق واستعمال مهارات‬
‫وكالتيس في قراع الخطوب‬ ‫التعامل والقناع ‪ ..‬نستطيع‬
‫أنت كالدلو ل عدمتك دلوا ً ‪ ..‬من‬ ‫أن نحقق ما نريد ‪..‬‬
‫كبار الدل ْ كثير الذنوب‬
‫ومضى يضرب للخليفة المثلة‬ ‫‪ .8‬استمتع بالمهارات ‪..‬‬
‫بالتيس والعنز والبئر والتراب ‪..‬‬ ‫المهارات متعة حسية ‪ ،‬ل‬
‫فثار الخليفة ‪ ..‬وانتفض الحراس‬ ‫أعني بها الجر الخروي‬
‫‪ ..‬واستل السياف سيفه ‪..‬‬ ‫فقط ‪ ،‬ل وإنما هي متعة‬
‫وفرش النطع ‪ ..‬وتجهز للقتل ‪..‬‬ ‫وفرح تشعر به حقيقة ‪..‬‬
‫فأدرك الخليفة أن علي بن‬ ‫فاستمتع بها ‪ ،‬ومارسها مع‬
‫الجهم قد غلبت عليه طبيعته ‪..‬‬ ‫جميع الناس ‪ ،‬كبيرهم‬
‫فأراد أن يغيرها ‪..‬‬ ‫وصغيرهم ‪ ،‬غنيهم وفقيرهم‬
‫فأمر به فأسكنوه في قصر‬ ‫‪ ،‬قريبهم وبعيدهم ‪..‬‬
‫منيف ‪ ..‬تغدو عليه أجمل‬ ‫كلهم ‪ ..‬مارس معهم هذه‬
‫الجواري وتروح يما يلذ‬ ‫المهارات ‪..‬‬
‫ويطيب ‪..‬‬ ‫إما لتقاء أذاهم ‪..‬‬
‫ذاق علي بن الجهم النعمة ‪..‬‬ ‫أو لكسب محبتهم ‪..‬‬
‫واتكأ على الرائك ‪ ..‬وجالس‬ ‫أو لصلحهم ‪ ..‬نعم‬
‫أرق الشعراء ‪ ..‬وأغزل الدباء ‪..‬‬ ‫إصلحهم ‪..‬‬
‫ومكث على هذا الحال سبعة‬ ‫كان علي بن الجهم شاعرا ً‬
‫أشهر ‪..‬‬ ‫فصيحا ً ‪ ..‬لكنه كان أعرابيا ً‬
‫ثم جلس الخليفة مجلس سمر‬ ‫جلفا ً ل يعرف من الحياة إل‬
‫ليلة ‪ ..‬فتذكر علي بن الجهم ‪..‬‬ ‫ما يراه في الصحراء ‪..‬‬
‫فسأل عنه ‪ ،‬فدعوه له ‪ ..‬فلما‬ ‫وكان المتوكل خليفة متمكنا ً‬
‫مثل بين يديه ‪ ..‬قال ‪ :‬أنشدني‬ ‫‪ُ ..‬يغدى عليه ويراح بما‬
‫يا علي بن الجهم ‪..‬‬ ‫يشتهي ‪..‬‬
‫فانطلق منشدا ً قصيدة مطلعها ‪:‬‬ ‫دخل علي بن الجهم بغداد‬
‫عيون المها بين الرصافة‬ ‫يوما ً فقيل له ‪ :‬إن من مدح‬
‫والجسر ‪ ..‬جلبن الهوى من حيث‬ ‫الخليفة حظي عنده ولقي‬
‫أدري ول أدري‬ ‫منه العطيات ‪..‬‬
‫أعدن لي الشوق القديم ولم‬ ‫فاستبشر علي ويمم جهة‬
‫أكن ‪ ..‬سلوت ولكن زدن جمرا ً‬ ‫قصر الخلفة ‪..‬‬
‫على جمر‬ ‫دخل على المتوكل ‪ ..‬فرأى‬
‫‪17‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ومرضه ‪ ..‬بل وفرحه وحزنه ‪..‬‬ ‫ومضى يحرك المشاعر بأرق‬
‫نعم ‪ ..‬كم من الزوجات تسمع‬ ‫الكلمات ‪ ..‬ثم شرع يصف‬
‫عن أخلق زوجها‪ ..‬وسعة‬ ‫الخليفة بالشمس والنجم‬
‫صدره ‪ ..‬وابتسامته وكرمه ‪..‬‬ ‫والسيف ‪..‬‬
‫ولكنها لم تر من ذلك شيئا ً ‪..‬‬ ‫فانظر كيف استطاع الخليفة‬
‫ئ الخلق ‪..‬‬ ‫فهو في بيته سي َ‬ ‫أن يغير طباع ابن الجهم ‪..‬‬
‫س الوجه ‪..‬‬ ‫ق الصدر ‪ ..‬عاب َ‬ ‫ضي َ‬ ‫ونحن كم ضايقتنا طباع‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫صخابا لعانا ‪ ..‬بخيل ً ومنانا ‪..‬‬ ‫لولدنا أو أصدقائنا فسعينا‬
‫أما هو ‪ r‬فهو الذي قال ‪:‬‬ ‫لتغييرها ‪ ..‬فغيرناها ‪..‬‬
‫) خيركم خيُركم لهله‪ ،‬وأنا‬ ‫فمن باب أولى أن تقدر أنت‬
‫خيركم لهلي ( )‪.. (6‬‬ ‫على تغيير طباعك ‪ ..‬فتقلب‬
‫وانظر كيف كان يتعامل مع أهله‬ ‫العبوس تبسما ً ‪ ..‬والغضب‬
‫‪..‬‬ ‫حلما ً ‪ ..‬والبخل كرما ً ‪ ..‬وهذا‬
‫قال السود بن يزيد ‪ :‬سألت‬ ‫ليس صعبا ً ‪ ..‬لكنه يحتاج إلى‬
‫عائشة ‪ : t‬ما كان رسول الله ‪r‬‬ ‫عزيمة ومراس ‪ ..‬فكن‬
‫يصنع في بيته ؟‬ ‫بطل ً ‪..‬‬
‫فقالت ‪ :‬يكون في مهنة أهله ‪..‬‬ ‫ومن نظر في سيرة محمد ‪r‬‬
‫فإذا حضرت الصلة يتوضأ‬ ‫وجد أنه كان يتعامل مع‬
‫ويخرج للصلة ‪..‬‬ ‫الناس بقدرات أخلقية ‪،‬‬
‫وقل مثل ذلك مع الوالدين ‪..‬‬ ‫ملك بها قلوبهم ‪..‬‬
‫فكم هم أولئك الذين نسمع عن‬ ‫ولم يكن ‪ r‬يتصنع هذه‬
‫حسن أخلقهم ‪..‬‬ ‫الخلق أمام الناس ‪ ..‬فإذا‬
‫وكرمهم وتبسمهم ‪ ..‬وجميل‬ ‫خل بأهل بيته ‪ ..‬انقلب حلمه‬
‫معاشرتهم للخرين ‪ ..‬أما مع‬ ‫غضبا ً ‪ ..‬ولينه غلظا ً ‪..‬‬
‫أقرب الناس إليهم ‪ ..‬وأعظم‬ ‫ل ‪ ..‬ما كان بساما ً مع الناس‬
‫الناس حقا ً عليهم ‪ ..‬مع الوالدين‬ ‫عبوسا ً مع أهل بيته ‪..‬‬
‫فجفاء وهجر ‪..‬‬ ‫ول كريما ً مع الخلق إل مع‬
‫نعم ‪ ..‬خيركم خيركم لهله ‪..‬‬ ‫ولده وزوجه ‪..‬‬
‫لوالديه ‪ ..‬لزوجه ‪ ..‬لخدمه ‪ ..‬بل‬ ‫ل ‪ ..‬بل كانت أخلقه‬
‫ولطفاله ‪..‬‬ ‫سجية ‪ ..‬يتعبد لله تعالى‬
‫فـــي يـــوم مليـــء بالمشـــاعر ‪..‬‬ ‫بها ‪ ..‬كما يتعبد بصلة‬
‫يجلــس أبــو ليلــى ‪ t‬عنــد رســول‬ ‫الضحى وقيام الليل ‪..‬‬
‫اللــــه ‪ .. e‬فيــــأتي الحســــن أو‬ ‫يحتسب ابتسامته قربة ‪..‬‬
‫الحسين يمشي إلــى النــبي ‪.. e‬‬ ‫وه وليَنه‬‫قه عبادة ‪ ..‬وعف َ‬ ‫ورف َ‬
‫فيأخــــذه ‪ .. e‬فيقعــــده علــــى‬ ‫حسنات ‪..‬‬
‫بطنه ‪ ..‬فبال الصغير على بطــن‬ ‫إن من اعتبر حسن الخلق‬
‫عبادة ‪ ..‬تحلى بها في جميع‬
‫رسول الله ‪ .. e‬قال أبــو ليلــى ‪:‬‬
‫أحواله ‪ ..‬في سلمه وحربه ‪..‬‬
‫) ( رواه ابن ماجة‬ ‫‪6‬‬ ‫وجوعه وشبعه ‪ ..‬وصحته‬
‫‪18‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫أراد أن يخرج إلى أهله بشيء‬ ‫حتى رأيـت بـوله علـى بطـن‬
‫من تمر ونحوه ‪..‬‬ ‫رسول الله ‪ e‬أساريع ‪..‬‬
‫وكان النبي ‪ r‬يحبه ‪ ..‬وكان‬ ‫قــال ‪ :‬فوثبنــا إليــه ‪ ..‬فقــال‬
‫يقول ‪ ) :‬إن زاهرا ً باديتنا ‪..‬‬ ‫‪ : e‬دعــوا ابنــي ‪ ..‬ل تفزعــوا‬
‫ونحن حاضروه (‪ ..‬وكان زاهرا ً‬ ‫ابني ‪..‬‬
‫دميما ً ‪..‬‬ ‫فلما فرغ الصغير من بوله ‪..‬‬
‫خرج زاهر ‪ t‬يوما ً من باديته ‪..‬‬ ‫)‪(7‬‬
‫دعا ‪ e‬بماء فصبه عليه ‪..‬‬
‫فأتى بيت رسول الله ‪ .. r‬فلم‬ ‫فلله دره كيف تروضت‬
‫يجده ‪..‬‬ ‫نفسه على هذه الخلق ‪..‬‬
‫وكان معه متاع فذهب به إلى‬ ‫فل عجب إذن أن يملك‬
‫السوق ‪ ..‬فلما علم به النبي ‪‬‬ ‫قلوب الصغار والكبار ‪..‬‬
‫مضى إلى السوق يبحث عنه ‪..‬‬ ‫رأي ‪..‬‬
‫فأتاه فإذا هو يبيع متاعه ‪..‬‬ ‫بدل أن تسب الظلم ‪..‬‬
‫والعرق يتصبب منه ‪ ..‬وثيابه‬ ‫حاول إصلح المصباح ‪..‬‬
‫ثياب أهل البادية بشكلها‬
‫ورائحتها ‪..‬‬ ‫‪ .9‬مع الفقراء ‪..‬‬
‫فاحتضنه ‪ r‬من ورائه ‪ ،‬وزاهر ل‬ ‫عدد من الناس اليوم‬
‫ُيبصره ‪ ..‬ول يدري من أمسكه ‪..‬‬ ‫أخلقهم تجارية ‪ ..‬فالغني‬
‫ففزع زاهر وقال ‪ :‬أرسلني ‪..‬‬ ‫فقط هو الذي تكون نكته‬
‫من هذا ؟ ‪..‬‬ ‫طريفة فيضحكون عند‬
‫فسكت النبي عليه الصلة‬ ‫سماعها ‪ ..‬وأخطاؤه‬
‫والسلم ‪..‬‬ ‫صغيرة ‪ ..‬فيتغاضون عنها ‪..‬‬
‫فحاول زاهر أن يتخلص من‬ ‫أما الفقراء فنكتهم ثقيلة ‪..‬‬
‫القبضة ‪..‬‬ ‫يسخر بهم عند سماعها ‪..‬‬
‫وجعل يلتفت وراءه ‪ ..‬فرأى‬ ‫وأخطاؤهم جسيمة ‪ ..‬يصرخ‬
‫النبي ‪ .. r‬فاطمأنت نفسه ‪..‬‬ ‫بهم عند وقوعها ‪..‬‬
‫وسكن فزعه ‪..‬‬ ‫أما رسول الله ‪ r‬فكان‬
‫صق ظهره بصدر النبي‬ ‫وصار ُيل ٍٍٍ‬ ‫عطفه على الغني والفقير‬
‫‪ .. r‬حين ٍٍٍٍ عرفه ‪..‬‬ ‫سواء ‪..‬‬
‫ٍٍٍ‬
‫النبي ‪ r‬يمازح زاهرا ً ‪..‬‬ ‫فجعل‬ ‫قال أنس ‪: t‬‬
‫ويصيح بالناس يقول ‪:‬من‬ ‫كان رجل من أهل البادية‬
‫يشتري العبد ؟ ‪ ..‬من يشتري‬ ‫اسمه زاهر بن حرام ‪..‬‬
‫العبد ؟ ‪..‬‬ ‫وكان ربما جاء المدينة في‬
‫فنظر زاهر في حاله ‪ ..‬فإذا هو‬ ‫حاجة فيهدي للنبي ‪ r‬من‬
‫فقير كسير ‪ ..‬ل مال ‪ ..‬ول‬ ‫البادية شيئا ً من إقط أو‬
‫جمال ‪..‬‬ ‫سمن ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬إذا ً والله تجدني كاسدا ً يا‬ ‫فُيجهزه رسول الله ‪ r‬إذا‬
‫رسول الله ‪..‬‬
‫) ( رواه أحمد والطبراني ‪.‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪19‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫تشبيه الرجل والمرأة بالتيس‬ ‫فقال ‪ : r‬لكن عند الله لست‬
‫والعنز ‪ ..‬معاذ الله ‪..‬‬ ‫بكاسد ‪ ..‬أنت عند الله‬
‫المرأة شقيقة الرجل ‪ ..‬ولئن‬ ‫غال ‪..‬‬
‫كان الله قد وهب الرجل جسما ً‬ ‫فل عجب أن تتعلق قلوب‬
‫قويا ً ‪ ..‬فقد وهبها عاطفة‬ ‫الفقراء به ‪ ‬وهو يملكهم‬
‫قوية ‪..‬‬ ‫بهذه الخلق ‪..‬‬
‫وكم رأينا سلطين الرجال‬ ‫كثير من الفقراء ‪ ..‬قد ل‬
‫وشجعانهم تخور قواهم عند‬ ‫يعيب على الغنياء البخل‬
‫قوة عاطفة امرأة ‪..‬‬ ‫عليه بالمال والطعام ‪ ..‬لكنه‬
‫ومن مهارات التعامل مع المرأة‬ ‫يجد عليهم بخلهم باللطف‬
‫أن تعرف المفتاح الذي تؤثر من‬ ‫وحسن المعاشرة ‪..‬‬
‫خلله فيها ‪ ..‬العاطفة ‪ ..‬تقاتلها‬ ‫وكم من فقير تبسمت في‬
‫بسلحها ‪..‬‬ ‫وجهه ‪ ..‬وأشعرته بقيمته‬
‫كان النبي ‪ e‬يوصيك بالحسان‬ ‫واحترامه ‪ ..‬فرفع في ظلمة‬
‫إلى المرأة ‪ ..‬واحترام‬ ‫الليل يدا ً داعية ‪ ..‬يستنزل‬
‫عاطفتها ‪ ..‬لجل أن تسعد‬ ‫بها لك الرحمات من‬
‫معها ‪..‬‬ ‫السماء ‪..‬‬
‫وأوصى الب بالحسان إلى‬ ‫ورب أشعث أغبر ذي طمرين‬
‫بناته ‪ ..‬فقال ‪ ) :‬من عال‬ ‫مدفوع بالبواب ل يؤبه له ‪..‬‬
‫جاريتين حتى تبلغا ‪ ..‬جاء يوم‬ ‫لو أقسم على الله لبره ‪..‬‬
‫القيامة أنا وهو وضم‬ ‫فكن دائم البشر مع هؤلء‬
‫)‪(8‬‬
‫أصابعه ( ‪..‬‬ ‫الضعفاء ‪..‬‬
‫وأوصى بها أولدها فقال فإنه‬
‫لما سأله رجل فقال ‪ :‬من أحق‬ ‫إشارة ‪..‬‬
‫الناس بحسن صحابتي ؟‬ ‫لعل ابتسامة في وجه‬
‫قال ‪ :‬أمك ‪ ..‬ثم أمك ‪ ..‬ثم‬ ‫فقير ‪ ..‬ترفعك عند الله‬
‫)‪(9‬‬
‫أمك ‪ ..‬ثم أبوك ‪..‬‬ ‫درجات ‪..‬‬
‫بل أوصى ‪ r‬بالمرأة زوجها ‪..‬‬
‫م من غاضب زوجته أو أساء‬ ‫وذ ّ‬ ‫النساء ‪..‬‬ ‫‪.10‬‬
‫إليها ‪..‬‬ ‫كان جدي يستشهد بمثل‬
‫وانظر إليه ‪ r‬وقد قام في حجة‬ ‫قديم ‪ " :‬من غاب عن عنزه‬
‫ة ألف‬ ‫الوداع ‪ ..‬فإذا بين يديه مائ ُ‬ ‫جابت تيس " ‪..‬‬
‫حاج ‪..‬‬ ‫بمعنى أن من لم تجد عنده‬
‫فيهم السود والبيض ‪ ..‬والكبير‬ ‫زوجته ‪ ..‬ما يشبع‬
‫والصغير ‪ ..‬والغني والفقير ‪..‬‬ ‫عاطفتها ‪ ..‬ويروي نفسها ‪..‬‬
‫صاح ‪ r‬بهؤلء جميعا ً وقال لهم ‪:‬‬ ‫فقد تحدثها نفسها‬
‫بالستجابة لغيره ‪ ..‬ممن‬
‫) ( رواه مسلم‬ ‫‪8‬‬ ‫يملك معسول الكلم ‪..‬‬
‫) ( متفق عليه‬ ‫‪9‬‬ ‫وليس مقصودهم بهذا المثل‬
‫‪20‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫وعفتها ‪ ..‬وودوا لو يتلذذون‬ ‫أل واستوصوا بالنساء‬
‫سها‬‫بالنظر إلى وجهها ‪ ..‬أو لم ِ‬ ‫خيرا ً ‪ ..‬أل واستوصوا‬
‫ث بها ‪ ..‬كما كانوا يفعلون‬ ‫والعب ِ‬ ‫)‪(10‬‬
‫بالنساء خيرا ً ‪..‬‬
‫ذلك قبل إكرامها بالسلم ‪..‬‬ ‫وفي يوم من اليام أطاف‬
‫فجعلوا يريدونها على كشف‬ ‫بأزواج رسول الله ‪ r‬نساء‬
‫وجهها ‪ ..‬ويغرونها لتنزع حجابها‬ ‫كثير يشتكين أزواجهن‬
‫‪..‬‬ ‫‪..‬فلما علم النبي ‪ r‬بذلك ‪..‬‬
‫فأبت ‪ ..‬وتمنعت ‪..‬‬ ‫قام ‪ ..‬وقال للناس ‪:‬‬
‫فغافلها الصائغ وهي جالسة ‪..‬‬ ‫لقد طاف بآل محمد ‪ r‬نساء‬
‫وأخذ طرف ثوبها من السفل ‪..‬‬ ‫كثير يشتكين أزواجهن ‪..‬‬
‫وربطه إلى طرف خمارها‬ ‫)‪(11‬‬
‫ليس أولئك بخياركم ‪..‬‬
‫المتدلي على ظهرها ‪..‬‬ ‫وقال ‪: ‬‬
‫فلما قامت ‪ ..‬ارتفع ثوبها من‬ ‫) خيُركم خيُركم لهله وأنا‬
‫ورائها ‪ ..‬وتكشفت أعضاؤها ‪..‬‬ ‫)‪(12‬‬
‫خيركم لهلي ( ‪..‬‬
‫فضحك اليهود منها‪..‬‬ ‫بل ‪ ..‬قد بلغ من إكرام الدين‬
‫فصاحت المسلمة العفيفة ‪..‬‬ ‫للمرأة ‪ ..‬أنها كانت تقوم‬
‫وودت لو قتلوها ولم يكشفوا‬ ‫الحروب ‪ ..‬وتسحق‬
‫عورتها ‪..‬‬ ‫الجماجم ‪ ..‬وتتطاير الرؤوس‬
‫فلما رأى ذلك رجل من‬ ‫‪ ..‬لجل عرض امرأة‬
‫ل سيفه ‪ ..‬ووثب‬ ‫المسلمين ‪ ..‬س ّ‬ ‫واحدة ‪..‬‬
‫على الصائغ فقتله ‪..‬فشد اليهود‬ ‫كــــان اليهــــود يســــاكنون‬
‫على المسلم فقتلوه ‪..‬‬ ‫المسلمين في المدينة ‪..‬‬
‫فلما علــم النــبي ‪ r‬بــذلك ‪ ..‬وأن‬ ‫ل المــر‬ ‫وكــان يغيظهــم نــزو ُ‬
‫اليهــــود قــــد نقضــــوا العـــــهد‬ ‫بالحجــــــــاب ‪ ..‬وتســــــــتُر‬
‫وتعرضــــــــوا للمســــــــلمات ‪..‬‬ ‫المســلمات ‪ ..‬ويحــاولون أن‬
‫حاصـــرهم ‪ ..‬حـــتى استســـلموا‬ ‫يزرعــوا الفســاد والتكشــف‬
‫ونزلوا على حكمه ‪..‬‬ ‫فــي صــفوف المســلمات ‪..‬‬
‫فلمــــا أراد النــــبي ‪ r‬أن ينكــــل‬ ‫فما استطاعوا ‪..‬‬
‫بهــم ‪ ..‬ويثــأر لعــرض المســلمة‬ ‫وفي أحد اليام جاءت امرأة‬
‫العفيفة ‪..‬‬ ‫مسلمة إلى سوق يهود بني‬
‫قـــام إليـــه جنـــدي مـــن جنـــد‬ ‫قينقاع ‪..‬‬
‫الشيطان ‪..‬‬ ‫وكانت عفيفة متسترة ‪..‬‬
‫الــــــذين ل يهمهــــــم عــــــرض‬ ‫فجلست إلى صائغ هناك‬
‫المســـــــلمات ‪ ..‬ول صـــــــيانة‬ ‫منهم ‪..‬‬
‫المكرمات ‪..‬‬ ‫فاغتاظ اليهود من تسترها‬
‫وإنمــا هــم أحــدهم متعــة بطنــه‬
‫وفرجه ‪..‬‬ ‫) ( رواه الترمذي ومسلم‬ ‫‪10‬‬

‫قام رأس المنافقين ‪ ..‬عبــد اللــه‬ ‫) ( رواه أبو داود‬ ‫‪11‬‬

‫ي ابن سلول ‪..‬‬ ‫ُ‬


‫بن أب ّ‬ ‫) ( رواه ابن ماجة والترمذي‬ ‫‪12‬‬

‫‪21‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫شيء فردت عليه ‪ ..‬فتخاصما ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬يا محمد أحســن فــي‬
‫فغضب فقال ‪ :‬أنت علي كظهر‬ ‫موالي اليهود وكانوا أنصــاره‬
‫أمي ‪ ..‬وخرج غاضبا ً ‪..‬‬ ‫في الجاهلية ‪..‬‬
‫كانت هذه الكلمة في الجاهلية‬ ‫فـــأعرض عنـــه النـــبي ‪.. r‬‬
‫إذا قالها الرجل لزوجته صارت‬ ‫وأبـى ‪..‬‬
‫طلقا ً ‪ ..‬أما في السلم فل‬ ‫إذ كيــف يطلــب العفــو عــن‬
‫تعلم خولة حكمها ‪..‬‬ ‫أقـــوام يريـــدون أن تشـــيع‬
‫رجع أوس إلى بيته ‪ ..‬فإذا‬ ‫الفاحشة في الذين آمنوا !!‬
‫امرأته تتباعد عنه ‪..‬‬ ‫فقام المنافق مــرة أخــرى ‪..‬‬
‫وقالت له ‪ :‬والذي نفس خويلة‬ ‫وقال ‪ :‬يا محمد أحسن إليهم‬
‫بيده ل تخلص إلي وقد قلت ما‬ ‫‪..‬‬
‫قلت ‪ ..‬حتى يحكم الله ورسوله‬ ‫‪..‬‬ ‫فــأعرض عنــه النــبي ‪r‬‬
‫فينا بحكمه ‪..‬‬ ‫صــيانة لعــرض المســلمات ‪..‬‬
‫ثم خرجت خولة إلى رسول الله‬ ‫وغيرة على العفيفات ‪..‬‬
‫‪ e‬فذكرت له ما تلقى من زوجها‬ ‫فغضـــب ذلـــك المنـــافق ‪..‬‬
‫‪ ..‬وجعلت تشكو إليه ما سوء‬ ‫وأدخــل يــده فــي جيــب درع‬
‫خلقه معها ‪..‬‬ ‫النبي ‪ .. r‬وجّره وهو يردد ‪:‬‬
‫فجعل رسول الله ‪ e‬يصبرها‬ ‫ي ‪ ..‬أحســن‬ ‫أحسن إلى مــوال ّ‬
‫ويقول ‪ :‬يا خويلة ابن عمك ‪..‬‬ ‫ي ‪..‬‬
‫إلى موال ّ‬
‫شيخ كبير ‪ ..‬فاتقي الله فيه ‪..‬‬ ‫فغضب النبي ‪ r‬والتفت إليــه‬
‫وهي تدافع عبراتها وتقول ‪ :‬يا‬ ‫وصاح به وقال ‪ :‬أرسلني ‪..‬‬
‫رسول الله ‪ ..‬أكل شبابي ‪..‬‬ ‫فأبى المنافق ‪ ..‬وأخذ يناشد‬
‫ونثرت له بطني ‪ ..‬حتى إذا‬ ‫النـــــبي ‪ r‬العـــــدول عـــــن‬
‫كبرت سني ‪ ..‬وانقطع ولدي ‪..‬‬ ‫قتلهم ‪..‬‬
‫ظاهر مني ‪ ..‬اللهم إني أشكو‬ ‫فالتفت إليه النبي ‪ r‬وقال ‪:‬‬
‫إليك ‪..‬‬ ‫هم لك ‪..‬‬
‫وهو ‪ e‬ينتظر أن ينزل الله‬ ‫ثم عدل عن قتلهم ‪ ..‬لكنــه ‪r‬‬
‫تعالى فيهما حكما ً من عنده ‪..‬‬ ‫أخرجهـــم مـــن المدينـــة ‪..‬‬
‫فبينما خولة عند رسول الله ‪e‬‬ ‫وطّردهم من ديارهم ‪..‬‬
‫إذ هبط جبريل من السماء على‬ ‫نعم المرأة العفيفة تستحق‬
‫رسول الله ‪.. e‬‬ ‫أكثر من ذلك ‪..‬‬
‫بقرآن فيه حكمها وحكم‬ ‫كانت خولة بنت ثعلبة ‪ t‬من‬
‫زوجها ‪..‬‬ ‫الصحابيات الصالحات ‪..‬‬
‫فالتفت ‪ e‬إليها وقال ‪ :‬يا‬ ‫وكان زوجها أوس بن‬
‫خويلة ‪ ..‬قد أنزل فيك وفي‬ ‫الصامت شيخا ً كبيرا ً يسرع‬
‫صاحبك قرآنا ً ‪ ..‬ثم قرأ " قد‬ ‫إليه الغضب ‪..‬‬
‫سمع الله قول التي تجادلك في‬ ‫دخل عليها يوما ً راجعا ً من‬
‫زوجها وتشتكي إلى الله والله‬ ‫مجلس قومه ‪ ..‬فكلمها في‬

‫‪22‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ول يهينها إل لئيم ‪..‬‬ ‫يسمع تحاوركما إن الله‬
‫سميع بصير " إلى آخر‬
‫وقفة ‪..‬‬ ‫اليات من أول سورة‬
‫قد تصبر المرأة على ‪ ..‬فقر‬ ‫المجادلة ‪..‬‬
‫زوجها ‪ ..‬وقبحه ‪ ..‬وانشغاله ‪..‬‬ ‫مريه فليعتق‬ ‫ثم قال لها ‪ُ e‬‬
‫لكنها قل أن تصبر على سوء‬ ‫رقبة ‪..‬‬
‫خلقه ‪..‬‬ ‫فقالت ‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬ما‬
‫عنده ما يعتق ‪..‬‬
‫الصغار ‪..‬‬ ‫‪.11‬‬ ‫قال ‪ :‬فليصم شهرين‬
‫كم هي المواقف التي وقعت لنا‬ ‫متتابعين ‪..‬‬
‫في صغرنا ول تزال مطبوعة‬ ‫قالت ‪ :‬والله إنه لشيخ كبير‬
‫في أذهاننا إلى اليوم ‪ ..‬سواء‬ ‫ما له من صيام ‪..‬‬
‫كانت مفرحة أو محزنة ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬فليطعم ستين مسكينا ً‬
‫عد بذاكرتك إلى أيام طفولتك ‪..‬‬ ‫ُ‬ ‫وسقا ً من تمر ‪..‬‬
‫ستذكر ل محالة جائزة كرمت بها‬ ‫قالت ‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬ما‬
‫في مدرستك ‪ ..‬أو ثناء أثناه‬ ‫ذاك عنده ‪..‬‬
‫عليك أحد في مجلس عام ‪..‬‬ ‫فقال ‪ : e‬فإنا سنعينه بعرق‬
‫فهي مواقف تحفر صورتها في‬ ‫من تمر ‪..‬‬
‫الذاكرة ‪ ..‬فل تكاد تنسى ‪..‬‬ ‫قالت ‪ :‬والله يا رسول‬
‫وإلى جانب ذلك ‪ ..‬ل نزال نتذكر‬ ‫الله ‪ ..‬أنا سأعينه بعرق‬
‫مواقف محزنة ‪ ..‬وقعت لنا في‬ ‫آخر ‪..‬‬
‫طفولتنا ‪ ..‬مدرس ضربنا ‪ ..‬أو‬ ‫فقال ‪ : e‬قد أصبت وأحسنت‬
‫خصومة مع زملء في‬ ‫‪ ..‬فاذهبي فتصدقي به‬
‫المدرسة ‪ ..‬أو مواقف تعرضنا‬ ‫عنه ‪ ..‬ثم استوصي بابن‬
‫فيها للهانة من أسرتنا ‪ ..‬أو‬ ‫)‪(13‬‬
‫عمك خيرا ً ‪..‬‬
‫تعرض لها أحدنا من زوجة أبيه ‪..‬‬ ‫فسبحان من وهبه اللين‬
‫أو نحو ذلك ‪..‬‬ ‫والتحمل مع الجميع ‪ ..‬حتى‬
‫وكم صار الحسان إلى الصغار‬ ‫في مشاكلهم الشخصية ‪..‬‬
‫طريقا ً إلى التأثير ليس فيهم‬ ‫يتفاعل معهم ‪..‬‬
‫فقط ‪ ..‬بل في آبائهم‬ ‫وقد جربت بنفسي ‪..‬‬
‫وأهليهم ‪ ..‬وكسب محبتهم‬ ‫التعامل باللين والمهارات‬
‫جميعا ً ‪..‬‬ ‫العاطفية مع البنت‬
‫يتكرر كثيرا ً لمدرس المرحلة‬ ‫والزوجة ‪ ..‬وقبل ذلك الم‬
‫البتدائية أن يتصل به أحد أبوي‬ ‫والخت ‪ ..‬فوجدت لها من‬
‫طالب صغير ويثني عليه وأنه‬ ‫التأثير الكبير ‪ ..‬ما ل يتصوره‬
‫أحبه لمحبة ولده له وكثرة ذكره‬ ‫إل من مارسه ‪..‬‬
‫بالخير ‪ ..‬وقد يعبرون عن هذه‬ ‫فالمرأة ل يكرمها إل كريم ‪..‬‬
‫المشاعر في لقاء عابر ‪ ..‬أو‬
‫هدية أو رسالة ‪..‬‬ ‫) ( رواه أحمد وأبو داود ‪ ،‬صحيح ‪.‬‬ ‫‪13‬‬

‫‪23‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫غلما ً صغيرا ً ‪..‬‬ ‫إذن ل تحتقر البتسامة في‬
‫وكم ترى من الناس الذين‬ ‫وجه الصغير ‪ ..‬وكسب‬
‫يحسنون التعامل مع الصغار من‬ ‫قلبه ‪ ..‬وممارسة مهارات‬
‫يخرج من المسجد ‪ ..‬فترى أبا ً‬ ‫التعامل الرائع معه ‪..‬‬
‫يجره ولده الصغير بيده ليصل‬ ‫ألقيت يوما ً محاضرة عن‬
‫إلى هذا الرجل فيسلم عليه‬ ‫الصلة لطلب صغار في‬
‫ويبلغه بمحبة ولده له ‪..‬‬ ‫مدرسة ‪..‬‬
‫وقد يقع مثل هذا الموقف في‬ ‫فسألتهم عن حديث حول‬
‫وليمة كبيرة أو عرس ‪ ..‬يكثر‬ ‫أهمية الصلة ‪ ..‬فأجاب‬
‫فيه المدعوون ‪..‬‬ ‫أحدهم ‪ :‬قال ‪ : e‬بين الرجل‬
‫ول أكتمك أنني أبالغ في إكرام‬ ‫وبين الكفر أو الشرك ترك‬
‫الصغار والحفاوة بهم بعض‬ ‫الصلة ‪..‬‬
‫الشيء ‪ ..‬بل والستماع إلى‬ ‫أعجبني جوابه ‪ ..‬ومن شدة‬
‫أحاديثهم العذبة – وإن كانت في‬ ‫الحماس نزعت ساعة يدي‬
‫أكثر الحيان غير مهمة – بل‬ ‫وأعطيته إياها ‪..‬‬
‫أزيد الحفاوة ببعضهم أحيانا ً‬ ‫وكانت – عموما ً – ساعة‬
‫إكراما ً لوالده وكسبا ً لمحبته ‪..‬‬ ‫عادية كساعات الطبقة‬
‫أحد الصدقاء كنت ألقاه أحيانا ً‬ ‫الكادحة ‪!..‬‬
‫مع ولده الصغير ‪ ..‬فكنت أحتفي‬ ‫كان هذا الموقف مشجعا ً‬
‫بالصغير وألطفه ‪..‬‬ ‫لذلك الغلم ‪ ..‬أحب العلم‬
‫لقيني صديقي هذا يوما ً في‬ ‫أكثر ‪ ..‬وتوجه لحفظ‬
‫ي بولده‬ ‫محفل كبير ‪ ..‬فأقبل إل ّ‬ ‫القرآن ‪ ..‬وشعر بقيمته ‪..‬‬
‫يسلم علي ‪ ..‬ثم قال ‪ :‬ماذا‬ ‫مضت اليام ‪ ..‬بل السنين ‪..‬‬
‫فعلت بولدي ! يسألهم مدرسهم‬ ‫ثم في أحد المساجد تفاجأت‬
‫قبل أيام عن أمنياتهم في‬ ‫أن المام هو ذلك الغلم ‪..‬‬
‫المستقبل ‪ ..‬فمنهم من قال ‪:‬‬ ‫وقد صار شابا ً متخرجا ً من‬
‫أكون طبيبا ً ‪ ..‬والخر قال ‪:‬‬ ‫كلية الشريعة ‪ ..‬ويعمل في‬
‫أكون مهندسا ً ‪ ..‬وولدي قال ‪:‬‬ ‫سلك القضاء بأحد‬
‫أكون محمد العريفي !!‬ ‫المحاكم ‪ ..‬لم أذكره وإنما‬
‫ويمكنك أن تلحظ أنواع الناس‬ ‫تذكرني هو ‪..‬‬
‫في التعامل مع الصغار ‪ ..‬عندما‬ ‫فانظر كيف انطبعت في‬
‫يدخل رجل إلى مجلس عام‬ ‫ذهنه المحبة والتقدير‬
‫ويطوف بالحاضرين مصافحا ً ‪..‬‬ ‫بموقف عاشه قبل سنين ‪..‬‬
‫وولده من خلفه يفعل كفعله ‪..‬‬ ‫وأذكر أني دعيت ليلة لحدى‬
‫فمن الناس من يتغافل عن‬ ‫الولئم ‪ ..‬فإذا شاب مشرق‬
‫الصغير ‪ ..‬ومنهم من يصافحه‬ ‫الوجه يسلم علي بحرارة بي‬
‫بطرف يده ‪ ..‬ومنهم من يهز يده‬ ‫ويذكرني بموقف لطيف‬
‫مبتسما ً مرددا ً ‪ :‬أهل ً يا بطل ‪..‬‬ ‫وقع له معي في محاضرة‬
‫كيف حالك يا شاطر ‪ ..‬فهذا‬ ‫ألقيتها في مدرسته لما كان‬
‫‪24‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫وكان ‪ r‬يتوضأ يوما ً من ماء ‪..‬‬ ‫الذي تنطبع محبته في قلب‬
‫فأقبل إليه محمود بن الربيع‬ ‫الصغير ‪ ..‬بل وقلب أبيه‬
‫طفل عمره خمس سنوات ‪..‬‬ ‫وأمه ‪..‬‬
‫فجعل ‪ r‬في فمه ماء ثم مجه‬ ‫كان المربي الول ‪ e‬له‬
‫في وجهه يمازحه ‪.. ( 14) ..‬‬ ‫أحسن التعامل مع الصغار ‪..‬‬
‫وعموما ً ‪ ..‬كان ‪ r‬ضحوكا ً مزوحا ً‬ ‫كان لنس بن مالك أخ صغير‬
‫مع الناس ‪ ..‬يدخل السرور إلى‬ ‫‪ ..‬وكان ‪ r‬يمازحه ويكنيه‬
‫قلوبهم ‪ ..‬خفيفا ً على النفوس‬ ‫بأبي عمير ‪ ..‬وكان للصغير‬
‫ل يمل أحد من مجالسته ‪..‬‬ ‫طير صغير يلعب به ‪ ..‬فمات‬
‫أقبل إليه رجل يوما ً يريد دابة‬ ‫الطير ‪..‬‬
‫ليسافر عليها أو يغزو ‪..‬‬ ‫فكان ‪ e‬يمازحه إذا لقيه ‪..‬‬
‫فقال ‪ r‬ممازحا ً له ‪ ) :‬إني‬ ‫ويقول ‪ :‬يا أبا عمير ‪ ..‬ما‬
‫حاملك على ولد ناقة ( ‪..‬‬ ‫فعل النغير ؟ يعني الطائر‬
‫فعجب الرجل ‪ ..‬كيف يركب‬ ‫الصغير ‪..‬‬
‫على جمل صغير ‪ ..‬ل يستطيع‬ ‫وكان يعطف على الصغار‬
‫حمله ‪ ..‬فقال ‪ :‬يا رسول الله‬ ‫ويلعبهم ‪ ..‬ويلعب زينب‬
‫وما أصنع بولد الناقة ؟‬ ‫بنت أم سلمة ويقول ‪ ) :‬يا‬
‫فقال ‪ ) : r‬وهل تلد البل إل‬ ‫زوينب ‪ ..‬يا زوينب ‪.. ( ..‬‬
‫النوق ( ‪ ..‬يعني سأعطيك بعيرا ً‬ ‫وكان إذا مر بصبيان يلعبون‬
‫كبيرا ً ‪ ..‬لكنه ‪ -‬قطعا ً ‪ -‬قد ولدته‬ ‫سلم عليهم ‪..‬‬
‫ناقة ‪..‬‬ ‫وكان يزور النصار وُيسلم‬
‫وقال ‪ r‬يوما ً لنس ممازحا ً ‪ ) :‬يا‬ ‫على صبيانهم ‪ ..‬ويمسح‬
‫ذا الذنين ( ‪..‬‬ ‫رؤوسهم ‪..‬‬
‫ً‬
‫وأقبلت إليه امرأة يوما تشتكي‬ ‫وعند رجوعه ‪ r‬من المعركة‬
‫زوجها ‪ ..‬فقال لها ‪ : ‬زوجك‬ ‫كان يستقبله الطفال‬
‫الذي في عينه بياض ؟‬ ‫فيركبهم معه ‪..‬‬
‫ففزعت المرأة وظنت أنه‬ ‫فعند عودة المسلمين من‬
‫زوجها عمي بصره ‪ ..‬كما قال‬ ‫مؤتة ‪..‬‬
‫الله عن يعقوب عليه السلم "‬ ‫أقبل الجيش إلى المدينة‬
‫وابيضت عيناه من الحزن " أي ‪:‬‬ ‫راجعا ً ‪..‬‬
‫عمي ‪..‬‬ ‫فتلقاهم النبي عليه الصلة‬
‫فرجعت فزعة إلى زوجها‬ ‫والسلم ‪ ..‬والمسلمون ‪..‬‬
‫وجعلت تنظر في عينيه ‪..‬‬ ‫ولقيهم الصبيان يشتدون ‪..‬‬
‫وتدقق ‪..‬‬ ‫فلما رأى ‪ r‬الصبيان ‪ ..‬قال ‪:‬‬
‫فسألها عن خبرها ؟!‬ ‫خذوا الصبيان فاحملوهم ‪..‬‬
‫فقالت ‪ :‬قد قال رسول الله ‪‬‬ ‫وأعطوني ابن جعفر ‪..‬‬
‫إن في عينك بياض ‪..‬‬ ‫فُأتي بعبد الله بن جعفر‬
‫فأخذه فحمله بين يديه ‪..‬‬
‫رواه البخاري ‪.‬‬ ‫‪( )14‬‬
‫‪25‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫كان ‪ ‬يحسن الدخول إلى‬ ‫فقال لها ‪ :‬يا امرأة ‪ ..‬أما‬
‫قلوبهم بما يناسب ‪..‬‬ ‫أخبرك أن بياضها أكثر من‬
‫لما توفي عم النبي ‪ .. r‬اشتد‬ ‫سوادها ‪..‬‬
‫أذى قريش عليه ‪.. r‬‬ ‫أي أن كل أحد في عينه‬
‫فخرج ‪ r‬إلى الطائف ‪ ..‬يلتمس‬ ‫بياض وسواد ‪..‬‬
‫من ثقيف النصرة والمنعة بهم‬ ‫وكان ‪ ‬إذا مازحه أحد‬
‫من قومه ‪ ..‬ورجا أن يقبلوا منه‬ ‫تفاعل معه ‪ ..‬وضحك وتبسم‬
‫ما جاءهم به من الله تعالى ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫خرج إليهم وحده ‪..‬‬ ‫دخل عليه عمر وهو ‪r‬‬
‫وصل إلى الطائف ‪ ..‬وعمد إلى‬ ‫غضبان على نسائه ‪ ..‬لما‬
‫نفر ثلثة من ثقيف وهم سادة‬ ‫أكثرن عليه مطالبته بالنفقة‬
‫ثقيف وأشرافهم وهم إخوة‬ ‫ل الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫سو َ‬ ‫‪ ..‬فقال عمر ‪َ :‬يا َر ُ‬
‫َ‬
‫ثلثة ‪ ..‬عبد يا ليل ‪ ..‬ومسعود ‪..‬‬ ‫شَر‬ ‫ع َ‬‫م ْ‬ ‫وك ُّنا َ‬ ‫و َرأي َْتنا َ‬ ‫‪ ..‬ل َ ْ‬
‫وحبيب ‪ ..‬بنو عمرو بن عمير ‪..‬‬ ‫ساءَ ‪..‬‬ ‫ب الن ّ َ‬ ‫غل ِ ُ‬ ‫ش ‪ ..‬ن َ ْ‬ ‫قَري ْ ٍ‬ ‫ُ‬
‫فجلس إليهم ‪ .. r‬فدعاهم إلى‬ ‫دنا امرأُته‬ ‫فكنا إذا سألت أح َ‬
‫الله وكلمهم لما جاءهم له من‬ ‫ة قام إليها فوجأ‬ ‫نفق ً‬
‫نصرته على السلم والقيام‬ ‫عنقها ‪..‬‬
‫م‬‫و ٌ‬‫ق ْ‬‫ذا َ‬ ‫ة إِ َ‬ ‫دين َ َ‬
‫م ِ‬ ‫ْ‬
‫مَنا ال َ‬ ‫د ْ‬‫ق ِ‬ ‫ما َ‬ ‫فل َ ّ‬ ‫َ‬
‫معه على من خالفه من قومه ‪..‬‬
‫فقال أحدهم ‪ :‬هو يمرط ثياب‬ ‫م ‪ ..‬فطفق‬ ‫ه ْ‬ ‫ؤ ُ‬ ‫سا ُ‬ ‫م نِ َ‬ ‫ه ْ‬ ‫غل ِب ُ ُ‬
‫تَ ْ‬
‫الكعبة إن كان الله أرسلك ‪..‬‬ ‫نساؤنا يتعلمن من‬
‫وقال الخر ‪ :‬أما وجد الله أحدا ً‬ ‫نسائهم ‪..‬‬
‫أرسله غيرك ؟‬ ‫يعني فقويت علينا نساؤنا ‪..‬‬
‫أما الثالث فقال – متفلسفا ً ‪: -‬‬ ‫ي ‪ .. r‬ثم زاد‬ ‫م الن ّب ِ ّ‬ ‫س َ‬ ‫فت َب َ ّ‬ ‫َ‬
‫والله ل أكلمك أبدا ً ! لئن كنت‬ ‫عمر الكلم ‪ ..‬فازداد تبسم‬
‫رسول ً من الله كما تقول لنت‬ ‫النبي ‪ .. r‬تلطفا ً مع عمر‬
‫أعظم خطرا ً من أن أرد عليك‬ ‫‪.. ‬‬
‫الكلم ‪ ..‬ولئن كنت تكذب على‬ ‫وتقرأ في أحاديث أنه تبسم‬
‫الله ما ينبغي لي أن أكلمك ‪..‬‬ ‫حتى بدت نواجذه ‪..‬‬
‫فلما سمع ‪ ‬منهم هذا الرد‬ ‫إذن كان لطيف المعشر ‪..‬‬
‫القبيح ‪ ..‬قام من عندهم ‪ ..‬وقد‬ ‫أنيس المجلس ‪..‬‬
‫يئس من خير ثقيف ‪..‬‬ ‫طنا أنفسنا على مثل‬ ‫فلو و ّ‬
‫لكنه خاف أن تعلم قريش بخبر‬ ‫هذا التعامل مع الناس ‪..‬‬
‫ثقيف معه فيجترئون عليه‬ ‫لشعرنا بطعم الحياة فعل ً ‪..‬‬
‫أكثر ‪ ..‬فقال لهم ‪:‬‬
‫إذا فعلتم ما فعلتم فاكتموا على‬ ‫فكرة ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫الطفل طينة لينة نشكلها‬
‫فلم يفعلوا ‪ ..‬وأغروا به‬ ‫بحسب تعاملنا معه ‪..‬‬
‫سفهاءهم وعبيدهم يسبونه‬
‫ويصيحون به ‪..‬‬ ‫العبيد والمماليك ‪..‬‬ ‫‪.12‬‬
‫‪26‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫يونس بن متى ؟‬ ‫حتى اجتمع عليه الناس‬
‫فقال ‪ " : r‬ذلك أخي ‪ ..‬كان‬ ‫وألجئوه إلى حائط لعتبة بن‬
‫نبيا ً ‪ ..‬وأنا نبي " ‪..‬‬ ‫ربيعة ‪ ..‬وشيبة بن ربيعة ‪..‬‬
‫فأكب عداس على رسول الله ‪r‬‬ ‫وهما فيه ‪..‬‬
‫يقبل رأسه ويديه وقدميه ‪..‬‬ ‫ورجع عنه من سفهاء ثقيف‬
‫وابنا ربيعة ينظران إليهما ‪..‬‬ ‫ممن كان يتبعه ‪..‬‬
‫فقال أحدهما لصاحبه ‪ :‬أما‬ ‫فعمد ‪ r‬إلى ظل حبلة من‬
‫غلمك فقد أفسده عليك ‪..‬‬ ‫عنب فجلس فيه ‪..‬‬
‫فلما رجع عداس لسيده ‪ ..‬وقد‬ ‫وابنا ربيعة ينظران إليه‬
‫بدا عليه التأثر برؤية رسول الله‬ ‫ويريان ما يلقى من سفهاء‬
‫‪ ‬وسماع كلمه ‪..‬‬ ‫أهل الطائف ‪..‬‬
‫قال له سيده ‪ :‬ويلك يا عداس !‬ ‫فلما رآه ابنا ربيعة عتبة‬
‫ما لك تقبل رأس هذا الرجل‬ ‫وشيبة وما لقي تحركت له‬
‫ويديه وقدميه ؟‬ ‫رحمهما ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬يا سيدي ما في الرض‬ ‫فدعوا غلما ً لهما نصرانيا ً‬
‫شئ خير من هذا ‪ ..‬لقد أخبرني‬ ‫يقال له عداس ‪ ..‬وقال ‪ :‬له‬
‫بأمر ما يعلمه إل نبي ‪..‬‬ ‫خذ قطفا ً من هذا العنب‬
‫فقال سيده ‪ :‬ويحك يا عداس ل‬ ‫فضعه في هذا الطبق ‪ ..‬ثم‬
‫يصرفنك عن دينك ‪ ..‬فإن دينك‬ ‫اذهب به إلى ذلك الرجل‬
‫خير من دينه ‪..‬‬ ‫فقل له يأكل منه ‪..‬‬
‫فهل نستطيع نحن اليوم أن‬ ‫ففعل عداس ‪ ..‬وجاء بالعنب‬
‫نجعل تعاملنا راقيا ً مع الجميع ‪..‬‬ ‫‪ ..‬حتى وضعه بين يدي‬
‫مهما كانت طبقاتهم ؟‬ ‫رسول الله ‪ r‬ثم قال له ‪:‬‬
‫لمحة ‪..‬‬ ‫كل ‪..‬‬
‫عامل البشر على أنهم بشر ‪ ..‬ل‬ ‫فمد رسول الله ‪ r‬يده إليه‬
‫على أشكالهم ‪ ..‬أو أموالهم ‪..‬‬ ‫وقال ‪ " :‬بسم الله " ثم أكل‬
‫أو وظائفهم ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫نظر عداس إليه وقال ‪:‬‬
‫مع المخالفين ‪..‬‬ ‫‪.13‬‬ ‫والله إن هذا الكلم ما يقوله‬
‫الكفار ‪ ..‬كان ‪ r‬يعاملهم بالعدل‬ ‫أهل هذه البلد ‪..‬‬
‫‪ ..‬ويستميت في سبيل دعوتهم‬ ‫فقال له ‪ " : r‬ومن أهل أي‬
‫وإصلحهم ‪ ..‬ويتحمل أذاهم ‪..‬‬ ‫بلد أنت يا عداس ؟ وما‬
‫ويتغاضى عن سوئهم ‪ ..‬كيف‬ ‫دينك ؟ " ‪..‬‬
‫ل ‪ ..‬وقد قال له ربه ‪ ) :‬وما‬ ‫قال ‪ :‬نصراني ‪ ..‬وأنا رجل‬
‫أرسلناك إل رحمة ( ‪ ..‬لمن ؟!‬ ‫من أهل نينوى ‪..‬‬
‫للمؤمنين ؟! ل ‪ ) ..‬إل رحمة‬ ‫فقال ‪ " : r‬من قرية الرجل‬
‫للعالمين ( ‪..‬‬ ‫الصالح يونس بن متى ؟ " ‪..‬‬
‫وتأمل حال اليهود‪ ..‬يذمونه‬ ‫فقال عداس ‪ :‬وما يدريك ما‬

‫‪27‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫بهدوء ‪ ..‬حتى التقط السيف من‬ ‫ويبتدئون بالعداوة ‪ ..‬ومع‬
‫على الغصن ‪ ..‬وصاح بأعلى‬ ‫ذلك يرفق بهم ‪..‬‬
‫صوته ‪:‬‬ ‫وعن عائشة قالت ‪ :‬إن‬
‫يا محمد ‪ ..‬من يمنعك مني ؟‬ ‫اليهود مروا ببيت النبي ‪r‬‬
‫فقالوا ‪:‬‬
‫فاستيقظ رسول الله ‪.. ‬‬ ‫السام عليكم ) أي ‪ :‬الموت‬
‫والرجل قائم على رأسه ‪..‬‬ ‫عليك ( ‪..‬‬
‫والسيف صلتا ً في يده ‪ ..‬يلتمع‬ ‫فقال ‪ : r‬وعليكم ‪..‬‬
‫منه الموت ‪..‬‬ ‫فلم تصبر عائشة لما‬
‫الرسول ‪ ‬وحيدا ً ‪ ..‬ليس عليه‬ ‫سنعتهم ‪ ..‬فقالت ‪ :‬السام‬
‫إل إزار ‪ ..‬أصحابه متفرقون‬ ‫عليكم ‪ ..‬ولعنكم الله وغضب‬
‫عنه ‪ ..‬نائمون ‪..‬‬ ‫عليكم ‪..‬‬
‫والرجل يعيش نشوة القوة‬ ‫فقال ‪ : ‬مهل ً يا عائشة ‪..‬‬
‫والنتصار ‪ ..‬ويردد ‪ :‬من يمنعك‬ ‫عليك بالرفق ‪ ..‬وإياك‬
‫مني ؟ من يمنعك مني ؟‬ ‫والعنف والفحش ‪..‬‬
‫فقال ‪ ‬بكل ثقة ‪ :‬الله ‪..‬‬ ‫فقالت ‪ :‬أو لم تسمع ما‬
‫فانتفض الرجل وسقط‬ ‫قالوا ؟‬
‫السيف ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬أو لم تسمعي ما‬
‫فقام ‪ ‬والتقط السيف وقال ‪:‬‬ ‫قلت ؟! رددت عليهم‬
‫من يمنعك مني ؟‬ ‫فيستجاب لي ‪ ..‬ول يستجاب‬
‫فتغير الرجل ‪ ..‬واضطرب ‪..‬‬ ‫ي ‪..‬‬‫لهم ف ّ‬
‫وأخذ يسترحم النبي ‪.. ‬‬ ‫نعم ‪ ..‬ما الداعي إلى مقابلة‬
‫ويقول ‪ :‬ل أحد ‪ ..‬كن خير آخذ ‪..‬‬ ‫السباب بالسباب ! أليس الله‬
‫فقال له ‪ : ‬تسلم ؟‬ ‫قد قال له ‪ ) :‬وأعرض عن‬
‫قال ‪ :‬ل ‪ ..‬ولكن ل أكون في‬ ‫الجاهلين ( ‪..‬‬
‫قوم هم حرب لك ‪..‬‬ ‫وفي يوم ‪ ..‬خرج ‪ ‬مع‬
‫فعفا عنه ‪ .. ‬وأحسن إليه !!‬ ‫أصحابه في غزوة ‪..‬‬
‫وكان الرجل ملكا ً في قومه ‪..‬‬ ‫فلما كانوا في طريق‬
‫فانصرف إليهم فدعاهم إلى‬ ‫عودتهم ‪ ..‬نزلوا في واد‬
‫السلم ‪ ..‬فأسلموا ‪..‬‬ ‫كثير الشجر ‪..‬‬
‫نعم ‪ ..‬أحسن إلى الناس تستعبد‬ ‫فتفرق الصحابة تحت الشجر‬
‫قلوبهم ‪..‬‬ ‫وناموا ‪ ..‬وأقبل ‪ ‬إلى‬
‫بل حتى مع العداء اللداء كان ‪r‬‬ ‫شجرة فعلق سيفه بغصن‬
‫له خلق عظيم ‪ ..‬كسب به‬ ‫من أغصانها ‪ ..‬وفرش رداءه‬
‫نفوسهم ‪ ..‬وهدى قلوبهم ‪..‬‬ ‫ونام ‪..‬‬
‫ودحر به كفرهم ‪..‬‬ ‫في هذه الثناء كان رجل من‬
‫لما ظهر ‪ e‬بدعوته بين النــاس ‪..‬‬ ‫المشركين يتبعهم ‪..‬‬
‫جعلت قريش تحاول حربــه بكــل‬ ‫فلما رأى رسول الله ‪‬‬
‫سبيل ‪..‬‬ ‫خاليا ً ‪ ..‬أقبل يمشي‬
‫‪28‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫وقبــــل أن يجيــــب النــــبي ‪‬‬ ‫وكــان ممــا بــذلته أن تشــاور‬
‫بكلمة ‪ ..‬ثار عتبة وقال ‪:‬‬ ‫كبارهـــا فـــي التعامـــل مـــع‬
‫إنــا واللــه مــا رأينــا ســخلة قــط‬ ‫دعــوته ‪ .. e‬وتســارع النــاس‬
‫أشـــأم علـــى قـــومه منـــك !!‪..‬‬ ‫لليمان به ‪..‬‬
‫فرقت جماعتنا ‪ ..‬وشتت أمرنا ‪..‬‬ ‫فقـــالوا ‪ :‬أنظـــروا أعلمكـــم‬
‫وعبــت ديننــا ‪ ..‬وفضــحتنا فــي‬ ‫بالســحر والكهانــة والشــعر‬
‫العرب ‪ ..‬حتى لقد طار فيهم أن‬ ‫فليأت هذا الرجل الذي فــرق‬
‫فــي قريــش ســاحرا ً ‪ ..‬وأن فــي‬ ‫جماعتنــا ‪ ..‬وشــتت أمرنــا ‪..‬‬
‫قريش كاهنا ً ‪ ..‬واللــه مــا ننتظــر‬ ‫وعــــاب ديننــــا ‪ ..‬فليكلمــــه‬
‫إل مثـــل صـــيحة الحبلـــى ‪ ..‬أن‬ ‫ولينظر ماذا يرد عليه ‪..‬‬
‫يقوم بعضنا إلى بعض بالســيوف‬ ‫فقالوا ‪ :‬مــا نعلــم أحــدا غيــر‬
‫حتى نتفانى ‪..‬‬ ‫عتبة بن ربيعة ‪..‬‬
‫كـــان عتبـــة متغيـــرا ً غضـــبانا ً ‪..‬‬ ‫فقالوا ‪ :‬أنت يا أبا الوليد ‪..‬‬
‫والنــبي ‪ ‬ســاكت يســتمع بكــل‬ ‫وكان عتبة سيدا ً حليما ً ‪..‬‬
‫أدب ‪..‬‬ ‫فقــال ‪ :‬يــا معشــر قريــش ‪..‬‬
‫وبدأ عتبة يقدم إغراءات ليتخلــى‬ ‫أتــرون أن أقــوم إلــى هــذا‬
‫النبي ‪ ‬عن الدعوة ‪ ..‬فقال ‪:‬‬ ‫فـــأكلمه ‪ ..‬فـــأعرض عليـــه‬
‫أيها الرجل إن كنــت جئت بالــذي‬ ‫أمــورا ً لعلــه أن يقبــل منهــا‬
‫جئت به لجل المال ‪ ..‬جمعنا لك‬ ‫بعضها ‪..‬‬
‫حتى تكون أغنى قريش رجل ً ‪..‬‬ ‫قالوا ‪ :‬نعم يا أبا الوليد ‪..‬‬
‫وان كنت إنما بك حب الرئاسة ‪..‬‬ ‫فقـــام عتبـــة وتـــوجه إلـــى‬
‫عقدنا ألويتنا لك فكنت رأسـا ً مــا‬ ‫رسول الله ‪.. e‬‬
‫بقيت ‪..‬‬ ‫دخل عليه ‪ ..‬فــإذا ‪ ‬جــالس‬
‫وإن كان إنما بــك البــاه والرغبــة‬ ‫بكل سكينة ‪..‬‬
‫ي نســاء‬ ‫فــي النســاء ‪ ..‬فــاختر أ ّ‬ ‫فلما وقف عتبة بيــن يــديه ‪..‬‬
‫قريـــــش شـــــئت فلنزوجـــــك‬ ‫قال ‪ :‬يا محمد ! أنت خيــر أم‬
‫عشرا ً ‪!!..‬‬ ‫عبد الله ؟!‬
‫وان كان هذا الذي يأتيك رئيا ً من‬ ‫فسكت رسول الله ‪ .. e‬تأدبا ً‬
‫الجن تراه ‪ ..‬ل تستطيع رده عــن‬ ‫مع أبيه عبد الله ‪..‬‬
‫نفســك ‪ ..‬طلبنــا لــك الطــب ‪..‬‬ ‫فقــال ‪ :‬أنــت خيــر أم عبــد‬
‫وبذلنا فيــه أموالنــا حــتى نــبرئك‬ ‫المطلب ؟‬
‫منه ‪ ..‬فإنه ربما غلب التابع على‬ ‫فســكت ‪ .. e‬تأدبــا ً مــع جــده‬
‫الرجل حتى يتداوى منه ‪..‬‬ ‫عبد المطلب ‪..‬‬
‫ومضى عتبة يتكلم بهذا السلوب‬ ‫فقال عتبة ‪ :‬فإن كنت تزعم‬
‫الســيء مــع رســول اللــه ‪.. e‬‬ ‫أن هــؤلء خيـــر منــك فقـــد‬
‫ويعرض عليــه عروض ـا ً ويغريــه ‪..‬‬ ‫ت ‪..‬‬‫عْبــ َ‬‫عبــدوا اللهــة الــتي ِ‬
‫والنــبي عليــه الصــلة والســلم‬ ‫وإن كنــت تزعــم أنــك خيــر‬
‫ينصت إليه بكل هدوء ‪..‬‬ ‫منهم ‪ ..‬فتكلــم حــتى نســمع‬
‫وانتهــــت العــــروض ‪ ..‬ملــــك ‪..‬‬ ‫قولك ‪..‬‬
‫‪29‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فيها سجدة التلوة ‪ ..‬فسجد ‪..‬‬ ‫مـــال ‪ ..‬نســـاء ‪ ..‬علج مـــن‬
‫ثــم رفــع رأســه مــن ســجوده ‪..‬‬ ‫جنون !!‬
‫ونظر إلى عتبة وقــال ‪ :‬ســمعت‬ ‫سكت عتبة ‪ ..‬وهدأ ‪ ..‬ينتظــر‬
‫يا أبا الوليد ؟‬ ‫الجواب ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫فرفــع النــبي عليــه الصــلة‬
‫قال ‪ :‬فأنت وذاك ‪..‬‬ ‫والســلم بصــره إليــه وقــال‬
‫فقام عتبة يمشي إلى أصحابه ‪..‬‬ ‫بكل هدووووء ‪:‬‬
‫وهم ينتظرونه متشوقين ‪..‬‬ ‫أفرغت يا أبا الوليد ؟‬
‫فلما أقبل عليهم ‪ ..‬قال بعضهم‬ ‫لم يستغرب عتبــة هــذا الدب‬
‫لبعض ‪ :‬نحلف بـالله لقـد جـاءكم‬ ‫مــن الصــادق الميــن ‪ ..‬بــل‬
‫أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب‬ ‫قال باختصار ‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫به ‪..‬‬ ‫فقال ‪ : e‬فاسمع مني ‪..‬‬
‫فلما جلــس إليهــم ‪ ..‬قــالوا ‪ :‬مــا‬ ‫قال ‪ :‬أفعل ‪..‬‬
‫وراءك يا أبا الوليد ؟‬ ‫فقال ‪ : e‬بسم الله الرحمن‬
‫فقال ‪ :‬ورائي أني والله سمعت‬ ‫ن‬‫م َ‬ ‫ل ّ‬ ‫زي ٌ‬ ‫الرحيم " حم * َتن ِ‬
‫قول ً ما سمعت مثله قط ‪ ..‬والله‬ ‫ب‬ ‫حيم ِ * ك َِتا ٌ‬ ‫ن الّر ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ح َ‬ ‫الّر ْ‬
‫مــا هــو بالشــعر ‪ ..‬ول الســحر ‪..‬‬ ‫عَرب ِّيا‬ ‫قْرآًنا َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ت آَيات ُ ُ‬ ‫صل َ ْ‬ ‫ف ّ‬ ‫ُ‬
‫ول الكهانة ‪..‬‬ ‫ذيًرا‬ ‫ون َ ِ‬ ‫شيًرا َ‬ ‫ن * بَ ِ‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬‫وم ٍ ي َ ْ‬ ‫ق ْ‬ ‫لّ َ‬
‫يــا معشــر قريــش ‪ :‬أطيعــوني‬ ‫م َل‬ ‫ه ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫ض أ َك ْث َُر ُ‬ ‫عَر َ‬ ‫فأ َ ْ‬ ‫َ‬
‫واجعلوهــا بــي ‪ ..‬خلــوا بيــن هـذا‬ ‫ن ‪.. ( ..‬‬ ‫عو َ‬ ‫م ُ‬‫س َ‬ ‫يَ ْ‬
‫الرجل وبين ما هو فيه ‪ ..‬فوالله‬ ‫ومضــى النــبي عليــه الصــلة‬
‫ليكونن لقوله الذي ســمعت منــه‬ ‫والســـلم ‪ ..‬يتلـــوا اليـــات‬
‫نبأ عظيم ‪..‬‬ ‫وعتبة يستمع ‪..‬‬
‫يا قوم !! قرأ بسم الله الرحمــن‬ ‫وفجـــأة جلـــس عتبـــة علـــى‬
‫الرحيـــم " حـــم * تنزيـــل مـــن‬ ‫الرض ‪ ..‬ثم اهتز جسمه ‪..‬‬
‫الرحمن الرحيــم " حــتى بلــغ ‪" :‬‬ ‫فألقى يــديه خلــف ظهــره ‪..‬‬
‫فقـــل أنـــذرتكم صـــاعقة مثـــل‬ ‫واتكأ عليهما ‪..‬‬
‫صــاعقة عــاد وثمــود " فأمســكته‬ ‫وهــو يســتمع ‪ ..‬ويســتمع ‪..‬‬
‫بفيــــه ‪ ..‬وناشــــدته الرحــــم أن‬ ‫والنبي يتلو ‪ ..‬ويتلو ‪..‬‬
‫يكف ‪ ..‬وقد علمتم أن محمدا ً إذا‬ ‫حتى بلغ قوله تعالى ‪..‬‬
‫قال شيئا ً لم يكذب ‪ ..‬فخفــت أن‬ ‫ق ْ َ‬ ‫ن أَ ْ‬
‫م‬‫ل أنذَْرت ُك ُ ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫ضوا َ‬ ‫عَر ُ‬ ‫فإ ِ ْ‬ ‫) َ‬
‫ينزل بكم العذاب ‪..‬‬ ‫عاٍد‬ ‫ة َ‬ ‫ق ِ‬ ‫ع َ‬ ‫صا ِ‬ ‫ل َ‬ ‫مث ْ َ‬ ‫ة ّ‬ ‫ق ً‬ ‫ع َ‬ ‫صا ِ‬ ‫َ‬
‫ثم سكت أبو الوليد قليل ً متفكرا ً‬ ‫مودَ ( ‪ ..‬فانتفض عتبة لما‬ ‫َ‬
‫وث ُ‬ ‫َ‬
‫‪ ..‬وقومه واجمون يحدون النظــر‬ ‫سمع التهديد بالعذاب ‪..‬‬
‫إليه ‪..‬‬ ‫وقفز ووضع يديه على فم‬
‫فقال ‪ :‬والله إن لقوله لحلوة ‪..‬‬ ‫رسول الله ‪ .. e‬ليوقف‬
‫وإن عليـــــه لطلوة ‪ ..‬وإن أعله‬ ‫القراءة ‪..‬‬
‫لمثمــر ‪ ..‬وإن أســفله لمغــدق ‪..‬‬ ‫فاســـتمر ‪ e‬يتلـــو اليـــات ‪..‬‬
‫وإنه ليعلو وما يعلى عليه ‪ ..‬وإنه‬ ‫حتى انتهى إلــى اليــة الــتي‬
‫‪30‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫عنه ‪..‬‬ ‫ليحطم ما تحته ‪ ..‬وما يقــول‬
‫قال ‪ :‬قل ‪ ..‬أسمع ‪..‬‬ ‫هذا بشــر ‪ ..‬ومــا يقــول هــذا‬
‫فقال ‪ : ‬يا أبا عمران ‪ ..‬كم‬ ‫بشر ‪..‬‬
‫إلها ً تعبد اليوم ؟‬ ‫قــالوا ‪ :‬هــذا شـــعر يـــا أبــا‬
‫قال ‪ :‬سبعة ‪ !!..‬ستة في الرض‬ ‫الوليد ‪ ..‬شعر ‪..‬‬
‫‪ ..‬وواحدا ً في السماء ‪!!..‬‬ ‫فقال ‪ :‬والله مــا رجــل أعلــم‬
‫قال ‪ :‬فأيهم تعد لرغبتك‬ ‫بالشــعار منــي ‪ ..‬ول أعلــم‬
‫ورهبتك ؟‬ ‫برجــزه ول بقصــيده منــي ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬الذي في السماء ‪..‬‬ ‫ول بأشعار الجن ‪ ..‬واللــه مــا‬
‫فقال ‪ ‬بكل لطف ‪ :‬يا حصين‬ ‫يشبه هذا الــذي يقــول شــيئا ً‬
‫أما إنك لو أسلمت علمتك‬ ‫من هذا ‪..‬‬
‫كلمتين ينفعانك ‪..‬‬ ‫ومضــى عتبــة ينــاقش قــومه‬
‫فما كان من حصين إل أن أسلم‬ ‫فــي أمــر رســول اللــه ‪.. ‬‬
‫في مكانه فورا ً ‪..‬‬ ‫صحيح أن عتبة لم يدخل فــي‬
‫ثم قال ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬ ‫السلم ‪ ..‬لكــن نفســه لنــت‬
‫علمني الكلمتين اللتين‬ ‫للدين ‪..‬‬
‫وعدتني ‪..‬‬ ‫فتأمل كيف أثر هذا الخلق‬
‫فقال ‪ : ‬قل ‪ :‬اللهم ألهمني‬ ‫الرفيع ‪ ..‬ومهارة حسن‬
‫رشدي ‪ ..‬وأعذني من شر‬ ‫الستماع في عتبة مع أنه‬
‫نفسي ‪..‬‬ ‫من أشد العداء ‪..‬‬
‫آآآه ما أروع هذا التعامل الراقي‬ ‫وفي يوم آخر ‪..‬‬
‫! وشدة تأثيره في الناس عند‬ ‫تجتمع قريش ‪ ..‬فينتدبون‬
‫مخالطتهم ‪..‬‬ ‫حصين بن المنذر الخزاعي ‪..‬‬
‫وهذا التعامل السلمي الدعوي‬ ‫وهو أبو الصحابي الجليل‬
‫يفيد في دعوة الكفار وجذبهم‬ ‫عمران بن حصين ‪..‬‬
‫إلى الخير ‪..‬‬ ‫ينتبونه لنقاش النبي عليه‬
‫سافر أحد الشباب للدراسة في‬ ‫الصلة والسلم ورده عن‬
‫ألمانيا فسكن في شقة ‪ ..‬وكان‬ ‫دعوته ‪..‬‬
‫يسكن أمامه شاب ألماني ‪ ،‬ليس‬ ‫يدخل أبو عمران على النبي‬
‫بينهما علقة ‪ ،‬لكنه جاره ‪..‬‬ ‫‪ e‬وحوله أصحابه ‪ ..‬فيردد‬
‫سافر اللماني فجأة ‪ ..‬وكان‬ ‫عليه ما تردده قريش دوما ً ‪..‬‬
‫موزع الجرائد يضع الجريدة كل‬ ‫فرقت جماعتنا ‪ ..‬شتت‬
‫يوم عند بابه ‪ ..‬انتبه صاحبنا إلى‬ ‫شملنا ‪ ..‬والنبي ‪ e‬ينصت‬
‫كثرة الجرائد ‪ ..‬سأل عن جاره ‪..‬‬ ‫بلطف ‪..‬‬
‫فعلم أنه مسافر ‪..‬‬ ‫حتى إذا انتهى ‪ ..‬قال له ‪e‬‬
‫م الجرائد ووضعها في درج‬ ‫َلـ ّ‬ ‫بكل أدب ‪..‬‬
‫خاص ‪ ..‬وصار يجمعها كل يوم‬ ‫أفرغت يا أبا عمران ‪..‬‬
‫ويرتبها ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫لما رجع صاحبه بعد شهرين أو‬ ‫قال ‪ :‬فأجبني عما أسألك‬
‫‪31‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫يخالط دمه وعقله ‪ ..‬ل ينفك‬ ‫ثلثة ‪ ..‬سلم عليه وهنأه‬
‫عنه أبدا ً ‪..‬‬ ‫بسلمة الرجوع ‪ ..‬ثم ناوله‬
‫فتجده دائما ً لينا ً هينا ً رفيقا ً‬ ‫الجرائد ‪..‬وقال له ‪ :‬خشيت‬
‫متحمل ً عطوفا ً ‪ ..‬مع كل أحد ‪..‬‬ ‫أنك متابع لمقال ‪ ..‬أو‬
‫حتى مع الحيوانات ‪ ..‬والجمادات‬ ‫مشترك في مسابقة ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫فأردت أن ل يفوتك ذلك ‪..‬‬
‫كان رسول الله ‪ r‬في سفر ‪..‬‬ ‫نظر الجار إليه متعجبا ً من‬
‫فانطلق ليقضي حاجته ‪..‬‬ ‫هذا الحرص ‪ ..‬فقال ‪ :‬هل‬
‫حمرة معها‬ ‫فرأى بعض الصحابة ُ‬ ‫تريد أجرا ً أو مكافأة على هذا‬
‫فرخان ‪ ..‬فأخذ بعضهم‬ ‫؟‬
‫فرخيها ‪ ..‬فجاءت الحمرة ‪..‬‬ ‫قال صاحبنا ‪ :‬ل ‪ ..‬لكن ديننا‬
‫فجعلت تحوم حولهم وترفرف‬ ‫يأمرنا بالحسان‬
‫بجناحيها ‪..‬‬ ‫إلى الجار ‪ ..‬وأنت‬
‫فلما جاء النبي ‪ ‬ورآها ‪..‬‬ ‫جار فل بد من‬
‫التفت إلى أصحابه وقال ‪:‬‬ ‫الحسان إليك‬
‫من فجع هذه بولدها ؟ ردوا‬ ‫ثم ما زال صاحبنا محسنا ً‬
‫ولدها إليها ‪..‬‬ ‫إلى ذلك الجار ‪ ..‬حتى دخل‬
‫وفي يوم آخر ‪ ..‬رأى ‪ r‬قرية‬ ‫في السلم ‪..‬‬
‫نمل قد أحرقت ‪..‬‬ ‫هذه والله هي المتعة‬
‫فقال ‪ :‬من أحرق هذه ؟‬ ‫الحقيقية بالحياة ‪ ..‬أن تشعر‬
‫قال بعض أصحابه ‪ :‬أنا ‪..‬‬ ‫أنك رقم على اليمين ‪..‬‬
‫فغضب وقال ‪ :‬ل ينبغي أن‬ ‫تتعبد لله بكل شيء حتى‬
‫ُيعذب بالنار إل رب النار ‪..‬‬ ‫بأخلقك ‪..‬‬
‫وكان ‪ r‬من رأفته ‪ ..‬أنه إذا‬ ‫وكم صدّ أعدادا ً كبيرة من‬
‫توضأ وأقبلت إليه هرة ‪..‬‬ ‫الكفار عن الدخول في‬
‫أصغى لها الناء ‪ ..‬فتشرب ‪ ..‬ثم‬ ‫السلم تعاملت فريق من‬
‫يتوضأ بفضلها ‪..‬‬ ‫المسلمين معهم ‪..‬‬
‫ومّر ‪ r‬يوما ً على رجل ملقيا ً‬ ‫فيظلمونهم عمال ً ‪..‬‬
‫شاة على الرض ‪ ..‬وقد وضع‬ ‫ويغشونهم متسوقين ‪..‬‬
‫رجله على صفحة عنقها ممسكا ً‬ ‫ويؤذونهم جيرانا ً ‪..‬‬
‫لها ليذبحها ‪ ..‬وهو يحد‬ ‫م نبدأ من جديد معهم ‪..‬‬ ‫فهل ّ‬
‫شفرته ‪ ..‬وهي تلحظ إليه‬
‫ببصرها ‪..‬‬ ‫إضاءة ‪..‬‬
‫فغضب ‪ r‬لما رآه ‪ ..‬وقال ‪ :‬أتريد‬ ‫خير الداعين من يدعو‬
‫أن تميتها موتتين ؟ هل حددت‬ ‫بأفعاله قبل أقواله ‪..‬‬
‫شفرتك قبل أن تضجعها ؟‬
‫ومر يوما ً برجلين يتحدثان ‪ ..‬وقد‬ ‫الحيوانات !!‬ ‫‪.14‬‬
‫ركب كل منهما على بعيره ‪..‬‬ ‫من صارت المهارات الحسنة‬
‫ديدنه ‪ ..‬تحولت إلى طبع‬
‫‪32‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فلما شعرت المرأة بالنجاة ‪..‬‬ ‫فلما رآهما رحم البعيرين ‪..‬‬
‫اشتد فرحها ‪ ..‬فقالت ‪:‬‬ ‫ونهى أن تتخذ الدواب‬
‫ي نذرا ً ‪ ..‬إن‬
‫اللهم إن لك عل ّ‬ ‫كراسي ‪ ..‬يعني ل تركب‬
‫أنجيتني عليها أن أنحرها ‪!!..‬‬ ‫البعير إل وقت الحاجة‬
‫وصلت المرأة إلى المدينة ‪..‬‬ ‫فقط ‪ ..‬فإذا انتهت حاجتك‬
‫فعرف الناس ناقة النبي ‪.. ‬‬ ‫فانزل ودعه يرتاح ‪..‬‬
‫نزلت لمرأة في بيتها ومضوا‬ ‫ونهى ‪ r‬عن وسم الدابة‬
‫بالناقة إلى النبي ‪.. ‬‬ ‫في الوجه ‪..‬‬
‫فجاءت المرأة تطلب الناقة‬ ‫ومن أطرف ما ذكر ‪..‬‬
‫لتنحرها !!‬ ‫أنه كان للنبي ‪ r‬ناقة تسمى‬
‫فقال ‪ : ‬بئس ما جزيتيها ‪ ..‬أو‬ ‫العضباء ‪..‬‬
‫بئس ما جزتها ‪ ..‬إن أنجاها الله‬ ‫ثم إن نفرا ً من المشركين‬
‫عليها لتنحرنها !!‬ ‫ل‬
‫أغاروا على إب ٍ‬
‫ثم قال ‪ " : r‬ل وفاء لنذر في‬ ‫للمسلمين ‪ ..‬كانت ترعى‬
‫معصية الله ول فيما ل يملك ابن‬ ‫في أطراف المدينة ‪..‬‬
‫آدم " ‪.‬‬ ‫فذهبوا بها ‪ ..‬وكانت العضباء‬
‫فلمــاذا ل تحــول مهاراتــك فــي‬ ‫فيها ‪..‬‬
‫التعامــــل – كــــالرفق والبشــــر‬ ‫وأسروا امرأة من المسلمين‬
‫والكرم – إلى سجية تلزمك على‬ ‫‪ ..‬واستاقوها معهم ‪..‬‬
‫جميــع أحوالــك ‪ ..‬مــع كــل شــيء‬ ‫وهرب المشركون ‪ ..‬بالمرأة‬
‫تتعامــل معــه ‪ ..‬حــتى الجمــادات‬ ‫والبل ‪..‬‬
‫والشجار ‪!!..‬‬ ‫وكانوا إذا نزلوا أثناء الطريق‬
‫كان النبي ‪ r‬يقوم يوم الجمعة ‪..‬‬ ‫‪ ..‬أطلقوا البل ترعى‬
‫فيسند ظهره إلى جذع منصوب‬ ‫حولهم ‪..‬‬
‫في المسجد فيخطب الناس ‪..‬‬ ‫فنزلوا منزل ً فناموا ‪..‬‬
‫فقالت امرأة من النصار ‪:‬‬ ‫فقامت المرأة بالليل لتهرب‬
‫يا رسول الله ‪ ..‬أل أجعل لك‬ ‫منهم ‪..‬‬
‫شيئا ً تقعد عليه ‪ ..‬فإن لي غلما ً‬ ‫فأقبلت إلى البل لتركب‬
‫نجارا ً ‪..‬‬ ‫إحداها ‪ ..‬فجعلت كلما أتت‬
‫قال ‪ :‬إن شئت ‪..‬‬ ‫على بعير رغا بأعلى‬
‫فعملت له المنبر ‪..‬‬ ‫ً‬
‫صوته ‪ ..‬فتتركه خوفا من‬
‫فلما كان يوم الجمعة ‪ ..‬صعد‬ ‫استيقاظهم ‪..‬‬
‫النبي ‪ r‬على المنبر الذي صنع‬ ‫وجعلت تمر على البل واحدا ً‬
‫له ‪..‬‬ ‫واحدا ً ‪..‬‬
‫فلما قعد ‪ r‬على ذلك المنبر ‪..‬‬ ‫حتى أتت على العضباء ‪..‬‬
‫خار الجذع كخوار الثور ‪..‬‬ ‫فحركتها فإذا ناقة ذلول‬
‫وصاحت النخلة ‪ ..‬حتى كادت أن‬ ‫مجرسة ‪ ..‬فركبتها المرأة ‪..‬‬
‫تنشق ‪ ..‬وارتج المسجد ‪..‬‬ ‫ثم وجهتها نحو المدينة ‪..‬‬
‫فانطلقت العضباء مسرعة ‪..‬‬
‫‪33‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫هب أنك دخلت مجلسا ً فيه‬ ‫فنزل النبي ‪ r‬فضم الجذع‬
‫أربعون رجل ً ‪ ..‬فمررت بالناس‬ ‫إليه ‪ ..‬فجعلت النخلة تئن‬
‫تصافحهم ‪..‬‬ ‫أنين الصبي الذي ُيس ّ‬
‫كت‬
‫فالول مددت يدك إليه مسلما ً‬ ‫حتى استقرت ‪..‬‬
‫فناولك طرف يده ‪ ..‬وقال ببرود‬ ‫ثم قال ‪ ) : r‬أما و الذي‬
‫‪ :‬أهل ً ‪ ..‬أهل ً ‪..‬‬ ‫نفس محمد بيده ‪ ..‬لو لم‬
‫والثاني كان مشغول ً بحديث‬ ‫ألتزمه لما زال هكذا إلى يوم‬
‫جانبي ‪ ..‬ففاجأته بالسلم ‪..‬‬ ‫القيامة ‪.. ( ..‬‬
‫فرد ببرود أيضا ً وصافحك دون‬
‫أن ينظر إليك ‪..‬‬ ‫إشارة ‪..‬‬
‫والثالث كان يتحدث بهاتفه ‪..‬‬ ‫الله كّرم النسان ‪ ..‬لكن ذلك‬
‫فمد يده إليك دون أن يتلفظ‬ ‫ل يفتح المجال له لضطهاد‬
‫بكلمة ترحيب ‪ ..‬أو يبدي لك أي‬ ‫بقية المخلوقات ‪..‬‬
‫اهتمام ‪..‬‬
‫أما الرابع ‪ ..‬فلما رآك مقبل ً قام‬ ‫‪ 100 .15‬طريقة لكسب‬
‫مستعدا ً للسلم ‪ ..‬فلما التقت‬ ‫قلوب الناس‬
‫عينك بعينه ابتسم وأظهر‬ ‫كل صاحب هم يتفنن في‬
‫البشاشة بلقياك ‪..‬‬ ‫صيد ما يريد ‪..‬‬
‫وصافحك بحرارة ‪ ..‬واحتفى‬ ‫عاشق المال يتفنن في‬
‫بقدومك ‪ ..‬وأنت ل تعرفه ول‬ ‫جمعه وتنميته ‪ ..‬ويحرص‬
‫يعرفك !!‬ ‫على تعلم مهارات التجارة‬
‫ثم أكملت سلمك على الناس ‪..‬‬ ‫والربح ‪..‬‬
‫وجلست ‪..‬‬ ‫القنوات الفضائية تتفنن في‬
‫بالله عليك ! أل تشعر أن قلبك‬ ‫اصطياد الناس بتنويع‬
‫ينجذب نحو ذلك الشخص ؟‬ ‫البرامج واختيار الساليب‬
‫بلى ‪ ..‬ينجذب إليه ‪ ..‬وأنت ل‬ ‫المتجددة ‪ ..‬وتدريب مقدمي‬
‫تعرفه ‪ ..‬ول تدري عن اسمه ‪..‬‬ ‫البرامج على مهارات تجذب‬
‫ول تعلم وظيفته ول مركزه ‪..‬‬ ‫الناس لمتابعتها ‪..‬‬
‫ومع ذلك استطاع أن يسلب‬ ‫وقل مثل ذلك في وسائل‬
‫قلبك ‪ ..‬ل بماله ‪ ..‬ول بمنصبه ‪..‬‬ ‫العلم المقروءة ‪..‬‬
‫ول بحسبه ونسبه ‪ ..‬وإنما‬ ‫والمسموعة ‪..‬‬
‫بمهارات تعامله ‪..‬‬ ‫ومثله مروجو البضائع‬
‫إذن القلوب ل تكسب بالقوة ول‬ ‫المختلفة سواء كانت حلل ً‬
‫بالمال ول بالجمال ول بالوظيفة‬ ‫أم حراما ً ‪..‬‬
‫‪ ..‬وإنما تكسب بأقل من ذلك‬ ‫كلهم يحرصون على إتقان‬
‫وأسهل ‪ ..‬ومع ذلك فقليل من‬ ‫المهارات التي تفيدهم في‬
‫يستطيع كسبها ‪..‬‬ ‫مجالهم الذي يحبونه ‪..‬‬
‫أذكر أن أحد طلبي في الكلية‬ ‫وكسب القلوب فن من‬
‫أصيب بمرض نفسي ‪ ..‬كان نوعا ً‬
‫الفنون له طرقه وأساليبه ‪..‬‬
‫‪34‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫يحبون أحاديثك وابتسامتك‬ ‫صعبا ً من الكتئاب ‪..‬‬
‫ورفقك وحسن معشرك ‪..‬‬ ‫كان والده ضابطا ً يشغل‬
‫يحبون تغاضيك عن أخطائهم ‪..‬‬ ‫منصبا ً عاليا ً ‪ ..‬جاء مرارا ً إلى‬
‫ووقوفك معهم في مصائبهم ‪..‬‬ ‫الكلية وقابلني وتعاوّنا على‬
‫ل تجعل قلوبهم معلقة بكرسيك‬ ‫علج ابنه ‪..‬‬
‫وجيبك !!‬ ‫كنت أذهب إلى بيتهم أحيانا ً‬
‫الذي يوفر لولده وزوجته المال‬ ‫فأراه قصرا ً منيفا ً ‪ ..‬وأرى‬
‫والطعام والشراب لم يكسب‬ ‫مجلس الب مليئا ً‬
‫قلوبهم ‪ ..‬وإنما كسب‬ ‫بالضيوف ‪ ..‬ل تكاد تجد فيه‬
‫بطونهم ‪..‬‬ ‫مكانا ً فارغا ً ‪..‬‬
‫والذي يغدق على أهله‬ ‫كنت أعجب من محبة الناس‬
‫الموال ‪ ..‬مع سوء التعامل ‪ ..‬لم‬ ‫لهذا الرجل وإقبالهم عليه ‪..‬‬
‫يكسب قلوبهم ‪ ..‬إنما كسب‬ ‫مضت سنوات وتقاعد الب‬
‫جيوبهم ‪..‬‬ ‫من منصبه ‪..‬‬
‫لذلك ل تستغرب إذا وجدت شابا ً‬ ‫فذهبت إليه زائرا ً ‪ ..‬دخلت‬
‫تقع له مشكلة فيشكوها إلى‬ ‫القصر ‪ ..‬ثم دلفت إلى‬
‫صديق أو إمام مسجد أو‬ ‫المجلس وفيه أكثر من‬
‫مدرس ‪ ..‬ويترك أباه ‪ ..‬لن الب‬ ‫خمسين كرسيا ً ‪ ..‬فلم أر‬
‫لم يكسب قلبه ‪ ..‬ولم يحطم‬ ‫في المجلس إل الرجل يتابع‬
‫السوار بينهما ‪ ..‬بينما كسب‬ ‫برنامجا ً في التلفاز ‪..‬‬
‫هذا القلب مدرس أو صديق ‪..‬‬ ‫وخادما ً يخدمه بالقهوة‬
‫وربما كسبه عدو حاقد !!‬ ‫والشاي ‪ ..‬جلست معه‬
‫وأمر آخر مهم ‪..‬‬ ‫قليل ً ‪..‬‬
‫أل تلحظ معي أن بعض الناس‬ ‫فلما خرجت جعلت أتذكر‬
‫إذا دخل مجلسا ً مزدحما ً ‪ ..‬وجعل‬ ‫حاله لما كان في وظيفته ‪..‬‬
‫يتلفت باحثا ً عن مكان يجلس‬ ‫وحاله الن ‪ ..‬ما الذي كان‬
‫فيه ‪ ..‬رأيت الجالسين‬ ‫يجمع الناس فيما مضى ؟‬
‫يتسابقون عليه كل يناديه‬ ‫ما الذي كان يجعلهم يلتمون‬
‫ليجلس بجانبه !‪ ..‬لماذا؟‬ ‫عليه مؤانسين متحببين ؟!‬
‫هل دعيت يوما ً إلى عشاء ‪..‬‬ ‫أدركت عندها أن الرجل لم‬
‫وكان بنظام ) البوفيه المفتوح (‬ ‫يكسب الناس بأخلقه‬
‫‪ ..‬بحيث إن كل شخص يأخذ‬ ‫ولطفه وحسن تعامله ‪..‬‬
‫طعامه في طبق ويجلس على‬ ‫وإنما كسبهم بمنصبه‬
‫إحدى الطاولت الدائرية ‪ ..‬ألم‬ ‫ووجاهته وسعة علقاته ‪..‬‬
‫تر بعض الناس ما إن يمل طبقه‬ ‫فلما زال المنصب زالت معه‬
‫بالطعام حتى يتهافت عدد من‬ ‫المحبة ‪..‬‬
‫الناس يشيرون إليه بوجود مكان‬ ‫فخذ من صاحبنا درسا ً ‪..‬‬
‫فارغ ‪ ..‬ليجلس معهم ‪..‬‬ ‫وتعامل مع الناس بمهارات‬
‫بينما آخر يمل طبقه بالطعام ‪..‬‬ ‫تجعلهم يحبونك لشخصك ‪..‬‬
‫‪35‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ذلك إل لمصلحة ‪ ..‬فيفوتهم‬ ‫ويتلفت ول أحد يناديه أو‬
‫بذلك أجر عظيم ‪..‬‬ ‫يقبل عليه ‪ ..‬حتى تسوقه‬
‫إذن المؤمن يتعبد لله تعالى‬ ‫قدماه إلى إحدى‬
‫بأخلقه ومهارات تعامله ‪ ..‬مع‬ ‫الطاولت ‪..‬‬
‫جميع الناس ‪ ..‬ل لجل منصب أو‬ ‫لماذا حرص الناس على‬
‫مال ‪ ..‬ول لجل أن يمدحه‬ ‫الول دون الثاني ‪..‬‬
‫الناس ‪ ..‬ول لجل أن يزوج أو‬ ‫أل تشعر أن بعض الناس‬
‫يسلف مال ً ‪ ..‬وإنما ليحبه الله‬ ‫تقبل عليه القلوب أينما كان‬
‫ويحببه إلى خلقه ‪..‬‬ ‫‪ ..‬وكأن في يده مغناطيس‬
‫نعم ‪ ..‬من اعتبر حسن الخلق‬ ‫يجذبها به جذبا ً !!‬
‫عبادة ‪ ..‬صار يتعامل بأحسن‬ ‫عجبا ً ! كيف استطاع هؤلء‬
‫المهارات مع الغني والفقير ‪..‬‬ ‫جميعا كسب الناس ؟!‬
‫والمدير والفراش ‪..‬‬ ‫إنها طرق ذكية يستطيع بها‬
‫لو مررت يوما ً بعامل مسكين‬ ‫الشخص أن يصيد بها‬
‫يكنس الشارع ‪ ..‬ومد يده إليك ؟‬ ‫القلوب ‪..‬‬
‫ودخلت يوما ً آخر على مسئول‬
‫كبير فمد يده ‪ ..‬هل هما‬ ‫قرار ‪..‬‬
‫متساويان ؟ في احتفائك بهما ‪..‬‬ ‫قدرتنا على أسر قلوب‬
‫وتبسمك وبشاشتك ؟‬ ‫الخرين ‪ ..‬وكسب محبتهم‬
‫ل أدري !!‬ ‫الصادقة ‪ ..‬تمنحنا جانبا ً كبيرا ً‬
‫أما رسول الله ‪ e‬فكانا عنده‬ ‫من المتعة بالحياة ‪..‬‬
‫متساويين في الحتفاء والنصح‬
‫والشفقة ‪..‬‬ ‫أحسن النية‪ ..‬لوجه‬ ‫‪.16‬‬
‫وما يدريك لعل من تزدريه‬ ‫الله ‪..‬‬
‫وتتكبر عليه يكون عند الله خيرا ً‬ ‫جعلت أتأمل أساليب تعامل‬
‫من ملء الرض من مثل الذي‬ ‫بعض الشخاص ‪ ..‬وعشت‬
‫تكرمه وتقبل عليه ‪..‬‬ ‫معهم سنين ‪ ..‬ل أذكر أني‬
‫قال ‪ ) ‬إن من أحبكم إلي‬ ‫رأيت منهم ابتسامة ‪ ..‬بل‬
‫وأقربكم مني مجلسا ً يوم‬ ‫ول حتى مجاملة بضحك على‬
‫القيامة أحاسنكم أخلقا ً ( )‪.. (15‬‬ ‫طرفة ‪ ..‬أو تفاعل مع‬
‫وقال للشج بن عبد قيس ‪ ) :‬إن‬ ‫متحدث ‪ ..‬كنت أظن أنهم‬
‫فيك لخصلتين يحبهما الله‬ ‫نشئوا هكذا ول يستطيعون‬
‫ورسوله ( ‪..‬‬ ‫غيره ‪..‬‬
‫فما هما الخصلتان ‪ :‬قيام‬ ‫ثم تفاجأت برؤيتهم في‬
‫الليل ! صيام النهار ؟ ‪..‬‬ ‫مواطن معينة ‪ ..‬ومع بعض‬
‫استبشر الشج ‪ .. t‬وقال ‪ :‬ما‬ ‫الناس – من الغنياء‬
‫هما يا رسول الله ؟ فقال عليه‬ ‫وأصحاب النفوذ تحديدا ً –‬
‫يحسنون الضحك والتلطف ‪..‬‬
‫) ( رواه الترمذي‬ ‫‪15‬‬ ‫فأدركت أنهم ما يفعلون‬
‫‪36‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فماذا قال ؟ تكون لطولهما‬ ‫الصلة والسلم ) الحلم ‪..‬‬
‫قياما ً ؟ أم لكثرهما صياما ً ؟ أم‬ ‫)‪(16‬‬
‫والناة ( ‪..‬‬
‫لوسعهما علما ً ؟ كل ‪..‬‬ ‫وسئل ‪ r‬عن البر ؟‪..‬‬
‫وإنما قال ‪ :‬تكون لحسنهما‬ ‫فقال ‪ ) :‬البر حسن‬
‫خلقا ً ‪..‬‬ ‫)‪(17‬‬
‫الخلق ( ‪..‬‬
‫فعجبت أم سلمة ‪ ..‬فلما رأى‬ ‫وسئل عن أكثر ما يدخل‬
‫دهشتها قال عليه الصلة‬ ‫الناس الجنة فقال ‪ ) :‬تقوى‬
‫والسلم ‪:‬‬ ‫)‪(18‬‬
‫الله وحسن الخلق ( ‪..‬‬
‫ياااا أم سلمة ‪ ..‬ذهب حسن‬ ‫وقال ‪ ) : r‬أكمل المؤمنين‬
‫الخلق بخيري الدنيا والخرة ‪..‬‬ ‫إيمانا ً أحاسنهم أخلقا ً‬
‫نعم ذهب بخيري الدنيا‬ ‫الموطؤون أكنافا ً الذين‬
‫والخرة ‪..‬‬ ‫يألفون ويؤلفون ول خير‬
‫أما خير الدنيا فهو ما يكون له‬ ‫فيمن ل يألف ول يؤلف ( ‪..‬‬
‫من محبة في قلوب الخلق ‪..‬‬ ‫)‪(19‬‬

‫وأما خير الخرة فهو ما يكون له‬ ‫وقال ‪ ) : ‬ما شيء أثقل‬
‫من الجر العظيم ‪..‬‬ ‫في الميزان من حسن الخلق‬
‫ومهما أكثر النسان من العمال‬ ‫)‪(20‬‬
‫( ‪..‬‬
‫الصالحات ‪ ..‬فإنها قد تفسد‬ ‫وقال ‪ ) : r‬إن الرجل ليبلغ‬
‫عليه إذا كان سيء الخلق ‪..‬‬ ‫بحسن خلقه درجة قائم‬
‫ل امرأة ‪..‬‬ ‫ذكر للنبي ‪ r‬حا ُ‬ ‫ُ‬ ‫)‪(21‬‬
‫الليل وصائم النهار ( ‪..‬‬
‫وذكر له أنها تصلي وتصوم‬ ‫ومن حسن خلقه ربح في‬
‫وتتصدق وتفعل ‪ ..‬لكنها تؤذي‬ ‫الدارين ‪ ..‬وإن شئت فانظر‬
‫جيرانها بلسانها ‪ )..‬يعني سيئة‬ ‫إلى أم سلمة ‪.. t‬‬
‫الخلق ( ‪..‬‬ ‫وقد جلست مع رسول الله ‪r‬‬
‫فقال ‪ ) : r‬هي في النار ( ‪..‬‬ ‫‪ ..‬فتذكرت الخرة وما أعد‬
‫وقد كان النبي ‪ r‬السوة الحسنة‬ ‫الله فيها ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫فقالت ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬
‫م‬
‫في كل خلق حميد ‪ ..‬كان أكر َ‬ ‫المرأة يكون لها زوجان في‬
‫عهم ‪..‬‬ ‫الناس ‪ ..‬وأشج َ‬ ‫الدنيا ‪ ..‬فإذا ماتت ‪ ..‬وماتا ‪..‬‬
‫مهم ‪..‬‬ ‫وأحل َ‬ ‫فإذا ماتت وماتا ودخلوا‬
‫كان أشدّ حياءً من العذراء في‬ ‫جميعا ً إلى الجنة ‪ ..‬فلمن‬
‫خدرها ‪..‬‬ ‫تكون ؟‬
‫كان أمينا ً صادقا ً ‪ ..‬يشهد له‬
‫الكفار بذلك قبل المؤمنين ‪..‬‬ ‫) ( رواه أحمد‬ ‫‪16‬‬

‫والفساقُ قبل الصالحين ‪..‬‬ ‫) ( رواه مسلم‬ ‫‪17‬‬

‫حتى قالت خديجة ‪ t‬أول ما نزل‬ ‫) ( رواه الترمذي‬ ‫‪18‬‬

‫عليه الوحي ‪ ..‬لما رأت تغير‬ ‫) ( رواه الترمذي‬ ‫‪19‬‬

‫حاله ‪ ..‬قالت ‪:‬‬ ‫) ( رواه البخاري في الدب المفرد‬ ‫‪20‬‬

‫والله ل يخزيك الله أبدا ً ‪..‬‬ ‫) ( رواه الترمذي‬ ‫‪21‬‬

‫‪37‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫حاله فقالت ‪:‬‬ ‫) لمـــاذا ؟؟ ( ‪..‬‬
‫كان أكثُر صلة النبي ‪ r‬بعدما‬ ‫إنك لتصل الرحم ‪..‬‬
‫كبر جالسا ً ) لمـــاذا ؟؟ ( ‪..‬‬ ‫وتحمل الكل ‪..‬‬
‫بعدما حطمه الناس ‪ ..‬نعم ‪..‬‬ ‫وتكسب المعدوم ‪..‬‬
‫حطمه الناس ‪..‬‬ ‫وتقري الضيف ‪..‬‬
‫***‬ ‫ً‬ ‫وإذا كانت النفوس كبارا‬ ‫وتعين على نوائب الحق ‪..‬‬
‫تعبت في مرادها الجسام‬ ‫وتصدق الحديث ‪..‬‬
‫بل بلغ من حرصه ‪ r‬على الخلق‬ ‫وتؤدي المانة ‪..‬‬
‫الحسن ‪ ..‬أنه كان يدعو الله‬ ‫بل أثنى الله عليه ثناء نتلوه‬
‫فيقول – ) اللهم كما أحسنت‬ ‫إلى يوم القيامة ‪ ..‬فقال ‪:‬‬
‫خلقي ( )‪.. (22‬‬ ‫خْلقي فأحسن ُ‬ ‫َ‬ ‫) وإنك لعلى خلق عظيم ( ‪..‬‬
‫وكان يقول ‪ ) :‬اللهم أهدني‬ ‫قه القرآن ‪..‬‬ ‫وكان ‪ r‬خل َ‬
‫لحسن الخلق ل يهدي‬ ‫نعم خلقه القرآن ‪ ..‬فإذا قرأ‬
‫لحسنها إل أنت‪ ،‬وأصرف عني‬ ‫) وأحسنوا إن الله يحب‬
‫سيئها ل يصرف عني سيئها إل‬ ‫المحسنين ( ‪ ..‬أحسن ‪ ..‬نعم‬
‫)‪(23‬‬
‫أنت (‬ ‫أحسن إلى الكبير والصغير ‪..‬‬
‫فنحن نحتاج إلى أن نقتدي به ‪r‬‬ ‫والغني والفقير ‪ ..‬إلى‬
‫في أخلقه ‪..‬‬ ‫شرفاء الناس ووضعائهم ‪..‬‬
‫مع المسلمين لكسبهم ودعوتهم‬ ‫وكبارهم وصغارهم ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫وإذا سمع قول الله ‪:‬‬
‫بل ومع الكافرين ليعرفوا‬ ‫حوا ( ‪ ..‬عفا‬ ‫ف ُ‬‫ص َ‬
‫وا ْ‬ ‫فوا َ‬‫ع ُ‬ ‫) َ‬
‫فا ْ‬
‫حقيقة السلم ‪..‬‬ ‫وصفح ‪..‬‬
‫وإذا تل ‪ ) :‬وقولوا للناس‬
‫إشارة ‪..‬‬ ‫حسنا ً ( ‪ ..‬تكلم بأحسن‬
‫أحسن النية ‪ ..‬لتكون مهارات‬ ‫الكلم ‪..‬‬
‫تعاملك مع الخرين عبادة‬ ‫فمادام أنه ‪ r‬قدوتنا ‪..‬‬
‫تتقرب بها إلى الله ‪..‬‬ ‫جنا ‪..‬‬ ‫ومنهجه منه ُ‬
‫تأمل حياته ‪ .. r‬كيف كان‬
‫طعم‬‫استعمل ال ّ‬ ‫‪.17‬‬ ‫يتعامل مع الناس ‪ ..‬كيف‬
‫المناسب !!‬ ‫كان يعالج أخطاءهم ‪..‬‬
‫الناس بطبيعتهم يتفقون في‬ ‫ويتحمل أذاهم ‪..‬‬
‫أشياء كلهم يحبونها ويفرحون‬ ‫كيف كان يتعب لراحتهم ‪..‬‬
‫بها ‪..‬‬ ‫وينصب لدعوتهم ‪..‬‬
‫ويتفقون في أشياء أخرى كلهم‬ ‫فيوما ً تراه يسعى في حاجة‬
‫يكرهونها ‪..‬‬ ‫مسكين ‪ ..‬ويوما ً يفصل‬
‫ويختلفون في أشياء منهم من‬ ‫خصومة بين المؤمنين ‪..‬‬
‫ويوما ً يدعو الكافرين ‪..‬‬
‫) ( رواه أحمد‬ ‫‪22‬‬ ‫حتى كبرت سنه ‪ ..‬ورق‬
‫) ( رواه مسلم‬ ‫‪23‬‬ ‫عظمه ‪ ..‬ووصفت عائشة‬
‫‪38‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫الشخص مع زملئه ‪ ..‬أو‬ ‫يفرح بها ‪ ..‬ومنهم من‬
‫جيرانه ‪ ..‬أو إخوانه ‪..‬‬ ‫يستثقلها ‪..‬‬
‫ل تحسب الناس طبعا ً واحدا ً‬ ‫فكل الناس يحبون التبسم‬
‫فلهم‬ ‫في وجوههم ‪ ..‬ويكرهون‬
‫طبائع لست تحصيهن ألوان‬ ‫العبوس والكآبة ‪..‬‬
‫أذكر أن عجوزا ً صالحة – وهي أم‬ ‫لكنهم إلى جانب ذلك ‪..‬‬
‫لحد الصدقاء – كانت تمدح أحد‬ ‫منهم من يحب المرح‬
‫أولدها كثيرا ً ‪ ..‬وترتاح إذا زارها‬ ‫والمزاح ‪ ..‬ومنهم من‬
‫أو تحدث معها ‪ ..‬مع أن بقية‬ ‫يستثقله ‪..‬‬
‫أولدها يبرون بها ويحسنون‬ ‫منهم من يحب أن يزوره‬
‫إليها ‪ ..‬لكن قلبها مقبل على‬ ‫الناس ويدعونه ‪ ..‬ومنهم‬
‫ذاك الولد ‪..‬‬ ‫النطوائي ‪..‬‬
‫كنت أبحث عن السّر ‪ ..‬حتى‬ ‫ومنهم من يحب الحاديث‬
‫جلست معه مرة فسألته عن‬ ‫وكثرة الكلم ‪ ..‬ومنهم من‬
‫ذلك ‪ ..‬فقال لي ‪ :‬المشكلة أن‬ ‫يبغض ذلك ‪..‬‬
‫إخواني ل يعرفون طبيعة أمي ‪..‬‬ ‫وكل واحد في الغالب يرتاح‬
‫فإذا جلسوا معها صاروا عليها‬ ‫لمن وافق طباعه ‪ ..‬فلماذا‬
‫ثقلء ‪..‬‬ ‫ل توافق طباع الجميع عند‬
‫فقلت له مداعبا ً ‪ :‬وهل اكتشف‬ ‫مجالستهم ‪ ..‬وتعامل كل‬
‫معاليكم طبيعتها ‪!!..‬‬ ‫واحد بما يصلح له ليرتاح‬
‫ضحك صاحبي وقال ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫إليك ؟‬
‫سأخبرك بالسّر ‪..‬‬ ‫ذكروا أن رجل ً رأى صقرا ً‬
‫أمي كبقية العجائز ‪ ..‬تحب‬ ‫يطير بجانب غراب !!‬
‫الحديث حول النساء وأخبار من‬ ‫فعجب ‪ ..‬كيف يطير ملك‬
‫تزوجت وطلقت ‪ ..‬وكم عدد‬ ‫الطيور مع غراب !! فجزم‬
‫أبناء فلنة ‪ ..‬وأيهم أكبر ‪..‬‬ ‫أن بينهما شيئا ً مشتركا ً‬
‫ومتى تزوج فلن فلنة ؟ وما‬ ‫جعلهما يتوافقان ‪..‬‬
‫اسم أول أولدهما ‪..‬‬ ‫فجعل يتبعهما ببصره ‪ ..‬حتى‬
‫إلى غير ذلك من الحاديث التي‬ ‫تعبا من الطيران فحطا على‬
‫أعتبرها أنا غير مفيدة ‪ ..‬لكنها‬ ‫الرض فإذا كلهما أعرج !!‬
‫تجد سعادتها في تكرارها ‪..‬‬ ‫فإذا علم الولد أن أباه يؤثر‬
‫وتشعر بقيمة المعلومات التي‬ ‫السكوت ول يحب كثرة‬
‫تذكرها ‪ ..‬لننا لن نقرأها في‬ ‫الكلم ‪ ..‬فليتعامل معه بمثل‬
‫كتاب ولن نسمعها في شريط ‪..‬‬ ‫ذلك ليحبه ويأنس بقربه ‪..‬‬
‫ول تجدها – قطعا ً – في شبكة‬ ‫وإذا علمت الزوجة أن زوجها‬
‫النترنت !!‬ ‫يحب المزاح ‪ ..‬فلتمازحه ‪..‬‬
‫فتشعر أمي وأنا أسألها عنها‬ ‫فإن علمت أنه ضد ذلك‬
‫أنها تأتي بما لم يأت به‬ ‫فلتتجنب ‪..‬‬
‫الولون ‪ ..‬فتفرح وتنبسط ‪..‬‬ ‫وقل مثل ذلك عند تعامل‬
‫‪39‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫بعدما كبرت وسمنت ‪ ..‬وحملت‬ ‫فإذا جالستها حركت فيها‬
‫اللحم وبدنت ‪..‬‬ ‫هذه المواضيع فابتهجت ‪..‬‬
‫فقال ‪ r‬للناس ‪ :‬تقدموا ‪..‬‬ ‫ومضى الوقت وهي‬
‫فتقدموا ‪..‬‬ ‫تتحدث ‪..‬‬
‫ي حتى‬ ‫ثم قال لعائشة ‪ :‬تعال ْ‬ ‫وإخواني ل يتحملون سماع‬
‫أسابقك ‪ ..‬فسابقته ‪..‬‬ ‫هذه الخبار ‪ ..‬فيشغلونها‬
‫فسبقها ‪..‬‬ ‫بأخبار ل تهمها ‪ ..‬وبالتالي‬
‫فلما رأى ذلك ‪..‬‬ ‫تستثقل مجلسهم ‪ ..‬وتفرح‬
‫جعل يضحك ويضرب بين كتفيها‬ ‫بي !!‬
‫‪ ..‬ويقول ‪ :‬هذه بتلك ‪ ..‬هذه‬ ‫هذا كل ما هنالك ‪..‬‬
‫بتلك ‪..‬‬ ‫نعم أنت إذا عرفت طبيعة‬
‫بينما كان يتعامل مع خديجة‬ ‫من أمامك ‪ ..‬وماذا يحب‬
‫تعامل ً آخر ‪ ..‬فقد كانت تكبره‬ ‫وماذا يكره ‪ ..‬استطعت أن‬
‫في السن بخمس عشرة سنة ‪..‬‬ ‫تأسر قلبه ‪..‬‬
‫حتى مع أصحابه ‪ ..‬كان يراعي‬ ‫ومن تأمل في تعامل النبي‬
‫ذلك ‪ ..‬فلم يلبس أبا هريرة‬ ‫‪ .. e‬مع الناس وجد أنه كان‬
‫عباءة خالد ‪ ..‬ولم يعامل أبا بكر‬ ‫يعامل مع كل شخص بما‬
‫كما يعامل طلحة ‪..‬‬ ‫يتناسب مع طبيعته ‪..‬‬
‫وكــان يتعامــل مــع عمــر تعــامل ً‬ ‫في تعامله مع زوجاته كان‬
‫خاصــا ً ‪ ..‬ويســند إليــه أشــياء ل‬ ‫يعامل كل واحدة بالسلوب‬
‫يسندها إلى غيره ‪..‬‬ ‫الذي يصلح لها ‪..‬‬
‫انظر إليه ‪ e‬وقد خرج مع أصحابه‬ ‫عائشة كانت شخصيتها‬
‫إلى بدر ‪..‬‬ ‫انفتاحية ‪ ..‬فكان يمزح‬
‫فلمــا ســمع بخــروج قريــش ‪..‬‬ ‫معها ‪ ..‬ويلطفها ‪..‬‬
‫عـــرف أن رجـــال ً مـــن قريـــش‬ ‫ذهبت معه مرة في سفر ‪..‬‬
‫سيحضرون إلى ســاحة المعركــة‬ ‫فلما قفلوا راجعين واقتربوا‬
‫كره ـا ً ‪ ..‬ولــن يقــع منهــم قتــال‬ ‫من المدينة ‪ ..‬قال ‪ ‬للناس‬
‫على المسلمين ‪..‬‬ ‫‪:‬‬
‫فقام ‪ e‬في أصحابه وقال ‪ :‬إنــي‬ ‫تقدموا عنا ‪..‬‬
‫قد عرفت رجال ً من بنــي هاشــم‬ ‫فتقدم الناس عنه ‪ ..‬حتى‬
‫وغيرهــم قــد أخرجــوا كرهـا ً ‪ ..‬ل‬ ‫بقي مع عائشة ‪..‬‬
‫حاجة لهم بقتالنا ‪..‬‬ ‫وكانت جارية حديثة السن ‪..‬‬
‫فمن لقي منكــم أحــدا ً مــن بنــي‬ ‫نشيطة البدن ‪..‬‬
‫هاشم فل يقتله ‪..‬‬ ‫فالتفت إليها ثم قال ‪:‬‬
‫ومن لقي أبا البختري بن هشــام‬ ‫ي حتى أسابقك ‪..‬‬ ‫تعال ْ‬
‫فل يقتله ‪..‬‬ ‫فسابقته ‪ ..‬وركضت‬
‫ومــن لقــي العبــاس بــن عبــد‬ ‫وركضت ‪ ..‬حتى سبقته ‪..‬‬
‫المطلــب عــم رســول اللــه ‪ e‬فل‬ ‫وبعدها بزمان ‪ ..‬خرجت معه‬
‫يقتله ‪ ..‬فإنه إنما خرج مستكرها ً‬ ‫‪ r‬في سفر ‪..‬‬
‫‪40‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫بأبي حفص ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫وكــان عمــر رهــن إشــارة النــبي‬ ‫وقيل إن العباس كان مسلما ً‬
‫‪ .. e‬ويعلم أنهم في ساحة قتــال‬ ‫يكتم إسلمه ‪ ..‬وينقل أخبــار‬
‫ل مجــال فيهــا للتســاهل فــي‬ ‫قريش إلى رسول اللــه ‪.. e‬‬
‫التعامــل مــع مــن يخــالف أمــر‬ ‫فلم يحب النــبي ‪ e‬أن يقتلــه‬
‫القــــائد ‪ ..‬أو يعــــترض أمــــام‬ ‫المسلمون ‪ ..‬ولم يحب كذلك‬
‫الجيش ‪..‬‬ ‫أن يظهر أمر إسلمه ‪..‬‬
‫فاختار عمر حل ً صارما ً فقال ‪ :‬يا‬ ‫كـــانت هـــذه المعركـــة أول‬
‫رسول الله دعني فلضرب عنقه‬ ‫معركــــــة تقــــــوم بيــــــن‬
‫بالسيف ‪..‬‬ ‫الفريقيـــــن ‪ ..‬المســـــلمين‬
‫فمنعــه النــبي ‪ .. e‬ورأى أن هــذا‬ ‫وكفار قريش ‪..‬‬
‫التهديد كاف في تهدئة الوضع ‪..‬‬ ‫وكــانت نفــوس المســلمين‬
‫كان أبو حذيفــة ‪ t‬رجل ً صــالحا ً ‪..‬‬ ‫مشدودة ‪ ..‬فهم لم يسـتعدوا‬
‫فكان بعدها يقول ‪ :‬ما أنــا بــآمن‬ ‫لقتال ‪ ..‬وســيقاتلون أقربــاء‬
‫مـــن تلـــك الكلمـــة الـــتي قلـــت‬ ‫وأبناء وآباء ‪..‬‬
‫يومئذ ‪ ..‬ول أزال منهــا خائفـا ً إل‬ ‫وهذا رســول اللــه ‪ e‬يمنعهــم‬
‫أن تكفرهـــا عنـــي الشـــهادة ‪..‬‬ ‫من قتل البعض ‪..‬‬
‫فقتل يوم اليمامة شهيدا ً ‪.. t‬‬ ‫وكان عتبة بن ربيعة من كبار‬
‫هذا عمر ‪ ..‬كان ‪ e‬يعلم بنوع‬ ‫كفــار قريــش ‪ ..‬ومــن قــادة‬
‫العمال التي يسندها إليه ‪..‬‬ ‫الحرب ‪..‬‬
‫فليس المر متعلقا ً بجمع‬ ‫وكــان ابنــه أبــو حذيفــة بــن‬
‫صدقات ‪ ..‬ول بإصلح متخاصمين‬ ‫عتبــــة بــــن ربيعــــة ‪ ..‬مــــع‬
‫‪ ..‬ول بتعليم جاهل ‪ ..‬وإنما هم‬ ‫المسلمين ‪ ..‬فلــم يصــبر أبــو‬
‫في ساحة قتال فكانت الحاجة‬ ‫حذيفة ‪ ..‬بل قال ‪:‬‬
‫إلى الرجل الحازم المهيب أكثر‬ ‫أنقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا‬
‫منها إلى غيره ‪ ..‬لذا اختار‬ ‫ونترك العبــاس !! واللــه لئن‬
‫عمر ‪ ..‬واستثاره ‪ :‬أيضرب وجه‬ ‫لقيته للحمنه بالسيف ‪..‬‬
‫عم رسول الله بالسيف ؟!‬ ‫فبلغــت كلمتــه رســول اللــه‬
‫وفي موقف آخر ‪..‬‬ ‫‪ .. e‬فـــالتفت النـــبي عليـــه‬
‫يقبل النبي ‪ e‬على خيبر ‪..‬‬ ‫الصلة والسلم ‪ ..‬فإذا حوله‬
‫ويقاتل أهلها قتال ً يسيرا ً ‪..‬‬ ‫أكثر من ثلثمائة بطل ‪..‬‬
‫ثم يصالحهم ويدخلها ‪ ..‬واشترط‬ ‫فوجه نظره فورا ً إلى عمر ‪..‬‬
‫عليهم أن ل يكتموا شيئا ً من‬ ‫ولــم يلتفــت إلــى غيــره ‪..‬‬
‫الموال ‪ ..‬ول يغيبوا شيئا ً ‪ ..‬ول‬ ‫وقال ‪:‬‬
‫يخبئوا ذهبا ً ول فضة ‪ ..‬بل‬ ‫يا أبا حفــص ‪ ..‬أيضــرب وجــه‬
‫يظهرون ذلك كله ويحكم فيه ‪..‬‬ ‫عم رسول الله بالسيف ؟!‬
‫وتوعدهم إن كتموا شيئا ً أن ل‬ ‫قــال عمــر ‪ :‬واللــه إنــه لول‬
‫ذمة لهم ول عهد ‪..‬‬ ‫يوم كناني فيه رسول الله ‪e‬‬

‫‪41‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫يعطي القوس باريها ‪..‬‬ ‫وكان حيي بن أخطب من‬
‫وكان الصحابة يتعامل بعضهم‬ ‫رؤوسهم ‪ ..‬وكان جاء من‬
‫مع بعض على هذا الساس ‪..‬‬ ‫المدينة بجلد تيس مدبوغ‬
‫لما مرض رسول الله ‪ e‬مرض‬ ‫ومخيط ووملوء ذهبا ً وحليا ً ‪..‬‬
‫الموت ‪ ..‬واشتد عليه الوجع ‪..‬‬ ‫وقد مات حيي وترك‬
‫لم يستطع القيام ليصلي‬ ‫المال ‪ ..‬فخبئوه عن رسول‬
‫بالناس ‪..‬‬ ‫الله ‪.. e‬‬
‫فقال وهو على فراشه ‪ :‬مروا‬ ‫فقال ‪ e‬لعم حيي بن‬
‫أبا بكر فليصل بالناس ‪..‬‬ ‫أخطب ‪ :‬ما فعل مسك حيي‬
‫وكان أبو بكر رجل ً رقيقا ً ‪ ..‬وهو‬ ‫الذي جاء به من النضير ؟ أي‬
‫صاحب رسول الله ‪ e‬في حياته‬ ‫الجلد المملوء ذهبا ً ‪..‬‬
‫وبعد مماته ‪ ..‬وهو صديقه في‬ ‫فقال ‪ :‬أذهبته النفقات‬
‫الجاهلية والسلم ‪ ..‬وهو أبو‬ ‫والحروب ‪..‬‬
‫زوجة النبي ‪ e‬عائشة ‪ ..‬وهو ‪..‬‬ ‫فتفكر ‪ e‬في الجواب ‪ ..‬فإذا‬
‫وكان يحمل في صدره جبل ً من‬ ‫موت حيي قريب والمال‬
‫حزن بسبب مرض النبي ‪.. e‬‬ ‫كثير ‪ ..‬ولم تقع حروب‬
‫فلما أمر النبي ‪ e‬أن يبلغوا أبا‬ ‫قريبة تضطرهم إلى‬
‫بكر ليصلي بالناس ‪..‬‬ ‫إنفاقه ‪..‬‬
‫قال بعض الحاضرين عند النبي‬ ‫فقال ‪ : e‬العهد قريب ‪..‬‬
‫‪ : e‬إن أبا بكر رجل أسيف ‪ ..‬أي‬ ‫والمال أكثر من ذلك ‪..‬‬
‫رقيق ‪ ..‬إذا قام مقامك لم‬ ‫فقال اليهودي ‪ :‬المال‬
‫يستطع أن يصلي بالناس ‪ ..‬أي‬ ‫والحلي قد ذهب كله ‪..‬‬
‫من شدة التأثر والبكاء ‪..‬‬ ‫فعلم النبي ‪ e‬أنه يكذب ‪..‬‬
‫وكان النبي ‪ e‬يعلم ذلك عن أبي‬ ‫فنظر ‪ e‬إلى أصحابه فإذا هم‬
‫بكر ‪ ..‬أنه رجل رقيق يغلبه‬ ‫كثير بين يديه ‪ ..‬وكلهم رهن‬
‫البكاء ‪ ..‬خاصة في هذا‬ ‫إشارته ‪..‬‬
‫الموطن ‪..‬‬ ‫فالتفت إلى الزبير بن‬
‫لكنه ‪ e‬كان يشير إلى أحقية أبي‬ ‫العوام وقال ‪ :‬يا زبير ‪..‬‬
‫بكر بالخلفة من بعده ‪ ..‬يعني ‪:‬‬ ‫سه بعذاب ‪..‬‬ ‫م ّ‬ ‫ُ‬
‫إذا أنا غير موجود فأبو بكر‬ ‫ً‬
‫فأقبل إليه الزبير متوقدا ‪..‬‬
‫يتولى المسئولية ‪..‬‬ ‫فانتفض اليهودي ‪ ..‬وعلم أن‬
‫فأعاد ‪ e‬المر ‪ :‬مروا أبا بكر‬ ‫المر جد ‪ ..‬فقال ‪ :‬قد رأيت‬
‫فليصل بالناس ‪ ..‬حتى صلى أبو‬ ‫حييا ً يطوف في خربة ها هنا‬ ‫ُ‬
‫بكر ‪..‬‬ ‫‪ ..‬وأشار إلى بيت قديم‬
‫ومع رقة أبي بكر ‪ ..‬إل أنه كان‬ ‫خراب ‪ ..‬فذهبوا فطافوا‬
‫ذا هيبة ‪ ..‬وله حدة غضب أحيانا ً‬ ‫فوجدوا المال مخبئا ً في‬
‫تكسوه جلل ً ‪..‬‬ ‫الخربة ‪..‬‬
‫وكان رفيق دربه عمــر ‪ t‬يراعــي‬ ‫هذا في حاله ‪ e‬مع الزبير ‪..‬‬

‫‪42‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫المر إل لهذا الحي من قريش ‪..‬‬ ‫ذلك منه ‪..‬‬
‫هم أوسط العــرب نســبا ً ودارا ً ‪..‬‬ ‫انظر إليهـم جميعـا ً ‪ .. y‬وقـد‬
‫وقــد رضــيت لكــم أحــد هــذين‬ ‫اجتمعــوا فــي ســقيفة بنــي‬
‫الرجلين فبايعوا أيهما شئتم ‪..‬‬ ‫ســاعدة ‪ ..‬بعــد وفــاة النــبي‬
‫وأخذ بيدي وبيــد أبــي عبيــدة بــن‬ ‫‪ .. e‬ليتفقوا على خليفة ‪..‬‬
‫الجراح وهو جالس بيننا ‪..‬‬ ‫اجتمــــــــع المهــــــــاجرون‬
‫ولـــم أكـــره شـــيئا ممـــا قـــاله‬ ‫والنصار ‪ ..‬وانطلق عمر إلى‬
‫غيرهــا ‪ ..‬كــان واللــه أن أقــدم‬ ‫أبـــي بكـــر واصـــطحبا إلـــى‬
‫فتضــرب عنقــي ل يقّربنــي ذلــك‬ ‫السقيفة ‪..‬‬
‫إلى إثم ‪ ..‬أحب إلي من أن أتأمر‬ ‫قــال عمــر ‪ :‬فأتينــاهم فــي‬
‫على قوم فيهم أبو بكر ‪..‬‬ ‫سقيفة بني ســاعدة ‪ ..‬فلمــا‬
‫سكت الناس ‪..‬‬ ‫جلســـــنا تشـــــهد خطيـــــب‬
‫فقــال قــائل مــن النصــار ‪ :‬أنــا‬ ‫النصــار ‪ ..‬وأثنــى علــى اللــه‬
‫جـــذيلها المحكـــك ‪ ..‬وعـــذيقها‬ ‫بما هو له أهل ثم قال ‪:‬‬
‫المرجب ‪ ..‬منا أمير ومنكم أميــر‬ ‫أما بعد فنحــن أنصــار اللــه ‪..‬‬
‫يا معشر قريش ‪..‬‬ ‫وكتيبــة الســلم ‪ ..‬وأنتــم يــا‬
‫قال عمر ‪ :‬فكثر اللغط وارتفعت‬ ‫معشـــر المهـــاجرين رهـــط‬
‫الصـــــوات حـــــتى تخـــــوفت‬ ‫منــا ‪ ..‬وقــد دفــت دافــة مــن‬
‫الختلف ‪..‬‬ ‫قومكم وإذا هــم يريــدون أن‬
‫فقلت ‪ :‬ابســط يــدك يــا أبــا بكــر‬ ‫يحتازونــــا مــــن أصــــلنا ‪..‬‬
‫فبسط يــده فبــايعته ‪ ،‬ثــم بــايعه‬ ‫ويغصبونا المر ‪..‬‬
‫المهاجرون ‪ ،‬ثم بايعه النصار ‪..‬‬ ‫فلما سكت أردت أن أتكلــم ‪،‬‬
‫نعم ‪ ..‬كل واحد من الناس له‬ ‫وقد زورت في نفسي مقالة‬
‫مفتاح تستطيع به فتح أبواب‬ ‫قــــد أعجبتنــــي ‪ ،‬أريــــد أن‬
‫قلبه ‪ ..‬وكسب محبته والتأثير‬ ‫أقدمها بين يدي أبــي بكــر ‪..‬‬
‫عليه ‪..‬‬ ‫دة‬‫ح ّ‬
‫وكنت أداري منه بعض ال ِ‬
‫وهذا تلحظه في حياة الناس ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫أفلم تسمع زملء عملك يوما ً‬ ‫فقال أبو بكر ‪ :‬علــى رســلك‬
‫يقولون ‪ :‬المدير ‪ ..‬مفتاحه فلن‬ ‫يا عمر ‪..‬‬
‫‪ ..‬إذا أردتم شيئا ً فاجعلوا فلنا ً‬ ‫فكرهت أن أغضبه ‪..‬‬
‫يطلبه لكم ‪ ..‬أو يقنع المدير‬ ‫فتكلم وهو كــان أعلــم منــي‬
‫به ‪..‬‬ ‫وأوقر ‪ ..‬فوالله ما تــرك مــن‬
‫فلماذا ل تجعل مهاراتك مفاتيح‬ ‫كلمة أعجبتنــي مــن تزويــري‬
‫لقلوب الناس ‪ ..‬فتكون رأسا ً ل‬ ‫إل قالهــا فــي بــديهته ‪ ..‬أو‬
‫ذيل ً ‪..‬‬ ‫قال مثلها ‪ ..‬أو أفضــل منهــا‬
‫نعم كن متميزا ً ‪ ..‬وابحث عن‬ ‫سك َ َ‬
‫ت ‪..‬‬ ‫حتى َ‬
‫مفتاح قلب أمك وأبيك وزوجتك‬ ‫قال أبو بكر ‪ :‬أمــا مــا ذكرتــم‬
‫وولدك ‪..‬‬ ‫فيكــم مــن خيــر فــأنتم لــه‬
‫اعرف مفتاح قلب مديرك في‬ ‫أهل ‪ ..‬ولن تعرف العرب هذا‬
‫‪43‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫بوله ‪ ..‬وقام يشد على وسطه‬ ‫العمل ‪ ..‬زملئك ‪..‬‬
‫إزاره ‪ ..‬دعاه النبي ‪ e‬بكل‬ ‫ومعرفة هذه المفاتيح تفيدنا‬
‫رفق ‪..‬‬ ‫حتى في جعلهم يتقبلون‬
‫أقبل يمشي حتى إذا وقف بين‬ ‫النصح الذي يصدر منا لهم ‪..‬‬
‫يديه ‪ ..‬قال له ‪ e‬بكل رفق ‪:‬‬ ‫إذا أحسنا تقديم هذا النصح‬
‫إن هذه المساجد لم تبن لهذا ‪..‬‬ ‫بأسلوب مناسب ‪..‬‬
‫إنما بنيت للصلة وقراءة القرآن‬ ‫فهم ليسوا سواء في‬
‫‪..‬‬ ‫طريقة النصح ‪ ..‬بل حتى‬
‫انتهى ‪ ..‬نصيحة باختصار ‪..‬‬ ‫في إنكار الخطأ إذا وقع‬
‫هم الرجل ذلك ومضى ‪..‬‬ ‫َ‬ ‫منهم ‪..‬‬
‫ف ِ‬
‫فلما جاء وقت الصلة أقبل ذاك‬ ‫وانظر إلى رسول الله ‪e‬‬
‫العرابي وصلى معهم ‪..‬‬ ‫وقد جلس يوما ً في مجلسه‬
‫كبر النبي ‪ e‬بأصحابه مصليا ً ‪..‬‬ ‫المبارك يحدث أصحابه ‪..‬‬
‫فقرأ ثم ركع ‪ ..‬فلما رفع ‪ e‬من‬ ‫فبينما هم على ذلك ‪ ..‬فإذا‬
‫ركوعه قال ‪ :‬سمع الله لمن‬ ‫برجل يدخل إلى المسجد ‪..‬‬
‫حمده ‪..‬‬ ‫يتلفت يمينا ً ويسارا ً ‪ ..‬فبدل‬
‫فقال المأمومون ‪ :‬ربنا ولك‬ ‫أن يأتي ويجلس في حلقة‬
‫الحمد ‪ ..‬إل هذا الرجل قالها‬ ‫النبي ‪ .. e‬توجه إلى زاوية‬
‫وزاد بعدها ‪ :‬اللهم ارحمني‬ ‫من زوايا المسجد ‪ ..‬ثم جعل‬
‫ومحمدا ً ول ترحم معنا أحدا ً !!‬ ‫يحرك إزاره !!‬
‫وسمعه النبي ‪ .. e‬فلما انتهت‬ ‫عجبا ً !! ماذا سيفعل ؟!‬
‫الصلة ‪ ..‬التفت ‪ e‬إليهم‬ ‫رفع طرف إزاره من المام‬
‫وسألهم عن القائل ‪ ..‬فأشاروا‬ ‫ثم جلس بكل هدوء ‪..‬‬
‫إليه ‪..‬‬ ‫يبول ‪!!..‬‬
‫عجب الصحابة ‪ ..‬وثاروا ‪..‬‬
‫فناداه النبي ‪ e‬فلما وقف بين‬
‫يبول في المسجد !!‬
‫يديه فإذا هو العرابي نفسه ‪..‬‬
‫وجعلوا يتقافزون ليتوجهوا‬
‫وقد تمكن حب النبي ‪ e‬من قلبه‬
‫إليه ‪ ..‬والنبي ‪ e‬يهدئهم ‪..‬‬
‫حتى ود لو أن الرحمة تصيبهما‬
‫ويسكن غضبهم ‪ ..‬ويردد ‪ :‬ل‬
‫دون غيرهما ‪..‬‬
‫تزرموه ‪ ..‬ل تعجلوا عليه ‪..‬‬
‫فقال له ‪ e‬معلما ً ‪ :‬لقد تحجرت‬
‫ل تقطعوا عليه بوله ‪..‬‬
‫واسعا ً !! أي إن رحمة الله تعالى‬
‫والصحابة يلتفتون إليه ‪..‬‬
‫تسعنا جميعا ً وتسع الناس ‪ ..‬فل‬
‫وهو لعله لم يدر عنهم ‪ ..‬ل‬
‫تضيقها علي وعليك ‪..‬‬
‫يزال يبول ‪..‬‬
‫فانظر كيف ملك عليه قلبه ‪..‬‬
‫والنبي ‪ e‬يرى هذا المنظر ‪..‬‬
‫لنه عرف كيف يتصرف معه ‪..‬‬
‫بول في المسجد ‪ ..‬ويهدئ‬
‫فهو أعرابي أقبل من باديته ‪..‬‬
‫أصحابه !!‬
‫لم يبلغ من العلم رتبة أبي بكر‬
‫آآآه مااااا أحلمه !!‬
‫وعمر ‪ ..‬ول معاذ وعمار ‪ ..‬فل‬
‫حتى إذا انتهى العرابي من‬
‫‪44‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫اضطرب وقال ‪ :‬وااااثكل‬ ‫يؤاخذ كغيره ‪..‬‬
‫مياه !!‪ ..‬ما شأنكم تنظرون‬ ‫ُ‬ ‫ً‬
‫أ ّ‬ ‫وإن شئت فانظر أيضا إلى‬
‫ي ؟ ‪..‬‬
‫إل ّ‬ ‫معاوية بن الحكم ‪ .. t‬كان‬
‫فجعلوا يضربون بأيديهم على‬ ‫من عامة الصحابة ‪ ..‬لم يكن‬
‫أفخاذهم ليسكت ‪..‬‬ ‫يسكن المدينة ‪ ..‬ولم يكن‬
‫متونه صمت ‪..‬‬ ‫فلما رآهم يص ّ‬ ‫مجالسا ً للنبي عليه الصلة‬
‫فلما انتهت الصلة ‪..‬‬ ‫والسلم ‪..‬‬
‫التفت ‪ r‬إلى الناس ‪ ..‬وقد‬ ‫وإنما كان له غنم في‬
‫سمع جلبتهم وأصواتهم ‪..‬‬ ‫الصحراء يتتبع بها‬
‫وسمع صوت من تكلم ‪ ..‬لكنه‬ ‫الخضراء ‪..‬‬
‫صوت جديد لم يعتد عليه ‪ ..‬فلم‬ ‫أقبل معاوية يوما ً إلى‬
‫يعرفه ‪ ..‬فسألهم ‪:‬‬ ‫المدينة فدخل المسجد ‪..‬‬
‫من المتكلم ‪ ..‬فأشاروا إلى‬ ‫وجلس إلى رسول الله ‪r‬‬
‫معاوية ‪..‬‬ ‫وأصحابه ‪ ..‬فسمعه يتكلم‬
‫فدعاه النبي عليه الصلة‬ ‫عن العطاس ‪ ..‬وكان مما‬
‫والسلم إليه ‪..‬‬ ‫علم أصحابه أن إذا سمع‬
‫فأقبل عليه معاوية فزعا ً ل‬ ‫المسلم أخاه عطس فحمد‬
‫يدري بماذا سيستقبله ‪ ..‬وهو‬ ‫الله فإنه يقول له ‪ :‬يرحمك‬
‫الذي أشغلهم في صلتهم ‪..‬‬ ‫الله ‪..‬‬
‫وقطع عليهم خشوعهم ‪..‬‬ ‫حفظها معاوية ‪ ..‬وذهب‬
‫قال معاوية ‪ : t‬فبأبي هو وأمي‬ ‫بها ‪..‬‬
‫‪ .. r‬والله ما رأيـت معلما ً قبله‬ ‫وبعد أيام جاء إلى المدينة‬
‫ول بعده أحسن تعليما ً منه ‪..‬‬ ‫في حاجة ‪ ..‬فدخل المسجد‬
‫والله ما كهرني ‪ ..‬ول ضربني ‪..‬‬ ‫فإذا النبي عليه الصلة‬
‫ول شتمني ‪..‬‬ ‫والسلم يصلي بأصحابه ‪..‬‬
‫وإنما قال ‪ :‬يا معاوية ‪ ..‬إن هذه‬ ‫فدخل معهم في الصلة ‪..‬‬
‫الصلة ل يصلح فيها شيء من‬ ‫فبينما هم على ذلك إذ‬
‫كلم الناس ‪ ..‬إنما هي التسبيح‬ ‫عطس رجل من المصلين ‪..‬‬
‫والتكبير ‪ ..‬وقراءة القرآن ‪..‬‬ ‫فما كاد يحمد الله ‪ ..‬حتى‬
‫انتهى ‪ ..‬نصيحة باختصار ‪..‬‬ ‫تذكر معاوية أنه تعلم أن‬
‫ففهمها معاوية ‪..‬‬ ‫المسلم إذا عطس فقال‬
‫ثم ارتاحت نفسه ‪ ..‬واطمأن‬ ‫الحمد لله ‪ ..‬فإن أخاه يقول‬
‫قلبه ‪ ..‬فجعل يسأل النبي عليه‬ ‫له يرحمك الله ‪..‬‬
‫ص‬‫الصلة والسلم عن خوا ّ‬ ‫فبادر معاوية العاطس قائل ً‬
‫أموره ‪..‬‬ ‫ل ‪ :‬يرحمك الله ‪.‬‬ ‫بصوت عا ٍ‬
‫فقال ‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬إني‬ ‫فاضطرب المصلون ‪..‬‬
‫حديث عهد بجاهلية ‪ ..‬وقد جاء‬ ‫وجعلوا يلتفتون إليه منكرين‬
‫الله بالسلم ‪ ..‬وإن منا رجال ً‬ ‫‪.‬‬
‫يأتون الكهان ) وهم الذين‬ ‫فلما رأى دهشتهم ‪..‬‬
‫‪45‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫البقرة !!‬ ‫يدعون علم الغيب ( ‪ ..‬يعني‬
‫كــان النــاس فــي تلــك اليــام‬ ‫فسألونهم عن الغيب ‪..‬‬
‫يتعبون في العمل في مزارعهم‬ ‫فقال ‪ : r‬فل تأتهم ‪ ..‬يعني‬
‫ورعيهم دوابهم طوال النهــار ‪..‬‬ ‫لنك مسلم ‪ ..‬والغيب ل‬
‫ثــم ل يكــادون يصــلون العشــاء‬ ‫يعلمه إل الله ‪..‬‬
‫حتى يأوون إلى فرشهم ‪..‬‬ ‫قال معاوية ‪ :‬ومنا رجال‬
‫هــــذا الشــــاب ‪ ..‬وقــــف فــــي‬ ‫يتطيرون ) أي يتشاءمون‬
‫الصلة ‪ ..‬ومعاذ يقرأ ويقرأ ‪..‬‬ ‫بالنظر إلى الطير ( ‪..‬‬
‫فلمــــا طــــالت الصــــلة علــــى‬ ‫فقال ‪ : r‬ذاك شيء يجدونه‬
‫الفــتى ‪ ..‬أتــم صــلته وحــده ‪..‬‬ ‫في صدورهم ‪ ..‬فل يصدنهم‬
‫وخرج من المسجد وانطلــق إلــى‬ ‫) أي ل يمنعهم ذلك عن‬
‫بيته ‪..‬‬ ‫وجهتهم ‪ ..‬فإن ذلك ل يؤثر‬
‫انتهى معاذ من الصلة ‪..‬‬ ‫نفعا ً ول ضرا ً ( ‪..‬‬
‫فقال له بعض القوم ‪ :‬يا معاذ ‪..‬‬ ‫هــذا تعــامله ‪ ‬مــع أعرابــي‬
‫فلن دخل معنا في الصلة ‪ ..‬ثم‬ ‫بــال فــي المســجد ‪ ..‬ورجــل‬
‫خرج منها لما أطلت ‪..‬‬ ‫تكلم فــي الصـلة ‪ ..‬عــاملهم‬
‫فغضب معاذ وقــال ‪ :‬إن هــذا بــه‬ ‫مراعيا ً أحوالهم ‪ ..‬لن الخطأ‬
‫لنفـاق ‪ ..‬لخـبرن رسـول اللـه ‪e‬‬ ‫من مثلهم ل يستغرب ‪..‬‬
‫بالذي صنع ‪..‬‬ ‫أما معاذ بـن جبـل فقـد كــان‬
‫فأبلغوا ذلك الشاب بكلم معاذ ‪..‬‬ ‫مـــن أقـــرب الصـــحابة إلـــى‬
‫فقـــال الفـــتى ‪ :‬وأنـــا لخـــبرن‬ ‫رسول الله ‪ .. e‬ومن أكثرهم‬
‫رسول الله ‪ e‬بالذي صنع ‪..‬‬ ‫حرصا ً على طلب العلم ‪..‬‬
‫فغدوا على رسول الله ‪ e‬فأخبره‬ ‫فكــان تعامــل النــبي ‪ ‬مــع‬
‫معاذ بالذي صنع الفتى ‪..‬‬ ‫أخطـائه مختلفـا ً عـن تعـامله‬
‫فقال الفتى ‪ :‬يــا رســول اللــه ‪..‬‬ ‫مع أخطاء غيره ‪..‬‬
‫يطيــل المكــث عنــدك ثــم يرجــع‬ ‫كان معاذ يصــلي مــع رســول‬
‫فيطيل علينا الصــلة ‪ ..‬واللــه يــا‬ ‫اللــه ‪ e‬العشــاء ‪ ..‬ثــم يرجــع‬
‫رسول الله إنا لنتأخر عــن صــلة‬ ‫فيصلي بقومه العشاء إمامــا ً‬
‫العشاء مما يطول بنا معاذ ‪..‬‬ ‫بهم في مسجدهم ‪ ..‬فتكــون‬
‫فسأل الله النبي ‪ e‬معــاذا ً ‪ :‬مــاذا‬ ‫الصلة له نافلة ولهم فريضة‬
‫تقرأ ؟!‬ ‫‪..‬‬
‫فـــإذا بمعـــاذ يخـــبره أنـــه يقـــرأ‬ ‫رجــع معــاذ ذات ليلــة لقــومه‬
‫بــــالبقرة ‪ ..‬و ‪ ..‬وجعــــل يعــــدد‬ ‫ودخل مسجدهم فكبر مصليا ً‬
‫السور الطوال ‪..‬‬ ‫بهم ‪..‬‬
‫فغضــب النــبي ‪ ‬لمــا علــم أن‬ ‫أقبل فتى مــن قــومه ودخــل‬
‫النـــاس يتـــأخرون عـــن الصـــلة‬ ‫معه في الصلة ‪ ..‬فلمــا أتــم‬
‫بسبب الطالــة ‪ ..‬وكيــف صــارت‬ ‫معـــاذ الفاتحـــة قـــال " ول‬
‫الصلة ثقيلة عليهم ‪..‬‬ ‫الضالين " فقالوا " آمين " ‪..‬‬
‫فالتفت إلى معاذ وقال ‪ :‬أفتــان‬ ‫ثـــم افتتـــح معـــاذ ســـورة‬
‫‪46‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫قال معاذ ‪ :‬يا رسول الله ‪ ،‬صدق‬ ‫أنت يا معاذ ‪..‬؟!‬
‫ت ‪ ..‬لقد استشهد ‪..‬‬ ‫الله وكذب ُ‬ ‫يعنــي تريــد أن تفتــن النــاس‬
‫فتأمل الفرق في طبائع الرجال‬ ‫وتبغضهم في دينهم ‪..‬‬
‫‪ ..‬ومقاماتهم ‪ ..‬وكيف أدى إلى‬ ‫اقرأ بـ "السماء والطارق" ‪،‬‬
‫اختلف تعامل النبي ‪ ‬معهم ‪..‬‬ ‫"والســــماء ذات الــــبروج" ‪،‬‬
‫بل ‪ ..‬انظر إلى تعامله ‪ ‬مع‬ ‫"والشـــــمس وضـــــحاها" ‪،‬‬
‫أسامة بن زيد ‪ ..‬وهو حبيب‬ ‫"والليل إذا يغشى" ‪..‬‬
‫رسول الله ‪ .. ‬وقد تربى في‬ ‫ثم التفت ‪ e‬إلى الفتى وقال‬
‫بيته ‪..‬‬ ‫له متلطفا ً ‪ :‬كيف تصنع أنــت‬
‫بعث النبي ‪ e‬أصحابه إلى‬ ‫يا بن أخي إذا صليت ؟‬
‫الحرقات من قبيلة جهينة ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬أقرأ بفاتحة الكتــاب ‪..‬‬
‫وكان أسامة بن زيد ‪ t‬من ضمن‬ ‫وأسأل اللــه الجنــة ‪ ..‬وأعــوذ‬
‫المقاتلين بالجيش ‪..‬‬ ‫به من النار ‪..‬‬
‫ابتدأ القتال ‪ ..‬في الصباح ‪..‬‬ ‫ثــم تــذكر الفــتى أنــه يــرى‬
‫انتصر المسلمون وهرب مقاتلو‬ ‫النبي ‪ e‬يدعو ويكثر ‪ ..‬ويــرى‬
‫العدو ‪..‬‬ ‫معاذا ً كذلك ‪..‬‬
‫كان من بين جيش العدو رجل‬ ‫فقال في آخر كلمه ‪ :‬وإنــي‬
‫يقاتل ‪ ..‬فلما رأى أصحابه‬ ‫ل أدري مــا دنــدنتك ودندنــة‬
‫منهزمين ‪ ..‬ألقى سلحه‬ ‫معاذ ‪ ..‬أي دعاؤكمــا الطويــل‬
‫وهرب ‪..‬فلحقه أسامة ومعه‬ ‫ل أعرف مثله !!‬
‫رجل من النصار ‪ ..‬ركض الرجل‬ ‫فقــال ‪ : e‬إنــي ومعــاذ حــول‬
‫وركضوا خلفه ‪ ..‬وهو يشتد فزعا ً‬ ‫هاتين ندندن ‪ ..‬يعني دعاؤنــا‬
‫‪..‬‬ ‫هــو فيمــا تــدعو بــه ‪ ..‬حــول‬
‫حتى عرضت لهم شجرة‬ ‫الجنة والنار ‪..‬‬
‫فاحتمى الرجل بها ‪..‬‬ ‫فقال الشاب ‪ :‬ولكن ســيعلم‬
‫فأحاط به أسامة والنصاري ‪..‬‬ ‫معــاذ إذا قــدم القــوم وقــد‬
‫ورفعا عليه السيف ‪..‬‬ ‫خبروا أن العدو قد أتوا ‪ ..‬مــا‬
‫فلما رأى الرجل السيفين‬ ‫أصنع ‪ ..‬يعني في الجهاد في‬
‫س‬
‫يلتمعان فوق رأسه ‪ ..‬وأح ّ‬ ‫سبيل الله ‪ ..‬ســيتبين لمعــاذ‬
‫الموت يهجم عليه ‪ ..‬انتفض‬ ‫إيمــاني وهــو الــذي يصــفني‬
‫وجعل يجمع ما تبقى من ريقه‬ ‫بالنفاق !‬
‫في فمه ‪ ..‬ويردد فزعا ً ‪ :‬أشهد‬ ‫فما لبثوا أياما ً ‪ ..‬حتى قامت‬
‫أن ل إله إل الله ‪ ..‬وأشهد أن‬ ‫معركة فقاتل فيها الشاب ‪..‬‬
‫محمدا ً عبده ورسوله ‪..‬‬ ‫فاستشهد ‪.. t‬‬
‫تحير النصاري وأسامة ‪ ..‬هل‬ ‫فلما علم به ‪ .. e‬قال لمعاذ ‪:‬‬
‫أسلم الرجل فعل ً ‪ ..‬أم أنها حيلة‬ ‫ما فعــل خصــمي وخصــمك ؟‬
‫افتعلها ‪..‬‬ ‫يعنـي الـذي اتهمتــه يــا معــاذ‬
‫كانوا في ساحة قتال ‪ ..‬والمور‬ ‫بالنفاق ‪..‬‬
‫مضطربة ‪ ..‬يتلفتون حولهم فل‬
‫‪47‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫وجعل ‪ e‬يحد بصره إلى أسامة‬ ‫يرون إل أجسادا ً‬
‫ويكرر ‪ :‬قال ل إله إل الله ثم‬ ‫ممزقة‪..‬وأيدي مقطعة‪..‬قد‬
‫قتلته ‪ !!..‬قال ل إله إل الله ثم‬ ‫اختلط بعضها ببعض ‪..‬الدماء‬
‫قتلته ‪ !!..‬ثم قتلته ‪ !!..‬كيف لك‬ ‫تسيل‪..‬النفوس ترتجف ‪..‬‬
‫بل إله إل الله إذا جاءت تحاجك‬ ‫الرجل بين أيديهما ينظران‬
‫يوم القيامة !!‬ ‫إليه ‪ ..‬ل بد من السراع‬
‫وما زال ‪ e‬يكرر ذلك على أسامة‬ ‫باتخاذ القرار ‪ ..‬ففي أي‬
‫‪..‬‬ ‫لحظة قد يأتي سهم طائش‬
‫قال أسامة ‪ :‬فما زال يكررها‬ ‫أو غير طائش ‪ ..‬فيرديهما‬
‫علي حتى وددت أني لم أكن‬ ‫قتيلين ‪..‬‬
‫أسلمت إل يؤمئذ ‪..‬‬ ‫لم يكن هناك مجال للتفكير‬
‫رأي ‪..‬‬ ‫الهادئ ‪..‬‬
‫ل تحســب النــاس نوعــا ً واحــدا ً‬ ‫فأما النصاري فكف‬
‫فلهم‬ ‫سيفه ‪..‬‬
‫طبائع لست‬ ‫وأما أسامة فظن أنها‬
‫تحصيهن ألوان‬ ‫حيلة ‪ ..‬فضربه بالسيف حتى‬
‫قتله ‪..‬‬
‫اختر الكلم‬ ‫‪.18‬‬ ‫عادوا إلى المدينة تداعب‬
‫المناسب ‪..‬‬ ‫قلوبهم نشوة النتصار ‪..‬‬
‫يتبع ما سبق أيضا ً طريقة الكلم‬ ‫وقف أسامة بين يدي النبي‬
‫مع الناس ونوعية الحاديث التي‬ ‫‪ .. e‬وحكى له قصة‬
‫تثار معهم ‪..‬‬ ‫المعركة ‪ ..‬وأخبره بخبر‬
‫فإذا جلست مع أحد فأثر‬ ‫الرجل وما كان منه ‪..‬‬
‫الحاديث المناسبة له ‪..‬‬ ‫كان قصة المعركة تحكي‬
‫وهذا من طبيعة البشر ‪..‬‬ ‫انتصارا ً للمسلمين ‪ ..‬وكان ‪e‬‬
‫فالحاديث التي تثيرها مع شاب‬ ‫يستمع مبتهجا ً ‪..‬‬
‫تختلف عن الحاديث مع‬ ‫لكن أسامة قال ‪ .. :‬ثم قتلته‬
‫الشيخ ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫ومع العالم تختلف عن الجاهل ‪..‬‬ ‫فتغير النبي ‪ .. e‬وقال ‪ :‬قال‬
‫ومع الزوجة تختلف عن الخت ‪..‬‬ ‫ل إله إل الله ‪ ..‬ثم قتلته ؟!!‬
‫ل أعني الختلف التام ‪ ..‬بحيث‬ ‫قلت ‪ :‬يا رسول الله لم‬
‫إن القصة التي تحكيها للخت ل‬ ‫يقلها من قبل نفسه ‪ ..‬إنما‬
‫يصح أن تحكيها للزوجة ! أو‬ ‫قالها فرقا من السلح ‪..‬‬
‫التي تذكرها للشاب ل يصح أن‬ ‫فقال ‪ : e‬قال ل إله إل‬
‫يسمعها الشيخ !! ل ‪..‬‬ ‫الله ‪ ..‬ثم قتلته !! هل‬
‫وإنما أعني الختلف اليسير‬ ‫شققت عن قلبه حتى تعلم‬
‫الذي يطرأ على أسلوب عرض‬ ‫أنه إنما قالها فرقا ً من‬
‫القصة وربما كيانها كله ‪..‬‬ ‫السلح ‪..‬‬
‫وبالمثال يتضح المقال ‪..‬‬
‫‪48‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫غيره ‪ ..‬وخلف دينا ً كثيرا ً ‪ ..‬على‬ ‫لو جلست مع ضيوف كبار‬
‫ظهر هذا الشاب الذي ل يزال‬ ‫في السن جاوزت أعمارهم‬
‫في أول شبابه ‪..‬‬ ‫الثمانين أقبلوا زائرين لجدك‬
‫فكان جابر دائما ً ساهم الفكر ‪..‬‬ ‫‪ ..‬فهل من المناسب أن‬
‫دينه‬
‫منشغل البال بأمر َ‬ ‫تقص عليهم وأنت ضاحك‬
‫وأخواته ‪ ..‬والغرماء يطالبونه‬ ‫مستبشر قصتك لما ذهبت‬
‫صباحا ً ومساءً ‪..‬‬ ‫مع زملئك للبر ؟! وكيف أن‬
‫خرج جابر مع النبي ‪ r‬في غزوة‬ ‫فلنا ً سجل هدفا ً أثناء لعب‬
‫ذات الرقاع ‪ ..‬وكان لشدة فقره‬ ‫الكرة ‪ ..‬وكيف ثبت الكرة‬
‫على جمل كليل ضعيف ما يكاد‬ ‫برأسه ثم ضربها بركبته ‪ ..‬ل‬
‫يسير ‪ ..‬ولم يجد جابر ما يشتري‬ ‫شك أنه غير مناسب ‪..‬‬
‫به جمل ً ‪ ..‬فسبقه الناس وصار‬ ‫وكذلك لو تحدثت مع أطفال‬
‫هو في آخر القافلة ‪..‬‬ ‫صغار ‪ ..‬من غير المناسب‬
‫وكان النبي ‪ r‬يسير في آخر‬ ‫أن تذكر لهم قصصا ً تتعلق‬
‫الجيش ‪ ..‬فأدرك جابرا ً وجمله‬ ‫بتعامل الزواج مع‬
‫ب به دبيبا ً ‪ ..‬والناس قد‬ ‫يد ّ‬ ‫زوجاتهم ‪..‬‬
‫سبقوه ‪..‬‬ ‫أظننا نتفق على ذلك ‪..‬‬
‫فقال النبي ‪ : r‬مالك يا جابر ؟‬ ‫إذن من أساليب جذب الناس‬
‫قال ‪ :‬يا رسول الله أبطأ بي‬ ‫اختيار الحاديث التي‬
‫جملي هذا ‪..‬‬ ‫يحبونها ‪ ..‬وإثارتها ‪..‬‬
‫فقال النبي ‪ : r‬أنخه ‪..‬‬ ‫كأب له ولد متفوق ‪ ..‬من‬
‫المناسب أن تسأله عنه ‪..‬‬
‫فأناخه جابر وأناخ النبي ‪ r‬ناقته‬
‫لنه بل شك يفخر به ويحب‬
‫‪..‬‬
‫أن يذكره دائما ً ‪..‬‬
‫ثم قال ‪ :‬أعطني العصا من يدك‬
‫أو رجل فتح دكانا ً وكسب‬
‫أو اقطع لي عصا من شجرة‬
‫منه أرباحا ً ‪ ..‬فمن المناسب‬
‫‪..‬فناوله جابر العصا ‪..‬‬
‫ك الجمل على الرض كليل ً‬ ‫بَر َ‬ ‫أن تسأله عن دكانه وإقبال‬
‫الناس عليه ‪ ..‬لن هذا‬
‫ضعيفا ً ‪..‬‬
‫يفرحه ‪ ..‬وبالتالي يحبك‬
‫فأقبل ‪ e‬إلى الجمل وضربه‬
‫ويحب مجالستك ‪..‬‬
‫بالعصا شيئا ً يسيرا ً ‪..‬‬
‫وقد كان النبي ‪ r‬يراعي ذلك‬
‫فنهض الجمل يجري قد امتل‬
‫‪..‬‬
‫نشاطا ً ‪ ..‬فتعلق به جابر وركب‬
‫فحديثه مع الشاب يختلف‬
‫على ظهره ‪..‬‬
‫عن حديثه مع الشيخ ‪ ..‬أو‬
‫مشى جابر بجانب النبي ‪.. e‬‬
‫المرأة ‪ ..‬أو الطفل ‪..‬‬
‫فرحا ً مستبشرا ً ‪ ..‬وقد صار‬
‫جابر بن عبد الله ‪ t‬الصحابي‬
‫جمله نشيطا ً سابقا ً ‪..‬‬
‫الجليل ‪ ..‬قتل أبوه في‬
‫التفت ‪ e‬إلى جابر ‪ ..‬وأراد أن‬
‫معركة أحد ‪ ..‬وخلف عنده‬
‫يتحدث معه ‪..‬‬
‫تسع أخوات ليس لهن عائل‬
‫‪49‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫يعني وإن كنت تزوجت ثيبا ً إل‬ ‫فما هي الحاديث التي‬
‫أنها ل تزال عروسا ً تفرح بك إذا‬ ‫اختارها النبي ‪ e‬ليثيرها مع‬
‫قدمت وتبسط فراشها ‪ ..‬وتصف‬ ‫جابر ‪..‬‬
‫عليه الوسائد ‪..‬‬ ‫جابر كان شابا ً في أول‬
‫فتذكر جابر فقره وفقر‬ ‫شبابه ‪..‬‬
‫أخواته ‪ ..‬فقال ‪ :‬نمارق !! والله‬ ‫هموم الشباب في الغالب‬
‫يا رسول الله ما عندنا نمارق ‪..‬‬ ‫تدور حول الزواج ‪ ..‬وطلب‬
‫فقال ‪ : e‬إنه ستكون لكم نمارق‬ ‫الرزق ‪..‬‬
‫إن شاء الله ‪..‬‬ ‫قال ‪ : e‬يا جابر ‪ ..‬هل‬
‫ثم مشيا ‪ ..‬فأراد ‪ e‬أن يهب‬ ‫تزوجت ‪..‬؟‬
‫لجابر مال ً ‪..‬‬ ‫قال جابر ‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫فالفت إليه وقال ‪ :‬يا جابر ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬بكرا ً ‪ ..‬أم ثيبا ً ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬لبيك يا رسول الله ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬بل ثيبا ً ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬أتبيعني جملك ؟‬ ‫فعجب النبي ‪ e‬كيف أن شابا ً‬
‫تفكر جابر فإذا جمله هو رأس‬ ‫بكرا ً في أول زواج له ‪..‬‬
‫ماله ‪ ..‬هكذا كان وهو كليل‬ ‫يتزوج ثيبا ً ‪..‬‬
‫ضعيف ‪ ..‬فكيف وقد صار قويا ً‬ ‫فقال ملطفا ً لجابر ‪ :‬هل‬
‫جلدا ً !!‬ ‫بكرا ً تلعبها وتلعبك ‪..‬‬
‫لكنه رأى أنه ل مجال لرد طلب‬ ‫فقال جابر ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬
‫رسول الله ‪.. e‬‬ ‫إن أبي قتل في أحد ‪ ..‬وترك‬
‫مه يا رسول‬ ‫س ْ‬‫قال جابر ‪ُ :‬‬ ‫ع‬‫تسع أخوات ليس لهن را ٍ‬
‫الله ‪ ..‬بكم ؟‬ ‫غيري ‪ ..‬فكرهت أن أتزوج‬
‫فقال ‪ : e‬بدرهم !!‬ ‫فتاة مثلهن فتكثر بينهن‬
‫قال جابر ‪ :‬درهم !! تغبنني يا‬ ‫الخلفات ‪ ..‬فتزوجت امرأة‬
‫رسول الله ‪..‬‬ ‫أكبر منهن لتكون مثل‬
‫فقال ‪ : e‬بدرهمين ‪..‬‬ ‫أمهن ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬ل ‪ ..‬تغبنني يا رسول‬ ‫هذا معنى كلم جابر ‪..‬‬
‫الله ‪..‬‬ ‫رأى النبي ‪ e‬أن أمامه شاب‬
‫فما زال يتزايدان حتى بلغا به‬ ‫ضحى بمتعته الخاصة لجل‬
‫أربعين درهما ً ‪ ..‬أوقية من‬ ‫أخواته ‪..‬‬
‫ذهب ‪..‬‬ ‫فأراد ‪ e‬أن يمازحه بكلمات‬
‫فقال جابر ‪ :‬نعم ‪ ..‬ولكن‬ ‫تصلح للشباب ‪ ..‬فقال له ‪:‬‬
‫أشترط عليك أن أبقى عليه إلى‬ ‫لعلنا إذا أقبلنا إلى المدينة‬
‫المدينة ‪..‬‬ ‫أن ننزل في صرار )‪.. (24‬‬
‫قال ‪ : r‬نعم ‪..‬‬ ‫فتسمع بنا زوجتك فتفرش‬
‫فلما وصلوا إلى المدينة ‪ ..‬مضى‬ ‫لك النمارق ‪..‬‬
‫جابر إلى منزله وأنزل متاعه من‬
‫على الجمل ومضى ليصلي مع‬ ‫‪ ( ) 24‬موضححع علححى بعححد ‪5‬كححم مححن‬
‫المدينة‬
‫‪50‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فما أرفع هذه الخلق ‪ ..‬يختار‬ ‫النبي ‪ r‬وربط الجمل عند‬
‫ما يناسب الشاب من أحاديث ‪..‬‬ ‫المسجد ‪..‬‬
‫ثم لما أراد أن يحسن إليه‬ ‫فما خرج النبي ‪ r‬قال‬
‫ويتصدق عليه ‪ ..‬غلف ذلك‬ ‫جابر ‪ :‬يا رسول الله هذا‬
‫باللطف والدب ‪..‬‬ ‫جملك ‪..‬‬
‫وفي أحد اليام يجلس إلى‬ ‫فقال ‪ : r‬يا بلل ‪ ..‬أعط‬
‫النبي ‪ e‬شاب اسمه جليبيب ‪..‬‬ ‫جابرا ً أربعين درهما ً وزده ‪..‬‬
‫من خيار شباب الصحابة ‪ ..‬لكنه‬ ‫فناول بلل جابرا ً أربعين‬
‫كان فقيرا ً معدما ً ‪..‬‬ ‫درهما ً وزاده ‪..‬‬
‫وكان ‪ t‬في وجهه دمامة ‪..‬‬ ‫فحمل جابر المال ومضى به‬
‫جلس يوما ً عند رسول الله ‪.. e‬‬ ‫يقلبه بين يديه ‪ ..‬متفكرا ً في‬
‫فما هي الحاديث التي حرص‬ ‫حاله !! ماذا يفعل بهذا‬
‫النبي ‪ e‬على إثارتها معه ؟ شاب‬ ‫المال ؟! أيشتري به جمل ً ‪..‬‬
‫في ريعان شبابه ‪ ..‬أعزب ‪..‬‬ ‫أم يبتاع به متاعا ً لبيته ‪..‬‬
‫هل يتحدث معه عن أنساب‬ ‫أم ‪..‬‬
‫العرب والرفيع منها والوضيع ؟‬ ‫وفجأة التفت رسول الله ‪e‬‬
‫أم يتحدث عن السواق وأحكام‬ ‫إلى بلل وقال ‪ :‬يا بلل ‪..‬‬
‫البيوع ؟‬ ‫خذ الجمل وأعطه جابرا ً ‪..‬‬
‫ل ‪ ..‬فهذا شاب له نوع خاص من‬ ‫جبذ بلل الجمل ومضى به‬
‫الحاديث يفضله على غيره ‪..‬‬ ‫إلى جابر ‪ ..‬فلما وصل به‬
‫أثار معه ‪ e‬موضوع الزواج‬ ‫إليه ‪ ..‬تعجب جابر ‪ ..‬هل‬
‫والحديث حوله ‪ ..‬فلطالما طرب‬ ‫ألغيت الصفقة ؟!‬
‫الشباب لهذه المواضيع ‪..‬‬ ‫قال بلل ‪ :‬خذ الجمل يا جابر‬
‫ثم عرض عليه رسول الله‬ ‫‪..‬‬
‫التزويج ‪..‬‬ ‫قال جابر ‪ :‬ما الخبر !!‪..‬‬
‫ً‬
‫فقال ‪ :‬إذن تجدني كاسدا ‪..‬‬ ‫قال بلل ‪ :‬قد أمرني رسول‬
‫فقال ‪ :‬غير أنك عند الله لست‬ ‫الله ‪ e‬أن أعطيك الجمل ‪..‬‬
‫بكاسد ‪..‬‬ ‫والمال ‪..‬‬
‫فلم يزل النبي ‪ r‬يتحين الفرص‬ ‫فرجع جابر إلى رسول الله‬
‫لتزويج جليبيب ‪..‬‬ ‫‪ e‬وسأله عن الخبر ‪ ..‬أما‬
‫حتى جاء رجل من النصار يوما ً‬ ‫تريد الجمل !!‬
‫يعرض ابنته الثيب على رسول‬ ‫فقال ‪ : e‬أتراني ماكستك‬
‫الله ‪ .. r‬ليتزوجها ‪..‬‬ ‫لخذ جملك ‪..‬‬
‫فقال ‪ : r‬نعم يا فلن ‪ ..‬زوجني‬ ‫يعني أنا لم أكن أطالبك‬
‫ابنتك ‪..‬‬ ‫بخفض السعر لجل أن آخذ‬
‫قال ‪ :‬نعم ونعمين ‪ ..‬يا رسول‬ ‫الجمل وإنما لجل أن أقدر‬
‫الله ‪..‬‬ ‫كم أعطيك من المال معونة‬
‫فقال ‪ : r‬إني لست أريدها‬ ‫لك على أمورك ‪..‬‬

‫‪51‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫عليهما الخير صبا ً ‪ ..‬ول تجعل‬ ‫لنفسي ‪..‬‬
‫عيشهما كدا ً كدا ً ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬فلمن ؟!‬
‫فلم يمض على زواجه أيام ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬لجليبيب ‪..‬‬
‫حتى خرج النبي ‪ r‬في غزوة ‪..‬‬ ‫قال الرجل متفاجئا ً ‪:‬‬
‫وخرج معه جليبيب ‪..‬‬ ‫جليبيب !! جليبيب !! يا‬
‫فلما انتهى القتال ‪ ..‬وبدأ الناس‬ ‫رسول الله !! حتى استأمر‬
‫يتفقد بعضهم بعضا ً ‪..‬‬ ‫أمها ‪..‬‬
‫سألهم النبي ‪ : r‬هل تفقدون‬ ‫أتى الرجل زوجته فقال ‪ :‬إن‬
‫من أحد قالوا ‪ :‬نفقد فلنا ً وفلنا ً‬ ‫رسول الله يخطب ابنتك ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫قالت ‪ :‬نعم ‪ ..‬ونعمين ‪..‬‬
‫فسكت قليل ً ثم قال ‪ :‬هل‬ ‫وج رسول الله ‪.. r‬‬ ‫ز ّ‬
‫تفقدون من أحد ؟‬ ‫قال ‪ :‬إنه ليس يريدها‬
‫قالوا ‪ :‬نفقد فلنا وفلنا ‪..‬‬ ‫لنفسه ‪..‬‬
‫فسكت ثم قال ‪ :‬هل تفقدون‬ ‫قالت ‪ :‬فلمن ؟‬
‫من أحد ؟‬ ‫قال ‪ :‬يريدها لجليبيب ‪..‬‬
‫قالوا ‪ :‬نفقد فلنا ً وفلنا ً ‪..‬‬ ‫فتفاجأت المرأة أن ُتزف‬
‫قال ‪ :‬ولكني أفقد جليبيبا ً ‪..‬‬ ‫ابنتها إلى رجل فقير‬
‫فقاموا يبحثون عنه ‪ ..‬ويطلبــونه‬ ‫قى !!‬ ‫حل ْ َ‬
‫دميم ‪ ..‬فقالت ‪َ :‬‬
‫في القتلــى ‪ ..‬فلــم يجــدوه فــي‬ ‫لجليبيب ‪..‬؟ ل لعمر الله ل‬
‫ساحة القتال ‪..‬‬ ‫أزوج جليبيبا ً ‪ ..‬وقد منعناها‬
‫ثــم وجــدوه فــي مكــان قريــب ‪..‬‬ ‫فلنا ً وفلنا ً ‪..‬‬
‫إلى جنب ســبعة مــن المشــركين‬ ‫فاغتم أبوها لذلك ‪ ..‬وقام‬
‫قد قتلهم ثم قتلوه ‪..‬‬ ‫ليأتي رسول الله ‪.. r‬‬
‫فوقـــف النـــبي ‪ r‬ينظـــر إلـــى‬ ‫فصاحت الفتاة من خدرها‬
‫جثته ‪ ..‬ثم قال ‪ :‬قتل ســبعة ثــم‬ ‫بأبويها ‪ :‬من خطبني‬
‫قتلوه ‪ ..‬قتل سبعة ثــم قتلــوه ‪..‬‬ ‫إليكما ؟‬
‫هذا مني وأنا منه ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬رسول الله ‪.. r‬‬
‫ثــم حملــه رســول اللــه ‪ r‬علــى‬ ‫قالت ‪ :‬أتردان على رسول‬
‫ساعديه ‪ ..‬وأمرهم أم يحفروا له‬ ‫الله ‪ r‬أمره ؟ ادفعاني إلى‬
‫قبره ‪..‬‬ ‫رسول الله ‪ .. r‬فإنه لن‬
‫قال أنس ‪ :‬فمكثنا نحفر القبر ‪..‬‬ ‫يضيعني ‪..‬‬
‫وجليبيب ماله سرير غير ساعدي‬ ‫فكأنما جّلت عنهما ‪..‬‬
‫رسول الله ‪.. r‬‬ ‫واطمأّنا ‪..‬‬
‫حتى حفر له ثم وضعه في لحده‬ ‫فذهب أبوها إلى النبي ‪r‬‬
‫‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬
‫قال أنس ‪ :‬فوالله مــا كــان فــي‬ ‫ً‬
‫وجها جليبيبا ‪..‬‬ ‫شأنك بها فز ّ‬
‫النصار أيم أنفق منها ‪..‬‬ ‫فزوجها النبي ‪ r‬جليبيبا ً ‪..‬‬
‫أي تســابق الرجــال إليهــا كلهــم‬ ‫ودعا لها وقال ‪ :‬اللهم صب‬

‫‪52‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫العروس قبيل ليلة عرسه يخبئ‬ ‫يخطبها بعد جليبيب ‪..‬‬
‫في غرفته قطا ً ‪..‬‬ ‫هكذا كان ‪ ‬يختار لكل أحد‬
‫فإذا دخل بزوجته إلى مكان‬ ‫ما يناسبه من أحاديث ‪..‬‬
‫فراش الزوجية ‪ ..‬حرك كرسيا ً‬ ‫حتى ل تمل مجالسه ‪..‬‬
‫ليخرج ذلك القط ‪ ..‬فإذا خرج‬ ‫جلس ‪ ‬يوما ً مع زوجه‬
‫أقبل العروس يستعرض قواه‬ ‫عائشة ‪..‬‬
‫أمام زوجته ‪ ..‬وقبض على القط‬ ‫فما الحاديث المناسب‬
‫المسكين ‪ ..‬ثم خنقه وعصره ‪..‬‬ ‫إثارتها بين الزوجين ‪..‬؟‬
‫حتى يموت بين يديه ‪!!..‬‬ ‫هل كلمها عن غزو الروم ؟‬
‫أتدري لماذا ؟!‬ ‫ونوع السلحة التي‬
‫لجل أن يطبع صورة الرعب‬ ‫استخدمت في القتال ؟ كل‬
‫والهيبة منه في ذهن زوجته من‬ ‫فليست هي أبو بكر !!‬
‫أول لقاء ‪..‬‬ ‫أم حدثها عن فقر بعض‬
‫وأذكر أني لما تخرجت من‬ ‫المسلمين وحاجتهم ؟ كل‬
‫الجامعة ‪ ..‬وتعينت معيدا ً في‬ ‫فليست عثمان !!‬
‫إحدى الكليات ‪ ..‬أوصاني معلم‬ ‫إنما قال لها بعاطفة‬
‫قديم قائل ً ‪:‬‬ ‫الزوجية ‪ :‬إني لعرف إن‬
‫في أول محاضرة لك عند‬ ‫كانت راضية عني ‪ ..‬وإذا‬
‫شدّ عليهم ‪ ..‬وانظر‬ ‫الطلب ‪ُ ..‬‬ ‫كنت غضبى ‪!! ..‬‬
‫إليهم بعين حمراء !! حتى‬ ‫قالت ‪ :‬كيف ؟‬
‫يخافوا منك وتفرض قوة‬ ‫قال ‪ :‬إذا كنت راضية قلت ‪:‬‬
‫شخصيتك من البداية ‪..‬‬ ‫ل ورب محمد ) ‪ .. ( e‬وإذا‬
‫تذكرت هذا ‪ ..‬وأنا أكتب هذا‬ ‫كنت غضبى قلت ‪ :‬ل ورب‬
‫الباب ‪ ..‬فأيقنت أن من المور‬ ‫إبراهيم ) ‪.. ( e‬‬
‫المقررة عند جميع الناس أن‬ ‫فقالت ‪ :‬نعم ‪ ..‬والله يا‬
‫اللقاء الول في الغالب يطبع‬ ‫رسول الله ل أهجر إل‬
‫أكثر من ‪ %70‬من الصورة‬ ‫اسمك ‪..‬‬
‫عنك ‪ ..‬وهي ما يسمى بالصورة‬ ‫فهل نراعي هذا نحن‬
‫الذهنية ‪..‬‬ ‫اليوم ؟‬
‫أذكر أن مجموعة من الضباط‬
‫سافروا إلى أمريكا في دورة‬ ‫وجهة نظر ‪..‬‬
‫تدريبية ‪..‬‬ ‫تحدث مع الناس بما‬
‫كانت الدورة في التعامل‬ ‫يستمتعون هم باستماعه ‪..‬‬
‫الوظيفي ‪..‬‬ ‫ل بما تستمتع أنت بحكايته ‪..‬‬
‫في أول يوم ‪ ..‬حضروا إلى‬
‫القاعة مبكرين ‪ ..‬جعلوا يتحدثون‬ ‫كن لطيفا ً عند أول‬ ‫‪.19‬‬
‫‪ ..‬ويتعارفون ‪..‬‬ ‫لقاء ‪..‬‬
‫دخل عليهم المدرس فجأة‬ ‫انتشر في بعض أرياف مصر‬
‫فسكتوا ‪ ..‬فوقعت عين المدرس‬ ‫برهة من الزمن أن الرجل‬
‫‪53‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫؟‬ ‫على طالب ل يزال‬
‫‪ .5‬هل تفرح بمقابلته‬ ‫متبسما ً ‪..‬‬
‫خارج المعهد ؟‬ ‫فصرخ به ‪ :‬لماذا تضحك ؟‬
‫كان أمام كل سؤال منها ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬عذرا ً ‪ ..‬ما ضحكت ‪..‬‬
‫اختيارات ‪ :‬ممتاز ‪ ..‬جيد ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬بلى تضحك ‪..‬‬
‫مقبول ‪ ..‬ضعيف ‪..‬‬ ‫ثم جعل يؤنبه ‪ :‬أنت إنسان‬
‫عبأ لطلب الستمارة وأعادوها‬ ‫غير جاد ‪ ..‬المفروض أن‬
‫إليه ‪..‬‬ ‫تعود لهلك على أول رحلة‬
‫وضعها جانبا ً ‪ ..‬وبدأ يشرح تأثير‬ ‫طيران ‪ ..‬ل أتشرف بتدريس‬
‫فن التعامل في الجو‬ ‫مثلك ‪..‬‬
‫الوظيفي ‪..‬‬ ‫والطالب المسكين قد تلون‬
‫ثم قال ‪ :‬أوه !‪ ..‬لماذا نحرم‬ ‫وجهه ‪ ..‬وجعل ينظر إلى‬
‫زميلكم من الستفادة ‪..‬‬ ‫مدرسه ‪ ..‬ويلتفت إلى‬
‫فخرج إليه ‪ ..‬وصافحه وابتسم‬ ‫زملئه ‪ ..‬ويحاول حفظ ما‬
‫له ‪ ..‬وأدخله القاعة ‪..‬‬ ‫تبقى من ماء وجهه ‪..‬‬
‫ثم قال ‪ :‬يبدو أنني غضبت عليك‬ ‫ثم حدق المدرس فيه النظر‬
‫قبل قليل من غير سبب حقيقي‬ ‫عابسا ً وأشار إلى الباب‬
‫‪ ..‬لكني كنت أعاني من مشكلة‬ ‫وقال ‪ :‬أخرج ‪..‬‬
‫خاصة ‪ ..‬أدت بي أن أصب‬ ‫قام الطالب مضطربا ً ‪..‬‬
‫غضبي عليك ‪ ..‬فأنا أعتذر‬ ‫وخرج ‪..‬‬
‫إليك ‪ ..‬فأنت طالب حريص ‪..‬‬ ‫نظر المدرس إلى بقية‬
‫يكفي في الدللة على حرصك‬ ‫الطلب وقال ‪ :‬أنا الدكتور‬
‫تركك لهلك وولدك ومجيؤك هنا‬ ‫فلن ‪ ..‬سأدرسكم مادة‬
‫‪..‬‬ ‫كذا ‪..‬‬
‫أشكرك ‪ ..‬بل أشكركم جميعا ً‬ ‫ولكن قبل أن أبدأ الشرح ‪..‬‬
‫على حرصكم ‪ ..‬ومن أعظم‬ ‫أريدكم أن تعبئوا هذه‬
‫الشرف لي أن أدرس مثلكم ‪..‬‬ ‫الستمارة ‪ ..‬دون كتابة‬
‫ثم تلطف معهم وضحك قليل ً ‪..‬‬ ‫السم ‪..‬‬
‫ثم أخذ مجموعة جديدة من‬ ‫ثم وزع عليهم استمارة‬
‫الستمارات وقال ‪:‬‬ ‫تقييم للمدرس ‪ ..‬فيها‬
‫ما دام أن زميلكم فاته تعبئة‬ ‫خمسة أسئلة ‪:‬‬
‫الستمارة فما رأيكم أن تعبئوها‬ ‫‪ .1‬ما رأيك بأخلق‬
‫كلكم من جديد ‪..‬‬ ‫مدرسك ؟‬
‫ووزع عليهم الوراق ‪..‬‬ ‫‪ .2‬ما رأيك بطريقة‬
‫فعبئوها وأعادوها إليه ‪..‬‬ ‫شرحه ؟‬
‫فأخرج الستمارات التي عبئوها‬ ‫‪ .3‬هل يقبل الرأي‬
‫في البداية ‪ ..‬وأخرج الخيرة‬ ‫الخر ؟‬
‫وجعل يقارن بينها ‪..‬‬ ‫‪ .4‬ما مدى رغبتك في‬
‫فإذا الخانة الخاصة بـ ضعيف في‬ ‫الدراسة لديه مرة أخرى‬
‫‪54‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫القتال ‪..‬‬ ‫التعبئة الولى كلها مليئة ‪..‬‬
‫فحدثنا بجميل من المر ‪ ..‬إن‬ ‫أما الثانية فليس فيها‬
‫عملنا به دخلنا الجنة ‪ ..‬وندعو به‬ ‫ضعيف ول مقبول ‪ ..‬أبدا ً ‪..‬‬
‫من وراءنا ‪..‬‬ ‫فضحك وقال لهم ‪:‬‬
‫فقال ‪ : e‬آمركم بأربع ‪..‬‬ ‫كان ما رأيتم دليل ً عمليا ً‬
‫وأنهاكم عن أربع ‪..‬‬ ‫على تأثير التعامل السيء‬
‫آمركم باليمان بالله ‪ ..‬وهل‬ ‫على بيئة العمل بين المدير‬
‫تدرون ما اليمان بالله ؟‬ ‫وموظفيه ‪ ..‬وما فعلته‬
‫قالوا ‪ :‬الله ورسوله أعلم ‪..‬‬ ‫بزميلكم كان تمثيل ً أردت أن‬
‫قال ‪ :‬شهادة أن ل إله إل الله ‪..‬‬ ‫أجريه أمامكم ‪ ..‬لكن‬
‫وإقام الصلة ‪ ..‬وإيتاء الزكاة ‪..‬‬ ‫المسكين صار ضحية ‪..‬‬
‫وأن تعطوا الخمس من‬ ‫فانظروا كيف تغيرت‬
‫الغنائم ‪..‬‬ ‫نظرتكم بمجرد تغير تعاملي‬
‫وأنهاكم عن أربع ‪ :‬عن نبيذ في‬ ‫معكم ‪..‬‬
‫الدباء ‪ ..‬والنقير والحنتم ‪..‬‬ ‫هذا من طبيعة النسان ‪..‬‬
‫والمزفت )‪.. (25‬‬ ‫فل بد من مراعاته ‪ ..‬خاصة‬
‫وفي موقف آخر ‪..‬‬ ‫مع من تلتقي بهم لمرة‬
‫كان ‪ e‬مسافرا ً مع أصحابه ليلة ‪..‬‬ ‫واحدة فقط ‪..‬‬
‫فســـاروا فـــي ليلهـــم مســـيرا ً‬ ‫كان المعلم الول ‪ e‬يأسر‬
‫طـــويل ً ‪ ..‬حـــتى إذا كـــان آخـــر‬ ‫قلوب الناس من أول لقاء ‪..‬‬
‫الليل ‪ ..‬نزلوا في طرف الطريق‬ ‫بعد فتح مكة ‪ ..‬تمكن‬
‫ليناموا ‪..‬‬ ‫السلم ‪..‬‬
‫فغلبتهــم أعينهــم حــتى طلعــت‬ ‫وبدأت الوفود تتسابق إلى‬
‫الشمس وارتفعت ‪..‬‬ ‫رسول الله ‪ r‬في المدينة ‪..‬‬
‫فكــان أول مــن اســتيقظ مــن‬ ‫قدم وفد عبد القيس ‪ ..‬على‬
‫منــامه أبــو بكــر ‪ ..‬ثــم اســتيقظ‬ ‫رسول الله ‪ .. r‬فلما رآهم‬
‫عمر ‪..‬‬ ‫وهم على رحالهم قبل أن‬
‫فقعــد أبــو بكــر عنــد رأســه ‪.. e‬‬ ‫ينزلوا ‪ ..‬بادرهم قائل ً ‪:‬‬
‫فجعل يكبر ويرفع صوته ‪ ..‬حــتى‬ ‫مرحبا ً بالقوم ‪ ..‬غير خزايا ‪..‬‬
‫استيقظ النبي ‪.. e‬‬ ‫ول ندامى ‪..‬‬
‫فنزل وصلى بهم الفجر ‪..‬‬ ‫فاستبشروا ‪ ..‬وتواثبوا من‬
‫فلمــا انتهــى مــن صــلته التفــت‬ ‫رحالهم ‪ ..‬وأقبلوا إليه‬
‫فرأى رجل ً من القــوم لــم يصــل‬ ‫يتسابقون للسلم عليه ‪..‬‬
‫معهم ‪..‬‬ ‫ثم قالوا ‪:‬‬
‫فقال ‪ :‬يا فلن ‪ ..‬مــا يمنعــك أن‬ ‫يا رسول الله ‪ ..‬إن بيننا‬
‫تصلي معنا ؟‬ ‫وبينك هذا الحي من‬
‫قـــال ‪ :‬أصـــابتني جنابـــة ‪ ..‬ول‬ ‫المشركين من مضر ‪..‬‬
‫وإنا ل نصل إليك إل في‬
‫) ( رواه البخاري‬ ‫‪25‬‬ ‫الشهر الحرام ‪ ..‬حين يقف‬
‫‪55‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فجمع لها من كسر الخبز والتمر‬ ‫ماء ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫فأمره ‪ e‬أن يتيمم بالصعيد ‪..‬‬
‫فقــال لهــا ‪ :‬اذهــبي بهــذا معــك‬ ‫ثم صلى ‪..‬‬
‫لعيالك ‪ ..‬واعلمي أنا لــم نــرزأك‬ ‫ثــــــم أمــــــر ‪ e‬أصــــــحابه‬
‫مــن مــائك شــيئا ً ‪ ..‬غيــر أن اللــه‬ ‫بالرتحال ‪..‬‬
‫سقانا ‪..‬‬ ‫وليس معهم ماء ‪ ..‬فعطشوا‬
‫ثـــم ركبـــت المـــرأة بعيرهـــا ‪..‬‬ ‫عطشا ً شديدا ً ‪ ..‬ولــم يقفــوا‬
‫مستبشـــرة بمـــا حصـــلت مـــن‬ ‫على بئر ول ماء ‪..‬‬
‫طعام ‪..‬‬ ‫قال عمران بن حصين ‪:‬‬
‫حــتى وصــلت أهلهــا ‪ ..‬فقــالت ‪:‬‬ ‫فبينما نحن نسير فــإذا نحــن‬
‫أتيت أسحر الناس ‪ ..‬أو هــو نــبي‬ ‫بــامرأة علــى بعيــر ‪ ..‬ومعهــا‬
‫كما زعموا ‪..‬‬ ‫مزادتان ) قربتان ( ‪..‬‬
‫فعجــب قومهــا مــن قصــتها مــع‬ ‫فقلنا لها ‪ :‬أين الماء ؟!‬
‫رسول الله ‪ .. e‬فلم يمـر عليهـم‬ ‫قالت ‪ :‬إنه ل ماء ‪..‬‬
‫زمــن حــتى أســلمت وأســلموا ‪..‬‬ ‫فقلنا ‪ :‬كم بيــن أهلــك وبيــن‬
‫)‪(26‬‬
‫الماء ؟‬
‫نعم ‪ ..‬أعجبت بتعامله وكرمه‬ ‫قالت ‪ :‬يوم وليلة ‪..‬‬
‫معها من أول لقاء ‪..‬‬ ‫فقلنا ‪ :‬انطلقي إلى رســول‬
‫وفي يوم أقبل رجل إلى رسول‬ ‫الله ‪.. e‬‬
‫الله ‪ .. e‬فسأله مال ً ‪ ..‬فأعطاه‬ ‫قالت ‪ :‬وما رسول الله ‪!!..‬‬
‫النبي ‪ e‬قطيعا ً من غنم بين‬ ‫فسقناها معنا طمعا ً أن تدلنا‬
‫جبلين ‪..‬‬ ‫على الماء ‪..‬‬
‫فرجع الرجل إلى قومه ‪..‬‬ ‫حــتى أقبلنــا بهــا إلــى النــبي‬
‫فقال ‪:‬‬ ‫‪.. e‬‬
‫يا قوم ‪ ..‬أسلموا فإن محمدا ً‬ ‫فسألها عن المــاء ‪ ..‬فحــدثته‬
‫يعطي عطاء من ل يخاف الفاقة‬ ‫بمثل الذي حدثتنا بــه ‪ ..‬غيــر‬
‫‪..‬‬ ‫أنهـــا شـــكت إليـــه أنهـــا أم‬
‫قال أنس ‪ :‬وقد كان الرجل‬ ‫أيتام ‪..‬‬
‫يجيء إلى رسول الله ‪ e‬ما يريد‬ ‫فتناول ‪ e‬مزادتها ‪ ..‬فســمى‬
‫إل الدنيا ‪ ..‬فما يمسي حتى‬ ‫الله ‪ ..‬ومسح عليها ‪..‬‬
‫يكون دينه أحب إليه ‪ ..‬وأعز‬ ‫ثم جعل ‪ e‬يفرغ من قربتيهــا‬
‫‪..‬‬ ‫)‪(27‬‬
‫عليه ‪ ..‬من الدنيا وما فيها‬ ‫في آنيتنا ‪ ..‬فشربنا عطاشــا ً‬
‫أربعين رجل ً ‪ ..‬حتى روينا ‪..‬‬
‫اقتراح ‪..‬‬ ‫وملنا كل قربة معنا ‪..‬‬
‫أول لقاء يطبع ‪ %70‬من‬ ‫ثــم تركنــا قربتيهــا ‪ ..‬وهمــا‬
‫الصورة عنك ‪ ..‬فعامل كل‬ ‫أكثر ما تكون امتلءً ‪..‬‬
‫ثــــم قــــال ‪ : e‬هــــاتوا مــــا‬
‫) ( رواه مسلم‬ ‫‪26‬‬
‫عندكم ‪ ..‬أي طعام ‪..‬‬
‫) ( رواه مسلم‬ ‫‪27‬‬

‫‪56‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫والخبيث‬ ‫•‬ ‫إنسان على أن هذا هو‬
‫)‪(28‬‬
‫والطيب ( ‪..‬‬ ‫•‬ ‫اللقاء الول والخير‬
‫فعند تعاملك مع الناس انتبه إلى‬ ‫بينكما ‪..‬‬
‫هذا – وانتبهي ‪ -‬سواء تعاملت‬
‫مع ‪:‬‬ ‫الناس كمعادن‬ ‫‪.20‬‬
‫قريب كأب وأم وزوجة وولد ‪..‬‬ ‫الرض ‪..‬‬
‫أو بعيد كجار وزميل وبائع ‪..‬‬ ‫لو تأملت في الناس لوجدت‬
‫ولعلك تلحظ أن طبائع الناس‬ ‫أن لهم طبائع كطبائع‬
‫تؤثر فيهم حتى عند اتخاذ‬ ‫الرض ‪..‬‬
‫قراراتهم ‪..‬‬ ‫فمنم الرفيق اللين ‪ ..‬ومنهم‬
‫وحتى تتيقن ذلك ‪ ..‬اعمل هذه‬ ‫الصلب الخشن ‪ ..‬ومنهم‬
‫التجربة ‪:‬‬ ‫الكريم كالرض المنبتة‬
‫إذا وقعت بينك وبين زوجتك‬ ‫الكريمة ‪ ..‬ومنهم البخيل‬
‫مشكلة ‪ ..‬فاستشر أحد زملئك‬ ‫كالرض الجدباء التي ل‬
‫ممن تعلم أنه صلب خشن ‪ ..‬قل‬ ‫ً‬
‫تمسك ماءً ول تنبت كل ‪..‬‬
‫له ‪ :‬زوجتي كثيرة المشاكل‬ ‫إذن الناس أنواع ‪..‬‬
‫معي ‪ ..‬قليلة الحترام لي ‪..‬‬ ‫ولو تأملت لوجدت أنك عند‬
‫ي ‪..‬‬
‫فأشر عل ّ‬ ‫تعاملك مع أنواع الرض‬
‫كأني به سيقول ‪ :‬الحريم ما‬ ‫تراعي حال الرض وطبيعتها‬
‫يصلح معهن إل العين الحمراء !!‬ ‫‪..‬‬
‫دقّ خشمها ! خل شخصيتك قوية‬ ‫فطريقة مشيك على الرض‬
‫عليها !! كن رجل ً !!‬ ‫الصلبة ‪ ..‬تختلف عن‬
‫وبالتالي قد تثور أنت ويخرب‬ ‫طريقتك في المشي على‬
‫عليك بيتك بهذه الكلمات ‪..‬‬ ‫الرض اللينة ‪ ..‬فأنت حذر‬
‫أكمل التجربة ‪..‬‬ ‫ن في الولى ‪ ..‬بينما أنت‬ ‫متأ ّ‬
‫اذهب إلى صديق آخر تعرف أنه‬ ‫مرتاح مطمئن في الثانية ‪..‬‬
‫هين لين لطيف ‪ ..‬وقل له ما‬ ‫وهكذا الناس ‪..‬‬
‫قلت للول ‪..‬‬ ‫قال ‪ ) e‬إن الله تعالى خلق‬
‫ستجد حتما ً أنه يقول ‪ :‬يا أخي‬ ‫آدم من قبضة قبضها من‬
‫هذه أم عيالك ‪ ..‬وما فيه زواج‬ ‫جميع الرض فجاء بنو آدم‬
‫يخلو من مشاكل ‪ ..‬اصبر‬ ‫على قدر الرض فجاء‬
‫عليها ‪ ..‬وحاول أن تتحملها ‪..‬‬ ‫منهم ‪:‬‬
‫وهذه مهما صار فهي زوجتك ‪..‬‬ ‫الحمر‬ ‫•‬
‫وشريكتك في الحياة ‪..‬‬ ‫والبيض‬ ‫•‬
‫فانظر كيف صارت طبيعة‬ ‫والسود‬ ‫•‬
‫الشخص تؤثر في آرائه وقراراته‬
‫وبين ذلك‬ ‫•‬
‫والسهل‬ ‫•‬
‫‪ ( ) 28‬رواه أبو داود والترمذي وقال حسن‬
‫والحزن‬ ‫•‬
‫صحيح‬
‫‪57‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫قتل بيده ‪ 99‬نفسا ً ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫انتفض العابد ‪ ..‬ولم يتخيل ‪99‬‬ ‫لذلك نهى النبي ‪ e‬أن يقضي‬
‫جثة بين يديه يمثلها هذا الرجل‬ ‫القاضي بين اثنين وهو‬
‫الواقف أمامه ‪..‬‬ ‫عطشان ! أو جوعان ! أو‬
‫صاح العابد ‪ :‬ل ‪ ..‬ليس لك‬ ‫حابس لبول أو غائط ! لن‬
‫توبة ‪ ..‬ليس لك توبة ‪..‬‬ ‫هذه المور قد تغير‬
‫ول تعجب أن يصدر هذا الجواب‬ ‫نفسيته ‪ ..‬وبالتالي قد تؤثر‬
‫من عابد قليل العلم ‪ ..‬يحكم في‬ ‫عليه في اتخاذ قراره في‬
‫المور بعاطفته ‪..‬‬ ‫الحكم ‪..‬‬
‫هذا القاتل لما سمع الجواب ‪..‬‬ ‫كان في المم السابقة رجل‬
‫وهو الرجل الصلب الخشن ‪..‬‬ ‫سفاح !! سفاح ؟! نعم‬
‫غضب واحمرت عيناه ‪ ..‬وتناول‬ ‫سفاح ‪ ..‬لم يقتل رجل ً واحدا ً‬
‫سكينه ثم انهال طعنا ً في جسد‬ ‫ول اثنين ‪ ..‬ول عشرة ‪..‬‬
‫العابد حتى مزقه ‪ ..‬ثم خرج‬ ‫وإنما قتل تسعا ً وتسعين‬
‫ثائرا ً من الصومعة ‪..‬‬ ‫نفسا ً ‪..‬‬
‫ومضت اليام ‪ ..‬فحدثته نفسه‬ ‫ل أدري كيف نجا من الناس‬
‫بالتوبة مرة أخرى ‪..‬‬ ‫وانتقامهم ‪ ..‬لعله كان‬
‫فسأل عن أعلم أهل الرض ‪..‬‬ ‫مخيفا ً جدا ً إلى درجة أنه ل‬
‫فدله الناس على رجل عالم ‪..‬‬ ‫أحد يجرؤ على القتراب‬
‫مضى يمشي حتى دخل على‬ ‫منه ‪ ..‬أو أنه كان يتخفى في‬
‫العالم ‪ ..‬فلما وقف بين يديه‬ ‫البراري والمغارات ‪ ..‬ل‬
‫فإذا به يرى رجل ً رزينا ً يزينه‬ ‫أدري بالضبط ‪ ..‬المهم أنه‬
‫وقار العلم والخشية ‪..‬‬ ‫ارتكب ‪ 99‬جريمة قتل !!‬
‫فأقبل القاتل إليه سائل ً بكل‬ ‫ثم حدثته نفسه بالتوبة ‪..‬‬
‫جرأة ‪ :‬إني قتلت مائة نفس !!‬ ‫فسأل عن أعلم أهل الرض‬
‫فهل لي من توبة ؟!‬ ‫فدلوه على عابد في‬
‫فأجابه العالم فورا ً ‪ :‬سبحاااان‬ ‫صومعته ‪ ..‬ل يكاد يفارق‬
‫الله ‪ !!..‬ومن يحول بينك وبين‬ ‫مصله ‪ ..‬يمضي وقته ما بين‬
‫التوبة ؟!!‬ ‫بكاء ودعاء ‪ ..‬هين لين‬
‫جواب رائع !! فعل ً من يحول‬ ‫عاطفته جياشة ‪..‬‬
‫بينه وبين التوبة ؟! فالخالق في‬ ‫دخل هذا الرجل على‬
‫السماء ل تستطيع أي قوة في‬ ‫العابد ‪ ..‬وقف بين يديه ثم‬
‫العالم ان تحول بينك وبين‬ ‫فجعه بقوله ‪ :‬أنا قتلت تسعا ً‬
‫النابة إليه والنكسار بين يديه ‪..‬‬ ‫وتسعين نفسا ً ‪ ..‬فهل لي‬
‫ثم قال العالم الذي كان يتخذ‬ ‫من توبة ؟‬
‫قراراته بناء على العلم‬ ‫هذا العابد ‪ ..‬أظنه لو قتل‬
‫والشرع ‪ ..‬ل بناء على طبيعته‬ ‫نملة من غير قصد لقضى‬
‫ومشاعره ‪ ..‬أو قل على‬ ‫بقية يومه باكيا ً متأسفا ً ‪..‬‬
‫عاطفته وأحاسيسه ‪..‬‬ ‫فكيف سيكون جوابه لرجل‬
‫‪58‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫اشتد الخلف يوما ً فطلقها‬ ‫قال العالم ‪ :‬لكنك بأرض‬
‫تطليقه ‪ ..‬ثم راجعها ‪..‬‬ ‫سوء ‪..‬‬
‫ثم اشتد أخرى ‪ ..‬فطلقها‬ ‫عجبا ً ! كيف علم ؟ عرف‬
‫ثانية ‪ ..‬ثم راجعها ‪..‬‬ ‫ذلك بناء على كبر الجرائم‬
‫وكنت كلما قابلته أحذره وأوصيه‬ ‫كر‬ ‫من ِ‬
‫مدافع له الـ ُ‬ ‫وقلة الـ ُ‬
‫‪ ..‬وأذكره بأبنائه الصغار ‪..‬‬ ‫عليه ‪ ..‬فعلم أن البلد أصل ً‬
‫وأهمية اعتبارهم والعناية بهم ‪..‬‬ ‫ينتشر فيها القتل والظلم‬
‫وأكرر عليه ‪:‬‬ ‫إلى درجة أنه ل أحد ينتصر‬
‫لم يبق لك إل طلقة واحدة –‬ ‫للمظلوم ‪..‬‬
‫الثالثة – فإن أوقعتها لم تحل‬ ‫قال ‪ :‬إنك بأرض سوء ‪..‬‬
‫لك مراجعتها إل بعد زواجها من‬ ‫فاذهب إلى بلد كذا وكذا‬
‫آخر وتطليقه لها ‪ ..‬فاتق الله ‪..‬‬ ‫فإن بها قوما ً يعبدون الله‬
‫ول تخرب بيتك ‪..‬‬ ‫فاعبد الله معهم ‪..‬‬
‫حتى جاءني يوما ً متغير الوجه‬ ‫ذهب الرجل يمشي تائبا ً‬
‫وقال ‪ :‬يا شيخ تخاصمنا‬ ‫منيبا ً ‪ ..‬فمات قبل أن يصل‬
‫وطلقتها الثالثة !!‬ ‫إلى البلد المقصود ‪..‬‬
‫ً‬
‫وهذا الكلم منه ليس غريبا ‪..‬‬ ‫نزلت ملئكة الرحمة وملئكة‬
‫إنما الغريب أنه قال بعدها ‪ :‬ما‬ ‫العذاب ‪..‬‬
‫تعرف لي شيخا ً حبيبا ً يفتيني‬ ‫فأما ملئكة الرحمة فقالت ‪:‬‬
‫الن أراجعها !!‬ ‫أقبل تائبا ً منيبا ً ‪..‬‬
‫فعجبت منه ‪ ..‬ثم تأملت في‬ ‫وأما ملئكة العذاب فقالت ‪:‬‬
‫الحال فاكتشفت ما تقرر قبل‬ ‫لم يعمل خيرا ً قط ‪..‬‬
‫قليل أن كثيرا ً من الناس تختلف‬ ‫فبعث الله إليهم ملكا ً في‬
‫آراؤهم – وربما اختياراتهم‬ ‫صورة رجل ليحكم بينهم ‪..‬‬
‫الفقهية – تأثرا ً بعاطفته‬ ‫فكان الحكم أن يقيسوا ما‬
‫وطبيعته ‪..‬‬ ‫بين البلدين ‪ ..‬بلد الطاعة‬
‫وبعض الناس تعلم من طبيعته‬ ‫وبلد المعصية ‪ ..‬فإلى أيتهما‬
‫أنه شديد الحب للمال ‪ ..‬فل‬ ‫كان أقرب ‪.‬ز فإنه لها ‪..‬‬
‫تعجب إذا رأيته يذل نفسه‬ ‫وأوحى الله تعالى إلى بلد‬
‫لرباب الموال ‪ ..‬يهمل أولده‬ ‫الرحمة أن تقاربي ‪ ..‬وإلى‬
‫وبيته لجل جمعه ‪ ..‬يقتر على‬ ‫بلد المعصية أن تباعدي ‪..‬‬
‫من يعول ‪ ..‬ل تعجب فهو‬ ‫فكان أقرب إلى بلد الطاعة‬
‫طماع ‪ ..‬بل إن اتخاذه لقراراته‬ ‫فأخذته ملئكة الرحمة ‪..‬‬
‫وتبنيه لقناعاته ينبني كثيرا ً على‬ ‫حتى المفتين في المسائل‬
‫هذه الطبيعة ‪ ..‬فإذا أردت أن‬ ‫الشرعية تجد مع السف أن‬
‫تتعامل معه أو تطلب منه شيئا ً‬ ‫بعضهم تغلبه عاطفته‬
‫فضع في نفسك قبل أن تتكلم‬ ‫أحيانا ً ‪..‬‬
‫أنه محب للمال ‪ ..‬فحاول أن ل‬ ‫أذكر أن أحد جيراني كان‬
‫تعارض هذه الطبيعة فيه حتى‬ ‫كثير الخلفات مع زوجته ‪..‬‬
‫‪59‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫وبعض من تخالطهم من الناس‬ ‫تحصل على ما تريد منه ‪..‬‬
‫يكون اجتماعيا ً أسريا ً ‪ ..‬يحب‬ ‫ولن المثلة مفاتيح‬
‫أسرته ‪ ..‬ل يصبر على‬ ‫الفهوم ‪ ..‬خذ مثال ً ‪:‬‬
‫فراقهم ‪ ..‬اطلب منه أي شيء‬ ‫نفرض أنك زرت مستشفى‬
‫إل أن يبتعد عن أولده بسفر أو‬ ‫وقابلت مصادفة صديقا ً‬
‫نحوه ‪ ..‬فل تكلفه ما ل يطيق ‪..‬‬ ‫قديما ً كان زميل ً لك أيام‬
‫إلى غير ذلك من طبائع الناس ‪..‬‬ ‫الجامعة ‪ ..‬فدعوته إلى‬
‫يعجبني بعض الناس الذي يملك‬ ‫وليمة غداء في بيتك ‪..‬‬
‫فن اصطياد جميع القلوب ‪..‬‬ ‫فوافق ‪..‬‬
‫فإذا سافر مع بخلء اقتصد حتى‬ ‫فذهبت إلى السوق‬
‫ل يحرجهم فأحبوه ‪..‬‬ ‫واشتريت حاجات ثم رجعت‬
‫وإن جالس عاطفيين زاد من‬ ‫إلى البيت لتستعد وجعلت‬
‫نسبة عاطفته فأحبوه ‪..‬‬ ‫تتصل بعدد من زملئكم‬
‫وإن مشى مع فكاهيين مرحين‬ ‫السابقين تدعوهم‬
‫ضحك ومزح وجاملهم فأحبوه ‪..‬‬ ‫لمشاركتكم الوليمة ورؤية‬
‫يلبس لكل حالة لبوسها ‪ ..‬إما‬ ‫صاحبك ‪ ..‬من بين هؤلء‬
‫نعيمها وإما بؤسها ‪..‬‬ ‫صديق ‪ -‬من البخلء الذين‬
‫عد بذاكرتك قليل ً معي ‪..‬‬ ‫و ُ‬ ‫استولى حب المال على‬
‫وانظر إلى رسول الله ‪ ‬وقد‬ ‫قلوبهم ‪ -‬اتصلت به فرحب‬
‫أقبل بالكتائب لفتح مكة ‪..‬‬ ‫وحّيا ‪ ..‬فلما أخبرته عن‬
‫كان أبو سفيان قد خرج إلى‬ ‫الوليمة ‪ ..‬قال ‪ :‬آآه ‪ ..‬يا‬
‫النبي ‪ ‬قبل أن يدخل مكة ‪..‬‬ ‫ليتني أستطيع الحضور‬
‫فأسلم ‪..‬‬ ‫ورؤية فلن ‪ ..‬لكني مرتبط‬
‫في قصة طويلة ‪ ..‬الشاهد منها‬ ‫بشغل هااام ‪ ..‬فبلغه سلمي‬
‫أنه لما أسلم قال العباس ‪:‬‬ ‫‪ ..‬ولعلي أراه في وقت‬
‫يا رسول الله ‪ ..‬إن أبا سفيان‬ ‫آخر ‪..‬‬
‫رجل يحب الفخر فاجعل له شيئا ً‬ ‫فأدركت أنت من معرفتك‬
‫‪..‬‬ ‫بطبيعته أنه يخشى أن يجيء‬
‫فقال ‪ " : r‬نعم ‪ ..‬من دخل دار‬ ‫‪ ..‬فيضطر إلى أن يدعو‬
‫أبي سفيان فهو آمن ‪..‬‬ ‫الضيف إلى بيته ويصنع له‬
‫ومن أغلق عليه بابه فهو آمن ‪..‬‬ ‫وليمة تكلفه مبلغا ً‬
‫ومن دخل المسجد فهو آمن ‪..‬‬ ‫وقدره ‪ !! ..‬وهو يريد‬
‫فلما ذهب أبو سفيان لينصرف‬ ‫التوفير ‪..‬‬
‫إلى مكة ‪..‬‬ ‫فقلت له ‪ :‬عموما ً هذا‬
‫نظر إليه رسول الله ‪.. r‬‬ ‫الضيف لن يبقى في البلد‬
‫فإذا هو الذي استنفر قريشا ً‬ ‫سيسافر بعد الغداء‬
‫لحربه في بدر ‪..‬‬ ‫مباشرة ‪ ..‬فقال ‪ :‬آآآ ‪ ..‬إذن‬
‫واستنفرها لحربه في أحد ‪..‬‬ ‫سأؤجل شغلي وآتي‬
‫ثم استنفرها لحربه في‬ ‫لرؤيته !!‬
‫‪60‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فقال ‪ :‬سبحان الله يا عباس !‬ ‫الخندق ‪..‬‬
‫من هؤلء ؟‬ ‫وإذا رجل قائد ‪ ..‬قد طحنته‬
‫فقال العباس ‪ :‬هذا رسول الله‬ ‫الحرب وطحنها ‪..‬‬
‫‪ r‬في المهاجرين والنصار ‪..‬‬ ‫وإذا هو حديث عهد بإسلم ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬هذا الموت الحمر ‪ ..‬والله‬ ‫فأراد رسول الله ‪ r‬أن يريه‬
‫ما لحد بهؤلء من قبل ول‬ ‫قوة السلم ‪..‬‬
‫طاقة ‪..‬‬ ‫فقال ‪ " : ‬يا عباس ‪..‬‬
‫ثم قال ‪ :‬والله يا أبا الفضل لقد‬ ‫قال ‪ :‬لبيك يا رسول الله ‪..‬‬
‫أصبح ملك ابن أخيك عظيما ً !‬ ‫قال ‪ :‬احبس أبا سفيان‬
‫قال العباس ‪ :‬يا أبا سفيان ‪..‬‬ ‫بمضيق الوادي عند خطم‬
‫إنها النبوة ‪..‬‬ ‫الجبل حتى تمر به جنود الله‬
‫فقال أبو سفيان ‪ :‬فنعم إذن ‪..‬‬ ‫فيراها ‪..‬‬
‫فلما تجاوزتهم الخيل ‪ ..‬صاح به‬ ‫أي أوقفه على طريق‬
‫العباس ‪ ..‬النجاءَ إلى قومك ‪..‬‬ ‫الجيش وهو يدخل مكة ‪..‬‬
‫فمضى أبو سفيان سريعا ً إلى‬ ‫فخرج العباس بأبي‬
‫مكة ‪..‬‬ ‫سفيان ‪ ..‬حتى وقف معه‬
‫وجعل يصرخ بأعلى صوته ‪:‬‬ ‫بمضيق الوادي ‪ ..‬حيث‬
‫يا معشر قريش ‪ ..‬هذا محمد قد‬ ‫تتدفق الكتائب كالسيل إلى‬
‫جاءكم فيما ل قبل لكم به ‪..‬‬ ‫مكة ‪..‬‬
‫فمن دخل دار أبي سفيان فهو‬ ‫وجعلت الكتائب تمر عليه‬
‫آمن ‪..‬‬ ‫براياتها ‪ ..‬فلما مرت الكتيبة‬
‫قالوا ‪ :‬قاتلك الله ! وما تغني‬ ‫الولى قال ‪ :‬يا عباس من‬
‫عنا دارك ؟‬ ‫هؤلء ؟‬
‫قال ‪ :‬ومن أغلق عليه بابه فهو‬ ‫قال العباس ‪ :‬سليم ‪..‬‬
‫آمن ‪ ..‬ومن دخل المسجد فهو‬ ‫قال ‪ :‬مالي ولسليم ‪!!..‬‬
‫آمن ‪..‬‬ ‫ثم مرت به الثانية ‪..‬‬
‫فتفرق الناس إلى دورهم وإلى‬ ‫قال ‪ :‬يا عباس من هؤلء ؟‬
‫المسجد ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬مزينة ‪..‬‬
‫فلله در نبيه ‪ ‬كيف أثر في‬ ‫قال ‪ :‬مالي ولمزينة ‪!!..‬‬
‫نفس أبي سفيان بما يصلح له ‪..‬‬ ‫حتى نفدت الكتائب ‪ ..‬وهو‬
‫ومما يحسن ههنا ‪ ..‬أن تعرف‬ ‫ما تمر كتيبة إل سأل العباس‬
‫طبيعة الشخص ونفسيته قبل‬ ‫عنها ‪..‬‬
‫أن تتكلم معه ‪ ..‬فإن معرفة‬ ‫فإذا أخبره ‪ ..‬قال ‪ :‬مالي‬
‫طبيعته ‪ ..‬وماذا يناسبه ‪ ..‬يفيدك‬ ‫ولبني فلن ‪..‬‬
‫عند التعامل أو الكلم معه ‪..‬‬ ‫حتى مر رسول الله ‪ r‬في‬
‫في غزوة الحديبية ‪..‬‬ ‫كتيبته الخضراء ‪ ..‬وفيها‬
‫خرج رسول الله ‪ .. r‬بمن معه‬ ‫المهاجرون والنصار ‪ ..‬قد‬
‫من المهاجرين والنصار ومن‬ ‫غطوا أجسادهم بالحديد ‪..‬‬
‫لحق به من العرب ‪..‬‬ ‫فل يرى منهم إل عيونهم ‪..‬‬
‫‪61‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫يراه ‪..‬‬ ‫كانوا ألفا ً وأربعمائة ‪..‬‬
‫فلما رأى الهدي من إبل وغنم ‪..‬‬ ‫ساقوا معهم الهدى وأحرموا‬
‫تسيل عليه من عرض الوادي‬ ‫بالعمرة ليعلم الناس أنهم‬
‫في قلئده وحباله مربوطا ً مهيئا ً‬ ‫إنما خرجوا زائرين لهذا‬
‫ليذبح في الحرم ‪..‬‬ ‫البيت معظمين له ‪..‬‬
‫قد أكل أوباره من طول الحبس‬ ‫وساق ‪ ‬معه سبعين من‬
‫عن محله ‪ ..‬قد أضناه الجوع‬ ‫البل ‪ ..‬هديا ً إلى البيت‬
‫والعطش ‪..‬‬ ‫الحرام ‪..‬‬
‫لما رأى سيد الحابيش ذلك ‪..‬‬ ‫وصلوا مكة ‪ ..‬فمنعتهم‬
‫انتفض ‪ ..‬ولم يقابل رسول الله‬ ‫قريش من دخولها ‪..‬‬
‫‪ r‬إعظاما ً لما رأى ‪ ..‬وكيف يمنع‬ ‫عسكر النبي ‪ ‬بأصحابه في‬
‫المعتمرون عن البيت الحرام !!‬ ‫موضع اسمه الحديبية ‪..‬‬
‫رجع إلى قريش ‪ ..‬فقال لهم‬ ‫جعلت قريش ترسل إليه‬
‫ذلك ‪ ..‬فقالوا له ‪ :‬اجلس فإنما‬ ‫الرجل تلو الرجل للتفاوض‬
‫أنت أعرابي ل علم لك ‪..‬‬ ‫معه ‪..‬‬
‫فغضب الحليس ‪ ..‬وقال ‪:‬‬ ‫فبعثوا إليه أول ً مكرز بن‬
‫يا معشر قريش ‪ ..‬والله ما على‬ ‫حفص ‪..‬‬
‫هذا حالفناكم ‪ ..‬ول على هذا‬ ‫كان مكرز رجل ً من قريش ‪..‬‬
‫عاهدناكم ‪..‬‬ ‫لكنه ل يلتزم بعهد ول ميثاق‬
‫أيصد عن بيت الله من جاءه‬ ‫‪ ..‬بل هو فاجر غادر ‪..‬‬
‫معظما ً له ؟‬ ‫فلما رآه رسول الله ‪ r‬مقبل ً‬
‫والذي نفس الحليس بيده ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬هذا رجل غادر ‪..‬‬
‫لتخلن بين محمد وبين ما جاء له‬ ‫فلما انتهى إلى رسول الله‬
‫من العمرة ‪ ..‬أو لنفرن‬ ‫‪ .. r‬كلمه بما يصلح لمثله ‪..‬‬
‫بالحايش نفرة رجل واحد ‪..‬‬ ‫وأخبره أنه ما جاء يريد‬
‫ف عنا ‪ ..‬حتى‬ ‫ه ‪ ..‬ك ُ ّ‬
‫م ْ‬
‫قالوا ‪َ :‬‬ ‫حربا ً ‪ ..‬إنما جاء معتمرا ً ‪..‬‬
‫نأخذ لنفسنا ما نرضى به ‪..‬‬ ‫ولم يكتب معه عهدا ً لنه‬
‫ثم أرادوا ‪ ..‬أن يبعثوا رجل ً‬ ‫يعلم أنه ليس أهل ً لذلك ‪..‬‬
‫شريفا ً ‪ ..‬فاختاروا عروة بن‬ ‫رجع مكرز إلى قريش‬
‫مسعود الثقفي ‪..‬‬ ‫فأخبرهم ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬يا معشر قريش إني قد‬ ‫فبعثوا حليس بن علقمة ‪..‬‬
‫رأيت ما يلقى منكم من بعثتموه‬ ‫سيد الحابيش ‪..‬‬
‫إلى محمد إذ جاءكم ‪ ..‬من‬ ‫وكان الحابيش قوم من‬
‫التعنيف وسوء اللفظ ‪ ..‬وقد‬ ‫العرب سكنوا مكة تعظيما ً‬
‫عرفتم أنكم والد وأني ولد ‪..‬‬ ‫للحرم وعناية بالكعبة ‪..‬‬
‫قالوا ‪ :‬صدقت ما أنت عندنا‬ ‫فلما رآه رسول الله ‪ r‬قال ‪:‬‬
‫بمتهم ‪..‬‬ ‫إن هذا من قوم يتألهون ‪.‬ز‬
‫فخرج عروة ‪ ..‬وكان ملكا ً في‬ ‫أي يتعبدون ‪ ..‬فابعثوا‬
‫قومه ‪ ..‬له شرف ومكانة ‪ ..‬وله‬ ‫الهدي في وجهه حتى‬
‫‪62‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫قرعها شعبة بطرف السيف ‪..‬‬ ‫ترفع على الناس ‪..‬‬
‫ثم يمدها ثانية ‪ ..‬فيقرعها شعبة‬ ‫فلما أتى رسول الله ‪ r‬جلس‬
‫بطرف السيف ‪..‬‬ ‫بين يديه ثم قال ‪:‬‬
‫فلما مدها الثالثة ‪ ..‬قال شعبة ‪:‬‬ ‫يا محمد !! أجمعت أوشاب‬
‫اكفف يدك عن وجه رسول الله‬ ‫الناس ثم جئت بهم إلى‬
‫‪ r‬قبل أل تصل إليك يدك ‪ ..‬أي‬ ‫بيضتك لتفضها بهم ؟‬
‫أقطعها !!‬ ‫إنها قريش ‪ ..‬قد خرجت‬
‫فقال عروة ‪ :‬ويحك ما أفظك‬ ‫معها العوذ المطافيل ‪ ..‬قد‬
‫وأغلظك ! ومن هذا يا محمد ؟‬ ‫لبسوا جلود النمور ‪..‬‬
‫فتبسم رسول الله ‪ .. r‬وقال ‪..‬‬ ‫يعاهدون الله ل تدخلها‬
‫هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة‬ ‫عليهم عنوة أبدا ً ‪ ..‬وأيم الله‬
‫الثقفي ‪..‬‬ ‫لكأني بهؤلء قد انكشفوا‬
‫فقال عروة ‪ :‬أي غدر وهل‬ ‫عنك غدا ً ‪..‬‬
‫غسلت سوأتك إل بالمس !‬ ‫وكان أبو بكر خلف النبي‬
‫ثم قام عروة من عند النبي ‪.. r‬‬ ‫‪ .. r‬واقفا ً ‪..‬‬
‫وعاد إلى قريش ‪..‬‬ ‫فقال أبو بكر ‪ :‬امصص بظر‬
‫فاسمع ما قال ‪:‬‬ ‫اللت ! أنحن ننكشف عنه ؟‬
‫قال ‪ :‬يا معشر قريش ‪ ..‬والله‬ ‫تفاجأ ملك قومه بهذا‬
‫لقد رأيت كسرى وقيصر‬ ‫الجواب ‪ ..‬فلم يتعود على‬
‫والنجاشي ‪ ..‬والله ما رأيت ملكا ً‬ ‫مثله ‪ ..‬لكنه في الحقيقة‬
‫يعظمه أصحابه كما يعظم‬ ‫كان يحتاج إلى جرعة كهذه‬
‫أصحاب محمد محمدا ً ‪..‬‬ ‫تخفض ما في رأسه من‬
‫فوقع في قلب قريش من‬ ‫كبرياء ‪..‬‬
‫الرهبة ما لم يقع من قبل ‪..‬‬ ‫فقال عروة متأثرا ً ‪ :‬من هذا‬
‫فأرسلت قريش سهيل بن عمرو‬ ‫يا محمد ؟‬
‫‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬هذا ابن أبي قحافة ‪..‬‬
‫فمضى يمشي إلى رسول الله‬ ‫قال ‪ :‬أما والله لول يد كانت‬
‫‪ .. ‬فلما رآه رسول الله ‪.. r‬‬ ‫لك عندي لكفأتك بها ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬سهل أمركم ‪ ..‬ثم كتبوا‬ ‫ولكن هذه بهذه ‪..‬‬
‫بينهم صلح الحديبية ‪..‬‬ ‫وجعل عروة يلين العبارات‬
‫هذا جانب من معرفته ‪ ‬لنواع‬ ‫بعدها ‪ ..‬ويكلم النبي ‪r‬‬
‫الناس ‪ ..‬واستعمال المفتاح‬ ‫‪..‬ويلمس لحية النبي ‪..‬‬
‫المناسب في التعامل مع كل‬ ‫والمغيرة بن شعبة الثقفي‬
‫أحد ‪..‬‬ ‫واقف وراء رأس رسول الله‬
‫وهذه النواع من طباع الناس‬ ‫‪ .. r‬قد غطى وجهه‬
‫تلحظها حتى في إلقاء الكلمات‬ ‫الحديد ‪..‬‬
‫أو السواليف معهم ‪..‬‬ ‫فكان كلما قرب عروة يده‬
‫ويمكنك أن تشاهد دليل ذلك‬ ‫من لحية رسول الله ‪.. r‬‬
‫بنفسك ‪..‬‬
‫‪63‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫مجاملة السامعين ‪..‬‬ ‫حاول أن تلقي قصة مبكية‬
‫أذكر أن رجل ً من هذا الصنف‬ ‫أمام جمع من الناس ‪..‬‬
‫جلس مرة في مجلس عام ‪..‬‬ ‫وانظر إلى أنواع تأثرهم ‪..‬‬
‫فذكر قصة وقعت له مع أحد‬ ‫أذكر أني ألقيت يوما ً خطبة‬
‫البائعين ‪ ..‬فقال في معرض‬ ‫ضمنتها قصة مقتل عمر ‪.. t‬‬
‫حديثه ‪ :‬وهذا البائع ضخم جدا ً‬ ‫ولما وصلت إلى كيفية طعن‬
‫كأنه حمار ‪ ..‬ثم قال ‪ :‬يشبه‬ ‫أبي لؤلؤة المجوسي لعمر‬
‫خالد !! وأشار إلى رجل‬ ‫ل‪:-‬‬ ‫‪ .. ‬قلت – بصوت عا ٍ‬
‫بجانبه !!‬ ‫وفجأة خرج أبو لؤلؤة من‬
‫فل أدري كيف صار يشبه‬ ‫المحراب على عمر ‪ ..‬ثم‬
‫خالدا ً ‪ ..‬وهو كأنه حمار !!‬ ‫طعنه ثلث طعنات ‪..‬‬
‫وقبل الختام ‪ ..‬هنا سؤال‬ ‫وقعت الولى في صدره‬
‫كبير ‪..‬‬ ‫والثانية في بطنه ‪..‬‬
‫هل يمكنك تغيير طباعك‬ ‫ثم استجمع قوته وطعن‬
‫لتتناسب مع طباع من‬ ‫بالخنجر تحت سرته ‪..‬‬
‫تخالطه ‪..‬؟‬ ‫ثم جررررر الخنجر حتى‬
‫نعم ‪ ..‬كان عمر ‪ t‬مشهورا ً بين‬ ‫خرجت بعض أمعائه ‪..‬‬
‫الناس بقوته وصرامته ‪..‬‬ ‫ت وأنا أنظر في‬ ‫لحظ ُ‬
‫وفي يوم من اليام ‪ ..‬اختلف‬ ‫الوجوه أن الناس تنوعوا في‬
‫رجل مع زوجته ‪ ..‬وجاء يسأل‬ ‫كيفية تأثرهم ‪..‬‬
‫عمر كيف يتعامل معها ‪..‬‬ ‫فمنهم من أغمض عينيه‬
‫فلما وقف عند بيت عمر وكاد‬ ‫فجأة وكأنه يرى الجريمة‬
‫أن يطرق الباب سمع زوجة عمر‬ ‫أمامه ‪..‬‬
‫تصرخ به ‪ ..‬وعمر ساكت ‪ ..‬لم‬ ‫ومنهم من بكى ‪..‬‬
‫يصرخ ‪ ..‬لم يضرب ‪..‬‬ ‫ومنهم من كان يستمع دون‬
‫فولى الرجل ظهره للباب وكّر‬ ‫أدنى تأثر وكأنه ينصت إلى‬
‫راجعا ً متعجبا ً ‪..‬‬ ‫حكاية ما قبل النوم !!‬
‫أحس عمر بصوت عند الباب‬ ‫قل مثل ذلك لو عرضت‬
‫فخرج ونادى الرجل ‪ .. :‬ما‬ ‫قصة حمزة ‪ t‬لما وقع شهيدا ً‬
‫خبرك ؟‬ ‫في معركة أحد ‪ ..‬وكيف‬
‫قال ‪ :‬يا أمير المؤمنين ‪ ..‬جئت‬ ‫شقوا بطنه فأخرجوا كبده ‪..‬‬
‫أشتكي إليك امرأتي فسمعت‬ ‫وقطعوا أذنيه ‪ ..‬وجدعوا‬
‫امرأتك تصرخ بك !!‬ ‫أنفه ‪ ..‬وهو سيد الشهداء‬
‫فقال عمر ‪ :‬يا رجل إنها امرأتي‬ ‫وأسد الله ورسوله ‪..‬‬
‫‪ ..‬حليلة فراشي ‪ ..‬وصانعة‬ ‫وعموما ً ‪..‬‬
‫طعامي ‪ ..‬وغاسلة ثيابي ‪ ..‬أفل‬ ‫علمتني الحياة أن الناس ل‬
‫أصبر منها على بعض السوء ‪..‬‬ ‫يخلون من أن يوجد من‬
‫وعموما ً ‪ :‬بعض الناس ل علج له‬ ‫بينهم غليظ غبي ‪ !!..‬ل‬
‫فل بد من التكيف معه ‪..‬‬ ‫يحسن ضبط عباراته ‪ ..‬ول‬
‫‪64‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫مشاكس كثير المشاكل سريع‬ ‫ي بعض الناس من‬ ‫يشتكي إل ّ‬
‫الغضب متهور ‪ ..‬صاح بأستاذه ‪:‬‬ ‫شدة غضب أبيه ‪ ..‬أو بخل‬
‫يا أستاذ ‪ ..‬ل نريد أن نختبر ‪..‬‬ ‫زوجته ‪ ..‬أو ‪..‬‬
‫نحن بالكاد نجيب ونحن‬ ‫ض عليه بعض طرق‬ ‫عر ُ‬ ‫فأ َ ْ‬
‫مذاكرون ‪ ..‬بالله كيف إذا كنا ما‬ ‫العلج فيفيدني أنه جربها‬
‫ذاكرنا ؟!!‬ ‫كلها ولم تنفع ‪..‬‬
‫قالها الطالب بنبرة حادة ‪..‬‬ ‫فما الحل ‪..‬؟! الحل أن يصبر‬
‫ثار المدرس وهاج ‪ ..‬وقال ‪ :‬ما‬ ‫على أخلقهم ‪ ..‬ويغمَر سيء‬
‫هو على كيفك ‪ ..‬تختبر غصبا ً‬ ‫سِنها ‪..‬‬
‫ح َ‬
‫أخلقهم في بحر َ‬
‫عنك ‪ ..‬فاهم ؟! إذا ما هو‬ ‫ويتكيف مع واقعه قدر‬
‫عاجبك اطلع ب َّرا !!!‬ ‫المستطاع ‪..‬‬
‫ثار الطالب ‪ ..‬وصاح ‪ :‬أنت اللي‬ ‫فبعض المشاكل ليس لها‬
‫تطلع ب َّرا ‪..‬‬ ‫حل ‪..‬‬
‫توجه المدرس إلى الطالب وهو‬
‫يصيح ويردد ‪ :‬يا قليل الدب ‪ ..‬يا‬ ‫نتيجة ‪..‬‬
‫عديم التربية ‪ ..‬يا ‪ ..‬ويقترب‬ ‫معرفتك بطبيعة الشخص‬
‫أكثر وأكثر ‪..‬‬ ‫الذي تخالطه تجعلك قادرا ً‬
‫نهض الطالب واقفا ً ‪ ..‬ثم ‪..‬‬ ‫على كسب محبته ‪..‬‬
‫كان ما كان مما لست أذكره‬
‫فظن شرا ً ‪ ،‬ول تسأل عن‬ ‫أستاذ الرياضيات ‪..‬‬ ‫‪.21‬‬
‫الخبر!!‬ ‫كان يدرس مادة الرياضيات‬
‫وصل المر إلى إدارة‬ ‫لطلب المرحلة الثانوية ‪..‬‬
‫المدرسة ‪ ..‬عوقب الطالب‬ ‫السنة الخيرة ‪ ..‬كان يلحظ‬
‫بخصم درجتين وكتابة تعهد‬ ‫على عدد منهم الهمال‬
‫‪ ..‬بالتزام الدب‬ ‫وعدم المتابعة ‪ ..‬فأراد أن‬
‫أما المدرس فصار حديث‬ ‫يؤدبهم ‪..‬‬
‫القاصي والداني ‪ ..‬وأصبح‬ ‫دخل عليهم يوما ً ‪..‬‬
‫مضرب المثال ‪ ..‬ومثار أحاديث‬ ‫وأول ما استقر على كرسيه‬
‫الطلب في كل المدرسة ‪..‬‬ ‫فاجأهم بقوله ‪ :‬كل واحد‬
‫يمشي في ممراتها ويسمع‬ ‫يضع كتابه جانبا ً ويخرج ورقة‬
‫التعليقات والهمسات ‪ ..‬حتى‬ ‫وقلما ً !!‬
‫انتقل بعدها إلى مدرسة‬ ‫قالوا ‪ :‬لماذا يا أستاذ ؟!‬
‫أخرى ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬اختبار ‪ ..‬اختبار‬
‫بينما مدرس آخر وقع له‬ ‫مفاجئ ‪..‬‬
‫الموقف نفسه لكنه أحسن‬ ‫بدأ الطلب بنوع من التذمر‬
‫التصرف معه ‪..‬‬ ‫ينفذون ما طلب ‪..‬‬
‫دخل على طلبه ‪ ..‬وفاجأهم‬ ‫ويتهامسون باستياء ‪..‬‬
‫بقوله ‪ :‬أخرج ورقة وقلما ً ‪..‬‬ ‫كان من بينهم طالب كبير‬
‫اختبار مفاجئ ‪..‬‬ ‫الجسم صغير العقل ‪..‬‬
‫‪65‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫بعصبية يؤدي إلى تفجر الموقف‬ ‫وكان من بينهم طالب كذاك‬
‫واحتدام الخلف ‪..‬‬ ‫الطالب ‪ ..‬صاح ‪ :‬يا أستاذ !!‬
‫فمن المور المسلمة عند‬ ‫ما هو على كيفك ‪..‬‬
‫العقلء ‪ ..‬أن من يلقي النار‬ ‫كان المدرس جبل ً يحس‬
‫بالنار يزدها شررا ً واحتداما ً ‪..‬‬ ‫بثقل الرجل التي يحاول أن‬
‫وفي الجهة المقابلة تجد أحيانا ً‬ ‫يصعد عليه !!‪ ..‬يفهم أن‬
‫أن من يقابل البرود – دائما ً –‬ ‫العصبي ل يقابل بعصبية ‪..‬‬
‫ببرود ‪ ..‬ل تستقيم له المور ‪..‬‬ ‫ابتسم ونظر إلى الطالب‬
‫فليكن رابطك مع الناس شعرة‬ ‫وقال ‪ :‬يعني يا خالد ما تريد‬
‫معاوية ‪..‬‬ ‫أن تختبر ؟‬
‫فقد سئل معاوية ‪ t‬كيف‬ ‫ً‬
‫فقال ‪ -‬صارخا ‪ : -‬ل ‪..‬‬
‫استطعت أن تحكم الناس أميرا ً‬ ‫فقال المدرس بكل‬
‫عشرين سنة ‪ ..‬ثم تحكمهم‬ ‫هدووووء ‪ :‬خلص ‪ ..‬اللي ما‬
‫خليفة عشرين سنة ؟‬ ‫يريد يختبر نتعامل معه‬
‫فقال ‪ :‬جعلت بيني وبينهم‬ ‫بالنظام ‪..‬‬
‫شعرة ‪ ..‬أحد طرفيها في يدي‬ ‫اكتبوا يا شباب ‪ :‬السؤال‬
‫والخر في أيديهم ‪ ..‬فإذا‬ ‫الول ‪ :‬أوجد نتيجة هذه‬
‫شدوها من جهتهم أرخيت من‬ ‫المعادلة ‪ :‬س ‪ +‬ص = ع ‪+‬‬
‫جهتي حتى ل تنقطع ‪ ..‬وإذا‬ ‫‪ .. 15‬ومضى يسوق‬
‫أرخوا من جهتهم شددت من‬ ‫السئلة ‪..‬‬
‫جهتي ‪..‬‬ ‫لم يصبر الطالب المشاكس‬
‫صدق رضي الله عنه ‪ ..‬ما أحكمه‬ ‫وقال ‪ :‬أقولك ما أريد أن‬
‫!!‬ ‫أختبر ‪ ..‬نظر إليه المدرس‬
‫ّ‬
‫أظن من المسلمات في حياتنا‬ ‫وابتسم بهدوووء ‪ ..‬وقال ‪:‬‬
‫أنه ل يمكن أن يهنأ بالعيش‬ ‫وهل ألزمتك أن تختبر ‪ ..‬أنت‬
‫زوجان كلهما عصبي غضوب ‪..‬‬ ‫رجل ومسئول عن تصرفاتك‬
‫كما ل يمكن أن تطول علقة‬ ‫‪..‬‬
‫صاحبين كلهما كذلك ‪..‬‬ ‫لم يجد الطالب ما يثير غضبه‬
‫أذكر أني ألقيت محاضرة في‬ ‫أكثر ‪ ..‬فهدأ وأخرج ورقة‬
‫أحدى السجون ‪ ..‬وكان قدري أن‬ ‫وقلما ً ‪ ..‬وبدأ يكتب السئلة‬
‫تكون المحاضرة في العنبر‬ ‫مع زملئه ‪ ..‬ثم بعدها تمت‬
‫الخاص بمرتكبي جرائم القتل ‪..‬‬ ‫محاسبته على سوء أدبه عن‬
‫لما انتهيت من محاضرتي ‪..‬‬ ‫طريق إدارة المدرسة ‪..‬‬
‫تفرقوا إلى مهاجعهم وأقبل‬ ‫تذكرت هذه المفارقة في‬
‫إلي أحدهم شاكرا ً ‪ ..‬وعرفني‬ ‫القدرة على التعامل مع‬
‫بنفسه وأنه المسئول عن‬ ‫المواقف وأنا أتأمل في‬
‫النشطة الثقافية في العنبر ‪..‬‬ ‫مهارات الناس على إذكاء‬
‫سألته عن سبب ارتكاب جريمة‬ ‫النيران وإخمادها ‪..‬‬
‫القتل عند أكثر هؤلء ‪..‬‬ ‫فالتعامل مع العصبي‬
‫‪66‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫) ‪300‬ك جنوب جدة ( للقاء‬ ‫فقال ‪ :‬الغضب ‪ ..‬الغضب ‪..‬‬
‫محاضرة ‪..‬‬ ‫والله يا شيخ إن بعضهم قتل‬
‫كان من بين الحاضرين شاب‬ ‫لجل حفنة ريالت تخاصم‬
‫سريع الغضب ثائر العصاب‬ ‫عليها مع عامل في بقالة أو‬
‫جدا ً ‪..‬‬ ‫محطة وقود ‪..‬‬
‫هذا الشاب سافر مرة بسيارته‬ ‫تذكرت عندها قول النبي ‪: e‬‬
‫ولم يكن مستعجل ً فكان يمشي‬ ‫عة ‪..‬‬ ‫صَر َ‬‫) ليس الشديد بال ّ‬
‫ببطء ‪ ..‬كان وراءه سيارة‬ ‫إنما الشديد الذي يملك‬
‫مسرعة تريده أن يفسح لها‬ ‫‪..‬‬ ‫)‪(29‬‬
‫نفسه عند الغضب (‬
‫الطريق ‪ ..‬وهو يزداد بطئا ً‬ ‫نعم ليس البطل هو قوي‬
‫ويشير لهم بيده أن خففوا‬ ‫البدن الذي ما يصارع أحدا ً إل‬
‫السرعة ‪..‬‬ ‫غلبه ‪ ..‬ل ‪ ..‬فلو كان هذا هو‬
‫ضاق صاحب السيارة الخرى‬ ‫مقياس البطولة لصبحت‬
‫بصاحبنا ذرعا ً ‪ ..‬وتعداه بسرعة‬ ‫الحيوانات والوحوش أفخر‬
‫وانحرف عليه بسيارته مؤدبا ً ‪..‬‬ ‫من الدميين ‪..‬‬
‫ثم مضى ‪ ..‬ولم يصب أحد منهما‬ ‫إنما البطل هو العاقل الذي‬
‫بضرر ‪..‬‬ ‫يعرف كيف يتعامل مع‬
‫ثارت أعصاب صاحبنا – وهي‬ ‫المواقف بمهارة ‪ ..‬يتعامل‬
‫تثور على أقل من ذلك بكثيييير‬ ‫مع زوجته ‪ ..‬أولده ‪..‬‬
‫– فزاد سرعة سيارته ‪ ..‬وأخذ‬ ‫مديره ‪ ..‬زملئه ‪ ..‬دون أن‬
‫يصرخ ويزمجر ‪ ..‬ويشير لهم‬ ‫يفقدهم ‪..‬‬
‫بأضواء السيارة مرارا ً حتى‬ ‫وفي الحديث ‪ :‬ل يقضي‬
‫توقفوا ‪ ..‬فألقى غترته جانبا ً ‪..‬‬ ‫‪..‬‬ ‫)‪(30‬‬
‫القاضي وهو غضبان‬
‫وتناول قطعة حديد ‪ -‬هي في‬ ‫وأمر ‪ e‬بتدريب النفس على‬
‫الصل مفك لفتح براغي‬ ‫الحلم فقال ‪ :‬إنما الحلم‬
‫العجلت عند الحاجة ‪ .. -‬ونزل‬ ‫بالتحلم )‪.. (31‬‬
‫من السيارة متوجها ً إليهم ‪..‬‬ ‫نعم بالتحلم ‪ ..‬يعني عند‬
‫والغضب باٍد عليه وقطعة الحديد‬ ‫كظم الغضب في المرة‬
‫في يده ‪..‬‬ ‫الولى ستتعب ‪ %100‬ولكن‬
‫فإذا بالسيارة المقابلة ينزل‬ ‫في الثانية ستتعب ‪ %90‬ثم‬
‫منها ثلثة شباب قد ضاقت‬ ‫في الثالثة إذا كظمت غضبك‬
‫ملبسهم بعضلتهم ‪ ..‬وتباعدت‬ ‫ستتعب ‪ %80‬وهكذا حتى‬
‫أيديهم عن جنوبهم من عرض‬ ‫تتدرب ويصبح الحلم والهدوء‬
‫أكتافهم ‪..‬‬ ‫عندك طبيعة ‪..‬‬
‫أقبلوا يركضون بانفعال إلى‬ ‫ومن طرائف قصص الغضب‬
‫صاحبنا ‪ ..‬وقد رأوه تهيأ‬ ‫أني ذهبت يوما ً لمدينة أملج‬
‫للقتال !!‬
‫) (‬ ‫‪29‬‬

‫فلما رآهم انتفض ‪ ..‬وغص‬


‫) (‬ ‫‪30‬‬

‫بريقه ‪ ..‬وهم ينظرون إليه وإلى‬


‫) (‬ ‫‪31‬‬

‫‪67‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫أنه عاطفي جدا ً ‪ ..‬جئت إليه‬ ‫ما في يده ‪..‬‬
‫وقلت ‪:‬‬ ‫فلما لحظ أنهم يحدون‬
‫يا فلن ‪ ..‬أما ترحم ولدك ‪..‬‬ ‫النظر إلى قطعة الحديد ‪..‬‬
‫يفترش الرض ‪ ..‬ويلتحف‬ ‫رفعها برفق وقال ‪:‬‬
‫السماء ‪!!..‬‬ ‫عفوا ً ‪ ..‬أردت أن أنبهكم إلى‬
‫أنت تأكل وتشرب ‪ ..‬والمسكين‬ ‫أن هذه سقطت منكم ‪!! ..‬‬
‫يبيت طاويا ً ويصبح جائعا ً ‪..‬‬ ‫فتناولها أحدهم بانفعال ‪..‬‬
‫أما تذكره إذا رفعت كسرة الخبز‬ ‫وولوا إلى سيارتهم ‪ ..‬وهو‬
‫إلى فمك ‪ ..‬أما تذكر مشيه في‬ ‫يشير بيده إليهم مودعا ً ‪!!..‬‬
‫حر الشمس ‪..‬‬
‫أما تذكر لما كنت تحمله‬ ‫معادلة ‪..‬‬
‫صغيرا ً ‪ ..‬وتضمه إلى صدرك ‪..‬‬ ‫عصبي ‪ +‬عصبي = انفجار‬
‫وتشمه وتقبله ‪..‬‬
‫أيرضيك أن يستجدي الناس‬ ‫ماذا تستفيد من‬ ‫‪.22‬‬
‫وأبوه حي!! ‪..‬‬ ‫هذه المهارة ؟‬
‫تجد أن عاطفة الب تهيج بهذا‬ ‫كل باب له مفتاح ‪..‬‬
‫لكلم ‪ ..‬ويقترب أكثر من نقطة‬ ‫والمفتاح المناسب لفتح‬
‫اللتقاء ‪..‬‬ ‫قلوب الناس هو معرفة‬
‫وإن كان أبوه بخيل ً محبا ً‬ ‫طبائعهم ‪..‬‬
‫للمال ‪ ..‬قلت له ‪:‬‬ ‫حل مشاكل الناس ‪..‬‬
‫يا فلن أنتبه ل تورط نفسك ‪..‬‬ ‫الصلح بينهم ‪ ..‬الستفادة‬
‫أرجع الولد تحت نظرك وتصرفك‬ ‫منهم ‪ ..‬اتقاء شرورهم ‪..‬‬
‫‪ ..‬أخشى أن يسرق أو يعتدي ‪..‬‬ ‫كل ذلك تصبح فيه بارعا ً إذا‬
‫فتلزمك المحكمة بسداد ما‬ ‫عرفت طبائعهم ‪..‬‬
‫أخذ ‪ ..‬وإصلح ما خرب ‪ ..‬فأنت‬ ‫افرض أن شابا ً وقع بينه‬
‫أبوه على كل حال ‪ ..‬انتبه ‪..‬‬ ‫وبين أبيه خلف ‪ ..‬اشتد‬
‫تجد أن الب البخيل سيبدأ يعيد‬ ‫الخلف حتى طرده أبوه من‬
‫موازينه من جديد ‪..‬‬ ‫البيت ‪ ..‬حاول البن العودة‬
‫وإن كان كلمك موجها ً إلى البن‬ ‫مرارا ً لكن الب كان عنيدا ً‬
‫‪ ..‬وكان جشعا ً محبا ً للمال ‪..‬‬ ‫مصرا ً ‪..‬‬
‫قلت له ‪ :‬يا فلن ‪ ..‬لن ينفعك‬ ‫دخلت للصلح بينهما ‪..‬‬
‫أل أبوك ‪ ..‬غدا ً ستحتاج أن تتزوج‬ ‫حدثت الب بالنصوص‬
‫‪ ..‬من يسدد مهرك ؟‬ ‫الشرعية ‪ ..‬خوفته من إثم‬
‫لو تعطلت سيارتك من‬ ‫القطيعة ‪..‬‬
‫يصلحها ؟‬ ‫لم يلتفت إليك ‪ ..‬كان‬
‫لو مرضت ‪ ..‬من سيحاسب‬ ‫مشحونا ً غاضبا ً جدا ً ‪..‬‬
‫المستشفى ؟‬ ‫أردت أن تستعمل أساليب‬
‫إخوانك يستفيدون كما شاءوا ‪..‬‬ ‫أخرى للصلح ‪..‬‬
‫مصروف ‪ ..‬هدايا ‪ ..‬وأنت جالس‬ ‫عرفت من طبيعة هذا الب‬
‫‪68‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫المناسب ‪..‬‬ ‫هكذا ‪..‬‬
‫مراعاة النفسيات ‪..‬‬ ‫‪.23‬‬ ‫ما يضرك أن تصلح ذلك كله‬
‫تتقلب أمزجة الناس في حياتهم‬ ‫بقبلة تطبعها على جبين‬
‫بين حزن وفرح ‪ ..‬وصحة ومرض‬ ‫أبيك ‪ ..‬أو كلمة أسف تهمس‬
‫‪ ..‬وغنى وفقر ‪ ..‬واستقرار‬ ‫بها في أذنه ‪..‬‬
‫واضطراب ‪..‬‬ ‫وكذلك لو دخلت للصلح بين‬
‫وبالتالي يتنوع تقبلهم لبعض‬ ‫زوجة وزوجها ‪ ..‬فعلت مثل‬
‫النواع من التعاملت ‪ ..‬أو ردهم‬ ‫ذلك ‪ ..‬وفتحت باب كل واحد‬
‫لها بحسب حالتهم الشعورية‬ ‫منهما بالمفتاح المناسب ‪..‬‬
‫وقت التعامل ‪..‬‬ ‫ومثله لو أردت إجازة من‬
‫فقد يقبل منك النكتة والطرفة‬ ‫مديرك في العمل ‪..‬‬
‫ويتقبل المزاح في وقت‬ ‫وعرفت أنه ل يلتفت إلى‬
‫استقراره وراحة باله ‪ ..‬لكنه ل‬ ‫العواطف ول ألمور‬
‫يتقبل ذلك في وقت حزنه ‪..‬‬ ‫الجتماعية ‪ ..‬وإنما عمل‬
‫فمن غير المناسب أن تطلق‬ ‫) وبس ! ( ‪..‬‬
‫ضحكة مدوية في عزاء ‪ !!..‬لكنها‬ ‫فقلت له ‪ :‬أحتاج إلى إجازة‬
‫تحتمل منك في نزهة برية ‪..‬‬ ‫ثلثة أيام أجدد فيها نشاطي‬
‫وهذا أمر مقرر عند جميع‬ ‫‪ ..‬وأستعيد حيويتي ‪ ..‬أشعر‬
‫العقلء وليس هو المقصود‬ ‫أن إنتاجيتي مع ضغط العمل‬
‫بحديثي هنا ‪..‬‬ ‫تنحدر تدريجيا ً ‪ ..‬أعطني‬
‫إنما المقصود هو مراعاة‬ ‫فرصة لراحة ) رأسي (‬
‫النفسيات والمشاعر الشخصية‬ ‫فقط ثلثة أيام ‪ ..‬لعود‬
‫عند الحديث مع الناس أو‬ ‫أنشط وأقدر ‪..‬‬
‫التصرف معهم ‪..‬‬ ‫وإن كان اجتماعيا ً ‪ ..‬تلحظ‬
‫افرض أن امرأة طلقها زوجها‬ ‫من خلل تعاملته ‪ ..‬أنه‬
‫وليس لها أب ول أم ‪ ..‬قد ماتا ‪..‬‬ ‫حريص على السرة‬
‫وجعلت تجمع أغراضها لتعيش‬ ‫والعائلة ‪ ..‬قلت له ‪:‬‬
‫مع أخيها وزوجته ‪..‬‬ ‫ي ‪..‬‬
‫أريد إجازة لرى والد ّ‬
‫فبينما هي كذلك إذ دخلت عليها‬ ‫أولدي ‪ ..‬أشعر أنهم في واد‬
‫جارتها في الضحى زائرة ‪..‬‬ ‫وأنا في واد آخر ‪ ..‬إلى غير‬
‫فرحبت المطلقة بها ‪ ..‬ووضعت‬ ‫ذلك ‪..‬‬
‫لها القهوة والشاي ‪ ..‬فجعلت‬ ‫أتقن هذه المهارة ‪..‬‬
‫الزائرة تبحث عن أحاديث‬ ‫وستسمع الناس غدا ً يقولون‬
‫لتؤانسها ‪ ..‬فسألتها المطلقة ‪:‬‬ ‫‪ :‬ما رأينا أبرع فلنا ً في‬
‫بالمس رأيتكم خارجين من‬ ‫القدرة على القناع ‪!!..‬‬
‫المنزل ‪..‬‬ ‫نتيجة ‪..‬‬
‫فقالت الجارة ‪ :‬إي والله ‪ ..‬أبو‬ ‫كل إنسان له مفتاح ‪..‬‬
‫فلن أصر علي أن نتعشى خارج‬ ‫ومعرفة طبيعة النسان‬
‫البيت فذهبت معه ‪ ..‬ثم مر‬ ‫تدّلك على معرفة مفتاحه‬
‫‪69‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫المواد ‪ ..‬أو تخرج بنسبة ضعيفة‬ ‫السوق واشترى لي فستانا ً‬
‫ل تؤهله للقبول في شيء من‬ ‫لعرس أختي ‪ ..‬ثم وقف عند‬
‫الجامعات ‪..‬‬ ‫محل ذهب ونزل واشترى‬
‫فهل ت ََرى من المناسب عندما‬ ‫لي سوارا ً ألبسه في العرس‬
‫يزور المتفوقُ صاحبه أن يسهب‬ ‫‪..‬‬
‫في الحديث حول الجامعات التي‬ ‫ولما رجعنا إلى البيت رأى‬
‫تم قبوله فيها ‪ ..‬والميزات التي‬ ‫الولد في ملل فوعدهم‬
‫ستمنح له ‪..‬؟‬ ‫آخر السبوع أن يسافر‬
‫قطعا ً جوابنا جميعا ً ‪ :‬ل ‪..‬‬ ‫بهم ‪..‬‬
‫إذن ما الحل ؟‬ ‫والمطلقة المسكينة تستمع‬
‫الحل أن يذكر له عموميات‬ ‫إلى ذلك وتتخيل حالها بعد‬
‫يخفف بها عنه ‪ ..‬كأن يشتكي‬ ‫قليل في بيت زوجة أخيها !!‬
‫من كثرة الزحام في‬ ‫السؤال ‪ :‬هل يناسب إثارة‬
‫الجامعات ‪ ..‬وقلة القبول ‪..‬‬ ‫هذا النوع من الحاديث مع‬
‫وخوف كثير من المتقدمين إليها‬ ‫امرأة فشلت في مشروع‬
‫من عدم القبول ‪ ..‬حتى يخفف‬ ‫الزواج ؟!!‬
‫عن صاحبه مصابه ‪ ..‬فيرغب عند‬ ‫هل تظن أن هذا المطلقة‬
‫ذلك في مجالسته أكثر ‪ ..‬ويحبه‬ ‫ستزداد محبة لهذه‬
‫ويأنس بقربه ‪ ..‬ويشعر أنه‬ ‫الجارة ؟‪ ..‬ورغبة في‬
‫قريب من قلبه ‪..‬‬ ‫مجالستها دائما ً ؟‪ ..‬وفرحا ً‬
‫وقل مثل ذلك لو التقى شابان‬ ‫بزيارتها لها ؟‪..‬‬
‫أحدهما أبوه كريم يغدق عليه‬ ‫نتفق جميعا ً على جواب‬
‫الموال ‪..‬‬ ‫واحد نصرخ به قائلين ‪:‬‬
‫والخر أبوه بخيل ل يكاد يعطيه‬ ‫لااااا ‪..‬‬
‫ما يكفيه ‪..‬‬ ‫بل سيمتلئ قلبها حقدا ً‬
‫فمن غير المناسب أن يتحدث‬ ‫وقهرا ً ‪..‬‬
‫ابن الكريم بإغداق أبيه عليه ‪..‬‬ ‫إذن ما الحل ؟ هل تكذب‬
‫وكثرة المال لديه ‪ ..‬و ‪..‬‬ ‫عليها ؟‬
‫لن هذا النوع من الكلم يضيق‬ ‫ل ‪ ..‬ولكن تتكلم باختصار ‪..‬‬
‫به صدر صديقه ‪ ..‬ويذكره‬ ‫كأن تقول ‪ :‬والله كان عندنا‬
‫بمأساته مع أبيه ‪ ..‬ويستثقل‬ ‫بعض الشغال قضيناها ‪ ..‬ثم‬
‫الجلوس مع هذا الصديق ويشعر‬ ‫تصرف الكلم إلى موضوع‬
‫ببعده عنه في همه ‪..‬‬ ‫آخر تصبرها به على‬
‫لذلك نبه النبي ‪ e‬إلى مراعاة‬ ‫كربتها ‪..‬‬
‫مشاعر الخرين ونفسياتهم ‪..‬‬ ‫أو افرض ‪ ..‬أن صديقين‬
‫فقال ‪ :‬ل تطيلوا النظر إلى‬ ‫اختبرا نهاية المرحلة الثانوية‬
‫المجذوم )‪ .. (32‬والمجذوم هو‬ ‫‪ ..‬فنجح أحدهما وتخرج‬
‫المصاب بمرض ظاهر في جلده‬ ‫بتفوق ‪..‬‬
‫والثاني رسب في عدد من‬
‫) (‬ ‫‪32‬‬

‫‪70‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫من الجبل ‪..‬‬ ‫قد جعله مشوها ً في‬
‫فتلقته خيل المسلمين ‪ ..‬قبل‬ ‫منظره ‪ ..‬فمن غير المناسب‬
‫أن يصل إلى بيته ‪..‬‬ ‫أنه إذا مر بقوم أن يطيلوا‬
‫فأقبل أبو بكر إليه ‪..‬‬ ‫النظر إلى جلده ‪ ..‬لن هذا‬
‫فاحتفى به مرحبا ً ‪..‬‬ ‫يذكره بمصيبته فيحزن ‪..‬‬
‫ثم أخذ بيده يقوده ‪ ..‬حتى أتى‬ ‫وفي موقف غاية في‬
‫به رسول الله ‪ r‬في المسجد ‪..‬‬ ‫المراعاة واللطف يتعامل ‪e‬‬
‫فلما رآه رسول الله ‪ .. r‬فإذا‬ ‫مع والد أبي بكر ‪.. y‬‬
‫شيخ كبير ‪ ..‬قد ضعف جسمه ‪..‬‬ ‫فإنه ‪ e‬لما أقبل بجيوش‬
‫ورق عظمه ‪ ..‬واقتربت منيته ‪..‬‬ ‫المسلمين إلى مكة‬
‫وإذا أبو بكر ‪ .. ‬ينظر إلى‬ ‫لفتحها ‪..‬‬
‫أبيه ‪ ..‬وقد فارقه منذ سنين ‪..‬‬ ‫قال أبو قحافة أبو أبي بكر ‪y‬‬
‫وانشغل عنه بخدمة هذا الدين ‪..‬‬ ‫‪ ..‬وكان شيخا ً كبيرا ً ‪ ..‬أعمى‬
‫التفت إلى أبي بكر ‪ t‬فقال‬ ‫‪ ..‬قال لبنة له من أصغر‬
‫مطيبا ً لنفسه ‪ ..‬ومبينا ً قدره‬ ‫ولده ‪:‬‬
‫الرفيع عنده ‪:‬‬ ‫أي بنية ‪ ..‬اظهري بي على‬
‫هل تركت الشيخ في بيته حتى‬ ‫جبل أبي قبيس لنظر صدق‬
‫أكون أنا آتيه فيه ؟!‬ ‫ما يقولون ‪ ..‬هل جاء‬
‫كان أبو بكر يعلم أنهم في حرب‬ ‫محمد ؟‪..‬‬
‫‪ ..‬قائدهم رسول الله ‪ .. ‬وأن‬ ‫فأشرفت به ابنته فوق‬
‫وقته أضيق ‪ ..‬وأشعاله أكثر من‬ ‫الجبل ‪ ..‬فقال ‪ :‬أي بنية ماذا‬
‫أن يتفرغ للذهاب لبيت شيخ‬ ‫ترين ؟‬
‫يدعوه للسلم ‪..‬‬ ‫قالت ‪ :‬أرى سوادا ً مجتمعا ً‬
‫فقال أبو بكر شاكرًا‪ :‬يا رسول‬ ‫مقبل ً ‪..‬‬
‫الله ‪ ..‬هو أحق أن يمشي إليك ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬تلك الخيل ‪..‬‬
‫من أن تمشي أنت إليه ‪..‬‬ ‫قالت ‪ :‬وأرى رجل ً يسعى‬
‫فأجلس النبي عليه الصلة‬ ‫بين يدي ذلك السواد مقبل ً‬
‫والسلم ‪ ..‬أبا قحافة بين يديه ‪..‬‬ ‫ومدبرا ً ‪..‬‬
‫بكل لطف وحنان ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬أي بنية ذلك الوازع‬
‫ثم مسح على صدره ‪..‬‬ ‫الذي يأمر الخيل ويتقدم‬
‫ثم قال ‪ :‬أسلم ‪..‬‬ ‫إليها ‪..‬‬
‫فأشرق وجه أبي قحافة ‪ ..‬وقال‬ ‫ت‬‫ثم قالت ‪ :‬قد والله يا أب ِ‬
‫‪ :‬أشهد أن ل إله إل الله ‪..‬‬ ‫انتشر السواد ‪..‬‬
‫وأشهد أن محمدا ً عبده‬ ‫فقال ‪ :‬قد والله إذا ً دفعت‬
‫ورسوله ‪..‬‬ ‫الخيل ووصلت مكة ‪..‬‬
‫انتفض أبو بكر منتشيا ً‬ ‫فأسرعي بي إلى بيتي ‪..‬‬
‫مسرورا ً ‪ ..‬لم تسعه الدنيا‬ ‫فإنهم يقولون من دخل داره‬
‫فرحا ً ‪..‬‬ ‫فهو آمن ‪..‬‬
‫تأمل النبي ‪ ‬في وجه الشيخ ‪..‬‬ ‫فانحطت الفتاة به مسرعة‬
‫‪71‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫البطحاء‬ ‫فإذا الشيب يكسوه بياضا ً ‪..‬‬
‫خزرجي لو يستطيع من الغيـظ‬ ‫فقال ‪ : r‬غيروا هذا من‬
‫رمانا بالنسر والعواء‬ ‫ً‬
‫شعره ‪ ..‬ول تقربوه سوادا ‪..‬‬
‫فانهينه إنه السد السـود‬ ‫نعم كان يراعي النفسيات‬
‫غ في الدماء‬ ‫والليث وال ٌ‬ ‫في تعامله ‪..‬‬
‫فلئن أقحم اللواء ونادى يا حماة‬ ‫بل إنه ‪ e‬لما دخل مكة قسم‬
‫اللواء أهل اللواء‬ ‫جيشه إلى كتائب ‪ ..‬وأعطى‬
‫ة‬‫لتكونن بالبطاح قريش بقع َ‬ ‫راية إحدى الكتائب ‪ ..‬إلى‬
‫القاع في أكف الماء‬ ‫الصحابي البطل سعد بن‬
‫إنه مصلت يريد لها القتل‬ ‫عبادة ‪.. t‬‬
‫صموت كالحية الصماء‬ ‫كانت الراية مفخرة لمن‬
‫فلما سمع رسول الله ‪ .. r‬هذا‬ ‫يحملها ‪ ..‬ليس له فقط بل‬
‫الشعر ‪ ..‬دخله رحمة ورأفة‬ ‫له ولقومه ‪..‬‬
‫بهم ‪..‬‬ ‫جعل سعد ينظر إلى مكة‬
‫وأحب أل يخيبها إذ رغبت إليه ‪..‬‬ ‫وسكانها ‪ ..‬فإذا هم الذين‬
‫وأحب أل يغضب سعدا ً بأخذ‬ ‫حاربوا رسول الله ‪.. ‬‬
‫الراية منه بعد أن شرفه بها ‪..‬‬ ‫وضيقوا عليه ‪ ..‬وصدوا عنه‬
‫فأمر سعدا ً فناول الراية لبنه‬ ‫الناس ‪..‬‬
‫قيس بن سعد ‪ ..‬فدخل بها‬ ‫وإذا هم الذين قتلوا سمية‬
‫مكة‪ ..‬وأبوه سعد يمشي‬ ‫وياسر ‪ ..‬وعذبوا بلل ًُ‬
‫بجانبه ‪..‬‬ ‫وخبابا ً ‪..‬‬
‫فرضيت المرأة وقريش لما رأت‬ ‫كانوا يستحقون التأديب فعل ً‬
‫يد سعد خالية من الراية ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫ولم يغضب سعد لنه بقي قائدا ً‬ ‫هز سعد الرايية ‪ ..‬وهو يقول‬
‫لكنه أريح من عناء حمل الراية‬ ‫‪ :‬اليوم يوم الملحمة **‬
‫وحملها عنه ابنه ‪..‬‬ ‫اليوم تستحل الحرمة ‪..‬‬
‫فما أجمل أن نصيد عدة عصافير‬ ‫سمعته قريش فشق ذلك‬
‫بحجر واحد ‪..‬‬ ‫عليهم ‪ ..‬وكبر في‬
‫حاول أن ل تفقد أحدا ً ‪ ..‬كن‬ ‫أنفسهم ‪ ..‬وخافوا أن‬
‫ناجحا ً واكسب الجميع ‪ ..‬وإن‬ ‫يفنيهم بقتالهم ‪..‬‬
‫تعارضت مطالبهم ‪..‬‬ ‫فعارضت امرأة رسول الله ‪r‬‬
‫وهو يسير ‪ ..‬فشكت إليه‬
‫اتفاق ‪..‬‬ ‫خوفهم من سعد ‪ ..‬وقالت ‪:‬‬
‫نحن نتعامل مع القلوب ‪ ..‬ل مع‬ ‫ي‬‫يا نبي الهدى إليك لجائ ّ‬
‫البدان ‪..‬‬ ‫قريش ولت حين لجاء‬
‫حين ضاقت عليهم سعة‬
‫اهتم بالخرين ‪..‬‬ ‫‪.24‬‬ ‫الرض وعاداهم إله السماء‬
‫الناس عموما ً يحبون أن يشعروا‬ ‫إن سعدا ً يريد قاسمة‬
‫بقيمتهم ‪..‬‬ ‫الظهـر بأهل الحجون و‬
‫‪72‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫لك حيا ً وتقديرا ً ‪..‬‬ ‫لذا تجدهم أحيانا ً يقومون‬
‫كان سيد الخلق ‪ ‬يراعي ذلك‬ ‫ببعض التصرفات ليلفتوا‬
‫في الناس ‪ ..‬يشعر كل إنسان‬ ‫النظر إليهم ‪!..‬‬
‫أن قضيته قضيته ‪ ..‬وهمه‬ ‫وقد يخترعون قصصا ً‬
‫همه ‪..‬‬ ‫وبطولت لجل أن يهتم‬
‫قام ‪ ‬على منبره يوما ً يخطب‬ ‫الناس بهم أو يعجبوا بهم‬
‫الناس ‪..‬‬ ‫أكثر ‪..‬‬
‫فدخل رجل من باب المسجد ‪..‬‬ ‫لو رجع رجل إلى بيته قادما ً‬
‫ونظر إلى رسول الله ‪ ‬ثم قال‬ ‫من عمله متعبا ً ‪ ..‬فلما دخل‬
‫‪:‬‬ ‫صالة البيت رأى أولده‬
‫يا رسول الله ‪ ..‬رجل يسأل عن‬ ‫الربعة كل منهم على‬
‫دينه ‪ ..‬ما يدري ما دينه ؟!‬ ‫حال ‪..‬‬
‫فالتفت ‪ ‬إليه ‪ ..‬فإذا رجل‬ ‫أكبرهم عمره أحدى عشرة‬
‫ً‬
‫أعرابي ‪ ..‬قد ل يكون مستعدا أن‬ ‫سنة ‪ ..‬يتابع برنامجا ً في‬
‫ينتظر حتى تنتهي الخطبة ‪..‬‬ ‫التلفاز ‪..‬‬
‫ويتفرغ له النبي ‪ ‬ليحدثه عن‬ ‫والثاني يأكل طعاما ً بين‬
‫دينه ‪ ..‬وقد يخرج الرجل من‬ ‫يديه ‪..‬‬
‫المسجد ول يعود إليه ‪..‬‬ ‫والثالث يعبث بألعابه ‪..‬‬
‫وقد بلغ المر عند الرجل أهمية‬ ‫والرابع يكتب في دفاتره ‪..‬‬
‫عالية ‪ ..‬لدرجة أنه يقطع الخطبة‬ ‫فسلم الب بصوت‬
‫ليسأل عن أحكام الدين !!‬ ‫مسموع ‪ ..‬السلم عليكم ‪..‬‬
‫كان ‪ ‬يفكر من وجهة نظر‬ ‫فلم يلتفت إليه أحد ‪ ..‬ذاك‬
‫الخر ل من وجهة نظره هو‬ ‫منهمك مع برنامجه ‪..‬‬
‫فقط ‪..‬‬ ‫والثاني مأخوذ بألعابه ‪..‬‬
‫نزل من على منبره الشريف ‪..‬‬ ‫والثالث مشغول بطعامه ‪..‬‬
‫ودعا بكرسي فجلس أمام‬ ‫إل الرابع ‪ ..‬فإنه لما التفت‬
‫الرجل ‪ ..‬وجعل يلقنه ويفهمه‬ ‫فرأى أباه ‪ ..‬نفض يده من‬
‫أحكام الدين ‪ ..‬حتى فهم ‪..‬‬ ‫دفاتره وأقبل مرحبا ً‬
‫ثم قام من عنده ‪ ..‬ورجع إلى‬ ‫ضاحكا ً ‪ ..‬وقبل يد أبيه ‪ ..‬ثم‬
‫منبره وأكمل خطبته ‪..‬‬ ‫رجع إلى دفاتره ‪..‬‬
‫آآآه ما أعظمه وأحلمه ‪..‬‬ ‫أي هؤلء الربعة سيكون‬
‫تربى أصحابة في مدرسته ‪..‬‬ ‫أحب إلى الب ؟‬
‫فكانوا يظهرون الهتمام‬ ‫أجزم أن جوابنا سيكون‬
‫بالخرين ‪ ..‬والحتفاء بهم ‪..‬‬ ‫واحدا ً ‪ :‬أحبهم إليه الرابع ‪..‬‬
‫ومشاركتهم أفراحهم‬ ‫ليس لنه يفوقهم جمال ً أو‬
‫وأتراحهم ‪..‬‬ ‫ذكاءً ‪ ..‬وإنما لنه أشعر أباه‬
‫ومن ذلك ما فعله طلحة مع‬ ‫بأنه إنسان مهم عنده ‪..‬‬
‫كعب ‪.. ‬‬ ‫كلما أظهرت الهتمام‬
‫كعب بن مالك ‪ ‬شيخ كبير ‪..‬‬ ‫بالناس أكثر ‪ ..‬كلما ازدادوا‬
‫‪73‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫الله ‪ ..‬فلم أزل كذلك ‪..‬‬ ‫نجلس إليه ‪ ..‬بعدما كبر سنه‬
‫حتى مضت اليام ‪ ..‬وتخلفت عن‬ ‫‪ ..‬ورق عظمه ‪ ..‬وكف بصره‬
‫رسول الله ‪.. r‬‬ ‫‪..‬‬
‫فجعلت أمشي في السواق ‪..‬‬ ‫وهو يحكي ذكريات شبابه ‪..‬‬
‫وأطوف بالمدينة ‪..‬‬ ‫في تخلفه عن غزوة تبوك ‪..‬‬
‫ً‬
‫فل أرى إل رجل ً مغموصا عليه‬ ‫وكانت آخر غزوة غزاها‬
‫في النفاق ‪ ..‬أو رجل ً قد عذره‬ ‫النبي ‪.. r‬‬
‫الله ‪..‬‬ ‫آذن النبي ‪ r‬الناس بالرحيل‬
‫نعم تخلف كعب في المدينة ‪..‬‬ ‫وأراد أن يتأهبوا أهبة‬
‫أما رسول الله ‪ r‬فقد مضى‬ ‫غزوهم ‪..‬‬
‫بأصحابه الثلثين ألفا ً ‪..‬‬ ‫وجمع منهم النفقات لتجهيز‬
‫حتى إذا وصل تبوك ‪ ..‬نظر في‬ ‫الجيش ‪ ..‬حتى بلغ عدد‬
‫وجوه أصحابه ‪ ..‬فإذا هو يفقد‬ ‫الجيش ثلثين ألفا ً ‪..‬‬
‫رجل ً صالحا ً ممن شهدوا بيعة‬ ‫وذلك حين طابت الظلل‬
‫العقبة ‪..‬‬ ‫الثمار ‪..‬‬
‫فيقول ‪ : r‬ما فعل كعب بن‬ ‫في حر شديد ‪ ..‬وسفر‬
‫مالك ؟!‬ ‫بعيد ‪ ..‬وعدو قوي عنيد ‪..‬‬
‫فقال رجل ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬ ‫كان عدد المسلمين كثيرا ً ‪..‬‬
‫خّلفه برداه والنظر في‬ ‫ولم تكن أسماؤهم مجموعة‬
‫عطفيه ‪..‬‬ ‫في كتاب ‪..‬‬
‫فقال معاذ بن جبل ‪ :‬بئس ما‬ ‫قال كعب ‪:‬‬
‫قلت ‪ ..‬والله يا نبي الله ما‬ ‫وأنا أيسر ما كنت ‪ ..‬قد‬
‫علمنا عليه إل خيرا ً ‪..‬‬ ‫جمعت راحلتين ‪ ..‬وأنا أقدر‬
‫فسكت رسول الله ‪.. r‬‬ ‫شيء في نفسي على‬
‫قال كعب ‪:‬‬ ‫الجهاد ‪..‬‬
‫فلما قضى النبي ‪ r‬غزوة‬ ‫وأنا في ذلك أصغي إلى‬
‫تبوك ‪ ..‬وأقبل راجعا ً إلى‬ ‫الظلل ‪ ..‬وطيب الثمار ‪..‬‬
‫المدينة ‪ ..‬جعلت أتذكر ‪ ..‬بماذا‬ ‫فلم أزل كذلك ‪ ..‬حتى قام‬
‫أخرج به من سخطه ‪ ..‬وأستعين‬ ‫رسول الله ‪ r‬غاديا ً بالغداة ‪..‬‬
‫على ذلك بكل ذي رأي من أهلي‬ ‫فقلت ‪ :‬أنطلق غدا إلى‬
‫‪..‬‬ ‫السوق فأشتري جهازي ‪..‬‬
‫ت‬
‫حتى إذا وصل المدينة ‪ ..‬عرف ُ‬ ‫ثم ألحق بهم ‪..‬‬
‫أني ل أنجو إل بالصدق ‪..‬‬ ‫فانطلقت إلى السوق من‬
‫فدخل النبي ‪ r‬المدينة ‪ ..‬فبدأ‬ ‫الغد ‪ ..‬فعسر علي بعض‬
‫بالمسجد فصلى فيه ركعتين ‪..‬‬ ‫شأني ‪ ..‬فرجعت ‪..‬‬
‫ثم جلس للناس ‪..‬‬ ‫فقلت ‪ :‬أرجع غدا إن شاء‬
‫فجاءه المخلفون ‪ ..‬فطفقوا‬ ‫الله فألحق بهم ‪ ..‬فعسر‬
‫يعتذرون إليه ‪ ..‬ويحلفون له ‪..‬‬ ‫ي بعض شأني أيضا ً ‪..‬‬ ‫عل ّ‬
‫فقلت ‪ :‬أرجع غدا إن شاء‬
‫‪74‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫قام كعب يجر خطاه ‪ ..‬وخرج‬ ‫وكانوا بضعة وثمانين رجل ً ‪..‬‬
‫من المسجد ‪ ..‬مهموما ً مكروبا ‪..‬‬
‫ً‬ ‫فقبل منهم رسول الله ‪r‬‬
‫ل يدري ما يقضي الله فيه ‪..‬‬ ‫علنيتهم ‪ ..‬واستغفر لهم ‪..‬‬
‫فلما رأى قومه ذلك ‪ ..‬تبعه‬ ‫ووكل سرائرهم إلى الله ‪..‬‬
‫رجال منهم ‪ ..‬وأخذوا يلومونه ‪..‬‬ ‫وجاءه كعب بن مالك ‪ ..‬فلما‬
‫ويقولون ‪:‬‬ ‫سلم عليه ‪ ..‬نظر إليه النبي‬
‫والله ما نعلمك أذنبت ذنبا ً قط‬ ‫سم المغضب‬ ‫سم تب ّ‬ ‫‪ .. r‬ثم تب ّ‬
‫قبل هذا ‪ ..‬إنك رجل شاعر‬ ‫‪..‬‬
‫أعجزت أل تكون اعتذرت إلى‬ ‫أقبل كعب يمشي إليه ‪.. ‬‬
‫رسول الله ‪ r‬بما اعتذر إليه‬ ‫فلما جلس بين يديه ‪..‬‬
‫المخلفون !‪ ..‬هل اعتذرت بعذر‬ ‫فقال له ‪ : r‬ما خلفك ‪ ..‬ألم‬
‫يرضى عنك فيه ‪ ..‬ثم يستغفر‬ ‫تكن قد ابتعت ظهرك ؟‬
‫لك ‪ ..‬فيغفر الله لك ‪..‬‬ ‫يعني اشتريت دابتك ‪..‬‬
‫قال كعب ‪:‬‬ ‫قال ‪ :‬بلى ‪..‬‬
‫فلم يزالوا يؤنبونني ‪ ..‬حتى‬ ‫قال ‪ :‬فما خلفك ؟!‬
‫هممت أن أرجع فأكذب‬ ‫فقال كعب ‪ :‬يا رسول‬
‫نفسي ‪..‬‬ ‫الله ‪ ..‬إني والله لو جلست‬
‫فقلت ‪ :‬هل لقي هذا معي‬ ‫عند غيرك من أهل الدنيا ‪..‬‬
‫أحد ؟‬ ‫لرأيت أني أخرج من سخطه‬
‫قالوا ‪ :‬نعم ‪ ..‬رجلن قال مثل ما‬ ‫بعذر ‪ ..‬ولقد أعطيت جدل ً ‪..‬‬
‫قلت ‪ ..‬فقيل لهما مثل ما قيل‬ ‫ولكني والله لقد علمت ‪..‬‬
‫لك ‪..‬‬ ‫أني إن حدثتك اليوم حديث‬
‫قلت ‪ :‬من هما ؟ قالوا ‪ :‬مرارة‬ ‫كذب ترضى به علي ‪..‬‬
‫بن الربيع ‪ ..‬وهلل بن أمية ‪..‬‬ ‫ليوشكن الله أن يسخطك‬
‫فإذا هما رجلن صالحان قد‬ ‫علي ‪..‬‬
‫شهدا بدرا ً ‪ ..‬لي فيهما أسوة ‪..‬‬ ‫ولئن حدثتك حديث صدق ‪..‬‬
‫فقلت ‪ :‬والله ل أرجــع إليــه فــي‬ ‫ي فيه ‪ ..‬إني لرجو‬ ‫تجد عل ّ‬
‫هذا أبدا ً ‪ ..‬ول أكذب نفسي ‪..‬‬ ‫و الله عني ‪..‬‬ ‫فيه عف َ‬
‫* * * * * * * * *‬ ‫يا رسول الله ‪ ..‬والله ما كان‬
‫ثـــم مضـــى كعـــب ‪ .. t‬يســـير‬ ‫لي من عذر ‪..‬‬
‫حزينا ً ‪ ..‬كســير النفــس ‪ ..‬وقعــد‬ ‫والله ما كنت قط أقوى ‪..‬‬
‫في بيته ‪..‬‬ ‫ول أيسر مني حين تخلفت‬
‫ض وقــت ‪ ..‬حــتى نهــى‬ ‫فلــم يم ـ ِ‬ ‫عنك ‪..‬‬
‫النــبي ‪ r‬النــاس عــن كلم كعــب‬ ‫ثم سكت كعب ‪..‬‬
‫وصاحبيه ‪..‬‬ ‫فالتفت النبي ‪ r‬إلى‬
‫قال كعب ‪:‬‬ ‫أصحابه ‪ ..‬وقال ‪:‬‬
‫فاجتنبنا الناس ‪ ..‬وتغيــروا لنــا ‪..‬‬ ‫أما هذا ‪ ..‬فقد صدقكم‬
‫فجعلت أخرج إلى الســوق ‪ ..‬فل‬ ‫الحديث ‪ ..‬فقم ‪ ..‬حتى‬
‫يكلمني أحد ‪..‬‬ ‫يقضي الله فيك ‪..‬‬
‫‪75‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫بين قومه ‪ ..‬ل أحد يكلمه ‪ ..‬ول‬ ‫وتنكر لنا النــاس ‪ ..‬حــتى مــا‬
‫ينظر إليه ‪..‬‬ ‫هم بالذين نعرف ‪..‬‬
‫حتى ‪ ..‬إذا اشتدت عليه الغربة ‪..‬‬ ‫وتنكرت لنا الحيطان ‪ ..‬حــتى‬
‫وضاقت عليه الكربة ‪ ..‬نزل به‬ ‫ما هي بالحيطان التي نعرف‬
‫امتحان آخر ‪:‬‬ ‫‪..‬‬
‫فبينما هــو يطــوف فــي الســوق‬ ‫وتنكرت لنا الرض ‪ ..‬حتى ما‬
‫يوما ً ‪..‬‬ ‫هي بالرض التي نعرف ‪..‬‬
‫إذا رجـــل نصـــراني جـــاء مـــن‬ ‫فأمــا صــاحباي فجلســا فــي‬
‫الشام ‪..‬‬ ‫بيوتهمـــــا يبكيـــــان ‪ ..‬جعل‬
‫فإذا هو يقول ‪ :‬من يــدلني علــى‬ ‫يبكيــان الليــل والنهــار ‪ ..‬ول‬
‫كعب بن مالك ‪ ..‬؟‬ ‫يطلعــــــان رؤوســــــهما ‪..‬‬
‫فطفق الناس يشــيرون لــه إلــى‬ ‫ويتعبدان كأنهما الرهبان ‪..‬‬
‫كعب ‪ ..‬فأتــاه ‪ ..‬فنــاوله صــحيفة‬ ‫ب القوم‬ ‫ش ّ‬ ‫وأما أنا فكنت أ َ‬
‫من ملك غسان ‪..‬‬ ‫دهم ‪ ..‬فكنت أخرج‬ ‫وأجل َ‬
‫عجبا ً !! من ملك غسان ‪!!..‬‬ ‫فأشهد الصلة مع المسلمين‬
‫إذن قــد وصــل خــبره إلــى بلد‬ ‫‪ ..‬وأطوف في السواق ‪..‬‬
‫الشــــام ‪ ..‬واهتــــم بــــه ملــــك‬ ‫ول يكلمني أحد ‪..‬‬
‫الغساسنة ‪ ..‬عجبا ً !! فماذا يريــد‬ ‫وآتي المسجد فأدخل ‪..‬‬
‫الملك ؟!!‬ ‫وآتي رسول الله ‪ r‬فأسلم‬
‫فتح كعب الرسالة فإذا فيها ‪:‬‬ ‫عليه ‪..‬‬
‫" أما بعد ‪ ..‬يا كعــب بــن مالــك ‪..‬‬ ‫فأقول في نفسي ‪ :‬هل‬
‫إنه بلغني أن صاحبك قــد جفــاك‬ ‫حرك شفتيه برد السلم‬
‫وأقصاك ‪ ..‬ولســت بــدار مضــيعة‬ ‫علي أم ل ؟‬
‫ول هــوان ‪ ..‬فــالحق بنــا نواســك‬ ‫ً‬
‫ثم أصلي قريبا منه ‪..‬‬
‫"‪..‬‬ ‫فأسارقه النظر ‪ ..‬فإذا‬
‫فلما أتم قراءة الرسالة ‪ ..‬قال ‪t‬‬ ‫أقبلت على صلتي ‪ ..‬أقبل‬
‫ي أهــل‬ ‫‪ :‬إنــا للــه ‪ ..‬قــد طمــع فـ ّ‬ ‫إلي ‪..‬‬
‫الكفــر ‪ !!..‬هــذا أيض ـا ً مــن البلء‬ ‫ت نحوه ‪ ..‬أعرض‬ ‫وإذا التف ّ‬
‫والشر ‪..‬‬ ‫عني ‪..‬‬
‫ً‬
‫ثــم مضــى بالرســالة فــورا إلــى‬ ‫* * * * * * * * *‬
‫التنور ‪ ..‬فأشعله ثم أحرقها فيه‬ ‫ومضت على كعب اليام ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫واللم تلد اللم ‪..‬‬
‫ولــم يلتفــت كعــب إلــى إغــراء‬ ‫وهو الرجل الشريف في‬
‫الملك ‪..‬‬ ‫قومه ‪..‬‬
‫فتـــح لـــه بـــاب إلـــى بلط‬ ‫نعـــم ُ‬ ‫بل هو من أبلغ الشعراء ‪..‬‬
‫الملــوك ‪ ..‬وقصــور العظمــاء ‪..‬‬ ‫عرفه الملوك والمراء ‪..‬‬
‫يدعونه إلى الكرامة والصحبة ‪..‬‬ ‫وسارت أشعاره عند العظماء‬
‫والمدينــة مــن حــوله تتجهمــه ‪..‬‬ ‫‪ ..‬حتى تمنوا لقياه ‪..‬‬
‫والوجوه تعبس في وجهه ‪..‬‬ ‫ثم هو اليوم ‪ ..‬في المدينة ‪..‬‬
‫‪76‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فهل تأذن لي أن أخدمه ‪..‬؟‬ ‫يسلم فل يرد عليه السلم ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪ ..‬ولكن ل يقربنك ‪..‬‬ ‫ويسأل فل يسمع الجواب ‪..‬‬
‫فقـالت المـرأة ‪ :‬يـا نـبي اللـه ‪..‬‬ ‫ومــع ذلــك لــم يلتفــت إلــى‬
‫والله ما به مــن حركــة لشــيء ‪..‬‬ ‫الكفار ‪..‬‬
‫مــا زال مكتئبــا ً ‪ ..‬يبكــي الليــل‬ ‫ولــم يفلــح الشــيطان فــي‬
‫والنهار ‪ ..‬منذ كان مــن أمــره مــا‬ ‫زعزعته ‪ ..‬أو تعبيده لشهوته‬
‫كان ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫* * * * * * * * *‬ ‫ألقــى الرســالة فــي النــار ‪..‬‬
‫ومــــرت اليــــام ثقيلــــة علــــى‬ ‫وأحرقها ‪..‬‬
‫كعــب ‪..‬واشــتدت الجفــوة عليــه‬ ‫* * * * * * * * *‬
‫‪..‬حتى صار يراجع إيمانه ‪..‬‬ ‫ومضت اليام تتلوها اليام ‪..‬‬
‫يكلم المسلمين ول يكلمونه ‪..‬‬ ‫وانقضـــى شـــهر كامـــل ‪..‬‬
‫ويســلم علــى رســول اللــه ‪ r‬فل‬ ‫وكعب على هذا الحال ‪..‬‬
‫يرد عليه ‪..‬‬ ‫والحصـــار يشـــتد خنـــاقه ‪..‬‬
‫فـــإلى أيـــن يـــذهب ‪ !!..‬ومـــن‬ ‫والضيق يزداد ثقله ‪..‬‬
‫يستشير !؟‬ ‫فل الرســول ‪ُ r‬يمضــي ‪ ..‬ول‬
‫قال كعب ‪: t‬‬ ‫الوحي بالحكم يقضي ‪..‬‬
‫ي البلء ‪ ..‬ذهبــت‬ ‫ً‬
‫فلما اكتملت أربعون يوما ‪..‬‬
‫فلمــا طــال علـ ّ‬
‫إلــى أبــي قتــادة ‪ ..‬وهــو ابــن‬ ‫فــإذا رســول مــن النــبي ‪r‬‬
‫ي ‪ ..‬فإذا‬ ‫عمي ‪ ..‬وأحب الناس إل ّ‬ ‫يــأتي إلــى كعــب ‪ ..‬فيطــرق‬
‫هــــو فــــي حــــائط بســــتانه ‪..‬‬ ‫عليه الباب ‪..‬‬
‫فتسورت الجدار عليه ‪..‬‬ ‫فيخرج كعب إليه ‪ ..‬لعله جــاء‬
‫ودخلت ‪ ..‬فسلمت عليه ‪..‬‬ ‫بـــالفرج ‪ ..‬فـــإذا الرســـول‬
‫فوالله ما رد علي السلم ‪..‬‬ ‫يقول له ‪:‬‬
‫فقلــت ‪ :‬أنشــدك اللــه ‪ ..‬يــا أبــا‬ ‫إن رسول اللــه ‪ r‬يــأمرك أن‬
‫قتــادة ‪ ..‬أتعلــم أنــي أحــب اللــه‬ ‫تعتزل ُامرأتك ‪..‬‬
‫ورسوله ؟‬ ‫قال ‪ :‬أ ُطَّلقها ‪ ..‬أم ماذا ؟‬
‫فسكت ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬ل ‪ ..‬ولكن اعتزلهــا ول‬
‫فقلت ‪ :‬يا أبا قتادة ‪ ..‬أتعلم أنـي‬ ‫تقربها ‪..‬‬
‫أحب الله ورسوله ؟‬ ‫فــدخل كعــب علــى امرأتــه‬
‫فسكت ‪..‬‬ ‫وقال ‪ :‬الحقي بأهلك فكوني‬
‫فقلــت ‪ :‬أنشــدك اللــه ‪ ..‬يــا أبــا‬ ‫عندهم حتى يقضي الله فــي‬
‫قتــادة ‪ ..‬أتعلــم أنــي أحــب اللــه‬ ‫هذا المر ‪..‬‬
‫ورسوله ؟‬ ‫وأرسل النبي ‪ r‬إلى صــاحبي‬
‫فقال ‪ :‬الله ورسوله أعلم ‪..‬‬ ‫كعب بمثل ذلك ‪..‬‬
‫ســمع كعــب هــذا الجــواب ‪ ..‬مــن‬ ‫فجــــاءت امــــرأة هلل بــــن‬
‫ابن عمه وأحب النــاس إليــه ‪ ..‬ل‬ ‫أمية ‪ ..‬فقالت ‪:‬‬
‫يدري أهو مؤمن أم ل ؟‬ ‫يا رسول الله ‪ ..‬إن هلل بــن‬
‫فلـــم يســـتطع أن يتجلـــد لمـــا‬ ‫أميــة شــيخ كــبير ضــعيف ‪..‬‬
‫‪77‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فأكون من الناس بتلك‬ ‫ســـمعه ‪ ..‬وفاضـــت عينـــاه‬
‫المنزلة ‪ ..‬فل يكلمني أحد‬ ‫بالدموع ‪..‬‬
‫ي ‪..‬‬‫منهم ‪ ..‬ول يصلي عل ّ‬ ‫ثم اقتحم الحائط خارجا ً ‪..‬‬
‫فبينما أنا على ذلك ‪..‬‬ ‫وذهب إلـى منزلـه ‪ ..‬وجلـس‬
‫إذ سمعت صوت صارخ ‪ ..‬على‬ ‫فيه ‪..‬‬
‫جبل سلع بأعلى صوته يقول ‪:‬‬ ‫يقلب طرفه بين جدرانه ‪ ..‬ل‬
‫ياااااا كعب بن مالك ! ‪ ..‬أبشر ‪..‬‬ ‫زوجــة تجالســه ‪ ..‬ول قريــب‬
‫فخررت ساجدا ً ‪ ..‬وعرفت أن قد‬ ‫يؤانسه ‪..‬‬
‫جاء فرج من الله ‪..‬‬ ‫وقد مضــت عليهــم خمســون‬
‫ي رجل على فرس ‪..‬‬ ‫وأقبل إل ّ‬ ‫ليلة ‪ ..‬من حين نهى النبي ‪r‬‬
‫والخر صاح من فوق جبل ‪..‬‬ ‫الناس عن كلمهم ‪..‬‬
‫وكان الصوت أسرع من‬ ‫* * * * * * * * *‬
‫الفرس ‪..‬‬ ‫وفـــي الليلـــة الخمســـين ‪..‬‬
‫فلما جاءني الذي سمعت صوته‬ ‫نزلت تــوبتهم علــى النــبي ‪r‬‬
‫ي‬‫يبشرني ‪ ..‬نزعت له ثوب ّ‬ ‫في ثلث الليل ‪..‬‬
‫فكسوته إياهما ببشراه ‪ ..‬والله‬ ‫وكان ‪ ‬في بيت أم سلمة ‪..‬‬
‫ما أملك غيرهما ‪..‬‬ ‫فتل اليات ‪..‬‬
‫واستعرت ثوبين ‪ ..‬فلسبتهما ‪..‬‬ ‫فقالت أم سلمة ‪: t‬‬
‫وانطلقت إلى رسول الله ‪.. r‬‬ ‫يا نبي الله ‪ ..‬أل نبشــر كعــب‬
‫فتلقاني الناس فوجا ً ‪ ..‬فوجا ً ‪..‬‬ ‫بن مالك ‪..‬‬
‫يهنئوني بالتوبة ‪ ..‬يقولون ‪:‬‬ ‫قال ‪ :‬إذا ً يحطمكم النــاس ‪..‬‬
‫ليهنك توبة الله عليك ‪..‬‬ ‫ويمنعونكم النوم سائر الليلة‬
‫حتى دخلت المسجد ‪ ..‬فإذا‬ ‫‪..‬‬
‫رسول الله ‪ e‬جالس بين أصحابه‬ ‫فلما صلى النبي ‪ r‬الفجر ‪..‬‬
‫‪ ..‬فلما رأوني والله ما قام‬ ‫آذن الناس بتوبة الله‬
‫ي إل طلحة بن عبيد الله‬ ‫منهم إل ّ‬ ‫عليهم ‪..‬‬
‫‪ ..‬قام فاعتنقني وهنأني ‪ ..‬ثم‬ ‫فانطلق الناس يبشرونهم ‪..‬‬
‫رجع إلى مجلسه ‪ ..‬فوالله ما‬ ‫قال كعب ‪:‬‬
‫أنساها لطلحة ‪..‬‬ ‫وكنت قد صليت الفجر على‬
‫فمشيت حتى وقف على رسول‬ ‫سطح بيت من بيوتنا ‪..‬‬
‫الله ‪ e‬فسلمت عليه ‪..‬‬ ‫فبينا أنا جالس على الحال‬
‫وهو يبرق وجهه من السرور ‪..‬‬ ‫التي ذكر الله تعالى ‪ ..‬قد‬
‫سّر استنار وجهه ‪..‬‬ ‫وكان إذا ُ‬ ‫ضاقت علي نفسي ‪..‬‬
‫حتى كأنه قطعة قمر ‪..‬‬ ‫ي الرض بما‬ ‫وضاقت عل ّ‬
‫فلما رآني قال ‪ :‬أبشر بخير يوم‬ ‫رحبت ‪..‬‬
‫مّر عليك منذ ولدتك أمك ‪..‬‬ ‫ي ‪ ..‬من‬ ‫وما من شيء أهم إل ّ‬
‫قلت ‪ :‬أمن عندك يا رسول‬ ‫ي‬
‫أن أموت ‪ ..‬فل يصلي عل ّ‬
‫الله ‪ ..‬أم من عند الله ؟‬ ‫ل الله ‪ .. r‬أو يموت ‪..‬‬ ‫رسو ُ‬
‫قال ‪ :‬ل ‪ ..‬بل من عند الله ‪ ..‬ثم‬
‫‪78‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فرحته ‪ ..‬فصار له عنده حظوة ‪..‬‬ ‫تل اليات ‪..‬‬
‫الهتمام بالناس ومشاركتهم‬ ‫فجلست بين يديه ‪..‬‬
‫في مشاعرهم يأسر قلوبهم ‪..‬‬ ‫فقلت ‪ :‬يا رسول الله ! إن‬
‫لو كنت في زحمة المتحانات ‪..‬‬ ‫من توبتي أن أنخلع من‬
‫ووصلت إلى هاتفك المحمول‬ ‫مالي صدقة إلى الله ‪ ..‬وإلى‬
‫رسالة مكتوب فيها ‪ ..‬بشرني‬ ‫رسوله ‪..‬‬
‫عن امتحاناتك والله إن بالي‬ ‫فقال ‪ :‬أمسك عليك بعض‬
‫مشغول عليك وأدعو لك ‪،‬‬ ‫مالك ‪ ..‬فهو خير لك ‪..‬‬
‫صديقك ‪ :‬إبراهيم ‪..‬‬ ‫فقلت ‪ :‬يا رسول الله ! إن‬
‫أليس ستزداد محبتك لهذا‬ ‫الله إنما نجاني بالصدق ‪..‬‬
‫الصديق ؟ بلى ‪..‬‬ ‫وإن من توبتي أل أحدث إل‬
‫ولو كان أبوك مريضا ً في‬ ‫صدقا ً ما بقيت ‪..‬‬
‫المستشفى ‪ ..‬فبقيت معه في‬ ‫نعم ‪ ..‬تاب الله على كعب‬
‫غرفته وأنت مشغول البال‬ ‫وصاحبيه ‪ ..‬وأنزل في ذلك‬
‫عليه ‪ ..‬واتصل بك صديق وسألك‬ ‫قرءانا ً يتلى ‪..‬‬
‫عنه ‪ ..‬وقال ‪ :‬تحتاج مساعدة ؟‬ ‫فقال عز وجل ‪:‬‬
‫نحن في خدمتك ‪ ..‬فشكرته ‪..‬‬ ‫ي‬ ‫على الن ّب ِ ّ‬ ‫َ‬ ‫ه َ‬ ‫ب الل ّ ُ‬ ‫قدْ َتا َ‬ ‫[ لَ َ‬
‫ر ال ّ ِ‬ ‫َ‬
‫ثم في المساء اتصل وقال ‪ :‬إذا‬ ‫ن‬‫ذي َ‬ ‫صا ِ‬ ‫واْلن ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ري َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ها ِ‬ ‫م َ‬ ‫وال ْ ُ‬ ‫َ‬
‫الهل يحتاجون أي شيء أشتريه‬ ‫ة‬ ‫سَر ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ْ‬
‫ة ال ُ‬ ‫ع ِ‬ ‫سا َ‬ ‫في َ‬ ‫عوهُ ِ‬ ‫ات ّب َ ُ‬
‫لهم ‪ ..‬فأخبرني ‪ ..‬فشكرته‬ ‫ب‬ ‫قلو ُ‬ ‫ُ‬ ‫غ ُ‬ ‫زي ُ‬ ‫كادَ ي َ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫د َ‬ ‫ع ِ‬ ‫ن بَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ودعوت له ‪..‬‬ ‫م‬‫ه ْ‬ ‫َ‬ ‫م ثُ ّ‬ ‫َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ب َ‬ ‫م َتا َ‬ ‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫ري ٍ‬ ‫ف ِ‬
‫أل تشعر أن قلبك ينجذب إليه‬ ‫عَلى‬ ‫و َ‬ ‫م* َ‬ ‫حي ٌ‬ ‫ف َر ِ‬ ‫ؤو ٌ‬ ‫م َر ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ه بِ ِ‬ ‫إ ِن ّ ُ‬
‫أكثر ‪..‬؟‬ ‫ذا‬‫حّتى إ ِ َ‬ ‫فوا َ‬ ‫خل ُ‬ ‫ّ‬ ‫ن ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ّ‬
‫ة ال ِ‬ ‫الّثلث َ ِ‬
‫َ‬
‫بينما لو اتصل بك آخر وقال ‪:‬‬ ‫ما‬ ‫ض بِ َ‬ ‫م اْلْر ُ‬ ‫ه ُ‬ ‫ت َ َ‬
‫علي ْ ِ‬ ‫ق ْ‬ ‫ضا َ‬ ‫َ‬
‫فلن ‪ ..‬نحن خارجون إلى نزهة‬ ‫م‬ ‫عل َي ْه ْ‬ ‫ت َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ضا َ‬ ‫و َ‬ ‫ت َ‬ ‫حب َ ْ‬ ‫َر ُ‬
‫فسهم وظَّنوا أ َن ِل مل ْجأ َ‬ ‫َ‬
‫في البحر ‪ ..‬هاه تذهب معنا ؟‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫أن ْ ُ ُ ُ ْ َ‬
‫فقلت ‪ :‬والله والدي مريض ول‬ ‫ب‬
‫م َتا َ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫ه إ ِّل إ ِل َي ْ ِ‬ ‫ن الل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫أستطيع ‪..‬‬ ‫و‬‫ه َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫م ل ِي َُتوُبوا إ ِ ّ‬ ‫ه ْ‬ ‫علي ْ ِ‬
‫َ َ‬
‫فبدل أن يدعو له ويعتذر أن لم‬ ‫م ] ‪..‬‬ ‫حي ُ‬ ‫ب الّر ِ‬ ‫وا ُ‬ ‫الت ّ ّ‬
‫يسأل عن حاله ‪ ..‬قال لك ‪:‬‬ ‫والشاهد من هذه القصة ‪..‬‬
‫أدري أنه مريض لكن هو في‬ ‫أن طلحة ‪ t‬لما رأى كعبا ً قام‬
‫المستشفى وعنده ممرضون‬ ‫إليه واعتنقه وهنأه ‪ ..‬فزادت‬
‫ولن يستفيد من بقائك تعال‬ ‫محبة كعب له ‪ ..‬حتى كان‬
‫معنا استمتع واسبح و ‪ ..‬قالها‬ ‫يقول بعد موت طلحة ‪ ..‬وهو‬
‫وهو يمازحك ضاحكا ً ‪ ..‬وكأن‬ ‫يحكي القصة بعدها بسنين ‪:‬‬
‫مرض والدك ل يعنيه ‪ ..‬كيف‬ ‫فوالله ل أنساها لطلحة ‪..‬‬
‫ستكون نظرتك إليه ؟‬ ‫وماذا فعل طلحة حتى يأسر‬
‫بل شك أن قدره في قلبك‬ ‫قلب كعب ؟ فعل مهارة‬
‫ينخفض لنه لم يهتم بهمومك ‪..‬‬ ‫م به ‪ ..‬شاركه‬ ‫رائدة ‪ ..‬اهت ّ‬
‫‪79‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫العبارات ‪..‬‬ ‫من أحرج ما وقع لي من‬
‫سكت الشاب قليل ً ثم قال ‪:‬‬ ‫مواقف ‪..‬‬
‫ما عرفتني ‪ ..‬أنا فلن ‪ ..‬الن‬ ‫أني كنت مسافرا ً إلى جدة‬
‫وصلت من ألمانيا معي جثمان‬ ‫لعدة أيام ‪ ..‬كنت مشغول ً‬
‫أبي ‪ ..‬وأنا متوجه إلى الرياض‬ ‫جدا ً ‪..‬‬
‫الن على أقرب رحلة ‪..‬‬ ‫وصلتني رسالة خللها على‬
‫في الحقيقة ‪ ..‬كأنما صب علي‬ ‫هاتفي من أخي سعود كتب‬
‫برميل ماء بارد ‪ ..‬صرت محرجا ً‬ ‫فيها ‪:‬‬
‫جدا ً ‪ ..‬أبوه مات ‪ ..‬وجثمانه معه‬ ‫أحسن الله عزاءك في ابن‬
‫في الطائرة وأنا أمازحه وأضحك‬ ‫عمنا فلن توفي في‬
‫‪ ..‬إن هذا لشيء عجاب !!‬ ‫ألمانيا ‪..‬‬
‫ت قليل ً ثم قلت ‪ :‬آآآآسف ‪..‬‬ ‫سك ّ‬ ‫اتصلت بأخي فأخبرني أن‬
‫والله ما انتبهت إليك ‪ ..‬فأنا هنا‬ ‫ابن عمنا هذا ‪ -‬وهو شيخ‬
‫منذ أيام ‪ ..‬فأحسن الله عزاءك‬ ‫كبير ‪ -‬ذهب قبل يومين‬
‫وغفر لوالدك ‪..‬‬ ‫لعلج القلب في ألمانيا‬
‫ت في الحقيقة معذورا ً‬ ‫وإن كن ُ‬ ‫وتوفي أثناء إجراء العملية ‪..‬‬
‫في عدم انتباهي إلى شخصه ‪..‬‬ ‫وأن جثمانه سيصل قريبا ً‬
‫فقد كنت ل أقابله إل قليل ً ‪..‬‬ ‫إلى مطار الرياض ‪ ..‬دعوت‬
‫وأراه بثوبه وغترته ‪ ..‬فلما لبس‬ ‫له وترحمت عليه ‪ ..‬وأنهيت‬
‫البنطال وجاءني فجأة في زحمة‬ ‫المكالمة ‪..‬‬
‫شباب من جدة ‪ ..‬لم يقع في‬ ‫بعدها بيومين انتهت أعمالي‬
‫نفسي أنه فلن ‪..‬‬ ‫في جدة وذهبت إلى المطار‬
‫فمن الهتمام بالناس‬ ‫أنتظر وقت إقلع رحلتي‬
‫مشاركتهم في مشاعرهم‬ ‫للرياض ‪..‬‬
‫وإشعارهم أن همهم هو همك ‪..‬‬ ‫في هذه الثناء كان يمر بي‬
‫وأنك تحب الخير لهم ‪..‬‬ ‫عدد من الشباب فإذا رأوني‬
‫ومن هذا المنطلق تجد أن‬ ‫عرفوني وأقبلوا مسلمين‬
‫الشركات المتطورة يكون عندها‬ ‫وكانوا أحيانا ً من الشباب‬
‫إدارة للعلقات العامة ‪ ..‬مهمتها‬ ‫المراهقين لهم قصات شعر‬
‫إرسال التهاني والتبريكات في‬ ‫غريبة ‪ ..‬ومع ذلك كنت‬
‫المناسبات ‪ ..‬وتقديم الهدايا ‪..‬‬ ‫أمازحهم وأطلق التعليقات‬
‫ونحو ذلك ‪..‬‬ ‫عليهم تحببا ً وتلطفا ً ‪..‬‬
‫الناس كلما أشعرتهم بقيمتهم‬ ‫انشغلت بمكالمة هاتفية ‪..‬‬
‫وأظهرت الهتمام بهم ملكت‬ ‫فلما أنهيتها فإذا شاب يلبس‬
‫قلوبهم وأحبوك ‪..‬‬ ‫بنطال ً وقميصا ً ‪ ..‬يراني‬
‫خذ أمثلة سريعة من الواقع ‪:‬‬ ‫سّلما ً مصافحا ً ‪..‬‬ ‫فيقبل م َ‬
‫لو دخل شخص إلى مكان مليء‬ ‫رحبت به وقلت مازحا ً ‪ :‬ما‬
‫بالناس فلم يجد مكانا ً يجلس‬ ‫هذه الناقة ‪ ..‬أنت اليوم‬
‫فيه ‪ ..‬فتفسحت قليل ً ‪..‬‬ ‫كأنك عريس ‪ ..‬ونحو هذه‬
‫‪80‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫وكان ‪ e‬إذا كلمه أحد التفت إليه‬ ‫وأوسعت له مكانا ً وقلت ‪:‬‬
‫جميعا ً ‪ ..‬أي التفت بوجهه‬ ‫تفضل يا فلن ‪ ..‬تعال هنا ‪..‬‬
‫وجسمه إليه يستمع وينصت ‪..‬‬ ‫لشعر باهتمامك وأحبك ‪..‬‬
‫أو لو كنتم في حفل عشاء ‪..‬‬
‫تجربة ‪..‬‬ ‫وأقبل يحمل طعامه يتلفت‬
‫الناس كلما أشعرتهم بقيمتهم‬ ‫يبحث عن طاولة فيها مكان‬
‫وأظهرت الهتمام بهم ‪ ..‬ملكت‬ ‫فارغ ‪ ..‬فجهزت له كرسيا ً‬
‫قلوبهم ‪ ..‬وأحبوك ‪..‬‬ ‫وقلت ‪ :‬حياك اله يا فلن ‪..‬‬
‫تفضل هنا ‪ ..‬لشعر‬
‫أشعرهم أنك تحب‬ ‫‪.25‬‬ ‫باهتمامك أيضا ً ‪..‬‬
‫الخير لهم ‪..‬‬ ‫عموما ً أشعر الناس بقيمتهم‬
‫كلما كان قلبك مملوءا ً بالمحبة‬ ‫‪ ..‬يحبوك ‪..‬‬
‫والنصح للخرين ‪ ..‬كلما صرت‬ ‫كان رسول الله ‪ e‬يحرص‬
‫صادقا ً في مهاراتك في التعامل‬ ‫على ذلك أيما حرص ‪..‬‬
‫معهم ‪..‬‬ ‫انظر إليه وقد قام يخطب‬
‫وكلما أحس الناس بحبك لهم ‪..‬‬ ‫على منبره يوم جمعة ‪..‬‬
‫ازدادوا هم أيضا ً لك محبة وقبول ً‬ ‫وفجأة فإذا بأعرابي يدخل‬
‫‪..‬‬ ‫إلى المسجد ويتخطى‬
‫كانت إحدى الطبيبات تمتلئ‬ ‫الصفوف ‪ ..‬وينظر إلى‬
‫عيادتها الخاصة دائما ً‬ ‫رسول الله ‪ .. e‬ويصيح‬
‫جعات ‪..‬‬ ‫بالمرا ِ‬ ‫قائل ً ‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬رجل‬
‫وكانت المريضات يرغبن في‬ ‫ل يدري ما دينه ! فعلمه دينه‬
‫المجيء إليها دائما ً وكل واحدة‬ ‫‪..‬‬
‫تشعر أنها صديقة خاصة لهذه‬ ‫فنزل النبي ‪ e‬من منبره ‪..‬‬
‫الطبيبة ‪..‬‬ ‫وتوجه إلى الرجل وطلب‬
‫كانت هذه الطبيبة تمارس‬ ‫كرسيا ً فجلس عليه ‪ ..‬ثم‬
‫مهارات متعددة تسحر بها قلوب‬ ‫جعل يتحدث مع الرجل‬
‫الخرين ‪..‬‬ ‫ويشرح له الدين إلى أن‬
‫من ذلك ‪ ..‬أنها اتفقت مع‬ ‫فهم ‪ ..‬ثم عاد إلى منبره ‪..‬‬
‫السكرتيرة أنها إذا اتصلت إحدى‬ ‫قمة الهتمام بالناس ‪ ..‬ومن‬
‫المريضات تريد أن تتحدث مع‬ ‫يدري ربما لو أهمله لخرج‬
‫الطبيبة أو تسألها عن شيء‬ ‫الرجل وبقي جاهل ً بدينه‬
‫يخص المرض ‪..‬‬ ‫إلى أن يموت ‪..‬‬
‫فإن السكرتيرة تسألها عن‬ ‫ولو نظرت في شمائله ‪.. e‬‬
‫اسمها ‪ ..‬وترحب بها ‪ ..‬ثم‬ ‫لوجدت من بينها أنه كان إذا‬
‫تطلب منها التكرم بالتصال بعد‬ ‫صافحه أحد لم ينزع ‪ e‬يده‬
‫خمس دقائق ‪..‬‬ ‫من يد المصافح ‪ ..‬حتى ينزع‬
‫ثم تأخذ السكرتيرة الملف‬ ‫ذاك يده أول ً ‪..‬‬
‫الخاص بهذه المريضة ‪ ..‬وتناوله‬
‫‪81‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫حمدت الله على التيسير ‪..‬‬ ‫للطبيبة ‪ ..‬فتقرأ الطبيبة‬
‫ثم اكتريت فندقا ً لبيت فيه ‪..‬‬ ‫معلومات المرض ‪ ..‬وتنظر‬
‫فلما وضعت رأسي على‬ ‫إلى بطاقتها الخاصة ‪..‬‬
‫وسادتي كتبت رسالة عبر‬ ‫ومعلوماتها الكاملة بما فيها‬
‫الهاتف الجوال أقول فيها ‪:‬‬ ‫وظيفتها وأسماء أولدها ‪..‬‬
‫"الن أنهيت العمرة وتذكرت‬ ‫فإذا اتصلت المريضة ‪..‬‬
‫أحبابي وأنت منهم فلم أنسك‬ ‫رحبت بها الطبيبة ‪..‬‬
‫من الدعاء الله يحفظك ويوفقك‬ ‫وسألتها عن مرضها ‪ ..‬وعن‬
‫" ‪..‬‬ ‫فلن ولدها الصغير ‪ ..‬وأخبار‬
‫انتهت الرسالة ‪..‬‬ ‫وظيفتها ‪ ..‬و ‪..‬‬
‫أرسلتها إلى السماء المخزنة‬ ‫فتشعر المريضة أن هذه‬
‫في ذاكرة الهاتف ‪ ..‬كانت‬ ‫الطبيبة تحبها جدا ً لدرجة‬
‫خمسمائة اسم ‪..‬‬ ‫أنها تحفظ أسماء أولدها‬
‫لم أكن أتصور التأثير العجيب‬ ‫وتتذكر مرضها ‪ ..‬ولم تنس‬
‫لهذه الرسالة في قلوب الخرين‬ ‫مكان عملها ‪ ..‬فترغب في‬
‫‪..‬‬ ‫المجيء إليها دائما ً ‪..‬‬
‫ي ‪ :‬والله إني‬ ‫منهم من أرسل إل ّ‬ ‫أرأيت أن امتلك القلوب‬
‫أبكي وأنا أقرأ رسالتك ‪..‬‬ ‫وأسرها سهل جدا ً ‪..‬‬
‫أشكرك أنك ذكرتني بدعائك ‪..‬‬ ‫ول بأس أن تعبر عن محبتك‬
‫وآخر كتب ‪ :‬والله يا أبا عبد‬ ‫للخرين بكل صراحة ‪ ..‬سواء‬
‫الرحمن ما أدري بم أرد عليك !‬ ‫كانوا أبا ً أو أما ً ‪ ..‬أو زوجة أو‬
‫ولكن جزاك الله خيرا ً ‪..‬‬ ‫أبناء ‪ ..‬أو زملء وجيران ‪..‬‬
‫والثالث كتب ‪ :‬أسأل الله أن‬ ‫ل تكتم مشاعرك نحوهم ‪..‬‬
‫يستجيب دعاءك ‪ ..‬ونحن والله ل‬ ‫قل لمن تحبه ‪ :‬أنا أحبك ‪..‬‬
‫ننساك ‪..‬‬ ‫ل إلى قلبي ‪..‬‬ ‫أنت غا ٍ‬
‫نحن في الحقيقة نحتاج بين‬ ‫حتى لو كان عاصيا ً قل له ‪:‬‬
‫كر الناس‬ ‫الفينة والخرى أن ن ُذَ ّ‬ ‫إنك أحب إلي من أناس‬
‫بأننا نحبهم ‪ ..‬وأن كثرة مشاغل‬ ‫كثيييير ‪..‬‬
‫الدنيا لم تنسنا إياهم ‪..‬‬ ‫ولم تكذب فهو أحب إليك‬
‫ول بأس أن يكون ذلك بمثل هذه‬ ‫من مليين اليهود ‪ ..‬أليس‬
‫الرسائل ‪..‬‬ ‫كذلك ‪ ..‬كن ذكيا ً ‪..‬‬
‫يمكن أن تكتب إلى أحبابك ‪:‬‬ ‫أذكر أني ذهبت مرة لداء‬
‫دعوت لكم بين الذان‬ ‫العمرة ‪ ..‬وكنت خلل‬
‫والقامة ‪ ..‬أو في ساعة الجمعة‬ ‫طوافي وسعيي أدعو‬
‫الخيرة ‪..‬‬ ‫للمسلمين جميعا ً ‪ ..‬بالحفظ‬
‫وإذا كانت نيتك صالحة فلن‬ ‫والنصر والتمكين ‪ ..‬وربما‬
‫يكون في هذا إظهار للعمل أو‬ ‫قلت ‪ :‬اللهم اغفر لي واغفر‬
‫رياء ‪ ..‬وإنما زيادة ألفة ومحبة‬ ‫لحبابي وأصحابي ‪..‬‬
‫بين المسلمين ‪..‬‬ ‫وبعد انتهائي من شعائرها ‪..‬‬
‫‪82‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫دوما ً ‪..‬‬ ‫أذكر أني ألقيت محاضرة‬
‫وكان أبو بكر يسبق غالبا ً ‪ ..‬فإن‬ ‫في مخيم دعوي صيفي في‬
‫بكر عمر للصلة وجد أبا بكر‬ ‫مدينة الطايف ‪ ..‬في جبال‬
‫سبقه ‪ ..‬وإن أطعم مسكينا ً وجد‬ ‫الشفاء وهي متنزه يجتمع‬
‫أبا بكر سبقه ‪..‬‬ ‫فيه أعداد كبيرة من‬
‫وإن صلى ليلة ‪ ..‬وجد ابا بكر‬ ‫الشباب ‪..‬‬
‫قبله ‪..‬‬ ‫كان أكثر الحاضرين هم من‬
‫وفي يوم أمر النبي ‪ ‬الناس‬ ‫الشباب الذين يظهر عليهم‬
‫بالصدقة لسد حاجة نازلة نزلت‬ ‫الخير والصلح ‪ ..‬أما الشباب‬
‫بالمسلمين ‪..‬‬ ‫الخرون فقد بقوا في‬
‫وافق ذلك الوقت أن عمر عنده‬ ‫أطراف المتنزهات ما بين‬
‫سعة من المال ‪..‬‬ ‫لهو وطرب ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬اليوم أسبق أبا بكر ‪ ..‬إن‬ ‫انتهت المحاضرة ‪..‬‬
‫سبقته يوما ً ‪..‬‬ ‫أقبل جمع من الشباب‬
‫ذهب عمر فجاء بنصف ماله ‪..‬‬ ‫يسلمون ‪..‬‬
‫فدفعه إلى رسول الله ‪.. r‬‬ ‫كان من بينهم شاب له قصة‬
‫فما أول كلمة قالها ‪ ‬لعمر لما‬ ‫شعر غريبة ويلبس بنطال‬
‫رأى المال ؟‬ ‫جينز ضيق ‪ ..‬أقبل يصافح‬
‫هل سأله عن مقدار المال ؟ أم‬ ‫ويشكر ‪ ..‬فسلمت عليه‬
‫سأله عن نوعه ذهب أم فضة ؟‬ ‫بحرارة ‪ ..‬وشكرته على‬
‫ل ‪ ..‬بل لما رأى ‪ ‬كثرة‬ ‫حضوره وهززت يده وقلت ‪:‬‬
‫المال ‪ ..‬تكلم بكلمات يستنتج‬ ‫وجهك وجه داعية ‪ ..‬تبسم‬
‫منها عمر أنه محبوب عند رسول‬ ‫وانصرف ‪..‬‬
‫الله ‪.. ‬‬ ‫بعدها بأسبوعين تفاجأت‬
‫قال لعمر ‪ ) :‬ما أبقيت لهلك يا‬ ‫باتصال يقول ‪ :‬هاه ما‬
‫عمر ؟ ( ‪..‬‬ ‫عرفتني ‪ ..‬يا شيخ أنا الذي‬
‫قال عمر ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬ ‫قلت لي وجهك وجه داعية ‪..‬‬
‫أبقيت لهم مثله " ‪..‬‬ ‫والله لصبحن داعية إن شاء‬
‫ويجلس عمر عند رسول الله ‪r‬‬ ‫الله ‪ ..‬ثم صار يشرح لي‬
‫منتشيا ً ‪ ..‬ينتظر أبا بكر ‪..‬‬ ‫مشاعره بعد تلك الكلمات ‪..‬‬
‫أرأيت كيف يتأثر الناس‬
‫ل كثير‬‫فيأتي أبو بكر ‪ t‬بما ٍ‬
‫فيدفعه إلى رسول الله ‪ r‬وعمر‬ ‫بصدق العبارة ‪ ..‬والمحبة ‪!..‬‬
‫واقف مكانه ‪ ..‬يرى العطاء‬ ‫أما رسول الله ‪ e‬فقد كان‬
‫ويسمع الحوار ‪..‬‬ ‫ياسر قلوب الناس بروعة‬
‫فإذا بالنبي ‪ ‬قبل أن يلتفت‬ ‫أخلقه ‪ ..‬وقدرته على‬
‫إلى ما يحتاجه من مال ‪ ..‬يسأل‬ ‫إظهار محبته الصادقة لهم ‪..‬‬
‫أبا بكر ‪ ) :‬يا أبا بكر ‪ ..‬ما أبقيت‬ ‫ل‬‫كان أبو بكر وعمر ‪ ..‬أج ّ‬
‫لهلك ؟ ( ‪..‬‬ ‫الصحابة ‪..‬‬
‫نعم فهو يحب أبا بكر ‪ ..‬ويحب‬ ‫وكانا يتنافسان في الخير‬
‫‪83‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فتتعرف على اسمه ‪ ..‬ثم تراه‬ ‫أهله ‪ ..‬ول يرضى بالضرر‬
‫في موقف آخر ‪ ..‬فتقبل عليه‬ ‫عليه ‪..‬‬
‫قائل ً ‪ :‬مرحبا ً يا فلن ‪..‬‬ ‫قال أبو بكر ‪ :‬يا رسول‬
‫ل شك أن ذلــك يطبــع فــي قلبــه‬ ‫الله ‪ ..‬أبقيت لهم الله‬
‫لك محبة وتقديرا ً ‪..‬‬ ‫ورسوله ‪ ..‬أما المال فقد‬
‫حفظك لسم الشخص الذي‬ ‫أتيت به جميعا ً ‪..‬‬
‫أمامك يشعره باهتمامك به ‪..‬‬ ‫لم يأت بنصفه ‪ ..‬ول بربعه ‪..‬‬
‫فرق بين المدرس الذي يحفظ‬ ‫وإنما أتى به كله ‪..‬‬
‫أسماء طلبه ‪ ..‬والذي ل‬ ‫فما كان من عمر ‪ t‬إل أن‬
‫يحفظ ‪..‬‬ ‫قال ‪ ":‬ل جَرم ‪ ..‬ل سابقت‬
‫قولك للطالب ‪ :‬قم يا فلن ‪..‬‬ ‫أبا بكر أبدا ً " ‪..‬‬
‫أحسن من ‪ :‬قم يا طالب ‪..‬‬ ‫كان الناس يشعرون أنه ‪‬‬
‫حتى في الرد على الهاتف ‪..‬‬ ‫يحبهم‪..‬فكانوا يهيمون به‬
‫أيهما أحب إليك ‪ ..‬أن يجيبك من‬ ‫حبا ً ‪..‬صلى بهم ‪ ‬إحدى‬
‫تتصل به بقوله ‪ :‬نعم ‪..‬أو ألو ‪..‬‬ ‫الصلوات ‪ ..‬فكأنه عجل‬
‫أو يقول محتفيا ً ‪ :‬مرحبا ً يا‬ ‫بصلته قليل ً حتى بدت أقصر‬
‫خالد ‪ ..‬هل أبو عبد الله ‪..‬‬ ‫من مثيلتها ‪..‬‬
‫بل شك ان استماعك لسمك له‬ ‫فلما انقضت الصلة ‪ ..‬رأى ‪e‬‬
‫في القلب رنة قبل الذن ‪..‬‬ ‫تعجب أصحابه ‪..‬‬
‫جرت العادة بعد المحاضرات‬ ‫فقال لهم ‪ :‬لعلكم عجبتم‬
‫العامة أن يزدحم علي بعض‬ ‫من تخفيفي للصلة ؟‬
‫الشباب يصافحون ويشكرون ‪..‬‬ ‫قالوا ‪ :‬نعم ! ‪..‬‬
‫كنت أحرص على ترديد كلمة ‪:‬‬ ‫فقال ‪ : ‬إني سمعت بكاء‬
‫السم الكريم ؟ حياك الله من‬ ‫صبي فرحمت أمه ‪!!..‬‬
‫الخ ؟ ‪ ..‬أقولها لكل واحد أسلم‬ ‫أرأيت كيف يحب الخرين ‪..‬‬
‫عليه لبدي له اهتمامي به ‪..‬‬ ‫ويظهر لهم هذه المحبة من‬
‫فكان كل واحد يجيبني مستبشرا ً‬ ‫خلل تعامله ‪..‬‬
‫‪ :‬أخوك زياد ‪ ..‬ابنك ياسر ‪..‬‬ ‫لست وحدك ‪..‬‬
‫وأذكر يوما ً أنه بعدما سلم عدد‬ ‫أظهر عواطفك ‪ ..‬كن صريحا ً‬
‫كبير منهم ومضوا ‪ ..‬عاد أحدهم‬ ‫‪ :‬أنا أحبك ‪ ..‬فرحت‬
‫ي‬
‫ليسأل ‪ ..‬فأول ما أقبل عل ّ‬ ‫بلقياك ‪ ..‬أنت غال إلى‬
‫قلت له ‪ :‬حياك الله يا خالد ‪..‬‬ ‫قلبي ‪..‬‬
‫فابتهج وقال ‪ :‬ما شاء الله !!‬
‫تعرف اسمي !!‬ ‫ِاحفظ السماء ‪..‬‬ ‫‪.26‬‬
‫الناس عموما ً يحبون مناداتهم‬ ‫وهذا من الهتمام بالناس ‪..‬‬
‫بأسمائهم ‪..‬‬ ‫ما أجمل أن تقابل شخصا ً ما‬
‫من المعروف أن الموظف‬ ‫في موقف عارض ‪ ..‬كلقاء‬
‫العسكري يعلق لوحة صغيرة‬ ‫عند بنك ‪ ..‬أو في طائرة ‪..‬‬
‫على صدره فيها اسمه ‪..‬‬ ‫أو في وليمة عامة ‪..‬‬
‫‪84‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فهذه أسباب تجعل الناس ل‬ ‫فأذكر أني ألقيت محاضرة‬
‫يحفظون السماء ‪..‬‬ ‫في إحدى المناطق‬
‫أما العلج لحفظ السماء ‪ ..‬فله‬ ‫العسكرية ‪ ..‬فازدحم أكثرهم‬
‫طرق ‪ ..‬منها ‪:‬‬ ‫مسلما ً بعد المحاضرة ‪..‬‬
‫القتناع بأهمية تذكر السم‬ ‫كان أحدهم يقترب ويبتعد ‪..‬‬
‫واستشعارك أنك بسماعك له‬ ‫وكأنه يريد السلم لكنه‬
‫ستسأل عنه بعد دقائق ‪..‬‬ ‫يخجل من مزاحمة‬
‫ومنها ‪ ..‬التركيز على وجه‬ ‫الخرين ‪..‬‬
‫الشخص أثناء الستماع إلى‬ ‫التفت إليه ولمحت لوحة‬
‫اسمه ‪..‬‬ ‫اسمه ‪ ..‬فمددت يدي إليه‬
‫حاول أن تلحظ الشخص‬ ‫وقلت ‪ :‬مرحبا ً فلن !! فتغير‬
‫المقابل وطبيعة حديثه‬ ‫وجهه وتعجب ‪ ..‬ومد يده‬
‫وابتسامته لينطبع في ذاكرتك ‪..‬‬ ‫مصافحا ً وهو يتبسم‬
‫أثناء حديثك معه ناده باسمه‬ ‫ويقول ‪ :‬هاه !! كيف عرفت‬
‫مرارا ً ‪ ..‬صحيح يا فلن ‪..‬؟‬ ‫اسمي ؟‬
‫سمعت يا فلن ‪..‬؟ أنت معي يا‬ ‫فقلت ‪ :‬يا أخي الذين نحبهم‬
‫فلن ‪..‬؟ وكرره أكثر من مرة ‪..‬‬ ‫‪ ..‬لزم نعرف أسماءهم ‪..‬‬
‫فكان لهذا تأثير كبير عليه ‪..‬‬
‫باختصار ‪..‬‬ ‫كثير من الناس يقتنع بهذا‬
‫أشعرني باهتمامك بي ‪..‬‬ ‫ويتمنى لو استطاع حفظ‬
‫بحفظك اسمي ‪ ..‬ونادني به ‪..‬‬ ‫أسماء الخرين ‪..‬‬
‫لحبك ‪..‬‬ ‫أما أسباب عدم حفظ‬
‫السماء ‪ ..‬فهي كثيرة ‪..‬‬
‫كن لماحا ً‬ ‫‪.27‬‬ ‫منها ‪ ..‬عدم الهتمام‬
‫قسم كبير من الشياء التي‬ ‫بالشخاص أثناء مقابلتهم ‪..‬‬
‫نمارسها في الحياة ‪ ..‬نفعلها‬ ‫ومنها ‪ ..‬التشاغل وقت‬
‫لجل الناس ل لجل أنفسنا ‪..‬‬ ‫التعارف وعدم التركيز أثناء‬
‫عندما ُتدعى لوليمة عرس ‪..‬‬ ‫استماع السم ‪..‬‬
‫فتلبس أحسن ثيابك ‪ ..‬إنما‬ ‫ومنها ‪ ..‬موقفك تجاه‬
‫تفعل ذلك لجل لفت انتباه‬ ‫الشخص المقابل ‪..‬‬
‫الناس وجذب إعجابهم ‪ ..‬ل لجل‬ ‫كاعتقادك بأنك لن تقابله‬
‫لفت انتباه نفسك ‪..‬‬ ‫مرة أخرى ‪ ..‬فتقول في‬
‫ُ‬
‫وتفرح إذا لحظت أنهم أعجبوا‬ ‫نفسك ‪ :‬ل داعي لحفظ‬
‫بجمال هيئتك ‪ ..‬أو رونق ثيابك ‪..‬‬ ‫السم ‪..‬‬
‫وعندما تؤثث مجلس ضيوفك ‪..‬‬ ‫أو كان إنسانا ً بسيطا ً ل‬
‫وتتكلف في تزويقه والعناية‬ ‫يستثير اهتمامك ‪..‬‬
‫به ‪ ..‬إنما تفعل ذلك أيضا ً لجل‬ ‫أو عندما ل تسمع السم‬
‫نظر الناس ‪ ..‬ل لجل نظر‬ ‫جيدا ً وتشعر بحرج من طلب‬
‫نفسك ‪ ..‬بدليل أنك تعتني‬ ‫إعادة اسمه ‪..‬‬
‫‪85‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫إحضاره من المطعم ومحل‬ ‫بغرفة استقبال الضيوف‬
‫الحلويات ‪ ..‬و ‪ ..‬فأسمعه كلمات‬ ‫أكثر من عنايتك بالصالة‬
‫تجعله يشعر أنك ممتن له بما‬ ‫الداخلية ‪ ..‬أو بحمام أطفالك‬
‫قدم لك ‪ ..‬وأن تعبه لم يذهب‬ ‫!!‬
‫دى ‪..‬‬ ‫س َ‬
‫ُ‬ ‫عندما تدعو أصحابك إلى‬
‫دخلت بيت أحد أصدقائك – أو‬ ‫طعام ‪ ..‬أل ترى أن زوجتك –‬
‫دخلتي بيت إحدى صديقاتك –‬ ‫وربما أنت ‪ -‬تعتني بترتيب‬
‫فرأيت أثاثا ً جميل ً ‪ ..‬فأثن على‬ ‫الطعام وتنويعه أكثر من‬
‫الثاث ‪ ..‬والذوق الرفيع ‪ ) ..‬لكن‬ ‫العادة ‪ ..‬بلى ‪ ..‬وكلما زادت‬
‫انتبه ل تبالغ حتى ل يشعر أنه‬ ‫أهمية هؤلء الصحاب ‪..‬‬
‫استهزاء ( ‪..‬‬ ‫زادت العناية بالطعام ‪..‬‬
‫حضرت في مجلس عام ‪..‬‬ ‫وكم تكون سعادتنا غامرة‬
‫فسمعت حمد يتكلم مع‬ ‫عندما يثني أحد على لباسنا‬
‫الحاضرين بانطلق ‪ ..‬وقد أحيا‬ ‫أو ديكورات بيوتنا ‪ ..‬أو لذة‬
‫المجلس ‪ ..‬وأسعد الحاضرين ‪..‬‬ ‫طعامنا ‪..‬‬
‫أثن عليه ‪ ..‬خذ بيده إذا قمتم ‪..‬‬ ‫وقد قال ‪ " : e‬وليأت إلى‬
‫قل له ‪ :‬ما شاء الله ‪ !!..‬ما هذه‬ ‫الناس الذي يحب أن يأتوا‬
‫القدرات !! بصراحة ما مّلح‬ ‫إليه " أي عامل الناس بما‬
‫المجلس إل حضورك ‪..‬‬ ‫تحب أن يعاملوك به ‪..‬‬
‫جرب افعل ذلك ‪ ..‬فسوف‬ ‫كيف ‪..‬؟!‬
‫يحبك ‪..‬‬ ‫ً‬
‫رأيت على صاحبك ثوبا جميل ً‬
‫رأيت موقفا ً جميل ً لولد مع‬ ‫‪ ..‬انتبه له ‪ ..‬أثن عليه ‪..‬‬
‫ب إليه‬ ‫ده ‪ ..‬قّر َ‬
‫أبيه ‪ ..‬قّبل ي َ‬ ‫أسمعه كلمات رنانة ‪ ..‬ما‬
‫نعليه ‪ ..‬أثن على الولد ‪ ..‬كن‬ ‫شاء الله !! ما هذا الجمال !!‬
‫لماحا ً ‪..‬‬ ‫اليوم كأنك عريس !!‬
‫لبس ثوبا ً جديدا ً ‪ ..‬أثن عليه ‪..‬‬ ‫زارك يوما ً فشممت من ثيابه‬
‫كن لماحا ً ‪..‬‬ ‫عطرا ً فواحا ً جميل ً ‪ ..‬أثن‬
‫زرت أختك ‪ ..‬رأيت عنايتها‬ ‫عليه ‪ ..‬تفاعل معه ‪ ..‬كن‬
‫بأولدها ‪ ..‬كن لماحا ً ‪ ..‬أثن‬ ‫لماحا ً ‪ ..‬فهو ما وضع الطيب‬
‫عليها ‪..‬‬ ‫إل لجلك ‪..‬‬
‫رأيت عناية صاحبك بأولده ‪ ..‬أو‬ ‫ردد عبارات جميلة ‪ ..:‬ما هذه‬
‫روعة ترحيبه بضيوفه ‪ ..‬كن‬ ‫الروائح ‪ ..‬ما أحسن ذوقك ‪..‬‬
‫جريئا ً ‪ ..‬لماحا ً ‪ ..‬أثن عليه ‪..‬‬ ‫دعاك شخص لطعام ‪ ..‬أثن‬
‫أخرج ما في صدرك من العجاب‬ ‫على طعامه ‪ ..‬فإنك تعلم أن‬
‫به ‪..‬‬ ‫أمه أو زوجته أو أخته وقفت‬
‫ركبت مع شخص في سيارته ‪..‬‬ ‫ساعات في المطبخ لجلك ‪..‬‬
‫أو استأجرت تاكسي ‪ ..‬لحظت‬ ‫أو لجل المدعويين عموما ً ‪..‬‬
‫ن قيادته ‪..‬‬ ‫حس َ‬ ‫نظافة سيارته ‪ُ ..‬‬ ‫وأنت منهم ‪..‬‬
‫كن لماحا ً ‪ ..‬أثن عليه ‪..‬‬ ‫أو أنه على القل تعب في‬
‫‪86‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فتحت النوافذ لتنفس ‪ ..‬شعرت‬ ‫قد تقول ‪ :‬هذه أمور‬
‫أن المسكين تكلف في تزويق‬ ‫عادية ‪ ..‬صحيح لكنها‬
‫ثيابه ‪ ..‬وتطييبها ‪..‬‬ ‫مؤثرة ‪..‬‬
‫ت إليه وابتسمت وقلت ‪:‬‬ ‫ثم التف ّ‬ ‫لقد جربت ذلك بنفسي ‪..‬‬
‫ماااا شاااااء الله !!‪ ..‬إيش‬ ‫ومارست هذه المهارة مع‬
‫هالروائح الحلوة !! أخاف عميد‬ ‫أعداد من الناس ‪ ..‬كبارا ً‬
‫الكلية أول ما يشم هالرائحة‬ ‫وصغارا ً ‪ ..‬وعمال ً بسطاء ‪..‬‬
‫الحلوة يصرخ بأعلى صوته يقول‬ ‫ومدرسين ‪ ..‬بل مارستها مع‬
‫‪ :‬مقبوووووول ‪..‬‬ ‫أشخاص يشغلون مناصب‬
‫ل تتصور مدى السرور الذي‬ ‫عليا ‪ ..‬ورأيت من تأثرهم‬
‫غطى على قلبه ‪ ..‬والبشر الذي‬ ‫أعاجيب ‪..‬‬
‫طفح على وجهه ‪..‬‬ ‫خاصة في الشياء التي‬
‫ي ‪ ..‬وقال بحماس ‪:‬‬ ‫التفت إل ّ‬ ‫ينتظرها الناس منك ‪..‬‬
‫أشكرك يا أبا عبد الرحمن ‪..‬‬ ‫كيف ؟‬
‫أشكرك ‪ ..‬والله إنه عطر‬ ‫عريس ‪ ..‬رأيته بعد زواجه‬
‫غااال ‪ ..‬وأضعه دائما ً والناس ما‬ ‫بأسبوع ‪..‬‬
‫يلحظونه ‪ ..‬ثم بدأ يشمه من‬ ‫رجل حصل على شهادة عليا‬
‫طرف غترته ويقول ‪ :‬بالله عليك‬ ‫‪..‬‬
‫‪ :‬ذوقي حلو ‪..‬؟!‬ ‫شخص سكن بيتا ً جديدا ً ‪..‬‬
‫آآآه ‪ ..‬مر على هذا الموقف أكثر‬ ‫كلهم بل شك ينتظرون منك‬
‫من عشر سنوات ‪ ..‬فقد تخرج‬ ‫كلمات ‪ ..‬كن كما يتوقعون ‪..‬‬
‫عبد المجيد من الجامعة وتعين‬ ‫كان عبد المجيد ‪ -‬ابن عمي ‪-‬‬
‫في وظيفة منذ سنوات ‪ ..‬إل أن‬ ‫شابا ً في المرحلة الثانوية ‪..‬‬
‫ذلك الموقف ل يزال عالقا ً في‬ ‫بعد تخرجه طلب مني‬
‫أذنه ‪ ..‬ربما ذكرني به مازحا ً في‬ ‫الذهاب معه للجامعة‬
‫بعض اللقاءات ‪..‬‬ ‫لتسجيله فيها ‪ ..‬اتصلت به‬
‫نعم ‪ ..‬كن لماحا ً ‪ ..‬التحكم‬ ‫ذات صباح ومررت على بيته‬
‫بعواطف الناس وكسب محبتهم‬ ‫بسيارتي ليرافقني‬
‫سهل جدا ً ‪ ..‬لكننا في أحيان‬ ‫للجامعة ‪..‬‬
‫كثيرة نغفل عن ممارسة‬ ‫كانت المشاعر تتزاحم في‬
‫مهارات عادية نكسبهم بها ‪..‬‬ ‫قلبه ‪ ..‬فهو ينتقل إلى‬
‫ول تعجب إن قلت إن صاحب‬ ‫مرحلة جديدة ‪ ..‬ويفكر في‬
‫الخلق العظيم ‪ ‬كان يمارس‬ ‫الكلية التي ستقبله ‪..‬‬
‫هذه المهارات ‪ ..‬وأحسن منها ‪..‬‬ ‫أول ما ركب سيارتي شممت‬
‫في أول سنين السلم ‪ ..‬لما‬ ‫رائحة عطره ‪ ..‬كانت رائحة‬
‫ضيق على المسلمين في دينهم‬ ‫نفاثة جدا ً ‪ ..‬ويبدو أنه قد‬
‫بمكة ‪ ..‬هاجروا إلى المدينة ‪..‬‬ ‫أفرغ العلبة كلها ذلك اليوم‬
‫تركوا ديارهم وأموالهم ‪..‬‬ ‫على ملبسه ‪..‬‬
‫قدم عبد الرحمن بن عوف‬ ‫بصراحة خنقني بالرائحة ‪..‬‬
‫‪87‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫نساء ‪!!..‬‬ ‫المدينة مهاجرا ً ‪ ..‬وكان في‬
‫ليس غريبا فهو ) عريس ( ‪..‬‬ ‫ً‬ ‫مكة تاجرا ً ممكنا ً ‪ ..‬لكنه جاء‬
‫النبي ‪ ‬طبيب النفوس ‪ ..‬كان‬ ‫المدينة فقيرا ً معدما ً ‪..‬‬
‫لماحا ً ‪ ..‬يترقب الفرص لصطياد‬ ‫كحل سريع للمشكلة ‪ ..‬آخى‬
‫القلوب ‪ ..‬أول ما رآه ‪ ..‬انتبه‬ ‫النبي ‪ ‬بين المهاجرين‬
‫لهذا التغير ‪ ..‬وجعل ينظر إلى‬ ‫والنصار ‪..‬‬
‫أثر الطيب ويقول لعبد‬ ‫آخى بين عبد الرحمن بن‬
‫الرحمن ‪ " :‬مهيم ؟ " ‪ ..‬أي ما‬ ‫عوف وبين سعد بن الربيع‬
‫الخبر ؟‬ ‫النصاري ‪..‬‬
‫ابتهج عبد الرحمن ‪ ..‬وقال ‪ :‬يا‬ ‫كانت نفوسهم سليمة ‪..‬‬
‫رسول الله ‪ ..‬تزوجت امرأة من‬ ‫وقلوبهم صافية ‪..‬‬
‫النصار ‪..‬‬ ‫فقال سعد لعبد الرحمن ‪:‬‬
‫ي ‪ ..‬أنا أكثر أهل‬ ‫ُ‬
‫عجب النبي ‪ .. e‬كيف استطاع‬ ‫أي أخ ّ‬
‫أن يتزوج وهو حديث عهد بهجرة‬ ‫المدينة مال ً ‪..‬‬
‫‪!!..‬‬ ‫فأقسم مالي نصفين ‪ ..‬فخذ‬
‫فقال ‪ " :‬فما أصدقتها ؟"‬ ‫نصفه وأبق لي نصفه ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬وزن نواة من ذهب ‪..‬‬ ‫ثم خشي سعد أن عبد‬
‫فأراد ‪ r‬أن يزيد من فرحته ‪..‬‬ ‫الرحمن يريد أن يتزوج ‪ ..‬ول‬
‫م ولو بشاة " ‪..‬‬ ‫فقال " أول ِ ْ‬ ‫يجد زوجة ‪..‬‬
‫ثم دعا له النبي ‪ .. e‬بالبركة في‬ ‫فعرض عليه أن يزوجه ‪..‬‬
‫ماله وتجارته ‪..‬‬ ‫فقال عبد الرحمن ‪ :‬بارك‬
‫فحلت البركة عليه ‪..‬‬ ‫الله لك في أهلك ومالك ‪..‬‬
‫قال عبد الرحمن وهو يصف‬ ‫دُّلني على السوق ‪!!..‬‬
‫كسبه وتجارته ‪ :‬فلقد رأيتني‬ ‫صحيح ‪ ..‬عبد الرحمن ترك‬
‫ولو رفعت حجرا ً لرجوت أن‬ ‫ماله في مكة واستولى عليه‬
‫أصيب ذهبا ً وفضة ‪..‬‬ ‫الكفار ‪..‬‬
‫وكان ‪ e‬لماحا ً حتى مع الضعفاء‬ ‫لكنه كان ذا عقل راجح ‪..‬‬
‫والمساكين ‪..‬‬ ‫وخبرة تجارية واسعة ‪..‬‬
‫يشعرهم بقيمتهم ‪ ..‬يجعلهم‬ ‫دله سعد على السوق ‪..‬‬
‫يحسون أنه منتبه لهم ‪ ..‬وأنهم‬ ‫فذهب فاشترى وباع فربح ‪..‬‬
‫مهمون عنده ‪ ..‬وأنه يقدر لهم‬ ‫يعني اشترى بضاعة بالجل‬
‫أعمالهم التي يقومون بها مهما‬ ‫ثم باعها حالة ‪ ..‬فصار عنده‬
‫كانت متواضعة ‪..‬‬ ‫رأس مال تاجر فيه ‪..‬‬
‫كرهم‬ ‫فإذا افتقدهم ‪ ..‬ذَ َ‬ ‫وكان يتقن فن البيع‬
‫مح أعمالهم ‪..‬‬ ‫والشراء والمماكسة ‪ ..‬حتى‬
‫بالخير ‪ ..‬وتل ّ‬
‫فتشجع الخرون أن يفعلوا‬ ‫جمع مال ً فتزوج ‪..‬‬
‫كفعلهم ‪..‬‬ ‫ثم جاء إلى النبي عليه‬
‫كان في المدينة امرأة سوداء ‪..‬‬ ‫الصلة والسلم ‪ ..‬وعليه‬
‫مؤمنة صالحة ‪ ..‬كانت تكنس‬ ‫ع زعفران ‪ ..‬أي أثر طيب‬ ‫ودْ ُ‬
‫‪88‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫من لطائف ‪ ..‬وأثنيت عليهم‬ ‫المسجد ‪..‬‬
‫بالكلمات الرقيقة الرنانة ‪ ..‬لم‬ ‫ً‬
‫كان ‪ ‬يراها أحيانا ‪..‬‬
‫يتأثروا ‪ ..‬أو ردوا على تلطفك‬ ‫فيعجب بحرصها ‪..‬‬
‫بكلمات سامجة ممجوجة ‪ ..‬ل‬ ‫مرت أيام ‪ ..‬ففقدها رسول‬
‫طعم لها ‪ ..‬بل ول لون ول‬ ‫الله ‪ .. r‬فسأل عنها ؟‬
‫رائحة !!‬ ‫فقالوا ‪ :‬ماتت يا رسول‬
‫ومن لطائف هؤلء ‪..‬‬ ‫الله ‪..‬‬
‫دعي إلى‬ ‫أن شابا ً – أعرفه – ُ‬ ‫فقال ‪ :‬أفل كنتم‬
‫وليمة كبيرة ‪ ..‬فيها أشخاص‬ ‫آذنتموني ‪..‬‬
‫مهمون ‪ ..‬مر على السوق في‬ ‫غروا أمرها ‪ ..‬وأنها‬ ‫فص ّ‬
‫طريقه ‪ ..‬ودخل محل عطور‬ ‫مسكينة مغمورة ل تستحق‬
‫وأظهر أنه سيشتري فجعل‬ ‫أن يخبر عنها رسول الله‬
‫الموظف يحتفي به ‪ ..‬ويرش‬ ‫‪ .. ‬وقالوا أيضا ً ‪ :‬ماتت‬
‫عليه من أنواع العطور ما غل‬ ‫بليل ‪ ..‬فكرهنا أن نوقظك ‪..‬‬
‫ثمنه وزكا ريحه ‪ ..‬ليختار من‬ ‫فحرص ‪ ‬على أن يصلي‬
‫بينها ما يناسبه ‪..‬‬ ‫عليها ‪ ..‬فعملها وإن رآه‬
‫ً‬
‫فلما امتلت ثياب صاحبنا طيبا ‪..‬‬ ‫الناس صغيرا ً فهو عند الله‬
‫قال للبائع بلطف ‪ :‬أشكرك ‪..‬‬ ‫كبير ‪ ..‬ولكن كيف يصلي‬
‫وإن أعجبني شيء منها فقد‬ ‫عليها وقد ماتت ودفنت ؟!‬
‫أعود إليك ‪..‬‬ ‫قال ‪ : r‬دلوني على قبرها ‪..‬‬
‫ذهب سريعا ً إلى الوليمة متداركا ً‬ ‫فمشوا معه حتى أوقفوه‬
‫رائحة العطر قبل أن تزول ‪..‬‬ ‫على قبرها ‪ ..‬دلوه فصلى‬
‫جلس على العشاء بجانب‬ ‫عليها ‪..‬‬
‫صديقه خالد ‪ ..‬لم يلحظ خالد‬ ‫ثم قال ‪ : ‬إن هذه‬
‫الرائحة ‪ ..‬ولم يعلق بكلمة ‪..‬‬ ‫القبور ‪ ..‬مملوءة ظلمة على‬
‫فقال له صاحبنا باستغراب ‪ :‬ما‬ ‫أهلها ‪ ..‬وإن الله عز وجل‬
‫تشم رائحة عطر جميلة ؟!‬ ‫ينورها لهم بصلتي عليهم ‪..‬‬
‫قال خالد ‪ :‬ل ‪..‬‬ ‫فبالله عليك ‪ ..‬ما هو شعور‬
‫فقال صحبنا ‪ :‬أكيد أنفك مسدود‬ ‫من رأوه ‪ ‬ينتبه إلى هذا‬
‫‪!!..‬‬ ‫العمل الصغير من امرأة‬
‫فأجاب خالد فورا ً ‪ .. :‬لو كان‬ ‫ضعيفة ‪ ..‬كيف سيكون‬
‫أنفي مسدودا ً ‪ ..‬ما شممت‬ ‫حماسهم للقيام بمثل فعلها‬
‫رائحة عرقك ‪!!..‬‬ ‫وأعظم ‪..‬‬
‫دعني أهمس في أذنك ‪:‬‬
‫اعتراف ‪..‬‬ ‫نحن في مجتمع ل يقدر‬
‫مهما بلغ الشخص من النجاح ‪..‬‬ ‫أحيانا ً مثل هذه المهارات ‪..‬‬
‫إل أنه يبقى بشرا ً يطرب‬ ‫سك‬ ‫ئ حما َ‬ ‫فانتبه !! ل يطف ْ‬
‫للثناء ‪..‬‬ ‫فريق من الثقلء الغلظ‬
‫الذين مهما لمحت ما عندهم‬
‫‪89‬‬
‫ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ًًً‬ ‫حـيـاِتـك‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫اقتراحات ‪ ..‬ولست مهندس‬ ‫مـاحا ً‬
‫انتبه ‪ :‬كن ل ّ‬ ‫‪.28‬‬
‫ديكور اتفق معك على أن‬ ‫للجمال فقط ‪..‬‬
‫يستفيد من آرائك ‪ ..‬ابق‬ ‫بعض الناس يتحمس كثيرا ً‬
‫ساكتا ً ‪..‬‬ ‫ن يكون لماحا ً ‪ ..‬فل يكاد‬ ‫ل ْ‬
‫لعله ل يستطيع تغييرها ‪..‬‬ ‫يسكت عن الملحظة‬
‫لعله يمر بضائقة مالية ‪..‬‬ ‫والثناء ‪..‬‬
‫لعله ‪..‬‬ ‫لكنهم قالوا قديما ً ‪ :‬الشيء‬
‫ليس أثقل على الناس ممن‬ ‫إذا زاد عن حده ‪ ..‬انقلب إلى‬
‫يحرجهم بالنظر إلى ما يستحون‬ ‫ضده ‪..‬‬
‫منه ‪ ..‬ثم يثيره ويبدأ في‬ ‫ومن تعجل الشيء قبل أوانه‬
‫التعليق عليه ‪..‬‬ ‫‪ ..‬عوقب بحرمانه ‪..‬‬
‫ومثل ذلك ‪ ..‬لو كان ثوبه‬ ‫فكن لماحا ً للشياء الجميلة‬
‫قديما ً ‪ ..‬أو مكيف سيارته‬ ‫الرائعة ‪ ..‬التي يفرح‬
‫متعطل ‪ ..‬قل خيرا ً أو اصمت ‪..‬‬ ‫الشخص برؤية الناس لها ‪..‬‬
‫ذكروا أن رجل ً زار صاحبا ً له‬ ‫وينتظر ثناءهم عليها ‪..‬‬
‫فوضع له خبزا ً وزيتا ً ‪..‬‬ ‫ويطرب لسماع ألفاظ‬
‫فقال الضيف ‪ :‬لو كان مع هذا‬ ‫العجاب بها ‪..‬‬
‫الخبز زعتر !!‬ ‫أما الشياء التي يستحي من‬
‫فدخل صاحب الدار وطلب من‬ ‫رؤيتها ‪ ..‬أو يخجل من‬
‫أهله زعترا ً للضيف فلم يجد ‪..‬‬ ‫ملحظتها فحاول أن تتعامى‬
‫فخرج ليشتري ولم يكن معه‬ ‫عنها ‪..‬‬
‫مال ‪ !..‬فأبى صاحب الدكان أن‬ ‫مثل ً ‪:‬‬
‫يبيعه بالجل ‪ ..‬فرجع وأخذ وأخذ‬ ‫دخلت بيت صاحبك فرأيت‬
‫مطهرته ) وهي الناء الذي يضع‬ ‫الكراسي قديمة ‪..‬‬
‫فيه الماء ليتوضأ منه ( فخرج‬ ‫فانتبه من أن تكون من‬
‫بها ودفعها إلى صاحب الدكان –‬ ‫الثقلء الذي ل يكفون عن‬
‫رهنا ً – حتى إذا لم يسدد له قيمة‬ ‫تقديم اقتراحات لم تطلب‬
‫الزعتر يبيع صاحب الدكان‬ ‫منهم ‪..‬‬
‫المطهرة ويستوفي الثمن‬ ‫انتبه من أن يفرط لسانك‬
‫لنفسه ‪..‬‬ ‫بقول ‪ :‬لماذا ما تغير‬
‫ثم أخذ الزعتر ورجع به إلى‬ ‫الكراسي ؟!‬
‫ضيفه ‪ ..‬فأكل ‪..‬‬ ‫الثريات نصفها ما‬
‫فلما انتهى الضيف من الطعام‬ ‫يشتغل ‪!!..‬‬
‫قال ‪ :‬الحمد لله الذي أطعمنا‬ ‫لماذا ل تشتري ثريات جديدة‬
‫وسقانا ‪ ..‬وقنعنا بما آتانا ‪..‬‬ ‫!!‬
‫وه الحزين‬ ‫وه صاحب الدار تأ ّ‬ ‫فتأ ّ‬ ‫دهان الجدار قديييييم ‪..‬‬
‫عك الله بما آتاك ‪..‬‬ ‫وقال ‪ :‬لو قن ّ َ‬ ‫لماذا ما تدهنه بألوان‬
‫لما كانت مطهرتي مرهونة !!‬ ‫جديدة !!‬
‫وكذلك لو زرت مريضا ً فل تردد‬ ‫يا أخي هو لم يطلب منك‬
‫‪90‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فلما وصل بيت العجوز المريضة‬ ‫عليه ‪:‬‬
‫نزلت أمه وجعل ينتظرها في‬ ‫أووووه ‪ ..‬وجهك أصفر ‪..‬‬
‫سيارته ‪..‬‬ ‫عيناك زائغتان ‪ ..‬جلدك‬
‫دخلت الم على المريضة فإذا‬ ‫يابس ‪..‬‬
‫كن منها المرض ‪..‬‬ ‫هي قد تم ّ‬ ‫عجبا ً !! هل أنت طبيبه ؟ قل‬
‫فسلمت عليها ودعت لها ‪..‬‬ ‫خيرا ً أو اصمت ‪..‬‬
‫فلما مشت خارجة مرت ببنات‬ ‫ذكروا أن رجل ً زار مريضا ً ‪..‬‬
‫المريضة وهن يبكين في صالة‬ ‫فجلس عنده قليل ً ‪ ..‬ثم‬
‫البيت ‪..‬‬ ‫سأله عن علته ‪ ..‬فأخبره‬
‫فقالت بكل براءة ‪ :‬أنا ل يتيسر‬ ‫المريض بها ‪ ..‬وكانت علة‬
‫لي المجيء أليكن كلما أردت ‪..‬‬ ‫خطيرة ‪..‬‬
‫وأمكم مريضة ويبدو لي أنها‬ ‫فصرخ الزائر ‪:‬‬
‫ستموت ‪ ..‬فأحسن الله عزاءكم‬ ‫آآآآ ‪ ..‬هذه العلة أصابت فلنا ً‬
‫من الن ‪!!..‬‬ ‫صاحبي فمات منها ‪..‬‬
‫فانتبه يا لبيب ‪ ..‬كن لماحا ً لما‬ ‫وأصابت فلنا ً صديق أخي ول‬
‫يفرح ويسر ‪ ..‬ل لما يحزن ‪..‬‬ ‫يزال مقعدا ً منها أشهرا ً ثم‬
‫مات ‪ ..‬وأصابت فلنا ً جار‬
‫مشكلة ‪:‬‬ ‫زوج أختي ومات ‪..‬‬
‫إذا اضطررت للمح سيء ‪..‬‬ ‫والمريض يستمع إليه ويكاد‬
‫كوسخ ثوبه ‪ ..‬أو رائحة سيئة ‪..‬‬ ‫أن ينفجر ‪..‬‬
‫فأحسن التنبيه ‪ ..‬كن لطيفا ً ذكيا ً‬ ‫فلما أنهى الزائر كلمه وأراد‬
‫‪..‬‬ ‫الخروج التفت إلى المريض‬
‫وقال ‪ :‬هاه ‪ ..‬توصيني‬
‫ل تتدخل فيما ل يعنيك‬ ‫‪.29‬‬ ‫بشيء ؟‬
‫‪..‬‬ ‫قال المريض ‪ :‬نعم ‪ ..‬إذا‬
‫من حسن إسلم المرء تركه ما‬ ‫خرجت فل ترجع إلي ّ ‪ ..‬وإذا‬
‫ل يعنيه ‪..‬‬ ‫زرت مريضا ً فل تذكر عنده‬
‫ما أجمل هذه العبارة وأنت‬ ‫الموتى ‪..‬‬
‫تسمعها من الفم الزكي الطاهر‬ ‫وذكروا كذلك أن امرأة‬
‫‪ ..‬فم رسول الله ‪.. r‬‬ ‫عجوزا ً مرضت عجوز صديقة‬
‫صحيح ‪ ..‬تركه ما ل يعنيه ‪..‬‬ ‫لها ‪..‬‬
‫كم هم ثقلء أولئك الذين‬ ‫فجعلت هذه العجوز تلتمس‬
‫يزعجونك بالتدخل فيما ل‬ ‫واحدا ً أن‬ ‫من أبنائها واحدا ً َ‬
‫يعنيهم ‪..‬‬ ‫يذهبوا بها لتلك المريضة‬
‫يشغلك إذا رأى ساعتك ‪ ..‬بكم‬ ‫لزيارتها وهم يتعللون‬
‫اشتريتها ‪..‬‬ ‫ويعتذرون ‪..‬‬
‫فتقول ‪ :‬جاءتني هديه ‪..‬‬ ‫حتى رضي أحد أبنائها على‬
‫فيقول ‪ :‬هدية !! ممن ؟‬ ‫مضض ‪ ..‬وذهب بها‬
‫فتجيب ‪ :‬من أحد الصدقاء ‪..‬‬ ‫بسيارته ‪..‬‬
‫‪91‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫قال ‪ :‬الله يرضى عليك ‪ ..‬أمّرك‬ ‫فيقول ‪ :‬صديقك في‬
‫بعد العشاء ‪..‬‬ ‫الجامعة ‪ ..‬أم في الحارة ‪..‬‬
‫ت أن كلمه ل يتوافق مع‬ ‫لحظ ُ‬ ‫أم أين ؟!‬
‫كلمها ‪ ..‬فأدركت أنه يفعل ذلك‬ ‫فتقول ‪ :‬والله ‪ ..‬آآآ ‪..‬‬
‫لكيل يحرج نفسه ‪..‬‬ ‫صديقي في الجامعة ‪..‬‬
‫انتهت مكالمته ‪ ..‬جعلت ألتفت‬ ‫فيقول ‪ :‬طيب ‪ ..‬ما‬
‫إلى الحاضرين وأتخيل أن واحدا ً‬ ‫المناسبة ؟!‬
‫منهم سأله ‪:‬‬ ‫فتقول ‪ :‬يعني ‪ ..‬مناسبة‬
‫من كلمك ؟ وماذا يريد منك ؟‬ ‫أيام الجامعة ‪..‬‬
‫ولماذا تغير وجهك بعد‬ ‫فيقول ‪ :‬مناسبة إيش ؟!!‬
‫المكالمة ‪..‬؟!!‬ ‫نجاح ‪ ..‬أم كنتم في رحلة ‪..‬‬
‫مه لن أحدا ً لم‬ ‫ح َ‬‫لكن الله ر ِ‬ ‫أو يمكن ‪ ..‬أأ ‪..‬‬
‫يتدخل فيما ل يعنيه ‪..‬‬ ‫ويستمر في استجوابه لك‬
‫ومثله لو زرت مريضا ً ‪ ..‬فسألته‬ ‫على قضية تافهة ‪!!..‬‬
‫عن مرضه ‪ ..‬فأجابك بكلمات‬ ‫بالله عليك أل تحدثك نفسك‬
‫عامة ‪ :‬الحمد لله ‪ ..‬شيء‬ ‫أن تصرخ به ‪ :‬لاااا تتدخل‬
‫بسيط ‪ ..‬مرض صغير وانتهى ‪..‬‬ ‫فيما ل يعنيك ‪..‬‬
‫أو نحرها من العبارات التي ل‬ ‫وقد يزداد المر سوءا ً لو‬
‫تحمل جوابا ً صريحا ً ‪ ..‬فل تحرجه‬ ‫أحرجك بالسؤال في مجلس‬
‫بالتدقيق عليه ‪ :‬عفوا ً ‪ ..‬يعني ما‬ ‫عام فسبب لك إحراجا ً ‪..‬‬
‫هو المرض بالضبط ؟ وضح‬ ‫أذكر أني كنت في مجلس‬
‫أكثر ‪ !!..‬ماذا تعني ‪ !!..‬ونحو‬ ‫مع عدد من الزملء ‪ ..‬بعد‬
‫ذلك ‪..‬‬ ‫المغرب ‪..‬‬
‫عجبا ً !! ما الداعي لحراجه ‪..‬؟‬ ‫رن هاتف أحدهم ‪ ..‬كان‬
‫من حسن إسلم المرء تركه ما‬ ‫جالسا ً بجانبي ‪..‬‬
‫يعنيه ‪ ..‬يعني ‪ ..‬تنتظر أن يقول‬ ‫أجاب ‪ :‬نعم ؟‬
‫لك ‪ :‬أنا مريض بالبواسير ‪ ..‬أو‬ ‫زوجته ‪ :‬ألو ‪ ..‬وينك يا‬
‫مصاب بجرح في ‪ ..‬أو ‪..‬‬ ‫حمار ؟!‬
‫ما دام أنه أجاب إجابة عامة فل‬ ‫كان صوتها عاليا ً لدرجة أني‬
‫داعي للتطويل معه ‪..‬‬ ‫سمعت حوارهما ‪..‬‬
‫ول أعني بهذا عدم سؤال‬ ‫قال ‪ :‬بخير ‪ ..‬الله يسلمك‬
‫المريض عن مرضه ؟ إنما أعني‬ ‫) !!! ( ‪..‬‬
‫عدم التدقيق في السئلة ‪..‬‬ ‫) يبدو أنه كان قد وعدها أن‬
‫ومثله ‪ ..‬الذي ينادي طالبا ً أمام‬ ‫يذهب بها بعد المغرب لبيت‬
‫الناس في مجلس عام ‪..‬‬ ‫أهلها وانشغل بنا ( ‪..‬‬
‫ل‪:‬‬ ‫ويسأله بصوت عا ٍ‬ ‫غضبت الزوجة ‪ :‬الله ل‬
‫هاه يا أحمد ‪ ..‬نجحت ‪..‬‬ ‫يسلمك ‪ ..‬أنت مبسوط أنك‬
‫فيقول ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫مع أصحابك وأنا أنتظر ‪..‬‬
‫فيسأله ‪ :‬كم نسبتك ؟ كم‬ ‫والله انك ثور ) !! ( ‪..‬‬
‫‪92‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫الرحمن مشدودا ً متهيبا ً ‪..‬‬ ‫ترتيبك في الفصل ؟‬
‫قال الشباب متلطفا ً ‪ :‬حياك الله‬ ‫إن كنت صادقا ً في اهتمامك‬
‫يا عبد الرحمن ‪..‬‬ ‫به فاسأله على انفراد بينك‬
‫فأجابه بحزم ‪ :‬الله يحييك ‪..‬‬ ‫وبينه ‪..‬‬
‫ّ‬
‫أراد الشاب المسكين أن يلطف‬ ‫ثم ل داعي للتدقيق ‪ ..‬كم‬
‫الجو ‪ ..‬فقال ‪ :‬الشيخ عنده‬ ‫نسبتك ‪ ..‬لماذا لم تذاكر ‪..‬‬
‫محاضرة اليوم ؟!‬ ‫لماذا لم تقبل في‬
‫حاول الولد أن يتذكر الحديث‬ ‫الجامعة ‪ ..‬إن كنت مستعدا ً‬
‫فلم تسعفه ذاكرته ‪ ..‬فصرخ‬ ‫لعانته فقف معه جانبا ً‬
‫قائل ً ‪ :‬ل تتدخل فيما ل يعنيك !!‬ ‫وحدثه بما تريد ‪ ..‬أما نشر‬
‫قال الشاب ‪ :‬ل ‪ ..‬أقصد ‪ ..‬بل‬ ‫غسيله أمام الناس ‪ ..‬فل ‪..‬‬
‫حتى أحضر وأستفيد ‪..‬‬ ‫قال ‪ : e‬من حسن إسلم‬
‫فظن عبد الرحمن أنه يتذاكى‬ ‫المرء تركه ما ل يعنيه ‪..‬‬
‫عليه ‪ :‬فأعاد الجواب ‪ :‬ل تتدخل‬ ‫لكن انتبه !! ل تعط‬
‫فيما ل يعنيك ‪..‬‬ ‫الموضوع أكبر من حجمه ‪..‬‬
‫قال الشاب ‪ :‬عفوا ً عبد الرحمن‬ ‫سافرت إلى المدينة النبوية‬
‫أعني ‪..‬‬ ‫قبل مدة ‪ ..‬كنت مشغول ً‬
‫فصرخ عبد الرحمن ‪ :‬لاااا‬ ‫بعدد من المحاضرات ‪..‬‬
‫تتدخل فيما ل يعنيك !!‬ ‫فاتفقت مع شاب فاضل أن‬
‫ولم يزل هذا حالهما حتى‬ ‫يأخذ ولدي عبد الرحمن‬
‫رجعا !!‬ ‫وأخاه بعد العصر إلى حلقة‬
‫أخبرني عبد الرحمن بالقصة‬ ‫تحفيظ أو مركز صيفي‬
‫مفتخرا ً ‪ ..‬فضحكت وفهمته‬ ‫ترفيهي ‪ ..‬ويعيدهم بعد‬
‫المر مرة أخرى ‪..‬‬ ‫العشاء ‪..‬‬
‫كان عبد الرحمن في‬
‫ورشة عمل ‪..‬‬ ‫العاشرة من عمره ‪ ..‬خشيت‬
‫مجاهدة النفس على التحرر من‬ ‫أن يسأله ذلك الشاب من‬
‫التدخل في شئون الخرين ‪..‬‬ ‫باب الفضول أسئلة ل داعي‬
‫متعبة في البداية ‪ ..‬لكنها مريحة‬ ‫لها ‪ ..‬ما اسم أمك ؟ أين‬
‫في النهاية ‪..‬‬ ‫بيتكم ؟ كم عدد إخوانك ؟‬
‫كم يعطيك أبوك من المال ؟‬
‫‪ .30‬كيف تتعامل مع "الملقيف‬ ‫فنبهت عبد الرحمن قائل ً ‪:‬‬
‫" )‪ (33‬؟‬ ‫إذا سألك سؤال ً غير‬
‫أحيانا ً يتناول بعض الناس هاتفك‬ ‫مناسب ‪ ..‬فقل له ‪ :‬قال ‪: e‬‬
‫الجوال ‪ -‬بدون استئذان ‪ -‬ويقرأ‬ ‫من حسن إسلم المرء تركه‬
‫الرسائل التي فيه ‪..‬‬ ‫ما ل يعنيه ‪ ..‬وكررت عليه‬
‫‪ ( ) 33‬ملقيححف ‪ :‬لفظححة عاميححة ‪ ،‬جمححع "‬ ‫الحديث حتى حفظه ‪..‬‬
‫ملقححوف " وهححو المتححدخل فيمححا ل يعنيححه ‪..‬‬ ‫ركب عبد الرحمن وأخوه ‪..‬‬
‫حشري " متطفل ‪..‬‬ ‫ويسميه بعضهم " ٍ‬ ‫مع الشاب ‪ ..‬كان عبد‬
‫‪93‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫أخرى لتأخذ أحمر الشفاه أو‬ ‫كان صاحبي في دعوة‬
‫ظل العينين ‪..‬‬ ‫عامة ‪ ..‬وليمة عشاء عند أحد‬
‫وقد يتصل بك فيسألك أين أنت‬ ‫القضاة ‪ ..‬كل من في‬
‫فتقول " طالع مشوار "‬ ‫المجلس مشايخ فضلء ‪..‬‬
‫فيقول ‪ :‬أين ‪..‬؟ من معك ؟‬ ‫جلس صاحبي بينهم ‪..‬‬
‫مجموعة من الناس نخالطهم‬ ‫يتجاذب أطراف الحديث‬
‫يعاملوننا بمثل هذا السلوب ‪..‬‬ ‫معهم ‪..‬‬
‫فكيف نتعامل معهم ؟‬ ‫ضايقه وجود هاتفه الجوال‬
‫أهم شيء أن ل تفقده ‪ ..‬حاول‬ ‫في جيبه فأخرجه ووضعه‬
‫أن تتجنب المصادمة معه ‪..‬‬ ‫على الطاولة التي بجانبه ‪..‬‬
‫حاول أن ل ) يزعل ( منك أحد ‪..‬‬ ‫كان الشيخ الذي بجانبه‬
‫كن ذكيا ً في الخروج من‬ ‫متفاعل ً في الحديث معه ‪..‬‬
‫الموقف ‪ ..‬دون أن يحدث بينك‬ ‫من باب العادة أخذ الشيخ‬
‫وبينه مشكلة ‪..‬‬ ‫الهاتف الجوال ‪ ..‬رفع إليه ‪..‬‬
‫ل تتساهل بكسب العداء أو‬ ‫فلما نظر إلى الشاشة تغير‬
‫فقدان الصدقاء ‪ ..‬مهما كانت‬ ‫وجهه ‪ ..‬وأرجعه مكانه ‪..‬‬
‫السباب ‪..‬‬ ‫كتم صاحبي ضحكة مدوية ‪..‬‬
‫ومن أحسن الساليب للتعامل‬ ‫لما خرج ركبت معه في‬
‫مع الطفيليين ‪ ..‬هو إجابة‬ ‫سيارته ‪ ..‬وقد وضع هاتفه‬
‫السؤال بسؤال ‪ ..‬أو النتقال‬ ‫ي‬
‫الجوال بجانبه ‪ ..‬فرفعته إل ّ‬
‫إلى موضوع آخر تماما ً لينسى‬ ‫‪ -‬كما فعل الشيخ – فلما‬
‫سؤاله الول ‪..‬‬ ‫نظرت إلى الشاشة‬
‫فلو سألك مثل ً ‪ :‬كم مرتبك‬ ‫ضحكت ‪ ..‬بل غرقت في‬
‫الشهري ؟‬ ‫الضحك ‪..‬‬
‫قل له بلطف وتبسم ‪ :‬لماذا هل‬ ‫تدري لماذا ؟‬
‫وجدت لي وظيفة مغرية ‪..‬‬ ‫جرت عادة بعضهم أن يكتب‬
‫سيقول ‪ :‬ل ‪ ..‬لكن أريد أن‬ ‫عبارات على شاشة‬
‫أعرف ‪..‬‬ ‫الهاتف ‪ ..‬يكتب اسمه ‪ ..‬أو‬
‫قل ‪ :‬المرتبات هذه اليام‬ ‫"اذكر الله" ‪ ..‬أو غيرها ‪..‬‬
‫مشاكل ‪ ..‬ويبدو أن ذلك بسبب‬ ‫أما صاحبي فقد كتب ‪" :‬‬
‫ارتفاع أسعار البترول !!‬ ‫أرجع الجهاز يا ملقوف " ‪..‬‬
‫سيقول ‪ :‬ما دخل البترول ‪..‬‬ ‫كثير من الناس من هذا‬
‫فقل ‪ :‬البترول هو الذي يتحكم‬ ‫النوع يتدخلون في أمور‬
‫فغي السعار ‪ ..‬أل تلحظ أن‬ ‫الخرين الشخصية ‪..‬‬
‫الحروب تقوم لجله ‪..‬‬ ‫فمن الطبيعي أن يركب‬
‫سيقول ‪ :‬ل ‪ ..‬ليس صحيحا ً ‪..‬‬ ‫معك في سيارتك ثم يفتح‬
‫فالحروب لها أسباب أخرى ‪..‬‬ ‫الدرج الذي أمامه ‪ ..‬وينظر‬
‫والهالمم اليوم مليء‬ ‫ما بداخله ‪!!..‬‬
‫بالحروب ‪ ..‬و ‪..‬‬ ‫وامرأة تفتح حقيبة امرأة‬
‫‪94‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫المطبخ ساعات ‪ ..‬رأى أنواعه‬ ‫وينسى سؤاله الول ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬ياااا الله ‪ ..‬لماذا ما‬ ‫) هاه ‪ ..‬ما رأيك ألم تخرج‬
‫طبختي رّز ؟ أوووه ‪ ..‬الملح‬ ‫من الموقف بذكاء ؟ ( ‪..‬‬
‫قليل ! لم أكن أشتهي هذا النوع‬ ‫وكذلك لو سألك عن‬
‫!!‬ ‫وظيفتك ‪..‬‬
‫دخل محل ً لبيع الفاكهة ‪ ..‬فإذا‬ ‫أو أين ستسافر ‪..‬‬
‫المحل مليء بأصناف الفواكه ‪..‬‬ ‫اسأله ‪ :‬لماذا ‪ ..‬هل ستسافر‬
‫فقال ‪ :‬عندك مانجو ؟‬ ‫معي ‪..‬‬
‫قال صاحب المحل ‪ :‬ل ‪ ..‬هذه‬ ‫سيقول ‪ :‬ل أدري!! أول‬
‫في الصيف فقط ‪..‬‬ ‫شيء أخبرني ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬عندك بطيخ ؟ قال ‪ :‬ل ‪..‬‬ ‫قل ‪ :‬لكن إن سافرت‬
‫فتغير وجهه وقال ‪ :‬ما عندك‬ ‫معي ‪ ..‬فالتذاكر عليك ‪..‬‬
‫شيء ‪ ..‬ليش فاتح المحل !‬ ‫عندها سيدخل في موضوع‬
‫وخرج ‪..‬‬ ‫التذاكر وينسى الموضوع‬
‫ونسي أن في المحل أكثر من‬ ‫الصلي ‪..‬‬
‫أربعين نوعا ً من الفواكه ‪..‬‬ ‫وهكذا ‪ ..‬نستطيع الخروج‬
‫نعم ‪..‬‬ ‫من مثل هذه المواقف من‬
‫بعض الناس يزعجك بكثرة‬ ‫غير وقوع مشاكل بيننا وبين‬
‫انتقاده ‪ ..‬ول يكاد أن يعجبه‬ ‫ألخرين ‪..‬‬
‫شيء ‪..‬‬
‫فل يرى في الطعام اللذيذ إل‬ ‫وقفة ‪..‬‬
‫الشعرة التي سقطت فيه سهوا ً‬ ‫إذا ابتليت بمتدخل فيما ل‬
‫‪..‬‬ ‫يعنيه ‪ ..‬فكن خيرا ً منه ‪..‬‬
‫ول في الثوب النظيف إل نقطة‬ ‫أحسن الخروج من الموقف‬
‫الحبر التي سالت عليه خطئا ً ‪..‬‬ ‫من غير أن تجرحه ‪..‬‬
‫ول في الكتاب المفيد إل خطئا ً‬
‫مطبعيا ً وقع سهوا ً ‪..‬‬ ‫ل تنتقد !!‬ ‫‪.31‬‬
‫فل يكاد يسلم أحد من انتقاده ‪..‬‬ ‫ركب سيارة صاحبه ‪ ..‬فكانت‬
‫دائم الملحظات ‪ ..‬يدقق على‬ ‫أول كلمة قالها ‪ :‬ياااه !! ما‬
‫الكبيرة والصغيرة ‪..‬‬ ‫أقدم سيارتك !!‬
‫أعرف أحد الناس ‪ ..‬زاملته‬ ‫ولما دخل بيته ‪ ..‬رأى الثاث‬
‫طويل ً في أيام الثانوية والجامعة‬ ‫فقال ‪ :‬أووووه ‪ ..‬ما غيرت‬
‫‪ ..‬ول تزال علقتنا مستمرة ‪..‬‬ ‫أثاثك ؟!‬
‫إل أني ل ذكر أنه أثنى على‬ ‫ولما رأى أولده ‪ ..‬قال ‪ :‬ما‬
‫شيء ‪..‬‬ ‫شاء الله ‪ ..‬حلوين ‪ ..‬لكن‬
‫أسأله عن كتاب ألفته وقد أثنى‬ ‫لماذا ما تلبسهم ملبس‬
‫عليه أناس كثيرا ً وطبع منه‬ ‫أحسن من هذه !!‬
‫مئات اللف فيقول ببرود ‪:‬‬ ‫دمت له زوجته طعامه‬ ‫ولما ق ّ‬
‫والله جيد ‪ ..‬ولكن فيه قصة غير‬ ‫‪ ..‬وقد وقفت المسكينة في‬
‫‪95‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫القذا‬ ‫مناسبة ‪ ..‬وحجم الخط ما‬
‫ظمئت ‪ ,‬وأي‬ ‫أعجبني ‪ ..‬ونوعية الطباعة‬
‫الناس تصفو مشاربه؟!‬ ‫أيضا ً سيئة ‪ ..‬و ‪..‬‬
‫إذا كــــنت فــــي كـــل‬ ‫وأسأله يوما ً عن أداء فلن‬
‫المور معاتبا ً‬ ‫في خطبته ‪ ..‬فل يكاد يذكر‬
‫رفـــــيقك لــــن‬ ‫جانبا ً مشرقا ً ‪..‬‬
‫تلـق الـذي ستعاتبه‬ ‫حتى صار أثقل علي من‬
‫قالت أمنا عائشة ‪ t‬وهي تصف‬ ‫الجبل ‪ ..‬وصرت ل أسأله أبدا ً‬
‫حال تعامله ‪ ‬معهم ‪:‬‬ ‫عن رأيه في شيء لني‬
‫ما عاب رسول الله ‪ r‬طعاما ً قط‬ ‫أعرفه سلفا ً ‪..‬‬
‫‪ ..‬إن اشتهاه أكله وإل تركه ‪..‬‬ ‫قل مثل ذلك فيمن يفترض‬
‫)‪ .. (34‬نعم ما كان يصنع مشكلة‬ ‫المثالية في جميع الناس ‪..‬‬
‫من كل شيء ‪..‬‬ ‫فيريد من زوجته أن يكون‬
‫وقال أنس ‪ : t‬والله لقد خدمت‬ ‫بيتها نظيفا ً ‪24‬ساعة ‪%100‬‬
‫رسول الله ‪ r‬تسع سنين ‪ ..‬ما‬ ‫‪..‬‬
‫علمته قال لشيء صنعته ‪ :‬لم‬ ‫ويريدها أيضا ً أن يبقى‬
‫ي‬ ‫أطفالها نظيفين متزينين‬
‫فعلت كذا وكذا ؟ ول عاب عل ّ‬
‫شيئا ً قط ‪ ..‬ووالله ما قال لي‬ ‫على مدى اليوم ‪..‬‬
‫ف قط ‪..‬‬ ‫أ ّ‬ ‫وإن زاره ضيوف افترض أن‬
‫هكذا كان ‪ ..‬وهكذا ينبغي أن‬ ‫تطبخ أحسن الطعام ‪..‬‬
‫نكون ‪..‬‬ ‫وإن جالسها افترض أن‬
‫وأنا بذلك ل أدعو إلى ترك‬ ‫تحدثه بأجمل الحاديث ‪..‬‬
‫النصيحة أو السكوت عن‬ ‫وكذلك هو مع أولده ‪..‬‬
‫الخطاء ‪ ..‬ولكن ل تكن مدققا ً‬ ‫يريدهم ‪ %100‬في كل شيء‬
‫في كل شيء ‪ ..‬خاصة في‬ ‫‪..‬‬
‫المور الدنيوية ‪ ..‬تعود أن‬ ‫ومع زملئه ‪ ..‬ومع كل من‬
‫شي المور ‪..‬‬ ‫تم ّ‬ ‫يخالطه في الشارع والسوق‬
‫لو طرق بابك ضيف فرحبت به‬ ‫‪ ..‬و ‪..‬‬
‫وأدخلته غرفة الضيوف فلما‬ ‫صر أحد من هؤلء أكله‬ ‫وإن ق ّ‬
‫أحضرت الشاي تناول الفنجان ‪..‬‬ ‫بلسانه وأكثر عليه النتقاد‬
‫فلما نظر إلى الشاي بداخله‬ ‫وكرر الملحظات ‪ ..‬حتى‬
‫م لم تمل الفنجان ؟‬ ‫يمل الناس منه ‪ ..‬لنه ل‬
‫قال ‪ :‬لـ َ‬
‫فقلت ‪ :‬أزيدك ؟ قال ‪ :‬ل ‪ ..‬ل ‪..‬‬ ‫يرى في الصفحة البيضاء إل‬
‫يكفي ‪..‬‬ ‫السودَ ‪..‬‬
‫فطلب ماء فأحضرت له كأس‬ ‫من كان هذا حاله عذب‬
‫ماء فشكرك وشربه ‪ ..‬فلما‬ ‫نفسه في الحقيقة ‪ ..‬وكرهه‬
‫انتهى قال ‪ :‬ماؤكم حار ‪..‬‬ ‫أقرب الناس إليه واستثقلوا‬
‫مجالسته ‪..‬‬
‫إذا أنت لم تشرب مرارا ً على‬
‫) (‬ ‫‪34‬‬

‫‪96‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫وقال الخر ‪ :‬وأنا سأصوم‬ ‫ثم التفت إلى المكيف وقال‬
‫دائما ً ‪ ..‬كل يوم ‪..‬‬ ‫‪ :‬مكيفكم ل يبّرد !! وجعل‬
‫وقال الثالث ‪ :‬وأنا ل أنام‬ ‫يشتكى الحر ‪ ..‬ثم ‪..‬‬
‫الليل ‪ ..‬أي سأقوم الليل كله ‪..‬‬ ‫أل تشعر بثقل هذا‬
‫فبلغ النبي ‪ r‬ما قالوه ‪..‬‬ ‫النسان ‪ ..‬وتتمنى لو يخرج‬
‫فقام على منبره ‪ ..‬فحمد الله‬ ‫من بيتك ول يعود ‪..‬‬
‫وأثنى عليه ثم قال ‪:‬‬ ‫إذن الناس يكرهون‬
‫ما بال أقوام !! ) هكذا مبهما ً ‪،‬‬ ‫النتقاد ‪..‬‬
‫لم يقل ما بال فلن وفلن ( ‪..‬‬ ‫لكن إن احتجت إليه فغلفه‬
‫ما بال أقوام قالوا ‪ :‬كذا وكذا ‪..‬‬ ‫بغلف جميل ثم قدمه‬
‫لكني أصلي وأنام ‪ ..‬وأصوم‬ ‫للخرين ‪..‬‬
‫وأفطر ‪ ..‬وأتزوج النساء ‪..‬‬ ‫قدمه في صورة اقتراح ‪ ..‬أو‬
‫فمن رغب عن سنتي فليس‬ ‫بأسلوب غير مباشر ‪ ..‬أو‬
‫مني )‪. (35‬‬ ‫بألفاظ عامة ‪..‬‬
‫وفي يوم آخر ‪ ..‬لحظ النبي ‪r‬‬ ‫كان رسول الله ‪ e‬إذا لحظ‬
‫أن رجال ً من المصلين معه ‪..‬‬ ‫خطئا ً على أحد لم يواجهه به‬
‫يرفعون أبصارهم إلى السماء‬ ‫وإنما يقول ‪ :‬ما بال أقوام‬
‫في أثناء صلتهم ‪..‬‬ ‫يفعلون كذا وكذا ‪..‬‬
‫وهذا خطأ فالصل أن ينظر‬ ‫ك أعني واسمعي‬ ‫يعني ‪ :‬إيا ِ‬
‫أحدهم إلى موضع سجوده ‪..‬‬ ‫يا جارة ‪..‬‬
‫فقال ‪ : r‬ما بال أقوام يرفعون‬ ‫في يوم من الدهر أقبل‬
‫أبصارهم إلى السماء في‬ ‫ثلثة شباب متحمسين ‪ ..‬إلى‬
‫صلتهم ‪..‬‬ ‫المدينة النبوية ‪..‬‬
‫فلم ينتهوا عن ذلك واستمروا‬ ‫كانوا يريدون معرفة كيفية‬
‫يفعلونه ‪ ..‬فلم يفضحهم أو‬ ‫عبادة النبي ‪ ‬وصلته ‪..‬‬
‫يسمهم بأسمائهم ‪ ..‬وإنما قال ‪:‬‬ ‫سألوا أزواج النبي ‪ r‬عن‬
‫ن عن ذلك ‪ ..‬أو لتخطفن‬ ‫ه ّ‬‫لينت ُ‬ ‫عمله في السر ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫)‪(36‬‬
‫أبصارهم‬ ‫فأخبرتهم زوجات النبي ‪r‬‬
‫ة مملوكة‬ ‫وكانت بريرة جارية أم ً‬ ‫أنه يصوم أحيانا ً ويفطر‬
‫في المدينة ‪ ..‬أرادت أن تعتق‬ ‫أحيانا ً ‪ ..‬وينام بعضا ً من‬
‫من الرق ‪ ..‬فطلبت ذلك من‬ ‫الليل ويصلي بعضه ‪..‬‬
‫سيدها ‪ ..‬فاشترط عليها مال ً‬ ‫فقال بعضهم لبعض ‪ :‬هذا‬
‫تدفعه إليه ‪..‬‬ ‫رسول الله ‪ r‬قد غفر الله له‬
‫فجاءت بريرة ‪ ..‬إلى عائشة‬ ‫ما تقدم من ذنبه ‪..‬‬
‫تلتمس منها أن تعينها بمال ‪..‬‬ ‫ثم اتخذ كل واحد منهم‬
‫فقالت عائشة ‪ :‬إن شئت‬ ‫قرارا ً ‪!..‬‬
‫فقال أحدهم ‪ :‬أنا لن‬
‫) ( متفق عليه‬ ‫‪35‬‬ ‫أتزوج ‪ ..‬أي سأبقى عزبا ً ‪..‬‬
‫) ( رواه البخاري‬ ‫‪36‬‬ ‫متفرغا ً للعبادة ‪..‬‬
‫‪97‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫أو تقول لولدك المهمل للصلة‬ ‫أعطيت أهلك ثمنك ‪..‬‬
‫في المسجد ‪ : ..‬أنا أعجب من‬ ‫فتعتقين ‪ ..‬لكن يكون الولء‬
‫)‪(37‬‬
‫فلن ابن جيراننا ما نكاد نفقده‬ ‫لي ‪..‬‬
‫في المسجد أبدا ً ‪!!..‬‬ ‫فأخبرت الجارية أهلها فأبوا‬
‫يعني ‪ ..‬إياك أعني واسمعي يا‬ ‫ذلك ‪ ..‬وأرادوا أن يربحوا‬
‫جارة !!‬ ‫المرين ‪ ..‬ثمن عتقها ‪..‬‬
‫ويحق لك أن تسأل ‪ :‬لماذا يكره‬ ‫وولءها !!‬
‫الناس النتقاد ؟‬ ‫فسألت عائشة النبي ‪.. r‬‬
‫فأقول ‪ :‬لنه يشعرهم‬ ‫فعجب ‪ ‬من حرصهم على‬
‫بالنقص ‪ ..‬فكل الناس يحبون‬ ‫المال ‪ ..‬ومنعهم للمسكينة‬
‫الكمال ‪..‬‬ ‫من الحرية !!‬
‫ذكروا أن رجل ً بسيطا ً أراد أن‬ ‫فقال لعائشة ‪ :‬ابتاعيها ‪..‬‬
‫يكون له شيء من التحكم ‪..‬‬ ‫فأعتقيها ‪ ..‬فإنما الولء لمن‬
‫فعمد إلى ترمسي ماء أحدهما‬ ‫أعتق ‪..‬‬
‫أخضر والثاني أحمر ‪ ..‬وعبأهما‬ ‫أي الولء لك ما دام أنك‬
‫بالماء البارد ‪..‬‬ ‫دفعت المال ‪ ..‬ول تلتفتي‬
‫ثم جلس للناس في طريقهم ‪..‬‬ ‫إلى شروطهم فهي‬
‫وجعل يصيح ‪ :‬ماء بارد مجانا ً ‪..‬‬ ‫ظالمة ‪..‬‬
‫فكان العطشان يقبل عليه‬ ‫ثم قام رسول الله ‪ r‬على‬
‫ويتناول الكأس ليصب لنفسه‬ ‫المنبر فقال ‪:‬‬
‫ويشرب ‪ ..‬فإذا رآه صاحبنا قد‬ ‫ما بال أقوام ) ولم يقل آل‬
‫توجه للترمس الخضر ‪..‬‬ ‫فلن ( ‪ ..‬يشترطون شروطا ً‬
‫قال له ‪ :‬ل ‪ ..‬اشرب من‬ ‫ليست في كتاب الله ‪ ..‬من‬
‫الحمر ‪ ..‬فيشرب من الحمر ‪..‬‬ ‫اشترط شرطا ً ليس في‬
‫وإذا أقبل آخر ‪ ..‬وأراد أن يشرب‬ ‫كتاب الله ‪ ..‬فليس له ‪ ..‬وإن‬
‫من الحمر ‪ ..‬قال له ‪ :‬ل ‪..‬‬ ‫اشترط مائة شرط )‪.. (38‬‬
‫اشرب من الخضر ‪..‬‬ ‫وح بالعصــا مــن‬ ‫نعم هكذا ‪ ..‬ل ّ‬
‫فإذا اعترض أحدهم ‪ ..‬وقال ‪ :‬ما‬ ‫بعيد ول تضرب بها ‪..‬‬
‫الفرق ؟!‬ ‫فما أجمل أن تقول لزوجتك‬
‫قال ‪ :‬أنا المسئول عن الماء ‪..‬‬ ‫المهملة في نظافة بيتها ‪:‬‬
‫يعجبك هذا النظام أو دبر‬ ‫البارحة تعشينا عند صاحبي‬
‫لنفسك ماءً ‪..‬‬ ‫فلن ‪ ..‬وكان الجميع يثني‬
‫إنه شعور النسان الدائم‬ ‫على نظافة منزله ‪..‬‬
‫بالحاجة إلى اعتباره والهتمام‬
‫‪ ( ) 37‬الولء ‪ :‬هو إذا أعتق الشححخص‬
‫به ‪..‬‬
‫عبححدا ً مملوكححا ً صححار الححولء للمعتححق ‪،‬‬
‫بمعنححى أن المعتححق يححدخل ضححمن ورثححة‬
‫نحلة ‪ ..‬وذباب !!‬
‫هذا العبد المملوك بعد موته ‪ ،‬فيشارك‬
‫كن نحلة تقع على الطيب‬ ‫أهل العبد في ورثه ‪.‬‬
‫وتتجاوز الخبيث ‪ ..‬ول تك‬ ‫‪ ( ) 38‬رواه البخاري‬
‫‪98‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫لكنها ولدت غلما ً أسود !!‬ ‫كالذباب يتتبع الجروح !!‬
‫نظر الرجل إلى نفسه ‪ ..‬ونظر‬
‫إلى امرأته فإذا هما أبيضان ‪..‬‬ ‫ل تكن ُأستاذي ّا ً !!‪..‬‬ ‫‪.32‬‬
‫ب كيف صار الغلم أسود !!‬ ‫ج َ‬‫فع ِ‬ ‫قارن بين ثلثة آباء ‪ ..‬رأى‬
‫أوقع الشيطان في نفسه‬ ‫كل واحد ولده جالسا ً عند‬
‫الوساوس ‪..‬‬ ‫التلفاز في أيام‬
‫لعل هذا الولد من غيرك !!‬ ‫المتحانات ‪..‬‬
‫لعلها زنى بها رجل أسود‬ ‫فقال الول لولده ‪ :‬يا‬
‫فحملت منه !!‬ ‫محمد ‪ ..‬ذاكر دروسك ‪..‬‬
‫لعل ‪..‬‬ ‫وقال الثاني ‪ :‬ماجد ‪ ..‬إذا ما‬
‫اضطرب الرجل وذهب إلى‬ ‫ذاكرت دروسك والله‬
‫المدينة النبوية ‪ ..‬حتى دخل على‬ ‫لضربك ‪ ..‬وأحرمك من‬
‫رسول الله ‪ e‬وعنده أصحابه ‪..‬‬ ‫المصروف ‪ ..‬و ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬إن‬ ‫أما الثالث فقال ‪ :‬صالح ‪ ..‬لو‬
‫امرأتي ولدت على فراشي‬ ‫تذاكر دروسك ‪ ..‬أحسن لك‬
‫غلما ً أسود !! وإنا أهل بيت لم‬ ‫من التلفاز ‪ ..‬صح ؟!‬
‫يكن فينا أسود قط !!‬ ‫أيهم أحسن أسلوبا ً ‪..‬؟‬
‫نظر النبي ‪ e‬إليه ‪ ..‬وكان قادرا ً‬ ‫ل شك أنه الثالث ‪ ..‬لنه قدم‬
‫على أن يسمعه موعظة حول‬ ‫أمره على شكل اقتراح ‪..‬‬
‫حسن الظن بالخرين ‪ ..‬وعدم‬ ‫وكذلك في التعامل مع‬
‫اتهام امرأته ‪..‬‬ ‫زوجتك ‪ ..‬سارة ليتك تعملين‬
‫لكنه أراد أن يمارس معه في‬ ‫شاي ‪ ..‬هند أتمنى أتغدى‬
‫الحل أسلوبا ً آخر ‪..‬‬ ‫مبكرا ً اليوم ‪..‬‬
‫أراد أن يجعل الرجل يحل‬ ‫وكذلك ‪..‬‬
‫مشكلته بنفسه ‪ ..‬فبدأ يضرب له‬ ‫عندما يخطئ إنسان ‪ ..‬عالج‬
‫مثل ً يقرب له الجواب ‪..‬‬ ‫خطأه بأسلوب يجعله يشعر‬
‫فما المثل المناسب له ‪..‬؟ هل‬ ‫أن الفكرة فكرته هو ‪ ..‬ولدك‬
‫يضرب له مثل ً بالشجار ؟ أم‬ ‫يغيب عن الصلة في‬
‫فْرس والروم ؟‬ ‫بالنخل ؟ أم بال ُ‬ ‫المسجد ‪..‬‬
‫نظر إليه ‪ e‬فإذا الرجل عليه آثار‬ ‫قل له – مثل ً – ‪ :‬سعد ‪ ..‬ما‬
‫البادية ‪ ..‬وإذا هو مضطرب‬ ‫تريد تدخل الجنة ‪ ..‬بلى ‪..‬‬
‫تتزاحم الفكار في رأسه حول‬ ‫إذن حافظ على صلتك ‪..‬‬
‫امرأته ‪..‬‬ ‫في يوم من اليام ‪ ..‬وفي‬
‫فقال له ‪ : e‬هل لك من إبل ؟‬ ‫خيمة أعرابي في الصحراء ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫جعلت امرأة تتأوه تلد ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬فما ألوانها ؟‬ ‫وزوجها عند رأسها ينتظر‬
‫قال ‪ :‬حمر ‪..‬‬ ‫خروج المولود ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬فهل فيها أسود ؟‬ ‫اشتد المخاض بالمرأة حتى‬
‫انتهت شدتها وولدت ‪..‬‬
‫‪99‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫بها ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬ل ‪..‬‬
‫فقال ‪ : e‬أرأيتم لو وضعها في‬ ‫قال ‪ :‬فيها أورق ؟‬
‫حرام ‪ ..‬أكان عليه وزر ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫قالوا ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬فأنى كان ذلك ؟!‬
‫قال ‪ :‬فكذلك لو وضعها في‬ ‫يعني ‪ :‬ما دام أنها كلها حمر‬
‫حلل كان له أجر ‪..‬‬ ‫ذكورا ً وإناثا ً ‪ ..‬وليس فيها‬
‫بل حتى أثناء الحوار مع الخر ‪..‬‬ ‫أي لون آخر ‪ ..‬فكيف ولدت‬
‫تدرج معه عند النصح في الشياء‬ ‫الناقة الحمراء ولدا ً أورق ‪..‬‬
‫التي أنتما متفقان عليها ‪..‬‬ ‫يختلف عن لونها ولون الب‬
‫خرج ‪ r‬إلى مكة معتمرا ً في ألف‬ ‫) الفحل ( ‪..‬‬
‫وأربعمـــــائة مـــــن أصـــــحابه ‪..‬‬ ‫فكر الرجل قليل ً ‪ ..‬ثم قال ‪:‬‬
‫فمنعتهـــم قريـــش مـــن دخـــول‬ ‫عسى أن يكون نزعه عرق ‪..‬‬
‫مكة ‪..‬‬ ‫يعني قد يكون من أجداده‬
‫ووقعــت أحــداث قصــة الحديبيــة‬ ‫من هو أورق ‪ ..‬فل زال‬
‫المشهورة ‪..‬‬ ‫الشبه باقيا ً في السللة ‪..‬‬
‫في آخــر المــر وبعــد مشــاورات‬ ‫فظهر في هذا الولد ‪..‬‬
‫طويلــة بيــن النــبي ‪ r‬وقريــش ‪..‬‬ ‫فقال ‪ : e‬فلعل ابنك هذا‬
‫اتفقوا على صلح ‪..‬‬ ‫نزعه عرق )‪.. (39‬‬
‫كــان الــذي تــولى التفــاق علــى‬ ‫سمع الرجل هذا الجواب ‪..‬‬
‫بنود الصلح من جانب قريش هــو‬ ‫فكر قليل ً فإذا هو جوابه‬
‫سهيل بن عمرو ‪..‬‬ ‫هو ‪ ..‬والفكرة فكرته ‪..‬‬
‫اتفق النــبي ‪ r‬مــع ســهيل علــى‬ ‫فاقتنع وأيقن ‪ ..‬ومضى إلى‬
‫شروط ‪..‬‬ ‫امرأته ‪..‬‬
‫منها ‪:‬‬ ‫وفي يوم آخر ‪..‬‬
‫أن يعـــود المســـلمون‬ ‫•‬ ‫جلس ‪ e‬مع أصحابه ‪ ..‬فجعل‬
‫أدراجهــم إلــى المدينــة مــن‬ ‫يحدثهم عن أبوب الخير ‪..‬‬
‫غير عمرة ‪..‬‬ ‫وكان مما ذكره ‪ ..‬أن قال ‪:‬‬
‫وأن مـــن دخـــل فـــي‬ ‫•‬ ‫وفي بضع أحدكم صدقة ‪..‬‬
‫السلم من أهل مكــة وأراد‬ ‫أي وطء أحدكم امرأته له‬
‫أن يهاجر إلى المدينــة فــإن‬ ‫فيه أجر ‪..‬‬
‫المســلمين فــي المدينــة ل‬ ‫فعجب الصحابة وقالوا ‪ :‬يا‬
‫يقبلونه ‪..‬‬ ‫رسول الله ‪ ..‬يأتي أحدنا‬
‫شهوته ‪ ..‬ويكون له أجر ؟!!‬
‫أمـــا مـــن ارتـــد عـــن‬ ‫•‬
‫إســلمه وأراد الــذهاب إلــى‬ ‫فأجابهم ‪ e‬بجواب يشعرون‬
‫المشــركين فــي مكــة فــإنه‬ ‫به أن الفكرة فكرتهم ‪ ..‬فل‬
‫يقبل ‪!!..‬‬ ‫يحتاجون لنقاش لقناعهم‬
‫إلى غير ذلك من الشـروط الــتي‬
‫فــــي ظاهرهــــا أنهــــا هزيمــــة‬ ‫) ( رواه مسححلم ‪ ،‬وابححن ماجححة‬ ‫‪39‬‬

‫واللفظ له‬
‫‪100‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫قال ‪ :‬أوليسوا على الباطل ؟‬ ‫للمسلمين وإذلل لهم ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬بلى ‪..‬‬ ‫كــانت قريــش فــي الواقــع‬
‫قال ‪ :‬فعلم نعطــي الدنيــة فــي‬ ‫خائفة من هــذا العــدد الكــبير‬
‫ديننا ؟!‬ ‫مــن المســلمين ‪ ..‬وتعلــم أن‬
‫فقال أبو بكر ‪ :‬يا عمــر ‪ ..‬أليــس‬ ‫المسلمين لو شــاءوا لفتحــوا‬
‫هو رسول الله ‪.‬؟‬ ‫مكــة ‪ ..‬ولهــذا كــانت قريــش‬
‫قال ‪ :‬بلى ‪..‬‬ ‫تضـــــطر إلـــــى التلطـــــف‬
‫غْرزه ‪ ..‬فإني أشهد‬ ‫قال ‪ :‬فالزم ِ‬ ‫والمصانعة ‪..‬‬
‫أنه رسول الله ‪..‬‬ ‫وكـــأني بهـــم ‪ ..‬مـــا كـــانوا‬
‫أي كن وراءه تابعا ً ل تخالفه أبدا ً‬ ‫يحلمون أن يظفروا ول بربع‬
‫‪ ..‬كمــا أن غــرزات الخيــط فــي‬ ‫هذه الشروط ‪..‬‬
‫الثوب تكون متتابعة ‪..‬‬ ‫كان أكــثر الصــحابة متضــايقا ً‬
‫قال عمر ‪ :‬وأنا أشهد أنه رســول‬ ‫من شروط العقد ‪..‬‬
‫الله ‪..‬‬ ‫لكن أنى لهم أن يعترضــوا ‪..‬‬
‫مضى عمر ‪ ..‬حــاول أن يصــبر ‪..‬‬ ‫والذي يكتــب العقــد ويمضــيه‬
‫فلم يستطع ‪..‬‬ ‫رجل ل ينطق عن الهوى ‪..‬‬
‫فذهب إلى رسول الله ‪.. r‬‬ ‫كــان عمــر متحفــزا ً ‪ ..‬ينظــر‬
‫فقال ‪ :‬يا رســول اللــه ‪ ..‬ألســت‬ ‫يمينــا ً وشــمال ً ‪ ..‬يتمنــى لــو‬
‫برسول الله ؟!‬ ‫يستطيع عمل شيء ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬بلى ‪..‬‬ ‫فلم يصبر ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬أولسنا بالمسلمين ‪ ..‬؟‬ ‫وثــب عمــر فــأتى أبــا بكــر ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬بلى ‪..‬‬ ‫وأراد أن يناقشه ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬أوليسوا بالمشركين ‪ ..‬؟!‬ ‫فمـــن حكمتـــه ‪ ..‬لـــم يبـــدأ‬
‫قال ‪ :‬بلى ‪..‬‬ ‫بــــالعتراض ‪ ..‬وإنمــــا بــــدأ‬
‫قال ‪ :‬فعلم نعطــي الدنيــة فــي‬ ‫بالشياء الــتي همــا متفقــان‬
‫ديننا ؟!‬ ‫عليها ‪..‬‬
‫فقــــال ‪ : ‬أنــــا عبــــد اللــــه‬ ‫وجعل يسأل أبــا بكــر أســئلة‬
‫ورســوله ‪ ..‬لــن أخــالف أمــره ‪..‬‬ ‫جوابهـــا ‪ ..‬بلـــى ‪ ..‬نعـــم ‪..‬‬
‫ولن يضيعني ‪..‬‬ ‫صحيح ‪..‬‬
‫سكت عمــر ‪ ..‬ومضــى الكتــاب ‪..‬‬ ‫فقــال ‪ :‬يــا أبــا بكــر ‪ ..‬أليــس‬
‫ورجع المسلمون إلى المدينة ‪..‬‬ ‫برسول الله ‪..‬؟!‬
‫ومضت اليام ‪ ..‬ونقضت قريــش‬ ‫قال ‪ :‬بلى ‪..‬‬
‫العهــد ‪ ..‬وأقبــل رســول اللــه ‪r‬‬ ‫قال ‪ :‬أولسنا بالمسلمين ؟!‬
‫فاتحـــا ً مكـــة ‪ ..‬مطهـــرا ً الـــبيت‬ ‫قال ‪ :‬بلى ‪..‬‬
‫الحرام من الصنام ‪..‬‬ ‫قــــــــــال ‪ :‬أوليســــــــــوا‬
‫وأدرك عمــــر أنــــه كــــان فــــي‬ ‫بالمشركين ؟!‬
‫اعتراضـــه حينـــذاك علـــى غيـــر‬ ‫قال ‪ :‬بلى ‪..‬‬
‫السبيل ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬أولسنا على الحق ؟‬
‫فكان ‪ ‬يقول ‪:‬‬ ‫قال ‪ :‬بلى ‪..‬‬
‫‪101‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫أن يشعروا ‪..‬‬ ‫ما زلت أصــوم ‪ ..‬وأتصــدق ‪..‬‬
‫وأصلي ‪ ..‬وأعتق ‪ ..‬من الذي‬
‫بارقة ‪..‬‬ ‫صــــنعت يــــومئذ ‪ ..‬مخافــــة‬
‫تستطيع أن تأكل العسل دون‬ ‫كلمي الذي تكلمته يــومئذ ‪..‬‬
‫تحطيم الخلية ‪..‬‬ ‫حتى رجوت أن يكون خيرا ً ‪..‬‬
‫فلله در عمر ‪ ..‬ودر رسول‬
‫أمسك العصا من‬ ‫‪.33‬‬ ‫الله ‪ r‬قبله ‪..‬‬
‫النصف !!‬ ‫كيف نستفيد أكثر من هذه‬
‫أشكرك على اختيارك مهنة‬ ‫المهارة ؟‬
‫التدريس ‪ ..‬وقد آتاك الله أسلوبا ً‬ ‫لو كان ولدك ل يعتني بحفظ‬
‫حسنا ً ‪ ..‬وطلبك يحبونك كثيرا ً ‪..‬‬ ‫القرآن ‪ ..‬وتريده أن يزداد‬
‫و ‪..‬‬ ‫حرصا ً ‪..‬‬
‫ولكن ‪ :‬ليتك ما تتأخر على‬ ‫ابدأ بالشياء التي أنتما‬
‫الدوام في الصباح ‪..‬‬ ‫متفقان عليها ‪ ..‬أل تريد أن‬
‫أنت جميلة ‪ ..‬والبيت مرتب ‪..‬‬ ‫يحبك الله ‪ ..‬أل تريد أن‬
‫ول أنكر أن الولد متعبون ‪..‬‬ ‫ترتقي في درجات الجنة ‪..‬‬
‫و ‪..‬‬ ‫سيجيبك حتما ً ‪ :‬بلى ‪..‬‬
‫ولكن ‪ :‬أتمنى أن تهتمي‬ ‫عندها قدم النصيحة على‬
‫بملبسهم أكثر ‪..‬‬ ‫شكل اقتراح ‪ : ..‬إذن فلو‬
‫هكذا كان أسلوب صالح مع‬ ‫أنك شاركت في حلقة‬
‫الناس ‪ ..‬يذكر الجوانب المشرقة‬ ‫تحفيظ القرآن ‪..‬‬
‫عند المخطئ ثم ينبهه على‬ ‫ت امرأة‬ ‫ت ‪ :‬لو رأي ِ‬‫وكذلك أن ِ‬
‫أخطائه ‪ ..‬ليكون عادل ً ‪..‬‬ ‫ل تعتني بحجابها ‪..‬‬
‫عندما تنتقد حاول أن تذكر‬ ‫ابدئي معها بالشياء التي‬
‫جوانب الصواب في المخطئ ‪..‬‬ ‫أنتما متفقتان عليها ‪..‬‬
‫قبل غيرها ‪..‬‬ ‫أنا أعلم أنك مسلمة ‪..‬‬
‫حاول دائما ً أن تشعر الذي‬ ‫وحريصة على الخير ‪..‬‬
‫أمامك أن نظرتك إليه مشرقة ‪..‬‬ ‫ستقول ‪ :‬صحيح ‪ ..‬الحمد لله‬
‫وأنك عندما تنبهه على أخطائه‬ ‫‪..‬‬
‫ل يعني ذلك أنه سقط من عينك‬ ‫وامرأة عفيفة ‪ ..‬وتحبين الله‬
‫‪ ..‬أو أنك نسيت حسناته ول تذكر‬ ‫‪..‬‬
‫إل سيئاته ‪..‬‬ ‫ستقول ‪ :‬إي والله ‪ ..‬الحمد‬
‫ل ‪ ..‬بل أشعره أن ملحظاتك‬ ‫لله ‪..‬‬
‫عليه تغوص في بحر حسناته ‪..‬‬ ‫عندها قدمي النصيحة على‬
‫كان النبي ‪ e‬محبوبا ً بين‬ ‫شكل اقتراح ‪ :‬فلو أنك‬
‫أصحابه ‪ ..‬وكان يمارس أساليب‬ ‫اعتنيت بحجابك أكثر ‪..‬‬
‫رائعة في التعامل معهم ‪..‬‬ ‫وحرصت على الستر ‪..‬‬
‫وقف مرة بينهم ‪ ..‬فشخص‬ ‫هكذا يمكننا أن نحصل على‬
‫ببصره إلى السماء ‪ ..‬كأنه يفكر‬ ‫ما نريد من الناس من غير‬
‫‪102‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫هكذا كان تعامله رائعا ً ‪..‬‬ ‫أو يترقب شيئا ً ‪..‬‬
‫وفي يوم آخر ‪ ..‬يمر ‪ e‬ببعض‬ ‫ن يختلس‬ ‫ثم قال ‪ :‬هذا أوا ُ‬
‫قبائل العرب يدعوهم إلى‬ ‫العلم من الناس ‪ ..‬حتى ل‬
‫السلم ‪ ..‬وكان يختار أحسن‬ ‫يقدروا منه على شيء ‪..‬‬
‫العبارات لجل ترغيبهم في‬ ‫أي ‪ُ :‬يعرض الناس عن‬
‫الستجابة له والدخول في‬ ‫القرآن وتعلمه ‪ ..‬وعن العلم‬
‫السلم ‪..‬‬ ‫الشرعي ‪ ..‬فل يحرصون‬
‫فمر بقبيلة منهم ‪ ..‬اسمهم ‪:‬‬ ‫عليه ول يفهمونه ‪..‬‬
‫بنو عبد الله ‪ ..‬فدعاهم إلى‬ ‫س منهم ‪ ..‬أي ‪ :‬يرفع‬ ‫فُيختل ُ‬
‫الله ‪ ..‬وعرض عليهم نفسه ‪..‬‬ ‫عنهم ‪..‬‬
‫وجعل يقول لهم ‪:‬‬ ‫فقام صحابي جليل ‪ ..‬هو‬
‫يا بني عبد الله ‪ ..‬إن الله قد‬ ‫زياد بن لبيد النصاري وقال‬
‫أحسن اسم أبيكم ‪..‬‬ ‫بكل حماس ‪:‬‬
‫يعني لستم ببني عبد العزى ‪..‬‬ ‫يا رسول الله ‪ ،‬وكيف‬
‫أو بني عبد اللت ‪ ..‬وإنما أنتم‬ ‫يختلس منا ؟! وقد قرأنا‬
‫بنو عبد الله ‪ ..‬فليس في‬ ‫القرآن ! فوالله لنقرأنه ‪،‬‬
‫اسمكم شرك فادخلوا في‬ ‫ولنقرئنه نساءنا وأبناءنا ‪..‬‬
‫السلم ‪..‬‬ ‫فنظر إليه النبي ‪ .. e‬فإذا‬
‫بل كــان مــن براعتــه ‪ r‬أنــه كــان‬ ‫شاب يتفجر حماسا ً وغيرة‬
‫يرسل رسائل غير مباشــرة إلــى‬ ‫على الدين ‪ ..‬فأراد أن ينبهه‬
‫النـــاس ‪ ..‬يـــذكر فيهـــا إعجـــابه‬ ‫على فهمه ‪ ..‬فقال ‪:‬‬
‫بهم ‪ ..‬ومحبته الخير لهم ‪ ..‬فــإذا‬ ‫ثكلتك أمك يا زياد ‪ ،‬إني كنت‬
‫بلغتهم هــذه الرســائل ‪ ..‬عملــت‬ ‫لعدك من فقهاء أهل‬
‫فيهم من التأثير أكثر مما تعملــه‬ ‫المدينة ‪..‬‬
‫– رّبما – الدعوة المباشرة ‪..‬‬ ‫وهذا ثناء على زياد ‪ ..‬أن‬
‫كــان خالــد بــن الوليــد ‪ ‬بطل ً ‪..‬‬ ‫يقول له رسول الله ‪ e‬أمام‬
‫ولم يكـن بطل ً عاديـا ً ‪ ..‬بـل كـان‬ ‫الناس إنه من فقهاء المدينة‬
‫بطل ً مغــوارا ً ‪ ..‬يضــرب لــه ألــف‬ ‫‪ ..‬هذا ذكر لجوانب الصواب‬
‫حساب ‪..‬‬ ‫والصفحات المشرقة لزياد ‪..‬‬
‫وكان النبي ‪ r‬يتشوق لسلمه ‪..‬‬ ‫ثم قال ‪ : e‬هذا التوراة‬
‫لكن أنى له ذلك ‪ ..‬وخالد ما ترك‬ ‫والنجيل عند اليهود‬
‫حربا ً ضد المسلمين إل خاضها ‪..‬‬ ‫والنصارى فماذا يغني‬
‫بــل كــان هــو مــن أكــبر أســباب‬ ‫عنهم ؟! )‪.. (40‬‬
‫هزيمــة المســلمين فــي معركــة‬ ‫أي ليست العبرة يا زياد‬
‫أحد ‪..‬‬ ‫بوجود القرآن ‪ ..‬وإنما العبرة‬
‫قال فيه النبي ‪ r‬يوما ً ‪ ..‬لو جاءنا‬ ‫بقراءته ومعرفة معانيه‬
‫لكرمنــــاه ‪ ..‬وقــــدمناه علــــى‬ ‫والعمل بأحكامه ‪..‬‬
‫غيره ‪..‬‬
‫فكيف كان تأثير ذلك ؟‬ ‫) ( رواه الترمذي والحاكم‬ ‫‪40‬‬

‫‪103‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫في العــام القــادم ‪ ..‬ورجــع إلــى‬ ‫خذ القصة من أولها ‪..‬‬
‫المدينة ‪..‬‬ ‫كان خالد مــن أشــداء الكفــار‬
‫رأى خالـــد أن قريشـــا ً ل يـــزال‬ ‫وقادتهم ‪..‬‬
‫شأنها ينخفض في العــرب يومــا ً‬ ‫ل يكـــاد يفـــوت فرصـــة إل‬
‫بعد يوم ‪..‬‬ ‫حارب فيها رسول الله ‪ ‬أو‬
‫فقال في نفسه ‪ :‬أي شيء بقي‬ ‫صد له ‪..‬‬‫تر ّ‬
‫؟ أين أذهب ؟‬ ‫فلما أقبل رسول اللــه ‪ r‬مــع‬
‫إلى النجاشي ؟ ‪ ..‬ل ‪ ..‬فقد اتبــع‬ ‫المســلمين إلــى الحديبيــة ‪..‬‬
‫محمدا ً وأصحابه عنده آمنون ‪..‬‬ ‫وأرادوا العمرة ‪..‬‬
‫فأخرج إلى هرقل ؟‪ ..‬ل ‪ ..‬أخــرج‬ ‫خــرج خالــد فــي خيــل مــن‬
‫مــن دينــي إلــى نصــرانية ؟‪ ..‬أو‬ ‫المشركين ‪ ..‬فلقوا النبي ‪‬‬
‫يهودية ؟ وأقيم في عجم ؟‪..‬‬ ‫وأصحابه بموضــع يقــال لــه ‪:‬‬
‫فبنمــا خالــد يفكــر فــي شــأنه ‪..‬‬ ‫عسفان ‪..‬‬
‫ويــــتردد ‪ ..‬واليــــام والشـــهور‬ ‫فقـــام خالـــد قريبـــا ً منهـــم‬
‫تمضي عليه ‪..‬‬ ‫يتحيــــن الفرصــــة ليصــــيب‬
‫إذ جاء موعد عمرة المســلمين ‪..‬‬ ‫رسول اللــه ‪ ‬برميــة ســهم‬
‫فأقبلوا إلى المدينة ‪..‬‬ ‫أو ضربة سيف ‪..‬‬
‫دخل ‪ r‬مكة معتمرا ً ‪..‬‬ ‫جعل يترصد ويترقب ‪..‬‬
‫فلم يحتمل خالد رؤية المسلمين‬ ‫فصــلى النــبي ‪ ‬بأصــحابه‬
‫محرميــن ‪ ..‬فخــرج مــن مكــة ‪..‬‬ ‫صـــلة الظهـــر أمــــامهم ‪..‬‬
‫وغــاب أيامـا ً أربعــة وهــي اليــام‬ ‫فهموا أن يهجمــوا عليهــم ‪..‬‬
‫التي قضاها النبي ‪ ‬في مكة ‪..‬‬ ‫فلم يتيسر لهم ‪..‬‬
‫قضى النبي ‪ ‬عمرتــه ‪ ..‬وجعــل‬ ‫فكأن النــبي ‪ ‬علــم بهــم ‪..‬‬
‫ينظــــر فــــي طرقــــات مكــــة‬ ‫فصلى بأصحابه صلة العصــر‬
‫وبيوتها ‪ ..‬ويستعيد الذكريات ‪..‬‬ ‫صلة الخوف ‪..‬‬
‫تذكر البطل خالد بن الوليد ‪..‬‬ ‫أي قســــم أصــــحابه إلــــى‬
‫فالتفت إلى الوليد بــن الوليــد ‪..‬‬ ‫فريقين ‪ ..‬فريق يصلي معــه‬
‫وهــو أخــو خالــد ‪ ..‬وكــان الوليــد‬ ‫وفريق يحرس ‪..‬‬
‫مســلما ً قــد دخــل مــع النــبي ‪r‬‬ ‫فوقع ذلك من خالد وأصحابه‬
‫معتمرا ً ‪..‬‬ ‫موقعا ً ‪ ..‬وقال فــي نفســه ‪:‬‬
‫وأراد ‪ ‬أن يبعـــث إلـــى خالـــد‬ ‫الرجل ممنوع عنا ‪ ..‬أي هناك‬
‫رســالة غيــر مباشــرة ‪ ..‬يرغبــه‬ ‫مـــن يحميـــه ويمنـــع عنـــه‬
‫فيها بالدخول في السلم ‪..‬‬ ‫الذى !!‬
‫قال ‪ ‬للوليد ‪ :‬أين خالد ؟‬ ‫ثـــم ارتحـــل ‪ ‬وأصـــحابه ‪..‬‬
‫فوجئ الوليد بالسؤال ‪ ..‬وقــال ‪:‬‬ ‫وســـــــلكوا طريقـــــــا ً ذات‬
‫يأتي الله به يا رسول الله ‪..‬‬ ‫اليميــن ‪ ..‬لئل يمــروا بخالــد‬
‫فقـــــال ‪ " : ‬مثلـــــه يجهـــــل‬ ‫وأصحابه ‪..‬‬
‫السلم !! ولو كان جعــل نكــايته‬ ‫وصـــل ‪ ‬إلـــى الحديبيـــة ‪..‬‬
‫ده مع المسلمين ‪ ..‬كان خيرا ً‬ ‫ح ّ‬
‫و َ‬
‫َ‬ ‫صالح قريشا ً علــى أن يعتمــر‬
‫‪104‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فلقيت صفوان بن أمية ‪ ..‬فقلت‬ ‫له ‪..‬‬
‫‪:‬‬ ‫ثــــم قــــال ‪ :‬ولــــو جاءنــــا‬
‫يــا أبــا وهــب أمــا تــرى مــا نحــن‬ ‫لكرمنــاه ‪ ..‬وقــدمناه علــى‬
‫فيه ؟ إنما نحن كأضراس يطحــن‬ ‫غيره ‪..‬‬
‫بعضها بعضا ً ‪..‬‬ ‫استبشـــر الوليـــد ‪ ..‬وجعـــل‬
‫وقــد ظهــر محمــد علــى العــرب‬ ‫يطلب خالدا ً ويبحث عنه فــي‬
‫والعجم ‪..‬‬ ‫مكة ‪ ..‬فلم يجده ‪..‬‬
‫فلو قدمنا على محمد واتبعناه ‪..‬‬ ‫فلمــا عزمــوا علــى الرجــوع‬
‫فإن شرف محمد لنا شرف ؟‬ ‫للمدينة ‪..‬‬
‫فأبى أشد الباء ‪ ..‬وقال ‪ :‬لو لــم‬ ‫كتب الوليد كتابا ً إلى أخيه ‪:‬‬
‫يبق غيري ما اتبعته أبدا ً ‪..‬‬ ‫بسم الله الرحمن الرحيــم ‪..‬‬
‫فافترقنا ‪ ..‬وقلت في نفسي ‪:‬‬ ‫أما بعد ‪ ..‬فإني لم أر أعجــب‬
‫هــذا رجــل مصــاب ‪ ..‬قتــل أخــوه‬ ‫مــــن ذهــــاب رأيــــك عــــن‬
‫وأبوه بمعركة بدر ‪..‬‬ ‫الســلم ‪ ..‬وعقلــك عقلــك !‬
‫فلقيت عكرمة بــن أبــي جهــل ‪..‬‬ ‫ومثل السلم يجهله أحد ؟‬
‫فقلت له مثل ما قلــت لصــفوان‬ ‫وقــد ســألني رســول اللــه ‪r‬‬
‫بن أمية ‪..‬‬ ‫عنــك وقــال ‪ :‬أيــن خالــد ؟‬
‫فقــال لــي مثــل مــا قــال لــي‬ ‫فقلت ‪ :‬يأتي الله به ‪..‬‬
‫صفوان بن أمية ‪..‬‬ ‫فقـــــال ‪ " :‬مثلـــــه جهـــــل‬
‫قلت ‪ :‬فاكتم علي خروجــي إلــى‬ ‫الســلم !! ولــو كــان جعــل‬
‫محمد ‪..‬‬ ‫ده مع المسلمين ‪..‬‬ ‫ح ّ‬
‫و َ‬
‫نكايته َ‬
‫قال ‪ :‬ل أذكره لحد ‪.‬‬ ‫كــان خيــرا ً لــه ‪ ..‬ولــو جاءنــا‬
‫فخرجــت إلــى منزلــي ‪ ..‬فـأمرت‬ ‫لكرمنــاه ‪ ..‬وقــدمناه علــى‬
‫براحلتي فخرجت بها ‪..‬‬ ‫غيره ‪..‬‬
‫إلى أن لقيت عثمان بن طلحة ‪..‬‬ ‫فاســتدرك يــا أخــي مــا قــد‬
‫فقلت ‪:‬‬ ‫فاتك من مواطن صالحة ‪..‬‬
‫إن هذا لي صــديق ‪ ..‬فلــو ذكــرت‬ ‫قال خالد ‪ :‬فلما جاءني كتابه‬
‫له ما أرجو ‪..‬‬ ‫‪ ..‬نشطت للخروج ‪ ..‬وزادنــي‬
‫ثم ذكرت من قتل من آبائه فــي‬ ‫رغبة في السلم ‪..‬‬
‫حربنا مع المســلمين ‪ ..‬فكرهــت‬ ‫وسرني سؤال رسول اللــه ‪r‬‬
‫كره ‪..‬‬ ‫أن أذ ّ‬ ‫عني ‪..‬‬
‫ثم قلت ‪ :‬وما علــي أن أخــبره ‪..‬‬ ‫وأرى فــي النــوم كــأني فــي‬
‫وأنا راحل في ساعتي هذه !‪..‬‬ ‫بلد ضيقة مجدبة ‪ ..‬فخرجــت‬
‫فذكرت له مــا صــار أمــر قريــش‬ ‫إلى بلد خضراء واسعة ‪..‬‬
‫إليه ‪ ..‬وقلت ‪:‬‬ ‫فقلت ‪ :‬إن هذه لرؤيا حق ‪..‬‬
‫إنمــا نحــن بمنزلــة ثعلــب فــي‬ ‫فلمــا أجمعــت الخــروج إلــى‬
‫صب عليــه ذنــوب مــن‬ ‫جحر ‪ ..‬لو ُ‬ ‫رسول الله ‪ r‬قلت ‪:‬‬
‫ماء لخرج ‪..‬‬ ‫من أصاحب إلى رســول اللــه‬
‫وقلت له نحوا ً مما قلت لصاحب َ ْ‬
‫ي‬ ‫‪ r‬؟!‬
‫‪105‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫إلى رسول اللــه أمشــي ‪ ..‬فلمــا‬ ‫‪ ..‬فأســرع الســتجابة وعــزم‬
‫ســم ‪ ..‬فمــا زال‬ ‫رآني من بعيد تب ّ‬ ‫علــــــى الخــــــروج معــــــي‬
‫ي حتى وقفت عليه ‪..‬‬ ‫يتبسم إل ّ‬ ‫للمدينة !‪..‬‬
‫فســلمت عليــه بــالنبوة ‪ ..‬فــرد‬ ‫فقلت له ‪ :‬إنــي خرجــت هــذا‬
‫على السلم بوجه طْلق ‪..‬‬ ‫اليوم ‪ ..‬وأنا أريــد أن أمضــي‬
‫فقلت ‪ :‬إنــي أشــهد أن ل إلــه إل‬ ‫للمدينة ‪..‬‬
‫الله ‪ ..‬وأنك رسول الله ‪..‬‬ ‫وهــذه راحلــتي مجهــزة لــي‬
‫فقـــال ‪ " :‬الحمـــد للـــه الـــذي‬ ‫على الطريق ‪..‬‬
‫هداك ‪ ..‬قد كنت أرى لك عقل ً ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬فتواعدنا أنا وهــو فــي‬
‫رجــوت أل يســلمك إل إلــى خيــر‬ ‫موضع يقال له "يأجج " ‪ ..‬إن‬
‫" ‪..‬‬ ‫ســبقني أقــام ينتظرنــي ‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬يا رسول اللــه ‪ ..‬إنــي قــد‬ ‫وإن سبقته أقمت أنتظره ‪..‬‬
‫رأيــت مــا كنــت أشــهد مــن تلــك‬ ‫فخرجت من بيتي آخر الليــل‬
‫المواطن عليك ‪ ..‬معاندا ً للحق ‪..‬‬ ‫حرا ً ‪ ..‬خوف ـا ً مــن أن تعلــم‬ ‫س َ‬
‫َ‬
‫فادع الله أن يغفرها لي ‪..‬‬ ‫قريش بخروجنا ‪..‬‬
‫فقال ‪ " : r‬السلم يجب ما كان‬ ‫فلـــم يطلـــع الفجـــر حـــتى‬
‫قبله " ‪..‬‬ ‫التقينا في "يأجج" ‪ ..‬فغدونا‬
‫قلت ‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬على ذلك‬ ‫حتى انتهينا إلى الهدة ‪..‬‬
‫‪ ..‬فاستغفر لي ‪..‬‬ ‫فوجــدنا عمــرو بــن العــاص‬
‫قــال ‪ " :‬اللهــم اغفــر لخالــد بــن‬ ‫على بعيره ‪..‬‬
‫وضع فيه ‪ ..‬مــن‬ ‫َ‬ ‫قال ‪ :‬مرحب ـا ً بــالقوم ‪ ..‬إلــى‬
‫الوليد ‪ ..‬كل ما أ ْ‬
‫صد عن سبيل الله " ‪..‬‬ ‫أين مسيركم ؟‬
‫ومن يعدها كان خالد رأسا ً من‬ ‫فقلنا ‪ :‬وما أخرجك ؟‬
‫رؤوس هذا الدين ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬وما أخرجكم ؟‬
‫أما إسلمه فكان برسالة غير‬ ‫قلنا ‪ :‬الدخول في السلم ‪..‬‬
‫مباشرة وصلت إليه من رسول‬ ‫واتباع محمد ‪.. r‬‬
‫الله ‪.. ‬‬ ‫قال ‪ :‬وذاك الذي أقدمني ‪.‬‬
‫فما أحلمه ‪ ‬وأحكمه ‪..‬‬ ‫فاصطحبنا جميعا ً حتى دخلنــا‬
‫فلنتبع مثل هذه المهارات في‬ ‫المدينة ‪..‬‬
‫التأثير في الناس ‪..‬‬ ‫فأنخنا بظهر الحرة ركابنا ‪..‬‬
‫فلو رأيت شخصا ً يبيع دخانا ً في‬ ‫فُأخبر بنا رسول الله ‪ r‬فسر‬
‫بقالة فأردت تنبيهه ‪..‬‬ ‫بنا ‪..‬‬
‫فأثن أول ً على بقالته‬ ‫فلبسـت مـن صـالح ثيــابي ‪..‬‬
‫ع له بالبركة في‬ ‫ونظافتها ‪ ..‬واد ُ‬ ‫ثم توجهت إلى رسول الله ‪r‬‬
‫الربح ‪ ..‬ثم نبهه على أهمية‬ ‫‪ ..‬فلقيني أخي فقال ‪:‬‬
‫الكسب الحلل ‪ ..‬ليشعر أنك لم‬ ‫أسرع ‪ ..‬فإن رسول الله ‪.. r‬‬
‫تنظر إليه بمنظار أسود ‪ ..‬بل‬ ‫سـّر بقــدومك‬ ‫ُ‬
‫قد أخــبر بــك ف ُ‬
‫أمسكت العصا من النصف ‪..‬‬ ‫وهو ينتظركم ‪..‬‬
‫كن ذكيا ً ‪ ..‬ابحث عن أي حسنات‬ ‫ســير ‪ ..‬فــأقبلت‬ ‫فأســرعنا ال ّ‬
‫‪106‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫والرجوع إلى الحق خير من‬ ‫فيمن أمامك تغمر فيها‬
‫التمادي في الباطل ‪..‬‬ ‫سيئاته ‪ ..‬أحسن الظن‬
‫جاء رجل إلى النبي ‪ r‬يبايعه‬ ‫بالخرين ‪ ..‬ليشعروا بعدلك‬
‫على الهجرة ‪ ..‬وقال ‪ :‬إني جئت‬ ‫معهم فيحبوك ‪..‬‬
‫أبايعك على الهجرة ‪ ..‬وتركت‬
‫أبوي يبكيان ‪..‬‬ ‫لمحة ‪..‬‬
‫عله ‪..‬‬ ‫فلم يعنفه ‪ .. e‬أو يحقر ِ‬
‫ف ْ‬ ‫عندما يقتنع الناس أننا‬
‫أو يصغر عقله ‪ ..‬فالرجل جاء‬ ‫نلحظ حسناتهم ‪ ..‬كما نلحظ‬
‫بنية صالحة ويرى أنه فعل‬ ‫سيئاتهم ‪ ..‬يقبلون منا‬
‫الصلح ‪..‬‬ ‫التوجيه ‪..‬‬
‫أشعره ‪ e‬أن معالجة الخطأ سهلة‬
‫فقال له بكل بساطة ‪ :‬ارجع‬ ‫اجعل معالجة‬ ‫‪.34‬‬
‫إليهما فأضحكهما كما‬ ‫الخطأ سهلة ‪..‬‬
‫أبكيتهما ‪.. (41)..‬‬ ‫تتنوع الخطاء التي تقع من‬
‫وانتهى المر ‪..‬‬ ‫الناس كبرا ً وصغرا ً ‪..‬‬
‫كان ‪ e‬يتعامل مع الناس‬ ‫ومهما كان حجم الخطأ فإنه‬
‫بأساليب تربي فيهم الرغبة في‬ ‫يمكن علجه ‪..‬‬
‫الخير وتشعرهم أنهم إلى الخير‬ ‫نعم قد ل يفيد العلج في‬
‫أقرب ‪ ..‬حتى وإن وقعوا في‬ ‫إصلح ما أفسده الخطأ‬
‫أخطاء ‪..‬‬ ‫‪ .. %100‬لكنه على القل‬
‫وعة ‪..‬‬‫وبين يدي حادثة مر ّ‬ ‫يصلح أكثر الفاسد ‪..‬‬
‫الشاهد منها آخُرها ‪ ..‬لكني‬ ‫عدد غير قليل من الناس ل‬
‫سأوردها من أولها رغبة في‬ ‫يسعى إلى إصلح أخطائه‬
‫الفائدة ‪..‬‬ ‫لشكه في قدرته أصل ً على‬
‫كان رسول الله ‪ r‬إذا أراد أن‬ ‫علجها ‪..‬‬
‫يخرج سفرا ً أقرع بين نسائه ‪..‬‬ ‫وأحيانا ً تكون طريقتنا في‬
‫فأيتهن خرج سهمها خرج بها‬ ‫التعامل مع الخطاء هي جزء‬
‫معه ‪..‬‬ ‫من الخطأ نفسه ‪..‬‬
‫فلما أراد الخروج إلى غزوة بني‬ ‫يقع ولدي في خطأ فألومه‬
‫ظم عليه الخطأ‬ ‫وأحقره وأع ّ‬
‫المصطلق ‪ ..‬أقرع بينهــن فخــرج‬
‫سهم عائشة ‪..‬‬ ‫حتى يشعر بأنه سقط في‬
‫فخرجت مع رسول الله ‪.. r‬‬ ‫بئر ليس له قاع !! فييأس‬
‫وذلك بعدما أنزل الحجاب‬ ‫من الصلح ‪ ..‬ويبقى على‬
‫‪..‬وكانت تحمل في هودج ‪ ..‬فإذا‬ ‫ما هو عليه ‪..‬‬
‫نزلوا نزلت من هودجها ‪..‬‬ ‫وقد تقع في الخطأ زوجتي‬
‫وقضت حاجاتها ‪ ..‬فإذا أرادوا‬ ‫أو يقع فيه صديقي ‪..‬‬
‫الرتحال ركبت فيه ‪..‬‬ ‫فإذا أشعرته أنه أخطأ ولكن‬
‫الطريق لم ينقطع بعد‬
‫) ( في المستدرك وصحح إسناده ‪..‬‬ ‫‪41‬‬ ‫فمعالجة الخطأ سهلة ‪..‬‬
‫‪107‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فتلففت بجلبابي ‪ ..‬فبينما أنا‬ ‫فلما فرغ رسول الله ‪ r‬من‬
‫جالسة في منزلي إذ غلبتني‬ ‫غزوته ‪ ..‬توجه قافل ً إلى‬
‫عيني فنمت ‪..‬‬ ‫المدينة ‪ ..‬حتى إذا كان قريبا ً‬
‫فوالله إني لمضطجعة إذ مّر بي‬ ‫من المدينة نزل منزل ً فبات‬
‫صفوان بن المعطل ‪..‬‬ ‫به بعض الليل ‪..‬‬
‫وكان قد تخلف عن العسكر‬ ‫ثم آذن الناس بالرحيل ‪..‬‬
‫لبعض حاجاته ‪ ..‬فلم يبت مع‬ ‫فبدأ الناس يجمعون متاعهم‬
‫الناس ‪..‬‬ ‫للرحيل ‪..‬فخرجت عائشة‬
‫فرأى سواد إنسان نائم ‪..‬‬ ‫لبعض حاجتها ‪ ..‬وفي عنقها‬
‫فأتاني فعرفني حين رآني ‪..‬‬ ‫عقد لها فيه جزع ظفار ‪..‬‬
‫وقد كان يراني قبل أن يضرب‬ ‫فلما فرغت من حاجتها ‪..‬‬
‫الحجاب علينا ‪..‬‬ ‫انسل العقد من عنقها وهي‬
‫فلما رآني قال ‪ :‬إنا لله وإنا إليه‬ ‫ل تدري ‪..‬‬
‫راجعون ‪ ..‬ظعينة رسول الله‬ ‫فلما رجعت العسكر ‪..‬‬
‫‪r‬؟‬ ‫وأرادت الدخول في‬
‫فاستيقظت باسترجاعه حين‬ ‫هودجها ‪ ..‬لمست عنقها فلم‬
‫عرفني فخمرت وجهي‬ ‫تجد العقد ‪ ..‬وقد بدأ الناس‬
‫بجلبابي ‪..‬‬ ‫في الرحيل ‪..‬‬
‫ووالله ما كلمني كلمة ‪ ..‬ول‬ ‫فرجعت سريعا ً إلى مكانها‬
‫سمعت منه غير استرجاعه ‪..‬‬ ‫الذي قضت فيه حاجتها ‪..‬‬
‫حتى أناخ راحلته ‪ ..‬فوطئ على‬ ‫فأخذت تبحث عنه ‪ ..‬وأبطأت‬
‫يديها ‪ ..‬فركبت وأخذ برأس‬ ‫‪..‬‬
‫البعير فانطلق سريعا ً يطلب‬ ‫وجاء القوم فحملوا هودجها‬
‫الناس ‪..‬‬ ‫وهم يظنون أنها فيه ‪..‬‬
‫فوالله ما أدركنا الناس وما‬ ‫فاحتملوه ‪ ..‬فشدوه على‬
‫افتقدوني حتى أصبحنا ‪..‬‬ ‫البعير ‪ ..‬ثم أخذوا برأس‬
‫فوجدناهم نازلين ‪ ..‬فبينما هم‬ ‫البعير فانطلقوا به ‪..‬‬
‫كذلك ‪ ..‬إذ طلع الرجل يقود بي‬ ‫وسار الجيش ‪ ..‬أما عائشة‬
‫البعير ‪..‬‬ ‫فبعد بحث طويل ‪ ..‬وجدت‬
‫فقال أهل الفك ما قالوا ‪..‬‬ ‫العقد ‪ ..‬فعادت إلى مكان‬
‫ج العسكر ‪ ..‬ووالله ما أعلم‬ ‫وارت ّ‬ ‫الجيش ‪..‬‬
‫بشيء من ذلك ‪..‬‬ ‫* * * * * * * * *‬
‫* * * * * * * * *‬ ‫قالت عائشة ‪:‬‬
‫ثم قدمنا المدينة ‪ ..‬فلم ألبث أن‬ ‫‪ .‬فجئت منازلهم وليس بها‬
‫مرضت واشتكيت شكوى‬ ‫داع ول مجيب ‪ ..‬قد انطلق‬
‫شديدة ‪ ..‬وأنا ل يبلغني من كلم‬ ‫الناس ‪..‬‬
‫الناس شيء ‪..‬‬ ‫فتيممت منزلي الذي كنت‬
‫وقد انتهى الحديث إلى رسول‬ ‫فيه وظننت أن القوم‬
‫ي ‪ ..‬وهم ل‬‫الله ‪ r‬وإلى أبو ّ‬ ‫سيفقدوني فيرجعون إلي ‪..‬‬
‫‪108‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫قالت ‪ :‬نعم والله لقد كان ‪..‬‬ ‫يذكرون لي منه قليل ً ول‬
‫فوالله ما قدرت على أن أقضي‬ ‫كثيرا ً ‪ ..‬إل أني قد أنكرت‬
‫حاجتي ورجعت ‪ ..‬فازددت مرضا ً‬ ‫من رسول الله ‪ r‬بعض‬
‫إلى مرضي ‪..‬‬ ‫لطفه بي ‪..‬‬
‫فوالله ما زلت أبكي ‪ ..‬حتى‬ ‫كنت إذا اشتكيت رحمني‬
‫ظننت أن البكاء سيصدع كبدي ‪..‬‬ ‫ولطف بي ‪ ..‬فلم يفعل ذلك‬
‫وقلت لمي ‪ :‬يغفر الله لك ‪..‬‬ ‫بي في شكواي تلك ‪..‬‬
‫تحدث الناس بما تحدثوا يه ‪ ..‬ول‬ ‫بل كان إذا دخل علي وعندي‬
‫تذكرين لي من ذلك شيئا ً ‪..‬‬ ‫أمي تمرضني قال ‪ :‬كيف‬
‫قالت ‪ :‬أي بنية خففي عليك‬ ‫تيكم ؟ ل يزيد على ذلك ‪..‬‬
‫ل ما كانت‬ ‫الشأن ‪ ..‬فوالله لق ّ‬ ‫حتى وجدت في نفسي‬
‫امرأة حسناء عند رجل يحبها ‪..‬‬ ‫‪..‬فلما رأيت جفاءه لي‬
‫ولها ضرائر إل كّثرن ‪ ..‬وكّثر‬ ‫قلت ‪:‬‬
‫الناس عليها ‪..‬‬ ‫يا رسول الله ‪ ..‬لو أذنت لي‬
‫قلت ‪ :‬ســبحان اللــه وقــد تحــدث‬ ‫فانتقلت إلى أمي فمرضتني‬
‫الناس بهذا ؟‬ ‫‪..‬‬
‫فبكيت تلك الليلة حتى‬ ‫قال ‪ :‬ل عليك ‪..‬‬
‫أصبحت ‪ ..‬ل يرقأ لي دمع ‪ ..‬ول‬ ‫* * * * * * * * *‬
‫أكتحل بنوم ‪..‬‬ ‫فانتقلت إلى أمي ول علم‬
‫ثم أصبحت أبكي ‪..‬‬ ‫لي بشيء مما كان ‪ ..‬حتى‬
‫* * * * * * * * *‬ ‫نقهت من وجعي بعد بضع‬
‫هذا حال عائشة ‪ ..‬تتهم بذلك‬ ‫وعشرين ليلة ‪..‬‬
‫وهي الفتاة التي لم يتجاوز‬ ‫فخرجت ليلة لبعض حاجتي‬
‫عمرها خمس عشرة سنة ‪..‬‬ ‫ومعي أم مسطح بنت خالة‬
‫تتهم بالزنا ‪ ..‬وهي العفيفة‬ ‫أبي بكر ‪.. t‬‬
‫الشريفة ‪ ..‬زوجة أطهر الناس ‪..‬‬ ‫فوالله إنها لتمشي معي إذ‬
‫التي ما كشفت سترها ‪ ..‬ول‬ ‫مرطها ‪..‬‬ ‫تعثرت في ِ‬
‫هتكت عرضها ‪ ..‬هذا حالها تبكي‬ ‫وسقطت أو كادت ‪..‬‬
‫في بيت أبويها ‪..‬‬ ‫فقالت ‪ :‬تعس مسطح ‪..‬‬
‫أما حال رسول الله ‪ .. r‬فل يبعد‬ ‫قلت ‪ :‬بئس لعمر الله ما‬
‫حزنا ً وهما ً ‪ ..‬عن عائشة ‪..‬‬ ‫قلت ‪ ..‬تسبين رجل ً قد شهد‬
‫فل جبريل يرسل ‪ ..‬ول القرآن‬ ‫بدرا ً ؟‬
‫ينزل ‪ ..‬ويبقى ‪ r‬متحيرا ً في‬ ‫فقالت ‪ :‬أي هنتاه ‪ ..‬أولم‬
‫أمره ‪ ..‬وقد كبر عليه اتهام‬ ‫تسمعي ما قال ؟ أوما بلغك‬
‫المنافقين ‪ ..‬وكلم الناس في‬ ‫الخبر يا بنت أبي بكر ‪..‬‬
‫عرضه زوجه ‪..‬‬ ‫قلت ‪ :‬وما الخبر ؟‬
‫* * * * * * * * *‬ ‫فأخبرتني بالذي كان من‬
‫فلما طال المر عليه ‪ ..‬قام ‪r‬‬ ‫قول أهل الفك ‪..‬‬
‫في الناس فخطبهم ‪ ..‬فحمد‬ ‫قلت ‪ :‬أوقد كان هذا ؟‬
‫‪109‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫حتى سكتوا ‪ ..‬وسكت ‪..‬‬ ‫الله ‪ ..‬وأثنى عليه ‪ ..‬ثم قال‬
‫فلما رأى ‪ r‬ذلك ‪ ..‬نزل فدخل‬ ‫‪:‬‬
‫بيته ‪..‬‬ ‫أيها الناس ما بال رجال‬
‫* * * * * * * * *‬ ‫يؤذونني في أهلي ‪..‬‬
‫ولما رأى أن المر ل يمكن حله‬ ‫ويقولون عليهم غير الحق ‪..‬‬
‫من جهة عموم الناس ‪..‬‬ ‫والله ما علمت عليهم إل‬
‫أراد أن يجد حل ً من جهة أهل‬ ‫خيرا ً ‪ ..‬ويقولون ذلك‬
‫بيته ‪ ..‬وأخص الناس به ‪..‬‬ ‫لرجل ‪ ..‬والله ما علمت منه‬
‫فدعا عليا ً وأسامة بن زيد ‪..‬‬ ‫إل خيرا ً ‪ ..‬ول يدخل بيتا ً من‬
‫فاستشارهما ‪..‬‬ ‫بيوتي إل وهو معي ‪..‬‬
‫فأما أسامة فأثنى على عائشة‬ ‫فلما قال رسول الله ‪ r‬تلك‬
‫خيرا ً وقال ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬ ‫المقالة ‪..‬‬
‫أهلك وما نعلم منهم إل خيرا ً ‪..‬‬ ‫قام أمير الوس سعد بن‬
‫وهذا الكذب والباطل ‪..‬‬ ‫معاذ فقال ‪:‬‬
‫وأما علي فإنه قال ‪ :‬يا رسول‬ ‫يا رسول الله إن يكونوا من‬
‫الله إن النساء لكثير ‪ ..‬وإنك‬ ‫الوس نكفك إياهم ‪ ..‬وإن‬
‫لقادر على أن تستخلف ‪ ..‬وسل‬ ‫يكونوا من إخواننا من‬
‫الجارية فإنها ستصدقك ‪ ..‬فدعا‬ ‫الخزرج فمرنا أمرك فوالله‬
‫رسول الله ‪ r‬بريرة ‪..‬‬ ‫إنهم لهل أن تضرب‬
‫فقــال ‪ :‬أي بريــرة ‪ ..‬هــل رأيــت‬ ‫أعناقهم ‪..‬‬
‫من شيء يريبك من عائشة ؟‬ ‫فلما سمع ذلك أمير الخزرج‬
‫فقالت بريرة ‪ :‬ل ‪ ..‬والذي بعثك‬ ‫سعد بن عبادة قام ‪ ..‬وكان‬
‫بالحق نبيا ً ‪..‬‬ ‫رجل ً صالحا ً ‪ ..‬لكن أخذته‬
‫والله ما أعلم إل خيرا ً ‪ ..‬وما‬ ‫الحمية ‪..‬‬
‫كنت أعيب على عائشة شيئا ً ‪..‬‬ ‫قام فقال ‪ :‬كذبت لعمر‬
‫إل أنها جارية حديثة السن ‪..‬‬ ‫الله ‪ ..‬ما تضرب أعناقهم ‪..‬‬
‫فكنت أعجن عجيني ‪ ..‬فآمرها‬ ‫أما والله ما قلت هذه‬
‫أن تحفظه فتنام عنه ‪ ..‬فتأتي‬ ‫المقالة إل أنك قد عرفت‬
‫الشاة فتأكله ‪..‬‬ ‫أنهم من الخزرج ؟ ولو كانوا‬
‫نعم ‪ ..‬كيــف تــرى الجاريــة علــى‬ ‫من قومك ما قلت هذا ‪..‬‬
‫عائشـــة ريبـــة ‪ ..‬وهـــي الفتـــاة‬ ‫فقال أسيد بن حضير ‪:‬‬
‫الصالحة التي رباها صديق المــة‬ ‫كذبت لعمر الله ‪ ..‬والله‬
‫أبــو بكــر ‪ ..‬وتزوجهــا ســيد ولــد‬ ‫لنقتلنه ‪ ..‬ولكنك منافق‬
‫آدم ‪..‬‬ ‫تجادل عن المنافقين ‪..‬‬
‫بل كيف تقع فــي ريبــة ‪ ..‬وهــي‬ ‫ثم ثار الناس بعضهم إلى‬
‫أحب الناس إلــى رســول اللــه ‪..‬‬ ‫بعض ‪ ..‬حتى كادوا أن‬
‫ولم يكن ‪ r‬يحب إل طيبا ً ‪..‬‬ ‫يقتتلوا ‪..‬‬
‫فهي البريئة المبرأة ‪ ..‬ولكن‬ ‫ورسول الله ‪ r‬قائم على‬
‫الله يبتليها ليعظم أجرها ‪..‬‬ ‫المنبر ‪ ..‬فلم يزل يخفضهم‬
‫‪110‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫وكأنها فرخ منتوف من شدة‬ ‫ويرفع ذكرها ‪..‬‬
‫البكاء والهم ‪..‬‬ ‫* * * * * * * * *‬
‫وإذا هي تبكي ‪ ..‬والمرأة تبكي‬ ‫وتمضي على عائشة اليام ‪..‬‬
‫معها ‪ ..‬ل يملكان من المر شيئا ً‬ ‫واللم تلـــد اللم ‪ ..‬وهـــي‬
‫‪..‬‬ ‫تتقلب على فراش مرضها ‪..‬‬
‫فجلس رسول الله ‪ .. r‬فحمد‬ ‫ل تهنأ بطعام ول شراب ‪..‬‬
‫الله وأثنى عليه ‪ ..‬ثم قال ‪:‬‬ ‫وقد حاول رسول الله ‪ r‬أن‬
‫أما بعد يا عائشة فإنه قد بلغنــي‬ ‫يحل المشكلة ‪ ..‬بخطبة على‬
‫عنــك كــذا وكــذا ‪ ..‬وذكــر ‪ e‬خــبر‬ ‫رؤوس الناس فكادت أن تقع‬
‫الفك ‪ ..‬وما أشيع مــن وقوعهــا‬ ‫الحرب بين المسلمين ‪..‬‬
‫فــي خطــأ كــبير ‪..‬ثــم أراد ‪ e‬أن‬ ‫وحاول أن يحلها في بيته‬
‫يبين لها أن النسان مهمــا وقــع‬ ‫ويسأل عليا ً وزيدا ً ‪ ..‬فلم‬
‫في خطأ فإن معالجة هذا الخطــأ‬ ‫يخرج بشيء ‪..‬‬
‫ليست صعبة ‪ ..‬فقال لها ‪:‬‬ ‫فلمــــا رأى ذلــــك ‪ ..‬أراد أن‬
‫فإن كنــت بــريئه فســيبرئك اللــه‬ ‫ينهــــي المــــر مــــن جهــــة‬
‫عز وجل ‪..‬‬ ‫عائشة ‪..‬‬
‫وإن كنــــت ألممــــت بــــذنب ‪..‬‬ ‫قالت رضي الله عنها ‪:‬‬
‫فاستغفري الله عز وجل وتــوبي‬ ‫وبكيت يومي ذلك ل ترقأ لي‬
‫إليــه ‪ ..‬فــإن العبــد إذا اعــترف‬ ‫دمعه ‪ ..‬ول اكتحل بنوم ‪..‬‬
‫بذنب ثم تاب ‪ ..‬تاب الله عليه ‪..‬‬ ‫ثــم بكيــت ليلــتي المقبلــة ل‬
‫هكــذا ‪ ..‬حــل ســهل للخطــأ – إن‬ ‫ترقــأ لــي دمعــه ول أكتحــل‬
‫كـــان قـــد وقـــع – دون تعقيـــد‬ ‫بنوم ‪..‬‬
‫وتطويل ‪..‬‬ ‫وأبـــواي يظنـــان أن البكـــاء‬
‫قالت عائشة ‪:‬‬ ‫فالق كبدي ‪..‬‬
‫فلمـــا قضـــى رســـول اللـــه ‪r‬‬ ‫* * * * * * * * *‬
‫مقالته ‪ ..‬قلــص دمعــي حــتى مــا‬ ‫فأقبل يحث الخطى إلى بيت‬
‫أحس منه قطرة ‪..‬‬ ‫أبي بكر ‪..‬‬
‫ي أن يجيبــا عنــي‬ ‫وانتظــرت أبــو ّ‬ ‫فاستأذن ‪ ..‬ودخل عليها‬
‫رسول الله ‪ r‬فلم يتكلما ‪..‬‬ ‫وعندها أبوها وأمها‪ ..‬وامرأة‬
‫فقلت لبي ‪ :‬أجب عنــي رســول‬ ‫من النصار ‪..‬‬
‫وهي أول مرة يدخل فيها‬
‫الله ‪ r‬فيما قال ‪..‬‬
‫بيت أبي بكر ‪ ..‬منذ قال‬
‫فقال ‪ :‬والله مــا أدري مــا أقــول‬
‫الناس ما قالوا ‪ ..‬وما رأى‬
‫لرسول الله ‪.. ! r‬‬
‫عائشة منذ قرابة الشهر ‪..‬‬
‫فقلـــت لمـــي ‪ :‬أجيـــبي عنـــي‬
‫وقد لبث شهرا ً ل يوحى إليه‬
‫رسول الله ‪.. r‬‬ ‫في شيء في شأن‬
‫فقالت ‪ :‬والله ما أدري ما أقــول‬ ‫عائشة ‪..‬‬
‫لرسول الله ‪! r‬‬ ‫دخل ‪ r‬على عائشة ‪..‬‬
‫ووالله ما أعلــم أهــل بيــت دخــل‬ ‫فإذا طريحة الفراش ‪..‬‬
‫‪111‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫نبيه ‪..‬‬ ‫عليهم ما دخل علــى آل أبــي‬
‫فأما أنا حين رأيته يوحى إليه ‪..‬‬ ‫بكر في تلك اليام ‪..‬‬
‫فوالله ما فزعت ‪ ..‬وما باليت ‪..‬‬ ‫فلمــــا اســــتعجما علــــي ‪..‬‬
‫قد عرفت أني بريئة ‪ ..‬وأن الله‬ ‫استعبرت فبكيت ؟‬
‫غير ظالمي ‪..‬‬ ‫ثم قلت ‪ :‬ل ‪ ..‬والله ل أتــوب‬
‫وأما أبواي فوالذي نفس عائشة‬ ‫إلى الله مما ذكرت أبدا ً ‪..‬‬
‫سّري عن رسول الله‬ ‫بيده ‪ ..‬ما ُ‬ ‫إني والله قد عرفت أنكم قد‬
‫‪ r‬حتى ظننت لتخرجن‬ ‫ســمعتم بهــذا حــتى اســتقر‬
‫أنفسهما ‪ ..‬فرقا ً من أن يأتي‬ ‫في أنفسكم وصــدقتم بــه ‪..‬‬
‫من الله تحقيق ما قال الناس ‪..‬‬ ‫ولئن قلت لكــم إنــي بــريئة ‪-‬‬
‫ســّري عنــه ‪ .. r‬فــإذا هــو‬ ‫فلمــا ُ‬ ‫واللــه عــز وجــل يعلــم إنــي‬
‫يضــحك ‪ ..‬فجعــل يمســح العــرق‬ ‫بريئة ‪ -‬ل تصدقوني ‪..‬‬
‫عن وجهه ‪..‬‬ ‫وإن اعـــترفت لكـــم بـــأمر ‪-‬‬
‫وكان أول كلمة تكلم بها أن قال‬ ‫والله يعلم أنــي منــه بــريئة ‪-‬‬
‫‪:‬‬ ‫تصدقوني ‪..‬‬
‫أبشري يا عائشـة قـد أنـزل اللـه‬ ‫وإني والله ل أجد لي ولكم‬
‫عز وجل براءتك ‪..‬‬ ‫مثل ً إل كما قال أبو يوسف ‪:‬‬
‫فقلت ‪ :‬الحمد لله ‪..‬‬ ‫[ فصبر جميل والله‬
‫ن‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّـ ِ‬ ‫وأنــزل اللــه تعــالى ‪ [ :‬إ ِ ّ‬ ‫المستعان على ما تصفون‬
‫مل‬ ‫كــ ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ة ِ‬ ‫صــب َ ٌ‬ ‫ع ْ‬ ‫ك ُ‬ ‫فــ ِ‬ ‫ءوا ِباْل ِ ْ‬ ‫جــا ُ‬ ‫َ‬ ‫] ‪..‬‬
‫خي ْـٌر‬ ‫و َ‬ ‫هـ َ‬ ‫ل ُ‬ ‫م ب َـ ْ‬ ‫ش ـّرا ً ل َك ُـ ْ‬ ‫سُبوهُ َ‬ ‫ح َ‬ ‫تَ ْ‬ ‫قالت ‪ :‬ثم تحولت‬
‫ب‬ ‫ســ َ‬ ‫ما اك ْت َ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ئ ِ‬ ‫ر ٍ‬ ‫م ِ‬ ‫لا ْ‬ ‫م ل ِك ُ ّ‬ ‫ل َك ُ ْ‬ ‫فاضطجعت على فراشي ‪..‬‬
‫وّلى ك ِْبــَر ُ‬
‫ه‬ ‫ذي َتــ َ‬ ‫واّلــ ِ‬ ‫ن اْل ِْثــم ِ َ‬ ‫مــ َ‬ ‫ِ‬ ‫وأنا والله أعلم أني بريئة‬
‫ول إ ِ ْ‬
‫ذ‬ ‫ب عظيــم * ل َـ ْ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫عـ َ‬ ‫ه َ‬ ‫م لَ ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫وأن الله مبرئي ببراءتي ‪..‬‬
‫ن‬ ‫مُنــــو َ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ُ‬‫ْ‬ ‫موهُ ظــــ ّ‬ ‫َ‬ ‫عت ُ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ســــ ِ‬ ‫َ‬ ‫ولكن والله ما كنت أظن أن‬
‫خي ْــــرا ً‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬
‫ل في شأني وح ٌ‬ ‫ز َ‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ســــ ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫ت ب ِأن ْ ُ‬ ‫من َــــا ُ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬ ‫وال ُ‬ ‫َ‬ ‫َين ِ‬
‫ول‬ ‫ن * لــ ْ‬ ‫َ‬ ‫مِبيــ ٌ‬ ‫ذا إ ِفــك ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫هــ َ‬ ‫وقــالوا َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫يتلى ‪..‬‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ْ‬ ‫ذ‬ ‫إ‬ ‫ف‬‫َ‬ ‫ء‬
‫َ َ َ‬ ‫دا‬ ‫ه‬ ‫ش‬‫ُ‬ ‫ة‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ب‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ءوا‬ ‫َ ُ‬ ‫جا‬ ‫ولشأني كان أحقَر في‬
‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ ِ ِ ْ َ َ ِ‬
‫ه‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ء َ‬ ‫ي َأ ُْتوا ِبال ّ‬ ‫ي‬
‫نفسي من أن يتكلم الله ف ّ‬
‫عْنــدَ اللــ ِ‬ ‫فأولئ ِك ِ‬ ‫دا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ش َ‬
‫ن ] ‪..‬‬ ‫كاِذُبو َ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫ُ‬ ‫بأمر يتلى ‪..‬‬
‫ن‬‫وتوعد الله أولئك بقوله ‪ [ :‬إ ِ ّ‬ ‫ولكن كنت أرجو أن يرى‬
‫ع ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫ش ُ‬ ‫ح َ‬ ‫فا ِ‬ ‫شي َ‬ ‫ن تَ ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫حّبو َ‬ ‫ن يُ ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬ ‫ل الله ‪ r‬في النوم رؤيا‬ ‫رسو ُ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬ ‫ع َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫مُنوا ل َ ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫في ال ّ ِ‬ ‫ِ‬ ‫يبرئني الله عز وجل بها ‪..‬‬
‫م‬ ‫عل َ ُ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫والل ّ ُ‬ ‫ة َ‬ ‫خَر ِ‬ ‫واْل ِ‬ ‫في الدّن َْيا َ‬ ‫ِ‬ ‫* * * * * * * * *‬
‫ن ] ‪..‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فوالله ما برح رســول اللــه ‪r‬‬
‫مو َ‬ ‫عل ُ‬ ‫م ل تَ ْ‬ ‫وأن ْت ُ ْ‬ ‫َ‬
‫ثم خرج رسول الله ‪ r‬إلى الناس‬ ‫مجلسه ‪ ..‬ول خرج مــن أهــل‬
‫‪ ..‬فخطبهم ‪ ..‬وتل عليهم ما‬ ‫البيت أحد ‪..‬‬
‫أنزل الله من القران في ذلك ‪..‬‬ ‫حتى تغشاه من الله مــا كــان‬
‫ثم أقام حد القذف على من‬ ‫يتغشــاه ‪ ..‬وأنــزل اللــه علــى‬
‫‪112‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫أحد زملئك فلم يستجب ‪ ..‬فل‬ ‫قذف ‪..‬‬
‫تقلب الصداقة عداوة ‪ ..‬وإنما‬ ‫إذن ‪ ..‬ينبغي أن تتعامل مع‬
‫استمر في التلطف فلعله أن‬ ‫المخطئ على أنه مريض‬
‫يبقى على خطئه ول يزيد ‪..‬‬ ‫يحتاج إلى علج ‪ ..‬ل أن تبالغ‬
‫وقد قيل ‪ :‬حنانيك بعض الشر‬ ‫في كبته وتعنيفه ‪ ..‬لنه قد‬
‫أهون من بعض ‪..‬‬ ‫يصل إلى درجة يشعر معها‬
‫إذا تعاملت مع الناس بهذه‬ ‫ح بهذا الخطأ ‪..‬‬ ‫أنك فر ٌ‬
‫الريحية ‪ ..‬فلم تغضب على كل‬ ‫والطبيب الناصح هو الذي‬
‫صغيرة وكبيرة ‪ ..‬عشت سعيدا ً ‪..‬‬ ‫يهتم بصحة مرضاه أكثر من‬
‫قالت عائشة ‪: ‬‬ ‫اهتمامهم هم بأنفسهم ‪..‬‬
‫ما انتقم رسول الله ‪r‬‬ ‫•‬ ‫قال ‪: r‬‬
‫لنفسه قط ‪..‬‬ ‫إنما مثلي ومثل الناس ‪..‬‬
‫وما ضرب شيئا ً قط‬ ‫•‬ ‫كمثل رجل استوقد نارا ً ‪..‬‬
‫بيده ‪ ..‬ول امرأة ‪ ..‬ول‬ ‫فلما أضاءت ما حوله ‪ ..‬جعل‬
‫خادما ً ‪ ..‬إل أن يجاهد في‬ ‫ش وهذه الدواب التي‬ ‫فَرا ُ‬‫ال َ‬
‫سبيل الله ‪..‬‬ ‫تقع في النار يقعن فيها ‪..‬‬
‫وما نيل منه شيء قط‬ ‫•‬ ‫فجعل ينزعهن ‪ ..‬ويغلبنه‬
‫‪ ..‬فينتقم من صاحبه ‪ ..‬إل‬ ‫فيقتحمن فيها !!‬
‫أن ينتهك شيء من محارم‬ ‫كم عن النار ‪..‬‬ ‫ز ُ‬ ‫فأنا آخذٌ بح َ‬
‫ج ِ‬
‫)‪(42‬‬
‫الله فينتقم لله ‪..‬‬ ‫وأنتم تقحمون فيها ‪..‬‬
‫إذن ‪ ..‬كان ‪ r‬يغضب ‪ ..‬لكنه‬
‫غضبه لله ‪ ..‬ل يغضب لنفسه ‪..‬‬ ‫رأي ‪..‬‬
‫وحتى نفهم الفرق بين الغضبين‬ ‫أحيانا ً تكون طريقتنا في‬
‫‪:‬‬ ‫التعامل مع الخطاء أكبر من‬
‫افرض أن ولدك الصغير جاءك‬ ‫الخطأ نفسه ‪..‬‬
‫ذات صباح وطلب ريال ً أو ريالين‬
‫مصروفا ً للمدرسة ‪ ..‬فبحثت في‬ ‫‪.35‬‬
‫محفظة نقودك ‪ ..‬فلم تجد إل‬ ‫كما أن الناس يختلفون في‬
‫فئة الخمسمائة ريال ‪..‬‬ ‫طباعهم وأشكالهم ‪ ..‬كذلك‬
‫فأعطيتها له ‪ ..‬وقلت ‪:‬‬ ‫هم يختلفون في وجهات‬
‫هذه خمسمائة ريال ‪ ..‬اصرف‬ ‫نظرهم ‪ ..‬وفي قناعاتهم‬
‫منها ريالين ‪ ..‬وأرجع الباقي ‪..‬‬ ‫وتصرفاتهم ‪..‬‬
‫وأكدت عليه وكررت ‪..‬‬ ‫فإذا شعرت أن أحدا ً خالف‬
‫فلما رجع بعد الظهر فإذا المال‬ ‫الصواب ‪ ..‬ونصحته وحاولت‬
‫كله قد صرفه ‪..‬‬ ‫إصلح خطئه ولم يقتنع ‪..‬‬
‫فماذا ستفعل ؟‪ ..‬وكيف سيكون‬ ‫فل تصنف اسمه من بين‬
‫غضبك ‪..‬؟ قد تضرب وتعنف‬ ‫أعدائك ‪ ..‬وخذ المور‬
‫بأريحية قدر المستطاع ‪..‬‬
‫) ( رواه البخاري‬ ‫‪42‬‬ ‫فلو حاولت إصلح خطأ عند‬
‫‪113‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ثم قال هرقل ‪:‬‬ ‫وتمنعه من مصروفه أياما ً ‪..‬‬
‫والله لقد عرفتم فيما تقرأون‬ ‫ولكن لو رجعت مرة من‬
‫م‬
‫من الكتب ليأخذن أرضنا ‪ ..‬فهل ّ‬ ‫صلة العصر ووجدته يلعب‬
‫فلنتبعه على دينه ‪ ..‬أو نعطيه‬ ‫بالكمبيوتر ‪ ..‬أو عند‬
‫مالنا على أرضنا ‪..‬‬ ‫التلفاز ‪ ..‬ولم يصل في‬
‫فلما سمع القساوسة ذلك ‪..‬‬ ‫المسجد ‪ ..‬فهل ستغضب‬
‫ورأوا أنه يدعوهم لترك دينهم !‬ ‫كغضبك الول ؟‬
‫غضبوا ‪ ..‬ونخروا نخرة رجل‬ ‫أظننا نتفق أن غضبنا ألول‬
‫واحد حتى خرجوا من‬ ‫سيكون أشد وأطول وأكثر‬
‫برانسهم ‪ ..‬أي سقطت أرديتهم‬ ‫تأثيرا ً من غضبنا الثاني ‪..‬‬
‫من شدة الغضب والنتفاض !!‬ ‫أما رسول الله ‪ r‬فكان‬
‫وقالوا ‪ :‬تدعونا إلى أن نذر‬ ‫غضبه لله ‪..‬‬
‫النصرانية ‪ ..‬أو نكون عبيدا ً‬ ‫وكان يعرض النصيحة أحيانا ً‬
‫لعرابي جاء من الحجاز ‪!!.‬‬ ‫ول تقبل ‪ ..‬فياخذ المر‬
‫أسقط في يد هرقل ‪ ..‬وأيقن‬ ‫بهدووووء ‪ ..‬فالهداية بيد‬
‫أنه تورط بعرضه عليهم ‪..‬‬ ‫الله ‪..‬‬
‫وكان هؤلء القساوية لهم‬ ‫قدم رسول الله ‪ ‬إلى‬
‫سطوة وجمهور قوي ‪..‬‬ ‫تبوك على حدود الشام ‪..‬‬
‫فعلم هرقل أنهم إن خرجوا من‬ ‫اقترب من مملكة الروم ‪..‬‬
‫عنده ‪ ..‬أفسدوا عليه الروم ‪..‬‬ ‫فبعث دحية الكلبي ‪ ‬رسول ً‬
‫فجعل يهدئهم ‪ ..‬ويقول ‪ :‬إنما‬ ‫إلى هرقل ملك الروم ‪..‬‬
‫قلت ذلك لعلم صلبتكم على‬ ‫وصل دحية ‪ ‬إلى هرقل ‪..‬‬
‫أمركم ‪..‬‬ ‫دخل عليه ‪ ..‬ناوله كتاب‬
‫كان هرقل يعلم أن النبي ‪ ‬هو‬ ‫رسول الله ‪.. ‬‬
‫الرسول الذي بشر به عيسى‬ ‫فلما أن رأى هرقل الكتاب‬
‫‪.. ‬‬ ‫دعا قسيسي الروم‬
‫فأراد أن يتأكد من ذلك ‪..‬‬ ‫وبطارقتها ‪ ..‬ثم أغلق عليه‬
‫دعا هرقل رجل ً من عرب قبيلة‬ ‫وعليهم الدار فقال ‪:‬‬
‫"تجيب" ‪ ..‬كان من نصارى‬ ‫" قد نزل هذا الرجل حيث‬
‫العرب ‪..‬‬ ‫ي أن‬ ‫رأيتم ‪ ..‬وقد أرسل إل ّ‬
‫وقال له ‪:‬‬ ‫يدعوني إلى ثلث خصال ‪..‬‬
‫ً‬
‫ادع لي رجل ً حافظا للحديث ‪..‬‬ ‫يدعوني ‪:‬‬
‫ي اللسان ‪ ..‬أبعثه إلى هذا‬ ‫عرب ّ‬ ‫أن أتبعه على‬ ‫•‬
‫الرجل بجواب كتابه ‪..‬‬ ‫دينه ‪..‬‬
‫مضى ذاك التجيبي ‪ ..‬وجاء‬ ‫أو على أن نعطيه‬ ‫•‬
‫برجل من بني تنوخ ‪ ..‬من‬ ‫مالنا على أرضنا‬
‫نصارى العرب ‪..‬‬ ‫والرض أرضنا ‪..‬‬
‫دفع هرقل كتابا ً لهذا التنوخي‬ ‫أو نلقي إليه‬ ‫•‬
‫ليوصله لرسول الله ‪ .. ‬وقال‬ ‫الحرب ‪..‬‬
‫‪114‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫إني رسول قوم ‪ ..‬وعلى دين‬ ‫له ‪ :‬اذهب بكتابي إلى هذا‬
‫قومي ‪ ..‬ل أرجع عنه حتى أرجع‬ ‫الرجل ‪..‬‬
‫إليهم ‪..‬‬ ‫فما سمعت من حديثه‬
‫فما رأى ‪ ‬هذا التعصب ‪ ..‬لم‬ ‫فاحفظ لي منه ثلث‬
‫يغضب ‪ ..‬ولم يعمل مشكلة ‪..‬‬ ‫خصال ‪:‬‬
‫وإنما ضحك وقال ‪:‬‬ ‫انظر هل يذكر‬ ‫•‬
‫" إنك ل تهدي من أحببت ولكن‬ ‫صحيفته إلى التي كتب‬
‫الله يهدي من يشاء وهو أعلم‬ ‫بشيء ‪..‬؟‬
‫بالمهتدين " ‪..‬‬ ‫وانظر إذا قرأ‬ ‫•‬
‫ثم قال ‪ ‬بكل هدوء ‪:‬‬ ‫كتابي فهل يذكر‬
‫يا أخا تنوخ ‪..‬‬ ‫الليل ؟‬
‫إني كتبت بكتاب إلى‬ ‫•‬ ‫وانظر في ظهره‬ ‫•‬
‫كسرى فمزقه والله ممزقه‬ ‫هل به شيء يريبك ؟‬
‫وممزق ملكه ‪..‬‬ ‫مضى التنوخي كفارقا ً‬
‫وكتبت إلى النجاشي‬ ‫•‬ ‫للشام ‪ ..‬حتى وصل إلى‬
‫بصحيفة فخرقها والله‬ ‫تبوك ‪..‬‬
‫مخرق ملكه ‪..‬‬ ‫فإذا رسول الله ‪ ‬جالس‬
‫وكتبت إلى صاحبك‬ ‫•‬ ‫بين ظهراني أصحابه ‪..‬‬
‫بصحيفة فأمسكها ‪ ..‬فلن‬ ‫محتبيا ً على الماء ‪..‬‬
‫يزال الناس يجدون منه‬ ‫فوقف التنوخي عليهم ‪..‬‬
‫بأسا ً ما دام في العيش خير‬ ‫وقال ‪ :‬أين صاحبكم ؟‬
‫" ‪..‬‬ ‫قيل ‪ :‬ها هو ذا ‪..‬‬
‫تذكر التنوخي وصية هرقل ‪..‬‬ ‫فأقبل يمشي حتى جلس‬
‫وقال في نفسه ‪ :‬هذه إحدى‬ ‫بين يديه ‪..‬‬
‫الثلث التي أوصاني بها‬ ‫فناوله كتاب هرقل ‪..‬‬
‫صاحبي ‪..‬‬ ‫فأخذه ‪ .. ‬فوضعه في‬
‫فخشي أن ينساها ‪ ..‬فأخذ سهما ً‬ ‫جره ‪ ..‬ثم قال ‪ " :‬ممن‬ ‫ح ْ‬
‫ِ‬
‫من جعبته فكتبها في جنب‬ ‫أنت " ‪ ..‬؟‬
‫سيفه ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬أنا أخو تنوخ ‪..‬‬
‫ثم إن رسول الله ‪ ‬ناول‬ ‫فقال ‪ " : ‬هل لك إلى‬
‫الصحيفة رجل ً عن يساره ‪..‬‬ ‫السلم ‪ ..‬الحنيفية ‪ ..‬ملة‬
‫فقال التنوخي ‪ :‬من صاحب‬ ‫أبيك إبراهيم ؟‬
‫كتابكم الذي يقرأ لكم ؟‬ ‫كان ‪ ‬راغبا ً في دخول هذا‬
‫قالوا ‪ :‬معاوية ‪..‬‬ ‫الرجل في السلم ‪..‬‬
‫بدأ معاوية ‪ ‬يقرأ ‪ ..‬فإذا هرقل‬ ‫في الحقيقة لم يكن هناك‬
‫قد كتب إلى النبي ‪: ‬‬ ‫ما يمنع التنوخي من اتباع‬
‫تدعوني إلى جنة عرضها‬ ‫الحق ‪ ..‬إل التعصب لدين‬
‫السموات والرض أعدت‬ ‫قومه ‪ ..‬فحسب !!‬
‫للمتقين !! فأين النار ؟‬ ‫فقال التنوخي بكل صراحة ‪:‬‬
‫‪115‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫" تعال يا أخا تنوخ " ‪!!..‬‬ ‫فقال ‪ " : r‬سبحان الله ‍!‍‬
‫ً‬
‫فأقبل التنوخي يهوي مسرعا ‪..‬‬ ‫أين الليل إذا جاء النهار " ‪.‬‬
‫حتى قام بين يدي النبي ‪.. ‬‬ ‫فانتبه التنوخي أن هذه‬
‫فحل ‪ ‬حبوته ‪ ..‬ثم أسقط‬ ‫الثانية التي أمره هرقل‬
‫رداءه عن ظهره ‪ ..‬فانكشف‬ ‫بترقبها ‪ ..‬فأخذ سهما ً من‬
‫ظهره للتنوخي ‪ ..‬فقال ‪" : ‬‬ ‫جعبته فكتبه في جلد‬
‫هاهنا امض لما أمرت به " ‪..‬‬ ‫سيفه ‪..‬‬
‫قال التنوخي ‪ :‬فنظرت في‬ ‫فلما أن فرغ معاوية من‬
‫ظهره ‪ ..‬فإذا أنا بخاتم في‬ ‫قراءة الكتاب ‪..‬‬
‫موضع غضون الكتف مثل‬ ‫التفت ‪ ‬إلى التنوخي ‪..‬‬
‫)‪(43‬‬
‫الحجمة الضخمة ‪..‬‬ ‫الذي لم يقبل النصح ‪ ..‬ولم‬
‫يدخل في الدين ‪ ..‬وقال له‬
‫فكرة ‪..‬‬ ‫متلطفا ً ‪:‬‬
‫المقصود أن يدرك الناس‬ ‫إن لك حقا ً وإنك لرسول ‪..‬‬
‫أخطاءهم ‪ ..‬وليس شرطا ً أن‬ ‫فلو وجدت عندنا جائزة‬
‫يصححوها أمامك ‪ ..‬فل تغضب ‪..‬‬ ‫فر‬‫س ْ‬‫جوزناك بها ‪ ..‬إنا ِ‬
‫ملون ‪..‬‬ ‫مر ِ‬
‫ُ‬
‫قابل الساءة‬ ‫‪.36‬‬ ‫يعني أتمنى أن أعطيك هدية‬
‫بالحسان ‪..‬‬ ‫‪ ..‬لكننا كما ترانا مسافرين‬
‫عندما تتعامل مع الناس فإنهم‬ ‫جالسين على الرمال !!‬
‫يعاملونك في الغالب على ما‬ ‫فقال عثمان ‪ : ‬أنا أجوزه‬
‫هم ‪ ..‬ل على ما تريد‬‫يريدون ُ‬ ‫يا رسول الله ‪..‬‬
‫أنت ‪..‬‬ ‫ثم قام عثمان ففتح رحله ‪..‬‬
‫فليس كل من قابلته ببشاشة‬ ‫فأتى بحلة ولباس فوضعها‬
‫بادلك بشاشة مثلها ‪ ..‬فبعضهم‬ ‫في حجر التنوخي ‪..‬‬
‫قد يغضب ويسيء الظن‬ ‫ثم قال ‪ r‬الكريم ‪ " :‬أيكم‬
‫ويسألك ‪ :‬مم تضحك ؟!‬ ‫ينزل هذا الرجل ؟ " ‪ ..‬يعني‬
‫ول كل من أهديت له هدية ‪ ..‬رد‬ ‫يقوم بحق ضيافته !!‬
‫لك مثلها ‪ ..‬فبعضهم قد تهدي‬ ‫فقال فتى من النصار ‪:‬‬
‫إليه ثم يغتابك في المجالس‬ ‫أنا ‪..‬‬
‫ويتهمك بالسفه وتضييع‬ ‫فقام النصاري وقام‬
‫المال ‪!!..‬‬ ‫التنوخي يمشي معه ‪ ..‬وباله‬
‫ول كل من تفاعلت معه في‬ ‫مشغول بالمر الثالث الذي‬
‫كلمه ‪ ..‬أو أثنيت عليه وتلطفت‬ ‫أمره هرقل أن يتأكد له‬
‫معه في عباراتك قابلك بمثلها ‪..‬‬ ‫منه ‪ ..‬وهو خاتم النبوة بين‬
‫فإن الله قسم الخلق كما قسم‬ ‫كتفي النبي ‪.. ‬‬
‫‪( ) 43‬في مسند أحمد ‪ ..‬بإسناد قال فيه‬ ‫مشى التنوخي خطوات ‪..‬‬
‫ابن كثير ل بأس به ‪ ..‬سيرة ابن كثير‬ ‫وفجأة ‪ ..‬إذا برسول الله ‪‬‬
‫‪. 4/27‬‬ ‫يصيح به ‪:‬‬
‫‪116‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫اللحم في القدر واطبخ‬ ‫الرزاق ‪..‬‬
‫الطعام ‪ ..‬فقال ‪ :‬يتعبني كثرة‬ ‫والمنهج الرباني هو ‪ ) :‬ول‬
‫النظر إلى الطعام قبل‬ ‫تستوي الحسنة ول السيئة‬
‫نضوجه ‪..‬‬ ‫ادفع بالتي هي أحسن فإذا‬
‫فتولى الرجل الطبخ والنفخ ‪..‬‬ ‫الذي بينك وبينه عداوة كأنه‬
‫حتى جهز الطعام وقد تعب ‪..‬‬ ‫ولي حميم ( ‪..‬‬
‫فاضجع على الرض ‪ ..‬وقال ‪ :‬يا‬ ‫وبعض الناس ل حل له ول‬
‫أشعب ! قم جهز سفرة‬ ‫إصلح إل أن تتعامل معه بما‬
‫الطعام ‪ ..‬وضع الطعام في‬ ‫هو عليه ‪ ..‬فتصبر عليه أو‬
‫الصحن ‪..‬‬ ‫تفارقه ‪..‬‬
‫فقال أشعب ‪ :‬جسمي ثقيل ول‬ ‫ذكر أن أشعب سافر مع‬ ‫ُ‬
‫أنشط لذلك ‪..‬‬ ‫رجل من التجار ‪ ..‬وكان هذا‬
‫فقام الرجل وجهز الطعام‬ ‫الرجل يقوم بكل شيء من‬
‫ووضعه على السفرة ‪..‬‬ ‫خدمة وإنزال متاع وسقي‬
‫ثم قال ‪ :‬يا أشعب ! قم‬ ‫دواب ‪ ..‬حتى تعب وضجر ‪..‬‬
‫شاركني في أكل الطعام ‪..‬‬ ‫وفي طريق رجوعهما ‪ ..‬نزل‬
‫فقال أشعب ‪ :‬قد استحييت‬ ‫للغداء ‪..‬‬
‫والله من كثيرة اعتذاري وها أنا‬ ‫فأناخا بعيريهما ونزل ‪ ..‬فأما‬
‫أطيعك الن ‪ ..‬ثم قام وأكل !!‬ ‫أشعب فتمدد على الرض ‪..‬‬
‫فقد تلقي من الناس من هو‬ ‫وأما صاحبه فوضع الفرش ‪..‬‬
‫مثل أشعب ‪ ..‬فل تحزن ‪ ..‬وكن‬ ‫وأنزل المتاع ‪..‬‬
‫جبل ً ‪..‬‬ ‫ثم التفت إلى أشعب وقال ‪:‬‬
‫كان المربي الول ‪ e‬يتعامل مع‬ ‫قم اجمع الحطب وأنا أقطع‬
‫الناس بعقله ل بعاطفته ‪ ..‬كان‬ ‫اللحم ‪..‬‬
‫يتحمل أخطاء الخرين ويرفق‬ ‫فقال أشعب ‪ :‬أنا والله‬
‫بهم ‪..‬‬ ‫متعب من طول ركوب الدابة‬
‫وانظر إليه ‪ r‬وقد جلس في‬ ‫‪ ..‬فقام الرجل وجمع‬
‫مجلس مبارك يحيط به‬ ‫الحطب ‪..‬‬
‫أصحابه ‪..‬‬ ‫ثم قال ‪ :‬يا أشعب ! قم‬
‫فيأتيه أعرابي يستعينه في دية‬ ‫أشعل الحطب ‪ ..‬فقال ‪:‬‬
‫قتيل ‪ ..‬قد قتل ‪ -‬هو أو غيره‬ ‫يؤذيني الدخان في صدري‬
‫‪-‬رجل ً ‪ ..‬فأقبل يريد من النبي‬ ‫إن اقتربت منه ‪ ..‬فأشعلها‬
‫‪ ‬أن يعينه بمال ‪ ..‬يؤديه إلى‬ ‫الرجل ‪..‬‬
‫أولياء المقتول ‪..‬‬ ‫ثم قال ‪ :‬يا أشعب ! قم‬
‫فأعطاه رسول الله ‪ e‬شيئا ً ‪ ..‬ثم‬ ‫أمسك علي لقطع اللحم ‪..‬‬
‫قال تلطفا ً معه ‪ :‬أحسنت إليك ؟‬ ‫فقال ‪ :‬أخشى أن تصيب‬
‫قال العرابي ‪ :‬ل ‪ ..‬ل أحسنت‬ ‫السكين يدي ‪ ..‬فقطع‬
‫ول أجملت ‪..‬‬ ‫الرجل اللحم وحده ‪..‬‬
‫فغضب بعض المسلمين وهموا‬ ‫ثم قال ‪ :‬يا أشعب ! قم ضع‬
‫‪117‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫خيرا ً ‪..‬‬ ‫أن يقوموا إليه ‪ ..‬فأشار‬
‫فلما هم العرابي أن يخرج إلى‬ ‫النبي ‪ e‬إليهم أن كفوا ‪..‬‬
‫أهله ‪..‬‬ ‫ثم قام ‪ e‬إلى منزله ‪ ..‬ودعا‬
‫أراد ‪ r‬أن يعطي أصحابه درسا ً‬ ‫العرابي إلى البيت فقال له‬
‫في كسب القلوب ‪ ..‬فقال‬ ‫‪:‬‬
‫لهم ‪:‬‬ ‫إنك جئتنا فسألتنا فأعطيناك‬
‫إن مثلي ومثل هذا العرابي‬ ‫‪ ..‬فقلت ما قلت ‪..‬‬
‫كمثل رجل كانت له ناقة‬ ‫ثم زاده ‪ r‬شيئا ً من مال‬
‫فشردت عليه ‪ ..‬فاتبعها‬ ‫وجده في بيته ‪..‬‬
‫الناس ‪ ..‬يعني يركضون وراءها‬ ‫فقال ‪ :‬أحسنت إليك ؟‬
‫ليمسكوها ‪ ..‬وهي تهرب منهم‬ ‫فقال العرابي ‪ :‬نعم فجزاك‬
‫فزعا ً ‪ ..‬ولم يزيدوها إل نفورا ً ‪..‬‬ ‫الله من أهل وعشيرة‬
‫فقال صاحب الناقة ‪:‬‬ ‫خيرا ً ‪..‬‬
‫خلوا بيني وبين ناقتي ‪ ..‬فأنا‬ ‫فأعجبه ‪ r‬هذا الرضى منه ‪..‬‬
‫أرفق بها وأعلم بها ‪..‬‬ ‫لكنه خشي أن يبقى في‬
‫فتوجه إليها صاحب الناقة فأخذ‬ ‫قلوب أصحابه على الرجل‬
‫لها من قشام الرض ‪..‬‬ ‫شيء ‪ ..‬فيراه أحدهم في‬
‫ودعاها ‪..‬‬ ‫طريق أو سوق ‪ ..‬فل يزال‬
‫حتى جاءت واستجابت ‪ ..‬وشد‬ ‫حاقدا ً عليه ‪..‬‬
‫عليها رحلها ‪ ..‬واستوى عليها ‪..‬‬ ‫ل ما في‬ ‫فأراد أن يس ّ‬
‫ولو أني أطعتكم حيث قال ما‬ ‫صدورهم ‪..‬‬
‫قال ‪ ..‬دخل النار ‪..‬‬ ‫فقال له ‪ : e‬إنك كنت جئتنا‬
‫د‬
‫يعني لو طردتموه ‪ ..‬لعله يرت ّ‬ ‫فأعطيناك ‪ ..‬فقلت ما‬
‫)‪(44‬‬
‫عن الدين ‪ ..‬فيدخل النار ‪..‬‬ ‫قلت ‪ ..‬وفي نفس أصحابي‬
‫وما كان الرفق في شيء إل‬ ‫عليك من ذلك شيء ‪ ..‬فإذا‬
‫زانه ‪ ..‬وما نزع من شيء إل‬ ‫جئت فقل بين أيديهم ما‬
‫شانه ‪.‬‬ ‫قلت بين يدي ‪ ..‬حتى يذهب‬
‫) ول تستوي الحسنة ول السيئة‬ ‫عن صدورهم ‪..‬‬
‫ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي‬
‫فلما جاء العرابي ‪ ..‬قال ‪: e‬‬
‫بينك وبينه عداوة كأنه ولي‬
‫إن صاحبكم كان جاءنا‬
‫حميم ( ‪..‬‬
‫فسألنا فأعطيناه فقال ما‬
‫ذكر أنه ‪ r‬لما فتح مكة ‪ ..‬جعل‬ ‫ُ‬ ‫قال ‪ ..‬وإنا قد دعوناه‬
‫يطوف بالبيت ‪..‬‬ ‫فأعطيناه ‪ ..‬فزعم أنه قد‬
‫فأقبل فضالة بن عمير ‪ ..‬رجل‬ ‫رضي ‪..‬‬
‫يظهر السلم ‪..‬‬ ‫ثم التفت إلى العرابي‬
‫فجعل يطوف خلف النبي ‪.. ‬‬ ‫وقال ‪ :‬أكذاك ؟‬
‫قال العرابي ‪ :‬نعم فجزاك‬
‫‪ ( ) 44‬والحديث رواه البزار وفي سنده‬ ‫الله من أهل وعشيرة‬
‫مقال ‪..‬‬
‫‪118‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫وجرهم إلى الخير ‪..‬‬ ‫ينتظر منه غفلة ‪..‬‬
‫كان أبو طالب يكف عن النبي ‪‬‬ ‫ليقتله ‪!!..‬‬
‫كثيرا ً من أذى قريش ‪..‬‬ ‫فلما دنا من النبي ‪.. ‬‬
‫فلما مــات أبــو طــالب ‪ ..‬ضــيقت‬ ‫انتبه ‪ ‬إليه ‪ ..‬فالتفت إليه‬
‫قريش كثيرا ً على النــبي ‪ ‬فــي‬ ‫وقال ‪ :‬أفضالة !!‬
‫مكة ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬نعم ‪ ..‬فضالة يا‬
‫ونالت من الذى ما لم تكن نالته‬ ‫رسول الله ‪..‬‬
‫منه في حياة عمه أبي طالب ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬ماذا كنت تحدث به‬
‫فجعل ‪ ‬يفكــر فــي مكــان آخــر‬ ‫نفسك ؟‬
‫يلجــأ إليــه ‪ ..‬يجــد فيــه النصــرة‬ ‫قال ‪ :‬لشيء ‪ ..‬كنت أذكر‬
‫والتأييد ‪..‬‬ ‫الله ‪!!..‬‬
‫فخرج إلى الطــائف يلتمــس مــن‬ ‫فضحك النبي ‪ .. r‬ثم قال ‪:‬‬
‫قبيلة ثقيف النصرة والمنعة ‪..‬‬ ‫أستغفر الله ‪..‬‬
‫دخل الطائف ‪..‬‬ ‫قال فضالة ‪ : ..‬ثم وضع‬
‫فتوجه إلى ثلثة رجال هم سادة‬ ‫رسول الله ‪ r‬يده على‬
‫ثقيف وأشرافهم ‪..‬‬ ‫صدري ‪ ..‬فسكن قلبي ‪..‬‬
‫وهم أخوة ثلثة ‪:‬‬ ‫فوالله ما رفع رسول الله ‪r‬‬
‫عبد ياليل بن عمرو ‪..‬‬ ‫يده عن صدري ‪..‬‬
‫وأخوه مسعود ‪..‬‬ ‫حتى ما خلق الله شيء أحب‬
‫وحبيب ‪..‬‬ ‫إلي منه ‪..‬‬
‫جلس اليهم ‪ ..‬دعاهم إلى الله ‪..‬‬ ‫ثم رجع فضالة إلى أهله ‪..‬‬
‫كلمهم لما جاءهم له من نصــرته‬ ‫فمر بامرأة كان يجالسها ‪..‬‬
‫علــى الســلم ‪ ..‬والقيــام معــه‬ ‫ويتحدث إليها ‪..‬‬
‫على من خالفه من قومه ‪..‬‬ ‫فلما رأته ‪ ..‬قالت ‪ :‬هلم إلى‬
‫فكان ردهم بذيئا ً !!‬ ‫الحديث ‪..‬‬
‫أمــا أحــدهم فقــال ‪ :‬أنــا أمــرط‬ ‫فقال ‪ :‬ل ‪ ..‬ثم قال ‪..‬‬
‫ثيـــاب الكعبـــة ‪ ..‬إن كـــان اللـــه‬ ‫قالت هلم إلى الحديث‬
‫أرسلك !!‬ ‫فقلت ل ** يأبى عليك الله‬
‫وقال الخر ‪ :‬أما وجد اللــه أحــدا ً‬
‫و السلم‬
‫يرسله غيرك ؟!‬ ‫لو ما رأيت محمدا ً وقبيله **‬
‫وجعل الثالث يبحث متحذلقا ً عن‬ ‫م‬‫سر الصنا ُ‬ ‫بالفتح يوم تك ّ‬
‫عبارة يرد بها ‪ ..‬حــرص علــى أن‬ ‫لرأيت دين الضحى بينا **‬
‫تكون أبلغ من كلم صاحبيه ‪..‬‬ ‫والشرك يغشى وجهه‬
‫فقال ‪ :‬والله ل أرد عليك أبــدا ً ‪..‬‬ ‫الظلم‬
‫لئن كنــت رســول ً مــن اللــه كمــا‬ ‫وكـــان فضـــالة بعـــدها مـــن‬
‫تقول ‪ ..‬لنت أعظــم خطــرا ً مــن‬ ‫صالحي المسلمين ‪..‬‬
‫أن أرد عليك الكلم ‪ ..‬ولئن كنت‬ ‫كان ‪ ‬يملك قلوب الناس‬
‫تكذب على الله ‪ ..‬فما ينبغي لي‬ ‫بالعفو عنهم ‪ ..‬يتحمل الذى‬
‫أن أكلمك ‪..‬‬ ‫في سبيل التأثير فيهم ‪..‬‬
‫‪119‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ملكته أمري !‬ ‫فقــام ‪ ‬مــن عنــدهم وقــد‬
‫إن لم يكــن بــك غضــب علــي فل‬ ‫يئس من خير ثقيف ‪..‬‬
‫أبالي ‪ ..‬ولكن عافيتك هي أوسع‬ ‫وخشي أن تعلم قريش أنهم‬
‫لي ‪..‬‬ ‫ردوه ‪ ..‬فيزدادون أذى له ‪..‬‬
‫أعوذ بنور وجهك الــذي أشــرقت‬ ‫فقــال لهــم ‪ :‬إن فعلتــم مــا‬
‫له الظلمات ‪ ..‬وصــلح عليــه أمــر‬ ‫ي ‪..‬‬‫فعلتم ‪ ..‬فاكتموا عل ّ‬
‫الدنيا والخرة ‪..‬‬ ‫فلم يفعلوا ‪ ..‬بــل أغــروا بــه‬
‫مــن أن تنــزل بــي غضــبك ‪ ..‬أو‬ ‫ســـــفهاءهم وعبيـــــدهم ‪..‬‬
‫ي سخطك ‪..‬‬ ‫تحل عل ّ‬ ‫فجعلوا يركضون وراء رسول‬
‫لــك العتــبى حــتى ترضــى ‪ ..‬ول‬ ‫الله ‪ .. ‬يسبونه ويصــيحون‬
‫حول ول قوة ال بك ‪..‬‬ ‫به ‪..‬‬
‫فبينما هو كذلك ‪ ..‬فإذ بسحابة‬ ‫وقد اصطفوا صـفين ‪ ..‬وهـو‬
‫تظله ‪.. ‬‬ ‫يسرع الخطى بينهم ‪ ..‬وكلما‬
‫وإذا فيها جبريل عليه السلم ‪..‬‬ ‫رفــــــــع رجل ً رضــــــــخوها‬
‫فناداه ‪:‬‬ ‫بالحجارة ‪..‬‬
‫يا محمد ‪ ..‬إن الله قد سمع قول‬ ‫وهــو ‪ ‬يحــاول ‪ ..‬أن يســرع‬
‫قومك لك ‪ ..‬وما ردوا عليك ‪..‬‬ ‫فيخطاه ليتقي ما يرمونه بــه‬
‫وقد بعث لك ملك الجبال لتأمره‬ ‫من حجارة ‪..‬‬
‫بما شئت فيهم ‪..‬‬ ‫وجعلت قدماه الشريفتان ‪‬‬
‫وقبل أن ينطق ‪ ‬بكلمة ‪..‬‬ ‫تسيلن بالدماء ‪..‬‬
‫ناداه ملك الجبال ‪ ..‬السلم‬ ‫وهـــو الكهـــل الـــذي جـــاوز‬
‫عليك يا رسول الله ‪..‬‬ ‫الربعين ‪..‬‬
‫يا محمد ‪ ..‬إن الله قد سمع قول‬ ‫فأبعـــد عنهـــم ‪ ..‬ومشـــى ‪..‬‬
‫قومك لك ‪ ..‬وأنا ملك الجبال ‪..‬‬ ‫ومشى ‪..‬‬
‫قد بعثني اليك ربك لتأمرني ما‬ ‫حتى جلس فــي موضــع آمــن‬
‫شئت ‪..‬‬ ‫يستريح ‪ ..‬تحت ظل نخلة ‪..‬‬
‫ثم قبل أن ينطق ‪ ‬أو يختار ‪..‬‬ ‫وهــو منشــغل البــال ‪ ..‬كيــف‬
‫جعل ملك الجبال يعرض عليه ‪..‬‬ ‫ستســتقبله قريــش ‪ ..‬كيــف‬
‫ويقول ‪:‬‬ ‫سيدخل مكة ‪..‬‬
‫إن شئت تطبق عليهم الخشبين‬ ‫فرفــع طرفــه إلــى الســماء‬
‫‪ ..‬وهما جبلن عظيمان في‬ ‫وقال ‪:‬‬
‫جانبي مكة ‪..‬‬ ‫اللهــم اليــك أشــكو ضــعف‬
‫وجعل ملك الجبال ينتظر‬ ‫قـــوتي ‪ ..‬وقلـــة حيلـــتي ‪..‬‬
‫المر ‪..‬‬ ‫وهواني على الناس ‪..‬‬
‫فإذا به ‪ ‬يطأ على حظوظ‬ ‫يا أرحم الراحمين ‪..‬‬
‫النفس ‪ ..‬وشهوة النتقام ‪..‬‬ ‫أنـــت رب المستضـــعفين ‪..‬‬
‫ويقول ‪:‬‬ ‫وأنـــت ربـــي ‪ ..‬إلـــى مـــن‬
‫بل ‪ ..‬أستأني بهم ‪ ..‬فإني أرجو‬ ‫تكلنــــــي ! إلــــــى بعيــــــد‬
‫أن يخرج الله من أصلبهم من‬ ‫يتجهمنـــي ‪ ..‬أم إلـــى عـــدو‬
‫‪120‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫المسلوق !!‬ ‫يعبد الله ل يشرك به شيئا ً ‪..‬‬
‫والسلطات كانت حامضة بسبب‬
‫اللليمون ‪ ..‬وأنا ل أحب ذلك ‪..‬‬ ‫كن بطل ً ‪..‬‬
‫وكذلك الحلويات كانت مزينة‬ ‫وإن الذي بيني وبين بني‬
‫بالكريمة ‪ ..‬وهذا يجعل طعمها‬ ‫أبي‬
‫غير مقبول ‪..‬‬ ‫وبين بني عمي لمختلف جدا ً‬
‫ثم يقول لك ‪ :‬وعموما ً أكثر‬ ‫فإن أكلوا لحمي وفرت‬
‫الناس أيضا ً تضايقوا ‪ ..‬وما أكلوا‬ ‫لحومهم‬
‫إل مجاملة ‪ ..‬أو لنهم اضطروا‬ ‫وإن هدموا مجدي بنيت لهم‬
‫إليه ‪..‬‬ ‫مجدا ً‬
‫فقطعا ‪ ..‬أنت هنا ستنظر إلى‬ ‫ً‬ ‫وليسوا إلى نصري سراعا ً‬
‫هذا الناصح نظرة ازدراء‬ ‫وإن هم‬
‫وإعراض ‪ ..‬ولن تقبل منه‬ ‫دعوني إلى نصر أتيتهم شدا ً‬
‫نصيحته ؛ لنها مبنية على آراء‬ ‫ول أحمل الحقد القديم‬
‫وأمزجة شخصية ‪!!..‬‬ ‫عليهم‬
‫قل مثل ذلك فيمن ينصح آخر‬ ‫وليس رئيس القوم من‬
‫حول طريقة تعامله مع أولده ‪..‬‬ ‫يحمل الحقد‬
‫أو مع زوجته ‪ ..‬أو طريقة بنائه‬
‫لبيته ‪ ..‬أو نوع سيارته ‪ ..‬بناء‬ ‫أقنعه بخطئه‬ ‫‪.37‬‬
‫على ذوقه الخاص ‪..‬‬ ‫ليقبل النصح ‪..‬‬
‫انتبه دائما ً أن تكون هذه النصائح‬ ‫بعض الناس يشغل الخرين‬
‫والنتقادات مبنية على مجرد‬ ‫بكثرة التوجيهات‬
‫أمزجة شخصية ‪..‬‬ ‫والملحظات حتى يوصلهم‬
‫نعم لو طلب رأيك ‪ ..‬أبده له‬ ‫إلى مرحلة الملل‬
‫واعرضه عليه ‪ ..‬أما أن تتكلم‬ ‫والستثقال ‪..‬‬
‫معه وتنصح كما تنصح‬ ‫خاصة إذا كانت النصائح‬
‫المخطئ ‪ ..‬فل ‪..‬‬ ‫والتوجيهات مبنية على آراء‬
‫وأحيانا ً ‪ ..‬المنصوح ل يشعر أنه‬ ‫وأمزجة شخصية ‪..‬‬
‫مخطئ فل بد أن تكون حجتك‬ ‫كمن ينصحك بعد وليمة‬
‫قوية عند نصحه ‪..‬‬ ‫دعوت الناس إليها وتعبت‬
‫جلس أعرابي صلف مع قوم‬ ‫في إعدادها وتعب معك‬
‫صالحين ‪ ..‬فتكلموا حول بر‬ ‫أهلك ومالك ! ثم يقول لك‬
‫الوالدين ‪ ..‬والعرابي يسمع ‪..‬‬ ‫هذا الناصح ‪ :‬يا أخي الوليمة‬
‫فالتفت إليه أحدهم وقال ‪ :‬يا‬ ‫ما كانت مناسبة ‪ ..‬وتعبك‬
‫فلن ‪ ..‬كيف برك بأمك ‪..‬‬ ‫ذهب هدرا ً ‪ ..‬وكنت أظن أنها‬
‫فقال العرابي ‪ :‬أنا بها بار ‪..‬‬ ‫ستكون بمستوى أعلى من‬
‫قال ‪ :‬ما بلغ من برك بها ؟‬ ‫هذا ‪ ..‬فتقول لماذا ؟ فيقول‬
‫قال ‪ :‬والله ما قرعتها بسوط‬ ‫‪ :‬يا أخي أكثر اللحم كان‬
‫قط !!‬ ‫مشويا ً ‪ ..‬وأنا أحب اللحم‬
‫‪121‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫عنده ‪..‬‬ ‫يعني إن احتاج إلى ضربها ‪..‬‬
‫جعل أسامة يكلم النبي ‪e‬‬ ‫ضربها بيده أو عمامته ‪ ..‬أما‬
‫ليخفف الحكم ‪ ..‬ويبين أن هذه‬ ‫السوط فل يضربها به ‪ ..‬من‬
‫المرأة من أشراف الناس ‪..‬‬ ‫شدة البّر!!‬
‫وأسامة يواصل الكلم والنبي ‪‬‬ ‫فالمسكين ما كان ميزان‬
‫يستمع ‪ ..‬كان أسامة يحاول‬ ‫الخطأ والصواب عنده‬
‫إقناع النبي ‪ e‬برأيه ‪..‬‬ ‫مستقيما ً ‪..‬‬
‫نظر النبي ‪ e‬إلى أسامة ‪ ..‬فإذا‬ ‫فكن رفيقا ً لطيفا ً ‪ ..‬حتى‬
‫هو يحاول ويناقش ‪ ..‬بكل قناعة‬ ‫يقتنع الذي أمامك بخطئه ‪..‬‬
‫‪ ..‬ول يدري أنه يطلب منه ما ل‬ ‫كان في عهده ‪ e‬امرأة من‬
‫يجوز ‪!!..‬‬ ‫بني مخزوم تستلف المتاع‬
‫فتغير النبي وغضب ‪ e‬وكان أول‬ ‫من النساء ‪ ..‬وتتغافل عن‬
‫كلمة قالها أن بين له خطأه‬ ‫رده فإذا سألوها عنه‬
‫فقال ‪:‬‬ ‫جحدته ‪ ..‬وأنكرت أنها أخذت‬
‫أتشفع في حد من حدود الله يا‬ ‫شيئا ً ‪..‬‬
‫أسامة ؟‬ ‫حتى زاد أذاها في الجحد‬
‫فكأنه يبين سبب غضبه‬ ‫والسرقة فرفع أمرها إلى‬
‫لسامة ‪ ..‬وأن حدود الله تعالى‬ ‫رسول الله ‪ .. e‬فقضى فيها‬
‫التي أوجب على عباده إقامتها‬ ‫أن تقطع يدها ‪..‬‬
‫ل تجوز الشفاعة فيها ‪..‬‬ ‫فشق على قريش أن تقطع‬
‫فانتبه أسامة ‪ ..‬وقال فورا ً ‪:‬‬ ‫يدها وهي من قبيلة من كبار‬
‫استغفر لي يا رسول الله ‪..‬‬ ‫قبائل قريش ‪..‬‬
‫فلما كان الليل ‪ ..‬قام ‪‬‬ ‫فأرادوا أن يكلموا النبي ‪e‬‬
‫فخطب في الناس وأثنى على‬ ‫ليخفف هذا الحكم إلى حكم‬
‫الله بما هو أهله ‪ ..‬ثم قال ‪:‬‬ ‫آخر ‪ ..‬كجلد أو غرامة مال ‪..‬‬
‫" أما بعد ‪ ..‬فإنما أهلك الذين‬ ‫أو نحو ذلك ‪..‬‬
‫من قبلكم ‪:‬‬ ‫وكلما توجه رجل منهم‬
‫أنهم كانوا إذا سرق فيهم‬ ‫لنقاش النبي ‪ e‬في هذا‬
‫الشريف تركوه ‪ ..‬وإذا سرق‬ ‫المر ‪ ..‬تردد ورجع ‪..‬‬
‫فيهم الضعيف ‪ ..‬أقاموا عليه‬ ‫فقالوا لن يجترئ على‬
‫الحد ‪..‬‬ ‫رسول الله ‪ e‬إل أسامة بن‬
‫وإني والذي نفسي بيده ‪ ..‬لو أن‬ ‫ب رسول الله ‪e‬‬ ‫ح ّ‬ ‫زيد ‪ِ ..‬‬
‫فاطمة بنت محمد سرقت‬ ‫حّبه ‪ ..‬تربى هو وأبوه‬ ‫وابن ِ‬
‫لقطعت يدها ‪"..‬‬ ‫في بيت النبي ‪ e‬حتى صار‬
‫ثم أمر بتلك المرأة التي سرقت‬ ‫كولده ‪..‬‬
‫فقطعت يدها ‪..‬‬ ‫فكلموا أسامة ‪..‬‬
‫قالت عائشة ‪ : ‬فحسنت‬ ‫أقبل أسامة إلى رسول الله‬
‫توبتها بعدُ ‪ ..‬وتزوجت ‪..‬‬ ‫‪ .. e‬فرحب به وأجلسه‬
‫وكانت تأتيني بعد ذلك ‪ ..‬فأرفع‬
‫‪122‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فأعاد عليه ‪ ‬السؤال‬ ‫حاجتها إلى رسول الله ‪‬‬
‫مستنكرا ً ‪ :‬أقال ل إله إل الله ‪..‬‬ ‫)‪.. (45‬‬
‫ثم قتلته ؟!‬ ‫أسامة ‪ ‬له مواقف متعددة‬
‫يا أسامة قتلت رجل ً بعد أن قال‬ ‫مع رسول الله ‪ .. ‬كلها‬
‫ل إله إل الله !! كيف تصنع بل‬ ‫تفيض بالرحمة والتعامل‬
‫إله إل الله يوم القيامة ؟!‬ ‫الراقي ‪..‬‬
‫فما زال يقول ذلك حتى وددت‬ ‫قال أسامة بن زيد ‪ :‬بعثنا‬
‫)‪(46‬‬
‫إني لم أكن أسلمت إل يومئذ‬ ‫رسول الله ‪ ‬إلى الحرقات‬
‫‪..‬‬ ‫من جهينة ‪..‬‬
‫فتأمل كيف تدرج معه ببيان‬ ‫فهزمناهم وخرجنا في‬
‫الخطأ وإقناعه به ‪ ..‬ثم وعظه‬ ‫آثارهم ‪ ..‬فلحقت أنا ورجل‬
‫ونصحه ‪..‬‬ ‫من النصار رجل ً منهم ‪..‬‬
‫ولجل أن يقتنع المنصوح بما‬ ‫فلذ منا بشجرة ‪..‬‬
‫تقول ‪ ..‬ناقشه بأفكاره ومبادئه‬ ‫فلما أدركناه ‪ ..‬ورفعنا عليه‬
‫هو قدر المستطاع ‪..‬‬ ‫السيف ‪ ..‬قال ‪ :‬ل إله إل‬
‫نعم فكر من وجهة نظره ‪..‬‬ ‫الله ‪..‬‬
‫بينما رسول الله ‪ ‬في مجلسه‬ ‫فأما صاحبي النصاري‬
‫المبارك ‪ ..‬يحيط به أصحابه‬ ‫فخفض سيفه ‪..‬‬
‫ألطهار ‪..‬‬ ‫وأما أنا فظننت أنه يقولها‬
‫إذ دخل شاب إلى المسجد وجعل‬ ‫فرقا ً من السلح ‪ ..‬فحملت‬
‫يتلتفت يمينا ً وشمال ً كأنه يبحث‬ ‫عليه فقتلته ‪..‬‬
‫عن أحد ‪..‬‬ ‫فعرض في نفسي من أمره‬
‫وقعت عيناه على رسول الله ‪‬‬ ‫شيء ‪ ..‬فأتيت النبي ‪.. ‬‬
‫‪ ..‬فأقبل يمشي إليه ‪..‬‬ ‫فأخبرته ‪..‬‬
‫كان المتوقع أن يجلس الشاب‬ ‫فقال لي ‪ :‬أقال ل إله إل‬
‫في الحلقة ويستمع إلى الذكر ‪..‬‬ ‫الله ‪ ..‬ثم قتلته ؟!‬
‫لكنه لم يفعل ‪!..‬‬ ‫ل‬‫قب َ ِ‬
‫قلت ‪ :‬إنه لم يقلها من ِ‬
‫إنما نظر الشاب إلى رسول الله‬ ‫نفسه ‪ ..‬إنما قالها فرقا ً من‬
‫‪ ‬وأصحابه حوله ‪ ..‬ثم قال بكل‬ ‫السلح ‪..‬‬
‫جرأة ‪:‬‬ ‫فأعاد علي ‪ :‬أقال ل إله إل‬
‫يا رسول الله ‪ ..‬ائذن لي بـ ‪..‬‬ ‫الله ‪ ..‬ثم قتلته ؟!‬
‫بطلب العلم ؟!‬ ‫فهل شققت عن قلبه ‪..‬‬
‫ل ‪ ..‬لم يقلها ‪ ..‬ويا ليته قالها ‪..‬‬ ‫حتى تعلم أنه إنما قالها‬
‫ائذن لي بالجهاد ‪ ..‬ل ‪ ..‬ويا ليته‬ ‫فرقا ً من السلح ‪..‬‬
‫قالها ‪..‬‬ ‫سكت أسامة ‪ ..‬فهو لم يشق‬
‫أتدري ماذا قال ؟‬ ‫عن قلب الرجل فعل ً ‪!!..‬‬
‫قال ‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬ائذن لي‬ ‫لكنه كان في ساحة حرب ‪..‬‬
‫بالزنا ‪..‬‬ ‫والرجل مقاتل !!‬
‫) ( متفق عليه‬ ‫‪46‬‬
‫) ( متفق عليه‬ ‫‪45‬‬

‫‪123‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫جلس بين يديه ‪ ..‬ثم وضع يده‬ ‫عجبا ً !! هكذا بكل‬
‫على صدره ‪ ..‬وقال ‪:‬‬ ‫صراحة ؟!!‬
‫اللهم اهد قلبه ‪ ..‬واغفر ذنبه ‪..‬‬ ‫نعم ‪ ..‬هكذا ‪ :‬ائذن لي‬
‫وحصن فرجه ‪..‬‬ ‫بالزنا ‪..‬‬
‫فخرج الشاب وهو يقول ‪ :‬والله‬ ‫نظر النبي ‪ ‬إلى الشاب ‪..‬‬
‫لقد دخلت على رسول الله ‪.. ‬‬ ‫كان يستطيع أن يعظه بآيات‬
‫ي من الزنا ‪..‬‬ ‫وما شيء أحب إل ّ‬ ‫يقرؤها عليه ‪ ..‬أو نصيحة‬
‫وخرجت من عنده وما شيء‬ ‫مختصرة يحرك بها اليمان‬
‫ي من الزنا ‪..‬‬‫أبغض إل ّ‬ ‫في قلبه ‪ ..‬لكنه ‪ ‬سلك‬
‫ثم انظر إلى استعمال العواطف‬ ‫أسلوبا ً آخر ‪..‬‬
‫‪ ..‬دعاه ‪ ..‬وضع يده على‬ ‫قال له ‪ ‬بكل هدوء ‪:‬‬
‫صدره ‪ ..‬دعا له ‪..‬‬ ‫أترضاه لمك ؟‬
‫يعني استعمل جميع الساليب‬ ‫فانتفض الشاب وقد مّر في‬
‫لصلح من أمامه ‪ ..‬بعدما جعله‬ ‫خاطره أن أمه تزني ‪ ..‬فقال‬
‫يقتنع بشناعة الفعل ليتركه عن‬ ‫‪ :‬ل ‪ ..‬ل أرضاه لمي ‪..‬‬
‫قناعة ‪ ..‬فل يفعله أبدا ً ‪ ..‬ل‬ ‫فقال له ‪ ‬بكل هدوء ‪:‬‬
‫أمامه ول خلفه ‪..‬‬ ‫كذلك الناس ل يرضونه‬
‫لمهاتهم ‪..‬‬
‫قاعدة ‪..‬‬ ‫ثم فاجأه سائل ً ‪ :‬أترضاه‬
‫إذا شعر المخطئ ببشاعة خطئه‬ ‫لختك ؟!‬
‫اقتنع بحاجته للنصيحة ‪ ..‬وصار‬ ‫فانتفض الشاب أخرى ‪..‬‬
‫قبوله أكثر ‪ ..‬وقناعته أكبر ‪..‬‬ ‫وقد تخيل أخته العفيفة‬
‫تزني ‪ ..‬وقال مبادرا ً ‪ :‬ل ‪ ..‬ل‬
‫ل تلمني !! انتهى‬ ‫‪.38‬‬ ‫أرضاه لختي ‪..‬‬
‫المر ‪ ..‬؟‬ ‫فقال ‪ : ‬كذلك الناس ل‬
‫يظن بعض الناس أنه عندما يلوم‬ ‫يرضونه لخواتهم ‪..‬‬
‫الخرين على أخطائهم التي‬ ‫ثم سأله ‪ :‬أترضاه لعمتك ؟!‬
‫ربما تكون ل ترى إل بالمجهر ‪..‬‬ ‫أترضاه لخالتك ؟!‬
‫يظن أنه يتقرب منهم أكثر ‪ ..‬أو‬ ‫والشاب يردد ‪ :‬ل ‪ ..‬ل ‪..‬‬
‫أنه يقوي شخصيته بذلك ‪..‬‬ ‫فقال ‪ : ‬فأحب للناس ما‬
‫والحق أنه ليس الذكاء والفطنة‬ ‫تحب لنفسك ‪ ..‬واكره للناس‬
‫أن تستطيع اللوم ‪ ..‬وإنما هو أن‬ ‫ما تكره لنفسك ‪..‬‬
‫تتجنبه قدر المستطاع ‪ ..‬وتسعى‬ ‫أدرك الشاب عند ذلك أنه‬
‫إلى إصلح الشخاص بأساليب ل‬ ‫كان مخطئا ً ‪ ..‬فقال بكل‬
‫تجرح ‪ ..‬ول تحرج ‪..‬‬ ‫خضوع ‪:‬‬
‫أحيانا ً تحتاج في بعض المور أن‬ ‫ع الله أن‬ ‫يا رسول الله ‪ ..‬اد ُ‬
‫تتعامى ‪ ..‬خاصة الشياء الدنيوية‬ ‫يطهر قلبي ‪..‬‬
‫‪ ..‬والحقوق الخاصة ‪..‬‬ ‫فدعاه ‪ .. ‬فجعل الشاب‬
‫يقترب ‪ ..‬ويقترب ‪ ..‬حتى‬
‫‪124‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫يتفاداها ‪ ..‬لم يستطع ‪..‬‬ ‫ليس الغبي بسيد في قومه‬
‫فاصطدم بها وجها ً لوجه ‪..‬‬ ‫‪ 00‬لكن سيد قومه المتغابي‬
‫ثار الغبار ‪ ..‬وجعل المارة‬ ‫والملوم يعتبر اللوم سهما ً‬
‫يوقفون سياراتهم ويتفرجون‬ ‫حادا ً يوجه إليه ‪ ..‬لنه يشعره‬
‫على الحادث ‪..‬‬ ‫بنقصه ‪..‬‬
‫نزل سائق الشاحنة ‪ ..‬ونظر إلى‬ ‫هذا أول ً ‪..‬‬
‫السيارة المصدومة ‪ ..‬وإلى من‬ ‫ثانيا ً ‪ :‬تجنب النصح في المل‬
‫بداخلها فإذا هم موتى ‪..‬‬ ‫قدر المستطاع ‪..‬‬
‫أنزلهم الناس واتصلوا بالسعاف‬ ‫تغمدني بنصحك في انفرادي‬
‫‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫قعد سائق الشاحنة ينتظر‬ ‫وجنبني النصيحة في‬
‫ووصول السعاف ‪ ..‬ويفكر فيما‬ ‫الجماعة‬
‫سيحصل له بعد الحادث من‬ ‫فإن النصح بين الناس نوع ‪..‬‬
‫سجن ودية ‪ ..‬ويفكر في أولده‬ ‫من التوبيخ ل أرضى‬
‫الصغار ‪ ..‬وزوجته ‪..‬‬ ‫استماعه‬
‫مسكين ‪ ..‬هموم انهدت عليه‬ ‫بل ‪ ..‬إذا انتشر خطأ معين ‪..‬‬
‫كالجبال ‪!!..‬‬ ‫واضطررت إلى النصح‬
‫جعل الناس يمرون به‬ ‫العام ‪ ..‬فاعمل بقاعدة ‪ :‬ما‬
‫ويلومونه ‪..‬‬ ‫بال أقوام يفعلون كذا‬
‫عجبا ً ‪ !!..‬أهذا وقت اللوم ‪ ..‬أل‬ ‫وكذا ‪ ..‬كما تقدم معنا ‪..‬‬
‫يمكن أن يؤجل قليل ً ؟‬ ‫إذن ‪ ..‬اللوم كالسوط الذي‬
‫قال أحدهم ‪ :‬لماذا تسرع ؟ هذه‬ ‫يجلد به اللئم ظهر الملوم ‪..‬‬
‫عواقب السرعة ‪..‬‬ ‫وبعض الناس ينفر الخرين‬
‫وقال آخر ‪ :‬أكيد أنك كنت‬ ‫إما بكثرة لومه ‪ ..‬أو بلومه‬
‫نعسان ومع ذلك استمريت في‬ ‫على أمور انتهت ول يقدم‬
‫القيادة ‪ !..‬لم توقف سيارتك‬ ‫اللوم أو يؤخر فيها شيئا ً ‪..‬‬
‫وتنام ‪..‬؟‬ ‫أذكر أن رجل ً فقيرا ً ‪ ..‬تغرب‬
‫وقال ثالث ‪ :‬المفروض أن مثلك‬ ‫عن أهله إلى بلد آخر ‪..‬‬
‫ل تصرف لهم رخص قيادة !!‬ ‫واشتغل سائق شاحنة ‪ ..‬كان‬
‫كانوا يقولون هذه العبارات‬ ‫في أحد اليام متعبا ً لكنه‬
‫بأسلوب حاد ‪ ..‬فيه تعنيف‬ ‫ركب الشاحنة ومضى بها‬
‫وصراخ ‪..‬‬ ‫في طريق طويل بين‬
‫كان الرجل واجما ً ‪ ..‬جالسا ً على‬ ‫مدينتين ‪..‬‬
‫صخرة ساكتا ً ‪ ..‬متكئا ً برأسه‬ ‫غلبه النوم أثناء الطريق ‪..‬‬
‫على يديه ‪..‬‬ ‫فجعل يصارعه وأسرع‬
‫وفجأة هوى على جنبه ‪ ..‬و ‪..‬‬ ‫قليل ً ‪ ..‬فتجاوز سيارة أمامه‬
‫و ‪ ..‬مااات ‪..‬‬ ‫دون أن ينتبه إلى الطريق‬
‫قتلوه بلومهم ‪ ..‬ولو صبروا‬ ‫فإذا أماه سيارة صغيره فيها‬
‫قليل ً لكان خيرا ً له ولهم ‪..‬‬ ‫ثلثة أشخاص ‪ ..‬حاول أن‬
‫‪125‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فأجاب بلل بجواب مختصر ‪..‬‬ ‫ضع نفسك موضع الملوم‬
‫لكنه موضح للواقع تماما ً ‪..‬‬ ‫‪..‬المخطئ ‪ ..‬وفكر من وجهة‬
‫قال ‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬أخذ‬ ‫نظره ‪..‬‬
‫بنفسي الذي أخذ بنفسك ‪..‬‬ ‫فأحيانا ً لو كنت مكانه قد‬
‫يعني أنا بشر ‪ ..‬حاولت أن‬ ‫تقع في خطأ أكبر من خطئه‬
‫أقاوم النوم ‪ ..‬فلم أستطع ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫غلبني النوم كما غلبكم !!‬ ‫كان رسول الله ‪ ‬يراعي‬
‫فقال ‪ : ‬صدقت ‪ ..‬وسكت عنه‬ ‫ذلك كثيرا ً ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫لما انصرف ‪ r‬من خيبر‪..‬‬
‫نعم فما فائدة اللوم هنا ‪..‬‬ ‫أطالوا المسير حتى تعبوا ‪..‬‬
‫فلما رأى ‪ r‬اضطراب الناس ‪..‬‬ ‫فلما أقبل الليل ‪ ..‬نزلوا في‬
‫قال ‪ : r‬ارتحلوا ‪..‬‬ ‫موضع في الطريق ليناموا ‪..‬‬
‫فارتحلوا ‪ ..‬فمشى شيئا ً‬ ‫فقال ‪ : r‬من رجل يحفظ‬
‫يسيرا ً ‪..‬‬ ‫علينا الفجر لعلنا ننام ؟‬
‫ثم نزل ونزلوا ‪ ..‬فتوضأ‬ ‫كان بلل ‪ ‬متحمسا ً فقال ‪:‬‬
‫وتوضئوا ‪..‬‬ ‫أنا يا رسول الله أحفظه‬
‫ثم صلى بالناس ‪..‬‬ ‫عليك ؟‬
‫فلما سلم ‪ ..‬أقبل على الناس‬ ‫فاضطجع رسول الله ‪.. r‬‬
‫فقال ‪:‬‬ ‫ونزل الناس فناموا ‪..‬‬
‫إذا نسيتم الصلة ‪ ..‬فصلوها إذا‬ ‫وقام بلل يصلي حتى‬
‫ذكرتموها ‪..‬‬ ‫تعب ‪ ..‬وقد كان متعبا ً من‬
‫فلله دره ما أعقله وأحكمه ‪.. ‬‬ ‫طول الطريق قبل ذلك ‪..‬‬
‫كان مدرسة لكل قائد ‪..‬‬ ‫فقعد واستند إلى بعيره‬
‫ليس مثل بعض الرؤساء اليوم ل‬ ‫مستريحا ً ‪ ..‬واستقبل الفجر‬
‫تكاد عصا اللوم والتقريع تنزل‬ ‫يرمقه ‪ ..‬فغلبته عينه ‪..‬‬
‫من يده ‪..‬‬ ‫فناااام ‪..‬‬
‫بل كان ‪ ‬يضع نفسه مكان من‬ ‫كان الجميع في تعب‬
‫تحته ويفكر بعقولهم ‪ ..‬ويتعامل‬ ‫شديد ‪ ..‬فطال نومه ونومهم‬
‫مع القلوب قبل الجساد ‪..‬‬ ‫‪ ..‬ومضى الليل ‪ ..‬وطلع‬
‫يعلم أنهم بشر ‪ ..‬وليسوا‬ ‫لصبح ‪ ..‬والكل نيام ‪ ..‬ولم‬
‫آلت !!‬ ‫يوقظهم إل حر الشمس ‪..‬‬
‫في السنة الثامنة من الهجرة ‪..‬‬ ‫استيقظ رسول الله ‪.. r‬‬
‫جمع الروم جيشا ً ‪ ..‬وأقبل من‬ ‫ب الناس من نومهم ‪..‬‬ ‫وه ّ‬
‫جهة الشام ‪ ..‬لقتال النبي ‪r‬‬ ‫فلما رأوا الشمس‬
‫وأصحابه ‪..‬‬ ‫اضطربوا ‪ ..‬وكثر لغطهم ‪..‬‬
‫وقيل إنه ‪ r‬جمع جيشا ً لغزوهم‬ ‫الكل ينظر إلى بلل ‪..‬‬
‫ابتداءً ‪..‬‬ ‫التفت ‪ r‬إلى بلل وقال ‪:‬‬
‫بدأ ‪ r‬يجهز جيشا ً لرساله‬ ‫ماذا صنعت بنا يا بلل ؟‬

‫‪126‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫أمرهم ‪..‬‬ ‫إليهم ‪ ..‬فلم يزل يحث‬
‫فقال بعضهم ‪ :‬نكتب إلى رسول‬ ‫الناس حتى جمع ثلثة‬
‫الله ‪ r‬نخبره بعدد عدونا ‪..‬‬ ‫آلف ‪..‬‬
‫فإما أن يمدنا بالرجال ‪..‬‬ ‫فزودهم بما وجد من سلح‬
‫أو يأمرنا بما يشاء فنمضي له ‪..‬‬ ‫وعتاد ‪..‬‬
‫وكثر كلم الناس في ذلك ‪..‬‬ ‫قال لهم ‪ :‬أميركم زيد بن‬
‫فقام عبد الله بن رواحة ‪ ..‬ثم‬ ‫حارثة ‪..‬‬
‫صاح بالناس وقال ‪:‬‬ ‫فإن أصيب زيد ‪ ..‬فجعفر بن‬
‫يا قوم ‪ ..‬والله إن التي تكرهون‬ ‫أبي طالب على الناس ‪..‬‬
‫هي التي خرجتم تطلبون ‪..‬‬ ‫فإن أصيب جعفر فعبد الله‬
‫الشهادة في سبيل الله ‪..‬‬ ‫بن رواحة ‪..‬‬
‫تفرون منها !!‬ ‫وخرج معهم ‪ r‬يودعهم ‪..‬‬
‫وما نقاتل الناس بعدد ول قوة‬ ‫وخرج الناس يودعون الجيش‬
‫ول كثرة ‪ ..‬ما نقاتلهم إل بهذا‬ ‫‪..‬‬
‫الدين الذي أكرمنا الله به ‪..‬‬ ‫ويقولون ‪ :‬صحبكم الله‬
‫فانطلقوا فإنما هي إحدى‬ ‫ودفع عنكم وردكم إلينا‬
‫الحسنيين ‪ ..‬إما ظهور وإما‬ ‫صالحين ‪..‬‬
‫شهادة ‪..‬‬ ‫كان عبد الله بن رواحة‬
‫فمضى الناس ‪ ..‬يسيرون ‪..‬‬ ‫مشتاقا ً إلى الشهادة ‪..‬‬
‫حتى إذا دنوا من جيش الروم ‪..‬‬ ‫فقال ‪:‬‬
‫في موقعة "مؤتة" فإذا أعداد‬ ‫ة‬
‫لكنني أسأل الرحمن مغفر ً‬
‫عظيمة ل قبل لحد بها ‪..‬‬ ‫ة ذات فرغ تقذف‬ ‫وضرب ً‬
‫قال أبو هريرة ‪ : t‬شهدت يوم‬ ‫الزبدا‬
‫مؤتة ‪ ..‬فلما دنا منا‬ ‫أو طعنة بيدي حران مجهزة‬
‫المشركون ‪ ..‬رأينا ما ل قبل‬ ‫بحربة تنفذ الحشاء والكبدا‬
‫لحد به من العدة ‪ ..‬والسلح ‪..‬‬ ‫حتى يقال إذا مروا على‬
‫والكراع ‪ ..‬والديباج ‪ ..‬والحرير ‪..‬‬ ‫جدثي ياأرشد الله من‬
‫والذهب ‪..‬‬ ‫وقد رشدا‬ ‫ز َ‬
‫غا ٍ‬
‫فبرق بصري ‪..‬‬ ‫ثم مضى الجيش حتى نزلوا‬
‫فقال لي ثابت بن أرقم ‪ :‬يا أبا‬ ‫"معان" من أرض الشام ‪..‬‬
‫هريرة ‪ ..‬كأنك ترى جموعا ً كثيرة‬ ‫فبلغهم أن هرقل ملك الروم‬
‫؟‬ ‫قد نزل من أرض البلقاء في‬
‫قلت ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫مائة ألف من الروم ‪..‬‬
‫ً‬
‫قال ‪ :‬إنك لم تشهد بدرا معنا ‪..‬‬ ‫وانضم إليه من القبائل حوله‬
‫إنا لم ننصر بالكثرة ‪..‬‬ ‫مائة ألف ‪ ..‬فصار جيش‬
‫ثم التقى الناس فاقتتلوا ‪..‬‬ ‫الروم مائتي ألف ‪..‬‬
‫فقاتل زيد بن حارثة براية‬ ‫فلما تيقن المسلمون من‬
‫رسول الله ‪ r‬حتى كثرت عليه‬ ‫ذلك ‪ ..‬أقاموا في "معان"‬
‫الرماح وسقط صريعا ً شهيدا ً‬ ‫ليلتين ينظرون في‬
‫‪127‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ثم قال ‪:‬‬ ‫‪.. ‬‬
‫يا نفس إل تقتلي تموتي‬ ‫فأخذ الراية جعفر بكل‬
‫هذا حمام الموت قد صليت‬ ‫بطولة ‪ ..‬فاقتحم عن فرس‬
‫إن‬ ‫وما تمنيت فقد أعطيت‬ ‫له شقراء فجعل يقاتل‬
‫تفعلي فعلهما هديت‬ ‫القوم ‪ ..‬وهو يقول ‪:‬‬
‫ثم نزل ‪ ..‬فلما نزل أتاه ابن عم‬ ‫يا حبذا الجنة واقـترابها‬
‫له بعرق من لحم ‪..‬‬ ‫طيبة وبارد شرابها‬
‫شد بهذا صلبك ‪ ..‬فإنك قد لقيت‬ ‫والروم روم قد دنا عذابها‬
‫في أيامك هذه ما لقيت ‪..‬‬ ‫كافرة بعيدة أنسابها‬
‫فأخذه من يده فانتهش منه‬ ‫علي إن لقيتها ضرابها‬
‫نهشة ‪ ..‬ثم سمع الحطمة في‬ ‫أن جعفر أخذ اللواء بيمينه‬
‫ناحية الناس ‪..‬‬ ‫فقطعت ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬وأنت في الدنيا ! فألقاه‬ ‫فأخذ اللواء بشماله فقطعت‬
‫من يده ‪ ..‬ثم أخذ سيفه ثم تقدم‬ ‫‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫فاحتضنه بعضديه حتى قتل‬
‫فقاتل حتى قتل ‪.. t‬‬ ‫وهو ابن ثلث وثلثين‬
‫فوقعت الراية ‪ ..‬واضطرب‬ ‫سنة ‪..‬‬
‫المسلمون ‪ ..‬وابتهج‬ ‫قال ابن عمر ‪ :‬وقفت على‬
‫الكافرون ‪..‬‬ ‫جعفر يومئذ ‪ ..‬وهو قتيل ‪..‬‬
‫والراية تطؤها الخيل ‪ ..‬ويغلوها‬ ‫فعددت به خمسين بين‬
‫الغبار ‪..‬‬ ‫طعنة وضربة ليس منها‬
‫فأقبل البطل ثابت بن أرقم ‪..‬‬ ‫شيء في دبره ‪..‬‬
‫ثم رفعها ‪ ..‬وصاح ‪..‬‬ ‫فأثابه الله بذلك جناحين في‬
‫يا معاشر المسلمين ‪ ..‬هذه‬ ‫الجنة يطير بهما حيث‬
‫الراية ‪ ..‬فاصطلحوا على رجل‬ ‫يشاء ‪..‬‬
‫منكم ‪..‬‬ ‫إن رجل ً من الروم ضربه‬
‫فتصايح من سمعه وقالوا ‪:‬‬ ‫يومئذ ضربة فقطعته نصفين‬
‫أنت ‪ ..‬أنت ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫قال ‪ :‬ما أنا بفاعل ‪..‬‬ ‫فلما قتل جعفر ‪ ..‬أخذ عبد‬
‫فأشاروا إلى خالد بن الوليد ‪..‬‬ ‫الله بن رواحة الراية ‪..‬‬
‫فلما أخذ الراية ‪ ..‬قاتل بقوة ‪..‬‬ ‫ثم تقدم بها وهو على‬
‫حتى إنه كان يقول ‪:‬‬ ‫فرسه ‪..‬‬
‫لقد اندقّ في يدي يوم مؤتة‬ ‫فجعل يستنزل نفسه ‪..‬‬
‫تسعة أسياف ‪ ،‬فما بقي في‬ ‫ويتردد بعض التردد ‪ ..‬ويقول‬
‫يدي إل صفيحة يمانية ‪..‬‬ ‫‪:‬‬
‫ثم انحاز خالد بالجيش ‪ ..‬وانحاز‬ ‫أقسمت يا نفس لتنزلنه‬
‫الروم إلى معسكرهم ‪..‬‬ ‫لتنزلن أو لتكرهنه‬
‫خشي خالد أن يرجع بالجيش‬ ‫إن أجلب الناس وشدوا الرنة‬
‫إلى المدينة من ليلته ‪ ..‬فيتبعهم‬ ‫مالي أراك تكرهين الجنة‬
‫‪128‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فقال ‪ r‬مدافعا ً عنهم ‪:‬‬ ‫الروم ‪..‬‬
‫ليسوا بالفرار ولكنهم الكرار ‪..‬‬ ‫فلما أصبحوا ‪ ..‬غير خالد‬
‫إن شاء الله عز وجل " ‪.‬‬ ‫مواقع الجيش ‪..‬‬
‫نعم انتهى المر ‪ ..‬وهم أبطال‬ ‫فجعل مقدمة الجيش ‪ ..‬في‬
‫ماقصروا ‪ ..‬لكنهم بشر والمر‬ ‫المؤخرة ‪..‬‬
‫كان فوق طاقتهم ‪..‬‬ ‫وجعل مؤخرة الجيش مقدمة‬
‫إذن الصلة على الميت‬ ‫‪..‬‬
‫الحاضر ‪ ..‬أحيانا ً انتهى المر فل‬ ‫ومن كانوا يقاتلون في يمين‬
‫فائدة من اللوم ‪..‬‬ ‫الجيش ‪ ..‬أمرهم بالنتقال‬
‫كان هذا منهجه ‪ ‬دائما ً ‪..‬‬ ‫إلى يساره ‪..‬‬
‫لما سمع الكفار برسول الله ‪r‬‬ ‫وأمر من في الميسرة أن‬
‫قادما ً بجيشه إلى مكة فاتحا ً ‪..‬‬ ‫يذهبوا للميمنة ‪..‬‬
‫دخلهم الرعب ‪..‬‬ ‫فلما ابتدأ القتال ‪ ..‬وأقبل‬
‫فأرسل إليهم رسول الله ‪ r‬من‬ ‫الروم ‪..‬‬
‫يقول لهم ‪:‬‬ ‫فإذا كل سرية منهم ترى‬
‫رايات جديدة ‪ ..‬ووجوها ً‬
‫من دخل داره وأغلق‬ ‫•‬
‫عليه بابه فهو آمن ‪..‬‬ ‫جديدة ‪..‬‬
‫فاضطرب الروم ‪ ..‬وقالوا ‪:‬‬
‫ومن دخل المسجد فعو‬ ‫•‬
‫قد جاءهم في الليل مدد ‪..‬‬
‫آمن ‪..‬‬
‫فرعبوا في القتال ‪..‬‬
‫ومن دخل دار أبي‬ ‫•‬
‫فقتل المسلمون منهم‬
‫سفيان فهو آمن ‪..‬‬
‫مقتلة عظيمة ‪ ..‬ولم يقتل‬
‫فبدأ الناس يفرون من بين يديه‬
‫من المسلمين إل اثنا عشر‬
‫‪.. r‬‬ ‫رجل ً ‪..‬‬
‫فاجتمع بعض فرسان قريش ‪..‬‬ ‫وانسحب خالد بالجيش ‪..‬‬
‫وأردوا أن يحاربوا ‪ ..‬فأبى‬ ‫آخر النهار من ساحة‬
‫عليهم قومهم ‪..‬‬ ‫القتال ‪ ..‬ثم واصل مسيره‬
‫فاجتمع نفر منهم في مكان‬ ‫نحو المدينة ‪..‬‬
‫يقال له الخندمة ‪..‬‬ ‫فلما أقبلوا إلى المدينة ‪..‬‬
‫اجتمع صفوان بن أمية ‪..‬‬ ‫لقيهم الصبيان يتراكضون‬
‫وعكرمة بن أبي جهل ‪ ..‬وسهيل‬ ‫إليهم ‪ ..‬ولقيتهم النساء ‪..‬‬
‫بن عمرو ‪..‬‬ ‫فجعلوا يحثون التراب في‬
‫وجمعوا ناسا ً معهم بالخندمة‬ ‫وجوه الجيش ‪ ..‬ويقولون ‪:‬‬
‫ليقاتلوا ‪..‬‬ ‫يا فرار ‪ ..‬فررتم في سبيل‬
‫وكان حماس بن قيس ‪..‬‬ ‫الله ‪..‬‬
‫يعد سلحا ً قبل قدوم النبي‬
‫فلما سمع النبي ‪ r‬ذلك ‪..‬‬
‫‪ .. ‬ويصلحه ‪..‬‬
‫علم أنهم لم يكن أمامهم إل‬
‫فقالت له امرأته ‪ :‬لماذا تعد ما‬
‫ذلك ‪..‬‬
‫أرى ؟‬
‫وأنهم فعلوا ما بوسعهم ‪..‬‬
‫‪129‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫إذ‬ ‫إنك لو شهدت يوم الخندمة‬ ‫قال ‪ :‬لمحمد وأصحابه ‪!!..‬‬
‫فر صفوان وفر عكرمة‬ ‫كانت امرأته تعلم بقوة‬
‫وأبو يزيد قائم كالمؤتمة‬ ‫المسلمين ‪ ..‬فقالت ‪ :‬والله‬
‫واستقبلتهم بالسيوف المسلمة‬ ‫ما أرى يقوم لمحمد‬
‫يقطعن كل ساعد وجمجمة‬ ‫وأصحابه شيء !‬
‫ضربا ً فل يسمع إل غمغمة‬ ‫قال ‪ :‬والله إني لرجو أن‬
‫لم‬ ‫لهم نهيت خلفنا وهمهمة‬ ‫أخدمك بعضهم ‪ ..‬يعين ياسر‬
‫تنطقي في اللوم أدنى كلمة‬ ‫بعضهم ويجيء بهم إليها‬
‫صحيح ‪ ..‬لو رأت امرأته ما رأى‬ ‫خدما ً ‪..‬‬
‫من شدة القتال ‪ ..‬ما نطقت‬ ‫ثم قال مفتخرا ً ‪:‬‬
‫في لومه كلمة ‪..‬‬ ‫إن يقبلوا اليوم فما لي علة‬
‫وفي موقف آخر ‪..‬‬ ‫هذا سلح كامل وأله‬
‫لما دخل النبي ‪ .. ‬مكة‬ ‫وذو غرارين سريع السلة‬
‫فاتحا ً ‪ ..‬فقد كان يعلم عظمة‬ ‫ثم خرج من عندها ‪ ..‬إلى‬
‫البلد الحرام ‪ ..‬فقاتل قتال ً‬ ‫موقع "الخندمة" ‪ ..‬حيث‬
‫يسيرا ً ‪..‬‬ ‫اجتمع أصحابه ‪..‬‬
‫ثم قال ‪ :‬إن الله حرم هذا البلد‬ ‫فما هو إل أن لقيهم‬
‫يوم خلق السموات والرض ‪..‬‬ ‫المسلمون ‪ ..‬يتقدمهم سيف‬
‫ل لي ساعة من نهار " ‪..‬‬ ‫وإنما ح ّ‬ ‫الله خالد بن الوليد ‪..‬‬
‫فقيل له ‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬أنت‬ ‫فابتدأ القتال ‪ ..‬وصال‬
‫تنهى عن القتل ‪ ..‬وهذا خالد بن‬ ‫البطال ‪..‬‬
‫الوليد في كتيبته ‪ ..‬يقتل من‬ ‫فقتل في لحظة واحدة ‪..‬‬
‫لقيه من المشركين ؟‬ ‫أكثر من اثني عشر أو ثلثة‬
‫فقال ‪ " : r‬قم يا فلن ‪ ..‬فأت‬ ‫عشر ‪ ..‬من الكفار ‪..‬‬
‫خالد بن الوليد ‪ ..‬فقل له ‪:‬‬ ‫فلما رأى حماس بن قيس‬
‫فليرفع يده من القتل " ‪.‬‬ ‫ذلك ‪..‬‬
‫هذا الرجل يعلم أنهم الن‬ ‫التفت إلى صفوان‬
‫يعيشون حالة حرب ‪ ..‬وأن النبي‬ ‫وعكرمة ‪ ..‬فإذا هما يفران‬
‫‪ ‬أمرهم قريشا ً بالبقاء في‬ ‫إلى بيوتهما ‪..‬‬
‫بيوتهم لئل يقتلوا ‪ ..‬فمن كان‬ ‫فانهزم معهم ‪ ..‬وذهب يعدو‬
‫في غير بيته استحق المقاتلة ‪..‬‬ ‫إلى بيته ‪ ..‬فدخله سريعا ً ‪..‬‬
‫ففهم من قول النبي ‪ : r‬يرفع‬ ‫وأخذ يصيح بامرأته فزعا ً ‪:‬‬
‫يده من القتل ‪ ..‬أي يقتل كل‬ ‫أغلقي علي بابي ‪ ..‬فإنهم‬
‫من وقف أمامه ‪ ..‬حتى يرفع‬ ‫يقولون من دخل داره وأغلق‬
‫يده بالسيف لنه ل يجد من‬ ‫بابه فهو آمن ‪!!..‬‬
‫يقتل ‪!!..‬‬ ‫فقالت ‪ :‬فأين ما كنت تقول‬
‫ً‬
‫فأتى الرجل خالدا فصاح به ‪ :‬يا‬ ‫؟ أن تهزمهم ‪ ..‬وتخدمني‬
‫خالد ‪ ..‬إن رسول الله ‪ .. r‬يقول‬ ‫بعضهم ‪!!..‬‬
‫‪ :‬اقتل من قدرت عليه !‬ ‫فقال ‪:‬‬
‫‪130‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪ ..‬كان ل بد أن‬ ‫فقتل خالد سبعين إنسانا ً ‪..‬‬
‫أصدم ‪ ..‬أتدري لماذا ؟‬ ‫فأتي رجل النبي ‪ .. r‬قال ‪:‬‬
‫قلت ‪ :‬لماذا ؟!‬ ‫يا رسول الله ‪ ..‬هذا خالد‬
‫قال ‪:‬‬ ‫يقتل ‪..‬‬
‫أقبلت بسيارتي على جسر ‪..‬‬ ‫فعجب النبي ‪ .. r‬كيف يقتل‬
‫وكنت مسرعا ً ‪..‬‬ ‫وقد نهاه ‪..‬؟!‬
‫فلما نزلت منه فإذا السيارات‬ ‫فأرسل إلى خالد ليأتيه ‪..‬‬
‫أمامي متوقفة صفوفا ً ‪..‬‬ ‫فأتاه ‪ ..‬فقال ‪ " : ‬ألم‬
‫ل أدري ما السبب ‪ ..‬حادث في‬ ‫أنهك عن القتل ؟ "‬
‫المام ‪ ..‬أو نقطة تفتيش ‪ ..‬ل‬ ‫فعجب خالد وقال ‪ :‬يا رسول‬
‫أدري ‪ ..‬المهم أني تفاجات‬ ‫الله ‪ ..‬جاءني فلن فأمرني‬
‫بها ‪..‬‬ ‫أن أقتل من قدرت عليه ‪..‬‬
‫كان أمامي أربعة مسارات كلها‬ ‫فأرسل النبي ‪ r‬إلى ذاك‬
‫مليئة بالسيارات ‪ ..‬وكنت مخيرا ً‬
‫الرجل ‪ ..‬فجاء ورأى خالدا ً ‪..‬‬
‫بين أن أنحرف عنها كلها‬ ‫فقال له ‪ " : ‬ألم أقل‬
‫وأسقط من فوق الجسر ‪ ..‬أو‬ ‫يرفع يده من القتل ؟ "‬
‫أمسك فرامل بأقوى ما أستطيع‬ ‫فأدرك الرجل خطأه ‪ ..‬لكن‬
‫وعندها ستلعب بي السيارة في‬ ‫المر انتهى ‪ ..‬فقال ‪ :‬يا‬
‫الطريق ‪..‬‬ ‫ت أمرا ً ‪..‬‬ ‫رسول الله ‪ ..‬أرد ّ‬
‫أو الختيار الثالث ‪ ..‬وهو‬ ‫وأراد الله أمرا ً ‪ ..‬فكان أمُر‬
‫أهونها ‪..‬‬ ‫الله فوق أمرك ‪ ..‬وما‬
‫قلت ‪ :‬وما هو ؟!‬ ‫ت إل الذي كان ‪..‬‬ ‫استطع ُ‬
‫قال ‪ :‬أن أصدم إحدى السيارات‬
‫فسكت عنه النبي ‪ r‬وما ر ّ‬
‫د‬
‫الربع الواقفة أمامي ‪..‬‬ ‫عليه شيئا ً ‪..‬‬
‫ضحكت ‪ ..‬وقلت ‪ ..‬هاه وماذا‬ ‫من تأمل في مسيرة‬
‫فعلت ؟‬ ‫الحياة ‪ ..‬وجد هذا المر‬
‫قال ‪ :‬خففت سرعتي قدر‬ ‫ظاهرا ً ‪..‬‬
‫استطاعتي ‪ ..‬واخترت أرخص‬ ‫أحيانا ً يكون الشخص قد فعل‬
‫السيارات التي أمامي ‪ ..‬و ‪..‬‬ ‫أحسن ما يستطيع ‪..‬‬
‫و ‪ ..‬صدمتها ‪..‬‬ ‫ركبت مع أحد الشباب في‬
‫فكرت فيما قال ‪ ..‬فرأيت أنه ل‬ ‫سيارته ‪ ..‬فإذا قيادته‬
‫يستحق اللوم كثيرا ً ‪ ..‬وذلك أن‬ ‫جيدة ‪..‬‬
‫الختيارات التي كانت أمامه‬ ‫وكنت أعلم أنه وقع له حادث‬
‫محدودة ‪..‬‬ ‫تصادم قبل اسبوع ‪..‬‬
‫يعني بعض المشاكل ليس لها‬ ‫فسألته ‪ :‬ألحظ أن قيادتك‬
‫حل ‪ ..‬شخص أبوه عصبي ‪..‬‬ ‫جيدة ‪ ..‬فلماذا صدمت قبل‬
‫نصحه بجميع الساليب ‪ ..‬ما نفع‬ ‫أسبوع ؟!‬
‫‪ ..‬ماذا يفعل ؟‬ ‫قال ‪ :‬كان ل بد أن أصدم !!‬
‫قلت عجبا ً !!‬
‫‪131‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ومثل ما يقولون ) يطير في‬ ‫لفتة ‪..‬‬
‫جة ( ‪!!..‬‬ ‫الع ّ‬ ‫ضع نفسك موضع الملوم‬
‫كم هم أولئك الذين يبنون‬ ‫وفكر من وجهة نظره ‪ ..‬ثم‬
‫مواقفهم ونظراتهم على‬ ‫احكم عليه ‪..‬‬
‫إشاعات ‪..‬‬
‫ً‬
‫قليل منهم من يأتيك مناصحا ‪..‬‬ ‫تأكد من الخطأ‬ ‫‪.39‬‬
‫ليكتشف بعدها أنه كان يجري‬ ‫قبل النصيحة ‪..‬‬
‫وراء إشاعة ‪..‬‬ ‫كان واضحا ً من نبرة صوته‬
‫وكثير منهم من تنطبع هذه‬ ‫لما اتصل بي ‪ ..‬أنه كن‬
‫ون على‬ ‫الشاعة في قلبه ‪ ..‬ويك ّ‬ ‫غضبانا ً يكتم غيظه قدر‬
‫أساسه تصوره عنك ‪ ..‬وهي‬ ‫المستطاع ‪..‬‬
‫كذبة ‪..‬‬ ‫ليست هذه هي النبرة التي‬
‫أحيانا ً يشاع أن فلنا ً فعل كذا‬ ‫تعودت عليها من فهد ‪..‬‬
‫وكذا ‪..‬‬ ‫شعرت أن عنده شيئا ً ‪..‬‬
‫فلجل أن تحتفظ بقدرك‬ ‫بدأ كلمه ‪ ..‬متحدثا ً عن‬
‫عنده ‪ ..‬تأكد من الخبر قبل‬ ‫الفتن وتعرض الناس لها ‪..‬‬
‫الكلم عنه ‪..‬‬ ‫ثم احتدت النبرة ‪ ..‬وجعل‬
‫وهذا منهج النبي ‪.. ‬‬ ‫يكرر ‪ :‬أنت داعية ‪ ..‬وطالب‬
‫أتى رجل إلى النبي ‪ .. r‬فنظر‬ ‫علم ‪ ..‬وأفعالك محسوبة‬
‫النبي ‪ ‬إليه ‪..‬‬ ‫عليك ‪..‬‬
‫فإذا رجل رث الهيئة ‪ ..‬مغبر‬ ‫قلت ‪ :‬أبا عبد الله ليتك‬
‫الشعر ‪ ..‬فأراد ‪ r‬أن ينصحه‬ ‫تدخل في الموضوع‬
‫ليصلح من هيئته ‪ ..‬لكنه خشي‬ ‫مباشرة ‪..‬‬
‫أن يكون الرجل فقيرا ً أصل ً ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬المحاضرة لتي ألقيتها‬
‫ليس ذا مال ‪..‬‬ ‫في ‪ ..‬وقلت ‪..‬‬
‫فقال له ‪ :‬هل لك من مال ؟‬ ‫تعجبت ‪ ..‬قلت ‪ :‬متى كان‬
‫قلت ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫ذلك ؟‬
‫قال ‪ :‬من أي المال ‪..‬؟‬ ‫قال ‪ :‬قبل ثلثة أسابيع ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬من كل المال ‪ ..‬من‬ ‫قلت ‪ :‬لم أذهب لتلك‬
‫البل ‪ ..‬والرقيق ‪ ..‬والخيل ‪..‬‬ ‫المنطقة منذ سنة ‪..‬‬
‫والغنم ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬بلى ‪ ..‬وتحدثت عن‬
‫قال ‪ :‬فإذا آتاك الله مال ً ‪ ..‬فلُير‬ ‫كذا ‪..‬‬
‫عليك ‪..‬‬ ‫ثم تبين لي أن صاحبي ‪..‬‬
‫ثم قال ‪ :‬تنتج إبل قومك صحاح‬ ‫بلغته إشاعة فصدقها ‪..‬‬
‫آذانها ‪ ..‬فتعمد إلى الموسى ‪..‬‬ ‫وبنى على أساسها مناصحته‬
‫فتقطع آذانها ‪..‬‬ ‫‪ ..‬وموقفه ‪ ..‬وكلمه ‪..‬‬
‫فتقول ‪ :‬هذه بحيرة ‪..‬‬ ‫صحيح أنني ل أزال أحبه ‪..‬‬
‫وتشقها ‪ ..‬أو تشق جلودها ‪..‬‬ ‫لكن نظرتي إليه قصرت ‪..‬‬
‫وتقول ‪:‬هذه صرم ‪ ..‬فتحرمها‬ ‫لنني اكتشفت أنه متسرع ‪..‬‬
‫‪132‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫وذكروا عيوبا ً كثيرة ‪ ..‬حتى إنهم‬ ‫عليك وعلى أهلك ‪..‬‬
‫قالوا ‪ :‬ول يحسن أن يصلي !!‬ ‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫فلما قرأ عمر الكتاب ‪ ..‬لم‬ ‫قال ‪ :‬فإن ما أعطاك الله لك‬
‫)‪(47‬‬
‫يتسرع باتخاذ قرار ‪ ..‬ول كتابة‬ ‫حل ‪ ..‬موسى الله أحد ‪..‬‬
‫نصيحة ‪..‬‬ ‫وفي عام الوفود ‪ ..‬كان‬
‫وإنما أرسل محمد بن مسلمة‬ ‫بعض الناس يأتي مسلما ً ‪..‬‬
‫إلى الكوفة معه كتاب إلى‬ ‫ويبايع النبي ‪ .. r‬وبعضهم‬
‫سعد ‪..‬‬ ‫يأتي كافرا ً ‪ ..‬ويسلم أو‬
‫وأمره أن يسير مع سعد ويسأل‬ ‫يعاهد ‪..‬‬
‫الناس عنه ‪..‬‬ ‫فبينما رسول الله ‪ r‬مع‬
‫جعل محمد بن مسلمة يصلي مع‬ ‫أصحابه يوما ً ‪ ..‬إذ جاء وفد‬
‫سعد في المساجد ‪ ..‬ويسأل‬ ‫دف ‪ ..‬وهم بضعة عشر‬ ‫ص ِ‬
‫ال ّ‬
‫الناس عن سعد ‪..‬‬ ‫راكبا ‪ ..‬فأقبلوا إلى مجلس‬
‫ولم يدع مسجد إل سأل عنه ‪..‬‬ ‫النبي ‪ .. r‬فجلسوا و لم‬
‫ول يذكرون عن سعد إل‬ ‫يسلموا ‪..‬‬
‫معروفا ً ‪..‬‬ ‫فسألهم ‪ " :‬أمسلمون‬
‫حتى دخل مسجدا ً لبني عبس ‪..‬‬ ‫أنتم ؟ "‬
‫فقام محمد بن مسلمة ‪ ..‬وسأل‬ ‫قالوا ‪ :‬نعم ‪ ..‬قال ‪ " :‬فهل‬
‫الناس عن أميرهم سعد ؟؟‬ ‫سلمتم ؟ " ‪..‬‬
‫فأثنوا عليه خيرا ً ‪..‬‬ ‫فقاموا قياما ً فقالوا ‪:‬‬
‫فقال محمد ‪ :‬أنشدكم بالله ‪..‬‬ ‫السلم عليك أيها النبي‬
‫هل تعلمون منه غير ذلك ؟‬ ‫ورحمة الله وبركاته ‪..‬‬
‫قالوا ‪ :‬ل نعلم إل خيرا ً ‪..‬‬ ‫فقال ‪ " :‬وعليكم السلم ‪..‬‬
‫فكرر عليهم السؤال ‪..‬‬ ‫اجلسوا " ‪ ..‬فجلسوا ثم‬
‫عندها قام رجل في آخر‬ ‫سألوه ‪ r‬عن أوقات‬
‫المسجد ‪ ..‬اسمه أسامة بن‬ ‫الصلوات ‪..‬‬
‫قتادة ‪ ..‬فقال ‪:‬‬ ‫وفي عهد عمر ‪ .. ‬توسعت‬
‫أما إذ نشدتنا بالله ‪ ..‬فاسمع ‪:‬‬ ‫بلد السلم ‪..‬‬
‫إن سعدا ً كان ل يسير بالسوية ‪..‬‬ ‫فعين عمر سعد بن أبي‬
‫ول يعدل في القضية ‪..‬‬ ‫وقاص أميرا ً على الكوفة ‪..‬‬
‫فعجب سعد وقال ‪ :‬أنا كذلك ؟‬ ‫كان أهل الكوفة حينذاك‬
‫قال الرجل نعم ‪..‬‬ ‫مشاغبين على ولتهم ‪..‬‬
‫فقال سعد ‪ :‬أما والله لدعون‬ ‫أرسل نفر منهم رسالة إلى‬
‫بثلث ‪:‬‬ ‫الخليفة عمر ‪ .. ‬يشتكون‬
‫اللهم إن كان عبدك هذا كاذبا ً ‪..‬‬ ‫إليه من سعد ‪..‬‬
‫وقد قام رياء وسمعة ‪..‬‬
‫اللهم فـ ‪:‬‬
‫أطل عمره ‪..‬‬ ‫•‬
‫وأطل فقره ‪..‬‬ ‫•‬
‫) ( أخرجه الحاكم وصحح إسناده ‪.‬‬ ‫‪47‬‬

‫‪133‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫قوي شأنه عند العرب ‪..‬‬ ‫وعرضه للفتن ‪..‬‬ ‫•‬
‫وكثر الداخلون في السلم ‪..‬‬ ‫ثم خرج سعد من المسجد ‪..‬‬
‫غزا ‪ ‬بالناس حنينا ً ‪ ..‬فجاء‬ ‫ومضى إلى لمدينة ومات‬
‫المشركون بأحسن صفوف ‪..‬‬ ‫بعدها بسنوات ‪..‬‬
‫فصفت الخيل ‪..‬‬ ‫أما ذلك الرجل فل زالت‬
‫ثم صفت المقاتلة ‪ ..‬ثم صفت‬ ‫دعوة سعد تلحقه ‪..‬‬
‫النساء من وراء ذلك ‪..‬‬ ‫حتى كبرت سنه ‪ ..‬ورق‬
‫ثم صفت الغنم ‪ ..‬ثم النعم ‪..‬‬ ‫عظمه ‪ ..‬واحدودب ظهره ‪..‬‬
‫والمسلمون بشر كثير ‪ ..‬قد‬ ‫وطال عمره حتى مل من‬
‫بلغوا اثني عشر ألفا ً ‪..‬‬ ‫حياته ‪ ..‬واشتد فقره ‪..‬‬
‫وكان المشركون قد سبقوا إلى‬ ‫فكان يجلس وسط الطريق‬
‫وادي حنين ‪ ..‬واختبأت كتائب‬ ‫يسأل الناس ‪ ..‬وقد سقط‬
‫منهم في جانبيه بين الصخور ‪..‬‬ ‫حاجباه على عينيه من شدة‬
‫فما هو إل أن ابتدأ القتال ‪..‬‬ ‫الكبر ‪ ..‬فإذا مرت به النساء‬
‫ودخلت جموع المسلمين في‬ ‫مد يده يغمزهن ويتعرض‬
‫الوادي ‪..‬‬ ‫لهن ‪..‬‬
‫حتى تفجر عليهم الكفار من كل‬ ‫فكان الناس يصيحون به ‪..‬‬
‫جانب ‪ ..‬واضطرب الناس ‪..‬‬ ‫ويسبونه ‪ ..‬فيقول ‪:‬‬
‫وجعلت خيل المسلمين ‪ ..‬تلوذ‬ ‫وماذا أفعل !! شيخ كبير‬
‫خلف ظهورهم ‪ ..‬فلم يلبثوا أن‬ ‫مفتون ‪ ..‬أصابتني دعوة‬
‫ل من‬ ‫انكشفت خيلهم ‪ ..‬وكان أو ُ‬ ‫الرجل الصالح سعد بن أبي‬
‫فّر العراب ‪ ..‬وتسلط الكفار‬ ‫وقاص ‪..‬‬
‫وظهروا ‪..‬‬
‫فالتفت رسول الله ‪ .. r‬فإذا‬ ‫حديث ‪..‬‬
‫الجموع تفر ‪ ..‬والدماء تسيل ‪..‬‬ ‫بئس مطية الرجل زعموا ‪..‬‬
‫والخيل يضرب بعضها في‬ ‫وكفى بالمرء إثما ً أن يحدث‬
‫بعض ‪..‬‬ ‫بكل ما سمع ‪..‬‬
‫فجعل يأمر العباس بأن ينادي ‪:‬‬
‫يا للمهاجرين يا للنصار ؟‬ ‫اجلدني برفق !!‬ ‫‪.40‬‬
‫فرجعوا حتى ثبت ‪ r‬في ثمانين‬ ‫ل يعنــي مــا تقــدم مــن كلم‬
‫أو مائة رجل ‪..‬‬ ‫م اللوم أبدا ً ‪..‬‬
‫عد ُ‬
‫ثم نصر الله المسلمين ‪..‬‬ ‫بلى ‪ ..‬فقد تحتاج في أحيــان‬
‫وانتهى القتال ‪..‬‬ ‫متكررة أن تلــوم الخريــن ‪..‬‬
‫وجمعت الغنائم بين يدي النبي‬ ‫ولدك ‪ ..‬زوجتك ‪ ..‬صديقك ‪..‬‬
‫‪.. ‬‬ ‫لكن يمكن تــأجيله قليل ً ‪ ..‬أو‬
‫فإذا الذين فروا من القتال ‪..‬‬ ‫استخدام أساليب أخف ‪..‬‬
‫وخافوا من الرماح والنبال ‪..‬‬ ‫دع الملوم يحتفظ بماء وجهه‬
‫هم أول من اجتمع على رسول‬ ‫‪..‬‬
‫الله ‪ .. r‬يريد الغنائم ‪..‬‬ ‫بعدما فتح ‪ ‬مكة ‪ ..‬وقد‬
‫‪134‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫الفارين ‪..‬‬ ‫تعلقت العراب ‪ ..‬برسول‬
‫ً‬
‫ولو كان كذابا لما نصره رب‬ ‫الله ‪ r‬يقولون له ‪:‬‬
‫العالمين ‪..‬‬ ‫اقسم علينا فيئنا ‪ ..‬اقسم‬
‫مواقفه ‪ ‬الرائعة كثيرة ‪..‬‬ ‫علينا فيئنا ‪ ..‬يريدون الغنائم‬
‫كان ‪ ‬يمشي مع بعض‬ ‫‪..‬‬
‫أصحابه ‪ ..‬فمر بامرأة تبكي عند‬ ‫عجبا ‪ !!..‬يقسم فيئكم ‪..‬‬ ‫ً‬
‫قبر ‪ ..‬على صبي لها ‪..‬‬ ‫متى صار فيؤكم وأنتم لم‬
‫فقال لها ‪ : ‬اتقي الله‬ ‫تقاتلوا ‪..‬‬
‫واصبري ‪..‬‬ ‫كيف تطلبون من الغنيمة ‪..‬‬
‫وكانت المرأة باكية مهمومة ‪..‬‬ ‫وهو الذي كان يصرخ بكم‬
‫فلم تعرف النبي ‪ .. ‬فقالت ‪:‬‬ ‫لتعودوا وأنتم ل‬
‫إليك عني ‪ ..‬وما تبالي أنت‬ ‫تستجيبون ‪!!..‬‬
‫بمصيبتي ‪..‬؟!‬ ‫لكنه ‪ r‬لم يكن يدقق على‬
‫فسكت النبي ‪ .. ‬وذهب‬ ‫مثل هذا ‪ ..‬فالدنيا ل تساوي‬
‫وتركها ‪ ..‬فقد أدى ما عليه ‪..‬‬ ‫عنده شيئا ً ‪..‬‬
‫وأدرك أن المرأة الن في وضع‬ ‫جعلوا يتبعونه ويرددون ‪:‬‬
‫نفسي قد ل يناسب أن يزاد‬ ‫اقسم علينا فيئنا ‪..‬‬
‫عليها في النصح أكثر مما‬ ‫حتى تزاحموا عليه ‪..‬‬
‫سمعت ‪..‬‬ ‫وضيقوا الطريق بين يديه ‪..‬‬
‫التفت بعض الصحابة إليها‬ ‫واضطروه إلى شجرة ‪ ..‬فمّر‬
‫وقالوا ‪ :‬هذا رسول الله ‪!!.. ‬‬ ‫من شدة الزحام ملصقا ً‬
‫فندمت المرأة على ما قالت ‪..‬‬ ‫لها ‪..‬‬
‫وقامت تحاول أن تلحق بالنبي‬ ‫فتعلق رداؤه بأغصانها ‪..‬‬
‫‪ .. ‬حتى وصلت بيته ‪..‬‬ ‫حتى سقط عن منكبيه ‪..‬‬
‫فلم تجد على بابه بوابين ‪..‬‬ ‫وصار بطنه وظهره مكشوفا ً‬
‫فقالت معتذرة ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫لم أعرفك ‪ ..‬الن أصبر ‪..‬‬ ‫فلم يغضب ‪ ..‬وإنما التفت‬
‫فقال إنما الصبر عند الصدمة‬ ‫إليهم وقال ‪ ..‬بكل هدووووء‬
‫)‪(48‬‬
‫الولى ‪..‬‬ ‫‪:‬‬
‫أيها الناس ‪ ..‬ردوا علي‬
‫اقتل برفق ‪..‬‬ ‫ردائي ‪ ..‬فوالذي نفسي بيده‬
‫إن الله كتب الحسان على كل‬ ‫لو كان لي عدد شجر‬
‫شيء ‪ ..‬فإذا قتلتم فأحسنوا‬ ‫تهامة ‪َ ..‬نعما ً لقسمته عليكم‬
‫القتلة ‪ ..‬وإذا ذبحتم فأحسنوا‬ ‫‪..‬‬
‫الذبح ‪ ..‬وليحد أحدكم شفرته ‪..‬‬ ‫ثم ل تجدوني بخيل ‪ ..‬ول‬
‫وليرح ذبيحته ‪ ..‬حديث رواه‬ ‫جبانا ً ‪ ..‬ول كذابا ً ‪..‬‬
‫مسلم‬ ‫نعم ‪ ..‬لنه لو كان بخيل ً‬
‫لمسك الموال لنفسه ‪..‬‬
‫) ( رواه البخاري‬ ‫‪48‬‬ ‫ولو كان جبانا ً لفّر مع‬
‫‪135‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫زفيرا ً طوييييل ً من صدره ثم‬
‫يقول ‪ :‬ياااا شيخ ‪ ..‬اليد اللي ما‬ ‫فّر من المشاكل !!‬ ‫ِ‬ ‫‪.41‬‬
‫تقدر تلويها صافحها ‪!!..‬‬ ‫أظنه لو أجرى تحليل ً في‬
‫وإذا تفكرت في هذا وجدته‬ ‫مستشفى بدائي لكتشف‬
‫صحيحا ً ‪ ..‬فنحن إذا لم نعود‬ ‫في جسمه عشرة أنواع من‬
‫أنفسنا على التسامح وتمشية‬ ‫المراض ‪ ..‬أهونها الضغط‬
‫المور ‪ ..‬أو بمعنى آخر‬ ‫والسكر ‪..‬‬
‫التغابي ‪ ..‬وعدم الغراق في‬ ‫كان المسكين يعذب نفسه‬
‫التفسيرات والظنون ‪ ..‬وإل‬ ‫كثيرا ً لنه يطالب الناس‬
‫فسوف نتعب كثيرا ً ‪..‬‬ ‫بالمثالية التامة ‪ ..‬دائما ً تجده‬
‫ليس الغبي بسيد في قومه ‪..‬‬ ‫متضايقا ً من زوجته ‪..‬‬
‫لكن سيد قومه المتغابي‬ ‫كسرت الصحن الجديد ‪..‬‬
‫وأذكر أن شابا ً متحمسا ً أقبل‬ ‫نسيت كنس الصالة ‪..‬‬
‫إلى شيخه يريده أن يساعده في‬ ‫أحرقت ثوبي الجديد‬
‫اختيار زوجة تكون رفيقة دربه‬ ‫بالمكواة ‪..‬‬
‫حتى الممات ‪ ..‬فقال الشيخ ‪ :‬ما‬ ‫وأولده ‪ ..‬خالد إلى الن لم‬
‫هي الصفات التي ترغب وجودها‬ ‫يحفظ جدول الضرب ‪..‬‬
‫في زوجتك ؟‬ ‫وسعد ‪ ..‬لم يظفر بتقدير‬
‫فقال ‪ :‬منظرها جميل ‪..‬‬ ‫ممتاز ‪..‬‬
‫وقوامها طويل ‪ ..‬وشعرها‬ ‫وسارة ‪ ..‬وهند ‪..‬‬
‫حرير‪ ..‬ورائحتها عبير ‪ ..‬لذيذة‬ ‫هذا حاله في بيته ‪..‬‬
‫الطعام ‪ ..‬عذبة الكلم ‪ ..‬إن‬ ‫أما بين زملئه ‪ ..‬فأعظم ‪..‬‬
‫نظرت إليها سرتني ‪ ..‬وإن غبت‬ ‫أبو عبد الله قصدني لما ذكر‬
‫عنها حفظتني ‪ ..‬ل تخالف لي‬ ‫قصة البخيل ‪!..‬‬
‫أمرا ً ‪ ..‬ول أخشى منها شرا ً ‪..‬‬ ‫والبارحة أبو أحمد يعنيني‬
‫لها دين يرفعها ‪ ..‬وحكمة تنفعها‬ ‫لما تكلم عن السيارات‬
‫‪..‬‬ ‫القديمة ‪ ..‬نعم يقصد‬
‫وراح يسرد من صفات الكمال‬ ‫سيارتي ‪ ..‬نعم ‪ ..‬كان ينظر‬
‫المتفرقة في النساء ويجمعها‬ ‫ي ‪..‬‬
‫إل ّ‬
‫في امرأة واحدة ‪..‬‬ ‫إلى آخر مواقف وتفكيرات‬
‫فلما أكثر على الشيخ ‪ ..‬قال‬ ‫هذا الرجل المسكين ‪..‬‬
‫له ‪ :‬يا ولدي ‪ ..‬عندي طلبك ‪..‬‬ ‫قديما ً قالوا في المثل ‪ :‬إن‬
‫قال ‪ :‬أين ؟ قال ‪ :‬في الجنة‬ ‫أطاعك الزمان وإل فأطعه ‪..‬‬
‫بإذن الله ‪ ..‬أما في الدنيا فعود‬ ‫أذكر أن أعرابيا ً ‪ -‬من‬
‫نفسك التسامح ‪..‬‬ ‫أصدقائي ‪ -‬كان يردد مثل ً‬
‫نعم في الدنيا عود نفسك‬ ‫حفظه من جده ‪ ..‬كان‬
‫التسامح ‪ ..‬ل تعذب نفسك‬ ‫يسمعني إياه كثيرا ً إذا بدأت‬
‫بالبحث عن مشاكل لثارتها ‪..‬‬ ‫أتفلسف عليه ببعض‬
‫والنقاش حولها ‪..‬‬ ‫المعلومات ‪ ..‬فكان يخرج‬
‫‪136‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫حتى غلبته عينه في بعض‬ ‫فيوما ً تصرخ في وجه جليس‬
‫الطريق ‪ ..‬فزاحمت راحلته‬ ‫‪ :‬أنت تقصدني بكلمك ؟‬
‫راحلة النبي ‪ .. ‬وضرب رحله‬ ‫ويوما ً في وجه ولدك ‪ :‬أنت‬
‫رجل النبي ‪ .. ‬فآلمه ‪..‬‬ ‫تريد أن تحزنني بكسلك ؟‬
‫فقال النبي ‪ ‬من حر ما يجد ‪:‬‬ ‫ويوما ً في وجه زوجتك ‪ :‬أنت‬
‫س"‬‫"ح ّ‬ ‫تتعمدين إهمال بيتك ؟ ‪...‬‬
‫فاستيقظ كلثوم ‪ ..‬فاضطرب‬ ‫وقد كان منهج النبي ‪.. r‬‬
‫وقال ‪:‬‬ ‫التسامح عموما ً ‪ ..‬فكان‬
‫يا رسول الله ‪ ..‬استغفر لي ‪..‬‬ ‫يستمتع بحياته ‪..‬‬
‫سْر ‪..‬‬‫فقال ‪ ‬بكل سماحة ‪ِ :‬‬ ‫كان يدخل ‪ ‬على أهله‬
‫سْر ‪..‬‬
‫ِ‬ ‫أحيانا ً ‪ ..‬في الضحى ‪ ..‬وهو‬
‫سْر ‪ ..‬ولم يعمل قضية ‪..‬‬ ‫نعم ‪ِ :‬‬ ‫جائع ‪ ..‬فيسألهم ‪ :‬هل‬
‫لماذا تضايقني ؟ الطريق‬ ‫عندكم من شيء ‪ ..‬عندكم‬
‫واسع ! ما الذي جاء بك‬ ‫طعام ‪..‬‬
‫بجانبي ؟! ل ‪ ..‬لم يتعب نفسه ‪..‬‬ ‫فيقولون ‪ :‬ل ‪..‬‬
‫ضربة رجل ‪ ..‬وانتهت ‪..‬‬ ‫فيقول ‪ : ‬إني إذا صائم ‪..‬‬
‫ً‬
‫كان هذا أسلوبه ‪ ‬دائما ‪..‬‬ ‫ولم يكن يصنع لجل ذلك‬
‫جلس يوما ً بين أصحابه ‪..‬‬ ‫م‬‫مشاكل ‪ ..‬ما كان يقول ‪ :‬ل ِ َ‬
‫فأقبلت إليه امرأة ببردة ‪..‬‬ ‫لم تصنعوا طعاما ً ‪ِ ..‬لم لم‬
‫قطعة قماش ‪..‬‬ ‫تخبروني لشتري ‪ ..‬إني إذا‬
‫فقالت ‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬إني‬ ‫)‪(49‬‬
‫صائم ‪ ..‬وانتهى المر ‪..‬‬
‫نسجت هذه بيدي ‪ ..‬أكسوكها ‪..‬‬ ‫وكان في تعامله مع‬
‫فأخذها النبي ‪ .. ‬وكان محتاجا ً‬ ‫الناس ‪ ..‬يتعامل بكل سماحة‬
‫إليها ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫وقام ودخل بيته ‪ ..‬فلبسها ‪ ..‬ثم‬ ‫قال كلثوم بن الحصين ‪..‬‬
‫خرج إلى أصحابه وهي إزاره ‪..‬‬ ‫كان من خيار الصحابة ‪..‬‬
‫فقال رجل من القوم ‪ :‬يا‬ ‫قال ‪ :‬غزوت مع رسول الله‬
‫رسول الله ‪ ..‬اكسنيها ‪..‬‬ ‫‪ r‬غزوة تبوك ‪ ..‬فسرت ذات‬
‫فقال ‪ : ‬نعم ‪..‬‬ ‫ليلة معه ونحن بوادي‬
‫ثم رجع ‪ .. ‬فخلعها وطواها ‪..‬‬ ‫"الخضر" ‪..‬‬
‫ولبس إزارا ً قديما ً ‪..‬‬ ‫أطالوا المشي ‪ ..‬فجعل‬
‫ثم أرسل بها إلى الرجل ‪..‬‬ ‫يغلبه النعاس ‪..‬‬
‫فقال الناس للرجل ‪ :‬ما أحسنت‬ ‫وجعلت ناقته تقترب من‬
‫‪ ..‬سألته إياها وقد علمت أنه ل‬ ‫ناقة النبي ‪ .. ‬ويستيقظ‬
‫يرد سائل ً ؟!‬ ‫فجأة ‪ ..‬فيبعدها ‪ ..‬خوفا ً من‬
‫فقال الرجل ‪ :‬والله ما سألته ‪..‬‬ ‫أن يصيب رحل ناقته رجل‬
‫إل لتكون كفني يوم أموت ‪..‬‬ ‫النبي ‪.. ‬‬
‫فلما مات الرجل ‪ ..‬كفنه أهله‬
‫) ( رواه أبو داود ‪ -‬صحيح‬ ‫‪49‬‬

‫‪137‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫الظهر أو العصر ‪..‬‬ ‫فيها )‪.. (50‬‬
‫وهو حامل الحسن أو الحسين ‪..‬‬ ‫ما أجمل احتواء الناس بهذه‬
‫فتقدم إلى موضع صلته ‪..‬‬ ‫التعاملت ‪..‬‬
‫فوضعه ‪ ..‬ثم كبر مصليا ً‬ ‫قام ‪ ‬يوما ً يؤم أصحابه في‬
‫بالناس ‪..‬‬ ‫صلة العشاء ‪..‬‬
‫فسجد رسول الله ‪ ‬سجدة ‪..‬‬ ‫فدخل إلى المسجد‬
‫أطالها ‪ ..‬حتى خشي عليه‬ ‫طفلن ‪ ..‬الحسن‬
‫أصحابه أن يكون قد أصابه شيء‬ ‫والحسين ‪ ..‬ابنا فاطمة ‪.. ‬‬
‫‪..‬‬ ‫فأقبل إلى جدهما رسول‬
‫ثم رفع من سجوده ‪..‬‬ ‫الله ‪ .. ‬وهو يصلي ‪..‬‬
‫وبعد انتهاء الصلة ‪ ..‬سأله‬ ‫فكان إذا سجد ‪ ..‬وثب‬
‫أصحابه ‪ ..‬قالوا ‪ :‬يا رسول‬ ‫الحسن والحسين على‬
‫الله ‪ ..‬لقد سجدت في صلتك‬ ‫ظهره ‪..‬‬
‫هذه سجدة ما كنت تسجدها ‪!!..‬‬ ‫فإذا أراد ‪ ‬أن يرفع‬
‫أشيء أمرت به ؟ أو كان يوحى‬ ‫رأسه ‪ ..‬تناولهما بيديه من‬
‫إليك ؟‬ ‫خلفه تناول ً رفيقا ً ‪..‬‬
‫فقال ‪ : ‬كل ذلك لم يكن ‪..‬‬ ‫ووضعهما عن ظهره ‪..‬‬
‫ولكن ابني ارتحلني ‪ ..‬فكرهت‬ ‫فجلسا جانبا ً ‪..‬‬
‫أن أعجله ‪ ..‬حتى يقضي‬ ‫فإذا عاد لسجوده ‪ ..‬عادا‬
‫حاجته ‪.. (52) ..‬‬ ‫فوثبا على ظهره ‪..‬‬
‫ودخل ‪ ‬يوما ً على أم هانئ بنت‬ ‫حتى قضى ‪ ‬صلته ‪..‬‬
‫أبي طالب ‪ .. ‬وكان جائعا ً ‪..‬‬ ‫فأخذهما بكل رفق ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬هل عندك من طعام‬ ‫وأقعدهما على فخذيه ‪..‬‬
‫نأكله ؟‬ ‫فقام أبو هريرة ‪.. ‬‬
‫فقالت ‪ :‬ليس عندي إل كسر‬ ‫فقال ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬
‫يابسة ‪ ..‬وإني لستحي أن‬ ‫دهما ‪..‬؟ يعني أعيدهما‬ ‫أر ّ‬
‫أقدمها إليك ‪..‬‬ ‫لمهما ‪..‬؟‬
‫فقال ‪ :‬هلمي بهن ‪..‬‬ ‫فلم يعجل ‪ ‬عليهما ‪..‬‬
‫فأتته بهن ‪ ..‬فكسرهن في‬ ‫ثم لبث قليل ً ‪ ..‬فبرقت برقة‬
‫ماء ‪ ..‬وجاءت بملح فذرته‬ ‫من السماء ‪..‬‬
‫عليه ‪..‬‬ ‫فقال لهما ‪ : ‬الحقا بأمكما‬
‫فجعل ‪ .. ‬يأكل هذا الخبز‬ ‫‪ ..‬فقاما فدخل على أمهما ‪..‬‬
‫مخلوطا ً بالماء ‪..‬‬ ‫)‪(51‬‬

‫فالتفت إلى أم هانئ وقال ‪ :‬هل‬ ‫وفي يوم آخر ‪..‬‬


‫من إدام ؟‬ ‫خرج النبي عليه ‪ .. ‬على‬
‫فقالت ‪ :‬ما عندي يا رسول الله‬ ‫أصحابه في إحدى صلتي‬
‫إل شيء من "خ ّ‬
‫ل" ‪..‬‬
‫‪ ( ) 50‬رواه البخاري‬
‫فقال ‪ :‬هلميه ‪..‬‬
‫‪ ( ) 51‬رواه أحمححد وقححال الهيثمححي ‪:‬‬
‫) ( الحاكم في المستدرك‬ ‫‪52‬‬
‫رجاله ثقات‬
‫‪138‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫دعا بماء فنضحه على أثر البول‬ ‫فجاءته به ‪ ..‬فصبه على‬
‫)‪.. (55‬‬ ‫طعامه ‪ ..‬فأكل منه ‪..‬‬
‫وانتهى المر ‪ ..‬لم يغضب ‪ ..‬ولم‬ ‫ثم حمد الله عز وجل ‪ ..‬ثم‬
‫يعبس ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬نعم الدام الخل )‪.. (53‬‬
‫فلماذا نعذب نحن أنفسنا ونصنع‬ ‫نعم ‪ ..‬كان يعيش حياته كما‬
‫من الحبة قبة ‪ ..‬ليس شرطا ً أن‬ ‫هي ‪ ..‬يتقبل المور بحسب‬
‫يكون كل ما يقع حولك مرضيا ً‬ ‫ما هي عليه ‪..‬‬
‫لك ‪.. %100‬‬ ‫وفي رحلة الحج ‪..‬‬
‫جل‬ ‫وإن تجد عيبا ً فسدّ الخلل‬ ‫خرج ‪ ‬مع أصحابه ‪ ..‬فنزلوا‬
‫من ل عيب فيه وعل‬ ‫منزل ً ‪ ..‬فذهب النبي ‪‬‬
‫بعض الناس يحرق أعصابه ‪..‬‬ ‫فقضى حاجته ‪..‬‬
‫ويكبر القضايا ‪ ..‬وبعض الباء‬ ‫ثم جاء إلى حوض ماء فتوضأ‬
‫والمهات كذلك ‪ ..‬وربما بعض‬ ‫منه ‪..‬‬
‫المدرسين والمدرسات كذلك ‪..‬‬ ‫ثم قام ‪ ‬ليصلي ‪..‬‬
‫ول تفتش عن الخطاء الخفية ‪..‬‬ ‫جاء جابر بن عبد الله ‪.. ‬‬
‫وكن سمحا ً في قبول أعذار‬ ‫فوقف عن يسار رسول الله‬
‫الخرين ‪ ..‬خاصة من يعتذرون‬ ‫‪ .. ‬وكّبر مصليا ً معه ‪..‬‬
‫إليك حفاظا ً على محبتهم‬ ‫فأخذ النبي ‪ ‬بيده ‪ ..‬فأداره‬
‫معك ‪ ..‬ل لجل مصالح‬ ‫حتى أقامه عن يمينه ‪..‬‬
‫شخصية ‪..‬‬ ‫ومضيا في صلتهما ‪..‬‬
‫اقبل معاذير من يأتيك معتذرا ً‬ ‫فجاء جبار بن صخر ‪.. ‬‬
‫إن بّر عندك‬ ‫فتوضأ ‪..‬‬
‫فيما قال أو فجرا‬ ‫ثم أقبل فقام عن يسار‬
‫فقد أطاعك من يرضيك ظاهره‬ ‫رسول الله ‪.. ‬‬
‫وقد أجّلك من‬ ‫فأخذ ‪ ‬بأيديهما جميعا ً –‬
‫يعصيك مستترا ً‬ ‫بكل هدوء ‪ -‬فدفعهما حتى‬
‫وانظر إلى رسول الله ‪ .. ‬وقد‬ ‫أقامهما خلفه )‪.. (54‬‬
‫رقى منبره يوما ً ‪..‬‬ ‫وفي يوم كان ‪ ‬جالسا ً ‪..‬‬
‫وخطب بأصحابه فرفع صوته‬ ‫فأقلبت إليه أم قيس بنت‬
‫حتى أسمع النساء العواتق في‬ ‫محصن بابن لها حديث‬
‫خدورها داخل بيوتهن ‪!!..‬‬ ‫الولدة ‪ ..‬ليحنكه ويدعو له ‪..‬‬
‫فقال ‪ : ‬يا معشر من آمن‬ ‫فأخذه ‪ ‬فجعله في‬
‫بلسانه ولم يدخل اليمان إلى‬ ‫حجره ‪ ..‬فلم يلبث الصغير‬
‫قلبه ‪ ..‬ل تغتابوا المسلمين ‪..‬‬ ‫أن بال في حجر النبي ‪.. ‬‬
‫ول تتبعوا عوراتهم ‪..‬فإنه من‬ ‫وبلل ثيابه بالبول ‪..‬‬
‫يتبع عورة أخيه ‪ ..‬يتبع الله‬ ‫فلم يزد النبي ‪ ‬على أن‬
‫عورته ‪ ..‬ومن يتبع الله عورته ‪..‬‬
‫‪ ( ) 53‬رواه الطبراني في الوسط ‪،‬‬
‫وأصله في الصحيحين‬
‫) (‬ ‫‪55‬‬
‫‪ ( ) 54‬رواه مسلم‬
‫‪139‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ما أجمل أن نتواضع ونسمع‬ ‫يفضحه ولو في جوف بيته ‪..‬‬
‫الناس هذه العبارات ‪..‬‬ ‫)‪.. (56‬‬
‫وقعت خصومة بين أبي ذر وبلل‬ ‫نعم ل تتصيد الخطاء ‪..‬‬
‫‪ ..‬رضي الله عنهما ‪ ..‬وهما‬ ‫وتتبع العورات ‪ ..‬كن‬
‫صحابيان ‪ ..‬لكنهما بشر ‪..‬‬ ‫سمحا ً ‪..‬‬
‫فغضب أبو ذر ‪ ..‬وقال لبلل ‪ :‬يا‬ ‫وكان ‪ ‬حريصا ً على عدم‬
‫ابن السوداء ‪..‬‬ ‫إثارة المشكلت أصل ً ‪..‬‬
‫فشكاه بلل إلى رسول الله‬ ‫في مجلس هادئ مع بعض‬
‫‪.. ‬‬ ‫أصحابه ‪ ..‬صفت فيه‬
‫فدعاه النبي ‪ ‬فقال ‪ :‬أساببت‬ ‫النفوس ‪ ..‬واطمأنت القلوب‬
‫فلنا ً ؟‬ ‫‪ ..‬قال ‪ ‬لصحابه ‪:‬‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫أل ل يبلغني أحد منكم عن‬
‫قال ‪ :‬فهل ذكرت أمه ؟‬ ‫أحد من أصحابي شيئا ً ‪..‬‬
‫ذكر‬‫قال ‪ :‬من يسابب الرجال ‪ُ ..‬‬ ‫فإني أحب أن أخرج إليكم‬
‫أبوه وأمه يا رسول الله ‪..‬‬ ‫وأنا سليم الصدر ‪.. (57) ..‬‬
‫فقال ‪ : ‬إنك امرؤ فيك جاهلية‬ ‫ل تعذب نفسك ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫ل تثر على نفسك الغبار ما‬
‫فتغير أبو ذر ‪ ..‬وقال ‪ :‬على‬ ‫دام ساكنا ً ‪ ..‬وإن ثار فس ّ‬
‫د‬
‫ساعتي من الكبر ‪..‬؟‬ ‫مك ‪ ..‬واستمتع‬ ‫أنفك ب ِك ُ ّ‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫بحياتك ‪..‬‬
‫ثم أعطاه النبي ‪ ‬منهجا ً‬
‫يتعامل به مع من هم أقل منه‬ ‫اعترف بخطئك ‪..‬‬ ‫‪.42‬‬
‫فقال ‪:‬‬ ‫ل تكابر ‪..‬‬
‫إنما هم إخوانكم ‪ ..‬جعلهم الله‬ ‫كثير من المشاكل التي ربما‬
‫تحت أيديكم ‪ ..‬فمن كان أخوه‬ ‫تستمر العداوة بسببها ‪..‬‬
‫تحت يده ‪ ..‬فليطعمه من طعامه‬ ‫سنة وسنتين ‪ ..‬وربما العمر‬
‫‪ ..‬وليلبسه من لباسه ‪ ..‬ول‬ ‫كله ‪ ..‬يكون حلها أن يقول‬
‫يكلفه ما يغلبه ‪ ..‬فإن كلفه ما‬ ‫أحدهما للخر ‪ :‬أنا أخطأت ‪..‬‬
‫يغلبه فليعنه عليه ‪..‬‬ ‫وأعتذر ‪..‬‬
‫فماذا فعل أبو ذر ‪ ‬؟!‬ ‫موعد أخلفته ‪ ..‬أو مزحة‬
‫مضى أبو ذر حتى لقي بلل ً ‪..‬‬ ‫ثقيلة ‪..‬أو كلمة نابية ‪..‬‬
‫ثم اعتذر ‪ ..‬وقعد على الرض ‪..‬‬ ‫سارع إلى إطفاء شرارها‬
‫بين يدي بلل ‪ ..‬ثم جعل يقرب‬ ‫قبل أن تضطرم النار بسببها‬
‫من الرض حتى وضع خده على‬ ‫‪..‬‬
‫التراب وقال ‪ :‬يا بلل ‪ ..‬طأ‬ ‫ي ‪ ..‬ما‬‫أنا آسف ‪ ..‬حقك عل ّ‬
‫)‪(58‬‬
‫برجلك على خدي ‪..‬‬ ‫يصير خاطرك إل طيب ‪..‬‬
‫هكذا كان الصحابة ‪ ‬في‬
‫حرصهم على إطفاء نار العداوة‬
‫) ( أخرجه أبو يعلى ‪ ،‬صحيح ‪.‬‬ ‫‪56‬‬

‫) ( رواه مسلم مختصرا ً‬ ‫‪58‬‬


‫) ( أخرجه أبو داود ‪ ،‬صحيح ‪.‬‬ ‫‪57‬‬

‫‪140‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فقال ‪ : ‬هل أنتم تاركون لي‬ ‫قبل اشتعالها ‪ ..‬فإن‬
‫صاحبي ؟ هل أنتم تاركون لي‬ ‫اشتعلت منعوها من‬
‫صاحبي ؟ إني قلت ‪ :‬يأيها‬ ‫المتداد ‪..‬‬
‫الناس إني رسول الله إليكم‬ ‫وقعت بين أبي بكر وعمر ‪‬‬
‫جميعا ً ‪ ..‬فقلتم ‪ :‬كذبت ‪ ..‬وقال‬ ‫محاورة ‪ ..‬فأغضب أبو بكر‬
‫أبو بكر ‪ :‬صدقت )‪.. (59‬‬ ‫عمَر ‪..‬‬
‫وانتبه أن تكون ممن يصلح‬ ‫فانصرف عنه عمُر مغضبا ً ‪..‬‬
‫الناس ويفسد نفسه ‪ ..‬يدور بها‬ ‫فلما رأى أبو بكر ذلك ‪..‬‬
‫كما يدور الحمار في الرحى ‪..‬‬ ‫ندم ‪ ..‬وخشي أن يتطور‬
‫فإذا كنت في موضع توجيه أو‬ ‫المر ‪..‬‬
‫اقتداء ‪ ..‬كمدرس مع طلبه ‪..‬‬ ‫فانطلق يتبع عمر ‪..‬‬
‫وأب مع أولده ‪ ..‬أو أم ‪ ..‬وكذلك‬ ‫ويقول ‪ :‬استغفر لي يا‬
‫الزوجان مع بعضهما ‪..‬‬ ‫عمر ‪..‬‬
‫وزع عمر ‪ ‬ثيابا ً على الناس ‪..‬‬ ‫وعمر ل يلتفت إليه ‪ ..‬وأبو‬
‫فنال كل واحد قطعة قماش‬ ‫بكر يعتذر ‪ ..‬ويمشي وراءه‬
‫تكفيه إزارا ً أو رداءً ‪..‬‬ ‫حتى وصل عمر إلى بيته ‪..‬‬
‫ثم قام يخطب الناس يوم‬ ‫وأغلق بابه في وجهه ‪..‬‬
‫الجمعة ‪..‬‬ ‫فمضى أبو بكر إلى رسول‬
‫فقال في أول خطبته ‪ :‬إن الله‬ ‫الله ‪.. ‬‬
‫كتب لي عليكم السمع‬ ‫فلما رآه النبي ‪ ‬مقبل ً من‬
‫والطاعة ‪..‬‬ ‫بعيد ‪ ..‬رآه متغيرا ً ‪ ..‬فقال ‪:‬‬
‫فقام رجل من القوم وقال ‪ :‬ل‬ ‫أما صاحبكم هذا فقد غامر ‪..‬‬
‫سمع لك ول طاعة ‪..‬‬ ‫جلس أبو بكر ساكتا ً ‪..‬‬
‫فقال عمر ‪ :‬لمه ؟‬ ‫فلم تمض لحظات ‪ ..‬حتى‬
‫قال ‪ :‬لنك قسمت علينا ثوبا ً ‪..‬‬ ‫ندم عمر على ما كان منه ‪..‬‬
‫ثوبا ً ‪ ..‬وأنت تلبس ثوبين‬ ‫وكانت قلوبهم بيضاء ‪..‬‬
‫جديدين ‪..‬‬ ‫فأقبل إلى مجلس رسول‬
‫أي إزارك ورداؤك ‪ ..‬كلهما‬ ‫الله ‪ .. ‬فسلم وجلس‬
‫نلحظ أنه جديد ‪..‬‬ ‫بجانب النبي ‪ .. ‬وقص‬
‫فقال عمر ‪ :‬قم يا عبد الله بن‬ ‫عليه الخبر ‪..‬‬
‫عمر ‪ ..‬فقام ‪ ..‬فقال ‪ :‬ألست‬ ‫وحكى كيف أعرض عن أبي‬
‫دفعت لي ثوبك لخطب به ‪..‬؟‬ ‫بكر ولم يقبل اعتذاره ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫فغضب رسول الله ‪.. ‬‬
‫فقعد الرجل وقال ‪ :‬الن نسمع‬ ‫فلما رأى أبو بكر غضبه ‪..‬‬
‫ونطيع ‪ ..‬وانتهت المشكلة ‪..‬‬ ‫جعل يقول ‪ :‬والله يا رسول‬
‫ي ‪ ..‬أنا معك‬ ‫عزيزي ل تعجل عل ّ‬ ‫الله ‪ ..‬لنا كنت أظلم ‪ ..‬أنا‬
‫أن أسلوب الرجل لما اعترض‬ ‫كنت أظلم ‪..‬‬
‫على عمر ‪ ..‬غير مناسب ‪ ..‬لكن‬ ‫وجعل يدافع عن عمر ويعتذر‬
‫) ( البخاري‬ ‫‪59‬‬
‫له ‪..‬‬
‫‪141‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫كان رئيس المراكز الدعوية في‬ ‫العجب هو من قدرة عمر‬
‫ألبانيا حاضرا ً الجتماع ‪..‬‬ ‫على استيعاب الموقف ‪..‬‬
‫نظرنا إليه ‪ ..‬فإذا ليس في خديه‬ ‫وإطفاء النار ‪..‬‬
‫شعرة واحدة ‪..‬‬ ‫وأخيرا ً ‪ ..‬إذا أردت أن يقبل‬
‫فنظر بعضنا إلى بعض‬ ‫الناس منك ملحظتك ‪..‬‬
‫مستغربا ً ‪ !!..‬فقد جرت العادة‬ ‫ونصحك ‪ ..‬أيا ً كانوا ‪..‬‬
‫أن يكون الداعية ملتزما ً بهدي‬ ‫زوجة ‪ ..‬ولدا ً ‪ ..‬أختا ً ‪..‬‬
‫رسول الله ‪ ‬معفيا ً لحيته ‪..‬‬ ‫فكن أنت متقبل ً للنصح‬
‫ولو بعضها ‪ ..‬فكيف برئيس‬ ‫أصل ً ‪ ..‬غير متكبر عنه ‪..‬‬
‫الدعاة ؟!‬ ‫كان كثيرا ً ما يقول لها ‪:‬‬
‫فلما ابتدأ الجتماع قال لنا‬ ‫اعتن بأولدك أكثر ‪ ..‬اطبخي‬
‫ضاحكا ً ‪ :‬يا جماعة ‪ ..‬أنا أمرد ‪..‬‬ ‫جيدا ً ‪ ..‬إلى متى أقول ‪:‬‬
‫أصل ً ل ينبت لي لحية ‪ ..‬ل‬ ‫رتبي غرفة النوم ‪..‬‬
‫تعملوا لي محاضرة إذا انتهينا ‪..‬‬ ‫وكانت تردد دائما ً بكل أريحية‬
‫تبسمنا وشكرناه ‪..‬‬ ‫‪ :‬أبشر ‪ ..‬إن شاء الله ‪..‬‬
‫وإن شئت فارحل معي إلى‬ ‫أمرك ‪..‬‬
‫المدينة ‪ ..‬وانظر إلى رسول الله‬ ‫ً‬
‫قالت له يوما – ناصحة ‪: -‬‬
‫‪ ‬وقد كان معتكفا ً في مسجده‬ ‫الولد في أيام اختبارات‬
‫في ليالي رمضان ‪..‬‬ ‫ويحتاجون وجودك بينهم ‪..‬‬
‫فأقبلت إليه زوجه صفية بنت‬ ‫فل تتأخر إذا خرجت‬
‫حيي ‪ ‬زائرة ‪..‬‬ ‫لصحابك ‪ ..‬فما كاد يسمع‬
‫فمكثت عنده قليل ً ‪..‬‬ ‫منها ذلك حتى صاح بها ‪:‬‬
‫ثم قامت لتعود لبيتها ‪..‬‬ ‫لست متفرغا ً لهم ‪ ..‬أتأخر‬
‫فلم يشأ النبي ‪ ‬أن تعود في‬ ‫أو ل أتأخر ‪ ..‬ليس شغلك ‪..‬‬
‫ظلمة الليل وحدها ‪..‬‬ ‫ي ‪..‬‬ ‫ليس لك دخل ف ّ‬
‫فقام معها ليوصلها ‪..‬‬ ‫فبالله عليك قل لي ‪ :‬كيف‬
‫فمشى معها في الطريق ‪ ..‬فمر‬ ‫تريدها أن تقبل منه نصحا ً‬
‫به رجلن من النصار ‪..‬‬ ‫بعد ذلك !!‬
‫فلما رأيا النبي ‪ ‬والمرأة‬ ‫وأخيرا ً ‪..‬‬
‫معه ‪ ..‬أسرعا ‪..‬‬ ‫الذكي ‪ ..‬هو الذي يسد‬
‫فقال ‪ ‬لهما ‪ :‬على رسلكما‬ ‫الفتحات في جداره حتى ل‬
‫إنها صفية بنت حيي ‪..‬‬ ‫يستطيع الناس أن يسترقوا‬
‫فقال ‪ :‬سبحان الله يا رسول‬ ‫النظر ‪..‬‬
‫الله ‪ ..‬أي ‪ :‬أُيعقل أن نشك فيك‬ ‫بمعنى ‪ :‬أن ل تفتح مجال ً‬
‫أن يكون معك امرأة أجنبية‬ ‫لشك الناس فيك ‪..‬‬
‫عنك ‪!!..‬‬ ‫أذكر أن إحدى الجمعيات‬
‫فقال ‪ : ‬إن الشيطان يجري‬ ‫الدعوية استدعت مجموعة‬
‫من النسان مجرى الدم ‪ ..‬وإني‬ ‫من الدعاة لعقد محاضرات‬
‫خشيت أن يقذف في قلوبكما‬ ‫في ألبانيا ‪..‬‬
‫‪142‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فصرخ الجهني ‪ :‬يااااا معشر‬ ‫‪..‬‬ ‫)‪(60‬‬
‫شرا ً ‪ ..‬أو قال شيئا ً ‪..‬‬
‫النصار ‪..‬‬
‫وصرخ جهجاه ‪ :‬يااااا معشر‬ ‫شجاعة ‪..‬‬
‫المهاجرين ‪..‬‬ ‫ليست الشجاعة أن تصر‬
‫فثار النصار ‪ ..‬وثار‬ ‫على خطئك ‪ ..‬وإنما أن‬
‫المهاجرون ‪..‬‬ ‫تعترف به ‪ ..‬ول تكرره مرة‬
‫واشتد الخلف ‪ ..‬والقوم‬ ‫أخرى ‪..‬‬
‫قادمون من حرب ‪ ..‬ول يزالون‬
‫بسلحهم !!‬ ‫مفاتيح الخطاء!‬ ‫‪.43‬‬
‫فانطلق ‪ .. ‬حتى اطفأ ما‬ ‫التعامل مع الخطاء فن ‪..‬‬
‫بينهم ‪..‬‬ ‫فلكل باب مفتاح ‪ ..‬وللقلوب‬
‫فتحركت الفاعي ‪..‬‬ ‫دروب ‪..‬‬
‫غضب عبد الله بن أبي بن‬ ‫إذا وقع أحد في خطأ كبير ‪..‬‬
‫سلول ‪ ..‬وعنده رهط من قومه‬ ‫وانتشر خبره في الناس ‪..‬‬
‫النصار ‪..‬‬ ‫وبدأ الناس يترقبون ماذا‬
‫فقال ‪ :‬أوقد فعلوها!! قد‬ ‫تفعل فأشغلهم بشيء ‪..‬‬
‫نافرونا ‪ ..‬وكاثرونا في بلدنا ‪..‬‬ ‫حتى يكون عندك وقت‬
‫دنا وجلبيب قريش‬ ‫والله ما أع ّ‬ ‫لدراسة المر ‪ ..‬حتى ل‬
‫هذه ‪ ..‬إل كما قال الول ‪:‬‬ ‫يتجّرأ أحد على مثل فعله ‪..‬‬
‫وع‬‫من كلبك يأكلك ‪ ..‬وج ّ‬ ‫سـ ّ‬
‫َ‬ ‫أو يتعودوا على مثل هذا‬
‫كلبك يتبعك !!‬ ‫الخطأ ‪..‬‬
‫ثم قال الخبيث ‪ :‬أما والله لئن‬ ‫خرج ‪ ‬مع أصحابه في‬
‫رجعنا الى المدينة ‪ ..‬ليخرجن‬ ‫غزوة بني المصطلق ‪..‬‬
‫العّز منها الذ ّ‬
‫ل ‪..‬‬ ‫وأثناء رجوعهم ‪ ..‬نزلوا‬
‫ثم أقبل على من حضره من‬ ‫يستريحون ‪..‬‬
‫قومه فقال ‪ :‬هذا ما فعلتم‬ ‫فأرسل المهاجرون غلما ً‬
‫بأنفسكم ‪ ..‬أحللتموهم بلدكم ‪..‬‬ ‫لهم اسمه ‪ :‬جهجاه بن‬
‫وقاسمتموهم أموالكم ‪ ..‬أما‬ ‫مسعود ‪ ..‬ليستقي لهم من‬
‫والله لو أمسكتم عنهم ما‬ ‫البئر ماءً ‪..‬‬
‫بأيديكم ‪ ..‬لتحولوا إلى غير‬ ‫وأرسل النصار غلما ً لهم‬
‫داركم ‪..‬‬ ‫اسمه ‪ :‬سنان بن وبر‬
‫وجعل الخبيث يهدد ويتوعد ‪..‬‬ ‫الجهني ‪ ..‬ليستقي لهم أيضا ً‬
‫والذين عنده من أنصاره‬ ‫‪..‬‬
‫المنافقين ‪ ..‬يؤيدونه ويشجعونه‬ ‫فازدحم الغلمان على‬
‫‪..‬‬ ‫الماء ‪ ..‬فكسع أحدهما‬
‫كان من بين الجالسين غلم‬ ‫صاحبه ‪ ..‬أي ضربه على‬
‫صغير ‪ ..‬اسمه زيد ابن أرقم ‪..‬‬ ‫مؤخرته ‪..‬‬
‫فمضى إلى رسول الله ‪‬‬
‫فأخبره الخبر ‪..‬‬ ‫) ( متفق عليه‬ ‫‪60‬‬

‫‪143‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫يحلف بالله ‪ ..‬ما قلت ‪ ..‬ول‬ ‫وكان عمر بن الخطاب‬
‫ي الغلم ‪..‬‬ ‫تكلمت به ‪ ..‬كذب عل ّ‬ ‫جالسا ً عند النبي ‪.. ‬‬
‫وكان ابن سلول رئيسا ً في‬ ‫فثار ‪ ..‬كيف يجرؤ هذا‬
‫قومه ‪ ..‬شريفا عظيما ‪..‬‬ ‫المنافق على رسول الله ‪‬‬
‫فقال النصار ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬ ‫بهذا السلوب القبيح ‪..‬‬
‫م في‬ ‫وه َ‬
‫عسى أن يكون الغلم أ ْ‬ ‫ورأى عمر أن قتل الفعى‬
‫حديثه ‪ ..‬ولم يحفظ ما قال‬ ‫أولى من قطع ذيلها ‪ ..‬ورأى‬
‫الرجل ‪..‬‬ ‫أن قتل ابن سلول ‪ ..‬يقضي‬
‫وجعلوا يدافعون عن ابن‬ ‫على الفتنة في مهدها ‪..‬‬
‫سلول ‪..‬‬ ‫ولكن أن يقتله رجل من‬
‫فأقبل سيد من سادة النصار ‪..‬‬ ‫قومه النصار ‪ ..‬أسلم من‬
‫أسيد بن حضير ‪ ..‬فحياه بتحية‬ ‫أن يقتله رجل من‬
‫النبوة وسلم عليه ‪ ..‬وقال ‪:‬‬ ‫المهاجرين ‪..‬‬
‫يا رسول الله ‪ ..‬والله لقد رحت‬ ‫ففقال عمر ‪ :‬يا رسول‬
‫في ساعة منكرة ‪ ..‬ما كنت تروح‬ ‫الله ‪..‬‬
‫في مثلها !!‬ ‫من مر به عباد ابن بشر‬
‫فالتفت إليه ‪ ‬وقال ‪ :‬أو ما‬ ‫النصاري فليقتله ‪..‬‬
‫بلغك ما قال صاحبكم ؟‬ ‫لكن رسول الله كان أحكم ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬أي صاحب يا رسول الله ؟‬ ‫فهم قادمون من حرب ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬عبد الله بن أبي ‪..‬‬ ‫والناس بسلحهم ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬وما قال ؟‬ ‫والنفوس مشحونة ‪ ..‬وليس‬
‫قال ‪ :‬زعم أنه ان رجع الى‬ ‫من المناسب إثارتهم أكثر ‪..‬‬
‫ل ‪..‬‬‫المدينة أخرج العّز منها الذ ّ‬ ‫فقال ‪ : ‬فكيف يا عمر اذا‬
‫فثار أسيد وقال ‪ :‬فأنت والله يا‬ ‫تحدث الناس أن محمدا ً يقتل‬
‫رسول الله تخرجه إن شئت ‪..‬‬ ‫أصحابه ؟!‬
‫هو والله الذليل ‪ ..‬وأنت‬ ‫ل يا عمر ‪ ..‬ولكن آذن الناس‬
‫العزيز ‪..‬‬ ‫بالرحيل ‪..‬‬
‫ثم قال أسيد مخففا ً على‬ ‫و‬
‫وكان الناس قد نزلوا للت ّ‬
‫رسول الله ‪: ‬‬ ‫واستظلوا ‪ ..‬فكيف يأمرهم‬
‫يا رسول الله ‪ ..‬ارفق ‪ ..‬لقد‬ ‫بالرحيل ‪ ..‬في شدة الحر‬
‫جاءنا الله بك وإن قومه‬ ‫والشمس ‪..‬‬
‫لينظمون له الخرز ليتوجوه ‪..‬‬ ‫ولم تكن عادته ‪ ‬أن يرتحل‬
‫فإنه ليرى أنك قد استلبته‬ ‫في شدة الحر ‪..‬‬
‫ملكا ً ‪..‬‬ ‫ارتحل الناس ‪..‬‬
‫فسكت النبي ‪ .. ‬ومضى‬ ‫وبلغ عبد الله بن سلول أن‬
‫براحلته ‪ ..‬والناس منهم من‬ ‫رسول الله ‪ .. ‬أخبره زيد‬
‫يجمع متاعه ‪ ..‬ومنهم من يرحل‬ ‫بن أرقم بما سمع منه ‪..‬‬
‫راحلته ‪..‬‬ ‫فأقبل ابن سلول إلى‬
‫وجعلت الحادثة تنتشر ‪ ..‬وصارت‬ ‫رسول الله ‪ .. ‬وجعل‬
‫‪144‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫حتى وقعوا نياما ‪..‬‬ ‫أحاديث الجيش ‪ .. :‬لماذا‬
‫وإنما فعل ذلك ليشغل الناس‬ ‫ارتحلنا في هذا الوقت ‪..‬‬
‫عما حدث ‪..‬‬ ‫ماذا قال ؟ كيف تعامل‬
‫ثم أيقظهم ‪ ..‬وارتحل بهم ‪..‬‬ ‫معه ؟ صدق ابن سلول ‪ ..‬ل‬
‫وواصل حتى دخل المدينة ‪..‬‬ ‫بل كذب ‪..‬‬
‫وتفرق الناس في بيوتهم عند‬ ‫وبدأت الشائعات تزيد ‪..‬‬
‫أهليهم ‪..‬‬ ‫قص ‪..‬‬ ‫والكلم يزاد فيه وُين َ‬
‫وأنزل الله تعالى سورة‬ ‫واضطرب الجيش ‪ ..‬وهم‬
‫المنافقين ‪:‬‬ ‫في طريقهم من قتال ‪..‬‬
‫قوا‬ ‫ف ُ‬ ‫ن َل ُتن ِ‬ ‫قوُلو َ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫م ال ّ ِ‬ ‫ه ُ‬ ‫) ُ‬ ‫ويمرون بقبائل أعداء‬
‫حّتى‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫ل الل ِ‬ ‫سو ِ‬ ‫عندَ َر ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫عَلى َ‬ ‫َ‬ ‫يتربصون بهم ‪..‬‬
‫ت‬ ‫وا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫خَزائ ِ ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ول ِل ّ ِ‬‫ضوا َ‬ ‫ف ّ‬ ‫َين َ‬ ‫فشعر ‪ ‬أن الجيش بدأ‬
‫ن َل‬ ‫َ‬
‫قي َ‬ ‫ف ِ‬
‫مَنا ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ول َك ِ ّ‬ ‫ض َ‬ ‫والْر ِ‬
‫َ ْ‬ ‫ينقسم ‪ ..‬فأراد أن يشغلهم‬
‫عَنا‬‫ج ْ‬ ‫ن ل َِئن ّر َ‬ ‫قوُلو َ‬ ‫ن * يَ ُ‬ ‫هو َ‬ ‫ق ُ‬ ‫ف َ‬ ‫يَ ْ‬ ‫عن المشكلة ‪ ..‬وعن النقاش‬
‫َ‬
‫ن اْل َ‬ ‫ة ل َي ُ ْ‬
‫ها‬‫من ْ َ‬‫عّز ِ‬ ‫ج ّ‬ ‫ر َ‬‫خ ِ‬ ‫دين َ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫إ َِلى ال ْ َ‬ ‫فيها ‪ ..‬لنهم يزيدون‬
‫ه‬
‫سول ِ ِ‬ ‫ول َِر ُ‬ ‫عّزةُ َ‬ ‫ه ال ْ ِ‬ ‫ول ِل ّ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫اْل َذَ ّ‬ ‫أوارها ‪ ..‬ويشعلون الفتنة‬
‫ن َل‬ ‫قي َ‬ ‫ف ِ‬ ‫مَنا ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ول َك ِ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫مِني َ‬ ‫ؤ ِ‬‫م ْ‬ ‫ول ِل ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫بين المهاجرين والنصار ‪..‬‬
‫ن ( ‪..‬‬ ‫مو َ‬ ‫عل ُ‬ ‫َ‬ ‫يَ ْ‬ ‫وصار الناس يترقبون متى‬
‫فقرأها رسول الله ‪ .. ‬ثم أخذ‬ ‫ينزلون حتى يجتمع بعضهم‬
‫بأذن الغلم زيد بن أرقم ‪..‬‬ ‫إلى بعض ويتحدثوا في المر‬
‫وقال ‪ :‬هذا الذي أوفى لله بأذنه‬ ‫‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫فمشى ‪ ‬بالناس يومهم‬
‫وبدأ الناس يسبون ابن سلول ‪..‬‬ ‫ذلك والشمس فوقهم ‪..‬‬
‫ويلومونه ‪..‬‬ ‫ومشى ومشى حتى غابت‬
‫فالتفت ‪ ‬إلى عمر وقال ‪:‬‬ ‫الشمس ‪ ..‬فظن الناس أنهم‬
‫أرأيت يا عمر ‪ ..‬لو قتلته يوم‬ ‫سينزلون للصلة‬
‫ذكرت ذلك ‪ ..‬لرعدت له أنوف‬ ‫ويرتاحون ‪ ..‬فلم ينزل إل‬
‫لو أمرتها اليوم بقتله لقتلته ‪..‬‬ ‫دقائق معدودات ‪ ..‬صلوا ثم‬
‫ثم سكت عنه ‪ .. ‬فلم يتعرض‬ ‫أمرهم فارتحلوا ‪ ..‬وواصل‬
‫له بشيء ‪..‬‬ ‫المشي ليلتهم حتى أصبح ‪..‬‬
‫وأحيانا ً إذا وقع الخطأ أمام‬ ‫ثم نزل فصلى الفجر ‪ ..‬ثم‬
‫الناس قد تحتاج أن تنكر عليه‬ ‫أمرهم فارتحلوا ‪..‬‬
‫بأسلوب مناسب ‪ ..‬وإن كان‬ ‫ومشوا صباحهم حتى‬
‫أمام الناس ‪..‬‬ ‫تعبوا ‪ ..‬وآذتهم الشمس ‪..‬‬
‫بينما رسول الله ‪ ‬جالسا ً يوما ً‬ ‫فلما شعر أن الرهاق‬
‫مع أصحابه ‪ ..‬وكانوا في أيام‬ ‫والتعب سيطر عليهم ‪..‬‬
‫قحط ‪ ..‬واحتباس مطر ‪ ..‬وقلة‬ ‫فليس فيهم جهد للكلم ‪..‬‬
‫زرع ‪..‬‬ ‫أمرهم فنزلوا ‪ ..‬فما كادت‬
‫إذ أتاه أعرابي فقال ‪:‬‬ ‫أجسادهم تمس الرض ‪..‬‬
‫‪145‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ووضع رداءه ‪ ..‬واضطجع على‬ ‫يا رسول الله جهدت النفس‬
‫فراشه ‪..‬‬ ‫‪ ..‬وضاعت العيال ‪ ..‬ونهكت‬
‫فلبث كذلك ‪ ..‬حتى ظن أن‬ ‫الموال ‪ ..‬وهلكت النعام ‪..‬‬
‫عائشة قد رقدت ‪..‬‬ ‫فاستسق الله لنا ‪ ..‬فإنا‬
‫فقام من على فراشه ‪ ..‬ولبس‬ ‫نستشفع بك على الله ‪..‬‬
‫رداءه ونعليه ‪ ..‬رويدا ً ‪..‬‬ ‫ونستشفع بالله عليك ‪..‬‬
‫ثم فتح الباب رويدا ً ‪ ..‬وخرج ‪..‬‬ ‫فتغير رسول الله ‪ .. ‬لما‬
‫وأغلقه رويدا ً ‪..‬‬ ‫سمعه يقول نستشفع بالله‬
‫فلما رأت عائشة ذلك ‪ ..‬دخلتها‬ ‫عليك ‪..‬‬
‫غْيرةُ النساء ‪ ..‬وخشيت أنه ذهب‬ ‫َ‬ ‫فالشفاعة والواسطة تكون‬
‫إلى بعض نسائه ‪..‬‬ ‫من الدنى إلى العلى ‪ ..‬فل‬
‫فقامت ‪ ..‬ولبست درعها ‪..‬‬ ‫يجوز أن يقال إن الله يشفع‬
‫وخمارها ‪ ..‬وانطلقت في‬ ‫عند خلقه ‪ ..‬بل يأمرهم جل‬
‫إثره ‪ ..‬تمشي وراءه ‪ ..‬دون أن‬ ‫جلله ‪ ..‬لنه أعلى وأرفع ‪..‬‬
‫يشعر بها ‪..‬‬ ‫فقال ‪ : ‬ويحك !! أتدري ما‬
‫فانطلق ‪ .. r‬يمشي في ظلمة‬ ‫تقول ؟!!‬
‫الليل ‪ ..‬حتى جاء مقبرة‬ ‫ثم جعل ‪ ‬يقدس الله ‪..‬‬
‫البقيع ‪..‬‬ ‫ويردد ‪ ..‬سبحااان الله ‪..‬‬
‫فوقف عندها ‪ ..‬ينظر إلى قبور‬ ‫سبحااان الله ‪..‬‬
‫أصحابه ‪ ..‬الذين عاشوا‬ ‫عرف‬ ‫فما زال يسبح حتى ُ‬
‫عابدين ‪ ..‬وماتوا مجاهدين ‪..‬‬ ‫ذلك في وجوه أصحابه ‪..‬‬
‫واجتمعوا تحت الثرى ‪ ..‬ليرضى‬ ‫ثم قال ‪:‬‬
‫عنهم من يعلم السّر وأخفى ‪..‬‬ ‫ع‬
‫سَتشف ُ‬ ‫ويحك !! إنه ل ي ُ ْ‬
‫أخذ ‪ r‬ينظر إلى قبورهم ‪..‬‬ ‫بالله على أحد من خلقه ‪..‬‬
‫ويتذكر أحوالهم ‪..‬‬ ‫ن الله أعظم من ذلك ‪..‬‬ ‫شأ ُ‬
‫ثم رفع يديه فدعا لهم ‪ ..‬ثم أخذ‬ ‫ويحك !! أتدري ما الله ؟! إن‬
‫ينظر إلى القبور ‪ ..‬ثم رفع يديه‬ ‫عرشه على سماواته‬
‫ثانية فدعا لهم ‪..‬‬ ‫لهكذا ‪ ..‬وقال بأصابعه مثل‬
‫ثم لبث مليا ً ‪ ..‬ثم رفعها‬ ‫القبة عليه ‪ ..‬وإنه ليئط به‬
‫فاستغفر لهم ‪..‬‬ ‫أطيط الرحل بالراكب ‪..‬‬
‫وأطال القيام ‪ ..‬وعائشة تنظر‬ ‫)‪.. (61‬‬
‫إليه من بعيد ‪..‬‬ ‫ولكن إذا وقع الخطأ من‬
‫ثم التفت ‪ r‬وراءه راجعا ً ‪..‬‬ ‫الشخص لوحده قد يكون‬
‫فلما رأت ذلك عائشة ‪ ..‬انحرفت‬ ‫هناك شيء من اللين ‪..‬‬
‫إلى ورائها راجعة ‪ ..‬خشية أن‬ ‫أتى رسول الله ‪ r‬إلى بيت‬
‫يشعر بها ‪..‬‬ ‫عائشة ‪ t‬في ليلتها ‪..‬‬
‫فأسرع ‪ r‬مشيه ‪ ..‬فأسرعت‬ ‫فوضع نعليه من رجليه ‪..‬‬
‫عائشة ‪..‬‬
‫ت ‪ ..‬فأحضَر –‬ ‫فهرول ‪ ..‬فهرول ْ‬ ‫) ( رواه أبو داود‬ ‫‪61‬‬

‫‪146‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫وخشيت أن تستوحشي ‪..‬‬ ‫ت‬‫أي جرى مسرعا ً ‪ -‬فأحضر ْ‬
‫فأمرني أن آتي أهل البقيع‬ ‫وجرت ‪..‬‬
‫فأستغفَر لهم ‪.. (62) ..‬‬ ‫حتى سبقته إلى البيت‬
‫نعم ‪ ..‬كان ‪ .. r‬سهل ً لـّينا ً ل‬ ‫فدخلت ‪..‬‬
‫يكبر الخطاء ‪..‬‬ ‫ونزعت درعها وخمارها ‪..‬‬
‫بل كان يرددها في الناس‬ ‫وأقبلت إلى فراشها‬
‫ويقول ‪:‬‬ ‫فاضطجعت عليه ‪ ..‬كهيئة‬
‫كما عند مسلم ‪ :‬ل يفرك مؤمن‬ ‫فسها يتردد في‬ ‫النائمة ‪ ..‬ون َ‬
‫مؤمنة ‪ ..‬إن كره منها خلقا ً ‪..‬‬ ‫صدرها ‪..‬‬
‫رضي منها آخر ‪..‬‬ ‫فدخل ‪ r‬البيت ‪ ..‬فسمع‬
‫أي ل يبغضها بغضا ً تاما ً ‪ ..‬لجل‬ ‫فسها ‪ ..‬فقال ‪:‬‬ ‫صوت ن َ َ‬
‫ع يلزمها ‪..‬‬ ‫مالك يا عائش ‪ ..‬حشيا ً‬
‫خلق عندها ‪ ..‬أو طب ٍ‬
‫بل يغفر سيئتها لحسنتها ‪ ..‬فإذا‬ ‫رابية ‪..‬‬
‫رأى خطأها تذكر صوابها ‪ ..‬وإذا‬ ‫قالت ‪ :‬ل شيء ‪..‬‬
‫شاهد سوءها تذكر حسنها ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬لتخبرني ‪ ..‬أو‬
‫ويتغاضى عما يكرهه من‬ ‫ليخبرني اللطيف الخبير ‪..‬‬
‫خلقها ‪ ..‬وما ل يرضاه من‬ ‫فأخبرته بالخبر ‪ ..‬وأنها‬
‫تعاملها ‪..‬‬ ‫غارت عليه ‪ ..‬فانطلقت‬
‫إضاءة ‪..‬‬ ‫تنظر أين يذهب ‪..‬‬
‫ليس اللوم على من ل يقبل‬ ‫ت‬‫فقال ‪ : r‬أنت الذي رأي ُ‬
‫النصيحة ‪ ..‬وإنما على من‬ ‫أمامي ؟‬
‫يقدمها بأسلوب غير مناسب ‪..‬‬ ‫قالت ‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫فدفعها في صدرها ‪..‬‬
‫كك الحزمة ‪!!..‬‬ ‫فـ ّ‬
‫‪َ .44‬‬ ‫دفعة ‪ ..‬ثم قال ‪:‬‬
‫إذا كان الخطأ واقعا ً من‬ ‫أظننت أن يحيف الله عليك‬
‫مجموعة ‪ ..‬فالصل أن تنصحهم‬ ‫ورسوله ‪..‬‬
‫وهم مجتمعون ‪..‬‬ ‫فقالت عائشة ‪ :‬مهما يكتم ِ‬
‫ولكن قد تحتاج أحيانا ً أن تفكك‬ ‫س ‪ ..‬يعلمه الله عز وجل‬ ‫النا ُ‬
‫الحزمة ‪ ..‬أعني ‪..‬أن تكلم كل‬ ‫‪..‬؟‬
‫واحد علىا حدة ‪ ..‬وتنصحه ‪.‬‬ ‫قال ‪ :‬نعم ‪ ..‬ثم قال ‪ r‬مبينا ً‬
‫مثال ‪ :‬مررت بمجلس منزلكم ‪..‬‬ ‫لها خبر خروجه ‪:‬‬
‫وسمعت أخاك يتحدث مع‬ ‫إن جبريل عليه السلم ‪..‬‬
‫أصدقائه – وكانوا ضيوفا ً عنده –‬ ‫أتاني حين رأيت ‪ ..‬ولم يكن‬
‫ويخططون أن يسافروا إلى بلد‬ ‫يدخل عليك وقد وضعت‬
‫كذا ‪ ..‬وهذا البلد ل يسلم من‬ ‫ثيابك ‪..‬‬
‫يذهب إليه غالبا ً من التعرض‬ ‫فناداني ‪ ..‬فأخفى منك‬
‫للمحرمات الكبار ‪ ..‬كالزنا‬ ‫فأجبته وأخفيته منك ‪..‬‬
‫وظننت أنك قد رقدت ‪..‬‬
‫) ( رواه النسائي بسند جيد‬ ‫‪62‬‬ ‫فكرهت أن أوقظك ‪..‬‬
‫‪147‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فقد يكون من المناسب أن‬ ‫وشرب الخمر ‪..‬‬
‫تنصح كل ً منهم على حدة ‪ ..‬لكيل‬ ‫أردت أن تنصح ‪..‬‬
‫تأخذهم العزة بالثم ‪..‬‬ ‫من الساليب أن تدخل‬
‫هل لهذا شاهد من السيرة ؟‬ ‫عليهم وتنصحهم بكلمتين ‪..‬‬
‫نعم ‪..‬‬ ‫وتخرج ‪ ..‬لكن نتيجة ذلك قد‬
‫لما اشتد الخلف بين رسول الله‬ ‫ل تكون ناجحة كثيرا ً ‪..‬‬
‫‪ r‬وبين قريش ‪..‬‬ ‫فما رأيك أن تفكك الحزمة ‪..‬‬
‫اجتمعت قريش وقاطعت النبي‬ ‫وتكسر كل عود على حدة ‪..‬‬
‫وجميع أقاربه من بني هاشم ‪..‬‬ ‫كيف ؟!‬
‫وكتبت صحيفة أن بني هاشم ل‬ ‫إذا تفرقوا اجلس مع من‬
‫ُيشترى منهم ‪ ..‬ول ُيباع‬ ‫تظنه أعقلهم ‪ ..‬وقل ‪ :‬يا‬
‫وجون ‪ ..‬ول‬ ‫عليهم ‪ ..‬ول ُيز ّ‬ ‫فلن ‪ ..‬بلغني أنكم‬
‫وج منهم ‪..‬‬ ‫ُيتز ّ‬ ‫ستسافرون ‪ ..‬وأنت أعقلهم‬
‫حبس النبي ‪ ‬مع أصحابه في‬ ‫و ُ‬ ‫‪ ..‬وتعلم أن هذا البلد ل‬
‫واٍد غير ذي زرع ‪..‬‬ ‫يسلم المسافر إليه من‬
‫واشتدت الكربة على الصحابة‬ ‫البليا والفتن ‪ ..‬وقد يعود‬
‫حتى أكلوا الشجر ‪..‬‬ ‫مريضا ً أو مبتلى ‪ ..‬فما رأيك‬
‫ً‬
‫بل مضى أحدهم يوما ليبول ‪..‬‬ ‫أن تكسب أجرهم ‪ ..‬وتقترح‬
‫فسمع صوتا ً تحته ‪ ..‬فنظر فإذا‬ ‫عليهم أن يسافروا إلى بلد‬
‫قطعة من جلد بعير ‪ ..‬فأخذها ‪..‬‬ ‫آخر ‪ ..‬تستمتعون فيه‬
‫وغسلها وشواها بالنار ‪ ..‬ثم‬ ‫بالنهار والبحار ‪ ..‬واللعب‬
‫فّتـَتـتها ‪ ..‬وخلطها بالماء ‪..‬‬ ‫والنس ‪ ..‬من غير معصية ‪..‬‬
‫ون بها ثلثة أيام !!‬ ‫وجعل يتم ّ‬ ‫ل شك أنه إذا سمع منك هذا‬
‫فقال ‪ ‬يوما لعمه أبي طالب –‬‫ً‬ ‫الكلم بالسلوب الحسن ‪..‬‬
‫وكان محبوسا ً معهم في الشعب‬ ‫سيقل حماسه إلى النصف ‪..‬‬
‫‪:-‬‬ ‫اذهب إلى آخر ‪ ..‬وقل له‬
‫َ‬
‫يا عم إن الله قد سلط الَرضة‬ ‫مثل ذلك ‪..‬‬
‫على صحيفة قريش ‪ ..‬فلم تدع‬ ‫ثم قل للثالث مثله ‪..‬‬
‫فيها اسما ً هو لله إل أثبتته‬ ‫دون أن يشعر كل منهم‬
‫فيها ‪ ..‬ونفت منها الظلم‬ ‫بحديثك لصاحبه ‪..‬‬
‫والقطيعة والبهتان ‪..‬‬ ‫فتجد أنهم إذا اجتمعوا ‪..‬‬
‫أي إن دابة الرضة أكلت صحيفة‬ ‫جع أحدهم واقترح تغيير‬ ‫وتش ّ‬
‫قريشس فلم يبق منها إل عبارة‬ ‫البلد ‪ ..‬وجد من يعاونه ‪..‬‬
‫‪ :‬باسمك اللهم !!‬ ‫أو لو اكتشفت يوما ً أن‬
‫فعجب أبو طالب وقال ‪ :‬أربك‬ ‫أولدك يجتمعون في غرفة‬
‫أخبرك بهذا ؟ قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫أحدهم ‪ ..‬وينظرون إلى‬
‫قال ‪ :‬فوالله ما يدخل عليك أحد‬ ‫شريط فيديو خليع ‪ ..‬أو‬
‫‪ ..‬حتى أخبر قريشا ً بذلك ‪..‬‬ ‫مقاطع ) بلوتوث ( فيها‬
‫ثم خرج إلى قريش فقال ‪:‬‬ ‫صور خليعة ‪ ..‬أو نحو ذلك ‪..‬‬
‫‪148‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فقال ‪ :‬يا زهير أرضيت أن تأكل‬ ‫يا معشر قريش ‪ ..‬إن ابن‬
‫الطعام وتلبس الثياب وتنكح‬ ‫أخي قد أخبرني بكذا وكذا ‪..‬‬
‫النساء ‪ ..‬وأخوالك حيث علمت ؟‬ ‫م صحيفتكم ‪..‬‬ ‫فهل ّ‬
‫ل يباع لهم ول يبتاع منهم ‪ ..‬ول‬ ‫فإن كانت كما قال فانتهوا‬
‫ح إليهم ؟!‬ ‫كحون ول ُينك ُ‬ ‫ي ُن َ ّ‬ ‫عن قطيعتنا وانزلوا عنها ‪..‬‬
‫أما إني أحلف بالله لو كانوا‬ ‫وإن كان كاذبا ً ‪ ..‬دفعت‬
‫أخوال أبي الحكم بن هشام ‪- ..‬‬ ‫إليكم ابن أخي فافعلوا به ما‬
‫يعني أبا جهل ‪ ..‬وكان أشدهم‬ ‫شئتم ‪..‬‬
‫عداوة للمؤمنين وتعصبا ً‬ ‫فقال القوم ‪ :‬قد رضينا ‪..‬‬
‫للمقاطعة ‪ – ..‬ما تركهم على‬ ‫فتعاقدوا على ذلك ‪..‬‬
‫هذا لحال ‪..‬‬ ‫ثم نظروا فإذا هي كما قال‬
‫قال ‪ :‬ويحك يا هشام ‪ ..‬فماذا‬ ‫رسول الله ‪ .. r‬فزادهم‬
‫أصنع ؟‬ ‫ذلك شرا ً ‪..‬‬
‫إنما أنا رجل واحد والله لو كان‬ ‫وظل بنو هاشم وبنو‬
‫معي رجل آخر لقمت في‬ ‫المطلب في واديهم ‪ ..‬حتى‬
‫نقضها ‪..‬‬ ‫كادوا أن يهلكوا ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬قد وجدت رجل ً ‪..‬‬ ‫وكان من كفار قريش رجال‬
‫قال ‪ :‬من هو ؟‬ ‫رحماء ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬أنا ‪..‬‬ ‫منهم ‪ :‬هشام بن عمرو ‪..‬‬
‫ً‬
‫قال زهير ‪ :‬أبغنا ثالثا ‪..‬‬ ‫وكان ذا شرف في قومه ‪..‬‬
‫قال هشام ‪ :‬فاكتم عني ‪..‬‬ ‫فكان يأتي بالبعير قد حمله‬
‫فذهب إلى المطعم بن عدي ‪..‬‬ ‫طعاما ً ‪ ..‬وبنو هاشم وبنو‬
‫وكان رجل ً عاقل ً ‪ ..‬فقال له ‪ :‬يا‬ ‫المطلب في الشعب ليل ً ‪..‬‬
‫مطعم ‪ ..‬أرضيت أن يهلك بطنان‬ ‫حتى إذا بلغ به فم الشعب ‪..‬‬
‫من بني عبد مناف ‪ ..‬وأنت‬ ‫خلع خطامه من رأسه ثم‬
‫شاهد على ذلك ‪ ..‬موافق‬ ‫ضرب على جنبه فدخل‬
‫لقريش فيه ؟!‬ ‫الشعب عليهم ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬ويحك فماذا أصنع ؟ إنما‬ ‫ومضت اليام ورأى هشام ‪..‬‬
‫أنا رجل واحد ‪..‬‬ ‫أنه ل طاقة له بإطعامهم كل‬
‫قال ‪ :‬وجدت لك ثانيا ً ‪..‬‬ ‫ليلة ‪ ..‬وهم كثير ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬من ؟ قال ‪ :‬أنا ‪..‬‬ ‫فقرر أن يسعى لنقض‬
‫قال ‪ :‬أبغنا ثالثا ً ‪.‬‬ ‫الصحيفة الظالمة ‪ ..‬ولكن‬
‫قال ‪ :‬قد فعلت ‪ ..‬قال ‪ :‬من‬ ‫أنى له ذلك وقريش قد‬
‫هو ؟‬ ‫أجمعت عليها ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬زهير بن أبي أمية ‪..‬‬ ‫فاتبع أسلوب تفكيك‬
‫قال ‪ :‬أبغنا رابعا ً ‪..‬‬ ‫الحزمة ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬فاكتم عني ‪..‬‬ ‫مشى إلى زهير بن أبي أمية‬
‫فذهب إلى أبي البختري بن‬ ‫‪ ..‬وكانت أمه عاتكة بنت عبد‬
‫هشام ‪ ..‬فقال له ما قال‬ ‫المطلب ‪..‬‬
‫‪149‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ل أقعد حتى تشق هذه الصحيفة‬ ‫لصاحبيه ‪..‬‬
‫القاطعة الظالمة ‪..‬‬ ‫فتحمس لذلك ‪ ..‬وقال ‪:‬‬
‫فصرخ أبو جهل ‪..‬وكان في‬ ‫وهل تجد أحدا يعين على هذا‬
‫مجلس مع أصحابه ‪ ..‬قال ‪:‬‬ ‫؟‬
‫كذبت ‪ ..‬والله ل تشق ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫فقام زمعة بن السود وصرخ ‪:‬‬ ‫قال ‪ :‬من هو ؟‬
‫بل أنت والله أكذب ‪ ..‬ما رضينا‬ ‫قال ‪ :‬زهير بن أبي أمية‬
‫كتابتها حين كتبت ‪..‬‬ ‫والمطعم بن عدي وأنا‬
‫فالتفت إليه أبو جهل ليرد‬ ‫معك ‪..‬‬
‫عليه ‪ ..‬ففاجأه البخترى قائما ً‬ ‫قال ‪ :‬أبغنا خامسا ً ‪..‬‬
‫يقول ‪ :‬صدق زمعة ‪ ..‬ل نرضى‬ ‫فذهب هشام إلى زمعة بن‬
‫ما كتب فيها ول نقر به ‪..‬‬ ‫السود ‪ ..‬فكلمه وذكر له‬
‫فالتفت أبو جهل إلى البخنري ‪..‬‬ ‫قرابتهم وحقهم ‪..‬‬
‫فإذا بالمطعم بن عدى يصرخ ‪:‬‬ ‫فقال له ‪ :‬وهل على هذا‬
‫صدقتما وكذب من قال غير ذلك‬ ‫المر الذي تدعوني إليه من‬
‫‪ ..‬نبرأ إلى الله منها ومما كتب‬ ‫أحد ؟‬
‫فيها ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬نعم ‪ ..‬فلن وفلن ‪..‬‬
‫وقام هشام بن عمرو وقال مثل‬ ‫فاتفقوا جميعا ً على هذا‬
‫قولهم ‪..‬‬ ‫الرأي ‪ ..‬وتوعدوا عند "حطم‬
‫فتحير أبو جهل ‪ ..‬وسكت هنية‬ ‫الحجون " ليل ً بأعلى مكة ‪..‬‬
‫ضي بليل ‪..‬‬ ‫ق ِ‬‫ثم قال ‪ :‬هذا أمر ُ‬ ‫فاجتمعوا هنالك ‪..‬‬
‫تشوور فيه بغير هذا المكان ‪..‬‬ ‫وأجمعوا أمرهم وتعاقدوا‬
‫ثم انطلق المطعم بن عدي إلى‬ ‫على القيام في الصحيفة‬
‫الكعبة ‪ ..‬وتوجه إلى الصحفية‬ ‫حتى ينقضوها ‪..‬‬
‫ليشقها ‪ ..‬فوجد دابة الرضة قد‬ ‫وقال زهير ‪ :‬أنا أبدؤكم‬
‫أكلتها ‪ ..‬إل باسمك اللهم ‪..‬‬ ‫فأكون أول من يتكلم ‪ ..‬ثم‬
‫تقموا أنتم فتتكلمون ‪..‬‬
‫كن ذكيا ً ‪..‬‬ ‫فلما أصبحوا غدوا إلى‬
‫الطبيب الحاذق يتلمس أول ً‬ ‫مجالسهم حول الكعبة ‪..‬‬
‫بأصابعه ‪ ..‬فيختار الموضع‬ ‫حيث يجتمع الناس ويتبايعون‬
‫المناسب قبل غرز البرة ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫وغدا زهير بن أبي أمية عليه‬
‫جلد الذات !!‬ ‫‪.45‬‬ ‫حلة ‪..‬‬
‫من الذكريات ‪..‬‬ ‫فطاف بالبيت سبعا ً ‪ ..‬ثم‬
‫أنا خرجنا مرة للبر ‪ ..‬وكان معنا‬ ‫أقبل على الناس وصرخ ‪:‬‬
‫أبو خالد ‪ ..‬صديق لنا نظره‬ ‫ياااا أهل مكة أنأكل‬
‫ضعيف جدا ً ‪..‬‬ ‫الطعام ‪..‬؟ ونلبس الثياب ‪..‬؟‬
‫كنا نخدمه ‪ ..‬نقرب إليه الماء ‪..‬‬ ‫وبنو هاشم هلكي !! ل يباع‬
‫التمر ‪ ..‬القهوة ‪ ..‬وهو يردد ‪ :‬ل‬ ‫لهم ول يبتاع منهم ‪ ..‬والله‬
‫‪150‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫انتهى ‪..‬‬ ‫بد أن أساعدكم ‪ ..‬أريد أن‬
‫ً‬
‫وأذكر أيضا ‪:‬‬ ‫أشتغل معكم ‪ ..‬كلفوني بأي‬
‫لما كنت في الثانوية خرجت مع‬ ‫عمل ‪..‬‬
‫بعض الزملء في رحلة ‪..‬‬ ‫ونحن ننهاه عن ذلك ‪..‬‬
‫تعطلت بطارية إحدى‬ ‫ذبحنا شاة معنا ‪ ..‬وقطعناها‬
‫السيارات ‪..‬‬ ‫ووضعناها في القدر ‪..‬‬
‫أقبلنا بسيارة أخرى وأوقفاناها‬ ‫تمهيدا ً لطبخها ‪ ..‬ولم نشعل‬
‫أمامها لنوصل ببطاريتها‬ ‫النار بعد ‪..‬‬
‫البطارية المتعطلة ‪..‬‬ ‫وانشغلنا بنصب الخيمة ‪..‬‬
‫أقبل طارق ووقف بين‬ ‫وترتيب الغراض ‪..‬‬
‫السيارتين ‪ ..‬وشبك السلك في‬ ‫تحركت الشهامة في أبي‬
‫بطارية السيارة الولى ‪ ..‬ثم‬ ‫خالد – ويا ليتها لم تفعل ‪-‬‬
‫شبكها في البطارية المتعطلة ‪..‬‬ ‫فقام وتوجه إلى القدر ‪..‬‬
‫ثم أشار لحد الشباب ‪ ..‬شغل‬ ‫فرأى اللحم ‪ ..‬فأدرك أن‬
‫السيارة ‪..‬‬ ‫أول شيء سنفعله هو أن‬
‫ركب صاحبنا ‪ ..‬وكان ناقل‬ ‫نصب الماء على اللحم ‪..‬‬
‫الحركة ) القير ( على رقم واحد‬ ‫فتوجه إلى الغراض في‬
‫‪ ..‬فما إن شغل السيارة حتى‬ ‫السيارة ‪ ..‬وجعل يتلمس‬
‫قفزت السيارة إلى المام‬ ‫الغراض ‪ ..‬مولد كهرباء ‪..‬‬
‫وصكت ركبتي طارق بين‬ ‫أسلك ‪ ..‬مصابيح ‪ ..‬أربع‬
‫صدامي السيارتين ‪ ..‬ووقع على‬ ‫مطارات بلستيك فيها ماء ‪..‬‬
‫الرض مصابا ً ‪..‬‬ ‫وبنزين ‪ ..‬وأغراض أخرى ‪..‬‬
‫وصاحبنا في السيارة يردد ‪:‬‬ ‫فالتقط أقرب مطارة إليه ‪..‬‬
‫أشغل مرة ثانية ؟!!‬ ‫وأقبل بها مبتهجا ً إلى‬
‫أبعدنا السيارتين ‪ ..‬وساعدنا‬ ‫القدر ‪ ..‬وأفرغ نصفها فيه ‪..‬‬
‫طارق على المشي ‪ ..‬كان يعرج‬ ‫لمحه أحدنا ‪ ..‬فصرخ به ‪..‬‬
‫ويتألم من ركبتيه بشدة ‪..‬‬ ‫ل ‪ ..‬ل ‪ ..‬أبو خالد ‪..‬‬
‫لكنه أعجبني أنه لم يزد ألمه‬ ‫وهو يردد ‪ :‬خلوني أشتغل ‪..‬‬
‫ب ‪ ..‬أو توبيخ ‪ ..‬بل‬ ‫بصراخ أو س ّ‬ ‫خلوني ‪..‬‬
‫ابتسم وأظهر الرضى ‪..‬‬ ‫فسحبنا المطارة منه فورا ً ‪..‬‬
‫وما فائدة الصراخ ؟ والمر قد‬ ‫وغرقنا في الضحك الذي‬
‫انتهى ‪ ..‬وصاحبنا أدرك خطأه ‪..‬‬ ‫يغالبه البكاء ‪..‬‬
‫إذا أردت أن تستمتع بحياتك ‪..‬‬ ‫لننا اكتشفنا أنها مطارة‬
‫فاعمل بهذه القاعدة ‪:‬‬ ‫البنزين ‪ ..‬وليست مطارة‬
‫ل تهتم بصغائر المور ‪..‬‬ ‫الماء ‪!!..‬‬
‫نحن أحيانا ً نعذب أنفسنا ‪..‬‬ ‫وتغدينا على خبز وشاي ‪..‬‬
‫ونجلدها ‪..‬‬ ‫لم تفسد الرحلة ‪ ..‬بل كانت‬
‫ونضيق ونتألم ‪ ..‬واللم ل يحل‬ ‫من أمتع الرحلت ‪..‬‬
‫المشكلة ‪..‬‬ ‫ولماذا نعذب أنفسنا بأمر قد‬
‫‪151‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫المشكلة ؟‬ ‫افرض أنك دخلت إلى حفل‬
‫نحن في كثير من الحيان أيضا ً‬ ‫عرس ‪ ..‬وقد لبست ثوبا ً‬
‫نتعامل معها بأسلوب ليس حل ً‬ ‫حسنا ً ‪ ..‬ووضعت فوق رأسك‬
‫لها ‪..‬‬ ‫غترة وعقال ً ‪ ..‬حتى صرت‬
‫م لم‬ ‫ب العامل ‪ ..‬ل ِ َ‬ ‫نثور ‪ ..‬نس ّ‬ ‫أجمل من العريس !!‬
‫تضع لوحة واضحة ‪ ..‬فيرد عليك‬ ‫وبدأت تصافح الناس واحدا ً‬
‫بغضب ‪ ..‬وقد تكون النتيجة أن‬ ‫واحدا ً ‪ ..‬وفجأة أقبل طفل‬
‫تتلطخ بتراب الرض أكثر مما‬ ‫من ورائك ‪ ..‬وتعلق بطرف‬
‫تلطخت بطلء الباب !!‬ ‫غترتك ‪ ..‬وسحبها فسقطت‬
‫على رسلك ‪ ..‬تدري أنت الن‬ ‫الغترة والعقال ‪..‬‬
‫ماذا تفعل ؟! إنك تعذب‬ ‫والطاقية ‪ ..‬وصار شكلك‬
‫نفسك ‪ ..‬تجلد ذاتك ‪..‬‬ ‫مضحكا ً ‪..‬‬
‫وقل مثل ذلك لو تزينت وذهبت‬ ‫كيف تتصرف؟‬
‫خاطبا ً ‪ ..‬فمرت بك سيارة وأنت‬ ‫كثير منا يتعامل مع هذه‬
‫خارج من البيت ‪ ..‬ورشت عليك‬ ‫المشكلة بأسلوب هو ليس‬
‫من ماء كان مجتمعا ً على الرض‬ ‫حل ً لها ‪..‬‬
‫‪ ..‬هل ستعذب نفسك فتصرخ‬ ‫يركض وراء الصغير ‪..‬‬
‫وتزعق بالسيارة وركابها ‪ ..‬وهي‬ ‫يصرخ ‪ ..‬يسب ‪ ..‬يلعن ‪..‬‬
‫قد وّلتك ظهرها ‪..‬‬ ‫والنتيجة ‪ :‬أنه حقق ما كان‬
‫وكذلك ‪..‬‬ ‫يريده الطفل من جذب انتباه‬
‫ل داعي لنتذكر دائما ً اللم التي‬ ‫‪ ..‬وضجة ‪ ..‬وأضحك الناس‬
‫مستنا في حياتنا ‪..‬‬ ‫عليه ‪..‬‬
‫محمد ‪ ‬مرت به لحظات حزينة‬ ‫وربما صوره بعضهم وصار‬
‫في حياته ‪..‬‬ ‫بلوتوثا ً يتناقلونه ‪!!..‬‬
‫حتى جلس يوما ً مع زوجه‬ ‫أنت هنا – حقيقة – ل تعذب‬
‫الحنون عائشة ‪ .. ‬في لحظة‬ ‫الطفل إنما تعذب نفسك ‪..‬‬
‫ساكنة ‪ ..‬فسألته ‪:‬‬ ‫أو افرض أنك ‪..‬‬
‫هل أتى عليك يوم أشد عليك‬ ‫لبست ثوبا ً جديدا ً ‪ ..‬ربما لم‬
‫من يوم أحد ؟‬ ‫تسدد قيمته بعد ‪..‬‬
‫مّرت تلك المعركة في ذاكرة‬ ‫وذهبت إلى شركة لتقدم‬
‫النبي ‪.. ‬‬ ‫على وظيفة ‪..‬‬
‫آآآه ‪ ..‬ما أقسى ذلك اليوم ‪..‬‬ ‫مررت بأحد البواب كان‬
‫قتل عمه حمزة وهو من‬ ‫يوم ُ‬ ‫و ‪..‬‬‫مدهونا ً بالطلء للت ّ‬
‫أحب الناس إليه ‪..‬‬ ‫وبجانبه لوحة تحذيرية لم‬
‫يوم وقف ينظر إلى عمه وقرة‬ ‫تنتبه لها ‪..‬‬
‫جدع أنفه ‪..‬‬ ‫عينه ‪ ..‬وقد ُ‬ ‫وفجأة مسحت نصف الطلء‬
‫ق بطنه ‪..‬‬ ‫ش ّ‬ ‫وقطعت أذناه ‪ ..‬و ُ‬ ‫بثوبك ‪ ..‬وطفق عامل الطلء‬
‫مّزق جسده ‪..‬‬ ‫و ُ‬ ‫يصرخ بك سابا ً غضبابا ً ‪..‬‬
‫جرح‬ ‫يوم كسرت أسنانه ‪ .. ‬و ُ‬ ‫كيف تتعامل مع هذه‬
‫‪152‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫جسد ‪ ..‬ول كثرة مال ‪ ..‬ول‬ ‫وجهه ‪ ..‬وسالت منه‬
‫ارتفاع نسب ‪..‬‬ ‫الدماء ‪..‬‬
‫وإنما سادهم بالحلم والعقل ‪..‬‬ ‫يوم قتل أصحابه بين يديه ‪..‬‬
‫حقد عليه قوم ‪..‬‬ ‫يوم عاد ‪ ‬إلى المدينة ‪..‬‬
‫فأقبلوا إلى سفيه من‬ ‫وقد نقص سبعون من‬
‫سفهائهم وقالوا له ‪:‬‬ ‫أصحابه ‪ ..‬فرأى النساء‬
‫هذه ألف درهم على أن تذهب‬ ‫الرامل والطفال اليتامى ‪..‬‬
‫إلى سيد بني تميم ‪ ..‬الحنف بن‬ ‫يبحثون عن أحبابهم‬
‫قيس ‪ ..‬فتلطمه على وجهه ‪..‬‬ ‫وآبائهم ‪..‬‬
‫مضى السفيه ‪ ..‬فإذا الحنف‬ ‫فعل ً ‪ ..‬كان ذلك اليوم قاسيا ً‬
‫جالس مع رجال ‪ ..‬محتبيا ً بكل‬ ‫‪..‬‬
‫رزانة ‪ ..‬قد ضم ركبتيه إلى‬ ‫كانت عائشة تنتظر‬
‫صدره ‪ ..‬وجعل يحدث قومه ‪..‬‬ ‫الجواب ‪ ..‬فقال ‪: ‬‬
‫اقترب السفيه منه ‪ ..‬ودنا ‪..‬‬ ‫ما لقيت من قومك كان أشد‬
‫د‬
‫ودنا ‪ ..‬فلما وقف عنده ‪ ..‬م ّ‬ ‫منه ‪..‬‬
‫الحنف إليه رأسه ظانا ً أنه‬ ‫يوم العقبة ‪ ..‬إذ عرضت‬
‫سيسّر إليه بشيء ‪..‬‬ ‫نفسي ‪..‬‬
‫فإذا بالسفيه يرفع يده ويلطم‬ ‫ثم ذكر لها قصة استنصاره‬
‫الحنف على وجهه لطمة كادت‬ ‫بأهل الطائف ‪ ..‬وتكذيبهم له‬
‫تمزق خده !!‬ ‫‪ ..‬ورمي سفهائهم له‬
‫نظر الحنف إليه ‪ ..‬ولم يح ّ‬
‫ل‬ ‫بالحجارة حتى أدموا‬
‫حبوته ‪ ..‬وقال بكل هدوووء ‪:‬‬ ‫قدميه ‪.. (63) ..‬‬
‫لماذا لطمتني ؟!!‬ ‫ومع وجود هذه اللم في‬
‫قال ‪ :‬قوم أعطوني ألف درهم‬ ‫تاريخ حياته ‪ .. ‬إل أنه كان‬
‫على أن ألطم سيد بني تميم ‪..‬‬ ‫ل يسمح لها أن تنغص عليه‬
‫فقال الحنف ‪ ..‬آآآه ‪ ..‬ما صنعت‬ ‫استمتاعه بالحياة ‪..‬‬
‫شيئا ً ‪..‬‬ ‫ل تستحق اللتفات إليها ‪..‬‬
‫لست سيد بني تميم ‪!..‬‬ ‫وقد مضت آلمها وبقيت‬
‫قال ‪ :‬عجبا ً !! فأين سيد بني‬ ‫حسناتها ‪..‬‬
‫تميم ‪..‬‬ ‫م ‪..‬‬‫إذن ل تقتل نفسك باله ّ‬
‫قال ‪ :‬هل ترى ذاك الرجل‬ ‫وكذلك ل تقتل الناس بالهم‬
‫الجالس وحده ‪ ..‬وسيفه‬ ‫واللوم ‪..‬‬
‫بجانبه ؟‬ ‫نحن أحيانا ً نتعامل مع بعض‬
‫وأشار إلى رجل اسمه حارثة بن‬ ‫المشاكل بأساليب هي في‬
‫قدامة ‪ ..‬امتل غضبا ً وغيظا ً ‪ ..‬لو‬ ‫الحقيقة ليست حل ً لها ‪..‬‬
‫ة لكفاهم ‪..‬‬ ‫سم غضبه على أم ٍ‬ ‫ُ‬
‫ق ّ‬ ‫كان الحنف بن قيس سيد‬
‫قال ‪ :‬نعم أراه ‪ ..‬الجالس‬ ‫بني تميم ‪..‬‬
‫هناك ‪..‬‬ ‫لم يكن ساد قومه بقوة‬
‫قال ‪ :‬فاذهب والطمه لطمة ‪..‬‬
‫‪.‬‬ ‫) ( تقدمت القصة كاملة ص‬ ‫‪63‬‬

‫‪153‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫تواجهنا في حياتنا مشاكل ليس‬ ‫فذاك سيد بني تميم ‪..‬‬
‫لها حل ‪ ..‬فل بد أن نتعامل معها‬ ‫مضى الرجل إليه ‪ :‬واقترب‬
‫بأريحية ‪..‬‬ ‫من حارثة ‪ ..‬فإذا عينا حارثة‬
‫قال ‪ :‬السماء كئيبة وتجهما ***‬ ‫تلتمع شررا ً ‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬ابتسم ‪ ،‬يكفي التجهم‬ ‫وقف السفيه عليه ‪ ..‬ورفع‬
‫في السما!‬ ‫يده ولطمه على وجهه ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬الصبا ولى ! فقلت له ‪:‬‬ ‫فما كادت يده تفارق خده‬
‫ابتسم ***‬ ‫حتى التقط حارثة سيفه ‪..‬‬
‫لن يرجع السف الصبا المتصرما‬ ‫وقطع يده ‪!!..‬‬
‫قال ‪ :‬التي كانت سمائي في‬ ‫وقديما ً قيل ‪ :‬الفائز هو‬
‫الهوى ***‬ ‫الذي يضحك في النهاية !!‬
‫صارت لنفسي في الغرام جهنما‬
‫خانت عهودي بعدما ملكتها ***‬ ‫قناعة ‪..‬‬
‫قلبي فكيف أطيق أن أتبسما‬ ‫التعامل مع المشكلة‬
‫قلت ‪ :‬ابتسم واطرب فلو‬ ‫بأساليب ليست حل ً لها ‪..‬‬
‫قارنتها ***‬ ‫يعذبك ‪ ..‬ول يحل المشكلة !!‬
‫قضيت عمرك كله متألما‬
‫قال ‪ :‬العدى حولي علت‬ ‫مشاكل ليس لها‬ ‫‪.46‬‬
‫صيحاتهم ***‬ ‫حل ‪..‬‬
‫سّر والعداء حولي في الحمى‬ ‫َُ‬ ‫كم ترى من الناس غاضبا ً‬
‫أأ َ‬
‫قلت ‪ :‬ابتسم ‪ ،‬لم يطلبوك‬ ‫وهو يقود سيارته ‪..‬‬
‫بذمهم ***‬ ‫وربما ضرب بيديه على‬
‫ل وأعظما!‬ ‫لو لم تكن منهم أج ّ‬ ‫مقودها ‪ ..‬وردد ‪ ..‬أوووه‬
‫قال ‪ :‬الليالي جرعتني علقما ً‬ ‫دائما ً زحمة ‪ ..‬زحمة ‪..‬‬
‫***‬ ‫أو قد تراه يمشي في‬
‫قلت ‪ :‬ابتسم ولئن جرعت‬ ‫الطريق ‪ ..‬ول يحتمل أن‬
‫العلقما‬ ‫يكلمه أحد ‪ ..‬بل متضايق‬
‫مَرّنـما ً ***‬
‫فلعل غيرك إن رآك ُ‬ ‫أشد الضيق ‪ ..‬ويردد ‪:‬‬
‫طرح الكآبة خلفه وترنما‬ ‫أوووف حررر شديييد ‪!!..‬‬
‫أتراك تغنم بالترنم درهما ً ***‬ ‫وربما كنت زميل ً له في‬
‫أم أنت تخسر بالبشاشة مغنما ً‬ ‫مكتب واحد ‪ ..‬تبتلى برؤيته‬
‫فاضحك فإن الشهب تضحك‬ ‫كل يوم ‪ ..‬ويشغلك كلما‬
‫والدجى ***‬ ‫جلس ‪ " ..‬ياخي العمل‬
‫)‪(64‬‬
‫‪..‬‬ ‫متلطم ولذا نحب النجما‬ ‫كثييير ‪ ..‬أوووه إلى متى ما‬
‫نعم استمتع بحياتك ‪..‬‬ ‫يزيدون رواتبنا " ‪ ..‬ويدخل‬
‫انتبه أن تكون ظروفك مؤثرة‬ ‫عابسا ً ‪ ..‬ويخرج ساخطا ً ‪..‬‬
‫على سلوكك ‪ ..‬في عملك ‪..‬‬ ‫وربما أكثر التشكي من آلم‬
‫‪ ( ) 64‬أبيات ليليا أبو ماضي من ديوانه ص‬ ‫بدنه ‪ ..‬أو إعاقة ولده ‪..‬‬
‫‪656‬‬ ‫ل بد أن نقتنع جميعا ً أننا‬
‫‪154‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫سعد ‪..‬؟‬ ‫أولدك ‪ ..‬زملئك ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬ل شيء ‪ ..‬كنت مشغول ً‬ ‫فما ذنبهم أن يتعذبوا بأمور‬
‫قليل ً ‪..‬‬ ‫ليس هم طرفا ً فيها ‪ ..‬ول‬
‫كان الحزن واضحا ً عليه ‪..‬‬ ‫يملكون حلها ؟‬
‫قلت ‪ :‬ما الخبر ؟‬ ‫ل تجعلهم إذا رأوك ‪ ..‬أو‬
‫قال ‪ :‬كان ولدي مريضا ً ‪ ..‬عنده‬ ‫ذكروك ‪ .‬ذكروا معك الهم‬
‫تليف في الكبد ‪ ..‬وأصابه قبل‬ ‫والحزن ‪..‬‬
‫أيام تسمم في الدم ‪ ..‬وتفاجأت‬ ‫لذا نهى ‪ ‬عن النياحة على‬
‫أمس أن التسمم تسلل إلى‬ ‫الميت ‪ ..‬والصراخ ‪ ..‬وشق‬
‫الدماغ ‪..‬‬ ‫الجيب ‪ ..‬وحلق الشعر ‪ ..‬و ‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬ل حول ول قوة إل‬ ‫لماذا ؟‬
‫بالله ‪ ..‬اصبر ‪ ..‬وأسأل الله أن‬ ‫لن التعامل مع الموت يكون‬
‫يشفيه ‪..‬‬ ‫بتغسيل الميت وتكفينه‬
‫وإن قضى الله عليه بشيء ‪..‬‬ ‫والصلة عليه ودفنه ‪..‬‬
‫فأسأل الله أن يجعله شافعا ً لك‬ ‫والدعاء له ‪..‬‬
‫يوم القيامة ‪..‬‬ ‫أما الصراخ والعويل فل ينفع‬
‫قال ‪ :‬شافع ؟ يا شيخ ‪ ..‬الولد‬ ‫شيئا ً ‪ ..‬سوى أنه يقلب متعة‬
‫ليس صغيرا ً ‪..‬‬ ‫الحياة إلى أحزان ‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬كم عمره ؟‬ ‫مشى المعافى بن سليمان‬
‫قال ‪ :‬سبع عشرة سنة ‪..‬‬ ‫مع صاحب له ‪ ..‬فالتفت إليه‬
‫قلت ‪ :‬الله يشفيه ‪ ..‬ويبارك لك‬ ‫صاحبه عابسا ً وقال ‪ :‬ما أشد‬
‫في إخوانه ‪..‬‬ ‫البرد اليوم ؟‬
‫فخفض رأسه وقال ‪ :‬يا شيخ ‪..‬‬ ‫فقال المعافى ‪ :‬أستدفأت‬
‫ليس له إخوان ‪ ..‬لم أ ُْرزق بغير‬ ‫الن ؟‬
‫هذا الولد ‪ ..‬وقد أصابه ما ترى ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬ل ‪..‬‬
‫قلت له ‪ :‬سعد ‪ ..‬بكل اختصار ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬فماذا استفدت من‬
‫ل تقتل نفسك بالهم ‪ ..‬لن‬ ‫الذم ؟ لو سّبحت لكان خيرا ً‬
‫يصيبنا إل ما كتب الله لنا ‪..‬‬ ‫لك ‪..‬‬
‫ثم خففت عنه مصابه وذهبت ‪..‬‬ ‫عش حياتك ‪..‬‬
‫نعم ل تقتل نفسك بالهم ‪..‬‬ ‫ل تنقب عن المشكلت ‪ ..‬ول‬
‫فالهم ل يخفف المصيبة ‪..‬‬ ‫تدقق في صغائر المور ‪..‬‬
‫أذكر أني قبل فترة ‪ ..‬ذهبت إلى‬ ‫وإنما استمتع بحياتك ‪..‬‬
‫المدينة النبوية ‪..‬‬
‫التقيت بخالد ‪ ..‬قال لي ‪ :‬ما‬ ‫ل تقتل نفسك‬ ‫‪.47‬‬
‫رأيك أن نزور الدكتور ‪ :‬عبد‬ ‫بالهم ‪..‬‬
‫الله ‪..‬‬ ‫كان أحد طلبي في‬
‫قلت ‪ :‬لماذا ‪ ..‬ما الخبر ؟‬ ‫الجامعة ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬نعزيه ‪..‬‬ ‫غاب أسبوعا ً كامل ً ‪ ..‬ثم‬
‫قلت ‪ :‬نعزيه ؟!!‬ ‫لقيته فسألته ‪ :‬سلمات ‪..‬‬
‫‪155‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫قهوتهم ‪ ..‬لنه ل أحد عنده‬ ‫قال ‪ :‬نعم ‪ ..‬ذهب ولده‬
‫يخدم أو ُيعين ‪..‬‬ ‫الكبير بالعائلة كلها لحضور‬
‫العجيب أنك إذا رأيت الرجل في‬ ‫حفل عرس في مدينة‬
‫العزاء ‪ ..‬حسبت أنه أحد المعزين‬ ‫مجاورة ‪ ..‬وبقي هو في‬
‫‪ ..‬وأن المصاب غيره ‪..‬‬ ‫المدينة لرتباطه بالجامعة ‪..‬‬
‫كان يردد ‪ ..‬إنا لله وإنا إليه‬ ‫وفي أثناء عودتهم وقع لهم‬
‫راجعون ‪ ..‬لله ما أخذ وله ما‬ ‫حادث مروع ‪ ..‬فماتوا جميعا ً‬
‫أعطى ‪ ..‬وكل شيء عنده بأجل‬ ‫‪ ..‬أحدى عشر نفسا ً !!‬
‫مسمى ‪..‬‬ ‫كان الدكتور رجل ً صالحا ً قد‬
‫وهذا هو قمة العقل ‪ ..‬فلو لم‬ ‫جاوز الخمسين ‪ ..‬لكنه على‬
‫يفعل ذلك ‪ ..‬لمات هما ً ‪..‬‬ ‫كل حال ‪ ..‬بشر ‪ ..‬له مشاعر‬
‫أعرف أحد الناس أراه دائما ً‬ ‫وأحاسيس ‪..‬‬
‫سعيد ‪ ..‬وإذا تأملت حاله‬ ‫في صدره قلب ‪ ..‬وله عينان‬
‫وجدت ‪:‬‬ ‫تبكيان ‪ ..‬ونفس تفرح‬
‫وظيفته متواضعة‬ ‫وتحزن ‪..‬‬
‫بيته وضيق ‪ ..‬إيجار ‪..‬‬ ‫تلقى الخبر المفزع ‪ ..‬صلى‬
‫سيارته قديمة ‪..‬‬ ‫عليهم ‪ ..‬ثم وسدهم في‬
‫أولده كثيرون ‪..‬‬ ‫التراب بيديه ‪ ..‬إحدى عشر‬
‫ومع ذلك كان دائم البتسامة ‪..‬‬ ‫نفسا ً ‪..‬‬
‫محبوبا ً ‪ ..‬يعيش حياته ‪..‬‬ ‫صار يطوف في بيته‬
‫صحيح ‪ ..‬ل يقتل نفسه بالهم ‪..‬‬ ‫حيران ‪ ..‬يمر بألعاب‬
‫ول تكــــثر التشــــكي‪..‬فيمّلــــك‬ ‫متناثرة ‪ ..‬قد مضى عليها‬
‫الناس‪..‬‬ ‫أيام لم تحرك ‪ ..‬لن خلود‬
‫عنده ولد معوق ‪ ..‬ولدي‬ ‫وسارة اللتان كانتا تلعبان‬
‫مريض ‪ ..‬ضايق صدري ‪ ..‬يا أخي‬ ‫بها ‪ ..‬ماتتا ‪..‬‬
‫مسكين ولدي ‪ ..‬خلص فهمنا ‪..‬‬ ‫يأوي إلى فراشه ‪ ..‬لم يرتب‬
‫راتبي قليل ‪..‬‬ ‫‪ ..‬لن أم صالح ‪ ..‬ماتت ‪..‬‬
‫امرأة مع زوجها ‪ :‬بيتنا قديم ‪..‬‬ ‫يمر بدراجة ياسر ‪ ..‬لم‬
‫سيارتنا متهالكة ‪ ..‬ثيابي ليست‬ ‫تتحرك ‪ ..‬لن الذي كان‬
‫على الموضة ‪..‬‬ ‫يقودها ‪ ..‬مااات ‪..‬‬
‫أفنيت يا مسكين عمرك بالتأوه‬ ‫يدخل غرف ابنته الكبرى ‪..‬‬
‫والحزن‬ ‫يرى حقائب عرسها‬
‫وظللت مكتوف اليدين تقول‬ ‫مصفوفة ‪ ..‬وملبسها‬
‫حاربني الزمن‬ ‫مفروشة على سريرها ‪..‬‬
‫إن لم تقم بالعبء أنت فمن‬ ‫ماتت ‪ ..‬وهي ترتب ألوانها‬
‫يقوم به إذن‬ ‫وتنسقها ‪..‬‬
‫سبحان من صّبره ‪ ..‬وثبت‬
‫إضاءة‬ ‫قلبه ‪..‬‬
‫عش حياتك بما بين يدك من‬ ‫كان الضيوف يأتون ‪ ..‬معهم‬
‫‪156‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫كان عبد العزيز عاطفيا ً أكثر من‬ ‫معطيات ‪ ..‬لتسعد‬
‫اللزم ‪..‬‬
‫أخذني بسيارته إلى هناك ‪..‬‬ ‫ارض بما قسم الله‬ ‫‪.48‬‬
‫أقبلنا على مبنى‬ ‫لك ‪..‬‬
‫كالمغارة‪..‬الشجار تحيط به من‬ ‫كنت في رحلة إلى أحد‬
‫كل جانب‪..‬كانت الكآبة ظاهرة‬ ‫البلدان للقاء عدد من‬
‫عليه‪..‬‬ ‫المحاضرات ‪..‬‬
‫قابلنا أحد الطباء ‪ ..‬رحب بنا ثم‬ ‫كان ذلك البلد مشهورا ً‬
‫أخذنا في جولة في‬ ‫بوجود مستشفى كبير‬
‫المستشفى ‪..‬‬ ‫للمراض العقلية ‪..‬أو كما‬
‫أخذ الطبيب يحدثنا عن‬ ‫يسميه الناس "مستشفى‬
‫مآسيهم ‪ ..‬ثم قال ‪:‬‬ ‫المجانين" ‪..‬‬
‫وليس الخبر كالمعاينة ‪..‬‬ ‫ألقيت محاضرتين صباحا ً ‪..‬‬
‫دلف بنا إلى أحد الممرات ‪..‬‬ ‫وخرجت وقد بقي على أذان‬
‫سمعت أصواتا ً هنا وهناك ‪..‬‬ ‫الظهر ساعة ‪..‬‬
‫كانت غرف المرضى موزعة‬ ‫كان معي عبد العزيز ‪ ..‬رجل‬
‫على جانبي الممر ‪..‬‬ ‫من أبرز الدعاة ‪..‬‬
‫مررنا بغرفة عن يميننا ‪ ..‬نظرت‬ ‫التفت إليه ونحن في‬
‫داخلها فإذا أكثر من عشرة‬ ‫السيارة ‪ ..‬قلت ‪ :‬عبد العزيز‬
‫أسرة فارغة ‪ ..‬إل واحدا ً منها قد‬ ‫‪ ..‬هناك مكان أود أن أذهب‬
‫انبطح عليه رجل ينتفض بيديه‬ ‫إليه ما دام في الوقت متسع‬
‫ورجليه ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫ت إلى الطبيب وسألته ‪ :‬ما‬ ‫التف ّ‬ ‫قال ‪ :‬أين ؟ صاحبك الشيخ‬
‫هذا !!‬ ‫عبد الله ‪ ..‬مسافر ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬هذا مجنون ‪ ..‬ويصاب‬ ‫والدكتور أحمد اتصلت به‬
‫بنوبات صرع ‪ ..‬تصيبه كل خمس‬ ‫ولم يجب ‪ ..‬أو تريد أن نمر‬
‫أو ست ساعات ‪..‬‬ ‫المكتبة التراثية ‪ ..‬أو ‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬ل حول ول قوة إل‬ ‫قلت ‪ :‬كل ‪ ..‬بل ‪ :‬مستشفى‬
‫بالله ‪ ..‬منذ متى وهو على هذا‬ ‫المراض العقلية ‪..‬‬
‫الحال ؟‬ ‫قال ‪ :‬المجانين !! قلت ‪:‬‬
‫قال ‪:‬منذ أكثر من عشر‬ ‫المجانين ‪..‬‬
‫سنوات ‪..‬كتمت عبرة في نفسي‬ ‫ً‬
‫فضحك وقال مازحا ‪:‬‬
‫‪ ..‬ومضيت ساكتا ً ‪..‬‬ ‫لماذا ‪ ..‬تريد أن تتأكد من‬
‫بعد خطوات مشيناها ‪ ..‬مررنا‬ ‫عقلك ‪..‬‬
‫على غرفة أخرى ‪ ..‬بابها‬ ‫قلت ‪ :‬ل ‪ ..‬ولكن نستفيد ‪..‬‬
‫مغلق ‪ ..‬وفي الباب فتحة يطل‬ ‫نعتبر ‪ ..‬نعرف نعمة الله‬
‫من خللها رجل من الغرفة ‪..‬‬ ‫علينا ‪..‬‬
‫ويشير لنا إشارات غير‬ ‫سكت عبد العزيز يفكر في‬
‫مفهومة ‪..‬‬ ‫حالهم ‪ ..‬شعرت أنه حزين ‪..‬‬
‫‪157‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫يستطيعون ‪..‬‬ ‫حاولت أن أسرق النظر‬
‫تعجبت وسألت الطبيب ‪ :‬ما‬ ‫داخل الغرفة ‪ ..‬فإذا جدرانها‬
‫هؤلء ؟ ولماذا ربطتموهم دون‬ ‫وأرضها باللون البني ‪..‬‬
‫الباقين ؟‬ ‫سألت الطبيب ‪ :‬ما هذا ؟!!‬
‫فقال ‪ :‬هؤلء إذا رأوا شيئا ً‬ ‫قال ‪ :‬مجنون ‪..‬‬
‫أمامهم اعتدوا عليه ‪ ..‬يكسرون‬ ‫شعرت أنه يسخر من سؤالي‬
‫النوافذ ‪ ..‬والمكيفات ‪..‬‬ ‫‪ ..‬فقلت ‪ :‬أدري أنه‬
‫والبواب ‪..‬‬ ‫مجنون ‪ ..‬لو كان عاقل ً لما‬
‫لذلك نحن نربطهم على هذا‬ ‫رأيناه هنا ‪ ..‬لكن ما قصته ؟‬
‫الحال ‪ ..‬من الصباح إلى‬ ‫فقال ‪ :‬هذا الرجل إذا رأى‬
‫المساء ‪..‬‬ ‫جدارا ً ‪ ..‬ثار وأقبل يضربه‬
‫قلت وأنا أدافع عبرتي ‪ :‬منذ‬ ‫بيده ‪ ..‬وتارة يضربه برجله ‪..‬‬
‫متى وهم على هذا الحال ؟‬ ‫وأحيانا ً برأسه ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬هذا منذ عشر سنوات ‪..‬‬ ‫فيوما ً تتكسر أصابعه ‪..‬‬
‫وهذا منذ سبع ‪ ..‬وهذا جديد ‪..‬‬ ‫ويوما ً تكسر رجله ‪ ..‬ويوما ً‬
‫لم يمض له إل خمس سنين !!‬ ‫يشج رأسه ‪ ..‬ويوما ً ‪ ..‬ولم‬
‫خرجت من غرفتهم ‪ ..‬وأنا أتفكر‬ ‫نستطع علجه ‪ ..‬فحبسناه‬
‫في حالهم ‪ ..‬وأحمد الله الذي‬ ‫في غرفة كما ترى ‪..‬‬
‫عافاني مما ابتلهم ‪..‬‬ ‫جدرانها وأرضها مبطنة‬
‫سألته ‪ :‬أين باب الخروج من‬ ‫بالسفنج ‪ ..‬فيضرب كما‬
‫المستشفى ؟‬ ‫يشاء ‪ ..‬ثم سكت الطبيب ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬بقي غرفة واحدة ‪ ..‬لعل‬ ‫ومضى أمامنا ماشيا ً ‪..‬‬
‫فيها عبرة جديدة ‪ ..‬تعال ‪..‬‬ ‫أما أنا وصاحبي عبد‬
‫وأخذ بيدي إلى غرفة كبيرة ‪..‬‬ ‫العزيز ‪ ..‬فظللنا واقفين‬
‫فتح الباب ودخل ‪ ..‬وجرني‬ ‫نتمتم ‪ :‬الحمد لله الذي‬
‫معه ‪..‬‬ ‫عافانا مما ابتلك به‬
‫كان ما في الغرفة شبيها ً بما‬ ‫ثم مضينا نسير بين غرف‬
‫رأيته في غرفة سابقة ‪..‬‬ ‫المرضى ‪..‬‬
‫مجموعة من المرضى ‪ ..‬كل‬ ‫حتى مررنا على غرفة ليس‬
‫منهم على حال ‪ ..‬راقص ‪..‬‬ ‫فيها أسرة ‪ ..‬وإنما فيها أكثر‬
‫ونائم ‪..‬‬ ‫من ثلثين رجل ً ‪ ..‬كل واحد‬
‫و ‪ ..‬و ‪ ..‬عجبا ً ماذا أرى ؟؟‬ ‫منهم على حال ‪ ..‬هذا‬
‫رجل جاوز عمره الخمسين ‪..‬‬ ‫يؤذن ‪ ..‬وهذا يغني ‪ ..‬وهذا‬
‫اشتعل رأسه شيبا ً ‪ ..‬وجلس‬ ‫يتلفت ‪ ..‬وهذا يرقص ‪..‬‬
‫على الرض القرفصاء ‪ ..‬قد‬ ‫وإذا من بينهم ثلثة قد‬
‫جمع جسمه بعضه على بعض ‪..‬‬ ‫ُأجلسوا على كراسي ‪..‬‬
‫ينظر إلينا بعينين زائغتين ‪..‬‬ ‫وربطت أيديهم وأرجلهم ‪..‬‬
‫يتلفت بفزع ‪..‬‬ ‫وهم يتلفتون حولهم ‪..‬‬
‫كل هذا طبيعي ‪..‬‬ ‫ويحاولون التفلت فل‬
‫‪158‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ومضى الطبيب يحدثني بأقوام‬ ‫لكن الشيء الغريب الذي‬
‫ذلوا بعد عز ‪ ..‬وآخرين افتقروا‬ ‫جعلني أفزع ‪ ..‬بل أثور ‪ ..‬هو‬
‫بعد غنى ‪ ..‬و ‪..‬‬ ‫أن الرجل كان عاريا ً تماما ً‬
‫أخذت أمشي بين غرف المرضى‬ ‫ليس عليه من اللباس ول ما‬
‫متفكرا ً ‪..‬‬ ‫يستر العورة المغلظة ‪..‬‬
‫سبحان من قسم الرزاق بين‬ ‫تغير وجهي ‪ ..‬وامتقع‬
‫عباده ‪..‬‬ ‫لوني ‪ ..‬والتفت إلى الطبيب‬
‫يعطي من يشاء ‪ ..‬ويمنع من‬ ‫فورا ً ‪ ..‬فلما رأى حمرة‬
‫يشاء ‪..‬‬ ‫عيني ‪..‬‬
‫قد يرزق الرجل مال ً وحسبا ً‬ ‫قال لي ‪ ..‬هدئ من‬
‫ونسبا ً ومنصبا ً ‪ ..‬لكنه يأخذ منه‬ ‫غضبك ‪ ..‬سأشرح لك حاله ‪..‬‬
‫العقل ‪ ..‬فتجده من أكثر الناس‬ ‫هذا الرجل كلما ألبسناه ثوبا ً‬
‫مال ً ‪ ..‬وأقواهم جسدا ً ‪ ..‬لكنه‬ ‫عضه بأسنانه وقطعه ‪..‬‬
‫مسجون في مستشفى‬ ‫وحاول بلعه ‪ ..‬وقد نلبسه‬
‫المجانين ‪..‬‬ ‫في اليوم الواحد أكثر من‬
‫وقد يرزق آخر حسبا ً رفيعا ً ‪..‬‬ ‫عشرة ثياب ‪ ..‬وكلها على‬
‫ومال ً وفيرا ً ‪ ..‬وعقل ً كبيرا ً ‪..‬‬ ‫مثل هذا الحال ‪..‬‬
‫لكنه يسلب منه الصحة ‪ ..‬فتجده‬ ‫فتركناه هكذا صيفا ً وشتاءً ‪..‬‬
‫مقعدا ً على سريره ‪ ..‬عشرين أو‬ ‫والذين حوله مجانين ل‬
‫ثلثين سنة ‪ ..‬ما أغنى عنه ماله‬ ‫يعقلون حاله ‪..‬‬
‫وحسبه ‪!!..‬‬ ‫خرجت من هذه الغرفة ‪..‬‬
‫ومن الناس من يؤتيه الله صحة‬ ‫ولم أستطع أن أتحمل‬
‫وقوة وعقل ً ‪ ..‬لكنه يمنعه المال‬ ‫أكثر ‪ ..‬قلت للطبيب ‪ :‬دلني‬
‫فتراه يشتغل حمال أمتعة في‬ ‫على الباب ‪ ..‬للخروج ‪..‬‬
‫سوق أو تراه معدما ً فقيرا ً‬ ‫قال ‪ :‬بقي بعض القسام ‪..‬‬
‫يتنقل بين الحرف المتواضعة ل‬ ‫قلت ‪ :‬يكفي ما رأيناه ‪..‬‬
‫يكاد يجد ما يسد به رمقه ‪..‬‬ ‫مشى الطبيب ومشيت‬
‫ومن الناس من يؤتيه ‪..‬‬ ‫بجانبه ‪ ..‬وجعل يمر في‬
‫ويحرمه ‪ ..‬وربك يخلق ما يشاء‬ ‫طريقه بغرف المرضى ‪..‬‬
‫ويختار ‪ ..‬ما كان لهم الخيرة ‪..‬‬ ‫ونحن ساكتان ‪..‬‬
‫فكان حريا ً بكل مبتلى أن يعرف‬ ‫ي وكأنه‬ ‫وفجأة التفت إل ّ‬
‫هدايا الله إليه قبل أن يعد‬ ‫تذكر شيئا ً نسيه ‪ ..‬وقال ‪:‬‬
‫مصائبه عليه ‪ ..‬فإن حرمك‬ ‫يا شيخ ‪ ..‬هنا رجل من كبار‬
‫المال فقد أعطاك الصحة ‪ ..‬وإن‬ ‫التجار ‪ ..‬يملك مئات المليين‬
‫حرمك منها ‪ ..‬فقد أعطاك‬ ‫‪ ..‬أصابه لوثة عقلية فأتى به‬
‫العقل ‪ ..‬فإن فاتك ‪ ..‬فقد‬ ‫أولده وألقوه هنا منذ‬
‫أعطاك السلم ‪ ..‬هنيئا ً لك أن‬ ‫سنتين ‪..‬‬
‫تعيش عليه وتموت عليه ‪..‬‬ ‫وهنا رجل آخر كان مهندسا ً‬
‫فقل بملء فيك الن بأعلى‬ ‫في شركة ‪ ..‬وثالث كان ‪..‬‬
‫‪159‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫وبعد الغزوة ‪ ..‬كان أول من‬ ‫صوتك ‪ :‬الحممممد لله ‪..‬‬
‫وصل المدينة ‪ ..‬عوف بن مالك ‪t‬‬ ‫وكذلك كان الصحابة الكرام‬
‫‪..‬‬ ‫‪.. ‬‬
‫فمضى إلى رسول ‪.. r‬‬ ‫بعث رسول الله ‪ .. r‬عمرو‬
‫فلما رآه ‪ ..‬قال له ‪.. r‬‬ ‫بن العاص ‪ t‬جهة الشام ‪..‬‬
‫أخبرني ‪..‬‬ ‫في غزوة ذات السلسل ‪..‬‬
‫فأخبره عن الغزوة ‪ ..‬وما كان‬ ‫فلما صار إلى هناك رأى‬
‫بين أبي عبيدة وعمرو بن العاص‬ ‫كثرة عدوه ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫فبعث إلى رسول الله ‪r‬‬
‫فقال ‪ : r‬يرحم الله أبا عبيدة بن‬ ‫يستمده ‪..‬‬
‫الجراح ‪..‬‬ ‫فبعث إليه ‪ r‬أبا عبيدة بن‬
‫نعم ‪ ..‬يرحم الله أبا عبيدة ‪.. ‬‬ ‫الجراح ‪ ..‬أميرا ً على مدد ‪..‬‬
‫فكرة ‪..‬‬ ‫فيه المهاجرون الولون ‪..‬‬
‫انظر للجوانب المشرقة من‬ ‫وفيهم أبو بكر وعمر ‪..‬‬
‫حياتك ‪ ..‬قبل أن تنظر‬ ‫وقال ‪ r‬لبي عبيدة حين‬
‫للمظلمة ‪ ..‬لتكون أسعد ‪..‬‬ ‫وجهه ‪ :‬ل تختلفا ‪..‬‬
‫فخرج أبو عبيدة ‪..‬‬
‫كن جبل ً ‪..‬‬ ‫‪.49‬‬ ‫حتى إذا قدم على عمرو‬
‫في بداية سلوكي في طريق‬ ‫قال له عمرو ‪ :‬إنما جئت‬
‫الدعوة ‪ ..‬دعيت للقاء محاضرة‬ ‫مددا ً لي ‪..‬‬
‫في إحدى القرى ‪..‬‬ ‫فقال له أبو عبيدة ‪ :‬ل ولكن‬
‫استقبلني المسئول عن الدعوة‬ ‫على ما أنا عليه وأنت على‬
‫هناك ‪ ..‬ركبت سيارته ‪ ..‬كانت‬ ‫ما أنت عليه ‪..‬‬
‫قديمة متهالكة ‪..‬‬ ‫وكان أبو عبيدة رجل ً لينا ً‬
‫تحدثت معه ‪ ..‬أخبرني أنه حديث‬ ‫سهل ً ‪ ..‬هينا ً عليه أمر‬
‫عهد بزواج ‪..‬‬ ‫الدنيا ‪..‬‬
‫ي من غلء المهور‬ ‫ثم اشتكى إل ّ‬ ‫فقال له عمرو ‪ :‬بل أنت‬
‫في قريتهم ‪ ..‬حتى إنه لم‬ ‫مددي ‪..‬‬
‫يستطع أن يشتري سيارة جديدة‬ ‫فقال له أبو عبيدة ‪ :‬يا عمرو‬
‫‪ ..‬أو على القل أحسن من‬ ‫إن رسول الله ‪ .. r‬قد قال‬
‫سيارته ‪..‬‬ ‫لي ‪:‬‬
‫دعوت له بالتوفيق ‪..‬‬ ‫ل تختلفا ‪ ..‬وإنك إن‬
‫ثم دخلت وألقيت المحاضرة ‪..‬‬ ‫عصيتني أطعتك ‪..‬‬
‫ي‬‫وفي آخرها ‪ ..‬قرئت عل ّ‬ ‫فقال له عمرو‪ :‬فإني أمير‬
‫السئلة ‪ ..‬وكان من بينها سؤال‬ ‫عليك ‪ ..‬وإنما أنت مدد لي ‪..‬‬
‫عن غلء المهور ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬فدونك ‪..‬‬
‫ففرحت به وقلت ‪ :‬جاءك يا مهنا‬ ‫فتقدم ‪ ..‬عمرو بن العاص ‪t‬‬
‫ما تتمنا !!‬ ‫فصلى بالناس ‪..‬‬

‫‪160‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫عند تعاملك مع الناس ‪ ..‬أنت‬ ‫وانطلقت أتكلم عن غلء‬
‫في الحقيقة تصنع شخصيتك ‪..‬‬ ‫المهور وتأثيره على الشباب‬
‫وتبني في عقولهم تصورات‬ ‫والفتيات ‪..‬‬
‫عنك ‪ ..‬يبنون على أساسها‬ ‫ثم ذكرت إن رسول الله ‪‬‬
‫أساليب تعاملهم معك ‪..‬‬ ‫ما زوج بناته بأكثر من‬
‫واحترامهم لك ‪..‬‬ ‫خمسمائة درهم ‪ ..‬ثم رفعت‬
‫تأكد أن الشجار الثابتة ل‬ ‫صوتي قائل ً ‪ :‬يعني بناتكم‬
‫تقتلعها الرياح ‪ ..‬مهما اشتدت ‪..‬‬ ‫أحسن من بنات النبي ‪ ‬؟!!‬
‫وإنما النصر صبر ساعة ‪..‬‬ ‫مسن من طرف‬ ‫فصرخ رجل ُ‬
‫كلما زاد عقلك ‪ ..‬قل جهلك ‪..‬‬ ‫الصف قائل ً ‪ :‬إيش فيهم‬
‫وإذا زاد قدرك ‪ ..‬قل غضبك ‪..‬‬ ‫بناتنا ؟‬
‫كالبحر ل يحركه أي شيء ‪ ..‬ويا‬ ‫فثار آخر وقال ‪ :‬يتكلم على‬
‫جبل ما تهزك ريح ‪!..‬‬ ‫بناتنا !!‬
‫بل إنك لو استثارك شخص ما ‪..‬‬ ‫ً‬
‫ونهض الثالث جاثيا على‬
‫في مجلس ‪ ..‬أو بيت ‪ ..‬أو قناة‬ ‫ركبتيه وقال ‪ :‬أوووه تتكلم‬
‫فضائية ‪ ..‬أو محاضرة عامة ‪..‬‬ ‫على بناتنا ؟!!‬
‫فإنك إذا بقيت هادئا ً لم تغضب‬ ‫كنت في حال ل أحسد‬
‫ولم تثر ‪ ..‬مال الناس معك ضده‬ ‫عليه ‪ ..‬وكنت في أوائل‬
‫‪..‬‬ ‫طريق الدعوة ‪ ..‬وحديث‬
‫كان أبو سفيان بن حرب مقبل ً‬ ‫التخرج من الجامعة ‪..‬‬
‫بقافلة تجارة من الشام ‪ ..‬فخرج‬ ‫بقيت ساكتا ً لم أنبس ببنت‬
‫إليهم المسلمون لقتالهم ‪..‬‬ ‫شفة ‪ ..‬نظرت إلى الول لما‬
‫ففر أبو سفيان بالقافلة ‪..‬‬ ‫تكلم وتبسمت ‪ ..‬فلما تكلم‬
‫وأرسل إلى قريش فخرجت‬ ‫الثاني ‪ ..‬نظرت إليه أيضا ً‬
‫بجيش عرمرم ‪..‬‬ ‫وتبسمت ‪ ..‬وكذلك الثالث ‪..‬‬
‫ووقعت معركة بدر بين‬ ‫كان بعض الشباب في آخر‬
‫المسلمين وقريش ‪ ..‬وانتصر‬ ‫المسجد يتضاحكون ‪..‬‬
‫المسلمون ‪..‬‬ ‫وبعضهم قاموا وقوفا ً‬
‫قتل من كفار قريش سبعون ‪..‬‬ ‫ينظرون ‪ ..‬وكأني بهم‬
‫سر منهم سبعون ‪..‬‬ ‫ُ‬
‫وأ ِ‬ ‫يقولون ‪ :‬وقف حمار الشيخ‬
‫رجع من تبقى من جيش‬ ‫في العقبة !!‬
‫قريش ‪ ..‬وهم جرحى ‪ ..‬وجوعى‬ ‫لما رأوا هدوئي ‪ ..‬هدؤوا ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫ثم قام أحدهم وقال ‪ :‬يا‬
‫ثم وصل أبو سفيان بقافلته إلى‬ ‫جماعة ‪ ..‬خلوا الشيخ يوضح‬
‫مكة ‪..‬‬ ‫قصده ‪..‬‬
‫فمشى عبد الله بن أبي ربيعة‬ ‫فسكتوا ‪ ..‬فشكرت له‬
‫وعكرمة بن أبي جهل وصفوان‬ ‫عمله ‪ ..‬ثم اعتذرت وأثنيت‬
‫ابن أمية ‪..‬‬ ‫عليهم – وعلى بناتهم ‪-‬‬
‫في رجال من قريش ممن‬ ‫ووضحت مرادي ‪..‬‬
‫‪161‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫دخلوها علينا ‪..‬‬ ‫أصيب آباؤهم وأبناؤهم‬
‫فقال له ناس لم يكونوا شهدوا‬ ‫وإخوانهم يوم بدر ‪..‬‬
‫بدرا ً ‪ :‬نخرج يا رسول الله إليهم‬ ‫فكلموا أبا سفيان ومن‬
‫نقاتلهم بـ "أحد" ‪..‬‬ ‫كانت له في تلك العير من‬
‫ورجوا أن يصيبهم من الفضيلة‬ ‫قريش تجارة ‪..‬‬
‫ما أصاب أهل بدر ‪..‬‬ ‫فقالوا ‪ :‬يا معشر قريش ‪..‬‬
‫فما زالوا برسول الله ‪ r‬حتى‬ ‫إن محمدا ً قد وتركم وقتل‬
‫لبس أداة الحرب ‪..‬‬ ‫خياركم ‪ ..‬فأعينونا بهذا‬
‫ثم ندموا ‪ ..‬وقالوا ‪ :‬يا رسول‬ ‫المال على حربه لعلنا ندرك‬
‫الله أقم ‪ ..‬فالرأي رأيك ‪..‬‬ ‫منه ثأرا ً ‪ ..‬ففعلوا ‪..‬‬
‫فقال لهم ‪ :‬ما ينبغي لنبي أن‬ ‫وقد قال الله فيهم ‪ " :‬إن‬
‫يضع أداته بعد ما لبسها حتى‬ ‫الذين كفروا ينفقون‬
‫يحكم الله بينه وبين عدوه ‪..‬‬ ‫أموالهم ليصدوا عن سبيل‬
‫فلما نزل أبو سفيان‬ ‫الله فسينفقونها ثم تكون‬
‫والمشركون بأصل أحد فرح‬ ‫عليهم حسرة ثم يغلبون‬
‫المسلمون الذين لم يشهدوا‬ ‫والذين كفروا إلى جهنم‬
‫بدرا ً بقدوم العدو عليهم ‪..‬‬ ‫يحشرون " ‪.‬‬
‫وقالوا ‪ :‬قد ساق الله علينا‬ ‫فخرجت قريش ‪ ..‬بحدها‬
‫أمنيتنا ‪..‬‬ ‫وحديدها ‪ ..‬وجدها‬
‫ثم قال النبي ‪ r‬لصحابه ‪:‬‬ ‫وأحابيشها ‪..‬‬
‫" من رجل يخرج بنا على القوم‬ ‫وخرج معها من تابعها من‬
‫من كثب ـ أي من قريب ـ من‬ ‫بني كنانة وأهل تهامة ‪..‬‬
‫طريق ل يمر بنا عليهم " ؟‬ ‫وخرجوا معهم بالنساء لئل‬
‫فقال رجل من بني حارثة بن‬ ‫يفر الرجال من القتال ‪..‬‬
‫الحارث اسمه أبو خيثمة ‪:‬‬ ‫فخرج أبو سفيان بزوجته‬
‫أنا يا رسول الله ‪..‬‬ ‫هند بنت عتبة ‪..‬‬
‫فسلك به في أرض بني حارثة‬ ‫وخرج عكرمة بن أبي جهل‬
‫وبين أموالهم ومزارعهم ‪..‬‬ ‫بزوجته أم حكيم بنت الحارث‬
‫حتى سلك به في مال لرجل‬ ‫‪..‬‬
‫اسمه ‪ :‬مربع ابن قيظي ‪..‬‬ ‫وخرج الحارث بن هشام‬
‫وكان رجل ً منافقا ً ضرير‬ ‫بفاطمة بنت الوليد بن‬
‫البصر ‪..‬‬ ‫المغيرة ‪..‬‬
‫س رسول الله ‪.. r‬‬ ‫فأقبل الكفار ‪ ..‬حتى نزلوا‬
‫ح ّ‬ ‫فلما سمع ِ‬
‫ومن معه من المسلمين ‪..‬‬ ‫على شفير الوادي مقابل‬
‫قام يحثي في وجوههم‬ ‫المدينة ‪..‬‬
‫التراب ‪ ..‬ويقول ‪ :‬إن كنت‬ ‫فلما سمع بهم رسول الله ‪r‬‬
‫رسول الله فإني ل أحل لك أن‬ ‫‪ ..‬استشار أصحابه ‪ ..‬ما‬
‫تدخل في حائطي ‪..‬‬ ‫رأيكم ‍‬
‫؟‬
‫ثم أخذ الخبيث حفنة من التراب‬ ‫نبقى في المدينة فإذا‬
‫‪162‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫جوعهم ‪..‬‬ ‫في يده ‪ ..‬ثم قال ‪:‬‬
‫ً‬
‫بنى مسجدا لله من غير حله **‬ ‫والله لو أعلم أني ل أصيب‬
‫فكان بحمد‬ ‫بها غيرك يا محمد لضربت‬
‫الله غير موفق‬ ‫بها وجهك ‪..‬‬
‫كمطعمة اليتام من كدّ عرضها !‬ ‫فابتدره القوم ‪..‬‬
‫**‬ ‫فقال النبي ‪: ‬‬
‫لك الويل ل‬ ‫" ل تقتلوه ‪ ..‬فهذا‬
‫تزني ول تتصدقي‬ ‫العمى ‪ ..‬أعمى القلب ‪..‬‬
‫وكم من حامل سكين ليطعن بها‬ ‫أعمى البصر ‪" ..‬‬
‫‪ ..‬فاستعطفه طفل أو امرأة‬ ‫ومضى رسول الله ‪ .. r‬ولم‬
‫فرق قلبه ‪ ..‬وألقى سكينه‬ ‫يلتفت إلى ذلك المنافق ‪..‬‬
‫عنه ‪..‬‬ ‫نعم ‪..‬‬
‫إذن عامل الناس جميعا ً بما تعلم‬ ‫لو كل كلب عوى ألقمته‬
‫فيهم من خير ‪ ..‬قبل أن تسيء‬ ‫حجرا ً‬
‫الظن بهم ‪..‬‬ ‫لصبح‬
‫محمد ‪ .. ‬بلغ من خلقه أنه‬ ‫الصخر مثقال ً بدينار‬
‫كان يلتمس المعاذير‬ ‫والكلب تنبح ‪ ..‬والقافلة‬
‫للمخطئين ‪ ..‬ويحسن الظن‬ ‫تسييييير ‪..‬‬
‫بالمذنبين ‪ ..‬وكان إذا قابل‬ ‫قناعة ‪..‬‬
‫عاصيا ً ينظر فيه إلى جوانب‬ ‫الرياح ل تحرك الجبال ‪..‬‬
‫اليمان قبل جوانب الشهوة‬ ‫لكنها تلعب بالرمال ‪..‬‬
‫والعصيان ‪..‬‬ ‫وتشكلها كما تشاء ‪..‬‬
‫ما كان يسيء الظن بأحد ‪..‬‬
‫يعاملهم كأنهم أولده وإخوانه ‪..‬‬ ‫ل تلعنه ‪ ..‬إنه‬ ‫‪.50‬‬
‫يحب لهم الخير كما يحبه لنفسه‬ ‫يشرب خمرا ً ‪!!..‬‬
‫‪..‬‬ ‫أكثر الناس الذين نخالطهم‬
‫كان رجل في عهد النبي ‪ ‬قد‬ ‫مهما بلغ من السوء ‪ ..‬إل أنه‬
‫ابتلي بشرب الخمر ‪..‬‬ ‫ل يخلو من خير وإن كان‬
‫ي به يوما ً إلى رسول الله ‪‬‬ ‫ُ‬
‫فأت َ‬ ‫قليل ً ‪..‬‬
‫جلد ‪..‬‬ ‫فأمر به ف ُ‬ ‫فلو استطعنا أن نعثر على‬
‫ثم مرت أيام ‪ ..‬فشرب خمرا ً ‪..‬‬ ‫مفتاح الخير لكان حسنا ً ‪..‬‬
‫فجيء به أخرى فجلد ‪..‬‬ ‫اشتهر عن بعض‬
‫ومرت أيام ‪ ..‬ثم جيء به قد‬ ‫المجرمين ‪ ..‬أنه كان يسطو‬
‫شرب خمرا ً ‪ ..‬فجلد ‪..‬‬ ‫على بيوت الناس ويسرق‬
‫فلما ولى خارجا ً ‪ ..‬قال رجل من‬ ‫أموالهم ‪ ..‬لينفق بعضها‬
‫الصحابة ‪:‬‬ ‫على ضعفاء وأيتام !! أو‬
‫لعنه الله ‪ ..‬ما أكثر ما يؤتى‬ ‫يبني بها مساجد !!‬
‫به !!‬ ‫ً‬
‫أو كالتي ترى أيتاما جوعى‬
‫فالتفت إليه ‪ .. ‬وقد تغير‬ ‫فتزني لتحصل مال ً تسد به‬
‫‪163‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫تقدمت لوظيفة فلم تقبل ‪..‬‬ ‫وجهه فقال له ‪ :‬ل تلعنه ‪..‬‬
‫وقبلت في أخرى ‪ ..‬وبدأت‬ ‫فوالله ما علمت أنه يحب‬
‫)‪(65‬‬
‫دوامك فيها ‪ ..‬فما الحل؟‬ ‫الله ورسوله ‪..‬‬
‫خطبت فتاتا ً فرفضت ‪..‬‬
‫وتزوجت آخر ‪ ..‬ما الحل ؟‬ ‫فن ‪..‬‬
‫كثير من الناس يجعل الحل هو‬ ‫قبل أن تبدأ في نزع شجرة‬
‫الكتئاب الدائم ‪ ..‬والتأفف من‬ ‫الشر في الخرين ‪ ..‬ابحث‬
‫واقعه ‪ ..‬وكثرة التشكي إلى من‬ ‫عن شجرة الخير واسقها ‪..‬‬
‫عرف ومن لم يعرف ! وهذا ل‬
‫يرد إليه رزقا ً فاته ‪ ..‬ول يعجل‬ ‫إذا لم يكن ما تريد‬ ‫‪.51‬‬
‫برزق لم يكتب له ‪..‬‬ ‫فأرد ما يكون ‪!!..‬‬
‫إذن ما الحل ؟‬ ‫ملزمــا فاســتمتع ‪..‬‬ ‫مــا دمــت ُ‬
‫العاقل فهو الذي يتكيف مع‬ ‫هكـــذا كنـــت أقـــول لشـــاب‬
‫واقعه كيفما كان ‪ ..‬مادام ل‬ ‫أصيب بمرض السكر ‪ ..‬فكان‬
‫يستطيع التغيير إلى الحسن ‪..‬‬ ‫يشـــرب الشـــاي مـــن غيـــر‬
‫أحد أصدقائي كان يشرف على‬ ‫سكر ‪ ..‬ويتأسف لحاله ‪..‬‬
‫بناء مسجد ‪..‬‬ ‫كنـــت أقـــول لـــه ‪ :‬هـــل إذا‬
‫فضاقت بهم النفقة ‪ ..‬فتوجهوا‬ ‫تأسفت وحزنت أثنــاء شــربك‬
‫إلى أحد التجار للستعانة به في‬ ‫الشاي ‪ ..‬هل تنقلب المـرارة‬
‫إكمال البناء ‪..‬‬ ‫حلوة ‪..‬‬
‫فتح لهم الباب ‪ ..‬جلس معهم‬ ‫قال ‪ :‬ل ‪..‬‬
‫قليل ً ‪ ..‬وأعطاهم ما تيسر ‪ ..‬ثم‬ ‫قلــت ‪ :‬مــا دمــت ملزمــا ً ‪..‬‬
‫أخرج دواء من جيبه وجعل‬ ‫فاستمتع ‪..‬‬
‫يتناوله ‪..‬‬ ‫أعني لن تأتي الدنيا دائما ً‬
‫قال له أحدهم ‪ :‬سلمات ‪..‬‬ ‫على ما نحب ‪..‬‬
‫عسى ما شر !!‬ ‫وهذا يقع في حياتنا كثيرا ً ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬ل ‪ ..‬هذه حبوب منومة ‪..‬‬ ‫سيارتك قديمة ‪ ..‬مكيف ل‬
‫منذ عشر سنين ل أنام إل بها ‪..‬‬ ‫يشتغل ‪ ..‬مراتب ممزقة ‪..‬‬
‫دعوا له ‪ ..‬وخرجوا ‪..‬‬ ‫ول تستطيع حاليا ً تغييرها ‪..‬‬
‫فمروا على حفريات وأعمال‬ ‫ما الحل ؟‬
‫طرق عند مخرج المدينة ‪ ..‬وقد‬ ‫تقدمت للدراسة بالجامعة ‪..‬‬
‫وضع عندها أنوار تعمل بمولد‬ ‫فقبلت في كلية ل ترغب‬
‫كهربائي قد مل الدنيا ضجيجا ً ‪..‬‬ ‫في الدراسة فيها ‪ ..‬حاولت‬
‫ليس هذا هو الغريب ‪..‬‬ ‫تعديل الحال فلم تستطع ‪..‬‬
‫الغريب أن حارس المولد هو‬ ‫فاضطررت لمواصلة‬
‫عامل فقير قد افترش قصاصات‬ ‫الدراسة ‪ ..‬وأكملت سنتين‬
‫جرائد ‪ ..‬ونااااام ‪..‬‬ ‫وثلث ‪ ..‬فما الحل ؟‬
‫نعم ‪ ..‬عش حياتك ‪ ..‬ل وقت‬
‫م ‪ ..‬تعامل مع‬ ‫فيها ِلله ّ‬ ‫) ( متفق عليه‬ ‫‪65‬‬

‫‪164‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫بحديث ‪..‬‬ ‫المعطيات التي بين يديك ‪..‬‬
‫فاستغرب العالم منه ‪ ..‬وقال ‪:‬‬ ‫خرج ‪ ‬مع أصحابه في‬
‫ما هذا الحديث !! من أين جئت‬ ‫ل طعامهم ‪..‬‬ ‫غزوة فق ّ‬
‫به ؟ تكذب على رسول الله ‪ ‬؟‬ ‫وتعبوا ‪..‬‬
‫فقال الرجل ‪ :‬بل هذا حديث ‪..‬‬ ‫فأمرهم ‪ ..‬أن يجمعوا ما‬
‫ثابت ‪..‬‬ ‫عندهم من طعام ‪..‬‬
‫قال العالم ‪ :‬ل ‪ ..‬هذا حديث لم‬ ‫وفرش رداءه ‪ ..‬وصار الرجل‬
‫نسمع به ‪ ..‬ولم نحفظه ‪..‬‬ ‫يأتي بالتمرة ‪ ..‬والتمرتين ‪..‬‬
‫وكان في المجلس وزير عاقل ‪..‬‬ ‫وكسرة الخبز ‪ ..‬وكلها تجتمع‬
‫فالتفت إلى العالم وقال‬ ‫فوق هذا الرداء ‪ ..‬ثم أكلوا ‪..‬‬
‫بهدوء ‪ :‬يا شيخ ‪ ..‬هل حفظت‬ ‫وهم مستمتعون ‪..‬‬
‫جمييييع أحاديث النبي ‪.. ‬؟‬
‫قال ‪ :‬ل ‪..‬‬ ‫لمحة ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬فهل حفظت نصفها ؟‬ ‫مــا كــل مــا يتمنــى المــرء‬
‫قال ‪ :‬ربما ‪..‬‬ ‫يدركه ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬فاعتبر هذا الحديث من‬ ‫تجري‬
‫النصف الذي لم تحفظه ‪..‬‬ ‫الرياح بما ل تشتهي السفن‬
‫وانتهت المشكلة ‪..‬‬
‫كان الفضيل بن عياض وعبد‬ ‫نختلف ونحن‬ ‫‪.52‬‬
‫الله بن المبارك صاحبين ل‬ ‫إخوان !‬
‫يفترقان ‪..‬‬ ‫ذكر أن الشافعي رحمه اللــه‬ ‫ُ‬
‫وكانا عالمين زاهدين ‪..‬‬ ‫تناظر يوما ً مــع أحــد العلمــاء‬
‫ن لعبد الله بن المبارك فخرج‬ ‫ع ّ‬ ‫حـــــول مســـــألة فقهيـــــة‬
‫للقتال والرباط في الثغور ‪..‬‬ ‫عويصة ‪..‬‬
‫وبقي الفضيل بن عياض في‬ ‫فاختلفا ‪ ..‬وطال الحوار ‪..‬‬
‫الحرم يصلي ويتعبد ‪..‬‬ ‫حتى علت أصواتهما ‪..‬‬
‫وفي يوم رق فيه القلب ‪..‬‬ ‫ولم يستطع أحدهما أن يقنع‬
‫وأسبلت الدمعة ‪..‬‬ ‫صاحبه ‪..‬‬
‫كتب الفضيل إلى ابن المبارك‬ ‫وكأن الرجل تغير وغضب ‪..‬‬
‫كتابا ً يدعوه فيه إلى المجيء‬ ‫ووجد في نفسه ‪..‬‬
‫والتعبد في الحرم ‪ ..‬والشتغال‬ ‫فلما انتهى المجلس وتوجها‬
‫بالذكر وقراءة القرآن ‪..‬‬ ‫للخروج ‪ ..‬التفت الشافعي‬
‫فلما قرأ ابن المبارك الكتاب ‪..‬‬ ‫إلى صاحبه ‪ ..‬وأخذ بيده‬
‫أخذ رقعة وكتب إلى الفضيل ‪:‬‬ ‫وقال ‪:‬‬
‫يا عابد الحرمين لو أبصرتنا ***‬ ‫أل يصح أن نختلف ونبقى‬
‫لعلمت‬ ‫إخوانا ً ‪!..‬‬
‫أنك في العبادة تلعب‬ ‫وجلس بعض علماء الحديث‬
‫من كان يخضب خده بدموعه ***‬ ‫يوما ً ‪ ..‬عند الخليفة ‪..‬‬
‫فنحورنا‬ ‫فتكلم رجل في المجلس‬
‫‪165‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فحفر المسلمون خندقا ً لم‬ ‫بدمائنا تتخضب‬
‫يستطع الكفار أن يتجاوزوه‬ ‫أو كان يتعب خيله في باطل‬
‫لدخول المدينة ‪..‬‬ ‫***‬
‫فعسكر الكفار وراء الخندق ‪..‬‬ ‫فخيولنا‬
‫وكان في المدينة قبيلة بني‬ ‫يوم الصبيحة تتعب‬
‫قريظة ‪ ..‬وهم يهود يتربصون‬ ‫ريح العبير لكم ونحن عبيرنا‬
‫بالمؤمنين ‪..‬‬ ‫***‬
‫فأقبلوا إلى الكفار يمدونهم ‪..‬‬ ‫رهج‬
‫ويعيثون في المدينة فسادا ً‬ ‫السنابك والغبار الطيب‬
‫ونهبا ً ‪..‬‬ ‫ولقد أتانا من مقال نبينا ***‬
‫وقد انشغل المسلمون عنهم‬ ‫قول‬
‫بالرباط عند الخندق ‪..‬‬ ‫صحيح صادق ل يكذب‬
‫ومضت اليام عصيبة ‪ ..‬حتى‬ ‫ل يستوي وغبار خيل الله‬
‫أرسل الله على الكفار ريحا ً‬ ‫في ***‬
‫وجنودا ً ‪ ..‬من عنده فتمزق‬ ‫أنف‬
‫جيشهم ‪ ..‬وانقلبوا خائبين ‪..‬‬ ‫امريء ودخان نار تلهب‬
‫يجرون أذيال هزيمتهم في‬ ‫هذا كتاب الله ينطق بيننا‬
‫ظلمة الليل ‪..‬‬ ‫***‬
‫فلما أصبح رسول الله ‪.. r‬‬ ‫ليس‬
‫انصرف عن الخندق راجعا ً إلى‬ ‫الشهيد بميت ل يكذب‬
‫المدينة ‪..‬‬ ‫ثم قال ‪:‬‬
‫ووضع المسلمون السلح ‪..‬‬ ‫إن من عباد من فتح الله في‬
‫ورجعوا إلى بيوتهم ‪..‬‬ ‫الصيام ‪ ..‬فيصوم ما ل‬
‫ودخل رسول الله ‪ r‬بيته ‪..‬‬ ‫يصومه غيره ‪ ..‬ومنهم من‬
‫ووضع السلح واغتسل ‪..‬‬ ‫فتح له في قراءة القرآن ‪..‬‬
‫فلما كانت الظهر ‪ ..‬جاءه جبريل‬ ‫ومنهم من فتح له في طلب‬
‫‪..‬‬ ‫العلم ‪ ..‬ومنهم من فتح في‬
‫فنادى رسول الله ‪ .. r‬من خارج‬ ‫الجهاد ‪ ..‬ومنهم من فتح له‬
‫البيت ‪..‬‬ ‫في قيام الليل ‪..‬‬
‫فقام رسول الله ‪ r‬فزعا ً ‪..‬‬ ‫وليس ما أنت عليه بأفضل‬
‫فقال له جبريل عليه السلم ‪:‬‬ ‫مما أنا عليه ‪..‬‬
‫أوقد وضعت السلح يا رسول‬ ‫وما أنا عليه ‪ ..‬ليس بأفضل‬
‫الله ؟‬ ‫مما أنت عليه ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫وكلنا على خير ‪..‬‬
‫قال جبريل ‪ :‬ما وضعت الملئكة‬ ‫وهكذا كان منهج الصحابة ‪..‬‬
‫السلح بعد ‪ ..‬وما رجعت الن إل‬ ‫اجتمع الكفار وتألبوا لحرب‬
‫من طلب القوم ‪ ..‬طلبناهم‬ ‫المسلمين في المدينة ‪..‬‬
‫حتى بلغنا حمراء السد ‪..‬‬ ‫وجاؤوا في جيش لم تشهد‬
‫إن الله يأمرك بالمسير إلى بني‬ ‫العرب مثله كثرة وعتادا ً ‪..‬‬
‫‪166‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فلن عجول ‪ ..‬فلن خفّيف ‪..‬‬ ‫قريظة ‪ ..‬فإني عامد إليهم‬
‫أما رسول الله ‪ ‬فيقول ‪ :‬ما‬ ‫فمزلزل بهم ‪..‬‬
‫كان الرفق في شيء إل زانه ‪..‬‬ ‫فأمر رسول الله ‪ r‬مؤذنا ً‬
‫)‪(66‬‬
‫وما نزع من شيء إل شانه ‪..‬‬ ‫فأذن في الناس ‪:‬‬
‫هل تستطيع تحريك طن الحديد‬ ‫" من كان سامعا ً مطيعا ً ‪..‬‬
‫بأصبع ؟‬ ‫فل يصلين العصر إل في‬
‫نعم ‪ :‬إذا أحضرت رافعة ‪ ..‬ثم‬ ‫بني قريظة " ‪..‬‬
‫ربطته برفق ‪ ..‬وأحكمت ربطه ‪..‬‬ ‫فتسابق الناس إلى سلحهم‬
‫ثم رفعته ‪ ..‬فإذا تعلق في‬ ‫‪ ..‬وسمعوا وأطاعوا ‪..‬‬
‫الهواء ‪ ..‬حركه بأصغر أصابعك ‪..‬‬ ‫ومضوا إلى ديار بني‬
‫اتفق صديقان على أن يتقدما‬ ‫قريظة ‪..‬‬
‫لرجل لخطبة ابنتيه ‪ ..‬كانت‬ ‫فدخل عليهم وقت العصر‬
‫إحداهما أكبر من الخرى ‪..‬‬ ‫وهم في الطريق ‪..‬‬
‫قال أحدهما للخر ‪ :‬أنا آخذ‬ ‫فقال بعضهم ل نصلي‬
‫الصغيرة ‪ ..‬وأنت تأخذ الكبيرة ‪..‬‬ ‫العصر إل في بني قريظة ‪..‬‬
‫فصاح صاحبه ‪ :‬لاااا ‪ ..‬بل أنت‬ ‫وقال بعضهم ‪ :‬بل نصلي لم‬
‫خذ الكبيرة ‪ ..‬وأنا آخذ‬ ‫يرد منا ذلك ‪ ..‬يعني إنما أراد‬
‫الصغيرة ‪..‬‬ ‫السراع إليهم ‪..‬‬
‫فقال الول ‪ :‬طيب ‪ ..‬أنت تأخذ‬ ‫فصلوا العصر وأكملوا‬
‫الصغيرة ‪ ..‬وأنا آخذ التي أصغر‬ ‫مسيرهم ‪..‬‬
‫منها ‪..‬‬ ‫وأخرها الخرون ‪ ..‬حتى‬
‫قال ‪ :‬موافق ‪!!..‬‬ ‫وصلوا بني قريظة ‪..‬‬
‫ولم يدرك أن صاحبه ما غير‬ ‫فصلوها ‪..‬‬
‫قراره ‪ ..‬سوى أنه غير أسلوب‬ ‫فذكر ذلك للنبي ‪ r‬فلم يعنف‬
‫الكلم برفق ‪..‬‬ ‫واحدا ً من الفريقين ‪..‬‬
‫وفي الحديث ‪ :‬إذا أراد الله بأهل‬ ‫فحاصرهم النبي ‪ .. r‬حتى‬
‫بيت خيرا ً أدخل عليهم الرفق ‪..‬‬ ‫نصره الله عليهم ‪..‬‬
‫وإذا أراد الله بأهل بيت شرا ً ‪..‬‬
‫)‪(67‬‬
‫نزع منهم الرفق ‪..‬‬ ‫وجهة نظر ‪..‬‬
‫وفيه ‪ :‬إن الله رفيق يحب الرفق‬ ‫ليست الغاية أن نتفق ‪ ..‬لكن‬
‫‪ ..‬ويعطي على الرفق ما ل‬ ‫الغاية أن ل نختلف ‪..‬‬
‫يعطي على العنف ‪ ..‬وما ل‬
‫)‪(68‬‬
‫يعطي على ما سواه ‪..‬‬ ‫الرفق ‪ ..‬إل زانه ‪..‬‬ ‫‪.53‬‬
‫الرفيق ‪ ..‬الهين اللين ‪ ..‬محبوب‬ ‫يتكرر على ألسنتنا كثيرا ً‬
‫عند الناس ‪ ..‬تطمئن إليه‬ ‫عندما نعجب بشخص ما ‪ ..‬أن‬
‫النفوس ‪ ..‬وتثق فيه ‪..‬‬ ‫نصفه قائلين ‪:‬‬
‫) (‬ ‫‪66‬‬ ‫فلن رزين ‪ ..‬فلن ثقيل ‪..‬‬
‫) ( رواه البخاري‬ ‫‪67‬‬ ‫فلن راكد ‪..‬‬
‫) ( رواه البخاري‬ ‫‪68‬‬
‫وإذا أردنا مذمة شخص قلنا ‪:‬‬
‫‪167‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫حزينا ً إلى حلقته وطلبه ‪..‬‬ ‫خاصة إذا صاحب ذلك وزن‬
‫ومضت يومان ‪ ..‬فشفي أبو‬ ‫للكلم ‪ ..‬وقدرة على‬
‫يوسف ‪ ..‬واغتسل ولبس ثيابه‬ ‫التعامل الرائع ‪..‬‬
‫ليذهب لدرس شيخه ‪..‬‬ ‫من أشهر طلب علماء‬
‫فسأله من حوله ‪ :‬إلى أين‬ ‫الحنفية المام أبو يوسف‬
‫تذهب ؟‬ ‫القاضي ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬إلى درس الشيخ ‪..‬‬ ‫هو أشهر طلب أبي‬
‫قالوا ‪ :‬إلى الن تطلب العلم ؟‬ ‫حنيفة ‪..‬‬
‫أنت قد اكتفيت ‪ ..‬أما بلغك ما‬ ‫كان أبو يوسف في صغره‬
‫قال فيك الشيخ ؟‬ ‫فقيرا ً ‪ ..‬وكان أبوه يمنعه‬
‫قال ‪ :‬وما قال ؟!‬ ‫من حضور درس أبي‬
‫قالوا ‪ :‬قد قال ‪ :‬كنت أرجوك‬ ‫حنيفة ‪ ..‬ويأمره بالذهاب‬
‫للناس من بعدي ‪ ..‬أي أنك قد‬ ‫للسوق لتكسب ‪..‬‬
‫حصلت كل علم أبي حنيفة ‪..‬‬ ‫كان أبو حنيفة حريصا ً‬
‫فلو مات الشيخ اليوم جلست‬ ‫عليه ‪ ..‬وإذا غاب عاتبه ‪..‬‬
‫مكانه ‪..‬‬ ‫فاشتكى أبو يوسف يوما ً‬
‫فأعجب أبو يوسف بنفسه ‪..‬‬ ‫إلى أبي حنيفة حاله مع‬
‫ومضى إلى المسجد ورأى حلقة‬ ‫والده ‪ ..‬فاستدعى أبو حنيفة‬
‫أبي حنيفة في ناحية ‪ ..‬فجلس‬ ‫والد أبي يوسف وسأله ‪:‬‬
‫في الناحية الخرى ‪ ..‬وبدأ‬ ‫كم يكسب الولد كل يوم ؟‬
‫يدرس ويفتي ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬درهمان ‪..‬‬
‫التفت أبو حنيفة إلى الحلقة‬ ‫قال ‪ :‬أنا أعطيك‬
‫الجديدة ‪ ..‬فسأل ‪ :‬حلقة من‬ ‫الدرهمين ‪ ..‬ودعه يطلب‬
‫هذه ؟‬ ‫العلم ‪..‬‬
‫قالوا ‪ :‬هذا أبو يوسف ‪..‬‬ ‫فلزم أبو يوسف شيخه‬
‫شفي من مرضه ؟!‬ ‫قال ‪ُ :‬‬ ‫سنين ‪..‬‬
‫قالوا ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫فلما بلغ أبو يوسف سن‬
‫قال ‪ :‬فلم لم يأت إلى درسنا ؟!‬ ‫الشباب ‪ ..‬ونبغ على‬
‫قالوا ‪ :‬حدثوه بما قلت ‪ ..‬فجلس‬ ‫أقرانه ‪ ..‬أصابه مرض‬
‫يدرس الناس واستغنى عنك ‪..‬‬ ‫أقعده ‪..‬‬
‫ففكر أبو حنيفة كيف يتعامل مع‬ ‫فزاره أبو حنيفة ‪ ..‬وكان‬
‫الموقف برفق ‪ ..‬وجعل يفكر ثم‬ ‫المرض شديدا ً متمكنا ً منه ‪..‬‬
‫قال ‪:‬‬ ‫فلما رآه أبو حنيفة حزن ‪..‬‬
‫شر له‬ ‫يأبى أبو يوسف إل أن نق ّ‬ ‫وخاف عليه الهلك ‪..‬‬
‫العصا!!‬ ‫وخرج وهو يكلم نفسه‬
‫ثم التفت إلى أحد طلبه‬ ‫قائل ً ‪ :‬آآآه يا أبا يوسف ‪..‬‬
‫الجالسين وقال ‪:‬‬ ‫لقد كنت أرجوك للناس من‬
‫يا فلن ‪ ..‬اذهب إلى الشيخ‬ ‫بعدي !!‬
‫الجالس هناك ‪ ..‬يعني أبا يوسف‬ ‫ومضى أبو حنيفة يجر خطاه‬
‫‪168‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫وقال ‪ :‬أرسلني الشيخ ‪..‬‬ ‫‪ ..‬فقل له ‪ :‬يا شيخ ‪ ..‬عندي‬
‫فقام أبو يوسف من مجلسه ‪..‬‬ ‫مسألة ‪..‬‬
‫ومضى حتى وقف على حلقة‬ ‫فسيفرح بك ويسألك عن‬
‫أبي حنيفة وقال ‪ :‬يا شيخ ‪..‬‬ ‫مسألتك ‪ ..‬فما جلس إل‬
‫مسألة ‪..‬‬ ‫ليسأل !!‬
‫فلم يلتفت أبو حنيفة إليه ‪..‬‬ ‫فقل له ‪ :‬رجل دفع ثوبا ً له‬
‫فأقبل أبو يوسف حتى جثى‬ ‫إلى خياط ليقصره ‪ ..‬فلما‬
‫على ركبتيه بين يدي الشيخ ‪..‬‬ ‫جاءه بعد أيام يريد ثوبه‬
‫وقال بكل أدب ‪ :‬يا شيخ ‪..‬‬ ‫جحده الخياط ‪ ..‬وأنكر أنه‬
‫مسألة ‪..‬‬ ‫أخذ منه ثوبا ً ‪ ..‬فذهب الرجل‬
‫قال ‪ :‬ما مسألتك ؟‬ ‫إلى الشرطة فاشتكاه‬
‫قال ‪ :‬تعرفها ‪..‬‬ ‫فأقبلوا واستخرجوا الثوب‬
‫قال ‪ :‬مسألة الخياط والثوب ؟‬ ‫من الدكان ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫والسؤال ‪ :‬هل يستحق‬
‫قال ‪ :‬اذهب وأجب ‪.‬ز ألست‬ ‫الخياط أجرة تقصير الثوب‬
‫شيخا ً ‪..‬‬ ‫أم ل يستحق ؟‬
‫قال ‪ :‬الشيخ أنت ‪..‬‬ ‫فإن أجابك وقال ‪ :‬يستحق ‪..‬‬
‫فقال ابو حنيفة ‪ :‬ننظر في‬ ‫فقل له ‪ :‬أخطأت ‪..‬‬
‫مقدار تقصير الخياط للثوب ‪..‬‬ ‫وإن قال ‪ :‬ل يستحق ‪ ..‬فقل‬
‫فإن كان قصره على مقاس‬ ‫له ‪ :‬أخطأت ‪..‬‬
‫الرجل ‪ ..‬فمعنى ذلك أنه قام‬ ‫فرح الطالب بهذه المسألة‬
‫بالعمل كامل ً ‪ ..‬ثم بدا له أن‬ ‫المشكلة ‪ ..‬ومضى على أبي‬
‫يجحد الثوب ‪ ..‬فيكون قام‬ ‫يوسف وقال ‪ :‬يا شيخ ‪..‬‬
‫بالعمل لجل الرجل ‪ ..‬فيستحق‬ ‫مسألة ‪..‬‬
‫عليه الجرة ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬ما مسألتك ؟‬
‫وإن كان قصره على مقاس‬ ‫قال ‪ :‬رجل دفع ثوبا ً إلى‬
‫نفسه ‪ ..‬فمعنى ذلك أنه قام‬ ‫خياط ‪..‬‬
‫بالعمل لجل نفسه ‪ ..‬فل‬ ‫فأجاب أبو يوسف على‬
‫يستحق على ذلك أجرة ‪..‬‬ ‫الفور قائل ً ‪ :‬نعم يستحق‬
‫فقبل أبو يوسف رأس أبي‬ ‫الجرة ‪ ..‬ما دام أتم العمل ‪..‬‬
‫حنيفة ‪ ..‬ولزمه حتى مات أبو‬ ‫ت ‪..‬‬ ‫فقال السائل ‪ :‬أخطأ َ‬
‫حنيفة ‪ ..‬ثم قعد أبو يوسف‬ ‫فعجب أبو يوسف ‪ ..‬وتأمل‬
‫للناس من بعده ‪..‬‬ ‫في المسألة أكثر ‪ ..‬ثم‬
‫فلو استعمل الزوجان الرفق مع‬ ‫قال ‪ :‬ل ‪ ..‬ل يستحق‬
‫بعضهما ‪..‬‬ ‫الجرة ‪..‬‬
‫وكذلك البوان ‪..‬‬ ‫فقال السائل ‪ :‬أخطأت ‪..‬‬
‫والمدراء ‪ ..‬والمدرسون ‪..‬‬ ‫فنظر أبو يوسف إليه ‪ ..‬ثم‬
‫نستعمل الرفق دائما ً ‪ ..‬في‬ ‫سأله ‪ :‬بالله من أرسلك ‪..‬‬
‫سواقة السيارة ‪ ..‬في‬ ‫فأشار إلى أبي حنيفة ‪..‬‬
‫‪169‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫والذي نفسي بيده لو أن موسى‬ ‫التدريس ‪ ..‬في البيع‬
‫)‪(69‬‬
‫حيا ً ما وسعه إل أن يتبعني ‪..‬‬ ‫والشراء ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫وإن كان المرء قد يحتاج‬
‫والله يا معشر قريش لقد جئتكم‬ ‫الشدة أحيانا ً ‪ ..‬حتى في‬
‫بالذبح ‪..‬‬ ‫النصح ‪ ..‬وهذا هو الحكمة‬
‫في أوائل بعثة النبي ‪ .. ‬كان‬ ‫في النصيحة ‪ ..‬وهي وضع‬
‫‪ ‬يأتي عند الكعبة وقريش في‬ ‫المور في مواضعها ‪..‬‬
‫مجالسهم ‪ ..‬ويصلي ‪ ..‬ول‬ ‫وقد كان غضبه ‪ r‬دائما ً – إن‬
‫يلتفت إليهم ‪..‬‬ ‫غضب – في المور الدينية ‪..‬‬
‫وكانوا يؤذونه بأنواع الذى ‪..‬‬ ‫فما غضب رسول الله ‪‬‬
‫وهو صابر ‪..‬‬ ‫لنفسه قط ‪ ..‬إل أن تنتهك‬
‫وفي يوم ‪..‬‬ ‫حرمة من محارم الله ‪..‬‬
‫اجتمع أشرافهم في الحجر ‪..‬‬ ‫قابل عمر بن الخطاب ‪‬‬
‫فذكروا رسول الله ‪ ‬فقالوا ‪:‬‬ ‫يوما ً رجل ً من اليهود ‪..‬‬
‫ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من‬ ‫فأطلعه على كلم في‬
‫ه‬ ‫هذا الرجل قط ‪ ..‬س ّ‬
‫ف َ‬ ‫التوراة ‪ ..‬فأعجبه ‪ ..‬فأمره‬
‫أحلمنا ‪ ..‬وشتم آباءنا ‪ ..‬وعاب‬ ‫فنسخه له ‪..‬‬
‫ديننا ‪ ..‬وفرق جماعتنا ‪ ..‬وسب‬ ‫ثم جاء عمر بهذه الصحيفة‬
‫آلهتنا ‪ ..‬وصرنا منه على أمر‬ ‫من التوراة إلى رسول الله‬
‫عظيم ‪..‬‬ ‫‪.. ‬‬
‫فبينما هم في ذلك ‪ ..‬إذ طلع‬ ‫فقرأها عليه ‪..‬‬
‫رسول الله ‪ .. ‬فأقبل يمشي‬ ‫فلحظ النبي ‪ ‬أن عمر‬
‫حتى استلم الركن ‪..‬‬ ‫معجب بما معه ‪ ..‬وأن‬
‫ثم مر بهم طائفا ً بالبيت ‪..‬‬ ‫التلقي عن الديانات السابقة‬
‫فغمزوه ببعض القول ‪..‬‬ ‫فتح المجال له ‪..‬‬ ‫‪ ..‬إن ُ‬
‫فتغير وجه رسول الله ‪.. ‬‬ ‫اختلط ذلك بالقرآن ‪..‬‬
‫فرفق بهم ‪ ..‬وسكت عنهم ‪..‬‬ ‫والتبس المر على الناس ‪..‬‬
‫ومضى ‪..‬‬ ‫وكيف يفعل عمر ذلك ‪..‬‬
‫فلما مر بهم الثانية ‪ ..‬غمزوه‬ ‫وينسخ ‪ ..‬ويكتب ‪ ..‬دون‬
‫بمثلها ‪..‬‬ ‫استئذان النبي ‪!! ‬‬
‫فتغير وجهه أيضا ً ‪ ..‬فسكت‬ ‫فغضب ‪ .. ‬وقال ‪:‬‬
‫عنهم ‪ ..‬ومضى في طوافه ‪..‬‬ ‫أمتهوكون فيها يا ابن‬
‫فمر بهم الثالثة ‪ ..‬فغمزوه‬ ‫كون في‬ ‫الخطاب ؟! أي شا ّ‬
‫بمثلها ‪..‬‬ ‫شريعتي ‪..‬‬
‫فرأى أن الرفق ل يصلح مع‬ ‫والذي نفسي بيده لقد‬
‫أمثال هؤلء ‪ ..‬فوقف عليهم‬ ‫جئتكم بها بيضاء نقية ‪ ..‬ل‬
‫وقال ‪:‬‬ ‫تسألوهم عن شيء ‪..‬‬
‫أتسمعون يا معشر قريش !! أما‬ ‫فيخبروكم بحق فتكذبوا به ‪..‬‬
‫) ( رواه أحمد وأبو يعلى والبزار‬ ‫‪69‬‬ ‫أو بباطل فتصدقوا به ‪..‬‬
‫‪170‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫سفيان ‪..‬‬ ‫والذي نفسي بيده لقد‬
‫فقالت ‪ :‬يا ابنة محمد ‪ ..‬ألم‬ ‫جئتكم بالذبح ‪ ..‬ووقف‬
‫يبلغني أنك تريدين اللحوق بأبيك‬ ‫أمامهم ‪..‬‬
‫؟‬ ‫فلما سمع القوم هذا التهديد‬
‫قالت ‪ :‬ما أردت ذلك ‪..‬‬ ‫‪ ..‬الذبح ‪ ..‬وهو الصادق‬
‫فقالت ‪ :‬أي ابنة عم ‪ ..‬أن أردت‬ ‫المين ‪..‬‬
‫أن تفعلي ‪..‬‬ ‫انتفضوا ‪ ..‬حتى ما منهم من‬
‫فإن كان لك حاجة بمتاع مما‬ ‫رجل إل وكأنما على رأسه‬
‫يرفق بك في سفرك ‪ ..‬أو بمال‬ ‫طائر وقع ‪ ..‬حتى أن أشدهم‬
‫تتبلغين به إلى أبيك ‪..‬‬ ‫عليه ليتلطف معه ‪ ..‬وصاروا‬
‫فإن عندي حاجتك فل تضطني‬ ‫يقولون ‪ :‬انصرف أبا القاسم‬
‫مني ‪ ..‬أي ل تخجلي ‪..‬‬ ‫راشدا ‪ ..‬فما كنت جهول ً ‪..‬‬
‫فإنه ل يدخل بين النساء ما بين‬ ‫فانصرف رسول الله ‪‬‬
‫الرجال ‪..‬‬ ‫عنهم ‪..‬‬
‫قالت زينب ‪ :‬والله ما أراها‬ ‫نعم ‪..‬‬
‫قالت ذلك إل لتفعل ‪ ..‬ولكني‬ ‫إذا قيل ‪ :‬حلم ‪ ،‬قل ‪:‬‬
‫خفتها فأنكرت أن أكون أريد‬ ‫فللحلم موضع **‬
‫ذلك ‪..‬‬ ‫وحلم‬
‫دم إليها‬‫فلما أتمت جهازها ‪ ..‬ق ّ‬ ‫الفتى في غير موضعه جهل‬
‫أخو زوجها كنانة بن الربيع بعيرا ً‬ ‫وإن كان المتتبع لسيرة‬
‫‪..‬‬ ‫النبي ‪ r‬يجد أنه كان يغلب‬
‫فركبته و أخذ قوسه و كنانته ‪..‬‬ ‫الرفق دائما ً ‪..‬‬
‫ثم خرج بها نهارا ً يقود بها و‬ ‫انتبه !! ليس الضعف والجبن‬
‫هي في هودج لها ‪..‬‬ ‫‪ ..‬وإنما الرفق ‪..‬‬
‫فرآها الناس ‪ ..‬و تحدث بذلك‬ ‫ومن مواقف الرفق ‪:‬‬
‫رجال من قريش ‪ ..‬كيف تخرج‬ ‫أنه بعد وقعة بدر بشهر ‪..‬‬
‫إليه ابنته وقد فعل بنا ما فعل‬ ‫أراد أبو العاص زوج زينب‬
‫في بدر ‪..‬‬ ‫بنت النبي ‪ ‬أن يرسلها إلى‬
‫فخرجوا في طلبها حتى‬ ‫المدينة عند أبيها ‪..‬‬
‫أدركوها بذي طوى ‪..‬‬ ‫فبعث رسول الله ‪ r‬زيد بن‬
‫وكان أول من سبق إليها هبار‬ ‫حارثة ‪ ..‬ورجل ً من النصار ‪..‬‬
‫بن السود ‪ ..‬فروعها بالرمح و‬ ‫فقال ‪:‬كونا ببطن يأجح حتى‬
‫هي في الهودج ‪..‬‬ ‫تمر بكما زينب فتصحباها‬
‫فقيل ‪ :‬إنها كانت حامل ً ففزعت‬ ‫فتأتياني بها ‪..‬‬
‫‪ ..‬وطرحت ولدها ‪..‬‬ ‫فخرجا مكانهما ‪..‬‬
‫وأقبل الكفار يتسابقون إليها ‪..‬‬ ‫فأمرها أبو العاص بالتجهز ‪..‬‬
‫وعهم السلح ‪..‬‬ ‫فبدأت في جمع متاعها ‪..‬‬
‫وهي ليس معها إل أخو زوجها‬ ‫فبينا هي تتجهز ‪ ..‬لقيتها‬
‫كنانة ‪..‬‬ ‫هند بنت عتبة ‪ ..‬زوجة أبي‬
‫‪171‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ثأر عليها ‪..‬‬ ‫فلما رأى ذلك ‪..‬‬
‫ولكن ارجع بالمرأة ‪ ..‬حتى إذا‬ ‫وبرك على الرض ‪ ..‬ثم نثر‬
‫هدأت الصوات ‪ ..‬وتحدث الناس‬ ‫كنانته وصف رماحه بين يديه‬
‫أن قد رددناها ‪..‬‬ ‫‪ ..‬ثم قال ‪:‬‬
‫سّلها سرا ً ‪ ..‬وألحقها بأبيها ‪..‬‬ ‫ف ُ‬ ‫و الله ل يدنو مني رجل إل‬
‫فلما سمع كنانة ذلك ‪ ..‬اقتنع‬ ‫وضعت فيه سهما ‪ ..‬وكان‬
‫به ‪ ..‬وعاد بها ‪..‬‬ ‫راميا ً ‪ ..‬فتكركر الناس عنه‬
‫فأقامت ليالي في مكة ‪..‬‬ ‫وتراجعوا ‪..‬‬
‫حتى إذا هدأت الصوات ‪ ..‬خرج‬ ‫وأخذوا ينظرون إليه من‬
‫بها ليلة من الليالي ‪ ..‬فمشى‬ ‫بعيد ‪ ..‬ل هو يقدر على‬
‫بها ‪..‬‬ ‫الذهاب ‪ ..‬ول هم يجترئون‬
‫حتى أسلمها إلى زيد بن حارثة‬ ‫على القتراب منه ‪..‬‬
‫وصاحبه ‪..‬‬ ‫حتى بلغ أبا سفيان أن زينب‬
‫فقدما بها ليل ً على رسول الله‬ ‫خرجت إلى أبيها ‪..‬‬
‫‪.. r‬‬ ‫فأقبل في جلة جمع من‬
‫قريش ‪ ..‬فلما رأى كنانة قد‬
‫وحي ‪..‬‬ ‫تجهز بنبله ‪ ..‬ورأى القوم قد‬
‫ما كان الرفق في شيء إل‬ ‫استوفزوا لقتاله ‪..‬‬
‫زانه ‪ ..‬وما نزع من شيء إل‬ ‫صاح به وقال ‪:‬‬
‫شانه ‪..‬‬ ‫يا أيها الرجل ‪ ..‬كف عنا‬
‫نبلك حتى نكلمك ‪..‬‬
‫بين الحي ‪ ..‬والميت ‪..‬‬ ‫‪.54‬‬ ‫فكف نبله ‪ ..‬فأقبل أبو‬
‫كان ثقيل ً على الناس ‪ ..‬على‬ ‫سفيان حتى وقف عليه ‪..‬‬
‫زملئه ‪ ..‬جيرانه ‪ ..‬إخوانه ‪..‬‬ ‫فقال ‪:‬‬
‫حتى على أولده ‪..‬‬ ‫إنك لم تصب ‪ ..‬خرجت‬
‫نعم ‪ ..‬كان ثقيل الدم ‪..‬‬ ‫بالمرأة على رؤوس الناس‬
‫طالما سمعهم مرارا ً يقولون ‪:‬‬ ‫علنية ‪..‬‬
‫يا أخي ما عندك مشاعر !!‬ ‫وقد عرفت مصيبتنا ونكبتنا‬
‫لم يكن يتفاعل معهم أبدا ً ‪..‬‬ ‫في بدر ‪ ..‬و ما دخل علينا‬
‫أتاه ولده يوما ً فرحا ً مستبشرا ً ‪..‬‬ ‫من محمد ‪ ..‬قتل أشرافنا ‪..‬‬
‫وح بدفتر الواجب وقد وقع‬ ‫يل ّ‬ ‫ورمل نساءنا ‪..‬‬
‫المدرس فيه كلمة " ممتاز " ‪..‬‬ ‫فإذا رآك الناس ‪.‬ز وتسامعت‬
‫لم يلتفت الب إليه ‪ ..‬وإنما قال‬ ‫القبائل ‪ ..‬أنك خرجت بابنته‬
‫‪ :‬طيب ‪ ..‬عادي ‪ ..‬والله لو أنك‬ ‫علنية ‪ ..‬على رؤوس الناس‬
‫جايب شهادة الدكتوراه !!‬ ‫من بين أظهرنا ‪..‬‬
‫كان المنتظر غير ذلك ‪..‬‬ ‫أن ذلك عن ذل أصابنا ‪..‬‬
‫طالب عنده في الفصل ‪ ..‬كان‬ ‫وأن ذلك ضعف منا ووهن ‪..‬‬
‫خفيف الدم ‪ ..‬لحظ ثقل الدرس‬ ‫ولعمري مالنا بحبسها من‬
‫و‬‫) والمدرس !!( فلطف الج ّ‬ ‫أبيها من حاجة ‪ ..‬ومالنا من‬
‫‪172‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫لصاحبك أن تشاركه ولو بعض‬ ‫بنكتة أطلقها ‪ ..‬فلم تتحرك‬
‫شعوره ‪..‬‬ ‫تعابير وجه المدرس وإنما‬
‫أحيانا ً يكون بعض الناس‬ ‫قال ‪ :‬تستخف دمك ؟!‬
‫متحمسا ً لشيء معين ‪..‬‬ ‫كنت أتمنى أن يكون تصرفه‬
‫لذلك تجد الذين ل يتفاعلون مع‬ ‫غير ذلك ‪..‬‬
‫الناس يشتكي أحدهم دائما ً ‪..‬‬ ‫دخل إلى البقالة ‪ ..‬فقال له‬
‫لماذا أولدي ل يحبون‬ ‫العامل البسيط ‪ :‬الحمد‬
‫) السوالف ( معي ‪ ..‬فنقول ‪:‬‬ ‫لله ‪ ..‬جاءتني رسالة من‬
‫لنهم يحكون لك النكتة فل‬ ‫أهلي ‪ ..‬لم يتفاعل ‪..‬‬
‫تتفاعل ‪ ..‬ويروون قصصهم في‬ ‫هل سأل نفسه لماذا أخبره‬
‫مدارسهم ‪ ..‬وكأنهم يكلمون‬ ‫أصل ً ‪ ..‬ليشاركه فرحته ‪..‬‬
‫جدارا ً ‪..‬‬ ‫زار أحد زملئه ‪ ..‬فوضع له‬
‫حتى ذكر لك شخص قصة ‪ ..‬أنت‬ ‫القهوة والشاي ‪ ..‬ثم دخل‬
‫تعرفها ‪ ..‬فل مانع من التفاعل‬ ‫البيت وجاء بطفله الول‬
‫معه ‪..‬‬ ‫حديث لولده ‪ ..‬قد لفه في‬
‫قال عبد الله ابن المبارك ‪:‬‬ ‫مهاده ‪ ..‬ولو استطاع أن‬
‫والله إن الرجل ليحدثني‬ ‫يلفه بجفون عينيه لفعل ‪..‬‬
‫بالحديث وأنا أعرفه من قبل أن‬ ‫ثم وقف به بين يديه وقال ‪:‬‬
‫تلده أمه فأسمعه منه ‪ ..‬وكأني‬ ‫ما رأيك في هذا البطل ؟‬
‫أول مرة أسمعه ‪..‬‬ ‫فنظر إليه ببرود ‪ ..‬وقال ‪..‬‬
‫ما أجمل هذه المهارة ‪..‬‬ ‫ما شاء الله ‪ ..‬الله يخلي لك‬
‫قبيل معركة الخندق ‪..‬‬ ‫إياه ‪ ..‬ثم رفع فنجال الشاي‬
‫عمل المسلمون في حفر‬ ‫ليشرب ‪..‬‬
‫الخندق حتى أحكموه ‪..‬‬ ‫كان المنتظر أن يتفاعل‬
‫وكان من بينهم رجل اسمه‬ ‫أكثر ‪ ..‬يأخذ الغلم بين‬
‫جعيل ‪ ..‬فغيره النبي ‪ ‬إلى‬ ‫يديه ‪ ..‬يقبله ‪ ..‬يمدح‬
‫عمرو ‪..‬‬ ‫جماله ‪ ..‬وصحته ‪..‬‬
‫فكان الصحابة يشتغلون ‪..‬‬ ‫لكن صاحبنا كان ) غبيا ً ( ‪..‬‬
‫ويعملون ‪..‬‬ ‫عندما تتعامل مع الناس ‪..‬‬
‫ويرددون قائلين ‪:‬‬ ‫قس المور بأهميتها‬
‫سماه من بعد جعيل عمرا ً ***‬ ‫عندهم ‪ ..‬ل عندك أنت ‪..‬‬
‫وكان للبائس‬ ‫فكلمة "ممتاز" بالنسبة‬
‫يوما ً ظهرا ً‬ ‫لولدك أغلى عنده من‬
‫فكانوا إذا قالوا ‪ :‬عمروا ً ‪ ..‬قال‬ ‫شهادة الدكتوراه عند‬
‫معهم رسول الله ‪ : r‬عمروا ً ‪..‬‬ ‫الدكتور ‪..‬‬
‫وإذا قالوا ‪ :‬ظهرا ً ‪ ..‬قال لهم ‪:‬‬ ‫وهذا المولود عند صاحبك‬
‫ظهرا ً ‪..‬‬ ‫أغلى عنده من الدنيا ‪ ..‬كلما‬
‫فيتحمسون أكثر ‪ ..‬ويشعرون‬ ‫رآه ودّ أن يشق قلبه ويسكنه‬
‫أنه معهم ‪..‬‬ ‫فيه ‪ ..‬أفل يستحق منك حبك‬
‫‪173‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫عنقها ‪..‬‬ ‫والله لول الله ما اهتدينا ‪..‬‬
‫م‬
‫و ٌ‬
‫ق ْ‬‫ذا َ‬‫ة إِ َ‬
‫دين َ َ‬
‫م ِ‬ ‫ْ‬
‫مَنا ال َ‬ ‫د ْ‬‫ق ِ‬‫ما َ‬ ‫فل َ ّ‬‫َ‬ ‫ولما أقبل الليل عليهم اشتد‬
‫م ‪ ..‬فطفق‬ ‫ه ْ‬‫ؤ ُ‬ ‫سا ُ‬‫م نِ َ‬ ‫ه ْ‬‫غل ِب ُ ُ‬
‫تَ ْ‬ ‫البرد ‪..‬‬
‫نساؤنا يتعلمن من نسائهم ‪..‬‬ ‫واستمروا يحفرون ‪..‬‬
‫ي ‪ .. r‬ثم زاد عمر‬ ‫م الن ّب ِ ّ‬ ‫س َ‬ ‫فت َب َ ّ‬ ‫َ‬ ‫فخرج عليهم رسول الله‬
‫الكلم ‪ ..‬فازداد تبسم النبي ‪.. r‬‬ ‫‪.. ‬‬
‫وتقرأ في أحاديث أنه تبسم‬ ‫فرآهم يحفرون بأيديهم‬
‫حتى بدت نواجذه ‪..‬‬ ‫راضين مستبشرين ‪..‬‬
‫وكان ‪ ‬يتعامل مع أنواع من‬ ‫فلما رأوا رسول الله ‪‬‬
‫الناس ل يقدرون التعامل‬ ‫قالوا ‪:‬‬
‫الراقي ‪ ..‬ول يتفاعلون معه ‪..‬‬ ‫ً‬
‫نحن الذين بايعوا محمدا ***‬
‫بل ينغلقون ويتعجلون ‪..‬‬ ‫على الجهاد ما بقينا أبدا‬
‫ومع ذلك كان يصبر عليهم ‪..‬‬ ‫فقال مجيبا ً لهم ‪:‬‬
‫كان ‪ .. r‬يوما ً نازل ً بموضع يقال‬ ‫اللهم إن العيش عيش‬
‫له "الجعرانة " بين مكة والمدينة‬ ‫الخرة ‪ ،‬فاغفر للنصار‬
‫‪..‬‬ ‫والمهاجرة ‪..‬‬
‫ومعه بلل ‪ ..‬فجاءه ‪ r‬أعرابي‬ ‫ويستمر تفاعله معهم ‪..‬‬
‫يبدو أنه كان قد طلب من النبي‬ ‫طوال اليام ‪..‬‬
‫‪ ‬حاجة فوعده بها ولم تتيسر‬ ‫فسمعهم وقد علهم‬
‫بعد ‪ ..‬وكان العرابي‬ ‫الغبار ‪ ..‬وهم يرددون ‪:‬‬
‫مستعجل ً ‪ ..‬فقال ‪:‬‬ ‫والله لول الله ما اهتدينا‬
‫يا محمد ‪ ..‬أل تنجز لي ما‬ ‫ول تصدقنا ول صلينا‬
‫وعدتني ؟‬ ‫فأنزلن سكينة علينا‬
‫فقال له ‪ ‬متلطفا ً ‪ :‬أبشر ‪..‬‬ ‫وثبت القدام إن لقينا‬
‫وهل هناك كلمة أرق منها ‪!!..‬‬ ‫إن اللى قد بغوا علينا‬
‫فقال العرابي بكل صلفة ‪ :‬قد‬ ‫إذا أرادوا فتنة أبينا‬
‫فكان يرفع صوته متفاعل ً‬
‫أكثرت علي من أبشر !‬
‫فغضب النبي ‪ ‬من عبارته ‪..‬‬ ‫معهم قائل ً ‪ :‬أبينا ‪ ..‬أبينا ‪.‬‬
‫لكنه كتم غيظه ‪ ..‬والتفت إلى‬ ‫وكان ‪ ‬إذا مازحه أحد‬
‫أبي موسى وبلل وكانا جالسين‬ ‫تفاعل معه ‪ ..‬وضحك وتبسم‬
‫بجانبه ‪ ..‬فقال ‪:‬‬ ‫‪..‬‬
‫رد البشرى فاقبل أنتما ‪..‬‬ ‫دخل عليه عمر وهو ‪r‬‬
‫فاستبشرا ‪..‬‬ ‫غضبان على نسائه ‪ ..‬لما‬
‫ثم دعا ‪ ‬بقدح فيه ماء فغسل‬ ‫أكثرن عليه مطالبته بالنفقة‬
‫ج فيه ‪..‬‬ ‫يديه ووجهه فيه وم ّ‬ ‫ل الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫سو َ‬ ‫‪ ..‬فقال عمر ‪َ :‬يا َر ُ‬
‫َ‬
‫ثم قال ‪ :‬اشربا منه وأفرغا على‬ ‫شَر‬ ‫ع َ‬‫م ْ‬‫وك ُّنا َ‬‫و َرأي َْتنا َ‬ ‫‪ ..‬ل َ ْ‬
‫وجوهكما ونحوركما وأبشرا ‪..‬‬ ‫ساءَ ‪..‬‬ ‫ب الن ّ َ‬ ‫غل ِ ُ‬
‫ش ‪ ..‬ن َ ْ‬ ‫قَري ْ ٍ‬ ‫ُ‬
‫أي ببركة هذا الماء ‪..‬‬ ‫دنا امرأُته‬ ‫فكنا إذا سألت أح َ‬
‫فأخذا القدح ففعل ‪..‬‬ ‫ة قام إليها فوجأ‬ ‫نفق ً‬
‫‪174‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫مــع أنــه ليــس عنــده مــا يتكــبر‬ ‫وكانت أم سلمة ‪ ‬قريبة‬
‫بسببه فهو بخيل فقير ( ‪..‬‬ ‫منهم ‪ ..‬جالسة وراء ستار ‪..‬‬
‫قالت الثانية ‪:‬‬ ‫فأرادت أن ل تفوتها‬
‫زوجي ل أبث خبره ‪..‬‬ ‫البركة ‪ ..‬فنادت من وراء‬
‫إني أخاف أن ل أذره ‪..‬‬ ‫الستر ‪ :‬أفضل لمكما ‪ ..‬أي‬
‫إن أذكره أذكر عجره وبجره ‪..‬‬ ‫أبقيا لها منه ‪..‬‬
‫) أي ‪ :‬زوجهـــا كـــثير العيـــوب ‪..‬‬ ‫)‪(70‬‬
‫فأفضل لها منه طائفة ‪..‬‬
‫وتخشــى إذا ذكــرت مــا فيــه أن‬ ‫‪..‬‬
‫يبلغــه ذلــك فيطلقهــا ‪ ..‬وهــي‬ ‫إذن كان لطيف المعشر ‪..‬‬
‫متعلقة به بسبب أولدها ‪..‬‬ ‫أنيس المجلس ‪ ..‬متحمل ً ‪..‬‬
‫جــر‬‫ع َ‬‫لكنهــا لــم تمــدحه فــإن لــه ُ‬ ‫ل يعمل قضية وخلفا ً من‬
‫جـــر !! والعجـــر ‪ :‬أن تنعقـــد‬ ‫وب ُ َ‬ ‫كل شيء ‪..‬‬
‫العروق في الجســد حــتى تصــير‬ ‫جلس ‪ ‬يوما ً مع عائشة ‪..‬‬
‫منتفخة ‪ ..‬فتؤلم ‪..‬‬ ‫فأخذت تحدثه بأحاديث‬
‫جـــر انتفـــاخ عـــروق فـــي‬ ‫والب ُ َ‬ ‫نساء ‪ ..‬وهو يتفاعل معها ‪..‬‬
‫البطن ‪(!! ..‬‬ ‫وهي تفصل الكلم وتطيل ‪..‬‬
‫قالت الثالثة ‪:‬‬ ‫وهو على كثرة مشاغله‬
‫شّنق ‪..‬‬ ‫ع َ‬ ‫زوجي ال َ‬ ‫يستمع ويتفاعل ويعلق ‪..‬‬
‫إن أنطق أطلق ‪..‬‬ ‫حتى قضت حديثها ‪..‬‬
‫وإن أسكت ُأعّلق ‪..‬‬ ‫فحــدثته أنــه جلســت إحــدى‬
‫مذَّلق ‪..‬‬ ‫سنان الـ ُ‬ ‫وهو على حد ال ّ‬ ‫عشــرة امـــرأة – فــي أيـــام‬
‫) أي ‪ :‬زوجهـــا طويـــل قبيـــح ‪..‬‬ ‫الجاهلية ‪ -‬فتعاهدن وتعاقدن‬
‫سيء الخلق ‪ ..‬ول يتسامح معهــا‬ ‫أن ل يكتمــــن مــــن أخبــــار‬
‫بل على مثل حد السيف !! فهي‬ ‫أزواجهن شيئا ً ‪..‬‬
‫مهددة بــالطلق كــل لحظــة ‪ ..‬ل‬ ‫فجعلــن يتــذاكرن أزواجهــن‬
‫يحتمل كلمهــا ‪ ..‬ومــتى اشــتكت‬ ‫بما فيهم ول يكذبن !!‬
‫إليه شــيئا ً طلقهــا ‪ ..‬ول يعاملهــا‬ ‫قالت الولى ‪:‬‬
‫معاملـــة الزواج ‪ ..‬فهـــي عنـــده‬ ‫زوجي لحم جمــل غــث علــى‬
‫كالمعلقة ( ‪..‬‬ ‫رأس جبل ‪..‬‬
‫قالت الرابعة ‪:‬‬ ‫ل سهل فيرتقــى ول ســمين‬
‫ل ِتهامة ‪..‬‬ ‫زوجي كـ َلـْيـ ِ‬ ‫فينتقل ‪..‬‬
‫قٌر ‪..‬‬‫حٌر ول َ‬ ‫ل َ‬ ‫) تشبه زوجها بالجبل الــوعر‬
‫ول مخافة ول سآمة ‪..‬‬ ‫الذي وضعوا فوقه لحم جمل‬
‫) ليل تهامة ل رياح فيه فيطيــب‬ ‫كبير غيــر جيــد ‪ ..‬فل يحــرص‬
‫لهله ‪ ..‬فوصفت زوجهــا بجميــل‬ ‫أحــد للوصــول إليــه لصــعوبة‬
‫العشـــرة ‪ ..‬واعتـــدال الخلق ‪..‬‬ ‫الوصــــول إليــــه ‪ ..‬وهــــو ل‬
‫فل أذى عنده ( ‪..‬‬ ‫يستحق التعــب لجلــه ‪ ..‬أي ‪:‬‬
‫قالت الخامسة ‪:‬‬ ‫لسوء خلقة ‪ ..‬وأنــه يتكــبر ‪..‬‬
‫هد ‪..‬‬‫فـ ِ‬‫زوجي إن دخل َ‬
‫) (‬ ‫‪70‬‬

‫‪175‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫َ‬
‫ك ‪ ) ..‬يضــرب كــل‬ ‫أو جمــع كل ّ ل ـ ِ‬ ‫سد ‪..‬‬ ‫وإن خرج أ ِ‬
‫المواضع الرأس والجسد ! ( ‪..‬‬ ‫هد ‪..‬‬ ‫عـ ِ‬‫ول يسأل عما َ‬
‫قالت الثامنة ‪:‬‬ ‫) أي ‪ :‬إذا دخـــل بيتـــه صـــار‬
‫زوجــي ‪ ..‬المــس مــس أرنــب ‪..‬‬ ‫كالفهــــد وهــــو الحيــــوان‬
‫) أي ناعم رقيق ( ‪..‬‬ ‫المعـــــروف وهـــــو كريـــــم‬
‫والريح ريح زرنب ‪ ) ..‬وهو نبــات‬ ‫نشــيط ‪ ..‬وغــذا خــرج مـــن‬
‫طيب الرائحة ( ‪..‬‬ ‫الــبيت وخــالط النــاس فهــو‬
‫وأنا اغلبه والنــاس يغلــب ‪ ) ..‬أي‬ ‫أسد لشــجاعته ‪ ..‬وهــو أيض ـا ً‬
‫ســهل معهــا ينصــاع لمــا تريــد ‪..‬‬ ‫ح ل يــدقق فــي الســؤال‬ ‫سم ٌ‬
‫لكنــــه بطــــل يغلــــب النــــاس‬ ‫عـــن مـــا يأخـــذه أهلـــه أو‬
‫وشخصيته أمامهم قوية ( ‪..‬‬ ‫يصرفونه ‪(..‬‬
‫قالت التاسعة ‪:‬‬ ‫قالت السادسة ‪:‬‬
‫زوجــي رفيــع النجــاد ‪ ) ..‬بيتــه‬ ‫ف ‪..‬‬ ‫زوجي إن أكل ل ّ‬
‫واسع مفتوح للضيوف ( ‪..‬‬ ‫ف ‪..‬‬ ‫وإن شرب اشت ّ‬
‫عظيــم الرمــاد ‪ ) ..‬كــثير إشــعال‬ ‫ف ‪..‬‬ ‫وإن اضطجع الت ّ‬
‫النار اســتقبال ً للضــيوف وطبخ ـا ً‬ ‫ف ‪ ..‬ليعلـــم‬ ‫ول ُيوِلـــج الكـــ ّ‬
‫لهم ( ‪..‬‬ ‫ث ‪..‬‬ ‫الب ّ‬
‫قريــــب الــــبيت مــــن النــــاد ‪..‬‬ ‫)أي ‪ :‬إن زوجهـا يكـثر الكـل‬
‫) المجلس الذي يجلــس فيــه مــع‬ ‫حتى يلفه لفا ً فل يبقي لهــم‬
‫أصحابه وهــو النــادي قريــب مــن‬ ‫فه‬ ‫شـــيئا ً ‪ ..‬والشـــراف يشـــ ّ‬
‫بيته لحرصه على أهله ( ‪..‬‬ ‫شفا ً ‪ ..‬يشربه كله ‪ ..‬وإذا نام‬
‫ل يشبع ليله يضــاف ‪ ) ..‬ل يأكــل‬ ‫ف باللحـــاف ولـــم يـــدع‬ ‫التـــ ّ‬
‫كثيرا ً عند الناس ( ‪..‬‬ ‫ً‬
‫لزوجتــه شــيئا ‪ ..‬وإذا حزنــت‬
‫خــاف ‪ ) ..‬إذا كــان‬ ‫ول ينام ليلة ي ُ َ‬ ‫لـــم يقـــرب كفـــه إليهـــا أو‬
‫هنـاك خطـر بالليـل مـن عـدو أو‬ ‫يلطفهــــا ليعلــــم ســــبب‬
‫غيره ‪ ..‬يظـل مســتيقظا ً يحــرس‬ ‫حزنها ‪.. ( ..‬‬
‫ويراقب ( ‪..‬‬ ‫قالت السابعة ‪:‬‬
‫قالت العاشرة ‪:‬‬ ‫زوجي غيايــاء أو عيايــاء ) أي‬
‫زوجي مالك ‪..‬‬ ‫غبي !! (‬
‫وما مالك ؟! ‪..‬‬ ‫طباقاء ) أحمق !(‬
‫مالك خير من ذلك ‪..‬‬ ‫كل داء له داء ) جميع العيوب‬
‫له إبل كثيرات المبارك ‪..‬‬ ‫فيه !(‬
‫قليلت المسارح ‪..‬‬ ‫إن حدثته ســبك ‪ ) ..‬ل يقبــل‬
‫ن‬ ‫وإذا ســـمعن المزهـــر ‪ ..‬أيقـــ ّ‬ ‫حديثا ً ول مؤانسة ‪ .‬بل يسـب‬
‫أنهن هوالك ‪..‬‬ ‫ويلعن دوما ً ( ‪..‬‬
‫) زوجهــا اســمه مالــك ‪ ..‬مهمــا‬ ‫جك ) ضــرب‬ ‫وإن مازحته ‪ :‬ش ً‬
‫وصـــفته لـــن تحيـــط بأوصـــافه‬ ‫رأسك فجرحه !( ‪..‬‬
‫الجميلة ‪ ..‬إبله دائمـا ً قريبـة منـه‬ ‫أو فًلك ) ضرب الجلد فجرحه‬
‫وقـــل مـــا تســـرح أي تـــذهب‬ ‫( ‪..‬‬
‫‪176‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫( ‪..‬‬ ‫للرعي ‪..‬لتكون جاهة للحلــب‬
‫ابن أبي زرع ؟! فما بن أبي زرع‬ ‫منها ونحرها للضيوف ‪ ..‬وإذا‬
‫!!‬ ‫سمعت افبــل صــوت المزهــر‬
‫مضجعه كمسل شــطبة ‪ ) ..‬ينــام‬ ‫هز ‪ ..‬علمت‬ ‫حدّ وتج ّ‬‫السكين ت ُ َ‬
‫نوما ً رفيقا ً بأدب ( ‪..‬‬ ‫أنــه ســيهلك بعضــهن ذبحــا ً‬
‫ويشبعه ذراع الجفرة ‪ ) ..‬ل يأكل‬ ‫للضيوف ( ‪..‬‬
‫كثيرا ً ( ‪..‬‬ ‫قالت الحادية عشرة ‪:‬‬
‫بنت أبــي زرع ؟! فمــا بنــت أبــي‬ ‫زوجــي أبــو زرع ؟! ) اســمه‬
‫زرع !!‬ ‫أبو زرع ( ‪..‬‬
‫طوع أبيها وطوع أمها ‪..‬‬ ‫فما أبو زرع ‪..‬‬
‫وملء كسائها ‪ ) ..‬متسترة ( ‪..‬‬ ‫أنـــاس مـــن حلـــي أذنـــي ‪..‬‬
‫وغيظ جارتهــا ‪ ) ..‬تغــار جاراتهــا‬ ‫) ألبسها الحلي والذهب ( ‪..‬‬
‫من جمالها ولذة عيشها ( ‪..‬‬ ‫ومل مـــن شـــحم عضـــدي ‪..‬‬
‫جاريــة أبــي زرع ؟! فمــا جاريــة‬ ‫) سمنت عنده ( ‪..‬‬
‫أبي زرع !! ) الخادمة !! (‬ ‫وبجحني فبجحت إلى نفسي‬
‫ل تبث حديثنا تبثيثـا ً ‪ ) ..‬ل تنشــر‬ ‫‪ ) ..‬مـــدحني حـــتى أعجبـــت‬
‫أسرار البيت ( ‪..‬‬ ‫بنفسي ( ‪..‬‬
‫ول تنفــث ميرتنــا تنفيثــا ً ‪ ) ..‬ل‬ ‫ق‬
‫ش ّ‬ ‫وجدني في أهل غنيمة ب ِ‬
‫تبدد طعام البيت وتعبث به ( ‪..‬‬ ‫‪ ) ..‬كـــان اهلهـــا فقـــراء ل‬
‫ول تمل بيتنــــا تعشيشــــا ً ‪ ) ..‬ل‬ ‫يملكون إل غنيمات ( ‪..‬‬
‫تهمل البيت فيمتل بالوساخ ( ‪..‬‬ ‫فجعلنــي فــي أهــل صــهيل‬
‫ثم قالت ‪:‬‬ ‫وأطيط ) نقلها إلى بيت فيه‬
‫خـــــرج أبـــــو زرع والوطـــــاب‬ ‫خيل وإبل ( ‪..‬‬
‫تمخض ‪ ) ..‬خــرج مــن بيتــه يومـا ً‬ ‫ودائس ومنـــــــق ) أي دواب‬
‫في وقت ربيع ( ‪..‬‬ ‫كثيرة ( ‪..‬‬
‫فلقــى امــرأة معهــا ولــدان لهــا‬ ‫فعنـــده أقـــول فل أقبـــح ‪..‬‬
‫كالفهدين ‪ ) ..‬رأى امرأة جالســة‬ ‫) تتكلم بما شـاءت ول ينتقــد‬
‫حولهـــــا طفلن جميلن قويـــــا‬ ‫كلمها ( ‪..‬‬
‫البنية ( ‪..‬‬ ‫وأرقـــد فأتصـــبح ‪ ) ..‬تشـــبع‬
‫يلعبــــان مــــن تحــــت خصــــرها‬ ‫نومــا ً إلــى الصــباح ‪ ..‬لكــثرة‬
‫برمانتين ‪ ) ..‬يلعبان بثدييها ( ‪..‬‬ ‫الخدم ( ‪..‬‬
‫فطلقني ونكحهــا ‪ ) ..‬أعجبتــه ‪..‬‬ ‫وأشــرب فأتقنــح ‪ ) ..‬جميــع‬
‫فطلق أم زرع وتزوجها !! ( ‪..‬‬ ‫الشـــربة عنـــدها ‪ ..‬تـــروى‬
‫فنكحــــت بعــــده رجل ســــريا ً ‪..‬‬ ‫منها ( ‪..‬‬
‫) تزوجت ام زرع رجل ً كريما ً ( ‪..‬‬ ‫أم أبــي زرع ؟! فمــا أم أبــي‬
‫ركــــب شــــريا ً ‪ ) ..‬ركــــب خيل ً‬ ‫زرع !!‬
‫سابقا ً ( ‪..‬‬ ‫عكومهــــا رداح ‪ ) ..‬ســــمينة‬
‫وأخذ خطيا ً ‪..‬‬ ‫جميلة ( ‪..‬‬
‫وأراح علي نعما ً ثريا ً ‪ ) ..‬أكرمهــا‬ ‫وبيتها فساح ‪ ) ..‬بيتها واسع‬
‫‪177‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫متى مرض ؟!!‬ ‫وأهداها لنه ثري ( ‪..‬‬
‫أو ‪ :‬أخي خرج من السجن ‪ ..‬ل‬ ‫وأعطــاني مــن كــل رائحــة‬
‫تقل ‪ :‬والله ما دريت أصل ً أنه‬ ‫زوجـــا ً ‪ ) ..‬أكـــثر لهـــا مـــن‬
‫دخل السجن ‪..‬‬ ‫الطياب ويعطيها اثنيــن مــن‬
‫وأخيرا ً ‪ ..‬يا جماعة ‪..‬‬ ‫كل شــيء لتســتعمل وتهــدي‬
‫التشجيع والتفاعل ينفع حتى‬ ‫إن شاءت ( ‪..‬‬
‫مع الحيوانات ‪..‬‬ ‫وقال ‪ :‬كلي أم زرع ‪..‬‬
‫قال أبو بكر الرقي ‪:‬‬ ‫وميـــري أهلـــك ‪ ) ..‬أهـــدي‬
‫كنت بالبادية ‪..‬‬ ‫لهلك وأعطيهم ( ‪..‬‬
‫فـــوافيت قبيلـــة مـــن قبـــائل‬ ‫ثم قالت ‪:‬‬
‫العرب ‪ ..‬فأضــافني رجــل منهــم‬ ‫فلـــو جمعـــت كـــل شـــيء‬
‫وأدخلني خباءه ‪..‬‬ ‫أعطانيه ‪..‬‬
‫فرأيــت فــي الخبــاء عبــدا أســود‬ ‫ما بلغ أصغر آنية أبــي زرع ‪..‬‬
‫جمــال قــد‬ ‫مقيدا ً بقيــد ‪ ..‬ورأيــت ِ‬ ‫) ل يزال قلبهــا معلقـا ً بــأبي‬
‫ماتت بين يدي البيت ‪..‬‬ ‫زرع ‪ !!..‬ما الحب إل للحــبيب‬
‫وقد بقى منها جمل وهــو ناحــل‬ ‫الول (‬
‫ذابل كأنه ينزع روحه ‪..‬‬ ‫كان ‪ ‬يستمع بكــل غنصــات‬
‫فقال لي الغلم ‪ :‬أنــت ضــيف ‪..‬‬ ‫إلــى عائشــة وهــي تحــدثه ‪..‬‬
‫ي إلــى‬ ‫ولــك حــق ‪ ..‬فتشــفع فــ ّ‬ ‫ولم يظهر لها ضجرا ً ول ملل ً‬
‫مــولي ‪ ..‬فــإنه مكــرم لضــيفه ‪..‬‬ ‫‪ ..‬مع تعبه وكثرة مشــاغله ‪..‬‬
‫فل يـــرد شـــفاعتك فـــي هـــذا‬ ‫وتراكم همومه ‪..‬‬
‫القـــدر ‪ ..‬فعســـاه يحـــل القيـــد‬ ‫حــتى إذا انتهــت عائشــة مــن‬
‫عني ‪..‬‬ ‫حديثها ‪:‬‬
‫فســـكت عنـــه ‪ ..‬ولـــم أدر مـــا‬ ‫قال ‪ : e‬كنــت لــك كــأبي زرع‬
‫جرمه ‪..‬‬ ‫لم زرع ‪..‬‬
‫فلمـــــا أحضـــــروا الطعـــــام ‪..‬‬ ‫إذن ‪ ..‬اتفقنا ‪ ..‬على أهمية‬
‫امتنعت ‪ ..‬وقلت ‪:‬‬ ‫إظهار اللطف والهتمام‬
‫ل آكل ‪ ..‬ما لــم أشــفع فــي هــذا‬ ‫بالناس ‪..‬‬
‫العبد ‪..‬‬ ‫فإذا جاءك ولدك متزينا ً بثوب‬
‫فقال السيد ‪ :‬إن هــذا العبــد قــد‬ ‫جميل ‪ ..‬ما رأيك يا أبي ؟ ‪..‬‬
‫ع مالي ‪..‬‬ ‫ك جمي َ‬ ‫أفقرني ‪ ..‬وأهل َ َ‬ ‫تفاعل ‪..‬‬
‫فقلت ‪ :‬ماذا فعل ؟!‬ ‫ابنتك ‪ ..‬زوجتك ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬إن له صوتا ًً طيبا ً ‪ ..‬وإني‬ ‫زوجك ‪ ..‬ولدك ‪ ..‬زميلتك ‪..‬‬
‫كنــت أعيــش مــن ظهــور هــذه‬ ‫كل من تخالطهم كن حيا ً‬
‫ملها أحمال ً ثقال ً ‪..‬‬ ‫الجمال ‪ ..‬فح ّ‬ ‫متفاعل ً ‪..‬‬
‫وكان ينشد الشعار ويحدو بها ‪..‬‬ ‫أحيانا ً تكون ناسيا ً‬
‫حتى قطعــت مسـيرة ثلثــة أيــام‬ ‫الموضوع ‪ ..‬قال لك – مثل ً‬
‫فـــي ليلـــة واحـــدة مـــن طيـــب‬ ‫شفي من‬ ‫‪ : -‬أبشرك الوالد ُ‬
‫نغمته ‪..‬‬ ‫مرضه ‪ ..‬فل تقل ‪ :‬أصل ً ‪..‬‬
‫‪178‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫لطيف ‪..‬‬ ‫فلما حطت أحمالها ‪ ..‬مــاتت‬
‫انتهت كذلك ‪..‬‬ ‫كلهــــا ‪ ..‬إل هــــذا الجمــــل‬
‫وإن كانت بأسلوب جاف ‪..‬‬ ‫الواحد ‪..‬‬
‫ومدخل عنيف ‪ ..‬انتهت كذلك ‪..‬‬ ‫ولكـــــن أنـــــت ضـــــيفي ‪..‬‬
‫عندما ننصح الناس ‪ ..‬فنحن في‬ ‫فلكرامتــك قــد وهبتــه لــك ‪..‬‬
‫الواقع نتعامل مع قلوبهم ‪ ..‬ل‬ ‫وأطلق الغلم من قيده ‪..‬‬
‫أجسادهم ‪..‬‬ ‫فاشــتقت إلــى ســماع هــذا‬
‫لذلك تجد بعض البناء يتقبل من‬ ‫الصوت ‪..‬‬
‫أمه ول يتقبل من أبيه ‪ ..‬أو‬ ‫فلما أصــبحنا أمــره أن يحــدو‬
‫العكس ‪..‬‬ ‫على جمل يستقى الماء مــن‬
‫والطلب يتقبلون من مدرس ‪..‬‬ ‫بئر هنــاك ‪ ..‬لينشــط الجمــل‬
‫دون الخر ‪..‬‬ ‫للعمل ‪..‬‬
‫وأول البراعة في النصيحة ‪..‬‬ ‫فانطلق الغلم بصوت‬
‫أن ل تكثر منها وتدقق على كل‬ ‫حسن ‪ ..‬فلما رفع صوته ‪..‬‬
‫صغير وكبير ‪ ..‬حتى ل يشعر‬ ‫سمعه الجمل فهام وهاج‬
‫الخرون أنك مراقب لحركاتهم‬ ‫ونسي نفسه ‪ ..‬حتى قطع‬
‫وسكناتهم ‪ ..‬فتثقل عليهم ‪..‬‬ ‫حباله ‪..‬‬
‫ليس الغبي بسيد في قومه ***‬ ‫ووقعت أنا على وجهي من‬
‫لكن سيد قومه المتغابي‬ ‫حسن الصوت ‪ ..‬فما أظن‬
‫وإن استطعت أن تقدم انصيحة‬ ‫أني سمعت قط صوتا ً أطيب‬
‫)‪(71‬‬
‫على شكل اقتراح ‪ ..‬فافعل ‪..‬‬ ‫منه ‪..‬‬
‫لو قللت الملح في الطعام ‪..‬‬ ‫طور نفسك بالتدريب ‪..‬‬
‫لكان أحسن ‪..‬‬ ‫كن حيا ً ل ميتا ً ‪ ..‬تفاعل‬
‫لو تغير ملبسك بثياب أجمل ‪..‬‬ ‫بكلمك ‪ ..‬بتعبيرات وجهك ‪..‬‬
‫لو ما تتأخر عن مدرستك مرة‬ ‫حتى يأنس الخرون بك ‪..‬‬
‫أخرى ‪ ..‬أفضل ‪..‬‬
‫ما رأيك لو فعلت كذا ‪ ..‬أقترح‬ ‫اجعل لسانك‬ ‫‪.55‬‬
‫عليك كذا وكذا ‪..‬‬ ‫ً‬
‫عذبا ‪..‬‬
‫أحسن من قولك ‪..‬‬ ‫ل تخلو حياتنا من مواقف‬
‫يا قليل الدب ‪ ..‬كم مرة قلت‬ ‫نحتاج فيها إلى تقديم‬
‫لك ‪ ..‬أنت ما تفهم ‪ ..‬إلى متى‬ ‫توجيهات ونصائح للخرين ‪..‬‬
‫أعلمك ؟!!‬ ‫الولد ‪ ..‬الزوج ‪ ..‬الصديق ‪..‬‬
‫اجعله يحتفظ بماء وجهه ‪..‬‬ ‫الجار ‪ ..‬البوين ‪..‬‬
‫ويشعر بقيمته حتى وهو مخطئ‬ ‫تختلف نهايات النصائح ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫باختلف بداياتها ‪..‬‬
‫لن المقصود علج أخطائه ل‬ ‫أعني ‪ :‬إن كانت البداية‬
‫النتقام منه أوإهانته ‪..‬‬ ‫بأسلوب مناسب ‪ ..‬ومدخل‬
‫يعني يا جماعة ‪ ..‬بالعبارة‬
‫الصريحة ‪:‬‬
‫) ( إحياء علوم الدين ‪2/275‬‬ ‫‪71‬‬

‫‪179‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ولكن له رائحة سيئة ‪..‬‬ ‫ل أحد يحب أن يتلقى‬
‫وكان ‪ r‬يشتد عليه أن يوجد منه‬ ‫الوامر ‪..‬‬
‫الريح من بدنه أو فمه ‪ ..‬لنه‬ ‫أراد ‪ ‬يوما ً أن يوجه عبد‬
‫يناجي جبريل ‪ ..‬ويناجي‬ ‫الله بن عمر للتعبد بصلة‬
‫الناس ‪..‬‬ ‫الليل ‪..‬‬
‫فلما دخل على حفصة ‪ ..‬سألته‬ ‫فما دعاه وقال ‪ :‬يا عبد الله‬
‫ماذا أكل ؟‬ ‫قم الليل ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬شربت عسل ً عند‬ ‫وإنما قدم النصيحة على‬
‫زينب ‪..‬‬ ‫شكل اقتراح ‪ ..‬وقال ‪ :‬نعم‬
‫فقالت ‪ :‬إني أجد منك ريح‬ ‫الرجل عبد الله لو كان يقوم‬
‫مغافير ‪..‬‬ ‫الليل ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬ل بل شربت عسل ً ‪..‬‬ ‫وفي رواية قال ‪ :‬يا عبد الله‬
‫ولن أعود له ‪..‬‬ ‫ل تكن مثل فلن ‪ ..‬كان‬
‫ثم قام ودخل على عائشة ‪..‬‬ ‫يقوم الليل ‪..‬‬
‫فقالت له عائشة مثل ذلك ‪..‬‬ ‫بل إن استطعت أن تلفت‬
‫ومضت اليام ‪ ..‬وكشف الله له‬ ‫نظره إلى الخطاء من حيث‬
‫القضية كلها ‪..‬‬ ‫ل يشعر فهو أولى ‪..‬‬
‫وبعد أيام ‪ ..‬أسر إلى حفصة ‪‬‬ ‫عطس رجل عند عبد الله بن‬
‫حديثا ً ‪ ..‬فأظهرته ‪..‬‬ ‫المبارك ‪ ..‬فلم يقل الحمد‬
‫فدخل عليها يوما ً ‪ ..‬وعندها‬ ‫لله ‪ ..‬فقال عبد الله ‪ :‬ماذا‬
‫الشفاء بنت عبد الله ‪ ..‬وكانت‬ ‫يقول العاطس إذا عطس ؟‬
‫صحابية تتعلم الطب ‪ ..‬وتعالج‬ ‫قال ‪ :‬الحمد لله ‪ ..‬فقال ‪:‬‬
‫الناس ‪..‬‬ ‫عبد الله ‪ :‬يرحمك الله ‪..‬‬
‫فقال ‪ ‬للشفاء ‪ :‬أل تعلمين‬ ‫وكان رسول الله ‪ r‬كذلك ‪..‬‬
‫هذه رقية النملة كما علمتيها‬ ‫كان إذا انصرف من صلة‬
‫الكتابة ‪..‬‬ ‫العصر ‪ ..‬دخل على نسائه‬
‫ورقية النملة كلم كانت نساء‬ ‫واحدة واحدة ‪..‬‬
‫العرب تقوله ‪ ..‬يعلم كل من‬ ‫فيدنو من إحداهن ‪..‬‬
‫سمعه أنه كلم ل يضر ول‬ ‫ويتحدث معها ‪..‬‬
‫ينفع ‪..‬‬ ‫فدخل على زينب بمن جحش‬
‫ورقية النملة التي كانت تعرف‬ ‫‪ ..‬فوجد عندها عسل ً ‪ ..‬وكان‬
‫بينهن أن يقال ‪:‬‬ ‫‪ r‬يحب العسل والحلواء ‪..‬‬
‫العروس تحتفل ‪ ..‬وتختضب‬ ‫فاحتبس عندها أكثر ما كان‬
‫وتكتحل ‪ ..‬وكل شيء تفتعل ‪..‬‬ ‫يحتبس عند غيرها ‪..‬‬
‫غير أن ل تعصي الرجل ‪..‬‬ ‫فغارت عائشة وحفصة ‪..‬‬
‫فأراد ‪ r‬بهذا المقال تأنيب‬ ‫وتواصتا من دخل عليها‬
‫ً‬
‫حفصة والتأديب لها تعريضا ‪..‬‬ ‫تقول له ‪:‬‬
‫بأن تردد جملة ‪ :‬غير أن ل‬ ‫أجد منك ريح مغافير ‪ ..‬وهو‬
‫تعصي الرجل ‪..‬‬ ‫شراب حلو يشبه العسل ‪..‬‬
‫‪180‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫رويدا ً ‪ ..‬أدخلت يدها بهدوووء ‪..‬‬ ‫أحد السلف استلف منه رجل‬
‫فلمست الضفدع ‪ ..‬فتحرك فجأة‬ ‫كتابا ً ‪ ..‬فرده إليه بعد أيام‬
‫‪ ..‬فصرخت ‪ :‬آآآآه‪ ..‬يدي ‪..‬‬ ‫وعليه آثار طعام ‪ ..‬كأنه‬
‫ففتح الزوج عينيه ‪ ..‬وقال ‪ :‬وأنا‬ ‫حمل عليه خبزا ً أو عنبا ً ‪..‬‬
‫‪ ..‬آآآه ‪ ..‬جيبي ‪..‬‬ ‫فسكت صاحب الكتاب ‪..‬‬
‫ليتنا نستعمل هذا السلوب ‪..‬‬ ‫وبعد أيام جاءه صاحبه‬
‫مع جميع الناس ‪..‬‬ ‫يستعير منه كتابا ً آخر ‪..‬‬
‫أولدنا إذا وقعوا في أخطاء ‪..‬‬ ‫فأعطاه الكتاب في‬
‫ومع طلبنا ‪..‬‬ ‫طبق ‪!!..‬‬
‫نايف أحد الصدقاء ‪ ..‬كان له أم‬ ‫فقال الرجل ‪ :‬إنما أريد‬
‫صالحة ‪ ..‬ل ترضى ن يبقى في‬ ‫الكتاب ‪ ..‬فما بال الطبق ؟!‬
‫البيت صور أبدا ً ‪ ..‬لن الملئكة ل‬ ‫فقال ‪ :‬الكتاب لتقرأ فيه ‪..‬‬
‫تدخل بيتا ً فيه كلب ول صورة ‪..‬‬ ‫والطبق لتحمل عليه طعامك‬
‫كان عندها طقلة صغيرة ‪..‬‬ ‫!!‬
‫دمى‬ ‫عندها ألعاب متنوعة ‪ ..‬إل ال ّ‬ ‫فأخذ الكتاب ‪ ..‬ومضى ‪..‬‬
‫‪ ..‬العرائس ‪..‬‬ ‫فقد وصلت الرسالة ‪..‬‬
‫دمية ‪..‬‬
‫أهدت إليها خالتها ُ‬ ‫وأذكر أن أن أحدهم كان‬
‫عروسة ‪ ..‬وقالت لها ‪ :‬العبي‬ ‫يعود إلى بيته ليل ً ‪ ..‬وينزع‬
‫بها في غرفتك ‪ ..‬واحذري أن‬ ‫ثوبه ‪ ..‬يعلقه على‬
‫تراها أمك ‪..‬‬ ‫الشماعة ‪ ..‬وينام ‪..‬‬
‫وبعد يومين ‪ ..‬علمت الم ‪..‬‬ ‫فتأتي زوجته ‪ ..‬وتفتح‬
‫فأرادت أن تقدم النصيحة‬ ‫محفظة النقود ‪ ..‬ثم تأخذ‬
‫بأسلوب مناسب ‪..‬‬ ‫الصرف الموجود ‪ ..‬من فئة‬
‫جلسوا على الطعام ‪ ..‬فقالت أم‬ ‫الريال ‪ ..‬والخمسة ‪..‬‬
‫نايف ‪ :‬يا أولد ‪ !!..‬من يومين ‪..‬‬ ‫فإذا استيقظ صباحا ً وذهب‬
‫وأنا أشعر أن البيت ليس فيه‬ ‫إلى عمله ‪ ..‬واحتاج أن‬
‫ملئكة !! ل أدري لماذا خرجت ‪..‬‬ ‫يحاسب في بقالة ونحوها ‪..‬‬
‫ل حول ول قوة إل بالله ‪..‬‬ ‫لم يجد صرفا ً ‪..‬‬
‫والبنت الصغيرة تسمع وهي‬ ‫فراقبها ‪ ..‬حتى فهم القضية‬
‫ساكته ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫وبعد الغداء رجعت الصغيرة إلى‬ ‫فرجع إلى بيته يوما ً ‪ ..‬وقد‬
‫غرفتها ‪ ..‬فإذا بين يديها ألعاب‬ ‫جعل في جيبه ضفدعا ً ‪..‬‬
‫كثيرة ‪ ..‬والعروسة من بينها ‪..‬‬ ‫ونزع ثوبه كالعادة ‪..‬‬
‫فالتقطتها ‪ ..‬وجاءت بها إلى‬ ‫واضطجع كهيئة النائم ‪..‬‬
‫الم وقال ‪ :‬ماما ‪ ..‬هذه‬ ‫وأخذ يشخر ‪ ..‬وهو يراقب‬
‫التيطردت الملئكة ‪ ..‬افعلي بها‬ ‫الثوب ‪..‬‬
‫ماشئت !!‬ ‫فأقبلت زوجته لتأخذ ما‬
‫يعني دع المنصوح يحتفظ بماء‬ ‫يتيسر ‪..‬كالعادة !!‬
‫وجهه ‪ ..‬ويمكن أن تأكل العسل‬ ‫أقبلت إلى الثوب تمشي‬
‫‪181‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫باختصار ‪..‬‬ ‫من غير أن تحطم الخلية ‪..‬‬
‫الكلمة الطيبة ‪ ..‬صدقة ‪..‬‬ ‫ل تنصحه كأنه قد كفر بفعله‬
‫‪..‬‬
‫‪ .56‬اختصر ‪ ..‬ول تجادل ‪..‬‬ ‫بل وأحسن الظن به ‪..‬‬
‫يقولون ‪ :‬إن الناصح كالجلد ‪..‬‬ ‫واعتبر أنه وقع في الخطأ‬
‫وبقدر مهارة الجلد في الجلد ‪..‬‬ ‫من غير قصد ‪ ..‬أو من غير‬
‫يبقى اللم ‪..‬‬ ‫أن يعلم ‪..‬‬
‫أقول ‪ :‬مهارة الجلد ‪ ..‬ل قوة‬ ‫كانت الخمر في أول السلم‬
‫الجلد !!‬ ‫لم تحرم بعد ‪..‬‬
‫فالجلد العنيف الذي يضرب‬ ‫وفي يوم أقبل عامر بن‬
‫بقوة ‪ ..‬يتألم المضروب وقت‬ ‫ربيعة ‪ ..‬الصحابي الجليل ‪..‬‬
‫وقوع السياط ‪ ..‬ثم ما يلبث‬ ‫من سفر ‪ ..‬فأهدى لرسول‬
‫حتى ينساها ‪..‬‬ ‫الله ‪ r‬راوية خمر ‪ ..‬جرة‬
‫أما الجلد الستاذ في صنعته‬ ‫كاملة مملوءة خمرا ً ‪..‬‬
‫‪..‬فقد ل يضرب بقوة ‪ ..‬لكنه‬ ‫نظر النبي ‪ ‬إلى الخمر‬
‫يعلم أن يوقع السوط ‪..‬‬ ‫مستغربا ً ‪ ..‬والتفت إلى‬
‫كذلك الناصح ‪ ..‬ليست العبرة‬ ‫عامر بن ربيعة ‪ ..‬وقال ‪ :‬أما‬
‫بكثرة الكلم ‪ ..‬ول طول‬ ‫علمت أنها قد حرمت ‪..‬؟‬
‫النصيحة ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬حرمت ؟! ل ‪ ..‬ما‬
‫وإنما بأسلوب الناصح ‪..‬‬ ‫علمت يا رسول الله ‪..‬‬
‫فاختصر قدر المستطاع ‪ ..‬إذا‬ ‫قال ‪ :‬فإنها قد حرمت ‪..‬‬
‫أردت أن تنصحه فل تلق عليه‬ ‫فحملها عامر ‪ ..‬فأسّر إليه‬
‫محاضرة ‪!!..‬‬ ‫بعضهم بأن يبيعها ‪..‬‬
‫خاصة إذا كان المر متفقا ً‬ ‫فسمعه النبي ‪ ‬فقال ‪:‬‬
‫عليه ‪ ..‬كمن تنصحه عن‬ ‫ل ‪ ..‬إن الله إذا حرم شيئا ً ‪..‬‬
‫الغضب ‪ ..‬أو شرب الخمر ‪ ..‬أو‬ ‫حرم ثمنه ‪..‬‬
‫ترك الصلة ‪ ..‬أو عقوق الوالدين‬ ‫فأخذها ‪ ‬فاهراقها على‬
‫)‪(72‬‬
‫‪ ..‬الخ ‪..‬‬ ‫التراب ‪..‬‬
‫تأملت النصائح النبوية الشخصية‬ ‫وانتبه أن تمدح نفسك وأنت‬
‫المباشرة ‪ ..‬فوجدتها ل تزيد‬ ‫تنصح ‪ ..‬فترفع نفسك‬
‫الواحدة منها عن سطر واحد ‪..‬‬ ‫وتسحب المنصوح إلى‬
‫أو سطرين ‪..‬‬ ‫القاع ‪ ..‬ل أحد يرضى‬
‫اسمع ‪ :‬يا علي ‪ ..‬ل تتبع النظرة‬ ‫بذلك ‪..‬‬
‫النظرة ‪ ..‬فإن لك الولى‬ ‫ل‪ .. -‬إذا نصح‬ ‫بعض الباء – مث ً‬
‫وليست لك الثانية ‪..‬‬ ‫ولده بدأ يذكر أمجاده ‪..‬أنا‬
‫انتهى ‪ ..‬نصيحة باختصار ‪..‬‬ ‫كنت وكنت ‪ ..‬ولعل الولد‬
‫يا عبد الله بن عمر ‪ ..‬كن في‬ ‫يعلم تاريخ والده ‪!!..‬‬
‫الدنيا كأنك غريب ‪ ..‬أو عابر‬
‫سبيل ‪..‬‬ ‫) ( رواه الطبراني‬ ‫‪72‬‬

‫‪182‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫انتهى ‪ ..‬باختصار ‪ ..‬الرسالة‬ ‫انتهى ‪..‬‬
‫وصلت ‪..‬‬ ‫يا معاذ ‪ ..‬والله إني أحبك ‪..‬‬
‫واترك الجدال قدر المستطاع ‪..‬‬ ‫فل تدعن في دبر كل صلة‬
‫خاصة إذا شعرت أن الذي أمامك‬ ‫أن تقول ‪ :‬اللهم أعني على‬
‫يكابر ‪ ..‬فالمقصود إيصال‬ ‫ذكرك ‪ ..‬وشكرك ‪ ..‬وحسن‬
‫النصيحة إليه ‪..‬‬ ‫عبادتك ‪..‬‬
‫وقد ذم الله الجدال ‪ ) :‬ما‬ ‫يا عمر ‪ ..‬إنك رجل قوي ‪..‬‬
‫ضربوه لك إل جدل ً ( ‪..‬‬ ‫فل تزاحمن عند الحجر ‪..‬‬
‫وقال ‪ : ‬ما ضل قوم بعد هدى‬ ‫وكذلك كان العقلء بعده ‪..‬‬
‫كانوا عليه ‪ ..‬إل أوتوا الجدل ‪..‬‬ ‫لقي أبو هريرة ‪ ‬الفرزدق‬
‫وقال ‪ :‬أنا زعيم لبيت في ربض‬ ‫الشاعر فقال ‪:‬‬
‫الجنة لمن ترك الجدال وإن كان‬ ‫يا ابن أخي إني أرى قدميك‬
‫محقا ً ‪..‬‬ ‫صغيرتين ‪ ..‬ولن تعدم لهما‬
‫أحيانا ً يقتنع الشخص بالفكرة ‪..‬‬ ‫موضعا في الجنة ‪..‬‬
‫لكن أكثر النفوس فيها أنفة‬ ‫يعني فاعمل لها ‪ ..‬ودع عنك‬
‫وكبر ‪..‬‬ ‫قذف لمحصنات في‬
‫) وجحدوا بها واستيقنتها‬ ‫شعرك ‪..‬‬
‫أنفسهم ظلما ً وعلوا ً ( ‪..‬‬ ‫وعمر ‪ .. ‬كان على فراش‬
‫فالغاية عندك أنت أصل ً أن‬ ‫الموت ‪ ..‬فجعلوا الناس‬
‫يعرف الخطأ ليتجنبه في المرة‬ ‫يثنون عليه ‪..‬‬
‫القادمة ‪ ..‬وليس الغاية أن‬ ‫وجاء شاب فقال ‪ :‬أبشر يا‬
‫تنتصر أنت عليه ‪ ..‬فلستما في‬ ‫أمير المؤمنين ببشرى الله‬
‫حلبة مصارعة ‪..‬‬ ‫لك من صحبة رسول الله‬
‫دخل النبي ‪ ‬على علي‬ ‫‪ .. ‬وقدم في السلم ما‬
‫وفاطمة ‪ .. ‬ليل ً ‪..‬‬ ‫وِليت فعدلت‬ ‫قد علمت ‪ ..‬ثم َ‬
‫فقال لهما ‪ :‬أل تصليان ‪ ..‬أي أل‬ ‫‪ ..‬ثم شهادة ‪..‬‬
‫تقوما الليل ‪..‬‬ ‫فقال عمر ‪ :‬وددت أن ذلك‬
‫فقال علي ‪ :‬أنفسنا بيد الله ‪..‬‬ ‫كفاف ل علي ول لي ‪..‬‬
‫متى شاء أن يبعثنا ‪ ..‬بعثنا ‪..‬‬ ‫فلما أدبر الشاب ‪ ..‬فإذا‬
‫فولهما النبي ‪ ‬ظهره ‪..‬‬ ‫إزاره يمس الرض ‪..‬‬
‫ومضى وهو يضرب بيده على‬ ‫مسبل ‪..‬‬
‫فخذه ويقول ‪ :‬وكان النسان‬ ‫فأراد عمر ‪ ‬أن يقدم‬
‫أكثر شيء جدل ً ‪.. (74) ..‬‬ ‫النصيحة للشاب ‪..‬‬
‫وأحيانا ً قد يذكر المنصوح ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬ردوا علي الغلم ‪..‬‬
‫كلما ً يعتذر به ‪ ..‬وهو ليس عذرا ً‬ ‫فلما وقف الشاب بين‬
‫مقنعا ً لكنه يقوله ‪..‬ليحفظ ماء‬ ‫يديه ‪ ..‬قال ‪ :‬يا بن أخي ‪..‬‬
‫وجهه ‪..‬‬ ‫ارفع ثوبك ‪ ..‬فإنه أنقى‬
‫ً‬
‫فكن سمحا ‪..‬‬ ‫‪..‬‬ ‫)‪(73‬‬
‫لثوبك ‪ ..‬وأتقى لربك‬
‫) (‬ ‫‪74‬‬
‫) ( البخاري‬ ‫‪73‬‬

‫‪183‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫يهذي بما ل يدري ‪ ..‬ولو سكت‬ ‫ول تغلق عليه البواب بل‬
‫لكان خيرا ً له ‪..‬‬ ‫أبقها مفتوحة أمامه وأنت‬
‫وفيهم من طبيعته النتقاد‬ ‫تنصح ‪..‬‬
‫أصل ً ‪ ..‬فهو ينظر للحياة بنظارة‬ ‫وحتى لو تكلم بكلم‬
‫سوداء ‪..‬‬ ‫خاطئ ‪ ..‬فيمكن أن تعالج‬
‫وقديما ً قيل ‪ :‬لو اتحدت الذواق‬ ‫خطأه من حيث ل يشعر ‪..‬‬
‫لبارت السلع ‪..‬‬ ‫كأن تقول ‪ :‬صحيح ‪ ..‬وأنا‬
‫ذكروا أن جحا ركب على حمار ‪..‬‬ ‫معك أن النسان يفقد‬
‫وولده يمشي بجانبه ‪..‬‬ ‫أعصابه غصبا ً عنه ‪..‬‬
‫فمروا بناس ‪ ..‬فقال الناس ‪:‬‬ ‫وأثن عليه ‪ ..‬ثم قل ‪:‬‬
‫انظروا لهذا الب الغليظ يركب‬ ‫ولكن ‪ ..‬ثم انسف كلمه إن‬
‫مرتاحا ً ‪ ..‬ويدع ولده يمشي في‬ ‫كان خاطئا ً ‪..‬‬
‫الشمس ‪..‬‬
‫سمعهم جحا ‪ ..‬فأوقف الحمار ‪..‬‬ ‫وجهة نظر ‪..‬‬
‫ونزل ‪ ..‬وأركب ولده ‪..‬‬ ‫نبه على الخطأ ‪ ..‬ول تلق‬
‫ثم مشيا ‪ ..‬وجحا يشعر بنوع من‬ ‫محاضرة ‪..‬‬
‫الزهو ‪..‬‬
‫فمرا بقوم آخرين ‪ ..‬فقال‬ ‫ل تبال بكلم الخلق‬ ‫‪.57‬‬
‫أحدهم ‪ :‬انظروا إلى هذا البن‬ ‫‪..‬‬
‫العاق ‪ ..‬يركب ويدع أباه يمشي‬ ‫أعجبتني عبارة رددها ابني‬
‫في الشمس ‪..‬‬ ‫عبد الرحمن يوما ً ‪ ..‬وأظنه‬
‫سمعهم جحا ‪..‬‬ ‫في ذلك السن لم يكن يفقه‬
‫فأوق الحمار ‪ ..‬ثم ركب مع ولده‬ ‫معناها‪..‬‬
‫‪ ..‬ليتقو كلم الناس وانتقاداتهم‬ ‫عش‬ ‫كان يقول ‪ :‬طّنش ت ِ‬
‫‪..‬‬ ‫عش ‪!!..‬‬ ‫َتـْنـَتـ ِ‬
‫فمرا بقوم ‪ ..‬فقالوا ‪ :‬انظروا‬ ‫تأملت في هذه العبارة وأنا‬
‫إلى هذين الغليظين ‪ ..‬ل‬ ‫ألحظ حولي انتقادات‬
‫يرحمون الحيوان ‪..‬‬ ‫الناس ‪ ..‬وآراءهم ‪..‬‬
‫فنزل جحا ‪ ..‬وقال ‪ :‬يا ولدي ‪..‬‬ ‫وأحاديثهم ‪..‬‬
‫انزل ‪..‬‬ ‫فوجدت أن الناس في‬
‫فنزل الولد وجعل يمشي بجانب‬ ‫كلمهم وذمهم لنا‬
‫أبيه ‪ ..‬والحمار ليس فوقه‬ ‫يتنوعون ‪..‬‬
‫أحد ‪..‬‬ ‫فيهم الناصح الصادق الذي ل‬
‫فمرا بقوم ‪ ..‬فقالوا ‪ :‬انظروا‬ ‫يتقن فن النصيحة ‪..‬‬
‫إلى هذين السفيهين ‪ ..‬يمشيان‬ ‫وبالتالي يحزنك بأسلوب‬
‫والحمار فارغ ‪ ..‬وهل خلق‬ ‫نصحه أكثر مما يفرحك ‪..‬‬
‫الحمار إل لُيركب ‪..‬‬ ‫وفيهم الحاسد ‪ ..‬الذي يقصد‬
‫فصرخ جحا وجّر ولده معه ‪..‬‬ ‫حزنك وهمك ‪..‬‬
‫ودخل تحت الحمار ‪ ..‬وحمله ‪!!..‬‬ ‫وفيهم قليل الخبرة ‪ ..‬الذي‬
‫‪184‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫أعرفه منذ سنين ‪ ..‬فهو أحد‬ ‫ولو رأيت جحا وقتها لقلت‬
‫زملئي في عملي ‪ ..‬على كل‬ ‫له ‪ :‬يا حبيب القلب ‪ ..‬افعل‬
‫حال ‪..‬‬ ‫ما تشاء ‪ ..‬ول تبال بكلم‬
‫لكن هل تصدق أنني إلى الن ل‬ ‫الخلق ‪ ..‬فرضا الناس غاية ل‬
‫أدري هل نبتت له أسنان أم ل !!‬ ‫تدرك ‪..‬‬
‫دائم التجهم ‪ ..‬والعبوس ‪..‬‬ ‫ومن الذي ينجــو مــن النــاس‬
‫وكأنه إذا ابتسم نقص عمره ‪..‬‬ ‫سالما ً‬
‫ل ماله !!‬ ‫أو ق ّ‬ ‫ولو غاب عنهم بين خافيتي‬
‫قال جرير بن عبد الله البجلي ‪:‬‬ ‫نسر ‪..‬‬
‫ما رآني رسول الله ‪ ‬إل تبسم‬ ‫بعض الناس ‪ ..‬ل يفكر في‬
‫في وجهي ‪..‬‬ ‫رأيه قبل أن يطرحه ‪..‬‬
‫البتسامة أنواع ‪ ..‬ومراتب ‪..‬‬ ‫يأتيك بعدما تتزوج ‪..‬‬
‫فمنها البشاشة الدائمة ‪ ..‬أن‬ ‫ويقول ‪ ..‬ليش تخطب‬
‫يكون وجهك صبوحا ً مبتهجا ً دائما ً‬ ‫فلنة ؟‬
‫‪..‬‬ ‫وكأني بك ‪ ..‬تتمنى أن تصرخ‬
‫فلو كنت مدرسا ً ودخلت الفصل‬ ‫في وجهه وتقول ‪ :‬يا أخي‬
‫على طلبك ‪ ..‬فالقهم بوجه‬ ‫تزوجت ‪ ..‬خلص ‪ ..‬انتهى‬
‫بشوش ‪..‬‬ ‫الموضوع ‪ ..‬ما أحد طلب‬
‫ركبت طائرة ‪ ..‬ومشيت في‬ ‫منك اقتراحات ‪..‬‬
‫الممر والناس ينظرون إليك ‪..‬‬ ‫أو يأتيك وقد بعت سيارتك ‪..‬‬
‫كن بشوشا ً ‪..‬‬ ‫فيقول ‪ ..‬ليتك أخبرتني ‪..‬‬
‫دخلت بقالة ‪ ..‬أو محطة وقود ‪..‬‬ ‫فلن كان سيعطيك أكثر ‪..‬‬
‫مددت له الحساب ‪ ..‬ابتسم ‪..‬‬ ‫يا أخي ‪ ..‬بس !! الرجال باع‬
‫في المجلس ‪ ..‬ودخل شخص‬ ‫سيارته ‪ ..‬خلص وانتهى ‪ ..‬ل‬
‫وسلم بصوت عال ‪ ..‬ومر بنظره‬ ‫تشغله باللتفات وراءه !!‬
‫على الجالسين ‪ ..‬ابتسم ‪..‬‬ ‫وعموما ً ‪..‬‬
‫دخلت على مجموعة ‪..‬‬ ‫ليس يخلو المرء من ضد ولو‬
‫وصافحتهم ‪ ..‬ابتسم ‪..‬‬ ‫**‬
‫وعموما ً ‪ :‬البتسامة لها من‬ ‫طلب العزلة‬
‫التأثير الكبير في امتصاص‬ ‫في رأس جبل ‪!!..‬‬
‫الغضب والشك والتردد ‪ ..‬ما ل‬ ‫فل تعذب نفسك ‪..‬‬
‫يشاركها غيرها ‪..‬‬
‫البطل هو الذي يستطيع التغلب‬ ‫تجربة ‪..‬‬
‫على عواطفه ‪ ..‬والتبسم ‪..‬‬ ‫قال أحد السلف ‪ :‬من جعل‬
‫كان أنس بن مالك ‪ ‬يمشي مع‬ ‫دينه عرضة للخصومات ‪..‬‬
‫النبي ‪ r‬يومًا‪ ..‬والنبي ‪ ‬عليه‬ ‫أكثر التنقل !!‬
‫ُبرد نجراني غليظ الحاشية ‪..‬‬
‫فلحقهما أعرابي ‪..‬‬ ‫ابتسم ‪ ..‬ثم ابتسم‬ ‫‪.58‬‬
‫أقبل هذا العرابي يجري وراء‬ ‫‪ ..‬ثم ابتسـ ‪ ..‬ثم أبتـ ‪..‬‬
‫‪185‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫الشديد بالصرعة ‪ ..‬إنما الشديد‬ ‫النبي ‪ ‬يريد أن يلحق به ‪..‬‬
‫الذي يملك نفسه عند الغضب ‪..‬‬ ‫حتى إذا اقترب منه ‪..‬‬
‫كان النبي الكريم ‪ .. ‬يجذب‬ ‫جبذه بردائه جبذة شديدة ‪..‬‬
‫الناس بالتبسم والبشاشة ‪..‬‬ ‫فتحرك الرداء بعنف على‬
‫خرجو إلى غزوة خيبر ‪ ..‬وفي‬ ‫رقبة النبي ‪.. r‬‬
‫أثناء القتال ‪..‬‬ ‫قال أنس ‪ :‬حتى نظرت إلى‬
‫وقع من حصن اليهود جراب فيه‬ ‫صفحة عاتق رسول الله ‪.. r‬‬
‫شحم ‪ ..‬قربة كاملة مملوءة‬ ‫قد أثرت بها حاشية الُبرد‬
‫سمنا ً ‪..‬‬ ‫من شدة جبذته ‪..‬‬
‫حمله عبد الله بن مغفل ‪ ‬على‬ ‫فماذا يريد هذا الرجل ؟!‬
‫عاتقه فرحا ً ومضى به إلى رحله‬ ‫لعل بيته يحترق وأقبل يريد‬
‫وأصحابه ‪..‬‬ ‫معونة ‪ ..‬أو أحاطت بهم‬
‫فلقيه الرجل المسئول عن جمع‬ ‫غارة من المشركين ‪..‬‬
‫الغنائم وترتيبها ‪ ..‬فجذب‬ ‫اسمع ماذا يريد ‪ ..‬قال ‪ :‬يا‬
‫الجراب إليه ‪ ..‬وقال ‪:‬‬ ‫محمد ‪ ) ..‬لحظ لم يقل ‪ :‬يا‬
‫ت هذا نقسمه بين‬ ‫ها ِ‬ ‫رسول الله ( ‪..‬‬
‫المسلمين ‪..‬‬ ‫مر لي من‬ ‫قال ‪ :‬يا محمد ‪ُ ..‬‬
‫فتعلق به عبد الله ‪ :‬ل والله ‪ ..‬ل‬ ‫مال الله الذي عندك ‪..‬‬
‫أعطيكه ‪ ..‬أنا أصبته ‪..‬‬ ‫فالتفت رسول الله ‪ .. r‬ثم‬
‫قال ‪ :‬بلى ‪ ..‬وجعل يتجاذبا‬ ‫ضحك ‪ ..‬ثم أمر له بعطاء ‪..‬‬
‫الجراب ‪..‬‬ ‫نعم ‪ ..‬كان ‪ r‬بطل ً ل‬
‫فمر بهما رسول الله ‪.. r‬‬ ‫تستفزه مثل هذه التصرفات‬
‫فرآهما ‪ ..‬وهما يتجاذبان الجراب‬ ‫‪ ..‬ول يعاقب أو تثور أعصابه‬
‫‪..‬‬ ‫على التافهات ‪..‬‬
‫فتبسم ‪ r‬ضاحكا ً ‪ ..‬ثم قال‬ ‫كان واسع البطان ‪ ..‬قويا ً‬
‫لصاحب المغانم ‪:‬‬ ‫يضبط أعصابه ‪ ..‬دائم‬
‫ل أبالك ‪ ..‬خل بينه وبينه ‪..‬‬ ‫البتسامة حتى في أحلك‬
‫فتركه ‪ ..‬فانطلق به عبد الله‬ ‫الظروف ‪ ..‬يفكر في عواقب‬
‫إلى رحله وأصحابه ‪ ..‬فأكلوه ‪..‬‬ ‫المور قبل أن يفعلها ‪..‬‬
‫وأخيرا ً ‪ ..‬تبسمك في وجه أخيك‬ ‫وماذا يفيد لو أنه صرخ‬
‫صدقة ‪..‬‬ ‫بالرجل أو طرده ‍!‬
‫قال لي ‪:‬‬ ‫هل سيشفى جرح عنقه ! أو‬
‫فلن سحرني بأخلقه ‪ ..‬حتى‬ ‫يصلح أدب الرجل ! كل ‪..‬‬
‫تعلقت به نفسي ‪ ..‬قلت ‪ :‬لم ؟!‬ ‫إذن ليس مثل الصبر‬
‫قال ‪ :‬دائما ً بشوش ‪ ..‬وما رآني‬ ‫والتحمل ‪..‬‬
‫إل تبسم !!‬ ‫نعم بعض المور نثور لها‬
‫ونغضب ‪ ..‬وعلجها شيء‬
‫الخطوط الحمر ‪..‬‬ ‫‪.59‬‬ ‫آخر تماما ً ‪..‬‬
‫كان من طلبي في الجامعة‪..‬‬ ‫وصدق ‪ ‬لما قال ‪ :‬ليس‬
‫‪186‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫على مضض ‪..‬‬ ‫كان واسع الثقافة ‪ ..‬حريصا ً‬
‫أو تجد مجموعة طلب في‬ ‫على تكوين علقات مع‬
‫يسكنون في شقة واحدة ‪..‬‬ ‫الناس ‪ ..‬لكنه كان ثقيل الدم‬
‫يستيقظ أحدهم ليذهب إلى‬ ‫عليهم ‪..‬‬
‫جامعته ‪ ..‬فيجد أن معطفه لبسه‬ ‫ً‬
‫جاءني يوما ‪ ..‬وقال ‪:‬‬
‫فلن ‪ ..‬وحذاءه في رجل فلن ‪..‬‬ ‫يا دكتور ‪ ..‬زملئي يغضبون‬
‫ومن تعدي الخطوط الحمراء أنك‬ ‫مني دائما ً ‪ ..‬ل يتحملون‬
‫‪ ..‬تجد بعض الناس يحرج صاحبه‬ ‫مزحي ‪..‬‬
‫بمزحة ثقيلة أو سؤال محرج‬ ‫قلت في نفسي ‪ :‬أنا ل‬
‫في مجلس عام ‪..‬‬ ‫أحتملك ساكتا ً ‪ ..‬فكيف‬
‫والشخص مهما بلغ من المحبة‬ ‫أحتملك متكلما ً ‪..‬؟! خاصة‬
‫لك ‪ ..‬إل أنه يبقى بشرا ً يرضى‬ ‫إذا كنت تستخف دمك وتمزح‬
‫ويغضب ‪ ..‬ويفرح ويسخط ‪..‬‬ ‫‪!..‬‬
‫لما أقبل رسول الله ‪ r‬إلى‬ ‫سألته ‪ :‬لماذا ل يحتملون‬
‫المدينة راجعا ً من تبوك ‪..‬‬ ‫مزحك ؟! أعطني مثال ً ‪..‬‬
‫قدم عليه في ذلك الشهر عروة‬ ‫قال ‪ :‬عطس أحدهم فقلت ‪:‬‬
‫بن مسعود الثقفي ‪ ..‬وكان‬ ‫ت ( ‪..‬‬ ‫الله يلعنك ‪ ) ..‬ثم سك ّ‬
‫سيدا ً جليل القدر ‪ ..‬رفيع‬ ‫فلما غضب ‪ ..‬أكملت قائل ً ‪:‬‬
‫المكانة عند قومه ثقيف ‪..‬‬ ‫يا إبليس ‪ ..‬ويرحمك يا‬
‫فأدرك النبي ‪ ‬قبل أن يصل‬ ‫فلن ‪!!..‬‬
‫إلى المدينة ‪ ..‬فأسلم ‪..‬‬ ‫مسكين كان يظن نفسه‬
‫وسأله أن يرجع إلى قومه‬ ‫بذلك ‪ ..‬خفيف الدم!!‬
‫فيدعوهم إلى السلم ‪..‬‬ ‫الناس مهما قبلوا مزاحك‬
‫فخاف عليه ‪ ..‬وقال له ‪ :‬إنهم‬ ‫ومداعباتك ‪ ..‬إل أنه تبقى‬
‫قاتلوك ‪..‬‬ ‫هناك خطوط حمراء ل‬
‫وعرف ‪ r‬أن قبيلة ثقيف فيهم‬ ‫يحبون أن تتعداها ‪..‬‬
‫نخوة المتناع ‪ ..‬والصرامة في‬ ‫خاصة إذا كان ذلك أمام‬
‫التعامل ‪ ..‬حتى لو كان مع‬ ‫الخرين ‪..‬‬
‫رئيسهم ‪..‬‬ ‫بعض الناس ل يراعي ذلك ‪..‬‬
‫فقال عروة ‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬أنا‬ ‫فتجد أنه يعتدي على‬
‫أحب إليهم من أبكارهم ‪..‬‬ ‫حاجاتهم ‪..‬‬
‫وأبصارهم ‪..‬‬ ‫فمثل ً من باب ) الميانة (‬
‫وكان محببا ً مطاعا ً فيهم ‪..‬‬ ‫يأخذ هاتفك الجوال ويتصل‬
‫فخرج يدعو قومه إلى السلم‬ ‫به كما يريد ‪ ..‬أو ربما أرسل‬
‫رجاء أن ل يخالفوه ‪ ..‬لعظم‬ ‫رسائل إلى أشخاص أنت ل‬
‫منزلته فيهم ‪..‬‬ ‫ترغب أن يظهر رقم هاتفك‬
‫فلما وصل إلى ديار قومه ‪..‬‬ ‫عندهم ‪..‬‬
‫رقى على مرتفع وصاح بهم‬ ‫أو يأخذ سيارتك بغير إذنك ‪..‬‬
‫حتى اجتمعوا ‪ ..‬وهو سيدهم ‪..‬‬ ‫أو يحرجك بطلبها حتى تأذن‬
‫‪187‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫منهم ‪..‬‬ ‫فدعاهم إلى السلم ‪..‬‬
‫فأقبل صاحبه إلى حبل معه‬ ‫وأظهر لهم أنه أسلم ‪..‬‬
‫فأخذه ‪ ..‬مازحا ً ‪..‬‬ ‫وجعل يردد ‪ :‬أشهد أن ل إله‬
‫فاستيقظ الرجل ‪ ..‬فوجد متاعه‬ ‫إل الله وأشهد أن محمدا ً‬
‫ناقصا ً ‪ ..‬ففزع ‪ ..‬وأخذ يبحث‬ ‫رسول الله ‪..‬‬
‫عن حبله ‪..‬‬ ‫فلما سمعوا منه ذلك ‪..‬‬
‫فقال ‪ : ‬ل يحل لمسلم أن‬ ‫صاحوا ‪ ..‬وثاروا أن يتركوا‬
‫يروع مسلما ً )‪.. (75‬‬ ‫آلهتهم ‪..‬‬
‫وفي يوم آخر ‪..‬‬ ‫ورموه بالنبل من كل جهة ‪..‬‬
‫كانوا يسيرون مع النبي ‪ ‬في‬ ‫حتى وقع صريعا ً ‪.. t‬‬
‫مسير ‪..‬‬ ‫فأقبل إليه أبناء عمه ‪ ..‬وهو‬
‫فنعس رجل وهو على راحلته ‪..‬‬ ‫ينازع الموت ‪..‬‬
‫فغافله صاحبه وانتزع سهما ً من‬ ‫وقال ‪ :‬يا عروة ‪ :‬ما ترى‬
‫كنانته ‪..‬‬ ‫في دمك ؟‬
‫فشعر الرجل بمن يعبث بسلحه‬ ‫فقال ‪ :‬كرامة أكرمني الله‬
‫‪ ..‬فانتبه فزعا ً مذعورا ً ‪..‬‬ ‫بها ‪ ..‬وشهادة ساقها الله‬
‫فقال ‪ : ‬ل يحل لرجل أن‬ ‫إلي ‪..‬‬
‫)‪(76‬‬
‫يروع مسلما ً ‪..‬‬ ‫ي إل ما في‬ ‫فليس ف ّ‬
‫ومثله الذي يمزح فيراك أوقفت‬ ‫الشهداء الذين قتلوا مع‬
‫سيارتك عند بقالة – مثل ً ‪ -‬وهي‬ ‫رسول الله ‪ .. r‬فل تقتتلوا‬
‫تشتغل فيأتي ويقودها ‪..‬‬ ‫لجلي ‪ ..‬ول تأخذوا بثأري‬
‫ويوهمك أنها سرقت ‪ ..‬مازحًا‪..‬‬ ‫من أحد ‪..‬‬
‫قد يجاملك صاحبك ويضحك‬ ‫فقيل إن النبي ‪ .. ‬لما‬
‫أحيانا ً على مزحة مروعة ‪ ..‬لكنه‬ ‫بلغه خبر مقتله ‪..‬‬
‫متألم ‪..‬‬ ‫قال فيه ‪ :‬إن مثله في قومه‬
‫ولربما صبر الحليم على الذى‬ ‫‪ ..‬كمثل صاحب ياسين في‬
‫وفؤاده من‬ ‫قومه ‪..  ..‬‬
‫حره يتأوه‬ ‫فانتبه ! الناس لهم‬
‫ولربما شكل الحليم لسانه‬ ‫أحاسيس مهما بلغت في‬
‫حذر الكلم‬ ‫القرب منهم ‪ ..‬وإن كانوا‬
‫وإنه لمفوه‬ ‫في منزلة الخ والولد ‪..‬‬
‫لذا نبه النبي ‪ ‬على ذلك ‪..‬‬
‫وجهة نظر ‪..‬‬ ‫فنهى عن ترويع المؤمن ‪..‬‬
‫كل ما زاد عن حده ‪ ..‬انقلب‬ ‫كان ‪ ‬يوما ً يسير مع‬
‫ضده ‪ ..‬وكم مزحة انتهت شجارا ً‬ ‫أصحابه ‪..‬‬
‫!!‬ ‫وكان كل واحد منهم معه‬
‫متاعه ‪ ..‬سلحه ‪ ..‬فراشه ‪..‬‬
‫) ( رواه أبو داود‬ ‫‪75‬‬ ‫طعامه ‪..‬‬
‫) ( رواه الطبراني وغيره‬ ‫‪76‬‬ ‫نزلوا منزل ً ‪ ..‬فنام رجل‬
‫‪188‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ويصبحون من أبغض الناس إليك‬ ‫حفظ السر ‪..‬‬ ‫‪.60‬‬
‫‪..‬‬ ‫ر جاوز‬ ‫ً‬
‫اشتهر قديما ‪ :‬كل س ٍ‬
‫ومن أعجب ما في التاريخ ‪..‬‬ ‫الثنين ‪ ..‬شاع ‪..‬‬
‫أنه قبل معركة بدر ‪..‬‬ ‫ومن اللطائف أن أحدهم‬
‫لما سمع النبي ‪ .. ‬بقافلة‬ ‫سئل ‪ :‬من الثنين ؟ فأشار‬
‫قريش مقبلة وأراد قتالها ‪..‬‬ ‫إلى شفتيه ‪ ..‬وقال ‪:‬‬
‫خرج ‪ r‬إليها مع أصحابه ‪ ..‬فلما‬ ‫هذان !!‬
‫شعر بهم أبو سفيان ‪ ..‬استأجر‬ ‫ل أذكر أني همست في أذن‬
‫رجل ً اسمه ضمضم بن عمرو‬ ‫أحد من الناس بسّر ‪..‬‬
‫الغفاري ‪ ..‬وقال اذهب وأخبر‬ ‫واستأمنته إياه ‪ ..‬ثم فاجأني‬
‫قريشا ً بالخبر ‪..‬‬ ‫قائل ً ‪ :‬يا محمد ‪ ..‬اسمح لي‬
‫فمضى ضمضم ‪ ..‬مسرعا ً إلى‬ ‫ل أستطيع أن أكتمه ‪..‬‬
‫مكة ‪ ..‬كان وصوله مكة يحتاج أن‬ ‫بل كل شخص يضرب بيده‬
‫يسير أياما ً ‪..‬‬ ‫صدره ‪ ..‬ويقول ‪ :‬والله لو‬
‫وأهل مكة ل يدرون عن شيء‬ ‫وضعوا الشمس في‬
‫من ذلك ‪..‬‬ ‫يميني ‪ ..‬والقمر في شمالي‬
‫وفي ليلة من الليالي رأت عاتكة‬ ‫‪ ..‬أو السيف على رقبتي ‪..‬‬
‫بنت عبد المطلب ‪ ..‬رؤيا‬ ‫على أن أخبر بسرك ‪ ..‬ما‬
‫أفزعتها ‪ ..‬فلما أصبحت بعثت‬ ‫أخبرت !!‬
‫إلى أخيها العباس بن عبد‬ ‫ثم إذا اطمأننت ووثقت ‪..‬‬
‫المطلب ‪ ..‬فقالت له ‪:‬‬ ‫وكشفت له أسرارك ‪ ..‬تصّبر‬
‫يا أخي ‪ ..‬والله لقد رأيت الليلة‬ ‫شهرين أو ثلثة ‪ ..‬ثم حدث‬
‫رؤيا أفظعتني ‪ ..‬وتخوفت أن‬ ‫به ‪ ..‬فل يزال ُيتناقل حتى‬
‫يدخل على قومك منها شر‬ ‫يصلك ‪..‬‬
‫ي ما‬‫ومصيبة ‪ ..‬فاكتم عل ّ‬ ‫فوجدت أن سرك ل ينبغي‬
‫أحدثك ‪ ..‬ول تحدث به أحدا ً ‪..‬‬ ‫أن يجاوز شفتيك ‪ ..‬فل‬
‫قال لها ‪ :‬نعم ‪ ..‬وما رأيت ؟‬ ‫تكلف الناس ما ل‬
‫قالت ‪ :‬رأيت راكبا ً أقبل على‬ ‫يطيقون ‪..‬‬
‫بعير ‪ ..‬حتى وقف بوادي‬ ‫إذا ضاق صدر المرء عن سر‬
‫"البطح" ‪ ..‬ثم صرخ بأعلى‬ ‫نفسه‬
‫صوته ‪ :‬أل انفروا يا آل غدر إلى‬ ‫فصدر الذي‬
‫مصارعكم في ثلث ‪!..‬‬ ‫يستودع السر أضيق‬
‫فأرى الناس قد اجتمعوا إليه ‪..‬‬ ‫جربت كثيرا ً من الناس ‪..‬‬
‫ثم مضى فدخل المسجد والناس‬ ‫فوجدتهم كذلك ‪..‬‬
‫يتبعونه ‪..‬‬ ‫والمشكلة أنك تأتيهم على‬
‫فبينما هم حوله ‪ ..‬إذ صعد به‬ ‫سبيل الستشارة ‪..‬‬
‫بعيره فوق الكعبة ‪ ..‬ثم صرخ‬ ‫فيشيرون عليك ‪ ..‬ثم‬
‫بمثلها ‪ :‬انفروا يا آل غدر إلى‬ ‫يفضحون سرك ‪..‬‬
‫مصارعكم في ثلث ‪..‬‬ ‫فيسقطون من عينك ‪..‬‬
‫‪189‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫قال ‪:‬‬ ‫ثم صعد به بعيره على رأس‬
‫يا أبا الفضل ‪ ..‬إذا فرغت من‬ ‫جبل أبي قبيس ‪ ..‬فصرخ‬
‫طوافك فأقبل إلينا ‪..‬‬ ‫بمثلها ‪:‬‬
‫فلما أقبل إليه العباس وجلس‬ ‫انفروا يا آل غدر إلى‬
‫معهم ‪..‬‬ ‫مصارعكم في ثلث ‪..‬‬
‫قال له أبو جهل ‪ :‬يا بني عبد‬ ‫ثم أخذ صخرة فقذفها من‬
‫المطلب ‪ ..‬متى حدثت فيكم‬ ‫أعلى الجبل ‪ ..‬فأقبلت تهوي‬
‫هذه النبية ؟‬ ‫من فوق الجبل ‪ ..‬حتى إذا‬
‫قال ‪ :‬وما ذاك ؟‬ ‫كانت بأسفل الجبل‬
‫قال ‪ :‬تلك الرؤيا التي رأت‬ ‫تكسرت ‪..‬‬
‫عاتكة ‪..‬‬ ‫فما بقي بيت من بيوت مكة‬
‫قال العباس ‪ :‬وما رأت ؟‬ ‫إل دخلته كسرة من‬
‫قال ‪ :‬يا بني عبد المطلب ‪ ..‬أما‬ ‫الصخرة ‪ ..‬فاضطرب العباس‬
‫رضيتم أن يتنبأ رجالكم حتى‬ ‫وقال ‪ :‬والله إن هذه لرؤيا !‬
‫تتنبأ نساؤكم ؟‬ ‫ثم خشي أن تنتشر فيصيبه‬
‫قد زعمت عاتكة في رؤياها أنه‬ ‫أذى ‪ ..‬فقال لها محذرا ً ‪:‬‬
‫قال ‪ :‬انفروا في ثلث ‪..‬‬ ‫وأنت فاكتميها ل تذكريها‬
‫فسننتظر بكم ثلثة أيام ‪..‬‬ ‫لحد ‪..‬‬
‫فإن يك حقا ً ما تقول ‪..‬‬ ‫ثم خرج العباس منشغل‬
‫فسيكون ‪..‬‬ ‫البال بأمر هذه الرؤيا ‪..‬‬
‫وإن تمض الثلث ولم يكن من‬ ‫فلقي الوليد بن عتبة وسط‬
‫ذلك شئ نكتب عليكم كتابا ً أنكم‬ ‫الطريق ‪ ..‬وكان له صديقا ً ‪..‬‬
‫أكذب أهل بيت العرب ‪..‬‬ ‫فحدثه بالرؤيا ‪ ..‬وقال له ‪:‬‬
‫فاضطرب العباس ‪ ..‬وما رد عليه‬ ‫اكتمها ‪ ..‬فل تخبر بها أحدا ً ‪..‬‬
‫شيئا ً ‪ ..‬وجحد الرؤيا ‪ ..‬وأنكر أن‬ ‫فمضى الوليد ‪..‬‬
‫تكون رأت شيئا ً ‪..‬‬ ‫فلقي ابنه عتبة فحدثه بها ‪..‬‬
‫ثم تفرقوا ‪..‬‬ ‫ثم لم يمض سويعات ‪..‬‬
‫فلما أقبل العباس إلى بيته ‪..‬‬ ‫حتى حدث بها عتبة ‪ ..‬ثم‬
‫لم تبق امرأة من بني عبد‬ ‫تناقلها الناس ‪ ..‬وفشا‬
‫المطلب ‪ ..‬إل جاءت إليه‬ ‫الحديث بها في أهل مكة ‪..‬‬
‫غاضبة ‪ ..‬تقول ‪ :‬أقررتم لهذا‬ ‫حتى تحدثت بها قريش في‬
‫الفاسق الخبيث أن يقع في‬ ‫مجالسها ‪..‬‬
‫رجالكم ‪ ..‬ثم قد تناول النساء‬ ‫وفي الضحى ذهب العباس‬
‫وأنت تسمع ‪ ..‬أما فيكم حمية ‪..‬‬ ‫ليطوف بالكعبة ‪..‬‬
‫فاحتمى العباس ‪ ..‬وثار ‪..‬‬ ‫فإذا أبو جهل جالس في‬
‫وقال ‪ :‬والله ‪ ..‬لئن عاد أبو جهل‬ ‫هط من قريش ‪ ..‬في ظل‬ ‫َر ْ‬
‫إلى مثل كلمه ‪ ..‬لفعلن‬ ‫الكعبة ‪ ..‬يتحدثون برؤيا‬
‫وأفعلن ‪..‬‬ ‫عاتكة !!‬
‫فلما كان اليوم الثالث ‪ ..‬من‬ ‫س‬
‫فلما رأى أبو جهل العبا َ‬
‫‪190‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫أن ينشر الخبر ‪..‬‬ ‫رؤيا عاتكة ‪..‬‬
‫فأقبل إلى رجل منهم ‪ ..‬هو‬ ‫ذهب العباس إلى المسجد ‪..‬‬
‫أعظمهم نشرا ً للشاعة ‪..‬‬ ‫وهو مغضب ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬يا فلن ‪ ..‬إني محدثك‬ ‫فلما دخل المسجد رأى أبا‬
‫ر ‪ ..‬فاكتم عني ‪!..‬‬ ‫بس ٍ‬ ‫جهل ‪ ..‬فمشي نحوه‬
‫قال ‪ :‬ما سرك ؟‬ ‫يتعرضه ليعود لبعض ما قال‬
‫قال ‪ :‬أشعرت أني قد أسلمت ‪..‬‬ ‫فيقع به ‪..‬‬
‫فانتبه ‪ ..‬ل تخبر أحدا ً ‪..‬‬ ‫فإذا بأبي جهل يخرج من‬
‫ثم تولى عنه عمر ‪..‬‬ ‫باب المسجد يشتد مسرعا ً ‪..‬‬
‫فما كاد يغيب عنه ‪ ..‬حتى جعل‬ ‫فعجب العباس من‬
‫الرجل يطوف بالناس ويردد ‪:‬‬ ‫سرعته ‪ !!..‬فقد كان‬
‫ت أن عمر أسلم ‪!!..‬‬ ‫أعلم َ‬ ‫مستعدا ً لخصومة وعراك ‪..‬‬
‫ت أن عمر أسلم ‪!!..‬‬ ‫أعلم َ‬ ‫فقال العباس في نفسه ‪:‬‬
‫عجبا ً !! وكالة أنباء متنقلة ‪..‬‬ ‫ماله لعنه الله ؟! أك ّ‬
‫ل‬
‫وفي يوم من اليام بعث النبي‬ ‫ف مني أن أشاتمه ؟!‬ ‫هذاخو ٌ‬
‫‪ ‬أنسا ً ‪ ‬في حاجة ‪..‬‬ ‫وإذا أبو جهل قد سمع صوت‬
‫فمّر بأمه ‪ ..‬فسألته ‪ ..‬إلى ماذا‬ ‫ضمضم بن عمرو الغفاري‬
‫أرسلك النبي ‪ ‬؟‬ ‫الذي أرسله أبو سفيان‬
‫فقال ‪ :‬والله ‪ ..‬ما كنت لفشي‬ ‫ليستعين بأهل مكة ‪..‬‬
‫سّر رسول الله ‪.. r‬‬ ‫وإذا ضمضم يصرخ في‬
‫هكذا كان أنس وهو صغير ‪ ..‬في‬ ‫الوادي واقفا ً على بعيره ‪..‬‬
‫شدة حفظه للسر ‪..‬‬ ‫قد جدع أنف بعيره ‪ ..‬والدم‬
‫وأنى لك اليوم أن تجد مثل أنس‬ ‫يسيل على وجه البعير ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫وقد شق ضمضم قميصه‬
‫قالت عائشة ‪.. t‬‬ ‫وهو يقول ‪ :‬يا معشر قريش‬
‫أقبلت فاطمة تمشي ‪ ..‬كأن‬ ‫اللطيمة ‪ ..‬اللطيمة ‪..‬‬
‫مشيتها مشية النبي ‪.. r‬‬ ‫أموالكم مع أبي سفيان قد‬
‫فقال النبي ‪ : r‬مرحبا ً بابنتي ‪..‬‬ ‫عرض لها محمد في أصحابه‬
‫ثم أجلسها عن يمينه ‪ -‬أو عن‬ ‫ل أرى أن تدركوها ‪..‬‬
‫شماله ‪.. -‬‬ ‫ثم صاح بأعلى صوته ‪:‬‬
‫ً‬
‫ثم أسّر إليها حديثا ‪ ..‬فبكت ‪..‬‬ ‫الغوث ‪ ..‬الغوث ‪..‬‬
‫فقلت لها ‪ :‬لم تبكين ‪..‬‬ ‫عندها تجهزت قريش‬
‫ثم أسّر إليها حديثا ً ‪ ..‬فضحكت‬ ‫وخرجت ‪ ..‬وكان من أمرها‬
‫فقلت ‪:‬‬ ‫في معركة بدر ما كان ‪..‬‬
‫ما رأيت كاليوم ‪ ..‬فرحا ً أقرب‬ ‫فتأمل كيف انتشر السر في‬
‫من حزن ‪..‬‬ ‫لمحة عين ‪ ..‬مع قوة الحرص‬
‫فسألت فاطمة عما قال لها‬ ‫وشدة الستئمان ‪!!..‬‬
‫النبي ‪ ‬؟‬ ‫ومن نشر السر أيضا ً ‪..‬‬
‫فقالت ‪ :‬ما كنت لفشي سر‬ ‫أن عمر ‪ ‬لما أسلم ‪ ..‬أراد‬
‫‪191‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫لماذا أنفق مالي ؟! واصرف‬ ‫رسول الله ‪.. r‬‬
‫وقتي ؟! وأبذل جهدي ؟! دون‬ ‫حتى قبض النبي ‪.. r‬‬
‫مردود مادي يعود علي ‪..‬‬ ‫فسألتها ؟‬
‫السلم قلب هذا الميزان ‪..‬‬ ‫ي ‪ :‬إن‬‫فقالت ‪ :‬أسر إل ّ‬
‫فقال الله ) وأحسنوا إن الله‬ ‫)‪(77‬‬
‫جبريل كان يعارضني‬
‫يحب المحسنين ( ‪.‬‬ ‫القرآن كل سنة مرة وإنه‬
‫وقال ‪ ) : ‬لئن امشي مع اخي‬ ‫عارضني العام مرتين ‪ ..‬ول‬
‫في حاجة حتى أثبتها له ‪ ..‬أحب‬ ‫أراه إل حضر أجلي ‪ ..‬وإنك‬
‫ي من أن أعتكف في مسجدي‬ ‫إل ّ‬ ‫أول أهل بيتي لحاقا ً بي ‪..‬‬
‫هذا شهرا ً ( ‪..‬‬ ‫فبكيت ‪..‬‬
‫ومن كان في حاجة أخيه ‪ ..‬كان‬ ‫فقال ‪ :‬أما ترضين أن تكوني‬
‫الله في حاجته ‪..‬‬ ‫سيدة نساء أهل الجنة ‪ ..‬أو‬
‫وكان ‪ ‬يمشي في الطريق‬ ‫نساء المؤمنين ‪ ..‬فضحكت‬
‫فتوقفه الجارية وتقول ‪ :‬لي‬ ‫لذلك ‪..‬‬
‫إليك حاجة ‪ ..‬فيقف معها حتى‬
‫يسمع حاجة ‪ ..‬وقد يمضي معها‬ ‫قالوا ‪..‬‬
‫إلى بيت سيدها ليقضيها لها ‪..‬‬ ‫من عرف سرك أسرك ‪..‬‬
‫بل كان ‪ r‬يخالط الناس ويصبر‬
‫على أذاهم ‪..‬‬ ‫قضاء الحاجات ‪..‬‬ ‫‪.61‬‬
‫كان يعاملهم بنفس رحيمة ‪..‬‬ ‫ت في دراسة‬ ‫لما بدأ ُ‬
‫وعين دامعة ‪ ..‬ولسان داع ‪..‬‬ ‫الماجستير ‪ ..‬اطلعت على‬
‫وقلب عطوف ‪..‬‬ ‫عدد أوسع من كتب الفرق‬
‫كان يشعر أنه هو وهم ‪ ..‬جسد‬ ‫والطوائف ‪..‬‬
‫واحد ‪ ..‬يشعر بفقر الفقير ‪..‬‬ ‫من بين هذه المذاهب ‪..‬‬
‫وحزن الحزين ‪ ..‬ومرض المريض‬ ‫المذهب البراجماتي ‪..‬‬
‫‪ ..‬وحاجة المحتاج ‪..‬‬ ‫‪bragmatizem‬‬
‫انظر إليــه ‪ .. r‬وقــد جلــس فــي‬ ‫وترجمته بالعربية ‪ :‬المذهب‬
‫مسجده يحدث أصحابه ‪..‬‬ ‫النفعي ‪..‬‬
‫فإذا بــه يــرى ســوادا ً مقبل ً عليــه‬ ‫لما تبحرت في دراسة هذا‬
‫من بعيد ‪..‬‬ ‫المذهب أدركت لماذا كنا‬
‫نظــر إليهــم ‪ ..‬فــإذا هــم قــوم‬ ‫نسمع في أوروبا وأمريكا ‪..‬‬
‫فقراء أقبلـوا عليـه مـن مضـر ‪..‬‬ ‫أنه في كثير من الحيان‬
‫من قبل نجد ‪..‬‬ ‫يهجر البن أباه ‪ ..‬وإذا قابله‬
‫ومــن شــدة فقرهــم قــد اجتــابوا‬ ‫في مطعم فكل واحد منهما‬
‫النمار ‪..‬‬ ‫يحاسب عن نفسه ‪..‬‬
‫يعني يملك أحدهم قطعة قماش‬ ‫فعل ً ‪ ..‬مادام أني لن أستفيد‬
‫فل يجــد ثمــن البــرة والخيــط ‪..‬‬ ‫منك فلماذا أخدمك ؟!‬
‫فيخرق القماش من وســطه ثــم‬
‫يخرج رأسه ويســدل بــاقيه علــى‬ ‫) ( يعارضه القرآن ‪ :‬يراجع القرآن معه ‪.‬‬ ‫‪77‬‬

‫‪192‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫درهمــــه ‪ ..‬مــــن بــــره ‪ ..‬مــــن‬ ‫جسده ‪..‬‬
‫شـــعيره ‪ ..‬ول يحقـــرن أحـــدكم‬ ‫أقبلــوا قــد اجتــابوا النمــار ‪..‬‬
‫شيئا ً من الصدقة ‪ ..‬وجعــل يعــدد‬ ‫وتقلــدوا الســيوف ‪ ..‬وليــس‬
‫أنواع الصدقات حتى قال ‪:‬‬ ‫عليهم أزر ول شيء غيُرها ‪..‬‬
‫ولو بشق تمرة ‪..‬‬ ‫ل عمامـــة ول ســـراويل ول‬
‫فقــام رجــل مــن النصــار بصــرة‬ ‫رداء ‪..‬‬
‫في كفه ‪ ..‬فناولهـا رســول اللـه‬ ‫فلمـــا رأى رســـول اللـــه ‪r‬‬
‫‪ r‬وهو على منبره ‪..‬‬ ‫الذي بهم من الجهد والعــري‬
‫فقبضـها رســول اللـه ‪ r‬يعـرف‬ ‫والجوع ‪ ..‬تغير وجهه ‪..‬‬
‫السرور في وجهه ‪..‬‬ ‫ثم قام ‪ ..‬فدخل بيته ‪ ..‬فلــم‬
‫وقال ‪ :‬مــن ســن ســنة حســنة ‪..‬‬ ‫يجد شيئا ً يتصدق به عليهم ‪..‬‬
‫فعمل بها كان له أجرها ‪ ..‬ومثل‬ ‫فخرج ‪ ..‬ودخل بيته الخــر ‪..‬‬
‫أجر من عمل بهــا ل ينقــص مــن‬ ‫وخـــرج ‪ ..‬يبحـــث ‪ ..‬يلتمـــس‬
‫أجورهم شيء ‪..‬‬ ‫شيئا ً لهم ‪ ..‬فلم يجد ‪..‬‬
‫ومن ســن ســنة ســيئة ‪ ..‬فعمــل‬ ‫ثــــم راح إلــــى المســــجد ‪..‬‬
‫بها ‪ ..‬كان عليــه وزرهــا ‪ ..‬ومثــل‬ ‫فصــلى الظهــر ‪ ..‬ثــم صــعد‬
‫وزر من عمل بهــا ل ينقــص مــن‬ ‫منبره ‪..‬‬
‫أوزارهم شيء ‪..‬‬ ‫فحمد الله وأثنى عليــه ‪ ..‬ثــم‬
‫فقــام النــاس ‪ ..‬فتفرقــوا إلــى‬ ‫قال ‪:‬‬
‫بيــوتهم ‪ ..‬وجــاءوا بصــدقات ‪..‬‬ ‫أمــا بعــد ‪ ..‬فــإن اللــه عــز‬
‫فمــــن ذي دينــــار ‪ ..‬ومــــن ذي‬ ‫وجل ‪ ..‬أنزل في كتابه ‪َ ) :‬يا‬
‫َ‬
‫درهم ‪..‬‬ ‫ذي‬ ‫م اّلــ ِ‬ ‫قوا َرب ّك ُ ُ‬ ‫س ات ّ ُ‬ ‫ها الّنا ُ‬ ‫أي ّ َ‬
‫ومن ذي تمر ‪ ..‬ومن ذي ثياب ‪..‬‬ ‫ة‬ ‫حــدَ ٍ‬ ‫وا ِ‬ ‫س َ‬ ‫فــ ٍ‬ ‫ن نَ ْ‬ ‫مــ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫كــ ْ‬ ‫ق ُ‬ ‫خل َ َ‬ ‫َ‬
‫حــــتى اجتمــــع بيــــن يــــديه ‪r‬‬ ‫ث‬ ‫وب َـــ ّ‬ ‫هـــا َ‬ ‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫هـــا َز ْ‬ ‫من ْ َ‬ ‫ق ِ‬ ‫خلـــ َ‬ ‫َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫كومان ‪ ..‬كوم من طعام ‪ ..‬وكوم‬ ‫ســاءً‬ ‫ون ِ َ‬ ‫ً‬
‫جــال كِثيــرا َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ر َ‬ ‫مــا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ِ‬
‫من ثياب ‪..‬‬ ‫ه‬‫ن بِ ِ‬ ‫ساءَُلو َ‬ ‫ذي ت َ َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫وات ّ ُ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫علي ْ ُ‬‫َ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫فلمــا رأى ‪ r‬ذلــك تهلــل وجهــه‬ ‫كــ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫ن الل َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫حا َ‬ ‫والْر َ‬ ‫َ‬
‫قيبا ( ‪..‬‬ ‫ً‬ ‫َر ِ‬
‫حتى كأنه فلقة من قمر ‪..‬‬
‫ثم قسمه بين الفقراء ‪ ..‬رواه‬ ‫ثم قرأ ‪..‬‬
‫قــوا‬ ‫من ُــوا ات ّ ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫مسلم ‪..‬‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫هــا ال ـ ِ‬ ‫) َيا أي ّ َ‬
‫ولما سئلت عائشة عن حاله ‪‬‬ ‫ت‬ ‫م ْ‬ ‫قــدّ َ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫ف ٌ‬ ‫ول ْت َن ْظُْر ن َ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫الل ّ َ‬
‫في بيته ‪ ..‬قالت ‪:‬‬ ‫خِبيــٌر‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ه إِ ّ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫وات ّ ُ‬ ‫د َ‬ ‫غ ٍ‬ ‫لِ َ‬
‫ن ( ‪..‬‬ ‫ملو َ‬ ‫ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ما ت َ ْ‬ ‫بِ َ‬
‫كان يكون في حاجة أهله ‪ ..‬أو‬
‫في مهنة أهله ‪..‬‬ ‫وجعل يتلوا اليات والمواعظ‬
‫أفل تجعل من طرق دخولك إلى‬ ‫‪ ..‬ثم صاح بهم ‪ ..‬وقال ‪:‬‬
‫قلوب الناس ‪ ..‬قضاء‬ ‫تصدقوا قبل أن ل تصدقوا ‪..‬‬
‫حاجاتهم ‪..‬‬ ‫تصدقوا قبل أن يحال بينكــم‬
‫احتاج شخص إلى مستشفى ‪..‬‬ ‫وبين الصدقة ‪..‬‬
‫فأوصلته إليه ‪..‬‬ ‫تصدق امرؤ من ديناره ‪ ..‬من‬
‫‪193‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫متأكد أنه في بيته ‪..‬‬ ‫استعان بك في مشكلة‬
‫جعلت أتقصى السبب لنصح‬ ‫فأعنته عليها ‪..‬‬
‫صاحبي ‪..‬‬ ‫يراك تقضي حاجته ‪ ..‬وتقف‬
‫حتى وجدت السبب ‪..‬‬ ‫معه في كربته ‪ ..‬وهو يعلم‬
‫الرجل بحكم إمامته للمسجد ‪..‬‬ ‫أنك ل ترجو من ذلك جزاء‬
‫يأتي إليه الناس ويلتمسون منه‬ ‫ول شكورا ً ‪..‬‬
‫العانة في حاجاتهم ‪..‬‬ ‫أحسن إلى الناس تستعبد‬
‫هذا عليه دين يريد أن يبحث له‬ ‫قلوبهم‬
‫عمن يسدده ‪..‬‬ ‫فطالم‬
‫وهذا متخرج من الثانوية ويريد‬ ‫ا استعبد النسان إحسان‬
‫شفاعة لدخول الجامعة ‪..‬‬ ‫رؤية ‪..‬‬
‫وهذا مريض يريد إعانته على‬ ‫من عاش لغيره فسيعيش‬
‫دخول المستشفى الفلني ‪..‬‬ ‫متعبا ً ‪ ..‬لكنه سيحيا كبيرا ً ‪..‬‬
‫وهذا عنده بنات كبار ويريد لهن‬ ‫ويموت كبيرا ً ‪..‬‬
‫أزواج ‪..‬‬
‫وهذا عليه أيجار لبيته لم‬ ‫ل تتكلف ما ل‬ ‫‪.62‬‬
‫يسدده ‪..‬‬ ‫تطيق !!‬
‫وهذا أعطاه ورقة استفتاء في‬ ‫كان صاحبي من خيار‬
‫طلق ليذهب بها للمفتي‬ ‫الناس ‪ ..‬خلقا ً ‪ ..‬ودينا ‪..‬‬
‫ً‬
‫العام ‪..‬‬ ‫وعقل ً ‪..‬‬
‫وهذا ‪..‬‬ ‫كان إمام مسجد بجانب‬
‫وهو رجل عادي ليس له قدرات‬ ‫بيته ‪..‬‬
‫كبيرة ول علقات الواسعة ‪ ..‬ول‬ ‫لكني كنت أسمع ذمه على‬
‫وجاهة متمّيزة ‪..‬‬ ‫ألسنة أناس كثيرين ‪..‬‬
‫وكان المسكين يغلبه الحياء‬ ‫كنت أتعجب من ذلك ‪ ..‬ول‬
‫والخجل من كل أحد ‪ ..‬فل يقدر‬ ‫أجد له جوابا ً ‪..‬‬
‫أن يعتذر من أحد أبدا ً ‪..‬‬ ‫حتى جاءني يوما ً جاره ‪..‬‬
‫بل يأخذ معروض هذا ويعده‬ ‫قال ‪ :‬يا شيخ ‪ ..‬صاحبك ‪ ..‬ل‬
‫بسداد دينه ‪..‬‬ ‫يصلي بنا ‪ ..‬ول معنا !!‬
‫ويكتب رقم هاتف الثاني ‪..‬‬ ‫قلت ‪ :‬لم ؟!!‬
‫ويعده أن يقبل في الجامعة ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬ل أدري ‪ ..‬لكنه هو‬
‫ويقول للثالث ‪ :‬تعال بعد يومين‬ ‫المام ‪ ..‬ومع ذلك يغيب‬
‫وتجد ورقة دخول المستشفى‬ ‫كثييييرا ً عن المسجد ‪..‬‬
‫جاهزة ‪..‬‬ ‫فجعلت ألتمس له العذار ‪..‬‬
‫وهكذا دواليك ‪..‬‬ ‫فقلت ‪ :‬لعله مشغول بأمر‬
‫فيأتونه على الموعد ‪ ..‬ويعتذر ‪..‬‬ ‫ضروري ‪ ..‬لعله غير موجود‬
‫ويعطيهم مواعيد أخرى ‪..‬‬ ‫بالبيت ‪..‬‬
‫حتى صار يتهرب منهم ‪ ..‬ول يرد‬ ‫قال ‪ :‬يا شييييخ ‪ ..‬سيارته‬
‫على هاتفه ‪ ..‬بل وأحيانا ً ل‬ ‫واقفة عند الباب ‪ ..‬وأنا‬
‫‪194‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫أكثر الناس يعطون المور أكبر‬ ‫يخرج من بيته ‪!!..‬‬
‫من حجمها ‪ ..‬وصاحب الحاجة‬ ‫وصار من يلقاه منهم ‪ ..‬إن‬
‫مجنون بها حتى تقضى ‪..‬‬ ‫وجده ‪ ..‬يسبه ويصرخ به ‪..‬‬
‫قال لي ‪ :‬أظن لك محاضرة غدا ً‬ ‫ويردد ‪ :‬طيب لماذا تعدني ‪..‬‬
‫في مدينة كذا ‪ ..‬وهي مدينة‬ ‫لماذا تجعلني أبني المال‬
‫على بعد ‪200‬كم من الرياض ‪..‬‬ ‫عليك ‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬صحيح ‪..‬‬ ‫والثاني يقول ‪ :‬لم أكلم إل‬
‫قال ‪ :‬سآتي إليك هناك ‪..‬‬ ‫أنت ‪ ..‬وتركت غيرك لما‬
‫وأقابلك بعد المحاضرة ‪..‬‬ ‫وعدتني ‪..‬‬
‫تعجبت من حرصه ‪..‬‬ ‫لما عرفت حاله ‪ ..‬أيقنت أنه‬
‫وفعل ً ‪ ..‬خرجت بعد المحاضرة‬ ‫حفر لنفسه حفرة ‪ ..‬ثم‬
‫فخرج الرجل وراءي مسعا ً حافي‬ ‫تردى فيها ‪..‬‬
‫القدمين ‪ ..‬يحمل ورقة صغيرة‬ ‫سمعته مرة يعتذر من أحدهم‬
‫في يده ‪..‬‬ ‫‪ ..‬ويقول ‪:‬‬
‫وقفت معه جانبا ً ‪ ..‬قلت ‪:‬‬ ‫آسف ‪ ..‬لم أستطع أن أفعل‬
‫تفضل ‪ ..‬شكر الله حرصك ‪ ..‬ما‬ ‫شيئا ً في موضوعك ‪..‬‬
‫حاجتك ؟‬ ‫وذاك يقول بكل قوة ‪ :‬طيب‬
‫قال ‪ :‬يا شيخ ‪ ..‬عندي أخ يحمل‬ ‫ي ‪..‬‬‫أنت ضيعت الوقت عل ّ‬
‫الشهادة البتدائية ‪ ..‬وأريدك أن‬ ‫ليتك أخبرتني من قبل ‪..‬‬
‫تدبر له وظيفة ‪..‬‬ ‫تذكرت عندها قول الحكيم ‪:‬‬
‫قلت ‪ :‬بس ؟!!‬ ‫العتذار في البداية خير من‬
‫قال ‪ :‬بس ؟!!‬ ‫العتذار في النهاية ‪..‬‬
‫ً‬
‫كان الرجل متحمسا ‪ ..‬ومنظره‬ ‫ما أجمل أن يعرف المرء‬
‫يثير الشفقة ‪ ..‬ويبدو أن أخاه‬ ‫قدراته ‪ ..‬ويتحرك في حدود‬
‫يمر بظروف صعبة فعل ً ‪..‬‬ ‫الدائرة المرسومة حوله ‪..‬‬
‫أيقنت أني لو وعدته سأخلف ‪..‬‬ ‫ولقد جربت ذلك بنفسي ‪..‬‬
‫فنحن في زمن ل يكاد حامل‬ ‫أذكر أني ألقيت محاضرة‬
‫البكالوريوس أن يجد وظيفة ‪..‬‬ ‫في أحد المجمعات العسكرية‬
‫فضل ً عن حامل البتدائية ‪ ..‬وأنا‬ ‫بالرياض ‪..‬‬
‫أعرف حدود قدراتي ‪..‬‬ ‫وبعدها جاءني أحدهم‬
‫قلت ‪ :‬يا أخي ‪ ..‬والله أتمنى أن‬ ‫وقال ‪ :‬يا شيخ أريدك في‬
‫أساعدك ‪ ..‬وأخوك أخي ‪ ..‬وأنا‬ ‫موضوع ضروري جدا ً ‪..‬‬
‫أتألم له كما تتألم ‪..‬‬ ‫قلت ‪ :‬تفضل ‪ ..‬ما هو ؟‬
‫لكني ل أستطيع مساعدتك‬ ‫قال ‪ :‬ل ‪ ..‬ما يصلح أن أذكره‬
‫ي‬‫أبدا ً ‪ ..‬أتمنى أن تتكرم عل ّ‬ ‫الن ‪ ..‬ل بدّ أن أقابلك في‬
‫وتعفيني ‪..‬‬ ‫وقت واسع ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬يا شيخ ‪ ..‬حاول ‪..‬‬ ‫ظم حجم الموضوع‬ ‫ع ّ‬
‫جعل ي ُ َ‬
‫قلت ‪ :‬لااا أقدر ‪..‬‬ ‫وأنا أستمع له بلطف ‪..‬‬
‫فناولني الورقة التي في يده ‪..‬‬ ‫لكني قد علمتني الحياة أن‬
‫‪195‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫طيب ‪ ..‬وإنما اصرخ بها أنت‬ ‫وقال ‪ :‬طيب ‪ ..‬يا شيخ خذ‬
‫أيضا ً وقل ‪:‬‬ ‫هذه الورقة فيها أرقام‬
‫مااااااا أقدر ‪ !! ..‬فهي خير من‬ ‫هواتفنا ‪ ..‬إذا وجدت له‬
‫العتذار عند العودة ‪ ..‬ضاق‬ ‫وظيفة فاتصل بنا ‪..‬‬
‫وقتي ‪ ..‬أقفلت المحلت ‪..‬‬ ‫أدركت أنه يريد أن يربطني‬
‫نسيت ‪..‬‬ ‫بحبل أمل ‪ ..‬وسيظل ينتظر‬
‫وكذلك مع زملئك ‪ ..‬وإخوانك ‪..‬‬ ‫التصال ‪..‬‬
‫أرجو أن تكون الفكرة وصلت ‪..‬‬ ‫فقلت ‪ :‬بل دع الورقة‬
‫معك ‪ ..‬وخذ رقمي أنت ‪..‬‬
‫تجربة ‪..‬‬ ‫وإن وجدت له وظيفة‬
‫العتذار في البداية ‪ ..‬خير من‬ ‫فاتصل بي ‪ ..‬لعلي أن أكتب‬
‫العتذار في النهاية ‪..‬‬ ‫لك شفاعة للمسئول فيها ‪..‬‬
‫سكت الرجل قليل ً ‪..‬‬
‫من ركل القطة ؟!‬ ‫‪.63‬‬ ‫انتظرت أن يودعني ‪..‬‬
‫قبل أن تجيب على السؤال ‪..‬‬ ‫لكني تفاجأت أنه قال لي ‪:‬‬
‫اسمع القصة كاملة ‪..‬‬ ‫بيض الله وجهك ‪ ..‬والله يا‬
‫كان يعمل سكرتيرا ً لمدير سيء‬ ‫شيخ ‪ ..‬سبق أن كلمت المير‬
‫الخلق ‪ ..‬ل يطبق مهارة واحدة‬ ‫فلن في موضوع أخي منذ‬
‫من مهارات التعامل مع الناس ‪..‬‬ ‫سنة ‪ ..‬فأخذ الورقة ‪ ..‬ولم‬
‫كان هذا المدير يراكم العمال‬ ‫يتصل بي إلى الن ‪..‬‬
‫على نفسه ‪ ..‬ويحملها ما ل‬ ‫ومرة كلمت اللواء فلن ‪..‬‬
‫تطيق ‪..‬‬ ‫فأخذ الورقة أيضا ً ‪ ..‬ولم‬
‫صاح بسكرتيره يوما ً ‪ ..‬فدخل‬ ‫يتصل ولم يهتم ‪ ..‬هؤلء‬
‫ووقف بين يديه ‪..‬‬ ‫أناس ما يهتمون بالضعفاء ‪..‬‬
‫م ‪ ..‬تفضل ؟‬ ‫س ْ‬‫قال ‪َ :‬‬ ‫الله ينتقم منهم ‪ ..‬الله ‪..‬‬
‫صرخ به ‪ :‬اتصلت بهاتف‬ ‫وبدأ يدعو عليهم ‪..‬‬
‫مكتبك ‪ ..‬ولم ترد ‪..‬‬ ‫فقلت في نفسي ‪ ..‬الحمد‬
‫قال ‪ :‬كنت في المكتب‬ ‫لله ‪ ..‬لو أخذت الورقة‬
‫المجاور ‪ ..‬آسف ‪..‬‬ ‫لصرت ثالثهم ‪..‬‬
‫قال بضجر ‪ :‬كل مرة آسف ‪..‬‬ ‫نعم ‪ ..‬العتذار في البداية‬
‫آسف ‪ ..‬خذ هذه الوراق ‪..‬‬ ‫خير من إخلف الوعد ‪..‬‬
‫ناولها لرئيس قسم الصيانة ‪..‬‬ ‫ما أجمل أن نكون صرحاء مع‬
‫وعد بسرعة ‪..‬‬ ‫الخرين ‪ ..‬عارفين لحدود‬
‫مضى متضجرا ً ‪ ..‬وألقاها على‬ ‫قدراتنا ‪..‬‬
‫مكتب رئيس قسم الصيانة ‪..‬‬ ‫أحيانا ً عند خروجك من البيت‬
‫وقال ‪ :‬ل تؤخرها علينا ‪..‬‬ ‫‪ ..‬تصرخ بك زوجتك ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬طيب ضعها بأسلوب‬ ‫أحضر معك حليبا ً ‪ ..‬وسكرا ً ‪..‬‬
‫مناسب ‪..‬‬ ‫وحفائظ ‪ ..‬وعشاء ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬مناسب ‪ ..‬غير مناسب ‪..‬‬ ‫فانتبه ‪ ..‬ل تردد ‪ :‬طيب ‪..‬‬
‫‪196‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫الدوار ‪..‬‬ ‫المهم خلصها بسرعة ‪..‬‬
‫والشياء التي ل نقدر عليها‬ ‫تشاتما ‪ ..‬حتى ارتفعت‬
‫نقول بكل شجاعة ‪ ..‬هذه ليست‬ ‫أصواتهما ‪..‬‬
‫في أيدينا ‪ ..‬ل نقدر ‪..‬‬ ‫ومضى السكرتير إلى‬
‫خاصة أن تصرفاتك قد يتعدى‬ ‫مكتبه ‪..‬‬
‫ضررها إلى أقوام لم يكونوا‬ ‫بعد ساعتين أقبل أحد‬
‫طرفا ً في المشكلة أصل ً ‪..‬‬ ‫الموظفين الصغار في‬
‫وانتبه أن يستثيرك الخرون ‪..‬‬ ‫الصيانة ‪ ..‬إلى رئيسه‬
‫ويحرجونك فتضطر لوعود ‪ ..‬قد‬ ‫وقال ‪ :‬سأذهب لخذ أولدي‬
‫ل تستطيع تنفيذها ‪..‬‬ ‫من المدرسة وأعود ‪..‬‬
‫انتقل معي إن شئت إلى‬ ‫صرخ الرئيس ‪ :‬وأنت كل يوم‬
‫المدينة ‪ ..‬وانظر إلى رسول الله‬ ‫تخرج ‪..‬‬
‫‪ e‬وقد جلس في مجلسه‬ ‫قال ‪ :‬هذا حالي من عشر‬
‫المبارك ‪ ..‬بعدما انتشر الدين ‪..‬‬ ‫سنوات ‪ ..‬أول مرة تعترض‬
‫حد رب العالمين ‪..‬‬ ‫و ّ‬
‫و ُ‬ ‫ي ‪..‬‬
‫عل ّ‬
‫جعل رؤساء القبائل يأتون إليه‬ ‫قال ‪ :‬أنت ما يصلح معك إل‬
‫مذعنين مؤمنين ‪ ..‬ومنهم من‬ ‫العين الحمراء ‪ ..‬ارجع‬
‫كانوا يأتون صاغرين حاقدين ‪..‬‬ ‫لمكتبك ‪..‬‬
‫وفي يوم أقبل رئيس من‬ ‫مضى المسكين إلى مكتبه ‪..‬‬
‫رؤساء العرب ‪ ..‬له في قومه‬ ‫وتولى أحد المدرسين‬
‫ملك ومنعه ‪..‬‬ ‫إيصالهم ‪ ..‬لما طال‬
‫أقبل عامر بن الطفيل ‪ ..‬وكان‬ ‫وقوفهم في الشمس ‪..‬‬
‫قومه يقولون له لما رأوا انتشار‬ ‫عاد هذا الموظف إلى بيته‬
‫السلم ‪ :‬يا عامر إن الناس قد‬ ‫غاضبا ً ‪ ..‬فأقبل إليه ولده‬
‫أسلموا فأسلم ‪ ..‬وكان متكبرا ً‬ ‫الصغير معه لعبة ‪ ..‬وقال ‪:‬‬
‫كتغطرسا ً ‪..‬‬ ‫بابا ‪ ..‬هذه أعطانيها‬
‫فكان يقول لهم ‪ :‬والله لقد‬ ‫المدرس لنني ‪..‬‬
‫كنت أقسمت أل أموت حتى‬ ‫صاح به الب ‪ :‬اذهب لمك ‪..‬‬
‫تمّلكني العرب عليهم وتتب َ‬
‫ع‬ ‫ودفعه بيده ‪..‬‬
‫عقبي ‪ ..‬فأنا أتبع عقب هذا‬ ‫مضى الطفل باكيا ً ‪..‬‬
‫الفتى من قريش !!‬ ‫فأقبلت إليه قطته الجميلة‬
‫ثم لما رأى تمكن السلم ‪..‬‬ ‫تتمسح برجليه كالعادة ‪..‬‬
‫وانصياع الناس لرسول الله ‪.. e‬‬ ‫فركلها برجله فضربت‬
‫ركب ناقته مع بعض أصحابه‬ ‫بالجدار ‪..‬‬
‫ومضى إلى رسول الله ‪.. e‬‬ ‫السؤال ‪ :‬من ركل القطة ؟‬
‫دخل المسجد على رسول الله ‪e‬‬ ‫أظنك ‪ ..‬تبتسم ‪ ..‬وتقول ‪:‬‬
‫وهو بين أصحابه الكرام ‪..‬‬ ‫المدير ‪..‬‬
‫فلما وقف بين يدي النبي عليه‬ ‫صحيح المدير ‪..‬‬
‫الصلة والسلم قال ‪ :‬يا محمد‬ ‫ن توزيع‬ ‫لماذا ل نتعلم ف ّ‬
‫‪197‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فكان صريحا ً جريئا ً معه ‪..‬‬ ‫خالني ‪ ..‬أي قف معي على‬
‫وقال ‪ :‬ليس ذلك لك ول‬ ‫انفراد ‪..‬‬
‫لقومك ‪..‬‬ ‫وكان ‪ e‬حذرا ً من أمثال‬
‫فخفف عامر الطلب قليل ً ‪..‬‬ ‫هؤلء ‪ ..‬فقال ‪ :‬ل والله‬
‫وقال ‪ :‬أسلم على أن لي الوبر‬ ‫حتى تؤمن بالله وحده ‪..‬‬
‫ولك المدر ‪ ..‬أي أكون ملكا ً على‬ ‫فقال ‪ :‬يا محمد خالني ‪..‬‬
‫البادية وأنت على الحاضرة ‪..‬‬ ‫فأبى النبي ‪ .. e‬فل زال‬
‫فإذا به ‪ .. ‬أيضا ً ل يريد أن‬ ‫يكرر ‪ ..‬يا محمد قم معي‬
‫يلزم نفسه بوعود ‪ ..‬ل يدري‬ ‫مك ‪ ..‬يا محمد قم معي‬ ‫أكل ْ‬
‫تتحقق أم ل ‪ ..‬فقال ‪ :‬ل ‪..‬‬ ‫مك ‪..‬‬ ‫أكل ْ‬
‫عندها غضب عامر وتغير‬ ‫حتى قام معه رسول الله‬
‫وجهه ‪ ..‬وصاح بأعلى صوته ‪:‬‬ ‫‪ .. e‬فاجتر عامر إليه أحد‬
‫والله يا محمد ‪ ..‬لملنها عليك‬ ‫أصحابه اسمه إربد ‪ ..‬وقال ‪:‬‬
‫خيل ً جردا ً ‪ ..‬ورجال ً مردا ً ‪..‬‬ ‫إني سأشغل عنك وجهه فإذا‬
‫ولربطن بكل نخلة فرسا ً ‪..‬‬ ‫فعلت ذلك فاضربه‬
‫ولغزوك بغطفان بألف أشقر‬ ‫بالسيف ‪ ..‬فجعل إربد يده‬
‫وألف شقراء ‪..‬‬ ‫على سيفه واستعد ‪..‬‬
‫ثم خرج يزبد ويرعد ‪..‬‬ ‫فانفرد الثنان إلى الجدار ‪..‬‬
‫ل ‪..‬‬‫فجعل ‪ ‬ينظر إليه وهو مو ّ‬ ‫ووقف معهما رسول الله ‪e‬‬
‫ثم رفع ‪ e‬بصره إلى السماء‬ ‫يكلم عامرا ً ‪ ..‬وقبض أربد‬
‫وقال ‪ :‬اللهم اكفني عامرا ً ‪..‬‬ ‫بيده على السيف ‪ ..‬فكلما‬
‫د قومه ‪..‬‬ ‫ه ِ‬
‫وا ْ‬ ‫أراد أن يسله يبست يده ‪..‬‬
‫خرج عامر مع أصحابه حتى إذا‬ ‫فلم يستطع سل السيف ‪..‬‬
‫فارق المدينة ‪ ..‬تعب من المسير‬ ‫وجعل عامر يشاغل رسول‬
‫‪ ..‬فصادف امرأة من قومه يقال‬ ‫الله ‪ .. e‬وينظر إلى إربد ‪..‬‬
‫لها سلولية وكانت في خيمة لها‬ ‫وإربد جامد ل يتحرك ‪..‬‬
‫‪ ..‬وكانت امرأة فاجرة ‪ ..‬يذمها‬ ‫فالتفت ‪ e‬فرأى أربد وما‬
‫الناس ويتهمون من دخل‬
‫يصنع ‪..‬‬
‫بيتها ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬يا عامر بن‬
‫فلم يجد مأوى آخر ‪ ..‬فنزل عن‬
‫الطفيل ‪ ..‬أسلم ‪..‬‬
‫فرسه مضطرا ً ونام في بيتها ‪..‬‬ ‫فقال عامر ‪ :‬يا محمد ما‬
‫فاخذته غدة وانتفاخ في حلقه‬
‫تجعل لي إن أسلمت ؟‬
‫كما يظهر في أعناق البل‬
‫فقال ‪ e‬لك ما للمسلمين‬
‫فيقتُلها ‪ ..‬ففزع واضطرب ‪..‬‬
‫وعليك ما عليهم ‪..‬‬
‫وجعل يتلمس الورم ويقول ‪:‬‬
‫قال عامر ‪ :‬أتجعل لي الملك‬
‫غدة كغدة البعير ‪ ..‬وموت في‬
‫من بعدك إن أسلمت ؟‬
‫بيت سلولية ‪..‬‬
‫لم يشأ النبي ‪ ‬أن يعد‬
‫أي ‪ :‬ل موت يشّرف ‪ ..‬ول مكان‬
‫عامرا ً بوعد قد ل يتحقق ‪..‬‬
‫يشّرف ‪..‬‬
‫‪198‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫من‬ ‫و َ‬ ‫سّر ال ْ َ‬ ‫َ‬ ‫من ُ‬
‫و َ‬ ‫ل َ‬ ‫ق ْ‬ ‫نأ َ‬ ‫م ْ‬ ‫كم ّ‬ ‫واء ّ‬ ‫س َ‬ ‫َ‬ ‫كان يتمنى أن يموت في‬
‫ل‬ ‫ّ‬
‫ف ِباللي ْ ِ‬ ‫خ ٍ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫هَر ب ِ ِ‬ ‫ج َ‬ ‫َ‬ ‫ساحة قتال ‪ ..‬بسيوف‬
‫ر*‬ ‫ها ِ‬ ‫ب ِبالن ّ َ‬ ‫ر ٌ‬ ‫سا ِ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬ ‫البطال ‪ ..‬فإذا به يموت‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫و ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن ي َدَي ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫من ب َي ْ‬ ‫ت ّ‬ ‫عقَبا ٌ‬ ‫ّ‬ ‫م َ‬ ‫ه ُ‬ ‫لَ ُ‬ ‫بمرض حيوانات ‪ ..‬في بيت‬
‫َ‬
‫ن‬
‫ه إِ ّ‬ ‫ر الل ّ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ظون َ ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫خل ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫فاجرة !!‬
‫غي ُّروا ْ‬ ‫حّتى ي ُ َ‬ ‫وم ٍ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ما ب ِ َ‬ ‫غي ُّر َ‬ ‫ه ل َ يُ َ‬ ‫الل ّ َ‬ ‫تبا ً ‪ ..‬للذل والمهانة ‪..‬‬
‫فسهم وإ َ َ‬ ‫َ‬
‫وم ٍ‬ ‫ق ْ‬ ‫ه بِ َ‬ ‫ذا أَرادَ الل ّ ُ‬ ‫ما ب ِأن ْ ُ ِ ِ ْ َ ِ‬ ‫َ‬ ‫فأخذ يصيح بهم ‪ :‬قربوا‬
‫من‬ ‫هم ّ‬ ‫َ‬
‫ما ل ُ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫َ‬
‫مَردّ ل ُ‬ ‫فل َ َ‬ ‫ءا َ‬ ‫سو ً‬ ‫ُ‬ ‫فرسي ‪..‬‬
‫ل*‬ ‫وا ٍ‬ ‫من َ‬ ‫ه ِ‬ ‫دون ِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫فقربوه ‪ ..‬فوثب على فرسه‬
‫و ً‬
‫فا‬ ‫خ ْ‬ ‫م ال ْب َْرقَ َ‬ ‫ريك ُ ُ‬ ‫ذي ي ُ ِ‬ ‫و ال ّ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ُ‬ ‫‪ ..‬وأخذ رمحه ‪ ..‬وصار يجول‬
‫قا َ‬
‫ل‬ ‫ب الث ّ َ‬ ‫حا َ‬ ‫س َ‬ ‫شىءُ ال ّ‬ ‫وي ُن ْ ِ‬ ‫عا َ‬ ‫م ً‬ ‫وط َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫به الفرس ‪..‬‬
‫*‬ ‫وهو يصيح من شدة اللم ‪..‬‬
‫ة‬‫مل َئ ِك َ ُ‬ ‫وال ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫د ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫عدُ ب ِ َ‬ ‫ح الّر ْ‬ ‫سب ّ ُ‬ ‫وي ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ويتحسس عنقه بيده‬
‫ق‬
‫ع َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ص َ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫س ُ‬ ‫وي ُْر ِ‬ ‫ه َ‬ ‫فت ِ ِ‬ ‫خي َ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬ ‫ويقول ‪ :‬غدة كغدة البعير‬
‫م‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫شاء َ‬ ‫من ي َ َ‬ ‫ها َ‬ ‫ب بِ َ‬ ‫صي ُ‬ ‫في ُ ِ‬ ‫َ‬ ‫وموت في بيت سلولية ‪..‬‬
‫د‬
‫دي ُ‬ ‫ش ِ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫ه َ‬ ‫في الل ّ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫جاِدُلو َ‬ ‫يُ َ‬ ‫فلم تزل تلك حاله يدور به‬
‫ل*‬ ‫حا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ال ْ ِ‬ ‫فرسه ‪ ..‬حتى سقط عن‬
‫من‬ ‫ن ِ‬ ‫عو َ‬ ‫ن ي َدْ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫ق َ‬ ‫ح ّ‬ ‫وةُ ال ْ َ‬ ‫ع َ‬ ‫ه دَ ْ‬ ‫لَ ُ‬ ‫فرسه ميتا ً ‪..‬‬
‫ء إ ِل ّ‬ ‫ي ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫هم ب ِ َ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫جيُبو َ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫ه ل َ يَ ْ‬ ‫دون ِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫تركه أصحابه ‪ ..‬ورجعوا إلى‬
‫غ‬ ‫ُ‬
‫ماء ل ِي َب ْل َ‬ ‫ْ‬
‫ه إ ِلى ال َ‬ ‫َ‬ ‫في ْ ِ‬ ‫ط كَ ّ‬ ‫س ِ‬ ‫ك ََبا ِ‬ ‫قومهم ‪..‬‬
‫عاء‬ ‫ما دُ َ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬ ‫غ ِ‬ ‫و ب َِبال ِ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ما ُ‬ ‫و َ‬ ‫فاهُ َ‬ ‫َ‬ ‫فلما دخلوا ديارهم ‪ ..‬أقبل‬
‫ل " ‪..‬‬ ‫ضل َ ٍ‬ ‫في َ‬ ‫ن إ ِل ّ ِ‬ ‫ري َ‬ ‫ف ِ‬ ‫كا ِ‬ ‫ال ْ َ‬ ‫الناس إلى إربد يسألونه ‪ :‬ما‬
‫نعم ‪ ..‬ل تلتزم إل بما تثق أنه‬ ‫وراءك يا أربد ؟‬
‫يمكنك الوفاء به ‪ ..‬بعون الله ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬ل شيء ‪ ..‬والله لقد‬
‫قام ‪ ‬مرة خطيبا ً في الناس ‪..‬‬ ‫دعانا محمد إلى عبادة‬
‫فتكلم عن الخرة وأحوالها ‪ ..‬ثم‬ ‫شيء ‪ ..‬لوددت لو أنه عندي‬
‫صاح قائل ً ‪ :‬يا فاطمة بنت محمد‬ ‫الن فأرميه بالنبل حتى‬
‫‪ ..‬سليني من مالي ما شئت ‪..‬‬ ‫أقتله ‪..‬‬
‫فإني ل أغني عنك من الله شيئا ً‬ ‫فخرج بعد مقالته بيوم أو‬
‫‪..‬‬ ‫يومين معه جمل له ليبيعه ‪..‬‬
‫وأخيرا ً ‪..‬‬ ‫فأرسل الله عليه وعلى‬
‫مع التأكيد على أهمية عدم‬ ‫جمله صاعقة فأحرقتهما ‪..‬‬
‫اللتزام بالشيء إل وأنت قادر‬ ‫وأنزل الله عز وجل في حال‬
‫عليه ‪ ..‬إل أنه ينبغي عند‬ ‫ما‬
‫م َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫عامر وأربد ‪ " :‬الل ّ ُ‬
‫ه يَ ْ‬
‫العتذار أن نستعمل أسلوبا ً ذكيا ً‬ ‫ل كُ ّ ُ‬
‫ض‬
‫غي ُ‬ ‫ما ت َ ِ‬ ‫و َ‬‫ل أنَثى َ‬ ‫م ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫تَ ْ‬
‫ء‬
‫ي ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫وك ُ ّ‬ ‫َ‬
‫‪..‬‬ ‫ش ْ‬ ‫دادُ َ‬ ‫ما ت َْز َ‬ ‫و َ‬‫م َ‬ ‫حا ُ‬ ‫الْر َ‬
‫فمثل ً ‪ :‬جاء إليك لتبحث لخيه‬ ‫ر*‬ ‫دا ٍ‬ ‫ق َ‬‫م ْ‬‫عندَهُ ب ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫عن وظيفة ‪ ..‬لن أباك مسئول‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ة الكِبيُر‬ ‫هادَ ِ‬ ‫ش َ‬ ‫وال ّ‬ ‫ب َ‬ ‫غي ْ ِ‬ ‫ْ‬
‫م ال َ‬ ‫عال ِ ُ‬ ‫َ‬
‫كبير ‪ ..‬أو أخاك ‪ ..‬أو أنت ‪..‬‬ ‫ل*‬ ‫عا ِ‬ ‫مت َ َ‬‫ال ْ ُ‬
‫‪199‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫‪ ..‬أو كثرة شغلها ‪ ..‬فيجعل يده‬ ‫فاعتذر بأسلوب يحفظ ماء‬
‫في يدها ‪ ..‬فينطلق معها إلى‬ ‫وجهه ويجعله يشعر أنك‬
‫أهلها ليشفع لها ‪..‬‬ ‫تشاركه الهم ‪ ..‬قل – مثل ً ‪: -‬‬
‫وكان يقول ‪ :‬ل يدخل الجنة من‬ ‫يا فلن ‪ ..‬أنا أشعر‬
‫كان في قلبه مثقال ذرة من‬ ‫بمعاناتك ‪ ..‬وأخوك أعتبره‬
‫كبر ‪..‬‬ ‫أخي ‪ ..‬ولئن كان إخواني‬
‫كم سمعنا الناس يرددون ‪ :‬يا‬ ‫خمسة فهو السادس ‪ ..‬لكن‬
‫أخي ‪ ..‬فلن متكبر ‪ ..‬فلن‬ ‫المشكلة أنني ل أستطيع أن‬
‫"شايف نفسه " ‪..‬‬ ‫أفعل شيئا ً الن ‪..‬‬
‫وتسأله ‪ :‬لماذا لم تستعن بجارك‬ ‫فاعذرني ‪ ..‬وأسأل الله أن‬
‫في كذا ؟ فيقول ‪ :‬فلن متكبر‬ ‫يوفق أخاك ‪..‬‬
‫علينا ‪ ..‬ما يعطينا وجه !!‬ ‫مع بتسامة لطيفة ‪..‬‬
‫كم هم مبغوضون أولئك الذين‬ ‫وتعبيرات وجه مناسبة ‪..‬‬
‫يتكبرون على الناس ‪..‬‬ ‫فكأنك بهذا الرد الجميل‬
‫ويعاملونهم باستعلء ‪..‬‬ ‫قضيت له ما يريد ‪ ..‬أليس‬
‫كم هو منبوذ ‪ ..‬ذاك الذي يطغى‬ ‫كذلك ‪..‬؟‬
‫أن رآه استغنى ‪..‬‬ ‫وجهة نظر ‪..‬‬
‫ذاك الذي يصعر خده للناس‬ ‫كن صريحا ً مع نفسك ‪..‬‬
‫ويمشي في الرض مرحا ً ‪..‬‬ ‫جريئا ً مع الناس ‪ ..‬واعرف‬
‫ذاك الذي يتكبر على العمال ‪..‬‬ ‫قدراتك والتزم بحدودها ‪..‬‬
‫والخدام ‪ ..‬والفقراء ‪..‬‬
‫يتكبر عن محادثتهم ‪..‬‬ ‫‪ .64‬الـتـواضـع ‪..‬‬
‫ومصافحتهم ‪ ..‬ومجالستهم ‪..‬‬ ‫كنت في مجلس فيه عدد من‬
‫لما دخل ‪ ‬مكة فاتحا ً ‪ ..‬جعل‬ ‫الوجهاء ‪..‬‬
‫يمر بطرقات مكة التي طالما‬ ‫فتحدث أحد من رآه‬
‫أوذي فيها ‪ ..‬واسُتهزئ به ‪..‬‬ ‫استغنى ! وقال في أثناء‬
‫كم سمع في طرقاتها ‪ ..‬يا‬ ‫حديثه ‪:‬‬
‫مجنون ‪ ..‬ساحر ‪ ..‬كاهن ‪ ..‬كذاب‬ ‫‪ ..‬ومررت بأحد العمال ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫فمدّ يده ليصافحني ‪..‬‬
‫وهو اليوم يدخلها قائدا ً عزيزا ً ‪..‬‬ ‫فترددت ثم مددت يدي‬
‫ممكنا ً ‪ ..‬قد أذل الله أهلها بين‬ ‫وصافحته ‪..‬‬
‫يديه ‪..‬‬ ‫ثم قال ‪ :‬مع أني ل أعطي‬
‫فكيف كان شعوره وهو داخل ؟‬ ‫يدي لي أحد ‪..‬‬
‫قال عبد الله بن أبي بكر ‪:‬‬ ‫ما شاء الله يقول ‪ :‬ل أعطي‬
‫لما وصل رسول الله ‪ ‬إلى ذي‬ ‫يدي لي أحد ‪..‬‬
‫طوى ‪ ..‬وقف على راحلته‬ ‫أما رسول الله ‪ .. r‬فكانت‬
‫معتجرا ً بقطعة برد حمراء ‪..‬‬ ‫المة المملوكة الضعيفة ‪..‬‬
‫وأن رسول الله ‪ ‬ليضع رأسه‬ ‫تلقاه في وسط الطريق ‪..‬‬
‫تواضعا ً لله ‪ ..‬حين رأى ما أكرمه‬ ‫فتشتكي إليه من ظلم أهلها‬
‫‪200‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫الشتاء في دفء النار ‪..‬‬ ‫الله به من الفتح ‪ ..‬حتى إن‬
‫طال مجلسنا فلحظت أحد‬ ‫عثنونه ) طرف لحيته ( ليكاد‬
‫ل من بيننا ‪..‬‬ ‫الخوة انس ّ‬ ‫يمس واسطة الرحل ‪..‬‬
‫كان رجل ً صالحا ً ‪ ..‬كانت له‬ ‫وقال أنس ‪ :‬دخل رسول‬
‫عبادات خفية ‪..‬‬ ‫الله ‪ ‬مكة يوم الفتح وذقنه‬
‫كنت أراه يتوجه إلى صلة‬ ‫على راحلته متخشعا ً ‪..‬‬
‫الجمعة مبكرا ً ‪ ..‬بل أحيانا ً وباب‬ ‫وقال ابن مسعود ‪ :‬أقبل‬
‫الجامع لم يفتح بعد ‪!!..‬‬ ‫رجل إلى رسول الله ‪‬‬
‫قام وأخذ إناءً من ماء ‪..‬‬ ‫فكلمه في شيء ‪ ..‬فأخذته‬
‫ظننت أنه ذهب ليقضي حاجته ‪..‬‬ ‫الرعدة ‪..‬‬
‫أبطأ علينا ‪ ..‬فقمت أترقبه ‪..‬‬ ‫فقال ‪ : ‬هون عليك ‪..‬‬
‫فرأيته بعيدا ً عنا ‪ ..‬قد لف جسده‬ ‫فإنما أنا ابن امرأة من‬
‫برداء من شدة البرد وهو ساجد‬ ‫قريش تأكل القديد ‪..‬‬
‫على التراب ‪ ..‬في ظلمة ‪..‬‬ ‫) اللحم الـمجفف ( ‪..‬‬
‫يتملق ربه ويتحبب إليه ‪..‬‬ ‫وكان ‪ ‬يقول ‪ :‬أجلس كما‬
‫أيقنت أن لهذه العبادة الخفية ‪..‬‬ ‫يجلس العبد ‪ ..‬وآكل كما‬
‫عزا ً في الدنيا قبل الخرة ‪..‬‬ ‫ِ‬ ‫يأكل العبد ‪..‬‬
‫مضت السنوات ‪..‬‬ ‫نعم ‪..‬‬
‫وأعرفه اليوم ‪ ..‬قد وضع الله له‬ ‫تواضع تكن كالنجم لح‬
‫القبول في الرض ‪..‬‬ ‫لناظر‬
‫له مشاركات في الدعوة ‪..‬‬ ‫على‬
‫وهداية الناس ‪..‬‬ ‫صفحات الماء وهو رفيع‬
‫إذا مشى في السوق أو المسجد‬ ‫ك كالدخان يعلو بنفسه‬ ‫ول ت ُ‬
‫‪ ..‬رأيت الصغار قبل الكبار‬ ‫على‬
‫يتسابقون إليه ‪ ..‬مصافحين ‪..‬‬ ‫و وهو رفيع‬ ‫طبقات الج ّ‬
‫ومحبين ‪..‬‬ ‫باختصار ‪..‬‬
‫كم يتمنى الكثيرون من تجار ‪..‬‬ ‫من تواضع لله رفعه ‪ ..‬وما‬
‫وأمراء ‪ ..‬ومشهورين ‪ ..‬أن‬ ‫زاد الله عبدا ً بالتواضع إل‬
‫ينالوا في قلوب الناس من‬ ‫عزا ً ‪..‬‬
‫المحبة مثل ما نال ‪..‬‬
‫ولكن هيهاااات ‪..‬‬ ‫العبادة الخفية ‪..‬‬ ‫‪.65‬‬
‫أأبيت سهران الدجى ‪ ..‬وتبيته‬ ‫قبل عشر سنوات ‪ ..‬في‬
‫*** نوما ً ! وتبغي بعد ذاك‬ ‫أيام ربيع ‪ ..‬وفي ليلة باردة‬
‫لحاقي ؟‬ ‫كنت في البر مع أصدقاء ‪..‬‬
‫نعم ‪ ) ..‬إن الذين آمنوا وعملوا‬ ‫تعطلت إحدى السيارات ‪..‬‬
‫الصالحات سيجعل لهم الرحمن‬ ‫فاضطررنا إلى المبيت في‬
‫ودا ً ( ‪ ..‬أي يجعل لهم محبة في‬ ‫ُ‬ ‫العراء ‪..‬‬
‫قلوب الخلق ‪..‬‬ ‫أذكر أنا أشعلنا نارا ً تحلقنا‬
‫إذا أحبك الله جعل لك القبول‬ ‫حولها ‪ ..‬وما أجمل أحاديث‬
‫‪201‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ومنها ‪ ..‬السعي في الصلح‬ ‫في الرض ‪..‬‬
‫بين الناس ‪ ..‬بين الزملء‬ ‫قال ‪ : e‬إن الله إذا أحب عبدا ً‬
‫المتخاصمين ‪ ..‬بين الجيران ‪..‬‬ ‫نادى جبريل ‪ ..‬فقال ‪:‬‬
‫بين الزوجين ‪..‬‬ ‫إني قد أحببت فلنا ً فأحبه ‪..‬‬
‫قال ‪ : ‬ال أخبركم بأفضل من‬ ‫قال ‪ :‬فيحبه جبريل ‪..‬‬
‫درجة الصلة والصيام‬ ‫ثم ُينادى في أهل السماء ‪:‬‬
‫والصدقة ؟‬ ‫إن الله يحب فلنا ً فأحبوه ‪..‬‬
‫قالوا ‪ :‬بلى ‪..‬‬ ‫فيحبه أهل السماء ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬إصلح ذات البين ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬ثم تنزل له المحبة في‬
‫وفساد ذات البين هي الحالقة‬ ‫أهل الرض ‪..‬‬
‫)‪(79‬‬
‫فذلك قول الله " إن الذين‬
‫ومنها الكثار من ذكر الله ‪..‬‬ ‫آمنوا وعملوا الصالحات‬
‫فإن من أحب شيئا ً أكثر من‬ ‫ودّا ً " ‪..‬‬‫سيجعل لهم الرحمن ُ‬
‫ذكره ‪..‬‬ ‫وإذا أبغض الله عبدا ً ‪ ..‬نادى‬
‫وفي الحديث ‪ ..‬قال ‪ : ‬أل‬ ‫جبريل ‪ :‬إني أبغضت فلنا ً‬
‫أنبئكم بخير أعمالكم ‪ ..‬وأزكاها‬ ‫فأبغضه ‪ ..‬فيبغضه جبريل ‪..‬‬
‫عند مليككم ‪ ..‬وأرفعها في‬ ‫ثم ُينادى في أهل السماء ‪:‬‬
‫درجاتكم ‪ ..‬وخير لكم من إعطاء‬ ‫إن الله يبغض فلنا ً‬
‫الذهب والورق ‪ ..‬وخير لكم من‬ ‫فأبغضه ‪..‬‬
‫أن تلقوا عدوكم فتضربوا‬ ‫فيبغضه أهل السماء ‪..‬‬
‫أعناقهم ويضربوا أعناقكم ‪..‬؟‬ ‫ثم تنزل له البغضاء في‬
‫قالوا ‪ :‬بلى ‪ ..‬وما ذاك يا رسول‬ ‫الرض ‪.. (78) ..‬‬
‫الله ؟‬ ‫قال الزبير بن العوام ‪: ‬‬
‫)‪(80‬‬
‫‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬ذكر الله عز وجل‬ ‫من استطاع منكم أن يكون‬
‫ومنها ‪ ..‬صدقة السر ‪ ..‬فصدقة‬ ‫له خبيئة من عمل صالح‬
‫السّر تطفئ غضب الرب ‪..‬‬ ‫فليفعل ‪..‬‬
‫كان أبو بكر ‪ t‬إذا صلى الفجر‬ ‫والعبادة الخفية أنواع ‪..‬‬
‫خرج إلى الصحراء ‪ ..‬فاحتبس‬ ‫منها ‪ ..‬الحفاظ على صلة‬
‫فيها شيئا ً يسيرا ً ‪ ..‬ثم عاد إلى‬ ‫الليل ‪ ..‬ولو ركعة واحدة‬
‫المدينة ‪..‬‬ ‫وترا ً كل ليلة ‪ ..‬تصليها بعد‬
‫فعجب عمر ‪ t‬من خروجه ‪..‬‬ ‫العشاء مباشرة ‪ ..‬أو قبل أن‬
‫فتبعه يوما ً خفية بعدما صلى‬ ‫تنام ‪ ..‬أو قبل الفجر ‪..‬‬
‫الفجر ‪..‬‬ ‫لتكتب عند الله من قوام‬
‫فإذا أبو بكر يخرج من المدينة‬ ‫الليل ‪..‬‬
‫ويأتي على خيمة قديمة في‬ ‫قال ‪ : ‬إن الله وتر يحب‬
‫الوتر ‪ ..‬فأوتروا يا أهل‬
‫‪ ( ) 79‬رواه أحمد وغيره ‪.‬‬
‫القرآن ‪..‬‬
‫‪ ( ) 80‬رواه أحمححد والترمححذي وغيرهمححا ‪،‬‬ ‫) ( رواه البخحححاري ومسحححلم ‪،‬‬ ‫‪78‬‬

‫صحيح ‪.‬‬ ‫والترمذي واللفظ له ‪.‬‬


‫‪202‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ويخرج عني الذى ‪..‬‬ ‫الصحراء ‪ ..‬فاختبأ له عمر‬
‫فخرج طلحة وهو يقول‪ :‬ثكلتك‬ ‫خلف صخرة ‪..‬‬
‫ت عمَر تتبع؟‬ ‫أمك يا طلحة‪..‬أعثرا ُ‬ ‫فلبث أبو بكر في الخيمة‬
‫* * * * * * * *‬ ‫شيئا ً يسيرا ً ‪ ..‬ثم خرج ‪..‬‬
‫وخرج مرة ‪ t‬إلى ضواحي‬ ‫فخرج عمر من وراء صخرته‬
‫المدينة ‪ ..‬فإذا برجل عابر سبيل‬ ‫ودخل الخيمة ‪ ..‬فإذا فيها‬
‫نازل وسط الطريق ‪ ..‬وقد نصب‬ ‫امرأة ضعيفة عمياء ‪..‬‬
‫خيمة قديمة ‪ ..‬وقعد عند بابها ‪..‬‬ ‫وعندها صبية صغار ‪..‬‬
‫ب الحال ‪ ..‬فسأله عمر ‪:‬‬ ‫مضطر َ‬ ‫فسألها عمر ‪ :‬من هذا الذي‬
‫من الرجل ؟‬ ‫يأتيكم ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬من أهل البادية ‪ ..‬جئت‬ ‫فقالت ‪ :‬ل أعرفه ‪ ..‬هذا‬
‫إلى أمير المؤمنين أصيب من‬ ‫رجل من المسلمين ‪ ..‬يأتينا‬
‫فضله ‪..‬‬ ‫كل صباح ‪ ..‬منذ كذا وكذا ‪..‬‬
‫فسمع عمر أنين امرأة داخل‬ ‫قال فماذا يفعل ‪ :‬قالت ‪:‬‬
‫الخيمة ‪ ..‬فسأله عنه ؟‬ ‫يكنس بيتنا ‪ ..‬ويعجن‬
‫فقال ‪ :‬انطلق رحمك الله‬ ‫عجيننا ‪ ..‬ويحلب داجننا ‪ ..‬ثم‬
‫لحاجتك ‪..‬‬ ‫يخرج ‪..‬‬
‫قال عمر ‪ :‬هذا من حاجتي ‪..‬‬ ‫فخرج عمر وهو يقول ‪ :‬لقد‬
‫فقال ‪ :‬امرأتي في الطلق ‪-‬‬ ‫أتعبت الخلفاء من بعدك يا‬
‫يعني تلد ‪ -‬وليس عندي مال ول‬ ‫أبا بكر ‪ ..‬لقد أتعبت الخلفاء‬
‫طعام ول أحد ‪..‬‬ ‫من بعدك يا أبا بكر ‪..‬‬
‫فرجع عمر إلى بيته سريعا ً ‪..‬‬ ‫* * * * * * * *‬
‫فقال لمرأته أم كلثوم بنت‬ ‫ولم يكن عمر ‪ t‬بعيدا ً في‬
‫علي ‪ :‬هل لك في خير ساقه‬ ‫تعبده وإخلصه عن أبي‬
‫الله إليك ؟‬ ‫بكر ‪..‬‬
‫قالت ‪ :‬وما ذاك ‪ ..‬فأخبرها بخبر‬ ‫فقد رآه طلحة بن عبيد‬
‫الرجل ‪ ..‬فحملت امرأته معها‬ ‫الله ‪..‬‬
‫متاعا ً ‪ ..‬وحمل هو جرابا ً فيه‬ ‫خرج في سواد الليل ‪..‬‬
‫طعام ‪ ..‬وقدرا ً وحطبا ً ‪ ..‬ومضى‬ ‫فدخل بيتا ً ثم ‪ ..‬خرج منه‬
‫إلى الرجل ‪..‬‬ ‫ودخل بيتا ً آخر ‪ ..‬فعجب‬
‫ودخلت امرأة عمر على المرأة‬ ‫طلحة ‪ ..‬ماذا يفعل عمر في‬
‫في خيمتها ‪..‬‬ ‫هذه البيوت !!‬
‫وقعد هو عند الرجل ‪ ..‬فأشعل‬ ‫فلما أصبح طلحة ذهب إلى‬
‫النار وأخذ ينفخ الحطب ‪..‬‬ ‫البيت الول‪..‬فإذا عجوز‬
‫ويصنع الطعام ‪ ..‬والدخان يتخلل‬ ‫عمياء مقعدة‪..‬‬
‫لحيته ‪ ..‬والرجل قاعد ينظر‬ ‫فقال لها ‪ :‬ما بال هذا‬
‫إليه ‪..‬‬ ‫الرجل يأتيك ؟‬
‫فبينما هو على ذلك ‪ ..‬إذ صاحت‬ ‫قالت ‪ :‬إنه يتعاهدني منذ كذا‬
‫امرأته من داخل الخيمة ‪ ..‬يا‬ ‫وكذا ‪ ..‬يأتيني بما يصلحني‬
‫‪203‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫‪..‬‬ ‫أمير المؤمنين ‪ ..‬بشر‬
‫وصام أحد السلف عشرين‬ ‫صاحبك بغلم ‪..‬‬
‫سنة ‪ ..‬يصوم يوما ً ويفطر‬ ‫فلما سمع الرجل ‪ ..‬أمير‬
‫يوما ً ‪ ..‬وأهله ل يدرون عنه ‪..‬‬ ‫المؤمنين ‪ ..‬فزع وقال ‪ :‬أنت‬
‫كان له دكان يخرج إليه إذا‬ ‫عمر بن الخطاب ‪ ..‬قال ‪:‬‬
‫طلعت الشمس ويأخذ معه‬ ‫نعم ‪ ..‬فاضطرب الرجل ‪..‬‬
‫فطوره وغداءه ‪ ..‬فإذا كان يوم‬ ‫وجعل يتنحى عن عمر‪..‬‬
‫صومه تصدق بالطعام ‪ ..‬وإذا‬ ‫فقال له عمر ‪ :‬مكانك ‪..‬‬
‫كان يوم فطره أكله ‪..‬‬ ‫ثم حمل عمر القدر ‪ ..‬وقربه‬
‫فإذا غربت الشمس ‪ ..‬رجع إلى‬ ‫إلى الخيمة وصاح بامرأته ‪..‬‬
‫أهله وتعشى معهم ‪..‬‬ ‫أشبعيها ‪..‬‬
‫نعم ‪ ..‬كانوا يستشعرون‬ ‫فأكلت المرأة من الطعام ‪..‬‬
‫العبودية لله في جميع‬ ‫ثم أخرجت باقي الطعام‬
‫أحوالهم ‪..‬‬ ‫خارج الخيمة ‪..‬‬
‫هم المتقون ‪ ..‬والله يقول ‪{ :‬‬ ‫فقام عمر فأخذه فوضعه‬
‫ق‬
‫دائ ِ َ‬ ‫ح َ‬‫فاًزا * َ‬ ‫م َ‬‫ن َ‬ ‫قي َ‬ ‫ن ل ِل ْ ُ‬
‫مت ّ ِ‬ ‫إِ ّ‬ ‫بين يدي الرجل ‪ ..‬وقال له ‪:‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫وأ َ ْ‬
‫وك َأ ً‬
‫سا‬ ‫ب أت َْراًبا * َ‬ ‫ع َ‬ ‫وا ِ‬ ‫وك َ َ‬‫عَناًبا * َ‬ ‫َ‬ ‫كل ‪ ..‬فإنك قد سهرت من‬
‫وا‬‫غ ً‬ ‫َ‬
‫ها ل ْ‬ ‫في َ‬ ‫ن ِ‬ ‫عو َ‬ ‫م ُ‬ ‫س َ‬ ‫ّ‬
‫قا * ل ي َ ْ‬ ‫ها ً‬ ‫ِد َ‬ ‫الليل ‪..‬‬
‫طاء‬ ‫ع َ‬ ‫ك َ‬ ‫من ّرب ّ َ‬ ‫جَزاء ّ‬ ‫ذاًبا * َ‬ ‫وَل ك ِ ّ‬ ‫َ‬ ‫ثم نادى عمر امرأته فخرجت‬
‫ساًبا } ‪..‬‬ ‫ح َ‬ ‫ِ‬ ‫إليه ‪..‬‬
‫فاطلب محبة الخالق ‪ ..‬وهو‬ ‫فقال للرجل ‪ :‬إذا كان من‬
‫يتكفل بزرع محبتك في قلوب‬ ‫الغد ‪ ..‬فأتنا نأمر لك بما‬
‫خلقه ‪..‬‬ ‫يصلحك ‪..‬‬
‫* * * * * * * *‬
‫إضاءة ‪..‬‬ ‫وكان علي بن الحسين‬
‫ليس الغاية أن تكون ظواهر‬ ‫يحمل جراب الخبز على‬
‫الخرين تحبك ‪ ..‬إنما الغاية أن‬ ‫ظهره بالليل ‪ ..‬فيتصدق‬
‫تحبك بواطنهم أيضا ً ‪..‬‬ ‫بها‪..‬ويقول ‪ :‬إن صدقة السر‬
‫تطفىء غضب الرب ‪..‬‬
‫أخرجهم من الحفرة ‪..‬‬ ‫‪.66‬‬ ‫فلما مات وجدوا في ظهره‬
‫ألم يقع مرة أن أحرجك شخص‬ ‫آثار سواد ‪ ..‬فقالوا ‪ :‬هذا‬
‫في مجلس عام بكلمة جارحة ‪..‬‬ ‫ظهر حمال ‪ ..‬وما علمناه‬
‫أو ربما سخر منك ‪ ..‬بأي شيء‬ ‫اشتغل حمال ً ‪..‬‬
‫وإن كان صغيرا ً ‪ ..‬بلباسك أو‬ ‫فانقطع الطعام عن مائة‬
‫كلمك ‪ ..‬أو أسلوبك ‪..‬‬ ‫بيت في المدينة ‪ ..‬من بيوت‬
‫فدافع عنك شخص ما ‪ ..‬فشعرت‬ ‫الرامل واليتام ‪ ..‬كان‬
‫بامتنان عظيم له ‪ ..‬لنه كأنما‬ ‫يأتيهم طعامهم بالليل ‪ ..‬ل‬
‫أمسك بطرف ثوبك عندما دفعك‬ ‫يدرون من يحضره إليهم ‪..‬‬
‫غيرك إلى هاوية ‪..‬‬ ‫فعلموا أنه الذي ينفق عليهم‬
‫‪204‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ل تلمه ‪ ..‬تخصصه صعب ‪ ..‬لكن‬ ‫مارس هذه المهارة مع‬
‫سيشد حيله إن شاء الله ‪..‬‬ ‫الخرين ‪ ..‬وسترى لها تأثيرا ً‬
‫كسب محبة الناس فرص‬ ‫ساحرا ً ‪..‬‬
‫يقتنصها الذكياء ‪..‬‬ ‫لو دخلت على شخص وأقبل‬
‫إذا هبت رياحك فاغتنمها ***‬ ‫ولده يحمل طبقا ً في‬
‫فإن لكل خافقة سكون‬ ‫طعام ‪ ..‬لكنه استعجل‬
‫كان عبد الله بن مسعود ‪.. t‬‬ ‫قليل ً ‪ ..‬فكاد أن يقع الطبق‬
‫يمشي مع النبي ‪.. r‬‬ ‫على الرض ‪ ..‬فانطلق الب‬
‫فمرا بشجرة فأمره النبي أن‬ ‫عليه ثائرا ً ‪ ..‬لماذا العجلة ؟‬
‫يصعدها ويحتّز له عودا ً يتسوك‬ ‫كم مرة أعلمك ؟ ‪..‬‬
‫به ‪..‬‬ ‫فاحمّر وجه الولد واصفّر ‪..‬‬
‫فرقى ابن مسعود وكان‬ ‫فقلت أنت ‪ :‬ل ‪ ..‬بل فلن‬
‫خفيفا ً ‪ ..‬نحيل الجسم ‪ ..‬فأخذ‬ ‫جل ‪ ..‬ما شاء الله‬ ‫بطل ‪ ..‬ر ُ‬
‫يعالج العود لقطعه ‪..‬‬ ‫عليه يحمل كل هذا لوحده ‪..‬‬
‫فأتت الريح فحركت ثوبه‬ ‫ولعله استعجل لن فيه‬
‫وكشفت ساقيه ‪ ..‬فإذا هما‬ ‫أغراض أخرى أيضا ً ‪..‬‬
‫ساقان دقيقتان صغيرتان ‪..‬‬ ‫أي امتنان سيشعر به الغلم‬
‫فضحك القوم من دقة ساقيه ‪..‬‬ ‫لك ‪..‬‬
‫فقال النبي ‪ : r‬م ّ‬
‫م‬ ‫هذا مع الصغار ‪ ..‬فما بالك‬
‫تضحكون ؟! ‪ ..‬من دقة‬ ‫مع الكبار ‪..‬‬
‫ساقيه ؟!‬ ‫لو أثنيت على زميل في‬
‫والذي نفسي بيده إنهما أثقل‬ ‫اجتماع ‪ ..‬بعدما صبوا عليه‬
‫)‪(81‬‬
‫في الميزان من أحد ‪..‬‬ ‫وابل ً من اللوم ‪..‬‬
‫أو أثنيت على أحد إخوانك ‪..‬‬
‫وجهة نظر ‪..‬‬ ‫بعدما انكب الراد السرة‬
‫كسب محبة الناس فرص‬ ‫عليه معاتبين ‪..‬‬
‫يقتنصها الذكياء ‪..‬‬ ‫شاب أحرجه شخص بسؤال‬
‫شْر يا فلن ‪..‬‬ ‫أمام الناس ‪ :‬ب َ ّ‬
‫الهتمام بالمظهر ‪..‬‬ ‫‪.67‬‬ ‫كم نسبتك في الجامعة ؟!‬
‫كان أبو حنيفة جالسا ً يوما ً بين‬ ‫بالله عليك ‪ ..‬هل هذا سؤال‬
‫طلبه في المسجد يدرس ‪..‬‬ ‫يسأله عاقل أمام الناس ؟!!‬
‫وكان به ألم في ركبته ‪ ..‬وقد‬ ‫فانقلب وجه الشاب‬
‫متلونا ً ‪ ..‬فأنقذته قائل ً‬
‫مد رجله ‪ ..‬واتكأ على جدار ‪..‬‬
‫في هذه الثناء ‪ ..‬أقبل رجل‬ ‫بلطف ‪ :‬ليش يا أبا فلن ‪..‬‬
‫عليه لباس حسن ‪ ..‬وعمامة‬ ‫ستزوجه ؟!! أو عندك‬
‫حسنة ‪ ..‬ومظهر مهيب ‪ ..‬كان‬ ‫وظيفة له ؟ أو ‪..‬‬
‫وقورا ً في مشيته ‪ ..‬جليل ً في‬ ‫فضحكوا وُنسي السؤال ‪..‬‬
‫و معدله‬ ‫أو لو عاتبه على دن ّ‬
‫الدراسي ‪ ..‬فقلت ‪ :‬يا أخي‬
‫) ( رواه أحمد وأبو يعلى وغيرهما‬ ‫‪81‬‬

‫‪205‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫وعليه وقار في مشيته ‪ ..‬لرأيت‬ ‫خطوته ‪..‬‬
‫أنك – ربما ل شعوريا ً – إذا‬ ‫أفسح له لطلب حتى جلس‬
‫وصلت إلى باب في الممر‬ ‫بجانب أبي حنيفة ‪..‬‬
‫ت إليه وقلت له ‪ :‬تفضل ‪..‬‬ ‫التف ّ‬ ‫فلما رأى ابو حنيفة‬
‫طال عمرك !!‬ ‫مظهره ‪ ..‬ورزانته ‪ ..‬ورتابة‬
‫ولو ركبت سيارة أحد أصدقائك‬ ‫هيئته ‪ ,,‬استحى من طريقة‬
‫فرأيتها فوضى ‪ ..‬هنا فردة حذاء‬ ‫جلسته وثنى رجله ‪ ..‬وتحمل‬
‫مرمي ‪ ..‬وهنا روق شاورما ‪..‬‬ ‫ألم ركبته لجله ‪..‬‬
‫وهما منديل ‪ ..‬وأشرطة كاسيت‬ ‫استمر أبو حنيفة في درسه‬
‫متناثرة ‪..‬‬ ‫والرجل يسمع ‪..‬‬
‫لكونت فكرة عن الشخص‬ ‫فلما انتهى من الدرس ‪..‬‬
‫مباشرة أنه فوضوي ‪ ..‬غير مبال‬ ‫بدأ الطلب يسألون ‪ ..‬فرفع‬
‫بالترتيب ‪..‬‬ ‫ذلك الرجل يده ليسأل ‪..‬‬
‫وكذلك في لباس الناس ‪..‬‬ ‫التفت إليه الشيخ ‪ ..‬وقال ‪:‬‬
‫ومظهرهم العام ‪..‬‬ ‫ما سؤالك ؟‬
‫والذي أعنيه هنا هو الهتمام‬ ‫فقال ‪ :‬يا شيخ ‪ ..‬متى وقت‬
‫بالمظهر ل السراف في اللباس‬ ‫صلة المغرب ؟‬
‫أو السيارة ‪ ..‬أو الثاث ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬إذا غربت‬
‫أوغيرها ‪..‬‬ ‫الشمس ‪!! ..‬‬
‫كان رسول الله ‪ ‬يعتني بهذه‬ ‫قال ‪ :‬وإذا جاء الليل‬
‫النواحي كثيرا ً ‪..‬‬ ‫والشمس لم تغرب ‪ ..‬فماذا‬
‫فكان له حلة حسنة يلبسها في‬ ‫نفعل ؟!‬
‫العيدين والجمعة ‪..‬‬ ‫فقال أبو حنيفة ‪ :‬آن لبي‬
‫وكانت له حلة يلبسها في‬ ‫حنيفة أن يمد رجليه ‪ ..‬ومد‬
‫استقبال الوفود ‪..‬‬ ‫رجله كما كانت ‪..‬‬
‫كان يعتني بمظهره ورائحته ‪..‬‬ ‫وسكت عن هذا السؤال‬
‫وكان يحب الطيب ‪..‬‬ ‫المتناقض !!‪ ..‬إذ كيف يأتي‬
‫قال أنس ‪ : ‬كان رسول الله ‪r‬‬ ‫الليل والشمس لم تغرب ؟!!‬
‫‪ ..‬أزهر اللون كأن عرقه‬ ‫يقولون إن النظرة الولى‬
‫اللؤلؤ ‪ ..‬إذا مشا تكفأ ‪..‬‬ ‫ون في ذهن المقابل‬ ‫إليك تك ّ‬
‫وما مسست ديباجا ً ول حريرا ً‬ ‫أكثر من ‪ %70‬من تصوره‬
‫ألين من كف رسول الله ‪.. r‬‬ ‫عنك ‪..‬‬
‫ول شممت مسكا ً ول عنبرا ً‬ ‫ويبدو أنه عند التأمل ستجد‬
‫أطيب من رائحة النبي ‪.. r‬‬ ‫أن النظرة الولى تكون أكثر‬
‫ة كأنما أخرجت‬ ‫ده مطيب ً‬ ‫وكانت ي ُ‬ ‫من ‪ %95‬عنك ‪ ..‬حتى‬
‫من جؤنة عطار ‪..‬‬ ‫تتكلم ‪ ..‬أو تعّرف بنفسك ‪..‬‬
‫وكان ‪ .. r‬يعرف بريح الطيب‬ ‫ولو مشيت في ممر في‬
‫إذا أقبل ‪..‬‬ ‫مستشفى أو شركة وبجانبك‬
‫وقال أنس ‪ ) ‬كان رسول الله‬ ‫شخص عليه ثياب حسنة ‪..‬‬
‫‪206‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫في منزلنا فرأى رجل ً شعثا ً قد‬ ‫‪ r‬ل يرد الطيب ( ‪..‬‬
‫تفرق شعره ‪..‬‬ ‫قال أنس ‪ :‬ما مسست حريرا ً‬
‫فقال ‪ :‬أما كان يجد هذا ما‬ ‫ول ديباجا ً ألين من كف‬
‫ُيسكن به شعره ؟‬ ‫رسول الله ‪.. ‬‬
‫ورأى رجل ً آخر وعليه ثياب‬ ‫وكان ‪ r‬أحسن الناس‬
‫وسخة فقال ‪ :‬أما كان هذا يجد‬ ‫وجها ً ‪ ..‬كان وجهه مستنيرا ً‬
‫ماء يغسل به ثوبه ؟ ‪..‬‬ ‫كالشمس ‪..‬‬
‫وقال ‪ ) :‬من كان له شعر‬ ‫سّر استنـار‬ ‫وكان إذا ُ‬
‫فليكرمه ( ‪..‬‬ ‫وجهه ‪ ..‬حتى كأن وجهه‬
‫وكان يحّرص على حسن السمت‬ ‫قطعة قمر ‪..‬‬
‫‪ ..‬وجمال الشكل ‪ ..‬واللباس ‪..‬‬ ‫قال جابر بن سمرة رأيت‬
‫وطيب الرائحة ‪..‬‬ ‫رسول الله ‪ r‬في ليلة‬
‫وكان يردد في الناس قائل ً ‪:‬‬ ‫مضيئة مقمرة ‪..‬‬
‫) إن الله جميل يحب الجمال (‬ ‫فجعلت أنظر إلى رسول‬
‫)‪.. (82‬‬ ‫الله ‪ r‬وإلى القمر ‪ ..‬وعليه‬
‫حلة حمراء ‪ ..‬فإذا هو عندي‬
‫تجربة ‪..‬‬ ‫أحسن من القمر ‪..‬‬
‫النظرة الولى إليك تطبع في‬ ‫وكان يأمر المسلمين بذلك‬
‫ذهن المقابل ‪ %70‬من تصوره‬ ‫يأمر المسلمين بمراعاة‬
‫عنك ‪..‬‬ ‫المظهر ‪..‬‬
‫عن أبي الحوص عن أبيه ‪‬‬
‫‪ .68‬الصدق ‪..‬‬
‫‪ ..‬قال ‪ :‬أتيت النبي ‪ r‬وعل ّ‬
‫ي‬
‫أذكر أني كنت أراقب على‬ ‫ثوب دون ) أي ردئ ( ‪..‬‬
‫الطلب يوما ً في قاعة‬ ‫فقال ‪ : r‬ألك مال ؟ قلت ‪:‬‬
‫المتحان ‪ ..‬وكان المتحان يوم‬ ‫نعم ‪..‬‬
‫خميس ‪ ..‬ومع أن يوم الخميس‬ ‫قال ‪ :‬من أي المال ؟ قلت ‪:‬‬
‫هو إجازة أصل ً إل أننا اضطررنا‬ ‫من البل والبقر والغنم‬
‫أن نجعل فيه امتحانا ً لزحمة‬ ‫والخيل والرقيق ‪..‬‬
‫المواد ‪..‬‬ ‫فقال ‪ : r‬فإذا آتاك الله مال ً‬
‫بعد مضي ربع ساعة من بداية‬
‫‪ ..‬فُليَر أثُر نعمة الله عليك‬
‫المتحان ‪ ..‬أقبل أحد الطلب‬
‫وكرامِته ‪..‬‬
‫متأخرا ً ‪ ..‬كان المسكين يبدو‬
‫عليه الضطراب الشديد ‪..‬‬ ‫وقال ‪ ) : r‬من أنعم الله‬
‫قلت له ‪ :‬عفوا ً ‪ ..‬أتيت متأخرا ً‬ ‫عليه نعمة ‪ ..‬فإن الله يحب‬
‫ولن أسمح لك بدخول‬ ‫أن يرى أثر نعمته على‬
‫المتحان ‪..‬‬ ‫عبده ( ‪.‬‬
‫فبدأ يرجوني أن أسمح له ‪..‬‬ ‫وعن جابر بن عبدالله ‪‬‬
‫قال ‪:‬‬
‫أتانا رسول الله ‪ .. r‬زائرا ً‬
‫) ( رواه مسلم‬ ‫‪82‬‬

‫‪207‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫الكذب ينفر الناس عنك ‪..‬‬ ‫قلت ‪ :‬ما الذي أخرك ؟!‬
‫ويفقدك المصداقية عندهم ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬والله يا دكتور ‪..‬‬
‫ويجعلهم ل يثقون فيك ‪..‬‬ ‫راحت علي نومة !!‬
‫فلو وقعت لحدهم مشكلة ‪..‬‬ ‫أعجبني صدقه ‪ ..‬وقلت‬
‫فلن يشكوها إليك ‪..‬‬ ‫تفضل ‪ ..‬فدخل وامتحن ‪..‬‬
‫ولو تكلمت بشيء لن يسمعوه‬ ‫بعده بدقائق أقبل طالب آخر‬
‫بتقبل ‪..‬‬ ‫‪ ..‬قلت ‪ :‬ما أخرك ؟‬
‫قال ‪ : ‬يطبع المؤمن على‬ ‫قال ‪ :‬يا دكتور والله الطريق‬
‫الخلل كلها إل الخيانة والكذب‬ ‫زححححمة ‪ ..‬تعرف الناس‬
‫)‪(83‬‬
‫في الصباح طالعين‬
‫وسئل ‪ .. ‬فقيل له ‪ :‬يا رسول‬ ‫لدواماتهم ‪ ..‬هذا رايح‬
‫الله ‪ ..‬أيكون المؤمن جبانا ً ؟‬ ‫جامعته ‪ ..‬وهذا لشركته ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫وهذا ‪..‬‬
‫فقيل ‪ :‬أيكون المؤمن بخيل ً ؟‬ ‫ي ليقنعني أن‬ ‫وجعل يعدد عل ّ‬
‫فقال ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫الطريق زحمة ‪..‬‬
‫فقيل ‪ :‬أيكون المؤمن كذابا ً ؟‬ ‫ونسي المسكين أن اليوم‬
‫)‪(84‬‬
‫فقال ‪ :‬ل ‪..‬‬ ‫إجازة للموظفين ‪ ..‬وربما‬
‫وقال عبد الله بن عامر ‪: ‬‬ ‫ليس في الطرق إل‬
‫دعتني أمي يوما ً ‪ ..‬ورسول الله‬ ‫طلبنا !!‬
‫‪ ‬قاعد في بيتنا ‪ ..‬فقالت ‪:‬‬ ‫قلت له ‪ :‬يعني الشوارع‬
‫ها ‪ ..‬تعال أعطيك ‪..‬‬ ‫زحمة ‪ ..‬والسيارات تمل‬
‫فقال لها رسول الله ‪ : ‬وما‬ ‫الطرق ؟‬
‫أردت أن تعطيه ؟‬ ‫قال ‪ :‬إي والله يا دكتور‬
‫قالت ‪ :‬أعطيه تمرا ً ‪..‬‬ ‫كأنك ترى ‪..‬‬
‫فقال لها ‪ :‬أما إنك لو لم تعطيه‬ ‫قلت ‪ :‬يا شاطر !! إذا أردت‬
‫)‪(85‬‬
‫شيئا ً ‪ ..‬كتبت عليك كذبة‬ ‫أن تكذب فاضبط الكذبة ‪ ..‬يا‬
‫وكان ‪ ‬إذا اطلع على أحد من‬ ‫أخي اليوم خمييييس ‪ ..‬يعني‬
‫أهل بيته كذب كذبة ‪ ..‬لم يزل‬ ‫ما فيه دوامات ‪ ..‬من أين‬
‫معرضا ً عنه ‪..‬‬ ‫جاءت الزحمة ؟!!‬
‫في كثير من الحيان يندفع‬ ‫قال ‪ :‬آه يا دكتور ‪ ..‬نسيت ‪..‬‬
‫بعض الناس إلى الكذب ‪ ..‬لجل‬ ‫" بنشر علي الكفر " ‪ ..‬أي‬
‫إظهار أنفسهم بصورة أكبر من‬ ‫تعطلت إحدى إطارات‬
‫الحقيقة ‪..‬‬ ‫السيارة فوقف‬
‫فتجده يكذب في بطولت‬ ‫لصلحها ‪!!..‬‬
‫يؤلفها ‪ ..‬ومواقف يخترعها ‪..‬‬ ‫كان المسكين مضطربا ً‬
‫أو يزيد في القصص ‪..‬‬ ‫متورطا ً ‪ ..‬فضحكت ودخل‬
‫ليمتحن ‪..‬‬
‫) ( رواه أحمد وأبو يعلى وغيرهما‬ ‫‪83‬‬

‫نعم ‪ ..‬ما أقبح أن يكتشف‬


‫) ( مالك في المؤطأ‬ ‫‪84‬‬

‫الناس أنك تكذب عليهم ‪..‬‬


‫) ( رواه أبو داود‬ ‫‪85‬‬

‫‪208‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫كرسيه ‪ ..‬بدون شرح ‪..‬‬ ‫ليمّلحها ‪..‬‬
‫جلست وسألت الذي بجانبي ‪ :‬ما‬ ‫أو يدعي أشياء عنده ‪ ..‬وهو‬
‫الخبر ؟!‬ ‫كاذب ‪ ..‬فيتشبع بما لم‬
‫قال ‪ :‬زميلنا عساف مات‬ ‫يعط ‪..‬‬
‫البارحة ‪..‬‬ ‫أو تجد الكذاب يعد ويخلف ‪..‬‬
‫كان في الفصل عدد من أصدقاء‬ ‫أو يتورط بأمور ‪ ..‬فيختلق‬
‫عساف ‪ ..‬تاركون للصلة ‪..‬‬ ‫أعذارا ً متنوعة ‪ ..‬وسرعان ما‬
‫والغون في عدد من‬ ‫يكتشف الناس كذبه فيها ‪..‬‬
‫المحرمات ‪..‬‬ ‫وقف أحد العلماء أمام‬
‫كان تأثير الخبر عليهم واضحا ً ‪..‬‬ ‫السلطان ‪ ..‬فشهد على‬
‫حدثتني نفسي أن ألقي عليهم‬ ‫شيء ‪..‬‬
‫كلمة وعظية أحثهم فيها على‬ ‫فقال السلطان ‪ :‬كذبت ‪..‬‬
‫الصلة ‪ ..‬وبر الولدين ‪ ..‬وإصلح‬ ‫فصاح العالم ‪ :‬أعوذ بالله ‪..‬‬
‫النفس ‪..‬‬ ‫والله لو نادى مناٍد من‬
‫قلت له ‪ :‬ممتااااز ‪ ..‬هل فعلت ؟‬ ‫السماء ‪ :‬إن الله أح ّ‬
‫ل‬
‫قال ‪ :‬بصراحة ‪ ..‬ل ‪ ..‬خجلت ‪..‬‬ ‫الكذب ‪ ..‬لما كذبت ‪ ..‬فكيف‬
‫سكت ‪ ..‬وكظمت غيظي وأنا‬ ‫وهو حرام !!‬
‫أقول في نفسي ‪ :‬تبا ً‬
‫جْبن ؟!!‬ ‫للـ ُ‬ ‫حقيقة ‪..‬‬
‫امرأة تسألها ‪ :‬لماذا لم تصارحي‬ ‫الكذب لون واحد كله أسود ‪..‬‬
‫زوجك بالموضوع ؟‬
‫فتقول ‪ :‬أستحي !! خفت‬ ‫الشجاعة ‪..‬‬ ‫‪.69‬‬
‫يزعل !! خفت يهجرني ‪..‬‬ ‫قال لي بعدما خرجنا من‬
‫خفت ‪..‬‬ ‫الوليمة ‪ :‬تصدق كنت أعرف‬
‫م لم تخبر أباك‬ ‫شاب تسأله ‪ :‬لـ َ‬ ‫اسم الصحابي الذي تكلمتم‬
‫بالمشكلة قبل أن تتفاقم ؟!‬ ‫عنه ‪..‬‬
‫فيقول ‪ :‬أخاف ‪ ..‬ما أتجرأ ‪..‬‬ ‫قلت ‪ :‬عجبا ً !! ليش ما‬
‫أو ربما رفع أحدهم ضغطك‬ ‫ذكرته ‪ ..‬وقد رأيتنا‬
‫بقوله ‪ :‬أستحي أبتسم ‪ ..‬أخجل‬ ‫متحيرين ؟!‬
‫أثني عليه ‪..‬‬ ‫خفض رأسه وقال ‪ :‬خجلت‬
‫أخاف يقولون يجامل ‪ ..‬يستخف‬ ‫أتكلم ‪..‬‬
‫دمه ‪..‬‬ ‫قلت في نفسي ‪ :‬تبا ً‬
‫أسمع هذه التصرفات كثيرا ً ‪..‬‬ ‫جبن ‪..‬‬‫لل ُ‬
‫فأتمنى أن أصرخ فيهم ‪ :‬يا‬ ‫وآخر كان يدرس في السنة‬
‫جبناااااء ‪ ..‬إلى متى ؟!‬ ‫الخيرة من الثانوية ‪..‬‬
‫الجبان ل يبني مجدا ً ‪ ..‬هو صفر‬ ‫التقيت به يوما ً فقال لي ‪:‬‬
‫على الشمال دائما ً ‪..‬‬ ‫قبل يومين دخلت الفصل ‪..‬‬
‫جـْبنه‬ ‫حف بـ ُ‬ ‫إن حضر مجلسا ً تل ّ‬ ‫فرأيت الطلب واجمين ‪..‬‬
‫ولم يشارك برأي ‪ ..‬أو ينطق‬ ‫والمدرس جالس على‬
‫‪209‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫شخص ل يدخن ‪ ..‬جلس مع‬ ‫بكلمة ‪..‬‬
‫أصحابه ‪ ..‬ليثبت على مبادئه ‪..‬‬ ‫وإن ذكروا نكتة ضحكوا‬
‫الشخص الثابت على مبادئه وإن‬ ‫وعّلقوا ‪ ..‬ولم يستطع أن‬
‫انتقدته أصحابه أحيانا ً ‪..‬‬ ‫يزيد على أن خفض رأسه‬
‫واتهموه بعدم المرونة ‪ ..‬إل أن‬ ‫وتبسم ‪..‬‬
‫مشاعرهم الداخلية تؤمن أنها‬ ‫وإن حضر مجلسا ً ‪ ..‬لم ينتبه‬
‫أمام بطل ‪..‬‬ ‫أحد لوجوده ‪..‬‬
‫فتجد أن أكثرهم يلجأ إليه‬ ‫والعظم من ذلك إن كان أبا ً‬
‫ويشعر بأهميته أكثر ن غيره ‪..‬‬ ‫‪ ..‬أو زوجا ً ‪ ..‬أو مديرا ً ‪..‬‬
‫وليش هذا خاصا ً بأحد الجنسين‬ ‫أو حتى زوجة أو أما ً ‪..‬‬
‫دون الخر ‪ ..‬بل الرجال والنساء‬ ‫الناس يكرهون الجبان ‪..‬‬
‫في ذلك سواء ‪..‬‬ ‫وليس له قدر ‪..‬‬
‫فاثبت على مبادئك ول تقدم‬ ‫فعود نفسك على الشجاعة‬
‫تنازلت ‪ ..‬عندها سيرضخ الناس‬ ‫في اللقاء ‪..‬‬
‫لها ‪..‬‬ ‫الشجاعة في النصح ‪..‬‬
‫لما ظهر السلم في الناس‬ ‫الشجاعة في تطبيق مهارات‬
‫جعلت لقبائل تفد إلى رسول‬ ‫التعامل مع الناس ‪..‬‬
‫الله ‪.. ‬‬
‫فجاء وفد قبيلة ثقيف وكانوا‬ ‫وجهة نظر ‪..‬‬
‫بضعة عشر رجل ً ‪..‬‬ ‫ود نفسك ودربها ‪ ..‬وإنما‬‫ع ّ‬
‫فلما قدموا أنزلهم رسول الله‬ ‫النصر ‪ :‬صبر ساعة ‪..‬‬
‫‪ ‬المسجد ليسمعوا القرآن ‪..‬‬
‫فسألوه ‪ :‬عن الربا والزنا‬ ‫الثبات على‬ ‫‪.70‬‬
‫والخمر ؟‬ ‫المبادئ ‪..‬‬
‫فحرم عليهم ذلك كله ‪..‬‬ ‫كلما كانت شخصية الشخص‬
‫وكان لهم صنم ورثوا عبادته‬ ‫أقوى ‪ ..‬وثباته على مبادئه‬
‫وتعظيمه عن آبائهم ‪ ..‬اسمه "‬ ‫أشد ‪ ..‬كان أهم في‬
‫الربة " ‪ ..‬ويصفونه بـ " الطاغية‬ ‫الحياة ‪..‬‬
‫" ‪ ..‬وينسجون حوله القصص‬ ‫أحينا ً يكون من مبادئك عدم‬
‫والحكايات للدللة على قوته ‪..‬‬ ‫أخذ الرشوة ‪ ..‬مهما مّلحوا‬
‫فسألوه عن " الربة " ما هو‬ ‫أسماءها ‪ ..‬بخشيش ‪..‬‬
‫صانع بها ؟‬ ‫هدية ‪ ..‬عمولة ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬اهدموها ‪..‬‬ ‫زوجة يكون من مبادئها ‪..‬‬
‫ففزعوا ‪ ..‬وقالوا ‪ :‬هيهات ‪ ..‬لو‬ ‫عدم الكذب على زوجها ‪..‬‬
‫تعلم الربة أنك تريد أن تهدمها ‪..‬‬ ‫مهما زينوه لها ‪ ..‬تمشية‬
‫قتلت أهلها !!‬ ‫حال ‪ ..‬كذب أبيض ‪..‬‬
‫وكان عمر حاضرا ً ‪ ..‬فعجب من‬ ‫من المبادئ ‪ ..‬عدم تكوين‬
‫خوفهم من هدم صنم ‪..‬‬ ‫علقات محرمة مع الجنس‬
‫فقال ‪ :‬ويحكم يا معشر ثقيف !!‬ ‫الخر ‪ ..‬عدم شرب الخمر ‪..‬‬
‫‪210‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فقالوا ‪ :‬سنؤتيكها ‪ ..‬وإن كانت‬ ‫ما أجهلكم !! إنما الربة حجر‬
‫دناءة ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫فكاتبوه على ذلك ‪..‬‬ ‫فغضبوا ‪ ..‬وقالوا ‪ :‬إنا لم‬
‫وذهبوا إلى قومهم ‪ ..‬ودعوهم‬ ‫نأتك يا ابن الخطاب ‪..‬‬
‫إلى السلم ‪ ..‬فأسلموا على‬ ‫فسكت عمر ‪..‬‬
‫مضض ‪..‬‬ ‫فقالوا ‪ :‬نشترط أن تدع لنا‬
‫ثم قدم عليهم رجال من أصحاب‬ ‫الطاغية ثلث سنين ‪ ..‬ثم‬
‫رسول الله ‪ ‬لهدم الصنم ‪..‬‬ ‫تهدمه بعدها إن شئت ‪..‬‬
‫فيهم خالد بن الوليد ‪ ..‬والمغيرة‬ ‫فرأى النبي ‪ ‬أنهم‬
‫بن شعبة الثقفي ‪..‬‬ ‫يساومونه على أمر في‬
‫فتوجه الصحابة إلى الصنم ‪..‬‬ ‫العقيدة !! هو أصل من‬
‫ففزعت ثقيف ‪ ..‬وخرج الرجال‬ ‫أصول السلم ‪ ..‬فما دام‬
‫والنساء والصبيان ‪..‬‬ ‫أنهم سيسلمون ‪ ..‬فما‬
‫وجعلوا يرقبون الصنم ‪ ..‬وقد‬ ‫الداعي للتعلق بالصنم ‪!! ..‬‬
‫وقع في قلوبهم أنه لن ينهدم ‪..‬‬ ‫فقال ‪ : ‬ل ‪..‬‬
‫وأن الصنم سيمنع نفسه ‪..‬‬ ‫قالوا ‪ :‬فدعه سنتين ‪ ..‬ثم‬
‫فقام المغيرة بن شعبة ‪ ..‬فأخذ‬ ‫اهدمه ‪..‬‬
‫الفأس ‪ ..‬والتفت إلى الصحابة‬ ‫قال ‪ :‬ل ‪..‬‬
‫الذين معه وقال ‪:‬‬ ‫قالوا ‪ :‬فدعه سنة واحدة ‪..‬‬
‫والله لضحكنكم من ثقيف !!‬ ‫قال ‪ :‬ل ‪..‬‬
‫ثم اقبل إلى الصنم ‪ ..‬فضرب‬ ‫قالوا ‪ :‬فدعه شهرا ً واحدا ً !!‬
‫الصنم بالفأس ‪ ..‬ثم سقط‬ ‫قال ‪ :‬ل ‪..‬‬
‫وجعل يرفس برجله ‪..‬‬ ‫فلما رأوا أنه لم يستجب‬
‫فصاحت ثقيف ‪ ..‬وارتجوا ‪..‬‬ ‫لهم في ذلك ‪ ..‬فالمسألة‬
‫وفرحوا ‪ ..‬وقالوا ‪ :‬أبعد الله‬ ‫شرك وإيمان ‪ ..‬ل مجال‬
‫المغيرة ‪ ..‬قتلته الربة ‪..‬‬ ‫فيها للمفاوضة !!‬
‫ثم التفتوا إلى بقية الصحابة‬ ‫قالوا ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬
‫وقالوا ‪:‬‬ ‫ل أنت هدمها ‪ ..‬أما نحن‬ ‫فتو ّ‬
‫من شاء منكم فليقترب ‪..‬‬ ‫فإنا لن نهدمها أبدا ً ‪..‬‬
‫عندها قام المغيرة ضاحكا ً ‪..‬‬ ‫فقال ‪ : ‬سأبعث إليكم من‬
‫وقال ‪:‬‬ ‫يكفيكم هدمها ‪..‬‬
‫ويحكم يا معشر ثقيف ‪ ..‬إنما‬ ‫فقالوا ‪ :‬والصلة ‪ ..‬ل نريد‬
‫هي لكاع ) أي مزحة ( ‪ ..‬وهذا‬ ‫أن نصلي ‪ ..‬فإننا نأنف أن‬
‫صنم ‪ ..‬حجارة ومدر ‪ ..‬فاقبلوا‬ ‫تعلو إست الرجل رأسه !!‬
‫عافية الله واعبدوه ‪..‬‬ ‫فقال ‪ : ‬أما كسر أصنامكم‬
‫ثم أقبل يهدم الصنم ‪ ..‬والناس‬ ‫بأيديكم فسنعفيكم من‬
‫معه ‪ ..‬فما زالوا يهدمونها حجرا ً‬ ‫ذلك ‪..‬‬
‫حجرا ً ‪ ..‬حتى سووها بالرض ‪..‬‬ ‫وأما الصلة ‪ ..‬فل خير في‬
‫دين ل صلة فيه ‪!!..‬‬
‫‪211‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫متعجبين ‪..‬‬ ‫ي ‪..‬‬
‫حـ ْ‬
‫و ْ‬
‫فلما ظهرت النتائج ‪ ..‬فإذا اسمه‬ ‫"من طلب رضا الناس‬
‫في أوائل المقبولين ‪..‬‬ ‫بسخط الله سخط الله عليه‬
‫بدأ عمله معهم ‪ ..‬ومضى عليه‬ ‫وأسخط عليه الناس ‪ ،‬ومن‬
‫أشهر ‪..‬‬ ‫طلب رضا الله بسخط الناس‬
‫وفي يوم لقي أحد المسئولين‬ ‫رضي الله عنه وأرضى عنه‬
‫في تلك المقابلة وسأله ‪ :‬لماذا‬ ‫الناس "‬
‫كنتم تكررون سؤالي عن‬
‫الخمر ؟!‬ ‫‪ .71‬إغراءات ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬لن الوظيفة المطلوبة‬ ‫قرأت أن شابا ً مسلما ً في‬
‫هي في الحراسات ‪ ..‬وكلما‬ ‫بريطانيا ‪ ..‬اطلع على قرأ‬
‫توظف فيها شاب ‪ ..‬فوجئنا به‬ ‫إعلن لحدى الشركات حول‬
‫يشرب الخمر ويسكر ‪ ..‬فيضيع‬ ‫حاجتها إلى موظفين‬
‫مكانه ‪ ..‬ويهجم على الشركة‬ ‫يعملون في الحراسات ‪..‬‬
‫من يسرقها ‪ ..‬فلما وجدناك ل‬ ‫أقبل إلى اللجنة المختصة‬
‫تشرب الخمر عرفنا أننا وقعنا‬ ‫بمقابلة المتقدمين ‪ ..‬فإذا‬
‫على مبتغانا ‪ ..‬فوظفناك هنا !!‬ ‫جمع كبير من الشباب ‪ ..‬ما‬
‫ما أجمل الثبات على المبادئ‬ ‫بين مسلمين وغير‬
‫وإن كثرت الغراءات ‪..‬‬ ‫مسلمين ‪..‬‬
‫المشكلة أننا نعيش في‬ ‫كلما خرج شخص من‬
‫ل أن تجد فيها من‬ ‫مجتمعات ق ّ‬ ‫المقابلة سأله الواقفون ‪..‬‬
‫يتمسك مبادئه ‪ ..‬يعيش من‬ ‫عن ماذا سألوك ؟ وبماذا‬
‫أجلها ويموت من أجلها ‪ ..‬ويثبت‬ ‫أجبت ؟‬
‫على اللتزام بها ‪ ..‬وإن كثرت‬ ‫كان من أهم أسئلتهم ‪ :‬كم‬
‫الغراءات ‪..‬‬ ‫كأسا ً تشرب من الخمر يوميا ً‬
‫إذا مشيت على الصحيح ‪..‬‬ ‫؟!‬
‫والتزمت بالصراط المستقيم ‪..‬‬ ‫جاء دور صاحبنا ‪ ..‬فدخل ‪..‬‬
‫فأصحاب المبادئ الخرى لن‬ ‫وتتابعت عليه السئلة ‪..‬‬
‫يتركوك ‪..‬‬ ‫حتى سألوه ‪ :‬كم تشرب من‬
‫فعدم قبولك للرشوة يغضب‬ ‫الخمر ؟‬
‫زملءك المرتشين ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬أنا ل أشرب الخمر ‪..‬‬
‫وامتنعاك عن الزنا ‪ ..‬يغضب‬ ‫قالوا ‪ :‬لماذا !! هل أنت‬
‫الفاعلين !!‬ ‫مريض ؟!‬
‫ذكر أن عمر بن الخطاب ‪ ‬كان‬ ‫ُ‬ ‫قال ‪ :‬ل ‪ ..‬لكني مسلم ‪..‬‬
‫س ليلة من الليالي ‪..‬‬ ‫ع ّ‬
‫ي ِ‬ ‫والخمر حرام ‪..‬‬
‫يراقب وينظر ‪..‬‬ ‫قالوا ‪ :‬يعني ل تشربها حتى‬
‫فمر بأحد البيوت في ظلمة‬ ‫في عطلة آخر السبوع ؟!!‬
‫الليل ‪ ..‬فسمع فيه رجال‬ ‫قال ‪ :‬ل ‪..‬‬
‫سكارى ‪ ..‬فكره أن يطرق‬ ‫فنظر بعضهم إلى بعض‬
‫‪212‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫العمل ‪ ..‬ويزرث الراحة في‬ ‫عليهم الباب ليل ً ‪ ..‬وخشي‬
‫قلوبهم ‪ ..‬ويزيد النتاج ‪..‬‬ ‫أن يكون ظنه خاطئا ً ‪ ..‬وأراد‬
‫فيلقاه مسئول سيء الخلق ‪..‬‬ ‫أن يتثبت من المر ‪..‬‬
‫قَبل موظفيه ‪..‬‬ ‫مبغوض من ِ‬ ‫فتناول كسرة فحم من على‬
‫فيحسده – ربما – أو يريد أن‬ ‫الرض ‪ ..‬ووضع بها علمة‬
‫يقنعه بأسلوب آخر في‬ ‫على الباب ‪ ..‬ومضى ‪..‬‬
‫التعامل ‪ ..‬فيقول له ‪ :‬ل تفعل‬ ‫سمع صاحب الدار صوتا ً عن‬
‫كذا ‪ ..‬وافعل كذا ‪ ..‬ول تبتسم ‪..‬‬ ‫الباب ‪ ..‬فخرج ‪ ..‬فرأى‬
‫ول ‪..‬‬ ‫العلمة ‪ ..‬ورأى ظهر عمر‬
‫أو صاحب بقالة ل يبيع‬ ‫موليا ً ‪ ..‬ففهم القصة ‪..‬‬
‫السجائر ‪ ..‬فيحول أن يقنعه ‪..‬‬ ‫فكان الصل أن يمسح‬
‫فكن بطل ً واثبت على مبادئك ‪..‬‬ ‫العلمة وينتهي المر ‪ ..‬لكنن‬
‫وقل بأعلى صوتك ‪ :‬لااااا ‪..‬‬ ‫الرجل لم يفعل ذلك ‪!!..‬‬
‫مهما أغروك ‪..‬‬ ‫وإنما أخذ كسرة الفحم‬
‫وقديما ً حاول الكفار مع رسول‬ ‫وأقبل إلى بيوت جيرانه ‪..‬‬
‫الله ‪ ‬أن يتنازل عن مبادئه ‪..‬‬ ‫وجعل يرسم على أبوابها‬
‫دهن‬ ‫فقال الله له ‪ ) :‬ودوا لو ت ُ ْ‬ ‫علمات !!‬
‫فيدهنون ( ‪..‬‬ ‫وكأنه يريد أن ينزل الناس‬
‫يعني أنهم ل مبادئ عندهم أصل ً‬ ‫إلى مستواه ‪ ..‬ويكونون مثله‬
‫ليحافظوا عليها ‪ ..‬وبالتالي ل‬ ‫‪ ..‬ول يريد أن يرتفع إلى‬
‫مانع عندهم من التنازل عن‬ ‫مستواهم ‪!!..‬‬
‫مبادئهم ‪ ..‬فانتبه أن يغروك‬ ‫وفي المثل ‪ :‬ودت الزانية لو‬
‫بترك مبادئك ‪..‬‬ ‫أن النساء كلهن زنين ‪..‬‬
‫من التجارب في حياتنا ‪ ..‬أن‬
‫قال تعالى ‪:‬‬ ‫تجد زوجة كثيرة الكذب على‬
‫" فل تطع المكذبين * ودوا لو‬ ‫زوجها ‪ ..‬تربت على ذلك ‪..‬‬
‫تدهن فيدهنون "‬ ‫وتعودت عليه ‪ ..‬فإذا رأت‬
‫من تنكر عليها ‪ ..‬وتنصحها‬
‫العفو عن الخرين ‪..‬‬ ‫‪.72‬‬ ‫بالصدق ‪ ..‬حاولت أن تجرها‬
‫ل تخلو الحياة من عثرات تصيبنا‬ ‫إلى مستنقعها ‪ ..‬فكررت‬
‫من الناس ‪..‬‬ ‫عليها ‪ :‬الرجال ما يصلح‬
‫فهذه مزحة ثقيلة ‪ ..‬وتلك كلمة‬ ‫معهم إل كذا ‪ ..‬ما تمشي‬
‫نابية ‪ ..‬وتعدّ على حاجات‬ ‫أمورك معه إل بالكذب ‪..‬‬
‫شخصية ‪..‬‬ ‫فل تزال بها حتى تتنازل عن‬
‫خصومة بين اثنين في مجلس ‪..‬‬ ‫مبادئه وتتغير ‪ ..‬أو ربما‬
‫أو اختلف في وجهات نظر ‪ ..‬أو‬ ‫تثبت ‪ ..‬ولعلها ‪..‬‬
‫آراء ‪..‬‬ ‫وقل مثل ذلك في مسئول‬
‫وبعضنا يكبر الموضوع في‬ ‫حسن الخلق مع موظفيه ‪..‬‬
‫نفسه ‪ ..‬وليس عنده استعداد‬ ‫ويرى أن هذا مما يفيد‬
‫‪213‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫طرحها ‪..‬‬ ‫للعفو أو النسيان ‪..‬‬
‫ثم وقف على باب الكعبة ‪..‬‬ ‫أو ربما لم يملك استعدادا ً‬
‫وقد اجتمع له الناس في‬ ‫لقبول أعذار الخرين والعفو‬
‫المسجد مسلمين والكفار‬ ‫عنهم ‪..‬‬
‫ينظرون إليه ‪..‬‬ ‫بعض الناس يعذب نفسه‬
‫ثم صلى ركعتين ثم انصرف إلى‬ ‫بعدم عفوه ‪ ..‬يمل صدره‬
‫زمزم ‪ ..‬فاطلع فيها ‪ ..‬ودعا‬ ‫بأحقاد تشغله تعذبه ‪..‬‬
‫بماء فشرب منها وتوضأ ‪..‬‬ ‫ولله در الحسد ما أعدله ‪..‬‬
‫والناس يبتدرون وضوءه ‪..‬‬ ‫بدأ بصاحبه فقتله ‪..‬‬
‫والمشركون يتعجبون من ذلك ‪..‬‬ ‫فل تعذب نفسك ‪ ..‬هناك‬
‫ويقولون ‪ :‬ما رأينا ملكا ً قط ول‬ ‫أشياء ل يمكن أن تعاقب‬
‫سمعنا به مثل هذا ‪..‬‬ ‫عليها ‪..‬‬
‫ثم أقبل إلى مقام إبراهيم‬ ‫س الماضي ‪ ..‬وعش حياتك‬ ‫ِان َ‬
‫فأخره عن الكعبة ‪ ..‬وكان‬ ‫‪..‬‬
‫ملصقا بها ‪..‬‬ ‫لما دخل رسول الله ‪ ‬مكة‬
‫ثم قام ‪ ‬على باب الكعبة‬ ‫فاتحا ً ‪ ..‬واطمأن الناس ‪..‬‬
‫فقال ‪:‬‬ ‫خرج حتى جاء الكعبة فطاف‬
‫ل إله إل الله ‪ ..‬وحده ل شريك‬ ‫بها سبعا ً على راحلته ‪..‬‬
‫له ‪ ..‬صدق وعده ‪ ..‬ونصر‬ ‫فلما قضى طوافه ‪ ..‬دعا‬
‫عبده ‪ ..‬وهزم الحزاب وحده ‪..‬‬ ‫عثمان بن طلحة فأخذ منه‬
‫أل كل مأثرة ‪ ..‬أو دم ‪ ..‬أو مال‬ ‫مفتاح الكعبة ‪ ..‬ففتحت له‬
‫دعى ‪ ..‬فهو موضوع تحت‬ ‫يُ ّ‬ ‫فدخلها ‪..‬‬
‫قدمي هاتين ‪ ..‬إل سدانة‬ ‫فرأى فيه صور الملئكة‬
‫البيت ‪ ..‬وسقاية الحاج ‪ ..‬ثم‬ ‫وغيرهم ‪..‬‬
‫جعل يقرر بعض الحكام‬ ‫ورأى إبراهيم عليه السلم‬
‫الشرعية فقال ‪:‬‬ ‫مصورا ً في يده الزلم‬
‫أ ََل وقتيل الخطأ شبه العمد‬ ‫يستقسم بها ‪..‬‬
‫بالسوط والعصا ‪ ..‬ففيه الدية‬ ‫فقال ‪ : ‬قاتلهم الله ‪..‬‬
‫مغلظة مائة من البل ‪ ..‬أربعون‬ ‫جعلوا شيخنا يستقسم‬
‫منها في بطونها أولدها ‪..‬‬ ‫بالزلم !! ما شأن ابراهيم‬
‫ثم نظر إلى رؤوس قريش‬ ‫والزلم ؟!‬
‫وساداتها ‪ ..‬فصاح بهم ‪:‬‬ ‫ً‬
‫ما كان إبراهيم يهوديا ول‬
‫يا معشر قريش ‪ ..‬إن الله قد‬ ‫نصرانيا ً ولكن كان حنيفا ً‬
‫أذهب عنكم نخوة الجاهلية ‪..‬‬ ‫مسلما ً وما كان من‬
‫ظمها بالباء ‪..‬‬ ‫وتع ّ‬ ‫المشركين ‪..‬‬
‫الناس من آدم ‪ ..‬وآدم من‬ ‫ثم أمر ‪ ‬بتلك الصور كلها‬
‫تراب ‪..‬‬ ‫فطمست ‪..‬‬
‫س إ ِّنا‬ ‫َ‬
‫ها الّنا ُ‬ ‫ثم تل " َيا أي ّ َ‬ ‫ثم وجد فيها حمامة من‬
‫ُ‬ ‫خل َ ْ‬
‫وأنَثى‬ ‫ر َ‬‫من ذَك َ ٍ‬ ‫كم ّ‬ ‫قَنا ُ‬ ‫َ‬ ‫عيدان فكسرها بيده ‪ ..‬ثم‬
‫‪214‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫شدة الجوع ‪..‬؟!! ما رحمتم بكاء‬ ‫ل‬ ‫و َ‬
‫قَبائ ِ َ‬ ‫عوًبا َ‬ ‫ش ُ‬ ‫م ُ‬ ‫عل َْناك ُ ْ‬
‫ج َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫الصغير ‪ ..‬ول أنين الشيخ‬ ‫ه‬
‫عندَ الل ِ‬ ‫م ِ‬ ‫مك ُ ْ‬
‫ن أك َْر َ‬ ‫فوا إ ِ ّ‬ ‫عاَر ُ‬ ‫ل ِت َ َ‬
‫الكبير ‪ ..‬ول حامل ً ول مرضعا ً !!‬ ‫خِبيٌر "‬‫م َ‬ ‫عِلي ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫م إِ ّ‬‫قاك ُ ْ‬ ‫أ َت ْ َ‬
‫أين حربكم له في بدر ‪ ..‬وأحد ‪..‬‬ ‫ثم جعل يتأمل في وجوه‬
‫وتحزبكم عليه في الخندق ؟‬ ‫الكفار ‪..‬‬
‫أين منعكم له من دخول مكة‬ ‫وهو في عزه وملكه عند‬
‫معتمرا ً ‪ ..‬لما جاءكم قبل‬ ‫الكعبة ‪ ..‬وهم في ذلهم‬
‫سنين ‪ ..‬وتركتموه محبوسا ً في‬ ‫وضعفهم ‪..‬‬
‫الحديبية ‪ ..‬ممنوعًامن دخول‬ ‫في مكان طالما كذبوه‬
‫مكة ؟‬ ‫فيه ‪ ..‬وأهانوه ‪ ..‬وألقوا‬
‫أين صدكم لعمه أبي طالب عن‬ ‫الوساخ على رأسه وهو‬
‫السلم وهو على فراش‬ ‫ساجد ‪..‬‬
‫الموت ؟‬ ‫وكفار قريش بين يديه ‪..‬‬
‫أين ‪..‬؟ أين ‪..‬؟ شريط طويييييل‬ ‫مهزومين ‪ ..‬أذلء ‪ ..‬صاغرين‬
‫من الذكريات المؤلمة يمر أمام‬ ‫‪..‬‬
‫ناظريه ‪.. ‬‬ ‫ثم قال ‪ :‬يا معشر قريش ‪..‬‬
‫ليس هو فقط ‪ ..‬بل أمام‬ ‫ما ترون أني فاعل فيكم ؟‬
‫ناظري أبي بكر وعمر ‪ ..‬وعثمان‬ ‫فانتنفضوا ‪ ..‬وقالوا ‪ :‬تفعل‬
‫وعلي ‪ ..‬وبلل وعمر ‪ ..‬فكل‬ ‫بنا خيرا ً ‪ ..‬أنت أخ كريم ‪..‬‬
‫واحد من هؤلء ‪ ..‬له مع قريش‬ ‫وابن أخ كريم ‪..‬‬
‫قصة حزينة ‪..‬‬ ‫عجبا ً !! هل نسوا ما كانوا‬
‫كان يستطيع أن ينزل بهم‬ ‫يفعلونه بهذا الخ الكريم ‪..‬‬
‫أقسى أنواع العقوبة ‪ ..‬فهم‬ ‫أين سبكم ‪ :‬مجنون ‪..‬‬
‫أعداء محاربون ‪ ..‬معتدون ‪..‬‬ ‫ساحر ‪ ..‬كاهن ؟!‬
‫خونة ‪..‬‬ ‫ما دام أخا ً كريما ً ‪ ..‬وأبوه أخ‬
‫نعم خونة ‪ ..‬خانوا صلح‬ ‫كريم !! فلماذا حاربتموه ؟!‬
‫الحديبية ‪ ..‬واعتدوا ‪..‬‬ ‫أين تعذيبكم للمسلمين‬
‫كانوا مجرمين ‪ ..‬متحيرين ‪ ..‬ل‬ ‫الضعفاء ‪..‬‬
‫يدرون ماذا سُيفعل بهم ‪..‬‬ ‫هذا بلل واقف ‪ ..‬وآثار‬
‫فإذا به ‪ ‬يدوس على الحقاد ‪..‬‬ ‫التعذيب ل تزال في‬
‫ويحلق بهمته عااااليا ً ‪..‬‬ ‫ظهره ‪..‬‬
‫ويقول كلمة يهتف بها التاريخ ‪:‬‬ ‫وتلك نخلة قريبة قتلت‬
‫اذهبوا ‪ ..‬فأنتم الطلقاء ‪..‬‬ ‫عندها أمية ‪ ..‬وزوجها‬
‫فينطلقون ‪ ..‬مستبشرين ‪ ..‬تكاد‬ ‫ياسر ‪ ..‬وهذا ابنهما عمار مع‬
‫أرجلهم تطير من الفرح ‪..‬‬ ‫المسلمين يشهد ‪..‬‬
‫أحقا ً عفا عنا ؟!!‬ ‫أين حبسكم له مع‬
‫ثم تلفت ‪ ‬ينظر حول الكعبة ‪..‬‬ ‫المسلمين الضعفاء ‪ ..‬ثلث‬
‫فإذا ثلثمائة وستون صنما ً ‪..‬‬ ‫سنين في شعب بني عامر ‪..‬‬
‫تعبد من دون الله ‪ ..‬عند بيته‬ ‫حتى أكلوا ورق الشجر من‬
‫‪215‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فقال ‪ :‬يا صفوان ‪ ..‬فداك أبي‬ ‫ظم ‪!!..‬‬‫المع ّ‬
‫وأمي ‪ ..‬الله ‪ ..‬الله في نفسك‬ ‫فجعل ‪ ‬يضربها بيده‬
‫أن تهلكها ‪ ..‬فهذا أمان من‬ ‫الكريمة ‪ ..‬فتهوي ‪ ..‬وهو‬
‫رسول الله ‪ r‬قد جئتك به ‪..‬‬ ‫يقول ‪:‬‬
‫فقال صفوان ‪ :‬ويحك ‪ ..‬أغرب‬ ‫جاء الحق ‪ ..‬وزهق الباطل ‪..‬‬
‫عني فل تكلمني ‪ ..‬فإنك‬ ‫جاء الحق ‪ ..‬وما يبدئ‬
‫كذاب ‪ ..‬وكان خائفا ً من مغبة ما‬ ‫الباطل وما يعيد ‪..‬‬
‫كان فعله بالمسلمين ‪..‬‬ ‫عدد من كفار قريش العتاة‬
‫قال ‪ :‬أي صفوان ‪ ..‬فداك أبي‬ ‫البغاة ‪ ..‬الذين لهم تاريخ‬
‫وأمي ‪ ..‬رسول الله ‪ ..‬أفضل‬ ‫أسود مع المسلمين ‪ ..‬فروا‬
‫الناس ‪ ..‬وأبر الناس ‪ ..‬وأحلم‬ ‫من مكة قبل دخول النبي ‪‬‬
‫الناس ‪..‬وخير الناس ‪ ..‬وهو ابن‬ ‫وأصحابه إليها ‪..‬‬
‫عمك ‪ ..‬عّزه عزك ‪ ..‬وشر ُ‬
‫فه‬ ‫منهم صفوان بن أمية ‪..‬‬
‫كه ملكك ‪..‬‬ ‫شرفك ‪ ..‬ومل ُ‬ ‫فإنه فر منها هاربا ً ‪ ..‬وقد‬
‫قال ‪ :‬إني أخافه على نفسي ‪..‬‬ ‫تحير أين يذهب ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬هو أحلم من ذاك وأكرم ‪..‬‬ ‫فمضى إلى جدة ليركب منها‬
‫فرجع صفوان معه ‪..‬‬ ‫إلى اليمن ‪..‬‬
‫حتى وصل إلى مكة ‪ ..‬فمضى به‬ ‫فلما رأى الناس عفو رسول‬
‫عمير حتى وقف به على رسول‬ ‫الله ‪ .. ‬ونسيانه للماضي‬
‫الله ‪.. r‬‬ ‫الليم ‪..‬‬
‫فقال صفوان ‪ :‬إن هذا يزعم‬ ‫جاء عمير بن وهب إلى‬
‫أنك قد أمنتني ‪..‬‬ ‫رسول الله ‪ ‬فقال ‪:‬‬
‫قال ‪ : ‬صدق ‪..‬‬ ‫يا نبي الله إن صفوان بن‬
‫قال صفوان ‪ :‬أما دخولي في‬ ‫أمية سيد قومه ‪ ..‬وقد خرج‬
‫السلم ‪ ..‬فاجعلني بالخيار فيه‬ ‫هاربا ً منك ‪ ..‬ليقذف نفسه‬
‫منه ‪ ..‬صلى‬ ‫ّ‬
‫شهرين ‪..‬‬ ‫في البحر ‪ ..‬فأ ّ‬
‫فقال ‪ : r‬أنت بالخيار فيه أربعة‬ ‫الله عليك ‪..‬‬
‫أشهر ‪..‬‬ ‫قال ‪ r‬بكل بساطة ‪ :‬هو آمن‬
‫ثم أسلم صفوان بعد ذلك ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫ما أجمل العفو عن الناس ‪..‬‬ ‫قال عمير ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬
‫ونسيان الماضي الليم ‪ ..‬هذا‬ ‫فأعطني آية يعرف بها‬
‫خلق بل شك ل يستطيعه إل‬ ‫أمانك ‪ ..‬فأعطاه رسول الله‬
‫العظماء ‪ ..‬الذين يترفعون‬ ‫‪ r‬عمامته التي دخل فيها‬
‫بأخلقهم عن سفالة النتقام ‪..‬‬ ‫مكة ‪ ..‬حتى إذا رآها‬
‫والحقد ‪ ..‬وشفاء الغيظ ‪..‬‬ ‫صفوان ‪ ..‬عرفها فوثق في‬
‫فالحياة قصيرة ‪ -‬على كل حال ‪-‬‬ ‫صدق عمير ‪..‬‬
‫‪ ..‬نعم هي أقصر من أن ندنسها‬ ‫خرج بها عمير حتى أدركه ‪..‬‬
‫بحقد وضغينة ‪..‬‬ ‫وهو يريد أن يركب في‬
‫حتى في الحاجات الخاصة ‪..‬‬ ‫البحر ‪..‬‬
‫‪216‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فسجيت ثوبا ً على وجهي ‪..‬‬ ‫كان ‪ ‬هينا ً لينا ً ‪..‬‬
‫يعني من الهم ‪..‬‬ ‫قال المقداد بن السود ‪: t‬‬
‫فلما مضى بعض الليل ‪..‬‬ ‫قدمت المدينة أنا وصاحبان‬
‫وجاء النبي ‪ .. r‬فسلم تسليمة‬ ‫لي ‪..‬‬
‫تسمع اليقظان ‪ ..‬ول توقظ‬ ‫فتعرضنا للناس فلم يضفنا‬
‫النائم ‪..‬‬ ‫أحد ‪..‬‬
‫والمقداد على فراشه ‪ ..‬ينظر‬ ‫فأتينا إلى النبي ‪ .. r‬فذكرنا‬
‫إليه ‪ ..‬فأقبل ‪ r‬إلى إنائه ‪..‬‬ ‫له ‪ ..‬فأضافنا في منزل‬
‫فكشف عنه فلم ير شيئا ً ‪..‬‬ ‫وعنده أربع أعنز ‪..‬‬
‫فرفع بصره إلى السماء ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬احلبهن يا مقداد ‪..‬‬
‫ففزع المقداد ‪ ..‬وقال ‪ :‬الن‬ ‫وجزئهن أربعة أجزاء ‪..‬‬
‫ي ‪..‬‬
‫يدعو عل ّ‬ ‫وأعط كل إنسان جزءا ً فكنت‬
‫فتسمع ماذا يقول ‪ ..‬فإذا به ‪.. r‬‬ ‫أفعل ذلك ‪..‬‬
‫يقول ‪:‬‬ ‫فكان المقداد كل مساء ‪..‬‬
‫اللهم اسق من سقاني ‪..‬‬ ‫يحلب فيشرب هو‬
‫وأطعم من أطعمني ‪..‬‬ ‫وصاحباه ‪ ..‬ويبقى جزء‬
‫َ‬
‫فلما سمع المقداد ذلك ‪ ..‬أغتنم‬ ‫النبي عليه الصلة‬
‫دعوة النبي عليه الصلة والسلم‬ ‫والسلم ‪ ..‬فإن كان موجودا ً‬
‫‪..‬‬ ‫شربه ‪ ..‬وإن كان غائبا ً‬
‫قام فأخذ الشفرة السكين ‪..‬‬ ‫حفظوه له حتى يرجع ‪..‬‬
‫فدنا إلى العنز ‪ ..‬ليذبح‬ ‫وفي ليلة من الليالي ‪ ..‬تأخر‬
‫إحداها ‪ ..‬ليطعم النبي ‪.. r‬‬ ‫النبي ‪ r‬في المجيء إليهم ‪..‬‬
‫فجعل يجسهن ينظر أيتهن‬ ‫واضطجع المقداد على‬
‫أسمن ليذبحها ‪..‬‬ ‫فراشه ‪ ..‬فقال في نفسه ‪:‬‬
‫فوقعت يده على ضرع إحداهن‬ ‫إن النبي ‪ .. r‬قد أتى أهل‬
‫فإذا هي حافل ‪ ..‬مليئة باللبن ‪..‬‬ ‫بيت من النصار ‪ ..‬فأطعموه‬
‫ونظر إلى الخرى فإذا هي‬ ‫‪..‬‬
‫حافل ‪..‬‬ ‫فلو قمت فشربت هذه‬
‫فنظرت فإذا هي كلهن حفل ‪..‬‬ ‫الشربة ‪..‬‬
‫فحلب في إناء كبير ‪ ..‬فمله‬ ‫فلم تزل به نفسه حتى قام‬
‫حتى علت رغوته ‪..‬‬ ‫فشربها ‪ ..‬ولم يبق للنبي ‪r‬‬
‫ثم أتى به النبي ‪ .. r‬فقال ‪:‬‬ ‫شيئا ً ‪..‬‬
‫اشرب ‪..‬‬ ‫قال المقداد ‪ :‬فلما دخل في‬
‫فلما رأى رسول الله ‪ r‬كثرة‬ ‫بطني وتقار ‪ ..‬أخذني ما‬
‫اللبن ‪ ..‬قال ‪:‬‬ ‫قدم وما حدث ‪..‬‬
‫أما شربتم شرابكم الليلة يا‬ ‫فقلت ‪ :‬يجيء الن النبي ‪r‬‬
‫مقداد ؟‬ ‫جائعا ً ‪..‬ظمآنا ً ‪ ..‬فل يرى في‬
‫فقال ‪ :‬اشرب يا رسول الله ‪..‬‬ ‫القدح شيئا ً ‪ ..‬فيدعو علي ‪..‬‬

‫‪217‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫‪ .73‬الكرم ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬ما الخبر يا مقداد ؟‬
‫قال لهم ‪ :‬من سيدكم ؟‬ ‫قال ‪ :‬اشرب ثم الخبر ‪..‬‬
‫قالوا ‪ :‬سيدنا فلن ‪ ..‬على أننا‬ ‫فشرب النبي ‪ ‬ثم ناول‬
‫خله ‪..‬‬
‫نب ّ‬ ‫القدح للمقداد ‪ ..‬فقال‬
‫ُ‬
‫فقال ‪ :‬وأي داء أدوأ من‬ ‫المقداد ‪ :‬اشرب يا رسول‬
‫البخل ؟!! بل سيدكم البيض‬ ‫الله ‪..‬فشرب ثم ناوله القدح‬
‫الجعد فلن ‪..‬‬ ‫‪ ..‬قال ‪ :‬اشرب يا رسول‬
‫هكذا جرى النقاش بين إحدى‬ ‫الله ‪..‬‬
‫القبائل وبين رسول الله ‪ e‬لما‬ ‫قال المقداد ‪ ..‬فلما عرفت‬
‫أسلموا فسألهم عن سيدهم‬ ‫أن رسول الله ‪ r‬قد روي ‪..‬‬
‫ليقره عليهم بعد إسلمهم أو‬ ‫وأصابتني دعوته ‪..‬‬
‫يغيره ‪..‬‬ ‫ضحكت حتى ألقيت إلى‬
‫نعم وأي داء أدوأ من البخل ‪..‬‬ ‫الرض ‪..‬‬
‫ما أقبح البخل وما أعرض الناس‬ ‫فقال رسول الله ‪ :‬إحدى‬
‫عنه ‪ ..‬وما أثقله عليهم ‪..‬‬ ‫سوآتك يا مقداد ! ‪.‬‬
‫ل يكاد يقيم في بيته وليمة‬ ‫فقلت ‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬إنك‬
‫يتحبب بها إليهم ‪ ..‬ول يكاد‬ ‫قد أبطأت علينا الليلة ‪..‬‬
‫يهدي هدية ‪ ..‬ول يكاد يعتني‬ ‫وكنت جائعا ً فقلت في‬
‫بجمال مظهره ‪ ..‬ول يهتم بزكاء‬ ‫نفسي لعل رسول الله ‪ r‬قد‬
‫برائحته ‪ ..‬توفيرا ً للمال ‪ ..‬ورضا ً‬ ‫تعشى عند بعض النصار ‪..‬‬
‫بالدون ‪..‬‬ ‫وقص عليه القصة كلها ‪..‬‬
‫أما الكريم فهو مفضال على‬ ‫وكيف أن العنز حلبت في‬
‫أصحابه ‪ ..‬قريب من أحبابه ‪ ..‬إن‬ ‫ليلة واحدة مرتين ‪ ..‬على‬
‫اشتاقوا للجتماع والنس ففي‬ ‫غير العادة ‪..‬‬
‫بيته ‪ ..‬وإن نقص على أحدهم‬ ‫كان من أمري كذا ‪ ..‬فصنعت‬
‫شيء تفضل عليه به ‪ ..‬فيأسر‬ ‫كذا وكذا ‪..‬‬
‫نفوسهم بكرمه ‪ ..‬ويستعبد‬ ‫فقال ‪ :‬ما كانت هذه إل‬
‫قلوبهم بإحسانه ‪..‬‬ ‫رحمة الله ‪ ..‬أل كنت آذنتي‬
‫أحسن إلى الناس تستعبد‬ ‫توقظ صاحبيك هذين‬
‫قلوبهم‬ ‫فيصيبان منها ‪..‬‬
‫فطالما استعبد‬ ‫فقلت ‪ :‬والذي بعثك بالحق‬
‫النسان إحسان‬ ‫ما أبالي إذا أصبَتها ‪..‬‬
‫وينبغي عند إكرام غيرك أن‬ ‫وأصبُتها معك من أصابها من‬
‫تكون نيتك حسنة ‪ ..‬للتآلف مع‬ ‫الناس ‪..‬‬
‫إخوانك المسلمين ‪ ..‬وكسب‬ ‫وجهة نظر ‪..‬‬
‫مودتهم ‪ ..‬والتقرب إلى الله‬ ‫الحياة أخذ وعطاء ‪..‬‬
‫بالحسان إليهم ‪ ..‬ل لجل‬
‫فاجعل عطاءك أكثر من‬
‫شهرة أو رئاسة أو كسب‬
‫مديحهم وثنائهم ‪..‬‬ ‫أخذك ‪..‬‬

‫‪218‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫وجهه ‪ ..‬وأسندته طويل ً ‪ ..‬ثم‬ ‫قال ‪ : e‬أول من تسعر بهم‬
‫أفاق ‪ ..‬فقال ‪:‬‬ ‫النار ثلثة ‪ ..‬وذكر منهم رجل ً‬
‫حدثني رسول الله ‪: ‬‬ ‫كان ينفق ليقال جواد أي‬
‫إن الله عز وجل إذا كان يوم‬ ‫كريم ‪ ..‬فلم يعمل ابتغاء‬
‫القيامة ‪ ..‬نزل إلى العباد‬ ‫وجه الخالق وإنما ابتغى وجه‬
‫ليقضي بينهم ‪ ..‬وكل أمة‬ ‫المخلوق ‪ ..‬رياءً وسمعة ‪..‬‬
‫جاثية ‪..‬‬ ‫وإليك الحديث كامل ً ‪:‬‬
‫فأول من يدعو به ‪ :‬رجل جمع‬ ‫قال سفيان ‪:‬‬
‫القرآن ‪ ..‬ورجل يقتل في سبيل‬ ‫دخلت المدينة ‪ ..‬فإذا أنا‬
‫الله ‪ ..‬ورجل كثير المال ‪..‬‬ ‫برجل قد اجتمع الناس‬
‫فيقول الله للقارىء ‪ :‬ألم‬ ‫عليه ‪..‬‬
‫أعلمك ما أنزلت على رسولي ؟‬ ‫فقلت ‪ :‬من هذا ؟‬
‫قال ‪ :‬بلى يا رب ‪..‬‬ ‫قالوا ‪ :‬أبو هريرة ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬فماذا عملت فيما علمت ؟‬ ‫فدنوت منه حتى قعدت بين‬
‫قال ‪ :‬كنت أقوم به آناء الليل‬ ‫يديه ‪ ..‬وهو يحدث الناس ‪..‬‬
‫وآناء النهار ‪..‬‬ ‫فلما سكت وخل ‪ ..‬قلت ‪:‬‬
‫فيقول الله له ‪ :‬كذبت ‪..‬‬ ‫أنشدك الله ‪ ..‬بحق وحق ‪..‬‬
‫وتقول الملئكة له ‪ :‬كذبت ‪..‬‬ ‫لما حدثتني حديثا سمعته من‬
‫فيقول الله عز وجل ‪ :‬أردت أن‬ ‫رسول الله ‪ .. ‬وعلمته ‪..‬‬
‫يقال ‪ :‬فلن قارىء ‪ ..‬فقد‬ ‫فقال أبو هريرة ‪ :‬أفعل ‪..‬‬
‫قيل ‪..‬‬ ‫لحدثنك حديثا ً حدثنيه رسول‬
‫ويؤتى بصاحب المال فيقول ‪:‬‬ ‫الله ‪ .. ‬عقلته وعلمته ‪..‬‬
‫ألم أوسع عليك حتى لم أدعك‬ ‫ثم نشغ أبو هريرة نشغة‬
‫تحتاج إلى أحد ؟‬ ‫) شهق ( ‪ ..‬فمكث قليل ً ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬بلى ‪..‬‬ ‫ثم أفاق ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬فماذا عملت فيما آتيتك ؟‬ ‫فقال ‪ :‬لحدثنك حديثا ً‬
‫قال ‪ :‬كنت أصل الرحم ‪..‬‬ ‫حدثنيه رسول الله ‪ .. ‬وأنا‬
‫وأتصدق ‪..‬‬ ‫وهو في هذا البيت ‪ ..‬ليس‬
‫فيقول الله ‪ :‬كذبت ‪..‬‬ ‫فيه أحد غيري وغيره ‪..‬‬
‫وتقول الملئكة ‪ :‬كذبت ‪..‬‬ ‫ثم نشغ أبو هريرة نشغة‬
‫ويقول الله ‪ :‬بل أردت أن‬ ‫أخرى ‪ ..‬فمكث بذلك ‪ ..‬ثم‬
‫يقال ‪ :‬فلن جواد ‪ ..‬فقد قيل‬ ‫أفاق ‪ ..‬ومسح وجهه ‪..‬‬
‫ذلك ‪..‬‬ ‫فقال ‪:‬‬
‫ويؤتى بالرجل الذي قتل في‬ ‫أفعل ‪ ..‬لحدثنك بحديث‬
‫سبيل الله ‪ ..‬فيقال له ‪ :‬فيم‬ ‫حدثنيه رسول الله ‪ .. ‬وأنا‬
‫قتلت ؟‬ ‫وهو في هذا البيت ‪ ..‬ليس‬
‫فيقول ‪ :‬أمرت بالجهاد في‬ ‫فيه أحد غيري وغيره ‪..‬‬
‫سبيلك ‪ ..‬فقاتلت حتى قتلت ‪..‬‬ ‫ثم نشغ أبو هريرة نشغة‬
‫فيقول الله ‪ :‬كذبت ‪..‬‬ ‫أخرى ‪ ..‬ثم مال خاّرا ً على‬
‫‪219‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫يلتفت إلى غيره ‪..‬‬ ‫وتقول الملئكة له ‪ :‬كذبت ‪..‬‬
‫كل ‪..‬‬ ‫ويقول الله ‪ :‬بل أردت أن‬
‫قال ابو هريرة ‪: t‬‬ ‫يقال ‪ :‬فلن جريء ‪ ..‬فقد‬
‫والله الذي ل إله إل هو إن كنت‬ ‫قيل ذلك ‪..‬‬
‫لعتمد على الرض من الجوع ‪..‬‬ ‫ثم ضرب رسول الله ‪ ‬على‬
‫وإن كنت لشد الحجر على‬ ‫ركبتي فقال ‪:‬‬
‫بطني من الجوع ‪..‬‬ ‫يا أبا هريرة ‪ ..‬أولئك الثلثة‬
‫ولقد قعدت يوما ً على طريقهم‬ ‫أول خلق الله تسعر بهم‬
‫الذي يخرجون منه ‪ ..‬فمر أبو‬ ‫النار يوم القيامة )‪.. (86‬‬
‫بكر ‪ ..‬فسألته عن آية من كتاب‬ ‫فإذا أحسنت النية في كرمك‬
‫الله ‪ ..‬ما سألته إل ليستتبعني ‪..‬‬ ‫فأبشر بالخير ‪..‬‬
‫فلم يفعل ‪..‬‬ ‫وأولى من تحسن إليهم‬
‫ثم مّر عمر ‪ ..‬فسألته عن آية‬ ‫ليحبوك ويكرموك ‪ ..‬أهل‬
‫من كتاب الله ‪ ..‬ما سألته إل‬ ‫بيتك ‪ ..‬الم ‪ ..‬الب ‪..‬‬
‫ليستتبعني ‪ ..‬فمر فلم يفعل ‪..‬‬ ‫الزوجة ‪ ..‬الولد ‪ ..‬ثم‬
‫ثم مّر بي أبو القاسم ‪.. r‬‬ ‫القرب قالقرب ‪ ..‬ابدأ‬
‫فتبسم حين رآني ‪ ..‬وعرف ما‬ ‫بنفسك ثم بمن تعول ‪..‬‬
‫في وجهي وما في نفسي ‪..‬‬ ‫وكفى بالمرء إثما ً أن يضيع‬
‫ثم قال ‪ :‬أبا هر ‪ ..‬قلت ‪ :‬لبيك يا‬ ‫من يعول ‪..‬‬
‫ق ‪..‬‬ ‫رسول الله ‪ ..‬قال ‪ :‬ا ِل ْ َ‬
‫ح ْ‬ ‫ول بد من التفريق بين‬
‫ومضى ‪ ..‬فاتبعته ‪ ..‬فدخل ‪..‬‬ ‫الكرم والسراف ‪..‬‬
‫فاستأذن ‪ ..‬فأذن لي ‪..‬‬ ‫دلف رجل في شارع قديم‬
‫فدخلت ‪..‬‬ ‫فمر ببيت متهالك ‪ ..‬فإذا‬
‫فوجد لبنا ً في قدح ‪ ..‬فقال ‪:‬‬ ‫فتاة صغيرة قد جلست على‬
‫من أين هذا اللبن ؟‬ ‫عتبة الباب بثياب رثة ‪..‬‬
‫قالوا ‪ :‬أهداه لك فلن ‪ ..‬أو‬ ‫وهيئة فقيرة ‪ ..‬فسألها ‪:‬‬
‫فلنة ‪..‬‬ ‫من أنت ؟‬
‫قال ‪ :‬أبا هر ‪ ..‬قلت ‪ :‬لبيك يا‬ ‫قالت ‪ :‬أنا ابنة حاتم‬
‫رسول الله ‪..‬‬ ‫الطائي ‪..‬‬
‫ق أهل الصفة ‪..‬‬ ‫ح ْ‬‫قال ‪ :‬ا ِل ْ َ‬ ‫فقال ‪ :‬عجبا ً !! ابنة حاتم‬
‫فادعهم لي ‪..‬‬ ‫الطائي الكريم الجواد ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬وأهل الصفة أضياف‬ ‫على هذا الحال ؟!!‬
‫السلم ‪ ..‬ل يأوون إلى أهل ول‬ ‫فقالت ‪ :‬كرم أبي صيرنا إلى‬
‫إلى مال ‪ ..‬إذا أتته صدقة بعث‬ ‫ما ترى !!‬
‫بها إليهم ولم يتناول منها‬ ‫كان رسول الله ‪ ‬أكرم‬
‫شيئا ً ‪ ..‬وإذا أتته هدية أرسل‬ ‫الناس ‪ ..‬ولم يكن جشعا ً‬
‫إليهم ‪ ..‬وأصاب منها وأشركهم‬ ‫ينظر في مصلحة نفسه ول‬
‫فيها ‪ ..‬فساءني ذلك ‪..‬‬ ‫‪ ( ) 86‬رواه الترمذي والحاكم ‪ ،‬وهو‬
‫وقلت ‪ :‬وما هذا اللبن في أهل‬ ‫صحيح‬
‫‪220‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫)‪(87‬‬
‫مى ‪ ..‬وشرب الفضلة ‪..‬‬ ‫وس ّ‬ ‫الصفة !! كنت أحق أن‬
‫وللكرم أسرار ‪..‬‬ ‫أصيب من هذا اللبن شربة‬
‫أحيانا ً ل تتكرم على الشخص‬ ‫أتقوى بها ‪ ..‬فإذا جاءوا ‪..‬‬
‫مباشرة ‪ ..‬وإنما تتكرم على من‬ ‫أمرني ‪ ..‬فكنت أنا‬
‫يحبهم ‪ ..‬فيحبك ‪..‬‬ ‫أعطيهم ‪ ..‬وما عسى أن‬
‫زارني أحد الصدقاء يوما ً ‪..‬‬ ‫يبلغني من هذا اللبن ‪..‬‬
‫وكان يحمل كيسا ً فيه عدد من‬ ‫ولم يكن من طاعة الله ‪..‬‬
‫الحلويات واللعاب ‪ ..‬أظنها لم‬ ‫وطاعة رسوله بدٌ ‪..‬‬
‫تكلفه بضعة ريالت ‪ ..‬وضعها‬ ‫فأتيتهم ‪ ..‬فدعوتهم ‪..‬‬
‫بجانب الباب لما دخل ‪ ..‬وقال ‪:‬‬ ‫فأقبلوا ‪ ..‬فأذن لهم ‪..‬‬
‫هذه للولد ‪..‬‬ ‫وأخذوا مجالسهم من‬
‫فرح بها الصغار ‪ ..‬وفرحت بها‬ ‫البيت ‪ ..‬فقال ‪ :‬يا أبا هر ‪..‬‬
‫أنا لنه أشعرني أنه يحب إدخال‬ ‫قلت ‪ :‬لبيك يا رسول الله ‪..‬‬
‫السرور على أولدي ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬خذ ‪ ..‬فأعطهم ‪..‬‬
‫كان أحد السلف عالما ً ‪ ..‬لكنه‬ ‫فأخذت القدح ‪ ..‬فجعلت‬
‫كان فقيرا ً ‪..‬‬ ‫ل فيشرب حتى‬ ‫أعطيه الرج َ‬
‫فكان طلبه يهدون إليه بين‬ ‫ي‬
‫يروى ‪ ..‬ثم يرد عل ّ‬
‫فترة وأخرى ‪ ..‬أنواعا ً من الهدايا‬ ‫القدح ‪ ..‬فأعطيه الخر ‪..‬‬
‫‪ ..‬تمر ‪ ..‬دقيق ‪..‬‬ ‫فيشرب حتى يروى ‪ ..‬ثم يرد‬
‫وكان الطالب إذا أهدى إليه ‪..‬‬ ‫علي القدح ‪ ..‬فأعطيه الخر‬
‫لم يزل الشيخ مكرما ً مقبل ً عليه‬ ‫فيشرب حتى يروى ‪ ..‬ثم يرد‬
‫‪ ..‬ما دامت هديته باقية ‪..‬‬ ‫علي القدح ‪..‬‬
‫فإذا انتهت ‪ ..‬رجع إلى طبعه‬ ‫حتى انتهيت إلى النبي ‪.. r‬‬
‫الول ‪..‬‬ ‫وقد روي القوم كلهم ‪..‬‬
‫ففكر أحد طلبه بهدية يحملها‬ ‫فأخذ القدح فوضعه على يده‬
‫إلى الشيخ ‪ ..‬تكون معقولة‬ ‫ي فتبسم فقال ‪:‬‬ ‫‪ ..‬فنظر إل ّ‬
‫الثمن ‪ ..‬وتطول مدة بقائها ‪..‬‬ ‫أبا هر ‪ ..‬قلت ‪ :‬لبيك يا‬
‫فأهدى إليه كيس ملح ‪..‬‬ ‫رسول الله ‪ ..‬قال ‪:‬‬
‫ولو استشرتني في هديتين‬ ‫بقيت أنا وأنت ؟ قلت ‪:‬‬
‫ستهدي إحداهما إلى صديق ‪..‬‬ ‫صدقت يا رسول الله ‪..‬‬
‫أولهما زجاجة عطر رائع ‪ ..‬ثمين‬ ‫قال ‪ :‬اقعد فاشرب ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫فقعدت فشربت ‪ ..‬فقال ‪:‬‬
‫أو ساعة حائطية تكتب عليها‬ ‫اشرب ‪ ..‬فشربت ‪..‬‬
‫إهداءً باسمه ‪..‬‬ ‫فما زال يقول ‪ :‬اشرب ‪..‬‬
‫لخترت الساعة ‪ ..‬لنها يطول‬ ‫حتى قلت ‪ :‬ل ‪ ..‬والذي بعثك‬
‫بقاؤها ‪ ..‬ويراها دائما ً ‪..‬‬ ‫بالحق ‪ ..‬ما أجد له مسلكا ً ‪..‬‬
‫وأذكر أن أحد طلبي أهديته‬ ‫قال ‪ :‬فأرني ‪ ..‬فأعطيته‬
‫ساعة حائطية فيها إهداء باسمه‬ ‫القدح ‪ ..‬فحمد الله‬
‫) ( رواه البخاري‬ ‫‪87‬‬

‫‪221‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فالقوي يتجرأ على إيذاء‬ ‫‪..‬‬
‫الضعيف ‪ ..‬يدفعه بيده ‪ ..‬أو‬ ‫وتخرج من الكلية ‪ ..‬ومرت‬
‫قر ‪..‬‬‫يركله برجله ‪ ..‬يضرب ويح ّ‬ ‫السنين ‪..‬‬
‫فيصير أسدا ً عليه لكنه في‬ ‫ثم زرت إحدى المدن‬
‫الحروب نعامة !!‬ ‫فتفاجأت به يحضر‬
‫والغني يتعدى على الفقير ‪..‬‬ ‫المحاضرة ويدعوني إلى بيته‬
‫فيهينه في المجالس ‪ ..‬يقاطعه‬ ‫‪..‬‬
‫في كلمه ‪..‬‬ ‫فلما دخلت مجلس الضيوف‬
‫أما صاحب المنصب والجاه ‪..‬‬ ‫فإذا به يشير إلى الساعة‬
‫فله حظ كبير من ذلك ‪..‬‬ ‫معلقة على الحائط ‪..‬‬
‫وقل مثل ذلك فيمن جعل الله‬ ‫ويقول ‪ :‬هذه أغلى هدية‬
‫نسبه رفيعا ً ‪..‬‬ ‫عندي ‪..‬‬
‫وهؤلء في الحقيقة ‪ ..‬إضافة‬ ‫وقد مر على تخرجه سبع‬
‫إلى بغض الناس لهم ‪ ..‬وتمنيهم‬ ‫سنين ‪..‬‬
‫زوال عزهم ‪ ..‬وفرحهم‬ ‫بقي أن تعلم أن هذه‬
‫بمصائبهم ‪..‬‬ ‫الساعة لم تكلف إل شيئا ً‬
‫هم أيضا ً مفلسون ‪..‬‬ ‫يسيرا ً ‪ ..‬لكن قيمتها‬
‫وانظر إلى رسول الله ‪ .. ‬وقد‬ ‫المعنوية أعلى وأكبر ‪..‬‬
‫جلس مع أصحابه يوما ً فقال‬
‫لهم ‪:‬‬ ‫وجهة نظر ‪..‬‬
‫أتدرون ما المفلس ؟‬ ‫كسب قلوب الناس فرص قد‬
‫قالوا ‪ :‬المفلس فينا من ل‬ ‫ل تتكرر‬
‫درهم له ول متاع ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬إن المفلس من أمتي‬ ‫كف الذى ‪..‬‬ ‫‪.74‬‬
‫يأتي يوم القيامة بصلة ‪..‬‬ ‫كان الناس يبغضونه ‪..‬‬
‫وصيام ‪ ..‬وزكاة ‪ ..‬ويأتي قد‬ ‫ما يكاد أحد يسلم من أذاه ‪..‬‬
‫شتم هذا ‪ ..‬وقذف هذا ‪ ..‬وأكل‬ ‫إن سلمت من يده فلن‬
‫مال هذا ‪ ..‬وسفك دم هذا ‪..‬‬ ‫تسلم من لسانه ‪ ..‬وإن فاته‬
‫وضرب هذا ‪..‬‬ ‫أن يجلدك بسوط لسانه في‬
‫فيعطى هذا من حسناته ‪ ..‬وهذا‬ ‫حضرتك فلن يفوته أن‬
‫من حسناته ‪ ..‬فإن فنيت‬ ‫يجلدك في غيبتك ‪..‬‬
‫حسناته قبل أن يقضى ما‬ ‫فعل ً ‪ ..‬كان رجل ً مكروها ً ‪..‬‬
‫عليه ‪ ..‬أخذ من خطاياهم‬ ‫أثقل على الناس من صم‬
‫فطرحت عليه ‪ ..‬ثم طرح في‬ ‫الجبال الراسيات ‪..‬‬
‫النار )‪.. (88‬‬ ‫وإذا تأملت في أحوال الناس‬
‫لذا كان يتجنب ‪ ‬أذى الناس‬ ‫فسوف تصل إلى يقين بأنه‬
‫بشتى أشكاله ‪..‬‬ ‫ل يؤذي غالبا ً إل من كان‬
‫قالت عائشة ‪ : ‬ما ضرب‬ ‫عنده نعمة تفوق من‬
‫) ( رواه مسلم‬ ‫‪88‬‬ ‫يقابله ‪..‬‬
‫‪222‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫أكون أصبت بعين حاسدة ‪ ..‬أو‬ ‫رسول الله ‪ ‬شيئا ً قط بيده‬
‫وضع لي أحد الشرار سحرا ً ‪..‬‬ ‫‪ ..‬ول امرأة ‪ ..‬ول خادما ً ‪..‬‬
‫قال الشيخ ‪ :‬قرأت عليه سورة‬ ‫إل أن يجاهد في سبيل‬
‫الفاتحة ‪ ..‬وآية الكرسي ‪..‬‬ ‫الله ‪ ..‬وما نيل منه شيء‬
‫وسورة الخلص والمعوذتين ‪..‬‬ ‫قط فينتقم من صاحبه ‪ ..‬إل‬
‫لم يظهر عليه تأثر ‪ ..‬خرج من‬ ‫أن ينتهك شيء من محارم‬
‫عندي شاكرا ً ‪..‬‬ ‫الله ‪ ..‬فينتقم لله عز وجل‬
‫ي بعد أيام يشكو اللم‬ ‫رجع إل ّ‬ ‫)‪.. (89‬‬
‫نفسه ‪ ..‬قرأت عليه ‪ ..‬ذهب‬ ‫وعموما ً ‪ ..‬من استعمل هذه‬
‫ورجع ‪ ..‬وقرأت عليه ‪ ..‬لم يظهر‬ ‫النعم لذى الناس أبغضوه ‪..‬‬
‫عليه أي تحسن ‪..‬‬ ‫وقد يبتليه الله في دنياه‬
‫قلت له لما اشتد عليه اللم ‪ :‬قد‬ ‫قبل أخراه ‪ ..‬فيشفي‬
‫يكون ما أصابك هو عقوبة على‬ ‫صدورهم ‪..‬‬
‫شيء فعلته ‪ ..‬من ظلم أحد‬ ‫أذكر أن أحد الصدقاء من‬
‫الضعفاء ‪ ..‬أو أكل حقوقهم ‪..‬‬ ‫طلبة العلم وحفظة‬
‫أو ظلمت أحدا ً في ماله فمنعته‬ ‫القرآن ‪ ..‬كان رجل ً صالحا ً ‪..‬‬
‫حقه ‪ ..‬أو غير ذلك ‪ ..‬فإن كان‬ ‫يأتيه بعض الناس أحيانا ً يقرأ‬
‫هناك شيء من ذلك فسارع إلى‬ ‫عليهم شيئا ً من القرآن‬
‫التوبة مما جنيت ‪ ..‬وأعد‬ ‫كرقية شرعية ‪ ..‬وقد شفى‬
‫الحقوق إلى أهلها ‪ ..‬واستغفر‬ ‫الله تعالى على يده من‬
‫الله مما مضى ‪..‬‬ ‫شاء ‪..‬‬
‫التاجر لم يرق له كلمي ‪ ..‬وقال‬ ‫دخل عليه يوما ً من اليام‬
‫‪ -‬بكبر ‪ : -‬أبدا ً ‪ ..‬ما ظلمت‬ ‫رجل تبدو عليه علمات‬
‫د على شيء من‬ ‫أحدا ً ‪ ..‬ولم أعت ِ‬ ‫الثراء ‪ ..‬جلس بين يدي‬
‫حقوق الناس ‪ ..‬وأشكرك على‬ ‫الشيخ وقال ‪ :‬يا شيخ ‪ ..‬أنا‬
‫نصيحتك ‪ ..‬وخرج ‪..‬‬ ‫عندي آلم في يدي اليسرى‬
‫مرت أيام وغاب الرجل عني ‪..‬‬ ‫تكاد تقتلني ‪ ..‬ل أنام في‬
‫خشيت أن يكون وجد علي في‬ ‫ليل ‪ ..‬ول أرتاح في نهار ‪..‬‬
‫ي فهي‬ ‫نفسه ‪ ..‬ولكن ل عل ّ‬ ‫ذهبت إلى عدد كبير من‬
‫نصيحة أسديتها إليه ‪ ..‬تفاجأت‬ ‫الطباء ‪ ..‬أجروا لي‬
‫به يوما ً في مكان ما ‪ ..‬لقيني‬ ‫الفحوصات ‪ ..‬عملوا‬
‫ي مسلما ً مسرورا ً ‪..‬‬ ‫فأقبل إل ّ‬ ‫تمارين ‪ ..‬ما فيه فائدة‬
‫سألته ‪ :‬هاه ‪ ..‬ما الخبار ؟‬ ‫أبدا ً ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬الحمد لله ‪ ..‬الن يدي‬ ‫اللم يزيد ويشتد حتى‬
‫بخير ‪ ..‬بغير طب ول علج !!‬ ‫انقلبت حياتي عذابا ً ‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬كيف ؟‬ ‫يا شيخ ‪ ..‬أنا تاجر وعندي‬
‫قال ‪ :‬لما خرجت من عندك ‪..‬‬ ‫عدد من المؤسسات‬
‫جعلت أفكر في نصيحتك ‪..‬‬ ‫والشركات ‪ ..‬فأخشى أن‬
‫وأستعيد شريط ذكرياتي في‬
‫) ( رواه مسلم‬ ‫‪89‬‬

‫‪223‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫قلت ‪ :‬هاه ‪ ..‬أكمل ‪..‬‬ ‫ذهني ‪ ..‬وأفكر !! ترى هل‬
‫قال ‪ :‬رحت أسأل وأبحث عنها ‪..‬‬ ‫ظلمت أحدا ً ؟! هل أكلت حق‬
‫حتى عثرت عليها ‪ ..‬فبكيت‬ ‫أحد ؟! فتذكرت أني قبل‬
‫واعتذرت ‪ ..‬ول زلت بها حتى‬ ‫سنوات لما كنت أبني قصري‬
‫قبلت مني تعويضا ً عن تلك‬ ‫‪ ..‬كان بجانبه أرض رغبت‬
‫الرض ‪ ..‬ودعت لي‬ ‫في ضمها إليه ليكون‬
‫وسامحتني ‪..‬‬ ‫أجمل ‪ ..‬كانت الرض ملكا ً‬
‫فوالله ما إن خفضت يديها ‪..‬‬ ‫لمرأة أرملة توفي زوجها‬
‫حتى دبت العافية في بدني ‪..‬‬ ‫وخّلف أيتاما ً ‪..‬‬
‫ثم أطرق التاجر برأسه قليل ً ‪..‬‬ ‫أردتها أن تبيع الرض‬
‫ثم رفعه وقال ‪ :‬ونفعني دعاؤها‬ ‫فأبت ‪ ..‬وقالت ‪ :‬وماذا أفعل‬
‫– بإذن الله – نفعا ً عجز عنه طب‬ ‫بقيمة الرض ‪ ..‬بل تبقى‬
‫الطباء ‪..‬‬ ‫لهؤلء اليتام حتى يكبروا ‪..‬‬
‫أخشى أن أبيعها ويتشتت‬
‫قالوا ‪..‬‬ ‫المال ‪..‬‬
‫نامت عيونك والمظلوم‬ ‫أرسلت إليها مرارا ً‬
‫منتبه*يدعو عليك وعين الله لم‬ ‫لشرائها ‪ ..‬وهي تأبى علي‬
‫تنم‬ ‫ذلك ‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬فماذا فعلت ؟‬
‫ل للعداوات ‪..‬‬ ‫‪.75‬‬ ‫قال ‪ :‬انتزعت الرض منها‬
‫تجد أن الناس عند التعامل معهم‬ ‫بطرقي الخاصة ‪..‬‬
‫لهم طبائع ‪..‬‬ ‫قلت ‪ :‬طرقك الخاصة !!‬
‫منهم الغضوب ومنهم البارد ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬نعم ‪ ..‬علقاتي‬
‫ومنهم الذكي ومنهم الغبي ‪..‬‬ ‫الواسعة ‪ ..‬ومعارفي ‪..‬‬
‫والمتعلم والجاهل ‪..‬‬ ‫استخرجت ترخيصا ً ببناء‬
‫ومنهم حسن الظن وسيء‬ ‫الرض وضممتها إلى‬
‫الظن ‪ ..‬و ‪:‬‬ ‫أرضي ‪..‬‬
‫من عامل الناس لقى منهم‬ ‫قلت ‪ :‬وأم اليتام ؟!!‬
‫نصبا ً ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬سمعت بما حصل‬
‫سهم‬ ‫و َ‬
‫س ْ‬
‫فإن َ‬ ‫لرضها فكانت تأتي وتصرخ‬
‫ي وطغيان‬ ‫بـغ ٌ‬ ‫بالعمال الذين يعملون‬
‫فالظالم يغفل عن ظلمه ويرى‬ ‫لتمنعهم من البناء ‪ ..‬وهم‬
‫أنه أعدل الناس ‪..‬‬ ‫يضحكون منها يظنونها‬
‫والغبي يرى أنه أذكى الناس ‪..‬‬ ‫مجنونة ‪ ..‬وفي الواقع أنني‬
‫والخرق السفيه ‪ ..‬يرى أنه‬ ‫أنا المجنون ليس هي ‪..‬‬
‫حكيم زمانه ‪..‬‬ ‫كانت تبكي وترفع يديها إلى‬
‫أذكر لما كنت شابا ً – وأظنني ل‬ ‫السماء ‪ ..‬هذا ما رأيته بعيني‬
‫أزال كذلك – أعني لما كنت في‬ ‫‪ ..‬ولعل دعاءها في ظلمة‬
‫أوائل الدراسة الثانوية ‪ ..‬أقبل‬ ‫الليل كان أعظم ‪..‬‬
‫‪224‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ويجعل بعضهم أثقل من الجبل‬ ‫علينا ضيف ثقيل ‪ ..‬ل أدري‬
‫على الخرين ‪ ..‬فل يحبون رؤيته‬ ‫هل أكمل دراسته البتدائية‬
‫ول مجالسته ‪ ..‬ول السفر معه ‪..‬‬ ‫أم ل ؟ لكن الذي أجزم به‬
‫ول حضور وليمة هو مدعو‬ ‫أنه يقرأ ويكتب ‪..‬‬
‫إليها ‪..‬‬ ‫وكنت مشغول ً وقت دخوله‬
‫وجدت أن أكثر يوصل الشخص‬ ‫بمسألة شرعية لم أجد لها‬
‫إلى هذا المستوى البغيض هو‬ ‫جوابا ً ‪..‬‬
‫اللسان ‪..‬‬ ‫وضعت له ما يوضع للضيف‬
‫فكم من خصومات وقعت بين‬ ‫قرى ‪ ..‬ثم تناولت‬ ‫من ِ‬
‫إخوان ‪ ..‬وأزواج ‪ ..‬و ‪ ..‬بسبب‬ ‫الهاتف وجعلت أكرر التصال‬
‫مسبة أو غيبة أو شتم ‪!!..‬‬ ‫بالشيخ ابن باز رحمه الله‬
‫لسان الفتى نصف ونصف فؤاده‬ ‫لسؤاله عنها ‪..‬‬
‫‪ ..‬فلم يبق إل صورة اللحم‬ ‫لم أجد الشيخ ‪..‬‬
‫والدم‬ ‫رآني صاحبي منشغل ً إلى‬
‫ذكر أن ملكا ً معظما ً رأى في‬ ‫ُ‬ ‫هذا الحد ‪ ..‬فسألني ‪ :‬بمن‬
‫منامه أن أسنانه تساقطت ‪..‬‬ ‫تتصل ‪..‬‬
‫فاستدعى أحد المعبرين ‪..‬‬ ‫قلت ‪ :‬بالشيخ ابن باز ‪..‬‬
‫وقص عليه الرؤيا وسأله عن‬ ‫عندي استفتاء مهم ‪..‬‬
‫تعبيرها ؟!‬ ‫فبادرني قائل ً بكل ثقة ‪:‬‬
‫فتغير المعبر لما سمعها ‪..‬‬ ‫سبحان الله ‪ ..‬ابن باز ‪ ..‬وأنا‬
‫وجعل يردد ‪ :‬أعوذ بالله ‪ ..‬أعوذ‬ ‫موجود ؟!! ) لول الحياء‬
‫بالله ‪ ..‬تمضي عليك السنين ‪..‬‬ ‫لجعلت بقية الكتاب علمات‬
‫ويموت أولدك وأهلك جميعا ً ‪..‬‬ ‫تعجب !! (‬
‫وتبقى في ملكك وحدك ‪..‬‬ ‫تجد من الناس كثيرين‬
‫فصاح الملك ‪ ..‬وغضب ‪ ..‬وسب‬ ‫كذلك ‪ ..‬فتحمل ثقلهم ‪..‬‬
‫ولعن ‪ ..‬وأمر بالمعبر أن يسحب‬ ‫وعاملهم بلطف ‪ ..‬واكسبهم‬
‫ويجلد ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫ثم دعا بمعبر آخر ‪ ..‬وقص عليه‬ ‫حاول بقدر استطاعتك أن ل‬
‫الرؤيا ‪ ..‬وسأله عن تعبيرها ‪..‬‬ ‫تكسب عداوات ‪..‬‬
‫فاستهل ذاك المعبر ‪ ..‬وتبسم ‪..‬‬ ‫فلم تبعث عليهم وكيل ً ‪..‬‬
‫وأظهر البشاشة ‪ ..‬وقال ‪ :‬أبشر‬ ‫أنقذ ما يمكن إنقاذه ‪ ..‬ول‬
‫‪ ..‬خير ‪ ..‬خير ‪ ..‬أيها الملك ‪..‬‬ ‫تعذب نفسك ‪..‬‬
‫هذا معناه أنك سيطول عمرك‬ ‫خاطرة ‪..‬‬
‫جدا ً ‪ ..‬حتى تكون آخر أهلك موتا ً‬ ‫الحياة اقصر من أن تشغلها‬
‫‪ ..‬وتبقى طول عمرك ملكا ً ‪..‬‬ ‫باكتساب عداوات‬
‫فاستبشر الملك وأمر له‬
‫بالعطيات ‪ ..‬وبقي راضيا ً‬ ‫اللسان ‪ ..‬ملك !!‬ ‫‪.76‬‬
‫عليه ‪ ..‬ساخطا ً على الخر !!‬ ‫تأملت فيما يحدث التباغض‬
‫مع أنك لو تأملت لوجدت أن‬ ‫والشقاق بين الناس ‪..‬‬
‫‪225‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫يلقون كلمة على ناطقين ؟‬ ‫التعبيرين متماثلن‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪ ..‬وليكن مجيئنا يوم‬ ‫متطابقان ‪ ..‬لكن الول عبر‬
‫الحد ‪..‬‬ ‫بأسلوب والخر عبر بأسلوب‬
‫انتظرت يوم الحد بفارغ‬ ‫آخر ‪..‬‬
‫الصبر ‪..‬‬
‫وجاء الموعد ‪..‬‬ ‫نعم ‪ ..‬اللسان سيد‬
‫وقفت عند باب المسجد‬ ‫العضاء ‪..‬‬
‫أنتظر ‪..‬‬ ‫وفي الحديث ‪ ..‬قال ‪: ‬‬
‫فإذا بأبي عبد الله يقبل بسيارته‬ ‫إذا أصبح ابن آدم فإن‬
‫‪..‬‬ ‫العضاء كلها تكفر اللسان ‪..‬‬
‫ً‬
‫وقف قريبا من الباب ‪ ..‬نزل‬ ‫فتقول ‪:‬‬
‫ومعه رجلن ‪..‬‬ ‫اتق الله فينا ‪ ..‬فإنما نحن‬
‫أحدهما كان يمشي بجانبه ‪..‬‬ ‫بك ‪ ..‬فإن استقمت استقمنا‬
‫والثاني قد أمسكه أبو عبد الله‬ ‫‪ ..‬وإن اعوججت اعوججنا ‪..‬‬
‫يقوده بيده ‪..‬‬ ‫)‪.. (90‬‬
‫نظرت إلى الول فإذا هو أصم‬ ‫نعم ‪ ..‬والله إنه لسيد ‪..‬‬
‫أبكم ‪ ..‬ل يسمع ول يتكلم ‪..‬‬ ‫سيد في خطبة الجمعة ‪..‬‬
‫لكنه يرى ‪..‬‬ ‫وسيد في الصلح بين‬
‫والثاني أصم ‪ ..‬أبكم ‪ ..‬أعمى ‪..‬‬ ‫الناس ‪ ..‬وسيد في التسويق‬
‫ل يسمع ول يتكلم ول يرى ‪..‬‬ ‫‪ ..‬وسيد في المحاماة ‪..‬‬
‫مددت يدي وصافحت أبا عبد الله‬ ‫ول يعني هذا أنه إذا فقده‬
‫‪..‬‬ ‫النسان ‪ ..‬انتهت حياته ‪..‬‬
‫كان الذي عن يمينه – وعلمت‬ ‫كل بل صاحب الهمة يبقى‬
‫ي‬
‫بعدها أن اسمه أحمد ‪ -‬ينظر إل ّ‬ ‫بطل ً ‪..‬‬
‫مبتسما ً ‪ ..‬فمددت يدي إليه‬ ‫لم يكن أبو عبد الله يختلف‬
‫مصافحا ً ‪..‬‬ ‫كثيرا ًُ عن بقية أصدقائي ‪..‬‬
‫فقال لي أبو عبد الله ‪ -‬وأشار‬ ‫لكنه – والله يشهد – من‬
‫إلى العمى ‪: -‬‬ ‫أحرصهم على الخير ‪..‬‬
‫سلم أيضا ً على فايز ‪ ..‬قلت ‪:‬‬ ‫له عدة نشاطات دعوية من‬
‫السلم عليكم ‪ ..‬فايز ‪..‬‬ ‫أبرزها ما يقوم به أثناء عمله‬
‫فقال أبو عبد الله ‪ :‬أمسك‬ ‫‪ ..‬فهو يعمل مترجما في‬
‫يده ‪ ..‬هو ل يسمعك ول يراك ‪..‬‬ ‫معهد الصم البكم ‪.‬‬
‫جعلت يدي في يده ‪ ..‬فشدني‬ ‫اتصل بي يوما وقال ‪ :‬ما‬
‫وهز يدي ‪..‬‬ ‫رأيك أن أحضر إلى مسجدك‬
‫دخل الجميع المسجد ‪ ..‬وبعد‬ ‫اثنين من منسوبي معهد‬
‫الصلة جلس أبو عبد الله على‬ ‫الصم للقاء كلمة على‬
‫الكرسي وعن يكينه أحمد ‪..‬‬ ‫المصلين ‪..‬‬
‫وعن يساره فايز ‪..‬‬ ‫تعجبت !! وقلت ‪ :‬صم‬
‫كان الناس ينظرون مندهشين ‪..‬‬
‫) ( رواه أحمد والترمذي‬ ‫‪90‬‬

‫‪226‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫الله والصلة بسبب شخص في‬ ‫لم يتعودوا أن يجلس على‬
‫الشارع عطف عليه وعلمه ‪..‬‬ ‫كرسي المحاضرات أصم ‪..‬‬
‫وكيف أنه لما بدأ يصلي شعر‬ ‫التفت أبو عبد الله إلى أحمد‬
‫بقدر قربه من الله ‪ ..‬وتخيل‬ ‫وأشار إليه ‪..‬‬
‫الجر العظيم لبلئه ‪ ..‬وكيف أنه‬ ‫فبدأ أحمد يشير بيديه ‪..‬‬
‫ذاق حلوة اليمان ‪..‬‬ ‫والناس ينظرون ‪ ..‬لم‬
‫ومضى أبو عبد الله يحكي لنا‬ ‫يفهموا شيئا ً ‪..‬‬
‫بقية قصة أحمد ‪..‬‬ ‫فأشرت إلى أبي عبد الله ‪..‬‬
‫كان أكثر الناس مشدودا ً‬ ‫فاقترب إلى مكبر الصوت‬
‫متأثرا ً ‪..‬‬ ‫وقال ‪:‬‬
‫لكني كنت منشغل ً ‪ ..‬أنظر إلى‬ ‫أحمد يحكي لكم قصة هدايته‬
‫أحمد تارة ‪ ..‬وإلى فايز تارة‬ ‫‪ ..‬ويقول لكم ‪ ..‬ولدت‬
‫أخرى ‪ ..‬وأقول في نفسي ‪..‬‬ ‫أصم ‪ ..‬ونشأت في جدة ‪..‬‬
‫هاهو أحمد يرى ويعرف لغة‬ ‫وكان أهلي يهملونني ‪ ..‬ل‬
‫الشارة ‪ ..‬وأبو عبد الله يتفاهم‬ ‫ي ‪ ..‬كنت أرى‬ ‫يلتفتون إل ّ‬
‫معه بالشارة ‪ ..‬ترى كيف‬ ‫الناس يذهبون إلى‬
‫سيتفاهم مع فايز ‪ ..‬وهو ل يرى‬ ‫المسجد ‪ ..‬ول أدري لماذا !‬
‫ول يسمع ول يتكلم ‪!!..‬‬ ‫أرى أبي أحيانا ً يفرش‬
‫انتهى أحمد من كلمته ‪ ..‬ومضى‬ ‫سجادته ويركع ويسجد ‪ ..‬ول‬
‫يمسح بقايا دموعه ‪..‬‬ ‫أدري ماذا يفعل ‪..‬‬
‫التفت أبو عبد الله إلى فايز ‪..‬‬ ‫وإذا سألت أهلي عن‬
‫قلت في نفسي ‪ :‬هه ؟؟ ماذا‬ ‫شيء ‪ ..‬احتقروني ولم‬
‫سيفعل ؟!!‬ ‫يجيبوني ‪..‬‬
‫ضرب أبو عبد الله بأصابعه على‬ ‫ثم سكت أبو عبد الله‬
‫ركبة فايز ‪..‬‬ ‫والتفت إلى أحمد وأشار‬
‫فانطلق فايز كالسهم ‪ ..‬وألقى‬ ‫له ‪..‬‬
‫كلمة مؤثرة ‪..‬‬ ‫فواصل أحمد حديثه ‪ ..‬وأخذ‬
‫تدري كيف ألقاها ؟‬ ‫يشير بيديه ‪ ..‬ثم تغير‬
‫بالكلم ؟ كل ‪ ..‬فهو أبكم ‪ ..‬ل‬ ‫وجهه ‪ ..‬وكأنه تأثر ‪..‬‬
‫يتكلم ‪..‬‬ ‫خفض أبو عبد الله رأسه ‪..‬‬
‫بالشارة ؟ كل ‪ ..‬فهو أعمى ‪..‬‬ ‫ثم بكى أحمد ‪ ..‬وأجهش‬
‫لم يتعلم لغة الشارة ‪..‬‬ ‫بالبكاء ‪..‬‬
‫ألقى الكلمة بـ ) اللمس ( ‪ ..‬نعم‬ ‫تأثر كثير من الناس ‪ ..‬ل‬
‫باللمس ‪ ..‬يجعل أبو عبد الله‬ ‫يدرون لماذا يبكي ‪..‬‬
‫) المترجم ( يده بين يدي فايز ‪..‬‬ ‫واصل حديثه وإشاراته‬
‫فيلمسه فايز لمسات معينة ‪..‬‬ ‫بتأثر ‪ ..‬ثم توقف ‪..‬‬
‫يفهم منها المترجم مراده ‪ ..‬ثم‬ ‫فقال أبو عبد الله ‪ :‬أحمد‬
‫يمضي يحكي لنا ما فهمه من‬ ‫يحكي لكم الن فترة التحول‬
‫فايز ‪ ..‬وقد يستغرق ذلك ربع‬ ‫في حياته ‪ ..‬وكيف أنه عرف‬
‫‪227‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫الدين ‪ ..‬يشعر أنه جندي من‬ ‫ساعة ‪..‬‬
‫جنود السلم ‪ ..‬مسئول عن كل‬ ‫وفايز ساكن هادئ ل يدري‬
‫عاص ومقصر ‪..‬‬ ‫هل انتهى المترجم أم ل ‪..‬‬
‫كان يحرك يديه بحرقة ‪ ..‬وكأنه‬ ‫لنه ل يسمع ول يرى ‪..‬‬
‫يقول يا تارك الصلة إلى‬ ‫فإذا انتهى المترجم من‬
‫متى ‪..‬؟ يا مطلق البصر في‬ ‫كلمه ‪ ..‬ضرب ركبة فايز ‪..‬‬
‫الحرام إلى متى ‪..‬؟ يا واقعا ً في‬ ‫فيمد فايز يديه ‪..‬‬
‫الفواحش ؟ يا آكل ً للحرام ؟ بل‬ ‫فيضع المترجم يده بين‬
‫يا واقعا ً في الشرك ؟‬ ‫يديه ‪ ..‬ثم يلمسه فايز‬
‫كلكم إلى متى ‪ ..‬أما يكفي حرب‬ ‫للمسات أخر ‪..‬‬
‫العداء لديننا ‪ ..‬فتحاربونه أنتم‬ ‫ظل الناس يتنقلون بأعينهم‬
‫أيضا ً !!‬ ‫بين فايز والمترجم ‪ ..‬بين‬
‫كان المسكين يتلون وجهه‬ ‫عجب تارة ‪ ..‬وإعجاب‬
‫ويعتصر ليستطيع إخراج ما في‬ ‫أخرى ‪..‬‬
‫صدره ‪..‬‬ ‫وجعل فايز يحث الناس على‬
‫تأثر الناس كثيرا ً ‪ ..‬لم ألتفت‬ ‫التوبة ‪ ..‬كان أحيانا ً يمسك‬
‫إليهم ‪ ..‬لكني سمعت بكاء‬ ‫أذنيه ‪ ..‬وأحيانا ً لسانه ‪..‬‬
‫وتسبيحات ‪..‬‬ ‫وأحيانا ً يضع كفيه على عينيه‬
‫انتهى فايز من كلمته ‪ ..‬وقام ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫يمسك ابو عبد الله بيده ‪..‬‬ ‫فإذا هو يأمر الناس بحفظ‬
‫تزاحم الناس عليه يسلمون ‪..‬‬ ‫السماع والبصار عن الحرام‬
‫كنت أراه يسلم على الناس ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫وأحس أنه يشعر أن الناس عنده‬ ‫كنت أنظر إلى الناس ‪..‬‬
‫سواسيه ‪..‬‬ ‫فأرى بعضهم يتمتم ‪:‬‬
‫يسلم على الجميع ‪ ..‬ل يفرق‬ ‫سبحان الله ‪ ..‬وبعضهم‬
‫بين ملك ومملوك ‪ ..‬ورئيس‬ ‫يهمس إلى الذي بجانبه ‪..‬‬
‫ومرؤوس ‪..‬وأمير ومأمور ‪..‬‬ ‫وبعضهم يتابع بشغف ‪..‬‬
‫يسلم عليه الغنياء والفقراء ‪..‬‬ ‫وبعضهم يبكي ‪..‬‬
‫والشرفاء والوضعاء ‪ ..‬والجميع‬ ‫أما أنا فقد ذهبت بعيييييدا ً ‪..‬‬
‫عنده سواء ‪..‬‬ ‫أخذت أقارن بين قدراته‬
‫كنت أقول في نفسي ليت بعض‬ ‫وقدراتهم ‪ ..‬ثم أقارن بين‬
‫النفعيين مثلك يا فايز ‪..‬‬ ‫خدمته للدين وخدمتهم ‪..‬‬
‫أخذ أبو عبد الله بيد فايز ‪..‬‬ ‫الهم الذي يحمله رجل أعمى‬
‫ومضى به خارجا ً من المسجد ‪..‬‬ ‫أصم أبكم ‪ ..‬لعله يعدل الهم‬
‫أخذت أمشي بجانبهما ‪ ..‬وهما‬ ‫الذي يحمله هؤلء جميعا ً ‪..‬‬
‫متوجهان للسيارة ‪..‬‬ ‫والناس ألف منهم كواحد **‬
‫والمترجم وفايز يتمازحان في‬ ‫وواحد كاللف إن أمر عنا‬
‫سعادة غامرة ‪..‬‬ ‫رجل محدود القدرات ‪ ..‬لكنه‬
‫آآآه ما أحقر الدنيا ‪..‬‬ ‫يحترق في سبيل خدمة هذا‬
‫‪228‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫لقاءه الشجعان‬ ‫كم من أحد لم يصب بربع‬
‫كم من امرأة طلقها زوجها‬ ‫مصابك يا فايز ولم يستطع‬
‫بسبب اللسان ‪ ..‬يختلف معها ‪..‬‬ ‫أن ينتصر على الضيق‬
‫فتردد قائلة له ‪ :‬طلقني ‪..‬‬ ‫والحزن ‪..‬‬
‫أتحداك تطلقني ‪ ..‬إن كنت رجل ً‬ ‫أين أصحاب المراض‬
‫طلقني ‪ ..‬فيأمرها بالسكوت ‪..‬‬ ‫المزمنة ‪ ..‬فشل كلوي ‪..‬‬
‫يصرخ بها ‪ ..‬ينهرها ‪ ..‬يشتد‬ ‫شلل ‪ ..‬جلطات ‪ ..‬سكري ‪..‬‬
‫المر بينهما ‪ ..‬فينهدم البناء ‪..‬‬ ‫إعاقات ‪..‬‬
‫ويطلقها ‪..‬‬ ‫لماذا ل يستمتعون‬
‫لذا أمر ‪ e‬الشخص إذا غضب أن‬ ‫بحياتهم‪..‬ويتكيفون مع‬
‫يسكت ‪ ..‬نعم يسكت ‪..‬‬ ‫واقعهم ‪..‬‬
‫لنه إن لم يضبط لسانه ‪ ..‬أرداه‬ ‫ما أجمل أن يبتلي الله عبده‬
‫في المهالك ‪..‬‬ ‫ثم ينظر إلى قلبه فيراه‬
‫يموت الفتى من زلة بلسانه‬ ‫شاكرا ً راضيا ً محتسبا ً ‪..‬‬
‫وليس يموت‬ ‫مرت اليام ‪ ..‬ول تزال‬
‫المرء من زلة الرجل‬ ‫صورة فايز مرسومة أمام‬
‫أذكر أني دخلت قبل فترة في‬ ‫ناظري ‪..‬‬
‫مشكلة بين عائلتين للصلح‬ ‫حقيقة ‪..‬‬
‫بينهما ‪..‬‬ ‫النسان ل لحمه يؤكل ‪..‬‬
‫وقصة الخلف ‪ :‬أن رجل ً عاقل ً‬ ‫ول جلده يلبس ‪ ..‬فماذا‬
‫كبيرا ً في السن أظنه قد تجاوز‬ ‫فيه غير حلوة اللسان !!‬
‫الستين من عمره ‪ ..‬خرج في‬
‫نزهة صيد مع مجموعة من‬ ‫اضبط لسانك ‪..‬‬ ‫‪.77‬‬
‫أصدقائه ‪ ..‬وسنهم جميعا ً‬
‫إن الرجل ليتكلم بالكلمة من‬
‫متقارب ‪..‬‬ ‫سخط الله ل يلقي لها بال ً‬
‫دارت بينهم الحاديث وذكريات‬ ‫يكتب الله عليه بها سخطه‬
‫الصبا ‪ ..‬ثم تكلموا عن أراض‬ ‫إلى يوم يلقاه ‪..‬‬
‫لجدادهم بالقرية ‪ ..‬فثار خلف‬
‫هكذا حذر النبي ‪ e‬الناس من‬
‫بين اثنين منهم حول أحد‬
‫إطلق الكلم على عواهنه ‪..‬‬
‫الراضي يملكها أحدهما وادعى‬
‫دون النظر في العواقب ‪..‬‬
‫الخر أنها لجده ‪..‬‬
‫عدم ضبط اللسان قد يؤدي‬
‫اشتد بينهما النقاش حتى قال‬
‫إلى المهالك ‪..‬‬
‫مالك الرض لصاحبه ‪ :‬والله لن‬
‫احفظ لسانك أيها النسان‬
‫رأيتك قريبا ً من أرضي لفرغن‬
‫ل يلدغنك‬
‫هذا في رأسك ‪..‬‬
‫إنـه ثـعبان‬
‫ثم تناول بندقية الصيد التي‬
‫كم في المقابر من قتيل‬
‫بجانبه ووجهها أعلى من رأس‬
‫لسانه‬
‫صاحبه بمترين أو ثلثة ثم أطلق‬
‫كانت تهاب‬
‫منها رصاصة ‪..‬‬
‫‪229‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫هشمت الطلقات جمجمته ‪..‬‬ ‫ثار الرجلن وكادا أن‬
‫ومات ‪..‬‬ ‫يقتتل ‪ ..‬لكن أصحابهما‬
‫أما القاتل فقد توجه بكل‬ ‫هدؤوهما وتفرقوا إلى‬
‫هدووووء إلى مخفر الشرطة‬ ‫بيوتهم ‪..‬‬
‫وأخبرهم بالقصة ‪ ..‬وقال ‪ :‬أنا‬ ‫لم يستطع الرجل الذي‬
‫قتلت فلنا ً ‪ ..‬والن قد شفيت‬ ‫أطلق عليه الرصاص أن ينام‬
‫صدري فاقتلوني أو أحرقوني أو‬ ‫من شدة الغيظ ‪ ..‬فما كاد‬
‫اسجنوني ‪ ..‬افعلوا ماشئتم ‪..‬‬ ‫أن يصبح حتى كان قد أجمع‬
‫أدخلوه إلى غرفة التوقيف ‪..‬‬ ‫أن يشفي غيظه من‬
‫وخرج الضابط لمعاينة مكان‬ ‫صاحبه ‪ ..‬فحمل سلحا ً من‬
‫الحادث ‪ ..‬فلما اطلع على‬ ‫نوع " كلشينكوف " ومضى‬
‫بطاقة المقتول فإذا المفاجأة‬ ‫يبحث عن صاحبه ‪ ..‬حتى رآه‬
‫الكبرى !! إذا بالقتيل ليس هو‬ ‫في سيارته عند مدرسة بنات‬
‫صاحبه الذي أراد أن يشفي‬ ‫‪..‬‬
‫صدره منه وإنما هو شخص آخر‬ ‫كان صاحبه متقاعدا ً من‬
‫ليس له دخل بالقضية ‪..‬‬ ‫وظيفته ويعمل سائقا‬
‫فأقبل الضابط يمشي بسرعة ‪،‬‬ ‫لسيارة خاصة لنقل‬
‫والرجل المسن المقصود بالقتل‬ ‫المدرسات ‪ ..‬وقد أوقف‬
‫يمشي بجانبه ‪ ..‬حتى أدخله‬ ‫سيارته عند باب المدرسة‬
‫مخفر الشرطة وأوقفه أمام‬ ‫وجلس داخلها ينتظر‬
‫الزنزانة ‪ ..‬وقال ‪ :‬يا فلن !‬ ‫خروجهن ‪ ..‬وبجانبه مجموعة‬
‫أتدعي أنك قتلت هذا ؟!‬ ‫من السيارات تشبه سيارته‬
‫الرصاص أصاب شخصا ً آخر !!‬ ‫كلها مخصصة لنقل‬
‫فصرخ المسكين وأصابه حالة‬ ‫المدرسات أو الطالبات ‪..‬‬
‫هستيرية ‪ ..‬ثم أغمي عليه‬ ‫اختبأ الرجل خلق شجرة‬
‫ومكث في غيبوبة أياما ً ‪ ..‬ثم‬ ‫بعيدة لئل ينتبه إليه ‪ ..‬وكان‬
‫شفي وأدخل السجن وحكم عليه‬ ‫ضعيف البصر ‪ ..‬ووجه‬
‫القاضي الشرعي بإقامة حد‬ ‫سلحه إلى السائق ‪ ..‬وحاول‬
‫القتل عليه ‪..‬‬ ‫جاهدا ً أن يسدد الطلقة إلى‬
‫وصدق أبو بكر لما قال ‪ :‬ما‬ ‫رأسه ‪ ..‬ثم ضغط على الزناد‬
‫شيء أحوج إلى طول سجن من‬ ‫‪ ..‬ودوى صوت الرصاص‬
‫لسان ‪..‬‬ ‫وانطلقت ثلث رصاصات‬
‫ل أنس خبر ذلك الخليفة الذي‬ ‫واستقرت في رأس‬
‫جلس يوما ً مع نديمه ‪ ..‬يضاحكه‬ ‫السائق ‪ ..‬ثار الناس‬
‫ويمازحه ‪ ..‬فلعب الشيطان‬ ‫واضطربوا ‪ ..‬وفزعت‬
‫برؤوسهما فشربا خمرا ً ‪ ..‬فلما‬ ‫الطالبات ‪ ..‬وارتفع‬
‫غابت العقول ‪ ..‬وسيطرت أم‬ ‫الصراخ ‪..‬‬
‫الخبائث ‪ ..‬وصار الواحد منهما‬ ‫واجتمع الشرطة ‪ ..‬وأحاطوا‬
‫أضل من الحمار ‪..‬‬ ‫بالمنطقة ‪ ..‬والرجل قد‬
‫‪230‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫التفت الخليفة إلى حاجبه‬
‫عجيبة ‪..‬‬ ‫وأشار له إلى النديم وقال ‪:‬‬
‫الحيوان لسانه طويل ول‬ ‫اقتلوه ‪..‬‬
‫ينطق ‪ ..‬والنسان لسانه قصير‬ ‫وكان الخليفة إذا أمر أمرا ً‬
‫ول يصمت !!‬ ‫جع فيه ‪..‬‬ ‫لم يرا َ‬
‫فانطلق الحاجب إلى النديم‬
‫المفتاح ‪..‬‬ ‫‪.78‬‬ ‫وتله برجليه ‪ ..‬وهو يصرخ ‪..‬‬
‫المدح ‪ ..‬هو مفتاح القلوب ‪..‬‬ ‫ويستغيث بالخليفة ‪..‬‬
‫نعم ‪ ..‬من أجمل مهارات الكلم‬ ‫والخليفة يضحك ويردد ‪:‬‬
‫أن تكون مبدعا ً في تعويد نفسك‬ ‫اقتلوه ‪ ..‬اقتلوه ‪..‬‬
‫على اكتشاف صواب الخرين ‪..‬‬ ‫فقتلوه ‪ ..‬وألقوه في بئر‬
‫ومدحهم والثناء عليهم به ‪..‬‬ ‫مهجورة ‪..‬‬
‫قبل النتباه إلى خطئهم ‪..‬‬ ‫فلما أصبح الخليفة ‪ ..‬اشتاق‬
‫ويتأكد ذلك عندما تريد أن تنبه‬ ‫إلى من يؤانسه ‪ ..‬فقال ‪:‬‬
‫شخصا ً إلى خطأ ما ‪..‬‬ ‫ادعوا لي نديمي فلن ‪..‬‬
‫كثير من الناس يرد النصيحة ل‬ ‫قالوا ‪ :‬قتلناه !! قال ‪:‬‬
‫لجل تكبره عنها ‪ ..‬أو عدم‬ ‫قتلتموه ؟!! من قتله ؟!‬
‫اقتناعه بخطئه ‪ ..‬وإنما لن‬ ‫ولماذا ؟ ومن أمركم ؟!‬
‫الناصح لم يسلك الطريق‬ ‫وجعل يدافع عبراته ‪..‬‬
‫الصحيح لتقديم النصيحة ‪..‬‬ ‫فقالوا ‪ :‬أنت أمرتنا‬
‫هب أنك ذهبت إلى مستشفى‬ ‫البارحة ‪ ..‬وأخبروه‬
‫حكومي لعلج ‪..‬‬ ‫بالقصة ‪..‬‬
‫فلما أقبلت إلى موظف‬ ‫فسكت ‪ ..‬وخفض رأسه‬
‫الستقبال فإذا وراء الزجاج‬ ‫متندما ً ثم قال ‪ :‬رب كلمة‬
‫شاب مراهق يقلب جريدة بين‬ ‫قالت لصاحبها دعني ‪..‬‬
‫يديه ‪ ..‬وبيده سيجاره ‪ ..‬غير‬ ‫أعود وأقول ‪ :‬كم من شخص‬
‫مبال بما حوله ‪..‬‬ ‫نفر الناس عن شخصه ‪..‬‬
‫وإذا شيخ كبير أعمى يقف متعبا ً‬ ‫وبغضهم في نفسه ‪ ..‬وجر‬
‫في يده اليمنى طفل صغير ‪..‬‬ ‫إلى نفسه الويلت بسبب‬
‫وفي الخرى ورقة مراجعة‬ ‫عدم ضبطه للسانه ‪..‬‬
‫ينتظر أن يحوله الموظف إلى‬ ‫قال ابن الجوزي ‪:‬‬
‫الطبيب ‪..‬‬ ‫ومن العجب أن من الناس‬
‫وإذا بجانبه عجوز كبيرة بيدها‬ ‫من يقوى على التحرز من‬
‫طفلة تبكي وقد تمكنت الحمى‬ ‫أكل الحرام ‪ ..‬ومن الزنا ‪..‬‬
‫من جسدها ‪ ..‬وتنتظر أيضا ً‬ ‫والسرقة ‪ ..‬لكنه ل يقوى‬
‫الموظف أن يفرغ من قراءة‬ ‫على أن يتحرز من حركة‬
‫أخبار ناديه المفضل ليحولها‬ ‫لسانه ‪ ..‬فيتكلم في أعراض‬
‫لطبيب الطفال ‪..‬‬ ‫الناس ‪ ..‬ول يقدر على منع‬
‫لما رأيت هذا المنظر ثارت‬ ‫نفسه من ذلك ‪..‬‬
‫‪231‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫إليك ‪ ..‬كأن تقول ‪ :‬كيف‬ ‫أعصابك – ول نلومك على‬
‫الحال ؟ ‪ ..‬مساك الله بالخير ‪..‬‬ ‫ذلك – فصرخت بالموظف ‪:‬‬
‫سيرفع رأسه ‪ -‬حتما ً – إليك‬ ‫هيه !! أنت جالس في‬
‫ويقول ‪ :‬الحمد لله بخير ‪..‬‬ ‫مستشفى أو في ‪ ...‬ما‬
‫في هذه المرحلة تكون قد‬ ‫تخاف الله ؟!! المرضى‬
‫قطعت نصف المشوار ‪..‬‬ ‫يئنون من اللم وأنت تقرأ‬
‫تلطف إليه بأي عبارة تمدحه بها‬ ‫جريدة !! ل وتدخن أيضا ً !!‬
‫‪ ..‬قل له مثل ً ‪ :‬تصدق !‬ ‫والله عجب ‪ ..‬مثلك ما يربيه‬
‫المفروض مثلك ما يعمل في‬ ‫إل شكوى لمدير المستشفى‬
‫استقبال مستشفى ‪..‬‬ ‫‪ ..‬أو المفروض أن تفصل‬
‫سيتغير ويقول ‪ :‬لماذا ؟‬ ‫من عملك ‪..‬‬
‫قل ‪ :‬لن هذا الوجه المنير إذا‬ ‫وبدأت تهيل هذه العبارات‬
‫رآه المريض زال مرضه فل‬ ‫كالبرق عليه ‪..‬‬
‫يحتاج إلى طبيب ‪..‬‬ ‫هب أنه ‪ ..‬لم يرد عليك ‪..‬‬
‫سيبتسم متعجبا ً من جرأتك – يا‬ ‫ولم يقابل صراخك بصراخ ‪..‬‬
‫بطل ‪ .. -‬وتنبلج أساريره ‪..‬‬ ‫هب فعل ً أنه ألقى جريدته ‪..‬‬
‫وقد صار الن مهيئا ً لقبول‬ ‫وأنهى تحويل المرضى إلى‬
‫لنصيحة ‪ ..‬ويقول ‪ :‬ماذا عندك ؟‬ ‫الطباء ‪..‬‬
‫عندها قل ‪ :‬يا أخي الحبيب ترى‬ ‫هل تعتبر نفسك نجحت في‬
‫هذا الشيخ الكبير ‪ ..‬وهذه‬ ‫حل المشكلة ‪ ..‬كل ‪ ..‬أنت‬
‫العجوز المسكينة ‪ ..‬ليتك تنهي‬ ‫هنا عالجت الموقف لكنك لم‬
‫لهما إجراءات الدخول على‬ ‫تعالج المشكلة ‪ ..‬لنه وإن‬
‫الطبيب ‪..‬‬ ‫استجاب إليك الن إل أنه‬
‫سيتناول أوراقهما ‪ ..‬ويحولهما‬ ‫سيعود إلى تصرفه المشين‬
‫للطبيب ‪ ..‬ثم يتناول ورقتك ‪..‬‬ ‫غدا ً وبعد غ ٍ‬
‫د ‪..‬‬
‫فإذا انتهى منك وسلمك‬ ‫إذن كيف أتصرف ؟!!‬
‫الورقة ‪..‬‬ ‫تعال إليه واكظم غيظك ‪..‬‬
‫فقل له ‪ :‬سبحان الله ‪ ..‬هذه‬ ‫تعامل مع الموقف بعقل ل‬
‫أول مرة أراك ومع ذلك فقد‬ ‫بعاطفة ‪ ..‬ل تدع المناظر‬
‫دخلت إلى قلبي ‪ ..‬ل أدري كيف‬ ‫المؤذية تؤثر في‬
‫ي من آلف‬ ‫!! والله إنك أحب إل ّ‬ ‫تصرفاتك ‪ ..‬ابتسم – وإن‬
‫الناس ‪ ) ..‬وفعل ً أنت صادق فهو‬ ‫كنت مغضبا ً ‪ ،‬وإن كانت‬
‫مسلم أحب إليك حتما ً من‬ ‫البتسامة صفراء ل مشكلة ‪،‬‬
‫مليين غير المسلمين ( ‪..‬‬ ‫ابتسم – وقل ‪ :‬السلم‬
‫سيفرح ويشكر لك لطفك ‪..‬‬ ‫عليكم ‪..‬‬
‫فقل ‪ :‬وعندي كلمات أود أن‬ ‫سيقول وهو ينظر إلى لعبه‬
‫تسمعها لكني أخاف أن‬ ‫المفضل ‪ :‬عليكم السلم ‪..‬‬
‫تغضبك ‪..‬‬ ‫انتظر لحظة ‪..‬‬
‫سيقول ‪ :‬ل ‪ ..‬ل ‪ ..‬تفضل ‪..‬‬ ‫قل أي كلمة تجعله يلتفت‬
‫‪232‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫جبل ذكرا ً يقوله بعد الصلة ‪..‬‬ ‫عندها قدم له النصيحة ‪..‬‬
‫فأقبل إلى معاذ وقال ‪ :‬يا‬ ‫ن الله عليك بهذه‬ ‫أنت قد م ّ‬
‫معاذ ‪ ..‬والله إني أحبك ‪ ..‬فل‬ ‫الوظيفة ‪ ..‬وفي واجهة‬
‫تدعن في دبر كل صلة أن‬ ‫المستشفى ‪ ..‬وأنت قدوة‬
‫تقول ‪ :‬اللهم أعني على ذكرك‬ ‫لغيرك ‪ ..‬فليتك تتلطف قليل ً‬
‫وشكرك وحسن عبادتك ‪..‬‬ ‫مع المراجعين ‪ ..‬وتهتم‬
‫بالله عليك ‪ ..‬ما علقة المقطع‬ ‫بهم ‪ ..‬لعل دعوة صالحة‬
‫الول من الكلم "والله إني‬ ‫ترفع لك في ظلمة الليل‬
‫أحبك " بالمقطع الثاني " ل‬ ‫من فم عجوز عابدة ‪ ..‬أو‬
‫تدعن أن تقول اللهم أعني على‬ ‫شيخ زاهد ‪..‬‬
‫ذكرك "‪..‬‬ ‫أجزم أنه سيخفض رأسه‬
‫قد يكون النسب لقوله إني‬ ‫وأنت تتكلم ‪ ..‬ويردد ‪:‬‬
‫أحبك أن يقول بعدها وأريد أن‬ ‫أشكرك ‪ ..‬جزاك الله خيرا ً ‪..‬‬
‫أزوجك ابنتي – مثل ً – أو أعطيك‬ ‫وكذلك استعمل هذه‬
‫مال ً ‪ ..‬أو أدعوك إلى طعام ‪..‬‬ ‫الساليب مع كل شخص‬
‫ولكن أن يتبع خبر المحبة تعليمه‬ ‫تعالج سلوكه ‪..‬‬
‫ذكرا ً من أذكار الصلة ‪ !!..‬فهذا‬ ‫مثل شخص يتهاون‬
‫يحتاج إلى تأمل ‪..‬‬ ‫بالصلة ‪ ..‬أو أب يهمل بناته‬
‫أتدري ما موقع قوله ‪ " :‬والله‬ ‫فيتكشفن ‪ ..‬ويتساهلن‬
‫إني أحبك " ؟ إنه التهيئة لقبول‬ ‫بالحجاب ‪..‬‬
‫النصيحة ‪ ..‬فإذا ارتاحت نفس‬ ‫أو شاب عاق لوالديه ‪..‬‬
‫معاذ واستبشر ‪ ،‬أعطاه النصيحة‬ ‫لجل أن يقبلوا منك ل بد أن‬
‫‪..‬‬ ‫تمارس المهارات‬
‫وفي موقف آخر ‪ ..‬قبض ‪ e‬يد‬ ‫المناسبة ‪ ..‬نعم ‪ ..‬استخدم‬
‫عبد الله بن مسعود بيده‬ ‫العبارات اللطيفة في إصلح‬
‫اليمنى ‪ ،‬ثم وضع يده اليسرى‬ ‫خطأ الخر ‪ ..‬كن مؤدبا ً ‪..‬‬
‫فوقها ‪ ،‬كنوع من العطف‬ ‫محترما ً لرأيه ‪..‬‬
‫والتهيئة ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬يا عبد الله ‪..‬‬ ‫قل له ‪ :‬أنا ما أنصحك إل‬
‫إذا جلست في التشهد فقل ‪:‬‬ ‫لني أعلم ‪ ..‬أنك تقبل‬
‫التحيات لله والصلولت‬ ‫النصح ‪..‬‬
‫والطيبات ‪ ،‬السلم عليك أيها‬ ‫وفي التنزيل العزيز يقول‬
‫النبي ورحمة الله وبركاته ‪..‬‬ ‫الله ‪ ) :‬إذا ناجيتم الرسول‬
‫ومضت السنين ومات رسول‬ ‫فقدموا بين يدي نجواكم‬
‫الله ‪ .. e‬فكان عبد الله يفخر‬ ‫صدقة ( ‪..‬‬
‫بذلك ويقول ‪ :‬علمني رسول‬ ‫وقد كان المربي الحكيم ‪e‬‬
‫الله ‪ e‬التشهد وكفي بين‬ ‫يستعمل طرقا ً ومهارات‬
‫كفيه ‪..‬‬ ‫تجعل من يعدل سلوكهم ل‬
‫وفي يوم آخر لحظ ‪ e‬أن عمر ‪t‬‬ ‫يملكون إل أن يقبلوا منه ‪..‬‬
‫إذا طاف بالكعبة وحاذى الحجر‬ ‫أراد يوما ً أن يعلم معاذ بن‬
‫‪233‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫مقالته بالغيب‬ ‫السود ‪ ..‬زاحم الناس وقبله‬
‫ساءك ما يفري‬ ‫‪ ..‬وكان صلبا ً قوي البدن ‪..‬‬
‫مقالته كالشهد ما كان شاهدا ً‬ ‫وربما زاحم الضعفاء ‪..‬‬
‫وبالغيب مأثور‬ ‫فأراد ‪ e‬أن يعدل سلوكه ‪..‬‬
‫على ثغرة النحر‬ ‫فقال – على سبيل التهيئة‬
‫يسرك باديه وتحت أديمه‬ ‫لقبول النصيحة ‪ : -‬يا عمر‬
‫نميمة غش‬ ‫إنك رجل قوي ‪..‬‬
‫تبتري عقب الظهر‬ ‫فرح عمر بهذا الثناء ‪ ..‬فقال‬
‫تبين لك العينان ما هو كاتم‬ ‫‪ : e‬فل تزاحمن عند الحجر ‪..‬‬
‫من الغل‬ ‫ومرة أراد أن ينصح ابن عمر‬
‫والبغضاء بالنظر الشزر‬ ‫بقيام الليل ‪ ..‬فقال ‪:‬‬
‫قدم سويد بن الصامت يوما ً إلى‬ ‫نعم الرجل عبد الله لو كان‬
‫مكة حاجا ً ‪ ..‬أو معتمرا ً ‪..‬‬ ‫يقوم الليل ‪ ..‬وفي رواية‬
‫فتحدث الناس بدخوله مكة ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬يا عبد الله ل تكن مثل‬
‫وأقبلوا لرؤيته ‪ ..‬فسمع النبي ‪e‬‬ ‫فلن ‪ ..‬كان يقوم الليل ‪..‬‬
‫به فأقبل عليه ‪ ..‬فدعاه إلى الله‬ ‫ل تكن مثل فلن ‪ ..‬كان‬
‫‪ ..‬وإلى السلم ‪ ..‬وجعل يحدثه‬ ‫يقوم الليل ‪ ..‬فترك قيام‬
‫بالتوحيد والرسالة وأنه نبي‬ ‫الليل ‪..‬‬
‫يوحى إليه قرآن ‪ ..‬وأن هذا‬ ‫نعم ‪ ..‬كان ‪ e‬يستعمل هذا‬
‫القرآن هو كلم الله تعالى ‪..‬‬ ‫السلوب الرائع مع جميع‬
‫فيه عبر وأحكام ‪..‬‬ ‫الناس ‪ ..‬ومع الوجهاء‬
‫فقال له سويد ‪ :‬فلعل الذي‬ ‫خاصة ‪..‬‬
‫معك مثل الذي معي ؟‬ ‫في بداية بعثة النبي ‪.. e‬‬
‫فقال له رسول الله ‪ : r‬ما الذي‬ ‫كان الناس ما بين مقبل‬
‫معك ؟‬ ‫ومدبر ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬معي مجلة لقمان ‪ -‬يعني‬ ‫وكان رجل في المدينة‬
‫حكمة لقمان ‪.. -‬‬ ‫اسمه سويد بن الصامت‬
‫فلم يعنفه ‪ e‬أو يحقره ‪ - ..‬مع‬ ‫وكان رجل ً شريفا ً في‬
‫أنه يضاهي كلم الله بكلم‬ ‫قومه ‪ ..‬عاقل ً شاعرا ً ‪..‬‬
‫البشر ‪ .. -‬وإنما تلطف معه ‪..‬‬ ‫يحفظ كلم الحكماء ‪ ..‬حتى‬
‫وقال ‪ : r‬اعرضها علي ‪..‬‬ ‫قيل إنه كان يحفظ كل ما‬
‫فشرع سويد يقرأ ما يحفظ من‬ ‫روي عن لقمان الحكيم ‪..‬‬
‫مه ‪ ..‬ورسول‬ ‫حك َ ِ‬
‫كلم لقمان و ِ‬ ‫حتى بلغ من إعجاب الناس‬
‫الله ‪ e‬يستمع إليه بكل‬ ‫به أنهم كانوا يسمونه ‪:‬‬
‫هدوووء ‪..‬‬ ‫الكامل ‪ ..‬لجلده وشعره ‪..‬‬
‫فلما انتهى سويد ‪ ..‬قال ‪ e‬له ‪:‬‬ ‫وشرفه ونسبه ‪ ..‬وهو الذي‬
‫إن هذا لكلم حسن ‪..‬‬ ‫يقول ‪:‬‬
‫ثم قال ‪ -‬مشوقا ً لسويد ‪: -‬‬ ‫أل رب من تدعو صديقا ً ولو‬
‫ترى‬
‫‪234‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫اسمه في مكان تبادر إلى ذهنك‬ ‫والذي معي أفضل من هذا ‪..‬‬
‫ذاك الوجه العابس ‪..‬‬ ‫قرآن أنزله الله تعالى‬
‫ولو لقيك شخص بابتسامة في‬ ‫علي ‪ ..‬هو هدى ونور ‪..‬‬
‫موقف ‪ ..‬ثم ابتسم في لقاء آخر‬ ‫ثم تل عليه رسول الله ‪r‬‬
‫‪ ..‬وثالث ‪ ..‬لنطبع في ذهنك‬ ‫القرآن ‪ ..‬ودعاه إلى السلم‬
‫عنه صورة مشرقة ‪..‬‬ ‫‪ ..‬وسويد يستمع منصتا ً ‪..‬‬
‫هذا فيمن ل يكون بينك وبينه‬ ‫فلما فرغ ‪ e‬من كلمه ‪..‬‬
‫علقة دائمة وإنما هي لقاءات‬ ‫ظهر على سويد التأثر ‪..‬‬
‫عابرة ‪..‬‬ ‫وقال ‪ :‬إن هذا لقول‬
‫أما الشخاص الذي نلقاهم دائما ً‬ ‫حسن ‪..‬‬
‫كزوجة وأولد ‪ ..‬وزملء في‬ ‫ثم انصرف سويد عن النبي‬
‫مكتب ‪ ..‬وجيران في حارة ‪..‬‬ ‫‪ .. e‬ول يزال متأثرا ً بما‬
‫فإن تعاملنا معهم لن يكون‬ ‫سمع ‪..‬‬
‫بأسلوب واحد دائما ً ‪ ..‬نعم هم‬ ‫فقدم المدينة على قومه ‪..‬‬
‫سيروننا ضاحكين لطيفين ‪..‬‬ ‫فلم يلبث أن وقع قتال بين‬
‫لكنهم حتما ً سيروننا تارة‬ ‫قبيلتي الوس والخزرج ‪..‬‬
‫غاضبين ‪ ..‬وتارة عابسين ‪ ..‬أو‬ ‫وكان من قبيلة الوس‬
‫مخاصمين ‪ ..‬أو شاتمين ‪ ..‬لننا‬ ‫فقتلته الخزرج ‪..‬‬
‫بشر ‪..‬‬ ‫وذلك قبل أن يهاجر النبي ‪e‬‬
‫وبالتالي فإن محبتهم لنا تتحدد‬ ‫إلى المدينة ‪ ..‬ول يدرى هل‬
‫على حسب طغيان حسناتنا‬ ‫أسلم أم ل ؟ وإن كان رجل‬
‫عندهم أو سيئاتنا ‪ ..‬أو قل‬ ‫من قومه ليقولون ‪ :‬إنا لنراه‬
‫بعبارة أخرى ‪ :‬تتحدد محبتهم لنا‬ ‫قد قتل وهو مسلم ‪..‬‬
‫بحسب مقدار الرصيد العاطفي‬
‫الذي في حسابنا عندهم ‪..‬‬ ‫باختصار ‪..‬‬
‫كيف ؟!‬
‫عندما يقع لك موقف جميل مع‬
‫أسرف في المديح ‪..‬‬
‫إنسان فإنك تضيف إلى سجل‬ ‫واقتصد في النقد ‪..‬‬
‫ذكرياته ذكرى جميلة عنك ‪ ..‬أو‬ ‫الرصيد العاطفي‬ ‫‪.79‬‬
‫بعبارة أخرى تفتح لك في قلبه‬ ‫تصورات الناس عنا نحن‬
‫حسابا ً تودع فيه محبة لك‬ ‫الذين نصنعها ‪..‬‬
‫واحتراما ً ‪ ..‬ثم تتولى بعد ذلك‬ ‫فلو لقيك شخص في السوق‬
‫زيادة رصيدك العاطفي أو‬ ‫فعبس في وجهك ‪..‬‬
‫السحب منه ‪..‬‬ ‫ثم لقيك في بقالة ‪ ..‬فعبس‬
‫فكل ابتسامة تقابله بها ‪ ..‬تزيد‬ ‫في وجهك أيضا ً ‪..‬‬
‫من رصيدك العاطفي عنده ‪..‬‬ ‫ثم صادفته في عرس ‪..‬‬
‫وكل هدية ‪ ..‬تزيد رصيدك‬ ‫فلقيك عابسا ً ‪ ..‬لرسمت عنه‬
‫العاطفي ‪..‬‬ ‫صورة قاتمة في مخيلتك ‪..‬‬
‫وكل مجاملة ‪ ..‬تزيد رصيدك‬ ‫فإذا رأيت صورته أو سمعت‬

‫‪235‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ذكر أن رجل ً كان له جمل‬ ‫فقد ُ‬ ‫العاطفي ‪..‬‬
‫جلد قوي ‪ ..‬فأراد سفرا ً ‪..‬‬ ‫وكل إهانة تقع منك له ‪ ..‬أو‬
‫فجعل يحمل متاعه عليه ‪..‬‬ ‫مسبة ‪ ..‬أو شتم ‪ ..‬فإنك‬
‫ويربطه على ظهره ‪ ..‬والجمل‬ ‫تسحب من رصيدك العاطفي‬
‫متماسك ‪ ..‬حتى كوم على‬ ‫‪..‬‬
‫ظهره ما يحمله أربعة جمال ‪..‬‬ ‫وبالتالي إذا كان رصيدك‬
‫فبدأ البعير يهتز من ثقل الحمل‬ ‫العاطفي عنده كثيرا ً ‪..‬‬
‫والناس يصيحون بالرجل ‪ :‬يكفي‬ ‫ووقعت يوما ً ما في موقف‬
‫ما حملت عليه ‪ ..‬فأخذ حزمة من‬ ‫أغاظه فسحبت من رصيدك‬
‫تبن وقال ‪ :‬هذه خفيفة وهي‬ ‫العاطفي مقدارا ً معينا ً ‪..‬‬
‫آخر المتاع ‪ ..‬فلما طرحها على‬ ‫فإن هذا لن يؤثر كثيرا ً لن‬
‫ظهره سقط البعير على‬ ‫رصيدك العاطفي عنده‬
‫الرض ‪ ..‬فقيل ‪ :‬قشة قصمت‬ ‫كثير ‪..‬‬
‫ظهر بعير !!‬ ‫وإذا الحبيب أتى بذنب واحد‬
‫ولو تفكرت لرأيت أن القشة‬ ‫جاءت‬
‫مظلومة فليست هي التي‬ ‫محاسنه بألف شفيع‬
‫قصمت ظهر البعير وإنما انقصم‬ ‫أما إن لم يكن عنده لك‬
‫ظهر البعير بسبب تراكمات كبار‬ ‫رصيد عاطفي وجعلت‬
‫صبر البعير على أولها ‪..‬‬ ‫تسحب من الرصيد وليس‬
‫وصبر ‪ ..‬وصبر ‪ ..‬حتى لم يطق‬ ‫فيه شيء أصل ً ‪ ..‬فإن‬
‫صبرا ً ‪ ..‬فانقصم ظهره بشيء‬ ‫حسابك عنده سيكون‬
‫صغير ‪..‬‬ ‫بالناقص !! وبالتالي قد يقع‬
‫وهكذا المرأة التي طلقها زوجها‬ ‫في قلبه لك كره ‪ ..‬أو‬
‫‪ ..‬أجزم أن السبب ليس هو‬ ‫استثقال ‪ ..‬لنك تسحب من‬
‫تركها زيارة أخته فحسب ‪..‬‬ ‫رصيدك العاطفي ول تودع ‪..‬‬
‫وإنما تراكمات قبله ‪ ..‬من‬ ‫ألم تسمع يوما ً عن زوجة‬
‫عصيان لطلباته ‪ ..‬عدم تحقيق‬ ‫طلقها زوجها ‪ ..‬فإذا سئلت‬
‫لرغباته ‪ ..‬عدم تحببها إليه ‪..‬‬ ‫عن سبب الطلق قالت ‪:‬‬
‫تكبرها عليه ‪ ..‬عدم احترام‬ ‫السبب تافه ‪ ..‬طلب مني‬
‫رأيه ‪ ..‬فهي تسحب دوما ً من‬ ‫الذهاب معه لزيارة أخته‬
‫رصيدها العاطفي عنده دون أن‬ ‫فرفضت ‪ ..‬فغضب وجعل‬
‫تودع فيه شيئا ً ‪ ..‬وتجرح ول‬ ‫يسبني ويشتمني ثم طلقني‬
‫تداوي ‪..‬‬ ‫!!‬
‫وهو يحتمل ويحتمل ‪ ..‬حتى جاء‬ ‫ولو تأملت بذكاء في سبب‬
‫هذا الموقف فقصم ظهر‬ ‫الطلق ‪ ..‬لما وجدت السبب‬
‫البعير ‪..‬‬ ‫هو هذا الموقف التافه ‪..‬‬
‫ولو أنها اعتنت بكثرة اليداع في‬ ‫وإنما هذا الموقف هو‬
‫رصيدها العاطفي ‪ ..‬من حسن‬ ‫القشة التي قصمت ظهر‬
‫لقاء له ‪ ..‬وتغنج ودلل ‪ ..‬وتحبب‬ ‫البعير ‪..‬‬
‫‪236‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫جاءت محاسنه بألف شفيع‬ ‫إليه ‪ ..‬وممازحة وخفة‬
‫ظل ‪ ..‬وعناية بطعامه‬
‫الساحر ‪..‬‬ ‫‪.80‬‬ ‫ولباسه ‪ ..‬واحترام لرأيه ‪..‬‬
‫معنا‬ ‫س ّ‬‫الكلم ببلش ‪ ..‬يا أخي َ‬ ‫لصار رصيدها العاطفي‬
‫كلمة حلوة ‪..‬‬ ‫كبيرا ً ‪ ..‬وملكت مليارات في‬
‫هكذا بدأت المسكينة تعاتب‬ ‫قلبه ‪ ..‬وبالتالي لن يضر لو‬
‫زوجها ‪..‬‬ ‫وقع موقف سحبت به من‬
‫صحيح هو ما قصر معها في‬ ‫رصيدها العاطفي ‪..‬‬
‫طعام ول لباس ‪ ..‬ولكنه لم يكن‬ ‫وقل مثل ذلك في الطالب‬
‫يسحرها بمعسول الكلم ‪!! ..‬‬ ‫المشاكس الذي يقع منه‬
‫يجمع العقلء أن أهم صفات‬ ‫موقف صغير فيغضب‬
‫البائع الماهر أن يكون ساحرا ً‬ ‫المدرس غضبا ً شديدا ً ‪ ..‬وقد‬
‫في كلمه ‪ ..‬فيردد ‪ :‬من‬ ‫يضربه ويطرده من‬
‫عيوني ‪ ..‬تفضل ‪ ..‬خل الحساب‬ ‫الفصل ‪ ..‬و ‪ ..‬ثم يقول‬
‫علينا ‪ ..‬تعبك راحة ‪..‬‬ ‫الطالب أنا ما فعلت شيئا ً‬
‫وتزيد قيمة البائع كلما زادت‬ ‫هي مجرد نكتة أطلقتها من‬
‫عباراته جمال ً ‪ ..‬فإن أضاف إلى‬ ‫غير استئذان ‪ ..‬ول ينتبه إلى‬
‫حسن العبارة جودة في وصف‬ ‫أن هذه النكتة هي القشة‬
‫السلعة ‪ ..‬وقدرة على إقناع‬ ‫التي قصمت ظهر البعير ‪..‬‬
‫الزبون بالشراء ‪ ..‬صار قد‬ ‫قل مثله في زملء‬
‫اكتسب نورا ً على نور ‪..‬‬ ‫تخاصموا ‪ ..‬أو جيران تنازعوا‬
‫ويجمع المجربون أن من أهم‬ ‫‪..‬‬
‫صفات السكرتير أن يكون لسانه‬ ‫ً‬
‫إذن ‪ ..‬نحن نحتاج دائما إلى‬
‫عذبا ً ‪ ..‬وعباراته حلوة ‪ ..‬فيطرب‬ ‫نودع في قلب كل واحد‬
‫م ‪ ..‬أبشر ‪..‬‬ ‫س ْ‬‫السماع بقوله ‪َ :‬‬ ‫نلقاه رصيدا ً عاطفيا ً ‪..‬‬
‫دامينك ( ‪..‬‬ ‫نحن ) خ ّ‬ ‫الزوج يتحين الفرص ليودع‬
‫وربما شغفت زوجة بزوجها‬ ‫في قلب زوجته ‪ ..‬ويسجل‬
‫حبا ً ‪ ..‬وهو كثير البخل قليل‬ ‫نقاطا ً أكثر وأكثر ‪..‬‬
‫الجمال ‪ ..‬لكنه يسحرها‬ ‫والزوجة تحتاج أيضا ً ‪..‬‬
‫بعباراته ‪..‬‬ ‫والولد يحتاج أن يودع في‬
‫أذكر أن شابا ً مراهقا ً كان مغرما ً‬ ‫قلب والده ‪..‬‬
‫بمغازلة الفتيات ‪ ..‬وكان له‬ ‫والمدرس مع طلبه ‪ ..‬والخ‬
‫قدرة عجيبة على اليقاع بهن ‪..‬‬ ‫مع أخيه ‪..‬‬
‫وكم من مسكينة صارت متيمة‬ ‫بل حتى المدير مع من هم‬
‫بحبه ‪ ..‬عالقة بشراكه ‪ ..‬ومن‬ ‫تحت إدارته ‪ ..‬يحتاج إلى ذلك‬
‫العجب أنه لم يكن يملك سيارة‬ ‫‪..‬‬
‫فارهة يغريهن بركوبها ‪ ..‬ولم‬
‫تكن جيبه مليئة بالمال ليغدق‬ ‫باختصار ‪..‬‬
‫عليهن الهدايا ‪..‬‬ ‫وإذا الحبيب أتى بذنب واحد‬
‫‪237‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫ثم سكت عمرو ‪..‬‬ ‫ول تظنن أنه أوتي وسامة‬
‫فغضب الزبرقان ‪ ..‬وودّ لو لن‬ ‫أو جمال ً ‪ ..‬كل ‪ ..‬فإني أسأل‬
‫عمروا ً زاد في الثناء ‪ ..‬وظن أنه‬ ‫الله لك أن ل تبتلى بالنظر‬
‫حسده على سيادته ‪..‬‬ ‫إلى وجهه !!‬
‫فقال الزبرقان ‪ :‬والله يا رسول‬ ‫لكنه كان يغلق فمه على‬
‫الله ‪ ..‬لقد علم ما قال ‪ ..‬وما‬ ‫لسان ‪ ..‬لو تكلم مع حجر‬
‫منعه أن يتكلم به إل الحسد ‪..‬‬ ‫لفلقه ‪ ..‬ولو سمعه نهر‬
‫فغضب عمرو ‪ ..‬وقال ‪ :‬أنا‬ ‫فقه ‪..‬‬ ‫لد ّ‬
‫أحسدك ؟!! فوالله إنك لئيم‬ ‫فكان يصطاد الفتيات بلسانه‬
‫الخال ‪ ..‬حديث المال ‪ ..‬أحمق‬ ‫اصطيادا ً ‪ ..‬بل يسحرهن‬
‫الموالد ‪ ..‬مضيع في العشيرة ‪..‬‬ ‫سحرا ً ‪..‬‬
‫والله يا رسول الله لقد صدقت‬ ‫وحديثها السحر الحلل لو‬
‫فيما قلت أول ً ‪ ..‬وما كذبت فيما‬ ‫أنه‬
‫قلت آخرا ً ‪ ..‬لكني رجل رضيت‬ ‫لم يجن‬
‫ن ما علمت ‪..‬‬ ‫فقلت أحس َ‬ ‫قتل المسلم المتحرز‬
‫ح ما وجدت ‪..‬‬ ‫ت أقب َ‬‫وغضبت فقل ُ‬ ‫إن طال لم يملل وإن هي‬
‫ووالله لقد صدقت في المرين‬ ‫أوجزت‬
‫جميعا ً ‪..‬‬ ‫ود‬
‫فعجب ‪ ‬من سرعة حجته ‪..‬‬ ‫المحدث أنها لم توجز‬
‫وقوة بيانه ‪ ..‬ومهارات لسانه ‪..‬‬ ‫أقبل يوما ً إلى رسول الله‬
‫فقال ‪ :‬إن من البيان لسحرا ً ‪..‬‬ ‫ة رجال سادة في‬ ‫‪ ‬ثلث ُ‬
‫إن من البيان لسحرا ً )‪.. (91‬‬ ‫قومهم ‪..‬‬
‫فكن مبدعا ً في مهارات‬ ‫قيس بن عاصم ‪ ..‬والزبرقان‬
‫لسانك ‪ ..‬فلو قال لك ‪ :‬ناولني‬ ‫بن بدر ‪ ..‬وعمرو بن‬
‫القلم ‪ ..‬قل ‪ :‬من عيوني ‪..‬‬ ‫الهتم ‪..‬‬
‫تفضل ‪..‬‬ ‫وكلهم من قبيلة تميم ‪..‬‬
‫ولو قال ‪ ..‬لكن يا فلن عندي‬ ‫فبدؤوا يتفاخرون ‪..‬‬
‫م ‪..‬‬ ‫س ْ‬‫طلب ‪ :‬اطلب عيوني ‪َ ..‬‬ ‫فقال الزبرقان ‪ :‬يا رسول‬
‫أريد منك خدمة ‪ :‬تفضل ‪ ..‬خدمنا‬ ‫الله ‪ ..‬أنا سيد تميم ‪..‬‬
‫أناسا ً ما يساوون أثر رجليك ‪..‬‬ ‫والمطاع فيهم ‪ ..‬والمجاب‬
‫مارس هذا السلوب الذي يدغدغ‬ ‫فيهم ‪ ..‬أمنعهم من الظلم ‪..‬‬
‫المشاعر ‪ ..‬مع أمك ‪ ..‬نعم‬ ‫فآخذ لهم بحقوقهم ‪..‬‬
‫أسمعها كلمات رقيقة لينة ‪..‬‬ ‫ثم أشار إلى السيد الخر‬
‫مع أبيك ‪ ..‬زوجتك ‪ ..‬أولدك ‪..‬‬ ‫عمرو بن الهتم ‪ ..‬وقال ‪:‬‬
‫زملئك ‪..‬‬ ‫وهذا يعلم ذاك ‪..‬‬
‫فهذا السلوب ل يخسرك‬ ‫فأثنى عمرو عليه وقال ‪:‬‬
‫شيئا ً ‪ ..‬وتسحر به الخرين ‪..‬‬ ‫والله يا رسول الله ‪ ..‬إنه‬
‫لشديد العارضة ‪ ..‬مانع‬
‫‪ ( ) 91‬رواه الحاكم في المستدرك ‪ ،‬وأصله‬
‫لجانبه ‪ ..‬مطاع في ناديه ‪..‬‬
‫في الصحيحين‬
‫‪238‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫القرع بن حابس ‪ -‬ما أسلم إل‬ ‫وتزيل ما في نفوسهم ‪..‬‬
‫قبل أيام في فتح مكة ‪..‬‬ ‫وانظر إلى حال النصار ‪y‬‬
‫فيعطيه مائة من البل ‪ ..‬ثم‬ ‫بعد معركة حنين ‪..‬‬
‫يدعو أبا سفيان ويعطيه مائة‬ ‫النصار الذين قاتلوا مع‬
‫من البل ‪..‬‬ ‫النبي ‪ t‬في بدر ثم قتلوا‬
‫ول يزال يقسم النعم ‪ ..‬بين‬ ‫في أحد ‪ ..‬وحوصروا في‬
‫أقوام ‪ ..‬ما بذلوا بذل النصار ‪..‬‬ ‫الخندق ‪ ..‬ول زالوا معه‬
‫ول جاهدوا جهادهم ‪ ..‬ول ضحوا‬ ‫يقاتلون وُيقَتلون ‪ ..‬حتى‬
‫تضحيتهم ‪..‬‬ ‫فتحوا معه مكة ‪ ..‬ثم مضوا‬
‫فلما رأى النصار ذلك ‪..‬‬ ‫إلى معركة حنين ‪..‬‬
‫قال بعضهم لبعض ‪ :‬يغفر الله‬ ‫ففي الصحيحين ‪..‬‬
‫لرسول الله ‪ ..‬يعطي قريشا ً‬ ‫أن القتال اشتد أول المعركة‬
‫ويتركنا ‪ ..‬وسيوفنا تقطر من‬ ‫‪ ..‬وانكشف الناس عن‬
‫دمائهم ‪..‬‬ ‫رسول الله ‪ ..‬فإذا الهزيمة‬
‫فلما رأى سيدهم سعد بن عبادة‬ ‫تلوح أمام المسلمين ‪..‬‬
‫‪ t‬ذلك ‪ ..‬دخل على رسول الله ‪e‬‬ ‫فالتفت ‪ e‬إلى أصحابه ‪..‬‬
‫‪ ..‬فقال ‪:‬‬ ‫فإذا هم يفرون من بين يديه‬
‫يا رسول الله ‪ ..‬إن أصحابك من‬ ‫‪..‬‬
‫النصار وجدوا عليك في‬ ‫فصاح بالنصار ‪..‬‬
‫أنفسهم ‪ ..‬قال ‪ :‬وما ذاك ؟!!‬ ‫يا معشر النصار ‪ ..‬فقالوا ‪:‬‬
‫قال ‪ :‬لما صنعت في هذا الفئ‬ ‫لبيك يا رسول الله ‪..‬‬
‫الذي أصبت ‪ ..‬قسمت في‬ ‫وعادوا إليه ‪ ..‬وصفوا بين‬
‫قومك ‪ ..‬وأعطيت عطايا ً‬ ‫يديه ‪..‬‬
‫عظاما ً ‪ ..‬في قبائل العرب ‪..‬‬ ‫ول زالوا يدفعون العدو‬
‫ولم يكن في النصار منه شئ ‪..‬‬ ‫بسيوفهم ‪ ..‬ويفدون رسول‬
‫فقال ‪ : e‬فأين أنت من ذلك يا‬ ‫الله ‪ e‬بنحورهم ‪ ..‬حتى فر‬
‫سعد ؟‬ ‫الكفار وانتصر المسلمون ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬ما أنا إل‬ ‫وبعدما انتهت المعركة‪..‬‬
‫امرؤ من قومي ‪..‬‬ ‫وجمعت الغنائم بين يدي‬
‫فقال ‪ :‬فاجمع لي قومك‪ ..‬فلما‬ ‫النبي ‪ .. e‬أخذوا ينظرون‬
‫اجتمعوا ‪ ..‬أتاهم رسول الله ‪..‬‬ ‫إليها ‪..‬‬
‫فحمد الله وأثنى عليه ‪ ..‬ثم قال‬ ‫وأحدهم يتذكر أولده‬
‫‪ :‬يا معشر النصار ‪ ..‬ما قالة‬ ‫الجوعى ‪ ..‬وأهَله الفقرا ‪..‬‬
‫بلغتني عنكم ؟‬ ‫ويرجو أن يناله من هذه‬
‫قالوا ‪ :‬أما رؤساؤنا يا رسول‬ ‫الغنائم شيء يوسع به‬
‫الله فلم يقولوا شيئا وأما ناس‬ ‫عليهم ‪..‬‬
‫منا حديثة أسنانهم فقالوا يغفر‬ ‫فبينما هم على ذلك ‪..‬‬
‫الله لرسول الله يعطي قريش‬ ‫فإذا برسول الله ‪ .. e‬يدعو‬
‫ويتركنا وسيوفنا تقطر من‬
‫‪239‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫برسول الله ‪ e‬إلى بيوتكم ‪..‬‬ ‫دمائهم ‪..‬‬
‫لو سلك الناس واديا ً أو شعبا ً ‪..‬‬ ‫فقال ‪ : e‬يا معشر النصار ‪..‬‬
‫وسلكت النصار واديا ً أو شعبا ً ‪..‬‬ ‫ألم تكونوا ضلل ً فهداكم‬
‫لسلكت وادي النصار ‪ ..‬أو شعب‬ ‫الله بي ‪..‬‬
‫النصار ‪..‬‬ ‫قالوا ‪ :‬بلى ولله ورسوله ‪..‬‬
‫فوالذي نفس محمد بيده ‪ ..‬إنه‬ ‫المنة الفضل ‪..‬‬
‫لول الهجرة ‪ ..‬لكنت امرءا ً من‬ ‫قال ‪ :‬ألم تكونوا عالة‬
‫النصار ‪ ..‬اللهم ارحم النصار ‪..‬‬ ‫فأغناكم الله ‪ ..‬وأعداءً فألف‬
‫وأبناء النصار ‪ ..‬وأبناء أبناء‬ ‫بين قلوبكم ‪..‬‬
‫النصار ‪..‬‬ ‫قالوا ‪ :‬بلى ولله ورسوله ‪..‬‬
‫فبكى القوم حتى أخضلوا لحاهم‬ ‫المنة الفضل ‪..‬‬
‫‪ ..‬وقالوا ‪ :‬رضينا برسول الله‬ ‫ثم سكت رسول الله ‪.. e‬‬
‫سما ً وحظًا‪ ..‬ثم انصرف رسول‬ ‫ق ْ‬‫َ‬ ‫وسكتوا ‪ ..‬وانتظَر ‪..‬‬
‫الله وتفرقوا ‪..‬‬ ‫وانتظروا ‪..‬‬
‫بل إنك بالعبارات الجميلة‬ ‫فقال ‪ :‬أل تجيبوني يا معشر‬
‫تستطيع أن تخدر الناس أحيانا ً ‪..‬‬ ‫النصار ‪..‬‬
‫ذكر أنه كان في صعيد مصر‬ ‫قالوا ‪ :‬وبماذا نجيبك يا‬
‫رجل غني متسلط يسمونه "‬ ‫رسول الله ‪ ..‬ولله ولرسوله‬
‫الباشا " كان يملك فدادين من‬ ‫المنة والفضل ‪..‬‬
‫المزارع ‪ ..‬كان متغطرسا ً‬ ‫قال ‪ :‬أما والله لو شئتم‬
‫يمارس أصناف الذلل على‬ ‫دقتم‬ ‫ص ّ‬ ‫دقتم ول ُ‬ ‫ص َ‬
‫لقلتم ‪ ..‬فل َ‬
‫المزارعين الصغار ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫دارت الزمان دورته فأصاب‬ ‫لو شئتم لقلتم ‪ :‬أتيتنا مكذبا ً‬
‫أرضه ما أتلفها ‪ ..‬فأصبح فقيرا ً‬ ‫فصدقناك ‪ ..‬ومخذول ً‬
‫بعد غنى ‪ ..‬كسيرا ً‬ ‫فنصرناك ‪ ..‬وطريدا ً فآويناك‬
‫جاع أولده وهو ليس عنده‬ ‫‪ ..‬وعائل ً فواسيناك ‪..‬‬
‫مصدر يتكسب منه ‪ ..‬ول يعرف‬ ‫ثم قال ‪ :‬يا معشر النصار ‪..‬‬
‫صنعة غير الزراعة ‪ ..‬لكن أرضه‬ ‫أوجدتم على رسول الله في‬
‫تالفة ‪..‬‬ ‫أنفسكم ‪ ..‬في لعاعة من‬
‫فخرج يبحث عن عمل ‪ ..‬أي‬ ‫الدنيا ‪ ..‬تألفت بها قوما ً‬
‫عمل ‪..‬‬ ‫ليسلموا ‪ ..‬ووكلتم الى‬
‫أقبل على مزرعة لحد الفلحين‬ ‫إسلمكم ‪..‬‬
‫الضعفاء الذين ذاقوا من إذلله‬ ‫إن قريشا ً حديثوا عهد‬
‫قديما ً ‪ ..‬دخل عليه ‪ ..‬وقال بكل‬ ‫بجاهلية ومصيبة ‪ ..‬وإني‬
‫مذلة ‪ :‬هل أجد عنك عمل ً ‪..‬‬ ‫أردت أن أجبرهم ‪..‬‬
‫أقطف الثمر ‪ ..‬أو أنقي‬ ‫وأتألفهم ‪..‬‬
‫الحبوب ‪ ..‬أو أقلم الشجار ‪..‬‬ ‫أل ترضون يا معشر‬
‫أو ‪..‬‬ ‫النصار ‪ ..‬أن يذهب الناس‬
‫فثار المزارع في وجهه وقال ‪:‬‬ ‫بالشاة والبعير ‪ ..‬وترجعون‬
‫‪240‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫وثور أسود ‪ ..‬والثور السود‬ ‫أنت تعمل عندي !! أنت‬
‫اليوم مريض ول يستطيع أن‬ ‫المتكبر المتغطرس ‪ ..‬الحمد‬
‫يعمل ‪ ..‬والثور البيض ل يطيق‬ ‫لله أن استجاب دعاءنا عليك‬
‫جر الحراثة وحده ‪ ..‬فأريدك أن‬ ‫وأذلك ‪ ..‬ثم طرده من‬
‫تقوم اليوم بوظيفة الثور‬ ‫بستانه ‪..‬‬
‫السود ‪ ..‬فأنت قوي أيها‬ ‫مضى يجر قدمي خيبته ‪..‬‬
‫الباشا ‪ ..‬أنت قائد ‪ ..‬أنت‬ ‫حتى دخل بستانا ً آخر ‪ ..‬فإذا‬
‫رئيس ‪ ..‬تسير في المام‬ ‫بفلح له معه ذكريات‬
‫دائما ً ‪..‬‬ ‫أليمة ‪ ..‬فطرده كما طرده‬
‫توجه الباشا بكل كبرياء إلى‬ ‫الول ‪..‬‬
‫الحراثة ‪ ..‬ووقف بجانب الثور‬ ‫مضى الباشا ) !! ( المسكين‬
‫البيض ‪ ..‬أقبل المزارع إليه وبدأ‬ ‫ل يلوي على شيء ‪ ..‬ول‬
‫بالثور البيض وربطه بالحبال‬ ‫يريد أن يرجع إلى أولده‬
‫ليجر المحراث ‪ ..‬ثم توجه إلى‬ ‫خاليا ً ‪..‬‬
‫الباشا وهو يردد قائل ً ‪ :‬يا أحسن‬ ‫مر على مزرعة لفلح‬
‫باشا في العالم ‪ ..‬يا قوي ‪ ..‬يا‬ ‫ثالث ‪ ..‬فدخل ليجرب حظه‬
‫بطل ‪ ..‬والباشا يتلفت في‬ ‫معه ‪..‬‬
‫زهو ‪ ..‬ثم ربط الحبال في‬ ‫رآه الفلح فانبهر ‪ ..‬وقد‬
‫كتفي الباشا ‪ ..‬وركب هو على‬ ‫ذاق أيضا ً من إذلله من‬
‫الحراثة معه السوط !! وصاح ‪:‬‬ ‫قبل ‪ ..‬قال الباشا ‪ :‬أنا أبحث‬
‫امش ‪ ..‬وضرب ظهر الثور‬ ‫عن عمل ‪ ..‬أولدي جوعى ‪..‬‬
‫فتحرك ‪ ..‬وتحرك الباشا يجر‬ ‫فأراد الفلح أن يذله ‪ ..‬وأن‬
‫المحراث ‪ ..‬والفلح يردد ‪ :‬جميل‬ ‫ينتقم منه بأسلوب ذكي ‪..‬‬
‫يا باشا ‪ ..‬ممتاز يا ملك ‪..‬‬ ‫فقال له ‪ :‬أهل ً أيها الباشا !!‬
‫ويضرب ظهر الثور ‪ ..‬ويصيح‬ ‫نورت بستاني !! من مثلي‬
‫أقوى يا باشا ‪ ..‬أحسن يا باشا ‪..‬‬ ‫اليوم الباشا الكبير يدخل‬
‫والباشا المسكين لم يتعود على‬ ‫أرضي !! أنت الباشا‬
‫ذلك ‪ ..‬لكنه كان يجر بكل‬ ‫الكبير ‪ ..‬أنت الباشا‬
‫قوته ‪ ..‬من الصباح حتى غابت‬ ‫الوجيه !! أنت ‪..‬‬
‫الشمس ‪ ..‬وكأنه غائب العقل ‪..‬‬ ‫دره بهذه‬‫وجعل يخ ّ‬
‫فلما انتهى فك الفلح عنه‬ ‫العبارات ‪ ..‬حتى صار الباشا‬
‫الحبال ‪ ..‬وهو يقول ‪ :‬والله‬ ‫منوما ً تنويما ً مغناطيسيا ً !!‬
‫شغلك جميل يا باشا ‪ ..‬هذا‬ ‫ثم قال الفلح ‪ :‬مرحبا ً وأهل ً‬
‫أحسن يوم مر علي يا باشا ‪..‬‬ ‫‪ ..‬عندي عمل ‪ ..‬لكني ل‬
‫ثم بضع جنيهات ‪ ..‬ومضى‬ ‫أدري هل يناسبك أم ل ؟‬
‫الباشا إلى بيته ‪..‬‬ ‫قال الباشا ‪ :‬وما هو ؟‬
‫دخل على أولده ‪ ..‬وقد تقرحت‬ ‫قال ‪ :‬اليوم سوف أحرث‬
‫كتفاه ‪ ..‬وسالت الدماء من‬ ‫الرض ‪ ..‬وعندي محراث‬
‫أسفل قدميه ‪ ..‬والعرق يغرق‬ ‫يجره ثوران ‪ ..‬ثور أبيض‬
‫‪241‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫مرافقته في سفر قدرت على‬ ‫ثيابه ‪ ..‬و ‪ ..‬لكنه ل يزال‬
‫تلبية طلبه ‪..‬‬ ‫منتشيا ً مخدرا ً ‪..‬‬
‫ول كل من طلب حاجة معك‬ ‫سأله أولده ‪ :‬هاه ‪ ..‬هل‬
‫كقلم أو ساعة أو غيرها ‪..‬‬ ‫وجدت عمل ً ‪..‬‬
‫استطعت إعطاءها له ‪..‬‬ ‫فقال ‪ -‬بكل فخر ‪ : -‬نعم ‪..‬‬
‫والمشكلة أن أكثر الناس إذا لم‬ ‫أنا الباشا ‪ ..‬كيف ل أجد عمل ً‬
‫ب حاجاتهم وجدوا عليك في‬ ‫تل ّ‬ ‫‪..‬‬
‫أنفسهم ‪ ..‬وقد يذمونك في‬ ‫فقالوا ‪ :‬فماذا اشتغلت ؟!‬
‫المجالس ‪ ..‬ويتهمونك تارة‬ ‫فقال ‪ :‬اشتغلت ‪ ..‬هاه !!‬
‫بالبخل ‪ ..‬وتارة بالنانية ‪ ..‬وتارة‬ ‫اشتغلت !!‬
‫‪..‬‬ ‫وبدأ يصحو من تخديره ‪..‬‬
‫إذن ما العمل ؟!‬ ‫ويدرك ما أصابه ‪..‬‬
‫كن ماهرا ً في الخروج من‬ ‫قال ‪ :‬اشتغلت ثورا ً !!!‬
‫الموقف ‪ ..‬فإذا طلب منك أحد‬
‫شيئا ً ولم تستطع قضاءه فعلى‬ ‫قرار ‪..‬‬
‫القل رده بعبارات جميلة ‪ ..‬كما‬ ‫اختر أطيب الكلم كما تختار‬
‫قال ‪:‬‬ ‫أطيب الثمر ‪..‬‬
‫ل خيل عندك تهديها ول مال‬
‫*** فليسعد النطق إن لم تسعد‬ ‫فليسعد النطق إن‬ ‫‪.81‬‬
‫الحال‬ ‫لم تسعد الحال !!‬
‫فلو علم شخص بأنك ستسافر‬ ‫من أحرج المواقف أن‬
‫إلى مدينة معينة ‪ ..‬فحاءك وقال‬ ‫يقصدك صاحب حاجة ‪ ..‬ثم‬
‫‪ :‬أريدك أن تشتري لي حاجة من‬ ‫يرجع خائبا ً غير مقضية‬
‫المدينة التي أنت مسافر إليها ‪..‬‬ ‫حاجته ‪..‬‬
‫وأنت ل رغبة لك في قضاء‬ ‫نعم قضاء حاجات الناس‬
‫حاجته لي سبب ‪ ..‬فكيف‬ ‫طاعة عظيمة ‪ ..‬ولو لم يكن‬
‫تجيب ؟‬ ‫فيها إل قوله ‪ : e‬لئن أمشي‬
‫فليسعد النطق إن لم تسعد‬ ‫مع أخي في حاجة حتى‬
‫الحال ‪ ..‬قل له ‪ :‬والله يا فلن‬ ‫أثبتها له ‪ ،‬أحب إلي من أن‬
‫ي‬
‫أخدمك بعيوني ‪ ..‬وأنت أحب إل ّ‬ ‫أعتكف في مسجدي هذا‬
‫من أناس كثير ‪ ..‬لكني أخشى‬ ‫شهرا ً " )‪ (92‬لكفى في‬
‫أن يضيق وقتي ‪ ..‬وعندي بعض‬ ‫فضلها ‪..‬‬
‫الظروف تمنعني من إحضارها ‪..‬‬ ‫لكن بعض الحاجات يصعب‬
‫و ‪..‬‬ ‫قضاؤها ‪ ..‬فليس كل من‬
‫ولو دعاك إلى وليمة وأردت أن‬ ‫طلب منك أن تسلفه مال ً‬
‫تعتذر وخشيت أن يجد في نفسه‬ ‫قدرت على إعطائه ‪..‬‬
‫عليك ‪ ..‬فقدم مقدمات ‪ ..‬قل –‬ ‫ول كل من طلب منك‬
‫مثل ً – أنا ما أعتبرك إل كواحد‬
‫من إخواني ‪ ..‬وأنت من أغلى‬
‫) (‬ ‫‪92‬‬

‫‪242‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فحبسهم الله عن ذلك ( ‪..‬‬ ‫الناس إلى قلبي ‪ ..‬لكني‬
‫ثم قال ‪ : J‬والذي نفسي بيده ل‬ ‫مشغول الليلة ‪..‬‬
‫يسألوني خطة يعظمون فيها‬ ‫وأنت لم تكذب فقد يكون‬
‫حرمات الله ‪ ..‬إل أعطيتهم إياها‬ ‫شغلك هذا جلسة مع‬
‫‪..‬‬ ‫أولدك ‪ ..‬أو قراءة في كتاب‬
‫ثم زجرها فوثبت ‪ ..‬فتوجه إلى‬ ‫‪ ..‬أو نوم !! فهي كلها‬
‫مكة ‪ ..‬حتى نزل بالحديبية قريبا ً‬ ‫أشغال ‪..‬‬
‫من مكة ‪ ..‬فتسامع به كفار‬ ‫وقد كان محمد ‪ e‬يملك‬
‫قريش ‪ ..‬فخرج إليه كبارهم‬ ‫الناس بأخلق يأسر بها‬
‫ليردوه عن مكة ‪ ..‬فأبى إل أن‬ ‫قلوبهم ‪..‬‬
‫يدخلها معتمرا ً ‪..‬‬ ‫انظر إليه عليه السلم ‪..‬‬
‫فما زالت البعوث بينه وبين‬ ‫وقد جلس مع أصحابه الكرام‬
‫قريش‪..‬حتى أقبل عليه سهيل‬ ‫‪..‬‬
‫بن عمرو ‪..‬‬ ‫ت الحرام ‪..‬‬ ‫فحدثهم عن البي ِ‬
‫فصالح النبي ‪ e‬على أن يعودوا‬ ‫ل العمرة والحرام ‪..‬‬ ‫وفض ِ‬
‫إلى المدينة‪..‬ويعتمروا في العام‬ ‫فطارت أفئدتهم شوقا ً إلى‬
‫القادم‪..‬‬ ‫ذاك المقام ‪..‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ثم كتبوا بينهم صلحا عاما ‪..‬‬ ‫فأمرهم بالتجهز للرحيل إليه‬
‫وفيه ‪:‬‬ ‫‪ ..‬وحثهم على التسابق عليه‬
‫اشترط سهيل ‪ :‬أنه ل يخرج من‬ ‫‪..‬‬
‫مكة مسلم مستضعف يريد‬ ‫فما لبثوا أن تجهزوا ‪..‬‬
‫المدينة ‪ ..‬إل ُردّ إلى مكة ‪ ..‬أما‬ ‫وحملوا سلحهم وتحرزوا ‪..‬‬
‫من خرج من المدينة وجاء إلى‬ ‫فخرج ‪ e‬مع ألف وأربعمائة‬
‫مكة مرتدا ً إلى الكفر ‪ ..‬فُيقبل‬ ‫من أصحابه ‪ ..‬مهلين‬
‫في مكة ‪..‬‬ ‫بالعمرة ملبين ‪ ..‬يتسابقون‬
‫فقال المسلمون ‪ :‬سبحان‬ ‫إلى البلد المين ‪..‬‬
‫الله !! من جاءنا مسلما ً نرده‬ ‫فلما اقتربوا من جبال‬
‫إلى الكافرين !! كيف نرده إلى‬ ‫مكة ‪..‬‬
‫المشركين وقد جاء مسلما ً ‪..‬‬ ‫بركت القصواء ‪ -‬ناقة النبي‬
‫فبينما هم كذلك إذ أقبل‬ ‫عليه السلم ‪ .. -‬فحاول أن‬
‫عليهم ‪ ..‬شاب يسير على‬ ‫يبعثها لتسير ‪ ..‬فأبت عليه ‪..‬‬
‫الرمضاء ‪ ..‬يرفل في قيوده ‪..‬‬ ‫فقال الناس ‪ :‬خلت‬
‫وهو يصيح ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬ ‫القصواء ‪ ) ..‬أي عصت (‬
‫فنظروا إليه ‪ ..‬فإذا هو أبو جندل‬ ‫فقال ‪: e‬‬
‫ولد سهيل بن عمرو ‪ ..‬وكان قد‬ ‫ما خلت القصواء ‪ ..‬وما ذاك‬
‫أسلم فعذبه أبوه وحبسه ‪ ..‬فلما‬ ‫لها بخلق ‪ ..‬ولكن حبسها‬
‫سمع بالمسلمين ‪ ..‬تفلت من‬ ‫حابس الفيل ) يعني فيل‬
‫الحبس وأقبل يجر قيوده ‪..‬‬ ‫أبرهة لما أقبل به مع جيش‬
‫تسيل جراحه دما ً ‪ ..‬وتفيض‬ ‫من اليمن يريد هدم الكعبة‬
‫‪243‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫بقيوده ‪ ..‬ليعاد إلى سجنه‬ ‫عيونه دمعا ً ‪..‬‬
‫وحديده ‪..‬‬ ‫ثم رمى بجسده المتهالك‬
‫وهم ل يملكون له شيئا ً ‪ ..‬مضى‬ ‫بين يدي النبي ‪e‬‬
‫أبو جندل إلى مكة وحيدا ً ‪..‬‬ ‫‪..‬والمسلمون ينظرون‬
‫يسأل ربع الثبات على الدين ‪..‬‬ ‫إليه ‪..‬‬
‫والعصمة واليقين ‪ ..‬أما‬ ‫فلما رآه سهيل ‪ ..‬غضب !!‬
‫المسلمون فقد رجعوا مع‬ ‫كيف تفلت هذا الفتى من‬
‫رسول الله ‪ e‬إلى المدينة ‪..‬‬ ‫حبسه ‪ ..‬ثم صاح بأعلى‬
‫وهم في حنق شديد على‬ ‫صوته ‪ :‬هذا يا محمد أول من‬
‫الكافرين ‪ ..‬وحزن على‬ ‫أقاضيك عليه أن ترده إلي ‪..‬‬
‫المسلمين المستضعفين ‪ ..‬ثم‬ ‫فقال ‪ : e‬إنا لم نقض الكتاب‬
‫اشتد العذاب على الضعفاء في‬ ‫بعد ‪..‬‬
‫مكة ‪ ..‬حتى لم يطيقوا له‬ ‫قال ‪ :‬فوالله إذا ً ل أصالحك‬
‫احتمال ً ‪..‬‬ ‫على شيء أبدا ً ‪..‬‬
‫فبدأ أبو جندل ‪ ..‬وصاحبه أبو‬ ‫فقال ‪ : e‬فأجزه لي ‪ ..‬قال ‪:‬‬
‫بصير ‪ ..‬والمستضعفون في مكة‬ ‫ما أنا بمجيزه لك ‪ ..‬قال ‪:‬‬
‫‪ ..‬يحاولون التفلت من‬ ‫بلى فافعل ‪ ..‬قال ‪ :‬ما أنا‬
‫قيودهم ‪..‬‬ ‫بفاعل ‪ ..‬فسكت النبي ‪.. e‬‬
‫حتى استطاع أبو بصير ‪ t‬أن‬ ‫وقام سهيل سريعا ً إلى ولده‬
‫يهرب من حبسه ‪ ..‬فمضى من‬ ‫يجره بقيوده ‪ ..‬وأبو جندل‬
‫ساعته إلى المدينة ‪ ..‬يحمله‬ ‫يصيح ويستغيث‬
‫الشوق ‪ ..‬ويحدوه المل ‪ ..‬في‬ ‫بالمسلمين ‪ ..‬يقول ‪:‬‬
‫صحبة النبي ‪ e‬وأصحابه ‪ ..‬مضى‬ ‫أي معشر المسلمين أرد إلى‬
‫يطوي قفار الصحراء ‪ ..‬تحترق‬ ‫المشركين وقد جئت‬
‫قدماه على الرمضاء ‪..‬‬ ‫مسلما ً ‪ ..‬أل ترون ما قد‬
‫حتى وصل المدينة ‪ ..‬فتوجه إلى‬ ‫لقيت من العذاب ‪ ..‬ول زال‬
‫مسجدها ‪ ..‬فبينما النبي ‪ e‬في‬ ‫يستغيث بهم حتى غاب‬
‫المسجد مع أصحابه ‪ ..‬إذ دخل‬ ‫عنهم ‪..‬‬
‫عليهم أبو بصير ‪ ..‬عليه أثُر‬ ‫والمسلمون تذوب أفئدتهم‬
‫العذاب ‪ ..‬ووعثاءُ السفر ‪ ..‬وهو‬ ‫حزنا ً عليه ‪ ..‬فتى في ريعان‬
‫أشعث أغبر ‪..‬‬ ‫الشباب ‪ُ ..‬يشدد عليه العذاب‬
‫فما كاد يلتقط أنفاسه ‪ ..‬حتى‬ ‫‪..‬‬
‫أقبل رجلن من كفار قريش‬ ‫وينقل من العيش الرغيد ‪..‬‬
‫فدخل المسجد ‪ ..‬فلما رآهما أبو‬ ‫إلى البلء الشديد ‪..‬‬
‫بصير ‪ ..‬فزع واضطرب ‪ ..‬وعادت‬ ‫وهو ابن سيد من‬
‫إليه صورة العذاب ‪ ..‬فإذا هما‬ ‫السادات‪..‬طالما تنعم‬
‫يصيحان ‪ ..‬يا محمد ‪ ..‬رده إلينا ‪..‬‬ ‫بالملذات‪..‬وتلذذ‬
‫العهدُ الذي جعلت لنا ‪ ..‬فتذكر‬ ‫بالشهوات ‪..‬‬
‫ثم يجر أمام المسلمين‬
‫‪244‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫والسيف في يده يقطر دما ً ‪..‬‬ ‫النبي ‪ e‬عهده لقريش أن يرد‬
‫فقال ‪:‬‬ ‫إليهم من يأتيه من مكة ‪..‬‬
‫يا نبي الله ‪ ..‬قد أوفى الله‬ ‫فأشار إلى أبي بصير ‪ ..‬أن‬
‫ذمتك ‪ ..‬قد رددتني إليهم ثم‬ ‫يخرج من المدينة ‪ ..‬فخرج‬
‫أنجاني الله منهم ‪ ..‬فضمني‬ ‫معهما أبو بصير ‪ ..‬فلما‬
‫إليكم ‪ ..‬قال ‪ :‬ل ‪..‬‬ ‫جاوزا المدينة ‪ ..‬نزل‬
‫فصاح أبو بصير بأعلى صوته ‪..‬‬ ‫لطعام ‪ ..‬وجلس أحدهما عند‬
‫قال ‪ :‬أو ‪ ..‬يا رسول الله ‪..‬‬ ‫أبي بصير ‪..‬‬
‫أعطني رجال ً أفتح لك مكة ‪..‬‬ ‫وغاب الخر ليقضي‬
‫فأعجب النبي ‪ e‬بشجاعته ‪ ..‬لكنه‬ ‫حاجته ‪..‬‬
‫ل يستطيع أن ينفذ له طلبه‬ ‫فأخرج القاعد عند أبي بصير‬
‫فبينه وبين أهل مكة عهد ‪..‬‬ ‫سيفه ‪ ..‬ثم أخذ يهزه ‪..‬‬
‫لكنه ‪ e‬أراد أن يرده بلطف ‪..‬‬ ‫ويقول مستهزءا ً بأبي‬
‫فليسعد النطق إن لم يسعد‬ ‫بصير ‪ :‬لضربن بسيفي هذا‬
‫الحال ‪..‬‬ ‫في الوس والخزرج يوما ً‬
‫التفت ‪ e‬إلى أصحابه وقال‬ ‫إلى الليل ‪..‬‬
‫مادحا ً لبي بصير ‪ :‬ويل أمه !!‬ ‫فقال له أبو بصير ‪ :‬والله‬
‫عر حرب لو كان معه رجال ‪..‬‬ ‫مس ّ‬ ‫إني لرى سيفك هذا يا فلن‬
‫فكانت هذه الكلمات بمثابة‬ ‫جيدا ً ‪ ..‬فقال ‪ :‬أجل والله إنه‬
‫التخفيف والعتذار من أبي‬ ‫لجيد لقد جربت به ‪ ..‬ثم‬
‫بصير ‪..‬‬ ‫جربت ‪ ..‬فقال أبو بصير ‪:‬‬
‫وظل أبو بصير واقفا ً عند باب‬ ‫أرني أنظر إليه ‪ ..‬فناوله إياه‬
‫المسجد ينتظر إذن النبي ‪ e‬له‬ ‫‪ ..‬فما كاد السيف يستقر‬
‫بالمكوث في المدينة ‪..‬‬ ‫في يده ‪ ..‬حتى رفعه ثم‬
‫لكنه ‪ e‬تذكر عهده مع قريش‬ ‫هوى به على رقبة الرجل‬
‫فأمر أبا بصير بالخروج من‬ ‫فأطار رأسه ‪ ..‬فلما رجع‬
‫المدينة ‪ ..‬فسمع أبو بصير‬ ‫الخر من حاجته ‪..‬‬
‫وأطاع ‪..‬‬ ‫رأى جسد صاحبه ممزقا ً ‪..‬‬
‫نعم ‪ ..‬وما حمل في نفسه على‬ ‫مجندل ً ممزقا ً ‪ ..‬ففزع ‪..‬‬
‫الدين ‪ ..‬ول انقلب عدوا ً‬ ‫وفّر حتى أتى المدينة ‪..‬‬
‫للمسلمين ‪..‬‬ ‫فدخل المسجد يعدو ‪..‬‬
‫فهو يرجو ما عند الحليم‬ ‫فلما رآه ‪ e‬مقبل ً ‪ ..‬فزعا ً ‪..‬‬
‫الكريم ‪ ..‬من الثواب العظيم ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬لقد رأى هذا ذعرا ً ‪..‬‬
‫الذي من أجله ترك أهله ‪..‬‬ ‫فلما وقف بين يديه ‪ e‬صاح‬
‫وفارق ولده ‪ ..‬وأتعب نفسه ‪..‬‬ ‫قِتل‬ ‫من شدة الفزع ‪ ..‬قال ‪ُ :‬‬
‫وعذب جسده ‪..‬‬ ‫والله صاحبي ‪ ..‬وإني‬
‫خرج أبو بصير من المدينة ‪..‬‬ ‫لمقتول ‪..‬‬
‫فاحتار أين يذهب ‪ ..‬ففي مكة‬ ‫فلم يلبث أن دخل عليهم أبو‬
‫بصير ‪ ..‬تلتمع عيناه شررا ً ‪..‬‬
‫‪245‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫أروني كتاب رسول الله ‪.. e‬‬ ‫عذاب وقيود ‪ ..‬وفي المدينة‬
‫فناولوه إياه ‪..‬‬ ‫مواثيق وعهود ‪..‬‬
‫فأخذه فقبله ‪ ..‬ثم جعله على‬ ‫فمضى إلى سيف البحر‬
‫صدره ‪ ..‬وقال ‪ :‬أشهد أن ل إله‬ ‫قريبا ً من جدة ‪ ..‬فنزل هناك‬
‫إل الله ‪ ..‬وأشهد أن محمدا ً‬ ‫‪ ..‬في صحراء قاحلة ‪ ..‬ل‬
‫رسول الله ‪ ..‬أشهد أن ل إله إل‬ ‫أنيس فيها ول جليس ‪..‬‬
‫الله ‪ ..‬وأشهد أن محمدا ً رسول‬ ‫فتسامع به المسلمون‬
‫الله ‪ ..‬ثم شهق ومات ‪..‬‬ ‫المستضعفون بمكة ‪..‬‬
‫فرحم الله أبا بصير ‪ ..‬وصلى‬ ‫فعلموا أنه باب فرج انفتح‬
‫على نبي الرحمة وسلم تسليما ً‬ ‫لهم ‪ ..‬فالمسلمون في‬
‫كثيرا ً ‪..‬‬ ‫المدينة ل يقبلونهم ‪..‬‬
‫ومن السعاد بالنطق والسحر‬ ‫والكفار في مكة يعذبونهم ‪..‬‬
‫بالكلم ‪ ..‬أن تراعي من معك إذا‬ ‫فتفلت أبو جندل من‬
‫جاملك ‪ ..‬وتتلطف معه ‪..‬‬ ‫قيوده ‪ ..‬فلحق بأبي بصير ‪..‬‬
‫ذكر أن امرأة فقيرة اضطجعت‬ ‫ثم جعل المسلمون‬
‫بجانب زوجها على فراش‬ ‫يتوافدون إليه في مكانه ‪..‬‬
‫عتيق ‪ ..‬في كوخ قديم ‪ ..‬جدرانه‬ ‫حتى كثر عددهم ‪ ..‬واشتدت‬
‫مرقعة ‪ ..‬وسقفه من جذوع‬ ‫قوتهم ‪..‬‬
‫النخل ‪..‬‬ ‫فجعلت ل تمر بهم قافلة‬
‫فجالت ببصرها تنظر إلى جدران‬ ‫تجارة لقريش ‪ ..‬إل اعترضوا‬
‫كزت بصرها إلى‬ ‫بيتها ‪ ..‬ثم ر ّ‬ ‫لها ‪..‬‬
‫السقف ‪ ..‬وسرحت بفكرها‬ ‫فلما كثر ذلك على قريش ‪..‬‬
‫بعيدا ً ‪ ..‬ثم قالت ‪:‬‬ ‫أرسلوا إلى النبي ‪ e‬ناشدونه‬
‫تدري ماذا أتمنى ؟‬ ‫بالله أن يضمهم إليه ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬هاه !! ماذا تتمنين ؟‬ ‫فأرسل النبي ‪ e‬إليهم أن‬
‫قالت ‪ :‬أتمنى أن نملك بيتا ً كبيرا ً‬ ‫يأتوا المدينة ؟ فلما وصل‬
‫تسعد فيه مع أولدك ‪ ..‬وتدعو‬ ‫إليهم الكتاب ‪ ..‬استبشروا‬
‫إليه أصدقاءك ‪ ..‬ونملك سيارة‬ ‫وفرحوا ‪..‬‬
‫فارهة ‪ ..‬ترتاح إذا سقتها ‪..‬‬ ‫لكن أبا بصير كان قد ألم به‬
‫ويزيد راتبك ضعفين حتى تسدد‬ ‫مرض الموت ‪ ..‬وهو يردد‬
‫ديونك ‪ ..‬و ‪ ..‬ومضت المسكينة‬ ‫قائل ً ‪ :‬ربي العلي الكبر من‬
‫تسرد له بحماس أسباب السعادة‬ ‫ينصر الله فسوف ينصر ‪..‬‬
‫التي تتمناها له ‪..‬‬ ‫فلما دخلوا عليه وأخبروه أن‬
‫والرجل غارق في أحلم‬ ‫النبي ‪ e‬أذن لهم بسكنى‬
‫خيبته ‪ ..‬يائس من صلح حاله ‪..‬‬ ‫المدينة ‪ ..‬وأن غربتهم‬
‫ل يملك أية مهارة من مهارات‬ ‫انتهت ‪ ..‬وحاجتهم قضيت ‪..‬‬
‫الكلم ‪..‬‬ ‫ونفوسهم أمنت ‪..‬‬
‫فلما تعبت قالت له ‪ :‬وأنت ماذا‬ ‫فاستبشر أبو بصير ‪ ..‬ثم‬
‫تتمنى ؟!‬ ‫قال وهو يصارع الموت ‪:‬‬
‫‪246‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫تجعل الدعاء مهارة في كسب‬ ‫فنظر إلى السقف طويل ً ثم‬
‫قلوب الناس ‪..‬؟‬ ‫قال ‪ :‬أتمنى أن ينطلق جذع‬
‫الناس عموما ً يحبون الدعاء‬ ‫من هذا السقف ويقع على‬
‫لهم ‪ ..‬حتى عند السلم عليهم‬ ‫رأسك فيقسمه نصفين ‪..‬‬
‫ولقائهم يفرحون إن دعوت لهم‬
‫‪..‬‬ ‫حديث ‪..‬‬
‫فمع قولك ‪ :‬كيف الحال وما‬ ‫سألوه ‪ : ‬ما أكثر ما يدخل‬
‫الخبار ؟ أضف إليها ‪ :‬الله‬ ‫الناس النار ؟ فقال ‪ :‬هذا‬
‫يحرسك ‪ ..‬الله يجعلك مباركا ً ‪..‬‬ ‫وهذا ‪ ..‬يعني الفرج واللسان‬
‫الله يثبت قلبك ‪..‬‬
‫ول تكن عبارات دعائك مستهلكة‬ ‫الدعاء ‪..‬‬ ‫‪.82‬‬
‫أو اعتيادية مثل ‪ :‬الله يوفقك ‪..‬‬ ‫ل أعني هنا الكلم عن فضل‬
‫الله يحفظك ‪ ..‬نعم هي دعاء‬ ‫الدعاء ‪ ..‬وآدابه وشروط‬
‫حسن لكن السامع اعتاد عليه‬ ‫إجابته ‪..‬‬
‫حتى لم يعد يرن في أذنه عند‬ ‫فهذا ليس له علقة مباشرة‬
‫سماعه ‪..‬‬ ‫بما نناقشه هنا وهو مهارات‬
‫ً‬
‫وإن قابلت أحدا معه أولده ‪..‬‬ ‫التعامل مع الناس ‪..‬‬
‫فادع لهم وهو يسمع ‪ ..‬الله يقر‬ ‫وإنما أعني ‪ :‬كيف تجعل‬
‫بهم عينك ‪ ..‬الله يجمع‬ ‫الدعاء مهارة في كسب‬
‫شملكم ‪ ..‬الله يرزقك برهم ‪..‬‬ ‫الناس ؟‬
‫ونحو ذلك ‪..‬‬ ‫ومن ذلك أن تدعو الله أيضا ً‬
‫أنا أحكي هذا عن تجربة ‪ ..‬لقد‬ ‫أن يهديك إلى أحسن‬
‫جربته كثيرا ً كثيرا ً ‪ ..‬فرأيته‬ ‫الخلق ‪ ..‬كما كان الحبيب ‪e‬‬
‫يسلب قلوب الناس سلبا ً ‪..‬‬ ‫يدعو قائل ً ‪:‬‬
‫دعيت في ليلة من ليالي شهر‬ ‫)اللهم لك الحمد ‪ ..‬ل إله إل‬
‫رمضان قبل سنتين إلى لقاء‬ ‫أنت ‪ ..‬سبحانك وبحمدك ‪..‬‬
‫مباشر في إحدى القنوات‬ ‫ظلمت نفسي ‪ ..‬واعترفت‬
‫الفضائية ‪..‬‬ ‫بذنبي ‪..‬‬
‫كان اللقاء حول أحوال العبادة‬ ‫فاغفر لي ذنوبي ‪ ..‬ل يغفر‬
‫في رمضان ‪ ..‬وكان انعقاد‬ ‫الذنوب إل أنت ‪..‬‬
‫اللقاء في مكة المكرمة في‬ ‫اهدني لحسن الخلق ‪ ..‬ل‬
‫غرفة بأحد الفنادق مطلة على‬ ‫يهدي لحسنها إل أنت ‪..‬‬
‫الحرم ‪ ..‬كنا نتحدث عن‬ ‫واصرف عني سيئها ‪ ..‬إنه ل‬
‫رمضان ‪ ..‬والمشاهدون يرون‬ ‫يصرف سيئها إل أنت ‪..‬‬
‫من خلل النافذة التي خلفنا‬ ‫لبيك وسعديك والخير‬
‫المعتمرين والطائفين خلفنا‬ ‫)‪(93‬‬
‫بيديك ‪.. ( ..‬‬
‫على الهواء مباشرة ‪..‬‬ ‫نعود إلى أصل كلمنا ‪ ..‬كيف‬
‫كان المنظر مهيبا ً ‪ ..‬والكلم‬
‫مؤثرا ً ‪ ..‬حتى إن مقدم البرنامج‬
‫) ( أخرجه أبو عوانة‬ ‫‪93‬‬

‫‪247‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فأحرج مني وقال ‪ :‬ادع لي ‪..‬‬ ‫رق قلبه وبكى أثناء‬
‫ادع لي ‪..‬‬ ‫الحلقة ‪..‬‬
‫فأمسكت يده وقلت ‪ :‬تعال معي‬ ‫كان الجو إيمانيا ً ‪ ..‬ما أفسده‬
‫‪..‬‬ ‫علينا إل أحد المصورين !!‬
‫قلت تعال ننظر إلى الكعبة ‪..‬‬ ‫كان يمسك كاميرا التصوير‬
‫فوقفنا عند النافذة المطلة على‬ ‫بيد ‪ ..‬واليد الثانية فيها‬
‫الحرم ‪ ..‬فإذا كل شبر فيه مليء‬ ‫سيجارة ‪ ..‬وكأنه يريد أن ل‬
‫بالناس ‪ ..‬ما بين راكع وساجد ‪..‬‬ ‫تضيع عليه لحظة من ليل‬
‫ومعتمر وباك ‪ ..‬كان المنظر‬ ‫رمضان إل وقد أشبع رئتيه‬
‫فعل ً مؤثرا ً ‪..‬‬ ‫سيجارا ً !!‬
‫قلت ‪ :‬هل ترى هؤلء ؟‬ ‫أزعجني هذا كثيرا ً ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫وخنقني وصاحبي الدخان ‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬جاؤوا من كل مكان ‪..‬‬ ‫لكن لم يكن بد من الصبر ‪..‬‬
‫بيض وسود ‪ ..‬عرب وأعاجم ‪..‬‬ ‫فاللقاء مباشر ‪ ..‬وما حيلة‬
‫أغنياء وفقراء ‪..‬كلهم يدعون‬ ‫المضطر إل ركوبها !!‬
‫الله أن يتقبل منهم ويغفر‬ ‫مضت ساعة كاملة ‪ ..‬وانتهى‬
‫لهم ‪..‬‬ ‫اللقاء بسلم ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬صحيح ‪ ..‬صحيح ‪..‬‬ ‫ي المصور ‪-‬‬ ‫أقبل إل ّ‬
‫قلت أفل تتمنى أن يعطيك الله‬ ‫والسيجارة في يده ‪ -‬شاكرا ً‬
‫ما يعطيهم ؟ قال ‪ :‬بلى ‪..‬‬ ‫مثنيا ً ‪ ..‬فشددت على يده‬
‫قلت ‪ :‬ارفع يديك ‪ ..‬وسأدعو‬ ‫وقلت ‪ ..‬وأنت أيضا ً أشكرك‬
‫لك ‪.‬ز أمن على دعائي ‪..‬‬ ‫على مشاركتك في تصوير‬
‫رفعت يدي وقلت ‪ :‬اللهم اغفر‬ ‫البرامج الدينية ‪ ..‬ولي إليك‬
‫له ‪ ..‬قال ‪ :‬آمين ‪ ..‬قلت ‪ :‬اللهم‬ ‫كلمة لعلك تقبلها ‪ ..‬قال ‪:‬‬
‫ارفع درجته واجمعه مع أحبابه‬ ‫تفضل ‪ ..‬تفضل ‪..‬‬
‫في الجنة ‪ ..‬اللهم ‪..‬‬ ‫قلت ‪ :‬الدخان والسجا ‪..‬‬
‫ول زلت أدعو حتى رق قلبه‬ ‫فقاطعني ‪ :‬ل تنصحني ‪..‬‬
‫وبكى ‪ ..‬وأخذ يردد ‪ :‬آمين ‪..‬‬ ‫والله ما فيه فائدة يا شيخ ‪..‬‬
‫آمين ‪..‬‬ ‫قلت ‪ :‬طيب اسمع مني ‪..‬‬
‫فلما أردت أن أختم الدعاء ‪..‬‬ ‫أنت تعلم أن السجاير حرام‬
‫قلت ‪ :‬اللهم إن ترك التدخين‬ ‫وأن الله يقول ‪ ..‬فقاطعني‬
‫فاستجب هذا الدعاء وإن لم‬ ‫مرة أخرى ‪ :‬يا شيخ ل تضع‬
‫يتركه فاحرمه منه ‪..‬‬ ‫وقتك ‪ ..‬أنا مضى لي أكثر‬
‫فانفجر الرجل باكيا ً ‪ ..‬وغطى‬ ‫من أربعين سنة وأنا أدخن ‪..‬‬
‫وجهه بيديه وخرج من الغرفة ‪..‬‬ ‫الدخان يجري في عروقي ‪..‬‬
‫مضت عدة شهور ‪ ..‬فدعيت إلى‬ ‫ما فيه فااائدة ‪ ..‬كان غيرك‬
‫مقر تلك القناة للقاء مباشر ‪..‬‬ ‫أشطر !!‬
‫فلما دخلت المبنى فإذا برجل‬ ‫قلت ‪ :‬يعني ما فيه‬
‫ي ثم ‪ ..‬يسلم‬ ‫بدين يقبل عل ّ‬ ‫فائدة ؟!!‬
‫‪248‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫شديدا ً ‪ ..‬و ‪..‬‬ ‫علي بحرارة ‪ ..‬ويقبل رأسي‬
‫انتهى من سؤاله ‪ ..‬فأجبته عليه‬ ‫‪ ..‬وينحني على يدي‬
‫‪..‬‬ ‫ليقبلها ‪ ..‬وهو متأثر جدا ً ‪..‬‬
‫شممت منه خلل ذلك رائحة‬ ‫فقلت له ‪ :‬شكر الله‬
‫دخان ‪ ..‬فتبسمت وسألته ‪:‬‬ ‫لطفك ‪ ..‬وأدبك ‪ ..‬وأقدر لك‬
‫تدخن ؟‬ ‫محبتك ‪ ..‬لكن اسمح لي فأنا‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫لم أعرفك ‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬أسأل الله أن يغفر لك ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬هل تذكر المصور‬
‫ويتقبل حجك ‪ ..‬إن تركت‬ ‫الذي نصحته قبل سنتين‬
‫التدخين من هذه اللحظة ‪..‬‬ ‫ليترك التدخين ؟!‬
‫ً‬
‫سكت الشاب ‪ ..‬كان واضحا من‬ ‫قلت ‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫وجهه أنه تأثر بالكلم ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬أنا هو ‪ ..‬والله يا شيخ‬
‫مضت ثمانية أشهر ‪..‬‬ ‫إني لم سيجارة في فمي‬
‫فذهبت للقاء محاضرة في‬ ‫منذ تلك اللحظة ‪..‬‬
‫إحدى المدن ‪..‬‬ ‫ما أجمل الذكريات إذا كانت‬
‫أقبلت إلى المسجد ‪ ..‬فإذا شاب‬ ‫سارة ‪..‬‬
‫وقور ينتظرني عند بابه ‪..‬‬ ‫في موسم الحج قبل ثلث‬
‫تفاجأت به لما رآني ‪ ..‬يقبل‬ ‫سنوات ‪ ..‬ذهبت للقاء كلمة‬
‫ي متحمسا ً ويسلم بحرارة ‪..‬‬ ‫عل ّ‬ ‫في إحدى حملت الحج‬
‫لم أعرفه ‪ ..‬لكني بادلته السلم‬ ‫الكبرى في صلة العصر ‪..‬‬
‫والترحيب ‪..‬‬ ‫بعد الكلمة ازدحم الناس‬
‫قال ‪ :‬هل عرفتني ‪..‬‬ ‫يسألون ويسلمون ‪ ..‬حاولت‬
‫قلت ‪ :‬أشكر لك لطفك ‪..‬‬ ‫التخلص السريع لرتباطي‬
‫ومحبتك ‪ ..‬لكني لم أعرفك ‪..‬‬ ‫بمحاضرة بعدهم فورا ً في‬
‫قال ‪ :‬هل تذكر الشاب المدخن‬ ‫حملة أخرى ‪..‬‬
‫الذي قابلته في الحج ‪ ..‬ونصحته‬ ‫لحظت من بينهم شاب‬
‫بترك التدخين ؟‬ ‫يقدم رجل ً ويؤخر أخرى ‪..‬‬
‫قلت ‪ :‬نعم ‪ ..‬نعم ‪..‬‬ ‫ح أن يزاحم الناس ‪..‬‬ ‫مست ٍ‬
‫قال ‪ :‬أنا هو ‪ ..‬أبشرك ولله‬ ‫التفت إليه ‪ ..‬ومددت يدي‬
‫الحمد أني ما وضعت السيجارة‬ ‫نحوه فصافحني ‪ ..‬ثم سألته‬
‫في فمي منذ تلك اللحظة ‪..‬‬ ‫في وسط الزحام ‪ : ..‬عندك‬
‫تركت التدخين ‪ ..‬فصلحت كثير‬ ‫سؤال ؟‬
‫من أمور حياتي ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬نعم ‪..‬‬
‫هززت يده مشجعا ً ‪ ..‬ومضيت ‪..‬‬ ‫ي والناس‬ ‫فجررته إل ّ‬
‫وقد أيقنت أن الدعاء للناس في‬ ‫مزدحمون ‪ ..‬حتى اقترب ‪..‬‬
‫وجوههم ‪ ..‬وهم يسمعون ‪..‬‬ ‫قلت ‪ :‬ما سؤالك ؟‬
‫ربما يكون أكثر تأثيرا ً من النصح‬ ‫فقال وهو مستعجل ‪ :‬ذهبت‬
‫المباشر ‪..‬‬ ‫لرمي الجمرات ‪ ..‬معي‬
‫ومثله لو رأيت شابا ً بارا ً بأبيه ‪..‬‬ ‫جدتي وأختي ‪ ..‬وكان زحاما ً‬
‫‪249‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فقلت في نفسي ‪ :‬واثكل أمي !‬ ‫فقلت له ‪ :‬جزاك الله ‪ ..‬الله‬
‫والله إني لرجل لبيب ‪ ..‬ما‬ ‫يوفقك ‪ ..‬الله يجعل أولدك‬
‫ن من القبيح ‪..‬‬ ‫ي الحس ُ‬ ‫يخفى عل ّ‬ ‫بارين بك ‪..‬‬
‫فما يمنعني أن أسمع من هذا‬ ‫بل شك أن هذا الدعاء‬
‫الرجل ما يقول ‪ ..‬فإن كان الذي‬ ‫سيكون دافعا ً له أكثر ‪..‬‬
‫به حسنا ً قبلته ‪ ..‬وإن كان قبيحا ً‬ ‫كان النبي الكريم ‪ ..‬عليه‬
‫تركته ‪ ..‬فمكثت حتى قضى‬ ‫أفضل الصلة والتسليم ‪..‬‬
‫صلته ‪ ..‬فلما قام منصرفا ً إلى‬ ‫مبدعا ً في استعمال الدعاء‬
‫بيته تبعته ‪..‬‬ ‫لدعوة الناس وكسبهم‬
‫حتى إذا دخل بيته دخلت عليه ‪..‬‬ ‫والتأثير فيهم لتقريبهم‬
‫فقلت ‪ :‬يا محمد ‪ ..‬إن قومك‬ ‫للدين ‪..‬‬
‫قالوا لي كذا وكذا ‪..‬‬ ‫كان الطفيل بن عمرو سيدا ً‬
‫ووالله ما برحوا يخوفونني منك‬ ‫مطاعا ً في قبيلته دوس ‪..‬‬
‫حتى سددت أذني بكرسف لئل‬ ‫قدم مكة يوما ً في حاجة ‪..‬‬
‫أسمع قولك ‪ ..‬وقد سمعت منك‬ ‫فلما دخلها ‪ ..‬رآه أشراف‬
‫ي أمرك‬ ‫قول ً حسنا ً ‪ ..‬فاعرض عل ّ‬ ‫قريش ‪ ..‬فأقبلوا عليه ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫وقالوا ‪ :‬من أنت ؟ قال ‪ :‬أنا‬
‫فابتهج النبي عليه الصلة‬ ‫الطفيل بن عمرو ‪ ..‬سيد‬
‫والسلم ‪ ..‬وفرح ‪..‬وعرض‬ ‫دوس ‪..‬‬
‫السلم على الطفيل ‪ ..‬وتل‬ ‫فقالوا ‪ :‬إن ههنا رجل في‬
‫عليه القرآن ‪ ..‬فتفكر الطفيل‬ ‫مكة يزعم أنه نبي ‪ ..‬فاحذر‬
‫في حاله ‪ ..‬فإذا كل يوم يعيشه‬ ‫أن تجلس معه أو تسمع‬
‫يزيده من الله بعدا ً ‪..‬‬ ‫كلمه ‪ ..‬فإنه ساحر ‪ ..‬إن‬
‫وإذا هو يعبد حجرا ً ‪ ..‬ل يسمع‬ ‫استمعت إليه ذهب بعقلك ‪..‬‬
‫دعاءه إذا دعاه ‪ ..‬ول يجيب نداءه‬ ‫قال الطفيل ‪ :‬فو الله ما‬
‫إذا ناداه ‪ ..‬وهذا الحق قد تبين‬ ‫زالوا بي يخوفونني منه ‪..‬‬
‫له ‪..‬‬ ‫حتى أجمعت أل أسمع منه‬
‫ثم بدأ الطفيل يتفكر في عاقبة‬ ‫شيئا ً ‪ ..‬ول أكلمه ‪ ..‬بل‬
‫إسلمه ‪..‬‬ ‫ي كرسفا ‪-‬‬ ‫حشوت في أذن ّ‬
‫كيف يغير دينه ودين آبائه !!‪..‬‬ ‫وهو القطن – خوفا ً من أن‬
‫ماذا سيقول الناس عنه ؟!‬ ‫يبلغني شيء من قوله ‪..‬‬
‫حياته التي عاشها ‪ ..‬أمواله التي‬ ‫وأنا ماّر به ‪..‬‬
‫جمعها ‪ ..‬أهله ‪ ..‬ولده ‪..‬‬ ‫قال الطفيل ‪ :‬فغدوت إلى‬
‫جيرانه ‪ ..‬خلنه ‪ ..‬كل هذا‬ ‫المسجد ‪ ..‬فإذا رسول الله ‪r‬‬
‫سيضطرب ‪..‬‬ ‫قائم يصلي عند الكعبة ‪..‬‬
‫سكت الطفيل ‪ ..‬يفكر ‪ ..‬يوازن‬ ‫فقمت منه قريبا ً ‪ ..‬فأبى‬
‫بين دنياه وآخرته ‪..‬‬ ‫الله إل أن يسمعني بعض‬
‫وفجأة إذا به يضرب بدنياه عرض‬ ‫قوله ‪..‬‬
‫الحائط ‪..‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫فسمعت كلما حسنا ‪..‬‬
‫‪250‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫واد ‪..‬‬ ‫نعم سوف يستقيم على‬
‫حتى وصل ديار قومه ‪ ..‬فلما‬ ‫الدين ‪ ..‬وليرض من‬
‫دخلها ‪ ..‬أقبل إليه أبوه ‪ ..‬وكان‬ ‫يرضى ‪ ..‬وليسخط من‬
‫شيخا ً كبيرا ً ‪..‬‬ ‫يسخط ‪ ..‬وماذا يكون أهل‬
‫فقال الطفيل ‪ :‬إليك عني يا‬ ‫الرض ‪ ..‬إذا رضي أهل‬
‫أبت ‪ ..‬فلست منك ولست‬ ‫السماء ‪..‬‬
‫مني ‪..‬‬ ‫ماله ورزقه بيد من في‬
‫قال ‪ :‬ولم يا بني ؟ قال ‪:‬‬ ‫السماء ‪ ..‬صحته وسقمه بيد‬
‫أسلمت وتابعت دين محمد ‪.. r‬‬ ‫من في السماء ‪ ..‬منصبه‬
‫قال ‪ :‬أي بني ديني دينك ‪..‬‬ ‫وجاهه بيد من في السماء ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬فاذهب فاغتسل وطهر‬ ‫بل حياته وموته بيد من في‬
‫ثيابك ‪ ..‬ثم ائتني حتى أعلمك‬ ‫السماء ‪..‬‬
‫مما علمت ‪..‬‬ ‫فإذا رضي أهل السماء ‪ ..‬فل‬
‫فذهب أبوه واغتسل وطهر ثيابه‬ ‫عليه ما فاته من الدنيا ‪..‬‬
‫‪ ..‬ثم جاء فعرض عليه السلم‬ ‫إذا أحبه الله ‪ ..‬فلبيغضه‬
‫فأسلم ‪..‬‬ ‫بعدها من شاء ‪ ..‬وليتنكر له‬
‫ثم مشى الطفيل إلى بيته ‪..‬‬ ‫من شاء ‪ ..‬وليستهزئ به من‬
‫فأتته زوجته مرحبة ‪..‬‬ ‫شاء ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬إليك عني ‪ ..‬فلست منك‬ ‫فليتك تحلو والحياة مريرة‬
‫ولست مني ‪..‬‬ ‫وليتك ترضى‬
‫قالت ‪ :‬ولم ؟ بأبي أنت وأمي ‪..‬‬ ‫والنام غضاب‬
‫قال ‪ :‬فّرق بيني وبينك‬ ‫وليت الذي بيني وبينك عامر‬
‫السلم ‪ ..‬وتابعت دين محمد‬ ‫وبيني وبين‬
‫‪.. r‬‬ ‫العالمين خراب‬
‫قالت ‪ :‬فديني دينك ‪..‬‬ ‫إذا صح منك الود فالكل هين‬
‫قال ‪ :‬فقلت فاذهبي‬ ‫وكل الذي‬
‫ي ‪..‬‬‫فتطهري ‪ ..‬ثم ارجعي إل ّ‬ ‫فوق التراب تراب‬
‫فوّاته ظهرها ذاهبة ‪..‬‬ ‫نعم ‪ ..‬أسلم الطفيل في‬
‫ثم خافت من صنمهم أن يعاقبها‬ ‫مكانه ‪ ..‬وشهد شهادة‬
‫في أولدها إن تركت عبادته ‪..‬‬ ‫الحق ‪..‬‬
‫فرجعت إليه وقالت ‪ :‬بأبي أنت‬ ‫ثم ارتفعت همته ‪ ..‬فقال ‪:‬‬
‫وأمي ‪ ..‬أما تخشى على الصبية‬ ‫يا نبي الله ‪ ..‬إني امرؤ‬
‫من ذي الشرى ‪ ..‬؟‬ ‫مطاع في قومي ‪ ..‬وإني‬
‫وذو الشرى صنم عندهم يعبدونه‬ ‫راجع إليهم وداعيهم إلى‬
‫‪ ..‬وكانوا يرون أن من ترك‬ ‫السلم ‪..‬‬
‫عبادته أصابه أو أصاب ولده بأذى‬ ‫ثم خرج الطفيل من مكة ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫مسرعا ً إلى قومه ‪ ..‬حامل ً‬
‫فقال الطفيل ‪ :‬اذهبي ‪ ..‬أنا‬ ‫م هذا الدين ‪..‬‬ ‫ه ّ‬
‫ضامن لك أن ل يضرهم ذو‬ ‫يصعد به جبل ‪ ..‬وينزل به‬
‫‪251‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫أمام الناس بالدعوة ولجهر‬ ‫الشرى ‪..‬‬
‫بالسلم ‪..‬‬ ‫فذهبت فاغتسلت ‪ ..‬ثم‬
‫فقال ‪ : ‬يا أبا بكر ‪ ..‬إنا‬ ‫عرض عليها السلم‬
‫قليل ‪..‬‬ ‫فأسلمت ‪..‬‬
‫ً‬
‫كان أبو بكر ‪ ‬متحمسا ‪ ..‬فلم‬ ‫ثم جعل الطفيل يطوف في‬
‫ح على رسول الله ‪ e‬حتى‬ ‫يزل يل ّ‬ ‫قومه ‪ ..‬يدعوهم إلى‬
‫اجتمعوا فخرجوا ‪ ..‬يتقدمهم‬ ‫السلم بيتا ً بيتا ً ‪ ..‬ويقبل‬
‫رسول الله ‪.. ‬‬ ‫عليهم في نواديهم ‪ ..‬ويقف‬
‫توجهوا إلى المسجد ‪..‬‬ ‫عليهم في طرقاتهم ‪..‬‬
‫وا إل عبادة‬ ‫َ‬
‫تفرقوا في نواحي المسجد ‪..‬‬ ‫لكنهم أب َ ْ‬
‫كل رجل في عشيرته ‪..‬‬ ‫الصنام ‪ ..‬فغضب الطفيل ‪..‬‬
‫وقام أبو بكر في الناس‬ ‫وذهب إلى مكة ‪..‬‬
‫خطيبا ً ‪ ..‬يدعو إلى السلم ‪..‬‬ ‫فأقبل على رسول الله ‪r‬‬
‫ويذم آلهتهم ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬يا رسول الله ‪ ..‬إن‬
‫وثار المشركون على‬ ‫دوسا ً قد عصت وأبت ‪ ..‬يا‬
‫المسلمين ‪ ..‬فضربوهم في‬ ‫رسول الله ‪ ..‬فادع الله‬
‫نواحي المسجد ضربا ً شديدا ً ‪..‬‬ ‫عليهم ‪..‬‬
‫كان المشركون كثير ‪ ..‬فتفرق‬ ‫فتغير وجه النبي عليه‬
‫المسلمون ‪..‬‬ ‫الصلة والسلم ‪ ..‬ورفع يديه‬
‫أقبل جمع منهم إلى أبي بكر ‪..‬‬ ‫إلى السماء ‪..‬‬
‫وضربوه ضربا ً شديدا ً ‪..‬‬ ‫فقال الطفيل في نفسه ‪..‬‬
‫فوقع على الرض في شدة‬ ‫وس ‪..‬‬ ‫هلكت د ْ‬
‫الرمضاء ‪..‬‬ ‫فإذا بالرحيم الشفيق ‪.. r‬‬
‫فدنا منه الفاسق عتبة بن‬ ‫يقول ‪ " :‬اللهم اهد دوسا ً ‪..‬‬
‫ربيعة ‪ ..‬فجعل يضربه بنعلين‬ ‫اللهم اهد دوسا ً ‪..‬‬
‫مخصوفين ‪ ..‬ويفركهما على‬ ‫ثم التفت إلى الطفيل وقال‬
‫وجهه ‪..‬‬ ‫عهم‬ ‫‪ :‬ارجع إلى قومك ‪ ..‬فاد ُ‬
‫ثم قام على بطن أبي بكر ‪..‬‬ ‫‪ ..‬وارفق بهم ‪..‬‬
‫حتى سالت الدماء من وجه أبي‬ ‫فرجع إليهم ‪ ..‬فلم يزل بهم‬
‫بكر ‪ ..‬وتمزق لحم وجهه ‪ ..‬حتى‬ ‫‪ ..‬حتى أسلموا ‪..‬‬
‫ما يعرف فمه من أنفه ‪..‬‬ ‫نعم ‪ ..‬ما أحسن قرع أبواب‬
‫وجاء بنو تيم قبيلة أبي بكر ‪..‬‬ ‫السماء ‪..‬‬
‫يتعادون ‪..‬‬ ‫ليس الطفيل وقومه‬
‫وأبعدوا الناس عن أبي بكر ‪..‬‬ ‫فقط ‪ ..‬وإنما غيرهم كثير ‪..‬‬
‫وحملوه في ثوب حتى أدخلوه‬ ‫كان المسلمون في بداية‬
‫منزله ‪..‬‬ ‫الدعوة النبوية قلة ‪ ..‬لم‬
‫وهم ل يشكون أنه ميت ‪..‬‬ ‫يتعدوا ثمانية وثلثين رجل ‪..‬‬
‫ثم رجع قومه بنو تيم ‪ ..‬فدخلوا‬ ‫ح أبو بكر يوما ً على‬ ‫فألـ ّ‬
‫المسجد ‪ ..‬وجعلوا يصرخون في‬ ‫رسول الله ‪ e‬في الظهور‬
‫‪252‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫الله ‪..‬‬ ‫المشركين ‪ ..‬يقولون ‪:‬‬
‫فقالت ‪ :‬ما أعرف أبا بكر ‪ ..‬ول‬ ‫والله لئن مات أبو بكر‬
‫محمد بن عبد الله ‪ ..‬لكن أتحبين‬ ‫لنقتلن عتبة بن ربيعة ‪..‬‬
‫أن أمضي معك إلى ابنك ؟‬ ‫ثم رجعوا الى أبي بكر ‪..‬‬
‫قالت ‪ :‬نعم ‪..‬‬ ‫وهو مغمى عليه ‪..‬‬
‫فمضت معها ‪ ..‬حتى دخلت على‬ ‫ليدرون ‪ ..‬حي أو ميت !!‬
‫أبي بكر ‪ ..‬فوجدته صريعا ً دنفا ً ‪..‬‬ ‫ظل أبو قحافة والد أبي‬
‫ممزق الوجه ‪ ..‬مرهق الجسد ‪..‬‬ ‫بكر ‪ ..‬مع قومه ‪ ..‬واقفين‬
‫فلما رأته أم جميل صاحت ‪..‬‬ ‫عند أبي بكر ‪ ..‬يكلمونه ‪..‬‬
‫وقالت ‪:‬‬ ‫فل يجيبهم ‪..‬‬
‫ً‬
‫والله إن قوما نالوا هذا منك‬ ‫وأمه تبكي عند رأسه ‪..‬‬
‫لهل فسق وكفر ‪ ..‬وإني لرجو‬ ‫فلما كان آخر النهار ‪ ..‬فتح‬
‫أن ينتقم الله لك منهم ‪..‬‬ ‫عينيه ‪ ..‬فكان أول كلمة‬
‫قال ‪ :‬فما فعل رسول الله ‪.. e‬‬ ‫قالها ‪:‬‬
‫وكانت أم أبي بكر بجانبها ‪..‬‬ ‫ما فعل رسول الله ‪ .. e‬؟!‬
‫فخافت أم جميل أن يفضح أمر‬ ‫رضي الله عن أبي بكر ‪..‬‬
‫إسلمها ‪ ..‬فيؤذونها ‪..‬‬ ‫كان يهيم برسول الله ‪ ‬حبا ً‬
‫فقالت ‪ :‬يا أبا بكر ‪ ..‬هذه أمك‬ ‫‪ ..‬يخاف عليه أكثر مما يخاف‬
‫تسمع ‪..‬‬ ‫على نفسه ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬فل شيء عليك فيها ‪..‬‬ ‫كان كل من حوله ‪ ..‬أبوه أمه‬
‫قالت ‪ :‬أبشر ‪ ..‬فرسول الله‬ ‫‪ ..‬قومه ‪ ..‬مشركين ‪..‬‬
‫‪ .. ‬سالم صالح ‪..‬‬ ‫فغضبوا ‪ ..‬وجعلوا يسبون‬
‫قال ‪ :‬فأين هو ؟‬ ‫رسول الله ‪.. ‬‬
‫قالت ‪ :‬في دار أبي الرقم ‪..‬‬ ‫ثم قاموا ‪ ..‬وقالوا لم أبي‬
‫فقالت أمه ‪ :‬قد علمت خبر‬ ‫بكر ‪ :‬أطعميه شيئا ً أو اسقيه‬
‫صاحبك ‪ ..‬فقم فأكل طعاما ً ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫أو اشرب ‪..‬‬ ‫فجعلت أمه تلح عليه ‪..‬‬
‫ي أن ل أذوق‬ ‫قال ‪ :‬فإن لله عل ّ‬ ‫وهو يردد قائل ً ‪ :‬ما فعل‬
‫طعاما ً أو شرابا ً ‪ ..‬حتى أرى‬ ‫رسول الله ‪.. e‬؟‬
‫رسول الله ‪ ‬بعيني ‪..‬‬ ‫فقالت ‪ :‬والله مالي علم‬
‫فانتظرتا ‪ ..‬حتى إذا هدأ‬ ‫بصاحبك ‪..‬‬
‫الناس ‪ ..‬خرجتا به يتكيء عليهما‬ ‫فقال ‪ :‬اذهبي إلى أم جميل‬
‫‪ .‬فذهبتا به إلى بيت أبي‬ ‫بنت الخطاب ‪ ..‬فسليها‬
‫الرقم ‪..‬‬ ‫عنه ‪..‬‬
‫حتى أدخلتاه على رسول الله‬ ‫وكانت أم جميل مسلمة‬
‫‪.. e‬‬ ‫تكتم إسلمها ‪..‬‬
‫فلما دخل فإذا وجه جريح ‪..‬‬ ‫خرجت أمه حتى جاءت أم‬
‫ودماء تسيل ‪ ..‬وثياب ممزقة ‪..‬‬ ‫جميل ‪ ..‬فقالت ‪ :‬إن أبا بكر‬
‫فرآه رسول الله ‪ .. ‬فأكب‬ ‫يسألك عن محمد بن عبد‬
‫‪253‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فتأبى علي ‪ ..‬وإني دعوتها‬ ‫عليه النبي ‪ ‬يقبله ‪..‬‬
‫اليوم فأسمعتني فيك ما أكره ‪..‬‬ ‫وأكب عليه المسلمون‬
‫فادع الله يا رسول الله أن يهدي‬ ‫يقبلونه ‪..‬‬
‫أم أبي هريرة إلى السلم ‪..‬‬ ‫ورقّ له رسول الله ‪ e‬رقة‬
‫فدعا لها رسول الله ‪.. ‬‬ ‫شديدة ‪ ..‬حتى ظهر التأثر‬
‫فرجع أبو هريرة إلى أمه ‪..‬‬ ‫على وجهه الشريف ‪.. ‬‬
‫فلما كان على الباب ‪ ..‬فإذا هو‬ ‫فأراد أبو بكر أن يخفف عليه‬
‫مغلق ‪ ..‬فحركه ليدخل ‪..‬‬ ‫‪ ..‬فقال ‪ :‬بأبي وأمي يا‬
‫فإذا بأمه تفتح له الباب ‪..‬‬ ‫رسول الله ‪ ..‬ليس من‬
‫وتقول ‪ :‬أشهد أن ل إله إل‬ ‫بأس ‪ ..‬إل ما نال الفاسق‬
‫الله ‪ ..‬وأن محمدا ً رسول الله ‪..‬‬ ‫من وجهي ‪..‬‬
‫فرجع أبو هريرة إلى رسول الله‬ ‫ثم قال أبو بكر ‪ ..‬البطل‬
‫‪ ‬وهو يبكي من الفرح ‪..‬‬ ‫الذي يحمل هم الدعوة ‪..‬‬
‫وجعل يقول ‪ :‬أبشر يا رسول‬ ‫ويحسن استثمار المواقف ‪..‬‬
‫الله ‪ ..‬قد استجاب الله دعوتك ‪..‬‬ ‫كان جريحا ً ‪ ..‬جائعا ً‬
‫وهدى الله أم أبي هريرة إلى‬ ‫عطشانا ً ‪ ..‬ومع ذلك ‪ ..‬قال ‪:‬‬
‫السلم ‪..‬‬ ‫يا رسول الله ‪ ..‬هذه أمي‬
‫ثم قال أبو هريرة ‪ :‬يا رسول‬ ‫برة بوالديها ‪ ..‬وأنت‬
‫الله ‪ ..‬أدع الله أن يحببني وأمي‬ ‫مبارك ‪ ..‬فادعها الى الله عز‬
‫إلى عباده المؤمنين ‪ ..‬ويحببهم‬ ‫وجل ‪ ..‬وادع الله لها ‪..‬‬
‫إلينا ‪..‬‬ ‫عسى الله أن يستنقذها بك‬
‫فقال ‪ : ‬اللهم حبب عبيدك‬ ‫من النار ‪..‬‬
‫هذا وأمه إلى عبادك المؤمنين ‪..‬‬ ‫فدعا لها رسول الله ‪ .. e‬ثم‬
‫وحببهم إليهما ‪..‬‬ ‫دعاها الى الله عز وجل ‪..‬‬
‫قال أبو هريرة ‪ :‬فما على‬ ‫فأسلمت فورا ً في مكانها ‪..‬‬
‫الرض مؤمن ول مؤمنة ‪ ..‬إل‬ ‫كان الدعاء أصل ً من الصول‬
‫)‪(94‬‬
‫وهو يحبني وأحبه ‪..‬‬ ‫التي يتعاملون بها ‪..‬‬
‫أسلم أبو هريرة ‪.. ‬‬
‫إضاءة ‪..‬‬ ‫وبقيت أمه كافرة ‪..‬‬
‫) وقال ربكم ادعوني أستجب‬ ‫كان يدعوها إلى السلم‬
‫لكم (‬ ‫فتأبى ‪..‬‬
‫ح‬‫فدعاها يوما ً ‪ ..‬وألـ ّ‬
‫الترقيع !!‬ ‫‪.83‬‬ ‫فأسمعته في رسول الله ‪‬‬
‫أحيانا ً عند ممارستنا لبعض‬ ‫ما يكره ‪..‬‬
‫المهارات مع الخرين نكتشف‬ ‫فضاق صدر أبي هريرة بذلك‬
‫بأننا أخطأنا تقدير المهارة‬ ‫‪ ..‬وذهب إلى رسول الله ‪‬‬
‫المناسبة للشخص ‪ ..‬أو قد نكون‬ ‫وهو يبكي ‪ ..‬فقال ‪:‬‬
‫وضعناها في غير موضعها ‪..‬‬ ‫يا رسول الله ‪ ..‬إني كنت‬
‫) ( رواه مسلم‬ ‫‪94‬‬ ‫أدعو أمي إلى السلم‬
‫‪254‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫بتتزوجك ‪ ..‬أما هؤلء فسيتعبون‬ ‫مثل من رأى شابا ً وسيما ً ‪..‬‬
‫ليجدوا من توافق على الزواج‬ ‫فأراد أن يمارس معه مهارة‬
‫بهم !!"‪..‬‬ ‫" كن لماحا ً " فقال له ‪ :‬ما‬
‫ثم بدأت في شرح الدرس فورا ً‬ ‫شاء الله ما هذه الثياب‬
‫دون أن أترك فرصة لحد ليفكر‬ ‫الجميلة والرونق البهي‬
‫في الموقف أصل ً ‪ ..‬تبسم‬ ‫والوجه المسفر ‪ ..‬ثم بدل‬
‫الطالب وانبلجت أساريره‬ ‫أن يقول ‪ :‬ما أسعد زوجتك‬
‫وجلس في المقدمة ‪..‬‬ ‫بك‪ ..‬قال ‪ :‬يا ليتك بنتا ً حتى‬
‫وإن كانت هذه الخطاء قد تقع‬ ‫أتزوجك !!!‬
‫في بداية التدرب على ممارسة‬ ‫مزحة ثقييييلة جدا ً ‪ ..‬أليس‬
‫المهارات لكنها سرعان ما تزول‬ ‫كذلك ؟!‬
‫‪..‬‬ ‫قال أحد الزملء ‪:‬‬
‫وأحيانا ً يكون تصرفك المحرج‬ ‫في الجامعة كان لدي طالب‬
‫للخرين أو المحزن لهم ليس‬ ‫بليد لكن الله تعالى عوضه‬
‫خاطئا ً ‪ ..‬لكن الموقف يفرضه‬ ‫عن بلدته بشيء من‬
‫علينا ‪..‬‬ ‫الوسامة ‪ ..‬وكان يجلس في‬
‫مثل أن يختلف اثنان من زملئك‬ ‫آخر القاعة دائما ً ‪ ..‬ويسرح‬
‫‪ ..‬فترى أن الحق مع أحدهما‬ ‫بفكره بعييييدا ً ‪..‬‬
‫فتقف معه ‪..‬وقد تعاتب الخر ‪..‬‬ ‫كنت أطلب منه دائما ً أن‬
‫أو قد يقع ذلك بين اثنين من‬ ‫يجلس في المام ليتابع ‪..‬‬
‫أولدك أو طلبك أو جيرانك ‪ ..‬أو‬ ‫وهو يتغافل عن ذلك ‪ ..‬كنت‬
‫غيرهم ‪..‬‬ ‫أتجنب إحراجه أو إحراج‬
‫فما الحل ؟ هل نسمح لهذه‬ ‫غيره من الطلب فهم كبار‬
‫المواقف أن تفقدنا الناس‬ ‫في المرحلة الجامعية ‪..‬‬
‫واحدا ً تلو الخر ‪ ..‬ونحن نتعب‬ ‫دخلت يوما ً فإذا هو منشغل‬
‫في استقطابهم والتحبب‬ ‫آخر القاعة كعادته ‪ ..‬فلما‬
‫إليهم ‪..‬‬ ‫جلست على الكرسي قلت‬
‫كل ‪..‬‬ ‫له ‪ :‬يا عبد المحسن ‪ ..‬تعال‬
‫إذن ما التصرف الصحيح ؟‬ ‫في المام ‪ ..‬فقال ‪ :‬يا‬
‫الجواب ‪ :‬أنك إذا أحسست أن‬ ‫دكتور مكاني مناسب‬
‫أحدا ً ضاق صدره من كلمة‬ ‫وسأنتبه معك ‪..‬‬
‫منك ‪ ..‬أو تضايق من تصرف‬ ‫فقلت ‪ " :‬يا أخي اقترب‬
‫معين فسارع فورا ً إلى مداواة‬ ‫قليل ً خلنا نشوف خدودك‬
‫الجرح قبل أن يلتهب ‪..‬‬ ‫الحلوة " ‪ ..‬التفت بعض‬
‫باستعمال أي مهارة أخرى‬ ‫الطلب إليه معلقين ‪..‬‬
‫مناسبة ‪..‬‬ ‫فانقلب وجهه أحمر ‪..‬‬
‫كيف ؟!‬ ‫شعرت أني وقعت في حفرة‬
‫خذ مثال ً ‪..‬‬ ‫‪ ..‬فقلت ‪ -‬مرقعا ً ‪ " : -‬الله يا‬
‫كانت مكة قبل أن يفتحها‬ ‫هي بتنبسط البنت اللي‬
‫‪255‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فحملتها فاطمة ‪..‬‬ ‫المسلمون تحت قبضة كفار‬
‫فلما رآها زيد ‪ .. t‬تذكر أن‬ ‫قريش ‪..‬‬
‫رسول الله ‪ e‬قد آخى بينه وبين‬ ‫وكانوا قد ضيقوا على‬
‫حمزة لما هاجر إلى المدينة ‪..‬‬ ‫المسلمين المستضعفين‬
‫فأقبل زيد إليها ليأخذها وهو‬ ‫فيها ‪ ..‬وسيطروا على أبناء‬
‫يقول ‪ :‬بنت أخي ‪ ..‬أنا أحق‬ ‫المسلمين الذين هاجروا ولم‬
‫بها ‪..‬‬ ‫يستطيعوا أخذ أبنائهم معهم‬
‫فأقبل جعفر وقال ‪ :‬ابنة عمي‬ ‫‪..‬‬
‫وخالتها تحتي ‪ ..‬يعني أسماء‬ ‫فعل ً كانت حال المسلمين‬
‫بنت عميس زوجته ‪ ..‬وأنا أحق‬ ‫عصيبة ‪..‬‬
‫بها ‪..‬‬ ‫أقبل النبي ‪ e‬إلى مكة‬
‫فقال علي ‪ :‬أنا أخذتها وهي‬ ‫معتمرا ً فردته قريش ‪..‬‬
‫ابنة عمي ‪..‬‬ ‫وكان ما كان من قصة‬
‫فلما رأى ‪ e‬اختلفهم ‪ ..‬قضى‬ ‫الحديبية ‪ ..‬وكتب ‪ e‬بينه‬
‫بها لخالتها ودفعها إلى جعفر‬ ‫وبين قريش صلحا ً ‪ ..‬واتفق‬
‫ليكفلها ‪ ..‬وقال ‪ " :‬الخالة‬ ‫نعهم أن يرجع إلى المدينة‬
‫بمنزلة الم " ‪..‬‬ ‫من غير عمرة على أن يأتي‬
‫ثم خشي ‪ e‬أن يجد علي أو زيد‬ ‫في العام القادم ويعتمر ‪..‬‬
‫في نفسيهما ‪ ..‬لما نزعها منهما‬ ‫ومضى ‪ e‬إلى المدينة ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫وبعد سنة أقبل ‪ e‬مع‬
‫فقال مواسيا ً لعلي ‪ " :‬أنت مني‬ ‫الصحابة محرمين ملبين ‪..‬‬
‫و أنا منك " ‪..‬‬ ‫ودخلوا مكة ‪ ..‬واعتمروا ‪..‬‬
‫وقال لزيد ‪ " :‬أنت أخونا و‬ ‫لبث ‪ e‬فيها أربعة أيام ‪..‬‬
‫مولنا " ‪..‬‬ ‫فلما توجه خارجا ً منها إلى‬
‫ثم التفت إلى جعفر وقال ‪" :‬‬ ‫المدينة تبعته طفلة صغيرة‬
‫أشبهت خلقي وخلقي " ‪..‬‬ ‫هي ابنة حمزة ‪ .. t‬وكان قد‬
‫فانظر كيف كان ‪ e‬حكيما ً ماهرا ً‬ ‫قتل في معركة أحد ‪..‬‬
‫في غسل قلوب الخرين وكسب‬ ‫وبقيت ابنته يتيمة في‬
‫محبتهم ‪..‬‬ ‫مكة ‪..‬‬
‫طيب ما رأيك أن نعود إلى قصة‬ ‫أخذت الصغيرة تنادي رسول‬
‫صاحبنا الذي قال ‪ :‬يا ليتك بنتا ً‬ ‫الله ‪.. r‬‬
‫حتى أتزوجك !! كيف يرقع ما‬ ‫تقول ‪ :‬يا عم يا عم ‪..‬‬
‫خّرق ؟!!‬ ‫وكان علي يسير بجانب‬
‫بين يديه عدة أبواب للهرب ‪..‬‬ ‫النبي ‪ e‬مع زوجته فاطمة‬
‫منها أن يدخل في موضوع آخر‬ ‫بنت رسول الله ‪.. e‬‬
‫مباشرة –لئل يترك للسامع‬
‫فتناولها علي ‪ t‬فأخذ بيدها‬
‫فرصة ليفكر في الجملة‬
‫وناولها لفاطمة وقال ‪:‬‬
‫الجارحة التي سمعها منه –‬
‫دونك ابنة عمك ‪..‬‬
‫‪256‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫الناس ‪..‬‬ ‫فيقول مثل ً ‪ :‬الله يرزقك‬
‫فمن أبدع مهارات الكلم ‪ ..‬أن‬ ‫حورية أجمل منك ‪ ..‬قل ‪:‬‬
‫تمتدح الخير الذي عند الناس ‪..‬‬ ‫آمين ‪..‬‬
‫كان قوم أبي موسى الشعري ‪t‬‬ ‫أو يطرح موضوعا ً بعيدا ً‬
‫لهم اهتمام بتلوة القرآن‬ ‫تماما ً ‪ ..‬كأن يسأله عن أخيه‬
‫ً‬
‫وحفظه ‪ ..‬وربما فاقوا كثيرا من‬ ‫المسافر ‪ ..‬أو سيارته‬
‫الصحابة في كثرة تلوته‬ ‫الجديدة ‪ ..‬أو نحوها ‪ ..‬لئل‬
‫وتحسين الصوت به ‪..‬‬ ‫يترك له أو لغيره من‬
‫ً‬
‫فرافقوا النبي ‪ ‬يوما في سفر‬ ‫السامعين حوله أي فرصة‬
‫‪..‬‬ ‫للوقوع في الحرج ‪..‬‬
‫فلما أصبح الناس ‪ ..‬واجتمعوا‬
‫قال عليه الصلة والسلم ‪:‬‬ ‫تجربة ‪..‬‬
‫إني لعرف أصوات رفقة‬ ‫ليس العيب أن تخطئ إنما‬
‫الشعريين بالقرآن حين يدخلون‬ ‫الخطأ أن تصر عليه‬
‫بالليل ‪ ..‬وأعرف منازلهم ‪ ..‬من‬
‫أصواتهم بالقرآن بالليل ‪ ..‬وإن‬ ‫انظر بعينين ‪..‬‬ ‫‪.84‬‬
‫كنت لم أر منازلهم حين نزلوا‬ ‫نحن نبدع في أحيان كثيرة‬
‫بالنهار ‪.. (95)..‬‬ ‫في رؤية أخطاء الناس‬
‫فكأنك بألشعريين وهم‬ ‫وملحظتها ‪ ..‬وربما في‬
‫يستمعون هذا لثناء أمام الناس‬ ‫تنبيههم عليها ‪..‬‬
‫يتوقدون حرصا ً بعدها على الخير‬ ‫ولكننا قلما نبدع في رؤية‬
‫‪..‬‬ ‫الخير الذي عندهم ‪..‬‬
‫وفي ذات صباح ‪ ..‬لقي النبي ‪‬‬ ‫والنتباه إلى الصواب الذي‬
‫أبا موسى ‪ ..‬فقال له ‪:‬‬ ‫يمارسونه ‪ ..‬لنمدحهم به ‪..‬‬
‫لو رأيتني البارحة وأنا أستمع‬ ‫قل ذلك في المدرس مع‬
‫لقراءتك ‪ ..‬لقد أوتيت من‬ ‫طلبه ‪ ..‬فكل المدرسين‬
‫مزامير آل داود ‪..‬‬ ‫يذمون الطالب البليد‬
‫فقال أبو موسى ‪ :‬لو علمت أنك‬ ‫المهمل في واجباته ‪..‬‬
‫تستمع لقراءتي ‪ ..‬لحبرتها لك‬ ‫الكسول المتأخر في‬
‫تحبيرا ً )‪.. (96‬‬ ‫الحضور دائما ً ‪ ..‬لكن قليل ً‬
‫وكان عمرو بن تغلب ‪ t‬رجل ً من‬ ‫منهم من يمدح الطالب‬
‫عامة الصحابة ‪ ..‬لم يتميز بعلم‬ ‫المجد ‪ ..‬الذي يحضر مبكرا ً‬
‫كما تميز أبو بكر ‪ ..‬ول بشجاعة‬ ‫وخطه حسن وكلمه جيد ‪..‬‬
‫كما تميز عمر ‪ ..‬ول بقوة حفظ‬ ‫كثيرا ً ما ننبه أولدنا إلى‬
‫كأبي هريرة ‪ ..‬لكن قلبه كان‬ ‫أخطائهم ‪ ..‬لكنهم يحسنون‬
‫مملوءا ً إيمانا ً ‪ ..‬وكان ‪ e‬يلحظ‬ ‫ول ننتبه إل قليل ً ‪..‬‬
‫مما يجعلنا أحيانا ً نفوت‬
‫) ( متفق عليه‬ ‫‪95‬‬ ‫فرصا ً كثيرة كنا من خللها‬
‫) ( رواه مسلم‬ ‫‪96‬‬ ‫نستطيع أن ننفذ إلى قلوب‬
‫‪257‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫عن هذا قبلك ‪ ..‬لما رأيت من‬ ‫ذلك فيه ‪..‬‬
‫حرصك على العلم ‪..‬‬ ‫فبينما النبي ‪ ‬جالسا ً‬
‫أسعد الناس بشفاعتي يوم‬ ‫يوما ً ‪..‬‬
‫القيامة ‪ ..‬من قال ‪ :‬ل إله إل‬ ‫إذ جيء إليه بمال فجعل‬
‫الله خالصا ً من قلبه ‪..‬‬ ‫يقسمه بين بعض أصحابه ‪..‬‬
‫وسلمان الفارسي ‪ ..‬كان من‬ ‫فأعطى رجال ً ‪ ..‬وترك‬
‫خيار الصحابة ‪..‬‬ ‫رجال ً ‪..‬‬
‫لم يكن من العرب ‪ ..‬بل كان ابنا ً‬ ‫فكأن الذين تركهم وجدوا‬
‫لحد كبار فارس ‪ ..‬وكان أبوه‬ ‫في أنفسهم ‪ ..‬وعتبوا ‪..‬‬
‫يحبه ويقربه ‪ ..‬لدرجة أنه كان‬ ‫لماذا لم يعطنا ‪..‬‬
‫يحبسه في البيت خوفا ً عليه ‪..‬‬ ‫فلما علم ‪ ‬بذلك ‪ ..‬قام‬
‫أدخل الله اليمان في قلب‬ ‫أمام الناس ‪ ..‬فحمد الله‬
‫سلمان ‪.. ‬‬ ‫تعالى ثم أثنى عليه ‪ ..‬ثم‬
‫خرج من بيت أبيه ‪..‬‬ ‫قال ‪:‬‬
‫سافر إلى الشام باحثا ً عن الحق‬ ‫أما بعد ‪ ..‬فوالله إني لعطي‬
‫‪ ..‬احتال بعض الناس عليه‬ ‫الرجل ‪ ..‬وأدع الرجل ‪..‬‬
‫وباعوه إلى يهودي على أنه عبد‬ ‫ي من‬ ‫ب إل ّ‬‫والذي أدع أح ّ‬
‫مملوك ‪..‬‬ ‫الذي ُأعطي ‪..‬‬
‫وحصلت له قصة طوييييلة ‪..‬‬ ‫ولكني أعطي أقواما ً لما‬
‫حتى وصل إلى رسول الله ‪.. ‬‬ ‫أرى في قلوبهم من الجزع‬
‫فكان النبي ‪ ‬يقدر له ذلك ‪..‬‬ ‫والهلع ‪..‬‬
‫فبينما كان ‪ ‬جالسا ً بين‬ ‫ل أقواما ً إلى ما جعل‬ ‫وأ َك ِ ُ‬
‫أصحابه يوما ً ‪ ..‬إذا أنزلت عليه‬ ‫الله في قلوبهم من الخير ‪..‬‬
‫سورة الجمعة ‪..‬‬ ‫منهم ‪ :‬عمرو بن تغلب ‪..‬‬
‫فجعل ‪ ‬يقرؤها على أصحابه ‪..‬‬ ‫فلما سمع عمرو بن تغلب‬
‫وهم يستمعون ‪..‬‬ ‫هذا الثناء على المل ‪ ..‬طار‬
‫في‬ ‫ث ِ‬ ‫ع َ‬ ‫ذي ب َ َ‬ ‫و ال ّ ِ‬ ‫ه َ‬ ‫وهو يقرأ ‪ُ " :‬‬ ‫فرحا ً ‪..‬‬
‫م ي َت ُْلو َ َ‬ ‫ُ‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫علي ْ ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫سوًل ّ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫مّيي َ‬ ‫اْل ّ‬ ‫وكان يحدث بهذا الحديث‬
‫ب‬ ‫م ال ْك َِتا َ‬ ‫ه ُ‬‫م ُ‬ ‫عل ّ ُ‬ ‫وي ُ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫كي ِ‬ ‫وي َُز ّ‬ ‫ه َ‬ ‫آَيات ِ ِ‬ ‫بعدها ‪ ..‬ويقول ‪ :‬فوالله ما‬
‫في‬ ‫ل لَ ِ‬ ‫قب ْ ُ‬ ‫من َ‬ ‫كاُنوا ِ‬ ‫وِإن َ‬ ‫ة َ‬ ‫م َ‬ ‫حك ْ َ‬ ‫وال ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫أحب أن لي بكلمة رسول‬
‫ن"‬ ‫َ‬ ‫الله ‪ ‬حمر النعم )‪.. (97‬‬
‫مِبي ٍ‬ ‫ل ّ‬ ‫ضل ٍ‬ ‫َ‬
‫ما‬ ‫مل ّ‬‫َ‬ ‫ه ْ‬ ‫من ْ ُ‬
‫ن ِ‬ ‫ري َ‬ ‫خ ِ‬ ‫وآ َ‬ ‫فلما قرأ ‪َ " :‬‬ ‫وفي يوم آخر ‪..‬‬
‫م‬
‫كي ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫زيُز ال ْ َ‬ ‫ع ِ‬ ‫و ال ْ َ‬ ‫ه َ‬ ‫و ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫قوا ب ِ ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫ي َل ْ َ‬ ‫أقبل أبو هريرة ‪ .. ‬فسأل‬
‫" ‪..‬‬ ‫النبي ‪ .. ‬قائل ً ‪ :‬من أسعد‬
‫قال رجل من الصحابة ‪ :‬من‬ ‫الناس بشفاعتك يوم‬
‫هؤلء يا رسول الله ؟‬ ‫القيامة ‪..‬‬
‫فسكت النبي ‪.. ‬‬ ‫فقال ‪ - ‬مشجعا ً – ‪ :‬لقد‬
‫فأعاد الرجل السؤال ‪ ..‬من‬ ‫كنت أظن أن ل أحد يسأل‬
‫هؤلء يا رسول الله ؟‬ ‫) ( رواه البخاري‬ ‫‪97‬‬

‫‪258‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫تدري لماذا ؟!‬ ‫فلم يرد عليه ‪..‬‬
‫لنه يمارس الهدووووء‬ ‫فأعاد ‪ ..‬من هؤلء يا رسول‬
‫الجذااااب ‪..‬‬ ‫الله ؟‬
‫فن الستماع له مهارات‬ ‫فلتفت النبي ‪ ‬إلى سلمان‬
‫متعددة ‪ ..‬بل حدثني أحد‬ ‫‪..‬‬
‫المهتمين أنه حضر أكثر من‬ ‫ثم وضع يده عليه وقال ‪ :‬لو‬
‫خمس عشرة دورة تدريبية في‬ ‫كان اليمان عند الثريا ‪..‬‬
‫)‪(98‬‬
‫مهارات الستماع ‪!!..‬‬ ‫‪..‬‬ ‫لناله رجال من هؤلء‬
‫قارن بين اثنين ‪:‬‬
‫رجل إذا تكلمت بين يديه بقصة‬ ‫وجهة نظر ‪..‬‬
‫وقعت لك ‪ ..‬قاطعك في أولها‬ ‫تفاءل وأحسن الظن بالناس‬
‫وقال ‪ :‬وأنا أيضا ً وقع لي شيء‬ ‫‪..‬وشجعهم ‪..‬لينطلقوا أكثر‬
‫مشابه ‪..‬‬
‫فتقول ‪ :‬له اصبر حتى أكمل ‪..‬‬ ‫فن الستماع ‪..‬‬ ‫‪.85‬‬
‫فيسكت قليل ً ‪ ..‬فإذا انسجمت‬ ‫مهارات جذب الناس وكسب‬
‫في قصتك ‪ ..‬قاطعك قائل ً ‪:‬‬ ‫قلوبهم ‪ ..‬بعضها يكون‬
‫صحيح ‪ ..‬صحيح ‪ ..‬نفس القصة‬ ‫بفعل الشيء ‪ ..‬وبعضها‬
‫التي وقعت لي وهو أنني ذات‬ ‫يكون بتركه ‪..‬‬
‫مرة ذهبت ‪..‬‬ ‫فالبتسامة تجذب ‪ ..‬كما أن‬
‫فتقول له ‪ :‬أخي انتظر ‪..‬‬ ‫ترك العبوس يجذبهم ‪..‬‬
‫فيسكت ‪ ..‬ثم ما يصبر فيقاطعك‬ ‫والحاديث الجميلة والنكات‬
‫قائل ً ‪ :‬عجل ‪ ..‬عجل ‪..‬‬ ‫واللطائف تجذب الناس ‪..‬‬
‫هذا الول ‪..‬‬ ‫كما أن الستماع إليهم‬
‫الثاني ‪..‬‬ ‫والتفاعل مع أحاديثهم ‪..‬‬
‫كان وأنت تتحدث معه أو‬ ‫يجذبهم ‪..‬‬
‫معهم ‪ ..‬يتلفت يمينا ً ويسارا ً ‪..‬‬ ‫فما رأيك أن أتكلم معك هنا‬
‫وقد يخرج جهاز هاتفه من‬ ‫عن ‪ :‬الهدووووء الجذاب !!‬
‫جيبه ‪ ..‬ويكتب رسالة أو يقرأ‬ ‫نعم ‪ ..‬بعض الناس ل يتكلم‬
‫شيئا ً من الرسائل ‪ ..‬أو من‬ ‫كثيرا ً ‪ ..‬ول تكاد تسمع صوته‬
‫يدري لعله يلعب باللعاب‬ ‫في المجالس والمتجمعات ‪..‬‬
‫اللكترونية الموجودة فيه !!‬ ‫بل لو راقبته في جلسة أو‬
‫أما الثالث ‪ ..‬فيملك مهارات‬ ‫نزهة ‪ ..‬لرأيته ل يتحرك منه‬
‫الستماع ‪ ..‬تجد أنك تتحدث وقد‬ ‫إل رأسه وعيناه ‪ ..‬نعم قد‬
‫ركز عينيه برفق ينظر إليك ‪..‬‬ ‫يتحرك فمه أحيانا ً بالتبسم ‪..‬‬
‫وتشعر بمتابعته ‪ ..‬فهو تارة يهز‬ ‫ل بالكلم !!‬
‫رأسه موافقا ً ‪ ..‬وتارة يتبسم ‪..‬‬ ‫ومع ذلك يحبه الناس ‪..‬‬
‫م شفتيه متعجبا ً ‪..‬‬ ‫وتارة يض ّ‬ ‫ويأنسون بمجالسته ‪..‬‬
‫وربما ردد ‪ :‬عجيب ‪ ..‬سبحان‬
‫الله ‪..‬‬
‫) ( رواه مسلم‬ ‫‪98‬‬

‫‪259‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫هذا المحاضر الفذ ‪..‬‬ ‫أي هؤلء ستكون راغبا ً دائما ً‬
‫دخلت هي إلى قسم النساء ‪..‬‬ ‫في مجالسته ‪ ..‬وتفرح‬
‫ودخل هو وسط جمهرة الناس‬ ‫بزيارته ‪ ..‬وتنبلج أساريرك‬
‫واعتلى الكرسي وبدأ‬ ‫في الحديث معه ‪..‬؟ ل أشك‬
‫محاضرته ‪..‬‬ ‫أنه الخير ‪..‬‬
‫كان الناس ينصتون معجبين ‪..‬‬ ‫إذن جذب قلوب الناس ‪ ..‬ل‬
‫حتى زوجته يبدو أنها كانت‬ ‫يكون فقط بإسماعهم ما‬
‫معجبة ‪!..‬‬ ‫يحبون ‪ ..‬بل وبالستماع‬
‫انتهت المحاضرة ‪ ..‬خرج إلى‬ ‫منهم لما يحبون !!‬
‫سيارته وسط نشوة النجاح ‪..‬‬ ‫أذكر أن أحد الدعاة البارزين‬
‫وأقبلت زوجته وركبت السيارة‬ ‫ممن أوتي منطقا ً ولسانا ً ‪..‬‬
‫بجانبه ‪..‬‬ ‫كان يتنقل متحدثا ً دائما ً ‪ ..‬ما‬
‫لم يدع لها فرصة ‪ ..‬بدأ يتكلم‬ ‫بين منبر جمعة ‪ ..‬وكرسي‬
‫فورا ً عن زحمة الناس ‪ ..‬وجمال‬ ‫فتوى ‪ ..‬ومحاضرة في‬
‫المسجد ‪ ..‬و ‪ ..‬ثم سألها ‪ :‬ما‬ ‫جامعة ‪ ..‬فهو دائما ً يتكلم ‪..‬‬
‫رأيك في المحاضرة ؟‬ ‫ويتكلم ‪ ..‬ويتكلم ‪..‬‬
‫فقالت ‪ :‬كانت جميلة ومؤثرة ‪..‬‬ ‫وكان الناس يرونه على‬
‫ولكن من المحاضر ؟‬ ‫المنابر والقنوات الفضائية‬
‫قال ‪ :‬عجبا ً لم تعرفي صوته ‪..‬‬ ‫ويحبونه ويرغبون في‬
‫قالت ‪ :‬مع زحمة الناس ‪..‬‬ ‫استماع حديثه ‪ ..‬إل زوجته ‪..‬‬
‫وضعف سماعات الصوت لم‬ ‫فهو معها في البيت دائما ً ‪..‬‬
‫أنتبه كثيرا ً ‪..‬‬ ‫ول يكاد يستمع منها حديثا ً أو‬
‫فقال – منتشيا ً ‪ : -‬أنا ‪ ..‬أنا‬ ‫قصة ‪ ..‬بل على عادته‬
‫المحاضر ‪..‬‬ ‫يتكلم ‪ ..‬ويتكلم ‪..‬‬
‫فقالت ‪ :‬آآآ ‪ ..‬وأنا أقول في‬ ‫كانت كثيرة التذمر منه دون‬
‫نفسي طوال جلوسي ‪ :‬ما أكثر‬ ‫أن ينتبه إلى سبب ذلك ‪..‬‬
‫كلمه ‪..‬‬ ‫كان كل الناس يكرمونه‬
‫إذن ‪ ..‬الستماع إلى الناس فن‬ ‫ويمدحونه إل هي ‪ ..‬فقرر‬
‫ومهارة ‪..‬‬ ‫أن يصطحبها معه يوما ً إلى‬
‫بعض الناس ينسى أن الله جعل‬ ‫إحدى محاضراته لترى ما لم‬
‫لك فما ً واحدا ً وأذنين ‪ ..‬ليستمع‬ ‫تر ‪..‬‬
‫أكثر مما تكلم ‪..‬‬ ‫قال لها يوما ً ‪ :‬ترافقيني ؟‬
‫وأظنه لو استطاع لقلب‬ ‫قالت ‪ :‬إلى أين ؟‬
‫المعادلة ‪ ..‬من شدة محبته‬ ‫قال ‪ :‬محاضرة لحد‬
‫للحديث ‪..‬‬ ‫الدعاة ‪ ..‬نستفيد منها ‪..‬‬
‫فعود نفسك على النصات ‪..‬‬ ‫ركبت معه في سيارته ‪..‬‬
‫حتى لو كان لك على الكلم‬ ‫مشيا ‪ ..‬وقفا عند المسجد ‪..‬‬
‫ملحظة ‪..‬‬ ‫كانت الجماهير غفيرة ‪..‬‬
‫في أوائل بعثة النبي ‪ .. e‬كان‬ ‫كلهم جاؤوا يستمعون إلى‬
‫‪260‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫‪ ..‬من يهده الله فل مضل له‬ ‫عدد المسلمين قليل ً ‪ ..‬وكان‬
‫ومن يضلل فل هادي له ‪..‬‬ ‫الكفار يكذبونه ونفرون‬
‫وأشهد أن ل إله إل الله وحده ل‬ ‫الناس عنه ‪ ..‬ويشيعون أنه ‪e‬‬
‫شريك له ‪..‬‬ ‫كاهن وكذاب ‪ ..‬وربما‬
‫فانتفض ضماد وقال ‪ :‬أعد علي‬ ‫أشاعوا أنه مجنون أو‬
‫كلماتك هؤلء ‪..‬‬ ‫ساحر ‪..‬‬
‫فأعادها ‪ e‬عليه ‪..‬‬ ‫في يوم من اليام قدم إلى‬
‫فقال ضماد ‪ :‬والله لقد سمعت‬ ‫مكة رجل اسمه ضماد ‪ ..‬وهو‬
‫قول الكهنة ‪ ،‬وقول السحرة ‪،‬‬ ‫حكيم له علم بالطب والعلج‬
‫وقول الشعراء ‪ ،‬فما سمعت‬ ‫‪ ..‬يعالج المجنون والمسحور‬
‫مثل هؤلء الكلمات ‪ ..‬فلقد بلغن‬ ‫‪..‬‬
‫ناعوس البحر ‪..‬‬ ‫فلما خالط الناس سمع‬
‫فهلم يدك أبايعك على‬ ‫سفهاء الكفار يقولون عن‬
‫السلم ‪..‬‬ ‫رسول الله ‪ : e‬جاء‬
‫فبسط النبي ‪ e‬يده ‪ ..‬وأخذ‬ ‫المجنون ‪ ..‬ورأينا‬
‫ضماد يخلع ثوب الكفر ويردد ‪:‬‬ ‫المجنون ‪..‬‬
‫أشهد أن ل إله إل الله وأشهد‬ ‫فقال ضماد ‪ :‬أين هذا الرجل‬
‫أن محمدا ً عبده ورسوله ‪..‬‬ ‫؟ لعل الله أن يشفيه على‬
‫فعلم ‪ e‬أن له عند قومه شرفا ً ‪..‬‬ ‫يدي ؟‬
‫فقال له ‪ :‬وعلى قومك ؟ أي‬ ‫فدله الناس على رسول الله‬
‫تدعوهم إلى السلم ؟‬ ‫‪.. e‬‬
‫فقال ضماد ‪ :‬وعلى قومي ‪ ..‬ثم‬ ‫فلما لقيه ‪ ..‬قال ضماد ‪ :‬يا‬
‫ذهب إلى قومه هاديا ً داعيا ً ‪..‬‬ ‫محمد ‪ ..‬إني أرقى من هذه‬
‫إذن لتكون مستمعا ً ماهرا ً ‪:..‬‬ ‫الرياح ‪ ..‬وإن الله يشفي‬
‫أنصت ‪ ..‬هز رأسك متابعا ً ‪..‬‬ ‫على يدي من شاء ‪ ..‬فهلم‬
‫تفاعل بتعابير وجهك كتقطيب‬ ‫أعالجك ‪ ..‬وجعل يتكلم عن‬
‫الجبين حينا ً ‪ ..‬ورفع الحاجبين‬ ‫علجه وقدراته ‪..‬‬
‫حينا ً آخر ‪..‬‬ ‫والنبي ‪ e‬ينصت إليه ‪ ..‬وذاك‬
‫والتبسم ‪ ..‬وتحريك الشفتين‬ ‫يتكلم ‪ ..‬والنبي ‪ e‬ينصت ‪..‬‬
‫بتعجب ‪..‬‬ ‫أتدري ينصت إلى ماذا ؟‬
‫وانظر إلى أثر ذلك فيمن يتكلم‬ ‫ينصت إلى كلم رجل كافر‬
‫معك ‪ ..‬سواء كان صغيرا ً أو‬ ‫جاء ليعالجه من مرض‬
‫كبيرا ً ‪..‬‬ ‫الجنون !!‬
‫ستجد أنه يركز نظره عليك ‪..‬‬ ‫آآآه ما أحكمه ‪.. e‬‬
‫ويقبل بقلبه إليك ‪..‬‬ ‫حتى إذا انتهى ضماد من‬
‫كلمه ‪..‬‬
‫نتيجة ‪..‬‬ ‫قال ‪ e‬بكل هدوووء ‪ :‬إن‬
‫براعتنا في الستماع إلى‬ ‫الحمد لله ‪ ..‬نحمده ونستعينه‬

‫‪261‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فخيره ما قل ودل ‪..‬‬ ‫الخرين ‪ ..‬تجعلهم بارعين‬
‫الدخول في حوار أو جدال أمر‬ ‫في محبتنا والستئناس بنا ‪..‬‬
‫غير محمود ‪ ..‬ولعلك توافقني‬
‫أن أكثر من ‪ %90‬من الحوارات‬ ‫فن الحوار ‪..‬‬ ‫‪.86‬‬
‫والمجادلت غير مفيدة ‪..‬‬ ‫ً‬
‫أل تذكر يوما من الدهر أنك‬
‫فحاول تجنب الجدال قدر‬ ‫جلست في مكان فاحتد‬
‫المستطاع ‪ ..‬ول تغضب إذا‬ ‫الحوار بينك وبين شخص‬
‫اعترض عليك أحد أو جادلك ‪..‬‬ ‫ما ‪ ..‬فبقي في نفسك عليه‬
‫خذ المر بأريحية قدر المستطاع‬ ‫بغض أو غضب أياما ً ‪..‬‬
‫ول تعذب نفسك بالتفكير في‬ ‫أو لعلك تذكر جدال ً حصل‬
‫نية المعترض ‪ ..‬وماذا يقصد ‪..‬‬ ‫بين اثنين – وقد يكون في‬
‫ولماذا أحرجني أمامهم ‪ ..‬ل‬ ‫قضية تافهة – وأنت تنظر‬
‫تقتل نفسك بالهم ‪ ..‬وتعامل مع‬ ‫إليهما وقد ارتفعت الصوات‬
‫الموقف بهدووووء ‪ ..‬فالرياح ل‬ ‫واحمرت العيون ‪ ..‬ثم‬
‫تهز إل الصخور الصغيرة ‪ ..‬فكن‬ ‫تفرقا ‪ ..‬واسثقل كل منهما‬
‫جبل ً ‪..‬‬ ‫صاحبه بعدها ‪..‬‬
‫لما قدم النبي ‪ r‬إلى مكة‬ ‫إذن نحن نتعب في جذب‬
‫فاتحا ً ‪ ..‬بعدما نقضت قريش‬ ‫بعض الناس إلينا بممارسة‬
‫العهد ‪..‬‬ ‫مهارات متنوعة ‪ ..‬ثم‬
‫كان ‪ .. r‬قد دعا الله أن يعمي‬ ‫نفرقهم عنا بموقف ل‬
‫عنه قريش ‪ ..‬ليبغتهم ‪ ..‬قبل أن‬ ‫نحسن التصرف فيه ‪..‬‬
‫يستعدوا للقتال ‪..‬‬ ‫ومن ذلك عدم إتقان فن‬
‫فلما أقبل النبي عليه الصلة‬ ‫الحوار ‪..‬‬
‫والسلم ‪ ..‬إلى مكة نزل قريبا ً‬ ‫المحاور كالذي يصعد جبل ً‬
‫منها ‪..‬‬ ‫وعرا ً ‪ ..‬ينبغي أن يعتني‬
‫ولم تعلم قريش بشيء ‪..‬‬ ‫بموضع يده وموضع رجله ‪..‬‬
‫ولكنهم كانوا يتوجسون‬ ‫فتجد صاعد الجبل ينظر إلى‬
‫ويترقبون ‪..‬‬ ‫الصخرة التي يريد أن يتعلق‬
‫فخرج في تلك الليلة التي نزل‬ ‫بها ‪ ..‬ويفحصها بنظره‬
‫فيها النبي عليه الصلة والسلم‬ ‫ويتأمل في قوة ثباتها قبل‬
‫‪ ..‬أبو سفيان في نفر معه‬ ‫أن يضع عليها قبضته ‪..‬‬
‫يتجسسون الخبار ‪ ..‬وينظرون‬ ‫وكذلك في الصخرة التي‬
‫هل يجدون خبرا ً ‪ ..‬أو يسمعون‬ ‫يثبت عليها قدمه ‪ ..‬ثم إذا‬
‫به ‪..‬‬ ‫أراد أن يرفع قدمه عن‬
‫وجعل النبي عليه الصلة‬ ‫صخرة نظر إلى الصخرة قبل‬
‫والسلم ‪ ..‬يترقب الصبح ليغير‬ ‫أن يغادرها خشية أن ل‬
‫على قريش ‪..‬‬ ‫يحسن رفع رجله من عليها‬
‫فلما رأى العباس ‪ .. t‬ذلك ‪..‬‬ ‫فتهوي به ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬واصباح قريش ! والله‬ ‫لن أطيل عليك الكلم ‪..‬‬
‫‪262‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫‪ .. r‬ورأوا العباس عليها ‪..‬‬ ‫لئن دخل رسول الله ‪ r‬مكة‬
‫قالوا ‪ :‬عم رسول الله ‪ .. r‬على‬ ‫عنوة أي بالقوة ‪ ..‬قبل أن‬
‫بغلة رسول الله ‪.. r‬‬ ‫يأتوه فيستأمنوه ‪ ..‬إنه‬
‫والعباس يسرع بها ‪ ..‬يخاف أن‬ ‫لهلك قريش إلى آخر‬
‫يفطنوا لبي سفيان ‪ ..‬فيقتله‬ ‫الدهر ‪..‬‬
‫أحد قبل أن يؤمنه النبي عليه‬ ‫فقام العباس ‪ ..‬فاستأذن‬
‫الصلة والسلم ‪..‬‬ ‫النبي عليه الصلة‬
‫حتى مر بنار عمر بن الخطاب ‪t‬‬ ‫والسلم ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬من هذا ؟‬ ‫فأذن له ‪ ..‬فركب على بغلة‬
‫وقام إليهم ‪ ..‬فلما رأى أبا‬ ‫رسول الله ‪ r‬البيضاء ‪..‬‬
‫سفيان على عجز الدابة ‪..‬‬ ‫ومضى يمشي بها ‪..‬‬
‫صاح بالناس قال ‪ :‬أبو سفيان‬ ‫وأبو سفيان في أصحابه ‪..‬‬
‫عدو الله ! ‪ ..‬الحمد لله الذي‬ ‫يقترب وينظر إلى نيران‬
‫أمكن منك بغير عقد ول عهد ‪..‬‬ ‫المسلمين ‪ ..‬ويقول ‪:‬‬
‫فمنعه العباس ‪..‬‬ ‫ما رأيت كالليلة نيرانا ً قط‬
‫ثم ذهب عمر يشتد ‪ ..‬نحو‬ ‫ول عسكرا ً ‪ ..‬ما أعظم‬
‫رسول الله ‪ .. r‬والعباس يسرع‬ ‫هذا ‪ ..‬من ترى هؤلء ‪..‬؟‬
‫بالدابة ‪ ..‬حتى سبقه ‪ ..‬فلما‬ ‫فقال صاحبه ‪ :‬هذه والله‬
‫وصل إلى موضع النبي ‪.. r‬‬ ‫خزاعة حمشتها الحرب ‪..‬‬
‫اقتحم العباس عن البغلة‬ ‫قال ‪ :‬خزاعة أذل وأقل من‬
‫سريعا ً ‪..‬‬ ‫أن تكون هذه نيرانها‬
‫وعسكرها ‪..‬‬
‫فدخل على رسول الله ‪.. r‬‬
‫فبينما العباس يسير على‬
‫فدخل عليه عمر ‪..‬‬
‫البغلة ‪..‬‬
‫وجعل يقول ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬
‫إذا بأبي سفيان وأصحابه ‪..‬‬
‫هذا أبو سفيان ‪ ..‬قد أمكن الله‬
‫قد قبضت عليهم خيل‬
‫منه بغير عقد ول عهد ‪ ..‬فدعني‬
‫المؤمنين ‪..‬‬
‫فلضرب عنقه ؟ ‪..‬‬ ‫ً‬
‫فأقبل أبو سفيان فزعا ‪..‬‬
‫فقال العباس ‪ :‬يا رسول الله ‪..‬‬
‫فركب خلف العباس ‪..‬‬
‫إني قد أجرته ‪..‬‬
‫وجعل أصحابه يتبعونه‬
‫ثم جلس إلى رسول الله ‪.. r‬‬
‫فزعين ‪ ..‬والمؤمنون خلفهم‬
‫فأخذ برأسه ‪ ..‬وجعل يناجيه في‬
‫‪..‬‬
‫أذنه ‪..‬‬
‫فجعل العباس يسرع بأبي‬
‫وعمر يردد يا رسول الله ‪..‬‬
‫سفيان ‪ ..‬إلى رسول الله‬
‫اضرب عنقه ‪..‬‬
‫‪.. r‬‬
‫فلما أكثر عمر في شأنه ‪..‬‬
‫وكلما مر بنار من نيران‬
‫التفت إليه العباس وقال ‪:‬‬
‫المسلمين ‪ ..‬قالوا ‪ :‬من‬
‫مهل ً يا عمر ! فوالله أن لو كان‬
‫هذا ؟‬
‫من رجال بني عدي بن كعب ‪..‬‬
‫فإذا رأوا بغلة رسول الله‬
‫‪263‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فبات عنده ‪ ..‬فلما أصبح أبو‬ ‫ما قلت هذا ‪ ..‬أي لو كان من‬
‫سفيان صبيحة تلك الليلة ‪..‬‬ ‫قرابتك ‪ ..‬ما قلت هذا ‪..‬‬
‫ورأى الناس يجنحون للصلة ‪..‬‬ ‫ولكنك قد عرفت أنه من‬
‫وينتشرون في استعمال‬ ‫رجال بني عبد مناف ‪..‬‬
‫الطهارة ‪ ..‬خاف ‪ ..‬وقال‬ ‫فشعر عمر أنه سيدخل في‬
‫للعباس ‪ :‬ما بالهم ؟‬ ‫جدال ل يتناسب مع الحال‬
‫قال ‪ :‬إنهم قد سمعوا النداء‬ ‫الذي هم فيه ‪ ..‬ثم ما‬
‫فهم ينتشرون للصلة ‪..‬‬ ‫الفائدة المرجوة من النقاش‬
‫فلما حضرت الصلة ‪ ..‬ورآهم‬ ‫في مسألة لو كان من بني‬
‫يركعون بركوعه ‪ ..‬ويسجدون‬ ‫كعب رغب في إسلمه أما‬
‫بسجوده ‪..‬‬ ‫من غيرهم فل يهمه !!‬
‫أقبل عليه العباس بعدما صلى ‪..‬‬ ‫قال عمر بكل هدووووء ‪:‬‬
‫ليمضي به إلى رسول الله ‪.. r‬‬ ‫مهل ً يا عباس ‪ ..‬مهل ً ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬يا عباس ما يأمرهم‬ ‫فوالله لسلمك يوم أسلمت‬
‫بشيء إل فعلوه ؟‬ ‫‪ ..‬كان أحب إلي من إسلم‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪ ..‬والله لو أمرهم‬ ‫أبي الخطاب لو أسلم !‬
‫بترك الطعام والشراب‬ ‫لني قد عرفت أن‬
‫لطاعوه ‪..‬‬ ‫إسلمك ‪ ..‬كان أحب إلى‬
‫فقال أبو سفيان ‪ :‬يا عباس ‪..‬‬ ‫رسول الله ‪ r‬من إسلم‬
‫ما رأيت كالليلة ‪ ..‬ول ملك‬ ‫الخطاب ‪..‬‬
‫كسرى وقيصر !‬ ‫فلما سمع العباس ‪ t‬ذلك‬
‫فلما انقضت الصلة ‪ ..‬غدا به‬ ‫سكت ‪..‬‬
‫إلى رسول الله ‪.. r‬‬ ‫انتهى الحوار ‪ ..‬مع أنه كان‬
‫فلما رآه ‪ r‬قال ‪:‬‬ ‫في إمكان عمر أن يطيله‬
‫" ويحك يا أبا سفيان ‪ ..‬ألم يأن‬ ‫ويزيده ‪ ..‬فيقول ‪ :‬ماذا‬
‫لك أن تعلم أنه ل إله إل الله ؟‬ ‫تقصد ؟!! هل تتهم نيتي ؟!‬
‫فقال ‪ :‬بأبي أنت وأمي ! ما‬ ‫هل تعلم ما في قلبي ؟!‬
‫أحلمك وأكرمك وأوصلك !‬ ‫لماذا تثير النعرة القبلية ؟!‬
‫والله لقد ظننت أن لو كان لي‬ ‫كل لم يقل ذلك ‪ ..‬فهم‬
‫ه غيره لغنى عني‬ ‫مع الله إل ٌ‬ ‫جميعا ً كانوا أرفع من أن‬
‫شيئًا!‬ ‫ينزغ الشيطان بينهم ‪..‬‬
‫فقال ‪ : r‬ويحك يا أبا سفيان‬ ‫سكت عمر والعباس ‪ ..‬وأبو‬
‫ألم يأن لك أن تعلم أني رسول‬ ‫سفيان واقف ينتظر أن يأمر‬
‫الله ؟‬ ‫النبي ‪ e‬فيه بشيء ‪..‬‬
‫فقال أبو سفيان ‪ :‬بأبي أنت‬ ‫فقال ‪ : r‬اذهب به يا عباس‬
‫وأمي ما أحلمك وأكرمك‬ ‫إلى رحلك فإذا أصبحت‬
‫وأوصلك !‬ ‫فأتني به ‪..‬‬
‫أما هذه والله فإن في النفس‬ ‫فذهب به العباس ‪ ..‬إلى‬
‫منها حتى الن شيئا ً !‬ ‫خيمته ‪..‬‬
‫‪264‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فقال له العباس ‪ :‬ويحك‬
‫فكرة ‪..‬‬ ‫أسلم واشهد أن ل إله إل‬
‫ليس الذكاء أن تنتصر عند‬ ‫الله ‪ ..‬وأن محمد رسول الله‬
‫الجدال ‪ ..‬وإنما الذكاء أن ل‬ ‫قبل أن تضرب عنقك ؟‬
‫تدخل في الجدال أصل ً ‪..‬‬ ‫فسكت قليل ً ثم قال ‪ :‬أشهد‬
‫‪..‬‬
‫اقطع الطريق على‬ ‫‪.87‬‬ ‫فسر النبي عليه الصلة‬
‫المعترضين ‪..‬‬ ‫والسلم ‪ ..‬سرورا ً عظيما ‪..‬‬
‫ً‬
‫من أكثر ما يوغر صدور بعض‬ ‫فقال العباس ‪ :‬يا رسول‬
‫الناس على بعض ما يجنيه‬ ‫الله ‪ ..‬إن أبا سفيان رجل‬
‫اللسان من مفاسد ‪..‬‬ ‫يحب الفخر فاجعل له‬
‫ومن ذلك استعجال بعض الناس‬ ‫شيئا ً ‪..‬‬
‫بالعتراض على الحديث‬ ‫فقال ‪ " : r‬نعم ‪ ..‬من دخل‬
‫و‬
‫ومقاطعة المتكلم دون تر ّ‬ ‫دار أبي سفيان فهو آمن‬
‫ونظر ‪ ..‬فيثور عند ذلك جدال‬ ‫" ‪..‬‬
‫عقيم يوغر الصدور ويفسد‬ ‫فقال أبو سفيان ‪:‬‬
‫النفوس ‪..‬‬ ‫فأنشد أبو سفيان ‪ t‬بين يدي‬
‫لن تستطيع إصلح جميع الناس‬ ‫رسول الله ‪ .. r‬أبياتا ً ‪..‬‬
‫وتأديبهم بالداب الشرعية ‪ ..‬أو‬ ‫يعتذر إليه مما كان مضى‬
‫تدريبهم على مهارات متميزة ‪..‬‬ ‫منه ‪..‬‬
‫ودعنا نتجاوز مرحلة التنظير‬ ‫لعمرك إني يوم أحمل راية‬
‫التي تحلو لبعض الناس أن‬ ‫لتغلب خيل‬
‫يدندن عليها دائما ً بقوله ‪:‬‬ ‫اللت خيل محمد‬
‫المفروض الناس يفعلون كذا ‪..‬‬ ‫لكالمدلج الحيران أظلم ليله‬
‫والمفروض يتعودون على كذا ‪..‬‬ ‫فهذا‬
‫دعك من هذا ‪ ..‬وأدّ الصلة على‬ ‫أواني حين أهدي و أهتدي‬
‫الميت الحاضر – كما يقال ‪.. -‬‬ ‫هداني هاد غير نفسي و‬
‫أعني أننا ينبغي عند تعاملنا مع‬ ‫نالني‬
‫الخطاء أن ل ننشغل ببحث ما‬ ‫مع الله من‬
‫يجب على الخرين أن يفعلوه‬ ‫طردت كل مطرد‬
‫بل ماذا يجب علينا نحن أن‬ ‫أصد و أنأى جاهدا ً عن محمد‬
‫نفعله ‪..‬‬ ‫وأدعى و‬
‫عندما تريد أن تتكلم بشيء‬ ‫إن لم أنتسب من محمد‬
‫غريب قد يستعجل الخرون‬ ‫فقيل إنه حين قال ‪:‬‬
‫العتراض عليه ‪ ..‬ينبغي عليك‬ ‫ونالني ‪ ..‬مع الله من طردت‬
‫أن تغلق عليهم أبواب العتراض‬ ‫كل مطرد ‪ ..‬ضرب رسول‬
‫بمقدمات تجيبهم فيها عن‬ ‫الله ‪ r‬بيده في صدره‬
‫أسئلتهم قبل أن يطرحوها ‪ ..‬بل‬ ‫وقال ‪ " :‬أنت طردتني كل‬
‫وتزيل بها استغرابهم قبل أن‬ ‫مطرد " ‪..‬‬
‫‪265‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫المخالفين قبل أن يعترضوا ‪..‬‬ ‫يتكلموا به ‪..‬‬
‫لما خرجت قريش لقتال النبي ‪e‬‬ ‫وبعض الناس يحسن فعل ً أن‬
‫وأصحابه في بدر ‪ ..‬كان بعض‬ ‫يغلق البواب على المعترض‬
‫العقلء فيها ل يريدون‬ ‫قبل أن يشعره باعتراضه ‪..‬‬
‫الخروج ‪ ..‬لكن قومهم أكرهوهم‬ ‫أذكر أن شيخا ً كبير السن‬
‫عليه ‪..‬‬ ‫جلس في مجلس فتكلم عن‬
‫فعلم النبي ‪ e‬بهم ‪ ..‬وتأكد أنهم‬ ‫حادثة خصومة رآها بين‬
‫وإن حضروا المعركة فلن يقع‬ ‫اثنين في محطة وقود ‪..‬‬
‫منهم قتال للمسلمين ‪..‬‬ ‫وكيف أن شجارهما زاد‬
‫فلما اقترب ‪ e‬من ميدان‬ ‫واشتد حتى حمل إلى مخفر‬
‫المعركة ‪ ..‬أراد أن ينبه أصحابه‬ ‫الشرطة ‪..‬‬
‫لذلك ‪ ..‬وأن ينهاهم عن‬ ‫فقفز أحد الجالسين – من‬
‫قتلهم ‪ ..‬لكنه يعلم أنه سيقع‬ ‫الثرثارين – مشاركا ً في‬
‫في قلوب بعض الناس سؤال ‪:‬‬ ‫القصة فقال ‪ :‬نعم صحيح ‪..‬‬
‫كيف ل نقتلهم وهم خرجوا‬ ‫وحصل بينهما كذا ‪ ..‬وفلن‬
‫لحربنا !! لماذا استثنى هؤلء‬ ‫هو المخطئ ‪ ..‬وبدأ يذكر‬
‫بالذات ؟!‬ ‫تفاصيل لم تحدث ‪..‬‬
‫فقدم مقدمة أزال بها‬ ‫فالتفت إليه الشيخ وكأني به‬
‫العتراضات ثم ذكر التوجيه ‪..‬‬ ‫يكاد ينفجر ‪ ..‬لكنه تماسك‬
‫قام ‪ e‬في أصحابه وقال ‪ :‬إني‬ ‫وقال بكل هدووووء ‪:‬‬
‫قد عرفت أن رجال ً من بني‬ ‫أنت هل حضرت الحادثة ؟‬
‫هاشم وغيرهم قد أخرجوا كرها ً‬ ‫قال ‪ :‬ل‬
‫ل حاجة لهم بقتالنا ‪..‬‬ ‫قال ‪ :‬فهل حدثك أحد ممن‬
‫انتهى هذه مقدمة ‪..‬‬ ‫حضروها ؟ قال ‪ :‬ل‬
‫ثم قال ‪ :‬فمن لقي منكم أحدا ً‬ ‫قال ‪ :‬فهل اطلعت على‬
‫من بني هاشم فل يقتله ‪..‬‬ ‫محاضر التحقيق ؟ قال ‪ :‬ل‬
‫ومن لقي أبا البختري بن هشام‬ ‫عندها صاح الشيخ وقال ‪:‬‬
‫بن الحارث بن أسد فل يقتله ‪..‬‬ ‫طيب يا ‪ ...‬كيف تكذبني‬
‫ومن لقي العباس بن عبد‬ ‫وأنت ل تدري عن شيء !!‬
‫فأعجبتني مقدماته قبل‬
‫المطلب ‪ ..‬عم رسول الله ‪ r‬فل‬
‫اعتراضه ‪..‬‬
‫يقتله ‪..‬‬
‫ولو أنه اعترض دون أن يذكر‬
‫فإنه إنما خرج مستكرها ‪..‬‬
‫مقدمات يغلق بها البواب‬
‫فمضى الصحابة على ذلك ‪..‬‬
‫على صاحبه ‪ ..‬لكان لصاحبه‬
‫وبدؤوا يتحدثون في مجالسهم‬
‫مجال واسع للخروج من‬
‫بذلك ‪..‬‬
‫الموقف ولو بالكذب ‪..‬‬
‫فقال أبو حذيفة بن عتبة بن‬
‫فنحن أحيانا ً نحتاج عندما‬
‫ربيعة ‪ :‬أنقتل آباءنا وأبناءنا‬
‫نريد أن نقرر أشياء أن نقدم‬
‫وإخواننا ونترك العباس ‪..‬‬
‫بمقدمات نقنع بها‬
‫‪266‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫قال أحدهما إني أراني أعصر‬ ‫والله لئن لقيته للحمنه‬
‫خمرا ً وقال الخر إني أراني‬ ‫بالسيف ‪..‬‬
‫أحمل فوق رأسي خبزا ً تأكل‬ ‫فبلغت الكلمة رسول الله‬
‫الطير منه ( ‪..‬‬ ‫‪ .. r‬فالتفت إلى عمر‬
‫جعل يتأمل في الحاضرين ثم‬ ‫فقال ‪ " :‬يا أبا حفص " ‪..‬‬
‫سألهم ‪:‬‬ ‫قال عمر ‪ :‬والله إنه لول‬
‫ودخل معه السجن فتيان ؟!‬ ‫يوم كناني فيه رسول الله ‪r‬‬
‫أيهما دخل قبل الخر ‪ ..‬يوسف‬ ‫بأبي حفص ‪..‬‬
‫أم الفتيان ؟‬ ‫قال ‪ r‬يا أبا حفص ‪:‬‬
‫فصاح أحدهم ‪ :‬يوسف ‪..‬‬ ‫) أيضرب وجه عم رسول‬
‫فصاح آخر ‪ :‬ل ‪ ..‬ل ‪ ..‬الفتيان ‪..‬‬ ‫الله بالسيف ! ( ‪..‬‬
‫فانطلق ثالث ‪ :‬ل ‪ ..‬ل ‪ ..‬بل‬ ‫فاستبشع ذلك ‪ ..‬وانتفض ‪..‬‬
‫يوسف ‪ ..‬يوسف ‪..‬‬ ‫كيف يرد أمر رسول الله ‪.. r‬‬
‫فاستذكى رابع وقال ‪ :‬دخلوا مع‬ ‫أليس مسلما ً ‪ ..‬فصاح قال ‪:‬‬
‫بعض !!‬ ‫يا رسول الله دعني فلضرب‬
‫وتكلم خامس ‪ ..‬وارتفع اللغط ‪..‬‬ ‫عنقه بالسيف ‪ ..‬فوالله لقد‬
‫حتى ضاع الموضوع الساسي ‪..‬‬ ‫نافق ‪..‬‬
‫ويبدو أن المحاضر قصد ذلك ‪..‬‬
‫فندم أبو حذيفة ‪ .. y‬على ما‬
‫فجعل يتأمل وجوههم ‪..‬‬
‫تكلم به ‪ ..‬وقال ‪:‬‬
‫والوقت يمضي ‪..‬‬
‫ما أنا بآمن من تلك الكلمة‬
‫ثم ابتسم ابتسامة عريضة ‪..‬‬
‫التي قلت يومئذ ‪ ..‬و ل أزال‬
‫وأشار لهم بخفض الصوات‬
‫منها خائفا ً إل أن تكفرها‬
‫وقال ‪:‬‬
‫عني الشهادة ‪..‬‬
‫وما المشكلة !! دخل قبلهم أو‬ ‫فقتل يوم اليمامة شهيدا ً‬
‫دخلوا قبله !! هل تستحق‬
‫‪.. y‬‬
‫المسألة كل هذا الخلف ؟!‬
‫فعل ً ‪ ..‬لو تأملت واقعنا لوجدت‬
‫أننا في أحيان كثيرة نكون ثقلء‬ ‫نصيحة ‪..‬‬
‫على الخرين بكثرة اعتراضنا‬ ‫كن ذكيا ً وتغدّ بهم قبل أن‬
‫على ما يقولون فيكون أحدهم‬ ‫يتعشوا بك !‬
‫متحمسا ً في قصة يحكيها ‪ ..‬ثم‬
‫يفاجأ بمن يعترض ويفسد عليه‬ ‫انتظر ‪ ..‬ل‬ ‫‪.88‬‬
‫متعة الحديث بالعتراض على‬ ‫تعترض ‪!!..‬‬
‫أشياء ل تؤثر في القصة شيئا ً ‪..‬‬ ‫أذكر أن محاضرا ً كان يتكلم‬
‫نعم ‪ ..‬ل تكن ثقيل ً تعترض على‬ ‫عن فن الحوار ‪..‬‬
‫كل شيء ‪..‬‬ ‫فعرض شيئا ً من قصة‬
‫أذكر أن أخي الصغر سعود لما‬ ‫يوسف عليه السلم ‪..‬‬
‫كان طفل ً في السابعة ‪ ..‬دخل‬ ‫فلما وصل إلى قوله تعالى )‬
‫المسجد لصلة العشاء ‪ ..‬ويبدو‬ ‫ودخل معه السجن فتيان‬

‫‪267‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فإذا هو من السيارة المجاورة‬ ‫أنه كان مستعجل ً وتأخر‬
‫له ‪..‬‬ ‫المام في المجيء لقامة‬
‫وإذا صاحبها قد زاد صوت‬ ‫الصلة ‪ ..‬فلما ضاق بذلك‬
‫المذياع إلى أعلى درجاته ‪..‬‬ ‫ذرعا ً توجه نحو المؤذن وكان‬
‫حتى أسمع البعيد والقريب ‪..‬‬ ‫شيخا ً كبيرا ً ضعيف السمع‬
‫جعل صاحبي يضرب على منبه‬ ‫ووقف خلفه ‪ ..‬ثم قال‬
‫سيارته ويحاول أن ينبه ذاك‬ ‫محاول ً تغيير صوته ‪ :‬أقم‬
‫الرجل إلى خفض صوت‬ ‫الصلة ‪ ..‬وكان قد قبض‬
‫مذياعه ‪ ..‬لكن الرجل ل يلتفت‬ ‫على طرف أنفه بيده ‪..‬‬
‫ول يرد ‪ ..‬يبدوا أنه لشدة‬ ‫ثم ولى هاربا ً ‪..‬‬
‫انسجامه مع ما يسمع صار ل‬ ‫أما المؤذن فما كاد يسمع‬
‫يدري عما حوله ‪..‬‬ ‫ذلك حتى تحرك ناهضا ً ليقيم‬
‫حاول زياد أن يتبين وجه السائق‬ ‫الصلة ‪ ..‬فنبهه بعض‬
‫الذي أسدل غترته على جانبي‬ ‫المأمومين ‪ ..‬فجلس ‪..‬‬
‫وجهه ‪ ..‬وبعد جهد رآه فإذا‬ ‫كان موقفا ً طريفا ً ‪ ..‬لكني‬
‫لحيته تمل وجهه !!‬ ‫لم أورده لطرافته ‪..‬‬
‫ازداد العجب ‪ ..‬شخص بهذه‬ ‫وإنما لني جلست بعدها في‬
‫الهيئة بدل أن يستمع إلى‬ ‫مجلس فذكر أحد الجالسين‬
‫القرآن يستمع الغاني !! ل‬ ‫القصة وقال في أثنائها ‪:‬‬
‫ل أيضا ً !!‬‫وبصوت عا ٍ‬ ‫وكان سعود مستعجل ً لنه‬
‫أضاءت الشارة خضراء ‪..‬‬ ‫سيذهب إلى البحر مع أبيه _‬
‫ومشى الجميع ‪..‬‬ ‫مع العلم بأن الرياض في‬
‫أصّر زياد على مناصحة الرجل‬ ‫صحراء ول تقع على ساحل‬
‫فجعل يمشي وراءه ‪ ..‬وقف‬ ‫بحر ‪ .. -‬فتحيرت هل أفسد‬
‫الرجل عند دكان ‪ ..‬ونزل‬ ‫عليه قصته وأعترض ‪ ..‬أم أن‬
‫ليشتري منه حاجة ‪..‬‬ ‫المعلومة غير مؤثرة في‬
‫أوقف زياد سيارته وراءه وصار‬ ‫ع للعتراض‬ ‫القصة فل دا ٍ‬
‫يتأمله وهو يمشي فإذا الثوب‬ ‫واكتساب العداوات ‪ ..‬فآثرت‬
‫قصير ‪ ..‬واللحية تمل عارضيه ‪..‬‬ ‫الثاني وسكت ‪..‬‬
‫تسابقت إلى قلبه الوساوس ‪..‬‬ ‫وأحيانا ً قد تعترض على‬
‫أظنه نزل ليخرج الن بعلبة‬ ‫شيء أنت غير فاهمه أصل ً ‪..‬‬
‫سجائر !!‬ ‫لعل له عذرا ً وأنت تلوم ‪..‬‬
‫خرج الرجل فإذا في يده مجلة‬ ‫كان زياد لطيفا ً حريصا ً على‬
‫إسلمية !!‬ ‫نصح الناس ‪..‬‬
‫لم يصبر زياد ‪ ..‬وأخذ ينادي‬ ‫وقف يوما ً عند إشارة مرور‬
‫بلطف ‪ :‬يا أخي ‪ ..‬لو سمحت ‪..‬‬ ‫فإذا به يسمع صوتا ً عاليا ً‬
‫هيه ‪..‬‬ ‫لغاني غربية ‪ ..‬تحير من‬
‫لم يرد عليه الرجل ولم يلتفت ‪..‬‬ ‫أين هذا الصوت ‪ ..‬وأخذ‬
‫رفع صوته ‪ :‬هيه ‪ ..‬هيه ‪ ..‬لو‬ ‫يتلفت يبحث عن مصدره ‪..‬‬
‫‪268‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫تهيئة المطلوب منه قبل‬ ‫سمحت ‪ ..‬يا أخي ‪ ..‬اسمع ‪..‬‬
‫طلبها ‪ ..‬لئل يسارع إلى‬ ‫وصل الرجل سيارته‬
‫الرفض ‪..‬‬ ‫وركبها ‪ ..‬ولم يلتفت ‪..‬‬
‫وهذا عام في الطلبات الشفهية‬ ‫نزل زياد وقد غضب وأقبل‬
‫والمكتوبة ‪..‬‬ ‫إليه ‪ ..‬وقال ‪ :‬يا أخي ‪ ..‬الله‬
‫فلو أردت أن تكتب إلى غني‬ ‫يهديك ‪ ..‬ما تسمع ‪..‬‬
‫تطلب منه حاجة ‪ ..‬لناسب أن‬ ‫نظر الرجل إليه وابتسم‬
‫تكتب قبل حاجتك شيئا ً من‬ ‫وشغل سيارته ‪ ..‬فاشتغل‬
‫الثناء على جوده وكرمه ومحبته‬ ‫المذياع مباشرة بصوت‬
‫للخير ‪ ..‬ثم بعد ذلك تكتب‬ ‫مزعج جدا ً ‪..‬‬
‫حاجتك ‪..‬‬ ‫فثار زياد ‪ ..‬وقال ‪ :‬يا أخي‬
‫ومثله لو أردت حاجة من أبيك أو‬ ‫حرام عليك ‪ ..‬أزعجت الناس‬
‫أخيك أو – من يدري ربما –‬ ‫‪ ..‬تريد تسمع الغاني‬
‫زوجتك ‪ ..‬يناسب أن تقدم قبلها‬ ‫اسمعها لوحدك ‪ ..‬بدل ما‬
‫بمقدمة ‪..‬‬ ‫ن ؟!‬‫تسمع قرآن تسمع أغا ٍ‬
‫فلو دعوت نفرا ً من أصدقائك‬ ‫فجعل الرجل يزيد‬
‫إلى مأدبة غداء ‪ ..‬وأردت أن‬ ‫ابتسامته ‪ ..‬والغاني بأعلى‬
‫تخبر زوجتك لتعد الطعام وتهيئ‬ ‫صوت ‪..‬‬
‫البيت ‪ ..‬لناسب أن تقول قبل‬ ‫ثار زياد أكثر ‪ ..‬وجعل وجهه‬
‫ذلك ‪ ..‬بصراحة طعامك لذيذ ‪..‬‬ ‫يحمّر ‪ ..‬وصار يرفع صوته‬
‫جميع أصدقائي يفرحون إذا‬ ‫ليسمعه ‪..‬‬
‫دعوتهم لجل أن يأكلوا من‬ ‫فلما رأى الرجل أن المر‬
‫عمل يدك ‪ ..‬تصدقين !! لقد‬ ‫وصل إلى هذا الحد ‪ ..‬جعل‬
‫أكلت في أرقى المطاعم ‪ ..‬وما‬ ‫يشير بيديه إلى أذنيه‬
‫ذقت لذة كلذة طعامك أبدا ً ‪..‬‬ ‫وينفضهما ‪..‬‬
‫وبصراحة رأيت البارحة صديقا ً‬ ‫ثم أخرج دفترا ً صغيرا ً من‬
‫لي جاء من سفر ‪ ..‬ومن باب‬ ‫جيبه ومكتوب على أول‬
‫المجاملة قلت له تغد معي‬ ‫ورقة منه ‪:‬‬
‫غدا ً ‪ ..‬فتفاجأت به أن وافق ‪!!..‬‬ ‫أنا رجل أصم ل أسمع ‪..‬‬
‫فدعوت معه بعض الصدقاء ‪..‬‬ ‫فضل ً اكتب ما تريد !!‬
‫فليتك تعملين لنا طعاما ً ‪..‬‬
‫هذا السلوب أحسن من صراخك‬ ‫لمحة ‪..‬‬
‫إذا دخلت بيتك ‪ :‬يا فلنة ‪ ..‬فلنة‬ ‫قال الله تعالى ‪" :‬وكان‬
‫‪..‬‬ ‫النسان عجول ً " فانتبه ل‬
‫فتجيبك ‪ :‬لبيك ‪ ..‬أنا قادمة ‪..‬‬ ‫تغلب عجلتك تؤدتك ‪..‬‬
‫وهي تظن أنك ستدعوها إلى‬
‫نزهة ‪..‬‬ ‫قبل نجواكم ‪..‬‬ ‫‪.89‬‬
‫فتقول ‪ :‬بسرعة ‪ ..‬بسرعة ‪..‬‬ ‫صدقة ‪..‬‬
‫المطبخ ‪ ..‬المطبخ ‪ ..‬عندي رجال‬ ‫الطلبات الكبيرة تحتاج إلى‬
‫‪269‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫يقول ‪:‬‬ ‫سيأتون ‪ ..‬ل تتأخري‬
‫امنن علينا رسول الله في كرم‬ ‫بالغداء ‪ ..‬وانتبهي أثناء‬
‫فإنك المرء‬ ‫إعداده ‪ ..‬و ‪..‬‬
‫نرجوه و ننتظر‬ ‫ومثله لو أردت أن تطلب‬
‫امنن على نسوة قد كنت‬ ‫إجازة من مديرك ‪..‬‬
‫ترضعها‬ ‫أو تخبر أمك أو أباك بخبر ‪..‬‬
‫إذ فوك تملؤه‬ ‫وقد قرأت في سيرة النبي‬
‫من محضها الدرر‬ ‫الكرم ‪ .. e‬ما يدل على‬
‫ل تجعلنا كمن شالت نعامته‬ ‫ذلك ‪..‬‬
‫و استبق منا‬ ‫كان النبي ‪ r‬قد رضع في‬
‫فإنا معشر زهر‬ ‫صغره قريبا ً من ديار هوازن‬
‫إنا لنشكر آلء و إن كفرت‬ ‫‪ ..‬وكان يرجو أن يسلموا ‪..‬‬
‫وعندنا بعد هذا‬ ‫فبلغه ‪ ..‬أن هوازن قد‬
‫اليوم مدخر‬ ‫جمعت جموعها ‪ ..‬فخرج‬
‫وقد أدب الله المؤمنين ‪..‬‬ ‫إليهم ‪ ..‬وقاتلهم ‪..‬‬
‫َ‬
‫مُنوا إ ِ َ‬
‫ذا‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ها ال ّ ِ‬ ‫فقال ‪َ ":‬يا أي ّ َ‬ ‫فنصر الله نبيه ‪ r‬عليهم ‪..‬‬
‫ن‬
‫موا ب َي ْ َ‬ ‫ف َ‬
‫قدّ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫سو َ‬ ‫م الّر ُ‬ ‫جي ْت ُ ُ‬‫َنا َ‬ ‫فساق الغنائم ‪..‬‬
‫صدَ َ‬ ‫واك ُ ْ‬
‫)‪(99‬‬
‫‪..‬‬ ‫ة"‬‫ق ً‬ ‫م َ‬ ‫ج َ‬‫ي نَ ْ‬ ‫ي َدَ ْ‬ ‫فأقبل بعضهم إلى رسول‬
‫وكانت العرب ‪ ..‬إذا أرادت أن‬ ‫الله ‪ .. r‬وهو نازل بالجعرانة‬
‫تستنجد بأحد ‪ ..‬أو تطلب عونه ‪..‬‬ ‫‪..‬‬
‫أول ما تلجأ إلى الكلم والشعار‬ ‫وقد قتل من قتل من‬
‫‪ ..‬فتحدث في النفوس مال‬ ‫رجالهم ‪ ..‬وجعل رسول الله‬
‫تفعله السيوف ‪..‬‬
‫‪ r‬النساء والطفال في‬
‫لما أقبل رسول الله ‪ .. r‬يريد‬ ‫مكان ‪..‬‬
‫العمرة ‪ ..‬خافت قريش ‪..‬‬ ‫فقام منهم خطيبهم زهير‬
‫وكاد النبي ‪ r‬أن يقاتلهم ‪ ..‬لول‬ ‫بن صرد فقال ‪:‬‬
‫أنهم ‪ ..‬ألحوا عليه حتى كتب‬ ‫يا رسول الله إنما في‬
‫بينه وبينهم ‪ ..‬هدنة لمدة عشر‬ ‫الحظائر من السبايا‬
‫سنوات ‪ ..‬وقف للقتال ‪..‬‬ ‫خالتك ‪ ..‬وحواضنك ‪ ..‬اللتي‬
‫وكان في صلح الحديبية ‪ ..‬لما‬ ‫كن يكفلنك ‪..‬‬
‫كتب ‪ ..‬أنه من شاء من القبائل‬ ‫ولو أنا ملحنا لبن أبي‬
‫أن يدخل في عقد محمد وعهده‬ ‫شمر ‪ ..‬أو النعمان بن المنذر‬
‫دخل ومن شاء أن يدخل في‬ ‫‪..‬‬
‫عقد قريش وعهدهم دخل ‪..‬‬ ‫ثم أصابنا منهما مثل الذي‬
‫فتواثبت خزاعة وقالوا ‪ :‬نحن‬ ‫أصابنا منك ‪ ..‬رجونا عائدتهم‬
‫ندخل في عقد محمد وعهده ‪..‬‬ ‫وعطفهم ‪..‬‬
‫وتواثبت بنو بكر وقالوا ‪ :‬نحن‬ ‫وأنت رسول الله خير‬
‫المكفولين ‪ ..‬ثم أنشأ‬
‫) ( سورة المجادلة ) ‪.. ( 12‬‬ ‫‪99‬‬

‫‪270‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫وْلدا ً وكنا والدا ً‬
‫قد كنتم ِ‬ ‫ندخل في عقد قريش‬
‫ثمت أسلمنا فلم‬ ‫وعهدهم ‪..‬‬
‫ننزع يدا‬ ‫وكان بين هذين الحيين دماء‬
‫فانصر رسول الله نصرا ً أبدا‬ ‫وقتال ‪..‬‬
‫وادع عباد الله يأتوا‬ ‫واشتدت ضغينة قريش على‬
‫مددا‬ ‫خزاعة ‪ ..‬لكنهم خافوا أن‬
‫فيهم رسول الله قد تجردا‬ ‫يصيبوهم بشيء فينتصر لهم‬
‫إن سيما خسفا ً وجهه‬ ‫النبي ‪.. r‬‬
‫تربدا‬ ‫فلما مضى من هدنة‬
‫في فيلق كالبحر يجري مزبدا‬ ‫الحديبية ‪ ..‬نحو السبعة أو‬
‫إن قريشا ً أخلفوك‬ ‫الثمانية عشر شهرا ً ‪..‬‬
‫الموعدا‬ ‫وثب بنو بكر على خزاعة ‪..‬‬
‫قضوا ميثاقك المؤكدا‬ ‫ون ّ‬ ‫ليل ً بماء يقال له الوتير ‪..‬‬
‫وجعلوا لي في كداء‬ ‫وهو قريب من مكة ‪..‬‬
‫رصدا ً‬ ‫وطلبوا العانة من قريش ‪..‬‬
‫وزعموا أن لست أدعوأحدا‬ ‫فقالت قريش ‪ :‬ما يعلم بنا‬
‫فهم أذل وأقل عددا ً‬ ‫محمد وهذا الليل وما يرانا‬
‫هم بيتونا بالوتير هجدا‬ ‫من أحد ‪..‬‬
‫وقتلونا ركعا ً وسجدا‬ ‫فأعانوهم عليهم بالكراع‬
‫فلما سمع النبي ‪ r‬هذا الكلم ‪..‬‬ ‫والسلح ‪ ..‬وقاتلوهم‬
‫والشعر ‪ ..‬والنداء ‪ ..‬انتفض ‪..‬‬ ‫معهم ‪..‬‬
‫وغضب ‪..‬‬ ‫ففزعت خزاعة ‪..‬‬
‫وقال ‪ " :‬نصرت يا عمرو بن‬ ‫وقتل من قتل من رجالهم‬
‫سالم " ‪..‬‬ ‫ونسائهم وذراريهم ‪..‬‬
‫ثم قام ‪ ..‬مسرعا ً ‪ ..‬وأمر الناس‬ ‫فلما رأى رجل منهم وهو‬
‫بالتجهز للخروج للقتال ‪..‬‬ ‫عمرو بن سالم ‪ ..‬ما حل‬
‫ففزع الناس يتجهزون ‪ ..‬وهم ل‬ ‫بقومه ‪ ..‬ركب بعيره ‪..‬‬
‫يعلمون أين سيكون القتال ‪..‬‬ ‫وهرب من يد قريش ‪..‬‬
‫وقد خشي ‪ r‬أن يخبر بوجهته ‪..‬‬ ‫حتى قدم على رسول الله ‪r‬‬
‫فيصل الخبر إلى قريش ‪..‬‬ ‫في المدينة ‪..‬‬
‫وسأل الله أن يعمي على قريش‬ ‫فدخلها فزعا ً ‪ ..‬مصابا ً‬
‫خبره حتى يبغتهم في بلدهم ‪..‬‬ ‫مكروبا ً ‪..‬‬
‫ورسول الله ‪ ..r‬قد اشتد غضبه‬ ‫ثم أقبل إلى المسجد ‪ ..‬عليه‬
‫على قريش لخيانتهم ‪ ..‬فكان‬ ‫أثر الطريق ووعثاء السفر ‪..‬‬
‫يتجهز ويقول ‪ :‬كأنكم بأبي‬ ‫ووقف بين يدي رسول الله‬
‫سفيان قد جاءكم يشد في‬ ‫‪ .. r‬فقال ‪:‬‬
‫العقد ويزيد في المدة " ‪.‬‬ ‫يا رب إني ناشد محمدا ً‬
‫ثم أقبل نفر من خزاعة آخرين‬ ‫حلف أبيه وأبينا‬
‫إلى رسول الله ‪.. r‬‬ ‫التلدا‬
‫‪271‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫إلى بيت ابنته أم حبيبة زوج‬ ‫فيهم بديل بن ورقاء ‪ ..‬حتى‬
‫رسول الله ‪.. r‬‬ ‫قدموا على رسول الله ‪.. r‬‬
‫فلما دخل أقبل ليجلس على‬ ‫فأخبروه بما أصيب منهم ‪..‬‬
‫فراش رسول الله ‪ .. r‬فطوته‬ ‫ومظاهرة قريش بني بكر‬
‫من تحته ‪..‬‬ ‫عليهم ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬يا بنية ما أدري أرغبت‬ ‫فوعدهم النبي ‪ r‬بالنصر ‪..‬‬
‫بي عن هذا الفراش ‪ ..‬أو رغبت‬ ‫وقال لهم ‪ " :‬ارجعوا‬
‫به عني ؟‬ ‫فتفرقوا في البلدان " ‪..‬‬
‫فقالت ‪ :‬بل هو فراش رسول‬ ‫وخشي أن تعلم قريش‬
‫الله ‪ r‬وأنت مشرك نجس ‪..‬‬ ‫بخبرهم معه ‪ ..‬فتقاتلهم ‪..‬‬
‫فلم أحب أن تجلس على فراشه‬ ‫قبل وصوله إليهم ‪..‬‬
‫‪..‬‬ ‫فانصرفوا راجعين إلى‬
‫فعجب منها ‪ ..‬وقال ‪ :‬يا بنية‬ ‫ديارهم ‪..‬‬
‫والله لقد أصابك بعدي شر !‬ ‫فلقوا أبا سفيان بعسفان ‪..‬‬
‫ثم مضى أبو سفيان إلى رسول‬ ‫قد بعثته قريش إلى رسول‬
‫الله ‪ .. r‬فقال ‪ :‬يا محمد اشدد‬ ‫الله ‪.. r‬‬
‫العقد وزدنا في المدة ‪..‬‬ ‫يشد العقد ويزيد في‬
‫فقال ‪ : r‬ولذلك قدمت ؟ هل‬ ‫المدة ‪ ..‬وقد رهبوا أن يكون‬
‫كان من حدث قبلكم ؟!‬ ‫بلغه ما فعلوا ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬معاذ الله ! نحن على‬ ‫فلما لقي أبو سفيان بديل ً ‪..‬‬
‫عهدنا وصلحنا يوم الحديبية ل‬ ‫خشي أن يكون أقبل من‬
‫نغير ول نبدل ‪..‬‬ ‫عند رسول الله ‪ .. r‬فقال ‪:‬‬
‫فسكت عنه النبي ‪ .. r‬فكرر‬ ‫من أين أقبلت يا بديل ؟‬
‫عليه أبو سفيان ‪ ..‬ورسول الله‬ ‫فقال بديل ‪ :‬سرت في‬
‫‪ r‬ل يجيبه ‪..‬‬ ‫خزاعة في هذا الساحل في‬
‫فخرج من عند رسول الله ‪.. r‬‬ ‫بطن هذا الوادي ‪..‬‬
‫وأتى أبا بكر فقال ‪ :‬اشفع لي‬ ‫فسكت أبو سفيان ‪..‬‬
‫عند محمد ‪ ..‬أن يجدد العقد ‪..‬‬ ‫فلما جاوزه بديل ‪..‬أقبل أبو‬
‫ويزيد في المدة ‪ ..‬أو امنعني‬ ‫سفيان إلى مبرك ناقة بديل‬
‫وقومي ‪..‬‬ ‫‪ ..‬فأخذ من بعرها ففته بيده‬
‫فقال أبو بكر ‪ :‬جواري في جوار‬ ‫‪ ..‬فرأى فيه نوى التمر ‪..‬‬
‫رسول الله ‪ .. r‬ول أمنع أحدا ً‬ ‫فعلم أن الناقة كانت‬
‫بالمدينة ‪ ..‬فهم الذين‬
‫منه ‪ ..‬وأما أنا فوالله لو وجدت‬
‫يطعمون دوابهم نوى‬
‫الذر تقاتلكم لعنتها عليكم ‪..‬‬
‫التمر ‪ ..‬فقال أبو سفيان ‪:‬‬
‫فخرج أبو سفيان ‪ ..‬فأتى عمر‬
‫أحلف بالله لقد جاء بديل‬
‫بن الخطاب فكلمه ‪ ..‬فقال عمر‬
‫محمدا ً ‪..‬‬
‫بن الخطاب ‪ :‬أنا أشفع لكم عند‬
‫ثم مضى أبو سفيان ‪..‬‬
‫رسول الله ‪ r‬؟‬
‫حتى وصل المدينة ‪ ..‬فتوجه‬
‫‪272‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫إني قد أجرت بين الناس ‪..‬‬ ‫بل ما كان من حلفنا جديدا ً‬
‫ثم ركب بعيره فانطلق إلى‬ ‫فأخلقه الله ‪..‬‬
‫مكة ‪..‬‬ ‫وما كان منه مثبتا ً فقطعه‬
‫فلما أن قدم على قريش قالوا ‪:‬‬ ‫الله ‪..‬‬
‫ما وراءك ؟‬ ‫ً‬
‫وما كان منه مقطوعا فل‬
‫هل جئت بكتاب من محمد أو‬ ‫وصله الله !‬
‫عهد ؟‬ ‫فلما سمع أبو سفيان ذلك ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬ل والله لقد أبى علي ‪..‬‬ ‫طم ‪..‬‬ ‫تغير ‪ ..‬فكأنما ل ُ ِ‬
‫وقد تتبعت أصحابه فما رأيت‬ ‫فخرج أبو سفيان وهو يقول‬
‫قوما ً لملك عليهم أطوع منهم‬ ‫‪ :‬جزيت من ذي رحم شرا ً ‪..‬‬
‫له ‪..‬‬ ‫فلما يئس مما عندهم دخل‬
‫ولقد جئت محمدا ً فكلمته ‪..‬‬ ‫على علي ‪ ..‬فقال له ‪:‬‬
‫فوالله ما رد علي شيئا ً ‪..‬‬ ‫يا علي أنت أقربهم بي نسبا ً‬
‫ثم جئت ابن أبي قحافة فوالله‬ ‫‪ ..‬فاشفع لي إلى رسول‬
‫ما وجدت فيه خيرا ً ‪..‬‬ ‫الله ‪.. r‬‬
‫ثم جئت عمر فوجدته أعدى‬ ‫فقال له علي ‪ :‬يا أبا سفيان‬
‫عدو‪..‬‬ ‫‪ ..‬إنه ليس أحد من أصحاب‬
‫ثم جئت عليا ً فوجدته ألين القوم‬ ‫رسول الله ‪ r‬يفتات على‬
‫‪..‬‬ ‫رسول الله ‪ r‬بجوار ‪ ..‬أي ل‬
‫وقد أشار علي بأمر صنعته ‪..‬‬ ‫يستطيع أحد منعه عن أحد‬
‫فوالله ما أدري هل يغني عنا‬ ‫إن أراده ‪ ..‬فهو ل ينطق عن‬
‫شيئا ً أم ل ؟‬ ‫الهوى ‪..‬‬
‫قالوا ‪ :‬بماذا أمرك ؟‬ ‫وأنت سيد قريش ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬أمرني أن أجير بين الناس‬ ‫وأكبرها ‪ ..‬وأمنعها ‪ ..‬فأجر‬
‫ففعلت ‪..‬‬ ‫بين عشيرتك ‪ ..‬وامنع نفسك‬
‫قالوا ‪ :‬هل أجاز ذلك محمد ؟‬ ‫‪ ..‬يعني ‪ :‬صح بالناس إني قد‬
‫قال ‪ :‬ل ‪..‬‬ ‫منعت نفسي ‪..‬ثم الحق‬
‫قالوا ‪ :‬ويحك ما زادك الرجل‬ ‫بأرضك ‪..‬‬
‫على أن لعب بك ‪ ..‬فما يغني عنا‬ ‫قال أبو سفيان ‪ :‬أو ترى‬
‫ما قلت ‪..‬‬ ‫ذلك يغني عني شيئا ً ‪..‬‬
‫فقال ‪ :‬ل والله ما وجدت غير‬ ‫قال ‪ :‬ل ‪ ..‬ولكن هو رأي‬
‫ذلك ‪..‬‬ ‫أراه ‪..‬‬
‫فاغتم أبو سفيان ‪ ..‬ودخل على‬ ‫فخرج أبو سفيان إلى الناس‬
‫امرأته فحدثها الحديث فقالت ‪:‬‬ ‫في المدينة ثم صاح ‪..‬‬
‫قبحك الله من وافد قوم ! فما‬ ‫أل إني قد أجرت بين‬
‫جئت بخير ‪..‬‬ ‫الناس ‪ ..‬ول والله ما أظن‬
‫ثم أقبل رسول الله ‪ .. r‬إلى‬ ‫أن يخفرني أحد ‪..‬‬
‫مكة فاتحا ً ‪..‬‬ ‫فقام أبو سفيان في‬
‫المسجد فقال ‪ :‬أيها الناس‬
‫‪273‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫لكن مع ذلك يبقى أن بعض‬ ‫م ‪..‬‬
‫‪ ..‬بالشارة يفه ُ‬
‫الناس مهما مارست معه‬ ‫اللقمة الكبيرة تحتاج لمضغ‬
‫مهارات ل يتفاعل معك ‪..‬‬ ‫جيد قبل ابتلعها‬
‫فلو مارست معه مهارة اللمح ‪..‬‬
‫فقلت ‪ :‬ما شاء الله ما أجمل‬ ‫ليس مهما ً أن‬ ‫‪.90‬‬
‫ثيابك ‪ ..‬كأنك عريس ‪ ..‬وأنت‬ ‫تنجح دائما ً ‪..‬‬
‫تتوقع منه أن يتبسم ويشكرك‬ ‫كان فهد يمشي مع صاحبه ‪-‬‬
‫على لطفك ‪ ..‬فإنه ل يفعل ذلك‬ ‫العنيد المكابر ‪ -‬في صحراء‬
‫‪ ..‬وإنما ينظر إليك شزرا ً ‪..‬‬ ‫فرأيا سوادا ً رابضا ً على‬
‫ويقول ‪ :‬طيب ‪ ..‬طيب ‪ ..‬ل‬ ‫التراب ‪ ..‬تخفيه الريح تارة‬
‫تجامل ‪ ..‬ل تستخف دمك ‪..‬‬ ‫وتظهره تارة ‪..‬‬
‫ونحو ذلك من العبارات السامجة‬ ‫التفت فهد إلى صاحبه‬
‫التي تدل على عدم خبرته في‬ ‫وسأله ‪ :‬تتوقع ‪ ..‬ما هذا ؟!‬
‫التعامل مع الناس ‪..‬‬ ‫فقال صاحبه ‪ :‬هذه عنز !!‬
‫ومثله المرأة التي قد تمارس‬ ‫قال فهد ‪ :‬بل غراب ‪..‬‬
‫مع زوجها مهارات ‪ ..‬كمهارة‬ ‫قال صاحبه ‪ :‬أقول لك ‪ :‬عنز‬
‫التفاعل مثل ً ‪ ..‬فيحكي نكتة‬ ‫‪ ..‬يعني عنز ‪..‬‬
‫باردة ‪ ..‬فتتفاعل معه ضاحكة ‪..‬‬ ‫قال فهد ‪ :‬طيب نقترب‬
‫فيقول ‪ :‬طيب ‪ ..‬ل تغصبي‬ ‫ونتأكد ‪..‬‬
‫نفسك على الضحك ؟!!‬ ‫اقتربا ‪ ..‬وجعل يركزان‬
‫إذا واجهت هذه النوعيات من‬ ‫النظر أكثر وأكثر ‪..‬‬
‫الناس فاعلم أنهم ل يمثلون‬ ‫كان واضحا ً أن الذي أمامهما‬
‫المجتمع ‪..‬‬ ‫غراب !!‬
‫ولقد جربت هذه المهارات‬ ‫قال فهد ‪ :‬يا أخي ‪ ..‬والله‬
‫بنفسي ‪ ..‬نعم والله جربتها‬ ‫غراب ‪..‬‬
‫بنفسي فرأيت آثارها في الناس‬ ‫هز صاحبه رأسه بكل حزام‬
‫‪ ..‬كبارا ً وصغارا ً ‪ ..‬بسطاء‬ ‫وقال ‪ :‬عنـززززز‬
‫وأذكياء ‪ ..‬وأصحاب مناصب‬ ‫سكت فهد ‪ ..‬واقتربا أكثر ‪..‬‬
‫عليا ‪ ..‬وطلب عندي في‬ ‫فشعر الغراب باقترابهما‬
‫الكلية ‪ ..‬ومع أولدي ‪ ..‬فرأيت‬ ‫فطااار ‪..‬‬
‫لها أعاجيب ‪..‬‬ ‫فصاح فهد ‪ :‬الله أكبر ‪..‬‬
‫بل جربتها مع مختلف الجناس‬ ‫غراب ‪ ..‬أرأيت غراب ‪..‬‬
‫والجنسيات ‪ ..‬فرأيت آثارها ‪..‬‬ ‫طار ‪..‬فقال صاحبه ‪ :‬عننننـز‬
‫والله إني لك ناصح ‪..‬‬ ‫‪ ..‬لو طار !!‬
‫باختصار ‪..‬‬ ‫لماذا أوردت هذه القصة ؟‬
‫هل أنت جاد في التغيير ؟‬ ‫أوردتها لجل أن أبين ‪ :‬أن‬
‫هذه المهارات التي تقدمت‬
‫كن بطل ً وابدأ الن‬ ‫‪.91‬‬ ‫فيما مضى من صفحات ‪..‬‬
‫أذكر أني ألقيت دورة في‬ ‫تصلح مع الناس عموما ً ‪..‬‬
‫‪274‬‬
‫حـيـاِتـك ـــــــــــــــــ ‪ www.alarefe.com‬ــــــــــــــ‬
‫ع ِبـ َ‬
‫سـَتـمـتـ ْ‬
‫ا ْ‬
‫فكن بطل ً وابدأ الآآآن ‪..‬‬ ‫مهارات التعامل مع الناس ‪..‬‬
‫كان عبد العزيز من بين‬
‫الحضور ‪ ..‬كان تأثره‬
‫واضحا ً ‪..‬‬
‫لحظته يكتب كل شاردة‬
‫وواردة ‪..‬‬
‫مضت أيام الدورة الثلثة ‪..‬‬
‫وتفرقنا ‪..‬‬
‫بعدها بشهر ألقيت الدورة‬
‫نفسها مرة أخرى ‪ ..‬فلما‬
‫نظرت إلى الحضور ‪ ..‬فإذا‬
‫عبد العزيز يجلس في الصف‬
‫الول !!‬
‫تملكني العجب !! لماذا‬
‫يحضرها مرة أخرى وهو‬
‫يعلم أني سأعيد الكلم‬
‫نفسه !‬
‫لما أذن للصلة ‪ ..‬أخذته‬
‫ومشيت به جانبا ً ‪ ..‬وسألته ‪:‬‬
‫عبد العزيز ‪ ..‬لماذا تحضر‬
‫مرة أخرى ‪ ..‬وأنت تعلم أني‬
‫سأعيد الكلم نفسه ‪!! ..‬‬
‫والمذكرة التي بين يديك هي‬
‫نفسها المذكرة السابقة !!‬
‫والشهادة التي ستحصل‬
‫عليها هي الشهادة نفسها !!‬
‫يعني لن تستفيد شيئا ً ‪..‬‬
‫فقال لي ‪ :‬تصدق !! والله‬
‫إن أصحابي وزملئي يقولون‬
‫لي ‪ :‬يا عبد العزيز أنت‬
‫تغيرت في تعاملك معنا منذ‬
‫شهر ‪..‬‬
‫ففكرت في ذلك فإذا أنا‬
‫أطبق ما تعلمته من مهارات‬
‫في الدورة السابقة ‪ ..‬فجئت‬
‫لحضر الدورة مرة أخرى‬
‫لتأكيد ما تعلمته من‬
‫مهارات ‪..‬‬
‫إذا كنت جادا ً في التغيير‬
‫‪275‬‬

You might also like