You are on page 1of 7

‫أصل السحر‬

‫إن السحر قديم قدم النسانية‪ ،‬عرفته حضارات عديدة وأمم مختلفة حتى‬
‫أن كل رسول كان يبعثه ال عز وجل إلى قومه كانوا يتهمونه بالسحر‬
‫َ‬
‫هم‬ ‫من َ‬
‫قب ْل ِ ِ‬ ‫ن ِ‬‫ذي َ‬‫ما أَتى ال ّ ِ‬‫ك َ‬ ‫يقول سبحانه وتعالى‪﴿ :‬ك َذَل ِ َ‬
‫ن﴾‪ .‬سورة‬ ‫قاُلوا ْ سا ِ َ‬ ‫ل إ ِل ّ َ‬
‫جُنو ٌ‬
‫م ْ‬ ‫و َ‬‫حٌر أ ْ‬ ‫َ‬ ‫سو ٍ‬
‫من ّر ُ‬‫ّ‬
‫الذاريات‪ ،‬الية‪.52 :‬‬
‫وهنا تطرح أسئلة محيرة حول مصدر السحر! هل مصدره الرض‬
‫بحيث يكون الجن أو النس قد وضعوا علومه؟ أم أنه أنزل من السماء مع‬
‫هاروت وماروت؟ ومتى ظهر السحر على هذه البسيطة؟ وفي أي مكان؟‪.‬‬
‫ما‬‫عوا ْ َ‬ ‫وات ّب َ ُ‬ ‫إن العمدة في الجابة عن هذه السئلة هو قوله تعالى‪َ ﴿ :‬‬
‫فَر‬ ‫مآ ك َ َ‬ ‫و َ‬ ‫ن َ‬ ‫ما َ‬ ‫سل َي ْ َ‬ ‫ك ُ‬ ‫مل ْ ِ‬ ‫عَلى ُ‬ ‫ن َ‬ ‫طي ُ‬ ‫شَيا ِ‬ ‫ت َت ُْلوا ْ ال ّ‬
‫س‬‫ن الّنا َ‬ ‫مو َ‬ ‫عل ّ ُ‬‫فُروا ْ ي ُ َ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫طي َ‬ ‫شَيا ِ‬ ‫ن ال ْ ّ‬ ‫ول َك ِ ّ‬ ‫ن َ‬ ‫ما ُ‬ ‫سل َي ْ َ‬ ‫ُ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ت‬ ‫هاُرو َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن ب َِباب ِ َ‬ ‫ملك َ َي ْ ِ‬ ‫على ال َ‬ ‫ل َ‬ ‫ز َ‬ ‫مآ أن ِ‬ ‫و َ‬ ‫حَر َ‬ ‫س ْ‬ ‫ال ْ ّ‬
‫ما‬‫قول إ ِن ّ َ‬ ‫حّتى ي َ ُ‬ ‫د َ‬ ‫ح ٍ‬ ‫نأ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫عل ّ َ‬ ‫ما ي ُ َ‬ ‫و َ‬ ‫تج َ‬ ‫ماُرو َ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫قو َ‬ ‫فّر ُ‬ ‫ما ي ُ َ‬ ‫ما َ‬ ‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫مو َ‬ ‫عل ُ‬ ‫ّ‬ ‫في َت َ َ‬ ‫فْر َ‬ ‫ْ‬
‫فل ت َك ُ‬ ‫َ‬ ‫ة َ‬ ‫فت ْن َ ٌ‬ ‫ن ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫نَ ْ‬
‫ن‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ن بِ ِ‬ ‫ضآّري َ‬ ‫هم ب ِ َ‬ ‫ما ُ‬ ‫و َ‬ ‫هج َ‬ ‫ج ِ‬ ‫و ِ‬ ‫وَز ْ‬ ‫ء َ‬ ‫مْر ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ه ب َي ْ َ‬ ‫بِ ِ‬
‫َ‬
‫ول َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ضّر ُ‬ ‫ما ي َ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫مو َ‬ ‫عل ّ ُ‬ ‫وي َت َ َ‬ ‫ن الله ج َ‬ ‫د إ ِل ّ ب ِإ ِذْ ِ‬ ‫ح ٍ‬ ‫أ َ‬
‫في‬ ‫ه ِ‬ ‫ما ل َ ُ‬ ‫شت ََراهُ َ‬ ‫نا ْ‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫موا ْ ل َ َ‬ ‫عل ِ ُ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫ول َ َ‬ ‫مج َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫َين َ‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫س ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ه َأن ُ‬ ‫وا ب ِ ِ‬ ‫شَر ْ‬ ‫ما َ‬ ‫س َ‬ ‫ول َب ِئ ْ َ‬ ‫قج َ‬ ‫خل َ ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫خَر ِ‬ ‫ال ِ‬
‫ن﴾ سورة البقرة‪ ،‬الية‪ ،102 :‬وقد‬ ‫مو َ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫كاُنوا ْ ي َ ْ‬ ‫و َ‬ ‫ج لَ ْ‬
‫وردت تفاسير عدة لهذه اليات واختلفت ويمكن حصرها في ثلثة أقوال‪:‬‬
‫‪ -1‬أن السحر لم ينزل من السماء وإنما أصله الرض وهو من عمل‬
‫عَلى‬ ‫ُ‬
‫ل َ‬‫ز َ‬‫مآ أن ِ‬ ‫الشياطين بناء على }أن)ما( في قوله تعالى‪َ ﴿ :‬‬
‫و َ‬
‫ال ْ َ َ‬
‫ن﴾ نافية‪ ،‬وذلك أن اليهود كانوا يزعمون أنه نزل به جبريل‬‫ملك َي ْ ِ‬
‫ت ج﴾ بدًل‬‫ماُر َ‬‫و َ‬
‫ت َ‬‫هاُرو َ‬ ‫وميكائيل فأكذبهم ال وجعل قوله تعالى‪َ ﴿ :‬‬
‫من الشياطين{ تفسير القرآن العظيم‪ /‬ابن كثير ج‪ 1:‬ص‪:‬‬
‫‪.130‬‬

‫ويعتمد أصحاب هذا القول على الرواية التالية وقد جاءت بصيغ‬
‫مختلفة‪:‬‬
‫أ‪ -‬ما رواه ابن جرير الطبري‪} :‬عن شهر بن حوشب قال‪ :‬لما سلب‬
‫سليمان عليه السلم ملكه كانت الشياطين تكتب السحر في غيبة سليمان‬
‫فكتبت‪ :‬من أراد أن يأتي كذا وكذا فليستقبل الشمس وليقل كذا وكذا‪ ،‬ومن‬
‫أراد أن يفعل كذا وكذا فليستدبر الشمس وليقل كذا وكذا فكتبته وجعلت‬
‫عنوانه‪ :‬هذا ما كتب آصف بن برخيا للملك سليمان بن داود من ذخائر‬
‫كنوز العلم ثم دفنته تحت كرسيه فلما مات سليمان عليه السلم قام إبليس‬
‫خطيًبا فقال‪ :‬يا أيها الناس إن سليمان لم يكن نبًيا إنما كان ساحًرا‬
‫فالتمسوا سحره في متاعه وبيوته‪ ،‬ثم دلهم على المكان الذي دفن فيه‬
‫فقالوا‪ :‬وال كان سليمان ساحًرا هذا سحره بهذا تعبدنا وبهذا قهرنا فقال‬
‫المؤمنون‪ :‬بل كان نبًيا مؤمًنا فلما بعث ال تعالى النبي محمًدا صلى ال‬
‫عليه وسلم جعل يذكر النبياء حتى ذكر داود وسليمان‪ ،‬فقالت اليهود‪:‬‬
‫انظروا إلى محمد صلى ال عليه وسلم يخلط الحق بالباطل يذكر سليمان‬
‫مع النبياء وإنما كان ساحًرا يركب الريح فأنزل ال عذر سليمان ﴿‬
‫ن﴾{‪.‬‬ ‫ما َ‬ ‫سل َي ْ َ‬ ‫مل ْ ِ‬
‫ك ُ‬ ‫عَلى ُ‬‫ن َ‬ ‫طي ُ‬
‫شَيا ِ‬‫ما ت َت ُْلوا ْ ال ّ‬
‫عوا ْ َ‬
‫وات ّب َ ُ‬
‫َ‬
‫جامع البيان عن تأويل أي القرآن‪ /‬ج‪ 1:‬ص‪.451-450:‬‬

‫ب‪ -‬يقول الخفاجي‪} :‬فإن كانت)ما( في ﴿ما أنزل﴾ نافية كان معطوًفا على‬
‫ما كفر سليمان أي لم يكفر ولم ينزل على الملكين شيء من السحر‪،‬‬
‫وهاروت وماروت بدل من الشياطين بدل بعض وما بينهما اعتراض‪ ،‬وهو‬
‫رد على اليهود لعنهم ال فيما افتروه على النبياء ‪ -‬عليهم السلم ‪-‬‬
‫والملئكة )‪ (...‬والقول بأن )ما( نافية هو قول ابن عباس رضي ال عنهما‬
‫)‪ (...‬وهذا القول لم يقل به جمهور المفسرين والمحدثين كما عرفته وهو‬
‫قول ضعيف{ نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي‬
‫عياض‪ /‬ج‪ 4:‬ص‪.235-233:‬‬

‫‪ -2‬أن مصدر السحر هو النسان لن الملئكة معصومة من ارتكاب‬


‫المعاصي حيث قرأ }ابن عباس والحسن وسعيد بن جبير والزهري‪:‬‬
‫الملكين بكسر اللم{ زاد المسير في علم التفسير‪ /‬ابن‬
‫الجوزي ج‪ 1:‬ص‪ ،.122:‬وقيل إن المراد بالملكين كما قال‬
‫}الحسن‪ :‬رجلين صالحين من الملوك{ مفاتيح الغيب‪ /‬الرازي‬
‫م‪ 2:‬ج‪ 3:‬ص‪.236:‬‬

‫‪ -3‬أن السحر أنزله ال تعالى من السماء إلى الرض مع الملكين هاروت‬


‫وماروت ببابل ابتلًءا منه سبحانه وفتنة للناس وذلك بناًءا على ما يلي‪:‬‬
‫أ‪ -‬أن )ما( في قوله تعالى ﴿ما أنزل﴾ عطف على قول }ما تتلوا‬
‫الشياطين‪ :‬أي واتبعوا ما تتلوا الشياطين افتراًءا على ملك سليمان وما‬
‫أنزل على الملكين لن السحر منه ما هو كفر وهو الذي تلته الشياطين‬
‫على ملك سليمان ومنه ما تأثيره في التفريق بين المرء وزوجه وهو الذي‬
‫أنزل على الملكين{ مفاتيح الغيب‪/‬ص‪.235:‬‬

‫ب‪ -‬الحديث الذي ورد في مسند المام أحمد بن حنبل‪ ،‬فعن عبد ال بن‬
‫عمر رضي ال عنهما أنه سمع النبي صلى ال عليه وسلم يقول‪﴿ :‬إن آدم‬
‫عليه السلم لما أهبطه ال إلى الرض قالت الملئكة‪ :‬أي رب أتجعل فيها‬
‫من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال‪ :‬إني‬
‫أعلم ما ل تعلمون قالوا‪ :‬ربنا نحن أطوع لك من بني آدم‪ ،‬قال ال تعالى‬
‫للملئكة هلموا ملكين من الملئكة حتى يهبط بهما إلى الرض‪ ،‬فننظر‬
‫كيف يعملن‪ ،‬قالوا ربنا هاروت وماروت قال‪ :‬فاهبطا إلى الرض ومثلت‬
‫لهما الزهرة امرأة من أحسن البشر‪ ،‬فجاءاها فسألها نفسها‪ ،‬فقالت‪ :‬ل‬
‫وال حتى تتكلما بهذه الكلمة من الشراك فقال‪ :‬وال ل نشرك بال شيًئا‬
‫أبًدا فذهبت ثم رجعت بصبي تحمله فسألها نفسها‪ ،‬فقالت ل وال حتى‬
‫تقتل هذا الصبي‪ ،‬فقال وال ل نقتله أبًدا‪ ،‬فذهبت ثم رجعت بقدح خمر‬
‫تحمله‪ ،‬فسألها نفسها قالت‪ :‬ل وال حتى تشربا هذا الخمر فشربا فسكرا‬
‫فوقعا عليها وقتل الصبي فلما أفاقا قالت المرأة وال ما تركتما شيًئا‬
‫أبيتماه علي إل قد فعلتماه حين سكرتما فخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب‬
‫الخرة فاختارا عذاب الخرة﴾‪ .‬مسند المام أحمد بن حنبل‪/‬م‪2:‬‬
‫ص‪.134:‬‬

‫يقول ابن حجر معلًقا على هذه الرواية‪} :‬وقصة هاروت وماروت‬
‫جاءت بسند حسن من حديث ابن عمر في مسند أحمد وأطنب الطبري في‬
‫ل خلفًا لمن زعم‬‫إيراد طرقها بحيث يقضى بمجموعها على أن للقصة أص ً‬
‫بطلنها كعياض ومن تبعه‪ ،‬وذلك أن ال ركب الشهوة في ملكين من‬
‫الملئكة اختباًرا لهما وأمرهما أن يحكما في الرض فنزل على صورة‬
‫البشر وحكما بالعدل مدة ثم افتتنا بامرأة جميلة فعوقبا بسبب ذلك بأن‬
‫حبسا في بئر ببابل منكسين وابتليا بالنطق بعلم السحر فصار يقصدهما‬
‫من يطلب ذلك فل ينطقان بحضرة أحد حتى يحذراه وينهياه فإذا أصر تكلما‬
‫بذلك ليتعلم منهما ذلك وهما قد عرفا ذلك فيتعلم منهما ما قص ال عنهما‬
‫وال أعلم{ فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ /‬ابن حجر م‪:‬‬
‫‪ 10‬ص‪ 276:‬كتاب الطب باب السحر‪ ،.‬يشير ابن حجر إلى‬
‫قول القاضي عياض‪} :‬فاعلم أكرمك ال أن هذه الخبار لم يرو منها‬
‫شيء سقيم ول صحيح عن رسول ال صلى ال عليه وسلم وليس هو‬
‫شيئًا يؤخذ بالقياس والذي منه في القرآن اختلف المفسرون في معناه‬
‫وأنكر ما قال بعضهم فيه كثير من السلف )‪ (...‬وهذه الخبار من كتب‬
‫اليهود وافترائهم كما نص ال في أول اليات من افترائهم بذلك على‬
‫سليمان وتكفيرهم إياه وقد انطوت القصة على شنع عظيمة{ الشفا‬
‫بتعريف حقوق المصطفى‪ /‬القاضي عياض اليحصبي‬
‫ج‪ 2:‬ص‪ 175:‬ط‪.179:‬‬

‫وممن رد كذلك على القاضي عياض‪ ،‬الخفاجي يقول‪} :‬واعلم أن ما‬


‫ذكره المصنف رحمه ال تعالى في قصة هاروت وماروت من أنها ل أصل‬
‫لها بحسب الرواية ول من جهة الدراية على ما هو الصح من ملكيتهم‬
‫لنهم معصومون والملك المعصوم ل يليق أن ينسب إليه ما ذكر من‬
‫المعاصي ونحوها )‪ (...‬فالرد عليه يكون ب‪:‬‬
‫‪ -1‬فلما عرفته فيما مر من أنه ورد في حديث من طرق كثيرة بأسانيد‬
‫صحيحة كما قاله الحافظ ابن حجر والسيوطي قال‪ :‬وجمعت طرقه في جزء‬
‫مستقل إلى آخر ما مر فالتردد فيه ل ينبغي‪.‬‬
‫‪ -2‬وأما ما أنكره من أنه نسب للملئكة ما ل يليق بهم ول يصح نسبته لهم‬
‫فتحقيق الوجه فيه أن ال تعالى لما جعل آدم عليه الصلة والسلم خليفة‬
‫والخلفة في أولده وقالت الملئكة سؤال استفسار أتجعلهم خلفاء‬
‫يفسدون في الرض فقال لو جعلت فيكم ما فيهم من الشهوة كنتم مثلهم‬
‫فتعجبوا من ذلك فأمرهم باختيار من يحكمه في الرض فاختار هذين‬
‫الملكين‪ ،‬فأودع فيهما جبلة شهوة بشرية وتمثل بصورتهم‪ ،‬فلما أهبطهما‬
‫ورأيا الزهرة افتتنا بها وكان ما كان مما قصصناه عليك فإذا عرفت هذا‬
‫سقط هذا العتراض لنهما لما حول عن الملكية وأودع فيهما شهوة‬
‫البشر ل ينكر مثله منهما لن المعصوم الملك ما دام على أصل ملكيته فإذا‬
‫خرج عنها التحق بالبشر فل ينكر أن يصدر منهما ما يصدر منهم وهذا‬
‫هو الحق الحقيق{ نسيم الرياض في شرح شفاء القاضي‬
‫عياض‪ /‬الخفاجي ج‪ 4:‬ص‪ ،.237:‬وتفاصيل هذه القصة كيف يعلم‬
‫هاروت وماروت الناس السحر‪ ،‬ينبغي فيها التوقف لن حاصلها كما يقول‬
‫ابن كثير }راجع في تفصيلها إلى أخبار بني إسرائيل‪ ،‬إذ ليس فيها حديث‬
‫مرفوع صحيح متصل السناد إلى الصادق المعصوم الذي ل ينطق عن‬
‫الهوى وظاهر سياق القرآن إجمال القصة من غير بسط ول إطناب فيها‬
‫فنحن نؤمن بما ورد في القرآن على ما أراده ال تعالى وال أعلم بحقيقة‬
‫الحال{ تفسير القرآن العظيم‪ /‬ج‪ 1:‬ص‪.135:‬‬

‫أسباب انتشار السحر والسحرة في العصر الحاضر‬


‫‪ -1‬بالنسبة للمشتغلين بالسحر‪ :‬إن الناس كلما ابتعدوا عن الدين السلمي‬
‫إل وتفشى فيهم الظلم والمراض القلبية والمفاسد الجتماعية‬
‫والشعوذة‪ ،...‬والسحر واحد من بين هذه المصائب التي ابتليت بها المة‪،‬‬
‫فقد انتشر بشكل كبير جًدا فل يكاد يوجد حي إل وفيه ساحر أو يسمى في‬
‫ثقافتنا الشعبية بالفقيه‪ ،‬وهذا الساحر "الفقيه" إما أن يكون مخادعا‬
‫ل يعتمد على خفة اليد في التأثير على الخرين وإيهامهم أن له‬ ‫متحاي ً‬
‫قدرات خارقة‪ ،‬وإما أن يكون حًقا ساحًرا تعينه الشياطين ويستطيع بإذن‬
‫ال تعالى إلحاق الضرر بالغير‪ ،‬وهدف المتعاطين للسحر سواء الحقيقي‬
‫أو المجازي هو الربح‪ ،‬فالمال يعتبر هدفًا ساميًا يسعى هؤلء السحرة إلى‬
‫تحصيله‪ ،‬فمنذ القدم كان المال هدفًا مطلوًبا لكثير من السحرة‪ ،‬وهؤلء‬
‫السحرة يوظفون كل مواهبهم ومهارتهم لغراء الناس بوجود قوى خفية‬
‫تساعدهم‪ ،‬قادرة على حل مشاكلهم وعلجهم من أمراضهم ومعرفة ما‬
‫ينتظرهم ‪ ،...‬ومن الملحظ أن الساحر يغير أسلوبه فبعد أن كان الساحر‬
‫في الماضي نتن الرائحة ينزوي بعيًدا عن الناس في الفيافي والصحاري‬
‫والجبال‪ ،‬نجده اليوم له زي جميل ومكتب استقبال أنيق وسكرتيرة وهاتف‬
‫نقال ومواعيد وبرامج ‪ ،...‬وهؤلء السحرة لهم تأثير قوي على ضعاف‬
‫النفوس وخاصة النساء‪.‬‬
‫‪ -2‬بالنسبة للمترددين على السحرة‪ :‬يتردد الناس على السحرة لعدة‬
‫أسباب أهمها‪:‬‬
‫أ‪ -‬شفاء المراض‪ :‬تعتبر من أهم السباب التي تدعو الناس إلى الذهاب‬
‫إلى السحرة حيث يعتقدون أن الساحر يملك وصفات سحرية في علج‬
‫المراض المستعصية‪ ،‬وتأتي في مقدمة المراض التي يعتقد الناس أن‬
‫بإمكان الساحر علجها‪ :‬أمراض الصرع والسحر والجنون وأمراض‬
‫الطفال كسوء الخلق أو النحرافات الشاذة أو البكاء والصراخ الدائم أثناء‬
‫النوم وبول الصبي في الفراش‪ ،‬وحماية الجنين في بطن أمه من إسقاطه‬
‫أو تشويه خلقه‪ ،‬وعلج الرضيع من العين وحماية الطفال من أم الصبيان‬
‫وذلك بوضع "صرة" في يده وعلج تأخر النطق عن الطفل‪ ،...‬وهناك من‬
‫يكون مصاًبا بأمراض نفسية كالخوف والنطواء والخجل والشك‬
‫والوسواس القهري وغيرها من المراض النفسية فيذهب إلى هؤلء‬
‫السحرة لعلجه‪ ،‬لكن أغلب هؤلء يذهب إلى السحرة لوقايتهم من السحر‬
‫أو لبطال سحر عمل لهم كضعف قدرتهم الجنسية "سحر الربط" أو‬
‫للعلج من أثر الصابة بالعين بل أكثر من ذلك هناك من يذهب إلى الساحر‬
‫كي يكتب له تميمة "حجاًبا" يحفظه من شر كل نفس حاقد أو عين حاسد‬
‫أو عمل ساحر‪.‬‬
‫ب‪ -‬مسائل الحب والزواج‪ :‬كثيرون هم يترددون على السحرة بسبب الحب‬
‫والزواج فهناك من يذهب إلى السحرة لمساعدته على إيقاع امرأة في‬
‫غرامه ونجد كذلك ‪-‬وهذا كثير‪ -‬من النساء من يلجأن إلى السحرة ليقاع‬
‫من يشأن في غرامهن ومنهن من تذهب إلى الساحر لجعل الزوج كخاتم‬
‫عا ول يرى زوجها المسكين ملكة الجمال‬ ‫في أصبعها ويكون أمرها مطا ً‬
‫على الرض سواها‪ ،‬ول يكاد يوجد كتاب من كتب السحر والشعوذة إل‬
‫وفيه فصول خاصة بمسائل الحب والزواج ويصطلحون على هذه المسائل‬
‫في قاموسهم بالعشق والوصال والتهييج‪ ،‬وهذه الكتب تزعم أنهم تقدم‬
‫وصفات سحرية للراغبين في ذلك لكنها في الحقيقة تهلكهم وتهوي بهم‬
‫في مكان سحيق في ظلمات الشرك‪.‬‬
‫ج‪ -‬كشف الطلع‪" :‬معرفة ما وقع في الماضي وما يخبؤه المستقبل"‪ :‬يلجأ‬
‫بعض الناس إلى السحرة لمعرفة من سرق شيأ من متاعهم أو عندما يفقد‬
‫أحد أفراد السرة كالبن أو سؤال السحرة عن حال أقاربهم والذي يعمل‬
‫في مكان بعيد‪.‬‬
‫كما يلجأ بعض الناس إلى السحرة لمعرفة ما يخبؤه لهم المستقبل نتيجة‬
‫خوفهم من المجهول أو خوفًا من ضياع النعم التي يتنعمون بها أو خوفًا‬
‫من فقدان الحب أو المال أو الولد‪.‬‬
‫ح‪ -‬أهداف متنوعة‪ :‬قد يلجأ أحد الضعفاء المظلومين إلى الساحر لنصرته‬
‫وهذا الضعيف المظلوم يعتقد أن في استطاعة الساحر تسخير الجان‬
‫للنتقام من ظالمه‪ ،‬فيطلب هذا الشخص من الساحر أن يصيب عدوه بداء‬
‫عضال أو خبل في عقله أو يضره في ماله أو أولده أو بفقده حب زوجته‬
‫أو رجم بيته "ما يسمى بسحر التراجيم"‪.‬‬
‫وهناك من يذهب إلى السحرة لغراض تجارية‪ ،‬فالتاجر يلجأ إلى‬
‫الساحر لعطائه وصفة سحرية لترويح بضاعته وتيسير البيع وتحصيل‬
‫الربح‪ ،‬وقد يذهب بعض الطلبة إلى الساحر لعطائهم وصفة ترفع عنهم‬
‫النسيان أثناء المذاكرة وتسّهل الحفظ وتقوي الذاكرة‪ ،‬وقد يذهب المدين‬
‫إلى الساحر بحثًا عن وصفة لقضاء الدين‪ ،‬وهناك من يذهب إلى السحرة‬
‫لنهم يساعدونهم في اتخاذ قرارات هامة ومصيرية في حياتهم كاختيار‬
‫خاطب معين لبنتهم أو عدم قبول من تقدم إليهم من الشبان أو قرار‬
‫الدخول في عمل تجاري مهم وغيرها من القرارات الهامة والمصيرية في‬
‫حياة النسان‪.‬‬

You might also like