You are on page 1of 43

‫‪1‬‬

‫من يفوز‬
‫بليلة‬
‫القدر ؟‬
‫جمع وترتيب‬

‫‪1‬‬
‫‪2‬‬

‫هاني‬
‫حلمي‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬


‫حبيبي في الله ‪..‬‬
‫قد آن أوان الجد والجتهاد ‪ ،‬ومضى زمان العجز‬
‫ل‬
‫والكسل والرقاد ‪ ،‬جاء العشر فأكرم بها من أيام وليا ٍ‬
‫ن للحصاد ؟ ومن‬ ‫للعباد ‪ ،‬تكاثرت فيها الغنائم فم ْ‬
‫سيوفق لنيل خير زاد للمعاد ؟ ومن سيؤذن له بالقرب‬
‫عقد المزاد ‪ ،‬فمن يا ترى يفوز‬ ‫بعد البعاد ؟ ها قد ُ‬
‫بالمراد ؟ فحذار أن تكون بضاعتك في كساد ‪.‬‬
‫اجتهد أبو موسى الشعري ‪ ‬قبل موته اجتها ً‬
‫دا‬
‫دا ‪ ،‬فقيل له ‪ :‬لو أمسكت أو رفقت بنفسك بعض‬ ‫شدي ً‬
‫ُ‬
‫ن الخيل إذا أرسلت فقاربت رأس‬ ‫الرفق ؟ فقال ‪ :‬إ ّ‬
‫مجراها أخرجت جميع ما عندها ‪.‬‬
‫حبيبي في الله ‪ ..‬جدّ واجتهد‬
‫عن عائشة ‪ -‬رضي الله عنها‪ -‬قالت ‪ :‬كان رسول الله ‪‬‬
‫إذا دخل العشر شد مئزره ‪ ،‬و أحيا ليله ‪ ،‬و أيقظ أهله ‪].‬‬
‫متفق عليه [‬
‫وفي رواية لمسلم عنها قالت ‪ :‬كان رسول الله ‪‬‬
‫يجتهد في العشر الواخر مال يجتهد في غيره ‪.‬‬
‫ما‬‫ك َ‬ ‫ما أ َدَْرا َ‬‫و َ‬‫وهذا لتحري ليلة القدر ‪ ،‬قال تعالى ‪َ  :‬‬
‫مَلئ ِك َ ُ‬ ‫َ‬
‫ة‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫ر ت َن َّز ُ‬
‫ه ٍ‬
‫ش ْ‬‫ف َ‬ ‫ن أل ْ ِ‬
‫م ْ‬
‫خي ٌْر ّ‬
‫ر َ‬ ‫ِ‬ ‫ة ال ْ َ‬
‫قد ْ‬ ‫ر ل َي ْل َ ُ‬‫ِ‬ ‫قد ْ‬ ‫ة ال ْ َ‬ ‫ل َي ْل َ ُ‬
‫فيها بإذْن ربهم من ك ُ ّ َ‬
‫حّتى‬‫ي َ‬ ‫ه َ‬ ‫م ِ‬ ‫سَل ٌ‬‫ر َ‬ ‫م ٍ‬
‫لأ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ح ِ َ ِ ِ ِ َ ّ ِ‬ ‫والّرو ُ‬ ‫َ‬
‫ر ‪ ] ‬القدر‪[ 5-2:‬‬ ‫ج ِ‬ ‫َ‬
‫ع الف ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫مطل ِ‬ ‫َ‬

‫‪2‬‬
‫‪3‬‬

‫حبيبي في الله ‪ ...‬ل تكن مع المحرومين‬


‫قال النبي ‪  : ‬إن هذا الشهر قد حضركم ‪ ،‬وفيه ليلة‬
‫خير من ألف شهر ‪ ،‬من حرمها فقد حرم الخير كله ‪ ،‬و‬
‫ل يحرم خيرها إل محروم ‪]‌ ‬رواه ابن ماجه وحسنه اللباني )‬
‫‪ (2247‬في صحيح الجامع[‬
‫ت قلبا كان‬
‫فما الذي فاتك يا محروم من نيل مناك ‪ ،‬أم ّ‬
‫حيا أحسن الله عزاك ‪ ،‬فكل ما شغل العبد عن الرب‬
‫فهو مشئوم ‪ ،‬ومن فاته القرب من موله فهو المحروم‬
‫‪ ،‬اللهم إنا نعوذ بك من الحرمان ‪.‬‬
‫هذه ليلة القدر‬
‫ظموا فيها ربكم ‪.‬‬ ‫ليلة عظيمة فع ّ‬
‫ن القدر هو العظمة ‪ ،‬كما تقول ‪:‬‬ ‫فقد قال الزهري ‪ :‬أ ّ‬
‫لهذا الشخص قدر ‪ :‬أي مكانة ومنزلة عظيمة ‪ .‬ومنه‬
‫ه ‪ ] ‬النعام ‪:‬‬ ‫ر ِ‬ ‫ق َ‬
‫قد ْ ِ‬ ‫ح ّ‬
‫ه َ‬‫قدَُروا ْ الل ّ َ‬‫ما َ‬ ‫قوله تعالى ‪َ  :‬‬
‫و َ‬
‫‪. [ 91‬‬
‫فهي ليلة ذات قدر ‪ ،‬نزل فيها كتاب ذو قدر ‪ ،‬وتنزل‬
‫فيها رحمة ذات قدر ‪ ،‬وملئكة ذوو قدر ‪.‬‬
‫ها ‪ ] ‬القدر ‪[ 4 :‬‬ ‫في َ‬‫ح ِ‬ ‫والّرو ُ‬ ‫ة َ‬‫مَلئ ِك َ ُ‬
‫ل ال ْ َ‬
‫‪‬ت َن َّز ُ‬
‫ظم فيها‬ ‫ن ُيع ّ‬
‫فينبغي لمن أراد أن يفوز بليلة القدر ‪ ،‬أ ْ‬
‫رّبه ‪ ،‬فل ينشغل عنه فيها بأي شيء من حطام الدنيا‬
‫الفاني ‪ ،‬ويكثر من التكبير والتهليل ‪ ،‬فإّنه من استقامة‬
‫اللسان ‪ ،‬وهو سبب استقامة القلب ‪.‬‬
‫ن عبد حتى يستقيم قلبه ‪،‬‬ ‫قال ‪  : ‬ل يستقيم إيما ُ‬
‫ول يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه ‪‬‬
‫] رواه المام أحمد وحسنه اللباني )‪ (2841‬في الصحيحة [‬
‫ليلة تضيق فيها الرض من كثرة الملئكة‬
‫سر الخليل بن أحمد معنى القدر بأنه من الضيق ‪،‬‬ ‫فقد ف ّ‬
‫ما‬
‫م ّ‬
‫ق ِ‬ ‫فل ُْين ِ‬
‫ف ْ‬ ‫ه َ‬ ‫رْز ُ‬
‫ق ُ‬ ‫عل َي ْ ِ‬
‫ه ِ‬ ‫دَر َ‬ ‫من ُ‬
‫ق ِ‬ ‫كما قال تعالى ‪َ  :‬‬
‫و َ‬
‫ه ‪ ] ‬الطلق ‪[ 7 :‬‬‫آَتاهُ الل ّ ُ‬
‫والمعنى أّنها ليلة تضيق فيها الرض عن الملئكة الذين‬
‫ينزلون ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪4‬‬

‫قال أبو هريرة ‪ : ‬الملئكة ليلة القدر في الرض أكثر‬


‫من عدد الحصى ‪ ] .‬زاد المسير )‪[ (9/192‬‬
‫فيا لرحمة الله ‪ ،‬ويا سعادة من بلغها ‪ ،‬يقف في الصلة‬
‫ولربما التصق به الملك ‪ ،‬يقرأ القرآن فيضع الملك فمه‬
‫في فمه ‪.‬‬
‫قال رسول الله ‪  : ‬إن العبد إذا تسوك ‪ ،‬ثم قام‬
‫يصلي ‪ ،‬قام الملك خلفه ‪ ،‬فيستمع لقراءته‪ ،‬فيدنو‬
‫منه ‪ ،‬حتى يضع فاه على فيه ‪ ،‬فما يخرج من فيه شيء‬
‫هروا أفواهكم‬ ‫من القرآن إل صار في جوف الملك ‪ ،‬فط ّ‬
‫للقرآن ‪ ] ‬رواه البزار وصححه اللباني )‪ (1213‬في الصحيحة [‬
‫ن تسّلم عليك الملئكة وتصافحك‬
‫بأ ْ‬
‫فهل تح ّ‬
‫كما حدث مع بعض الصحابة ‪‬‬
‫ذكر قتادة أن الملئكة كانت تصافح عمران بن حصين‬
‫حتى اكتوى ‪ ] .‬الطبقات الكبرى )‪[ (4/288‬‬
‫ولما حضرت معاذ ‪ ‬الوفاة ‪ ،‬قيل له ‪ :‬هل ترى شيئا ؟‬
‫قال ‪ :‬نعم شكر لي ربي حسن عزائي ‪ ،‬أتاني روح ابني‬
‫يبشرني أن محمدا ‪ ‬في مائة صف من الملئكة‬
‫والشهداء الصالحين يصلون على روحي ويسوقوني إلى‬
‫الجنة ؛ ثم أغمي عليه ‪ .‬فرأوه كأنه يصافح قوما ويقول‬
‫م مات – رحمه الله – ] تاريخ دمشق ‪:‬‬ ‫‪ :‬مرحًبا مرحًبا أتيتكم ث َ‬
‫)‪[ (58/448‬‬
‫فعليك – عبد الله ‪ -‬بكثرة ذكر الله تعالى في‬
‫هذه الليلة ‪.‬‬
‫جاء في بعض السرائيليات ‪  :‬يا موسى إن أردت أن‬
‫ل يبقى ملك في السموات السبع والرض إل سلموا‬
‫عليك وصافحوك يوم القيامة فأكثر التسبيح والتهليل‬
‫‪ ] ‬حلية الولياء )‪[ (6/37‬‬
‫إنها ليلة الشرف‬
‫قال أبو بكر الوراق ‪ :‬من لم يكن له قدر صار بمراعاتها‬
‫ذا قدر ‪.‬‬
‫فيا من ليس لك عند الله حظ ول نصيب ‪ ،‬يا من تشتكي‬
‫من انغلق البواب ‪ ،‬يا من كبلته الخطايا والذنوب‬

‫‪4‬‬
‫‪5‬‬

‫فقنط ويئس ‪ ،‬أبشر فقد يصلحك الله في هذه الليلة ‪،‬‬


‫قد يحبك ‪ ،‬قد يفيض عليك من جوده ورحمته ‪ ،‬فتصير‬
‫ها ‪ .‬اللهم اجعلنا منهم يا أرحم‬ ‫بعدها عند الله وجي ً‬
‫الراحمين ‪.‬‬
‫ليلة يباهي الله فيها الملئكة بعباده الصالحين ‪.‬‬
‫ن الملوك و السادات ل يحبون أن‬ ‫قال ابن رجب ‪ :‬فإ ّ‬
‫يدخل دارهم أحد حتى يزينوا دارهم بالفرش والبسط ‪،‬‬
‫و يزينوا عبيدهم بالثياب والسلحة ‪ ،‬فإذا كان ليلة القدر‬
‫أمر الرب تبارك و تعالى الملئكة بالنزول إلى الرض ؛‬
‫لن العباد زينوا أنفسهم بالطاعات بالصوم والصلة في‬
‫ليالي رمضان ‪ ،‬و مساجدهم بالقناديل و المصابيح‬
‫فيقول الرب تعالى ‪ :‬أنتم طعنتم في بني آدم و‬
‫ماء ‪‬‬ ‫ف ُ‬ ‫من ي ُ ْ‬ ‫ع ُ‬ ‫َ‬
‫ك الدّ َ‬ ‫س ِ‬
‫وي َ ْ‬
‫ها َ‬‫في َ‬‫سد ُ ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫ها َ‬ ‫في َ‬‫ل ِ‬ ‫قلتم ‪  :‬أت َ ْ‬
‫ج َ‬
‫ن ‪ ، ‬اذهبوا‬ ‫مو َ‬‫عل َ ُ‬
‫ما ل َ ت َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫فقلت لكم ‪  :‬إ ِّني أ َ ْ‬
‫عل َ ُ‬
‫إليهم في هذه الليلة حتى تروهم قائمين ساجدين‬
‫راكعين لتعلموا أني اخترتهم على علم على العالمين ‪.‬‬
‫] لطائف المعارف ص ‪[ 350‬‬
‫ليلة مباركة هي خير من ألف شهر‬
‫فلما كانت أعمار المم السابقة أطول خشي النبي ‪‬‬
‫أن تتقاصر أعمار أمته فل يبلغوا من العمل الذي بلغه‬
‫غيرهم في طول العمر ‪ ،‬فأعطاه الله ليلة القدر خيرا ً‬
‫من ألف شهر‬
‫قال النخعي ‪ :‬العمل فيها خير من العمل في ألف‬
‫شهر ‪.‬‬
‫قال جويبر ‪ :‬قلت للضحاك ‪ :‬أرأيت النفساء و الحائض‬
‫و المسافر و النائم لهم في ليلة القدر نصيب ؟ قال ‪:‬‬
‫نعم كل من تقبل الله عمله سيعطيه نصيبه من ليلة‬
‫القدر ‪.‬‬

‫فيها يفرق كل أمر حكيم‬


‫قال ابن عباس ‪ : ‬إنك لترى الرجل يمشي في‬
‫السواق وقد وقع اسمه في الموتى ثم قرأ ‪ ‬إ ِّنا‬
‫فَرقُ ك ُ ّ‬
‫ل‬ ‫ها ي ُ ْ‬
‫في َ‬
‫ن ِ‬
‫ري َ‬
‫ذ ِ‬ ‫ة إ ِّنا ك ُّنا ُ‬
‫من ِ‬ ‫مَباَرك َ ٍ‬
‫ة ّ‬ ‫َأنَزل َْناهُ ِ‬
‫في ل َي ْل َ ٍ‬

‫‪5‬‬
‫‪6‬‬

‫كيم ٍ ‪ ] ‬الدخان ‪ - [ 4-3 :‬يعني ليلة القدر ‪ -‬ففي تلك‬ ‫َ‬


‫ح ِ‬
‫ر َ‬
‫م ٍ‬
‫أ ْ‬
‫الليلة يفرق أمر الدنيا إلى مثلها من قابل ‪.‬‬
‫قال البيهقي – رحمه الله ‪ : -‬ومعنى ليلة القدر الليلة‬
‫التي يقدر الله تعالى لملئكته جميع ما ينبغي أن يجري‬
‫على أيديهم من تدبير بني آدم ومحياهم ومماتهم إلى‬
‫ليلة القدر من السنة القابلة ‪ ،‬وكان يدخل في هذه‬
‫الجملة أيام حياة النبي ‪ ‬أي يقدر فيها ما هو منزله‬
‫من القرآن إلى مثلها من العام القابل‪.‬‬
‫] فضائل الوقات ص ‪[ 213‬‬ ‫‪.‬‬
‫سلم هي ‪:‬‬
‫عن مجاهد في قوله تعالى ‪  :‬سلم هي ‪ ‬قال ‪ :‬هي‬
‫سالمة ل يستطيع الشيطان أن يعمل فيها سوءا ول‬
‫يحدث فيها أذى ‪.‬‬
‫قال قتادة ‪ :‬السلم ‪ :‬الخير والبركة ‪.‬‬
‫فليلة القدر سبب للسلمة والنجاة من المهالك يوم‬
‫ن من قامها إيمانا واحتسابا غفر له ما‬ ‫القيامة ‪ ،‬حيث أ ّ‬
‫تقدم من ذنبه ‪.‬‬
‫حبيبي في الله ‪...‬‬
‫التمسها في ليال العشر الواخر‬
‫وقد أمرنا رسول الله ‪ ‬بتحريها ‪ .‬فعن عائشة ‪ -‬رضي‬
‫ن النبي ‪ ‬قال ‪  :‬تحروا ليلة القدر في‬ ‫الله عنها ‪ -‬أ ّ‬
‫العشر الواخر من رمضان ‪ ] ‬متفق عليه [‬
‫وعن ابن عمر ‪ -‬رضي الله عنهما ‪ : -‬أن رجال ً من‬
‫أصحاب النبي ‪ُ ‬أروا ليلة القدر في المنام في السبع‬
‫الواخر فقال رسول الله ‪ : ‬أرى رؤياكم قد تواطأت‬
‫في السبع الواخر ‪ ،‬فمن كان متحريها فليتحرها في‬
‫السبع الواخر " ]متفق عليه [‬
‫وأمر بالتماسها في أوتار العشر الواخر ‪.‬‬
‫عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي ‪ ‬قال ‪:‬‬
‫التمسوا ليلة القدر في العشر الواخر من رمضان في‬
‫تاسعة تبقى ‪ ،‬في سابعة تبقى ‪ ،‬في خامسة تبقى "‬
‫] رواه البخاري [‬

‫‪6‬‬
‫‪7‬‬

‫فانتهى بيان النبي ‪ ‬لليلة القدر إلى أنها في الوتر‬


‫من السبع الواخر ولم يزد على ذلك شيئا ً ‪.‬‬
‫وكان سلفنا يحتاطون فيتلمسون ليلة القدر في جميع‬
‫حكي ذلك عن‬ ‫ليال العشر ‪ ،‬أشفاعه وأوتاره ‪ ،‬كما ُ‬
‫الحسن البصري و مالك ـ رحمهما الله ـ ‪ ،‬وإن ذهب‬
‫الكثرون على تحريها في الليالي الوترية ‪.‬‬
‫والصحيح في علمتها ‪:‬‬
‫ن تشرق الشمس يومها ل شعاع لها ‪.‬‬ ‫أ ْ‬
‫ن النبي ‪ ‬قال ‪  :‬ليلة القدر ليلة‬ ‫عن ابن عباس أ ّ‬
‫سمحة طلقة ل حارة و ل باردة ‪ ،‬تصبح الشمس‬
‫صبيحتها ضعيفة حمراء ‪ ] ‬رواه أبو داود الطيالسي والبيهقي في‬
‫سننه وصححه اللباني )‪(5475‬في صحيح الجامع [‬
‫وقد كان ‪ ‬يعتكف في العشر الواخر من رمضان‬
‫طلًبا لهذه المنحة الربانية العظيمة ‪.‬‬
‫حبيبي في الله ‪..‬‬
‫إننا مأمورون بالسعي في اكتساب الخيرات و الجتهاد‬
‫ل ميسر لما خلق له ‪،‬‬‫في العمال الصالحات ‪ ،‬و ك ٌ‬
‫فينبغي للمؤمن أن يجتهد في هذه الليالي ما ل يجتهده‬
‫في سائر العام لما فيه من المثوبة العظيمة ‪.‬‬
‫فيا من ضاع عمره بل شيء ‪ ،‬استدرك ما فاتك في ليلة‬
‫القدر ‪ ،‬فإنها تحسب بالعمر ‪ ،‬فبادر إلى اغتنام العمل‬
‫فيما بقي من الشهر فعسى أن تستدرك ما فاتك من‬
‫ضياع العمر ‪.‬‬
‫العتكاف في العشر الواخر‬
‫وقد كان من هديه ‪ ‬العتكاف في العشر الواخر من‬
‫رمضان حتى توفاه الله عز وجل ‪ ،‬وفي العام الذي‬
‫قبض فيه ‪ ‬اعتكف عشرين يوما ً ‪ -‬أي العشر الواسط‬
‫والعشر الواخر جميعا ً ‪ -‬وذلك لن جبريل عارضه‬
‫القرآن في تلك السنة مرتين فناسب أن يعتكف‬
‫عشرين يوما ً ‪ ،‬حتى يتمكن من معارضة القرآن كله‬
‫مرتين ؛ ولّنه ‪ ‬أراد مضاعفة العمل الصالح ‪،‬‬
‫والستزادة من الطاعات ‪ ،‬لحساسه ‪ ‬بدنو أجله‬

‫‪7‬‬
‫‪8‬‬

‫وقال بعض أهل العلم ‪ :‬إّنه ‪ ‬فعل ذلك شكرا ً لله‬


‫تعالى على ما أنعم به عليه من العمال الصالحة من‬
‫الجهاد والتعليم والصيام والقيام وما آتاه من الفضل‬
‫من إنزال القرآن عليه ورفع ذكره وغير ذلك مما امتن‬
‫الله تعالى به عليه ‪.‬‬
‫وكان ‪ ‬يدخل معتكفه قبل غروب الشمس فإذا أراد‬
‫مثل ً أن يعتكف العشر الواسط دخل المعتكف قبل‬
‫غروب الشمس من ليلة الحادي عشر ‪ ،‬وإذا أراد أن‬
‫يعتكف العشر الواخر دخل المعتكف قبل غروب‬
‫الشمس من ليلة الحادي والعشرين ‪ ،‬وكان يضرب له‬
‫خباء مثل هيئة الخيمة ‪ ،‬فيمكث فيه غير أوقات الصلة‬
‫حتى تتم الخلوة له بصورة واقعية ‪ ،‬فكان دائم المكث‬
‫في المسجد ل يخرج منه إل لحاجة النسان ‪ ،‬من بول أو‬
‫غائط ‪ ،‬وكان يؤتي إليه بطعامه وشرابه إلى معتكفه ‪،‬‬
‫وكان ‪ ‬يحافظ على نظافته ‪ ،‬إذْ كان يخرج رأسه إلى‬
‫جل له شعر‬ ‫حجرة عائشة ‪ -‬رضي الله عنها ‪ -‬لكي تر ّ‬
‫رأسه ‪ ،‬وكان أزواجه ‪ ‬يزْرنه في معتكفه ‪ ،‬وكان ل‬
‫يعود مريضا ً ‪ ،‬ول يشهد جنازة ‪ ،‬وذلك من أجل التركيز‬
‫والنقطاع الكلي لمناجاة الله عز وجل ‪.‬‬
‫حبيبي في الله ‪...‬‬
‫فالمقصود من العتكاف ‪ :‬تحري ليلة القدر ‪ ،‬و الخلوة‬
‫بالله عز وجل ‪ ،‬والنقطاع عن الناس ما أمكن حتى يتم‬
‫أنسه بالله عز وجل وذكره ‪ ،‬وإصلح القلب ‪ ،‬ولم شعثه‬
‫بإقبال على الله تبارك وتعالى بكليته ‪ ،‬والنقطاع التام‬
‫إلى العبادة من صلة ودعاء وذكر وقراءة قرآن ‪،‬‬
‫و حفظ الصيام من كل ما يؤثر عليه من حظوظ النفس‬
‫والشهوات ‪ ،‬و التقلل من المباح من المور الدنيوية ‪،‬‬
‫والزهد في كثير منها مع القدرة على التعامل معها ‪،‬‬
‫والتخلص من خصال الترف ‪ ،‬وحماية العبد من آثار‬
‫ن الصحبة قد تزيد على حد‬ ‫فضول الصحبة ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ضا‬
‫العتدال ‪ ،‬فيصير شأنها شأن التخمة بالطعام ‪ ،‬وأي ً‬
‫حماية القلب من جرائر فضول الكلم ‪ ،‬وفيه كذلك‬
‫ن العبد إنما اعتكف في‬ ‫حماية من كثرة النوم ‪ ،‬فإ ّ‬

‫‪8‬‬
‫‪9‬‬

‫المسجد ليتفرغ للتقرب إلى الله ‪ ،‬بأنواع من العبادات ‪،‬‬


‫ولم يلزم المسجد لينام ‪.‬‬
‫حبيبي في الله ‪..‬‬
‫إذا كان بإمكانك العتكاف فل تدعه فإّنه سنة مؤكدة عن‬
‫رسول الله ‪، ‬‬
‫كان الزهري رحمه الله يقول ‪ :‬عجبا ً للمسلمين ! تركوا‬
‫العتكاف ‪ ،‬مع أن النبي ‪ ‬ما تركه منذ قدم المدينة‬
‫حتى قبضه الله عز وجل ‪.‬‬
‫وإن لم يكن بإمكانك فل أقل من المكث طيلة الليل في‬
‫المسجد للصلة والذكر والدعاء ‪ ،‬فعساك توفق لليلة‬
‫ما على طاعة في بيت من‬ ‫القدر فتجدك الملئكة مقي ً‬
‫بيوت الله ‪ ،‬وهذا – ل ريب – أدعى للرحمة ‪.‬‬
‫فإذا اعتكفت فتأدب ‪ ،‬وعليك بعمارة الوقت لصلح‬
‫قلبك ‪ ،‬فينبغي أن يكون شغلك الشاغل هو مرضاة الله‬
‫عز وجل ‪ ،‬بالصلة من فرض ونفل وبالدعاء ‪ ،‬وبالذكر ‪،‬‬
‫وبقراءة القرآن الكريم ‪ ،‬وغير ذلك من أنواع الطاعات ‪.‬‬
‫فإياك والسمر والجدل والنقاش مع إخوانك‬
‫المعتكفين ‪ ،‬فبعض الناس يعدون العتكاف فرصة خلوة‬
‫ببعض أصحابهم وأحبابهم ‪ ،‬وتجاذب أطراف الحديث‬
‫معهم ‪ ،‬فهذا العتكاف ينافي الهدي النبوي جملة‬
‫وتفصيل ً ‪.‬‬
‫ن المعتكف ل‬ ‫قال ابن رجب ‪ :‬ذهب المام أحمد إلى أ ّ‬
‫يستحب له مخالطة الناس ‪ ,‬حتى ول لتعليم علم وإقراء‬
‫قرآن ‪ ,‬بل الفضل له النفراد بنفسه والتحلي بمناجاة‬
‫ربه وذكره ودعائه ‪ ] .‬لطائف المعارف ص )‪[ (348‬‬

‫نصائح مهمة‬
‫ي القيام‬
‫والسؤال الن ‪ :‬ماذا أصنع ؟ ما الذي ينبغي عل ّ‬
‫به في هذه اليام والليالي المباركة لعل الله يرزقني‬
‫هذه المنزلة العظيمة ببلوغ ليلة القدر ؟‬
‫والجواب ‪:‬‬
‫عليك – حبيبي في الله – ابتداءً بمراعاة هذه المور‬
‫ليكون العمل أدعى للقبول إن شاء الله تعالى‬

‫‪9‬‬
‫‪10‬‬

‫)‪ (1‬قال ‪  : ‬إنما العمال بالنيات وإنما لكل امرئ‬


‫ما نوى ‪ ] ‬متفق عليه [‪ ،‬ولهذا يعظم الجر كلما كثرت‬
‫النوايا ‪ ،‬ولهذا كانت نية المرء خير من عمله‬
‫كان ابن المبارك يقول ‪ :‬رب عمل صغير تعظمه النية ‪،‬‬
‫ورب عمل كبير تصغره النية ‪.‬‬
‫ومن هنا يتبين لك حكمة تأكيد النبي ‪ ‬على الحتساب‬
‫حال صيام رمضان وقيامه وقيام ليلة القدر ‪.‬‬
‫ولذلك فسأذكر لك العمال التي ينبغي أن تقوم بها‬
‫في زمان العشر ‪ ،‬وأذكر نفسي وإياك بفضائلها‬
‫ن‬‫لتحتسب تلك الجور عند الله تعالى ‪ ،‬ول ريب أ ّ‬
‫الحتساب مدعاة للخلص ‪ ،‬والمداومة على " الحتساب‬
‫" تجعل حياتك كلها طاعات ‪ ،‬والطاعة طريق موصل‬
‫إلى محبة الله تعالى ‪ ،‬وحينها ل تسأل عن النعيم ‪.‬‬
‫)‪ (2‬من علمة الصدق والخلص ‪ :‬استفراغ الوسع في‬
‫الطاعة ‪ ،‬فل تفتر في هذا الزمان عن طلب رضا الله‬
‫تعالى بشتى الطاعات ‪ ،‬واكلف من العمل ما ُتطيق ‪،‬‬
‫ن منزلتك عند الله‬ ‫دك واجتهادك تكو ُ‬ ‫فعلى قدر ج ّ‬
‫تعالى ‪ ،‬فل تدع باًبا للخير إل طرقته ‪ ،‬وتنوع الطاعات‬
‫علج لطبيعة الملل عند النسان ‪.‬‬
‫)‪ (3‬من أشرف العبادات التي تتقرب إلى الله بها في‬
‫هذا الوقت " التبتل " أي النقطاع إلى الله ‪ ،‬قال تعالى‬
‫ق‬
‫ر ِ‬ ‫م ْ‬
‫ش ِ‬ ‫ب ال ْ َ‬
‫ه ت َب ِْتيًلَر ّ‬‫ل إ ِل َي ْ ِ‬
‫وت َب َت ّ ْ‬
‫ك َ‬‫م َرب ّ َ‬‫س َ‬ ‫را ْ‬ ‫واذْك ُ ِ‬‫‪َ  :‬‬
‫ل ‪ ] ‬المزمل ‪[ 9-8 :‬‬ ‫كي ً‬
‫و ِ‬ ‫َ‬ ‫خذْهُ‬ ‫فات ّ ِ‬‫و َ‬ ‫ه َ‬‫ه إ ِّل ُ‬‫ب َل إ ِل َ َ‬ ‫ر ِ‬‫غ ِ‬ ‫وال ْ َ‬
‫م ْ‬ ‫َ‬
‫ففّرغ قلبك له ‪.‬‬
‫لما انقطعت مريم البتول إلى الله آثرها على نساء‬
‫العالمين ‪ ،‬ولما تبتلت آسية امرأة فرعون لله ‪ ،‬وتركت‬
‫الجاه والملك ‪ ،‬آثرها الله بالقرب منه في جنته ودار‬
‫عله ‪ ،‬فمن انقطع لله أغناه الله عمن سواه ‪ ،‬فشتان‬
‫بين منقطع لخدمة ربه ‪ ،‬وآخر ينقطع لخدمة الّناس‬
‫فعليك بهذه المور ‪ :‬أغلق الهاتف ‪ ،‬وانس همومك ‪،‬‬
‫ودع مشاغلك ‪ ،‬ولهذا كان العتكاف لك أفضل ‪ ،‬وإل‬
‫فتأدب بآداب المعتكف ‪ ،‬فعليك بالصمت ‪ ،‬فمن صمت‬

‫‪10‬‬
‫‪11‬‬

‫ص عدد كلماتك في اليوم والليلة ‪ ،‬واشتغل‬ ‫نجا ‪ ،‬وأح ِ‬


‫بالذكر والوصال مع رب العالمين ‪.‬‬
‫)‪ (4‬عليك بالمجاهدة والمعاناة مع الصبر والصطبار‬
‫قال بعض العلماء ‪ :‬من أراد أن تواتيه نفسه على الخير‬
‫عفوا ً فسينتظر طويل ً بل لبد من حمل النفس على‬
‫الخير قهرا ً ‪.‬‬
‫ض بالخسارة والدون ‪ ،‬بل‬ ‫)‪ (5‬هذا زمان السباق ‪ ،‬فل تر َ‬
‫ادخل السباق بنفسية المتحدي كما قال أبو مسلم‬
‫ن يستأثروا به‬ ‫الخولني ‪ " :‬أيظن أصحاب محمد ‪ ‬أ ْ‬
‫دوننا ‪ ،‬كل والله لنزاحمهم عليه زحاما حتى يعلموا أنهم‬
‫قد خّلفوا وراءهم رجال ً " ‪.‬‬
‫ن استطعت أل يسبقك إلى الله‬ ‫قال وهيب بن الورد ‪ :‬إ ْ‬
‫أحد فافعل ‪.‬‬
‫وقال الشيخ شمس الدين التركستاني ‪ :‬ما بلغني عن‬
‫أحد من الّناس أّنه تعبد عبادة إل تعبدت نظيرها وزدت‬
‫عليه ‪.‬‬
‫ن رجل ً سمع برجل هو أطوع لله منه‬ ‫وقال أحدهم ‪ :‬لو أ ّ‬
‫ما ما كان ذلك بكثير )‪ (6‬ل تجعل‬ ‫فمات ذلك الرجل غ ّ‬
‫قا للعجز والكسل ‪ ،‬فاستعن بالله ‪ ،‬وأكثر من‬ ‫طري ً‬
‫التعوذ " اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل " ‪،‬‬
‫وتخفف من الطعام فإّنه مدعاة للكسل ‪ ،‬واخرج من‬
‫نطاق خدمة " الكسل " فابتعد عن رفقة البطالين ‪،‬‬
‫ن العمل‬ ‫ورافق الصالحين ‪ ،‬فتنشط للطاعة ‪ ،‬واعلم أ ّ‬
‫ُيشفي من العلل ‪.‬‬
‫قال وهب بن منبه ‪ :‬من يتعبد يزدد قوة ومن يتكسل‬
‫يزدد فترة ‪.‬‬
‫)‪ (7‬إياك وكثرة النوم فإنه يميت القلب ويثقل البدن‬
‫ويضيع الوقت ‪ ،‬وأنت في هذا الزمان الشريف تحتاج‬
‫لحياة القلب ل قسوته ‪ ،‬وخفة البدن ‪ ،‬واغتنام اللحظات‬
‫‪.‬‬
‫)‪ (8‬أحسن الظن بالله ‪ ،‬فإّنه يمنع الجود سوء الظن‬
‫ن العمل ‪،‬‬ ‫بالمعبود ‪ ،‬ولو أحسنت الظن بالله ستحس ُ‬

‫‪11‬‬
‫‪12‬‬

‫ب من‬ ‫قا ‪ .‬اللهم نسألك حّبك ‪ ،‬وح ّ‬ ‫لنك ستحبه حًبا عمي ً‬
‫يحبك ‪ ،‬وحب كل عمل يقربنا إلى حّبك ‪.‬‬
‫)‪ (9‬تعاهد عملك بالصلح ‪ ،‬فاجمع بين الكم والكيف ‪.‬‬
‫ن لك‬ ‫قال ‪ ‬لم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها‪ -‬إ ّ‬
‫قدر نصبك ‪ ].‬رواه الحاكم وصححه اللباني )‪ (1116‬في‬ ‫من الجر على َ‬
‫ق كان أفضل ‪ ،‬لكن العمل‬ ‫صحيح الترغيب [ فكل ما كثر وش ّ‬
‫القليل قد يفضل الكثير باعتبار الزمان وباعتبار المكان‬
‫وباعتبار كيفية الداء ‪.‬‬
‫م أحدكم في كثرة‬ ‫قال وهيب بن الورد ‪ :‬ل يكون ه ّ‬
‫ن‬
‫مه في إحكامه وتحسينه ؛ فإ ّ‬ ‫العمل ‪ ،‬ولكن ليكن ه ّ‬
‫العبد قد ُيصّلي وهو يعصي الله في صلته ‪ ،‬وقد يصوم‬
‫وهو يعصي الله في صيامه ‪.‬‬
‫فاجمع بين المرين تنال قصب السبق ‪.‬‬
‫)‪ (10‬من علمات قبول العمل عدم رؤيته ‪ ،‬وأصل‬
‫الخطايا الرضا عن النفس ‪ ،‬ومن الجهل بالله اشتغال‬
‫القلب بالعمل دون رحمة الله المسببة له ‪ ،‬قال تعالى ‪:‬‬
‫خي ٌْر‬
‫و َ‬ ‫ه َ‬‫حوا ْ ُ‬ ‫فَر ُ‬ ‫فل ْي َ ْ‬
‫ك َ‬ ‫فب ِذَل ِ َ‬ ‫ه َ‬ ‫مت ِ ِ‬
‫ح َ‬ ‫وب َِر ْ‬ ‫ل الل ّ ِ‬
‫ه َ‬ ‫ض ِ‬ ‫ف ْ‬‫ل بِ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫‪ُ ‬‬
‫ن ‪ ] ‬يونس ‪ [ 58 :‬فل تركن إلى عمل ‪ ،‬بل‬ ‫عو َ‬ ‫م ُ‬
‫ج َ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ّ‬
‫انظر إلى وجه القصور فيه ‪ ،‬واستغفر الله على‬
‫نقصانه ليكون على مظنة القبول ‪ .‬قال تعالى ‪ :‬‬
‫م إِ َ‬ ‫ة أَ‬‫جل َ ٌ‬
‫م‬
‫ه ْ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ب‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫لى‬ ‫ْ‬ ‫ه‬‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫و ِ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫قُلوب ُ ُ‬ ‫و ُ‬‫ما آَتوا ّ‬ ‫ن َ‬‫ؤُتو َ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬
‫َ‬
‫ن ‪ ] ‬المؤمنون ‪[ 60 :‬‬ ‫عو َ‬ ‫ج ُ‬ ‫َرا ِ‬
‫)‪ (11‬لتكن لك عبادات في السر ‪ ،‬ل يطلع عليها إل‬
‫الله ‪ ،‬فهذا أدعى للخلص ‪.‬‬
‫قال ‪ : ‬صلة الرجل تطوعا حيث ل يراه الناس تعدل‬
‫صلته على أعين الناس خمسا و عشرين‬
‫] رواه أبو يعلى وصححه اللباني )‪ (3821‬في صحيح الجامع [‬

‫ماذا تفعل في هذه الليلة ؟‬


‫)‪ (1‬إحياء الليل بالصلة والتهجد ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫‪13‬‬

‫فقد كان النبي ‪ ‬يحيي ليالي العشر وهذا بالتهجد فيها‬


‫والصلة ‪.‬‬
‫فيا رجال الليل جدوا ‪ ،‬رب داع ل يرد ‪ ،‬ما يقوم الليل‬
‫إل من له عزم و جد ‪.‬‬
‫يا ليلة القدر للعابدين اشهدي ‪ ،‬يا أقدام القانتين‬
‫اركعي لربك و اسجدي ‪ ،‬يا ألسنة السائلين جدي في‬
‫المسألة و اجتهدي ‪.‬‬
‫ليلة القدر عند المحبين ليلة الحظوة بأنس مولهم‬
‫وقربه ‪ ،‬و إنما يفرون من ليالي البعد و الهجر ‪.‬‬
‫)‪ (2‬إعانة الهل على العمل الصالح ‪.‬‬
‫ها َل‬ ‫عل َي ْ َ‬
‫صطَب ِْر َ‬
‫وا ْ‬ ‫ة َ‬‫صَل ِ‬ ‫ك ِبال ّ‬‫هل َ َ‬‫مْر أ َ ْ‬ ‫قال تعالى ‪ْ  :‬‬
‫وأ ُ‬
‫َ‬
‫وى ‪ ] ‬طـه ‪[ 132:‬‬ ‫ْ‬
‫ة ِللت ّق َ‬
‫قب َ ُ‬
‫عا ِ‬ ‫ْ‬
‫وال َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ن ن َْرُزقك َ‬ ‫ح ُ‬ ‫رْز ً‬
‫قا ن ّ ْ‬ ‫سأ َل ُ َ‬
‫ك ِ‬ ‫نَ ْ‬
‫وقد كان النبي ‪ ‬يوقظ أهله للصلة في ليالي العشر‬
‫دون غيره من الليالي ‪.‬‬
‫و في حديث أبي ذر أن النبي ‪ ‬لما قام بهم ليلة ثلث‬
‫وعشرين ‪ ،‬وخمس و عشرين ذكر أنه دعا أهله و نساءه‬
‫ليلة سبع و عشرين خاصة ‪ ،‬و هذا يدل على انه يتأكد‬
‫إيقاظهم في أكد الوتار التي ترجى فيها ليلة القدر ‪.‬‬
‫قال سفيان الثوري ‪ :‬أحب إلي إذا دخل العشر الواخر‬
‫أن يتهجد بالليل و يجتهد فيه ‪ ،‬و ينهض أهله و ولده إلى‬
‫الصلة إن أطاقوا ذلك ‪.‬‬
‫واحتسب حينها ‪ :‬أن تكتب أنت وأهلك من الذاكرين الله‬
‫ما ‪.‬‬
‫كثيًرا والذاكرات ‪ ،‬وتنال بذلك مغفرة وأجًرا عظي ً‬
‫قال ‪  : ‬من استيقظ من الليل و أيقظ امرأته ‪،‬‬
‫ذ من الذاكرين الله‬ ‫كتبا ليلتئ ٍ‬ ‫فصليا ركعتين جميعا ‪ُ ،‬‬
‫كثيرا و الذاكرات ‪ ] ‬رواه أبو داود وحسنه اللباني )‪ (6030‬في‬
‫صحيح الجامع [‬
‫ن الل ّ َ‬
‫ه ك َِثيًرا‬ ‫ري َ‬ ‫وال ّ‬
‫ذاك ِ ِ‬ ‫وقد قال الله تعالى ‪َ  :‬‬
‫َ‬ ‫ت أَ َ‬
‫ما ‪‬‬‫ظي ً‬ ‫ع ِ‬‫جًرا َ‬ ‫وأ ْ‬ ‫فَرةً َ‬ ‫غ ِ‬
‫م ْ‬ ‫ه لَ ُ‬
‫هم ّ‬ ‫عدّ الل ّ ُ‬ ‫وال ّ‬
‫ذاك َِرا ِ‬ ‫َ‬
‫] الحزاب ‪[ 35:‬‬
‫)‪ (3‬كثرة الدعاء فيها ‪:‬‬
‫فقد أمر النبي ‪ ‬أم المؤمنين عائشة بالدعاء فيها ‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫‪14‬‬

‫قالت عائشة ‪ -‬رضي الله عنها ‪ -‬للنبي ‪ : ‬أرأيت إن‬


‫وافقت ليلة القدر ما أقول فيها قال ‪:‬‬
‫‪ ‬قولي ‪ :‬اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ‪.‬‬
‫ي‬
‫ب إل ّ‬ ‫قال سفيان الثوري ‪ :‬الدعاء في تلك الليلة أح ّ‬
‫من الصلة ‪ ،‬و إذا كان يقرأ ‪ ،‬وهو يدعو ‪ ،‬ويرغب إلى‬
‫الله في الدعاء و المسألة لعله يوافق ‪.‬‬
‫ن كثرة الدعاء أفضل من الصلة‬ ‫ومراده ـ رحمه الله ـ أ ّ‬
‫و دعا كان حسنا ً‬ ‫التي ل يكثر فيها الدعاء ‪ ،‬و إن قرأ‬
‫‪.‬‬
‫وقد كان النبي ‪ ‬يتهجد في ليالي رمضان ويقرأ قراءة‬
‫مرتلة ل يمر بآية فيها رحمة إل سأل ‪ ،‬و ل بآية فيها‬
‫عذاب إل تعوذ ‪ ،‬فيجمع بين الصلة و القراءة و الدعاء و‬
‫التفكر ‪ ،‬وهذا أفضل العمال و أكملها في ليالي العشر‬
‫و غيرها ‪.‬‬
‫)‪ (4‬تطهير الظاهر والباطن‬
‫قال ابن جرير ‪ :‬كانوا يستحبون أن يغتسلوا كل ليلة من‬
‫ليالي العشر الواخر ‪.‬‬
‫و كان النخعي يغتسل في العشر كل ليلة ‪ ،‬و منهم من‬
‫كان يغتسل و يتطيب في الليالي التي تكون أرجى‬
‫لليلة القدر‬
‫روي عن أنس بن مالك ‪ : ‬أنه إذا كان ليلة أربع و‬
‫عشرين اغتسل و تطيب و لبس حلة إزار أو رداء ‪ ،‬فإذا‬
‫أصبح طواهما فلم يلبسهما إلى مثلها من قابل ‪.‬‬
‫وكان أيوب السختياني يغتسل ليلة ثلث و عشرين و‬
‫أربع و عشرين و يلبس ثوبين جديدين و يستجمر ‪.‬‬
‫و قال حماد بن سلمة ‪ :‬كان ثابت البناني و حميد‬
‫الطويل يلبسان أحسن ثيابهما و يتطيبان و يطيبون‬
‫المسجد بالنضوح و الدخنة في الليلة التي ترجى فيها‬
‫ليلة القدر ‪.‬‬
‫و قال ثابت البناني ‪ :‬كان لتميم الداري حلة اشتراها‬
‫بألف درهم ‪ ،‬وكان يلبسها في الليلة التي ترجى فيها‬
‫ليلة القدر ‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫‪15‬‬

‫فتبين بهذا أنه يستحب في الليالي التي ترجى فيها‬


‫ليلة القدر التنظف و التزين ‪ ،‬و التطيب بالغسل و‬
‫الطيب و اللباس الحسن ‪ ،‬ول يكمل التزين الظاهر إل‬
‫بتزين الباطن " بالتوبة و النابة إلى الله تعالى و‬
‫تطهيره من أدناس الذنوب وأوضارها ‪ ،‬فإن زينة‬
‫الظاهر مع خراب الباطن ل تغني شيئا ً قال الله تعالى ‪:‬‬
‫م‬‫ءات ِك ُ ْ‬‫و َ‬
‫س ْ‬‫ري َ‬ ‫وا ِ‬‫سا ي ُ َ‬‫م ل َِبا ً‬ ‫قدْ َأنَزل َْنا َ‬
‫عل َي ْك ُ ْ‬ ‫م َ‬‫‪َ‬يا ب َِني آدَ َ‬
‫م‬‫ه ْ‬‫عل ّ ُ‬
‫ه لَ َ‬ ‫ت الل ّ ِ‬ ‫ن آَيا ِ‬‫م ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫خي ٌْر ذَل ِ َ‬‫ك َ‬ ‫ى ذَل ِ َ‬ ‫و َ‬ ‫س الت ّ ْ‬
‫ق َ‬ ‫ول َِبا ُ‬
‫شا َ‬ ‫ري ً‬‫و ِ‬
‫َ‬
‫ن ‪] ‬العراف ‪[ 26:‬‬ ‫ّ‬
‫ي َذّكُرو َ‬
‫فل يصلح لمناجاة الملك في الخلوات إل من زين‬
‫هرهما خصوصا ً لملك الملوك الذي‬ ‫ظاهره و باطنه ‪ ،‬وط ّ‬
‫يعلم السر و أخفى ‪ ،‬و هو ل ينظر إلى صوركم ‪ ،‬و إنما‬
‫ينظر إلى قلوبكم و أعمالكم ‪ ،‬فمن وقف بين يديه‬
‫فليزين له ظاهره باللباس ‪ ،‬و باطنه بلباس التقوى ‪.‬‬
‫حبيبي في الله ‪..‬ليلها كنهارها ل تغفل عن ذلك‬
‫وقد ذهب بعض السلف إلى اعتبار ليلة القدر كنهارها‬
‫في لزوم الجتهاد في العمل الصالح ‪.‬‬
‫قال الشعبي في ليلة القدر ‪ :‬ليلها كنهارها ‪.‬‬
‫وقال الشافعي في القديم ‪ :‬استحب أن يكون اجتهاده‬
‫في نهارها كاجتهاده في ليلها ‪ .‬وهذا يقتضي استحباب‬
‫الجتهاد في جميع زمان العشر الواخر ليله ونهاره ‪.‬‬
‫فالمحبون تطول عليهم الليالي فيعدونها عدا ً لنتظار‬
‫ليالي العشر في كل عام ‪ ،‬فإذا ظفروا بها نالوا‬
‫مطلوبهم وخدموا محبوبهم ‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫‪16‬‬

‫البرنامج العملي ليام العشر‬


‫‪((1‬‬
‫لحظة بلحظة‬
‫تعالوا بنا إلى يوم من حياة المؤمن على وفق هدي‬
‫ن للقبول شرطين ‪ :‬الخلص ‪،‬‬ ‫الحبيب محمد ‪ ، ‬فإ ّ‬
‫ومتابعة النبي ‪ ، ‬وهذا زمان الفضائل فمستقل‬
‫ومستكثر ‪ ،‬فيا باغي خير ليلة القدر أقبل ‪ ،‬واجعل‬
‫دا للمحاسبة ‪ ،‬وطالع النيات التي مع كل‬ ‫لنفسك ور ً‬
‫عمل لتحتسبها ليعظم أجرك ‪ ،‬اكتب هذه النقاط في‬
‫سجل خاص بك ‪ ،‬وحاسب نفسك على النقير‬
‫والقطمير ‪ ،‬وكفى بنفسك اليوم عليك حسيًبا ‪.‬‬
‫)‪ (1‬مع أذان المغرب‬
‫فمع التكبيرة الولى لذان المغرب من ليلة الحادي‬
‫والعشرين من رمضان ليكن شغلك الشاغل وسؤالك‬
‫الدائم الدائر في أعماق قلبك ‪ :‬كيف أشكر هذه‬
‫النعمة ؟‬
‫واحتسب ‪ :‬إجابة الدعاء فإنها لحظات ُتستجاب فيها‬
‫الدعوات ‪ ،‬فل تغفل في هذه اللحظة ‪ ،‬بل الهج بالدعاء‬
‫والذكر ‪ ،‬فإّنها لحظة العتق فلُتعمل قلبك ولسانك ‪،‬‬
‫وألح في الدعاء أن يعتق الله رقبتك في هذه الليلة ‪،‬‬
‫وهكذا كل ليلة ‪.‬‬
‫)‪ (2‬وعليك أن تشتري تمًرا لتفطر عليه كما هي السنة ‪،‬‬
‫ع‬
‫فا أم ل ‪ -‬أو اس َ‬ ‫ت معتك ً‬
‫طر الصائمين – سواء أكن َ‬ ‫وف ّ‬
‫في سقاية أهل المسجد ‪.‬‬

‫)‪ (1‬أعرضت عن ذكر الدلة مفصلة غل قليل ً ‪ ،‬وذلك طلًبا للختصار بناء على‬
‫رغبة بعض الخوة الفاضل ‪ ،‬ولكن اطمئن جانًبا فما من نية ذكرتها هنا إل‬
‫وفيها آية أو حديث صحيح بفضل الله تعالى ‪ ،‬ومن أراد هذا التفصيل فهو في‬
‫سر الله إخراجها ‪.‬‬
‫رسالة تحت عنوان " يوم في حياة المسلم المحتسب " ي ّ‬

‫‪16‬‬
‫‪17‬‬

‫واحتسب ‪ :‬أجر هؤلء الصائمين في ميزان حسناتك إن‬


‫شاء الله تعالى ‪.‬‬
‫فأفطر وتعجل فإّنها السّنة ‪ ،‬وفيها مخالفة للمغضوب‬
‫عليهم‬
‫ول تنس أن تقول ‪ ‬ذهب الظمأ ‪ ،‬و ابتلت العروق ‪ ،‬و‬
‫ثبت الجر إن شاء الله ‪ ‬كان ما كان النبي ‪ ‬يفعل‬
‫] رواه أبو داود وحسنه اللباني )‪ (4678‬في صحيح الجامع [‬
‫)‪ (3‬ومع الذان‬
‫ل تنس أن تردد كلمات الذان ‪ ،‬وقل ‪ :‬و أنا أشهد أن ل‬
‫و أشهد أن محمدا‬ ‫إله إل الله وحده ل شريك له ‪،‬‬
‫عبده و رسوله ‪ ،‬رضيت بالله ربا ‪ ،‬و بمحمد رسول ‪ ،‬و‬
‫ل على النبي محمد وسل الله له‬ ‫مص ّ‬‫بالسلم دينا ‪ ،‬ث ّ‬
‫الوسيلة ‪.‬‬
‫واحتسب بهذه الكلمات ‪ :‬أن تكون سبًبا في دخولك‬
‫الجنة ‪ ،‬ومغفرة ما تقدم من ذنبك ‪ ،‬وشفاعة النبي‬
‫محمد ‪. ‬‬
‫)‪ (4‬وبعدها يشرع لك الدعاء فإّنه وقت للجابة ‪ ،‬ويا‬
‫حبذا أن تدرك الذان في المسجد ‪ ،‬واحتسب – أيها‬
‫المعتكف – ذلك الخير كصنيع سلفنا الصالح ‪ ،‬فهذا سعيد‬
‫بن المسيب ـ رحمه الله ـ يخبر عن نفسه أّنه ما ترك‬
‫صلة جماعة في المسجد أكثر من أربعين سنة يدرك‬
‫الذان مع المؤذن‬
‫)‪ (5‬وعليك أن تكون قد تهيأت للصلة ‪ :‬وأول ذلك‬
‫الوضوء – إن لم تكن متوضًئا – والفضل أن تفعل هذا‬
‫قبل أذان المغرب‬
‫فتوضأ ‪ ،‬واجعل هذا المعنى يجول بقلبك ‪ :‬اللهم يا من‬
‫تطهر البدان بالماء ‪ ،‬طهر قلبي بالتوبة من الذنوب‬
‫والثام ‪ ،‬فإذا فرغت من الوضوء فقل ‪ :‬أشهد أن ل إله‬
‫ده و رسوُله‬ ‫دا عب ُ‬
‫ن محم ً‬
‫إل الله وحده ل شريك له ‪ ،‬و أ ّ‬
‫واحتسب بذلك ‪ :‬تناثر السيئات من أعضاء الوضوء فيا‬
‫ليتها ُتنثر آثارها من القلوب ‪ ،‬وتحصيل نصف اليمان ‪،‬‬
‫وتكفير الخطايا والسيئات ‪ ،‬وأن تكون من أهل اليمان‬
‫بالمحافظة عليه ‪،‬‬

‫‪17‬‬
‫‪18‬‬

‫وأّنها أعضاء الوضوء ستكون غرة لك يوم القيامة ‪.‬‬


‫)‪ (6‬ول تغفل عن السواك فإّنه من السباب‬
‫لرضا الرحمن ‪ ،‬ووصية النبي ‪. ‬‬
‫وقال ‪  : ‬السواك مطهرة للفم مرضاة للرب ‪‬‬
‫] رواه النسائي وابن خزيمة في صحيحيهما وصححه اللباني )‪ (209‬في‬
‫صحيح الترغيب [‬
‫قال ‪  : ‬لول أن أشق على أمتي لمرتهم عند كل‬
‫صلة بوضوء ومع كل وضوء بسواك ‪‬‬
‫] رواه أحمد ‪ ،‬وقال اللباني ‪ :‬حسن صحيح )‪ (200‬في صحيح الترغيب [‬
‫)‪ (7‬وقل بعد الفراغ منه ‪:‬‬
‫دا‬
‫ن محم ً‬‫أشهد أن ل إله إل الله وحده ل شريك له ‪ ،‬و أ ّ‬
‫ده و رسوُله ‪ ،‬سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن ل إله‬ ‫عب ُ‬
‫إل أنت أستغفرك وأتوب إليك ‪.‬‬
‫واحتسب ‪ :‬أن تكون قد أتيت بسبب لفتح أبواب الجنة‬
‫الثمانية ‪ ،‬ومنحة عظيمة مدخرة ليوم المعاد‬
‫)‪ (8‬التوجه للمسجد لداء صلة المغرب في أول‬
‫الوقت ‪.‬‬
‫فا أو قد خرجت‬ ‫م توجه إلى المسجد ‪ -‬إن لم تكن معتك ً‬‫ث ّ‬
‫س ذكر الخروج ‪" :‬‬ ‫له ‪ ،‬وانتظرت الصلة فيه – ول تن َ‬
‫بسم الله ‪ ،‬توكلت على الله ول حول ول قوة إل بالله "‬
‫واحتسب ‪ :‬الهداية والوقاية وابتعاد الشيطان عنك‬
‫‪.‬‬
‫)‪ (9‬وأبشر بالغنيمة الباردة ‪ ،‬فاحتسب هذه الخطوات‬
‫فإّنها عظيمة الجر ؛ فلك بكل خطوة حسنة ومحو‬
‫سيئة ‪ ،‬وأجر صدقة ‪ ،‬وأجر الرباط في سبيل الله ‪ ،‬ولك‬
‫ن رباط شهر خير من صيام دهر ‪ ،‬واحتسب‬ ‫أن تعرف أ ّ‬
‫أّنك منذ خرجت من بيتك فأنت في صلة حتى ترجع ‪،‬‬
‫فاحتسب كل ثانية من هذا الوقت في ميزان حسناتك ‪،‬‬
‫وأبشر بالنور التام يوم القيامة يا من تمشي في ظلم‬
‫ن هذه الخطوات سبب من‬ ‫الليل إلى المساجد ‪ ،‬واعلم أ ّ‬
‫أسباب سعادتك في الدنيا والخرة ‪ ،‬وخروجك من‬
‫الذنوب كيوم ولدتك أمك ‪ ،‬وأعد الله لك في كل مرة‬

‫‪18‬‬
‫‪19‬‬

‫تذهب إلى المسجد منزل ً في الجنة ‪ ،‬وكنت في ضمان‬


‫الله وحفظه ‪.‬‬
‫وخذها هدية – ول تنس الدعاء لي بعدها –‬
‫فاحتسب في ذهابك للصلة المكتوبة أجر حجة ‪.‬‬
‫قال ‪  : ‬من مشى إلى صلة مكتوبة في الجماعة‬
‫فهي كحجة ‪ ] ‬أخرجه الطبراني في الكبير وحسنه اللباني )‬
‫‪[ (6556‬‬
‫م إذا دخلت المسجد فل تنس ذكر الدخول ‪ :‬قال‬ ‫)‪ (10‬ث ّ‬
‫‪  : ‬إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي و‬
‫ليقل ‪ :‬اللهم افتح لي أبواب رحمتك ‪ ] ‬رواه أبو داود‬
‫وصححه اللباني )‪ (515‬في صحيح الجامع [‬
‫واستحضر أّنك ما أتيت هذه الصلة إل ابتغاء رضوان الله‬
‫ب يضحك‬ ‫‪ ،‬وأبشر بفرح الله بك ‪ ،‬ولن تعدم من ر ٍ‬
‫ويفرح خيًرا ‪.‬‬
‫قال ‪  : ‬ل يتوضأ أحدكم فيحسن وضوءه فيسبغه ثم‬
‫يأتي المسجد ل يريد إل الصلة إل تبشش الله إليه كما‬
‫يتبشش أهل الغائب بطلعته ‪ ] ‬رواه ابن خزيمة وصححه‬
‫اللباني )‪ (303‬في صحيح الترغيب [‬
‫فأنت الن ضيف في بيت الله ‪ ،‬فأبشر بالكرم والجود‬
‫اللهي السابغ ‪.‬‬
‫واحتسب ‪ :‬أن تكون في ظل عرش الرحمن يوم الحشر‬
‫حين تدنو الشمس من الرؤوس ويلجم العرق الّناس‬
‫ما ‪ ،‬ويعانون من شدة الحر ما ل يوصف ‪.‬‬ ‫إلجا ً‬
‫و العتكاف الجزئي في المسجد ‪ ،‬لتنال شيًئا من‬ ‫وان ِ‬
‫فا ‪-‬‬‫فضل العتكاف في المساجد – إن لم تكن معتك ً‬
‫ل ركعتين ‪ ،‬لعلها تكون سبب غفران الذنوب‬ ‫مص ّ‬ ‫)‪ (11‬ث ّ‬
‫المتقدمة ‪ ،‬ودخولك الجنة ‪ ،‬ومرافقة الحبة محمد ‪‬‬
‫وصحبه ‪.‬‬
‫ولك في كل صلة نافلة أن تحتسب ما يلي ‪:‬‬
‫د‬
‫ج ْ‬‫س ُ‬ ‫)أ( القرب من الله تعالى ‪ .‬قال تعالى ‪َ  :‬‬
‫وا ْ‬
‫ب ‪ ] ‬العلق ‪ [19 :‬فكّلما سجدت أكثر كان قربك من‬ ‫ر ْ‬
‫قت َ ِ‬‫وا ْ‬
‫َ‬
‫الله أكثر وصرت عن الدنايا أعلى ‪ ،‬ولك دعوة‬
‫مستجابة ‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫‪20‬‬

‫)ب( مرافقة النبي ‪ ‬في الجنة ‪ .‬فقد قال ‪ ‬لربيعة‬


‫ما سأله مرافقته في الجنة ‪ ‬أعني على‬ ‫بن كعب ‪ ‬ل ّ‬
‫نفسك بكثرة السجود ‪] ‬رواه مسلم [‬
‫)ج( تكفير الخطايا ورفعة الدرجات عند الله تعالى ‪.‬‬
‫قال رسول الله ‪  : ‬عليك بكثرة السجود لله ‪،‬‬
‫فإّنك ل تسجد لله سجدة إل رفعك الله بها درجة ‪ ،‬وح ّ‬
‫ط‬
‫عنك بها خطيئة ‪ ] ‬رواه مسلم [‬
‫وأبشر ‪ :‬فقد قال ‪  : ‬فإن هو قام فحمد الله وأثنى‬
‫جده بالذي هو له أهل ‪ ،‬وفّرغ قلبه لله تعالى إل‬ ‫عليه وم ّ‬
‫انصرف من خطيئته كيوم ولدته أمه ‪ ] ‬رواه مسلم [‬
‫فلعلك ترزق صلة ذات خشوع وخضوع تفرغ فيها قلبك‬
‫لله تعالى ‪ ،‬فتخرج من ذنوبك كلها ‪.‬‬

‫)‪ (12‬وانتظر الصلة ‪ ،‬واحتسب في جلوسك في‬


‫المسجد ‪ :‬استنزال الرحمة والمغفرة ‪ ،‬وأّنك في صلة‬
‫ما انتظرت الصلة ‪ ،‬و أن تكون في صحبة الملئكة‬
‫ورفقة الصالحين ‪ ،‬ولعل الله يكتبك في عباده المتقين‬
‫بذلك ‪ ،‬قال ‪  : ‬المسجد بيت كل تقي ‪ ] ‬رواه‬
‫الطبراني في الكبير والوسط والبزار وحسنه اللباني )‪ (330‬في‬
‫صحيح الترغيب [‬
‫)‪ (13‬عليك أن ُتشغل هذا الوقت بالستغفار والدعاء‬
‫و الدعاء بين‬ ‫والذكر ‪ ،‬أو بقراءة شيء من القرآن ‪،‬‬
‫الذان والقامة مستجاب‬
‫)‪ (14‬أداء صلة المغرب‬
‫م قم لداء صلة المغرب في الجماعة ‪ ،‬ولبد أن تكون‬ ‫ث ّ‬
‫سنة ‪ ،‬ول تنس السواك ‪.‬‬ ‫قبلها قد أفطرت فتلك ال ّ‬
‫ن يكون‬‫وتحّر أن تكون في الصف الول ‪ ،‬واحتسب ‪ :‬أ ْ‬
‫هذا سبًبا في تنزل رحمة الله عليك ‪ ،‬وهدايتك للتي هي‬
‫ن‬‫أقوم ‪ ،‬ولك من الله منحة عظيمة ‪ ،‬ويكفيك أ ّ‬
‫استغفار رسول الله ‪ ‬لك ‪.‬‬
‫فقد كان ‪ ‬يستغفر للصف المقدم ثلثا وللثاني مرة ‪.‬‬
‫] رواه ابن ماجه والنسائي وابن خزيمة في صحيحه والحاكم وصححه‬
‫اللباني )‪ (490‬في صحيح الترغيب [‬

‫‪20‬‬
‫‪21‬‬

‫وأن تدرك تكبيرة الحرام وأبشر بخطوة في‬


‫الطريق‬
‫قال ‪  : ‬من صلى لله أربعين يوما في جماعة يدرك‬
‫التكبيرة الولى كتب له براءتان ‪ :‬براءة من النار و براءة‬
‫من النفاق ‪] ‬رواه الترمذي وحسنه اللباني )‪ (6365‬في صحيح‬
‫الجامع [‬
‫وهذا مشروع إيماني ينبغي أن تفرغ له نفسك ‪ ،‬إنها‬
‫مائتا صلة ‪ ،‬فاعتبرها مائتي خطوة إلى الجنة ‪ ،‬فهل‬
‫ن تتفرغ لها ؟‬ ‫ل تستحق سلعة الله الغالية أ ْ‬
‫م احتسب بصلتك في أول الوقت أن يرزقك الله‬ ‫ث ّ‬
‫محبته بتقربك له بأحب العمال إليه ‪.‬‬
‫واحتسب بصلتك في الجماعة عظيم الجر‬
‫قال ‪  : ‬صلة الجماعة أفضل من صلة الفذ بسبع‬
‫وعشرين درجة ‪ ] ‬متفق عليه [‬
‫)‪ (15‬وبعد أداء صلة المغرب‬
‫قبل أن تثني رجلك ل تنس هذا الذكر العظيم ‪ ،‬ل إله‬
‫إل الله وحده ل شريك له ‪ ،‬له الملك وله الحمد ‪،‬‬
‫يحيي ويميت ‪ ،‬وهو على كل شيء قدير عشر مرات‬
‫واحتسب ‪ :‬أن تكون قد أتيت بسبب من أسباب عتق‬
‫الرقاب ‪ ،‬والجزاء من جنس العمل ‪ ،‬فأعتق لعلك ُتعتق ‪،‬‬
‫والحفظ من الشيطان من همزه ونفخه ونفثه‬
‫ووساوسه ‪ ،‬ومحو الخطيئات وكتابة الحسنات الموجبات‬
‫‪.‬‬
‫م قل ‪ :‬أذكار ما بعد الصلة ‪.‬‬
‫)‪ (16‬ث ّ‬
‫)أ( سبح ثلث وثلثين ‪ ،‬واحمد ثلًثا وثلثين ‪ ،‬وكبر‬
‫ثلًثا وثلثين ‪ ،‬واختم المائة بقولك ‪ :‬ل إله إل الله‬
‫وحده ل شريك له ‪ ،‬له الملك وله الحمد وهو على‬
‫كل شي قدير ‪.‬‬
‫واحتسب ‪ :‬أن يغفر الله لك ذنوبك ولو كانت مثل زبد‬
‫البحر‪.‬‬
‫)ب( قل ‪ :‬اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن‬
‫عبادتك ‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫‪22‬‬

‫واحتسب ‪ :‬أن يبلغك الله محبة النبي ‪ ‬بتنفيذك‬


‫لوصية رسول الله ‪ ‬لحبيبه معاذ ‪. ‬‬
‫)ج( اقرأ ‪ :‬آية الكرسي ‪.‬‬
‫واحتسب ‪ :‬أن تكون سبب حسن خاتمك ودخولك الجنة‬
‫ت تلك الليلة ‪.‬‬
‫إن م ّ‬
‫م عليك بأداء السنة الراتبة ‪ ،‬ويفضل أن‬ ‫)‪ (17‬ث ّ‬
‫تؤديها في البيت ‪ ،‬إل أن تخاف أن ُتشغل عنها ‪،‬‬
‫واحتسب مع مثيلتها من السنن الرواتب ‪ :‬أنها‬
‫سبب لدخول الجنة ‪.‬‬
‫واقرأ في الولى ) سورة الكافرون ( ‪ ،‬وفي‬
‫الثاني ) قل هو الله أحد (‪ ] .‬الصحيحة )‪[ (3328‬‬
‫واحتسب ‪ :‬ثواب قراءة )ثلث وربع ( القرآن‬
‫)‪ (18‬وعليك أن تتخفف في الفطار بعد المغرب ‪،‬‬
‫وأوصيك بإحياء هذا الوقت بالصلة فإّنها من السنن‬
‫المهجورة‬
‫وعن حذيفة ‪ ‬قال ‪ :‬أتيت النبي ‪ ‬فصليت معه‬
‫المغرب فصلى إلى العشاء ‪ ] .‬رواه النسائي وصححه اللباني )‬
‫‪ (590‬في صحيح الترغيب [‬
‫م‬‫ه ْ‬
‫جُنوب ُ ُ‬
‫فى ُ‬ ‫جا َ‬
‫وعن أنس ‪ : ‬في قوله تعالى ‪  :‬ت َت َ َ‬
‫م‬
‫ه ْ‬
‫قَنا ُ‬‫ما َرَز ْ‬
‫م ّ‬
‫و ِ‬‫عا َ‬‫م ً‬‫وط َ َ‬ ‫و ً‬
‫فا َ‬ ‫خ ْ‬
‫م َ‬
‫ه ْ‬
‫ن َرب ّ ُ‬
‫عو َ‬
‫ع ي َدْ ُ‬
‫ج ِ‬
‫ضا ِ‬
‫م َ‬‫ن ال ْ َ‬
‫ع ِ‬‫َ‬
‫ن ‪ ] ‬السجدة ‪ [ 16 :‬قال ‪ :‬كانوا يتنفلون ما بين‬ ‫قو َ‬ ‫ف ُ‬‫ُين ِ‬
‫المغرب والعشاء يصلون ‪ ] .‬رواه أبو داود وصححه اللباني في‬
‫صحيح الترغيب )‪[ (589‬‬
‫)‪ (19‬فإذا قرب وقت العشاء فاصنع كما مّر بك في‬
‫صلة المغرب ‪.‬‬
‫)‪ (20‬فإذا خرجت لصلة العشاء والتراويح فاحتسب أجر‬
‫حجة وعمرة ‪ - ،‬وأنت أيها المعتكف احتسب هذا الجر‬
‫ضا ‪ -‬وإن لم تخرج ‪ ،‬فلعلك ترزقه بنيتك ‪.‬‬ ‫أي ً‬
‫قال ‪  : ‬من مشى إلى صلة مكتوبة في الجماعة‬
‫فهي كحجة ‪ ،‬و من مشى إلى صلة تطوع فهي كعمرة‬
‫نافلة ‪ ] ‬أخرجه الطبراني في الكبير وحسنه اللباني )‪[ (6556‬‬

‫‪22‬‬
‫‪23‬‬

‫ول تنس أذكار الخروج من المنزل ‪ ،‬والدخول للمسجد ‪،‬‬


‫واحتساب الجر كما مّر ‪.‬‬
‫)‪ (21‬فإذا كانت صلة العشاء ‪.‬‬
‫فاحتسب ‪ :‬ثواب قيام نصف الليل ‪ ،‬و مخالفة‬
‫المنافقين ) أعاذنا الله أن نكون منهم (‬
‫ل بعد العشاء ركعتين خفيفتين هي السنة الراتبة‬ ‫مص ّ‬‫ث ّ‬
‫)‪ (22‬فإذا كانت صلة التراويح ‪.‬‬
‫دا بالنيات والمعاني التي سأذكرها‬ ‫ن تهتم جي ً‬
‫وعليك أ ْ‬
‫ن النبي ‪ ‬قال ‪  :‬من قام ليلة القدر إيماًنا‬ ‫لك ؛ ل ّ‬
‫واحتساًبا ‪ ] ‬متفق عليه [ فنبه على الحتساب‬

‫فماذا تحتسب في صلة التراويح ؟‬


‫)أ( أن تكتب لك قيام الليلة كلها وذلك بأن تصلي‬
‫حتى ينصرف المام ‪.‬‬
‫عن أبي ذر قوله ‪  ‬إن الرجل إذا صلى مع المام‬
‫حتى ينصرف كتب له قيام ليلة ‪ ] ‬رواه أحمد وابن حبان‬
‫وصححه اللباني ) ‪ (1615‬في صحيح الجامع [‬
‫ولك في القيام منح ربانية عظيمة فاحتسبها ليزداد‬
‫أجرك ‪.‬‬
‫)ب( عظيم الجر عند الله تعالى بالفوز بالجنة‬
‫والنجاة من الّنار ‪.‬‬
‫ها‬‫ذا ذُك ُّروا ب ِ َ‬ ‫ن إِ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ِبآَيات َِنا ال ّ ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ؤ ِ‬ ‫ما ي ُ ْ‬ ‫قال تعالى ‪  :‬إ ِن ّ َ‬
‫ست َك ْب ُِرو َ‬
‫ن‬ ‫م َل ي َ ْ‬ ‫ه ْ‬ ‫و ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫د َرب ّ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫حوا ب ِ َ‬ ‫سب ّ ُ‬ ‫و َ‬ ‫دا َ‬ ‫ج ً‬ ‫س ّ‬ ‫خّروا ُ‬ ‫َ‬
‫عا‬
‫م ً‬‫وطَ َ‬ ‫فا َ‬ ‫و ً‬ ‫خ ْ‬‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫ن َرب ّ ُ‬ ‫عو َ‬ ‫ع ي َدْ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ج‬
‫ضا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ع‬
‫م َ‬ ‫ه ْ‬ ‫جُنوب ُ ُ‬ ‫فى ُ‬ ‫جا َ‬ ‫ت َت َ َ‬
‫ُ‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫م ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫ي لَ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫خ ِ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫س َ‬ ‫ف ٌ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫عل َ ُ‬ ‫فَل ت َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫قو َ‬ ‫ف ُ‬ ‫م ي ُن ْ ِ‬ ‫ه ْ‬ ‫قَنا ُ‬ ‫ما َرَز ْ‬ ‫م ّ‬ ‫و ِ‬ ‫َ‬
‫ن ‪] ‬السجدة‪[17-15 :‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ملو َ‬ ‫ع َ‬ ‫ما كاُنوا ي َ ْ‬ ‫جَزاءً ب ِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫عي ُ ٍ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫قّر ِ‬
‫ن‬
‫ن ي َِبيُتو َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫ووصفهم في موضع آخر ‪ ,‬بقوله ‪َ  :‬‬
‫عّنا‬ ‫ف َ‬ ‫ر ْ‬ ‫ص ِ‬ ‫ن َرب َّنا ا ْ‬ ‫قوُلو َ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫وال ّ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫قَيا ً‬ ‫و ِ‬ ‫دا َ‬ ‫ج ً‬ ‫س ّ‬ ‫م ُ‬ ‫ه ْ‬ ‫ل َِرب ّ ِ‬
‫ن قال ‪‬‬ ‫ما ‪ ‬إلى أ ْ‬ ‫غَرا ً‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫ها َ‬ ‫ذاب َ َ‬ ‫ع َ‬ ‫ن َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫هن ّ َ‬ ‫ج َ‬ ‫ب َ‬ ‫ذا َ‬ ‫ع َ‬‫َ‬
‫ة‬‫حي ّ ً‬
‫ها ت َ ِ‬ ‫في َ‬ ‫ن ِ‬ ‫و َ‬ ‫ق ْ‬‫وي ُل َ ّ‬ ‫صب َُروا َ‬ ‫ما َ‬ ‫ة بِ َ‬ ‫ف َ‬ ‫غْر َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫و َ‬ ‫جَز ْ‬ ‫ك يُ ْ‬ ‫ُأول َئ ِ َ‬
‫ما ‪‬‬ ‫قا ً‬ ‫م َ‬ ‫و ُ‬‫قّرا َ‬ ‫ست َ َ‬‫م ْ‬ ‫ت ُ‬ ‫سن َ ْ‬ ‫ح ُ‬ ‫ها َ‬ ‫في َ‬ ‫ن ِ‬ ‫دي َ‬ ‫خال ِ ِ‬ ‫ما َ‬ ‫سَل ً‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫]الفرقان ‪[75-64 :‬‬

‫‪23‬‬
‫‪24‬‬

‫وفي ذلك من التنبيه على فضل قيام الليل ‪ ,‬وكريم‬


‫عائدته ما ل يخفى وأنه من أسباب صرف عذاب جهنم ‪،‬‬
‫والفوز بالجنة ‪ ,‬وما فيها من النعيم المقيم ‪ ,‬وجوار‬
‫الرب الكريم ‪ ,‬جعلنا الله ممن فاز بذلك‪.‬‬
‫)ج( مغفرة سالف الذنوب ‪.‬‬
‫كما تقدم من قوله ‪  : ‬من قام رمضان إيمانا‬
‫واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ‪] ‬متفق عليه[‬

‫)د( تحصيل منزلة التقوى‬


‫ما‬
‫ن َ‬ ‫ذي َ‬‫خ ِ‬
‫نآ ِ‬
‫عُيو ٍ‬‫و ُ‬
‫ت َ‬‫جّنا ٍ‬
‫في َ‬ ‫ن ِ‬‫قي َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫مت ّ ِ‬ ‫قال تعالى ‪ :‬إ ِ ّ‬
‫قِليًل‬
‫كاُنوا َ‬‫ن َ‬‫سِني َ‬
‫ح ِ‬‫م ْ‬
‫ك ُ‬‫ل ذَل ِ َ‬ ‫كاُنوا َ‬
‫قب ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ْ‬‫م إ ِن ّ ُ‬‫ه ْ‬
‫م َرب ّ ُ‬ ‫ه ْ‬
‫آَتا ُ‬
‫ن ‪] ‬الذاريات ‪ [17-15 :‬فجعل القيام من‬ ‫عو َ‬ ‫ج ُ‬ ‫ه َ‬‫ما ي َ ْ‬‫ل َ‬ ‫ن الل ّي ْ ِ‬‫م َ‬‫ِ‬
‫صفاتهم ‪.‬‬
‫ن يلحقك الله بركب الصالحين والصديقين‬
‫)هـ( أ ْ‬
‫والشهداء ‪.‬‬
‫وجاء رجل إلى النبي ‪ ‬فقال ‪ :‬يا رسول الله ‪ :‬أرأيت‬
‫إن شهدت أن ل إله إل الله ‪ ،‬وأنك رسول الله ‪ ،‬وصليت‬
‫الصلوات الخمس ‪ ،‬وأديت الزكاة ‪ ،‬وصمت رمضان‬
‫وقمته ‪ ،‬فممن أنا ؟ قال رسول الله ‪  : ‬من‬
‫الصديقين والشهداء ‪ ]. ‬رواه البزار وابن خزيمة وابن حبان‬
‫في صحيحيهما واللفظ لبن حبان ‪ .‬وصححه اللباني )‪ (361‬في صحيح‬
‫الترغيب[‬
‫وقال ‪  : ‬عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين‬
‫قبلكم ‪ ] ‬أخرجه الترمذي والمام أحمد في مسنده وصححه‬
‫اللباني ) ‪ ( 4079‬في صحيح الجامع [ ‪.‬‬
‫)و( تثبيت اليمان والعانة على جليل العمال ‪,‬‬
‫وما فيه صلح الحوال والمآل‬
‫قِليًل إلى‬ ‫ل إ ِّل َ‬
‫قم ِ الل ّي ْ َ‬ ‫َ‬
‫ل ُ‬ ‫م ُ‬‫مّز ّ‬‫ها ال ْ ُ‬ ‫قال تعالى ‪َ  :‬يا أي ّ َ‬
‫ي‬
‫ه َ‬ ‫ة الل ّي ْ ِ‬
‫ل ِ‬ ‫شئ َ َ‬
‫ن َنا ِ‬‫قيًل إ ِ ّ‬‫وًل ث َ ِ‬ ‫ك َ‬
‫ق ْ‬ ‫عل َي ْ َ‬‫قي َ‬ ‫سن ُل ْ ِ‬ ‫قوله ‪ :‬إ ِّنا َ‬
‫قي ً‬ ‫َ‬ ‫أَ َ‬
‫ل ‪] ‬المزمل ‪[ 6-1 :‬‬ ‫م ِ‬ ‫و ُ‬‫ق َ‬‫وأ ْ‬ ‫وطًْئا َ‬‫شد ّ َ‬
‫وطًْئا ‪ ‬أي أثبت للعمل وأدوم‬ ‫شد ّ َ‬ ‫قال الفراء ‪  :‬أ َ َ‬
‫لمن أراد الستكثار من العبادة والليل وقت الفراغ عن‬
‫الشتغال بالمعاش فعبادته تدوم ول تنقطع ‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫‪25‬‬

‫قيًل ‪ ‬أي أتم نشاطا وإخلصا‬


‫م ِ‬
‫و ُ‬ ‫وأ َ ْ‬
‫ق َ‬ ‫وقال عكرمة ‪َ  :‬‬
‫وأكثر بركة ‪.‬‬
‫وقال ابن زيد ‪ :‬أجدر أن يتفقه في القرآن وقيل أعجل‬
‫إجابة للدعاء ‪.‬‬
‫)س( الوقاية والنجاة من الفتن ‪ ،‬والسلمة من‬
‫دخول النار‬
‫فعن أم سلمة ‪ -‬رضي الله عنها ‪ -‬أن النبي ‪,‬‬
‫استيقظ ليلة فقال ‪ :‬سبحان الله ‪ ,‬ماذا ُأنزل الليلة من‬
‫الفتنة ؟ ! ماذا أنزل الليلة من الخزائن ؟ ! من يوقظ‬
‫صواحب الحجرات ؟ ] رواه البخاري [‬
‫وفي ذلك تنبيه على أثر الصلة بالليل في الوقاية من‬
‫الفتن‬
‫وفي قصة رؤيا ابن عمر قال ‪" :‬فرأيت كأن ملكين‬
‫أخذاني ‪ ,‬فذهبا بي إلى النار ‪ ،‬فإذا هي مطوية كطي‬
‫البئر ‪ ,‬وإذا لها قرنان ‪ -‬يعني كقرني البئر ‪ -‬وإذا فيها‬
‫أناس قد عرفتهم ‪ ,‬فجعلت أقول أعوذ بالله من النار ‪,‬‬
‫قال ‪ :‬فلقينا ملك آخر ‪ .‬فقال ‪ :‬لم ترع " فقصصتها‬
‫على حفصة ‪ ,‬فقصتها حفصة على النبي ‪ , ‬فقال ‪:‬‬
‫‪ ‬نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل ‪ ,‬فكان‬
‫عبد الله ل ينام من الليل إل قليل ‪] ‬متفق عليه [‬
‫)ح( أن يعزك الله وتكون من أشراف العباد ‪.‬‬
‫قال ‪  : ‬شرف المؤمن قيامه بالليل و عّزه‬
‫استغناؤه عن الناس ‪ ] ‬أخرجه الحاكم في المستدرك‬
‫والبيهقي وحسنه اللباني )‪ (73‬في صحيح الجامع [‬
‫وقال ‪  : ‬أشراف أمتي حملة القرآن وأصحاب الليل‬
‫‪ ] ‬رواه ابن أبي الدنيا والبيهقي وصححه اللباني )‪ (628‬في صحيح‬
‫الجامع [‬
‫)ط( أن يكون سبًبا في العصمة من الذنوب ‪.‬‬
‫)ي( التقرب على الله تعالى ‪.‬‬
‫)ك( تكفير السيئات ‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫‪26‬‬

‫قال ‪  : ‬قال عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين‬


‫قبلكم ‪ ،‬وقربة إلى ربكم ‪ ،‬ومكفرة للسيئات ومنهاة عن‬
‫الثم ‪‬‬
‫)ي( إصلح فساد القلوب ‪.‬‬
‫قيل للحسن ‪ :‬ما بال القائمين أحسن الناس وجوها ؟‬
‫فقال ‪ :‬إنهم خلوا بالله في السحر فألبسهم من نوره‬
‫وفي ليالي العشر ل نوم ‪ ،‬بل اشتغال بالصلة حتى‬
‫تتفطر قدمك ‪ ،‬ولم ل ؟ والجائزة قد علمت قدرها‬
‫وشرفها ‪.‬‬
‫قال ‪  : ‬من قام بألف آية كتب من المقنطرين ‪‬‬
‫] رواه أبو داود وابن حبان وصححه اللباني )‪ (6439‬في صحيح الجامع [‬
‫مر عن ساعد‬ ‫وهذا زمان السباق إلى الله تعالى ‪ ،‬فش ّ‬
‫ر الله من نفسك عزيمة صادقة على بلوغ تلك‬ ‫الجد ‪ ،‬وأ ِ‬
‫المراتب العالية ‪.‬‬
‫كان تميم الداري وأبي بن كعب يقوما بالناس في شهر‬
‫رمضان فكان القارئ يقرأ بالمائتين في ركعة ‪ ،‬حتى‬
‫كانوا يعتمدون على العصي من طول القيام ‪ ،‬وما‬
‫كانوا ينصرفون إل عند الفجر ‪ ،‬بل كان بعضهم يربط‬
‫م يتعلق بها ‪.‬‬ ‫الحبال بين السواري ث ّ‬
‫ومن الداب احتسب ‪ :‬إقامة سنة من السنن المهجورة‬
‫بالتسوك بين ركعات القيام ‪.‬‬
‫فقد كان رسول الله ‪ ‬يصلي بالليل ركعتين ركعتين‬
‫ثم ينصرف فيستاك ] رواه ابن ماجه والنسائي وصححه اللباني )‪(212‬‬
‫في صحيح الترغيب [‬
‫نصيحة‬
‫من‬‫إن كنت ذا همة فحاول أن تصلي وراء أحد الئمة م ّ‬
‫ل الصلة فإّنها أفضل القيام ‪ ،‬قال ‪  : ‬أفضل‬ ‫يطي ُ‬
‫الصلة طول القنوت ‪ ] ‬رواه مسلم [‬
‫أو اذهب على أحد المساجد التي يتهجدون فيها طوال‬
‫الليل ‪ ،‬وانصحك بأن ل تخرج من المسجد حتى الفجر ‪،‬‬
‫وتقضي هذا الوقت كله في الصلة وقراءة القرآن‬
‫والدعاء والستغفار ‪ ،‬وإياك أن تلغو ‪ ،‬أو تغفل في أمور‬

‫‪26‬‬
‫‪27‬‬

‫الدنيا ‪ ،‬حتى ل يطلع الله عليك وهذه حالتك فيعرض‬


‫عنك كما أعرضت عنه ‪.‬‬
‫)‪ (23‬وقت السحر وقت المناجاة‬
‫فإنه وقت نزول الرب جل وعل ‪ ،‬وقت إجابة الحاجات ‪،‬‬
‫وعطايا الوهاب ‪ ،‬ومغفرة الذنوب ‪ ،‬والتوبة للمذنبين ‪.‬‬
‫قال ‪  : ‬إذا مضى شطر الليل أو ثلثاه ينزل الله إلى‬
‫السماء الدنيا فيقول ‪ :‬هل من سائل فيعطى ؟ هل‬
‫من داع فيستجاب له ؟ هل من مستغفر فيغفر له ؟‬
‫حتى ينفجر الصبح ‪ ] ‬رواه مسلم [‬
‫وفي رواية ‪:‬‬
‫قال ‪  : ‬تفتح أبواب السماء نصف الليل ‪ ،‬فينادي‬
‫مناد ‪ :‬هل من داع فيستجاب له ؟ هل من سائل فيعطى‬
‫؟ هل من مكروب فيفرج عنه ؟ فل يبقى مسلم يدعو‬
‫بدعوة إل استجاب الله عز وجل له إل زانية تسعى‬
‫بفرجها أو عشار ] أي جابي الضرائب بغير حق [‪] ‬رواه‬
‫أحمد والطبراني وصححه اللباني )‪(2391‬في صحيح الترغيب [‬
‫رياح هذه السحار تحمل أنين المذنبين ‪ ،‬وأنفاس‬
‫المحبين وقصص التائبين ‪ ،‬ثم تعود برد الجواب بل كتاب‬
‫‪ ،‬فإذا ورد بريد برد السحر يحمل ملطفات اللطاف لم‬
‫يفهمها غير من كتبت إليه ‪.‬‬
‫يا يعقوب الهجر قد هبت ريح يوسف الوصل ‪ ،‬فلو‬
‫استنشقت لعدت بعد العمى بصيرا ً ‪ ،‬ولوجدت ما كنت‬
‫لفقده فقيرا ً ‪.‬‬
‫لو قام المذنبون في هذه السحار على أقدام‬
‫ما‬ ‫فل َ ّ‬ ‫النكسار ‪ ،‬ورفعوا قصص العتذار مضمونها ‪َ  :‬‬
‫جئ َْنا‬ ‫و ِ‬ ‫ضّر َ‬ ‫هل ََنا ال ّ‬ ‫وأ َ ْ‬‫سَنا َ‬‫م ّ‬ ‫زيُز َ‬ ‫ع ِ‬‫ها ال ْ َ‬
‫َ‬
‫قاُلوا ْ َيا أي ّ َ‬ ‫ه َ‬ ‫عل َي ْ ِ‬ ‫خُلوا ْ َ‬ ‫دَ َ‬
‫َ‬
‫ن الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫عل َي َْنآ إ ِ ّ‬
‫صدّقْ َ‬ ‫وت َ َ‬
‫ل َ‬ ‫ف ل ََنا ال ْك َي ْ َ‬ ‫و ِ‬ ‫فأ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫جا ٍ‬ ‫مْز َ‬ ‫ة ّ‬ ‫ع ٍ‬
‫ضا َ‬ ‫ب ِب ِ َ‬
‫ن ‪ ] ‬يوسف ‪[ 88 :‬‬ ‫قي َ‬ ‫صد ّ ِ‬ ‫مت َ َ‬ ‫زي ال ْ ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫فُر‬ ‫غ ِ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫م ال ْي َ ْ‬
‫و َ‬ ‫عل َي ْك ُ ُ‬‫ب َ‬ ‫لبرز لهم التوقيع عليها ‪ :‬ل َ ت َث َْري َ‬
‫ه َ‬
‫ن ‪ ] ‬يوسف ‪[ 92 :‬‬ ‫مي َ‬ ‫ح ِ‬
‫م الّرا ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫و أْر َ‬ ‫و ُ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه ل َك ُ ْ‬
‫الل ّ ُ‬
‫)‪ (24‬أكثر من الستغفار في هذا الوقت ‪ ،‬واحتسب ‪:‬‬
‫تكفير الخطايا العظام ‪ ) .‬فالزم هذا الستغفار(‬

‫‪27‬‬
‫‪28‬‬

‫قال ‪  : ‬أستغفر الله الذي ل إله إل هو الحي القيوم‬


‫وأتوب إليه غفر له وإن كان فر من الزحف ‪ ] ‬رواه أبو‬
‫داود والترمذي وصححه اللباني )‪ (1622‬في صحيح الترغيب [‬

‫ن يلحقك الله بركب المتقين ‪ ،‬ويدفع عنك العذاب‬


‫وأ ْ‬
‫والنقم والبتلءات ‪ ،‬ويمن الله عليك بطوبى في‬
‫الجنة ‪ ،‬و يدخل على قلبك السرور يوم الفزع الكبر‬
‫عند الحساب ‪.‬‬
‫فائدة عن سادات المستغفرين‬
‫قال أبو هريرة ‪ : ‬إني لستغفر الله وأتوب إليه كل‬
‫يوم اثني عشر ألف مرة وذلك على قدر ديني أو قدر‬
‫دينه ‪ ] .‬الحلية )‪[ (1/383‬‬
‫قال رياح القيسي ‪ :‬لي نيف وأربعون ذنبا قد استغفرت‬
‫لكل ذنب مائة ألف مرة ‪ ].‬الحلية )‪[ (6/194‬‬
‫مام بحمص فقال ‪:‬‬ ‫ودخل حبيب بن مسلمة الفهري الح ّ‬
‫هذا من نعيم ما ينعم به أهل الدنيا ‪ ،‬لو مكثت فيه ساعة‬
‫لهلكت ‪ ،‬ما أنا بخارج منه حتى أستغفر الله ألف مرة ‪.‬‬
‫] الحاد والمثاني )‪[ (2/129‬‬
‫وهذا عبد العزيز المقدسي قال ‪ :‬لما بلغت الحلم أخذت‬
‫على نفسي أن أروضها وأمنعها من الثام ‪ ،‬واستوفقت‬
‫الله تعالى فوفقني ‪ ،‬واستعنت به فأعانني ‪ ،‬ولقد‬
‫حاسبت نفسي من يوم بلوغي إلى يومي هذا ‪ ،‬فإذا‬
‫زلتي ل تجاوز ستة وثلثين زلة‪ ،‬ولقد استغفرت الله‬
‫عز وجل لكل زلة مائة ألف مرة ‪ ،‬وصليت لكل زلة ألف‬
‫ركعة ختمت في كل ركعة منها ختمة ‪ ،‬وإني مع ذلك‬
‫غير آمن سطوة ربي عزوجل أن يأخذني بها وأنا على‬
‫خطر قبول التوبة ‪ ] .‬صفة الصفوة )‪[ (4/245‬‬
‫)‪ (25‬السحور ‪.‬‬
‫تسحر ول تنس تبييت النية بالصيام ‪ -‬وأكلة السحور في‬
‫نفسها نية ‪ -‬وكّلما أخّرتها كان أفضل ‪ ،‬والسحور أكلة‬
‫بركة فل تتركها ولو بجرعة ماء ‪ ،‬وأفضله ‪ :‬التسحر‬
‫بالتمر ‪.‬‬
‫ن يكون في امتثالك لهدي النبي ‪ ‬سبب‬ ‫واحتسب ‪ :‬أ ْ‬
‫لن يهديك الله ويرزقك البصيرة ‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫‪29‬‬

‫)‪ (26‬الدعاء ‪.‬‬


‫ن هذا وقت من أوقات إجابة الدعاء ‪ ،‬فالزم ‪:‬‬ ‫مّر عليك أ ّ‬
‫ف عّنا ‪ ،‬ربنا ظلمنا‬
‫اللهم إنك عفو تحب العفو فاع ُ‬
‫أنفسنا ‪ ،‬وإن ل تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين‬
‫‪ ،‬رب إّني ظلمت نفسي فاغفر لي ‪ ،‬ل إله إل أنت‬
‫سبحانك إني كنت من الظالمين ‪ ،‬سبحانك ما عبدناك‬
‫حق عبادتك فاغفر لنا ‪.‬‬
‫ومن آداب الدعاء ‪ :‬كثرة الثناء على الله بما هو أهله ‪،‬‬
‫وهو ما يسميه العلماء ) التملق ( ‪ :‬ل أحصي ثناء عليك‬
‫أنت كما أثنيت على نفسك ‪.‬‬
‫سأل أعرابي النبي ‪ ‬فقال ‪ :‬علمني دعاء لعل الله أن‬
‫ينفعني به ‪ .‬فقال ‪ : ‬قل اللهم لك الحمد كله وإليك‬
‫يرجع المر كله ‪ ] .‬رواه البيهقي وحسنه اللباني )‪ (1576‬في‬
‫صحيح الترغيب [‬
‫)‪ (27‬مع الفجر ‪.‬‬
‫أنت من الن قد شرعت في عبادة الصيام ‪ ،‬فأكرم بها‬
‫من طاعة ‪ ،‬ولك فيها نيات عظيمة ‪ ،‬اذكرك بها هنا‬
‫ما ‪ ،‬فأخشى أن‬ ‫لعلك قد نسيتها بعد مضى عشرين يو ً‬
‫يكون قد صار عادة ‪ ،‬فاحتسب هذه النوايا في الصيام‬
‫ليزداد أجرك ‪ ،‬وتعظم منزلتك عند الله تعالى ‪.‬‬
‫فاحتسب ‪:‬‬
‫ن ‪ ] ‬البقرة‬
‫قو َ‬ ‫عل ّك ُ ْ‬
‫م ت َت ّ ُ‬ ‫تحصيل ثمرة التقوى ‪  .‬ل َ َ‬ ‫•‬
‫‪[183 :‬‬
‫والتخلص من آصار وتبعات ذنوب الماضي ‪.‬‬ ‫•‬

‫وأن يبلغك الله الدرجات الرفيعة والتشرف‬ ‫•‬

‫بأداء عمل نسبه الله لنفسه ‪.‬‬


‫والستشفاء من جميع الفات التي تحول بينك‬ ‫•‬

‫وبين الله فالصوم ل مثل له ‪.‬‬


‫واحتسب بصومك الوقاية من آثار الفتن ‪،‬‬ ‫•‬

‫والنجاة من شدة الحساب فالصيام كفارة للذنوب‬


‫وزيادة على ثواب الكفارة ‪.‬‬
‫وأّنه سبب للحفظ والمان من الوقوع في‬ ‫•‬

‫وحل المعاصي والحرمان ‪ ،‬فالصوم حنة وحصن‬

‫‪29‬‬
‫‪30‬‬

‫منيع ‪ ،‬يحصن النسان من الشيطان وخطواته ‪،‬‬


‫ويمنع صاحبه من أن ينزلق في القذار والرجاس ‪.‬‬
‫وأن يكون سبًبا للوقاية من داء وخطر‬ ‫•‬

‫الشهوة ‪.‬‬
‫البتعاد عن الّنار بكل يوم مسيرة مائة عام ‪.‬‬ ‫•‬

‫أنه سبب من أسباب الشفاعة يوم القيامة ‪.‬‬ ‫•‬

‫طرق سبيل من أعظم السبل للجنة وإجابة نداء‬ ‫•‬

‫الريان‬
‫دفع مهر الحور العين ‪.‬‬ ‫•‬

‫زيادة الرصيد اليماني‬ ‫•‬


‫التطيب بما هو أطيب عند الرحمن ‪.‬‬ ‫•‬
‫التحلي بشعار البرار ‪.‬‬ ‫•‬
‫إبهاج القلوب الحزينة فللصائم فرحتان ‪.‬‬ ‫•‬

‫شكر الله على نعمه‬ ‫•‬


‫ترويض النفس بالصبر على الطاعة ‪.‬‬ ‫•‬
‫التحفيز على فعل الطاعات وترك المنكرات‬ ‫•‬

‫بترك فضول الطعام ‪.‬‬


‫سبب لقضاء الحوائج غذ دعوة الصائم مستجابة‬ ‫•‬
‫‪.‬‬
‫سبب للين القلب ‪.‬‬ ‫•‬
‫سبب للعتق من النار ) أعتقني الله وإياك‬ ‫•‬
‫منها ( ‪.‬‬
‫)‪ (28‬مع أذان الفجر‬
‫ء‬
‫م قم وأسرع بأدا ِ‬ ‫ل تنس ترديد الذان ‪ ،‬والدعاء بعده ‪ ،‬ث ّ‬
‫ركعتي السنة ) الفجر ( ‪ ،‬وهما من آكد السنن الرواتب ‪،‬‬
‫فلم يكن النبي ‪ ‬على شيء من النوافل أشد تعاهدا‬
‫منه على ركعتي الفجر وكان ‪ ‬يصليهما خفيفتين ‪،‬‬
‫يقرأ في الولى )سورة الكافرون( ‪ ،‬وفي الثانية‬
‫م من السنة أن تضطجع على‬ ‫) سورة الخلص ( ‪ .‬ث ّ‬
‫شقك اليمن قليل ً بعد أدائهما ‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫‪31‬‬

‫واحتسب فيهما ‪ :‬عظم الجر الذي الدنيا وما فيه ل‬


‫تساويه ‪ .‬قال ‪  : ‬ركعتا الفجر خير من الدنيا وما‬
‫فيها ‪] ‬رواه مسلم [‬
‫فائدة ‪.‬‬
‫ن " من‬ ‫نقل ابن القيم عن شيخ السلم ابن تيمية أ ّ‬
‫واظب على أربعين مرة كل يوم بين سنة الفجر وصلة‬
‫الفجر يا حي يا قيوم ‪ ،‬ل إله إل أنت ‪ ،‬برحمتك‬
‫أستغيث حصلت له حياة القلب ولم يمت ‪ ] .‬مدارج السالكين‬
‫)‪[ (1/448‬‬
‫)‪ (29‬أداء صلة الفجر في الجماعة ‪.‬‬
‫واحتسب بأدائها ‪ :‬الحفظ والعناية فمن صلها في‬
‫جماعة فهو في ذمة الله ‪ ،‬وهي سبب لدخول الجنة ‪،‬‬
‫وللعتق من الّنار ‪ ،‬ومغفرة الذنوب يوم القيامة‬
‫باستغفار الملئكة لك ‪.‬‬
‫)‪ (30‬جلسة الذكر بعد صلة الفجر حتى تطلع الشمس ‪.‬‬
‫اجلس بعد الصلة ‪ ،‬وقل ‪ :‬أذكار الصباح حتى شروق‬
‫الشمس ‪.‬‬
‫واحتسب ‪ :‬أجر عمرة وحجة تامة تامة ‪ ،‬و أن يعتق الله‬
‫رقبتك من النار بعتقك للرقاب ‪ ،‬وهذه الجلسة هي‬
‫قوت وزاد القلب والروح ‪.‬‬
‫فائدة ‪ :‬الهدي النافع في هذه الجلسة‬
‫قال ابن القيم في طريق الهجرتين ‪:‬‬
‫" فإذا فرغ من صلة الصبح أقبل بكليته على ذكر الله‬
‫والتوجه إليه بالذكار التي شرعت أول النهار فيجعلها‬
‫ل بها أبدا ‪ ،‬ثم يزيد عليها ما شاء من‬‫وردا له ل ُيخ ّ‬
‫الذكار الفاضلة ‪ ،‬أو قراءة القرآن حتى تطلع الشمس ‪،‬‬
‫فإذا طلعت فإن شاء ركع ركعتي الضحى وزاد ما شاء ‪،‬‬
‫وإن شاء قام من غير ركوع " ] طريق الهجرتين ص )‪[ (322‬‬
‫)‪ (31‬فانشغل بالذكار ولك فيها منن ل ُتحصى‬
‫ففي دبر الصلة ‪ :‬قال ‪  : ‬من قال في دبر صلة‬
‫الفجر وهو ثان رجليه قبل أن يتكلم ‪:‬‬

‫‪31‬‬
‫‪32‬‬

‫ل إله إل الله وحده ل شريك له ‪ ،‬له الملك ‪ ،‬وله الحمد ‪،‬‬


‫يحيي ويميت ‪ ،‬وهو على كل شيء قدير عشر مرات‬
‫كتب الله له عشر حسنات ‪ ،‬ومحا عنه عشر سيئات ‪،‬‬
‫ورفع له عشر درجات ‪ ،‬وكان يومه ذلك كله في حرز‬
‫من كل مكروه ‪ ،‬وحرس من الشيطان ‪ ،‬ولم ينبغ لذنب‬
‫أن يدركه في ذلك اليوم إل الشرك بالله ‪ ] ‬رواه الترمذي‬
‫وقال ‪ :‬حسن غريب صحيح ‪ ،‬وحسنه اللباني )‪ (472‬في صحيح الترغيب [‬
‫وإن كنت عالي الهمة فأبشر بخير عمل تعمله في‬
‫يومك هذا إذا قلتها مائة مرة ‪.‬‬
‫قال رسول الله ‪: ‬‬
‫من قال دبر صلة الغداة ‪ :‬ل إله إل الله وحده ل شريك‬
‫له ‪ ،‬له الملك ‪ ،‬وله الحمد ‪ ،‬يحيي ويميت بيده الخير وهو‬
‫على كل شيء قدير مائة مرة ‪.‬‬
‫ذ من أفضل أهل الرض‬ ‫قبل أن يثني رجليه كان يومئ ٍ‬
‫عمل ً إل من قال مثل ما قال أو زاد على ما قال ‪ ] .‬رواه‬
‫الطبراني في الوسط بإسناد جيد وحسنه اللباني )‪ (476‬في صحيح الترغيب‬
‫[‬
‫نصيحة‬
‫اقتن كتاًبأ كـ ) حصن المسلم ( ‪ ) ،‬مختصر النصيحة(‬
‫واحفظ أذكار الصباح ‪.‬‬
‫رددها ول تتغافل عن شيء منها وأبشر بهذه العطايا‬
‫فاحتسبها ‪:‬‬
‫)أ( الحفظ والمان والكفاية من كل شر وبلء ‪.‬‬
‫وذلك بقراءة سورة الخلص والمعوذتين ثلث‬ ‫•‬
‫مرات ‪.‬‬
‫وقولك ‪ :‬أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما‬ ‫•‬

‫خلق لم تضرك‬
‫وقولك ‪ :‬بسم الله الذي ل يضر مع اسمه شيء‬ ‫•‬

‫في الرض ول في السماء وهو السميع العليم ثلث‬


‫مرات‬
‫وقولك ‪ :‬أصبحنا و أصبح الملك لله رب‬ ‫•‬

‫العالمين ‪ ،‬اللهم أني أسألك خير هذا اليوم ‪ ،‬فتحه ‪،‬‬

‫‪32‬‬
‫‪33‬‬

‫و نصره ‪ ،‬و نوره ‪ ،‬و بركته ‪ ،‬و هداه ‪ ،‬و أعوذ بك‬
‫من شر ما فيه ‪ ،‬و شر ما قبله ‪ ،‬و شر ما بعده ‪.‬‬
‫وقولك ‪ :‬اللهم إني أسألك العفو والعافية في‬ ‫•‬

‫الدنيا والخرة ‪ ،‬اللهم إني أسألك العفو والعافية‬


‫في ديني ودنياي وأهلي ومالي ‪ ،‬اللهم استر‬
‫عوراتي وآمن روعاتي ‪ ،‬اللهم احفظني من بين‬
‫يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن‬
‫فوقي ‪ ،‬وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي – أي‬
‫الخسف ‪-‬‬
‫)ب( الحفظ من الجن والشياطين ‪.‬‬
‫وذلك بقراءة آية الكرسي ‪.‬‬
‫)ج( دخول الجنة‬
‫• وهذا بقولك ‪ :‬سيد الستغفار بيقين وهو ‪ " :‬اللهم‬
‫أنت ربي ‪ ،‬ل إله إل أنت ‪ ،‬خلقتني وأنا عبدك ‪ ،‬وأنا‬
‫على عهدك ووعدك ما استطعت ‪ ،‬أعوذ بك من شر ما‬
‫ي ‪ ،‬وأبوء بذنبي فاغفر لي‬ ‫صنعت ‪ ،‬أبوء لك بنعمتك عل ّ‬
‫إنه ل يغفر الذنوب إل أنت "‬
‫• وبقولك ‪ :‬رضيت بالله ربا ‪ ،‬وبالسلم دينا ‪ ،‬وبمحمد‬
‫نبيا‬
‫)د( التيان بأفضل العمال في اليوم والليلة ‪ ،‬ومغفرة‬
‫الذنوب مهما كثرت ‪.‬‬
‫بأن تقول ‪ ) :‬سبحان الله وبحمده ‪ 100‬مرة فأكثر (‬
‫)هـ( عتق رقبتك من النار و ادخار عظيم الجر عند الله‬
‫وذلك بقولك ‪ :‬سبحان الله ‪ ،‬والحمد لله ‪ ،‬ول‬ ‫•‬

‫إله إل الله مائة مرة ‪.‬‬


‫اللهم ! إني أشهدك وأشهد ملئكتك وحملة‬ ‫•‬

‫عرشك وأشهد من في السماوات ومن في الرض ‪:‬‬


‫أنك أنت الله ل إله إل أنت وحدك ل شريك لك‬
‫وأشهد أن محمدا عبدك ورسولك ] ثلث أو أربع‬
‫مرات [‬
‫وقولك ‪ :‬سبحان الله وبحمده ‪ ،‬عدد خلقه ‪،‬‬ ‫•‬

‫ورضا نفسه ‪ ،‬وزنة عرشه ‪ ،‬ومداد كلماته ‪.‬‬


‫)و( المتثال لوصية النبي ‪. ‬‬

‫‪33‬‬
‫‪34‬‬

‫بأن تقول ‪ :‬يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث أصلح لي‬


‫شأني كله ول تكلني إلى نفسي طرفة عين ‪.‬‬
‫اللهم فاطر السموات و الرض ‪ ،‬عالم الغيب و الشهادة‬
‫‪ ،‬رب كل شيء و مليكه‪ ،‬أشهد أن ل إله إل أنت ‪ ،‬أعوذ‬
‫بك من شر نفسي ‪ ،‬و من شر الشيطان و شركه ‪.‬‬
‫وفي اليوم والليلة ل تغفل عن التسبيح والتحميد‬
‫والتكبير والتهليل ‪ ،‬ولو لزمت هذه الصسغة كان حسًنا ‪.‬‬
‫سبحان الله عدد ما خلق ‪ ،‬سبحان الله ملء ما خلق ‪،‬‬
‫سبحان الله عدد ما في الرض ‪ ،‬سبحان الله ملء ما‬
‫في الرض ‪ ،‬والسماء سبحان الله عدد ما أحصى كتابه ‪،‬‬
‫سبحان الله ملء ما أحصى كتابه ‪ ،‬سبحان الله عدد كل‬
‫شيء ‪ ،‬سبحان الله ملء كل شيء ‪ ،‬الحمد لله عدد ما‬
‫خلق والحمد لله ملء ما خلق ‪ ،‬والحمد لله عدد ما في‬
‫الرض والسماء ‪ ،‬والحمد لله ملء ما في الرض‬
‫والسماء ‪ ،‬والحمد لله عدد ما أحصى كتابه ‪ ،‬والحمد لله‬
‫ملء ما أحصى كتابه ‪ ،‬والحمد لله عدد كل شيء ‪،‬‬
‫والحمد لله ملء كل شيء ‪.‬‬
‫فا ‪ -‬فل‬ ‫)‪ (32‬إذا خرجت من المسجد – إن لم تكن معتك ً‬
‫تنس ذكر الخروج ‪ " :‬بسم الله والسلم على رسول الله‬
‫اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك "‬
‫واحتسب ‪ :‬أن يضمن الله أفعالك في مرضاته ‪،‬‬
‫فيشملك برحمته ‪ ،‬فل يقع منك عمل إل له ‪ ،‬فيكون‬
‫ذلك من أسباب دخولك الجنة ‪.‬‬
‫قال ‪  : ‬ثلثة كلهم ضامن على الله إن عاش رزق‬
‫وكفي ‪ ،‬وإن مات أدخله الله الجنة ‪ ،‬من دخل بيته‬
‫فسلم فهو ضامن على الله ‪ ،‬ومن خرج إلى المسجد‬
‫فهو ضامن على الله ‪ ،‬ومن خرج في سبيل الله فهو‬
‫ضامن على الله ‪ ] ‬رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه وصححه‬
‫اللباني )‪ (321‬في صحيح الترغيب [‬
‫عا إلى ربه سائل له‬
‫يقول ابن القيم ‪ :‬ثم يذهب متضر ً‬
‫أن يكون ضامنا عليه متصرفا في مرضاته بقية يومه فل‬
‫ينقلب إل في شيء يظهر له فيه مرضاة ربه ‪ ،‬وإن كان‬

‫‪34‬‬
‫‪35‬‬

‫من الفعال العادية الطبيعية قلبه عبادة بالنية ‪ ،‬وقصد‬


‫الستعانة به على مرضاة الرب "‬
‫)‪ (33‬صلة الضحى ‪ ) .‬من بعد وقت الشروق حتى قبيل‬
‫الظهر (‬
‫أفضله أربع ركعات ‪ ،‬تصليها في مسجد ‪ ،‬قبيل وقت‬
‫الظهر ‪ ،‬امتثال ً لوصية النبي ‪، ‬‬ ‫ججج‬
‫ج‬

‫واحتسب ‪:‬‬
‫أجر عمرة إذا خرجت فأديتها في المسجد‬ ‫•‬
‫قال‪  : ‬ومن خرج إلى تسبيح الضحى ل ينصبه إل‬
‫إياه فأجره كأجر المعتمر ‪ ] ‬رواه أبو داود وحسنه اللباني )‪(320‬‬
‫في صحيح الترغيب [‬
‫أن يكون لها بها بيًتا في الجنة‬ ‫•‬

‫قال ‪  : ‬من صلى الضحى أربعا و قبل الولى أربعا‬


‫بني له بيت في الجنة ‪ ] ‬رواه الطبراني في الوسط وحسنه اللباني‬
‫)‪ (6340‬في صحيح الجامع [‬
‫واحتسب بأدائها التصدق عن جميع أعضاء البدن ‪ ،‬وهي‬
‫من أعظم الغنائم اليمانية ‪ ،‬وسبب لحفظ الله ورعايته‬
‫لك ‪ ،‬وبها تكتب عند الله من الوابين ‪ ،‬وحينها أبشر‬
‫بالمغفرة ‪ ،‬والتحلي بحلية النبياء‬
‫)‪ (34‬عند النوم‬
‫يشرع النوم في العشر في هذا الوقت بخلف سائر‬
‫العام ‪ ،‬فخذ بقسط من النوم واحتسب كما كان معاذ ‪‬‬
‫يقول ‪ :‬أما أنا فأنام وأقوم فأحتسب نومتي كما‬
‫أحتسب قومتي ‪.‬‬
‫أي إذا نمت فنم بنية القوة وإجماع النفس للعبادة ‪،‬‬
‫وتنشيطها للطاعة ‪ ،‬فترجو في ذلك الجر كما ترجو في‬
‫القيام قومتي ‪.‬‬
‫فحذار أن تغفل عن النية عند النوم فإنك إذا كنت تنام‬
‫في اليوم والليلة ثماني ساعات ‪ ،‬فإّنه ثلث العمر ‪،‬‬
‫فكيف ترضى أن يضيع عليك ثلث العمر في غير طاعة‬
‫الله ‪ ،‬فقط تأدب بالسنن الواردة ‪.‬‬
‫احتسب ‪:‬‬

‫‪35‬‬
‫‪36‬‬

‫)أ( التقوي على الطاعة بأن يوفقك الله للتهجد وقت‬


‫السحر ‪.‬‬
‫)ب( وتنام مغفوًرا له ‪ ،‬إذا نمت على طهارة ‪.‬‬
‫بل أبشر بمغفرة عظيمة إذا قلت هذا الذكر ‪ :‬ل إله إل‬
‫الله وحده ل شريك له ‪ ،‬له الملك ‪ ،‬وله الحمد ‪ ،‬وهو‬
‫على كل شيء قدير ‪ ،‬ل حول ول قوة إل بالله العلي‬
‫العظيم ‪ ،‬سبحان الله ‪ ،‬والحمد لله ‪ ،‬ول إله إل الله ‪،‬‬
‫والله أكبر ‪.‬‬
‫ن من قال حين يأوي إلى فراشه غفرت‬ ‫فقد أخبر ‪ ‬أ ّ‬
‫له ذنوبه أو خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر ‪ ] .‬رواه ابن‬
‫حبان وصححه اللباني )‪ (607‬في صحيح الترغيب [‬
‫)ج( أن ُيستجاب دعاؤك ‪.‬‬
‫قال ‪  : ‬ما من مسلم يبيت طاهرا فيتعار من الليل‬
‫فيسأل الله خيرا من أمر الدنيا والخرة إل أعطاه الله‬
‫إياه ‪ ] ‬رواه أبو داود وصححه اللباني )‪ (598‬في صحيح الترغيب [‬

‫ول تغفل عن هذه الذكار ‪:‬‬


‫" فكبر الله أربعا وثلثين ‪ ،‬وسبحه ثلثا‬ ‫•‬

‫وثلثين ‪ ،‬واحمده ثلثا وثلثين "‬


‫واحتسب بهذا ‪ :‬قوة على الطاعة وعلى أداء حوائج‬
‫الدنيا ‪.‬‬
‫اقرأ سورة ) الكافرون( واحتسب ‪ :‬إقامة‬ ‫•‬
‫للتوحيد وبراءة من الشرك ‪.‬‬
‫م نم على‬ ‫قال ‪ : ‬اقرأ ‪  :‬قل يا أيها الكافرون ‪ ‬ث ّ‬
‫خاتمتها ‪ ،‬فإنها براءة من الشرك ‪ ].‬رواه أبو داود وحسنه‬
‫اللباني )‪ (605‬في صحيح الترغيب [‬
‫قال ‪  : ‬من قال ‪ :‬إذا أوى إلى فراشه‬ ‫•‬

‫الحمد لله الذي كفاني وآواني والحمد لله الذي‬


‫ي‬
‫ن عل ّ‬‫اطعمني وسقاني والحمد لله الذي م ّ‬
‫فأفضل ‪ ..‬فقد حمد الله بجميع محامد الخلق‬
‫كلهم ‪ ] ‬رواه البيهقي في الشعب وحسنه اللباني )‪ (609‬في‬
‫صحيح الترغيب [‬
‫اقرأ ‪ :‬آية الكرسي ‪.‬‬ ‫•‬

‫‪36‬‬
‫‪37‬‬

‫واحتسب ‪ :‬أن يشملك الله بحفظ ورعاية ‪ ،‬وُتعاذ من‬


‫همزات الشياطين ‪.‬‬
‫ومن السنة ‪:‬‬
‫عا يدك اليمنى تحت خدك اليمن ثم تقول ‪:‬‬ ‫أن تنام واض ً‬
‫اللهم باسمك أحيا وباسمك أموت ‪.‬‬
‫)‪ (35‬عند صلة الظهر‬
‫فأدّ السنة القبلية ‪ :‬أربع ركعات ‪ .‬تطيل فيهن القيام ‪،‬‬
‫وتحسن الركوع والسجود‬
‫واحتسب ‪ :‬العتق من النار ‪ .‬قال ‪  : ‬من يحافظ‬
‫على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله‬
‫على النار ‪ ] ‬رواه أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي وقال‬
‫اللباني ‪ :‬حسن صحيح )‪[ (584‬‬
‫و رفع العمل الصالح عند تفتح أبواب السماء‬
‫عن أبي أيوب النصاري قال ‪ :‬لما نزل رسول الله ‪‬‬
‫ي رأيته يديم أربعا قبل الظهر وقال ‪:‬‬ ‫عل ّ‬
‫‪ ‬إنه إذا زالت الشمس فتحت أبواب السماء ‪ ،‬فل يغلق‬
‫ب أن يرفع لي‬ ‫منها باب حتى تصلى الظهر ‪ ،‬فأنا أح ّ‬
‫في تلك الساعة خير ‪ ] ‬رواه الطبراني في الكبير والوسط‬
‫وحسنه اللباني )‪ (585‬في صحيح الترغيب [‬
‫م التزم ما تقدم ذكره قبل الصلوات ‪.‬‬ ‫ث ّ‬
‫م أدّ صلة الظهر ‪ ،‬ثم أدّ السنة البعدية ‪ :‬أربع‬
‫)‪ (36‬ث ّ‬
‫ركعات ‪ .‬كما تقدم لك فضلها ‪ ،‬ولك أن تنام نوم‬
‫القيلولة لتتقوى به على صلة الليل ‪ ،‬أو انشغل بقراءة‬
‫ورد القرآن – إن وجدت قوة ‪-‬‬
‫)‪ (37‬عند صلة العصر‬
‫عليك بأداء السنة القبلية واحتساب ‪ :‬تنزل الرحمات ‪.‬‬
‫قال ‪  : ‬رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا ‪‬‬
‫] رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه‪ ،‬وحسنه اللباني )‪ (588‬في صحيح‬
‫الترغيب [‬
‫م أدّ صلة العصر ‪ ،‬وهي الصلة الوسطى عند جمهور‬ ‫ث ّ‬
‫العلماء ‪ ،‬ومن حافظ عليها وعلى صلة الفجر فهو‬
‫مب ّ‬
‫شر بدخول الجنة ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫)‪ (38‬وبعد صلة العصر ‪:‬‬

‫‪37‬‬
‫‪38‬‬

‫قل ‪ :‬ل إله إل الله وحده ل شريك له ‪ ،‬له الملك ‪ ،‬وله‬


‫الحمد ‪ ،‬يحيي ويميت ‪ ،‬وهو على كل شيء قدير عشر‬
‫مرات‬
‫واحتسب كما كان بعد الفجر ‪ :‬كتب الله له عشر‬
‫حسنات ‪ ،‬ومحا عنه عشر سيئات ‪ ،‬ورفع له عشر درجات‬
‫‪ ،‬وكان يومه ذلك كله في حرز من كل مكروه ‪ ،‬وحرس‬
‫من الشيطان ‪ ،‬ولم ينبغ لذنب أن يدركه في ذلك اليوم‬
‫إل الشرك بالله ‪.‬‬
‫ففي رواية ‪ ‬من قالهن حين ينصرف من صلة العصر‬
‫أعطي مثل ذلك في ليلته ‪ ] ‬رواه النسائي وحسنه اللباني )‬
‫‪(472‬في صحيح الترغيب [‬
‫)‪ (39‬العتكاف بين العصر والمغرب واحتساب ‪ :‬العتق‬
‫من النار ‪.‬‬
‫قال‪  : ‬لن أقعد مع قوم يذكرون الله تعالى من‬
‫ي من أن‬ ‫صلة الغداة حتى تطلع الشمس أحب إل ّ‬
‫أعتق أربعة من ولد إسماعيل ‪ ،‬دية كل واحد منهم‬
‫اثنا عشر ألفا ‪ ،‬ولن أقعد مع قوم يذكرون الله من‬
‫ب الشمس أحب إلي من أن‬ ‫ن تغر َ‬ ‫صلة العصر إلى أ ْ‬
‫] رواه أبو داود وحسنه اللباني )‪ (5036‬في صحيح‬ ‫أعتق أربعة ‪‬‬
‫الجامع ‪ (2916) ،‬في الصحيحة [‬
‫وقال ‪  : ‬لن أقعد أذكر الله تعالى وأكبره‬
‫وأحمده وأسبحه وأهلله حتى تطلع الشمس أحب إلي‬
‫من أن أعتق رقبتين من ولد إسماعيل ‪ ،‬ومن بعد‬
‫ن أعتق‬ ‫العصر حتى تغرب الشمس أحب إلي من أ ْ‬
‫أربع رقبات من ولد إسماعيل ‪ ] ‬رواه المام احمد وحسنه‬
‫اللباني في صحيح الترغيب )‪[ (466‬‬
‫)‪ (40‬وقبيل المغرب ل تغفل عن أذكار المساء ‪ ،‬كما‬
‫) أصبحنا (‬ ‫مّر بك في أذكار الصباح ‪ ،‬مع تغيير‬
‫إلى ) أمسينا ( ول تغفل عن احتساب النوايا ‪.‬‬
‫م الهج بالدعاء وارفع يديك ‪ ،‬وبالغ في ذلك مع‬ ‫ث ّ‬
‫اجتهادك في الدعاء ‪ ،‬واجمع قلبك على طلب العتق‬
‫من النار ‪ ،‬وبلوغ ليلة القدر ‪ ،‬والخروج من رمضان‬

‫‪38‬‬
‫‪39‬‬

‫ما مكتوًبا في عباد الله الصالحين‬


‫مغفوًرا لك مرحو ً‬
‫المتقين ‪.‬‬
‫تنبيهات‬
‫قراءة القرآن في العشر ‪:‬‬
‫كان سلفنا الصالح يجتهدون في قراءة القرآن في‬
‫رمضان ‪ ،‬فقد كان قتادة ‪ ‬يختم في سبع ‪ ،‬وفي‬
‫رمضان في كل ثلث ‪ ،‬وفي العشر كل ليلة ‪.‬‬
‫وهذا الورد يناسب حال المعتكفين ‪ ،‬ول أقل من أن‬
‫تقرأ في كل يوم وليلة )‪ 10‬أجزاء ( إل أن تكون تصلي‬
‫وراء إمام يقيم الليلة كلها ‪ ،‬فيشرع لك )‪ 5‬أجزاء ( في‬
‫النهار من باب إصلح القلب ومداوته من آفاته ‪،‬‬
‫وتهيئته لجوائز الرحمن ‪.‬‬
‫واحتسب عند القراءة في المصحف ‪ :‬أّنها من السباب‬
‫الموجبة لمحبتك لله تعالى قال ‪  : ‬من سّره أ ْ‬
‫ن‬
‫ب الله ورسوله فليقرأ في المصحف ‪ ] ‬رواه البيهقي‬ ‫يح ّ‬
‫وأبو نعيم وحسنه اللباني )‪ (2342‬في الصحيحة [‬
‫ولك في القراءة عظيم المنن فاحتسب أنها سبب‬
‫ن تكون من أهل‬ ‫موجب لمعية الله الخاصة ‪ ،‬أما تحب أ ْ‬
‫الله وخاصته ‪ ،‬الذين يكلهم بالليل والنهار ‪،‬‬
‫ويحفظهم ‪ ،‬ويرد عنهم ‪ ،‬فالله يدافع عن الذين آمنوا ‪،‬‬
‫ن يرجع الّناس بالذهب والفضة والعشيرة‬ ‫أما ترضى أ ْ‬
‫والنسب وترجع أنت بالله ورسوله ‪،‬‬
‫ضا ‪ :‬أن تكون من خيرة خلق الله بإدمانك‬ ‫واحتسب أي ً‬
‫للتلوة ‪ ،‬وتعلمك وتعليمك للقرآن ‪ ،‬ورفعك الله‬
‫وأعزك ‪ ،‬وكنت على صلة به ‪ ،‬ناهيك عن قناطير من‬
‫الحسنات بقراءة كل حرف ‪،‬‬
‫ولك من الله إكرام السابغ يوم القيامة ‪ ،‬وشفع لك‬
‫القرآن ‪ ،‬وكان سبًبا في وقايتك من عذاب النار ‪ ،‬وإذا‬
‫أحسنت التلوة كنت مع السفرة الكرام البررة ‪ .‬إلى‬
‫غير هذا من الفضائل لقارئ القرآن ‪.‬‬
‫هذا نذير ‪ ..‬احذر بطش الله ‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫‪40‬‬

‫أيها العاصي المذنب ـ وكّلنا ذلك الرجل ـ حذار من‬


‫بطش الله وسوء العاقبة ‪ ،‬فينظر إليك ليلة القدر ‪ ،‬ليلة‬
‫ما ‪،‬‬
‫المغفرة ‪ ،‬ليلة الجائزة ‪ ،‬فيجدك على المعاصي مقي ً‬
‫فيسخط عليك ‪.‬‬
‫قال ‪ ‬لمعاذ بن جبل ‪  : ‬وإياك والمعصية فإ ّ‬
‫ن‬
‫ل سخط الله ‪] ‬رواه أحمد والطبراني في الكبير‬
‫بالمعصية ح ّ‬
‫وحسنه اللباني )‪ (570‬في صحيح الترغيب [‬
‫عن عبد الله بن المديني قال ‪ :‬كان لنا صديق فقال ‪:‬‬
‫خرجت إلى ضيعتي فأدركتني صلة المغرب فأتيت إلى‬
‫جنب مقبرة فصّليت المغرب قريًبا منها ‪ ,‬فبينما أنا‬
‫جالس إذ سمعت من جانب القبور أنينا فدنوت إلى‬
‫القبر الذي سمعت منه النين وهو يقول ‪ :‬آه قد كنت‬
‫أصوم ‪ ،‬قد كنت أصلي ‪ ،‬فأصابني قشعريرة ‪ ,‬فدعوت‬
‫من حضرني ‪ ،‬فسمع مثل ما سمعت ‪ ،‬ومضيت إلى‬
‫ت في‬ ‫ضيعتي ‪ ,‬ورجعت يعني في اليوم الثاني ‪ ,‬وصلي ُ‬
‫موضعي الول وصبرت حتى غابت الشمس ‪ ،‬وصليت‬
‫المغرب ثم استمعت إلى ذلك القبر فإذا هو يئن‬
‫ويقول ‪ :‬آه قد كنت أصلي ‪ ،‬قد كنت أصوم ‪ ,‬فرجعت‬
‫إلى منزلي ومرضت بالحمى شهرين ‪.‬‬
‫قال ابن حجر الهيتمي ‪ :‬وأقول ‪ :‬قد وقع لي نظير‬
‫ذلك ‪ ,‬وذلك أني كنت ‪ -‬وأنا صغير ‪ -‬أتعاهد قبر والدي ‪-‬‬
‫رحمه الله ‪ -‬للقراءة عليه ‪ ،‬فخرجت يوما بعد صلة‬
‫ن ذلك كان في‬ ‫الصبح بغلس في رمضان ‪ ,‬بل أظن أ ّ‬
‫العشر الخير بل في ليلة القدر ‪ ,‬فلما جلست على‬
‫قبره ‪ ...‬ولم يكن بالمقبرة أحد غيري ‪ ,‬فإذا أنا أسمع‬
‫التأوه العظيم والنين الفظيع بآه آه آه ‪ ،‬وهكذا بصوت‬
‫أزعجني من قبر مبني بالنورة والجص له بياض عظيم ‪,‬‬
‫فقطعت القراءة واستمعت فسمعت صوت ذلك العذاب‬
‫من داخله ‪ ،‬وذلك الرجل المعذب يتأوه تأوها عظيما‬
‫بحيث يقلق سماعه القلب ‪ ،‬ويفزعه فاستمعت إليه‬
‫زمًنا ‪ ,‬فلما وقع السفار خفي حسه عني ‪ ,‬فمر بي‬
‫إنسان فقلت قبر من هذا ؟ قال ‪ :‬هذا قبر فلن لرجل‬
‫أدركته ‪ -‬وأنا صغير ‪ -‬وكان على غاية من ملزمة‬

‫‪40‬‬
‫‪41‬‬

‫المسجد والصلوات في أوقاتها والصمت عن الكلم ‪.‬‬


‫ي المر جدا ؛‬ ‫وهذا كله شاهدته وعرفته منه ‪ ،‬فكبر عل ّ‬
‫لما أعلمه من أحوال الخير التي كان ذلك الرجل متلبسا‬
‫بها في الظاهر ‪ ,‬فسألت واستقصيت الذين يطلعون‬
‫على حقيقة أحواله ‪ ،‬فأخبروني أنه كان يأكل الربا ‪,‬‬
‫فإنه كان تاجرا ثم كبر ‪ ،‬وبقي معه شيء من الحطام ‪,‬‬
‫فلم ترض نفسه الظالمة الخبيثة أن يأكل من جنبه حتى‬
‫ول له الشيطان محبة المعاملة‬ ‫يأتيه الموت ‪ ،‬بل س ّ‬
‫بالربا حتى ل ينقص ماله فأوقعه في ذلك العذاب الليم‬
‫حتى في رمضان حتى في ليلة القدر ‪ ] .‬الزواجر عن اقتراف‬
‫الكبائر )‪[ (25-1/24‬‬

‫وخاتمة المسك ‪ :‬عفوك يا رب‬


‫لما عرف المؤمنون بجلله خضعوا ‪ ،‬و لما سمع‬
‫م إل عفو الله أو النار ‪،‬‬
‫المذنبون بعفوه طمعوا ‪ ،‬ما ث ّ‬
‫لول طمع المذنبين في العفو لحترقت قلوبهم باليأس‬
‫من الرحمة ‪ ،‬و لكن إذا ذكرت عفو الله استروحت إلى‬
‫برد عفوه ‪.‬‬
‫فيا كبير الذنب عفو الله من ذنبك أكبر ‪ ،‬أكبر الوزار‬
‫في جنب عفو الله يصغر ‪ .‬و إنما أمر بسؤال العفو في‬
‫ليلة القدر بعد الجتهاد في العمال فيها ‪ ،‬وفي ليالي‬
‫العشر لن المؤمنين يجتهدون في العمال ثم ل يرون‬
‫لنفسهم عمل ً صالحا ً ‪ ،‬ول حال ً ول مقال ً فيرجعون إلى‬
‫سؤال العفو كحال المذنب المقصر ‪.‬‬
‫قال يحيى بن معاذ ‪ :‬ليس بعارف من لم يكن غاية أمله‬
‫من الله العفو ‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫‪42‬‬

‫فاللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عّنا ‪ ،‬عفو فتتجاوز‬


‫عن سيئات عبادك ‪ ،‬وتمحو آثارها عنهم ‪ ،‬تحب أن تعفو‬
‫عن عبادك ‪ ،‬و تحب من عبادك أن يعفو بعضهم عن‬
‫بعض ‪ ،‬فإذا عفا بعضهم عن بعض عاملتهم بعفوك ‪،‬‬
‫وعفوك أحب إليك من العقوبة ‪.‬‬
‫اللهم إنا نعوذ برضاك من سخطك ‪ ،‬و عفوك من‬
‫عقوبتك ‪.‬‬
‫اللهم إن ذنوبي قد عظمت فجلت عن الصفة ‪ ،‬وإنها‬
‫صغيرة في جنب عفوك ‪ ،‬فاعف عني ‪.‬‬
‫اللهم جرمي عظيم ‪ ،‬وعفوك كثير‪ ،‬فاجمع بين جرمي‬
‫وعفوك يا كريم ‪.‬‬
‫اللهم يا من ليس في الوجود سواه ‪ ،‬يا من عليه يعتمد ‪،‬‬
‫ومن فضله يسأل ‪ ،‬وإليه يستند ‪ ،‬يا أحد يا صمد ‪ ،‬يا من‬
‫لم يلد ولم يولد ‪ ،‬ولم يكن له كفوا أحد ‪ ،‬يا كثير الخير ‪،‬‬
‫يا دائم المعروف ‪ ،‬يا من الملئكة في خدمته صفوف ‪،‬‬
‫وعلى طاعته عكوف ‪ ،‬يا جار المستجير ‪ ،‬ومن هو على‬
‫كل شيء قدير يا غياث الملهوف ‪ ،‬يا من بيده القبض‬
‫والبسط ‪ ،‬وبيده تقوم السموات والرض‪ ،‬يا من امتدت‬
‫لمسألته أكف السائلين ‪ ،‬وخرت لعبادته وجوه‬
‫الساجدين‪ ،‬وعجت بتلبيته أصوات الملبين ‪ ،‬وطمحت‬
‫إلى معروفه أبصار الملين ‪ ،‬يا عالم السر والنجوى ‪ ،‬يا‬
‫من إليه المشتكى ‪ ،‬يا من عنت له الوجوه ‪ ،‬وخشعت له‬
‫الصوات ‪ ،‬يا من يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن‬
‫السيئات ‪ ،‬يا من إذا انتهت الشكوى إليه فقد بلغت‬
‫المنتهى ‪ ،‬يا فالق الحب والنوى ‪.‬‬
‫اللهم نشكو إليك ما نحن فيه من طاعتك مقصرون ‪،‬‬
‫وعلى معصيتك مصرون ‪ ،‬وبعظمتك جاهلون ‪ ،‬وبحكمك‬
‫مغترون ‪ ،‬وعن القيام بما يلزمنا في حقك عاجزون ‪.‬‬
‫اللهم اجعلنا من الذين يعاملونك بما تحب ‪ ،‬وتعاملهم‬
‫بما يحبون ‪ ،‬وينصرفون عما تكره ‪ ،‬وتصرف عما‬
‫يكرهون ‪ ،‬وألحقنا بالذين وجهوا إليك وجوههم ‪،‬‬
‫وأخلصوا لك أعمالهم ‪ ،‬ولم يعتمدوا على أحد إل عليك ‪،‬‬
‫ولم يستندوا إل إليك ‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫‪43‬‬

‫ربنا آتنا في الدنيا حسنة ‪ ،‬وفي الخرة حسنة وقنا‬


‫عذاب النار ‪ ،‬واختم لنا بخير ولجميع المسلمين برحمتك‬
‫يا أرحم الراحمين ‪.‬‬
‫فالله أسأل أن يعيننا على طاعته ‪ ،‬وأن يجعل عملنا‬
‫حا متقبل ً ‪ ،‬ووصيتي لك إن انتفعت من هذه الرسالة‬‫صال ً‬
‫بشيء أو وجدت غير ذلك أن تدعو لجامعها أن يرزقه‬
‫الله الصدق والخلص في القول والعمل ‪ ،‬اللهم يا ولي‬
‫السلم وأهله مسكنا بالسلم حتى نلقاك عليه ‪،‬‬
‫والحمد لله أول وآخرا ‪.‬‬
‫وكتبه ‪:‬‬
‫هاني حلمي‬

‫‪43‬‬

You might also like