Professional Documents
Culture Documents
سورة البقرة
ى
هههد ً ه ُ فيهه ِ
ب ِب ل َرْيهه َ ك ال ْك َِتهها ُ
قععوله تعععالى} :الههم ذَِلهه َ
ن{ أشار الله تعالى إلععى القععرآن فععي هععذه اليععة إشععارة قي َ ل ِل ْ ُ
مت ّ ِ
نالبعيد وقد أشار له فععي آيععات أخععر إشععارة القريععب كقععوله} :إ ِ ّ
ذاهه َن َ م{ وكقععوله} :إ ِ ّ و ُقه َي أَ ْ هه َدي ل ِل ّت ِههي ِ
هه ِن يَ ْ
قْرآ َ ذا ال ْ ُ ه ََ
ذا هه َو َل{ اليععة وكقععولهَ } : سههرائي َ عَلى ب َِني إ ِ ْص َ ق ّ ن يَ ُ قْرآ َ ال ْ ُ
عل َيهه َ َ َ
ن
سهه َ ح َكأ ْ ص َ ْ قهه ّ ن نَ ُ حهه ُ ه{ ,وكقععوله} :ن َ ْ ب أن َْزل َْنهها ُ ك َِتهها ٌ
ن{ ,إلععى غيععر ذلععك مععن ذا ال ْ ُ ه َ حي َْنا إ ِل َي ْ َ َ ال ْ َ
قْرآ َ ك َ و َ ما أ ْ ص بِ َ ص ِ ق َ
اليات ,وللجمععع بيععن هععذه اليععات أوجععه- :الول-مععا حععرره بعععض
علماء البلغة من أن وجه الشارة إليه بإشارة الحاضر القريب أن
هذا القرآن قريب حاضر فععي لسععماع واللسععنة والقلععوب ,ووجععه
الشارة إليه بإشارة البعيد هو بعععد مكععانته ومنزلتععه عععن مشععابهة
كلم الخلق وعما يزعمه الكفار من أنه سحر أو شعر أو كهانععة أو
أساطير الولين .
الوجه الثاني :هو ما اختاره ابن جرير الطبري في تفسيره
من أن ذلك إشارة إلى ما تضمنه قوله} :الم{ وأنه إشارة إليه
إشارة البعيد لن الكلم المشار إليه منقض ومعناه في الحقيقة
القرب لقرب انقضائه وضرب له مثل بالرجل يحدث الرجل
فيقول له مرة :والله إن ذلك لكما قلت ,ومرة يقول :والله إن
هذا لكما قلت ,فإشارة البعيد نظرا إلى أن الكلم مضى وانقضى
وإشارة القريب نظرا إلى قرب انقضائه.
الوجه الثالث :أن العرب ربما أشارت إلى القريب إشارة
البعيد فتكون الية على أسلوب من أساليب اللغة العربية ونظيره
قول خفاف ابن ندبة السلمي لما قتل مالك بن حرملة الفزارى:
فعمدا على عيني تيممت فإن تك خيلى قد أصيب
مالكا صميمها
تأمل خفافا إنني أنا ذلكا أقول له والرمح يأطر متنه
يعني أنا هذا وهذا القول الخير حكاه البخارى عن معمر بن
المثنى أبي عبيدة قاله ابن كثير .وعلى كل حال فعامة المفسرين
بعلى أن ذلك الكتاب بمعنى هذا الكتاب .قوله تعالى} :ل َري ْ َ
ه{ هذه نكرة في سياق النفي ركبت مع ل فبنيت على الفتح. في ِ ِ
والنكرة إذا كانت كذلك فهي نص في العموم كما تقرر في علم
الصول ,و }ل{ هذه التي هي نص في العموم هي المعروفة
عند النحويين بع )ل( التي لنفى الجنس ,أما )ل( العاملة عمل
ليس فهي ظاهرة في العموم ل نص فيه ,وعليه فالية نص في
نفي كل فرد من أفراد الريب عن هذا القرآن العظيم ,وقد جاء
في آيات أخر ما يدل على وجود الريب فيه لبعض من الناس
ما م ّب ِ في َري ْ ٍ م ِن ك ُن ْت ُ ْ وإ ِ ْ كالكفار الشاكين كقوله تعالىَ } :
في م ِ ه ْ م َ
ف ُ ه ْ قُلوب ُ ُت ُواْرَتاب َ ْ دَنا{ ,وكقولهَ } : عَلى َ
عب ْ ِ ن َّزل َْنا َ
ن{. عُبو َ ك ي َل ْ َش ّ في َ م ِ ه ْل ُ ن{ ,وكقوله} :ب َ ْ دو َ م ي َت ََردّ ُ ه ْ
َري ْب ِ ِ
ووجه الجمع في ذلك أن القرآن بالغ من وضوح الدلة وظهور
المعجزة ما ينفي تطرق أي ريب إليه ,وريب الكفار فيه إنما هو
ُ َ لعمى بصائرهم ,كما بينه بقوله تعالى} :أ َ َ
ز َ
ل ما أن ْ ِ
م أن ّ َعل َ ُ
ن يَ ْ
م ْ
ف َ
مى{ فصرح بأن من ل يعلم و أَ ْ
ع َ ه َ
ن ُ ق كَ َ
م ْ ك ال ْ َ
ح ّ ن َرب ّ َ
م ْ إ ِل َي ْ َ
ك ِ
عماه ومعلوم أن عدم رؤية أنه الحق أن ذلك إنما جاءه من ِقبل َ
العمى للشمس ل ينافي كونها ل ريب فيها لظهورها:
فل غرو أن يرتاب والصبح
إذا لم يكن للمرء عين صحيحة
مسفر
وأجاب بعض العلماء بأن قوله ل ريب فيه خبر أريد به النشاء
أي ل ترتابوا فيه وعليه فل إشكال.
ن{ .خصص في هدى هذا قي َ مت ّ ِ ى ل ِل ْ ُ هد ً قوله تعالىُ } :
الكتاب بالمتقين ,وقد جاء في آية أخرى ما يدل على أن هداه
ذي ن ال ّ ِ ضا َ م َ
هُر َر َ ش ْ عام لجميع الناس ,و هي قوله تعالىَ } :
س{ الية .ووجه الجمع بينهما أن ناّ لل ِ ى هد ُ ن رآ قُ ه ال ْ فيِ َ
ل ز ْ نأُ
ِ ً ُ ْ ِ ِ
الهدى يستعمل في القرآن استعمالين أحدهما عام والثاني خاص.
أما الهدى العام فمعناه إبانة طريق الحق وإيضاح المحجة سواء
ما سلكها المبين له أم ل ومنه بهذا المعنى قوله تعالىَ } :
وأ ّ َ
م{ أي بينا لهم طريق الحق على لسان نبينا ه ْ هدَي َْنا ُ ف َ مودُ َ ثَ ُ
صالح عليه وعلى نبينا الصلة والسلم مع أنهم لم يسلكوها بدليل
دى{ ,ومنه أيضا ه َعَلى ال ْ ُ مى َ ع َحّبوا ال ْ َ ست َ َ فا ْ قوله عز وجلَ } :
ل{ ,أي بينا له طريق الخير سِبي َ هدَي َْناهُ ال ّ قوله تعالى} :إ ِّنا َ
فورًا{ .وأما الهدى ما ك َ ُ وإ ِ ّكرا ً َ شا ِ ما َ والشر بدليل قوله} :إ ِ ّ
الخاص فهو تفضل الله بالتوفيق على العبد ومنه بهذا المعنى
نم ْف َ ه{ الية .وقولهَ } : دى الل ّ ُ ه َ ن َ ذي َ ك ال ّ ِ قوله تعالىُ} :أول َئ ِ َ
م{ ,فإذا علمت ذلك ه يَ ْ يرد الل ّ َ
سل ِ صدَْرهُ ل ِل ِ ْ ح َ شَر ْ دي َ ُ ه ِ ن يَ ْ هأ ْ ُ ُ ِ ِ
فاعلم أن الهدى الخاص بالمتقين هو الهدى الخاص وهو التفضل
بالتوفيق عليهم والهدى العام للناس هو الهدى العام ,وهو إبانة
الطريق وإيضاح المحجة ,وبهذا يرتفع الشكال أيضا بين قوله
َ
دي ه ِ ك ل َت َ ْ وإ ِن ّ َ
ت{ مع قولهَ } : حب َب ْ َ نأ ْ م ْ دي َ ه ِ ك ل تَ ْ تعالى} :إ ِن ّ َ
م{ ,لن الهدى المنفي عنه صلى الله عليه قي ٍ ست َ ِ م ْ ط ُ صَرا ٍ إ َِلى ِ
وسلم هو الهدى الخاص لن التوفيق بيد الله وحده ومن يرد الله
فتنته فلن تملك له من الله شيئا ,والهدى المثبت له هو الهدى
العام الذي هو إبانة الطريق وقد بينها صلى الله عليه وسلم حتى
تركها محجة بيضاء ليلها كنهارها ,والله يدعو إلى دار السلم
ويهدي من يشاء إلى دار السلم ويهدي من يشاء إلى صراط
م ه ْ واءٌ َ َ ن كَ َ ن ال ّ ِ
علي ْ ِ س َ فُروا َ ذي َ مستقيم .قوله تعالى} :إ ِ ّ
َ ََ
ن{ .هذه الية تدل مُنو َ ؤ ِ م ل يُ ْ ه ْ ذْر ُ م ت ُن ْ ِ م لَ ْ مأ ْ ه ْ أأن ْذَْرت َ ُ
بظاهرها على عدم إيمان الكفار ,وقد جاء في آيات أخر ما يدل
لق ْ على أن بعض الكفار يؤمن بالله ورسوله كقوله تعالىُ } :
سَلف{ الية. قدْ َ ما َ م َ ه ْ فْر ل َ ُ غ َ هوا ي ُ ْ ن ي َن ْت َ ُ فُروا إ ِ ْ ن كَ َ ذي َ ل ِل ّ ِ
م{ عل َي ْك ُ ْ ه َ ن الل ّ ُ م ّ ف َ ل َ قب ْ ُ ن َ م ْ م ِ ك ك ُن ْت ُ ْ وكقوله} :ك َذَل ِ َ
ه{ ,ووجه الجمع ظاهر وهو ن بِ ِ م ُ ؤ ِ ن يُ ْ م ْ ء َ ؤل ِ ه ُ ن َ م ْ و ِ وكقولهَ } :
أن الية من العام المخصوص لنه في خصوص الشقياء الذين
ن
سبقت لهم في علم الله الشقاوة المشار إليهم بقوله} :إ ِ ّ
م
ه ْ جاءَت ْ ُ و َ ول َ ْن َ مُنو َ ؤ ِ ك ل يُ ْ ت َرب ّ َ م ُ م ك َل ِ َ ه ْ ِ عل َي ْت َ ق ْ ح ّ ن َ ذي َ ال ّ ِ
م{ .ويدل لهذا التخصيص َ ع َ وا ال ْ َ كُ ّ
ب الِلي َ ذا َ حّتى ي ََر ُ ة َ ل آي َ ٍ
م{ الية وأجاب البعض ه ْ عَلى ُ ُ م الل ّ ُ
قلوب ِ ِ ه َ خت َ َ قوله تعالىَ } :
بأن المعنى ل يؤمنون مادام الطبع على قلوبهم وأسماعهم
والغشاوة على أبصارهم فإن أزال الله عنهم ذلك بفضله آمنوا.
م{ه ْع ِ م ِ س ْ عَلى َ و َ م َ ه ْ قلوب ِ ِ
عَلى ُ ُ ه َ م الل ّ ُ خت َ َ قوله تعالى َ } :
الية .هذه الية تدل بظاهرها على أنهم مجبورون لن من ختم
على قلبه وجعلت الغشاوة على بصره سلبت منه القدرة على
اليمان .وقد جاء في آيات أخر ما يدل على أن كفرهم واقع
عَلى مى َ حّبوا ال ْ َ
ع َ ست َ َ فا ْ بمشيئتهم وإرادتهم كقوله تعالىَ } :
ضلل َ َ
ة وا ال ّ شت ََر ُ نا ْ ذي َ ك ال ّ ِ دى{ ,وكقوله تعالىُ} :أول َئ ِ َ ه َ ال ْ ُ
شاءَ ن َ م ْ ف َ ة{ ,وكقولهَ } : فَر ِ غ ِ م ْ ب ِبال ْ َ ذا َ ع َ وال ْ َ دى َ ه َ ِبال ْ ُ
ماك بِ َ فْر{ الية ,وكقوله} :ذَل ِ َ فل ْي َك ْ ُ شاءَ َ ن َ م ْ و َ ن َ م ْ ؤ ِ فل ْي ُ ْ َ
َ
مه ْ ت لَ ُ م ْ قد ّ َ ما َ س َ كم{ الية ,وكقوله} :ل َب ِئ ْ َ دي ُ ت أي ْ ِ م ْ قد ّ َ َ
هم{ الية. س ُ ف ُ أ َن ْ ُ
والجواب:أن الختم والطبع والغشاوة المجعولة على
أسماعهم وأبصارهم وقلوبهم ,كل ذلك عقاب من الله لهم على
مبادرتهم للكفر وتكذيب الرسل باختيارهم ومشيئتهم ,فعاقبهم
ل طَب َ َ
ع الله بعدم التوفيق جزاء وفاقا .كما بينه تعالى بقوله} :ب َ ْ
فرهم{ وقوله} :ذَل ِ َ َ
فُروا م كَ َ مُنوا ث ُ ّ مآ َ ه ْ ك ب ِأن ّ ُ ها ب ِك ُ ْ ِ ِ ْ عل َي ْ َ ه َ الل ّ ُ
مه ْ فئ ِدَت َ ُ ب أَ ْ قل ّ ُ ون ُ َ م{ وبقولهَ } : ه ِْ قُلوب ِ عَلى ُ ع َ فطُب ِ َ َ
َ َ
مافل َ ّ ة{ وقولهَ } : مّر ٍ ل َ و َ هأ ّ مُنوا ب ِ ِ ؤ ِ م يُ ْ ما ل َ ْ م كَ َ ه ْ صاَر ُ وأب ْ َ َ
في ُ ُ َ
ض مَر ٌ م َ ه ْ قلوب ِ ِ م{ وقولهِ } : ه ْ قُلوب َ ُ ه ُ غ الل ّ ُ غوا أَزا َ َزا ُ
م
ه ْ عَلى ُ ُ مَرضًا{ الية وقوله} :ب َ ْ م الل ّ ُ َ
قلوب ِ ِ ن َ ل َرا َ ه َ ه ُ فَزادَ ُ
ن{ ,إلى غير ذلك من اليات .قوله تعالى: سُبو َ كاُنوا ي َك ْ ِ ما َ َ
قدَ َنارا{ الية .أفرد في هذه الية ً و َ ست َ ْ ذي ا ْ ل ال ِ ّ مث َ ِ َ
مك َ ه ْ ُ
مث َل ُ } َ
الضمير في قوله استوقد وفي قوله ما حوله وجمع الضمير في
تل ما ٍ في ظُل ُ َ م ِ ه ْ وت ََرك َ ُ م َ ه ْ ر ِ ه ب ُِنو ِ ب الل ّ ُ ه َ قوله} :ذَ َ
ن{ ,مع أن مرجع كل هذه الضمائر شيء واحد وهو صُرو َ ي ُب ْ ِ
ذي{ ,والجواب عن هذا ل ال ّ ِ مث َ ِ م كَ َ ه ْمث َل ُ ُ لفظة الذي من قولهَ } :
أن لفظة الذي مفرد ومعناها عام لكل ما تشمله صلتها ,وقد تقرر
في علم الصول أن السماء الموصولة كلها من صيغ العموم,
فإذا حققت ذلك فاعلم أن إفراد الضمير باعتبار لفظة الذي
وجمعه باعتبار معناها ,ولهذا المعنى جرى على ألسنة العلماء أن
الذي تأتي بمعنى الذين ومن أمثلة ذلك في القرآن هذه الية
الكريمة ,فقوله كمثل الذي استوقد أي كمثل الذين استوقدوا
م{ الية .وقوله: ه ْ وت ََرك َ ُ م َ ه ْ
ر ِ ِ ه ب ُِنو ب الل ّ ُ ه َ بدليل قوله} :ذَ َ
ُ
ن{ قو َ مت ّ ُم ال ْ ُ ه ُ ك ُ ه أول َئ ِ َ صدّقَ ب ِ ِ و َ ق َ صد ْ ِ جاءَ ِبال ّ ذي َ وال ّ ِ } َ
ق
ف ُ ذي ي ُن ْ ِ كال ّ ِ ذى َ واْل َ َ ن َ م ّ م ِبال ْ َ قات ِك ُ ْ صد َ َ وقوله} :ل ت ُب ْطُِلوا َ
س{ أي كالذين ينفقون بدليل قوله} :ل رَئاءَ الّنا ِ ه ِ مال َ ُ َ
مضت ُ ْ خ ْ و ُ سُبوا{ وقولهَ } : ما ك َ َ م ّ ء ِ ي ٍش ْ عَلى َ ن َ دُرو َ ق ِ يَ ْ
ضوا{ بناء على الصحيح من أن الذي فيها موصولة ل خا ُ ذي َ كال ّ ِ َ
مصدرية ونظير هذا من كلم العرب قول الراجز:
في قائم منهم ول في من
يا رب عبس ل تبارك في أحد
قعد
إل الذي قاموا بأطراف المسد
وقول الشاعر وهو أشهب بن رميلة وأنشده سيبويه لطلق
الذي وإرادة الذين:
هم القوم كل القوم يا أم وأن الذي حانت بفلج دماؤهم
خالد
وزعم ابن النبارى أن لفظة الذي في بيت أشهب جمع الذ
بالسكون وأن الذي في الية مفرد أريد به الجمع وكلم سيبويه
يرد عليه وقول هديل بن الفرخ العجلى:
غوايتهم غيي ورشدهم وبت أساقى القوم إخوتي
رشدي الذي
وقال بعضهم المستوقد واحد لجماعة معه ول يخفى ضعفه.
ي{ الية هذه الية يدل ظاهرها م ٌ ع ْم ُ م ب ُك ْ ٌ ص ّ قوله تعالىُ } :
على أن المنافقين ل يسمعون ول يتكلمون ول يبصرون ,وقد جاء
شاءَ و َ ول َ ْ
في آيات أخر ما يدل على خلف ذلك كقوله تعالىَ } :
قوُلوا عهم َ ه ل َذَ َ
ن يَ ُ وإ ِ ْم{ وكقولهَ } : ه ْر ِ صا ِ وأب ْ َ م ِ ِ ْ َ س ْ ب بِ َ ه َ الل ّ ُ
هم{ الية ,أي لفصاحتهم وحلوة ألسنتهم ,وقوله: ِ ول ِ ق ْ ع لِ َ م ْ س َ تَ ْ
َ
داد{ إلى غير ذلك ح َة ِ م ب ِأل ْ ِ
سن َ ٍ قوك ُ ْ سل َ ُ ف َ و ُ خ ْ ب ال ْ َ ه َ ذا ذَ َ فإ ِ َ } َ
من اليات ,ووجه الجمع ظاهر ,وهو أنهم بكم عن النطق بالحق
مه ْعل َْنا ل َ ُج َو َ وإن رأوا غيره ,وقد بين تعالى هذا الجمع بقولهَ } :
ة{ الية ,لن مال يغني شيئا فهو فئ ِدَ ً وأ َ ْ صارا ً َ وأب ْ َ
سمعا ً َ
َ َ ْ
كالمعدوم والعرب ربما أطلقت الصمم على السماع الذي ل أثر
له ومنه قول قعنب بن أم صاحب:
وإن ذكرت بسوء عندهم
صم إذا سمعوا خيرا ذكرت به
أذنوا
وقول الشاعر:
وأسمع خلق الله حين أريد أصم عن المر الذي ل أريده
عن الجود والفخر يوم الفخار فأصممت عمرا وأعميته
وكذلك الكلم الذي ل فائدة فيه فهو كالعدم.
قال هبيرة بن أبي وهب
المخزومى:
لكالنبل تهوي ليس فيها
وإن كلم المرء في غير كنهه
نصالها
س ها الّنا ُ قودُ َ و ُقوا الّناَر ال ِّتي َ فات ّ ُ قوله تعالىَ } :
ة{ الية .هذه الية تدل على إن هذه النار كانت جاَر ُ ح َ وال ْ ِ َ
معروفة عندهم ,بدليل أل العهدية ,وقد قال تعالى في سورة
س
ها الّنا ُ قودُ َ م َنارا ً َ
و ُ هِليك ُ ْ وأ َ ْم َ سك ُ ْ ف َ قوا أ َن ْ ُ التحريمُ } :
ة{ ,فتنكير النار هنا يدل على أنها لم تكن معروفة جاَر ُ ح َ وال ْ ِ َ
عندهم بهذه الصفات .ووجه الجمع أنهم لم يكونوا يعلمون أن من
صفاتها كون الناس والحجارة وقودا لها فنزلت آية التحريم
فعرفوا منها ذلك من صفات النار ,ثم لما كانت معروفة عندهم
نزلت آية البقرة ,فعرفت فيها النار بأل العهدية لنها معهودة
عندهم في آية التحريم ,ذكر هذا الجمع البيضاوى والخطيب في
تفسيريهما وزعما أن آية التحريم نزلت بمكة وظاهر القرآن يدل
على هذا الجمع لن تعريف النار هنا بأل العهدية يدل على عهد
سابق والموصول وصلته دليل على العهد وعدم قصد الجنس ول
ينافي ذلك أن سورة التحريم مدنية وأن الظاهرنزولها بعد البقرة,
كما روي عن ابن عباس لجواز كون الية مكية في سورة مدنية
كالعكس.
ميعا ً َ
ج ِ ض َ في الْر ِ ما ِ م َ ق ل َك ُ ْخل َ َذي َ و ال ّ ِ ه َ قوله تعالىُ } :
ء{ الية .هذه الية تدل على أن خلق ما ِ س َ وى إ َِلى ال ّ ست َ َ
ما ْ ثُ ّ
الرض قبل خلق السماء بدليل لفظة ثم التي هي للترتيب
والنفصال وكذلك آية حم السجدة تدل أيضا على خلق الرض
ق ْ َ
ذي ن ِبال ّ ِ فُرو َ م ل َت َك ْ ُ ل أإ ِن ّك ُ ْ قبل خلق السماء لنه قال فيها ُ } :
وى إ َِلى َ
ست َ َما ْ ن{ إلى أن قال} :ث ُ ّ مي ْ ِ و َ في ي َ ْ ض ِ ق الْر َ خل َ َ َ
ن{ الية .مع آية النازعات تدل على أن دحو خا ٌ ي دُ َ ه َ و ِء َ ما ِ س َ ال ّ
َ شد ّ َ ْ ً مأ ََ َ َ
خلقا أم ِ الرض بعد خلق السماء لنه قال فيها} :أأن ْت ُ ْ
َ
ها{ واعلم حا َ ك دَ َ عدَ ذَل ِ َ ض بَ ْ والْر َ ها{ .قالَ } : ماءُ ب ََنا َ س َ ال ّ
أول أن ابن عباس رضي الله عنهما سئل عن الجمع بين آية
السجدة وآية النازعات فأجاب بأن الله تعالى خلق الرض أول
قبل السماء غير مدحوة ثم استوى إلى السماء فسواهن سبعا
في يومين ثم دحا الرض بعد ذلك وجعل فيها الرواسي والنهار
وغير ذلك فأصل خلق الرض قبل خلق السماء ودحوها بجبالها
وأشجارها ونحو ذلك بعد خلق السماء ,ويدل لهذا أنه قال:
ها{ ولم يقل خلقها ,ثم فسر دحوه حا َ ك دَ َ عدَ ذَل ِ َ ض بَ ْ َ
والْر َ } َ
ها{ الية .وهذا الجمع عا َ مْر َ َ
و َها َ ماءَ َ ها َ من ْ َ ج ِ خَر َ إياها بقوله} :أ ْ
الذي جمع به ابن عباس بين هاتين اليتين واضح ل إشكال فيه
رد عليه إشكال من آية مفهوم من ظاهر القرآن العظيم إل أنه ي َ ِ
البقرة هذه وإيضاحه أن ابن عباس جمع بأن خلق الرض قبل
خلق السماء ودحوها بما فيها بعد خلق السماء وفي هذه الية
التصريح بأن جميع ما في الرض مخلوق قبل خلق السماء لنه
ْ َ
ميعا ً ث ُ ّ
م ج ِض َ في الْر ِ ما ِ م َ ق ل َك ُ ْ
خل َ َ ذي َ و ال ّ ِه َ قال فيهاُ } :
ء{ الية .وقد مكثت زمنا طويل أفكر في ما ِ س َ وى إ َِلى ال ّ ست َ َ ا ْ
حل هذا الشكال حتى هداني الله إليه ذات يوم ففهمته من
القرآن العظيم ,وإيضاحه أن هذا الشكال مرفوع من وجهين كل
منهما تدل عليه آية من القرآن:
ب{ المراد ر ُ
غ ِ م ْوال ْ َ
رق ُ َ ش ِ م ْ ه ال ْ َ ول ِل ّ ِوالجواب أن قوله هناَ } :
به جنس المشرق والمغرب فهو صادق بكل مشرق من مشارق
الشمس التي هي ثلثمائة وستون ,وكل مغرب من مغاربها التي
هي كذلك كما روي عن ابن عباس وغيره.
قال ابن جرير في تفسير هذه الية ما نصه:
"وإنما معنى ذلك ولله المشرق الذي تشرق منه الشمس كل
يوم والمغرب الذي تغرب فيه كل يوم فتأويله إذا كان ذلك معناه:
ولله ما بين قطري المشرق وقطري المغرب إذا كان شروق
الشمس كل يوم من موضع منه ل تعود لشروقها منه إلى الحول
بالذي تعده وكذلك غروبها" ,انتهى منه بلفظه .وقولهَ} :ر ّ
ن{ يعني كشرق الشتاء ومشرق رب َي ْ ِ
غ ِ ب ال ْ َ
م ْ وَر ّ ن َقي ْ ِر َ م ْ
ش ِ ال ْ َ
الصيف ومغربهما كما عليه الجمهور.
بوقيل :مشرق الشمس والقمر ومغربهما ,وقوله} :ب َِر ّ
رب{أي مشارق الشمس ومغاربها كما تقدم. غا ِ م َوال ْ َ
ق َ ر ِ شا ِ م َ ال ْ َ
وقيل مشارق الشمس والقمر والكواكب ومغاربها والعلم عند
الله تعالى.
َ
ل لَ ُ
ه ض كُ ّ والْر ِ ت َ وا ِما َ س َ في ال ّ ما ِ ه َ ل لَ ُ قوله تعالى} :ب َ ْ
ن{ عبر في هذه الية بع }ما{ الموصولة الدالة على غير قان ُِتو َ َ
ن{ بصيغة الجمع المذكر قان ُِتو َ العقلء ,ثم عبر في قولهَ } :
الخاص بالعقلء .
ووجه الجمع :أن ما في السماوات والرض من الخلق منه
العاقل وغير العاقل ,فغلب في السم الموصول غير العاقل,
وغلب في صيغة الجمع العاقل ,والنكتة في ذلك أنه قال} :ب َ ْ
ل
َ
ض{ وجميع الخلئق بالنسبة والْر ِ ت َ وا ِ ما َ س َفي ال ّ ما ِ ه َ لَ ُ
لملك الله إياهم سواء عاقلهم وغيره ,فالعاقل في ضعفه وعجزه
بالنسبة إلى ملك الله كغير العاقل .ولما ذكر القنوت وهو الطاعة
وكان أظهر في العقلء من غيرهم عبر بما يدل على العقلء تغليبا
لهم.
ن{ .هذه الية قُنو َ وم ٍ ُيو ِ ق ْ ت لِ َقدْ ب َي ّّنا اليا ِ قوله تعالىَ } :
تدل بظاهرها على أن البيان خاص بالموقنين.
وقد جاءت آيات أخر تدل على أن البيان عام لجميع الناس
م ه ْ عل ّ ُ س لَ َ ه ِللّنا ِ ه آَيات ِ ِ ن الل ّ ُ ك ي ُب َي ّ ُ كقوله تعالى} :ك َذَل ِ َ
س{ .ووجه الجمع أن البيان ن ِللّنا ِ ذا ب ََيا ٌ ه َ ن{ وكقولهَ } : قو َ ي َت ّ ُ
عام لجميع الخلق ,إل أنه لما كان النتفاع به خاصا بالمتقين خص
في هذه الية بهم لن ما لنفع فيه كالعدم.
ها{ شا َ خ َ ن يَ ْ َ
م ْ ذُر َ من ْ ِ ت ُ ما أن ْ َ ونظيرها قوله تعالى} :إ ِن ّ َ
كر{ الية ,مع أنه منذر للسود ع الذّ ْ ن ات ّب َ َ م ِ ذُر َ ما ت ُن ْ ِ وقوله} :إ ِن ّ َ
والحمر ,وإنما خص النذار بمن يخشى ومن يتبع الذكر لنه
المنتفع به.
ها إ ِل ّ عل َي ْ َ ت َ ة ال ِّتي ك ُن ْ َ قب ْل َ َ عل َْنا ال ْ ِ ج َ ما َ و َ قوله تعالىَ } :
قب َْيه{ الية. ع ِ عَلى َ ب َ قل ِ ُ ن ي َن ْ َ م ْ م ّ ل ِ سو َ ع الّر ُ ن ي َت ّب ِ ُ م ْ م َ عل َ َ ل ِن َ ْ
قوله تعالى في هذه الية إل لنعلم يوهم أنه لم يكن عالما بمن
يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه مع أنه تعالى عالم بكل شئ
قبل وقوعه ,فهو يعلم ما سيعمله الخلق كما دلت عليه آيات
وإ ِ ْ
ذ م ن ال َ ُ شأ َ َ عل َم بك ُم إذْ أ َ هو أ َ
ض َ ِ رْ َ ِ مْ ك ْ ن ِ ْ ِ ُ ْ كثيرة كقولهَ ُ } :
َ ُ في ب ُ ُ َ َ
م{, سك ُ ْ ف َ كوا أن ْ ُ فل ت َُز ّ م َ هات ِك ُ ْ م َ نأ ّ طو ِ ة ِ جن ّ ٌ مأ ِ أن ْت ُ ْ
ها م لَ َ ه ْ ك ُ ن ذَل ِ َ دو ِ ن ُ م ْ ل ِ ما ٌ ع َ م أَ ْ ه ْ ول َ ُ وقوله تعالىَ } :
ن{. مُلو َ عا ِ َ
والجواب عن هذا أن معنى قوله تعالى إل لنعلم علما يترتب
عليه الثواب والعقاب فل ينافي كونه عالما به قبل وقوعه ,وقد
أشار تعالى إلى أنه ل يستفيد بالختبار علما جديدا لنه عالم بما
مرك ُ ْ دو ِ ص ُ في ُ ما ِ ه َ ي الل ّ ُ ول ِي َب ْت َل ِ َ سيكون حيث قال تعالىَ } :
ر{. دو ِ ص ُ ت ال ّ ذا ِ م بِ َ عِلي ٌ ه َ والل ّ ُ م َ قُلوب ِك ُ ْ في ُ ما ِ ص َ ح َ م ّ ول ِي ُ َ َ
}ل ِي َب ْت َِلي ر{تعد قولهَ : دو ِ ص ُ ت ال ّ ذا ِ م بِ َ عِلي ٌ ه َ ّ
والل ُ فقولهَ } :
َ{دليل على أنه ل يفيده الختبار علما لم يكن يعلمه سبحانه
وتعالى عن ذلك بل هو تعالى عالم بكل ما سيعمله خلقة وعالم
بكل شيء قبل وقوعه كما ل خلف فيه بين المسلمين ,ل يعزب
عنه مثقال ذرة الية.
ه ل الل ّ ِ سِبي ِ في َ ل ِ قت َ ُ ن يُ ْ م ْ قوُلوا ل ِ َ ول ت َ ُ قوله تعالىَ } :
ء{ الية هذه الية تدل بظاهرها على أن حَيا ٌ أ َموات ب ْ َ
لأ ْ ْ َ ٌ َ
الشهداء أحياء غير أموات ,وقد قال في آية أخرى لمن هو أفضل
م ه ْ وإ ِن ّ ُ ت َ مي ّ ٌ ك َ من كل الشهداء صلى الله عليه وسلم} :إ ِن ّ َ
ن{. مي ُّتو َ َ
والجواب عن هذا أن الشهداء يموتون الموتة الدنيوية فتورث
أموالهم وتنكح نساءهم بإجماع المسلمين ,وهذه الموتة التي أخبر
الله نبيه أنه يموتها صلى الله عليه وسلم وقد ثبت في الصحيح
عن صاحبه الصديق رضي الله عنه أنه قال لما توفي صلى الله
عليه وسلم" :بأبي أنت وأمي والله ل يجمع الله عليك موتتين ,أما
الموتة التي كتب الله عليك فقد متها" وقال" :من كان يعبد
محمدا فإن محمدا قد مات" .واستدل على ذلك بالقرآن ورجع
إليه جميع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم التي ثبت في
الحديث أنه يرد بها السلم على من سلم عليه فكلتاهما حياة
برزخية ليست معقولة لهل الدنيا ,أما في الشهداء فقد نص
ن{ ,وقد فسرها عُرو َ ش ُ ول َك ِ ْ
ن ل تَ ْ تعالى على ذلك بقولهَ } :
النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم" :تجعل أرواحهم في حواصل
طيور خضر ترتع في الجنة وتأوي إلى قناديل معلقة تحت العرش
فهم يتنعمون بذلك" ,وأما ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من
أنه ل يسلم عليه أحد إل رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلم
كل ملئكته يبلغونه سلم أمته فإن تلك الحياة أيضا ل وأن الله وَ ّ
يعقل حقيقتها أهل الدنيا لنها ثابتة له صلى الله عليه وسلم مع
أن روحه الكريمة في أعلى عليين مع الرفيق العلى فوق أرواح
الشهداء فتعلق هذه الروح الطاهرة التي هي في أعلى عليين
بهذا البدن الشريف الذي ل تأكله الرض يعلم الله حقيقته ول
ن{ عُرو َش ُ ول َك ِ ْ
ن ل تَ ْ يعلمها الخلق كما قال في جنس ذلك } َ
ولو كانت كالحياة التي يعرفها آهل الدنيا لما قال الصديق رضي
الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم مات ولما جاز دفنه ول نصب
خليفة غيره ول قتل عثمان ول اختلف أصحابه ول جرى على
عائشة ما جرى ولسألوه عن الحكام التي اختلفوا فيها بعده
كالعول وميراث الجد والخوة ونحو ذلك.
وإذا صرح القرآن بأن الشهداء أحياء في قوله تعالى بل
أحياء ,وصرح بأن هذه الحياة ل يعرف حقيقتها أهل الدنيا بقوله:
ن{ ,وكان النبي صلى الله عليه وسلم أثبت عُرو َ ن ل تَ ْ
ش ُ ول َك ِ ْ
} َ
حياته في القبر بحيث يسمع السلم ويرده وأصحابه الذين دفنوه
صلى الله عليه وسلم ل تشعر حواسهم بتلك الحياة عرفنا أنها
حياة ل يعقلها أهل الدنيا أيضا ,ومما يقرب هذا للذهن حياة النائم
فإنه يخالف الحي في جميع التصرفات مع أنه يدرك الرؤيا ويعقل
المعاني والله تعالى أعلم.
قال العلمة ابن القيم رحمه الله تعالى في كتاب الروح ما
نصه" :ومعلوم بالضرورة أن جسده صلى الله عليه وسلم في
الرض طرى مطرا وقد سأله الصحابة:كيف تعرض صلتنا عليك
وقد أرمت؟ فقال" :إن الله حرم على الرض أن تأكل أجساد
النبياء" ولو لم يكن جسده في ضريحه لما أجاب بهذا الجواب,
وقد صح عنه "إن الله وكل بقبره ملئكة يبلغونه عن أمته
السلم" ,وصح عنه أنه خرج بين أبي بكر وعمر وقال" :هكذا
نبعث" هذا مع القطع بأن روحه الكريمة في الرفيق العلى في
أعلى عليين مع أرواح النبياء ,وقد صح عنه أنه رأى موسى يصلي
في قبره ليلة السراء ورآه في السماء السادسة أو السابعة,
فالروح كانت هناك ولها اتصال بالبدن في القبر وإشراف عليه
وتعلق به بحيث يصلي في قبره ويرد سلم من يسلم عليه وهي
في الرفيق العلى ول تنافي بين المرين ,فإن شأن الرواح غير
شأن البدان" .انتهى محل الغرض من كلم ابن القيم بلفظه,
وهو يدل على أن الحياة المذكورة غير معلومة الحقيقة لهل
الدنيا .قال تعالى} :ب ْ َ
ن{ والعلم عند عُرو َ ش ُ ن ل تَ ْ ول َك ِ ْ حَياءٌ َ لأ ْ َ
الله.
َ
ول شْيئا ً َ ن َ قُلو َ ع ِ م ل يَ ْ ه ْ ؤ ُ ن آَبا ُ كا َ و َ ول َ ْ قوله تعالى} :أ َ
ن{ .هذه الية الكريمة تدل بظاهرها على أن الكفار ل دو َ هت َ ُ يَ ْ
عقول لهم أصل لن قوله شيئا نكرة في سياق النفي فهي تدل
على العموم وقد جاءت آيات أخر تدل على أن الكفار لهم عقول
ن
طا ُ شي ْ َ م ال ّ ه ُ ن لَ ُ وَزي ّ َ يعقلون بها في الدنيا كقوله تعالىَ } :
ن{. ري َ ص ِ ست َب ْ ِ م ْ كاُنوا ُ و َ ل َ سِبي ِ ن ال ّ ع ِ م َ ه ْ صد ّ ُ ف َ م َ ه ْ مال َ ُ ع َ أَ ْ
والجواب أنهم يعقلون أمور الدنيا دون أمور الخرة كما بينه تعالى
َ
سل ن أك ْث ََر الّنا ِ ول َك ِ ّ عدَهُ َ و ْ ه َ ف الل ّ ُ خل ِ ُ ه ل يُ ْ عدَ الل ّ ِ و ْ بقولهَ } :
نع ِ م َ ه ْ و ُ ة الدّن َْيا َ حَيا ِ ن ال ْ َ م َ هرا ً ِ ظا ِ ن َ مو َ عل َ ُ ن يَ ْ مو َ عل َ ُ يَ ْ
ن{. فُلو َ غا ِم َ ه ْ ة ُ خَر ِ ال ِ
م{ الية .هذه والدّ َ ة َ مي ْت َ َ م ال ْ َ عل َي ْك ُ ُ
م َ حّر َ ما َ قوله تعالى} :إ ِن ّ َ
الية تدل بظاهرها على جميع أنواع الدم حرام ,ومثلها قوله تعالى
م{ الية, والدّ َ ة َ مي ْت َ َ م ال ْ َ عل َي ْك ُ ُ م َ حّر َ ما َ في سورة النحل} :إ ِن ّ َ
م{ والدّ ُ ة َ مي ْت َ ُ م ال ْ َ عل َي ْك ُ ُ ت َ م ْ حّر َ وقوله في سورة المائدةُ } :
الية .وقد ذكر في آية أخرى ما يدل على أن الدم ل يحرم إل إذا
ن يَ ُ َ
ن
كو َ كان مسفوحا وهي قوله تعالى في سورة النعام} :إ ِل ّ أ ْ
فوحًا{ الية. ميت َ ً َ
س ُ م ْ دما ً َ و َ ةأ ْ َ ْ
والجواب أن هذه المسألة من مسائل تعارض المطلق
والمقيد والجاري على أصول مالك والشافعي وأحمد حمل
المطلق على المقيد ل سيما مع اتحاد الحكم والسبب ,كما هنا
وسواء عندهم تأخر المطلق عن المقيد في سورة النعام وهى
نزلت قبل النحل مع أنهما مكيتان آيات معروفة ,والدليل على أن
دوا
ها ُن َ ذي َ عَلى ال ّ ِ و َالنعام قبل النحل قوله تعالى في النحلَ } :
ل{ الية ,والمراد به ما قص قب ْ ُ ن َ م ْك ِ عل َي ْ َ صَنا َ ص ْ ق َ ما َ مَنا َ حّر َْ
ل ِذي مَنا ك ُ ّ حّر ْ دوا َ ها ُن َ ذي َ عَلى ال ّ ِ و َ عليه في النعام بقولهَ } :
ر{ الية وأما كون النعام نزلت قبل البقرة والمائدة فواضح ف ٍ ظُ ُ
لن النعام مكية بالجماع والمائدة من آخر ما نزل من القرآن
ولم ينسخ منها شيء لتأخرها ,وعلى هذا فالدم إذا كان غير
مسفوح كالحمرة التي تظهر في القدر من أثر تقطيع اللحم فهو
ليس بحرام لحمل المطلق على المقيد وعلى هذا كثير من
العلماء ,وما ذكرنا من عدم النسخ في المائدة قال به جماعة وهو
م{ ه ْ م ب َي ْن َ ُ حك ُ ْ فا ْ ك َ ءو َجا ُن َ فإ ِ ْ على القول بأن قوله تعالىَ } :
الية.
َ
م{ غير منسوخين صحيح رك ُ ْ غي ْ ِ ن َ م ْ ن ِ خَرا ِ وآ َ وقوله} :أ ْ
وعلى القول بنسخهما ل يصح على الطلق ,والعلم عند الله
تعالى.
ُ ْ ُ
م إ ِل ّ الّناَر ه ْ في ب ُطون ِ ِ ن ِ ما ي َأك ُُلو َ ك َ قوله تعالى} :أول َئ ِ َ
ة{ الية. م ِ قَيا َ م ال ْ ِ و َه يَ ْ م الل ّ ُه ُ ول ي ُك َل ّ ُ
م ُ َ
هذه الية تدل بظاهرها على أن الله ل يكلم الكفار يوم
القيامة لن قوله تعالى ول يكلمهم فعل في سياق النفي ,وقد
تقرر في علم الصول أن الفعل في سياق النفي من صيغ العموم
وسواء كان الفعل متعديا أو لزما على التحقيق خلفا للغزالي
القائل بعمومه في المتعدي دون اللزم خلف المام أبي حنيفة
رحمه الله في ذلك في حال ل في حقيقة لنه يقول إن الفعل
في سياق النفي ليس صيغة للعوم ولكنه يدل عليه باللتزام أي
لنه يدل على نفي الحقيقة ونفيها يلزمه نفي جميع أفراده
وإيضاح عموم الفعل في سياق النفي أن الفعل ينحل عن مصدر
وزمن عند النحويين وعن مصدر وزمن ونسبة عند بعض
البلغيين ,فالمصدر داخل في معناه إجماعا فالنفي الداخل على
الفعل ينفي المصدر الكامن في الفعل فيؤول إلى معنى النكرة
في سياق النفي ومن العجيب أن أبا حنيفة رحمه الله يوافق
الجمهور على أن الفعل في سياق النفي أن أكد بمصدر نحو ل
شربت تربا مثل أفاد العموم مع أنه ل يوافق على إفادة النكرة
في سياق النفي للعموم .وقد جاءت آيات أخر تدل على أن الله
ن ها َ يكلم الكفار يوم القيامة كقوله تعالى} :ربَنا أ َ
فإ ِ ْ من ْ َجَنا ِ ر ِْ خْ َ ّ
ن{ الية. مو ِول ت ُك َل ّ ُ ها َ سُأوا ِ
في َ خ َ
لا ْ ن َ
قا َ مو َ فإ ِّنا َ
ظال ِ ُ عدَْنا َ
ُ
)(5
ءءءء ءءءءءءء
م ه ُول ُ مهه ْ ه َ دوا إ َِلههى اللهه ِ م ُر ّ قههوله تعههالىُ} :ثهه ّ •
ق {..اليععة ،هععذه اليععة الكريمععة تععدل علععى أن اللععه مععولى ح ّ ال ْ َ
مهها س َ فهه ٍ ل نَ ْ كهه ّ ك ت َب ُْلو ُ هَنال ِ َ الكافرين ونظيرها قوله تعالىُ } :
َ
مهها م َ هه ْ عن ْ ُ ل َ ضه ّ و َ ق َ ح ّ م ال ْ َ ه ُ ول ُ م ْ ه َ دوا إ َِلى الل ِ وُر ّ ت َ ف ْ سل َ َ أ ْ
ن{ .وقد جاء في آية أخععرى مععا يععدل علععى خلف فت َُرو َ كاُنوا ي َ ْ َ
ذلك وهي قوله تعالى} :ذَل ِ َ َ
من ُههوا نآ َ ذي َ وَلى ال ّه ِ مه ْ ه َ ن الل ّ َ ك ب ِأ ّ
َ
م{ .والجواب عععن هععذا أن معنععى ه ْ وَلى ل َ ُ م ْ نل َ ري َ ف ِكا ِ ن ال ْ َ وأ ّ َ
كونه مععولى الكععافرين أنععه مععالكهم المتصععرف فيهععم بمععا شععاء,
ومعنى كععونه مععولى المععؤمنين دون الكععافرين أي وليععة المحبععة
والتوفيق والنصر ،والعلم عند الله تعععالى .وأمععا علععى قععول مععن
م{ عععائد ه ُ ول ُ مه ْ دوا{ ,وقولهَ } : قال :إن الضمير في قولهُ} :ر ّ
ل ,ولكن الول أظهر. على الملئكة فل إشكال في الية أص ً
ن مه ْ ن ِ قههو َ ن ي َت ّ ُ ذي َ عل َههى ال ّ ه ِ مهها َ و َ قههوله تعههالىَ } : •
ن{ ,هععذه قههو َ م ي َت ّ ُ هه ْ عل ّ ُ ن ِذك ْهَرى ل َ َ ول َك ِ ْء َ ي ٍ ش ْن َ م ْ م ِ ه ْ ساب ِ ِ ح َ ِ
الية الكريمة يفهم منها أنه ل إثم على من جالس الخائضين في
آيات الله بالستهزاء والتكذيب .وقد جاءت آية تدل على أن مععن
قدْ ن َهّز َ
ل و َ جالسهم كان مثلهم في الثععم وهععي قععوله تعععالىَ } :
َ
ههها ف هُر ب ِ َ ه ي ُك ْ َ ت الل ّ ه ِ م آَيا ِ عت ُ ْم ْ س ِ ذا َ ن إِ َ بأ ْ في ال ْك َِتا ِ م ِ عل َي ْك ُ ْ َ
ُ
م{. ه ْ مث ْل ُ ُ م ِإذا ً ِ ها{ إلى قوله} :إ ِن ّك ُ ْ هَزأ ب ِ َ ست َ ْوي ُ ْ َ
نمه ْ ن ِ قههو َ ن ي َت ّ ُ ذي َ ّ
على ال ِ َ ما َ و َ اعلم أول أن في معنى قولهَ } :
ء{ وجهين للعلماء: ي ٍ ش ْن َ م ْ م ِ ه ْ ساب ِ ِ ح َ ِ
الول :أن المعنى :وما على الذين يتقععون مجالسععة الكفععار عنععد
خوضهم في آيات الله من حساب الكفار من شيء ,وعلععى هععذا
الوجه فل إشكال في الية أصل.
الوجه الثاني :أن معنى الية وما على الذين يتقون ما يقععع مععن
الكفار في الخوض في آيات الله في مجالستهم لهم من شععيء,
وعلى هذا القول فهذا الععترخيص فععي مجالسععة الكفععار للمتقيععن
من المؤمنين كان فععي أول السععلم للضععرورة ثععم نسععخ بقععوله
م{ ,وممععن قععال بالنسععخ فيععه مجاهععد ه ْمث ْل ُ ُ م ِإذا ً ِ تعالى} :إ ِن ّك ُ ْ
والسدي وابن جريج وغيرهم كما نقله عنهم ابن كثير .فظهععر أن
كهَرى ن ِذ ْ ول َك ِ ْ ل إشكال على كل القولين .ومعنى قوله تعالىَ } :
ن{ على الوجه الول أنهععم إذا اجتنبععوا مجالسععتهم قو َ م ي َت ّ ُ ه ْ عل ّ ُ لَ َ
سلموا من الثم ولكن المر باتقاء مجالستهم عنععد الخععوض فععي
اليات ل يسقط وجوب تذكيرهم ووعظهععم وأمرهععم بععالمعروف
ونهيهم عن المنكر لعلهم يتقون الله بسبب ذلععك ,وعلععى الععوجه
الثاني فالمعنى أن الععترخيص فععي المجالسععة ل يسععقط التععذكير
لعلهم يتقون الخوض فععي آيععات اللععه بالباطععل إذا وقعععت منكععم
الذكرى لهم وأما جعل الضمير للمتقين فل يخفععى بعععده والعلععم
عند الله تعالى.
َ
ق
صد ّ ُ م َ ك ُ مَباَر ٌ ب أن َْزل َْناهُ ُ ذا ك َِتا ٌ ه َ و َ قوله تعالىَ } : •
ُ
ههها{ ،يتععوهم ول َ َ ح ْن َ مه ْ و َ ق هَرى َ م ال ْ ُ ذَر أ ّ ول ِت ُن ْ ِه َ ن ي َدَي ْ ِ ذي ب َي ْ َ ال ّ ِ
منه الجاهععل أن إنععذاره صععلى اللععه عليععه وسععلم مخصععوص بععأم
القرى وما يقرب منها دون القطععار النائيععة عنهععا لقععوله تعععالى:
ها{ ,ونظيععره قععوله تعععالى فععي سععورة الشععورى: ول َ َ ح ْ ن َ م ْ و َ } َ
م ال ْ ُ ُ َ
ن مهه ْ و َ قَرى َ ذَر أ ّ عَرب ِي ّا ً ل ِت ُن ْ ِ قْرآنا ً َ ك ُ حي َْنا إ ِل َي ْ َ و َ كأ ْ وك َذَل ِ َ } َ
ه{ .وقععد جععاءت آيععات في ه ِ ب ِ ع ل َري ْ َ م ِ ج ْم ال ْ َ و َ ذَر ي َ ْ وت ُن ْ ِ ها َ ول َ َ ح ْ َ
أخر تصّرح بعموم إنذاره صلى اللععه عليععه وسععلم لجميععع النععاس
ه
د ِعب ْه ِ عل َههى َ ن َ قهها َ فْر َ ل ال ْ ُ ذي ن َهّز َ ك اّله ِ كقععوله تعععالى} :ت ََباَر َ
ذا ه َ ي َ ي إ ِل َ َّ ح َ وُأو ِ ذيرا ً{ ،وقوله تعالىَ } : ن نَ ِ مي َ عال َ ِ ن ل ِل ْ َ كو َ ل ِي َ ُ
ههها ل ي َهها أي ّ َ قه ْ غ{ ،وقععولهُ } : ن ب َل َه َ مه ْ و َ ه َ م ب ِه ِ ذَرك ُ ْ ن ِل ُن ْ ِ قْرآ ُ ال ْ ُ
مها و َ ميعها ً{ ،وقععولهَ } : ج ِم َ كه ْ ه إ ِل َي ْ ُ ل الّله ِ سههو ُ س إ ِّني َر ُ الّنا ُ
ة ِللّناس{ ،والجواب من وجهين: ف ً كا ّ ك إ ِل ّ َ سل َْنا َ َ
أْر َ
ها{ شععامل لجميععع الرض ول َ َ ح ْن َ م ْ و َ الول :أن المراد بقولهَ } :
كما رواه ابن جرير وغيره عن ابن عباس.
ن م ْ و َ الععوجه الثععاني :أنععا لععو سععلمنا تسععليما جععدليا أن قععولهَ } :
ها{ ل يتناول إل القريب من مكة المكرمة -حرسها اللععه - ول َ َ ح ْ َ
كجزيرة العرب مثل فإن اليات الخر نصت على العموم كقوله:
ذيرا ً{ وذكر بعض أفراد العام بحكم العام ن نَ ِ مي َ عال َ ِ ن ل ِل ْ َ كو َ }ل ِي َ ُ
ل يخصصه عند عامة العلماء ولم يخععالف فيععه إل أبععو ثععور ,وقععد
قدمنا ذلك واضحا بأدلته فععي سععورة المععائدة ،فاليععة علععى هععذا
ن{ ,فإنه ل يدل على ك ال َ ْ شيَرت َ َ القول كقولهَ } :
قَرِبي َ ع ِ ذْر َ وأن ْ ِ َ
عدم إنذار غيرهم كما هو واضح والعلم عند الله تعالى.
غي َْر و َ شت َِبها ً َ م ْ ن ُ ما َ والّر ّ ن َ والّزي ُْتو َ قوله تعالىَ } : •
شههاِبها ً مت َ َن ُ مهها َ والّر ّ ن َ والّزي ْت ُههو َ ه{ ,وقععوله أيضععًاَ } : شههاب ِ ٍ مت َ َ ُ
ه{ ,أثبععت فععي هععاتين اليععتين التشععابه للزيتععون شههاب ِ ٍ مت َ َ غي َْر ُ و َ َ
والرمان ونفاه عنهما .
والجواب :ما قاله قتادة -رحمه الله -مععن أن المعنععى متشععابها
ورقها ,مختلفا طعمها ,والله تعالى أعلم.
َ
صههاُر{ ،هععذه اليععة ه الب ْ َ رك ُ ُقههوله تعههالى} :ل ت ُهدْ ِ •
الكريمة توهم أن الله تعالى ل يرى بالبصععار ,وقععد جععاءت آيععات
ذمئ ِ ٍ و َجوهٌ َيهه ْ و ُ أخر تدل على أنه يرى بالبصار ،كقوله تعععالىُ } :
َ
سهُنوا ح َ نأ ْ ذي َ ة{ ،وكقععوله} :ل ِل ّه ِ ههها ن َههاظَِر ٌ ة ,إ ِل َههى َرب ّ َ ضهَر ٌ َنا ِ
ة{ ،فالحسععنى :الجنععة ,والزيععادة :النظععر إلععى زَيادَ ٌ و ِ سَنى َ ح ْ ال ْ ُ
ههها في َ ن ِ ءو َ شهها ُ مهها ي َ َ م َ ه ْوجه اللععه الكريععم ،وكععذلك قععوله} :ل َ ُ
د{ على أحد القععولين ،وكقععوله تعععالى فععي الكفععار: زي ٌ م ِول َدَي َْنا َ َ
ن{ ،يفهععم مععن دليععل جوُبو َ ح ُم ْ َ
ذل َ مئ ِ ٍو َ م يَ ْه ْ ّ َ
ن َرب ّ ِ ع ْ م َ ه ْ }كل إ ِن ّ ُ
خطابه أن المؤمنين ليسوا محجععوبين عععن ربهععم والجععواب مععن
ثلثة أوجه:
الول :أن المعنععى :ل تععدركه البصععار أي فععي الععدنيا فل ينععافي
الرؤية في الخرة.
الثاني :أنه عام مخصوص برؤية المؤمنين له فععي الخععرة ,وهععذا
قريب في المعنى من الول.
الثالث :وهو الحق :أن المنفي فععي هععذه اليععة الدراك المشعععر
بالحاطة بالكنه ,أما مطلق الرؤية فل تدل الية على نفيه بل هو
ثععابت بهععذه اليععات القرآنيععة والحععاديث الصععحيحة واتفععاق أهععل
السنة والجماعة على ذلك.
وحاصل هذا الجععواب أن الدراك أخععص مععن مطلععق الرؤيععة لن
الدراك المراد به الحاطة ,والعرب تقععول" :رأيععت الشععيء ومععا
أدركته" ,فمعنى ل تدركه البصععار :ل تحيععط بععه كمععا أنععه تعععالى
يعلمه الخلق ول يحيطون بععه علمععا ،وقععد اتفععق العقلء علععى أن
نفي الخص ل يستلزم نفي العم ,فانتفععاء الدراك ل يلععزم منععه
انتفععاء مطلععق الرؤيععة مععع أن اللععه تعععالى ل يععدرك كنهععه علععى
الحقيقة أحععد مععن الخلععق ,والععدليل علععى صععحة هععذا الععوجه مععا
أخرجه الشيخان من حديث أبي موسى مرفوعععا" :حجععابه النععور
أو النار لو كشفه لحرقت سبحات وجهععه مععا انتهععى إليععه بصععره
من خلقه" ،فالحديث صريح في عدم الرؤيععة فععي الععدنيا ويفهععم
منععه عععدم إمكععان الحاطععة مطلقععا .والحاصععل أن رؤيتععه تعععالى
بالبصار جائزة عقل في الدنيا والخرة؛ لن كل موجود يجععوز أن
يععرى عقل ،وأمععا فععي الشععرع فهععي جععائزة وواقعععة فععي الخععرة
ممتنعة في الدنيا ،ومن أصرح الدلععة فععي ذلععك مععا رواه مسععلم
وابععن خزيمععة مرفوعععا" :إنكععم لععن تععروا ربكععم حععتى تموتععوا"
والحاديث برؤية المؤمنين له يوم القيامععة متععواترة والعلععم عنععد
الله تعالى.
َ
ن{ ,ل كي َ ر ِ شهه ِ م ْ ن ال ْ ُ عهه ِ ض َ ر ْ عهه ِوأ ْ قههوله تعههالىَ } : •
يعارض آيات السيف لنها ناسخة له.
ههها في َ ن ِ دي َ خال ِه ِ م َ واك ُ ْ مث ْه َ ل الّناُر َ قا َ قوله تعالىَ } : •
ه{ ،هذه الية الكريمععة يفهععم منهععا كععون عععذاب شاءَ الل ُ ما َ إ ِل ّ َ
أهل النار غير باق بقاء ل انقطاع له أبدا ونظيرهععا قععوله تعععالى:
} َ َ
ق,
هي ٌ ش ِ و َفيٌر َ ها َز ِ في َ م ِ ه ْ ر لَ ُ في الّنا ِ ف ِقوا َ ش ُ ن َ ذي َ ما ال ّ ِ فأ ّ
َ
شههاءَ مهها َ ض إ ِل ّ َ والْر ُ ت َ وا ُ ما َ سه َ ت ال ّ م ِ دا َ
ما َ ها َ في َ ن ِ دي َ خال ِ ِ
َ
قابها ً{ ،وقععد جععاءت ح َ َ
هها أ ْ في َ ن ِ َرّبك{ ،وقععوله تعععالى} :لب ِِثي َ
ها في َ ن ِ دي َ خال ِ ِ ن عذابهم ل انقطاع له كقولهَ } : آيات تدل على أ ّ
أ ََبدا ً{.
والجواب عن هذا من أوجه:
ه{ معنععاه إل مععن شععاء شاءَ الل ُ ما َ أحدها :أن قوله تعالى} :إ ِل ّ َ
الله عدم خلوده فيها من أهل الكبائر من الموحععدين ،وقععد ثبععت
في الحاديث الصحيحة أن بعض أهل النععار يخرجععون منهععا وهععم
أهل الكبائر من الموحدين ،ونقل ابن جرير هذا القول عن قتادة
والضحاك وأبي سنان وخالد بن معدان واختاره ابن جرير وغايععة
حوا فههان ْك ِ ُ ما في هذا القول إطلق ما ورد ونظيره في القرآن } َ
ء{. سا ِ ن الن ّ َ م َ ب ل َك ُ ْ
م ِ طا َما َ َ
الثاني :أن المدة التي استثناها الله هي المععدة الععتي بيععن بعثهععم
من قبورهم واستقرارهم في مصيرهم قاله ابن جرير أيضا.
ه{ فيععه إجمععال وقععد شههاءَ الل ه ُما َ الوجه الثالث :أن قوله }إ ِل ّ َ
جاءت اليات والحاديث الصحيحة مصععرحة بععأنهم خالععدون فيهععا
أبدًا ,وظاهرها أنه خلود ل انقطاع له ,والظهور مععن المرجحععات,
فالظاهر مقدم على المجمل كما تقرر في الصول.
ن "إ ِل ّ" في سورة هود بمعنى" :سوى ما شاء الله مععن ومنها :أ ّ
الزيادة على مدة دوام السماوات والرض" .وقال بعض العلماء:
إن الستثناء على ظاهره وأنه يأتي على النعار زمعان ليعس فيهعا
أحد ،وقال ابن مسعود" :ليأتين على جهنم زمععان تخفععق أبوابهععا
ليس فيها أحد ،وذلك بعدما يلبثععون أحقابععا" ،وعععن ابععن عبععاس:
"أنها تأكلهم بأمر الله" .قال مقيده -عفا الله عنه :-الذي يظهر
لي والله تعالى أعلم أن هذه النار التي ل يبقى فيها أحععد يتعيععن
حملها على الطبقة التي كان فيها عصاة المسلمين كما جزم بععه
البغوي في تفسيره؛ لنه يحصل به الجمععع بيععن الدلععة ,وإعمععال
الدليلين أولى من إلغاء أحدهما ،وقد أطبق العلماء على وجععوب
الجمع إذا أمكن ,أما ما يقول كثير من العلماء من الصحابة ومن
بعدهم من أن النار تفنععى وينقطععع العععذاب عععن أهلهععا ،فاليععات
القرآنية تقتضي عدم صععحته ,وإيضععاحه أن المقععام ل يخلععو مععن
إحدى خمس حالت بالتقسيم الصحيح وغيرها راجع إليها:
الولى :أن يقال بفناء النار وأن استراحتهم مععن العععذاب بسععبب
فنائها.
الثانية :أن يقال إنهم ماتوا وهي باقية.
الثالثة :أن يقال إنهم أخرجوا منها وهي باقية.
الرابعة :أن يقال :إنهم باقون فيها إل أن العععذاب يخععف عليهععم.
وذهاب العذاب رأسا واستحالته لذة لععم نععذكرهما مععن القسععام
لنا نقيم البرهان على نفي تخفيف العذاب ,ونفي تخفيفه يلزمه
نفي ذهابه واستحالته لذة ,فاكتفينا به لدللة نفيععه علععى نفيهمععا,
وكل هذه القسام الربعة يدل القرآن على بطلنه.
تخب َه ْما َ أما فناؤها فقععد نععص تعععالى علععى عععدمه بقععوله} :ك ُل ّ َ
شههاءَ َرب ّههك{ فععي ما َ عيرا ً{ ,وقد قال تعالى} :إ ِل ّ َ س ِم َ ه ْ
زدَْنا ُ ِ
خلود أهل الجنة وخلود أهل النار وبّين عدم النقطعاع فععي خلععود
ذاههه َن َ ذوٍذ{ ,وبقععوله} :إ ِ ّ جه ُ
م ْ طاءً َ
غي َْر َ ع َأهل الجنة بقولهَ } :
مههاو َ
ف هد ُ َ م ي َن ْ َعن ْهدَك ُ ْ
مهها ِ فاٍد{ ,وقععولهَ } : ن نَ َ
م ْ
ه ِما ل َ ُ
قَنا َ لَ ِ
رْز ُ
ق{ ،وبّين عدم النقطاع في خلود أهل النار بقوله: ه َبا ٍ عن ْدَ الل ِ ِ
عيرا ً{ ,فمععن يقععول إن للنععار خبععوة سه ِ م َ ه ْ زدَْنها ُ ت ِ خب َ ْ ما َ }ك ُل ّ َ
ليس بعدها زيادة سعير رد عليه بهذه الية الكريمة .ومعلععوم أن
ما( تقتضي التكرار بتكرر الفعل الذي بعدها ،ونظيرها قععوله )ك ُل ّ َ
ههها{ غي َْر َ جل ُههودا ً َ م ُ ه ْ م ب َهدّل َْنا ُ ه ْ جل ُههودُ ُ ت ُ ج ْ ض َ ما ن َ ِ تعالى} :ك ُل ّ َ
ضى ق َ ص تعالى على عدمه بقوله} :ل ي ُ ْ الية .وأما موتهم فقد ن ّ
ْ
ن كهها ٍ م َ ل َ كهه ّ ن ُ م ْ ت ِ و ُ م ْه ال ْ َ وي َأِتي ِ موُتوا{ ,وقولهَ } : في َ ُ م َ ه ْ علي ْ ِ
َ َ
ت{ ,وقد بّين النععبي صععلى اللععه عليععه وسععلم فععي مي ّ ٍ و بِ َ ه َ ما ُ و َ َ
الحديث الصحيح أن الموت يجاء به يوم القيامة في صورة كبش
أملح فيذبح ,وإذا ذبح الموت حصل اليقين بأنه ل موت كما قععال
النبي صلى اللعه عليعه وسعلم ويقعال" :يعا أهعل الجنعة خلعود فل
موت ،ويا أهل النار خلود فل موت" .وأما إخراجهععم منهععا فنععص
َ َ
ههها من ْ َ جههوا ِ خُر ُ ن يَ ْ دوا أ ْ ما أَرا ُ تعالى علععى عععدمه بقععوله} :ك ُل ّ َ
ها{. من ْ َ ن ِ جي َ ر ِ خا ِ م بِ َ ه ْ ما ُ و َ ها{ ,وبقولهَ } : في َ دوا ِ عي ُ أُ ِ
ول وأما تخفيف العذاب عنهم فنص تعالى على عععدمه بقععولهَ } :
ر{, فههو ٍ ل كَ ُ زي ك ُه ّ جه ِ ك نَ ْ ها ك َهذَل ِ َ ذاب ِ َ عه َ ن َ مه ْ م ِ هه ْ عن ْ ُ ف َ فه ُ خ ّ يُ َ
فت ُّر ذابا ً{ ,وقوله} :ل ي ُ َ ع َ م إ ِل ّ َ زيدَك ُ ْ ن نَ ِ فل َ ْ قوا َ ذو ُ ف ُ وقولهَ } :
ن ها ك َهها َ ذاب َ َ عه َ ن َ ن{ ,وقععوله} :إ ِ ّ سههو َ مب ْل ِ ُ ه ُ فيه ِ م ِ هه ْ و ُ م َ هه ْ عن ْ ُ َ
ن ل َِزام ها ً{ ,وقععوله تعععالى: ف ي َك ُههو ُ و َ سه ْ ف َ غَراما ً{ ,وقععولهَ } : َ
م هه ْ ول َ ُ ن{ ,وقععولهَ } : م ي ُن ْظَ هُرو َ هه ْ ول ُ م َ هه ْ عن ْ ُف َ ف ُ خ ّ فل ي ُ َ } َ
نمهه ْ م ِ ههه ْ عن ْ ُ ف َ ف ُ خ ّ م{ .ول يخفى أن قععوله} :ل ي ُ َ قي ٌ م ِ ب ُ ذا ٌ ع َ َ
م{ كلهمععا فعععل فععي سععياق هه ْ عن ْ ُ فت ُّر َ ها{ وقععوله} :ل ي ُ َ ذاب ِ َ ع َ َ
النفي فحرف النفي ينفي المصدر الكامن فععي الفعععل فهععو فععي
معنى ل تخفيف للعذاب عنهم ول تفتير له ,والقول بفنائها يلزمه
تخفيف العذاب وتفععتيره المنفيععان فععي هععذه اليععات ,بععل يلزمععه
ذهابهما رأسا ,كما أنععه يلزمععه نفععي ملزمععة العععذاب المنصععوص
ها ذاب َ َ عه َ ن َ ن ل َِزام ها ً{ وقععوله} :إ ِ ّ ف ي َك ُههو ُ و َ س ْ ف َ عليها بقولهَ } :
ب ذا ٌ عه َ م َ هه ْ ول َ ُغَراما ً{ وإقامته النصوص عليهععا بقععولهَ } : ن َ كا َ َ
م{. قي ٌ م ِ ُ
مافظاهر هذه اليات عدم فناء النار المصرح به في قوله} :ك ُل ّ َ
عيرا ً{ وما احتج به بعض العلماء من أنععه لععو س ِ م َ ه ْ زدَْنا ُ ت ِ خب َ ْ َ
فرض أن الله أخبر بعدم فنائها أن ذلك ل يمنع فناءها لنه وعيد
وإخلف الوعيد من الحسن ل من القبيح ,وأن اللععه تعععالى ذكععر
أنه ل يخلف وعده ولم يذكر أنععه ل يخلععف وعيععده وأن الشععاعر
قال:
لمخلععععف إيعععععادي ومنجععععز أو وإن أوعدتعه وإنعي
موععععععععععععععععععععععععععععععدي فالظاهر عدم صحته لمرين: وعدتعه
الول :أنه يلزم جواز أل ّ يدخل النار كافر لن الخععبر بععذلك وعيععد
وإخلفه على هذا القول ل بأس به.
الثاني :أنه تعالى صرح بحق وعيده على من كععذب رسععله حيععث
عيد{ِ ,وقد تقرر في مسلك و ِق َ ح ّ ف َ ل َ س َ ب الّر ُ ل ك َذّ َ قال} :ك ُ ّ
النص من مسالك العلعة أن الفعاء معن حعروف التعليعل كقعولهم
"سها فسجد" أي سجد لعلة سهوه ,و"سرق فقطعععت يععده" أي
عيههد{ أي و ِ ق َ حه ّ ف َ ل َ سه َ ب الّر ُ ل ك َهذّ َ لعلة سرقته فقععوله} :ك ُ ّ
وجب وقوع الوعيد عليهم لعلععة تكععذيب الرسععل ونظيرهععا قععوله
ب{. قا ِ ع َ ق ِ ح ّ ف َ ل َ س َ ب الّر ُ ل إ ِل ّ ك َذّ َ ن كُ ّ تعالى} :إ ِ ْ
ومن الدلة الصريحة في ذلك تصريحه تعالى بععأن قععوله ل يبععدل
د
قه ْ و َ ي َ موا ل َهدَ ّ ص ُ خت َ ِ فيما أوعد به أهل النار حيث قععال} :ل ت َ ْ
َ
مهها أن َهها و َي َ ل ل َهدَ ّ و ُ قه ْ ل ال ْ َ مهها ي ُب َهدّ ُ دَ , عي ه ِ و ِ م ِبال ْ َ ت إ ِل َي ْك ُ ْ م ُ قد ّ ْ َ
د{ ,ويسعععتأنس لعععذلك بظعععاهر قعععوله تععععالى: عِبيههه ِ ب ِظَل ّم ٍ ل ِل ْ َ
و
هه َ ول ُههودٌ ُ م ْ ول َ ه َ د ِ ول َه ِ ن َ عه ْ وال ِدٌ َ زي َ ج ِوما ً ل ي َ ْ وا ي َ ْ ش ْ خ َ وا ْ } َ
ن ق{ ,وقععوله} :إ ِ ّ حه ّ ه َ عهدَ الله ِ و ْ ن َ شهْيئا ً إ ِ ّ ه َ د ِ وال ِه ِ ن َ عه ْ ز َ جا ٍ َ
ع{ فالظععاهر أن الوعيععد الععذي يجععوز إخلفععه ق ٌ وا ِ ك لَ َ ب َرب ّ َ ذا َ ع ََ
مهها فُر َ غ ِ وي َ ْ وعيد عصاة المؤمنين لن اللععه بّيععن ذلععك بقععولهَ } :
شاءُ{. ن يَ َ م ْ ك لِ َ ن ذَل ِ َ دو َ ُ
فإذا تبين بهذه النصوص بطلن جميع هذه القسام تعّين القسععم
الخععامس الععذي هععو خلععودهم فيهععا أبععدا ً بل انقطععاع ول تخفيععف
بالتقسععيم والسععبر الصععحيح ,ول غرابععة فععي ذلععك لن خبثهععم
الطبيعي دائم ل يععزول فكععان جزاؤهععم دائمععا ل يععزول ,والععدليل
م هه ْ في ِ ه ِ م الل ه ُ عل ِه َ و َ ول َ ْ على أن خبثهم ل يزول قوله تعععالىَ } :
خي ْههرًا{ نكععرة فععي سععياق َ
م{ اليععة ،فقععولهَ } : ه ْ ع ُ م َس َ خْيرا ً ل ْ َ
الشرط فهي تعم ,فلو كان فيهم خيععر مععا فععي وقععت مععا لعلمععه
ه{، عن ْه ُ هههوا َ مهها ن ُ ُ دوا ل ِ َ عهها ُ دوا ل َ َ و ُر ّ ول َه ْ اللععه ،وقععوله تعععالىَ } :
وعععودهم بعععد معاينععة العععذاب ل يسععتغرب بعععده عععودهم بعععد
مباشرة العذاب لن رؤية العذاب عيانا كالوقوع فيه ل سيما وقد
م و َ ك ال َْيهه ْ صههُر َ فب َ َ ك َ طههاءَ َ غ َ ك ِ عْنهه َ فَنا َ شهه ْ فك َ َ قععال تعععالىَ } :
م ي َأ ُْتون َن َهها{ اليععة. و َ صهْر ي َه ْ وأب ْ ِ
حديد{ ,وقععال} :أ َسمع بههم َ
ْ ِ ْ ِ ِ ْ َ َ ِ ٌ
وعذاب الكفار للهانة والنتقام ل للتطهير والتمحيص كمععا أشععار
ب ذا ٌ عه َم َ هه ْ ول َ ُ م{ ,وبقععولهَ } : هه ْ كي ِ ول ي َُز ّ لععه تعععالى بقععولهَ } :
ن{ .والعلم عند الله تعالى. هي ٌ م ِ ُ
شههاءَ و َ َ ُ نأ ْ َ ّ قو ُ سي َ ُ
ش هَركوا ل ه ْ ذي َ ل ال ِ قوله تعالىَ } : •
َ
ء{ الية ،هذا ي ٍ ش ْ ن َ م ْ مَنا ِ حّر ْ ول َ ؤَنا َ ول آَبا ُ شَرك َْنا َ ما أ ْ ه َ الل ّ ُ
الكلم الذي قالوه بالنظر إلى ذاته كلم صععدق ل شععك فيععه؛ لن
الله لو شاء لم يشركوا به شيئا ولم يحرموا شيئا مما لم يحرمه
مهها ه َ شههاءَ الله ُ و َ ول َه ْ كالبحععائر والسععوائب وقععد قععال تعععالىَ } :
ها{, دا َ ْ ّ ُ ْ ول َ ُ ْ أَ
هه َ س ُ ٍ ه ف َ ن ل ه ك ها هَ ن ْ ي َ تل ناَ ئ ه ش
ِ و
ْ َ } وقال: , { كوا ر
َ ش
دى{ ,وإذا كان هذا ه َ عَلى ال ْ ُ م َ ه ْ ع ُ م َ ج َ ه لَ َ شاءَ الل ّ ُ و َ ول َ ْ وقالَ } :
الكلم الذي قاله الكفار حقا فما وجه تكذيبه تعععالى لهععم بقععوله:
ْ
ل قه ْ س هَنا ُ قههوا ب َأ َ ذا ُ حت ّههى َ م َ ه ْ قب ْل ِ ِ ن َ م ْ ن ِ ذي َ ب ال ّ ِ ك ك َذّ َ }ك َذَل ِ َ
ن ظهه ّ ن إ ِل ّ ال ّ عو َ ن ت َت ّب ِ ُ جوهُ ل ََنا إ ِ ْ ر ُ خ ِ فت ُ ْ عل ْم ٍ َ ن ِ م ْ م ِ عن ْدَك ُ ْ ل ِ ه ْ َ
ن{ ،ونظيععر هععذا الشععكال بعينععه فععي م إ ِل ّ ت َ ْ َ
صههو َ خُر ُ ن أن ْت ُه ْ وإ ِ ْ َ
ن مه ُ ح َ شههاءَ الّر ْ و َ قاُلوا ل َه ْ و َ سورة الزخرف في قوله تعالىَ } :
م إ ِل ّ ههه ْ ن ُ عْلههم ٍ إ ِ ْ ن ِ مهه ْ ك ِ م ِبههذَل ِ َ ههه ْ مهها ل َ ُ م َ ه ْعَبههدَْنا ُ مهها َ َ
ن{. صو َ خُر ُ يَ ْ
والجواب أن هذا الكلم الذي قاله الكفار كلم حق أريد به باطل
فتكذيب الله لهم واقع علععى بععاطلهم الععذي قصععدوه بهععذا الكلم
الحق ،وإيضاحه :أن مرادهم أنهععم لمععا كععان كفرهععم وعصععيانهم
بمشيئة الله وأنه لو شاء لمنعهم من ذلك فعدم منعه لهععم دليععل
على رضاه بفعلهم فكععذبهم اللععه فععي ذلععك مبّينععا أنععه ل يرضععى
ف هَر{, ه ال ْك ُ ْ عب َههاِد ِ ضههى ل ِ ِ ول ي َْر َ بكفرهم كما نص عليه بقولهَ } :
فالكفار زعموا أن الرادة الكونية يلزمها الرضى وهو زعم باطل
م خت َ َ بل الله يريد بإرادته الكونيععة مععا ل يرضععاه بععدليل قععولهَ } :
ف هَر{ ه ال ْك ُ ْ عَباِد ِ ضى ل ِ ِ ول ي َْر َ م{ مع قولهَ } : ه ْ قلوب ِ ِ
عَلى ُ ُ ه َ الل ُ
والذي يلزم الرضى حقا إنما هععو الرادة الشععرعية والعلععم عنععد
الله تعالى.
َ
م م َرب ّك ُه ْ حهّر َ مهها َ ل َ وا أت ْه ُ عههال َ ْ ل تَ َ ق ْ قوله تعالىُ } : •
م{ الية. عل َي ْك ُ ْ َ
هذه الية تدل على أن هذا الذي يتلوه عليهم حّرمه ربهم عليهععم
ن وال ِهدَي ْ ِ وِبال ْ َ ش هْيئا ً َ ه َ كوا ب ِه ِ ر ُ ش ِ ن معنى قععوله} :أ َل ّ ت ُ ْ فيوهم أ ّ
سانا ً{ أن الحسان بالوالدين وعععدم الشععرك حععرام والواقععع ح َ إِ ْ
خلف ذلك كما هو ضروري وفي هععذه اليععة الكريمععة كلم كععثير
للعلمععاء وبحععوث ومناقشععات كععثيرة ل تتسععع هععذه العجالععة
لستيعابها منها :أنها صلة كما يأتي ،ومنها :أنها بمعنى أبينه لكععم
لئل تشركوا ومن أطععاع الشععيطان مسععتحل فهععو مشععرك بععدليل
َ
ن{ ،ومنهععا -أن كو َ ر ُِ شه م ْم لَ ُ م إ ِن ّك ُه ْه ْمههو ُ عت ُ ُ ن أطَ ْ وإ ِ ْقععولهَ } :
َ
م أل ّ عل َي ْك ُه ْ
ن قععولهَ } : م{ وأ ّ م َرب ّك ُه ْ حّر َ م عند قععولهَ } : الكلم ت ّ
كوا{ :اسم فعل يتعلق بما بعععده علععى أنععه معمععوله .منهععا ر ُ
ش ِ تُ ْ
غير ذلك .وأقرب تلك الوجوه عندنا هو ما دل عليععه القععرآن لن
ل خير ما يفسر به القرآن القرآن ,وذلك هو أن قوله تعالى} :أ َت ْ ُ
م{ مضمن معنى مععا وصععاكم ربكععم تركععا عل َي ْك ُ ْم َ م َرب ّك ُ ْ حّر َما َ َ
وفعل ,وإنمععا قلنععا إن القععرآن دل علععى هععذا لن اللععه رفععع هععذا
م عل ّك ُه ْ
ه لَ َ صههاك ُ ْ
م ب ِه ِ و ّ م َ الشععكال وبيععن مععراده بقععوله} :ذَل ِك ُه ْ
ن{ فيكون المعنى :وصاكم أل تشركوا ونظيره مععن كلم قُلو َ ع ِتَ ْ
العرب قول الراجز:
حععج وأوصععى بسععليمى إل أن ل تعععرى ول تكلعععم أحعععدا
وجهان: عععععععععععععععععععععععععععععععععععدا
ومن أقرب الوجوه بعد هذا عبع
الول :أن المعنى :يبينه لكم لئل تشركوا.
كوا{ مفسععرة للتحريععم ر ُ ش ِ الثععاني :إن )أن( مععن قععوله} :أ َل ّ ت ُ ْ
قيما ً{ س هت َ ِ هه َ والقععدح فيععه بععأن قععولهَ } :
م ْ طي ُ ص هَرا ِ ذا ِ ن َ وأ ّ َ
معطوف عليه وعطفه عليه ينافي التفسير مععدفوع بعععدم تعييععن
ن هععذا العطف لحتمال حععذف حععرف الجععر فيكععون المعنععى :ول ّ
صراطي مستقيما فاتبعوه كما ذهب إليععه بعضععهم ولكععن القععول
الول هو الصحيح إن شاء الله تعالى وعليه فل إشكال في اليععة
أصل.
سهورة العهراف
س َ َ ُ َ
مه ْ ل إ ِلي ْ ِ ن أْر ِ ذي َ ن ال ّ ِ سأل َ ّ فل َن َ ْ• قوله تعالىَ } :
ول َن َ َ
ن{ الية ,هذه الية الكريمة تدل سِلي َ مْر َ ن ال ْ ُ سأل َ ّ ْ َ
على أن الله يسأل جميع الناس يوم القيامة ونظيرها
َ ك ل َن َ َ
ما ع ّنَ , عي َ م ِ ج َ مأ ْ ه ْ سأل َن ّ ُ ْ وَرب ّ َ قوله تعالىَ } :
ف َ
م
ه ْ م إ ِن ّ ُ ه ْ فو ُ ق ُ و ِ ن{ ,وقولهَ } : مُلو َ ع َ كاُنوا ي َ ْ َ
ذاما َ ل َ قو ُ في َ ُ م َ ه ْ م ي َُناِدي ِ و َ وي َ ْن{ ،وقولهَ } : ؤوُلو َ س ُ م ْ َ
ن{ ،وقد جاءت آيات أخر تدل على ْ َ
سِلي َ مْر َ م ال ُ جب ْت ُ ُ أ َ
ن ذَن ْب ِ ِ
ه ع ْ ل َ سأ َ ُ ذ ل يُ ْ مئ ِ ٍ و َفي َ ْ خلف ذلك كقولهَ } :
مه ُ ن ذُُنوب ِ ِ ع ْ ل َ سأ َ ُ ول ي ُ ْ ن{ ,وكقولهَ } : جا ّ ول َ س َ إ ِن ْ ٌ
ن{. مو َ ر ُ ج ِ م ْال ْ ُ
والجواب عن هذا من ثلثة أوجه:
الول :وهو أوجهها لدللة القرآن عليه وهو أن السؤال قسععمان:
سععؤال توبيععخ وتقريععع ,وأداتععه غالبععا )لععم ( ،وسععؤال اسععتخبار
واستعلم وأداته غالبا )هل( فالمثبت هو سؤال التوبيخ والتقريععع,
والمنفي هو سعؤال :السععتخبار والسععتعلم ،وجعه دللعة القععرآن
على هذا أن سؤاله لهم المنصوص في القرآن كله توبيخ وتقريع
مل كههه ْ مههها ل َ ُ نَ , ؤوُلو َ سههه ُ م ْ م َ هههه ْ م إ ِن ّ ُ ه ْ
فهههو ُ ق ُو ِكقعععولهَ } :
ن {، َ َ ه َ َ
ن{ ,وكقوله} :أ َ
ص هُرو َ م ل ت ُب ْ ِ م أن ْت ُ ْ ذا أ ْ حٌر َ س ْ ف ِ صُرو َ ت ََنا َ
ْ َ ْ َ
م م ي َهأت ِك ُ ْ م{ ،وكقععوله} :أل َه ْ من ْك ُه ْ ل ِ س ٌ م ُر ُ م ي َأت ِك ُ ْ وكقوله} :أل َ ْ
ذيٌر{ ،إلى غير ذلك من اليات ،وسؤال الله للرسل ماذا أجبتم نَ ِ
لتوبيخ الذين كذبوهم كسؤال الموؤودة بععأي ذنععب قتلععت لتوبيععخ
قاتلها.
الععوجه الثععاني :أن فععي القيامععة مواقععف متعععددة ففععي بعضععها
يسألون وفي بعضها ل يسألون.
الععوجه الثععالث :هععو مععا ذكععره الحليمععي مععن أن إثبععات السععؤال
محمععول علععى السععؤال عععن التوحيععد وتصععديق الرسععل ،وعععدم
السؤال محمول على ما يستلزمه القعرار بعالنبوات معن شعرائع
م الدين وفروعه ،ويدل لهذا قععوله تعععالى فيقععول} :ما َ َ
جب ْت ُه ُ ذا أ َ َ
ن{ والعلم عند الله تعالى. سِلي َ مْر َ ال ْ ُ
ل مهها من َعهه َ َ
جد َ إ ِ ْ
ذ سهه ُ ك أل ّ ت َ ْ َ َ قهها َ َ قههوله تعههالىَ } : •
ك{ الية. مْرت ُ َ َ
أ َ
ك{ مععع )ل( النافيععة؛ لن ع َ من َ َ في هذه الية إشكال بين قولهَ } :
ك{ بحسععب مععا يسععبق إلععى ع َ من َ َالمناسب في الظاهر لقولهَ } :
ذهن السامع ل ما في نفععس المععر هععو حععذف )ل( فيقععول" :مععا
منعك أن تسجد" دون "أل تسجد" وأجيب عن هععذا بأجوبععة؛ مععن
أقربها هو ما اختاره ابن جرير فععي تفسععيره وهععو أن فععي الكلم
حذفا دل المقام عليه وعليععه فععالمعنى :مععا منعععك مععن السععجود
فأحوجك أن ل تسجد إذ أمرتك وهذا الذي اختاره ابن جرير قععال
ابن كثير" :إنه حسن قوي".
ومن أجوبتهم أن )ل( صلة ويدل له قوله تعالى في سورة )ص(:
ي{ اليععة ،وقععد وعععدنا خل َ ْ }ما من َع َ َ
ت ب ِي َهدَ ّ ق ُ ما َ جد َ ل ِ َ س ُ ن تَ ْ كأ ْ َ َ َ
فيما مضى أنا إن شاء الله نبّين القول بزيععادة )ل( مععع شععواهده
د{ وبيععن ذا ال ْب َل َه ِهه َ م بِ َ س ُ ق ِ العربية في الجمع بيععن قععوله} :ل أ ُ ْ
ن{. مي د ال َ ذا ال ْب َل َ ِ ه َ و َ
ِ ِ قولهَ } :
ء{ شهها ِ ح َ مُر ِبال ْ َ ْ ق ْ قوله تعالىُ } :
ف ْ ه ل ي َهأ ُ ن الله َ ل إِ ّ •
هذه الية الكريمععة يتععوهم خلف مععا دلععت عليععه مععن ظععاهر آيععة
قر ي ه ً َ هل ِ َ َ أخرى وهي قوله تعالى} :وإ َ َ
مْرن َهها ةأ َ ك َ ْ َ ن نُ ْ ذا أَردَْنا أ ْ َ ِ
ها مْرَنا َ فههدَ ّ ل َ و ُ قهه ْ ْ
ههها ال َ علي ْ َ َ ق َ ح ّ ف َ ها َ في َ قوا ِ س ُ ف َ ف َها َ في َ مت َْر ِ ُ
ميرا { الية ،الجواب عن ذلك من ثلثة أوجه: ً ت َدْ ِ
ههها{ َ
في َ مت َْر ِ مْرن َهها ُ الوجه الول :وهو أظهرها أن معنى قوله} :أ َ
أي بطاعة اللععه وتصععديق الرسععل ففسععقوا أي بتكععذيب الرسععل
ومعصية الله تعالى فل إشكال في الية أصل.
ها{ أمر كععوني َ
في َ مت َْر ِ مْرَنا ُ الوجه الثاني :أن المر في قوله} :أ َ
قدري ل أمر شرعي ،أي قدرنا عليهم الفسعق بمشعيئتنا ،والمعر
مهها ن{} ،إ ِن ّ َ س هِئي َ خا ِ ق هَردَةً َ كوُنوا ِ الكععوني القععدري كقععولهُ } :
َ ذا أ ََرادَ َ َ
ن{ ،والمعر فعي كو ُ في َ ُ ن َ ه كُ ْ ل لَ ُ قو َ ن يَ ُ شْيئا ً أ ْ مُرهُ إ ِ َ أ ْ
مُر ِبال ْ َ ْ
ء{ أمععر شععرعي دينععي شا ِ ح َ ف ْ ه ل ي َأ ُ ن الل ّ َ ل إِ ّ ق ْ قولهُ } :
فظهر أن المر المنفي غير المر المثبت.
ها{ :أي كثرنععاهم حععتى َ
في َ مت َْر ِ مْرَنا ُ الوجه الثالث :أن معنى }أ َ
بطروا النعمة ففسقوا ،ويدل لهذا المعنى الحديث الععذي أخرجعه
المام أحمد مرفوعا من حديث سويد بن هبيرة ع رضي الله عنه
ععع" :خيععر مععال امععرئ مهععرة مععأمورة أو سععكة مععأبورة" فقععوله
مأمورة أي كثيرة النسل وهي محل الشاهد.
م ه ْ م ِ و ِ قههاءَ ي َه ْ سههوا ل ِ َ مهها ن َ ُ م كَ َ ه ْ سهها ُ م ن َن ْ َ فال ْي َ ْ
و َ قوله تعالىَ } :
سههوا الّلهه َ
ه ذا{ اليعععة ،وأمثالهعععا معععن اليعععات كقعععوله} :ن َ ُ ههه َ َ
لقي َ و ِ سى{ ،وقولهَ } : م ت ُن ْ َ و َ ك ال ْي َ ْ وك َذَل ِ َ م{ ،وقولهَ } : ه ْ سي َ ُ فن َ ِ َ
ل َرّبههي ض ّ م{ الية ،ل يعارض قوله تعالى} :ل ي َ ِ ساك ُ ْ م ن َن ْ َ و َ ال ْي َ ْ
سهي ّا ً{ ،لن معنععى ك نَ ِ ن َرب ّه َ ما ك َهها َ و َ سى{ ،ول قولهَ } : ول ي َن ْ َ َ
م{ ونحوه أي نتركهم في العععذاب محروميععن ه ْ سا ُ م ن َن ْ َ و َ ْ
فالي َ ْ } َ
من كل خير والله تعالى أعلم.
ن عب َهها ٌ ي ثُ ْ هه َ ذا ِ ف هإ ِ َ صههاهُ َ ع َ قى َ فأ َل ْ َ قوله تعالىَ } : •
ن{ الية ،هذه الية تدل على شععبه العصععا بالثعبععان وهععو ل مِبي ٌ ُ
يطلق إل على الكبير من الحيات وقد جاءت آية أخرى تدل على
َ
ن{ جا ّ ها َ هت َّز ك َأن ّ َ ها ت َ ْ ما َرآ َ فل َ ّ خلف ذلك وهي قوله تعالىَ } :
الية ،لن الجان هو الحية الصغيرة ،والجواب عن هذا أنه شبهها
بالثعبان في عظم خلقتها وبالجان في اهتزازها وخفتهععا وسععرعة
حركتها فهي جامعة بين العظم وخفة الحركة على خلف العادة.
دفع إيهام الضطراب عن آيات الكتاب
لفضيلة الشيخ :محمد المين الشنقيطي
المدرس بالجامعة
سورة النفال
سورة براءة
2
أن الصحيح كونها منسوخة كما يدل عليه النبي صلى الله عليه
وسلم في حصار ثقيف في الشهر الحرام الذي هو ذو القعدة
كما ثبت في الصحيحين أنه خرج إلى هوازن في شهر شوال
فلما كسرهم واستفاء أموالهم ورجع إليهم لجأوا إلى الطائف
فعمد إلى الطائف فحاصرهم أربعين يوما وانصرف ولم يفتحها
فثبت أنه حاصر في الشهر الحرام وهذا القول هو المشهور عند
ث
حي ْ ُ
ن َ
كي َر ِ
ش ِم ْقت ُُلوا ال ْ ُ }ا ْ العلماء وعليه فقوله تعالىَ :
م{ وقوله} :ل َ
حُر ٌة ُع ٌها أْرب َ َ من ْ َم{ ناسخ لقولهِ } : ه ْمو ُ جدْت ُ ُ و ََ
هُر م{ وقوله} :ال ّ
ش ْ حَرا َ ْ
هَر ال َ ش ْول ال ّه َ ّ
عائ َِر الل ِش َحلوا َ ّ تُ ِ
م{ الية .والمنسوخ من هذه ومن حَرا ِر ال ْ َه ِ م ِبال ّ
ش ْ حَرا ُ ال ْ َ
قوله أربعة حرم هو تحريم الشهر في الولى والشهر في الثانية
فقط دون ما تضمنتاه من الخبر لن الخبر ل يجوز نسخه شرعًا.
تقال َ ِ و َ ه َ ن الل ّ ِ عَزي ٌْر اب ْ ُ هودُ ُ ت ال ْي َ ُ قال َ ِ و َقوله تعالىَ } :
ماع ّ ه{ إلى قوله سبحانه } َ ن الل ّ ِ ح اب ْ ُ سي ُ م ِ صاَرى ال ْ َ الن ّ َ
ن{ .هذه الية فيها التنصيص الصريح على أن كفار أهل كو َ ر ُ ش ِ يُ ْ
الكتاب مشركون بدليل قوله فيهم :سبحانه عما يشركون بعد
أن بين وجوه شركهم بجعلهم الولد لله واتخاذهم الحبار
ن
والرهبان أربابا من دون الله ونظير هذه الية قوله تعالى} :إ ِ ّ
َ
ه{ لجماع العلماء أن كفار أهل ك بِ ِ شَر َ ن يُ ْ فُر أ ْ غ ِ ه ل يَ ْ الل ّ َ
الكتاب داخلون فيها .وقد جاءت آيات أخرى تدل بظاهرها على
م ي َك ُ ِ
ن أن أهل الكتاب ليسوا من المشركين كقوله تعالى} :ل َ ْ
ن{. كي َ ف ّ من ْ َن ُ كي َ ر ِش ِ م ْ وال ْ ُب َ ل ال ْك َِتا ِ ه ِ ن أَ ْ م ْ فُروا ِ ن كَ َ ذي َ ال ّ ِ
بل ال ْك َِتا ِ ه ِ ن أَ ْ م ْ فُروا ِ ن كَ َ ذي َ ن ال ّ ِ الية .وقوله} :إ ِ ّ
ن
ذي َ ودّ ال ّ ِ ما ي َ َ م{ .الية .وقولهَ } : هن ّ َ ج َر َ ِ في َنا ن ِ كي َر ِ ِ م ْ
ش وال ْ ُ َ
َ َ
لن ي ُن َّز َ نأ ْ كي َ ر ِش ِ م ْ ول ال ْ ُ ب َ ل ال ْك َِتا ِ ه ِ نأ ْ م ْ فُروا ِ كَ َ
م{ .الية .والعطف يقتضي المغايرة. عل َي ْك ُ ْ َ
والذي يظهر لمقيده عفا الله عنه :أن وجه الجمع أن
الشرك الكبر المقتضي للخروج من الملة أنواع .وأهل الكتاب
متصفون ببعضها وغير متصفين ببعض آخر منها .أما البعض الذي
هم غير متصفين به فهو ما اتصف به كفار مكة من عبادة
الوثان صريحا ولذا عطفهم عليهم لتصاف كفار مكة بما لم
يتصف به أهل الكتاب من عبادة الوثان وهذه المغايرة هي التي
سوغت العطف فل ينافي أن يكون أهل الكتاب مشركون بنوع
آخر من أنواع الشرك الكبر وهو طاعة الشيطان والحبار
والرهبان فإن مطيع الشيطان إذا كان يعتقد أن ذلك صواب
عابد الشيطان مشرك بعبادة الشيطان الشرك الكبر المخلد
نم ْ ن ِ عو َ ن ي َدْ ُ في النار كما بينته النصوص القرآنية كقوله} :إ ِ ْ
ريدًا{ فقوله: م ِ طانا ً َ شي ْ َ ن ِإل َ عو َ ن ي َدْ ُ وإ ِ ْ ه ِإل إ َِناثا ً َ دون ِ ِ ُ
طانًا{ .صح معناه وما يعبدون إل شي ْ َ ن ِإل َ عو َ ن ي َدْ ُ وإ ِ ْ } َ
شيطانا لن عبادتهم للشيطان طاعتهم له فيما حرمه الله
َ م أَ ْ َ
نل مأ ْ م َيا ب َِني آدَ َ هدْ إ ِل َي ْك ُ ْ ع َ عليهم وقوله تعالى} :أل َ ْ
ن{ الية .وقوله تعالى عن خليله إبراهيمَ} :يا طا َ شي ْ َ دوا ال ّ عب ُ ُ تَ ْ
ن ن َ شي ْ َ ن ال ّ شي ْ َ د ال ّ َ
م ِ ح َ ن ِللّر ْ كا َ طا َ ن إِ ّ طا َ عب ُ ِ ت ل تَ ْ أب َ ِ
ن{ .الية. ج ّ ن ال ْ ِ دو َ عب ُ ُ كاُنوا ي َ ْ ل َ صي ًّا{ .وقوله تعالى} :ب َ ْ ع ِ َ
قت ْ َ
ل ن َ كي َ ر ِش ِ م ْ ن ال ْ ُ م َ ر ِ ن ل ِك َِثي ٍ ك َزي ّ َ وك َذَل ِ َ وقوله تعالىَ } :
م{ .الية .فكل هذا الكفر بشرك الطاعة كا ُ شَر َ م ُ َ
ه ْ ؤ ُ ه ْ ولِد ِ أ ْ
في معصية الله تعالى ،ولما أوحى الشيطان إلى كفار مكة أن
يسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن الشاة تصبح ميتة من
قتلها؟ وأنه إذا قال صلى الله عليه وسلم الله قتلها أن يقولوا:
ما قتلتموه بأيديكم حلل وما قتله الله حرام فأنتم إذا أحسن
ْ
ما ل َ ْ
م م ّ ول ت َأك ُُلوا ِ من الله .أنزل الله في ذلك قوله تعالىَ } :
نطي َ شَيا ِ ن ال ّ وإ ِ ّ ق َ س ٌ ف ْ ه لَ ِ وإ ِن ّ ُ ه َ عل َي ْ ِ ه َ م الل ّ ِ س ُ را ْ ِ ي ُذْك َ
َ ل َيوحون إَلى أ َ
مم إ ِن ّك ُ ْه ْ مو ُ عت ُ ُ ن أطَ ْ وإ ِ ْم َ جاِدُلوك ُ ْ م ل ِي ُ َ ه ْ ِ ِ ئ يا َ ِ ل و ْ ُ ُ َ ِ
ن{ .فأقسم تعالى في هذه الية على أن من أطاع كو َ ر ُ ش ِ م ْ لَ ُ
الشيطان في معصية الله أنه مشرك بالله ولما سأل عدي بن
ذوا خ ُحاتم النبي صلى الله عليه وسلم عن قوله} :ات ّ َ
م أ َْرَبابًا{ ،كيف اتخذوهم أربابا؟ قال النبي ه ْ هَبان َ ُ وُر ْ م َ ه ْ حَباَر ُ أ ْ
َ
صلى الله عليه وسلم" :ألم يحلوا لهم ما حرم الله ويحرموا
عليهم ما أحل الله فاتبعوهم" .قال" :بلى" .قال" :بذلك
اتخذوهم أربابا" .فبان أن أهل الكتاب مشركون من هذا الوجه
الشرك الكبر وإن كانوا خالفوا كفار مكة في صريح عبادة
الوثان والعلم عند الله تعالى.
ل{ .الية .هذه الية قا ً وث ِ َ فافا ً َ خ َ فُروا ِ قوله تعالى} :ان ْ ِ
الكريمة تدل على لزوم الخروج للجهاد في سبيل الله على كل
حال وقد جاءت آيات أخرى تدل على خلف ذلك كقوله} :ل َي ْ َ
س
نل ذي َ عَلى ال ّ ِ ول َ ضى َ مْر َ عَلى ال ْ َ ول َ ء َ فا ِ ع َ ض َ عَلى ال ّ َ
ن
كا َ ما َ و َ ج{ .الية .وقوله تعالىَ } : حَر ٌ ن َ قو َ ف ُ ما ي ُن ْ ِ ن َ دو َ ج ُ يَ ِ
ة{ .الية.
ف ً فُروا َ
كا ّ ن ل ِي َن ْ ِ
مُنو َ
ؤ ِم ْال ْ ُ
والجواب :أن آية انفروا خفافا وثقال منسوخة بآيات العذر
المذكورة وهذا الوضع من أمثلة ما نسخ فيه الناسخ لن قوله:
ل {..ناسخ ليات العراض عن قا ً فافا ً َ
وث ِ َ خ َفُروا ِ }ان ْ ِ
المشركين وهو منسوخ بآيات العذر كما ذكرنا آنفا .والعلم عند
الله تعالى.
التعليق:
سورة الرعد
منذٌِر وَل ِك ُ ّ
ل قَوْم ٍ َ
هادٍ . {... َ
ت ُ
ما أن َ
قوله تعالى }:إ ِن ّ َ
هذه الية الكريمة فيها التصريح بأن لكل قوم هاديا ً .وقد جاء في
ل على أن بعض القوام لم يكن لهم هادٍ ،سواء آيات ُأخر ما يد ُ
سرنا الهدى بمعناه الخاص أو بمعناه العام .
ف ّ
فمن اليات الدالة على أن بعض الناس لم يكن لهم هاد بالمعنى
ك{ ضّلو َ ض يُ ِ ر الخاص ؛ قوله تعالى }:وإن ت ُط ِعْ أ َك ْث َر من ِفي ال َ
ِ ْ َ َ َِ
فهؤلء المضلون لم يهديهم هاد الهدى الخاص ،الذي هو التوفيق
ْ لما يرضي الله .ونظيرها قوله }:وَلعكن أ َ
ن{، مُنو َ س ل َ ي ُؤْ ِِ نا
ّ ال رَ َ ث ك َ ِ ّ
َ
ن ِفين { وقوله }:إ ِ ّ مِني َ مؤ ْ ِت بِ ُ
ص َ س وَل َوْ َ
حَر ْ ما أك ْث َُر الّنا ِ وقوله }:وَ َ
ن { إلى غير ذلك من اليات . مؤ ْ ِ
مِني َ هم ّ ن أ َك ْث َُر ُ
كا َما َة وَ َ ذ َل ِ َ
ك لي َ ً
ومن اليات الدالة على أن بعض القوام لم يكن لهم هاد بالمعنى
ما ُأنذَِر ما ّ العام ،الذي هو إبانة الطريق ،قوله تعالى } }:ل ُِتنذَِر قَوْ ً
م ) (6سورة يععس { بناء على التحقيق من أن " ما " نافية ل آَباؤُهُ ْ
سول َُنا ي ُب َي ّ ُ
ن م َر ُ جاءك ُ ْب قَد ْ َ موصولة ،وقوله تعالى َ }:يا أ َهْ َ
ل ال ْك َِتا ِ
ل {..الية .
س ِ
ن الّر ُ م عََلى فَت َْرةٍ ّ
م َ ل َك ُ ْ
م
فالذين ماتوا في هذه الفترة ،لم يكن لهم هادٍ بالمعنى الع ّ
أيضا ً .
والجواب عن هذا من أربعة أوجه .
الول :أن معنى قوله } :وَل ِك ُ ّ
ل قَوْم ٍ َ
هادٍ { أي داع يدعوهم
وُيرشدهم ،إما إلى خير النبياء ،وإما إلى شر كالشياطين .أي
وأنت يا رسول الله منذر هاد ٍ إلى كل خير .وهذا القول مرويّ عن
ابن عباس ،من طريق علي بن أبي طلحة ،وقد جاء في القرآن
استعمال الهدى في الرشاد إلى الشر أيضا ً ،كقوله تعالى ُ }:
كتب
عليه أنه من توله فأنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير { وقوله
تعالى }:فاهدوهم إلى صراط الجحيم{ ،وقوله تعالى }:ول
ليهديهم طريقا ً إل طريق جهنم{ كما جاء في القرآن أيضا ً إطلق
المام على الداعي إلى الشر ،في قوله }:وجعلناهم أئمة يدعون
إلى النار { ..الية .
الثاني :أن معنى الية :أنت يامحمد منذر ،وأنا هادي كل قوم
وُيروى هذا عن ابن عباس من طريق العوفي ،وعن محمد وسعيد
بن جبير والضحاك وغير واحد .قاله ابن كثير .
وعلى هذا القول ،فقوله }:وَل ِك ُ ّ
ل قَوْم ٍ َ
هادٍ { ،يعني به نفسه جل
خِبيرٍ { مث ْ ُ
ل َ وعل .ونظيره في القرآن قوله تعالى َ }:ول ي ُن َب ّئ ُ َ
ك ِ
يعني نفسه ،كما قاله قتادة .ونظيره من كلم العرب قول قتادة
بن سلمة الحنفي :
تحوي الغنائم أو يموت ن بغزوةٍ
ت لرحل ّ
ولئن بقي ُ
م
كري ُ
يعني :نفسه .
وسيأتي تحرير هذا المبحث إن شاء الله في سورة القارعة .
وتحرير المعنى على هذا القول :أنت يا محمد منذر ،وأنا هادي
ت لهم السعادة والهدى في علمي ؛ لدللة آيات كثيرة كل قوم سبق ْ
على أنه يتعالى هدى قوما ً وأضل آخرين ،على وفق ما سبق به
ن الل ّ َ
ه لَ م فَإ ِ ّ ص عََلى هُ َ
داهُ ْ حرِ ْ
العلم الزلي ،كقوله تعالى ِ }:إن ت َ ْ
ل{. ض ّ
من ي ُ ِ
دي َ
ي َهْ ِ
هاد{ أي :قائد ،والقائد :المام الثالث :أن معنى } :وَل ِك ُ ّ
ل قَوْم ٍ َ
والمام :العمل .قاله أبو العالية ،كما نقله عنه ابن كثير .
وعلى هذا القول ،فالمعنى :ولكل قوم عمل يهديهم إلى ما هم
صائرون إليه من خير وشر .ويد ّ
ل لمعنى هذا الوجه قوله تعالى :
س ما أسلفت{ على قراءة من قرأها بتاءين
}هنالك تتلو كل نف ٍ
مثناتين ،بمعنى :تتبع كل نفس ما أسلف من خير وشر .
وأما على القول بأن معنى " :تتلو" :تقرأ في كتاب عملها ما
قدمت من خير وشر ،فل دليل في الية .ويدل له أيضا ً حديث " :
لتتبع كل أمة ما كانت تعبد .فيتبع من كان يعبد الشمس :الشمس
،ويتبع من كان يعبد القمر القمر ،ويتبع من كان يعبد الطواغيت :
الطواغيت" الحديث .
الرابع :وبه قال مجاهد وقتادة وعبد الرحمن بن زيد ع :أن المراد
بالقوم المة ،والمراد بالهادي النبي .فيكون معنى قوله }:وَل ِك ُ ّ
ل
مةٍ إ ِل ّ خل هاد{ أي :ولكل أمة نبي ،كقوله تعالى }:وإن م ُ قَوْم ٍ َ
نأ َِّ ّ ْ
ذيٌر { وقوله }:ولكل أمة رسول { . ِفيَها ن َ ِ
وكثيرا ً ما ُيطلق في القرآن اسم القوم على المة ،كقوله }:ولقد
أرسلنا نوحا ً إلى قومه { ،ونحو ذلك .
م
وعلى هذا القول ،فالمراد بالقوم في قوله }:ولكل قوم هاٍد{ أع ّ
ة .ومما يوضح ذلك :
من مطلق ما يصدق عليه اسم القوم لغ ً
حديث معاوية بن حيدة القشيري رضي الله عنه في السنن
والمسانيد "":أنتم توفون سبعين أمة" الحديث .
ة ،أكثر من سبعين
ومعلوم أن ما ُيطلق عليه اسم القوم لغ ً
ة بأضعاف وحاصل هذا الوجه الرابع أن الية كقوله } :وإن م ُ
م ٍ
نأ َِّ ّ ْ
ل { وهذا ل إشكال فيهسو ٌ إل ّ خل فيها نذير { وقوله }:ول ِك ُ ّ ُ
مةٍ ّر ُ
لأ ّ َ ِ َ َ ِ ٌ ِ
،لحصر المم في سبعين ،كما بين في الحديث .فآباء القوم الذين
لم ينذروا مثل ً ،المذكورون في قوله }:لتنذر قوما ً ما أنذر
آباؤءهم{ ليسوا أمة مستقلة ،حتى يرد الشكال في عدم
إنذارهم ،مع قوله }:وإن من أمة إل خل فيها نذير{ بل هم بعض
أمة .
وقوله تعالى }:ونذيرا وإن م ُ
مةٍ إ ِل ّ خل ِفيَها ن َ ِ
ذيٌر { ل يشكل نأ ََّ ِ ً َِ ّ ْ
عليه قوله تعالى }:ولو شئنا لبعثنا في كل قرية نذيرًا{ لن
المعنى :أرسلنا إلى جميع القرى ،بل إلى السود والحمر ،رسول ً
واحدا ً ،هو محمد مع أنا لو شئنا أرسلنا إلى كل قرية بانفرادها
رسول ً ،ولكن لم نفعل ذلك ،ليكون الرسال إلى الناس كلهم فيه
الظهار لفضله على غيره من الرسل ،بإعطائه ما لم ُيعطه أحد ٌ
قبله من الرسل ،عليه وعليهم الصلة والسلم .
كما ثبت عنه في الصحيح :من أن عموم رسالته إلى السود
صه الله به دون غيره من الرسل . والحمر ؛ مما خ ّ
وأقرب الوجه المذكورة عندنا ،هو ما يدل عليه القرآن العظيم ،
وهو الوجه الرابع ،وهو أن معنى الية } وَل ِك ُ ّ
ل قَوْم ٍ َ
هاد ٍ { أي :لكل
أمة نبي ،فلست يانبي الله بدعا ً من الرسل .
ووجه دللة القرآن على هذا :كثرة إتيان مثله في اليات ،كقوله :
}ولقد بعثنا في كل أمة رسول ً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت{ ،
وقوله }:ولكل أمة رسول{ وقوله }:وإن من أمة إل خل فيها نذير{
.
وعليه ،فالحكمة في الخبار بأن لكل أمة نبيا ً ،أن المشركين
عجبوا من إرساله ، كما بينه تعالى بقوله }:أكان الناس عجبا ً أن
أوحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس{ وقوله }بل عجبوا أن جاءهم
منذر منهم{ ،وقوله }:وما منع الناس أن يؤمنوا إذا جاءهم الهدى
إل أن قالوا أبعث الله بشرا ً رسو ً
ل{ فأخبرهم أن إنذاره لهم ليس
بعجب ول غريب ،لن لكل أمة منذرا ً .فالية كقوله}:قل ما كنت
بدعا ً من الرسل{ ،وقوله } :إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلى نوح
والنبيين من بعده{ والعلم عند الله تعالى .
ك{. ما ُأنزِ َ
ل إ ِل َي ْ َ ن بِ َ
حو َ م ال ْك َِتا َ
ب ي َْفَر ُ ن آت َي َْناهُ ُ قوله تعالى َ }:وال ّ ِ
ذي َ
الية
هذه الية الكريمة تدل بظاهرها على إيمان أهل الكتاب ،لن الفرح
بما أنزل على النبي دليل اليمان .
حقّ ت ِل َوَت ِهِ { ، ه َ ب ي َت ُْلون َ ُم ال ْك َِتا َن آت َي َْناهُ ُ ونظيره قوله تعالى} ال ّ ِ
ذي َ
ل آمنوا ْ به أ َو ل َ تؤْمنوا ْ إن ال ّذي ُ
من قَب ْل ِهِ {
م ِ ن أوُتوا ْ ال ْعِل ْ َ ِ َ ُ ِ ُ ِ ّ وقوله } قُ ْ ِ ُ ِ ِ ْ
الية .وقد جاءت آيات تدل على خلف ذلك ،كقوله }:لم يكن
الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين { إلى أن قال }:
ل َم يك ُن ال ّذين ك ََفروا م َ
ن { وبين منَف ّ
كي َ ن ُ
كي َ
شرِ ِ ب َوال ْ ُ
م ْ ل ال ْك َِتا ِ
ن أهْ ِ
ِ ْ ُ ِ َ ْ َ ِ
في موضع آخر أن الكافرين من أهل الكتاب أكثر ،وهو قوله :
ْ
ن
ن عَ ِ ف وَت َن ْهَوْ َ
معُْرو ِن ِبال ْ َمُرو َ س ت َأ ُ
ت ِللّنا ِ ج ْ مة ٍ أ ُ ْ
خرِ َ
ُ
خي َْر أ ّ م َ }} ُ
كنت ُ ْ
م خي ًْرا ل ُّهم ّ
من ْهُ ُ ن َ ب لَ َ
كا َ ل ال ْك َِتا ِ ن أ َهْ ُ
م َن ِبالل ّهِ وَل َوْ آ َ مُنو َ منك َرِ وَت ُؤْ ِ ال ْ ُ
َ
ن ) (110سورة آل عمران { . سُقو َ م ال َْفا ِ ن وَأك ْث َُرهُ ُ مُنو َ مؤ ْ ِال ْ ُ
والجواب :أن الية من العام المخصوص ،فهي في خصوص
المؤمنين من أهل الكتاب ،كعبد الله بن سلم ومن أسلم من
اليهود ،وكالثمانين الذين أسلموا من النصارى المشهورين ،كما
قاله الماوردي وغيره ،وهو ظاهر ويدل عليه التبعيض في قوله
تعالى }:وإن م َ
ن ِبالل ّ ِ
ه {..الية . م ُ ب لَ َ
من ي ُؤْ ِ ل ال ْك َِتا ِ
ن أهْ ِ
َِ ّ ِ ْ
سورة إبراهيم
ت في كل مكان {..الية . قوله تعالى }:ويأتيه المو ُ
ت الكافر في النار .وقوله }:وما هو
ُيفهم من ظاهره مو ُ
بميت{ُيصّرح بنفي ذلك .
والجواب :أن معنى } :ويأتيه الموت { ،أي أسبابه المقتضية له
عادة ،إل أن الله ُيمسك روحه في بدنه مع وجود ما يقتضي موته
حجة في قوله :
عادة .وأوضح هذا المعنى بعض المتأخرين ممن ل ُ
بقوله :
إن الكلب طويلة ولقد قتلتك بالهجاء فلم تمت
العمار
َ قوله تعالى }:ي َوم ت ُب َد ّ ُ َ
ض غَي َْر الْر ِ
ض { الية . ل الْر ُ ْ َ
هذه الية الكريمة فيها التصريح بتبديل الرض يوم القيامة .وقد
جاء في آية آخرى ما ُيتوهم منه أنها تبقي ول تتغيُر ،وهي قوله
تعالى }:إنا جعلنا مع على الرض زينة لها لنبلوهم أيهم أحسن عمل ً
،وإنا لجاعلون ما عليها صعيدا ً جرزًا{ فإنه تعالى في هذه الية
صرح بأنه جعل ما على الرض زينة لها ؛ لبتلء الخلق ،ثم بين أنه
يجعل ما على الرض صعيدا ً جرزا ً ،ولم يذكر أنه يتغير نفس الرض
؛ فيتوهم منه أن التغيير حاصل في ما عليها دون نفسها .
والجواب :هو أن حكمة ذكر ما عليها دونها ،لن ما على الرض
من الزينة والزخارف ومتاع الدنيا ،هو سبب الفتنة والطغيان
ومعصية تعالى .
م زاجرٍ عن
ظ وأعظ ُ
فالخبار عنه بأنه فإن زائل ؛ فيه أكُبر واع ٍ
ص بالذكر ؛ فل ينافي تبديل الرض
الفتتان به ،ولهذه الحكمة خ ّ
المصرح به في الية الخرى ،كما هو ظاهر ،مع أن مفهوم قوله :
ب ؛ لن الموصول الذي هو " ما " واقع على
م لق ٍ
}ماعليها{ مفهو ٌ
جميع الجناس الكائنة على الرض زينة لها .ومفهوم اللقب ل
ُيعتبر عند الجمهور ،وإذا كان ل اعتبار به لم تظهر منافات أصل ً .
والعلم عند الله تعالى .
سورة النحل
م ال ْ ِ مل َ ً َ
ة
م ِ
قَيا َ و َة يَ ْ م َ
كا ِ ه ْ وَزاَر ُ مُلوا أ ْ ح ِ قوله تعالى}:ل ِي َ ْ
َ
م{ الية.هذه الية الكريمة تدل ه ْ ضّلون َ ُ ن يُ ِ ذي َ ر ال ّ ِ وَزا ِ نأ ْ م ْ و ِ َ
على أن هؤلء الضالين المضلين يحملون أوزارهم كاملة
ويحملون أيضا من أوزار التباع الذين أضلوهم .وقد جاءت آيات
ع
ن ت َدْ ُ وإ ِ ْ أخر تدل أنه ل يحمل أحد وزر غيره كقوله تعالىَ }:
ذان َ كا َ و َ ول َ ْ يء ٌ َ ْ شه َ من ْ ُل ِ م ْ ح َ ها ل ي ُ ْ مل ِ َح ْ ة إ َِلى ِ قل َ ٌمث ْ َ ُ
خَرى{. ُ
وْزَر أ ْ ُ
زَرةٌ ِ وا ِ زُر َ ول ت َ ِ قْرَبى{ وقوله تعالىَ }:
والجواب:أن هؤلء الضالين ما حملوا إل أوزار أنفسهم لنهم
ملوا وزر الضلل ووزر الضلل . تح ّ
فمن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها ل
ينقص ذلك من أوزارهم شيئا لن تشريعه لها لغيره ذنب من
ذنوبه فأخذ به ,وبهذا يزول الشكال أيضا في قوله تعالى:
م{ الية. ه ْقال ِ ِع أ َث ْ َم َ قال ً َ وأ َث ْ َ م َ ه ْ قال َ ُ ن أ َث ْ َمل ُ ّ
ح ِ ول َي َ ْ} َ
ب وال َ ْ
عَنا ِ ل َ
خي ِ
ت الن ّ ِمَرا ِن ثَ َ
م ْ و ِ
قوله تعالىَ }:
سنًا{ الية .هذه الية الكريمة ح َرْزقا ً َ كرا ً َ
و ِ س َه َمن ْ ُ
ن ِ خ ُ
ذو َ ت َت ّ ِ
سكر المتخذ من ثمرات التخيل والعناب ل بأس يفهم منها أن ال ُ
به لن الله
امتن به على عباده في سورة المتنان التي هي سورة
لم ِ
ع َ
ن َم ْ
س ِج ٌ ر ْ
النحل ,وقد حّرم تعالى الخمر بقولهِ } :
ن{ الية ,لنه وصفها حو َ م تُ ْ
فل ِ ُ عل ّك ُ ْجت َن ُِبوهُ ل َ َ
فا ْ ن َ شي ْ َ
طا ِ ال ّ
بأنها رجس وأنها من عمل الشيطان وأمر باجتنابها ورتب عليه
رجاء الفلح ,ويفهم منه أن من لم يجتنبها لم يفلح وهو كذلك،
وقد بّين صلى الله عليه وسلم أن كل ما خامر العقل فهو خمر
وأن كل مسكر حرام وأن ما أسكر كثيره فقليله حرام.
والجواب ظاهر وهو أن آية تحريم الخمر ناسخة لقوله:
كرًا{ .الية .ونسخها له هو التحقيق خلفا س َ
ه َ من ْ ُن ِ خ ُ
ذو َ }ت َت ّ ِ
لما يزعمه كثير من الصوليين من أن تحريم الخمر ليس نسخا
لباحتها الولى؛ لن إباحتها الولى إباحة عقلية ,وهي المعروفة
عند الصوليين بالبراءة الصلية ,وتسمى استصحاب العدم
الصلي ,والباحة العقلية ليست من الحكام الشرعية حتى
يكون رفعها نسخا ,ولو كان رفعها نسخا لكان كل تكليف في
الشرع ناسخا للبراءة الصلية من التكليف به ,وإلى كون الباحة
العقلية ليست من الحكام الشرعية أشار في مراقي السعود
بقوله:
قد أخذت فليست الشرعية وما من الباحة العقلية
كما أشار إلى أن تحريم الخمر ليس نسخا لباحتها؛ لنها
إباحة عقلية وليست من الحكام الشرعية حتى يكون رفعها
نسخا بقوله:
براءة ليست من الحكام أباحها في أول السلم
وإنما قلنا إن التحقيق هو كون تحريم الخمر ناسخا لباحتها؛
كرًا{ يدل على إباحة الخمر س َه َ من ْ ُن ِذو َ خ ُ لن قوله} :ت َت ّ ِ
شرعا ,فرفع هذه الباحة المدلول عليها بالقرآن رفع حكم
شرعي فهو نسخ بل شك ,ول يمكن أن تكون إباحتها عقلية إل
قبل نزول هذه الية كما هو ظاهر ,ومعلوم عند العلماء أن
الخمر نزلت في شأنها أربع آيات من كتاب الله:
الولى :هذه الية الدالة على إباحتها. -
-الثانية :الية التي ذكر فيها بعض معايبها ,وأن فيها منافع
ق ْ
ل وصرحت بأن إثمها أكبر من نفعها ,وهي قوله تعالىُ } :
َ
ن
م ْما أك ْب َُر ِ ه َ م ُ وإ ِث ْ ُ
س َ ع ِللّنا ِ ف ُمَنا ِ
و َ م ك َِبيٌر َ ما إ ِث ْ ٌ ه َ في ِ ِ
ربها بعد نزولها قوم للمنافع المذكورة ,وتَركها ش ِ ما{ ف َ ه َ ع ِ ف ِنَ ْ
آخرون للثم الذي هو أكبر من المنافع.
-الثالثة :الية التي دلت على تحريمها في أوقات الصلة
َ
قَرُبوامُنوا ل ت َ ْ نآ َ ذي َ ها ال ّ ِ دون غيرها ,وهي قولهَ} :يا أي ّ َ
الصلةَ َ
ن{الية. قوُلو َ ما ت َ ُ موا َ عل َ ُحّتى ت َ ْ كاَرى َ س َ م ُ وأن ْت ُ ْ َ ّ
-الرابعة :الية التي حرمتها تحريما باتا مطلقا ,وهي قوله
ما ال ْ َ َ
ه ْ
ل ف َمُر{ إلى قولهَ } : خ ْ مُنوا إ ِن ّ َ نآ َذي َ ها ال ّ ِتعالىَ} :يا أي ّ َ
ن{ ,والعلم عند الله تعالى. َ
هو َ من ْت َ ُم ُ أن ْت ُ ْ
وأما على قول من زعم أن السكر :الطعم ,كما أختاره ابن
جرير وأبو عبيدة ,أو أنه الخل فل إشكال في الية.
ه{ ون َ ُ ول ّ ْ ن ي َت َ َ ذي َ عَلى ال ّ ِ ه َ طان ُ ُ سل ْ َ ما ُ قوله تعالى}:إ ِن ّ َ
الية .هذه الية الكريمة فيها التصريح بأن الشيطان له سلطان
عَباِدي ن ِ على أوليائه ,و نظيرها الستثناء في قوله تعالى} :إ ِ ّ
ن{. وي َ غا ِ ن ال ْ َ م َ ك ِ ع َ ن ات ّب َ َ م ِ ن إ ِل ّ َ طا ٌ سل ْ َ م ُ ه ْ علي ْ ِ
ك َ َ س لَ َ ل َي ْ َ
وقد جاء في بعض اليات ما يدل على نفي سلطانه عليهم
ه
عو ُ فات ّب َ ُ ه َ س ظَن ّ ُ م إ ِب ِْلي ُ ه ْ صدّقَ َ َ
علي ْ ِ قد ْ َ ول َ َ كقوله تعالىَ } :
نم ْ م ِ ه ْ ه َ َ ن لَ ُ ما َ م ْ ن ال ْ ُ ريقا ً ِ إ ِل ّ َ
علي ْ ِ كا َ و َن َ مِني َ ؤ ِ م َ ف ِ
قا َ
ل و َ ن{ الية ,وقوله تعالى حاكيا عنه مقررا لهَ }: طا ٍ سل ْ َ ُ
ق ْ ُ ّ َ ما ُ َ َ ال ّ
ح ّ عدَ ال َ و ْ م َ عدَك ْ و َ ه َ ن الل َ مُر إ ِ ّ ي ال ْ ض َ ق ِ نل ّ شي ْطا ُ
سل ْ َ َ
ن{ طا ٍ ن ُ م ْ م ِ عل َي ْك ُ ْ ي َ ن لِ َ كا َ ما َ و َ م َ فت ُك ُ ْ خل َ ْ فأ ْ م َ عدْت ُك ُ ْ و َ و َ َ
الية.
والجواب :هو أن السلطان الذي أثبته له عليهم غير
السلطان الذي نفاه؛ وذلك من وجهين:
الول :أن السلطان المثبت له هو سلطان إضلله لهم
بتزيينه ,والسلطان المنفي هو سلطان الحجة ,فلم يكن لبليس
عليهم من حجة يتسلط بها غير أنه دعاهم فأجابوه بل حجة ول
برهان ,وإطلق السلطان على البرهان كثير في القرآن.
الثاني:أن الله لم يجعل له عليهم سلطانا ابتداء البتة,
ولكنهم هم الذين سّلطوه على أنفسهم بطاعته ,ودخولهم في
ن ك َي ْ َ
د حزبه فلم يتسلط عليهم بقوة؛ لن الله يقول} :إ ِ ّ
عيفًا{ ,وإنما تسّلط عليهم بإرادتهم ض ِ ن َ كا َ ن َ طا ِ شي ْ َ ال ّ
واختيارهم ,ذكر هذا الجواب بوجهيه العلمة ابن القيم رحمه الله
تعالى.
م
ه ْ ن ُ ذي َ وال ّ ِ وا َ ق ْ ن ات ّ َ ذي َ ع ال ّ ِ م َ ه َ ن الل ّ َ قوله تعالى} :إ ِ ّ
ن{ .هذه الية الكريمة تدل بظاهرها على أن معية الله سُنو َ ح ِ م ْ ُ
خاصة بالمتقين المحسنين ،وقد جاء في آيات أخر ما يدل على
و ة إ ِّل ُ
ه َ وى َثلث َ ٍ ج َ ن نَ ْ م ْ ن ِ كو ُ ما ي َ ُ عمومها ,وهي قولهَ } :
كن ذَل ِ َ َ ة إ ِّل ُ
م ْ ول أدَْنى ِ م َ ه ْ س ُ ساِد ُ و َ ه َ س ٍ م َخ ْ ول َم َ ه ْ ع ُ َراب ِ ُ
َ َ
ول أك ْث ََر إ ِّل ُ
ما ن َ م أي ْ َ عك ُ ْ م َ و َ ه َ و ُم{ ,وقولهَ }: ه ْ ع ُ م َو َه َ َ
ن{, غائ ِِبي َ ما ك ُّنا َ و َ عل ْم ٍ َ م بِ ِ ه ْ ن َ َ
علي ْ ِ ص ّ ق ّ فل َن َ ُك ُن ُْتم{ ,وقولهَ } :
شْأن{ الية .والجواب :أن لله معية خاصة في َ ن ِكو ُ ما ت َ ُ و َ } َ
ومعية عامة ,فالمعية الخاصة بالنصر والتوفيق و العانة ,وهذه
ن
ذي َ ع ال ّ ِ م َ ه َ ن الل ّ َ لخصوص المتقين المحسنين كقوله تعالى}:إ ِ ّ
ة أ َّني ملئ ِك َ ِ ك إ َِلى ال ْ َ حي َرب ّ َ وا{ .وقوله} :إ ِذْ ُيو ِ ق ْ ات ّ َ
عَنا{ .ومعية م َ ه َ ن الل ّ َ ن إِ ّ حَز ْ م{ .الية ,وقوله} :ل ت َ ْ عك ُ ْ م َ َ
عامة بالحاطة والعلم؛ لنه تعالى أعظم وأكبر من كل شيء,
محيط بكل شيء ,فجميع الخلئق في يده أصغر من حبة خردل
في يد أحدنا وله المثل العلى ,وسيأتي له زيادة إيضاح في
سورة الحديد -إن شاء الله -وهي عامة لكل الخلئق كما دّلت
عليه اليات المتقدمة.
سورة بني إسرائيل
سورة الكهف
عل َيك ُم يرجموك ُ َ
ومأ ْْ هُروا َ ْ ْ َ ْ ُ ُ ن ي َظْ َ م إِ ْ ه ْقوله تعالى}:إ ِن ّ ُ
حوا ِإذا ً أَبدًا{ .هذه الية تدلَ ن تُ ْ
فل ِ ُ ول َ ْ
م َ ه ْ في ِ ّ
ملت ِ ِ م ِ دوك ُ ْ عي ُ
يُ ِ
بظاهرها على أن المكره على الكفر ل يفلح أبدا.وقد جاءت آية
أخرى تدل على أن المكره على الكفر معذور إذا كان قلبه
ُ
هقل ْب ُ ُو َ ن أك ْ ِ
رهَ َ م ْمطمئنا باليمان وهي قوله تعالى} :إ ِل ّ َ
درًا{ .الية. ص ْ
ر َ ف ِح ِبال ْك ُ ْ
شَر َ ن َ م ْن َ ول َك ِ ْن َ ما ِلي َ
ن ِبا ِ مطْ َ
مئ ِ ّ ُ
والجواب عن هذا من وجهين:
الول:أن رفع المؤاخذة مع الكراه من خصائص هذه المة
غل َ
ل وال َ ْ م َ ه ْصَر ُ
م إِ ْ
ه ْ
عن ْ ُع َ ض ُ
وي َ َ
فهو داخل في قوله تعالىَ }:
م{ ويدل لهذا قوله صلى الله عليه وسلم" : ه ْ ت َ َ ال ِّتي َ
علي ْ ِ كان َ ْ
إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا
عليه" .فهو يدل بمفهومه على خصوصه بأمته صلى الله عليه
وسلم وليس مفهوم لقب؛ لن مناط التخصيص هو اتصافه صلى
الله عليه وسلم بالفضلية على من قبله من الرسل واتصاف
أمته بها على من قبلها من المم .والحديث وان أعله أحمد وابن
أبي حاتم فقد تلقاه العلماء قديما وحديثا بالقبول ومن أصرح
الدلة في أن من قبلنا ليس لهم عذر بالكراه ,حديث
طارق[1]4بن شهاب في الذي دخل النار في ذباب قربه لصنم
مع أنه قربه ليتخلص من شر عبدة الصنم ,وصاحبه الذي امتنع
من ذلك قتلوه فعلم أنه لو لم يفعل لقتلوه كما قتلوا صاحبه ول
إكراه أكبر من خوف القتل ومع هذا دخل النار ولم ينفعه
حوا ن تُ ْ
فل ِ ُ ول َ ْالكراه ,وظواهر اليات تدل على ذلك فقولهَ } :
ِإذا ً أ ََبدًا{ ظاهر في عدم فلحهم مع الكراه؛لن قوله:
في ِ ّ }يرجموك ُ َ
هم{ صريح في الكراه ملت ِ ِ دوك ُ ْ
م ِ عي ُو يُ ِ مأ ْْ َ ْ ُ ُ
4
خطَأ َْنا{ مع أنه و أَ ْ َ
سيَنا أ ْ ن نَ ِ خذَْنا إ ِ ْ ؤا ِوقولهَ} :رب َّنا ل ت ُ َ
تعالى قال":قد فعلت" كما ثبت في صحيح مسلم يدل بظاهره
د
ق ْول َ َعلى أن التكليف بذلك كان معهودا ً قبل ,وقوله تعالىَ } :
مصى آدَ ُ ع َ و َ
ي{ مع قولهَ } : س َ فن َ ِ ل َ قب ْ ُن َ م ْ م ِ هدَْنا إ َِلى آدَ َ ع ِ َ
َرّبه{ فأسند إليه النسيان و العصيان معا يدل على ذلك أيضا
وعلى القول بأن المراد بالنسيان الترك فل دليل في
خطَأ َْنا{ مع و أَ ْ َ
سيَنا أ ْ ن نَ ِ خذَْنا إ ِ ْ ؤا ِ الية.وقولهَ}:رب َّنا ل ت ُ َ
قب ْل َِنا{ ويستأنس لهذا ن َ م ْ ن ِ ذي َ عَلى ال ّ ِ ه َ مل ْت َ ُح َ
ما َقوله}:ك َ َ
بما ذكره البغوي في تفسيره عن الكلبي من أن المؤاخذة
بالنسيان كانت من الصر على من قبلنا وكان عقابها يعجل لهم
في الدنيا فيحرم عليهم بعض الطيبات .وقال بعض العلماء :إن
الكراه عذر لمن قبلنا وعليه فالجواب هو:
الوجه الثاني :أن الكراه على الكفر قد يكون سببا
لستدراج الشيطان إلى استحسانه والستمرار عليه كما يفهم
مان{ وإلى لي َ ن ِبا ِ مئ ِ ّ مطْ َ ه ُ قل ْب ُ ُ و َ
من مفهوم قوله تعالىَ } :
هذا الوجه جنح صاحب روح المعاني والول أظهر عندي و أوضح
والله تعالى أعلم.
ها{.هذه الية تدل على َ َ َ قوله تعالىَ } :
عيب َ َ نأ ِ تأ ْ فأَردْ ُ
أن عْيبها يكون سببا لترك الملك الغاصب لها ولذلك خرقها
خذ ُ ك ُ ّ
ل ك ي َأ ْ ُ
مل ِ ٌ م َ ه ْ وَراءَ ُ ن َ كا َ و َالخضر وعموم قولهَ } :
صبًا{ يقتضي أخذ الملك للمعيببة والصحيحة معا. ة َ
غ ْ فين َ ٍ
س ِ َ
والجواب أن في الكلم حذف الصفة وتقديره :كل سفينة
صالحة صحيحة.وحذف النعت إذا دل المقام عليه جائز كما أشار
له ابن مالك في الخلصة بقوله:
يجوز حذفه وفي النعت وما من المنعوت والنعت
يقل عقل
ومن شواهد حذف الصفة قول الشاعر:
مهفهفة لها فرع وجيد ورب أسيلة الخدين بكر
أي لها فرع فاحم وجيد طويل.
وقول عبيد بن البرص السدي:
فعل ومن نائله نائل من قوله قول ومن فعله
يعني من قوله قول فصل وفعله فعل جميل ونائله نائل
جزل.
دفع إيهام الضطراب
عن آيات الكتاب
لفضيلة الشيخ محمد المين الشنقيطي
المدرس في كلية الشريعة بالجامعة
سورة مريم
ها{ الية .هذه الية ردُ َ وا ِ م إ ِل ّ َ من ْك ُ ْن ِ وإ ِ ْ
قوله تعالىَ } :
الكريمة تدل على أن كل الناس لبد لهم من ورود النار وأكد
ضي ًّا{ وقد جاء في آية ق ِ م ْ حْتما ً َ ك َ عَلى َرب ّ َ ن َ كا َذلك بقولهَ } :
أخرى ما يدل على أن بعض الناس مبعد عنها ل يسمع لها حسا ً
نعو َ م ُس َن ,ل ي َ ْ دو َ ع ُ مب ْ َها ُ عن ْ َ ك َ وهي قوله تعالىُ} :أول َئ ِ َ
ها{ الية. س َسي َ ح ِ َ
والجواب هو ما ذكره اللوسي وغيره من أن معنى قوله:
ن{ :أي عن عذاب النار وألمها .وقيل :المراد إبعادهم دو َ ع ُمب ْ َ } ُ
عنها بعد أن يكونوا قريبا منها ,ويدل للوجه الول ما أخرجه
المام أحمد والحكيم الترمذي وابن المنذر والحاكم وصححه
وجماعة عن أبي سمية قال" :اختلفنا في الورود فقال بعضنا :ل
يدخلها مؤمن وقال آخر :يدخلونها جميعا ثم ينجي الله الذين
اتقوا فلقيت جابر ابن عبد الله رضي الله عنه فذكرت ذلك له,
فقال -وأهوى بإصبعيه إلى أذنيه :-صمتا إن لم أكن سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول" :ل يبقى بر ول فاجر إل
دخلها فتكون على المؤمنين بردا وسلما كما كانت على إبراهيم
عليه السلم حتى أن للنار ضجيجا من بردهم ثم ينجي الله
الذين اتقوا" .وروى جماعة عن ابن مسعود أن ورود النار هو
المرور عليها"؛ لن الناس تمر على الصراط وهو جسر منصوب
على متن جهنم .وأخرج عبد بن عبد حميد وابن النباري
والبيهقي عن الحسن الورود :المرور عليها من غير دخول.
وروى ذلك أيضا عن قتادة قاله اللوسي.
واستدل القائلون بأن الورود نفس الدخول كابن عباس
بقوله تعالىَ َ } :
ء
ؤل ِ ه ُ
ن َ كا َو َ م الّناَر{ وقوله} :ل َ ْ ه ُ وَردَ ُ فأ ْ
َ
هام لَ َم أن ْت ُ ْ هن ّ َج َ ب َ ص ُ ح َ ها{ وقولهَ } : دو َوَر ُ
ما َ ة َ ه ً آل ِ َ
ن{ ،فالورود في ذلك كله بمعنى الدخول واستدل دو َ ر ُ وا ِ َ
القائلون بأن الورود القرب منها من غير دخول بقوله تعالى:
ن{ ،وقول زهير: مدْي َ َ ماءَ َ وَردَ َ ما َ ول َ ّ} َ
وضعن عصى الحاضر فلما وردن الماء زرفا ً
المتخيعم
سورة طه جمعامة
ها{ هذه الية في َ خ ِ كادُ أ ُ ْ ة أَ َ ة آت ِي َ ٌع َ
سا َن ال ّ قوله تعالى} :إ ِ ّ
الكريمة يتوهم منها أنه جل وعل لم يخفها بالفعل ولكنه قارب
أن يخفيها؛ لن )كاد( فعل مقاربة .وقد جاء في آيات أخر
بل غي ْ ِح ال ْ َ فات ِ ُ م َ عن ْدَهُ َ و ِالتصريح بأنه أخفاها كقوله تعالىَ } :
و{ وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن المراد ه َ ها إ ِل ّ ُ م َعل َ ُيَ ْ
ه
عن ْدَ ُه ِ ن الل ّ َ بمفاتح الخمس المذكورة في قوله تعالى} :إ ِ ّ
عن ْدَ َرّبي{ ها ِ عل ْ ُ
م َ ما ِ ل إ ِن ّ َق ْ ة{ الية .وكقولهُ } : ع ِ سا َم ال ّ عل ْ ُِ
ها{ إلى غير ذلك من اليات. ن ِذك َْرا َ َ
م ْ ت ِ م أن ْ َ في َوقولهِ } :
والجواب من سبعة أوجه:
الول :وهو الراجح ،أن معنى الية أكاد أخفيها من نفسي أي
لو كان ذلك يمكن وهذا على عادة العرب؛ لن القرآن نزل
بلغتهم والواحد منهم إذا أراد المبالغة في كتمان أمر قال كتمته
من نفسي أي ل أبوح به لحد ،ومنه قول الشاعر:
ما كدت أكتمه عني من أيام تصحبني هند
صلى الله عليه وسلم في الخعير ونظير هذا من المبالغة قوله وأخبرهعا
حديث السبعة الذين يظلهم الله "ورجل تصدق بصدقة فأخفاها
حتى ل تعلم شماله ما تنفق يمينه" .وهذا القول مروي عن أكثر
المفسرين ,وممن قال به ابن عباس ومجاهد وقتادة وأبو صالح
كما نقله عنهم ابن جرير وجعفر الصادق كما نقله عنه اللوسي
ي )أكاد أخفيها ُ
في تفسيره ويؤيد هذا القول أن في مصحف أب ّ
من نفسي( كما نقله اللوسي وغيره وروى ابن خالويه أنها في
مصحف أبي كذلك بزيادة )فكيف أظهركم عليها( وفي بعض
القراءات بزيادة )فكيف أظهرها لكم( وفي مصحف عبد الله
ابن مسعود بزيادة )فكيف يعلمها مخلوق( كما نقله اللوسي
وغيره.
الوجه الثاني :أن معنى الية أكاد أخفيها أي أخفي الخبار
بأنها آتية والمعنى أقرب أن أترك الخبار عن إتيانها من أصله
لشدة إخفائي لتعيين وقت إتيانها.
الوجه الثالث :أن الهمزة في قوله) :أخفيها( هي همزة
السلب لن العرب كثيرا ما تجعل الهمزة أداة لسلب الفعل
كقولهم شكا إلي فلن فأشكيته أي أزلت شكايته وقولهم عقل
البعير فأعقلته أي أزلت عقاله وعلى هذا فالمعنى أكاد أخفيها
أي أزيل خفاءها بأن أظهرها لقرب وقتها كما قال تعالى:
ة{ .الية .وهذا القول مروي عن أبي علي ع ُ
سا َ ت ال ّ قت ََرب َ ِ }ا ْ
كما نقله عنه اللوسي في تفسيره ونقله النيسابوري في
تفسيره عن أبي الفتح الموصلي ومنه قول امرئ القيس ابن
عابس الكندي:
وإن تبعثوا العحرب ل نقععد
فإن تدفنوا العداء ل نخفعه
على رواية ضم النون من ل نخفه وقد نقل ابن جرير في
تفسير هذه الية عن معمر بن المثنى أنه قال :أنشدنيه أبو
الخطاب عن أهله في بلده بضم النون من ل نخفه ومعناه ل
نظهره أما على الرواية المشهورة بفتح النون من ل نخفه فل
شاهد في البيت إل على قراءة من قرأ أكاد أخفيها بفتح الهمزة
وممن قرأ بذلك أبو الدرداء وسعيد بن جبير والحسن ومجاهد
وحميد وروي مثل ذلك عن ابن كثير وعاصم وإطلق خفاه
يخفيه بفتح الياء بمعنى أظهره إطلق مشهور صحيح إل أن
القراءة به ل تخلو من شذوذ ومنه البيت المذكور على رواية
فتح النون وقول كعب بن زهير أو غيره:
بعاريكعين يخفعيان غمعيرا داب شهرين ثم شهرا
دميعكا
أي يظهرانه .وقول امرئ القيس:
خفاهن ودق من عشى خفاهن من إنفاقهن
مجعلب كأنعما
الوجه الرابع :أن خبر كاد محذوف والمعنى على هذا القول
أن الساعة آتية أكاد أظهرها فحذف الخبر ثم ابتدأ الكلم بقوله:
عى{ ,ونظير ذلك من ْ ّ ُ }أ ُ
س َ
ما ت َ ْ
س بِ َ
ٍ ف َ ن ل ك زى َ ج
ْ ُ تِ ل ها
َ في
ِ خ
ْ
كلم العرب قول ضابئي ابن الحرث البرجمي:
تركت على عثمان تبكي حلئله هممت ولم أفعل وكدت
وليتني
يعني وكدت أفعل.
الوجه الخامس :أن كاد تأتي بمعنى أراد وعليه فمعنى أكاد
أخفيها أريد أن أخفيها وإلى هذا القول ذهب الخفش وابن
النباري وأبو مسلم كما نقله عنهم اللوسي وغيره قال ابن
جني في المحتسب ومن مجيء كاد بمعنى أراد قول الشاعر:
لو عاد من لهو الصبابة ما كادت وكدت وتلك خير
مضى إرادة
كما نقله عنه اللوسي .وقال بعض العلماء أن من مجيء
ف{ أي أردنا س َ ك ك ِدَْنا ل ُِيو ُ كاد بمعنى أراد قوله تعالى } :ك َذَل ِ َ
له كما ذكره النيسابوري وغيره ومنه قول العرب ل أفعل كذا
ول أكاد أي ل أريد كما نقله بعضهم.
الوجه السادس :أن كاد من الله تدل على الوجوب كما دلت
ن ن يَ ُ َ ق ْ عليه عسى في كلمه تعالى نحو } ُ
كو َ سى أ ْ ع َ ل َ
ريبًا{ أي هو قريب وعلى هذا فمعنى أكاد أخفيها أنا أخفيها. ق ِ َ
الوجه السابع :أن كاد صلة وعليه فالمعنى أن الساعة آتية
أخفيها لتجزى الية .واستدل قائل هذا القول بقول زيد الخيل:
فما أن يكعاد قعرنه يتنفعس سريع إلى الهيجاء شاك
أي فما يتنفس قرنه .قالوا :ومن هذا القبيل قوله تعالى: سلحه
ها{ أي لم يرها وقول ذي الرمة: م ي َك َدْ ي ََرا َ}ل َ ْ
رسيس الهوى من حب مية إذا غير النأي المحبين لم
يبرج يعكد
أي لم يبرح على قول هذا القائل ,قالوا ومن هذا المعنى
قول أبي النجم:
قد كاد يطلع العداء والخطعبا وإن أتاك نعي فانعدبن
أبعا
أي قد اطلع العداء.
وقد قدمنا أن أرجح القوال الول والعلم عند الله تعالى.
هوا ق ُ ف َساِني ,ي َ ْ ن لِ َ م ْ قدَةً ِ ع ْل ُ حل ُ ْوا ْ قوله تعالىَ } :
وِلي{ ل يخفى أنه من سؤل موسى الذي قال له ربه أنه آتاه ق ْ َ
سى{ وذلك ؤل َ َ س ْ ُ ل َ قا َ إياه بقولهَ } :
مو َ ك َيا ُ ت ُ قدْ أوِتي َ
صريح في حل العقدة من لسانه ,وقد جاء في بعض اليات ما
يدل على بقاء شيء من الذي كان بلسانه كقوله تعالى عن
د
كا ُول ي َ َ ن َ هي ٌ م ِ
و َ ه َذي ُ ذا ال ّ ِ ه َن َ م ْ خي ٌْر ِ م أ ََنا َ َ
فرعون} :أ ْ
ن{. ي ُِبي ُ
ح َ
وأ ْ َ
ص ُ ف َ ه َ ن ُ هاُرو ُ خي َ وأ ِ وقوله تعالى عن موسىَ } :
مّني ل ِسانا ً َ َ
ي{ .الية. ع َم ِ ه َ سل ْ ُ فأْر ِ َ ِ
والجواب أن موسى -عليه وعلى نبينا الصلة والسلم -لم
يسأل زوال ما كان بلسانه بالكلية وإنما سأل زوال القدر المانع
وِلي{. ق ْ هوا َ ق ُ ف َ من أن يفقهوا قوله كما يدل عليه قوله} :ي َ ْ
ن
م ْ قدَةً ِ ع ْل ُ حل ُ ْوا ْ قال ابن كثير في تفسير قوله تعالى } َ
ساِني{ ما نصه :وما سأل أن يزول ذلك بالكلية بل بحيث لِ َ
يزول العي ويحصل لهم فهم ما يريد منه وهو قدر الحاجة ولو
سأل الجميع لزال ,ولكن النبياء ل يسألون إل بحسب الحاجة
م َ
ولهذا بقيت بقية ,قال تعالى إخبارا عن فرعون أنه قال} :أ ْ
ن{ أي يفصح كادُ ي ُِبي ُ ول ي َ َ ن َ هي ٌ م ِ
و َ ه َ
ذي ُ ذا ال ّ ِ ه َ ن َ م ْ أ ََنا َ
خي ٌْر ِ
ساِني{ ن لِ َ م ْ قدَةً ِ ع ْ ل ُ حل ُ ْوا ْ بالكلم .قال الحسن البصريَ } :
قال ":حل عقدة واحدة ولو سأل أكثر من ذلك أعطى" وقال
ابن عباس ":شكا موسى إلى ربه ما يتخوف من آل فرعون في
القتيل وعقدة لسانه؛ فإنه كان في لسانه عقدة تمنعه من كثير
من الكلم وسأل ربه أن يعينه بأخيه هارون يكون ردءا له
ويتكلم عنه بكثير مما ل يفصح به لسانه فأتاه سؤله فحل عقدة
من لسانه" ,وقال ابن أبي حاتم" :ذكر عن عمر بن عثمان
حدثنا بقية عن أرطأة بن المنذر حدثني بعض أصحاب محمد بن
كعب عنه قال :أتاه ذو قرابة له فقال له :ما بك بأس لو ل أنك
تلحن في كلمك ولست تعرب في قراءتك فقال القرظي :يا
ابن أخي ألست أفهمك إذا حدثتك؟ قال نعم ,قال :فإن موسى
عليه السلم إنما سأل ربه أن يحل عقدة من لسانه كي يفقه
بنو إسرائيل قوله ولم يزد عليها" .انتهى كلم ابن كثير بلفظه
وقد نقل فيه عن الحسن البصري وابن عباس ومحمد بن كعب
القرظي ما ذكرنا من الجواب ويمكن أن يجاب أيضا بأن فرعون
ن{ كما كذب على الله في كادُ ي ُِبي ُ ول ي َ َكذب عليه في قولهَ } :
سانًا{ يدل على َ
وأ ْ
مّني ل ِ َ ح ِ ص ُ ف َ ه َإدعاء الربوبية وأن قولهُ } :
اشتراكه مع هارون في الفصاحة فكلهما فصيح إل أن هارون
أفصح وعليه فل إشكال والعلم عند الله تعالى.
ك{ .الية .يدل على سول َرب ّ َ قول إ ِّنا َر ُ ف ُقوله تعالىَ } :
قول إ ِّنا ف ُ أنهما رسولن وهما موسى وهارون وقوله تعالىَ } :
ن{ ،يوهم كون الرسول واحد .والجواب من مي َ عال َ ِب ال ْ َ سو ُ
ل َر ّ َر ُ
وجهين:
ن{ أي كل مي َ عال َ ِب ال ْ َ ل َر ّ سو ُ الول :أن معنى قوله} :إ ِّنا َر ُ
واحد منا رسول رب العالمين كقول البرجمي :فإني وقيارا ً بها
لغريب.
وإنما ساغ هذا لظهور المراد من سياق الكلم.
الوجه الثاني :أن أصل الرسول مصدر كالقبول والولوع
فاستعمل في السم فجاز جمعه وتثنيته نظرا إلى كونه بمعنى
الوصف وساغ إفراده مع إرادة المثنى أو الجمع نظرا إلى
الصل من كونه مصدرا ومن إطلق الرسول على غير المفرد
قول الشاعر:
أعلمهم بنواحي الخبر ألكنى إليها وخير الرسول
يعني وخير الرسل ,وإطلق الرسول مرادا به المصدر كثير
ومنه قوله:
بقول ول أرسلتهم برسول لقد كذب الواشون ما
عندهم
برسالة. فهتيعني
سى{. مو َ ما َيا ُ ن َرب ّك ُ َ م ْ ف َ ل َ قا َ قوله تعالىَ } :
ما{ يقتضي أن المخاطب ن َرب ّك ُ َ م ْ ف َ ل َ قا َ قوله تعالىَ } :
سى{ يقتضي أن المخاطب واحد مو َ اثنان وقولهَ} :يا ُ
والجواب من ثلثة أوجه:
الول :أن فرعون أراد خطاب موسى وحده والمخععاطب أن
اشترك معه في الكلم غير مخاطب غلب المخاطب على غيععره
كما لو خاطبت رجل اشترك معه آخعر فعي شعأن والثعاني غعائب
فإنك تقول للحاضر منهما ما بالكما فعلتما كذا والمخاطب واحد
وهذا ظاهر.
الوجه الثاني :أنه خاطبهما معا وخص موسععى بالنععداء لكععونه
الصل في الرسالة.
الثالث :أنععه خاطبهمععا معععا وخععص موسععى بالنععداء لمطابقععة
فل رؤوس الي مع ظهععور المععراد ونظيععر اليععة قععوله تعععالىَ } :
قى{ ويجاب عنه بأن المععرأة تبععع ش َ فت َ ْ ة َجن ّ ِ ن ال ْ َ م َما ِجن ّك ُ َ
ر َ
خ ِ
يُ ْ
لزوجها وبأن شقاء الكد والعمل يتوله الرجال أكثر مععن النسععاء,
وبأن الخطاب لدم وحده والمععرأة ذكععرت فيمععا خععوطب بععه آدم
ك{ فهععي ذكععرت فيمععا ج َ و ِ
ول َِز ْ ك َ و لَ َ عد ُ ّ ذا َ ه َ ن َ بدليل قوله} :إ ِ ّ
خوطب به آدم؛ والمخاطب عند الله تعالى.
ي{. س َ ل َ
فن َ ِ قب ْ ُن َ م ْم ِ هدَْنا إ َِلى آدَ َ ع ِ قد ْ َ ول َ َ قوله تعالىَ } :
ظاهر هذه الية أن آدم ناس للعهد بالنهي عن أكل الشجرة؛ لن
الشيطان قاسمه بالله أنه له ناصح حتى دله بغرور وأنساه
العهد وعليه فهو معذور ل عاص .وقد جاءت آية أخرى تدل على
وى{. غ َ
ف َه َ م َرب ّ ُ صى آدَ ُ ع َ و َخلف ذلك وهي قوله تعالىَ } :
والجواب عن هذا من وجهين:
الول :هو ما قدمنا من عدم العذر بالنسيان لغير هذه المة.
الثاني :أن نسي بمعنى ترك ,والعرب ربما أطلقت النسيان
م{ .الية.
ه ْ
سا ُ
م ن َن ْ َ فال ْي َ ْ
و َ بمعنى الترك ومنه قوله تعالىَ } :
والعلم عند الله تعالى.
سورة النبياء
ب ص ُ ح َ ه َ ن الل ّ ِ دو ِ ن ُ م ْ ن ِ دو َ عب ُ ُ ما ت َ ْ و َ م َ قوله تعالى} :إ ِن ّك ُ ْ
َ
ن{ .هذه الية تدل على أن جميع دو َ ر ُوا ِ ها َ م لَ َ م أن ْت ُ ْ هن ّ َ ج َ َ
المعبودات مع عابديها في النار.
وقد أشارت آيات أخر إلى أن بعض المعبودين كعيسى
ن
ب اب ْ ُ ر َ ِ ضما ُ ول َ ّ والملئكة ليسوا من أهل النار كقوله تعالىَ } :
َ
ء
ؤل ِ ه ُةأ َ ملئ ِك َ ِ ل ل ِل ْ َ قو ُ م يَ ُ ل{ الية ,وقوله تعالى} :ث ُ ّ مث َ ً م َ مْري َ َ َ
ن ّ َ ُ
ن{ وقوله} :أولئ ِ َ َ ُ
غو َ ن ي َب ْت َ ُ عو َ ن ي َدْ ُ ذي َ ك ال ِ دو َ عب ُ ُ م كاُنوا ي َ ْ إ ِّياك ْ
ب{ .الية. قَر ُ م أَ ْ ه ْ
إَلى ربهم ال ْوسيل َ َ َ
ة أي ّ ُ َ ِ َ ّ ِ ُ ِ
والجواب من وجهين:
الول :أن هذه الية لم تتناول الملئكة ول عيسى لتعبيره
بما الدالة على غير العاقل ،وقد أشار تعالى إلى هذا الجواب
ن{، مو َ ص ُ خ ِ م َ و ٌ ق ْ م َ ه ْ ل ُ جدَل ً ب َ ْ ك إ ِل ّ َ ضَرُبوهُ ل َ َ ما َ بقولهَ } :
لنهم لو أنصفوا لما ادعوا دخول العقلء في لفظ ل يتناولهم
لغة.
الثاني :أن الملئكة وعيسى نص الله على إخراجهم من هذا
تق ْ سب َ َ ن َ ذي َ ن ال ّ ِ دفعا للتوهم ولهذه الحجة الباطلة بقوله} :إ ِ ّ
ن{ الية ,قوله تعالى: دو َ ع ُ مب ْ َ ها ُ عن ْ َ ك َ سَنى ُأول َئ ِ َ ح ْ مّنا ال ْ ُ م ِ ه ْ لَ ُ
فه ْ َ َ
مل أن ْت ُ ْ حد ٌ َ َ وا ِ ه َ م إ ِل َ ٌ هك ُ ْ ما إ ِل َ ُ ي أن ّ َ حى إ ِل َ ّ ما ُيو َ ل إ ِن ّ َ ق ْ } ُ
ن{ ,عبر في هذه الية الكريمة بلفظ )إنما( وهي تدل مو َ سل ِ ُ م ْ ُ
على الحصر عند الجمهور وعليه فهي تدل على حصر الوحي
في توحيد اللوهية وقد جاءت آيات أخر تدل على أنه أوصى
َ ل ُأو ِ
ن
م َ فٌر ِ ع نَ َ م َ ست َ َ ها ْ ي أن ّ ُ ي َ إ ِل َ ّ ح َ ق ْ إليه غير ذلك كقولهُ } :
ك{, ه إ ِل َي ْ َ حي ِ ب ُنو ِ غي ْ ِ ء ال ْ َ ن أن َْبا ِ م ْ ك ِ ن{ الية ,وقوله} :ذَل ِ َ ج ّ ال ْ ِ
حي َْنا َ َ ن ال ْ ك أَ عل َي ْ َ ن نَ ُ
و َ ما أ ْ ص بِ َ ِ ص َ ق َ سَ حْ ص َ ق ّ ح ُ وقوله} :ن َ ْ
ك{ الية. إ ِل َي ْ َ
والجواب أن حصر الوحي في توحيد اللوهية حصر له في
أصله العظم الذي يرجع إليه جميع الفروع لن شرائع كل
النبياء داخلة في ضمن ل إله إل الله لن معناها خلع كل النداد
سوى الله في جميع أنواع العبادات وإفراد الله بجميع أنواع
العبادات فيدخل في ذلك جميع الوامر والنواهي القولية
والفعلية والعتقادية.
سورة الحج
َ ُ
موا{ ,هذه م ظُل ِ ُ ه ْ ن ب ِأن ّ ُ قات َُلو َ ن يُ َ ذي َ ن ل ِل ّ ِ قوله تعالى} :أِذ َ
الية الكريمة تدل على أن قتال الكفار مأذون فيه ل واجب وقد
هُر ش ُ خ ال َ ْ سل َ َ ذا ان ْ َ فإ ِ َ جاءت آيات تدل على وجوبه كقولهَ } :
قات ُِلوا و َ ن{ الية ,وقولهَ } : كي َ ر ِ ش ِ م ْ قت ُُلوا ال ْ ُ فا ْ م َ حُر ُ ال ْ ُ
ة{ الية ,إلى غير ذلك من اليات .والجواب ف ً كا ّن َ كي َ ر ِ ش ِ م ْ ال ْ ُ
ظاهر وهو أنه أذن فيه أول من غير إيجاب ثم أوجب بعد ذلك
كما تقدم في سورة البقرة ,ويدل لهذا ما قاله ابن عباس
وعروة ابن الزبير وزيد بن أسلم ومقاتل بن حيان وقتادة
ومجاهد والضحاك وغير واحد كما نقله عنهم ابن كثير وغيره من
ُ
ن{ هي أول آية نزلت في الجهاد قات َُلو َ ن يُ َ ذي َ ن ل ِل ّ ِ أن آية }أِذ َ
والعلم عند الله تعال.
َ
مى ع َ ن تَ ْ ول َك ِ ْ صاُر َ مى الب ْ َ ع َ ها ل ت َ ْ فإ ِن ّ َ قوله تعالىَ } :
ر{. دو ِ ص ُ في ال ّ ب ال ِّتي ِ قُلو ُ ال ْ ُ
ظاهر هذه الية أن البصار ل تعمى ،وقد جاءت آيات أخر تدل
م ك ال ّذين ل َعن َهم الل ّه َ َ على عمى البصار كقولهُ} :أول َئ ِ َ
ه ْم ُ ص ّ فأ َ ُ ِ َ َ ُ ُ
عَلى ال َ ْ َ وأ َ ْ
ج{. حَر ٌ مى َ ع َ س َ م{ ,وكقوله} :ل َي ْ َ ه ْ صاَر ُ مى أب ْ َ ع َ َ
والجواب :أن التمييز بين الحق والباطل وبين الضار والنافع
وبين القبيح والحسن لما كان كله بالبصائر ل بالبصار صار
العمى الحقيقي هو عمى البصائر ل عمى البصار أل ترى أن
صحة العينين ل تفيد مع عدم العقل كما هو ضروري وقوله:
م{ يعني بصائرهم أو أعمى َ وأ َ ْ } َ َ
ه ْ صاَر ُ مى أب ْ َ ع َ م َ ه ْم ُ ص ّ فأ َ
أبصارهم عن الحق وإن رأت غيره.
َ
ما م ّ ة ِ سن َ ٍ ف َ ك ك َأل ْ ِ عن ْدَ َرب ّ َ وما ً ِ ن يَ ْ وإ ِ ّ قوله تعالىَ } :
ن{. دو َ ع ّ تَ ُ
هذه الية الكريمة تدل على أن مقدار اليوم عند الله ألف
ء إ َِلى ما ِ َ
س َ ن ال ّ م َ مَر ِ سنة وكذلك قوله تعالى} :ي ُدَب ُّر ال ْ
ة
سن َ ٍ ف َ داُرهُ أ َل ْ َ ق َ م ْ ن ِ كا َ وم ٍ َ في ي َ ْ ه ِ ج إ ِل َي ْ ِ عُر ُ م يَ ْ ض ثُ ّ الْر ِ
َ
ن{. دو َ ع ّ ما ت َ ُ م ّ ِ
وقد جاءت آية أخرى تدل على خلف ذلك وهي قوله تعالى
في ه ِ ح إ ِل َي ْ ِ والّرو ُ ة َ ملئ ِك َ ُ ج ال ْ َ عُر ُ في سورة سأل سائل} :ت َ ْ
ة{ الية ,إعلم أول أن سن َ ٍ ف َ ن أ َل ْ َ سي َ م ِ خ ْ داُرهُ َ ق َ م ْ ن ِ كا َ وم ٍ َ يَ ْ
أبا عبيدة روى عن إسماعيل ابن إبراهيم عن أيوب عن ابن أبي
مليكة أنه حضر كل ً من ابن عباس وسعيد ابن المسيب سئل
عن هذه اليات فلم يدر ما يقول فيها ويقول ل أدري.
وللجمع بينهما وجهان:
الوجه الول :هو ما أخرجه ابن أبي حاتم من طريق سماك
عن عكرمة عن ابن عباس من أن يوم اللف في سورة الحج
هو أحد اليام الستة التي خلق الله فيها السماوات و الرض،
ويوم اللف في سورة السجدة هو مقدار سير المر وعروجه
إليه تعالى .ويوم الخمسين ألفا هو يوم القيامة.
الوجه الثاني :أن المراد بجميعها يوم القيامة وأن الختلف
فذَل ِ َ
ك باعتبار حال المؤمن والكافر؛ ويدل لهذا قوله تعالىَ } :
ر{ ذكر هذين سي ٍ غي ُْر ي َ ِ ن َ ري َ ف ِ عَلى ال ْ َ
كا ِ سيٌر َ ع ِ م َ و ٌ ذ يَ ْ
مئ ِ ٍو َ
يَ ْ
الوجهين صاحب التقان .والعلم عند الله.
َ
ول ل َ سو ٍ ن َر ُ م ْ ك ِ قب ْل ِ َ
ن َ م ْ سل َْنا ِ ما أْر َ و َقوله تعالىَ } :
ه{ .الية. ُ شي ْ َقى ال ّ َ
مّنى أل ْ َ ي إ ِل ّ إ ِ َ
من ِي ّت ِ ِ في أ ْ ن ِ طا ُ ذا ت َ َ ن َب ِ ّ
هذه الية الكريمة تدل على أن كل رسول وكل نبي يلقى
الشيطان في أمنيته أي تلوته إذا تل ومنه قول الشاعر في
عثمان رضي الله عنه:
وآخرها لقى حعمام المقعادر
تمنى كتعاب الله أول ليعلة
وقول الخر:
تمني داود الزبعور على رسعل تمنى كتاب الله آخعر
ليعلة
ومعنى تمنى في البيتين قرأ وتل .وفي صحيح البخاري عن
ابن عباس أنه قال ":إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته إذا
حدث ألقى الشيطان في حديثه" .وقال بعض العلماء" :إذا تمنى
أحب شيئا وأراده فكل نبي يتمنى إيمان أمته والشيطان يلقى
عليهم الوساوس والشبه ليصدهم عن سبيل الله ,وعلى أن
)تمنى( بمعنى قرأ وتل كما عليه الجمهور ,فمعنى إلقاء
الشيطان في تلوته إلقاؤه الشبه والوساوس فيما يتلوه النبي
ليصد الناس عن اليمان به ,أو إلقاؤه في المتلو ما ليس منه
ليظن الكفار أنه منه ,وهذه الية ل تعارض بينها وبين اليات
المصرحة بأن الشيطان ل سلطان له على عباد الله المؤمنين
ه ل َي ْ َ
س المتوكلين ,ومعلوم أن خيارهم النبياء كقوله تعالى} :إ ِن ّ ُ
ن,وك ُّلو َ م ي َت َ َ ه ْ على َرب ّ ِ
و َ َمُنوا َ نآ َ ذي َ عَلى ال ّ ِ ن َ طا ٌ سل ْ َ ه ُ لَ ُ
ه
م بِ ِ ه ْ ن ُ ذي َ وال ّ ِ ه َ ون َ ُ ول ّ ْ ن ي َت َ َ ذي َ عَلى ال ّ ِ ه َ طان ُ ُ سل ْ َ ما ُ إ ِن ّ َ
مه ْ ك َ َ س لَ َ عَباِدي ل َي ْ َ ر ُ م ْ
علي ْ ِ ن ِ ن{ ,وقوله تعالى} :إ ِ ّ كو َ ش ِ ُ
عّزت ِ َ
ك فب ِ ِ ن{ ,وقولهَ } : وي َ غا ِ ْ
ن ال َ م َ ك ِ ع َ ن ات ّب َ َ ّ َ ْ
م ِ ن إ ِل َ
َ
سلطا ٌ ُ
ن{ ,وقوله: صي َ خل َ ِ م ْ م ال ْ ُ ه ُ من ْ ُ ك ِ عَبادَ َ ن إ ِل ّ ِ عي َ م ِ ج َ مأ ْ ه ْ وي َن ّ ُ ِ لُ ْ
غ
َ سل ْ َ
موت ُك ُ ْ ع ْ ن دَ َ ن إ ِل ّ أ ْ طا ٍ ن ُ م ْ م ِ عل َي ْك ُ ْ ي َ ن لِ َ كا َ ما َ و َ } َ
م ِلي{ ,ووجه كون اليات ل تعارض بينها أن سلطان جب ْت ُ ْ ست َ َ فا ْ َ
الشيطان المنفي عن المؤمنين المتوكلين في معناه وجهان
للعلماء:
الول :أن معنى السلطان الحجة الواضحة ,وعليه فل
إشكال إذ ل حجة مع الشيطان البتة كما اعترف به فيما ذكر
ن إ ِّلطا ٍ سل ْ َ ن ُ م ْ م ِ عل َي ْك ُ ْ ي َ ن لِ َ كا َ ما َ و َالله عنه في قولهَ } :
َ
م ِلي{. جب ْت ُ ْ ست َ َ فا ْ م َ وت ُك ُ ْ ع ْ ن دَ َ أ ْ
الثاني :أن معناه أنه ل تسلط له عليهم بإيقاعهم في ذنب
يهلكون به ول يتوبون منه ,فل ينافي هذا ما وقع من آدم وحواء
وغيرهما فإنه ذنب مغفور لوقوع التوبة منه ,فإلقاء الشيطان
في أمنية النبي سواء فسرناها بالقراءة أو التمني ليمان أمته ل
يتضمن سلطانا للشيطان على النبي بل هو من جنس
ن
وَزي ّ َالوسوسة وإلقاء الشبه لصد الناس عن الحق كقولهَ } :
ل{ الية ,فإن سِبي ِ ن ال ّ ع ِ م َ ه ْ صد ّ ُ ف َ م َ ه ْ مال َ ُ ع َ ن أَ ْ طا ُ شي ْ َ م ال ّ ه ُ لَ ُ
قيل :ذكر كثير من المفسرين أن سبب نزول هذه الية الكريمة
أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ سورة النجم بمكة فلما بلغ
ة ال ُ ْ }أ َ َ َ
خَرى{ ألقى مَناةَ الّثال ِث َ َ و َعّزىَ , وال ْ ُ ت َ م الل ّ َ فَرأي ْت ُ ُ
الشيطان على لسانه) :تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن
لترجى( فلما بلغ آخر السورة سجد وسجد معه المشركون
والمسلمون وقال المشركون :ما ذكر آلهتنا بخير قبل اليوم
وشاع في الناس أن أهل مكة أسلموا بسبب سجودهم مع النبي
صلى الله عليه وسلم حتى رجع المهاجرون من الحبشة ظنا
منهم أن قومهم أسلموا فوجدوهم على كفرهم ,وعلى هذا
الذي ذكره كثير من المفسرين فسلطان الشيطان بلغ إلى حد
أدخل به في القرآن على لسان النبي صلى الله عليه وسلم
الكفر البواح حسبما يقتضيه ظاهر القصة المزعومة.
فالجواب :أن قصة الغرانيق مع استحالتها شرعا لم تثبت
من طريق صالح للحتجاج ,وصرح بعدم ثبوتها خلق كثير من
العلماء كما بيناه بيانا شافيا في رحلتنا ,والمفسرون يروون هذه
القصة عن ابن عباس من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن
عباس رضي الله عنهما ,ومعلوم أن الكلبي متروك ,وقد بين
البزار أنها ل تعرف من طريق يجوز ذكره إل طريق أبي بشر
عن سعيد بن جبير مع الشك الذي وقع في وصله ,وقد اعترف
الحافظ ابن حجر مع انتصاره لثبوت هذه القصة بأن طرقها كلها
إما منقطعة أو ضعيفة إل طريق سعيد بن جبير ,وإذا علمت ذلك
فاعلم أن طريق سعيد بن جبير لم يروها بها أحد متصلة إل أمية
بن خالد ,وهو وإن كان ثقة فقد شك في وصلها؛ فقد أخرج
البزار وابن مردويه من طريق أمية بن خالد عن شعبة عن أبي
بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فيما أحسب ثم ساق
حديث القصة المذكورة ,وقال البزار " :ل يروى متصل إل بهذا
السناد تفرد بوصله أمية بن خالد وهو ثقة مشهور" ,وقال
البزار" :وإنما يروى من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن
عباس والكلبي متروك" .فتحصل أن قصة الغرانيق لم ترد
متصلة إل من هذا الطريق الذي شك راويه في الوصل ,وما
كان كذلك فضعفه ظاهر ,ولذا قال الحافظ ابن كثير في
تفسيره أنه لم يرها مسندة من وجه صحيح ,وقال العلمة
الشوكاني في هذه القصة" :ولم يصح شيء من هذا ول ثبت
بوجه من الوجوه ومع عدم صحته بل بطلنه فقد دفعه
ض
ع َ عل َي َْنا ب َ ْل َ و َ ق ّ و تَ َول َ ْ
المحققون بكتاب الله كقولهَ } :
وى{ ,وقوله: ه َن ال ْ َ ع ِق َ ما ي َن ْطِ ُ و َل { الية ,وقولهَ } : وي ِ ِ قا ال َ َ
شْيئا ً َ ت ت َْرك َ ُ َ ك لَ َ َ
ل{قِلي ً م َ ه ْن إ ِلي ْ ِ قدْ ك ِدْ َ ن ث َب ّت َْنا َ
ول أ ْ ول َ ْ} َ
الية ,فنفى المقاربة للركون فضل عن الركون" ,ثم ذكر
الشوكاني عن البزار أنها ل تروى بإسناد متصل وعن البيهقي
أنه قال" :هي غير ثابتة من جهة النقل" وذكر عن إمام الئمة
ابن خزيمة أن هذه القصة من وضع الزنادقة وأبطلها عياض
وابن العربي المالكي والفخر الرازي وجماعات كثيرة ,ومن
أصرح الدلة القرآنية في بطلنها أن النبي صلى الله عليه وسلم
ي إ ِل ّ ه َ ن ِ قرأ بعد ذلك في سورة النجم قوله تعالى} :إ ِ ْ
ن
م ْها ِ ه بِ َ ل الل ّ ُ ما أ َن َْز َ م َ ؤك ُ ْ وآَبا ُم َ
أ َسماءٌ سميت ُمو َ َ
ها أن ْت ُ ْ َ ّ ْ ُ ْ َ
ن{ فلو فرضنا أنه قال تلك الغرانيق العلى ثم أبطل طا ٍسل ْ َ ُ
َ
ها{ فكيف يفرح مو َ مي ْت ُ ُ س ّ
ماءٌ َ س َي إ ِل ّ أ ْ ه َن ِذلك بقوله} :إ ِ ْ
المشركون بعد هذا البطال والذم التام لصنامهم بأنها أسماء
بل مسميات وهذا هو الخير وقراءته صلى الله عليه وسلم
سورة النجم بمكة وسجود المشركين ثابت في الصحيح ولم
يذكر فيه شيء من قصة الغرانيق وعلى القول ببطلنها فل
إشكال وأما على القول بثبوت القصة كما هو رأي الحافظ ابن
حجر فإنه قال في فتح الباري" :إن هذه القصة ثبتت بثلثة
أسانيد كلها على شرط الصحيح وهي مراسيل يحتج بمثلها من
يحتج بالمرسل وكذا من ل يحتج به لعتضاد بعضها ببعض؛ لن
الطرق إذا كثرت وتباينت مخارجها دل ذلك على أن لها أصل
فللعلماء عن ذلك أجوبة كثيرة من أحسنها وأقربها أن النبي
صلى الله عليه وسلم كان يرتل السورة ترتيل تتخلله سكتات
خَرى{ قال الشيطان لعنه الله ة ال ُ ْ
مَناةَ الّثال ِث َ َ
و َ
فلما قرأ } َ
محاكيا لصوته صلى الله عليه وسلم) :تلك الغرانيق العلى
الخ (..فظن المشركون أن الصوت صوته صلى الله عليه
وسلم وهو بريء من ذلك براءة الشمس من اللمس ,وقد بينا
هذه المسألة بيانا شافيا في رحلتنا فلذلك اختصرناها هنا فظهر
أنه ل تعارض بين اليات والعلم عند الله تعالى.
دفع إيهام الضطراب
عهن آيهات الكهتاب
لفضيلة الشيخ محمد المين الشنقيطي _المههدرس
بالجامعة
ومثل هذا كثير في كلم العععرب جععدًا .وأمععا علععى قععول مععن
فسر المقيل بأنه المأوى والمنزل كقتادة رحمه الله فل تعععارض
ل؛ لن المعنعى علعى هعذا القعول أصعحاب الجنعة بين اليتين أصع ً
يومئذ خير مستقرا ً وأحسن مأوى ومنزل ً والعلم عند الله تعالى.
ص هب َُروا{... مهها َة بِ َ
فه َ ن ال ْ ُ
غْر َ و َ جَز ْ ك يُ ْقوله تعععالىُ} :أول َئ ِ َ
الية .هذه الية الكريمة تدل على أنهم يجزون غرفة واحدة وقد
ُ
م جاءت آيععات أخععر تععدل علععى خلف ذلععك كقععوله تعععالى} :ل َ ُ
ه ْ
فهي م ِ
هه ْ
و ُة{ وكقععولهَ } : مب ْن ِي ّه ٌ ف َ غهَر ٌ ههها ُ ق َ
و ِ ن َ
ف ْ مه ْ ف ِ غهَر ٌ ُ
ن{ .والجواب: مُنو َ تآ ِ فا ِ ال ْ ُ
غُر َ
-أن الغرفععة هنععا بمعنععى الغععرف كمععا تقععدم مسععتوفي
م}ث ُ ه ّ بشععواهده فععي الكلم علععى قععوله تعععالى:
هن{ ...الية. وا ُ س ّ ف َ ء َ ما ِ
س َ وى إ َِلى ال ّ ست َ َ
ا ْ
-وقيل إن المراد بالغرفة :الدرجة العليا فععي الجنععة وعليععه
فل إشكال.
-وقيل الغرفة الجنة سميت غرفة لرتفاعها.
_")ءءءء ءءءءءءء("_
ن{ .هععذه اليععة سهِلي َمْر َ ح ال ْ ُ م ُنو ٍ و ُق ْ ت َ قوله تعالى} :ك َذّب َ ْ
تدل على أن قوم نوح كذبوا جماعة من المرسلين؛ بدليل صيغة
الجمع في قوله المرسلين ،ثععم بيععن ذلععك بمععا يععدل علععى خلف
ذلك وأنهم إنما كذبوا رسول ً واحدا ً وهععو نععوح -عليععه وعلععى نبينععا
ح َأل م ن ُههو ٌ ه ْ خههو ُم أَ ُهه ْ ل لَ ُ قهها َ الصععلة والسععلم -بقععوله} :إ ِذْ َ
ن{. مي ك َذُّبو ِ و ِق ْ ن َ ب إِ ّ ل َر ّ قا َن{ ...إلى قوله } َ قو َ ت َت ّ ُ
والجواب عن هذا :أن الرسل -عليهم صلوات اللععه وسععلمه-
لما كانت دعوتهم واحدة وهي) :ل إله إل الله( صار مكذب واحد
مههاو َ منهععم مكععذبا ً لجميعهععم؛ كمععا يععدل لععذلك قععوله تعععالىَ } :
حي إل َيه َ َ
هه ل إ َِله َ ه أّنه ُ ِ ْ ِ ل إ ِل ّ ُنهو ِ سو ٍ ن َر ُ م ْ ك ِ قب ْل ِ َن َ م ْسل َْنا ِأْر َ
سول ً في ك ُ ّ ُ عث َْنا ِ ول َ َ إ ِل ّ أ ََنا َ
ة َر ُ م ٍ لأ ّ قد ْ ب َ َ ن{ وقولهَ }: دو ِ عب ُ ُ
فا ْ
جت َن ُِبوا الطّهها ُ َ
ت{ .وقععد بيععن تعععالى أن غو َ وا ْ ه َ دوا الل ّ َ عب ُ ُ
نا ْ أ ِ
ن
م ُ ؤ ِن نُه ْقول ُههو َ وي َ ُمكععذب بعضععهم مكععذب للجميععع بقععولهَ } :
كن ذَل ِه َ خه ُ َ ون َك ْ ُ
ذوا ب َي ْه َ ن ي َت ّ ِ
نأ ْ دو َ ري ه ُوي ُ ِ
ض َ عه ٍ ف هُر ب ِب َ ْ ض َ عه ٍ ب ِب َ ْ
قًا{.ح ّ م ال ْ َ ُ
سِبيل ً أول َئ ِ َ
ن َ فُرو َ كا ِ ه ُ ك ُ َ
عههادٌ ت َ ويأتي مثل هذا الشكال والجواب في قععوله} :ك َهذّب َ ْ
د{ إلععى أخععره .وقععوله: هو ٌ م ُ ه ْ خو ُ م أَ ُ ه ْل لَ ُ قا َ ن إ ِذْ َ سِلي َ مْر َ ال ْ ُ
صاِلح{. م َ ه ْخو ُ م أَ ُ ه ْ ل لَ ُقا َ ن إ ِذْ َ سِلي َ مْر َ مودُ ال ْ ُ ت ثَ ُ }ك َذّب َ ْ
وكذلك في قصععة لععوط ،وشعععيب علععى الجميععع وعلععى نبينععا
الصلة والسلم.
_")سورة النمل("_
م هه ْ س هل َ ٌ َ قوله تعالى أخبععارا ً عععن بلقيععسَ } :
ة إ ِلي ْ ِ مْر ِ وإ ِّني ُ
ن{ ،يععدل علععى تعععدد س هُلو َ مْر َ ع ال ْ ُجه ُ م ي َْر ِ فَناظَِرةٌ ب ِه َ ة َ دي ّ ٍ ه ِ بِ َ
مان{ بععإفراد س هل َي ْ َجههاءَ ُ ما َ فل َ ّرسلها إلععى سععليمان وقععولهَ } :
ع ج ْ فاعل جاء ،وقوله تعالى أخبارا ً عععن سععليمان أنععه قععال} :اْر ِ
إل َيهم َ ْ
جُنوٍد{ الية يدل على أن الرسول واحد. م بِ ُ ه ْ فل َن َأت ِي َن ّ ُ ِ ْ ِ ْ
والظاهر في الجواب :هو ما ذكره غير واحد من أن الرسععل
جماعة وعليهم رئيس منهععم فععالجمع نظععرا ً إلععى الكععل والفععراد
نظرا ً إلى الرئيس؛ لن من معه تبع له والعلم عند الله تعالى
شر م ن ك ُ ّ ُ
ن مه ْ م ّ وج ها ً ِ ف ْ ة َ مه ٍ لأ ّ ح ُ ُ ِ ْ م نَ ْ و َ وي َ ْ وقوله تعالىَ } :
ب ِبآيات َِنا{ الية .هذه الية يععدل ظاهرهععا علععى أن الحشععر ي ُك َذّ ُ
ل وك ُ ّ خاص بهؤلء الفواج المكذبة ،وقوله -بعععد هععذا بقليععلَ } :-
ن{ .يععدل علععى أن الحشععر عععام كمععا صععرحت بععه َ
ري َ خ ِ دا ِ وهُ َ أت َ ْ
اليات القرآنية عن كثرة.
والجواب عن هذا :هو ما بينه اللوسي في تفسععيره مععن أن
ن{ يععراد بععه الحشععر العععام ،وقععوله قوله} :وك ُ ّ َ
ري َ ِ خ
دا ِ وهُ َ ل أت َ ْ َ
وجهها{ أي بعععد الحشععر العععام َ ُ نك ُّ ح ُ
ةف ْ مه ٍ لأ ّ م ْ شُر ِ م نَ ْ و َ وي َ ْ } َ
يجمع الله المكذبين للرسل من كل أمة لجل التوبيخ المنصوص
عْلمهها ً حي ُ قا َ َ
ههها ِ طوا ب ِ َ م تُ ِ ول َ ْم ِبآياِتي َ ل أك َذّب ْت ُ ْ عليه بقولهَ } :
َ
ن{ ،فععالمراد بععالفوج مععن كععل أمععة :الفععوج مُلو َ ع َ م تَ ْ ذا ك ُن ْت ُ ْ ما َ أ ّ
المكذب للرسععل يحشععر للتوبيعخ حشععرا ً خاصعا ً فل ينعافي حشعر
الكل لفصل القضاء .وهععذا الععوجه أحسععن مععن تخصععيص الفععوج
بالرؤساء كما ذهب إليه بعضهم.
مههّر ي تَ ُ ههه َو ِ مدَةً َ جا ِ ها َ سب ُ َح َ ل تَ ْ جَبا َ وت ََرى ال ْ ِ قوله تعالىَ } :
حاب{ الية .هععذه اليععة تععدل بظاهرهععا علععى أن الجبععال س َ مّر ال ّ َ
يظنها الرائي ساكنة وهي تسير ،وقد جاءت آيات أخععر تععدل علععى
أن الجبال راسية ،والراسي هو) :الثابت في محل( كقوله تعععالى:
ي
سهه َ وا ِ ض َر َ ر ْ ال في ِ قى َ وأ َل َْ } وقوله: .ها{ َ سا َ رْ
ل أَ جَبا َوال ْ ِ} َ
َ ِ َ َ
ههها
في َ قي ْن َهها ِ وأل ْ َ ها َ م هدَدَْنا َ ض َ والْر َ م{ وقععولهَ } : ميدَ ب ِك ُ ْ ن تَ ِ أ ْ
ت{. خا ٍ م َ شا ِ ي َ س َ وا ِ ها َر َ في َعل َْنا ِج َ
و َي{ .وقولهَ } : س َ وا ِ َر َ
ها{ ونحوه يعني سا َ َ
ووجه الجمع ظاهر وهو أن قوله }أْر َ
في الدنيا ،وقوله وهي تمر مر السحاب يعني في الخرة بدليل
في ن ِ م ْ ع َ ز َف ِ ف َ ر َ صو ِ في ال ّ خ ِ ف ُ م ي ُن ْ َو َ وي َ ْ قولهَ } :
ل{... جَبا َ وت ََرى ال ْ ِ وات{ ثم عطف على ذلك قوله } َ ما َس َ ال ّ
الية .ومما يدل على ذلك النصوص القرآنية على أن سير
لجَبا َسي ُّر ال ْ ِ م نُ َ و َ وي َ ْ الجبال في يوم القيامة كقوله تعالىَ } :
َ
ت
كان َ ْ ف َل َ جَبا ُ ت ال ْ ِ سي َّر ِ و ُ رَزة{ وقولهَ } : ض َبا ِ وت ََرى الْر َ َ
سَرابًا{. َ
_")سورة القصص("_
َ
ن ل ِههي عي ْه ٍت َق هّر ُن ُ و َ ع ْ
فْر َ ت ِ مَرأ ُ تا ْ قال َ ِ و َ قوله تعالىَ } :
ك{ يععدل ول َ َ
ه{ ...الية .الخطععاب فععي قععولهَ } : قت ُُلو ُ
ك ل تَ ْول َ َ
َ
ه{ يععدل علععى ُ
قت ُلهو ُعلى أن المخاطب واحد وفي قععوله} :ل ت َ ْ
أنه جماعة .والجواب عن هذا من ثلثة أوجه.
الول :أن صيغة الجمع للتعظيم.
الثاني :أنها تعني فرعون وأعوانه الععذين همععوا معععه بقتععل
موسى فأفردت الضمير في قولها )لك(؛ لن كونه قرة عين
في زعمهععا يختععص بفرعععون دونهععم وجمعتععه فععي قولهععا )ل
م بقتله. تقتلوه(؛ لنهم شركاء معه في اله ّ
الثالث :أنها لما استعطفت فرعون على موسى التفت إلى
المأمورين بقتل الصبيان قائلة ل تقتلوه معللة ذلععك بقولهععا:
وَلدًا{. َ ن ي َن ْ َ َ
خذَهُ َ و ن َت ّ ِ عَنا أ ْ ف َ سى أ ْ ع َ} َ
ه{: هل ِه ِمك ُث ُههوا{ .اليععة} .ل ْ ها ْ هل ِه ِ لل ْ قا َ ف َ قوله تعالىَ } :
ه{ لن المعروف أنه سار من هل ِ ِ ساَر ب ِأ َ ْ و َ زوجته بدليل قولهَ } :
عند شعيب بزوجته )ابنععة شعععيب( ،أو غيععر شعععيب علععى القععول
مك ُث ُههوا{ خطععاب جماعععة الععذكور فمععا وجععه بععذلك .وقععوله} :ا ْ
خطاب المرأة بخطاب جماعة الععذكور .والجععواب عععن هععذا مععن
ثلثة أوجه:
الول :أن النسان يخاطب المرأة بخطابة الجماعة تعظيما ً
لها ونظيره قول الشاعر:
فععععإن شععععئت حرمععععت
وإن شئت لم أطعم نقاخا ً ول
بردا ً النساء سواكم
الثاني :أن معها خادما ً والعرب ربما خاطبت الثنين خطاب
الجماعة.
الثالث :أنه كان له مع زوجته ولدان لععه ،اسععم الكععبر منهمععا:
)جيرشوم( واسم الصغر )اليعازر( .والجواب الول ظععاهر والثععاني
والثالث محتملن؛ لنهما من السرائيليات والعلم عند الله تعالى.
ت{ قععد قععدمنا أن َ قوله تعالى} :إ ِن ّ َ
حب َب ْه َ نأ ْ مه ْدي َه ِ
ك ل تَ ْ
ط
صَرا ٍ دي إ َِلى ِ ه ِك ل َت َ ْ
وإ ِن ّ َوجه الجمع بينه وبين قوله تعالىَ } :
م{ أن الهدى المنفي عنه صلى اللععه عليععه وسععلم هععو: قي ٍست َ ِ
م ْ
ُ
منح التوفيق ،والهدى المثبت له هو :إبانة الطريق.
_")سورة العنكبوت("_
نم ْ م ِ ه ْ طاَيا ُ خ َ ن َ م ْ ن ِ مِلي َ حا ِ
م بِ َ ه ْ
ما ُ و َ قوله تعالىَ } :
قال ًوأ َث ْ َم َ ه ْ قال َ ُن أ َث ْ َ مل ُ ّح ِ ول َي َ ْء{ ل يعارضه قوله تعالىَ } : ي ٍش َْ َ
م{ كما تقدم بيانه مستوفى في سورة النحل. ه ْ ع أث ْ َ
قال ِ ِ م َ َ
)فأثقالهم( :أوزار ضللهم و)الثقال التي معها( أوزار إضللهم ول
ينقص ذلك شيئا ً من أوزار أتباعهم الضالين.
ب{ .هذه وال ْك َِتا َ وةَ َ ه الن ّب ُ ّ في ذُّري ّت ِ ِ عل َْنا ِ ج َو َ قوله تعالىَ } :
الية الكريمة تدل على أن النبوة والكتاب في خصوص ذرية
إبراهيم ،وقد ذكر في سورة الحديد ما يدل على اشتراك نوح
معه في ذلك في قوله} :ول َ َ َ
مهي َ وإ ِب َْرا ِسل َْنا ُنوحا ً َ قدْ أْر َ َ
ْ عل َْنا ِ
ب{. والك َِتا َ وةَ َ ما الن ّب ُ ّه َ في ذُّري ّت ِ ِ ج َ
و َ َ
والجواب :أن وجه القتصار على إبراهيم أن جميع الرسل
بعده من ذريته وذكر نوح معه لمرين:
أحدهما :أن كل من كان من ذرية إبراهيم فهو من ذرية
نوح.
والثاني :أن بعض النبياء من ذرية نوح ولم يكن من ذرية
إبراهيم؛ كهود وصالح ولوط ويونس على خلف فيه ،ول ينافي
ذلك القتصار على إبراهيم؛ لن المراد من كان بعد إبراهيم ل
من كان قبله أو في عصره كلوط عليهما وعلى نبينا الصلة
والسلم.
_")سورة الروم("_
حِنيفا{ ...اليععة .هععذا ن َ دي ِ ك ِلل ّ ه َ ج َو ْم َ ق ْ فأ َ ِ قوله تعالىَ } :
خطاب خاص بالنبي صععلى اللععه عليععه وسععلم وقععد قععال تعععالى:
ه{ حععال ن إ ِل َْيهه ِ مِنيِبي َ ه{ فقععولهُ } : قو ُ وات ّ ُ ه َ ن إ ِل َي ْ ِمِنيِبي َ بعده} ُ
ك{ الواقععع ههه َ ج َو ْم َ ق ْ فأ َ ِمن ضمير الفاعل المستتر في قوله } َ
على النبي -صلى الله عليه وسلم -فتقرير المعنى :فاقم وجهك
يا نبي الله -صلى الله عليه وسلم -في حال كونكم منيبين إليععه.
وقد تقرر عند علماء العربية أن الحال إن لم تكن سببية ل بد أن
تكون مطابقة لصاحبها إفرادا ً وثنية وجمع عا ً وتععذكيرا ً وتأنيث عا ً فمععا
وجه الجمع بين هععذه الحععال وصععاحبها؟ فالحععال جمععع وصععاحبها
مفرد.
والجواب أن الخطاب الخاص بالنبي صلى اللععه عليععه وسععلم
مه جميعَ المة؛ فالمة تععدخل تحععت خطععابه -صععلى اللععه م حك ُ يع ّ
عليه وسععلم -فتكععون الحععال مععن الجميععع الععداخل تحععت خطععابه
-صلى الله عليه وسلم .-ونظير هذه الية في دخول المة تحععت
الخطاب الخاص به -صلى الله عليععه وسععلم -قععوله تعععالىَ} :يا
م ء{ اليععة .فقععوله }طَل ّ ْ ذا طَل ّ ْ ي إِ َ أَ
قت ُه ُ سهها َم الن ّ َ قت ُه ُ ّ ه ِ بّ ن ال ها َ ّ ي
ء{ بعد يا أيها النبي دليععل علععى دخععول المععة تحععت لفععظ سا َ الن ّ َ
د م{ ثععم قععالَ } : َ
قه ْ ح هّر ُ م تُ َ ي ل ِه َ ههها َالن ّب ِه ّ النبي .وقولهَ} :يا أي ّ َ
َ حل ّ َ
يههها الن ّب ِه ّ م{ .وقععوله} :ي َهها أي ّ َ مان ِك ُ ْ ة أي ْ َ م تَ ِ ه ل َك ُ ْ ض الل ّ ُ فَر َ َ
خِبيههرًا{ ن َ مل ُههو َ ع َ مهها ت َ ْ ن بِ َ ه ك َهها َ ن الل ّ َ ق الّله{ ثم قععال} :إ ِ ّ ات ّ ِ
ها{ ثععم جَناك َ َ و ْ طرا ً َز ّ و َ ها َ من ْ َضى َزي ْدٌ ِ ق َ ما َ فل َ ّ الية .وقولهَ } :
ج{ اليععة .وقععوله: ح هَر ٌ ن َ مِني َ م ْ
ؤ ِ عَلى ال ْ ُ ن َ كو َ ي ل يَ ُ ْ قال} :ل ِك َ
فههي َ ْ
ن
مه ْ ن ِ مل ُههو َ ع َ ول ت َ ْ ش هأن{ ثععم قععالَ } : ن ِ مهها ت َك ُههو ُ و َ } َ
ل{ .ودخول المة في الخطاب الخععاص بععالنبي -صععلى اللععه م ٍ ع َ َ
عليه وسلم -هو مذهب الجمهور وعليه مالك وأبو حنيفععة وأحمععد
رحمهم الله تعالى خلفا ً للشافعي رحمه الله.
التعليق:
[1]5ولو قيل :إن الذي دخل النار في ذبابة دخلها لمجرد رضاه
بالذبح المفهوم من قوله :ما عندي ما أقدم ،لنه أجاب مبدئيا
بعدم وجود ما يقدمه بخلف صاحبه أجاب بعدم تقديمه فعلم منه
أن الول راض عن التقديم لكنه لم يجد ما يقدمه فدخل النار
5
على رضاه وقبوله أما الخر الذي امتنع فقتل وكان من حقه أن
يقدم تقية ولو فعل فل مانع لن قلبه مطمئن باليمان لكنه لم
يفعل فل حق له .فالظاهر أنه ترك ذلك اختيارا كالذي أخذ أسيرا
وأرادوا صلبه بمكة ثم عرضوا عليه أن يتمنى لو أن محمدا صلى
الله وسلم مكانه ويتركونه فأبى حتى ول أن يشاك بشوكة.وكان
يمكنه أن يوافقهم تقية لكنه لم يوافقهم.
دفع إيهام الضطراب عن آيات الكتاب
لفضيلة الشيخ محمد المين الشنقيطي
المدرس بالجامعة
سورة لقمان
عُروفًا{ .هذه الية م ْفي الدّن َْيا َ ما ِ ه َحب ْ ُ صا ِ و َ قوله تعالىَ } :
الكريمة تدل على المر ببر الوالدين الكافرين وقد جاءت آية
وما ً ق ْ جد ُ َ أخرى يفهم منها خلف ذلك وهي قوله تعالى } :ل ت َ ِ
ه{ الية. حادّ الل ّ َ ن َ م ْ ن َ دو َ وا ّ ر يُ َ خ ِوم ِ اْل ِ وال ْي َ ْ ه َ ن ِبالل ّ ِ مُنو َ ؤ ِ يُ ْ
هم{. كاُنوا آَباءَ ُ و َ ول َ ْ ثم نص على دخول الباء في هذا بقولهَ } :
والذي يظهر لي والله تعالى أعلم أنه ل معارضة بين اليتين.
ووجه الجمع بينهما أن المصاحبة بالمعروف أعم من الموادة لن
النسان يمكنه إسداء المعروف لمن يوده ومن ل يوده والنهي
ذر من عن الخص ل يستلزم النهي عن العم فكأن الله ح ّ
الموادة المشعرة بالمحبة والموالة بالباطن لجميع الكفار يدخل
في ذلك الباء وغيرهم وأمر النسان بأن ل يفعل لوالديه إل
المعروف وفعل المعروف ل يستلزم المودة لن المودة من
أفعال القلوب ل من أفعال الجوارح .ومما يدل لذلك إذنه صلى
الله عليه وسلم لسماء بنت أبي بكر الصديق أن تصل أمها وهي
كافرة وقال بعض العلماء أن قصتها سبب لنزول قوله تعالى} :ل
ن{ الية.. دي ِ في ال ّ م ِ قات ُِلوك ُ ْ م يُ َ ن لَ ْ ذي َ ن ال ّ ِ ِ ع
ه َ م الل ّ ُ هاك ُ ُي َن ْ َ
وما ً ل َ
وا ي َ ْ ش ْ خ َ
وا ْ م َ قوا َرب ّك ُ ْ س ات ّ ُ ها الّنا ُ قوله تعالىَ} :يا أي ّ َ
ه{ الية. د ِ ول َ ِ ن َ ع ْ وال ِدٌ َ زي َ ج ِ يَ ْ
هذه الية تدل بظاهرها على أن يوم القيامة ل ينفع فيه والد
ولده وقد جاءت آية أخرى تدل على رفع درجات الولد بسبب
صلح آبائهم حتى يكونوا في درجة الباء مع أن عملهم أي الولد
لم يبلغهم تلك الدرجة إقرارا لعيون الباء بوجود البناء معهم في
ن
ذي َ وال ّ ِ منازلهم من الجنة وذلك نفع لهم وهي قوله تعالىَ } :
ما و َم َ ه ْ م ذُّري ّت َ ُ ه ْ ِ ب ناَ قْ ح
َ ن أ َل ْما ٍ م ب ِِإي َ ه ْ م ذُّري ّت ُ ُ ه ْ عت ْ ُوات ّب َ َمُنوا َ آ َ
ِ
ء{ الية.. ي ٍش ْ ن َ م ْ م ِ ه ْ مل ِ ِ ع َ ن َ م ْ م ِ ه ْأ َل َت َْنا ُ
ووجه الجمع ُأشير إليه بالقيد الذي في هذه الية وهو قوله
ن{ وعين فيها النفع بأنه ما ٍ
م ب ِِإي َ م ذُّري ّت ُ ُ
ه ْ ه ْعت ْ ُوات ّب َ َ
تعالىَ } :
إلحاقهم بهم في درجاتهم بقيد اليمان فهي أخص من الية
الخرى والخص ل يعارض العم .وعلى قول من فسر الية بأن
ه{ ل يقضي عنه حقا ول َ ِ
د ِ ن َع ْ
وال ِدٌ َزي َ ج ِمعنى قوله} :ل ي َ ْ
لزمه ول يدفع عنه عذابا حق عليه ،فل إشكال في الية .وسيأتي
لهذا زيادة إيضاح في سورة النجم في الكلم علىَ } :
ن ل َي ْ َ
س وأ ْ
َ
عى{ الية إن شاء الله تعالى. س َما َ ن ِإل َ سا ِ
ل ِل ِن ْ َ
ءءءء ءءءءءء
سورة الحزاب
سورة سبأ
ه
ر ِم ِع ُ ن ُ م ْ ص ِق ُ ول ي ُن ْ َ ر َ م ٍ ع ّ م َ
ن ُ م ْ
مُر ِ ع ّما ي ُ َو َقوله تعالىَ } :
ه{ يظهر رجععوعه إلععى ر ِ م ِ ع ُب{ الضمير في قولهُ } : في ك َِتا ٍ ِإل ِ
مععر والمنقععوص مععن عمععره مر فيشععكل معنععى اليعة لن المع ّ المع ّ
ضدان فيظهر تنافي الضمير ومفسره.
مر الذي هععو مطلععق مر هنا جنس المع ّ الجواب :أن المراد بالع ّ
الشخص فيصدق بالذي لم ينقععص مععن عمععره وبالععذي نقععص مععن
عمره فصار المعنى :ل يزاد في عمر شخص ول ينقص مععن عمععر
شخص إل في كتاب الله وهذه المسألة هي المعروفة عند العلماء
العربية بمسألة عندي درهم ونصفه أي نصف درهم آخر.
قال ابن كثير في تفسيره" :الضمير عائد على الجنس ل على
العين لن طويل العمر في الكتاب وفععي علععم اللععه ل ينقععص مععن
عمره إنما عاد الضمير على الجنس" .انتهى منه.
سّيئ{ يدل على أن المكر هنا شععيء مك َْر ال ّ و َقوله تعالىَ } :
غيععر السععيئ أضععيف إلععى السععيئ للععزوم المغععايرة بيععن المضععاف
ئ ِإل مك ْهُر ال ّ
س هي ّ ُ ق ال ْ َ حي ُ ول ي َ ِ والمضاف إليه .وقععوله تعععالىَ } :
ه{ يدل على أن المراد بالمكر هنا هو السيئ بعينععه ل شععيء ب ِأ َ ْ
هل ِ ِ
آخر فالتنافي بين الععتركيب الضععافي والععتركيب التقييععدي ظععاهر.
والذي يظهر والله تعالى أعلم أن التحقيععق جععواز إضععافة الشععيء
إلى نفسععه إذا اختلفععت اللفععاظ لن المغععايرة بيععن اللفععاظ ربمععا
كفت في المغايرة بين المضاف والمضاف إليه كما جععزم بععه ابععن
جرير في تفسيره في غير هذا الموضع ويشير إليه ابن مالك فععي
الخلصة بقوله:
حتما وإل أتبع الذي ردف وإن يكونا مفردين فأضف
وأما قوله:
وهما ً إذا ورد م ِمعنى وأّول ُ ول يضاف اسم لما به اتحد
فالذي يظهر فيه بعد البحث أنه ل حاجة إلى تأويله مععع كععثرته
فععي القععرآن واللغععة العربيععة فالظععاهر أنععه أسععلوب مععن أسععاليب
سهّيئ{ والمكععر مك َْر ال ّ و َ
العربية بدليل كثرة وروده كقولنا هناَ } :
ئ{ اليععة. مك ْهُر ال ّ
سهي ّ ُ ق ال ْ َ حي ُ ول ي َ ِهععو السععيئ بععدليل قععولهَ } :
هُر ش ْة{ والدار هي الخععرة وكقععولهَ } : خَر ُ داُر ال ِ وال ّ
وكقولهَ } :
ن
م ْن{ والشععهر هععو رمضععان علععى التحقيععق .وكقععولهِ } : ضا َ م َ َر َ
د{ والحبل هو الوريد ونظيره مععن كلم العععرب قععول ري ِ ل ال ْ َ
و ِ حب ْ َِ
عنترة في معلقته:
بالسيف عععن حععامي الحقيقععة ومشك سابغة هتكت
معلم فروجها
فأصل المشك بالكسر السير الذي تشد به الععدرع ولكععن عنععترة
هنا أراد به نفس الدرع وأضافه إليها كما هو واضح من كلمععه لن
الحكم بهتك الفروج واقع على الدرع ل على السير الذي تشععد بععه
كما جزم به بعض المحققين وهو ظاهر خلفا لظاهر كلم صععاحب
تاج العروس فإنه أورد بيت عنترة شاهدا لن المشك السير الذي
تشد به الدرع بل المشك في بيت عنترة هععذا علععى التحقيععق هععو
السابغة وأضيف إليها على ما ذكرنا.وقول امرئ القيس:
كبكر المقاناة البياض
غذاؤها نمير الماء غير المحلل
بصفرة
فالبكر هي المقاناة على التحقيق وأما على مععا ذهععب إليععه ابععن
مالك فالجواب تأويل المضعاف بعأن المعراد بعه مسععمى المضععاف
إليه.
سورة الفجر
فًا{ يععوهم أنععه ص ّفا ً َ ص ّ ك َ مل َ ُ وال ْ َ ك َ جاءَ َرب ّ َ و َ قوله تعالىَ } :
فًا{ يقتضي أنه غير ملك واحععد بععل ص ّ فا ً َ ص ّ ملك واحد وقولهَ } :
صفوف من جماعات الملئكة.
والجععواب :أن قععوله تعععالى} :والملههك{ معنععاه والملئكععة
َ
ههها{ .وتقععدم بيععانه جائ ِ َ عَلى أْر َ ك َ مل َ ُ وال ْ َ ونظيره قوله تعالىَ } :
بشواهده العربية في سورة البقرة في الكلم على قوله تعععالى:
ن{ الية. ه ّ وا ُ س ّ ف َ ء َ ما ِ س َ وى إ َِلى ال ّ ست َ َ ما ْ }ث ُ ّ
ءءءء ءءءءءء
د{ .هععذه اليععة الكريمععة ذا ال ْب َل َ ِ ه َ م بِ َ س ُ ق ِ قوله تعالى} :ل أ ُ ْ
يتبادر من ظاهرها أنه تعالى أخبر بأنه ل يقسم بهععذا البلععد الععذي
ذا ال ْب َل َ ِ
د ه َ و َ هو مكة المكرمة مع أنه تعالى أقسم به في قولهَ } :
ن{. مي ِ ال َ
ِ
والجواب عن هذا من أوجه:
ل{ هنا صلة على عادة العرب الول :وعليه الجمهور :أن } َ
فإنها ربما لفظت بلفظة )ل( مععن غيععر قصععد معناهععا الصععل بععل
َ عه َ
مهه ْ ك إ ِذْ َرأي ْت َ ُ من َ َ
ما َ لمجععرد تقويععة الكلم وتوكيععده لقععولهَ } :
ك أل َ عه َ ضّلواَ ،
من َ َمهها َ ن{ يعنععي أن تتبعنععي وقععولهَ } : ِ عَ ِ ب ّ تَ ت أل َ
د{ أي أن تسجد علععى أحععد القععولين .ويععدل لععه قععوله فععي ج َ س ُ تَ ْ
ت{ اليععة .وقععوله: خل َ ْ َ ع َ
قه ُ ما َ جد َ ل ِ َ س ُ ن تَ ْ كأ ْ من َ َ ما َ سورة ص } َ
َ
فل ب{ أي ليعلم أهل الكتاب ،وقولهَ } : ل ال ْك َِتا ِ ه ُ مأ ْ عل َ َ }ل َِئل ي َ ْ
وي سهههت َ ِ ول ت َ ْ ن{ أي فوربعععك ،وقعععولهَ } : من ُهههو َ ؤ ِ ك ل يُ ْ وَرب ّههه َ َ
عل َههى م َ ح هَرا ٌو َ ة{ أي والسععيئة ،وقععولهَ } : سي ّئ َ ُ ول ال ّ ة َ سن َ ُ ح َ ال ْ َ
ن{ على أحد القولين ،وقوله: هل َك َْنا َ َ ة أَ ْ َ
عو َ ج ُ م ل ي َْر ِ ه ْ ها أن ّ ُ قْري َ ٍ
ن{ علععى أحععد ت ل يُ ْ ههها إ ِ َ عر ك ُ َ مهها ي ُ ْ
من ُههو َ ؤ ِ جههاءَ ْ ذا َ م أن ّ َ شه ِ ُ ْ و َ } َ
َ َ
م أل عل َي ْك ُه ْ م َ م َرب ّك ُه ْ حّر َ ما َ ل َ وا أت ْ ُ عال َ ْ ل تَ َ ق ْ القولين ،وقولهُ } :
كوا{ على أحد القوال الماضية وكقول أبي النجم: ر ُ ش ِ تُ ْ
لما رأين الشمط القفندرا فما ألوم البيض أل تسخرا
يعني أن تسخر وكقول الشاعر:
وللهو داع دائب غير غافل وتلحيننععي فععي اللهععو أن ل
أحبه
يعني أن أحبه و )ل( زائدة .وقول الخر:
نعم من فتى ل يمنع الجود أبعععععى جعععععوده ل البخعععععل
قاتله واستعجلت به
يعني أبى جوده البخععل و )ل( زائدة علععى خلف فععي زيادتهععا
في هذا البيت الخير ولسيما علععى روايععة البخععل بععالجر لن )ل(
عليها مضععاف بمعنععى لفظععة ل فليسععت زائدة علععى روايععة الجععر
وقول امرئ القيس:
ل يدعي القوم أني أفر فل وأبيك ابنة العامري
يعني وأبيك .وأنشد الفراء لزيععادة )ل( فععي الكلم الععذي فيععه
معنى الجحد.
قول الشاعر:
وإل طيبان أبو بكر ول عمر ما كان يرضععى رسععول اللععه
دينهم
يعنععي وعمععر و )ل( صععلة وأنشععد الجععوهري لزيادتهععا قععول
العجاج:
بععافكه حععتى رأى الصععبح فععي بئر لحععور سععرى ومععا
جشر شعر
فالحور الهلكة يعني في بئر هلكة و )ل( صلة قاله أبو عبيععدة
وغيره.
وأنشد الصمعي لزيادتها قول ساعدة الهذلي:
غاب تسعنمه ضرام مثقب أفعنك ل برق كأن وميضه
ويروي أفمنك ،وتشعيمه بدل أفعنك وتسمنه.
يعنععي أعنععك بععرق و )ل( صععلة .ومععن شععواهد زيادتهععا قععول
الشاعر:
وكعععاد صعععميم القلعععب ل تعععذكرت ليلعععى فعععاعترتني
يتقطع صبابة
يعني كاد يتقطععع .وأمععا اسععتدلل أبععي عبيععدة لزيادتهععا بقععول
الشماخ:
يضععععيعون الهجععععان مععععع أعائش ما لقومك ل أراهم
المضيع
فغلععط منععه لن )ل( فععي بيععت الشععماخ هععذا نافيععة ل زائدة
ومقصودة أنها تنهاه عن حفظ ماله مع أن أهلها يحفظون ما لهم
أي ل أرى قومك يضيعون مالهم وأنت تعاتبيني فععي حفععظ مععالي
وما ذكره الفراء من أن لفظععة )ل( ل تكععون صععلة إل فععي الكلم
الذي فيه معنى الجحععد فهععو أغلبععه ل يصععح علععى الطلق بععدليل
بعض المثلة المتقدمة التي ل جحد فيها كهذه اليععة علععى القععول
بأن )ل( فيها صلة وكبيت ساعدة الهذلي ومععا ذكععره الزمخشععري
من زيادة )ل( في أول الكلم دون غيره فل دليل عليه.
الوجه الثاني :أن }ل{ نفععي لكلم المشععركين المكععذبين
للنبي صلى الله عليه وسععلم وقععوله} :أقسععم{ إثبععات مسععتأنف
وهذا القول وإن قال به كععثير مععن العلمععاء فليععس بععوجيه عنععدي
س ْ
ف ّ نبههال م سهه ْ
ق لقععوله تعععالى فععي سععورة القيامععة }ول أ ُ
ِ ِ ُ ِ َ
ة{ مهه ِوا َ س الل ّ ّ ف ِ م ب ِههالن ّ ْس ُ
ق ِول أ ُ ْة{ لن قوله تعععالى } َم ِ الل ّ ّ
وا َ
يدل على أنه لم يرد الثبععات المؤتنععف بعععد النفععي بقععوله أقسععم
والله تعالى أعلم.
الوجه الثههالث :أنهععا حععرف نفععي أيضععا ووجهععه أن إنشععاء
القسم يتضمن الخبار عن تعظيم المقسععم بععه فهععو نفععي لععذلك
الخبر الضمني على سبيل الكناية والمععراد أنععه ل يعظععم بالقسععم
بل هو في نفسه عظيم أقسم به أول وهذا القول ذكععره صععاحب
الكشاف وصاحب روح المعاني ول يخلو عندي من بعد.
الوجه الرابع :أن اللم لم البتداء أشبعت فتحتها والعععرب
ربما أشبعت الفتحة بألف والكسرة بياء والضمة بواو فمثاله فععي
الفتحة قول عبد يغوث ابن وقاص الحارثي:
كععأن لععم تععر قبلععي أسععيرا وتضععععحك منععععي شععععيخة
يمانيا عبشمية
فالصل كأن لم تر ولكن الفتحة أشبعت -وقول الراجز:
ول ترضعاها ول تملقي إذا العجوز غضبت فطلق
فالصل ترضها لن الفعل مجزوم بل الناهيععة -وقععول عنععترة
في معلقته:
زيافة مثل الفنيق المكدم ينبععاع مععن ذفععري غضععوب
جسرة
فالصل ينبع يعني أن العرق ينبع من عظم الذفرى من ناقته
فأشبع الفتحة فصار ينباع على الصحيح وقول الراجز:
يععا نععاقتي مععا جلععت مععن قلعععت وقعععد خعععرت علعععى
مجعالي الكلكال
فقوله الكلكال يعني الكلكل ،وليس إشباع الفتحععة فععي هععذه
الشواهد من ضرورة الشعر لتصريح علمععاء العربيععة بععأن إشععباع
الحركة بحرف يناسبها أسلوب من أسععاليب اللغععة العربيععة ولنععه
مسموع فععي النععثر كقععولهم كلكععال وخاتععام ودانععاق يعنععون كلكل
وخاتما ودانقا .ومثله في إشباع الضععمة بععالواو ،وقععولهم :برقععوع
ومعلوق يعنون برقعا ومعلقا .ومثال إشباع الكسععرة باليععاء قععول
قيس بن زهير:
بما لقت لبون بني زياد ألم يأتك والنباء تنمى
فالصل يأتك لمكان الجازم -وأنشد له الفراء:
أصبحت كالشعن البال ل عهد لي بنيضعال
ومنه قول امرئ القيس:
علععى عجععل منععي أطععأطئ كأني بفتحاء الجناحين لقوة
شيمالي
ويروى :صيود من العقبان طأطأن شععيمالي .ويععروى دفععوف
من العقبان الخ .ويروى شملل بدل شيمال وعليه فل شاهد في
البيت إل أن رواية الياء مشورة .ومثال إشباع الضمة بالواو قول
الشاعر:
من هجو زبان لم تهجو ولم هجععععوت زبععععان ثععععم جئت
تدع معتذرا
وقول الخر:
يععوم الفععراق إلععى إخواننععا الله أعلم أنا في تلفتنعا
صور
من حيثما مععا سععلكوا أدنععوا وإننععي حيثمععا يثنععي الهععوى
فأنظور بصري
يعني فانظر ،وقول الراجز :
فعععععانهض فشععععععد المئزر لو أن عمرا عم أن يرقعودا
المعقودا
يعني يرقد ،ويدل لهذا الوجه قراءة قنبل) :لقسم بهذا البلد(
بلم البتداء وهو مععروي عععن الععبزي والحسععن والعلععم عنععد اللععه
تعالى.
ة{ يدل ظاهره علععى أن كينا ً َ َ
مت َْرب َ ٍذا َ س ِ م ْو ِ قوله تعالى} :أ ْ
المسكين لصق بالتراب ليس عنده شععيء فهععو أشععد فقععرا مععن
مطلق الفقير كمععا ذهععب إليععه مالععك وكععثير مععن العلمععاء وقععوله
َ
ن{ اليععة. مل ُههو َ
ع َ
ن يَ ْ
كي َ
سهها ِ م َ ت لِ َفك َههان َ ْ ة َفين َ ُ س ِ
ما ال ّ
تعالى} :أ ّ
يدل على خلف ذلك لنه سععماهم مسععاكين مععع أن لهععم سععفينة
عاملة لليجار.
والجواب عن هذا محتععاج إليععه علععى كل القععولين -أمععا علععى
قول مععن قععال إن المسععكين مععن عنععده مععال يكفيععه كالشععافعي
فالذي يظهر لي أن الجععواب أنععه يقععول :المسععكين عنععد الطلق
ينصرف إلى من عنده شيء ل يكفيه فإذا قيد بما يقتضععي أنععه ل
شيء عنععده فععذلك يعلععم مععن القيععد الععزائد ل مععن مطلععق لفععظ
المسكين وعليععه فععالله فععي هععذه اليععة قيععد المسععكين بكععونه ذا
متربة فلو لم يقيده لنصرف إلى من عنده ما ل يكفيععه فمععدلول
اللفظ حالة الطلق ل يعععارض بمععدلوله حالععة التقيععد وأمععا علععى
قول من قععال بععأن المسععكين أحععوج مععن مطلععق الفقيععر وأنععه ل
شيء عنده فيجاب عن آية الكهف بأجوبة منها :أن المراد بقععوله
مسععكين أنهععم قععوم ضعععاف ل يقععدرون علععى مدافعععة الظلمععة
ويزعمون أنهم عشرة خمسة منهم زمني ،ومنها أن السفينة لععم
تكععن ملكععا لهععم بععل كععانوا أجععراء فيهععا أو أنهععا عاريععة واللم
للختصععاص ،ومنهععا أن اسععم المسععاكين أطلععق عليهععم ترحمععا
لضعفهم .والذي يظهر لمقيده عفا اللععه عنععه أن هععذه الجوبععة ل
دليل على شيء منها فليس فيها حجة يجععب الرجععوع إليهععا .ومععا
احتج به بعضهم من قراءة علي رضى الله عنه لمساكين بتشديد
السين جمع تصحيح لمساك بمعنى الملح أو دابغ المسوك الععتي
هي الجلود فل يخفى سععقوطه لضعععف هععذه القععراءة وشععذوذها.
والذي يتبادر إلى ذهن المصنف أن مجمععوع اليععتين دل علععى أن
لفظ المسكين مشكك تتفاوت أفععراده فيصععدق بمععن عنععده مععال
يكفيه بدليل آية الكهف ،ومن هو لصععق بععالتراب ل شععيء عنععده
بععدليل آيععة البلععد كاشععتراك الشععمس والسععراج فععي النععور مععع
تفاوتهمععا ،واشععتراك الثلععج والعععاج فععي البيععاض مععع تفاوتهمععا.
والمشععكك إذا أطلععق ولععم يقيععد بوصععف الشععدية انصععرف إلععى
مطلقه هذا ما ظهر والعلععم عنععد اللعه تععالى .والفقيععر أيضععا قععد
تطلقه العرب علععى مععن عنععده بعععض المععال كقععول مالععك ومععن
شواهده قوال راعي نمير :
وفق العيعال فلععم يععترك لععه أمعععا الفقيعععر العععذي كعععانت
سبد حلوبته
فسماه فقيرا مع أن عنده حلوبة قدر عياله.
سورة الشمس
َ
واهَععا{ يههدل علههى أن ها وَت َْق َجوَر َمَها فُ ُ قوله تعالى} :فَأل ْهَ َ
الله هو الذي يجعل الفجور والتقوى فههي القلههب وقههد
جاءت آيات كههثيرة تههدل علههى أن فجههور العبههد وتقههواه
مععى عَل َععى حّبوا ال ْعَ َ باختياره ومشيئته كقوله تعالىَ} :فا ْ
س عت َ َ
دى{ ونحو ذلك. ة ِبال ْهُ َضلل َ َ شت ََرُوا ال ّ دى{ وقوله تعالى} :ا ْ ال ْهُ َ
وهذه المسألة هي التي ضل فيههها القدريههة والجبريههة.
وأما القدرية :فضلوا بالتفريط حيههث زعمههوا أن العبههد
يخلق عمل نفسه استقلل عن غيههر تههأثير لقههدرة اللههه
فيه .وأمهها الجبريههة فضههلوا بههالفراط حيههث زعمههوا أن
العبد ل عمل له أصل حتى يؤاخذ به .وأما أهههل السههنة
والجماعههة فلههم يفرطههوا ولههم يفرطههوا فههأثبتوا للعبههد
أفعال اختيارية ومههن الضههروري عنههد جميههع العقلء أن
الحركة الرتعاشية ليست كالحركههة الختياريههة وأثبتههوا
أن الله خالق كل شيء فهو خالق العبد وخههالق قههدرته
وإرادتههه وتههأثير قههدرة العبههد ل يكههون إل بمشههيئة اللههه
تعالى .فالعبد وجميع أفعاله بمشيئة الله تعالى مع أن
العبد يفعههل اختيههارا بالقههدرة والرادة اللههتين خلقهمهها
الله فيه فعل اختياريا يثاب عليه ويعاقب .ولههو فرضههنا
أن جبريا ناظر سههنيا فقههال الجههبري :حجههتي لربههي أن
أقول إني لست مستقل بعمل وإني ل بد أن تنفذ فههي
مشيئته وإرادته على وفههق العلههم الزلههي فأنهها مجبههور
فكيف يعاقبني علهى أمههر ل قههدرة لهي أن أحيههد عنههه؟
فههإن السههني يقههول لههه كههل السههباب الههتي أعطاههها
للمهتدين أعطاها لك جعل لك سمعا تسمع بههه وبصههرا ً
تبصر به وعقل تعقل به وأرسل لك رسول وجعههل لههك
اختيارا وقدرة ولم يبق بعد ذلك إل التوفيق وهو ملكههه
المحض إن أعطاه ففضل وإن منعه فعدل كما أشار له
م شععاَء ل َهَ ع َ
داك ُ ْ ة فَل َعوْ َ ة ال َْبال ِغَ ع ُ
جع ُ ل فَل ِل ّعهِ ال ْ ُ
ح ّ تعالى بقههوله} :قُ ع ْ
ن{ .بمعنههى أن ملكههه للتوفيههق حجههة بالغههة علههى َ
مِعي ع َج َأ ْ
الخلق فمههن أعطيههه ففضههل ومههن منعههه فعههدل .ولمهها
تنههاظر أبههو إسههحاق السههفرائيني مههع عبههد الجبههار
المعههتزلي؛ قههال عبههد الجبههار سههبحان مههن تنههزه عههن
الفحشههاء وقصههده أن المعاصههي كالسههرقة والزنههى
بمشيئة العبد دون مشيئة الله لن الله أعلى وأجل من
أن يشاء القبائح في زعمهم ،فقال أبو إسحاق :كلمههة
سورة الليل
دى{ .يدل على أن اللععه الععتزم ه َعل َي َْنا ل َل ْ ُ
ن َ قوله تعالى} :إ ِ ّ
على نفسه الهدى للخلق مع أنععه جععاءت آيععات كععثيرة تععدل علععى
م و َ
قه ْ دي ال ْ َ هه ِ ه ل يَ ْ والل ّه ُ عععدم هععداه لبعععض النععاس كقععولهَ } :
ن{ مي َ م الظّههال ِ ِ و َ
قه ْ دي ال ْ َ ه ِ ه ل يَ ْ والل ّ ُ ن{ .وقولهَ } : قي َ س ِ فا ِ ال ْ َ
فُروا{ الية .إلى غير ذلععك وما ً ك َ َ ق ْ ه َ دي الل ّ ُ ه ِف يَ ْوقوله} :ك َي ْ َ
من اليات.
والجواب هو ما تقععدم مععن أن الهععدى يسععتعمل فععي القععرآن
خاصا وعامععا فععالمثبت العععام والمنفععي الخععاص ونفععي الخععص ل
يستلزم نفي العم وأما على قععول مععن قععال أن معنععى اليععة إن
الطريق الععذي يععدل علينععا وعلععى طاعتنععا هععو الهععدى ل الضععلل،
وقول من قال أن معنى الية إن من سلك طريععق الهععدى وصععل
إلى الله فل إشكال في الية أصل.
سورة الضحى
دى{ .هععذه اليععة الكريمععة ه َ ف َ ضال ً َ ك َ جد َ َ و َ و َ قوله تعالىَ } :
يوهم ظاهرها أن النبي صعلى اللعه عليعه وسعلم كعان ضعال قبعل
حِنيفها ً ن َ دي ِ ك ِلله ّ هه َ ج َ و ْ م َ ق ْ ف هأ َ ِ الععوحي مععع أن قععوله تعععالى } َ
ها{ يدل على أنععه صععلى عل َي ْ َ س َ فطََر الّنا َ ه ال ِّتي َ ت الل ّ ِ فطَْر َ ِ
الله عليه وسلم فطر على هععذا الععدين الحنيععف ومعلععوم أنععه لععم
يهوده أبواه ولم ينصععراه ولععم يمجسععاه بععل لععم يععزل باقيععا علععى
الفطرة حتى بعثه الله رسول ويععدل لععذلك مععا ثبععت مععن أن أول
نزول الوحي كان وهو يتعبد في غار حراء فذلك التعبد قبل نزول
الوحي دليل على البقاء على الفطرة.
دى{ أي غععافل عمععا هه َ ف َ ضال ً َ والجواب أن معنععى قععولهَ } :
تعلمععه الن مععن الشععرائع وأسععرار علععوم الععدين الععتي ل تعلععم
بالفطرة ول بالعقععل وإنمععا تعلععم بععالوحي فهععداك إلععى ذلععك بمععا
أوحى إليك فمعنى الضلل على هععذا القععول الععذهاب مععن العلععم
فت ُ هذَك َّر ما َ ض ّ َ
ه َ دا ُحه َ ل إِ ْ ن تَ ِ ومنه بهذا المعنى قععوله تعععالى} :أ ْ
سههى{. ول ي َن ْ َ ل َرب ّههي َ ضه ّ خ هَرى{ وقععوله} :ل ي َ ِ ما ال ُ ْ ه َ دا ُح َ إِ ْ
م{. دي ِ ق ِ ك ال ْ َ ضلل ِ َ في َ ك لَ ِ ه إ ِن ّ َ قاُلوا َتالل ّ ِ وقولهَ }:
وقول الشاعر:
بدل أراها في الضلل تهيم وتظن سلمى أنني أبغي بها
ول ب َ مها ال ْك َِتها ُ ري َ ت َتهدْ ِ مها ك ُْنه َ ويدل لهذا قوله تعالىَ }:
ن وإ ِ ْ ن{ لن المراد باليمان شرائع دين السلم وقولهَ } : ما ُ لي َ ا ِ
ممهها ل َه ْ مه َ
ك َ عل ّ َو َن{ .وقععولهَ } : فِلي َ غا ِن ال ْ َ
م َه لَ ِ ن َ
قب ْل ِ ِ م ْ ت ِ ك ُن ْ َ
قههى إ ِل َي ْه َن ي ُل ْ َ َ
ك جههو أ ْ مهها ك ُن ْه َ
ت ت َْر ُ و َم{ .وقععولهَ } : عل َه ُ
ن تَ ْت َك ُ ْ
ك{ .وقيل المراد بقوله ضععال .ذهععابه ن َرب ّ َ م ْة ِم ًح َب ِإل َر ْ ال ْك َِتا ُ
وهو صغير في شعاب مكة وقيل ذهععابه فععي سععفره إلععى الشععام
والقول الول هو الصحيح والله تعالى أعلم ونسبة العلم إلى الله
أسلم.