Professional Documents
Culture Documents
تأليف
أ .د .علي بن محمد ناصر الفقيهي
دار المآثر
المدينة النبوية
ثبتت رؤية المؤمنين لل Uفللي الللدار الخللرة فللي الحللاديث الصللحاح ،مللن طللرق
متواترة عند أئمة الحديث ،ل يمكلن دفعهللا ول منعهلا ،منهلا :حببديث أبببي سببعيد وأبببي
هريرة -وهمببا فببي الصببحيحين -أن ناسبًا قببالوا :يببا رسبول البب ،هببل نببرى ربنببا يببوم
القيامة؟ فقال» :هل تضارون في رؤية الشمس والقمر ليس دونها سحاب؟ قالوا :ل.
قال :فإنكم ترون ربكم كذلك« .هذا قول رسول ال . r
ص وغيللره ،ثللم قللال -وبئس مللا قللال » :-وأنببت أيهببا
والخليلي نقللل هللذا النل ّ
القارئ الكريم تدرك ببصببيرتك أن الخببذ بظببواهر هببذه النصببوص يفضببي إلببى
مايرده العقل ويكذبه البرهان«.
هكللذا يقللول – إن أحللاديث رسللول الللله rالثابتللة فللي
دهللا الصللحيحين وغيرهمللا يكلل ّ
ذبها برهللان الخليلللي-وير ّ
عقله.
%%%%
أخوكم :
صالح بن فوزان بن عبدال
الفوزان
25/4/1421هل
إن الحمد ل نحمللده ونسللتعينه ونسللتغفره ،ونعللوذ بللال مللن شللرور
أنفسنا وسيئات أعمالنللا ،مللن يهللده الل فل مضللل للله ،ومللن يضلللل فل
هادي له ،وأشهد أن ل إله إل ال وحده ل شريك له ،وأشللهد أن محمللدًا
عبده ورسوله ،أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره علللى الللدين كّللله ولللو
كِره الكافرون.
أمببا بعببد :فللإن لعللداء السلللم والمسلللمين -علللى اختلف مللهللم
ونحلهم -أسلاليب متنوعلة ،وخططلًا فلي ظاهرهلا مختلفللة ،ولكنهللا فلي
حقيقتها ذات هدف واحد أل وهللو القضللاء علللى ديللن الل الحللق ،الللذي
أرسل ال به خاتم أنبيلائه ورسللله المبعللوث للنلاس كافللة بشليرًا ونللذيرًا
ج بلله النللاس مللن ظلمللات الكفللرمحمللدًا صلللى ال ل عليلله وسلللم ،لُيخللر َ
والشرك والظلللم إلللى نللور السلللم ،ول يللزال هللؤلء الحاقللدون -إلللى
يومنا هذا -يخططون ويمكرون لطفاء نور ال بأفواههم ،ويأبى ال إل
أن ُيتم نوره ولو كِرَه الكافرون.
ومن نظر في كتلاب الل الكريلم ،وفللي سلنة رسللوله الميلن ،وفلي
سيرته العطرة ودعوته الخّيرة ،وما لقاه عليه الصلة والسلم من كيللد
ومكر ،يظهر له جليًا بأن ألّد أعداء السلم هم اليهود.
فقد أخبر ال عز وجللل فللي كتللابه عنهللم ،أّنهللم يعرفللون أن محمللدًا
صلى ال عليه وسلم هللو الرسللول الحلق ،الللذي وصللفه الل تعلالى فللي
س فيها كمللا كتبهم المنَزَلة عليهم؛ التوراة والنجيل ،معرفة حقيقية ل َلْب َ
يعرفون أبناءهم ،وإنما كفروا به حسللدًا وبغي لًا ،قللال تعللالى} :الذين
آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفللون أبنللاءهم
وإن فريقلللا ً منهلللم ليكتملللون الحلللق وهلللم
يعلمون{ ]البقرة.[146:
وقلللال تعلللالى} :ودّ كللثيٌر مللن أهللل الكتللاب لللو
يردونكم من بعد إيمانكم كفارا ً حسدا ً من عند
أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق{]البقرة.[109:
فلحسدهم وبغيهم ،ثم عجزهم عن الوقوف في وجه انتشار السلللم
وصّد الناس عنه بالقوة ،أظهللر بعضللهم السلللم ،ل محبللة فيلله ،وإنمللا
ش لَبه والشللكوك علللى ضللعاف العقللول للكيللد للله عللن طريللق إدخللال ال ّ
واليمان من المنتسبين لهذا الدين.
كما اشلترك مللع اليهللود فلي ذلللك المكللر المجللوس ،وغيرهللم ممللن
قضللى السلللم علللى بللاطلهم؛ ولّمللا لبسللوا لبللاس السلللم واختلطللوا
بالمسلمين ،نشروا في داخل المجتمع المسلم أفكلارًا منحرفللة بعيلدة كلل
البعد عن هدي كتاب ال وسنة رسوله اللذين جمع ال بهما شللمل المللة
بعد تفرقها وتشّتتها وتناحرها.
والغرض من نشر تلك الفكللار والعقللائد المنحرفللة؛ إثللارة الخلف
والفرقة بين المسلمين لتمزيق شملهم وإدخال الفرقة بين صفوفهم.
وقد تقّبل بعض الناس تلللك الفكللار المنحرفللة فللي بللاب أسللماء الل
ل بمراد هؤلء ،حيث نشرها أصحابها تحت سللتار التنزيلله وصفاته جه ً
عل.
لوَلجّ
عل، لوَ وكل مسلم يؤمن بال عز وجل ،فإن عقيدته التنزيلله ل ل ج ل ّ
شّبه ال عز وجل بخلقِه فقد كفر. عن مشابهة المخلوقين ،لن من َ
وكل ما أثبته ال عز وجل لنفسه ،أو أثبته له رسوله صلى ال عليه
وسلم في سنته الصحيحة من صفات الجلل والكمال ليس تشبيهًا.
كقللوله تعللالى} :ليس كمثله شيء وهللو السللميع
البصير{]الشورى [11:فقد أثبت ال لنفسه صفة السمع والبصر علللى
أسللاس قللوله تعللالى} :ليس كمثله شيء {...وهكللذا جميللع
الصفات يثبتها ل عّز وجللل أهللل السللنة والجماعللة علللى هللذا السللاس
وإنما التشبيه كما قال المام أحمد بن حنبل وغيره ،أن تقول :ل ل سللمٌع
كسمعي ،وبصٌر كبصري ويٌد كيدي).(1
هذا هو التشبيه الذي حكم علماء السلف على قائله بالكفر.
ومثل ذلك رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامللة فللي دار النعيللم ،لدللللة
الكتاب العزيز ،والسنة المطهرة الصحيحة المتواترة على ذلك ،وصللفة
الكلم ل تعالى ،وأن القرآن كلم الل علز وجللل منله بلدأ وإليله يعلود،
وليس مخلوقًا ،وغير ذلك من الصفاتُ ،تثبت لل كمللا أثبتهللا لنفسلله فللي
كتابه ،أو أثبتها له رسوله صلى ال عليه وسلم فللي سللنته ،علللى أسللاس
التنزيه ل عز وجل عن مشابهة المخلوقين وذلك الثبللات ،مسللتمد مللن
قلللوله تعلللالى} :ليللس كمثللله شلليء وهللو السللميع
البصير{ ]الشورى.[11:
وممن َتَلّقف هذه الفكار المنحرفة في عصللرنا الحاضللر ،وانتصللر
جّد في المدافعة عنها »أحمد بن حمد الخليلي«. لها ،و َ
فقللد اطلعللت علللى كتللابه بعنللوان »الحببق الببدامغ«المطبللوع عللام
1409ه وعلى غلفه اسم مؤلفه :أحمد بن حمد الخليلي .وهللو يقللع فللي
صصه لثلث مسائل عقدية خللالف 239صفحة ،وبعد قراءته وجدته خ ّ
فيهللا أهللل السللنة والجماعللة ،وسلللك فيهللا مسلللك الجهميللة والمعتزلللة
)( انظر نقض التأسيس ،لبن تيمية (1/476) :وانظر المختللار فللي أصللول السللنة، 1
)( مسلم اليمان /باب من مات ل يشرك بال شيئًا دخل الجنة ح).(94 2
وهذا تصريح بإحياء تلك الفكار التي وقف أهللل السللنة جميعلًا فللي
سسها ودعا إليهلا وأدخلهلا نأّوجه معتنقيها ،وبّينوا أصولها ،وأهداف َم ْ
على ضعاف المسلللمين علملًا وإيمانلًا ،فتفرقللت بللذلك كلمتهللم ،وتشللتت
شملهم ،حتى أصبحت تلللك الطللوائف الللتي اعتنقللت تلللك الفكللار باسللم
سقه.
السلم يكّفر بعضهم بعضًا ،أو يبّدعه أو يف ّ
ولكن بحمد ال بقيت الطائفة الناجية المنصورة ،على ما كللان عليلله
رسول ال صلى ال عليه وسلم وأصحابه ،عقيدة ،وعبادة ومنهجًا.
فرّدت على تلك الطوائف المنحرفة انحرافها ،وبينت للمللة السللبيل
الصحيح والصراط المسللتقيم ،بمللا جللاء فللي كتللاب الل العزيللز ،وسللنة
رسوله صلى ال عليه وسلم وأقوال الصحابة والتابعين.
ث مللن جديللد،واليوم نجد هذه الفكار التي فّرقت كلمللة المللةُ ،تْبَعل ُ
ويحمل لواءها الخليلي -ومن كان على شاكلته -فللي هللذا الكتللاب ،وفللي
ملخص له لمبحث الرؤية في رسالة سماها »غرس الصواب في قلبوب
الحباب« وهو جدير بأن يسمى» :غرس الباطل فللي قلللب الغافللل« ثللم
أشرطة كاسيت له ،ولمن يسلك مسلكه تنشر بين الشللباب ،وفيهلا تكفيللر
صريح لتباع منهج السلف من علماء أجلء وقفوا حيللاتهم للللدفاع عللن
كتاب ال وسنة رسوله صلى ال عليه وسلم ،وبيللان العقيللدة الصللحيحة
السليمة المأخوذة من كتاب ال ل وسللنة رسللوله صلللى ال ل عليلله وسلللم،
والرد على الجهمية والمعتزلة وكل الطوائف المنحرفة.
كما يشارك في هذه الفكار المنحرفللة ،فللي قللالب التنزيلله ،ويطعللن
فللي عقيللدة علمللاء السلللف وأتبللاعهم ،شللخص يللدعى حسللن بللن علللي
السقاف ،الذي صار يسود أوراقه بترهات وأباطيل ينشللرها ليسللتر بهللا
الحق البلج ،ولنصر آراء الكوثري ومن صار على منهجه قبله وبعده،
ولكن الكوثري قد فاق أسلفه ،فهو يكّفر ويبّدع ويسب ويشللتم باللفللاظ
الللتي يلترفع عللن نقلهللا السللوقة ،والمسلللم ل يكللون بللذيئًا ول سللبابًا ول
فاحشًا ول متفحشًا ولكن من نظر فللي تعليقلله علللى »السببيف الصببقيل«
للسبكي كما سمي ذلللك التعليللق»تبديببد الظلم المخيببم علببى نونيببة ابببن
القيم« يجد فيه تلك البذاءات التي ل نستطيع ذكرها هنا.
وقللد نقللل الخليلللي عللن الكللوثري مللن كتللابه هللذا وغيللره مللا يريللد
التوصل به إلى تكفير ابن القيم ،كما سيأتي.
ولكون الخليلي قد حمل لواء هذه الحملة علللى مللذهب السلللف ،فقللد
طلعللت علللى هللذا الكتللاب الللذي حكللم ي وقللد ا ّ
رأيت أنه من الواجب عل ّ
مؤلفه علللى عصللاة المسلللمين كلهللم بللالخلود فللي النللار ،وإحيللاؤه لتلللك
العقائد الباطلة ،ولما اشتمل عليلله كتللابه هللذا مللن مغالطللات وتمويهللات
وتلبيسات ،رأيت أن أرد عليه بالسلوب العلمي ،والحجة الناصعة ،من
الكتاب والسنة وأقوال سلللف المللة ،بعيللدًا عللن المهللاترات ،والكلمللات
النابيللة الللتي وردت فللي كتللاب المؤلللف وأشللرطته ،لن الغللرض هللو
الوصول إلى الحق ،وقد قال المام ابن جرير الطبري -فللي رده علللى
منكري الرؤيللة" :-إنببه ل يوجبد لهببم دليبل علبى دعبواهم ،ل آيبة مببن
التنزيببل محكمببة ،ول روايببة عببن رسببول الب صببلى الب عليببه وسببلم
صحيحة ول سقيمة").(3
)( تفسير ابن جرير .7/303 3
قلت :ومن الساليب الجديدة والخبيثة للهجوم على علماء السلف وتشويه عقائدهم
الدعوى عليهم بأن عقيدتهم هي التفويض والتأويل في آيات الصفات ،كللذبًا وافللتراء
للتشويش على الناشئة من شباب المسلمين ،ظّنلا منهلم أن تلبيسلهم للن ُيكشلف .كملا
صنع المدعو :محمد عادل عزيلزة الللذي نسلب للملام الحلافظ ابللن كللثير مللن أئمللة
السلف ،التفويض والتأويل في رسالته بعنوان»عقيلدة الملام الحلافظ ابلن كلثير ملن
أئمللة السلللف الصللالح فللي آيللات الصللفات«.وقللد كشللف تلللك المغالطللات ،الللدكتور
عبدالرزاق بن عبدالمحسن العبللاد البللدر فللي رسللالته )تنبيهللات علللى رسللالة محمللد
عزيزة في الصفات( طبع دار الفتح بالشارقة سللنة 1414هلل كمللا دحللض قبللل ذلللك
دعوى حسن بن علللي السللقاف مللن أن تقسلليم التوحيللد إلللى توحيللد ألوهيللة وتوحيللد
وإن هذا الكتاب المؤلف والمطبللوع عللام 1409ه لحمللد بللن حمللد
الخليلللي الباضللي الللذي خصصلله لثبللات عقيللدته فللي هللذه المسللائل
حّرف لجلها نصوص الكتلاب والسللنة لتنسلجم ملع عقيلدة الثلث ،وقد َ
الباضية ،والجهمية ،والمعتزلة ،والمامية الشيعة الرافضة ،ورّده لمللا
في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة وأبي سعيد الخللدري رضللي
ال عنهما ،علن رسللول الل صلللى الل عليله وسلللم ،وقببوله :إن الخللذ
بظاهرها يرّده العقل ،ويكّذبه البرهان -هكذا يقول كمللا فللي ص - 56
يللبين للقللارئ الكريللم أن تلللك العقللائد الفاسللدة ،لللم تكللن تحللت الللتراب،
وليست هللي مشللكلت تأريخيللة عفللا عليهللا الزمللن كمللا يقللول الللدكتور
القرضاوي ،وإنما هي مشلكلت معاصلرة يعيلش أهلهلا فللوق اللتراب،
وهم دعاة لها يجهرون بها في محاضراتهم ،وفي كتبهللم الللتي يؤلفونهللا
وينشللرونها بيللن النللاس ،غيللر مبللالين بمللن يتنللازلون عللن عقللائدهم
الصحيحة السللليمة مللن أجللل وهللم توهمللوه ،وسللراب ظنللوه ملاًء ،فللإذا
جاؤوه لم يجدوه شيئًا.
أما الرد فسيكون على القضايا الثلث علببى حسببب ترتيبهببا فببي كتبباب
المؤلف وهي:
-1إنكاره رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة.
-2القول بخلق القرآن.
-3اعتقاده تخليد الفساق في النار.
وقللد أسللميت الللرد بللل )الرد القتتويم البتتالغ ،علتتى كتتتاب
الخليلي المسمى بالحق الدامغ(.
ربوبية وتوحيد أسماء وصفات تثليث ،بكتابه »القول السديد في الرد على مللن أنكللر
تقسيم التوحيد« طبع دار الغرباء بالمدينللة سللنة 1414هلل فبحمللد الل ومّنلله وفضللله
وكرمه ،أن أهل الحق للباطل وأهله بالمرصاد.
وقبل البدء في مناقشة القضية الولى كما يسميها المؤلف وهي:
-1إنكار رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامببة فببي جنببات النعيببم .كمببا
في ص.21:
وقبل الدخول في ذكر أدلة النافين والمثبتين ومناقشتها وبيان الحللق
فيها بدليله من الكتاب والسنة وفهم السلف الصالح ،ينبغللي أن نللذكر مللا
جرت عليه عادة العلمللاء فللي القضللايا العلميللة المتنللازع فيهللا ولسلليما
القضللايا العقديللة ،بللأن يكللون للمتنلازعين مرجللع يحكللم بينهللم فللي تلللك
القضللية المختلللف فيهللا لقللوله تعللالى} :يا أيها الذين آمنللوا
أطيعوا الللله وأطيعللوا الرسللول وأولللي المللر
منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الللله
والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الخللر
ذلك خير وأحسن تأويل ً{ ]النساء.[59:
فرّدنا للقضايا المتنازع فيها في العتقللاد وغيللره إلللى الكتللاب والسللنة
أخذًا بهذه الية.
ومن الغريب حقًا أن المؤلف الخليلي دعا إلى هللذا الصلل العظيللم إل
أنه خالفه عند التطبيق.
فقد قال في )ص (6من المقدمة -وهو يتألم للخلف الذي صللار بيللن
هذه المة بعد أن دعاها ال عز وجللل إلللى العتصللام بحبللله ونهاهللا عللن
التفرق والختلف ،فذكر قوله تعالى} :واعتصموا بحبل الللله
جميعا ً ول تفرقوا{ ]آل عمران.[103:
وقلللوله} :ول تكونوا كالذين تفرقللوا واختلفللوا
من بعد ما جاءهم البينات وأولئك لهللم عللذاب
عظيم{ ]آل عمران.[105:
وقوله} :ول تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكللم{
]النفال.[46 :
ثم قال) :فإنها مع ذلك لم تسلم من هذا الداء العضللال الللذي أصللاب
غيرها من المم ،غيللر أن ال ل سللبحانه اختصّللها بللأن حفللظ لهللا كتابهللا
المنزل عليها مللن تحريللف العللابثين ،وتبللديل المنللاوئين؛ تحقيقلًا لوعللده
الصادق} :إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحللافظون{
]الحجر.[9:
ومكن لها من معرفة الصحيح الثابت من سنة رسوله عليه الصلللة
والسلم.
وجعل لها مخلصًا من الشقاق والنزاع بالحتكام إلللى ال ل ورسللوله
حيلللث قلللال} :فإن تنازعتم في شيء فللردوه إلللى
الله والرسول إن كنتم تؤمنللون بللالله واليللوم
الخر ذلك خير وأحسن تأويل ً{ ]النساء.[59:
قال) :ول يكون الحتكام إلى الل إل بللالرجوع إلللى كتللابه فتسللتلهم
منه الحقيقة ،ويستبان به الحق ،وكذلك الحتكام إلى رسللوله صلللى ال ل
عليه وسلم ل يعني إل الرجوع إلى سنته الثابتة الصحيحة(.
ثم قال) :ومع وجللود هللذا المخّلللص الللذي أمرنللا بللأن نفللزع إليلله مللن
كوارث الختلف ،فإن الخلف لم يزل والشقاق لم يستأصللل ،فقللد ُتللؤول
الكتاب تأولت شتى لم تستمد إل من الللوهم ،ولللم تسللتلهم إل مللن الهللوى،
وكذلك السنة ..الخ( ص.7:
وأقول للقارئ الكريم :إن هذا الكلم الللذي يظهللره المؤلللف الخليلببي
للقارئ من أجل أن يظللن أنلله يريللد الحللق الللذي يثبتلله الللدليل مللن الكتللاب
والسنة ،والحقيقة إنما هو تمويه وتضليل وتلللبيس علللى القللارئ ،وسللترى
أنه هو الذي أّول آيات الكتاب للهوى ،ورّد الحديث الصحيح في البخللاري
ومسلم ،حيث قال في حديث أبي هريرة وأبللي سللعيد الخللدري ولفظهمللا:
أن ناسًا في زمن رسول ال صلى ال عليه وسلم قالوا» :يا رسببول ال ب
هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال رسول الب صبلى الب عليببه وسبلم :نعببم.
قال :هل تضارون في رؤية الشمس بالظهيرة صحوًا ليس معها سحاب؟
وهل تضارون فببي رؤيببة القمببر ليلببة البببدر صببحوًا ليببس فيهببا سببحاب؟
قالوا :ل يارسول ال .قال :ما تضارون في رؤية ال تبارك وتعببالى يببوم
)(4
القيامة إل كما تضارون في رؤية أحدهما«
ثم قال المؤلببف الخليلببي بعد أن ذكللر ذلللك فللي ص ) :56وأنللت أيهللا
القارئ الكريم تدرك ببصيرتك أن الخذ بظللواهر النصلوص يفضللي إللى
ما يرده العقل ويكذبه البرهان(.
وأنببا إنمببا نقلببت كلمببه هببذا هنببا ليعببرف القبارئ تلبيسببه وتدليسببه،
وسيظهر للقراء كثير من مغالطاته.
وبما أن المؤلف الخليلي قد التزم بالتحاكم إلللى الكتللاب والسللنة ،كمللا
تقللدم ،ثللم اشللترط فللي ص ،229:بللأن يكللون الحللوار مدروس لًا مللن كللل
الجوانب وأنه ل يستنكف من ذلك ،فإني أضيف إلى تأصيله واشتراطه ما
نص عليه ال عز وجل في كتابه ،ودعا العباد إليلله ،وح لّذر أشللد التحللذير
من تولى عن ذلك ،أل وهو اتباع سبيل المللؤمنين ،وهللم بالدرجللة الولللى
أصحاب رسول ال صلى ال عليه وسلم ومن سللار علللى نهجهللم ،والللتزم
آثارهم ،فهم الطائفة الناجية المنصورة كما وصفهم رسول ال ل صلللى ال ل
عليه وسلم بذلك حينمللا ذكللر أن هللذه المللة سللتفترق علللى ثلث وسللبعين
فرقة كلها في النار إل واحدة ،فلما سئل عنها قال» :هي من كان علببى مببا
أنا عليه وأصحابي« ).(5
ح).(1492
بعد ذلك) :ولست أبالغ إن قلت :إن الباضلية – أهلل الحلق والسلتقامة –
تمتاز عقيدتهم وتتسم طريقتهم في فهم أصول الدين بثلثة أمور:
-1سلمة المنزع ،فإنهم جمعوا بين صحيح النقل وصريح العقل ،فلللم
يضربوا بالنصوص الصحيحة عرض الحائط ،كما صنع أصحاب
المدرسة العقليللة اللذين جعلللوا عقلهلم أقلدس وأسللمى مملا جللاء بلله
النبيون.
-2عببدم التعصببب لئمتهببم تعصللبًا يجعلهللم يتصللاّمون عللن النقللول
الصحيحة ،كما نجد ذلك عند كثير من المتفقهة والمتكلمين.
ثم مثل بالصاوي – فقببال) :ومللن أبشللع مللا وجللدناه فللي ذلللك قللول
العلمة الصاوي في حاشيته على تفسير الجللين حيث قللال» :ول
يجللوز تقليلد ملا علدا الملذاهب الربعللة وللو وافلق قلول الصلحابة
والحديث الصحيح والية ،فالخللارج عللن المللذاهب الربعللة ضللال
مضللل ،وربمللا أداه ذلللك إلللى الكفللر؛ لن الخللذ بظللواهر الكتللاب
والسنة من أصول الكفر«)) (6ص .(9
-3المرونة والتسامح في معاملة فرق المة … إذ لم يتجرؤوا علللى
إخللراج أحللد مللن الملللة ،وقطللع صلللته بهللذه المللة مللا دام يللدين
علم من الدين بالضرورة(. بالشهادتين ،ول ينكر شيئًا مما ُ
هكذا يقول –مع حكمه على الفساق بلالخلود فللي النللار– ثببم قببال مؤكببدًا
قوله هذا) :ومن هذا المنطلق صدر ذلك العلن المنصف الذي رسللم مبللدأ
)الباضية( ونظرتهم إلللى المللة ملن أشللهر قللائد إباضللي ،وهللو أبللو حمللزة
المختار بن عوف السلمي في خطبته التي ألقاها على منبر رسول ال صلى
ال عليه وسلم ،فأصاخ لها الدهر ،وسجلها الزمن ،وخّلدها التأريللخ؛ إذ قللال
فيها :الناس مّنا ونحن منهم إل ثلثة:
)( حاشية الصاوي على تفسير الجللين 3/10ط دار إحياء التراث العربي. 6
-1مشرك بال عابد وثن.
-2أو كافر من أهل الكتاب.
-3أو إمام جائر؟ ) ((7ص .10
)( المرجع الذي اعتمد عليلله الخليلللي :أبلو الفلرج الصللبهاني ،الغللاني 2/104ط 7
بولق.
)مناقشة ما سبق ذكره من المقدمة(
وهو:
أوًل :دعوة المؤلف لجمع كلمة المة لدللببة النصببوص مببن كتبباب
ال على ذلك ،وقد أورد آيات في ذلك سبق ذكرها.
ثانيًا :تألمه لتفرق المة واختلفها مع وجود النصوص مببن كتبباب
ال التي تنهى عن ذلك ،ثم أورد بعضًا منها وسبق ذكرها.
ثالثًاَ :مْقته للتعصب المذهبي ومثل لذلك بالصاوي.
رابع بًا :ثنبباؤه علببى طببائفته – الباضببية – وسببلمة منزعهببم فببي
استدللهم في أصول الدين ،وعبدم تقديسببهم للعقبل كمببا فعببل أصببحاب
المدرسة العقلية ،ويعني بهبم المعتزلبة ،وأنهبم لبم يخرجبوا أحبدًا مبن
الملة ما دام يدين بالشهادتين.
خامسًا :إعلن قائدهم الشهير ،الذي ساوى فيه بين المام الجببائر
ولو كان مسلمًا ،والمشرك عابد الوثن والكببافر مببن أهببل الكتبباب ،فببي
البراءة منه.
وأقول :إن ما دعا إليلله المؤلللف فللي الفقللرة الولللى والثانيللة ،وهللو
جمع كلمة المة على الحق والهدى ،وهو ما جاء فللي كتللاب الل وسللنة
رسوله صلى ال عليه وسلم ،هللو مطلللب أهللل الحللق مللن المللة ،وهللو
الذي تسعى إلى تحقيقه الطائفة المنصورة أهل السللنة والجماعللة ،الللتي
سلكت مسلك أصحاب رسللول الل صلللى الل عليله وسلللم فللي العقيللدة،
والعبادة والمعاملت والسلوك ،بالقول والفعل.
أما المؤلف الخليلي فإنه يدعو لجمع الكلمة بالقول فقللط ،ثللم ينقللض
تلك الدعوى بفعله ،في كتابه هذا الذي جمع فيه بين المتناقضات ،وإليك
تفصيل ذلك:
أوًل :حكم المؤلف الخليلي على عصاة المسلمين بالخلود في النللار،
يعتقد ذلك ويقرره ويدعو إليه ،ويقللول :إن هلذا هللو ملذهب أهلل الحلق
والستقامة –الباضية ،الذين – كما يببدعي – يأخذون بالنصللوص مللن
كتاب ال ،والثابت من الحللديث علن النلبي صللى الل عليله وسللم ،ول
يقدمون عقولهم عليها كما يفعلل أصللحاب المدرسللة العقليلة ،كمللا سلبق
نقل ذلك عنه.
فهل هذا يدعو لجمع كلمة المللة أو يللدعو لفرقتهللا وتشللتيتها؟ وهللل
يوجد في المة معصوم من الخطأ غير الرسل والنبياء؟.
ولهذا نقول له :فأين التسللامح الللذي امتلازت بله طلائفته الباضلية،
كما جاء في دعوى المؤلف -الفقرة الثالثة – في قوله :إن مما امتللازت
به عقيدة الباضية التسامح في معاملة سائر فرق المة ،إذ لم يتجللرؤوا
علللى إخللراج أحللد مللن الملللة وقطللع صلللته بهللذه المللة مللا دام يللدين
بالشهادتين ..الخ.
فنقللول :وأي قطللع لصلللة المللة أكللثر مللن الحكللم علللى مللن يللدين
بالشهادتين بالخلود في النار ،لنلله ارتكللب بعللض المعاصللي ،مخللالفين
بقولكم هذا قول ال عز وجل} :إن الله ل يغفر أن يشرك
به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء …{ ]النساء.[116 :
وما ثبت في الصحيح من حديث أبي ذر رضي ال ل عنلله مللن قللول
رسول ال صلى ال عليه وسلم :ولفظه» :مببا مببن عبببد قببال :ل إلببه إل
الب ثببم مببات علببى ذلببك إل دخببل الجنببة ،قلببت :وإن زنببى وإن سببرق؟
كررها ثلثًا ،ثم قال في الرابعة :على رغم أنف أبببي ذر ،قببال :فخببرج
أبو ذر وهو يقول :وإن رغم أنف أبي ذر«).(8
قلت :ووجه الستدلل بهذا الحديث ،أن من مات على التوحيد غير
مشرك بال ،وإن ارتكب الكبائر من المعاصي كالزنا والسرقة ،فللإنه ل
يخلد في النار ،بل مآله إلى الجنة بعد تطهيره من ذنوبه ،إن لم يعفو ال
عنه من أول وهلة ،وعلى ذلك إجماع أهل السنة والجماعة لدللللة هللذه
النصللوص علللى ذلللك ،وأّنلله ل يخلللد فللي النللار إل الكللافر ،والمشللرك
الشللرك الكللبر المخللرج مللن الملللة ،والمنللافق النفللاق العتقللادي الللذي
يظهر السلم ويبطن الكفر .وسيأتي مناقشة هذه المسللألة عنللد الحللديث
عنها ،لن المؤلف أفردها ببحث مستقل في كتابه هذا.
ثالثًا :استدلل المؤلف الخليلي على تسامح طائفته الباضللية بقللول
أشهر قائد إباضي – كما يقول – وهذا القائد هو أبو حمزة المختار ابللن
عوف السلمي ،في خطبته التي نقلها من كتاب الغاني كمللا تقللدم ذلللك،
وقد جاء في تلك الخطبة قوله :إن الناس منا ونحن منهم إل ثلثة:
-1مشرك بال عابد وثن.
-2أو كافر من أهل الكتاب.
-3أو إمام جائر!
قال :وقد مشى الباضية في هذا النهج السليم ،والتزموا هللذا المبللدأ
القويم ..الخ ما قال عنه ص.10 :
سْير الباضية علللى نهجهللا وأقول :إن هذه الخطبة وتقرير المؤلف َ
قد أظهر عقيلدة المؤلللف وطلائفته الباضلية فلي أئملة المسلللمين ،وهلو
الحكللم علللى المللام الجللائر بللالكفر ،لنلله ذكللر فللي خطبتلله هللذه بللراءة
الباضية من ثلثة أصناف من الناس ،وأنهم ليسوا منهم ،ومنهم المللام
()8البخاري /اللباس.ح) ،(5827ومسلم /اليمان،ح). (94
الجائر حيث قرنله بالمشللرك عابلد الللوثن ،وبالكلافر ملن أهللل الكتلاب،
وهذا هو مذهب الخوارج ،والمؤلف يبين بهللذا أنلله منهللم ،وهللذه أيض لًا
عقيدة من اعتز بهم ،وهم المعتزلة ،الللذين جعلللوا عقيللدتهم مبنيللة علللى
أصول خمسة هي :التوحيد ،والمراد عندهم نفي الصفات عللن ال ل عللز
وجل ،ومنها المر بالمعروف والنهي عن المنكر ،والمراد به الخللروج
على أئمة المسلمين إذا جاروا وظلموا ،ثم الحكم علللى مرتكللب الكللبيرة
بالخلود في النار ،وهو أحد الصللول الخمسللة المسللمى بإنفللاذ الوعيللد،
كمللا هللو مللذهب المؤلللف ،والمعتزلللة كمللا هللو معلللوم مللن أصللولهم
وعقيدتهم تقديم العقل على نصوص الكتاب والسنة ،وقد عللاب المؤلللف
مذهب المعتزلللة بقللوله :إنهللم أصللحاب المدرسللة العقليللة الللذين جعلللوا
العقل أسمى وأقدس وأصح وأثبللت ممللا جللاء بلله النللبيون عللن الل عللز
وجل ،وأن طائفته الباضية ل يأخذون إل بالنصوص فللي بللاب العقللائد
ص .8
فإذا كان المؤلف الخليلي يقرر أن الباضللية مشللوا علللى نهللج أبللي
حمزة المختار وأنه المنهج السليم ،وكما رأينا في ذلك المنهج أنلله قللرن
بين المشرك عابد الوثن والكللافر مللن أهللل الكتللاب ،والجللائر مللن أئمللة
المسلمين ،في الحكم والبراءة من الجميع.
فنقول ،للمؤلف الخليلي :فما قولك في النصوص الثابتة مللن السللنة
التي قلت :إن الحتكام إلى الرسول صلللى الل عليلله وسلللم ل يعنللي إل
الرجوع إلى سنته الثابتة الصحيحة.
سّلم أن ما رواه البخاري ومسلم عن رسول ال ل صلللى ال ل ت ُت َ
س َ
َأَفَل ْ
عليه وسلم صحيحًا ،إن كان المر كللذلك ،ول أظنللك تخللالف فللي هللذا،
فما رأيك في الحاديث التالية الللتي تحلّدث فيهللا رسللول الل صلللى الل
عليلله وسلللم عللن أئمللة الجللور ،حيللث أمللر بالسللمع والطاعللة لهللم فللي
المعروف وعدم الخروج عليهم.
ففي الصحيحين» :على المرء المسلم السبمع والطاعبة فيمبا أحبب
وكره إل أن يؤمر بمعصية ،فإن أمر بمعصية فل سمع ول طاعة«).(9
وفيهما عن ابن عباس أيضًا قال :قللال رسللول الل صلللى الل عليلله
وسلللم» :مببن رأى مببن أميببره شببيئًا يكرهببه فليصبببر ،فببإنه مببن فببارق
الجماعة شبرًا فمات فميتته جاهلية«).(10
وما رواه مسلم مللن حللديث عللوف بللن مالللك رضللي الل عنلله عللن
رسول ال صلى ال عليلله وسلللم قللال» :خيببار أئمتكببم الببذين تحبببونهم
ويحبونكم ،وتصببلون عليهببم ويصببلون عليكببم ،وشببرار أئمتكببم الببذين
تبغضونهم ويبغضونكم ،وتلعنونهم ويلعنونكم« فقلنا :يببا رسببول البب،
أفل ننابذهم بالسيف عند ذلك؟ قببال» :ل .مببا أقبباموا فيكببم الصببلةَ ،أل
َمن ولي عليه وال فرآه يأتي شيئًا من معصية ال فليكره ما يببأتي مببن
معصية ال ،ول ينزعن يدًا من طاعة«) .(11وغيرهللا فللي هللذا المعنللى
كثير.
هكذا أمر رسول ال صلى ال عليه وسلم بطاعة الولة وإن جللاروا
وارتكبوا المعاصي؛ فلإن إثلم ذللك عليهلم ،ويجللب نصلحهم وإرشللادهم
وتذكيرهم في خاصة أنفسهم ،والدعاء لهم بالصلللح؛ لمللا يللترتب علللى
الخروج عليهللم مللن المفاسللد العظيمللة الللتي فيهللا سللفك الللدماء ،وهتللك
العراض ،أضعاف ما يحدث من جورهم ولهذا جاءت السللنة بالتشللديد
في لزوم طاعتهم وإن جاروا ،إل أن يرتكبوا كفللرًا بواحلًا فيلله مللن ال ل
)( انظر مقدمة العتقاد للبيهقي ص .16تحقيق /أحمد عصام الكاتب. 16
يقول في ذلك:كما أن أحكللام المشللبهة أيضلًا علللى الخريللن ل تقللل
صرامة وشدة ،وناهيك بقول العلمة ابن القيم في نونيته:
والمشبببركون أخبببف فبببي طل بالعداوة معلنإن المع ّ
الكفران المعطلة بللأنهم أشللد
فهو يصّرح أن ابن القيم مشّبه ،وقد حكم على
كفرًا من المشركين.
قلت :وسيظهر لك أيها القارئ أن الللبيت بهللذا الللتركيب ملفللق ،ول
يوجد في النونية بهذا التركيب؛ ومعلوم أن ابن القيم لم يحكم علللى أحللد
بالكفر بهواه ،وإنما يحكم على من حكم ال عليه ورسوله ،لن هذا حكم
شرعي.
طل مثلهللم ،ويشللرب مللن حمللأتهم، ولما علم المؤلف الخليلي أنه مع ّ
حاول الدفاع عنهم ،وترك الحياد الذي زعمه ،أن الباضية أهللل الحللق
والسللتقامة ،لللم يأخللذوا عقيللدتهم إل مللن الكتللاب والسللنة ،ولللم يكونللوا
كأصحاب المدرسة العقلية الذين جعلوا عقولهم أسمى وأقدس ممللا جللاء
به النبييون كما يقول .نسي ذلك كله ،ثم قال:
وما مراده بالتعطيللل الللذي سلللكه المعطلللة ،يقللول – مللا هللو إل رد
ل لكلم متشابه الي والحاديث إلى محكمها حرصًا على التنزيلله وحم ً
ال ورسوله صلى ال عليه وسلم على ما تقتضليه أسللاليب البلغللة فلي
كلم العرب.
وأقببول :إن هللذه السللاليب المموهللة والتلبيسللات المصللطنعة الللتي
سلكها المؤلللف ل تنفعلله ،ول تغيللر مللن الحقيقللة شلليئًا ،فهللو داخللل مللع
المعطلة الذين صرفوا كلم ال وكلم رسوله عن حقيقته ،وما دل عليه
مللن معللاني أسللماء اللل وصللفاته كمللا فللي قللوله تعللالى} :ولللله
السللماء الحسللنى فللادعوه بهللا وذروا الللذين
يلحدون في أسمائه{ ]العراف. [180 :
فإن هؤلء المعطلة ألحدوا في أسماء ال ل الحسللنى وصللرفوها عللن
حقائقها من غير دليل ،ل من كتاب ال ،ول من سنة رسللوله ،مخللالفين
بذلك منهج سلف المة ،فقد قال هؤلء المعطلة:
-إن كلم ال وكلم رسللوله أدلللة لفظيللة ل تفيللد علملًا ول يحصللل
منها يقين.
-وأن آيات الصفات وأحاديثها مجازات ل حقيقة لها.
-وأن أخبار رسول ال صلى ال عليه وسلم الصحيحة التي رواها
العدول وتلقتها المة بالقبول ل تفيد العلم ،وغايتها أن تفيد الظن.
وقللولهم :إذا تعللارض العقللل ونصللوص الللوحي أخللذنا بالعقللل ولللم
نلتفت للوحي).(17
وبهللذه القواعللد الباطلللة الناتجللة عللن العقللول الفاسللدة ،والهللواء
المضللللة ،تركللوا كتللاب ال ل عللز وجللل الللذي أنزللله لهدايللة البشللرية،
وإخراجها من الضلل والحيرة في عقائدها وسلوكها ،وسنة رسللوله –
صلى ال عليه وسلم – المبينة والمفسللرة لكتللاب اللل ،كمللا قللال تعللالى:
}وأنزلنللا إليللك الللذكر لتللبين للنللاس مللا نللزل
إليهم{ ]النحل.[44:
وقال تعالى} :وما آتاكم الرسول فخذوه وما
نهاكم عنه فانتهوا{ ]الحشر.[7:
وهؤلء المعطلة يقولللون»:كلم الل وكلم رسللوله ل يفيللدان علملًا
ول يحصل بهما يقين وإنملللا اليقين يدرك بالعقل«.
)( وقد رد ابن القيم على ذلك في كتابه – »الصواعق المنزلة« من مائتين وأربعيللن 17
وجهًا وبين بطلنها .وقبله ابن تيمية في كتابه »درء تعللارض العقللل والنقللل« وهللو
في أحد عشر مجلدًا.
ول ُيدرى عقل من ،هل هلو عقلل الجهميلة؟ أو المعتزللة؟ أو عقلل
من جمع بينهما كالباضية؟ وهذا هو مسلك المؤلف الخليلي ومن ينقللل
كلمهم تلبيسلًا وتدليسلًا ،وإل فلأين المتشلابه فللي أسللماء الل علز وجللل
وصفاته؟.
إن نصوص باب السللماء والصللفات مللن المحكمللات الواضللحات
التي تلقاها الصحابة – أهل اللغة الذين نزل القللرآن بلسللانهم – بللالقبول
والتسليم ،ثم بالعتقاد والعمل ،وسألوا ال عللز وجللل بهللا سللؤال عبللادة
وسؤال مسللألة ،كمللا قللال تعللالى} :ولله السماء الحسنى
فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه{
]العراف.[180:
وقد أجمع أهل السنة والجماعة أن صفات ال عز وجل من المحكم
الذي يعلم معناه ،كما قال المام مالك في صفة الستواء علللى العللرش:
الستواء معلوم والكيف مجهول والسؤال عنه بدعة.
وإنما المتشابه هو كيفيتها ل معانيها.
ولذلك لم يثبت عن صحابي أنلله سللأل رسللول الل صلللى الل عليلله
وسلم عن اسم من أسماء ال أو عن صفة من صفاته ،وما ذلك إل لنها
محكمة واضحة الدللة على معانيها.
بدليل أن الصحابة رضوان ال ل عليهللم ،وهللم أحللرص المللة علللى
معرفة دينهم ل سيما ما يتعلق بعقائدهم ،وبمللا يجللب عليهللم أن يعتقللدوه
في ربهم وخالقهم ومدبر شؤونهم ،قد سألوا عللن أمللور أشللكلت عليهللم،
صلّدرت فجاءهم الجواب عليها من ال عز وجل كمللا فللي آيللات كللثيرة ُ
بقللوله تعللالى} :يسألونك{ كقللوله تعللالى} :يسألونك عن
الخمر والميسللر{ فجللاء الجللواب} :قللل فيهمللا إثللم
كلللبير ومنلللافع للنلللاس وإثمهملللا أكلللبر ملللن
]البقرة.[189: نفعهما…{
}يسألونك عن الهلة …{ فجاء الجواب} :قل هي
مواقيت للناس والحج…{ ]البقرة.[189:
}يسألونك عللن اليتللامى…{ فجللاء الجللواب}:قللل
إصلح لهم خير…{ ]البقرة.[220:
}يسألونك عن المحيض{ فجاء الجواب} :قل هللو
أذى فاعتزلوا النساء في المحيض{ ]البقرة.[222:
وكما ترى فقد نزل الجواب من ال عز وجل على تلك السئلة ،ولم
ل واحللدًا عللن اسللم مللن أسللماء اللل ،أو تجد في كتاب ال عز وجل سؤا ً
صللفة مللن صللفاته ،ومللا ذلللك إل لوضللوحها ودللللة نصوصللها علللى
معانيها.
وأما دعوى المؤلف على ابن القيللم أنلله يكّفللر المعطلللة لسللماء الل
وصفاته من عند نفسه ،فهي دعوى باطلة ،لن الحكم بللالكفر أو الفسللق
أو التبديع حكم شرعي ،الحكم فيه ل ولرسوله ،فابن القيم ل يحكم على
أحد بهواه ،وإنما يحكم بالكفر على من كّفره ال ورسوله ،فهو يقول مللا
قاله ال ورسوله فيمن رد آيات ال وسنة رسوله الصحيحة وجحدها.
وربما أن المؤلف يخشى على نفسه من حكم ال ورسللوله فقللد قللال
في ص) :56:إن حديث أبي سعيد الخللدري ،وحللديث أبللي هريللرة فللي
الصحيحين الخذ بظاهرهما يرّده العقل ويكّذبه البرهان(.
وهذه جرأة عظيمة علللى سللنة رسللول الل صلللى الل عليلله وسلللم،
حيث يردها بعقله ويكذبها بهواه.
وكما تكّلم عن ابن القيللم واّتهملله بالتشللبيه ،فينبغللي أن نعلللم مببا هببو
التشبيه وما حكم المشبه عند أهل السنة والجماعة.
والجببواب :أن التشللبيه هللو أن يقللول القللائل :ل ل يللد كيللدي وسللمع
كسمعي ،كما تقدم عن المام أحمد رحمه ال) .(18فمللن شلّبه الل بخلقلله
حَكللم علمللاء السلللف عليلله
فقد كفر وهذا باتفاق أهل السنة والجماعللة -و َ
بالكفر لنه ألحد في آيات ال وصرفها عن معانيها الصحيحة ،فاسللتحق
ذلك الحكم جزاًء وفاقًا.
وأما ما أثبته ال لنفسه في كتابه ،أو أثبته له رسوله صلى ال عليلله
وسللم فلي سلنته وهللو أعلللم الخللق بربله ،وأتقلاهم وأخشلاهم لله فليلس
تشبيهًا.
طل وابن القيم لم يشّبه ال بخلقه حاشاه من ذلك وهو القائل عن المع ّ
شبه :ما يأتي) :المثل السادس :قلب المعطل متعلق بالعدم فهو أحقر والم ّ
الحقير ،وقلب المشبه عابد للصنم الللذي قللد ُنحللت بالتصللوير والتقللدير،
والموحلللد قلبللله متعبلللد لملللن ليلللس كمثلللله شللليء وهلللو السلللميع
البصير)((19وكما قال في النونية:
فهبببببو نسبببببيب المشبببببرك من شّبه ال العظيم بخلبقبه
النصراني
الكفببببور وليببببس ذا فهببببو طببببل الرحمببببن مببببن
أو ع ّ
الكمال والجلل ،وما أثبتللهإيماني
أوصافهأثبت ل ما أثبته لنفسه من صفات
وإنما
له رسللوله صلللى الل عليلله وسلللم علللى أسللاس قللوله تعللالى} :ليس
كمثله شيء وهللو السللميع البصللير{ ]الشلللورى[11 :
وإليك ما ذكره في مقدمة النونية ،عن المعطلة والمشبهة.
فقد قال في مقدمة »النونية«):فصل وكان من قللدر الل وقضللائه أن
جمع مجلس المذاكرة بيللن مثبللت للصللفات والعلللو وبيللن معطللل لللذلك،
)( النونية لبن القيم )ص (30-29طبعة ثالثة سنة 1406هل المكتب السلمي. 20
ل كّفر فيها الحنابلة بعضللهم سينقل عنه في مسألة الحرف والصوت نقو ً
بعضًا ،في المبحث الثالث من هذا الكتاب.
وأقول :الصواب أنه سللينقل عنلله مللا يللدعيه – فللي المبحللث الثللاني
)ص (129وسيظهر هناك تلفيقه ،مما يبين للقارئ عدم ورعه وخللوفه
من ال ،حيث يقّول ما لم يصح نسبته لقائله ،وفي هذا الكتاب الكثير من
ذلك كما سنوضحه إن شاء ال ،وسللنؤخر هللذا الللذي ادعللاه علللى شلليخ
السلم إلى موضعه من هذا الرد.
ومن تلفيق الخليلي وتدليسه البيت الذي سللبق ذكللره ونسللبه للنونيللة
لبن القيم وقال فيه :إنه قال في نونيته:
والمشببببركون أخببببف فببببي إن المعطل بالعداوة معلن
الكفرانللي النونيللة ،وإنمللا هللو
فأقول :إن هذا البيت بهذا التركيب ل يوجد ف
تلفيق من المؤلف بعد حذف وتغيير ،أخذه من بيتين وكل بيت أخللذ منلله
الشطر الول ،ولملا كلان آخللر القصليدة ملن كلل بيلت حللرف )النلون(
اضطر إلى الحذف والزيللادة لتسللتقيم القافيللة ،ول أدري كيللف يستسلليغ
من يللدعي العلللم ويتصلّدر الفتللاء هللذا العمللل المشللين المخللل بالمانللة
العلمية.
وإليك الموضوع ففي )ص (456من الجللزء الثللاني شللرح النونيللة
لبن عيسى ،تحت فصل:
» فببي َمَثببل المشببرك والمعطببل« أورد تحته ثلثللة وعشللرين بيتلًا،
طل والمشرك .وقال في البيتين الخيرين منها: قارن فيها بين المع ّ
وكلهما من شيعة الشيطان والمشببببركون أخببببف فببببي
فبببببي قبببببالب التنزيبببببه كفرانهم
المعطل بالعداوة قائم إن
للبرحمنالقيم:
فقال الخليلي – إنه جاء في النونية قول ابن
والمشببببركون أخببببف فببببي إن المعطل بالعداوة معلن
الكفران
للفت وإنمللا هللو تلفيللق مللن
وهذا البيت ل يوجد في النونيللة كمللا أسل
هذين البيتين ،وحذف وتغيير ،وكذب وتدليس.
وقد قال الشارح للبيات كلها :حاصل كلم الناظم في هذا الفصللل،
ل للمشرك والمعطل ،فلسان حال المعطل يقللول فلي إلهلله أنه ضرب مث ً
سبحانه :إنك لست فينا ذا سلطان لنك لم تستو على سرير الملللك ،ولللم
تللدبر أمللر الملللك والسلللطان ،ولللم تكّلللم ول تتكلللم ،ولسللت بفاعللل فع ً
ل
حقيقة ،بل فعلك هو المفعول ،بل حالك قبل الفعلل ومعله وبعلده سلواء،
ل في العالم ول خارجًا منه ،بل أنللت خيللال فللي الذهللان… ولست داخ ً
الخ هذه الوصاف السلبية العدمية.
ثم قال :قوله:
وسببببواك ل نرضبببباه مببببن ن قال أنت مليكنا هذا وثا ٍ
سلطان الخ البيات.
قال :هللذا هللو المشللرك ،أي إن المشللرك قللال :يللا رب أنللت مليكنللا
ت أوصاف الكملال جميعهلا … ولكللن وخالقنا والمتصرف فينا وقد حْز َ
بابك ل ُيغشى إل بالشفعاء ،ولبد مع ذلك مللن الللذل للبللواب والحجللاب
والشفعاء المقربين.
ثم قال :أفيستوي هذا عندكم؟ حاشا وكل بللل المشللركون أخللف فللي
طللل يزيللد علللى المشللرك كفرانهم والكل من شيعة الشيطان ،ولكن المع ّ
بأنه قائم بالعداوة في قالب التنزيه)..(21اهل.
ولكن إليك أيها القارئ الكريلم ملا هلو أعجللب وأغللرب مملا سلبق،
ولغرابته ومخالفته لمذهب الباضية ومنهجهم في تشللتيت وحللدة المللة
وبعللد النتهللاء مللن مناقشللة مللا ورد فللي مقدمللة الكتللاب ،ننتقللل
لموضوعات الكتاب ومناقشة القضايا الثلث التي مللن أجلهللا ألللف هللذا
الكتاب.
ففللي )ص (21-19ذكللر المؤلللف الخليلللي الباضللي ،موضللوع
الكتاب ،وأنه في ثلث قضايا قال):كان للباضية فيها موقللف للم يتفلق
مع رغبات أولئك الحاقدين(وهذه القضايا هي:
-1إنكار رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة.
-2القول بخلق القرآن.
-3اعتقاد تخليد الفساق من المسلمين في النار.
قللال) :وبسللبب هللذا تعللرض طلب الباضللية فللي بلد السلللم
وغيرها لنواع المضايقات ،وعاملوهم تلك المعاملت النكراء ،مللع أن
الباضية لم ينفردوا بموقفهم دون سائر طوائف المللة ،فثللم الكللثير مللن
الذين رأوا في هذه القضايا رأيهم وأيدوا موقفهم كما سيتضللح ذلللك مللن
خلل هذه الدراسة(.
قلت :ويعني بالكثير الذين هم على رأيه وعقيدته في هللذه القضللايا:
الجهمية ،والمعتزلللة ،والزيديللة ،والماميللة الشلليعة الرافضللة،كمللا فللي
)ص (32من كتابه هذا.
ثببم قببال) :علللى أن الباضللية فللي كللل قضللية منهللا – أي القضللايا
جز النصوص القرآنية ،والسللنة الثابتللة عللن الرسللول حُالثلث -أخذوا ب ُ
عليه أفضل الصلة والسلم (،قال) :وستدرك أخي القارئ – من خلل
دراستك لما أقدمه إليك -أن الباضللية لللم يسللتمدوا عقيللدتهم مللن فلسللفة
اليونان وغيرها من أساطير الولين ،كما يحلو زعم ذلك للذين يهرفون
بما ل يعرفون ،وإنما استمدوها من أصفى ينابيع الحللق ،وأنللوار أشللعة
الحقيقة ،فقد احتكموا إلى الكتاب العزيز والسنة المطهرة على صاحبها
ل بقوله تعالى} :فإن تنازعتم في أفضل الصلة والسلم ،عم ً
شلليء فللردوه إلللى الللله والرسللول إن كنتللم
تؤمنون بالله واليوم الخر ذلللك خيللر وأحسللن
تأويل ً{( ]النساء.[59 :
وأقول :إن المؤلف الخليلي الباضي قد لخص في هاتين الصفحتين
عقيدته ،وذكر طائفته التي ينتسللب إليهللا ويتعصللب لرائهللا الباضللية،
ويتضح ذلك فيما يلي:
ل :القضايا الثلث التي خصها بهذا الكتاب ،وهي: أو ً
-إنكار رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة.
-القول بخلق القرآن.
-اعتقاد تخليد الفساق من المسلمين الموحدين في النار.
ثانيًا :ادعى أن الباضية لم تنفرد بهذا القول والعتقللاد دون سللائر
الطوائف ،وإنما هو قول وعقيدة الجهمية والمعتزلة والزيدية والمامية
الشيعة كما في )ص .(32
ثالثًا :يللدعي أن الباضللية أخللذوا فللي هللذه القضللايا الثلث بحجللز
النصوص القرآنية والسنة الثابتة عن الرسول صلى ال عليه وسلم.
رابعًا :أن الباضية لم تستمد عقيللدتها مللن فلسللفة اليونللان وغيرهللا
من أساطير الولين كما يزعم الذين يهرفون بما ل يعرفون؛ بللل أخللذوا
عقيدتهم من أصفى ينابيع الحق وأنللوار أشللعة الحقيقللة ،واحتكمللوا إلللى
ل بقلللوله تعلللالى} :فللإن تنللازعتم فللي الكتلللاب والسلللنة عم ً
شيء…{ الية.
وأقول للقارئ الكريم :إنك ستجد في المناقشة التالية لهللذه الفقللرات
السابقة أن المؤلف الخليلي الباضي لم يلتزم من كلمه هذا ول بحرف
واحد من كتاب ال عّز وجل ،أو حديث واحد من سنة رسول ال صلى
ال عليه وسلم ،بللل قللال فللي كللل ذلللك بقللول الجهميللة والمعتزلللة ،ورد
النصوص من صحيح البخاري ومسلم عن رسول الل صلللى الل عليلله
وسلم وقال :إن الخذ بظاهرها يرده العقل ويكذبه البرهان.
أليس هذا هو قول الجهمية وفلسفة اليونان؟!
وإليك مناقشة تلك الفقرات واحللدة بعللد أخللرى بالدلللة مللن الكتللاب
والسنة كما التزم المؤلف بذلك ،وكلّرره أكللثر مللن مللرة فللي كتللابه هللذا
تلبيس لًا وتدليس لًا ،وسللتكون المناقشللة علميللة إن شللاء ال ل وهللو مطلللب
المؤلف.
والرجوع إلى الحق بعللد مللا يتللبين فضلليلة ،ونأمللل مللن المؤلللف –
الباضي -بعد اطلعه على ذلك ،أن يعود إلى الحللق المؤيللد بقللول ال ل
عز وجل ،وبقول رسول ال صلى ال عليه وسلم فالحكم لهما فللي بللاب
العقيدة بل في مراتب الدين كلها وحقوقه ومكملته.
والمؤلف إذا عاد للحق فسينال مثل أجر من تبعه ،وإن بقي على ما
هو عليه فكذلك سيحمل مثل وزر من تبعلله ،كمللا صللحت بللذلك السللنة،
فعن أبي هريرة رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال:
»من دعا إلى هدى كان له من الجر مثببل أجببور مببن تبعببه ،ل ينقببص
ذلك من أجورهم شيئًا ،ومن دعا إلى ضللة كان عليببه مببن الثببم مثببل
آثام من تبعه ،ل ينقص ذلك من آثامهم شيئًا«).(23
وفي الصلفحات التاليلة مناقشللة موضللوعات الكتلاب واللتي سلماها
ثلث قضايا ،قال :كان للباضية فيها موقف لم يتفق مع رغبللات أولئك
الحاقدين -كما سماهم -وتلك القضايا هي:
)( مسلم /العلم ح).(2674 23
-1إنكار رؤية المؤمنين ربهم وهم في عرصات الجنة.
-2القول بخلق القرآن.
-3اعتقاد تخليد الفساق في النار.
هذه القضايا الثلث التي يقولها كما فللي ص 21-20والللتي اسللتمر
في مباحثها إلى ص .96ونبدأ بمناقشة القضية الولى كما سماها:
الجزء الول
الرد على إنكار الخليلي
)( مطبوع ،بتحقيق إبراهيم محمد العلي ،وأحمد فخري سنة 1411هل مكتبة المنار، 27
الردن الزرقاء
)( مطبللوع ،وهللو الجللزء السللابع مللن كتللاب الشللريعة ص 351المسللمى -بكتللاب 28
التصديق بالنظر إلى وجه ال عز وجل تحقيللق محمللد حامللد الفقلي -الناشلر أنصلار
السنة.
وابن شاهين ،وقبلهم عبد ال بن أحمللد بللن حنبللل ،وحنبللل بللن إسللحاق،
والخلل ،والطللللبراني ،وغيرهللللم ،وخرجهللللا أصللللحاب الصللللحاح،
والمسانيد ،والسنن وغيرهم(.اهل
أقببول :فهللذا كلم شلليخ السللللم ابللن تيميللة يقللرر فيلله أن رؤيللة
المؤمنين ربهم في عرصة القيامللة بعللد مللا يللدخلون الجنللة أمللر مجمللع
عليلله ،وأنلله لخلف بيللن السلللف فللي ذلللك لثبللوت ذلللك بالحللاديث
المتواترة عند أهل الحديث ،فهم أهل الشأن في ذلك.
ومثله قول ابن القيم ،وابن كللثير ،وقبلهللم المللام أحمللد رحمهللم الل
جميعًا.
ثم قال شليخ السللم بعلد ذلللك -وهلو ملا اقتطعله المؤللف الخليلللي
الباضي وسماه اضطرابًا عند مثبتي الرؤية-
قال) :فأما» مسبألة رؤيبة الكفبار« ،فبأول مبا انتشبر الكلم فيهبا،
وتنازع الناس فيها -فيما بلغنا -بعد ثلثمائة سنة من الهجرة ،وأمسك
عن الكلم في هذا قوم من العلماء ،وتكلللم فيهلا آخللرون ،فلاختلفوا فيهلا
على ثلثة أقوال،مع أني ما علمت أن أولئك المختلفين فيها تلعنوا ول
تهاجروا فيها ،إذ في الفرق الثلثة قوم فيهم فضل وهم أصحاب السللنة(
اهل )ص.(486 :
فأنت ترى أيها القارئ الكريم ،أن مثبتي رؤية ال في الدار الخرة،
متفقون على أن المؤمنين يللرون ربهللم فللي الللدار الخللرة فللي عرصللة
القيامة بعد دخولهم الجنة ،علللى ملا تلواترت بله الحلاديث علن النلبي-
ل واحللدًا ،ل يختلفللون فللي ذلللك .بللل يوجبللون صلى ال عليه وسلم -قو ً
عّرف كما ُيَعّرف على كل مسلم اعتقاد ذلك،ومن لم يبلغه العلم في ذلك ُ
من لم تبلغه شرائع السلم ،فإن أصر على الجحود بعد بلوغ العلم فهو
كافر.
وأما الخلف الحادث فهو في»رؤية الكفار ربهم« ،ولم يحدث ذلللك
إل بعد ثلثمائة سنة مللن الهجللرة ،وهللو الللذي فيلله ثلثللة أقللوال ،وهللي
أقوال في هذه المسألة وليست اضطرابًا.
والمؤلببف الخليلللي الباضللى _المنكللر لرؤيللة المللؤمنين ربهللم فللي
الخرة ،المجمع عليها بين سلللف المللة ،المطّلللع علللى كلم ابللن تيميللة
هذا -نقل هذه القوال في رؤية»الكفار ربهم«إلى رؤية المؤمنين ربهللم
وسماه اضطرابًا.
وهللذا الصللنيع يتنللافى مللع نزاهللة البحللث العلمللي ،وأمانللة العلمللاء
الصادقين في علمهم .فلماذا يختار هذه الجزئيللة ،ويللترك المللر المتفللق
عليه عند السلف؟.
وهذه القوال الثلثة التي نقلهللا عللن حللادي الرواح ،موجللودة فللي
الفتاوى المجلد السللادس )ص (487 :الللذي نقللل منلله مللن )ص-500 :
(501كما ذكر في كتابه هنللا )ص (32:مللا حكللاه ابللن تيميللة عللن أبللي
يعلى في مسألة رؤية الكفار ،وعده اضطرابًا في رؤية المؤمنين تلبيس لًا
وتدليسًا ،بل كذبًا صريحًا ،ل يقدم على فعله مؤمن ،فكيللف بمللن يللدعي
العللللم ،ولكنللله الهلللوى يعملللي البصلللائر} ،فإنهللا ل تعمللى
البصللار ولكللن تعمللى القلللوب الللتي فللي
الصدور{ ]الحج.[46:
ثانياً :و أما ما نقله المؤلف عن ابن كللثير فللي تفسللير قللوله تعللالى:
}كل إنهم عللن ربهللم يللومئذ لمحجوبللون{ فإليللك
نصلله :يقللول ابللن كللثير ) :373 /8أي لهللم يللوم القيامللة منللزل ونللزل
جين ،ثم هم يوم القيامة مع ذلك محجوبون عن رؤية ربهم وخالقهم. سّ
قال المام أبو عبد ال الشافعي :هذه اليللة دليللل علللى أن المللؤمنين
يرونه عّز وجل يومئذ.
قال :وهذا الذي قاله الشافعي -رحمه ال -فللي غايللة الحسللن ،وهللو
اسللتدلل بمفهللوم هللذه اليللة ،كمللا دل عليلله منطللوق قللوله} :وجوه
يومئذ ناضرة .إلى ربها ناظرة{]القياملللة آيلللة )[(23-22
وكما دلت على ذلك الحاديث الصحاح المتللواترة فللي رؤيللة المللؤمنين
ربهم -عللز وجللل -فللي الللدار الخللرة ،رؤيللة بالبصللار فللي عرصللات
القيامة ،وفي روضات الجنات الفاخرة.
وقد قال ابن جرير :حدثنا محمد بلن عملار الللرازي وسللاق بإسلناده
ذ
عللن الحسللن فللي قللوله} :كل إنهللم عللن ربهللم يللومئ ٍ
لمحجوبللون{ قللال :يكشللف الحجللاب ،فينظللر إليلله المؤمنللون
والكافرون ،ثم يحجب عنه الكافرون ،وينظر إليلله المؤمنللون ،كللل يللوم
غدوة وعشية أو كلمًا هذا معناه)( (29أهل قلت :ورواه ابن جرير بنفللس
السناد).(30
فأنت ترى ،أن ابن كثير ذكلر فلي تفسلير اليلة هلذا الكلم الجميلل
الحسن عن المام الشافعي رحمه ال ،وهو استدلله رحمه الل بمفهللوم
هذه الية على رؤية المؤمنين ربهم وخالقهم ،كما دل على ذلك منطوق
الية في قوله تعالى} :وجوه يومئذ ناضرة .إلللى ربهللا
ناظرة{ وهذا تفسير القرآن بالقرآن.
ن هذه الرؤية دلت عليهللا الحللاديث الصللحاح ثم أضاف ابن كثير أ ّ
المتواترة ،كما أشار إلى ما روي عن الحسن أن الحجاب ُيكشللف فيللراه
المؤمنللون والكللافرون ،ثللم ُيحجللب الكللافرون ،فل يرونلله بعللد ذلللك،
وتستمر الرؤية للمؤمنين.
فنقول للمؤلف الخليلي الباضي :فأي اضطراب في هذا؟ وإنما هو
)( جاء في صحيح البخاري في الطب 10/221/-باب السللحر ح :5763لبيللد بللن 32
العصم وح 5765وفيه :ومن طّبه؟ قال :لبيد بن أعصللم رجللل مللن بنللي زريللق
حليف ليهود كان منافقلًا .قلال ابلن حجلر فلي فتلح البلاري :10/226وفلي روايلة
مسلم :سحر النبي – صلى ال عليه وسلم – يهللودي مللن يهللود بنللي زريللق ،قللال:
ويجمع بينهما بأن من أطلق أنه يهودي نظر إلللى مللافي نفللس المللر ،ومللن أطلللق
عليه منافقًا نظر إلى ظاهر أمره ..إلخ.
وكل فصوله تدور على الفلسفة والمنطق ،وليس لهللا صلللة بكتللاب
ال الذي أنزله الل علللى رسللوله ليخللرج بلله النللاس مللن الظلمللات إلللى
النللور ،ومنهللا ظلمللات أصللحاب الفلسللفة والمنطللق الللذين ضلللوا فللي
عقائدهم قبل ظهور السلم ،ولهذا قال طللاوس فللي وصللف هللؤلء» :
أصحاب المراء والمقاييس ليزال بهم المراء والمقاييس حتى يجحدوا
الرؤية ويخالفوا السنة«).(33
كما أنه ل صلة لها بسنة رسول ال صلى ال ل عليلله وسلللم المبينللة
والشارحة لكتاب ال عز وجل ،ومع ذلللك فللإن المؤلللف الخليلللي يفخللر
بالنتساب إلى هؤلء ،وفي الوقت نفسه يدعي أن الباضللية لللم يأخللذوا
عقائدهم من الفلسفة والمنطق ،ول من أصحاب المدرسة العقليللة الللذين
جعلوا العقل أسمى وأقدس وأصح وأثبت مما جاء بلله النللبيون كمللا قللال
ذلك في )ص.(8:
ومما نضيفه إلى معلومات الخليلي هو أن أهللل السللنة والجماعللة،
حكموا على الجهم بن صفوان -لفكاره الضللالة ،وإنكللاره أن يكللون لل
ل اسمًا أو صفة -بالكفر).(34
عّز وج ّ
ثانيًا -إن مانسبه المؤلف الخليلي للسلف من أن مذهبهم هو مللذهبه
ومذهب الجهمية ،وقد ذكر أسماء عدد من الصحابة كعلي وابللن عبللاس
وابن عمر رضي ال عنهم ،وعدد من التابعين كما تقدم وهو فللي )ص:
(32مللن كتلابه هللذا ،كلذب عليهللم ،وسنوضللح ذلللك بالروايلات الثابتلة
عنهم.
إن المؤلللف الخليلللي الباضللي قللد تعمللد فللي كلملله هللذا التمللويه
والمغالطات والقول على نبي ال موسى عليه السلم بل علم.
وغرضلله مللن ذلللك الّتلللبيس والتشللويش علللى قللراء كتللابه الللذين
ليللدركون تلللك المغالطللات المتعمللدة ،إمللا لعللدم معلومللاتهم فللي مجللال
العقيدة ،وفهم أساليب هؤلء التي يضللون بها من ليعرف مناهجهم.
ض النظر عن الدلللة الدالللة أو من الباضية المقلدين لرؤسائهم بغ ّ
على بطلن مايدعيه المؤلف من كتاب ال عز وجل ،وسللنة نللبيه عليلله
الصلة والسلم الصحيحة الموضحة لبطلن قوله ومخالفته للنصوص
الصريحة.
وإليك الجواب المفصل على تلك المغالطات:
فنقول :إن موسى عليه السلم سأل رّبلله عللز وجللل الرؤيللة طمعلًا
في الحصول عليها ،لن سؤاله ربه لينظر إليه جاء في حال الصطفاء
والتكريم من ال عز وجل للكليم موسى عليه السلم ،الذي اصطفاه ال ل
برسالته وبكلمه له من غير واسطة ،وليس لذلك السللؤال مللن موسللى
عليه السلم صلًة بتعنت بني إسرائيل في سؤالهم موسى أن يريهللم اللل
جهللرة ،لن أسللئلتهم تلللك جللاءت فللي آيللات أخللر سللبقت فللي مناسللبات
وملبسات سيأتي تبيانها قريبًا.
وإليك سياق اليات الدالة على أن سؤال موسى في مقام التكريم له
من ربه.
قلللال تعلللالى} :وواعللدنا موسللى ثلثيللن ليلللة
م ميقات ربه أربعيللن ليلللة وأتممناها بعشر فت ّ
وقللال موسللى لخيلله هللارون اخلفنللي فللي
قومي وأصلح ولتتبع سبيل المفسدين ،ولمللا
ب أرني جاء موسى لميقاتنا وكّلمه رّبه قال ر ّ
أنظر إليك قللال لللن ترانللي ولكللن انظللر إلللى
مللا الجبل فإن استقّر مكانه فسوف ترانللي فل ّ
تجّلى رّبه للجبل جعله دك ّا ً وخّر موسى صللعقا ً
فلما أفاق قال سللبحانك تبللت إليللك وأنللا أول
المؤمنين{].العراف.[143 -142 :
فأهل العقول السليمة الباقية على فطرتها ،والللتي لللم تلوثهللا حثالللة
الفكار الدخيلة المنحرفة التي أدخلها أعداء هذا الدين وتبنتهللا الجهميللة
والمعتزلللة ،واحتضللنتها الباضللية ممثلللة فللي زعمائهللا ،تللرى وتعقللل
صراحة الية الكريمة في أن موسى عليه السلللم جللاء علللى وعللد مللن
ل مباشللرة دون واسللطة الَمَلللك ،وهللذه رّبه عز وجل ،فكّلمه ال عّز وج ّ
من الخصائص التي خص ال بها نبيه موسى عليه السلم ،كما كتب له
التوراة بيده ،كما ثبت في حللديث الصللحيحين فللي محاجللة آدم وموسللى
عليهما السلم.
فلما سللمع موسللى عليلله السلللم كلم ربلله وهللو فللي مقللام التكريللم
ي تكريم أعظللم مللن أن يكلملله رّبلله مشللافهةوالتشريف والصطفاء ،وأ ّ
دون واسطة ،وعند ذلك طمع موسى عليه السلللم فللي المزيللد مللن هللذا
ب أرني أنظر إليك{ ،ولكن ال ل الفضل ،فسأل ربه بقوله} :ر ّ
عز وجل لعلملله بحللال خلقلله وضللعفهم كمللا قللال تعللالى} :أل يعلم
من خلق وهو اللطيف الخبير{ ]المللللك،[14 :للل ولحكمتلله
البالغة ،وأن مناط اليمللان فللي الللدنيا اليمللان بلالغيب ،قضللى فللي هللذه
الدنيا أن ليراه أحد من البشر ،ل لن الرؤية له عز وجل مستحيلة كما
يدعي الخليلي الباضي وسلفه الجهمية ،وإنما لضعف ُبْنية موسى عليه
السلم؛ بدليل أنه تعالى في الوقت نفسلله تجلّللى لبعللض مخلوقللاته وهللو
الجبل الجماد العظم بنيًة من موسى ،فصار الجبللل دكلًا ،فلللم يقلَو ولللم
يثبت لذلك التجلي ،وموسى عليه السلم رأى تلللك الثللار الللتي أحللدثها
خّر مغشيًا عليه.
تجّلي ال عز وجل للجبلَ ،ف َ
فبين بذلك الحكمة البالغة التي يعلمها من حال خلقه وأنهم في حللال
ضلعفهم فلي هلذه اللدنيا ليقللوون عللى الرؤيللة ،قضلاء ملن الل العليلم
الحكيم ،وأن موسى عليه السلم ليقللوى علللى تحمللل هللذه الرؤيللة فللي
الحياة الدنيا ،ولذا قال له} :لن تراني{ يعني في هذه الدنيا.
وأمللا فللي الخللرة فللي دار النعيللم فللي الجنللة ،فقللد دّلللت اليللات
الصريحة والحاديث الصحيحة عن النبي صلى الل عليله وسللم اللتي
بلغت حّد التواتر أن المؤمنين يرون ربهم يللوم القيامللة وهللم فللي الجنللة
دار النعيللم ،وفللي مقللدمتهم الرسللل الكللرام ،وسلليأتي ذكللر شلليء مللن
النصوص في هذا الباب في موضعه.
ولمللانع مللن أن أواصللل مللع المؤلللف الحللديث فللي معنللى آيللة
العللراف الكريمللة ،فببأقول :حقلًا إن سللؤال موسللى عليلله السلللم ربلله
الرؤيللة ل صلللة للله بتعّنللت بنللي إسللرائيل؛ لن المقللام مقللام اصللطفاء
وتكريلم ،ل مقلام تعّنلت وعنلاد ملن بنلي إسللرائيل لموسللى ،كملا يلّبلس
المؤلف؛ بدليل أنه لما أفاق عليه السلللم مللن غشلليته حينمللا تجّلللى رّبلله
للجبللل فجعللله دك لًا ،وخللر موسللى صللعقًا قللال }:سبحانك تبت
إليك وأنا أول المؤمنين{ فقللال الل للله بعللد ذلللك مباشللرة:
} ياموسلللى إنلللي اصلللطفيتك عللللى النلللاس
برسالتي وبكلمي فخللذ مللا آتيتللك وكللن مللن
الشللاكرين .وكتبنللا للله فللي اللللواح مللن كللل
شلليء موعظللة وتفصلليل ً لكللل شلليء فخللذها
بقوة وأمر قومك يأخذوا بأحسنها سُأريكم دار
الفاسقين{ ]العراف.[145 -144 :
وهذا ما رواه ابن جرير في تفسللير اليللة قللال):كللان سللبب مسللألة
موسى ربه النظر إليه ،ماحدثني به موسى بن هارون ،ثم سللاق إسللناده
ب أن ينظللر إلى السدي قال :إن موسى عليه السلللم لمللا كّلملله رّبلله أحل ّ
ب أرني أنظر إليك قللال للن ترانلي إليه} :قال ر ّ
…{ الية(.
ثم ساق بإسناده عن الربيع في قوله} :وقربناه نجيا ً{ .قللال:
)حدثني من لقي أصحاب النبي صلى ال عليه وسلللم ،أنلله قّربلله ال لّر ُ
ب
ب أرني حتى سمع صريف القلم فقال عند ذلك من الشوق إليه} :ر ّ
أنظر إليك قللال لللن ترانللي ولكللن انظللر إلللى
الجبل{.
وروى بإسناده عن أبي بكر الهذلي قال) :لما تخّلللف موسللى عليلله
السلم بعد الثلثين حتى سمع كلم اللل ،اشللتاق إلللى النظللر إليلله فقللال:
ب أرني أنظر إليك قال لن تراني{ )وليس لبشللر }ر ّ
ي في الدنيا. (..
أن يطيق أن ينظر إل ّ
وروى عن ابللن حميللد بإسللناده عللن أبللي إسللحاق ،قللال):اسللتخلف
موسى هارون على بني إسرائيل وقال :إني متعجل إلى ربي ،فللاخلفني
في قومي ولتتبع سللبيل المفسللدين… فلمللا كّلللم الل موسللى ،طمللع فللي
رؤيته ،فسللأل ربلله أن ينظللر إليلله فقللال ال ل لموسللى} :لن تراني
ولكللن انظللر إلللى الجبللل فللإن اسللتقر مكللانه
فسوف تراني{ )] .(39العراف.[143 :
فهذا ما أورده ابن جرير في بيان سبب سؤال موسى رّبه أن يراه،
وقد اطّلع عليه المؤلف الخليلي الباضي ،وإذا كان المللر كللذلك فيحللق
لي أن أقول له:
أين في هذا المقام سؤال بني إسرائيل لموسى أن يريهم ال جهرة،
كما أوردت تلك اليات ،التي وردت في مقامات أخلرى ،بّيلن الل فيهلا
تلك المواقف التي وقف فيها بنللو إسللرائيل مللع نللبيهم عليلله السلللم مللن
التعنت وسوء الدب مع نبي ال موسى عليه السلم ،ومع أخيه هارون
حتى عبدوا العجل ،وعليه فإنك أيها الخليلي :لتريد بإيراد تلللك اليللات
إل التلبيس والتدليس ،وإل فأنت تعلم من أقوال المفسرين أن ماورد في
تلك اليات هو النهي عن أسئلة التعّنت التي كان يوجه مثلها اليهود إلى
موسى عليه السلم ،نعم تعلم ذلك ولكن الهوى وحب التضللليل يصللدان
صاحبهما عن سواء السبيل.
يقلللول ابلللن كلللثير فلللي تفسلللير قلللوله تعلللالى} :وإذ قلتللم
ياموسى لن نؤمن لك حللتى نللرى الللله جهللرة
فأخذتكم الصاعقة وأنتم تنظرون{ ]البقرة.[55 :
)قال ابن جريج ،قال ابن عباس فللي هللذه اليللة …} :جهرة{
قال :علنية .وكذا قال إبراهيم بن طهمان عن عباد بن إسحاق ،عن أبي
الحويرث عن ابن عباس ،أنه قال في قول ال تعللالى} :لن نللؤمن
لك حتى نرى الله جهرة{ أي علنية ،أي حتى نرى ال.
وقال أبو جعفر عن الربيع بن أنس :هللم السللبعون الللذين اختللارهم
موسى فساروا معه.
()39تفسير ابن جرير .50-9/49
قال :فسمعوا كلمًا ،فقالوا} :لن نؤمن لك حتى نللرى
الله جهرة{ ،قال :فسمعوا صوتًا فصعقوا ،يقول :ماتوا.
وقللال السللدي} »:فأخللذتكم الصللاعقة{ فمللاتوا ،فقللام
ب ،ماذا أقول لبني إسرائيل إذا أتيتهم موسى يبكي ويدعو ال ويقول :ر ّ
وقللد أهلكللت خيللارهم} ،لو شللئت أهلكتهللم مللن قبللل
وإياي أتهلكنا بما فعل السللفهاء منللا{ ] العلللراف:
[155فأوحى ال إلى موسى أن هؤلء السبعين ممن اتخذوا العجل ،ثم
إن ال أحياهم فقاموا وعاشوا ،رجل رجل ،ينظر بعضللهم إلللى بعللض،
كيف يحيون؟ قال :فذلك قوله تعللالى} :ثم بعثناكم مللن بعللد
موتكم لعلكم تشكرون{« ] البقرة آية.[65 :
ويقللول البغللوي فللي تفسللير قللوله تعللالى} :يسللألك أهللل
الكتاب أن تنّزل عليهم كتابا ً من السللماء فقللد
سألوا موسى أكبر من ذلللك فقللالوا أرنللا الللله
جهرةً فأخلذتهم الصلاعقة بظلمهللم…{ ] النسللاء:
.[153
يقول) :وذلك أن كعب بللن الشللرف وفنحللاص بللن عللازوراء مللن
اليهود قال لرسول ال صلى ال عليه وسلم:-إن كنللت نبيلًا فأتنللا بكتللاب
جملة مللن السللماء كمللا أتللى موسللى عليلله السلللم؟! ،فللأنزل الل عليلله:
}يسألك أهل الكتاب …{ الية.
وكان هذا السؤال منهم سؤال تحّكم واقتراح ،لسؤال انقيللاد ،وال ل
تعالى لينزل اليات على اقتراح العباد.
ثم قال ال} :فقد سألوا موسى أكبر مللن ذلللك{
أي :أعظم من ذلك ،يعني :السبعين الذين خرج بهم موسى عليه السلللم
إلى الجبل} ،فقالوا أرنا الله جهرة{ أي ،عيانللًا .قللال أبللو
عبيدة :معناه قالوا جهرة أرنا ال( ).(40
وهذا ظاهر وواضح لمن أنار ال بصليرته ،أنله سللؤال تعنلت ملن
السللبعين الللذين اختللارهم موسللى عليلله السلللم كمللا فللي قللوله تعللالى:
}واختار موسللى قللومه سللبعين رجل ً لميقاتنللا
فلمللا أخللذتهم الرجفللة قللال رب لللو شللئت
أهلكتهللم مللن قبللل وإيللاي أتهلكنللا بمللا فعللل
السفهاء مّنا إن هي إل فتنتللك تضللل بهللا مللن
تشاء{]العراف.[155 :
فعاقبهم ال عللز وجللل علللى ذلللك كمللا فللي قللوله} :فأخذتهم
الصاعقة بظلمهم ] {..النساء .[153 :وهي الرجفللة الللتي جللاء
ذكرها في آية سورة العراف.
فسؤال اليهود لموسى رؤيللة الل فللي الللدنيا هللو مللن بللاب التحللدي
للرسل ،وعدم اليمان بما أخبرهم موسى بلله ،إل بشللرط أن يريهللم الل
جهرة} :لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة{ ] البقلللرة:
[55والمطلوب منهم اليمان بالغيب ،وتصديق الرسللل ،لنهللم إذا رأوا
ال تعالى في الدنيا لم يكن إيمانهم به إيمانًا بللالغيب ،ولتصللديقًا للرسللل
فيما جاؤوا به.
وبهذا يتضح للقارئ الكريم ،أنلله لصلللة بيللن سللؤال موسللى عليلله
السلم رّبه الرؤية وبين تعنت بني إسللرائيل فللي طلبهللم مللن موسللى أن
يريهم ال جهرة كي يؤمنوا به ،والحق أن موسى عليه السلم إنما سأل
ربه الرؤية طمعًا في الحصول عليهلا وشللوقًا إللى النظلر إللى الل علز
وجل ،لما سمع كلمه ،كما سبق نقل ذلللك فللي الصللفحات السللابقة عللن
ابن جرير ،حيث نص على سبب سؤال موسى ربه ،وقللد سللأل موسللى
()40تفسير البغوي .1/495
ربه أمللرًا ممكنلًا وجلائزًا وأنلله غيللر مسلتحيل -كملا يلدعي المؤلللف أن
موسى يعلم استحالتها ،وقد سأله مع علمه بذلك.
قلت :وهذه الدعوى من جملة افتراءاته على مللن أنللزل ال ل عليلله
التوراة ،وأيد باليات المعجزات فهذا افتراء عليه ،عليه السلم.
قال أبو العالية »:لما رأى موسى ذلك وأفاق ،عرف أنه سأل أمللرًا
لينبغلللي لللله فقلللال} :سللبحانك تبللت إليللك وأنللا أول
عَنى أّني أول من آمن بك أنه لن يراك أحللد قبللل يللومالمؤمنين{َ ،
القيامة).«(41
كما أن سؤال رؤية ال عز وجل فللي الخللرة والنظللر إلللى وجهلله
الكريم كما قال الصحابة لرسول ال -صلللى الل عليلله وسلللم »:-أنببرى
ربنا يوم القيامة؟ قال :نعم …« إلخ.
ليس من جنس سؤال اليهود رؤية ال في الدنيا.
فإن سؤال الصحابة مشروع ،وسؤال اليهود ممنوع.
وقد سأل النبي – صلى ال عليه وسلم – في دعائه رّبه النظر إلللى
وجهه الكريم؛ كما روى المام أحمد وابن حبان والحاكم ،إنه كان يقول
في دعائه» :اللهم بعلمك الغيب وقدرتك علببى الخلببق؛ أحينبي مباعلمت
الحياة خيرًا لي ،وتوفني إذا علمت الوفاة خيببرًا لببي ،وأسببألك خشببيتك
في الغيب والشهادة ،وكلمة الحق فببي الغضببب والرضببا ،والقصببد فببي
الفقر والغنى ،ولذة النظر إلى وجهك ،والشببوق إلببى لقببائك ،مببن غيببر
ضراء مضّرة ،ولفتنة مضلة ،اللهم زّينا بزينة اليمان ،واجعلنا هببداة
مهتدين«).(42
)( وقللد أظهللر ال ل الحللق ودمللغ الباطللل؛ فللإن هللذا هللو قللول ضللرار بللن عمللرو 46
المعتلزلي ،وتبعه حفص الفرد المعتزلي الذي كّفره المام الشافعي .انظللر الفللرق
بين الفرق ص .214وانظر ترجمة ضرار بن عمرو في ميزان العتدال 1/328
رقللم الترجمللة ) (3953وترجمللة حفللص الفللرد ،ميللزان العتللدال 1/564رقللم
الترجملة ) ،(2143فكيلف يسلّوغ الخليللي لنفسله مثلل هلذا الفلتراء عللى مثبلتي
الرؤية .أليس الرجوع إلى الحق واتباعه هو الواجب على كل مسلم؟
ليعللرف القللارئ منهللج الخليلللي فللي رده لنصللوص كتللاب اللل
بالتأويلت الباطلة والتحريفات الواضحة ورده نصللوص السللنة الثابتللة
الصحيحة عن رسللول الل صلللى الل عليلله وسلللم المفسللرة لهللذه اليللة
الكريمة ونظائرها.
يقول المؤلف الخليلي الباضي بعد أن أورد الية في )ص:(49 :
)فقد فسروا الحسنى بالجنللة ،والزيللادة بالرؤيللة ،مسللتدلين بحللديث
صهيب عند الشيخين مرفوعًا» ،إذا دخل أهل الجنببة الجنببة نببادى منبباد
إن لكم عند ال موعدًا يريد أن ينجزكموه ،قالوا :ألم يبببّيض وجوهنببا،
وينجنا من النار ،ويدخلنا الجنة ،قببال :فيكشببف الحجبباب .قببال :فببوال
ماأعطاهم ال شيئًا أحب إليهم من النظر إليه«).((47اهل.
هذا ماسجّله الخليلي في كتابه هللذا ،حيللث نقللل تفسللير رسللول الل
صلى ال عليه وسلم للزيادة وأنها النظر إلى ال عز وجل ،وأنلله أحللب
شيء أعطاهم ال ،بعد أن أدخلهم الجنة ،اللتي فيهلا ملالعين رأت ،ول
أذن سمعت ،ولخطر على قلب بشر.
ل ،برأي المؤلف الخليلي الباضي في كلم رسللول اللل وسنبدأ أو ً
صلى ال عليه وسلم وبعد ذلك نتبعه بذكر الحاديث الواردة في تفسللير
الية إضافة لرواية الشيخين التي ذكرها ،ثم نتبع ذلك بذكر أسللماء مللن
ُروي عنهم هذا التفسير من الصحابة.
وهذا ليلس للمقارنللة بيلن قللول رسللول الل صلللى الل عليله وسلللم
وأقوال الصحابة رضوان ال عليهم ،وقول الخليلي؛ لنلله ليسللتحق أن
يذكر قوله ول اسمه مع هؤلء ،وإنما هو من باب إطلع القللارئ علللى
)( مسلم /كتاب اليمان /باب )إثبات رؤية المؤمنين في الخللرة لربهللم(ح).(180 47
)( البخاري مع الفتح ،كتاب الشروط ،باب الشروط في الجهاد والمصالحة مع أهللل 56
الحرب 333 /329 /5،ح .3732 ،2731وكتاب التفسير ،تفسير سورة الفتح ،فتح
الباري 587 /8ح .4844
المراد به العمال الصالحة ليكّفر عنه ما مضللى مللن التوقللف فللي
المتثال ابتداء ،وقد ورد التصريح بمراده بقوله »أعماًل« :ففي روايللة
ابن إسحاق وكان عمر يقول»:ما زلت أتصدق وأصوم وأصلي وأعتببق
من الذي صنعت يومئذ ،مخافة كلمي الذي تكلمت به«.
وعند الواقدي مللن حللديث ابللن عبللاس ،قللال عمللر» :لقببد أعتقببت
بسبب ذلك رقابًا ،وصمت دهرًا«).((57
وفي صحيح البخاري) (58قللال سللهل بللن حنيللف» :يببا أيهببا النبباس
اتهموا رأيكم على الدين؛ لقد رأيتني يببوم أبببي جنببدل ولببو أسببتطيع أن
أرد أمر رسول ال -صلى ال عليه وسلم -لرددته«.
وأخرج أبو داود في الطهارة عن علي بللن أبللي طللالب قللوله »:لببو
كان الدين بالرأي لكان مسح أسفل الخف أولى من أعله«.
إن ما حدث من عمر بن الخطاب رضي ال عنله فلي علدم امتثلال
أمر رسول ال -صلللى الل عليله وسلللم -ابتلداًء فللي هللذا الموقللف ،هلو
بسبب ما رآه من تلك الشروط التي يمليها المشركون في ذلللك الصلللح،
وهي شروط في ظاهرها إجحاف بالحق ،لن المشركين علللى الباطللل.
ولهذا يقول عمر»:وما ألوت عببن الحببق« ،فهللو اجتهللاد للوصللول إلللى
الحق ،ولكن الجتهاد مع النص ل محل له.
فالحق كل الحق في قول رسول اللل -صلللى الل عليلله وسلللم -وإن
ظهر للناس خلفه ،ولهذا قال رسول ال -صلى ال عليه وسلم -لعمللر:
»إني رسول ال ولست أعصيه وهو ناصري« ،وقد كان المر كللذلك،
أي أن ذلك الصلح الذي بتلك الشروط كان فتحًا عظيمًا ،ونصرًا ظاهرًا
)( فتح الباري .346 /5وفي فتح الباري 289 /13جاء قول عمر ،كما في رواية 57
سهل.
)( البخاري مع الفتح كتاب العتصام 83 /13 ،ح ،73 0 8وقد جاء في الشرح، 58
)( مسلم ،اليمان /باب معنى قوله ال عز وجل :ولقد رآه نزلة أخرى ،ح) . (177 60
)( التأويل في اصطلح ابن جرير معناه التفسير ،ولهذا يقول في بداية كل آيه :القللول فللي 62
تأويل قوله...
)( تفسير ابن جرير .304 - 7/299 63
فقللد وضللح لللي أن تمويهللات وتلبيسللات الخليلللي هللذا هللو منهللج
أسلفه ،وأنهم كما قال ابن جرير )ل يستندون في أقوالهم تللك إلللى آيلة
من التنزيل محكمة ،ول رواية عن رسول ال -صلى ال ل عليلله وسلللم-
صحيحة ول سقيمة ،وإنما بضاعتهم المزجاة عقولهم التي قدموها على
نصوص الوحي ،فهم في الظلمات يتخبطون متبعين لهوائهم }ومن
أضل ممللن اتبللع هللواه بغيللر هللدى مللن الللله{
]القصص.[50 :
كشف تمويهات الخليلي
والرد ّ عليها
ومللن تمويهللات الخليلللي أنلله ينقللل جملللة مللن سللطر ،ويللترك مللا
يوضحها ويبين ردها في السطر الذي يليلله ،كمللا أنلله ل يللذكر المرجللع
من كتب أهل السنة إل إذا ظن أنه يلّبس بذكره على القارئ ،وإليللك مللا
يوضح ذلك:
أوًل -جاء في كتابه هذا ص 47حينما تحدث في تفسير النظللر فللي
قلللوله تعلللالى} :وجللوه يللومئذ ناضللرة .إلللى ربهللا
ناظرة{ ونقل تفسير المعتزلة لها بالنتظار ،قال) :وهو مروي عن
السلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم( فلذكر ملن أسلماء الصللحابة
علي ،وابن عباس وابن عمللر ،وعللددًا مللن التللابعين ولللم يللذكر مرجعلًا
لقوالهم.
قال) :ورواه عن عكرمة عبد بن حميد ،كما رواه عن مجاهد وأبللي
صللالح بإسللناد صللححه ابللن حجللر ،قللال :وأخرجلله المللام ابللن جريللر
الطبري عن مجاهد بخمسة أسانيد(
وفللي كلملله إنكللار صللريح للرؤيللة! فهللو هنللا يصللف ابللن جريللر
بالمام ،ولكنه ل ينقل ما رجحه ابللن جريللر واختللاره ،كمللا سللبق .ولللم
يذكر تفسير ابن جرير مرجعًا لما نسبه إليه وإنمللا ذكللر فتللح البللاري ج
13/425مع أن ابن حجر ذكر كلم ابن جريلر فلي السلطر الللذي يللي
السطر الذي أخذ منه الخليلي ما يريد.
وابللن حجللر رحملله الل كللان يشللرح فللي كتللاب التوحيللد مللا أورده
البخاري فللي بللاب قللول اللل تعللالى} :وجوه يومئذ ناضرة.
إلللى ربهللا نللاظرة{ )ص (419:وبللدأ بالشللرح بعللد إيللراد
الحاديث الصريحة في ذكر الرؤية يوم القيامة من )ص (424 :فقللال:
)قوله :باب قللول اللل تعللالى} :وجوه يومئذ ناضرة .إلللى
ربها نللاظرة{ ،كللأنه يشللير إلللى مللا أخرجلله عبللد بللن حميللد،
والترمذي ،والطبري ،وغيرهم ،وصححه الحاكم من طريللق ثللوير بللن
أبي فاختة عن ابن عمر عن النبي -صلى ال عليه وسلم -قال:
ن ينظببر فببي ملكببه ألفببي سببنة ،وإن»إن أدنى أهل الجنة منزلة َلَمب ْ
ن ينظر في وجه ربه عّزوجل كببل يببوم مرتيببن .قببال: أفضلهم منزلة َلَم ْ
ثبببم تل} :وجوه يومئذ ناضرة{ قبببال :بالبيببباض والصبببفاء،
}إلى ربها ناظرة{ قببال تنظببر كببل يببوم فببي وجببه البب« .لفللظ
الطبري من طريق مصعب بن المقدام عن إسرائيل عن ثوير().(64
هذا كلم ابن حجر ثللم اسللتمر فللي نقللل ذلللك فقللال فللي )ص-424 :
) :(425وأخرج الطبري من طريق أبي الصهباء موقوف لًا نحللو حللديث
ابن عمر ،وأخرج بسند صحيح إلى يزيد النحوي عن عكرمللة فللي هللذه
الية قال»:تنظر إلى ربها نظرًا«.
وأخرج عن البخاري عن آدم عن مبارك عن الحسن قللال »:تنظللر
إلى الخالق وحق لها أن تنظر«(.
ثم أورد ابن حجر القوال الخرى التي أوردها ابللن جريللر ،وأتبللع
ذلك بترجيح ابن جرير واختياره فقال:
)وقد أخرج عبد بن حميد عن عكرمة من وجه آخر إنكللار الرؤيللة،
قال :ويمكن الجمع بالحمل عللى غيلر أهلل الجنلة .قلال :وأخلرج بسلند
صحيح عن مجاهد :ناظرة تنظر الثواب وعن أبي صالح نحوه ،قال:
() 75تفسير ابن كثير ،199-198 /4وقد أخرجه مسلم /كتاب اليمان /باب )إثبات
رؤية المؤمنين في الخرة لربهم(ح).(180والمام أحمد في المسند . 4/333
()76البخاري /التوحيد،ح) (7434ويأتي ص .144
أبي موسللى ،وصللهيب ،وجللابر ،وابللن عمللر ،إلللى أن قللال :ولللول
خشللية الطالللة لوردنللا الحللاديث بطرقهللا وألفاظهللا مللن الصللحاح
والحسان والمسانيد والسنن ،ولكن ذكرنا ذلللك مفرقلًا فللي مواضللع مللن
هذا التفسير وبال التوفيق.
قال :وهذا بحمد ال مجمع عليه بين الصحابة والتابعين وسلف هللذه
المة كما هو متفق عليه بين أئمة السلم ،وهداة النام ) (.(77أهل
وبعد أن نقل هذه الدلة الصريحة على إثبللات رؤيللة المللؤمنين يللوم
القيامة ربهم وإجماع الصحابة والتابعين وسلف هللذه المللة علللى ذلللك،
واتفاق أئمة المسلمين على ذلك ،رد على من ُنقل عنه التأويللل بانتظللار
الثواب.
قلت :ومعلللوم أن الئمللة الربعللة المتبللوعين فللي العللالم السلللمي
يقولون ذلك ويؤمنون به ،وسيأتي ذكر ذلك .
أما رّده فقال فيه) :ومن تأول ذلك بأن المراد بل» إلى« مفرد اللء
وهي النعم؟ كما روي علللن مجاهلللد }إلى ربها ناظرة{ فقلللال:
تنتظر الثواب من ربها رواه ابن جرير من غير وجه عن مجاهد ،وكذا
قال أبو صالح أيضًا.
فقد أبعد هذا القائل النجعة ،وأبطل فيمللا ذهللب إليلله ،وأيللن هللو مللن
قلللللوله تعلللللالى} :كل إنهلللم علللن ربهلللم يلللومئذ
لمحجوبون{ قال الشافعي رحمه اللل :مللا حجللب الفجللار إل وقللد
علم أن البرار يرونه عز وجل.
قال :ثم قد تواترت الخبار عن رسول ال -صلى الل عليلله وسلللم-
بمللا دل عليلله سللياق اليللة الكريمللة ،وهللي قللوله} :إلللى ربهللا
ناظرة{(.
()77تفسير ابن كثير .8/305
ثم نقل ما اختاره المام ابن جرير ،الذي نقل الروايات عن مجاهد،
والتي لّبس بنقلها المؤلف الخليلللي ،ولللم يللذكر المرجللع حللتى ل يرجللع
القارئ إليه ويعرف اختيار ابن جرير كما سبقت الشارة لذلك.
فقال ابن كثير ):قال ابن جرير حدثنا محمد بن إسماعيل البخللاري،
حدثنا آدم حدثنا المبارك عن الحسن} :وجوه يومئذ ناضللرة{
قال :حسنة }إلى ربها ناظرة{ قال :تنظللر إلللى الخللالق ،وحللق
ضَر وهي تنظُر إلى الخالق).((78اهل لها أن تن ُ
ويقول ابن القيم في حادي الرواح) (79بعد أن أورد ست آيللات مللن
كتاب ال على إثبات رؤية المؤمنين ربهم في جنات النعيم قال:
الدليل السللابع :قللوله عللز وجللل} :وجوه يومئذ ناضرة.
إلى ربها ناظرة{
ت هللذه اليللة مللن تحريفهللا عللن مواضللعها ج لْر َ
قللال :وإذا أنللت أ َ
والكذب على المتكلم بها سللبحانه فيمللا أراد منهللا ،وجللدتها مناديللة نللداء
ت إلصريحًا ،أن ال سبحانه ُيرى عياًنا بالبصار يوم القيامة ،وإن َأَبْيل َ
ل ،فتأويل نصوص المعللاد والجنللة تحريفها الذي يسميه المحرفون تأوي ً
والنار والميزان والحساب أسهل على أربابه مللن تأويلهللا ،وتأويللل كللل
نص تضمنه القرآن والسنة كذلك ،ول يشاء مبطللل علللى وجلله الرض
أن يتللأول النصللوص ويحرفهللا عللن مواضللعها إل وجللد إلللى ذلللك مللن
السبيل ما وجده متأول هذه النصوص ،وهذا الذي أفسللد الللدين والللدنيا،
ثم قال :وإضافة النظر إلى الوجه الذي هو محله في هذه اليللة وتعللديته
بأداة إلى الصريحة في نظر العين ،وإخلء الكلم من قرينللة تلدل علللى
أن المراد بلالنظر المضلاف إللى اللوجه الللُمعّدى بلإلى خلف حقيقتله،
)( مسلم أخرجه في اليمان باب معرفة طريق الرؤية ح).(182 80
قلت :وهذا الحديث هو الذي استدل به الخليلي على نفي الرؤية ،ثم
ترك الحديث التالي بعده ،وهو حديث عللدي ،فهللل الخليلللي يللرى نفسلله
أفقه من المام البخاري ،الذي قيل إن فقه صحيحه في أبوابه.
-5حديث عدي بن حاتم
-7قال :حدثنا يوسف بن موسى وساق بإسناده عن عللدي بللن حللاتم
قال :قال رسللول اللل -صلللى الل عليلله وسلللم» -مببا منكببم مببن أحببد إل
)(81
سببيكلمه ربببه ليببس بينببه وبينببه ترجمببان ول حجبباب يحجبببه«
)حديث(7443 :
وقد أورد المام البخاري رحمه ال تحت هذا البللاب إحللدى عشللرة
رواية ،اخترنا منها هذه الروايات السبع وهي صريحة في أن المؤمنين
يرون ربهم يوم القيامة عيانًا ،ومن أصدق من رسول الل بعللد الل عللز
وجل حديثًا؟ ،وقد أخرجها المام مسلم في صحيحه كما ترى تخريجهللا
في الحاشية.
وقال ابللن حجللر رحملله الل فللي نهايللة شللرح هللذه الحللاديث الللتي
أوردها البخاري ،قال في )ص) (434:تكملة :جمللع الللدارقطني طللرق
الحللاديث الللواردة فللي رؤيللة اللل تعللالى فللي الخللرة فللزادت علللى
العشرين ،وتتبعها ابن القيم في حادي الرواح فبلغت الثلثين وأكثرهللا
جياد ،وأسند الدارقطني عن يحيلى بلن معيلن قلال :عنلدي سلبعة عشللر
حديثًا في الرؤية صحاح() (82أهل
)( البخلاري ،فتلح البلاري 424 -41 /13هلذه روايلات البخلاري.ومسللم فلي 81
اليمان /باب إثبات رؤية المؤمنين ربهم في الخللرة ح).(180روايلة أبلي موسلى
الشعري.مسلم في اليمان أخرج حديث أبي سعيد في باب معرفة طريللق الرؤيللة
ح).(182
)( فتح الباري .434 /13وقد طبع كتاب الرؤية للدارقطني سنة 1411هل مكتبللة 82
)( قلببت :وجهالللة الصللحابي ل تضللر ،كمللا هللو معلللوم فللي مصللطلح الحللديث ،إذ 83
الصللحابة كلهللم عللدول ،إل عنللد الرافضللة ،ومثلهللم المعتزلللة ،والخللوارج ،ومنهللم
جُرون عليهم قواعد الجرح والتعديل ،وال عز وجل قد علّدل أصلحاب الباضية ،فُي ْ
نبيه؛ فل حاجة لهم إلى تعديل أحد من خلقه.
مختلفين لنقل اختلفهم إلينا ،كما أنهم لمللا اختلفللوا فللي الحلل والحللرام
والشرائع والحكام نقل اختلفهم في ذلك إلينا.
وكمللا أنهللم لمللا اختلفللوا فللي رؤيللة ال ل بالبصللار فللي الللدنيا ،نقللل
اختلفهم في ذلك إلينا ،فلما نقلت رؤيلة الل سللبحانه وتعللالى بالبصلار
في الخرة عنهم ،ولم ينقل عنهم في ذلك اختلف ،كما نقللل عنهللم فيهللا
اختلف في الدنيا ،علمنا أنهم كانوا على القول برؤية ال بالبصار فللي
الخرة متفقين ومجتمعين (.اهل
ثم قال) :فصل -وأما التابعون وعصابة اليمان مللن أئمللة الحللديث،
والفقه ،والتفسير ،فأقوالهم أكثر من أن يحيط بها إل ال عز وجل.
قال سعيد بن المسيب :الزيادة :النظر إلللى وجلله اللل .ورواه مالللك
عن يحيى عنه.
وقال الحسن :الزيادة :النظر إلى وجه ال(.
وبعد أن ذكر عددًا كبيرًا من التابعين يثبتون رؤيللة المللؤمنين ربهللم
يللوم القيامللة ،قللال فللي )ص) (414:فصللل :فللي المنقللول عللن الئمللة
الربعة ،ونظرائهم ،وشيوخهم ،وأتباعهم على طريقتهم ومنهللاجهم ،ثللم
قال:
-1ذكر قول إمام دار الهجرة مالك بن أنس :قللال أحمللد بللن صللالح
المصري ،حدثنا عبد ال بللن وهللب قللال :قببال مالببك بببن أنببس :النبباس
ينظرون إلى ال عز وجل يوم القيامة بأعينهم.
وقال الحارث بن مسكين :حدثنا أشهب قال :سللئل مالللك عللن قللوله
عز وجل} :وجوه يومئذ ناضرة .إلى وبها نللاظرة{
أتنظر إلى ال عز وجل؟ قال :نعم ،فقلت إن أقوامًا يقولللون :تنتظللر مللا
عنللده ،قللال :بللل ننظللر إليلله نظللرًا وقللد قللال موسللى} :رب أرني
انظر إليك قال لن تراني{ وقللال اللل عللز وجللل} :كل
إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون{.
ثلم ذكلر قلول ابلن الماجشللون ،والوزاعلي ،والليلث ،وسلفيان بلن
عينية ،وعبد ال ابن المبلارك ،ووكيلع بلن الجلراح ،وقتيبلة بلن سلعيد،
وأبي عبيد القاسم بن سلم ،وأسود بن سالم شيخ المام أحمد.
-2قال المام محمد بن إدريس الشافعي ،سبق نقل قوله فللي تفسللير
قلللللوله تعلللللالى} :كل إنهلللم علللن ربهلللم يلللومئذ
لمحجوبون{ قال :لما حجب أعببداءه فببي السببخط ،كببان فببي هببذا
دليل على أن أولياءه يرونه في الرضا.
قال الربيع :فقلت :يا أبا عبد ال وتقول به؟ قال نعم ،وبه أدين ال.
-3قول إمام السنة أحمد بن حنبللل :قللال إسللحاق بللن منصللور قلللت
لحمد :أليس ربنا تبارك وتعببالى يبراه أهبل الجنبة؟ أليبس تقبول بهبذه
الحبباديث؟ قببال أحمببد :صببحيح ،قللال ابللن منصللور وقللال إسللحاق بللن
راهويه :صحيح ول يدعه إل مبتدع أو ضعيف الرأي.
ثم قال ) :قول جميع أهل اليمان ،قال إمام الئمة محمد بن إسللحاق
بن خزيمة في كتابه :إن المؤمنين لم يختلفوا أن جميع المؤمنين يرون
خالقهم يوم المعاد ،ومن أنكر ذلك فليس بمؤمن عند المؤمنين.
قول جميع أهل اللغة :قال أبو عبلد الل بلن بطلة :سلمعت أبلا عمللر
محمد بن عبد الواحد صاحب اللغة يقول :سمعت أبللا العبللاس أحمللد بلن
يحيى ثعلبًا يقول في قوله تعالى} :وكان بالمؤمنين رحيم لا ً
* تحيتهم يوم يلقونه سلم{ ]الحزاب[44:
أجمع أهل اللغة ،على أن اللقاء ها هنا ل يكببون إل معاينببة ونظببرًا
بالبصار ،وحسبك بهذا السناد صحة.
قال :واللقاء ثابت بنص القرآن كما تقدم.
وبالتواتر عللن النللبي صلللى الل عليلله وسلللم ،وكللل أحللاديث اللقللاء
صحيحة ثم ساق أحاديث أخرجها البخاري ومسلم ) ((84اهل
قال شارح الطحاوية ابن أبي العز الحنفي ) :وقد قال بثبوت الرؤية
الصحابة والتابعون وأئمة السلم المعروفون بالمامة في الدين وسائر
الطوائف المنسوبون إلى السنة والجماعة ،وبقللول الطحللاوي :والرؤيببة
حببق لهببل الجنببة ،بغيببر إحاطببة ول كيفيببة كمببا نطببق بببه كتبباب ربنببا:
}وجوه يومئذ ناضرة إلللى ربهللا نللاظرة{ وتفسلليره
على ما أراده ال وعلمه وكل ما جاء في ذلك من الحديث الصحيح عن
رسول ال -صلى ال عليه وسلم -فهو كما قال ،ومعناه على ما أراد ،ل
ندخل في ذلك متأولين بآرائنا ول متوهمين بأهوائنللا ،فللإنه مللا سلللم فللي
دينه إل من سلم ل عللز وجللل ورسللوله ورد علللم مللا اشللتبه عليلله إلللى
عالمه() .(85أهل.
قلت :فرسول ال -صلى ال عليه وسلم -الذي أخرج الل بلله النللاس
من الكفر والشرك والجهل ،إلى نور السلم ،يبشر أمته بأنهم سلليرون
ربهم يوم القيامة بأبصارهم عيانًا ،ويقول لهم» :إنكم سترون ربكم كمببا
ترون القمر ليلة البدر ،وكما ترون الشمس صحوًا ل تضارون« ،وفي
رواية »ل تضامون في رؤيتببه« ،وفللي روايللة أبللي هريللرة ،إن النللاس
قالوا :يا رسول ال هل نرى ربنا يوم القيامة؟ ،وفي حديث أبللي سللعيد،
قلنا يا رسللول الل هلل نلرى ربنلا يلوم القيامللة؟ثلم يلأتيهم الجللواب ملن
الصللادق المصللدوق لمللن سللألوه مباشللرة» :هببل تضببارون فببي رؤيببة
الشمس والقمر إذا كانت صحوًا ؟ قلنا ل ،قال :فببإنكم ل تضببارون فببي
رؤية ربكم يومئذ إل كما تضارون في رؤية أحدهما«.
)( مطبوع ،سنة 1411هل مكتبة المنار تحقيق :إبراهيم محمد العلي ،وأحمد فخري. 87
)( مطبوع ،تحقيلق محمللد حاملد الفقلي ،وهلو الجلزء السلابع ملن كتلاب الشلريعة. 88
)( الرد على الجهمية ،تحقيق بدر البدر ،الدار السلفية ،تحت عنوان»باب الرؤيللة«. 90
)(97
الرد ّ على دعواه خلق القرآن
طلللع عليلله سللماحة شلليخنا /عبللد العزيللز بللن بللاز
)( سبق طبللع الجللزء الول ،وا ّ 97
-رحمه ال ، -وكان يسأل عن إكمال الللرد علللى دعللوى )خلللق القللرآن( و)تخليلللد
العصاة في النار( ولم يتيسر ذلك في حياته ،وبحمد ال فقد أعان ال على إتمامه،
وها هما يصدران مع الجزء الول في هذا الكتاب.
وهي القضية الثانية
سبق في الجزء الول الرد على إنكار الخليلي رؤية المؤمنين ربهللم
يوم القيامة ،وسيجد القارئ الكريم في هذا الجزء الرد على دعللواه »خلببق
القرآن« وفي الجزء الذي يليه الرد على دعواه» تخليد الفساق في النار«
بالدلللة القاطعللة مللن كتللاب ال ل وسللنة رسللوله ،rوأقللوال سلللف المللة
وأتباعهم.
كما سيجد الرد على القائلين بخلق القرآن من علماء بارزين من علمللاء
الباضية ،ممن أثنى عليهم وشهد لهلم بلالعلم والتحقيلق الخليللي نفسله ،مثلل
الشيخ أبي بكلر أحملد بلن النضلر العملاني ،صلاحب اللدعائم ،فلي قصليدته
وعنوانها:
» الرد على من يقول بخلق القرآن «
ومطلببعبببببببها:
ل ويثبت خلقه بلسان جه ً يا من يقول بفطرة القرآن
ببدائع التكليف والبهتان ل تنحل القرآن منك تكلفًا
أو في الرواية فأِتَنا ببيان هببل فببي الكتبباب دللببة مببن
القصيدة ،وهي تقع في خمسة وسبعين بيتًا ،وقد رأيللت مللنإلى آخر خلقه
المناسللب تصللوير القصلليدة بكاملهللا مللن الكتللاب المللذكور ،طبللع وزارة
اللتراث القلومي والثقافلة بسللطنة عملان ،وسليجدها القلارئ فلي ملحلق
الكتاب ،ملحق رقم . 1
(( ))
وهناك شاهد ثالث ل شهد له الخليلي نفسه بلالعلم والتحقيلق لل هلو الشليخ
أبو الحسن علي بن محمد البسيوي ،صاحب كتاب »الجامع« فقد رد على من
يقول بخلق القرآن في كتابه هذا ردًا مقنعًا بالدلة من القرآن ،وبالدلة العقليللة،
كما سيجد القارئ ذكر ذلك في مكلانه المناسلب ملن هلذا الكتلاب ،ملع صلور
لبعض الوراق التي فيها التصريح بالرد القوي علللى القللائلين بخلللق القللرآن،
ومن المقدمة التي ذكر فيها المحقلق ثنللاء الخليللي عللى الكتلاب وملؤلفه ،فلي
الملحق رقم . 3
(( ))
وكل هذه الكتللب مللن نشللر وزارة الللتراث القللومي والثقافللة بسلللطنة
عمان ،والتي ل يستطيع الخليلي الطعن فيها ،وهي تللرد علللى مللن يللدعي
من الباضية المتأخرين أن قصيدة أبي النضر أدخلت في كتابه » الدعائم
«؛ لن هللذه الللدعوى ل قيمللة لهللا مللع شللرح القصلليدة مللن العللالم الفقيلله
شلرالباضي محمد بن وصاف ،ومما يؤكد ذلك قول العالم البسيوي ،ثلم َن ْ
هذه الكتب من الوزارة المسؤولة عللن الللتراث القللومي والثقافللة ،وقلد أقلر
الخليلي نفسه في كتابه هذا )ص (108بنسبة هذه الكتللب الللتي فيهللا الللرد
علللى القللائلين » بخلللق القللرآن« فقللد مثللل بللل :الجللزء الول مللن »بيللان
الشلرع« ،والجللزء الول ملن »الكشللف والبيللان« ،و»ديللوان المللام ابلن
النضر«.
أما الرد فقد سلكت في ذلك ،إيراد الشبهة التي يسللتند إليهللا الخليلللي،
ووجهة استدلله ،ثم الرد عليها بالدلة ملن الكتلاب والسلنة وأقلوال سللف
المة ،وكشف مغالطاته التي يسلللكها ،وبيللان أسلللوبه فللي تلللك المغالطللة،
كنسبته القوال إلى غير أهلها ،مع بيان اطلعلله عليهللا وفهملله لهللا ،إذ ل
ل وهللو بريللء منلله ،فللال يقللول: يجللوز لمسلللم أن ينسللب إلللى مسلللم قللو ً
}ومن يكسب خطيئة أو إثم لا ً ثللم يللرم بلله بللريئا ً
فقد احتمل بهتانا ً وإثما ً مبينا ً{) ] (98النساء .[ 112
وفيما يلي البدء بالرد على ما جاء في المقدمة:
) (1في أثناء كتابة هذا الرد على كتاب الخليلي ،المسمى ))الحق الللدامغ(( وصلللتني 98
رسالة في سلسلة رسائل في تصحيح الفكر العقدي ) (1بعنوان :العقيدة السببلمية فببي
ضوء العقل والنقل)) ،مختصر الحق الدامغ ومواضيع أخرى(( تأليلف :ناصر بن مطر
بن سعيد المسقري ،الطبعة الولى ،1418تقع في 73صفحة .وقد قرأتها فلم أجد فيهلا
جديدًا غير ترديلد ملا أورده الخليللي فلي كتلابه الملذكور ،فكلان هلذا الكتلاب ردًا عللى
الكتاب المسمى :الحق الدامغ ،وعلى مختصره .والحملللد ل رب الللعاللللمين.
المبحث الول
ماورد في المقدمة من صب )99ب (104
قال الخليلي) :المقدمة في التعريف:
1ل بالخلق.
2ل وبالقرآن.
3للل والتفرقللة بيللن القللرآن وسللائر الكتللب المنزلللة وبيللن الكلم
النفسي(.
وإليك أيها القارئ الكريم الباحث عن الحق ،ما أورده الخليلي
تحت هذه العناوين الثلثة ،ثم مناقشته فيما أورده ،وبيان ما تعمد فيه
المغالطة لمن ليدرك ذلك.
ل :تعريف الخلق :علّرف الخللق لغلة واصلطلحًا ،ثلم بيلن أنله مملا أو ً
اختص ال به.
وأقول :إن هذا مما ل خلف فيه بين أهل السللنة والجماعللة سلللف
هذه المة وأتباعهم.
وأما أهل البدع فقد أشركوا في هذا النوع من التوحيببد الببذي هببو
توحيد الربوبية ،وهو توحيد الب بأفعبباله ،كببالخلق والببرزق والحيبباء
والماته ...الخ.
حيث قال المعتزلة في أحد أصولهم الخمسببة المسببمى »العببدل«:
إن العبد يخلق أفعاله).(99
والخليلي يقول بقولهم في جميع ما يببذهبون إليببه فببي عقببائدهم،
ومن ذلك القببول بخلببق العببباد أفعببالهم ،وبوجببوب تنفيببذ الوعيببد وهببو
خلود العصاة في النار ،كمببا أورده فببي كتببابه هببذا ،وإذا كببان الخليلببي
)( الصول الخمسة للقاضي عبللد الجبللار المعللتزلي )ص ،(301الطبعللة الولللى ) 99
عليه وعلى مؤلفه حين كان مخطوطًا ،فلعله لم يطلللع علللى كلم المؤلللف عللن كلم
ال .انظر الملحق رقم ).(3
هذه الية الكريمة والحديث النبوي الذي سبق ذكره في تفسير الية ،ننتقل
إلى المسألة الثانية وهي:
تعريف القرآن
ثانيًا :ب تعريف القرآن
يقول ل الخليلي ل في تعريف القرآن )ص :(99
)هو الكلم المنزل بحروفه وكلماته على النبببي محمببد صببلى الب
عليببه وسببلم ،المعجببز بببتراكيبه ومعببانيه ،المنقببول عنببه بببالتواتر
القطعي(.
ثم ذكر ما يخرج بهذا التعريف.
مناقشة التعريف:
إن ما يخفيه الخليللي فلي طّيلات تعريفله للقلرآن سيصلّرح بله فلي
ل في تعريللف خَل َ
الصفحات التالية ،ولكن نناقش التعريف ليعرف القارئ ال َ
الخليلللي ليحلَذَره ويحللذر التعريفللات للقللرآن فللي الكتللب الللتي تعنللى بهللذا
الموضوع ،ويقع بعض أصحابها في تلبيسات مللن يقللول )بخلللق القللرآن(
وهو ل يشعر ،وذلك فيما يأتي:
1ل لم يقل في التعريف :إن ال تكلم بالقرآن.
2ل ولم يقل كلم ال ،وإنما قال :هو الكلم المنزل بحروفه ...إلخ.
ولماذا؟.
الجواب :لنه ينفي عن ال عز وجل صفة الكلم.
فعند الخليلي وفللي اعتقللاده ،كمللا هللو اعتقللاد الجهميللة والمعتزلللة
وكل من يقول :إن القرآن عبارة ،أو حكاية ،عللن كلم الل ،Uيقولللون:
أن ال :Uل يتكلم ل بالقرآن ،ول بغيره ،وإنمللا يخلببق الكلم ،القببرآن
ل عنه ،كسائر المخلوقات ،ثم ينزله. وغيره منفص ً
وهذا معنى قول الخليلي في التعريف للقرآن :هو الكلم المنللزل …
إلخ.
وإذا رجعت إلى نصوص الكتاب والسنة ،تجد أنها تكّذب الجهمية
والمعتزلة ومن يقول بقولهم ممن ينفي عن ال عز وجللل صللفة الكلم،
ويدعي بأن القرآن مخلوق كغيره من المخلوقات.
وفيمللا يلللي بعللض النصللوص الللتي تللدحض هللذه الللدعوى وتللبين
بطلنها وتلبيس من يعتقدها ويدعو إليها.
يقول ال عز وجل في معرض ذكره للوحي إلى محمد صلللى ال ل
عليه وسلللم ،كمللا أوحللى إلللى النبيللاء قبللله} :إنا أوحينا إليك
كما أوحينا إلى نوح والنللبيين مللن بعللده {...إلللى
قلللوله} :ورس لل ً قللد قصصللناهم عليللك مللن قبللل
ورسل ً لم نقصصهم عليللك وكلللم الللله موسللى
تكليما ً{]النساء 163ل .[ 164
فهذه الية الكريمة نص صريح ،في أن ال عز وجل كّلم موسببى عليببه
السلم.
ومن أصدق من ال حديثًا ،فقد أخبر عن نفسه أنه كّلم موسى عليه
ي وجه.السلم تكليمًا ،فتكليمًا تأكيد لقوله ،كّلم ،ليحتمل التأويل بأ ّ
ولكللن ننظللر كيللف يسلللك أصللحاب هللذه الفكللار المنحرفللة تلللك
المسالك المختلفة لتحريف كلم ال حين يجدونه صريحًا في الرد علللى
مذاهبهم الباطلة.
فقد قال أحد المعتزلة ،لبي عمرو بن العلء شيخ العربية وأحد القللراء
لل موسلى( بنصلب لفلظ الجلللة اللبه ليكلون السبعة :أريد أن تقرأ )وكّلم ا َ
))
ب أني قرأت هذه الية كللذا، موسى هو المتكلم ل ال ،فقال له أبو عمرو :ه ْ
فكيف تصنع بقوله تعالى:
به{ ] العلللراف [143
ر ّ مهسى لميقاتنا وك َل ّ َ مو َ جاءَ ُ
ما َول َ ّ
} َ
فبهت المعتزلي«).(103
وهكذا كانت أفكار الذين يريدون الطعلن فلي كتلاب الل العزيلز ،فقلد
ظن هذا المعتزلي ،إن قرأ له أبو عمرو بن العلء هلذه القلراءة أن يجلد لله
ل ينفي به صفة الكلم عن ال ،Uل بحجة أن هذه قببراءة لحللد القللراء مدخ ً
السبعة المشهورين.
ولكللن خللاب ظنلله حينمللا أورد للله اليللة الخللرى الللتي ل تحتمللل
التأويل في أن المتكلم هو ال ،Uوهي قوله )وكّلمه َرّبُه(.
ن كلمة )موسى( اسللم وأما الية الولى وهي )وكّلم ال موسى( فإ ّ
مقصور والحركة ل تظهر على آخره وإنما تكون مقّدرة.
فأراد أن ُيلّبس بهذه القراءة عللى الخريلن بحيلث يكلون اسلم الجلللة
منصوبًا ،ولفظ )موسى( مرفوعًا بضمة مقدرة على آخللره ،أي أّنلله هللو
ل ،أي المتكّلم ،ولفظ الجللة هو المفعول ،أي :المكّلم ،فأراد بللذلك الفاع ُ
تحريف القرآن من أجل مذهبه الباطل ،هكذا يفعل أصحاب الهواء.
ولكن نقرأ أقوال السلف في الرد على تحريفهم فقد جاء في تفسير
ابن كثير لهذه الية ما يأتي:
كليما ً{ قال :وهذا تشريف سى ت َ ْ مو َ ه ُ
م الل ُ قوله} :وكل ّ َ
لموسى عليه السلم بهذه الصفة ،ولهللذا يقللال للله الكليللم؛ ثللم سللاق عللن
الحافظ أبي بكر بن مردويه بإسناده إلى عبدالجبار بن عبدال قال :جللاء
ل موسللى ل يقرأ )وكلم ا َ رجل إلى أبي بكر بن عياش فقال :سمعت رج ً
تكليمًا( يعني :بنصب لفظ الجللة )ال( فقال أبو بكللر :ملا قلرأ هلذا إل
))
كافر ،قرأت على العمش ،وقرأ العمش على يحيى بن وثللاب ،وقللرأ
() 104الّلخن :نتن الريح ،يقال رجل :ألخن ومرأة لخناء .تاج العروس.
() 105تفسير ابن كثير ).(427 /2
والجماعة سلف هذه المة للقرآن الكريم ليقارن القارئ بين التعريفيللن،
وبذلك يتضح له الفرق بينهما ،وهو ما سنورده في الصفحات التالية.
تعريف أهل السنة والجماعة للقرآن الكريم
() 107والحقيقة أن أول من قال )بخلق القرآن( الجعد بن درهم ،يقول الحافظ ابن كللثير
في ترجمته ) :هو أول من قال بخلق القرآن ،وهو الذي ينسب إليه مللروان الجعللدي
وهو مروان الحمار ،آخر خلفاء بني أمية .كان شلليخه الجعللد بللن درهللم أصللله مللن
خراسان ،ويقال أنه من موالي بني مروان ،قال ابن عساكر وغيره :وقد أخذ الجعللد
بدعته عن بيان بن سمعان وأخذها بيان عن طالوت ابن أخت لبيد ابن أعصم زوج
ابنته ،وأخذها لبيد بن أعصم الساحر الذي سحر رسول ال rعللن يهللودي بللاليمن،
وأخذها عن الجعد الجهم بن صفوان الخزري وقيل الترمللذي وأخللذ بشللر المريسللي
عن الجهم .وأخذ أحمد بن أبي دؤاد عن بشر .
وأما الجعد فإنه أقام بدمشق حتى أظهر القول بخلق القللرآن ،فطلبلله بنللو أميللة فهللرب
منهم فسكن الكوفة فلقيه فيها الجهم بن صفوان فتقلد هذا القللول عنلله .ثللم إن خالببد
بن عبدال القسري قتل الجعد يللوم عيللد الضللحى بالكوفللة ،وذلللك أن خالللدًا خطللب
الناس فقال في خطبتله تللك :أيهلا النلاس ضلحوا تقبلل الل ضلحاياكم ،فلإني مضل ٍ
ح
ل ،ولببم يكلببم موسببى تكليم بًا،
بالجعد بن درهم ،إنه زعم أن ال لم يتخذ إبراهيم خلي ً
تعالى ال عما يقول الجعد علوًا كبيرًا .ثم نزل فذبحه في أصل المنبر .قال :وقد ذكر
هذا غير واحد من الحفاظ منهم البخاري ،وابن أبللي حللاتم ،والللبيهقي ،وعبللدال بللن
أحمد ،وذكره ابن عساكر في التأريخ .(..البداية والنهاية )9لل ،(10/404ط /الثانيللة
سنة )1417هللل( دار المعرفللة ،وفيللات العيللان سللنة )124هللل( ،وترجمتلله :تأريللخ
السلم ) ،(4/238لسان الميزان ) ،(2/105اللبللاب ) ،(1/230ميللزان العتللدال )
،(1/399النجوم الزاهرة ).(1/322
ثالثببًا :قببوله) :والتفرقببة بيببن القببرآن .وسببائر الكتببب
المنزلة ،وبين الكلم النفسي(.
يقللول :الخليلللي فللي آخللر )ص ) :(99وأمللا الفللرق بيللن الكلم
النفسي ،وبيللن القللرآن وسللائر الكتللب المنزلللة ،فهللو :أن الكلم النفسللي
صفة ذاتيه ل تعالى يثبت بها كماله ،وُينفى بهلا عنله النقلص ،ذللك لن
إثبات الكلم نفي لضده وهو الخرس ،كما أن إثبات العلم نفللي للجهللل(.
هكذا يقرر.
ثم يقول) :وذهبت المعتزلة إلى عدم الضرورة إلى إثبللات صللفة
أزلية لل تسللمى كلملًا ،اكتفللاء فللي نفللي الخللرس عنلله سللبحانه بصللفة
القدرة ...إلخ ص 100ثم قال :ولعل بعض أصحابنا يرون هذا(.
قلت :والمعتزلة ل يثبتون ل عللز وجللل صللفة القللدرة بمعنللى أنلله
قادر له قدرة بل ينفون معللاني الصللفات جميعلًا ويثبتللون لل عللز وجللل
السماء مجردة عن المعللاني فيقولللون :قللادر بل قللدرة ،عليللم بل علللم،
سميع بل سمع أي قادر بذاته ،عليم بذاته ،ل بقدرة وعلم ).(108
ثم يواصل الخليلي فيقول) :وأصحابنا الذين أثبتللوا الكلم النفسللي
اتفقوا مع الشعرية في كونه يختلف عن سائر الكلم فهو ليللس حروفللًا
ل ول كلمات تقوم بذاته( هكذا يقول. ول أصواتًا ول جم ً
أوًل :يقللرر الخليلللي أن الكلم مللن صللفات الكمللال ،وأن مللن يتكلللم
أكمل ممن ل يتكلم ،وأن من ُتسلب عنلله صللفة الكلم أخللرس ،والخللرس
صفة نقص ول المثل العلى ،فللوجب إثبللات صللفة الكلم لل عللز وجللل
ليتصف بصفات الكمال.
هذا ما يقرره الخليلي في كلمه السابق.
ثانيًا :أن هذا القرار من الخليلي مللن أن الل ُمتصللف بصللفة الكلم
لنهللا صللفة كمللال ،الللتزام منلله بللذلك .وهللذا مللا يللدعو إليلله أهللل السللنة
والجماعة ويعتقدونه ،وهو ما نص ال عليه في كتابه ،وقد عاب ال ل بنللي
إسرائيل حين اتخذوا إلهًا من دونه حيث بّين أن من صللفات نقصببه أنلله ل
ل.
يكلمهم ول يهديهم سبي ً
قال تعالى} :واتخذ قوم موسى مللن بعللده مللن
حليهم عجل ً جسللدا ً للله خللوار ألللم يللروا أنلله ل
يكلمهللم ول يهللديهم سللبيل ً اتخللذوه وكللانوا
ظالمين{ ] العراف [148فقد عاب ال هذا الله الللذي اتخللذوه مللن
دونه وبّين أن من صفات نقصه أنلله ل يتكلببم .كمللا قللال تعللالى فللي آيللة
أخرى} :أفل يرون أل يرجع إليهم قولً {...الية ] طلله
[ 89فعلم أن نفي القول ،ونفي التكلم نقص يستدل به على عدم ألوهيللة
العجل.
يقول ابن كثير) :ينكر تعالى عليهم في ضللهم بالعجللل وذهللولهم
عن خالق السموات والرض ورب كللل شلليء ومليكلله أن عبللدوا معلله
طلى ل جسدًا له خللوار ل يكلمهببم ول يرشللدهم إلللى خيلر ،ولكلن غ ّ عج ً
على أعين بصائرهم عمى الجهل والضلل كما تقللدم فللي روايللة أحمللد
وأبي داود عن أبي الللدرداء قللال :قللال رسللول ال ل » :rحبببك الشببيء
يعمي ويصم«( ).(109
وقول الخليلي أن الكلم النفسي من الصللفات الذاتيللة هللو تعريللف
الشاعرة لكلم ال ،وأهل السنة يقولللون :إن الكلم قللديم النللوع حللادث
الحاد ،وهو من الصفات الختيارية ،وأن الل يتكلللم مللتى شللاء وكيللف
شاء بكلم يسمعه من يشاء ،كما كّلم موسى عليه السلم.
وإذا كان كذلك ،وأن الكلم من صبفات الكمبال ،وأن الل علز وجلل
متصف بهذه الصفة على ما يليق بجلله وكماله إذ ليس كمثله شيء وهللو
السميع البصير.
فلم يبق بيننا وبين الخليلي -في إثبات هذه الصببفة لل إل تحلللرير
الكلم فيها وهو ما يسمى )بالكلم النفسي( الللذي ل ُيسللمع ،كمللا عرفلله
ت.
ل ول كلما ٍالخليلي بأنه ليس حروفًا ،ول أصواتًا ،ول جم ً
فهل هذا ُيسمى كلمًا؟
أقول :إن أهل السنة والجماعة يثبتلون صلفة الكلم لل علز وجللل
بالنصوص القرآنية كما وصف ال نفسله بلذلك ،ملن غيلر تحريلف ول
تكييف .ويبينون أن الكلم ينسب لقائله.
وحقيقة كلم ال الخارجية :هي ما ُيسمع منه أو من الُمِبّل لِغ عنلله،
فإذا سمعه السامع علمه وحفظه.
فكلم ال مسموع له معلوم محفوظ ،فإذا قاله السامع فهو مقروء
له متلٌو .فإذا كتبه فهو مكتوب له مرسوم ،وهو حقيقة في هذه الوجللوه
كلها ل يصح نفيه.
() 112البخاري ) (13/496في التوحيد معلقًا بللاب قللول ال ل تعللالى} :كل يوم هتو
في شأن{ بصيغة الجزم عن ابن مسعود ،وأبو داود موصللو ً
ل ) ،(994وأحمللد
) (463 ،435 ،415 ،409 ،377 ،1/376وسنده حسن.
() 113البخاري )ح ،(2529 ،2528ومسلم )ح .(127
() 114شرح الطحاوية )ص .(201
ألسنتهم«).(115
يقول ابن أبي العببز فببي شببرح الطحاويببة بعببد إيببراده لمببا سبببق،
) فبببين أن الكلم إنمببا هببو باللسببان ،فلفببظ »القببول« والكلم ومببا
(( ))
لهم بإحسان ،وإنما حصل النزاع بين المتأخرين من علماء أهببل البببدع،
ثم انتشر.
ول ريب أن مسمى الكلم والقول ونحوهما ليلس هلو مملا يحتلاج
فيه إلى قول شاعر ،فإن هذا مما تكلم به الولللون والخللرون مللن أهللل
اللغة وعرفوا معناه كما عرفوا مسمى الرأس واليد والرجل ونحو ذلك.
ثم قال :ول شك أن من قال :إن كلم ال معنللى واحللد قللائم بنفسلله
تعالى ،وإن المتلو المحفوظ المكتوب المسموع من القللارئ حكايللة كلم
ال وهو مخلوق فقد قال بخلق القرآن في المعنى وهو ل يشعر فإن اللل
تعالى يقول} :قل لئن اجتمعت النس والجن علللى
أن يللأتوا بمثللل هللذا القللرآن ل يللأتون بمثللله{
] السراء .[ 88
أفتراه سبحانه وتعالى يشير إلى ما فببي نفسببه أو إلببى هذا المتلببو
المسموع؟ ول شك أن الشارة إنما هي إلللى هللذا المتلببو المسببموع ،إذ
ما في ذات ال غير مشار إليه ،و ل منزٌل ول متلٌو ول مسموع.
وقد سمع عيسى عليه السلم كلم ربه هذا وتبرأ مما اّدعللاه عليلله
النصارى وصببدقه ال ب فببي ذلببك بكلم مسللموع بلفببظ القببول} :قال
الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم.{...
فهل كلم الب هللذا لعيسببى عليله السلللم فلي ذلللك الموقللف كلمبًا
نفسيًا.
والكلم النفسي هو القائم بالببذات غيببر المسببموع لنلله عبباٍر عببن
الحرف والصوت والجمل والكلمات كما سبق تعريف الخليلي له.
ن ملا فللي النفلس ل ُيعلدومن المعلوم المتفق عليه بين المسلللمين أ ّ
كلمًا ول تترتب عليه أحكام ول يحاسب النسان إل على مللا نطللق بلله
لسانه ،وذلك هو الكلم الللذي يحاسللب عليلله المسلللم ويؤاخللذ بلله وذلللك
بنص كلم رسول ال حيببث يقبول» :إن الب رفببع عببن أمببتي الخطببأ
والنسيان وما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم به« وسيأتي مزيد بيان عند
الحديث عن تحريفه لقوله تعالى} :وإن أحد من المشركين
استجارك فأجره حللتى يسللمع كلم الل له {...فللي
)ص (113من كتابه هذا.
وفي )ص 101ل (102يؤكد القللول بخلللق القللرآن ويمثللله بخلللق
النسان ،وأنه ل فرق بينهما فلي تللك الصللفة فيقلول) :وقلد اختلص الل
بعضه ل ويعني به الكلم ل وهببو القببرآن بمببا نفببخ فيببه مببن روح غيبببه
فحارت فيه اللباب...كمللا هللو شللأن الل تعللالى فللي خلقلله النسللان مللن
تراب(.
هكذا يقرر الخليلللي ،ولكنلله ينقللض قللوله فللي الكلم النفسللي كمللا
يأتي في الصفحة التالية:
الخليلي ينقض غزله في الكلم النفسي
الكلم النفسي القائم بذات ال غير المسموع ؛ لنه مجرد عللن الحللروف
والصوات والجمل والكلمات -كما عرفه الخليلي -ثم يستشهد لصللحابه
على ذلك بكلم الخطل النصراني.
ولكنه فلي )ص (103ملن كتلابه هلذا ينقلض ذلللك كللله ويثبلت أن
المسمى بالكلم النفسي لم يقم عليلله شللاهد ل مللن الكتللاب ول مللن السللنة
فيقول )ص ) :(103ونحن عندما نتحدث عن خلق القرآن فإنمللا نتحللدث
عن هذا القرآن المتلو باللسن ،المكتوب في المصللاحف ،ولسللنا نتحللدث
عن الكلم النفسي إذ لم يقم عليه شاهد من الكتاب نفسه ول من السنة(.
وأقول :وإن تعجب فعجب قول أهل الباطل وتناقضاتهم فقد سبق
فللي )ص (100قللول الخليلللي مللن كتللابه هللذا :إن الباضللية اتفقللوا مللع
الشاعرة على الكلم النفسي كما عرفه هو ،ثم أثنى على ابن أبي نبهللان
ل الباضي ل الذي قرر معنى الكلم النفسي ،بل حرف لثبات مللا يسللمى
بالكلم النفسي قوله تعالى} :إنما قولنا لشيء إذا أردنللاه
أن نقول له كن فيكون{ بل قال في )ص ) :(100وقد أجاد
المام ابن أبللي نبهللان رحملله الل فللي تقريللر معنللى الكلم العللاري عللن
الصوات والحروف بما تستسيغه الفهام وتستمرؤه الفكار (...إلخ.
ثم أتبعه بالية السابقة وأنها تدل عليه ،واستشهد لتأكيد هللذا القللول
الباطللل بكلم الخطللل النصللراني ،وقللد سللبق مناقشللة ذلللك السللتدلل
الفاسد والرد عليه ،ثم نجد الخليلي هنا يتراجع عن قوله الول ويبطللله،
وهذا مما يؤكد أن الكلم الباطل دائمًا ينقض آخره أوله.
تصور فاسد يرتب عليه حكما ً باطل ً
نفي الصفات اللهية لعتقادهم أن إثباتها يستلزم التشبيه ومن شبه اللل
بخلقه فقد أشرك ،قال :وهم في النفي موافقون للجهمية().(124
وفللي )ص (378فللي شللرح حللديث :إن لل تسللعة وتسللعين اسللمًا
السابق ذكره قال) :وقال ابن أبي حاتم في كتللاب الللرد علللى الجهميللة(:
))
() 123فتللح البللاري كتللاب التوحيللد بللاب :إن ل ل مللائة اسللم إل واحللدًا )) (13/377ح
.(7392
() 124فتح الباري ).(13/344
ذكر نعيم بن حماد أن الجهمية قالوا :إن أسللماء الل مخلوقللة ،لن السللم
غير المسمى ،واّدعوا أن ال كان ول وجود لهذه السماء ،ثللم خلقهللا ثللم
تسللمى بهللا ،قللال فقلنللا لهللم :إن اللل قللال} :سبح اسللم ربللك
العلى{ وقال} :ذلكم الله ربكم فاعبدوه{ ،فأخبر أنلله
المعبود ودل كلمه على اسمه بما دل به على نفسه ،فمن زعللم أن اسللم
ال مخلوق فقد زعم أن ال أمر نبيه أن يسبح مخلوقلًا ،قللال :ونقللل عللن
إسحاق بن راهويه عللن الجهميللة أن جهملًا قللال :لللو قلللت إن لل تسللعة
وتسعين اسمًا لعبدت تسعة وتسعين إلهًا قال :فقلنا لهم :إن ال أمر عباده
أن يلللدعوه بأسلللمائه فقلللال} :ولللله السللماء الحسللنى
فادعوه بها{ والسماء جمللع ،أقللله ثلثللة ،ول فللرق فللي الزيللادة
على الواحد بين الثلثة والتسعة والتسعين().(125
شَبه الللتي قللامت بللرأس الخليلللي مللن أن إثبللات السللماء
إن هذه ال ّ
المتعددة والصفات تدل على التشبيه وعلى التعللدد شللبه قديمللة قللال بهللا
واعتنقها ودعا إليها رؤسللاء تللك البلدع ملن جهميلة ومعتزلللة ،وقلد رّد
عليهم كما نرى أهل السنة المتمسكون بما جللاء فللي كتللاب ربهللم وسللنة
نبيهم أمثال :نعيلم بلن حملاد ،وإسللحاق ابلن راهلويه ،وابلن أبلي حلاتم،
وعبللدال بلن المبللارك ،وغيرهللم مللن أعلم الهللدى ،العلمللاء الربللانيون
المعروفون بعلمهم وفضلهم؛ فقد قال عبدال بن المبارك:
قوًل يضارع قول الشرك ول أقول بقول الجهبببم إن له
أحيانًا
وقال :إنا لنحكي كلم اليهود والنصارى ونستعظم أن نحكي قول جهم ))
(().(126
() 125فتح الباري ).(13/378
() 126فتح الباري ).(13/345
إن قلول الجهميلة والمعتزلللة اللذي سلبق ذكلره فلي نفلي السللماء
والصللفات ،وإن القللول بتعللددها لموصللوف واحللد ،معنللاه عبللادة آلهللة
متعددة عند هؤلء في تصورهم الباطل ،إن هذه الشبه القائمة على هذا
الوهم الفاسد والتصور المنحرف ل قيمة لها عنللد مللن يعقللل مللا يقللول؛
لن الصفات المتعددة لموصوف واحد تقوم حللتى بللالمخلوق ،فللالخليلي
وغيره من بني آدم يتصفون بصفة السمع ،والبصر ،والقدرة ،والحيللاة،
والكلم ،وهللو ذات واحللدة ،وذلللك حسللب ضللعفه وحللاله ،كمللا سلليأتي
توضيح ذلك.
لكن الخليلي -هداه ال إلى قول الحق واعتقللاده ل ل يخللالف العقلء فللي
ذلك ويقول بقول الجهمية والمعتزلة حيث تصّور مثل ما تصّوروه من أنلله
إذا أثبت ل عز وجل صفة الكلم مع الصفات الخللرى فقللد أثبللت تعللددًا
للقدماء هكذا يقول ،ذلك أن المعتزلة يقولون :إن أخص وصف ل ل عللز
وجل »القدم«.
ويتصور أنه إذا أثبت ل عز وجل صفة الكلم فقد أثبت مع ال »
قديمًا« لعتقاده أن الصفة قائمللة بلذاتها منفصللة علن الموصللوف بهلا،
وهذا منشأ ضلل أسلفه.
وهو ل يعقل كما ل يعقل أسلفه مللن أن صللفة الكلم قائمللة بلذاته
سبحانه وتعالى ،كصفة الحيلاة والقلدرة والسللمع والبصلر وغيرهلا ملن
صفات الكمال والجلل.
فال عز وجل متصف بصفة الكلم ،يتكلم متى شلاء وكيلف شلاء كملا
قال تعالى} :وكلم الله موسى تكليما ً{ وغير ذلك من اليللات
الكريمة والحاديث النبوية الشريفة التي تثبت ل لل لل ل صللفة الكلم
على ما يليق بجلل ال وكماله والتي سيأتي ذكرها في مواضعها لن صللفة
»الكلم« من الصفات الختيارية ،يتكلم متى شاء وكيف شاء ولكن الخليلي
يخالف هذا ويتوهم أنه إذا أثبت هذه الصفة ل عز وجل فقد اثبللت تعللددًا فللي
القدماء.
وإليك نص كلمه حيث يقول في )ص (104من كتابه هذا) :وقد كان
عْلم ال الذي هو من صفات ذاته ول توراة معه ،ول إنجيل ،ول زبللور ،ول ِ
صحف ،ول قرآن ،وهو الن على ما هو عليه كان ،لن الصفات الذاتيللة ل
يجوز عليها التكثر ول التبديل ول التغيير …( إلى أن قال) :فالكتب المنزلللة
إنما هي فلي الحقيقلة ملدلولت علمله ،اللذي هلو ملن صلفات ذاتله سلبحانه
وتعالى ،ل هي نفس صلفة العللم اللذي هلو صلفة للذاته القديملة ،وإل لكلان
التللوراة ،و النجيللل ،و الزبللور ،وصللحف إبراهيللم ،وموسللى ،والقللرآن،
وجميع الوحي قديمًا موجودًا في الزل مع ال تعالى بهللذه اللفللاظ المخلوقللة
المحدثة على كثرتها ،فيكون كثير من المخلوقلات قلديمًا موجلودًا فلي الزل
مع ال القديم الزلي وهذا باطل إذ ل قديم سواه…(اهل.
وأقول :إن هذه الشبهة الللتي قللامت بللذهن الخليلللي وهللي أن تعللدد
الصفات تدل على تعدد الموصوف شبهة داحضة ل تقللف أمللام الحجللج
القاطعة من الكتاب والسنة ،والعقل السليم غيللر الملللوث بشللبه الجهميللة
والمعتزلة ومن صار على دربهم من إباضية ،ورافضة ،وغيرهم ممن
سلك مسلك أهل الكلم ،وترك كتاب رب العباد ،وسنة خير النام.
وسوف نناقش هذه الشبهة ونبين فسادها تحت العنوان التالي:
منتاقشتتة شبهة الخليلي
ومن اقتدى بهم في أن تعدد الصفات يدل على تعدد
الذات
النفللاة لصللفات ال ل عللز وجللل سللمو ذلللك النفللي توحيللد لنلله قللام
بأذهانهم -المريضة بالشبه الفاسللدة -أن الصللفة منفصلللة عللن الموصللوف
بها ،وأنها قائمة بذاتها ،ولهذا التصور الفاسد نفوا عن ال عز وجل جميللع
الصفات ،كالحياة ،والقدرة ،والسمع والبصر ،والكلم ،والعلم ،وغير ذلك
من الصفات الثابتة في كتاب ال عز وجل وسنة رسوله ،ولم يثبتللوا لل
من صفات الكمال إل ما سموه بصفة »القدم« وهو أخص وصف عنللدهم
ل تعالى ،ولهذا قالوا) :فإذا أثبتنا ل عز وجل هللذه الصللفات ومنهللا صللفة
الكلم فقد أثبتنا ذوات متعددة قديمة ملع الل فلي الزل ،إذ ل قلديم سللواه(
كما سبق تصلريح الخليللي بلذلك ،ثلم مّثلل للذلك التعلدد حسلب زعملله:
بالتوراة ،والنجيل ،والزبور ،وصحف إبراهيم وموسى ،والقرآن ،قللال):
وجميع الوحي كلله يكلون قلديمًا موجلودًا فلي الزل ملع الل تعلالى بهلذه
اللفاظ المخلوقة المحدثة على كثرتها فيكون كللثيٌر مللن المخلوقللات قللديمًا
موجودًا مع ال القديم الزلي ،وهذا باطل إذ ل قديم سواه(.
والجواب لتفنيد هلذه الشلبهة القائملة بلذهن الخليللي وملن سلبقه بملا
يأتي:
أوًل :أن قول الخليلي) :وقد كان علم ال وهو من صفات ذاته(.
قد يظن القارئ الذي ل يعرف مذهب النفاة لصفات ال عز وجللل
كالجهمية والمعتزلة -والخليلي واحد منهم -أن الخليلللي يثبللت لل صللفة
»العلم«.
ولتوضيح ذلللك للقللارئ ،أقببول :إن المعتزلللة ،ومللن يقللول بقللولهم
ويعتقد عقيدتهم ينفون عن ال جميع الصفات ،وممن يسلك ذلك المسلك
الخليلي فهللو واحللد منهللم ،بللل يقللول إن المعتزلللة يقولللون بقللوله ،فهللو
الصل المؤسس لهذه البدع ،فهو ينفي عن ال عزوجل جميع الصللفات
ومنهللا صللفة » العلللم« والقللدرة ،والحيللاة ،والكلم ،وجميللع الصللفات
الواردة في كتاب اللل ،والثابتللة فللي سللنة رسللول الل ،وإنمللا يثبتللون
أسماء ال مجردة عن المعاني؛ فيقولون :إن ال عليم بذاته ،حللي بللذاته،
قادر بذاته …إلخ ما يذكرونه في هذا الباب أي ليس ل صفة زائدة عللن
السم ،هي :صفة العلللم ،والحيللاة ،والقللدرة؛ ويللدعون أنهلم بهلذا النفللي
لمعاني أسماء ال ينزهون ال عن مشابهة خلقه ،لن أسماء ال ل عنللدهم
ل تدل على معاني وإنما هي مجردة عن تلك المعاني التي دلت عليها.
ومما يوضح ذلك قول الخليلي) :وقد كان علم الل -الللذي هللو مللن
صفات ذاته -ول توراة ول إنجيل ول زبور ول قرآن(.
ومعلوم أن القرآن من كلم ال ،وكلم ال صفة من صفاته قائمة بلله
غير منفصلة عنه ،وهي ملن الصلفات الختياريلة ،فهلو يتكللم ملتى شلاء
وكيف شاء ومع من شاء ،وصفة العلم قائمة بذاته فهو بكل شيء عليم.
وال عز وجللل تكلللم بلالتوراة اللتي أنزلهلا علللى موسللى ،وكّللم الل
موسى وسمع موسى عليه السلم كلم ربه عز وجللل وطمللع فللي المزيللد
من التكريم فطلب من ربلله النظللر إليلله كمللا قللال تعللالى} :ولما جاء
موسى لميقاتنا وكلمه ربه قال رب أرني أنظر
إليك]{...العراف .[ 143
ثانيًا :وأما قول الخليلي ومن سبقه من أن تعدد الصفات يدل علللى
ل ،ذلللك أن الللذوات ل ل ونق ً
تعللدد الللذوات فللدعوى باطلللة مللردودة عق ً
يتصور انفصال الصفات عنها بوجه من الوجوه ،أي أنلله ل توجللد ذات
مجللردة علن الصللفات إل فللي الفلتراض الللذهني ،كملا يفللرض الللذهن
المحال.
وأما في الخارج ،فل توجد ذات غير موصوفة فإن هذا محال ،ولللو
لم يكن إل صفة الوجود ،فإنها ل تنفك عن الموجود ،وال موجود بصفاته
ل وأبدًا. أز ً
ولهذا فإن العلماء من أهل السنة يفرقون بين:
1ل قول القائل :الصفات غير الذات.
2ل وقوله :صفات ال غير ال.
فهذا القول الثاني باطل لن مسمى ال يدخل فيلله صللفاته ،بخلف
القول الول وهو مسمى الذات فإنه ل يدخل فيلله الصللفات ،ولهللذا قللال
الخليلي وأئمته المعتزلة »عليم بذاته« كما قال ل الخليلي) :وقد كان علم
ال الذي هو من صفات ذاته ،ول توراة ول إنجيل … إلخ(.
لن المراد أن الصفات زائدة على ما أثبته المثبتون من »الللذات«
وال تعالى »هو الذات الموصوفة بصفاته اللزمة«.
ولهذا قال المام الطحاوي رحمه ال في وصف ال عللز وجللل »مللا
زال بصفاته« ولم يقل :ل زال وصفاته ،لن العطف يؤذن بالمغايرة.
وكذلك قال المام أحمد بن حنبل رحمه ال ل تعللالى فللي منللاظرته
للجهمية» :ل نقول ال وعلمه ،ال وقدرته ،ال ل ونللوره« ولكللن نقللول:
»ال بعلمه وقدرته ونوره هو إله واحد سبحانه«.
وقد أورد شارح الطحاوية رحمه ال أمثلة لذلك مللن السللنة فقللال:
ت بالللذات المقدسللة الموصللوفة بصللفات علْذ ُ
)فإذا قلت :أعوذ بال ،فقللد ُ
الكمال المقدس الثابتة التي ل تقبل النفصال بوجه من الوجوه.
ت بصفة من صللفات ال ل تعللالى عْذ ُ
ت :أعوذ بعزة ال ،فقد ُ وإذا قل ُ
عْذ بغير اللل( .قللال) :وهللذا المعنللى يفهللم مللن لفللظ »الللذات« فللإنولم َأ ُ
»ذات« في أصل معناها ل تسللتعمل إل مضللافة ،أي ذات وجللود ،ذات
قدرة ،ذات عز ،ذات علم ،ذات كللرم ،إلللى غيللر ذلللك مللن الصللفات فلل
»ذات كذا« بمعنى »صاحبة كذا« تلأنيث ذو وهلذا أصللل الكلمللة .قللال:
فعلم أن الذات ل يتصور انفصال الصفات عنها بوجه من الوجوه ،وإن
كان الذهن قد يفرض ذاتًا مجردة عن الصفات كما يفرض المحال.
وقد قال» :أعوذ بعزة ال وقببدرته مببن شببر مببا أجببد وأحبباذر«
).(127
وقال» :أعوذ بكلمبات الب التامبات مبن شبر مبا خلبق« ) ،(128ول
يعوذ بغير ال.
قال شيخ السلم ابن تيمية رحمه ال) :وقد نص الئمللة لل كأحمللد
وغيره -على أنه ل يجوز الستعاذة بمخلوق.
قال :وهذا مما استدلوا به علللى أن كلم الل غيلر مخلللوق ،قلالوا:
لنه ثبت عن النبي :rأنه استعاذ بكلمات ال وأمر بذلك ).(129
وقال » :rاللهم إني أعوذ برضاك مببن سببخطك ،وبمعافاتببك مببن
عقوبتك ،وأعوذ بك منك« ).(130
وقال » :rونعوذ بعظمتك أن نغتال من تحتنا).(132) («(131
وبهللذا يتضللح أن شللبهة الخليلللي ومللن سللبقه إليهللا مللن الجهميللة
والمعتزلللة ومللن يسلللك مسلللكهم ،شللبهة داحضللة تردهللا النصللوص
الصللريحة مللن كتللاب اللل عللز وجللل فهللو القللائل لعبللاده} :ولله
السماء الحسنى فادعوه بها{ والسللماء المجللردة مللن
هذا الفصل الذي استغرق عشرين صفحة من كتابه هذا وذلك مللن
ص )105ل ل (125اشللتمل علللى مغالطللات وتلبيسللات كللثيرة وتكللرار
لبعض الكلم السابق ،ولذا فقد رأيللت مللن المناسللب أن أبللرز الفقللرات
الواضحة من هذا الفصل بحيث تشمل مباحث الفصللل كلهللا ،ثللم نتبعهللا
بالرد على كل فقرة ،وقد شمل هذا الفصل الفقرات التالية:
الفقرة الولى وتشمل التي:
أ ل قوله) :إن من القضايا التي شغلت بال المة وأحدثت بينها شقاقًا
كبيرًا ووزعت طوائفها عزين ،قضللية كلم الل تعللالى المنللزل هللل هللو
حادث أو قديم(؟
قال):وقد جّرهم هذا إلى الكلم النفسي والخوض فيلله ،والخللوض
بين إثباته ونفيه(.
ثم قللال):ولللن أتكلللم فللي هللذه المبللاحث ول مناقشللتها إل بقللدر مللا
يضطرني إليه التمهيد لشرح ما نقملله النللاقمون علللى »الباضللية« مللن
القللول بخلللق القللرآن المنللزل علللى سلليدنا محمللد عليلله أفضللل الصلللة
والسلم(.
ب ل ذكر أن من طوائف هذه المة من ينكر الكلم النفسي رأساً لل
وهم المعتزلة ل اكتفاء في نفي الخرس عن ال بإثبات صفة القدرة.
قال ):وكما مّر بك أن أصحابنا والشعرية وجمهور المة متفقون
على إثباته ثم قال :ولعلك استوضحت تفرقة أصحابنا بينه وبين القللرآن
وسائر الكتب المنزلة مما نقلته عن صاحب المعالم وعن المام ابن أبي
نبهان ...إلى أن قال :وقد التبست هللذه الفللروق علللى كللثير مللن النللاس،
فأدى بهم ذلك إلى النزاع والشقاق في القرآن هللل هللو مخلللوق أو غيللر
مخلوق؟(
جل ل قال) :وقد أشعل نار هذه الفتنة بعض الدخلء في المة الذين
تقمصوا السلم لحاجات في نفوسهم أرادوا قضاءها ،أهمها إذكاء نللار
الفتنة بين طوائف المللة وتقسلليمها إلللى شلليع وأحللزاب كلل حللزب بملا
لديهم فرحون(.
د ل ثم قال) :ولعل رأس هؤلء »أبا شاكر الديصاني« الذي قيللل
عنه إنه يهودي تظاهر بالسلم ،كما كان سلفه »بولس اليهودي« الذي
مزق أتباع المسيح عليه السلم بما أججه بينهم من نار الخلف(.
الفقرة الثانية :اعترافه بللأن الرعيللل الول مللن السلللف الصللالح،
مضى إلى ربه قبل أن تسمع آذانهم طنينًا من القول في هذا الموضوع.
الفقرة الثالثة :اعتراف الخليلي بأن علمللاء عمللان المتللأخرين هللم
الذين قالوا بخلق القرآن ،فهذه الفقرات هي خلصة ما اشتمل عليه هللذا
الفصل.
وإليك أيها القارئ الكريم الرد المفصل على هذه الفقرات:
الرد على الفقرة الولى :
قوله ):إن سبب إشعال الفتنة في كلم ال المنزل هل هو حللادث
أو قديم؟ وقد جرهم هذا إلى الكلم النفسي …( إلخ.
والجواب على هذه الفقرة :إن هذا التعبير عن كلم ال ل » :Uهللل
هللو حللادث أو قللديم« مللن بنيللات أفكللار أهللل الكلم ،لن المعتزلللة ل ل
والخليلي واحد منهم ،يقول بقولهم ل تصوروا أن الصللفات قائمللة بللذاتها
وليست قائمة بالموصوف ،وأن الِقَدم أخص وصف ل ،Uفإذا أثبتوا ل
صفة الكلم أو غيرها من الصفات فقد أثبتوا تعدد القدماء ،وهذا كفر.
فهذا هو الذي يقصده الخليلللي مللن كلملله :هللل كلم الل قللديم أو
حادث؟ وقد سبق الرد على قضية تعدد الصفات.
وقوله )أو حادث( يقصد مللن كلمللة )حللادث( مخلللوق ،فهللو يعللبر
بالحدوث عن الخلق.
وأهل السنة والجماعة يقولون بما جاء في الكتاب والسنة وهو أن
ال عزوجل موصوف بصفات الجلل والكمال ،وأن صفاته قائمة بذاته
كالحياة ،والرادة ،والقدرة ،والكلم وغيرهللا مللن الصللفات الثابتللة فللي
الكتاب والسنة ،وأن ال متصللف بصللفة الكلم ،وعّرفللوا كلم الل عللز
وجل بقولهم :قديم النوع حادث الحاد :أي أن ال عز وجل يتكلللم مللتى
شللاء وكيللف شللاء وأن مللن كلملله الكتللب المنزلللة التللوراة والزبللور
والنجيل والقرآن وغيرها ،وأنه كّلم موسى تكليمًا ،ويكّلم من يشاء مللن
خلقلله ،وأن التلوراة غيلر النجيلل ،والنجيلل غيلر القللرآن ،وأنله يكّللم
عباده يوم القيامللة كمللا جللاءت بللذلك النصللوص ،لن صللفة الكلم مللن
الصفات الختيارية فال عزوجل يتكلم متى شاء وكيف شاء ،وقللد تقللدم
شبهة الخليلي في قوله) :وقد كان علم ال الذي هللو مللن صللفات مناقشة ُ
ذاتلله ،ول تللوراة ول إنجيللل ول زبللور …( إلللى قللوله) :بهللذه اللفللاظ
المخلوقللة المحدثللة ،علللى كثرتهللا فيكللون كللثير مللن المخلوقللات قللديماً
موجودًا في الزل مع ال القديم الزلي ،وهللذا باطللل إذ ل قللديم سللواه(
)ص (179وما بعدها تحت عنوان مناقشة شبهة الخليلي ومللن اقتللدى
))
بن سبأ(( الذي دخل السلم نفاقًا ثم ادعى الوصية بالخلفة لعلللي بللن أبللي
طالب رضي ال عنه من الرسول مباشرة ،وأن الصحابة كتموا تلك
الوصللية ،مخللالفين أمللر رسللول الل حسللب زعملله ،ثللم حكللم عليهللم
بالكفر ،وأّلب الرعاع علللى قتللل الخليفللة الراشللد عثمللان بللن عفللان ذي
النورين ،الذي تسللتحي منلله ملئكللة السللماء فقتللل مظلوملًا ،وقللد ورث
أفكاره طللوائف منهللم الرافضللة ،فحكمللوا علللى صللحابة رسللول الل
بالرّدة إل النفللر اليسللير ،ومللن أولئك اليهللود الزنادقللة ،الللذين تقمصللوا
لباس السلم ،كما قلال الخليللي فلي كتلابه هلذا )ص 105لل ) :(106وقلد
() 136انظر شرح الطحاوية )1/96ل .(97
أشعل نار الفتنة بعض الدخلء في المة ،الذين تقمصوا السلم لحاجات في
نفوسللهم أرادوا قضللاءها ،كللأبي شللاكر الديصللاني اليهللودي الللذي تظللاهر
بالسلم وأشعل هذه الفتنة(.
قلت :ومنها القول بخلق القرآن.
وأقول :إن قول الخليللي هلذا هلو الصلحيح ،أن أولئك اللدخلء ملن
اليهود وغيرهم أرادوا القضاء على السلم وأهله بهذا السلوب المللاكر،
حين عجزوا عن مواجهة السلم في الظاهر ،فهللؤلء الللدخلء اختلطللوا
ضلالة فللي المجتمللع السلللمي ،ومللن هللذه بالمسلمين ونشروا أفكللارهم ال ّ
الفكار الضللالة المضلللة القللول )بخلللق القللرآن( وإل لللم يكللن هللذا القللول
معروفًا عند الصحابة والتابعين.
وقد تقبل بعض المسلمين )كالمعتزلة( وبعض )الباضية( والزيديللة
وغيرهم تلك الفكار المنحرفة البعيدة كل البعد علن هلدي كتلاب الل علز
وجل وسنة رسول ال صلى ال عليله وسللم الللذين جملع الل بهملا شلمل
المة بعد تفرقها وتشتتها وتناحرها ،وكانوا شيعًا وأحزابًا كملا قللال تعلالى
ممتنًا على عباده} :واذكروا نعمة الله عليكللم إذ كنتللم
أعللداء فللألف بيللن قلللوبكم فأصللبحتم بنعمتلله
إخوانا ً …{ ] آل عمران .[103
ولهذا قال صلى ال عليه وسلم» :تركت فيكم ما إن تمسكتم به لببن
تضلوا أبدًا كتاب ال وسنتي« ).(137
فعللرف أعللداء السلللم أن اجتمللاع المللة السلللمية علللى اليمللان
بكتاب ربها للللل وسنة نبيهللا صللى الل عليله وسللم وأن التمسلك بهلا
سبب عظيم في عزها وقوتها ،وامتداد سللعادتها فللأدخلوا أفكللارهم المنحرفللة
على المسلمين في باب أسماء ال ل وصللفاته ،ونشللروها بينهللم تحللت سللتار
() 137الدارقطني 4/245ح رقم .149
التنلزيه ل عز وجل عن مشابهة المخلوقين ،ومن تلك الصفات الللتي نفوهللا
عن ال عز وجل صفة )الكلم( فقالوا :إن الكلم ل يصدر إل عن لسللان
وشفتين وهذه من صفات المخلوقين ،فلو أثبتنا ل صفة الكلم فقللد شللبهناه
بخلقه ومن شبه ال بخلقه فقد كفر ،ولّما تقّبل بعللض المسلللمين كالمعتزلللة
والزيدية وبعض الباضلية وملن يلدعي السللم كالرافضلة تللك الفكلار
صل َ
ل ل بمللراد أولئك الللدخلء َ -و َ الضالة -وقد يكون ذلك من بعضللهم جه ً
أعداء السلم إلى أهللدافهم ،وهللي إثللارة الفتنللة وتمزيللق المللة ،كمللا قلال
الخليلي اللذي وقلع فلي ذاك الشللباك اللذي نصلبه )أبللو شللاكر الديصلاني(
اليهودي الذي ذكر الخليلي أنه دخل في السلم وتقمص ثوبه نفاقًا ،فللإن
أول فتنة أثيرت ومزقللت شللمل المللة القللول )بخلللق القللرآن( فللي عهللد
المأمون والمعتصم ،اللذين حمل المة على القول بخلق القرآن وقد قتل
ضرب المام أحمللد في تلك المحنة عدد من علماء أهل السنة وسجنوا و ُ
بن حنبل رحمه ال ضربًا مبرحًا حتى أغمي عليه.
ل عللنوقد ثبت أن أول من قال بخلق القللرآن الجعللد بللن درهللم نق ً
اليهود وإليك سلسلة ذاك السناد.
يقول ابن الثيللر فللي كتللاب » الكامللل « ) (7/75فللي الحللديث عللن
التعطيل والتصريح بخللق القلرآن :قلال) :وقلد نشلر هلذه المقاللة لل يعنلي
التعطيللل -وحمللل لواءهللا الجهللم ابللن صللفوان المتللوفى سللنة ) 128هللل(
ل ،وقد أخذ مقالته في نفي صفات الل تعلالى علن الجعللد بلن درهللم، مقتو ً
والجعد أخذ التعطيل عن أبان بن سمعان ،وأخذ أبان عللن طللالوت ،وأخللذ
طالوت عن خاله لبيد بن العصم اليهودي الساحر الذي سحر رسول ال ل
وكان لبيد زنديقًا يقول بخلق التوراة( اهل.
فهذا السناد المظلم ،المسلسل باليهود هو سند المعطلللة الجهميللة،
ومن يقول بقولهم في نفي صللفات الل عللز وجللل ،ومللن تلللك الصللفات
صفة الكلم والقول :بأن )القرآن مخلوق( كسائر المخلوقات من النس
والجللن والسللموات والرض وغيرهللا مللن مخلوقللات اللل كمللا يقللول
الخليلي ،فهذا هو السبب الحقيقي في إثللارة الفتللن الللتي ذهللب ضللحيتها
عدد كبير من علماء أهل السنة والجماعة في عهد المللأمون والمعتصللم
والواثق حلتى رفعلت المحنلة علن المللة عللى يلد المتوكللل اللذي رفلع
المحنة بخلق القرآن ،وأظهر السنة وأمر بنشر الثار النبوية).(138
وقد كان لثبات المام أحمد بن حنبل -رحمه ال تعالى -إمللام أهللل
السنة والجماعة الفضل بعد الل عللز وجللل الللذي ثّبتلله علللى الحللق فللي
كشف الغمة عن المة.
فقد بين أن :القرآن كلم ال ،وكلملله صللفة مللن صللفاته وبكلملله
يخلق الشياء المخلوقة ،كما قللال تعللالى} :إنما أملره إذا أراد
شيئا ً أن يقول له كن فيكون{.
وقد طلب من مناظلريه بين يدي المعتصم أن يأتوا بآية من كتاب
ال عز وجل أو بحديث من سنة رسلول ال يللدلن )علللى أن القللرآن
مخلوق( فعجزوا.
فهذا هو السبب لشعال الفتنة بين المسلللمين ،وليللس قللول الخليلللي
أن سللبب إشللعال الفتنللة :هللل كلم الل المنللزل حللادث أو قللديم؟ لن هللذا
الصطلح نفسه أدخله أهلل البلدع الخلذين عقلائدهم ملن أفكلار اليهلود،
القائلين بأن القرآن مخلوق أخذًا عن لبيللد ابللن العصللم اليهللودي السللاحر
الذي كان يقول )بخلق التوراة( كما تقدم نقل ذلك عن ابلن الثيلر وغيلره،
وأن أول من نشر المقالة هذه الجهم بن صفوان ،وقد أخللذها عللن الجعللد
بن درهم أول ملن قلال بخللق القلرآن) (139فلي المللة السلللمية ،وتلقللف
(1) 138تأريخ السلم /للمام الذهبي ج / 1ص .141
() 139انظللر :البدايللة والنهايللة )،9ل ،(404/ 10ولسللان الميللزان ) ،(2/105والنجللوم
أفكاره المعتزلة .وقد أخمدت هذا الفتنلة فلي زملن المتوكللل ،والن يلذكي
نارهللا الخليلللي بكتللابه هللذا ،مللع اعللترافه بللأن الللذين أشللعلوا نللار الفتنللة
الزنادقة ،ومن هؤلء أبو شاكر الديصاني اليهودي ،الذي ذكره فللي كتللابه
وأنه تقّمص لباس السلم لثارة الفتنة.
والسؤال الموجه للخليلي :هل قال أبو شاكر الديصاني اليهودي عللن
القرآن الكريم :أنه كلم ال تكلم ال به فسمعه منه جبريل ل عليه السلللم ل ل
ونزل به على محمد فأثار الفتنة بهذا القول؟
أو قال :القرآن مخلوق ،كما قال الجعد بن درهم الذي ينتهللي إسللناد
مقالته إلى لبيد بن العصم اليهودي؟ وبهذا القول أخللذ المعتزلللة ،وطائفللة
من الباضية المتأخرين فثارت الفتنة وتفرقت المة؟
ولن يستطيع الخليلي أن يقبول أنبه قبال ببالقول الول ،لن الواقبع
يشهد بخلف ذلك.
ثم تحدث الخليلي عن الكلم النفسي ،فذكر أن المعتزلة ينكرونلله،
ن الباضية والشعرية يثبتونه ثم قال) :وجمهور المة علللى ثم قرر أ ّ
إثباته( كما في )ص (105من كتابه هذا.
وأقول :إن دعواه على جمهور المة أنهم يقولون بالكلم النفسي،
دعوى باطلة ل دليل عليها ،فعلماء سلف المللة وخلفهللا جميعلًا يللردون
علللى مللا يسللمى بللالكلم النفسللي لنلله ل ُيّعللد كلملًا ،ول يلترتب عليلله
أحكام.
وقد سبقت مناقشة الخليلي في الرد على ما جاء في المقدمة تحت
عنللوان :مناقشللة الخليلللي فللي الكلم النفسللي( )ص (161ودحللض ))
ما أجراه على نفسه إذ كان كلملله ملن صلفاته فللم يتسلم بالشلليء ،وللم
يجعل الشيء اسمًا من أسمائه ،ولكنه دل علللى نفسلله أنلله شلليء وأكللبر
الشياء ،إثباتًا للوجود ،ونفيلًا للعللدم ،وتكللذيبًا منلله للزنادقللة والدهريللة،
ومن تقدمهم ممن جحد معرفته ،وأنكر ربوبيته من سللائر المللم ،فقللال
عز وجل لنبيه محمد} :قل أي شيء أكبر شهادة قل اللتته
شهيد بيني وبينكم{ ] النعام [ 19فدل عللى نفسله أنله شلليء ليلس
كالشياء ،وأنزل في ذلك خللبرًا خاصلًا مفللردًا لعلملله السللابق أن جهملًا
وبشرًا ومن قال بقولهما سيلحدون فللي أسللمائه ،ويشللبهون علللى خلقلله،
ويدخلونه وكلمه في الشللياء المخلوقللة قللال تعللالى} :ليس كمثله
شيء وهو السميع البصير{ فأخرج نفسه وكلملله وصللفاته مللن
الشياء المخلوقة بهذا الخبر ،تكذيبًا لمن ألحد في كتابه ،وافترى عليلله،
وشبهه بخلقه ،قال تعالى} :ولله السماء الحسنى فادعوه بها
وذروا الذين يلحدون فتتي أستتمائه ستتيجزون متتا كتتانوا
يعملون{ ] العراف ،[ 180ثم عدد أسماءه في كتابه ولم يتسم بالشيء
ولم يجعله اسمًا من أسللمائه ثللم قللال النللبي» :إن ل ب تسببعة وتسببعين
اسمًا من أحصاها دخل الجنة« ثم عدها فلم نجده جعل الشيء اسمًا للل
عز وجل ،ثم ذكر جل ذكره كلمه كما ذكللر نفسلله ودل عليلله بمثللل مللا
دل على نفسه ليعلم الخلق أنه من ذاته وأنه صفة مللن صللفاته فقللال ال ل
عز وجل }:وما قدروا الله حتق قتدره إذ قتالوا متا أنتزل
الله على بشر من شيء قل متتن أنتتزل الكتتتاب التتذي
جاء به موسى نورا ً وهدى للنتتاس{ ] النعللام ،[ 91فللذم اللل
ل من المسلمين اليهودي حين نفى أن تكون التوراة شيئًا ،وذلك أن رج ً
ل من اليهود بالمدينة فجعل المسلللم يحتلج علللى اليهللودي مللن ناظر رج ً
التوراة بما علم من صفة النبي وذكر نبوته فيها حللتى أثبللت نبللوته
من التوراة فضحك اليهودي وقال :ما أنزل الل علللى بشللر مللن شلليء،
فأنزل ال عللز وجللل تكللذيبه ،وذم قللوله ،وأعظللم فريتلله حيللن جحللد أن
يكون كلم ال شيئًا ،ودل بذلك على أن كلمه شيء ليس كالشياء ،كما
دل على نفسه أنه شيء ليس كالشياء .ثم قال في موضع آخر} :ومن
ى ً
أظلم ممن افترى على اللتته كتتذبا أو قتتال أوحتتي إل ت ّ
ولم يوح إليه شيء{ ]النعام ،[93:فدل بهللذا الخللبر أيضلًا علللى أن
الوحي شيء بالمعنى وذم من جحد أن كلم ال شلليء ،فلمللا أظهللر ال ل
عز وجل اسم كلمه لم يظهره باسم الشيء؛ فيلحللد الملحللدون فللي ذلللك
ويدخلونه في جملة الشللياء المخلوقللة ،ولكنلله أظهللره عللز وجللل باسللم
الكتاب والنور والهدى ،ولم يقللل :قللل مللن أنللزل الشلليء الللذي جللاء بله
موسى فيجعل الشيء اسمًا لكلمه ،وكذلك سمى كلمه بأسللماء ظللاهرة
يعرف بها فسمى كلمه نورًا وهدى وشفاًء ورحمة وحقًا وقرآنًا وأشباه
ذلك؛ لعلمه السابق أن جهمًا وبشرًا ومن يقول بقولهم أنهم سيلحدون في
أسمائه وصفاته التي هي من ذاته ،وسيدخلونها فللي الشللياء المخلوقللة(
). (141
وسنكمل هذا عند مناقشة المؤلف في الفصل الرابع من كتلابه هلذا
الذي عقده )لدلة القائلين بخلق القرآن(.
فهذا هو الذي جعل المؤلف الخليلي يدعي تلك الدعوى على السلف بأنهم
كانوا مجمعين على أن ال خالق كل شيء ،ونقول :نعللم خللالق كللل شلليء
مخلوق ،من سموات وأرض وما بينهما ،وقلد خلقهملا بكلمله الللذي هلو
من صفاته؛ والكلم من الصفات الختيارية لن كلمه صللفة قائمللة بللذاته
وهي صفة ذات وفعل ،قال تعالى }:إنما أمتتره إذا أراد شتتيئا ً أن
يقول له كن فيكون{ فال عز وجللل يتكلللم ملتى شللاء وكيللف شللاء
ومع من شاء ،سبحانه وتعالى} :ليس كمثله شيء وهو الستميع
البصير{) ] (142الشورى .[ 11
أما المام أحمد بن حنبل ل رحمه ال لل فقللد جعللل كللل مللن حضللر
ل.
حّضربه أو شارك فيه في ِ
قال ابن الجوزي) :ثم بعث المتوكل بعد مضللي خمللس سللنين مللن
وليته بتسيير أحمد إليه ،ثم ذكر بإسناده عن صالح بن أحمللد بللن حنبللل
قال :وجه المتوكل إلى إسحاق بن إبراهيم يأمره بحمل أبي إليلله ،فللوجه
ى يللأمرني بإشخاصللك إسحاق إلى أبي فقال له :إن أباجعفر قللد كتللب إلل ّ
إليه فتأهب لذلك.
قال أبي :وقال لي :اجعلني في حل من حضوري ضربك.
فقلت :قد جعلت كل من حضلر في حل().(147
ويقول شيخ السلم ابن تيمية فللي مجمللوع الفتللاوى :فللإن المللام
))
أحمد قد باشر )الجهمية( الذين دعوه إلللى خلللق القللرآن ،ونفللي الصللفات
وامتحنللوه وسللائر علمللاء وقتلله ،وفتنللوا المللؤمنين والمؤمنللات الللذين لللم
يوافقوهم على التجّهم بالضرب والحبس ،والقتل والعزل عللن الوليللات،
وقطللع الرزاق ورد الشللهادة ...إلللى أن قللال :ثللم إن المللام أحمللد دعللا
للخليفة وغيره ممن ضربه وحبسه واستغفر لهم ،وحللهم مما فعلللوه بلله
من الظلم والدعاء إلى القللول الللذي هللو كفللر ،ولللو كللانوا مرتللدين عللن
السلم لم يجز الستغفار لهللم؛ فللإن السللتغفار للكفللار ل يجللوز بنللص
الكتاب والسنة والجماع.
لن أسلوب التشفي هو أسلوب أهل الحقد الظلمة ،الذين يعلمون أنهم
أهل باطل يريدون هدم السلم ،والفتك بأهله ل سيما علماؤهم ،لنهم
على يقين بأنه ل يرد باطلهم ويكشللف تلبيسللهم ومغالطللاتهم إل العلمللاء
من
أهل السنة ،ولذلك يقسون عليهم ويبطشون بهم إذا سنحت لهم الفرصة
()148الفتاوى) 488 /12ل . (489
ودالت لهم الدولة ،كما حدث من المعتزلللة حينمللا لّبسللوا علللى المللأمون
والمعتصم وحملوهم على القول بخلق القرآن ،ودعوة علماء السنة إلللى
تلك البدعللة .وأمللا أهللل السللنة الللدعاة إلللى كتللاب الل وسللنة رسللوله
ل ،فللإنهم ل ينتقمللون ممللن ظلمهللم والخذ بما جللاء فيهمللا اعتقللادًا وعم ً
وقسا عليهم ونكل بهم إذا دالت لهللم الدولللة ،وإنمللا أسلللوبهم العفللو عنللد
المقدرة كما فعل المام أحمد بن حنبل رحملله الل تعللالى ،وذلللك اقتللداًء
بنبيهم محمد فقد أخرجه الكفار من مكللة المكرمللة بعللد تللآمرهم علللى
قتله كما قال تعالى} :وإذ يمكر بك الذين كفتتروا ليثبتتتوك أو
يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكتتر اللتته واللتته خيتتر
الماكرين{ ] النفال [30وقد أخرجوه من مكلة كملا قللال تعلالى} :إل
تنصتتروه فقد نصره الله إذ أختترجه الذين كفروا ثاني
اثنين إذ هما في الغار إذ
يقول لصاحبه ل تحزن إن الله معنا ] {...التوبة [40ثللم يعللود
إلى مكة فاتحًا منتصرًا ويقول لهم» :ما ترون أنببي صببانع بكببم« أي:
الذين أخرجوه من مكللة ،فيقولللون» :أخ كريببم وابببن أخ كريببم« ،فيقللول:
»اذهبوا فأنتم الطلقاء« .هذا منهج المصطفى عند المقدرة علللى مللن
ظلمه ،وهكذا أتباعه يطّبقون سيرته ،فللإذا قللدروا عفللوا بللل واسللتغفروا
لمن ظلمهم ،كما ترى الذي صنعه المام أحمد بن حنبل رحملله الل ملع
المأمون والمعتصم ،وكل من شللارك فللي ضللربه ،لنهللم ل ينتصللرون
لنفسهم وإنما يقدمون أنفسهم ل في إظهار الحق ونصره.
فنقول للخليلي :أين التشفي الذي تدعيه على أهل الحللديث والسللنة
من خصومهم؟ إنهللا الللدعاوي الباطلللة والزائفللة ،والللدليل الثللابت علللى
خلفها ،وهكذا فإن الباطل كان زهوقًا.
وقد سبقت الشارة إلللى هلذا تحلت عنللوان :الباطللل ل يقللف علللى
ساق وبيان تناقضات الخليلي.
الرد على الفقرة الثالثة:
مان
ع َ
اعتراف الخليلي بأن علماء ُ
المتأخرين
هم الذين قالوا بخلق القرآن
ففي )ص (108من كتابه هذا فلي الفصللل نفسلله يقلول مللن بدايللة
الصفحة ما نصه) :وأن الذين جاؤوا بعد الللذين امتنعللوا عللن التصللريح
بخلق القرآن تحاملوا على من قال بخلقلله ،وأدى بهللم ذلللك إلللى تنللاقض
عجيب ،يظهر لك عندما تقرأ ما كتب في هذا الموضوع في تلك الحقبة
من الزمن:
1ل كالجزء الول من بيان الشرع.
2ل والجزء الول من الكشف والبيان.
3ل وديوان المام ابن النضر(.
قلت :إن هؤلء الذين ذكرهم الخليلي ومثل ببعض ما كتبوا هم
من علماء الباضية الذين جاؤوا بعللد محمللد بللن هاشللم وإمللام المشللرق
الكبر
-كما قال الخليلي -محمد بن محبوب ،واتفقللت كلمتهللم علللى القللول فللي
)القرآن( بمللا قللاله السلللف مللن الرعيللل الول ،مللن أنلله كلم الل غيللر
مخلوق ،كما سبق الحديث عن ذلك.
وهو في كتاب الخليلي هذا )ص .(107
وقد جلاء هللؤلء العلمللاء ملن الباضلية ،فقلالوا بقلول مللن سلبقهم
وسلكوا مسلكهم ثم ألفوا الكتللب فللي ذلللك ،ومنهللا مللا مثللل بلله الخليلللي:
الجلللزء الول ملللن »بيلللان الشلللرع« ،والجلللزء الول ملللن »الكشلللف
والبيان« ،و» ديوان المام ابببن النضببر « ،وهللذه الكتللب متداولللة عنللد
الباضية ،وقد شهد الخليلي على نفسه بذلك.
وإليك أيها القارئ الكريم نص كلمهم ،الللذي ل تنللاقض فيلله ،بللل
وافقهم العلمة المحقق ل كما وصفه الخليلي نفسه ل أبو الحسن البسيوي
الباضي في كتابه »الجامع« في الجللزء الول )ص ،(81-73والللذي
أثنى عليه الخليلي بأنه كتلاب جملع عللم الشللريعة ،وتمنللى أن يملن الل
بطبعه وإخراجه ،وقلد طبعتله وزارة اللتراث القللومي والثقافلة بسللطنة
عمان ،وتحققت أمنية الخليلي كما قللال المحقللق ،وفيمللا يلللي نللص كلم
المام ابن النضر في قصيدته والتعريف به من كتابه»الدعائم« ،تللأليف
الشيخ أبي بكر أحمد بن النضر العماني) :(149الطبعة الثانية1409 ) ،هل
ل 1988م( ،سلطنة عمان ،وزارة التراث القومي والثقافة.
قال في )ص :(32في الرد على من يقول بخلق القرآن:
ل ويثبت خلقه بلسان جه ً يا من يقول بفطرة القرآن
ببدائع التكليف والبهتان حِل القرآن منك تكلفًا
ل َتْن َ
أو في الرواية؟ فأتنا ببيان هل في الكتاب دللة من خلقه
بدعائه في السر والعلن ال سماه كلمًا فادعه
غّر من برهان
في خلقه ،يا ِ إّل فهات وما أظنك واجدًا
جْعل إن أنصفت من تبيان
في ال َ إن كان من )إنا جعلناه( فما
بلدًا بفضلك أفضل البلدان قد قال إبراهيم :رب اجعل لنا
حق الصلة لوجهك المّنان وكذاك فاجعلني مقيمًا مخلصًا
() 149تر جمته :قال سالم بن محمد بن سالم بن سيف الرواحي بتاريخ )/18ربيع الول
من عام 1311هل( في مقدمة الكتاب:
ترجمة الشيخ العالم الفصيح ابن النضر:
قال الشيخ يحيى بن خلفان بن أبي نبهان الخروصللي» :هللذه ترجمللة الشلليخ العللالم
الفقيه الفصلليح النللبيه ،النللاظم المفلللق الللوجيه ،صللاحب الللدعائم ،أحمللد بللن النضللر
السللموئلي العمللاني المحبللوبي الباضببي ،الللذي نظللم الشللعر فأجللاد ،وأخللذ بعنللانه
فتصرف فيه على ما أراد ...إلخ« )ص .(3
ثم قال في )ص :(4هذه ترجمته من كتاب خزانة الخبار.
قال المصنف» :هو الشيخ ابن النضر صاحب الدعائم فهو أحمد بن سليمان بن عبللد
الل بللن أحمللد ابللن الخضللر العللالم الكللبير بللن سللليمان الللذي هللو مللن بنللي النضللر
السموئلي ،بيته بالجابيلة الفوقيلة شلرقي الجلامع ،واقتصلر النلاس علللى اسلم قللبيلته
لشهرتها فقيل ابن النضر ...إلخ«.
أم لم يكن خلقًا من الرحمن فانظر أكان وقد دعاه لجعله
حتى دعا بالمن واليمان أم لم يكن لما دعاه بمكٍة
واكدح لشأنك قد كدحت لشاني فاربع هنا بتفّكر يا ذا الّنهى
خلق تبارك منزل الفرقان ي هذا الجعل قلت بأنه
فبأ َ
ق تأول القرآن
وجهلت ح ّ ت )ذكبببر
فبببإن احتججبببت وقلببب َ
وال أحدثه إلى النسان محدث(بببت أفكببببارًا وادعيببببت
أعظمب
خطيئةً
بمدارج)(150العميان شبباهت وجببوه أولببى الضببلل
فرعى حماها طائف الشيطان ارعوا عقولهم رياض تشّدق لقد
طغيان
تصبح عميد البغي وال ّ غ عنهم عنانك مقصرًا
أّل ُتز ْ
يا غّر إن لم َتْعُد في العدوان ولئن سبببألت طريبببق رشبببدك
ما محدث إل وشيكًا فاني تلقهباله أضحى بزعمك محدثًاما
أو كان أو سيكون في الزمان ولديه أْنَباٌء ِلَما هو كاِئ ٌ
ن
فمن المنادي )أيها الثقلن( إن كببببان مخلوقببببًا بزعمببببك
بحدودها ونهي عن العصيان ومبن البذي فبرض الفبرائض محدثًا
وعقابهم في الخلد والّنيران ب خلَقُه بثوابهم
ط ُ آمرًا
ومن المخا ِ
ولما كانت هذه القصيدة واضحة وصريحة في الرد علللى القللائلين
ث تقللع فللي خمسللةبخلق القرآن بأصرح اللفاظ وأبينها ،ولطولهللا -حيل ُ
153
) (1لطولها فقد رأيت إثباتها ملحق في الكتاب فانظرها.
تكلم به حقيقة ،وسمعه منه جبريل عليه السلم ،ونزل به على محمللد
متفقة مع نصوص الكتاب والسنة ،وأقوال سلف المة.
ولللذلك فللأقوالهم أولللى بللالقبول ،مللن أقللوال المتللأخرين المخالفللة
للصل الذي ُيحتكم إليلله عنللد الختلف ،وهللو الكتللاب والسللنة واّتبللاع
سللبيل المللؤمنين وعللدم مشللاقتهم .كمللا قللال تعللالى} :يا أيها الذين
آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي المر منكم
فإن تنازعتم في شيء فرّدوه إلتتى اللتته والرستتول إن
كنتم تؤمنون بالله واليتوم الختتر…{ ]النسللاء [59وقللال فللي
اّتباع سبيل المللؤمنين} :ومن يشاقق الرستتول متتن بعتتد متتا
تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تتتولى
ونصله جهنم وساءت مصتتيرا ً{ ]النسللاء [ 115ولكللن المؤلللف
الخليلي ل هداه ال إلى الحق لل يعكلس هلذه القاعلدة ،فيجعللل المتلأخرين
وهللم طائفلة ملن الباضلية هلم الولللى بلالقبول ،ل لللدليل ولكلن قللولهم
ى فتمكن من قلب الخليلي فقدمه على الحقيقة والحق. صادف هو ً
وإليلللك رده لشلللهادة علملللاء الباضلللية السلللابقين ،وقبلللوله لراء
المتأخرين
من إباضية عمان ل من علماء الطائفة كلهم ،يقول في )ص :(108
)وكثيرًا ما تلمس فيما كتبوه أثر ما كان عقب تلك المحنة مللن ردة فعللل
عنيفة تبلورت فيمللا كتبلله الكللاتبون عنهللا ،وإظهللارهم للمنكللوبين فيهللا،
بأنهم أبطال
المللة وشللهداء عقيللدتها الحّقللة ،الللذين حموهللا بللدمائهم وصللانوها
بتضحياتهم.
قال :وقد انعكس أثر هذا المنطللق العللاطفي الجّيللاش علللى كللل مللا
دّونه المؤيدون لهللم فللي تلللك الوقفللة الللتي وقفوهللا ،سللواء كللان هللؤلء
المؤّيدون من مشارقة الباضية ،أو مللن الشللعرية وغيرهللم قببال :وقللد
استمرت هذه الفكرة في الوسط الباضي حللتى بللرز مللن علمللاء عمللان
المتأخرين ،من فتحوا بتحريرهم أقفال الشكال (...إلخ .
قلت :ومع السف فإن المؤلف لم يللذكر واحللدًا مللن أولئك العلمللاء
المتأخرين من علماء عمان ،ولم يذكر لنا كيف فتحوا بتحريرهللم أقفللال
الشكال ،ولكن المذكور تحّدث عن نفسه كما سيأتي بيان ذلك.
ولكني أقببول -قبل ذكللر كلم المؤلللف الخليلللي -للقللارئ الكريللم،
وأخص شباب الباضية الباحثين عن الحق النابذين للتقليللد العمللى :إن
علماءكم
الذين ُيعّتد بأقوالهم وُيرجع لما دونوه في كتبهم لعلمهم بهذه المسالة،
وهي دعوى القول بخلق القرآن ،ولقربهم من الذين أثاروا تلك الفتنة
وأحدثوا تلك البدعة في كلم ال عز وجل هم الولى بالتباع والخذ
بقولهم ،لموافقته للحق الذي يجب على المسلم اتبللاعه والخللذ بلله ممللن
ه موسللى تكليم لا ً{ كان ،وال يقول عن نفسلله} :وكلم الل ُ
ويقول} :ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه رّبه …{
ثم إن أهل الفكار الغريبللة المخالفللة لكتلاب الل وسلنة رسللوله هللم
الذين فرقوا شمل المة بتلك الفكللار الدخيلللة علللى العقيللدة السلللمية،
ومعلوم أن رواد تلك الفتنة هم اليهود الذين تسللتروا باسللم السلللم كمللا
أثبت ذلك المؤلف الخليللي نفسلله فلي )ص (106ملن كتلابه هلذا الللذي
أسماه )الحق الدامغ( وهو اسم على غير مسمى لمن قللرأه واطلللع علللى
مغالطة مؤلفه للحق البلج.
ولهببذا أقببول :إن أولئك العلمللاء مللن مشللارقة )الباضللية( الللذين
يقّررون أن القرآن كلم ال غير مخلوق ،هللم الولللى بالتبللاع لموافقللة
كلمهم الكتاب والسنة وسلف المة ،وليس أقوال المتأخرين من علمللاء
عمان ،المخالفة للكتاب والسنة وأقوال سلف المة.
وإني لرجو من كل طالب حق يبحث عن الحق والحقيقة أن يتجه
بتفكيره إلى النصوص الواردة في هذا الموضوع مللن الكتللاب والسللنة،
لن العصمة من الزلل والخطأ فللي التمسللك بهمللا ،بغللض النظللر عمللن
استدل بهما ،لن الهدف هو الوصول إلى الحق الذي ينجي المسلللم بيللن
يدي ال عز وجل يللوم الحسللاب} ،يوم تجد كل نفللس مللا
عملت من خير محضرا ً ومللا عملللت مللن سللوء
تود لو أن بينها وبينه أمدا ً بعيدا ً{ ] آل عمران ،[ 30
وأذكرك بأبيات مللن قصلليدة أبللي النضللر الباضللي الللتي سللبقت،
ولعلك ترجع إليها فقد قال فيها:
هببل فببي الكتبباب دللببة مببن أو في الرواية فأتنا ببيان
بدعائه في السر والعلن خلقهسماه كلمًا فادعهال
إلى أن قال:
هانت عليك عقوبة الدّيان سميته ما لم يسم تقحمًا
سِئلت عن لقلقك الفتان
وُ مبببباذا تقببببول إذا وقفببببت
يوم الحساب وكل وجه عان سبًانفس عند ذاك رهينة حاكلَ
ُمإذ َ
ثم نعود لكلم المؤلف:
إن المؤللف بعلد أن رّد شلهادة علملاء الباضلية السلابقين ،الموافقلة
عمللان( المتللأخرين كمللا يقللول ،إل سّنة ،وأّيد علماء ) ُ
لنصوص الكتاب وال ُ
أنه لم ينص على أسملائهم ول على كتبهللم الللتي نقللل عنهللا مللا عللبر عنلله
بأسلوبه وهو قوله )وقد استمرت هذه الفكرة في الوسط الباضي ل ويعني
بها القول أن القرآن كلم ال ل حتى برز من علماء عملان المتلأخرين ملن
فتحوا بتحريرهم أقفال الشكال …( إلخ.
وكان المفللروض أن يللذكر أسللماءهم وكتبهللم الللتي ورد فيهللا فتللح
الشكال ،كما هو أصل البحث العلمي الذي يتطلب مللن صللاحبه توثيللق
ما ينقله وينسبه للخرين ،وإل يبقى ذلك دعوى دون دليل.
ل علن ذللك بلدأ يتحلدث علن نفسله ،ولعلله يقصلد ولكن المؤلف بلد ً
عمان( نفسه ،ومن يقول بقوله وإليك نللص كلملله بالمتأخرين من علماء ) ُ
حيث يقول في آخر )ص ) :(108وقد اسللتقريت أسللباب اللبللس فللي هللذه
المسألة حتى اشتد نكير طائفة من المسللمين عللى ملن قلال بخللق القلرآن
فوجدته يعود إلى أمرين:
أولهما :التباس القرآن المنزل فللي أفهللامهم بللالكلم النفسللي الللذي
يراد به نفي الخرس.
ثانيهما :التباسه بعلم ال سللبحانه وتعللالى بلله ،مللع أن صللفتي الكلم
والعلم قديمتان .ثم قال :وما ملّر بلك فلي المقدملة ملن التفرقلة بيلن الكلم
المنّزل والكلم النفسي وبينله وبيلن عللم الل كلافٍ فلي رفلع هلذا اللبلس،
وتبديد هذه الشبهة وأضلليف إلللى ذلللك أن التكلللم لغللة وعرفلًا ل يكللون إل
بمعنى إحداث الكلم( اهل.
قلت :والجواب على هذه المغالطة :أن الّلبس الذي يقصده المؤلف،
إنما هو لبس في ذهنه هو ،وأما أهل السّنة والجماعة من سلف هذه المة
وأتباعهم الذين وقفوا سدًا منيعًا في وجوه المبتدعة ،من جهمية ومعتزلة،
اللذين لّبسلوا عللى الخليفلة )الملأمون( وبعلده )المعتصلم( بلالقول بخللق
حْمل العلماء من أهل السلنة عليله بلالقوة ،فل لبلس عنلدهم ول القرآن ،و َ
اشتباه ،لن النزاع ومحل الخلف بيللن أهللل السللنة والمبتدعللة ليللس فللي
الكلم النفسي القائم بذات ال ،لن هذا لم يطّلع عليه أحد من البشللر كمللا
قللال تعللالى علللى لسللان عيسللى عليلله السلللم} :تعلم مللا فللي
نفسي ول أعلم ما في نفسللك{ ]الملللائدة [126وإنمببا
النببزاع ف لي هببذا القببرآن المسببطر فببي المصببحف والللذي يقللرأه النللاس
ويتعبدون به ،هل هو كلم ال حقيقة تكلم به وسمعه منه جبريل كما قللال
تعللالى لنللبيه} :وإن أحد مللن المشللركين اسللتجارك
فأجره حتى يسمع كلم الله{ ] التوبة [ 6وكلم ال الذي
يسمعه هذا المشرك ،هو المكتلوب فلي المصللحف ،فيسلمعه مملن يقلرأه
عليه ،ول يسللمع كلم الل مللن الل ،أو أنلله مخلللوق كمللا تقللول الجهميللة
والمعتزلة خلقه كغيره ،من المخلوقات ،فأهل السللنة والجماعللة يقولللون:
هو كلم ال وكلمه صفة من صفاته ،وال بصفاته خالق غيللر مخلللوق،
ومن قال إن صفة من صفات ال مخلوقة فقد كفللر ،وهللذا مللا سللبق نقللله
عن علماء الباضية المشهورين ،أبو النضر من كتابه »اللدعائم« ،وأبلو
الحسن البسيوي من كتابه»الجامع« ،الذي شهد الخليلي نفسه بللأنه العللالم
المحقق ،وأن كتابه من أحسن الكتب جمعًا وتحقيقًا.
وحينما نّفللذ المعتصللم وصللية المللأمون بحمللل علمللاء السللنة علللى
القول بخلق القرآن بالقوة ،وحملهم على هذه العقيدة الباطلللة ،الللتي هللي
كفر ،وكان ذلك في هذا القرآن المكتوب في المصللحف ،ل فيملا يسللمى
بالكلم النفسي لن المأمون والمعتصم لللم يتكلملا فلي ذللك مطلقلًا ،وللم
تحدث بدعة الكلم النفسي إل من عبدال بللن سللعيد بللن كلب الُمَت لَوّفى
بعد سنة 240هل،وقف علمللاء السللنة وقفتهللم المشللهورة ،وتحّملللوا فللي
سبيل رد هذه البدعللة الباطلللة صللنوف التعللذيب والتنكيللل :مللن الحبللس
والضرب والقتل ،وقد أظهرهم ال ونصرهم ،فأظهر ال الحللق وأبطللل
الباطل ،بثبات علماء السنة ول سيما إمام أهل السنة والجماعة أحمد بن
حنبل رحمه ال تعالى.
فقد بّين رحمه ال للمعتصللم والمنلاظرين لله :أن القللرآن كلم الل
وكلم ال صفة من صفاته وال بصفاته واحد أحد ،فمللن قللال إن صللفة
من صفات ال مخلوقة
فقد كفر ،ول يقال في القرآن بخلف ذلك إل بنص من كتللاب ال ل
عز وجل أو حديث من سنة رسول ال ،وقد عجزوا عن التيللان بآيللة
من كتاب ال أو سنة من حديث رسول ال على ذلك ،واقللرأ مللا قللاله
المام أحمد ابن حنبل للمعتصم حين دعاه للقول بخلق القرآن ،فقد جللاء
في البداية والنهاية ) (10/361وما بعدها بعد مناظرات وحلوار طويلل
قال المعتصم) :يا أحمد ،أجبني إلى هذا أجعلك من خاصتي وممن يطللأ
بساطي ،فيقول المام أحمد :فأقول :يا أمير المؤمنين ،يللأتوني بآيللة مللن
كتاب ال أو سنة عن رسللول الل حللتى أجيبهللم إليهللا ،فلمللا لللم يجللب
المعتصم ومن معه ابن أبي دؤاد وغيره ،وقال للله إسللحاق بللن إبراهيللم
نائب بغداد :يا أمير المؤمنين ،ليس من تللدبير الخلفللة أن تخلللي سللبيله
ويغلب خليفتين ،وألحوا على المعتصم حتى حمي واشتد غضللبه وأمللر
بضربه ،وكان يقول لمللن يباشللر ضللربه :شلّد قطللع الل يللديك ،أو كلمللة
نحوها ،والمام أحمد ثابت ،صابر ،محتسب ،لم يجب المعتصم إلى طلبه(.
وهللذا يوضللح زيللف دعللوى الخليلللي ،أن سللبب ذلللك هللو التبللاس
القرآن المنزل في أفهامهم بالكلم النفسي الذي يللراد بلله نفللي الخللرس،
فهذا كلم باطل لم يعرج عليه أحد ممن أثبت صفة الكلم ل عللز وجللل
من أهل السنة والجماعة ،وما سمى بالكلم النفسي ل ُيَعّد كلمًا ل لغللة
ول عرفًا ،باعتراف المؤلف ورده هو لما يسلمى بلالكلم النفسللي ،وقللد
سبقت مناقشته في الكلم النفسللي واتضللح بطلنلله فل حاجللة لعللادته،
لن الكلم ل يسمى كلمًا ول ُيحاسب عليه إل بعد سماعه والنطق به.
والكلم النفسي كما سبق تعريفه :هو القائم بذات المتكلم لم يسمعه
منه أحد.
ونواصل كشف تلبيسات المؤلف أو عدم فهمه وإدراكله للموصلوف
بصفة الكلم لقدرته عليه إن أراد أن يتكلللم ،وللخللرس الللذي ل يسللتطيع
النطق بالكلم ،كما تقدم أنه مللن لزم دعللوى الكلم النفسللي أن الخللرس
يسمى متكلمًا ،وكذلك عدم التفريق عند المؤلف بيللن قللديم النللوع وحللادث
الحاد من الكلم.
فيقول في )ص ) :(109إن التكلم لغة وعرفًا ل يكون إل بمعنللى
إحداث الكلم ،فإذا ُقلت :تكلللم محمللد لللم يفللد قولللك هللذا إل أنلله أحللدث
كلمًا في زمن مضى.
وإذا ُقلببت :يتكلللم ،لللم يِفلد قولللك إل أنلله أحللدث كلملًا فللي الزمللن
الحاضر وكذلك صيغة المر.
قال :ول يعني هذا بأي صيغة من صيغه الثلث الخبار عن كون
الكلم صفة قائمة بذات المتكلم ،أو المطلوب منه التكّلم وإل فمللا معنللى
قولللك لغيللرك تكّلللم إن كللان الكلم المطلللوب قائم لًا بلله ،وهللل هللذا إل
تحصيل حاصل؟( أهل
وأقول :إن هذا الفهم السقيم هللو المشللكلة القائمللة بللذهن المؤلللف ومللن
سبقه من المعتزلة ،الللذين يترسللم خطللاهم ويأخللذ بعقلائدهم الباطلللة ،والفهللم
السقيم هنا أن المؤلف ل يفرق بين القادر على الكلم ،وبيللن صللاحب الفللة
العاجز عن الكلم كالخرس ،وذلك أن السليم من الفللة القللادر علللى الكلم
يتكّلم متى شاء وكيللف شللاء ،وأمللا الخللرس فل يسللتطيع الكلَم لن صللفة
الكلم غير قائمة به ،فل يقدر على إحداث الكلم.
ت- :كما مّثل المؤلف ل تكلم محمد ،أو يتكلم محمد ،أو تكلللم فإذا ُقل َ
يا محمد ،وكان المخاطب سليمًا من آفة الخرس ،فإن صفة الكلم قائمة
به ،وما أحدث من كلم في الزمن الماضللي أو فللي الزمللن الحاضللر أو
ما سيحدثه في المستقبل هو من آحاد الصفة القائمة به ،وقللد أحللدث فللي
الماضي والحاضر ملا هللو قللادر عليلله،كالقللادر عللى المشللي وإن كلان
جالسًا فإنه يستطيع أن يمشي بخلف المقعد أو الطفل الرضلليع فللإنه ل
يستطيع المشي ،لن صفة المشي والقدرة عليه غير قائمة به.
أما إذا كان المخاطب أخرس وقلت لله :تكّللم ،فلإنه ل يسلتطيع أن
يحدث الكلم لن صفة الكلم غير قائمة به ،وإذا طلبللت منلله ذلللك فقللد
طلبت منه المستحيل؛ كما تطلب من الطفللل الرضلليع أن يركللض علللى
رجليه.
يقول شيخ السلم ابن تيمية) :وأمللا الللرب تعللالى :إذا قيللل لللم يللزل
ل لملا يشلاء ،للم يكلن دوام كلونه متكلملًا متكلمًا إذا شلاء ،أو للم يلزل فلاع ً
ل بمشيئته وقدرته ممتنعلًا ،بللل هللذا هللو بمشيئته وقدرته ،ودوام كونه فاع ً
الللواجب؛ لن الكلم صللفة كمللال ل نقللص فيلله ،فللالرب أحللق أن يتصللف
بالكلم من كل موصوف بالكلم ،إذ كل كمال ل نقص فيه ثبللت للمخلللوق
فالخالق أولى به() (154أهل.
ولكن هل تدري ماذا يقصد المؤلف الخليلي مللن قللوله) :إن التكّلللم
لغة وعرفًا ل يكون إل بمعنى إحداث الكلم(؟.
إنه يقصد من ذلك :أن المتكلم يخلق فعله ،فمعنى أحللدث المتكلللم
الكلم خلقه ،لن المعتزلة أشركوا مع الل غيللره فللي توحيللد الربوبيللة،
فكل مكلف عندهم يخلق فعله ،وقد رد عليهم علماء السللنة هللذه البدعللة،
ومن أولئك العلماء المللام البخللاري رحملله اللل ،فقللد رد عليهللم بكتللابه
المعروف بل)خلق أفعال العباد(.
فالمؤلف ينفي أن تكون صللفة الكلم قائمللة بللذات الل عللز وجللل،
وأنه يتكلم متى شاء وكيف شاء ،وقد صّرح بذلك في )ص (109فقال:
)وقد خاطب ال عباده بلغتهم التي يعرفونها ،ومفاهيمهم الللتي يألفونهللا،
فإذا أخبرهم أنه كّلم أحدًا من خلقه في وقت ما ،لللم يفللد إخبللاره هللذا إل
أنه أحدث التكليم في ذلك الللوقت ،فل وجلله لجعللل ذلللك الخطللاب الللذي
سمعه المكّلم أو قرأه صفة أزلية قائمة بذات ال تعالى(.
فقوله...» :لم يفد إخباره هذا إل أنه أحدث التكليم في ذلك الللوقت«
ث( عنللده بمعنللى حَد َ
ن )َأ ْ
يعني أن ال خلق ذلك الكلم في ذلك الوقت ،ل ّ
() 154الفتاوى ).(12/157
خلق؛ ولهذا لم يقل :تكلم في ذلللك الللوقت ،ثللم وضللح ذلللك بقللوله» :فل
وجه لجعل ذلك الخطاب الذي سمعه المكلّلم أو قرأه صللفة أزليللة قائمللة
بذات ال تعالى«.
ويعني بهذا نفي صفة الكلم القائمللة بللذات الل تعللالى وأنلله يتكلللم
متى شاء وكيف شاء.
فهو يقللول :إن الكلم الللذي سللمعه المكّلللم لل مثللل قللول الل تعللالى
لموسى عليه السلم حين خاطبه بقوله} :وما تلك بيمينللك يللا
موسى .قال هي عصللاي أتوكللأ عليهللا وأهللش
بها على غنمي ولي فيها مللآرب أخللرى .قللال
ألقها يا موسى فألقاها فإذا هي حية تسللعى.
قال خذها ول تخف سنعيدها سيرتها الولى{ ]
طه 17ل [21إلى آخر القصة -فهو يقول :هللذا الللذي سللمعه موسللى عليلله
السلم من ال عز وجل بهذا الخطاب خلقه ال عز وجل ولللم يتكلللم بلله
وهو معنى قوله :أحدثه في ذلك الوقت .ولم يقل تكلم به في ذلك الوقت،
ونحن الن نقرأ هذا الكلم الذي أنزله ال ل علللى رسللوله محمللد فهللو
يقول :ل فرق بين سامع الكلم من ال عز وجل كموسى عليلله السلللم،
أو قارئ كلم ال عز وجل ،فإن ذلك كله مخلوق.
فهو ينفي أن تكون صفة الكلم قائمة بلله تعللالى ،وأنلله يتكلللم مللتى
شاء وكيف شللاء وقللد سللبق قللوله) :أنلله لللو أثبللت لل صللفة الكلم فللإنه
-حسب زعمه -يثبت مع ال قدماء( لنلله حسللب زعملله وزعللم أسلللفه
المعتزلة أن الصفة تكون منفصلة عللن ذات الموصللوف قائمللة بنفسللها،
وهذا تصّور فاسد ،ترده النصوص من الكتاب والسّنة والفطر السليمة،
فإن الذات لتوجد إل بصفاتها والذات الللتي ُتجللرد مللن جميللع الصللفات
معدومة ،ل توجد حتى في الذهن إذ ل يتصور وجود ذات بل صللفات،
وقد سبق مناقشته في ذلك تحت عنللوان :شللبهة الخليلللي :فللي أن تعللدد
))
فأعطيه ،من يستغفرني فأغفر له ،من يقرض غير عديم ول ظلوم«.
وقال النبي » :rإن ال أحيا أباك وكّلمه كفاحاً« ) ،(155ومعلللوم
ي .إلللى أضللعاف ذلللك مللن ن علل ّ أنه في ذلك الوقت كّلمه ،وقال له :تمل ّ
نصوص الكتاب
والسنة «...إلخ كلمه ،فمللاذا قللال الخليلللي بعللد سللرده لهللذه النصللوص
التي استدل بها ابن القيللم رحملله اللل) :وقللد دل القللرآن وصللريح السللنة
والمعقول وكلم السلف ،علللى أن الل سلبحانه يتكلللم بمشليئته ،كملا دل
على أن كلمه صفة قائمة بذاته ،وهي صفة ذات وفعل(.
إن الخليلي يغالط ُقّراَءه ويرد نصوص الكتللاب والسللنة والمعقللول
وأقوال السلف ،فيقول) :كل ما ذكره ابن القيم ،فهو حجة له على صحة
ما قرره ،من أن المراد بتكليم الل سللبحانه )إحللداثه للكلم( فللي الللوقت
الذي يكون فيه.
قللال :وإل فمللا معنللى تقييللد تكليملله بالليللل أو النهللار ،أو الللدنيا أو
الخرة ،أو غير ذلك من الزمنة لو كان هذا الكلم نفسه أزليًا(.
هكذا يقول ،وابن القيم يريد بكلمه إيراد الدلة على أن ال يتكلللم
متى شاء ،وأن صلفة الكلم قائملة بله ،والخليلللي ل يلوافقه عللى ذللك،
وإنما يريد أن يحمل كلم ابن القيللم علللى أن إحللداث الكلم معنللاه خلللق
الكلم متى شاء ،ل أن صفة الكلم قائمة بال ،ولكنه يغالط من ل يفهللم
مراده ،وذلك بقوله :بأن ال أحللدث الكلم فللي ذلللك الللوقت ،ومقصللوده
أنه خلقه ،ولم تكن صفة الكلم قائمة به تعللالى ،وإنلله تكّلللم بللذلك الكلم
حسللب مشلليئته ،مللتى شللاء وكيللف شللاء ،وفللي الفقللرة التاليللة كشللف
لمغالطاته.
() 155في قصة جابر بن عبدال حينما قتل عبدال شهيدًا في غزوة أحللد.ذكللر ذلللك ابللن
القيم في مختصر الصواعق المرسلة ،2/297وابن كثير في التفسير .2/141
مناقشة الخليلي في دعواه أن ما أورده ابن القيم
حجة له وكشف مغالطاته في ذلك
() 161البخاري في قصة الفك ،انظر :فتح الباري ح) (4750وهو حديث طويل.
() 162رواه مسلم في السلم ح ).(2202
() 163مسلم ح).(2708
() 164الطحاوية ).(189 / 1
ولبيان ذلك يقول الخليلي في )ص ):(111إن الفرق بيللن إحللداث
ال لكلمه ،وإحداث العبد لكلمه أمران ل ثم شرحهما … إلى أن قللال:
-أما كلم ال فهو كسائر أفعاله من إيجاد وإعدام(.
ويتساءل المسلم :كيف يعدم ال صفة من صللفاته وال ل عللز وجللل
واحد أحد بصفاته ،ومن صفاته كلمه؟ ولهذا أجمع أهل السنة علللى أن
من قال :كلم ال مخلوق فقد كفر؛ لنه بقوله هللذا يقللول :إن صللفة مللن
صفات ال مخلوقة وهذا كفر؟.
قال تعالى مجيبًا للمشركين واليهود الذين سألوا رسللول الل rأن
يصف لهم ربه} :قل هو الله أحد .اللتته الصتتمد .لتتم يلتتد
ولم يولد .ولم يكن لتته كفتتوا ً أحتد{ ولهللذا قللال السلللف عللن
ل ،وأنزللهالقرآن الكريم) :وإن القلرآن كلم الل منله بلدأ بل كيفيلة قللو ً
على رسوله وحيًا …().(165
ل :رد علللى المعتزلللة فقللولهم :كلم اللل منلله بللدأ بل كيفيللة قللو ً
وغيرهم؛ فللإن المعتزلللة والرافضللة -وقبلهللم الجهميللة وإباضللية عمللان
المتأخرين كما يقول الخليلي -يزعمون أن القرآن لم يبدأ منه وإنما خلقه
ل عنه.
ال منفص ً
وفي )ص :(112يصف الخليلي المخلوق حين يتكلم أنه يحتللاج فللي
تكليمه إلى الحنجرة والقصبة الهوائية ،والحلق واللسان والسنان والشللفتان
… .إلخ أوصاف النسان المخلوق.
وأقول :وإلى هنا قام بذهنه التشبيه ،فأراد التنزيه فنفى علن الل علز
وجل أن يتكلم بمشيئته واختياره على ما يليللق بجلللله بكلم ل يشللبه كلم
البشر فال }ليس كمثله شيء وهو الستميع البصتير{ .ولهللذا
() 165الطحاوية ).(1/172
قال الطحاوي في تعريف القرآن ):وأيقنوا أنه كلم الل تعللالى بالحقيقللة
ليس بمخلوق ككلم البرية(.
ويواصل الخليلللي فللي التحريللف الشللنيع لكتللاب الل فيسللتدل بآيللة
كريمة -يستدل بها أهل السنة والجماعة على كيفية إنزال الوحي ،الللذي
ل للله،
أنزله ال تعالى إلى أنبيائه ورسللله ،وبيللان أقسللامه -ويجعلهللا دلي ً
ويللدعم رأيلله بقللول الشللعرية فللي الكلم النفسللي المتفللق عليلله بيللن
الشعرية والباضية كما سللبق ذكللره لللذلك فللي )ص (100كمللا سللبق
ذكر رده هو للكلم النفسي وأنه ل دليل عليه ل من كتاب ول سنة كمللا
في )ص (103من كتابه هذا.
وقد سبق مناقشته فللي الكلم النفسللي وأنلله مضللطرب فيلله ،فمللرة
يثبته ومرة ينفيه ،والذي يظهر أن المر فللي نفيلله وإثبللاته عنللده حسللب
الحاجة ،ولذا نجده هنا احتاج إليه ،فبعد أن ذكللر صللفات المخلللوق ومللا
يحتاج إليه لداء الكلم من حنجللرة ولسللان … إلللخ قللال):وقللد بيللن لنللا
تعالى صفة تكليمه لعباده حيث قال} :وما كان لبشتتر أن يكلمتته
اللتته إل وحيتتا ً أو متتن وراء حجتتاب أو يرستتل رستتول ً
فيوحي بإذنه ما يشاء{ ] الشللورى .[51قال :وناهيللك أنلله سللبحانه
جعل الوحي تكليمًا منه مع أنه إلهام يختص به من يشاء من عباده(.
وأقول :ليس كل الوحي إلهامًا ،وإنما اللهام نوع من أنواع الوحي.
وفلللي أول )ص (113يبلللدأ بلللالتحريف الصلللريح فيقلللول) :وإذا
عرفت ذلك اتضح لك جواز أن يكون التكليم من وراء حجاب إذا أسللند
إلى ال ،بمعنى خلق صوت مسموع ل يصدر عن شيء ينبئ عن مراد
ال ،ويتلقفه سمع من اختصه ال بالتكليم ،وعلللى هللذا يحمللل تكليللم ال ل
لموسى عليه السلم.
ثم يقول :وهو أحد الحتمالين اللذين ذكرهمللا المللام الطللاهر ابللن
عاشور ل وهو مالكي المذهب أشعري العقيدة ل فللي تكليللم ال ل لملئكتلله
حيث قال» :وكلم ال للملئكة أطلق على ما يفهمون به إرادتببه وهببو
المعبر عنه بالكلم النفسي«().(166
المناقشة لهذا الستدلل:
نذكر نص الية الكريمة فلال سلبحانه وتعلالى يقلول مخاطبلًا عبلاده
مبينًا لهم وحيه إليهم} :وما كان لبشر أن يكلمه الله إل وحيا ً أو
من وراء حجاب أو يرسل رسول ً فيوحي بإذنه متتا يشتتاء{
] الشورى .[ 51
إن الية الكريمة قد شملت أنواع الوحي الثلثة:
1ل اللهام 2ل الكلم من وراء حجللاب 3لل إرسللال الرسللول وهللو
جبريل عليه السللم إللى ملن اختصله الل ملن عبلاده باليحلاء إليله وهلم
النبياء والرسل.
ل الخليلي بتكليم ال عز وجل لموسى عليه السلم وهو النوع وقد مث ّ
الثاني من أنواع الوحي :التكليم من وراء حجاب.
فلنناقش هذا :يقول الخليلي إن التكليم من وراء حجاب إذا أسند إلللى
ال ،يكون بمعنى خلق صوت مسموع ل يصدر عن شيء ينبئ عن مراد
صله الل بلالتكليم ،وعللى هلذا يحملل تكليلم اللال ،ويتلقفه سمع من اخت ّ
لموسى عليه السلم.
وحيث إن ال عز وجل قد خللاطب نللبيه موسللى عليلله السلللم فللي
آيات كثيرة وردت في كتاب ال ،فمن المناسب أن نورد بعللض اليللات
شلْرح الخليلللي وتوضلليحه لهللا مسللتقيم مللع
الواردة في ذلك لنللرى هللل َ
نصها وفيما تدل عليه لمن يتحدث اللغة العربيللة ،كمللا شللرحها الخليلللي
() 166التحرير والتنوير ) (6/38ط /الدار التونسية للنشر.
بمللا سللبق ذكللره ،أو أّنلله حّرفهللا تحريفلًا شللنيعًا أخرجهللا عللن مللدلولها
الصريح الواضح؟.
فمن ذلك قللول اللل تعللالى} :وواعدنا موسى ثلثيتتن ليلتتة
وأتممناها بعشر
فتم ميقات ربه أربعين ليلة وقال موسى لخيه هتتارون
اخلفني في قومي وأصلح ول تتبتتع ستتبيل المفستتدين.
ولما جاء موستتى لميقاتنتتا وكّلمتته رب ّتته قتتال رب أرنتتي
أنظر إليك{ ] العراف 142ل [ 143فهل الصوت الذي سمعه موسللى
من ل شيء ؟وهل قال موسى للذي ل شيء حينما سمعه قال له} :رب
أرني أنظر إليك{ ،أي أن نبي ال ل موسللى يقللول للشلليء } :رب
أرني أنظر إليك{؟ ومثل هذه الية في قصة تكليم موسللى مللا جللاء
في سورة القصص وهو قوله تعالى} :فلما قضى موسى الجل
وسار بتأهله آنتتس متن جتانب الطتتور نتتارا ً قتال لهلته
امكثوا إني آنست نارا ً لعلي آتيكم منها بختتبر أو جتتذوة
من النار لعلكم تصطلون -فلما أتاها نودي من شاطئ
الوادي اليمن في البقعة المباركة من الشتتجرة أن يتتا
شتد ّسن َ ُ
موسى إني أنتتا اللتته رب العتتالمين{ إلللى قللولهَ } :
دك بأخيك ونجعل لكمتا ستلطانا فل يصتتلون إليكمتا ض َ
عَ ُ
بآياتنا أنتما ومن اتبعكما الغالبون{ ] القصص 29ل [ 35فمن الذي
يقول} :يا موسى إني أنا اللتته رب العتتالمين{ غيللر اللل عللز
وجل ،فهل ذلك الصوت الذي سمعه موسللى يصللدر مللن ل شلليء ،وهللل
ذاك الذي ل شيء يقول لموسى} :إني أنا الله رب العالمين{.
ولنقرأ ما جاء في سورة طه في تكليللم الل لموسللى عليلله السلللم،
يقللول ال ل تعللالى مخاطب لًا نللبيه محمللدًا } :rوهتل أتتتاك حتتديث
موسى .إذ رأى نارا ً فقال لهله امكثوا إني آنست نارا ً
لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد علتتى النتتار هتتدى .فلمتتا
أتاها نودي يا موسى .إني أنتتا ربتتك فتتاخلع نعليتتك إنتتك
بتتالوادي المقتتدس طتتوى .وأنتتا اخترتتتك فاستتتمع لمتتا
يوحى .إنني أنا الله ل إله إل أنا فاعبدني وأقم الصتتلة
لذكري{ ] طه 9ل .[ 14
فِمّمن سمع موسى ذاك الصوت الذي يصدر ل عن شلليء ؟ ومللن
الذي سمعه موسى وهو يقللول} :إني أنا ربتتك{؟ ومللن الللذي قللال:
}وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى .إنني أنا الله ل إله إل
أنا فاعبدني{ هل سمعه من ل شيء ،وهذا الذي ل شلليء هللو الللذي
اّدعى أنه رب موسى وطلب من موسى أن يعبده؟.
ف لكلم الل رب العللالمين، إن هذا لهللو الضلللل المللبين ،وتحريل ٌ
رب موسى وهارون عن مواضعه ،وهل العقلء يقولون مثل هذا؟
ولكللن الشللعري المعاصللر -غيللر ابللن عاشللور الللذي استشللهد
الخليلي بكلمه؛ لنه مالكي المذهب أشعري العقيللدة كمللا يقللول ،حيللث
سر سماع الملئكة من ال بسماعهم للكلم النفسي الللذي سللبق أن رده فّ
الخليلي نفسه وقال :إنه ل يسمى الكلم النفسي كلمًا ولكن يثبته حسللب
الحاجة إليه -هذا الشعري المعاصر هو:
عبدالرحمن حبنكة :فهو يقول في كتابه »أسللس العقيللدة السلللمية«
)الجزء الثاني ص (249في تعريف الكلم من وراء حجاب في شللرح
الية السابقة يقول :إن ال يخلق الصوت في جسم أو حجللر أو شللجر،
))
والشعرية أنه مخلللوق ،وصللرح بللذلك الشلليخ أبللو سللعيد ،ومحمللد بللن
محبوب رحمهما ال ،واتفق عليه أصللحابنا المغاربللة ،وفاق لًا للمعتزلللة.
ول منكر ذلك فيما قيل إل بعض الحنابلة ( ).(168
((
***
دعوى الخليلي اتفاق الباضية والحنابلة
ثللم بللدأه بقللوله) :إن القللول بقللدم القللرآن ل ل وإن تبللاينت مفللاهيمه
وتشعبت مسالكه باختلف أصحابه فيما بينهم ل ينبجس مللن نبللع واحللد،
وهو عدم التفرقة بين صفة الكلم الذاتية ل تعالى وبين أثرها ،وهو مللا
أنزل من كتبه على رسله.
قال :وأصحاب هذا القول كلهم ملزمون بأن يقولوا بقدم الحوادث
كلها ،فإنها آثار لصفات ال تعالى ،إذ المخلوقات على اختلفها ما هي
إل آثار لقبدرته تعبالى ،ولرادتبه ولعلمبه ،وكبل مبن هبذه صبفة ذاتيبة
قديمة لستحالة اتصبباف الب بأضببدادها( .هببذا هببو المقطببع الول مببن
الدعوى.
المقطع الثاني في الصفحة نفسها قللال) :ومللع اتحللاد مصللدر هللذا
القول نجد بين أصحابه من التنازع والتدافع ما يقضي العجب العجاب،
بحيث ل يمكن أن تجتمع أقوالهم في طريق واحد ،ول تنتهي إلللى غايللة
واحدة ،ولم يقف الحللد عنللد هللذا بللل تجللاوزه إلللى التراشللق فيمللا بينهللم
بالتجهيل والتبديع ،والتقاذف بالتضليل والتكفير(.
المقطع الثالث في الصفحة نفسها والتي تليها وهللو المقصللود مللن
تأليف الكتاب وهو قوله) :وإذا سكتنا عن طللوائفهم المتعللددة ،وأصللغينا
إلى ما تقوله طائفة واحدة فحسب لل وهللي الحنابللة لل وجللدنا ذلللك أمللرًا
عجبًا؛ فقد سلللكوا فللي إثبللات وتفسللير معتقللدهم هللذا طللرائق قللددًا ،كللل
أصحاب طريقة منها يدعون أنهم أسعد بالحق ،وأتبع لقول إمامهم أحمد
بن حنبل ،ومن أمثلة ما اختلفوا فيه:
أ ل صوت قارئ القرآن وتلوته.
ب ل الحروف الهجائية التي تتركب منها كلمات القرآن وغيره.
ج ل تكلم ال هل هو بمشيئته أو بدونها(.
ثم قال في بداية )ص (127من كتابه هذا:
)وبمللا أن خلفهللم فللي الحللروف والصللوات والتلوة متللداخل،
نجمع بينها في عرض أقوالهم فيها ونقدها(.
ثم بدأ بالتمثيل والنقاش.
وقبل الدخول فيما مثل به والللرد عليلله نجيللب علللى الخليلللي فيمللا
جعله عنوانًا وادعى به على الحنابلة ،وسوف ترى أن نقاشه ومغالطاته
كلها موجهة إلللى شلليخ السلللم ابللن تيميللة ولتلميللذه ابللن القيللم؛ لنهمللا
شوكة وشجى في حلوق المبتدعة .فهما بيت القصلليد مللن هللذا الكتللاب،
ول مانع من الرد العلمي على الخطاء وبيان وجلله الحللق فيهللا بللدليله،
ولكن الخليلي يدعي على ابن تيمية ما لم يقل ،ويحمله أخطاء الخريللن
ل له ويرد عليه فيها ،وهذا من أعجب المور، التي يردها ،ويجعلها قو ً
وسترى أمثلة ذلك.
ل عللى المقطلع الول فببأقول :إن السلللف وأتبلاعهم ونبدأ بالرد أو ً
من العلماء قبل المام أحمد بلن حنبلل ومعاصللريه ملن علملاء السلللف،
ومن جاء بعده من الئمة وأتباعهم القائلين :إن القرآن كلم ال منلله بللدأ
وإليه يعود لم يرد في كلمهم )التعبير بقدم القرآن( مطلقًا وإنما أول من
قال هذا )ابن كلب( وابن تيمية يرد على ابن كلب كما فللي الفتللاوى )
،(12/301ونقله الخليلي نفسه ثم نسبه إلى ابن تيمية وَرّد عليلله ،فهللذا
من أعجب عمل الخليلي!.
وإنما يقولون :القرآن كلم ال منه بدأ وإليه يعللود ،سللمعه جبريللل
من ال عز وجل ،ونزل به على محمللد فسللمعه مللن جبريللل وسللمعه
المسلمون من نبيهم ،ثم بّلغه محمد أمته ،ثم بّلغه بعضهم إلى بعللض،
وليللس لحللد مللن الوسللائط فيلله إل التبليللغ ،وقللد تكفللل الل بحفظلله مللن
التحريف والتبديل.
وإليك أيها القارئ الكريم تعريف السلللف -أهللل السللنة والجماعللة-
المثبتين لصفة الكلم ل عللز وجللل القللائلين بللأن القللرآن كلم الل غيللر
مخلوق ،إذ لم يصدر عنهم هذا التعبير الذي ادعاه الخليلللي وهللو قللوله:
)قدم القرآن( كما سيأتي تصريحه بذلك في كتلابه هللذا )ص (149ومللا
بعدها من هذا الفصل.
تعريف القرآن عند أهل السنة
يقول الطحاوي رحملله الل فللي تعريللف القللرآن ...) :وإن القللرآن
ل ،وأنزللله علللى رسللوله وحيلًا ،وصلّدقه كلم ال منه بدأ بل كيفيللة قللو ً
المؤمنلون عللى ذلللك حقلًا ،وأيقنلوا أنله كلم الل تعلالى بالحقيقلة ليلس
بمخلوق ككلم البرية ،فمن سمعه فزعم أنه كلم البشللر فقللد كفللر ،وقللد
ذمه ال وعابه وأوعده بسقر ،حيث قللال تعللالى} :إن هذا إل قتتول
البشر{] المدثر [25علمنا وأيقنا أنه قول خلالق البشللر ،ول يشلبه قللول
البشر().(174
فهذا قول أهل السنة في وصللف القللرآن الكريللم فلللم يصللدر منهللم
ل ...إلخ.القول :بأنه قديم ،وإنما قالوا :القرآن كلم ال منه بدأ قو ً
قال شارح الطحاوية ابن أبي العللز) :وبالجملللة فأهللل السللنة كلهللم
من أهل المذاهب الربعة وغيرهم من السلف والخلف متفقون علللى أن
كلم ال غير مخلوق().(175
المقطع الثاني في )ص :(126
() 174شرح الطحاوية ).(1/172
() 175شرح الطحاوية ).(185 / 1
وقال الشيخ حافظ الحكمي في منظللومته الجللوهرة الفريللدة فللي تحقيللق العقيللدة فللي
تعريف القرآن:
تكلم ال رب البعالمين به قول
له أن سرّيا السقطي قال :لما خلللق الل الحللرف سللجدت للله إل اللللف
فقالت ل أسجد حتى ُأومر.
فقال أحمد :هذا كفر .وهؤلء تعلقوا مللن قللول أحمللد بقللوله :كللل
شيء من المخلوقين على لسان المخلوقين فهو مخلوق ،وبقوله :لو كان
كذلك لما تمت صلته بالقرآن كما ل تتم بغيره من كلم الناس.
وبقول أحمد لحمللد بللن الحسللن الترمللذي :ألسللت مخلوقلًا؟ قللال:
بلى.
قال :أليس كل شيء منللك مخلوقلًا؟ قللال بلللى قللال :فكلمللك منللك
وهللو مخلللوق( إلللى نهايللة السللطر الثللاني مللن أول )صللفحة (85مللن
الفتاوى المجلد ).(12
هذا الذي نقله الخليلي في كتابه من )ص (128 -127نهاية سللطر
) .(15
ثم قال بعده مباشرة) :وفي هللذه الروايللات مللن التنللاقض مللا ليللس
بعده ل وإن ادعى ابن تيميللة عللدم تناقضللها -فللانظر إليهللا أخللي القللارئ
الكريم بعين الستقلل الفكري (...إلخ.
والجواب :إن الخليلي لم يكمل النص عن شيخ السلم ابللن تيميللة
كعادته في التدليس وكان الواجب عليه أن ينقل رد شلليخ السلللم علللى
هذه القوال؛ لن عبارة شيخ السلم فللي عللدم التنللاقض منصلّبة علللى
جواب المام أحمد ،ل على القوال التي نقلهللا شلليخ السلللم عللن ابللن
حامد ،والقاضي ،ونص أنهما من أتباع ابن كلب ،فإنه نقدها ورد على
أصللحابها .وذلللك بعللد المقطللع الللذي اقتصللر عليلله الخليلللي لغللرض
المغالطة والتلبيس ،فقد بدأ شليخ السللم ملن السللطر الثلالث ملن )ص
(85فقال) :قلت :الذي قاله أحمد في هذا البللاب صللواب يصللدق بعضلله
بعضًا وليس في كلمه تناقض ،وهو أنكره علللى مللن قللال :إن الل خلللق
الحروف فإن من قال إن الحروف مخلوقة كان مضمون قوله :إن ال لللم
يتكلم بقرآن عربي ،وإن القرآن العربي مخلوق ،ونص أحمد أيضًا علللى
أن كلم الدميين مخلوق ولللم يجعللل شلليئًا منلله غيللر مخلللوق وكللل هللذا
سري رحمه ال إنما ذكر ذلللك عللن بكللر بللن خنيللس العابللد، صحيح ،وال ّ
فكان مقصودهما بذلك أن الذي ل يعبد ال إل بأمره هو أكمل ممن يعبللده
برأيه من غير أمر من ال ،واستشهد على ذلك بما بلغهما )أنه لمللا خلللق
ال الحروف سجدت له إل اللف ،فقالت :ل أسجد حتى أومر(.
قال :وهذا الثر ل يقوم بمثله حجة فببي شببيء ولكن مقصببودهما
ضرب المثل أن اللف منتصبة في الخط ليسللت هللي مضللطجعة كالبللاء
والتاء فمن لم يفعل حتى يؤمر أكمل ممن فعل بغير أمر.
وأحمد أنكر قول القائل :إن ال ل خلللق الحللروف ،وروي عنلله أنلله
قال :من قال إن حرفًا مللن حللروف المعجللم مخلللوق فهللو جهمللي؛ لنله
سلك طريقًا إلى البدعة ،ومن قللال إن ذلللك مخلللوق فقللد قللال إن القللرآن
مخلوق.
وأحمد قد صّرح هو وغيره من الئمة أن ال ل لللم يللزل متكلم لًا إذا
شاء وصرح أن الل يتكلللم بمشلليئته ،ولكللن أتببباع ابببن كلب كالقاضببي
وغيره تأولوا كلمه على أنه أراد بذلك إذا شاء السماع لنه عندهم لللم
يتكلم بمشيئته وقدرته.
قال وصرح أحمد وغيللره مللن السلللف ،أن القللرآن كلم الل غيللر
مخلوق ،ولم يقل أحد من السلف أن ال تكلم بغير مشلليئته وقللدرته ،ول
قال أحد منهم أن نفس الكلم المعين كللالقرآن أو نللدائه لموسللى أو غيللر
ذلك من كلمه المعين أنه قديم أزلي لم يزل ول يللزال ،وأن الل قللامت
به حروف معينة ،أو حروف وأصوات معينة قديمة أزليللة لللم تللزل ول
تزال ،فببإن هبذا لببم يقلبه ول دل عليله قلول أحمللد ول غيببره ملن أئملة
المسلمين ،بل كلم أحمد وغيره من الئمة صريح في نقيض هللذا ،وأن
ال يتكلم بمشيئته وقدرته ،وأنه لم يزل يتكّلم إذا شاء مع قللولهم إن كلم
ال غير مخلوق ،وإنه منه بدأ ليس بمخلوق ابتدأ من غيره ،ونصوصهم
بذلك كثيرة معروفة فللي الكتللب الثابتلة عنهلم ،مثلل ملا صلّنف أبللو بكلر
الخلل فللي »كتللاب السللنة« وغيللره ،ومللا ص لّنفه أصللحابه وأصللحاب
أصحابه كابنيه صالح وعبللدال وحنبللل وأبللي داود السجسللتاني صللاحب
»السللنن« والثللرم والمللروذي وأبللي زرعللة وأبللي حللاتم والبخللاري
صلاحب »الصللحيح« ،وعثمللان بلن سلعيد الللدارمي وإبراهيللم الحربللي
وعبدالوهاب الوراق( وهكذا استمر في ذكر أسماء علماء السللنة وذكللر
مؤلفللاتهم إلللى أن قلال) :وبسللط هلذا للله موضلع آخللر ،وقللد ذكرنلا فلي
»المسائل الطبرستانية« و »الكيلنية«) ،(176بسط مذاهب الناس وكيف
تشعبت وتفرعت في هذا الصل(.
قال) :والمقصود هنا أن كثيرًا من الناس المتأخرين لم يعرفللوا حقيقللة
ظمهلم ويقلول إنله متبلع لهلم ،ملع إنله كلم السلف والئملة ،فمنهلم ملن يع ّ
مخالف لهم ملن حيلث ل يشلعر ،ومنهلم ملن يظلن أنهلم كلانوا ل يعرفلون
أصول الدين ول تقريرها بالدلئل البرهانية ،وذللك لجهلله بعلمهلم بلل بملا
جاء به الرسول من الحق ،الذي تدل عليه الدلئل العقلية مع السمعية ،فلهذا
يوجد كثير من المتأخرين يشتركون في أصل فاسد ،ثم يفّرع كل قوم عليلله
فروعًا فاسدة يلتزمونها ثم ضرب المثلة لذلك().(177
ولهذا نقول للخليلي :فلأين التضلارب فلي كلم شليخ السلللم ابلن
تيمية أو التناقض الذي تدعيه ظلمًا وجورًا؟.
طلللع عليلله القللارئ
ولو كنت منصفًا لنقلت هذا النص الذي نقلته لي ّ
ويحكم على دعوى التضارب ،لن ابن تيمية بعد أن انتهى مللن المقطللع
الذي اقتصرت عليه من كلمه آخر السطر الثللاني مللن أول )ص ،(85
قللال بعللده فللي السللطر الثللالث :قلللت ،ثللم كتللب هللذا النللص الللذي يللدفع
() 176الكيلنية في هذا المجلد ) (502 -12/323وهللي جللواب علللى سللؤال عللن كلم
الناس وغيرهم وأنه ل فرق بينه وبين كلم ال ...إلخ وقد بسط الكلم على ذلك من
جميع جوانبه بالرد على المخطئين وبيان الصواب في ذلك.
()177الفتاوى . 85-12/83
التضارب أو التناقض ،فهو نقل تلللك النصللوص ثلم رّد عليهلا وبيلن أن
القاضي وغيره من أتباع ابن كلب تأولوا كلم المللام أحمللد علللى أنلله
أراد بقوله) :إن ال لم يزل متكلمًا إذا شاء وإن ال يتكلم بمشلليئته( علللى
أنه أراد بذلك إذا شاء السماع ،لنه عندهم لم يتكلم بمشيئته وقدرته.
ضح معنى كلم المام أحمد المتفق مللع فهو يرد على هؤلء ،ويو ّ
كلم أئمة السلف ،وأنلله كلم ل تضللارب فيلله ،فتعكللس المللر وتضلللل
القراء بما تدعيه تضاربًا ظنًا منك بأن كلمك لن يهيئ ال له من يكشفه
ويبين زيفه للخرين.
ونقول للقارئ الكريم -الباحث عن الحق :-إنه قد اتضللح لللك تلللك
المغالطللة والللدعوى الزائفللة علللى شلليخ السلللم ابللن تيميللة ،وأن هللذا
السلوب الذي اتبعه الخليلي هو أسلوب متبع عند أهللل البلدع ،فللإنهم ل
يتورعون عن ظلم الخرين والفتراء عليهم ،ما دام ذلك العمل يؤيد ما
يذهبون إليه ،وهذا العمل مخالف لما أمللر الل بلله فللي كتلابه ،وأمللر بله
رسوله في سنته ،فال أمر بالعدل ونهى عن الظلم ،وبين ذلك رسوله
لمته فال يقول} :ومن يكسب خطيئة أو إثما ً ثم يرم بتته
بريئا ً فقد احتمل بهتانتا ً وإثمتا ً مبينتا ً{ ] النسللاء [112وأي إثللم
ل لم يقله. أعظم من أن تنسب إلى شخص قو ً
ثم يواصل الخليلي في دعواه التناقض عند شيخ السلم ابن تيمية
فيقول في )ص (129من كتابه -المقطع الخيللر) :-وإن أردت المزيللد
من تناقضهم فاسمع إلى ما يقوله ابن تيمية أيضًا( ثم نقللل عنله ملا يللأتي
ل معروفًا قال به، قال) :أما القول بأن المداد المكتوب قديم فما علمنا قائ ً
وما رأينا ذلك في كتاب أحد من المصنلفين ل من أصللحاب أبللي حنيفللة
ول مالك ول الشافعي ول أحمد ،بل رأينا في كتب طائفة من المصنفين
مللن أصللحاب مالللك والشللافعي وأحمللد إنكللار القللول بللأن المللداد قللديم،
وتكذيب من نقل ذلك ،وفللي كلم بعضللهم مللا يللدل علللى أن المللداد فللي
المصحف حرفًا قديمًا ليس هو المداد؛ ثم منهم من يقول هو ظللاهر فيلله
ليس بحال.(...
ثم استمر فللي نقللل هللذه النصللوص مللن )ص (179مللن الفتللاوى
المجلد ) (12وهي أقوال يحكم عليهللا ابللن تيميللة بالفسللاد والبطلن ،ثللم
نختللم هللذا المقطللع بقللول شلليخ السلللم» :ول ريللب أن مللن قللال :إن
أصوات العباد قديمة فهو مفتر مبتدع له حكم أمثللاله ،كمللا أن مللن قللال:
إن هذا القرآن ليس هو كلم ال فهو مفتر مبتدع له حكللم أمثلاله« فللأنت
ترى أن شيخ السلم ينقللل هللذه القللوال ويللرد علللى أصللحابها ،ولكللن
بماذا يعقب الخليلي على شيخ السلم؟ إنه يعقب علللى هللذه النصللوص
التي صدرها بقللوله) :وإن أردت المزيللد مللن تناقضللهم فاسللمع إلللى مللا
يقوله ابن تيمية(.
فيقول في )ص - (130المقطع الخير -تعقيبلًا عللى ملا نقلله علن
شلليخ السلللم ابللن تيميللة :انظللروا إلللى هللذا التضللارب فللي القللوال
))
والتحزب في الراء من غير دليل يستند إليلله ،إل بتللبرير مللا يتصللوره
كل من هؤلء القائلين أنلله الحللق ،وإل فمللا هللي الحجللة علللى ذلللك مللن
برهان العقل أو صحيح النقل؟(
وأقول :إن أصللحاب القللوال المتضللاربة الللذين يللرد عليهللم شلليخ
السلم ابن تيمية هم أهل البدع في كلم ال ،وقد بدأ هذا الرد من )ص
162ج (12بالرد عللى الجهميلة والمعتزلللة والشللعرية ،وذلللك عللى
جه إليه وهو ما يسللمى )بالمسللألة المصللرية فللي القللرآن( فللرد سؤال ُو ّ
على ما تضمنه السؤال ،بل وصحح السللؤال لصللاحبه ،لنلله سللأل عللن
أشياء ونسب إلى طوائف ما لم تقل بل تعتقد خلفه ،على سبيل المثللال:
جاء فللي السللؤال ذكللر )الحشللوية( فقللال فللي )ص » :(176وأمللا قللول
القائل )حشوية( فهذا اللفظ ليس له مسللمى معللروف ل فللي الشللرع ول
في اللغة ول في العرف العام؛ ولكن يذكر أن أول من تكلللم بهللذا اللفللظ
عمرو بن عبيد وقال :كان عبدال بن عمر حشويًا ،وأصل ذلك :أن كللل
ل تخللالف بلله الجمهللور والعامللة ينسللب إلللى أنلله قللول
طائفللة قللالت قللو ً
الحشوية ،أي الذين هم حشللو فللي النللاس ليسللوا مللن المتللأهلين عنللدهم،
فالمعتزلللة تسللمي مللن أثبللت القللدر حشللويًا ،والجهميللة يسللمون مثبتلله
الصللفات حشللوية .والقرامطللة لل كأتبللاع الحللاكم لل يسللمون مللن أوجللب
الصلة والزكاة والصيام والحج حشويًا.
قال :وهذا كما أن الرافضة يسمون قول أهل السنة والجماعة قول
الجمهور ،وكذلك الفلسفة تسمي ذلك قللول الجمهللور ،فقللول الجمهللور
وقول العامة من جنس واحد«.
المثال الثاني :جاء في السؤال :إن قوماً يقولون أن القللرآن حللادث
بالصوت والحرف وهم الجهمية.
فقللال )ص » :(177وأمللا قللوله :وقللوم ذهبللوا إلللى أنلله حللادث
بالصوت والحرف ل وهللم الجهميللة لل فهللو كلم مللن ل يعللرف مقللالت
الناس فإن الجهمية يقولون :إن ال ل يتكلم وليس للله كلم ،وإنمللا خلللق
شيئًا فعبر عنه ،ومنهم من قال :إنلله يتكلللم بكلم يخلقلله فللي غيللره وهللو
قول المعتزلة(.
قلت :وهو قول المؤلف الخليلي ،وهذا يللبين للقللارئ المنصللف أن
ابن تيمية ل رحمه ال ل ليس عنده تضارب ،وإنما يرد على أهللل البللدع
في كلم ال القدامى وورثتهم -ومن الورثة الخليلي -وهكذا اسللتمر فللي
الجواب على ذاك السؤال الموجه إليه ،ذاكرًا أقوال الطوائف المنحرفة
عن منهج السلف في هذا الباب وذلك من )ص (235 -162وقللد عللاد
الخليلي وقرر أن ابن تيمية لم يقل بقدم المداد كمللا فللي كتللابه هللذا )ص
(134المقطع الخير منها.
وحيث إن الخليلي ل هداه ال ل ل يبالي بالمغالطللة :فللإني أستسللمح
القارئ في نقل ما يتعلق بهذه المغالطات ،من كلم شلليخ السلللم الللذي
اقتطللع الخليلللي منلله فقللرات ،هللي ردود علللى المخللالفين ،ولللم يسللتطع
الخليلي التصريح بأسماء المخالفين لمنهج السلف ،الذين يرد عليهم ابللن
تيمية لنه رد عليه فهو وارثهم ،فعمم الكلم مدعيًا أن هذا الضللطراب
-أو التدافع كما يسللميه -هللو مللن قللول ابللن تيميللة والحنابلللة وابللن القيللم
-وحسب تعبيره :تلميذ ابن تيمية -وقللد نقلل الخليلللي مقلاطع ملن فتلاوى
شيخ السلم ابن تيمية على غير ترتيب ،وإنما للتشويش فقد نقل من) :
،83 /12ل ،85ل ،179ل ،169ل ،135ل ،54ل ،55ل ،88ل ،207ل ،208
،572 ،571 ،93 ،91 ،96 ،427 ،443 ،442 ،363 ،359 ،209
.(567 ،301 ،54 ،86 ،87 ،85 ،336 ،574
وهذه النصوص من هذه الصفحات ،وقد كرر بعضللها بللدأها مللن
كتابه )ص (152 – 128وحيث إنه ليس بإمكان كل قارئ الحصللول
على الفتاوى لشيخ السلم ابن تيمية ،التي ينقل الخليلي مقتطفات منها
مبتورة مدعيًا التضارب فيها ...إلخ.
فأقول :جاء في هذه الصفحات التي ذكرهللا الخليلللي مللن الفتللاوى
المجلد الثاني عشر رد ابن تيميللة علللى الطللوائف المنحرفللة عللن منهللج
السلف فللي كلم اللل ،مبّينلا أخطللاءهم كالجهميللة والمعتزلللة والكراميللة
والشعرية ،أو الذين لم يفهموا ما قصده المام أحمللد مللن قللوله» :مللن
قال لفظي بلالقرآن مخلللوق فهللو جهمللي ،ومللن قللال غيللر مخلللوق فهللو
مبتدع« ،وقد قال الخليلي :أن هذا القول الذي حكاه ابن تيمة عن المللام
أحمد وكذلك تلميذه ابن القيم متضارب ،فإليللك قللول شلليخ السلللم ابللن
تيمية لترى هل هو متضارب ،أو أن الخليلي مغالط يسلك التمويه علللى
ل يفصل بعضه عللن بعللض ،وقللد قللال شلليخ القراء بتقطيع الكلم أوصا ً
السلم في معرض الرد الذي بدأه في )ص 167ل ل ...) :(179ومنهللم
من يقول بحلول القديم في المحدث ،وليس هذا القللول ول القللوال قبللله
قول أحد من سلف المة ول أئمتها ،ولللم يقللل ذلللك ل المللام أحمللد ول
أئمة أصحابه ول غيره من الئمة؛ بل كلهم متفقون علللى النكللار علللى
من قال :إن لفظي بالقرآن غير مخلللوق ،فكيللف مللن قللال صللوتي غيللر
مخلوق؟ فكيف بمن قال :صوتي قديم؟(
ثم قال) :وأما القول بأن المداد الذي في المصللحف قللديم :فهللذا مللا
رأيناه فللي كتللاب أحللد مللن طللوائف السلللم ،ول نقللله أحللد عللن رجللل
معللروف مللن العلمللاء( وهكللذا ،إلللى أول )ص (168قللال) :ورأينللا
طوائف يكذبون هللؤلء فللي النقللل ،قللال :وكللأن حقيقللة المللر أن أولئك
يقولون قول غيرهم بمجرد مللا بلغهللم مللن إطلق قللولهم ،أو ِلَمللا ظنللوه
لزمًا لهم ،أو ِلَما سمعوه ممللن يجللازف فللي النقللل ول يحللرره ،وربمللا
سمعوه من بعض عوامهم إن كان ذلك قد وقع.
قال :وهذا الباب وقع فيه غلط بهذا السبب حتى غلللط النللاس علللى
ظمونه ،وبهذا السبب غّلط أبا طالب المللاُم أحملُد فيمللا نقللله عنلله
من يع ّ
فإنه قرأ عليه} :قل هو الله أحد{ وسللأله هللذا مخلللوق؟ فقللال للله
أحمد هذا ليس بمخلوق .فبلغه أن أبا طالب حكللى عنلله أنلله قللال :لفظللي
بالقرآن غيلر مخلللوق ،فغضللب عليله أحمللد وقلال :أنلا قلللت لللك لفظلي
بالقرآن غيللر مخلللوق؟ فقللال ل ولكللن قللرأت عليللك} :قل هو الله
أحد{ فقلت لك :هذا غير مخلوق فقلت :نعم .فقال :فلم حكيت عني أني
قلت لك :لفظي بالقرآن غير مخلوق؟ فقال :لم أحكه عنللك وإنمللا حكيتلله
عن نفسي ،قال :فل تقل هذا فإني لم أسمع عالمًا يقول هللذا ،ولكللن قللل:
القرآن حيث تصرف كلم ال غير مخلوق.
قال :ولهذا قال البخاري في كتاب »خلق الفعللال« :إن )اللفظيللة(
هؤلء يذكرون قولهم عن أحمد وهللم ل يفهمللون دقللة قللوله ،وموضللع
الشبهة أنه إذا قال هذا فالشارة تكون إلى الكلم من حيث هو كلم ،مع
قطع النظر عما بلغ به من حركللات العبللد وصللوته ،كمللا أن الرجللل إذا
ل يللذكر الل فقللال :هللذا ربللي، كتب اسم ال ل تبارك وتعالىل وسمع قللائ ً
كان صادقًا ،ولو قيل له :أتعبللد هللذا؟ لقللال :نعللم؛ لن المشللار إليلله هللو
المسمى بذلك ،والسم يلراد بله مللن الكلم المؤلللف المسللمى فلإذا قللال:
}محمد رسول الله والذين معتته{ فللالمراد أن المسللمى الللذي
اسمه محمللد هللو رسللول اللل؛ ليللس المللراد أن نفللس اللفللظ والخللط هللو
رسول ال.
قال :ومن هنا تنازع الناس في )السم( هللل هللو المسللمى أو غيللره؟
وكان الصواب أن يمنع مللن كل الطلقيللن ،ويقللال كمللا قللال الل تعللالى:
}ولله السماء الحسنى{ وكمللا قللال » :rإن لب تسببعة وتسببعين
اسمًا من أحصاها دخل الجنبة« .واللذين أطلقلوا أنله المسلمى كلان أصلل
مقصودهم أن المراد به هو المسمى ،وأنه إذا ذكر السم فالشارة به إلى
مسماه ،وإذا قال العبد :حمدت ال ودعوت ال وعبدت ال ل يريللد إل أنلله
عبد المسمى بهذا السم .واللذين نفلوا ذللك رأوا أن نفلس اللفلظ أو الخلط
ليس هو العيان المسماة بذلك(...إلخ )ص .(179
وفي )ص (170قال) :وأصل مقصللود الطللوائف كلهللا صللحيح إل
سل بقوله إلى قول باطل ،مثل قول الجهمية إن السم غير المسمى، من تو ّ
فإنهم توسلوا بذلك إلى أن يقولوا أسماء ال غيره ،ثم قالوا :وما كللان غيللر
ال فهو مخلوق بائن عنه فل يكون الل تعلالى سلمى نفسله باسلم ول تكّللم
باسم من أسمائه ،ول يكون له كلم تكلم به بل ل يكون كلمه إل مللا كللان
مخلوقًا بائنًا عنه.
قال :فهؤلء لما علللم السلللف أن مقصللودهم باطللل أنكللروا إطلقهللم
القول :بأن كلم ال غير ال ،وإن علم ال غير ال ،وأمثال ذلك؛ لن لفللظ
الغير مجمل يحتمل الشيء البائن عن غيره ،ويحتمللل الشلليء الللذي ليللس
هو إياه ول بائن عنه (...قال :وهكلذا أنكلر الئملة قلول ملن قلال :لفظلي
))
بالقرآن مخلوق أو غير مخلوق« .وقالوا :من قال هو مخلوق فهو جهمي،
ومن قال غير مخلوق فهو مبتدع(.
أقول :إن الخليلي نقل هذا التعبير الللذي بيللن القوسللين ) مللن قللال:
لفظي بالقرآن مخلوق (..علن الصلواعق لل لبلن القيلم لل كملا فلي )ص
(127من كتابه ،كما كرره في أماكن أخرى عللن ابللن تيميللة ،ثللم قللال:
)وحكوا عن أحمد قوله :من قال لفظللي بللالقرآن مخلللوق فهللو جهمللي،
))
ومن قال غير مخلوق فهو مبتدع(( ثم قال :وفي هذا النللص الللذي رووه
من التناقض ما ل يخفى على عاقل ،فإنه ل توسط بين الخلللق وعللدمه،
فالشيء إما أن يكون مخلوقًا أو غير مخلللوق ،فللإن كللان مخلوقلًا فلمللاذا
يضلل من قال بخلقه؟ وإن كان غير مخلوق فلماذا يبلّدع مللن قللال بعللدم
خلقه؟ (
هكذا يقول في اعتراضه على هذا التعبير الوارد عن المام أحمد.
وإليك جواب ابن تيمية على ما يببدعيه الخليلببي تناقضبًا ،لتعللرف
تعبير السلف عن كل شبهة يتعللق بهلا المبتدعلة للوصللول إللى أقللوالهم
الباطلة ،يقول شيخ السلللم فلي )ص 170ج (12ملن الفتللاوى ،قللال:
)وهكللذا أنكللر الئمللة قللول مللن قللال :لفظللي بللالقرآن مخلللوق أو غيللر
مخلوق ،وقالوا :من قال هو مخلوق فهو جهمي ،ومن قال غير مخلللوق
فهو مبتدع ،قال :وكذلك قالوا في )التلوة والقراءة( ثم بين سللبب ذلللك،
فقللال :لن اللفللظ والتلوة والقللراءة يللراد بهللا المصللدر الللذي هللو فعللل
العبد ،وأفعال العباد مخلوقة ) (178فمن جعل شيئًا من أفعالهم وأصواتهم
وغير ذلك من صفاتهم غير مخلوق فهو مبتدع.
ويراد باللفظ نفس الملفوظ كما يراد بالتلوة والقللراءة نفللس الكلم
وهو القرآن نفسه.
ومن قال كلم ال الذي أنزله على نبيه وقرأه المسلمون مخلوق
فهو جهمي(.
هكذا يقول شيخ السلم ابن تيمية في توضيح ما قلاله المللام أحمللد،
وهو بحمد ال واضح لمن يريد الحق ،ول تناقض فيه بوجه مللن الوجللوه،
ثم يزيد ذلللك توضلليحًا فيقللول ) :ومللن المعلللوم أنلله إذا سللمع النللاس كلم
ث بحديث النبي كقلوله» :إنمبا العمبال بالنيبات وإنمبا لكبل حّد ُ
ث ُي َ
حّد ٍ
ُم َ
امرئ ما نوى« ) (179قالوا :هذا كلم النبي أو هذا كلمه بعينه ،لنهم
قد علموا أن النبي تكلم بذلك الكلم لفظلله ومعنلاه ،وتكلللم بصللوته ثلم
المبّلغ له عنه بّلغه بصوت نفسه ،فللالكلم كلم النللبي هللو الللذي تكلللم
بمعانيه وأّلف حروفلله بصللوته ،والمبّلللغ للله بّلغلله بفعللل نفسلله وصللوت
نفسه.
فإذا قالوا :هذا كلم النبي،كانت إشارتهم إلى نفللس الكلم الللذي
هو الكلم حروفلله ونظملله ومعللانيه ،ل إلللى ملا اختللص بله المبللغ ملن
حركاته وأصواته؛ بل يضيفون الصللوت إلللى المبّلللغ فيقولللون :صللوت
حسن وما كان في الكلم مللن فصللاحة حروفلله ونظملله وبلغللة معللانيه
() 178أفعال العباد مخلوقة كما قال ال تعالى} :وال خلقكم ومللا تعملللون{ فللال خللالقهم
وخللالق أفعللالهم ،وعنللد المعتزلللة :إن العبللد يخلللق أفعللاله .والخليلللي يقللول بقللول
المعتزلة.
() 179أخرجه البخاري في صحيحه كتاب بدء الوحي ح ).(1
فإنما يضاف إلى المتكلم به ابتداء ل إلى المبّلغ للله ،ولكللن يضللاف إلللى
المبّلللغ حسللن الداء كتجويللد الحللروف وتحسللين الصللوت ولهللذا قللال
تعالى} :وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتتتى
يسمع كلم الله{ ]التوبة .[ 6
قال :وكان النبي يعللرض نفسلله علللى النلاس فيقللول» :أل رجببل
يحملنببي إلببى قببومه لبلببغ كلم ربببي« ) ،(180وقللال النللبي » :rزينببوا
القببرآن بأصببواتكم« ) .(181وقللال» :ل ب أشببد أذن بًا إلببى الرجببل يحسببن
الصوت بالقرآن من صاحب القينة إلى قينته«).(182
قال :فبين ال ورسوله أن القرآن المسللموع كلم ال ل ل كلم أحللد
من المخلوقين ،والناس يقرؤونه بأصللواتهم ،فمللن قللال :إن هللذا القللرآن
المسموع ليس هو كلم ال ،أو هو كلم القارئين كان فساد قوله معلومًا
ل ،كما أن مللن قللال :إن هللذا الصللوت المسللموع بالضرورة شرعًا وعق ً
ليللس هللو صللوت العبللد أو هللو صللوت اللل ،كللان فسللاد قللوله معلوم لًا
ل ،بللل هللذا هللو كلم الل ل كلم غيللره سللمعه بالضللرورة شللرعًا وعق ً
() 180التوحيد لبن مندة )ح (617الدارمي /فضلائل القلرآن ،بلاب القلرآن كلم الل )
) (2/317ح .(3357
() 181أخرجه البخاري في صحيحه كتاب التوحيد باب قول النبي » :rالمللاهر بللالقرآن
مع السفرة الكرام البررة ،وزينوا القرآن بأصواتكم« ح).(527
() 182أخرجه ابن ماجه في كتاب إقامة الصلة والسنة فيهللا ،بللاب فللي حسللن الصللوت
بالقرآن.
وأحمد في المسند ) (1/425رقم ) (1340ورقم ).(2399
وابن حبان في صحيحه ) (1/131رقم ).(754
بلفظ » :ل أشد أذنًا إلى الرجل الحسن الصوت بالقرآن يجهر به من صللاحب القينللة
إلى قينته«.
جبريل من ال ،وسللمعه النللبي مللن جبريللل ،وسللمعه المسلللمون مللن
نبيهم ،ثم بّلغه بعضهم إلى بعض وليس لحد من الوسائط فيه إل التبليغ
بأفعاله وصوته ،لم يحللدث منهللم أحللد شلليئًا مللن حروفلله ول نظملله ول
معانيه ،بل جميع ذلك كلم ال تعالى().(183
وفللي )ص :(136نقللل الخليلللي كلمللًا عللن شلليخ السلللم مللن
الفتللاوى ) (12/571يقللول فيلله) :إن ابللن تيميللة بعللد أن ذكللر أن أحمللد
وأكللثر أصللحابه اشللتد إنكللارهم علللى الللذين قللالوا :بللأن تلوة العبللاد
وألفاظهم بالقرآن غير مخلوقة وحكموا عليهم بالبدعة وأمروا بهجرهم،
نجد ما يخالف ذلك في كلمه بنفسه حيث يقللول» :وأمللا الحللروف هللل
هي مخلوقة أو غير مخلوقة؟ فالخلف فللي ذلللك بيللن الخلللف مشللهور،
فأما السلف فلم ينقل عن أحد منهم أن حروف القللرآن وألفللاظه وتلوتلله
مخلوقة ول ما يدل على ذلك «...إلخ.
ثم قلال :ول داعلي إللى التعليلق عللى هلذا الكلم ،فلإذا كلانت تلوة
التالي للقرآن غير مخلوقة ،مع أنها فعل من أفعاله والتالي نفسلله مخلللوق،
وكل أفعاله كائنة منه بعد أن لم تكن ،فحسبي ال آمنت بلله سللبحانه رب لًا ل
شريك له (...إلخ.
والجواب :أقول سبق توضيح هذا من كلم شيخ السلم توضلليحًا
بينًا لم يستطع الخليلي أن يناقشه مطلقًا ،وأعيده هنا مرة أخرى ليعللرف
سر الخليلي سببه عجزه عن الجواب ل تعجبًا من الكلم. القارئ أن تح ّ
فقد جاء فلي )ص (171 -170ملن الفتلاوى المجللد ) (12اللذي
ينقل منه هذه المقاطع ما يأتي) :وهكذا أنكر الئمة قول من قال :لفظللي
بللالقرآن مخلللوق أو غيللر مخلللوق .وقللالوا :مللن قللال هللو مخلللوق فهللو
جهمي -قلت :وهو قول الخليلي -ومللن قللال غيللر مخلللوق فهللو مبتللدع.
() 183الفتاوى ).(12/172
قال :وكذا قالوا في التلوة والقراءة( ثللم وضللح ذلللك فقللال) :لن اللفللظ
والتلوة والقراءة يراد بهما المصدر الذي هو فعل العبد ،وأفعال العبللاد
مخلوقة ،فمن جعل شيئًا من أفعالهم وأصواتهم وغير ذلك مللن صللفاتهم
غير مخلوق فهو مبتدع(.
فشيخ السلم يصّرح بأن فعللل العبللد الللذي هللو صللوته وحركللاته
مخلوقة .ولكنه ينفي الجانب الخر فيقول) :ويراد باللفظ نفللس الملفللوظ
كما يراد بالتلوة والقراءة نفس الكلم وهو القرآن نفسه.
ومن قال كلم ال الذي أنزله على نبيه وقرأه المسلمون مخلوق
فهو جهمي( اهل.
وقد نقل الخليلي هذا النص ولم يستطع الرد عليه .فأين التضارب
وأين الذي يخالف به ابن تيمة كلمه السابق؟ -كما يدعي.-
وقوله) :ومنهم من كّفره(.
فإليك نص كلم ابن تيمية في مسألة التكفير لتعرف أن )الخليلللي(
َيرمي الكلم على عواهنه.
يقول ابللن تيميللة )ص ) :(180وأمللا التكفيللر فالصللواب أنلله مللن
اجتهد من أمة محمد وقصد الحق فأخطأ ،لم يكفر؛ بل ُيغفر له خطأه،
ن َتبّين له ما جاء به الرسللول ،فشللاق الرسللول مللن بعللد ملا تلبين للله
وَم ْ
صللرالهدى ،واتبع غير سبيل المؤمنين؛ فهو كافر .ومللن اتبللع هللواه وق ّ
في طلب الحق وتكلم بل علم ،فهو عاص مذنب .ثم قد يكون فاسقًا وقللد
تكون له حسنات ترجح على سيئاته.
فالتكفير يختلف بحسب اختلف حال الشخص ،فليس كل مخطللئ
ول مبتدع ول جاهل ول ضال يكون كافرًا (...إلخ.
ي قللولفأين التكفير المطلق لمن أخطأ فللي القللول فللي القللرآن؟ وأ ّ
أعدل من هذا الحكم المفصل في المخطئين؟.
ولكن الهوى هو الذي يللدفع صللاحبه إلللى أن يقللول عللن الخريللن
ل هم برءاء منه. قو ً
ل من الفتاوى ) (574 -12/572في ثم إن الخليلي نقل نصًا مطو ً
كتابه هذا آخر )ص (138 – 136ابتدأه بقوله) :وقال ابن تيمية أيضًا:
...وهناك ثلثة أشياء: ))
أحدها :حروف القرآن التي هللي لفظلله قبللل أن ينللزل بهللا جبريللل
وبعد ما نزل بها ،فمن قال إن هذه مخلوقللة فقللد خللالف إجمللاع السلللف،
فإنه لم يكن في زمانهم من يقول هذا ...إلخ.
الثاني :أفعال العباد وهي حركاتهم التي تظهللر عليهللا التلوة ،فل
خلف بين السلف أن أفعال العباد مخلوقة...إلخ.
الثالث :التلوة الظاهرة من العبد عقيب حركللة اليللة ،فهللذه منهللم
من يصفها بالخلق -،وأول مللن قللال ذلللك فيمللا بلغنللا حسللين الكرابيسللي
وتلميذه أبو داود الصبهاني وطائفة -فأنكر عليهم ذلك علماء السنة فللي
ذلك الوقت وجمهورهم ،وهم اللفظية عند السلف الذين يقولون :ألفاظنللا
بللالقرآن مخلوقللة أو القللرآن بألفاظنللا مخلللوق ونحللو ذلللك ،وعارضللهم
طائفللة مللن أهللل الحللديث والسللنة كلثيرون فقللالوا :لفظنلا بللالقرآن غيللر
مخلوق ،والذي استقرت عليه نصوص المللام أحمللد وطبقتلله مللن أهللل
العلم أن من قال :لفظي بالقرآن مخلللوق فهللو جهمللي ،ومللن قللال :غيللر
مخلوق فهو مبتدع ،هذا هو الصللواب عنللد جمللاهير أهللل السللنة ،أن ل
يطلق واحد منهما كما عليه المام أحمد وجمهور السلف؛ لن كل واحد
من الطلقين يقتضي إيهامًا لخطأ.
فإن أصوات العبللاد محدثللة بل شللك ،وإن كللان بعللض مللن نصللر
السنة ينفي الخلق عن الصوت المسموع من العبد ،وهو مقدار ما يكون
من القرآن المبلغ.
فإن جمهور أهل السنة أنكللروا ذلللك وعللابوه ،جري لًا علللى منهللاج
أحملللد وغيللره مللن أئملللة الهلللدى وقللال النللبي » :rزينبببوا القبببرآن
بأصواتكم« (...إلخ ما نقله الخليلي وهللو كلم واضلح لملن أراد الحللق
الذي تدل عليه الدلة النقلية والعقلية.
شبَهة عند صاحبها ثم يرد عليها. فابن تيمية كما ترى يذكر ال ّ
ولكن بماذا يعقب الخليلي علللى هللذا؟ .نجللده يقللول فللي آخللر )ص
(138من كتابه هذا ):وكلمه هذا ل يختلللف عللن سللائر مللا سللبق نقللله
عنه ،مما يدل على تضارب أقللوالهم ،ونقللض حججهللم فه لو ل يحتللاج
إلى تعليق من هذه الحيثية ثم ذكر نقاطًا كلها من جنس ما سبق(.
وفي أول )ص (140قال) :وستوافيك إن شاء ال هذه الحجج في
الفصل الخير المعقللود لللذلك مللن هللذا المبحللث( قللال ذلللك عقللب بيللت
مشهور أورده عند عجزه عن رد ما سبق من كلم ابللن تيميلة الواضللح
حيث قال في آخر )ص :(139
بخراسان وتعصب فيها على البخاري ل مع جللته وإمامته للل وإن كللان
الذين قاموا عليه أيضًا أئمة أجلء .
((
جل للقارئ هذا الحكم على من قال عنه شيخ السلللم: ولكنه أراد أن يع ّ
)وجلللدت بخللط بعللض الشلليوخ الللذين لهللم علللم وديللن يقلللول) :مللات
البخاري ...إلخ ثم قال ابن تيمية بللأن هللذا مللن أبيللن الكللذب علللى أحمللد
والبخاري ،وكاتبه جاهل بحالهما (...إلخ النص الذي ذكره.
فإذا كان هذا الشيخ الذي لم يسمه شيخ السلم ثبللت عنلله أن ذلللك
الكلم كتبه بخطه وأخطأ فيه ،وبين شيخ السلم ابللن تيميلة خطللأه ولللم
ل يسوغ لنفسه الكذب؟. يقّره عليه ،فمن أين لنا دليل أن ذلك الرجل أو ً
وإذا فرضنا أنه عمل ذلك ،فما ذنب ابن تيمية وقد رد عليه؟.
وأخيرًا ما دليل الخليلي على أن أهللل الكبللائر يخلللدون فللي النللار؟
وال يقول} :إن الله ل يغفر أن يشرك به ويغفتتر متتا دون
ذلك لمن يشاء{ ] النساء [48وفي صحيح البخاري من حللديث أبللي
ذر» :من مات على التوحيد دخل الجنببة وإن زنببى وإن سببرق ،كررهببا
ثلثًا«).(184
وفي صحيح أبي داود قال رسول ال » :rشفاعتي لهل الكبببائر
من أمتي«) .(185وسيأتي بحث هذا الموضوع عند مناقشللته فللي دعللواه
)خلود أهل الكبائر في النار( في الجزء الثالث من هذا الكتاب.
في )ص (144 -142نقل الخليلي عن شلليخ السلللم ابللن تيميللة
من
) 86ل ،91ل (93المجلد الثاني عشللر مللن الفتللاوى مقتطفللات مللن هللذه
الصفحات .فنقل مللن )ص (89 -88عللن شلليخ السلللم كلملًا يتعلللق
بالحروف ،وعن ابن عقيل وعن القاضي يعقوب الللبرزيني ،وفللي )ص
(144نقل مقطعًا من )ص (86ثم أتبعه في الصفحة نفسها بمقطع مللن
)ص (91ثم قال) :وبعد ما نقللل ابللن تيميللة كلملله أردفلله بقللوله :هللذا
))
ومن قبله وبعده من الئمة نصلوا عللى أن كلم الدمييلن مخللوق نصلًا
مطلقًا ،بل نص أحمد وكثير من الئمة على )أفعال العباد( عمومًا وعلى
)كلم الدميين( خصوصًا ،ولم يمتنعوا عن هذا الطلق لجللل الشللبهة
التي عرضت لهؤلء المبتدعة المخالفين ،حتى يقول قائل منهللم أو مللن
غيرهم :أنه ل يقال مخلوق ول غيللر مخلللوق لجللل شللبهتهم ،أو لكللون
الكلم في ذلك بدعة «...إلخ وفللي )ص (325ذكللر أقللوال العلمللاء فللي
)اللفظية( فقال» :روي في )كتاب السنة( فللي الكلم علللى اللفظيللة عللن
أبي بكر بن زنجويه قال :سمعت أحمد بن حنبل يقللول :مللن قللال لفظللي
بالقرآن مخلوق فهللو جهمللي ،ومللن قللال غيللر مخلللوق فهللو مبتللدع ول
يكلم«).(186
قللال الخلل» :وأخبرنللا أبللو داود السجسللتاني قللال :سللمعت أبللا
عبدال يتكلم في )اللفظية( وينكر عليهم كلمهم «...إلخ.
() 186تقدم توضيح هذا ردًا على الخليلي.
وفي )ص (326التي نقل منها الخليلي نص التكفير قال الخلل:
وأخبرني أبلو بكلر الملروزي حلدثنا محملد بلن يحيلى الزدي حللدثني ))
مسدد قال :كنت عند يحيللى القطللان وجللاء يحيللى بللن إسللحاق بللن توبللة
العنبري ،فقال له يحيى :حدث هذا يعني مسددًا كيف قال حماد بللن زيللد
فيها؟ أي )مسألتنا( فقال سألت حماد بن زيد عمن قال :كلم الناس ليس
بمخلوق ،فقال :هذا كلم أهللل الكفللر ،وقللال يحيللى بللن إسللحاق :سللألت
معتمر بن سليمان عمن قال :كلم الناس ليس بمخلوق فقال :هذا كفر((
اهل.
فهذا هو سياق الكلم في هذه المسألة ،ليس فيها نص على شخص
معين ل البرزيني ول غيره.
أما دعوى الخليلي أن ابن تيمية لم يعلق عليهمللا لل أي علللى حمللاد
بن زيد والمعتمر بن سليمان إل بما يقتضي تأييدهما-
فببالجواب علببى هببذا :أن الخليلللي ل يفللرق بيللن الكفللر المطلللق
والتكفير المعين ،ولهذا ادعى على ابللن تيميللة هللذه الللدعوى ،مللع أن
شيخ السلم ابن تيمية وضح هذا في آخر بحث هذه المسألة في )ص
(487و الخليلي قد طوف بصفحات هذا المجلد مللن الفتللاوى فنقللل مللن
)ص (326هذا الذي يريده ،كما نقل مللن )ص ،384ل (567وغيرهللا
من الصفحات كما سبقت الشللارة لللذلك ،ول شللك ول ريللب أنلله اطلللع
على كلم شيخ السلم في )ص (487في قضية )التكفير( ورأى كلم
شيخ السلم في بيان الفرق بيللن )التكفيللر( المطلللق و )تكفيللر المعيللن(
ولكنه لم يشأ نقل ذلك ،لنه يفسد دعلواه عللى شليخ السلللم فلي قللوله:
ولم يعلق عليهما ابن تيمية إل بمقتضى تأييدهما((. ))
وأقول :سبق نص كلم حماد بللن زيللد حيللث قللال :مللن قللال كلم
))
الناس ليس بمخلوق قال :هذا كلم أهل الكفر ،وقال معتمر بن سللليمان:
هذا كفر((.
فهو -كما ترى ل كلم مطلق ولم يكن معينًا لشللخص بعينلله بحيللث
قال :إن فلنًا كافر ،واقرأ كلم شيخ السلم في هذا فقللد قللال فللي )ص
(487وهو يتحدث عما أصاب الناس في فهللم اللفللاظ المطلقللة العامللة
من كلم أئمتهم في مسألة )التكفير(.
فقال :وسبب هذا التنازع تعارض الدلة ،فإنهم يرون أدلة توجب ))
إلحاق أحكام الكفر بهللم ،ثللم إنهللم يللرون مللن العيللان الللذين قللالوا تلللك
المقالت من قام بلله مللن اليمللان مللا يمتنللع أن يكللون كللافرًا فيتعللارض
عندهم الدليلن ،وحقيقة المر أنهم أصابهم في ألفللاظ العمللوم فللي كلم
الئمة ما أصاب الولين في لفللظ العمللوم فللي نصللوص الشللارع ،كلمللا
رأوهم قالوا :من قال كذا فهو كافر اعتقد المستمع أن هللذا اللفللظ شللامل
لكل من قاله ،ولم يتدبروا أن التكفير للله شللروط وموانللع قللد تنتفللي فللي
حق المعين ،وأن التكفير المطلق ل يستلزم تكفير المعين إل إذا وجللدت
الشروط وانتفت الموانع((.
ل واقعًا يبين هللذا الصللل العظيللم عنللد أهللل السللنة ثم ضرب مثا ً
وذلك بما عمللله المللام أحمللد بلن حنبلل فقللال فلي )ص :(489– 488
»يبين هذا أن المام أحمد وعامة الئمة ،الذين أطلقوا هللذه العمومللات
ل لل قللد
لم يكفروا أكثر من تكلم بهذا الكلم بعينه .فإن المام أحمللد لل مث ً
باشر )الجهمية( الذين دعوه إلى خلق القرآن ونفي الصفات ،وامتحنللوه
وسائر علماء وقته وفتنوا المؤمنين والمؤمنات الذين لم يوافقللوهم علللى
التجهم بالضرب والحبس والقتل والعزل «..إلخ.
ثم قال :ومعلوم أن هذا من أغلظ التجهم ،فإن الدعاء إلللى المقالللة ))
أعظم من قولها ،وإثابة قائلها وعقوبة تاركها أعظللم مللن مجللرد الللدعاء
إليها ،والعقوبة بالقتل لقائلها أعظم من العقوبة بالضرب.
قال :ثم إن المام أحمد دعا للخليفة وغيره ممللن ضللربه وحبسلله،
واستغفر لهم وحللهم مما فعلوه به من الظلللم والللدعاء إلللى القللول الللذي
هو كفر.
قال :ولو كانوا مرتدين عن السلم للم يجلز السلتغفار لهللم ،فلإن
الستغفار للكفلار ل يجلوز بالكتلاب والسلنة والجمللاع ،وهللذه القلوال
والعمللال منلله ومللن غيللره مللن الئمللة صللريحة فللي أنهللم لللم يكفللروا
المعينين من الجهمية الللذين كللانوا يقولللون :القللرآن مخلللوق وأن الل ل
يرى في الخرة.
ثم قال :وقد نقل عن أحمد ما يدل على أنه كّفر بلله قوملًا معينيللن،
فأما أن يذكر عنه في المسألة روايتان ففيه نظر ،أو يحمللل المللر علللى
التفصيل فيقال :من ُكّفر بعينه فلقيام الدليل على أنه وجدت فيلله شللروط
التكفير )(187وانتفت موانعه ،ومن لم يكفره بعينه فلنتفاء ذلك في حقله،
هذا مع إطلق قوله بالتكفير على سبيل العموم(( .ثللم ذكللر الدلللة علللى
هذا الصل من الكتاب والسنة والجماع والعتبار...إلخ اهل.
ولهذا نقول للقارئ ل للخليلي ،لنه مطلع على كلم شيخ السلللم
ابن تيمية :أين تكفير )المعين( من كلم شيخ السلم ابن تيمية؟.
() 187بين هذه الشروط في )ص (466من هذا الجزء فقال :وليس لحد أن يكفللر أحللدًا
من المسلمين وإن أخطأ وغلط حتى تقام عليه الحجة وتبين للله المحجللة ،ومللن ثبللت
إسلمه بيقين لم يزل ذلللك عنلله بالشللك ،بللل ل يللزول إل بعللد إقامللة الحجللة وإزالللة
الشبهة.
فابن تيمية ينقل كما ترى عن المام أحمد أنه لم يكفر المعينين من
الجهمية الذين دعوه إلى المقالة ،اللتي هلي كفللر بلل حللهللم مللن عملهللم
لوجود شبهة عندهم.
فكيف يقول :إنه يكفر من أخطأ كالبرزيني وابن عقيل .ثم إن لفللظ
حماد بن زيد والمعتمر بن سليمان هو لفظ عام وهو إطلق لفظ الكفللر
على هذا القول .وليس إطلقًا على معين ،لن المعيلن ل يجللوز تكفيللره
إل بعد إقامة الحجة عليه وإزالة الشبهة عنه ،وهللذا هلو ملذهب السلللف
وأتباعهم.
ولكن إليك القللول السللخيف الللذي يللرده شلليخ السلللم علللى قللائله
ويقول عنه بأنه لغو ملن القلول اللذي ل يقلوله مسللم ول عاقلل .وإليلك
تعبير الخليلي ودعواه على القائلين بأن القرآن كلم ال ل لفظلله ومعللانيه
ل ،وسللنتبع وعلى شيخ السلم ابن تيمية الللذي ينصللب للله العللداء بللاط ً
قوله بنقل النللص عللن شلليخ السلللم ابللن تيميللة لتعلللم زيفلله فللي القللول
وتحميله شيخ السلم بما هو منه براء.
يقول الخليلي الواصف لطائفته الباضية بأنهم أهل الستقامة وهو
يمثلهم في العصر الحاضر في )ص (145 – 144قال) :وبمللا تجللده
من خلف حاد بينهم في هذه المسألة بحيث يتعذر الجمللع بيللن أقللوالهم،
تدرك أنهم لم يتقيدوا فيها بضوابط ،ولللذلك أرسللل بعضللهم فيهلا عنلان
القول ،حتى زعم أن جلد المصللحف والوتللد الللذي يعلللق بلله ومللا حللول
الوتد من الحائط ،كل ذلك من كلم ال فهو غير مخلوق في زعمهم(.
ولعلم الخليلي أنه كلم مرذول مردود استدرك فقال:
)وهو وإن عزاه ابن تيمية إلى جهلتهللم) ،(188فمللا أدراك لعللل أولئك
يعدون معارضيهم هم الجهلة ويزعمون أيضلًا مثلهلم أنهلم أسللعد بمللذهب
المام أحمد(.
ثم قال) :وبهذا تدرك أخي القارئ خطورة هذه العقيدة ومللا جرتلله
صَفِة الِقَدم على مللا ل يمللاري عاقللل
ضَفاء ِ نإ ْعلى السلم من بلء ،فإ ّ
ول يكابر حس في حدوثه ،كللالجلود والوتللاد والحللوائط ،أمللر ل يبقللي
بعده إل إثبات ِقَدم العالم بأسره ...إلخ(.
وأقول للقارئ الكريم الباحث عن الحق:
إليك نص كلم شيخ السلللم ابللن تيميللة لتعلللم زيللف الخليلللي فللي
كلمه ،ومغالطاته للقراء الكرام من أبناء طللائفته وغيرهللم ،ممللن يظللن
بكللل مللن ادعللى العلللم أنلله ل ينقللل عللن الخريللن ول ينسللب إليهللم إل
أقوالهم ،ول يدعي عليهم خلف مللا يقولللون؛ لن ال ل يقللول فللي كتللابه
الكريم مخوفًا ومحذرًا عباده من سللوء حصللائد ألسللنتهم} :ما يلفتتظ
من قول إل لديه رقيب عتيد{ ] ق .[ 18
يقول شيخ السلم ابن تيمية في بداية هذا النللص مللن )ص -380
.(381
قال) :فصل( :ثم إن فروخ )اللفظيببة النافيببة( الذين يقولللون بللأن ))
أعيانهم مثل سكان بعض الجبال :إن الورق والجلد والوتد وما أحاط به
من الحائط كلم ال ،أو ما يشبه هذا اللغو من القول الذي ل يقوله مسلم
ول عاقل((.
فهذا كلم شيخ السلم في هؤلء الجهال الذين قللالوا هللذا القللول
الباطل.
وأترك للقارئ الكريم الباحث عللن الحللق أن يقللارن بيللن مللا نسللبه
الخليلي لشيخ السلم ابن تيمية وبين ما نقلته عنه في هذا النص ،ورده
على أولئك الجهللال المتطرفيللن كمللا وصللفهم وأن ذلللك القللول ل يقللوله
مسلم ول عاقل.
وإنمللا أعلللق علللى قللول الخليلللي السللابق فللي تعقيبلله المشللار إليلله
ونصه:
)وبهذا تدرك أخي القارئ خطورة هذه العقيدة وما جّرته علللى السلللم
من بلء( ،هذا قول الخليلي.
فللأقول :إن هللذا الكلم ينطبللق علللى المثللل السللائر )رمتنببي بببدائها
ت(.
وانسّل ْ
فما هي العقيدة الخطيرة التي جرت على السلم والمسلللمين البلء،
هل هي عقيدة سلف المة والمتبعين لهم بإحسان مللن أن القللرآن كلم الل
لل للل تكلم به بمشيئته وقدرته ،وقد سمعه جبريل عليلله السلللم مللن
ال ونزل به على محمد، وكل مسلم يعلم أن المة السلللمية مللن عهللد
الصحابة رضوان ال عليهم وأتباعهم كانوا على كلمة سواء فللي عقللائدهم
وعباداتهم وجميع شؤون حياتهم.
ينهلون من المعين الصافي كتاب الل عللز وجللل وسللنة رسللوله
التي ضمن لمن تمسك بهما أن ل يضل كما قال » :rتركت فيكم ما إن
تمسكتم به لن تضلوا كتاب ال وسنتي« ).(189
ولم يحدث بين المسلمين ما يفرق كلمتهم ،ويشتت شللملهم ،ويكفللر
بعضهم بعضًا ،إل عندما دخلت علللى المسلللمين هللذه العقيللدة الخطيللرة
التي هي القول )بخلق القرآن( من اليهود.
كما اعترف الخليلي نفسه بذلك في كتابه هللذا )ص (106 – 105
وهللو يتحللدث عمللن أشللعل هللذه الفتنللة ،وهللل القللرآن مخلللوق أو غيللر
مخلوق قال:
)وقد أشللعل نلار هللذه الفتنللة بعللض الللدخلء فللي المللة الللذين تقمصللوا
السلم لحاجات في نفوسهم أرادوا قضللاءها ،أهمهللا إذكللاء نللار الفتنللة
بين طوائف المة ،وتقسلليمها إلللى شلليع وأحللزاب }كل حزب بمتتا
لديهم فرحون{ .ولعل على رأس هؤلء أبا شاكر الديصللاني الللذي
قيل عنه أنه يهودي تظاهر بالسلللم ،(...هللذا قللول الخليلللي فللي كتللابه
هذا.
ت عللى نفسللك ونقول :يا خليلي اتق ال وعللد إلللى الحللق ،فقلد أثبل ّ
بقلمك في هذه الصفحة )ص (106فقلللت بعللد كلمللك السللابق) :وكللان
الرعيل الول من السلف الصالح مضى إلى ربه قبللل أن تسللمع آذانهللم
طنينًا من القول في هذا الموضوع( ،فإذا كان أول مللن أشللعل نللار هللذه
الفتنة بين المسلمين )اليهود( كما قلت ،فكيللف يصللح لللك أن تقللول) :إن
الذي يقول القرآن كلم ال لل للل وإن الل يتكللم بمشليئته وقلدرته
متى شاء وكيف شاء على أساس قوله تعالى} :ليس كمثله شتتيء
وهو السميع البصير{.وقوله }إنما أمره إذا أراد شتتيئا ً أن
()) 189سنن الدارقطني ) (4/245رقم ).(149
يقول له كن فيكون{ ويرد على من خلالف السلللف اللذين مضللوا
ولم تسمع آذانهم طنينًا من القول )بخلق القلرآن( وأن أول من قلال ذللك
اليهود ،وأخذ ذلك الفكللر اللدخيل الجعلد بلن درهلم ،وضلحى بله خالللد
القسللري ،فهللو أول مللن قللال :القللرآن مخلللوق ثللم صللاحبه الجهللم بللن
صللفوان ،فكيللف يسللوغ لللك وبللأي منطللق تجعللل مللن رّد علللى هللؤلء
باطلهم ،بأن عقيدتهم خطيرة وجلّرت علللى السلللم والمسلللمين البلء؟
ألم يجر البلء على السلللم والمسلللمين ،وتسللفك الللدماء بسللبب عقيللدة
)القول بخلق القرآن(؟ ألم يكن الدعاة لهذه العقيدة المعتزلة الذين تفتخللر
بالنتساب إلللى عقيلدتهم فلي كلل ملا يقوللون؟ إن قللب الحقلائق وجعلل
عون النلاس الباطل حقًا ليس من أسلوب العلماء اتبلاع السللف الللذين َيلْد ُ
إلى التمسك بالكتاب والسنة ،وإنما هذا أسلوب أهل الباطل ،ول شك أن
الباطللل مللدفوع وزاهللق كمللا قللال اللل تعللالى} :وقل جاء الحتتق
وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا ً{] .السراء .[81
إن باطل أولئك المعتزلة الذين لّبسوا على المأمون والمعتصللم قللد
أزهقه ال بثبات أهل السللنة علللى عقيللدة الحللق؛ وأن القللرآن كلم اللل،
وعلى رأس أولئك إمام أهل السنة أحمد بن حنبل ل بإجمللاع المللة ،وقللد
أثنى عليه حتى علماء الباضية ،وقد ذكرت ذلك الثناء في كتابللك هللذا،
وقد أزهق ال ذلك الباطل وأعاد الحق إلى نصابه ،على يد مللن امتحللن
وهو المام أحمد ،وقد طلب منه خليفة المسلمين المعتصم أن يجيبه إلى
ما يدعوه إليه من القول) ،بخلق القرآن( ويكافئه بأن يجعله يطأ بساطه،
هكذا قال له المعتصم فبماذا أجابه؟ قال له :يأتوني على ما يللدعون إليلله
بآية من كتاب ال أو حديث من سنة رسول ال فعجزوا ،فكان مللوقفه
موقف العالم الذي ل يريد إل نصر الحق مقتديًا برسول ال الللذي ل
ينتقم لنفسه ،وإنما يغضب لل ويقللدم نفسلله فللي سللبيل الل فللإذا انتهكللت
حدود ال فل يقوم لغضبه أحد حتى ينفذ أمر اللل ،ولهللذا فللإن المللام
أحمد عفا عن الذين امتحنوه وآذوه في نفسه حيللن انتصللر الحللق ودمللغ
الباطل.
ونقول :إن كلم أهل الباطل وتلبيساتهم مدموغة بالحق ومللردودة
على أصحابها ،ونختم الرد على هذا الفصل بكشف هذه المغالطللة الللتي
يكررها في كتاباته ،فقد ختم هذا الفصل من )ص 150إلللى (153بعلد
تكراره لنقل مقتطفات من فتاوى شيخ السلم ابن تيمية المجلللد )/ 12
من ص .(567 ،301 ،54 ،86
حيث قال) :ويستخلص من كلمه هذا ما يلي:
1ل تفسير قدم كلمه تعالى بكونه سبحانه قد كان في الزل متكلم لًا ...
إلخ.
2ل أن ابن تيمية وجميع علماء سلفه الذين يعتمد عليهم ل يقولون في
القرآن المنزل على نبينا أنه قديم العين ،كما ل يقولللون ذلللك فللي شلليء
من الكتب المنزلة ،ول أي كلم ينسب إليله تعلالى كاللذي كّللم بله موسلى
عليه السلم ،ول يقولون في شيء من ذلللك إنلله صللفة قديمللة أو أنلله قللائم
بذات الحق تعالى.
قال :وهذا ل خلف بيننا وبينهم فيه ،وإنما هللو مخللالف لمللا نللص
عليه كثير من الشعرية والكلبية أو الحنابلة أنفسللهم مللن كللون القللرآن
موصوفًا عينه بالقدم ...إلخ.
3ل أنهم مع اعترافهم بعدم قدم القرآن وسائر الكتب المنزلة ينفللون
عنها صفة المخلوقية ويضللون أو يكفرون من قال بخلقها.
قال :وهذا محط العجب وموضع الستغراب(.
ثم علل عجبببه هببذا بقببوله) :فللإن الكائنلات بأسللرها إمللا أن تكللون
قديمة أزلية لم يسبق وجودها عدم ،وإما تكون حادثللة كللانت بعللد أن لللم
تكللن ،وهللي فللي هللذا الكللون بحاجللة إلللى مللن أخرجهللا مللن العللدم إلللى
الوجود.
قال :وهذا هو معنى الخلق كما سبق في مقدمة هذا المبحث.
ثم قال :ول أدل على وجود الخالق سبحانه من حدوث مخلوقللاته،
ثم قال :ولذلك نجد في القرآن التعجيب مللن حللال أولئك الللذين ينكرونلله
تعالى ،أو يشّكون فيه مع قيام هذه الشواهد الدالة عليلله مللن خلقلله ،كمللا
تجللد ذلللك واضللحًا فللي قللوله سللبحانه} :أفي اللتته شتتك فتاطر
السموات والرض{ ] إبراهيم [10مع النصللوص القرآنيللة القاطعللة
بأن ال خلق الشياء كلها كقوله تعالى} :الله خالق كتتل شتتيء{
]الرعد .([16
ثم أضاف مغالطة أخببرى فقببال فللي )ص ) :(152وقللد يتبللادر أن
الخلف بيننا وببينهم ل يعدو أن يكون لفظياً ما داموا يعترفون بحدوثه،
وإنما أمسكوا عن القول بخلقه الذي أقدمنا عليه(.
ثم قال) :والجواب يمكن أن يكون كذلك لو أنهللم اكتفللوا بالمسللاك
ولم يضللللوا أو يكّفللروا مللن أطلللق القللول بمللوجب ملا أفللادته نصللوص
القرآن المشار إليها ،(...إلى أن قال) :وإن كنا نقنع في القضللية باعتقللاد
أن القرآن كلم ال ووحيه وتنزيله( ،ثم نقض هذا بقللوله) :وإن مللا عللدا
ال مخلوق ولو لم يخص القللرآن باعتقللاد خلقلله ،لنللدراجه فللي العمللوم
وهذا الذي مضى عليه السلف من الصحابة فمن بعدهم قبل نشوب فتنللة
الخلف في القضية وعليه مضى المتقدمون السابقون من علماء عمللان
كما سبق(.
قال) :وقد صرح ابن تيمية نفسه فيما مضى أنلله لللم يقللل أحللد مللن
الصحابة ول التابعين بقدمه(.
قال) :وإذا كانوا لللم يقولللوا بقللدمه فمللن أيللن لهللم أنهللم قللالوا بنفللي
خلقه؟ مع أن هذه القضية لم يثر بحثها إل بعد انطواء عصورهم؟(
قال) :ومن المعلوم قطعًا أن الصحابة رضوان ال عليهم ما كللانوا
لينفوا صفة المخلوقية عن شيء غير ال سللبحانه ...مللع إجمللاع العقلء
أن ما لم يكن قديمًا فهللو حللادث ،وأن كللل حللادث ل بللد للله مللن محللدث
أحدثه أي أخرجه من العدم إلى الوجود وهذا هو عين الخلق(.
فهللذه هللي الخلصللة الللتي توصللل إليهللا الخليلللي مللن كلم شلليخ
السلم ابن تيمية وعلماء سلفه كما يقول.
والجواب على ذلك:
أوًل :أن ما جاء في الفقرة الولى ،وهو قوله :أن ابن تيمية يفسللر
قدم كلم ال تعالى أنه سبحانه قد كان متكلمًا في الزل.
وفي الفقرة الثانية :أن ابن تيميلة وجميللع علمللاء سلللفه ل يقولللون
في القرآن إنه قللديم )العيللن( ول فللي الكتللب المنزلللة ول الللذي كّلللم بلله
موسى ...ول في شيء من ذلك أنه صفة قديمة أو أنه قائم بذات الحق.
وقوله :إنه ل خلف في ذلك بينه وبين ابن تيمية وعلماء سلفه.
فأقول :إن الكلم تكرر على هذا مراراً بسبب تكراره له لنه ليس
عنده حجة على دعواه في خلق القرآن إل مللا يسللميه بالحللدوث؛ أي أن
آحاد الكلم الذي يتكلم ال به ل مللن قللرآن ،وتللوراة وغيرهللا -أنلله خلقلله
لنه ل يصف ال عز وجل بصفة الكلم مطلقًا وقد سبق هذا مكررًا.
وكلم شيخ السلم ابن تيمية وجميع علماء السلف يقولون أن ال
لل للل متصف بصفة الكلم وأن هذه الصفة صفة كمال قائمة بال
عز وجل ل كما يدعي أنهم يقولون )إن صفة الكلم ليست قائمللة بللذاته
تعالى( وأنه سبحانه يتكلم مللتى شللاء وكيللف شللاء ،ويقولللون :إن الكلم
قديم النوع حادث الحاد.
فمن كلمه تعالى )القللرآن( تكلللم بلله ،وسللمعه منلله جبريللل عليلله
السلم ،ونزل به إلى محمد وسمعه محمللد مللن جبريللل ،وبّلغلله أمتلله
وأمرهللم بتبليغلله .وإن مللن كلملله جميللع الكتللب المنزلللة كالصللحف
والتوراة والنجيل وغيرها.
وأن موسى عليه السلم سمع كلم ال حين كلمه كما قال تعالى:
}ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه{.
أما الشعرية والكلبيللة فقللد تكللرر أيضلًا :أن شلليخ السلللم ابللن
تيمية رحمه ال يرد عليهم دعواهم ل أن صفة الكلم هي الكلم النفسي
القائم بالذات ،وأن القرآن عبارة أو حكاية عن ذلك المعنى النفسي القائم
بالذات.
وأما الفقللرة الثالثلة :وهللي قللوله) :وأنهلم ملع اعلترافهم بعلدم قللدم
القرآن وسائر الكتب المنزلة ينفون عنها صفة المخلوقية ،ويضللللون أو
يكفرون من قال بخلقها .قال :وهذا محط العجب وموضع الستغراب(.
فببأقول :إن هللذه هللي المشللكلة المستعصللية عنللد الخليلللي وسلللفه
القائلين بخلق القرآن.
فإن الشبهة القائمة بأذهانهم أنهللم إذا وصللفوا ال ل بصللفة )الكلم(
وكذلك جميع الصفات الختيارية .فقد شّبهوه بخلقه لنهم ينفون عن ال
لل للل هذه الصفات فعندهم أنهم إذا وصللفوه بصللفة الكلم فهللذه
الصللفة تحتللاج مللن المتكلللم إلللى هللذه الجللوارح الللتي يشللاهدونها فللي
المخلوق من اللسان واللهاة والحنجرة ،وال منزه عن ذلك.
وأهل السنة والجماعة يقولون :إن الل عللز وجللل منلّزه عللن هللذه
الجوارح لنه ليس كمثله شيء ،ل في ذاته ول في صفاته وهو السللميع
البصير.
ويقولون :إن ال يتكلم متى شاء وكيف شاء ،ول يشترط للكلم ما
قام بأذهان هؤلء من التشبيه للخالق بالمخلوق .ثم انتقلوا إلللى التعطيللل
وهو نفي صفة الكلم عن ال لل للل لن ال لل للل قد أخللبر
أن هذه الجوارح تنطللق يللوم القيامللة كمللا قللال تعللالى} :اليوم نختم
على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهتتم بمتتا كتتانوا
يكسبون{ ] يس [ 65فهذه اليدي والرجللل تنطللق ول لسللان لهللا...
إلخ.
وقد نص ال في كتابه أنه يكّلم عباده متى شاء وكيف شاء.
فقد كّلم موسى عليه السلم حين جاءه لميقللاته ،ويكّللم ملئكتلله ويسللألهم
عن عباده وهو أعلم بهم يقول لهم» :كيف تركتم عبادي ،فيقولببون :تركنبباهم
وهبم يصبلون وجئنباهم وهبم يصبلون« ) ،(190وغيلر ذللك ملن النصلوص
الكثيرة من الكتاب والسنة.
جبه وهو قوله) :فإن الكائنات بأسرها إمللا أن تكللون وأما تعليله لتع ّ
قديمة أزلية لم يسبق وجودها عدم ،وإما أن تكون حادثة بعد أن لم تكللن
وهي في هذا الكون بحاجة إلى من أخرجها من العدم إلى الوجللود .وإن
هللذا معنللى الخلللق .وقللوله :و ل أدل علللى وجللود الخللالق سللبحانه مللن
حدوث مخلوقاته مع النصوص القرآنية القاطعة بللأن الل خلللق الشللياء
كلها كقوله} :الله خالق كل شيء{(.
فأقول :نعم إن الكائنات بأسرها محدثة وليسللت قديمللة ،وأن الللذي
أخرجها مللن العللدم إلللى الوجللود هللو الل عللز وجللل ،والل علز وجللل
بصفاته هو الول الذي ليس قبله شيء.
()) 190أخرجه البخاري في صحيحه كتاب مواقيت الصلة باب في فضل صلة العصر
،ح ).(555
ومن صفاته عز وجل )الكلم( وقد أخرج هللذه المخلوقللات الدالللة
على وجوده بكلمه فقللال تعللالى} :إنما أمره إذا أراد شتتيئا ً أن
يقول له كن فيكون{.
وقال تعالى} :قل أئنكم لتكفرون بالتتذي خلتتق الرض
في يومين{ إلللى قللوله} :ثتتم استتتوى إلتتى الستتماء وهتتي
دخان فقال لها وللرض ائتيا طوعا ً أو كرهتا ً قالتتتا أتينتتا
طائعين{ ]فصلللت ،[11-9وقوله تعالى} :خلق الستتموات بغيتتر
عمد ترونها وألقتتى فتتي الرض رواستتي أن تميتتد بكتتم
وبث فيها من كل دابة وأنزلنا من الستتماء متتاًء فأنبتنتتا
فيها من كل زوج بهيتتج .هتتذا خلتتق اللتته فتتاروني متتاذا
خلق الذين من دونه بتتل الظتتالمون فتتي ظلل متتبين{
] لقملللان 10لللل ،[11للل وقللال تعللالى} :إن ربكتتم اللتته التتذي خلتتق
الستتموات والرض فتتي ستتتة أيتتام ثتتم استتتوى علتتى
العتترش يغشتتي الليتتل النهتتار يطلبتته حثيث تا ً والشتتمس
والقمر والنجوم مسخرات بأمره أل لتته الخلتتق والمتتر
تبارك الله رب العالمين{ ]العللراف ،[54فللال هللو الخللالق لهللذه
الكائنات كلها .خلقها بأمره وهو قوله للشيء إذا أراده )كن( فيكون.
كما قال تعالى} :إنما أمره إذا أراد شتتيئا ً أن يقتتول لتته
كن فيكون{.
وقللول الخليلللي :مللع النصللوص القرآنيللة القاطعللة بللأن الل خلللق
))
وإن أخطأ وغلط ،حتى تقام عليه الحجللة وتللبين للله المحجللة ،ومللن ثبللت
إسلمة بيقين لم يزل ذلك عنه بالشك؛ بل ل يزول إل بعللد إقامللة الحجللة
وإزالة الشبهة((.
وذلك في المور الخفية التي يشكل على المسلم تبين الحق فيها.
فنقول للمؤلف :فأين تكفير ابن تيمية للمعين؟ فمن قال هللذا القللول
الذي هو كفر قبل إقامة الحجة عليه وإزالللة الشللبهة عنلله ل يكفللر ،وقللد
أورد بعللد هللذا موقللف المللام أحمللد بللن حنبللل ممللن امتحنللوه و غيللره
ودعوهم إلى هذه البدعة الضللة ولم يكفرهم.
ن ما عدا ال مخلوق ولو لم يخللص القللرآن باعتقللاد وأما قوله :وإ ّ
))
صّدر المؤلف الخليلي هذا الفصل بتمهيد بنى عليه حكمًا ب مبدعياً
على القائلين بنفي خلق القرآن أنه قولهم الذي بنوا عليه القببول بنفببي
خلببق القببرآن بب وهببو افببتراء عليهببم ،لنببه يركببز فببي رّده علببى شببيخ
السلم ابن تيمية وتلميذه ابن القّيم ،ثببم ينسببب إليهمببا ظلم بًا وافببتراء
أقوال الكلبية والشعرية ومن يقول بقولهم ،وهو افببتراء فببي النسبببة
وظلم في الحكم ،لنه حكم مرتب على افتراء وبهتان.
ل لغير قائله أو فاعله فقد بهته. لن من نسب قوًل أو فع ً
ففي هذا التمهيد يقببول فببي )ص ) :(154سبببق فببي صببدر هببذا
المبحث بيان الشبهة التي نشأ عنها القببول بعببدم خلبق القببرآن وسببائر
الكلم المنزل :وهي التباسه عند قائلي ذلك بصفة الكلم التي يراد بها
نفي الخرس …( إلخ.
قلت :وهو يقصللد بصللفة الكلم الللتي يللراد بهللا نفللي الخللرس مللا
ذكره في )ص (100 -99في مقدمة البحث بعد أن ذكللر صللفة الخلللق
وأن القرآن والكتب المنزلة مخلوقة كسائر المخلوقات كما وضللح ذلللك
في )ص (103 – 101ثم قال) :وأما الفرق بين الكلم النفسللي وبيللن
القرآن وسائر الكتب المنزلة فهو أن الكلم النفسي صفة ذاتية ل تعللالى
يثبت بها كماله لل للل وينفي بها عنه صفة النقص ،ذلك لن إثبات
الكلم نفي لضده وهو الخرس.
قال :وذهبت المعتزلة إلى الكتفاء في نفللي الخللرس عنلله سللبحانه
بصفة القدرة ،قال :ولعل بعض أصحابنا يرون هللذا الللرأي ،وأصللحابنا
الذين أثبتوا الكلم النفسي اتفقللوا مللع الشللعرية فللي كللونه يختلللف عللن
ل ول كلمللات تقلوم سائر الكلم فهو ليلس حروفلًا ول أصللواتًا ،ول جم ً
بذاته عز وجل إذ ليس المراد به إل انتفاء صفة الخرس عنه سبحانه(.
إلى أن قال فللي )ص ) :(103ونحللن عنللدما نتحللدث عللن خلللق القللرآن
فإنما نتحدث عن هذا القرآن المتلو باللسن المكتللوب فللي المصلاحف لل
السابق تعريفه ل ولسنا نتحدث عن الكلم النفسللي ،إذ لللم يقلم شلاهد ملن
الكتللاب نفسلله ول مللن السللنة علللى تسللميته قرآنللًا ،وإنمللا اصللطلحت
الشاعرة على تسميته بذلك ،ول مشاحة في الصطلح ،غيلر أنهلم لللم
يستندوا في اصطلحهم هذا على شيء ثلابت سللماعه ،فلللذلك لللم نعلّول
عليه ونحن نثبت ل صفة الكلم كما قال المام ضياء الدين عبللدالعزيز
الثميني رحمه ال في معالمه » :اعلللم أن الكلم يضللاف تللارة إلللى ال ل
تعللالى علللى معنللى نفللي الخللرس فيكللون صللفة ذات علللى مللا مللر فللي
ل مللنالصفات ،وتارة يضاف إليه على معنللى أنلله فعللل للله فيكللون فع ً
أفعاله سبحانه ،فمعنى كونه متكلمًا على الول أنه ليس بللأخرس وعلللى
الثاني أنه خالق الكلم« وفي )ص (108قلال) :وقللد اسللتقريت أسلباب
اللبس في هذه المسألة حتى اشتد نكير طائفة من المسلمين على من قال
بخلق القرآن فوجدته يعود إلى أمرين اثنين:
أولهما :التباس القرآن المنزل فللي أفهللامهم بللالكلم النفسللي الللذي
يراد به نفي الخرس.
ثانيهما :التباسه بعلم ال سبحانه وتعالى بلله مللع أن صللفتي الكلم
والعلم قديمتان(.
قلت :إن ما ادعاه المؤلف الخليلي من أن الشللبهة الللتي نشللأ عنهللا
القول بعدم خلق القرآن وسائر الكلم المنزل ...إلخ.
ل يقول بها أهل السللنة والجماعللة سلللف هللذه المللة ،ومللن يقللول
بقولهم ويتبع نهجهم ،ومنهم شيخ السلم ابن تيميللة وتلميللذه ابللن القيللم؛
لن المؤلف الخليلي يركز في رده عليهما وهما يردان على مللن يللدعي
الكلم النفسي ،ول يعدان الكلم النفسي كلمًا ،وإنما هذا قللول الكلبيللة
والشعرية وقد اعترف المؤلف الخليلي بلأن أصللحابه الباضللية اتفقللوا
مع الشعرية على إثبات ما يسمى بالكلم النفسي والشعرية والكلبية
-وكل الذين يقولون بالكلم النفسي -متفقون مع المعتزلللة علللى أن هللذا
القرآن الموجود بين أيدينا مخلوق.
وهللذا القللول هللو قللول المؤلللف الخليلللي والمعتزلللة بنللص كلم
الخليلي كما في )ص (118 -117فقد نقل نصًا عن الفخر الرازي من
تفسيره ) (188-187 /27ونصًا عن ابن عاشور في تفسيره »التحرير
والتنوير« لسورة النساء ) (6/38ثم قللال) :ومللن قللول هللذين المللامين
الشعريين يتبين لك ثبوت ما قاله المحقلق الخليلللي) (199ملن أن موقللف
الشعرية من هذا القللرآن المنللزل علللى الرسللول عليلله أفضللل الصلللة
والسلللم ،المتلللو باللسللن ،المحفللوظ فللي الصللدور ،والمكتللوب فللي
الصللحف ،ل يختلللف عللن موقفنللا وموقللف المعتزلللة وغيرهللم القللائلين
بخلقه ،وهذا الذي يعنيه المام نور الدين السالمي رحمة ال عليه حيللث
جعل الخلف بيننا وبينهم لفظيًا فحسب() (200اهل.
قلببت :وهللؤلء هللم الللذين يللرد عليهللم شلليخ السلللم ابللن تيميللة
المعتزلللة والباضللية -الللذين يمثللل المؤلللف الخليلللي بعضللًا منهللم-
والشاعرة الللذين يقولللون بللالكلم النفسللي؛ وأمللا القللرآن الموجللود فللي
المصاحف المقروء باللسن فإنهم جميعًا يقولون إنه مخلوق.
مخلوق وعلى أنه غيلر قلائم بلذات الل سلبحانه باسلتثناء أحملد بلن حنبلل
وبعض أتباعه ...إلخ(.
2ل ل عبللدالرحمن حبنكللة الميللداني :فللي كتللابه )العقيللدة السلللمية
وأسسها( ) (2/249الطبعة الولى ) 1385هل( قال :النوع الثاني ل مللن
))
قلت :ومناجاة موسى ربه من جانب الطور هو ملا جلاء فللي قللوله
تعالى:
}فلما أتاها نودي من شاطئ الوادي اليمن فتتي البقعتتة
المباركة من الشتتجرة أن يتتا موستتى إنتتي أنتتا اللتته رب
العالمين{ ] القصص [30ومعنى هذا عند حبنكللة الشللعري أن الشللجرة
التي خللق فيهلا الصلوت وهللو القلرآن ،قلالت لموسللى :إنلي أنلا الل رب
العالمين!.
وبهذا يتضح لك أيها القارئ الكريللم أن مللا ادعللاه المؤلللف شللبهة
إنما هو شبهة عنده وعند من يقول بذلك من إباضية وأشعرية وكلبيللة،
فهم عندما أدركوا أن نفي صفة الكلم عن ال نقص ل وهي من صللفات
الكمال ل لن ال عللز وجللل قللد نعلى عللى بنلي إسللرائيل الللذين اتخللذوا
العجل إلهًا حيث وصفه ال ل ل ل لل ل بصللفات النقللص الللتي يتنللزه
الباري عنها ،ومنها أنهم اتخذوا ذلك إلهًا وهو ل يتكلم فقلللال} :واتخذ
قوم موسى من بعده من حليهم عجل ً جسدا ً لتته ختتوار
ألم يروا أنه ل يكلمهم ول يهديهم سبيل ً اتخذوه وكتتانوا
ظالمين{ ] العراف .[148
فنعللى الل علللى بنلي إسللرائيل ضللللهم وجهلهللم وعبلادتهم عج ً
ل
اتخذوه إلهًا ،وهم يرون أنه ل يكلمهم ول يهللديهم إلللى خيللر ،فالللذي ل
يتكلم كيف يصح أن يكون إلهًا.
فلما رأى هؤلء المنحرفون عن منهج السلف أن نفي صفة الكلم
عن الل عللز وجللل نقلص -لن الكلم ملن صلفات الكملال -لجلأ الكلبيلة
والشاعرة وبعض الباضية إلى مللا يسللمى )بللالكلم النفسللي( وأمللا ألفللاظ
القرآن فصرحوا بأنها مخلوقة.
وأما المعتزلة ،فصرحوا بأن القرآن مخلوق ونفوا عللن ال ل صللفة
الكلم وسيأتي ذكر شللبهة القللائلين بخلللق القللرآن الللتي سللماها المؤلللف
الخليلي أدلة في )ص (163من كتابه هذا وسنناقشها فللي موضللعها إن
شاء ال تعالى.
ثم إن المؤلف الخليلي وهو يذكر أدلة القائلين بنفي خلق القرآن
كما يراها هو ويختار منها ما يريد فيذكره ويللرد عليلله ولللذا فقللد اختللار
لهم ستة أدلللة نقليللة ،حيللث قللال فللي )ص ) :(154وبجللانب مللا ذكرتلله
-ويعني به )نفي الخرس( الللذي سللبق الللرد عليلله -تعلللق أصللحاب هللذا
القول بأمور:
أحدها :إن ال تعللالى امتللن علللى عبللاده بتعليمهللم القللرآن ل بخلقلله
حيث قال} :الرحمن علم القرآن{ ]الرحمن - [ 2 -1ثم قال في الرد
على هذا-:وهو كما ترى احتجاج سلبي بما ل ينص على عدم الخلق ول
ل علللى عللدم الخلللق يفهم منه ذلك بحال ،فإن المتنان بالتعليم لو كان دلي ً
لقتضى ذلك أن يكون البيان كله غير مخلللوق لقللوله سللبحانه إثللر ذلللك:
}خلق النسان .علمه البيان{ ]الرحمللن [4-3ولللم يقللل :خلللق للله
البيان ،وإنما المتنان في الموضعين كان بالتعليم ل بللالخلق لنلله منشللأ
النتفاع بهما وقد امتلن الل عللى عبلاده بتسللخير المخلوقللات لهلم قللال:
}وسخر لكم ما في السموات ومتتا فتتي الرض جميع تا ً
منه{ ] الجاثيللة [13فهل يقللال بللأن ذلللك حجللة علللى عللدم خلللق مللا فللي
السموات وما في الرض(.
فالحجللة الللتي ذكرهللا لهللل السللنة فللي أن القللرآن كلم ال ل غيللر
مخلوق هي هذه اليات من كللللم ال عز وجل } :الرحمن .علتتم
القرآن .خلق النسان .علمه البيان{ ] الرحمللن [ 4-1ثم اتبللع
هذا الدليل لنفاة الخلق عن القرآن بخمسة أدلة هي:
1ل قوله} :أل له الخلق والمر{2 ،للل قللوله} :وما خلقنتتا
السموات والرض ومتتا بينهمتتا إل بتتالحق{3 ،للل السللتعاذة
بكلمات ال التامات4 ،ل ما رواه أبو القاسم الللكائي من قللول علللي بللن
حّكمت مخلوقًا((5 ،ل ما روي عن ابللن عبللاس أبي طالب للخوارج :ما َ
))
وسنبدأ بالرد على ما جاء منه علللى الللدليل الول والجللواب علللى
رده يتلخص في المور التالية:
أوًل :أن هللذا النللص الللذي رد بلله علللى اسللتدلل أهللل السللنة
والجماعللة سلللف المللة وأتبللاعهم نقللله مللن كتللاب الصللول الخمسللة
للقاضي عبدالجبار المعتزلي )ص .(445
ثانيًا :أن استدلل أهل السنة والجماعلة سللف الملة وأتبلاعهم بهلذه
اليات من سورة الرحمن لن ال فرق فيها بين القرآن والنسللان ،فللأخبر
عن القرآن بالتعليم وعن النسان بالخلق ،ويقررون في تفسلليرهم أن هللذه
من أجل النعلم وبلدأ علز وجلل بأجللل نعمللة أنعللم بهللا علللى عبلاده وهللي
تعليمهم القرآن الذي هو مدار سعادة الدارين فقللال} :الرحمن .علتتم
القرآن{ .قال قتادة :نعمللة والل عظيمللة(() (201ثللم أتبللع ذلللك بنعمللة
))
الخلق فقال} :خلق النسان{ ثم أتبع ذلك بنعمة ثالثللة وهللي تعليملله
البيان الذي يكون به التفاهم ويدور عليه التخاطب ،فلللم يكللن السللتدلل
بالية سلبيًا كما يقول المؤلف الخليلي ،وإنما هو استدلل إيجللابي بكلم
ل.
ال عز وجل وإخباره ،ومن أصدق من ال قي ً
فهو الذي أخبر بتعليم القرآن ،ثم أتبعلله بخلللق النسللان ،ولللو كللان
القرآن مخلوقًا لقال ال عز وجللل )خلللق القللرآن( ولكنلله لللم يخللبر عنلله
ل المواضع التي ورد فيها ذكر القرآن بجميع صلليغ الخبللار بذلك في ك ّ
عنه )بالخلق( ،مع أنه أخبر تعالى في كل موضع ورد فيه ذكر النسان
)بالخلق(.
()) 201ابن جرير ).(27/114
يقول المام الكناني رحمه الله في مناظرته)(202لبشتتر
المريسي بين يدي المأمون قال في كتاب الحيدة )ص
(85قال)) :إن الله أخبر في كتابه عتتن خلتتق النستتان
في ثمانية عشر) (203موضعا ً ما ذكره في موضتتع منهتتا
إل أختتتبر عتتتن خلقتتته ،وذكتتتر القتتترآن فتتتي أربعتتتة
وخمسين) (204موضعا ً متتن كتتتابه ،فلتتم يختتبر عتتن
خلقه فتتي موضتتع منهتتا ،ول أشتتار إليتته بشتتيء متتن
() 202وقد أثبت مناظرة الكناني لبشر المريسي بيللن يللدي المللأمون تلميللذ الكنللاني ابللن
طيفور في كتابه »كتاب بغداد«) .ص (47الناشر مكتبة الخانجي الطبعللة الثانيللة )
1415هل(.
() 203اليات التي ورد فيها ذكر خلق النسان هي قوله تعالى في سور النساء} :يريد
الله أن يخفف عنكم وخلق النسان ضتتعيفا ً{ ] النسللاء [ 28ثللم إليللك
أرقام اليات الخرى ] :الحجر [ 26ل ] النحل [ 4ل ] السجدة [ 7ل ] النسان [ 2
ل ] النفطار [ 7-6ل ] مريم [ 67ل ] يس [ 77ل ]الطارق [ 5ل ] النبياء [ 37للل
] الرحمن [ 14 ،3ل ] التين [ 4ل ] المؤمنون [ 12ل ] المعارج [ 19ل ] العلق 2
[.
()204اليات التي ورد فيها ذكر القرآن ولم يخبر بخلقه ول أشار إليه :ل ] البقرة 185
[
ل ]المائدة [ 101ل ] يوسف [ 3 ،2ل ] السراء [ 102 ،106 ،82ل ] طه [113 ،2ل
] الزخرف [ 31ل ] الحشر [ 31ل ] النسان [ 23ل ] النفال ،19ل [ 41ل ] الفرقللان
.[ 32،6
كما ورد ذكر إنزال الكتاب ،وإنزال القرآن في عدد من اليات ولم يشر إلللى خلقلله فللي •
موضع منها ول إلى أي شلليء مللن صللفات الخلللق مللن ذلللك قللوله تعللالى} :وبالحق
أنزلنتتتتتتاه وبتتتتتتالحق نتتتتتتزل{ ]السلللللللللراء [105لللللللللل ] النحلللللللللل
[ 89،102،101،44،24،30،40،91ل ] الكهف [ 18ل ] الحج [ 116ل ] الشللعراء
[ 198 ،193ل ] البقرة [ 97،99،159ل ] الشورى [15،17ل ] ص .[ 49
صتتفات الخلتتق ،ثتتم جمتتع بيتتن القتترآن والنستتان فتتي
موضع واحد وأخبر عن خلق النسان ونفى الخلق عتتن
القتترآن فقتتال عتتز وجتتل}:الرحمن علللم القللرآن.
خلق النسان{ ]الرحمتتن ،[3 -1تت ففرق بيتتن القتترآن
شر أن الله عز وجل فرط فتتي وبين النسان فزعم ب ِ ْ
الكتاب ،وكان يجب عليتته أن يختتبر عتتن خلتتق القتترآن
وقال الله }:Uما فرطنا في الكتاب من شيء{
] النعام (([38اهت.
فهل الخليلي يجرؤ فيقللول أو يزعللم كمللا زعللم سلللفه بشللر أن فللي
كتاب ال تفريطًا إذ لم ينص ال لل للل فيلله علللى خلللق القللرآن ول
في آية واحدة ،وقد طلب المام أحملد بلن حنبلل رحملله الل تعلالى بيلن
يدي المعتصم أن يأتي ابن أبي دؤاد بآية واحدة أو نص عن رسول اللل
}ذلببك بببأن البب نببزل الكتبباب بببالحق{ ] البقللرة [ 176للل ] النسللاء [ 136،140للل •
] العراف [ 196ل ] الفرقان [ 25ل ] الزمر [ 23ل ] محمد .[ 26
نزلنا} :وإن كنتم في ريب ممببا نزلنببا علببى عبببدنا{ ] البقلرة [ 23لل ] النسلاء [ 47لل •
] الحجر .[ 9
}وننزل مببن القببرآن مببا هببو شببفاء{ ] السراء [ 82لل ] الحديللد [ 9،25لل ] المللائدة •
[ 101
ل ] البقرة .[ 231 ،230 ،170 ،90،147
] آل عمران [ 4،7ل ] النساء ،61ل ،113ل ،136ل [ 105ل ] المللائدة ،44ل ،45ل ،47 •
،48ل [49،104ل ] النعام ،93ل ،92ل [ 155ل ] البقرة [ 41ل ] آل عمران [ 53لل
] يونس [94
ل ] النبياء [ 10ل ] النور [ 46 ،34 ،1ل ] العنكبوت [ 51 ،47ل ] الزمر [ 41 ،2
ل ]المجادلة [ 5ل ] الحشر [ 21ل ] إبراهيم [ 1ل ] الدخان [ 3ل ] القدر .[ 1
صلى ال عليه وسلم فيها النص على أن القللرآن مخلللوق وقللد عجللز أن
يقدم شيئًا .فهل عند المؤلللف الخليلللي نللص مللن الكتللاب أو السللنة علللى
دعواه أن القرآن مخلوق وقد عجز سلللفه ومللن يعللتز بالنتمللاء إليهللم ل ل
الجهمية والمعتزلة ؟ل وللقارئ الكريم أن ينظر في اليللات الللتي ذكرنللا
أرقامها في الحاشية التي أشللار إليهللا المللام الكنللاني رحملله الل والللتي
تشير إلى )خلق النسان( في كل موضع ورد ذكره فيلله فللي كتللاب ال ل
عز وجل.
وينظر إللى بعلض اليلات اللتي ورد فيهلا ذكللر القللرآن أو إنلزال
الكتاب أو اليات البينات ،وسيجد ما أشار إليه المام الكناني من أن ال
عز وجل لم يخبر عن القرآن ول في موضع واحد أنه خلقه أو ذكر مللا
يشير إلى شيء من صفات الخلق.
وأخيرًا جمع ال بين القرآن والنسان فللي موضللع واحللد ،وأخللبر
عن خلق النسللان ونفللى الخلللق عللن القللرآن فقللال} :الرحمن علم
القرآن .خلق النسان{ .فهللل هللذا السللتدلل سلللبي كمللا يقللول
ل للشللك عنلد أولللي المؤلف الخليلي ،أو استدلل إيجابي بما ل يدع مجا ً
العقول النيرة المستضيئة بهدي الكتاب والسنة أن القللرآن كلم الل منلله
بدأ وإليه يعود ،وأنه لل للل يتكلم متى شاء وكيف شاء؟.
وإنمللا الشللك والشللبه عنللد المؤلللف الخليلللي وأسلللفه مللن الجهميللة
والمعتزلة الذين توهموا أنهم إذا أثبتوا ل لل للل صفة الكلم فقللد
أثبتوا تعددًا في القدماء لوهمهم أن صفات البللاري عللز وجللل منفصلللة
عن ذاته.
كما صرح المؤلف بهذا في كتللابه هللذا )ص ) :(104مللن أنلله لللو
أثبت ل صفة الكلم لكانت التوراة والنجيل والزبور وصحف إبراهيم
وموسى والقرآن وجميع الوحي كله قللديمًا موجللودًا فللي الزل مللع ال ل
تعالى بهذه اللفاظ المخلوقة المحدثة علللى كثرتهللا ...وهللذا باطللل إذ ل
قديم سللواه( .فهللذا تصللور الخليلللي ،وهللو تصللور المعتزلللة فللي إثبللات
الصفات ل عز وجل ومنها صفة الكلم ،والخليلي يقول بقول المعتزلة
في صفات ال تعالى ومنها صفة الكلم فهو كما ترى يتصور أن صفة
الكلم منفصلة عن ال قائمة بذاتها.
فخوفًا من هذا الوهم حتى ل يثبت قدماء مع ال نفى صفة الكلم.
وأهل السنة والجماعة يقولون :إن صفات الباري قائمة به عللز وجللل
فهو واحد أحد بأسمائه الحسنى وصللفاته العل ،ومللن صللفاته )الكلم( فهللو
يتكلم متى شاء وكيف شاء ،وهو الذي كلم موسللى عليلله السلللم حيلن جللاء
لمناجاته كما قال تعالى} :ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمه ربه{
وقال تعالى} :وكلم الله موسى تكليما ً{ ولللم يللؤثر عللن أحللد مللن
السلف القول بخلق القرآن بل كلهم مجمعون أنه كلم ال .U
وأن أول مللن أحللدث القللول بخلللق القللرآن فللي المللة السلللمية
)الجعد بن درهم( وقد ضحى به خالد القسري في عيد الضللحى حيللث
قال في خطبته في عيد الضحى :أيها الناس ضحوا تقبل ال ضحاياكم
))
()) 205انظر :البداية والنهاية 404 / 10 .الطبعة الثانية دار المعرفة 1417هل
وأما أهل السنة سلف هذه المة وأتباعهم بإحسان فهم أهللل الللدليل
الصريح من كتاب ال عز وجل والصحيح مللن سللنة المصللطفى صلللى
ال عليه وسلم المقيدين ذلك بفهم السلف الصالح للكتاب والسنة.
كما سيأتي تفصيل ذلك بعد الللرد عللى المؤلللف الشلبه اللتي ظنهلا
أدلة وسردها في فصله الرابع )ص (163وسماها أدلللة القللائلين بخلللق
القرآن.
ولكن نتابع هنا ما سماه ل بأدلة النافين لخلق القرآن.
وقد قرأت الرد على نفيه الستدلل بآية سورة الرحمن التي فللرق
ال فيها بين القرآن والنسان ،حيث جمعهما في مكان واحد ،فأخبر عن
خلللق النسللان ونفللى الخلللق عللن القللرآن ،فقللال} :الرحمن .علم
القرآن .خلق النسان{ وقبل أن أكمل الرد على رده على الدلللة
التي أجملها مدعيًا أنها أدلة نفاة القول بخلق القرآن ورده لها ،أرى أنه
من المناسب أن أورد ما قللاله المللام الشللوكاني رحملله ال ل فللي تفسللير
سللورة الرحمللن لن المؤلللف الخليلللي قللد نعللى علللى الشللوكاني تركلله
لعقيدته )الزيدية( وتأثره بعقيدة الحنابلة وما يسمى )بالعقيدة السلفية(كما
يقول ،حيث قال عنه في كتابه هللذا )ص ) :(145وقللد أدرك ذلللك أحللد
العلماء المتلأخرين الللذين تلأثروا بعقيلدة الحنابللة تلأثرًا أفضللى بله إلللى
التعصب الذي يجلب عللى البلاحث المسلللم أن يكلون بعيلدًا عنله ،وهللو
المام الشوكاني الذي ترك عقيدته الزيديللة واعتنللق مللا يسللمى بالعقيللدة
السلفية ،فقد قال فلي تفسليره المشللهور) :ولقلد أصلاب أئملة السلنة ملن
امتناعهم من الجابة إلى القول بخلق القرآن وحدوثه وحفظ ال بهم أمة
نبيهم عن البتداع (...وما عدا هذا من النص الذي نقللله عللن الشللوكاني
فسيأتي عليه الجواب في محله.
ولكن المقصود هو نقل كلم المللام الشللوكاني مللن تفسللير سللورة
الرحملللن لقلللوله تعلللالى} :الرحمتتن .علتتم القتترآن .خلتتق
النسان{ ،لنعلم وجه المتنان في تعليم الل تعللالى القللرآن ،ثللم خلقلله
النسان وليتضح زيف ما نقله المؤلف الخليلي فللي تفسللير هللذه اليللات
عن القاضي عبدالجبار المعتزلي مللن كتللابه )الصللول الخمسللة( الللذي
سبق ذكره في رد الخليلي على الستدلل بهللذه اليللات الللتي فللرق ال ل
فيها بين القرآن وخلق النسان وكلها نعم من ال.
يقللول المللام الشلللوكاني رحملله اللل :قللال الزجللاج :معنللى )علللم
))
القرآن( :يسره ،وبعد نقله القوال عن العلمللاء قللال :ولمللا كللانت هللذه
)) ((
السورة لتعداد نعمه التي أنعم بها على عباده قدم النعمة الللتي هللي أجلهللا
قدرًا ،وأكثرها نفعًا ،وأتمهللا فللائدة ،وأعظمهللا عللائدة ،وهللي نعمللة تعليللم
القللرآن ،فإنهللا مللدار سللعادة الللدارين ،وقطللب رحللى الخيريللن ،وعمللاد
المرين .ثم قال :ثم امتن بعد هذه النعمة بنعمة الخلق التي هي مناط كللل
المور ومرجع جميع الشياء فقال} :خلق النسان{ .ثللم امتللن ثالثلًا
بتعليمه البيان الذي يكون بلله التفللاهم ويللدور عليلله التخللاطب ،وتتوقللف
عليه مصالح المعاش والمعاد ،لنه ل يمكن إبراز ما فللي الضللمائر ول
إظهار ما يدور في الخلد إل بله ،قللال قتلادة والحسللن :المللراد بالنسللان
آدم ،والمراد بالبيان أسماء كل شيء ،وقيل المللراد بلله اللغللات ((...إلللخ
القوال التي نقلها.
ثم قال :والولى :حمل النسان على الجنس ،وحمل البيللان علللى ))
إل القرآن((.
5ل ما روي عن ابن عباس رضي ال عنهما أنه أنكللر علللى رجللل
قوله:
رب القرآن((. ))
وقد أجاب على هذه الدلة التي اختارها بما يراه صوابًا.
وحيث إن لنفاة الخلق عن القرآن أدلة غير ما ذكر المؤلللف ،وهللو
ل خاصًا لدلة القللائلين بخلللق القللرآن ،عقليللة و نقليللة ،كمللاسيورد فص ً
يقول تبدأ من
)ص (179 – 163تحت الفصل الرابع.
فإننللا سللنورد أدلتلله علللى دعللواه وبيللان وجهللة اسللتدلله .وبعللد
مناقشتها ودحضها إن شللاء بمللا هللو الحللق ،فسللنورد عقبهللا أدلللة النفللاة
لخلق القرآن ،وضمن ذلك سنوضح الشبه التي استدل بها حسب زعملله
في الرد على أدلة النفاة اللتي اختارهلا ورد عليهللا .وهللي هلذه الخمسللة
الدلة التي سبق ذكرها ،فإلى الفصل الرابع.
الفصل الرابع:
أدلة القائلين بخلق القرآن
المعتزلة بعينها التي جعلتهم ينفون عن الل علز وجلل جميلع الصللفات
التي وصف ال بها نفسه في كتابه العزيز ووصفه بها رسوله صلى ال
عليه وسلم في سللنته الصللحيحة الثابتللة ،ورسللول الل أعلللم النللاس بللال
وأتقاهم وأخشاهم له .ولكن المعتزلة -والمؤلللف الخليلللي يقلول بقلولهم-
تصوروا بعقولهم القاصرة ،معرضين عللن هللدي كتللاب الل عللز وجللل
وسنة رسوله صلى الل عليله وسللم أنهلم إذا أثبتلوا لل علز وجللل تللك
الصفات ومنها )صفة الكلم( فقد أثبتوا قدماء مع ال عز وجللل ،وهللذا
فيه إثبات مقارن قديم ل عز وجل في الزل فيكون هناك تعللدد اللهللة؛
لن القدم أخص وصف ل ،هكذا يقولون.
وسللبب ذلللك أنهللم تصللوروا بعقللولهم الضللالة عللن هللدي الكتللاب
والسللنة ،المنحرفللة علن الفطللرة الللتي فطلر الل النللاس عليهلا ،أن هلذه
الصفات قائمة بذاتها منفصلللة عللن الل تعللالى ،ولللم يوفقللوا إلللى القللول
الحق وهو أن هذه الصفات كلها قائمة بذاته لل لل ل غيللر منفصلللة
عنه.
فللال ل ل لل ل واحللد أحللد ،فللرد صللمد ،هللو الول والخللر
بصللفاته ،فهللو السللميع البصللير ،الحللي القيللوم ،العليللم الحكيللم ،القللادر
القوي ،المتكلم متى شاء وكيف شللاء ،كمللا قللال تعللالى} :وكلم الله
موسى تكليما ً{ وقال} :ولما جاء موسى لميقاتنا وكلمتته
ربه{ فهذه السماء والصفات قائمة به تعالى غيللر منفصلللة عنلله وفللي
صحيح البخاري »إن ل تسعة وتسعين اسمًا من أحصاها دخببل الجنببة
«) ،(208وله أسماء ل تعللد ول تحصللى ،وكلهللا لهللا معللاني دلللت عليهلا
وليست أسماء مجردة كما يقول المعتزلة ،فللال يقلول فللي كتلابه العزيللز:
}ولله السماء الحسنى فادعوه بها{ فالمسلللمون يللدعون ال ل
لل للل بأسمائه الحسنى وصفاته العل دعاء عبلادة ودعلاء مسلألة،
ويفرقون بين معاني هذه السللماء فللي دعللائهم .وِلَفْهللم المعتزلللة الفاسللد
ومثلهم المؤلف الخليلي في نفي صفات ال لل للل سللمى المعتزلللة
أنفسهم :أهل التوحيد وهو أحللد أصللولهم الخمسللة ،وتوحيللدهم هللو نفللي
جميع الصفات عن ال لل للل وإثبات السماء مجردة عن المعاني
التي دلت عليها.
يقول الحافظ ابن حجر رحمه ال في فتح الباري ،في شرح كتللاب
التوحيد من صحيح البخاري ) (13/344بعد ذكره للفللرق الضللالة عللن
طريق الحق والصواب ،فعدد منهلم الجهميللة ،والخللوارج ،والرافضللة،
والمعتزلة.
ثم قال) :وهؤلء الفرق الربللع هللم رؤوس المبتدعللة ،وقللد سللمى
المعتزلة أنفسهم )أهل العدل والتوحيد( وعنوا بالتوحيد ما اعتقللدوه مللن
نفي الصفات اللهية لعتقادهم أن إثباتها يستلزم التشبيه ومللن شللبه الل
بخلقه أشرك ،قال :وهم في النفي موافقون للجهمية.
قال :وأما أهل السنة ففسروا التوحيد بنفي التشبيه والتعطيل).(209
درهم((.
وأول من قال :بقدم القرآن عبدال بن سعيد بن كلب ،وبهذا يتبين
أن المؤلف يأخذ كلم أهل البللدع فللي القللرآن وينسللبه للسلللف وأتبللاعهم
ظلمًا وافتراء.
3ل ثم يقول :إن آثار الصنعة بادية عليه ،فإن كل حرف منه يفتقر
إلى غيره لتتألف منها كلماته .ثم يقول :وهو بهذا الللتركيب صللنعة دالللة
على الصانع ،والصانع لبد أن يتقدم المصنوع ...الخ.
والجواب على هذا الدعاء :أنه ل فرق بينه وبيللن مللن ادعللى أنلله
مثللل كلم البشللر ،لنلله ل يفهللم مللن صللفات الخللالق إلمللا يفهملله مللن
صفات المخلوق ،ثم يعبر بملا قللام فللي ذهنلله بللأن الصللفة منفصلللة علن
الموصوف ،ولهذا يقللول :إن القللرآن مصللنوع والصللانع لبللد أن يتقللدم
على المصنوع ،وأهل السنة يقولللون القللرآن المسللموع بللالذان المتلللو
باللسن المحفوظ في الصدور كلم ال بحروفه ومعللانيه ،تكّلللم ال ل بلله
حقيقة ،وسمعه منه جبريل ،ونزل به إلى محمد صلللى الل عليلله وسلللم،
وصفة الكلم قائمة بذات ال تعالى وقد تقدم الكلم عن ذلك.
4ل الدليل الرابع :أنطقه ال بما هو دليل عليه فهللو يقللول) :جللواز
تعليله كما تعلل سائر أفعاله تعالى فيقال :كّلم ال موسى ليصطفيه علللى
غيره بهذه المزية(.
ونقول له :نعم إنه كلللم موسللى عليلله السلللم ليميللزه علللى غيللره،
ولهذا قال له آدم في محاجته :أنت موسى اللذي اصلطفاك الل بكلملله
))
()) 210أخرجه البخاري كتاب أحللاديث النبيللاء بللاب وفللاة موسللى ح ) ،(3409وكتللاب
التوحيد باب ما جاء في قوله }:Uوكلم الله موسى تكليما ً{ ح).(7515
ومسلم كتاب القدر باب حجاج آدم وموسى عليهما السلم.ح .2652
ولم يعرف أحد من البشر من الكلم إل الللذي يسللمعه مللن المتكلللم
به ،ونقول للخليلي :فهذا أبوك وأبو البشر جميعًا آدم عليه السلللم يقلول
لموسى عليه السلم :إن ال اصللطفاه بكلملله ليميللزه علللى غيللره ،كمللا
قلت فهل تقبل كلمه وفهمه لمعنى الكلم؟؛ لن موسى عليه السلم قال
لدم :أنللت آدم أبللو البشللر خلقللك ال ل بيللده(( ،فقبللل آدم كلم موسللى
))
()) 212هذا كلم العالم الباضي أبي الحسن البسيوي في كتابه الجامع ) (1/75الذي قدم
لمختصره الخليلي نفسه ،وأثنى عليه ،وتمنى على ال أن ينشر أصله الذي هو هللذا،
وطبعته وزارة التراث القومي والثقافة بسلطنة عمان سنة )1404هللل( ،فمللاذا يقللول
الخليلي في شهادة البسيوي؟.
أن المؤلف الخليلي يردد حجج المعتزلة التي دحضت منذ قرون طويلة وقد
قضي على تلك الفتنة التي فرقت كلمة المة.
والمؤلف الخليلي ينعي على الللذين يشلتتون كلمللة المللة ويقللول :إن
الذين أدخلوا هذه الفكار الدخيلة على المة السلمية هم الللذين تقمصللوا
لباس السلم ومّثل بأبي شاكر الديصللاني اليهللودي كمللا فللي )ص (106
من كتابه هذا ،ثم هو الن يثير هذه الفتنة ويحييها من جديللد بنشللره لكتللابه
هذا ،وكما قلت :إن ملا قللاله المؤلللف الخليلللي هللو بعينلله الللذي قللاله بشللر
المريسي للمام عبدالعزيز الكناني .وإليك نص المناظرة والدليل الذي بدأ
بذكره بشر هو الذي بدء به الخليلي.
قال بشر للكناني) :تقول القرآن شيء أم غير شيء .فإن قلت :إنلله
شيء أقررت أنه مخلوق ،إذ كانت الشياء مخلوقة بنص التنزيللل ،وإن
قلت إنه ليس بشيء فقد كفرت ،لنك تزعم أنه حجة ال على خلقه وأن
حجة ال ليس بشيء(.
وبعد أن رد الكنللاني علللى هللذا السلللوب اللزامللي وهللو إصللدار
الحكم قبل أن يسمع كلم من ينللاظره حللتى يسلللم لقللوله أو يللرده ،وبعللد
ذلك يحكم عليه بالكفر أو غيره وهو أسلوب مخالف لسلوب المناظرة،
لكن الكناني بعد أن رّد هذا الستدلل بهللذا السلللوب الللذي اتبعلله بشللر
قال) :إن ال عز وجل أجرى على كلمه ما أجللراه علللى نفسلله إذ كللان
سّم بالشيء ولم يجعل الشيء اسمًا مللن أسللمائه، كلمه من صفاته فلم َيَت َ
ولكنه دل على نفسه أنه شيء وأكبر الشياء إثباتًا للوجود ،ونفيًا للعدم،
وتكذيبًا منه للزنادقة والدهرية ومن تقدمهم ،ممن جحللد معرفتلله وأنكللر
ربوبيته من سائر المم ،فقال عللز وجللل لنللبيه صلللى الل عليلله وسلللم:
}قل أي شيء أكبر شهادة قل اللتته شتتهيد بينتتي وبينكتتم{
] النعام ،[ 19فدل على نفسه أنه شيء ليس كالشياء ،وأنللزل فللي ذلللك
خبرًا خاصًا مفللردًا لعلملله السللابق أن جهملاً وبشللرًا ومللن قللال بقولهمللا
سيلحدون في أسمائه ويشبهون على خلقه ويدخلونه وكلمه في الشياء
المخلوقللة قللال عللز وجللل } :ليس كمثلته شتيء وهتو الستميع
البصير{ ،فأخرج نفسه وكلملله وصللفاته مللن الشللياء المخلوقللة بهللذا
الخبر تكذيبًا لمن ألحد في كتابه وافترى عليلله وشللبهه بخلقلله .قللال عللز
وجللل} :وللتته الستتماء الحستتنى فتتادعوه بهتتا وذروا التتذي
يلحدون في أسمائه سيجزون ما كتتانوا يعملتتون{ ] العللراف
.[ 180
ثم عدد أسماءه في كتابه ولم يتسلّم بالشلليء ولللم يجعللله اسللمًا مللن
أسمائه،
ثم قال النبي صلى ال عليلله وسلللم» :إن لب تسببعة وتسببعين اسببمًا مببن
أحصاها دخل الجنة« ،ثلم عللدها فلللم نجللده جعللل الشلليء اسللمًا لل عللز
وجل ،ثم ذكر جل ذكره كلمه كما ذكر نفسلله ودل عليلله بمثللل مللا دل
على نفسه ليعلم الخلق أنه من ذاته وأنه صفة من صلفاته) (213فقلال الل
عز وجل} :وما قدروا الله حق قدره إذ ْ قالوا متتا أنتتزل اللتته
على بشر من شيء قل من أنتتزل الكتتتاب التتذي جتتاء بتته
موسى نورا ً وهدى للناس{ ] النعام .[ 91
فذم ال اليهودي حين نفى أن تكون التوراة شلليئًا ،وذلللك أن رجلً
ل من اليهود بالمدينة ،فجعل المسلم يحتللج علللى
من المسلمين ناظر رج ً
اليهودي من التوراة بما علم من صفة النبي صلى ال عليه وسلللم وذكللر
نبوته فيها حتى أثبت نبوته صللى الل عليله وسللم مللن التللوراة فضللحك
اليهودي وقال :ما أنزل ال على بشر من شلليء ،فللأنزل الل عللز وجللل
تكذيبه وذم قوله وأعظم فريته حين جحللد أن يكللون كلم الل شلليئًا ودل
()) 213وهي :صفة ذات وفعل.
بذلك على أن كلمه شيء ليس كالشياء ،كما دل على نفسلله أنلله شلليء
ليس كالشياء ،ثم قال في موضع آخر} :ومن أظلم ممن افترى
ي ولم يوح إليتته شتتيء{ على الله كذبا ً أو قال أوحي إل ّ
]النعام ،[93:فدل بهذا الخبر أيضلًا علللى أن الللوحي شلليء بللالمعنى وذم
من جحد أن كلم ال شيء ،فلما أظهللر الل عللز وجللل اسللم كلملله لللم
يظهللره باسللم الشلليء فيلحللد الملحللدون فللي ذلللك ويللدخلونه فللي جملللة
الشياء المخلوقة ،ولكنه أظهره عز وجل باسم الكتاب والنور والهللدى
ولم يقل :قل من أنزل الشيء الذي جاء به موسى فيجعللل الشلليء اسللمًا
لكلمه.
وكذلك سمى كلمه بأسماء ظاهرة يعرف بها فسللمى كلملله نلورًا
وهدى وشفاء ورحمة وحقًا وقرآنًا ،وأشباه ذلك لعلمه السللابق أن جهم لًا
وبشرًا ومن يقول بقولهما أنهم سيلحدون في أسمائه وصللفاته الللتي هللي
من ذاته وسيدخلونها في الشياء المخلوقة(اهل).(214
وأمللا قللول الخليلللي) :وإن كللان شلليئًا فمللا الللذي يخرجلله مللن هللذا
العموم(؟ يعني قوله في الية} :خالق كل شتيء{ .فقللد سللبق قللول
المام الكناني في الرد على بشر المريسي أن ال أجرى على كلملله مللا
أجراه على نفسه لن كلمه عز وجل صفة من صفات ذاته وهللي صللفة
ذات وفعل ،وال عز وجل بصفاته خللالق غيللر مخلللوق كمللا قللال تعللالى
جوابًا للمشركين الذين سألوا رسول ال )أن ينسللب لهللم ربلله فللأنزل الل
عز وجل قوله تعالى} :قل هو الله أحد .اللتته الصتتمد .لتتم يلتتد
ولم يولد .ولم يكن له كفوا ً أحد{.
فالذي يخرج كلم ال عز وجل من عموم كل :أن كلمه صفة من
صفاته ،ومن قال :إن صفة من صفات ال مخلوقة فقد كفر.
()) 214كتاب الحيدة للكناني )ص .(36-35 ،33
ل( يشمل كل المخلوقات التي خلقهللا الل بكلملله كمللا قللال فعموم )ُك ّ
تعالى:
}إنما أمره إذا أراد شيئا ً أن يقول له كن فيكون{ ] يلللس 82
ل ل يشمل كل شيء وإنما يكون بحسللبه فللي السللياق [ .كما أن عموم ُك ّ
وقد دل علللى ذلللك القللرآن الكريللم قللال تعللالى فللي وصللف الريللح الللتي
دمرت قوم عللاد} :فلما رأوه عارضا ً مستتتقبل أوديتهتتم قتتالوا
هذا عارض ممطترنا بتتل هتتو متتا استتتعجلتم بتته ريتتح فيهتتا
عذاب أليم .تدمتر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا ل يتترى إل
مساكنهم ] {...الحقاف [ 25 -24فمساكنهم شيء ولم يشملها عموم كل
بنص الية} :فأصبحوا ل يرى إل مساكنهم{ فلم تدمرها الريح
التي دمرت كل شيء.
وكذلك في قوله تعالى في قصة ملكة سبأ كما حكى ال عللز وجللل
قللول الهدهللد الللذي توعللده سللليمان عليلله السلللم بالعللذاب قللال تعللالى:
}فمكث غير بعيد فقال أحطت بما لم تحط بتته وجئتتتك
من سبأ بنبأ يقين .إني وجدت امتترأة تملكهتتم وأوتيتتت
من كل شيء ولها عرش عظيم{ ] النمل .[ 23 -22
فقوله} :وأوتيت من )كتتل( شتتيء{ ،يعنللي :يؤتللاه الملللوك،
ولكنها مع ذلك للم تلؤت مللك سلليمان اللذي سلخر الل لله الطيلر والجلن
والريللح ،وهللي أشللياء ،ولللم يشللملها عمللوم }كل شيء{ كمللا يللدعي
الخليلي ومن سبقه ،فتبين بهذا أن ل دليل له في هذه الية الكريمة على
خلللق القللرآن الكريللم ل نص لًا ول عموم لًا ،وإنمللا هللي شللبهة داحضللة
كالسراب يحسبه الضمآن ماًء.
وقللد رد علللى هللذا السللتدلل العللالم الباضللي ،أبللو النضللر فللي
قصيدته التي سبق بعض أبياتها ومنها قوله:
وال أحدث كل شيء فا ِ
ن ولئن نكصببت وقلببت شببيء
بالشببببيء مختصببببًا مببببن محدث في رفق بأيسر حجة
جئناك
القرآنكببل شببيء نببازح أو
مببن فببي ملببك بلقيببس ومببا قببد
داني فكن ذا خبرة وبيان
شيئًا أوتيت
تؤت مما قبلها أو بعدها لم
وستجد القصيدة كاملة في الملحق رقم ) (1ورقم ).(2
وبعد أن سرد الخليلللي بعللض اليللات الللتي فيهللا لفللظ الخلللق لكللل
شيء كقوله تعالى:
1ل }وخلق كل شيء فقدره تقديرا ً{ ] الفرقان .[ 2
}-2إنا كل شيء خلقناه بقدر{ ] القمر .[ 49
وهي كالية السابقة تشللمل عمللوم كللل شلليء مخلللوق ،ول تشللمل
القرآن الكريم الذي هو كلم ال ل وكلملله صللفة مللن صللفاته وبلله خلللق
الشياء .فإنه خلق كل شيء بقوله )كن( فكان كما أراد ال .U
وفي )ص (166انتقل إلى دليل آخللر مللن القللرآن وهللو )الجعللل(
فقال:
)3لللل قلللوله تعلللالى} :إنتتا جعلنتتاه قرآنتتا ً عربيتتا ً لعلكتتم
تعقلون{ ] الزخرف .[ 3
ثم قال :ووجه الستدلل به من وجهين:
أولهما :الخبار عنلله أنلله مجعللول ،والمجعللول هللو المصلّير مللن
حال إلى حال ،وهذا ل يكون إل في المخلوق.
ثانيهما :تعليل جعله عربيًا بقصد عقل المخاطبين له(.
وقللال فللي )ص ) :(169فمعنللى )جعللل( أينمللا وجللد ،خلللق ودّبللر
وأحدث ،وأنشأ ،وكل ذلك بمعنى واحد وإن اختلفت ألفاظه( .قال :ومثل
هذه الية سائر اليات الناصة على أنه مجعول كقوله تعلللالى} :ولكن
جعلناه نورا ً نهدي به من نشاء من عبادنا{ ] الشورى .[ 52
ثم قال :وقد شرح حجية الجعل على ثبوت الخلق المام محمد بللن
أفلح رضي ال عنه بقوله :إن المة اجتمعللت علللى أن كللل فاعللل قبللل
))
فعله ،وأن الجاعل قبل المجعول ،وأن الصانع قبل صنعه ،وأن الجاعل
غير المجعول ،فلما ثبت بينهما التغللاير والقبللل صللح أنهمللا شلليئان وأن
الول المتقدم هو الجاعل القديم ،والثاني المجعللول هلو الحلادث الكلائن
بعد إن لم يكن (( .بعد هذا النص قال في الهامش المرجع السابق.
قلت :وقد سبق في هامش )ص (165بعببد ذكببر الحجببج العقليببة
والنقلية حسب دعواه قال في الهامش مببن الصببفحة المببذكورة) :هببذه
الحجج ملخصة ب مع زيادة وتهذيب من رسالة المببام محمببد بببن أفلببح
بن عبدالوهاب الرستمي رحمه ال تعالى )في خلق القرآن( ...إلخ(.
ثم سرد بعد ذلك عددًا من اليات التي ورد فيها ذكللر الجعللل مثللل
قوله تعالى} :وجعل الظلمات والنور{ ] النعلللام ،[ 1ل }وجعل
منها زوجها{
] العلللراف } ،[ 189وجعتتل الشتتمس ستتراجا ً{ ] نلللوح ،[ 16
}وجعلنا الليل والنهار آيتين{ ] ،السراء ،[ 12يستدل بهللا :علللى
أن معنى )جعل( خلق.
ومعلوم أن هذا التلبيس لجأ إليه المؤلف الخليلللي عنللد عجللزه عللن
إيراد نص صريح من كتاب ال يدل على أن القرآن مخلللوق ،وقللد أخللذ
هذا التلبيس عمن قبله من المعتزلة ومن أخذ بقولهم ،لن الخليلي أخللذه
ن أدخلوا هذه الفكللار الغريبللةعن محمد بن أفلح وهو مأخوذ من تركة َم ْ
والعقائد الفاسدة على المسلمين ،ثم راجت على بعضللهم فقبلهللا منهللم ظنلًا
منه أنهم على شيء ،لنهم لبسوا لباس التنزيه ل عللز وجللل عللن مشللابهة
المخلوقين وكل مسلم عقيدته التنزيه ل عز وجل.
وإليك أيها القارئ الكريم الباحث عن الحق ذكر أّول من بللدأ بهللذا
التلبيس عند عجزه عن تقديم نص صريح من كتاب ال عللز وجللل يللدل
على أن القرآن مخلوق.
إن أول من ادعى أن )جعل( في القرآن الكريم وفي لغة العرب ل
تأتي إل بمعنى )خلق( هو بشر المريسي حينما ناظر المام عبللدالعزيز
الكناني بين يدي المأمون ،فأول ما بدأ به قللوله تعللالى} :الله ختتالق
كل شيء{ ،وبعد أن دحضت حجته فللي السللتدلل بهللذه اليللة كمللا
دحضت حجة الخليلي هنا لنه أخذ ذلللك عنلله ،انتقللل للسللتدلل بكلمللة
)جعل( مثل ما عمل الخليلي هنا فهو يتبعه حذو القذة بالقذة.
فقال بشر للكناني)) :قد خطبت وتكلمت وهذيت وتركتك حتى تفرغ
مما ادعيت من إبطال )خلق القرآن( بنص التنزيل ومعنا من كتاب ال آية
ل يتهيللأ لللك معارضللتها ول دفعهللا ول التشللبيه فيهللا قللال تعللالى} :إنا
جعلناه قرآنا ً عربيا ً{ ] الزخرف .[ 2
فقال الكناني :ل أعرف أحدًا مببن المببؤمنين إل وهببو يببؤمن بهببذا
ويقول :إن ال جعل القرآن عربيًا ول يخالف ذلك فأي شببيء فببي هببذا
من الحجة لك والدليل على خلقه؟.
ي فيلله
فقال بشر :وهل في الخليقة أحد يشك في هذا أو يخالف عللل ّ
أن معنى جعلناه خلقناه؟.
فقال الكناني :فقلت لبشر :أخبرني عن )جعل( هذا حرف محكم ل
يحتمل غير الخلق.
فقال بشر :نعم هو حرف محكم ل يحتمل معنى غير الخلللق ،ومللا
بين جعل وخلق فرق عندي ،ول عند غيري من سائر النللاس ،ول عنللد
أحد من العرب ول من العجم ...إلخ.
قال الكناني :فقلت :أخبرني بإجماع الخلق بزعمك على أن معنللى
جعل وخلق ل فرق بينهما في هذا الحللرف وحللده أو فللي سللائر القللرآن
من الجعل؟.
قال :بل فللي سللائر القللرآن مللن ذلللك وفللي سللائر الكلم والخبللار
والشعار.
قال الكناني :فقلللت لبشللر :زعمللت أن معنللى جعلنللاه خلقنللاه قرآنلًا
عربيًا.
قال :نعم هكذا قلت وهكذا أقول أبدًا.
قال الكناني :فقلت :ال عللز وجللل تفللرد بخلقلله ولللم يشللاركه فيلله
أحد ،أو شاركه في خلقه أحد.
قال :بل ال خلقه وتفرد بخلقه ولم يشاركه في خلقه أحد((.
ثم بعد ذلك وجه الكناني لبشر عددًا من السئلة نذكر بعضها فيمللا
يلي :فمن تلك السئلة قوله:
))قلت لبشر :أخبرني عّمن قال :إن بعلض ولللد آدم خلقلوا القلرآن
من دون ال أمؤمن هو أم كافر؟
فقال :بل كافر حلل الدم ...إلخ.
قلت :فأخبرني عّمللن قللال إن التللوراة خلقهللا اليهللود مللن دون الل
تعالى أمؤمن هو أم كافر؟
قال :بل كافر حلل الدم.
قلت :فأخبرني عّمن قللال :إن بنللي آدم خلقللوا اللل ،وأن ال ل أخللبر
بذلك أمؤمن هو أم كافر؟
قال :بل كافر حلل الدم.
قلت :فأخبرني يا بشر أليس ال خلق الخلق كلهم أجمعين؟
قال :بلى.
قلت :فهل شاركه في خلقهم أحد؟
قال :ل.
قلت :فمن قال :إن بعض بني آدم خلقوا ال أمؤمن هو أم كافر؟
قال بل كافر حلل الدم((.
وبعد أن انتهى من إيراد السئلة التي من هذا النللوع بلدأ بللالجواب
ليللبين أن )جعللل( فللي القللرآن الكريللم تللرد لمعللاني أخللرى ،وليسللت
حة دعوى بشللر مللن صَ
مقصورة على معنى )الخلق( وبّين بالدلة عدم ِ
أنه ل فرق بينها وبيللن خلللق كمللا يللدعي بشللر ،وأن مللن قصللرها علللى
معنى الخلق فقط فإنه يقع في أخطللاء فضلليعة تللؤدي بمللن يعتقللدها إلللى
الكفر بال عز وجل .
ثم أورد اليات بعد ذلك التي فيها لفللظ )جعللل( وهللي تللؤدي بمللن
اعتقللد أنهللا بمعنللى خلللق إلللى الكفللر بللال )فقللال :قللال ال ل عللز وجللل:
}وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ول تنقضتتوا اليمتتان بعتتد
توكيدها وقد جعلتم الله عليكتتم كفيل ً{ ] النحللل [ 91قللال:
ل ،ل ))ومعنى ذلك عند بشر ومن يقول بقوله :وقد خلقتم ال عليكم كفي ً
معنللى لللذلك غيللره .وقللال عللز وجللل} :ول تجعلوا الله عرضتتة
ليمانكم{ ] البقرة [ 124ومعنى ذلك :ل تخلقوا ال عرضة ليمللانكم
ل معنى له غير ذلك عند بشر ومن يقول بقوله.
وقوله تعالى} :ويجعلون لله البنات ستتبحانه ولهتتم متتا
يشتهون{ ] النحل [ 57فيزعم بشر ومن يقول بقوله أن بني آدم يخلقون
ل البنات ل معنى له غير ذلك حسب زعمه.
وقوله تعللالى} :وجعلوا لله أندادا ً ليضتتلوا عتتن ستتبيله{
] إبراهيللم ،[ 30أي :وخلقللوا ل ل أنللدادًا وقللوله تعللالى} :وجعلوا لله
شركاء الجن{ ] النعام ،[ 100معناها عند بشللر ومللن يقللول بقللوله:
وخلقوا له شركاء الجن ويزعللم أن الل أخللبر أنهللم يخلقللون للله شللركاء
الجن((.
ثم سرد عددًا من اليات مشتملة على لفظة )الجعل( التي تدل فللي
سياقها على فساد هذا العتقاد وقبحه وشناعته .ثلم انتقلل بعلد ذلللك إللى
بيان معنى )جعل( في كتاب ال عز وجل فقال :إن جعل في كتاب ال
))
العقل ،فإن ال سبحانه أخللبر أن القللرآن منللزل منلله ،وأنلله تنزيللل منلله،
وأنه كلمه ،وأنه قوله ،وأنه َكّفر من قال إنه قللول البشللر ،وأخللبر :أنلله
قول رسول كريللم مللن الملئكللة ورسللول كريللم مللن البشللر ،والرسللول
ل من الرسولين بلغه لم يحدث هو منه شيئًا، سل فبين أن ك ً يتضمن الُمْر ِ
وأخبر أنه جعله قرآنًا عربيلًا ،وقللال عمللا ينلزل منلله جديللدًا بعللد نللزول
غيره قديمًا} :ما يأتيهم من ذكر من ربهم محتتدث{ ،وأخللبر
أن للكلم المعين وقتًا معينًا كما قال تعالى} :فلما أتاهتتا نتتودي يتتا
()) 215الحيدة )ص .(71-59
موسى{ ،وقللال تعللالى} :ولقد خلقناكم ثتتم صتتورناكم ثتتم
قلنا للملئكة اسجدوا لدم{ .والللذين قللالوا إنلله )مخلللوق( ليللس
معهم حجة إل ما يدل على أنه تكلللم بمشلليئته وقللدرته ،وهللذا حللق لكللن
ضموا إلى ذلك أن ما كان بمشيئته ل يقوم بذاته ،فغلطوا ولبسللوا الحللق
بالباطل ،فضموا ملا نطلق بله القلرآن الموافللق للشللرع والعقللل إلللى ملا
أحدثوه من البدع والشبهات.
وكذلك الذين قالوا :إنه )قديم( ليس معهم إل ما يدل على أنلله قللائم
بذاته لكن ضموا إلى ذلك أن ما يقللوم بلذاته ل يكللون بمشليئته وقللدرته،
فأخطؤوا في ذلك ولبسوا الحللق بالباطللل ،وأولئك فسللروا قللوله تعللالى:
}إناجعلناه قرآنًا عربيًا{]الزخللرف [43:بللأنه جعللله بائنلًا عنلله مخلوقلًا،
وقالوا) :جعل( بمعنى خلق ،وهؤلء قالوا :جعلناه سللميناه كمللا فللي قللوله
تعالى} :وجعلوا الملئكة الذين هتتم عبتتاد الرحمتتن إناث تا ً{
]الزخرف ،[19:وهذا إنما يقال فيمن اعتقد في الشيء صفة حقًا أو بللاط ً
ل
إذا كانت الصفة خفية فيقال :أخبر عنه بكذا ،وكون القللرآن عربيلًا أمللر
ظاهر ل يحتاج إلى الخبار ،ثلم كللل مللن أخللبر بللأنه عربللي فقللد جعللله
عربيًا بهذا العتبار ،والرب تعالى اختص بجعله عربيًا فللإنه هللو الللذي
تكلم به وأنزله ،فجعله قرآنًا عربيًا بفعل قام بنفسه وهو تكلم به واختاره
لن يتكلم به عربيًا عن غير ذلك من اللسنة باللسان العربي وأنزله به.
ولهذا قال أحمد) :الجعل( من ال قد يكون خلقًا وقللد يكللون غيللر خلللق،
فالجعل فعل والفعل قد يكون متعديًا إلى مفعول مباين للله :كللالخلق وقللد
يكون الفعللل لزملًا وإن كللان للله مفعللول فللي اللغللة كللان مفعللوله قائملًا
بالفعللل :مثللل التكلللم فللإن التكلللم فعللل يقللوم بللالمتكلم والكلم نفسلله قللائم
بللالمتكلم ،فهللو سللبحانه جعللله قرآنلًا عربيلًا ،فالجعللل قللائم بلله والقللرآن
ل :هللو التكلللم،
العربي قائم به فإن )الكلم( يتضمن شلليئين :يتضللمن فع ً
والحروف المنطوقة ،والصوات الحاصلللة بللذلك الفعللل ،ولهللذا يجعللل
القول تارة نوعًا من الفعل وتارة قسيمًا للفعل.
قال :وقد ذكرت في غيلر هللذا الموضللع أنلله ملا احتلج أحللد بلدليل
سمعي أو عقلي على باطل إل وذلك الدليل إذا أعطي حقه وميز ما يدل
عليه مما ل يدل تبين أنه يدل على فساد قول المبطل المحتللج بلله ،وأنلله
دليللل لهللل الحللق ،وأن الدلللة الصللحيحة ل يكللون مللدلولها إل حق لًا،
والحق ل يتناقض بل يصدق بعضه بعضًا وال أعلم(( اهل.
وحيث إن الخليلي قد ادعى بأن الكتلاب والسنة يدلن علللى )خلللق
القرآن( وقد علرفنا اسللتدلله بآيللة} :خالق كل شتتيء{ ،وبقللوله:
}إنا جعلناه قرآنا ً عربيا ً{ ،وقد اتضح للقارئ الكريم البللاحث علن
الحق بما سبق ذكره بأن اليتين الكريمتين ل تدلن على )خلق القللرآن(
ل نصًا صريحًا ول دللة؛ لن قوله تعللالى} :خالق كتتل شتتيء{،
أي :من المخلوقات كلها من سماء وأرض وما بينهما وقد خلق ال ذلللك
بكلمه وهو قوله :للشيء )كن( فيكون ،وكلمه صفة مللن صللفاته فمللن
قال :إن صفة من صفات ال مخلوقة فقد كفر.
وأمللا )الجعللل( فقللد اتضللح لللك مللن كلم العلمللاء أن )جعللل( فللي
القرآن الكريم وفي كلم العرب تدل على معنيين هما الخلق والتصيير.
وأن جعل في هذه الية الكريمة :تدل على التصلليير أي جعللل الل
القرآن عربيلًا ،فتكلللم بلله باللسللان العربللي ،فهللو اختللار إنزاللله باللسللان
العربي على غيره من اللسنة.
وقال أبو النضر ل العالم الباضي -في الرد على الستدلل بجعللل
على خلق:
ببدائع التكليف والبهتان حِل القرآن منك تكلفًا
ل َتْن َ
أو في الرواية فأتنا ببيان هل في الكتاب دللة من خلقه
بدعائه في السر والعلن ال سماه كلمًا فادعه
غّر من برهان
في خلقه ،يا ِ إّل فهات وما أظنك واجدًا
جْعبببل إن أنصبببفت مبببن
فبببي ال َ إن كان من )إنا جعلناه( فما
تبيانبفضلك أفضل البلدان بلدًا قد قال إبراهيم :رب اجعل لنا
حق الصلة لوجبهك المنببان وكبببببذاك فببببباجعلني مقيمبببببا
أم لببببم يكببببببن خلببببببقًا مببببن مخلبصًاأكبببان وقببببببد دعببببباه
فبببانظر
الرحمبببندعبببببببا بالمببببببببببن
حبببببببتى يكببببببببن لمببا دعببببببباهلجبببببعله
أم لببم
واليمبببببان
لشبببأنك قبببد كبببدحت واكبببدح بمكببببة هنبببا بتفبببببببببكر يبببا ذا
فببباربع
لشانيالنبهبببىبذا الجعببببببببببل قلببببببت
خبببببببلق؟ تبببببببارك منببببببزل فبأي هب
الفبببببرقانال يدعي أنهللا
الخليلي أتبع تلك الية بآيات أخرى من كتاب ثم إن بأنه
تدل على )خلق القرآن( ومن تلك اليللات قللوله تعللالى } :ما يتتأتيهم
من ذكر من ربهم محتتدث إل استتتمعوه وهتتم يلعبتتون{
] النبياء ،[ 2وقوله تعالى } :وما يأتيهم من ذكر من الرحمن
محدث إل كانوا عنه معرضين{ ] الشعراء .[ 5
قال :ووجه الستدلل وصف الذكر فيهما بالحداث وهو الخلق.
قلببت :وقللد بيللن علمللاء السللنة أن المقصللود بالمحللدث فللي اليللة
الكريمة هو ما ينزل منه جديدًا بعد نزول غيره قديمًا .كما تقدم نقله عن
شيخ السلم ابن تيمية ،وكما قال الحافظ ابن كثير رحمه ال في تفسير
اليللة مللن سللورة النبيللاء} :متتا يتتأتيهم متن ذكتتر متتن ربهتم
محدث{ ،أي :جديد إنزاله كما قال ابن عبلاس )ملا لكلم تسلألون أهلل
الكتللاب عمللا بأيللديهم وقللد حرفللوه وبللدلوه وزادوا فيلله ونقصللوا منلله،
وكتابكم أحدث الكتب بللال تقرؤونلله محضلًا لللم يشللب( .رواه البخللاري
بنحوه).(216
ولكن الخليلي يركز على كلمة )الحداث( وأنها تعني الخلق ،لنه
ينفي عن ال صفة الكلم ،وأهل السللنة يثبتللون لل صللفة الكلم بالدلللة
القطعيللة كقللوله تعللالى} :ولما جتاء موستى لميقاتنتتا وكلمتته
ربه{ ،فهذا التكليم ُأحدث وقت مجيء موسى وسللمعه موسللى مللن ال ل
عز وجل وحين سمعه طلب من ال عز وجل الرؤية حيث قللال} :رب
أرني أنظر إليك{ .فقال للله} :لن تراني ولكتتن انظتتر إلتتى
الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني فلما تجلى ربه
للجبل جعله دكا ً وخّر موسى صعقا ً {...الية.
فهذا كله كلم ال عز وجل تكلم به مع موسى عليلله السلللم حيللن
خاطبه لن ال عز وجل يتكلم متى شاء وكيف شاء ،ول يصرف نللص
هذه الية عن ظاهرها إل من أضله ال عن سبيل الهللدى ،ومللن يضلللل
ال فلن تجد له وليًا مرشدًا ،ذلك لن القائلين بخلللق القللرآن يقولللون :إن
ل عنه في شجر أو حجللر أو هللواء ،وأن ذلللك المخلللوق ال خلقه منفص ً
الذي خلق ال الكلم فيه هو الذي قال لموسللى} :لن ترانتتي{ ،وهللو
الذي قال له} :إنني أنا الله ل إله إل أنا فاعبدني{ ،وهو الذي
قللال للله} :وما تلك بيمينك يتا موستتى{ ،وهللو الللذي قللال للله:
}فاخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوى ،{...إلخ اليات
الللتي جللاءت فللي قصللة تكليللم الل لموسللى عليلله السلللم وإرسللاله إلللى
فرعون.
()) 216تفسير ابن كثير ).(5/325
البخاري كتاب التوحيد باب قول ال تعالى} :كل يوم هو فتتي شتتأن{ و}متتا
يأتيهم من ذكر من ربهم محدث{ ح .7522
ل وعمللي} ،فإنهببا ل تعمببى البصببار وكفى بمن يعتقللد هللذا ضللل ً
ولكن تعمى القلوب التي في الصدور{.
ثم أورد الخليلي بعد ذلك آيات أبعد فللي السللتدلل بهللا ممللا سللبق
ذكره ،وسللنوردها ليعلللم القللارئ أن المؤلللف ومللن سللبقه لللم يسللتطيعوا
إيللراد نللص صللريح مللن كتللاب ال ل عللز وجللل يللدل علللى أن )القللرآن
مخلوق( وإنما يلبسون على من ل علم عنده من أتباعهم بتحريللف الكلللم
عن مواضعه ،متبعين في ذلك أسلوب الترغيب والترهيب .ومللن رجللع
لما كتب في محنة القول بخلق القرآن أيام المأمون والمعتصم علم فسللاد
هللذا المللذهب وكيللف رده علمللاء السللنة ،ولللم يسللتطع الخليفللة المللأمون
والمعتصم حمل الناس على هذه العقيدة الباطلة ،لن الفطللر السللليمة ل
تقبلها ،ولذلك حمل الناس عليها بالقوة ولم يفلحا.
أمللا اليللات الللتي حشللرها الخليلللي فللي كتللابه فهللي قللوله تعللالى:
}كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لتتدن حكيتتم ختتبير{
] هود .[ 1
وقوله تعالى} :ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم{
] العراف .[ 52
وقوله تعالى} :ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها
أو مثلها{ ] البقرة .[ 106
وقوله تعالى} :شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن { ]
البقرة .[ 185
وقوله تعالى} :نّزل عليك الكتاب بتتالحق مصتتدقا ً لمتتا
بين يديه وأنزل التوراة والنجيل متتن قبتتل{ ] آل عمللران ،3
.[ 4
وقللوله} :هتتو التتذي أنتتزل عليتتك الكتتتاب منتته آيتتات
محكمات ] {...آل عمران .[ 7
وقوله} :بل هو آيات بينات فتتي صتتدور التتذين أوتتتوا
العلم{ ] العنكبوت .[ 49
وقللوله} :بتتل هتو قتترآن مجيتد .فتتي لتتوح محفتتوظ {
] البروج .[22- 21
وقوله} :وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا ً لمتتا بيتتن
يديه من الكتاب ومهيمنا ً عليه{ ]المائدة .[ 48
وقوله} :وقرآنا ً فرقناه لتقرأه على الناس على مكتتث
ونزلناه تنزيل ً{ ] السراء .[ 106
فهللذه اليللات الللتي أوردهللا الخليلللي للسللتدلل بهللا علللى )خلللق
القرآن(.
فنقول للخليلي :فما وجه الدليل فيها على دعواك بأنها دالة على
)خلق القرآن(؟
فنجده يقول) :إن وجه الستدلل بآية هود ،وآية العراف :أن ال
وصللفه بالحكللام والتفصليل ،وكللل منهمللا أثلر صلادر علن مللؤثر ،ول
يجوز أن يكون الثر قديمًا أزليًا.
جه الستدلل بآية البقرة} :ما ننسخ من آية :{...أن الللل َوَو ّ
سبحانه أخبر عن نسخ بعض آياته والنسللخ هللو المحللو والزالللة ،وهللو
مسللتحيل علللى القللديم .واسللتحالته فيمللا إذا كلان لفظيلًا أشللد ،وقللد أثبتلله
جمهور العلماء وفيهم القائلون بقدم القرآن.
وقوله تعالى} :شهر رمضان الذي أنزل فيه القتترآن{،
قال :ووجه الستدلل به :أنه منزل ،والنزال نقل من مكللان إلللى آخللر
وهو مستحيل على القديم.
وقوله تعالى} :وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل
إليهم{ ] النحل .[ 44
وقوله تعالى} :إنا أنزلناه في ليلة مباركة{ ] الدخان .[ 3
قال :وفي تنزيله دللة أخرى على حدوثه ،وهي أنلله نللزل منجم لًا
فهو منقسم ،والنقسام مستحيل على القديم.
وفلللي آيلللة آل عملللران} :منتته آيتتات محكمتتات هتتن أم
الكتاب وأخر متشابهات{ ،قال :ووجه الستدلل به أنه منقسللمة
آياته إلى قسللمين محكمللات ومتشللابهات ،وإن المحكمللات أم ل ل أصللل لل
للمتشابهات يرجع بها إليها في التأويل وهو مستحيل فيما كان قديمًا.
وقوله} :بل هو آيات بينات فتتي صتتدور التتذين أوتتتوا
العلم{ ،قال :ووجه الستدلل به أن صدور العلماء حادثللة والحللادث
ل يكون وعاء للقديم.
وقوله تعالى} :وقرآنا ً فرقناه لتقرأه على الناس على
مكث ونزلناه تنزيل ً{]السراء ،[106:قال :ووجلله السلتدلل بله أن
ال أخبر عنه بأنه مفروق ،والمفروق مصنوع ،والمصنوع ل يكون إل
حادثًا.
قال :فهذه نماذج من الدلة القرآنية على حدوثه.
قلت :والجواب على هذه الدعوى فيما يلي:
إن هذه اليات الكريمة التي يستدل بها المؤلف الخليلي على
)خلق القرآن( كما يراهلا القلارئ البلاحث علن الحلق ليلس فيهلا تصلريح
بذلك ،ل من قريب ول من بعيد ،ل بلالمنطوق ول بلالمفهوم ،وملن رجلع
لكتب التفسير التي أّلفها علماء السلف يجد شرح تلك اليات واضحًا ببيان
ما دلت عليه من أحكام.
ولذلك لم يستطع المؤلف أن يدعي أنها صريحة في ذلك ،بللدليل أنلله
استدل بتحريفها عن مواضعها ،ولذا فهو يركز في بيان وجه استدلله بها
على أمرين:
الول :القول بقدم القرآن.
الثاني :حدوث القرآن وهو يعني بالحدوث الخلق.
وقللد سللبق الجللواب علللى المريللن ولكللن نعيللده هنللا للحاجللة إليلله
فنقول :أما القول )بقدم القرآن( الذي يركز عليلله المؤلللف فللي اسللتدلله
بهذه اليات ،فإن أهللل السللنة والجماعللة سلللف هللذه المللة ومللن تبعهللم
بإحسان لم يقل أحد منهم )بقدم القرآن( ،ومن الظلم أن ينسللب أحللد إلللى
ل هو بريء منه براءة الذئب من دم يوسف ،ثللم يللرد عليلله ،ل آخر قو ً
سيما والمنسوب إليه القول ظلملًا هللو يللرد علللى ذلللك القللول المنسللوب
إليه ،وهذا ما يفعله الخليلي هداه ال إلى الحق ،فهو ينسب القللول )بقللدم
القرآن( إلى السلف وأتبللاعهم ويخللص ابللن تيميللة وابللن القيللم لل لنهمللا
شوكة في حلوق المبتدعة قديمًا وحديثًا؛ وقد تكللرر الللرد عليلله ،إل أنلله
يعيده مرة بعد أخرى؛ لنه لم يجد حجة إل ذلك.
وإليك كلم شيخ السلم ابن تيمية في نفي ما يدعيه المؤلف علللى
السلف من القول )بقدم القرآن( وبيان من قال به ،وقد نقله الخليلي نفسه
في كتابه هذا )ص (149يقول رحمه ال :وكما لم يقل أحد من السلف
))
إنه )مخلوق( فلم يقل أحد منهم )إنه قديم( لم يقل واحد من القللولين أحللد
ن بعللدهم ِمللن )الئمللة مللن الصللحابة ول التللابعين لهللم بإحسللان ول َم ل ْ
الربعة( ول غيرهللم ،بللل الثللار متللواترة عنهللم بللأنهم كللانوا يقولللون:
القرآن كلم ال .ولما ظهر من قال :إنه مخلللوق قلالوا ردًا لكلملله :إنلله
غير مخلوق ) ،(217ولم يريدوا بذلك أنه مفترى كما ظنه بعض الناس،
()) 217إلى هنا نقل الخليلي النص وأسنده إلى الفتاوى ) ،(12/301وتللرك تكملللة النللص
فإن أحدًا من المسلمين لم يقل إنه مفترى ،بل هذا كفر ظاهر يعلملله كللل
مسلم ،وإنما قالوا إنه مخلوق خلقه ال في غيره ،فرد السلف هذا القللول
كما تواترت الثار عنهم بذلك وصنف في ذلك مصنفات متعددة وقالوا:
منه بدأ وإليه يعود((.
ثم قللال :وأول مللن عللرف أنلله قللال) :مخلللوق( الجعللد بللن درهللم
))
ص ذكللره قلت :وهذا الجزء المقتطع كللله ملن سلطر واحلد ملن نل ٍ
شيخ السلم فقوله) :في آخره( ليس كللذلك بللل هللو مللن وسللطه ،وابللن
تيمية يقصد بقوله :وإنه منه بدأ ...إلخ(( ،للرد على القائلين أنه بدأ مللن
))
ذلك الشيء الذي خلق فيه القرآن لنهم ينفون عن ال صللفة الكلم فهللو
وروي عنه أنه قال :من قال :إن حرفًا من حروف المعجم مخلوق فهللو
جهمي لنه سلك طريقًا إلى البدعة ،ومن قال :إن ذلك مخلوق فقللد قللال
إن القرآن مخلوق(( .إلللى هنللا اقتصللر الخليلللي) ،(219وسللماه اعتللذارًا،
وتكملة النص :وأحمد قد صرح هو وغيره من الئمللة أن الل لللم يللزل ))
متكلمًا إذا شاء ،وصرح أن ال يتكلللم بمشلليئته ،ولكللن أتبللاع ابللن كلب
كالقاضي وغيره تأولوا كلملله علللى أنلله أراد بللذلك إذا شللاء السللماع،
لنه عندهم لم يتكلم بمشيئته وقدرته((.
ثم واصللل الحللديث للللرد علللى أتبللاع ابللن كلب القاضللي وغيللره
فقال:
وصرح أحمد وغيره من السلف أن القرآن كلم ال غير مخلوق ،ولللم ))
ل عللن الفتللاوى ) ،(12/85وتللرك بللاقي ()) 219مللن كتللاب الخليلللي هللذا )ص (129نق ً
النص المشار إليه ،وهذه عادته في النقل ،وهذا خلل في أمانة النقل.
يقل أحد من السلف إن ال تكلم بغير مشيئته وقدرته ،ول قال أحد منهللم
إن نفس الكلم المعين كللالقرآن أو نللدائه لموسللى عليلله السلللم أو غيللر
ذلك من كلمه المعين أنه قديم أزلي لم يزل ول يزال ،وأن ال ل قللامت
به حروف معينة ،أو حروف وأصوات معينة قديمة أزليللة لللم تللزل ول
تزال ،فإن هللذا لللم يقللله ،ول دل عليلله قللول أحمللد ول غيللره مللن أئمللة
المسلمين ،بل كلم أحمد وغيره من الئمة صريح في نقيللض هللذا وأن
ال يتكلم بمشيئته وقدرته ،وأنه لللم يللزل يتكلللم إذا شللاء مللع قللولهم) :إن
كلم ال غير مخلوق ،وأنلله منلله بللدأ ليللس بمخلللوق ابتللداء مللن غيللره(
) ،(220ونصوصهم بذلك كثيرة معروفة في الكتب الثابتة عنهم ،مثل مللا
صللنف أبللو بكللر الخلل فللي )كتللاب السللنة( ،وغيللره ،ومللا صللنفه
عبدالرحمن بن أبي حاتم ملن كلم أحملد وغيلره ،وملا صلنفه أصللحابه
وأصحاب أصحابه :كابنيه صالح وعبدال وحنبل ……إلخ(().(221
ونقول للقارئ :هذا نص كلم شيخ السلللم الللذي يللدعي الخليلللي
أن فيه تضاربًا فأين التضارب فيه؟.
إن المؤلف الخليلي يعرف تمام المعرفة كلم شيخ السلللم ،وأنلله
ل تضارب فيه بل هو كالعقد المنتظم.
ولكن لعقيدة رسخت في ذهنه ورثها عللن سلللفه المعتزلللة ،لللم يللر
غيرها مع وجود الدلة الصريحة على خلفها ،وكللون النسللان يصللمم
على رأي وعقيدة ل يرى غيرها ،ل يبيح له ذلك أن ينقل أقللوال طائفللة
وإن كانت في الظاهر ترد على المعتزلة ،إل أنها فللي موضللوع )خلللق
()) 220ومثل هذا العمل يترفع عنه المنصف الذي يبحث عن الحق)) .وهللذا السللطر هللو
الذي أخذه الخليلي من هذا النص تاركًا ما قبله وما بعده(( .
()) 221الفتاوى ).(12/86
القرآن( متفقة مع المعتزلة ثم ينسب أقوالهم لشلليخ السلللم ابللن تيميللة،
الذي يرد عليهم وعلى المعتزلة ثم يدعي تضارب قوله زورًا وبهتانًا.
إن شيخ السلم يصرح بعبارات متكررة وينقلها عنه الخليلي فللي
كتابه هذا كما تقللدم ،إن سلللف هللذه المللة مللن الصللحابة والتللابعين لهللم
بإحسان والئمة الربعة وغيرهم من أتباع السلف لم يقل أحد منهم )إن
القرآن قديم( ،ثم بين شيخ السلللم أن أول مللن عللرف عنلله هللذا القللول
)عبدال بن سعيد بن كلب(
كمللا عللرف أن أول مللن قللال )القللرآن مخلللوق( الجعللد بللن درهللم
وصاحبه الجهم ابن صفوان ،وقد نقل ذلك كله الخليلي في كتابه هذا ،ثم
يلبس الن على القراء وينسب هذه القوال التي يرد عليها شيخ السلم
ابن تيمية ،إلى ابن تيمية ،وهذا من أعظلم الظللم والفلتراء فلال يقلول:
ة أو إثم تا ً ثتتم يتترم بتته بتتريئا ً فقتتد }ومتتن يكستتب خطيئ ً
احتمل بهتانا ً وإثما ً مبينا ً{ ] النساء ،[ 112ولعله قد ظهللر للقللارئ
المنصف ما يأتي:
الول :عدم أمانة المؤلف في نسبة القوال إلى أصحابها.
الثاني :وهو أشد ظلمًا وهو نسبة القول إلللى شللخص وهللو بريلء
من ذلك القول ،بل إنه يرد على صاحبه ويبين خطأه.
الثببالث :أن اليللات القرآنيللة الللتي يللدعي أنهللا تللدل علللى )خلللق
القرآن( ل دليل فيها على دعواه ل منطوقًا ول مفهومًا.
وقللد عجللز أسلللفه بيللن يللدي الخليفللة المللأمون والمعتصللم عللن
الستدلل بنص صريح من كتاب ال عز وجل.
كما عرف القارئ أن هذه الدلة التي أوردها الخليلللي هللي بعينهللا
أدلة بشر المريسي وابللن أبللي دؤاد وأضللرابهم ،وهللو بعمللله هللذا يللثير
قضية قد قضي عليها من عدة قرون ،وهذا عكس ما يدعيه علللى غيللره
مللن إثللارة الفتللن الللتي تمللزق شللمل المللة ،وكمللا يقللال :رمتنللي بللدائها
وانسلت ،فمن الذي يثير الفتن؟
وحيث إن دعلوى الخليللي أن الدللة النقليلة عللى )خللق القللرآن(
التي يحتج بها من الكتاب والسنة ،وقد عرفنا أن الدلة الللتي سللاقها مللن
الكتاب ل دللة فيها وإنما هو تحريف لها عن مواضعها فإليك ما يدعيه
أدلة من السنة.
أدلة الخليلي من السنة
ت حسب زعمه ت على خلق القرآن
()) 225يقول أبو الحسن البسلليوي الباضلي فلي كتلابه الجلامع ) (1/75وهلو يلرد عللى
القائلين بخلق القرآن ،قال» :وأيضًا قد اتفقنا أن أسماء ال التي تصللفونه بهللا أسللماء
ذاتية في القرآن ،والسماء الذاتية ل يجوز عنللدنا وعنللدكم أن تكللون مخلوقللة ،فلمللا
كانت صفات ال الذاتية غير مخلوقة ،وهي في القرآن ،كان القرآن غيللر مخلللوق«.
وقد شهد الخليلي لبي الحسن هذ وكتابه بأنه كتاب جمع العلم والتحقيللق ،كمللا سللبق
ذكر ذلك.
()) 226وجاء في سرح العيون شرح رسالة ابلن زيلدون )ص ) :(294وقلال ابلن نباتلة:
»دخل على الجعد ابن درهم يومًا بهلول ،فقال :أحسن اللل عللزاءك فللي }قل هو
الله أحد{ فإنها ماتت! قال :وكيف تموت؟ قال :لنللك تقللول :إنهللا مخلوقللة ،وكللل
مخلوق يموت«(.
وقد قال المام البخاري في صحيحه في كتاب التوحيد باب ) (21
()) 228قلت :من صلفات ذاتله الفعليلة الختياريلة فهلو يتكللم ملتى شلاء وكيلف شلاء
]وليس على قول الشاعرة في تعريف الكلم ،أنه المعنى النفسي القائم بالذات[.
()) 229فتح الباري ).(13/414
قال :وأخرج أبو يعلى وابن حبان والطبراني واللبيهقي علن سللهل
بن سعد الساعدي قال :قال رسول ال صلى الل عليلله وسلللم» :إن لكببل
شيء سنامًا وسنام القرآن سورة البقرة ،من قرأها في بيتببه نهببارًا لببم
يدخله الشيطان ثلثة أيام«.
فنقول :هذا قول رسول ال صلى ال عليه وسلم وهو الذي قال ذلك،
وقال :أعظم آية فللي القللرآن }الله ل إله إل هو الحتتي القيتتوم{
ومعنى ذلك أن ما اشتمل على أسماء ال وتعظيمه مللن كلملله أعظللم مللن
غيره مما لم يشتمل على ذلك ،وكله كلم ال.
وسنام الشيء أعله ،ولهذا جاء في الحديث» :البقببرة سببنام القببرآن
وذروته« فذروة الشيء أعله ،وجاء أن الجهاد في سلبيل الل ذروة سلنام
السلم ،وكيف لتكون البقرة سنام القرآن وفيها أعظم آية وهلللي} :الله
ل إله إل هو الحي القيوم{ ]البقرة ،[ 255وال عز وجل لم يخلق
الجن والنس إل ليعبدوه وحده ويخلصوا للله العبللادة و }الله ل إلتته
إل هو الحي القيوم{ هي كلمة التوحيللد ،أي ل إللله بحللق إل اللل،
وهو معنللى العبللادة فللي قللوله} :وما خلقت الجتن والنتس إل
ليعبدون{ أي ليوحدون.
وبهذا يتضح للقارئ الكريم معنللى العظللم ،والفضللل فللي كلم الل
عز وجل كما ورد في هذه الحاديث فالقرآن كلم ال تكلم ال به كيللف
شاء ،وسمعه منه جبريل عليه السلم ،ونزل به عللى محمللد صلللى الل
عليه وسلم ورسول ال صلى ال عليه وسلم هو الذي قال لنا بعظم هذه
السور وفضلها على غيرها ،فنحن نصدقه ونؤمن بما جللاء بلله ونعتقللده
ونؤمن بقوله صلى ال عليه وسلم في فضل القرآن كله فقد قال » :rإن
لكل مسلم قرأ القرآن بكل حبرف حسبنة ،والحسبنة بعشبر أمثالهببا .ثببم
قال :ل أقول )ألم( حرف .بل ألف حرف ولم حرف وميم حرف«.
هكذا قال صلى ال عليه وسلم عن القرآن كله.
أمللا أن الكلم يفضللل بعضلله بعض لًا ،فهللذا وارد حللتى فللي كلم
البشر ،فقد قال صلى ال عليه وسلم :أفضل كلمة قالها لبيد:
وكبببل نعيبببم ل محالبببة أل كببل شببيء مببا خل ال ب
غير هذا لكن هذا أفضل كلمه.زائلمع أن للبيد كلمًا باطل
وال عز وجل ليس كمثله شلليء ل فللي ذاتلله ول فللي أسللمائه ول
في صفاته ،والقرآن كلم ال وكلمه صفة ذاتيلله فعليلله اختياريللة يتكلللم
متى شاء وكيف شاء ،فمن يجللرؤ أن يقللول} :ال ب أحببد .ال ب الصببمد{.
}ال ل إله إل هو الحي القيوم{ مخلوق.
إن هذا القول :هو الكفر بعينه فال عز وجللل بصللفاته هللو الخللالق
وحده وما سواه مخلوق ،فمن قال :إن صفة من صفات ال مخلوقة فقللد
كفر.
وال عز وجل خلق المخلوقات كلها بكلمه وهو قللوله للشلليء إذا
أراده )كن( فيكون كما قال تعالى} :إنما أمره إذا أراد شتتيئا ً أن
يقول له كن فيكون{ ]يس.[82:
وقال تعالى في وصف المخلوقات التي تفرد بها إذ ل يشركه فببي
الخلببق أحببد} :خلللق السللموات بغيللر عمللد ترونهللا
وألقى في الرض رواسي أن تميد بكللم وبللث
فيهللا مللن كللل دابللة وأنزلنللا مللن السللماء مللاءً
فأنبتنا فيها من كل زوج بهيج .هذا خلللق الللله
فللأروني مللاذا خلللق الللذين مللن دونلله بللل
الظالمون في ضلل مبين{ ] لقمان .[ 11 ،10
فهذه السموات والرض وما فيهمللا مللن مخلوقللات الل عللز وجللل
خلقها ،وبأي شيء خلقها؟ إنه عز وجل خلقها بكلمه بقوله )كن(.
قال تعالى} :قل أئنكم لتكفتترون بالتتذي خلتتق الرض
فتتي يتتومين وتجعلتتون لتته أنتتدادا ً ذلتتك رب العتتالمين.
وجعل فيها رواسي من فوقها وبتتارك فيهتتا وقتتدر فيهتتا
أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين .ثم استوى إلتتى
السماء وهتتي دختتان فقتتال لهتتا وللرض أتيتتا طوع تا ً أو
كرها ً قالتا أتينا طائعين{ ] فصلت .[ 11-9
ونفللى صللفة الخلللق عللن جميللع المخلوقللات واختللص بهللا وحللده
سبحانه فقال} :يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا لتته إن
التتذين تتتدعون متتن دون اللتته لتتن يخلقتتوا ذبابتتا ً ولتتو
اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا ً ل يستتنقذوه منتته
ضتتعف الطتتالب والمطلتتوب{ ]الحلللج .[ 73فلللبين تعلللالى أن
المخلوقات كلها عاجزة أن تخلق ذبابًا ولو اجتمعوا له.
فالمخلوق ل يخلق غيللره }أم خلقوا من غيتتر شتتيء أم هتتم
الخالقون{ ] الطور .[ 35
فكيف يجوز لك أيها المسلم أن تقول :إن القرآن مخلوق؟ والقللرآن
كلم ال وال بكلمه خلق المخلوقات كلها.
قال تعالى } :إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه
()) 231قللال الللذهبي» :لمللا خلعللوا المعللتز أحضللروا محمللد بللن الواثللق فبللايعوه ولقللب
بالمهتدي بال ،وكانت دولته سللنة واحللدة ،وكللان أسللمر مليللح الصللورة دينلًا ورعلًا
صارمًا شجاعًا ،لكنه لم يجد ناصرًا على الحق ،وكلان قللد سللد بللاب اللهلو والغنللاء،
وحسم المراء عن الظلللم ،وكللان يجلللس لحسللاب الللدواوين بنفسلله ،ثللم إن المللراء
خرجوا عليه ،فلبس سلحه في حاشيته وشهر سيفه وحمل عليهم فجرح ،ثم أحاطوا
به وقتلوه ،في رجب سنة ست وخمسين ومائتين«،تأريخ السلم ).(155-1/154
فقلللت :يللا سلليدي ومللن أولللى بقللول الحللق منللك وأنللت خليفللة رب
العالمين) ،(232وابن عم سيد المرسلين.
فقال :ما زلت أقللول إن القللرآن مخلللوق صللدرًا مللن أيللام الواثللق،
حتى أقدم أحمد ابن أبي دؤاد علينا شيخًا من أهل الشللام مللن أهلل أذنله،
فأدخل الشيخ على الواثلق مقيلدًا ،وهلو جميلل اللوجه تلام القامللة حسلن
الشيبة ،فرأيت الواثق قد اسلتحيا منلله ورق للله ،فملا زال يلدنيه ويقربلله
حتى قرب منه ،فسّلم الشيخ فأحسن ودعا فأبلغ ،فقال له الواثللق :اجلللس
فجلس .فقال :يا شيخ :ناظر ابن أبي دؤاد على ما ينللاظرك عليلله ،فقللال
ل ويصللبأ ويضللعف عللن الشلليخ :يللا أميللر المللؤمنين ابللن أبللي دؤاد يق ل ّ
المناظرة ،فغضب الواثق وعاد مكان الرقة له غضبًا عليلله ،وقللال :أبللو
ل ويصبّأ ويضعف عللن مناظرتلك أنللت؟ فقللال عبدال )ابن أبي دؤاد( يق ّ
الشيخ :هون عليك يا أمير المؤمنين ما بك ،وأذن في مناظرته.
فقللال الواثللق :مللا دعوتللك إل للمنللاظرة ،فقللال الشلليخ :يللا أميللر
ي وعليه ما نقول. المؤمنين إن رأيت أن تحفظ عل ّ
قال :أفعل .قال الشيخ :يا أحمد أخبرني عن مقالتك هذه ،هي مقالة
ل حللتى يقللال فيلله بمللا
واجبة داخلة في عقد الدين فل يكللون الللدين كللام ً
قلت.
) (1قد أنكر هذا اللفظ شيخ السلم ابن تيمية رحمه ال ،قال أبو جعفر الطللبري 232
في تفسير قوله تعالى}:إني جاعل في الرض خليفة {..أي مستخلف فللي الرض
خليفة ومصير فيها خلفًا ،ومن ذلك قيل للسلطان العظم :خليفللة لنلله خلللف الللذي
كان قبله .ج .199 / 1
وقال ابن كثير :أي قوما يخلف بعضهم بعضا قرنا بعد قرن وجيل بعد جيللل ،كمللا
قال تعالى} :وهو الذي جعلكم خلئف الرض{ .99/ 10
قال :نعم .قال الشيخ :يا أحمد أخبرني عللن رسللول الل صلللى الل
عليه وسلم حين بعثه ال تعالى إلى عباده هل سللتر شلليئًا ممللا أمللره الل
عز وجل به في أمر دينهم؟ قال ل.
فقال الشيخ :فدعا رسول ال المة إلى مقالتك هذه؟
فسكت ابن أبي دؤاد .فقال الشيخ :تكلم فسكت ،فالتفت الشلليخ إلللى
الواثق فقال :يا أمير المؤمنين واحدة .فقال الواثق واحدة.
فقال الشيخ :يا أحمد أخبرني عن ال تعالى حين أنزل القرآن على
رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال} :اليوم أكملت لكم دينكم
وأتممتتت عليكتتم نعمتتتي ورضتتيت لكتتم الستتلم دينتا ً{
] المائدة [ 3هل كان ال تعالى الصادق في إكمال دينه ،أو أنت الصادق
في نقصانه حتى يقال فيه بمقالتك هذه؟
فسكت ابن أبي دؤاد .فقال الشيخ :أجب يا أحمد ،فلللم يجللب ،فقللال
الشيخ :يا أمير المؤمنين اثنتان فقال الواثق :اثنتان.
فقال الشيخ :يا أحمد أخبرني عن مقالتك هذه علمها رسللول ال ل أم
جهلها؟ قال ابن أبي دؤاد :علمها .قال :فدعا الناس إليها؟ فسكت.
فقال الشيخ :يا أمير المؤمنين ثلث.
فقال الواثق :ثلث ،فقال الشيخ :يللا أحمللد ،فاتسللع لرسللول الل أن
علمها وأمسك عنها كما زعمت ولم يطالب أمته بها؟ قال :نعم.
قال الشيخ :واتسع لبي بكر الصديق وعمر بن الخطللاب وعثمللان
بن عفان وعلي بن أبي طالب رضي ال عنهم؟
قال ابن أبي دؤاد :نعم ،فأعرض الشيخ عنه وأقبل على الواثق.
ل ويصللبّأفقللال يللا أميللر المللؤمنين :قللد قللدمت القللول إن أحمللد يقل ّ
ويضعف عن المناظرة ،يا أمير المؤمنين إن لم يتسلع لنلا ملن المسلاك
عن هذه المقالة بما زعم هذا أنه اتسللع لرسللول الل ولبللي بكللر وعمللر
وعثمان وعلي ،فل وسع ال على من لم يتسع له ما اتسع لهم.
فقال اللواثق :نعم؛ إن لم يتسع لنا من المساك عن هذه المقالللة مللا
اتسع لرسول ال صلى ال عليه وسلم ولبي بكر وعمر وعثمان وعلي
فل وسع ال علينا .اقطعوا قيد الشيخ ،فلما قطعللوا القيللد ضللرب الشلليخ
بيده إلى القيد حتى يأخذه فجاذبه الحداد عليلله ،فقللال الواثللق :دع الشلليخ
يأخذه ،فأخذه فوضعه في كّمه.
فقال له الواثق :يا شيخ لم جاذبت الحداد عليه؟
ت ،أن يجعله قال :لني نويت أن أتقدم إلى من أوصي إليه إذ أنا م ّ
بيني وبين كفني حتى أخاصم به هذا الظالم عند ال يوم القيامة ،وأقول:
يا رب :سل عبدك هذا لم قيدني ،وروع أهلي وولدي وإخواني بل حللق
ي؟
أوجب ذلك عل ّ
وفي قصة المناظرة هذه :أن الواثق طلب من الشيخ أن يجعله فللي
حل وسعة مما ناله فقال له الشيخ :وال يا أمير المؤمنين لقد جعلتك فللي
ل من أهله ،فقللال حل وسعة من أول يوم إكرامًا لرسول ال إذ كنت رج ً
الواثق :لي عليك حاجة.
فقال الشيخ :إن كانت ممكنة فعلت .فقال له الواثق :تقيم قبلنا ننتفللع
ي إلللى
بك وينتفع بك فتياننا .فقال الشيخ :يا أميللر المللؤمنين إن ردك إيللا ّ
الموضع الذي أخرجني عنه هللذا الظللالم ،أنفللع لللك مللن مقللامي عليللك،
وأخبرك بما في ذلك ،أصير إلى أهلي وولدي فأكفّ دعاءهم عليك ،فقد
خلفتهم على ذلك ،فقلال لله الواثلق :فتقبلل منلا صللة تسلتعين بهلا عللى
ي وذو ميسللرة دهرك ،فقال :يا أمير المؤمنين ل تحل لللي أنللا عنهللا غنل ّ
ي ،فقال :سل حاجة فقال :أو تقضيها يا أميللر المللؤمنين؟ قللال :نعللم. سو ّ
َ
قال :تأذن أن يخلى لي السبيل الساعة إلى الثغر.
قال :قد أذنت لك ،فسّلم وخرج.
قال المهتدي بال :فرجعت عن هذه المقالة ،وأظن أن الواثق رجع
عنها منذ ذلك الوقت.
وأما رفع المحنة عن أهل السنة ،ونشر السلنة وتللرك هللذه البدعلة
فكانت في عهد المتوكل على ال.
قال المللام الللذهبي فللي كتلابه )دول السلللم( )ص ،(141تحللت
عنوان) :خلفة المتوكل على ال(:
قال :بويع بالخلفة في ذي الحجة سنة اثنتين وثلثين ومائتين بعللد
أخيه الواثق ،فرفع المحنلة بخللق القللرآن ،وأظهلر السلنة ،وأمللر بنشلر
الثار النبوية ول الحمد.
قلت :وفي عصرنا الحاضر يعيد الخليلي الكللرة مللرة أخللرى ظنلاً
منه أن الجو خل من أهل السنة الذين سيبينون للمة ضلل هذه البدعة
التي قضى عليها المتوكل رحمه ال فنشر السنة بين المسلللمين ،وأخمللد
البدعة لن البدع مثل الظلم ،ول يذهب الظلَم إل ضوُء الشمس.
فكذلك البدع ل يذهبها إل نور السنة والحمد ل.
وحيث انتهى الرد على الشبه الببتي أثارهببا الخليلببي وظبن أنهبا أدلببة
على دعواه ان القرآن مخلوق ،وقد اتضح أن كل ما أورده مببن النصببوص
ل تدل على الدعوى ل بمنطوق تلك النصببوص ول بمفهومهببا ،وإنمببا هببي
شبه يرددها أهل البدع عبن أسببلفهم .وقببد أثبتنببا زيببف دعببواه ،مببن كتببب
الباضية أنفسهم ،من أن المدعي خلق القرآن ل دليل عنده ل مببن الكتبباب
ولمن السنة.
فقببد رأيببت أنببه مببن المناسببب أن أورد أسببماء عببدد مببن علمبباء
السلف نصوا على أن القرآن كلم الب ليبس بمخلبوق ،وكبذلك أسبماء
بعض ،علماء الباضية القببائلين بببأن القببرآن كلم الب ليببس بمخلببوق
ومن قال :إنه مخلوق فقد كفر.
أول علماء السلف:
ونبللدأ بالمللام محمللد بللن الحسللين الجببري رحملله اللل مللن كتببابه
الشريعة) (233ج 1/489ل .525
بببببببببببببباب 16
قال» :ذكر اليمان بأن القرآن كلم ال ل تعللالى ،وأن كلملله ليللس
بمخلوق ومن زعم أن القرآن مخللوق فلقد كفلر«.
ثم قال :اعلموا رحمنا ال وإياكم أن قول المسلمين الللذين لللم تللزغ
قلوبهم عن الحق ،ووفقوا للرشاد قديمًا وحديثًا أن القرآن كلم ال تعالى
ليس بمخلللوق ،لن القللرآن ملن عللم الل ،وعلللم الل ل يكلون مخلوقلًا،
تعالى ال عن ذلك.
ثم قال :دل على ذلك القرآن والسنة ،وقللول الصللحابة رضللي ال ل
عنهم ،وقول أئمة المسلللمين ل ينكللر هللذا إل جهمللي خللبيث ،والجهمللي
عند العلماء كلللافللر.
ثم شرع في ذكر الدلة فقال :قال ال تعالى} :وإن أحد من
المشركين استجارك فأجره حللتى يسللمع كلم
الله {.....الية ]التوبة .[6 /
وقال تعالى} :وقد كان فريللق منهللم يسللمعون
كلم الله ثم يحرفونه من بعد مللا عقلللوه{.......
]البقرة .[75 /
وقلللال تعللالى لنللبيه } :قل يللا أيهللا النللاس إنللي
رسللول الللله إليكللم جميعللا ً الللذي للله ملللك
السموات والرض ل إله إل هو يحيللي ويميللت
233
) (1كتاب الشريعة /للمام المحدث أبي بكر محمد بن الحسين الجري المتوفي
سنة 360هل تحقيق د.عبدال الدميجي .الطبعة الولى سنة .1418دار الوطن.
فآمنوا بالله ورسوله النبي المي الذي يللؤمن
بالله وكلماته] {.....العراف .[ 158 /وهو القرآن.
وقلللال لموسلللى } :uإنى اصطفيتك على النللاس
برسالتي وبكلمي] {..العراف.[144/
ثم قال :قللال محمللد بللن الحسللين -وهللو المؤلللف -ومثللل هللذا فللي
القرآن كثير.
وقال تعالى} :فمن حاجك فيه مللن بعللد مللا جللاءك
من العلم] {..آل عمران.[61/
وقال تعالى} :ولئن اتبعت أهواءهم من بعللد مللا
جاءك من العلم إنك إذا لمن الظللالمين{ ]البقلللرة/
.[ 145
ثم قللال :قال محمد بن الحسين:
»لم يزل ال عالمًا متكلملًا سلميعًا بصليرًا بصلفاته قبلل خللق
الشياء ،من قال غير هذا فقد كفلللر«.
قال :وسنذكر من السنن والثار وقول العلماء الللذين ل يسللتوحش
من ذكرهم ،مللا إذا سللمعها مللن للله علللم وعقللل زاده علملًا وفهملًا ،وإذا
سمعها من في قلبه زيغ ،فإن أراد ال هدايته إلى طريق الحق رجع عن
مذهبه ،وإن لم يرجع فالبلء عليه أعظم.
ثم أورد بعد ذلك عددًا من الحاديث والثار ،وأقوال الئمللة الللتي
تثبت أن القرآن كلم ال ليس بمخلوق ،وذلك من ص 489ل .525
ثم قال :قال محمد بن الحسين:
فيما ذكرته في هذا الباب بلغ لملن عقلل وسلللم للله دينله ،والل
الموفق لكل رشاد .أهل
2ب المام الحافظ ابن منده المتوفى سنبة 395هب
قال في كتابه التوحيد ج :129 / 3
»ذكر ما يستدل به من الكتاب والثر على أن الل تعللالى لللم يللزل
متكلمًا آمرًا ناهيًا بما شاء لمن شاء من خلقه موصوفًا بذلك«.
قال ال عز وجللل واصللفًا لكلملله وأمللره وإرادتلله الللذي بله خللق
الخلق:
}إنمتتا قولنتتا لشتتيء إذا أردنتتاه أن نقتتول لتته كتتن
فيكون{ ]النحلل .[ 40 /
وقال عز وجل} :أل له الخلق والمر{ ]العراف .[ 54 /
فبان بقوله أن أمره غير خلقلله ،وبللأمره خلللق ويخلللق ،وقللال عللز
وجل} :حم والكتاب المبين{ إلى قللوله} :أمرا ً متتن عنتتدنا{..
اليات ]الدخان 1 /ل .[ 5
ثم قال» :ذكر الدلة الواضحة من الثر عن المصطفى صلى ال ل
عليه وسلم ببيان ما تقدم والفرق بين القول والعلم والرادة والفعل «.
ثم أورد الدلة الدالة على ذلك الثابتللة عللن رسللول الل صلللى الل
عليه وسلم ومعظمها فللي الصللحيحين وذلللك مللن الحللديث رقللم 546لل
.615
ثم أتبع هذا الفصل بقوله» :ذكر ما يدل على أن المتلو والمكتللوب
والمسموع من القرآن كلم ال عللز وجللل الللذي نللزل بلله جبريللل عليلله
السلم من عند ال عز وجل على قلب محمد صلى ال عليه وسلم«.
ثم سرد عددًا من اليات الدالة على ذلك .فقال :قال ال عز وجل:
}الحمد لله الذي أنزل علللى عبللده الكتللاب{
]الكهف .[1 /
}نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا ً لمللا بيللن
يديه{ ]آل عمران .[2 /
]الرعد .[1 / }والذي أنزل عليك من ربك الحق{
ل بها على ذلك.ثم ذكر عددًا من اليات مستد ً
وأتبعها بالحاديث من رقم 617ل .635
بدأها بحديث جابر بن عبد ال رضي ال عنه قال :كان رسول ال
صلى ال عليه وسلللم يعللرض نفسلله بللالموقف ويقللول» :إن قريش بًا قببد
منعببوني أن أبلببغ كلم ربببي« ،رواه أبللو أحمللد الزبيللري وغيللره عللن
إسرائيل.
قلبببت :أخرجه الدارمي في فضائل القرآن /باب القرآن كلم اللل
2/317ح .3357
3ل ونختم هذا بما أورده المام البخاري فببي صببحيحه فللي كتللاب
التوحيد ،فتح الباري .13/444
قال المللام البخللاري :بللاب قللول اللل تعللالى} :قل لو كان
البحر مدادا ً لكلمات ربي لنفللذ البحللر قبللل أن
تنفذ كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا ً{.
}ولو أن مللا فللي الرض مللن شللجرة أقلم
والبحر يمده من بعللده سللبعة أبحللر مللا نفللدت
كلمللات الللله{} ،إن ربكللم الللله الللذي خلللق
السموات والرض في سللتة أيللام ثللم اسللتوى
على العرش يغشى الليل النهار يطلبلله حثيث لا ً
والشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره أل
له الخلق والمر تبارك الله رب العالمين{.
ثم أورد فيه حللديث أبللي هريللرة رضللي الل عنلله مرفوعلًا وفيلله:
»وتصديق كلمته«.
قال الحافظ بن حجر رحمه ال في شرح الحديث عللن معمللر عللن
قتادة أن المشركين قالوا في هذا القرآن :يوشك أن ينفد فنزللللت} :قل
لو كان البحر مدادا ً لكلمات ربللي لنفللد البحللر{
الية...
قال ابن أبي حاتم حدثنا أبي سمعت بعض أهللل العلللم يقللول :قللول
اللل عللز وجللل} :إنا كل شيء خلقنللاه بقلدر{ وقببوله:
}قل لو كللان البحللر مللدادا ً لكلمللات ربللي لنفللد
البحر{..الية ،يدل على أن القرآن غير مخلوق لنه لو كللان مخلوقلًا
لكان له قدر ،وكانت له عناية ،ولنفد كنفاد المخلوقين ،وتل قوله تعالى:
}قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربللي{ إللللى آخلللر
الية.
وفي ص 453قال:
باب 32قوله تعالى} :ول تنفع الشفاعة عنللده ال
لمن أذن له حتى إذا فلزع عللن قلللوبهم قللالوا
ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكللبير{.
ولم يقل ماذا خلق ربكم.
وقللال جللل ذكللره} :من ذا اللذي يشلفع عنلده إل
بإذنه{ .
وقال مسروق عن ابللن مسللعود :إذا تكلللم الل بللالوحي سللمع أهللل
السموات شيئًا ،فإذا فزع عن قلوبهم وسكن الصوت عرفوا أنلله الحللق،
ونادوا ماذا قال ربكم قالوا الحق.
ويذكر عن عبد ال بلن أنيلس قلال سلمعت النلبي صللى الل عليلله
وسلم يقول» :يحشر ال العباد فينبباديهم بصببوت يسببمعه مببن بعببد كمببا
يسمعه من قرب :أنا الملك أنا الديان« .
ثم أورد عددًا من الحاديث تثبت صفة الكلم لل عللز وجللل علللى
ما يليق بجلله وكماله }ليس كمثله شيء وهو السميع
البصير{ وأورد ابن حجر اتفاق السلف على ذلك فللي بلاب 34قللول
اللل تعللالى} :أنزله بعلمه والملئكللة يشللهدون{ فتللح
الباري 462 /13ل .463
قال :والمنقول عن السلف اتفللاقهم علللى أن القللرآن كلم الل غيللر
مخلوق ،تلقاه جبريل عن ال ،وبلغلله جبريللل الللى محمللد عليلله الصلللة
والسلم وبلغه صلى ال عليه وسلم أمته.
قلت :ومعنى تلقاه جبريل عللن الل سللمعه منله ،ثلم نلزل بله علللى
محمد صلى ال عليه وسلم كما سبق ذكر الدلة على أن الل عللز وجللل
يتكلم متى شاء وكيف شاء مع من شاء ،كما كلم موسى عليه السلم كما
في قوله تعللالى} :ولما جاء موسللى لميقاتنللا وكلملله
ربه{.
ثم أتبعه البخاري بقوله /باب 35قللول اللل تعللالى} :يريدون
أن يبدلوا كلم الله{ }إنببه لقببول فصببل .ومببا هببو بببالهزل{:
باللعب.
ثم أورد عددًا من الحاديث تثبت ل عللز وجللل صللفة الكلم علللى
ما يليق بجلله وكماله ،وأنله تعلالى يتكللم ملتى شلاء وكيلف شلاء ،لن
صفة الكلم من الصفات الذاتية الختيارية ،فهي صفة ذات وفعل يتكلم
متى شاء وكيف شاء.
وفي ص 473قال :باب 36كلم الرب عز وجل يوم القيامة مللع
النبياء وغيرهم .وأورد فيه عددًا من الحاديث منها حللديث عللدي بللن
حاتم رضي ال عنه قللال :قللال رسللول الل » :rمببا منكببم مببن أحببد إل
سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان ،فينظر أيمن منه فل يرى إل مببا
قدم من عمله ،وينظر أشأم منه فل يرى إل ما قببدم ،وينظببر بيبن يبديه
فل يرى إل النار تلقاء وجهه ،فاتقوا النار ولببو بشببق تمببرة« .ح رقللم
.7512
وأحاديث في الشفاعة منها حديث أنس بلن مالللك رضللي الل عنله
خّر له ساجدًا فأحمده بتلك المحامد ثم يقببال :يببا محمببد ارفببع
وفيهَ» :فَأ ِ
رأسك وقل يسمع ،وسل تعط ،واشفع تشببفع ،فببأقول :يببا رب ائذن لببي
فيمن قال :ل إله إل ال فيقول :وعزتببي وجللببي وكبريببائي وعظمببتي
لخرجن منها من قال :ل إله إل ال« .ح رقم .7510ففي هذا الحديث
التصريح بأن ال عز وجل يكلم نبيه محمدًا صلى ال عليه وسلم ويقول
له :ارفع رأسك ،وقل يسمع ،وسل تعط....الحديث.
ثم أتبعه بباب 37ما جاء فللي قللوله عللز وجللل} :وكلم الله
موسى تكليما ً{
وأورد فيه عددًا من الحاديث أولها حديث أبي هريرة رضللي الل
عنه أن النلبي صللى الل عليلله وسلللم قلال» :احتببج آدم وموسببى ،فقببال
موسى :أنت آدم الببذي أخرجببت ذريتببك مببن الجنببة ،قببال آدم :أنببت موسببى
الذي اصطفاك ال برسالته وكلمه ثم تلومني على أمر قد قبدر علببي قبببل
أن أخلق .فحج آدم موسى« ح رقم .7515
يقول الحافظ بن حجللر رحملله الل فللي شللرح أحلاديث هللذا البلاب
قوله} :وكلم الله موسى تكليما ً{ قللال الئمللة :هللذه اليللة
أقوى ما ورد في الرد علللى المعتزلللة ،قللال النحللاس :أجمللع النحويللون
على أن الفعل إذا أكد بالمصدر لم يكن مجازًا ،فإذا قال )تكليم لًا( وجللب
أن يكون كلمًا على الحقيقة التي تعقل .قال :وأورد البخاري في كتللاب
ح بالجعللد
خلق أفعال العباد :أن خالد بن عبد ال القسري قال :إنللي مضل ّ
ل ،ولللم يكّلللم موسللى
بن درهم ،فإنه يزعم أن الل لللم يتخللذ إبراهيللم خلي ً
تكليمًا.
وفي هذه النصوص الصريحة من كتاب ال عز وجل الللتي تثبللت
ل ما أثبته لنفسه من صفات الجلل والكمال ومنها صفة الكلم.
والحاديث الثابتة عن رسول الهللدى صلللى الل عليلله وسلللم الللتي
تثبت صفة الكلم ل مع أنبيائه ورسله.
وما يقول به علماء السلف من إثبات تلللك الصللفات لل عللز وجللل
كما جاءت في كتاب ال وسنة رسوله على أساس قوله تعالى} :ليس
كمثله شيء وهو السميع البصير{
في هذه النصوص الكفاية لمن أراد ال توفيقه ،وملن للم يسللعه ملا
وسع سلف هذه المة فل وسع ال عليه.
ثببانيبًا :علماء الباضية :الذين أثبتوا في كتبهم أن القرآن كلم
ال غير مخلوق ،ثم ردوا على القائلين بخلقه:
1ل الشيخ أحمد بن النضر العماني في كتابه الدعائم ل طبع سلطنة
عمان وزارة التراث القومي والثقافة الطبعة الثانية 1409ل 1988م.
قال ص 31في الرد على من يقول بخلق القرآن:
ل ويثبت خلقه بلسان جبببه ً يا من يقول بفبببببطرة الببقرآن
ببببدائع التكليبببف والبببببهتبان ل تنحل القرآن منك تكلببببفًا
أو فبببببي البببببببببرواية فبببببببأتنا هل في الكتاب دللة من خلقه
ببببببببيان
ببببببببببدعائه فببببببي البببببببببسر ال سببماه كلما فادعبببببببه
والعببببلنبقه ب ب يببا غببر ب ب مبببن
فببي خلببببب ال فهات وما أظبببنك واجدًا
الببببجعل إن أنصببفت مببن برهبان
فببي إن كان من )إنا جعلناه( فمبا
تبيانبفضبببلك أفببضل الببببلدان بلدا قد قال إبراهيم رب اجعل لنا
حببببببببق الصببببلة لوجهبببببببببك وكذاك فاجعلني مقيما مخلصًا
المنانيكن خلقًا من الرحمن أم لم فانظر أكان وقد دعاه لجعبله
وهكذا استمر في ذكر هذه القصيدة التي اشتملت على خمسة وسللبعين
بيتًا .وقد سبق ذكر مطلعها في ص 333وهي في ملحق الكتاب ملحق رقم)(1
وشرحها ملحق رقم )(2
ثانببيًا :الشلليخ أبللو الحسللن علللي بللن محمللد البسلليوي صللاحب كتللاب
)الجامع( فقد رد على من يقول بخلق القرآن في كتابه هذا ردًا مقنعًا بالدلللة
من القرآن الكريم ،وبالدلة العقلية ،وقد أثنى الخليلي نفسه علللى هللذا العللالم
الباضي وعلى كتابه هذا حين كان الكتاب مخطوطًا ،وقد سبق التنبيه علللى
هذا الكتاب ص ،6ونقل نص كلمه حاشية ) (3في ص 10ل .85وانظللره
ملحق رقم ).(3
ثبالبثًا :محمد بن محبوب إمام أهل المشرق ومحمد بن هاشبم بب وقبد
اتفقا على ما كان عليه من السلف ،وقد نقل هذا الخليلي نفسببه فببي كتببابه
هذا ص 107كما تقدم ذكره ص .201
الجزء الثالث
الرد ّ على دعواه
235
) (1الصول الخمسللة للقاضللي عبللد الجبللار المعللتزلي ص .666تحقيللق عبللد
الكريم عثمان .الطبعة الولى 1384هل الناشر مكتبة وهبة.
وإذا أدخل العاصي النار فل يخرج منهللا ،لنهللم أنكللروا أحللاديث
الشفاعة لهل الكبائر من أمة محمللد ،rوفسللروا الشللفاعة فللي اليللات
الواردة في كتاب ال برفع الدرجات)(236لهل الجنة فقط.
رابعًا ب الباضية :
قالوا :إن مرتكب الكللبيرة كللافر فللي الللدنيا كفللر نعمللة ،وأمللا فللي
الخرة فهو خالد مخلد في النار ،هذا قول ومعتقد الباضية.
وهو ما يعبر عنه الخليلي بأن المعتزلللة يوافقللونه فللي القللول بتخليللد
العصاة في النار.
وقال محمد بن يوسف اطفيش في كتابه »الجللامع الصللغير« ص :7
هذه عقيدة على مذهب أهل السللتقامة مللن المسلللمين ،وقللال فيهللا ص 12
بعد إنكار الميزان والصراط والرؤية :ومن عصاه ففي النيران مسكنه
ولم يجد مفزعًا عنها فينتقل).(237
ومن العبببجب أنه يرد عليهم في الحكم على مرتكللب الكللبيرة فللي
الللدنيا وعلللى الخللوارج ويقللول :إنهللم خللالفوا النصللوص مللن الكتللاب
والسنة ،وكأنه هو لم يخالف النصوص بدعواه ل تخليد أصحاب الكبللائر
الموحدين في النار.
))( الجوهر المقتصر ص ،116تحقيق سيد إسماعيل كاشف ،طبللع سلللطنة عمللان 238
»البببببببببببببببببببببرد«
ونقول إن قوله :إن الخلود في اللغة يللأتي بمعنللى الللدوام البللدي،
ويأتي بمعنى طول المكث .فهلللذا كلم صحيح.
وأما بالنسبة للزمخشري .وأنلله يقللول :إنلله موضللوع لغللة للللدوام
البدي فنسبة هذا القللول للزمخشللري صللحيحة ،لن الزمخشللري رأس
المعتزلة ،وعقيدة المعتزلة في أهل الكبائر :أنهم فللي الللدنيا فللي منزلللة
بين المنزلتين ،فمللن ارتكللب كللبيرة خللرج مللن اليمللان ولللم يللدخل فللي
الكفر ،هذا حكمه في الدنيا ،ويعللاملونه معاملللة المسلللم إذا مللات فيللرث
ويورث ،ويغسل ويكفن ،ويدفن في مقابر المسلمين.
وأما حكمه في الخرة عندهم :فإنه مخّلللد فللي النللار ،تنفيللذًا لحللد
أصولهم الخمسة وهو تنفيذ الوعيد ومعناه :أن كل من ارتكب ذنبًا عليلله
وعيد بالنار يجب على ال عز وجللل لل عنللدهم لل أن يللدخله النللار)،(240
ومن دخل النار ل يخرج منها ،لنهم يردون أحاديث الشفاعة المتواترة
عند أهل السنة والجماعة التي سيرد ذكرها.
وعقيدة الزمخشري هذه هي عقيدة المؤلللف الخليلللي وهللي عقيللدة
)الباضية( فهكذا يعاملون مرتكب الكبيرة ،غير أنهم في الدنيا يسللمونه
كافر نعمة .أما في الخرة فمخلد في النار.
ولكللن نسللبة الخليلللي هللذا القللول إلللى ابللن عطيللة ،والقرطللبي،
والشوكاني ،دعوى غير صحيحة ،ونأسف لمثل الخليلي -وإن كان ذلك
ل ول يللذكر ل يستغرب منه وممن هو على شاكلته ل أن ينسب إليهم قللو ً
مرجعه ول الكتاب الذي أخللذه منله .ملع أن مؤلفلاتهم فلي متنلاول يلده،
وعمله هذا مخالف لصول البحث العلمي.
وحيث إنه أورد في ص 186في هذا المبحللث الللذي هللو تعريللف
الخلود ،قوله تعالى} :ومن يعص الله ورسوله فتتإن لتته نتتار
جهنم خالدين فيها أبدا ً{ ]الجن.[23/
فإني رجعت لتفسير هذه الية في تفسير ابللن عطيللة ،والقرطللبي،
والشوكاني.
أما ابن القيم رحمه ال فهو خصمه اللدود ،فللإنه يللدعي عليلله أنلله
وافق الجهمية في القول بفناء النار ،قال ذلللك بعللد أن ذكللر أسللطرًا فللي
أول ص 190ليللدخل مللن ورائهللا إلللى رأيلله ،فقللال بعللد الللرد علللى
الطائفتين المدعية لفناء النار قال:
)ولعالم الغيب طبائع تكوينيللة خاصللة تختلللف كللل الختلف عللن
طبائع عالم الشهود ،فل يجوز قياس أحدهما على الخر ،كما أن للبقللاء
المطلق أحوال تميزه عن البقاء المحدود(.
قال) :وإذا أدركلت أن الحيلاة فلي اللدار الخلرة ل تتصلرم لنهلا
حياة مصيرية وليست حياة مرحلية ،وحياة جزاء ل حياة كسللب ،فللاعلم
أن جزاءها جزاء أبلدي ،سلعادة كلان أو شلقاء ،إذ ل فببرق بيببن ثوابهببا
وعذابها.
ثم قال :وإن ذهبت طوائف من الناس إلببى التفرقببة بينهمببا ،وفللي
مقدمة هؤلء اليهود ،الذين حكى ال عنهم هذا القول فللي سلسلللة تعللداد
مثالبهم ،وأنكره عليهم وطالبهم بدليل يستندون إليه فيلله ،وبيللن بأصللرح
عبارة أن الحق خلف ما يقولون ،وذلك حيث يقول} :وقالوا لللن
تمسنا النار إل أياما ً معدودة قللل أتخللذتم عنللد
الله عهدا فلن يخلللف الللله عهللده أم تقولللون
على الله مال تعلمون .بلى من كسللب سلليئة
وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النار هللم
فيها خالدون{ ]البقرة 80 /ل .[81
ثببم قببال :وبهللذا تعلللم أخللي القللارئ أن القللول بتحللول الفجللار مللن
العذاب إلللى الثللواب مللا هللو إلللى أثللر مللن آثللار الغللزو اليهللودي للفكللر
السلمي ،قال :وقد تنّبه لذلك العلمة الجليل السيد محمد رشيد رضللا،
فقال في مقدمة تفسيره لسورة البقللرة مللن المنللار )القاعللدة السادسللة أن
الجزاء على اليمان والعمل معا لن الدين إيمان وعمل ،ومللن الغللرور
أن يظن المنتمي إلى دين نبي من النبياء أنه ينجو من الخلود في النللار
بمجرد النتماء ،والشاهد عليه ما حكلاه الل لنلا علن بنلي إسللرائيل ملن
غرورهللم بللدينهم ،ومللا رد بلله عليهللم حللتى ل نتبلع سللننهم فيلله ،وهللو:
}وقالوا لن تمسنا النار إل أيامللا ً معللدودة{ وملللا
حكللاه عللن اليهللود والنصللارى جميعللًا مللن قللولهم}:وقالوا لن
يدخل الجنة إل من كان هللودا ً أو نصللارى تلللك
أمانيهم {..اليتين ]111ل ،[112ولكننا قد اتبعنا سننهم شبرًا بشللبر،
وذراعًا بذراع ،مصللداقًا لمللا ورد فللي الحللديث الصللحيح ،وإنمللا نمتللاز
عليهم بأن المتبعين لهم بعلض الملة ل كلهلا ،وبحفلظ نلص كتابنلا كللله
وضبط سنة نبينا في بيانه ،وبأن حجة أهل العلم والهدى منلا قائمللة إلللى
يوم القيامة).(249
قبلببت :إن ل الخليلي ل قد نقل هذا النللص عللن السلليد محمللد رشلليد
رضا واصفًا له بالعلمللة الجليللل ،ظنلًا منلله أنلله علللى رأيلله فللي تخليللد
أصحاب المعاصي من المسلمين ممن مات على التوحيللد فللي النللار ،أو
أنه يعرف رأيه في ذلك وأنه يقول بما يقوله أهللل السللنة ،ولكنلله كعللادة
249
) (1المنار ج 112 / 1الطبعة الرابعة ل دار المنار.
أهل البدع الذين يريدون ترويج ما يدعون إليه بأن أهل السللنة يقولللون
بقولهم.
مللع أن مللا نقللله عللن السلليد محمللد رشلليد رضللا ل يللدل علللى مللا
يريد،ولكن مع هبذا فقبد كفانببا الخليلبي نفسبه الببرد علبى دعبواه هبذه،
وذلللك بمللا نقللله عللن السلليد محمللد رشلليد رضللا نفسلله ،مظهللرًا السللى
والحزن عليلله فقللال بعللد النتهللاء مللن النللص السللابق مللن المنللار وفللي
الصفحة نفسها ) (191من كتابه هذا حيث قال ) :وإذا كنا نلسر بإماطة
هللذا العلمللة الكللبير لحجللاب التقليللد عللن عينيلله حللتى أبصللر الحقيقللة
واضحة ،فإنا نأسف على وقوعه نفسه في هذه الحبولة حتى تردد في
هذه المسألة فقال تارة بالتمييز بين عصاة الموحدين وغيرهم ،كما فللي
تفسيره لسورة يونس.
وذهب تارة أخرى إلى القول بانقطاع عببذاب النببار علللى الطلق
متأثرًا بقول ابن القيم الموافق للجهمية في ذلك كما في تفسيره لسللورة
النعام .قال :وسأنقل إليك أخي القللارئ مللا يمكننللي نقللله مللن نصللوص
عباراته موثقة حسب اقتضاء المقام.
ومن خلل هذا الذي ذكرته تعلم أخي القارئ أن ابن القيم قللد أخللذ
في هذه القضية بشلطر ملن ملذهب الجهميلة كملا سليأتي بيلانه إن شلاء
ال(.
قبلببت :وما وعد به من زيادات من النقل عن ابللن القيللم جللاء فللي
ص 197وهللو سللطر واحللد فللي الفصللل الثللاني عقللب بلله علللى قللول
المدعين لفناء النار،حيث قال) :وأما النظريات الفلسللفية فمنهللا مللا تقللدم
نقللله عللن الجهميللة ومنهللا مللا أورده ابللن القيللم فللي كتللابيه الصللواعق
المرسلة وحادي الرواح( ثم قال في الحاشية رقم ) (2انظر الصواعق
المرسلة ص .22/24مطبعة المام.
وحادي الرواح ص 252/277دار الكتب العلمية.
والجواب على ذلك فيما يأتي:
فبأقبول :أما الذي ادعاه على محمد رشيد رضا صاحب المنار فقد
كفانا بنفسه الرد عليه ،حيث نقل عنه خلف ما ادعاه عليه متأسفًا عليه.
حيث قال في ص ) :191فإنا نأسف علللى وقللوعه نفسلله فللي هللذه
الحبولة حتى تردد فللي هلذه المسلألة ،فقللال تلارة بلالتمييز بيلن عصلاة
الموحدين وغيرهم كما في تفسيره لسورة يونس(..الخ ما سبق ذكره.
قببلبت :وإذا تأملت كلم محمد رشيد رضا ل تجد فيلله مللا يللدعيه
عليلله ،وإنمللا قللال :إن انتمللاء النسللان إلللى الللدين دون عمللل فللإن هللذا
النتماء ل ينفعه ،وصاحب الكبيرة من عصاة الموحدين ل ينطبق عليه
ذلك ،فهو يعمل ولكنه مع ذلك بشر يخطئ فيرتكب المعصية ،وقد جللاء
في الحديث القدسي الذي أخرجه المام مسلم في صحيحه وفيه :يقللول
ال» :من جبباء بالحسبنة فلبه عشببر أمثالهببا ..إلبى قبوله :ومبن لقينببي
بقراب الرض خطيئة ل يشرك بي شيئا لقيته بمثلها مغفرة«).(250
ونقول :وهللذا هللو قللول محمللد رشليد رضلا ،موافقلًا لهللل السللنة
ل على ذلللك بالنصللوص مللن الكتللاب والجماعة ،فهو يقول بقولهم مستد ً
والسنة.
وأما دعواه على المام ابن قيم الجوزية رحمه ال مللن أنلله يقللول
بقول الجهمية في فناء النار وأن محمد رشيد رضا قال ذلك متأثرًا بابن
القيم فإليك أيها القارئ الكريم قول ابن القيم من كتبله اللتي نقلل عنهلا لل
الخليلي ل دعواه عليه:
يقببول ابببن القيببم فببي كتببابه »الصللواعق المنزلللة« ل ل وهللي فللي
المختصللر مللن المطبللوع .352/ 1وفللي »شللفاء العليللل« ص 258لل
250
) (1صحيح مسلم فضل الذكر ح ). (7862
260في القول )بدوام النار وفنائها( وفللي كتللابه »حللادي الرواح إلللى
بلد الفراح« من ص 254ل 289فللي البللاب السللابع والسللتين ،الللذي
عقد تحته أربعة فصللول أورد فيهلا القللوال فللي أبديببة )الجنببة والنببار(
وبعد أن أورد القوال :قببال) :فصللل :والللذين قطعللوا بللدوام النللار لهللم
ست طرق -وبعد أن ذكر تلك الطرق قال في آخر ص :27وأما عقاب
العصاة فقد دل السمع أيضلًا عللى انقطبباعه فببي حببق الموحببدين ،وأملا
دوامه وانقطاعه في حق الكفار فهذا معترك النببزال ،فمببن كببان السببمع
من جانبه فهو أسعد بالصواب.
ثم بدأ في الفصل الذي يليلله فللذكر الفللرق بيللن دوام الجنللة والنللار
ل وشرعًا ،فسرد خمسة وعشرين وجهًا ،وحينمللا انتهلى مللن الللوجه عق ً
الخامس والعشرين،قال :فهللذا نهايللة أقللدام الفريقيللن فللي هللذه المسللألة،
ولعلك ل تظفر به في غير هذا الكتاب.
ثم قال :فإن قيل :فإلى أين انتهى قدمكم في هللذه المسللألة العظيمللة
الشأن اللتي هلي أكلبر ملن الللدنيا بأضلعاف مضلاعفة؟ قيلل :إللى قللوله
تعالى} :إن ربك فعال لما يريد{.
إلى هذا انتهى قدم أمير المؤمنين علي بن أبللي طللالب رضللي ال ل
عنه فيها حيث ذكر دخول أهل الجنة الجنة وأهل النار النار ،ومللا يلقللاه
هؤلء وهؤلء.
وقال :ثم يفعل ال بعد ذلك مللا يشللاء ،بللل وإلللى هنللا انتهللت أقللدام
الخلئق.
قال :وما ذكرناه في هذه المسألة بل فللي الكتلاب كللله ملن صللواب
ن به ،وما كان من خطأ فمنللي ومللن الشلليطان فمن ال سبحانه وهو الما ّ
وال ورسوله بريء منه ،وهو عند لسان كل قللائل وقلبلله وقصللده وال ل
أعلم.أهل
فنقول :من هذا الكلم أخذ الخليلي ومن يللوافقه فللي رأيلله أن ابللن
القيم يقول بفناء النار وعببدم دوامهببا ،وأقول :إن هللذا الكلم ليللس فيلله
دليل لمن يدعي عليه ذلك ،وإذا كان كلم ابن القيم في هذا المكان غيللر
صريح في القول )بدوام النار( فيجب على الباحث أن يرجللع إلللى كتبلله
الخرى لينظر هل كلمه في هذه المسألة في جميع كتبه غيلر صلريح،
لنه إذا وجد كذلك فيكون هذا قوله بهذا الستقراء ،وإن وجد في مكللان
آخر صريح إما بالقول بفناء النار وإما بللالقول بللدوامها ،فيحمللل القللول
غير الصريح على القول الصريح.
وعلى هذه القاعدة نبدأ بكتاب ابن القيم ل »حادي الرواح« الذي
أورد فيه هذه القوال كما سبق ذكرها وتحديد صفحاتها.
فنقببول :النللص الول :جللاء فللي »حللادي الرواح« وفللي الطبعللة
نفسها ص 39التصريح بأن النار ل تفنى حيث قال) :وقد خلقت الجنللة
وما فيها ،وخلقت النار وما فيها ،خلقهما الل عللز وجللل ،وخلللق الخلللق
لهما ول يفنيان ول يفنى مببا فيهمببا أبببدًا ،فللإن احتللج مبتببدع أو زنببديق
بقول ال عز وجل} :كل شيء هالك إل وجهه{ وبنحو هللذا مللن
متشابه القرآن ،قيل للله :كلل شلليء مملا كتلب الل عليلله الفنلاء والهلك
هالللك ،والجنببة والنببار خلقتببا للبقبباء ل للفنبباء ول للهلك ،وهمللا مللن
الخرة ل من الدنيا.أهل
فهو في هذا النص يقطع ببقاء النار ودوامها.
2ب النص الثاني ل هو ما جاء في مقدمة كتللابه ))زاد المعللاد((...
ص 14ل 15
قال فيه) :فال سبحانه وتعالى جعللل الطيللب بحللذافيره فلي الجنللة،
وجعل الخبيث بحذافيره في النار ،فجعل الدور ثلثة:
* دار أخلصللت للطيللبين ،وهللي حللرام علللى غيللر الطيللبين ،وقللد
جمعت كل طيب وهي الجنة.
* ودار أخلصت للخبيث والخبائث ،ول يدخلها إل الخبيثون وهي
النار.
* ودار امتزج فيها الطيب والخبيث وخلط بينهما ..إلى أن قال:
وإقامة هذا النوع مللن النللاس فببي النببار حسببب سببرعة زوال تلللك
ل وتطهيللرًا أسللرعهم خروجلًا، الخبللائث منهللم وبطئهللا ،فأسللرعهم زوا ً
وأبطؤهم أبطؤهم خروجًا ،جزاء وفاقًا وما ربك بظلم للعبيد ،ولما كان
المشرك خبيث العنصر خبيث الذات لم تطهر النار خبثله بلل لللو خلرج
منها لعاد خبيثًا كما كان ) ،(251كالكلب إذا دخللل البحللر ثللم خللرج منلله،
فلذلك حرم ال على المشرك الجنة(.أهل
3ل وأصرح منه النللص الثللالث وهللو مللا جللاء فللي كتللابه »الوابللل
الصيب «..ص 49حيللث قللال) :ولمللا كللان النللاس علللى ثلث طبقللات،
طيب ل يشينه خبث ،وخبث ل طيب فيه ،وآخرون فيهم خبث وطيب.
فكانت الدور ثلثة:
* دار الطيب المحض ،ودار الخبيث المحض ،وهاتان الببداران ل
تفنيان.
* ودار لمن معه خبث وطيب ،وهي الدار الللتي تفنللى ،وهللي دار
العصاة فللإنه ل يبقللى فللي جهنللم مللن عصللاة الموحللدين أحللد ،فللإنهم إذا
عذبوا بقدر جزائهم أخرجوا من النار فأدخلوا الجنللة ،ول يبقللى إل دار
الطيب المحض ،ودار الخبيث المحض.أهل
) (1ويدل على ذلك قوله تعالى عن الكفار} :ولو ترى إذ وقفوا على النار فقبالوا 251
يا ليتنا نرد ول نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين .بل بدا لهم ما كانوا يخفون مببن
قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون{ ]النعام 27ل .[28
وبنقل هذه النصوص من كتبه يتضح للقارئ الذي يريد الحللق أن
مذهب ابن القيم هو مذهب أهل السللنة والجماعللة ،القللائلين بللدوام النللار
وأبديتها ،وأن الكفار والمشركين والمنافقين النفللاق العتقللادي هللم أهللل
النار الذين ل يموتون فيها ول يحيون ،بل عذابهم دائم كما قللال تعللالى:
}إن الذين كفروا بآياتنللا سللوف نصللليهم نللارا ً
كلما نضللجت جلللودهم بللدلناهم جلللودا غيرهللا
ليذوقوا العللذاب إن الللله كللان عزيللزا حكيم لا ً{
] النساء .[ 56 /
وهذا القول هو الواجب بأن ينسب إلى ابللن القيللم رحملله الل لنلله
هو ما صرح به في كتبه ،وهللو المتفللق مللع نصللوص الكتللاب والسللنة،
ولهذا قال فللي »حللادي الرواح« ص .27بعللد نقللله للقللوال فللي هللذه
المسألة قال:
)إن من كان السمع مللن جللانبه فهللو أسللعد بالصللواب ،ولهللذا نقللل
النصوص الدالة على دوام النار وعدم فنائهللا ،وأن القللائلين بفنلاء النلار
هم أهل البدع.
وأن النار ل تفنى ،وأن الكفار يعذبون فيهللا كمللا قللال تعللالى} :ل
يقضى عليهم فيموتوا ول يخفللف عنهللم مللن
عذابها{ ]فاطر .[36 /
ثم قال في ص ) : 191وذهللب الشللعرية ومللن حللذا حللذوهم مللن
الطوائف المنتسبة إلى السنة ،إلى خلود الللدارين ،وعللدم انقطللاع ثللواب
البرار ،وعذاب غير الموحللدين مللن الفجللار ،أمللا الموحللدون ،فقللالوا:
إنهم يعذبون إلى أمد ثم يخرجون من النار ويللدخلون الجنللة ،فيتنعمللون
ويخلدون فيها مع البرار.
قبلبت :وهذا قول أهل السنة قاطبلة ومنهلم ابلن القيلم ،وكللل أتبلاع
السلف يقولون ذلك ومنهم محمد رشيد رضا.
ثم قال) :وعقيدتنا معشر ب الباضية ل أن كل من دخللل النللار مللن
عصاة الموحدين والمشركين مخلدون فيها إلى غير أمببد ،كمللا أن مللن
دخل الجنللة مللن عبللاد الل البللرار ل يخرجللون منهللا ،إذ الللداران دارا
خلود.
قببال :ووافقنببا علببى ذلببك المعتزلببة والخببوارج علللى اختلف
طوائفهم.
قال :وإنمببا خالفنببا الخببوارج مللن حيللث إنهللم يحكمللون علللى كللل
معصية تؤدي إلى العذاب بالشرك المخرج من الملة.
فخالفوا بذلك نصوص الكتاب والسنة وإجماع المة(.أهل
إلى هنا انتهى كلم الخليلي.
قلببت :وقببد أبببان عببن عقيببدة الباضببية فببي الحكللم علللى عصللاة
الموحللدين بللالخلود فللي النللار ،مخللالفين بقللولهم هللذا جميللع الطللوائف
المنتسبة للسنة ،كما يقول مبينلًا أن هللذه العقيللدة -وهللي القللول لل بخلللود
العصاة من الموحدين في النار -وافقهم فيها:
* المعتزلة.
* والخوارج على اختلف طوائفهم ،قال:
)وإنما خالفهم الخوارج في مسألة واحدة وهي حكمهللم علللى كللل
معصية تؤدي إلى العذاب بالشرك المخرج من الملة(.
ثم ادعى عللى الخللوارج أنهللم فلي هلذه المسللألة خللالفوا نصلوص
الكتاب والسنة والجماع.
ومعنى هذا أن الخليلي وطائفته ب الباضية ل لللم يخللالفوا فللي هللذه
المسألة وهي دعواهم خلود عصاة الموحدين فللي النللار ،ل الكتللاب ول
السنة ول الجماع.
» البببببببببببببببببببببرد«:
مناقشللة الخليلللي فللي فقللرات هللذا النللص الللذي نقلنللاه عنلله كللام ً
ل
ليتضح للقارئ زيف ما ادعاه الخليلي.
فنقول :اشتمل هذا النص على الفقرات التالية:
1لل دعللواه علللى أهللل السللنة أنهللم أخللذوا القللول بخللروج عصللاة
الموحدين من النار من اليهود.
2ل دعواه على صاحب المنار أنه يقللول بقللوله فللي خلللود عصللاة
الموحدين في النار ،ولكن سبق نقل اعترافه بللأن صللاحب المنللار يقللول
بقول أهل السنة وأبدى تحسره وأسفه عليه ،إل أنه ادعى عليه أنه تللابع
في ذلك ابن القيم لل ل بخللروج العصللاة مللن النللار فحسللب ،بللل بللالقول
بانقطاع عذاب النار على الطلق كما تقول الجهمية.
3ل دعواه أن مذهبه ومذهب الخوارج واحد ،وأنه ل خلف بينهم
إل في الحكم على مرتكب كللل معصللية فللي الللدنيا تللؤدي إلللى العللذاب
بالشرك المخللرج مللن الملللة ،وأنهللم فللي حكمهللم هللذا خللالفوا نصللوص
الكتاب والسنة وإجماع المة.
2ب ومن السنة :في صحيح مسلم كتاب الللذكر بلاب فضللل الللذكر
والدعاء والتقرب.
عن أبي ذر رضي ال عنه قال :قال رسللول ال ل صلللى ال ل عليلله
وسلم :يقول ال » :Uمن جاء بالحسنة فله عشر أمثالها وأزيد ،ومن
جاء بالسيئة فجببزاؤه سببيئة مثلهببا أو أغفببر ..إلببى قببوله :ومبن لقينببي
بقراب الرض خطيئة ل يشرك بي شيئًا لقيته بمثلها مغفرة ).«(252
252
) (1مسلم /الذكر والدعاء ح ،(2687) 22البخاري /كتاب الجنائز بلاب ملن
كان آخر كلمه لإله إل ال ،فتح الباري .3/109ومسلللم /كتللاب اليمللان /بللاب
من مات ل يشرك بال شيئًا دخل الجنة ،ح .94
فهلذا الحللديث القدسلي نلص صلريح فلي أن الل علز وجلل يغفلر
الذنوب كلها صغيرها وكبيرها ولللو ملت الرض ،إذا جللاءه صللاحبها
موحدًا بال غير مشرك به أحدًا ،وهو نص اليلة السلابقة ذكرهلا وهللي
قوله تعالى} :إن الله ل يغفر أن يشرك بلله ويغفللر
ما دون ذلك لمن يشاء{ ]النساء.[ 116/
2ل ما رواه البخاري ومسلم عن أبي ذر رضي ال عنه قال:
أتيت النبي صلى ال عليه وسلم وعليه ثوب أبيض وهللو نللائم ،ثللم
أتيته وقد استيقظ ،فقال» :ما من عبد قال :ل إله إل ال ب ثببم مببات علببى
ذلك إل دخل الجنببة .قلببت :وإن زنببى وإن سببرق؟ قببال :وإن زنببى وإن
سرق .قلت :وإن زنى وإن سرق؟ قال :وإن زنى وإن سرق على رغببم
أنف أبي ذر« وكان أبو ذر إذا حدث بهذا قال :وإن رغم أنف أبي ذر.
وفي رواية مسلم قال :فخرج أبو ذر وهببو يقببول :وإن رغببم أنببف
أبي ذر.
فهذه الدلة من الكتاب والسنة صريحة في أنلله ل يخلللد فللي النللار
من مات على التوحيد ،وأنه مهما عذب في النار فإنه سيكون مللآله الللى
الجنة بدون شك ول تردد ،لقول الصادق المصللدوق بللإخراج مللن كللان
في قلبه مثقال ذرة من إيمان كما في أحاديث الشفاعة المتواترة.
3ب الجمبببباع :فقد أجمللع أهللل السللنة والجماعللة مللن سلللف هللذه
المة :الصحابة ومن جاء بعدهم وسلك مسلكهم ،أنه ل يخلللد فللي النللار
إل الكفار والمشركون الشللرك الكللبر ،والمنللافقون النفللاق العتقللادي،
مستندين إلى نصوص الكتاب والسنة.
ولم يخالف في ذلك إل أهل الضلل من الخوارج والمعتزلة ومللن
يقول بقولهم ،وهؤلء ل يعتد بخلفهم.
ثللم يقللرر الخليلللي أن الخللوارج علللى اختلف طللوائفهم وافقللوا
الباضية في تخليد أصحاب الكبائر في النار ،وكذلك المعتزلة ،ومعنللى
هذا أن الباضية في الحكم على مرتكب الكبيرة بللالخلود فللي النللار هللم
الصللل وإنهللم السللابقون لللذلك ،والخللوارج تبللع لهللم ،إل أنلله قللال :إن
الخوارج خالفوا الباضية مللن حيللث إنهللم يحكمللون علللى كللل معصللية
تؤدي إلى العذاب بالشرك المخرج من الملة.
ثم قال) :فخالفوا بللذلك نصللوص الكتللاب والسللنة والجمللاع( ص
.119
هكببذا يبقبببول .وكللأن قللوله :بتخليللد الفسللاق فللي النللار ل يخللالف
نصوص الكتاب ول السنة ول الجماع!!.
ولكن ارجع إلى ص ،187واقرأ تعريفه لحد الكبيرة ،وإليك نص
كلمه:
قال في ص ) :187وأما الكبائر فهي جمللع كللبيرة ،وهللي كللل مللا
عظم من المعصللية فللترتب علللى ارتكابهللا وعيللد فللي القللرآن أو السللنة
الصللحيحة ،سللواء شللرع لهللا حللد فللي الللدنيا كالزنللا والسللرقة وقللذف
المحصنات ،أو لم يشرع كأكل الربا والميتة والدم ولحم الخنزير(.
والسؤال :جاء عللن رسللول الل صلللى ال ل عليلله وسلللم فللي السللنة
الصحيحة بل الحديث المتفق عليه في البخاري ومسلم:
من حديث أبي ذر رضي ال عنه قال :قال رسول ال ب صببلى ال ب
شببرني -أنببه مببنعليه وسلم»:أتاني آت مببن ربببي فببأخبرني -أو قببال ب ّ
مات من أمتي ليشببرك بببال شببيئًا دخببل الجنببة .فقلببت :وإن زنببى وإن
سرق ،قال :وإن زنى وإن سرق«).(253
()) 253البخاري /الجنائز ح 1237؛ ومسلم /بلاب ملن ملات ل يشلرك بلال شليئًا دخلل
الجنة ح .94
ألم يخالف الخليلي وطائفته الباضيه هذا النص النبوي الثابت في
أصح كتاب بعد كتاب ال تعللالى ،وكللذلك اليللة الكريمللة} :إن الله
ل يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمللن
يشاء{ .والحاديث التي سلبق ذكرهللا وهللي فللي الصللحيحين ،وفيهللا
النص على أن من لقي ال بالتوحيد ولللو ملت ذنللوبه الرض فللإن الل
بمنه وفضله يغفرها له.
وبهذا يتضح أن الخليللي وملن يقلول بقلوله ملن الباضلية خلالفوا
نصوص الكتلاب والسللنة المتللواترة فللي إخللراج عصللاة الموحللدين مللن
النار.
وبناء على ما اعترف به الخليلي ورد به على الخللوارج فللي أنهللم
خالفوا نصوص الكتاب والسنة والجمللاع لل حيللث جعلللوا كللل معصللية
يسللتحق صللاحبها الخلللود فللي النللار ،فخللالفوا بللذلك الكتللاب والسللنة
والجماع -فيرد قولهم ويضرب به عرض الحائط.
أقببول :إن مللن العللدل والنصللاف تطللبيق هللذه القاعللدة علللى كللل
مخالف لنص الكتاب والسنة والجماع.
وقللد ثبللت أن الخليلللي والباضللية الللذين يحكمللون علللى مرتكللب
الكللبيرة الللذي يمللوت علللى التوحيللد بللالخلود فللي النللار أنهللم مخللالفون
لنصوص الكتاب والسنة والجماع ،فيجب أن يضللرب بقللولهم عللرض
الحائط تطبيقًا لقاعدة العدل والمساواة.
فللإلى الفصللل الثللاني الللذي جعللل الخليلللي عنللوانه أدلببة القببائلين
بانقطاع العذاب.
عقد الفصل الثاني وعنوانه: في ص 192ب
»في أدلة القائلين بانقطاع العذاب«
»الجببببببببببببببببببببواب«:
نقلنا هذا النص الطويل عللن المؤلللف الخليلللي الللذي أورد فيلله مللا
يستدل به على خلود مرتكللبي الكبللائر مللن أمللة محمللد صلللى الل عليلله
وسلم في النار ،وإن ماتوا على التوحيد الذي وعد ال فللي كتللابه -وهللو
ل يخلف الميعاد ل أن الذي ل يشرك به شيئًا أنه تحت مشلليئته ،إن شللاء
غفر له من أول الحال ،وإن شاء عذبه بقدر ذنبه ،ثم مآله إلى الجنة كما
قال تعالى} :إن الله ل يغفر أن يشرك بلله ويغفللر ملا
دون ذلك لمن يشاء{ ]النساء.[116 :
وقال صلى ال عليه وسلم في الحللديث القدسللي الللذي رواه الملام
مسلم من حديث أبي ذر رضللي الل عنلله وفيلله قللال اللل» :ولببو لقينببي
عبدي بقراب الرض خطيئة ل يشرك بي شيئًا لقيته بقرابها مغفرة«.
إن الخليلي قد ذكر أن أدلته على تخليد أصحاب الكبائر تنقسم إلللى
قسمين:
القسم الول :آيات من كتاب ال تعالى ،وقد بدأها بهللاتين اليللتين
من كتاب ال :آية ) (81 -80من سورة البقرة التي ادعللى فيهللا اليهللود
أن النار ل تمسهم إل أيامًا معدودة ،وقد أكللذبهم الل فللي دعللواهم تلللك،
وبين أن ذلك المر ل يتحقق إل لمن أعطاه ال عهدًا بللذلك ،لن ال ل ل
طهم ال عهدًا بذلك ،فتبين أنهم قالوا على اللل مللال يخلف وعده ،ولم ُيْع ِ
يعلمون.
ثم بين أن من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فهو خالد في النار،
وهو صاحبها الملزم لها.
وقد ادعى الخليلي أن من يقللول بللإخراج الموحللدين مللن النللار إن
عّذبهم بذنوبهم ،ثم بعد تمحيصهم وتطهيرهم يدخلون الجنة. شاء ال َ
قال :إن هذه العقيللدة ورثهللا أهللل السللنة مللن اليهللود ،وليسللت مللن
كتاب ال ول عن رسول ال صلى ال عليله وسللم .قلللت :وهلل اليهلود
كفار أو مؤمنون أصحاب كبائر؟.
وهذه الدعوى تؤكد للقارئ الكريم ما قاله الصحابي الجليل عبدال
بن عمر رضي ال عنه كما جاء في صحيح المام البخاري رحملله الل
في كتاب استتابة المرتدين /بللاب قتللل الخللوارج ،أن الخللوارج انطلقللوا
إلى آيات نزلت في الكفار فطبقوهللا علللى المسلللمين ،وأنلله كللان يراهللم
شرار الخلق.
والخليلي الباضي في استدلله بهاتين اليتين الكريمتين النازلتين
في دعللوى اليهللود أن النلار ل تمسللهم إل أياملًا معللدودة ،ينزلهللا علللى
أصحاب المعاصي الموحدين من أمة محمد ،rبشبهة علقت في ذهنلله،
وهي أنه ورد لفظ )سيئة( فلي اليلة الكريملة ففسللرها بالمعصلية ،دون
الشرك ،ثم لبس كما هي عادته فنقل عن ابن جرير ما أورده عن بعض
العلماء في تفسير قوله تعالى} :وأحاطت بتته خطيئتتته{ علللى أن
هذا هو تفسللير السلللف لهللذه اليللة ،ومعلللوم أن الخليلللي لللم يجعللل ابللن
جرير رحمه ال سلفًا له يومًا من اليام.
ولكن ما دام وهو ادعى أنه سلفه في تفسير هللذه اليللة فإليللك أيهللا
القارئ الكريم الباحث عن الحق تفسير ابلن جريلر لهللذه اليلة عموملًا،
ولقوله تعالى} :بلى من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته{
خصوصًا ،ليظهر لك خطأ الخليلي في هذه الللدعوى ،وإن كللان السللياق
ل فأرجو من القارئ أن ل يمل حتى يصل إلى الحقيقة. طوي ً
يقول ابن جرير رحمه ال في تفسير الية ج ،1/380وهللو يعللبر
بالتأويللل عللن التفسللير لليللة قللال) :القللول فللي تأويللل قللوله تعللالى:
}وقالوا لن تمسنا النتتار إل أيامتتا معتتدودة قتتل أتختتذتم
عند الله عهدا ً فلن يخلف الله عهتتده أم تقولتتون علتتى
الله ما ل تعلمون{ ]الية.[80:
قال :يعني بقوله} :وقالوا{ اليهود ،يقول :وقللالت اليهللود }لن
تمسنا النار{ يعني لن تلقي أجسامنا النار ،ولن ندخلها }إل أياما ً
معدودة{.
وإنما قيل معدودة وإن لم يكن مبينًا في التنزيل ،لن ال جل ثنللاؤه
أخبر عنهم بذلك وهللم علارفون عللدد اليللام الللتي يوقتونهللا لمكثهللم فللي
النار ،فلذلك ترك تسمية عدد اليام وسماها معدودة لما وصفنا.
ثم ذكر اختلف أهل التفسير في مبلغ اليام المعللدودة الللتي عينهللا
اليهود القائلون بما أخبر ال عنهم من ذلك.
وبعد أن ذكر القوال في ذلك عن المفسرين في تحديد عدد اليللام
التي عينها اليهود ومنها قول مجاهد} :وقالوا لن تمسنا النار
إل أياما ً معدودة{ من الدهر ،وسموا عدة سبعة آلف سللنة ،مللن
كل ألف سنة يومًا يهود تقوله.
ثم قال :القول في تأويل قوله تعالى} :قل أتخذتم عند اللتته
عهدا ً فلن يخلف الله عهده أم تقولون على اللتته متتا ل
تعلمون{.
قال أبو جعفر :لما قالت اليهود ما قالت من قولها} :لن تمستتنا
النار إل أياما ً معدودة{ على ما قد بينللا مللن تأويللل ذلللك ،قللال الل
لنللبيه محمللد صلللى اللل عليلله وسلللم :قللل يللا محمللد لمعشللر اليهللود:
}أتخذتم عند الله عهدا ً{ أخذتم بما تقولللون مللن ذلللك مللن ال ل
ميثاقًا ،فال ل ينقض ميثاقه ،ول يبدل وعده وعقده ،أم تقولون على الل
ل وجرأة عليه. الباطل جه ً
ثم أورد الثار عن الصحابة والتابعين التي يرد بها على دعواهم،
ومنها رواية ابن عباس قال :لما قالت اليهود ما قالت ،قال ال جل ثناؤه
لمحمد} :قل أتخذتم عند الله عهدا{ يقول :أدخرتم عند ال
عهدًا ،يقول :أقلتم ل إله إل ال لم تشركوا ،ولللم تكفللروا بلله ،فللإن كنتللم
قلتموها فارجوا بها ،وإن كنتم لللم تقولوهللا فلللم تقولللون علللى الل مللا ل
تعلمون؟ يقول :كنتم قلتم :ل إله إل ال ،ولم تشللركوا بلله شلليئًا ،ثللم متللم
على ذلك لكان لكم ذخر عندي ،ولم أخلف وعدي لكم أني أجازيكم بها.
ثم يواصللل فللي شببرح اليببتين فيقببول قللوله تعللالى} :بلى من
كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصحاب النتتار
هم فيها خالدون{ ]البقرة .[81
قال :وقوله} :بلى من كسب سيئة{ تكذيب من ال القللائلين
من اليهود }لن تمسنا النار إل أياما ً معدودة{ وإخبار منه لهم
أنه يعذب من أشرك وكفر بلله وبرسللله ،وأحللاطت بلله ذنللوبه فخلللد فللي
النار ،فإن الجنة ل يسكنها إل أهل اليمان به وبرسللوله وأهللل الطاعللة
له ،والقائمون بحدوده.
وهكذا كما يرى القارئ أن ابن جرير يفسر السيئة في الية بأنهللا:
الشرك والكفر بببال وبرسببله .ويفسببر الحاطببة بالببذنوب الببتي عملهببا
الكفار مع كفرهم ،وأن من سلك مسلكهم فذلك جزاؤه.
ثم أورد الثار الدالة على ذلك فأورد بإسناده قال كما حدثنا محمللد
بن حميد ثم ساقه بإسناده إلى ابن عباس} :بلى من كستتب ستتيئة
وأحاطت به خطيئته{ أي من عمل مثللل أعمللالكم وكفببر بمثببل مببا
كفرتم به حتى يحيببط كفببره بمببا َلببه مببن حسببنة }فأولئك أصحاب
النار هم فيها خالدون{ .
قال :وأما السيئة التي ذكر ال في هذا المكان فإنها الشرك بال.
كما حدثنا محمد بن بشار ثم ساقه بإسناده عن أبي وائل:
}بلى من كسب سيئة{ قال :الشرك بال.
حدثني محمد بن عمرو ثم ساقه بإسناده عن مجاهد} :بلى متتن
كسب سيئة{ شركًا.
ثم أورد ذلك بأسانيده عللن قتللادة} :بلى من كستتب ستتيئة{
قال :أما السيئة فالشرك.
وعن ابن جريج قال :قلت لعطاء} :بلى من كستتب ستتيئة{
قال :الشرك.
وعن الربيع قوله} :بلى من كسب سيئة{ يعني :الشرك.
ثم بين ابن جرير رحمه ال أن )السلليئة( فللي هللذه اليللة ل يقصللد
منهللا مطلللق السلليئات الللتي هللي دون الشللرك بللال ،ولللذلك نقللل أقللوال
العلمللاء الللتي سللبق ذكرهللا أنهللم جميعللا فسللروا )السلليئة الللتي تحيللط
بصاحبها( بالشرك.
ورد على الخوارج الذين يستدلون بهذه الية على تخليد أصحاب
الكبائر من الموحدين فقال) :وإنمللا قلنللا :إن السلليئة الللتي ذكللر الل جللل
ثناؤه أن من كسبها وأحاطت به خطيئته فهللو مللن أهللل النللار المخلللدين
فيها في هذا الموضع ،إنما عنللى ال ل بهللا بعللض السلليئات دون بعللض،
وإن كان ظاهرها في التلوة عامًا لن الب قضببى علببى أهلهببا بببالخلود
في النار ،والخلود فببي النببار لهببل الكفببر بببال دون أهببل اليمببان بببه،
لتظاهر الخبار عن رسول ال صلى ال عليه وسلم بأن أهل اليمان ل
يخلدون فيها ،وأن الخلود في النار لهل الكفر بببال دون أهبل اليمبان
به ،فإن ال ل جللل ثنللاؤه قللد قللرن بقللوله} :بلى من كسب ستيئة
وأحاطت به خطيئتتته فتتأولئك أصتتحاب النتتار هتتم فيهتتا
خالدون{ قوله} :والذين آمنوا وعملوا الصتتالحات أولئك
أصحاب الجنة هم فيها خالدون{ ،فكان معلومًا بذلك أن الذين
لهم الخلود في النار من أهل السيئات ،غير الذين لهم الخلود فللي الجنللة
من أهل اليمان.
ثم بين ما دلت عليه هذه الية من الرد على أهل الظنون من الذين
لللم يوفقللوا إلللى جمللع أطللراف النصللوص مللن الكتللاب والسللنة ،الللتي
أوضحت أن الخلود في النار إنما هو لهل الكفر بال وبرسوله ،وليللس
ذلك لهل اليمان المرتكبين للكبائر ،لنها غير داخلة في قوله} :بلتتى
من كسب سيئة{ في هلذا الموضلع لن هلذا خلاص ملن السليئات
وليس عاما في جميعها فقال:
)فإن ظن ظان أن الذين لهم الخلود في الجنة مللن الللذين آمنللوا هللم
الذين عملوا الصالحات دون الذين عملوا السيئات ،فللإن فللي إخبللار الل
أنه مكفر باجتنابنا كبللائر مللا ننهللي عنلله مللن سلليئاتنا ،ومللدخلنا المللدخل
الكريم ،ما ينبئ عن صحة ما قلنلا فلي تأويلل أي لل فلي تفسلير -قللوله:
}بلى من كسب سيئة{ بأن ذلك علللى خللاص مللن السلليئات دون
عامها.
فإن قال لنا قائل :فإن ال جل ثنللاؤه إنمللا ضللمن لنللا تكفيللر سلليئاتنا
باجتنابنا كبائر ما ننهي عنه ،فما الدللة على أن الكبائر غير داخلة فللي
قوله} :بلى من كسب سيئة{؟ قيببل :لَِمللا صللح مللن أن الصللغائر
غير داخلة فيلله ،وأن المعنللي باليللة خللاص دون عللام ،ثبللت وصللح أن
القضاء والحكم بها غير جائز لحد علللى أحللد ،إل مللن وقفلله الل عليلله
بدللة من خبر قاطع عذر من بلغه ،وقد ثبت وصح أن ال تعالى ذكللره
قد عنى بذلك أهل الشرك والكفر به ،بشهادة جميع المة ،فللوجب بللذلك
القضاء على أن أهل الشرك والكفر ممن عناه ال بالية.
عْذَر من بلغته قللد تظللاهرت فأما أهل الكبائر فإن الخبار القاطعة ُ
عندنا بأنهم غير معنيين بها ،فمبن أنكببر ذلبك مملن دافلع حجلة الخبلار
المستفيضة والنباء المتظاهرة ،فاللزم له ترك قطع الشهادة على أهللل
الكبائر بالخلود في النار بهذه الية ونظائرها التي جاءت بعمومهم فلي
ن جعل ال إليه بيان الوعيد ،إذ كان تأويل القرآن غير مدرك إل ببيان َم ْ
ف ظاهُرهللا ،وهللي خللاص فللي القرآن ،وكانت الية يأتي عامًا في صللن ٍ
ف باطُنها.
ذلك الصن ِ
ثم قال :ويسأل مدافعو الخبر بأن أهل الكبائر من أهل السلتثناء لل
ض الصلللِة عللن ل فللر ِ سللؤالنا منكللَر رجللِم الزانللي المحصللن ،وزوا ِ
الحائض في حال الحيض ،فإن السؤال عليهم نظير السؤال على هؤلء
سواء ).(257
ثللم قللال :والقللول فللي تأويللل قللوله تعللالى} :وأحتتاطت بتته
خطيئتته{ يعنللي بقللوله جللل ثنللاؤه} :وأحتتاطت بته خطيئتته{
اجتمعت عليه فمات عليها قبلل النابلة والتوبلة منهلا ،وأصلل الحاطلة
بالشيء :الحداق به ،بمنزلة الحائط الللذي تحللاط بلله الللدار فتحللدق بلله،
ومنه قوله } :Uنارا ً أحاط بهم سرادقها{.
فتأويل الية إذًا :من أشرك بال واقترف ذنوبًا جمة ،فمات عليهللا
قبل النابة والتوبة فأولئك أصحاب النار هم فيها مخلدون أبدًا.
ثللم قللال :وبنحللو الللذي قلنللا فللي تأويللل ذلللك قللال المتللأولون -أي
المفسرون.
فأورد بإسناده قال :حدثنا أبو كريب وساق السللناد علن لضللحاك:
}وأحاطت به خطيئته{ مات بذنبه.
257
) (1ابن جرير 386 / 1ل مطبعة الحلبي سنة 1373هل.
حدثنا أبو كريب وساقه بإسناده عن الربيع بن خثيم} :وأحاطت
به خطيئته{ قال :مات عليها.
ثم ذكر الروايات فلي ذلللك علن مجاهلد ،وقتلادة ،والحسللن ،وأبلي
رزين ،والعمش ،والسدي .وما ذكره عن هؤلء موافللق لمللا قللاله ابللن
جرير ،فقد فسروا الخطيئة بالشببرك مببع اقببتراف الببذنوب الجمببة الللتي
أحاطت به ،ومات على كفره ،فهم يقولللون :مللات بللذنبه ،مللات قبللل أن
يتوب) ،الخطيئة الكبيرة الموجبة( وهكذا.
ولكن الخليلي بارع في التلبيس والتدليس.
وإليك كشف ذلك :إن الخليلي اطلع على تفسير هاتين اليتين عنللد
ابن جرير وعرف قوله فيها ،وهو ما نقلناه في الصفحات السابقة.
فمللاذا صللنع الخليلللي؟ إنلله بعللد أن فسللر اليللة علللى مللذهبه ،وأن
المقصللود مللن السلليئة جميللع المعاصللي ،فمللن ارتكللب كلبيرة مللن أهللل
التوحيد ولم يتب فهو خالد مخلد في النار .ثم ادعى أن رأيه هذا هللو مللا
روي عن السلف ثم استشهد على رأيه فقال :ودونكم بعللض النصللوص
المروية في ذلك:
قال ابن جرير :حدثنا أبو كريب قال ثنا ابن يمان عللن سللفيان عللن
العمش عن أبي روق عن الضحاك }وأحاطت به خطيئته{ قال:
مات بذنبه.
ثم سرد تلللك الروايللات عمللن ذكللرت أسللماءهم ،مجاهللد ،وقتللادة،
والحسن ،وأبو رزين ،والعمش ،والسدي ،الللذين استشللهد ابللن جريللر
بأن أقوالهم فللي تفسللير اليللة كمللا قللال بلله ،وأن الخطيئة الللتي أحللاطت
بصاحبها هي الشببرك بببال مبع اقبتراف الببذنوب الجمبة البتي أحبباطت
بمقترفها ،وأن أصلل الحاطلة بالشلليء الحللداق بله بمنزلللة )الحللائط(
الللذي تحللاط بلله الللدار فتحللدق بلله ،وان معنللى اليللة )مللن أشللرك بللال
واقترف ذنوبًا جمة فمات عليها قبللل النابللة والتوبللة ،فللأولئك أصللحاب
النار هم فيها مخلدون أبدًا(.
فهذا هو المعنى الذي قال به هؤلء ،فحوله الخليلي إلببى الببذنوب
دون الشرك بال ،ومعلوم بالنصوص أن الشرك يسمى كبيرة كما فللي
صللحيح البخللاري ،إن مللن الكبللائر الموجبللة الشللرك بللال وأنلله أكللبر
الكبائر.
ولكن ال عز وجل قد يكشف ستر المغالط الذي يريد تحويل الحق
إلى الباطل فيظهر ذلك على فلتات قلمه ،كما يظهره على فلتات لسانه.
فقد أورد الخليلي نصًا مما أورده ابن جرير في تفسير هللذه اليللة
علن ابلن عبلاس رضللي الل عنله فلي ص 204ملن كتلابه هلذا ضلمن
النصوص التي أوردها ل وترتيبه الثالث منها ،ولما لم يببأت علببى هببواه
فقد أضاف إليه سطرًا ولم يصلرح بلأنه قلوله ،لن العلادة المتبعلة عنلد
المللؤلفين إذا أرادوا إضللافة شلليء إلللى النللص المنقللول عللن غيرهللم
يقولون) :قلت( ،أو عبارة نحوها ،ليميز قوله عن القول المنقول ،وإليك
النص والزيادة:
ل عن ابن جرير ج :1/386 قال الخليلي نق ً
حدثنا ابن حميد قال حللدثنا سلللمة ،قللال أخللبرني ابللن إسللحاق قللال
حدثني محمد ابن أبي محمد عللن سللعيد بللن جللبير أو عكرمللة عللن ابللن
عباس }وأحاطت به خطيئته{ قال :يحيط كفره بما له من حسللنة.
هذا قول ابن عباس .إلى هنا النص في ابن جرير.
فما هي الزيادة التي أضافها الخليلي لنص ابن عباس ؟
قال) :والكفر يعم الكبائر كلها ،لنها من كفران النعم( وجعل هذا
التحريف بالزيادة في سياق النللص ،ولللم يللذكر مللا يميللزه ويوضللح أنلله
قوله ،ولم يظهر لي ذلك إلى بعد رجببوعي لبببن جريببر فوجللدت النللص
خال من هذه الزيادة ،ويظهر وال أعلم أن الخليلي لم يتنبه لهللذا النللص
عن ابن عباس رضي ال عنهما وأنه فسببر فيببه الخطيئة الللتي أحللاطت
بصاحبها أنها الكفر إل بعد إثباته ،فاضطر إلى تلك الزيلادة ،بلدليل أنله
ترك نصًا أورده ابن جرير من طريق القاسم ،فقد أورد ابن جريللر مللن
طريق القاسم نصين اختار الخليلي أحدهما ضمن النصوص التي سللبق
ذكرها ومنها قول العمش :مات بذنبه.
وترك النص الخر وهو قوله :حدثنا القاسم قال حدثنا الحسين قال
حدثني حسللان ،عللن ابللن جريللج قللال :قلللت لعطللاء} :وأحاطت به
خطيئته{ قللال :الشببرك ،ثببم تل} :ومن جاء بالستتيئة فكبتتت
وجوههم في النار{ ]النمل.[90:
فنسأل الخليلي لماذا ترك هذا النص ونقل الذي قبللله مباشللرة دون
فاصل؟.
وأظن أن إجابته ل َتْعُد أن يقول :إن هذا النص ل ينطبق على مللا
أردت نسللبته لبللن جريللر مللن أنلله فسللر الخطيئة بللالكبيرة ،لنلله هنللا
يستشللهد بقللول عطللاء علللى قللوله بللأن الخطيئة هللي :الشللرك ،بخلف
القوال الخرى ،ففيها تفسير الخطيئة بقولهم :مللات بللذنبه ،أو قبللل أن
يتوب......الخ .ففيها ما يظن القارئ أن الذنب هو المعصللية فقللط ،دون
ارتكابه الشرك المخرج من الملة ،ولهذا تلرك كللل ملا قللاله ابللن جريللر
رحمه ال في تفسير اليللة الكريمللة ،لنلله ل يسللتطيع الللرد عليلله ،وقللد
فصل ابن جرير الرد على المسلتدلين بهلذه اليلة عللى خلللود أصللحاب
الكبائر من الموحدين في النار ،ودحض كل الشبببه الللتي ينتحلونهللا فللي
استدللهم بالية وبكل ما جاء في القرآن ظللاهره العمللوم وهببو خبباص،
وبين أن ال عز وجل جعل بيانه لمن أحال إليه البيان وهو رسللول ال ل
صلى ال عليه وسلم فقد بين ذلك بسللنته وهللي وحللي كمللا قللال تعللالى:
} ..وأنزلنللا إليللك الللذكر لتللبين للنللاس مللا نللزل
إليهم{ فالذكر هنلا هلو السلنة؛ إذ كلان تأويللل القللرآن -أي تفسلليره-
ن جعل ال إليه بيان القللرآن ،وكللانت اليللة يللأتيغير مدرك إل ببيان َم ْ
ف ظاهُرها ،وهي خاص في ذلك الصنفِ باطُنها. عامًا في صن ٍ
ويسأل مدافعو الخبر بأن أهلل الكبلائر ملن أهلل السلتثناء سلؤالنا
منكر رجم الزاني المحصن ،وزوال فرض الصلللة عللن الحللائض فللي
حال الحيض ،فإن السؤال عليهم نظير السؤال على هؤلء سواء).(258
يقول ابن جرير :إن اليات في كتاب الل قللد يللأتي ظاهرهللا عاملًا
في صنف والمقصود منلله الخصللوص فللي ذلللك الصللنف ،وذلللك غيللر
مدرك إل ببيان من جعل ال إليه البيان ،وهو رسول ال صلى ال عليه
وسلللم الللذي قللال اللل للله ..} :وأنزلنا إليك الذكر لتللبين
للناس ما نزل إليهم{ فهللو يقللول :أن قللوله تعللالى} :بلى
من كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فتتأولئك أصتتحاب
النار هم فيها خالدون{ قد بينها رسول ال صلى الل عليلله وسلللم
بأن المقصود من )السيئة( الكفللر والشللرك بللال ،لن حكللم الخلللود فللي
النار ،هللو للمشللرك والمنللافق النفللاق العتقللادي ،للخبللار المستفيضللة
بذلك ،وأنه يخرج من النار من كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان.
ثم قال :القول في تأويل -أي تفسللير -قللوله تعللالى} :وأحاطت
به خطيئته{ يعني بقللوله جللل ثنللاؤه} :وأحاطت به خطيئتتته{
اجتمعت عليه ،فمات عليها قبل النابة والتوبللة منهللا .وأصللل الحاطللة
بالشيء :الحداق به بمنزلة الحائط الذي تحاط به فتحدق به ،ومنه قول
ال جل ثناؤه} :نارا ً أحاط بهم سرادقها{ ] الكهف .[ 29
()) 263المحرر الوجيز لبن عطية 370 /1ل 371طبع سنة 1398هل قطر.
()264الجامع لحكام القرآن للقرطبي ج 12 / 2طبعة دار الكتب المصرية.
عليه .وقيل :السيئة الكبيرة ،والحاطة به أن يصر عليهللا فيمللوت غيللر
تائب قاله عكرمة والربيع بن خثيم.
ثم قال :قال الواحدي رحمه ال في تفسيره »الوسيط« :المؤمنللون
ل يدخلون في حكم هذه الية ،لن ال تعالى أوعد بالخلود في النار من
أحاطت به خطيئتلله ،وتقللدمت منلله سلليئة وهللي الشللرك ،والمللؤمن وإن
عمل الكبائر لم يوجد منه الشرك).(265
5ب الشوكاني :قال الشوكاني) :والسيئة المراد بها الجنس ،ومثللله
قوله تعالى} :وجزاء سيئة سيئة مثلهتتا{ ثللم أوضللح سللبحانه أن
مجرد كسب السيئة ل يوجب الخلود في النار بللل ل بلد أن تكللون سلليئة
محيطة به ،قيل هي الشرك ،وقيل هي الكبيرة ،وتفسيرها بالشرك أولى
لما ثبت في السنة تواترًا من خروج عصاة الموحدين من النللار ،ويؤيللد
ذلللك كونهللا نازلللة فللي اليهللود ،وإن كللان العتبللار بعمللوم اللفللظ ل
بخصوص السبب().(266
ثم إن الخليلي أتبع الية الولى وهي قللوله تعللالى} :بلى مللن
كسب سيئة وأحاطت به خطيئته فأولئك أصللحاب
النار هللم فيهللا خالللدون{ -الللتي اسللتدل بهللا علللى خلللود
أصحاب الكبائر من الموحدين في النار .وقد سللبق تفصلليل الللرد عليلله.
أتبع ذلك في ص 207بقوله تعالى:
2ل }فمن جاءه موعظة من ربلله فللانتهى فللله
مللا سلللف وأمللره إلللى الللله ومللن عللاد فللأولئك
أصحاب النار هم فيها خالدون{] -البقرة.[275 :
()) 265معالم التنزيل ج 89 / 1ل 90الطبعة الولى سنة 1406هل ل 1986م دار
المعرفة.
()266فتح القدير للشوكاني .88/ 1
قال) :ووجه السللتدلل باليللة أنهلا وعيللد لكلللة الربللا وهللم غيللر
مشركين ،لن الية في معرض التحذير من أكل الربا بعد تحريمه.
ثم قال :واعترض بأن هذا الوعيد ليللس علللى أكللل الربللا ،بللل هللو
على استحلله بدليل ما جاء في صللدرها مللن حكايللة قللولهم المعللارض
لحكللم السلللم فللي الربللا} :إنما البيع مثتتل الربتتا{ ]البقللرة[275:
والمستحل لما حرم ال بالنص القطعي كالربا مشرك بالجماع ،فل يعم
حكم الخلود مرتكبي الكبائر دون الشرك( .وهو هنا لم يذكر المرجع.
ثم راح يرد على ذلك دون دليل ملن كتلاب ول سللنة ول أثلر ،بلل
ذهب ينقل كلمًا عن صاحب المنار.
وختم نقله عنه في أول ص ،210ثم عقب عليلله بقللوله) :وكلملله
صريح في أن مذهب السلف الصالح هو ما عليه أهل الستقامة والحمد
ل(.
وأقول :إن أقوال السلف الصالح تخالف قول الخليلي المعللبر عنلله
بأهل الستقامة ،ويعني بهم الباضية ل وإليللك فيملا يلللي أقللوال السلللف
في تفسير هذه الية:
1ب ابن جريببر الطبببري :يقللول} :ومن عاد{ لكللل الربللا بعللد
التحريم ،وقال ما كان يقول قبل مجيء الموعظة من ال ل بللالتحريم مللن
قوله} :إنما البيع مثل الربا{ }فأولئك أصتتحاب النتتار هتتم
فيها خالدون{ .يعني ففاعلو ذلك وقائلوه هلم أهلل النلار ،يعنلي نلار
جهنم فيها خالدون).(267
2ب البغببوي :يقللول }ومن عاد{ بعللد التحريللم إلللى أكللل الربللا
).(268
مستحل له} :فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون{
))( تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلم المنان /للعلمة الشيخ عبد الرحمن بلن 274
()278تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلم المنان /للشليخ عبلد الرحمللن السلعدي ص
.136
يقولون بها جميعًا ،ويأخذون تفسيرها وبيانها ممن جعل ال ل البيللان لمللا
أنزله إليه وهو رسول الهدى ،rقال تعالى مبينًا ذلك وآمرًا للمللة بللأن
تأخذ ما أمرها به رسوله وأن تنتهي عمللا نهاهللا عنلله}:وما آتاكم
الرسللول فخللذوه ومللا نهللاكم عنلله فللانتهوا{.....
] الحشر.[1:
ومما جاء عن رسول الل صلللى الل عليلله وسلللم مللا تللواترت بلله
النصوص من إخراج من كان في قلبلله مثقللال ذرة مللن إيمللان ،وأنلله ل
يخلد من مات على التوحيد في النار ،وإنما يخلد فيها الكللافر والمشللرك
والمنافق النفاق العتقادي.
ثم يواصل الخليلي في استدلله على تخليد أصحاب المعاصي من
القرآن فيقول في ص :213
) 5لللل قلللوله تعلللالى} :ومللن يقتللل مؤمنللا ً متعمللدا ً
فجزاؤه جهنم خالدا ً فيها وغضب الله عليه ولعنه
وأعد له عذابا ً عظيما ً{ ]النساء.[93:
قال :ووجه الستدلل بالية ،أن ال تعالى توعد فيها قاتل المؤمن
ل فيما توعده به ل بالخلود في النار مع أن القتل كبيرة دون الشرك.
ثم قال :وقد حاولوا التخّلص مما دل عليه هذا النص بضروب من
التأويلت التي أنكر فيها بعضهم على بعض ولم يتفقوا على شيء(.
ل عللن الفخللر وغيللره ويؤيللد بهللا الختلف فللي
ثم راح ينقل أقللوا ً
تفسير الية وأنهم لم يتفقوا على شيء كما يقول ،وأنهى نقاشلله وأقللواله
تلك في أول ص .220
وأقببول ردًا على دعللواه الختلف بيللن أهللل السللنة وعلللى وجلله
استدلله بما يأتي:
1ب أوًل ل أن أهل السنة من سلف هذه المه وأتباعهم ،لللم يختلفللوا
في أن أصحاب الكبائر التي هللي دون الشللرك بلال ،Uأن أصللحابها ل
يخلدون في النار ،بل قولهم في ذلك واحد ل يختلللف ،وهللو عللدم تخليلد
أصللحاب المعاصللي دون الشللرك بلال فلي النللار ،معتصللمين فلي ذلللك
بالنصللوص مللن كتللاب ال ل الكريللم وسللنة نللبيه صلللى الل عليلله وسلللم
المتواترة في ذلك.
2ب ثانيًا ب وأما استدلله بهللذه اليللة الكريمللة الللتي ورد فيهللا هللذا
الوعيد الشديد لقاتل المؤمن عمدًا فإنهم يعطون هذا النص حقه ويللبينون
عظملله تحللذيرًا مللن ارتكللابه ،فللإن مرتكبلله يعللرض نفسلله لسللخط ال ل
وغضبه وعقابه ،ومع بيانهم لذلك فللإنهم يللبينون الحللق فيلله بالنصللوص
الخرى.
وإليك أيها القاريء الكريم أقوال المفسرين مللن سلللف هللذه المللة
وأتباعهم في تفسير هذه الية ،ونبدأ بإمام المفسرين ابن جرير الطللبري
من علماء السلف الذي لم يعرج ل الخليلي ل على تفسيره لهذه الية:
يقول ابن جرير رحمه ال :القول فللي تأويللل لل أي تفسللير لل قللوله
تعالى:
}ومن يقتل مؤمنا ً متعمللدا ً فجللزاؤه جهنللم
خالدا ً فيها وغضب الله عليلله ولعنلله وأعللد للله
عذابا ً عظيما ً{ ]النساء .[93 /
قال) :يعني جل ثناؤه :ومن يقتل مؤمناً عامدًا قتللله ،مريللدًا إتلف
نفسه} ،فجزاؤه جهنم{ ،يقول :فثوابه من قتِله إياه جهنم ،يعني:
عذاب جهنم} ،خالدا ً فيها{ ،يعني باقياً فيها ،والهللاء واللللف فللي
قللوله :فيهللا مللن ذكللر جهنللم} ،وغضب الله عليلله{ ،يقللول:
}وغضب الله عليه{ بقتللله إيللاه متعمللدًا} ،ولعنه{ ،يقللول:
وأبعده من رحمته وأخزاه} ،وأعد له عذابا ً عظيما ً{ ،وذلللك
ما ل يعلم قدر مبلغه سواه تعالى ذكره(.
هذا تفسير ابن جرير الجمالي لهذه الية الكريمة.
فقد وضح فيها ما يستحقه قاتل المؤمن المتعمد.
ثم بعد ذلك شرع في ذكللر أقللوال علمللاء السلللف فللي تفسللير هللذه
الية وبيان مافيها من أحكام.
فذكر أقوالهم في صفة قتل العمد ،ثم فلي أسللباب نلزول اليللة ،ثلم
في قبول توبة القاتل عمدًا وعدم قبولها ،ثم قال:
)قال أبو جعفر :وأولى القول فللي ذلللك بالصللواب قللول مللن قللال:
معناه ومن يقتل مؤمنًا متعمدًا فجزاؤه إن جازاه جهنم خالدًا فيها ،ولكنه
يعفو أو يتفضل على أهل اليمللان بلله وبرسللوله ،فل يجللازيهم بللالخلود
فيها ،ولكنه عز ذكره ،إما أن يعفللو بفضللله ،فل يللدخله النللار ،وإمللا أن
يدخله إياها ،ثم يخرجه منها بفضل رحمته لمللا سلللف مللن وعللده عبللاده
المؤمنين بقوله:
}يلا عبلادي اللذين أسلرفوا علللى أنفسلهم ل
تقنطلوا ملن رحملة اللله إن اللله يغفللر الللذنوب
جميعا ً{.
ل في هللذه
ثم قال :فإن ظن ظان أن القاتل إن وجب أن يكون داخ ً
ل فيه ،لن الشرك مللن الللذنوب،
الية ،فقد يجب أن يكون المشرك داخ ً
فإن ال عز ذكره قد أخبر أنلله غيللر غللافر الشللرك لحللد بقللوله} :إن
الله ل يغفر أن يشرك به ويغفر مللا دون ذلللك
لمن يشاء{ والقتل دون الشرك ).((279
)( مدارج السالكين فللي منلازل إيلاك نعبلد وإيلاك نسلتعين ،ج 392 / 1لل .398 283
تحقيق حامد فقي ،الناشر دار الكتاب العربي في بيروت سنة 1392هل ل 1972م.
فلم يرد في أنواع الكبائر أعظم من هذا الوعيد ،بل ول مثللله ،أل:
وهو الخبار بللأن جللزاءه جهنللم .أي :فهللذا الللذنب العظيللم ،قللد انتهللض
وحده أن يجازى صاحبه بجهنم بما فيها مللن العللذاب العظيللم ،والخللزي
المهيللن ،وسللخط الجبللار ،وفللوات الفللوز والفلح ،وحصللول الخيبللة
والخسار ،فعياذًا بال من كل سبب يبعد عن رحمته.
قال :وهذا الوعيد له حكم أمثاله من نصوص الوعيد ،على بعللض
الكبائر والمعاصي بالخلود في النار أو حرمان الجنة.
قال :وقد اختلف الئمة رحمهم الل فللي تأويلهللا مللع اتفللاقهم علللى
بطلن قول الخوارج والمعتزلللة الللذين يخلللدونهم فللي النلار ولللو كلانوا
موحدين.
ثم قال :والصواب في تأويلها ،ما قاله المام المحقق :شمس الدين
ابن القيم في )المدارج( .فإنه قال :بعد ما ذكر تأويلت الئمللة فللي ذلللك
وانتقدها فقال :وقالت فرقة :إن هللذه النصللوص وأمثالهللا ممللا ذكللر فيلله
المقتضي للعقوبة ول يلزم من وجود مقتضي الحكم وجوده ،فإن الحكم
إنما يتم بوجود مقتضيه وانتفاء موانعه.
قلت :وهو ما سبق نقله عن ابن القيم قبل هذه الصفحات ،فإنه نقله
كله في تفسير هذه الية وأيده ).(284
وحيث إن الخليلي قد اختار عشر آيات من كتاب ال ويزعم أنهللا
تدل على تخليد أصحاب المعاصي مللن الموحللدين فللي النللار ،وفسللرها
على رأيلله ،فكللان مللن اللزم إيللراد تلللك اليللات كلهللا مللع ذكللر وجهللة
استدلله بها ،ثم الرد عليه ،في تلك الشبه التي ظنها أدلللة علللى عقيللدته
التي هي عقيدة الخوارج والمعتزلة.
)( تيسللير الكريللم الرحمللن فللي تفسللير كلم المنللان ص 157ل ل .158وهللو فللي 284
»الجبببببببببببببببببواب«:
والجواب على استدلله بهذه الية ل يخرج عما سبق ذكللره وهللو
أن الخليلي اتبع من سبقه في هذا السبيل وهو إنزال اليات النازلة فللي
الكفار -الذين حكم ال عليهم بالخلود فللي النللار لكفرهللم بللال ورسللوله-
على الموحدين،كما قال عبدال بن عمر .
والشبهة عند الخليلي أن الل علز وجللل سلمى الكفللر والشللرك بله
}سيئة{ فحملها الخليلي على كل معصية.
ولبيان خطئه في تفسير )السيئة( بمطلق المعصللية ،نللورد للقللارئ
الكريم تفسير سلف المة لهذه الية الكريمة ،ونبللدأ بتفسللير المللام ابللن
جرير الطبري رحملله اللل ،يقللول فللي تفسللير اليللتين الللتي اسللتدل بهللا
الخليلي وهما قوله تعالى:
}للذين أحسنوا الحسنى وزيللادة ول يرهللق
وجوههم قتر ول ذلة أولئك أصحاب الجنة هللم
فيها خالدون{ ]يونس .[26 /
)يقول ال تعالى ذكره :للذين أحسنوا عبادة ال في الدنيا من خلقه،
فأطاعوه فيما أمر ونهى ،الحسنى.
قال :ثم اختلللف أهللل التأويللل فللي معنللى الحسللنى والزيللادة اللللتين
وعدهما المحسنين من خلقه ،فقال بعضهم:
الحسللنى :هللي الجنللة ،جعلهللا ال ل للمحسللنين مللن خلقلله جللزاء،
والزيادة عليها النظر إلى ال تعالى.
ثللم أورد بإسللناده مللن قللال ذلللك ،فبللدأ بالصللحابة فللذكر :أبللا بكللر
الصديق ،وحذيفة ،وأبا موسى الشعري ،ثم ذكر عللددًا مللن التللابعين ل ل
كلهم يفسرون :الحسنى بالجنة ،والزيادة بالنظر إلى ال عز وجللل وهللم
في الجنة.
وسبق أن الخليلي ينكر رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامللة وهللم فللي
الجنة في أول كتابه هذا ،وقد سبق الرد عليه في الجزء الول.
ثم تابع ابن جرير تفسير الية فقال :القول في تأويلل قللوله تعلالى:
}ول يرهلللق وجلللوههم قلللتر ول ذللللة أولئك
أصحاب الجنة هم فيها خالدون{.
قال :يعني جل ثناؤه بقوله} :ول يرهق وجوههم قللتر
ول ذلة{ ل يغشى وجوههم كآبة ول كسوف حتى تصير من الحزن
كأنما علها قتر ،والقتر :الغبار ،وهو جمع قترة ومنه قول الشاعر:
متبببببوج بببرداء البمبلببك يتبعبه ..مبوج تببرى فببوقه الرايبات
والقترا
يعني بالقتر :الغبار ،ول ذلة :ول هوان ،أولئك أصحاب الجنة.
يقول :هؤلء الذين وصفت صفتهم هم أهللل الجنللة وسللكانها ومللن
هم فيها }خالدون{ يقللول :هللم فيهللا مللاكثون أبللدًا ،ل تبيللد فيخللافوا
زوال نعيمهم ،ول هم بمخرجين فتنتغللص عليهللم لللذتهم( ثلم أورد ذكللر
من قال ذلك ،وبين أن معنى الزيادة النظر إلى وجهه تعالى وما يتفضل
به على عباده من صلنوف النعلم ،ثلم أتبلع ذللك بتفسلير اليلة الخللرى
فقال:
)القول في تأويل قوله تعالى:
}والذين كسبوا السيئات جزاء سيئة بمثلها
وترهقهم ذلة ما لهم من الله من عاصم كأنما
أغشلليت وجللوههم قطع لا ً مللن الليللل مظلم لا ً
أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون{ ]يونس.[27/
ثم شرع في تفسيرها فقال:
يقول تعالى ذكره :والذين عملوا السليئات فلي اللدنيا ،فعصللوا الل
فيها ،وكفروا به وبرسوله ،جزاء سيئة من عمله السيئ الذي عمللله فللي
الدنيا بمثلها من عقاب ال في الخلللرة }وترهقهم ذلة{ يقلللول:
وتغشاهم ذلة وهوان بعقاب ال إيللاهم }مالهم من الللله مللن
عاصم{ يقول :مالهم من ال من مانع يمنعهم إذا عللاقبهم يحللول بينلله
وبينهم.
وقوله} :أولئك أصحاب النار{ يقول :هللؤلء الللذين وصللفت
لك صفتهم أهل النار الذين هم أهلها }هم فيها خالدون{ يقول :هللم
فيها ماكثون).(285
هكذا يفسر علماء السنة الية الكريمة بما يبين أن السيئة المقصود
بها في هذا السياق الكفر بال عز وجل وبرسوله ،rولذلك جاء عقللابه
بمثل عمله السيئ في الدنيا.
فكان جزاء الذين أحسنوا أعمالهم فآمنوا بال ولم يشركوا به شلليئًا
وآمنوا برسوله صلى ال عليله وسللم فأطلاعوه فيملا أملر وانتهلوا عملا
نهاهم عنه وعملوا الصالحات الحسنى التي هي الجنة ،وزادهم ما شللاء
من فضله وكرمه جل ثناؤه.
وقد وضح سياق اليات ما فسر به أهل السنة هللذه اليللة الكريمللة
وهو أن )السيئة( هنا الكفللر بلال علز وجلل وبرسلوله صللى الل عليله
وسلللم مللع ارتكللاب المعاصللي فقللال تعللالى بعللد قللوله ....} :أولئك
أصحاب النار هم فيها خالدون{.
قال} :ويوم نحشرهم جميعا ً ثم نقول للللذين
أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهللم
وقال شركاؤهم ما كنتم إيانا تعبدون{] يونس .[28
()285تفسير ابن جرير ج 104 / 11ل .111
2ل ويوضح ذلك صاحب المحرر الوجيز فيقول:
}والذين كسللبوا السلليئات{ رفببع بالبتببداء ،وتعللم
السيئات هنا الكفر والمعاصللي ،فمثللل سلليئة الكفللر ،التخليللد فللي النللار،
ومثل سيئة المعاصي مصروف إلى مشيئة ال تبارك وتعالى).(286
3ب ويقول أبو السعود في تفسير الية} :والذين كسللبوا
السيئات{ أي الشرك والمعاصي.
}أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون{ قلللال:
وحيث كانت الية الكريمة في حق الكفللار بشللهادة السللياق والسللباق لللم
يكن فيها تمسك للوعيدية ).(287
أي ل الخوارج والمعتزلة ل وهو صريح في الرد على من يوجبون
على ال إنفاذ الوعيد في العصللاة مللن الموحللدين لل ومنهللم الخليلللي فللي
استدلله بهذه الية.
فهو -أي أبو السعود -يقول كما قللال ابللن جريللر وابللن عطيللة :إن
السيئة هنا المقصود بها الشرك بال ،فإن الوعيد عليها بالخلود في النار
دال علللى ذلللك ،فالكفلار والمشللركون هلم المخللدون فلي النلار ،وليلس
عصاة الموحدين فإنهم في مشيئة ال ،إن شاء عللذبهم بقللدر مللا ارتكبللوا
من معاصي وإن شاء عفا عنهم ،لقوله تعالى} :إن الله ل يغفر
أن يشرك به ويغفر ما دون ذلللك لمللن يشللاء{
ومآلهم إلى الجنة .هذا ما دل عليه كتللاب الل ،Uوالحللاديث المتللواترة
التي ل مدفع لها فإنه يخرج من النار من قللال ل إللله إل ال ل وكللان فللي
قلبه مثقال ذرة من إيمان ،هكذا قال المعصوم صلى ال عليه وسلللم .ثللم
() 293البخاري /الجنائز ح 1238؛ مسلم /في اليمللان /بللاب مللن مللات ل يشللرك
بال شيئًا دخل الجنة ح .15
()294مسلم /باب الذكر والدعاء ح .(2687) 22
* وفي صحيح البخاري ومسلم عن أبي ذر رضي ال عنله قلال:
»أتيت رسول ال صلى ال عليه وسلم وعليه ثوب أبيض وهو نائم ،ثللم
أتيته وهو نائم ،ثم أتيته وقد استيقظ ،فجلست إليلله فقللال» :مببا مببن عبببد
قال ل إله إل ال ثم مات على ذلك دخل الجنة.
قلت :وإن زنى وإن سرق .قال :وإن زنى وإن سببرق .قلببت :وإن
زنى وإن سرق.قال :وإن زنى وإن سرق .قلت :وإن زنببى وإن سببرق.
قال :وإن رغم أنف أبي ذر.
فكان أبو ذر يحدث هذا بعد ويقول :وإن رغم أنف أبي ذر«).(295
وبناء على ما قرره الخليلي أن الحتكام عند التنازع هو الرد إلللى
ال ،Uوبيان أن الرد إلى ال ل يكون إل بالرجوع إلى كتابه.
والحتكام إلى رسوله صلى ال عليلله وسلللم ل يعنللي إل الرجللوع
إلى سنته الثابتة الصحيحة.
فقد رأيت أيها القارئ الكريم أن كتاب ال صريح في أن الل عللز
وجل ل يغفر لمشرك به تعالى ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء.
وفي الحديث القدسي الذي سبق نصلله ،أن ال ل وعللد مللن جللاءه ل
يشرك به شليئًا بلالمغفرة وللو جلاءه بقلراب الرض خطيئة ،والل علز
وجل ل يخلف الميعاد.
كما أن حللديث أبللي ذر المتفللق عليلله أن مللن ارتكللب كللبيرة الزنللا
والسرقة ومات على التوحيد دخل الجنللة مللن أول وهلللة ،أو بعللد أخللذه
بذنبه.
قال رسول ال صلى ال عليه وسلم :وإن رغم أنف أبي ذر.
)( البخاري في اللباس ح ،5827ومسلم في اليمان /باب من مات ل يشرك بال 295
()310البخاري.2475/
()311البخاري.1237/
ولقللوله صلللى ال ل عليلله وسلللم فللي حللديث أبللي ذر فللي صللحيح
مسلم ...»:ومن لقيني بُقراب الرض خطيئة ل يشببرك بببي شببيئًا لقيتببه
بمثلها مغفرة«).(312
وإنما أطلق اسم الكفر على هللذه المعاصللي ،ونفللي اليمللان عمللن
ارتكب بعض المعاصللي ،والوعيللد بحرمللانه مللن دخللول الجنللة ،وذلللك
لعظمها فكان ذلك للزجر عنها.
ثم بيان أن مرتكب الكبيرة ل يكفر ،ولذلك ل يخلللد فللي النللار إن دخلهللا
بذنبه.
وهو مذهب أهل السنة والجماعة.
()312مسلم/ح . 2687
من الحاديث الواردة
في شفاعة الشافعين للعصاة الموحدين
شَبه التي أوردها الخليلللي ظنلًا منلله أنهللا وحيث انتهى الرد على ال ّ
أدلة على تخليد الفسللاق مللن أهللل التوحيللد فللي النللار ،وقللد وعللدنا بأننللا
سنورد في آخر هذا البحث طائفة من الحاديث تبين مذهب أهللل السللنة
والجماعة في عصاة الموحدين ،وأنهم ل يخلدون في النار ،وإنما يخلللد
فللي النللار الكفللار والمنللافقون النفللاق العتقللادي والمشللركون الشللرك
الكللبر .وأن مللن دخللل مللن الموحللدين النللار بالمعاصللي يخللرج منهللا
بشفاعة الشافعين ،وسوف نقتصر عللى بعللض الحللاديث الللواردة فللي
الشفاعة وهي متواترة ،والغريللب أن الخليلللي فللي بحثلله هللذا لللم يعللرج
عليها ،بل أعرض عنها لنه ل يقللول بمللا ورد فيهللا ،والعللراض عللن
سنة رسول ال صلى ال عليه وسلم فيه وعيد شديد نحذر الخليلي منه.
ونبدأ بما أورده المام مسلم في صحيحه في كتاب اليمللان ،ببباب
إثبات الشفاعة وإخراج الموحدين من النار.
وقد أورد فيه عددًا من الروايات عن عدد مللن الصللحابة مرفوعللة
إلى رسول ال صلى ال عليه وسلم ،صريحة في إخراج الموحدين من
النار ،نذكر منها:
1ل حديث أبي سعيد الخدري رضي ال عنه أن رسول ال صلللى
ال عليه وسلللم قلال» :يبدخل الب أهببل الجنببة الجنببة .يببدخل مببن يشبباء
برحمته .ويدخل أهل النار النار .ثم يقول :انظروا من وجدتم فببي قلبببه
مثقال حبة من خردل من إيمبان فبأخرجوه .فيخرجبون منهبا حممبًا قبد
امتحشوا) ،(313فيلقون في نهببر الحياة أو الحيا) ،(314فينبتون فيه كما
تنبببت الحبببة إلببى جببانب السببيل ،ألببم تروهببا كيببف تخببرج صببفراء
ل برقم ).(183 ملتوية) «(315مسلم ح ) (304/184وتقدم مطو ً
وأخرجلله البخللاري فللي الرقللاق /بللاب صللفة الجنللة والنللار ح )
.(6560
2ل ورواية أبي سعيد رضللي الل عنلله قللال :قللال رسللول الل :r
»أما أهل النار الببذين هببم أهلهببا ،فببإنهم ل يموتببون فيهببا ول يحيببون.
ولكن ناس أصابتهم النار بذنوبهم )أو قببال بخطايبباهم( فأمبباتهم إماتببة
حتى إذا كانوا فحمبًا ،أذن فببي الشببفاعة ،فجيببء بهببم ضبببائر ضبببائر،
فبثوا على أنهار الجنة .ثم قيل :يا أهل الجنة أفيضوا عليهببم .فينبتببون
نبات الحبة تكون في حميل السيل« .فقال رجل من القوم :كللأن رسللول
ال صلى ال عليه وسلم قد كان في البادية).(316
فقد فرق في هذا الحديث بين أهل النار المخلدين فيها ،وهللم الللذين
ل يحيللون فيهللا ول يموتللون .وهللم الكفللار .وبيللن الموحللدين مللن أهللل
المعاصي.
خُر أهل النار خروجًا« وأورد فيه: ثم أتبعه بباب »آ ِ
حديث عبدال بن مسعود ،tقال :قال رسول ال » :rإني لعلببم
آخر أهل النببار خروجبًا منهببا ،وآخببر أهببل الجنببة دخببوًل الجنببة .رجببل
يخرج مببن النببار حبببوًا .فيقببول الب تبببارك وتعببالى لببه :اذهببب فادخببل
الجنة ،فيأتيها فيخيل إليه أنهببا ملى .فيرجببع فيقببول :يببا رب وجببدتها
(1)317وهو أنهم يرون أن أصحاب الكبلائر يخلللدون فللي النلار ،ول يخلرج منهلا مللن
دخلها.
) (2)318ثم نخرج على الناس( أي مظهرين رأي الخوارج وندعوا إليه ونحث عليه.
()319زعم بمعنى قال.
،rفرجعنا .فل وال ما خرج منا غير رجل واحد .أو كما قال أبو نعيم.
مسلم ح .191
فهذا الحديث عن يزيد الفقيللر)(320يللبين لللك أيهللا المسلللم أن سللبب
ضلللل الخللوارج ومللن يقللول بقللولهم بللالحكم علللى عصللاة الموحللدين
بللالخلود فللي النللار ،سللواء كللانوا خللوارج ،أو سللموا أنفسللهم بأهللل
الستقامة ،كما يقول الخليلي في وصف الباضية أو المعتزلة ،يوضللح
لك أن سبب ضللهم هو العراض عن سنة رسول ال صلى ال عليلله
وسلم الثابتة عنه ،المروية في الصللحيحين وغيرهمللا مللن كتللب السللنة،
لنها هي المبينة والموضللحة لكتللاب الل عللز وجللل .فهللذا يزيللد الفقيللر
يسلللتدل بقلللوله تعلللالى} :إنللك مللن تللدخل النللار فقللد
أخزيته{ ]آل عمران.[192 :
وبقللوله تعللالى} :وأما الللذين فسللقوا فمللأواهم
النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيهللا
وقيل لهم ذوقوا عللذاب النللار الللذي كنتللم بلله
تكذبون{ ]السجدة[20 :
واليتان نزلتا في الكفار المكذبين بالبعث ،المنكرين لليللوم الخللر
وما فيه من جزاء ،وذلك جزاء الكافر المكذب باليوم الخر.
ل بهذا الحديث وهو يبحث عن الحق ،فحين ويزيد الفقير كان جاه ً
سمع جابر ابن عبدال رضي ال عنه يحدث عن رسول ال ل صلللى ال ل
عليه وسلم أن ال يخرج من النللار أناسلًا بعللد أن سللاروا حمملًا أو مثللل
عيدان السماسم ،قال لصحابه الذين قد شللغفهم رأي الخللوارج :أتللرون
هذا الشيخ يكذب على رسول ال صلللى ال ل عليلله وسلللم وهللو اسللتفهام
)( )يزيد الفقير( هو يزيد بن صهيب الكوفي ثم المكي أبو عثمان ،قيل له )الفقيللر( 320
لنه أصيب في فقار ظهره فكان يألم منه حتى ينحني له .شرح النووي .5 / 3
إنكار ،أي أنه ل يمكن أن يكذب على رسول ال صلى ال ل عليلله وسلللم
ثم رجعوا إلى الحق وتركوا الباطل حين سمعوا سنة رسول ال .r
وقد سبق في استدلل الخليلي باليات من كتللاب ال ل الللتي يسللتدل
بها على تخليد عصاة الموحدين في النار ،إيراد هللاتين اليللتين مسللتد ً
ل
بهما على رأيه.
فندعوه إلى مراجعة هذا الحديث في صللحيح مسلللم وهللو موجللود
عنده .وله في يزيد الفقير أسوة في عدم تكذيب جابر بن عبللدال رضللي
ال عنه في روايته عن رسللول الل صلللى الل عليلله وسلللم فلي إخللراج
عصاة الموحدين من النار ،ول يجوز له بأي حال مللن الحللوال -وهللو
يدعي أن الباضية أهل الستقامة -أن َيُرّد هذه الحللاديث الللواردة عللن
رسول ال صلى ال عليه وسلم البالغة حللد التللواتر فللي إخللراج عصللاة
الموحدين من النار بالشفاعة.
وال عز وجل يقول} :وما آتاكم الرسول فخذوه{.
وإليللك قللول أهللل السللنة فللي بيللان أن أحللاديث الشللفاعة بلغللت
بمجموعها حد التواتر:
يقول المام النووي رحمه الل فلي شللرح مسلللم ج ،35 / 3فلي
شرح أحاديث/باب إثبات الشفاعة وإخراج الموحدين من النار:
قال) :قال القاضي عياض رحملله اللل :مللذهب أهللل السللنة جللواز
ل ،ووجوبها سمعًا ،بصريح قوله تعالى} :يومئذ ل تنفع الشفاعة عق ً
الشفاعة إل من أذن له الرحمن ورضي له قتتو ً
ل{ ]طللله:
.[109وقوله} :ول يشفعون إل لمن ارتضتتى{ ]النبيللاء.[ 28 :
وأمثالهما.
وبخبر الصادق صلى ال عليه وسلم وقد جاءت الثار التي بلغللت
بمجموعها التواتر بصحة الشفاعة في الخرة لمذنبي المؤمنين ،وأجمع
السلف والخلف ومن بعدهم من أهل السنة عليها.
قال :ومنعت الخوارج وبعض المعتزلللة منهللا ،وتعلقللوا بمللذاهبهم
في تخليد المذنبين في النار .واحتجللوا بقللوله تعللالى } :فما تنفعهم
شفاعة الشافعين { ]المدثر.[48 :
وبقللوله تعللالى } :ما للظتتالمين متتن حميتتم ول شتتفيع
يطاع { ]غافر.[18:
قال :وهذه اليات في الكفار ،وأما تأويلهم أحاديث الشفاعة بكونها
زيللادة فللي الللدرجات فباطللل ،وألفللاظ الحللاديث فللي الكتللاب وغيللره
صريحة في بطلن مذهبهم وإخراج من اسللتوجب النللار( ثللم ذكللر بعللد
ذلك أنواع الشفاعة.
فهذه بعض أحاديث الشفاعة في إخراج عصاة الموحدين من النار
التي رواها المللام مسلللم فللي صللحيحه ،وبيللان مللذهب أهللل السللنة فللي
العمللل بهللا ،وبيللان القاضللي عيللاض أن أحللاديث الشللفاعة فللي إخللراج
عصاة الموحدين من النار بلغت بمجموعهللا حللد التللواتر ،وأجمللع أهللل
السنة على القول بالشفاعة.
وذكر المام الحافظ الللكائي في كتابه /شرح أصول اعتقاد أهل
السنة والجماعة »باب الشفاعة لهل الكبائر« .
ثم قال :سياق ما روى عن النبي صلى ال عليه وسلم في الشفاعة
لمته ،وأن أهل الكبائر إذا ماتوا علللى غيللر توبللة يللدخلهم ال ل إن شللاء
النار ،ثم يخرجهم منها بفضل رحمته ويدخلهم الجنة.
قال :وقد مضللى فللي حللديث جللابر وغيللره فللي فضللائل النللبي :r
»أعطيت خمسًا لم يعطهن نبي قبلي وذكر منها الشفاعة «.
1ب ثم قال :رواية أبي هريرة:
وساق بإسناده عن أبي هريرة رضي ال عنه أن رسول ال صلى
ال عليه وسلم قال» :إن لكل نبي دعوة مستجابة ،وإني أحب أن أدخببر
دعوتي شفاعة لمتي يوم القيامة «).(321
ثم ساق عنه عددًا من الروايات ختمها بروايللة المقللبري عللن أبللي
هريرة قال :قلت :يا رسول ال من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟
قببال» :لقببد ظننببت أن ل يسببألني عببن ذلببك أولببى منببك لمببا رأيببت مببن
حرصك على الحديث ،إن أسعد الناس بشفاعتي من قال :ل إله إل ال ب
مخلصًا من قلبه« أخرجه مسلم.
2ب رواية جابر بن عبدال.
ثم ساق عنه عددًا من الروايات بإسناده منها:
عن حماد بن زيد قال :قلت لعمرو بن دينار :يا أبللا محمللد سللمعت
جابر بن عبدال يحدث عن النبي صلى ال ل عليلله وسلللم قللال» :إن ال ب
يخببرج قوم بًا مببن النببار بالشببفاعة ،قببال :نعبببم« .أخرجلله البخللاري
ومسلم) .(322وقد ساق عنه عشر روايات.
3ب رواية أبي سعيد الخدري:
وقد ساق عنه أربع روايللات مرفوعللة فللي إخللراج الموحللدين مللن
النار بالشفاعة.
4ب رواية أنس بن مالك:
وقد ساق عنه عدة روايات منها:
321
) (1ورواه البخاري ح .7474ومسلم ح .198
322
) (2البخاري بلفظ آخر ح .6558ومسلم ح .191
عن أنس رضي ال عنه قال :قال رسول ال » :rشفاعتي لهل
الكبائر من أمتي«).(323
5ب رواية عبدال بن مسعود:
وساق عنه بإسناده ثلث روايات.
6ب رواية أبي ذر:
وساق عنه الحديث بإسناده عن المعرور علن أبلي ذر رضلي الل
عنه عن النبي صلى ال عليه وسلم قال:
»لقد علمت آخر الناس خروجًا من النار ،وآخر أهل الجنة دخوًل
الجنة ،رجل يؤتى فتعرض عليببه سببيئاته وتخبببأ عنببه كبببائره ،فيقببال:
أتذكر يوم عملت كذا وكببذا ،فيقببول :نعببم وهببو مشببفق مببن الكبببائر أن
تعرض عليه ،فإذا فرغ من عرض السيئات قيل له :اذهب فإن لك بكببل
سيئة حسنة .فيقول :قببد كببانت لببي ذنببوب ل أراهببا ،فكببان رسببول الب
صلى ال عليه وسلم إذا ذكر هذا الحديث ضببحك حببتى تبببدو نواجببذه«
أخرجه مسلم ).(324
7ب رواية عبد ال بن عمر:
وقد ساق عنه روايتين .
8ب رواية أبي موسى الشعري.
9ب رواية عوف بن مالك:
وساق عنه روايتين.
10ب أبو أمامة:
وساق عنه روايتين.
323
) (3قال الشيخ اللباني في تخريجه لرواية ابن أبي عاصم فللي السللنة ح :830
وهو حديث صحيح وكذا قال في حاشية مشكاة المصابيح .81 / 3
324
) (1مسلم ح 190والترمذي ح .2596
11ب رواية حذيفة.
12ب ورواية عبد المطلب بن ربيعة.
13ب ورواية أم سلمة.
14ب ورواية عمر بن الخطاب.
فهؤلء الصحابة جميعًا رووا أحللاديث الشللفاعة عللن النلبي صلللى
ال عليه وسلم فللي إخللراج الموحللدين ممللن ارتكبللوا الكبللائر مللن النللار
بالشفاعة ).(325
3ل وذكر أبو بكر محمد بن الحسين الجبري فبي كتبباب الشبريعة
ج :3/1198باب »62وجبببوب اليببمان بالشبببفاعة « .
ثم قال) :قال محمللد بللن الحسللين :اعلمللوا رحمكللم ال ل أن المنكللر
للشللفاعة يزعللم أن مللن دخللل النللار فليللس بخللارج منهللا ،وهللذا مللذهب
المعتزلة ،يكذبون بها ،وأشياء سنذكرها إن شاء ال ممللا لهللا أصللل فللي
كتاب ال عز وجل ،وسلنن رسللول الل صلللى الل عليله وسلللم ،وسلنن
الصحابة رضي ال عنهم ،ومن تبعهم بإحسان ،وقول فقهاء المسلللمين،
فالمعتزلة يخالفون هذا كله ،ل يلتفتون إلى سنن الرسول ،ول إلى سللنن
أصحابه ،وإنما يعارضون بمتشابه القرآن ،وبما أراهم العقل عندهم.
قال :وليس هذا طريق المسلمين ،إنما هذا طريق من قللد زاغ عللن
طريق الحق ،وقد لعب به الشيطان.
وقد حذرنا ال عز وجل ممن هذه صفته ،وحذرناهم النللبي صلللى
ال عليه وسلم ،وحذرناهم أئمة المسلمين قديمًا وحديثًا.
ثم قال :أما ما حذرنا ال عز وجل ،وأنزله علللى نللبيه صلللى ال ل
عليه وسلم ،وحذرنا النبي صلى ال عليه وسلم فإن ال ل عللز وجللل قللال
)( كتاب شرح أصول أهل السنة والجماعة ،للمام الللكلائي ج 77 /3لل .99تحقيلق/اللدكتور 325
(1) 327وقد تقدم حديث أنس برقم ) (777مما نقلناه في الصفحات السابقة وهو بسند
صحيح.
»ونختم أحاديث الشفاعة في إخراج الموحدين من النار بما رواه
المام البخاري في صحيحه في كتاب التوحيد«.
عن أبي سعيد الخدري وأبي هريللرة رضللي ال ل عنهمللا وألفاظهللا
متقاربة ونورد حديث أبي سعيد رقم.7438 :
قال أبو سعيد الخدري »:قلنا يببا رسببول الب هببل نببرى ربنببا يبوم
القيامة؟ قال :هل تضارون في رؤية الشمس والقمر إذا كانت صببحوًا؟
قلنا :ل ،قال :فإنكم ل تضارون في رؤية ربكم يومئذ إل كما تضببارون
في رؤيتهما ،ثم قال :ينادي مناد ليذهب كل قوم إلى ما كانوا يعبببدون،
فيذهب أصحاب الصليب مع صليبهم ،وأصحاب الوثببان مببع أوثببانهم،
وأصحاب كل آلهة مع آلهتهم ،حببتى يبقببى مببن كببان يعبببد الب مببن بببر
وفاجر وغبرات من أهل الكتاب ،ثم يؤتى بجهنم تعرض كأنها سببراب،
فيقال لليهود ما كنتم تعبدون؟ قالوا :كنا نعبد عزيرًا ابببن البب ،فيقببال:
كذبتم لم يكن ل صاحبة ول ولد ،فما تريدون ،قالوا :نريد أن تسببقينا،
فيقال :اشببربوا فيتسبباقطون فببي جهنببم ،ثببم يقببال للنصببارى :مببا كنتببم
تعبدون؟ فيقولون :كنا نعبد المسيح ابن ال ،فيقال :كذبتم لم يكببن لب
صبباحبة ول ولببد ،فمببا تريببدون؟ فيقولببون :نريببد أن تسببقينا ،فيقببال:
اشربوا فيتساقطون ،حتى يبقببى مببن كببان يعبببد الب مببن بببر أو فبباجر،
فيقال لهم :ما يحبسكم وقببد ذهببب النبباس ،فيقولببون :فارقنبباهم ونحببن
أحوج منا إليه اليوم ،وإنا سمعنا مناديببا ينببادي :ليلحببق كببل قببوم بمببا
كانوا يعبدون وإنما ننتظر ربنا.
قال :فيأتيهم الجبار في صورة غير صورته الببتي رأوه فيهببا أول
مببرة ،فيقببول :أنببا ربكببم ،فيقولببون :أنببت ربنببا فل يكلمببه إل النبيبباء
فيقول :هل بينكم وبينه آيبة تعرفبونه؟ فيقولبون السباق .فيكشبف عبن
ساقه .فيسجد له كل مؤمن ،ويبقى مببن كببان يسببجد ل ب ريبباء وسببمعة
فيذهب كيما يسجد فيعود ظهره طبقًا واحدًا ،ثم يببؤتى بالجسببر فيجعببل
بين ظهري جهنم .قلنا :يا رسول ال وما الجسر؟ قال :مدحضة مزلة،
عليه خطاطيف وكلليب ،وحسكة مفلطحة لهببا شببوكة عقيفبباء ،تكببون
بنجد يقال لهببا السببعدان ،المببؤمن عليهببا كببالطرف وكببالبرق وكالريببح
وكأجاويد الخيل والركاب ،فناج مسلم ،وناج مخدوش ،ومكببدوش فببي
نار جهنم ،حتى يمر آخرهم يسحب سحبًا ،فما أنتببم بأشببد لببي مناشببدة
في الحق قد تبين لكببم مببن المببؤمن يببومئذ للجبببار ،وإذا رأوا أنهببم قببد
نجوا فببي إخبوانهم يقولببون :ربنببا إخواننببا الببذين كببانوا يصببلون معنببا
ويصومون معنا ويعملون معنا ،فيقول ال تعالى :اذهبوا فمببن وجببدتم
في قلبه مثقببال ذرة مببن إيمببان فببأخرجوه ،ويحببرم الب صببورهم علبى
النار ،فيأتونهم وبعضهم قد غاب فببي النببار إلببى قببدمه ،وإلبى أنصبباف
ساقيه ،فيخرجون من عرفوا ،ثم يعودون ،فيقول :اذهبوا فمن وجببدتم
فببي قلبببه مثقببال نصببف دينببار فببأخرجوه ،فيخرجببون مببن عرفببوا ،ثببم
يعودون فيقببول :اذهبببوا فمببن وجببدتم فببي قلبببه مثقببال ذرة مببن إيمببان
فأخرجوه فيخرجببون مبن عرفبوا .قببال أببو سببعيد :فببإن لببم تصبدقوني
فببباقرؤوا} :إن الله ل يظلللم مثقللال ذرة وإن تللك
حسنة يضاعفها{.
فيشببفع النبببيون والملئكببة والمؤمنببون ،فيقببول الجبببار :بقيببت
شفاعتي فيقبض قبضة من النار فيخببرج أقوامبًا قببد امتحشببوا فيلقببون
في نهر بأفواه الجنة يقال له ماء الحياة ،فينبتون في حافتيه كما تنبت
الحبة في حميل السيل ،قد رأيتموها إلببى جببانب الصببخرة وإلببى جببانب
الشجرة ،فما كان إلى الشمس منها كببان أخضببر ،ومببا كببان منهببا إلببى
الظل كان أبيض ،فيخرجون كأنهم اللؤلؤ فيجعل في رقابهم الخببواتيم،
فيببدخلون الجنببة ،فيقببول أهببل الجنببة :هببؤلء عتقبباء الرحمببن أدخلهببم
الجنة بغير عمببل عملببوه ول خيببر قببدموه ،فيقببال لهببم :لكببم مببا رأيتببم
ومثله معه ).(328
فهذه رواية أبي سعيد الخدري .t
ومثلها رواية أبي هريرة tورواية أنس .tوفيها:
أن رسول ال صلى ال عليلله وسلللم قللال» :فأسببتأذن علببى ربببي
فيؤذن لببي عليبه ،فببإذا رأيتبه وقعببت سبباجدًا فيببدعني مبا شبباء الب أن
يدعني ،فيقول :ارفع محمد ،وقل يسمع ،واشفع تشببفع ،وسببل تعطببه،
قال :فأرفع رأسي فأثني على ربي بثناء وتحميد يعلمنيه ،فيحد لي حدًا
فأخرجهم فأدخلهم الجنة ،قال قتادة :وسبمعته أيضبًا يقببول :فببأخرجهم
من النار وأدخلهم الجنبة« ،وهكبذا تتكبرر الشبفاعة حبتى ل يبقبى فبي
النار إل من حبسه القرآن ،أي وجب عليه الخلود.
وقد ختمنا أحاديث الشفاعة الثابتة عن المصطفى صلللى الل عليلله
وسلم بما روي في أصح كتاب بعد كتاب ال أل وهو صحيح البخاري.
وبحديث أبي سعيد الخدري الذي ورد فيه النص عللن رسللول ال ل
صلى ال عليه وسلم الذي ل ينطق عن الهوى ل ل علللى رد الشللبه الللتي
ادعاهللا الخليلللي وسللود بهللا كتللابه هللذا الللذي أسللماه »الحببق الببدامغ«
وضللمنه إنكللار ثلث مسللائل ثابتللة بكتللاب اللل عللز وجللل ،وبالسللنة
المتواترة ،وبإجماع أهل السنة وهي:
1ب إنكار رؤية المؤمنين ربهم وهم في الجنة يوم القيامة.
2ب إنكار كلم ال عز وجل ب وأنه خلق القرآن ولم يتكلم به ب لن
إثبات صفة الكلم ل تشبيه عند الخليلي والمعتزلة.
3ب القول بخلود أصحاب المعاصي من الموحدين في النار.
328
) (1البخاري /التوحيد،ح .7438
وهذا الحديث الصحيح والصريح فيه الرد على ما جاء في
الكتاب كله ،ففيه :
1ب إثبات رؤية المؤمنين ربهم يوم القيامة.
2ب وفيه إثبات صفة الكلم ل عز وجل ب على ما يليق بجللببه ب ب
ففيه :يقول ال تعالى» :اذهبوا فمببن وجببدتم فببي قلبببه مثقببال ذرة مببن
إيمان فأخرجوه من النار«.
3ب وفيه إثبات الشفاعة وإخراج الموحدين من النار.
بل وفيه شفاعة رب العالمين وإخراج عدد ل يعلللم قللدرهم إل ال ل
من النار بغير عمل عملوه ،ول خير قدموه.
ل.
وكفى بمن رد هذه الحاديث بعدًا وضل ً
وآخر دعوانا أن الحمد لل رب العللالمين ،وصلللى الل علللى نبينللا
محمد وآله وصحبه وسلم.
ملحق الكتاب
الفهارس
كبببببتب الباضية
اااا:ا الكتب التي فيها الرد على القائلين بخلق القرآن
:
الجامع ،لبي الحسن البيسوي ،طبع وزارة التراث القومي والثقافة سلللطنة
عمان 1404هل
الدعائم ،لبن أبي النضر /الطبعة الثانيللة سللنة 1409هلل سلللطنة عمللان /
وزارة التراث القومي والثقافة.
شرح الللدعائم لل للشليخ محمللد بلن وصللاف الفقيلله العملاني /سلللطنة عملان
وزارة التراث القومي والثقافة ،تحقيلق عبللد المنعلم علامر /مطبعلة عيسللى
البابي الحلبي.
) (1وقد جاء فيه في صفحة 116الباب الثالث والعشببرون /ببباب المسببألة 329
الباضية ...وهي :أن كل من مات على الدين الباضببي مقطببوع بببأنه مببن أهببل
الجنة أم ل؟ قال :مقالتنا :فقولنا في هذه المسألة إنا ل نشك في ذلك ول نرتاب
فيه ،وأن هذا لزم القطع به وإن لم يقطع به فقد شبك فببي الببدين الباضببي أنببه
دين ال تعالى أم ل؟ ....الخ.
فهرس الموضوعات
الصفح الموضوع
ة
5 تقريللللللظ فضلللللليلة الللللللدكتور صللللللالح بللللللن فللللللوزان الفللللللوزان
.....................................................
21 دعواه في تسللامح طللائفته ،وأنهللم مشللوا علللى مارسللمه لهللم أبللو حمللزة
السالمي....................
لفللرق بيللن مللذهب المؤلللف والمعتزلللة فللي تقللديم العقللل علللى النللص
................................
سأل الصحابة عما أشكل عليهم وجاء الجواب مللن اللل ،ولللم يسللأل أحللد
29 منهلللللم علللللن اسلللللم ملللللن أسلللللماء الللللل ول علللللن صلللللفة ملللللن
صفاته......................... ..................................
36 مللللتى يكللللون تعللللدد المللللذاهب سللللببًا فللللي تفريللللق كلمللللة المللللة
............................................
الصفح الموضوع
ة
38 ................. .................................. .................................. سلسلة إسناد الجهمية
41 موضللللللللللللللللللللللللوع كتللللللللللللللللللللللللاب المؤلللللللللللللللللللللللللف
............... .................................. ..................................
45 الجللزء الول :الللرد علللى الخليلللي إنكللاره رؤيللة المللؤمنين ربهللم فللي
...................... الخرة
47 القضية الولى :إنكار المؤلف رؤية المؤمنين ربهم في الخرة..
48 خلط المؤلللف فللي رده علللى مثبللتي الرؤيللة بيللن الشللعرية والماتريديللة
.................. والسلفية
49 تعريلللللللللللف أهلللللللللللل السلللللللللللنة وكشلللللللللللف مغالطلللللللللللات
المؤلف ...................... ..................................
50 تسمية بعللض الطللوائف بأهللل السللنة فللي مقابلللة الروافللض والنواصللب
.إلخ........ والخوارج
51 مللللن أنكللللر الرؤيللللة حللللرم منهللللا فللللالجزاء مللللن جنللللس العمللللل
................................................
السلف ليقيسون وجود الحق على الخلللق فللي إثبللات الرؤيللة ولغيرهللا
53 وبيللللللللللللللللللان زيللللللللللللللللللف المؤلللللللللللللللللللف فللللللللللللللللللي
ذلك........................... .................................. ..................................
73 نفللللي حصللللول الرؤيللللة فللللي الللللدنيا لخلف فيلللله بيللللن سلللللف
المة.......................................
الصفح الموضوع
ة
90 الللرد علللى المؤلللف دعللواه أن الخللذ بظللواهر النصللوص يللرده العقللل
....... ويكذبه البرهان
91 أحلللللللللللللللللللللللللاديث إثبلللللللللللللللللللللللللات الرؤيلللللللللللللللللللللللللة
متواترة........................................... ..................................
92 قللول المؤلللف :الخللذ بظللاهر مللا فللي الصللحيحين يللرده العقللل ويكللذبه
................ البرهان
93 سبب جهل المؤلف بصفات ال تعالى هو عدم تقدير ال تعالى حق قدره
...............
هل يتأسى المؤلف بقول عمر بن الخطللاب وفعللله رضللي ال ل عنلله فللي
94 قصلللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللة صللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللح
الحديبية..................................... .................................. ..................................
بيان تدليس المؤلف بإيراده ،أدلة نفي الرؤيللة فللي الللدنيا ،وتعميمهللا فللي
100 نفلللللللللللللي الرؤيلللللللللللللة فلللللللللللللي اللللللللللللللدنيا والخلللللللللللللرة
........................... .................................. ..................................
106 ذكر ابن جريللر للقللوال فللي تفسللير قللوله تعللالى}:لتللدركه البصللار{
........................
119 التحللاكم إلللى اللل ورسللوله فللي إثبللات رؤيللة المللؤمنين ربهللم يللوم
القيامة..........................
135 إجمللاع الصللحابة ومللن تبعهللم ومنهللم الئمللة الربعللة علللى إثبللات
الرؤية.........................
137 لفرق بين قول :الصاوي ،والمؤلللف الخليلللي فللي رد النصللوص وهللي
جرأة تحتاج إلى توبة
قول ابن جرير :ليس لهل هذه المقالللة دليللل ؛لآيللة محكمللة ول روايللة
140 صللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللحيحة ول
.................................. .................................. .................................. . سقيمة
الصفح الموضوع
ة
141 أسللللللماء بعللللللض الكتللللللب المؤلفللللللة فللللللي إثبللللللات الرؤيللللللة
........................ ..................................
الجزء الثاني
147 ل مقطع من قصيدة ابن النضر العماني في الرد على من يقول بخلق
................ القرآن
ل المبحث الول في ما ورد في المقدمة :
149 ل تعريف الخليلي للخلق والرد عليه
.................................. ..................................
159 ل قول الخليلي في التفرقة بين القرآن وسائر الكتب المنزلة والكلم
............... النفسي
161 ل مناقشة الخليلي في بدعة الكلم النفسي
......................... ..................................
165 ل استناد الخليلي إلى أحد علماء الباضية في تقرير معنى الكلم
......... .....................
166 ل استدلل الخليلي بقول الخطل على تقرير الكلم النفسي والرد عليه
...................
173 ل توهمهم أن من أثبت الصفات فقد قال بتعدد اللهة والرد على ذلك
.....................
190 ل كلم ابن الثير عن التعطيل والتصريح بأول من قال بخلق القرآن
........ .................
199 ................. ................. ل الباطل ل يقف على ساق وبيان تناقضات الخليلي
..........
205 ل بيان موقف المام أحمد بللن حنبللل مللن مخللالفيه وبيللان زيللف الخليلللي
........ .................
ل الرد على الفقرة الثالثة )اعتراف الخليلي بأن علماء عمان المتللأخرون
207 ................. ................. ................. ................. وهم الذين قالوا بخلق القرآن(
......... .................
209 ل مقطع من قصلليدة ابللن النضللر فلي الللرد علللى ملن قلال بخلللق القللرآن
........... .................
212 للللل مسللللألة اختلف النللللاس فللللي كلم اللللل لموسللللى عليلللله السلللللم
..................... .................
223 لللل نقلللل الخليللللي لكلم ابلللن القيلللم ملللن كتلللابه الصلللواعق المرسللللة
..................... .................
227 لللل مناقشلللة الخليللللي فلللي دعلللواه أن ملللا أورده ابلللن القيلللم حجلللة لللله
.. ................. .................
233 ل مناقشة الخليلي في اسللتدلله بآيللة } ومللا كللان لبشللر أن يكلملله الل إل
......... وحيا{
236 لللللللللل عبلللللللللد الرحمللللللللللن حبنكلللللللللة يوافللللللللللق الخليللللللللللي
.............. ................. ................. .................
الصفح الموضوع
ة
247 ل ل الفصللل الثللاني تضللارب القللائلين بقللدم القللرآن كمللا يللدعيه الخليلللي
........... .................
248 ل الرد على المقطع الول وبيان رد ابن تيمية على ابن كلب القائل بقدم
....... القرآن
249 ................. ل تعريف القرآن عند أهل السنة والجواب على المقطع الثاني.
..............
250 ل ل ادعللاء الخليلللي تنللاقض كلم ابللن تيميللة والللرد علللى هللذه الللدعوى
........... .................
251 للل اعللتراض الخليلللي علللى قللول أحمللد بللن حنبللل والجللواب عليلله
.................... .................
266 للللل قللللول الخليلللللي بللللأن مرتكللللب الكللللبيرة مخلللللد فللللي النللللار
............... ................. .................
ل الجللواب علللى قللول الخليلللي أن ابللن تيميللة يسللجل علللى كبللار أئمتهللم
269 مخالفللللللللللللللللللللللللة النللللللللللللللللللللللللص والجمللللللللللللللللللللللللاع
.................. ................. ................. ................. ................. . والعقل
271 لللللللللل مواصللللللللللة الخليللللللللللي لفلللللللللتراءاته عللللللللللى ابلللللللللن
..................... ................. ................. . تيمية
273 لللللللللللللللل اللللللللللللللللرد عللللللللللللللللى هلللللللللللللللذه الفريلللللللللللللللة
.............. ................. ................. ................. .................
282 ل ل مغالطللات الخليلللي وتلبيسللاته علللى ابللن تيميللة والجللواب علللى هللذه
.............. المغالطات
286 لللللللللل توضللللللللليح الكفلللللللللر المطللللللللللق والكفلللللللللر المعيلللللللللن
............. ................. ................. .................
294 لللل اعلللتراف الخليللللي بلللأن شللليخ السللللم للللم يقلللل بقلللدم القلللرآن
...................... .................
297 للل الفصلللل الثللالث أدلللة النللافين لخلللق القلللرآن كمللا يزعللم الخليلللي
................. .................
301 ل ل اختيللار الخليلللي لسللتة أدلللة نقليللة فللي نفللي صللفة الخلللق ورده عليلله
............. .................
313 ل حجج القائلين بخلق القرآن العقلية والنقلية كما قسمها الخليلي
.......... .................
الصفح الموضوع
ة
216 ل الدليل الثاني قوله إن كل ما ثبت قدمه استحال عدمه
...................... .................
ل الدليل السادس قوله )إن حروف القرآن هي نفس الحروف التي ينتظللم
318 فيهللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللا كلم العللللللللللللللللللللللللللللللللللللللللرب(
................. ................. ................. ................. ................. .................
321 ل قول الخليلي وإن كان شيئا فمللا الللذي يخرجلله مللن هللذا العمللوم والللرد
............... عليه
325 ل استدلل الخليلي بكلمة جعل على الخلق
....................... ................. .................
ل بيان أن أول من قللال أن جعللل تللأتي بمعنللى خلللق هللو بشللر المريسللي
326 وذكلللللللللللللر منلللللللللللللاظرة الكنلللللللللللللاني لللللللللللللله فلللللللللللللي
ذلك................. ................. ................. ................. ................. .
331 ل ما قاله شلليخ السلللم فللي معنللى جعللل ودحللض شللبهة المسللتدلين بهللا
....... .................
333 ل رد أبو النضر العماني ل الباضي ل على من اسلتدل بجعلل علللى خلللق
............ القرآن
334 ل استدلل الخليلي بالحداث على الخلق والرد عليه
.......... ................. .................
335 ل ايراد الخليلي لبعض اليات ليستدل بها على خلق القرآن
................. .................
339 للللل رد ابللللن تيميللللة علللللى أتبللللاع ابللللن كلب كالقاضللللي وغيللللره
...... ................. .................
356 ل المناظرة التي حدثت عنللد الواثللق بيللن ابللن أبللي داؤد والشلليخ الزدي
...... .................
362 ل ل كلم المللام الجللري فللي كلم اللل عللز وجللل فللي كتللابه الشللريعة
........... .................
363 ل ل كلم المللام ابللن منللدة فللي كلم ال ل عللز وجللل فللي كتللابه التوحيللد
.......... .................
الصفح الموضوع
ة
364 لللل كلم الملللام البخلللاري فلللي كلم الللل علللز وجلللل فلللي صلللحيحه
................. .................
ثانيًا :علماء الباضية الذين أثبتوا أن القرآن كلم ال غير مخلوق ثببم
ردوا على القائلين بخلقه .
368 -كلم أحملللللللللللللللللللللللللد بلللللللللللللللللللللللللن النضلللللللللللللللللللللللللر
............. ................. ................. ................. .................
الجزء الثالث
371 .............. ................. ................. ................. ................. ................. ل تملهليلد
377 للللللللللللللللللل اللللللللللللللللللللرد علللللللللللللللللللى اللمقللدمللللللللللللللللللللة
.......... ................. ................. ................. .................
385 لللل اللللرد عللللى الفصلللل الول :اختلف النلللاس فلللي خللللود الجنلللة
والنار..... ................. .
436 ل الجواب على اسللتدلله بقلوله تلعلالى } للذين أحسنوا الحسللنى {....
الية
ل الجواب على اسللتدلله بقوله تلعالى } والذين يقولون ربنللا اصللرف
442 عنا عذاب جهنم { وقللوله } :والللذين ل يللدعون مللع الل إلهللا آخللر ول
....... يلقتلون النلفس {
450 -الجواب عللى اسلتدلله بقوله تعللالى } :ومللن يعللص الل ورسللوله {..
الية.
451 دحض ما نسبه لبن عطية والقرطبي والشوكاني في تفسير ) المعصية
............... . (
أي الفريللقين أولى بالتباع في تفسير اليلات الباضلية اللذين يمثلهلم لل
455 الخليلللللللللللللللللللللللللللللي للللللللللللللللللللللللللللل أم أهللللللللللللللللللللللللللللل
........... ................. ................. ................. ................. ................. . السنة
456 ثانيللللللللللا للللللللللل أدلللللللللللة للللللللللل الخليللللللللللللي للللللللللل مللللللللللن
............... ................. ................. ................. . السنة
458 وجللللللللللللله اسللللللللللللللتدلله بهلللللللللللللا واللللللللللللللرد عليللللللللللللله
...................... ................. ................. .................
الصفح الموضوع
ة
464 الخليللللللي لللللل ل يعلللللرج عللللللى أحلللللاديث الشلللللفاعة المتلللللواترة
............. ................. .................
464 استدلله بالحاديث التي ورد فيهلا وعيلد عللى بعلض المعاصلي وبيلان
أهل السنة لمعناها.
471 بلللللللللاب إثبلللللللللات الشلللللللللفاعة عنلللللللللد الملللللللللام مسللللللللللم
............ ................. ................. .................
473 روايلللللة يزيلللللد الفقيلللللر لقصلللللته ملللللع جلللللابر بلللللن عبلللللد الللللل
.......................................... t
476 الحللللللافظ الللكللللللائي :بللللللاب الشفاعللللللللللة لهللللللل الكبللللللائر
........... ................. .................