You are on page 1of 15

‫العــولــمــة‬

‫حمَنِ الرّحِيمِ‬
‫سمِ الِّ الرّ ْ‬
‫بِ ْ‬

‫إن الحمد ل‪ ،‬نحمده ونستعينه ونستغفره‪ ،‬ونعوذ بال من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا‪ ،‬من يهدّه ال فل مضلّ له‪ ،‬ومن يضلل فل‬
‫هادي له‪ .‬وأشهد أنّ ل إله إل ال‪ ،‬وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله‪.‬‬

‫المقدمة ‪:‬‬

‫لقد كثر الحديث عن العولمة في السنوات العشر الخيرة من القرن العشرين بعد سقوط التحاد السوفيتي‪ ،‬فتناولتها بالحديث الوساط‬
‫الجامعية والعلمية والتيارات الفكرية والسياسية المختلفة‪ ،‬وأصبحت حديث الجتماعيين والفلسفة الوربيين وعلماء البيئة والطبيعة‬
‫وكثرت أعداد الندوات والمؤتمرات والمحاضرات التي تحمل عناوينها "العولمة " أو النظام العالمي الجديد أو المتغيرات الدولية‬
‫الجديدة أو الكونية‪.‬‬

‫وأوّل من تبنى فكرة مفهوم العولمة بعد عالم السسيولوجيا الكندي "مارشال ماك" من جامعة تورنتو‪" -‬زبيغنيو بريجينسكي" مستشار‬
‫ن تقدّم أمريكا‪ -‬التي تمتلك ‪ %65‬من المادة العلمية على‬
‫الرئيس المريكي كارتر (‪1980 -1977‬م) الذي أكدّ على ضرورة أ ّ‬
‫مستوى العالم‪ -‬نموذجا كونيا للحداثة‪ ،‬يحمل القيم المريكية التي يذيعونها دوما في الحرية وحقوق النسان‪) 1 ( .‬‬

‫ولقد صدرت كثير من المؤلفات باللغات الوربية والعربية التي تتناول هذه الظاهرة‪ ،‬لدرجة أن المرء يكاد يحار في كيفية دراسة هذه‬
‫الظاهرة واللمام بموضوعها‪ ،‬خاصة أن كل كاتب أو متحدث يتناولها بالدراسة والتحليل من جانب معين مثل الجانب القتصادي أو‬
‫الثقافي أو السياسي أو العلمي‪.‬‬

‫ومعظم الفكار والطروحات الغربية التي تتناول دراسة ظاهرة العولمة تقوم على ما طرحه الكاتب المريكي الياباني الصل "فرانسيس‬
‫فوكاياما" في كتابه (نهاية التاريخ والنسان الخير)‪ ) 2( ،‬والتي يزعم فيه أننا وصلنا إلى نقطة حاسمة في التاريخ البشري تتحدد‬
‫بانتصار النظام الرأسمالي الليبرالي والديمقراطية الغربية على سائر النظم المنافسة لهما وأنّ العالم قد أدرك بعد فترة حماقة طويلة أن‬
‫الرأسمالية هي أفضل أنواع النظم القتصادية ‪ ،‬وأن الليبرالية الغربية هي أسلوب الحياة الوحيد الصالح للبشرية‪ ،‬وأن الوليات المتحدة‬
‫المريكية وامتدادها القتصادي القيمي (النظام الرأسمالي المادي) أوربا يمثلن الدورة النهائية للتاريخ وأنّ النسان الغربي هو‬
‫النسان الكامل الخير‪) 3 ( .‬‬

‫ومن هنا وجدت الفلسفة العلمية الغربية في أفكار وأطروحات (فوكوياما) مادة تسوّغ بها سياسات الغرب الرعناء تجاه العالم‬
‫المعاصر ( ‪. ) 4‬‬

‫والعولمة ترتبط في أذهان الكثير من الناس بالتقدم والرقي والنفتاح القتصادي‪ ،‬ومع أن مفهوم العولمة ل يقتصر على الجانب‬
‫القتصادي بل يشمل الجوانب الجتماعية والبيئية‪ ،‬والثقافية‪،‬والسياسية‪،‬إلّ أنّ الجانب القتصادي هو أبرز مظاهر العولمة ‪.‬‬

‫المؤلف ‪ :‬الدكتور صالح الرقب ‪ -‬الجامعة السلمية‬

‫تعريف العولمة ‪-:‬‬

‫ن الكلمة جديدة ولكنّ ما تصفه ليس بجديد‪ ،‬بل يرى بعضهم أنّ السير نحوها بدأ منذ‬
‫المهتمون بقضية العولمة متفقون تقريباً على أ ّ‬
‫مئات السنين‪.‬‬

‫ولقد أصبح مصطلح العولمة متداولً منذ بداية التسعينات‪،‬وأصبح علماً على الفترة الجديدة التي بدأت بتدمير جدار برلين عام ‪1989‬م‬
‫وسقوط التحاد السوفييتي وتفككه‪ ،‬وانتهت بتغلّب النظام الرأسمالي الغربي على النظام الشيوعي‪ ،‬وانفراد الوليات المتحدة المريكية‬
‫بقيادة العالم المعاصر‪.‬‬

‫العولمة لغة ‪-:‬‬

‫العولمة ثلثي مزيد‪ ،‬يقال‪ :‬عولمة على وزن قولبة‪،‬وكلمة "العولمة " نسبة إلى العَالم ‪-‬بفتح العين‪ -‬أي الكون‪ ،‬وليس إلى العِلم ‪-‬بكسر‬
‫العين‪ -‬والعالم جمع ل مفرد له كالجيش والنفر‪ ،‬وهو مشتق من العلمة على ما قيل‪ ،‬وقيل‪ :‬مشتق من العِلم‪ ،‬وذلك على تفصيل مذكور‬
‫في كتب اللغة‪ .‬فالعولمة كالرباعي في الشكل فهو يشبه (دحرجة) المصدر‪ ،‬لكن (دحرجة) رباعي منقول‪ ،‬أمّا (عولمة ) فرباعي مخترع‬
‫إن صح التعبير وهذه الكلمة بهذه الصيغة الصرفية لم ترد في كلم العرب‪،‬والحاجة المعاصرة قد تفرض استعمالها‪ ،‬وهي تدل على‬
‫تحويل الشيء إلى وضعية أخرى ومعناها ‪ :‬وضع الشيء على مستوى العالم وأصبحت الكلمة دارجة على ألسنة الكتاب والمفكرين في‬
‫أنحاء الوطن العربي ‪ ) 5 ( .‬ويرى الدكتور أحمد صدقي الدجاني أن العولمة مشتقة من الفعل عولم على صيغة فوعل واستخدام هذا‬
‫ن العولمة تحتاج لمن يعممها على العالم‪) 6 ( .‬‬
‫الشتقاق يفيد أن الفعل يحتاج لوجود فاعل يفعل‪ ،‬أي أ ّ‬

‫وننّبه إلى أن ّمجمع اللغة العربية بالقاهرة قرّر إجازة استعمال العولمة بمعنى جعل الشيء عالمياً‪ ) 7 ( .‬والعولمة ترجمة لكلمة‬
‫‪ Mondialisation‬الفرنسية ‪ ،‬بمعنى جعل الشيء على مستوى عالمي‪ ،‬والكلمة الفرنسية المذكورة إنّما هي ترجمة“ ‪“ Globalisation‬‬
‫النجليزية التي ظهرت أولً في الوليات المتحدة المريكية‪ ،‬بمعنى تعميم الشيء وتوسيع دائرته ليشمل الكل‪ .‬فهي إذا مصطلح يعني‬
‫جعل العالم عالمًا واحدًا‪ ،‬موجهًا توجيهًا واحدًا في إطار حضارة واحدة ‪ ،‬ولذلك قد تسمى الكونية أو الكوكبة‪ ) 8 ( .‬ومن خلل المعنى‬
‫ن العولمة إذا صدرت من بلد أو جماعة فإنها تعني‪ :‬تعميم نمط من النماط التي تخص ذلك البلد أو تلك‬ ‫اللغوي يمكننا أن نقول بأ ّ‬
‫ن العولمة “ ‪“ Globalisation‬‬
‫الجماعة ‪ ،‬وجعله يشمل الجميع أي العالم كله ( ‪ . )9‬جاء في المعجم العالم الجديد ويبستر” ‪ “ WEBSTER‬أ ّ‬
‫هي ‪ :‬إكسابُ الشيء طابعَ العالمية‪،‬وبخاصة جعل نطاق الشيء‪ ،‬أو تطبيقه‪،‬عالمياً‪) 10 ( .‬‬

‫العولمة إذاً من حيث اللغة كلمة غريبة على اللغة العربية ويقصد منها عند الستعمال‪ -‬اليوم‪ -‬تعميم الشيء وتوسيع دائرته ليشمل‬
‫العالم كله‪.‬‬

‫ومن الجدير بالذكر أن تعبير " العولمة " في التداول السياسي قد طرح من قبل كتاب أمريكان في السبعينات وبالتحديد من كتاب "ماك‬
‫لولهان وكينتين فيور‪":‬حول "الحرب والسلم في القرية الكونية"‪ ،‬وكتاب "بريجسكي ‪" :‬بين عصرين‪ -‬دور أمريكا في العصر‬
‫اللكتروني" ( ‪) 11‬‬

‫اصطلحاً‪ :‬إن كلمة العولمة جديدة‪ ،‬وهي مصطلح حديث لم يدخل بعد في القواميس السياسية والقتصادية ‪ .‬وفي الواقع يعبر مصطلح‬
‫العولمة عن تطورين هامين هما ‪:‬‬

‫‪ -1‬التحديث ( ‪. ) Modernity‬‬

‫‪ -2‬العتماد المتبادل( ‪. ) Inter-dependence‬‬

‫ويرتكز مفهوم العولمة على التقدم الهائل في التكنولوجيا والمعلوماتية ‪ ،‬بالضافة إلى الروابط المتزايدة على كافة الصعدة على‬
‫الساحة الدولية المعاصرة ‪.‬‬

‫لقد ظهرت العولمة أولً كمصطلح في مجال التجارة والمال والقتصاد‪ ،‬ثم أخذ يجري الحديث عنها بوصفها نظام ًا أو نسقاُ أو حالة ذات‬
‫أبعاد متعددة‪ ،‬تتجاوز دائرة القتصـاد‪ ،‬فتشـمل إلى جانب ذلك المبادلت والتصال والسياسة والفكر والتربية والجتماع واليديولوجيا ‪.‬‬
‫( ‪)12‬‬

‫وقد أطلق على العولمة بعض الكتاب والمفكرين "النظام العالمي الجديد"‪ -New World Order -‬وهذا المصطلح استخدمه الرئيس المريكي‬
‫جورج بوش‪-‬الب‪ -‬في خطاب وجهه للمة المريكية بمناسبة إرساله القوات المريكية إلى الخليج (بعد أسبوع واحد من نشوب الزمة‬
‫في أغسطس ‪1990‬م ) وفي معرض حديثه عن هذا القرار‪ ,‬تحدّث عن فكرة ‪:‬عصر جديد ‪ ،‬وحقبة للحرية ‪ ،‬وزمن للسلم لكل‬
‫الشعوب‪ .‬وبعد ذلك بأقل من شهر أشار إلى إقامة (نظام عالمي جديد) يكون متحررًا من الرهاب ‪ ,‬واكثر أمنا في طلب السلم‪ ,‬عصر‬
‫تستطيع فيه كل أمم العالم أن تنعم بالرخاء وتعيش في تناغم ‪)13 ( .‬‬

‫وربّما يوحي هذا الطلق‪ -‬النظام العالمي الجديد‪ -‬بأن اللفظة ذات مضامين سياسية بحتة‪ ،‬ولكن في الحقيقة تشمل مضامين سياسية‬
‫واقتصادية وثقافية واجتماعية وتربوية‪ )14 ( ،‬بمعنى آخر تشمل مضامين تتعلق بكل جوانب الحياة النسانية‪.‬‬

‫ولقد فرضت العولمة نفسها على الحياة المعاصرة‪ ،‬على العديد من المستويات‪ ،‬سياسي ًا واقتصادياً‪ ،‬فكرياً وعلمياً‪ ،‬ثقافياً وإعلمياً‪،‬‬
‫تربوياً وتعليمياً‪ )15 ( .‬يقول الرئيس المريكي السابق كلينتون‪" :‬ليست العولمة مجرد قضية اقتصادية بل يجب النظر إلى أهمية مسائل‬
‫البيئة والتربية والصحة"‪) 16 ( .‬‬

‫والنظام العالمي الجديد هو في حقيقة أمره وطبيعة أهدافه‪ ،‬نظامٌ صاغته قُوى الهيمنة والسيطرة لحداث نمط سياسي واقتصادي‬
‫واجتماعي وثقافي وإعلمي واحد وفرضه على المجتمعات النسانية كافة‪ ،‬وإلزام الحكومات بالتقيّد به وتطبيقه ‪) 17 ( .‬‬
‫ولقد كثرت التعاريف التي توضح معنى العولمة‪ ،‬نذكر هنا بعضاً منها‪ ،‬ثم اذكر التعريف الذي أرى أنّه يعبر عن المعنى الحقيقي لظاهرة‬
‫العولمة‪.‬‬

‫ومن هذه التعريفات‪-:‬‬

‫* يقول جيمس روزانو أحد علماء السياسة المريكيين عن العولـمة‪" :‬إنّها العلقة بين مستويات متعددة لتحليل القتصاد والسياسة‬
‫والثقافة واليديولوجيا‪ ،‬وتشمل‪ :‬إعادة النتاج‪ ،‬وتداخل الصناعات عبر الحدود وانتشار أسواق التمويل‪ ،‬وتماثل السلع المستهلكة‬
‫لمختلف الدول نتيجة الصراع بين المجموعات المهاجرة والمجموعات المقيمة "‪)18 ( .‬‬
‫* الكاتب المريكي الشهير ـ وليم جريدرـ في كتابه الصادر عام ‪1977‬م بعنوان( عالم واحد‪..‬مستعدون أم ل)‪ ,‬وصف العولمة "بأنها‬
‫آلة عجيبة نتجت عن الثورة الصناعية والتجارية العالمية‪ ,‬وأنّها قادرة علي الحصاد وعلي التدمير‪ ,‬وأنّها تنطلق متجاهلة الحدود‬
‫الدولية المعروفة‪ ,‬وبقدر ما هي منعشة‪ ،‬فهي مخيفة‪ .‬فل يوجد من يمسك بدفة قيادتها‪ ،‬ومن ثمّ ل يمكن التحكم في سرعتها ول في‬
‫اتجاهاتها "‪.‬‬

‫* " نظام عالمي جديد يقوم على العقل اللكتروني‪ ،‬والثورة المعلوماتية القائمة على المعلومات والبداع التقني غير المحدود‪ ،‬دون‬
‫اعتبار للنظمة والحضارات والثقافات والقيم‪ ،‬والحدود الجغرافية والسياسية القائمة في العالم" ( ‪. )19‬‬

‫* "إنها حرية حركة السلع والخدمات واليدي العاملة ورأس المال والمعلومات عبر الحدود الوطنية والقليمية" ( ‪. ) 20‬‬

‫*ويعرفها الدكتور مصطفى محمود فيقول‪ " :‬العولـمة مصطلح بدأ لينتهي بتفريغ الوطن من وطنيته وقوميته وانتمائه الديني‬
‫ل خادم للقوى الكبرى"‪)21 ( .‬‬‫والجتماعي والسياسي‪ ،‬بحيث ل يبقى منه إ ّ‬

‫* العولمة هي‪ " :‬العملية التي يتم بمقتضاها إلغاء الحواجز بين الدول والشعوب‪ ،‬والتي تنتقل فيها المجتمعات من حالة الفرقة‬
‫والتجزئة إلى حالة القتراب والتوحد‪ ،‬ومن حالة الصراع إلى حالة التوافق‪ ،‬ومن حالة التباين والتمايز إلى حالة التجانس والتماثل‪،‬‬
‫وهنا يتشكل وعي عالمي وقيم موحدة تقوم على مواثيق إنسانية عامة" ( ‪. ) 22‬‬

‫والمواثيق النسانية الواردة في هذا التعريف هي المواثيق التي يصنعها الغرب الكافر وأساسها نظرة علمانية مادية للوجود لتحقيق‬
‫مصالحه الخاصة‪ ،‬ثم تصدر للعالم على أنها مواثيق إنسانية لصالح البشرية‪ ،‬ول بأس أن تصدر بها القرارات الدولية من هيئة المم‬
‫المتحدة باعتبارها مؤسسة حامية للحقوق النسانية‪.‬‬

‫* "هي تعاظم شيوع نمط الحياة الستهلكي الغربي‪ ،‬وتعاظم آليات فرضه سياسياً واقتصادياً وإعلمياً وعسكرياً‪ ،‬بعد التداعيات‬
‫العالمية التي نجمت عن انهيار التحاد السوفيتي وسقوط المعسكر الشرقي" أو هي "محاولة لفرض الفلسفة البراجماتية النفعية‬
‫المادية العلمانية‪ ،‬وما يتصل بها من قيم وقوانين ومبادئ وتصورات على سكان العالم أجمع"‪)23 (.‬‬

‫هي" العمل على تعميم نمط حضاري يخص بلداً بعينه هو الوليات المتحدة المريكية بالذات على بلدان العالم أجمع" وهي أيضاً‬
‫أيديولوجياً تعبر بصورة مباشرة عن إرادة الهيمنة على العالم وأمركته"‪ ) 24 ( .‬أي محاولة الوليات المتحدة إعادة تشكيل العالم وفق‬
‫مصالحها القتصادية والسياسية‪ ،‬ويتركز أساسا على عمليتي تحليل وتركيب للكيانات السياسية العالمية‪ ،‬وإعادة صياغتها سياسيا‬
‫واقتصاديا وثقافيا وبشريا‪ ،‬وبالطريقة التي تستجيب للمصالح الستراتيجية للوليات المتحدة المريكية‪.‬‬

‫* العولمة ‪ :‬منظومةً من المبادئ السياسية والقتصادية‪ ،‬ومن المفاهيم الجتماعية والثقافية‪ ،‬ومن النظمة العلمية والمعلوماتية‪،‬‬
‫ومن أنماط السلوك ومناهج الحياة‪ ،‬يُراد بها إكراه العالم كلّه على الندماج فيها‪ ،‬وتبنّيها‪ ،‬والعمل بها‪ ،‬والعيش في إطارها‪) 25 ( .‬‬

‫وبعد دراسة متأنية لظاهرة العولمة وأهدافها ووسائلها وتأثيراتها في واقع المجتمعات والشعوب يمكن أن تعرف العولمة بما يلي‪-:‬‬

‫" العولمة هي الحالة التي تتم فيها عملية تغيير النماط والنظم القتصادية والثقافية والجتماعية ومجموعة القيم والعادات السائدة‬
‫وإزالة الفوارق الدينية والقومية والوطنية في إطار تدويل النظام الرأسمالي الحديث وفق الرؤية المريكية المهيمنة‪ ،‬والتي تزعم أنها‬
‫سيدة الكون وحامية النظام العالمي الجديد "‪.‬‬

‫والشيء الذي لبد من الوقوف عنده كثيراً هو أنّ العولمة كظاهرة اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية ترتبط أساسا بالمفهوم‬
‫القتصادي الرأسمالي‪ -‬وفق الرؤية المريكية‪ -‬في مراحله المتطورة‪،‬إن لم يكن في أعلى حالت تطوره‪ ،‬أو لنقل سيطرته على القتصاد‬
‫العالمي وبالتالي السيطرة على كافة أشكال ومظاهر التطور النساني‪.‬‬
‫نشأتها ‪- :‬‬

‫اختلف الباحثون في التأريخ لنشأة العولمة على قولين‪-:‬‬

‫الول ‪ :‬يرى هؤلء الباحثون أن ظاهرة العولمة قديمة‪ ،‬عمرها خمسة قرون‪ ،‬أي ترجع إلى القرن الخامس عشر‪ -‬زمن النهضة‬
‫الوربية الحديثة‪ .-‬حيث التقدم العلمي في مجال التصال والتجارة‪ ،‬ويدل على ذلك ‪ :‬أن العناصر الساسية في فكرة العولمة وهي‪:‬‬
‫ازدياد العلقات المتبادلة بين المم‪ ،‬سواء المتمثلة في تبادل السلع والخدمات‪ ،‬أو في انتقال رؤوس الموال‪ ،‬أو في انتشار المعلومات‬
‫والفكار‪،‬أو في تأثر أمة بقيم وعادات غيرها من المم يعرفها العالم من ذلك التاريخ ‪.‬‬

‫ولكن يقال ‪ :‬ثمّة أمور مهمة جديدة طرأت على ظاهرة العولمة في السنوات الثلثين الخيرة منها ‪:‬‬
‫‪ -‬اكتساح تيار العولمة مناطق مهمة في العالم كانت معزولة‪ ،‬ومن هذه المناطق الدول الوربية الشرقية والصين‪.‬‬

‫‪ -‬الزيادة الكبيرة في تنوع السلع والخدمات التي يجري تبادلها بين المم والشعوب‪ ،‬وتنوع مجالت الستثمار التي تتجه إليها رؤوس‬
‫الموال‪.‬‬

‫‪ -‬سيطرة تبادل المعلومات والفكار على العلقات الدولية‪.‬‬

‫‪ -‬ارتفاع نسبة السكان ‪-‬في دخل كل دولة‪ -‬التي تتفاعل مع العالم الخارجي‪.‬‬

‫‪ -‬النشاط المتزايد والفعال للشركات المتعددة الجنسيات في مجال تبادل السلع وانتقال رأس المال والمعلومات والفكار‪ ،‬واتخاذها العالم‬
‫كله مسرحاً لعملياتها في النتاج والتسويق‪،‬وما تبع ذلك من هدم الحواجز الجمركية وإلغاء نظام التخطيط وإعادة توزيع الدخل‪ ،‬والنظر‬
‫في دعم السـلع والخدمات الضرورية للسكان‪ ،‬وتخفيض النفاق على الجيوش والجانب العسكري‪) 26 ( .‬‬

‫ن العولمة ظاهرة جديدة‪ ،‬فما هي إل امتداد للنظام الرأسمالي الغربي بل هي المرحلة الخيرة من تطور النظام‬ ‫الثاني ‪ :‬يرى فريق آخر أ ً‬
‫الرأسمالي العلماني المادي النفعي‪ ،‬وقد برزت في المنتصف الثاني من القرن العشرين نتيجة أحداث سياسية واقتصادية معينة منها‪:‬‬
‫انتهاء الحرب الباردة بين التحاد السوفيتي والوليات المتحدة المريكية عام ‪1961‬م ثم سقوط التحاد السوفيتي سياسياً واقتصادياً‬
‫عام ‪1991‬م‪ ،‬وما أعقبه من انفراد الوليات المتحدة المريكية بالتربع على عرش الصدارة في العالم المعاصر وانفرادها بقيادته‬
‫السياسية والقتصادية والعسكرية ومنها ‪ :‬بروز القوة القتصادية الفاعلة من قبل المجموعات المالية والصناعية الحرة عبرة شركات‬
‫ومؤسسات اقتصادية متعددة الجنسيات مدعومة بصورة قوية وملحوظة من دولها‪) 27 ( .‬‬

‫يرى توماس فيردمان الصحافي اليهودي المريكي الذي يكتب في ( نيويورك تايمز ) ‪" :‬إن العولمة الحالية هي مجرد جولة جديدة بعد‬
‫الجولة الولى التي بدأت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر بحكم التوسع الهائل في الرحلت البحرية باستخدام طاقة البخار‬
‫والتي أدت إلى اتساع حجم التجارة الدولية بشكل لم يسبق له مثيل" ( ‪ . ) 28‬ويرجع صاحبا كتاب فخ العولـمة البداية الحقيقية للعولمة‬
‫إلى عام ‪1995‬م‪ ،‬حيث وجّه الرئيس السوفيتي السابق غوربا تشوف الدعوة إلى خمسمائة من قادة العالم في مجال السياسة والمال‬
‫والقتصاد في فندق فيرمونت المشهور في سان فرانسيسكو لكي يبنوا معالم الطريق إلى القرن الحادي والعشرين‪ .‬وقد اشترك في هذا‬
‫المؤتمر المغلق أقطاب العولـمة في عالم الحاسوب والمال وكذلك كهنة القتصاد الكبار‪ ،‬وأساتذة القتصاد في جامعات ستانفورد‪،‬‬
‫وهارفرد وأكسفورد‪ .‬واشترك فيها من السياسيين‪ ،‬الرئيس الميركي جورج بوش الب‪ ،‬ووزير خارجيته شولتز‪ ،‬ورئيسة الوزراء‬
‫البريطانية مارجريت تاتشر‪ ،‬ورئيس وزراء مقاطعة سكسونيا وغيرهم‪) 29 ( .‬‬

‫ن معظم الكتاب يجمعون على أن هناك أربعة عناصر أساسية يعتقدون أنها أدت إلى بروز تيار العولمة‪ ،‬وهي‪-:‬‬
‫"إ ّ‬

‫‪ )1‬تحرير التجارة الدولية‪:‬ويقصدون به تكامل القتصاديات المتقدمة والنامية في سوق عالمية واحدة‪ ،‬مفتوحة لكافة القوى‬
‫القتصادية في العالم وخاضعة لمبدأ التنافس الحر ‪.‬‬

‫‪ )2‬تدفق الستثمارات الجنبية المباشرة‪ :‬حدثت تطورات هامة خلل السنوات الخيرة تمثلت في ظهور أدوات ومنتجات مالية مستحدثة‬
‫ومتعددة ‪ ،‬إضافة إلى أنظمة الحاسب اللي ووسائل التصال والتي كفلت سرعة انتشار هذه المنتجات‪،‬وتحوّلت أنشطة البنوك التقليدية‬
‫إلى بنوك شاملة‪ ،‬تعتمد إلى حد كبير على إيراداتها من العمولت المكتسبة من الصفقات الستثمارية من خارج موازنتها العمومية‬
‫ويرجع ذلك إلى سببين رئيسيين هما‪-:‬‬

‫* تحرير أسواق النقد العالمية من القيود ‪.‬‬

‫* الثورة العالمية في التصالت الناجمة عن الوسائل والدوات التكنولوجية الجديدة‪.‬‬

‫‪ )3‬الثورة المعرفية‪:‬وتتمثًل في التقدم العلمي والتكنولوجي‪،‬وهو ميزة بارزة للعصر الراهن‪،‬وهذا التقدم العلمي جعل العالم أكثر‬
‫اندماجاً‪ ،‬كما سهّل حركة الموال والسلع والخدمات‪ ،‬وإلى حد ما حركة الفراد‪ ،‬ومن ثمّ برزت ظاهرة العولمة‪ ،‬والجدير بالذكر أنّ‬
‫صناعة تقنية المعلومات تترّكز في عدد محدود ‪ ،‬ومن الدول المتقدمة أو الصناعية دون غيرها‪.‬‬

‫‪ )4‬تعاظم دور الشركات متعددة الجنسيات‪ :‬هذا العصر بأنّه عصر العولمة فمن الصح وصفه بأنه عصر الشركات متعددة الجنسيات‬
‫باعتبارها العامل الهم لهذه العولمة‪.‬ويرجع تأثير هذه الشركات كقوة كبرى مؤثرة وراء التحولت في النشاط القتصادي العالمي إلى‬
‫السباب التالية ‪-:‬‬

‫أ‪ -‬تحكّم هذه الشركات في نشاط اقتصادي في أكثر من قطر وإشاعتها ثقافة استهلكية موحدة‪.‬‬

‫ب‪ -‬قدرتها على استغلل الفوارق بين الدول في هبات الموارد‪.‬‬


‫( ‪) 30‬‬ ‫ج‪ -‬مرونتها الجغرافية"‪.‬‬

‫أقول ‪:‬وإن كانت هـذه العولمة تسـتهدف هيمنة دولة واحدة‪-‬وهي الوليات المتحدة المريكية‪-‬على دول العالم أجمع فإن هذه الصورة‬
‫من العولمة لم تكن لتظهر فجأة دون بدايات أو مقدمات مهدت لها بصورة فاعلة ومخطط لها من القوى الرأسمالية ذات النزعة‬
‫الستعمارية‪ .‬ومن ذلك إنشاء منظمة المم المتحدة‪،‬وما تبعها من مؤسسات مالية دولية‪ :‬البنك الدولي للنشاء والتعمير‪ ،‬وصندوق‬
‫النقد الدولي‪،‬ثمّ اتفاقية "الجات" (التفاقية العامة على الرسوم الجمركية والتجارة) التي تعود في تاريخها إلى سنة ‪1947‬م حيث‬
‫اجتمعت ثلث وعشرون دولة صناعية في جنيف للنظر في تحرير التجارة وفتح البواب بين هذه الدول ‪ ،‬وبدأت سريان هذه التفاقية‬
‫منذ أول يناير ‪1948‬م‪ ،‬وبلغ عدد الدول الموقعة عليها سنة ‪1993‬م مائة وسبع عشرة دولة‪.‬‬

‫ث ّم معاهدة "ماستريخت" التي ضمت خمسة عشر بلداً صناعياً وظهور المناطق التجارية الحرة‪ ،‬والتحادات الجمركية‪ ،‬ثم الحداث‬
‫السياسية التي تتمثل بانتهاء الحرب الباردة‪ ،‬ثم قيام الرئيس السوفيتي السبق‪-‬ميخائيل غورباتشوف‪-‬وبدعم أمريكي ملحوظ‪-‬عام‬
‫‪1985‬م بالعلن عن إصلح النظام القتصادي الشيوعي الذي سمي وقتها "البيروستويكا" وقد كان هذا العلن بمثابة العلن عن‬
‫سقوط الشيوعية وانهيار التحاد السوفيتي سياسياً واقتصادياً‪،‬وما تله من سقوط حائط برلين عام ‪1989‬م‪،‬واتحاد اللمانيتين‪،‬ثم حرب‬
‫الخليج الثانية عام ‪1991‬وما أسفرت عنه من تثبيت القواعد المريكية العسكرية في منطقة الخليج العربي‪ .‬كل هذه الحداث ساهمت‬
‫إلى حد بعيد في تربع الوليات المتحدة المريكية على عرش النفوذ العالمي‪ ،‬وبالتالي برز مصطلح "النظام العالمي الجديد" و"الحادية‬
‫القطبية والعولمة"‪.‬‬

‫وظهر أوّل نظام تجاري دولي ملزم للقطار المنضوية تحت لوائه في شهر نيسان سنة ‪1995‬م‪ ،‬حيث أعلن عن إنشاء المنظمة‬
‫العالمية للتجارة (‪ )w.t.o‬بمدينة مراكش المغربية‪ ،‬وهي امتداد لتفاقية الجات‪ .‬وهذه المنظمة تمثل أحد أركان النظام القتصادي العالمي‬
‫الجديد‪،‬وتختص بأعمال إدارة ومراقبة وتصحيح أداء العلقات التجارية‪،‬وستكون عامل مساعد للبنك الدولي وصندوق النقد الدولي‬
‫لتنفيذ وإقرار النظام القتصادي العالمي الجديد‪ .‬وأخيرًا تم دعم صرح العولمة بالتوقيع‪ -‬في شباط عام ‪1997‬م بمدينة جنيف‬
‫بسويسرا‪-‬على أول اتفاق دولي يتعلق بتحرير المبادلت الخدماتية المتطورة‪،‬وخاصة فيما عرف "بالتكنولوجيا المعلوماتية" أو ثورة‬
‫التصالت‪) 31 ( .‬‬

‫وممّا ساعد على سرعة انتشار ظاهرة العولمة انضمام كثير من دول شرق أوربا إلى الحلف الطلسي‪ ،‬وانفتاح دول أخرى على الحلف‬
‫نفسه‪،‬وانضمام كثير من الدول العربية إلى المنظمة العالمية للتجارة‪- ) 32 ( ،‬وبقية الدول تتفاوض للنضمام‪ -‬ثم المؤتمرات القتصادية‬
‫المتلحقة التي تنظر لهذه العولمة كأمر حتمي ل مفر منه‪ ،‬وإظهار مزاياها القتصادية والتنموية ومن أشهرها "منتدى دافوس‬
‫القتصادي" ثم المشروعات القتصادية السرائيلية التي تستهدف عولمة الشرق الوسط لصالح المشروع الصهيوني الذي يتمثل في‬
‫دولة إسرائيل الكبرى‪ ،‬التي تسعى لتحقيقه اقتصادياً وثقافياً عبر بوابات اتفاقيات السلم التي تعقدها منفردة مع الدول العربية‪،‬‬
‫والتفاقيات القتصادية الثنائية مع دول المنطقة وعبر بوابات التطبيع‪ ،‬التي تهيأ لها بكل قوة الوليات المتحدة المريكية وحلفاؤها في‬
‫المنطقة العربية‪ ،‬وقد أضفى ذلك كله بعداً استراتيجياً جديداً على دعم الدور المريكي ‪-‬ومن ورائه القوى الصهيونية المتحكمة في‬
‫السياسة والقيادة المريكية‪ -‬لقيادة النظام العالمي الجديد‪.‬‬

‫"ومؤخراً‪ ،‬ساهمت ثلثة عوامل في الهتمام بمفهوم العولمة في الفكر والنظرية‪،‬وفي الخطاب السياسي الدولي‪-:‬‬

‫‪ -1‬عولمة رأس المال أي تزايد الترابط والتصال بين السواق المختلفة حتى وصلت إلى حالة أقرب إلى السوق العالمي الكبير ‪،‬‬
‫خاصة مع نمو البورصات العالمية‪.‬‬

‫‪ -2‬التطور الهائل في تكنولوجيا التصال والنتقال والذي قلّل‪ -‬إلى حد كبير‪ -‬من أثر المسافة‪ ،‬وانتشار أدوات جديدة للتواصل بين أعداد‬
‫أكبر من النّاس كما في شبكة النترنت‪.‬‬

‫‪ -3‬عولمة الثقافة وتزايد الصلت غير الحكومية والتنسيق بين المصالح المختلفة للفراد والجماعات‪ ،‬فيما يسمى الشبكات الدولية‬
‫‪ Networking‬حيث برز التعاون استنادًا للمصالح المشتركة بين الجماعات عبر القومية مما أفرز تحالفات بين القوى الجتماعية على‬
‫المستوى الدولي‪ ،‬خاصة في المجالت النافعة مثل ‪ :‬الحفاظ على البيئة‪ ،‬أو في المجالت غير القانونية كتنظيف الموال والمافيا الدولية‬
‫للسلح"‪) 33 ( .‬‬

‫* ممّا سبق يتضح أنّ العولمة تتكون من العناصر الرئيسية التالية ‪-:‬‬

‫‪ -1‬تعميم الرأسمالية‪ :‬إن تغلّب الرأسمالية على الشيوعية جعلها تعمم مبادئها على كل المجتمعات الخرى‪ ،‬فأصبحت قيم السوق‪،‬‬
‫والتجارة الحرة‪ ،‬والنفتاح القتصادي‪ ،‬والتبادل التجاري‪ ،‬وانتقال السلع ورؤوس الموال‪ ،‬وتقنيات النتاج والشخاص‪ ،‬والمعلومات‪،‬‬
‫هي القيم الرائجة‪ ،‬وتقود ذلك أمريكا وتفرضها عن طريق المؤسسات العالمية التابعة للمم المتحدة‪ ،‬وخاصة مؤسسة البنك الدولي ‪،‬‬
‫ومؤسسة النقد الدولي‪ ،‬وعن طريق التفاقات العالمية التي تقرها تلك المؤسسات كاتفاقية الجات والمنظمة العالمية للتجارة وغيرها ‪.‬‬
‫‪ -2‬القطب الواحد‪ :‬تفردت أمريكا بقيادة العالم بعد سقوط التحاد السوفييتي‪ ،‬وتفكيك منظومته الدولية المسمى (حلف وارسو) ‪ ،‬إنه لم‬
‫تبلغ دولة عظمى في التاريخ قوّة أمريكا العسكرية والقتصادية‪ ،‬مما يجعل هذا التفرد خطيراً على الخرين في كل المجالت‬
‫القتصادية‪ ،‬والسياسية‪ ،‬والثقافية‪ ،‬والجتماعية‪.‬‬

‫‪ -3‬ثورة التقنيات والمعلومات‪ :‬مرّت البشرية بعدّة ثورات علمية منها ثورة البخار والكهرباء والذرّة‪ ،‬وكان آخرها الثورة العلمية‬
‫والتكنولوجية وخاصة في مجال التطورات السريعة والمدهشة في عالم الحاسوب اللي (الكمبيوتر)‪ ،‬وتوصل الحاسوب اللي الحالي‬
‫إلى إجراء أكثر من مليارين عملية مختلفة في الثانية الواحدة‪ ،‬وهو المر الذي كان يستغرق ألف عام لجرائه في السابق‪ ،‬أما المجال‬
‫الخر من هذه الثورة فهو التطورات المثيرة في تكنولوجيا المعلومات والتصالت‪ ،‬والتي تتيح للفراد والدول والمجتمعات للرتباط‬
‫بعدد ل يحصى من الوسائل التي تتراوح بين الكبلت الضوئية‪،‬والفاكسات ومحطات الذاعة‪ ،‬والقنوات التلفزيونية الرضية والفضائية‪،‬‬
‫التي تبث برامجها المختلفة عبر حوالي ‪ 2000‬مركبة فضائية‪،‬بالضافة إلى أجهزة الكمبيوتر‪،‬والبريد اللكتروني‪،‬وشبكة المعلومات‬
‫الدولية‪،‬التي تربط العالم بتكاليف أقل‪،‬وبوضوح أكثر على مدار الساعة‪ ،‬لقد تحولت تكنولوجيا المعلومات إلى أهم مصدر من مصادر‬
‫الثروة‪،‬أو قوة من القوى الجتماعية والسياسية والثقافية الكاسحة في عالم اليوم‪)34 ( .‬‬
‫بين العولمة وعالمية السلم‬

‫ن السلم دين يتميز بالعالمية‪ .‬والعالمية تعني‪:‬عالمية الهدف والغاية والوسيلة‪ ،‬ويرتكز الخطاب القرآني على توجيه رسالة عالمية‬ ‫إّ‬
‫ك ِإلّ كَافّ ًة لِلنّاسِ بَشِيراً َو َنذِيرًا َولَكِنّ‬‫سلْنَا َ‬
‫حمَةً ِل ْلعَالَمِينَ) النبياء ‪ 107‬وقال تعالى‪( :‬وَمَا أَرْ َ‬ ‫ك ِإلّ رَ ْ‬‫سلْنَا َ‬
‫للناس جميعًا‪ ،‬قال تعالى‪( :‬وَمَا أَرْ َ‬
‫س ل َي ْعلَمُونَ)سـبأ‪ ،28:‬ووصف الخالق عز وجل نفسه بأنه "رب العالمين" وذكر ال تعالى الرسول صلى ال عليه وسلم‬ ‫َأكْثَرَ النّا ِ‬
‫خلَ َق ُكمْ وَاّلذِينَ مِنْ قَ ْب ِل ُكمْ َل َعّل ُكمْ َتتّقُونَ) البقرة‪َ ( ،21:‬و َكذَلِكَ‬
‫ع ُبدُوا رَ ّب ُك ُم اّلذِي َ‬
‫سا ْ‬ ‫مقترنًا بالناس والبشر جميعاً قال تعالى‪( :‬يَا َأ ّيهَا النّا ُ‬
‫ق مِنْ‬ ‫شهِيداً) البقرة‪( ،143:‬يَا أَ ّيهَا النّاسُ َقدْ جَا َء ُكمُ الرّسُولُ بِالْحَ ّ‬ ‫علَ ْي ُكمْ َ‬ ‫س وَ َيكُونَ الرّسُولُ َ‬ ‫علَى النّا ِ‬ ‫ش َهدَاءَ َ‬ ‫ج َعلْنَا ُكمْ ُأمّةً وَسَط ًا لِ َتكُونُوا ُ‬ ‫َ‬
‫س إِنّي رَسُولُ‬ ‫حكِيماً) النساء‪ُ ( ،170:‬قلْ يَا َأ ّيهَا النّا ُ‬ ‫علِيماً َ‬ ‫ض َوكَانَ الُّ َ‬ ‫ت وَالَْرْ ِ‬ ‫ن لِّ مَا فِي السّمَاوَا ِ‬ ‫خيْراً َل ُكمْ وَإِنْ َتكْفُرُوا َفإِ ّ‬
‫َر ّب ُكمْ فَآمِنُوا َ‬
‫لّ وَرَسُولِهِ النّ ِبيّ الُْ ّميّ اّلذِي ُيؤْمِنُ بِالِّ َو َكلِمَاتِهِ‬ ‫ت وَالَْرْضِ ل ِإلَهَ ِإ ّل ُهوَ ُيحْيِي َويُمِيتُ فَآ ِمنُوا بِا ِ‬ ‫الِّ ِإَل ْي ُكمْ جَمِيعاً اّلذِي لَ ُه ُملْكُ السّمَاوَا ِ‬
‫ن ) العراف‪.158:‬‬ ‫وَاتّ ِبعُوهُ َل َعّلكُمْ َتهْ َتدُو َ‬

‫ن حضارة‬ ‫إنً الحضارة السلمية قامت على القاسم المشترك بين حضارات العالم‪ ،‬فقبلت الخر‪ ،‬وتفاعلت معه أخذأً وعطاءً‪ ،‬بل إ ّ‬
‫السلم تعاملت مع الختلف بين البشر باعتباره من سنن الكون‪ ،‬لذلك دعا الخطاب القرآني إلى اعتبار الختلف في الجنس والدين‬
‫واللغة من عوامل التعارف بين البشر‪ .‬اتساقًا مع نفس المبادئ ‪ ،‬إنّ السلم يوحّد بين البشر جميعاً رجالً ونساءً‪ ،‬في قضايا محددة‪:‬‬
‫أصل الخلق والنشأة‪ ،‬والكرامة النسانية والحقوق النسانية العامة ‪ ،‬ووحدانية الله‪،‬وحرية الختيار وعدم الكراه ‪ ،‬ووحدة القيم‬
‫والمثل النسانية العليا ‪.‬‬

‫ومن هنا تظهر الختلفات جلية بين مفهوم عالمية السلم ومفهوم "العولمة" فبينما تقوم الولى على رد العالمية لعالمية الجنس‬
‫البشري والقيم المطلقة‪ ،‬وتحترم خصوصيته ‪ ،‬وتفرد الشعوب والثقافات المحلية‪ ،‬ترتكز الثانية‪:‬على عملية نفي أو استبعاد لثقافات‬
‫المم والشعوب ومحاولة فرض ثقافة واحدة لدول تمتلك القوة المادية وتهدف عبر العولمة لتحقيق مكاسب السوق ل منافع البشر‪( .‬‬
‫‪) 35‬‬

‫ن أبناء‬ ‫يؤكّد الدكتور محسن عبد الحميد‪ -‬أستاذ التربية بجامعة بغداد‪ -‬وجود فرق كبير بين المصطلحين (العالمية والعولمة) فيقول ‪ :‬إ ّ‬
‫هذا العالم بمختلف قبائله وشعوبه ولغاته وملله ونحله يعيشون على هذه الرض‪ ،‬ولذا فل بد أن يتفاهموا فيما بينهم‪ ،‬تمهيدًا للتعاون‬
‫الدائم على خير الجميع‪ ،‬ول مانع من أن يأخذ بعضهم من بعض‪ .‬ول يجوز أن يفرض وبالكراه بعضهم على بعض لغته أو دينه أو‬
‫مبادئه أو موازينه‪ .‬فالختلف في هذا الطار طبيعي جداً والتعاون ضروري أبداً‪ ،‬لمنع الصدام والحروب والعدوان ‪ .‬ويضيف ‪ :‬إنّ‬
‫تاريخ البشرية عامة وتاريخ السلم خاصة ‪ ،‬لم يرد فيه دليل على أنّ المسلمين خطوا للبشرية طريقًا واحدًا ‪ ،‬ووجهة واحدة وحكمًا‬
‫واحدًا ونظامًا واحدًا‪ ،‬وعالماً واحدًا بقيادة واحدة‪ ،‬ليس بالجبار والكراه‪.‬بل اعترفوا بواقع الديان واللغات والقوميات عاملوها معاملة‬
‫كريمة‪ ،‬بل خداع ول سفه ول طعن من الخلف‪ ،‬ولذلك عاش في المجتمع السلمي من أهل الملل الخرى من اليهود والنصارى‬
‫والصابئة والمجوس‪ ،‬وغيرهم بأمان واطمئنان ‪ ،‬وأما المم التي كانت تعيش خارج العالم السلمي‪ ،‬فقد عقدت الدولة السلمية معها‬
‫س إِنّا‬‫مواثيق ومعاهدات في قضايا الحياة المتنوعة‪ .‬والتوجيه الساس في بناء العلقات الدولية في السلم قوله تعالى ‪ ( :‬يا أيها النّا ُ‬
‫لّ أَتْقَاكُم)ْ الحجرات‪ .11.:‬وأما العولمة التي هي الترجمة‬
‫شعُوبًا َوقَبَا ِئ َل لِ َتعَارَفُوا إِنّ َأكْرَ َم ُكمْ عِ ْندَ ا ِ‬
‫ج َعلْنَا ُكمْ ُ‬
‫ن َذكَرٍ وَأُنثَى وَ َ‬
‫خلَ ْقنَا ُكمْ مِ ْ‬
‫َ‬
‫العربية للكلمة النجليزية( ‪ ) GLOBALIZATION‬فهي مصطلح يعني جعل العالم عالمًا واحدًا‪ ،‬موجهًا توجيهًا واحدًا في إطار حضارة‬
‫واحدة‪ ،‬ولذلك قد تسمى الكونية أو الكوكبة‪) 36 ( .‬‬

‫وثمة فرق بين عالمية السلم والعولمة‪ ،‬فالسلم يقوم على العدل وإنصاف المظلوم‪ ،‬ويرفض العتداء‪ ،‬ويعترف بحق الخر في الدين‬
‫والرأي المخالف‪ ،‬أما العولمة فتقوم على الظلم‪ ،‬وتفتقد للعدل ‪ ،‬وتهدف لصالح الستكبار الغربي‪ ،‬وضد مصالح الشعوب الفقيرة‬
‫الخرى ‪ ،‬وفقا لسياسة التبعية التي تفسر العلقة بين الغرب المتقدم‪ ،‬وبين العالم الثالث المتأخر‪.‬‬
‫يقول أحد الكتاب الفرنسيين عن النظام الرأسمالي المريكي‪ :‬كلما ازداد هذا النظام الرأسمالي الجشع إمعانًا وانتشارًا بالعولمة‪ ،‬ازدادت‬
‫النتفاضات والحروب العرقية والقبلية والعنصرية والدينية للتفتيش عن الهوية القومية في المستقبل‪ .‬وكلما تَفَشت المعلوماتية‬
‫والجهزة التلفزيونية والسلكية واللسلكية‪ ،‬تكبّلت اليدي بقيود العبودية‪ ،‬وازدادت مظاهر الوحدة والنعزال والخوف والهلع دون‬
‫عائلة ول قبيلة ول وطن‪ .‬وكلما ازداد معدل الحياة سوف تزداد وسائل القتل‪ ،‬وكلما ازدادت وسائل الرفاهية سوف تزداد أكثر فأكثر‬
‫جرائم البربرية والعبودية ‪) 37 ( .‬‬

‫ن السلم يدعو إلى طلب العلم النافع الذي يفيد النسان‪ ،‬ويحقق والخير‪،‬ويحق الحق‪ ،‬وكلّ ما جاءت به المدنية الحديثة من علوم‬
‫ث ّم إ ّ‬
‫ومخترعات وابتكارات‪ ،‬مما فيها نفع للناس‪ ،‬ويحارب كل علم ضار فيه فساد النسان أو هلكه ‪ ،‬أو إشاعة الشر في حياته‪ ،‬بينما‬
‫العولمة بخلف ذلك‪ ،‬فرغم ما أنتجته من المخترعات والبتكارات إل أنها ابتدعت علوماً ضار ًة أو ابتكرت ابتكارات مخربة للخلق‬
‫والقيم‪ ،‬ومفسدة بل ومهلكة للنسان ‪.‬‬

‫وأيضاً فغزو المسلمين للعالم كان بدافع حضاري فريد‪ ،‬لقد كانوا ي ُعدّون أنفسهم أصحاب رسالة عالمية موجهة للناس كافة‪ ،‬كلّفوا هم‬
‫بتبليغها إليهم بالوسائل السّلميّة‪ ،‬والذين كانوا من المسلمين يهاجرون إلى البلد الخرى إنما هاجروا طلباً للرزق‪ ،‬وكانت مهمة‬
‫الشهادة على الناس وتبليغهم السلم ماثل ًة أمامهم ‪ ،‬فأثّروا في البلد التي هاجروا إليها تأثيراً كبيراً‪ ،‬ونقلوا إليها دينهم وأخلقهم‬
‫وقيمهم ولغتهم‪ ،‬ولم يتأثروا بهم إل في أمور ل تتعارض مع دينهم‪ ،‬بل قد يكون بعضها من مقتضيات الدعوة إليه ‪ ،‬أما غزو الغرب‬
‫للعالم فقد كان في أساسه لسباب استعمارية ولمصالح اقتصادية‪ ،‬وقائم على التعصب العنصري ‪ ،‬كان الغربيون أيضاً يرون أنّ لهم‬
‫رسالة أخرى وهي أن يجعلوا العالم نصراني ًا ‪ ،‬يكفر بالدين الحق الذي اختاره ال تعالى للبشرية ‪.‬‬

‫أهداف العولمة وآثارها ‪-‬‬

‫ن العولمة تبشر‬
‫لقد روّج دعاة العولمة في الغرب وعملؤهم في المنطقة العربية مجموعة من المقولت لصالح العولمة‪،‬ومن ذلك‪ :‬أ ّ‬
‫بالزدهار القتصادي والتنمية والرفاهية لكل المم والعيش الرغيد للناس كلهم‪ ،‬والنتعاش ‪ ،‬ونشر التقنية الحديثة‪ ،‬وتسهيل الحصول‬
‫على المعلومات والفكار عبر الستفادة من الثورة المعلوماتية الحديثة‪ ،‬وإيجاد فرص للنطلق للسواق الخارجية‪ ،‬وتدفق الستثمارات‬
‫الجنبية التي تتمتع بكفاءة عالية ‪ ،‬وبالتالي ينتعش القتصاد الوطني والقومي ‪.‬‬

‫ولكن سرعان ما اكتشف الباحثون والمفكرون أن تلك المقولت ما هي إل شعارات استهلكية جوفاء‪.‬يقول أ‪.‬د محمد حسن رسمي(‬
‫عميد كلية الحاسبات والمعلومات‪-‬جامعة القاهرة ) ‪" :‬إنّ العولمة طوفان كاسح لن يقف في طريقها رافض أن يتفهم فكرها وفلسفتها‬
‫وآلياتها‪ ،‬إذا كان يملك سدًا منيعاً يهزم ويلتها ويسخر لنفسه‪ ,‬ونظام العولمة في حد ذاته يدعم القوياء‪ ،‬ويطحن الضعفاء‪،‬ويضحك‬
‫الصحاب‪،‬ويبكي الضعفاء‪،‬بل يمكن صنّاعها من التحكم والسيطرة‪ ،‬وامتلك مقدرات ومستقبل المتفرجين المذهولين الصامتين‬
‫المنتظرين لمعجزات السماء"‪) 38 ( .‬‬

‫ولقد أدركت الدول الفقيرة والنامية أن طغيان العولمة واحتكارات الشركات الدولية إنما يزيدها فقرًا ‪ ،‬وخضوعاً للسياسات الرأسمالية‬
‫الغربية فأخذت تستنفر جهودها للدفاع عن حقوقها في مواجهة هذه العولمة ‪ ،‬فلقد حذّر مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا من العولمة‬
‫في المجال القتصادي ‪ ،‬وقال ‪" :‬إن منظمة التجارة العالمية تسمح للدول الغنية بابتلع الدول الفقيرة "‪) 39 ( .‬‬

‫ومن القوال التي تؤكد المخاطر الجدية للعولمة على مقدرات الحكومات والشعوب‪ ،‬ما جاء في كلمة للرئيس الفرنسي جاك شيراك‬
‫ن العولمة بحاجة إلى ضبط‪ ،‬لنّها تنتج شروخاً اجتماعيةً‬ ‫ألقاها بمناسبة اليوم الوطني الفرنسي ( ‪ 14‬يوليو ‪2000‬م ) ‪ ،‬حيث قال ‪" :‬إ ّ‬
‫كبيرةً وإن كانت عاملَ تق ّدمٍ فهي تثير أيضاً مخاطر جدّية ينبغي التفكير فيها جيداً ومن هذه المخاطر ثلثة‪ :‬أولها أنها تزيد ظاهرة‬
‫القصاء الِجتماعي وثانيها‪:‬أنها تنمي الجريمة العالمية‪،‬وثالثها‪:‬أنها تهدد أنظمتنا القتصادية"‪ ) 40 ( .‬وأيض ًا ما ذكره الكاتب المريكي‬
‫الشهير وليم جريدر في كتابه الصادر عام ‪1977‬م ‪" :‬عالم واحد مستعدون أم ل" ‪ - OneWorldReadyOrNo‬حيث ببّن صفات العولمة ‪،‬‬
‫وكشف خطورة آثارها ‪ ،‬فوصف العولمة ‪ ,‬بأنها آلة عجيبة نتجت عن الثورة الصناعية والتجارية العالمية ‪ ,‬وإنّها قادرة علي الحصاد‬
‫وعلي التدمير ‪ ,‬وإنها تنطلق متجاهلة الحدود الدولية المعروفة ‪ ,‬وبقدر ما هي منعشة فهي مخيفة‪ ،‬فل يوجد من يمسك بدفة قيادتها‪،‬‬
‫ومن ثم ل يمكن التحكم في سرعتها ول في اتجاهاتها‪ ،‬وهو يري إنّ تلك الثورة المادية التي حررت رأس المال وجعلت المادة تسبق‬
‫الفكر ‪ ،‬وتتخطي جمود السياسات ‪ ,‬كانت نتيجتها ظهور تحولت عظمي في العالم أجمع ‪ ,‬وبقدر ما بعثت وأنعشت الطموح والرغبة في‬
‫تكديس الثروات‪,‬خلفت وراءها عدم الستقرار وعدم المان وبقدر ما أتاحت من تكنولوجيات حديثة‪ ,‬فإنها بعثت البربرية من جديد ‪.‬‬

‫ن أول ما يستوقفنا هو ‪ :‬أنّ الذين يطرحونه ينظرون إلى التفاعل البشري على‬ ‫وعندما نعود إلى مفهوم العولمة كما يطرحه الغرب فإ ّ‬
‫أنّه تفاعل بين طرف ذكي قوي وطرف غبي ضعيف‪.‬طرف يمتلك‪ ،‬وطرف يجب أن يكون فاقدًا للتملك‪.‬وإذا نظرنا إلى آلية هذه العولمة‬
‫يبرز لنا على الفور مفهوم إلغاء الخر‪ .‬وليس بالضرورة أن يكون هذا اللغاء هو الفناء التام للوجود‪ .‬إنما تدل اللية الغربية على أن‬
‫العولمة هي الفرز الحقيقي بين سيد وعبد‪ ،‬بين منتج ومستهلك‪ ،‬بين من يصنع التكنولوجيا ويؤسس لتقدم علمي سريع وبين من يُراد‬
‫له أن ينسلخ عن ماضيه الحضاري تماماً‪،‬وعن عقيدته وينبهر بمعالم التقدم العلمي الغربي السريع ‪) 41 ( .‬‬

‫والهداف الحقيقية للعولمة يمكن تلخيصها فيما يلي‪-:‬‬

‫أولً‪ :‬الهداف والثار القتصادية‪:‬‬

‫ترتبط عملية العولمة بتدويل النظام القتصادي الرأسمالي‪ ،‬حيث تمّ توحيد الكثير من أسواق النتاج والستهلك‪ ،‬وتمّ التدخل المريكي‬
‫في الوضاع القتصادية للدول‪ ،‬وخاصة دول العالم الثالث‪ ،‬عبر المؤسسات المالية الدولية‪ :‬كصندوق النقد الدولي‪،‬والبنك الدولي‪،‬التي‬
‫تمارس الملءات القتصادية المغايرة لمصالح الشعوب‪ ،‬وبالتالي تحقق العولمة لصحابها عدة أهدف كبيرة في المجال القتصادي هي‬
‫‪-:‬‬

‫أولً‪ :‬السيطرة على رؤوس المال العربية‪ ،‬واستثماراتها في الغرب فالعالم العربي الذي تتفاقم ديونه بمقدار (‪ )50‬ألف دولر في‬
‫الدقيقة الواحدة هو نفسه الذي تبلغ حجم استثماراته في أوروبا وحدها (‪ )465‬مليار دولر عام ‪1995‬م ‪ ،‬بعد أن كانت (‪ )670‬ملياراً‬
‫عام ‪1986‬م فنتيجة عدم الستقرار السياسي والقتصادي والتبعية النفسية للغرب تصب هذه الموال هناك لتدار حسب المنظومة‬
‫الغربية ‪) 42 ( .‬‬

‫ثانياً‪ :‬الهيمنة المريكية على اقتصاديات العالم من خلل القضاء على سلطة وقوة الدولة الوطنية في المجال القتصادي‪ ،‬بحيث تصبح‬
‫الدولة تحت رحمة صندوق النقد الدولي‪ ،‬حين تستجدي منه المعونة والمساعدة عبر بوابة القروض ذات الشروط المجحفة‪،‬وخاضعة‬
‫لسيطرة الحتكارات والشركات المريكية الكبرى على اقتصاد الدول ( ‪ ،) 43‬ولعل تركيا والمكسيك وماليزيا من النماذج الواضحة للدول‬
‫التي عصف بها تيار العولمة لصالح المستثمرين المريكيين ( ‪ . ) 44‬يقول رئيس وزراء ماليزيا‪ :‬مهاتير محمد الذي عانت بلده من‬
‫ن العالم المعولم لن يكون أكثر عدلً ومساواة‪ .‬وإنما سيخضع للدول القوية المهيمنة ‪ .‬وكما أدى‬
‫آثار العولمة في السنوات الخيرة ‪" :‬إ ّ‬
‫انهيار الحرب الباردة إلى موت وتدمير كثير من الناس ‪ ،‬فإنّ العولمة يمكن أن تفعل الشيء نفسه‪ ،‬ربّما أكثر من ذلك في عالم معولم‬
‫سيصبح بإمكان الدول الغنية المهيمنة فرض إرادتها على الباقين الذين لن تكون حالهم أفضل مما كانت عليه عندما كانوا مستعمرين‬
‫من قبل أولئك الغنياء "‪)45 ( .‬‬

‫ن العولمة تجعل العالم كله قرية صغيرة تتحكم فيها الزعامة المريكية وبطانتها اليهودية بمصائر‬
‫ويقول الدكتور عماد الدّين خليل ‪ ":‬إ ّ‬
‫المم والدول والشعوب ‪ ،‬وتضع مقدراتها المالية والقتصادية ‪-‬في نهاية المر‪ -‬تحت قبضتها‪ ،‬تفعل بها ما تشاء من أجل تحقيق أهداف‬
‫نفعية (براغماتية) صرفة لصالح مراكز الهيمنة الغربية على حساب المم والدول والشعوب"‪) 46 ( .‬‬

‫ن الدول العربية ـ كإحدى المناطق المستهدفة بالعولمةـ بلغت ديونها الخارجية عام ‪1995‬م‪ )250( :‬مليار دولر ‪ ،‬وتتفاقم ديونها بما‬ ‫إّ‬
‫مقداره (‪ )50‬ألف دولر في الدقيقة الواحدة ‪ ،‬ول شك أنّه كلما ارتفعت وتيرة الديون كلما ترسّخت التبعية ووُجدت الذريعة للتدخل‪،‬‬
‫وبسبب هذه الديون ـالتي بدأت بتشجيع من الغرب عن طريق البنك الدولي وصندوق النقد الدولي اللذين يعملن على إغراق الدول‬
‫المستهدفة بالديون ـ أصبح اقتصاد معظم هذه الدول متخبطاً‪ ،‬يستطيع وبصعوبة بالغة ملحقة خدمة الديون وفوائدها المتراكمة‪ ،‬فهي‬
‫في الحقيقة وسيلة لبسط النفوذ على البلد تماماً كما كانت في الماضي‪ ) 47 ( .‬وللعلم فقد أكد التقرير القتصادي الصادر عن مجلس‬
‫ل ستخسر سنوي ًا ما بين ‪ 1.5‬إلى ‪ 2‬مليار دولر بانضمامها وتطبيقها لقرارات اتفاقية التعريفة‬‫الوحدة القتصادي العربي أن الجزائر مث ً‬
‫الجمركية "الجات"‪) 48 ( .‬‬

‫ثالثاً‪ :‬تحقيق مصالح المجموعات الغنيّة في الدول الغربية والقوى المتحالفة معها في الدول الخـرى علـى حسـاب شـعوب العالـم‪ ،‬وممّا‬
‫يدل على ذلك فشل تجربة "النمور السيوية"‪:‬ومنها إندونيسيا وماليـزيا‪،‬حيث لم تسـتطع تحقيـق المصالح القتصـادية المطلـوبـة‬
‫لشـعوبها‪ ،‬إذ عملت الشركات المتعددة الجنسيات على إحداث هذا الفشل‪ ،‬وقام أحد المستثمرين الجانب‪-‬أحد رموز العولمة‪ -‬الملياردير‬
‫"جورج سورش" باللعب في البورصة مما أدى إلى ضرب التجـارة التنمويـة وإحباطهـا ‪ ) 49 ( .‬ولقد أدلى جورج سوروش نفسه‬
‫بشهادة لذعة أمام الكونغرس الميركي فقال فيها‪:‬بدل من أن تتصرف أسواق المال مثل البندول فإنها تصرفت مثل كرة التهديم‬
‫ن استخلصنا الخير بأن أسواق المال سوف تواصل تقريب العالم بعضه إلى بعض‬ ‫المعدنية‪،‬وراحت تقوض دولة تلو الخرى‪ ،‬وعليه فإ ّ‬
‫هو استخلص مثير للجدل والخلف ‪) 50 ( .‬‬

‫ن هذه الشركات تعد الرض كلها سوقًا كبيرًا لها‪ ،‬بما فيها ومن فيها بحيث تتنافس في اقتسام هذه الراضي دون أي اعتبار لقيم أو‬ ‫إّ‬
‫أخلق ‪ ،‬وهي نادراً ما تدخل في شكل استثمارات مباشرة طويلة المد وإنما تدخل بما يعرف بالموال الطائرة ‪ ،‬في استثمارات قصيرة‬
‫الجل وسريعة الفوائد والتي تحقق لها عوائد هائلة ‪ ،‬دون أن يكون لذلك مردود على التنمية المحلية‪ .‬وإن حدث وقدمت استثمارات‬
‫مباشرة ‪ ،‬فإنّها قبل ذلك تأخذ ما يكفيها من التسهيلت والضمانات السياسية والقتصادية التي ل تحظى بها رؤوس الموال‬
‫المحلية‪،‬وهو ما يعرقل القتصاد المحلي‪،‬زيادة على ذلك‪ ،‬فإن معظم أنشطتها تقتصر على السلع الستهلكية ذات العائد السرع نتيجة‬
‫ن الشركات المتعددة الجنسيات أدى تطورها وتضخمها إلى تعميق‬ ‫للنمط الستهلكي السائد ‪ ) 51 ( .‬يقول الدكتور مجدي قرقر‪" :‬إ ّ‬
‫العولمة اقتصادياً‪ ،‬وتعدد أنشطتها في كل المجالت‪ :‬الستثمار والنتاج والنقل والتوزيع والمضاربة‪ ،‬ووصل المر إلى أنّها قد صارت‬
‫تؤثر في القرار السياسي والبعد الثقافي والمعرفي‪ ،‬وفي ظل العولمة استطاعت هذه الشركات الستفادة من فروق السعار‪ ،‬من نسبة‬
‫الضرائب‪ ،‬من مستوى الجور لتركيز النتاج في المكان الرخص وبعد ذلك ينقل النتاج إلى المكان الذي يكون فيه مستوى السعار‬
‫أعلى ويتم تسويقه هناك"‪) 52 ( .‬‬

‫في يوم ‪19/6/2000‬م عقد في القاهرة مؤتمر ض ّم الدول الخمسة عشر‪-‬أفريقية وآسيوية‪-‬من الدول النامية‪ -‬أكدّ المتحدثون فيه أنّ‬
‫القتصاد العالمي الجديد هو لصالح فئة قليلة تزيدها غنى فوق غناها‪ ،‬على حساب الدول الكثيرة الفقيرة‪ ،‬وهو يدفع الدول النامية إلى‬
‫مقبرة الفقر ‪.‬‬

‫ل عن الجوانب الخرى‪ ،‬وقد حصرها بعض‬


‫وترتّب على هذا الهدف ما يلي‪ :‬لقد كانت نتيجة العولـمة خطيرة في حياتنا القتصادية‪ ،‬فض ً‬
‫القتصاديين العرب بالنقاط التية‪-:‬‬

‫‪-1‬إنهاء دور القطاع العام وإبعاد الدولة عن إدارة القتصاد الوطني‪.‬‬

‫‪ -2‬عولـمة الوحدات القتصادية وإلحاقها بالسوق الدولية لدارتها مركزياً من الخارج‪.‬‬

‫‪ -3‬العمل على اختراق السوق العربية من قبل السوق الجنبي‪.‬‬

‫‪ -4‬إدارة القتصاديات الوطنية وفق اعتبارات السوق العالمية بعيدًا عن متطلبات التنمية الوطنية‪.‬‬

‫( ‪) 53‬‬ ‫‪-5‬العمل على إعادة هيكلة المنطقة العربية في ضوء التكتلت الدولية‪.‬‬
‫ويمكن أن يضاف إلى ذلك‪-:‬‬

‫‪ " -6‬الغواء القتصادي‪ :‬ويعني إغواء الدول المتواضعة تقنيّا وعلميّا واقتصاديّا بمشاركة العمالقة في مشاريع عابرة القارات‪ ،‬وهذه‬
‫المشاريع كل مكوناتها من الخارج ‪ ،‬وربما فتحوا لهم بعض السواق ‪ ،‬وبعد أن يكون البلد الفقير قد دفع دم الشعب‪ ،‬وضحى بحاضره‬
‫ومستقبله في مثل هذه المشاريع تتم عملية السيطرة أو الجهاض ‪ ،‬إنّ شيئًا من هذا قد تم في ماليزيا وإندونيسيا‪.‬‬

‫‪ -7‬السيطرة القتصادية ذات المظاهر المتعددة‪ ،‬منها‪ :‬شراء موارد الدول المستضعفة وموادها الخام بأقل السعار‪ ،‬وإعادة تصنيعها ثمّ‬
‫بيعها لها في صورة جديدة بأغلى السعار‪ ،‬وفي حالة البترول يضيفون إليه ضريبة يسمونها ضريبة الكربون‪ ،‬وهي تعني ضريبة تلوث‬
‫أجوائهم نتيجة الشطط التصنيعي"‪) 54 ( .‬‬
‫ومن أخطار هذه العولمة أيضاً‪:‬‬

‫أ‪ -‬تركيز الثروة المالية في يد قلة من الناس أو قلة من الدول‪ ،‬فـ ‪ 358‬ملياردير في العالم يمتلكون ثروة تضاهي ما يملكه أكثر من‬
‫نصف سكان العالم‪ .‬و ‪ %20‬من دول العالم تستحوذ على ‪ %85‬من الناتج العالمي الجمالي‪ ،‬وعلى ‪ %84‬من التجارة العالمية‪،‬‬
‫ن ‪ %5،19‬من الستثمار المباشر و ‪ %08‬من التجارة الدولية تنحصر في‬ ‫ويمتلك سكانها ‪ %85‬من المدخرات العالمية‪.‬إذاً نكتشف إ ّ‬
‫منطقة من العالم يعيش فيها ‪ %82‬فقط من سكان العالم ‪.‬‬

‫ن خمس دول ‪-‬الوليات المتحدة المريكية واليابان وفرنسا وألمانيا‬


‫ب‪ -‬سيطرة الشركات العملقة عملياً على القتصاد العالمي‪ ،‬إ ّ‬
‫وبريطانيا‪ -‬تتوزع فيما بينها ‪ 172‬شركة من أصل مائتي شركة من الشركات العالمية العملقة ‪ ) 55 ( .‬ويمكن هنا أن نعرض إحصائية‬
‫أولية لقوة تلك الشركات المتعددة الجنسيات‪ .‬فهناك ‪ 350‬شركة كبرى لتلك الدول تستأثر بما نسبته ‪ %40‬من التجارة الدولية‪ .‬وقد‬
‫بلغت الحصة المئوية لكبر عشر شركات في قطاع التصالت السلكية واللسلكية ‪ %86‬من السوق العالمي‪ ،‬وبلغت هذه النسبة ‪%85‬‬
‫من قطاع المبيدات‪ ،‬وما يقرب من ‪ %70‬من قطاع الحاسبات و ‪ %60‬في قطاع الدوية البيطرية‪ ،‬و ‪ %35‬من قطاع الدوية‬
‫الصيدلنية‪ ،‬و ‪ %34‬في قطاع البذور التجارية ‪) 56 ( .‬‬

‫ج‪ -‬تعميق التفاوت في توزيع الدخل والثروة بين الناس بل بين المواطنين في الدولة الواحدة‪ ،‬واختزال طاقات شعوب العالم إلى طاقة‬
‫دفع لماكينة الحياة البراجماتية الستهلكية للقوى الرأسمالية والسياسة الغربية المسيطرة ‪ ) 57 ( .‬لقد كان المدافعون‪ -‬بحسن نية عن‬
‫العولمة‪ -‬يراهنون على أن العولمة ستؤدي إلى ارتفاع مستوى دخل الفرد على المستوى العالمي ‪ ،‬وبالتالي تخف ظاهرة الفقر التي‬
‫تعاني منها كثير من دول العالم‪ ,‬لكن الحقائق والرقام ‪ ،‬تكشف عن واقع مؤلم مختلف ‪ ,‬ففي الوقت الذي ازداد معدل دخل الفرد ‪ ،‬فإنّه‬
‫صاحب هذه الزيادة اتساع في الهوة الشاسعة بين مستوى الدخل في الدول الغنية والدول الفقيرة‪ ،‬فمازال دخل أكثر من مليارين إنسان‬
‫ل يزيد على ‪ 60‬دولراً في الشهر‪ ،‬ما يعني أن خطر الفقر مازال يطل برأسه القبيح على دول كثيرة في العالم‪.‬‬

‫وقد أرجع تروس سكوت الستاذ الجامعي في إدارة العمال – في بحثه عن أسباب التفاوت بين النظرية والواقع في مفهوم العولمة‪-‬‬
‫إلى سببين‪ ,‬السبب الول‪ :‬أن الدول الغنية مازالت تص ّر على وضع العوائق في وجه هجرة العمالة من الدول الفقيرة إليها‪ ،‬ففي العام‬
‫‪1997‬م سمحت الوليات المتحدة الميركية بهجرة ‪ 737‬ألف وافد فقط‪ ،‬في حين لم تسمح الدول الوروبية إل بهجرة ‪ 665‬ألفاً‪،‬‬
‫ومجموع العددين ل يمثل سوى ‪ 4‬في المائة من العمالة المهاجرة المتوقعة‪ ،‬إلى جانب ذلك ترفض الدول الغنية استيراد المنتجات‬
‫الزراعية من الدول الفقر‪ ,‬أما السبب الثاني‪ :‬فيعود إلى أن الدول الفقيرة فشلت نتيجة لسوء حكوماتها في اجتذاب رؤوس الموال من‬
‫الخارج‪) 58 ( .‬‬

‫د‪ -‬استئثار قلة من سكان الدولة الواحدة بالقسم الكبر من الدخل الوطني والثروة المحلية‪ ،‬في الوقت الذي يعيش أغلبية السكان حياة‬
‫القلة والشقاء ويوضح ذلك أن عشرين بالمائة من الفرنسيين يتصرفون فيما يقرب من سبعين بالمائة من الثروة الوطنية‪ ،‬وعشرين‬
‫بالمائة من الفرنسيين ل ينالون من الدخل الوطني سوى نسبة ستة بالمائة ‪) 59 ( .‬‬

‫هـ‪ -‬النمو المطرد للبطالة‪ ،‬وانخفاض الجور وما يرتبط بها من تقليص في قدرة المستهلكين واتساع دائرة المحرومين‪ ،‬وقد دلت‬
‫الحصائيات على حقائق خطيرة‪ ،‬ففي العالم (‪ )800‬مليون شخص يعانون من البطالة وهذا الرقم في ازدياد‪ ،‬وفي السنوات العشرة‬
‫الخيرة عملت ‪ 500‬شركة من أكبر الشركات العالمية على تسريح أربعمائة ألف عامل ‪-‬في المتوسط‪ -‬كل سنة‪ ،‬على الرغم من ارتفاع‬
‫أرباح هذه الشركات بصورة هائلة‪ ،‬فإحدى هذه الشركات منحت للمساهمين فيها مبلغ خمسة مليون دولر لكل منهم ( ‪ ) 60‬والشركات‬
‫المريكية تسرّح مليونين من العمال‪) 61 ( .‬‬

‫ونتيجة لذلك ظهرت عدائية كثير من منظمات المجتمع المدني الغربية‪،‬وخاصة في الوليات المتحدة للعولمة‪ ،‬وخاصة المنظمات‬
‫العمالية‪ ،‬واتحادات الشغل التي تراقب أثر عولمة القتصاد على معدلت أجور العمال‪ ،‬وعلى نسبة البطالة في الغرب‪) 62 ( .‬‬

‫ن تشكل شبكة دولية عبر‬‫وإنّ الفقر الناتج عن البطالة حتما يقود إلى اتساع دائرة الجريمة فالعولمة تسمح وبيسر للعصابات بأ ّ‬
‫(النترنت) وتمكن المتهربين من دفع الضرائب من نقل أموالهم إلكترونيا إلى أمكنة أخرى‪ ،‬فمن روسيا وحدها وصل إلى العالم الغربي‬
‫منذ عام ‪1990‬م خمسون مليار دولر بطريقة غير شرعية‪ ،‬ويقدر خبراء المن أن ثروة منظمات المافيا في النمسا وحدها تتجاوز‬
‫تسعة عشر مليار دولر‪ ،‬كل هذا يجري على حساب الدولة التي بدأت تئن تحت ضائقة الفقر لتقلص الضرائب وهروبها‪ ،‬وهذا يعني‬
‫ضعف الخدمات الجتماعية والتعليمية والصحية التي تقدمها الدولة‪ ،‬وتتضاعف حدة مشكلة الفقر‪،‬وتصبح أشدّ خطورة‪،‬وبالنتيجة فإنّ‬
‫شرعية هذه الدولة واستقرارها يصبحان مهددان‪) 63 ( .‬‬

‫و‪ -‬فرض السياسات القتصادية والزراعية على دول العالم ‪-‬وخاصة النامية‪ -‬بهدف تعطيل التنمية القتصادية‪ ،‬وإبقائها سوق ًا‬
‫استهلكية رائجة للمنتجات الغربية‪ ،‬وتسليم إرادتها السياسية للقوى الحاكمة في أمريكا‪ .‬ففي بعض الدول انخفضت معدلت النمو عام‬
‫‪98‬م بأكثر من ‪ %100‬وارتفعت معدلت البطالة بنسبة خطيرة أدت إلى حدوث مشكلت اجتماعية عديدة من أهمها زيادة نسبة الفقر‬
‫والمية ( ‪. ) 64‬‬

‫يقول ساكيكو فوكيربار‪" :‬ما دام القتصاد ومفاهيم السوق من العناصر الساسية في العولمة فإن التنمية البشرية لن تأخذ حظها الذي‬
‫تستحق من هذه العولمة"‪) 65 ( .‬‬

‫ز‪ -‬إضعاف قوة موارد الثروة المالية العربية المتمثلة في النفط حيث تم إضعاف أهميته كسلعة حينما تم استثناؤه من السلع التي‬
‫تخضع لحرية التجارة الدولية ‪-‬أسوة بتجارة المعلومات‪ -‬من تخفيض الضرائب والقيود الجمركية المفروضة عليه من الدول‬
‫المستهلكة‪ ،‬فما زالت هذه الدول وعلى رأسها الوليات المتحدة المريكية ترفض اعتبار النفط والمشتقات البتروكيماوية من السلع التي‬
‫يجب تحريرها من القيود الجمركية والضرائب الباهضة التي تفرضها الدول المستهلكة‪ ،‬وبذلك تجني هذه الدول الرباح الهائلة من‬
‫وراء ذلك‪ ،‬وهي تعادل ثلثة أمثال العائدات إلى الدول المنتجة في الوقت الحاضر‪ ،‬بل أصدر الكونجرس المريكي تشريعاً يقضي بفرض‬
‫العقوبات على دول في منظمة أوبيك إذا شاركت في رفع أسعار النفط أو تثبيتها‪) 66 ( .‬‬

‫ح‪ -‬ارتفاع أسعار المواد الغذائية في الدول السلمية‪ ،‬نتيجة إلغاء هذه الدول الدعم المالي الذي كانت تقدمه للسلع الغذائية‪ ،‬وبسبب‬
‫الحتكار والمنافسة غير المتكافئة من الدول الكبرى‪ ،‬وبسبب قيود الجودة وشروط المواصفات العالمية التي تفرضها التفاقيات‬
‫التجارية والصناعية الدولية‪ ،‬وهي شروط ل تقدر الدول السلمية النامية على الوفاء بها ( ‪ . ) 67‬ويترتب على ذلك ابتعاد الحكومات‬
‫عن التدخل في النشاط القتصادي وقصر دورها في حراسة النظام ‪ .‬وأن تبقى السواق السلمية سوقاً مفتوحاً رائجاً أمام المنتجات‬
‫والبضائع الوربية والمريكية‪ ،‬وأن تقّوض المصانع والمؤسسات الوطنية والقتصاد الوطني ‪) 68 ( .‬‬

‫ط‪ -‬عملية الغراق ‪:‬ومن مخاطر العولمة ظهور عملية الغراق التي ترتبط بالسعر‪ ,‬وذلك بأن تطرح في السواق سلع مستوردة‬
‫بأسعار تقل كثيرًا عن سعر المثيل في السوق المحلي‪ ,‬أو عن سعر المثيل في سوق الدولة المنتجة لهذه السلعة وتصدرها‪ ,‬أو انخفاض‬
‫سعر البيع عن سعر تكلفة النتاج ‪ ,‬ويتم تداولها لفترة زمنية‪ ,‬بهدف استرداد نفقاتها وتحقيق الربح‪ ,‬تلك هي الحالت الثلث التي تعتبر‬
‫فيها السلع المستوردة بمثابة سلع أو واردات إغراق ‪.‬‬

‫وهذه المشكلة ظهرت مع دخول العولمة وإلغاء التعرفة الجمركية‪ ,‬أو الحد منها على بعض السلع‪ ,‬حيث كان قديمًا ل يمكن حدوث ذلك‬
‫لن الدول كانت تتحكم في سعر السلعة بزيادة سعر الجمارك‪ ,‬مما يؤدي إلى زيادة سعر المنتج المستورد عن المنتج المحلي أو على‬
‫القل يساويه في الثمن ‪ ,‬ولكن مع فتح السواق أمام التجارة العالمية‪ ,‬فإننا سنشهد حالت إغراق كثيرة‪ ،‬وكذلك تجاوزات ل نضمن إلى‬
‫أي مدى ستصل عواقبها" ‪)69 ( .‬‬
‫تعريف العولمة ‪..‬‬
‫هي عصا استعمارية جديدة قائمة على هيمنة القيم الغربية بوجه عام ‪ ..‬و القيم المريكية بوجه خاص ‪ ..‬و هي ثورة عالمية اقتصادية ‪..‬‬
‫ثقافية ‪ ..‬و اجتماعية ‪ ..‬من اهدافها القضاء على القيم السلمية الخاصة ‪ ..‬و كل هذا باسم حماية القليات و حقوق النسان و متابعة‬
‫مجريات المور ‪ ..‬و كل هذا قشرة خارجية تغلف اغراضها الصهيونية الداخلية ‪..‬‬

‫و هو نوع جديد من الستعمار الغربي و الهيمنة المريكية لستغلل المم من خلل محق الهوية و المصالح الثقافية الوطنية ‪..‬‬

‫و هو اغتصاب ثقافي و عدواني رمزي على سائر الثقافات ‪..‬‬


‫و هو اخضاع العالم لقوانين مشتركة تضع حدا لكل انواع السيادة و تحويل العالم كله الى سوق مستهلك للفكار و المنتجات الغربية ‪..‬‬

‫و هو ايضا غزو ديني ‪ ..‬ثقافي ‪ ..‬اجتماعي ‪ ..‬اقتصادي و سياسي يستهدف القيم و الفضائل و الهوية ‪..‬‬

‫مصطلحات العولمة ‪..‬‬

‫‪ -‬امركة العالم – قرية عالمية – كوكبة – سلعنة – كوننة – الخطبوط الستعماري – النظام العالمي الجديد – الكوكبية – الكلية " نسبة‬
‫الى الكل اي كل انسان على هذه الرض " و تعرف بالنجليزية ‪globalization‬‬
‫و بالفرنسية‬
‫‪Mondialisation‬‬

‫نشأة العولمة ‪..‬‬

‫العولمة ظاهرة قديمة حديثة ‪ ..‬شديدة الغموض و صعبة التحديد ‪ ..‬لزمت الحضارات جميعا ‪ ..‬و قد طالب بها الفلسفة عبر العصور ‪ ..‬و‬
‫من خلل الدعوة الى تجاوز الحدود الجغرافية و السياسية كما طالب بها السلم الذي الغى الحدود و الجنسية و الطبقات و الفروق‬
‫الفردية ‪ ..‬فجاءت دعوة عالمية بل حدود و ل احتكار ‪ ..‬و قد اتخذت هذه العولمة منحنى سلبي مع نهاية الحرب العالمية الثانية فانقسمت‬
‫الى عولمتين ‪:‬‬

‫‪ -1‬عولمة سوفيتية حاولت وضع قبضتها على العالم و صيغته على شاكلتها عبر الممية‬

‫‪ -2‬عولمة امريكية " صهيونية " سعت الى نفس الهدف و ل تزال ‪..‬‬

‫و قد بدأت فكرة العولمة منذ الستينات من هذا القرن في تصدير البريق العلمي لخدمة السوق التجاري ‪ .‬و يعتبر العامل الساسي و‬
‫المسؤل عن نشأة هذه الظاهرة و استمرارها و اتساعها هو التقدم او التطور التكلنوجي ‪ ..‬فالكرة الرضية اصبحت تشاهد الحدث الواحد‬
‫في نفس الوقت حيث دائما ما تقترن العولمة بالقهر الثقافي " فرض الثقافة على الغير "‬

‫المرحلة الممهدة للعولمة ‪..‬‬

‫تبدا المة في ‪..‬‬

‫المرحلة الولى ‪ :‬بأخذ الشياء المادية و الصناعية و الحربية اخذا استهلكيا ‪..‬‬

‫المرحلة الثانية ‪ :‬اخذ العادات المادية كاشكال اللباس و الثاث و الطعام ‪..‬‬

‫المرحلة الثالثة ‪ :‬اخذ القيم و المقاييس الجتماعية و الخلقية‬

‫المرحلة الرابعة ‪ :‬اخذ العقائد و التصورات فتكون قد ذابت و انمحت شخصيتها الساسية‬

‫اهداف العولمة ‪..‬‬

‫الهدف الظاهري ‪..‬‬

‫خدمة البشرية بجعل العالم كله كقرية واحدة ‪ ..‬توحد مصيرها بازاله الحواجز الجغرافية بينها ‪ ..‬و اشاعة القيم النسانية في عالمها و‬
‫حماية هذه القيم و مقاومة الرقابة التي تحد من حرية النسان القتصادية و السياسية و الثقافية و تعمل على توحيد الجهود لتحسين‬
‫حياة النسان عن طريق نشر التقنية الحديثة من مراكزها في العالم المتقدم اقتصاديا الى اقصى اطراف الرض و على رأسها امريكا التي‬
‫تساعد باقي العالم في حل كشاكله حبا في الخير للنسانية‬

‫الهدف الحقيقي و يبدو جليا في تحقيق الهداف التالية‬


‫الهدف الديني ‪..‬‬

‫تهدف العولمة الى جمع ذرية ابراهيم في وجهة واحد و هي البراهيمية ‪ ..‬و هم ذرية اليهود و النصارى و المسلمين ‪ ..‬لتكوين عالمي‬
‫يتبعه الجميع من خلل انفتاح هذه الديان الثلثة على بعضها البعض بينما التوجه الحقيقي هو للمسلمين فقط ‪ ..‬و تعمل على الفصل بين‬
‫جانبي النسان المادي و الروحي لتتجه الى اشباع احدهما دون الخر ‪..‬‬

‫الهدف القتصادي ‪..‬‬

‫تهدف العولمة الى وضع العالم في سوق واحد يحكمه نظام اقتصادي واحد بتوجيه من القوى الرأسمالية الكبرى و تهدف الى الستغلل‬
‫القتصادي من جانب الشركات العملقة لكل طاقات و موارد الدول الضعيفة و سلب خيرات المسلمين و اهمها البترول و الغاز بمعنى‬
‫مزيد من المتخلفين للمتقدمين و مزيد من التبعية‬

‫الهدف الثقافي ‪..‬‬

‫تهدف العولمة الى ازالة خصوصية الشعوب التي تحافظ على مبادئها و قيمها المنبثقة عن ايطار ديني و تقهر معتقدات المم و مقدساتها‬
‫و انماط الحياة فيها و تعمل على تذويب الفروق التي تعني الصالة و الحضارة بكل ابعادها و تهيمن بثقافتها على كافة الشعوب ‪..‬‬

‫مما سبق نستخلص الهدف النهائي للعولمة و هو ان يعتلي الغرب و خاصة اليهود عرش العالمية و يبسط ثقافته و حضارته و خاصة‬
‫على المسلمين و يصبح هو السيد بل منازع و الكل تابعون له بعد تذويب هويتهم الثقافية و الدينية ‪ ...‬الخ ‪..‬‬

‫انواع العولمة ‪..‬‬

‫عولمة دينية ‪..‬‬

‫عولمة اجتماعية‬
‫‪ 1‬عولمة المفاهيم‬
‫‪ 2‬عولمة اعلمة‬
‫‪ 3‬عولمة بيئية ‪..‬‬
‫عولمة ثقافية‬
‫‪1‬عولمة تكلنوجية " علمية "‬
‫‪2‬عولمة في مجال التصالت‬
‫عولمة سياسية‬

‫‪ 1‬عولمة اقتصادية‬
‫‪ 2‬عولمة عسكرية ‪..‬‬
‫وسائل العولمة ‪..‬‬

‫المعلومات التي تتدفق من شبكات العلم مثل " الذاعة و التلفيزيون و افلم الكرتون بقنواتع الفضائية و شبكات النترنت و الصحافة‬
‫و الكومبيوتر "‬

‫القتصاد هو مركز العولمة و محورها " فتح البنوك مثل البنوك الدولية " ‪.‬‬

‫المرأة هي المحور الذي ترتكر عليه التجارة العالمية و المحلية و هي قلب المعركة ‪.‬‬

‫استغلت العولمة لصالحها المجالت التربوية كنشر المدارس الجنبية لمحاولة تغيير ألسنة الشعوب و تعميم اللغة النجليزية لتصبح لغة‬
‫التخاطب و انتشار الجامعات المفتوحة في كل البلد العربية و غيرها ‪.‬‬
‫آثار العولمة‬

‫للعولمة آثارها السلبية و اليجابية ‪..‬‬


‫فمن اثارها اليجابية‬
‫‪ -‬تحقيق السلم و الحد من الحروب عن طريق التعاون الدولي ‪..‬‬

‫‪ -‬الرتقاء بالمنظمات الدولية و منظمات البيئة للقضاء على التلوث البيئي ‪.‬‬

‫‪ -‬تحقيق النمية و الرفاهية من خلل التعاون و المصالح المشتركة ‪.‬‬

‫‪ -‬تكثيف العلقات الجتماعية عبر العالم فتبدو الحداث كأنها في مجتمع واحد ‪.‬‬

‫‪ -‬سهولة التصال بين شعوب العالم نتيجة التطور التكلنوجي ‪.‬‬

‫‪ -‬تعارف و احترام الحرية و حقوق البلدان و الشعوب‬

‫‪ -‬بناء علقات اقتصادية جديدة بين بلدان العالم مثل بناء مشاريع مشتركة‬

‫‪ -‬القضاء على المراض و الوبئة فالثورة العلمية القادمة بشرى للعديد من المرضى الذين استعصى علجهم عن طريق تقدم الوسائل و‬
‫البحوث الطبية ‪.‬‬

‫‪ -‬ايجاد فرص للتنافس بين ثقافات الشعوب ‪.‬‬

‫آثارها السلبية‬

‫‪ -‬فقدان الهوية و طمس معالم الشخصية ‪.‬‬

‫‪ -‬تحطيم مقومات المجتمع الصلية من مبادئ و قيـــم و ديـــــن و استحداث مقومات اخرى ‪.‬‬

‫‪ -‬تعميق التفاوت القتصادي بين بلدان العالم ‪.‬‬

‫‪ -‬القضاء على الترابط السري و محاولة تفكيك المجتمع ‪.‬‬

‫‪ -‬تركيز الثروة عند فئة معينة من الناس و بالتالي اتساع الفروق بين طبقات المجتمع عن طريق منح فرص العمل لــ ‪ % 20‬من السكان‬
‫فقط ‪.‬‬

‫‪ -‬تشويه انســــانية المرأة و انتزاع مكانتها الحضارية و الثقافية و الجتماعية حتى تصبح بل تاريخ و ل وعي و ل ذاكرة و صار الهم‬
‫الكبر عولمة جسدها و ذلك من عدة نواحي‬

‫أ – اعادة صياغة المرأة من خلل السينما التي لم تنتزع عنها ملبسها فقط ‪ ،‬بل نزعت انسانيتها لتصبح انسانا اقرب الى الحيوان‬
‫المستغل لغراض منحرفة ‪.‬‬
‫ب – طمس الشخصية الجتماعية و النسانية للمرأة و عن طريق ابراز مفاتنها بما يسمى الموضة و الزياء لتتحول الى جسد مادي و‬
‫سلعة سوق عام كالبهيمية و كل ذلك من اجل الخلل بدورها الساسي في صناعة و تربية الجيل القوي و ذلك باخراجها من مصنعها‬
‫الساسي " البيت "‬

‫‪ -‬تفشي البطالة التي تدفع الفراد الى الهجرة بحثا عن العمل ‪.‬‬

‫‪ -‬تحطيم طفولة مليين الطفال باستغللهم صناعيا و غيره ‪.‬‬

‫‪ -‬تاثيرها على هوية الطفل و على نظرته الى نفسه فينظر الى نفسه نظرة دونية و يصل لدرجة التقليد العمى فيصبح مفقود الهوية ‪.‬‬

‫‪ -‬انتشار الحروب الهلية‬

‫كل هذه الثار سردت على سبيل المثال و ليست على سبيل الحصر ‪..‬‬
‫من المستفيد و من الخاسر ‪.. :‬‬

‫ان العولمة تعمل جنبا الى جنب مع الماسونية و الصهيونية لفقار الشعوب العربية من عقيدتها و لغتها و ثرواتها لتصبح من بعد كل‬
‫ذلك مكانا مباحا لنشر دوافعهم العدوانية ‪ .‬و الذي يقود حركة العولمة هو نظام التجارة و هو نظام اعمى و اصم ‪ ،‬ل يعرف سوى الربح‬
‫و تكديس الموال و لو على حساب القيم و المبادئ ‪ .‬فهو يطبق مبدئ " كل قبل ان تؤكل " و لذلك فإن المستفيد من العولمة هي الدول‬
‫المتقدمة مثل امريكا و اوروبا ‪ ،‬و الخاسر فيها هي الدول القل تقدما و الدول الفقيرة ‪.‬‬

‫كيف نواجه العولمة اسلميا ؟‬

‫لكي نواجه العولمة علينا اول التصدي للتبعية و ذلك عن طريق ‪:‬‬

‫‪ -‬الحفاظ على الهوية السلمية و استعادة روح المسؤولية و التشبث بها و نشرها بين الجيال البشرية ‪ ،‬تلك الهوية المستمدة من كتاب‬
‫ال و سنة نبيه صلى ال عليه و سلم ‪ ..‬و تركيز المستعمر على اهيمة ثقافتها السلمة الرائعة و حضارتها القوية و وجودها في كل‬
‫حركة و سكنة نعيشها‬
‫و يعيشها ابناؤنا " اعادة تنشيط الثقافة القرآنية لنه يهدي للتي هي اقوم – حبل ال المتين "‬

‫‪ -‬تعلم القرآن و تعليمه و العمل به " التمسك بالعروة الوثقى "‬

‫‪ -‬تزويد مخازن الثقافة و مراكزها عن طريق القرآن الكريم و السنة الشريفة ‪..‬‬

‫‪ -‬اكتساب البناء القيم الخلقية و الدينية ‪ ..‬و النتماء لدينهم و وطنهم و الهتمام بالكيف و ليس بلكم " بناء الذات المسلمة قول و‬
‫عمل "‬

‫‪ -‬تأسيس رأي سياسي اسلمي بين الدول و ذلك بالمواجهة سياسيا و عسكريا و اقتصاديا ‪..‬‬

‫‪ -‬التمسك باللغة العربــية و التي لبد ان تكون من اولويات اهتمامنا لتكوين نهضة اسلمية ‪..‬‬

‫‪ -‬مواجهة العولمة التي تاتي عبر النترنت " شبكة المعلومات " بإقامة المراقبة على مدخلتها رقابة اسلمية و سياسية ‪ ..‬و التعامل‬
‫الواعي مع الفكار الوافدة على اساس ثوابتنا و منهجنا القويم ‪..‬‬

‫‪ -‬القتناع بان النسان له دور حضاري عليه ان يؤديه فالمسلم له رسالة عالمية و لبد من استعادة معظم مسؤلية هذه الرسالة ‪..‬‬

‫‪ -‬لبد من التعايش السلمي الذي يحفظ هويتنا و تفوقنا الدائم في التاثير على الخرين ‪..‬‬

‫‪ -‬الهتمام بتربيـــة الجيل تربية اسلمية و الهتمام بالتعليم و التركيز على احكام الدين و قواعده في التربية ‪..‬‬

‫‪ -‬العمل على الحفاظ على خصوصيات المم و حضارتها و ثقافتها و تقاليدها ‪..‬‬

‫‪ -‬العمل بكل ما اوتينا من قوة لتحويل العولمة الى أسلمة بإذن ال تعالى ‪..‬‬

‫الفرق بين العولمة و العالمية ‪..‬‬

‫العولمة ‪..‬‬

‫هي سلوك وآداء ‪..‬‬

‫‪ -‬اليات و نظم و وسائل و مهارات ‪..‬‬

‫‪ -‬تفعيل و تنفيذ لتنظيم المصالح بينهم ‪..‬‬

‫‪ -‬العولمة بدون عللمية تبقى عرضة للعبثية و التخاطبات ‪..‬‬


‫العالمية ‪..‬‬

‫‪ -‬هي قيم و اخلق‬


‫‪ -‬مبادئ و مثل و ادبيات‬
‫‪ -‬تقنين و ترسيم لمصالح الناس‬
‫‪ -‬العالمية بدون عولمة تبقى امل و تطلعات ‪...‬‬

You might also like