You are on page 1of 213

‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.

com‬‬

‫تم تحميل هذا الكتاب‬


‫من مكتبة موقع‬
‫"بّلغوا عّني ولو آية"‬
‫رسالتنا‪ :‬يصل الكثير من الناس بعض الرسائل اللكترونية عن السلم ويقومون‬
‫صصنا هذه‬‫بحذفها أو تجاهلها بحجة أنها طويلة ويثقل عليهم قراءتها‪ .‬لذلك خ ّ‬
‫الصفحة للشتراك في عظة يومية قصيرة أو حديث شريف أو آية تصل إلى بريد‬
‫المشترك بحيث لن يصعب قرائتها والستفادة منها راجيا من المولى عز وجل‬
‫الجر والثواب‪ .‬مثال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪" :‬بلّـغوا عنّـي ولو‬
‫‪".‬آية‬

‫للشتراك في هذه الخدمة الرجاء زيارة موقعنا "بلّـغوا عنّـي ولو آية" في السفل‬
‫‪ :‬وتسجيل البريد اللكتروني‬
‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ :‬أو عن طريق إرسال رسالة ولو فارغة إلى‬


‫‪subscribe@balligho.com‬‬

‫‪.‬ويمكنكم أيضا أن تتصفحوا الرشيف بالحاديث المرسلة مسبقًا‬

‫ن في السلم سنة حسنة‪ ،‬فعمل بها‬ ‫قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬من س ّ‬
‫بعده‪ ،‬كتب له مثل أجر من عمل بها‪ .‬ول ينقص من أجورهم شيء‪ ...‬الحديث‪.‬‬
‫فاحرصوا يرحمكم ال على نشرها فكل من يزور الموقع ويستفيد منه عن طريقك‬
‫تكسب من الجر الكثير وإن قام بدوره بالعمل بها ونشرها أيضا فكلنا نكسب أمثل‬
‫‪.‬أجورهم ول ينقص من الجر شيئا‬

‫والسّنة‬
‫ب َ‬
‫دة إلى الك َِتا ِ‬ ‫و َ‬‫ع ْ‬
‫منهاجنا‪َ :‬‬
‫مة‬ ‫ف ال ُ‬‫سل َ ِ‬ ‫بِ َ‬
‫ّ‬ ‫هم ِ َ‬‫ف ْ‬

‫‪1‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ةة ةةةةة ةةة ةةةةةة ةةةة ةةةةةة ةةةةةةة ةةةةةةة‬


‫)ةةةة ةةة ةةةةةةةة ةةة ةةةة ةةةةةةة ةةةةةةة ةةة‬
‫ةةةةةةةة(‬

‫الكتاب ‪ :‬موسوعة البحوث والمقالت العلمية‬


‫جمع وإعداد الباحث في القرآن والسنة‬
‫حوالي خمسة آلف وتسعمائة مقال وبحث‬
‫علي بن نايف الشحود‬

‫على الرغم من شدة الزلزل‪ ،‬وقلة التحصينات‪ ،‬والشكوى من سوء‬


‫التدبيرات‪ ،‬كان عدد القتلى يقل عن الثلثة آلف‪ ،‬ول أقلل من العدد بل هو‬
‫عدد ضخم إذا ما قورن بما تحصده الزلزل في بعض الدول التي تأخذ‬
‫بالسباب المادية والطرق الوقائية والتحصينية‪ ،‬كسائر دول أوروبا واليابان‪.‬‬
‫ولكن ما يجب أن ننتبه إليه هو أن هذا العدد ل يمثل شيئا ً إذا ما قورن بحصاد‬
‫الهرج المر‪ ،‬ففي غضون عشر سنوات قتل من أهل الجزائر بسبب الفتنة‬
‫التي ماجت‪ ،‬ووفقا ً للمصادر الحكومية‪ ،‬مئة ألف إنسان‪ ،‬ويصل التعداد وفقا ً‬
‫لمصادر أخرى إلى ما يربوا على المائة والخمسين ألفًا‪ ،‬أي أن أثر الهرج فاق‬
‫أثر الزلزل بأكثر من خمسين ضعفًا!‬
‫إن مفسدة الهرج عظيمة‪ ،‬يجب أن يقدر قدرها قبل القدام على أي عمل قد‬
‫يقود إليها‪ ،‬فإن عواقبها وخيمة‪ ،‬قال البخاري‪ :‬وقال ابن عيينة عن خلف بن‬
‫حوشب كانوا يستحبون أن يتمثلوا بهذه البيات عند الفتن‪ ،‬قال امرؤ القيس‪:‬‬
‫الحرب أول ما تكون فتية تسعى بزينتها لكل جهول‬
‫حتى إذا اشتعلت وشب ضرامها وّلت عجوزا ً غير ذات حليل‬
‫شم و التقبيل‬‫شمطاء ينكر لونها وتغيرت مكروهة لل ّ‬
‫وإذا دخل الناس في الفتن وتلوثت اليدي بالدماء‪ ،‬شق بعدها الخروج منها‪،‬‬
‫وفي صحيح البخاري‪ ،‬عن ابن عمر أنه قال‪) :‬إن من ورطات المور التي ل‬
‫مخرج لمن أوقع نفسه فيها سفك الدم الحرام بغير حله(‪ ،‬وفيه أيضا ً عن ابن‬
‫عمر ‪-‬رضي الله عنهما‪ -‬قال‪ :‬قال رسول الله ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪) : -‬لن‬
‫يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حرامًا(‪ ،‬قال بن حجر‪:‬‬
‫"وقد ثبت عن بن عمر أنه قال لمن قتل عامدا ً بغير حق‪) :‬تزود من الماء‬
‫البارد‪ ،‬فإنك ل تدخل الجنة(‪ ،‬وأخرج الترمذي من حديث عبد الله بن عمر‪:‬‬
‫)زوال الدنيا كلها أهون على الله من قتل رجل مسلم(‪ ،‬قال الترمذي‪ :‬حديث‬
‫حسن‪ ،‬قلت‪ :‬وأخرجه النسائي بلفظ‪) :‬لقتل المؤمن أعظم عند الله من زوال‬
‫الدنيا(‪ ،‬قال ابن العربي‪ :‬ثبت النهي عن قتل البهيمة بغير حق‪ ،‬والوعيد في‬
‫ذلك‪ ،‬فكيف بقتل الدمي؟ فكيف بالمسلم؟ فكيف بالتقي الصالح؟" )‪.(1‬‬
‫إخوة السلم إن هذه الزلزل دعوة لعادة المور إلى نصابها‪ ،‬بتحكيم شرع‬
‫الله‪ ،‬وإلقاء السلح‪ ،‬فإن المفسدة عظيمة‪ ،‬وقد جاء في الحديث‪) :‬يا معشر‬
‫المهاجرين‪ :‬خمس إذا ابتليتم بهن‪ ،‬و أعوذ بالله أن تدركوهن( قال في‬
‫الخامسة‪) :‬و ما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله‪ ،‬و يتخيروا ما أنزل الله‪ ،‬إل جعل‬
‫الله بأسهم بينهم( ‪.(2).‬‬

‫‪2‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫جعلنا الله وإياكم من المعتبرين بآيات الله المنقادين لمره‪.‬‬


‫وفي الختام لشك أن من الواجبات التي تمليها إخوة السلم‪ ،‬الوقوف مع‬
‫ل‪ ،‬أسأل الله أن يلطف‬ ‫إخواننا في هذه النوازل حسا ً ومعنًا‪ ،‬دعاًء وبذ ً‬
‫بالمسلمين عامة وبأهل الجزائر خاصة‪ ،‬وأن يمن علينا وعليهم بالمن‬
‫واليمان‪ ،‬والسلمة والسلم‪ ،‬اللهم استر عوراتنا‪ ،‬وآمن رواعتنا‪ ،‬واحفظنا من‬
‫بين أيدينا ومن خلفنا‪ ،‬وعن أيماننا وعن شمائلنا ومن فوقنا‪ ،‬ونعوذ بعظمتك‬
‫أن نغتال من تحتنا‪.‬‬
‫وصلى الله وسلم على نبينا وآله وصحبه أجمعين‪ ،‬والحمد لله رب العالمين‪.‬‬
‫‪----------------------‬‬
‫الهوامش‪-:‬‬
‫)‪ (1‬الفتح ‪.12/189‬‬
‫)‪ (2‬رواه ابن ماجة ‪ ،2/1332‬وحسنه اللباني في الصحيحة ‪ 1/216‬رقم )‬
‫‪.(206‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫الزهد طريق إلى المحبة‬


‫)الشبكة السلمية( د‪/‬سعيد عبد العظيم‬
‫بسم الله و الحمد لله و الصلة و السلم على رسول الله و على آله و صحبه‬
‫و من واله ‪ ،‬أما بعد ‪:‬‬
‫فالزهد هو عبارة عن انصراف الرغبة عن الشيء إلى ما هو خير منه ‪ ،‬و هو‬
‫ترك راحة الدنيا طلبا ً لراحة الخرة و أن يخلو قلبك مما خلت منه يداك ‪ ،‬و‬
‫يعين العبد على ذلك علمه أن الدنيا ظل زائل ‪ ،‬و خيال زائر فهي كما قال‬
‫تعالى‪ ) :‬كمثل غيث أعجب الكفار نباته ثم يهيج فتراه مصفرا ً ثم يكون حطاما ً‬
‫( " سورة الحديد ‪ " 20 :‬و سماها الله " متاع الغرور " و نهى عن الغترار بها‬
‫‪ ،‬و أخبرنا عن سوء عاقبة المغترين ‪ ،‬و حذرنا مثل مصارعهم و ذم من رضي‬
‫بها و اطمأن إليها ‪ ،‬و لعلمه أن وراءها دارا ً أعظم منها قدرا ً و أجل خطرا ً ‪ ،‬و‬
‫هي دار البقاء ‪ ،‬يضاف إلى ذلك معرفته و إيمانه الحق بأن زهده في الدنيا ل‬
‫يمنعه شيئا ً كتب له منها ‪ ،‬و أن حرصه عليها ل يجلب له ما لم يقض له منها ‪،‬‬
‫فمتى تيقن ذلك ترك الرغبة فيما ل ينفع في الدار الخرة ‪ ،‬فأما ما ينفع في‬
‫الدار الخرة فالزهد فيه ليس من الدين بل صاحبه داخل في قوله تعالى‪َ) :‬يا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ب‬‫ح ّ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه ل يُ ِ‬ ‫دوا إ ِ ّ‬ ‫ه ل َك ُ ْ‬
‫م َول ت َعْت َ ُ‬ ‫ل الل ّ ُ‬
‫ح ّ‬
‫ما أ َ‬ ‫موا ط َي َّبا ِ‬
‫ت َ‬ ‫حّر ُ‬‫مُنوا ل ت ُ َ‬
‫نآ َ‬ ‫أي َّها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫ن( )المائدة‪. (87:‬‬ ‫دي َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫معْت َ ِ‬
‫حقيقة الزهد‪:‬‬
‫و ليس المقصود بالزهد في الدنيا رفضها فقد كان سليمان و داود – عليهما‬
‫السلم – من أزهد أهل زمانهما ‪ ،‬و لهما من المال و الملك و النساء ما‬
‫لهما ‪ ،‬و كان نبينا صلى الله عليه و سلم من أزهد البشر على الطلق ‪ ،‬و له‬
‫تسع نسوة ‪ ،‬و كان على بن أبي طالب و عبد الرحمن بن عوف و الزبير و‬
‫عثمان – رضي الله عنهم ‪ -‬من الزهاد مع ما كان لهم من الموال ‪ ،‬و غيرهم‬
‫كثير ‪ ،‬و قد سئل المام أحمد ‪ :‬أيكون النسان ذا مال و هو زاهد ‪ ،‬قال ‪:‬‬
‫نعم ‪ ،‬إن كان ل يفرح بزيادته ول يحزن بنقصانه ‪ ،‬و قال الحسن ‪ :‬ليس الزهد‬
‫بإضاعة المال ول بتحريم الحلل ‪ ،‬و لكن أن تكون بما في يد الله أوثق منك‬
‫بما في يد نفسك ‪ ،‬و أن تكون حالك في المصيبة ‪ ،‬و حالك إذا لم تصب بها‬
‫سواء ‪ ،‬و أن يكون مادحك و ذامك في الحق سواء ‪.‬هذه هي حقيقة الزهد‪،‬‬

‫‪3‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وعلى هذا فقد يكون العبد أغنى الناس لكنه من أزهدهم ؛ لنه لم يتعلق قلبه‬
‫بالدنيا‪،‬وقد يكون آخر أفقر الناس وليس له في الزهد نصيب ؛لن قلبه يتقطع‬
‫على الدنيا‪.‬‬
‫من أقسام الزهد‪:‬‬
‫و الزهد في الحرام فرض عين ‪ ،‬أما الزهد في الشبهات ‪ ،‬فإن قويت الشبهة‬
‫التحق بالواجب ‪ ،‬وإن ضعفت كان مستحبا ً ‪ ،‬و هناك زهد في فضول الكلم و‬
‫النظر و السؤال و اللقاء و غيره ‪ ،‬وزهد في الناس ‪ ،‬و زهد في النفس حيث‬
‫تهون عليه نفسه في الله ‪ ،‬و الزهد الجامع لذلك كله ‪ ،‬هو الزهد فيما سوى‬
‫ما عند الله ‪ ،‬و في كل ما يشغلك عن الله ‪ ،‬و أفضل الزهد إخفاء الزهد‪،‬‬
‫وأصعبه الزهد في الحظوظ ‪.‬‬
‫من فضائل الزهد‪:‬‬
‫لقد مدح الله تعالى الزهد في الدنيا و ذم الرغبة فيها في غير موضع فقال‬
‫تعالى‪ ) :‬و فرحوا بالحياة الدنيا و ما الحياة الدنيا في الخرة إل متاع ( "‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫ماٍء أن َْزل َْناهُ ِ‬
‫م َ‬ ‫حَياةِ الد ّن َْيا ك َ َ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫مث َ ُ‬
‫ما َ‬ ‫سورة الرعد ‪ " 26 :‬وقال عز وجل‪) :‬إ ِن ّ َ‬
‫خذ َ ِ‬
‫ت‬ ‫َ‬
‫حّتى إ َِذا أ َ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫س َوالن َْعا ُ‬ ‫ل الّنا ُ‬ ‫ما ي َأ ْك ُ ُ‬
‫م ّ‬‫ض ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت اْل َْر‬‫ط ب ِهِ ن ََبا ُ‬‫خت َل َ َ‬
‫ماِء َفا ْ‬ ‫س َ‬ ‫ال ّ‬
‫َ‬
‫مُرَنا ل َي ْل ً أوْ ن ََهارا ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫اْل َْر‬
‫ها أ ْ‬ ‫ن عَلي َْها أَتا َ‬ ‫م قادُِرو َ‬ ‫ن أهْلَها أن ّهُ ْ‬ ‫ت وَظ ّ‬ ‫خُرفَها َواّزي ّن َ ْ‬ ‫ض ُز ْ‬‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن(‬ ‫فك ُّرو َ‬ ‫قوْم ٍ ي َت َ َ‬ ‫ت لِ َ‬‫ل اليا ِ‬ ‫ص ُ‬ ‫ف ّ‬ ‫س ك َذ َل ِ َ‬
‫ك نُ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ن ِباْل ْ‬ ‫م ت َغْ َ‬ ‫ن لَ ْ‬‫صيدا ً ك َأ ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫ها َ‬ ‫جعَل َْنا َ‬ ‫فَ َ‬
‫)يونس‪(24:‬‬
‫و قال‪ ) :‬لكيل تأسوا على ما فاتكم ول تفرحوا بما آتاكم و الله ل يحب كل‬
‫مختال فخور ( " سورة الحديد ‪ . " 23 :‬و قال تعالى حاكيا ً عن مؤمن آل‬
‫فرعون أنه قال‪ ) :‬يا قوم إنما هذه الحياة الدنيا متاع و إن الخرة هي دار‬
‫القرار ( " سورة غافر ‪ ." 39 :‬و عن ابن مسعود – رضي الله عنه – أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه و سلم قال ‪ " :‬كنت نهيتكم عن زيارة القبور ‪،‬‬
‫فزوروها ؛ فإنها تزهد في الدنيا و تذكر الخرة " ‪ .‬و عن سهل بن سعد‬
‫الساعدي – رضي الله عنه قال ‪ :‬أتى النبي صلى الله عليه و سلم رجل فقال‬
‫‪ :‬يا رسول الله دلني على عمل ‪ ،‬إذا أنا عملته ‪ ،‬أحبني الله ‪ ،‬و أحبني الناس‬
‫فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم ‪" :‬ازهد في الدنيا يحبك الله ‪ ،‬و ازهد‬
‫فيما في أيدي الناس يحبوك "‪ .‬و عن سهل بن سعد – رضي الله عنه قال ‪:‬‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ‪ " :‬لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح‬
‫بعوضة ما سقى كافرا ً منها شربة ماء " ‪.‬‬
‫النبياء أزهد الناس‪:‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫النبياء و المرسلون هم قدوة البشر في الزهد في الدنيا و الرغبة في‬


‫الخرة ‪ ) :‬أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ( و من طالع حياة سيد‬
‫الولين و الخرين علم كيف كان صلى الله عليه و سلم يرقع ثوبه ‪ ،‬و يخصف‬
‫نعله ‪ ،‬و يحلب شاته ‪ ،‬و ما شبع من خبز الشعير يومين متتابعين حتى قبض ‪،‬‬
‫و كان لربما ظل اليوم يتلوى ل يجد من الدقل ) رديء التمر ( ما يمل بطنه ‪،‬‬
‫و في غزوة الحزاب ربط الحجر على بطنه من شدة الجوع ‪ ،‬و يمر على‬
‫أهله الهلل ثم الهلل ثم الهلل ل يوقد في بيتهم النار ‪ ،‬طعامهم السودان ‪:‬‬
‫التمر و الماء ‪ ،‬و كان يقول ‪ " :‬اللهم ل عيش إل عيش الخرة فاغفر للنصار‬
‫و المهاجرة "‪ .‬و عن عائشة – رضي الله عنها قالت ‪ " :‬إنما كان فراش‬
‫رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي ينام عليه أدما ً حشوه ليف " ‪ ،‬و‬

‫‪4‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أخرجت رضي الله عنها كساًء ملبدا ً و إزارا ً غليظا ً فقالت ‪ " :‬قبض رسول‬
‫الله صلى الله عليه و سلم في هذين "‪.‬‬
‫الصالحون على درب النبياء ساروا‪:‬‬
‫و لما كان صلى الله عليه و سلم هو السوة و القدوة ‪ ،‬فقد سار على دربه‬
‫الفاضل ‪ ،‬فعن على – رضي الله عنه أنه قال ‪ :‬طوبى للزاهدين في الدنيا و‬
‫الراغبين في الخرة أولئك قوم اتخذوا الرض بساطا ً ‪ ،‬و ترابها فراشا ً ‪ ،‬و‬
‫ماءها طيبا ً ‪ ،‬و الكتاب شعارا ً ‪ ،‬و الدعاء دثارا ً ‪ ،‬و رفضوا الدنيا رفضا ً ‪ .‬و كتب‬
‫أبو الدرداء إلى بعض إخوانه ‪ ،‬أما بعد ‪ :‬فإني أوصيك بتقوى الله ‪ ،‬و الزهد في‬
‫الدنيا ‪ ،‬و الرغبة فيما عند الله ‪ ،‬فإنك إذا فعلت ذلك أحبك الله لرغبتك فيما‬
‫عنده ‪ ،‬و أحبك الناس لتركك لهم دنياهم‪ ،‬و السلم‪.‬‬
‫ً‬
‫و عن عروة بن الزبير أن أم المؤمنين عائشة جاءها يوما من عند معاوية‬
‫ثمانون ألفا ً ‪ ،‬فما أمسى عندها درهم ‪ ،‬قالت لها جاريتها ‪ :‬فهل اشتريت لنا‬
‫منه لحما ً بدرهم ؟ قالت ‪ :‬لو ذكرتني لفعلت ‪.‬‬
‫و قال ابن مسعود – رضي الله عنه ‪ : -‬الدنيا دار من ل دار له ‪ ،‬و مال من ل‬
‫مال له ‪ ،‬و لها يجمع من ل علم له ‪ .‬و لما قدم عمر – رضي الله عنه –‬
‫الشام تلقاه الجنود و عليه إزار و خفان و عمامة ‪ ،‬و هو آخذ برأس راحلته‬
‫يخوض الماء ‪ ،‬فقالوا ‪ :‬يا أمير المؤمنين ‪ ،‬يلقاك الجنود و بطارقة الشام و‬
‫أنت على حالتك هذه ‪ ،‬فقال ‪ " :‬إنا قوم أعزنا الله بالسلم ‪ ،‬فلن نلتمس‬
‫العز بغيره "‪.‬‬
‫و دخل رجل على أبي ذر – رضي الله عنه – فجعل يقلب بصره في بيته ‪،‬‬
‫فقال يا أبا ذر ‪ :‬ما أرى في بيتك متاعا ً ‪ ،‬ول أثاثا ً ‪ ،‬فقال ‪ :‬إن لنا بيتا ً نوجه إليه‬
‫صالح متاعنا و قال ‪ :‬إن صاحب المنزل ل يدعنا فيه ‪.‬‬
‫وكان عمرو بن العاص – رضي الله عنه‪ -‬يخطب بمصر و يقول ‪ :‬ما أبعد‬
‫هديكم من هدي نبيكم صلى الله عليه و سلم ‪ ،‬أما هو فكان أزهد الناس في‬
‫الدنيا و أما أنتم فأرغب الناس فيها ‪ .‬و قال على – رضي الله عنه – تزوجت‬
‫فاطمة ومالي و لها فراش إل جلد كبش ‪ ،‬كنا ننام عليه بالليل ‪ ،‬و نعلف عليه‬
‫الناضح ) البعير ( بالنهار ومالي خادم غيرها ‪ ،‬و لقد كانت تعجن ‪ ،‬و إن قصتها‬
‫لتضرب حرف الجفنة من الجهد الذي بها ‪ .‬و لما حضرت الوفاة معاذ بن جبل‬
‫– رضي الله عنه – قال‪ :‬اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب الدنيا و طول البقاء‬
‫فيها لكرى النهار ‪ ،‬ول لغرس الشجار ‪ ،‬و لكن لظمأ الهواجر ‪ ،‬و مكابدة‬
‫الساعات ‪ ،‬و مزاحمة العلماء بالركب عند حلق الذكر ‪ .‬و قد ذكر المام أحمد‬
‫أن أفضل التابعين علما ً سعيد بن المسيب ‪ ،‬أما أفضلهم على جهة العموم و‬
‫الجملة فأويس القرني ‪ ،‬و كان أويس يقول ‪ :‬توسدوا الموت إذا نمتم و‬
‫اجعلوه نصب أعينكم إذا قمتم ‪ ،‬و قال مالك بن دينار ‪ :‬يعمد أحدهم فيتزوج‬
‫ديباجة الحي ) فاتنة الحي ( ‪ ،‬فتقول ‪ :‬أريد مرطا ً ) أكسية من صوف (‬
‫فتمرط دينه ) أى تذهب به ( ‪ .‬و كان كثير من السلف يعرض لهم بالمال‬
‫الحلل ‪ ،‬فيقولون ‪ :‬ل نأخذه ‪ ،‬نخاف أن يفسد علينا ديننا ‪ ،‬و كان حماد بن‬
‫سلمة إذا فتح حانوته و كسب حبتين قام ‪ ،‬و كان سعيد بن المسيب يتجر في‬
‫الزيت ‪ ،‬و خلف أربعمائة دينار ‪ ،‬و قال ‪ :‬إنما تركتها لصون بها عرضي‬
‫وديني ‪ .‬و قال سفيان الثورى ‪ :‬الزهد في الدنيا قصر المل ‪ ،‬ليس بأكل‬
‫الغليظ ول بلبس العباءة ‪ .‬و قال الشافعي في ذم الدنيا و التمسك بها‪:‬‬
‫و ما هى إل جيفة مستحيلة ‪ ...‬عليها كلب همهن اجتذابها ‪...‬‬
‫فإن تجتنبها كنت سلما لهلها ‪ ...‬وان تجتذبها نازعتك كلبها ‪ ...‬وكان أبو‬
‫سليمان الداراني يقول ‪ :‬كل ما شغلك عن الله ‪ ،‬من أهل ومال وولد فهو‬

‫‪5‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫مشؤوم‬
‫طويت الدنيا عمن هم أفضل منا‪:‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫ويكفي أن في الزهد التأسي برسول الله صلي اله عليه وسلم وصحابته‬
‫الكرام ‪ ،‬كما أن فيه تمام التوكل على الله ‪ ،‬وهو يغرس في القلب‬
‫القناعة‪،‬إنه راحة في الدنيا وسعادة في الخرة ‪ .‬و الزاهد يحبه الله ويحبه‬
‫الناس فإن امتلكت فاشكر‪ ،‬وأخرج الدنيا من قلبك ‪ ،‬وان افتقرت فاصبر فقد‬
‫طويت عمن هم أفضل منك ‪ ،‬فقد كان نبيك صلي الله عليه وسلم نيام على‬
‫الحصير حتى يؤثر في جنبه ‪ ،‬ومات وفي رف أم المؤمنين عائشة حفنة من‬
‫الشعير تأكل منها ‪ ،‬وكنت إذا دخلت بيوت رسول الله صلي الله عليه وسلم‬
‫نلت السقف ‪ ،‬وخطب عمر بن الخطاب وهو خليفة المؤمنين وعليه إزار به‬
‫اثنتا عشرة رقعة ‪.‬‬
‫لقد طويت الدنيا عنهم ولم يكن ذلك لهوانهم على الله ‪ ،‬بل لهوان الدنيا عليه‬
‫سبحانه ‪ ،.‬فهي ل تزن عنده جناح بعوضه ‪ ،‬وركعتا الفجر خير من الدنيا وما‬
‫فيها ‪ .‬فل تأس ول تجزع على ما فاتك منها ‪ ،‬ول تفرح بما أتاك؛ فالمؤمن ل‬
‫يجزع من ذلها ول يتنافس في عزها له شأن و للناس شان ‪ ،‬وكن عبدا ً لله‬
‫في عسرك و يسرك و منشطك ومكرهك ‪ ،‬وسواء أقبلت عليك الدنيا أو‬
‫أدبرت فإقبالها إحجام ‪ ،‬وإدبارها إقدام ‪ ،‬والصل أن تلقاك بكل ما تكره فإذا‬
‫لقتك بما تحب فهو استثناء‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫الزواج العرفي بين الصمت الرسمي و الهمس الشعبي‬


‫سفيان علي آدم*‬
‫" كان زميلي في الجامعة ‪ ,‬طبعا في البداية كنت أحس أنه أفضل انسان في‬
‫العالم ‪ ،‬طيب وحنون وخفيف الدم ‪ ,‬مثل الكثيرات من صديقاتي وجدت‬
‫نفسي أسير في القطيع كالبهيمة التي ل عقل لها و تزوجنا على ورقة تباع‬
‫على الرصيف أمام الجامعة يسمونها ) عقد ( الزواج العرفي ولقيت نفسي‬
‫بين يوم وليلة زوجة لشاب تافه إكتشفت تفاهته من أول دقائق جمعتنا سوية‬
‫لوحدنا إكتشفت كالحيوان ل يهمه إل متعته فقط وبعدها يدوس على بالحذاء‪.‬‬
‫بدأ الندم من تلك اللحظة وسألت نفسي لماذا فعلت هذا ؟ وفعل كرهته كما‬
‫لم أكره أي إنسان في حياتي ولكن للسف هذا تم بعد ما أفقدني عذريتي‪.‬‬
‫بعدها جلست في البيت لمدة شهر كل يوم أبكي وامتنعت عن ذهاب الجامعة‬
‫ولما قابلته طلبت منه أن نتطلق ولكن )الحقير( رفض بشكل مهين جدا‬
‫وطلب أن يقابلني وحدنا مرة أخرى ويأخد حقوقه الزوجية بأسلوبه الدنيء‬
‫فرفضت إلى البد‪.‬‬
‫مرت سنتان ونحن على هذا الحال زواج على ورقة واحدة كانت معه وعرفت‬
‫بعد ذلك انه تزوج زميلة لي زواجا عرفيا أيضا ‪ .‬و للسف لم يعلم بزواجنا‬
‫سوى أنا وهو واثنين من الشهود لم أعرف من أين أتى بهم وأحسست‬
‫بفظاعة ما فعلته عندما تقدم لي شاب على خلق وفي مركز مرموق ول‬
‫ترفضه أي فتاة ‪ ,‬و رحب أهلي به جدا ولول مرة في حياتي شعرت أنني‬
‫وجدت فتى أحلمي في الشكل والمضمون وفي قمة فرحتي أبلغت أهلي‬

‫‪6‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫بموافقتي والظاهر أن فرحتي الكبيرة أنستني أني ) متزوجة ( ‪ ,‬طبعا‬


‫النسان )الحقير( رفض أكثر أن يطلقني عندما علم أن أحدا تقدم لي ‪ ,‬و‬
‫كانت النتيجة أني إضطررت أن أضع حججا واتعامل بشكل سيء مع فتى‬
‫ل مني و تركني ‪.‬‬‫أحلمي إلى أن م ّ‬
‫الن ‪ ,‬موضوع زواجي مضى عليه ثلثة أعوام ‪ ,‬تخرجت و عملت في بنك‬
‫محترم و يريد الكثيرون التقدم لي و لكن ليس باليد حيلة ‪ ,‬فهل سأظل إلى‬
‫البد على هذه الحالة ؟ أفيدوني ما هو الحل لو عرفتم ‪ ،‬هل أتزوج وأصبح‬
‫)زانية( وأتعرض لتهديد من يسمى ب)زوجي( ليدمر حياتي الجديدة أم أبقى‬
‫على هذا الحال إلى أن يضيع شبابي وجمالي أم أقتله وأستريح وأريح العالم‬
‫من شره ؟"‬
‫ليست هذه الكلمات جزءا من مشهد سينمائي أو فصل في رواية ‪ ,‬و إنما‬
‫قصة حقيقية وقعت أحداثها في إحدى الجامعات ‪ ,‬أبطالها طلب نشئوا في‬
‫مجتمع يفترض أن يكون إسلميا ‪ ,‬كلماتها شاهدة على ما وصل إليه الحال‬
‫في المؤسسات التعليمية ‪ ,‬و تدق ناقوس الخطر للوباء القديم الحديث‬
‫المسمى ب ) الزواج العرفي ( الذي و إن كان الحديث عنه ما زال همسا ‪,‬‬
‫إل أن الهمس بدأ يرتفع بين الطلبة أنفسهم ‪ ,‬و بين وسائل العلم ‪.‬‬
‫فهل هذه الظاهرة حقيقية أم أن وسائل العلم ضخمتها لغراض خاصة ؟ و‬
‫إذا كانت حقيقية فما هو حجمها ‪ ,‬و لماذا يتهرب الجميع من الحديث عنها ؟ و‬
‫ما هي سبل علجها إن وجدت ؟‬
‫طلبة الجامعات فلم يعد سرا لديهم أن الزواج العرفي بات ظاهرة في‬
‫الجامعات لدرجة أن بعض الطلب يدافع عنه جهارا نهارا بإعتبار أنه ل بديل‬
‫عنه في ظل الظروف القتصادية الصعبة‬
‫بين التعتيم الرسمي و البوح الطلبي‬
‫حاولنا التصال ببعض الجهات الرسمية للتعليق على هذا الموضوع ‪ ,‬أو‬
‫إعطائنا أي إحصائية قريبة من الدقة حتى نستطيع أن نعتمد عليها في‬
‫تشخيص هذه الظاهرة إل أن الجميع رفض بحجة الدواعي المنية ‪ ,‬إل أن‬
‫مسئولة في داخلية )سعاد طمبل( للبنات علقت بأنهم لديهم إحصائيات عن‬
‫هذه الظاهرة لكنهم يرفضون البوح بها لنها مصنفة ضمن المحظورات‬
‫المنية !!‪..‬‬
‫أما طلبة الجامعات فلم يعد سرا لديهم أن الزواج العرفي بات ظاهرة في‬
‫الجامعات لدرجة أن بعض الطلب يدافع عنه جهارا نهارا بإعتبار أنه ل بديل‬
‫عنه في ظل الظروف القتصادية الصعبة ‪ ,‬و و ‪!!!!......‬‬
‫لكن دراسة أعدتها وزارة الرشاد و الوقاف قبل ‪ 3‬أعوام عن هذا الموضوع‬
‫أشارت إلى أن الزواج العرفي ما زال ظاهرة معزولة في الوسط الطلبي ‪,‬‬
‫و أن ‪ %67‬من الطلبة الذين تم سؤالهم عن هذا الموضوع اشاروا إلى أنهم‬
‫سمعوا عنه و لم يعرفوا حالت بعينها ‪ ,‬كما أشارت الدراسة إلى أن معظم‬
‫الذين أستطلعت آراؤهم أدانوا هذه الظاهرة ‪.‬‬
‫و خلصت إلى أن هذه الظاهرة ل يمكن نفي وجودها بالكلية و لكنهها‬
‫محصورة في نطاق ضيق و أنه ظاهرة في طور التكوين و أنه من ثم يمكن‬
‫محاصرتها و القضاء عليها إذا ما عدنا لللتزام بهدى شرعنا و مقاصده عودا ً‬
‫حميدا ً ‪.‬‬
‫و تقول دراسة لستاذة جامعية في علم الجتماع هي د‪.‬هاجر علي بخيت أن‬
‫تدني سن الدخول للجامعات جعل كما ً ضخما ً من المراهقين و المراهقات‬
‫يجابهون بصدمة الختلط و كثيٌر من هؤلء من مجتمعات محافظة ‪ .‬ومن هنا‬

‫‪7‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فالختلط هو البيئة المفرخة لعديد من الظواهر السالبة و منها هذا الزواج‬


‫العرفي‪.‬‬
‫ماذا يقول الطلب ؟!‪..‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ظاهرة الزواج العرفي ظاهرة وافدة على المجتمع السوداني ‪ ,‬إنتقلت إليه‬
‫عبر وسائل العلم الهدامة كالفضائيات و ما تبثه من مسلسلت و أفلم ‪ ,‬و‬
‫للسف وجدت هذه الظاهرة الوافدة قبول‬
‫الطلبة الذين إستطلعنا آراءهم حول هذا الموضوع أجمعوا على رفضه لكنهم‬
‫عللوا إنتشاره بأسباب مختلفة بين من يلقي باللئمة على الحكومة التي‬
‫تسمح بالختلط في الجامعات ‪ ,‬و بين يضع اللوم على وسائل العلم ‪ ,‬و من‬
‫يرى أن الواقع المعيشي الصعب الذي يمر به الشعب السوداني هو وراء هذه‬
‫الظاهرة ‪...‬‬
‫وسائل العلم و الدور الهدام‪..‬‬
‫محمد حبيب الله ‪ /‬كلية الداب جامعة الخرطوم‬
‫ظاهرة الزواج العرفي ظاهرة وافدة على المجتمع السوداني ‪ ,‬إنتقلت إليه‬
‫عبر وسائل العلم الهدامة كالفضائيات و ما تبثه من مسلسلت و أفلم ‪ ,‬و‬
‫للسف وجدت هذه الظاهرة الوافدة قبول لدى عدد ليس بالهين من طلب و‬
‫طالبات الجامعات ‪.‬‬
‫و حول السباب يقول ‪ :‬أرى أن هذا المر يرجع بالساس إلى غياب الوازع‬
‫الديني و التربية اليمانية لدى الطلب ‪ ,‬كما أن العلوم التي تدرس بالجامعات‬
‫ل تعمل في الغالب على غرس قيم الستقامة و معاني التدين ‪ ,‬و كذلك‬
‫الجامعات المختلطة و غياب الرقابة السرية ‪.‬‬
‫كما أن هذه الظاهرة غير مرتبطة بالفقر ‪ ,‬فالكثير ممن وقعوا فيها هم من‬
‫الغنياء ‪.‬‬
‫أما عن العلج فإنه يتوقف على الدولة و أجهزتها و ذلك بأن تعمل على‬
‫الفصل بين الجنسين في الجامعات و إنهاء الختلط الذي ظل ينخر في جسد‬
‫القيم و الخلق الحميدة ‪.‬‬
‫بعض الذين درسوا خارج السودان قد ساهموا في إنتشار هذه الظاهرة‪ ,‬و‬
‫على السر تربية أبنائها تربية صالحة‬
‫العوائق المادية‪..‬‬
‫الزبير عثمان بادي ‪ /‬كلية الداب جامعة الخرطوم‬
‫الزواج العرفي موجود في الوسط الجامعي لكنه يمارس بخفية ‪ ,‬و السبب‬
‫فيه هو صعوبة تكاليف الزواج و القيود التي يضعها المجتمع من طلبات كثيرة‬
‫و إلتزامات أسرية قاسية ‪ ,‬مما يدفع ببعض الطلب إلى هذا السلوك المشين‬
‫في حالة إنعدام الستقامة و التربية الدينية الفاضلة ‪.‬‬
‫كما أن بعض الذين درسوا خارج السودان قد ساهموا في إنتشار هذه‬
‫الظاهرة ‪.‬‬
‫و على السر تربية أبنائها تربية صالحة و إلزام البنات بالزي الشرعي بالحجة‬
‫و القناع ‪ .‬و ينبغي المسارعة إلى إنقاذ شريحة الشباب لتؤدي دورها في‬
‫المجتمع و ذلك بإيجاد البرامج النافعة التي تستوعب طاقاتهم حتى ل‬
‫ينصرفوا إلى ما هو مخالف للدين و الخلق ‪.‬‬
‫القيم الغربية الوافدة و محاولة )شرعنتها ( !!‬

‫‪8‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الذين وقعوا في هذا المر فالكثير منهم يرون أنه حرام ‪ ,‬و لكنهم تمادوا‬
‫بسبب الغفلة و ضعف الوازع الديني و بحجة أنه أخف من الزنا‬
‫أيمن الطيب ‪ /‬كلية القانون‬
‫هذه المشكلة ترجع للتأثر بالحضارة و القيم الوافدة من الغرب ‪ ,‬و بما أن‬
‫الحضارة الغربية قائمة على التفسخ و النحلل فإن تطبيقها يستحيل في‬
‫مجتمعاتنا المسلمة فيلجأ البعض إلى الزواج العرفي ليجاد ما يعتبره‬
‫) شرعية ( لممارساته ‪.‬‬
‫و عن الذين وقعوا في هذا المر فالكثير منهم يرون أنه حرام ‪ ,‬و لكنهم‬
‫تمادوا بسبب الغفلة و ضعف الوازع الديني و بحجة أنه أخف من الزنا ‪.‬‬
‫أما الحل فيكمن في تيسير أمور الزواج – على الطلب خصوصا – و أن تقوم‬
‫إدارات الجامعات بإقامة حملت للزواج الجماعي ‪.‬‬
‫الشباب و التهرب من المسئولية‪..‬‬
‫إنتصار محمد ‪ /‬دراسات عليا‬
‫الزواج العرفي موجود و منتشر في الجامعات و أسبابه تقع على الشباب ‪,‬‬
‫حيث تجد عندهم الرغبة في التهرب من المسئولية و تحمل العباء مع‬
‫رغبتهم في إشباع غرائزهم و نزواتهم ‪.‬‬
‫أما البنات فهن في الغالب يقعن ضحية الوعود الكاذبة و المعسولة بإسم‬
‫الحب و الوعد بالزواج ‪ .‬و الشباب بعضهم ل يركن إلى الحياة المستقرة‬
‫الهادئة لن ذلك يستتبع مسئولية و أبناء و أسرة ‪ ,‬و هو ل يريد المسئولية إنما‬
‫يريد إشباع رغباته و شهواته فقط دون مقابل ‪.‬‬
‫و تكون النتيجة لذلك أن تفقد الفتاة أعز ما لديها ‪ ,‬و قد ل تعالج أسرتها‬
‫المور بصورة طيبة ‪ ,‬و تكون العاقبة وخيمة ‪.‬و لعل إنتشار بعض أصحاب‬
‫الشهادات الغربية و السيارات الفارهة و الشقق المفروشة له دور في‬
‫إنتشار الزواج العرفي ‪.‬‬
‫الختلط و الفقر‪..‬‬
‫منى محمد عثمان ‪ /‬كلية القتصاد‬
‫هناك دراسات و إحصاءات تثبت أن الزواج العرفي موجود و منشر في‬
‫الجامعات بصورة كبيرة ‪.‬‬
‫بعض الطالبات يواجهن ظروفا إقتصادية حرجة مع حوجتهن للمصروفات‬
‫الدراسية و تكاليف الكسوة و المعيشة ‪ ,‬فيجعل كل ذلك الفتاة ضعيفة أمام‬
‫الغراءات‬
‫و أحد أهم أسباب إنتشاره هو الختلط ‪ ,‬كذلك الدافع القتصادي ‪ ,‬فبعض‬
‫الطالبات يواجهن ظروفا إقتصادية حرجة مع حوجتهن للمصروفات الدراسية‬
‫و تكاليف الكسوة و المعيشة ‪ ,‬فيجعل كل ذلك الفتاة ضعيفة أمام‬
‫الغراءات ‪.‬‬
‫و في الغالب يكون الذين يصطادون الفتيات لهذا المستنقع ليسوا طلبا ‪ ,‬و‬
‫إنما أصحاب أموال و موظفين تتوفر لديهم المكانيات ‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫و على الدولة أن توفر للطالبات ما يحتجنه بقدر المكان خصوصا في‬


‫ضرورات المعيشة حتى ل يلجأن إلى سلوك مسلك آخر ‪ ,‬كما ينبغي الهتمام‬
‫بمن وقعوا في هذه الخطيئة و إشعارهم بالهتمام و محاولة إيجاد حلول‬
‫لمشكلتهم هذه ‪ ,‬و ل بأس من تزويجهم زواجا شرعيا حتى ل يصبحوا عوامل‬

‫‪9‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫هدم في المجتمع ‪.‬‬


‫إنعدام القيود و الرغبة بالتباهي ‪..‬‬
‫يقول كمال الدين أحمد يوسف خريج علم النفس ‪:‬‬
‫الزواج العرفي ليس ظاهرة طلبية فقط إنما هو ظاهرة مجتمعية تشمل‬
‫قطاعا واسعا من المجتمع ‪ ,‬إذا ً فهو موجود في كل شرائح المجتمع ‪ ,‬لكنه‬
‫يظهر في الوسط الطلبي لنه أكثر وسط يتواجد فيه الذكور و الناث في‬
‫نطاق واحد دون قيود ‪ ,‬و قيود الطلب ليست كقيود الخدمة المدنية التي‬
‫تضع للموظفين ضوابط و مسئوليات ‪ ,‬فالطلب غالبا يلتقون في أوقات‬
‫مفتوحة خاصة في الكليات التي ل يكون فيها ضغط أكاديمي عال ‪.‬‬
‫لذا ‪ ,‬يؤدي لقاء الطلب و الطالبات في وسط واحد و مفتوح إلى تولد الرغبة‬
‫في الخر ‪ ,‬لكن هذه الرغبة ل تجد طريقها إلى التحقيق نسبة لظروف الواقع‬
‫المعقدة ‪ ,‬فيلجأ الطلب إلى خيارات منها إقامة علقات عاطفية أو الزواج‬
‫عرفيا ‪.‬‬
‫و هناك بعض البنات لديهن الرغبة في البذخ و السراف في الحياة ‪ ,‬فتقبل‬
‫بمن يوفر لها هذا البذخ و لو بطريقة غير شرعية ‪.‬‬
‫رأي الشرع‬
‫‪ :‬يقول الشيخ د ‪ .‬عبد الحي يوسف‬
‫الزواج ل يصح إل بولي لقول النبي صلى الله عليه وسلم }ل نكاح إل بولي{‬
‫أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه وصححه ابن حبان والحاكم‪ ،‬قال‬
‫السيوطي رحمه الله‪ :‬حمله الجمهور على نفي الصحة‪ .‬وقوله }أيما امرأة‬
‫نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل{‬
‫أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم كما‬
‫قال الحافظ رحمه الله في فتح الباري‪ .‬وفي حديث أبي هريرة رضي الله‬
‫عنه }ل تزوج المرأة المرأة ول تزوج المرأة نفسها فإن الزانية هي التي‬
‫تزوج نفسها{ أخرجه ابن ماجه والدارقطني والبيهقي‪ .‬قال الحافظ رحمه‬
‫الله‪ :‬رجاله ثقات‪.‬‬
‫وقد خاطب الله الولياء بأمر النكاح فقال ))ول ُتنكحوا المشركين حتى‬
‫يؤمنوا(( وقال ))فل تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن(( وقال ))وأنكحوا اليامى‬
‫منكم(( ولو أن كل امرأة اشتهت رجل ً تزوجته بغير إذن وليها أفضى ذلك إلى‬
‫فساد عظيم؛ لن ولي المرأة ـ غالبا ً ـ أعرف بحالها وأبصر بمصلحتها‪ ،‬وإذا‬
‫كان الولي بخلف ذلك أي يتعمد عضل وليته أو يعطل أو يضرها في أمر‬
‫زواجها نزعت الولية منه وجعلت لمن يليه أو للسلطان‪.‬‬
‫ختاما ‪..‬‬
‫ها نحن هنا نسلط الضواء على هذه المشكلة التي بدأت تستشري في‬
‫مجتمعنا المسلم و بدأ يتعاظم خطرها ‪ ,‬فما هو واجب الدولة عبر وزاراتها و‬
‫مؤسساتها ؟ و ما هو واجب العلماء و أهل الرأي ؟ و ما هو الدور الذي يقع‬
‫على عواتق وسائل العلم المختلفة في التحذير من هذه الظاهرة و محاولة‬
‫علجها ؟ أسئلة كثيرة تحتاج إلى إجابات كبيرة ‪ ,‬فمن يجيب عنها ؟!!‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫الزواج المبكر‬
‫دراسة موجزة‬
‫مقدمة لمؤتمر المرأة الفلسطينية وتحديات السرة المعاصرة‬

‫‪10‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المنعقد في جامعة النجاح الوطنية ‪25/4/2000-24‬‬


‫أعدها‬
‫د‪ .‬حسام الدين عفانه‬
‫الستاذ المشارك في الفقه والصول‬
‫كلية الدعوة وأصول الدين ‪/‬جامعة القدس‬
‫• ‪ ...‬المقدمة‬
‫• ‪ ...‬مقاصد الزواج في الشريعة السلمية‬
‫• ‪ ...‬سن الزواج في الشريعة السلمية‬
‫كر‬‫• ‪ ...‬تعريف الزواج المب ّ‬
‫• ‪ ...‬الرد ّ على شبهات الداعين إلى تأخير سن الزواج‬
‫• ‪ ...‬إيجابيات الزواج المبكر‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫المقدمة‬
‫إن الحمد لله ‪ ،‬نحمده ونستعينه ونستغفره ‪ ،‬ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ‪،‬‬
‫وسيئات أعمالنا من يهده الله فل مضل له ‪ ،‬ومن يضلل فل هادي له ‪ ،‬وأشهد‬
‫أن ل إله إل الله وحده ل شريك له ‪ ،‬وأشهد أن محمدا ً عبده ورسوله ‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ( سورة‬ ‫مو َ‬ ‫سل ِ ُ‬‫م ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ن ِإل وَأن ْت ُ ْ‬ ‫موت ُ ّ‬ ‫قات ِهِ َول ت َ ُ‬ ‫حق ّ ت ُ َ‬ ‫ه َ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫مُنوا ات ّ ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫) َياأي َّها ال ّ ِ‬
‫آل عمران الية ‪. 102‬‬
‫َ‬
‫جَها‬ ‫من َْها َزوْ َ‬ ‫خل َقَ ِ‬ ‫حد َةٍ وَ َ‬ ‫س َوا ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ن نَ ْ‬
‫ف‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫قك ُ ْ‬ ‫خل َ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫م ال ّ ِ‬ ‫قوا َرب ّك ُ ْ‬ ‫س ات ّ ُ‬ ‫) َياأي َّها الّنا ُ‬
‫ن الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫م إِ ّ‬ ‫حا َ‬ ‫ن ب ِهِ َوال َْر َ‬ ‫ساَءلو َ‬ ‫ذي ت َ َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫ساًء َوات ّ ُ‬ ‫جال ً ك َِثيًرا وَن ِ َ‬ ‫ما رِ َ‬ ‫من ْهُ َ‬ ‫ث ِ‬ ‫وَب َ ّ‬
‫م َرِقيًبا ( سورة النساء الية ‪. 1‬‬ ‫َ‬
‫ن عَلي ْك ُ ْ‬ ‫كا َ‬‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫فْر‬ ‫م وَي َغْ ِ‬ ‫مالك ُ ْ‬ ‫م أعْ َ‬ ‫ح لك ُ ْ‬ ‫صل ِ ْ‬ ‫دا ‪ ،‬ي ُ ْ‬ ‫دي ً‬ ‫س ِ‬ ‫ه وَُقولوا قَوْل ً َ‬ ‫قوا الل َ‬ ‫مُنوا ات ّ ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫) َياأي َّها ال ِ‬
‫ما ( سورة الحزاب‬ ‫ظي ً‬ ‫قد ْ َفاَز فَوًْزا عَ ِ‬ ‫ه فَ َ‬ ‫سول ُ‬‫َ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫ّ‬
‫ن ي ُط ِعْ الل َ‬ ‫م ْ‬ ‫م وَ َ‬ ‫م ذ ُُنوب َك ُ ْ‬ ‫ل َك ُ ْ‬
‫اليتان ‪. 71-70‬‬
‫وبعد ‪...‬‬
‫أشكر إدارة مركز جذور للثقافة والفنون على تنظيم هذا المؤتمر بعنوان‬
‫) المرأة الفلسطينية وتحديات السرة المعاصرة ( كما وأشكركم على‬
‫دعوتي للمشاركة بورقة عمل بعنوان ) الزواج المبكر في المجتمع‬
‫الفلسطيني بين رؤية الدين وممارسة المجتمع ( وأبدأ ورقتي بذكر بعض‬
‫النصوص الشرعية التي تحض على الزواج ‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م ( سورة‬ ‫مائ ِك ُ ْ‬ ‫م وَإ ِ َ‬ ‫عَبادِك ُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫حي َ‬ ‫صال ِ ِ‬ ‫م َوال ّ‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫مى ِ‬ ‫حوا اْلَيا َ‬ ‫قال تعالى ‪ ):‬وَأن ْك ِ ُ‬
‫النور الية ‪. 32‬‬
‫ث وَُرَباع َ ( سورة‬ ‫مث َْنى وَث َُل َ‬ ‫ساِء َ‬ ‫ن الن ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫م ِ‬ ‫ب ل َك ُ ْ‬ ‫طا َ‬ ‫ما َ‬ ‫حوا َ‬ ‫وقال تعالى ‪َ ):‬فانك ِ ُ‬
‫النساء الية ‪. 3‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ت‬
‫صَنا ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫م ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫معُْرو ِ‬ ‫ن ِبال َ‬ ‫جوَرهُ ّ‬ ‫نأ ُ‬ ‫ن وََءاُتوهُ ّ‬ ‫ن أهْل ِهِ ّ‬ ‫ن ب ِإ ِذ ْ ِ‬ ‫حوهُ ّ‬ ‫وقال تعالى ‪َ ):‬فان ْك ِ ُ‬
‫َ‬
‫ن ( سورة الية ‪. 25‬‬ ‫دا ٍ‬ ‫خ َ‬ ‫تأ ْ‬ ‫ذا ِ‬ ‫خ َ‬ ‫مت ّ ِ‬ ‫ت وََل ُ‬ ‫حا ٍ‬ ‫سافِ َ‬ ‫م َ‬ ‫غَي َْر ُ‬
‫ن غَي َْر‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ُ‬
‫صِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬
‫م ُ‬ ‫وال ِك ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن ت َب ْت َُغوا ب ِأ ْ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ما وََراَء ذ َل ِك ْ‬ ‫م َ‬ ‫ل لك ْ‬ ‫وقال تعالى ‪ ):‬وَأ ِ‬
‫ن ( سورة النساء الية ‪. 24‬‬ ‫حي َ‬ ‫سافِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫وقال رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ ): -‬يا معشر الشباب من استطاع‬
‫منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه‬
‫بالصوم فإنه له وجاء ( رواه البخاري ‪.‬‬
‫وقال ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ ): -‬وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس‬
‫مني ( رواه البخاري ‪.‬‬
‫وقال ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ ): -‬الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة (‬

‫‪11‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫رواه مسلم ‪.‬‬


‫ثم أذكر مقاصد الزواج في الشريعة السلمية بإيجاز ‪:‬‬
‫للزواج مقاصد عديدة منها ‪:‬‬
‫‪ .1‬المحافظة على النوع النساني ‪.‬‬
‫‪ .2‬سلمة المجتمع من النحراف الخلقي ‪.‬‬
‫‪ .3‬المحافظة على النساب ‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬
‫م ِ‬ ‫خلقَ لك ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ن َءاَيات ِهِ أ ْ‬‫م ْ‬ ‫‪ .4‬السكن الروحي والنفسي ‪ ،‬فقد قال تعالى ‪ ):‬وَ ِ‬
‫َ‬ ‫فسك ُ َ‬ ‫َ‬
‫ت‬‫ك لَيا ٍ‬‫ن ِفي ذ َل ِ َ‬ ‫ة إِ ّ‬‫م ً‬‫ح َ‬
‫موَد ّة ً وََر ْ‬
‫م َ‬‫ل ب َي ْن َك ُ ْ‬ ‫سك ُُنوا إ ِل َي َْها وَ َ‬
‫جعَ َ‬ ‫جا ل ِت َ ْ‬‫م أْزَوا ً‬‫أن ْ ُ ِ ْ‬
‫ن ( سورة الروم الية ‪21‬‬ ‫فك ُّرو َ‬‫قوْم ٍ ي َت َ َ‬
‫لِ َ‬
‫‪ .5‬حماية المجتمع من المراض الجنسية المختلفة بغياب الزواج الشرعي ‪.‬‬
‫‪ .6‬تلبية حاجات النفس بالمومة والبوة ‪.‬‬
‫سن الزواج في الشريعة السلمية ‪:‬‬
‫لم تحدد الشريعة السلمية سنا ً معينا بالسنوات لعقد الزواج بل أجاز جمهور‬ ‫ً‬
‫الفقهاء المتقدمين زواج الصغير والصغيرة أي دون البلوغ ولكن قوانين‬
‫ص القانون‬ ‫الحوال الشخصية في البلد السلمية حددت سنا ً للزواج فقد ن ّ‬
‫الردني للحوال الشخصية في المادة الخامسة منه على ما يلي ‪:‬‬
‫] يشترط في أهلية الزواج أن يكون الخاطب والمخطوبة عاقلين ‪ ،‬وأن يتم‬
‫الخاطب السن السادسة عشرة وأن تتم المخطوبة الخامسة عشرة من‬
‫العمر [‬
‫ص قانون الحوال الشخصية لدولة المارات العربية في الفقرة الولى‬ ‫] ون ّ‬
‫ً‬
‫من المادة عشرين على أن سن الزواج للفتى ثمانية عشر عاما وللفتاة ستة‬
‫عشر [‪.‬‬
‫وأما قانون الحوال الشخصية السوري فقد حدد سن الزواج للفتى بثمانية‬
‫عشر عاما ً وللفتاة بسبعة عشر عاما ً وأجاز زواج الفتى بسن خمسة عشر‬
‫عاما ً وللفتاة بسن ثلثة عشر عاما ً بإذن القاضي وموافقة الولي ‪.‬‬
‫ص قانون الحوال الشخصية التونسي على أن سن الفتى عشرون عاما ً‬ ‫ون ّ‬
‫والفتاة سبعة عشر عاما‪ .‬وكذلك فإن القوانين الوروبية قد حددت سن‬ ‫ً‬
‫الزواج فالقانون الفرنسي قد جعل سن الثامنة عشرة للفتى والخامسة عشر‬
‫للفتاة ‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫والقانون اللماني جعل سن الفتى إحدى وعشرين سنة والفتاة عشرين ‪.‬‬
‫والقانون السويسري جعل سن العشرين للفتى وسن الثامنة عشرة للفتاة ‪.‬‬
‫وكذلك فإن الديانات الخرى حددت سنا ً للزواج ففي الشريعة اليهودية جعلت‬
‫سن زواج الرجل الثالثة عشرة والمرأة الثانية عشرة ‪.‬‬
‫وفي القانون الروماني جعل سن زواج الرجل الرابعة عشرة للرجل والمرأة‬
‫الثانية عشرة ‪.‬‬
‫ّ‬
‫تعريف الزواج المبكر ‪:‬‬
‫إن المعنى الحقيقي للزواج المبكر من الناحية الطبية والعلمية هو الزواج قبل‬
‫البلوغ فبالنسبة للفتاة الزواج المبكر هو زواجها قبل الحيض ‪.‬‬
‫وأما تسمية من تتزوج قبل الثامنة عشرة بأنه زواج مبكر فهذا ل يستند إلى‬
‫قاعدة علمية أو قاعدة شرعية فأمر الزواج مربوط بالبلوغ والبلوغ عند الفتاة‬
‫هو الفترة الزمنية التي تتحول فيها الفتاة من طفلة إلى بالغة وخلل هذه‬

‫‪12‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الفترة تحدث تغييرات فسيولوجية وسايكولوجية عديدة والبلوغ ليس بحدث‬


‫طارئ وإنما هو فترة من الزمان قد تتراوح ما بين سنتين وست سنين‬
‫ويرتبط بعوامل جينية أي وراثية وعوامل معيشية وصحية وفي آخر هذه‬
‫الفترة يحدث الحيض وعندها تصبح الفتاة بالغة ‪.‬‬
‫وأما سن البلوغ فيتراوح عالميا ً ما بين ‪ 16-9‬سنة وفي بلدنا ما بين ‪12-11‬‬
‫سنة حسب دراسة علمية صادرة عن الجامعة الردنية ‪.‬‬
‫الدعوة إلى تأخير سن الزواج وما ادعي فيه من المخاطر والضرار ‪:‬‬
‫ورد في نشرة صادرة عن أحد المراكز النسوية التي تتبنى فكرة تأخير سن‬
‫الزواج إلى أن تبلغ الفتاة الثامنة عشرة من عمرها أن للزواج المبكر مخاطر‬
‫متعددة على الفتاة من النواحي الصحية والجتماعية والنفسية فمن المخاطر‬
‫الصحية بأنها إذا حملت في فترة مبكرة فإنها ل تتم حملها بمدته الكاملة لن‬
‫جسمها لم يكتمل نموه بعد وأنها قد تتعرض للجهاض المتكرر ‪.‬‬
‫وقد تتعرض الفتاة إلى فقر الدم وخاصة خلل فترة الحمل ‪ .‬وقد تزداد نسبة‬
‫الوفيات بين المهات الصغيرات أي ما بين ‪ 19-15‬عاما ً عن المهات اللواتي‬
‫تزيد أعمارهن عن العشرين عاما ً بسبب الحمل ‪ .‬وقد تزداد وفيات أطفال‬
‫المهات الصغيرات بنسبة أكبر من المهات الكبر سنا ً وذلك لقلة الدراية‬
‫والوعي بالتربية والتغذية ‪.‬‬
‫وزعمت النشرة وجود مخاطر اجتماعية ونفسية لن الفتاة تكون في مرحلة‬
‫المراهقة ول تستطيع أن تبدي رأيها في أمور حياتها الزوجية بثقة وارتياح وقد‬
‫تقع تحت تأثير الهل والقارب في شؤون حياتها الشخصية ‪.‬‬
‫وقد ينتج عن الزواج المبكر الحرمان من التعليم ‪.‬‬
‫وكذلك فإن الزواج المبكر يزيد من العباء الملقاة على عاتق الفتاة في هذه‬
‫الفترة ‪.‬‬
‫الرد ّ على شبهات الداعين إلى تأخير سن الزواج ‪:‬‬
‫ً‬
‫‪ .1‬إن قانون الحوال الشخصية قد منع زواج الصغار أخذا بالرأي الفقهي‬
‫الذي يمنع ذلك واشترط بلوغ الزوجة خمسة عشرة عاما ً وأما الزوج فستة‬
‫عشرة عاما ً وهذا السن بالنسبة للرجل والمرأة هو سن يكون كل منهما قد‬
‫بلغ ويدخل سن الهلية والتكليف ‪ ،‬والدعوة إلى تأخير الزواج هو انتقاص‬
‫لهلية الرجل والمرأة وحجر على حريتهما التي تتبجح هذه المراكز بالمناداة‬
‫بها ‪.‬‬
‫‪ .2‬اعتبار الفتى والفتاة في سن المراهقة ول يقوى كل منهما على أخذ‬
‫القرار المناسب هي حجة واهية جوفاء لن الفتاة تأخذ رأي وليها وتستشيره‬
‫في أمورها وخصوصا ً موضوع الزواج إضافة لذلك فإن المجتمع السلمي هو‬
‫مجتمع المحبة والمؤاخاة و التناصح ‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ .3‬إنهم قد اعتبروا زواج الصغار أمرا ل فائدة منه حسب ادعائهم ونقول فيه‬
‫ردا ً عليهم بأن قانون الحوال الشخصية لم يجز زواج من لم يبلغ واعتبر‬
‫الهلية والتكليف شرطا أساسيا ً في هذا الموضوع ول نؤيد زواج الصغار الذين‬
‫ما زالوا في مرحلة الطفولة لن الطفل والطفلة ل طائل من زواجهما في‬
‫هذا السن لعدم تحقق أهداف الزواج والمعاشرة الزوجية من زواجهما ‪.‬‬
‫وكذلك فقد جاء في كتاب القانون ومستقبل المرأة الفلسطينية لمؤلفته‬
‫أسمى خضر ص ‪ 131‬الدعوة إلى تأخير سن الزواج إلى ‪ 18‬عاما ً للفتاة‬
‫والفتى وذلك تمشيا ً مع تعريف التفاقية الدولية لحقوق الطفل إذ أن نهاية‬
‫سن الطفولة بلوغ ‪ 18‬عاما ً ‪.‬‬
‫وأقول إنه لمر عجيب حقا ً تمديد سن الطفولة إلى بلوغ ‪ 18‬عاما ً ليتمشى‬

‫‪13‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ذلك مع التفاقيات الدولية ولماذا ل نسير وفق ما جاء في ديننا وتاريخنا‬


‫وحضارتنا ‪ ،‬لقد دق محمد بن القاسم أبواب الصين وهو دون الثامنة عشرة‬
‫وقاد أسامة بن زيد جيوش المسلمين وهو ابن ستة عشرة عاما ً فهل تأخير‬
‫سن الطفولة إلى ثمانية عشرة عاما ً في مصلحة المة والمجتمع ‪.‬‬
‫‪ .4‬أما دعوى صغر حجم العضاء التناسلية عند الفتاة في تلك المرحلة هو‬
‫ادعاء مخالف لرأي الطب الذي قال إن مرحلة بلوغ الفتاة يكون بين الثانية‬
‫عشر والرابعة عشر والقانون ل يجيز زواج الفتاة إل في الخامسة عشر مما‬
‫يستدعي مرور سنة على بلوغها على القل قبل الزواج ‪.‬‬
‫‪ .5‬الدعاء بزيادة الوفيات للمهات الصغار جراء الحمل وسوء التغذية هو‬
‫ادعاء غير مسلم بالضافة إلى أن الواقع يكذبه من خلل الحس والمشاهدة‬
‫بالنسبة للوفيات ‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫أما ادعاء سوء التغذية فهو بحاجة إلى زيادة وعي من البيت والسرة‬
‫والمدرسة والجامعة ووسائل العلم ودور الرعاية الصحية التي لو تم‬
‫استخدامها بطريقة سليمة ودقيقة لحدثت نقلة نوعية فائقة في هذا المر ‪.‬‬
‫‪ .6‬نشرت صحيفة الحياة اليومية المحلية تقريرا ً صادرا ً عن مركز دراسات‬
‫الزواج بجامعة روتشرز مفاده أن نسبة الزواج في الوليات المتحدة‬
‫المريكية قد هبطت إلى أدنى من الرقم القياسي في نهاية القرن الحالي‬
‫ويعزو هذا النخفاض إلى السباب التالية ‪:‬‬
‫أ‪ .‬إن المريكيين يؤجلون سن الزواج إلى سن أكبر ففي عام ‪ 1960‬كان‬
‫متوسط العمر للزواج ‪ 20‬سنة للفتاة و ‪ 23‬سنة للرجل وفي عام ‪1997‬‬
‫ارتفع ‪ 25‬للفتاة و ‪ 27‬للرجال ‪.‬‬
‫ب‪ .‬يقول التقرير إنه كلما تأخر سن الزواج كلما فكر الناس أكثر في عدم‬
‫الزواج ونتيجة لذلك إن أمريكيات كثيرات يلدن ويربين أطفال ً دون زواج ففي‬
‫الستينات ولد ‪ % 25.3‬من إجمالي المواليد في الوليات المتحدة من أمهات‬
‫غير متزوجات بينما ارتفعت هذه النسبة إلى رقم أكبر في عام ‪ 1997‬لتصل‬
‫إلى ‪ % 32‬من المهات غير المتزوجات‪.‬‬
‫ج‪ .‬تأخير سن الزواج أدى إلى ظاهرة تفشي المعاشرة دون زواج حيث يقيم‬
‫رجل وامرأة تحت سقف واحد دون زواج المر الذي زاد من انتشار العلقة‬
‫الجنسية خارج نطاق شرعية الزواج‪.‬‬
‫وخلص التقرير إلى نتائج مهمة منها ‪:‬‬
‫• الزواج مؤسسة اجتماعية حيوية لرعاية وتربية الطفال ‪.‬‬
‫• الزواج هو ) الِغراء ( الذي يلصق الباء والمهات بالطفال ويسهم في‬
‫الصحة البدنية والعاطفية والقتصادية للرجال والنساء والطفال والمة ككل ‪.‬‬
‫• انهيار الزواج وراء مشاكل اجتماعية كبيرة وعلى الحكومة التعامل مع هذا‬
‫بقدر ما تستطيع ‪.‬‬
‫• إن الزواج القوي والسرة المكونة من والدين مصلحة من أهم مصالح‬
‫البلد ‪.‬‬
‫‪ .7‬إن قانون الحوال الشخصية عندما حدد سن الهلية بهذا العمر لم يفرض‬
‫على الناس الزواج في هذا السن بالذات إنما اعتبر أن أقل سن يستطيع‬
‫المرء الزواج فيها هو هذا السن ‪.‬‬
‫وبالنظر إلى سجلت عقود الزواج في المحاكم الشرعية نجد أنه قلما تتزوج‬

‫‪14‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فتاة دون سن السابعة عشر أو دون سن العشرين للشباب ‪.‬‬


‫إن أولياء المور يستطيعون تقدير أمور الزواج المتعلقة ببناتهم فإذا وجد في‬
‫ابنته القدرة على ذلك زوجها ‪ ،‬وإذا لم يجد فيها القدرة على ذلك لم يزوجها ‪.‬‬
‫‪ .8‬إن البحوث العلمية والدراسات العالمية تثبت أنه ل يوجد زيادة في‬
‫مضاعفات الحمل عند النساء اللتي تتراوح أعمارهن ما بين ‪ 19-15‬سنة ‪.‬‬
‫وإن المضاعفات التي تحصل عند الحوامل أقل من ‪ 15‬سنة هي نسبيا ً‬
‫قليلة ‪ .‬هذا ما أثبته العالم المريكي ‪ Satin‬من “‪Parkland Hospital- Texas‬‬
‫إن إيجابيات الزواج والحمل والنجاب في سن مبكر عديدة منها ‪:‬‬
‫‪ -1‬الخصاب ‪ " :‬إمكانية الحمل " إن نسبة الخصوبة" أي الحمل خلل فترة‬
‫الزواج " عند الفتيات في سن مبكر تفوق الفتيات في العمار الخرى ‪.‬‬
‫‪ -2‬الورام الحميدة والخبيثة ‪ :‬إن أورام الثدي والرحم والمبايض هي أقل عند‬
‫النساء اللواتي يبدأن الحمل والنجاب في السنين المبكرة ‪.‬‬
‫‪ -3‬الحمل المهاجر" خارج الرحم " ‪ :‬يثبت العالم المريكي ‪ Rubin‬في أبحاثه‬
‫عام ‪ 1983‬أن حالت الحمل خارج الرحم هي ‪ 1000/ 17,2‬عند النساء‬
‫اللواتي يزدن عن ‪ 35‬سنة ‪ ,‬وأن النسبة تقل إلى ‪ 4،5/1000‬عند النساء‬
‫اللواتي تتراوح أعمارهن ‪ 24-15‬سنة ‪.‬‬
‫‪ -4‬الجهاض ‪ :‬في بحث للعالم المريكي ‪ Hawen‬تزيد نسبة الجهاض من ‪4-2‬‬
‫أضعاف عند النساء بعد ‪ 35‬سنة من العمر ‪.‬‬
‫‪-5‬إن العمليات القيصرية والولدة المبكرة و التشوهات الخلقية ووفاة الجنين‬
‫داخل الرحم ووفاة الطفال بعد الولدة جميعها تزداد نسبيا ً كلما زاد عمر‬
‫الحامل ‪.‬‬
‫‪ .9‬إن الحمل والنجاب هو عمل متكرر وإن المرأة بحاجة إلى فترة زمنية‬
‫طويلة لنجاب ما كتب الله لها من أطفال ‪ .‬فالمرأة التي تتزوج في سن‬
‫ً‬
‫متأخر فإنها سوف تنجب أطفالها وهي في سن متأخر ‪ ،‬ومن المثبت طبيا أن‬
‫المراض المزمنة تبدأ بالظهور أو تزيد استفحال ً كلما تقدم النسان عمرا ً‬
‫وهذه المراض المزمنة تزيد مخاطر الحمل والنجاب وأحيانا ً تقف عائقا ً‬
‫للحمل والنجاب ‪.‬‬
‫ومن إيجابيات الزواج المبكر ‪:‬‬
‫‪ -1‬تحمل الزوجين للمسؤولية وعدم العتماد على الخرين ‪.‬‬
‫‪ -2‬كما أنه يقلل من الوقوع في الرذيلة و النحراف والشذوذ الجنسي ‪.‬‬
‫‪ -3‬وفيه المحافظة على النسل وتعمير الكون وازدهاره ‪.‬‬
‫‪-4‬كما أن فيه التقارب في السن بين الباء والبناء بحيث يكون الفارق في‬
‫السن بينهما قليل ً يستطيع الباء من خلل ذلك رعاية أبنائهم والسهر على‬
‫راحتهم وهم أقوياء كما يستفيدون من خدمة أبنائهم لهم ‪.‬‬
‫دراسة حول زواج الفتيات لقل من سن سبعة عشر عاما ً من خلل سجلت‬
‫عقود الزواج في إحدى المحاكم الشرعية في إحدى المدن الفلسطينية ‪.‬‬
‫قام أحد الباحثين بإجراء الدراسة من خلل سجلت عقود زواج المحكمة‬
‫الشرعية خلل عام ‪ 1999‬م وكانت حسب التالي ‪:‬‬
‫‪ -1‬تم عمل الدراسة على ثلثمائة عقد زواج تم إجراؤها في المحكمة‬
‫الشرعية ‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫‪15‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ -2‬تبين من خلل الدراسة أن تسع وستين حالة زواج كان عمر الزوجة فيها‬
‫أقل من سن ‪ 17‬عاما ً‬
‫‪ -3‬الفتيات اللواتي تم إجراء عقود زواجهن فوق ستة عشر عاما ً من الرقم‬
‫تسع وستين بلغ سبع وثلثون حالة ‪.‬‬
‫‪ -4‬الفتيات اللواتي تم إجراء عقود زواج لهن فوق سن خمسة عشر عاما ً بلغ‬
‫اثنتان وثلثون حالة ‪.‬‬
‫و من خلل الدراسة ظهرت النتائج التالية ‪:‬‬
‫أ‪ -‬نسبة الزواج لقل من ستة عشر عاما ً تساوي ‪ %10‬من حالت الزواج‬
‫فقط ‪.‬‬
‫ً‬
‫ب‪ -‬لم يتبين أي حالة زواج أقل من سبعة عشر عاما للرجال وإنما تزيد عن‬
‫ذلك بكثير ‪.‬‬
‫ج‪ -‬الغالبية العظمى من الفتيات اللواتي تم إجراء عقود زواجهن في المحكمة‬
‫وتقل أعمارهن عن ستة عشر عاما ً هن من القرى ‪.‬‬
‫وعليه فإننا نستطيع القول أن الصراخ العالي الذي تطلقه مراكز المرأة حول‬
‫تأخير سن الزواج ليس له داع من الناحية العلمية من خلل البحث والحصاء‬
‫في سجلت المحكمة من حيث أن عشرة بالمائة من العقود فقط تقل‬
‫أعمارهن عن السن المقترح من قبل تلك المراكز بالضافة إلى أن هذه‬
‫النسبة تقل إلى النصف أو أكثر إذا عرفنا أن إجراء العقد ل يعني الزواج من‬
‫الناحية العملية ‪ ،‬بل إن عملية الزواج ربما ل تتم إل بعد عام أو أكثر من تاريخ‬
‫كتابة العقد ‪.‬‬
‫لذلك نستطيع القول أن هذه الدعوة ما هي إل أفكار ماكرة وأراء خبيثة‬
‫تطلقها أبواق الحقد والمكر اتجاه مشروع الزواج في الشريعة السلمية ‪.‬‬
‫وختاما ً فإني أقول إنه ل يجوز شرعا ً سن قانون يحظر الزواج قبل الثامنة‬
‫عشرة لما يترتب على ذلك من مفاسد كثيرة ‪ .‬ومع أنني من أنصار التبكير‬
‫في الزواج وأحث على ذلك ولكنني أرى أنه ينبغي أن يكون الزوجان قد أتما‬
‫المرحلة الجامعية الولى وهذا ل يعني منع حالت الزواج في أقل من ذلك‬
‫وحسب ما حدده قانون الحوال الشخصية ‪.‬‬
‫والله الهادي إلى سواء السبيل‬

‫)‪(4 /‬‬

‫الزواج لماذا؟‪2...‬‬
‫الزواج إشباع وتكامل‪:‬‬
‫مفكرة السلم ‪ :‬إن الحاجة إلى الزواج تشمل أربعة عناصر مترابطة‬
‫ومتداخلة وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬الحاجة إلى السكن النفسي بالزواج‪.‬‬
‫‪ -2‬الحاجة إلى الشعور بالنوع وتحقيقه‪.‬‬
‫‪ -3‬الحاجة إلى الشباع الغريزي‪.‬‬
‫‪ -4‬الحاجة إلى تحقيق التكامل بالزواج‪.‬‬
‫حا في النقطتين الولى والثانية‪،‬‬
‫حا واض ً‬
‫وقد تناولنا في المقال السابق شر ً‬
‫والن فإنك عزيزي القارئ في شوق إلى تفصيل العنصرين التاليين‪ ،‬وسبر‬
‫أغوار هذا المبهم‪.‬‬
‫وإليك فيما يلي إضاءة هذا الغموض‪ ،‬فتابع معي‪:‬‬
‫‪ -3‬الحاجة إلى الشباع الغريزي‪:‬‬

‫‪16‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫هناك استعداد فطري غريزي للزواج‪ ،‬وهذا الستعداد يكون بعد تمام البلوغ‬
‫للفتى وللفتاة وما يصاحب البلوغ من تغيرات جسمية ونفسية‪.‬‬
‫فبالنسبة للفتى نجد مظاهر متعددة للبلوغ من نبوت الشعر‪ ،‬وحدوث القذف‬
‫والحتلم‪ ،‬ونمو العضاء التناسلية‪ ،‬والقدرة على النجاب‪ ،‬وظهور شعر الوجه‬
‫عند الذكور‪ ،‬والحيض عند الناث‪ ،‬وكل هذه الظواهر وغيرها تلح على الفتى‬
‫والفتاة‪ ،‬وتؤذنهما بالستعداد الغريزي‪ ،‬والحاجة إلى إشباع هذه الغريزة‪.‬‬
‫والزواج هو الطريق الفطري الطبيعي لتلبية الحاجة الغريزية‪ ،‬والشوق‬
‫والميل الجنسي للخر أمر يؤكده السلم ويؤصله‪ ،‬ويبين السلوب الناجح في‬
‫إشباعه وتوجيهه‪ ،‬لن منهج السلم منهج فطري واقعي‪.‬‬
‫فعن ابن مسعود رضي الله عنه‪ ،‬عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪:‬‬
‫]]يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج‪ ،‬فإنه أغض للبصر‪،‬‬
‫وأحصن للفرج‪ ،‬ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء[[ أخرجه البخاري‬
‫ومسلم‪.‬‬
‫ومن النصوص النبوية العجيبة البليغة نجد ما يؤكد على المر بالزواج وحب‬
‫النساء‪ ،‬والميل إلى الجنس الخر‪ ،‬ولكن كيف نشبع هذا الميل؟ وكيف نشبع‬
‫هذه الغريزية؟‬
‫إن عملية الشباع هذه تكون بطرق سوية أو غير سوية‪:‬‬
‫فأما الطرق غير السوية فتختلف من إنسان لخر في مستوى النحراف‪،‬‬
‫والكيفية‪ ،‬فمن مفتن بالمجلت الخليعة الماجنة‪ ،‬ومن قارئ للكتب والقصص‬
‫الجنسية المكشوفة‪ ،‬ومن متابع للفلم والمسلسلت الغرامية والعاطفية‪،‬‬
‫ومن مستخدم للعادة السرية‪ ،‬ومن واقع في الفاحشة بأنواعها‪.‬‬
‫أما الطريق السوي للشباع هذه الغريزة الفطرية‪ ،‬فإنه طريق واحد ل ثاني‬
‫له‪ ،‬وهو طريق الزواج‪.‬‬
‫والنسان الذي لديه القدرة على إرضاء حاجاته البيولوجية والنفسية إرضاًء‬
‫مناسًبا‪ ،‬يتناسب مع إنسانيته ويتناسب مع شرعنا الحنيف؛ فإنه يتمتع بشيء‬
‫دا‪ ،‬وهو الصحة النفسية‪.‬‬ ‫هام ج ً‬
‫وانظر معنا إلى حبيبنا صلى الله عليه وسلم وهو يعلمنا كيف نشبع فطرتنا‬
‫بما ل ينافي شرعنا‪ ،‬وأن نبينا عندما قال لثلثة من الرجال زهدوا فيما أحل‬
‫الله لهم‪ ،‬فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم‪]] :‬أنتم الذين قلتم كذا‬
‫وكذا؟ أما والله إني لخشاكم لله واتقاكم له؛ ولكني أصوم وأفطر‪ ،‬وأصلي‬
‫وأرقد‪ ،‬وأتزوج النساء‪ ،‬فمن رغب عن سنتي فليس مني[[‪ .‬متفق عليه ‪.‬‬
‫ي من دنياكم النساء‬ ‫ب إل ّ‬
‫حب ّ َ‬
‫وانظر إلى قوله صلى الله عليه وسلم‪ُ ]] :‬‬
‫جعلت قرة عيني في الصلة[[‪ .‬صححه اللباني في صحيح الجامع‪.‬‬ ‫والطيب و ُ‬
‫ّ‬
‫وخلصة القول أن الزواج هو استجابة فطرية لتلبية دافع فطري وحاجة جبلية‬
‫ملحة‪ ،‬والطريق الفطري لتلبية هذه الحاجة هو الزواج‪.‬‬
‫‪ -4‬الحاجة إلى تحقيق التكامل بالزواج‪:‬‬
‫إن هناك شعور من الرجل بنقصه دون امرأة‪ ،‬وشعور المرأة بنقصها دون‬
‫رجل‪ ،‬وهذا الشعور منبعث من حقيقة فطرية وسنة نفسية تكمن في أصل‬
‫تكوين النسان‪ ،‬وهو أن الرجل والمرأة عنصران متكاملن وليسا متماثلين‪،‬‬
‫مل الخر‪ ،‬ولهذا اعتبر اقتران الرجل بالرجل أو المرأة بالمرأة‬ ‫فأحدهما يك ّ‬
‫شذوًذا تحظره الديان‪ ،‬وتأنفه الفطرة والذواق السليمة‪ ،‬ويعارضه العقل‬
‫ويستهجنه العرف‪.‬‬
‫إن المرأة والرجل في الحياة النسانية كالسالب والموجب في الطاقة‬
‫الكهربائية‪ ،‬والليل والنهار في الدورة اليومية‪ ،‬والرض والمطر في الحياة‬

‫‪17‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫النباتية‪ ،‬ل يستغني أحدهما عن الخر‪.‬‬


‫فإذا كان الرجل يمثل نصف وحدة فإن النصف الخر هو المرأة ل سواها‪.‬‬
‫وحنين النسان إلى نصفه الخر‪ ،‬وشوقه إليه وسعيه للقتران به أمر طبيعي‬
‫فطري‪ ،‬وخلفه خلف الفطرة‪.‬‬
‫بل قد يكون المر أعمق من ذلك كما يقول أحد الدباء‪:‬‬
‫]]يختلف حب الرجل للمرأة عن حبها له‪ ،‬لنفصالها عنه وكونه لها أصًل‪،‬‬
‫عا منه‪ ،‬فحبها له كحنين الغريب إلى وطنه‪ ،‬وهو يحن إليها حنين‬ ‫وكونها فر ً‬
‫الكل إلى جزئه الذي انفصل عنه‪ ،‬لذلك هو يحس بالنقص لفقدها‪ ،‬وهي تحس‬
‫بالضياع لبعده‪ ،‬كضياع الغريب في غربته[[‪.‬‬
‫ما لهذا المعنى عندما أوصت أم اياس ابنتها قبل‬ ‫ولقد فطنت المرأة قدي ً‬
‫زفافها‪ ،‬فقالت لها‪:‬‬
‫ت‬ ‫ّ‬
‫]]أي ُبنية إنك فارقت الجو الذي منه خرجت‪ ،‬وخلفت العش الذي فيه درج ِ‬
‫إلى وكر لم تعرفيه وقرين لم تألفينه‪ ،‬ولو أن امرأة استغنت عن الزوج لفنى‬
‫خلقن‪,‬‬‫أبويها وشدة حاجتها إليها؛ كنت أغنى الناس عنه‪ ،‬ولكن النساء للرجال ُ‬
‫خلق الرجال[[‪.‬‬‫ولهن ُ‬

‫)‪(1 /‬‬

‫وهكذا فإن النسان قبل الزواج ل تستقر نفسه‪ ،‬ول تهدأ روحه‪ ،‬ول يشعر‬
‫بالطمأنينة والمتلء النفسي حتى ينضم إليه إلفه‪ ،‬ويجتمع بمحبوبه‪ ،‬ويسكن‬
‫ن ال ّ ِ‬
‫ذي‬ ‫حا َ‬
‫سب ْ َ‬
‫إلى زوجه‪ ،‬حيث تتم النعمة وتتحقق الحكمة‪ ،‬كما قال تعالى‪ُ ]] :‬‬
‫ن[[ ]يس ‪:‬‬ ‫مو َ‬‫ما َل ي َعْل َ ُ‬
‫م ّ‬
‫م وَ ِ‬ ‫سهِ ْ‬ ‫ف ِ‬‫ن َأن ُ‬‫م ْ‬ ‫ض وَ ِ‬ ‫َ‬
‫ت اْلْر ُ‬ ‫ما ُتنب ِ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫خل َقَ اْل َْزَوا َ‬
‫ج ك ُل َّها ِ‬ ‫َ‬
‫‪[36‬‬
‫خلقَ الذ ّك ََر‬‫َ‬ ‫ما َ‬‫جلى ]‪ [2‬وَ َ‬ ‫ّ‬ ‫شى ]‪َ [1‬والن َّهارِ إ َِذا ت َ َ‬ ‫ل إ َِذا ي َغْ َ‬ ‫ّ‬
‫وقال تعالى‪َ]] :‬واللي ْ ِ‬
‫لنَثى [[]الليل‪.[1:3:‬‬ ‫وا ْ ُ‬
‫َ‬
‫)‪(2 /‬‬

‫الزواج لماذا؟ لماذا الحاجة إلى الزواج؟‬


‫وصرخت الطبيبة‪:‬‬
‫جا‪ ،‬خذوا شهاداتي ومعاطفي‬ ‫مفكرة السلم ‪ :‬خذوا شهاداتي وأعطوني زو ً‬
‫وكل مراجعي‪ ،‬وجالب السعادة المزيفة ]تعنى المال[ واسمعوني كلمة ماما‪،‬‬
‫لقد كنت أرجو أن ُيقال طبيبة‪ ،‬فقيلت وما نالني من مقالها‪.‬‬
‫ي قدوة هي اليوم بين الناس ُيرثى لها‬ ‫فقل للتي كانت ترى ف ّ‬
‫وكل مناها بعض طفل تضمه هل ممكن أن تشريه بمالها‬
‫وقال شاب‪:‬‬
‫إلهي‪ ...‬أضطرم القلب بنار الشهوات‪ ،‬وتشتت الفكر بالخطرات‪ ،‬وارتفع‬
‫صن فرجي‪ ،‬اللهم أعني‬ ‫الصوت بالعبرات‪ ،‬اللهم طهر قلبي‪ ،‬واغفر ذنبي‪ ،‬وح ّ‬
‫على سلوك طريق العفاف‪.‬‬
‫ُ‬
‫دت الطرق إل طريقك‪ ،‬وأغلقت البواب إل بابك وأنت تعلم حاجتي‪،‬‬ ‫س ّ‬
‫اللهم ُ‬
‫اللهم يسر لي الزواج‪ ،‬أريد أن أتزوج يا ربي‪.‬‬
‫عزيزي القارئ‪ ،‬عزيزتي القارئة‪ ،‬هكذا يحلم كل شاب وفتاة‪ ،‬يحلم بالزواج‪،‬‬
‫لماذا؟‬
‫لن كل إنسان رجل أو امرأة يحتاج إلى الزواج كحاجته إلى الطعام والشراب‬

‫‪18‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫والنوم‪ ،‬وهذه حاجات عضوية‪ ،‬وفي نفس الوقت الزواج يمثل حاجة نفسية‬
‫ضا‪.‬‬
‫أي ً‬
‫وقبل أن ندخل في تفصيل ذلك لبد أن نتوقف عند معنى الحاجة في علم‬
‫النفس وبشكل خاص كما جاء في هرم الحاجات لعالم النفس الشهير‬
‫ماسلو‪:‬‬
‫الحاجة هي‪ :‬الفتقار إلى شيء إذا ُوجد حقق الشباع والرتياح للكائن الحي‪،‬‬
‫والحاجات توجه السلوك سعًيا لشباعها‪.‬‬
‫ومن أمثلة الحاجات الفسيولوجية حاجة النسان إلى الماء والغذاء والهواء‬
‫والجنس والنوم‪ ....‬الخ‪.‬‬
‫ومن أمثلة الحاجات النفسية الحاجة إلى الحب والقبول والتقدير وتحقيق‬
‫الذات والمن والسكن‪ ...‬الخ‪.‬‬
‫والحاجة إلى الزواج تشمل أربعة عناصر مترابطة ومتداخلة نذكرها فيما يلي‪:‬‬
‫العناصر الساسية الربعة‪:‬‬
‫‪ -1‬الحاجة إلى السكن النفسي بالزواج‪.‬‬
‫‪ -2‬الحاجة إلى الشعور بالنوع وتحقيقه‪.‬‬
‫‪ -3‬الحاجة إلى الشباع الغريزي‪.‬‬
‫‪ -4‬الحاجة إلى تحقيق التكامل بالزواج‪.‬‬
‫وإذا لم يحقق الزواج هذه العناصر الربعة‪ ،‬أو تخلف أحد منهم؛ فإن الزواج‬
‫صا بقدر النقص الموجود في هذه العناصر‪.‬‬ ‫قا وناق ً‬
‫يكون مخف ً‬
‫ونحن متأكدون أن القارئ يريد المزيد من التوضيح في هذه العناصر الهامة‬
‫طا لمضمون كل عنصر ذكرناه‪.‬‬ ‫حا مبس ً‬ ‫الربعة‪ ،‬وفيما يلي شر ً‬
‫‪ -1‬الحاجة إلى السكن النفسي‪.‬‬
‫فمن وظائف الزواج أنه يمنح السكن النفسي‪ ،‬انظر إلى قوله الله تعالى‪:‬‬
‫]]ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة‬
‫ورحمة إن في ذلك ليات لقوم يتفكرون[[ ]الروم ‪.[21 :‬‬
‫فالسكن والمودة والرحمة من الحاجات النفسية التي يحتاجها النسان‬
‫ويسعى إلى تحقيقها بالزواج‪ ،‬فالنسان قبل الزواج يعيش حالة من الشتات‬
‫والقلق وفقدان الستقرار‪ ،‬واذكر أن شاًبا كلما لقي أحد طلب منه الدعاء‪،‬‬
‫والسبب أنه يريد الزواج ليستقر‪ ،‬وهذه حقيقة أن النسان ل يستقر إل‬
‫بالزواج‪ ،‬ول يسكن إل إليه‪ ،‬ول يطمئن إل بتحقيقه‪.‬‬
‫واليات السابقة تشير إلى النعمة النفسية والجتماعية العظيمة التي منحها‬
‫الله لهم بهذا التآلف والتجاوب بين الجنسين‪.‬‬
‫وقد أشارت دراسات عديدة إلى الفروق بين المتزوجين وغير المتزوجين من‬
‫حيث الستقرار‪ ،‬ونوع التجاه والنشاط لقضاء وقت الفراغ‪ ،‬ومن ذلك‬
‫الدراسة التي قام بها مركز أبحاث لدراسة التجاه العام الذي يسلكه هؤلء‬
‫الشباب في قضاء وقت الفراغ‪ ،‬وقد دلت هذه الدراسة على نزوع المتزوجين‬
‫إلى الستقرار‪ ،‬والتجاه إلى النشاطات الثقافية‪ ،‬ونزوع غير المتزوجين إلى‬
‫المسالك النفعالية ]مثل‪ :‬معاكسة النساء‪ ،‬والتفحيط‪ ،‬التعصب الرياضي‪،‬‬
‫مشاهدة الفلم الخليعة‪ ،‬التسكع[ والعاطفية‪ ،‬وإلي الجنوح أحياًنا‪.‬‬
‫‪ -2‬الحاجة إلى الشعور بالنوع وتحقيقه‪:‬‬
‫قالت دكتورة الصحة النفسية في أحدى محاضراتها لطلبة وطالبات دبلوم‬
‫الدارسات العليا قسم الرشاد النفسي‪ :‬ل بد أن نربي الولد على أنه ولد‪،‬‬
‫والبنت على أنها بنت؛ لتأكيد النوع والدور الذي سيقوم به كل نوع في السرة‬
‫والمجتمع‪ ،‬وذكرت حالة كانت تتابعها لعلجها‪ ،‬فتابع معي عزيزي وعزيزتي‬

‫‪19‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫القارئة‪:‬‬
‫هذا طالب في الثانوية يشكو أنه يحب أن يكون أنثى وليس رجل‪ ،‬وبالتالي هو‬
‫يهتم بنعومة بشرته وتصفيف شعره وجمال ملبسه وعذوبة صوته بشكل غير‬
‫طبيعي‪ ،‬ويتصرف وكأنه امرأة‪.‬‬
‫وقد اكتشفت الدكتورة سبب هذه العراض عليه‪ ،‬وهي أنه وهو صغير كانت‬
‫دا وُرزقت بهذا الولد‪،‬‬
‫أمه تعامله على أنه بنت؛ لنها كانت تحب البنات ج ً‬
‫دا تلبسه‬‫فكانت هذه التربية الخاطئة لهذا الشبل الصغير تربية ناعمة ج ً‬
‫ملبس البنات‪ ،‬وتسرح له مثل البنات‪ ،‬وتضع له مكياج على وجهه‪ ،‬ومانكير‬
‫على أظافره‪ ،‬ويا لها من مصيبة‪ ،‬وكانت تفرح وتضحك بما تفعل‪ ،‬ول تدري‬
‫أنها كانت سبًبا في مشكلة نفسية كبيرة عند هذا الطفل صاحب السنتين‪،‬‬
‫عندما كبر ووصل إلى الثانوية‪.‬‬
‫وقد عالج لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه القضية منذ أكثر من ألف‬
‫وأربعمائة عام‪ ،‬عندما قال عنه ابن عباس رضي الله عنهما‪]] :‬لعن رسول‬
‫الله ‪ r‬المخنثين من الرجال والمترجلت من النساء[[ أخرجه البخاري‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪]] :‬لعن رسول الله ‪ r‬الرجل يلبس لبسة‬
‫المرأة‪ ،‬والمرأة تلبس لبسة الرجل[[ أخرجه أبو داود‪.‬‬
‫ضا فيما رواه البخاري ومسلم‪]] :‬لعن رسول الله ‪ r‬المتشبهين من‬ ‫وجاء أي ً‬
‫الرجال بالنساء‪ ،‬والمتشبهات من النساء بالرجال [[ رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫ولعل من أسباب النهي عن تشبه كل جنس بالخر ما للثياب والوضاع من أثر‬
‫خطير في النفس ينتقل إلى السلوك‪ ،‬فإذا تشبهت المرأة بالرجل مالت إلى‬
‫أعماله وتطبعت بطبعه وفقدت أنوثتها‪.‬‬
‫وكذلك الحال عند الرجال‪ ،‬وفي ذلك تبديل للفطرة‪.‬‬
‫ومن العجيب أن في جسم النسان غدًدا تفرز هرمونات النوثة وهرمونات‬
‫الذكورة‪ ،‬وتزيد هرمونات النوثة على هرمونات الذكورة والعكس‪ ،‬تبًعا‬
‫للسلوك والتشبه‪.‬‬
‫فإذا سلكت المرأة مسلك الرجل في لباسها وحركاتها وأعمالها؛ زادت‬
‫الهرمونات الذكرية على الهرمونات النثوية‪ ،‬وأصبحت المرأة تشبه الرجل‪،‬‬
‫وفي ذلك قلب للمفاهيم ومسخ للفطرة‪ ،‬وكذلك الحال بالنسبة للرجل عندما‬
‫يسلك مسلك الناث في لباسه وأوضاعه‪ ،‬حتى في حلق لحيته؛ فإنه بذلك‬
‫يفقد خصائص الرجولة وقوتها‪.‬‬
‫وعندما يقترن الزوج بالزوجة كرجل‪ ،‬وتقترن الزوجة بالزوج كامرأة؛ يتأكد‬
‫الحساس بالنوع‪ ،‬ويمارس كل منهم دوره‪.‬‬
‫فالرجل يتميز بقوة نفسية ومعنوية‪ ،‬وقوة جسمية وخشونة‪ ،‬وصفات التحمل‬
‫والحماية‪ ،‬والمرأة تتميز بحنان وعطف ورحمة وجمال ورقة ونعومة‪ ،‬وبالتالي‬
‫تمارس دور النوثة‪.‬‬
‫ضا تمقت تخنث الرجل‪،‬‬ ‫ول شك أن الرجل يمقت ترجل المرأة‪ ،‬والمرأة أي ً‬
‫وعندما يتشبه الرجل بالمرأة أو المرأة بالرجل؛ فإنهما يضادان الفطرة‬
‫والجبلة؛ فيحصل الشذوذ‪ ،‬وتتعطل السنن النفسية أو تضطرب‪ ،‬ثم تحدث‬
‫المراض النفسية والجتماعية‪.‬‬
‫ولذلك نهى السلم عن التشبه‪ ،‬وتوعد عليه أشد الوعيد لما فيه من مخالفة‬
‫الفطرة‪ ،‬واختلط السنن‪ ،‬واختلل القواعد التي تضبط سير النسان‪ ،‬وتقويض‬

‫‪20‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الثوابت النفسية والجتماعية التي تضمن للنسان المتعة‪ ،‬والطمأنينة‬


‫والستقرار النفسي‪.‬‬
‫فسلوك التخنث والترجل والتشبه‪ ،‬سلوك شاذ يصطدم مع الفطرة‪ ،‬ول يتلءم‬
‫مع طبيعة الحياة النفسية‪ ،‬والمنهج السلمي يريد أن يحتفظ كل جنس‬
‫بنوعه‪ ،‬وأن يشعر بتميزه‪ ،‬ويحارب السعي لطمس الفطرة وإماتة الحساس‬
‫بها‪.‬‬
‫وخلصة القول‪:‬‬
‫إن الحتفاظ بالجنس أو النوع والشعور به مطلب مهم للنسان‪ ،‬وخروج كل‬
‫عن دائرته يشقى النسان‪ ،‬ويشعره بالنقص والخواء وعدم الستقرار‪ ،‬وهو‬
‫يشعر الجنسين بالتضارب في الدوار‪.‬‬
‫وعندما نرى الفتى في مرحلة المراهقة والبلوغ؛ تظهر عليه معالم الرجولة‬
‫وأمارات الذكورة التي تميزه عن الفتاة‪ ،‬وتشعره بنوعه وجنسه‪ ،‬والفتاة‬
‫تظهر عليها معالم النساء وأمارات النوثة التي تميزها عن الفتى‪ ،‬وتشعرها‬
‫بنوعها وجنسها‪.‬‬
‫والزواج هو الذي يجعل الفتى والفتاة يمارسان الدور الحقيقي كل حسب‬
‫نوعه‪ ،‬مما يلبي هذه الحاجة الفطرية وهي الحساس بالنوع والتميز به‪.‬‬
‫تابع معنا عزيزي القارئ المقال التالي لنكمل مًعا العناصر الربعة الساسية‬
‫في موضوع الحاجة إلى الزواج‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫الزواج من الزانية‬
‫رقم الفتوى‬
‫‪10721‬‬
‫تاريخ الفتوى‬
‫‪ 21/12/1425‬هـ ‪01-02-2005 --‬‬
‫السؤال‬
‫ة أو مشركة( هل المقصود‬ ‫ما معنى قول الله تعالى )الزاني ل ينكح إل زاني ً‬
‫في ل ينكح أي ل يتزوج وهل المشركة هنا هي الكافرة أو التي أشركت مع‬
‫زوجها غيره ؟‬
‫الجابة‬
‫الحمد لله وبعد ‪،‬‬
‫يقول المام ابن كثير رحمه الله تعالى في معنى الية الكريمة ) الّزاِني ل‬
‫ة ()النور‪ :‬من الية ‪ :(3‬هذا خبر من الله تعالى بأن‬ ‫شرِك َ ً‬
‫م ْ‬ ‫ينكح إّل زان ِي ً َ‬
‫ة أوْ ُ‬ ‫َْ ِ ُ ِ َ َ‬
‫الزاني ل يطأ إل زانية أو مشركة أي ل يطاوعه على مراده من الزنا إل زانية‬
‫ن أ َْو‬
‫حَها إ ِّل َزا ٍ‬
‫ة ل ي َن ْك ِ ُ‬‫عاصية أو مشركة ل ترى حرمة ذلك ‪ .‬وكذلك ) َوالّزان ِي َ ُ‬
‫ك ()النور‪ :‬من الية ‪ (3‬أي عاص بزناه أو مشرك ل يعتقد تحريمه ‪ ،‬قال‬ ‫شرِ ٌ‬
‫م ْ‬
‫ُ‬
‫سفيان الثوري عن حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس‬
‫ة ( قال ليس هذا‬ ‫شرِك َ ً‬ ‫م ْ‬ ‫رضي الله عنهما ‪ ) ) :‬الزاِني ل ينكح إّل زان ِي ً َ‬
‫ة أوْ ُ‬ ‫َْ ِ ُ ِ َ َ‬ ‫ّ‬
‫بالنكاح وإنما هو الجماع ل يزني بها إل زان أو مشرك ‪.‬‬
‫إذن فالمقصود بالمشركة هنا الكافرة التي تستحل الزنا ‪ .‬والله أعلم وأحك‬

‫)‪(1 /‬‬

‫‪21‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الزواج من المرأة العاملة بين الرفض والقبول‬


‫أيمن محمود محمد على*‬
‫إن ما ذهبت إليه معاهدة مناهضة العنف ضد المرآة في الونة الخيرة‪ ،‬وما‬
‫ترتبت عليه من اتفاقيات من ضمنها الحق في عمل المرأة‪ ،‬والتدرج في‬
‫الوظيفة؛ وذلك لحفظ عزتها وكرامتها وماء وجهها تضامنا مع مقولة )من ل‬
‫يملك قوته ل يملك قراره(‪ ،‬وإن عملها هذا يجنبها جور الزمان‪ ،‬وقسوة اليام‪.‬‬
‫إن شظف العيش‪ ،‬وحالة الضنك المزري التي عمت كافة طبقات المجتمع‪،‬‬
‫وخصوصا الشباب‪ ،‬والذين يأملون في إكمال نصف دينهم‪ ،‬ولكن تطول قائمة‬
‫مستلزمات الزواج وتكاليفه ‪ -‬أجبرتهم على القتران بمن هي عاملة؛ وذلك‬
‫للتكاتف والتعاضد لمجابهة الظروف الحياتية الصعبة‪ ..‬وأصبحت أولي أوليات‬
‫المتطلبات المرجوة لهؤلء الشباب في شريكة حياتهم هي القتران بمن هي‬
‫موظفة بالرغم من أن هذا ل يصب في مصلحة استمرار واستقرار الحياة‬
‫الزوجية بينهما‪ ..‬بل من السلبيات فيه أن المرأة العاملة تأتي إلي البيت‬
‫خاملة‪ ،‬ومتعبة جراء المواصلت‪ ،‬وكثرة المعاملت في سياق عملها‪ ..‬هذا‬
‫فضل عن ضعف الهتمام‪ ،‬ورعاية البناء والذي يسوده نوع من الجفاء؛ نظرا‬
‫لغيابها عنهم معظم اليوم‪ ،‬وتركهم مع زويها‪ ،‬أو في الحضانات أو عند‬
‫الجيران‪..‬‬
‫الحل في الزواج من المرأة العاملة‬
‫• عبد المنعم التوم الطيب ‪ -‬موظف‪:‬‬
‫• أري أن الزواج من المرأة العاملة به كافة الحلول لعزوف الشباب عن‬
‫الزواج تحت مسمي الحالة القتصادية السيئة‪ ،‬ويمكن أن يتلفوا هذه‬
‫المشكلة بالمشاركة والتعاون الكامل بينهما؛ لبناء ذلك المشروع الضخم‪..‬‬
‫وأنا ل أري به أيّ سلبيات اللهم إل عدم التنسيق‪ ،‬والتوفيق بين قضاياهم‪.‬‬
‫ست بيت مدبر واقتصادية‬
‫• أنور إبراهيم محمد – تاجر‪:‬‬
‫• بصراحة نحن ناس أقاليم‪ ،‬والتربية والتنشئة الجتماعية تحتم علينا الزواج‬
‫من المرأة التي يدور فلكها حول عالم البيت‪ ،‬ومتابعة شؤون الطفال‪،‬‬
‫ورعايتهم‪ ..‬وهذا أهم شيء عندي‪ ..‬أنا سوف أتكفل بكافة المنصرفات‬
‫السرية لها ولطفالنا بما قسمه الله سبحانه وتعالي؛ إًذا ل بد لشريكة حياتي‬
‫أن تكون قنوعة‪ ،‬وعينها مليانة‪ ،‬وست بيت مدبرة واقتصادية‪.‬‬
‫وضع خطة للتوفيق والتنسيق‬
‫• عمر كرم الله عبد الرحمن ‪ -‬قوات نظامية‪:‬‬
‫• أرغب في الزواج من عاملة لمجابهة متطلبات الحياة والمشاركة في أعباء‬
‫المعيشة؛ والزمن أصبح قاسيا‪ ،‬والسعار مرتفعة في كل شيء بدأ ً من إيجار‬
‫المنزل‪ ،‬وانتهاًءا بالمصروفات الغذائية‪ ،‬وكذلك التعليم‪ ،‬والصحة‪ ،‬والرعاية‬
‫الجتماعية‪ ..‬وإن شاء الله سوف نضع خطة للتكيف مع هذه المرحلة‪،‬‬
‫والتوفيق بين أدائها لعملها وإيفائها بحقوقي‪ ،‬وحقوق منزلي‪.‬‬
‫عدم اللتزام بالحقوق الزوجية‬
‫• مصعب مصطفي محمد ‪ -‬طالب حاسوب‪:‬‬
‫• بالرغم من الحالة القتصادية المذرية‪ ،‬وتدني مستوى المعيشة فل أرغب‬
‫في الزواج من امرأة عاملة ؛لني ل أضمن التزامها‪ ،‬وإيفائها بحقوقي‪،‬‬
‫وواجبات أبنائي؛ من نظافتهم‪ ،‬واستذكار دروسهم‪ ،‬وأيضا العباء المنزلية‬
‫الجسيمة؛ لن عملها أو وظيفتها ل يمكنها أبدا التوفيق بينه وبين واجباتها‬
‫سالفة الذكر‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫العدو الفاق ‪ ..‬وهو الطلق‬


‫• حافظ عبد القيوم عبد الرحيم ‪ -‬خريج هندسة ميكانيكا‪:‬‬
‫• أرغبها عاملة لكن بشرط في مجالت معينة؛ بمعني أن يكون عمل ليس‬
‫بالمرهق لها؛ لنها بذلك الرهاق ل يمكنها أن تقوم بالوردية الثانية بالمنزل‪،‬‬
‫كما ينبغي لها؛ المر الذي يؤدي إلى المشاحنات؛ ويمكن أن يمهد لبذر بزور‬
‫الخلفات السرية‪ ،‬وتصدع‪ ،‬وتفكك العلقات الحميمة بيننا‪ ،‬وربما يشن‬
‫عدوهم الول غارته عليهما‪ ..‬هذا العدو الفاق‪ ..‬وهو الطلق‪ ..‬والعياذ بالله‬
‫تعالى‪.‬‬
‫التوفيق بين الفائل والدقيق‬
‫• عبد المحمود علي بيكة ‪ -‬عامل باليومية‪:‬‬
‫• عمل المرأة سلح لها في وجه الزمان‪ ..‬وأنا أرى أنه ل يوجد بعملها تعارض‬
‫م لبناء‪ ،‬ويمكن التوفيق بين الفائل والدقيق‬ ‫ُ‬
‫مع وظيفتها كربة منزل أو أ ّ‬
‫بتوزيع الدوار‪ ،‬والتنسيق الكامل بين الزوجين‪ ،‬وأن تسود أجوائهم روح‬
‫التعاون )تعاونوا على البر والتقوى ول تعاونوا على الثم والعدوان(‪ ،‬وليس‬
‫في ذلك سلب لحقوق الرجل؛ وإنما تنازله من بعض حقوقه في حدود معينة‬
‫يصب في دفع عجلة الزمن بينهما‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫الزواج والحب‬
‫سلمان بن فهد العودة ‪8/9/1424‬‬
‫‪02/11/2003‬‬
‫ل الحب عواطفها هي تربة لم يشقها المحراث‪ ،‬إن‬ ‫المرأة التي لم ُتدغدغ أنام ُ‬
‫لم ينبت فيها الزرع والثمر‪ ،‬رعت فيها الحشرات والهوام‪.‬‬
‫ولهذا كان الزواج من هدي النبياء والمرسلين ‪:‬‬
‫ة(]الرعد‪.[38:‬‬ ‫م أ َْزَواجا ً وَذ ُّري ّ ً‬ ‫جعَل َْنا ل َهُ ْ‬ ‫يقول الله جل وعل ‪) :‬وَ َ‬
‫هّ‬ ‫ُ‬ ‫خ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫م ل ِل ِ‬‫شاك ْ‬ ‫ما َواللهِ إ ِّني ل ْ‬ ‫وكان سيدنا محمد ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬يقول‪" :‬أ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫وَأ َت ْ َ‬
‫ب‬ ‫ن َرِغ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ساَء ‪ ،‬فَ َ‬ ‫ج الن ّ َ‬ ‫د‪ ،‬وَأت ََزوّ ُ‬ ‫صّلي وَأْرقُ ُ‬ ‫م وَأفْط ُِر ‪ ،‬وَأ َ‬ ‫صو ُ‬ ‫ه‪ ،‬ل َك ِّني أ ُ‬ ‫م لَ ُ‬ ‫قاك ُ ْ‬
‫مّني"‪.‬‬ ‫س ِ‬ ‫سن ِّتي فَل َي ْ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫عَ ْ‬
‫الزواج‪ :‬استجابة لنداء الحق جل وتعالى ‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م( ]النور‪.[32:‬‬ ‫ُ‬
‫مائ ِك ْ‬ ‫م وَإ ِ َ‬ ‫ُ‬
‫عَبادِك ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫حي َ‬ ‫صال ِ ِ‬
‫م َوال ّ‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫مى ِ‬ ‫حوا اْلَيا َ‬ ‫)وَأن ْك ِ ُ‬
‫واستجابة لنداء محمد ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪:-‬‬
‫َ‬
‫ر‪,‬‬ ‫ض ل ِل ْب َ َ‬
‫ص ِ‬ ‫ه أغَ ّ‬ ‫ج فَإ ِن ّ ُ‬ ‫م ال َْباَءة َ فَل ْي َت ََزوّ ْ‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫طاع َ ِ‬ ‫ست َ َ‬ ‫نا ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ب َ‬ ‫شَبا ِ‬‫شَر ال ّ‬ ‫معْ َ‬ ‫"َيا َ‬
‫َ‬
‫جاٌء"‪.‬‬ ‫ه وِ َ‬ ‫ه لَ ُ‬ ‫صوْم ِ فَإ ِن ّ ُ‬ ‫ست َط ِعْ فَعَل َي ْهِ ِبال ّ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫فْرِج‪ ,‬وَ َ‬ ‫ن ل ِل ْ َ‬‫ص ُ‬ ‫ح َ‬ ‫وَأ ْ‬
‫ولذلك قال عمر ‪-‬رضي الله عنه‪ :-‬من دعاك إلى غير الزواج؛ فقد دعاك إلى‬
‫غير السلم‪.‬‬
‫ورأى رجل ً لم يتزوج على كبر سنه؛ فقال‪ :‬ل يترك الزواج إل عاجز أو فاجر‪.‬‬
‫الزواج هو الطريق الشرعي لقضاء الوطر الفطري الذي ينادي ويصيح‬
‫دى إلى الحرام‪:‬‬ ‫بالبدن‪ ،‬فإن وجد الحلل‪ ,‬وإل تع ّ‬
‫ظون * إل عََلى أ َزواجهم أوَ‬ ‫ُ‬
‫ْ َ ِ ِ ْ ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫حافِ‬ ‫م َ‬ ‫جهِ ْ‬ ‫فُرو ِ‬ ‫م لِ ُ‬ ‫ن هُ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫يقول الله ‪-‬جل وعل‪َ) :-‬وال ّ ِ‬
‫َ‬
‫مان ُُهم( ]المؤمنون‪.[6-5:‬‬ ‫ت أي ْ َ‬ ‫مل َك َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫َ‬
‫الزواج‪ :‬من أعظم نعم الله على عباده؛ فهو طريق العفة وطريق السعادة‪،‬‬
‫م أ َْزَواجا ً‬ ‫سك ُ ْ‬
‫ف ِ‬ ‫ن أ َن ْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫خل َقَ ل َك ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫َ‬
‫ن آَيات ِهِ أ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫يقول الله سبحانه وتعالى ‪) :‬وَ ِ‬
‫ة(]الروم‪.[21:‬‬ ‫م ً‬‫ح َ‬ ‫موَد ّة ً وََر ْ‬ ‫م َ‬ ‫ل ب َي ْن َك ُ ْ‬ ‫جعَ َ‬ ‫سك ُُنوا إ ِل َي َْها وَ َ‬ ‫ل ِت َ ْ‬

‫‪23‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫إنني مستعد أن أتخلى عن نساء الدنيا كلها‪ ،‬وحظوظ الدنيا كلها من أجل‬
‫امرأة‪ ،‬إذا تأخرت عليها عن موعد العشاء أصابها القلق وساورها الهم‪.‬‬
‫هكذا نطق أحد الحكماء‪.‬‬
‫الزواج‪ :‬طريق سهل ميسر لكتساب الجر والثواب من الله جل وعل‪.‬‬
‫لقد ارتقى به النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬ليكون عبادة لله سبحانه‪:‬‬
‫َ‬
‫ما‬
‫حّتى َ‬‫ه ِفيَها َ‬‫ك الل ّ ُ‬
‫جَر َ‬
‫ة إ ِل ّ آ َ‬
‫ق ً‬
‫ف َ‬
‫فق ُ ن َ َ‬‫ك ل َ ت ُن ْ ِ‬ ‫ة"‪" ،‬وَإ ِن ّ َ‬ ‫صد َقَ ٌ‬ ‫م َ‬ ‫حدِك ُ ْ‬‫ضِع أ َ‬
‫"وَِفي ب ُ ْ‬
‫ك"‪.‬‬ ‫َ‬
‫مَرأت ِ َ‬ ‫جعَ ُ‬
‫يا ْ‬ ‫ل ِفي فِ ّ‬ ‫تَ ْ‬
‫الزواج السعيد هو القائم على أسس صحيحة‪ ،‬هو قوة للمة‪ ،‬وتجديد لشبابها‪،‬‬
‫وتكثير لجيالها‪.‬‬
‫م"‪.‬‬ ‫ُ‬
‫مكاث ٌِر ب ِك ْ‬ ‫َ‬ ‫جوا ال ْوَُلود َ الوَُدوَد؛ فَإ ِّني ُ‬
‫ْ‬ ‫"ت ََزوّ ُ‬
‫الزواج السعيد فرصة للتعارف بين السر والعوائل‪ ,‬والمدن والبلد‪.‬‬
‫ولقد أسفرت دراسة أجراها طبيب نفسي على الرجال والنساء‪ ،‬في محاولة‬
‫للتعرف أي الجنسين أكثر تقبل ً للسعادة؟‬
‫فوجد أن النساء أقدر من الرجال على استيعاب السعادة‪ ،‬وعلى استيعاب‬
‫التعاسة في الوقت نفسه‪.‬‬
‫فإذا أتيح للمرأة مقومات الحياة الطيبة من بيت طيب‪ ,‬وزوج صالح‪ ,‬وأطفال‪،‬‬
‫)ولم تسمن أيضًا(؛ فإنها تكون سعيدة‪.‬‬
‫حرمت من هذه الشياء؛ فإنها تتجشم من البؤس‪,‬‬ ‫وبضد ذلك‪ ،‬فإن المرأة إذا ُ‬
‫والشقاء‪ ,‬والتعاسة‪ ,‬أضعاف ما يتجشمه الرجل‪.‬‬
‫والنجاح والفشل في الحياة الزوجية قضية تختلف من إنسان لخر‪ ...‬فما أراه‬
‫ده غيري فش ً‬
‫ل‪..‬‬ ‫نجاحا ً قد يع ّ‬
‫ولكن ثمة أمور ينبغي اعتمادها كأصل في مسألة النجاح والفشل‪ ،‬ويتفق‬
‫عليها الجميع‪...‬‬
‫فالمرأة إذا لم تحترم زوجها وتحافظ على سمعته فل يقول عاقل‪ :‬إن هذا‬
‫الزواج ناجح‪.‬‬
‫ً‬
‫والرجل إذا كان مهمل لبيته‪ ،‬تاركا لزوجته وأولده من أجل تحقيق رغباته‬ ‫ً‬
‫الخاصة؛ فل يستطيع أحد ‪-‬أيضًا‪ -‬أن يقول عن هذا الزواج إنه ناجح‪.‬‬
‫وإن كانت هناك حقيقة تقول‪:‬‬
‫إن الفشل والنجاح متقلبان في الحياة الزوجية‪ ،‬بمعنى أن الزواج قد يبدأ‬
‫ناجحا ً ثم يفشل‪ ،‬أو يبدأ فاشل ً ولكن الزوجين يتخذان السباب‪ ،‬ويعالجان‬
‫الفشل؛ فتنقلب حياتهما نجاحًا‪.‬‬
‫وهذا هو المطلوب‪ ،‬العبور بالزواج إلى بر المان‪.‬‬
‫وأعلى درجات النجاح أو السعادة في العلقة الزوجية هي‪ :‬أن يكون النجاح‬
‫في الدنيا والخرة‪.‬‬
‫فدستور الحياة ثلث نقاط‪:‬‬
‫* الحوار‬
‫* الحب‬
‫* التضحية‬
‫ويمكن تحقيق السعادة الزوجية بهذه الخطوات‪:‬‬
‫‪ -1‬التعرف على عوائق الحياة الزوجية‪ ،‬وعوامل فشلها‪ ..‬وكيفية تفاديها‪.‬‬
‫‪ -2‬التوكل على الله والشعور بمعيته‪ ،‬فذلك من أسباب النجاة‪.‬‬
‫‪ -3‬قوة الرادة ‪ ..‬وهناك أربع نقاط ذكرها د‪ .‬عبد الرحمن حبنكة في كتابه‬
‫"الخلق السلمية وأسسها"‪.‬يمكن للنسان قياس قوة إرادته أو ضعفها بها‬
‫وهي‪:‬‬

‫‪24‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫* سرعة مبادرته للخيرات والطاعات‪.‬‬


‫* التفاؤل بالخير دائمًا‪.‬‬
‫* تلقي الحداث بصبر ورضا‪.‬‬
‫* ملك النفس عند الغضب‬
‫والنسان إذا أراد أن يقوي إرادته فعليه‪:‬‬
‫أ‪ -‬بتقوية إيمانه بالله جل وعل‪ ،‬وبصفاته الحسنى‪ ،‬وبقضائه وقدره‪.‬‬
‫ب‪ -‬والتدريب العملي من خلل مجاهدة النفس‪.‬‬
‫ج‪ -‬وممارسة العبادات‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫أما علماء النفس المحدثون فإنهم يؤكدون أن استخدام علم البرمجة العقلية‬
‫أو اليحاء الذاتي له أكبر الثر في تقوية الرادة‪.‬‬
‫* تحويل اللم إلى سعادة‪ ،‬والمحنة إلى منحة؛ فالرضا بالقضاء والقدر هو‬
‫الذي يحول اللم إلى سعادة‬
‫* الستغفار والدعاء‪ ..‬وكم من عائق للسعادة الزوجية قد زال بسبب الدعاء!‬
‫* النظر إلى المور بغير تعقيد؛ فالتجارب تدلنا على أنه كلما سهلنا الصعب‬
‫وبسطنا المعقد؛ كان المر سهل ً ميسرًا‪ ،‬فل نبالغ في الوصف والشكوى‪ ،‬ول‬
‫نظلم تاريخ العلقة الزوجية‪ ،‬وما انقادت المال إل لصابر‬
‫* عقد جلسة مصارحة في مكان مناسب‪ ،‬ووقت مناسب‪ ،‬ونفسية متهيئة‬
‫للستماع‪ ،‬وكلمات رقيقة بعيدة عن التهام والتشهير‬
‫فكم من مشكلة تم حّلها وعلجها بسبب جلسة مصارحة ووئام!‪ ،‬فكل شيء‬
‫يمكن إخضاعه للمناقشة‪ ،‬وكما قيل‪" :‬الصراحة راحة"‪.‬‬
‫الحب‬
‫القلب هو مصدر سعادتك‪ ،‬وليس البنك ول المعدة‪.‬‬
‫إن الكوخ الذي تضحك فيه المرأة خير من القصر الذي تبكي فيه‪.‬‬
‫المرأة السعيدة هي من تجد رجل ً تحبه ويحبها‪.‬‬
‫خير ما يكسب الرجل بعد تقوى الله ‪-‬عز وجل‪ -‬امرأة جميلة‪ ,‬والجميلة هي‪:‬‬
‫الوفية المصونة العاشقة‪.‬‬
‫تستطيع المرأة أن تنقل لزوجها وأبنائها الصفة المهمة‪ ،‬التي يقل وجودها في‬
‫الجنس الخشن؛ إنها صفة الرحمة التي تملك المرأة منها مال يملكه الرجال‪.‬‬
‫يقول الشاعر جلل الدين الرومي‪:‬‬
‫وف بالفاق‬ ‫أيها السائح الذي ط ّ‬
‫وشهدت عيناه أخصب أرض تفيض فيها الزهار‬
‫وأبصر المروج تتفتح فيها الورود‬
‫قل لي بالله‪ :‬أي البلد رأيَتها هي أجمل البلد؟‬
‫أيتها الحسناء‬
‫أتريدين أن أدلك على البلد الذي يفوق حسنه كل حسن‪ ،‬ويمحو منظره كل‬
‫منظر؟‬
‫ذلك يا حسناء حيث يقيم الحبة‪.‬‬
‫أخصب أرض هي تلك التي وطئُتها‪ ..‬أرض الحبيب‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫‪25‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ة ‪...‬‬
‫الزواج والمعامل ً‬
‫عبد الحميد رميته من ميلة ‪ ,‬الجزائر ‪...‬‬
‫‪ -1‬إحذري إن كنت متزوجة أن تسألي زوجك الطلق من غير بأس )بدون‬
‫سبب موضوعي وشرعي( ‪.‬‬
‫ك دخل في تحديد المهر‪ ,‬فاعملي‬ ‫‪ -2‬إذا تقدم رجل لطلب يدك للزواج وكان ل ِ‬
‫ن بركة( كما‬ ‫من أجل أن يكون المهُر خفيفا ‪ ،‬واعلمي أن )أقلهن مهرا أعظمه ّ‬
‫أخبر الرسول‪-‬صلى الله عليه وسلم ‪.-‬‬
‫ك به ‪.‬‬ ‫ت متزوجة فل تنفقي شيئا من مال زوجك بما لم يأذن ل ِ‬ ‫‪ -3‬إذا كن ِ‬
‫‪ -4‬ل تصومي نفل إل بإذن زوجك ‪.‬‬
‫‪ -5‬المرأة تحب من الرجل – خاصة إذا كان زوجا‪:-‬‬
‫ا‪ -‬أن يحضر لها هدية بين الحين والخر ولو كانت رمزية‪,‬لن مثل هذه الشياء‬
‫تفرح المرأة كثيرا ‪.‬‬
‫ب‪ -‬أن يطلب نصيحتها ومشورتها في بعض مشاكله ‪,‬وأن يأخذ بها أحيانا‪.‬‬
‫‪ -6‬على الزوجين أن يحرص كل منهما على معاملة الخر وكأنهما يلتقيان‬
‫لول مرة ‪ ,‬وعليهما أن ل يناما على مشكلة دون الوصول إلى حل لها أو‬
‫اتفاق بشأنها ‪ ,‬وأن يتفاديا الثورة المجنونة معا في نفس الوقت ‪,‬وأن يحترم‬
‫كل منهما حياة الخر الخاصة ‪.‬‬
‫‪ -7‬عندما تثور الخلفات الزوجية ‪ ,‬فإن الذي يتكلم أكثر هو غالبا الذي يفوز‬
‫فيها ‪ ,‬لكن ليس شرطا أن يكون هو الصوب‪.‬‬
‫‪ -8‬الزواج أكثر فهما‪ -‬عموما‪ -‬لشخصية زوجاتهم‪,‬كما أنهم أكثر قدرة على‬
‫التنبؤ بما يفعلنه في ظروف معينة‬
‫‪ -9‬مما يعين الرجل على أن يكون في المستقبل سعيدا مع زوجته‪:‬‬
‫ا‪ -‬الخطبة من قوم يعرفهم الزوج‪.‬‬
‫ب‪ -‬أن تكون الزوجة من طبقة اجتماعية واقتصادية وثقافية مثل طبقة الزوج‬
‫أو قريبة منها‪.‬‬
‫ج‪ -‬أن ل يكون مستوى المرأة الثقافي أعلى من مستوى الرجل ‪.‬‬
‫ل في المرأة كشرط لزم وكافي ‪.‬‬ ‫د‪ -‬أن ل يطلب الرجل الجما َ‬
‫هـ‪ -‬أن ل يكثر الزوج من زيارة أهل زوجته بعد الزواج ‪ ,‬حتى تبقى المودة‬
‫ويبقى الحترام متبادل بينه وبينهم ومن ثم بينه وبين زوجته ‪.‬‬
‫و‪ -‬أن ي ُرِيَ الزوج لزوجته من أول يوم في الحياة الزوجية أسوأ ما عنده‬
‫)بعيدا عن الحرام ومخالفة الدين( كما يقول الشيخ علي الطنطاوي رحمه‬
‫ن‬
‫الله ‪ ,‬حتى إذا قِبلت مضطرة به وصبرت محتسبة عليه ‪ ,‬يعود فيريها أحس َ‬
‫ح الزوجة بذلك فرحا شديدا‬ ‫ما عنده من خلق وأدب ومعاشرة طيبة ‪ ,‬فتفر ُ‬
‫وتحس وكأنها تزوجت من جديد ‪ ,‬فُتقبل على زيادة الحسان إلى زوجها‬
‫وزيادة خدمته ‪ ,‬ويصير الزوجان بذلك كلما زادت الحياة الزوجية يوما كلما‬
‫زادت سعادتهما قدرا ملموسا‪.‬‬
‫ي‪ -‬أن يترك الزوج المرأة وشؤونها الخاصة بها من ترتيب الدار وتربية‬
‫الولد ‪ ,‬وأن تترك هي له ما هو له من الشراف والتوجيه ‪.‬‬
‫وأخيرا أن ل يكتم أحدهما أمرا مهما عن الخر ‪ ,‬وأن ل يكذب عليه ‪.‬‬
‫‪ -10‬بالنسبة لعمل المرأة خارج البيت ‪ ,‬أقول بأن هناك مجموعة من القواعد‬
‫م هذا الموضوع ‪ ,‬أذكرها أو أذكر أهمها كما يلي‪:‬‬ ‫الساسية التي تحك ُ‬
‫أول ‪ :‬ل خلف بين كل العقال مؤمنين وكفار ‪ ,‬في أن الصل في عمل المرأة‬
‫–عموما‪-‬هو البيت ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬أما العمل خارج البيت بسبب أنها مضطرة إليه‪ ,‬لنها لم تجد من ينفق‬

‫‪26‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫عليها من أب أو أخ أو زوج أو ابن أو‪..‬فهو جائز بل خلف بين علماء السلم‬


‫قديما وحديثا ‪ ,‬والنقاش هنا ليس متعلقا به‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬وكذلك عمل المرأة خارج البيت في عمل يحتاج المجتمع فيه إليها‬
‫لمصلحته العامة ‪,‬كأن تشتغل المرأة في الطب )خاصة طب النساء ( أو في‬
‫التعليم والتربية في مؤسسات تعليمية‪ ,‬أو في مجالت التربية وعلم النفس‬
‫للمرأة وللطفل وللزوج ‪,‬أو في تعليم فنون الطبخ والخياطة والطرز وغيرها‬
‫للنساء ‪..‬فهذا جائز كذلك بل خلف بين علماء المة‪,‬والنقاش هنا كذلك ليس‬
‫متعلقا بهذه الحالة‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬أما عمل المرأة لغير ذلك ‪,‬كما هو حال الكثيرات من النساء اليوم‬
‫ن‬‫اللواتي يعملن خارج البيت ل لنهن مضطرات ‪ ,‬ول لن المجتمع احتاج إليه ّ‬
‫) بل من أجل زيادة دخل السرة المادي أو من أجل كثرة الدخول والخروج‬
‫أو من أجل ‪ , (..‬فإن علماء المسلمين اختلفوا في ذلك على قولين ‪:‬‬
‫الول بحرمة ذلك ‪.‬‬
‫والثاني بالجواز لكن بشرط أن تعمل المرأة بعيدة عن الختلط ‪ ,‬وأن تعمل‬
‫وهي مرتدية للباس السلمي المعروف ‪.‬‬
‫ت إليه ‪ ,‬فإنني أقول بأن سيئات‬ ‫مل ُ‬‫ت أنا بهذا القول الثاني و ِ‬
‫لكن حتى إذا أخذ ُ‬
‫م بكثير من حسناته‪ .‬وعمل المرأة هذا إذا مل حقيبة المرأة‬ ‫هذا العمل أعظ ُ‬
‫ب‬‫ب زوجها )خصوصا( وقلو َ‬ ‫بالمال ‪ ,‬فإنه يمل في نفس الوقت قلَبها وقل َ‬
‫ب دارها )إذا صح هذا التعبير‪,‬واعتبرنا أن للدار قلبا( هموما‬ ‫أولدها وقل َ‬
‫كرون ‪.‬‬‫وهموما‪ .‬والملحظ أن الناس يعرفون ذلك في الغالب لكنهم ُين ِ‬
‫أما هي ‪ :‬فإن عمَلها خارج البيت يمل قلَبها هموما ‪:‬‬
‫* لنها ستتعب كثيرا بدنيا )أو بدنيا وفكريا على حسب طبيعة عملها خارج‬
‫البيت( حين تقوم بعملين في نفس الوقت ‪ ,‬ويستحيل أن أصدقها إذا أنكرت‬
‫أنها تتعب فوق اللزوم بهذا العمل المضاعف ‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫* لنها ستتعب كثيرا نفسيا بإحساسها بأنها بعيدة عن زوجها مقصرة في حقه‬
‫)لنها في الكثير من الحيان بعيدة عنه ‪,‬ولنها عندما تلتقي به تكون مرهقة‬
‫عوض أن يشكو لها همه ‪,‬تجد نفسها تشكو له أكثر مما يشكو لها( وبعيدة عن‬
‫أولدها الذين هم في أشد الحاجة إليها ول يمكنهم أن يجدوا عند أي كان ما‬
‫يجدونه عندها هي –أمهم‪-‬من عطف وحنان ورحمة ومودة ‪,‬وبعيدة عن بيتها‬
‫الذي يعتبر‬
‫حه المرأة وبستانا أزهاره المرأة ‪.‬‬
‫جسدا رو ُ‬
‫* ولنها بالعمل خارج البيت‪,‬وإن كسبت مال ‪,‬فإن عينيها ُتفتحان أكثر على‬
‫ص عندها‬
‫الدنيا ومتاعها الزائل وتزيد طلباتها بقدر ما يزيد دخل العائلة‪,‬وتنق ُ‬
‫ة ‪ -‬غالبا‪ -‬بقدر ما يعطيها الله من مال )ول ننسى بأن نقطة ضعف‬ ‫القناع ُ‬
‫المرأة في الحياة هي المال ثم المال( ‪.‬‬
‫* ولنها بالعمل خارج البيت ‪,‬تكسب شبه استقلل اقتصادي )بسبب أنها تملك‬
‫المال الذي يبدو لها أنها به يمكن أن تستغني عن الرجل( وتظن أنه‬
‫سيسعدها ‪ ,‬لكن هيهات هيهات‪.‬‬
‫لقد قال الله ‪ ) :‬الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على‬
‫بعض ‪ ,‬وبما أنفقوا من أموالهم ( ‪ ,‬ويستحيل أن تسعد امرأة إل في ظل‬
‫الحياة مع رجل ينفق عليها وتحس دوما أنه أقوى منها ‪.‬أما إذا طلبت السعادة‬

‫‪27‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫في غير ذلك فإنها واهمة ‪.‬‬


‫وأما زوجها فيمتلئ قلبه هموما بعمل امرأته خارج البيت ‪:‬‬
‫* لنه يحس بفراغ كبير نفسيا‪,‬بسبب أن زوجته وأم أولده وربة بيته موجودة‬
‫في الغالب بعيدة عنه وعن أولده وعن بيته ‪.‬وكيف يرتاح الرجل وهو بعيد‬
‫غالبا عمن لم يجعل الله مودة ورحمة إل بينه وبينها‪,‬وهي زوجته ‪.‬‬
‫صرة في حقه سواء في الكل والشرب‬ ‫* ولن زوجته بسبب ذلك مق ّ‬
‫والفراش والغطاء والخياطة و ‪ ..‬أو من حيث العشرة الطيبة المطالبة بها‬
‫ب ولكن‬ ‫ح ّ‬‫المرأة اتجاه زوجها ‪,‬أو من الناحية الجنسية في الفراش‪,‬ل لنها ل ت ِ‬
‫لنها ل تقدُر ‪.‬‬
‫* ولن زوجته مقصرة في حق أولدها بسبب أنها غائبة عنهم في الكثير من‬
‫الحيان ‪.‬‬
‫صر في حقه أو ‪ ..‬انطلقا‬ ‫* ولن زوجته بدأت تسيء إليه أو تتكبر عليه أو ُتق ّ‬
‫من إحساسها بأنها تمتلك نوعا من الستقلل القتصادي‪.‬ويستحيل أن يسعد‬
‫رجل مع امرأة يعتبرها‪-‬أو تعتبر نفسها‪-‬أقوى منه ول تحتاج إلى إنفاقه عليها ‪.‬‬
‫وأما أولدها ‪ :‬فهمومهم واضحة ل تحتاج إلى دليل أو برهان‪ .‬ونحن نخادع‬
‫أنفسنا عندما نقول بأن تربية الولد مثمرة ومفيدة ونافعة سواء كانت الم‬
‫مستقرة في بيتها أم كانت تعمل خارج البيت‪.‬هذا ما كان صحيحا بالمس‪,‬‬
‫وهو ليس صحيحا اليوم ‪ ,‬ول يمكن أن يكون صحيحا في المستقبل بإذن‬
‫الله ‪.‬‬
‫وأما الدار‪ :‬فلو أتيحت لها الفرصة أن تتكلم ‪,‬لستغاتث وطلبت النجدة من‬
‫هذه المرأة التي تتركها في كل يوم كأنها خراب‪,‬والتي تكاد تمكث خارج‬
‫كرت ُتذكُر معها‬‫البيت أكثر مما تمكث داخله‪ .‬والمعروف أن الدار إذا ذ ُ ِ‬
‫المرأة‪,‬ول معنى لدار بل امرأة حتى أن الكثير من الناس قديما وحديثا تعودوا‬
‫على أن يشيروا بكلمة "الدار" إلى زوجاتهم ‪,‬فيقول الواحد منهم مثل ‪":‬قالت‬
‫لي الدار اشترِ لي كذا"‪.‬‬
‫هذا كله ‪ ,‬ويضاف إليه أن المجتمع لن يستفيد –عموما‪-‬من عمل المرأة خارج‬
‫البيت في هذه الحالة الخيرة التي لم تضطّر فيها هي إلى ذلك ولم يحتج‬
‫المجتمع إلى عملها‪,‬لنه ل يمكن أن تجمع المرأة بين النجاح في البيت‬
‫ما زوجة وأم ناجحة وعاملة فاشلة‬ ‫والنجاح في العمل خارج البيت ‪,‬فهي إ ّ‬
‫‪,‬وإما عاملة ناجحة وأم فاشلة ‪.‬وإن حدث نجاحان في امرأة واحدة وفي‬
‫نفس الوقت فهو شذوذ ‪.‬‬
‫والعيب في هذا ليس فيها‪ ,‬إنما في التصور بأن شخصا واحدا يمكن أن يؤدي‬
‫بإتقان عمل شخصين في نفس الوقت‪.‬إنه إذا صح أن تنجح المرأة في‬
‫العملين في نفس الوقت‪,‬فإنه يصح بالمثل أن ينجح الرجل في عمله خارج‬
‫البيت وكذا داخل البيت )من تربية أولد وطبخ وغسيل وخياطة وطرز ونظافة‬
‫و‪ (..‬في نفس الوقت ‪.‬وهذا مستحيل ‪ ,‬وما سمعنا برجل ادعى ذلك ‪.‬لماذا‬
‫نخادع إذن أنفسنا ونقول بأن الثاني غير ممكن ‪ ,‬أما الول فنقول عنه بأنه‬
‫ممكن ؟‪ .‬إن معنى ذلك أن الرجل ضعيف وأن المرأة فوق القوية )‬
‫‪ . (SUPERMAN‬الله يهديكم ثم يهديكم يا ناس ‪.‬‬
‫يا رجال صارحوا المرأة بالحقيقة ول تكذبوا عليها‪ ,‬واعلموا أن الكلمة أمانة‬
‫وأن المرأة أمانة ‪ ,‬وأنه ل دين لمن ل أمانة له‪.‬‬
‫‪ -11‬التفكير في الزواج ليس فيه أي عيب من المرأة أو من الرجل ‪ ,‬وكذلك‬
‫الحديث عنه ليس فيه أي عيب )حتى ولو قال المجتمع للمرأة ‪ :‬عيب عليك‬
‫ك( ‪ ,‬لكن يشرط أن ل يكون هذا الحديث طويل وأن‬ ‫أن تتحدثي عن زواج ِ‬

‫‪28‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يكون بين الحين والحين فقط وأن ل يكون على حساب أمور أخرى أهم‪.‬أما‬
‫مع عدم توفر هذه الشروط فإن هذا الحديث يصبح لغوا ل طائل من ورائه‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫‪ -12‬يجوز للمرأة – شرعا‪ -‬أن تطلب من رجل‪ -‬اطمأنت لدينه وخلقه‪ -‬أن‬
‫يخطبها )ولو كان ذلك مخالفا لعادات الناس وتقاليدهم ( إذا غلب على ظنها‬
‫أنه لن يشك فيها‪ .‬هذا أمر جائز‪ ,‬لكن قال العلماء بأن هذا الجواز مشروط‬
‫بأن تكون المرأة معروفة بإيمانها وتقواها ‪ ,‬حتى ل ت ُت َّهم وحتى ل يطمعَ فيها‬
‫طامع وحتى ل تت ِّبع هواها بإذن الله ‪ .‬وبطبيعة الحال إذا تقدم الرجل لخطبتها‬
‫فإن العقد الشرعي ل يتم إل‬
‫سها‪.‬‬‫سها بنف ِ‬
‫بوليها ‪ ,‬لن المرأة ل يجوز لها أن تزّوج نف َ‬
‫ك‬‫ك على أمر دين ِ‬ ‫ك في المستقبل بزوج صالح يعين ِ‬ ‫‪ -13‬ادعي الله أن يرزق ِ‬
‫ه‪ .‬لكن لن الزواج قضاء وقدر فل تكثري – أختي أو‬ ‫ك وتسعدين ُ‬ ‫ك وُيسعد ِ‬
‫ودنيا ِ‬
‫ابنتي‪ -‬من التفكير فيه لنك ستتزوجين حتما متى شاء الله وبالذي قدره الله‬
‫وفي الجل الذي قضاه الله ‪ ,‬فل تعجلي في أمر سبقت فيه كلمة الله‬
‫ك‬‫ك إلى الدراسة أو العمل والدعوة إلى الله ‪ .‬وفق ِ‬ ‫ك وطاقت ِ‬ ‫‪,‬واصرفي فكر ِ‬
‫الله لكل خير – آمين‪-‬‬
‫‪ -14‬الزواج تحمل ومسؤولية وقيام على شؤون السرة والبيت والزوج‬
‫ك لذلك قبل الزواج ‪ ,‬فإذا أِنست من‬ ‫ك أن تهيئي نفس ِ‬ ‫والولد ‪ ,‬لذا فإن علي ِ‬
‫ك من ترضين دينه وخلقه فاقبلي ول‬ ‫ك قدرة على ذلك وتقدم يطلب يد ِ‬ ‫نفس ِ‬
‫ترفضي ‪,‬إل تفعلي تكن فتنة في الرض وفساد كبير ‪.‬‬
‫وأظن – والله أعلم بالصواب – أن المرأة تخطئ كثيرا عندما تعتذر عن‬
‫ت صغيرة" ‪" ,‬أريد أن‬ ‫رفضها للزواج بأعذار واهية في الغالب مثل ‪" :‬ما زل ُ‬
‫ل لسنوات قبل أن‬ ‫أكمل دراستي الجامعية أو ما بعد هذه الدراسة"‪ ",‬أعم ُ‬
‫ة ‪ ,‬والفرصة التي تتاح اليوم للزواج قد ل تتاح‬ ‫ج خيٌر وبرك ٌ‬ ‫أتزوج "‪ ..,‬إن الزوا َ‬
‫غدا ‪ ,‬خاصة ونحن نعلم أن عدد النساء أكبر من عدد الرجال وأن المرأة‬
‫مخطوبة والرجل خاطب وأن‬
‫ة من هذه الناحية للرجال أكثر مما هي متاحة للنساء ‪.‬‬ ‫فرصة الزواج متاح ٌ‬
‫‪ -15‬دور كل من المرأة والرجل كبير في استقرار الحياة الزوجية ‪ ,‬وليعلم‬
‫الزوجان أن الحياة الزوجية يجب أن تقوم على التفاهم والتعاون ل على‬
‫الخصومة والمشاكسة والكيد‪.‬‬
‫سها على الندفاع من تلقاء نفسها من أجل‬ ‫ود نف َ‬ ‫‪ -16‬على المرأة أن ُتع ّ‬
‫خدمة زوجها والحسان إليه من غير انتظار للوامر والنواهي من هذا الزوج‪.‬‬
‫‪ -17‬وعليها أن تبتسم في وجه زوجها باستمرار ‪ ,‬وأن تزيل عنه‪ -‬عند رجوعه‬
‫للبيت‪ -‬البعض من متاعبه بالكلم الطيب وبالود الصادق ‪ ,‬وأن ل تستقبله‬
‫بالشكاوى سواء المتعلقة بنفسها أو بالبيت أو بالولد‪.‬‬
‫‪ -18‬وعلى المرأة أن تعتني كثيرا بالنظافة ‪ :‬نظافة البيت والولد ونظافتها‬
‫هي في بدنها أو لباسها و‪ ..‬وعليها بخصال الفطرة من سواك وتقليم أظافر‬
‫ونتف إبط وحلق عانة ‪.‬‬
‫‪ -19‬وعلى المرأة أن ل تقاطع زوجها وهو يتحدث ‪ ,‬وأن ل ترفع صوتها في‬
‫وجهه ‪ ,‬مهما كانت السباب ‪ .‬وإذا ما فعلت عليها أن تسارع بالعتذار ‪.‬‬
‫‪ -20‬على المرأة أل ترهق زوجها بالمطالب المادية التي ل يقدُر على‬
‫تنفيذها ‪ ,‬ولتعلم بأن ذلك حرام عليها‪ .‬وعليها أن تكون حكيمة فيما تطلب‪,‬‬

‫‪29‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وأن تحسن اختيار الوقت الذي ُتقدم فيه رغباتها أو تبث فيه همومها‪ ,‬أقول‬
‫هذا وأنبه مع ذلك إلى أنه من أعظم سيئات المرأة مع زوجها سواء عند الله‬
‫أو عند زوجها هي تكليفها له بما ل يطيق ‪ .‬لتعلم كل زوجة أنه حرام ثم حرام‬
‫عليها أن تطلب من زوجها ما ل يقدر عليه ماديا – خاصة فيما يتعلق بما ليس‬
‫ضروريا ‪ ,‬والضرورة يقدرها الزوج ل الزوجة لنه هو المكلف بالنفاق وهو‬
‫الساعي بصفة عامة على رزق السرة ‪ -‬مهما قال المجتمع خلف هذا ومهما‬
‫كانت نية الزوجة طيبة ‪ .‬وعلى الزوجة أن تعلم إذا كان لها نصيب من الخوف‬
‫من الله أن مدخول السرة هو الذي يحدد مستواها المعيشي ‪ ,‬ل العكس‪.‬‬
‫‪ -21‬مما يجب أن يكون معلوما عند الزوجين – كوسيلة من وسائل استقرار‬
‫حياتهما الزوجية – أن عليهما أن ينظرا إلى مدخول العائلة المادي أول ثم أن‬
‫يبنيا على أساسه المستوى المادي للمعيشة التي على السرة أن تعيشه ‪ ,‬ول‬
‫بأس على الزوجين أن يطلبا باستمرار تحسين المدخول بالحلل ‪ ,‬وليعلما أن‬
‫الطموح محموٌد‪.‬‬
‫أما العكس فل يمت إلى الحكمة بصلة ‪ ,‬أي أن يضعَ الزوجان)خاصة الزوجة(‬
‫في البداية مستوى للمعيشة معينا يريدان أن يعيشاه مع الولد ‪ ,‬ثم بعد ذلك‬
‫يعملن الممكن والمستحيل والحلل والحرام من أجل أن يوفرا المدخو َ‬
‫ل‬
‫الذي يساعدهما على أن تعيش العائلة كما يحّبان‪.‬إن هذا ليس طموحا‪,‬ولكنه‬
‫م دوما‪.‬‬
‫طمعٌ والطمع مذمو ٌ‬
‫‪ -22‬على كل من الزوجين أن ل يتحدث عن الخر بسوء خاصة أمام أقارب‬
‫هذا الخر ‪ ,‬عليهما كذلك أن يتجنبا السخرية من بعضهما البعض ‪,‬لن ذلك‬
‫سيفقدهما الحترام والتقدير بينهما ‪ ,‬وقد يؤدي إلى إثارة الشحناء والبغضاء‬
‫بينهما ‪.‬‬
‫‪ -23‬ليكن شعاُر الزوجين مع بعضهما البعض قول الرسول‪-‬صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ ):-‬ل يؤمن أحدكم حتى يحب لخيه ما يحب لنفسه(‪.‬‬
‫‪ -24‬تعامل مع بعضكما‪-‬أيها الزوجان‪ -‬تعامل مبنيا على تقدير ظروف الخر ‪,‬‬
‫وقبول العذر منه ‪ ,‬وحسن الظن به ‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫ه ‪ ,‬وإن كان الشرع قد‬ ‫دكما الخر غاضبا ‪ ,‬فعليه أن يرضي ُ‬‫‪ -25‬إذا رأى أح ُ‬
‫ي زوجها أكثر مما طلب من الرجل أن يرضي‬ ‫طلب من المرأة أن ترض َ‬
‫زوجَته‪.‬‬
‫ل منهما الخَر معاملة طيبة ‪ ,‬وليعلم كل منهما‬ ‫‪ -26‬على الزوجين أن يعامل ك ّ‬
‫ب شخص واحد حّبه لخر وصبٌر على أذى‬ ‫أنه من الصعب أن يجتمع في قل ِ‬
‫هذا الخر له ‪.‬‬
‫‪ -27‬الصبر والوفاء من أعظم أخلق الزوجة الصالحة ‪:‬الصبر على أخلق‬
‫الزوج وتقلبات الدهر ‪ ,‬والوفاء للزوج في حال الرخاء والشدة والغنى والفقر‬
‫والقوة والضعف والصحة والمرض ‪.‬‬
‫ت‪,‬ول تضني عليه‬ ‫ت أن ِ‬
‫ج هو واستغني ِ‬‫‪ -28‬ل تبخلي على زوجك بمال إن احتا َ‬
‫ن ول أذى‪.‬‬‫بعون بل م ّ‬
‫‪ -29‬لو جّهزت الفتاة قلبها لله عز وجل من صغرها بالتقوى وحفظ القرآن‬
‫خصوصا سورة النور‪ ,‬وبالبتعاد عن الغاني الخليعة‪,‬وبعدم اختلطها بالرجال‬
‫وبقرارها في بيتها )إل إذا كانت مضطرة ( وبتوكلها على فاطرها‪ ,‬وبالدعاء‬
‫في السجود ليرزقها الله بزوج صالح يعفها ويحفظ عليها دينها وينفق عليها‪.‬لو‬

‫‪30‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫جّهزت بذلك قلّبها لربها لتزوجت بإذن الله قبل أن تجّهز لنفسها عوض ذلك‬
‫رها ‪ ).‬أليس الله بكاف عبده ؟( ‪ .‬اللهم بلى ‪.‬‬ ‫ث بيتها من صغ ِ‬ ‫أثا َ‬
‫ك –أختي أو ابنتي‪ -‬حقا ‪ ,‬وإن لزوجك عليك حقا‪ ,‬فأعط‬ ‫ك علي ِ‬ ‫‪ -30‬إن لوالدي ِ‬
‫ك قبل الزواج‬ ‫ِ‬ ‫علي‬ ‫السلطة‬ ‫أن‬ ‫واعلمي‬ ‫وبعده‪.‬‬ ‫الزواج‬ ‫قبل‬ ‫حقه‬ ‫ل ذي حق‬ ‫ك ّ‬
‫ك‪.‬‬ ‫ك قبل والدي ِ‬ ‫ك ‪ ،‬أما بعد الزواج فإنها لزوج ِ‬ ‫هي لوالديك أو لخوت ِ‬
‫‪ -31‬كوني اجتماعية السلوك ول تتركي المشاركة في قضايا الناس وحل‬
‫مشاكلهم بمجرد الزواج‪.‬‬
‫ك مثل بيوت النبياء متواضعا وبسيطا‪,‬ولتكن زينته المحبة‬ ‫‪ -32‬ليكن بيت ِ‬
‫ب من المحبة ول عظمة‬ ‫والحنان أكثر من ورق الجدران وصوره‪.‬إنه ل زينة أح ّ‬
‫أكبُر من البساطة‪.‬ومع ذلك ل بأس من الزينة ومراعاة الجمال مع النظافة‬
‫بشرط عدم المبالغة‪,‬فإن الله جميل ونظيف يحب النظافة والجمال‪.‬‬
‫‪ -33‬عندما تتزوجين عليك أن تحرصي على أن تبدئي حياتك الزوجية من‬
‫اليوم الول بالحلل ‪-‬ابتداء من الخطبة والعقد والزواج‪-‬ول تعتذري على أنك‬
‫مغلوبة على أمرك‪,‬فأنت قادرة على أن تبدلي الكثير الكثير بإذن الله ‪.‬‬
‫‪ -34‬إذا أراد الزوج أن يجرك إلى النار فكوني أقوى منه في جّره إلى الجنة‬
‫باسم الله‪ ,‬ول تقبلي ولو تحت أقسى الظروف النسياق معه إلى المعاصي ‪,‬‬
‫دك ل الزوج ول الولد ‪.‬‬ ‫فك وجه ُ‬ ‫فإن شفيعك غدا هو عمُلك ومواق ُ‬
‫‪ -35‬كوني للزوج كالضمير تؤنبينه على المعاصي وتشجعينه على الطاعات ‪.‬‬
‫‪ -36‬ل تتأخري عن زوجك في الجهاد بأي شكل من أشكاله‪ ,‬فإذا ابتلي‬
‫بمرض أو بمصيبة أو غاب أو‪ ..‬فكوني معه نعم المعينة له على‬
‫جهاده‪،‬الصابرة على ما قد يصيبه‪,‬الخليفة له بالخير في بيته وأولده‪.‬‬
‫‪ -37‬ل تتدخلي في كل صغيرة وكبيرة من أمور الزوج…فإن لكل إنسان‬
‫ك أل تصادري حريته ول تفسدي عليه‬ ‫حريته وقضاياه الخاصة به ‪.‬لذا علي ِ‬
‫قضاياه ‪.‬‬
‫ك ‪ ,‬وأبرزيها له حتى يتحفز‬ ‫‪ -38‬ابحثي عن الصفحات النبيلة في شخصية زوج ِ‬
‫لتنميتها ‪ ,‬وشجعيه على تحمل المسؤوليات الكبيرة وتخطي المصاعب في‬
‫الحياة ‪ ,‬وتحدثي معه حديث المل والتفاؤل والنجاح … كوني معه المرأة‬
‫العظيمة التي تقف وراء الرجل العظيم‪,‬ول تكوني المرأة النانية التي تعشق‬
‫نفسها وتحب أن تبني أمجادها على أنقاض الزوج‪.‬‬
‫‪ -39‬إذا وقع بينك وبين زوجك شقاق أو نزاع فبادري إلى الصلح معه‪,‬ول‬
‫تتركي ذلك للغد بل أصلحيه قبل النوم ‪ ,‬فإنكما ل تدريان أيعيش أحدكما للغد‬
‫أم ل‪.‬‬
‫‪ -40‬إياك وحدة المزاج وحب الشجار والبحث الدائم عن الخطاء ‪ ,‬وإياك‬
‫والمطالبة بحياة تشبه حياة الخرين … فإن هذه المور تهدم الحياة الزوجية‬
‫ك ل تحبين أن ُتقارني بالغير ‪ ,‬فإن‬ ‫وتجعلها جحيما ل يطاق‪,‬واعلمي أنه كما أن ِ‬
‫ن بالغير ‪.‬‬ ‫ك كذلك ل يحب أن يقار َ‬ ‫زوج ِ‬
‫‪ -41‬ل ترضي بالزواج من غير الشاب المسلم الملتزم حق اللتزام بالسلم‬
‫)ل بالشاب المتدين تدينا مغشوشا( مهما كانت الظروف‪ ،‬وإل فالويل لك إذا‬
‫ك قبل أن تشيبي ‪.‬‬ ‫تزوجت بفاسق فاجر‪ ,‬لنه سي ُ َ‬
‫شي ّب ُ ِ‬
‫‪ -42‬ل تفخري على زوجك بجمالك إن كنت صاحبة جمال‪:‬‬
‫ل شيء‪.‬‬ ‫‪ -‬لن الجمال ليس ك ّ‬
‫ك حسنات فللزوج حسنات كذلك‪.‬‬ ‫نل ِ‬ ‫‪ -‬ولنه كما أ ّ‬
‫‪ -‬ولن الدين والدب أهم بكثير من الجمال ‪.‬‬
‫ك‬
‫ِ‬ ‫علي‬ ‫يفتخر‬ ‫أن‬ ‫ول‬ ‫بشيء‬ ‫عليه‬ ‫ك أن تفتخري‬ ‫‪ -‬وفي النهاية لنه ل يليق ب ِ‬

‫‪31‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫بشيء لن الدين يؤكد على أنه ل فضل لحدكما على الخر‪,‬وإنما كل واحد‬
‫منكما مكمل للخر‪.‬‬
‫ف ول تكوني بخيلة أو مسرفة ‪,‬ول تقلقي‬ ‫‪ -43‬أكرمي أختي المتزوجة الضي َ‬
‫من ضيوف زوجك ‪ ,‬واعلمي أن البيت الذي يأوي ضيوفا هو بيت مرحوم ‪,‬وأن‬
‫من تمام محبة المرأة لزوجها حبها لضيوفه‪ ,‬وإن كان الضيوف ليسوا سواء‬
‫من حيث الطريقة التي يجب أو يستحب أن نستقبلهم بها ‪.‬‬
‫س‬
‫ك أكثر من ‪ 3‬أيام ممنوع شرعا‪ ,‬وإن تعوّد َ النا ُ‬
‫ك على غير زوج ِ‬‫‪ -44‬إحداد ِ‬
‫على خلف ذلك‪.‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫ن الرجل مع المرأة‪-‬خاصة‬ ‫‪ -45‬إن كانت المرأة أضعف من الرجل‪,‬فليكن شأ ُ‬


‫م ل يستعبد ُ‬ ‫ن المعلم مع تلميذه والوالد مع ولده‪,‬والمعل ُ‬ ‫الزوج مع زوجته‪ -‬شأ َ‬
‫ذه ول يستذّله ‪,‬وال ُ‬
‫ب ل يحتقر ابنه ول يزدريه ‪.‬‬ ‫تلمي َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫‪ -46‬اختر أخي زوجتك بنفسك ‪.‬خذ برأي الغير خاصة أهلك ‪ ,‬وخصوصا والديك‬
‫‪ ,‬لكن يبقى الزواج في النهاية زواجك وأنت المسؤول عنه بالدرجة الولى‪.‬‬
‫‪ -47‬اختر زوجتك بعقلك قبل عاطفتك )وعلى المرأة كذلك أن تفعل مثل‬
‫ذلك‪,‬حتى ولو كان عقلها ضعيفا وكانت عاطفتها قوية( ‪ ,‬واعلم أن الغرام‬
‫الكاذب العابر ملتهب في البداية ولكنه قاتل في النهاية ‪.‬‬
‫‪ -48‬ما لم يتعرف كل من الزوجين على حقيقة الخر‪ ,‬ويتنازل كل منهما من‬
‫أجل الخر عن بعض أنماطه السلوكية القديمة حتى يتلقيا في منتصف‬
‫الطريق ‪ ,‬فلن يتوفر لهما التوافق والتفاهم النسبيان‪.‬‬
‫‪ -49‬تفهم‪ -‬أيها الزوج‪ -‬زوجتك ‪ ,‬ول تبحث دائما عن سلبياتها‪ .‬إن المرأة كما‬
‫أن لها سيئات فإن لها كذلك حسنات ‪ُ .‬أذكر دائما حسناتها ‪ ,‬وأما سيئاتها‬
‫فتعرف عليها من أجل مساعدتها على التخلص منها أو من البعض منها لنها‬
‫يستحيل أن تتخلص منها كلها‪ .‬ول تحاول دائما أن تنتقد تصرفاتها وكأنك‬
‫موظف مكلف بذلك ‪.‬واحرص – أيها الزوج‪ -‬أن تتجنب أسباب المشاحنة وأن‬
‫تتلفى مبررات الخلف‪.‬‬
‫‪ -50‬ل تتردد في أن تعرب لزوجتك باستمرار عن حبك لها وإعجابك بها‪ .‬إن‬
‫كلمة "أحبك"قد تفعل فعل السحر الحلل في المرأة خاصة إذا اقترنت‬
‫بدلئل الوفاء وعلمات الخلص‪.‬‬
‫‪ -51‬لتنظر دائما إلى زوجتك على أنها شخصية واقعية وليست موجود‬
‫مثالي‪,‬فل تطلب منها ما ل تقدر عليه ‪ .‬ونفس الشيء يقال للزوجة ‪.‬‬
‫‪ -52‬تذكر أنه ليس أحسن من اللباقة في تحقيق السعادة الزوجية‪,‬وذلك بأن‬
‫تقول‪-‬أيها الزوج‪ -‬الكلمة المناسبة في الوقت المناسب‪,‬وتتصرف على النحو‬
‫المرضي في كل مناسبة ‪ ,‬وتتجنب أسباب الخطأ‪-‬والخطيئة من باب أولى‪-‬‬
‫ودواعي الصطدام مع زوجتك في كل صغيرة وكبيرة‪.‬‬
‫‪ -53‬عش الحاضر فقط ول تتحدث عن ماضيك الغرامي مع زوجتك‪,‬لن الله‬
‫– عموما‪ -‬يطلب التستر من عباده على أنفسهم حتى مع الغير ‪,‬وهذا التستر‬
‫مطلوب من باب أولى من الرجل مع زوجته لنها تغار وتحب أن تنظر دوما‬
‫إلى زوجها على أنه لها ولها وحدها في الحاضر والمستقبل وكذا في‬
‫الماضي ‪.‬‬
‫َ‬
‫‪ -54‬ل تركز كل اهتمامك على مهنتك فقط‪,‬بل عليك أن تهب لزوجتك من‬
‫نفسك دون قيد أو شرط‪ .‬ولتكن حياتك مع زوجتك حياة عطاء وبذل لوجه‬

‫‪32‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الله أول ثم لوجهها ثانيا ‪.‬‬


‫ٌ‬
‫‪ -55‬كن اجتماعيا حتى بعد زواجك ‪ ,‬ولتعلم أنه لكل حياة زوجية قليل من‬
‫التهوية ‪ ,‬وننصحك باختيار من تزوران‪ -‬أنت وزوجتك‪ -‬من الصدقاء‬
‫والصديقات‪.‬‬
‫‪ -56‬كن قويا وحارب في نفسك كل ميل إلى الستسلم للهم والقلق ‪ ,‬ول‬
‫تسمح لنفسك أن تبدو أمام زوجتك بمظهر الرجل الضعيف الذي ل يقوى‬
‫على تحمل المسؤوليات ‪ ,‬لن المرأة تحب دوما أن تركن إلى رجل قوي ‪,‬‬
‫سنا إليها ‪.‬‬
‫وإن كانت تحبه كذلك مح ِ‬
‫‪ -57‬ل للسأم وللرتابة في حياة الزوجين‪.‬إن نزهة صغيرة أو مفاجأة بسيطة‬
‫أو ما شابه ذلك قد تدخل السرور في قلب زوجتك بما ل يخطر لك على‬
‫بال ‪ .‬وليكن شعارك ‪ " :‬إن العاطفة الزوجية الصادقة ل تموت ‪ ،‬لنها تعرف‬
‫كيف تجدد نفسها بنفسها "‪.‬‬
‫مل قضايا الحياة الزوجية‪,‬لنك دخلت في شركة‪.‬وهذه الشركة‬ ‫‪ -58‬ل ته ِ‬
‫بحاجة إلى رعاية منك قبل غيرك‪ .‬ومفتاح النجاح من أجل التغلب على‬
‫الخلفات الزوجية هو المناقشة المعقولة الحرة والحوار الهادئ الرزين الذي‬
‫يجب أن يصبح أمرا عاديا في كل بيت‪.‬‬
‫‪ -59‬إن المرأة قد تزعجك في طرح أسئلة معينة وقد تغار عليك ‪ ,‬فل تنزعج‬
‫منها‪ .‬ول بأس أن تنصحها وتوجهها دوما إلى الحسن والمثل‪.‬‬
‫مل زوجتك فوق طاقتها‪,‬واعلم أنها زوجة وليست خادمة بيت ‪,‬‬ ‫ح ّ‬‫‪ -60‬ل ت ُ َ‬
‫شك معها‬ ‫فداِرها على كل حال وأحسن الصحبة لها ما استطعت يصفو عي ُ‬
‫بإذن الله ‪.‬‬
‫دم لزوجتك هدية‪,‬لن الهدية تزرع الحب في قلبها لك‬ ‫‪ -61‬بين فترة وأخرى ق ّ‬
‫وتنشر المودة بينك وبينها‪.‬‬
‫رم كل ما يتعلق بزوجتك من شخصية تميزت بها وعادات وصفات ‪ .‬ل‬ ‫‪ -62‬احت ِ‬
‫تجرح كبرياءها‪,‬ول تِهنها ‪ ,‬ول تضحك عليها أمام الناس ‪ ,‬ول تنشر أسرارها‬
‫خل في‬ ‫ب في الحدود المعقولة ‪ ,‬ول تتد ّ‬ ‫مهما كانت تافهة ‪ ,‬واتركها لما ترغ ُ‬
‫كل صغيرة وكبيرة من شؤونها الخاصة‪.‬‬
‫ك إذا خالفت موعدا من المواعيد التي وعدتكَ‬ ‫‪ -63‬ل ت ُِثر جدل تافها مع زوجت َ‬
‫دمت لك طعاما مالحا‬ ‫به ‪ ,‬أو لم تغسل لك ثوبا في الوقت المناسب ‪ ,‬أو ق ّ‬
‫أو…‪.‬إن الحياة أكبر بكثير من هذه المور البسيطة ‪ ,‬وتشدد الزوج في مثل‬
‫هذه المور ليس من الرجولة في شيء ‪.‬‬
‫‪ -64‬حافظ على احترامك لها أمام الخرين‪,‬ول تمزح معها بشكل يهين‬
‫شخصيتها أمام أي شخص مهما كان قريبا أو بعيدا لن المرأة تهتم بنظرة‬
‫الغير إليها أكثر من اهتمام الرجل بذلك‬
‫‪ -65‬استمع إلى زوجتك باهتمام كما تحب أن تستمع إليك باهتمام ‪.‬‬

‫)‪(5 /‬‬

‫دم زوجتك في البيت إذا كانت مريضة أو مشغولة وليس هناك من‬ ‫‪ -66‬اخ ُ‬
‫يعينها‪ ,‬واذكر أن رسول الله كان يعين زوجاته ‪ ,‬وأنه ليس في ذلك أي عيب ‪.‬‬
‫واعلم أن هناك فرقا بين أن تعينها وأنت قادر على أن ل تفعل )وهذا هو‬
‫المطلوب منك( وبين أن تعينها وأنت ل تقدر إل على ذلك )وهذا نوع من أنواع‬
‫ضعف الرجل مع زوجته الذي ل نحبه لي زوج( ‪.‬‬
‫‪ -67‬والفضل عند زيارتك للغير مع زوجتك أن يكون في البيت‪ :‬النساء مع‬

‫‪33‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ب‬‫ب عن النساء ‪.‬قلت‪:‬يستح ّ‬ ‫النساء والرجال مع الرجال ‪ ,‬مادام الرجال أجان َ‬


‫ب‪.‬‬
‫ضل ‪ ,‬ولم أقل‪ :‬يج ُ‬‫ف ّ‬
‫أو ي ُ َ‬
‫‪ -68‬ل تكن معول هدم للحياة الزوجية بالتدخل في خصوصيات حياة زوجتك‪.‬‬
‫وسياسة عدم التدخل من جانب الزوج يجب أن تنطبق على الزوجة كما‬
‫تنطبق على من تربطهم بها صلة القرابة أو الجوار أو العمل أو…‪.‬‬
‫‪ -69‬شارك زوجتك فيما يمّتعها سواء في كسرة خبز ‪,‬أو في فكرة تدور في‬
‫الذهن‪ ,‬أو في محبة الغير‪ ,‬أو في الميول والمثل العليا‪,‬لن هذه الشياء هي‬
‫من أهم ما يقّربك من زوجِتك‬
‫‪ -70‬وّفر لزوجتك وقتا لتخلوَ فيه بنفسها وشجعها على ذلك لن النساء كثيرا‬
‫ما ينسين محاسبة النفس في خضم الحياة العصرية التي غلب عليها الطابع‬
‫المادي والتكالب على الهواء والشهوات ‪.‬‬
‫ث مواهَبها كلها في‬‫‪ -71‬عامل زوجتك بوصفها امرأة ناجحة‪.‬فإذا هي تنف ُ‬
‫عملها لتكون عند حسن ظنك بها ‪.‬إن الزوج لن يضره شيء بذكر فضائل‬
‫ب المديح‬‫زوجته وبمدحه لها بين الحين والحين‪,‬وليعلم الرجل أن المرأة تح ّ‬
‫أكثر بكثير مما يحبه هو وأنها تحبه حبا جما‪.‬إذن جميل جدا أن يحيط الزوج‬
‫ي أو يبالغَ حتى ل‬‫زوجته بالجو الذي يشعرها بالفخر والزهو)بشرط أن ل يغال َ‬
‫يصيبها بالغرور وحتى ل تفهم كثرةَ مدحه لها بأنه ضعف منه معها فتتجرأ عليه‬
‫بالتقصير في حقوقه وفي الساءة إليه(‪.‬‬
‫‪ -72‬ليكن معلوما للزوج تمام العلم أن السلم أمره أن يرعى زوجَته حق‬
‫رعايتها‪.‬وأن يكون لها أرضا ذليلة وسماء ظليلة‪,‬وأن يكون لها قلبا عاشقا ويدا‬
‫معطاءة‪,‬وأن يشكرها على حسن تدبيرها خاصة في خدمة الزوج والبيت‬
‫ض التقصير‬ ‫والولد ‪ ,‬وأن يلفت نظرها للخطأ –برقة‪-‬إذا لمس منها بع َ‬
‫والهمال ‪,‬وأن يشعرها دائما بأنها أحلى النساء في عينيه وبأنها تزداد كل يوم‬
‫حسنا وجمال‪ ،‬وأن حياَته بدونها ل تساوي شيئا‪,‬وأن يدفعها إلى صلة الرحم‬
‫وأن يجعل أسرَتها أسرته ‪ ,‬وأن يعجب بأكثر ما تعجب به‪,‬وأن يشاركها في‬
‫هواياتها إن كانت لها هوايات‪ ,‬وأن يبدو وهو بعيد عنها كما يبدو وهو‬
‫أمامها‪,‬وأن يركز كل عواطفه في زوجته وبيته ‪ ,‬وأن يحاول إشعال عواطف‬
‫زوجته دائما بإظهار حبه لها وخوفه عليها وتأكيده لها بأنها دنياه وبأنه يسأل‬
‫الله أن تكون زوجته كذلك في الخرة‪,‬وأن يجعل مصروفاته الشخصية في‬
‫أضيق الحدود‪,‬بحيث يفكر في أهله قبل أن يفكر في نفسه‪,‬وأن يتعاون مع‬
‫زوجته على تربية الولد ‪ ,‬وأن يبذل ما استطاع من الجهود لكي يجعل زوجته‬
‫وأولده في حالة عالية من الرضى ‪,‬وأن يكون قدوة صالحة في البيت‬
‫وخارجه ‪.‬‬
‫سمها ما ليس للرجل في عضلته‪.‬قد يخيف‬ ‫‪ -73‬للمرأة من القوة في تب ّ‬
‫الزوج زوجته بعضلته‪,‬لكن يمكنها هي‪-‬في المقابل‪-‬أن تستولي على زوجها‬
‫بابتسامة حلوة منها في الوقت المناسب وفي المكان المناسب وفي الظرف‬
‫المناسب‪.‬فعلى المرأة إذن مراعاة ذلك‪.‬‬
‫‪ -74‬يقال أن‪ " :‬للمرأة سبعة وسبعون رأيا في وقت واحد"‪,‬وهذا كلم ل‬
‫نقصد به أبدا النقاص من شأن المرأة وإنما نقوله للرجل ليحتاط وهو يتعامل‬
‫مع المرأة ‪ ,‬ونقوله للمرأة لتراقب نفسها أكثر ولتضبط نفسها أكثر حتى تقلل‬
‫من التردد في حياتها ما دام ذلك ممكنا لها‪.‬‬
‫‪ " -75‬النساء مثل الكتاب‪:‬منه ما ل تشبعُ من قراءته بضع مرات‪،‬ومنه ما تنفر‬
‫منه بمجرد قراءة عنوانه"‪,‬أي أن منهن الخفيفة الظل ومنهن الثقيلة‬

‫‪34‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الظل‪.‬وجزء ل بأس به من خفة الظل ومن ثقله ليس بيد الشخص‪,‬قد يغير‬
‫منه قليل ‪,‬لكنه ل يستطيع أن يغير الكل‪.‬‬

‫)‪(6 /‬‬

‫‪ -76‬مصيبة الرجل المتزوج أنه يحاول إرضاء زوجته رغم علمه بأنها لن‬
‫ترضى أبدا عنه‪ .‬وحتى إذا رضيت لحظة فإنها تسخط لحظات‪.‬إن الرجل‬
‫مطلوب منه شرعا أن يحسن إلى زوجته ويرضيها‪,‬لكن ليس مطلوبا منه أن‬
‫يبتغي مرضاتها بل هو منهي عن ذلك ‪ .‬والحد الفاصل بينهما هو أن ابتغاء‬
‫الرجل مرضاة المرأة هو عمل الرجل بغير قناعته عمل تحمله عليه زوجته‬
‫مكَرها ‪,‬وهذا تنازل من الرجل عن القوامة التي جعلها الله له ل لزوجته ‪.‬أما‬ ‫ُ‬
‫الصورة المقابلة أي إرضاء الرجل لزوجته الذي هو من تمام إحسانه إليها فهو‬
‫القتناع بصحة رأيها ووجاهته وتنفيذه بناء على هذه القناعة ‪ .‬ولعل هذا يشكل‬
‫م تحرم ما أحل‬ ‫جزءا من المعاني التي ُتفهم من قول الله ‪) :‬يا أيها النبي ل َ‬
‫ك‪,‬تبتغي مرضاة أزواجك(‪ .‬ثم إن ابتغاَء مرضاة الرجل لزوجته مظهٌر‬ ‫الله ل َ‬
‫من مظاهر ضعف الرجل مع المرأة‪,‬الذي ل تحبه امرأة لزوجها في أعماق‬
‫نفسها حتى ولو ادعت غير ذلك‪.‬وهل الرجل الذي قال لخوته ولبويه يوما‬
‫ما ‪":‬من ترضى عنه زوجتي أرضى عنه أنا ‪,‬ومن تسخط عنه زوجتي أسخط‬
‫ل ل من قريب ول من‬ ‫عنه أنا "رجل بالفعل ؟!إنه ليس رجل ول يشبه الرجا َ‬
‫بعيد‪,‬حتى ولو ادعى أنه أعظم الرجال‪.‬إنه مخلوق مشوه تحتقره زوجُته‬
‫ويحتقره أهُله ويحتقره الناس أجمعين‪.‬‬
‫ونفس الشيء ُيقال عن الرجل الذي يأخذ مصروفه من زوجته مع أنه هو‬
‫مل خارج البيت وهي المستقرة في بيتها‪,‬وحتى ولو أراد أن يشرب قهوة‬ ‫العا ِ‬
‫خارج البيت فإنه لن يتمكن من ذلك إل إذا تفضلت عليه زوجته وتكرمت عليه‬
‫ة القهوة !!!‪.‬نسأل الله أن ُيعافينا‪.‬‬ ‫)!( وأعطته تكلف َ‬
‫‪ -77‬تنظيم النسل )أو التباعد بين الولدات(جائز عند أكثر العلماء بشرط أن‬
‫يكون من أجل المحافظة على صحة المرأة والولد ومن أجل قدرة أكبر على‬
‫تربيتهم ‪ .‬أما خوفا من الفقر فهو حرام‪.‬أما تحديد النسل ‪-‬بإيقافه نهائيا‪ -‬فهو‬
‫حرام إل مع شهادة طبيب مسلم موثوق في إسلمه وفي علمه يشهد بأن‬
‫المرأة )أو الطفل( ُيخاف عليها )أو عليه( من الموت لو حملت‪.‬‬
‫‪ -78‬في الحالة التي يكون فيها منع الحمل جائزا‪,‬تكون كل الوسائل لتحقيق‬
‫ذلك جائزة شرعا ما لم يثبت على إحدى الوسائل‪ -‬طبيا‪ -‬أنها مضرة‬
‫دم أقلها ضررا‪.‬‬ ‫مضرة ‪ ,‬فإن الشرع يق ّ‬ ‫صحيا‪.‬فإذا كانت كلها ُ‬
‫‪ -79‬ل أنصح رجل أن يتزوج بامرأة ليس لها نسب معلوم ‪ ,‬وإن كان ذلك‬
‫جائزا شرعا‪:‬‬
‫ا‪ -‬لن السلم طلب منا أن نختار المرأة الطيبة المنبت ‪,‬لن )العرق دساس(‬
‫كما أخبر النبي‪-‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬ومنبت هذه ليس طيبا‪.‬‬
‫ب‪ -‬لن هذه المرأة وإن لم يظهر لنا منها شيء اليوم ‪,‬فيمكن جدا‪ -‬بالتجربة‪-‬‬
‫ب في المستقبل ‪.‬‬ ‫ج ُ‬ ‫أن يظهر منها سلوكيا وأدبيا وأخلقيا ما ل ُيع ِ‬
‫ج‪ -‬ولن الرجل سيجد نفسه محرجا أمام أولده ‪-‬إذا لم يجد حرجا لنفسه‬
‫أمام الناس‪-‬في المستقبل عندما يسألونه عن أب أمهم وعن أم أمهم ‪.‬‬
‫د‪ -‬يمكن أن يظهر العيب أدبيا وأخلقيا ل في الزوجة فقط بل في أولدها في‬
‫المستقبل كذلك‪.‬‬
‫قد يقول قائل ‪ ":‬ومن يتزوج بهذه ؟" فأقول‪":‬ليتزوج بها من يشاء ‪,‬لكن ليس‬

‫‪35‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فرضا علي شرعا أن أكون هذا الزوج"‪ .‬قد تكون هذه أنانية‪,‬لكنها أنانية جائزة‬
‫شرعا بكل تأكيد ‪.‬‬
‫سه للحياة العائلية أن ينظر بعيني الطرف الخر ويسمع‬ ‫‪ -80‬ل بد لمن ي ُعِد ّ نف َ‬
‫بأذنيه وأن يشعر بخفقان قلبه ‪ .‬إن الزواج موطن ليس فيه مجال للبطولة‬
‫إنما يحتاج إلى اهتمام الشخص بشريكه الخر الهتمام الكافي‪,‬وأن يضع كل‬
‫واحد منهما نفسه على قدم المساواة مع الخر)المساواة هنا ليست هي‬
‫المساواة المطلقة التي يرفعها المنحلون كشعار لهم(‪.‬‬
‫‪ -81‬قد تستعمل المرأة البكاء كسلح لبتزاز الرجل والضغط عليه‪.‬ول شيء‬
‫يوقف بكاء هذه المرأة بسرعة كالضحك والبتسام‪,‬وقد تثور وترمي الرجل‬
‫دها ولكنها ستتوقف عن البكاء‬ ‫بصحن أو ملعقة أو أي شيء تصل إليه ي ُ‬
‫بمقابلة ثورتها بالضحك والبتسام ‪ .‬وكذلك هناك وسيلة أخرى تنفع ليقاف‬
‫بكاء المرأة وهي أن يضع الرجل قليل من الماء على وجه المرأة ويجعل‬
‫الدموع تختلط بالماء‪.‬‬
‫وعلى الرجل قبل استعمال هذين السلوبين مع زوجته التي تبكي‪,‬عليه أن‬
‫يتأكد من أنها تستعمل دموعها لرغامه‪-‬فقط‪-‬على فعل شيء تريده ‪.‬‬
‫ص لزوجته‬ ‫‪ -82‬على الرجل أن ل يتزوج إل عندما يشعر أن بمقدوره أن يخل َ‬
‫ويمنحها كل ما في أعماقه من حب ووفاء ‪ ,‬وإل فأفضل له أن يبقى عازبا‬
‫حتى يشعر برغبة في الزواج والستقرار‪.‬لكن في المقابل يجب أن يعلم بأن‬
‫سّنة عموما ‪ ,‬وأن أجره كبير عند الله إذا تزوج لوجه الله‪,‬وأن الله‬ ‫الزواج ُ‬
‫يبارك للمتزوج ويعينه ماديا ومعنويا بإذن الله ‪.‬‬

‫)‪(7 /‬‬

‫فه كزوجة له‬ ‫‪ -83‬إن الرجل التي ل ترضيه امرأة واحدة يمنحها حّبه وعط َ‬
‫وكأم لولده وكربة لبيته‪,‬إن هذا الرجل ل يمكنه أن ترضيه عشرات النساء‬
‫خم المبلغُ تطّلع الجامعُ إلى‬
‫وذلك لن جمع النساء كجمع المال كلما تض ّ‬
‫ة‪.‬هذا إل في حالت شاذة ونادرة يكون فيها الرجل مؤمنا تقيا ومع ذلك‬ ‫الزياد ِ‬
‫صن نفسه‬ ‫ل تكفيه امرأة واحدة جنسيا ‪ ,‬فيتزوج بامرأة ثانية أو بأكثر ليح ّ‬
‫ودينه فهذا ل حرج عليه ويبارك الله له في زواجه بإذن الله ‪.‬‬
‫‪ -84‬التربية الروحية‪-‬بالصلة والصيام والذكر والدعاء وقراءة القرآن‬
‫والمطالعة الدينية وعيادة المريض والصدقة على الفقير خصوصا والنفاق في‬
‫سبيل الله عموما و‪ -..‬مهمة جدا للمرأة قبل زواجها وتصبح أكثر أهمية بعد‬
‫الزواج‪,‬حيث تصبح المرأة مشغولة كثيرا بالزوج والدار والولد‪.‬وإذا نقص‬
‫اهتمام المرأة بالتربية الروحية بعد الزواج بسبب أنها أصبحت مشغولة كثيرا ‪,‬‬
‫فيجب أن يبقى عندها على القل الحد الدنى من الهتمام الذي يزيد من‬
‫أجرها عند الله وُيعينها على القيام بوظيفتها كزوجة وكأم وكربة بيت كما‬
‫يحب الله ورسوله ‪.‬‬
‫ت عاملة فحاولي التوفيق بين واجبات العمل خارج البيت وبين‬ ‫‪ -85‬إذا كن ِ‬
‫حقوق الزوج والبيت والولد ‪ .‬واجتهدي من أجل أن توفري لنفسك الجو‬
‫المناسب والظروف المناسبة للرجوع إلى البيت للستقرار فيه في‬
‫المستقبل القريب ‪.‬‬
‫‪ -86‬من أسباب الخيانة الزوجية من الزوجة‪:‬‬
‫ا‪ -‬إهمال الزوج لزوجته ماديا‪.‬‬
‫س معها أو‬ ‫ّ‬
‫ب‪ -‬اشتغاله عنها بأعمال كثيرة خارج البيت ‪ ,‬بحيث قلما يجل ُ‬

‫‪36‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫م بها‪.‬‬
‫ث إليها أو يهت ّ‬
‫يتحد ُ‬
‫‪ -87‬العزلة التي يفرضها الزوج على زوجته داخل البيت حتى ل يتصل بها أحد‬
‫ول تتصل بأحد‪ ,‬أشد إيلما وأقوى ضررا من الستبداد والعنف في المعاملة ‪,‬‬
‫فليراع الزوج ذلك ‪.‬‬
‫ك زوجته في عمله ويحدثها بمشاكله ‪ ,‬ومن‬ ‫‪ -88‬من واجب الزوج أن يشر َ‬
‫واجبها أن تحدثه هي بمشاكلها ‪ .‬ويجب أن يشد كل منهما أزَر الخر مشجعا‬
‫ومطمئنا ولو بالرأي والنصيحة والتوجيه ‪.‬‬
‫ن خلقه ‪.‬‬ ‫مه وشجاعُته وحس ُ‬ ‫‪ -89‬مما يرضي المرأة ويقربها إلى الرجل كر ُ‬
‫‪ -90‬ل خير في الحب المؤسس على الجمال الزائل عند المرأة ‪ ,‬لن ثوب‬
‫الجمال ل يقيم إل فترة وجيزة ثم يبدأ في الزوال حتى ل يبقى منه إل الظل ‪,‬‬
‫وقد ل يبقى منه شيء‪ .‬أما حب التعقل والداب والخلق الحسنة في المرأة‬
‫فيزداد يوما بعد يوم ‪ ,‬لن العقل يزداد في إدراكه ووعيه كلما تقدم النسان‬
‫في السن‪.‬‬
‫‪ -91‬عندما تغضب المرأة ‪ ,‬نجدها ترتاح أكثر إذا نالت – في مقابل ذلك‪ -‬من‬
‫زوجها شيئا من الحب بدل من النصيحة‪ .‬والرجل يميل غالبا في مواجهة‬
‫ب دور الب الناصِح ‪ ,‬بينما نجد أن ما تحتاجه المرأة‬ ‫غضب الزوجة إلى أن يلع َ‬
‫حقيقة هو أن يقوم الرجل معها بدور الم الحنون ‪ .‬والحقيقة أن المرأة –‬
‫غالبا‪ -‬ل تحتاج في غضبها لكثر من ‪ 5‬دقائق من الهتمام بها وإظهار الحب‬
‫لها ليزول الغضب عنها ‪ ،‬إل إذا كانت الزمة التي تتعرض لها خطيرة جدا‪.‬‬
‫ومن طبع أغلب الرجال أنهم يأخذون ما تقوله المرأة حرفيا‪-‬حين تغضب‪-‬‬
‫س المعنى )مثل عندما تقول ‪ " :‬إني أكاد أجن" ( ‪.‬‬ ‫بينما قد ل تعني المرأة نف َ‬
‫وإن كانت المرأة مطلوب منها في المقابل أن تضبط أعصابها فل تقول إل ما‬
‫يليق ‪ ,‬وأن تكظم غيظها فل يصدُر منها إل ما يصُلح ‪.‬‬
‫‪ -92‬المرأة تحب من أعماق نفسها أن ينفذ الزوج لها طلبا ) ول أقول ‪:‬‬
‫ج على أن ينفذ لها كل‬ ‫يطيعها ( ويرفض لها طلبا آخر ‪ .‬أما أن يحرص زو ٌ‬
‫طلباتها بل استثناء ليرضيها ولتحبه أكثر‪ ,‬فإن ذلك دليل على جهله بطبيعة‬
‫ة ضعف ‪ ,‬وهي ل‬ ‫المرأة التي ترى‪ -‬في سلوك زوجها معها بهذا الشكل ‪ -‬علم َ‬
‫ولن ترتاح إل في ظل الحياة مع زوج يحسن إليها ‪ ,‬ولكن يكون في نفس‬
‫الوقت أقوى منها‪.‬‬
‫‪ -93‬هناك نوعية من النساء كلما أحسن الزوج إلى الزوجة منهن كلما أساءت‬
‫إليه ‪ .‬هذه المرأة فهمت أن طيبة زوجها هو علمة ضعف ‪ ,‬لذلك كافأته بأن‬
‫كبت على ظهره كما يقولون‪ .‬وهذه الزوجة ينطبق عليها قول القائل ‪":‬اتق‬ ‫ر ِ‬
‫شر من أحسنت إليه "‪.‬‬
‫‪ -94‬مما صح عن النبي‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬قوله عن النساء ‪ ":‬يكثرن‬
‫اللعن )الشكوى والسب والشتم ودعوى الجاهلية و‪ ..‬وخاصة المتزوجات(‬
‫ويكفرن العشير)الزوج(" فسئل رسول الله عن معنى‬
‫ذلك فقال ‪ ":‬لو أحسنت إليها الدهر كله ثم أسأت إليها مرة واحدة لقالت ما‬
‫رأيت منك خيرا قط "‪ .‬ولله دّر من قال بأن" المرأة لها كيسان ‪ :‬كيس‬
‫مثقوب تحفظ فيه حسنات زوجها ‪ ,‬ولها كيس آخر محكم الغلق )يزيد ما فيه‬
‫ول ينقص( تحفظ فيه سيئات زوجها "!‪.‬‬
‫‪ -95‬إن المرأة طالما رضيت برجل معين ليكون زوجا لها‪,‬صار لزاما عليها أن‬
‫ف إلى جانبه تسانده وتساعده على العيش والنجاح في حياته ‪,‬وليست هذه‬ ‫تق َ‬
‫تبعية منها لزوجها)وإذا اعُتبرت تبعية فهي تبعية محمودة( بل إن نجاح الزوج‬
‫هو نجاح لزوجته كما أن نجاح الزوجة هو نجاح لزوجته سواء بسواء ‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(8 /‬‬

‫‪ -96‬إن علقة الزوجة بالزوج يجب أن تكون أرسخ من الحب وأطول عمرا‪,‬أو‬
‫يجب أن تكون علقة زمالة تجعل الرجل ينظر إلى زوجته كعنصر في الحياة‬
‫ل غنى له عنه ‪ .‬وبغير هذه النظرة فإن الزوجة تكون فاشلة تماما في زواجها‬
‫أو في حياتها مع زوجها ‪.‬‬
‫‪-97‬ل تكلفي زوجك ماديا بما ل يطيق لنه ‪:‬‬
‫ا‪ -‬إما أن يعلن عن عجزه‪,‬وهذا ما ل يحب بطبعه أن يعترف به‪.‬‬
‫سه فوق اللزوم‬ ‫ب‪ -‬وإما أن يستجيب لطلباتها الكثيرة والمكلفة‪ ,‬فيتعب نف َ‬
‫مما سيؤدي إلى مقتها ولو سرا‪ .‬هذا فضل عن أن من أعظم سيئات الزوجة‬
‫مع زوجها‪ -‬عند الله ثم عند زوجها‪ -‬تكليفها لزوجها ماديا بما ل يطيق ‪.‬‬
‫خلَعة " تعاني‬ ‫‪ -98‬الزوجة – عادة‪ -‬أشد توترا وقلقا في مواجهة المحن ‪ ,‬و" ال َ‬
‫منها المرأة أكثر من الرجل بكثير‪.‬‬
‫‪ -99‬مما تنصح به الزوجة عن كيفية تعاملها مع زوجها ‪:‬‬
‫ك‬‫*‪ -‬تفهمي زوجك وتغاضي عن بعض مساوئه‪,‬واعلمي أنه ليس كامل كما أن ِ‬
‫ت كاملة ‪.‬‬ ‫ت لس ِ‬ ‫أن ِ‬
‫*‪ -‬ل تكوني عنيدة ‪.‬‬
‫*‪ -‬ساعدي زوجك على الحتفاظ بالحترام لذاته أمام الغير ‪.‬‬
‫*‪ -‬تغاضي عن التوافه ‪,‬وكوني حليمة ‪,‬حسنة الخلق‪ ,‬وفكاهية للتغلب على‬
‫المتاعب الصغيرة‪,‬وتوخي الحكمة في شؤون المال خاصة‪,‬فإن المال وراء‬
‫كثير من الخلفات التي تقع بين الزوجين ‪.‬‬
‫ك تزوج‬ ‫ملة في مظهرك وأنوثتك ‪ ,‬واذكري دائما أن زوج ِ‬ ‫*‪ -‬ل تكوني مه ِ‬
‫بامرأة ل برجل ‪ ,‬ول بشبه امرأة ‪.‬‬
‫*‪ -‬احرصي على كرامة زوجك وكبريائه ‪ ،‬ول تتعالي عليه بالجمال أو المال أو‬
‫الحسب أو النسب أو العلم أو حتى الدين‪,‬بل تواضعي معه ما استطعت‬
‫ك الله قبل ذلك ‪.‬‬ ‫ك هو‪,‬ويحبب ِ‬ ‫يحبب ِ‬
‫*‪ -‬ل تكوني مع زوجك ثرثارة مملة ‪ ،‬وعودي نفسك على التكلم معه في‬
‫المور الهامة ‪.‬‬
‫ك معه‬‫ك وأن تروحي عن نفس ِ‬ ‫ل بأس أن تلعبي معه وأن تبثي له هموم ِ‬
‫وأن ‪ ..‬لكن بعيدا عن الثرثرة التي اشتهرت بها المرأة ‪.‬‬
‫ك‬ ‫*‪ -‬أحسني معاملة أهل زوجك وخاصة حماتك‪ .‬كوني لها ابنة مطيعة تكن ل ِ‬
‫أما حنونا‪.‬‬
‫*‪ -‬عاملي زوجك معاملة طيبة كما كنت تفعلين أثناء الخطوبة أو أحسن‪,‬وإن‬
‫جرت العادة على خلف ذلك‬
‫مسي له العذر‪,‬واعلمي أنه قد تكون له‬ ‫*‪ -‬إذا كان زوجك قاسيا فافهميه وتل ّ‬
‫ت ‪,‬وقد يقسو اليوم ويلين‬ ‫ك أن ِ‬
‫ب‪ ,‬وقد يقسو بسبب من ِ‬ ‫ب القل ِ‬‫قسوة ٌ وهو طي ُ‬
‫غدا ‪.‬‬
‫ل في زوجاتهم‪:‬‬ ‫قها الرجا ُ‬ ‫‪ -100‬عشرة عيوب ل يطي ُ‬
‫* النقار)أي كثرة الشكوى( ‪.‬‬
‫* السراف ‪.‬‬
‫* إهمال شؤون المنزل ‪.‬‬
‫* الرغبة في السيطرة ‪.‬‬
‫* الثرثرة والحاديث التافهة ‪.‬‬
‫* كثرة الصداقات ‪.‬‬

‫‪38‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫* عدم الستقلل عن الم ‪.‬‬


‫* السراف في الزينة والملبس ‪.‬‬
‫* التشكل وتغيير الرأي في كل وقت وعدم الثبات على رأي معين بسبب‬
‫وبدون سبب ‪.‬‬
‫* الغيرة المبالغ فيها بدون داع يدعو إليها ‪.‬‬
‫‪ -101‬الغريب أن المرأة بقدر ما تزداد ثقافة تزداد استقللية مالية‪ ,‬وتزداد‬
‫في نفس الوقت الصعوبة التي تلقيها من إيجاد الزوج المناسب‪ .‬والمرأة قد‬
‫تظن في البداية أن المال يسعدها لكنها تتأكد غالبا في النهاية –قبل أن يفوت‬
‫الوان أو بعد ذلك‪-‬بأنه ل شيء يسعدها بعد اليمان مثل الزواج‪.‬‬
‫‪ -102‬ومع ذلك فإنها –ولو كانت مثقفة وتجد صعوبة في الزواج‪ -‬عوض أن‬
‫تتواضع في فرض شروطها‪ -‬كما يجب على الرجل أن يتواضع في وضع‬
‫الشروط التي يطلبها في المرأة التي يريدها أن تكون زوجة له‪ , -‬تجدها‬
‫تطلب في الرجل أكثر مما تطلب غيُرها ‪:‬‬
‫* عاشق جيد ‪.‬‬
‫* رجل يحافظ على استقللها المالي والقتصادي‪.‬‬
‫* زوج مثقف ثقافة عالية ‪.‬‬
‫* الستقلل في السكن عن أهله ‪.‬الخ…‬
‫‪ -103‬لن الرجال –غالبا‪ -‬ل يحبون الزواج من مثقفات ثقافة عالية لنهم‬
‫يرون أن ذلك قد يتناقض مع قوامة الواحد منهم على المرأة ‪.‬‬
‫‪ -‬ولن الطالبة الجامعية ل تفارق مقاعد الدراسة الجامعية إل قبيل ‪ 30‬سنة‬
‫من عمرها‪ ،‬وهو سن متأخر نسبيا بالنسبة لتزوج المرأة ‪.‬‬
‫‪ -‬ولن الرجل في الكثير من الحيان يراعي‪ -‬وهذه نقطة ضعف عنده‪ -‬في‬
‫ث عن‬ ‫خلقية معينة فيها أكثر مما يبح ُ‬‫خلقية أو ُ‬
‫المرأة صغر سنها وصفات ِ‬
‫ثقافتها الواسعة ‪.‬‬
‫هذه أسباب أساسية لنتشار العنوسة عند الجامعيات ‪ ,‬تؤدي إلى أن المرأة‬
‫الجامعية تجد في الكثير من الحيان فرص الزواج أمامها أقل بكثير مما‬
‫تجدها من هي أقل منها ثقافة أومن هي مستقرة في بيتها ‪.‬أنا الن أتحدث‬
‫ط‬
‫عن ظاهرة موجودة ‪ ,‬وما أعطيت فيها رأيا ‪ ,‬أو أنا أصف واقعا‪,‬ولم أع ِ‬
‫حكما‪.‬‬
‫‪ -104‬من أسباب تأخر المرأة عن الزواج أو عنوستها‪:‬‬
‫* مبالغتها في الصفات التي تحب أن تتوفر في الرجل الذي تريده زوجا لها )‬
‫من ضمنها أنه يجب أن يكون غنيا ‪ ,‬ويجب أن يسكن مع زوجته بعيدا عن أهله‬
‫‪ ,‬و‪. (..‬‬
‫* البطالة‪.‬‬
‫* مشكل السكن‪.‬‬
‫* نقص جمال المرأة‪.‬‬
‫* تمزق غشاء البكارة قبل الزواج لسبب أو لخر‪.‬‬
‫* خوف المرأة من الرجل ومن الزواج‪.‬‬

‫)‪(9 /‬‬

‫ل‪,‬لكن الرجل القوي هو‬ ‫‪ -105‬جمال المرأة الظاهري هو أول ما يجلب الرج َ‬
‫الذي يقاوم هذا الجمال ول ينخدع به‪.‬والجمال يؤثر عادة في البداية‪,‬لكن بعد‬
‫اتصال الرجل بالمرأة يضُعف تأثير الجمال ويأتي دور الطيبة والمزاج الحسن‬

‫‪39‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫والذكاء وخفة الظل وحسن العشرة وسلمة القلب و‪..‬وباختصار يأتي دور‬
‫اليمان والعمل الصالح ‪.‬‬
‫‪ -106‬الزواج المثالي هو الذي يتم بين الزوج الذي يكون فيه هو الخ الكبر‬
‫لمجموعة من الخوات‪ ،‬والزوجة تكون فيه هي الخت الصغرى لمجموعة من‬
‫الذكور ‪.‬‬
‫‪ -107‬هناك حقيقة هامة هو أن الجمال والحب متلزمان عند الرجل في‬
‫نظرته لزوجته‪,‬بحيث أنه بقدر حبه مثل لزوجته بقدر ما يراها أجمل ‪,‬حتى أنه‬
‫إذا أحبها كثيرا أصبح يراها أجمل امرأة في الدنيا‪.‬‬
‫‪ -108‬بصفة عامة نحن نحب من نظن أنه يحبنا ونظن أن من نحب يحبنا‪.‬لذا‬
‫ب‪.‬‬
‫ب فأح ّ‬ ‫إذا أردت أن تح ّ‬
‫‪ -109‬الحب عاطفة تفسيرها صعب جدا‪:‬كيف تنشأ وكيف تحيا وكيف‬
‫تموت؟!والحب ليس الصداقة‪,‬بل هو أكثر تعقيدا‪.‬وأعظم الحب حبنا لله ثم‬
‫للوالدين وحب الزوج لزوجته أو العكس‪.‬والذي يحب بقدر ما يكون صريحا مع‬
‫الخر‪-‬خاصة إن كان زوجا‪ -‬بقدر ما يكون الخر صريحا معه‪،‬وفي العادة تزداد‬
‫ب هي‬ ‫الصراحة مع الوقت أي مع طول العشرة ‪ ..‬والصراحة التي تجلب الح ّ‬
‫الصراحة التي تأتي بالتدريج ل الصراحة التامة التي تأتي دفعة واحدة من أول‬
‫لحظة‪.‬‬
‫‪ -110‬هل ل بد من الحب قبل الزواج؟ الجواب‪:‬ليس شرطا‪,‬بل إن الحب‬
‫الذي يأتي قبل الزواج بالطرق غير المستقيمة )اختلط دائم وخلوة غير‬
‫مشروعة وقبلة ومداعبة و‪(..‬‬
‫غالبا ما يكون حبا غير دائم ‪ .‬وأما إذا بني الزواج على أساس من الدين‬
‫والمانة والتقوى‪,‬فإن الحب إن لم يأت قبل الزواج ‪ ,‬فسيأتي بإذن الله بعد‬
‫الزواج ويكون قويا تزداد قوته مع اليام ‪,‬حتى وإن بدأ ضعيفا ‪.‬‬
‫‪ -111‬متى كان الدين بين الزوج وزوجته ‪ ,‬فمهما اختلفا وتدابرا وتعقدت‬
‫نفساهما فإن كل عقدة ل تجيء إل ومعها طريقة حلها بإذن الله ‪.‬‬
‫‪ -112‬حق الرجل المسلم على امرأته المسلمة هو حق من الله ثم من المة‬
‫ثم من الرجل نفسه ثم من لطف المرأة وكرمها ثم مما بينهما معا‪ .‬وما‬
‫م حقّ هذا حاله !‪.‬‬ ‫أعظ َ‬
‫‪ -113‬الرجل مهما أعطاه الله ‪,‬ل بد له أن يتزوج حتى تكتمل راحته ويكتمل‬
‫توازنه النفسي والبدني ‪ ,‬و‪ ..‬وإذا كان الزواج فيه ما فيه من التعب‬
‫ون‬‫والمشقة‪,‬فإن الحياة ليس لها معنى كبير بدونه ‪ .‬ومتاعب الزواج ت ُك َ ّ‬
‫ل والنساَء في آن واحد ‪ ,‬فضل عن أن السعي على شريك الحياة وعلى‬ ‫الرجا َ‬
‫الولد في مرتبة الجهاد في سبيل الله من حيث الجر عند الله‪.‬وما يقال من‬
‫أن العزوبة أفضل من الزواج كلم ل دليل عليه من الشرع ول رصيد له من‬
‫الواقع ‪.‬يكفي أن الزواج شرعة رب العالمين وسنة النبياء ‪ ,‬فيه تواصل‬
‫النسل والبناء النفسي وإحصان الفرج والتعاون على طاعة الله وتعمير‬
‫ب دوما أن‬ ‫الرض وتربية الولد وتكوين الجيال المسلمة وفيه ما فيه‪ .‬وأح ّ‬
‫أقول للشاب الغير متزوج ‪ ":‬أنت ما زلت طفل ما دمت لم تتزوج‪,‬حتى ولو‬
‫ت‬‫ت ما زل ِ‬ ‫ك ‪ 40‬سنة " وكذلك للفتاة التي ما زالت لم تتزوج ‪ ":‬أن ِ‬ ‫كان عمر َ‬
‫كر كذلك‬ ‫ّ‬
‫ت الربعين " ‪ ,‬وأحب أن أذ َ ّ‬ ‫طفلة إلى أن تتزوجي ‪ ,‬حتى ولو بلغ ِ‬
‫م‬‫بقول الشيخ يوسف القرضاوي أطال الله عمَره ونفع بعلمه السل َ‬
‫والمسلمين‪,‬في هذا الموضوع ‪ ":‬ل معنى لجنة يعيش‬
‫فيها النسان وحده بدون زوج أو زوجة" هذا عن الزواج في الجنة‪,‬فما بالك‬
‫بالزواج في الدنيا؟!‬

‫‪40‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ -114‬إن المرأة‪ -‬إذا لم تكن تخاف الله ‪ ,‬ولم يكن لها عمل خارج البيت‪ -‬ل‬
‫منعت من‬ ‫تخرج عادة من بيتها إل لظهار زينتها‪ .‬ولو فرضنا أن هذه المرأة ُ‬
‫الثياب الجميلة ومن العطور ومن الصباغ و‪ ..‬فإنها سترفض عندئذ الخروج‬
‫غالبا‪.‬إن الشوارع تقول دائما للرجال‪ " :‬يا رجال ‪,‬إنما تعّلمون المرأة بالسماح‬
‫لها بالخروج من البيت بدون عذر‪,‬إنما تعّلمونها معرفة الكثير)من الرجال‬
‫الجانب( ل معرفة الواحد )الزوج("‪ ,‬ومن أهم ما يفسد المرأة كثرة التعرف‬
‫على الرجال بل ضرورة‪.‬‬
‫‪ -115‬مما يجب أن يكون معلوما علم اليقين عند المرأة ‪ ,‬أنها حين تخضع‬
‫)بالمعنى الحسن ل بالمعنى السيئ( للرجل خاصة الزوج‪ ,‬فإن سر الحياة‬
‫بإذن الله يرفعها عن المساواة بالرجل إلى أن تكون سيدة عليه‪ ,‬وصدقت‬
‫ك عبدا "‪.‬‬
‫من قالت لبنتها ‪" :‬كوني له أمة ‪ ,‬يكن ل ِ‬
‫‪ -116‬أنفق أيها الزوج على أهلك في اعتدال ول تسرف ول تبخل‪.‬‬
‫‪ -117‬حافظا على أسرار حياتكما الزوجية ولو بعد وقوع طلق أو خلف‬
‫شديد بينكما‪.‬‬
‫ت مجامل‬ ‫م زوجتك ‪ ,‬بل امدح خبرتها بفنون الطهي‪ -‬ولو كن َ‬ ‫‪ -118‬ل ُتعب طعا َ‬
‫جه امرأتك إلى خطئها بتوجيه رقيق ينفعها ول‬ ‫في ذلك في بعض الحيان‪ -‬وو ّ‬
‫يجرحها ‪.‬‬
‫‪ -119‬ل تكن‪-‬أيها الرجل وأيها الزوج‪ -‬كسول بحيث تهمل إتقان بعض الشؤون‬
‫المنزلية كإصلح بعض البواب أو النوافذ أو الحنفيات أو الخزانة أو المماطلة‬
‫في استدعاء من يهتم بذلك‪.‬‬

‫)‪(10 /‬‬

‫‪ -120‬حاول أن تهتم بالمناسبات السعيدة في حياة زوجنك بما ل يتناقض مع‬


‫شرع ‪ ,‬مثل اليوم الذي تزوجت فيه ‪ ,‬واليوم الذي حملت فيه لول مرة ‪,‬‬
‫واليوم الذي ُولد لها فيه أول مولود ‪.‬‬
‫‪ -121‬ليكن شأنك مع زوجتك كشأن المعلم مع تلميذه والوالد مع ولده‪.‬علمها‬
‫ودربها وخذ بيدها حتى ترفعها إلى مستواك الرفيع الذي أنت فيه )إن كان‬
‫المر كذلك( ‪ ,‬لتستطيع أن تجد منها الصديق الوفي و العشير الكريم ‪.‬‬
‫‪ -122‬ليحرص كل من الرجل والمرأة على أن ل يتزوج أحدهما إل ممن هو‬
‫كفء له في السن والثقافة والمركز الجتماعي و‪ ..‬والخطر في التفاوت‬
‫الفاحش ‪ ,‬ول بأس من التفاوت المعقول إذا كان راجحا لصالح الرجل‪.‬‬
‫ف ‪ .‬إن‬ ‫‪ -123‬تجنبا الغيرة المدمرة بينكما‪,‬خاصة من المرأة لنها غيرتها أعن ُ‬
‫رهت قتلت"‪.‬‬ ‫المرأة كما يقول المثل‪":‬إذا أحّبت قتلت ‪ ،‬وإذا ك ِ‬
‫‪ -124‬ل تسمحا للحموات بالتدخل في شؤونكما الخاصة إل حين ُيطلب ذلك‬
‫مل إل إذا‬ ‫منهما أو من إحداهما‪.‬وعلى الزوج أن يعلم أن حبه لزوجته لن يك ُ‬
‫أحب أهلها ولتعلم الزوجة كذلك أن حبها لزوجها لن يكمل إل إذا أحبت أهله ‪.‬‬
‫‪ -125‬تعاونا على تربيتكما لبعضكما البعض وعلى تربية أولدكما‪,‬واعلما إن‬
‫أجركما سيكون عند الله بإذن الله كبيرا ‪ ،‬وإل فالوزر واقع عليكما معا ‪.‬‬
‫ك في‬ ‫‪ -126‬احرصي على رضى الوالدين في الرجل الذي تقبلينه زوجا ل ِ‬
‫المستقبل ‪ ,‬واعلمي‪:‬‬
‫ا‪ -‬أن غضب الوالدين قد تكون له نتائج في غاية السوء ‪.‬‬
‫ب‪ -‬أن هناك فرقا بين الرجل الذي يجوز له أن يزّوج نفسه بنفسه والعقد‬
‫صحيح ولو بدون إذن الولي ‪ ,‬وبين المرأة التي ل تتزوج إل بإذن ولي‪,‬والعقد‬

‫‪41‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫بل ولي باطل‪.‬‬


‫ح‬ ‫ُ‬
‫ج‪ -‬أن الوالدين كذلك يحرم عليها أن يزوجا ابنتهما بمن ل تقبل به ول يصل ُ‬
‫لها ‪.‬‬
‫‪ -127‬كوني متزينة ومتجملة للزوج دائما أو غالبا‪،‬واعلمي قبل وبعد ذلك أن‬
‫النظافة أفضل من الجمال وأهم وأدوم‪.‬‬
‫‪ -128‬الذى والحب الزوجي ل يجتمعان في القلب أبدا لمدة طويلة‪,‬أو ل‬
‫يجتمعان إل بصعوبة كبيرة جدا ‪ .‬فل يصلح إذن بأحد الزوجين أن يداوم على‬
‫ه‪.‬‬
‫إيذاء الخر ثم يطلب منه أن يحب ّ ُ‬
‫‪ -129‬احترمي مشاعر زوجك‪,‬وأشعريه دائما بأنك تحبينه وتعتزين به‪.‬وإن‬
‫تجاوزت في ذلك بعض الصدق فل ضرر‪,‬لن ذلك يعتبر إما مجاملة جائزة وإما‬
‫كذب حلل ‪.‬‬
‫ك‬ ‫ّ‬
‫‪ -130‬اشكري زوجك على جميل صنعه لك‪,‬لن هذا يولد عنده المحبة ل ِ‬
‫ك‪.‬‬ ‫ك والحسان ل ِ‬ ‫أكثر ويعطيه دفعة لبذل المزيد من التفضل علي ِ‬
‫‪ -131‬ل تتزيني خارج البيت وتتخلي عن الزينة لزوجك داخل البيت‪,‬واعلمي‬
‫أن الول حرام وأن الثاني عبادة من العبادات‪.‬‬
‫‪ -132‬ل تحولي بين زوجك وزيارته لهله بمناسبة وبغير مناسبة‪,‬ول يجوز له‬
‫ك‪,‬‬‫ك وليس ل ِ‬ ‫ك نهائيا ‪.‬والمر في هذا مع ذلك لزوج ِ‬ ‫ك من أهل ِ‬ ‫كذلك أن يمنع ِ‬
‫ك‪.‬‬ ‫والكلمة الخيرة له ل ل ِ‬
‫‪ -133‬إذا أردت أن تكوني كريمة كاملة )الكمال البشري بطبيعة الحال( ‪,‬‬
‫ت ‪ ,‬وفضلي حظ زوجك على‬ ‫فاصبري على الضرة – إن ُوجدت‪ -‬ما استطع ِ‬
‫حظ نفسك ‪ ,‬تؤجرين إن شاء الله ‪.‬‬
‫هذا مع ضرورة التنبيه إلى أن الزواج بثانية أصبح صعبا جدا في مجتمعنا ‪.‬‬
‫‪ -134‬إن الولد هم حبة قلب الم فل يلومها أحد إذا رأت الدنيا بعيونهم‬
‫وتذوقت طعم الحياة من خلل مشاعرهم ‪.‬‬
‫‪ -135‬والمرأة في الشيخوخة أحنى على الرجل منها في الشباب‪,‬حيث يصبح‬
‫مها بالرجل هو ما يشغلها بالدرجة الولى ‪ ,‬أما في السنوات الولى من‬ ‫اهتما ُ‬
‫زواجها فهي تهتم بنفسها وأولدها قبل اهتمامها بزوجها‪.‬‬
‫‪ -136‬بقدر ما يقتل ماضي المرأة )مع رجال آخرين سواء بالحرام أو حتى‬
‫ل ‪ ,‬بقدر ما يزيد ماضي الرجل )مع نساء أجنبيات بالحلل‬ ‫ب الرج ِ‬
‫بالحلل( ح ّ‬
‫ب المرأة له وتمسكها به‪.‬أما الشيء الذي ل تغفره‬ ‫ّ‬ ‫ح‬ ‫من‬ ‫بالحرام(‬ ‫أو حتى‬
‫المرأة للرجل أبدا‪ -‬مهما كان‪-‬فهو غلطته مع امرأة أخرى بعد زواجه منها‪.‬‬
‫‪ -137‬يستحب من الرجل النظر إلى الخطيبة‪ -‬التي يريدها أن تكون زوجة له‬
‫في المستقبل‪-‬في بيتها وأمام واحد من محارمها‪,‬ويمكنهما أن يتحدثا معا وأن‬
‫يتعرفا على البعض من أفكار بعضهما البعض العامة )أما بعيدا عن أهل الفتاة‬
‫فإن التعارف يمكن أن يكون فيه من الشر ما فيه‪,‬لنه قد يكون حراما وقد‬
‫يكون مقدمة لحرام‪,‬فضل عن أنه تعارف كاذب في الغالب لن كل واحد‬
‫منهما يتجمل للخر بما ليس فيه ول يمكنه أن يتعرف عليه كما ينبغي ولو‬
‫عاشره بهذه الطريقة لسنوات وسنوات(‪ .‬وأما الحب فإن أفضل الحب‪-‬‬
‫عموما‪ -‬هو الذي يأتي بعد الزواج ‪.‬‬
‫والغريب أن بعض أولياء البنات قد يمنعون الخاطب أن ينظر إلى خطيبته‬
‫)ابنتهم( أمام أهلها وعلى كتاب الله ووفق سنة رسول الله‪ -‬صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ ,-‬وفي المقابل يسمحون لبنتهم أن تخرج متى شاءت وكيفما شاءت‬
‫ومع من شاءت بل قيد ول ضابط شرعي ‪ .‬نسأل الله الهداية للجميع‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(11 /‬‬

‫ب فيمن يريدها أن‬ ‫‪ -138‬الفضل أن ُيوجد مع الدين‪ -‬الذي يشترطه الخاط ُ‬


‫جدت العالية‬ ‫تكون زوجته في المستقبل ‪ -‬الثقافة المتوسطة ) أما إذا وُ ِ‬
‫فيستحسن أن يكون مستوى الرجل الثقافي أكبر حتى ل تتكبر عليه زوجته‬
‫من حيث تدري أو ل تدري ( ‪ ،‬وكذا القدرة على شؤون البيت ‪ ،‬والسلمة من‬
‫المراض المعدية‪,‬وقرب مكان سكن أهلها من مقر سكناه هو ‪ ،‬وأن ل تكون‬
‫من قريباته نسبا‪.‬‬
‫‪ -139‬يجب على كل من الزوجين البتعاد عن محرمات وبدع الخطبة والعقد‬
‫الشرعي والدخول‪ ,‬وما أكثرها في عالم الناس اليوم ‪.‬‬
‫‪ -140‬لن المرأة تراعي بالدرجة الولى في زوج المستقبل الصفات المعنوية‬
‫سفها بعد الزواج من زوجها هو غياب هذا الحنان‬ ‫والحنان‪,‬فإن أهم ما يؤ ِ‬
‫ب‬
‫والعشرة الطيبة ليلة دخوله عليها‪,‬لنه عوض أن يدخل عليها كزوج يح ّ‬
‫ل فريسَته‪.‬‬ ‫زوجته‪,‬دخل عليها كوحش يريد أن يأك َ‬
‫‪ -141‬لبد لكل زوج أن يتنازل للخر قليل عند الختلف‪.‬‬
‫كم كل منهما في لسانه‪,‬فل يقول‬ ‫‪ -142‬مهم جدا –عند اختلف الزوجين –تح ّ‬
‫به إل خيرا‪.‬إنه ل يجوز ول يقبل ول يصلح ول يليق أن يقول أحدهما للخر‬
‫كلما جارحا)إل لضرورة(ول كلما فاحشا مهما كان العذر‪ ,‬ول كلما‬
‫مثل ‪":‬أنت حمار أو ساقط أو رخيص أو‪"..‬‬
‫‪ -143‬يتشاجر الزوجان اليوم من أجل حل مشكل بسيط‪,‬خير من السكوت‬
‫ل بعد ذلك إل بصعوبة كبيرة‪,‬إن أمكن حّله‪.‬‬ ‫حتى يكبر المشكل ول ُيح ّ‬
‫‪ -144‬يجب على كل زوج أن ل ينسى بأنه إذا ساعد الخر على حل مشكل‬
‫له اليوم ‪,‬فإن الخر سيساعده بإذن الله على حل مشكلته في وقت لحق ‪.‬‬
‫مهم جدا ‪.‬وما أحسن الزواج الذي يلتقي فيه‬ ‫مهم و ُ‬
‫حواُر بين الزوجين ُ‬ ‫‪ -145‬ال ِ‬
‫رجل يحب الحوار بامرأة تحب الحوار كذلك ‪.‬‬
‫‪ -146‬من الخير دائما أن تنتفع المرأة برأي أهلها في زواجها لنهم أكثر فهما‬
‫لحقائق المور‪ ,‬خاصة وأن المرأة قبل الزواج صغيرة ل تفهم مثلما يفهم‬
‫كم عاطفَتها أكثر‬ ‫الكبير‪,‬ومن جهة أخرى هي عاطفية‪-‬في كل أطوار حياتها‪-‬تح ّ‬
‫ة‪.‬‬
‫ه العاطف ُ‬ ‫م ُ‬
‫ل أحسن من أن تحك َ‬ ‫مه العق ُ‬ ‫مما تحكم عقَلها‪,‬واختيار الزوج يحك ُ ُ‬
‫‪ -147‬على الفتاة أل ُترهِقَ نفسها قبل الزواج جسديا ونفسيا‪,‬إذ كثيرا ما رأينا‬
‫فتاة في حفل زفافها صفراء الوجه بسبب تعبها وتفكيرها أثناء فترة التحضير‬
‫دمة على الزواج‬ ‫مق ِ‬‫والترتيب والستعداد للزواج‪.‬ومن هنا فإنه يجدر بأقارب ال ُ‬
‫) مثل أخواتها وصديقاها وقريباتها( أن يساعدنها في عملها واستعدادها لنها‬
‫بحاجة ماسة إلى النوم الهادئ والهواء الطلق والطعام المغذي‪.‬‬
‫‪ -148‬الثقة التي تكاد )لن المطلقة ل تليق إل بمعصوم( تكون مطلقة بين‬
‫الزوجين مهمة جدا في بناء البيت السعيد‪.‬‬
‫‪ -149‬الزوجان اللذان يضحكان دائما )ضحكا مصحوبا بشكل دائم بشكر الله‬
‫على نعمه التي ل ُتعد ّ ول ُتحصى(‪,‬تضحك لهما الحياة بإذن الله ‪.‬‬
‫‪ -150‬إن السعادة والحب ليسا بالسيارة ول بالدار الجديدة ول بالملبس‬
‫ب‪.‬إن أعظم نعمة هي العطاء ‪:‬عطاء‬ ‫والحلي ول‪,..‬بل بالشخص الذي نح ّ‬
‫الذات‪.‬وأعظم لحظة في حياة الزوجين قد تكون حين يدرك أحدهما ما تكبده‬
‫الخر من أجل راحة شريكه في الحياة الدنيا ومن أجل البيت والولد‪,‬وحين‬
‫يضحي أحدهما بأغلى ما عنده من جهد ومال ووقت من أجل سعادة‬
‫الخر‪,‬وحين يحب أحدهما الخر ويتفانى في خدمته والحسان إليه‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ -151‬إن هدية كلمية فيها تعبير عن المتنان الصادق من الزوج لزوجته هي‬
‫في الغالب أجمل من كل هدية مادية يقدمها الزوج لزوجته ‪.‬‬
‫‪ -152‬قدرة الرجل على النجاب تبقى لمدة طويلة ) قد تبقى إلى ما بعد ال‬
‫‪ 80‬سنة من عمر الرجل‪,‬والقليل فقط – حوالي ‪ - % 10‬هو الذي تتوقف‬
‫عنده هذه القدرة عند حوالي ‪ 60‬سنة من العمر( ‪ ,‬بخلف المرأة التي‬
‫يتوقف عندها‪ -‬غالبا‪ -‬الستعداد للحمل عند حوالي ‪ 55-45‬سنة من عمرها‪,‬أي‬
‫عند ما يسمى ب‪":‬سن اليأس" ‪.‬‬
‫‪ -153‬على الزوجين أن يرفعا في حياتهما قول وعمل شعار‪ ":‬القناعة كنز ل‬
‫يفنى" ‪ ,‬وليعلما أن سعادة الحال ونعومة البال ل تتحقق بالدخل المادي‬
‫الكبير ول بالمستلزمات الغلى ‪,‬بل إن مستوى السرة الجتماعي قد يكون‬
‫عاديا بسيطا ولكنك تجدها – زوجة وزوجا‪-‬مرتاحة إذا تهيأ لها عيش هادئ‬
‫هانئ بين الشريكين فيها ‪ ,‬يجمع شملهما تحت كنف الحب والعاطفة‬
‫والعلقات الزوجية المبنية على الوفاق والنسجام ‪.‬‬
‫‪ -154‬إن الله سبحانه ينشئ للنسان في كل مرحلة من مراحل عمره ما من‬
‫شأنه أن يسعده ويريحه ‪ .‬فمن أسباب سعادة المرأة –مثل‪ -‬بعد سن اليأس‬
‫التي ل تكاد تعدلها سعادة ‪ :‬سعادتها بلقاء أحفادها أو على القل بتزوج أبنائها‪.‬‬
‫‪ -155‬يجب على المرأة عدم تناول حبوب منع الحمل بعد سن الـ ‪ 40‬لنه –‬
‫كما يقول الطباء –سيكون عندئذ خطيرا جدا على صحة المرأة ‪ ,‬وإل عليها‬
‫على القل أن تستشير طبيبا قبل أن تشربها في هذه المرحلة من عمرها‪.‬‬

‫)‪(12 /‬‬

‫‪ -156‬مع أهمية جمال المرأة في اختيار الزوج لزوجته‪,‬فما أكثر المتزوجات‬


‫السعيدات بزواجهن مع أنهن ل يملكن الجمال الخاذ‪.‬إنه ليس هناك من أجل‬
‫حب الرجل لزوجته ومن أجل سعادته معها مثل الدب والخلق والدين‪.‬يمكن‬
‫ضه عن ذلك‪-‬بكل سهولة‪-‬بخفة ظلها وبحسن‬ ‫للمرأة مع نقص جمالها أن تعو َ‬
‫معاملتها له وبدللها وأدبها وأخلقها وأمانتها و‪...‬أما الدين فل يعوضه جمال‬
‫أجمل الجميلت‪,‬بل قد يكون الجمال بل دين نقمة على المرأة والرجل‬
‫سواء ‪.‬‬
‫‪ -157‬إن المرأة تشعر في الكثير من الحيان من صميم قلبها أن جمالها‬
‫جها ولها معه‬
‫مهما كان كبيرا ل يستطيع الحتفاظ بالرجل‪ ,‬حتى ولو كان زو َ‬
‫أولد‪ ,‬وحتى ولو بذلت في سبيل راحته وبيته صفوة جهودها‪ .‬وهذا الشعور هو‬
‫خل ُقَ المرأة ويجعلها شديدة الغيرة كثيرة‬
‫الذي ُيفسد ُ في بعض الحيان ُ‬
‫الوسواس والشكوك ‪ ,‬تسرف في التبرج الحلل لزوجها وتبالغ في الهتمام‬
‫بمظهرها لتوقعَ زوجها في فخ اللذة التي يهواها والتي هي نقطة ضعفه‬
‫الولى في الحياة‪.‬‬
‫‪ -158‬المرأة ل تتبرم بالزواج ‪ ,‬ولكن الرجل هو الذي يسأمه ويضجر منه‪.‬إن‬
‫الرجل حريص من جهة على زوجته وبيته وأولده ‪ ،‬ولكنه حريص من جهة‬
‫أخرى على الحياة العامة‪ .‬وهذا ما ل تفهمه المرأة في الغالب ‪,‬ومن هنا تنشأ‬
‫في قلبها عاطفة الغيرة ‪ .‬فهي تغار من القسط من الحرية الذي يتمتع به‬
‫زوجها في الخارج‪ ،‬وتخشى أن تتحول هذه الحرية وتتبدل من حرية بريئة إلى‬
‫حرية في التصال بامرأة أجنبية ‪ ,‬وفي هذه الظاهرة تشترك معظم الزوجات‬
‫مهما كن مثقفات ومتعلمات ‪.‬‬
‫ويجب أن نلتمس العذر للمرأة الغيور لن الرجل المتعلق جدا في العادة‬

‫‪44‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫بالنساء هو الذي يثير فيها هذه الغيرة ‪ ،‬لكن خطأ المرأة ينحصر في غيرتها‬
‫المبالغ فيها والتي تنتهي في الكثير من الحيان إلى عكس المراد منها ‪ ،‬أي‬
‫إلى فقدان الزوج وزعزعة دعائم السرة‪.‬‬
‫والواقع هو أن شيئا من اهتمام الرجل بامرأته ومن إقباله عليها ومن العطف‬
‫والرعاية والحنان كفيل بأن يلطف من غيرة المرأة ويردها إلى صوابها وأن‬
‫يضاعف من إحساسها بالستقرار والمن ويزيد في تضحياتها‪ ،‬ويدفعها لمنح‬
‫زوجها قسطه المنشود من الحرية بل أدنى اعتراض‪.‬‬
‫‪ -159‬المرأة تنشد في الحياة الفوز بكل شيء ‪ :‬بالزواج ‪ ،‬بالحب ‪ ،‬بالمال ‪,‬‬
‫فهي وإن تزوجت وكانت تحب زوجها وتوقن من حبه إياها‪,‬إذا أحست أن هذا‬
‫الزوج عاجز عن إمتاعها بشتى المباهج التي تجلبها الثروة ويسمح بها توفر‬
‫المال ‪,‬قد تسوء أخلقها ‪ ,‬وقد تتبرم بقرينها وتقضي العمر كله أو بعضه في‬
‫شقاء‪ .‬وسر غرابة أطوار المرأة يرجع إلى أنها وقد عودها الرجل السراف‬
‫م لها إل أن تستغل حبه لها وإعجابه بها لتفوز‬ ‫في العجاب بها ‪ ,‬أصبحت ول ه ّ‬
‫من الحياة بما هو جدير بحسنها وجمالها ) ولو كلفته ماديا ما ل يطيق(‪ .‬إن‬
‫المرأة بهذه الطريقة تنشد الزواج لتكفل لنفسها المن والستقرار في ظل‬
‫ب لتكفل نعيم نفسها وهناءة قلبها‪،‬‬ ‫نظام اجتماعي يخدمها‪ ،‬وهي تنشد ُ الح ّ‬
‫وهي تنشد المال)مع أن الحب والزواج أهم لها‪-‬لو عِلمت‪ -‬من مال الدنيا‬
‫كلها( لتملك أسباب التمتع المادي الذي يبهرها‪.‬‬
‫والحق أن التعليم المقترن بالتربية الصالحة هو الذي ُيلزم المرأة َ حد العتدال‬
‫ويشعرها بالحد الفاصل بين الحقوق الجائز التمتع بها وبين الخيالت والحلم‬
‫الباطلة التي ل تثمر غير اللم‪.‬‬
‫ص وكان صادقا في حبه ‪ ،‬ثابتا على ولئه ‪،‬‬ ‫ب وأخل َ‬ ‫وفي وسع الرجل لو أح ّ‬
‫ذكيا في تفكيره‪ ,‬حكيما في تصرفاته‪,‬يعرف كيف يمتع امرأته ويمتع ذاته‬
‫سه بتأدية الواجبات‪,‬في وسِع‬ ‫بنفس الحقوق وكيف يطالب امرأَته ويطالب نف َ‬
‫هذا الرجل‪-‬بإذن الله‪ -‬أن يؤثر في المرأة ويصلح من طبيعتها ويجعل منها‬
‫ملكا في صورة إنسان‪.‬‬
‫‪ -160‬على الزوج أن يفسح المجال لزوجته حتى تلتقي باستمرار بنساء‬
‫أخريات‪,‬لن الرجل مهما خدم زوجته وأحسن إليها‪,‬فإنها تبقى دوما تحتاج إلى‬
‫الجلوس إلى نساء تأخذ منهن ما ل يمكن أن تأخذه من زوجها ‪,‬وترتاح إليهن‬
‫بما ل يمكن أن ترتاح به مع زوجها‪.‬‬
‫‪ -161‬يقولون ‪ " :‬إن المرأة إذا بقيت بل شغل )أي لم تجد ما تشغ ُ‬
‫ل به‬
‫ت إلى الرجال وحّنت إلى النكاح)أو الزواج("‪.‬‬ ‫سها( تشوق ْ‬‫نف َ‬
‫‪ -162‬من الفضل للمرأة أن ل ُترضع طفَلها أمام زوجها)حتى وإن كان ذلك‬
‫جائزا لها بطبيعة الحال( ‪ ,‬لكي تحتفظ بالصورة الجميلة لنهديها عند الرجل‪.‬‬
‫‪ -163‬في وسع كل امرأة أل تجعل زوجها ينفصل عنها‪,‬لنها بمواهبها النثوية‬
‫تستطيع أن ترأب صدع العلقة الزوجية إذا زلزلها الشقاق وأحدث بها بعض‬
‫الشدوخ‪.‬‬
‫‪ -164‬الحب الصادق بين الزوجين ل يخرج من النافذة إذا دخل الفقر من‬
‫الباب‪,‬وإنما يستمر مع شظف العيش وشدته بنفس القوة التي كان عليها في‬
‫السعة والرخاء‪.‬‬
‫‪ -165‬إذا كان الزوج قد مل الحياة الزوجية لعيوب اكتشفها في زوجته‪,‬فعليه‬
‫أن يصبر عليها ول يفر من البيت فرار القائد من المعركة‪.‬‬
‫‪ -166‬من أنواع النساء السيئة‪:‬‬
‫* امرأة عقلها أكبر من سنها ‪,‬ل تعرف متى تتكلم ومتى تسكت وماذا تتكلم ؟‬

‫‪45‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(13 /‬‬

‫* امرأة تستقبل زوجها بالثياب التي تفوح منها رائحة الطهي وتظهر عليها بقع‬
‫الطعام‬
‫* امرأة تجلس أمام التلفزيون لمتابعة المسلسلت )الفارغة غالبا ( حتى إذا‬
‫ما جاء زوجها من الخارج وطلب إحضار الطعام تمهلته ريثما تنتهي الحلقة‬
‫حتى تعلم آخر ما حدث في المسلسل‪.‬‬
‫‪ -167‬ل بأس أن يأكل الزوج مع زوجته حول مائدة واحدة ‪ ,‬وأن يطعمها بين‬
‫الحين والخر من يده ‪ ,‬وليعلم أن ذلك سيعتبر له إن شاء الله صدقة له عليها‬
‫أجر‪.‬‬
‫‪ -168‬إن المرأة –كل امرأة حتى ولو كانت ساقطة‪ -‬بفطرتها السليمة تريد‬
‫أن تحقق ذاتيتها بالزواج ‪ ,‬حتى وإن كان عشرات الرجال يساومونها على‬
‫جسدها‪ ,‬وحتى ولو كان زواجها لليلة واحدة‪,‬المهم أن تتزوج‪.‬‬
‫‪ -169‬إن الزوجة في شهر العسل تحصي كل حركة لزوجها‪ ,‬ولكنها ل تحاسبه‬
‫بل تكتفي بالعتاب الرقيق المهذب ‪ ,‬وتؤجل الحساب إلى اليوم الذي تبرد ُ فيه‬
‫ن بعض النساء ل ينتظرن أن ينتهي شهر‬ ‫عواطفها ويتبلد ُ فيه شعورها ‪ .‬لك ّ‬
‫فْرن بذلك قبَر الحياة الزوجية‬ ‫ب الزوِج من البداية ‪ ,‬فيح ُ‬‫العسل ويتعجلن حسا َ‬
‫من البداية‪.‬‬
‫‪ -170‬إذا حدث أن تزوج رجل بامرأة ل تجري على لسانها كلمة طيبة ‪ ,‬ول‬
‫يشرق قلبها ل بنور الرضا والقناعة بما قسم الله ‪ ,‬ول بالشكر على ما أعطى‬
‫ت بالسكتة القلبية أو‬ ‫الله ثم على ما أعطى الزوج ‪ ,‬يمكن لهذا الزوج أن يمو َ‬
‫ب بالذبحة الصدرية أو يمرض بالسكر أو‪..‬‬ ‫يصا َ‬
‫‪ -171‬ل يحق للزوجة أن تخرج من بيتها –ولو للعمل‪-‬إل بإذن زوجها ورضاه ‪,‬‬
‫وإل فهي مقتحمة لحقوقه ‪ ,‬مما يسقط عن زوجها وجوب النفقة عليها فضل‬
‫عما يلحقها من القضاء الخروي‪.‬‬
‫‪ -172‬إذا تحقق نشوز المرأة‪:‬‬
‫ا‪ -‬وعظها الزوج برفق وذكرها بما يقتضي رجوعها عما ارتكبته‪.‬‬
‫ب‪ -‬فإن استمرت على النشوز هجرها في المضجع بأل ينام معها في فراش‬
‫واحد أو ينام معها في نفس الفراش لكن يعطيها ظهره)لكن في الحالتين‬
‫يجب أن ينام معها في نفس البيت( ول يباشرها أو يجامعها‪.‬‬
‫ج‪ -‬فإن لم يفد ذلك ضربها ضربا غير مبّرح )ل يكسر عظما ول يشين‬
‫جارحة(إن ظن الفادة‪.‬ويمكن أن ُيزاد َ في الضرب إن ظن الفادة‪.‬‬
‫والترتيب السابق واجب شرعا‪ .‬والهجر والضرب ل يسوغ فعلهما إل إذا تحقق‬
‫النشوز‪,‬أما الوعظ فل يشترط فيه تحقق النشوز ول ظن الفادة‪.‬‬
‫جر عن ذلك ‪ ,‬ويجبر‬ ‫‪ -173‬عند المالكية ‪ :‬إذا اعتدى الرجل على زوجته ُيز َ‬
‫على الرجوع إلى العدل ‪ ,‬وإل‪ -‬إذا أصر على ظلمه – فإن زوجته يمكن أن‬
‫ه‪.‬‬‫ت ُط َّلق من ُ‬
‫ى الب )أو الم( بأكبر بنيه أو بأكبر بناته أو يكنى ولو‬ ‫‪ -174‬يمكن أن يكن ّ‬
‫باسم هو ليس اسما لحد أولده ‪ ,‬فيقال ‪ ":‬أب فلن " أو "أم فلتان " ‪.‬‬
‫‪ -175‬كان النبي‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬يكره فساد الصبي أو الغيلة أو‬
‫حمل المرأة وهي مازالت مرضعا ‪ ,‬لن لبنها يمكن أن يفسد ويقع الضرر‬
‫على الرضيع ‪.‬‬
‫‪ -176‬إن المرأة ضعيفة من طبعها أمام السر‪,‬خاصة عندما يكون له علقة‬
‫بهواها فهي أضعف ‪ .‬وهذه الطبيعة في المرأة يجب أن تكون ماثلة بين أعيننا‬

‫‪46‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ ,‬ويجب أ ن نضع المرأة تبعا لذلك حيث وضعها الله ‪:‬‬


‫)وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف‬
‫بعضه وأعرض عن بعض‪ ,(..‬وذلك حتى نعرف وتعرف هي كذلك مدى قدرات‬
‫المرأة وطاقاتها ‪ ,‬فل نعطيها ول تعطي هي نفسها أكثر من ذلك ‪ .‬ومن هنا‬
‫نقول بأنه ل يليق ول ُيقَبل من الرجل أن يكشف لزوجته عن أسراره الخاصة‬
‫جدا به وبعمله ‪,‬لن المرأة لن تستفيد من ذلك من جهة ‪ ,‬ولن احتمال كشفها‬
‫لهذه السرار أكثر من احتمال حفظها لها ‪ ,‬بل إن المرأة في الكثير من‬
‫الحيان ل يحلو لها نشر الخبار إل إذا قيل لها بأنها خاصة جدا وبأنه ل يجوز‬
‫كشفها للغير بأي حال من الحوال‪.‬‬
‫‪ -177‬يجب أن يعلم الرجل )حتى ل يحتقر المرأة( والمرأة )من أجل أن ترفع‬
‫من مستواها العلمي واليماني و‪..‬حتى تكون كما يحبها الله( معا أن المرأة‬
‫ليست سلعة لمتعة الرجل وليست أداة لتسليته ولذته فقط‪,‬وليست مجرد‬
‫خادمة عنده فقط‪.‬إن المرأة لها رسالتها التي لبد أن تؤديها كما أن للرجل‬
‫ن ‪-‬قبل الجمال والحسب‬ ‫رسالة ل بد أن يؤديها‪ .‬إن الله يريد للنساء أن يك ّ‬
‫والنسب‪) :-‬مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات(‪.‬‬
‫‪ -178‬ل يتم استقرار السرة إل إذا سارت على منهج الله خطوة خطوة ول‬
‫بد من التنازل من الطرفين )الزوجين( عن بعض الحقوق‪,‬لن الحياة السرية‬
‫ليست في الحقيقة مواد دستورية أو قانونية وإنما هي أخذ وعطاء ومودة‬
‫ورحمة وجهاد واجتهاد و‪ ,..‬وإل كانت الحياة الزوجية ل تطاق ‪.‬‬
‫ب له‬
‫ون في نفس زوجته الح ّ‬ ‫ج على أن ُيك ّ‬
‫‪ -179‬ل بد أن يحرص الزو ُ‬
‫بالمعاملة الطيبة‪,‬وكذا الهيبة منه بالحزم والجد منه ‪,‬وهذه هي العلقة المثلى‬
‫بين الزوج وزوجته‪.‬أما الحب وحده فقد ُيجّرؤ الزوجة عليه ‪ ,‬وأما الهيبة وحدها‬
‫ون عندها الخوف منه‪,‬وكلهما شر ‪,‬والخير كل الخير في العتدال‪.‬‬ ‫فقد تك ّ‬
‫)‪(14 /‬‬

‫ج على أن يكون وسطا بين زوجته وأهله‪:‬ل يسمح‬ ‫‪ -180‬يجب أن يحرص الزو ُ‬
‫لهم أن يظلموها كما ل يسمح لها أن تظلم واحدا منهم ‪.‬أما بين الزوجة‬
‫والوالدين ‪ ,‬فإذا لم يستطع الزوج التوفيقَ فالفضل الميل‪-‬بدون مبالغة‪ -‬إلى‬
‫جهة الوالدين ولو تم ذلك على حساب الزوجة‪.‬‬
‫ة المرأة إلى لقب زوجها بعد‬ ‫سّلم المرأة المسلمة بأن نسب َ‬
‫‪ -181‬يجب أن ت ُ َ‬
‫الزواج مباشرة ل علقة له باحترام المرأة لزوجها‪,‬بل هو انتقاص من كرامة‬
‫المرأة وأبيها وأهلها حين نعمل من أجل أن ننسيها وأن ننسي الناس لقب‬
‫أبيها وأهلها‪-‬من خللها‪ -‬من بعد زواجها حتى تموت ‪.‬هذا فضل عن أن هذا‬
‫السلوك من مسؤولينا مجرد تقليد أعمى للغرب الكافر الذي يحتقر المرأة‬
‫بالطرق المغلفة والمكشوفة‪,‬ثم يتهم السلم بأنه يظلم المرأة ‪ .‬أل لعنة الله‬
‫على الكاذبين الكافرين‪,‬وأسأل الله الهداية لمن يقلدهم من المؤمنين‪.‬‬
‫‪ -182‬اعلمي‪-‬أيتها الزوجة‪-‬أن العظمة ليست بالدعاء‪,‬وإنما بالفعل وبالعمل‬
‫وبالجهد وبالتطبيق‪.‬فإذا أساء إليك أحد الناس وظلمك بالسب والشتم‬
‫والضرب والحبس والكذب والفتراء عليك و‪..‬خلل زمن طويل ثم تمكنت منه‬
‫في يوم من اليام وقدرت على مقابلة سيئته بسيئة منك أو على معاقبته‬
‫العقوبة الحلل في الدين ‪,‬ولكنك لم تفعلي بل عفوت وتسامحت‪,‬وربما‬
‫قابلت السيئة بالحسنة‪,‬فهذا من أعظم الدلة على‬
‫ك عند الله ثم عند الناس ‪.‬‬‫عظمت ِ‬

‫‪47‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أما إذا قابلت سيئة حقيقية بسيئة مثلها فقد فعلت الجائز وكفى وهذا ل يرفع‬
‫من قيمتك ول يحط منها ل عند الله ول عند الناس‪.‬‬
‫أما إذا أنشأت من ل شيء شيئا مهول‪ ,‬وضخمت ما كان تافها ‪ ,‬وأساءت‬
‫الظن و‪ ..‬وقالت ‪:‬‬
‫* "ما زارتني ‪ ,‬إذن لن أزورها"‪" *.‬ما باركت لي ‪ ,‬إذن لن أبارك لها"‪".‬ما‬
‫أعطتني ‪ ,‬إذن لن أعطيها"‪.‬‬
‫* " مرت بي فلم تكلمني ‪ ,‬إذن لن أكلمها"‪ " .‬اتصلت بفلنة ولم تتصل بي ‪,‬‬
‫إذن لن أتصل بها" أو ‪...‬‬
‫حّرشت‬ ‫ثم بنت على ذلك مواقف معادية وقاطعت المرأة الخرى وأهلها و َ‬
‫زوجها وأولدها وإخوتها وأخواتها ليقاطعوها وأهلها كذلك‪.‬إذا فعلت كل ذلك‬
‫فإنها تفعل ما من شأنه أن يحط من قيمتها عند الله وعند الناس‪,‬ولن تكون‬
‫بهذا الفعل وبهذا العمل عظيمة ول شبه عظيمة ول فيها رائحة أدب وأخلق‬
‫ودين ولو ادعت غير ذلك‪.‬والمثال على كل ذلك المرأة التي قالت عن قريبة‬
‫زوجها‪":‬لقد أعطت زجاجات مشروبات لغيري ولم تعطني قازوزة واحدة "ثم‬
‫جها قريبته وقاطع الولد‬‫قاطعتها بناء على هذه الحادثة التافهة وقاطع زو ُ‬
‫عمَتهم ‪,‬وعادى الجميعُ المرأةَ وأهلها‪ .‬والغريب أن المرأة عندما لمها من‬
‫ت عنها بعد أن حرمتني من قرعة القازوز‪,‬فإنني أكون‬ ‫لمها قالت ‪":‬إذا سك ّ‬
‫ت نفسي لها !" وشر البلية ما ُيضحك كما يقولون‪.‬‬ ‫قد أذلل ُ‬
‫نسأل الله الهداية والعصمة من مثل هذا العوج الموجود عند البعض من‬
‫نسائنا والذي يدل على ضعف رهيب في عقل المرأة وفي نفسيتها والذي‬
‫ُترضعه المرأة لبناتها مع حليبها من ثدييها منذ سن الرضاعة‪.‬‬
‫‪ -183‬يا أيها الزوج ل تفتح أُذنك لزوجتك من أجل أن تنقل لك أخبارا تافهة‬
‫من شأنها أن تفسد بينك وبين إخوتك أو بينك وبين أخواتك‪,‬سواء كانت هذه‬
‫ت أيتها الزوجة اتقي الله في زوجك وفي علقته‬ ‫الخبار صادقة أم كاذبة ‪.‬وأن ِ‬
‫بأهله ‪.‬‬
‫‪ -184‬الزواج الذي ل يكون فيه تعاون بين الزوجين على طاعة الله )صلة‬
‫وصيام وذكر وقرآن ودعاء وفعل خير وصدق مع الله ومع الناس وقناعة‬
‫وإيثار و‪ (..‬ليس زواجا ‪,‬أو هو زواج أبعد ما يكون عن بركة الله عز‬
‫وجل‪,‬فلينتبه الزوجان إلى ذلك ‪.‬‬
‫‪ -185‬إياك‪-‬أيها الزوج‪-‬أن تسمح لزوجتك من أول يوم من أيام الزواج ‪ ,‬أن‬
‫تركب على ظهرك بسبب جمالها أو مالها أو حسبها ونسبها من جهة‪,‬وبسبب‬
‫ضعف شخصيتك من جهة أخرى‪.‬واعلم أنها إن فعلت ذلك فمن الصعب جدا‬
‫عليك بعد ذلك –مهما حاولت‪-‬أن تسترجع قيادة البيت والولد والسرة أو أن‬
‫تسترجع القوامة على امرأتك‪,‬فاحذر ثم احذر‪.‬‬
‫‪ -186‬من مظاهر التقليد العمى عند الناس وخاصة عند النساء في‬
‫العراس‪,‬ما يفعله البعض من إدخال العريس إلى حجرة من الحجرات في‬
‫دار العروس)قبل الدخول أو يوم العرس(حيث يجلس بجانب أو أمام‬
‫العروس‪,‬ويضع لها الخاتم في أصبع من أصابعها أمام الرجال والنساء وأمام‬
‫الكاميرا التي يحملها رجل أو تحملها‪-‬بدون حياء‪-‬امرأة ‪ ,‬ثم ُيقطعان كعكة‬
‫كبيرة موضوعة أمامهما من قبل إلى قطع صغيرة توزع فيما بعد على بعض‬
‫المدعوين إلى العرس‪.‬‬
‫متعبة أو مشغولة ‪,‬فيعينها زوجها‪-‬‬ ‫‪ -187‬فرق بين أن تكون الزوجة مريضة أو ُ‬
‫مختارا وعن طيب خاطر وطلبا للجر من الله‪-‬في شأن من شؤون بيتها‪,‬وبين‬
‫أن تكون الزوجة واضعة ِرجل فوق رجل وتتفرج على شاشة‬

‫‪48‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫التلفزيون)مثل(أو تشرب قهوة وتتجاذب أطراف الحديث مع غيرها من‬


‫النسوة وزوجها في خدمتها أثناء ذلك‪.‬إن الول يعاشر زوجته المعاشرة‬
‫الطيبة ويعاملها بالسنة والقرآن‪,‬وأما الثاني فرجل ضعيف الشخصية تغلُبه‬
‫زوجته)ويستحيل أن تحترمه(يمكن أن نعتبره ذكرا لكن ل يجوز أن يعتبر‬
‫ن( رجل ً !‪.‬‬
‫نفسه)ول أن نعتبره نح ُ‬
‫)‪(15 /‬‬

‫‪ -188‬كن أيها الزوج قدوة طيبة لزوجتك بالفعل قبل القول‪,‬واعلم أنك إذا‬
‫ك أنت أول بما تنصحها به كانت توجيهاتك لها دائما وأبدا مثمرة‬ ‫ألزمت نفس َ‬
‫ونافعة بإذن الله ‪.‬أما إذا كان قولك في واد وفعلك في واد ‪,‬فإن تربيتك‬
‫خ في رماد ‪.‬كن أيها الزوج قدوة‬ ‫لزوجتك تكون كمن يزرع في واد أو كمن ينف ُ‬
‫طيبة لزوجتك في الكرم وفي الزهد فيما عند الناس وفي التواضع وفي‬
‫حلم وفي نظافة اللسان وفي ‪ ..‬غيرها من الخلق السلمية الساسية‪.‬‬ ‫ال ِ‬
‫‪ -189‬أيها الزوج أنت راع ومسؤول شرعا عن رعيتك ‪ ,‬وأول من أنت‬
‫مسؤول عنه ‪ :‬زوجتك ‪ ,‬وأول ما أنت مسؤول عنه من سلوكها ‪ :‬الصلة ‪.‬‬
‫ومن هنا أنصح الرجل أن يفكر مرات ومرات قبل الزواج من امرأة ل تصلي‬
‫)إل أن يغلب على ظنه استجابتها لمره إذا دعاها للصلة بعد الزواج(‪,‬وأن‬
‫يفكر مرات ومرات في الوسيلة المناسبة لدعوة زوجته للصلة بعد الزواج إذا‬
‫أخطأ من قبل وتزوج من امرأة ل تصلي‪.‬‬
‫سطه لك فاعلم أنه ‪:‬‬ ‫ص من أمر المرأة التي ل تصلي وب ّ‬ ‫ون عليك شخ ٌ‬ ‫وإذا ه ّ‬
‫* إما جاهل‪.‬‬
‫* وإما ل يصلي هو كذلك‪.‬‬
‫* وإما أنه يكذب عليك ويخدعك‪.‬‬
‫‪ -190‬إياك أيها الرجل أن تطلب فيمن تريدها أن تكون زوجة لك ‪ :‬الجمال‬
‫أول ‪ ,‬وإل ‪:‬‬
‫* تزوجت فعل بامرأة ذميمة وحصلت على عكس ما طلبت ‪.‬‬
‫* أو بامرأة جميلة لكنها ُتشي ُّبك‪ -‬بسوء معاملتها لك أو بسلوكها السيئ مع‬
‫ب والعياذ بالله ‪.‬‬ ‫غيرك‪ -‬قبل أن تشي َ‬
‫‪ -191‬الم تشتاق إلى ولدها )أو ابنتها(‪,‬وتحب دوما أن تزوره أو يزورها‪-‬مهما‬
‫كان كبيرا‪ , -‬وتقنعُ ولو برؤيته وتكليمه ولو لدقيقة واحدة ‪.‬هذا هو قلب الم‬
‫وهذه هي طبيعتها وهذا هو شعورها الذي يجب أن ُيراعى من طرف الولد‬
‫مهما كان كبيرا أو متزوجا وله أولد‪.‬إن رؤيتها لولدها وتكليمها إياه من أعظم‬
‫أمنياتها ‪,‬وهو أغلى عندها من الدنيا وما فيها‪.‬‬
‫وليعلم البن أنه إذا قال ‪":‬لماذا ُأتعب نفسي من أجل أن تراني أمي لدقائق‬
‫ه بالدين وبطبيعة المرأة )عموما‬ ‫أو تكلمني لدقائق ؟!" فإنه ُيثبت بذلك جهل َ ُ‬
‫والم خصوصا( وعقوَقه لمه في نفس الوقت‪.‬ولينظر كل ابن)وكل بنت( إلى‬
‫قصة"جريج" مع أمه‪,‬التي حكاها رسول الله‪-‬ص‪-‬والتي جاء فيها ‪ ":‬أن أمه‬
‫طلبته مرة ثم ثانية ثم ثالثة وهو في صومعته لرؤيته ولو من بعيد وللتحدث‬
‫إليه ولو للحظة ‪,‬فقال في كل مرة أو في كل يوم ‪:‬رب أمي وصلتي ‪,‬ثم‬
‫قدم‪-‬اجتهادا منه وهو مخطئ‪ -‬صلَته على أمه‪,‬فدعت عليه واستجاب الله‬
‫لدعائها ‪.‬‬
‫‪ -192‬ل يجوز الزواج من مال جاء من فوائد ربوية‪.‬ل يجوز ذلك مطلقا‪ -‬كما‬
‫جد‪ ,-‬ول خير ول بركة تنتظر من زواج بني من‬ ‫من ْ ِ‬
‫قال الشيخ محمد الصالح ال ُ‬

‫‪49‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ده للصدقة خيٌر‬‫أول يوم على الحرام‪ .‬وأضاف الشيخ قائل‪ :‬لن يمد الشاب ي َ‬
‫له من أن يأكل مال جاء من ربا ‪ ,‬ولو من أجل الزواج‪.‬‬
‫ك؟‬‫‪ -193‬كيف تستخرجين كلمات الحب من فم زوج ِ‬
‫ت لزوجك أن يتغير وينطلق لسانه بالكلمات العذبة التي تتشوقين‬ ‫ا‪ -‬إذا أرد ِ‬
‫ل‪ ،‬وأعطيه الفرصة‬ ‫لسماعها منه ‪ ،‬فعليك بممارسة هذا التغيير على نفسك أو ً‬
‫ليتعرف على المشاعر التي تولدها لمسة عاطفية أو لحظة اهتمام‪,‬واعلمي‬
‫أن محصلة اهتمامك به ستكون مثيرة لهتمامه بك بالطريقة العاطفية ذاتها‪.‬‬
‫ب‪ -‬ضعي كلمات الحب في أذن زوجك ‪ ،‬حتى يتعلم كيف ينطقها ‪ ,‬واطبعي‬
‫كلمات الحب أمام ناظريه ‪ ،‬حتى يعرف متى يستخدمها ‪ ،‬ودعيه يشعر باللفة‬
‫مع تعابيرك العاطفية‪ .‬وفي المقابل ل تطمعي حتى يقول الزوج ما تتطلعين‬
‫إليه بشكل كامل مرة واحدة‪ ،‬ول تيأسي من محاولتك واصبري عليه لن‬
‫الرجل يتعلم منذ طفولته كيف يخفي عواطفه خلف مظهر هادئ‬
‫وصامت‪،‬حتى يعطيه صورة الرجل الحقيقي في نظره!!‪.‬‬
‫ج‪ -‬ل تبخلي عليه بكلمات العجاب ‪ ,‬وعليك أن تشجعيه بالبتسام والقبول‬
‫الواضح لمحاولته ‪ ،‬ول تتوقعي كل ما تتمنين ‪ ،‬ومع هذا ل تيأسي من‬
‫محاولتك واستمري‪.‬‬
‫د‪ -‬احرصي على تجديد شبابك ومظهرك ‪ ،‬حتى يراك كأجمل امرأة في العالم‬
‫‪ ,‬و اهتمي بمظهرك وزينتك في بيتك لزوجك ‪ ،‬وتزيني له بكل ما تملكين من‬
‫نفيس وغال لتكوني في أجمل حلة وأبهى زينة وأحسن شكل لتستنطقي قلبه‬
‫قبل لسانه‪,‬وتستخرجي مكونه الدفين من حب وعبارات رقيقة‪.‬‬
‫هـ‪ -‬قد يهوى زوجك الكتابة أو نظم الشعر‪.‬وكتاباته هذه قد تكون دون‬
‫المستوى‪،‬ولكنه أحب يوما ً ما أن يسمعك بعض ما يكتبه‪.‬هنا يأتي دورك في‬
‫كسب زوجك وجعله ينطق بالكلمة التي تريدين وهو في قمة الفرح‪.‬هنا عليك‬
‫ت‬‫أن تسمعيه كلمات المديح والثناء‪،‬وتشجعيه على هذه الموهبة‪،‬حتى ولو كن ِ‬
‫ك أن تتصوري مشاعر الراحة والسعادة التي‬ ‫ت المعجبة الوحيدة بهذا !! ول ِ‬ ‫أن ِ‬
‫تتركها كلماتك هذه في نفس‬
‫زوجك ‪،‬بدل ً من أن تؤذي مشاعره وتجلبي نقمته وكراهيته‪.‬‬

‫)‪(16 /‬‬

‫و‪ -‬يمكنك أختي الزوجة العاقلة الحكيمة الذكية أن تثني على كرم‬
‫زوجك‪،‬وتبالغي في مديحه والحديث عن عطفه كأن تقولي‪":‬أنت قد غمرتني‬
‫بفضلك ورعايتك‪ ..‬أنت قد أكرمتني بعطاياك وهداياك‪ ..‬أنت لم تترك في‬
‫نفسي حاجة إل وقد جلبتها لي‪ ..‬ل أعرف كيف أشكرك على هذا الكرم وهذا‬
‫الحنان‪ "..‬الخ ‪ ..‬لتحصلي على كل ما تريدين وما تشتهين –طبعا ً في حدود‬
‫المعقول وفي مقدور الزوج‪،-‬وزوجك في المقابل راض ومستسلم‬
‫وفرحان‪.‬هذا أفضل مليون مرة من الكلمات التي تثير غضبه وتحسسه‬
‫بتقصيره‪ ،‬ومن المقارنة بينه وبين أزواج صديقاتك أو أخواتك‪.‬إن ذلك يمكن‬
‫جدا أن يجلب المشاكل ويجعل الزوج يزداد عنادا ً وكرها لك‪.‬‬
‫وبارك الله لكل زوج في زوجته ورزقهما ذرية طيبة تكون عتقا لهما من النار‪-‬‬
‫آمين‪... -‬‬

‫)‪(17 /‬‬

‫‪50‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ن؟!‬ ‫م ْ‬‫ن ينفق على َ‬ ‫م ْ‬ ‫الزوج والزوجة ‪َ ..‬‬


‫)الحلقة الولى(‬
‫د‪ /‬فيصل بن سعود الحليبي ‪24/6/1426‬‬
‫‪30/07/2005‬‬
‫جب والستغراب من عنواني هذا؛‬ ‫ل تبادرني ـ أيها القارئ الكريم ـ بالتع ّ‬
‫لحضور الجواب التلقائي في عقلك‪ ،‬وانطلقه على أطراف لسانك؛ لني‬
‫سئلت هذا السؤال!!‬ ‫استغربت مثلك حينما ُ‬
‫غير أني بعد أن أمعنت النظر في أحوال بعض بيوتنا رأيت حاجتنا الملحة‬
‫لطرق هذا الموضوع بكل وضوح وشفافية!‬
‫وسرعان ما زال الستغراب عني وسيزول عنك بل ريب حينما رأيت سلف‬
‫المة قد أعطوا هذا الموضوع نصيبه من التفصيل العلمي الدقيق في كتاباتهم‬
‫الفقهّية‪.‬‬
‫سلمات هنا أن الله سبحانه وتعالى قد أوكل مهمة النفاق على‬ ‫ّ‬ ‫م َ‬ ‫وإن من ال ُ‬
‫ن‬
‫مو َ‬ ‫وا ُ‬ ‫َ‬
‫لق ّ‬ ‫جا ُ‬‫ضله به عليها فقال‪) :‬الّر َ‬ ‫الزوج تجاه زوجته‪ ،‬بل عد ّ ذلك مما ف ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ضهُ ْ َ‬
‫م(‪.‬‬
‫وال ِهِ ْ‬ ‫م َ‬
‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬
‫قوا ِ‬‫ف ُ‬ ‫ما أن ْ َ‬ ‫ض وَب ِ َ‬‫م عَلى ب َعْ ٍ‬ ‫ل الل ّ ُ‬
‫ه ب َعْ َ‬ ‫ض َ‬ ‫ما فَ ّ‬ ‫ساِء ب ِ َ‬ ‫عََلى الن ّ َ‬
‫وهنا تأتي رحمة الله بالمرأة حينما جعلها مكفولة في نفقتها‪ ،‬ل تحتاج إلى أن‬
‫تمد ّ يديها إلى أحد من الناس ما دام هناك من تجب عليه نفقتها من الرجال‪،‬‬
‫ما كانت أو أخًتا أو بنًتا أو زوجة‪ .‬فيالها من صيانة للمرأة تتمّيز بها شريعة‬ ‫أ ً‬
‫السلم؛ لترفع بها المرأة إلى قدر كبير من التبجيل لها والحترام لنوثتها‬
‫ورقتها‪.‬‬
‫م يؤرق‬ ‫ول يخفى عليك ـ أيها الحبيب ـ كم للتفكير في النفقة وجلبها من هَ ّ‬
‫الرجال فكيف نريد أن تتحمله المرأة!!‬
‫لقد أنزل الله تعالى هذا الحق لها من فوق سبع سماوات فقال سبحانه ‪:‬‬
‫ف‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ه ل ي ُكل ُ‬ ‫ما آَتاهُ الل ّ ُ‬
‫م ّ‬
‫فق ْ ِ‬ ‫ه فَل ْي ُن ْ ِ‬ ‫ن قُدَِر عَل َي ْهِ رِْزقُ ُ‬ ‫م ْ‬
‫سعَت ِهِ وَ َ‬
‫ن َ‬ ‫م ْ‬
‫سعَةٍ ِ‬ ‫فقْ ُذو َ‬ ‫)ل ِي ُن ْ ِ‬
‫سرا(‪.‬‬ ‫ً‬ ‫سرٍ ي ُ ْ‬‫ه ب َعْد َ عُ ْ‬ ‫ّ‬
‫ل الل ُ‬ ‫جعَ ُ‬‫سي َ ْ‬
‫ها َ‬ ‫ما آَتا َ‬ ‫ّ‬
‫فسا إ ِل َ‬‫ً‬ ‫ه نَ ْ‬‫الل ّ ُ‬
‫ما بشرًيا ربما يزول أو يتغّير‪ ،‬بل هو حق‬ ‫فليست كفايتها في حقها بالنفقة حك ً‬
‫رباني ل يحق لي قوة مهما بلغت أن تحجبه عنها أو تفكر في منعها منه‪.‬‬
‫جَبت تلك المرأة الكافرة التي أتت إلى مكان لتقضي فيه وطر الزنا مع‬ ‫لقد عَ ِ‬
‫رجل مسلم حينما سألته عن تتابع التصالت الهاتفية عليه فسألته عن ذلك‪،‬‬
‫فقال لها‪ :‬إنها زوجتي تريد بعض حوائجها وحوائج أبنائها من السوق‪ ،‬فقالت‪:‬‬
‫ولماذا ل تشتري هي هذه الشياء بنفسها ومن مالها؟ فأجابها بكل عفوّية‪ :‬إن‬
‫هذا من واجبي نحوها‪ ،‬فزاد عجبها فقالت‪ :‬ومن الذي أوجب عليك هذا؟‬
‫فقال‪ :‬ديني‪ ،‬فُأصيبت بالذهول ‪ ..‬كيف ل ‪ ..‬وهي تلقي بنفسها بين أحضان‬
‫عرضها سلعة رخيصة مهينة لكل من يريدها ‪ ..‬في‬ ‫الشهوة المحرمة‪ ،‬وتقدم ِ‬
‫مقابل ما تراه يوفر لها المعيشة والحياة كالخرين‪ ..‬لم تقطع حديثها بل‬
‫ة عليها والرعاية لها‬ ‫واصلت تسأل عن هذا الدين الذي يكفل للمرأة النفق َ‬
‫ولولدها‪ ..‬فأجابها‪ :‬إنه السلم ‪ ..‬فبحثت عن تعاليمه ‪..‬وقرأت عنها‬
‫‪..‬وسرعان ما هداها الله تعالى إليه‪ ..‬بل وهدى على يديها أمثالها‪..‬وليس‬
‫المقصود من هذه الواقعة اتخاذ الزنا المحرم ذريعة إلى الدعوة إلى الله!‬
‫ما رأيت فيها من عظة تدل على‬ ‫كل‪ ..‬فهذا ل يشك في منعه عاقل‪ ..‬وإنما ل ّ‬
‫نبل السلم وتشريفه للمرأة وتكريمها‪.‬‬
‫وإن الزوج حينما يقوم بمسؤولية النفاق على زوجته يهيئها لمسؤولية أليق‬
‫بها وأنسب‪ ،‬يعود نفعها عليه وعليها‪ ،‬وعلى أسرتهما بل وعلى المجتمع كله‬
‫ضا‪ ،‬فهي التي توفر الراحة النفسية والبدنية له‪ ،‬وتمنحه المزيد من السعادة‬ ‫أي ً‬

‫‪51‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫حا على نتاج الرجل في حياته العلمية‬ ‫والمودة‪ ،‬حتى إنك لترى ذلك واض ً‬
‫والعملية‪ ،‬أضف إلى ذلك مهمة تربية الجيال‪ ،‬وصناعة المستقبل‪ ،‬وأكرم بها‬
‫من مهمة‪ ،‬ولقد تجّرع المجتمع المسلم مرارة تقصير المهات في هذه‬
‫الوظيفة الشريفة‪ ،‬حينما نشأ لنا جيل تربى على أيدي الخادمات والمربّيات‪،‬‬
‫ل‪ ،‬ولحكام دينه وجميل عادات بلده وتقاليده ثانًيا‪.‬‬ ‫كر لوالديه أو ً‬ ‫وقد تن ّ‬
‫إنه لن يكون لحديثنا داٍع حينما نرى الزوجين يعيشان حياة الوئام والصفاء‪،‬‬
‫يقوم كل واحد منهما بالحقوق الواجبة عليه تجاه الخر‪ ،‬فالزوج ينفق كما‬
‫شرع له أن ينفق‪ ،‬والزوجة تمنحه من السعادة والنس ما تنسيه به تعبه‬ ‫ُ‬
‫ونصبه‪ ،‬حتى إنك ل تسمع للماديات في كلمهم همس ول حرف‪ ،‬تشرق‬
‫عليهما أطياف المودة بكل ألوانها البهيجة‪ ،‬ول أجمل من وصف حياتهم الهانئة‬
‫سك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ف ِ‬ ‫ن أ َن ْ ُ‬
‫م ْ‬
‫م ِ‬‫خل َقَ ل َك ُ ْ‬
‫ن َ‬ ‫َ‬
‫ن آَيات ِهِ أ ْ‬‫م ْ‬‫من وصف الله تعالى لها حيث قال‪):‬وَ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫قوْم ٍ‬‫ت لِ َ‬ ‫َ‬
‫ن ِفي ذ َل ِك ليا ٍ‬ ‫ة إِ ّ‬‫م ً‬
‫ح َ‬ ‫موَد ّة ً وََر ْ‬ ‫ل ب َي ْن َك ُ ْ‬
‫م َ‬ ‫سك ُُنوا إ ِل َي َْها وَ َ‬
‫جعَ َ‬ ‫أْزَواجا ً ل ِت َ ْ‬
‫ن(‪.‬‬‫فك ُّرو َ‬ ‫ي َت َ َ‬
‫ولكن حينما يدب داء التقصير في زوايا البيت‪ ،‬تتسلل الخلفات إليه‪ ،‬لتعكر‬
‫صفو السكن‪ ،‬وتحيل هدوءه إلى صخب وضجيج‪ ،‬فما أسباب الخلفات حول‬
‫ما؟ يمكننا بالستقراء أن‬ ‫صا وعلى المنزل عمو ً‬ ‫النفقة على الزوجة خصو ً‬
‫نلخصها في عدد من الدواعي‪:‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ل‪ :‬ضعف الدخل المادي لبعض الرجال؛ لن من طبع الرجل السويّ أنه‬ ‫أو ً‬
‫يأنف أن يكون عالة على زوجته في النفقة‪ ،‬ولكن ضيق ذات اليد تلجئه أحياًنا‬
‫أن يطلب من زوجته النفقة‪ ،‬ولو أّدى هذا المر لن تعمل هي خارج المنزل‪،‬‬
‫هذا في حالة الضعف المادي‪ ،‬فما بالك إذا سقط الرجل في هوة البطالة‪،‬‬
‫وأصبح فرًدا ضمن نسبة تقول‪ :‬إن )‪ (12.5‬مليون عاطل في الوطن العربي‬
‫يبحثون عن العمل!!‬
‫صر في نفقته عن‬ ‫ح الذي ُيصاب به بعض الرجال بحيث يق ّ‬ ‫ثانًيا‪ :‬البخل والش ّ‬
‫قدر الكفاية الذي يجب عليه إنفاقه‪ ،‬وهو الحال الذي ذكرته هند ‪-‬رضي الله‬
‫ن‬ ‫ل عَل َي جنا َ‬ ‫ح‪ ،‬فَهَ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ج ٌ‬ ‫عنها‪ -‬لرسول الله فقالت‪" :‬إ َ‬
‫حأ ْ‬ ‫ّ ُ َ ٌ‬ ‫حي ٌ‬ ‫ش ِ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫فَيا َ‬ ‫س ْ‬ ‫ن أَبا ُ‬ ‫ِ ّ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫سّرا؟ َقا َ‬
‫ف" رواه‬ ‫معُْرو ِ‬ ‫ك ِبال َ‬ ‫في ِ‬ ‫ما ي َك ِ‬ ‫ك َ‬ ‫ت وَب َُنو ِ‬ ‫ذي أن ْ ِ‬ ‫خ ِ‬
‫ل‪ُ :‬‬ ‫مال ِهِ ِ‬ ‫ن َ‬‫م ْ‬ ‫خذ َ ِ‬‫آ ُ‬
‫البخاري‪.‬‬
‫فأمرها بأن تأخذ ما يكفيها وولدها بالمعروف بإذن أو بدون إذن‪ ،‬ما دامت أنها‬
‫صر في حق النفقة تجاهها وولدها‪ ،‬ولكن بالمتعارف‬ ‫قامت بحقوقه‪ ،‬وقد ق ّ‬
‫عليه في المجتمع‪.‬‬
‫ولقد أظهرت دراسة اختارت لها عينة تمتد من الخليج العربي إلى لبنان‬
‫إحصائية تقول‪ :‬إن النساء اللواتي يواجهن بمثل هذا الشح في النفقة عليهن‬
‫تصل إلى ‪ %75‬مع أنها نسبة عالية‪ ،‬ولذا فإني أنقلها وأتحفظ عليها!!‬
‫ما في سبيل‬ ‫ده الله تعالى للمنفقين عمو ً‬ ‫ثالًثا‪ :‬الجهل بالجر العظيم الذي أع ّ‬
‫ل‬‫ل‪َ :‬قا َ‬ ‫ن أِبي هَُري َْرةَ َقا َ‬ ‫َ‬
‫الله‪ ،‬وعلى المنفقين على أهليهم بالدرجة الولى‪ ،‬فعَ ْ‬
‫ة‪ ،‬وَِديَناٌر‬ ‫ه ِفي َرقَب َ ٍ‬ ‫قت َ ُ‬ ‫ف ْ‬‫ه‪ ،‬وَِديَناٌر أ َن ْ َ‬ ‫ل الل ّ ِ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫ه ِفي َ‬ ‫قت َ ُ‬‫ف ْ‬‫ه‪ِ" :‬ديَناٌر أ َن ْ َ‬‫ل الل ّ ِ‬ ‫سو ُ‬ ‫َر ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫قت َ ُ‬
‫ف ْ‬ ‫ذي أن ْ َ‬ ‫جًرا ال ِ‬ ‫مَها أ ْ‬ ‫ه عَلى أهْل ِك؛ أعْظ ُ‬ ‫قت َ ُ‬
‫ف ْ‬ ‫ن‪ ،‬وَِديَناٌر أن ْ َ‬ ‫كي ٍ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ب ِهِ عَلى ِ‬ ‫صد ّقْ َ‬ ‫تَ َ‬
‫عََلى أهْل ِك(رواه مسلم‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫دا أن يقابل النسان نفقته على زوجته وبيته بالتذمر‬ ‫فليس من الصواب أب ً‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫سكن ْت ُ ْ‬ ‫ث َ‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫سك ُِنوهُ ّ‬ ‫والتأّفف‪ ،‬أو بالمن والذى‪ ،‬والله تعالى يقول‪) :‬أ ْ‬

‫‪52‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫حّتى‬ ‫ن َ‬ ‫قوا عَل َي ْهِ ّ‬ ‫ل فَأ َن ْفِ ُ‬‫م ٍ‬ ‫ح ْ‬‫ت َ‬


‫قوا عَل َيهن وإن ك ُ ُ‬
‫ن أول ِ‬ ‫ّ‬ ‫ِْ ّ َِ ْ‬ ‫ضي ّ ُ‬
‫ن ل ِت ُ َ‬‫ضاّروهُ ّ‬ ‫م َول ت ُ َ‬ ‫جدِك ُ ْ‬‫وُ ْ‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ف وَإ ِ ْ‬ ‫معُْرو ٍ‬ ‫م بِ َ‬‫مُروا ب َي ْن َك ْ‬ ‫ن وَأت َ ِ‬‫جوَرهُ ّ‬
‫نأ ُ‬ ‫م فآُتوهُ ّ‬ ‫ن لك ْ‬ ‫ضعْ َ‬ ‫ن أْر َ‬ ‫ن فإ ِ ْ‬ ‫ملهُ ّ‬ ‫ح ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ضعْ َ‬‫يَ َ‬
‫خَرى(‪ ،‬وإذا كان الله تعالى قد أخبر ببطلن الصدقة‬ ‫ُ‬
‫هأ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ضع ُ ل ُ‬ ‫ست ُْر ِ‬ ‫مف َ‬ ‫سْرت ُ ْ‬ ‫ت ََعا َ‬
‫مُنوا ل ت ُب ْط ُِلوا‬ ‫آ‬ ‫ن‬ ‫ذي‬ ‫ّ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ها‬ ‫ي‬‫المطلقة إذا أتبعها بالمن والذى فقال سبحانه‪) :‬يا أ َ‬
‫ِ َ َ‬ ‫َ َّ‬
‫ن َواْل ََذى(‪ ،‬فل يبعد أن يبطل ثواب النفقة على الهل والذرية‬ ‫م ّ‬ ‫م ِبال ْ َ‬ ‫صد ََقات ِك ُ ْ‬‫َ‬
‫مع أنها أعظم أجًرا من النفاق في سبيل الله كما في الحديث السابق‪.‬‬
‫رابًعا‪ :‬عدم زرع المودة والسكن والمحبة بين الزوجين في بداية الزواج‪،‬‬
‫وعدم الشعور بالنفس الواحدة أو بالثقة بينهما‪ ،‬فتجد أن الزوج يحسب ما‬
‫ما بمنة وأذى!! كما أن الزوجة‬ ‫كرها بذلك دائ ً‬ ‫أنفق على زوجته وعلى بيته ويذ ّ‬
‫ذات المال تترّدد في المشاركة بالنفقة‪ ،‬لنها تقول‪ :‬أنا ل أضمن إن أعطيته‬
‫مالي لينفق على البيت أو لعمارة البيت وتأثيثه أو شراء سيارة أنه بعد ذلك‬
‫يطلقني أو يتزوج بأخرى بسبب تعاوني معه في تخفيف مصاريف النفقة على‬
‫وي هذا الظن في عقول بعض الزوجات تصرفات بعض الرجال‬ ‫المنزل!! ويق ّ‬
‫الذين لم يعرفوا لهذا الحسان حقه‪.‬‬
‫وللحديث عن بقية أسباب اختلف الزوجين على النفقة بقية نتناولها في‬
‫المقال القادم بإذن الله تعالى‪.‬‬
‫ن؟! )‪(2/2‬‬ ‫َ ْ‬‫م‬ ‫على‬ ‫من ينفق‬ ‫الزوج والزوجة ‪َ ..‬‬
‫د‪ /‬فيصل بن سعود الحلبيي ‪2/7/1426‬‬
‫‪07/08/2005‬‬
‫صا فيما‬ ‫إن معرفة السباب سبيل سريع النتيجة لحل أي مشكلة‪ ،‬وخصو ً‬
‫يتعلق بالحياة الزوجية‪ ،‬التي ُيفترض فيها الوئام والحب والصفاء‪ ،‬وقد ذكرت‬
‫في العدد السابق أربعة أسباب لختلف الزوجين حول النفقة‪ :‬الضعف‬
‫المادي لدى الزوج أو بطالته عن العمل‪ ،‬والبخل‪ ،‬والجهل بأجر النفاق على‬
‫الهل‪ ،‬وعدم بناء المنزل على التعاون واللفة‪.‬‬
‫وأما السبب الخامس‪ :‬فهو انبهار الزوجة أحياًنا بالمال وبالوظيفة حتى إنها‬
‫تجعلهما في مقابل حياتها الزوجية السعيدة‪ ،‬فهي تريد أن تجمع بين الخروج‬
‫من المنزل للعمل واكتساب المال منه‪ ،‬مع الستمتاع بحياة زوجية هانئة‪،‬‬
‫وعدم حدوث أيّ مشكلة بسبب هذا كله‪ ،‬وأل ّ يطالبها الزوج بحقوقه‪ ،‬وهذا‬
‫ربما كان عسيًرا في تقّبله أو التأقلم معه‪ ،‬فلو أن الزوجة كانت حريصة فعل ً‬
‫على هذه المكتسبات المادية والمعنوية‪ ،‬لرأيتها تضاعف شيًئا من جهدها‬
‫لتقوم على زوجها خير قيام إذا أتت إلى منزلها‪ ،‬حتى ل يشعر بتقصيرها معه‪،‬‬
‫بل ول يفكر في مطالبتها بترك وظيفتها‪ ،‬وإذا كانت ل تستطيع ذلك لي عذر‬
‫في صحتها أو طبعها‪ ،‬فل أقل من أن تشاركه بالنفقة مقابل ذلك بالمعروف‬
‫وبما يناسب اكتسابها‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫وأما السبب السادس‪ :‬توّرط الزوج في المحرمات من قروض ربوية تلحقه‪،‬‬


‫أو إدمان المخدرات والمسكرات‪ ،‬وما يعقبه أحياًنا من سجن ونحوه‪ ،‬فهذا‬
‫صا إذا كان الزوج ل يحمل في‬ ‫يجعل العبء على المرأة كبيًرا وثقي ً‬
‫ل‪ ،‬وخصو ً‬
‫قلبه مسؤولية البيت‪ ،‬ول هم معيشة الولد أو رعايتهم‪.‬‬
‫كتبت إحداهن عن نفسها فقالت‪" :‬عشت مع زوجي في بداية حياتنا حياة‬
‫هانئة‪ ،‬فزوجي الحنون الكريم تغّير بعد سنة واحدة من الزواج‪ ،‬وكنت قد‬
‫أنجبت طفلتي الولى‪ ..‬ومن بين دموعها تضيف عائشة‪ :‬لقد دخل زوجي عالم‬

‫‪53‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المخدرات من خلل الصحبة السيئة التي كان يقضي معها معظم وقته؛ إذ‬
‫صا لهذه الفة‪ ،..‬عندها وجدت نفسي مضطرة لن أقوم‬ ‫صار راتبه مخص ً‬
‫بالنفقة على البيت‪ ،‬وذلك بعد أن حاولت إقناعه بدخول المستشفى للعلج‬
‫لكنه رفض ذلك تمامًا‪ ..‬وبقلب مؤمن ورضا تقول عائشة‪ :‬إنني أحمد ربي‬
‫وأشكره لن راتبي كبير بحيث يكفي لجميع نفقات البيت بالضافة إلى مرتب‬
‫الخادمة‪ ،‬وتضيف أنا راضية بقدري وهو مع هذا السوء أفضل من الطلق‬
‫الذي نصحني به البعض"!!‬
‫من ليس لها راتب كبير أو ليس لها راتب إطلًقا!!‬ ‫ونحن نقول‪ :‬ماذا ع ّ‬
‫وأما السبب السابع‪ :‬الظروف الطارئة من موت أومرض أو إعاقة‪ ،‬وهذا‬
‫ظرف خاص له أحكامه الخاصة به‪ ،‬وليس موضع حديثنا؛ لعدم وجود عنصر‬
‫الختلف فيه‪.‬‬
‫ولهذه السباب ونحوها أظهرت إحصائية في مدينة القاهرة أن ‪ %31‬من‬
‫مان الردن تصل نسبة النساء المنفقات على‬ ‫أسرها تعولها النساء‪ ،‬وفي ع ّ‬
‫أسرهن إلى ‪.%20‬‬
‫ومعرفة السباب وواقع الحصائيات يهيب بأهل الدراية والمسؤولية أن يلتفتوا‬
‫إلى هذا الموضوع بجدية والعمل على كل الصعدة‪.‬‬
‫لماذا وجبت النفقة على الزوج؟‬
‫ل‪ :‬هو أن المرأة محبوسة على الزوج ـ أي‬ ‫والجواب يوجزه ابن قدامة قائ ً‬
‫مقصورة عليه ـ يمنعها من التصرف والكتساب‪ ،‬فل بد أن ينفق عليها"‬
‫المغني ‪.11/348 :‬‬
‫وهذا منتهى العدل والضمان الحقيقي لحق المرأة المسلمة‪ ،‬فليس نفقة‬
‫الزوج عليها من باب التفضل منه والمّنة عليها‪ ،‬وإنما هو من فضل الله الذي‬
‫منحه إياه‪ ،‬وكتبه لها مقابل معاشرتها له بالمعروف‪ ،‬والقيام على إسعاده‬
‫وراحته‪ ،‬وبهذا النسجام في القيام بهذه الحقوق تعيش السرة المسلمة حياة‬
‫سعيدة رغيدة‪.‬‬
‫وتأمل معي ـ يا رعاك الله ـ كيف شقيت المرأة الغربية حينما نزلت إلى‬
‫حضيض الهانة فابتذلت إنسانيتها فضل ً عن أنوثتها‪ ،‬وكسرت حياءها إلى أن‬
‫قامت ليس بأعمال البشر‪ ،‬ولو كانت فاحشة وساء سبيل ً كالزنا‪ ،‬وإنما بأعمال‬
‫دا أوروبًيا رأى في السواق‬ ‫الجمادات‪ ،‬فقد حدثني أحد الخوة أنه حينما زار بل ً‬
‫ها‪ ،‬إنها المرأة تقوم خلف زجاج المحلت‬ ‫ما يقف النسان العاقل أمامه مشدو ً‬
‫التجارية مقام الدمى التي توضع عليها الملبس بكل أشكالها‪ ،‬حتى لتظن أنها‬
‫من جمودها كأنها من الشمع‪ ،‬وإذا بها تتحرك بين الفترة والخرى بحركات‬
‫ترى أنها تثير إعجاب المتسوقين‪ ،‬فإذا انتهت فترة عملها‪ ،‬جاءت غيرها‬
‫س تحمل في ذاكرتها أنظار المتفرجين‬ ‫مكانها‪ ،‬وذهبت إلى منزلها بنف ٍ‬
‫والمتفرجات بكل ما تعنيه من مهانة لها وإكبارٍ أو إسفاف لما ارتدته من‬
‫أزياء‪ ،‬وكأني بها تقول في نفسها كما قالت عارضة الزياء الفرنسية‬
‫المشهورة‪" :‬إن بيوت الزياء جعلت مني مجّرد صنم متحرك مهمته العبث‬
‫ول في العالم عارضة‬ ‫بالقلوب والعقول"‪ ،‬والتي أضافت قائلة‪" :‬عشت أتج ّ‬
‫لحدث خطوط الموضة بكل ما فيها من تبرج وغرور‪ ،‬ومجاراة لرغبات‬
‫الشيطان في إبراز مفاتن المرأة دون خجل ول حياء" وقد ختمت آهاتها‬
‫المحرقة قائلة‪ " :‬لم أكن أشعر بجمال الزياء فوق جسدي المفرغ إل من‬
‫الهواء والقسوة‪ ،‬بينما كنت أشعر بمهانة النظرات واحتقارهم لي شخصًيا‬
‫واحترامهم لما أرتديه"‪ ،‬هذا ما قالته )فابيان( الفرنسية البالغة من العمر‬
‫ما‪ ،‬وذلك بعد إسلمها وفرارها من ذلك الجحيم الذي ل‬ ‫ثمانية وعشرين عا ً‬

‫‪54‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ُيطاق‪.‬‬
‫والمرأة المسلمة التقّية حتى لو خرجت للعمل‪ ،‬فإنها خرجت لداء رسالة‬
‫يأمر بها دينها‪ ،‬وهي تعليم بنات جنسها دين ربها‪ ،‬أو معالجة أدوائهن‪ ،‬أو نشر‬
‫الفضيلة عبر الصحافة النقية‪ ،‬أو المشاركة في أعمال البر والحسان في‬
‫ل بحشمتها ول يعّرضها للفتنة‪ ،‬وهي بتقواها وصلحها تسعى‬ ‫مجتمعها بما ل يخ ّ‬
‫أل ّ يؤثر هذا على سعادتها مع زوجها أو يقلل من رعايتها لبنائها‪ ،‬ولو أخذ منها‬
‫ما يقينًيا أن الحياة جهاد‪ ،‬وما أجمله أن‬‫دا أكبر؛ لنها تعلم عل ً‬
‫هذا أو ذاك جه ً‬
‫ُيبذل لسعادة السرة ونهوض المة‪.‬‬
‫ولفتة أتمنى من الزوج صاحب النظرة الثاقبة البعيدة أن يلتفت إليها‪ ،‬وهي‬
‫قص من حقوق إسعادك شيًئا‪،‬‬ ‫أننا نعلم بل ريب أنك ترغب في زوجة ل ُتن ِ‬
‫ولكن هل لك أن تعذرها فيما يبدو منها من نقص في بعض حقوقك؟ فهي‬
‫تظل بشًرا‪ ،‬وإذا علمت أن سبب تقصيرها هو عملها الشريف الذي تخدم به‬
‫ض النظر عما يبدر منها من تقصير‪،‬‬ ‫مجتمعك وأمتك‪ ،‬فهذا يشفع لها في غ ّ‬
‫ّ‬
‫فلتكن عوًنا لها‪ ،‬ولتكن عوًنا لك؛ لتسير دفة المنزل والمجتمع نحو السعادة‬
‫والنجاح‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫دا عن الطفال !!‬


‫الزوجان بعي ً‬
‫قال لي‪:‬‬
‫في اليام الولى من زواجي إنه ل يحب أن تدخل الطفال غرفة النوم لن لها‬
‫ضا‪ ،‬وإنما علي أن أعلمهم التواجد‬ ‫خصوصية‪ ،‬ول ينام الطفال على الفراش أي ً‬
‫في غرفتهم وفي الماكن التي تناسبهم في المنزل‪.‬‬
‫ت لهذا الكلم ولم يكن بعد عندنا أطفال ‪ ..‬وبعد مرور سنوات جاء فيها‬ ‫دهش ُ‬
‫ن‪.‬‬
‫الطفال أدركت قيمة ما تحمله هذه الكلمات من معا ٍ‬
‫نعم إن الزوجين يحبون أطفالهم حًبا تعجز الكلمات عن وصفه‪ ،‬ويحيطونهم‬
‫بالحنان‪ ،‬ويكرسون حياتهم من أجلهم فهم يأتون على رأس أولوياتهم‪ ،‬ولكن‬
‫ضا‬
‫في نفس الوقت فإن هناك خصوصية للزوجين‪ ،‬وحياة خاصة بهم أي ً‬
‫دا عن الطفال‪.‬‬
‫بمفردهم بعي ً‬
‫ومن هذه الخصوصية غرفة النوم‪ ،‬أو قضاء بعض الوقت بمفردهما ليتجاذبا‬
‫أطراف الحديث‪ ،‬ويعبر كل واحد عن حبه للخر‪ ،‬يضحكان‪ ،‬يسكتان فهم‬
‫شركاء الحياة‪ ،‬وكذلك خروج الزوجين بمفردهما في موعد يتم تحديده‬
‫قا‪.‬‬‫مسب ً‬
‫فل تجعل عزيزي القارئ أي شيء يقف بينكما وإن كان أطفالكما‪.‬‬
‫ـ عندما يأتي الطفال‪:‬‬
‫يتبدل حال الزوجين عندما يأتي الطفال‪ ،‬وتنتهي أيام الرومانسية والعطر‬
‫الفواح وساعات التزين أمام المرآة 'للزوجة' ويولي زمن اللهفة والشوق‬
‫والحب‪ ،‬وينشغل الزوجان بتدبير مصروفات الطفال وتكاليف العيش‪ ،‬والغرق‬
‫في مشاكل الدراسة والمعلمين‪ ،‬والعمل في أكثر من دوام لتوفير نفقات‬
‫السرة‪.‬‬
‫ناهيك عن إهمال الزوجة لزوجها ولبيتها ـ وذلك لفترة محدودة ـ حتى يكبر‬
‫الطفال ويستطيعون العتماد على أنفسهم‪.‬‬
‫والنتيجة‪ :‬بدن منهمك‪ ،‬وعقل مثقل‪ ،‬ومزاج عكر‪ ،‬وبالتالي يقل العطاء‬
‫النفسي والجسدي لشريك الحياة‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ـ الحب في صالح الطفال‪:‬‬


‫لماذا ل يكون الطفال سبًبا في رابطة أقوى وأعمق بالرغم مما يجده‬
‫الزوجان من عناء في تربية الطفال‪.‬‬
‫ـ وقد نغفل أحياًنا أن جفاف ينابيع الحب بسبب النشغال بالطفال والدوران‬
‫في دوائر اليوم ومسئولياته والرهاق المستمر هو ذاته ضد صالح الطفال‪.‬‬
‫ضا أن من حقوق الطفل المعنوية أن ينشأ في بيئة ليستشعر‬ ‫ـ وقد نغفل أي ً‬
‫فيها دفء العلقة بين الب والم بلمسة رقيقة ولفتة عطوف وكلمة ساحرة‬
‫وفرحة بلقاء الحبيب‪ ،‬وهذا يظهر للطفل علقة زوجية قوية يشعر في ثناياها‬
‫بالمن والدفء العاطفي‪.‬‬
‫ـ وأفضل ما نقدم لطفالنا هو القدوة الحسنة في الحب العميق المتبادل بين‬
‫عا‬
‫الزوجين‪ ،‬وتفضيل كل منهما للخر على نفسه‪ ،‬وبالتالي سيشكل هذا انطبا ً‬
‫حسًنا لدى أطفالنا عن علقتهم بأزواج المستقبل‪.‬‬
‫ـ أعط الولوية لعلقتك الزوجية‪:‬‬
‫إذا كنت ترغب أن يسود الحب علقتك الزوجية فأعط لها الولوية وامنحها‬
‫قدًرا كبيًرا من الهمية‪.‬‬
‫ـ وقد يقول البعض‪' :‬إن علقتي بزوجتي ذات أهمية بالغة' بينما تتعارض‬
‫أفعالك مع أقوالك؟ كأن ل تقضي بالفعل بعض الوقت مع زوجتك‪ ،‬أو تخرج‬
‫للتنزه معها‪ ،‬فهذا ليس هو سلوك المحب لزوجته‪.‬‬
‫إنك تقضي أوقاتك في جلسات أسرية وبصحبة أطفالك وفي العمل أو في‬
‫شراء المتطلبات المنزلية‪ ،‬أو مشاهدة أخبار العالم‪ ،‬فلماذا ل تقتطع جزًءا من‬
‫وقتك لتقضيه مع من تطلق عليها حبيبتك؟‬
‫ـ وإن كان لديكما أطفال وبرغم هذا فإنكما تقضيان بعض الوقت سوًيا فإن‬
‫هذه إشارة قوية يرسلها كل منهما للخر بأن كليكما يهتم بالخر وبطباع‬
‫العلقة الودية بينكما‪.‬‬
‫لذا ضع في العتبار أن تأتي علقتك الزوجية في المقام الول تحت أي‬
‫ضغوط‪.‬‬
‫ـ ثلث قواعد لعلقة زوجية حية‪:‬‬
‫‪1‬ـ الحوار والتخاطب بين الزوجين‪.‬‬
‫‪2‬ـ حل الخلفات وسوء التفاهم‪.‬‬
‫‪3‬ـ التعهد بالرعاية والحفظ‪.‬‬
‫وليس بمجرد القتناع عن السلبيات وإنما القيام بالواجبات والرعاية‪ ،‬وكل ما‬
‫من شأنه أن ينم عن أن الواحد منهما يضع الخر في أولوياته‪.‬‬
‫وهذه الثلثة السابقة يرتبط تحقيقها بوجود خصوصية للزوجين وجلوسهما‬
‫بمفردهما إما في المنزل‪ ،‬أو خارج المنزل بعد ترك الطفال بمفردهم إن‬
‫كانوا كباًرا‪ ،‬أو جعل أحد من القارب عندهم للحفاظ عليهم ومتابعتهم إلى‬
‫حين عودة الزوجية إلى المنزل‪.‬‬
‫ـ خصوصية غرفة النوم‪:‬‬
‫إن غرفة نوم الزوجين لها خصوصية‪ ،‬ولها جوها المنفرد والمختلف عن باقي‬
‫أجزاء المنزل وإن لم يكن لها هذه الخصوصية ما ذكرها الرسول صلى الله‬
‫عليه وسلم من المور التي تؤذي الزوج ويغضب على زوجته بسببها‪.‬‬
‫ـ ففي حديث جابر بن عبد الله في خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في‬
‫دا تكرهونه' ]حدث‬ ‫حجته‪ .‬قال فيه‪' :‬ولكم عليهن أن ل يوطئن فرشكم أح ً‬
‫صحيح أخرجه مسلم[‪.‬‬
‫فإن فعلن ذلك فاضربوهن ضرًبا غير مبرح‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وهذا الحكم سواء كان الزوج حاضًرا أو غائًبا‪.‬‬


‫قال النووي رحمه الله معناه أن ل يأذن لحد ٍ تكرهونه في دخول بيوتكم‪،‬‬
‫دا من‬
‫والجلوس في منازلكم سواء كان المأذون له أجنبًيا‪ ،‬أو امرأة‪ ،‬أو أح ً‬
‫محارم الزوجة فالنهي يتناول جميع ذلك‪.‬‬
‫وهذا حكم المسألة عند الفقهاء‪ :‬أنها ل يحل لها أن تأذن لرجل أو امرأة ول‬
‫محرم ول غيره في دخول منزل الزوج إل من علمت أو ظنت أن الزوج ل‬
‫يكرهه‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ضا إن كان الزوج يكره أن تكون غرفة نومه‬ ‫ويستفاد من هذا الحديث أي ً‬
‫شا للطفال فعلى الزوجة أن تستجيب لرغبة زوجها‬ ‫عا للجميع وفرا ً‬ ‫مشا ً‬
‫وتعلم الولد أل يدخلون الغرفة إل بإذن‪ ،‬وأل يستغرق مكوثهم فيها أكثر من‬
‫بضع ثوان أو دقائق‪.‬‬
‫ـ املئي نفسه‪:‬‬
‫إن من أجل أعمال المرأة بعد عبادة ربها أن تنجح في الدخول إلى قلب‬
‫زوجها وأن تمل نفسه بحيث يشعر في قرارة نفسه أنه سيعد باقترانه بها‪،‬‬
‫هنيء في عيشه معها‪ ،‬منعم بصحبتها فتكون حينها خير متاع في الحياة الدنيا‬
‫كما قال صلى الله عليه وسلم‪' :‬الدنيا متاع وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة'‬
‫]صحيح مسلم[‪.‬‬
‫وتكيف الزوجة مع زوجها طاعة وقربى لله تعالى‪ ،‬بمعنى أنها تحب ما يحب‪،‬‬
‫وتكره ما يكره‪ ،‬وتخرج معه إن اتفقا على الخروج‪ ،‬ويمكثا في البيت إن أرادا‬
‫البقاء فيه‪ ،‬وهكذا يمكنك القياس على كل فعل من الفعال اليومية التي تمر‬
‫بالزوجين‪.‬‬
‫ـ ومن حكمة الله العظيمة أن جعل حسن تبعل المرأة لزوجها واستمالة قلبه‬
‫بكل الوسائل من الدين‪ ،‬لن في ذلك عفة للرجل وتوطيد لدعائم السرة‬
‫وسعادة للمرأة ولزوجها ولولدها‪.‬‬
‫ـ وكل الزوجين مطالب بأن يحصن الخر فيسكن القلب وتستريح النفس‪،‬‬
‫وليس المقصود بالحصان فراغ ما في الجسد من شدة فوران الشهوة‬
‫واتقادها بل هو أعم من ذلك وأوسع لما يشتمل عليه من المناداة والملعبة‬
‫والمؤانسة والتواصل والقرب والعطاء وارتباط القلوب بعضها ببعض‪.‬‬
‫ـ إن الزوجة الناجحة هي التي تستطيع أن تحظى بإعجاب الزوج ومحبته‪،‬‬
‫والزوج الناجح هو الذي يستطيع أن يمتلك قلب زوجته‪.‬‬
‫وذلك لن الحسان يقود إلى الحسان‪ ،‬وعطاء كل واحد منهما للخر‬
‫واهتمامه به يعينها على توطيد المحبة والعطف والحنان والتقدير والحترام‪.‬‬
‫ومع مرور اليام وتجدد الروابط التي تربط بين الزوجين تزداد العلقة بينهما‬
‫وا‪.‬‬
‫خا ونم ً‬‫قا ورسو ً‬
‫توث ً‬

‫)‪(2 /‬‬

‫الزوجان في العيد‬
‫حين يتردد التكبير صباح يوم العيد‪ ،‬وترج المساجد بالتهليل وتسيل الدموع‬
‫حزًنا على فراق رمضان الحبيب شهر المغفرة والعتق من النار‪ ..‬شهر الخير‬
‫والصبر والكرم والبركة‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يهدينا الله الرحيم الكريم بهدية العيد وهي أيام فرح وسرور ونسمات تخيم‬
‫على جميع أفراد السرة ومنهم الزوجان‪.‬‬
‫في ذلك اليوم تسمو أرواح الزوجين وتتصافى نفوسهم وتتلقى قلوبهم‪,‬‬
‫فنرى روح السعادة ترفرف في البيت‪ ،‬ونلمس بين جنباته الود والتسامح‪..‬‬
‫الحب والمرح‪ ..‬حينها يتحقق مفهوم العيد بمعناه الصحيح‪.‬‬
‫وقد يكون العيد عند البعض شرارة تشعل نار الخلفات وبالذات في الصباح‪..‬‬
‫لضيق الوقت وتشتت الذهن عند الستعداد للخروج‪ ،‬فتشحن النفوس‬
‫بالغضب وتنقلب فرحة العيد إلى شجار ليذهبوا إلى أقاربهم بوجوه غاضبة‬
‫ونفوس مكتئبة‪.‬‬
‫فرحة العيد ترفرف على البيت السعيد‬
‫ه‬
‫مت ِ ِ‬
‫ح َ‬ ‫ّ‬
‫ل اللهِ وَب َِر ْ‬
‫ض ِ‬‫ف ْ‬ ‫ـ على الزوجين أن يشكرا الله على نعمه وفضله }قُ ْ‬
‫ل بِ َ‬
‫ن{ ]يونس‪.[58:‬‬ ‫مُعو َ‬
‫ج َ‬
‫ما ي َ ْ‬
‫م ّ‬‫خي ٌْر ِ‬
‫حوا هُوَ َ‬ ‫ك فَل ْي َ ْ‬
‫فَر ُ‬ ‫فَب ِذ َل ِ َ‬
‫ما بسنة نبينا صلى الله عليه‬ ‫ـ ويلزما التكبير في أيام العيد والحمد التزا ً‬
‫وسلم‪.‬‬
‫ـ الدعاء من خالص قلوبهم أن يتقبل الله منهم الصيام والقيام وخالص‬
‫ما عديدة‪.‬‬ ‫العمال وأن يعيد عليهم رمضان أعوا ً‬
‫ـ الدعاء أن يجمعها الله في جنته ومستقر رحمته‪.‬‬
‫ـ الستعلء عن سفاسف المور وما ينغص عيشها‪ ،‬فالعيد شرعه الله للفرح‬
‫والمرح وليس للحزن والتخاصم‪.‬‬
‫حا‬‫خطوات مسبقة لعيد أكثر مر ً‬
‫حا إليك عزيزتي الزوجة هذه الخطوات‪:‬‬ ‫ولعيد أكثر سعادة ومر ً‬
‫استعدادك قبل العيد‪:‬‬
‫ـ رتبي ما يخص خروجك وعائلتك قبل العيد بيومين‪ ,‬أي جهزي ملبس أولدك‬
‫وزوجك وجميع الغراض وضعيها في أماكن قريبة ومناسبة‪.‬‬
‫ـ رتبي منزلك قبل العيد لتقللي من الوقت الذي ستمضينه في ترتيبه قبل‬
‫خروجك‪.‬‬
‫ـ احرصي على النوم مبكًرا أنت وزوجك ليلة العيد ـ قدر المكان ـ لتستيقظي‬
‫مبكرة ونشيطة وبنفسية طيبة‪.‬‬
‫ـ بعد صلة الفجر أكثري من الستغفار ول تنسي أذكار الصباح والتكبير‬
‫والتهليل‪ ,‬وارفعي صوتك بها لتسمعي من في البيت ليستشعروا الجو الجميل‬
‫للعيد‪.‬‬
‫عا‬
‫ـ جهزي تمرات يتناولها زوجك وأولدك قبل الخروج إلى صلة العيد اتبا ً‬
‫قا من الحلويات أو‬ ‫ضا طب ً‬ ‫لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم وجهزي أي ً‬
‫الحليب أو الشاي حسب ما تفضليه‪.‬‬
‫استعدادك في صباح العيد‪:‬‬
‫ـ أيقظي زوجك وأولدك ‪ ..‬ثم توجهوا إلى المسجد مع التكبير والحمد‪،‬‬
‫وحضور صلة العيد والستماع إلى الخطبة‪.‬‬
‫ـ ثم يقوم الزوجان بزيارة الهل والقارب والحباب لقضاء وقت جميل معهم‪.‬‬
‫ـ أعدي عزيزتي الزوجة بطاقات تهنئة بالعيد مكتوب فيها سطور تعبر عن‬
‫الفرحة والشكر للزوج على جوده وما قام به من الطاعات‪.‬‬
‫ـ اقضي ثاني أيام العيد مع زوجك وأولدك في رحلة يفرح بها الجميع‪ ،‬وجهزي‬
‫فيها بعض المفاجآت والمسابقات والمشويات‪.‬‬
‫ـ وأشعري نفسك وزوجك بالفرح والسعادة لتظهر على أفعالك وتصرفاتك‬

‫‪58‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وتجاوزي عن كل ما يغضبك‪ ،‬وذكري نفسك وزوجك كلما لح طيف الغضب‬


‫أن هذا يوم عيد يجب أن نفرح به وأن نغير حياتنا للفضل‬

‫)‪(1 /‬‬

‫الزوجان في رمضان‬
‫إن شهر رمضان المبارك يحمل معاني سامية للحياة النسانية بشكل عام‬
‫والحياة الزوجية بشكل خاص‪ ,‬وهو فرصة كبيرة للتقارب الزوجي والتواصل‬
‫السري‪.‬‬
‫إن الجتماع على الطاعة والعبادة في جو مفعم باليمان ليضفي على الحياة‬
‫الزوجية بنسائم الحب والود‪ ،‬فهو فرصة حقيقية للحياة الزوجية السامية‪.‬‬
‫وفي شهر رمضان ما فيه من دروس رائعة يستفيد منها الزوجان مثل‪:‬‬
‫الصبر ـ الجود ـ الحلم والتسامح ـ الخلق الحميدة العامة‬
‫ـ ليسع الزوجان منذ بداية هذا الشهر للستفادة منه كما هو المطلوب من‬
‫مشروعيته وحكمته وليجعل من الشهر الكريم دورة تدريبية لهما‪.‬‬
‫وليكن من محتويات هذه الدورة اليمانية‪:‬‬
‫ـ سعة الصدر‪ ،‬وتقبل بعضكما لبعض ومشاركة أحدكما الخر في المشاعر‪.‬‬
‫ـ اجتمعا مًعا على الطاعة كما تجتمعان على الفطار والسحور‪.‬‬
‫ـ الهتمام بإظهار المحبة والمودة والتقارب بين الزوجين‪ ،‬ومحاولة إزالة أي‬
‫سوء تفاهم حتى ل يعكر جو العبادة في رمضان‪ ،‬وتذكرا أقوال حبيبنا محمد‬
‫صلى الله عليه وسلم‪' :‬إذا كان يوم صوم أحدكم فل يرفث ول يصخب فإن‬
‫سابه أحد أو قاتله فليقل‪ :‬إني صائم'‪.‬‬
‫ـ خططا مًعا للسعادة والحياة التي يرضى الله عنها كما تخططان للفطور‪.‬‬
‫ـ التوسعة على الهل والولد بحسن المعاملة والعناية والرعاية وتجنب‬
‫الصخب والعصبية‪ .‬وتذكرا قول رسولنا الكريم‪' :‬من تقرب فيه بخصلة من‬
‫خصال الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه‪ ،‬ومن أدى فيه فريضة كان‬
‫كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه'‪.‬‬
‫ـ التدريب العملي على الخلق السامية وأولها العفو عن الخطأ والمسامحة‬
‫والعتذار والحلم والحرص على السنن والداب الشرعية‪.‬‬
‫ـ المشاركة في العبادة بإحياء سنة القيام مع الولد والزوج والحرص على‬
‫قراءة القرآن‪.‬‬
‫ـ الجود بالمال والعطاء والصدقات على الفقراء والمحتاجين فقد كان النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم جواًدا‪ ,‬وكان أجود ما يكون في رمضان‪.‬‬
‫صور للتواصل الزوجي في رمضان‬
‫عن عائشة رضي الله عنها قالت‪ :‬كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا‬
‫دخل العشر الواخر من رمضان أحيا الليل كله وأيقظ أهله وجد وشد المئزر‬
‫'وكان يأمر بتحري ليلة القدر'‪' :‬تحروا ليلة القدر في العشر الواخر من‬
‫رمضان'‪.‬‬
‫ت‪ :‬يا رسول الله أرأيت إن‬ ‫وقد سألت عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت‪ :‬قل ُ‬
‫علمت ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال‪ :‬قولي‪' :‬اللهم إنك عفو كريم تحب العفو‬
‫ف عني' رواه الترمذي‪.‬‬ ‫فاع ُ‬
‫اجتمعا مًعا على الطاعة‬
‫على الزوجين حسن استغلل هذا الشهر الكريم والتفاق مًعا على وضع خطة‬
‫للتعامل مع المور الساسية وهي‪ :‬القرآن الكريم ـ الصدقة ـ قيام الليل ـ‬

‫‪59‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫صلة الرحم ـ الدعاء ـ الصلة في المسجد وعلى الزوج أن يعلم زوجه وأولده‬
‫ما يخص هذا الشهر الكريم من فضائل؟ ويراجع معهم فقه الصيام وآدابه‬
‫ويحثهم على الصدقة وقراءة القرآن وصلة الرحم وغير ذلك من أعمال البر‪.‬‬
‫كيف تحبين زوجك في رمضان؟‬
‫‪1‬ـ ل تبخلي على زوجك بإظهار محبتك يومًيا كما تقدمين له وجبات الطعام‬
‫اليومية الشهية‪.‬‬
‫‪2‬ـ ل تعتقدي أن المحبة تقتضي منك التضحيات المادية الكبيرة بل إن المر‬
‫يتطلب منك تضحيات معنوية روحانية أكبر‪ .‬فكوني سخية في عطائك المادي‬
‫والمعنوي لزوجك تملكيه‪.‬‬
‫‪3‬ـ اشكري زوجك على اهتمامه ولطفه بك وعطائه ول تتعاملي معه على أن‬
‫اهتمامه بك واجب عليه فينطفئ هذا الهتمام مع اليام‪.‬‬
‫‪4‬ـ كوني على اقتناع تام بأن الذهب والمال والنفوذ والعيش الرغيد ل قيمة له‬
‫بدون الحب‪ ,‬والحياة المملوءة بالحب هي الحياة الزوجية الناجحة‪ ،‬وبدون‬
‫الحب ففرص النجاح الزوجي قد تكون منعدمة‪.‬‬
‫فا وعلقة زوجية مختلفة بل ورائعة في هذا‬ ‫‪5‬ـ امنحي زوجك رمضاًنا مختل ً‬
‫الشهر الكريم‪ ,‬محتسبة فيه كل عمل وقول وبسمة‪ ,‬لعل الله أن يكتب لنا‬
‫الجر ويتقبل منا ويجمعنا مع أحبابنا في جنة عرضها السماوات والرض‬
‫أعدت للمتقين‬

‫)‪(1 /‬‬

‫الزوجان وجوانب تربية البناء ـ رؤية مشتركة‬


‫إن الرؤية المشتركة في تربية البناء تستلزم من الزوجين التعرف على‬
‫طبيعة المرحلة العمرية الموجود فيها البن ونوع هذا البن لن كل مرحلة‬
‫ضا مطالبها‬
‫عمرية لها خصائصها ومميزاتها التي تميزها عن غيرها‪ ،‬ولها أي ً‬
‫التي تختلف عن غيرها من المراحل‪.‬‬
‫فمثل ً مرحلة الطفولة لها خصائص ومطالب تختلف عن مرحلة المراهقة‪،‬‬
‫وكذلك الولد يختلف عن البنت في الخصائص ومراحل النمو‪ ،‬ومن حسن‬
‫رعاية الزوجين للبناء التعرف على ما ذكرنا لتحقيق التربية المنشودة‬
‫والصحة النفسية للبناء والبنات‪.‬‬
‫جوانب تربية البناء‪:‬‬
‫وتربية البناء تكون في عدة جوانب هي‪:‬‬
‫‪1‬ـ التربية اليمانية‪:‬ومن أمثلة المور الواجب العتناء بها‬
‫* تعليم البناء مبادئ العقيدة السلمية‪.‬‬
‫* تعليمهم الحلل والحرام‪.‬‬
‫* أمرهم بالعبادات وهم في سن السابعة 'مروا أولدكم بالصلة لسبع' ومن‬
‫يهمل في تعليم أولده في هذا السن فهو مقصر آثم في حق أولده‪.‬‬
‫* تأديبهم على حب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وصحابته الكرام‪.‬‬
‫* تعويدهم على قراءة القرآن وفهمه والعمل به‪.‬‬
‫* غرس روح المراقبة لله تعالى فيهم 'أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن‬
‫تراه فإنه يراك'‪.‬‬
‫‪2‬ـ التربية الخلقية‪ :‬وتكون بـ‪:‬‬
‫* الحث على الخلق الفاضلة 'إنما بعثت لتمم مكارم الخلق'‪.‬‬
‫* التحذير من سيئ الخلق‪ :‬كالكذب والسرقة والشتائم والتقليد العمى ‪..‬‬

‫‪60‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪3‬ـ التربية الجسمية‪ :‬وتتمثل في‪:‬‬


‫* اتباع القواعد الصحية‪.‬‬
‫* تعويد الولد على الرياضة 'العقل السليم في الجسم السليم'‪.‬‬
‫* التغذية المتوازنة السليمة‪.‬‬
‫* تعويد الولد على القتصاد في النفاق وعدم السراف‪.‬‬
‫* معالجة المراض بالتداوي‪.‬‬
‫‪4‬ـ التربية العقلية‪ :‬وتتمثل في‪:‬‬
‫* تعليم الطفال في مرحلة الطفولة الولى ]الحضانة[‪.‬‬
‫* تمرين الولد على إعمال الذهن‪.‬‬
‫* تبصير الطفل بأهمية العلم وفضله‪.‬‬
‫* القراءة المفيدة والطلع تساعد على تكوين شخصية البن‪.‬‬
‫‪5‬ـ التربية والنفسية‪:‬‬
‫وتكون برعاية الطفل وإحاطته بالحب والدفء والعلقات المتوازنة بين‬
‫المكافأة والعقاب فإن أحسن أثيب وإن أخطأ عوقب ولكن برفق وبدون أذى‬
‫وإن ظهرت عنده أعراض لبعض المشاكل النفسية كالخجل والخوف‬
‫والشعور بالنقص‪ ،‬أو الغضب‪ ،‬فعلى الزوجين معرفة السباب ومحاولة البحث‬
‫عن حل يناسب المرحلة العمرية ونوع البن ]بنت أو ولد[ وسؤال‬
‫المتخصصين في ذلك للوصول به إلى بر المان وتحقيق الصحة النفسية‬
‫والتربية السليمة‪.‬‬
‫‪6‬ـ التربية الجتماعية‪ :‬وتتمثل في‪:‬‬
‫ضا مراعاة حقوق الخرين مثل‬ ‫الخوة والرحمة واليثار والعفو والجرأة‪ ،‬وأي ً‬
‫حق البوين‪ ،‬والرحام‪ ،‬والجيران‪ ،‬والمعلم‪ ،‬والصديق‪ ،‬والكبير‪.‬‬
‫ضا تعليمه الداب الجتماعية مثل‪:‬‬ ‫وأي ً‬
‫آداب الطعام والشراب‪ ،‬والسلم‪ ،‬والستئذان‪ ،‬والمجلس‪ ،‬والحديث‪ ،‬والمزاح‪،‬‬
‫وعيادة المريض‪ ،‬والتعزية‪ ،‬والعطاس والتثاؤب‪.‬‬
‫‪7‬ـ التربية الجنسية‪ :‬وتتمثل في‪:‬‬
‫أدب الستئذان‪ ،‬وأدب النظر‪ ،‬ومما ينبغي في هذا الموضوع تجنيب الولد‬
‫الثارة الجنسية وذلك يكون بالرقابة الداخلية والخارجية‪ ،‬وسد الذرائع‬
‫الموصلة إلى الثارة الجنسية بكل أشكالها المقروءة المسموعة والمرئية‪،‬‬
‫ولكن يراعي إعطاء المعلومات للبناء بما يتناسب مع أعمارهم والجابة على‬
‫أسئلتهم إجابة علمية وشافية في نفس الوقت‪.‬‬
‫الوسائل العلمية ]المؤثرة[ لتربية الولد‪:‬‬
‫وهنا علينا أن نقف لنذكر كيف نحقق الجوانب السابقة ‪ ،‬ولتطبيق ما ذكرنا‬
‫فإن هناك عدة وسائل تعرف بوسائل التربية المؤثرة وهي‪:‬‬
‫‪1‬ـ التربية بالقدوة‪:‬‬
‫فالطفل حين يجد من أبويه ومربيه القدوة الصالحة فإنه يتشرب مبادئ الخير‬
‫ويتطبع على أخلق السلم‪ ،‬والتربية بالقدوة تكون بقدوة البوين‪ ،‬وقدوة‬
‫الرفقة الصالحة‪ ،‬وقدوة المعلم‪ ،‬وقدوة الخ الكبر‪ ،‬وربط الولد بصاحب‬
‫القدوة العظيم رسولنا صلى الله عليه وسلم‪ ،‬يقول سعد بن أبي وقاص‪' :‬كنا‬
‫نعلم أولدنا مغازي رسول الله كما نعلمهم السورة من القرآن'‪.‬‬
‫‪2‬ـ التربية بالعادة‪:‬‬
‫إذا توفر للطفل عامل التربية وعامل البيئة مع الفطرة السليمة المولود بها‬
‫فإن ذلك له أثره الطيب ونشأته النشأة الصحيحة والتربية بالعادة تكون‬
‫بالتقليد والتعويد كما ذكرنا في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم 'مروا‬

‫‪61‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ضا‪' :‬علموا أولدكم وأهليكم‬


‫أولدكم بالصلة لسبع واضربوهم عليها لعشر' وأي ً‬
‫الخير وأدبوهم'‪.‬‬
‫وفي ذلك يقول المام الغزالي رحمه الله في إحيائه‪ :‬في تعويد الولد خصال‬
‫الخير‪:‬‬
‫'والصبي أمانة عند والديه وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة‪ ،‬فإن عود الخير‬
‫وعلمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والخرة‪ ،‬وإن عود الشر وأهمل إهمال‬
‫البهائم شقي وهلك ‪ ..‬وصيانته بأن يؤدبه ويهذبه‪ ،‬ويعلمه محاسن الخلق'‪.‬‬
‫‪3‬ـ التربية بالموعظة‪:‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫سا لمنهج الدعوة‬ ‫والقرآن الكريم ملئ باليات التي تتخذ أسلوب الوعظ أسا ً‬
‫قا إلى الوصول لصلح الفراد‪ ،‬وفي سورة لقمان خير شاهد على ما‬ ‫وطري ً‬
‫ك ِباللهِّ‬‫شرِ ْ‬
‫ي ل تُ ْ‬
‫ه َيا ب ُن َ ّ‬ ‫ُ‬
‫ن ل ِب ْن ِهِ وَهُوَ ي َعِظ ُ‬
‫ما ُ‬
‫ق َ‬ ‫ُ‬
‫لل ْ‬‫نقول يقول الله تعالى‪} :‬وَإ ِذ ْ َقا َ‬
‫م{ ]لقمان‪ [13:‬ويتجدد أسلوب الوعظ على حسب‬ ‫ظي ٌ‬ ‫ك ل َظ ُل ْ ٌ‬
‫م عَ ِ‬ ‫شْر َ‬
‫ن ال ّ‬ ‫إِ ّ‬
‫الظروف ومقتضيات الحوال‪ ،‬فمرة يذكر المربى الولد بالتقوى‪ ،‬ومرة يحض‬
‫على النصح‪ ،‬ويغري أحياًنا بالترغيب‪ ،‬وفي موطن آخر يلجأ إلى أسلوب‬
‫التهديد‪ ،‬وهكذا حسب الحوال‪.‬‬
‫‪4‬ـ التربية بالملحظة‪:‬‬
‫ويقصد بها أن يلحظ المربى ولده ويلحقه ويلزم أدبه ويراقب حركاته‬
‫قا أرشده إليه‪ ،‬وإذا رأى منه منكًرا نهاه عنه‪ ،‬وإذا فعل‬ ‫وسكناته‪ ،‬فإذا أهمل ح ً‬
‫معروًفا شكر له صنيعه يقول صلى الله عليه وسلم‪' :‬والرجل راع في أهله‬
‫ومسؤول عن رعيته‪ ،‬والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها'‪.‬‬
‫فإن لم تكن هناك ملحظة فإن الولد سينزع ل محالة إلى النحراف والنحلل‬
‫والهلك المحقق‪ ،‬فكن مع ولدك أيها المربي أينما توجه‪ ،‬كن معه بنفسك‪،‬‬
‫بفكرك‪ ،‬باهتمامك‪ ،‬لحظه في إيمانه وفي أخلقه وفي علمه وفي اجتماعه‬
‫مع غيره‪ ،‬لحظ نفسيته ومزاجه كل ذلك يرشدك إلى أحسن الطرق في‬
‫التعامل معه وفي تربيته‪.‬‬
‫‪5‬ـ التربية بالعقوبة‪:‬‬
‫اللين والرحمة والرفق هي الصل في معاملة الولد‪ ،‬وفي سيرة الرسول‬
‫صلى الله عليه وسلم ما يؤكد على ملطفة الولد ‪ ،‬ولكن في حال خطأ‬
‫الولد فل بد من استعمال العقوبة ليكون الولد متزنا نفسًيا وانفعالًيا‪ ،‬ول بد‬
‫ضا من التدرج في العقوبة‪.‬‬ ‫أي ً‬
‫وتأتي حكمة المربى في استعمال أساليب العقوبة واختيار الصلح منها‪ ،‬فهذه‬
‫جا‪ ،‬فمنهم من‬ ‫الوسائل تفاوت بتفاوت الولد ذكاًء وثقافة وحساسية ومزا ً‬
‫تكفيه الشارة البعيدة ويرتجف لها قلبه‪ ،‬ومنهم من ل يردعه ذلك ! ومنهم‬
‫من يصلحه الهجر‪ ،‬ومنهم من ينفعه التأنيب ‪ ،‬ومنهم من ل بد من تقريب‬
‫العصا منه حتى يراها على مقربة فينزجر‪ ،‬ومنهم بعد ذلك فريق ل بد أن‬
‫يحس لدغ العقوبة على جسمه لكي يستقيم‪.‬‬
‫والضرب له شروط‪ ،‬ول يلجأ إليه إل بعد استنفاد جميع الوسائل التأديبية‪ ،‬ول‬
‫يضرب المربي ولده في حالة الغضب الشديد مخافة إلحاق الضرر بالولد‪ ،‬ول‬
‫ضا في شدة الضرب من القل‬ ‫يضرب الوجه أو الصدر أو البطن‪ ،‬والتدرج أي ً‬
‫شدة إلى الكثر‪ ،‬والتدرج في عدد مرات الضرب على اليدين أو الرجلين ول‬
‫يضرب الولد قبل عشر سنوات 'واضربوهم عليها وهم أبناء عشر'‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وإذا رأى المربي انصلح حال ولده بعد العقوبة فعليه أن ينبسط له ويتلطف‬
‫معه ويبش في وجهه ويشعره أنه ما قصد من العقوبة إل صلحه في الدنيا‬
‫والخرة هكذا كان نهج النبي صلى الله عليه وسلم واعلم أيها المربي أن‬
‫التربية بالعقوبة سبب زجر الولد عن أسوأ الخلق وأن يكون عنده من‬
‫الحساسية والشعور ما يردعه عن السترسال في الشهوات والمحرمات بعد‬
‫ذلك‪ ،‬وبدونها يتمادى الولد في المفاسد والخطاء‪.‬‬
‫وفق الله الجميع إلى أحسن الخلق‬
‫وهدى الزوجين إلى رؤية مشتركة لتربية الهدية الربانية التي منحهم الله‬
‫إياها‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫الزوجة النكدّية!!‬
‫فوزية الخليوي * ‪5/5/1427‬‬
‫‪01/06/2006‬‬
‫من هي الزوجة التي أحالت حياتها وعائلتها إلى جحيم لُيطاق؟!‬
‫وهل خلت فعل ً من الحاسيس والمشاعر المرهفة؟!‬
‫وهل الصفات التي تتصف بها خارجة عن إرادتها وشعورها أم هو منهج اتخذته‬
‫فى حياتها؟! ومنها‪:‬‬
‫* النقد الدائم‪:‬‬
‫عندما دخل إبراهيم الخليل على زوجة ابنه إسماعيل‪ ،‬وسألها عن عيشهم‪،‬‬
‫ل أن تبدي تذمرها‪ ،‬وقالت‪ :‬نحن بأشر‬ ‫وكان رجل ً غريبا ً عليها‪ ،‬ومع ذلك لم تبا ِ‬
‫عيش؟!‬
‫*التلفظ بألفاظ مؤلمة‪:‬‬
‫ً‬
‫ل‪ ،‬فتكون سببا في إيغار صدر زوجها عليها‬ ‫قد تتلفظ بالكلمة ل تلقي لها با ً‬
‫مدة طويلة‪ ،‬وقد تكون فيها نهايتها كما جاء فى المرأة التى تزوج بها الرسول‬
‫‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬فلما دخل بها قالت‪ :‬أعوذ بالله منك!! قال‪ :‬لقد عذت‬
‫بعظيم الحقي بأهلك!! )طبقات ابن سعد ‪.(108-8‬‬
‫* التحقيروالستهزاء بالطرف الخر‪:‬‬
‫أن تعّيره بفقره‪ ،‬و بقلة ثقافته وشهاداته‪ ،‬أو ببيئته المتوسطة الحال!!‪...‬مع‬
‫أنها لتستغنس عنه وهذا دأبها فى الجد أو الهزل!!‬
‫* التفسير السلبي للخر‪:‬‬
‫بعد أن يسيطر عليها الشك! وتحيط بها الظنون تعجز أن تلتمس له العذر‬
‫بتأخره أو غيابه أو حديثه الخافت في الهاتف‪.....‬فتساورها المخاوف وتفقد‬
‫ثقتها فيه‪ ،‬فتعجز عن صدها‪ ،‬ومن ثم تستسلم لها!!‬
‫* الشعور بالتعاسة‪:‬‬
‫مع توالي النعم عليها وأفضاله لها!! يظل حنينها لماضيها مما يؤلم زوجها هذه‬
‫زوجة معاوية بن أبي سفيان عندما دخل عليها‪ ،‬وهي تنشد حنينها لديارها في‬
‫البدو‪:‬‬
‫لبيت تخفقُ الرواح فيه ‪... ...‬‬
‫ي من قصر مشيد‬ ‫ب إل ّ‬
‫أح ّ‬
‫سّرحها إلى أهلها‪.‬‬
‫* ل تستخدم الحوار الهادئ‪:‬‬
‫فهي ل تكف عن إثارة الضوضاء والجدال معه حتى وإن كانت في جلسة‬

‫‪63‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫هادئة سرعان ما ينقلب الحد يث الودي إلى سباب وشتم و ألم وبكاء‪...‬‬
‫وقال أحد الشعراء يحكي حواره مع زوجته‪:‬‬
‫ولما التقينا ُ‬
‫غدوة ً طال بيننا ‪... ...‬‬
‫طرح‬ ‫ف بالحجارة م ّ‬ ‫ب وقذ ٌ‬ ‫سبا ٌ‬
‫أجلي إليها من بعيد وأتقي ‪... ...‬‬
‫حجارَتها حقا ً ول أتمّزح‬
‫فهذه قريبة بنت حرب عندما تزوجت بعقيل بن أبي طالب اختارته؛ لنه كان‬
‫ف عن ملحاته وندب آبائها!!‬ ‫مع قرابتها الذين قتلوا في بدر!! وكانت لتك ّ‬
‫فقالت له يومًا‪ :‬ياعقيل! أين أعمامي! أين أخوالي كأن أعناقهم أباريق فضة؟‬
‫قال لها‪ :‬إذا دخلت النار فخذي على يسارك!!فغضبت وخرجت من بيته!!‬
‫) العقد الفريد ‪(99-6‬‬
‫*تثور عندكل موقف‪:‬‬
‫ل تستطيع المساك بزمام نفسها‪...‬‬
‫فهي تشعر بالغليان الداخلي وعند كل موقف تثور ثائرتها فتجعل منه متنفسا ً‬
‫لما يعتمل في صدرها ويؤلم أحساسها!! فقد كان اسم زوجة عمر بن‬
‫الخطاب عاصية فأسلمت فأتت عمر فقالت‪ :‬قد كرهت اسمي فسمني‪،‬‬
‫فقال‪ :‬أنت جميلة! فغضبت وقالت‪ :‬ما وجدت اسما ً تسميني به إل ّ اسم‬
‫أمة؟؟‬
‫فأتت النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬فأخبرته فأقّر فعل عمر‪.‬‬
‫*ليس له مكان فى قلبها‪:‬‬
‫فهى تعلن بغضها له دونما سبب مع كمال إحسانه وحسن دينه!‬
‫وقد تصرح به إلى الخرين ذهبت جميلة زوجة ثابت بن قيس إلى الرسول‬
‫‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬فقالت‪ :‬يارسول الله! إني ل أعيب على ثابت فى‬
‫دين ول خلق!! وإني ل أطيقه بغضًا!!)الصابة ‪.(10983‬‬
‫حت سلمى زوجة صخر أخو الخنساء عندما مرض‪ ،‬وبقي على‬ ‫وكذلك صر ّ‬
‫ي فُيرجى ول‬ ‫سئلت عنه تقول‪ :‬لح ّ‬ ‫فراشه سنة كاملة قبل موته فكانت إذا ُ‬
‫ميت فُينعى!!‬
‫ً‬
‫سئلت عنه قالت‪ :‬أصبح بنعمة الله سالما‪.‬فقال‪:‬‬ ‫وكانت أمه إذا ُ‬
‫عها ‪... ...‬‬‫ف دمو ُ‬ ‫أرى أم صخر ما تج ّ‬
‫سليمى مضجعي ومكاني‬ ‫ومّلت ُ‬
‫)الدب العربى ‪(168-1‬‬
‫*تطلب الطلق على الدوام‪:‬‬
‫تماضر بنت الصبغ زوجة عبد الرحمن بن عوف‬
‫كان في تماضر سوء خلق‪ ،‬وكانت على تطليقتين فلما مرض عبدالرحمن‬
‫جرى بينه وبينها شيء‪ ،‬فقال لها‪ :‬والله لئن سألتني لطلقّنك؟‬
‫فقالت‪ :‬والله لسألّنك‪.‬‬
‫فقال‪ :‬إما ل فأعلميني إذا حضت وطهرت‪ ،‬فلما حاضت وطهرت أرسلت إليه‬
‫تعلمه‪ ،‬قال‪ :‬فمر رسولها ببعض أهله‪ ,‬فقال‪ :‬أين تذهب؟‬
‫قال‪ :‬أرسلتني تماضر إلى عبدالرحمن أعلمه أنها قد حاضت ثم طهرت‪ ,‬قال‪:‬‬
‫ارجع إليها‪ ،‬فقل لها‪ :‬ل تفعلي‪ ،‬فوالله ما كان ليرد ّ قسمه!‬
‫فقالت‪ :‬أنا والله ل أرد ّ قسمي!! قال‪ :‬فأعلمه فطلقها؟)الصابه ‪(10951‬‬
‫وتستخدم الزوجة جاهلة في هذا السياق العديد من الرسائل السلبية محاولة‬
‫منها للفت أنظار الزوج إلى ما يجيش فى صدرها من ألم وقلق‪...‬والتي‬
‫تتراوح بين النظرة الغاضبة‪ ,‬والحواجب المقطبة‪ ,‬والجلوس وحيدة في‬

‫‪64‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫س كرامته وتجرح‬ ‫غرفتها‪ ,‬ورفض الطعام‪...‬ول تعلم أنها بهذا التجاهل تم ّ‬


‫رجولته!! تقود الزوج إلى درجة من الستفزاز سرعان ما يبدأ بعدها بالغليان‬
‫ثم النفجار!!‬
‫ونظرا ً لطبيعة المرأة العاطفية‪...‬وإحساسها المرهف فأشد ما يؤلمها من‬
‫زوجها المواقف المعنوية من ملحظة قاسية‪ ,‬أو عتاب عنيف‪ ,‬أو عبارة‬
‫جارحة‪!!..‬‬
‫بينما لطبيعة الرجل المادية فسرعان ما يتذكر المواقف التى أحسن فيها من‬
‫ل منهما بهجوم مضاد‪ ،‬سرعان ما ينقلب‬ ‫هدية ثمينة‪ ,‬أو نزهة عابرة‪...‬فيبدأ ك ٌ‬
‫إلى معركة خاسرة من الشجاراليومي ‪...‬بسبب اختلف دفاع كل طرف عن‬
‫الخر‪!!...‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫* عضو الجمعية العلمية للسنةالنبوية‬

‫)‪(2 /‬‬

‫الزوجة والحماة‪ ..‬صراع قلبين على قلب!‬


‫عبد الفتاح الشهاري‪ -‬ليلى بيومي ‪ -‬ضحى الحداد ‪ -‬إبراهيم الزعيم‬
‫‪9/5/1426‬‬
‫‪16/06/2005‬‬
‫الرياض ‪ ...‬عبد الفتاح الشهاري‬
‫القاهرة ‪ ...‬ليلى بيومي‬
‫بغداد ‪ ...‬ضحى الحداد‬
‫غزة ‪ ...‬إبراهيم الزعيم‬
‫ورتها كُبعبع‪.‬‬
‫‪ -‬الفضائّيات أساءت لسمعة الحماة في المجتمع وص ّ‬
‫‪ -‬المعاملة الحسنة طريق معّبد للوصول إلى قلب أم الزوج‪.‬‬
‫‪ -‬باحثة اجتماعية‪ :‬تراثنا مليء بالحموات العادلت والحازمات‪.‬‬
‫‪ -‬غياب بيت العائلة الكبير أحدث شرخا ً في قيمنا‪.‬‬
‫درجت السر على استقبال زوجة البن بالفراح والزغاريد ‪ ..‬لكن ما أن‬
‫تمضي شهور حتى يتم إعادة تشكيل العلقة بين هذه الوافدة الجديدة زوجة‬
‫دد شكل المسار‬ ‫البن )الك َّنة( ووالدة الزوج )الحماة(‪ ،‬وفي تلك اللحظات يتح ّ‬
‫المستقبلي لهذه العلقة‪ ،‬فإما أن تسير كعلقة بين أم وابنتها‪ ،‬أو تبدأ كعلقة‬
‫وره‬ ‫عدائية يحاول كل منهما أن يلغي الخر‪ ،‬وينال منه ويقتنص ز ّ‬
‫لته‪ ،‬ويص ّ‬ ‫ِ‬
‫أمام الطرف الثالث )الزوج‪ -‬البن( كُبعبع ينبغي الحذر منه بل والخلص منه‬
‫أحيانًا‪.‬‬
‫صى يوم زفافها من‬ ‫يحكي لنا الباء والجداد وكبار السن أن الفتاة كانت ُتو َ‬
‫الجميع ‪-‬وخاصة أمها‪ -‬بحماتها )أم زوجها(‪ ،‬وبضرورة طاعتها قبل أن تطيع‬
‫زوجها‪.‬‬
‫لكن جيل التلفاز تغّيرت مفاهيمه‪ ،‬وأصبحت الفتاة وأهلها يشترطون على من‬
‫يتقدم للزواج منها أن يبعد أمه عن ابنتهم‪ .‬وأصبحنا ل نرى مسلسل ً ول فيل ً‬
‫ما‬
‫إل وأظهر الحماة في صورة السيدة الشريرة المتسلطة حتى ساءت سمعتها‬
‫ما‪.‬‬‫تما ً‬
‫مة‪ ،‬بأيّ السماء يحب البعض أن‬ ‫َ‬
‫الزوجة وأم الزوج‪ ،‬أو الكّنة أو الحماة أو الع ّ‬

‫‪65‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يسميها‪ ،‬قضية اجتماعية مهمة‪ ،‬سعت )السلم اليوم( أن تضعها على طاولة‬
‫ة‪ :‬هل علقة هذين الطرفين ببعضهما علقة نزاع وشقاق أم‬ ‫البحث‪ ،‬متسائل ً‬
‫ب وتفاهم؟ وما أسباب توتر هذه العلقة؟ وما موقف البن بين‬ ‫علقة ح ّ‬
‫الطرفين؟ وهل لوسائل العلم دور في هذه القضية؟‬
‫تعتقد "أم أحمد" من الرياض)متزوجة وأم لثلثة أبناء( أن هناك غيرة متبادلة‬
‫ومشتركة بين القلبين‪ ،‬ومن الصعب أن نقول عكس ذلك‪ ،‬ولكن في أحيان‬
‫كثيرة قد يكون منشأ هذا الصراع مؤثرات أخرى خارجية مثل أخوات الزوج‪،‬‬
‫فأحيانا ً – كما تقول )ن‪ .‬ش(– قد تكون الحماة فيها شيء من الغيرة البسيطة‬
‫التي يمكن أن تتجاوزها الزوجة‪ ،‬أو تتفهمها ولكن عندما تكون المسألة‬
‫متعلقة بأخوات الزوج فإن غالبية إثارة الحماة تكون عن طريقهن‪..‬‬
‫خدمة سوبر ستار‬
‫ور به الفضائيات صورة‬ ‫جبها الشديد من الشكل الذي تص ّ‬ ‫وتبدي )أ ‪.‬ع( تع ّ‬
‫)الحماة( وتقول‪ :‬إن الكّنة )زوجة البن( تستطيع أن تكسب حماتها إذا‬
‫أحسنت معاملتها‪ ،‬واستعرضت مع )السلم اليوم( تجربتها؛ ففي اليام الولى‬
‫لزواجها كانت أم زوجها شديدة للغاية في معاملتها وقاسية في تصرفاتها‪,‬‬
‫فرغم أن لها شقة منفصلة عن بيت العائلة إل أنها تجبرها أن تمكث عندها‬
‫كل النهار‪ ،‬لتقوم لها بالعمال المنزلية‪ ،‬واستقبال الضيوف‪ ،‬والعديد من‬
‫العمال الشاّقة الخرى‪ ،‬ومع ذلك فقد تحّلت زوجة البن بالصبر إلى أن‬
‫شاءت القدار أن تقع أم زوجها طريحة الفراش‪ ،‬فلم تجد من يقوم بخدمتها‬
‫غير زوجة ابنها‪ ،‬فوقفت زوجة البن إلى جانبها في أزمتها‪ ،‬ومكثت بجوارها‬
‫حتها‪ ،‬وشعرت الم بمقدار اهتمامها بها‪ ،‬ومن ذلك الوقت‬ ‫إلى أن استعادت ص ّ‬
‫ل بمنزلها الخاص‪ ،‬ولم‬ ‫وهي تعاملها بأسلوب حسن‪ ،‬واستطاعت أن تستق ّ‬
‫يمنعها ذلك من تلبية حاجات أم زوجها من وقت لخر‪.‬‬
‫غيرة بالكراه‬
‫مة( ‪-‬باللهجة العراقية‪ -‬كامرأة ظالمة‪,‬‬ ‫ومثلما تنظر بعض الفتيات إلى )الع ّ‬
‫فإن صورة زوجة البن تعكس نفسها في داخل العمة‪ ,‬وهذا ما ثّبتته إحدى‬
‫مات أو الحموات بصراحة تامة‪ ،‬بأنها تغار من زوجة ابنها عندما تدخل معه‬ ‫الع ّ‬
‫إلى غرفة النوم أو إذا تسامرا أو ضحكا! وهي تحاول جاهدة التخلي عن هذه‬
‫الحاسيس لكنها تأتيها رغما ً عنها‪ ،‬وتضيف بأنها سعت في زواج ابنها لبنة‬
‫أختها حتى ل تشعر بالغيرة في حال إذا كانت الزوجة غريبة‪ ،‬لكن كونها خالة‬
‫مة في آن واحد فهذا أمر صعب عليها‪.‬‬ ‫وع ّ‬
‫حة‬
‫ص ّ‬
‫مبالغات بعيدة عن ال ِ‬
‫س ‪ .‬ر )من فلسطين( تتفق في أن أم الزوج ليست دائما الوجه السّيئ‪،‬‬
‫فهي تسمع العديد من القصص التي يرّددها الناس عن أعمال الحموات‬
‫ن أكثر قسوة على أمهات‬ ‫وأفعالهن بالرغم من أن زوجات البناء قد يك ّ‬
‫ً‬
‫ن‪ ،‬وتتساءل‪ :‬لماذا تكون الحماة هي الضحية دائما؟!‬ ‫أزواجه ّ‬
‫ضح في حديثها أنها لم تجد ما يسيء لها من قبل أم زوجها‪ ،‬فحماتها كما‬ ‫وتو ّ‬
‫تقول سيدة فاضلة جديرة بالحترام‪ ،‬وتعاملها بكل حب واحترام‪ ،‬وهي تبادلها‬
‫الشعور نفسه‪.‬‬
‫جانب مشرق‬

‫)‪(1 /‬‬

‫‪66‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وعلى الرغم من الصورة التقليدية السّيئة التي ُيرّوج لها إل أن السيدة هدى )‬
‫‪ 25‬عاما ً من العراق( عّبرت عن سعادتها بحماتها التي طالما أحسنت‬
‫معاملتها‪ ،‬فحماتها اشترت لها قلدة من ذهب غالية الثمن تعبيًرا عن حّبها‪,‬‬
‫وعندما سألنا حماتها )أم علي( أجابت بأن ك َّنتي )أي زوجة ابني( تعاملني‬
‫أحسن معاملة‪ ،‬كما أنها تراعي زوجها وتقوم بواجبات ابني الخر غير‬
‫المتزوج‪ ،‬فأحببت أن أكافئها وأعبر لها عن امتناني لها‪ ،‬وتختم حديثها‪" :‬أتمنى‬
‫أن تحصل جميع الحموات على زوجات لولدهن مثل زوجة ابني"‪.‬‬
‫لؤم وخداع‬
‫وعلى الجانب المضاد ّ تقف الحاجة رئيفة أبو السعد )من مصر(؛ فزوجة ابنها‬
‫سكت بأن تكون لها شقة جديدة‬ ‫رفضت أن تقيم معها في منزل السرة‪ ،‬وتم ّ‬
‫ومستقلة‪ ،‬وبالفعل ضغطت على زوجها حتى استأجر لها شقة بعيدة يتطلب‬
‫النتقال إليها استخدام أكثر من وسيلة مواصلت‪ ،‬ولذلك فلم يكن هناك مجال‬
‫كبير لزيارتهم‪ .‬ولم تكتف زوجة البن بذلك بل أخذت تعمل على أن تفصل‬
‫بين زوجها وأشقائه مع أنهم يعملون في مجالت عمل متصلة ببعضها‪،‬‬
‫ورفضت أن يشارك زوجها إخوته‪ ،‬وطلبت أن يشارك أصهاره بدل ً عنهم‪،‬‬
‫وتحكي "أم السعد"‪" :‬عندما نزورها تصّر على استقبالنا في الصالون استقبال ً‬
‫رسمًيا‪ ،‬وتنشغل بالمهام المنزلية‪ ،‬أي أنها تريد أن تقول‪ :‬إنكم لستم مرغوبين‬
‫عندي ول في بيتي"‪.‬‬
‫دعوة على فراش الموت‬
‫مثل آخر وصورة إيجابية لتعامل الزوجة مع أهل زوجها يرويه الشيخ رجب‬
‫سالم ‪-‬إمام وخطيب وخريج كلية الشريعة من مصر‪ -‬فيقول‪ :‬تزوج أشقائي‬
‫ت للعمل في الخارج‪ ،‬ورافقتني زوجتي عدة سنوات في‬ ‫وشقيقاتي‪ ،‬وسافْر ُ‬
‫السفر‪ ،‬ثم بقيت هي والولد في منزل السرة مع والدي ووالدتي المسن ّْين‪،‬‬
‫وعملت على خدمتهم بطريقة جعلتهما يدعوان لها ليل ً ونهاًرا‪ ،‬بل أقول‪ :‬إنهما‬
‫أحّباها أكثر من بناتهما؛ لنها أكرمتهما‪ ،‬وكان أبي يقول لي‪ :‬ل نريدك طالما‬
‫معنا زوجتك‪ ،‬ومات أبي وهو يدعو لها على فراش الموت‪.‬‬
‫الواقع يك ّ‬
‫ذب التلفاز‬
‫وتتفق سامية المنجد ‪-‬وهي مهندسة بهيئة التلفونات المصرية‪ -‬مع من يقول‬
‫بأن الحموات لسن كلهن سيئات‪ ،‬وأن علقتهن مع زوجات أبنائهن ليست‬
‫علقة ضد‪ ,‬فحماتها تحّبها وهي تعاملها مثل أمها تمامًا‪ ,‬وكانت سامية المنجد‬
‫تعتقد في بداية زواجها أن حماتها تخصها وحدها بهذا الحب دون زوجات‬
‫أبنائها الخريات‪ ,‬لكن بمضي الزمن أدركت أن ديدن حماتها نشر الحب على‬
‫ث إليها همومه فل تبخل عليهم بالنصح الجميل‬ ‫الجميع‪ ,‬فالكل يلتف حولها ويب ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫والرأي السديد‪ ,‬لذلك كان موت هذه الحماة يوما عصيبا على كل السرة‪,‬‬
‫دن أمهاتهن‪ ،‬بل وأطلقت إحداهن اسمها‬ ‫ن فق ْ‬
‫وبكتها زوجات أبنائها كما لو ك ّ‬
‫على ابنتها الصغيرة التي ُولدت بعد وفاتها‪.‬‬
‫أغار ‪ ..‬ولكني أتوّدد‬
‫نوع آخر من التعامل الحسن ترويه لـ)السلم اليوم( "أم طيف" من‬
‫السعودية‪ ,‬فرغم الغيرة المشتركة بينها وبين أم زوجها على البن‪ ,‬إل أنها لم‬
‫تتعد ّ حدود المعقول‪ ،‬وظلت خامدة ل تثير المشاكل‪ ,‬وعملت كل من زوجة‬
‫دد‪ ،‬بل حاولتا التخلص منها؛‬ ‫البن والم على بقائها ‪-‬أي الغيرة‪ -‬في إطار مح ّ‬
‫فوالدة الزوج تحاول قدر طاقتها أن تخفي هذه الغيرة‪ ،‬أما زوجة البن فكانت‬
‫تتوّدد لحماتها بالهدايا والمعاملة الحسنة‪ ،‬وبذلك سارت العلقة داخل البيت‬
‫تسودها المحبة ومراعاة كل واحدة منهما للخرى‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫هل أكون عاقًا؟!‬


‫يقع الزوج غالبا ً في حرج تعامله مع القلبين‪ ،‬فهو يريد أن يكون باّرا بوالدته‪،‬‬
‫ومحّبا بما يرضي الله لزوجته‪ ،‬يتمثل هذا الشكال في أكبر جوانبه في جانب‬
‫مه‪ ..‬وهنا يرى‬ ‫العطيات‪ ،‬والهبات؛ إذ يجد الزوج حرجا ً دائما ً أمام زوجته وأ ّ‬
‫المستشار النفسي )فهد السنيد( أنه ل يجب العدل بين الزوجة والم‪،‬‬
‫فالزوجة لها نفقة خاصة بعقد النكاح؛ لن فيه استمتاع‪ ،‬ول ُيلَزم المرء أن‬
‫مه كلما أنفق على زوجته‪ ،‬إل إذا كانت الم بحاجة إلى نفقة وكان‬ ‫ينفق على أ ّ‬
‫ضّرة حتى يعدل بين زوجته وبينها في الكسوة‬ ‫البن غنيًا‪ ،‬فالم ليست ب ِ َ‬
‫والسفر‪ ،‬والمبيت‪ ،‬ونحو ذلك‪ ..‬الم لها نفقة خاصة بشرط أن تكون محتاجة‬
‫ويكون البن غنيًا‪ ،‬أما الزوجة فلها نفقة واجبة بكل حال‪ ،‬ولو كانت غنية‬
‫والزوج فقيرًا‪ .‬ويستطرد السنيد "لكن في حالة الغيرة الشديدة من الم‬
‫بسبب ما ينفقه الزوج على زوجته فل شك أن الحسن أن يداري أمه‪ ،‬ول‬
‫ُيظهر لها أنه أنفق على زوجته‪ ،‬وإذا جعل ذلك سرا ً ولم تعلم به فهذا طيب‪،‬‬
‫مه من الهدايا ونحو ذلك‪ ،‬وإذا كانت محتاجة فيجب عليه‬ ‫ومع ذلك ل ينسى أ ّ‬
‫أن ينفق عليها‪.‬‬
‫أنماط مستوردة‬

‫)‪(2 /‬‬

‫ُترجع الباحثة في العلوم الجتماعّية )أميمة نوير( جذور مشكلة الحماة مع‬
‫زوجة البن )الك َّنة( إلى أن العرب والمسلمين درجوا على استيراد أنماط ل‬
‫صا‬
‫تتناسب ول تعّبر عن مجتمعاتهم؛ فهناك أسر ل تستطيع أن توفر سكًنا خا ّ‬
‫لبنها الشاب المقبل على الزواج خاصة في القرى‪ ،‬ولذلك يتحّتم أن تسكن‬
‫زوجة البن مع حماتها وتختلط بها‪ ،‬وترى أميمة نوير أن مجتمعاتنا فقدت‬
‫الكثير من القيم يوم فقدنا بيت العائلة الكبير؛ فهذا المنزل كانت الم فيه‬
‫ما الن فجاءت‬ ‫وجة"‪ ،‬وكان لكل ابن حجرة خاصة مع زوجته‪ ،‬أ ّ‬ ‫"ملكة مت ّ‬
‫الشقق الصغيرة الخانقة‪ ،‬وتفّرق البناء‪ ،‬وكبرت الم فلم تجد صدًرا حانًيا‪.‬‬
‫ن مضرب‬ ‫بالرغم من أن تراثنا مليء بالحموات الحازمات العادلت اللتي ك ّ‬
‫المثل‪ .‬وتقول الباحثة‪ :‬أنا لم أَر حماتي؛ فقد ماتت قبل أن أتزوج ولكن أسمع‬
‫عنها كل خير‪ ،‬ول أدري من أين جاء العلم بهذه الفتراءات‬

‫)‪(3 /‬‬

‫الزوجين وشهوة منحرفة‬


‫]الحياة الطيبة[‬
‫تعريف النحرافات الجنسية‪:‬‬
‫ُيقصد بالنحرافات الجنسية الحصول على الشباع الجنسي بطريقة غير‬
‫مشروعة من خلل تجارة الجنس‪ ،‬والدعارة في أسواق البغاء‪ ،‬والكباريهات‪،‬‬
‫والنوادي الليلية‪ ،‬وسائر الماكن التي تقدم الخدمات الجنسية في عالم‬
‫النحراف‪ ،‬والمغامرات الجنسية المتواصلة غير المسئولة‪ ،‬والستهتار‬
‫والستسلم للجنس‪ ،‬والجنسية المثلية 'اللواط والسحاق'‪ ،‬وجماع الطفال‬
‫ولبس ملبس الجنس الخر والتشبه بهم‪ ،‬والستعراض الجنسي أو الستعراء‬
‫عن طريق إظهار أعضاء الجنس الخر‪ ،‬أو الطفال وفي الماكن العامة‪،‬‬
‫والثرية ]الفتشية[ أي التعلق بالجنس بالشياء التي يستعملها الجنس الخر‬

‫‪68‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫كاللباس أو جزء من جسمه كالشعر أو الرائحة مثل‪ ،‬والفرجة والتلصص‬


‫والنظر الجنسي إلى الجسام العارية أو على العملية الجنسية نفسها‪،‬‬
‫والحتكاك الجنسي‪ ،‬والسادية أي الحصول على الشباع الجنسي عن طريق‬
‫تعذيب الغير‪ ،‬والماسوكية أي الحصول على الشباع الجنسي عن طريق‬
‫التعذيب من الغير‪ ،‬والغتصاب وهتك العرض‪ ،‬والجنسية الحيوانية‪ ،‬وجماع‬
‫المحارم‪.‬‬
‫أسباب النحرافات الجنسية‪:‬‬
‫‪1‬ـ عوامل جسمية عضوية فسيولوجية منها‪:‬‬
‫أـ ما يعتري الفرد من اختلل في معدل إفرازاتها كما يحدث في حالت البلوغ‬
‫المبكر قبل الوان أو حالت بلوغ متأخرة أكثر من المعتاد‪.‬‬
‫ب ـ ما يحدث من أمراض أو عاهات أو عيوب خلقية تؤثر في وظائف الجهاز‬
‫التناسلي‪ ،‬كما في حالت العقم والضعف الجنسي‪.‬‬
‫‪2‬ـ عوامل تربوية واجتماعية منها‪:‬‬
‫أـ التنشئة الخاطئة أيام الطفولة والمراهقة بما يؤدي إلى الكبت الجنسي‬
‫والقلق والمخاوف والوهام الجنسية‪.‬‬
‫ب ـ حالت الحرمان الجنسي‪.‬‬
‫ج ـ حالت الطلق والترمل‪.‬‬
‫د ـ حالت الحمل غير الشرعي كلها تكون مصحوبة بالكثير من الصراعات‬
‫النفسية التي تؤدي إلى النحراف‪.‬‬
‫هـ ـ عدم إشباع الدافع الجنسي بالطرق المشروعة ]الزواج أو العفاف[‪.‬‬
‫فتنساب الطاقة في مسالك أخرى من السلوك الشاذ‪.‬‬
‫* وقد أوضحت بعض البحاث لصحاب المدرسة السلوكية أن نشأة‬
‫النحرافات الجنسية سببها تكوين انعكاسات شرطية شاذة في حياة الفرد‪،‬‬
‫فمثل ً قد تكون أول تجربة جنسية لمراهق مع مراهق مثله أو طفل ذكر أو مع‬
‫حيوان أو عن طريق العبث بأعضائه التناسلية ]الستمناء[‪ ،‬وبتكرار هذه‬
‫العملية يتدعم الرتباط الشرطي الشاذ‪ ،‬وتقترن اللذة الجنسية بالعلقة مع‬
‫نفس الجنسي أو حيوان أو استخدام اليد‪.‬‬
‫علج النحرافات الجنسية‪:‬‬
‫‪1‬ـ أهم وسيلة للعلج من النحرافات الجنسية هي تدعيم مراقبة الله عز‬
‫وجل في نفس النسان‪ ،‬ومعرفة العواقب الوخيمة للفعال غير الشرعية في‬
‫الدنيا والخرة‪.‬‬
‫‪2‬ـ تنمية الرادة في نفس المنحرف جنسيا ً يساعد كثيًرا في مراحل العلج‬
‫بعد ذلك‪ ,‬فالمنحرف جنسيا ً فيه شبه من المدمن في إلف المعصية والولع‬
‫بها‪.‬‬
‫‪3‬ـ العلج النفسي‪.‬‬
‫‪4‬ـ العلج بالتحليل النفسي‪ ،‬والبحث عن سبب وعمق النحراف في نفس‬
‫الشاذ‪.‬‬
‫‪5‬ـ العلج الشرطي السلوكي‪ :‬والهدف هو تكوين ارتباط شرطي جديد بأن‬
‫المنبه الشاذ يرتبط باللم بدل ً من اللذة‪.‬‬
‫‪6‬ـ العلج الكيميائي بالعقاقير المضادة للقلق والخوف والكتئاب‪ ،‬إذا كان‬
‫النحراف قد نشأ بسبب هذه المراض‪.‬‬
‫الوقاية من النحرافات الجنسية‪:‬‬
‫]‪ [1‬التربية اليمانية التي تعمق في النفس حب الله والرضا بقضائه والخوف‬
‫من عقابه والشوق فيما عنده‪.‬‬

‫‪69‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫]‪ [2‬التربية على العفة والحياء وكذلك الصبر والبعد عن كل ما يثير الشهوة‪.‬‬
‫]‪ [3‬الحذر من الخلفات الزوجية‪ ،‬حتى يشب الطفل مستقر الوجدان‪ ،‬سليم‬
‫النفسية‪.‬‬
‫]‪ [4‬يجب أن يتوازن البوان في التعلق بالبناء‪ ،‬وأن تقلل سيطرة الوالدين‬
‫على الطفال تدريجًيا‪.‬‬
‫]‪ [5‬الحذر من التمييز بين البناء سواء كانوا ذكورا أو إناثا‪.‬‬
‫]‪ [6‬الحرص على عدم رؤية أو سماع الطفال ما يثير الريبة في نفوسهم في‬
‫العلقات الجنسية بين الوالدين‪.‬‬
‫]‪ [7‬سلمة الوالدين من النحراف وعدم الخيانة‪.‬‬
‫]‪ [8‬الحرص على تطبيق السنة في نوم كل طفل في فراش خاص به‪.‬‬
‫]‪ [9‬إشباع حب الستطلع عند الطفل بالطريقة المناسبة لقدرته العقلية‬
‫ومستوى إدراكه‪ ،‬وأن تكون الجابة صريحة وواضحة ومبسطة وبطريقة‬
‫علمية بعيدة عن الثارة الجنسية‬

‫)‪(1 /‬‬

‫لقة معركة كسبها اليمان وضّيع ثمارها الخلف‬ ‫الّز ّ‬


‫بقلم الدكتور‪ :‬محمد عبد الحميد عيسى‬
‫م فهو أهم عوامل تحريك‬ ‫التاريخ ذاكرة الشعوب‪ ،‬وحاستها المنبهة‪ ،‬ومن ث َّ‬
‫هذه الشعوب نحو غاياتها‪ ،‬والدراك الواعي بالتاريخ ليس عملية سهلة أو‬
‫بسيطة‪ ،‬لكنه أقسى من آلم الميلد نفسها إن لم يشكل هذا الدراك وهذا‬
‫الوعي جديدا ً بكل ما يصاحبه من آلم ومن تمخضات‪.‬‬
‫وربما كان هذا هو السبب في سعي القوى الستعمارية والعدائية عامة إلى‬
‫التعتيم على تاريخ المة العربية السلمية‪ ،‬وإلى العمل على طمس هذا‬
‫التاريخ وتزييفه‪ ،‬وليست غريبة تلك الصوات الناعقة بقطع صلتنا بالماضي‪،‬‬
‫بل ووصول بعضها إلى القول بإلقاء تراثنا في البحر ثم تمضي بعد ذلك‪.‬‬
‫أقول‪ :‬إن هذه الصواب –بنّية أو بغير نية‪ -‬إنما تخدم مصالح أعداء هذه المة‬
‫حين توصي بإهمالها لتراثها‪ ،‬ومن ثم لتاريخها‪.‬‬
‫وأهمية التاريخ الحقيقية تكمن في دراسته واستيعابه لكي نتمكن‪ ،‬على ضور‬
‫الفادة من تجاربه من تصحيح الحاضر‪ ،‬والستعداد للمستقبل‪.‬‬
‫ومعركة الزلقة التي وقعت في شهر رجب من عام ‪479‬هـ الموافق أكتوبر‬
‫من عام ‪1086‬م هي درس التاريخ الذي ل ُينسى‪ ،‬وإنما يدق بقوة على أفئدة‬
‫وعقول أمتنا العربية السلمية لكي ينبهها إلى أن النصر والغلبة ليسا بحاجة‬
‫ن الكامل‬
‫إلى كثرة العدد والعدة فحسب‪ ،‬وإنما يجب أن يسبقهما اليما ُ‬
‫م إذا ما توافر عنصر اليمان‬ ‫بالمبدأ‪ ،‬والستعداد للتضحية من أجله‪ ،‬ومن ث َ ّ‬
‫واليقين والخذ بالسباب‪ ،‬فإن نصر الله قادم ل محالة‪ ..‬بل هو رهن‬
‫المؤمنين‪ ،‬فهو القائل عز وجل‪ } :‬وكان حقا ً علينا نصُر المؤمنين { ‪.‬‬
‫ة تلك المعركة وظروفها وتطوراتها‬ ‫ولنستعرض معا ً أيها القارئ الكريم قص َ‬
‫والنتائج المترتبة عليها‪..‬‬
‫أحوال المسلمين قبل الزلقة‬
‫شهد القرن الرابع الهجري‪ ،‬العاشر الميلدي‪ ،‬قمة التقدم الحضاري‬
‫والسياسي في بلد الندلس‪ ،‬وأضحت قرطبة عروس الغرب‪ ،‬وحكامها خلفاء‬
‫بني أمية يتمتعون بمكانة عالية‪ ،‬سياسيا ً وعسكريا ً وحضاريًا‪ ،‬ولم يدر بخلد‬
‫أحد أن هذا الصراع الذي تسامى عاليا ً على عهد المنصور بن أبي عامر كان‬

‫‪70‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يحمل في طياته عوامل هدمه وفنائه‪ ،‬فما أن مات المنصور‪ ،‬ومن بعده ابنه‬
‫عبد الملك‪ ،‬حتى ثار القرطبيون على عبد الرحمن بن المنصور‪ ،‬وبدأت‬
‫سلسلة من الحداث الدامية أّدت في النهاية إلى تمزق هذه الدولة تمزقا ً‬
‫يؤلم الصدور‪ ،‬وقامت في جوانبها خلفات وممالك وسلطنات ل حول لها ول‬
‫قوة‪ ،‬بل إن قواها قد وجهت ضد بعضها بعضا ً حتى أنهكت القوى واضمحلت‬
‫الندلس كما يقول الستاذ محمد عبد الله عنان‪« :‬الصرح الشامخ‪ ،‬الذي‬
‫انهارت أسسه وتصدع بنيانه‪ ،‬وقد انتقضت أطرافها‪ ،‬وتناثرت أشلؤها‪،‬‬
‫وتعددت الرياسات في أنحائها‪ ،‬ل تربطها رابطة‪ ،‬ول تجمع كلمتها مصلحة‬
‫مشتركة‪ ،‬لكن تفرق بينها‪ ،‬بل على العكس منافسات وأطماع شخصية‬
‫وضيعة‪ ،‬وحروب أهلية صغيرة تضطرم بينها»‪.‬‬
‫وفي كل ناحية من نواحي الندلس‪ ،‬قامت دويلة أو مملكة هشة‪ ،‬اتخذ‬
‫أصحابها ألقاب الخلفة ورسوم الممالك‪ ،‬دون أن يكون لهم من ذلك حقيقته‬
‫أو معناه‪ ،‬وقال الشاعر واصفا ً هذه الحالة المؤسفة‪:‬‬
‫أسماء معتضد فيها ومعتمد ِ ‪ ...‬مما يزهدني في أرض أندلس‬
‫ب مملكة في غير موضعها‬ ‫كالهّر يحكي انتفاخا ً صورة السد ِ ‪ ...‬ألقا ُ‬
‫وكان تمزق الندلس على هذا الشكل المأساوي ضرب لكيان الدولة‬
‫السلمية لم تفق منها أبدًا‪ ،‬بل إنها كانت البداية الحقيقية لنحلل الدولة‬
‫السلمية رغم ما انتابها في بعض الحيان من صحوات ويقظة مدت في‬
‫عمرها هنا مئات العوام‪.‬‬
‫واكب هذا الضعف الندلسي تولي الملك ألفونسو السادس عرش قشتالة‪،‬‬
‫الذي عمل جهده للستفادة من هذا التدهور الذي أحاط بالدولة السلمية‬
‫هناك‪ ،‬فبدأ باستغلل الصراع الدائر بين هذه الممالك‪ ،‬وأخذ يضرب بعضها‬
‫ببعض‪ ،‬ويفرض عليها التاوات والغرامات حتى يستنفد طاقتها‪ ،‬ومن ثم‬
‫تسقط في يده كالثمرة الناضجة‪.‬‬
‫سقوط طليلطة‬
‫ً‬
‫مدينة طليطلة‪ ،‬من أهم المدن الندلسية‪ ،‬تتوسط شبه الجزيرة تقريبا‪ ،‬وكانت‬
‫عاصمة القوط قبل الفتح السلمي لشبه الجزيرة‪ ،‬ومن هنا كانت أهميتها‬
‫البالغة‪ ،‬وبالتالي أصبحت مطمعا ً لمال ألفونسو السادس‪ ،‬وخاصة أن حال‬
‫المدينة كانت سيئة جدا ً على عهد ملوكها من الطوائف‪ ..‬وهم أسرة ذي‬
‫النون‪.‬‬
‫دبر ألفونسو خطته لغزو المدينة‪ ،‬وأرهب ملوك الطوائف الخرين وتوعدهم‬
‫إن قاموا بإنجادها‪ ،‬وحاصرها حتى اضطرها إلى التسليم‪ ،‬ومما يؤسف له‬
‫وجود قوات ابن عباد ملك أشبيلية ضمن قوات الملك السباني‪ ،‬وضد المدينة‬
‫التي حاولت الصمود أمام مصيرها المؤلم في خريف سنة ‪ 477‬هـ‪1085/‬م‪.‬‬
‫وسقطت طليطلة بأيدي ألفونسو السادس‪ ،‬ونقل إليها عاصمة ملكه واستتبع‬
‫سقوطها استيلُء السبان على سائر أراضي مملكة طليطلة‪ ،‬واستشعر‬
‫الشاعر فداحة المأساة فهتف يقول‪:‬‬
‫فما البقاء بها إل من الغلط ‪ ...‬حثوا رواحلكم يا أهل أندلس‬
‫ط ‪ ...‬الثوب ينسل من أطرافه وأرى‬ ‫ب الجزيرةِ منسل ً من الوس ِ‬‫ثو َ‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ن عواقَبه‬ ‫من جاوَر ال ّ‬


‫شّر ل يأم ُ‬ ‫ط ‪َ ...‬‬
‫ت في سف ِ‬
‫كيف الحياة مع الحّيا ِ‬
‫لقد كان أسوأ ما في مأساة طليطلة أن ملوك الطوائف المسلمين لم يهبوا‬

‫‪71‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫لنجدتها أو مساعدتها‪ ،‬بل على العكس‪ ،‬لقد وقفوا موقفا ً مخزيًا‪ ،‬فاغرين‬
‫ة‪ .‬بل إن عددا ً منهم كان ترتمي على أعتاب‬ ‫أفواههم جبنا ً وغفلة وتفاه ً‬
‫ألفونسو السادس‪ ،‬طالبا ً عونه‪ ،‬أو عارضا ً له الخضوع‪ ..‬حتى قيل فيهم‪:‬‬
‫دوائُر السوِء ل ُتبقي ول تذر]‪[1‬‬
‫ك أصابتهم بأندلس‬ ‫أرى الملو َ‬
‫وأطمع ذلك الملك ألفونسو السادس بباقي ممالك الطوائف‪ ،‬وانتشت أحلمه‬
‫بالقضاء عليها الواحدة بعد الخرى‪ ،‬وتجبر عليهم‪ ،‬وعل وطغى‪ ..‬فقام بنقض‬
‫عهوده التي كان قد قطعها لهل طليطلة‪ ،‬وحول مسجد طليطلة إلى كنيسة‬
‫بقوة السلح‪ ،‬وحطم المحراب ليقام الهيكل مكانه‪ ،‬ويقول ابن بسام في‬
‫«الذخيرة»‪:‬‬
‫«وعتا الطاغية أوفونش –ألفونسو‪ -‬قصمه الله‪ ،‬لحين استقراره بطليطلة‬
‫ل بملوك الطوائف بالجزيرة وقصر‪ ،‬وأخذ يتجنى ويتعتب‪ ،‬وطفق‬ ‫واستكبر وأخ ّ‬
‫يتشوق إلى انتزاع سلطانهم والفراغ من شأنهم ويتسبب‪ ،‬ورأى أنهم قد‬
‫وقفوا دون مداه‪ ،‬ودخلوا بأجمعهم تحت عصاه»‪.‬‬
‫وبدأ ألفونسو في تنفيذ خططه باليغال في إذلل الطوائف‪ ،‬وخاصة المعتمد‬
‫بن عباد أكبر ملوك الطوائف وأشدهم بأسًا‪ ،‬حيث أراد أن يمعن في إذلله‬
‫كأقوى أمراء الطوائف‪ ،‬فأرسل إليه رسالة يطلب فيها السماح لزوجته‬
‫بالوضع في جامع قرطبة وفق تعليمات القسيسين‪ ،‬وقد أثارت هذه الرسالة‬
‫ابن عباد حتى قيل‪ :‬إنه قد قتل رسل الملك القشتالي وصلبهم على جدران‬
‫قرطبة‪ ،‬مما أثار غضب ألفونسو السادس وصمم على النتقام‪ ،‬وبدأت‬
‫جيوشه في انتساف الرض في بسائط إشبيلية وفي الراضي السلمية‪.‬‬
‫الستنجاد بالمرابطين‬
‫تعالت الصوات في الندلس تطالب بالرتفاع فوق الخلفات الشخصية‪،‬‬
‫وتناسي المصالح الذاتية‪ ،‬والستنجاد بالمرابطين الذين نمت قوتهم في ذلك‬
‫الوقت على الضفة الخرى من البحر المتوسط‪.‬‬
‫قام أبو الوليد الباجي وغيره من فقهاء الندلس بالدعوة إلى التوحد‪ ،‬وضرورة‬
‫الستعانة بإخوة السلم الفارقة من المرابطين‪ ،‬ولقيت الدعوة صدى عند‬
‫أمراء الندلس بسبب ازدياد عنف ألفونسو‪ ،‬ورغم كل التحذيرات التي وجهت‬
‫إلى المعتمد بن عباد‪ ،‬وتخويفه من طمع المرابطين في بلد الندلس‪ ،‬إل أن‬
‫النخوة السلمية قد استيقظت في نفسه‪ ،‬فأصر على الستنجاد بالمرابطين‪،‬‬
‫وقال قولته التي سارت مثل ً في التاريخ‪« :‬لن أكون راعي جمال في صحراء‬
‫أفريقية خير من أن أكون راعي خنازير في بيداء قشتالة»‪.‬‬
‫وتقول بعض الروايات أن ألفونسو قد وصل في بعض حملته إلى الضفة‬
‫الخرى من الوادي الكبير لشبيلية‪ .‬وأرسل رسالة سخرية إلى المعتمد بن‬
‫م بي ذبابكم بعد أن طال مقامي قبالتكم‪ ،‬واشتد‬ ‫عباد يقول فيها‪« :‬لقد أل ّ‬
‫الحر‪ ،‬فهل أتحفتني من قصرك بمروحة أروح بها عن نفسي وأبعد الذباب عن‬
‫ت كتابك‪ ،‬وأدركت خيلءك‬ ‫وجهي؟» ورد ّ ابن عباد على الرسالة بقوله‪« :‬قرأ ُ‬
‫وإعجابك‪ ،‬وسأبعث إليك بمراوح من الجلود المطلية‪ ،‬تريح منك ل تروح‬
‫عليك»‪ .‬ويقال إنه كان يقصد بذلك الجيوش المرابطية‪ ،‬ودعوتها إلى‬
‫الندلس‪.‬‬
‫عبور المرابطين‬
‫بدأت الجيوش المرابطية العبور من سبتة إلى الجزيرة الخضراء‪ ،‬ثم عبر‬
‫أميرهم يوسف بن تاشفين في يوم الخميس منتصف ربيع الول ‪479‬هـ‪3./‬‬
‫يونية ‪1086‬م‪ ،‬ثم تحركت العساكر إلى أشبيبلة‪ ،‬وعلى رأسهم ابن تاشفين‪،‬‬

‫‪72‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وا‬
‫ونزل بظاهرها‪ ،‬وخرج المعتمد وجماعته من الفرسان لتلقيه‪ ،‬وتعانقا‪ ،‬ودع َ‬
‫ه أن يجعل جهادهما خالصا ً لوجهه الكريم‪.‬‬‫الل َ‬
‫ً‬
‫استقر الجيش أياما في أشبيبلة للراحة‪ ،‬ثم اتجه إلى بطليوس في الوقت‬
‫الذي تقاطرت فيه ملوك الطوائف بقواتهم وجيوشهم‪.‬‬
‫سار هذا الموكب من الجيش السلمي إلى موضع سهل من عمل بطليوس‬
‫وأحوازها‪ ،‬ويسمى في المصادر السلمية بالزلقة على مقربة من بطليوس‪.‬‬
‫معركة الزلقة‬
‫لم تكن أعين الملك القشتالي غافلة عن تحرك الجيوش السلمية‪ ،‬ولذلك‬
‫ب أمراء النصرانية في باقي‬ ‫رفع حصاره عن مدينة سرقسطة السلمية‪ ،‬وكات َ‬
‫أنحاء إسبانيا وجنوبي فرنسا يدعوهم لمساعدته‪ ،‬وقدم إلى أحواز بطليوس‬
‫في جيش كثيف‪ ،‬يقال بأنه حين نظر إليه همس‪ :‬بهؤلء أقاتل الجن والنس‬
‫وملئكة السماء‪.‬‬
‫اختلفت الراء حول عدد الجيشين‪ ،‬لكنها اتفقت جميعها على تفوق ألفونسو‬
‫السادس في عدد جيشه وعدته‪ ،‬وكانت كل الظروف في صالحه‪.‬‬
‫جرت الستعدادات في المعسكرين بكل أشكالها‪ ،‬وبالبحث على الحرب‬
‫والصبر فيها‪ ،‬وقام الساقفة والرهبان بدورهم‪ ،‬كما بذل الفقهاء والعباد كل‬
‫جهودهم‪.‬‬
‫حاول ألفونسو خديعة المسلمين‪ ،‬فكتب إليهم يوم الخميس يخبرهم أن تكون‬
‫المعركة يوم الثنين‪ ،‬لن الجمعة هو يوم المسلمين‪ ،‬والسبت هو يوم اليهود‪،‬‬
‫والحد يوم النصارى‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫أدرك ابن عباد أن ذلك خدعة‪ ،‬وفعل ً جاءت الخبار بالستعداد الجاري في‬
‫معسكر النصارى‪ ،‬فاتخذ المسلمون الحذر‪ ،‬وبات الناس ليلتهم على أهبة‬
‫واحتراس بجميع المحلت‪ ،‬خائفين من كيد العدو‪ .‬وبعد مضي جزء من الليل‬
‫انتبه الفقيه الناسك أبو العباس أحمد بن رميلة القرطبي‪ ،‬وكان في محلة ابن‬
‫ي ]صلى الله عليه وسلم[‪ ،‬فبشره‬ ‫عباد‪ ،‬فرحا ً مسرورًا‪ ،‬يقول‪ :‬إنه رأى النب ّ‬
‫بالفتح والشهادة له في صبيحة غد‪ ،‬وتأهب ودعا‪ ،‬ودهن رأسه وتطّيب‪.‬‬
‫فلما كان صباح الجمعة الثاني عشر من رجب سنة ‪ 479‬هـ زحف ألفونسو‬
‫مل جنود ُ‬ ‫سها‪ ،‬وتح ّ‬‫بجيشه علىالمسلمين‪ ،‬ودارت معركة حامية‪ ،‬ازداد وطي ُ‬
‫ن عباد بطولة رائعة‪،‬‬ ‫الندلس ]من المسلمين[ الصدمة الولى‪ ،‬وأظهر اب ُ‬
‫وجرح في المعركة‪ ،‬واختل جيش المسلمين‪ ،‬واهتّزت صفوفه‪ ،‬وكادت تحيق‬
‫به الهزيمة‪ ،‬وعندئذ دفع ابن تاشفين بجيوشه إلى أتون المعركة‪ ،‬ثم حمل‬
‫بنفسه بالقوة الحتياطية إلى المعسكر القشتالي فهاجمه بشدة‪ ،‬ثم اتجه‬
‫ب مؤخرته فأثخن فيه وأشعل النار‪ ،‬وهو على فرسه يرغب في‬ ‫صو َ‬
‫الستشهاد‪ ،‬وقْرعُ الطبول يدوي في الفاق‪ ،‬قاتل المرابطون في صفوف‬
‫متراصة ثابتة‪ ،‬مثل بقية أجنحة المعركة‪.‬‬
‫ما أن حل الغروب حتى اضطر الملك القشتالي‪ ،‬وقد أصيب في المعركة‪،‬‬
‫إلى النسحاب حفاظا ً على حياته وحياة من بقي من جنده‪ ،‬و ُ‬
‫طورِد َ الفاّرون‬
‫ف‪ .‬استمرت المعركة‬ ‫ن تاشفين بالك ّ‬‫في كل مكان حتى دخل الظلم‪ ،‬فأمر اب ُ‬
‫ه شوكة العدو الكافر‪ ،‬ونصَر المسلمين‪،‬‬ ‫يوما ً واحدا ً ل غير – وقد حطم الل ُ‬
‫وأجزل لديهم نعمه‪ ،‬وأظهر بهم عنايته‪ ،‬وأجمل لديهم صنعه‪.‬‬
‫مع المصادر السبانية على أن الملك القشتالي ألفونسو السادس قد نجا‬ ‫وتج ِ‬

‫‪73‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫بأعجوبة في حوالي خمسمائة فارس فحسب‪ ،‬من مجموع جيوشه الجرارة‬


‫التي كان سيهزم بها الجن والنس والملئكة‪.‬‬
‫ت أنباء النصر المبين إلى جميع أنحاء الندلس والمغرب‪ ،‬وسرى البشُر‬ ‫سَر ْ‬
‫َ‬
‫بين الناس‪ ،‬وأصبح هذا اليوم مشهودا ً من أيام السلم‪ ،‬ل على أرض شبه‬
‫الجزيرة فحسب‪ ،‬وإنما على امتداد الرض السلمية كلها‪ ،‬ونجح ذلك اليوم‬
‫في أن يمد ّ في عمر السلم والمسلمين على الرض السبانية ما يقرب من‬
‫أربعة قرون من الزمان‪.‬‬
‫نصر مبين‪ ..‬ونتائج أقل‪..‬‬
‫يعلق يوسف أشباخ في كتابه‪« :‬تاريخ الندلس على عهد المرابطين‬
‫والموحدين» على موقعة الزلقة بقوله‪:‬‬
‫إن يوسف بن تاشفين لو أراد استغلل انتصاره في موقعة الزلقة‪ ،‬لربما‬
‫كانت أوروبا الن تدين بالسلم‪ ،‬ول َد ُّرس القرآن في جامعات موسكو‪،‬‬
‫وبرلين‪ ،‬ولندن‪ ،‬وباريس‪.‬‬
‫ً‬
‫والحقيقة أن المؤرخين جميعا يقفون حيارى أمام هذا الحدث التاريخي الهائل‬
‫الذي وقع في سهل الزلقة‪ ،‬ولم يتطور إلى أن تتقدم الجيوش السلمية‬
‫لسترداد طليطلة من أيدي النصاري‪ ،‬خاصة وأن الملك السباني كان قد فقد‬
‫زهرة جيشه في هذه المعركة‪ ،‬ول يختلف أحد في الرأي بأن الطريق كان‬
‫مفتوحا ً تماما ً وممهدا ً لكي يقوم المرابطون والندلسيون بهذه الخطوة‪.‬‬
‫إن ما حدث فعل ً هو عودة المرابطين إلى إفريقية‪ ،‬وعودة أمراء الندلس إلى‬
‫الصراع فيما بينهم‪ ،‬وكأن شيئا ً لم يقع‪ ،‬وقد أعطى ذلك الفرصة مرة ثانية‬
‫للملك ألفونسو السادس أن يستجمع قواه‪ ،‬ويضمد جراحه‪ ،‬ويعمل على‬
‫النتقام من الندلسيين‪ ،‬وكان حقده شديدا ً على المعتمد ابن عباد‪ ،‬فعاد إلى‬
‫مهاجمة بلده‪ ،‬وركز غاراته على أشبيلية‪ ،‬وتمكم من الستيلء على حصن‬
‫لبيط مما اضطر ابن عباد إلى العودة مرة ثانية إلى الستنجاد بالمرابطين‪.‬‬
‫وذهب المرابطون للمرة الثانية إلى الندلس‪ ،‬لكنهم في هذه المرة لم يجدوا‬
‫مساعدة من معظم أمراء الطوائف المسلمين‪ ،‬حيث تغلبت عليهم شهواتهم‬
‫وأهواؤهم الشخصية‪ ،‬وخلفاتهم الضيقة‪ ،‬مما اضطر أمير المسلمين أن‬
‫يستفتي الفقهاء في خلعهم‪ ،‬وضم بلد الندلس إلى طاعة المرابطين‪،‬‬
‫والعودة مرة ثالثة إلى الجهاد ضد السبان‪.‬‬
‫دروس مستفادة‬
‫ليس من نافلة القول بأن النقسام ضعف والوحدة قوة‪ ،‬فممالك الطوائف‬
‫في الندلس شربت المرارة والمذلة في تفرقها‪ ،‬وأحست بالعزة والنصر في‬
‫اتحادها‪.‬‬
‫ليس بالعدد والعدة فقد تكتسب المعارك‪ ،‬وإنما باليمان بالهدف والعداد له‪،‬‬
‫والتنبه للخصم‪ ،‬والرتفاع إلى مستوى الحداث‪.‬‬
‫قد يكون إحراز النصر شاقا ً ومضنيًا‪ ،‬لكن الكثر عسرا وإجهادا هو استغلل‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫هذا النصر‪ ،‬وتطويعه لصالح السلمي والمسلمين‪.‬‬
‫وهذا هو درس التاريخ‪.‬‬
‫________________________________________‬
‫]‪ [1‬أل تذكرك هذه المواقف بحاضرنا هذه اليام‪ ..‬رمضان )‪1422‬هـ‪/‬‬
‫‪2001‬م(؟‬

‫)‪(3 /‬‬

‫‪74‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫السبيل إلى ضبط التكفير‬


‫الدكتور عبد العزيز بن محمد العبد اللطيف‬
‫الحمد لله والصلة والسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن واله‬
‫وبعد‪:‬‬
‫* ل تزال العواطف وردود الفعال الجامحة تستحوذ على آراء فئام من‬
‫السلميين ومواقفهم تجاه القضايا المستجدات عمومًا‪ ،‬ومسألة التكفير‬
‫خصوصًا‪.‬‬
‫فما إن نادى بعضهم بتكفير أعيان وأشخاص دون تحرير أو تحقيق لقيام‬
‫الحجة من اجتماع الشروط وانتفاء الموانع‪ ،‬إذا بالطرف الخر يقابل ذلك‬
‫الفراط بالتفريط والتمييع‬
‫ل‪ :‬إن الشخص المعين ل يكفر حتى يقصد الكفر وينشرح صدره‬ ‫فيصيح قائ ً‬
‫بالكفر‪ ،‬واحتجوا بقوله ‪ -‬تعالى ‪)) :-‬إل من أكره وقلبه مطمئن باليمان ولكن‬
‫من شرح بالكفر صدرا ً فعليهم غضب من الله ولهم عذاب أليم(( النحل )‬
‫‪.(106‬‬
‫وكل الفريقين قد فاته من الصواب ما فاته‪ ،‬فالولون لم يلتفتوا إلى عوارض‬
‫الهلية التي اعتبرها الشارع كالجهل أو التأويل أو الخطأ أو الكراه‪ ،‬والخرون‬
‫أفرطوا وتوسعوا في تلك العذار‪ ،‬حتى أفضى ببعضهم إلى إغلق باب الردة‪.‬‬
‫وأما احتجاجهم بالية الكريمة فإنهم لم ينظروا إلى سياق الية ومعناها؟‬
‫))فإن من كفر من غير إكراه فقد شرح بالكفر صدرًا‪ ،‬وإل تناقض أول الية‬
‫وإذا تكلم بكلمة الكفر طوعًا‪ ،‬فقد شرح بها صدرًا‪ ،‬وهي كفر‪ ،‬وقد دل على‬
‫ذلك قوله ‪ -‬تعالى ‪)) :-‬ولئن سألتهم ليقولون إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله‬
‫وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون ل تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم((‪.‬‬
‫فقد أخبر أنهم كفروا بعد إيمانهم مع قولهم إنما تكلمنا بالكفر من غير اعتقاد‬
‫له‪ ،‬بل كنا نخوض ونلعب(( اليمان لبن تيمية ص ‪ 208‬باختصار‪ ،‬وانظر‬
‫الصارم المسلول )‪.(3/975‬‬
‫ً‬
‫والمقصود أن الشخص إن لم يكن مكرها فقد انشرح صدره بالكفر‪.‬‬
‫* من المهم في هذا الموضوع أن تضبط الوصاف وتحرر المصطلحات‪ ،‬فمن‬
‫ضية المعاصرة التنابز باللقاب والتراشق بالتبديع كاتهام البعض‬ ‫مَر ِ‬‫الظواهر ال َ‬
‫بأنهم خوارج ووصف آخرين بالرجاء والعبرة بالحقائق والدلئل‪ ،‬فلقد رمي‬
‫المام أحمد بن حنبل ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬بأنه من الخوارج )انظر الفتاوى الكبرى‬
‫لبن تيمية )التسعينية()‪(5/159‬ومع ذلك فهو إمام أهل السنة‪ ،‬ومنهج أحمد‬
‫أحمد منهج‪ ،‬واتهم عبد الله بن المبارك ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬بالرجاء )انظر عقيدة‬
‫السلف للصابوني(وليس المر كذلك‪.‬‬
‫وقد تحدث الشاطبي ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬عما يعانيه أهل العلم والتباع من رميهم‬
‫باللقاب الشنيعة ثم قال‪) :‬فقلما تجد عالما ً مشهورا ً أو فاضل ً مذكورًا‪ ،‬إل وقد‬
‫نبذ بهذه المور أو بعضها‪ ،‬لن الهوى قد يدخل المخالف‪ ،‬بل سبب الخروج‬
‫عن السنة الجهل بها‪ ،‬والهوى المتبع الغالب على أهل الخلف( العتصام )‬
‫‪.(1/29‬‬
‫ولذا يحتاج إلى ضبط هذه الوصاف من جهة تحديد معناها وبيان مرادها‪ ،‬ومن‬
‫جهة تنزيل هذه السماء أو الوصاف على مستحقيها‪ ،‬فما أكثر الذين يرددون‬
‫وصف الخوارج أو المرجئة وهم ل يفقهون معناها‪ ،‬وأكثر من هؤلء من ُيطلق‬
‫تلك الوصاف على أشخاص دون مراعاة لتحقيق المناط وضوابط التبديع‪.‬‬
‫*من الخطاء التي ترتكب في معالجة هذه القضية أن يعمد البعض إلى تهويل‬
‫طرف أو جانب في مسألة التكفير أو الرجاء وفي مقابل ذلك يهون من‬

‫‪75‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫النحراف المقابل‪ ،‬ومسلك العدل والعلم يقتضي أن يعالج كل انحراف‬


‫بحسبه دون تهويل أو تهوين‪ ،‬فكل طرفي قصد المور ذميم‪.‬‬
‫*ومن تلك الخطاء أن يكون الغالب في علج ظاهرة الغلو والتكفير استعمال‬
‫السلوب الخطابي والقتصار على التسفيه والتطفيف‪ ،‬واتهام أربابه‬
‫بالسطحية والسذاجة‪ ،‬والتركيز على ما يكون ظاهر الفساد والبطلن كالقول‬
‫بتكفير مرتكب الكبيرة ‪ -‬وقد ل تجد ظاهرا ً في أولئك الغلة‪.‬‬
‫وفي مقابل علج ظاهرة الرجاء ُيعمد إلى رمي من تلبس بأدنى إرجاء بأنه‬
‫يقول أنه ل يضر مع اليمان معصية وأن الرجاء دين الملوك‪ ،‬وليس المر بهذا‬
‫التعميم والطلق‪ ،‬فالمام أبو حنيفة ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬مثل ً تلبس بشيء من‬
‫الرجاء لكنه ل يقول‪) :‬إن المؤمن ل تضره الذنوب وأيضا ً موقفه من الملوك‬
‫صارم(‪.‬‬
‫إن المتعين تجاه شبهات الفريقين واعتراضاتهم أن تذكر من مظانها‬
‫ومصادرها ثم تنقض أصول هذا البدع وُيرد عليها بالدليل والبرهان‪.‬‬
‫*من المور الملحة في مسائل اليمان والكفر أن نميز بين ما هو معلوم من‬
‫الدين بالضرورة وبين ما هو من مسائل الجتهاد التي يسوغ الخلف فيها‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫فمثل العذار بالجهل من جهة اعتباره من عوارض الهلية وثبوت أدلته أمر‬
‫ظاهر معلوم‪ ،‬قد ورد عليه نصوص كثيرة منها حديث الذي أمر أهله بأن‬
‫يحرقوه‪ ،‬فعن أبي هريرة ـ ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬ـ قال‪ :‬قال رسول الله ‪ -‬صلى‬
‫الله عليه وسلم ‪) :-‬إن رجل ً لم يعمل خيرا ً قط‪ ،‬فقال لهله إذا مات‬
‫فأحرقوه‪ ،‬ثم ذروا نصفه في البر‪ ،‬ونصفه في البحر‪ ،‬فوالله لئن قدر الله عليه‬
‫ليعذبنه عذابا ً ل يعذبه أحدا ً من العالمين‪ ،‬فلما مات الرجل فعلوه به كما‬
‫أمرهم فأمر الله البر فجمع ما فيه‪ ،‬وأمر البحر فجمع ما فيه‪ ،‬فإذا هو قائم‬
‫بين يديه‪ ،‬ثم قال‪ :‬لم فعلت هذا؟ قال من خشيتك يا رب وأنت أعلم فغفر‬
‫الله له( أخرجه البخاري )‪ (3478‬ومسلم )‪.(2756‬‬
‫وهذا حديث متواتر عن النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪) -‬انظر‪ :‬مجموع‬
‫الفتاوى لبن تيمية ‪(1/491‬‬
‫ً‬
‫يقول ابن تيمية‪) :‬وكنت دائما أذكر هذا الحديث فهذا رجل شك في قدرة‬
‫الله‪ ،‬وفي إعادته‪ ،‬إذا ُذري‪ ،‬بل اعتقد أنه ل يعاد‪ ،‬وهذا كفر باتفاق المسلمين‪،‬‬
‫لكن كان جاهل ً ل يعلم ذلك‪ ،‬وكان مؤمنا ً يخاف الله أن يعاقبه فغفر له بذلك(‬
‫مجموع الفتاوى )‪.(12/491‬‬
‫لكن قد يقع الختلف بين أهل السنة في المسائل التي يعذر بجهلها‪ ،‬وكذا‬
‫الشخاص والزمنة والحوال‪ ،‬فأفهام أهل العلم متفاوتة في مراعاة عوارض‬
‫الهلية‪ ،‬وتنزيلها على الواقع‪ ،‬فقد يعذر أحدهم بالجهل في مسألة بينما ل‬
‫يعذر العالم الخر‪ ،‬كما يعذر الخر أحدهم بالجهل تجاه شخص ما ل يعذر‬
‫الخر‪ ،‬فمسألة العذر بالجهل مسألة اجتهادية‪[1] .‬‬
‫وكذا قد يكون الحكم قاطعا ً في تقرير وتنظير جملة من نواقض اليمان قد‬
‫يعمد عالم من العلماء ‪-‬عن أهلية واجتهاد وديانة إلى تكفير من ليس كذلك‪،‬‬
‫فيكون ذلك العالم معذورا ً ومغفورًا‪ ،‬يقول ابن القيم ‪ -‬رحمه الله ‪) :-‬إن‬
‫الرجل إذا نسب المسلم إلى النفاق والكفر متأول ً وغضبا ً لله ولرسوله ودينه‬
‫ل لهواه وحظه فإنه ل يكفر بذلك‪ ،‬بل ل يأثم به‪ ،‬بل ُيثاب على نيته وقصده‪،‬‬
‫وهذا بخلف أهل الهواء والبدع فإنهم ُيكفرون ويبدعون لمخالف أهوائهم‬

‫‪76‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ونحلهم‪ ،‬وهم أولى بذلك ممن كفروه وبدعوه( زاد المعاد )‪.(3/423‬‬
‫إن استصحاب عوارض الهلية في تقرير مسائل اليمان والكفر يزيل الشتباه‬
‫ويفصل المجمل ويقيد المطلق‪ ،‬فإن من الجهل ما يعذر به المكلف‪ ،‬كما أن‬
‫من التأويل ما يدرأ عن صاحبه الوعيد أو التكفير‪ ،‬كما أن المتعرض للكراه‬
‫الملجئ معفو عنه‪.‬‬
‫*إن التفقه في دين الله ‪ -‬تعالى ‪-‬والتزود من العلم الشرعي يورث رحمة‬
‫للخلق وإشفاقا ً عليهم‪ ،‬فأهل السنة يعلمون الحق ويرحمون الخلق‪ ،‬ولما‬
‫غلب على الخوارج الجهل بدين الله ‪ -‬تعالى ‪-‬أورثهم ذلك غلظة وقسوة‪،‬‬
‫فكانوا يقتلون أهل السلم ويدعون أهل الوثان‪ ،‬يقول ابن القيم )ولما كان‬
‫نصيب كل عبد من الرحمة قدر نصيبه من الهدى كان أكمل المؤمنين إيمانا ً‬
‫أعظم رحمة كما قال ‪ -‬تعالى ‪ :-‬في أصحاب رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه‬
‫م((‬ ‫داُء عََلى ال ْك ُ ّ‬ ‫ل الل ّه وال ّذين مع َ‬
‫سو ُ‬
‫ماُء ب َي ْن َهُ ْ‬
‫ح َ‬
‫فارِ ُر َ‬ ‫ش ّ‬
‫هأ ِ‬‫ِ َ ِ َ َ َ ُ‬ ‫مد ٌ َر ُ‬
‫ح ّ‬
‫وسلم ‪)) :-‬م َ‬
‫)الفتح‪.(29 :‬‬
‫وكان الصديق من أرحم المة‪ ،‬وقد روي عن النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪-‬‬
‫أنه قال‪) :‬أرحم أمتي بأمتي أبو بكر( رواة الترمذي‪ ،‬وكان أعلم الصحابة‬
‫باتفاق الصحابة‪.‬‬
‫وهكذا الرجل كلما اتسع علمه اتسعت رحمته‪ ،‬وقد وسع ربنا كل شيء رحمة‬
‫وعلمًا‪ ،‬فوسعت رحمته كل شيء‪ ،‬وأحاط بكل شيء علمًا( إغاثة اللهفان )‪/1‬‬
‫‪ (251-250‬باختصار فظهور العلم الشرعي ونشره عبر الوسائل المتعددة‬
‫من جامعات وحلقات مساجد ومراكز علمية ومنابر إعلمية‪ ،‬كل ذلك كفيل‬
‫بجلب الرحمة والرفق والشفاق على الخلق ورجوعهم إلى الحق‪ ،‬فلقد ظهر‬
‫ابن عباس ـ ‪ -‬رضي الله عنهما ‪ -‬ـ على الخوارج بالحجة فرجع شطرهم‬
‫وصاروا مع علي ـ ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬ـ‪ ،‬وشغف يزيد الفقير برأي الخوارج‬
‫فحدثه جابر بن عبد الله ‪ -‬رضي الله عنهما ‪ -‬بحديث الجهنميين‪ ،‬فترك مذهب‬
‫الخوارج‪ ،‬وقد دوخ الخوارج بني أمية بأنواع من الحروب والقلئل‪ ،‬فلما ولي‬
‫عمر بن عبد العزيز ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬الخلفة كاتب الخوارج ورد شبهاتهم فأقر‬
‫بعضهم‪ ،‬ولما بلغت الخوارج سيرة عمر بن عبد العزيز وما رد من المظالم‬
‫اجتمعوا فقالوا‪ :‬ما ينبغي لنا أن نقاتل هذا الرجل )انظر أخبار عمر بن عبد‬
‫العزيز للجري ص ‪.(62‬‬
‫وأما القمع والضطهاد فل يعقبه إل غلو وإفراط‪ ،‬كما هو الواقع في القديم‬
‫والحديث‪ ،‬وما خبر جماعة التكفير والهجرة عنا ببعيد‪.‬‬
‫‪------------------------‬‬
‫]‪ [1‬انظر شرح كشف الشبهات لبن عثيمين ص ‪27‬‬
‫‪ 28/11/1425‬هـ‬
‫‪ http://www.islamlight.net‬المصدر‪:‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫السبيل إلي إيقاظ المسلمين بعد اغتيال الشيخ أحمد ياسين )بيان( مجموعة‬
‫من المشايخ*‬
‫الحمد لله على كل حال‪ ،‬المستعان به على من بغى ‪،‬سبحانه ل إله إل هو‬
‫شديد المحال ‪ ،‬والصلة والسلم على سيدنا محمدٍ نبي الرحمة والملحمة‪،‬‬
‫الضحوك القّتال وعلى آله وصحابته الغُرِ الميامين ‪ ،‬الصناديد البطال‪.‬‬
‫وبعد ُ ‪. . .‬‬

‫‪77‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فإن المجزرة التي أرتكبها أحفاد القردة والخنازير في غزة‪ ،‬والتي راح‬
‫ضحيتها الشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة حماس وأحد أهم رموز الجهاد‬
‫الفلسطيني طوال القرن الماضي‪.‬‬
‫إن هذه المذبحة لم تكن بدعا ً في تاريخ اليهود السود‪ ،‬ولن تكون الخيرة )ول‬
‫ن‬
‫يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا( ]البقرة‪[217 :‬؛ ل ّ‬
‫عداوة اليهود وحربهم للسلم أمر ل يحتاج إلى دليل ‪ ،‬وحسبنا ما أخبر به‬
‫القرآن عنهم مؤكدًا‪) :‬لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين‬
‫أشركوا( ]المائدة‪ .[82:‬إن تاريخ اليهود الحديث ملئ بالمذابح التي دبرها‬
‫ونفذها زعماء العصابات اليهودية لبادة أكبر عدد من الفلسطينيين ‪ ،‬وإرهاب‬
‫كل من بقي حيا ً كي يفر طلبا ً للنجاة تاركا ً وراءه أرضه وبيته ‪ ،‬وقبل ذلك‬
‫كرامته ‪ ،‬ولئن نسينا فلن ننسى ) مذبحة دير ياسين ( عام ‪ ) ، 1948‬وخان‬
‫يونس ( عام ‪ ،1956‬و) مذبحة كفر قاسم ( عام ‪ ، 1959‬و) تل عنز (‬
‫و) صبرا وشاتيل ( تلك المذبحة التي تدمي القلب وتدمع العين ‪ ،‬التي ارتكبتها‬
‫القوات السرائيلية وقوات الكتائب المارونية بقيادة السفاح )شارون( ضد‬
‫اللجئين الفلسطينيين العزل ‪ ،‬والتي قدر عدد الضحايا فيها بما يزيد علي‬
‫أربعة آلف ‪.‬‬
‫إن الكلمات تتقاصر وتتقازم وهي تسطر في مواساة أولئك المجاهدين‬
‫بحسم‪ ،‬الصادمين بعزم‪ ،‬المنتفضين بحق‪ .‬الذين يواجهون الرصاص هنالك‬
‫ف والصدور العارية إل من اليمان‬ ‫بضرب الحجارة‪ ،‬ويقارعون البنادق بالك ّ‬
‫والوثوق في دفع ذي الجبروت والقوة‬
‫ً‬
‫والله لقد تقّرحت أكباد الغيورين كمدا مما يجري في الرض المباركة‪ ،‬في‬
‫ل يوم مناظر مفزعة متتابعة‪ ،‬تعجز البصار عن ملحقتها‪ ،‬وعربدةٌ‬ ‫فلسطين ك ّ‬
‫ستها‪ .‬شهيد تلو شهيد‪ ،‬وأرملة تلو‬ ‫ل ذي حجى خ ّ‬ ‫ُ‬
‫هل ك ّ‬ ‫صهيونّية غادرة ُتذ ِ‬
‫خ حزين‪ ،‬وعجوز‬ ‫دم‪ ،‬وشي ٌ‬
‫مهَ ّ‬ ‫م خلف رضيع‪ ،‬ومنز ٌ‬
‫ل ُ‬ ‫م‪ ،‬وأ ّ‬ ‫أخرى‪ ،‬ورضيع خلف أ ّ‬
‫ل مسلم‪،‬‬ ‫فرت معالمها في ثنايا التاريخ‪ ،‬بل في حنايا قلب ك ّ‬ ‫ح َ‬
‫بائسة! مشاهد َ‬
‫طرها أشلء الّرجال‪ ،‬بألوان الدم القاني‪ ،‬وجماجم الشهداء‪،‬‬ ‫ملحم تس ّ‬
‫والجميع يراقب ويتفّرج‪:‬‬
‫ً‬
‫إنه وبعد مضي خمسين عاما علي قيام دولة يهود _ فقد فشلت النظمة‬
‫العربية ‪ ،‬بكل أثوابها العلمانية المتعددة ‪ ،‬من اشتراكية وقومية وتقدمية‬
‫وبعثية !‬
‫أيها المسلمون إن الذي هزم وتراجع أمام اليهود ليس هو السلم وإنما‬
‫العلمانية ‪ ،‬والذي ألقي السلح وطلب الستسلم ليس هو السلم بل‬
‫العلمانية ‪ ،‬بدءا ً بقبول ) مشروع روجر ( ‪ ،‬إلي كارثة ) كامب ديفيد ( ‪ ،‬إلي‬
‫الغرق في الوحل بمهزلة ) الحكم الذاتي ( في غزة وأريحا ‪ ،‬ثم معاهدة‬
‫الستسلم بين الردن ودولة يهود ‪.‬وأخيرا ً وليس آخرا ً )خارطة الطريق( التي‬
‫تلقي بكل المقدسات على قارعة الطريق ‪.‬‬
‫وهكذا يهرول حكام العرب والمسلمين نحو العتراف بدولة يهود ‪ ،‬فمنهم من‬
‫عقد الصلح ‪ ،‬ومنهم من فتح لها المكاتب ‪ ،‬وتبادل السفراء ‪ ،‬ومنهم من يقوم‬
‫بالتجارة معها ‪ ،‬ومنهم من يستقبل ممثليها علنا ً ‪ ،‬ومنهم من يستقبلهم سرا ً ‪،‬‬
‫وكلهم يعلنون السلم مع دولة يهود هدف استراتيجي ‪ ،‬وقد ضجوا من قبل‬
‫بشعارات ) لصلح ‪ ،‬ول اعتراف ‪ ،‬ول مفاوضات ( مع دولة يهود ‪...‬‬
‫أيها المسلون ‪ ..‬إن هذا كله أظهر بجلء ما تعانيه أمتنا من الفصام النكد ‪،‬‬
‫والفارق البعيد بين إرادة الشعوب وآمالها ‪ ،‬ومرامي وأهداف النخب‬
‫الحاكمة ‪ ،‬إنها مباينة تامة ‪ ،‬ومناقضة كلية يحار منها كل مراقب ‪ .‬لقد دمرت‬

‫‪78‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫هذه النظمة شيم الخلق السامية شموخا ً ‪ ،‬والثابتة رسوخا ً ‪ ،‬والمنبسطة‬


‫ذيوعا ً بين سائر المسلمين رجال ً ونساءا ً ‪ ،‬صغارا ً وكبارا ً حتى شيم النخوة‬
‫العربية ‪ ،‬فبلغ الحال سوءا ً إلي الحد الذي أغري كتابا ً أمريكيين إلي القول‬
‫مؤخرا ً ‪ " :‬إن اعتبار غضبة الشعوب العربية أمر ل قيمة له "‬
‫إننا أيها المسلمون ! بين يدي هذا السيل المتلطم من المآسي والقروح ‪،‬‬
‫والمة مأزومة مكلومة جرحى وبين يدي الحديث عن الشيخ الشهيد الهمام‬
‫ينبغي أن نتواصى بما يلي‪:‬‬
‫أول‪:‬علينا جميعا أن نستلهم العبرة من حياة الشيخ رحمه الله الذي كان‬
‫أنموذجا عظيما لحياة المجاهد الذي لينثني أمام المصائب والصعاب ‪ ،‬رغم‬
‫كونه بين سجون ثلثة ‪:‬جسد مشلول ‪ ،‬و بلد محتل ‪ ،‬و أمة واقعة تحت هيمنة‬
‫العداء ‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ثانيا ‪:‬السعي الدؤوب للوحدة علي كلمة سواء من كتاب الله وسنة رسوله‬
‫صلي الله عليه وسلم والعتصام بهما ) واعتصموا بحبل الله جميعا ً ول تفرقوا‬
‫( سلطة ومقاومة ‪،‬طوائف وفصائل ‪ ،‬والسلم هو الرابطة القوى وشيجة‬
‫كما قال تعالي ) إنما المؤمنون أخوة ( وقوله تعالي ) إن هذه أمتكم أمة‬
‫واحدة وأنا ربكم فاعبدون ( و قوله عليه الصلة والسلم ) إن آل أبي فلن‬
‫ليسوا بأوليائي أن ولي الله وصالح المؤمنين ولكن لهم رحم أبلها ببللها ( ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬المسارعة إلي الله عز وجل بالتوبة الصادقة ‪ ،‬بمراجعة دينه ‪ ،‬ونصرة‬
‫منهجه عقيدة وشريعة ‪ ،‬فإنه ما نزل بلء إل بذنب ول رفع إل بتوبة ‪ ،‬فاليهود‬
‫المجبولون علي الجبن والحرص علي الحياة ‪ ،‬أربعة مليين يهودي ونحن مائة‬
‫وثلثون مليونا ً من العرب ‪ ،‬ومليار ومائتا مليون من المسلمين خامدون خمود‬
‫القبور‪ ،‬ل نملك من أمرنا نقيرا ً ول قطميرًا‪ ،‬ودولة يهود أكثر نفيرًا‪ ،‬وأسمع‬
‫ط المخلوقات‪ ،‬علينا‬ ‫ل‪ .‬نعم‪...‬إن الله يعذبنا بتسليط أبشع وأح ّ‬ ‫ل‪ ،‬وأشد تقتي ً‬
‫قي ً‬
‫وعلى مقدساتنا وأعراضنا‪ ،‬لننا تركنا منهجه ودينه‪ ،‬وارتمينا في أحضان‬
‫المناهج الغربية والشرقية‪ ،‬التي صاغها اليهود أنفسهم‪ ،‬وكل هذا الذي نرى‬
‫إنما هو عقاب للمسلمين؛ إذ تنكبوا طريق الحق إلى طريق الغواية والغرب‪،‬‬
‫فهل وعينا ـ بعد نصف قرن من )تيه العرب( بين الشتراكية واللبرالية‬
‫والقومية ـ نداَء الناصحين )ادخلوا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون‪.‬‬
‫وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين( ]المائدة‪.[23 :‬‬
‫رابعا‪ :‬إن صراعنا مع اليهود والنصارى في القدس وفلسطين إنما هو صراع‬
‫بين وعدين‪ ،‬بين الوعد الحق والوعد المفترى‪..‬صراع بين عقيدة التوحيد التي‬
‫ددها سيد المرسلين محمد صلى‬ ‫جاء بها نبي الله إبراهيم عليه السلم‪ ،‬وج ّ‬
‫ددها آخر الزمان عيسى عليه السلم‪ ،‬وبين عقيدة‬ ‫الله عليه وسلم‪ ،‬وسيج ّ‬
‫الشرك والخرافة والدجل‪ ،‬التي أسسها الحبار والرهبان‪ ،‬مستندين في ذلك‬
‫على أوهام وهرطقات‪ ،‬وعليه فإن صراعنا مع اليهود على أرض فلسطين‬
‫الجريحة‪ ،‬وأرض القدس الذبيحة‪ ،‬إنما هو صراع وجود‪ ،‬ل صراع حدود‪،‬‬
‫ل‬‫وحسمه لن يكون بتسوية سلمية أو سياسية‪ ،‬وإنما حسمه سيكون عن قتا ٍ‬
‫دام ٍ تتحمل الجيال القادمة مسؤولية إنجازه‪ ،‬كما قال النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪) :‬ل تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود‪ ،‬حتى يقول الحجر ـ ووراءه‬
‫اليهودي ـ‪ :‬يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله( ]رواه ابن ماجه[‪،‬ولن يكون‬
‫قتالهم جهادا ً في سبيل الله دون مراجعة دين السلم كما قال صلى الله‬

‫‪79‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫عليه وسلم‪) :‬إذا ضن الناس بالدينار والدرهم‪ ،‬وتبايعوا بالعينة‪ ،‬وتبعوا أذناب‬
‫البقر‪ ،‬وتركوا الجهاد في سبيل الله‪ ،‬أدخل الله عليهم ذل ً ل يرفعه حتى‬
‫يراجعوا دينهم( ]رواه أحمد[‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬إن الحكم الشرعي المتفق عليه لدى المسلمين في العداء‬
‫المحاربين الذين يغتصبون أرض المسلمين‪ ،‬ويقاتلونهم لجل دينهم‪،‬‬
‫ويخرجونهم من ديارهم‪ ،‬هو وجوب قتالهم وجهادهم‪ ،‬لن دفع الصائل‪ ،‬والثأر‬
‫در في‬‫للعراض والحرمات التي انتهكها العدو فرض عين على كل من قَ ِ‬
‫المحل‪ ،‬ويتوسع هذا الفرض عند عدم قيام أو تقصير أهل ذلك المحل‪ ،‬هذا هو‬
‫الحكم في أي أرض اجتاحها عدو‪ ،‬ناهيك عن أرض بيت المقدس التي كانت‬
‫في غالب عمر الدنيا قبل السلم أرضا ً للتوحيد واليمان‪ ،‬ثم كانت بعد البعثة‬
‫النبوية معقل ً للقوة‪ ،‬ومعقدا ً للعزة تحت راية السلم‪ ،‬كما قال النبي صلى‬
‫مل من تحت رأسي‪،‬‬ ‫الله عليه وسلم‪) :‬بينما أنا نائم إذ رأيت عمود الكتاب احت ُ ِ‬
‫مد به إلى الشام‪ ،‬أل وإن اليمان ـ‬ ‫فظننت أنه مذهوب به‪ ،‬فأتبعته بصري‪ ،‬فعُ ِ‬
‫حين تقع الفتن ـ بالشام( ]رواه أحمد بسند صحيح[‪ ،‬وهذه البقعة بين دمشق‬
‫وبيت المقدس كما في الحديث الخر‪) :‬ل تزال عصابة من أمتي يقاتلون على‬
‫أبواب دمشق وما حولها‪ ،‬وعلى أبواب بيت المقدس وما حوله‪ ،‬ل يضرهم من‬
‫خذلهم‪ ،‬ظاهرين على الحق إلى أن تقوم الساعة( ]رواه أبو يعلى[‪ .‬تلك هي‬
‫ب قتلة النبياء‪ ،‬شيمتهم الغدر‪،‬‬ ‫الرض‪ ،‬وأما الغزاة فإنهم اليهود شّر الدوا ّ‬
‫وسجّيتهم الخيانة‪.‬‬
‫سادسا‪ :‬إن حكام العرب والمسلمين الذين عقدوا صلحا ً مع دولة يهود ل‬
‫يمثلون شعوبهم وإن ما أبرموه من صلح واتفاقات باطل ل قيمة له شرعا‪ً،‬‬
‫لما يلي ‪:‬‬
‫]‪ [1‬لن هؤلء الحكام يحملون الولء للدول الكبرى قبل الولء لدينهم أو حتى‬
‫لشعوبهم‪ ،‬إذ أن الغرب وأمريكا هي التي أوصلتهم إلى كراسي الحكم‪ ،‬وهي‬
‫التي تحافظ على بقائهم في السلطة‪ ،‬لذلك فإنهم يسوسون شعوبهم‬
‫بالعلمانية‪ ،‬وينبذون أحكام السلم وراءهم ظهريًا‪ ،‬وقد انسلخوا من كل خلق‬
‫كان يزّين العرب الجاهليين‪ ،‬حتى من نخوة الخنساء التي قالت ‪:‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫]‪ [2‬الصلح الجائز شرعا ً ل يكون مع هذا النوع من المحاربين‪ ،‬لن جنوحه‬
‫للسلم شرطه الجلء عن كل أراضي المسلمين‪ ،‬وبغير هذا الشرط يعد‬
‫الصلح تفريطا ً بأرض إسلمية مقدسة‪ ،‬وإقرارا ً للعدو اليهودي الغاصب‬
‫باحتلله أراضي إسلمية‪ ،‬لذا فل وجه للستشهاد بآية النفال‪) :‬وإن جنحوا‬
‫للسلم فاجنح لها( ] النفال ‪ [ 61 :‬على هذا الصلح‪ ،‬وإنما الية التي تناسب‬
‫هذه الحال هي قوله تعالى ‪) :‬فل تهنوا وتدعوا إلى السلم وأنتم العلون والله‬
‫معكم ولن يتركم أعمالكم( )محمد‪(35 :‬‬
‫]‪ [3‬إن هذا الصلح الذي عقده حكام العرب والمسلمين اليوم مشروط بإلغاء‬
‫المقاطعة ‪ ،‬وبضرورة التطبيع مع دولة اليهود في الصعدة السياسية‬
‫والعلمية والسياحية ‪ ،‬وأخطر من ذلك التطبيع الثقافي ‪ ،‬الذي يعني إزالة‬
‫كل ما في الكتب والصحف والمناهج من كون اليهود أعداء لمتنا ‪ ،‬وكسر‬
‫الحاجز النفسي لنسف عقيدة ) الولء والبراء ( والتهويد القسري لجيال‬
‫المسلمين ‪.‬‬
‫]‪ [4‬هذا بالضافة إلي المكاسب الكبيرة التي جنتها دولة يهود من انتعاش‬

‫‪80‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫اقتصاد ‪ ،‬وتفريط المة في بناء قوتها ابتهاجا ً بالسلم المزعوم بينما العدو‬
‫مسلح نوويا ً واقتصاديا ً واعلميا ً ‪.‬‬
‫خامسًا‪ :‬إن القضية فلسطين قضية إسلمية ‪ ،‬ل تخص الفلسطينيين وحدهم ‪،‬‬
‫ول العرب وحدهم ول المسلمين في هذا الزمان وحدهم بل هي قضية‬
‫المسلمين عامة عربهم وعجمهم إلي قيام الساعة ‪ ،‬وكل محاولة لتأطير‬
‫القضية باسم العروبة خدمة لستراتيجية اليهود ‪ ،‬كما نشرت صحيفة‬
‫) يديعوت أحرنوت ( اليهودية في ‪ 11/3/1987‬م مقال ً جاء فيه " إن علي‬
‫وسائل إعلمنا أن ل تنسي حقيقة مهمة هي جزء من استراتيجية لسرائيل‬
‫في حربها مع العرب هذه الحقيقة هي أننا نجحنا في بجهودنا وجهود أصدقائنا‬
‫في إبعاد السلم عن معركتنا مع العرب طوال ثلثين عاما ً ‪ ،‬ويجب أن يبقى‬
‫السلم بعيدا ً عن تلك المعركة "‬
‫أيها المسلمون في مشارق الرض ومغاربها ‪ ..‬هبوا لنجدة إخوانكم‬
‫المستضعفين في فلسطين ‪ ،‬خلصوا أنفسكم من تضليلت الدول الغربية‬
‫التي توهمكم بأنكم ضعفاء وبأن اليهود أقوياء ‪ ،‬وما عليكم إل الخضوع‬
‫لدولتهم ‪ ،‬فل قبل لكم بها ‪ ،‬ما دامت دول الغرب والشرق تدعمها ‪ ،‬ل‬
‫تنخدعوا بهذه الكاذيب ) لن يضروكم إل أذى وإن يقاتلوكم يولوكم الدبار ثم‬
‫ل تنصرون ( ] آل عمران ‪ ، [111:‬انفضوا أيديكم من الحكام العملء ‪ ،‬ل‬
‫يغرنكم منهم الضجيج فالمة لم تذق في حكامهم إل القمع والفقر والذلل‬
‫والهزائم ‪ ،‬قولوا لحكام العرب والمسلمين ‪ :‬أخرجوا من سجونكم المجاهدين‬
‫المتلهفين لقتال يهود ‪ ،‬الذين تفرق منهم إسرائيل وترتجف منهم أمريكا ‪.‬‬
‫أيها الحكام إنكم شركاء في دم الشيخ ‪ ،‬لنكم خذلتموه وخذلتم الشعب‬
‫الفلسطيني المسلم ‪ ،‬وأسلمتموهم إلى ألد أعداء المة ‪ ،‬وتركتموهم بل‬
‫سلح ول عتاد ‪ ،‬ولحتى إعانات إجتماعية ‪ ،‬انصياعا لوامر المريكان‬
‫الصليبيين ‪ ،‬فكلكم شركاء في هذه المصيبة العظيمة التي وقعت على أمتنا ‪،‬‬
‫كفاكم إذلل ً لشعوبكم المسلمة ‪ ،‬لقد عجزتم بعروشكم ودباباتكم وطائراتكم‬
‫عن قتال اليهود فما عليكم لو فتحتم حدودكم الموصدة أمام شعوبكم ‪،‬‬
‫ليسيلوا كالسيل العرم نحو العدو الغاصب ‪ ،‬فيشردوا بهم من خلفهم لعلهم‬
‫يذكرون ‪.‬‬
‫ً‬
‫أيها الحكام ‪ ..‬لم تصدون عن سبيل الله من أراد قتال يهود ‪ ،‬تبغونها عوجا ‪،‬‬
‫أتبتغون العزة عند أمريكا واليهود ؟ فإن العزة لله جميعا ً ‪.‬‬
‫أيتها الشعوب المسلمة يجب أن تقوموا بدوركم رغم ما تعانون من‬
‫حكوماتكم وتقاسون من أنظمتكم إذ يجب عليكم النهوض لمحاربة اليهود‬
‫وأعوانهم بشتى الوسائل ‪:‬‬
‫سياسيا ً ‪ :‬بإسماع الحكام بالصوت الجهير رغبة المسلمين في جهاد اليهود ‪،‬‬
‫والنكيرالشديد علي تخاذل القادة حتى ل يكون الستسلم مع دولة اليهود‬
‫خيارا ً استراتيجيا ً كما يطمعون ‪.‬‬
‫اقتصاديا ً ‪ :‬بطريقين أحدهما‪:‬أن يستقطع كل مسلم ذكرا ً كان أم أنثى مما‬
‫يكتسبه ودفع ذلك إلي الثقات ليصاله إلي المجاهدين وأسرهم ‪ .‬ثانيا ً ‪:‬‬
‫بمقاطعة المنتجات والبضائع المريكية واليهودية ‪،‬إذ كيف ندعو إلي محاربتهم‬
‫عسكريا ً ونحن ل نزال نقويهم ماليا ً ونمدهم ماديا ً ‪ ) ،‬فالمسلم أخو المسلم ل‬
‫يظلمه ول يخذله ( ‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫‪81‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أيها المجاهدون في كل مكان أيها القابضون علي الزناد في أكناف بيت‬


‫المقدس وفلسطين ‪ ..‬يا من توقنون بأن النصر قريب قرب إشراقة الفجر‬
‫لقائم السحار ‪ ..‬قريب قرب استهلل الوليد لم تعاني ألم المخاض ‪ ..‬قريب‬
‫قرب رجع صدى نداء في وادي سحيق سعروا الحرب علي يهود ) ول تهنوا‬
‫في ابتغاء القوم إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله‬
‫مال يرجون ( ] النساء ‪ ، [104 :‬فأنتم أفضل الناس سبيل ً وأصدقهم قيل ً كما‬
‫قال النبي صلي الله عليه وسلم ‪ ) :‬أفضل الناس مؤمن مجاهد في سبيل‬
‫الله بنفسه وماله ( ] رواه الترمذي [ وإن ما حل بساحتكم من قتل وتنكيل ‪،‬‬
‫ونصب وهم وحزن ل يذهبه إل ملحقة اليهود في جحورهم ‪ ،‬كما قال نبيكم‬
‫صلي الله عليه وسلم ) عليكم بالجهاد في سبيل الله فإنه باب من أبواب‬
‫الجنة يذهب الله به الهم والغم ( ]رواه أحمد والحاكم [ ‪ ) .‬ذلكم وأن الله‬
‫ضر الله وجه الشيخ أحمد ياسين‬ ‫موهن كيد الكافرين ( ] النفال ‪. [18 :‬أل ن ّ‬
‫وجعل من دمه بركانا يفجر الغضب على بني صهيون وألحقه الله بمن قال‬
‫ه‬
‫حب َ ُ‬ ‫ن قَ َ‬
‫ضى ن َ ْ‬ ‫م ْ‬
‫م َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ فَ ِ‬
‫من ْهُ ْ‬ ‫دوا الل ّ َ‬
‫عاهَ ُ‬ ‫صد َُقوا َ‬
‫ما َ‬ ‫ل َ‬ ‫جا ٌ‬ ‫ن رِ َ‬‫مِني َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫مؤ ْ ِ‬ ‫م َ‬‫فيه ) ِ‬
‫ديل( )الحزاب‪( 23:‬‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫ما ب َد ّلوا ت َب ْ ِ‬‫ن ي َن ْت َظ ُِر وَ َ‬
‫م ْ‬‫م َ‬ ‫من ْهُ ْ‬
‫وَ ِ‬
‫الموقعون علي البيان ‪:‬‬
‫الشيخ ‪ /‬محمد الفاضل التقلوي‬
‫الشيخ ‪ /‬المين الحاج محمد‬
‫الشيخ‪ /‬مساعد بشير علي‬
‫الشيخ‪ /‬مدثر أحمد إسماعيل‬
‫د‪ /‬علء الدين المين الزاكي‬
‫الشيخ ‪ /‬صادق عبد الله عبد الماجد‬
‫الستاذ ‪ /‬كمال عثمان رزق‬
‫الشيخ ‪ /‬سليمان أبو نارو‬
‫د‪ /‬عبد الحي يوسف‬
‫الشيخ ‪ /‬محمد عبد الكريم‬
‫الشيخ ‪ /‬محمد المين إسماعيل‬
‫الشيخ ‪ /‬ياسر عثمان جاد الله‬
‫الشيخ ‪ /‬عماد البكري أبو حراز‬
‫د‪ /‬إسماعيل حنفي‬
‫الشيخ ‪ /‬بكري مكيال‬
‫الشيخ‪ /‬جمال طاهر حسن‬
‫الشيخ ‪ /‬عمر عبد الله عبد الرحمن‬
‫الشيخ ‪ /‬فخر الدين عثمان‬
‫الشيخ ‪ /‬العبيد عبد الوهاب حسن‬

‫)‪(4 /‬‬

‫أما بعد أيها الحبة في الله السلم عليكم ورحمة الله وبركاته وهذه ليلة‬
‫الثنين الموافق للسادس والعشرين من شهر صفر للعام السادس عشر بعد‬
‫الربعمائة واللف‪ ،‬وهذا هو الدرس التاسع والعشرون من سلسلة الدروس‬
‫العلمية العامة والتي ينظمها المكتب التعاوني لمدينة >الرس< نسأل الله‬
‫عز وجل أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه وموضوع هذا اللقاء هو موضوع‬
‫يعاد للمرة الثانية للحاجة وهو بعنوان السحر الحلل وهو بقية لدرس سابق‬

‫‪82‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫كان بعنوان فن التعامل مع الزوجة وقد أسلفت في ذلك الدرس أن التعامل‬


‫مع الزوجة فن يجهله كثير من الرجال وأقول اليوم أيضا أن التعامل مع الزوج‬
‫دا منكما كان ملكا بحسن‬ ‫فن يجهله كثير من النساء وأقول للزوجين لو أن أح ً‬
‫ل منكما بحق الخر‬ ‫ٍ‬ ‫ك‬ ‫قيام‬ ‫خلقه ولطفه ومعاملته فإن ذلك ل يكفى فلبد من‬
‫فإن الحياة شركة بينكما‪.‬‬
‫ومن هنا كان لكل منكما حديث‪ ،‬حديث من قلب محب يتمنى أن يرى‬
‫السعادة ترفرف على كل بيت مسلم‪ ،‬ويعلم الله أن هذه المحاولة عصارة‬
‫اطلع ومشاورات ووقفات وتأملت في بيت النبوة‪ ،‬أسأل الله عز وجل‬
‫بلطفه ومنه وكرمه أن يجمع بين كل زوجين وأن يبارك لهما في حياتهما وأن‬
‫يرزقهما الصلح والفلح والنس والمحبة وكم أفرحتني وسرتني تلك النتائج‬
‫والثار للدرس الماضي فقد كثرت التصالت والحاديث والخبار وما كنت‬
‫أحسب أن تؤتي ثمارها بهذه السرعة ولكنه فضل الله فلله الحمد والشكر ‪.‬‬
‫أما هذا الدرس فهو رسالة إلى كل زوجة مسلمة تريد السعادة في حياتها‬
‫الزوجية وتبحث عن علج ناجع لكل مشاكلها فل يكفى أن تسمع المرأة هذا‬
‫الحديث مرة أو مرتين بل لتسمعه كلما أرادت رأب الصدع الذي وقع في‬
‫الحياة الزوجية لخطأ أو تعجل من أحد الزوجين أو كليهما فيا أيتها المباركة‬
‫اسمعيه مرة ومرتين وثلثة واحتفظي به للحاجة بل وأرشدي إ ليه كل زوجة‬
‫تشعرين أنها بحاجته ول أدعى فيه الكمال فهو كغيره من جهد البشر فيه‬
‫الزيادة والنقصان والصواب والخطأ‪ ،‬بيد أني حرصت على النهل من بيت‬
‫النبوة مستقرئا الحداث بينه صلى الله عليه وآله وسلم وبين أزواجه فحسبي‬
‫أني اجتهدت فما كان فيه من صواب فمن الله وحده ل شريك له وما كان‬
‫فيه من خطأ فمن نفسي الضعيفة والشيطان والله ورسوله منه بريئان ‪.‬‬
‫لماذا السحر الحلل والمقصود بالسحر هنا الستعارة وإل فإن حقيقة السحر‬
‫عزائم ورقى وعقد تؤثر في القلوب والبدان فيمرض ويقتل ويفرق بين‬
‫المرء وزوجه أعاذنا الله وإياكم منه وهذا النوع ل يوجد فيه حلل بل هو حرام‬
‫وكبيرة من الكبائر وصاحبه يكفر ويقتل ول يستتاب وأما قصدنا هنا فهو المدح‬
‫ومنه قوله صلى الله عليه وآله وسلم" إن من البيان لسحرا " والحديث‬
‫أخرجه ]مالك[ و]أحمد[ و]البخاري[ عن ]ابن عمر[ فيجوز أن يكون في معر‬
‫ض المدح لنه تستمال به القلوب ويرضى به الساخط ويستنزل به الصعد‬
‫كما جاء في لسان العرب ول أظنه يختلف اثنان فيما تفعله المرأة في قلوب‬
‫الرجال فهي بما وهبها الله إياها من جمال ورقة ونعومة وعزوبة ألفاظ‬
‫استمالت كثيرا من قلوب الرجال حتى طارت ألبابهم وعقولهم وقلوبهم ومن‬
‫هذا قول ]الكميت[ ‪:‬‬
‫وقاد إليها الحب فانقاد صعبه‬
‫بحب من السحر الحلل المحبب‬
‫وهل يشك أحد في أن المرأة فتنة فقد أخرج البخاري ومسلم من حديث‬
‫]أسامة[ أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال " ما تركت بعدي فتنة أضر‬
‫على الرجال من النساء " والله عز وجل يقول ) زين للناس حب الشهوات‬
‫من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة‬
‫والنعام والحرث ذلك متاع الحياة الدنيا والله عنده حسن المآب ( فجعلهن‬
‫في أول الشهوات المحببة للناس فكيف لو استغلت المرأة فتنتها في الحلل‬
‫فكانت عونا لزوجها فإن الدنيا متاع وخير متاعها المرأة الصالحة‬
‫) فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله ( وخلصة الدرس في‬
‫هاتين الوصيتين من أمين فاضلتين عاقلتين فيا أيتها الزوجة المخلصة اسمعي‬

‫‪83‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫لهذه الوصايا الثمينة فأنت أحوج ما تكونين لها فأصغي سمعك وأوعى قلبك‬
‫فإن العاقل من أضاف إلى عقله عقول الخرين ‪.‬‬
‫النصيحة الولى كانت ]أمامة بنت الحارث[ التغلبية من فضليات النساء في‬
‫العرب ولها حكم مشهورة في الخلق والمواعظ لما تزوج ]الحارث بن عمرو‬
‫ملك كندة[ ابنتها أم إياس بنت عوف وأرادوا أن يحملوها إلى زوجها أوصتها‬
‫أمها في ليلة الزفاف إلى زوجها بوصية قيمة قالت فيها‪- :‬وأسمعي أيتها‬
‫المرأة‪ -‬قالت فيها ‪ :‬يا بنية إن الوصية لو كانت تترك لفضل أدب أو لتقدم‬
‫حسب لرويت ذلك عنك ولبعدته منك ولكنها تذكرة للعاقل ومنبهة للغافل‪،‬‬
‫ت أغنى الناس عن‬ ‫أي بنية لو استغنت امرأة عن زوج بفضل مال أبيها لكن ِ‬
‫ت الحمى الذي منه‬ ‫ذلك ولكنا للرجال خلقن كما خلقوا لنا بنيتي إنك قد فارق ِ‬
‫ت إلى وكر لم تعرفيه وقرين لم تألفيه أصبح‬ ‫خرجت والعش الذي فيه درج ِ‬
‫ك عبدا وشيكا واحفظي عنى خلل‬ ‫ك مليكا فكوني له أمة يكن ل ِ‬
‫بملكه علي ِ‬
‫عشرة يكن لك ذكرى وذخرا ‪:‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫أما الولى والثانية فالصحبة بالقناعة والمعاشرة بحسن السمع والطاعة فإن‬
‫في القناعة راحة القلب وفى حسن المعاشرة مرضاة الرب ‪.‬‬
‫وأما الثالثة والرابعة فالمعاهدة لموضع عينيه والتفقد لموضع أنفه فل تقع‬
‫عيناه منك على قبيح ول يشم أنفه منك إل أطيب ريح واعلمي يا بنية أن‬
‫الكحل أحسن الحسن الموجود والماء أطيب المفقود ‪.‬‬
‫والخامسة والسادسة التعاهد لوقت طعامه والتفقد لحين منامه فإن حرارة‬
‫الجوع ملهبة وتنغيص حاله مكربة ‪.‬‬
‫وأما السابعة والثامنة الحتفاظ ببيته وماله والرعاية لحشمه وعياله فإن حفظ‬
‫المال أصل التقدير والرعاية للحشم والعيال من حسن التدبير ‪.‬‬
‫وأما التاسعة والعاشرة فل تفشين له سرا ول تعصين له أمرا فإنك إن‬
‫ى مع ذلك‬ ‫أفشيت سره لم تأمني غدره وإن عصيت أمره أوغرت صدره واتق ِ‬
‫كله الفرح إذا كان ترحا والكتئاب إذا كان فرحا فإن الولى من التقصير‬
‫والثانية من التكدير وأشد ما تكونين له إعظاما أشد ما يكون لك إكراما وأشد‬
‫ما تكونين له موافقة أطول ما يكون لك مرافقة واعلمي يا بنيتي أنك ل‬
‫تقدرين على ذلك حتى تؤثري رضاه على رضاك وتقدمي هواه على هواك‬
‫فيما أحببت أو كرهت والله يضع لك الخير وأستودعك الله ‪.‬‬
‫هذه الوصية الولى من هذه الم أما الوصية الثانية فهي وصية أم ممزوجة‬
‫بالفرح أو بالفرحة والدموع نصحت أم ابنتها المقبلة على حياتها الجديدة قائلة‬
‫‪ :‬يا بنيتي أنت مقبلة على حياة جديدة حياة ل مكان فيها لمك أو لبيك أو‬
‫لحد من اخوتك فيها ستصبحين صاحبة لرجل ل يريد أن يشاركه فيك أحد‬
‫ما اجعليه‬
‫حتى لو كان من لحمك ودمك كوني له زوجة يا ابنتي وكوني له أ ً‬
‫يشعر أنك كل شيء في حياته وكل شيء في دنياه اذكري دائما أن الرجل‬
‫أي رجل طفل كبير أقل كلمة حلوة تسعده ل تجعليه يشعر أنه بزواجه منك‬
‫قد حرمك من أهلك وأسرتك إن هذا الشعور نفسه قد ينتابه هو فهو أيضا قد‬
‫ترك بيت والديه وترك أسرته من أجلك ولكن الفرق بينك وبينه هو الفرق بين‬
‫المرأة والرجل المرأة تحن دائما إلى أسرتها إلى بيتها الذي ولدت فيه‬
‫ونشأت وكبرت وتعلمت ولكن لبد لها أن تعود نفسها على هذه الحياة‬
‫الجديدة لبد لها أن تكيف حياتها مع الرجل الذي أصبح لها زوجا وراعيا وأبا‬

‫‪84‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫لطفالها هذه هي دنياك الجديدة يا ابنتي هذا هو حاضرك ومستقبلك هذه هي‬
‫ض إنني ل‬‫أسرتك التي شاركتما أنت وزوجك في صنعها أما أبواك فهما ما ٍ‬
‫أطلب منك أن تنسى أباك وأمك واخوتك لنهم لن ينسوك أبدا يا حبيبتي‬
‫وكيف تنسى الم فلذة كبدها ولكن أطلب منك أن تحبي زوجك وتعيشي له‬
‫وتسعدي بحياتك معه ‪.‬‬
‫هاتين الوصيتين الجميلتين كما أسلفت من أمين فاضلتين عاقلتين ويا ليت أن‬
‫المهات يحرصن على وصية بناتهن بمثل هذه الوصايا الجميلة خاصة إذا كانت‬
‫البنية قد أقبلت على بيت زواجها وعلى النس بزوجها فإنها بحاجة لمثل هذه‬
‫الوصايا ‪.‬‬
‫من أساليب السحر الحلل أو من فن التعامل مع الزوج استقباله والبشاشة‬
‫في وجهه ‪.‬‬
‫خرج الرجل من عمله متعبا مرهقا فقد قضى يوما شاقا مليئا بصخب‬
‫المراجعين ومشاكل العمل وكثرة المعاملت وزاد الزحام في الشوارع تعبه‬
‫تعبا ثم فتح باب بيته يريد الهدوء والراحة والسكن النفسي في مملكته‬
‫الخاصة‪ ،‬فتح الباب فإذا الساحرة قباله دخل ليجد السعادة مع زوجته وأطفاله‬
‫فإذا زوجته بجمالها تستقبله وقد ارتسمت ابتسامة جميلة على محياها وإذا‬
‫هي تطبع قبلة حانية على خده مهللة مرحبة فوقع السحر ونسى هموم يومه‬
‫وذهب التعب والرهاق يلتفت يمنة ويسرة وإذا البيت جميل ونظيف وإذا‬
‫الطعام الشهي قد أعد وإذا بأطفاله كالورود بجمال لباسهم وإذا بالروائح‬
‫الزكية تفوح من أركان البيت فيا لها من سعادة وأنس ورحابة كل ذلك بفضل‬
‫الله ثم بفضل اللمسات الساحرة من يدين تلك الزوجة الغالية التي تعدل‬
‫الدنيا وما فيها ‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫وانظري لزوجة ]أبى مسلم الخولني[ واستقبالها له فقد كان أبو مسلم كان‬
‫أبو مسلم الخولني إذا انصرف من المسجد إلى منزله كبر على باب منزله‬
‫فتكبر امرأته فإذا كان في صحن داره كبر فتجيبه امرأته فإذا بلغ إلى باب‬
‫بيته كبر فتجيبه امرأته فانصرف ذات ليلة فكبر عند باب داره فلم يجبه أحد‬
‫فلما كان في الصحن كبر فلم يجبه أحد فلما كان في بيته كبر فلم يجبه أحد‬
‫وكان إذا دخل بيته وهو الشاهد اسمعي أيتها المرأة وكان إذا دخل بيته أخذت‬
‫امرأته رداءه ونعليه ثم أتته بطعام قال فدخل فإذا البيت ليس فيه سراج وإذا‬
‫امرأته جالسة منكسة تنكس بعود معها فقال لها مالك فقالت أنت لك منزلة‬
‫من ]معاوية[ وليس لنا خادم فلو سألته فأخدمنا أي جعل لنا خادما وأعطاك‬
‫ى امرأتي فأعمى بصره وقد كان معروفا بإجابة‬ ‫فقال اللهم من أفسد عل ّ‬
‫الدعاء قال وقد جاءتها امرأة قبل ذلك وقالت لها زوجك له منزلة من معاوية‬
‫فلو قلت له يسأل معاوية أن يخدمه ويعطيه عشا قال فبينا تلك المرأة‬
‫جالسة في بيتها إذ أنكرت بصرها فقالت ما لسراجكم أطفئ قالوا ل فعرفت‬
‫ذنبها فأقبلت إلى أبى مسلم تبكى وتسأله أن يدعو الله عز وجل لها يرد‬
‫عليها بصرها قال فرحمها أبو مسلم فدعا الله عز وجل لها فرد عليها بصرها‬
‫والشاهد أقول انظري أيتها الخت الصالحة كان إذا دخل إلى بيته استقبلته‬
‫زوجه فأخذت رداءه ونعليه ثم أتته بالطعام إذن فالزوجة الذكية التي تعرف‬
‫كيف تكسب قلب زوجها وأن تكون دائما زوجة جديدة في حياته فالكلمة‬
‫الحلوة زينة والبسمة المشرقة جمال والرائحة الطيبة بهجة والفستان النيق‬

‫‪85‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫واللمسات اللطيفة للشعر والختيار الموفق لبعض الحلي البسيط المنسجم‬


‫مع لون البشرة والثوب والنظافة المستمرة طهارة وعبادة فأنت حورية الدنيا‬
‫وسيدة القصور في جنات النعيم بإذن الله تعلمي أيتها الزوجة تعلمي من‬
‫القرآن أخلق الحور وتسابقي معهن إلى قلب زوجك واجعلي دنياه جنة‬
‫البسي له الحرير وضعي له العطور وغني له كما تغني الحور ‪ :‬لزوجة مطيعة‬
‫عينك عنها راضية وطفلة صغيرة محفوفة بالعافية وغرفة نظيفة نفسك فيها‬
‫هانية ولقمة لذيذة من يد أغلى طاهية خير من الساعات في ظل القصور‬
‫العالية تعقبها عقوبة يصلى بنار حامية وإليك هذه الصورة بدون تعليق ‪.‬‬
‫دخل الزوج إلى بيته فوجد في المدخل الرئيسي ألعاب وملبس الطفال‬
‫مرمية يمنة ويسرة قابله الطفال بملبس متسخة وراوئح كريهة لماذا أفاجئ‬
‫بملبس أطفالي متسخة وبوجوههم غير نظيفة وبشعورهم شعسة وليس‬
‫هناك روائح طيبة تنبعث منهم إنني احب أن أرى أطفالي وهم زهرات حياتي‬
‫بالروائح الطيبة والمنظر الحسن فإذا رأيتهم سررت لذلك وإذا قدمتهم‬
‫للخرين قدمتهم بفخر واعتزاز شكوى زوج قابلته الزوجة بتكشير وتذمر من‬
‫الطفال وصراخ وشكوى وتبرم وضيق ووجه عابس غاضب وجد البيت فوضى‬
‫إزعاج وقذارة وهم وغم أراد وجبة الغداء فبعد زعيق وصراخ أعد الغداء ذهب‬
‫الرجل إلى غرفته ليأخذ قسطا من الراحة بعد التعب من الدوام وجد الغرفة‬
‫مبعثرة والسرير غير مرتب وعليه بقايا من بسكويت الطفال وربما وجد‬
‫رضاعة أحد الطفال على المخدة وفرشة الغرفة متسخة وسال عليها حليب‬
‫أحد الطفال فتمنى لو انه عاد من حيث أتى وبدون تعليق‬

‫)‪(3 /‬‬

‫ومن أساليب السحر الحلل أيضا التجمل والتزين له إن المرأة بأنوثتها‬


‫ونعومتها فقط قادرة على كسر قلب الرجل والتأثير فيه فكيف إذا أضيف إليه‬
‫التزين والتحلي عندها وقع السحر فأصبح الرجل أسيرا كسيرا فعن] أسامة‬
‫ابن زيد[ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما تركت بعدى فتنة‬
‫هي أضر على الرجال من النساء " والحديث أخرجه مسلم في صحيحه‬
‫فسماها صلى الله عليه وآله وسلم فتنة فيا أيتها الزوجة إنك تشتكين كثرة‬
‫خروج زوجك وعدم جلوسه معك وتشتكين سوء أخلقه وتصرفاته وربما أوجع‬
‫قلبك بكثرة ذكره للنساء والزواج من أخرى وربما اشتكيت من عدم حبه لك‬
‫أو عدم قضائه حوائجك أو اشتكيت من تغيره فلم يعد ذلك الزوج الذي‬
‫عرفتيه أيام الزواج أو غير ذلك من المشاكل فأقول لك أيتها المباركة فقط‬
‫انظري إلى حالك وهيأتك داخل البيت فمع مرور اليام والشهور والسنين‬
‫تركت ذلك السلح الذي كنت تستعملينه معه لم يعد يرى ذلك الجمال وتلك‬
‫الزينة لم يعد يسمع تلك الكلمات الرقيقة والهمسات الحانية فهو ل يرى‬
‫سوى التبذل ولبس الثياب البالية والشعر المنفوش والوجه العبوس ول يسمع‬
‫سوى صراخ الطفال والسب والشتائم وكثرة الطلبات ورنين الهاتف وكثرة‬
‫التشكي فما هذه السنان التي فيها بقايا البيض والبقل والمكسرات وما هذه‬
‫الحموضة تنبعث من العنق ساعة العتناق حتى إذا أصابه الختناق وأراد‬
‫الفتراق ونادى بالطلق ذهبت تبحثين عن مشعوذ أو ساحر ليعيد لك الوفاق‬
‫وأنت عندك السحر الحلل ولكن ل تشعرين أو أنك تهملين قال الله تعالى‬
‫) أو من ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين ( أي المرأة قد جبلت من‬
‫صغرها على حب التزين والتحلي فهي فطرة عند المرأة أصبح كثير من‬

‫‪86‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الزواج اسمعي أيتها الصالحة اسمعي أيتها المرأة أصبح كثير من الزواج‬
‫اليوم ل يرى جمال زوجته إل عند خروجها للمناسبات والعزائم فيراها في‬
‫أبهى صورة وأجمل حلة وإذا حدثها ضحكت وقالت أنت لست غريبا حجة‬
‫شيطانية ووسوسة إبليسية كانت سببا في هدم بيوت كثيرة إذن فعلج‬
‫المشاكل كلها بيدك أيتها الساحرة فأنت تملكين السحر الحلل الذي قد يكون‬
‫سببا لدخولك الجنة فهل تعقل النساء أنه ل حق عندها أعظم من حق زوجها‬
‫إل حق ربها سبحانه فليتنبه لهذا نساء زماننا قال ] ابن الجوزي[ واسمعي‬
‫أيتها المرأة قال ابن الجوزي في صيد الخاطر ومن الناس من يستهين بهذه‬
‫الشياء فيرى المرأة مبتذلة تقول هذا أبو أولدي ويتبذل هو ويرى كل واحد‬
‫من الخر ما ل يشتهيه فينظر القلب وتبقى المعاشرة بغير محبة‪ .‬ولى مع‬
‫التجمل والتزين وقفات الوقفة الولى أقف هذه الوقفة وأرجو أل يسمعها‬
‫الرجال فهي سر للنساء فقط فأقول إن أكثر ما تصرفه المرأة من المال‬
‫اليوم إنما هو لشراء أدوات الزينة من العطورات ومستحضرات التجميل إلى‬
‫آخره وأكثر ما نشاهده في السواق محلت الخياطة النسائية ومعارض‬
‫الملبس النسائية مما يدل على كثرة القبال عليها وأغلب أوقات المرأة‬
‫ينصرف في الوقوف أمام المرآة والهتمام بشكلها كل ذلك يصرف ويضيع‬
‫والمصيبة أن الزوج ليس له من هذا نصيب فلمن إذن ل يهمها كثيرا إعجاب‬
‫زوجها إنما المهم إعجاب صديقاتها ومعارفها فهي تباهى وتفاخر لنتزاع‬
‫عبارات الغراء والعجاب من أفواه النساء إذن فالدافع لتجمل أكثر النساء‬
‫اليوم هو حب الظهور والبروز وامرأة تصرف جهدها ووقتها ومالها واهتمامها‬
‫في مطلب كهذا ل شك أن لديها سفها وشعورا بالنقص على أن هذه النزعة‬
‫تختلف من امرأة إلى أخرى فالنساء لسن سواء وغالب من تعمد إلى تلك‬
‫الساليب وإلى تطبيق أحدث الموضات على نفسها الغالب أن يكون عندها‬
‫نقص فيما حباها الله من الجمال فتبالغ بل وتفرط في أمور الزينة للتعويض‬
‫عن ذلك ‪.‬‬
‫الوقفة الثانية إن لهذه الزينة ضوابط وحدودا يجب أن تراعى فعن ]ابن‬
‫مسعود[ رضى الله عنه قال " لعن الله الواشمات والمستوشمات‬
‫والمتنمصات والمتفلجات بالحسن المغيرات لخلق الله" فاحذري سخط الله‬
‫ولعنته فهذه العمال محرمة وإذا كان التزين والتجمل فيه تشبه بالكفار أو‬
‫تشبه بالرجال أو كان لباس شهرة فكل ذلك محرم فعن النبي صلى الله عليه‬
‫وآله وسلم قال " من لبس ثوب شهرة ألبسه الله إياه يوم القيامة ثم ألهب‬
‫في النار " والحديث أخرجه أبو داود في سننه وهو صحيح أو كان التزين‬
‫للجانب أو الخروج للسواق أو غير ذلك فهو كذلك محرم مغضب لله تعالى‬
‫ول أنسى أن أقول إن أجمل وسائل الزينة السواك وكثرة المضمضة وكثرة‬
‫العبادة فإن كثرة العبادة لها نور وجمال في الوجه قال تعالى ) سيماهم في‬
‫وجوههم ( وقال صلى الله عليه وآله وسلم " الصلة نور" نور حسي ومعنوي‬
‫أما الحسي فنور الوجه وجماله ‪.‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫ومن الساليب أيضا من أساليب السحر الحلل أيتها المرأة المرح والمزاح‬
‫واللطف والدلل وهذا أسلوب آخر من أساليب السحر الحلل ولذلك فإني‬
‫أسمع كثيرا من الشباب عند البحث عن الزوجة يقولون فإنهم يجمعون على‬
‫قولهم أريدها مرحة يجمعون على ذلك فإنها بكلماتها الرقيقة وبسماتها العذبة‬

‫‪87‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫تمل أركان البيت سعادة وبحركاتها الخفيفة وألعابها الجديدة تبدد الروتين‬
‫والملل في حياتها الزوجية فتذكروا جيدا تلك الكلمات الغالية من قدوتها‬
‫وحبيبها صلى الله عليه وآله وسلم عندما قال لجابر رضى الله تعالى عنه" هل‬
‫بكرا تلعبها وتلعبك وتضاحكها وتضاحكك "وهى بتوددها إلى زوجها والقتراب‬
‫منه والقعود إلى جنبه وملطفته تكسر عين زوجها وتملك قلبه ولبه فل ينظر‬
‫إلى غيرها‪.‬‬
‫اسمعي لهذا الموقف اسمعي لهذا الموقف من أم المؤمنين عائشة رضى‬
‫الله عنها قالت "وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم على صفية أي غضب‬
‫على صفية فقالت لي قالت صفية لعائشة قالت لي هل لك إلى أن ترضين‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم عنى وأجعل لك يومي قالت عائشة قلت‬
‫نعم انظري ماذا فعلت عائشة رضى الله تعالى عنها قالت عائشة نعم‬
‫فأخذت خمارا لها مصبوغا بزعفران فرشته بالماء تقول ثم اختمرت به‬
‫فدخلت عليه في يومها أي في يوم صفية فجلست إلى جنبه فقال إليك يا‬
‫عائشة فليس هذا بيومك فقلت فضل الله يؤتيه من يشاء ثم أخبرته خبري"‬
‫والحديث أخرجه ابن ماجة في سننه وقال اللباني في الرواء رجاله ثقات‬
‫رجال مسلم غير شومية هذه وهى مقبولة عند الحافظ ابن حجر أرأيت يا ابنة‬
‫التوحيد إلى فن التعامل مع الزوج استفيدي من معلمة الرجال والجيال‬
‫عائشة رضى الله عنها تجمل وتطيب واقتراب وتغسل للزوج فتملكين القلب‬
‫وتأثرين النفس فسبحان من أودع هذا السحر في المرأة ولذلك كانت‬
‫الدعوات الولى في أول لقاء وأول نظرة وأول لمسة اللهم إني أسألك‬
‫خيرها وخير ما جبلت عليه وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه ومن‬
‫شرها مزاج نكد ونفسية متعكرة وشكاية وتبرم وضيق وهم وغم وانطواء‬
‫ووسوسة وعبوس وتكشير نعوذ بالله من شرها ) ربنا هب لنا من أزواجنا‬
‫وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما ( ومن الساليب أيضا العتراف‬
‫بجميله وشكره فقد قال صلى الله عليه واله وسلم " يا معشر النساء‬
‫تصدقن فإني رأيتكن أكثر أهل النار قالت أي امرأة بما يا رسول الله قال‬
‫صلى الله عليه وسلم تكثرن اللعنة وتكفرن العشير قالت وما كفرانه قالت‬
‫لو أحسنت إلى إحداهن الدهر ثم رأت منك شيئا قالت ما رأيت منك خيرا‬
‫قط " والحديث أخرجه البخاري في صحيحه ‪.‬‬
‫لقد فعلت ما في وسعى في أداء حقوق زوجتي والحسان إليها فقد اشتريت‬
‫وأكرمت وبالغت وبذلت ما أستطيع ولكن قلما أسمع من زوجتي كلمة شكر‬
‫أو دعاء إنني أنتظر السماع؛ جزاك الله خيرا خلف الله عليك شكر الله‬
‫مسعاك وما أشبه ذلك من الكلمات الطيبة زوج عاتب ‪.‬‬
‫وعن ]عبد الله بن عمرو[ رضى الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم قال " ل ينظر الله تبارك وتعالى إلى امرأة ل تشكر زوجها وهى ل‬
‫تستغني عنه" والحديث أخرجه ]النسائي[ و]البزار[ بإسنادين رواة أحدهما‬
‫رواة الصحيح ورواه الحاكم وقال صحيح السناد ‪ .‬فيا أيتها الزوجة المسلمة‬
‫اتق الله وأد المانة أد المانة التي أنت مسئولة عنها وهى طاعة زوجك‬
‫والحسان إليه والعتراف بحقه وشكره ‪.‬‬
‫وعن ]أبى هريرة [أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " لو أمرت أحدا‬
‫أن يسجد لحد لمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها ‪ ،‬ول تجد‬
‫حلوة اليمان حتى تؤدى حق زوجها ولو سألها نفسها وهى على ظهر قتب "‬
‫والحديث أخرجه ]أحمد[ و]ابن ماجة[ و]ابن حبان[ فيا أيتها المباركة كلمات‬
‫شكر وثناء عذبة اللفاظ رقيقة المعاني سحر تفعل في الرجل الفاعيل ‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(5 /‬‬

‫ومن الساليب التي تسحر بها المرأة زوجها إن صح التعبير العتذار إليه إن‬
‫المرأة بشر وهى عرضة في التقصير في حق زوجها مهما حرصت فكيف إذا‬
‫أهملت أو غفلت عن هذا الحق ولذلك فمن أعظم الساليب التي تعوض بها‬
‫المرأة هذا التقصير العتذار للزوج والرجوع إليه وإني على يقين أن أحلى‬
‫كلمة سمعها أو يسمعها الرجل من زوجته عندما تعتذر إليه مهما كان الخطأ‬
‫وهذا ليس إذلل للمرأة كما يتصوره بعض النساء ليس إذلل للمرأة أن تعتذر‬
‫لزوجها ول تكبرا من الرجل كما يصوره الشيطان وأعوانه إذن فلماذا لن‬
‫نفس الرجل جبلت على محبة المرأة والفتنة بكلماتها وإن كلمة التأسف‬
‫والعتذار من الزوج أو الزوجة لزوجها لها سحر عجيب ولها تأثير غريب مجرد‬
‫كلمات طيبات وفجأة ينقلب الغضب إلى رضا والعبوس إلى ابتهاج فيصبح‬
‫السد حمل وديعا وتتحول الحمرة من حمرة غضب إلى حمرة خجل مسكين‬
‫أنت أيها الرجل كل ذلك سببه السحر الحلل الذي أنعم الله عز وجل به على‬
‫المرأة المسلمة فعن ]ابن عباس[ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال‬
‫" نساؤكم من أهل الجنة الودود الولود العئود على زوجها التي إذا غضب‬
‫جاءت حتى تضع يدها في يد زوجها وتقول ل أذوق غمضا حتى ترضى "‬
‫والحديث أخرجه النسائي وغيره وله شاهد أيضا من حديث ]أنس [أخرجه‬
‫]الطبراني[ في الصغير وهو حسن بمجموعهما كما في الصحيحة لللباني قال‬
‫]المنوي [ في فيض القدير فمن اتصفت بهذه الوصاف منهن فهي خليقة‬
‫لكونها من أهل الجنة وقلما نرى فيهن من هذه صفاتها انتهى كلمه رحمه‬
‫الله فأين أنت أيتها الصالحة أين أنت لتكوني من أهل الجنة لماذا تحرمين‬
‫نفسك أن تكوني من أهل الجنة اسمعي أيتها المباركة نعيم في الدنيا في‬
‫السعادة الزوجية ونعيم في الخرة بأن تكوني من أهل الجنة فقط اتصفي‬
‫بهذه الصفات الودود المتحببة لزوجها الولود كثيرة الولد العئود المعتذرة‬
‫الراجعة لزوجها عند التقصير أيتها الحانية إنها كلمات فقط استعيذي بالله من‬
‫الشيطان وجاهدي النفس المارة بالسوء ثم ضعي يدك في يدي زوجك‬
‫وعندها عندها يقع السحر فتصفو الحياة وهكذا عند كل خلف وعند كل غضب‬
‫فالعلج بيدك وإياك إياك تفريق الشمل ونكادة العيش فالبيت السعيد ليس‬
‫الذي خل من المشاكل البيت السعيد ليس الذي خل من المشاكل بل الذي‬
‫عرف كيفية علجها والتعامل معها ‪.‬‬

‫)‪(6 /‬‬

‫ومن الساليب أيضا ومن فن التعامل مع الزوج معاشرته بحسن السمع‬


‫والطاعة بشرط أن تكون هذه المعاشرة طاعة في غير معصية الله عز وجل‬
‫وهذا نوع آخر من أنواع السحر التي تملكه المرأة لكسر قلب زوجها بل‬
‫وفوق ذلك كسب رضا ربها فطاعته من قمة العبادات فهي مقرونة بالصلة‬
‫والصيام فعن ]عبد الرحمن بن عوف[ قال إن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫قال " إذا صلت المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت‬
‫زوجها قيل لها أدخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت " ما أعظم هذا الفضل‬
‫ما أعظم هذا الفضل أيتها المرأة قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة‬
‫شئت وروى البزار الطبراني أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم فقالت أنا وافدة النساء إليك هذا الجهاد كتبه الله تعالى على الرجال‬

‫‪89‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فإن أصيبوا أثيبوا أي أسرا وإن قتلوا كانوا أحياء عند ربهم يرزقون ونحن‬
‫معشر النساء نقوم عليهم فما لنا من ذلك الجر تسأل فقال عليه الصلة‬
‫والسلم اسمعن أيتها النساء قال عليه الصلة والسلم "أبلغي من لقيت من‬
‫النساء أن طاعة للزوج واعترافا بحقه يعدل ذلك "يعدل ماذا أي يعدل أجر‬
‫الجهاد في سبيل الله وقليل منكن من يفعله ول شك أن من طاعته أن تلبى‬
‫طلبه إذا دعاها للفراش وكم نسمع من المشاكل في مثل هذا الباب فإن‬
‫أعظم غايات الزواج أن يعف الرجل نفسه فل يقع في الحرام فإذا دعاها‬
‫وامتنعت ذهبت هذه الغاية وكان الرجل معرضا للوقوع في الحرام فعن أبي‬
‫هريرة رضى الله تعالى عنه قال قال الرسول صلى الله عليه وسلم "إذا دعا‬
‫الرجل امرأته إلى فراشه فلم تأته فبات غضبان عليها لعنتها الملئكة حتى‬
‫تصبح " والحديث متفق عليه إذن فتمنعها في الفراش من أغلظ المحرمات‬
‫فإن فعلت ذلك تقلبت في لعنة الله وملئكته والعياذ بالله وقال صلى الله‬
‫عليه وسلم " والذي نفسي بيده ما من رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى‬
‫عليه إل كان الذي في السماء ساخطا عليها حتى يرضى عنها "أي زوجها‬
‫والحديث أيضا أخرجه البخاري ومسلم وقال صلى الله عليه وسلم "إذا دعا‬
‫الرجل زوجته لحاجته فلتأته وإن كانت على التنور " والحديث أخرجه الترمذي‬
‫وحسنه والنسائي وابن حبان و في الحديث قال صلى الله عليه وسلم " وإن‬
‫سألها نفسها وهى على ظهر قتب ل تمنعه نفسها " والحديث أخرجه‬
‫الطبراني إذن فيا أيتها المرأة ل يجوز للزوجة أن تمنع نفسها عن زوجها ول‬
‫يحل لها ذلك باتفاق المسلمين بل يجب عليها أن تطيعه إذا طلبها إلى‬
‫الفراش وذلك فرض واجب عليها فاحذري أيتها الصالحة من غضب الجبار ثم‬
‫أيضا قبول العمال متوقف على طاعة الزوج فعن ابن عمر رضى الله تعالى‬
‫عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " اثنان ل تجاوز صلتهما‬
‫رءوسهما عبد أبق من مواليه حتى يرجع وامرأة عصت زوجها حتى ترجع "‬
‫والحديث أخرجه الطبراني بإسناد جيد والحاكم وله شواهد وعن] ابن أو في [‬
‫في الحديث قال صلى الله عليه وسلم " والذي نفسي بيده ل تؤدى المرأة‬
‫حق ربها حتى تؤدى حق زوجها " والحديث أخرجه ابن ماجة وابن حبان‬
‫والطبراني وإسناده جيد ؛ومن طاعته الحرص على إرضائه مهما كان المر‬
‫فعن ]أم سلمة[ رضى الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫" أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة " ما أسهل دخولك الجنة‬
‫أيتها المرأة فمتى تعقلين وتنتبهين لمثل هذه المور والحديث أخرجه ابن‬
‫ماجة والترمذي والحاكم قال صحيح السناد‪ .‬ما أجمل الزوجة حين تحسن‬
‫التبعل لزوجها وما أعظم مكانتها في قلبه واستيلئها على مشاعره حين تقول‬
‫له سمعا وطاعة ل تغمض لي عين حتى ترضى والمرأة تملك وسائل الرضاء‬
‫جمالها عذوبة ألفاظها رقتها كل ذلك من نعم الله عليها وستسأل عن شكرها‬
‫واستعمالها عن حقها هل استعملتها في حقها أم ل ثم إليك سرا من أسرار‬
‫الرجال وأعتذر للرجال فقد فضحت أسرارهم في مثل هذا الدرس فأليك‬
‫سرا من أسرار الرجال أيتها المرأة الرجل سريع الغضب سريع الرضا وخاصة‬
‫أمام المرأة فأين سحرك الحلل ومن الساليب أيضا خدمتها لزوجها والقيام‬
‫بشئونه فالزوجة الصالحة تتقرب إلى الله بخدمة زوجها وبعض النساء قد‬
‫حباها الله عز وجل حسن تصرف وعقل وتدبيرا حتى إنها تقوم ببعض العمال‬
‫الخاصة بزوجها نيابة عنه وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء فلماذا ل تحرص‬
‫الزوجة على خدمة زوجها وهو جنتها ونارها كما في حديث ]الحصين بن‬
‫محصن[ أن عمة له أتت النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة ففرغت من‬

‫‪90‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫حاجتها فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم " أذات زوج أنت قالت نعم قال‬
‫كيف أنت له قالت ما آلوه إل ما عجزت ‪-‬أي ل أقصر في طاعته وخدمته ما‬
‫آلوه إل ما عجزت عنه‪ -‬قال فانظري أين أنت منه فإنما هو جنتك ونارك "‬
‫والحديث أخرجه أحمد و]ابن أبي شيبة[ وصححه الحاكم ووافقه ]الذهبي[‬
‫وقال ]المنذري[ في الترغيب رواه احمد والنسائي بإسنادين جيدين‬

‫)‪(7 /‬‬

‫قال ]المناوي[ رحمه الله في شرح هذا الحديث انظري أين أنت منه أي في‬
‫أي منزلة أنت منه أقريبة من مودته مسعفة له عند شدته ملبية لدعوته أم‬
‫متباعدة من مرامه كاسرة لعشرته وإنعامه فإنما هو جنتك ونارك أي هو‬
‫سبب لدخولك الجنة لرضاه عنك وسببا لدخلوك النار لسخطه عليك فأحسني‬
‫عشرته ول تخالفي أمره فيما ليس بمعصية انتهى كلمه رحمه الله من فيض‬
‫القدير وأيضا من خدمتها لزوجها اذكر هذا المثال مثال من حال نساء‬
‫الصحابة وكيف كن يخدمن أزواجهن فعن ]أسماء بنت أبى بكر[ رضى الله‬
‫عنهما قالت تزوجني ]الزبير[ وما له في الرض من مال ول مملوك ول شيء‬
‫غير ناضح وغير فرسه فكنت أعلف فرسه واستقى الماء وأخرج غرضه‬
‫والغرض أي أخيط دلوه وأعجن ولم أكن أحسن أخبز وكان يخبز جارات لي‬
‫من النصار وكنا نسوة صدق وكنت أنقل النوى من أرض الزبير الذي أقطعه‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسي وهي مني على ثلثي فرسخ‬
‫فجئت يوما والنوى عل رأسي فلقيت رسول الله ومعه نفر من النصار‬
‫فدعاني ثم قال اخ اخ كلمة تقال للبعير ليبرك اخ اخ ليحملني خلفه‬
‫فاستحييت أن أسير مع الرجال وذكرت الزبير وغيرته وكان أغير الناس‬
‫فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أنى قد استحييت فمضى فجئت‬
‫الزبير فقلت لقيني رسول الله وعلى رأسي النوى ومعه نفر من أصحابه‬
‫فأناخ لركب فاستحييت منه وعرفت غيرتك فقال والله لحملك النوى كان‬
‫ي من ركوبك معه حتى تقول أسماء حتى أرسل إلى ]أبو بكر[ بعد‬ ‫أشد عل ّ‬
‫ذلك بخادم تكفيني سياسة الفرس فكأنما أعتقني انظري أيتها المرأة كيف‬
‫كن رضوان الله تعالى عليهن يحرصن على خدمة الزوج؟ اليوم البيوت مليئة‬
‫بالخادمات وبالسائقين وربما الطفال أيضا يجلس عندهم في الصباح وكثير‬
‫من مشاغل البيت يقوم بها كثير من الخدم والحشم والمرأة ل تدرى ماذا‬
‫تفعل ولذلك كثر وقت الفراغ عند المرأة فلما كثر الفراغ كثرت الهموم‬
‫والمشاكل والوساوس وبالتالي كثرت المشاكل بين الزوجين فانظري أيتها‬
‫الصالحة إلى حال هذه المرأة الصالحة وكيف كانت تقوم بخدمة زوجها‬
‫وبيتها ‪.‬‬
‫فمها يرتل آي ربك بينما‬
‫يدها تدير على الشعير رحاها‬
‫بلت وسادتها للئ دمعها‬
‫من طول خشيتها ومن تقواها‬
‫]محمد إقبال[ في وصف ]فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم[ وهى‬
‫تقوم بأعمال المنزل وينبغى ‪ ...‬أن تتصف بذلك كل زوجة مؤمنة‪.‬‬
‫ومن الساليب أيضا من أساليب السحر الحلل في الوظيفة فإياك أنت تكون‬
‫الوظيفة سببا لزعزعة السرة إياك إياك أيتها المرأة أن تكون الوظيفة سببا‬
‫لزعزعة السرة والكلم هنا يطول ولكنى أكتفي بما يناسب الموضوع وأترك‬

‫‪91‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫بقيته في موضوع آخر أسأل الله أن ييسره بعنوان أخطار تهدد المرأة وعمل‬
‫المرأة بالشروط التالية أن يكون مباحا أن يناسب المرأة إل تختلط بالرجال‬
‫أن تلتزم حجابها الشرعي أن تراقب الله فيه وهو أهمها الشرط الثالث أن ل‬
‫يؤثر العمل سلبيا على مهمتها الولى والذي يهمنا هنا هو الخير هل تستطيع‬
‫المرأة حقا الجمع بين حق الزوج والولد وبيتها وبين الوظيفة المر يختلف‬
‫باختلف الشخاص والحوال والمكنة والزمان ولسنا نستطيع ذكرا تفصيليا‬
‫فيه يقول سماحة الشيخ ]عبد العزيز بن باز[ حفظه الله تعالى أن عمل‬
‫المرأة بعيد عن الرجال إن كان فيه مضيعة للولد وتقصير بحق الزوج من‬
‫غير اضطرار شرعي لذلك يكون محرما لن ذلك خروج على الوظيفة‬
‫الطبيعية للمرأة وتعطيل للمهمة الخطيرة التي عليها القيام بها مما ينتج عنه‬
‫سوء بناء الجيال وتفكك عرى السرة التي تقوم على التعاون والتكامل‬
‫والتضامن ومساهمة كل من الزوجين بما هيئ الله له من السباب التي‬
‫تساعد على قيام حياة مستقرة آمنة مطمئنة يعرف فيها كل فرد واجبه أول‬
‫وحقه ثانيا انتهى كلمه حفظه الله تعالى فعلى المرأة أن تراجع نفسها‬
‫وتراقب ربها وتتقى الله في حق زوجها وأطفالها وإن اضطرها ذلك لترك‬
‫العمل فليس كثيرا فمن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه هذا ما أستطيع‬
‫قوله هنا والموضوع فيه أخذ ورد ولكن قبل ترك هذا العنصر إليك هذه‬
‫الصورة ‪.‬‬
‫نهارها بالمدرسة أطفالها عند الخادمة طعامهم تعده الخادمة وربما تطبخ‬
‫بالليل غداء النهار في الظهر متعبة جدا وفى العصر نائمة وربما في زيارة في‬
‫الليل تحضير للدروس واهتمام بالرءوس ثم هي متعبة فترمى بنفسها على‬
‫فراشها جثة هامدة وزوجها المسكين ينظر إليها بعين الشفقة والرحمة‬
‫واللوم والعتاب فما يملك إل أن يتجرع الهم وعليه بالصبر ول ينسى الصوم‬
‫فإنه له وجاء والفتن في كل مكان ففي السواق نساء وفى المحلت نساء‬
‫وفى التلفاز نساء وفى وسائل العلم نساء ومن فوقه نساء ومن تحته نساء‬
‫وعن يمينه نساء وعن شماله نساء والنبي صلى الله عليه وسلم يقول "وما‬
‫تركت بعدى فتنة هي أضر على الرجال من النساء " وإياك وإياك مجرد‬
‫التفكير في التعدد فستغضب عليك النساء إذن فما العمل عليك بقراءة‬
‫القرآن لكن احذر سورة النساء ل شيء يشوب المرأة مثل صدها عن زوجها‬
‫ول شيء يشينها مثل صبر زوجها عليها ‪.‬‬

‫)‪(8 /‬‬

‫ومن الساليب أيضا إعانته على طاعة الله وحثه على فعل الخيرات وإليك‬
‫هذه الوصية إليك أيتها الصالحة هذه الوصية أقول كل خلف يجرى بين‬
‫الزوجين إنما هو بمعصية الله فاحذري المعاصي وطهري بيتك من كل ما‬
‫يغضب الله واسمعي قول الحق عز وجل ) وما أصابكم من مصيبة فبما‬
‫كسبت أيديكم ويعفو عن كثير ( فمن أعظم نتائج السحر الحلل وتأثيره يوم‬
‫أن تكون بجمالها ورقتها وأنوثتها وعذوبة ألفاظها وحسن تعاملها سببا في‬
‫فلح زوجها وإعانته على طاعة الله وحثه على العمال الصالحة وإل فاحذري‬
‫فإن من أعطاك هذه النعم قادر على إزالتها بكن فيكون فكوني شاكرة لهذه‬
‫النعم وتذكري قول الحق ) وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لزيدنكم ولئن كفرتم‬
‫إن عذابي لشديد ( تذكري وانظري من حولك من النساء كم من البيوت‬
‫هدمت بسبب كثرة المعاصي اللتي يقعن فيها أو اللتي امتلت البيوت بها‬

‫‪92‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فانتبهي رعاك الله واسمعي أيتها الغالية قالت كنا معا في أطيب حال وأهنأ‬
‫بال زوجين سعيدين متعاونين على طاعة الله وعندنا القناعة والرضا طفلتنا‬
‫مصباح الدار كركراتها تفتح الزهور إنها ريحانة تهتز فإذا جن علينا الليل‬
‫ونامت الصغيرة قمت معه نسبح الله يؤمني ويرتل القرآن ترتيل وتصلي معنا‬
‫الدموع في سكينة وخشوع وكأني أسمعها وهي تفيض قائلة أنا إيمان فلن‬
‫وفلنة وذات يوم أردنا أن تكثر فيه الفلوس اقترحت على زوجي أن نشتري‬
‫أسهما ربوية لتكثر منها الموال فندخرها للعيال فوضعنا فيها كل ما نملك‬
‫حتى حلي الشبكة ثم انخفضت أسهم السوق وأحسسنا بالهلكة فأصبح الريال‬
‫قرشا وشربنا من الهموم كأسا وكثرت علينا الديون والتبعات وعلمنا أن الله‬
‫يمحق الربا ويربي الصدقات وفى ليلة حزينة خوت فيها الخزينة تشاجرت مع‬
‫زوجي وطلبت منه الطلق فصاح أنت طالق أنت طالق فبكيت وبكت‬
‫الصغيرة وعبرت دموعي الجارية تذكرت جيدا يوم أن جمعتنا الطاعة وفرقتنا‬
‫المعصية إذن فيا أيتها الزوجة ل يختلف اثنان على أن المعصية تجلب الهم‬
‫والغم وتورد الشقاء والتعاسة وتجلب سوادا في الوجه وقسوة في القلب‬
‫وتتبدل السعادة إلى شقاء والحب إلى كره إلى غير ذلك قال أحد السلف‬
‫واسمعي جيدا اسمع أيها الرجل قال أحد السلف إني لعصي الله فأرى ذلك‬
‫في خلق امرأتي ودابتي قال ]ابن القيم[‪:‬‬
‫وللمعاصي من الثار القبيحة المذمومة المضرة في القلب والبدن في الدنيا‬
‫والخرة ما ل يعلمه إل الله ومن المعاصي التي انتشرت وكانت سببا في‬
‫شقاء كثير من البيوت ‪.‬‬
‫أول‪ :‬ترك الصلة وتأخيرها عن وقتها خاصة من المرأة ثم ثانيا امتلء البيوت‬
‫بوسائل العلم الفاسدة التلفاز الفيديو وربما الدش ثالثا مشاهدة الفلم‬
‫واستماع الغاني وشراء وقراءة المجلت الماجنة دخول السائق والخادمة‬
‫إلى المنزل بل ضرورة الخروج إلى السواق بملبس الزينة وبدون محرم‬
‫الزياء الفاضحة والتشبه بالكافرين وغيرها من الثام والمعاصي اعلمي أيتها‬
‫الزوجة أن دور الزوجة في تقوى زوجها المسلم وثباته على دينه وعطائه‬
‫لدعوته دور هام وخطير وإنا لنعلم عددا غير قليل من الشباب الدعاة‬
‫والمتحمسين الباذلين بردت حماستهم وقل بذلهم بعد زواجهم حتى إن بعض‬
‫الخوة وصف الزواج بأنه مقبرة الدعاة وعلى هذا فإن دورك أيتها الخت‬
‫المتزوجة في زيادة إيمان زوجك أو نقصانه دور فاعل احرصي دائما على‬
‫تذكير زوجك بالشارة اللطيفة والتوجيه غير المباشر بصلة الجماعة وصيام‬
‫النافلة وفعل الخير والصدقة وكوني عونا له على ذلك ول تكوني عامل فرط‬
‫وتفريط حدثيه عن جاركم الذي يحرص على صلة الفجر جماعة في المسجد‬
‫دون أن تقولي له لماذا ل تفعل مثله اكتفي بتلك الشارات غير المباشرة‬
‫أخبري عن زوج صديقتك فلنة وحرصه على صيام الثنين والخميس دون أن‬
‫تطلبي منه صيام الثنين والخميس استعملي سحرك للتأثير عليه فإنك قادرة‬
‫على ذلك وكم شكت كثير من النساء حالهن مع أزواجهن ولكن تغيرت‬
‫أحوالهن لما عرفن كيف يتعاملن مع أزواجهن ثم إليك أيتها الساحرة بعض‬
‫أساليب السحر الحلل لكن على عجل لضيق الوقت منها‪ :‬أن تتصرف ‪-‬أي‬
‫المرأة ‪-‬أن تتصرف حسب رغبته أن تكون حافظة لمال زوجها فل ترهقه‬
‫بكثرة طلباتها‪ .‬من أكثر السباب التي تهدد الحياة الزوجية في كثير من السر‬
‫طلبات المرأة المالية التي تفوق قدرات الزوج ويكون ذلك تقليدا أعمي‬
‫لبعض الصديقات أين هؤلء النسوة من قول الحكيم الخبير ) لينفق ذو سعة‬
‫من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق مما أتاه الله ( أن تتعرف على كل ما‬

‫‪93‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يفرحه وتكثر منه‪ ،‬أن تنتقي ألطف الكلم وأحله عند التحدث والجلوس معه‬
‫أن تكون حريصة على إشعاره بالحب والحترام والتقدير له من واجب‬
‫الزوجة احترام زوجها وتقديره في المعاملة والخطاب‬

‫)‪(9 /‬‬

‫يروى عن ابنة ]سعيد بن المسيب[ ما كنا نكلم أزواجنا إل كما تكلمون‬


‫أمراءكم أن تراعي أقاربه وأهله وتقديره وخاصة والديه وإخوانه أن ل تخرج‬
‫المرأة من بيت زوجها أل بإذنه وأل تدخل البيت أحدا إل من يرضى له الزوج‬
‫وأل تصوم تطوعا وزوجها حاضر إل بأذنه وأل تنفق من ماله إل بإذنه أو برضاه‬
‫والحاديث في المور النفة الذكر كثيرة ل يتسع المجال لذكرها ‪.‬‬
‫وأخيرا قصص ومواقف سريعة ‪.‬‬
‫امرأة تخطب في ليلة زفافها اجتمع ذات مرة اثنان من العلماء هما‬
‫]الشعبي[ و]شريح[ فنصح شريح الشعبي بان يتزوج من نساء بني تميم فقال‬
‫شريح يا شعبي عليك بنساء بني تميم فإني رأيت لهن عقول قال الشعبي وما‬
‫رأيت من عقولهن فحكى له شريح أنه مر ذات يوم بامرأة عجوز على باب‬
‫دار وبجوارها جارية جميلة فطلب منهما أن تسقياه فقالت الجارية لشريح أي‬
‫الشراب أحب إليك قال شريح ما تيسر قالت العجوز ويحك أيتها الجارية ائتيه‬
‫باللبن فإني أظن الرجل غريبا ثم سأل شريح العجوز عن الجارية وعرف‬
‫اسمها واسم أبيها وعلم أنها غير متزوجة فتقدم إلى أهلها وطلبها منهم‬
‫فزوجوه منها قال شريح فلو رأيتني يا شعبي وقد أقبل نساؤهم يهدينها حتى‬
‫أدخلت علي فقلت إن من السنة إذا دخلت المرأة على زوجها أن يقوم‬
‫فيصلي ركعتين فيسأل الله من خيرها ويعوذ به من شرها فصليت وسلمت‬
‫فإذا هي من خلفي تصلى بصلتي لما قضيت صلتي أتتني جواريها فأخذن‬
‫ثيابي وألبستني ملحفة قد صبغت في عقد العصفر فلما خل البيت دنوت منها‬
‫فمددت يدي إلى ناحيتها فقالت على رسلك يا أبا أمية كما أنت ثم قالت‬
‫خطبة‪ :‬الحمد لله أحمده وأستعينه وأصلي على محمد و آله المرأة تقول ذلك‬
‫في ليلة دخلتها تقول الحمد لله أحمده وأستعينه وأصلي على محمد وآله إني‬
‫امرأة غريبة ل علم لي بأخلقك فبين لي ما تحب فآتيه وما تكرهه فأزدجر‬
‫عنه فقالت إنه قد كان لك في قومك منكح وفى قومي مثل ذلك ولكن إذا‬
‫قضى الله أمرا كان وقد ملكت فاصنع ما أمرك الله به إمساك بمعروف أو‬
‫تسريح بإحسان أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولك قال شريح فأحوجتني‬
‫والله يا شعبي إلى الخطبة في ذلك الموضع فقلت الحمد لله أحمده‬
‫وأستعينه وأصلي على محمد النبي وآله وسلم وبعد فإنك قد قلت كلما إن‬
‫تثبتي عليه يكن ذلك حظك وإن تدعيه يكن حجة عليك أحب كذا وأكره كذا‬
‫ونحن جميعا فل تفرقي وما رأيت من حسنة فانشريها وما رأيت من سيئة‬
‫فاستريها وقالت كيف محبتك لزيارة الهل قلت ما أحب أن يملني أصهاري‬
‫قالت فمن تحب من جيرانك أن يدخل دارك آذن له ومن تكرهه أكرهه قلت‬
‫بنو فلن قوم صالحون وبنو فلن قوم سوء ثم ذكر شريح للشعبي أنه مكث‬
‫مع زوجته ل يري منها إل ما يحبه حول كامل وفي نهاية الحول زارته امرأة‬
‫عجوز قريبة زوجته وهى التي كانت قد قامت بتربيتها في صغرها قالت‬
‫العجوز السلم عليك أبا أمية قال شريح وعليك السلم من أنت قالت العجوز‬
‫أنا فلنة خدنك قال شريح قربك الله قالت العجوز كيف رأيت زوجتك قال‬
‫شريح خير زوجة قالت العجوز أبا أمية إن المرأة ل تكون أسوء منها في‬

‫‪94‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫حالتين إذا ولدت غلما أو حظيت عند زوجها فإن رابك ريب فعليك بالسوط‬
‫فوالله ما حاز الرجال في بيوتهم شرا من المرأة المدللة قال شريح أما والله‬
‫لقد أدبت فأحسنت الدب ورضت فأحسنت الرياضة قالت العجوز أتحب أن‬
‫يزورك خلنك قال شريح متى شاءوا قال شريح فكانت تلك العجوز تأتيه في‬
‫رأس كل حول وتوصيه تلك الوصية ثم ذكر شريح القاضي للشعبي أنه لم‬
‫يجد من تلك الزوجة ما يغضبه لمده عشرين سنة إل مرة واحدة فقط كان‬
‫هو المخطئ والسبب في الخطأ الذي أغضبه وذلك أنه كان إمام الحي يصلي‬
‫بالناس فأخذ المؤذن في إقامة صلة الفجر فشعر أبو أمية شريح بعقرب‬
‫تدب وتتحرك فأخذ إناء وأكفأه عليها وقال شريح لزوجته زينب يا زينب ل‬
‫تتحركي حتى آتي فالتزمت زينب المرأة المطيعة لزوجها لكلمه ولم تتحرك‬
‫كما قال لها وكان ذلك سببا في أن خرجت العقرب من تحت الناء ولدغتها‬
‫في إصبعها لك أن تتصوري أيتها المرأة وتتأملي مثل هذا الموقف الجميل‬
‫خذي العبر والدروس من هذه القصة وانظري فيها فإنك تملكين كثيرا من‬
‫وسائل ترويض الزوج واسمعي أيضا لهذا الموقف الخير والجميل كيف أن‬
‫المرأة قادرة على ترويض زوجها يحكى أن امرأة كانت تعيش في خلف تام‬
‫مع زوجها فذهبت في ذات يوم إلى صديقة لها وشرحت لها حالها مع زوجها‬
‫عندئذ نصحتها الصديقة أن تذهب إلى حكيم لعله يستطيع أن يبعد عن بيتها‬
‫تلك الخلفات فذهبت المرأة إلى الحكيم وعرضت عليه مشكلتها ووعدها‬
‫الرجل أن يساعدها على شرط أن تحضر له ثلث شعرات من جسم أسد‬
‫وخرجت المرأة من عنده وهي تفكر في وسيلة تحضر بها ثلث شعرات من‬
‫جسم السد فأخذت حمل وراحت إلى الغابة وعندما هجم عليها السد رمت‬
‫بالحمل فأخذ يلتهمه وانصرف عنها وأخذت المرأة تفعل هذا الفعل كل يوم‬
‫حتى ألفها السد وأصبح يقترب منها في ود وذات يوم ربتت المرأة على ظهر‬
‫السد فوجدت نفسها قادرة على ثلث شعرات من‬

‫)‪(10 /‬‬

‫لبدته فأخذتها على الفور وذهبت إلى الحكيم فلما رأى الحكيم الشعرات‬
‫الثلث قال لها إذا كنت استطعت أن تروضي السد أفل تستطيعين أن‬
‫تروضي زوجك فأقول لنساء المسلمين اليوم إن بمقدورك أن تروضي زوجك‬
‫كيف شئت متى إذا أحسنت استعمال السحر الحلل الذي وهبه الله إياك‬
‫وأخيرا ليعلم كل من الزوجين أن الحياة الزوجية فن جميل قل من يعرفه بل‬
‫هي عبادة لله عز وجل ‪ .‬من المهم جدا أن يتذكر الزوجين أن الحياة هي فن‬
‫ممكن فليرض كل منهما بما قسمه الله له وليحاول الوصول إلى أفضل ما‬
‫يمكن في حدود المتاح فليتق الله كل منهما في الخر فإن الحياة السعيدة‬
‫يبنيها كل منكما فتأمل الساليب النفة الذكر وكررا سماعها وتعاهدا على‬
‫المعاشرة بحلوها ومرها فأنت بسحرك الحلل وأنت بفن التعامل وحسن‬
‫الخلق وإل فقد تتعرض السرة إلى هزات عنيفة كثيرا ما تؤدى إلى زعزعة‬
‫أركانها وتشريد أطفالها‪.‬‬
‫أسأل الله عز وجل أن يجمع بين كل زوجين أن يجمع بين كل قلبي زوجين‬
‫على خير وأن يبارك لهما في حياتهما وأن يسعدهما في الدنيا والخرة هو‬
‫ولى ذلك و القادر عليه‪.‬‬
‫سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن ل إله إل أنت أستغفرك وأتوب إليك وصلى‬
‫الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كبيرا‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(11 /‬‬

‫السحر والمشعوذون ‪ ..‬والمنجمون‬


‫علي بن عبدالعزيز الشبل‬
‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه‬
‫أجمعين‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫السحر هو الخفاء وما لطف من السباب‪ ،‬ولهذا سمي آخر الليل سحرا‪،‬‬
‫وسمي الكلم البليغ‪ ،‬والبيان الخذ للقلوب سحرا‪.‬وهو في الصطلح‬
‫الشرعي‪ :‬عزائم ورقى وتعويذات ينفث فيها الساحر بمعونة ماردي الجن‪،‬‬
‫فتؤثر في المسحور بإذن الله‪ ،‬كما قال ‪ -‬سبحانه ‪ -‬في آية البقرة‪} :‬واتبعوا‬
‫ما تتلو الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا‬
‫يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل هاروت وماروت وما‬
‫يعلمان من أحد حتى يقول إنما نحن فتنة فل تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون‬
‫به بين المرء وزوجه وما هم بضارين به من أحد إل بإذن الله‪] { ..‬البقرة‪:‬‬
‫‪.[102‬‬
‫والسحر هذا الداء الخطر للقلوب والبدان‪ ،‬والناقض لدين الله السلم‪ ،‬له‬
‫أنواع عديدة بحسب واعتبار أنواع تأثيره ووقوعه‪ :‬فالسحر التخيلي هو ما‬
‫يخيل لعين المسحور مما ل حقيقة له كسحر سحرة فرعون لما ألقوا حبالهم‬
‫وعصيهم‪ ،‬فخيل إليهم أنها تسعى‪ ،‬ومنه بعض أعمال السيرك‪ - .‬وهناك سحر‬
‫حقيقي مؤثر في المسحور في قلبه أو بدنه أو نفسيته أو ماله‪ - .‬وهناك سحر‬
‫الصرف بالتفريق بين المتوادين من زوجين أو صديقين أو شريكين‪ - .‬ونوع‬
‫آخر هو سحر العطف كما تفعله بعض النساء لعطف من تحبه إليها‪ .‬وهذا‬
‫السحر داء قديم أفسد القلوب والمجتمعات والفراد من القديم‪ ،‬ولم يزل‬
‫أهله يتوارثونه عن فاسد سابقيهم‪ ..‬هذا الفساد والفساد‪ ،‬بل أضحى للسحر‬
‫وأهله تجمعات وبلدان‪ ،‬ومؤسسات ومنظمات ترعاه وتدرسه وتنشره بين‬
‫الناس‪ .‬والطريقة الشرعية لحل وإزالة السحر عمن وقع عليه‪ ،‬لها جهتان‪:‬‬
‫‪ -1‬ما كان علج المسحور بالطرق الشرعية وذلك بالقرآن‪ ،‬حيث يقرأ على‬
‫المسحور آيات توحيد الله‪ ،‬ولبطال السحر وكتب المردة من الشياطين‪.‬‬
‫ومنه علج المسحور بالوراد والذكار النبوية الثابتة عن النبي ‪ -‬صلى الله‬
‫عليه وسلم ‪ ،-‬وعلجه بما دل عليه النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬باستخدام‬
‫السدر ونحوه‪.‬‬
‫‪ -2‬وعلج السحر بالمور المباحة التي عرف بالتجربة نفعها‪ ،‬وخلوها مما‬
‫يشوب العقيدة أو يفسدها من بدع أو قادح أو خرافة‪ ،‬أو ما كان طريقه إليها‬
‫باستخدام المرة أو الشب أو الدوية المباحة غير المشتملة على نجاسة أو‬
‫خرافة‪..‬‬
‫النشرة هي حل السحر عن المسحور‪ ،‬ونشره عنه‪ ،‬وهي على نوعين من‬
‫ناحية الحكم‪:‬‬
‫‪ -1‬حل السحر عن المسحور بالوسائل الشرعية والمباحة‪ ،‬وهذا مشروع كما‬
‫حل السحر عن النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬لما سحره لبيد بن العصم‬
‫اليهودي‪ ،‬وذلك بحل السحر ونشره عن المسحور بالقرآن أو بالحاديث‬
‫والذكار أو بالدوية المباحة أو السدر أو أنواع العلجات من مشروبات‬
‫ومطعومات مباحة ليس فيها قدح بالعقيدة‪.‬‬
‫‪ -2‬وهناك حل السحر عن المسحور بسحر آخر مثله‪ ،‬بأن يذهب لساحر أو‬
‫كاهن ليعمل سحرا آخر يبطل به السحر الول‪ ،‬وهذا حرام متأكد تحريمه ول‬

‫‪96‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يجوز‪ ،‬لما روى أحمد بسند جيد عن جابر ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬أن النبي ‪ -‬صلى‬
‫الله عليه وسلم ‪ -‬سئل عن النشرة؟ فقال‪ :‬هي من عمل الشيطان‪ .‬وذلك‬
‫لن الناشر والمنتشر يتقرب إلى الجن بما يحبون‪ ،‬فيخدمونهم‪ .‬وأيضا لن‬
‫إبطال السحر بسحر مثله يفيد تسويغ السحر وعمله وانتشاره‪ .‬ولعموم ما‬
‫جاء عن النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬من قوله‪) :‬اجتنبوا السبع الموبقات‪،‬‬
‫وذكر منها السحر( متفق عليه‪ ،‬وللنسائي من حديث أبي هريرة ‪ -‬رضي الله‬
‫عنه ‪ -‬مرفوعا‪) :‬من عقد عقدة ثم نفث فيها فقد سحر‪ ،‬ومن سحر فقد‬
‫أشرك‪ ،‬ومن تعلق شيئا وكل إليه(‪ .‬والله ‪ -‬جل وعل ‪ -‬يقول عن السحر‪..} :‬‬
‫ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الخرة من خلق‪ { ..‬أي ليس له دين‬
‫ونصيب بحبوط عمله‪ .‬جاء في الثر المشهور عن الحسن البصري ‪ -‬رحمه‬
‫الله ‪ -‬وهو قوله‪) :‬ل يحل السحر إل ساحر(‪ ،‬وهذا معناه عند العلماء‪ :‬حل‬
‫السحر بسحر مثله‪ ،‬وهو عمل السحرة والكهان‪ .‬أما ما جاء عن سعيد بن‬
‫المسيب ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬لما قيل له‪ :‬رجل به طب أو يؤخذ عن امرأته‪ ،‬أيحل‬
‫عنه أو ينشر؟ قال‪ :‬ل بأس به‪ ،‬إنما يريدون به الصلح‪ ،‬أما ما ينفع فلم ينه‬
‫عنه( ا‪ .‬هـ‪ .‬فالمراد به الدوية المباحة‪ ،‬والعلجات التي ليس فيها استخدام‬
‫سحر يفسد العقيدة والدين‪.‬‬
‫أعظم المفاسد والمخاطر من إتيان السحرة لفساد الدين بناقض من نواقض‬
‫السلم‪،‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫والسحر من نواقض السلم المشهورة لخمسة مؤكدات جاءت في آية‬


‫البقرة‪ .‬ومن المفاسد أن تصديق الساحر كفر بما أنزل على محمد ‪ -‬صلى‬
‫الله عليه وسلم ‪ -‬وهو الوحي ‪ -‬القرآن‪ ،‬لما روى مسلم في صحيحه عن‬
‫النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬قوله‪) :‬من أتى عرافا فسأله عن شيء‬
‫فصدقه لم تقبل له صلة أربعين يوما(‪ ،‬ويفسر هذا الحديث ما روى أبو داود‬
‫وعن أبي هريرة عن النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬قوله‪) :‬من أتى كاهنا‬
‫فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪،-‬‬
‫وللربعة‪ ،‬والحاكم عن النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬قال‪) :‬من أتى عرافا أو‬
‫كاهنا فصدقه بما يقول‪ ،‬فقد كفر بما أنزل على محمد ‪ -‬صلى الله عليه وسلم‬
‫‪ .(-‬كما فيه من المفاسد الهم النفسي العظيم‪ ،‬والخسارة البدنية‪ ،‬والمالية‬
‫لهؤلء السحرة والدجالين من المبتلين المساكين‪ .‬إذا جمعوا بين إفساد الدين‬
‫وإفساد الدنيا ول حول ول قوة إل بالله‪ .‬وعلى هذا كله فإن من أتى إلى‬
‫ساحر أو كاهن أو عراف أو منجم أو مدع علم غيب لينظر ما عنده أو يهزأ‬
‫مما لديه‪ ،‬فهو معرض للوعيد‪ ،‬وقد أتى أمرا محرما ومن كبائر الذنوب‪ .‬لما‬
‫روى أحمد وغيره عن النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪) :-‬من أتى عرافا فسأله‬
‫لم تقبل له صلة أربعين يوما( فمجرد سؤاله مازحا أو لعبا أو جادا يرتب هذا‬
‫الوعيد الخطير‪ .‬فإذا سأله ثم صدقه بما يقول فقد وقع الكفر بما أنزل على‬
‫محمد ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ ،-‬حيث صدقه مدع للغيب‪ ،‬وهذا شرك‬
‫وإشراك في توحيد الربوبية‪ .‬ثم يا أيها الخوة من علم عن ساحر أو ساحرة‬
‫وتحقق من علمه عنهم وتأكد‪ ،‬أو مشعوذ أو كاهن أو منجم أو عراف أو قارئ‬
‫ومخرف يستعين بالشياطين فالواجب علينا أمور‪:‬‬
‫‪ -1‬إنكار ذلك في قلوبنا وجوارحنا إنكارا عظيما لمصادمة أصل ديننا في‬
‫عقيدة وحدانية الله بعلم الغيب‪ ،‬وبالنفع والضر‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ -2‬النكار عليه والحتساب عليه إن كانت لفاعليه سلطة‪ ،‬كما لرفع هذا‬
‫السحر والدجل من خدمنا ومن تحت أيدينا‪ ،‬أو إبلغ جهات الحسبة من هيئات‬
‫المر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬أو مراكز الشرطة‪ ،‬براءة للذمة وسلمة‬
‫للعقيدة‪.‬‬
‫‪ -3‬بيان خطر هؤلء بأعيانهم وبجنسهم للناس وتحذيرهم من أعمالهم‬
‫والقدوم عليهم‪ ،‬وتشويه صورهم لدى المسلمين صغارا وكبارا لينشؤوا على‬
‫كرههم وبغضهم والحذر منهم‪ ،‬سلمة للديانة وحفظا للمال والجسد والحال‪،‬‬
‫والله المستعان‪.‬‬
‫‪ http://www.aldaawah.com‬المصدر‪:‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫السخرية والستهزاء بالمسلم من كبائر الذنوب‬


‫أخي الكريم‬
‫السلم عليكم ورحمة الله وبركاته‬
‫هذه رسالة من أخ ناصح لك مشفق عليك يتمنى لك الفلح في الدنيا والخرة‬
‫أخي ‪:‬‬
‫هل تعلم أن الستهزاء بالمسلم من كبائر الذنوب ‪ ،‬قال الله تعالى }يا أيها‬
‫الذين آمنوا ل يسخر قوم من قوم{ الية وقد أجمع العلماء على تحريم ذلك‬
‫وفي كونه كبيرة مجال للنظر ‪ ،‬مع أنه قد روي عن ابن عباس في قوله تعالى‬
‫‪} :‬ل يغادر صغيرة ول كبيرة إل ّ أحصاها{ ] الكهف ‪ [ 49 :‬قال ‪ :‬الصغيرة‬
‫التبسم ‪ ،‬والكبيرة الضحك على حالة الستهزاء وهذا تصريح بأن ذلك من‬
‫الكبائر ‪ ،‬وقال الغزالي في قول ابن عباس هذا إشارة إلى أن الضحك على‬
‫الناس من الجرائم والذنوب واعلم أن معنى السخرية الستحقار والستهانة‬
‫والتنبيه على العيوب والنقائص على من يضحك منه ‪ ،‬وقد يكون ذلك‬
‫بالمحاكاة في الفعل والقول ‪ ،‬وقد يكون بالشارة واليماء ‪ ،‬وقد يكون‬
‫بالضحك كأن يضحك على كلمه إذا تخبط فيه أو غلط أو على صنعته أو قبح‬
‫في صورته ‪ ،‬ونحو ذلك ‪ ،‬وقد خرج البيهقي عن الحسن البصري رحمه الله‬
‫ي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬قال ‪)) :‬إن المستهزئين بالناس ليفتح‬ ‫عن النب ّ‬
‫لحدهم باب الجنة فيقال هلم فيجئ بكربه وغمه فإذا جاء أغلق دونه ثم يفتح‬
‫له باب آخر فيقال ‪ :‬هلم هلم فيجئ بكربه وغمه فإذا جاء أغلق دونه فما يزال‬
‫كذلك حتى أن الرجل ليفتح له الباب ‪ ،‬فيقال هلم هلم فل يأتيه من اليأس((‬
‫انتهى ‪.‬‬
‫وقال بعض أئمة التفسير في قوله تعالى ‪} :‬بئس السم الفسوق بعد‬
‫اليمان{ ] الحجرات ‪ [ 11 :‬من لقب أخاه وسخر منه ؛ فهو فاسق حكاه‬
‫القرطبي ‪.‬‬
‫أخي ‪:‬‬
‫وهذه فتاوى جمعتها لك من كلم بعض العلماء ‪:‬‬
‫س ‪ -1‬أرى كثيرا ً من الشباب إذا رأوا الشاب المحافظ على صلته ودينه‬
‫يستهزئون به ‪ ،‬وأرى كذلك بعض الشباب هداهم الله يتكلمون عن الدين‬
‫باستهتار وعدم مبالة ‪ ،‬فما القول في ذلك ‪ ،‬وهل تجوز مجالستهم والمرح‬
‫معهم في أوقات ليس فيها وقت صلة ؟‬
‫جـ ‪ -‬الستهزاء بالسلم أو بشيء منه كفر أكبر ‪ ،‬قال الله تعالى ‪} :‬قل أبالله‬
‫وآياته ورسوله كنتم تستهزءون ل تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم{ الية ‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫نسأل الله للمسلمين جميعا ً العافية من كل ما يخالف شرعه ‪ ،‬كما نسأله‬


‫سبحانه أن يعافي المسلمين جميعا ً من شر أعدائهم من الكفرة والمنافقين ‪،‬‬
‫وأن يعينهم على التمسك بكتابه سبحانه وسنة نبيه ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪-‬‬
‫في جميع الحوال ‪ ،‬إنه جواد كريم‬
‫س ‪ -2‬ما حكم الستهزاء بالملتزمين بأوامر الله ورسوله ؟‬
‫جـ ‪ - 2‬الستهزاء بالملتزمين بأوامر الله ورسوله لكونهم التزموا بذلك محرم‬
‫وخطير جدا ً على المرء ‪ ،‬لنه يخشى أن تكون كراهته لهم لكراهة ما هم عليه‬
‫من الستقامة على دين الله وحينئذ يكون استهزاؤه بهم استهزاء بطريقهم‬
‫الذي هم عليه فيشبهون من قال الله عنهم ‪} :‬ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا‬
‫نخوض ونلعب قل أبالله وءاياته ورسوله كنتم تستهزءون ل تعتذروا قد كفرتم‬
‫بعد إيمانكم{‪.‬‬
‫فإنها نزلت في قوم من المنافقين قالوا ‪ :‬ما رأينا مثل قرائنا هؤلء ‪ -‬يعنون‬
‫رسول الله ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬وأصحابه أرغب بطونا ول أكذب ألسنا ول‬
‫أجبن عند اللقاء ؛ فأنزل الله فيهم هذه الية فليحذر الذين يسخرون من أهل‬
‫الحق لكونهم من أهل الدين ‪ ،‬فإن الله سبحانه وتعالى يقول }إن الذين‬
‫أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون وإذا مروا بهم يتغامزون وإذا انقلبوا‬
‫إلى أهلهم انقلبوا فكهين وإذا رأوهم قالوا إن هؤلء لضالون وما أرسلوا‬
‫عليهم حافظين فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون على الرائك ينظرون‬
‫هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون{‬

‫)‪(1 /‬‬

‫السلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪ .‬في هذه الليلة الطيبة المباركة ليلة الثنين‬
‫الموافق الحادي والعشرين من شهر رجب لعام ألف وأربعمائة وأربعة عشر‬
‫للهجرة في جامع ابن عيد في مدينة >الدوائم< المباركة ألتقي وإياكم على‬
‫مائدة من موائد النبوة وعلى ذكر نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا به‬
‫جميعا‪.‬‬
‫أشكر الله جل وعل وأحمده على تيسير هذا اللقاء ثم أشكر أولئك الرجال‬
‫المجهولين الذين يعملون ليل نهار ل يرجون نحسبهم كذلك من الناس جزاء‬
‫ول شكورا وإنما رجاؤهم بالله جل وعل الخوة القائمين على مكتب الدعوة‬
‫في هذه المدينة فهم الذين تسببوا في هذا اللقاء فشكر الله سعيهم ووفقهم‬
‫وسدد خطاهم ورعانا وإياكم أجمعين‪.‬‬
‫أيها الحبة موضوع هذا اللقاء السر في حياة النبلء أو إن شئت فقل السر‬
‫العجيب فيا ترى ما هو هذا السر؟ إن حديثي هذه الليلة هو حديث للقلوب‬
‫ولعله أن يكون إن شاء الله حديث من القلب للقلب ولذلك يشترط أن يخلو‬
‫القلب من أمور الدنيا ومن زينتها جئتم وجلستم في بيت من بيوت الله‬
‫ليكون الحديث طيبا والقلب مصغيا ً يبعد الهواجس وملذات الدنيا خلل هذه‬
‫الساعة جرب مع نفسك أن تترك الدنيا خلف ظهرك هذه الساعة وتعال‬
‫واسمع ونحن نصول ونجول ونبحث في السر في حياة أولئك الرجال الذين‬
‫هم أموات في قبورهم ولكنهم أحياء في ذكرهم ونحن نسمع ليل نهار تلك‬
‫السماء على المنابر وعلى كل لسان وفى بطون الكتب وفى كل مكان فل‬
‫إله إل الله من أحيا هذه السماء وهذه هي والله الحياة الحقيقية أيها الخيار ‪.‬‬
‫أول عناصر هذا الموضوع السر العجيب يتحدث إلى القلب عذرا ً أيها القلب‬
‫أعرفتني ل تقل إنك ل تعرفني فقد وقفت على مشارف أسوارك وقرعت‬

‫‪99‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أبوابك كثيرا ً كنت أحوم لجد منفذا ً أنفذ إليك منه إيه أيها القلب لقد أصبحت‬
‫أقسى من الحجر لماذا تحاول الهروب مني ولماذا هذا الصدود عني فكلما‬
‫هممت بأمر سوء حاولت الوقوف أمامك لتراني لتذكرني لترجع عن همك‬
‫لكنك تتجاهلني كأنك ل تراني ويحك أيها القلب إنني السر العجيب في حياة‬
‫القلوب ويحك إنني السر العجيب في ترك الفجور والهوان إنني أريدك أن‬
‫تحيا حياة السعداء أريدك أن تكون علما من العلم وصالحا من الصالحين‬
‫أريدك أن تكون مباركا أينما كنت في أعمالك وأقوالك‪.‬‬
‫تعال أيها القلب تعال واسمع لحياة النبلء وسير الرجال يوم أن كنت أتربع‬
‫على العرش في قلوبهم وأصول وأجول في صدورهم‪..‬‬
‫كانوا جبال ً في الجبال وربما‬
‫صاروا على موج البحار بحارا‬
‫لمعابد الفرنج كان أذانهم‬
‫قبل الكتائب يفتح المصارا‬
‫كانوا يروا الصنام من ذهب‬
‫فتهدم ويهزم فوقها الكفارا‬
‫لن تنسى أفريقيا ول صحراؤها‬
‫سجداتهم والرض تقذف نارا‬
‫اسمع أيها القلب يوم أن فتح لي أولئك الرجال قلوبهم فأصبحوا سادة في‬
‫كل شيء نعم في كل شيء ذكر] الذهبي [ في سير أعلم النبلء قال‪ :‬قال‬
‫]الحسن بن عيسى[ مولى ]ابن المبارك[ اجتمع جماعة فقالوا تعالوا نعد‬
‫خصال ابن المبارك من أبواب الخير فقالوا العلم والفقه والدب والنحو‬
‫واللغة والزهد والفصاحة والشعر وقيام الليل والعبادة والحج والغزو‬
‫والشجاعة والفروسية والقوة وترك الكلم في ما ل يعنيه والنصاف وقلة‬
‫الخلف على أصحابه والتجارة وسخاء النفس والتصديق والورع والتقى وكل‬
‫ذلك عنده وأكثر‬
‫إذا سار عبد الله من مرو ليلة‬
‫فقد سار منها نورها وجمالها‬
‫إذا ذكر الحبار في كل بلدة‬
‫فهم أنجم فيها وأنت هللها‬
‫أسمعت أيها القلب بفضل الله ثم بفضلي أنا السر العجيب كان كل ذلك‬
‫فهل عرفتني؟‬
‫بل تعال واسمع لعلم ثان من هؤلء النبلء إنه] أبو جعفر محمد بن جرير‬
‫الطبري[ مؤرخ مفسر محدث مقرئ فقيه أصولي من أكابر الئمة المجتهدين‬
‫قال ]الخطيب البغدادي[ فيه كان أحد أئمة العلماء ويحكم بقوله ويرجع إلى‬
‫رأيه لمعرفته وفضله وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من‬
‫أهل عصره وكان حافظا لكتاب الله عارفا بالقراءات وفيرا بالمعاني فقيها‬
‫في أحكام القرآن عالما بالسنن وطرقها وصحيحها وسقيمها وناسخها‬
‫ومنسوخها عارفا بأقوال الصحابة وأقوال التابعين ومن بعدهم من المخالفين‬
‫في الحكام ومسائل الحلل والحرام عارفا بأيام الناس وأخبارهم وله الكتاب‬
‫المشهور في تاريخ المم والملوك وكتاب في التفسير أو لم يصنف أحد مثله‬
‫انتهى كلم الخطيب ‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫‪100‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أسمعت أيها القلب أل تسأل ما هو السر في حياة النبلء إنه أنا السر العجيب‬
‫فأين أنت من أولئك قل لي هل ذكرت لي منقبة واحدة من تلك المناقب‬
‫واحدة فقط من كل منقبة واحدة من جل المناقب فيك أيها الخ مسكين أيها‬
‫القلب أنت غرقت في الشهوات والملذات أصابك الكسل والخمول أصبحت‬
‫عبدا ً للدنيا دون أن تشعر كل ذلك يوم هجرتني أيها القلب إن المثلة في‬
‫حياة النبلء كثيرة وطويلة ولكن خذ مثل ً ثالثا ً وأخيرا ً لتقنع أسمعت] بابن‬
‫تيميه[ ل شك نعم إذا فاسمع كلم ]ابن سيد الناس[ فيه قال عنه كاد‬
‫يستوعب السنن والثار حفظا إذا تكلم في التفسير فهو حامل رايته أو أفتى‬
‫في الفقه فهو مدرك غايته أو ذاكر في الحديث فهو صاحب علمه وروايته أو‬
‫حاضر في النحل والملل لم تر أوسع من مشيته في ذلك ول أرفع من درايته‬
‫برز في كل فن على أبناء جنسه ولم تر عين من رآه مثله إلى آخر ما قال‬
‫عنه‪.‬‬
‫وهو العالم المجاهد العابد المر بالمعروف الناهي عن المنكر فعجيب أمر‬
‫أولئك الرجال جمعوا الخير كله جمعوا الخير كله لكنه السر العجيب الذي‬
‫حولهم إلى أعلم وأبطال فافتح لي أبوابك أيها القلب وتذكرني جيدا ً واجعلني‬
‫ملزما لك في كل حال تنال الخير كله في الدنيا والخرة فهل عرفتني أيها‬
‫القلب أو ما زلت تجهلني ل شك أنك عرفتني فالن أتركك وسأرجع إليك بين‬
‫الحين والحين حتى تعد لي منزل في سويداك أيها القلب‪.‬‬
‫العنصر الثاني أهمية السر في طريق الصحوة‪:‬‬
‫ولعلى نسيت أن أقول لكم أن هذه المحاضرة هي المحاضرة الثالثة في‬
‫سلسلة تلقى بعنوان الصلح على طريق الصحوة كانت الولى بعنوان سلمة‬
‫الصدر مطلب وكانت في >الزلفى < والثانية تعال نتعاتب فكانت في‬
‫>الرس< وهذه هي الثالثة فتعال وانظر يا أخي الحبيب لهمية السر في‬
‫طريق الصحوة وأقصد به هذا السر العجيب‪.‬‬
‫إن الجميع بحاجة لهذا السر كبارا ً وصغارا ً نساء ورجال علماء ومتعلمين مع‬
‫شدة غفلتهم عنه ويعجبك أجسام أولئك الرجال رجال الصحوة وأشكالهم‬
‫وأحوالهم لكنك تبحث عنهم في الميدان لعمال لترى العمال فتجد الخمول‬
‫والكسل والهوان إن هذا السر مهم جدا ً ومؤثر فعال في حياة شباب الصحوة‬
‫والدعاة إلى الله جل وعل وما أكثرهم والحمد لله فنسأل عن السبب في هذا‬
‫الخمول والكسل والهوان فإذا هو هذا السر نقرأ اليات فل قلب يتأثر ونسمع‬
‫الحاديث والمواعظ فل عين تدمع ننظر للقصص والعبر فل جسد يقشعر‬
‫ويخشع نحمل الموتى وندخل المقابر ونخرج والقلب هو القلب ونسمع أنين‬
‫الثكالى وصرخات اليتامى والحداث في الشرق والغرب تتوالى والقلب هو‬
‫القلب ل إله إل الله‪ ،‬ل إله إل الله ماذا أصاب هذا القلب فنسأل عن السبب‬
‫ونبحث عن العلج فإذا هو أيضا في هذا السر‪.‬‬
‫أصبحنا نكذب وأصبحنا نغتاب وأصبحنا نأكل الشبهات وربما المحرمات فنسأل‬
‫عن السبب فإذا هو غيبة هذا السر‪ ،‬هذا السر أيقظ مضاجع الصالحين وأزعج‬
‫قلوبهم وأسال دموعهم فعرفوا حقيقة الحياة هذا السر يحفظ المن والمان‬
‫وتكثر الخيرات وتنزل البركات وبغيبته ينتشر الفساد ويعق الولد فهل‬
‫عرفتني أيها الخ الحبيب لبد أنك عرفتني إنني الحارث المين لقلبك‬
‫المسكين إنني المراقب ولكني لست المراقب الداري ولست المراقب‬
‫الصحي ل فأنا المراقب الشرعي إنني مراقبة الله‪ ،‬إنني مراقبة الله أو‬
‫الخوف من الله أو إن شئت فقل الخشية أو التقوى فل بأس فكلنا من عائلة‬
‫واحدة المهم أن تعرف أنك بحاجة في كل لحظة فاتق الله حيثما كنت وانتبه‬

‫‪101‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫لقوله جل وعز )وما ربك بغافل عما تعملون( )واعلموا أن الله يعلم ما في‬
‫أنفسكم فاحذروه( وردد يا أخي الحبيب في كل لحظة )وكان الله على كل‬
‫شيء رقيبا( وتذكر أنه )يعلم خائنة العين وما تخفي الصدور( ويا أخي‬
‫الحبيب أين المفر )وهو معكم أينما كنتم( وويل لذلك العاصي )ألم يعلم بأن‬
‫الله يرى(‬
‫وداو ضمير القلب بالبر والتقى‬
‫فل يستوي قلبان قاس وخاشع‬
‫فاسمع لما يقال رعاك الله آثار هذا السر في حياة السلف‪:‬‬
‫وبعد أن تهيأت أيها القلب وسمعت لهذه التقدمة ولعلك لنت إن شاء الله‬
‫فتعال واسمع وانظر ما هي آثار هذا السر العجيب في حياة أولئك الرجال‬
‫كيف قلبها فأصبحت حياة حقيقية حياة ذات معنى وذات روح ؟‬

‫)‪(2 /‬‬

‫الثر الول‪ :‬استشعار عظم الذنب مهما كان صغيرا أو كبيرا نعم ما زال هذا‬
‫السر وهو مراقبة الله وخوف الله في قلوب الصالحين وقلوب أولئك الرجال‬
‫حتى جعلهم يستشعرون عظم الذنب مهما كان هذا الذنب كان صغيرا أو‬
‫كبيرا نعم فإن من يخاف الله ويراقب الله هو صاحب مبدأ وصاحب عقيدة‬
‫وصاحب ل إله إل الله ول يهمه الذنب إن كان كبيرا أو صغيرا المهم أنه أخطأ‬
‫ووقع في الذنب فإذا أخطأ فسرعان ما يرجع سرعان ما يتوب سرعان ما‬
‫يندم والبشر كلهم خطاءون وخير الخطاءين التوابون‪ .‬عن ]ابن مسعود[ قال‬
‫" إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه وإن الفاجر‬
‫يرى ذنوبه كذباب مر على أنفه فقال به هكذا –فأشار ]أبو شهاب[ راوي‬
‫الحديث بيده‪ -‬فطار" أي طار ذلك الذباب أخرجه البخاري في كتاب الدعوات‬
‫باب التوبة وهذا شأن المسلم دائم الخوف والمراقبة يستغفر ويستصغر‬
‫عمله الصالح ويخشى من صغيرها السيئ والقبيح‪.‬‬
‫ً‬
‫تعال وخذ أمثلة تعال ننتقل لحياة أولئك النبلء لترى هذا الثر جليا واضحا في‬
‫حياتهم في سلوكهم وتصرفاتهم في أقوالهم وأفعالهم صغيرها وكبيرها‪.‬‬
‫رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قدوتنا وحبيبنا روى البخاري في‬
‫صحيحه في كتاب اللقطة باب إذا وجد تمرة في الطريق من حديث أبي‬
‫هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إني لنقلب‬
‫إلى أهلي فأجد التمرة ساقطة علي فراشي فأرفعها لكلها ـ الرسول يقول‬
‫ذلك ـ فأرفعها لكلها ثم أخشى أن تكون صدقة فألقيها " سبحان الله هذه‬
‫هي المدرسة المحمدية التي تخرج منها أولئك النبلء فرسول الله يرسم‬
‫الخطوط العريضة بالتعامل مع الله بالتعامل في هذه الدنيا في أي أمر من‬
‫أمورها حتى ولو كانت تمرة حتى ولو كانت تمرة لم يأكلها صلى الله عليه‬
‫وآله وسلم لماذا ألنها من تمر الصدقة ؟ ل لنه خشي أن تكون من تمر‬
‫الصدقة خشي أن تكون من تمر الصدقة‪..‬‬
‫القضية عند رسول الله شبهة صلوات الله وسلمه عليه فلم يأكلها بأبي هو‬
‫وأمي رسول الله‪.‬‬
‫وفى حديث آخر وفي القصة نفسها وأخرجه أحمد من طريق ]عمرو بن‬
‫شعيب[ عن أبيه عن جده قال "تضور النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ـ‬
‫أي توجع وتقلب ـ فقيل له ما أسهرك؟ قال ‪ :‬إني وجدت تمرة ساقطة‬
‫فأكلتها ثم ذكرت تمرا كان عندنا من تمر الصدقة فما أدري أمن ذلك كانت‬

‫‪102‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫التمرة أو من تمر أهلي فذلك أسهرني" فذلك أسهرني‪ ،‬الله أكبر هو السر‬
‫العجيب الذي تربى عليه أولئك الرجال تمرة تمنع صاحبها ‪،‬قد يقول قائلنا في‬
‫هذه الدنيا هي تمرة ولكنه المبدأ الذي يحمله صاحب ل إله إل الله في قلبه‬
‫يتعامل به مع الكبير والصغير مع العالم والمتواضع في أي مكان كان‪.‬‬
‫ومثل آخر لبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه وأرضاه أخرج البخاري في‬
‫صحيحه في مناقب النصار باب أيام الجاهلية من حديث عائشة رضي الله‬
‫تعالى عنها قالت كان لبي بكر غلم يخرج له الخراج أي يأتيه بما يكسبه من‬
‫بيعه وشرائه وكان أبو بكر يأكل من خراجه أي من كسب هذا الغلم فجاء‬
‫يوما ً بشيء فأكل منه أبو بكر فقال له الغلم أتدري ما هذا فقال أبو بكر وما‬
‫هو قال الغلم كنت تكهنت لنسان في الجاهلية وما أحسن الكهانة إل أني‬
‫خدعته فأعطاني بذلك فهذا الذي أكلت منه فماذا فعل أبو بكر الصديق أيضا‬
‫القضية شبهة عند أبي بكر رضي الله عنه ثمن كهانة تكهنها غلمه في‬
‫الجاهلية ومع ذلك وهو قد أكل الطعام فماذا فعل الصديق رضي الله تعالى‬
‫عنه تقول عائشة فأدخل أبو بكر يده فقاء كل شيء في بطنه أدخل أبو بكر‬
‫يده في فيه فقاء كل شيء في بطنه هكذا الورع هكذا التقى هكذا مراقبة‬
‫الله جل وعل يا أخي الحبيب ل يريد أن يختلط في بطنه أو أن يبني جسده‬
‫على شيء من الشبهات فضل على شيء من المحرمات فأين الناس اليوم‬
‫من هؤلء‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫مثل ثالث أو أثر ثان وهذا الثر هو بيوت تتربى على الورع ومراقبة الله نعم‬
‫إن مما أحدثه هذا السر العجيب أن جعل بيوتا كاملة رجالها ونساءها صغارها‬
‫وكبارها تتربى على الخشية والورع ومخافة الله ولذلك يذكر لنا ]القصطلني[‬
‫في إرشاد الساري يقول أن امرأة جاءت إلى ]المام أحمد[ والمام أحمد بن‬
‫حنبل إمام أهل السنة وناصر السنة وقامع البدعة رضي الله تعالى عنه‬
‫ورحمه صاحب الورع والتقى فقد ألف كتابا ً اسمه الورع جاءت المرأة لتسأل‬
‫المام أحمد سؤال جعل المام يبكي هذا السؤال جعل المام أحمد يبكي‬
‫فتقول المرأة واسمع للسؤال جيدا ً إننا نغزل على سطوحنا فيمر بنا مشاعل‬
‫الظاهرية ـ أي نور الحرس الذين يجوبون الطرقات بالليل ـ ويقع الشعاع‬
‫علينا ـ يعني لحظات ـ أفيجوز لنا الغزل في شعاعها أرأيت دقة المسألة‬
‫ويذكرها ابن المبارك في كتابه بلفظ آخر في كتابه الزهد والرقائق فيقول إن‬
‫المرأة قالت للمام أحمد يا إمام إنني أغزل في السطح على ضوء السراج‬
‫وربما انطفأ السراج فأغزل على ضوء القمر أفيجب علي يا إمام عند بيعي‬
‫لغزلي أن أبين للمشتري ما غزلته تحت السراج مما غزلته تحت ضوء القمر‬
‫سبحان الله!! إلى هذا الحد يبلغ الخوف من الله ومراقبة الجبار في قلوب‬
‫أولئك الرجال هذه امرأة فأين نساؤنا من هذه المرأة هكذا مراقبة الله‬
‫فيبكي المام أحمد رضي الله تعالى عنه من هذا السؤال ويقول لها من أنت‬
‫يا أمة الله من أنت عافاك الله فتذكر أنها أخت لـ]بشر الحافي[ فيبكي ويشتد‬
‫بكاؤه ويقول‪ :‬من بيتكم يخرج الورع الصادق‪.‬‬
‫نعم يوم أن كانت أمة المسلمين تتربى على الورع وعلى خشية الله وخوف‬
‫الله تعال وانظر لبيوت المسلمين على أي شيء تتربى اليوم‪...‬‬
‫نعم أيها الولي ستسأل من الجبار ل من البشر ستسأل عن وسائل التربية‬
‫التي ربيت عليها قلوب أهل بيتك فبماذا ستجيب أبالتلفاز أم بالمجلت أم‬

‫‪103‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫بالفلم أم بأشرطة الغناء أم بماذا ستكون الجابة كيف تريد أن تكون المرأة‬
‫صالحة والفتاة خاشية لله والبن مراقب لله سبحانه وتعالى كيف تريد الصلح‬
‫وهذه هي وسائل التربية اسمع يقول سليمان بن حرب سمعت ]سلمان بن‬
‫زيد[ يقول كنت مع أبى فمررت من حائط فيه تبن وقد كنت صغيرا آنذاك‬
‫فأخذت عود تبن ـ أي من الحائط ـ فوقف أبي وقال لي لم أخذت كأنه‬
‫ينهرني فقلت إنما هي تبنه ببراءة الصغير أي ل تساوى شيئا فقال له أبوه يا‬
‫سلمان لو أن كل إنسان أخذ تبنة هل كان يبقى في الجدار تبن؟ هكذا يربون‬
‫أبناءهم وصغارهم على أحقر الشياء وأصغرها حتى إذا شب وعقل ل تمتد‬
‫يده علي أي شيء مهما كان كبيرا أو صغيرا هذه هي التربية بيوت تربت على‬
‫الخوف والورع‪.‬‬
‫بائعة اللبن وما أدراك ما بائعة اللبن قصة مشهورة معلومة معروفة عند‬
‫الجميع قرأناها عندما كنا صغارا تتكرر علينا كثيرا لكنها تبحث عن الموجه‬
‫ليوجه هذه القصة للناس وتبحث عن الب ليربي أبناءه علي هذه القصة‬
‫فيذكرها ويستخرج الدروس والعبر منها لزوجه لبنته لطفله لنفسه‪..‬‬
‫عمر بن الخطاب كان ليلة من الليالي يعس في شوارع المدينة فاتكأ على‬
‫أحد بيوتات المدينة فسمع الحوار التالي بين الم وابنتها‪:‬‬
‫تقول الم‪ :‬يا بنية أمزجت اللبن بالماء ؟‬
‫فتقول البنية‪ :‬يا أماه أما علمت أن أمير المؤمنين عمر قد نهى أن يمزج‬
‫اللبن بالماء‪ .‬فتقول الم التي تعلق قلبها بالدنيا وبشهواتها وملذاتها والقلب‬
‫يغفل والعين تغفل فتقول الم التي غفلت‪ :‬يا بنية وما يدري أمير المؤمنين‬
‫عمر بنا !!‬
‫نعم من كان يراقب الناس فإن الناس يغفلون وينامون والناس بشر وعرضة‬
‫للسهو والخطأ فتأتى الجابة من قلب تلك الفتاة الصغيرة البريئة التي تربت‬
‫على خشية الله وخوف الله تأتي لتصرخ وتقول لمها‪ :‬يا أماه إن كان عمر ل‬
‫يرانا فإن رب عمر يرانا‪..‬‬
‫الله أكبر على هذه القلوب التي تتربى في سرها وعلنها هكذا هي التربية‬
‫هكذا والله يا عزة السلم عندما يرتعد هذا القلب ويشعر بالحرية والعبودية‬
‫لله جل وعل‪.‬‬
‫قصة رابعة وما أكثر تلك البيوت التي تربت على خشية الله وخوف الله‬
‫ومراقبة الله عمر أيضا كان يعس كعادته رضي الله تعالى عنه وستأتي لنا‬
‫سيرة عمر إن شاء الله أو شيء منها كان يعس في شوارع المدينة وأيضا‬
‫يتكئ على جدار من بيوتاتها وفى ظلمة الليل يسمع أنين تلك المرأة التي‬
‫تخاطب نفسها وهي على فراشها وقد ذهب زوجها مع جيش المسلمين جنديا‬
‫في سبيل الله فغاب عنها طويل فإذا بالمرأة تتمثل هذه البيات فتقول‪:‬‬
‫تطاول هذا الليل واسود جانبه‬
‫وأرقني أل خليل ألعبه‬
‫فوالله لول الله ل شيء غيره‬
‫لحرك من هذا السرير جوانبه‬
‫يعني بالزنا والعياذ بالله‬
‫فو الله لول الله ل شيء غيره‬
‫لحرك من هذا السرير جوانبه ‪0‬‬
‫ولكن ما هو السر العجيب‬
‫ولكن تقوى الله عن ذا تصدني‬
‫وحفظي لبعلي أن تنال مراكبه‬

‫‪104‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫الله أكبر ما أحلى هذا البيت وما أكبر اطمئنان قلبك يا أخي الحبيب وأنت‬
‫تغادر باب المنزل وقد خلفت امرأة صالحة تخشى الله وطفل صغيرا يراقب‬
‫الله وذرية تدمع من خشية الله هكذا تكون بيوت المسلمين وهكذا يكون‬
‫الوجل والخوف من الله‬
‫الثر الثالث من آثار هذا السر العجيب في حياة النبلء كثرة الخلوة بالنفس‬
‫والدمعة المباركة كثرة الخلوة بالنفس نقرأ في سير أولئك الرجال في أولئك‬
‫سرا أو في حياة أولئك النبلء نجد كثرة خلوتهم بأنفسهم في ظلمة ليل أو‬
‫في قطع من خلء ثم سرعان ما تسيل الدموع على الخدود ما الذي أحدث‬
‫هذا الثر إنه السر العجيب رقابة الله وخشية الله جل وعل‪.‬‬
‫ومن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم ل ظل إل ظله كما في الحديث‬
‫الصحيح "رجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه" تأمل هذه الصورة جيدا أيها‬
‫القلب تفكر في هذه الصورة جيدا ذكر الله خاليا ففاضت عيناه هل مرت‬
‫عليك هذه اللحظة؟ هل شعرت يوما من اليام بهذا الموقف؟ هل وقفت ليلة‬
‫من الليالي وتمثلت هذه الصورة؟ إن الرجال الصالحين وشباب الصحوة‬
‫والدعاة من الرجال والنساء بحاجة شديدة لهذه الخلوة لننظر إلى أنفسنا‬
‫وفى عملنا وقولنا وننظر إلى حقيقة أمرنا وسلمة صدورنا إننا بحاجة لهذه‬
‫الصورة بحاجة لهذا الموقف نذكر نعمة الله ومنته علينا إننا أيها الخيار بحاجة‬
‫ماسة وصادقة وملحة لتلك الدمعة الغالية وتلك الدمعة الحارة التي تسيل‬
‫على الخد في لحظة خلوة بتذكر نعمة الله ثم تذكر عظم الذنب والتقصير‬
‫في حق الله فلعل الدمع أن يأتي ولعل القلب أن يلين فيترجم ذلك إلى‬
‫الدمعة الحارة الغالية ما أحوج قلوبنا لمثل هذه الدمعة التي فقدناها في مثل‬
‫هذا العصر‪.‬‬
‫إن عمر بن الخطاب وما أدراك ما عمر أمير المؤمنين ما قرأت يوما في‬
‫سيرة هذا الرجل وأخطأ دمع العين مجراه نعم ل تقل إنه رجل مشهور ل تقل‬
‫إن عمر رجل مشهور ل‪ ،‬اقرأ في سيرته فتجد العجب العجاب في حياة ابن‬
‫الخطاب رضى الله تعالى عنه عمر الذي كان في الجاهلية أقسى قلبا‬
‫وأغلظه كان يرعب المسلمين فيجلس لهم في الطرقات وفوق الشجار‬
‫فيرمي عليهم الشواك والحجار حتى وصل الحقد والجفاء في قلب عمر إلى‬
‫أن يحمل السيف مصلتا ليقتل به أعز البشر رسول الله صلى الله عليه وآله‬
‫وسلم وهل بعد هذا الحقد حقد ؟ ل ومع ذلك تدخل ل إله إل الله وتفعل‬
‫العاجيب في قلب هذا الرجل تدخل رقابة الله لتجعل هذا القلب من قلب‬
‫قاس غليظ كالحجر إلى قلب رقيق لين قريب الدمعة سريع الدقة رضى الله‬
‫تعالى عنه وأرضاه حتى أن عمر قال عنه صلى الله عليه وآله وسلم يا عمر‬
‫إذا رآك الشيطان من فج سلك فجا آخر تخاف منه الشياطين وبشره النبي‬
‫صلى الله عليه وآله وسلم بالجنة فهو من العشرة المبشرين ومع ذلك هل‬
‫اتكل على هذا ل بل كان إمام الخاشعين والخائفين رضى الله تعالى عنه‬
‫وأرضاه‪.‬‬
‫ويروى ]ابن أبى شيبة[ في مصنفه أن عمر يأتي لـ]حذيفة[ ويقول له يا‬
‫حذيفة قل لي بالله أعدني رسول الله من المنافقين ؟ سبحان الله يتهم‬
‫نفسه بالنفاق رضى الله عنه وأرضاه‪.‬‬
‫عمر كان يمر بالية في ورده فتخنقه فيبقى في البيت أياما يعاد يحسبونه‬
‫مريضا كما ذكر ذلك المام أحمد في كتاب الزهد‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وعمر يذكر الذهبي في السير من صفاته أنه كان في خديه خطان أسودان‬
‫من أثر البكاء من خشيته لله رضى الله عنه وأرضاه قرأ يوما )إذا الشمس‬
‫كورت( حتى انتهى إلى قوله تعالى )وإذا الصحف نشرت( فخر مغشيا عليه‬
‫رضى الله تعالى عنه وأرضاه هذا هو عمر يأخذ عود نبات فيقول يا ليتني كنت‬
‫هذا العود يا ليت أم عمر لم تلد عمر يا ليتني كنت شجرة تعضد أي تقطع‬
‫سبحان الله أهذا الخوف وهذه الخشية تخرج من عمر المبشر بالجنة فأين‬
‫نحن من أنفسنا أيها الخيار نراجع قلوبنا أيها الحبة‪..‬‬
‫فمن يبارى أبا حفص وسيرته‬
‫أو من يحاول للفاروق تشبيها‬
‫يوم اشتهت زوجه الحلوى فقال لها‬
‫من أين لي ثمن الحلوى فأشريها‬
‫وهو أمير المؤمنين‬
‫يوم اشتهت زوجه الحلوى فقال لها‬
‫من أين لي ثمن الحلوى فأشريها‬
‫ل تمطتي شهوات النفس جامحة‬
‫فكسرة الخبز عن حلواك تجزيها‬
‫وهل يفي بيت مال المسلمين بما‬
‫توحي إليك إذا طاوعت موحيها‬
‫أي طاوعت نفسك‬
‫قالت الزوجة‪:‬‬
‫قالت لك الله إني لست أرزؤه‬
‫مالي بحاجة نفس كنت أبغيها‬
‫يعني لم أكن أعتمد على بيت مال المسلمين إنما هو مال عندنا أي سأشتري‬
‫الحلوى من مال كان موجودا عندي‪.‬‬
‫قالت أي الزوجة‪:‬‬
‫قالت لك الله إني لست أرزؤه‬
‫مالي بحاجة نفس كنت أبغيها‬
‫يقول لها عمر‬
‫ما زاد عن قوتنا فالمسلمون به أولى‬
‫فقومي لبيت المال رديها‬
‫سبحان الله وهو مالها‬
‫ما زاد عن قوتنا فالمسلمون به أولى‬
‫فقومي لبيت المال رديها‬
‫قد فر شيطانها لما رأى عمر‬
‫إن الشياطين تخشى بأس مخزيها‬
‫هذى مناقبه في عهد دولته‬
‫للشاهدين وللعقاد أحكيها‬
‫في كل واحدة من هن نابلة‬
‫من الطبائع تغدو نفس راعيها‬
‫لعل في أمة السلم نابتة‬
‫تجلو لحاضرها مرآة ناظرها‬
‫حتى ترى بعض ما شابت أوائلها‬
‫من الصروح وما عاناه بانيها‬
‫وحسبها أن ترى ما كان من عمر‬

‫‪106‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(5 /‬‬

‫حتى ينبه منها عين غافيها‬


‫رحمك الله يا عمر وفى الحديث عن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه قال‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وعلى وآله وسلم "ل يلج النار أحد بكى من‬
‫خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع" فبشراك يا أخي الحبيب‪..‬‬
‫أحمد بن حنبل رضى الله تعالى عنه وأرضاه وهو صاحب الورع والخشية يوما‬
‫من اليام كان جالسا مع تلميذه يحدثهم فاقشعر بدنه وشعر بحلوة اليمان‬
‫فقام وتأخر على التلميذ وذهب أحد التلميذ ليرى أين ذهب المام فاقترب‬
‫من باب الغرفة أو الحجرة فوجد وسمع المام أحمد يتمثل البيتين ويبكي بكاء‬
‫شديدا رضى الله تعالى عنه سمع المام أحمد يقول‪:‬‬
‫إذا ما خلوت الدهر يوما فل تقل‬
‫خلوت ولكن قل علي رقيب‬
‫ول تحسبن الله يغفل ساعة‬
‫ول أن ما تخفي عليه يغيب‬
‫المام أحمد يختلي بنفسه ويردد هذين البيتين ما أحوجنا أيها الحبة لترداد‬
‫هذين البيتين والخلوة بالنفس والدمعة المباركة في مثل هذا الوقت‪.‬‬
‫ذكر الذهبي في السير أن ]القاضي الحسين[ حكى عن ]القفال[ أستاذه أنه‬
‫كان في كثير من الوقات يقع عليه البكاء حالة الدرس يعني وهو يلقى‬
‫الدرس‬
‫أن القفال كان كثيرا من الوقات يقع عليه البكاء في حالة الدرس ثم يرفع‬
‫رأسه ويقول أي القفال ما أغفلنا عما يراد بنا فأين نحن من هذا وأين‬
‫المدرسون عن هذا أين المربون الذين يربون أبناء المسلمين على هذه‬
‫الخشية وعن هذا الورع إنك تجول ببصرك في مدارس المسلمين شرقها‬
‫وغربها وترى سمات الصلح والتقى والورع على كثير من المدرسين‬
‫والمدرسات فتسمع ذلك الذي يتناقله القريب والبعيد بوجود الصالحين‬
‫والصالحات ولكنك تتساءل دائما سبحان الله أين البركة أين الثر أين أثر‬
‫أولئك على أبناء المسلمين أين البصمات أين الطفال الذين تربوا على خشية‬
‫الله قليل أولئك‪.‬‬
‫فإذا كان كذلك فلماذا ل نسأل عن السبب ولماذا ل نحاسب النفس ولماذا ل‬
‫نبحث عن العلج ؟‬
‫في قصة تربوية يذكرها بعض علماء التربية أن شيخا قال لتلميذه الصغار يا‬
‫أبنائي ـ وهذه القصة رسالة للمدرسين والمدرسات ـ قال لهم يا أبنائي إذا‬
‫كان من الغد فل يأتي أحد منكم إل وقد جاء معه بدجاجة قد ذبحها في مكان‬
‫ل يراه فيه أحد فجاء التلميذ من الغد وكل منهم قد علق دجاجة في يده‬
‫اليمنى إل غلما واحدا فسأله الشيخ يا غلم أين الدجاجة ؟ فقال الغلم ـ‬
‫اسمعوا التربية ـ فقال الغلم يا شيخ إنك قلت أن أذبح الدجاجة في مكان ل‬
‫يراني فيه أحد وإنني دخلت الحجرة فوجدت أن أحدا يراني فصعدت السطح‬
‫فوجدت أن أحدا يراني وما طرقت مكانا إل وكان ذلك الحد يراني فقال‬
‫الشيخ من هذا الذي يراك فقال الصغير فقال القلب الخاشع لله إنه الله إن‬
‫الله معي في كل مكان يراني‪.‬‬
‫أرأيت التربية فأين أنت يا أخي الحبيب أين أنت أيها المدرس الفاضل أين‬
‫أنت أيها الداعية الصادق أين أنت يا أيتها المدرسة الصالحة أين أنتم من تربية‬
‫أبناء وبنات المسلمين على مثل هذا السر العجيب إننا نحتاج إلى وقفة‬

‫‪107‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫مراجعة ونظرة إلى النفس فإننا نسمع ونقرأ في حياة النبلء أنه إذا كان‬
‫الرجل الصالح لوحده في قريته ومدينته أصلح الله به أهل المدينة إذا فما‬
‫دهانا وما بالنا وأين أثرنا وأين نتائجنا ؟ والله المستعان وإليه المشتكى ول‬
‫حول ول قوة إل بالله‪.‬‬
‫الثر الرابع من آثار هذا السر العجيب في حياة النبلء حمل هم الخرة وتعلق‬
‫القلوب بها نعم إن هذا السر مراقبة الله ما زال يفعل الفاعيل في قلوب‬
‫الصالحين حتى جعل تلك القلوب تتعلق بالخرة فهمومها هي الخرة وأحاديثها‬
‫هي الخرة ودندنتها هي حول الخرة ولذلك أخرج ]ابن ماجة[ بسند صحيح أن‬
‫النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال "من كانت همه الخرة جمع الله شمله‬
‫وجعل غناه في قلبه وأتته الدنيا راغمة ومن كانت همه الدنيا فّرق الله عليه‬
‫أمره وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إل ما كتب الله له" أخرجه ابن‬
‫ماجة بسند صحيح‪.‬‬
‫نسمع هذا الحديث ثم نرى المور الدنيوية هي حديث مجالسنا فتارة عن‬
‫المشاريع التجارية وتارة عن المعمارية وتارة عن الوظيفة ودرجاتها وأخرى‬
‫عن المركب وأخرى عن الملبس وأخرى عن المشرب وهكذا حتى الصالح‬
‫من الناس إن حمل الهم فإذا هو هذا همه‪.‬‬

‫)‪(6 /‬‬

‫ابن المبارك رضى الله تعالى عنه وأرضاه كان يوما من اليام جالسا مع‬
‫تلميذه ويروى هذه القصة ]القاسم بن محمد[ قال كنا نسافر مع ابن‬
‫المبارك فكثيرا ما كان يخطر ببالي ـ الذي كان يقول ذلك القاسم بن محمد ـ‬
‫فأقول في نفسي بأي شيء فضل هذا الرجل علينا وقد سمعتم قبل قليل‬
‫مناقب ابن مبارك في أي شئ فضل هذا الرجل علينا حتى اشتهر في الناس‬
‫بهذه الشهرة إن كان يصلى إنا لنصلى وإن كان يصوم إنا لنصوم وإن كان‬
‫يغزو فإنا لنغزو وإن كان يحج إنا لنحج قال وكنا في بعض مسيرنا في طريق‬
‫الشام ليلة نتعشى في بيت إذ انطفأ السراج فقام بعضنا لصلح السراج أي‬
‫خرج للسراج لصلحه فمكث هنيهة ـ لحظة من الزمن ـ ثم جاء السراج‬
‫فنظرت إلى وجه ابن المبارك ولحيته وقد ابتلت بكثرة الدموع فقلت في‬
‫نفسي بهذه الخشية فضل هذا الرجل علينا ولعله فقد السراج فصار إلى‬
‫الظلمة فذكر القيامة‪.‬‬
‫سبحان الله لحظة من لحظات هنيهة قد تعد دقائق أو ل تعد أو ثواني أو ل‬
‫تعد فيرجع السراج فإذا الدموع قد ملت وجه ولحية ابن المبارك رضى الله‬
‫تعالى عنه‪.‬‬
‫قلوب حملت هم الخرة تعلقت بالخرة فإذا رأت ظلمة تذكرت ظلمة القبر‬
‫وإذا رأت نارا تذكرت نار جهنم وإذا رأت نعيما وخضرة تذكرت جنان‬
‫الفردوس هكذا القلب متعلق بهموم الخرة يفكر في أحوال القيامة وكل أمر‬
‫يلحظه في دنياه ويمر على مخيلته ينتقل مباشرة تنتقل تلك الصورة إلى‬
‫مواقف القيامة وأحوال الخرة‪.‬‬
‫ذكر الذهبي في السير أن ]أشعب بن شعبة المصيصي[ قال قدم ]الرشيد[‬
‫>الرقة< فانجفل الناس خلف ابن المبارك وتقطعت النعال وارتفعت الغبرة‬
‫فأشرفت أم ولد لمير المؤمنين من برج من قصر الخشب فقالت ما هذا‬
‫يعني ما هذه الغبرة وما هذا الجمع وهذا العدد من الناس قالوا عالم من أهل‬
‫>خراسان< قدم قالت هذا والله هو الملك ل ملك هارون الرشيد هذا والله‬

‫‪108‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫هو الملك ل ملك هارون الذي ل يجمع الناس إل بشرط وأعوان‪.‬‬


‫وهكذا الخشية هكذا نتائج الخشية ومراقبة الله تورث المحبة للعبد في قلوب‬
‫الناس وتضع له القبول في الرض بكلمته‪.‬‬
‫وذكر أحمد في الزهد أن ابن مسعود مر على هؤلء الذين ينفخون الكير‬
‫فوقع رضي الله تعالى عنه وأرضاه وأنه مر مرة أخرى على الحدادين فبصر‬
‫بحديدة قد أحميت فبكى رضى الله تعالى عنه وأرضاه‪ .‬أرأيت القلب كيف‬
‫يتعلق بالخرة وبهمومها‪.‬‬
‫وذكر ]ابن الجوزي[ في صفة الصفوة أن ]مطرا البّراق[ وصاحبه التابعي‬
‫]هرم بن حيان[ كانا يصطحبان أحيانا بالنهار فيأتيان صوب الرياحين أو‬
‫الريحان فيسألن الله الجنة ويدعوان ثم يأتيان الحدادين فيعوذان بالله من‬
‫النار ثم يتفرقان إلى منازلهما يخرجان لهذا المر تربية للقلب يعلمون أن‬
‫القلب يغفل ويسهى وتتراكم عليه الشهوات حتى يصبح والعياذ بالله أسود‬
‫مربادا كالكوز مجخيا ل يعرف معروفا ول ينكر منكرا هذا حال كثير من قلوب‬
‫الناس اليوم ونستثني الصالح إن شاء الله أمثالكم ونحسبكم كذلك نعم حتى‬
‫أصبحت قلوب كثير من الناس ل تعرف المعروف ول تنكر المنكر والعياذ‬
‫بالله‪.‬‬
‫ومثال رابع وأخير حول الثر الرابع وهو حمل هم الخرة وتعلق القلوب بها‬
‫وهو التابعي الجليل ]الحسن البصري[ رحمه الله تعالى وما أدراك ما الحسن‬
‫الحسن البصري صاحب الدمعة واقرأ في سيرته إن شئت تجد العجب في‬
‫خشيته وخوفه فقد كان يشتكي جيرانه من كثرة بكائه في الليل وكم من‬
‫المرات قرع بابه في الليل يظن جيرانه أن به أذى وما به إل خوف وخشية‬
‫لله‪.‬‬
‫اسمع هذه القصة لهذا الرجل يقول ]صالح بن حسان[ قال أمسى الحسن‬
‫صائما فجئناه بطعام عند إفطاره قال فلما قرب إليه قال عرضت له هذه‬
‫الية )إن لدينا أنكال وجحيما وطعاما ذا غصة وعذابا أليما( قال فقرصت يده‬
‫عنه فقال ارفعوه فرفعناه قال فأصبح صائما فلما أراد أن يفطر ذكر الية أي‬
‫في اليوم الخر ذكر الية ففعل ذلك أيضا فلما كان اليوم الثالث انطلق ابنه‬
‫إلى ]ثابت البناني[ و]يحيى البكاء[ وأناس من أصحاب الحسن فقال أدركوا‬
‫أبي فإنه لم يذق طعاما منذ ثلثة أيام كلما قربنا إليه ذكر هذه الية )إن لدينا‬
‫أنكال وجحيما وطعاما ذا غصة وعذابا أليما( قال فأتوه فلم يزالوا به حتى‬
‫أسقوه شربة من سويق‪.‬‬
‫إنه رضي الله تعالى عنه ل يتعمد ترك الطعام تزهدا وإنما غلبه هم الخرة‬
‫وتذكر أهوالها فجعله ل يشتهي الكل وتأباه نفسه إن هذه النماذج ليتعثر‬
‫اللسان وهو يتكلم عنها ويضطرب القلب وهو يفكر بها إجلل وهيبة لهم‬
‫رحمهم الله تعالى‪.‬‬
‫كنا قلدة جيد الدهر وانفرطت‬
‫وفى يمين العل كنا رياحينا‬
‫كانت منازلنا في العز شامخة‬
‫ل تشرق الشمس إل في مغانينا‬
‫فلم نزل لصروف الدهر ترمقنا‬
‫شجرا وتخدعنا الدنيا وتلهينا‬
‫حتى غدونا ول جاه ول نصب‬
‫ول صديق ول خل يواسينا‬

‫‪109‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(7 /‬‬

‫الثر الخامس من آثار هذا السر في حياة النبلء وهو الخير من هذه الثار في‬
‫هذه المحاضرة وآثاره كثيرة هضم النفس والجراء عليها مهما بلغت من‬
‫الصلح نعم فإن خشية الله ومراقبة الله جعلت أولئك الرجال يهزمون‬
‫أنفسهم وجعلتهم يحتقرون هذه النفس فما زالوا في هضمها واحتقار شأنها‬
‫تربية لها ومحاسبة وإن كثيرا من أهل الخير والصلح غفل عن قلبه حتى ظن‬
‫أنه يذكر ول يذكر ويحدث ول يحدث وأنه ليس بحاجة إلى موعظة تذكره‬
‫بالجنة والنار والحساب والعذاب فل يسمع وإن سمع فللنتقاد والملحظات‬
‫ول يقرأ وإن قرأ فللتدريس والتعليم ول يصح هذا أبدا يا أخي الحبيب فمن‬
‫آثار استشعار مراقبة الله في حياة السلف أنهم عرفوا حقيقة أنفسهم‬
‫وحرصوا على تربيتها فاسمع لـ]سفيان الثوري[ أمير المؤمنين في الحديث‬
‫اسمع لهذا الرجل يقول عنه المام الذهبي هو شيخ السلم إمام الحفاظ سيد‬
‫العلماء العاملين في زمانه كان سفيان رضى الله عنه لشدة تعلقه بالخرة‬
‫واستيلء همها عليه لكأنه جاء منها فهو يحدثك عنها رأي العين يقول أبو نعيم‬
‫كان سفيان إذا ذكر الموت لم ينتفع به أياما‪،..‬ويقول ابن مهدي كنا نكون‬
‫عنده فكأنما وقف للحساب‪.‬‬
‫أرأيت هذه الصفات في هذا لرجل من شدة الخشية والورع‪ ،‬تعال واسمع‬
‫لهذه القصة العجيبة في حياته اسمع لهذا الموقف العجيب في حياة سفيان‬
‫يقول أحد تلمذته كنت أتتبع المام في خلواته وجلواته في سره وعلنه يقول‬
‫فرأيت عجبا ومن هذا العجب أنني رأيت أن المام سفيان يخرج رقعة من‬
‫جيبه فينظر إليها يفعل ذلك في اليوم مرارا يقول فعجبت لهذا الفعل وبت‬
‫إصرارا في معرفة السر فما زلت خلف المام أتبعه وألحظه حتى وقعت‬
‫الورقة في يدي يقول فنظرت إليها فإذا مكتوب فيها ما تتصور يا أخي الحبيب‬
‫ماذا كتب سفيان في هذه الورقة يقول‪ :‬فإذا مكتوب فيها يا سفيان اذكر‬
‫وقوفك بين يدي الله عز وجل ل إله إل الله سفيان الذي بلغ ما بلغ من‬
‫خشيته وخوفه لله علم أن نفسه تغفل وحرص على تربية هذه النفس فما‬
‫زال في هضمها وتربيتها حتى أنه كتب رقعة يذكر بها نفسه كلما حدثته‬
‫بمعصية‪ ،‬ل إله إل الله عجبا لهؤلء الرجال فنقول ما هو السر الذي جعلهم‬
‫يصلون لهذا نعم إنها رقابة الله وخشية الله نسأل الله جل وعل أن يمل قلوبنا‬
‫بخشيته وخوفه‪.‬‬
‫إذا يا أخي الحبيب يا أيها الصالح أيها الخير يا من تجلس أمامي ويا من تسمع‬
‫كلمي رب نفسك على صلحها ورب نفسك وقل لها وردد عليها في كل‬
‫لحظة قل لها يا نفس إني أخاف الله يا نفس اتقي الله في ربها على هذا‬
‫المبدأ تجد عجبا وتشعر بحلوة اليمان وأثر اللذة في الحياة الدنيا قبل الخرة‬
‫جرب هذا يا أخي الحبيب اسمع لهذا الموقف وهذه الصورة العظيمة التي‬
‫يرسمها لنا صلى الله عليه وآله وسلم في حديث السبعة الذين يظلهم الله‬
‫في ظله يوم ل ظل إل ظله نسأل الله أن نكون وإياك وجميع المسلمين‬
‫منهم بمنه وفضله وكرمه وجوده يقول النبي في آخر هذه الصور ورجل دعته‬
‫امرأة ذات منصب وجمال فقال ما هي الجابة؟ انظر لتربية النفس انظر لثر‬
‫الخشية والمراقبة على العبد فقال إني أخاف الله أيضا تأمل هذه الصورة‬
‫جيدا فكر واسرح بخيالك معها امرأة وليست أية امرأة إنها امرأة ذات منصب‬
‫قادرة على أن تسوي المر إذا افتضح وهي ذات جمال وقلوب الرجال تهفو‬
‫للجمال وهى التي دعته ولم يذهب هو للبحث عنها كل هذه الحوال وهذا‬

‫‪110‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الجو مهيأ للمور كلها ومع ذلك خوف الله وخشية الله تغطي على هذه المور‬
‫كلها تأتي الجابة من القلب الخائف الخاشع لله ليقول لتك المرأة إني أخاف‬
‫الله فرسالة نوجهها إلى أولئك الرجال الذين يركضون خلف النساء والذين‬
‫يسافرون لقصى الرض شرقا وغربا يبحثون عن اللذة نقول أليس لكم في‬
‫هذا الموقف وفي هذه الصورة عبرة بلى والله لكنها عبرة لمن كان له قلب‬
‫أو ألقى السمع وهو شهيد‪.‬‬
‫العنصر الخر كيف الوصول لهذا السر العجيب؟ لعلك يا أخي بسماعك لهذه‬
‫المواقف ولهذه الثار ولهذه القصص وأنت كأنك تقول لي‪:‬‬
‫كرر علي حديثهم يا حادي‬
‫فحديثهم يجلو الفؤاد الشادي‬

‫)‪(8 /‬‬

‫أقول لك إن المواقف كثيرة وتكرارها يزيد اليمان ويرفع حلوته ولكنما‬


‫الوقت قصير ولكني أيضا أقول أين أنتم من تكرارها على أنفسكم وأين أنتم‬
‫من عرضها على أهليكم وأولدكم ثم أين أنتم عنها من الحديث في مجالسكم‬
‫إنني لعجب من حديث الناس في مجالسهم حول القصص الغريبة وحول‬
‫فلن وعلن تارة غيبة وتارة نميمة وتارة كذب وتارة غش وهكذا هى‬
‫المجالس إل ما شاء الله منها فأقول هذه هي المواقف وهذه هي سير‬
‫الصالحين وهذه هي أحاديث رسول الله وهذه هي بضاعتنا أيها الخيار لماذا ل‬
‫تعرض في المجالس لماذا ل نحدث بها نساءنا وأولدنا وفتياتنا وأصحابنا في‬
‫مجالسنا ومنتدياتنا أسألك بالله ألم تحفظ قصة مما ذكر ل شك نعم إذا‬
‫فلماذا ل تحمل هذه القصة لعلها أن يكون لها أثر في قلب زميل من الزملء‬
‫أو ولد من الولد أو أنثى ممن يعيش في بيتك فتكون قد نلت الجر في‬
‫هداية شخص ولن يهدين الله بك رجل واحدا خير لك من حمر النعم فأقول‬
‫ولعلك تقول إذا قل بالله عليك وأسرع بالمقال كيف الوصول لهذه الخشية‬
‫كيف نربي قلوبنا على خشية الله إننا نتأثر ورقت قلوبنا ولنت ولكني أشعر‬
‫سرعان ما نخرج من هذا المكان وتلفنا الدنيا بشهواتها وملذاتها ننسى كثيرا‬
‫من هذه المبادئ أما صاحب المبدأ وصاحب العقيدة فل لن هذا هو همه دائما‬
‫فحديثه عن هذا المر وكلمه عن هذا المر وفعله لهذا المر وصفاته حول هذا‬
‫المر وحول مراقبة الله وخشية الله يدندن دائما‪.‬‬
‫أول المور للوصول لهذا السر أول المعرفة الحقيقية بالله سبحانه وتعالى‬
‫نعم إننا نقول دائما إننا نعرف الله ولكن هل هذا يكفي لو قلت لك من الله‬
‫ما هو صفاته ما هي أسماؤه ما هي عقيدتك وتوحيدك في أسماء الله وصفاته‬
‫لوقفت فاغرا فاك ل تعلم شيئا ولذلك وصل الناس إلى ما وصلوا إليه ولو‬
‫كان الله يعرف حقيقة لعظم في القلوب وقدر حق قدره سبحانه وتعالى‬
‫لذلك فأقول من أراد الخشية من الله والخوف من الله سبحانه وتعالى‬
‫فليتعرف على الله حقيقة المعرفة من خلل أسمائه وصفاته وذلك متمثل في‬
‫توحيد السماء والصفات أليس من أسماء الله عز وجل الرقيب ومن أسمائه‬
‫الحفيظ ومن أسمائه السميع والعليم والبصير فمن عقل هذه السماء وتعبد‬
‫بمقتضاها حصلت له المراقبة فالمراقبة كما يعرفها أهل العلم قالوا هي ثمرة‬
‫علمك بأن الله سبحانه وتعالى رقيب عليك ناظر إليك سامع لقولك مطلع‬
‫على عملك كل وقت وفى كل نفس وكل لحظة وكل طرفة عين فكلما ازداد‬
‫العبد معرفة بأسماء الله وصفاته ازداد إيمانه وقوي يقينه بالله وهذه المعرفة‬

‫‪111‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫تحصل بمراتب ثلث في توحيد السماء والصفات احفظها‪:‬‬


‫أول‪ :‬إحصاء هذه السماء بألفاظها وحفظها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬فهم معانيها ومدلولها دون تحريف ول تعطيل ول تشويه ول تتليف‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬دعاء الله بها وهو على نوعين دعاء الثناء ودعاء المسألة ومن عرف الله‬
‫عظمه وأجله ومن عظمه عظم حرماته وأتمر بأمره وانتهى عن نهيه )ومن‬
‫يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه( ودوام تأمل السماء والصفات بالله‬
‫يورث ذلك حقيقة )وما قدروا الله حق قدره والرض جميعا قبضته يوم‬
‫القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون( فلذلك‬
‫تعرف إلى الله حقيقة المعرفة‪.‬‬
‫المر الثاني للوصول لهذا السر الكثار من ذكر الموت وأحوال الخرة وأنا‬
‫أعرف يا أخي الحبيب أنني عندما أقول مثل هذا المر أنغص عليك عيشك‬
‫وأقطع عليك لذة حياتك وما بودي ذاك والله ولكنه المر الذي ل مفر منه إنه‬
‫الحقيقة الحق البرهان الموت الذي ل بد كل منا شاربه ولذلك فإن أردت‬
‫الخشية والخوف فتذكر الموت وسكراته وشدته تذكر القبر وسؤاله وعذابه‬
‫ونعيمه وضيقه وظلمته وضمته تذكر أهوال يوم القيامة وشدته وطوله‬
‫والعرض على الله سبحانه وتعالى وتذكر تطاير الصحف وتذكر الميزان‬
‫والصراط وتذكر حيرة الخلق وهم كالسكارى وزهول العباد يوم الحساب‬
‫تخيل انخراط الناس من الموقف فمنهم من يساق إلى الجحيم وتسحبهم‬
‫الملئكة إلى أبوابها عياذا بالله ومنهم من يدخل الجنة فتتلقاهم الملئكة هذا‬
‫يومكم الذي توعدون نسأل الله أن نكون من أولئك إن تذكر ذلك كله يدفع‬
‫النسان إلى العمل الجاد المتواصل فالبكاء والندم بتذكر هذه المور ل ينفعان‬
‫صاحبهما إذا لم يقرنا بالعمل ‪.‬‬

‫)‪(9 /‬‬

‫المر الثالث شهود المنة والفضل وهو أن تتذكر فضل الله سبحانه وتعالى‬
‫عليك ومنته ول يعرف الفضل لهل الفضل إل ذووا الفضل نعم إن الكرماء‬
‫هم الذين يعرفون الفضل لهله وأحسبك يا أخي الحبيب إن شاء الله من‬
‫أولئك الكرماء فانظر لنعمة الله عليك انظر لنعمة السلم وحدها انظر إليها‬
‫ويتضح ذلك عندما ترى أحوال الكفار والبدع وانظر لنعمة الهداية ويتضح ذلك‬
‫أيضا عندما ترى أحوال الفساق والفجار وانظر لنعمة العافية ويتضح ذلك‬
‫عندما ترى أحوال المرضى وأهل العاهات فاحمد الله واشكر الله جل وعل‬
‫على هذه النعم وهكذا نعم الله سبحانه وتعالى التي ل تحصي فتذكر أنه قادر‬
‫سبحانه وتعالى على سلبها بكلمة بكن فيكون وقادر سبحانه وتعالى فكن‬
‫ذاكرا شاكرا رعاك الله حتى تعبد الله كأنك تراه‪.‬‬
‫المر الرابع تقوية القلب بالجلوس للمؤمنين والصالحين أصحاب القلوب‬
‫الرقيقة والدمعة الدفيقة احرص على الجلوس مع أولئك الذين يخشون الله‬
‫ويهابونه وهذا على نوعين إما بمخالطة من بمجالسهم الحسية للصالحين‬
‫والتقياء وهم الذين قال عنهم )الخلء يومئذ بعضهم لبعض عدو إل المتقين(‬
‫الذين يخشون الله ويراقبونه أو تكون بالكثار من قراءة قصص الصالحين‬
‫والنظر في سيرهم أكثر وأدمن في قراءة مثل هذه المواقف فإن النسان إذا‬
‫قرأ وأكثر حاول أن يحاكي تصرفات أولئك وحاول أن يتمثل أفعالهم ويتصف‬
‫بصفاتهم‪.‬‬
‫قيل لبن المبارك كما ذكر ذلك الذهبي في السير قال] شقيق البلخي[ قيل‬

‫‪112‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫لبن المبارك إذا أنت صليت لما لم تجلس معنا قال ابن المبارك أجلس مع‬
‫الصحابة والتابعين أنظر في كتبهم وآثارهم فما أصنع معكم أنتم تغتابون‬
‫الناس‪ .‬فعليك يا أخي الحبيب بالنظر في سير أولئك الرجال حتى يتعلق قلبك‬
‫بأحوالهم وصفاتهم‪ .‬وأخيرا اعلم أن الرقابة تتنوع أن رقابة الله عليك تتنوع‬
‫فل مفر لك يا أخي الحبيب إن كثيرا من الناس اليوم يتساءلون كيف نقاوم‬
‫هذا الفساد المنتشر في شرق البلد وغربها كيف نقاومه؟ يقول قائل إنني‬
‫أشكي نفسي ويقول قائل إنني أشكي ولدي وضعفه وربما فسقه ويقول‬
‫قائل أشكو حال زوجي وتمردها علي ويقول قائل أشكو المعاصي ويقول‬
‫قائل أشكو الشيطان ويقول قائل وهكذا يشكو الناس كثير أو كلهم من أشياء‬
‫تجمعت وتكالبت على قلوبهم فأين المفر ؟ ما هو العلج لمثل هذا المر؟‬
‫أقول إنه السر العجيب إنه تربية النفس سواء كانت نفسك أو نفس زوجك أو‬
‫ولدك أو بنتك أو غيرهم على رقابة الله فامل هذه القلوب برقابة الله ثم‬
‫انظر يا أخي الحبيب أسألك بالله أل تعجب في نهار رمضان من المرأة وهى‬
‫في مطبخها أمام أصناف الطعمة والمأكولت ومع ذلك هي جائعة وهي‬
‫عطشى وتريد أن تأكل ولو لقمة أو أن تشرب ولو شربة ومع ذلك ل تفعل‬
‫سبحان الله من الذي ردها من الذي منعها أن تأكل والطعام أمامها إنها رقابة‬
‫ل إله إل الله إنه الخوف من الله أل تعجب من الرجل في نهار رمضان وفى‬
‫القيلولة وشدة حر الشمس وهو جائع عطشان ومع ذلك يتوضأ ويتمضمض‬
‫ويستطيع أن يدخل إلى فيه شيئا من قطرات الماء وهو يتمضمض ويتوضأ‬
‫ولكنه يحرص كل الحرص على أن ل يدخل فيه أو حلقه شيء ولو كانت‬
‫قطرة واحدة سبحان الله من الذي رباه على هذا الحرص من الذي جعله‬
‫يحرص على هذا المر وعلى هذه الشدة وهذا الحال إنها رقابة الله أول‬
‫تعجب من المسافر وحده في الخلء وفى الطريق ينظر ساعته ثم يركن‬
‫سيارته ثم يتوضأ ثم يؤذن ثم يستقبل القبلة ثم يصلي سبحان الله ل يطلع‬
‫عليه أحد من الناس ولكنها خشية الله ورقابة الله إذا امتلت بها النفوس‬
‫والقلوب‪.‬‬
‫فإذا علمت ذلك فاعلم أن الرقابة تتنوع وهو آخر المطاف رقابة الله على‬
‫أشكال ول مفر لك فذكر بهذا نفسك وذكر بهذا أهل المعصية وأهل الشهوة‪.‬‬
‫أول هذه النواع رقابة الملئكة يقول جل وعز )أم يحسبون أنا ل نعلم سرهم‬
‫ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون( ويقول سبحانه وتعالى )وإن عليكم‬
‫لحافظين كراما كاتبين يعلمون ما تفعلون(‪.‬‬
‫الرقابة الثانية رقابة الكتب فلكل عبد كتاب فيه كل صغيرة وكبيرة قال تعالى‬
‫)وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه‬
‫منشورا اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا(‪.‬‬
‫رقابة ثالثة رقابة الجوارح )يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما‬
‫كانوا يعملون(‪.‬‬
‫رقابة رابعة‪ :‬رقابة الجلود )وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله‬
‫الذي أنطق كل شيء وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون وما كنتم تستترون‬
‫أن يشهد عليكم سمعكم ول أبصاركم ول جلودكم ولكن ظننتم أن الله ل يعلم‬
‫كثيرا مما تعملون وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من‬
‫الخاسرين(‪.‬‬

‫)‪(10 /‬‬

‫‪113‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ورقابة خامسة وأخيرة رقابة الرض" قرأ صلى الله عليه وآله وسلم يوما‬
‫سورة الزلزلة فلما وصل إلى قوله تعالى )يومئذ تحدث أخبارها( قال‬
‫لصحابه أتدرون ما أخبارها ؟ قالوا الله ورسوله أعلم‪ .‬قال إن أخبارها يوم‬
‫تحدث أو تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها تقول عمل علي يوم‬
‫كذا كذا وكذا فهذه أخبارها‪ ".‬أخرجه الحاكم في مستدركه وصححه والترمذي‬
‫في سننه وقال حسن صحيح وتعقب الذهبي الحاكم وقال فيه ]شريح بن‬
‫سليمان[ وهو منكر الحديث وكذلك أخرجه المام أحمد في مسنده وقال عنه‬
‫]اللباني[ في ضعيف الترمذي ضعيف أو ضعيف السناد‪.‬‬
‫هذه الرقابة المتنوعة أين المفر منها يا أخي الحبيب لعلك علمت إذا أنه ل‬
‫مفر إذا البواب موصدة فما بقي أمامك إل باب واحد مفتوح وهو باب تربية‬
‫النفس على خشية الله ومراقبة الله هذا هو السر العجيب الذي أردت أن‬
‫أطلعك عليه الذي قلب حياة أولئك الرجال فجعل حياة النبلء حياة ذات معنى‬
‫وذات لذة وذات حلوة فهل تريد يا أخي الحبيب هذه الحياة ؟ هل تريد أن‬
‫تشعر بمعنى قيمة الحياة جرب ذلك وحاول أن تتمثل هذا السر فستجد‬
‫العجب العجاب في حياتك كلها كبيرها وصغيرها‪.‬‬
‫نسأل الله جل وعل أن يرزقنا خشيته في السر والعلن اللهم آت نفوسنا‬
‫تقواها وزكها أنت خير من زكاها اللهم اقسم لنا من خشيتك ما تحول به بيننا‬
‫وبين معاصيك اللهم ألن قلوبنا يا حي يا قيوم اللهم وفقنا لما تحب وترضى‬
‫اللهم تقبل منا واغفر لنا أجمعين اللهم ل نقوم من مجلسنا هذا إل وقد قلت‬
‫لنا جميعا صغيرنا وكبيرنا ذكرنا وأنثانا قوموا مغفورا لكم أنت ولي ذلك‬
‫والقادر عليه برحمتك ومنك ولطفك يا أرحم الراحمين أستغفر الله وأتوب‬
‫إليه وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن ل إله إل أنت أستغفرك وأتوب إليك‬
‫وصل الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما‬
‫كثيرا‪.‬‬

‫)‪(11 /‬‬

‫السر العجيب‬
‫يتناول الدرس سرا من أسرار القلوب العجيبة التي بسبب فقدانه ضاعت‬
‫المانة وانتشرت الرذيلة واختفت الفضيلة ثم يعرض لثار هذا السر في حياة‬
‫النبلء ابتداًء برسولنا صلى الله عليه وسلم وانتهاًء بجمع من سلفنا الصالح‪،‬‬
‫ثم ذكر كيفية الوصول لهذا السر العجيب‪ ،‬ثم تناول رقابة الله المحيطة‬
‫بالعبد‪ ،‬ولم يبق إل تربية النفس على هذا السر ‪.‬‬
‫ما هو السر في حياة أولئك الرجال الذين هم أموات في قبورهم ولكنهم‬
‫أحياء في ذكرهم‪ ،‬ونحن نسمع ليل نهار تلك السماء على المنابر وعلى كل‬
‫لسان‪ ،‬وفى بطون الكتب وفى كل مكان‪ ،‬فل إله إل الله من أحيا هذه‬
‫السماء؟ وهذه هي والله الحياة الحقيقية ‪.‬‬
‫السر العجيب يتحدث إلى القلب‪ :‬تعال أيها القلب‪ ،‬لتعلم حياة النبلء‪ ،‬وسير‬
‫الرجال يوم أن كنت أتربع على العرش في قلوبهم‪ ،‬وأصول‪ ،‬وأجول في‬
‫صدورهم‪ .‬اسمع أيها القلب‪ :‬يوم أن فتح لي أولئك الرجال قلوبهم؛ فأصبحوا‬
‫سادة في كل شيء‪ ،‬فعن الحسن بن عيسى مولى ابن المبارك قال‪ :‬اجتمع‬
‫جماعة‪ ،‬فقالوا‪ :‬تعالوا نعد خصال ابن المبارك من أبواب الخير‪ ،‬فقالوا‪ :‬العلم‪،‬‬
‫والفقه‪ ،‬والدب‪ ،‬والنحو‪ ،‬واللغة‪ ،‬والزهد‪ ،‬والفصاحة‪ ،‬والشعر‪ ،‬وقيام الليل‪،‬‬
‫والعبادة‪ ،‬والحج‪ ،‬والغزو‪ ،‬والشجاعة‪ ،‬والفروسية‪ ،‬والقوة‪ ،‬وترك الكلم في‬

‫‪114‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ماليعنيه‪ ،‬والنصاف‪ ،‬وقلة الخلف على أصحابه‪ ،‬والتجارة‪ ،‬وسخاء النفس‪،‬‬


‫والتصديق‪ ،‬والورع‪ ،‬والتقى‪ ،‬وكل ذلك عنده وأكثر ‪.‬‬
‫إذا سار عبد الله من مرو ليلة فقد سار منها نورها وجمالها‬
‫إذا ذكر الحبار في كل بلدة فهم أنجم فيها وأنت هللها‬
‫أسمعت أيها القلب بفضل الله‪ ،‬ثم بفضلي أنا السر العجيب كان كل ذلك‪،‬‬
‫فهل عرفتني؟‬
‫واسمع لعلم ثان من هؤلء النبلء‪ :‬إنه أبو جعفر محمد بن جرير الطبري‪،‬‬
‫مؤرخ‪ ،‬مفسر‪ ،‬محدث‪ ،‬مقرئ‪ ،‬فقيه‪ ،‬أصولي‪ ،‬من أكابر الئمة المجتهدين ‪.‬‬
‫قال الخطيب البغدادي فيه‪ ':‬كان أحد أئمة العلماء‪ ،‬ويحكم بقوله‪ ،‬ويرجع إلى‬
‫رأيه؛ لمعرفته‪ ،‬وفضله‪ ،‬وكان قد جمع من العلوم مالم يشاركه فيه أحد من‬
‫أهل عصره‪ ،‬وكان حافظا ً لكتاب الله‪ ،‬عارفا ً بالقراءات‪ ،‬بصيرا ً بالمعاني‪ ،‬فقيها ً‬
‫في أحكام القرآن‪ ،‬عالما ً بالسنن وطرقها‪ ،‬وصحيحها وسقيمها‪ ،‬وناسخها‬
‫ومنسوخها‪ ،‬عارفا ً بأقوال الصحابة‪ ،‬وأقوال التابعين ومن بعدهم من‬
‫المخالفين في الحكام ومسائل الحلل والحرام‪ ،‬عارفا ً بأيام الناس وأخبارهم‪،‬‬
‫وله الكتاب المشهور في تاريخ المم والملوك‪ ،‬وكتاب في التفسير لم يصنف‬
‫أحد مثله' ‪.‬‬
‫فما السر في حياة هؤلء النبلء؟ وأين أنت من أولئك؟ هل ذكرت لي منقبة‬
‫واحدة من تلك المناقب فيك أيها الخ؟ مسكين أيها القلب غرقت في‬
‫الشهوات والملذات‪ ،‬أصابك الكسل والخمول‪ ،‬أصبحت عبدا ً للدنيا دون أن‬
‫تشعر كل ذلك يوم هجرتني أيها القلب ‪.‬‬
‫وخذ مثل ً ثالثا ً لتقنع‪ :‬أسمعت بابن تيمية؟ لشك‪ :‬نعم‪ ،‬إذا فاسمع كلم ابن‬
‫ً‬
‫سيد الناس فيه حيث قال عنه‪ ':‬كاد يستوعب السنن والثار حفظًا‪ ،‬إذا تكلم‬
‫في التفسير؛ فهو حامل رايته‪ ،‬أو أفتى في الفقه؛ فهو مدرك غايته‪ ،‬أو ذاكر‬
‫في الحديث؛ فهو صاحب علمه وروايته‪ ،‬أو حاضر في النحل والملل؛ لم تر‬
‫أوسع من مشيته في ذلك ول أرفع من درايته‪ ،‬برز في كل فن على أبناء‬
‫جنسه‪ ،‬ولم تر عين من رآه مثله‪ . '...‬فعجيب أمر أولئك الرجال‪ :‬جمعوا الخير‬
‫كله‪ ،‬لكنه السر العجيب الذي حولهم إلى أعلم وأبطال‪ ،‬فهل عرفتني أيها‬
‫القلب ؟ والن أتركك وسأرجع إليك بين الحين والحين حتى تعد لي منزل في‬
‫سويداك أيها القلب‪.‬‬
‫أهمية السر في طريق الصحوة‪:‬‬
‫إن الجميع بحاجة لهذا السر مع شدة غفلتهم عنه‪ ،‬ويعجبك أجسام أولئك‬
‫الرجال‪ -‬رجال الصحوة‪-‬وأشكالهم وأحوالهم‪ ،‬لكنك تبحث عنهم في الميدان؛‬
‫لترى العمال‪ ،‬فتجد الخمول والكسل‪ ،‬والهوان ‪.‬‬
‫إن هذا السر مهم جدًا‪ ،‬ومؤثر فعال في حياة شباب الصحوة والدعاة إلى الله‬
‫وما أكثرهم والحمد لله‪ .‬فنسأل عن السبب في هذا الخمول والكسل‬
‫والهوان‪ ،‬فإذا هو هذا السر ‪ .‬نقرأ اليات‪ ،‬فل قلب يتأثر‪ ،‬ونسمع الحاديث‬
‫والمواعظ‪ ،‬فل عين تدمع‪ ،‬ننظر للقصص والعبر‪ ،‬فل جسد يقشعر ويخشع‪،‬‬
‫نحمل الموتى‪ ،‬وندخل المقابر ونخرج‪ ،‬والقلب هو القلب‪ ،‬ونسمع أنين‬
‫الثكالى‪ ،‬وصرخات اليتامى‪ ،‬والحداث في الشرق والغرب تتوالى‪ ،‬والقلب هو‬
‫القلب‪ ،‬ل إله إل الله‪ :‬ماذا أصاب هذا القلب‪ ،‬فنسأل عن السبب ونبحث عن‬
‫ضا في هذا السر‪.‬‬ ‫العلج‪ ،‬فإذا هو أي ً‬

‫)‪(1 /‬‬

‫‪115‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أصبحنا نكذب‪ ،‬ونغتاب‪ ،‬ونأكل الشبهات‪ ،‬وربما المحرمات‪ ،‬فنسأل عن‬


‫السبب‪ ،‬فإذا هو غيبة هذا السر‪ ،‬هذا السر أقض مضاجع الصالحين‪ ،‬وأزعج‬
‫قلوبهم‪ ،‬وأسال دموعهم؛ فعرفوا حقيقة الحياة‪ .‬هذا السر يحفظ المن‬
‫والمان‪ ،‬وتكثر الخيرات‪ ،‬وتنزل البركات‪ .‬وبغيبته ينتشر الفساد‪ ،‬ويعق الولد‪،‬‬
‫فهل عرفتني أيها الخ الحبيب‪ ،‬لبد أنك عرفتني‪ ،‬إنني الحارث المين لقلبك‬
‫المسكين‪ ،‬إنني المراقب الشرعي‪ ،‬إنني‪ :‬مراقبة الله‪ ،‬أو الخوف من الله‪ ،‬أو‬
‫إن شئت‪ ،‬فقل‪ :‬الخشية أو التقوى ‪ .‬فاتق الله حيثما كنت‪ ،‬وانتبه لقوله‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫موا أ ّ‬ ‫ن]‪“} [123‬سورة هود” ‪َ { .‬واعْل َ ُ‬ ‫مُلو َ‬ ‫ما ت َعْ َ‬ ‫ل عَ ّ‬ ‫ك ب َِغافِ ٍ‬ ‫ما َرب ّ َ‬ ‫تعالى‪ {:‬وَ َ‬
‫َ‬
‫ه]‪“} [235‬سورة البقرة “ ‪.‬ورّدد في كل‬ ‫حذ َُرو ُ‬ ‫م َفا ْ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫ما ِفي أن ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ه ي َعْل َ ُ‬ ‫الل ّ َ‬
‫يٍء َرِقيًبا]‪“} [52‬سورة الحزاب” ‪.‬وتذكر‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ه عََلى ك ُ ّ‬ ‫ن الل ّ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫لحظة‪ {:‬وَ َ‬
‫خائ ِن َ َ ْ َ‬
‫دوُر]‪“} [19‬سورة غافر “ ‪ .‬ويا أخي‬ ‫ص ُ‬ ‫في ال ّ‬ ‫خ ِ‬ ‫ما ت ُ ْ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫ة العْي ُ ِ‬ ‫م َ‬ ‫أنه‪ {:‬ي َعْل َ ُ‬
‫َ‬
‫م]‪“} [4‬سورة الحديد” ‪ .‬وويل‬ ‫ما ك ُن ْت ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م أي ْ َ‬ ‫معَك ُ ْ‬ ‫الحبيب أين المفر‪ {:‬وَهُوَ َ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه ي ََرى]‪“} [14‬سورة العلق “ ‪.‬‬ ‫ن الل َ‬ ‫م ب ِأ ّ‬ ‫م ي َعْل َ ْ‬ ‫لذلك العاصي‪ {:‬أل َ ْ‬
‫وداو ضمير القلب بالبر والتقى فل يستوي قلبان قاس وخاشع‬
‫آثار هذا السر في حياة السلف‪:‬‬
‫‪ -1‬استشعار عظم الذنب ‪ :‬هذا السر وهو‪:‬مراقبة الله وخوف الله في قلوب‬
‫الصالحين؛ جعلهم يستشعرون عظم الذنب صغيرا ً كان‪ ،‬أو كبيرًا‪ ،‬فإذا أخطأ‬
‫أحدهم‪ ،‬فسرعان ما يرجع ويتوب‪ ،‬والبشر كلهم خطاءون‪ ،‬وخير الخطاءين؛‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬
‫جب َ ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫ص ِ‬ ‫ه ِفي أ ْ‬ ‫ه ك َأن ّ ُ‬ ‫ن ي ََرى ذ ُُنوب َ ُ‬ ‫م َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫سُعوٍد‪ ':‬إ ِ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ل عَب ْد ُ الل ّهِ ب ْ ُ‬ ‫التوابون‪َ .‬قا َ‬
‫َ‬ ‫خا ُ َ‬
‫ذا‬‫ل ب ِهِ هَك َ َ‬ ‫فهِ َقا َ‬ ‫ب وَقَعَ عََلى أن ْ ِ‬ ‫ه ك َذ َُبا ٍ‬ ‫جَر ي ََرى ذ ُُنوب َ ُ‬ ‫فا ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫قعَ عَل َي ْهِ وَإ ِ ّ‬ ‫ن يَ َ‬ ‫فأ ْ‬ ‫يَ َ‬
‫فَطاَر' رواه البخاري والترمذي وأحمد‪ .‬وهذا شأن المسلم‪ :‬دائم الخوف‬ ‫َ‬
‫والمراقبة‪ ،‬يستغفر‪ ،‬ويستصغر عمله الصالح‪ ،‬ويخشى من صغيرها السيئ‬
‫والقبيح‪.‬‬
‫ً‬
‫وهذه أمثلة في حياة أولئك النبلء؛ لنرى هذا الثر جليا واضحا سلوكهم‪،‬‬
‫وتصرفاتهم‪:‬‬
‫ي‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ن الن ّب ِ ّ‬ ‫ه عَ ْ‬ ‫ه عَن ْ ُ‬ ‫ي الل ُ‬ ‫ضَ َ‬ ‫ن أِبي هَُري َْرة َ َر ِ‬ ‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪:‬عَ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل‪] :‬إ ِّني َل َن ْ َ‬
‫ة عَلى‬ ‫ساقِط ً‬ ‫مَرةَ َ‬ ‫جد ُ الت ّ ْ‬ ‫َ‬
‫ب إ ِلى أهِْلي فأ ِ‬ ‫قل ِ ُ‬ ‫م َقا َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫َ‬
‫قيَها[رواه البخاري ‪ .‬هذه‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫خ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ة فأل ِ‬ ‫صد َق ً‬ ‫ن َ‬ ‫ن ت َكو َ‬ ‫شى أ ْ‬ ‫مأ ْ‬ ‫شي فأْرفعَُها ِلكلَها ث ّ‬ ‫فَِرا ِ‬
‫هي المدرسة المحمدية التي تخرج منها أولئك النبلء‪ ،‬تمرة‪ ،‬ولم يأكلها صلى‬
‫الله عليه وآله وسلم لماذا؟ هل لنها من تمر الصدقة ؟ ل‪ ،‬لنه خشي أن‬
‫تكون من تمر الصدقة! شبهة‪ ،‬فلم يأكلها صلوات الله وسلمه عليه ‪.‬‬
‫َ‬
‫ن ِلِبي‬ ‫كا َ‬ ‫ت‪َ ] :‬‬ ‫ه عَن َْها َقال َ ْ‬ ‫ي الل ّ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ة َر ِ‬ ‫ش َ‬ ‫عائ ِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫أبو بكر الصديق رضي الله عنه‪ :‬عَ ْ‬
‫ْ‬
‫ن أ َُبو ب َك ْرٍ ي َأك ُ ُ‬
‫يٍء‬ ‫ش ْ‬ ‫ما ب ِ َ‬ ‫جاَء ي َوْ ً‬ ‫جهِ فَ َ‬ ‫خَرا ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ج وَ َ‬ ‫خَرا َ‬ ‫ه ال ْ َ‬ ‫ج لَ ُ‬ ‫خرِ ُ‬ ‫م يُ ْ‬ ‫ب َك ْرٍ غَُل ٌ‬
‫ل‪:‬‬ ‫ما هُوَ َقا َ‬ ‫ل أُبو ب َك ْرٍ وَ َ‬
‫َ‬ ‫قا َ‬ ‫ذا فَ َ‬ ‫ما هَ َ‬ ‫م‪ :‬أت َد ِْري َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه الغُل ُ‬ ‫ْ‬ ‫لل ُ‬ ‫َ‬ ‫قا َ‬ ‫ه أُبو ب َك ْرٍ فَ َ‬ ‫َ‬
‫من ْ ُ‬‫ل ِ‬ ‫فَأ َك َ َ‬
‫قي َِني‬ ‫ه فَل َ ِ‬ ‫خد َعْت ُ ُ‬ ‫ة إ ِّل أ َّني َ‬ ‫ن ال ْك َِهان َ َ‬ ‫س ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ما أ ْ‬
‫ُ‬
‫جاهِل ِي ّةِ وَ َ‬ ‫ن ِفي ال ْ َ‬ ‫سا ٍ‬ ‫ت ِل ِن ْ َ‬ ‫ت ت َك َهّن ْ ُ‬ ‫ك ُن ْ ُ‬
‫ُ‬ ‫ل أُبو ب َكرٍ ي َد َه ُ فَ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫فَأ َعْطاِني ب ِذ َل ِ َ‬ ‫َ‬
‫يٍء ِفي‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫قاَء ك ّ‬ ‫خ َ‬ ‫ه فَأد ْ َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ت ِ‬ ‫ذي أكل َ‬ ‫ذا ال ِ‬ ‫ك فَهَ َ‬
‫ه[ رواه البخاري‪ .‬هكذا الورع! هكذا التقى! هكذا مراقبة الله! ل يريد أن‬ ‫ب َط ْن ِ ِ‬
‫يختلط في بطنه‪ ،‬أو أن يبني جسده على شيء من الشبهات‪ ،‬فضل عن‬
‫المحرمات‪ ،‬فأين الناس اليوم من هؤلء؟! كانت أمة المسلمين تتربى على‬
‫الورع‪ ،‬وعلى خشية الله‪ ،‬وخوف الله‪ ،‬و الن‪ :‬انظر لبيوت المسلمين على أي‬
‫شيء تتربى اليوم؟!‬
‫أيها الولي‪ :‬ستسأل من الجبار لمن البشر عن وسائل التربية التي ربيت‬
‫عليها قلوب أهل بيتك‪ ،‬فبماذا ستجيب؟ أبالتلفاز‪ ،‬أم بالمجلت‪ ،‬أم بالفلم‪ ،‬أم‬
‫بأشرطة الغناء؟ كيف تريد الصلح‪ ،‬وهذه هي وسائل التربية ‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫‪ -2‬كثرة الخلوة بالنفس والدمعة المباركة‪ :‬نقرأ في سير أولئك الرجال؛ نجد‬
‫كثرة خلوتهم بأنفسهم في ظلمة ليل‪ ،‬وسرعان ما تسيل الدموع على‬
‫الخدود‪ ،‬وهذا أثر السر العجيب‪:‬رقابة الله وخشيته‪ .‬ومن السبعة الذين يظلهم‬
‫ه[رواه‬ ‫ت عَي َْنا ُ‬‫ض ْ‬‫فا َ‬ ‫خال ًِيا فَ َ‬
‫ه َ‬ ‫ل ذ َك ََر الل ّ َ‬
‫ج ٌ‬‫الله في ظله يوم ل ظل إل ظله‪] :‬وََر ُ‬
‫البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأحمد ومالك ‪ .‬فهل مرت عليك هذه‬
‫ما من اليام بهذا الموقف؟ هل وقفت ليلة من‬ ‫اللحظة؟ هل شعرت يو ً‬
‫الليالي وتمثلت هذه الصورة؟ إن الصالحين‪ ،‬وشباب الصحوة‪ ،‬والدعاة من‬
‫الرجال والنساء؛ بحاجة شديدة لهذه الخلوة؛ لننظر إلى أنفسنا‪ ،‬وفى عملنا‪،‬‬
‫وقولنا‪ ،‬وننظر إلى حقيقة أمرنا وسلمة صدورنا‪ ...‬إننا أيها الخيار بحاجة‬
‫ماسة‪ ،‬وملحة لتلك الدمعة الغالية في لحظة خلوة‪ ،‬بتذكر نعمة الله‪ ،‬ثم تذكر‬
‫عظم الذنب والتقصير في حق الله‪ ،‬فلعل الدمع أن يأتي‪ ،‬ولعل القلب أن‬
‫يلين‪ ،‬فيترجم ذلك إلى الدمعة الحارة الغالية‪ ،‬التي فقدناها في مثل هذا‬
‫العصر‪.‬‬
‫فهذا عمر بن الخطاب‪ :‬وما أدراك ما عمر؟ اقرأ سيرته؛ ستجد العجب‬
‫العجاب‪ ،‬وهو من العشرة المبشرين‪ ،‬ومع ذلك‪:‬هل اتكل على هذا؟ ل بل كان‬
‫إمام الخاشعين رضي الله عنه‪ ،‬كان يمر بالية في ورده‪ ،‬فتخنقه‪ ،‬فيبقى في‬
‫ضا‪ ،‬ومن صفاته رضي الله عنه أنه كان في‬ ‫البيت أياما ً يعاد يحسبونه مري ً‬
‫س‬
‫م ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫ما‪ {:‬إ َِذا ال ّ‬ ‫خديه خطان أسودان من أثر البكاء من خشيته لله‪ ،‬وقرأ يو ً‬
‫ت]‪“} [10‬سورة‬ ‫شَر ْ‬ ‫ف نُ ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫ص ُ‬‫ت]‪} [1‬حتى انتهى إلى قوله تعالى‪{:‬وَإ َِذا ال ّ‬ ‫ك ُوَّر ْ‬
‫التكوير “ فخر مغشيا ً عليه‪ .‬وكان يأخذ عود نبات‪ ،‬فيقول‪':‬يا ليتني كنت هذا‬
‫العود‪ ،‬يا ليت أم عمر لم تلد عمر‪ ،‬يا ليتني كنت شجرة تعضد‪ -‬أي‪ :‬تقطع‪. '-‬‬
‫رحمك الله يا عمر‪:‬‬
‫فمن يباري أبا حفص وسيرته أو من يحاول للفاروق تشبيًها‬
‫م‪َ ] :‬ل‬ ‫سل ّ َ‬‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ل الل ّهِ َ‬ ‫سو ُ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫ن أ َِبي هَُري َْرة َ َقا َ‬
‫ل‪َ :‬قا َ‬ ‫وفى الحديث عَ ْ‬
‫معُ غَُباٌر‬ ‫ضْرِع وََل ي َ ْ‬
‫جت َ ِ‬ ‫ن ِفي ال ّ‬ ‫حّتى ي َُعود َ الل ّب َ ُ‬ ‫شي َةِ الل ّهِ َ‬‫خ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫كى ِ‬ ‫ل بَ َ‬
‫ج ٌ‬‫ج الّناَر َر ُ‬
‫ي َل ِ ُ‬
‫م[ رواه الترمذي والنسائي وأحمد ‪.‬‬ ‫جهَن ّ َ‬‫ن َ‬‫خا ُ‬ ‫ّ‬
‫ل اللهِ وَد ُ َ‬ ‫سِبي ِ‬
‫ِفي َ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وهذا أحمد بن حنبل‪:‬وهو صاحب الورع والخشية كان جالسا يوما مع تلميذه‬
‫يحدثهم‪ ،‬فاقشعر بدنه‪ ،‬وشعر بحلوة اليمان‪ ،‬فقام وتأخر على التلميذ‪،‬‬
‫وذهب أحد التلميذ؛ ليرى أين ذهب المام‪ ،‬فاقترب من باب الغرفة‪ ،‬فسمع‬
‫المام أحمد يتمثل هذين البيتين‪ ،‬ويبكي بكاًء شديدا ً ‪:‬‬
‫إذا ما خلوت الدهر يوما فل تقل خلوت ولكن قل علي رقيب‬
‫ول تحسبن الله يغفل ساعة ول أن ما تخفي عليه يغيب‬
‫ذكر الذهبي في السير‪ :‬أن القاضي حسين حكى عن القفال أستاذه‪ :‬أنه كان‬
‫في كثير من الوقات يقع عليه البكاء حالة الدرس‪ -‬يعني وهو يلقي الدرس‪-‬‬
‫ثم يرفع رأسه‪ ،‬ويقول‪ ':‬ما أغفلنا عما يراد بنا!'‪ .‬فأين نحن من هذا؟ وأين‬
‫المدرسون‪ ،‬والمربون الذين يربون أبناء المسلمين عن هذه الخشية؟‬
‫في قصة تربوية يذكرها بعض علماء التربية‪ :‬أن شيخا ً قال لتلميذه الصغار‪ :‬يا‬
‫أبنائي ‪-‬هذه القصة رسالة للمدرسين والمدرسات‪ -‬إذا كان الغد‪ ،‬فل يأت أحد‬
‫منكم إل وقد جاء معه بدجاجة قد ذبحها في مكان ل يراه فيه أحد‪ ،‬فجاء‬
‫ما واحدًا‪ ،‬فسأله‬ ‫التلميذ من الغد‪ ،‬وكل منهم قد علق دجاجة في يده إل غل ً‬
‫الشيخ‪ :‬يا غلم أين الدجاجة ؟ فقال الغلم‪ -‬انظروا التربية‪ :-‬يا شيخ إنك قلت‪:‬‬
‫أن أذبح الدجاجة في مكان ل يراني فيه أحد‪ ،‬وإنني دخلت الحجرة‪ ،‬فوجدت‬

‫‪117‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أن أحدا ً يراني‪ ،‬فصعدت السطح‪ ،‬فوجدت أن أحدا ً يراني‪ ،‬وما طرقت مكانا ً‬
‫إل وكان ذلك الحد يراني‪ ،‬فقال الشيخ‪ :‬من هذا الذي يراك؟ فقال الصغير‪،‬‬
‫ذاك القلب الخاشع لله‪ :‬إنه الله‪ ،‬إن الله معي في كل مكان يراني‪ .‬أرأيت‬
‫التربية! فأين أنت أيها المدرس الفاضل؟ أين أنت أيها الداعية الصادق؟ أين‬
‫أنت يا أيتها المدرسة الصالحة؟ أين أنتم من تربية أبناء وبنات المسلمين على‬
‫مثل هذا السر العجيب ‪ .‬إننا نحتاج إلى وقفة مراجعة ونظرة إلى النفس‪،‬‬
‫فإننا نسمع ونقرأ في حياة النبلء‪ :‬أنه إذا كان الرجل الصالح لوحده في قريته‬
‫ومدينته؛ أصلح الله به أهل المدينة ‪.‬‬
‫إذا ً فما دهانا وأين أثرنا وأين نتائجنا ؟!‬

‫)‪(3 /‬‬

‫‪ -3‬حمل هم الخرة وتعلق القلوب بها‪ :‬نعم إن هذا السر‪ :‬مراقبة الله ما زال‬
‫يفعل الفاعيل في قلوب الصالحين‪ ،‬حتى جعل تلك القلوب تتعلق بالخرة‪،‬‬
‫فهمومها هي الخرة‪ ،‬وأحاديثها هي الخرة‪ ،‬ودندنتها هي حول الخرة‪ ،‬ولذلك‬
‫ه عَل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫ه فَّرقَ الل ّ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ت الد ّن َْيا هَ ّ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬
‫م‪َ ] :‬‬ ‫سل ّ َ‬‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ل الل ّهِ َ‬ ‫سو ُ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫َقا َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫كان َ ْ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬
‫ه وَ َ‬ ‫ب لَ ُ‬ ‫ما ك ُت ِ َ‬ ‫ن الد ّن َْيا إ ِّل َ‬‫م ْ‬ ‫م ي َأت ِهِ ِ‬ ‫ن عَي ْن َي ْهِ وَل َ ْ‬‫قَره ُ ب َي ْ َ‬‫ل فَ ْ‬
‫جعَ َ‬ ‫مَره ُ وَ َ‬ ‫أ ْ‬
‫َ‬ ‫خرة ُ ن ِيته جمع الل ّه ل َ َ‬
‫ة[‬ ‫م ٌ‬
‫ي َراِغ َ‬ ‫ه الد ّن َْيا وَهِ َ‬ ‫ل ِغَناه ُ ِفي قَل ْب ِهِ وَأت َت ْ ُ‬ ‫جعَ َ‬ ‫مَره ُ وَ َ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ُ ُ‬ ‫َّ ُ َ َ َ‬ ‫اْل ِ َ‬
‫رواه ابن ماجه بسند صحيح‪ .‬نسمع هذا الحديث ثم نرى المور الدنيوية هي‬
‫حديث مجالسنا‪ :‬فتارة عن المشاريع التجارية‪ ،‬وتارة عن المعمارية‪ ،‬وتارة‬
‫عن الوظيفة ودرجاتها‪ ،‬وأخرى عن المركب‪ ،‬وأخرى عن الملبس ‪،‬وأخرى عن‬
‫المشرب‪ ...‬وهكذا‪ ،‬حتى الصالح من الناس إن حمل الهم‪ ،‬فإذا هو هذا همه‪.‬‬
‫عن القاسم بن محمد قال‪ ':‬كنا نسافر مع ابن المبارك‪ ،‬فكثيرا ً ما كان يخطر‬
‫ببالي‪ ،‬فأقول في نفسي‪ :‬بأي شيء فضل هذا الرجل علينا حتى اشتهر في‬
‫الناس بهذه الشهرة إن كان يصلي؛ إنا لنصلي‪ ،‬وإن كان يصوم؛ إنا لنصوم‪،‬‬
‫وإن كان يغزو؛ فإنا لنغزو‪ ،‬وإن كان يحج؛ إنا لنحج ‪ .‬قال‪ :‬وكنا في بعض‬
‫مسيرنا في طريق الشام ليلة نتعشى في بيت إذ انطفأ السراج‪ ،‬فقام بعضنا‬
‫لصلح السراج‪ ،‬ثم جاء السراج‪ ،‬فنظرت إلى وجه ابن المبارك ولحيته‪ ،‬وقد‬
‫ابتلت بكثرة الدموع‪ ،‬فقلت في نفسي‪ :‬بهذه الخشية فضل هذا الرجل‬
‫علينا' ‪ .‬ولعله فقد السراج‪ ،‬فصار إلى الظلمة فذكر القيامة‪...‬لحظة من‬
‫اللحظات يغيب السراج‪ ،‬فإذا الدموع قد ملت وجه ولحية ابن المبارك رضي‬
‫م الخرة‪ ،‬وتعلقت بها‪ ،‬فإذا رأت ظلمة؛‬ ‫الله تعالى عنه‪ .‬إنها قلوب حملت ه ّ‬
‫تذكرت ظلمة القبر‪ ،‬وإذا رأت نارًا؛ تذكرت نار جهنم‪ ،‬وإذا رأت نعيما ً وخضرة؛‬
‫تذكرت جنان الفردوس‪ ...‬هكذا القلب المتعلق بهموم الخرة‪ ،‬يفكر في‬
‫أحوال القيامة‪ ،‬وكل أمر يلحظه في دنياه‪ ،‬ويمر على مخيلته ينتقل مباشرة‬
‫إلى مواقف القيامة‪ ،‬وأحوال الخرة‪.‬‬
‫وذكر أحمد في 'الزهد'‪ :‬أن ابن مسعود مّر على هؤلء الذين ينفخون الكير‪،‬‬
‫فوقع رضي الله عنه‪ ،‬وأنه مّر مرة أخرى على الحدادين‪ ،‬فبصر بحديدة قد‬
‫أحميت‪ ،‬فبكى‪ .‬أرأيت القلب كيف يتعلق بالخرة وبهمومها؟!‬
‫الحسن البصري رحمه الله‪:‬صاحب الدمعة‪ ،‬وهذه إحدى قصصه‪ :‬يقول صالح‬
‫بن حسان‪ ':‬أمسى الحسن صائمًا‪ ،‬فجئناه بطعام عند إفطاره‪ ،‬فلما قرب‬
‫ة‬
‫ص ٍ‬ ‫ما َذا غُ ّ‬ ‫ما]‪[12‬وَط ََعا ً‬ ‫حي ً‬ ‫ج ِ‬ ‫كاًل وَ َ‬‫ن ل َد َي َْنا أ َن ْ َ‬ ‫إليه‪ ،‬عرضت له هذه الية‪ {:‬إ ِ ّ‬
‫ما]‪“ }[13‬سورة المزمل “ فقرصت يده عنه‪ ،‬فقال‪ :‬ارفعوه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫وَعَ َ‬
‫ذاًبا أِلي ً‬
‫ضا‪ ،‬فلما‬ ‫فرفعناه‪ ،‬فأصبح صائما‪ ،‬فلما أراد أن يفطر ذكر الية‪ ،‬ففعل ذلك أي ً‬ ‫ً‬

‫‪118‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫كان اليوم الثالث انطلق ابنه إلى ثابت البناني ويحيى البكاء وأناس من‬
‫أصحاب الحسن‪ ،‬فقال‪ :‬أدركوا أبي‪ ،‬فإنه لم يذق طعاما ً منذ ثلثة أيام‪ ،‬كلما‬
‫ة‬
‫ص ٍ‬ ‫ما]‪[12‬وَط ََعا ً‬
‫ما َذا غُ ّ‬ ‫حي ً‬
‫ج ِ‬ ‫ن ل َد َي َْنا أ َن ْ َ‬
‫كاًل وَ َ‬ ‫قربناه إليه ذكر هذه الية‪ {:‬إ ِ ّ‬
‫ما]‪“ }[13‬سورة المزمل “ فأتوه فلم يزالوا به حتى أسقوه شربة‬ ‫َ‬ ‫وَعَ َ‬
‫ذاًبا أِلي ً‬
‫من سويق'‪ .‬غلبه هم الخرة وتذكر أهوالها؛ فجعله ل يشتهي الكل وتأباه‬
‫نفسه ‪.‬‬
‫‪ -4‬هضم النفس والزراء عليها مهما بلغت من الصلح‪ :‬فخشية الله ومراقبته؛‬
‫جعلت أولئك الرجال يحتقرون هذه النفس‪ ،‬فما زالوا في هضمها‪ ،‬واحتقار‬
‫شأنها؛ تربية لها ومحاسبة‪ ،‬وإن كثيرا ً من أهل الخير والصلح غفل عن قلبه‬
‫حتى ظن أنه ليس بحاجة إلى موعظة تذكره بالجنة والنار‪ ،‬والحساب‬
‫والعذاب ‪ .‬فمن آثار استشعار مراقبة الله في حياة السلف أنهم عرفوا‬
‫حقيقة أنفسهم‪ ،‬وحرصوا على تربيتها‪:‬‬
‫فهذا سفيان الثوري أمير المؤمنين في الحديث‪:‬كان رضي الله عنه لشدة‬
‫تعلقه بالخرة‪ ،‬واستيلء همها عليه‪ ،‬لكأنه جاء منها‪ ،‬فهو يحدثك عنها رأي‬
‫ما ' ويقول‬ ‫العين‪ ،‬يقول أبو نعيم‪ ':‬كان سفيان إذا ذكر الموت لم ينتفع به أيا ً‬
‫ابن مهدي‪ ':‬كنا نكون عنده‪ ،‬فكأنما وقف للحساب'‪ .‬عجًبا لهؤلء الرجال !‬
‫والسر الذي جعلهم يصلون لهذا‪ :‬رقابة الله وخشيته‪ ،‬فنسأل الله أن يمل‬
‫قلوبنا بخشيته وخوفه‪.‬‬
‫كيف الوصول لهذا السر العجيب ؟‬
‫أول‪ :‬المعرفة الحقيقية بالله سبحانه وتعالى‪ :‬من أراد الخشية من الله‪،‬‬
‫والخوف من الله سبحانه‪ ،‬فليتعرف على الله حقيقة المعرفة من خلل‬
‫أسمائه وصفاته‪ ،‬وذلك متمثل في توحيد السماء والصفات ‪ .‬أليس من أسماء‬
‫الله عز وجل‪ :‬الرقيب؟ ومن أسمائه‪ :‬الحفيظ‪ ،‬ومن أسمائه‪ :‬السميع‪،‬‬
‫والعليم‪ ،‬والبصير ‪.‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫فمن عقل هذه السماء وتعبد بمقتضاها؛ حصلت له المراقبة‪ ،‬فالمراقبة كما‬
‫يعرفها أهل العلم‪ :‬هي ثمرة علمك بأن الله سبحانه وتعالى رقيب عليك‪،‬‬
‫ناظر إليك‪ ،‬سامع لقولك‪ ،‬مطلع على عملك كل وقت‪ ،‬وفى كل نفس‪ ،‬وكل‬
‫لحظة‪ ،‬وكل طرفة عين‪ ،‬فكلما ازداد العبد معرفة بأسماء الله وصفاته؛ ازداد‬
‫إيمانه‪ ،‬وقوي يقينه بالله‪ .‬وهذه المعرفة تحصل بمراتب ثلث في توحيد‬
‫السماء والصفات‪:‬‬
‫أول‪:‬إحصاء هذه السماء بألفاظها وحفظها‪.‬‬
‫ثانًيا‪:‬فهم معانيها ومدلولها دون تحريف‪ ،‬ول تعطيل‪ ،‬ول تشبيه‪ ،‬ول تكييف‪.‬‬
‫ثالثا‪:‬دعاء الله بها‪ ،‬وهو على نوعين‪ :‬دعاء الثناء‪ ،‬ودعاء المسألة ‪.‬‬
‫ظم حرماته‪ ،‬وائتمر بأمره‪،‬‬ ‫ظمه؛ ع ّ‬ ‫ظمه‪ ،‬وأجله‪ .‬ومن ع ّ‬ ‫ومن عرف الله؛ ع ّ‬
‫ه]‪[30‬‬ ‫عن ْد َ َرب ّ ِ‬‫ه ِ‬ ‫خي ٌْر ل َ ُ‬
‫ت الل ّهِ فَهُوَ َ‬ ‫ما ِ‬ ‫حُر َ‬‫م ُ‬‫ن ي ُعَظ ّ ْ‬
‫م ْ‬ ‫وانتهى عن نهيه‪ {:‬وَ َ‬
‫} “سورة الحج “ ودوام تأمل السماء والصفات بالله؛ يورث ذلك حقيقة‪{:‬‬
‫م ال ْ ِ‬ ‫َ‬
‫ت‬
‫سماَوا ُ‬
‫مةِ َوال ّ‬ ‫قَيا َ‬ ‫ه ي َوْ َ‬
‫ضت ُ ُ‬‫ميًعا قَب ْ َ‬ ‫ج ِ‬
‫ض َ‬ ‫حقّ قَد ْرِهِ َواْلْر ُ‬ ‫ما قَد َُروا الل ّ َ‬
‫ه َ‬ ‫وَ َ‬
‫ن]‪“ }[67‬سورة الزمر” فلذلك‬ ‫ُ‬
‫شرِكو َ‬ ‫ما ي ُ ْ‬ ‫َ‬
‫ه وَت ََعالى عَ ّ‬ ‫حان َ ُ‬ ‫سب ْ َ‬
‫مين ِهِ ُ‬‫ت ب ِي َ ِ‬ ‫ْ‬
‫مطوِّيا ٌ‬ ‫َ‬
‫تعرف إلى الله حقيقة المعرفة‪.‬‬
‫ثانًيا‪:‬الكثار من ذكر الموت وأحوال الخرة‪ :‬فهو المر الذي ل مفر منه‪،‬‬
‫ولذلك‪ :‬فإن أردت الخشية والخوف؛ فتذكر الموت وسكراته وشدته‪ ،‬تذكر‬

‫‪119‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫القبر وسؤاله وعذابه ونعيمه وضيقه وظلمته وضمته‪ ،‬تذكر أهوال يوم القيامة‬
‫وشدته وطوله والعرض على الله سبحانه وتعالى‪ ،‬وتطاير الصحف‪ ،‬والميزان‪،‬‬
‫والصراط‪ ،‬وذهول العباد من الموقف‪ ،‬فمنهم من يساق إلى الجحيم‪ ،‬ومنهم‬
‫من يدخل الجنة ‪ .‬إن تذكر ذلك كله؛ يدفع النسان إلى العمل الجاد‬
‫المتواصل؛ فالبكاء والندم بتذكر هذه المور؛ ل ينفعان صاحبهما إذا لم يقرنا‬
‫بالعمل ‪.‬‬
‫ثالًثا‪ :‬شهود المنة والفضل‪ :‬وهو أن تتذكر فضل الله عليك ومنته‪ ،‬والكرماء‬
‫هم الذين يعرفون الفضل لهله‪ ،‬فانظر لنعم الله عليك‪ ،‬انظر لنعمة السلم‬
‫وحدها‪ ،‬انظر إليها ويتضح ذلك عندما ترى أحوال الكفار ‪،‬وأهل البدع ‪ .‬وانظر‬
‫لنعمة الهداية‪ ،‬ويتضح ذلك عندما ترى أحوال الفساق‪ ،‬والفجار‪ .‬وانظر لنعمة‬
‫العافية‪ ،‬ويتضح ذلك عندما ترى أحوال المرضى وأهل العاهات‪ ،‬فاحمد الله‪،‬‬
‫واشكر الله على هذه النعم ‪ ...‬وهكذا نعم الله سبحانه ل تحصى‪ ،‬فتذكر أنه‬
‫قادر على سلبها بكلمة‪ :‬كن فيكون‪ ،‬فكن ذاكرًا‪ ،‬شاكرًا‪،‬حتى تعبد الله كأنك‬
‫تراه‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬تقوية القلب بالجلوس مع المؤمنين والصالحين‪ :‬أصحاب القلوب‬
‫الرقيقة‪ ،‬والدمعة الدفيقة ‪ .‬احرص على الجلوس مع أولئك الذين يخشون‬
‫الله ويهابونه‪ ،‬وهذا على نوعين‪:‬‬
‫‪ -1‬إما بالمخالطة في المجالس للصالحين والتقياء‪ ،‬وهم الذين قال عنهم‪{:‬‬
‫ن]‪“ }[67‬سورة الزخرف” ‪.‬‬ ‫قي َ‬ ‫مت ّ ِ‬ ‫ض عَد ُوّ إ ِّل ال ْ ُ‬ ‫م ل ِب َعْ ٍ‬ ‫ضهُ ْ‬ ‫مئ ِذ ٍ ب َعْ ُ‬ ‫خّلُء ي َوْ َ‬ ‫اْل َ ِ‬
‫‪ -2‬أو بالكثار من قراءة قصص الصالحين والنظر في سيرهم‪ :‬قيل لبن‬
‫المبارك‪ :‬إذا أنت صليت لم لتجلس معنا؟ قال ابن المبارك‪ :‬أجلس مع‬
‫الصحابة والتابعين‪ ،‬أنظر في كتبهم وآثارهم‪ ،‬فما أصنع معكم! أنتم تغتابون‬
‫الناس ‪ .‬فعليك بالنظر في سير أولئك الرجال حتى يتعلق قلبك بأحوالهم‬
‫وصفاتهم‪.‬‬
‫وأخيًرا‪:‬‬
‫اعلم أن رقابة الله عليك متنوعة ومنها‪:‬‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫واهُ ْ‬ ‫ج َ‬ ‫م وَن َ ْ‬ ‫سّرهُ ْ‬ ‫مع ُ ِ‬ ‫س َ‬ ‫ن أّنا ل ن َ ْ‬ ‫سُبو َ‬ ‫ح َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫‪ -1‬رقابة الملئكة‪ :‬يقول تعالى‪ {:‬أ ْ‬
‫ن‬‫ن]‪“ }[80‬سورة الزخرف” ويقول سبحانه‪ {:‬وَإ ِ ّ‬ ‫م ي َك ْت ُُبو َ‬ ‫سل َُنا ل َد َي ْهِ ْ‬ ‫ب ََلى وَُر ُ‬
‫ن]‪“ }[12‬سورة‬ ‫فعَُلو َ‬ ‫ما ت َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫مو َ‬ ‫ن]‪ [11‬ي َعْل َ ُ‬ ‫كات ِِبي َ‬ ‫ما َ‬ ‫ن]‪[10‬ك َِرا ً‬ ‫ظي َ‬ ‫حافِ ِ‬ ‫م لَ َ‬ ‫عَل َي ْك ُ ْ‬
‫النفطار” ‪.‬‬
‫‪ -2‬رقابة الكتب‪ :‬فلكل عبد كتاب‪ ،‬فيه كل صغيرة وكبيرة‪ ،‬قال تعالى‪ {:‬وَك ُ ّ‬
‫ل‬
‫مةِ ك َِتاًبا ي َل ْ َ‬ ‫إنسا َ‬
‫شوًرا]‬ ‫من ْ ُ‬ ‫قاه ُ َ‬ ‫قَيا َ‬ ‫م ال ْ ِ‬ ‫ه ي َوْ َ‬ ‫ج لَ ُ‬ ‫خرِ ُ‬ ‫قهِ وَن ُ ْ‬ ‫طائ َِرهُ ِفي عُن ُ ِ‬ ‫مَناه ُ َ‬ ‫ن أل َْز ْ‬ ‫ْ َ ٍ‬
‫سيًبا]‪“ }[14‬سورة السراء”‪.‬‬ ‫ح‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫س‬ ‫ْ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫فى‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫تا‬ ‫ك‬ ‫ِ‪[13‬اقْرأ ْ‬
‫َ ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َ‬ ‫َِ ِ‬ ‫َ َِ َ‬
‫كاُنوا‬ ‫ما َ‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫شهد عَل َيهم أ َل ْسنتهم وأ َيديهم وأ َ‬ ‫ْ‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫{‬ ‫الجوارح‪:‬‬ ‫‪ -3‬رقابة‬
‫ُ ْ َ ْ ِ ْ َ ْ ُ ُ ْ ِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِْ ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ‬
‫ن]‪“ }[24‬سورة النور” ‪.‬‬ ‫مُلو َ‬ ‫ي َعْ َ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫م عَلي َْنا َقالوا أن ْط َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ذي‬ ‫ه ال ِ‬ ‫قَنا الل ُ‬ ‫شهِد ْت ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫م لِ َ‬ ‫جلودِهِ ْ‬ ‫‪ -4‬رقابة الجلود‪{ :‬وََقالوا ل ِ ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫خل َ َ‬ ‫أ َن ْط َقَ ك ُ ّ‬
‫ن‬‫ست َت ُِرو َ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫ما كن ْت ُ ْ‬ ‫ن]‪ [21‬وَ َ‬ ‫جُعو َ‬ ‫مّرةٍ وَإ ِلي ْهِ ت ُْر َ‬ ‫ل َ‬ ‫م أوّ َ‬ ‫قك ُ ْ‬ ‫يٍء وَهُوَ َ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه َل ي َعْل َ ُ‬
‫م‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫مأ ّ‬ ‫ن ظ َن َن ْت ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫م وَل َك ِ‬ ‫جُلود ُك ُ ْ‬ ‫م وََل ُ‬ ‫صاُرك ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫م وََل أب ْ‬ ‫معُك ُ ْ‬ ‫س ْ‬
‫م َ‬ ‫شهَد َ عَل َي ْك ُ ْ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫أ ْ‬
‫َ‬ ‫ك َِثيرا مما تعمُلون]‪[22‬وذ َل ِك ُم ظ َنك ُم ال ّذي ظ َننتم بربك ُ َ‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫م ِ‬ ‫حت ُ ْ‬ ‫صب َ ْ‬ ‫م فَأ ْ‬ ‫م أْرَداك ُ ْ‬ ‫َُْ ْ َِ ّ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ّ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً ِ ّ َْ َ‬
‫ن]‪“ } [23‬سورة فصلت” ‪.‬‬ ‫ري َ‬ ‫س ِ‬ ‫خا ِ‬ ‫ال ْ َ‬

‫)‪(5 /‬‬

‫‪120‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫هذه الرقابة المتنوعة ل مفر‪ ،‬إذا ً البواب موصدة‪ ،‬فما بقي أمامك إل باب‬
‫واحد مفتوح‪ ،‬وهو باب تربية النفس على خشية الله‪ ،‬ومراقبة الله‪ ،‬هذا هو‬
‫السر العجيب الذي أردت أن أطلعك عليه‪ ،‬الذي قلب حياة أولئك الرجال‪،‬‬
‫فجعل حياة النبلء حياة ذات معنى‪ ،‬وذات لذة‪ ،‬وذات حلوة‪ ،‬فهل تريد يا أخي‬
‫الحبيب هذه الحياة ؟ هل تريد أن تشعر بمعنى قيمة الحياة؟ جرب ذلك‪،‬‬
‫وحاول أن تتمثل هذا السر‪ ،‬فستجد العجب العجاب في حياتك كلها كبيرها‬
‫وصغيرها ‪ ،‬نسأل الله أن يرزقنا خشيته في السر والعلن ‪.‬‬
‫من محاضرة‪ :‬السر العجيب للشيخ‪ /‬إبراهيم الدويش‬

‫)‪(6 /‬‬

‫السرقة الحلل‪ -‬كيف تسرقين قلب زوجك?? ]‪[1‬‬


‫مفكرة السلم ‪ :‬كانت صديقتي على سفر‪ ..‬اتخذت كل احتياطات تأمين‬
‫شقتها‪ ،‬مزاليق تستعصي على الفتح‪ ،‬نوافذ حديدية‪ ،‬وسافرت للمصيف مع‬
‫أسرتها مطمئنة‪ ،‬وعندما عادت فوجئت بسرقة كل ما خف حمله وغل ثمنه‬
‫من بيتها‪ ،‬انهارت صديقتي‪ ،‬ومن وسط دموعها لم أستطع التقاط سوى عبارة‬
‫واحدة كانت ترددها طوال نحيبها‪:‬‬
‫كيف دخلوا بيتي؟‬
‫كيف فتحوه رغم كل ما اتخذناه من حيطة وحذر؟‬
‫أي مفاتيح استخدمها هؤلء الشياطين؟‬
‫ت لها صادقة‪ :‬إن عودتها وأسرتها بسلمة الله‬ ‫واسيتها ودعوتها للسترجاع وقل ُ‬
‫من سفر بعيد نعمة جزيلة ل يضاهيها شيء‪ ،‬وتركتها داعية لها بالخلف‬
‫والعوض‪ ,‬وفي طريقي رددت ذات السؤال المحير الذي رددته هي‪:‬‬
‫كيف فتحوا المزاليق القاسية؟ وألنوا النوافذ الحديدية؟‬
‫ووجدتني أتخيل بيت صديقتي كقلب رجل تجتهد شريكته أن تفتحه وتسكنه‬
‫ت نفسي‪:‬‬ ‫ملكة متوجة وسأل ُ‬
‫هل يمكن أن يكون اللصوص أمهر وأذكى من زوجة محبة متفانية معطاءة‬
‫حانية؟‬
‫وهل تلك الشريكة التي تفني نفسها ليل نهار من أجل زوجها وأبنائها يمكن أل‬
‫تمتلك بجوار صبرها وتحملها واحتسابها مفاتيح قلب زوجها؟‬
‫وهل يمكن أن تذوب الزوجة كشمعة وهي تعطي‪ ,‬ومع ذلك يوصد دونها قلب‬
‫زوجها؟‬
‫عزيزتي الزوجة المسلمة‪:‬‬
‫كثيرات من نسائنا يعيش معهن أزواجهن بحكم اللف والعشرة ل بدافع‬
‫الحب‪ ،‬وعدم القدرة على الستغناء‪ ،‬واعتادوا عليهن ‪ ,‬وقد ل يصعب عليهن‬
‫حين تقع الفأس في الرأس أن يعتادوا على غيابهن‪ ،‬فالقلوب مغلقة‪،‬‬
‫والمشاعر محايدة‪ ،‬والنبض ل يهتف باسم شريكة الحياة‪ ،‬والشوق ل يحفز‬
‫الزوج لكي يهرول إلى عشه بعد يوم عمل طويل لينعم بصحبة شريكة‬
‫كفاحه‪.‬‬
‫قد أظن ويظن معي كثيرون وكثيرات أن ولوج قلب الزوج أو الزوجة مغامرة‬
‫شاقة ومهمة عسيرة‪ ,‬ولكن عن خبرة شخصية وسماعية‪ ،‬بوسعي أن أؤكد‬
‫أن المر أيسر مما يتخيلن وتحكمه معادلة‪:‬‬
‫حب ‪ +‬صبر ‪ +‬دأب = سعادة في الدنيا وأجر في الخرة‪.‬‬
‫دا كانت الجهود أهون والمحاولة أنجح‪ ،‬وأثر التحبب حًبا‪،‬‬ ‫وكلما كان النظر بعي ً‬

‫‪121‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫والتودد وًدا‪ ،‬وتدفقت الكلمة الحلوة أنهاًرا من عسل السعادة والستقرار‬


‫والوفاق‪.‬‬
‫عزيزتي الزوجة المسلمة‪ :‬اجتنبي 'الخطاء العشرة'‬
‫هناك عشرة أخطاء مدمرة من قبل الزوجة كثيًرا ما تكون من أسباب الطلق‬
‫ك أن تتعرفي عليها مخافة‬ ‫أو النفور الشديد والبغض من قبل الزوج‪ ..‬علي ِ‬
‫الوقوع فيها قبل أن نمسك بمفاتيح قلب الزوج‪ ،‬والخطاء هي‪:‬‬
‫ما‪ ,‬مما يجعل الزوج في حيرة‬ ‫‪1‬ـ استحداث المشكلت الشديدة مع أهله عمو ً‬
‫بين حب أهله وزوجته‪ ,‬وبالتالي يقلل ذلك من حبه واحترامه لها‪.‬‬
‫‪2‬ـ التكلم عن أمه أو والده بشيء سيئ‪.‬‬
‫‪3‬ـ إهانة الزوج وخاصة أمام الخرين‪.‬‬
‫‪4‬ـ جرح الزوج في كرامته ورجولته ولو على سبيل المزاح‪.‬‬
‫‪5‬ـ عقد المقارنة بينها وبينه في المور التي تتفوق فيها عليه كالمال أو العلم‬
‫أو النسب وغيرها‪.‬‬
‫ما من حالها وبشكل دائم ومستمر‪.‬‬ ‫‪6‬ـ إزعاجه بالتذمر والشكوى عمو ً‬
‫‪7‬ـ عدم الهتمام بتوفير الراحة والهدوء في مكان ووقت نومه‪ ،‬وقد قيل‪ :‬إن‬
‫من أخطر المور في الحياة الزوجة أن تضايق الزوجة زوجها في وقت نومه‬
‫كأن تقوم بتشغيل المكنسة أو الغسالة أو ل تهتم بتهدئة الطفال‪ ,‬مما يبغض‬
‫ما قالت أم إياس لبنتها في وصيتها‪ :‬احفظي له خصال ً‬ ‫الزوج في منزله‪ ,‬وقدي ً‬
‫ك ذخًرا منها‪ :‬أما الخامسة والسادسة‪ :‬فالتعاهد لوقت طعامه‪،‬‬ ‫عشًرا تكن ل ِ‬
‫والتفقد لحين منامه‪ ،‬فإن حرارة الجوع ملهبة وتنغيص النوم مغضبة‪.‬‬
‫‪8‬ـ عدم الهتمام بطعامه وملبسه ونظافة منزله‪ ،‬فالزوج قد يصبر لفترة‬
‫ما‬
‫على عدم توفير الطعام الجيد أو الملبس النظيفة المرتبة‪ ،‬لكنه حت ً‬
‫سيطفح به الكيل وينفر من الزوجة بشدة بعد ذلك‪.‬‬
‫‪9‬ـ المتناع عن الزوج دون عذر‪ ..‬وهذا من أهم السباب لبغض الزوج لها‬
‫ضا تبيت الملئكة تلعنها‪.‬‬ ‫وأي ً‬
‫‪10‬ـ الظهور أمام الزوج بالمظهر الرث والمنفر‪ ،‬وبخاصة فيما يتعلق بالنظافة‬
‫الشخصية‪.‬‬
‫أتبع مع زوجي سياسية السحر الحلل‬
‫قالت إحدى الزوجات‪ ' :‬الكلمة الحلوة نوع من السحر الحلل‪ ,‬ومحاولة‬
‫امتصاص الغضب وعدم التأثر النفسي على حساب علقتي بزوجي‪ ،‬وعدم‬
‫ما للتأكيد على أن رضا زوجي هو‬ ‫مناقشته أثناء الغضب‪ ,‬بل إنني أسعى دائ ً‬
‫أهم شيء في حياتي‪.‬‬
‫وكل رجل له مفتاح لشخصيته‪ ,‬وعلى كل زوجة أن تعرف هذا المفتاح‪،‬‬
‫فأحياًنا يسعد الرجل إذا كانت زوجته على وئام مع أهله‪ ،‬وأحياًنا أخرى إذا‬
‫قا‬
‫حققت الزوجة بعض الشياء التي يحبها كأن تزينت له أو أعدت له طب ً‬
‫مفضل ً أو استقبلته بشكل معين‪...‬والهم عندي أن كل شيء في حياتنا يخضع‬
‫ما للقتراب من زوجي وأحاول أن أحب‬ ‫للتفاهم والتفاق‪ ,‬وأنا أسعى دائ ً‬
‫الشياء التي يحبها ‪ ,‬فالتقارب الزوجي له أثر كبير في استقرار الحياة‬
‫الزوجية ' اهـ‪.‬‬
‫إذا أردت عزيزتي الزوجة امتلك مفاتيح السرقة ـ سرقة قلب الزوج ـ فتابعي‬
‫معي المقال التالي على موقعنا‪:‬‬
‫وهذه مفاتيح السرقة الحلل!!‬
‫وهذه مفاتيح السرقة الحلل!! ]‪ [2‬كيف تدخلين قلب زوجك؟‬

‫‪122‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫مفكرة السلم ‪ :‬سؤال يطرح نفسه قبل أن تمتلك الزوجة مفاتيح قلب‬
‫زوجها‪.‬‬
‫عزيزتي الزوجة المسلمة هناك عدة أمور تدخلين بها قلب زوجك فل يعود‬
‫ينظر لغيرك وهي‪:‬‬
‫‪1‬ـ لين الحديث‪.‬‬
‫‪2‬ـ حفظ الزوج‪.‬‬
‫‪3‬ـ العبادة والذكر‪.‬‬
‫‪4‬ـ التطيب واللباس‪.‬‬
‫‪5‬ـ تحضير الطعام‪.‬‬
‫واليك عزيزتي الزوجة التفاصيل‪:‬‬
‫]‪ [1‬لين الحديث‪:‬‬
‫استقبليه بابتسامة وودعيه بابتسامة‪ ،‬واسألي عن حاله وأحواله ول تتدخلي‬
‫كريه منه بالجانب الخبيث‪،‬‬ ‫بأعماله‪ ،‬تجاذبي معه أطراف الحديث ول تذ ّ‬
‫ما طيًبا وأظهري له جانًبا ليًنا‪ ،‬فإذا أخطأ فل تلوميه وقولي له‬ ‫أسمعيه كل ً‬
‫ت منه شيًئا فلم يلّبه فل تعانديه بالقول الفظيع فينفر‬ ‫ما يرضيه‪ ،‬وإذا طلب ِ‬ ‫كل ً‬
‫ما‪ ،‬أطيعيه بما‬ ‫منك‪ ،‬ويدب بينكما النزاع والخصام‪ ,‬وقد يدوم ساعات وأيا ً‬
‫ب غضبه‬ ‫ص ُ‬‫يرضي الله وبما يريد‪ ،‬ول تكوني قاسية كالحديد‪ ،‬عندها سي ُ‬
‫بالتهديد والوعيد‪ ،‬فل ينفع بعدها إصلح ذات البين في وقت شديد‪ ،‬وتذكري‬
‫قول الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك حيث قال‪' :‬إذا صلت المرأة‬
‫خمسها‪ ,‬وصامت شهرها‪ ,‬وحفظت فرجها‪ ,‬وأطاعت زوجها‪ ،‬قيل لها‪ :‬ادخلي‬
‫الجنة من أي البواب شئت'‪.‬‬
‫]‪ [2‬حفظ الزوج‪:‬‬
‫كوني له مستودع السرار‪ ,‬ول تفشي شيًئا منها خارج الدار‪ ،‬وك ُّني له كل‬
‫احترام واقتدار‪ ،‬وإذا قدر ودب بينكما الغضب والشجار‪ ,‬فل تذكري له شيًئا‬
‫من هذه السرار‪ ،‬عندها سيندم على كل حديث بينكما دار‪ ،‬ول تنسي أن‬
‫تحفظي له العرض والدار‪ ،‬ول تسمحي لي غريب أن يتخطى عتبة الدار‪،‬‬
‫وفي عهد عمر قالت زوجة مؤمنة غاب عنها زوجها‪:‬‬
‫مخافة ربي والحياء يصدني وإكرام بعلي أن تنال مراكبه‬
‫وإذا أردت أن تخرجي فاخرجي باستئذان‪ ،‬عندها ستكون حياتك بأمان‪،‬‬
‫ت َقان َِتا ٌ‬
‫ت‬ ‫حا ُ‬ ‫حافظي على أمواله وتربية عياله‪ ،‬واذكري قوله تعالى‪َ} :‬فال ّ‬
‫صال ِ َ‬
‫ظ الل ّ ُ‬
‫ه{‪.‬‬ ‫ف َ‬‫ح ِ‬
‫ما َ‬‫ب بِ َ‬‫ت ل ِل ْغَي ْ ِ‬ ‫حافِ َ‬
‫ظا ٌ‬ ‫َ‬
‫]‪ [3‬العبادة والذكر‪:‬‬
‫ك ملهاة‪ ،‬فيموت قلبه نحوك‬ ‫ل تنسي ذكر الله‪ ,‬ول تجعلي التلفاز وغيره ل ِ‬
‫فليس لك سواه‪ ،‬إذا نسى الصلة فذكريه‪ ،‬وصلي أمامه لتسعديه‪ ،‬وحافظي‬
‫ما بالجهر والهمس‪ ،‬ول تهملي ماذا‬ ‫على الصلوات الخمس‪ ,‬واذكري الله دائ ً‬
‫أراد زوجك اليوم وماذا طلب بالمس‪ ،‬وازني بين العبادة وبين رغبات الزوج‬
‫دون نقص‪.‬‬
‫]‪ [4‬التطيب واللباس‪:‬‬
‫اظهري لزوجك بأجمل الثياب‪ ،‬وتزيني وتطيبي له بأطيب الطياب‪ ،‬فإن‬
‫الرجل يحب أن يرى زوجته جميلة المظهر‪ ،‬بهية الطلعة‪ ،‬ارتدي له اللوان‬
‫الزاهية‪ ،‬ونوعي له اللباس كل يوم‪ ،‬أنصحك بالتبرج داخل المنزل ولزوجك‪،‬‬
‫كوني كالفراشة حوله‪ ،‬اختاري اللوان التي يحبها‪ ،‬تجملي له وليني له الكلم‪،‬‬

‫‪123‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫بذا يزيد الشوق لك والهيام‪.‬‬


‫]‪ [5‬تحضير الطعام‪:‬‬
‫اطهي له أشهى الطعام‪ ،‬وجهزي له السرير بعدها لينام‪ ،‬كوني له الطاهية‪،‬‬
‫ول تجعلي الخادمة هي المرة الناهية‪ ،‬اسأليه ماذا يحب من أصناف الطعام‪,‬‬
‫وأظهري له الود والحترام‪ ،‬فإذا لم يعجبه ذلك اليوم طبخ الطعام‪ ،‬فل تتركيه‬
‫غضبان لينام‪ ،‬وهنا قد يتلفظ بالشتائم ويكون يومك هو اليوم الغائم‪ ،‬فاصبري‬
‫على ذلك لتنالي الجر الدائم‪.‬‬
‫وتذكري قول الرسول صلى الله عليه وسلم‪' :‬أل أخبركم بنسائكم من أهل‬
‫ضا‬
‫الجنة‪ :‬الودود الولود‪ ,‬التي إذا ظلمت قالت‪ :‬هذه يدي في يدك‪ ,‬ل أذوق غم ً‬
‫حتى ترضى'‪.‬‬
‫ت هذه النصائح فسوف تعيشين في سعادة‪ ,‬وتجدين‬ ‫عزيزتي الزوجة‪ ..‬إذا اتبع ِ‬
‫فوق ذلك زيادة‪ ,‬وسترفرف على أسرتكما أجنحة الرضا والسعادة‪.‬‬
‫وهذه مفاتيح السرقة الحلل!!‬
‫أدعو كل زوجة محبة أن تجرب تلك المفاتيح لتسرق قلب زوجها‪:‬‬
‫ـ مفتاح الصمت والبتسامة الودود‪.‬‬
‫ـ مفتاح التذكرة‪.‬‬
‫ـ مفتاح الصلح‪.‬‬
‫ـ مفتاح الثقة‪.‬‬
‫ـ مفتاح زرع الهيبة‪.‬‬
‫ـ مفتاح الحترام‪.‬‬
‫ـ مفتاح التفاخر والتماس العذار‪.‬‬
‫ـ مفتاح الجاذبية‪.‬‬
‫ـ مفتاح النصات والهتمام‪ ,‬واليك مواقف استخدام هذه المفاتيح‪:‬‬
‫• حين ينفعل زوجك ويغضب‪ ,‬عليك بمفتاح الصمت والبتسامة الودود‪ ,‬ثم‬
‫دا‪ :‬ما لك يا‬‫الربتة الحانية حين يهدأ‪ ،‬والسؤال المنزعج بلسان يقطر شه ً‬
‫حبيبي؟‬
‫• حين يقصر في العبادة وتشعرين بفتوره‪ ,‬عليك بمفتاح التذكرة غير‬
‫مل من قبيل‪ :‬سلمت لي‪ ..‬فلول نصحك ما حافظت على قيام‬ ‫ج َ‬‫المباشرة ب ُ‬
‫الليل‪ ،‬سأنتظرك حتى تعود من المسجد لنصلي النوافل‪ ،‬هل تذكر جلسات‬
‫القرآن في أيام زواجنا الولى كانت أوقاًتا رائعة‪ ،‬وكل وقت معك رائع‪،‬‬
‫مسارعتك إلى الصلة بمجرد سماع النداء تشعرني بالمسؤولية والغيرة‪،‬‬
‫جمعنا الله في الجنة ورزقنا الخلص والملمة على الطاعة‪.‬‬
‫ت منه نشوًزا فلن تجدي أروع من مفتاح الصلح الذي ينصحك به‬ ‫• إن لمس ِ‬
‫الله تعالى‪ ,‬توددي واقتربي وراجعي تصرفاتك‪ ،‬تزيني‪ ،‬ورققي الصوت الذي‬
‫اخشوشن من طول النفعال على الصغار‪ ،‬صففي الشعر الجميل الذي طال‬
‫اعتقاله في شكل واحد‪.‬‬
‫• حين تحدث له مشكلة في عمله جربي مفتاح بث الثقة‪ ,‬واسيه وشجعيه‪،‬‬
‫قولي له‪ :‬ما دمت ترضي الله‪ ،‬فالفرج قريب‪ ،‬وبالدعاء تزول الكربات‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫ي مفتاح زرع الهيبة‪ ،‬أشعريه بأنه محور‬ ‫ما وأنتما مع أولدكما فل تنس ْ‬
‫•أ ّ‬
‫ً‬
‫حياتكما‪ ،‬إن عاد بشيء مهما كان قليل فأجزلي له الشكر‪ ،‬وقولي لولدك‬
‫بفرحة حقيقية‪ :‬انظروا ماذا أحضر لنا بابا أبقاه الله وحفظه‪ ،‬إياك أن تسمحي‬

‫‪124‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫لحد الولد أن يخاطبه بـ'أنت' دون أن تنظري إليه بعتاب‪ ،‬وتحذريه من أن‬
‫يكررها ويخاطب أباه بغير أدب‪ ،‬على مائدة الطعام احرصي على أل يضع أحد‬
‫في فمه لقمة قبل أن يجلس ويبدأ هو بالكل‪ ،‬وحين يخلد إلى النوم والراحة‬
‫حولي بيتك إلى واحة من الهدوء‪ ،‬وألزمي صغارك غرفة واحدة دون أصوات‬
‫عالية أو تحركات مزعجة‪.‬‬
‫• مع أهله وأهلك اصطحبي مفتاح الحترام‪ ،‬وأنتما وحدكما استخدمي مفتاح‬
‫النوثة والجاذبية‪.‬‬
‫• وهو يتحدث افتحي مغاليق نفسه بمفتاح النصات والهتمام وإظهار‬
‫العجاب بما يقول وتأييده فيه‪.‬‬
‫• في أوقات الخلف استعيني بمفاتيح التفاخر والتماس العذار‪ ،‬وحسن‬
‫الظن‪ ،‬والرغبة في التصافي‪.‬‬
‫عزيزتي الزوجة المسلمة‪:‬‬
‫إن كنت تحبين زوجك وتريدين أن تمضي عمرك معه فستجدين ـ بعون الله ـ‬
‫حا يجعله طوع يمينك‪ ،‬ومهما كان زوجك عملًيا غير‬ ‫لكل باب مغلق مفتا ً‬
‫رومانسي فإن قلبه لن يكون أكثر تحصيًنا من بيت صديقتي الذي فتحه‬
‫ت لصة بل صاحبة حق'‪ .‬وليس من الحكمة أن يسرق‬ ‫اللصوص‪' ,‬وأنت لس ِ‬
‫قلب زوجك سواك‪.‬‬
‫فهلمي إلى الكسب الحلل ولنعم العمل ذاك باب للسعادة في الدنيا ونيل‬
‫الجنة في الخرة‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫السعادة الزوجّية والحل السهل للباحثين عنها‬


‫بشار دراغمة ومحمد جمال ‪13/6/1427‬‬
‫‪09/07/2006‬‬
‫زوجان حائران يبحثان عن سعادتهما المشتركة لكن الخفاق حليفهما‪،‬‬
‫يحاولن دائما القتراب إل أن لعنة الخفاق تلحقهما‪ ،‬وآخران جعل من البعد‬
‫سبب لتعاسة لم يريداها في يوم من اليام‪ .‬كل يبحث عن سعادة دون أن‬
‫يبحث عن السباب المؤدية إلى الهدف المطلوب‪ .‬زوج يسعى لهدفه النبيل‬
‫في إسعاد زوجته‪ ،‬لكن ترك السباب خلف ظهره‪ ،‬وزوجة تحاول تحقيق‬
‫الهدف نفسه‪ ،‬إل أنها لم تدرك بعد طريق الوصول‪.‬‬
‫في هذا التقرير تبحث شبكة )السلم اليوم( عن أسرار في السعادة‬
‫الزوجية‪ ،‬تستقيها من العلماء والمختصين ومن تجارب الحياة اليومية‪.‬‬
‫أيتها المرأة‪ ...‬البداية بنفسك‬
‫يعتبر الدكتور جمال حشاس أستاذ الفقه والتشريع بكلية الشريعة في جامعة‬
‫النجاح الوطنية أن السعادة الزوجية تبدأ من المرأة نفسها‪ ،‬وبالتحديد من‬
‫أبسط المور‪ ،‬وهي القيام بالواجبات المنوطة بها كما كلفتها الشريعة‬
‫السلمية‪ ،‬منها طاعة زوجها وعدم العبوس والتضجر في وجهه‪ ،‬والقيام‬
‫بمهام تربية الطفال‪ ،‬وفق أسس التربية الصحيحة‪.‬‬
‫ودعا حشاش المرأة إلى ضرورة الهتمام بمظهرها وقال‪" :‬وعلى المرأة أن‬
‫تتزين لزوجها‪ ،‬كما أن على الزوج كذلك أن يتزين لزوجته ويحرص على كل‬
‫ما يحقق لها السعادة والستقرار والراحة النفسية وتكون في كل حين آخذة‬
‫استعدادها لقدوم زوجها واستقباله بشكل لئق بعيدا ً الوجه النكد"‪.‬‬
‫ويبّين "حشاش" أن من أسرار السعادة الزوجية أيضا ً حفاظ الزوجة على‬

‫‪125‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫السرار الزوجية‪ ،‬وبشكل خاص أسرار الحياة الجنسية بين الطرفين‪ ،‬وكل ما‬
‫يجري داخل البيت‪ ،‬ثم عدم نقل الحاديث بين أفراد العائلة‪ ،‬وعدم نقل الكلم‬
‫والمحافظة على لسانها وأخلقها‪.‬‬
‫وعن سؤال "حشاش" عن أهم أسباب السعادة الزوجية حسب رأي الشريعة‬
‫السلمية؟ قال‪" :‬السلم أحاط عقد الزواج بالكثير من العناية‪ ،‬والرعاية‬
‫والهتمام‪ ،‬والهالة القدسية؛ لنه عقد على النفوس‪ ،‬ومعنى هذا أنه ليس عقد‬
‫مادي على الفلوس‪ ،‬بل إنه عيشة إلى البد وتكوين أسرة مطمئنة‪.‬‬
‫وأضاف‪" :‬أقام السلم العلقة بين الزوجين على أساس سابق لعقد الزواج‪،‬‬
‫وهو اختيار كل من الطرفين للخر‪ ،‬وهو حسن الختيار‪ ،‬على الدين والخلق‪،‬‬
‫وقال رسول الله ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪" :-‬إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه‬
‫فزّوجوه"‪.‬‬
‫وبين "حشاش" أن العلقة بين الزوجين أساس التفاهم‪ ،‬والود والرحمة‪ ،‬التي‬
‫ينتج عنها المحبة البدية‪ .‬ويلخص "حشاش" بعض النصائح من أجل السعادة‬
‫بما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬بالتزام كل من الزوجين بواجبه تجاه الخر؛ لن ذلك هو طريق إحقاق‬
‫الحقوق‪.‬‬
‫‪ -2‬الهتمام بالبيت والسرة بالدرجة الولى‪ ،‬في أن يكون ذلك الولوية‪،‬‬
‫وإعطاء الهل والزوج والزوجة الهتمام كل منهما للخر‪.‬‬
‫‪ -3‬المحافظة على تربية الطفال‪ ،‬وخدمتهم ورعايتهم‪.‬‬
‫‪ -4‬بّين السلم أن هناك حقوقا ً وواجبات ُتناط بكل الزوجين‪ ،‬أي لكل منهما‬
‫حقوق وواجبات‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ -5‬إذا أخطأت الزوجة فالسلم اتبع طرقا عدة منها الوعظ والرشاد‪،‬‬
‫والصلح والتأديب والهجر والضبط وتدخل الهل للصلح‪ ،‬وجعل السلم حكم‬
‫الطلق آخر حل في ذلك‪.‬‬
‫ل‪" :‬وترى الشريعة أن من واجب الرجل رعاية البيت والنفاق‬ ‫ويضيف قائ ً‬
‫على أطفاله‪ ،‬في المقابل تبذل الزوجة كل ما في وسعها لسعاد زوجها"‪.‬‬
‫أيها الرجل‪ ...‬تذك ّْر واجباتك‬
‫وبّين "حشاش" أن السعادة الزوجية ل تقوم على المرأة وحدها‪ ،‬وإنما يتحمل‬
‫الزوج الجزء الخاص به من أجل تحقيق السعادة‪ ،‬ويقول‪" :‬من واجب الرجل‬
‫لنجاح العلقة الزوجية القيام بالواجبات الدينية ومصاريف واحتياجات السرة‪،‬‬
‫ل‪ ،‬وعلى الزوج أن يرعى زوجته‪ ،‬ويتوّدد إليها‪ ،‬ويحسن‬ ‫وأل ّ يكون الزوج كسو ً‬
‫إليها‪ ،‬ويشعرها بالمحبة والقرب‪ ،‬ويبادلها العواطف"‪.‬‬
‫وكذلك يدعو "حشاش" الزوج إلى ضرورة قيامه بتخصيص أوقات من يومه‬
‫من أجل الحديث مع زوجته‪ ،‬والطلع على رغباتها‪ ،‬وعدم تجاهلها في المور‬
‫الممكن تحقيقها‪.‬‬
‫الحتياجات النفسية هدف أساسي‬
‫ويعتبر أخصائي علم النفس الستاذ فاخر الخليلي أن الشيء الساسي الذي‬
‫يؤثر على السعادة الزوجية هو اختيار كل من الزوجين للخر؛ لن كل ً منهما‬
‫يجب أن يتحمل الخر‪ .‬فهما اللذان اختارا وليس غيرهما‪ .‬ويقول‪" :‬وهناك‬
‫حالت كثيرة تحصل بينهم مشاكل زوجية بسبب عدم التوافق على الزواج‪،‬‬
‫وخصوصا ً في قضية الختيار‪ ،‬والسؤال هنا‪ :‬هل أنا اخترت شريك حياتي من‬
‫تلقاء نفسي أم ُأجبرت عليه‪ ،‬واخترته لهدف مادي أو لسبب معين؟!"‪.‬‬
‫ويوضح "الخليلي" أنه إذا تم اختيار شريك الحياة بطريقة صحيحة فإن كل من‬
‫الزوجين يشبع القضايا النفسية لدى الخر؛ لن نجاح العوامل النفسية في‬

‫‪126‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الحياة السرية أساس واضح في السعادة الزوجية‪.‬‬


‫ويضيف‪" :‬لن كل ً منهما يجب أن يتحدث للخر عن همومه ومشاكله النفسية‬
‫أي بمعنى التفريغ النفسي الذي يجب أن يصاحب العلقة الزوجية‪ ،‬وعدم‬
‫كتمان السرار عن بعضهم البعض لنهم شكلوا ً جسدا ً واحدًا"‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫وبحسب أقوال الخليلي فإن السعادة الزوجية من وجهة نظر علم النفس تدل‬
‫على توفير كل من الزوجين احتياجات الخر القائمة على القضايا النفسية‬
‫ما يشوبها من مشاكل‪،‬‬ ‫والجنسية والمالية ومتطلبات الحياة‪ ،‬دون الحديث ع ّ‬
‫أي بالتغلب على المشاكل‪.‬‬
‫ويضيف‪" :‬هناك عوامل تؤثر على السعادة الزوجية‪ ،‬وهي القضايا المالية‪،‬‬
‫وعدم العملن وسوء الوضاع القتصادية التي تؤثر على نفسية الزوجين؛ لن‬
‫السعادة الزوجية ليست مسؤولية أحد دون الخر من الزوجين‪ ،‬وهي‬
‫مسؤولية مشتركة على كليهما البحث عنها؛ لن السرة تقوم في الساس‬
‫على الحب والمودة والسكينة‪.‬‬
‫أما الخصائي الجتماعي يونس عادل فيقول‪" :‬الظروف المحيطة بالحياة‬
‫الزوجية من النواحي الجتماعية تؤثر على الحياة الخاصة للزوجين‪ ،‬وبالتالي‬
‫على سعادتهما‪ ،‬والمقصود هنا بالوضع الجتماعي الذي يقوم على نوعية‬
‫السرة‪ ،‬هل هي ممتدة أم أسرة صغيرة"؟‬
‫ويضيف‪" :‬والمعلوم أن السر الممتدة يتدخل فيها الهل‪ ،‬بالتالي فإن العوامل‬
‫الجتماعية المحيطة بالسرة تؤثر على السعادة الزوجية‪ ،‬ومن هذه العوامل‬
‫طبيعة السكن وطبيعة السرة والطفال وعددهم"‪.‬‬
‫ويبين عادل أنه إذا كانت الظروف الجتماعية للزوجين مواتية‪ ،‬مثل طبيعة‬
‫كل عائلة‪ ،‬أي الوسط الجتماعي الذي انحدر منه كل زوج‪ ،‬حتى ل يعّير الخر‬
‫بوضعه الجتماعي‪ ،‬إضافة إلى مكانته الجتماعية‪ ،‬فمن المفروض وجود‬
‫تناسق كامل في الوضع الجتماعي لكل من الزوجين‪ ،‬حسب قوله‪.‬‬
‫ويضيف‪" :‬من المعلوم أن السعادة الزوجية يتمناها كل زوجين في السرة‬
‫المنة‪ ،‬المحاطة بوضع يقودها إلى تربية الطفال وتأدية المقاصد الساسية‬
‫للزواج‬

‫)‪(2 /‬‬

‫السعادة بين الوهم والحقيقة‬


‫مقدمة الموضوع‬
‫أسباب طرح الموضوع‬
‫تعريف السعادة‬
‫أوهام السعادة‬
‫موانع السعادة‬
‫أسباب السعادة وصفات السعداء‬
‫أو ً‬
‫ل‪ :‬مقدمة‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره‪ ،‬ونعوذ بالله من شرور أنفسنا‪،‬‬
‫ومن سيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده الله فل مضل له‪ ،‬ومن يضلل فل هادي له‪،‬‬

‫‪127‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وأشهد أن ل إله إل الله وحده ل شريك له‪ ،‬وأشهد أن محمدا عبده ورسوله‪،‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن" )آل‬ ‫مو َ‬ ‫سل ِ ُ‬‫م ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ن إ ِّل وَأن ْت ُ ْ‬ ‫موت ُ ّ‬ ‫قات ِهِ َول ت َ ُ‬ ‫حق ّ ت ُ َ‬ ‫ه َ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫مُنوا ات ّ ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫"َيا أي َّها ال ّ ِ‬
‫َ‬
‫خل َقَ‬‫حد َةٍ وَ َ‬ ‫س َوا ِ‬ ‫ف ٍ‬ ‫ن نَ ْ‬‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫قك ُ ْ‬ ‫خل َ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫م ال ّ ِ‬ ‫قوا َرب ّك ُ ُ‬ ‫س ات ّ ُ‬ ‫عمران‪َ" .(102:‬يا أي َّها الّنا ُ‬
‫ه‬
‫ن بِ ِ‬ ‫ساَءُلو َ‬ ‫ذي ت َ َ‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫ساًء َوات ّ ُ‬ ‫جال ً ك َِثيرا ً وَن ِ َ‬ ‫ما رِ َ‬ ‫من ْهُ َ‬ ‫ث ِ‬ ‫جَها وَب َ ّ‬ ‫من َْها َزوْ َ‬ ‫ِ‬
‫قوا الل َّ‬
‫ه‬ ‫مُنوا ات ّ ُ‬ ‫آ‬ ‫ن‬ ‫ذي‬ ‫ّ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ها‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫أ‬ ‫يا‬ ‫"‬ ‫(‪.‬‬ ‫‪1‬‬ ‫)النساء‪:‬‬ ‫ً‬
‫ا"‬ ‫قيب‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫كا‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫م‬ ‫حا‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ل‬ ‫وا‬
‫ِ َ َ‬ ‫َ َّ‬ ‫ْ ْ َ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ َ ّ‬
‫ن ي ُط ِع الل َّ‬
‫ه‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ب‬ ‫نو‬ ‫ُ‬ ‫ذ‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫ْ‬ ‫غ‬‫ي‬‫و‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫ما‬ ‫ْ‬ ‫ع‬ ‫وُقوُلوا قَو ِل ً سديدا ً يصل ِح ل َك ُم أ َ‬
‫ِ‬ ‫ْ ُ َ ْ َ َ ْ‬ ‫ْ ََ ِ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ْ ْ‬ ‫َ ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ظيمًا" )الحزاب‪.(71 ،70:‬‬ ‫وزا ً عَ ِ‬ ‫َ‬
‫ْ َ ْ‬ ‫ف‬ ‫ز‬ ‫فا‬‫َ‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ه‬‫َ‬
‫وَ َ ُ ُ‬
‫ل‬‫سو‬ ‫ر‬
‫أما بعد‪ (1) :‬معا ‪ -‬أيها القارئ الكريم ‪ -‬نلتقي في طريق من طرق الخير‪،‬‬
‫ودرب من دروب المحبة‪ ،‬ومسلك من مسالك السعادة‪.‬‬
‫أسأل الله أن يجعل هذا في موازين أعمالنا يوم القيامة‪.‬‬
‫أيها الخ الكريم‪ :‬هل السعادة وهم أم حقيقة؟‬
‫ربما عجبت من هذا السؤال!!‬
‫نعم‪ ،‬إن هناك سعادة وهمية‪ ،‬وسعادة حقيقية‪.‬‬
‫ولكن ما الداعي لتقليب صفحات هذا الموضوع‪ ،‬والخوض فيه؟‬
‫ثانيًا‪ :‬أسباب طرح الموضوع‬
‫أسباب طرق هذا الموضوع أمور كثيرة‪ ،‬منها‪:‬‬
‫‪ -1‬لن كل إنسان على وجه البسيطة يسعى إلى السعادة‪ .‬قد يختلف الناس‬
‫في مذاهبهم‪ ،‬يختلفون في أعراقهم‪ ،‬يختلفون في مشاربهم‪ ،‬بل قد يختلفون‬
‫في مبادئهم‪ ،‬وغاياتهم‪ ،‬ومقاصدهم‪ ،‬إل غاية واحدة ربما اتفقوا عليها‪ ،‬من‬
‫أولهم إلى آخرهم‪ ،‬إنها‪ :‬طلب السعادة‪.‬‬
‫المؤمن والكافر‪ ،‬البر والفاجر‪ ،‬كل واحد منهم يريد السعادة لو سألته‪ :‬لم‬
‫تعمل هذا؟ ولي شيء تفعل ذاك؟ لقال‪ :‬أريد السعادة!! سواء أقالها بحروفها‬
‫أم بمعناها‪ ،‬بمدلولها أم بحقيقتها‪.‬‬
‫‪ -2‬أن كثيرا من الناس يخطئ طريق السعادة‪ ،‬كل الناس يريدون السعادة‪،‬‬
‫ولكن كثيرا منهم يخطئ هذا الطريق‪ ،‬بل إن القلة القليلة هي التي تسلك‬
‫سبيل السعادة الحقيقية‪.‬‬
‫‪ -3‬وهو سبب جوهري ‪ -‬أرجو أن ينال عنايتكم وانتباهكم ‪ -‬وهو أن كثيرا من‬
‫المسلمين ‪ -‬وأخص الدعاة منهم ‪ -‬عندما يرون أصحاب السعادات الوهمية‪،‬‬
‫يكون هذا المر عائقا لهم عن الطريق إلى الله سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫فالداعية إلى الله سبحانه وتعالى‪ ،‬يصاب في طريقه بعقبات ‪ -‬وهذا شأن‬
‫طريق الدعوة ‪ -‬وهو بحاجة إلى من يثبته على هذا الطريق‪.‬‬
‫ولكنه يرى كثيرا ممن يتصور ‪ -‬خاطئا ‪ -‬أنهم أصحاب سعادات‪ ،‬يراهم يعيشون‬
‫في قمة السعادة‪.‬‬
‫وهنا يحدث له الضعف والوهن في طريقه إلى الله سبحانه وتعالى‪ ،‬فيقول ‪-‬‬
‫أو يقول له الشيطان‪ :-‬أل تكون مثل هؤلء‪ ،‬أل تعيش السعادة الحقيقية مثل‬
‫هؤلء‪ ،‬فيضعف عن الطريق‪ ،‬وكم من مستقيم ضل وانحرف عن الطريق‬
‫قبل وفاته!‬
‫كم من رجل كان يعيش السعادة الحقيقية‪ ،‬ثم انتقل منها إلى السعادة‬
‫الوهمية!!! فلم يحقق السعادة في الدنيا‪ ،‬ولن يحققها في الخرة‪.‬‬
‫ومن هنا أيها الخوة كتبت لكم عن السعادة‪ ،‬لنقف وقفات متأنية علنا نتبين‬
‫حقيقتها وهم هي أم حقيقة؟‬
‫ثالثًا‪ :‬تعريف السعادة‬
‫عند أهل اللغة‪ :‬هي ضد الشقاوة‪ ،‬فلن سعيد‪ ،‬أي ضد الشقي‪.‬‬
‫وأهل التربية وعلماء النفس‪ :‬يقولون ‪ -‬بعبارة موجزة جميلة‪ :‬هي ذلك‬

‫‪128‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الشعور المستمر بالغبطة‪ ،‬والطمأنينة‪ ،‬والريحية‪ ،‬والبهجة‪ ،‬وهذا الشعور‬


‫السعيد يأتي نتيجة للحساس الدائم بخيرية الذات‪ ،‬وخيرية الحياة‪ ،‬وخيرية‬
‫المصير‪.‬‬
‫وقبل أن أدخل في صلب الموضوع أحب أن أشير إلى‪:‬‬
‫ثلثة أركان رئيسة تحقق معنى السعادة الحقيقية وهي‪:‬‬
‫‪ -1‬خيرية الذات‪.‬‬
‫‪ -2‬خيرية الحياة وهذا المهم‪.‬‬
‫‪ -3‬خيرية المصير‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬أوهام السعادة‬
‫السعادة في المال‬
‫سأقف طويل ‪ -‬أيها الخ الكريم ‪ -‬عند هذه القضية‪ ،‬وما ذاك إل لنها قضية‬
‫حاسمة‪ ،‬ومهمة في تحديد مسيرة حياتنا‪ ،‬بل وتحديد مفاهيمنا الخاطئة‪ ،‬عن‬
‫السعادة والتي منها‪:‬‬
‫نتساءل كثيرا عن السعادة‪ ،‬هل السعادة في تكديس المال ؟ وفي جمع‬
‫الثروات‪ ،‬وبناء العقارات والقصور؟‬
‫هل هذه هي السعادة؟‬
‫كثير من الناس يتوهم ذلك‪ ،‬فهذا سعيد لنه يملك الرصدة في البنوك‪.‬‬
‫وفلن سعيد لنه يملك كذا من الراضي‪ ،‬وكذا من العمارات‪ .‬فلن سعيد لنه‬
‫يملك كذا وكذا‪.‬‬
‫كثير من الناس يطلق هذا الوهم بلسانه‪ ،‬وكثير منهم يعتقده بقلبه‪ ،‬فيتصرف‬
‫من هذا المنطلق الخاطئ‪ .‬أقول‪ :‬ليست السعادة في جمع المال‪ ،‬على حد‬
‫قول الشاعر‪:‬‬
‫ولست أرى السعادة جمع مال ‪ ...‬ولكن التقي هو السعيد‬
‫أخي المسلم‪:‬‬
‫__________‬
‫)‪ - (1‬أصل هذا الكتاب محاضرة ألقاها الشيخ ناصر العمر بالرياض‪ ،‬وقد أذن‬
‫لنا مشكورا بإخراجها‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫أقف معك حول هذه القضية ‪ -‬أعني قضية أن السعادة في المال ‪ -‬لنها من‬
‫أهم القضايا في أوهام السعادة‪.‬‬
‫وجملة القول‪:‬‬
‫دا‬
‫ل سعي ً‬‫ليس كل صاحب ما ٍ‬
‫فكثير من أرباب المال وأصحاب الثروات يعيشون في شقاء وتعاسة دائمة‬
‫في حياتهم الدنيا قبل الخرة لماذا؟ لنهم يتعبون في‪:‬‬
‫‪ -1‬جمع المال‪.‬‬
‫‪ -2‬حفظه واستثماره‪.‬‬
‫‪ -3‬القلق والخوف من فوات هذا المال وزواله‪.‬‬
‫كم من إنسان يملك المليارات ولكنه خائف! قلق! لماذا كل هذا الخوف!؟‬
‫ولم كل هذا القلق!؟‬
‫إنه يخاف على هذا المال‪ ،‬يخاف أن تأتي هزة سياسية‪ ،‬أو يأتي لصوص‬
‫فيسرقون هذا المال‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬هو يعيش في شقاء‪ ،‬خوف‪ ،‬قلق‪ ،‬هم‪ ،‬غم‪ ،‬بل إنه ل ينام الليل‪ ،‬وهذا‬

‫‪129‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أمر مجرب‪ ،‬مشاهد‪ ،‬ترونه بأعينكم‪ ،‬بل قد يكون المال سبب هلكه ومماته!!‬
‫كم من غني خطف أو قتل بسبب تجارته‪.‬‬
‫بل كم من غني حرم من لذاته بسبب أمواله‪ ،‬تجده ل يمشي طليقا‪ ،‬ل يمشي‬
‫حرا‪ ،‬ل يسافر كما يريد‪ ،‬ل ينام كما يريد‪ ،‬كل هذا بسبب أمواله!!‬
‫ثم كم من إنسان صاحب مال زال ماله‪ ،‬وزالت ثرواته بسبب أو بآخر فعاش‬
‫بقية حياته في تعاسة وشقاء‪.‬‬
‫وإليكم هذه النماذج الناطقة‪:‬‬
‫‪ -1‬قصة قارون‪:‬‬
‫تلك القصة التي أوردها القرآن الكريم عن قارون‪ ،‬حيث قال ‪-‬سبحانه‬
‫ه" )القصص‪ :‬من الية ‪ (79‬في قمة‬ ‫مهِ ِفي ِزين َت ِ ِ‬ ‫ج عََلى قَوْ ِ‬ ‫وتعالى‪" :-‬فَ َ‬
‫خَر َ‬
‫م" )القصص‪ :‬من الية ‪.(79‬‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫هل ُ‬
‫ظي ٍ‬
‫حظ عَ ِ‬ ‫ذو َ‬ ‫سعادته‪ ،‬حتى إن قائلهم يقول‪" :‬إ ِن ّ ُ‬
‫خرج في زينته فهو ذو حظ عظيم‪ ،‬كل هذا من أوهام السعادة‪ ،‬والنتيجة‬
‫ض‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫لكفره بأنعم الله كما يقول الله ‪-‬سبحانه وتعالى‪" :-‬فَ َ‬
‫دارِهِ الْر َ‬ ‫فَنا ب ِهِ وَب ِ َ‬ ‫س ْ‬ ‫خ َ‬
‫ن"‬ ‫ري َ‬ ‫ص ِ‬
‫من ْت َ ِ‬ ‫ْ‬
‫ن ال ُ‬ ‫م َ‬‫ن ِ‬‫كا َ‬ ‫ن الل ّهِ وَ َ‬
‫ما َ‬ ‫ن ُدو ِ‬ ‫م ْ‬‫ه ِ‬‫صُرون َ ُ‬ ‫ن فِئ َةٍ ي َن ْ ُ‬‫م ْ‬‫ه ِ‬‫ن لَ ُ‬ ‫ما َ‬
‫كا َ‬ ‫فَ َ‬
‫)القصص‪ .(81:‬أي سعادة هذه وأي نهاية!؟‬
‫ه"‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫مال ِي َ ْ‬ ‫ما أغَنى عَّني َ‬ ‫وعلى هذا فقول أمية بن خلف‪ ،‬وأمثاله ‪ -‬يوم القيامة ‪َ " -‬‬
‫)الحاقة‪ (28:‬لم يأت من فراغ‪.‬‬
‫فبئس المال الذي ل يغني عن صاحبه شيئا‪.‬‬
‫‪ -2‬قصة كرستينا أوناسيس‪:‬‬
‫تلك القصة العجيبة‪ ،‬التي تؤكد أن المال مهما زاد وكثر‪ ،‬ل يمكن أن يكون ‪-‬‬
‫وحده ‪ -‬سببا للسعادة‪.‬‬
‫قصة عجيبة تابعت فصولها على مدى خمسة عشر عاما‪ ،‬أو تزيد‪ ،‬وانتهى آخر‬
‫فصل منها منذ أشهر فقط‪ ،‬إنها قصة‪ :‬كرستينا أوناسيس‪.‬‬
‫وبما أن الله ‪-‬سبحانه وتعالى‪ -‬قد ضرب لنا المثلة من الكفار‪ ،‬فل غرو ول‬
‫عجب ‪ -‬بل إن ذلك من ضمن المنهج اللهي القرآني ‪ -‬أن نضرب لكم مثل ‪-‬‬
‫حتى باسم هذه المرأة‪.‬‬
‫إليكم قصة هذه المرأة "كرستينا أوناسيس" تلك الفتاة اليونانية‪ ،‬ابنة‬
‫المليونير المالي المشهور "أوناسيس" ذلك الذي يملك المليارات‪ ،‬يملك‬
‫الجزر‪ ،‬يملك الساطيل‪.‬‬
‫هذه الفتاة مات أبوها‪ ،‬وقبل ذلك ماتت أمها‪ ،‬وبينهما مات أخوها‪ ،‬وبقيت هي‬
‫الوريثة الوحيدة ‪ -‬مع زوجة أبيها ‪ -‬لهذه الثروات الطائلة‪.‬‬
‫أتدري ‪ -‬أيها القارئ الكريم ‪ -‬كم ورثت؟‬
‫لقد ورثت من أبيها ما يزيد على خمسة آلف مليون ريال!!! فتاة تملك‬
‫أسطول بحريا ضخما!! تملك جزرا كاملة!!! تملك شركات طيران!!‬
‫أخي الكريم‪ :‬امرأة تملك أكثر من خمسة آلف مليون ريال‪ ،‬بقصورها‬
‫وسفنها‪ ،‬وطائراتها‪ ،‬أليست ‪ -‬في مقاييس كثير من الناس ‪ -‬أسعد امرأة في‬
‫العالم؟؟‬
‫كم من إنسان يتمنى أن يكون مثل هذه المرأة!! أنت تعلم أنه لو وزعت‬
‫ثرواتها على مئة فرد‪ ،‬لصبحوا من كبار الثرياء‪ ،‬بحيث يصل كل واحد منهم‬
‫خمسون مليون ريال!!! فهو ‪ -‬إذن ‪ -‬من كبار الثرياء‪ ،‬فما بالك بامرأة تملك‬
‫هذه الثروة؟ السؤال هو‪ :‬هل هذه المرأة سعيدة؟‬
‫إليكم فصول قصتها العجيبة‪ ،‬وسيتبين لكم من خللها الجواب‪:‬‬
‫أما أمها‪ :‬فقد ماتت بعد حياة مأساوية‪ ،‬كان آخر فصولها الطلق‪.‬‬
‫وأما أخوها‪ :‬فقد هلك بعدما سقطت به طائرته‪ ،‬التي كان يلعب بها‪.‬‬

‫‪130‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وأما أبوها‪ :‬فقد اختلف مع زوجته الجديدة التي هي "جاكلين كندي" زوجة‬
‫الرئيس المريكي السابق "كندي"‪ ،‬تلك الزوجة التي تزوجها بمليين‬
‫الدولرات‪ ،‬يبحث عن الشهرة فقط‪ ،‬ليقال‪ :‬إنه تزوج بزوجة الرئيس‬
‫المريكي "جون كندي"‪.‬‬
‫ومع ذلك فقد عاش معها في شقاء دائم‪.‬‬
‫تصور أن من بنود عقد الزواج‪ :‬أل تنام معه في فراش‪ ،‬وأل يسيطر عليها‪،‬‬
‫وأن ينفق عليها المليين ‪ -‬حسب رغبتها ‪.-‬‬
‫ومع ذلك فقد اختلفت معه‪ ،‬وعندما مات‪ ،‬اختلفت مع ابنته‪.‬‬
‫وخلصة القول‪ :‬أن هذه الفتاة كانت قد تزوجت في حياة أبيها ‪ -‬برجل‬
‫أمريكي‪ ،‬وعاش معها شهورا‪ ،‬ثم طلقها ‪ -‬أو طلقته ‪.-‬‬
‫وبعد وفاة أبيها تزوجت برجل آخر يوناني‪ ،‬وعاش معها شهورا ثم طلقها ‪ -‬أو‬
‫طلقته ‪.-‬‬
‫ثم انتظرت طويل تبحث عن السعادة‪ .‬أتعلمون من تزوجت؟‬
‫للمرة الثالثة‪" ،‬أغنى أمرأة في العالم على الطلق"‪ ،‬أتعلمون من تزوجت؟‬
‫لقد تزوجت شيوعيا روسيا‪ ،‬يا للعجب!! قمة الرأسمالية تلتقي مع قمة‬
‫الشيوعية!!!‬
‫وعندما سألها الناس‪ ،‬والصحفيون ‪ -‬بشكل خاص ‪ -‬عندما سألوها‪ :‬أنت تمثلين‬
‫الرأسمالية فكيف تتزوجين بشيوعي؟‬
‫عندها قالت‪ :‬أبحث عن السعادة!!! نعم‪ ،‬لقد قالت‪ :‬أبحث عن السعادة‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫وبعد الزواج ذهبت معه إلى روسيا‪ ،‬وبما أن النظام هناك ل يسمح بامتلك‬
‫أكثر من غرفتين‪ ،‬ول يسمح بخادمه‪ ،‬فقد جلست تخدم في بيتها ‪ -‬بل في‬
‫غرفتيها ‪ -‬فجاءها الصحفيون ‪ -‬وهم يتابعونها في كل مكان ‪ -‬فسألوها‪ :‬كيف‬
‫يكون هذا؟‬
‫قالت‪ :‬أبحث عن السعادة‪.‬‬
‫وعاشت معه سنة‪ ،‬ثم طلقها ‪ -‬بل طلقته ‪.-‬‬
‫ثم بعد ذلك أقيمت حفلة في فرنسا‪ ،‬وسألها الصحفيون‪ :‬هل أنت أغنى‬
‫امرأة؟ قالت‪ :‬نعم‪ .‬أنا أغنى امرأة ولكني أشقى امرأة!!!‬
‫وآخر فصل من فصول المسرحية الحقيقية‪ ،‬تزوجت برجل فرنسي‪.‬‬
‫لحظوا أنها تزوجت من أربع دول وليس من دولة واحدة لعلها تجرب حظها‪.‬‬
‫أقول‪ :‬تزوجت بغني فرنسي )أحد رجال الصناعة( وبعد فترة يسيرة أنجبت‬
‫بنتا‪ ،‬ثم طلقها ‪ -‬بل طلقته ‪.-‬‬
‫ثم عاشت بقية حياتها في تعاسة‪ ،‬وهم‪ ،‬ومنذ شهور وجدوها ميتة في شالية‬
‫في الرجنتين‪ ،‬ل يعلمون هل ماتت ميتة طبيعية‪ ،‬أم أنها قتلت‪ ،‬حتى إن‬
‫الطبيب الرجنتيني قد أمر بتشريح جثتها‪ ،‬ثم دفنت في جزيرة أبيها!!‬
‫انظر إلى هذه المرأة هل أغنى عنها مالها؟‬
‫أما في الدنيا‪ :‬فل‪ ،‬وأما في الخرة‪ ،‬فستقول ‪ -‬لنها كافرة ‪" -‬ما أغنى عني‬
‫ماليه"‪.‬‬
‫إذن‪ ،‬المال وحده ل يكفي‪ ،‬المال وحده ل يجلب السعادة‪ ،‬ول يوفرها‪ ،‬فمن‬
‫أكبر أوهام السعادة قضية الثراء والتجارة‪.‬‬
‫وفي عصرنا الحاضر‪ ،‬تلحظون وتشاهدون كثيرا من التجار يعيشون في قلق‬
‫دائم‪ ،‬تشاهدون من ذهبت منه تجارته يعيش في هم وغم‪.‬‬

‫‪131‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أذكرعلى ذلك مثال واحدا‪ :‬أحد التجار‪ ،‬كان يملك المليين ‪ -‬وهو ممن أعرفهم‬
‫‪ -‬ذهبت منه أمواله‪ ،‬وبعد فترة من الزمن ضاقت به المعيشة‪ ،‬وأعسره‬
‫الضنك‪ ،‬فذهب يبحث عن عمل ‪ -‬وقد كان في فترة من عمره يشغل منصبا‬
‫كبيرا في إحدى الوزارات ‪ -‬فوجد أخيرا وظيفة صغيرة "على بند العمال"‪ .‬أي‬
‫سعادة بعد ذلك في المال؟‬
‫السعادة في الشهرة‬
‫إذن‪ ،‬هل السعادة في الشهرة‪ ،‬كالرياضة‪ ،‬والفن؟‬
‫أقول‪ :‬ل؛ لن الشهرة شقاء ل سعادة‪ ،‬ولن الشهرة ل حقيقة لها إن لم‬
‫ترتبط بتقوى الله ‪-‬سبحانه وتعالى‪ -‬والذي يتقي الله ‪-‬سبحانه وتعالى‪ -‬ل يريد‬
‫الشهرة؛ لن الشهرة إذا ارتبطت بغير سبب أصيل فإنها تزول سريعا‪ ،‬وإذا‬
‫زالت عن صاحبها عاش في شقاء‪ ،‬وتعاسة‪.‬‬
‫قد يتوهم كثير من الناس أن السعادة موجودة عند صنفين من الناس هم‬
‫أهل الرياضة وأهل الفن‪ .‬فأقول‪:‬‬
‫‪ -1‬أهل الرياضة‪:‬‬
‫معظمهم يعيش الشقاء في أيامه ولياليه‪.‬‬
‫فمن معسكر إلى معسكر ومن سفر إلى سفر فل يكاد يستقر مع أهله إل‬
‫قليل‪ .‬ويضطر أغلبهم إلى التفريط بمستقبلهم الدراسي وعدم مواصلته‪.‬‬
‫بسبب النشغال الكامل بالرياضة‪.‬‬
‫أضف إلى ذلك‪ :‬اضطرابهم عند كل مباراة‪ .‬وكآبتهم عند كل هزيمة‪.‬‬
‫ثم إن الصابات تتقاذفهم من كل جانب‪.‬‬
‫كما أن الخوف من رأي الجماهير ونظرتها عند أي هبوط في المستوى‬
‫يجعلهم يعيشون شقاء متواصل‪.‬‬
‫ثم ماذا بعد ذلك؟ إن الناس سرعان ما ينسونهم بعد العتزال فيزدادون ألما‬
‫وحزنا‪.‬‬
‫إذن فليست السعادة عند أهل الرياضة وإن ظن الكثيرون أنها عندهم‪.‬‬
‫‪ -2‬أهل الفن‪:‬‬
‫إن حياتهم أسوأ حياة يعيشها البشر!‬
‫فشل أسري‪ ،‬مخدرات‪ ،‬انحلل‪ ،‬انعدام حياء‪ ،‬موت فضيلة‪.‬‬
‫وأقصد بأهل الفن‪ :‬أهل الغناء والطرب‪ ،‬والتمثيل‪.‬‬
‫ول أقول هذا من عندي‪ ،‬بل هو من مذكراتهم التي تعج بها الصحف صباح‬
‫مساء‪ .‬خذوا على ما أقول ثلث وقائع‪:‬‬
‫الواقعة الولى‪" :‬أنور وجدي" زوج الممثلة اليهودية ليلى مراد‪ ،‬هذه الزوجة‬
‫التي قالت عنه في مذكراتها‪" :‬إن زوجي كان ممثل بسيطا‪ ،‬فقال‪ :‬أتمنى أن‬
‫أملك مليون جنيه حتى ولو أصبت بمرض‪ ،‬فقلت له‪ :‬ما ينفعك المال إذا‬
‫جاءك المرض؟ فقال‪ :‬أنفق جزءا من المال في علج المرض‪ ،‬وأعيش في‬
‫بقيته سعيدا‪ ،‬فملك أكثر من مليون جنيه‪ ،‬وابتله الله بسرطان الكبد‪ ،‬فأنفق‬
‫المليون جنيه وزيادة‪ ،‬ولم يجد السعادة حتى إنه كان ل يأكل إل شيئا يسيرا‬
‫من الطعام‪ ،‬فهو ممنوع من أكل كثير من الطعمة‪ ،‬وأخيرا‪ ،‬مات بهذا المرض‬
‫حسيرا نادما‪.‬‬
‫الواقعة الثانية‪:‬‬
‫"نيازي مصطفى" وهو من كبار المخرجين‪ ،‬لكنه عاش حياته في شقاء‬
‫وتعاسة‪ ،‬وعندما بلغ السبعين من عمره‪ ،‬وجدوه قد قتل في منزله‪ ،‬ووجدوا‬
‫أنه في تلك الليلة التي مات فيها‪ ،‬قد أقام حفلة صاخبة‪ ،‬شاركه فيها أكثر من‬
‫عشر فتيات‪ ،‬وفي الصباح وجدوه "أثرا بعد عين"‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فقد وجدوه قتيل!!!‬


‫انظر إلى هذه الحياة‪ ،‬ذعر‪ ،‬وسكر‪ ،‬وخيانة‪ ،‬مات على هذه الحالة المأساوية‪،‬‬
‫نعوذ بالله من سوء الخاتمة‪.‬‬
‫الواقعة الثالثة‪" :‬عبد الحليم حافظ" الرجل الذي عاش حياته مريضا‪ ،‬وحيدا‪،‬‬
‫من غير زوجة‪ ،‬ول ولد‪ ،‬إلى أن اختطفه الموت‪ ،‬وأنهكه المرض بعد الخمسن‬
‫بقليل‪ .‬في قمة الشقاء‪.‬‬
‫فالسعادة ‪ -‬إذن ‪ -‬ليست إل بريقا زائفا تشع به أعينهم لتوهم الخرين بذلك‬
‫مع أنهم يعيشون في الواقع قمة الشقاء والتعاسة‪.‬‬
‫السعادة في الشهادات‬
‫إذن‪ ،‬أين السعادة ؟‬
‫ربما كانت في نيل أعلى الشهادات‪ ،‬في أن يصبح النسان "دكتورا"!!‪.‬‬
‫لكني أقول لكم ‪ -‬بكل ثقة ‪ -‬ل‪.‬‬
‫ولنقف قليل مع ما يبرهن على هذا بجلء ووضوح‪.‬‬
‫إليكم هذه القصة الحديثة‪ ،‬التي نشرتها مجلة اليمامة‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫طبيبة تصرخ‪ ،‬تقول‪ :‬خذوا شهاداتي وأعطوني زوجا!!! انظروا كيف تقول‬
‫هذه الطبيبة‪ ،‬تصوروا‪ ،‬دكتورة في الطب‪ ،‬وربما كانت في نظر كثير من‬
‫الناس "سعيدة جدا"‪ ،‬فما دامت امرأة واستطاعت أن تكون دكتورة‪ ،‬بل وفي‬
‫الطب أيضا‪.‬‬
‫لن الطب ‪ -‬في نظر كثير من الناس ‪ -‬أعلى العلوم‪ ،‬وشهاداته أفضل‬
‫الشهادات‪ ،‬وهذه نظرة خاطئة‪ ،‬إنما هذه نظرة الكثير من الناس‪ ،‬أن النسان‬
‫إذا كان "دكتورا"‪ ،‬وفي الطب‪ ،‬فإنه يعيش في قمة السعادة‪.‬‬
‫إقرأوا ما تقوله هذه المرأة‪ ،‬حسب ما سطرت بقلمها‪ ،‬حيث جاء من ضمن‬
‫كلمها‪" :‬السابعة من صباح كل يوم‪ ،‬وقت يستفزني‪ ،‬يستمطر أدمعي‪ ،‬لماذا؟‬
‫أركب خلف السائق متوجهة صوب عيادتي ]ثم تستدرك[ بل مدفني‪ ،‬بل‬
‫زنزانتي"‪ ،‬تعبر عن عيادتها التي طالما كافحت حتى تصل إليها‪ ،‬تعبر عنها‬
‫"بالمدفن" تعبر عنها "بالزنزانة"‪ ،‬ثم تقول‪" :‬وعندما أصل مثواي" بدل أن‬
‫تقول‪ :‬أصل إلى مكتبي‪ ،‬ومقر سعادتي‪ ،‬تقول‪ :‬أصل مثواي‪.‬‬
‫ويتواصل الحديث "أجد النساء بأطفالهن ينتظرنني‪ ،‬وينظرن إلى معطفي‬
‫البيض‪ ،‬وكأنه بردة حرير فارسية‪ ،‬هذا في نظر الناس‪ ،‬وهو في نظري لباس‬
‫حداد لي!!!‬
‫]ثم تواصل قولها[ أدخل عيادتي‪ ،‬أتقلد سماعتي وكأنها حبل مشنقة يلتف‬
‫حول عنقي‪ ،‬العقد الثالث يستعد الن لكمال التفافه حول عنقي ]أي‪ :‬بلغت‬
‫الثلثين[‪ ،‬والتشاؤم ينتابني على المستقبل‪.‬‬
‫]أخيرا تصرخ وتقول‪ [:‬خذوا شهاداتي ومعاطفي‪ ،‬وكل مراجعي‪ ،‬وجالب‬
‫السعادة الزائفة ]تعني المال[‪ ،‬وأسمعوني كلمة "ماما"‪.‬‬
‫ثم تقول هذه البيات‪:‬‬
‫لقد كنت أرجو أن يقال طبيبة‬
‫فقل للتي كانت ترى في قدوة‬
‫وكل مناها بعض طفل تضمه ‪ ...‬فقد قيل‪ ,‬فما نالني من مقالها‬
‫هي اليوم بين الناس يرثى لحالها‬
‫فهل ممكن أن تشتريه بمالها‬

‫‪133‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫التوقيع‪ :‬دكتورة س‪ .‬ع‪ .‬غ‪ .‬الرياض‬


‫السعادة في المنصب‬
‫إذن‪ ،‬لعل أصحاب السعادة هم أصحاب المناصب العالية المرموقة من قادة‬
‫ووزراء وغيرهم؟‬
‫غير أني أقول لكم‪ :‬ل‪.‬‬
‫أتدرون لماذا؟‬
‫لن المسئولية هم في الدنيا‪ ،‬وإن لم يقم صاحبها بحقها فهي حسرة وندامة‬
‫يوم القيامة‪.‬‬
‫صاحب المنصب والسلطان ل يفارقه الهم خوفا من زواله‪ ،‬تجده يشقى‬
‫للمحافظة عليه‪ ،‬وإذا زال منصبه ‪ -‬ولبد أن يزول ‪ -‬عاش بقية عمره تعيسا‪.‬‬
‫والمنصب قد يكون سببا في هلك صاحبه‪ ،‬ولذلك يعيش في خوف وقلق‬
‫دائمين‪.‬‬
‫وكفانا على ذلك قصة‪ :‬فرعون وهامان صاحبا المناصب العالية المرموقة‬
‫اللذان خلد القرآن قصتيهما‪.‬‬
‫أما في العصر الحاضر‪ ،‬فأسرد لكم أمثلة سريعة‪.‬‬
‫‪ -1‬شاه إيران‪:‬‬
‫الرجل الذي أقام حفل ليعيد فيه ذكرى مرور ألفين وخمسمائة سنة على قيام‬
‫الدولة الفارسية‪ ،‬وأراد أن يبسط نفوذه على الخليج‪ ،‬ثم على العالم العربي‬
‫بعد ذلك‪ ،‬ليلتقي مع اليهود‪ .‬ذلك الرجل الذي كان يتغنى ويتقلب كالطاووس‪،‬‬
‫كيف كانت نهايته‪.‬‬
‫لقد تشرد!! طرد!! لم يجد بلدا يأويه‪ ،‬حتى أمريكا التي كان أذل عميل لها‪.‬‬
‫وظل على هذه الحال حتى مات شريدا طريدا في مصر‪ ،‬بعد أن أنهكه الهم‪،‬‬
‫وفتك به السرطان‪.‬‬
‫أما أولده وأهله وحاشيته فقد أصبحوا أشتاتا متفرقين في عدة قارات!!!‬
‫‪ -2‬رئيس الفلبين‪:‬‬
‫هذا الرجل الطاغية ماذا حدث له؟‬
‫لقد قلبت نظري كثيرا في قصته‪ ،‬فوجدتها جديرة بأخذ العبرة منها‪.‬‬
‫هذا الزعيم أذاقه الله غصص التعاسة والشقاء في الدنيا قبل الخرة‪ .‬فإذا به‬
‫بين عشية وضحاها يتحول إلى شريد طريد يتنكر له أسياده وأصدقاؤه‪ .‬ل‬
‫يملك الرجوع إلى بلد كان يرتع فيه كما يشاء‪ .‬حتى إذا جاءت وفاته لم‬
‫يستطع أن يحصل على أشبار قليلة في بلده يواري فيها سوءته‪.‬‬
‫فسبحان مالك الملك‪.‬‬
‫‪ -3‬بوكاسا‪:‬‬
‫وما أدراك ما بوكاسا!! الذي صدر نفسه إمبراطورا‪ ،‬وما زلنا نذكر صورته‬
‫وأفعاله في أفريقيا الوسطى‪.‬‬
‫عندما زار فرنسا‪ ،‬قام عليه انقلب‪ ،‬فتشرد في فرنسا‪ ،‬حتى ضاقت به‬
‫الرض‪ ،‬فجاء إلى بلده باسم مستعار‪ ،‬فقبضوا عليه‪ ،‬وحوكم في بلده‪.‬‬
‫ول أعلم الن أقتل أم لم يقتل؟ لكن المعلوم أنه أصيب بعدة أمراض‪ ،‬أهونها‬
‫أمراض التعاسة والهم والغم‪ ،‬في البلد الذي نصب نفسه إمبراطورا له‪.‬‬
‫هذه بعض المثلة السريعة وما أكثر أمثال هؤلء الذين ذكرت‪ ،‬من السابقين‬
‫واللحقين‪ ،‬تجري فيهم سنة الله التي ل تتبدل ول تتغير‪.‬‬
‫إذن هذه هي السعادة الوهمية التي يتصور الناس أنها حقيقة السعادة‪.‬‬
‫كثير من الناس يبدو لول وهلة أنهم سعداء‪ ،‬وهم في الواقع يتجرعون غصص‬
‫الشقاء والبؤس والحسرة‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يصور هذا المعنى الشاعر حمد الحجي ‪ -‬رحمه الله في قصيدة له فيقول‪:‬‬
‫ما لقيت النام إل رأوا مني‬
‫أظهر النشراح للناس حتى ‪ ...‬ابتساما ول يدرون ما بي‬
‫يتمنوا أنهم في ثيابي‬
‫ثم يقول‪:‬‬
‫لو دروا أنني شقي حزين‬
‫لتنأوا عني ولم ينظروني‬
‫فكأني آتي بأعظم جرم‬
‫هكذا الناس يطلبون المنايا ‪ ...‬ضاق في عينه فسيح الرحاب‬
‫ثم زادوا نفورهم في اغتيابي‬
‫لو تبدت تعاستي للصحاب‬
‫للذي بينهم جليل المصاب‬
‫ومن أوضح المثلة على السعادة الوهمية‪ ،‬ما تعيشه أوربا‪ ،‬وبخاصة الدول‬
‫السكندنافية‪ ،‬فهي أغنى الدول‪ ،‬سواء على مستوى الدولة‪ ،‬أو على مستوى‬
‫دخل الفرد‪ ،‬ومع ذلك فهي تمثل أعلى نسب النتحار‪.‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫فدولة السويد مثل هي أغنى دولة من حيث دخل الفرد‪ ،‬ولكنها أعلى دولة في‬
‫نسب النتحار!!‬
‫بينما نجد الدول السلمية ‪ -‬مع أن أكثرها فقيرة ‪ -‬تسجل أقل نسبة من‬
‫نسب النتحار في العالم‪.‬‬
‫وهكذا نرى من خلل الواقع أن السعادة الحقيقية ليست في المال ول في‬
‫الشهرة‪ ،‬ول في الشهادات‪ ،‬ول في المناصب‪ ،‬ول ما أشبه ذلك من حطام‬
‫الدنيا‪.‬‬
‫إذن أين تكمن أسباب السعادة؟ ما صفات السعداء سعادة واقعية حقيقية؟‬
‫قبل الجابة على هذا التساؤل‪ ،‬نمهد لذلك بذكر بعض موانع السعادة على‬
‫وجه الختصار‪.‬‬
‫خامسًا‪ :‬موانع السعادة‬
‫ل ريب أن ثمة موانع كثيرة للسعادة تحول دون الوصول إليها‪ ،‬والتنعم‬
‫بالعيش فيها‪.‬‬
‫وإليك يا أخي القارئ هم تلك الموانع‪:‬‬
‫حَرجا ً‬ ‫َ‬
‫ضّيقا ً َ‬
‫صد َْره ُ َ‬ ‫جعَ ْ‬
‫ل َ‬ ‫ضل ّ ُ‬
‫ه يَ ْ‬ ‫ن يُ ِ‬
‫ن ي ُرِد ْ أ ْ‬
‫م ْ‬
‫‪ -1‬الكفر‪ :‬يقول الله ‪-‬تعالى‪) :-‬وَ َ‬
‫َ‬
‫ماِء ()النعام‪ :‬من الية ‪.(125‬‬ ‫س َ‬
‫صعّد ُ ِفي ال ّ‬ ‫ك َأن ّ َ‬
‫ما ي َ ّ‬
‫هكذا يصور القرآن التعاسة والشقاء تصويرا دقيقا‪.‬‬
‫‪ -2‬عمل المعاصي والثام والجرائم‪ :‬ولن أستشهد على هذا المر فهو واضح‬
‫جلي‪ ،‬لكني أذكر قول من أقوال الكفار‪ ،‬لبيان هذه القضية‪.‬‬
‫يقول ألكس كاريل‪" :‬إن النسان لم يدرك بعد فداحة النتائج التي تترتب على‬
‫الخطيئة‪ ،‬ونتائجها ل يمكن علجها على وجه العموم"‪.‬‬
‫ويقول سقراط‪ ،‬وهو كافر‪" :‬إن المجرم دائما أشقى من ضحيته‪ ،‬وإن من‬
‫يكون مجرما ولم يعاقب على جرمه‪ ،‬يكون من أشقى الناس"‪.‬‬
‫هكذا يقول هذان الكافران‪ ،‬بينما نجد " أن‪ ،‬صحابيا أذنب‪ ،‬فجاء إلى الرسول‬
‫‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬وقال‪ :‬يا رسول الله طهرني‪ ،‬وكررها على رسول‬
‫الله ‪ -‬عليه الصلة والسلم ‪ -‬فأقام عليه الحد‪] " .‬رواه مسلم ‪.[11/199‬‬

‫‪135‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ -3‬الحسد والغيرة‪ :‬وأمر الحسد خطير‪ ،‬حتى إن الله ‪-‬تعالى‪ -‬يأمرنا‬


‫د( )الفلق‪:‬‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫سدٍ إ َِذا َ‬
‫حا ِ‬ ‫شّر َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫بالستعاذة من شر الحاسد‪ ،‬قال ‪-‬تعالى‪) :-‬وَ ِ‬
‫‪.(5‬‬
‫ه(‬ ‫ل‬ ‫ض‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫ه‬‫تا‬‫آ‬ ‫ما‬ ‫لى‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫س‬ ‫نا‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫دو‬
‫ْ َ ْ ُ ُ َ ّ َ َ‬ ‫س‬ ‫ح‬ ‫ي‬ ‫م‬‫َ‬ ‫أ‬ ‫)‬ ‫‪-‬تعالى‪:-‬‬ ‫الله‬ ‫وقال‬
‫ْ ِ ِ‬ ‫ُ ِ ْ‬ ‫َ َ ُ ُ‬
‫)النساء‪ :‬من الية ‪ .(54‬قال ذلك عن الكفار‪.‬‬
‫وقال رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬موجها أمته‪ " :‬ل تحاسدوا‪ ،‬ول‬
‫تقاطعوا‪ ،‬ول تباغضوا‪ ،‬ول تدابروا‪ ،‬وكونوا عباد الله إخوانا " ]متفق عليه[‬
‫ول مانع من أن نستشهد على سوء الحسد من كلم بعض أعدائنا‪.‬‬
‫يقوك فيكتور بوشيخ‪" :‬إن الحسد والغيرة والحقد أقطاب ثلثة لشيء واحد‪،‬‬
‫وإنها لفات تنتج سموما تضر بالصحة‪ ،‬وتقضي على جانب كبير من الطاقة‬
‫والحيوية اللزمتين للتبكير والعمل"‪.‬‬
‫ل ِفي قُُلوب َِنا ِغّل ً‬ ‫جعَ ْ‬ ‫‪ -4‬الحقد والغل‪ :‬قال ‪-‬تعالى‪ -‬في سورة الحشر‪َ) :‬ول ت َ ْ‬
‫مُنوا( )الحشر‪ :‬من الية ‪.(10‬‬ ‫نآ َ‬ ‫ل ِل ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫يصف الله ‪-‬تعالى‪ -‬المؤمنين في هذه الية بأنهم يقولون هذا الدعاء‪ ،‬لن الغل‬
‫من موانع السعادة‪.‬‬
‫ما‬
‫ويقول ‪-‬تعالى‪ -‬واصفا المؤمنين في حياتهم البدية‪ ،‬في جنة الخلد‪) :‬وَن ََزعَْنا َ‬
‫ل( )العراف‪ :‬من الية ‪.(43‬‬ ‫ن ِغ ّ‬ ‫م ْ‬
‫م ِ‬
‫دورِهِ ْ‬
‫ص ُ‬
‫ِفي ُ‬
‫يقول إبراهيم الجمل‪" :‬الحاقد يظل طوال وقته ل يفكر إل في النيل من الذي‬
‫يحقد عليه‪ ،‬فقد يكذب عليه‪ ،‬وقد يضر به‪ ،‬ول يهاب في سبيل ذلك ما يفعل"‪.‬‬
‫‪ -5‬الغضب‪ :‬ل شك أن الغضب من حواجب السعادة والنشراح‪ ،‬ولذلك امتدح‬
‫ن( )الشورى‪ :‬من الية‬ ‫فُرو َ‬‫م ي َغْ ِ‬‫ضُبوا هُ ْ‬‫ما غَ ِ‬ ‫الله المؤمنين قائل عنهم‪) :‬وَإ َِذا َ‬
‫‪ .(37‬ويقول الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ " -‬ليس الشديد بالصرعة‪ ،‬إنما‬
‫الشديد من يملك نفسه عند الغضب " ]متفق عليه[‪.‬‬
‫‪ -6‬الظلم‪ :‬فإن الظلم مرتعه وخيم‪ .‬وعاقبته سيئة إلى أبعد الحدود‪.‬‬
‫فلنقف على مثالين معاصرين يصوران عقبى الظلم ومآل الظلمة‪ ،‬هما‬
‫)حمزة البسيوني‪ ،‬وصلح نصر(‪ ،‬فقد كانا من جنود زعيمهما الهالك )جمال‬
‫عبدالناصر( صبا على الدعاة إلى الله من الظلم والعذاب ما تقشعر له‬
‫البدان‪.‬‬
‫ولكن‪ :‬كيف كانت حياتهم؟ شر حياة والله‪.‬‬
‫أما حمزة البسيوني فقد بلغ به التجبر والطغيان إلى حد أنه كان يقول‬
‫للمؤمنين ‪ -‬وهو يعذبهم حينما يستغيثون بالله ‪ -‬يقول‪ :‬أين إلهكم لضعه في‬
‫الحديد!‬
‫وأما صلح نصر فقد كان يعقد على زوجات الناس عقودا وهمية‪ ،‬وهن في‬
‫عصمة رجال آخرين‪ ،‬ويتزوجهن!!! لكن كيف كانت نهاية أولئك الطغاة؟‬
‫حمزة البسيوني اصطدمت سيارته‪ ،‬وهو خارج من القاهرة إلى السكندرية‪،‬‬
‫بشاحنة تحمل حديدا‪ ،‬فدخل الحديد في جسمه‪ ،‬من أعلى رأسه إلى أحشائه‪،‬‬
‫وعجز المنقذون أن يخرجوه إل قطعا‪.‬‬
‫هكذا أهلكه الله بالحديد‪ ،‬وهو الذي كان يقول إنه سيضع الله في الحديد‪،‬‬
‫تعالى الله عما يقول الظالمون‪.‬‬
‫وأما صلح نصر فقد أصيب بأكثر من عشرة أمراض مؤلمة‪ ،‬مزمنة‪ ،‬عاش‬
‫عدة سنوات من عمره في تعاسة‪ ،‬ولم يجد له الطب علجا‪ ،‬حتى مات‬
‫سجينا‪ ،‬مزجوجا به في زنزانات زعمائه الذين كان يخدمهم‪.‬‬
‫إن الله ليملي للظالم‪ ،‬حتى إذا أخذه لم يفلته‪.‬‬
‫‪ -7‬الخوف من غير الله ‪ -‬عز وجل ‪ -‬إن الخوف من غير الباري ‪-‬سبحانه‪-‬‬

‫‪136‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ما‬ ‫يورث الشقاء والذلة‪ ،‬ولذلك قال الله ‪-‬تعالى‪ -‬عن بني إسرائيل‪ُ) :‬أول َئ ِ َ‬
‫ك َ‬
‫ها إ ِّل َ‬
‫خُلو َ‬ ‫كان ل َه َ‬
‫ن( )البقرة‪ :‬من الية ‪.(114‬‬
‫في َ‬
‫خائ ِ ِ‬ ‫ن ي َد ْ ُ‬
‫مأ ْ‬‫َ َ ُ ْ‬

‫)‪(5 /‬‬

‫ن‬‫ن إِ ْ‬‫خاُفو ِ‬ ‫م وَ َ‬ ‫خاُفوهُ ْ‬ ‫ف أ َوْل َِياَءه ُ َفل ت َ َ‬ ‫خوّ ُ‬‫ن يُ َ‬


‫طا ُ‬‫شي ْ َ‬‫م ال ّ‬‫ما ذ َل ِك ُ ُ‬ ‫وقال ‪-‬تعالى‪) :-‬إ ِن ّ َ‬
‫ن( )آل عمران‪.(175:‬‬ ‫مؤ ْ ِ‬
‫مِني َ‬ ‫م ُ‬ ‫ك ُن ْت ُ ْ‬
‫ه(‬ ‫شرِ ُ‬ ‫ما ت ُ ْ‬ ‫َ‬
‫ن بِ ِ‬ ‫كو َ‬ ‫ف َ‬ ‫خا ُ‬ ‫وقال إبراهيم لقومه ‪ -‬كما ورد في القرآن ‪َ) :-‬ول أ َ‬
‫)النعام‪ :‬من الية ‪.(80‬‬
‫إذن فالخوف من غير الله من موانع السعادة‪.‬‬
‫‪ -8‬التشاؤم‪ :‬كم كان التشاؤم سببا في التعاسة والمتاعب‪ .‬ولهذا كان‬
‫المصطفى ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬يعجبه الفأل‪ ،‬ويكره التشاؤم‪] .‬أخرجه‬
‫أحمد ورواه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي وصححه[‪.‬‬
‫يقول الدكتور عزيز فريد‪" :‬المتشائم يتحمل بفعل اتجاهه التشاؤمي متاعب‬
‫عدة‪ ،‬هي أشد وقعا على أعصابه من الكوارث والملمات التي قد تقع به"‪.‬‬
‫َ‬
‫ن‬
‫م َ‬‫جت َن ُِبوا ك َِثيرا ً ِ‬ ‫مُنوا ا ْ‬ ‫نآ َ‬ ‫‪ -9‬سوء الظن‪ :‬فالله ‪-‬سبحانه‪ -‬يقول‪َ) :‬يا أي َّها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫م( )الحجرات‪ :‬من الية ‪.(12‬‬ ‫ن إ ِث ْ ٌ‬‫ض الظ ّ ّ‬ ‫ن ب َعْ َ‬‫ن إِ ّ‬‫الظ ّ ّ‬
‫ويقول الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ " -‬إياكم والظن‪ ،‬فإن الظن أكذب‬
‫الحديث " ]متفق عليه[‪.‬‬
‫‪ -10‬الكبر‪ :‬المتكبر يعيش في شقاء دائم‪ ،‬وتعاسة أبدية‪ ،‬وإن تغطرس‪،‬‬
‫وتعالى على الناس‪ ،‬وغمطهم حقوقهم‪.‬‬
‫‪ -11‬تعلق القلب بغير الله‪ :‬كتعلق قلب العاشق بمعشوقته‪.‬‬
‫ويكفي لتصوير خطورة المر أن نقرأ قصة مجنون ليلى‪ ،‬لنعلم كيف عاش‬
‫هذا الرجل شريدا طريدا‪ ،‬حتى جن‪ ،‬ومات وهو عاشق‪.‬‬
‫وكم من عاشق مات في عشقه‪ ،‬وقدم على الله وقلبه معلق بغيره‪ .‬فيالها‬
‫من خسارة دنيوية وأخروية‪.‬‬
‫‪ -12‬المخدرات‪ :‬إن كثير من الناس يتوهم أن السعادة تجتلب بمعاقرة‬
‫المخدرات والمسكرات‪ ،‬فيقبلون عليها‪ ،‬قاصدين الهروب من هموم الدنيا‬
‫ومشاغلها وأتراحها‪ ،‬وإذا بهم يجدون أنفسهم كالمستجير من الرمضاء بالنار‪.‬‬
‫لن المخدرات في الحقيقة من الحوائل دون السعادة‪ ،‬وإنها تجلب الشقاء‪،‬‬
‫واليأس‪ ،‬والنحلل‪ ،‬والدمار‪.‬‬
‫دمار الفرد والمجتمع والمة‪.‬‬
‫وإن لنا في الواقع الحاضر لخير شاهد على ذلك فليعتبر أولو اللباب‪.‬‬
‫والن‪ ،‬بعد أن عرفنا موانع السعادة‪ ،‬فلنعد إلى طريق الخلص والفكاك‪ ،‬إلى‬
‫أسباب السعادة‪ ،‬والسبل الموصلة إلى ظللها الوارفة‪ ..‬فما هي أسباب‬
‫السعادة وما هي صفات السعداء؟‬
‫سادسًا‪ :‬أسباب السعادة وصفات السعداء‬
‫إن من يريد أن ينال السعادة‪ ،‬وهو لم يأخذ بأسبابها يصدق عليه قول الشاعر‪:‬‬
‫ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها ‪ ...‬إن السفينة ل تجري على اليبس‬
‫فلنقف معا على أسباب السعادة وصفات السعداء لعل الله أن يوفقنا للخذ‬
‫بها إنه جواد كريم‪:‬‬
‫‪ -1‬اليمان بالله‪ ،‬والعمل الصالح‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫حَياةً‬‫ه َ‬ ‫حي ِي َن ّ ُ‬
‫ن فلن ُ ْ‬ ‫م ٌ‬ ‫ن ذ َكرٍ أوْ أن َْثى وَهُوَ ُ‬
‫مؤ ْ ِ‬ ‫م ْ‬
‫صاِلحا ِ‬ ‫ل َ‬ ‫م َ‬‫ن عَ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫يقول الله تعالى ) َ‬
‫ة( )النحل‪ :‬من الية ‪ (97‬أي فلنحيينه حياة سعيدة‪.‬‬ ‫ط َي ّب َ ً‬

‫‪137‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ن ِبالل ّهِ‬
‫م َ‬
‫نآ َ‬
‫م ْ‬
‫وكلنا يريد الحياة الطيبة‪ ،‬فعلينا بالعمل الصالح مع اليمان‪َ ) :‬‬
‫ن( )المائدة‪ :‬من‬ ‫حَزُنو َ‬
‫م يَ ْ‬ ‫ف عَل َي ْهِ ْ‬
‫م َول هُ ْ‬ ‫صاِلحا ً َفل َ‬
‫خو ْ ٌ‬ ‫م َ‬
‫ل َ‬ ‫َوال ْي َوْم ِ اْل ِ‬
‫خرِ وَعَ ِ‬
‫الية ‪.(69‬‬
‫وفي حديث أبي يحيى صهيب بن سنان ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬قال رسول الله ‪-‬‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ " -‬عجبا لمر المؤمن‪ ،‬إن أمره كله له خير‪ ،‬وليس‬
‫ذلك لحد‪ ،‬إل للمؤمن‪ ،‬إن أصابته سراء‪ ،‬شكر‪ ،‬فكان خيرا له‪ ،‬وإن أصابته‬
‫ضراء‪ ،‬صبر‪ ،‬فكان خيرا له " ]رواه مسلم ‪.[18/125‬‬
‫وكان الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬يجد راحته ولذته في الصلة‬
‫والطاعة‪ ،‬كان يقول‪ " :‬أقم الصلة يا بلل‪ ،‬أرحنا بالصلة " ]رواه أحمد وأبو‬
‫داود[‪.‬‬
‫بينما نجد كثيرا من الناس يقول‪ :‬أرحنا من الصلة‪ ،‬نحن في غم‪ ،‬في هم‪،‬‬
‫نحن مشغولون عن الصلة ‪ -‬هكذا يقولون ‪ -‬والرسول ‪ -‬صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ -‬يقول‪ " :‬وجعلت قرة عيني في الصلة " ]رواه أحمد والنسائي[‪.‬‬
‫ولنعرج على مثال حي واقعي‪ ،‬لنرى كيف يفعل اليمان بأصحابه‪ ،‬كيف‬
‫يجعلهم يشعرون بالسعادة في كل الحوال!! ابن تيمية ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬عذب‬
‫وسجن وطرد‪ ،‬ومع هذا نجده يقول‪ ،‬وهو في قلعة دمشق‪ ،‬في آخر مرحلة‬
‫من مراحل إيذائه وجهاده‪ ،‬يقول‪" :‬ما يصنع أعدائي بي‪ ،‬أنا جنتي وبستاني في‬
‫صدري‪ ،‬أنى رحلت فهي معي ل تفارقني‪ ،‬أنا حبسي خلوة‪ ،‬وقتلي شهادة‪،‬‬
‫وإخراجي من بلدي سياحة"‪.‬‬
‫هكذا نجد شيخ السلم يغلق الطرق في وجوه أعدائه بهذه القولة الخالدة‪،‬‬
‫التي تعد نبراسا يضيء الطريق للمؤمنين‪ ،‬ول يستطيعها إل عظماء الرجال‪،‬‬
‫وذوو الهمم العالية‪.‬‬
‫‪ -2‬اليمان بالقضاء والقدر خيره وشره‪:‬‬
‫فكله من الله ‪ -‬سبحانه وتعالى ‪ -‬فاعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك‪ ،‬وأن‬
‫ما أخطأك لم يكن ليصيبك‪.‬‬
‫وهذه الصفة من أهم صفات السعداء‪ ،‬إذ ل يمكن أن تحصل السعادة إل لمن‬
‫يؤمن بالله‪ ،‬ومن اليمان بالله اليمان بقضائه وقدره‪ ،‬والرضا بقسمه‪ ،‬لن‬
‫النسان في هذه الحياة ل بد أن ينتابه شيء من الهموم والمصائب‪ ،‬فإن لم‬
‫يؤمن بالقضاء والقدر‪ ،‬هلك‪.‬‬
‫ولنضرب مثل لليمان بالقضاء والقدر‪ ،‬وأثره في سعادة النسان‪:‬‬

‫)‪(6 /‬‬

‫عروة بن الزبير‪ -‬رحمه الله ‪ -‬أرادوا أن يقطعوا رجله‪ ،‬لن فيها الكلة‬
‫)السرطان( فقالوا له‪ :‬لبد أن نسقيك خمرا‪ ،‬لكي نستطيع أن نقطع رجلك‬
‫بدون أن تحس بآلم القطع ‪ -‬خاصة أنهم بعد القطع سيضعونها في الزيت‬
‫المغلي ليقف الدم ‪ -‬فماذا كان موقفه؟‬
‫لقد رفض وقال‪ :‬ل‪ ،‬أيغفل قلبي عن ذكر الله!! فقالوا‪ :‬إذن ماذا نفعل؟ قال‪:‬‬
‫سأدلكم إلى طريقة أخرى‪ ،‬إذا قمت إلى الصلة‪ ،‬فافعلوا ما تشاؤون‪ ،‬لن‬
‫قلبه ‪ -‬حينئذ ‪ -‬يتعلق بالله‪ ،‬فل يحس بما يفعل به‪.‬‬
‫وفعل عندما كبر مصليا‪ ،‬قطعوا رجله من فوق الركبة‪ ،‬ولم يتحرك‪ ،‬ولكن‬
‫عندما وضعوا رجله في الزيت المغلي سقط مغشيا عليه‪ ،‬وفي الليل أفاق‪.‬‬
‫فإذا بالناس يقولون له‪ :‬أحسن الله عزاءك في رجلك‪ ،‬وأحسن الله عزاءك‬
‫في ابنك‪.‬‬

‫‪138‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫لقد مات ابنه في هذه الثناء‪ ،‬فماذ قال؟ قال بكل تسليم وإيمان بالقضاء‪:‬‬
‫"الحمد لله‪ ،‬يا رب إن كنت ابتليت فقد عافيت‪ ،‬وإن كنت أخذت فقد أعطيت‬
‫وأبقيت"‪.‬‬
‫هذا هو اليمان الصادق بالقضاء والقدر‪ ،‬ولكن أين أمثال هؤلء التقاة‬
‫ها إ ِّل‬ ‫ما ي ُل َ ّ‬
‫قا َ‬ ‫صب َُروا وَ َ‬
‫ن َ‬ ‫ها إ ِّل ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫ما ي ُل َ ّ‬
‫قا َ‬ ‫الخاضعين لله‪ ،‬المسلمين لمشيئته‪) ،‬وَ َ‬
‫م( )فصلت‪.(35:‬‬ ‫ح ّ‬‫ُذو َ‬
‫ظي ٍ‬
‫ظ عَ ِ‬
‫‪ -3‬العلم الشرعي‪:‬‬
‫فالعلماء العارفون بالله هم السعداء‪.‬‬
‫وإليك يا أخي الكريم قصة تناسب هذا المقام‪ ،‬وهي قصة لحد العلماء الزهاد‪،‬‬
‫أل وهو أبو الحسن الزاهد‪ ،‬فما أحداث تلك القصة المثيرة؟‬
‫كان أحمد بن طولون ‪ -‬أحد ولة مصر ‪ -‬من أشد الظلمة‪ ،‬حتى قيل‪ :‬إنه قتل‬
‫ثمانية عشر ألف إنسان صبرا )أي يقطع عنه الطعام والشراب حتى يموت(‬
‫وهذا أشد أنواع القتل‪ ،‬فذهب أبو الحسن الزاهد إلى أحمد بن طولون امتثال‬
‫لقول الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ " -‬أفضل الجهاد كلمة حق عند‬
‫سلطان جائر " ]رواه أحمد والنسائي وابن ماجة[ وقال له‪" :‬إنك ظلمت‬
‫الرعية"‪ ،‬وخوفه بالله ‪ -‬تعالى ‪ -‬فغضب ابن طولون غضبا شديدا‪ ،‬وأمر بأن‬
‫يجوع أسد ثم يطلق على أبي الحسن!! يا له من موقف رهيب!! لكن نفس‬
‫أبي الحسن الممتلئة باليمان والثقة بالله‪ ،‬جعلت موقفه موقفا عجيبا‪.‬‬
‫عندما أطلقوا عليه السد أخذ يزأر‪ ،‬ويتقدم‪ ،‬ويتأخر‪ ،‬وأبو الحسن جالس ل‬
‫يتحرك‪ ،‬ول يبالي‪ ،‬والناس ينظرون إلى الموقف‪ ،‬بين باك وخائف على هذا‬
‫العالم الورع‪.‬‬
‫وضعوا أمامه أسدا جائعا!! إنها معركة غير متكافئة!! ولكن ما الذي حدث؟‬
‫لقد تقدم السد وتأخر‪ ،‬وزأر‪ ،‬ثم سكت‪ ،‬ثم طأطأ رأسه‪ ،‬فقرب من أبي‬
‫الحسن‪ ،‬فشمه‪ ،‬ثم انصرف عنه هادئا‪ ،‬ولم يمسسه بسوء‪.‬‬
‫وهنا تعجب الناس! وكبروا‪ ،‬وهللوا‪.‬‬
‫ولكن في القصة ما هو أعجب من ذلك‪.‬‬
‫لقد استدعى ابن طولون أبا الحسن‪ ،‬وقال له‪ :‬قل لي بماذا كنت تفكر‪،‬‬
‫والسد عندك‪ ،‬وأنت ل تلتفت إليه‪ ،‬ول تكترث به؟‬
‫فأجاب قائل‪ :‬إني كنت أفكر في لعاب السد ‪ -‬إن مسني ‪ -‬أهو طاهر أم‬
‫نجس؟‬
‫قال له‪ :‬ألم تخف السد؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬فإن الله قد كفاني ذلك‪.‬‬
‫هذه هي السعادة الحقيقية‪ ،‬التي يورثها اليمان والعلم النافع‪ ،‬هذا هو‬
‫النشراح الذي يبحث عنه كل الناس‪.‬‬
‫هذا الموقف الصلب من أبي الحسن يذكرنا بموقف الصحابي الجليل خبيب‬
‫بن عدي ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬عندما أسره المشركون‪ ،‬وقبل أن يقتلوه‪ ،‬سألوه‪:‬‬
‫هل لك حاجة قبل أن تموت؟ فطلب منهم أن يمهلوه حتى يصلي ركعتين‪،‬‬
‫فأمهلوه فصلى ركعتين ‪ -‬وكان أول من سن الركعتين قبل القتل ‪.‬‬
‫وبعد الصلة قال‪ :‬والله لول أني خشيت أن تظنوا أني جزع من القتل‪ ،‬لطلت‬
‫الصلة‪..‬‬
‫فلما رفعوه ليصلبوه ويقطعوه‪ ،‬سألوه‪ :‬أتحب أن محمدا مكانك وأنك بين‬
‫أهلك؟‬
‫فقال‪" :‬والله إني ل أحب أن يصاب محمد بشوكة بين أهله‪ ،‬وأنا في مكاني‬
‫هذا"!!‬
‫انظر يا أخي إلى قوة اليقين‪ ،‬وصلبة المؤمنين!! ثم قال ‪ -‬رضي الله عنه ‪-‬‬

‫‪139‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫"اللهم أحصهم عددا‪ ،‬واقتلهم بددا‪ ،‬ول تغادر منهم أحدا"‪.‬‬


‫وأنشد يقول‪:‬‬
‫ولست أبالي حين أقتل مسلما‬
‫ولست بمبد للعدو تخشعا‬
‫وذلك في ذات الله وإن يشأ ‪ ...‬على أي جنب كان في الله مصرعي‬
‫ول جزعا إنى إلى الله مرجعي‬
‫يبارك على أوصال شلو ممزع‬
‫شجاعة‪ ،‬بطولة! قوة يقين! رسوخ إيمان! يصلي بثبات‪ ،‬يرد عليهم بثبات‪،‬‬
‫يدعو عليهم بثبات‪ ،‬ينشد هذه البيات بثبات‪ ،‬هذا هو لب السعادة لمن أرادها‪.‬‬
‫َ‬
‫ب( )الرعد‪:‬‬ ‫قُلو ُ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫مئ ِ ّ‬ ‫‪ -4‬الكثار من ذكر الله وقراءة القرآن‪) :‬أل ب ِذِك ْرِ الل ّهِ ت َط ْ َ‬
‫من الية ‪.(28‬‬
‫إن من داوم على ذكر الله يعش سعيدا مطمئن القلب‪ .‬أما من أعرض عن‬
‫ض لَ ُ‬
‫ه‬ ‫قي ّ ْ‬ ‫ن نُ َ‬‫م ِ‬‫ح َ‬ ‫ن ذِك ْرِ الّر ْ‬ ‫ش عَ ْ‬ ‫ن ي َعْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ذكر الله‪ ،‬فهو من التعساء البؤساء‪) .‬وَ َ‬
‫ن( )الزخرف‪.(36:‬‬ ‫ري ٌ‬‫ه قَ ِ‬ ‫طانا ً فَهُوَ ل َ ُ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫َ‬
‫مى(‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ح ُ‬ ‫ً‬ ‫مِعي َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫مةِ أعْ َ‬ ‫قَيا َ‬ ‫م ال ِ‬ ‫شُره ُ ي َوْ َ‬ ‫ضْنكا وَن َ ْ‬‫ة َ‬ ‫ش ً‬ ‫ه َ‬‫نل ُ‬ ‫ري فإ ِ ّ‬ ‫ن ذِك ِ‬ ‫ض عَ ْ‬ ‫ن أعَْر َ‬ ‫م ْ‬ ‫)وَ َ‬
‫)طه‪.(124:‬‬
‫ن( )الزمر‪ :‬من الية‬ ‫بي‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ضل‬ ‫في‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ئ‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫ُ‬
‫أو‬ ‫ه‬‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ر‬ ‫ْ‬ ‫ك‬‫ذ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫لو‬‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫ل ل ِل ْ َ‬‫)فَوَي ْ ٌ‬
‫َ ٍ ُ ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُُ ْ ِ ْ ِ ِ‬ ‫قا ِ َ ِ‬
‫ة‬ ‫ي‬ ‫س‬
‫‪.(22‬‬
‫‪ -5‬انشراح الصدر وسلمته من الدغال‪:‬‬
‫وفي القرآن الكريم آيات عديدة في مقام النشراح‪ ،‬فقد حكى الله عن‬
‫صد ِْري( )طه‪ :‬من الية‬ ‫ح ِلي َ‬ ‫شَر ْ‬ ‫با ْ‬ ‫موسى ‪ -‬عليه الصلة والسلم ‪ -‬قوله )َر ّ‬
‫‪.(25‬‬

‫)‪(7 /‬‬
‫َ‬
‫ح‬
‫شَر ْ‬‫م نَ ْ‬ ‫وقال تعالى ‪ -‬ممتنا على رسوله محمد ‪ - -‬صلى الله عليه وسلم ‪) -‬أل َ ْ‬
‫ك( )الشرح‪.(1:‬‬ ‫صد َْر َ‬ ‫لَ َ‬
‫ك َ‬
‫َ‬
‫م( )النعام‪ :‬من الية‬ ‫سل ِ‬
‫صد َْره ُ ل ِل ِ ْ‬
‫ح َ‬ ‫شَر ْ‬ ‫ه يَ ْ‬
‫ن ي َهْدِي َ ُ‬
‫هأ ْ‬ ‫ن ي ُرِدِ الل ّ ُ‬ ‫وقال تعالى‪) :‬فَ َ‬
‫م ْ‬
‫‪.(125‬‬
‫ه(‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ن َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن َرب ّ ِ‬ ‫م ْ‬‫سلم ِ فهُوَ عَلى ُنورٍ ِ‬ ‫صد َْره ُ ل ِل ِ ْ‬‫ه َ‬ ‫ح الل ُ‬ ‫شَر َ‬ ‫م ْ‬
‫ويقول ‪ -‬جل شأنه‪) :‬أف َ‬
‫)الزمر‪ :‬من الية ‪.(22‬‬
‫فانشراح الصدر وطلبه من علمات السعادة وصفات السعداء‪.‬‬
‫‪ -6‬الحسان إلى الناس‪:‬‬
‫وهذا أمر مجرب‪ ،‬ومشاهد‪ ،‬فإننا نجد الذي يحسن إلى الناس من أسعد‬
‫الناس‪ ،‬ومن أكثرهم قبول في الرض‪.‬‬
‫‪ -7‬النظر إلى من هو دونك في أمور الدنيا وإلى من هو فوقك في أمور‬
‫الخرة‪:‬‬
‫كما ورد في التوجيه النبوي الكريم حين قال ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪" -‬‬
‫انظروا إلى من هو أسفل منكم‪ ،‬ول تنظروا إلى من هو فوقكم‪ ،‬فهو أجدر أل‬
‫تزدروا نعمة الله " ]رواه مسلم[‪.‬‬
‫هذا في أمور الدنيا‪ ،‬لنك إذا تذكرت من هو دونك‪ ،‬علمت فضل الله عليك‪.‬‬
‫أما في أمور الخرة فانظر إلى من هو أعلى منك‪ ،‬لتدرك تقصيرك وتفريطك‪،‬‬
‫ل تنظر إلى من هلك كيف هلك‪ ،‬ولكن انظر إلى من نجا كيف نجا‪.‬‬
‫‪ -8‬قصر المل وعدم التعلق بالدنيا‪ ،‬والستعداد ليوم الرحيل‪:‬‬

‫‪140‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يقول الشيخ عبد الرحمن السعدي في كلمة جامعة مع أنها قصيرة‪" :‬الحياة‬
‫قصيرة‪ .‬فل تقصرها بالهم والكدار"‪.‬‬
‫وهاك يا أخي هذه المحاورة القيمة التي دارت بين نفر‪ ،‬من المتخلين عن‬
‫الدنيا‪ ،‬المتأهبين ليوم الرحيل‪.‬‬
‫جلس نفر من الصالحين يتذاكرون‪ ،‬ويتساءلون حول قصر المل‪.‬‬
‫فقيل لحدهم‪ :‬ما بلغ منك قصر المل؟ فقال‪ :‬بلغ مني قصر المل أنني إذا‬
‫رفعت اللقمة إلى فمي‪ ،‬ل أدري أأتمكن من أكلها أم ل!!‬
‫ووجه السؤال نفسه إلى آخر‪ ،‬فأجاب بقريب من ذلك‪.‬‬
‫ولما سئل ثالثهم عن مبلغ قصر المل في نفسه‪ .‬قال‪ :‬بلغ مني قصر المل‬
‫أني إذا خرج مني النفس‪ ،‬ل أدري أيرجع أم ل!!‬
‫إن الحياة ‪ -‬يا أخي ‪ -‬قصيرة‪ ،‬فل تزدها قصرا ومحقا بالهموم والكدار‪.‬‬
‫‪ -9‬اليقين بأن سعادة المؤمن الحقيقية في الخرة ل في الدنيا‪ :‬قال تعالى‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ما‬‫ض إ ِّل َ‬
‫ت َواْلْر ُ‬‫ماَوا ُ‬
‫س َ‬
‫ت ال ّ‬
‫م ِ‬‫ما َدا َ‬‫ن ِفيَها َ‬‫دي َ‬
‫خال ِ ِ‬ ‫في ال ْ َ‬
‫جن ّةِ َ‬ ‫دوا فَ ِ‬ ‫سعِ ُ‬
‫ن ُ‬ ‫ما ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫)وَأ ّ‬
‫ذوٍذ( )هود‪.(108:‬‬ ‫ج ُ‬
‫م ْ‬ ‫ك عَ َ‬
‫طاًء غَي َْر َ‬ ‫شاَء َرب ّ َ‬ ‫َ‬
‫ويقول الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ " -‬الدنيا سجن المؤمن‪ ،‬وجنة الكافر‬
‫"‪.‬‬
‫وهنا قصة عجيبة لبن حجر العسقلني ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬خرج يوما بأبهته ‪ -‬وكان‬
‫رئيس القضاة بمصر ‪ -‬فإذا برجل يهودي‪ ،‬في حالة رثة‪ ،‬فقال اليهودي‪ :‬قف‪.‬‬
‫فوقف ابن حجر‪ .‬فقال له‪ :‬كيف تفسر قول رسولكم‪ " :‬الدنيا سجن المؤمن‪،‬‬
‫وجنة الكافر " وها أنت تراني في حالة رثة وأنا كافر‪ ،‬وأنت في نعيم وأبهة مع‬
‫أنك مؤمن؟!‪.‬‬
‫فقال ابن حجر‪ :‬أنت مع تعاستك وبؤسك تعد في جنة‪ ،‬لما ينتظرك في الخرة‬
‫من عذاب أليم ‪ -‬إن مت كافرا ‪.-‬‬
‫وأنا مع هذه البهة ‪ -‬إن أدخلني الله الجنة ‪ -‬فهذا النعيم الدنيوي يعد سجنا‬
‫بالمقارنة مع النعيم الذي ينتظرني في الجنات‪.‬‬
‫فقال‪ :‬أكذلك؟ قال‪ :‬نعم‪ .‬فقال‪ :‬أشهد أل إله إل الله‪ ،‬وأن محمدا رسول الله‪.‬‬
‫‪ -10‬مصاحبة الخيار والرفقة الصالحة‪:‬‬
‫ول يستطيع أحد أن ينكر أثر القرين على قرينه‪ ،‬فهو مشهود‪ ،‬ومجرب‪،‬‬
‫وواضح من خلل الواقع‪ ،‬ومن خلل التاريخ‪.‬‬
‫ولذلك قال الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ " -‬مثل الجليس الصالح‪،‬‬
‫والجليس السوء‪ ،‬كحامل المسك‪ ،‬ونافخ الكير‪] " ...‬متفق عليه[‪.‬‬
‫‪ -11‬أن تعلم أن أذى الناس خير لك ووبال عليهم‪:‬‬
‫قال إبراهيم التيمي‪" :‬إن الرجل ليظلمني‪ ،‬فأرحمه"‪.‬‬
‫ويروى أن ابن تيمية أساء إليه عدد من العلماء وعدد من الناس‪ ،‬وسجن في‬
‫السكندرية‪.‬‬
‫فلما خرج‪ ،‬قيل له‪ :‬أتريد أن تنتقم ممن أساء إليك؟ فقال‪ :‬قد أحللت كل من‬
‫ظلمني‪ ،‬وعفوت عنه" أحلهم جميعا‪ ،‬لنه يعلم أن ذلك سعادة له في الدنيا‬
‫والخرة‪.‬‬
‫ويحكي الفضيل بن عياض ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬أنه كان في الحرم‪ ،‬فجاء خراساني‬
‫يبكي‪ ،‬فقال له‪ :‬لماذا تبكي؟ قال‪ :‬فقدت دنانير‪ ،‬فعلمت أنها سرقت فمني‪،‬‬
‫فبكيت‪.‬‬
‫قال‪ :‬أتبكي من أجل الدنانير؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬لكني بكيت‪ ،‬لعلمي أني سأقف بين‬
‫يدي الله أنا وهذا السارق‪ ،‬فرحمت السارق‪ ،‬فبكيت‪.‬‬
‫وبلغ أحد السلف أن رجل اغتابه‪ ،‬فبحث عن هدية جميلة ومناسبة‪ ،‬ثم ذهب‬

‫‪141‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫إلى الذي اغتابه‪ ،‬وقدم إليه الهدية‪ .‬فسأله عن سبب الهدية‪ .‬فقال‪ :‬إن‬
‫الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬قال‪ " :‬من صنع لكم معروفا فكافئوه "‬
‫وإنك أهديت لي حسناتك‪ ،‬وليس عندي مكافأة لك إل من الدنيا‪ .‬سبحان‬
‫الله!!‬
‫‪ -12‬الكلمة الطيبة‪ ،‬ودفع السيئة بالحسنة‪:‬‬
‫َ‬
‫ن فَإ َِذا‬
‫س ُ‬
‫ح َ‬
‫يأ ْ‬‫ة اد ْفَعْ ِبال ِّتي هِ َ‬
‫سي ّئ َ ُ‬
‫ة َول ال ّ‬ ‫سن َ ُ‬
‫ح َ‬ ‫وي ال ْ َ‬ ‫ست َ ِ‬‫قال الله ‪ -‬تعالى ‪َ) :-‬ول ت َ ْ‬
‫َ‬
‫م( )فصلت‪.(34:‬‬ ‫مي ٌ‬‫ح ِ‬‫ي َ‬ ‫ه وَل ِ ّ‬ ‫داوَة ٌ ك َأن ّ ُ‬
‫ه عَ َ‬ ‫ذي ب َي ْن َ َ‬
‫ك وَب َي ْن َ ُ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫فتأمل يا أخي هذا الرشاد اللهي العظيم‪.‬‬
‫مّروا ك َِراما(ً‬ ‫ّ‬
‫مّروا ِباللغْوِ َ‬ ‫وقال ‪ -‬تعالى ‪ -‬واصفا عباده المؤمنين‪) :‬وَإ َِذا َ‬
‫)الفرقان‪ :‬من الية ‪.(72‬‬

‫)‪(8 /‬‬

‫‪ -13‬اللتجاء إلى الله ‪ -‬عز وجل ‪ -‬وكثرة الدعاء‪ :‬وقد كان ذلك من هدي‬
‫الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪.-‬‬
‫كان يقول‪ " :‬اللهم أصلح لي ديني‪ ،‬الذي هو عصمة أمري‪ .‬وأصلع لي دنياي‪،‬‬
‫التي فيها معاشي‪ .‬وأصلح لي آخرتي‪ ،‬التي فيها معادي‪ .‬واجعل الحياة زيادة‬
‫لي في كل خير‪ ،‬واجعل الموت راحة لي من كل شر " ]رواه مسلم‬
‫‪.[17/40‬‬
‫وكان يقول‪ " :‬اللهم رحمتك أرجو‪ ،‬فل تكلني إلى نفسي طرفة عين‪ .‬وأصلح‬
‫لي شأني كله‪ ،‬ل إله إل أنت " ‪.‬‬
‫ويقول ‪ -‬كما ورد في الثر‪ " :‬اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن‪ ،‬ومن‬
‫الجبن والبخل‪ ،‬ومن غلبة الدين وقهر الرجال "‪.‬‬
‫ختاما‪ :‬أدعوك أيها القارئ الكريم لتلحق بركب السعداء‪ ،‬سعادة حقيقية غير‬
‫وهمية‪.‬‬
‫لتفوز بالحياة الطيبة الهانئة بعيدا عن الكدار والمنغصات وذلك بتحقيق معنى‬
‫اليمان بالله والعمل الصالح في نفسك‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫ن‬ ‫ن ذ َكرٍ أوْ أن َْثى وَهُوَ ُ‬
‫مؤ ْ ِ‬
‫م ٌ‬ ‫م ْ‬‫صاِلحا ِ‬ ‫ل َ‬ ‫م َ‬‫ن عَ ِ‬ ‫م ْ‬‫فإن الله عز وجل يقول‪َ ) :‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن( )النحل‪. (97:‬‬ ‫ملو َ‬ ‫َ‬
‫ما كاُنوا ي َعْ َ‬‫ن َ‬ ‫س ِ‬‫ح َ‬ ‫م ب ِأ ْ‬
‫جَرهُ ْ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ة وَل َن َ ْ‬
‫جزِي َن ّهُ ْ‬ ‫حَياة ً ط َي ّب َ ً‬
‫ه َ‬ ‫فَل َن ُ ْ‬
‫حي ِي َن ّ ُ‬
‫وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين‪ ،‬وصلى الله وسلم وبارك على نبينا‬
‫محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬

‫)‪(9 /‬‬

‫السعادة واليمان‬
‫سلمان بن فهد العودة ‪22/8/1424‬‬
‫‪18/10/2003‬‬
‫إن الحياة إذا خلت من اليمان فهي صحراء وهجير لفح‪ ،‬ليس فيها ظل ول‬
‫ماء ول مأوى‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ‪... ...‬‬ ‫ما ٌ‬‫ضاع َ فَل أ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ما ُ‬ ‫إ َِذا اِلي َ‬
‫حي ِديَنا‬ ‫م يُ ْ‬ ‫َ‬
‫نل ْ‬ ‫م ْ‬‫وََل د ُن َْيا ل ِ َ‬
‫ن ‪... ...‬‬
‫حَياة َ ب ِغَي ْرِ ِدي ٍ‬ ‫ضي ال ْ َ‬ ‫ن َر ِ‬ ‫م ْ‬
‫وَ َ‬
‫ريَنا‬ ‫َ‬
‫فَناَء لَها قَ ِ‬ ‫ْ‬
‫ل ال َ‬ ‫جعَ َ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫فَ َ‬
‫فاليمان من أقوى أسباب السعادة الدنيوية والخروية ونتبين هذا فيمايلي‪:‬‬

‫‪142‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ل‪ :‬السعادة والعبادة ‪:‬‬ ‫أو ً‬


‫إن التقرب إلى الله جل وعل بطاعته وبفرائضه مما يخلق سعادة في القلب‬
‫سها إل من وجدها‪.‬‬ ‫ل ُيح ّ‬
‫أ‪ :‬نجد السعادة في أداء الفرائض‪:‬‬
‫يقول ربنا سبحانه وتعالى في الحديث القدسي عن أبي هريرة رضي الله عنه‬
‫َ‬
‫ه( رواه البخاري‬ ‫ت عَل َي ْ ِ‬ ‫ض ُ‬ ‫ما افْت ََر ْ‬ ‫م ّ‬‫ي ِ‬ ‫ب إ ِل َ ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫يٍء أ َ‬ ‫ش ْ‬ ‫دي ب ِ َ‬ ‫ي عَب ْ ِ‬ ‫ب إ ِل َ ّ‬ ‫قّر َ‬ ‫ما ت َ َ‬ ‫‪ ) :‬وَ َ‬
‫في صحيحه‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫ه‬ ‫ن فَلن ُ ْ‬
‫حي ِي َن ّ ُ‬ ‫م ٌ‬‫مؤ ْ ِ‬ ‫ن ذ َك َرٍ أوْ أن َْثى وَهُوَ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫صاِلحا ِ‬ ‫ل َ‬ ‫م َ‬ ‫ن عَ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ويقول الله جل وعل ‪َ " :‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ة ول َنجزينه َ‬
‫ن"]النحل‪.[97:‬‬ ‫ملو َ‬ ‫كاُنوا ي َعْ َ‬ ‫ما َ‬ ‫ن َ‬ ‫س ِ‬ ‫ح َ‬ ‫م ب ِأ ْ‬ ‫جَرهُ ْ‬ ‫مأ ْ‬ ‫حَياة ً ط َي ّب َ ً َ َ ْ ِ َ ّ ُ ْ‬ ‫َ‬
‫يقول إبراهيم بن أدهم ‪-‬وهو في نعيم العبادة‪ :-‬لو علم الملوك وأبناء الملوك‬
‫ما نحن فيه؛ لجالدونا عليه بالسيوف‪.‬‬
‫ب‪ :‬ونجد السعادة في أداء النوافل‪:‬‬
‫ى‬ ‫َ‬
‫ب إ ِل ّ‬ ‫قّر َ‬ ‫ما ت َ َ‬ ‫وفي تتمة الحديث القدسي يقول ربنا سبحانه وتعالى ‪ ) :‬وَ َ‬
‫َ‬
‫ي‬ ‫َ‬
‫ب إ ِل َ‬ ‫قّر ُ‬ ‫دي ي َت َ َ‬ ‫ل عَب ْ ِ‬ ‫ما ي ََزا ُ‬ ‫ت عَل َي ْهِ ‪ ،‬وَ َ‬ ‫ض ُ‬ ‫ما افْت ََر ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ي ِ‬ ‫ب إ ِل َ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫يٍء أ َ‬ ‫ش ْ‬ ‫دي ب ِ َ‬ ‫عَب ْ ِ‬
‫ه(‪.‬‬ ‫ُ‬
‫حب ّ ُ‬
‫حّتى أ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫وافِ ِ‬ ‫ِبالن ّ َ‬
‫فالنوافل مما يقربك إلى الله جل جلله حتى تظفر بمحبته‪ ،‬وإذا أحبك الله‬
‫سبحانه فل خوف عليك‪.‬‬
‫ك عُُيون َُها ‪... ...‬‬ ‫حظ َت ْ َ‬ ‫ة َل َ‬ ‫وَإ َِذا ال ْعَِناي َ ُ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫ما ُ‬ ‫نأ َ‬ ‫ف ك ُل ّهُ ّ‬ ‫خاوِ ُ‬ ‫م َ‬ ‫م َفال ْ َ‬ ‫نَ ْ‬
‫ج‪ :‬ونجد السعادة في ذكر لله جل وعل‪:‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫م ب ِذِك ْرِ اللهِ أل ب ِذِك ْ ِ‬
‫ر‬ ‫ن قُلوب ُهُ ْ‬ ‫مئ ِ ّ‬
‫مُنوا وَت َط َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫يقول الله في محكم كتابه‪ " :‬ال ّ ِ‬
‫ب"]الرعد‪.[28:‬‬ ‫قُلو ُ‬ ‫ن ال ْ ُ‬‫مئ ِ ّ‬ ‫الل ّهِ ت َط ْ َ‬
‫يقول ابن القيم ‪-‬رحمه الله‪:-‬‬
‫حضرت عند ابن تيمية‪ ,‬بعد صلة الفجر‪ ،‬فجلس يذكر الله سبحانه وتعالى‬
‫ي‪ ،‬وقال‪ :‬هذه‬ ‫حتى ارتفع النهار‪ ،‬وتعالت الشمس‪ ,‬وتوسطت‪ ،‬ثم التفت إل ّ‬
‫دها لم تحملني قواي‪.‬‬ ‫غدوتي‪ ,‬لو لم أتغ ّ‬
‫إنها ساعات يخلو فيها بربه؛ فيناجيه‪ ,‬ويدعوه‪ ,‬ويستغفره‪ ،‬ويبتهل إليه‪،‬‬
‫ويتضرع ويسكب دموع الندم بين يديه ؛ فيخرج وقد غسل قلبه بهذه العبادة‪،‬‬
‫وتجددت حياته وروحه وخلياه وأنسجته‪ ،‬وتجدد عقله وقلبه‪.‬‬
‫د‪ :‬ونجد السعادة في القرآن‪:‬‬
‫ة‬
‫م ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫فاٌء وََر ْ‬ ‫ش َ‬ ‫ما هُوَ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫قْرآ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ل ِ‬ ‫يقول الله جل وتعالى ‪ " :‬وَن ُن َّز ُ‬
‫ن"]السراء‪.[82 :‬‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ل ِل ْ ُ‬
‫نعم!‬
‫القرآن شفاء لمراض النفوس‪ ،‬وضيق الصدور‪ ،‬وكروب القلوب‪ ،‬بل وشفاء‬
‫لعلل الجساد وأمراض البدان‪.‬‬
‫هـ‪ :‬ونجد السعادة في الب ِّر بأنواعه ‪:‬‬
‫في‬ ‫َ‬
‫جاَر ل ِ‬ ‫ف ّ‬ ‫ْ‬
‫ن ال ُ‬ ‫في ن َِعيم ٍ * وَإ ِ ّ‬ ‫ن اْلب َْراَر ل ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫يقول الله سبحانه وتعالى ‪ " :‬إ ِ ّ‬
‫م"]النفطار‪.[14-13:‬‬ ‫حي ٍ‬ ‫ج ِ‬ ‫َ‬
‫يقول بعض المفسرين‪ :‬إن النعيم الذي وعده الله البرار هو في الدنيا وفي‬
‫الخرة‪ ،‬وإن الجحيم الذي أوعده الله الفجار هو في الدنيا وفي الخرة‪.‬‬
‫فإنه يخلص إلى البرار في هذه الدنيا من آثار الجنة التي ُوعدوا من البر‬
‫والروح والشراق والسرور والسعادة ما تهتز له قلوبهم طربا ً وترقص منه‬
‫أفئدتهم أنسا ً وفرحا حتى يقول قائلهم‪:‬‬
‫إنا لفي نعمة إن كان أهل الجنة في مثلها فهم في عيش طيب‪.‬‬

‫‪143‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وهكذا يخلص إلى الفجار وأهل التعاسة والشقاء من سموم النار ولهبها‬
‫ولفحها وهجيرها ما يكدر عليهم صفو عيشهم وحياتهم‪ ،‬حتى ل يجدون طعما ً‬
‫ل‪ ،‬ول أهل‪ ،‬ول نوم‪ ،‬ول شرب‪ ،‬ول صحة‪ ،‬ول شباب‪ ،‬ول سفر‪ ،‬ول إقامة !‬ ‫لما ٍ‬
‫و‪ :‬ونجد السعادة في الصلة ‪:‬‬
‫حَنا ب َِها َيا بلل( رواه المام أحمد‬ ‫َ‬
‫كما قال النبي صلى الله عليه وسلم‪ ) :‬أرِ ْ‬
‫وأبو داود‪.‬‬
‫ة(‪ .‬رواه‬‫صل ِ‬‫ت قُّرةُ عَي ِْني ِفي ال ّ‬ ‫َ‬
‫جعِل ْ‬ ‫وكان صلى الله عليه وسلم يقول ‪ ) :‬وَ ُ‬
‫المام أحمد والنسائي ‪.‬‬
‫إن العبد ربما أنس لحظات إلى شخص يحبه‪ ،‬فتحدث إليه ووجد في الحديث‬
‫إليه ‪-‬ولو كان حديثا ً عاديًا‪ -‬من السرور الشيء العظيم فكيف إذا كان يناجي‬
‫ربه‪ ,‬ويعبده‪ ,‬ويسجد له ويركع!‬
‫ي‪ :‬ونجد السعادة في معرفة الله عز وجل ‪:‬‬
‫فإن العبد إذا عرف رّبه استراح‪ ،‬فيرى أثر الله عز وجل في ملكوته‪ ،‬يرى أثر‬
‫صنعته وإبداعه‪ ,‬وعلمه‪ ,‬ورحمته‪ ,‬وحكمته في كل شيء‪.‬‬
‫نعم! لم ير رّبه‪ ,‬لكنه رأى آثار صنعته‪ ,‬وآثار أسمائه الحسنى وصفاته العليا‪.‬‬
‫لذلك قال صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه لما سئل عن‬
‫ه ي ََرا َ‬
‫ك (‪.‬‬ ‫م ت َك ُ ْ‬
‫ن ت ََراه ُ فَإ ِن ّ ُ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫ه‪ ،‬فَإ ِ ْ‬
‫ك ت ََرا ُ‬‫ه ك َأ َن ّ َ‬‫ن ت َعْب ُد َ الل ّ َ‬
‫َ‬
‫الحسان‪ ) :‬أ ْ‬
‫ك!‬ ‫إ ِل َِهي َرأ َي ْت ُ ْ‬
‫ك!‬ ‫معْت ُ ْ‬ ‫س ِ‬ ‫إ ِل َِهي َ‬
‫شيْء‬ ‫ل َ‬ ‫ك ِفي ك ُ ّ‬ ‫َرأ َي ْت ُ َ‬
‫ي‬‫ح ّ‬ ‫ل َ‬ ‫ك ِفي ك ُ ّ‬ ‫معْت ُ َ‬ ‫س ِ‬ ‫َ‬
‫شيٌء ل ِعَي ِْني‬ ‫م ي َْبد َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ت!‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ل‬‫عا‬ ‫تَ َ‬
‫ُ‬
‫ت ب ِأذ ِْني‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫صوْ ٌ‬ ‫م ي َْنب َ‬ ‫ت! ل ْ‬ ‫ت ََباَرك َ‬
‫قلِبي ي ُهِ ّ‬
‫ل‬ ‫ْ‬ ‫فا ب ِ َ‬ ‫ً‬ ‫ن طي ْ َ‬‫َ‬ ‫وَل َك ِ ّ‬
‫ل ُنورٍ ي ُط ِ ّ‬
‫ل‬ ‫فه ك ُ ّ‬ ‫من ط َي ْ ِ‬ ‫وَ ِ‬

‫)‪(1 /‬‬

‫فيأنس المؤمن حين يرى آثار إبداع الله سبحانه وتعالى وعلمه وربوبيته‬
‫وألوهيته أتم النس‪.‬‬
‫ولهذا جاء في صحيح مسلم عن عامر بن سعد عن العباس بن عبد المطلب‬
‫أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪:‬‬
‫سول ً )‪.‬‬
‫مد ٍ َر ُ‬
‫ح ّ‬
‫م َ‬ ‫ضي ِبالل ّهِ َرّبا وَِبال ِ ْ‬
‫سل َم ِ ِديًنا وَب ِ ُ‬ ‫ن َر ِ‬
‫م ْ‬
‫ن َ‬‫ما ِ‬ ‫لي َ‬
‫ما ِ‬‫( َذاقَ ط َعْ َ‬
‫· هذا مدير شركة أمريكية كبيرة جدًا‪ ،‬تجمعت له الموال‪ ,‬والجاه‪ ,‬والمكانة‪,‬‬
‫والوظيفة‪ ،‬ولكنه كان يشعر بشقاء مرير‪ ،‬ويأوي إلى الفراش؛ فيجلس‬
‫ساعات يتقلب دون أن يصل النوم إلى عينيه‪ ،‬وقد أعجبه أن من ضمن‬
‫العاملين العاديين في هذه الشركة شابا ً عربيا ً مسلما ً في وظيفة متوسطة‪،‬‬
‫وراتب متواضع‪ ،‬لكن هذا الشاب دائم الشراق والبشر والبتسام والضحك‬
‫والسرور‪.‬‬
‫ً‬
‫يأكل بسرور‪ ،‬وينام بسرور‪ ،‬ويأتي ويذهب طلق المحيا‪ ،‬لم يره يوما من اليام‬
‫مقطبًا‪.‬‬ ‫مكفهرًا‪ ,‬أو ُ‬ ‫ُ‬
‫فأحضره في مكتبه‪.‬‬
‫وقال له‪ :‬ما شأنك؟ لماذا أنت سعيد كل هذه السعادة؟!‬
‫قال له‪ :‬والله لقد عرفت ربي‪ ،‬وعرفت دربي‪ ،‬وآمنت بالله عز وجل‪ ،‬ولذلك‬

‫‪144‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫استرحت‪.‬‬
‫قال‪ :‬هل لك أن تهديني‪ ,‬أو تدلني؟!‬
‫فأخذ بيده إلى أحد المراكز السلمية‪ ،‬وهناك تعّرف على السلم‪ ،‬وسمع‬
‫َ‬ ‫ه‪ ,‬وَأ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫قن‪) :‬أ َ ْ‬
‫دا‬ ‫م ً‬
‫ح ّ‬‫م َ‬‫ن ُ‬ ‫شهَد ُ أ ّ‬ ‫ه إ ِل ّ الل ّ ُ‬ ‫ن ل َ إ ِل َ َ‬ ‫شهَد ُ أ ْ‬ ‫كثيرا ً من الشرح عنه‪ ،‬ثم ل ُ ّ‬
‫ل الل ّهِ (‪.‬‬ ‫سو ُ‬ ‫َر ُ‬
‫وما إن نطق بها لسانه حتى انهال في بكاٍء مرير‪ ,‬ودموع حارة‪.‬‬
‫وقال‪ :‬إنني شعرت بسعادة لم أشعر بها طيلة عمري!‬
‫· وهذا رجل آخر‪.‬‬
‫ذهب مع مجموعة من الدعاة إلى هناك‪.‬‬
‫هو ل يعرف شيئًا‪ ،‬ولكنه ـ لول مرة ـ صاحبهم من باب التجربة‪.‬‬
‫فتأخروا عليه في السيارة؛ فنام في سيارته وهو ينتظرهم‪ ،‬وكان يراقبه من‬
‫العمارة المجاورة رجل‪ ،‬فنزل إليه وطرق عليه باب السيارة ‪،‬ولما فتح له‬
‫صافحه‪ ،‬ووجده ل يعرف اللغة النجليزية؛ فاستعان بمترجم وسأله‪:‬‬
‫من أنت؟‬
‫وما دينك؟‬
‫ولما وجد أنه مسلم‪.‬‬
‫قال‪ :‬أريد أن أعرف السر أو الكسير الذي يجعلك تنام في السيارة خلل‬
‫ودت أن أجلس ساعتين يوميا ً قبل أن أظفر بنومة‬ ‫نصف ساعة‪ ،‬بينما أنا تع ّ‬
‫قليلة‪ ،‬يكدرها علي قلق وتوتر‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬السعادة واليمان‬
‫لقد سجل الله في القرآن الكريم أن السعادة قرين اليمان‪.‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫م ب ِظ ُل ْم ٍ أولئ ِ َ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫م ُ‬‫م ال ْ‬ ‫ك لهُ ُ‬ ‫مان َهُ ْ‬ ‫سوا ِإي َ‬ ‫م ي َل ْب ِ ُ‬ ‫مُنوا وَل َ ْ‬ ‫نآ َ‬‫ذي َ‬ ‫يقول الله جل وعل‪ " :‬ال ّ ِ‬
‫ن"]النعام‪.[82:‬‬ ‫دو َ‬‫مهْت َ ُ‬
‫م ُ‬ ‫وَهُ ْ‬
‫المن في قلوبهم وحياتهم ودنياهم وآخرتهم؛ ولذلك فإن المؤمنين كلما صح‬
‫إيمانهم؛ قويت قلوبهم‪ ،‬وتمت سعادتهم‪.‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫فو عَ ْ‬ ‫م وَي َعْ ُ‬
‫ديك ْ‬ ‫ت أي ْ ِ‬ ‫سب َ ْ‬ ‫ما ك َ‬ ‫وما أصاب النسان من نقص ذلك " فَب ِ َ‬
‫ر"]الشورى‪.[30:‬‬ ‫ك َِثي ٍ‬
‫الستاذ " بودلي" رجل غربي‪ ،‬عاش في الصحراء الغربية بين العراب‪,‬‬
‫وارتدى زيهم‪ ,‬وأكل طعامهم‪ ,‬واشترى قطيعا ً من الغنم يرعاه في الصحراء‪.‬‬
‫وكتب كتابا ً عن الرسول صلى الله عليه وسلم اسمه‪ ) :‬الرسول( ‪.‬‬
‫عاش التجربة الغربية‪ ،‬وعاش التجربة السلمية عند مسلمين بسطاء عاديين‪،‬‬
‫ليسوا علماء‪ ,‬ول متخصصين ول طلبة علم؛ إنهم رعاة في الصحراء فماذا‬
‫يقول؟‬
‫ت من عرب الصحراء‪ ،‬كيف أتغلب على القلق؟‬ ‫يقول‪ :‬تعلم ُ‬
‫فهم يؤمنون بالقضاء والقدر‪ ،‬فيعيشون أوقاتهم بأمان‪ ،‬لكنهم ل يقفون‬
‫مكتوفي اليدي إزاء الكوارث التي يمكن أن تحل بهم‪.‬‬
‫ً‬
‫يقول‪ :‬هبت ذات يوم ريح عاصفة صحراوية رملية‪ ،‬فأهلكت كثيرا من الغنم‪,‬‬
‫ت في غاية النفعال‬ ‫وألقت ببعضها في الرمال‪ ،‬ولما هدأت العاصفة كن ُ‬
‫والتأثر‪ ،‬بينما وجدت هؤلء العراب يركض بعضهم إلى بعض‪ ،‬وينادي بعضهم‬
‫بعضًا‪ ,‬وهم يضحكون‪ ,‬ويهتفون بأغانيهم المعتادة‪ ,‬ويحمدون الله فيقولون‪:‬‬
‫الحمد لله لقد بقي ‪ %40‬من الغنام لم تصب بأذى‪.‬‬
‫ً‬
‫ولما رأوا تأثري؛ قالوا لي‪ :‬إن الغضب والنفعال ل يصنع شيئا‪ ،‬وهذا أمر كتبه‬
‫الله وقدره وقضاه‪.‬‬
‫يقول‪ :‬ومع ذلك وجدتهم يحاولون جهدهم أن يتخلصوا من آثار الكارثة‪ ،‬وأن‬

‫‪145‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يعالجوها بقدر المكان‪.‬‬


‫فهم يؤمنون بالقضاء والقدر‪ ،‬ولكن ل يفهمون أن القضاء والقدر معناه‬
‫الستسلم‪ ،‬وترك العمل‪ ،‬وترك السباب‪.‬‬
‫يقول‪ :‬وسافرت معهم ذات مرة بسيارة في الصحراء‪ ،‬وفي وسط الصحراء‬
‫القاحلة توقفنا؛ فإذا بأحد العجلت )إطار السيارة( قد انفجر؛ فغضبت!‬
‫فقالوا لي‪ :‬الغضب ل يصنع شيئًا‪.‬‬
‫ومشت السيارة قليل ً على ثلث عجلت‪ ،‬ثم توقفت؛ لنكتشف بعد ذلك أن‬
‫الوقود قد انتهى!‬
‫ً‬
‫ووجدتهم ينزلون من السيارة ويدعونها جانبا‪ ،‬ثم يسيرون على أقدامهم‪،‬‬
‫ويتقافزون مثل الظباء‪ ,‬بروح عالية‪ ,‬وسرور وبهجة وأنس‪ ،‬وهم يتناشدون‬
‫الشعار‪ ،‬ويتحدثون معي‪.‬‬
‫يقول هذا الرجل‪:‬‬
‫لقد أقنعتني العوام السبعة التي قضيتها في الصحراء أن الملتاثين‪ ،‬ومرضى‬
‫النفوس‪ ،‬والسكيرين والمعربدين في أوروبا وأمريكا‪ ،‬ما هم إل ضحايا المدنية‬
‫الغربية‪ ،‬التي تتخذ من السرعة أساسا ً لها‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫السعداء والتعساء‬
‫إن البحث عن السعادة والتفتيش عنها مطلب كل إنسان فمن منا ل يريد أن‬
‫رحا ً مسرورا ً ؟‬‫يعيش سعيدا ً ف ِ‬
‫ولو جمعك مجلس مع الناس وسألت من فيه من السعيد ؟‬
‫ة‪.‬‬
‫ة ومختلف ً‬‫ة متعددةً ومتنوع ً‬
‫فإنك ستسمع أجوب ً‬
‫فأحدهم يقول ‪ :‬السعيد من عنده مال والخر يقول ‪:‬إن السعيد هو صاحب‬
‫المنصب والجاه وثالث يقول ‪ :‬إنهم أهل الفن والطرب ‪ ...‬إلى غير ذلك من‬
‫الجوبة المختلفة ‪...‬‬
‫والذي يحدد السعادة وكيفية تحقيقها تجده يفني عمره في تحصيل ما يظنه‬
‫سببا ً للسعادة ‪ ,‬ولحظ معي أخي الكريم وأختي الكريم أن الحديث عن‬
‫السعادة كُثر وازداد فهذه دورة عن أسباب السعادة وهذه ندوة عن طرق‬
‫السعادة وهذا إعلن عن الحياة السعيدة وقد أحببت أن أنبه نفسي المقصرة‬
‫إلى مفتاح عظيم من مفاتيح السعادة بل هو أعظم شيء يناله العبد في‬
‫الدنيا ‪...‬‬
‫إن السعادة الحقيقية التي ُيحصلها العبد في الدنيا ‪ :‬السعادة في طاعة الله‬
‫تعالى فالطاعات من أعظم سُبل تحقيق السعادة والعكس أيضا صحيح‬
‫فالمعاصي تجعل العبد مهموما ً حزينا ً كئيبا ً وإن كانت عنده أموال الدنيا وسّر‬
‫المسألة أن الطاعة توجب القرب من الرب سبحانه فكلما اشتد القرب قوي‬
‫النس والمعصية توجب البعد من الرب وكلما ازداد الُبعد قويت الوحشة ‪...‬‬
‫هم في شقاٍء‬ ‫فمن الناس من يظن أن أهل الفن والطرب في سعادة وإنما ُ‬
‫عظيم وإن أطلقوا البتسامات والضحكات ولو كان بإمكانك أن تشق صدر‬
‫أحدهم وتسأل قلبه هل أنت سعيد ؟‬
‫فستجد فيه بحرا ً ل ساحل له من الحزان والهموم لنه سلكوا طريق‬
‫المعصية للوصول إلى السعادة واعلم تماما بأنهم لن يصلوا إليها أبدا ً ‪...‬‬
‫وقد أجمع السائرون إلى الله أن القلوب ل ُتعطى مناها حتى تصل إلى مولها‬
‫ول تصل إلى مولها حتى تكون صحيحة سليمة ول تكون صحيحة سليمة حتى‬

‫‪146‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ينقلب داؤها فيصير نفس دوائها ول يصح لها ذلك إل بمخالفة هواها فهواها‬
‫مرضها وشفاؤها مخالفته فإن استحكم المرض قتل أو كاد‪.‬‬
‫وكما أن من نهى النفس عن الهوى كانت الجنة مأواه فكذا يكون قلبه في‬
‫هذه الدار في جنة عاجلة ل شبه نعيم أهلها نعيما ألبتة بل التفاوت الذي بين‬
‫دق به إل من‬ ‫النعيمين كالتفاوت الذي بين نعيم الدنيا والخرة وهذا أمر ل ُيص ّ‬
‫باشر قلبه هذا وهذا ‪...‬‬
‫ول تحسب أن قوله تعالى ) إن البرار لفي نعيم ‪ .‬وإن الفجار لفي جحيم (‬
‫مقصور على نعيم الخرة وجحيمها فقط بل في دورهم الثلثة هم كذلك أعني‬
‫‪ :‬دار الدنيا ودار البرزخ ودار القرار فهؤلء في نعيم وهؤلء في جحيم ‪.‬‬
‫وهل النعيم إل نعيم القلب ؟‬
‫وهل العذاب إل عذاب القلب؟‬
‫وأي عذاب أشد من الخوف والهم والحزن وضيق الصدر ‪ ,‬وإعراضه عن الله‬
‫شعبة ؟‬ ‫والدار الخرة وتعلقه بغير الله وانقطاعه عن الله بكل واد ٍ منه ُ‬
‫وكل شيء تعلق به وأحبه من دون الله فإنه يسومه سوء العذاب ‪.‬‬
‫عذب به ثلث مرات في هذا الدار فهو يعذب به‬ ‫فكل من أحب شيئا غير الله ُ‬
‫عذب به حال حضوره بالخوف من سلبه‬ ‫قبل حصوله حتى يحصل فإذا حصل ُ‬
‫وفواته والتنغيص والتنكيد عليه وأنواع من العذاب في هذه المعارضات فإذا‬
‫سلبه اشتد عليه عذابه ؛ فهذه ثلثة أنواع من العذاب في هذه الدار ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫وأما في البرزخ فعذاب يقارنه ألم الفراق الذي ل يرجو عَوَْده وألم فوات ما‬
‫فاته نم النعيم العظيم باشتغاله بضده وألم الحجاب عن الله وألم الحسرة‬
‫التي ُتقطع الكباد فالهم والغم والحسرة والحزن تعمل في نفوسهم نظير ما‬
‫تعمل الهوام والديدان في أبدانهم بل عملها في النفوس دائم مستمر حتى‬
‫يردها الله إلى أجسادها فحينئذ ينتقل العذاب إلى نوع أدهى وأمر ‪.‬‬
‫فأين هذا من نعيم من يرقص قلبه طربا وفرحا وُأنسا ً بربه واشتياقا إليه‬
‫وارتياحا بحبه وطمأنينة بذكره ؟‬
‫حتى يقول بعضهم في حال نزعه ‪ :‬واطرباه ‪ ,‬ويقول الخر ‪ :‬إن كان أهل‬
‫الجنة في مثل هذا الحال إنهم لفي عيش طيب ‪ ,‬ويقول الخر ‪ :‬مساكين أهل‬
‫الدنيا خرجوا منها وما ذاقوا لذيذ العيش فيها وما ذاقوا أطيب ما فيها ‪.‬‬
‫ويقول الخر ‪ :‬لو علم الملوك وأبناء الملوك ما نحن فيه لجالدونا عليه‬
‫بالسيوف ‪.‬‬
‫ويقول الخر ‪ :‬إن في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الخرة ‪.‬‬
‫غبن كل الغبن في هذا العقد وهو‬ ‫فيا من باع حظه الغالي بأبخس الثمن و ُ‬
‫غبن إذا لم يكن لك خبرة بقيمة السلعة فسل المقومين ‪.‬‬ ‫يرى أنه قد ُ‬
‫فيا عجبا من بضاعة معك الله مشتريها وثمنها جنة المأوى والسفير الذي‬
‫جرى على يديه عقد التبايع وضمن الثمن عن المشتري هو الرسول صلى الله‬
‫عليه وسلم وقد بعتها بغاية الهوان ‪...‬‬
‫فلنجتهد في تحصيل السعادة ولنتقرب إلى الله تعالى بما شرع فل شك أن‬
‫العبادة من أسباب السعادة والمعاصي من أسباب ذهابها ‪.‬‬
‫فاللهم إنا نسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى ونعوذ بك اللهم من الهم‬
‫ضَلع الد ّْين وغلبة الرجال‪.‬‬
‫والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل و َ‬
‫ت عن العلمة المام شيخ السلم ابن قيم‬ ‫‪ -‬نقلت في هذه المقال عبارا ٍ‬
‫الجوزية من كتابه العظيم الداء والدواء ‪-‬‬
‫عبدالله الكمالي‬

‫‪147‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫السبع آيات المنجيات‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫" قل لن يصيبنا ال ما كتب الله لنا هو مولنا وعلى الله فليتوكل المؤمنون "‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫" وان يمسسك الله بضرفل كاشف له ال هو وان يردك بخير فل راد لفضله‬
‫يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم "‬
‫بسم لله الرحمن الرحيم‬
‫" وما من دابة فى الرض ال على الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل‬
‫فى كتب مبين "‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫"انى توكلت على الله ربى وربكم ما من دابة ال هو اخذ بناصيتها ا ن ربى‬
‫على صراط مستقيم " بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫" وكأين من دابة ل تحمل رزقها الله يرزقها واياكم وهو السميع العليم "‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫" ما يفتح الله للناس من رحمة فل ممسك لها وما يمسك فل مرسل له من‬
‫بعده وهو العزيز الحكيم "‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫" ولئن سألتهم من خلق السموات والرض ليقولن الله قل افرأيتم ما تدعون‬
‫من دون الله ان ارادانى الله بضرهل هن كشفت ضره او ارادنى برحمة هل‬
‫هن ممسكت رحمته قل حسبى الله عليه يتوكل المتوكلون‬

‫)‪(1 /‬‬

‫السفر للسياحة‬
‫المجيب ‪ ...‬أ‪.‬د‪ .‬سعود بن عبدالله الفنيسان‬
‫عميد كلية الشريعة بجامعة المام محمد بن سعود السلمية سابقا ً‬
‫التصنيف ‪ ...‬الفهرسة‪ /‬وسائل العلم والترفيه‪/‬الترفيه واللعاب‬
‫التاريخ ‪25/3/1424 ...‬هـ‬
‫السؤال‬
‫يا شيخ‪ :‬حفظكم الله‪ ،‬وزادكم علما وورعا‪ ،‬ما حكم السفر إلى مدينة القصر‬
‫للترفيه؟ وهى مدينة مصرية مليئة بالثار الفرعونية‪ ،‬وأيضا ما حكم السفر‬
‫لمدينة مثل شرم الشيخ للترفيه؟ مع العلم أنها مدن سياحية مليئة بالجانب‬
‫والكاسيات العاريات‪،‬وجزاكم الله خيرًا‪.‬‬
‫الجواب‬
‫السفر إلى الماكن الثرية لمجرد السياحة والستطلع الصل فيه الباحة‪ ،‬ما‬
‫لم يباشر المسافر في سفره إليها أو عندها منكرا ً من المنكرات‪ ،‬وعليه أن‬
‫َ‬
‫سيُروا ِفي‬ ‫م يَ ِ‬ ‫يقصد في سفره هذا التعاظ والعتبار‪ ،‬كما قال تعالى‪" :‬أوَل َ ْ‬
‫م قُوّة ً وَأ ََثاُروا‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫شد ّ ِ‬ ‫كاُنوا أ َ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن قَب ْل ِهِ ْ‬ ‫م ْ‬‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ة ال ّ ِ‬
‫عاقِب َ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫ف َ‬ ‫ض فَي َن ْظ ُُروا ك َي ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ال َْر‬
‫ال َرض وعَمرو َ َ‬
‫ن الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫كا َ‬ ‫ما َ‬ ‫ت فَ َ‬ ‫م ِبال ْب َي َّنا ِ‬‫سل ُهُ ْ‬
‫م ُر ُ‬ ‫جاَءت ْهُ ْ‬ ‫ها وَ َ‬ ‫مُرو َ‬ ‫ما عَ َ‬ ‫م ّ‬ ‫ها أك ْث ََر ِ‬ ‫ْ َ َ َ ُ‬
‫َ‬ ‫فسهم يظ ْل ِمون" ]الروم‪ ،[9:‬وقوله‪" :‬أ َ‬ ‫كانوا أ َ‬
‫سيُروا ِفي‬ ‫ْ َ ِ‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ف‬ ‫ُ َ‬ ‫ْ َ ُ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫م وَل َ ِ ْ‬
‫ن‬ ‫ك‬ ‫مهُ ْ‬ ‫ل ِي َظ ْل ِ َ‬
‫َ‬ ‫ال َْرض فَت َ ُ‬
‫مى‬ ‫ن ب َِها فَإ ِن َّها ل ت َعْ َ‬ ‫مُعو َ‬ ‫س َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫ن ب َِها أوْ آَذا ٌ‬ ‫قُلو َ‬ ‫ب ي َعْ ِ‬ ‫م قُُلو ٌ‬ ‫ن ل َهُ ْ‬ ‫كو َ‬ ‫َ ِ‬
‫دوِر" ]الحج‪ ،[46:‬والسفر لغرض‬ ‫ص ُ‬‫ّ‬ ‫ال‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫تي‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ب‬
‫ُ‬ ‫لو‬‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫ْ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫مى‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ع‬‫َ‬ ‫ت‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫صا ُ َ‬
‫و‬ ‫ر‬ ‫الب ْ َ‬

‫‪148‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الترفيه مباح جائز ما لم يشتمل على منكر من المنكرات‪ ،‬وإذا كان الغرض‬
‫من السفر إلى المدن الترفيهية هو الدعوة والمر بالمعروف والنهي عن‬
‫المنكر‪ ،‬صار مندوبًا‪ ،‬أما إذا كان سفر المرء لمجرد الترفيه والسياحة‬
‫ومشاهدة ومخالطة المنكرات وأصحابها‪ ،‬دون نكير فهذا حرام ل يجوز‪ ،‬والله‬
‫أعلم‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫السكن مع عائلت في الغرب لتعلم اللغة‬


‫المجيب ‪ ...‬أ‪.‬د‪ .‬سعود بن عبدالله الفنيسان‬
‫عميد كلية الشريعة بجامعة المام محمد بن سعود السلمية سابقا ً‬
‫التصنيف ‪...‬‬
‫التاريخ ‪04/03/1427 ...‬هـ‬
‫السؤال‬
‫ذهبت إلى بلد الغرب لتعلم اللغة النجليزية‪ ،‬وسكنت مع عائلة نصرانية‪ ،‬وبعد‬
‫ذلك قررت مع مجموعة من الصدقاء أن نستأجر شقة‪ ،‬وهم من نفس‬
‫الجنسية وجميعهم مسلمون‪ ،‬لكن المشكلة أني حائر‪ :‬هل أترك أصدقائي‬
‫وأرجع للعائلة لكسب اللغة‪ ،‬أم أجلس مع الشباب‪ ،‬ونصلي مع بعض جماعة؟‬
‫علما ً أن الشباب يسمعون الغاني وكثيرو الهزل والضحك‪ ،‬وأنا أريد الثبات‪،‬‬
‫فأعينوني جزاكم الله خيرًا‪.‬‬
‫الجواب‬
‫الحمد لله والصلة والسلم على رسول الله‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫فسكنك مع زملئك الشباب خير لك من السكن مع العائلة النصرانية‪ ،‬ول‬
‫سيما وزملؤك –كما ذكرت‪ -‬من أهل الخير والصلح مواظبون على الصلة‪،‬‬
‫وسماعهم الغاني وكثرة مزاحهم أخف ضررا ً من سكنك ونومك وأكلك‬
‫وشربك مع عائلة أجنبية‪ ،‬فأنت مخالف للشرع باختلطك أو خلوتك بامرأة‬
‫أجنبية عنك‪ ،‬فضل ً عما قد يترتب عليها من مفاسد أخرى ل تحمد عقباها في‬
‫الدنيا والخرة‪ ،‬ول سيما مع وجود المغريات وعدم العفة واستحلل الزنا عند‬
‫نساء الكفار‪ ،‬كاتخاذ الخدان والصدقاء‪ ،‬ومحافظتك على دينك ‪-‬ولو تأخرت‬
‫قليل ً في إتقان اللغة‪ -‬خير لك من إتقان اللغة وضياع الدين‪ .‬وّفق الله الجميع‬
‫إلى الخير‪ ،‬وعصمنا وإياك عن محارمه‪ .‬آمين‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫السكنى فيما استردته الدولة من مواطنيها‬


‫المجيب ‪ ...‬أ‪.‬د‪ .‬سعود بن عبدالله الفنيسان‬
‫عميد كلية الشريعة بجامعة المام محمد بن سعود السلمية سابقا ً‬
‫التصنيف ‪ ...‬الفهرسة‪ /‬المعاملت‪/‬الغصب والتلف‬
‫التاريخ ‪6/6/1424 ...‬هـ‬
‫السؤال‬
‫اشترت أسرتي شقة بمبلغ ‪ 18‬ألف دينار‪ ،‬دفعت للساكن الذي كان يقيم بها‬
‫خلو رجل‪ ،‬أو عتبة‪ ،‬فهو ليس صاحبها الصلي‪ ،‬وليس كذلك مستأجرا ً لها‪ ،‬إذ‬
‫إن صاحبها الصلي كان قد قام ببناء العمارة عن طريق أخذ قرض من‬
‫مصرف تابع للدولة في السبعينيات‪ ،‬وفى بداية الثمانينيات قامت الدولة‬

‫‪149‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫بتأميم الممتلكات‪ ،‬ومن ضمنها هذه العمارة التي أخذتها ووزعتها على‬
‫المواطنين‪ ،‬هل يجوز لي السكن في الشقة على أساس أن الدولة استردت‬
‫مالها؟ إذ إن صاحب العمارة لم يكن قد رد كامل قيمة القرض‪ ،‬حينما قامت‬
‫الدولة بوضع يدها على العمارة‪ ،‬أم أن وجودي في الشقة غير شرعي وهو‬
‫غصب لحق مسلم؟ أرجو إفادتي بالجابة‪ ،‬إذ إني أعتزم الزواج بهذه الشقة‬
‫إذا لم يكن هناك مانع شرعي‪ .‬وجزاكم الله خيرًا‪.‬‬
‫الجواب‬
‫يا أخي سؤالك فيه إشكال كبير سببه تدخل الدولة في أملك الغير‬
‫ومصادرتها بغير حق‪ ،‬ومع هذا أستعين الله في الجواب فأقول‪:‬‬
‫ف بالسداد‬‫إن المالك الصلي الذي اقترض من مصرف تابع للدولة ولم ي ِ‬
‫فصادرت الدولة العمارة منه‪ ،‬أقول إن تصرف الدولة حينئذ صحيح‪ ،‬ويلزمها‬
‫أن تدفع له ما سدده من أقساط‪ ،‬إذا كان سدد‪ ،‬كما يلزمها شرعا ً أن تدفع له‬
‫ما زاد عن قيمة العمارة وقت سحبها منه‪ ،‬والمالك الول الصلي‪ ،‬ليس له‬
‫حق أن يؤثم غير من ظلمه وهي الدولة‪ ،‬ثم إن الدولة قد ظلمت مرة أخرى‬
‫حين أعطت هذه العمارة بعد التأميم لمواطن آخر قبل أن تعطي المالك‬
‫الول حقوقه من هذه العمارة‪ ،‬أما حكم تملك المواطن الثاني فصحيح‪ ،‬حيث‬
‫الذي ملكه العمارة هي الدولة‪ ،‬لنه مستحق في نظرها باسم التأميم فل إثم‬
‫عليه‪ ،‬وإنما الثم على من ملكه وهي الدولة‪ ،‬ولو كان المملك له غير الدولة‬
‫ل‪ ،‬ولكن لن الدولة هي التي عملت ذلك‬ ‫لقلت بفساد العقد وعدم صحته أص ً‬
‫والصل في تصرفاتها أنها للصالح العام وولي المر فيها ل يملك أموالها‬
‫ملكية خاصة‪ ،‬وإنما له حق التصرف والنظر فيها لما فيه مصلحة الناس ل‬
‫غير‪ ،‬كل هذا جعل تصرفها مع المالك الثاني للعمارة فيه شبهة ل يفسد منها‬
‫العقد‪ ،‬وإن كان الثم على الدولة ممثلة بولي المر المر بمنح العمارة لهذا‬
‫المواطن‪ ،‬بعد التأميم‪ ،‬وأخيرا ً أقول إن شراءك هذه العمارة صحيح‪ ،‬وعدم‬
‫إذن المالك الول ل اعتبار له في الشرع‪ ،‬لنه لم يف بالعقد مع الدولة قبل‬
‫التأميم‪ ،‬وأخذ العمارة منه جائز وإن كان له مستحقات على الدولة فهي التي‬
‫ظلمته وليس له طريق عليك بحال‪ ،‬وعليه مطالبتها إن استطاع‪ .‬أما التأميم‬
‫فلعل حرمته في الصل وعدم جوازه وأنه نوع من الغصب وأكل لموال‬
‫الناس بالباطل ظاهر بين لكل أحد‪ ،‬فل يجوز لحد أن يصادر أموال الناس‬
‫وممتلكاتهم باسم التأميم أو للمصلحة العامة‪ ،‬وفق الله الجميع إلى كل خير‪،‬‬
‫آمين‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫السكينة أيها الناس‬


‫د‪ .‬سلمان بن فهد العودة‬
‫)السكينة السكينة‪ ..‬عليكم بالسكينة‪ (..‬هكذا كان رسول الله ‪ -‬صلى الله‬
‫عليه وسلم ‪ -‬يوصي الناس في حجه عليه السلم بعدم التزاحم والتدافع‬
‫والتصارع‪.‬‬
‫الجدير بالملحظة أن هذه كانت وصيته في الحياة العامة وليست في الحج‬
‫فقط‪ ،‬بل كانت سمة المؤمنين الذي أنزل الله سكينته عليهم‪ ،‬وكانت‬
‫)السكينة( مطلبا ً حياتيا ً طبيعيا ً وضروريًا‪ ،‬كنوع من الهدوء النفسي والطمئنان‬
‫في الحالت العامة والطارئة؛ فيجب أل تفارقنا السكينة‪.‬‬
‫ري( )سورة طه‪:‬‬ ‫َ‬ ‫با ْ‬ ‫قال الله جل وعل‪َ) :‬قا َ‬
‫م ِ‬
‫سْر ِلي أ ْ‬
‫صد ِْري وَي َ ّ‬
‫ح ِلي َ‬
‫شَر ْ‬ ‫ل َر ّ‬

‫‪150‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ح لَ َ‬ ‫َ‬
‫ك( )سورة الشرح‪.(1:‬‬ ‫صد َْر َ‬ ‫ك َ‬ ‫شَر ْ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫‪ ،(26-25‬وقال سبحانه‪) :‬أل َ ْ‬
‫إنه انفعال النفس بالرضا اليماني المعتدل للحال التي هو عليها أيا ً كانت‬
‫ومجافاة القلق والشعور بالضطراب‪.‬‬
‫إن هدوء النفس هو الحادي للنجاز‪..‬‬
‫لن نعيش الحياة بسعادة‪..‬‬
‫لن نبدع في حياتنا الخاصة والعامة‪ ،‬الزوجية والسرية والتجارية والعلمية‪..‬‬
‫ولن نفكر تفكيرا ً سليما ً في المعالجة والشعور بالتطلع لكل مشروع ناجح‪.‬‬
‫س‬
‫ف ُ‬ ‫والنفس المطمئنة هي المؤمنة‪ ،‬يقول الله سبحانه وتعالى‪َ) :‬يا أ َي ّت َُها الن ّ ْ‬
‫جن ِّتي(‬ ‫خِلي َ‬ ‫عَباِدي َواد ْ ُ‬ ‫خِلي ِفي ِ‬ ‫ة َفاد ْ ُ‬ ‫ضي ّ ً‬ ‫مْر ِ‬ ‫ة ّ‬ ‫ضي َ ً‬ ‫ك َرا ِ‬ ‫جِعي إ َِلى َرب ّ ِ‬ ‫ة اْر ِ‬ ‫مئ ِن ّ ُ‬‫مط ْ َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫)سورة الفجر‪.(30-27:‬‬
‫وأما إذا زال الهدوء والسكون؛ فالمرء يفقد توازنه فل يفكر ول يعمل؛‬
‫فسيطرة الغضب والنفعال أو الحزن الشديد‪ ،‬أو اليأس والقنوط مظاهر من‬
‫فقدان السكينة النفسية‪.‬‬
‫صد َْرك( سورة مكية متقدمة وفيها‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ح لك َ‬ ‫شَر ْ‬ ‫وسورة الشرح التي فيها )أل ْ‬
‫منة انشراح الصدر؛ فهو أمر ذاتي ليس مرتبطا بالفتح ول بالنصر ول بالغنى‪،‬‬ ‫ً‬
‫ول بانتشار الدعوة السلمية مع أنها جميعا ً وسائل لنشراح صدور المؤمنين‪،‬‬
‫ولكن انشراح الصدر معنى إيجابي عام وقناعة داخلية مضمرة‪.‬‬
‫كى أن أحد السلف ضاق صدره من الدنيا وحالها ومن نفسه؛ فجعل يمشي‬ ‫ُيح َ‬
‫في الطرقات والحياء حتى سمع هاتفا ً يقول‪:‬‬
‫أل يا أّيها المرء الـ‬
‫ح‬
‫م به بّر ْ‬ ‫ذي اله ّ‬
‫إذا ضاق بك المر‬
‫ح‬
‫شَر ْ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫كر في أل َ ْ‬ ‫فف ّ‬
‫فعسٌر بين يسرين‬
‫ح‬
‫متى تذكْرهما تفر ْ‬
‫ن من‬ ‫من ٌ‬ ‫فسمعها؛ واتسع صدره‪ .‬فالسكينة وهدوء النفس وانشراح الصدر ِ‬
‫ن ناله ‪ -‬انشراح الصدر ‪ -‬هو‬ ‫م ْ‬ ‫الله سبحانه على عباده المؤمنين وكان أرقى َ‬
‫محمد ‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫ومن مظاهر انشراح صدره صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫‪ -1‬صبره على المخالفين مع ما هم عليه من مجافاة الدعوة والمكر‬
‫والتكذيب وابتلء المؤمنين وتعذيبهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪:‬‬
‫خرج الل ّه م َ‬ ‫َ‬ ‫)ب ْ َ‬
‫شي ًْئا(‪.‬‬ ‫ك ب ِهِ َ‬ ‫شرِ ُ‬ ‫حد َه ُ ل َ ي ُ ْ‬ ‫ه وَ ْ‬ ‫ن ي َعْب ُد ُ الل ّ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫صل َب ِهِ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ُ ِ ْ‬ ‫ن يُ ْ ِ َ‬ ‫جو أ ْ‬ ‫ل أْر ُ‬ ‫َ‬
‫‪ -2‬صبره على أصحابه وعلى جفاة العراب والمنافقين وحدثاء العهد‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫صب ََر( للذي قال‪َ :‬والل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫ك فَ َ‬ ‫ن ذ َل ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫سى ب ِأك ْث ََر ِ‬ ‫مو َ‬ ‫بالسلم؛ حتى قال‪) :‬قَد ْ أوِذي ُ‬
‫ُ‬
‫ه‪.‬‬ ‫ه الل ّ ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫ما أِريد َ ب َِها وَ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫م ٌ‬‫س َ‬‫ق ْ‬ ‫إ ِن َّها ل َ ِ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫ذي َ‬ ‫كال ّ ِ‬ ‫كوُنوا َ‬ ‫مُنوا َل ت َ ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫كما في الصحيحين‪ ،‬يقول الله عز وجل‪َ) :‬يا أي َّها ال ّ ِ‬
‫َ‬
‫جيًها( )سورة الحزاب‪.(69:‬‬ ‫عند َ الل ّهِ وَ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ما َقاُلوا وَ َ‬ ‫م ّ‬ ‫ه ِ‬ ‫سى فَب َّرأهُ الل ّ ُ‬ ‫مو َ‬ ‫آذ َْوا ُ‬
‫‪ -3‬ثقته بمستقبل هذا الدين حتى كأنه رأي العين؛ فكان يكّبر في حفر الخندق‬
‫شر بكنوز كسرى وقيصر حتى قال المنافقون‪ :‬أل تعجبون من محمد!‬ ‫ويب ّ‬
‫يعدنا أن نطوف بالبيت العتيق‪ ،‬وأن نغنم كنوز فارس والروم‪ ،‬ونحن هنا ل‬
‫ما يعدنا إل غرورًا!‪ ،‬وفي الصحيح من‬ ‫يأمن أحدنا أن يذهب إلى الغائط‪ ،‬والله ل َ‬
‫ل الل ّهِ ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬وَهْ َ‬
‫و‬ ‫سو ِ‬ ‫شك َوَْنا إ َِلى َر ُ‬ ‫ل‪َ :‬‬ ‫حديث خباب َقا َ‬
‫ه ل ََنا؟‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫عو الل ّ َ‬ ‫صُر ل ََنا؟ أل َ ت َد ْ ُ‬ ‫ست َن ْ ِ‬ ‫ه أل َ ت َ ْ‬ ‫ل ال ْك َعْب َةِ ‪ ،‬قُل َْنا ل َ ُ‬ ‫ه ِفي ظ ِ ّ‬ ‫سد ٌ ب ُْرد َة ً ل َ ُ‬ ‫مت َوَ ّ‬ ‫ُ‬
‫جاُء‬‫ُ َ‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ف‬ ‫ه‪،‬‬‫ِ ِ‬‫في‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫ع‬‫ج‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ف‬
‫ْ ِ ُ ْ َ‬ ‫ض‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫في‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ل‬
‫ِ َ ْ ْ ْ ُ ْ ُ ُ ِ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ف‬‫ح‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫في‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫ج‬ ‫ر‬
‫َ ّ ُ‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫كا‬ ‫َ‬ ‫)‬ ‫ل‪:‬‬ ‫َ‬ ‫قا‬ ‫َ‬

‫‪151‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ش ُ‬ ‫ْ‬
‫ط‬ ‫م َ‬ ‫ه‪ ،‬وَي ُ ْ‬ ‫ن ِدين ِ ِ‬ ‫ك عَ ْ‬ ‫صد ّه ُ ذ َل ِ َ‬
‫ما ي َ ُ‬ ‫ن‪ ،‬وَ َ‬‫شقّ ِباث ْن َت َي ْ َ ِ‬ ‫سهِ فَي ُ َ‬ ‫ضعُ عََلى َرأ ِ‬ ‫شاِر‪ ،‬فَُيو َ‬ ‫ِبال ْ ِ‬
‫من ْ َ‬
‫َ‬
‫ه‪،‬‬
‫ن ِدين ِ ِ‬ ‫ك عَ ْ‬ ‫صد ّه ُ ذ َل ِ َ‬ ‫ما ي َ ُ‬ ‫ب‪ ،‬وَ َ‬‫ص ٍ‬ ‫ن عَظ ْم ٍ أوْ عَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫مهِ ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫ما ُدو َ‬ ‫د‪َ ،‬‬ ‫دي ِ‬‫ح ِ‬‫ط ال ْ َ‬ ‫شا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ب ِأ ْ‬
‫صن َْعاَء إ َِلى َ‬ ‫َ‬
‫ف‬
‫خا ُ‬ ‫ت‪ ،‬ل َ ي َ َ‬ ‫مو ْ َ‬ ‫ضَر َ‬‫ح ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ِ‬ ‫سيَر الّراك ِ ُ‬ ‫حّتى ي َ ِ‬ ‫مَر َ‬‫ذا ال ْ‬ ‫ن هَ َ‬ ‫م ّ‬‫َوالل ّهِ ل َي ُت ِ ّ‬
‫إل ّ الل ّ َ‬
‫ن(‪ .‬وهذا عنصر مهم من عناصر‬ ‫جُلو َ‬ ‫ست َعْ ِ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫ه‪ ،‬وَل َك ِن ّك ُ ْ‬ ‫م ِ‬‫ب عََلى غَن َ ِ‬ ‫ه أوِ الذ ّئ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫السكينة في ترقب المستقبل وقراءته للعمل والصبر‪.‬‬
‫ل أرقُُبها‬ ‫ل النفس بالما ِ‬ ‫أعل ّ ُ‬
‫ل‬
‫م ِ‬ ‫ة ال َ‬ ‫ش لول فسح ُ‬ ‫ما أضيقَ العي َ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ -4‬مداومته على العمل والدعوة؛ عبادةً وتعليما وجهادا ودعوةً وصبرا‪ ,‬حتى‬
‫ي(‪.‬‬ ‫جَرةٍ إ ِل َ ّ‬ ‫أتاه النصر والفتح‪ ،‬وفي صحيح مسلم‪) :‬ال ْعَِباد َة ُ ِفي ال ْهَْرِج ك َهِ ْ‬

‫)‪(1 /‬‬

‫فل تجعل هدفك تغيير الكون‪ ،‬بل استفرغ طاقاتك وقدراتك في العمل النافع‪،‬‬
‫وستجد أن كثيرا ً من العوامل التي قد تعترض طريقك في العمل والكفاح‬
‫تساعدك وتشد من أزرك‪.‬‬
‫ن(‪..‬‬ ‫جلو َ‬ ‫ُ‬ ‫ست َعْ ِ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫‪ -5‬عدم الستعجال أو حرق المراحل )وَلك ِن ّك ْ‬
‫قال صلى الله عليه وسلم‪) :‬إننا لم نؤمر بقتال‪ ،(..‬من حديث كعب بن مالك‬
‫عند أحمد والطيالسي والبيهقي‪ ،‬وصححه الحاكم ووافقه الذهبي وصححه ابن‬
‫حجر في الفتح‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ضي ّعَِني(‪ ،‬فمن سكينته‬ ‫ن يُ َ‬ ‫مَرهُ وَل َ ْ‬ ‫فأ ْ‬ ‫خال ِ َ‬‫نأ َ‬ ‫وقال عليه الصلة والسلم‪) :‬ل َ ْ‬
‫فس‪ ,‬والصبر‪ ،‬وإن‬ ‫وانشراح صدره عليه السلم العمل الجاد‪ ,‬وطول الن ّ َ‬
‫العملية الحضارية تحتاج لجيال‪ ,‬وتراكم كبير‪ ,‬مثلما استغرقت عملية التخلف‬
‫ن تطلب الحل خلل فترة العمر الفردي المحدود قفزا ً‬ ‫أجيال ً وقرونًا‪ ،‬وإ ْ‬
‫ل‪ ,‬وإهلك لقدرات الفرد‪ ,‬وإخراج له عن معنى الهدوء والسكينة‪,‬‬ ‫واستعجا ً‬
‫وألذ ّ الطبخ وأطيبه ما كان على نار هادئة‪.‬‬
‫‪ -6‬السكينة والهدوء في معايشة الحياة والزواج والذرية‪ ،‬فهو يبيع ويشتري‬
‫ويتاجر ويزرع ويعلم ويتعلم‪ ,‬وما قصة أم زرع عنا ببعيد‪ ,‬ومسابقته عائشة‪,‬‬
‫وإشاعة الفرح في العيد والدف حين رجع من الغزوة‪ ،‬إل مفردة من مفردات‬
‫الرضا البشري في التعامل الذكي مع الحياة والناس والواقع والمبادئ‪،‬‬
‫ومزاحه صلى الله عليه وسلم مع بعض أصحابه‪ ,‬أشهر من أن يذكر‪ ،‬ومزاحه‬
‫ل الن ّغَي ُْر(‪ ,‬والحسن والحسين وأمامة حين‬ ‫ما فَعَ َ‬ ‫َ‬
‫مي ْرٍ َ‬‫مع الصبيان‪َ) ،‬يا أَبا عُ َ‬
‫يشاركون حتى في العبادات الدينية كالصلة والخطبة‪ ,‬ولم يكن ذلك الحب‬
‫والرحمة مجافاة ًً لمعنى الجد اليجابي والعمل الدعوي عند سيد البشر عليه‬
‫ة لمعنى الحزن الخاص والعام‬ ‫السلم‪ ،‬فمفهوم السكينة في كل تجلياته محارب ٌ‬
‫الذي يذهب بالهدوء الطبيعي وبالعيش اليماني‪.‬‬
‫وحتى القضايا العلمية والثقافية تحتاج إلى )السكينة العلمية( التي ترفض‬
‫صنع المشاكل التاريخية والعلمية والفكرية والعقد القديمة مما يؤثر على‬
‫ن‬
‫م ِ‬ ‫ح َ‬‫عَباد ُ الّر ْ‬ ‫حقيقة السكينة التي كانت صفة من صفات عباد الرحمن )وَ ِ‬
‫ض هَوًْنا( )سورة الفرقان‪ (63 :‬فهي مطلب من‬ ‫َْ‬ ‫شو َ َ‬ ‫م ُ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ن عَلى الْر ِ‬ ‫ن يَ ْ‬‫ذي َ‬
‫مطالب السلم‪ ,‬وصفة مهمة من صفات المؤمنين‪ ,‬الذين يذكرون الله عز‬
‫ن قُُلوب ُُهم ب ِذِك ْرِ الل ِ‬
‫هّ‬ ‫مئ ِ ّ‬‫مُنوا ْ وَت َط ْ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫وجل كثيرًا‪ ,‬وتطمئن قلوبهم بذكر الله )ال ّ ِ‬
‫َ‬
‫ب( )سورة الرعد‪ ،(28:‬فبالسكينة تسكن النفوس‪،‬‬ ‫قُلو ُ‬‫ن ال ْ ُ‬‫مئ ِ ّ‬ ‫أل َ ب ِذِك ْرِ الل ّهِ ت َط ْ َ‬
‫وتعود إلى رشدها وهدوئها‪) ،‬فَمن يرد الل ّ َ‬
‫سل َم ِ‬ ‫صد َْره ُ ل ِل ِ ْ‬‫ح َ‬ ‫شَر ْ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫ه أن ي َهْدِي َ ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ ُ ِ ِ‬

‫‪152‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ماء ك َذ َل ِ َ‬
‫ك‬ ‫س َ‬‫صعّد ُ ِفي ال ّ‬ ‫جا ك َأن ّ َ‬
‫ما ي َ ّ‬ ‫حَر ً‬‫قا َ‬‫ضي ّ ً‬
‫صد َْره ُ َ‬‫ل َ‬ ‫جعَ ْ‬ ‫ضل ّ ُ‬
‫ه يَ ْ‬ ‫من ي ُرِد ْ أن ي ُ ِ‬
‫وَ َ‬
‫ن( )سورة النعام‪.(125:‬‬ ‫مُنو َ‬ ‫َ‬
‫ن ل ي ُؤْ ِ‬‫ذي َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫س عَلى ال ِ‬ ‫ج َ‬ ‫ه الّر ْ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫جعَل الل ُ‬‫يَ ْ‬

‫)‪(2 /‬‬

‫السلم تحية السلم لماذا تركناه؟‬


‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله والصلة والسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين‬
‫كتبت هذا المقال نتيجة لواقع رأيته سواء في أماكن العمل أو في الطرقات‬
‫أو في البيوت وأخيرا ما رأيته في المشافي‬
‫لقد كان صلى الله عليه وسلم يأمر بالسلم وقد جعله سببا لنشر المحبة‬
‫والتوادد بين المسلمين حيث يقول بابي هو وأمي‪" :‬ل تدخلوا الجنة حتى‬
‫تؤمنوا‪ ،‬ول تؤمنوا حتى تحابوا‪ ،‬أول أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟‬
‫أفشوا السلم بينكم"‪.‬‬
‫ن الله كان‬ ‫حّييتم بتحّية فحيوا بأحسن منها أو رّدوها إ ّ‬ ‫وقال تعالى ‪ ) :‬وإذا ُ‬
‫ئ حسيبا ً ( )‪. (1‬‬ ‫لش ٍ‬ ‫على ك ّ‬
‫أمر الله المسلمين برد السلم على المسلم بأحسن مما سلم إن كان‬
‫مؤمنا ً ‪ ،‬وإل فليقل ‪ ) :‬وعليكم‪ ،‬فقوله ‪ ) :‬بأحسن منها ( للمسلمين خاصة ‪،‬‬
‫وقوله ‪ ) :‬أو رّدوها ( لهل الكتاب‬
‫دي ‪ ،‬وعطاء ‪ ،‬وإبراهيم ‪ ،‬وابن جريج ‪ ،‬قالوا ‪ :‬إذا سلم عليك المسلم‬ ‫عن الس ّ‬
‫فرد عليه بأحسن مما سلم عليك ‪ ،‬أو بمثل ما قال‬
‫فين لك وُد ّ أخيك‪ :‬أن تسلم‬ ‫ص ِ‬‫ث يُ ْ‬‫وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه‪ :‬ثل ٌ‬
‫عليه إذا لقيته‪ ،‬وتوسع له في المجلس‪ ،‬وتدعوه بأحب أسمائه‬
‫وا َول‬ ‫َ‬
‫ن ِفيَها لغْ ً‬ ‫مُعو َ‬
‫س َ‬‫والسلم تحية أهل الجنة قال الله سبحانه وتعالى‪} :‬ل َ ي َ ْ‬
‫سلمًا{ ]الواقعة‪[26:‬‬ ‫ْ‬
‫سلما ً َ‬ ‫ما * إ ِل ّ ِقيل ً َ‬ ‫ت َأِثي ً‬
‫ن‬ ‫م ْ‬
‫ري ِ‬ ‫ج ِ‬
‫ت تَ ْ‬
‫جّنا ٍ‬
‫ت َ‬ ‫حا ِ‬ ‫صال ِ َ‬‫مُلوا ال ّ‬ ‫مُنوا وَعَ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫ل ال ّ ِ‬ ‫خ َ‬‫وقال عز وجل ‪} :‬وَأ ُد ْ ِ‬
‫م{ ]إبراهيم‪.[23:‬‬ ‫سل ٌ‬ ‫م ِفيَها َ‬ ‫حي ّت ُهُ ْ‬
‫م تَ ِ‬‫ن َرب ّهِ ْ‬‫ن ِفيَها ب ِإ ِذ ْ ِ‬ ‫دي َ‬ ‫حت َِها ال َن َْهاُر َ‬
‫خال ِ ِ‬ ‫تَ ْ‬
‫وليعلم المسلم أن السلم جالب للبركة‪:‬‬
‫فإذا أردت أخي المسلم أن يبارك الله في نفسك وأهل بيتك فسلم عليهم‬
‫كلما دخلت بيتك؛ فإن ذلك من أعظم أسباب البركة‪ .‬فعن أنس بن مالك‬
‫رضي الله عنه قال‪ :‬قال لي رسول الله صلى الله عيله وسلم‪" :‬يا ُبني إذا‬
‫دخلت على أهلك فسّلم يكون بركة عليك وعلى أهل بيتك"‪.‬‬
‫والسلم حق المسلم على المسلم‪:‬‬
‫قال صلى الله عليه وسلم‪" :‬إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه"‪.‬‬
‫كما أن رد السلم واجب على المسلمين‬
‫س تجب للمسلم على أخيه‪ :‬رد السلم‪،‬‬ ‫قال صلى الله عليه وسلم‪" :‬خم ٌ‬
‫وتشميت العاطس‪ ،‬وإجابة الدعوة‪ ،‬وعيادة المريض‪ ،‬واتباع الجنائز"‪.‬‬
‫كما أن السلم سبب لرفع المكانة والدرجات‪:‬‬
‫فعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫"أفشوا السلم كي تعلوا"‪.‬‬
‫وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫قال‪" :‬السلم اسم من أسماء الله تعالى وضعه‪ ،‬فأفشوه بينكم‪ ،‬فإن الرجل‬
‫المسلم إذا مر بقوم فسلم عليهم فردوا عليه كان له عليهم فضل درجة‬
‫من هو خيٌر منهم وأطيب"‪.‬‬ ‫بتذكيره إياهم‪ ،‬فإن لم يردوا عليه رد ّ عليه َ‬

‫‪153‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وكان أبو أمامة إذا انصرف إلى بيته ل يمر بمسلم ول نصراني‪ ،‬ول صغير ول‬
‫كبير إل سّلم عليه‪ ،‬فقيل له في ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬أمرنا أن نفشي السلم‪ .‬وكان‬
‫يقول‪ :‬إن الله جعل السلم تحية لمتنا وأمانا لهل ذمتنا‬
‫من بدأهم بالسلم"‪.‬‬ ‫وقال صلى الله عليه وسلم‪" :‬إن أولى الناس بالله َ‬
‫من آداب السلم‪:‬‬
‫)‪ (1‬أن يكون التسليم بصوت مسموع يسمعه اليقظان‬
‫عن المقداد رضي الله عنه قال‪" :‬كنا نرفع للنبي صلى الله عليه وسلم نصيبه‬
‫ما ويسمع اليقظان"‪.‬‬ ‫ما ل يوقظ نائ ً‬
‫من اللبن‪ ،‬فيجيء من الليل فيسلم تسلي ً‬
‫م‬ ‫ّ‬
‫سل ُ‬ ‫م َ‬‫قال المام النووي رحمه الله‪ :‬أقّله أن يرفع صوته بحيث يسمعه ال ُ‬
‫عليه‪ ،‬فإن لم يسمعه لم يكن آتًيا بالسنة‪.‬‬
‫)‪ (2‬أن يسلم الراكب على الماشي‪ ،‬والماشي على القاعد‪ ،‬والصغير على‬
‫الكبير‪ ،‬والقليل على الكثير؛‬
‫لقول النبي صلى الله عليه وسلم‪" :‬يسلم الراكب على الماشي والماشي‬
‫على القاعد‪ ،‬والقليل على الكثير"‪ .‬وفي لفظ‪" :‬يسلم الصغير على الكبير ‪"...‬‬
‫الحديث‪.‬‬
‫)‪ (3‬أن يعيد إلقاء السلم إذا فارق أخاه ولو يسيًرا لقوله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪" :‬إذا لقي أحدكم أخاه فليسلم عليه‪ ،‬فإن حالت بينهما شجرة أو جدار‬
‫أو حجر ثم لقيه فليسلم عليه"‪.‬‬
‫)‪ (4‬أن يسلم على أهل بيته عند الدخول عليهم كما سبق‪.‬‬
‫)‪ (5‬عدم الكتفاء بالشارة باليد أو الرأس‪ ،‬فإنه مخالف للسنة‪ ،‬إل إذا كان‬
‫دا فإنه يسلم بلسانه ويشير بيده ول يكتفي بالشارة‪.‬‬ ‫المسّلم عليه بعي ً‬
‫)‪ (6‬السلم في بداية المجلس وعند مفارقته لقوله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫"إذا انتهى أحدكم إلى المجلس فليسلم‪ ،‬فإذا أراد أن يقوم فليسلم؛ فليست‬
‫الولى بأحق من الخرة"‪.‬‬
‫)‪ (7‬أن يسلم على الصبيان إذا لقيهم اقتداًء برسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ،‬وفيه دليل على التواضع والرحمة‪ ،‬كما إن فيه تربية الناشئة على‬
‫تعاليم السلم وغير ذلك من الفوائد‪.‬‬
‫)‪ (8‬البشاشة وطلقة الوجه والمصافحة‪.‬‬
‫)‪ (9‬الحرص على السلم باللفاظ الواردة في السنة‪.‬‬
‫إعداد‪ :‬محمد شندي الراوي‬
‫وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم‬
‫المصدر موقع طريق الجنة ‪http://www.aljannahway.com‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫السلبيات واليجابيات ‪ ..‬برؤية ضرورية‬


‫إبراهيم عاصي *‬
‫الحديث في " السلبيات عندما يدور حول المجتمع ونظمه ‪ ،‬وأحواله العامة‬
‫والخاصة ‪ ،‬وطروفه السياسية والقتصادية والخلقية ‪ ،‬وما يتبع ذلك ‪ ..‬هذا‬
‫الحديث يسمى ـ في مثل هذه الحالة ـ )نقدًا( ‪ .‬والنقد أنواع بحسب ما ينصب‬
‫عليه ‪.‬‬
‫فإن انصب على السياسة فهو نقد سياسي ‪ ،‬وإن انصب على القتصاد فهو‬
‫نقد اقتصادي ‪ ،‬أو على المجتمع فهو نقد اجتماعي ‪ ،‬وهكذا ‪ ..‬والنقد من جهة‬
‫أخرى ‪ ،‬يمكن أن نصنفه بحسب الدافع له إلى صنفين ‪ :‬نقد للتقويم ‪ ،‬ونقد‬

‫‪154‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫للتهديم !‬
‫أما عندما يدور الحديث في " السلبيات " حول الفراد ‪ ،‬وحول أفراد‬
‫بأسمائهم ـ على وجه التخصيص ـ فله عندئذ اسم واحد ل ثاني له ‪ ،‬هذا السم‬
‫هو )الغيبة( ‪ .‬ذلك في حال أن السلبيات المعددة والمتخذة مدارا ً للحديث ‪،‬‬
‫موجودة فعل ً في شخص أو أشخاص الذين يدور الكلم عنهم ‪ .‬أما إذا لم تكن‬
‫موجودة أصل ً ‪ ،‬فالحديث يأخذ اسما ً آخر هو )البهتان( )‪ !! (1‬وهذا ما نص‬
‫عليه الحديث القائل ‪ ..." :‬إن كان ما تقول فقد اغتبته ‪ .‬وإن لم يكن فيه ما‬
‫تقول فقد بهته "‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ومما سبق ندرك أنه إذا كان الحديث في السلبيات نافعا وضروريا كما في‬
‫حال )النقد التقويمي( للمجتمع ‪ ،‬و)الغتياب التعريفي( )‪ (2‬للفراد ‪ ..‬فإنه ‪..‬‬
‫فإنه ـ أي الحديث ـ يصير بالغ الذى والخطورة إذا ما جاء )نقدا ً تهديميًا( أو‬
‫)غيبة( لمجرد الغيبة والتشهير! والفظع من هذا وذاك أن يأتي )بهتانًا(‬
‫وزورا ً !!‬
‫ومن عجب أن السلبيات باتت على مدار الكثير من الزمن ‪ ،‬هي كل ما يراه‬
‫الناس في الناس ‪ ،‬وإن شئت فقل ‪ :‬هي كل ما يحب الناس أل يروا غيره في‬
‫الناس !! وبالتالي هي كل ما يحلو للناس أن يتحدثوا فيه إذا اجتمعوا اثنين‬
‫فأكثر‪ ..‬في السهرات ‪ ،‬والندوات ‪ ،‬والخلوات ‪ ،‬وفي كل مناسبة !! وقد ترتب‬
‫على هذه الظاهرة قديما ً ‪ ،‬وما يزال يترتب عليها حديثا ً الكثير من الضرر‬
‫والفساد ‪ ،‬والكثير من التخريب والتمزيق لوصال الفراد والمجتمعات على‬
‫حد سواء ‪.‬‬
‫ولعل السؤال الطارئ الذي برز الن هو ‪) :‬لماذا( ؟! وإنه لسؤال من حقك‬
‫أن تثيره يا قارئي ‪ ،‬وهو حق ل أماريك فيه ‪ ،‬وإل استمهلتك الجواب عليه‬
‫أبدا ً ‪ ..‬تصور معي ـ مثل ً ـ الدور الذي تؤديه صحافة ل هم لها إل أن تتبع أخبار‬
‫الجرائم ‪ ،‬وحوادث القتل والنهب والخطف والنتحار‪ ..‬أو نشر الفضائح‬
‫الخلقية وأنباء الغدر والخيانة والعتداء على العراض والحرمات !!‬
‫وتصور معي الدور الذي تؤديه منتديات أو مجتمعات ‪ ،‬ل حديث لفرادها إل أن‬
‫يلوكوا سمعة فلن أو فلنة ‪ ،‬وعرض علن أو علنة ‪ ..‬هذا طويل ‪ ..‬ذاك‬
‫قصير! هذه فاسدة الذوق ‪ ..‬تلك ثرثارة ! هذا مغرور‪ ..‬ذاك نفعي أناني ! هذه‬
‫مهملة ‪ ..‬تلك متعجرفة ! هذا بخيل ‪ ..‬ذاك منافق ! هذه أكولة ‪ ..‬تلك جهولة !‬
‫هذا جبان ‪ ..‬ذاك شكله )مجعلك( !!‪.‬‬
‫إنه دور فتاك ول ريب ‪ ..‬إنه سلوك شائن ومن شأنه أن يفسد في الرض‬
‫بأسرع مما يستطيعه أي شيطان رجيم !! ومرة ثانية ‪) :‬لماذا( ؟!‬
‫والجواب ‪ :‬إن كثرة الحديث عن الجرائم والفضائح في المجتمع ‪ ،‬أو عن‬
‫النقائص والمثالب في الفراد من نتائجها الحتمية ‪ ،‬أن يقل استفظاع الناس‬
‫لها واستنكارهم إياها ‪ ،‬بسبب عامل اللفة ‪ ..‬وبالتالي فإن المنكر يصبح‬
‫معروفا ً ‪ ،‬ويصبح المعروف منكرا ً !! ومن ثم تشيع الفاحشة في المجتمع ‪،‬‬
‫وتعم البلوى ‪ ،‬وينتشر الداء ‪ ،‬هذا على الصعيد العام ‪ ،‬أما على الصعيد الخاص‬
‫‪ ،‬صعيد الفراد ‪ ،‬فإن اعتياد نهش العراض ‪ ،‬وتتبع العورات ‪ ،‬وتقصي الخطاء‬
‫والعيوب ـ ومن ثم إذاعتها واتخاذها مادة دسمة لتزجية الفراغ ـ يؤدي‬
‫بالنسان المتتبع المتقصي إلى نوع من )الدمان( على ممارسة دور‬
‫)الذبابة( ‪ ،‬هذه الحشرة التي دأبها التنقل بين الخبائث المأكولة والمشمومة ‪،‬‬
‫لتقوم من بعد ذلك بتوزيع الذى والمرض ‪ ،‬ونشرها بالمجان حيثما ارتحلت أو‬
‫حلت من أجسام الناس ومرافقهم العامة أو الخاصة !!‬
‫ويخطئ من يظن ـ ولو بالمقاييس الرضية وحدها ـ أن وبال )الغيبة( ل يتضرر‬

‫‪155‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫به إل المنهوش عرضه ‪ ،‬المستباح قفاه فقط ‪ .‬ل ‪ ..‬إن وبال الغيبة يحيق‬
‫بثلثة أطراف معا ً ‪:‬‬
‫أولها المجتمع كما سبق وبينا ‪ .‬وثانيها الطرف الذي تقع عليه الغيبة كما هو‬
‫متفق عليه ‪ .‬وثالثها الطرف الوالغ في الغيبة المستمرئ لها ! ذلك لن الذي‬
‫يطلق لسانه في أعراض الخرين ‪ ،‬وأنيابه في لحومهم الميتة ‪ ..‬إنما يهوش‬
‫في نفسه نوازع الشر‪ ،‬ويستثير في أعماقه قابليات معينة يوظفها في الكره‬
‫والحسد ‪ ،‬والحقد والضغينة ‪ ،‬بدل ً من أن يوظفها في الحب ‪ ،‬واليثار‪،‬‬
‫والتسامح !‬

‫)‪(1 /‬‬

‫إن الدمان على الغيبة ل يورث المغتاب إل مزيدا ً من عواطف )الغل والكيد‬
‫والكراهية( للخرين ‪ ،‬والمغتاب مخلوق أعمى البصر والبصيرة ‪ ،‬وإن شئت‬
‫فقل أعورهما لنه ل يبصر في الخرين إل المثالب والمعايب !! وهو مخلوق‬
‫سجن نفسه بين جدران التشاؤم السوداوية ‪ ،‬وعصب عينيه بعصابة النانية‬
‫واللؤم ‪ ،‬فعاش كارها ً مكروها ً ‪ ،‬نابذا ً منبوذا ً !! وهل أقتل للنسان العاقل من‬
‫حالة كهذه الحالة التي يؤول إليها أمره ؟!‬
‫على أنه قد يتبادر للذهن أنني أدعو ـ من حيث ل أقصد ول أنتبه ـ إلى إغماض‬
‫العين عن الخطاء المحيقة ‪ ،‬والفساد المستشري سواء في الفراد أو‬
‫المجتمع ‪ ،‬وأدعو بالتالي إلى تجاهلها والسكوت عنها ‪ ..‬وهذا السكوت‬
‫والتجاهل فيه من الخطورة والضرر ما ليس يوجد مثله في الغيبة والفضح !!‬
‫معاذ الله وألف كل ‪ ..‬فأنا لست غافل ً عن مثل هذا المنزلق البليد ‪ ،‬وإنما‬
‫أردت أن أقول ‪:‬‬
‫إنه لمن الخطأ الجسيم أن ننظر إلى الشياء بعين واحدة فقط ‪ ،‬وقد وهبنا‬
‫الله تعالى عينين اثنتين ‪ ..‬عينا ً لترى القبح والثانية لترى الجمال ‪ ..‬واحدة‬
‫لتبصر الخطأ فتتحاشاه والثانية لتبصر الحق فتتبعه ‪.‬‬
‫وإنه ل ضير أبدا ً من الغيبة )في الحدود المشروعة( للفراد ؛ إل أنه من النافع‬
‫جدا ً والضروري جدا ً أن نفتح عيننا الثانية على أوجه الخير ومواطن الصلح‬
‫التي لبد أنها موجودة ـ ولو بقدر ـ في طبائع هؤلء الناس الذين نغتابهم ؛ لننا‬
‫عندما نتحدث علنا ً عن بعض )اليجابيات( الكائنة في سلوك الفراد ‪ ،‬كأن‬
‫نحمد لفلن وفاءه ‪ ،‬وللثاني جرأته في قول الحق ‪ ..‬لذاك أمانته في البيع‬
‫وقناعته ‪ ،‬ولهذا حفظه لحقوق الجوار‪ ،‬وهكذا ‪ ...‬فإننا بهذا نشجع هؤلء على‬
‫مزيد من الفضيلة والسلوك الحسن ‪ ،‬ونورطهم في الخير توريطا ً ‪ ،‬وأنعم به‬
‫من توريط مباح وحميد !!‬
‫وإننا بهذا ـ أيضا ً ـ نكون قد كافأنا المحسن على إحسانه ولم نسو بينه وبين‬
‫المسيء الذي صمتنا عن الكثير من عيوبه حذر الوقوع في الحرام !!‬
‫كما أننا بهذا الحديث العلني عن )اليجابيات( ‪ ،‬نكون قد روجنا في أوساط‬
‫الناس عن إدراك ووعي ‪ ،‬لكل خلق فاضل وسجية كريمة ‪ ،‬وخصلة طيبة ‪..‬‬
‫وكما أن الفساد والشر قد ينتشران بالعدوى واليحاء ؛ فكذلك الخير‬
‫والمعروف ينتشران بالعدوى النفسية واليحاء !!‬
‫وما قيل على صعيد )الفراد( ‪ ،‬يقال على صعيد )المجتمعات( ‪ .‬فنحن ل ضير‬
‫علينا أبدا ً في أن نرفع عقيرتنا عاليا ً بالنقد والتجريح ‪ ،‬وربما بالفضح أيضا ً لكل‬
‫ما نراه ونلمسه في دائرة المجتمع الكبرى من المخازي كالفوضى والتفريط‬
‫بالحقوق العامة ‪ ،‬والظلم ‪ ،‬والبغي ‪ .‬والسرقات ‪ ،‬وما إلى ذلك ‪ ..‬مما قد‬

‫‪156‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يكون موجودا ً بالفعل في مجتمع ما وذلك بقصد التنبيه إلى النحراف ‪ ،‬ووضع‬
‫المور في نصابها الصحيح ‪ ..‬كما أنه ل ضير من رصد اللوان القاتمة السوداء‬
‫في المجتمع والتحذير منها ‪ ،‬كانتشار الفاحشة ـ مثل ً ـ وانعدام الوفاء ‪،‬‬
‫وتفشي الموبقات وضياع المروءات والمانات ‪ ،‬وضعف الضمائر‪ ،‬وغير ذلك‬
‫مما هو طارئ على المجتمع أو مستفحل فيه !!‬
‫ولكن الضير كل الضير ـ وكلمي هنا موجه إلى الدعاة إلى الله وإلى‬
‫المصلحين بشكل خاص ـ في أن نظل نضرب على هذا الوتر المرعب‬
‫الرهيب ! ونعزف هذه المعزوفة القديمة الجديدة ‪ ،‬التي ل تزرع في قلوب‬
‫سامعيها إل اليأس والقنوط ‪ ،‬يتبعهما الخنوع والستسلم عند أقدام المنكر‬
‫في انتظار القيامة والحشر!!‬
‫إن الموقف الصحيح ـ فيما نرى ـ هو الموقف الذي نبصر فيه البيض والسود‬
‫معا ً ‪ ..‬ونتحدث فيه عن البيض والسود معا ً ‪ ،‬إن كان لبد من الحديث عنهما‬
‫كليهما !!‬
‫الموقف الصحيح يتجلى في أننا عندما نرصد في المجتمع تيارات العري‬
‫المخزي الذي يذكرنا بالحياة البهيمية الولى ‪،‬وعندما نتابع بقرف مناظر‬
‫الصراصير والقمل والخنافس وأشباهها من الحشرات البشرية السارحة في‬
‫صفوف شبابنا الضائع الممسوخ ‪ ..‬فإنه ليتوجب علينا في الوقت نفسه أن‬
‫نرصد في المجتمع تيارات الهدى واليمان ‪ ،‬ونتابع بارتياح واستبشار مناظر‬
‫الشباب المؤمنين ‪ ،‬والفتيات المؤمنات الصينات المحتشمات ‪ ،‬من اللواتي‬
‫والذين يملئون المعاهد والمساجد ونوادي العلم والثقافة ‪ ،‬بأعدادهم‬
‫الوفيرة ‪ ،‬وبشخصياتهم القوية المتميزة ‪ ،‬وبثباتهم على الحق رغم وعورة‬
‫الطريق ‪ ،‬وبإخلصهم الذي ل شك فيه ‪..‬‬
‫كما علينا عندما نطيل الحديث عن الخلق الضائعة ‪ ،‬والمروءات المفقودة ‪،‬‬
‫والضمائر النخرة ‪ ..‬أل ننسى أنه ما يزال في المجتمع أصحاب أخلق حميدة ‪،‬‬
‫ومروءات عتيدة ‪ ،‬وضمائر حية ‪ .‬وهم من الكثرة بمكان مرموق ‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫ول يغرنا كثرة أهل الفساد يطوقوننا من كل جانب ‪ ،‬ويعومون فوق برك‬
‫الحدائق ‪ ،‬وزفت الشوارع ‪ ،‬ومواقف الباصات ‪ ،‬والرصفة والتنزهات ‪ ،‬وعلى‬
‫كراسي المقاهي والملهي الليلية والنهارية !! بل علينا أن نذكر أن هذا‬
‫الصنف من المخلوقات إنما يمثل الزبد الرابي ‪ ،‬والزبد يظل طافيا ً أبدا ً ! ول‬
‫يغتر بالزبد إل زبد مثله ‪ .‬وقد قال الله تعالى ‪] :‬وأما الزبد فيذهي جفاًء ‪ ،‬وأما‬
‫ما ينفع الناس فيمكث في الرض[ وقال أيضا ً ‪] :‬قل ل يستوي الخبيث‬
‫والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث[ ‪ .‬فكيف إذا كان الطيب ما يزال كثرة‬
‫مباركة ‪ ،‬وهي المل المنشود ‪ ،‬وعليها المعول في إصلح العباد والبلد بإذن‬
‫الله ؟!!‬
‫ً‬
‫فلنجرب ‪ ،‬لنجرب إذا هذا المسلك في رؤية الشياء وفي التعامل معها ‪،‬‬
‫وثقوا بأننا إذا ما فعلنا ‪ ،‬فإن أحدا ً منا أو من ناشئتنا لن يفترسه وهم ‪ ،‬ولن‬
‫يفت في عزيمته يأس ‪ ،‬أو يثبط من همته عقد ضعف ‪ ،‬وسيظل يحيا في أمل‬
‫ل يداخله غفلة ول غرور‪ ،‬وفي سعي دائب نحو غايته المثلى ل يدانيه قنوط‬
‫ول انطواء ‪.‬‬
‫***‬
‫وبالمناسبة ‪:‬‬

‫‪157‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫منذ ألف سنة وصم أحد الشعراء ـ في لحظة تشاؤم ـ الناس ‪ ،‬كل الناس‬
‫بالغدر ولم يستثن منهم إل القليل فقال ‪:‬‬
‫وقد صار هذا الناس إل أقلهم = ذئابا ً على أجسادهن ثياب‬
‫ومنذ عشرات السنين أو مئاتها ما يزال بعض المتشنجين ينذرون أتباعهم بأننا‬
‫)صرنا في الواخر( ‪ ،‬بمعنى أن الدنيا انتهت وأفلست من كل خير! وأن‬
‫السدود جميعها انكسرت أمام سيول الشر الجارفة التي ل طاقة لحد‬
‫بمواجهتها ! وأنه قد آن الوان لن )تعض على جذع الشجرة( وتستريح !!‬
‫إلى هؤلء نقول ‪ :‬أين دليلكم على ما تدعون من )أننا في آخر الزمان( وأننا‬
‫)صرنا في الواخر( ول فائدة من أي جهد إيجابي خير ؟! لعله في قوله تعالى‬
‫]اقتربت الساعة وانشق القمر[ ؟‬
‫ل بأس ‪ ..‬ليكن ذلك ‪ .‬كلم الله على رأسي وعيني ‪ .‬ورأس كل المؤمنين ‪،‬‬
‫ولكن دعوني أسألكم هذا السؤال ‪ :‬هل يقاس )اقتراب الساعة( بعمر‬
‫النسان الفرد أم بعمر الحياة على ظهر الرض ؟ وإذا كان الجواب هو‬
‫الفتراض الثاني ‪ ،‬أي أن )القتراب( يقاس بعمر الحياة على ظهر الرض ‪،‬‬
‫وليس بعمر النسان ـ وهذا هو الجواب الحتمي ـ إذ لو لم يكن ذلك كذلك‬
‫لتوجب أن تقوم القيامة منذ ألف سنة على القل قياسا ً على أعمار البشر‬
‫كأفراد !!‬
‫إذا ً تعالوا نفترض ـ بناء على أوسط التقديرات الجيولوجية المعاصرة ـ أن‬
‫الحياة قد مضى على ظهورها فوق سطح الرض )عشرون مليون سنة( )‪(3‬‬
‫فقط ! وعلى هذا فإذا لم يكن المتبقي من عمر هذه الحياة سوى )مليون‬
‫سنة( وبعدها تنقرض وتزول بقيام الساعة ‪ ،‬لقلنا بكل اطمئنان ‪ :‬إننا نقترب‬
‫من )الساعة( فعل ً وأن )الساعة( ـ قياسا ً على ما فات وانقضى ـ هي قاب‬
‫قوسين منا أو أدنى !!‬
‫ونظرا ً لنه قد مر على نزول الية الشريفة تلك زهاء ألف وأربعمائة سنة ‪،‬‬
‫فإن المتبقي للقيامة يكون )‪ 998,600‬سنة( بطولها وعرضها !! فهل يجوز ـ‬
‫والحالة هذه ـ لحد كائنا ً من كان من المؤمنين ‪ ،‬أن )يعض على جذع‬
‫الشجرة( ويغلق عليه وعلى أتباعه بابهم من الن ويستريح ؟!!‬
‫أستغفرك يا رب وأتوب إليك ‪) ..‬الساعة( علمها عندك وحدك ‪ ،‬وإني بهذا‬
‫لمن المؤمنين ‪ ،‬ل أشك ول أتطاول ـ أعاذني الله ـ وإنما أردت المثل‬
‫والتقريب ‪ ..‬أو لست أنت القائل في محكم كتابك الكريم ‪] :‬وتلك المثال‬
‫نضربها للناس لعلهم يتفكرون[ ؟! بلى ‪ ..‬فبعض التفكر يا قوم !!‬
‫‪----------------‬‬
‫الهوامش ‪:‬‬
‫* أديب سوري معتقل منذ عام ‪1979‬‬
‫)‪(1‬البهتان ‪ :‬الكذب والفتراء ‪.‬‬
‫ً‬
‫)‪(2‬نقصد به الغتياب المباح شرعا ‪ .‬كالغيبة عند المشاورة أو المجاهرة ونحو‬
‫ذلك مما نص عليه أهل العلم ‪.‬‬
‫)‪ (3‬يرى بعض علماء الجيولوجيا أن ظهور النسان على الرض ‪ ،‬حصل خلل‬
‫الحقبة الجيولوجية الثالثة ‪ ،‬وهذه الحقبة وحدها يقدرون لها عمرا ً بنحو ثلثين‬
‫مليون سنة )انظر تاريخ الحضارات العام ص ‪.(23‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫‪158‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫السلبية واليجابية وجًها لوجه‬


‫بقلم ‪ :‬الستاذ أشرف شعبان أبو أحمد ‪ /‬جمهورية مصر العربية )*(‬
‫رغم أننا كثيًرا ما كنا نفتخر بامتلكنا لحضارة من القيم النسانية والروحية‬
‫النبيلة؛ حيث يطلق علينا أحياًنا مصطلح شعوب روحية ‪ .‬وذلك لكوننا نتمسك‬
‫بالقيم الدينية ونعلي من شأن الخلق‪ .‬في حين أن الغرب قد ترك الدين‬
‫والخلق‪ ،‬وحقق ظفرات واسعة على مستوى الحضارة المادية‬
‫والتكنولوجية ‪ .‬وقد كنا نواسي أنفسنا وما نحن فيه من تخلف مادي وعلمي‬
‫وتكنولوجي‪ ،‬بإعلء شأن منظومتنا من القيم والخلق؛ ولكن يبدو أنه حتى‬
‫هذه المنظومة التي كنا نتباهى بها‪ ،‬قد أصابها العطب والخلل وبدأت تتصدع‬
‫أركانها‪ ،‬وأحد تلك الركان هو قيم كنا نعتز بها مثل الشهامة والنخوة‬
‫والمروءة واللفة والمحبة والتعاون على البر والنجدة ونصرة المظلوم‬
‫والوقوف في وجه الظالم ‪ .‬وترعرعت فينا بدل ً منها قيم غريبة عنا أثمرت‬
‫في شخصنا ما يسمى بالسلبية ‪ ،‬ومع ذلك كله ل نستحي من أنفسنا حين‬
‫نتغنى بمآثرنا وتمسكنا بقيمنا وادعائنا بأننا الفضل على الدوام ‪.‬‬
‫ً‬
‫وتعرف الشخصية السلبية علمّيا بأنها الشخصية "النامالية" انطلقا من القول‬
‫دا عن شؤون مجتمعه‪،‬‬ ‫الشائع "وأنا مالي" وصاحب هذه الشخصية يعيش بعي ً‬
‫ضا بصره عما يحيط به‪ ،‬معتزل ً الحداث كبرت أم صغرت ‪ ،‬غير ناظر إليها‬ ‫غا ّ‬
‫ما إل بما يصل إليه من‬ ‫إل بمقدار ما يصيبه فيها من خير أو شر‪ ،‬ليس مهت ً‬
‫جدوى‪ ،‬ولو كان الناس في محن وفتن ‪ .‬متصوًّرا أن هذا السلوب كفيل‬
‫بحمايته‪ ،‬ومنع أي مخاطر أو أضرار عنه‪ ،‬ودرء أي مشاكل يمكن أن تلحق به‬
‫صا‬ ‫في حالة المشاركة أو القدام على مساعدة الخرين ‪ .‬فمثل ً قد يشاهد ل ّ‬
‫يسرق ول يحاول منعه أو تنبيه ضحيته ‪ ،‬وقد يجد من يتعدى على الحرمات ول‬
‫يحرك ذلك منه ساكًنا‪ ،‬وإذا مر بمنكر أو فاحشة أصم أذنيه وأغمض عينيه‪.‬‬
‫وقد يجد مصاًبا على الطريق صدمه سائق أرعن بسيارته‪ ،‬وقد أوشك على‬
‫دا‪ ،‬ولسان حاله يقول "وأنا مالي" أو‬ ‫الموت‪ ،‬فيكون رد فعله أن يسير مبتع ً‬
‫خا كبيًرا أو سيدة‬ ‫"ابعد عن الشر وغني له"‪ .‬وأصبح من المعتاد أن يشاهد شي ً‬
‫ضا يقف في وسيلة انتقال كالتوبيس أو المترو في الوقت الذي‬ ‫مسنة أو مري ً‬
‫يجلس فيه وهو معافى ول يرأف بحال أي من هؤلء‪ ،‬ويجلسهم مكانه رحمة‬
‫وإكباًرا‪ .‬وقد يطلب منه مظلوم أن يشهد له بما رآه فيعتذر عن ذلك متعلل ً‬
‫ضا‬
‫بالخوف من الدخول في مشاكل مع الخصوم‪ .‬ومن مواقفه السلبية أي ً‬
‫انصرافه ومن هو على شاكلته كل فيما يخصه عن الدلء بصوتهم في‬
‫النتخابات سواء كانت تشريعية أو رئاسية أو انتخابات النقابات واتحاد الطلب‬
‫أو غيرها من جميع أنواع وأشكال النتخابات‪ .‬والهروب من الدفاع عن الهل‬
‫والوطن والعقيدة‪ ،‬فطالما نأى خاصة أهل الفرد منهم ومسكنه‪ ،‬عن منابع‬
‫الخطر فل عليه أن يموت غيره من الناس‪ ،‬وهو أسعد الناس ما دام قد سلم‬
‫دا عنه‪ .‬بل‬ ‫من هذه المهلكات أو الشرور‪ ،‬بل قد يبارك لك ضر ما دام بعي ً‬
‫تعدت سلبيتنا هذه الحداث الفردية‪ ،‬ووصلت إلى مستوى الشعوب‪ ،‬فقد‬
‫أصبحنا مطية لغيرنا من المم‪ ،‬يفعل بنا ما ل يتحمله بشر من إذلل وقهر‬
‫ما هو‬‫وقتل وتشريد‪ ،‬ولسنا بفاعلين بأحد من شيء‪ ،‬ويكون رد فعلنا دائ ً‬
‫الصمت والصمت التام‪ ،‬وهذا هو قمة السلبية وإضافة جديدة لها ‪.‬‬
‫والسلبية سلوك مذموم نهى عنه السلم لنه يتعارض مع كل قيم السلم‬
‫وتعاليمه التي تحث على التعاون على البر والتقوى والتسابق إلى العمال‬
‫الصالحة وفعل الخيرات‪ ،‬وهي ليست من السلم في شيء وأن السلبيين‬
‫المتقاعسين يخالفون قواعد السلم وثوابته ول يقبل منهم ادعاؤهم الكاذب‬

‫‪159‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ما‬
‫إلى السلم مهما أصروا على ذلك وأقسموا‪ .‬والفرد السلبي آثم ويرتكب إث ً‬
‫مع كل موقف سلبي يتخذه‪ ،‬ومع كل تقصير من ناحيته في القيام بما أمره به‬
‫السلم في حق أخيه المسلم وحق مجتمعه ‪ .‬وهو في نظر السلم ُيعت ََبر‬
‫مكذًبا ومسؤول ً مسؤولية عظمى أمام الله تعالى ‪ ،‬ويعرض نفسه للويل‬
‫والعذاب ؛ لن الله عز وجل أنذر من يمتنع عن مساعدة الخرين بالويل‪،‬‬
‫َ َ‬
‫ن‬ ‫ب ِبالد ّي ْ ِ‬ ‫ت ال ّذِيْ ي ُك َذ ّ ُ‬ ‫وهناك نص قرآني صريح يؤكد ذلك ‪ ،‬قال تعالى )أَرأي ْ َ‬
‫ن ال ّذِي ْ َ‬
‫ن‬ ‫صل ّي ْ َ‬
‫م َ‬ ‫ل ل ّل ْ ُ‬‫ن فَوَي ْ ٌ‬‫سك ِي ْ ِ‬‫م ْ‬‫على ط ََعام ِ ال ْ ِ‬ ‫ض َ‬‫ح ّ‬ ‫م وَل َ ي َ ُ‬‫ك ال ّذِيْ ي َد ُعّ الي َت ِي ْ َ‬‫َفذال ِ َ‬
‫ن( سورة ُ الماعون‪.‬‬ ‫ماعُوْ َ‬ ‫ن ال َ‬ ‫من َعُوْ َ‬‫ن وَي َ ْ‬
‫م ي َُراُءوْ َ‬
‫ن هُ ْ‬ ‫ّ‬
‫ن الذِي ْ َ‬ ‫ساهُوْ َ‬ ‫م َ‬ ‫صل َت ِهِ ْ‬
‫ن َ‬ ‫م عَ ْ‬ ‫هُ ْ‬

‫)‪(1 /‬‬

‫وعلى النقيض من ذلك نجده في اليجابية والشخص اليجابي‪ ،‬فاليجابية صفة‬


‫يأمرنا بها الدين ويحضنا عليها‪ ،‬فالعمل اليجابي يعود على المجتمع بالخير‪.‬‬
‫عا ما فإن الطمئنان إلى تأصيله‬ ‫ولن مصطلح اليجابية جديد على الساحة نو ً‬
‫الشرعي واللغوي يصبح ضرورة حتى ل يفاجأ الواحد منا بواحد من‬
‫المتحذلقين يقف له في مجلس من مجالس أو مناسبة من المناسبات يطالبه‬
‫بهذا التأصيل أو ينكر عليه استعمال هذه الكلمة بحجة غرابتها أو عدم صحتها‬
‫في القاموس العربي‪ .‬فاليجاب في اللغة هو الموافقة والقبول‪ ،‬وهو يقابل‬
‫السلب والنفي‪ ،‬ومادة الفعل "وجب" ومضارعه "يجيب" من قوله تعالى‬
‫عاه( سورة النمل آية ‪ .62‬والمر منه أجب ‪ ،‬ومنه‬ ‫ضط َّر إ َِذا د َ َ‬ ‫َ‬
‫م ْ‬ ‫ب ال ُ‬ ‫جي ْ ُ‬ ‫ن يّ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫)أ ّ‬
‫َ‬
‫ه( سورة الحقاف آية ‪ 31‬ومنه اسم الله‬ ‫ي الل ِ‬ ‫ع َ‬ ‫جي ُْبوا َدا ِ‬ ‫مَنا أ ِ‬ ‫قوله تعالى )َيا قَوْ َ‬
‫ب( وجاوب الرجل أخاه إذا طاوعه ووافقه‪ .‬ومصدر الفعل‬ ‫جي ْ ُ‬ ‫م ِ‬ ‫تعالى )ال ُ‬
‫اليجاب والمجاوبة‪ .‬أما عن الصل الشرعي لليجابية فإننا ل نبالغ إذا قلنا‪ :‬إن‬
‫اليجابية هي الحياة أوهي الدين كله‪ .‬فالدين لم يقع في الرض على السلبية‬
‫والخمول والتقاعس والكسل‪ ،‬وإنما قام من أول لحظة على اليجابية منذ أن‬
‫م فَأ َن ْذِْر( سورة المدثر آية ‪2-1‬‬ ‫مد ّث ُّر قُ ْ‬
‫َ‬
‫خاطب الله نبيه بقوله )َيا أي َّها ال ُ‬
‫ل( سورة المزمل‬ ‫ل إ ِل ّ قَل ِي ْ ً‬‫ل قُم ِ الل ّي ْ َ‬ ‫م ُ‬ ‫َ‬
‫مّز ّ‬ ‫وخاطبه من قبل ذلك بقوله )َيا أي َّها ال ُ‬
‫وا‬ ‫من ُ ْ‬‫نآ َ‬ ‫آية ‪ 2-1‬وعلم نبيه كيف يدعو الناس إلى الله بقوله )َيا أي َّها ال ّذِي ْ َ‬
‫م( سورة النفال آية ‪ 24‬وقوله‬ ‫حي ْي ْك ُ ْ‬‫ما ي ُ ِ‬ ‫م لِ َ‬ ‫عاك ُ ْ‬ ‫ل إ َِذا د َ َ‬ ‫سو ْ ِ‬ ‫جي ُْبوا للهِ وَِللّر ُ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫اِ ْ‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫م ْ‬‫م ِ‬‫مالك ْ‬ ‫ن اللهِ َ‬ ‫م َ‬‫مَرد ّ له ِ‬ ‫مل َ‬ ‫ي ي َوْ ٌ‬ ‫ن ي َأت ِ َ‬ ‫لأ ْ‬ ‫ن قب ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫وا ل َِرب ّك ْ‬ ‫جي ْب ُ ْ‬‫ست َ ِ‬ ‫سبحانه )ا ِ ْ‬
‫ر( سورة الشورى آية ‪ 47‬ولو ذهبنا نستقصي ما‬ ‫ن ن َك ِي ْ ٍ‬‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ُ‬
‫ما لك ْ‬‫َ‬ ‫مئ ِذ ٍ وّ َ‬ ‫جأ ٍ ي ّوْ َ‬‫مل ْ َ‬ ‫ّ‬
‫ورد في القرآن الكريم دال ً على اليجابية والمسارعة إلى الخيرات‪ ،‬لعيانا‬
‫الحصر‪ ،‬لن هذا المر هو الساس في دعوة الرسل جميًعا‪ ،‬وهذا يعني أن‬
‫اليجابية ليست دعوة إلى شيء مفقود لنوجده‪ ،‬إنما هي دعوة إلى الموجود‬
‫من أوامر الدين‪ ،‬لنفعله ونعيشه ونحققه‪ ،‬وهي ما يعني من جانب آخر أن‬
‫هؤلء المدعوين إلى الحركة‪ ،‬ساكنون بغير داع إلى السكون‪ ،‬وخاملون بغير‬
‫مبرر للخمول‪ ،‬وخامدون بينما الناس في الدنيا كلهم يتحركون‪ .‬فالسلم‬
‫يغرس في نفس كل مسلم روح اليجابية التي تعني علو الهمة والجتهاد ‪،‬‬
‫وينأى به عن السلبية التي تعني التكاسل والقعود عن الزدياد‪ .‬وقد وجه‬
‫القرآن الكريم نظر كل مسلم إلى أن يكون إيجابًيا في فعل الخير‪ ،‬بحيث‬
‫يندفع إليه دون انتظار لمعونة أحد‪ ،‬أو اعتماد على قيام الغير به‪ .‬يقول الله‬
‫ه‬
‫عساى الل ُ‬ ‫ن َ‬ ‫من ِي ْ َ‬‫مؤ ْ ِ‬‫ض ال ُ‬ ‫حّر ِ‬ ‫ك وَ َ‬ ‫س َ‬ ‫ف َ‬ ‫ف ِإل ن َ ْ‬ ‫ل اللهِ ل َ ت ُك َل ّ ُ‬ ‫سب ِي ْ ِ‬ ‫ي َ‬ ‫ل فِ ْ‬ ‫قات ِ ْ‬ ‫تعالى )فَ َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫شد ّ ت َن ْك ِي ْل( سورة النساء آية ‪84‬‬ ‫ً‬ ‫سا وَأ َ‬ ‫شد ّ ب َأ ً‬ ‫هأ َ‬ ‫فُرْوا َوالل ُ‬ ‫نك َ‬ ‫س الذِي ْ َ‬ ‫ف ب َأ َ‬ ‫ن ي َك ُ ّ‬ ‫أ ْ‬
‫فهذه الية الكريمة تلفت نظرنا إلى أن المسلم ينبغي أن يتصرف على‬

‫‪160‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أساس أنه وحده المكلف بالداء‪ ،‬فل يعتمد على الغير‪ ،‬بل يؤدي ما عليه من‬
‫ضا‪ ،‬فإن استجابوا لدعوته فبه ونعمت‪ ،‬وإل‬ ‫واجب‪ ،‬ويحرض الخرين عليه أي ً‬
‫فل عذر له في القعود عن نصرة الحق وأداء الواجب‪ .‬جاء في تفسير‬
‫القرطبي‪" :‬قال الزجاج‪ :‬أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم بالجهاد‬
‫وأن يقاتل وحده‪ ،‬لنه قد ضمن له النصرة‪ .‬قال ابن عطية‪" :‬هذا ظاهر اللفظ‬
‫إل أنه لم يجيء في خبر قط أن القتال فرض عليه دون المة فالمعنى –‬
‫قال لكل واحد في خاصة‬ ‫والله أعلم – أنه خطاب له في اللفظ وهو مثال ما ي ُ َ‬
‫نفسه‪ ،‬أي أنت يا محمد وكل واحد من أمتك القول له‪ ،‬فقاتل في سبيل الله‬
‫ل تكلف إل نفسك‪ .‬ولهذا ينبغي لكل مؤمن أن يجاهد ولو وحده ومن ذلك‬
‫قول النبي صلى الله عليه وسلم )فوالذي نفسي بيده لقاتلنهم على أمري‬
‫هذا حتى تنفرد سالفتي( وقول أبي بكر الصديق وقت الردة‪" :‬ولو خالفتني‬
‫يميني لجاهدتهم بشمالي"‪ .‬وفي إشارة قرآنية أخرى ينفي القرآن الكريم‬
‫التسوية بين المجاهدين والقاعدين‪ ،‬ما لم يكن ضرر يمنع القاعدين من‬
‫ن غي ُْر‬ ‫من ِي ْ َ‬ ‫مؤْ ِ‬‫ن ال ُ‬‫م َ‬‫ن ِ‬ ‫عد ُوْ َ‬ ‫قا ِ‬‫ست َوِيْ ال َ‬ ‫الجهاد‪ ،‬وفي هذا يقول رب العزة )ل َ ي َ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ه‬
‫ل الل ُ‬ ‫ض َ‬ ‫م فَ ّ‬ ‫سهِ ْ‬‫ف ِ‬ ‫م وَأن ْ ُ‬ ‫وال ِهِ ْ‬
‫م َ‬‫ل اللهِ ب ِأ ْ‬ ‫سب ِي ْ ِ‬‫ي َ‬ ‫ن فِ ْ‬ ‫جاهِد ُوْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ضَررِ َوال ْ ُ‬ ‫أوِْلي ال ّ‬
‫م وَأ َن ْ ُ‬ ‫َ‬
‫سناى‬ ‫ح ْ‬ ‫ه ال ُ‬ ‫ة وَك ُل ّ وَعَد َ الل ُ‬ ‫ج ً‬‫ن د ََر َ‬ ‫عدِي ْ َ‬‫قا ِ‬ ‫على ال َ‬ ‫م َ‬ ‫سهِ ْ‬‫ف ِ‬ ‫وال ِهِ ْ‬ ‫م َ‬‫ن ب ِأ ْ‬
‫جاهِدِي ْ َ‬ ‫م َ‬‫ال ُ‬
‫َ‬
‫ة‬ ‫ر‬ ‫ف‬‫غ‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫جا‬ ‫ر‬
‫ِ ِْ َ ْ ً َ ِْ ً ََ َ ٍ ّ ْ ُ َ َ ْ ِ َ ً‬‫د‬ ‫ما‬ ‫ي‬ ‫ظ‬ ‫ع‬ ‫را‬ ‫ج‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫قا‬
‫َ‬ ‫ال‬ ‫على‬ ‫ن‬ ‫ي‬
‫ُ ُ َ ِ ِْ َ َ‬ ‫د‬ ‫ه‬ ‫جا‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫ه‬ ‫الل‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫وَفَ ّ‬
‫ض‬
‫ما( سورة النساء آية ‪ 95‬وبهذا يدفع السلم‬ ‫حي ْ ً‬
‫فوًرا َر ِ‬ ‫ه غَ ُ‬ ‫ن الل ُ‬ ‫كا َ‬‫ة وّ َ‬‫م ً‬‫ح َ‬ ‫وََر ْ‬
‫ما بالواجب وأداء للفرض من جانب‪ ،‬وطمًعا في‬ ‫أتباعه إلى اليجابية قيا ً‬
‫الثواب ونيل ً للدرجات من جانب آخر‪ .‬وفي إشارة قرآنية أخرى يعيب القرآن‬
‫الكريم على أولئك‬

‫)‪(2 /‬‬

‫المتخاذلين عن نصرة الحق والمتباطئين عن تلبية النداء إذا جد الجد‪ .‬يقول‬


‫َ‬
‫م‬‫ل اللهِ ا ِّثاقَل ْت ُ ْ‬ ‫سب ِي ْ ِ‬‫فُرْوا ِفي َ‬ ‫م ان ْ ِ‬ ‫ل ل َك ُ ْ‬ ‫م إ َِذا قِي ْ َ‬ ‫مال َك ُ ْ‬ ‫مُنوا َ‬ ‫نآ َ‬ ‫تعالى‪َ) :‬يا أي َّها ال ّذِي ْ َ‬
‫َ‬
‫ة‬
‫خَر ِ‬ ‫حَياةِ الد ّن َْيا ِفي ال ِ‬ ‫مَتاعُ ال َ‬ ‫ما َ‬ ‫خَرةِ فَ َ‬ ‫ن ال ِ‬ ‫م َ‬ ‫حَياةِ الد ّن َْيا ِ‬ ‫م ِبال َ‬ ‫ضي ْت ُ ْ‬
‫ض أَر ِ‬ ‫ِإلى الْر ِ‬
‫شي ًْئا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫إ ِل ّ قَل ِي ْ ٌ‬
‫ضّروْهُ َ‬ ‫ما غي َْركم وَل ت َ ُ‬ ‫ل قَوْ ً‬ ‫ست َب ْدِ ْ‬ ‫ما وَي َ ْ‬ ‫ذاًبا أل ِي ْ ً‬ ‫م عَ َ‬ ‫فُرْوا ي ُعَذ ّب ْك ْ‬ ‫ل إ ِل ت َن ْ ِ‬
‫َ‬ ‫على ك ُ ّ‬
‫شيٍء قَدِي ٌْر( سورة التوبة آية ‪ 38‬ويقول سبحانه )هاآ أن ْت ُ ْ‬
‫م‬ ‫ل َ‬ ‫ه َ‬ ‫َوالل ُ‬
‫خلُ‬ ‫ما ي َب ْ َ‬ ‫َ‬
‫خل فإ ِن ّ َ‬ ‫ْ‬ ‫ن ي ّب ْ َ‬‫م ْ‬ ‫خل وَ َ‬ ‫ن ي َب ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ُ‬
‫من ْك ْ‬ ‫َ‬
‫ل اللهِ ف ِ‬ ‫سب ِي ْ ِ‬ ‫وا ِفي َ‬ ‫ق ْ‬‫ن ل ِت ُن ْفِ ُ‬ ‫عو َ‬ ‫هؤلء ت ُد ْ َ‬
‫م‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫مث ّ‬ ‫ما غي َْرك ْ‬ ‫ست َب ْدِل قوْ ً‬ ‫وا ي َ ْ‬ ‫ن ت َت َوَل ْ‬ ‫قَراُء وَإ ِ ْ‬ ‫ف َ‬‫م ال ُ‬ ‫ي وَأن ْت ُ ُ‬ ‫ه الغَن ِ ّ‬ ‫سه َوالل ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫ن نّ ْ‬ ‫عَ ْ‬
‫مَثال َ ُ‬ ‫كونوا أ َ‬ ‫ُ‬
‫كم( سورة محمد آية ‪ 38‬ول أحد يستطيع إنكار اليجابية‬ ‫ل َي َ ُ ْ ْ‬
‫والشعور بالمشاركة والمبادرات الذاتية في دولة السلم الولى متمثلة في‬
‫نماذج من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬فمنذ اللحظة الولىتبادر‬
‫أم المؤمنين خديجة‪ ،‬بمشاركة رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوته‪،‬‬
‫فتستمع إليه وهو يقص عليها ما رآه في غار حراء‪ ،‬وتعيش بجوارحها كلها‬
‫معه‪ ،‬فتطمئنه وتهدي من روعه‪ ،‬وتبادر بالذهاب إلى من ترى لديه القدرة‬
‫على التخفيف والوعي بالمشكلة وهو ورقة بن نوفل‪ ،‬وتعود لتبشره وتسعده‪.‬‬
‫لينقلب خوفه أمًنا‪ ،‬وفزعه اطمئناًنا‪ ،‬وحزنه فرحة وسروًرا‪ .‬وهذا هو أبوبكر‬
‫يبادر بالستماع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬واليمان بما جاء به‪،‬‬
‫ويبادر بوضع ماله كله تحت تصرف الدعوة‪ ،‬ثم يكون أول من يبادر ليساعد‬
‫الضعفاء ويفك أسر المأسورين ويحرر العبيد والمستضعفين‪ .‬وعند الهجرة‬
‫يكون أول من يسارع لطلب الصحبة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪،‬‬
‫وعند السراء والمعراج هذا الحدث الذي أذهل الجميع ووجد المشركون‬

‫‪161‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فرصتهم في التشكيك والفتنة يكون موقف الصديق ثابًتا كالجبل‪ ،‬مبادًرا‬


‫ل‪ :‬إن كان قال فقد صدق‪ .‬وفي الموقف العصيب الذي‬ ‫بقطع داء الفتنة‪ ،‬قائ ً‬
‫أذهل العقلء وحير الحكماء‪ ،‬وهو موت رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪،‬‬
‫وقد وقع على قلوب الصحابة رضي الله عنهم أجمعين‪ ،‬كالصاعقة يقول‬
‫دا قد مات‪ ،‬ومن‬ ‫دا فإن محم ً‬ ‫الصديق في ثبات واطمئنان‪ :‬من كان يعبد محم ً‬
‫كان يعبد الله فإن الله حي ليموت‪ .‬ومن قبل ذلك موقفه في غزوة بدر وفي‬
‫غزوة أحد عندما شاع بين الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد‬
‫ل‪ ،‬كان جوابه‪ :‬موتوا على ما مات عليه رسول الله‪ .‬وفي حرب الردة يعلن‬ ‫قُت ِ َ‬
‫موقفه التاريخي العظيم بإعلن الحرب على المرتدين‪ ،‬ويعقد بيده آلية أحد‬
‫شا‪ .‬ول تقل مواقف عمر بن الخطاب رضي الله عنه‪ ،‬عن مواقف‬ ‫عشر جي ً‬
‫الصديق رضي الله عنه‪ ،‬إيجابية ومسارعة في فعل الخيرات‪ ،‬في إسلمه‪،‬‬
‫شا‪ ،‬وفي عبقريته السياسية‬ ‫وفي هجرته وفي جهره بدعوته‪ ،‬وفي تحديه قري ً‬
‫بتنظيم الدولة‪ ،‬وإنشاء الدواوين‪ ،‬وتوزيع الخراج‪ ،‬وإقرار سياسة الدولة‬
‫القتصادية‪ ،‬وتنظيم بيت المال‪ ،‬وموقفه يوم السقيفة عندما بادر فقطع دابر‬
‫الفتنة بأن أخذ بيد الصديق وقال‪ :‬ابسط يدك نبايعك ‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫فا على أسماء معينة من مشاهير‬ ‫وليس أمر اليجابية والشعور بالمسؤولية وق ً‬
‫الصحابة‪ ،‬فقد كان كل صحابي يدرك أن السلم هو مسؤوليته‪ ،‬وأن دولة‬
‫السلم دولته‪ ،‬وأنه شريك في إقامة دولة السلم وحمايتها‪ ،‬وإل فمن كان‬
‫يعرف من هو عمير بن الحمام قبل مبادرته اليمانية إلى قتال المشركين‬
‫ل‪ .‬ومن كان يعرف الحباب بن‬ ‫حتى عد انتظاره ليأكل الثمرات وقًتا طوي ً‬
‫المنذر قبل أن يتقدم بمبادرته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬وهو‬
‫جندي مغمور من غمار الناس‪ ،‬لكن رؤيته ونفاذ بصيرته‪ ،‬كانت سبًبا في نصر‬
‫المسلمين والتخفيف عنهم‪ .‬وهذا سلمان الفارسي يبادر برأيه الذي كان سبًبا‬
‫في إعزاز السلم‪ ،‬ونصر المسلمين في الخندق‪ .‬ولو ذهبنا نعد مواقف‬
‫اليجابية لعيانا الحصر‪ ،‬لن حياة القوم كلها إيجابية‪ ،‬ومواقفهم هي اليجابية‬
‫بعينها‪ ،‬ولهذا قامت دولة السلم وعزت وملكت ما بين الخافقين شرًقا وغرًبا‬
‫ما‪ .‬طاوية تحت جناحها أضخم ما عرفه التاريخ من‬ ‫في أقل من خمسين عا ً‬
‫إمبراطوريات في حينه فارس والروم‪ .‬إنك تستطيع أن تقول وأنت صادق‪ :‬إن‬
‫قا بأنه يبني دولته‪ ،‬ويصون‬‫كل فرد من هذه المة كان يشعر شعوًرا عمي ً‬
‫عقيدته‪ ،‬ويحافظ على كيانه وعزته‪ .‬ولك أن تختار أية فترة تاريخية من حياة‬
‫المة كانت فيها عزيزة كريمة مهيبة‪ ،‬فإنك لبد وأن تجد أن السمة الولى‬
‫التي ميزت تلك الفترات هي اليجابية في أبنائها‪ ،‬والسماحة والرجولة‬
‫والعتدال في أمرائها‪ ،‬والصدق والخلص والربانية في علمائها‪ ،‬والعفة‬
‫والحياء والفضيلة في بناتها ونسائها‪ .‬ولن تجد فترة من تاريخ أصيبت المة‬
‫فيها بأعدائها إل وستجد سبب ذلك هو الستبداد من حكامها‪ ،‬والتملق‬
‫والضعف من علمائها‪ ،‬والعجز والستسلم والخنوع من أبنائها‪ ،‬وتلك كلها‬
‫صفات سلبية لتقوم بها دولة ولتسعد بها أمة ول يعز بها كيان‪ .‬وتاريخنا‬
‫السلمي يشهد أن عصور المتداد والفتح كانت هي عصور العتدال والرجولة‬
‫والشجاعة واليقين من قبل الحكام وكانت هي عصور الربانية والزهد‬
‫والخلص والتقوى من العلماء‪ ،‬واستعادة هذين الصنفين من المة يضمن‬
‫استقامة النساء وإيجابية البناء‪ .‬مصداًقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم‬

‫‪162‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)صنفان من أمتي إذا صلحا صلح الناس وإذا فسدا فسد الناس ‪ :‬العلماء‬
‫والمراء(‪ .‬وفي ضوء هذه الشارات القرآنية المتعددة إلى ضرورة العمل‬
‫باليجابية والتخلي عن السلبية‪ ،‬فما أجدر أن يعي كل مسلم هذه الحقيقة‬
‫فيعيش إيجابًيا بحيث يراه الله حيث أمره ويفقده حيث نهاه‪ ،‬ويكون كالغيث‬
‫أينما وقع نفع ‪ ،‬وكالشمس تغرب في مكان لتشرق في مكان آخر‪ ،‬فهي في‬
‫ما‪ ،‬وبذلك يسعد في دنياه ويوم يلقى موله ‪.‬‬
‫شروق دائ ً‬
‫***‬
‫المراجع ‪:‬‬
‫)‪ (1‬مجلة البداية العدد ‪ 42‬الصادر بتاريخ ‪ 14‬إبريل ‪2003‬م ص ‪ 8‬و ‪ 9‬و ‪. 10‬‬
‫)‪ (2‬جريدة الحرار العدد ‪ 4146‬الصادر بتاريخ ‪ 2‬مايو ‪2003‬م الموافق غرة‬
‫ربيع الول ‪1424‬هـ‪.‬‬
‫)‪ (3‬جريدة اللواء السلمي العدد ‪ 1218‬الصادر بتاريخ ‪26/5/2005‬م ص ‪.5‬‬
‫)‪ (4‬جريدة الغد العدد ‪ 37‬الصادر بتاريخ ‪ 16‬نوفمبر ‪2005‬م الموافق ‪14‬‬
‫شوال ‪1426‬هـ ص ‪.3‬‬
‫)‪ (5‬مجلة التبيان العدد ‪ 16‬الصادر بتاريخ غرة ذوالقعدة ‪1426‬هـ الموافق‬
‫ديسمبر ‪2005‬م ص ‪.6‬‬
‫)‪ (6‬مجلة الزهر العدد ‪ 11‬للسنة ‪ 78‬الصادر بتاريخ ذوالقعدة ‪1426‬هـ‬
‫الموافق ديسمبر ‪2005‬م من ص ‪ 2001‬إلى ص ‪.2005‬‬
‫________________________________________‬
‫)*( ‪ 6‬شارع محمد مسعود متفرع من شارع أحمد إسماعيل وابور المياه –‬
‫باب شرق – السكندرية ‪ ،‬جمهورية مصر العربية‪.‬‬
‫الهاتف ‪ ، 4204166 :‬فاكس ‪4291451 :‬‬
‫وال ‪0101284614 :‬‬ ‫الج ّ‬
‫‪Email: ashmon59@yahoo.com‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫السلطان العادل نور الدين محمود زنكي‬


‫نزار محمد عثمان*‬
‫مدخل‪:‬‬
‫مّرت الشعوب المسلمة بسنين عجاف كثرت فيها الخلفات‪ ،‬وتعددت فيها‬
‫الرايات‪ ،‬وظهر على المسلمين فيها العداء‪ ،‬وخبأ في قلوب الكثرين الرجاء‪،‬‬
‫غير أن الله سخر رجال ً "ظهروا ونبغوا في أحوال غير مساعدة وفي أجواء‬
‫غير موافقة بل وفي أزمنة مظلمة حالكة‪ ،‬وفي بيئات قاتلة فاتكة‪ ،‬وفي‬
‫شعب أصيب بشلل الفكر‪ ،‬وخواء الروح‪ ،‬وخمود العاطفة‪ ،‬وضعف الرادة‪،‬‬
‫وخور العزيمة‪ ،‬وسقوط الهمة‪ ،‬ورخاوة الجسم‪ ،‬ورقة العيش‪ ،‬وفساد الخلق‪،‬‬
‫والخلد إلى الراحة‪ ،‬والخضوع للقوة‪ ،‬واليأس من الصلح")‪.(1‬‬
‫فعملوا على البناء في مجالت عدة‪ :‬البناء للشخصية المسلمة والبناء للنظام‬
‫الداري والبناء للمة المتوحدة‪ ،‬حتى استطاعوا تجديد الدين في واقع الناس‪،‬‬
‫ونشر راية السنة في ربوع الرض السلمية‪ ،‬من هؤلء البطال السلطان‬
‫العابد المتواضع الزاهد الشجاع المجاهد نور الدين محمود زنكي رحمه الله‪،‬‬
‫الذي يجهل سيرته كثير من المسلمين‪.‬‬
‫أصله ونسبه‪:‬‬
‫هو الملك العادل نور الدين محمود بن عماد الدين زنكي بن آقسنقر‪ ،‬كان‬

‫‪163‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫جده آقسنقر قد وُّلي حلب وغيرها من بلد الشام‪ ،‬ونشأ أبوه عماد الدين‬
‫بالعراق‪ ،‬وندبه الخليفة المسترشد بالله أمير المؤمنين لولية ديار الموصل‬
‫والبلد الشامية بعد قتل آقسنقر البرسقي وموت ابنه مسعود‪ ،‬فظهرت‬
‫كفايته وبدت شهامته واستتب له المر ففتح الرها والمعرة وكفر طاب‬
‫وغيرها من الحصون الشامية‪ ،‬واستنقذها من أيدي الكفار‪ ،‬وحاصر دمشق‬
‫مرتين‪ ،‬فلم يتيسر له فتحها‪ ،‬فلما انقضى أجله رحمه الله قام ابنه نور الدين‬
‫مقامه في الملك‪.‬‬
‫حياته‪:‬‬
‫أكرم الله نور الدين بكل هذا التاريخ المجيد وكل هذه السيرة العطرة ولم‬
‫تتجاوز أيامه في هذه الرض ثمانية وخمسين عامًا‪ ،‬فقد ولد نور الدين وقت‬
‫طلوع الشمس من يوم الحد سابع عشر شوال سنة إحدى عشرة‬
‫وخمسمائة‪ ،‬ومات يوم الربعاء الحادي عشر من شوال سنة تسٍع و ستين‬
‫وخمسمائة‪ ،‬مكث منها في الملك ثمانية وعشرين عامًا‪.‬‬
‫نشأته‪:‬‬
‫نشأ نور الدين في كفالة والده‪ ،‬و تعلم القرآن و الفروسية الرمي‪ ،‬و كان‬
‫شهما ً شجاعا ً ذا همة عالية‪ ،‬وقصد صالح‪ ،‬وحرمة وافرة وديانة بينة )‪.(2‬‬
‫حبه للسنة‪:‬‬
‫ي‬
‫أظهر نور الدين ببلده السنة‪ ،‬وأمات البدعة‪ ،‬ومن ذلك أمره بالتأذين بـ)ح ّ‬
‫ي على الفلح(‪ ،‬ولم يكن يؤذن بهما في دولة أبيه و جده‪،‬‬ ‫على الصلة‪ ،‬ح ّ‬
‫ي على خير العمل( شعار الرافضة المبتدعة الذين كانوا‬ ‫وإنما كان يؤذن بـ)ح ّ‬
‫كثيرين في أيامه‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫كان نور الدين محبا للسنة حريصا على اتباعها‪ ،‬قال عنه ابن عساكر‪" :‬ولقد‬
‫حكى عنه من صحبه في حضره وسفره أنه لم يكن يسمع منه كلمة فحش‬
‫في رضاه ول في ضجره‪ ،‬وإن أشهى ما إليه كلمة حق يسمعها أو إرشاد إلى‬
‫سنة يتبعها" )‪.(3‬‬
‫حكى الشيخ أبو البركات أنه حضر مع عمه الحافظ أبي القاسم مجلس نور‬
‫الدين لسماع شئ من الحديث‪ ،‬فمر أثناء الحديث أن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم خرج متقلدا ً سيفًا‪ ،‬فاستفاد نور الدين رحمه الله أمرا ً لم يكن يعرفه‪،‬‬
‫وقال‪" :‬كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتقلد السيف!!" يشير إلى‬
‫التعجب من عادة الجند إذ هم على خلف ذلك لنهم يربطونه بأوساطهم‪،‬‬
‫فلما كان من الغد مّر وأنا تحت القلعة والناس مجتمعون ينتظرون ركوب‬
‫السلطان‪ ،‬فوقفنا ننظر إليه‪ ،‬فخرج من القلعة وهو متقلد السيف و جميع‬
‫عسكره كذلك‪ ،‬و يعلق ابن قاضي شهبة على هذه الحادثة فيقول‪" :‬رحم الله‬
‫هذا الملك الذي لم يفرط في القتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذه‬
‫الحالة‪ .‬بل لما بلغته رجع بنفسه ورد جنده عن عوائدهم اتباعا ً لما بلغه عن‬
‫نبيه صلى الله عليه سلم فما الظن بغير ذلك من السنن" )‪.(4‬‬
‫ل‪" :‬وبلغني من شدة اهتمام نور الدين رحمه الله بأمر‬ ‫وروى أبو شامة قائ ً‬
‫المسلمين حين نزل الفرنج على دمياط )‪ (5‬أنه قرئ عليه جزء من حديث‬
‫كان له به رواية‪ ،‬فجاء في جملة تلك الحاديث حديث مسلسل بالتبسم‬
‫فطلب منه بعض طلبة الحديث أن يبتسم لتتم السلسلة على ما عرف من‬
‫عادة أهل الحديث‪ ،‬فغضب من ذلك وقال‪ :‬إني لستحي من الله تعالى أن‬
‫يراني مبتسما ً والمسلمون محاصرون بالفرنج" )‪.(6‬‬
‫ومع أن نور الدين رحمه الله حنفي المذهب إل أنه نشر مذاهب أهل السنة‬
‫الربعة‪ ،‬وبنى المدارس‪ ،‬ووقف الوقاف‪ ،‬وأظهر العدل والنصاف‪.‬‬

‫‪164‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫شجاعته‪:‬‬
‫يقول المام ابن عساكر‪" :‬بلغني أنه في الحرب رابط الجأش‪ ،‬ثابت القدم‪،‬‬
‫شديد النكماش‪ ،‬حسن الرمي بالسهام‪ ،‬صليب الضرب عند ضيق المقام‪،‬‬
‫دم أصحابه عند الكرة‪ ،‬ويحمي منهزمهم عند الفرة‪ ،‬ويتعرض بجهده‬ ‫يق ُ‬
‫للشهادة لما يرجو بها من كمال السعادة" )‪.(7‬‬
‫وقال ابن الثير‪" :‬وأما شجاعته وحسن رأيه فقد كانت النهاية إليه فيهما‪ ،‬فإنه‬
‫كان أصبر الناس في الحرب‪ ،‬وأحسنهم مكيدة ورأيًا‪ ،‬وأجودهم معرفة بأمور‬
‫الجناد وأحوالهم‪ ،‬وبه كان يضرب المثل في ذلك‪ ،‬سمعت جمعا ً كثيرا ً من‬
‫الناس ل أحصيهم يقولون‪ :‬إنهم لم يروا على ظهر الفرس أحسن منه‪ ،‬كأنه‬
‫خلق منه ل يتحرك و ل يتزلزل" )‪.(8‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫وقال الحافظ ابن كثير‪" :‬وأما شجاعته فيقال‪ :‬إنه لم ير على ظهر فرس‬
‫أشجع ول أثبت منه"‪ ،‬وقال كذلك‪" :‬وكان شجاعا ً صبورا ً في الحرب‪ ،‬يضرب‬
‫المثل به في ذلك‪ ،‬وكان يقول‪ :‬قد تعرضت للشهادة غير مرة‪ ،‬فلم يتفق لي‬
‫ي خير ولي عند الله قيمة لرزقنيها‪ ،‬والعمال بالنيات‪ ،‬وقال‬ ‫ذلك‪ ،‬ولو كان ف ّ‬
‫له يوما ً قطب الدين النيسابوري‪ :‬بالله يا مولنا السلطان ل تخاطر بنفسك؛‬
‫فإنك لو قتلت قتل جميع من معك وأخذت البلد‪ ،‬وفسد المسلمون؛ فقال له‪:‬‬
‫اسكت يا قطب الدين فإن قولك إساءة أدب مع الله‪ ،‬ومن هو محمود؟ من‬
‫كان يحفظ الدين والبلد قبلى غير الذي ل إله إل هو؟ ومن هو محمود؟ قال‬
‫فبكى من كان حاضرا ً رحمه الله" )‪.(9‬‬
‫وكان نور الدين رحمه الله إذا حضر الحرب أخذ قوسين وجعبتين‪ ،‬وباشر‬
‫القتال بنفسه )‪.(10‬‬
‫وعند حصن الكراد عام ‪558‬هـ هاجم الصليبيون معسكر نور الدين رحمه الله‬
‫على حين غفلة وهو في قلة من أصحابه؛ فانسحب بسرعة إلى حمص وأخذ‬
‫ما يحتاجه من خيام وتجهيزات عسكرية‪ ،‬وعاد فعسكر على بحيرة )قدس(‬
‫على بعد أربعة فراسخ فحسب من مكان الهجوم‪ ،‬يقول ابن الثير‪" :‬فكان‬
‫الناس ل يظنون أنه يقف دون حلب‪ ،‬فكان رحمه الله أشجع من ذلك وأقوى‬
‫عزمًا"‪ ،‬وعلى بحيرة )قدس( اجتمع إليه كل ناٍج من المعركة فقال له بعض‬
‫أصحابه‪ :‬ليس من الرأي أن تقيم هاهنا‪ ،‬فإن الفرنج ربما حملهم الطمع على‬
‫المجيء إلينا ونحن على هذه الحال؛ فوبخه واسكته وقال‪" :‬إذا كان معي ألف‬
‫فارس ل أبالي بأعدائي قّلوا أم كثروا‪ ،‬والله ل أستظل بجدار حتى آخذ بثأر‬
‫السلم و ثأري"‪ ،‬وأرسل إلى حلب يطلب مزيدا ً من الموال و العدد‪ .‬وكان‬
‫في نية الصليبيين الهجوم على حمص باعتبارها أقرب المواقع إليهم‪ ،‬فلما‬
‫بلغهم مقام نور الدين رحمه الله قريبا ً منها قالوا‪ :‬إنه لم يفعل هذا إل وعنده‬
‫من القوة ما يمنعنا )‪.(11‬‬
‫وقال عنه أحد المراء الذين تأخروا في الستجابة لندائه للمساعدة في فتح‬
‫حارم‪" :‬إن نور الدين قد تحشف من كثرة الصوم والصلة فهو يلقي نفسه‬
‫والناس معه في المهالك" )‪.(12‬‬
‫ولقد حكى عنه بعض من خدمه مدة ووازره على فعل الخير أنه سمعه يسأل‬
‫الله أن يحشره من بطون السباع وحواصل الطير )‪.(13‬‬
‫فتوحاته‪:‬‬
‫بعد أن تولى نور الدين رحمه الله الملك استنقذ الرها من ابن جوسلين‪ ،‬ولما‬

‫‪165‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫استتب له المر خرج غازيا ً في أعمال تل باشر‪ ،‬فافتتح حصونا كثيرة وافتتح‬
‫قلعة أفامية وقلعة عزاز وتل باشر ودلوك ومرعش وقلعة عينتاب ونهر الجوز‬
‫وغير ذلك‪ ،‬وحصن البارة وقلعة الراوندان وقلعة تل خالد وحصن كفر لثا‬
‫وحصن بسرفوت بجبل بني عليم‪ ،‬وغزا حصن إنب؛ فقصده البرنس متملك‬
‫أنطاكية وكان من أبطال العدو وشياطينهم‪ ،‬فرحل عنها ولقيهم دونها‬
‫فكسرها وقتله وثلثة آلف فرنجي كانوا معه‪ ،‬وبقي ابنه صغيرا ً مع أمه‬
‫بأنطاكية وتزوجت بأبرنس آخر‪ ،‬فخرج نور الدين رحمه الله في بعض غزواته‬
‫فأسر البرنس الثاني‪ ،‬وتملك أنطاكية ابن البرنس الول‪ ،‬وهو بيمنت‪ ،‬ووقع‬
‫في أسره في نوبة حارم وباعه نفسه بمال عظيم أنفقه في الجهاد )‪،(14‬‬
‫وحاصر دمشق مرتين فلم يتيسر له فتحها‪ ،‬ثم قصدها الثالثة فتم له الصلح‬
‫مع ملكها معين الدين وصاهره )تزوج ابنته(‪ ،‬واجتمعت كلمتهما على العدو لما‬
‫وازره وسلم أهلها إليه البلد؛ لغلء السعار والخوف من استعلء كلمة الكفار‪،‬‬
‫فضبط أمورها‪ ،‬وحصن سورها‪ ،‬وبنى بها المدارس والمساجد‪ ،‬وأفاض على‬
‫أهلها الفوائد‪ ،‬وأصلح طرقها‪ ،‬ووسع أسواقها‪ ،‬وأدر الله على رعيته ببركته‬
‫أرزاقها‪ ،‬وبطل منها النزال‪ ،‬ورفع عن أهلها الثقال‪ ،‬ومنع ما كان يؤخذ منهم‬
‫من المغارم كدار بطيخ وسوق البقل وضمان النهر والكيالة وسوق الغنم‬
‫وغير ذلك من المظالم‪ ،‬وأمر بترك ما كان يؤخذ على الخمر من المكس‪،‬‬
‫ونهى عن شربه وعاقب عليه بإقامة الحد والحبس‪ ،‬واستنقذ من العدو خذلهم‬
‫الله ثغر بانياس وغيره من المعاقل المنيعة‪ ،‬كالمنيطرة وغيرها بعد الياس )‬
‫‪.(15‬‬
‫إنجازاته الجتماعية والدارية‪:‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫أما إنجازاته الجتماعية فقد لخصها أبن عساكر في قوله‪" :‬وأدر على الضعفاء‬
‫واليتام الصدقات‪ ،‬وتعهد ذوي الحاجة من أولي التعفف بالصلت‪ ،‬حتى وقف‬
‫وقوفا ً على المرضى والمجانين‪ ،‬وأقام لهم الطباء والمعالجين‪ ،‬وكذلك على‬
‫جماعة العميان‪ ،‬ومعلمي الخط والقرآن‪ ،‬وعلي ساكني الحرمين ومجاوري‬
‫المسجدين‪ ،‬وأكرم أمير المدينة الحسين‪ ،‬وأحسن إليه‪ ،‬وأجرى عليه الضيافة‬
‫لما قدم عليه وجهز معه عسكرا ً لحفظ المدينة‪ ،‬وقام لهم بما يحتاجون إليه‬
‫من المؤونة‪ ،‬وأقطع أمير مكة إقطاعا ً سنيًا‪ ،‬وأعطى كل ً منهما ما يأكله هنيا ً‬
‫جاج ما كان يؤخذ منهم من المكس‪ ،‬وأقطع أمراء العرب‬ ‫مريًا‪ ،‬ورفع عن ال ُ‬
‫ح ّ‬
‫القطاعات لئل يتعرضوا للحجاج بالنحس‪ ،‬وأمر بإكمال سور مدينة الرسول‪،‬‬
‫واستخراج العين التي بأحد وكانت قد دفنتها السيول‪ ،‬ودعي له بالحرمين‪،‬‬
‫واشتهر صيته في الخافقين‪ ،‬وعمر الربط والخانقاهات والبيمارستانات )‪،(16‬‬
‫وبنى الجسور في الطرق والخانات‪ ،‬ونصب جماعة من المعلمين لتعليم‬
‫يتامى المسلمين‪ ،‬وأجرى الرزاق على معلميهم وعليهم وبقدر ما يكفيهم‪،‬‬
‫وكذلك صنع لما ملك سنجار وحران والرها والرقة ومنبج وشيزر وحماه‬
‫وحمص وبعلبك وصرخد وتدمر‪ ،‬فما من بلد منها إل وله فيه حسن أثر‪ ،‬وما‬
‫من أهلها أحد إل نظر له أحسن نظر‪ ،‬وحصل الكثير من كتب العلوم ووقفها‬
‫على طلبها‪ ،‬وأقام عليها الحفظة من نقلتها وطلبها وأربابها‪ ،‬وجدد كثيرا ً من‬
‫ذي السبيل وهدى بجهده إلى سواء السبيل )‪.(17‬‬
‫زهده وتواضعه‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫كان السلطان نور الدين رحمه الله زاهدا متواضعا‪ ،‬ل يحب علوا في الرض‬

‫‪166‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ول فسادًا‪ ،‬تلقى يوما ً من بغداد هدية تشريف عباسية‪ ،‬ومعها قائمة بألقابه‬
‫التي كان يذكر بها على منابر بغداد "‪ ..‬اللهم أصلح المولى السلطان الملك‬
‫العادل العالم العامل الزاهد العابد الورع المجاهد المرابط المثاغر نور الدين‬
‫و عدته‪ ،‬ركن السلم و سيفه‪ ،‬قسيم الدولة وعمادها‪ ،‬اختيار الخلفة ومعزها‪،‬‬
‫ي المامة وأثيرها‪ ،‬فخر الملة ومجدها‪ ،‬شمس المعالي و ملكها‪ ،‬سيد‬ ‫رض ّ‬
‫ملوك المشرق والمغرب وسلطانها‪ ،‬محي العدل في العالمين‪ ،‬منصف‬
‫المظلوم من الظالمين ناصر دولة أمير المؤمنين‪ ،"..‬لكن نور الدين رحمه‬
‫الله أسقط جميع اللقاب وطرح دعاًء واحدا ً يقول‪" :‬اللهم واصلح عبدك‬
‫الفقير محمود زنكي!!" )‪.(18‬‬
‫عدة وعددا‪ً،‬‬ ‫وعندما التقت قواته في )حارم( بالصليبيين الذين كانوا يفوقونهم ُ‬
‫انفرد نور الدين رحمه الله تحت تل حارم‪ ،‬وسجد لربه عز وجل‪ ،‬ومّرغ وجهه‪،‬‬
‫وتضرع وقال‪" :‬يا رب هؤلء عبيدك وهم أولياؤك‪ ،‬وهؤلء عبيدك وهم‬
‫أعداؤك‪ ،‬فانصر أولياءك على أعدائك‪ ،‬أيش فضول محمود في الوسط؟"‪،‬‬
‫يقول أبو شامة‪" :‬يشير نور الدين هنا إلى أنك يا رب أن نصرت المسلمين‬
‫فدينك نصرت‪ ،‬فل تمنعهم النصر بسبب محمود إن كان غير مستحق للنصر‪،‬‬
‫و بلغني ـ يعني أبو شامة ـ أنه قال‪ :‬اللهم انصر دينك ول تنصر محمودًا‪ ..‬من‬
‫هو محمود حتي ينصر؟" )‪.(19‬‬
‫ل‪" :‬وبلغني أن إماما ً لنور الدين رأى ليلة رحيل الفرنج‬ ‫وحكى أبو شامة قائ ً‬
‫م نور الدين‬ ‫َ‬
‫عن دمياط في منامه النبي صلى الله عليه وسلم وقال له‪ :‬أعْل ِ ْ‬
‫أن الفرنج قد رحلوا عن دمياط في هذه الليلة‪ ،‬فقال‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬ربما ل‬
‫يصدقني‪ ،‬فأذكر لي علمة يعرفها‪ ،‬فقال ‪ :‬قل له بعلمة ما سجدت على تل‬
‫حارم وقلت ‪ :‬يا رب انصر دينك ول تنصر محمودًا‪ ،‬من هو محمود الكلب حتى‬
‫ينصر؟"‪.‬‬
‫قال فبهت ونزلت إلى المسجد‪ ،‬وكان من عادة نور الدين أنه كان ينزل إليه‬
‫بغلس‪ ،‬ول يزال يتركع فيه حتى يصلي الصبح‪ ،‬قال فتعرضت له فسألني عن‬
‫أمري‪ ،‬فأخبرته بالمنام وذكرت له العلمة‪ ،‬إل أنني لم أذكر لفظة الكلب‪،‬‬
‫فقال نور الدين‪ :‬أذكر العلمة كلها و ألح علي في ذلك‪ ،‬فقلتها‪ ،‬فبكى ـ رحمه‬
‫الله ـ وصدق الرؤيا‪ ،‬فأرخت تلك الليلة‪ ،‬فجاء الخبر برحيل الفرنج بعد ذلك‬
‫في تلك الليلة" )‪.(20‬‬
‫أما نفقته فقد كانت قصدًا‪ ،‬يقول ابن كثير‪" :‬كان نور الدين عفيف البطن‬
‫والفرج‪ ،‬مقتصدا ً في النفاق على أهله و عياله في المطعم والملبس حتى‬
‫قيل‪ :‬إنه كان أدنى الفقراء في زمانه أعلى نفقة منه‪ ،‬من غير اكتناز ول‬
‫استئثار بالدنيا" )‪.(21‬‬
‫ويحكي رضيع الخاتون زوجة نور الدين‪ ،‬أنها أرسلته إلي نور الدين تطلب‬
‫زيادة في مخصصاتها المالية‪ ،‬يقول‪" :‬فلما قلت له ذلك تنكر وأحمر و جهه ثم‬
‫قال‪ :‬من أين أعطيها‪ ،‬أما يكفيها مالها؟ والله ل أخوض نار جهنم في هواها!!‬
‫إن كانت تظن أن الذي بيدي من الموال هي لي فبئس الظن!! إنما هي‬
‫أموال المسلمين‪ ،‬ومرصدة لمصالحهم‪ ،‬ومعدة لفتق ـ أن كان ـ من عدو‬
‫السلم‪ ،‬وأنا خازنهم عليها فل أخونهم فيها‪ ،‬ثم قال‪ :‬لي بمدينة حمص ثلث‬
‫دكاكين ملكا ً قد وهبتها إياها فلتأخذها!! قال الرضيع‪ :‬وكان يحصل منها قدر‬
‫قليل‪ ،‬نحو عشرين دينارا ً )‪.(22‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫‪167‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وقال ابن الثير‪" :‬أحضر نور الدين الفقهاء‪ ،‬واستفتاهم في أخذ ما يحل له‪،‬‬
‫فأخذ ما أفتوه بحله‪ ،‬ولم يتعده إلى غيره البتة‪ ،‬ولم يلبس قط ما حرمه‬
‫الشرع من حرير أو ذهب أو فضة‪ ،‬وحكي لي عنه أنه حمل إليه من مصر‬
‫عمامة من القصب الرفيع مذهبة فلم يحضرها عنده‪ ،‬فوصفت له فلم يلتفت‬
‫إليها‪ ،‬و بينما هم معه في حديثها‪ ،‬إذ قد جاءه رجل صوفي فأمر له بها‪ ،‬فقيل‬
‫له‪ :‬إنها ل تصلح لهذا الرجل‪ ،‬ولو أعطي غيرها لكان أنفع له‪ ،‬فقال‪ :‬أعطوها‬
‫له فأني أرجو أن أعوض عنها في الخرة‪ ،‬فسلمت إليه فسار بها إلى بغداد‬
‫فباعها بستمائة دينار أو سبعمائة‪ ،‬وأنا أشك أنها كانت تساوي أكثر" )‪.(23‬‬
‫ويقول سبط ابن الجوزي‪" :‬كان ـ يعني نور الدين ـ إذا أقام الولئم العظيمة‬
‫ل يمد يده إليها إنما يأكل من طبق خاص فيه طعام بسيط" )‪.(24‬‬
‫وكان يقترض أحيانا ً ليأكل يقول ابن كثير‪" :‬كان عمر الم ّ‬
‫لء رجل ً من‬
‫الصالحين الزاهدين‪ ،‬وكان نور الدين يستقرض منه في كل رمضان ما يفطر‬
‫عليه‪ ،‬وكان يرسل إليه بفتيت ورقاق فيفطر عليه" )‪.(25‬‬
‫صلحه وتقواه‪:‬‬
‫ً‬
‫كان نور الدين رحمه الله صالحا‪ ..‬صادق الرؤيا‪" ..‬رأى النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم في ليلة واحدة ثلث مرات‪ ،‬وهو يقول له في كل واحدة منها‪ :‬يا‬
‫محمود أنقذني من هذين الشخصين‪ ،‬لشخصين أشقرين تجاهه‪ ،‬فاستحضر‬
‫وزيره قبل الصبح فأخبره‪ ،‬فقال له‪ :‬هذا أمر حدث في مدينة النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم ليس له غيرك‪ ،‬فتجهز ـ نور الدين ـ وخرج على عجل بمقدار ألف‬
‫راحلة وما يتبعها من خيل وغير ذلك‪ ،‬حتى دخل المدينة على غفلة‪ ،‬فلما زار‬
‫طلب الناس عامة للصدقة‪ ،‬وقال‪ :‬ل يبقى بالمدينة أحد إل جاء‪ ،‬فلم يبق إل‬
‫رجلن مجاوران من أهل الندلس نازلن في الناحية التي قبلة حجرة النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم من خارج المسجد عند دار آل عمر بن الخطاب‪ ،‬قال‪:‬‬
‫نحن في كفاية‪ ،‬فجد ّ في طلبهما حتى جئ بهما فلما رآهما قال للوزير هما‬
‫هذان‪ ،‬فسألهما عن حالهما وما جاء بهما‪ ،‬فقال لمجاورة النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم فكرر السؤال عليهما حتى أفضى إلى العقوبة‪ ،‬فأقرا أنهما من‬
‫النصارى ووصل لكي ينقل النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الحجرة‬
‫الشريفة‪ ،‬ووجدهما قد حفرا نقبا ً تحت الرض من تحت حائط المسجد القبلي‬
‫يجعلن التراب في بئر عنهما في البيت‪.‬‬
‫فضرب أعناقهما عند الشباك الذي شرقي حجرة النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫خارج المسجد وركب متوجها ً إلى الشام راجعًا‪ ،‬فصاح به من كان نازل ً تحت‬
‫السور واستغاثوا وطلبوا أن يبني لهم سورا ً يحفظهم فأمر ببناء هذا السور‬
‫الموجود اليوم" )‪.(26‬‬
‫فيا من يرى علو تلك المرتبة ل تنس الدرج!‬
‫إن الناظر إلى سيرة نور الدين رحمه الله ليرى حياة حافلة بالنجاز و العطاء‪،‬‬
‫والبذل والجهاد‪ ،‬ويتعجب كيف استطاع أن يبلغ تلك المنزلة‪ ،‬ويتذكر قول ابن‬
‫القيم‪" :‬فيا من يرى علو تلك المرتبة ل تنس الدرج‪ ،‬كم خاض بحرا ً ملحا ً حتى‬
‫ض مراكب‬ ‫وقع بالعذب! وكم تاه في مْهمهٍ قفرٍ حتى سمى بالدليل! وكم أن ّ‬
‫الجسم! وفض شهوات الحس! وواصل السرى ـ ليل ً ونهارا ً ـ وأوقد نار الصبر‬
‫في دياجي الهوى" )‪ ،(27‬فلله كم من بحر ملح خاضه نور الدين! وكم من‬
‫غصص الصبر تجرع! وكم من الشهوات خالف! وكم من المباح هجر! وكم‬
‫من الجهد البدني والرياضة الروحية قدم! حتى وصل إلى تلك المرتبة التي‬
‫تنحسر عنها البصار‪.‬‬
‫وأرى أن أهم السباب التي أهلته لذلك الفضل و تلك المنزلة‪ :‬مواظبته على‬

‫‪168‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫العبادة وإخلصه وتجرده‪.‬‬


‫مواظبته على العبادة‪:‬‬
‫قال أبو شامة‪ :‬سمعت ابن شداد يقول‪" :‬بلغنا بأخبار التواتر عن جماعة يعتمد‬
‫علي قولهم أنه كان أكثر الليالي يصلي و يناجي ربه‪ ،‬مقبل ً بوجهه عليه‪،‬‬
‫ويؤدي الصلوات الخمس في أوقاتها‪ ،‬بتمام شرائطها وأركانها وركوعها‬
‫فار القدس يقولون‪ :‬إن نور الدين له مع الله سر!! فإنه‬ ‫وسجودها‪ ... ،‬وكان ك ّ‬
‫ما يظفر علينا بكثرة جنده وعسكره وإنما يظفر علينا بالدعاء وصلة الليل‪،‬‬
‫والله يستجيب دعاءه ويعطيه سؤله وما يرد يده خائبة‪ ،‬فيظفر علينا" )‪،(28‬‬
‫وقال‪" :‬كان من عادة نور الدين أنه كان ينزل إلى المسجد بغلس‪ ،‬ول يزال‬
‫يركع حتى يصلي الصبح" )‪ ،(29‬وقال ابن الثير‪" :‬حدثني صديق لنا بدمشق‬
‫كان رضيع الخاتون زوجة نور الدين فقال‪ :‬كان نور الدين يصلي فيطيل‬
‫الصلة‪ ،‬وله أوراد في النهار‪ ،‬فإذا جاء الليل وصلي العشاء نام‪ ،‬ثم يستيقظ‬
‫نصف الليل‪ ،‬ويقوم إلى الوضوء والصلة والدعاء إلى بكرة‪ ،‬ثم يظهر للركوب‬
‫ويشتغل بمهام الدولة" )‪.(30‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫وقال ابن عساكر‪" :‬كان كثير المطالعة للعلوم الدينية‪ ،‬متبعا ً للثار النبوية‪،‬‬
‫مواظبا ً على الصلوات في الجماعات‪ ،‬مراعيا ً لدائها في الوقات‪ ،‬مؤديا ً‬
‫لفروضها ومسنوناتها‪ ،‬معظما ً لفقدها في جميع حالتها‪ ،‬عاكفا ً على تلوة‬
‫القرآن على اليام‪،‬حريصا ً على فعل الخير من الصدقة والصيام‪ ،‬كثير الدعاء‬
‫والتسبيح‪ ،‬راغبا ً في صلة التراويح‪ ،‬عفيف البطن والفرج‪ ،‬مقتصدا ً في النفاق‬
‫والخرج‪ ،‬متحريا ً في المطاعم والمشارب والملبس‪ ،‬متبريا ً من التباهي‬
‫والتماري والتنافس‪ ،‬عريا ً عن التجبر والتكبر‪ ،‬بريئا ً من التنجم والتطير‪ ،‬مع ما‬
‫جمع الله له من العقل المتين‪ ،‬والرأي الصويب الرصين‪ ،‬والقتداء بسيرة‬
‫السلف الماضين‪ ،‬والتشبه بالعلماء والصالحين‪ ،‬والقتفاء لسيرة من سلف‬
‫منهم في حسن سمتهم والتباع لهم في حفظ حالهم ووقتهم" )‪.(31‬‬
‫وقال ابن قاضي شهبة‪" :‬كان نور الدين كثير الصيام‪ ،‬وله أوراد في الليل و‬
‫النهار‪ ،‬وكان يقدم أشغال المسلمين عليها ثم يتم أوراده( )‪.(32‬‬
‫فة يخلو فيها‬ ‫وكان يخصص في بيته مكانا ً للعبادة فقد روي أنه ألحق ببيته ُ‬
‫ص ّ‬
‫للعبادة‪ ،‬فلما ضربت الزلزل دمشق‪ ،‬بنى بإزاء تلك الصفة بيتا ً من الخشاب‪:‬‬
‫"فهو يبيت فيه ويصبح ويخلو بعبادته ول يبرح‪ ،‬ولما توفي دفن في البيت‬
‫البسيط المقام من الخشاب" )‪.(33‬‬
‫بين نور الدين وصلح الدين‪:‬‬
‫عمل بعض المؤرخين من أصحاب الغرض ـ مثل ابن أبي طي ـ على تضخيم‬
‫الخلف الذي حدث بين نور الدين وصلح الدين رحمهما الله وحملوا على نور‬
‫الدين كثيرًا‪ ،‬ونسبوا له ما ل يليق به‪ ،‬وقد أحسن المام أبو شامة إذ رد عليهم‬
‫ي‬
‫كلمهم‪ ،‬وبين سبب حملهم على نور الدين رحمه الله بقوله‪" :‬ابن أبي ط ّ‬
‫متهم فيما ينسبه إلى نور الدين مما ل يليق به‪ ،‬فإن نور الدين رحمه الله كان‬
‫وى أهل السنة‪ ،‬وكان والد ابن أبي‬ ‫قد أذل الشيعة بحلب وأبطل شعارهم‪ ،‬وق ّ‬
‫ي من رؤوس الشيعة فنفاه من حلب‪ ،‬فلهذا هو في الكتاب كثير الحمل‬ ‫ط ّ‬
‫على نور الدين رحمه الله فل يقبل منه ما ينسبه إليه مما ل يليق به‪ .‬والله‬
‫أعلم"‪.‬‬
‫كان صلح الدين رحمه الله وأسرته محل تكريم السلطان نور الدين رحمه‬

‫‪169‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الله‪ ،‬ذلك أن أسد الدين شيركوه ـ عم صلح الدين ـ هو الذي مهد المر لنور‬
‫الدين ليصير حاكما ً على حلب‪ ،‬وقد حفظ نور الدين لسد الدين رحمهما الله‬
‫هذا الجميل‪ ،‬وكان ما رآه نور الدين من شجاعة أسد الدين وجلده على جهاد‬
‫الفرنجة‪ ،‬دافعا ً لحفظ الجميل‪ ،‬فأكرمه وجعله مقدمة عسكره‪ ،‬وأقطعه حتى‬
‫صارت له حمص والرحبة وغيرهما‪ ،‬ولما تعلقت همة نور الدين بدمشق أمر‬
‫أسد الدين أن يرسل إلى أخيه نجم الدين أيوب ـ والد صلح الدين ـ ليترك‬
‫دمشق ويلتحق بخدمة نور الدين‪ ،‬ففعل‪ ،‬وصار أسد الدين ونجم الدين عند‬
‫نور الدين في المحل العلى والمكان السمى‪ ،‬ل سيما نجم الدين‪ ،‬فإن جميع‬
‫المراء كانوا إذ دخلوا على نور الدين ل يقعدون حتى يأمرهم نور الدين بذلك‪،‬‬
‫إل نجم الدين فإنه كان إذا دخل إليه قعد من غير أن يؤمر بذلك" )‪.(34‬‬
‫ولما خاف نور الدين رحمه الله على مصر من أن يدخلها الفرنجة؛ أمر صلح‬
‫الدين أن يسير إلى عمه أسد الدين في حمص يأمره بالحضور إليه‪ ،‬ويحثه‬
‫على السراع‪ ،‬فلما فعل وعاد مع عمه أمرهما نور الدين بالخروج في الجيش‬
‫إلى مصر‪ ،‬يقول صلح الدين‪" :‬قال لي نور الدين‪ :‬لبد من مسيرك مع عمك‪،‬‬
‫فشكوت إليه المضايقة‪ ،‬وقلة الدواب‪ ،‬وما أحتاج إليه فأعطاني ما تجهزت به‪،‬‬
‫وكأنما أساق إلى الموت‪ ،‬وكان نور الدين مهيبا ً مخوفا ً مع لينه ورحمته‪،‬‬
‫فسرت معه‪ ،‬فلما استقر أمره وتوفي أعطاني الله من ملكها ما ل كنت‬
‫أتوقعه" )‪ ،(35‬وبعد وفاة أسد الدين‪ ،‬خلفه صلح الدين‪" ،‬وثبت قدمه‪ ،‬ورسخ‬
‫ملكه‪ ،‬وهو نائب عن الملك العادل نور الدين‪ ،‬والخطبة لنور الدين في البلد‬
‫كلها‪ ،‬ول يتصرفون إل عن أمره‪ ،‬واستمال صلح الدين قلوب الناس‪ ،‬وبذل‬
‫لهم الموال مما كان أسد الدين قد جمعه" )‪.(36‬‬

‫)‪(5 /‬‬

‫ذكر المام أبو شامة أن العلقة بين نور الدين وصلح الدين رحمهما الله‬
‫توترت مرتين‪ :‬الولى عندما طلب صلح الدين من نور الدين أن يرسل إليه‬
‫إخوته فرفض نور الدين‪ ،‬وقد أّول المغرضون هذا الرفض بأنه خوف من نور‬
‫الدين على القوة المتنامية لصلح الدين‪ ،‬وخشيته أن يسهم وجود إخوته معه‬
‫في زيادة هذه القوة‪ ،‬أما المنصفون من المؤرخين فقد بينوا عكس ذلك‬
‫ونقلوا عن نور الدين أنه قال مبينا ً سبب رفضه‪" :‬أخاف أن يخالف أحد منهم‬
‫عليك فتفسد البلد"‪ ،‬وعضددوا قولهم بأن نور الدين أرسل أخوة صلح الدين‬
‫في جيش المداد الذي وجهه إلى مصر عندما زحف الفرنجة إليها‪ ،‬ونصح‬
‫شمس الدولة تورانشاه بن أيوب الخ الكبر لصلح الدين نصيحة غالية تبين‬
‫مدى حرصه على استتباب المر لصلح الدين‪ ،‬إذ قال له‪" :‬إن كنت تسير إلى‬
‫مصر وتنظر إلى أخيك أنه يوسف الذي كان يقوم في خدمتك وأنت قاعد‪ ،‬فل‬
‫تسر فإنك تفسد البلد‪ ،‬وأحضرك حينئذ وأعاقبك بما تستحقه‪ ،‬وإن كنت تنظر‬
‫إليه أنه صاحب مصر وقائم فيها مقامي وتخدمه بنفسك كما تخدمني فسر‬
‫إليه‪ ،‬واشدد أزره وساعده على ما هو بصدده‪ ،‬فقال تورانشاه ‪ :‬أفعل معه‬
‫من الخدمة والطاعة ما يصل إليك ـ إن شاء الله تعالى ـ فكان كما قال‪.‬‬
‫أما الثانية‪ :‬فقد أوردها المام أبو شامة نقل ً عن ابن الثير إذ قال‪" :‬وفي سنة‬
‫سبع وستين أيضا ً جرى ما أوجب نفرة نور الدين من صلح الدين‪ ،‬وكان‬
‫الحادث أن نور الدين أرسل إلى صلح الدين‪ ،‬يأمره بجمع العساكر المصرية‬
‫والمسير بها إلى بلد الفرنج والنزول على الكرك ومحاصرته‪ ،‬ليجمع هو أيضا ً‬
‫عساكره ويسير إليه ويجتمعا هناك على حرب الفرنج والستيلء على بلدهم‪،‬‬

‫‪170‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فبرز صلح الدين من القاهرة في العشرين من المحّرم وكتب إلى نور الدين‬
‫يعّرفه أن رحيله ل يتأخر‪.‬‬
‫وكان نور الدين قد جمع عساكره وتجهز‪ ،‬وأقام ينتظر ورود الخبر من صلح‬
‫الدين برحيله ليرحل هو‪ ،‬فلما أتاه الخبر بذلك رحل من دمشق عازما ً على‬
‫قصد الكرك فوصل إليه‪ ،‬وأقام ينتظر وصول صلح الدين إليه‪ ،‬فأتاه كتابه‬
‫يعتذر فيه عن الوصول باختلل البلد‪ ،‬وأنه يخاف عليها مع البعد عنها فعاد‬
‫إليها‪ ،‬فلم يقبل نور الدين عذره‪ ،‬وكان سبب تقاعده أن أصحابه وخواصه‬
‫خوفوه من الجتماع بنور الدين‪ ،‬فحيث لم يمتثل أمر نور الدين شق ذلك‬
‫عليه وعظم عنده‪ ،‬وعزم على الدخول إلى مصر وإخراج صلح الدين عنها‪.‬‬
‫فبلغ الخبر إلى صلح الدين فجمع أهله وفيهم والده نجم الدين وخاله شهاب‬
‫الدين الحارمي‪ ،‬ومعهم سائر المراء وأعلمهم ما بلغه من عزم نور الدين‬
‫على قصده وأخذ مصر منه‪ ،‬واستشارهم فلم يجبه أحد منهم بشيء‪ ،‬فقام‬
‫ابن أخيه تقي الدين عمر وقال‪ :‬إذا جاءنا قاتلناه وصددناه عن البلد‪ ،‬ووافقه‬
‫غيره من أهله فشتمهم نجم الدين أيوب وأنكر ذلك واستعظمه‪ ،‬وكان ذا رأي‬
‫ومكر وكيد وعقل‪ ،‬وقال لتقي الدين‪ :‬اقعد‪ ،‬وسّبه‪ ،‬وقال لصلح الدين‪ :‬أنا‬
‫أبوك وهذا شهاب الدين خالك أتظن في هؤلء كلهم من يحبك ويريد لك‬
‫الخير مثلنا؟ فقال‪ :‬ل‪ ،‬فقال نجم الدين‪ :‬والله لو رأيت أنا ـ وهذا خالك ـ نور‬
‫الدين ل يمكننا إل أن نترجل إليه‪ ،‬ونقبل الرض بين يديه‪ ،‬ولو أمرنا بضرب‬
‫عنقك بالسيف لفعلنا‪ ،‬فإذا كنا نحن هكذا كيف يكون غيرنا؟ وكل من تراه من‬
‫المراء والعساكر لو رأى نور الدين وحده لم يتجاسر على الثبات على‬
‫سرجه‪ ،‬ول وسعه إل النزول وتقبيل الرض بين يديه‪ ،‬وهذه البلد له وقد‬
‫أقامك فيها‪ ،‬فان أراد عزلك فأي حاجة به إلى المجيء‪ ،‬يأمرك بكتاب حتى‬
‫تقصد خدمته‪ ،‬ويولي بلده من يريد‪ ،‬وقال للجماعة كلهم‪ :‬قوموا عنا‪ ،‬فنحن‬
‫مماليك نور الدين وعبيده‪ ،‬ويفعل بنا ما يريده‪ ،‬فتفرقوا على هذا‪ ،‬وكتب‬
‫أكثرهم إلى نور الدين بالخبر‪.‬‬
‫ولما خل نجم الدين أيوب بابنه صلح الدين قال له‪ :‬أنت جاهل قليل المعرفة‪،‬‬
‫تجمع هذا الجمع العظيم وتطلعهم على ما نفسك فإذا سمع نور الدين أنك‬
‫عازم على منعه من البلد جعلك أهم المور إليه وأولها بالقصد‪ ،‬ولو قصدك‬
‫لم تر معك من هذا العسكر أحدًا‪ ،‬وكانوا أسلموك إليه‪ ،‬وأما الن بعد هذا‬
‫المجلس فسيكتبون إليه ويعرفونه قولي‪ ،‬وتكتب أنت إليه وترسل في هذا‬
‫جاب يأخذني بحبل يضعه في‬ ‫المعنى وتقول‪ :‬أي حاجة إلى قصدي؟ يجيء ن ّ‬
‫عنقي‪ ،‬فهو إذا سمع هذا عدل عن قصدك واشتغل بما هو أهم عنده‪ ،‬واليام‬
‫تندرج‪ ،‬والله كل وقت في شأن‪ ،‬ففعل صلح الدين ما أشار به والده‪ ،‬فلما‬
‫رأى نور الدين رحمه الله المر هكذا عدل عن قصده‪ ،‬وكان المر كما قال‬
‫نجم الدين‪ :‬توفى نور الدين ولم يقصده ول أزاله‪ ،‬وكان هذا من أحسن الراء‬
‫وأجودها‪ .‬وأقول‪ :‬أنى له أن يعرف بما قاله نجم الدين لصلح الدين مختليا ً به‪،‬‬
‫والصواب أن نأخذ بظاهر المر وهو أن نجم الدين يرى حقيقة ـ ل سياسة ـ‬
‫أنه وصلح الدين تحت قيادة نور الدين‪.‬‬

‫)‪(6 /‬‬

‫وقد أكد ابن الثير في أكثر من موضع أن السبب في غضب نور الدين من‬
‫صلح الدين هو أنه رأى منه ـ أي من صلح الدين ـ فتورا ً من غزو الفرنج من‬
‫ناحيته‪" ،‬وكان نور الدين ل يرى إل الجد في غزوهم بجهده وطاقته"‪ .‬وقال أبو‬

‫‪171‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫شامة‪" :‬ولو علم نور الدين ماذا ادخر الله ـ تعالى ـ للسلم من الفتوح‬
‫الجليلة على يد صلح الدين من بعده لقرت عينه‪ ،‬فإنه بنى على ما أسسه‬
‫نور الدين رحمه الله من جهاد المشركين‪ ،‬وقام بذلك على أكمل الوجوه‬
‫وأتمها ـ رحمهما الله تعالى ـ‪.‬‬
‫بعد وفاة نور الدين ظل صلح الدين على وفائه لنور الدين‪ ،‬وظهر ذلك في‬
‫مواقف عده منها‪:‬‬
‫ـ سعى صلح الدين رحمه الله إلى ولية ولد نور الدين ـ الملك الصالح ـ‬
‫لصغر سنه‪ ،‬وفاء لنور الدين رحمه الله وحفظا ً لوحدة المة‪ ،‬ورد على من‬
‫عاتبه على ذلك ظنا ً منه أن صلح الدين طمع في ملك نور الدين بقوله‪" :‬إنا‬
‫ل نؤثر للسلم وأهله إل ما جمع شملهم‪ ،‬وألف كلمتهم‪ ،‬وللبيت التابكي ـ‬
‫بيت نور الدين ـ أعله الله إل ما حفظ أصله وفرعه‪ ،‬ودفع ضره وجلب نفعه‪،‬‬
‫فالوفاء إنما يكون بعد الوفاة‪ ،‬والمحبة إنما تظهر آثارها عند تكاثر أطماع‬
‫العداة‪ ،‬وبالجملة إنا في واد‪ ،‬والظانون بنا ظن السوء في واد ولنا من الصلح‬
‫مراد‪ ،‬ول يقال لمن طلب الصلح إنك قادح‪ ،‬ول لمن ألقي السلح أنك جارح"‬
‫)‪ ،(37‬ولما تجمع الروافض حول ابن نور الدين ـ صغير السن )‪ (38‬ـ عرضوا‬
‫عليه نصرته على أن يأذن لهم بأن "يجهروا بـ)حي على خير العمل( في‬
‫دام الجنائز بأسماء الئمة الثني عشر‪ ،‬وأن يصلوا على أمواتهم‬ ‫الذان‪ ،‬وق ّ‬
‫خمس تكبيرات‪ ،‬وأشياء كثيرة اقترحوها مما كان قد أبطله نور الدين ـ رحمة‬
‫الله ـ فأجيبوا إلى ذلك" )‪،(39‬لم يكن أمام صلح الدين رحمه الله إل أن‬
‫يعمل على أخذ البلد منهم‪ ،‬فقاومهم حتى طلبوا الصلح فأجابهم وعفا وعف‪،‬‬
‫وكفى وكف‪ ،‬وأبقى للملك الصالح ـ ابن نور الدين ـ حلبا ً وأعمالها وأراد له‬
‫العزاز فرد له عزار"‪ ،‬ولرد عزار قصة تبين حب صلح الدين لنور الدين إذ‬
‫بعث الملك الصالح أخته بنت نور الدين إلى صلح الدين في الليل‪ ،‬فدخلت‬
‫عليه فقام قائمًا‪ ،‬وقبل الرض وبكى على نور الدين‪ ،‬فسألت أن يرد عليهم‬
‫عزار‪ ،‬فقال سمعا ً وطاعة‪ ،‬فأعطاها‪ ،‬وقدم لها من الجواهر والتحف والمال‬
‫شيئا ً كثيرا" )‪ ،(40‬ولم يدخل صلح الدين حلب إل بعد وفاة ابن نور الدين‪.‬‬
‫ـ عندما فتح صلح الدين بيت المقدس‪" ،‬أمر بالوفاء بالنذر النوري ـ أي نذر‬
‫نور الدين ـ ونقل المنبر ـ الذي بناه نور الدين ليضعه في المسجد القصى ـ‬
‫إلى موضعه القدسي‪ ،‬فُعرفت بذلك كرامات نور الدين التي أشرق نورها‬
‫بعده بسنين" )‪.(41‬‬
‫ـ لم يذكر نور الدين أمام صلح الدين إل وترحم عليه وذكره بالخير‪ ،‬حتى إنه‬
‫قال إن كل عدل فيه أنما تعلمه من نور الدين‪.‬‬
‫فضل نور الدين‪:‬‬
‫تعد فترة ولية نور الدين من أخصب الفترات التي مرت بالمسلمين بعد‬
‫الخلفاء الراشدين؛ إذ شهدت نموا ً كبيرا ً وطفرة حقيقية في المجالت كافة‪:‬‬
‫السياسية والقتصادية والعلمية والجهادية‪ ،‬وقد صرح بفضل نور الدين عدد‬
‫كبير من العلماء والمؤرخين‪ ،‬نقتطف من أقوالهم ما يلي‪:‬‬
‫ـ قال المام أبو شامة‪" :‬ملك نور الدين دمشق سنة تسع وأربعين‪ ،‬وملكها‬
‫صلح الدين سنة سبعين‪ ،‬فبقيت دمشق في المملكة النورية عشرين سنة‪،‬‬
‫وفي المملكة الصلحية تسع عشرة سنة تمحى فيها السيئة وتكتب الحسنة‪،‬‬
‫وهذا من عجيب ما اتفق في العمر ومدة الولية ببلدة معينة لملكين متعاقبين‬
‫مع قرب الشبه بينهما في سيرتهما‪ ،‬والفضل للمتقدم فكانت زيادة مدة نور‬
‫الدين كالتنبيه على زيادة فضله‪ ،‬والرشاد إلى عظم محله‪ ،‬فإنه أصل ذلك‬
‫الخير كله‪ ،‬مهد المور بعدله وجهاده‪ ،‬وهيبته في جميع بلده‪ ،‬مع شدة الفتق‪،‬‬

‫‪172‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫واتساع الخرق‪ ،‬وفتح من البلد‪ ،‬ما استعين به على مداومة الجهاد‪ ،‬فهان على‬
‫من بعده على الحقيقة سلوك تلك الطريقة لكن صلح الدين أكثر جهادا ً وأع ّ‬
‫م‬
‫بلدًا‪ ،‬صبر وصابر‪ ،‬ورابط وثابر‪ ،‬وذخر الله له من الفتوح أنفسه‪ ،‬وهو الذي‬
‫فتح الرض المقدسة؛ فرضي الله عنهما"‪.‬‬
‫ـ وقال أبو الحسن بن الثير في بيان فضل نور الدين على سائر الملوك‪" :‬قد‬
‫طالعت تواريخ الملوك المتقدمين قبل السلم وفيه إلى يومنا هذا‪ ،‬فلم أر‬
‫بعد الخلفاء الراشدين وعمر بن عبد العزيز أحسن سيرة من الملك العادل‬
‫نور الدين‪ ،‬ول أكثر تحريا ً للعدل والنصاف منه‪ ،‬قد قصر ليله ونهاره على‬
‫عدل ينشره‪ ،‬وجهاد يتجهز له‪ ،‬ومظلمة يزيلها‪ ،‬وعبادة يقوم بها‪ ،‬وإحسان‬
‫يوليه‪ ،‬وإنعام يسديه"‪.‬‬

‫)‪(7 /‬‬

‫ـ كما روى ابن الثير عن عدل نور الدين بعد موته ـ وهو من أعجب ما يحكى‬
‫ـ أن إنسانا ً كان بدمشق غريبا ً استوطنها وأقام بها لما رأى من عدل نور‬
‫الدين ـ رحمه الله ـ فلما توفى تعدى بعض الجناد على هذا الرجل فشكاه‬
‫فلم ينصف‪ ،‬فنزل من القلعة وهو يستغيث ويبكي‪ ،‬وقد شق ثوبه وهو يقول‪:‬‬
‫"يا نور الدين لو رأيتنا وما نحن فيه من الظلم لرحمتنا‪ ،‬أين عدلك؟ وقصد‬
‫تربة نور الدين ومعه من الخلق ما ل يحصى وكلهم يبكي ويصيح فوصل الخبر‬
‫إلى صلح الدين فقيل له‪ :‬احفظ البلد والرعية وإل خرج عن يدك‪ ،‬فأرسل‬
‫إلى ذلك الرجل وهو عند تربة نور الدين يبكي والناس معه وطيب قلبه ووهبه‬
‫شيئا ً وأنصفه‪ ،‬فبكى أشد ّ من الول‪ ،‬فقال له صلح الدين‪ :‬لم تبكي؟ قال‪:‬‬
‫دل فينا بعد موته فقال صلح الدين‪ :‬هذا هو الحق‪ ،‬وكل‬ ‫أبكي على سلطان عَ َ‬
‫ما ترى فينا من عدل فمنه تعلمناه‪.‬‬
‫ـ كذلك ذكر أبو شامة واصفا ً هيبة مجلس نور الدين القصة التالية‪" :‬بلغني أن‬
‫ي ـ رضي الله عنه ـ حضر مجلس صلح الدين‬ ‫الحافظ ابن عساكر الدمشق ّ‬
‫يوسف لما ملك دمشق فرأى فيه من اللغط وسوء الدب من الجلوس فيه ما‬
‫دث نور الدين فلم يتمكن‬ ‫دث صلح الدين كما كان يح ّ‬ ‫ل حد ّ عليه فشرع يح ّ‬
‫من القول لكثرة الختلف من المتحدثين وقلة استماعهم فقام‪ ،‬وبقي مدة ل‬
‫يحضر المجلس الصلحي‪ ،‬وتكرر من صلح الدين الطلب له فحضر فعاتبه‬
‫صلح الدين يوسف على انقطاعه فقال‪ :‬نزهت نفسي عن مجلسك فإنني‬
‫رأيته كبعض مجالس السوقة ل يستمع فيه إلى قائل ول يرد جواب متكلم‪،‬‬
‫وقد كنا بالمس نحضر مجلس نور الدين فكنا كما قيل‪ :‬كأنما على رؤوسنا‬
‫الطير تعلونا الهيبة والوقار فإذا تكّلم أنصتنا وإذا تكلمنا استمع لنا‪ ،‬فتقدم‬
‫صلح الدين إلى أصحابه أنه ل يكون منهم ما جرت به عادتهم إذا حضر‬
‫الحافظ‪.‬‬
‫ن على المسلمين بقادة من أمثاله‪..‬‬ ‫أل رحم الله المام العادل نور الدين‪ ،‬وم ّ‬
‫آمين‪.‬‬
‫‪----------‬‬
‫)‪ (1‬مقدمة مذكرات الدعوة والداعية‪ ،‬الشيخ أبو الحسن الندوي‪.4 :‬‬
‫)‪ (2‬البداية والنهاية‪.12/297:‬‬
‫)‪ (3‬تأريخ دمشق لبن عساكر‪.‬‬
‫)‪ (4‬نور الدين محمود لـ د‪ .‬عماد الدين خليل‪ ،89 :‬والكواكب الدرية‪.41-40 :‬‬
‫)‪ (5‬وكان فيها جيش نور الدين بقيادة صلح الدين اليوبي‪.‬‬

‫‪173‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪ (6‬مختصر كتاب الروضتين في أخبار الدولتين لبي شامة‪ ،‬اختصار د‪ .‬محمد‬
‫بن حسن بن عقيل‪.140 :‬‬
‫)‪ (7‬تاريخ دمشق لبن عساكر‪.‬‬
‫)‪ (8‬التاريخ الباهر في الدولة التابكية‪.168 :‬‬
‫)‪ (9‬البداية والنهاية لبن كثير‪.300 :‬‬
‫)‪ (10‬نور الدين محمود وتجربته السلمية د‪ .‬عماد الدين خليل‪.31 :‬‬
‫)‪ (11‬نور الدين محمود و تجربته السلمية د‪ .‬عماد الدين خليل‪.30:‬‬
‫)‪ (12‬التاريخ الباهر في الدولة التابكية لبن الثير‪.118-117 :‬‬
‫)‪ (13‬تأريخ دمشق لبن عساكر‪.‬‬
‫)‪ (14‬تأريخ دمشق لبن عساكر‪.‬‬
‫)‪ (15‬المصدر السابق‪.‬‬
‫)‪ (16‬المستشفيات‪.‬‬
‫)‪ (17‬تأريخ دمشق لبن عساكر‪.‬‬
‫)‪ (18‬الكواكب الدرية لبن قاضي شهبة‪ ،69-68 :‬ونور الدين محمود لـ د‪.‬‬
‫عماد الدين خليل‪.42 :‬‬
‫)‪ (19‬نور الدين محمود لـ د‪ .‬عماد الدين خليل‪ ،43 :‬عن الروضتين‪-342 /1 :‬‬
‫‪.343‬‬
‫)‪ (20‬مختصر كتاب الروضتين في أخبار الدولتين لبي شامة‪ ،‬اختصار د‪.‬‬
‫محمد بن حسن بن عقيل‪.140 :‬‬
‫)‪ (21‬البداية و النهاية لبن كثير‪.278 /12 :‬‬
‫)‪ (22‬التاريخ الباهر في الدولة التابكية لبن الثير‪.165 :‬‬
‫)‪ (23‬التاريخ الباهر في الدولة التابكية لبن الثير‪.164 :‬‬
‫)‪ (24‬مرآة الزمان في تأريخ العيان الزمان لسبط ابن الجوزي‪.8/315 :‬‬
‫)‪ (25‬البداية و النهاية لبن كثير‪.12/282:‬‬
‫)‪ (26‬نورالدين محمود زنكي‪ ..‬القائد المجاهد‪ ،‬د‪ .‬أنس أحمد كرزون‪،40 :‬‬
‫نقل ً عن شذرات الذهب‪ ،231-4/230 :‬والكواكب الدرية‪.73-72 :‬‬
‫)‪ (27‬بدائع الفوائد‪.3/747:‬‬
‫)‪ (28‬الروضتين لبي شامة‪.1/34:‬‬
‫)‪ (29‬المرجع السابق‪.459 /1:‬‬
‫)‪ (30‬التاريخ الباهر في الدولة التابكية لبن الثير‪.164 :‬‬
‫)‪ (31‬تاريخ دمشق‪.‬‬
‫)‪ (32‬الكواكب الدرية لبن قاضي شهبة‪.54 :‬‬
‫)‪ (33‬نور الدين محمود لـ د‪ .‬عماد الدين خليل‪.41 :‬‬
‫)‪ (34‬كتاب الروضتين في أخبار الدولتين‪.110 :‬‬
‫)‪ (35‬المرجع السابق‪.134 :‬‬
‫)‪ (36‬المرجع السابق‪.137 :‬‬
‫)‪ (37‬مختصر كتاب الروضتين في أخبار الدولتين‪.183 :‬‬
‫)‪ (38‬مات مسموما ً ولم يبلغ العشرين من عمره‪ ،‬وعد بعض المؤرخين هذه‬
‫من كرامات نور الدين إذ أنه سأل الله أن ل يعذب شيئا ً من أجزائه بالنار‪،‬‬
‫فمات قبل أن يطول عمره على أحسن سيرة كما قال أبو شامة‪ ،‬وفي مرض‬
‫موته أجاز له أحد الفقهاء أن يتداوى بالخمر فسأله‪ :‬إن كان الله قد قرب‬
‫أجلي أيؤخره شرب الخمر؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬والله ل لقيت الله تعالى وقد‬
‫ي‪.‬‬
‫استعملت ما حّرمه عل ّ‬
‫)‪ (39‬مختصر كتاب الروضتين في أخبار الدولتين‪.187 :‬‬

‫‪174‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪ (40‬مختصر كتاب الروضتين في أخبار الدولتين‪.194 :‬‬


‫)‪ (41‬مختصر كتاب الروضتين في أخبار الدولتين‪.265 :‬‬

‫)‪(8 /‬‬

‫السلطان عبد الحميد الثاني في الميزان‬


‫منال المغربي‬
‫‪Yafa-48@hotmail.com‬‬
‫ليس هناك من شخصية في التاريخ السلمي المعاصر لقيت من الظلم‬
‫والجحاف والفتراء بقدر ما لقيت شخصية السلطان عبد الحميد الثاني‪ ،‬فقد‬
‫صور من ِقبل أعدائه اليهود والرمن والتحاديين بصورة السفاح‪ ،‬فالرمن‬
‫أطلقوا عليه في كتاباتهم لقب )السلطان الحمر(* وأطلق عليه غلدستون*‬
‫قه لم تسلم منها كتب بعض‬ ‫لقب )المجرم الكبير(‪ ،‬وحملت التشويه بح ّ‬
‫ورت السلطان في صورة الطاغية مثل كتاب‬ ‫المؤلفين العرب التي ص ّ‬
‫)النقلب العثماني( لجرجي زيدان‪ ،‬و)الدولة العثمانية قبل الدستور وبعده(‬
‫ن التاريخ أبى إل ّ ان يقول كلمته في حقّ هذا‬ ‫سليمان البسستاني‪ ...‬ولك ّ‬ ‫ل ُ‬
‫الرجل الذي صمد في وجه اليهود والقوى الدولية الغاشمة صمود البطال‬
‫خلع عن عرشه‪.‬‬ ‫وهو صابرا ً محتسبا ً حتى ُ‬
‫فمن هو السلطان عبد الحميد الثاني؟‬
‫ولد السلطان عبد الحميد الثاني يوم الربعاء في ‪ 22‬أيلول عام ‪1842‬م‪،‬‬
‫ل وهو في الثامنة من عمره‪ ،‬فاحتضنته الزوجة‬ ‫توفيت والدته من مرض الس ّ‬
‫دين‪ ،‬وأسبغت عليه كل‬ ‫ً‬
‫الثانية لوالده التي كان معروفا عنها أّنها شديدة الت ّ‬
‫حنانها وعطفها وقد بادلها عبد الحميد هذا الحب فكان يقول عنها‪" :‬لو كانت‬
‫والدتي حّية لما استطاعت أن ترعاني أكثر من رعايتها")‪ ،(1‬وعندما توفيت‬
‫أوصت بجميع ثروتها لبنها الذي أحّبته‪.‬‬
‫وره أعدائه بأنه كان‬‫قضى السلطان شبابه يطلب العلم على عكس ما ص ّ‬
‫شخصا ً جاهل ً ل يعرف القراءة والكتابة إل بصعوبه؛ فهو قد درس اللغة‬
‫التركية والفارسية والعربية والفرنسية‪ ،‬وكان يقول الشعر كما كان شغوفا ً‬
‫بقراءة كتب التاريخ ومنها تاريخ الدولة العثمانية‪ ،‬بالضافة إلى حّبه الشديد‬
‫للمطالعة حتى أّنه أمر بترجمة المقالت والمجلت والصحف الجنبية التي ترد‬
‫ددة منها‪ :‬المبارزة‬ ‫ما بالنسبة لهواياته فهي متع ّ‬ ‫كن من قراءتها )‪ .(2‬أ ّ‬ ‫إليه ليتم ّ‬
‫بالسيف‪ ،‬والتهديف بالمسدس والسباحة والتجديف بالقارب وركوب الخيل‬
‫ما أبرز هواياته فكانت‬ ‫شغوفا ً بجمع السلحة النادرة‪ ،‬أ ّ‬ ‫والصّيد كما كان َ‬
‫النجارة)‪.(3‬‬
‫سكه بالدين ولم ُيعرف عنه تركه للصلة قط‪،‬‬ ‫وعبد الحميد معروف بتقواه وتم ّ‬
‫أو إهماله للتعّبد وتقول عنه ابنته عائشة‪" :‬كان والدي يؤدي الصلوات الخمس‬
‫في أوقاتها ويقرأ القرآن الكريم‪ ،‬وفي شبابه سلك مسلك الشاذلية وكان‬
‫كثير الرتياد للجوامع لسيما في شهر رمضان")‪ .(4‬والملحظ في حياة المير‬
‫هو البساطة الشديدة والبتعاد عن البذخ والسراف والتبذير وقد استمّرت‬
‫سلطنة‪ ،‬ففيما كان المراء السابقون غارقين حتى‬ ‫بساطته حّتى في أيام ال ّ‬
‫مجون كان عبد الحميد هو المير الوحيد الذي‬ ‫اذقانهم في الديون واللهو وال ُ‬
‫لم ُيشارك في تللك الجواء‪ ،‬وامتاز عن أسلفه من السلطين بأنه لم يستدن‬
‫قرشا ً واحدا ً من أحد وبهذا عصم نفسه من أن يقع في حبائل أصحاب البنوك‬
‫جّلهم من اليهود‪ ،‬ولكن أعداءه لم يتركوا الفرصة دون أن يقلبوا هذه‬ ‫و ُ‬

‫‪175‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫مة فأطلقوا عليه في كتاباتهم لقب‪" :‬عبد الحميد‬ ‫الخصلة الحميدة إلى مذ ّ‬
‫البخيل")‪.(5‬‬
‫ارتقى عبد الحميد الثاني عرش السلطنة يوم الخميس في ‪ 31‬آب ‪1876‬‬
‫في ظل ظروف قاسية كانت تعصف بالدولة العثمانية من الديون التي كانت‬
‫ترزح تحتها إلى تكالب الدول الوروبية واليهودية التي كانت تنتظر موت‬
‫الرجل المريض* لقتسام ثروته لسيما البترول)‪ ،(6‬لذلك أّول ما فعله أّنه‬
‫سعى إلى رأب الصدع فجرى على سياسة القتصاد من أجل تحرير رقبة‬
‫بلده من قبضة الدول والمصارف الجنبية حّتى أّنه تبّرع من ماله الخاص من‬
‫أجل هذا الغرض فاستطاع تسديد القسم الكبر من تلك الديون‪ ،‬وفي عهده‬
‫ل كامل من المثقفين والمتعلمين من كليات وجامعات ومعاهد‬ ‫تخرج جي ٌ‬
‫أسسها السلطان‪ ،‬وبدأت الدلئل تشير إلى عودة الصحة والعافية إلى جسد‬
‫الرجل المريض ولكن وصول التحاديين إلى السلطة بمساعدة خارجية قضى‬
‫على هذا المل‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ن‬‫من أهم صفات السلطان عبد الحميد الرحمة والتسامح على الرغم من أ ّ‬
‫ور من قبل أعدائه بصورة السفاح‪ ،‬بل‬ ‫المعروف عنه العكس تماما ً فقد ُ‬
‫ص ّ‬
‫ل صفة الرحمة الزائدة عن الحد ّ كانت نقطة الضعف عنده ويكفي القول‪:‬‬ ‫لع ّ‬
‫دل على الدوام حكم العدام الذي‬ ‫ن السلطان كان ُيب ّ‬ ‫ن المؤرخين يذكرون أ ّ‬ ‫إ ّ‬
‫ل‪ ،‬ولم ُيصادف أّنه صادق‬ ‫دة أق ّ‬‫ُيصدره القاضي إلى السجن المؤبد أو إلى م ّ‬
‫على حكم العدام إل مرتين‪ :‬الولى عندما قتل أحد العاملين في القصر زميل ً‬
‫ما بالنسبة لمعارضيه‬ ‫له والثاني عندما قام شخص بقتل والديه)‪ .(7‬أ ّ‬
‫السياسين والساعين إلى قلب نظام الحكم وأكثرهم من التحاديين الذين‬
‫ينتسبون إلى الماسونية؛ فلم يقم بإعدام أو إغراق أي واحد منهم في بحر‬
‫مرمرة )البوسفور( كما ُأشيع‪ ،‬وكلها اتهامات أوردها اليهود وأعوانهم لتشويه‬
‫تاريخه وتهميش نضاله ضد الصهيونية العالمية وأعوانها لّنه كشف‬
‫حكمه‪ ،‬فهذه‬ ‫مخططاتهم وفضح مؤامراتهم وقاومهم طيلة ‪ 33‬سنة من تاريخ ُ‬
‫الروايات ليس لها سند صحيح‪ ،‬فكل ما كان يفعله هو استمالة قلوب اعدائه‬
‫ل رفاهية)‪ .(8‬ولقد‬ ‫أو نفيهم إلى بلد آخر مع إغداق المال عليهم ليعيشوا بك ّ‬
‫ترددت كثرا ً قصة حادثة )‪ 31‬مارت( التي ُقتل فيها عدد من التحاديين والتي‬
‫كانت عبارة عن حركة تمّرد وعصيان قام بها بعض الجنود واشترك فيها بعض‬
‫طلبة المدارس الدينية والصوفية وبعض المدنيين المعارضين لجمعية التحاد‬
‫والتٌرقي‪ ،‬ولقد اتهم السلطان بأّنه المدّبر لهذه الحادثة‪ ،‬وأّنه كان يهدف من‬
‫ن التاريخ‬ ‫خللها إلى القضاء على الجيش والعودة إلى الحكم الستبدادي ولك ّ‬
‫أثبت أّنها كانت مجّرد حجة لخلع السلطان عن العرش‪ ،‬وأّنه لم يكن له يد ٌ‬
‫فيها‪.‬‬
‫ما مذابح الرمن المذكورة حتى في الكتب المدرسية والتي وصفت‬ ‫أ ّ‬
‫بالوحشية وُقتل فيها عدد ٌ يتراوح بين ‪ 2‬مليون إلى ‪ 3‬مليون أرمني في أبشع‬
‫ن التاريخ أثبت‬ ‫صور الجرام‪ ،‬فلقد اتهم السلطان بأّنه المسؤول عنها‪ ،‬ولك ّ‬
‫ن اليهود في الباب العالي كانوا وراء تلك‬ ‫ن السلطان منها براء وأ ّ‬‫أيضا ً أ ّ‬
‫المذابح وبالخص المجموعات الماسونية المنضوية تحت لواء محفل النور في‬
‫ن الدول الغربية‬ ‫أنقرة واسطنبول‪ ،‬وهذه الجرائم طوتها صفحات التاريخ ل ّ‬
‫تحاول طمس معالمها)‪ (10‬وإلصاق التهمة فيها إلى السلطان وتتجاهل‬

‫‪176‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫دروا بالمسلمين‬ ‫المجازر التي ارتكبها الرمن أيضا ً بحقّ المسلمين؛ حيث غ َ‬
‫الذين خرجوا للجهاد فقتلوا النساَء والطفال في غَْيبتهم‪.‬‬
‫ما بالنسبة لثورات الرمن فقد كان الروس والنكليز هم الذين كانوا‬ ‫أ ّ‬
‫يشجعون الرمن للقيام بها ضد ّ الدولة العثمانية للسباب نفسها التي تدفع‬
‫الدول الغربية وغيرها اليوم لثارة النعرات الطائفية في البلد السلمية تحت‬
‫شعار‪ :‬فّرق تسد‪ ،‬وهذه الثورات لم تكن بسبب سوء معاملة الدولة العثمانية‬
‫لرعاياها المسيحيين كما قد يتوهم البعض ولكن استغلل ً لروح التسامح‬
‫ولحراج الدولة العثمانية من أجل كسب مزيد من المتيازات ولقد شهد بهذا‬
‫)دجوفارا( أحد كبار ساسة رومانيا ومؤرخيها)‪.(11‬‬
‫ن‬
‫والسلطان عبد الحميد المعروف بسياسته السلمية والذي كان يرى أ ّ‬
‫سنة‪ ،‬والذي قام‬ ‫خلص الدولة العثمانية وقوتها في اتباع ما جاء في القرآن وال ّ‬
‫بإرسال الدعاة المسلمين مع المئات بل اللف من الكتب السلمية إلى كل‬
‫أنحاء العالم السلمي* لجمعهم تحت راية واحدة هي‪" :‬يا مسلمي العالم‬
‫اتحدوا" لم ترحمه أقلم الحاقدين فاتهموه بحرق المصاحف زورا ً وبهتانا ً‬
‫ن الكتب التي أمر بإحراقها هي كتب‬ ‫وحاولوا تزوير الحقائق التي تقول‪ :‬إ ّ‬
‫س عقيدة المسلمين‪ ،‬ولذلك جمعتها‬ ‫دينية طافحة بالخرافات والساطير وتم ّ‬
‫وزارة المعارف وفرزتها لجنة من العلماء في ‪ 150‬شول ً وأمر بها فُأحرقت)‬
‫‪.(12‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫ما بالنسبة لموقفه ُتجاه فلسطين‪ ،‬فلقد حاول الصهاينة منذ َبدء هذه الحركة‬ ‫أ ّ‬
‫التصال بالسلطان عبد الحميد لقناعه بفتح الهجرة اليهودية إلى فلسطين‪،‬‬
‫والسماح لهم بإقامة مستوطنات للقامة فيها‪ ،‬وقد قام هرتزل باتصالته تلك‬
‫برعاية من الدول الستعمارية الوروبية‪ ،‬وكان هرتزل يعلم مدى الضائقة‬
‫المالية التي تمّر بها الدولة العثمانية‪ ،‬لذلك حاول إغراء السلطان بحل‬
‫ن السلطان ما وهن‬ ‫مشاكل السلطنة المالية مقابل تنفيذ مطالب اليهود؛ ولك ّ‬
‫وما ضعف وما استكان أمام الغراء حينا ً والوعد والوعيد حينا آخر حتى أدرك‬
‫ً‬
‫ن‬
‫اليهود في النهاية أّنه ما دام السلطان عبد الحميد على عرش السلطنة فإ ّ‬
‫ل بعيد المنال)‪ ،(13‬وَيشهد لذلك ما جاء‬ ‫حلمهم بإنشاء وطن قومي لهم سيظ ّ‬
‫كرات هرتزل نفسه الذي‬ ‫في بروتوكولت حكماء صهيون وما جاء في مذ ّ‬
‫يقول بمناسبة حديثه عن مقابلته للسلطان‪" :‬ونصحني السلطان عبد الحميد‬
‫بأن ل أتخذ ّ أية خطوة أخرى في هذا السبيل‪ ،‬لّنه ل يستطيع أن يتخّلى عن‬
‫شبر واحد من أرض فلسطين إذ هي ليست ملكا ً له‪ ،‬بل لمته السلمية التي‬
‫قاتلت من أجلها وروت التربة بدماء أبنائها‪ ،‬كما نصحني بأن يحتفظ اليود‬
‫بملينهم وقال‪ :‬إذا تجّزأت امبراطوريتي يوما ً ما فإنكم قد تأخذونها بل ثمن‪،‬‬
‫ي من أرى فلسطين قد‬ ‫ن عمل المبضع في بدني لهون عل ّ‬ ‫ي فإ ّ‬
‫ما وأنا ح ّ‬‫أ ّ‬
‫بترت من امبراطوريتي وهذا أمر ل يكون")‪.(14‬‬
‫لذلك عندما لم يستطع اليهود أن يأخذوا فلسطين بالرشوة‪ ،‬بدأوا بتنفيذ‬
‫مخططاتهم فقد دفعت تلك الموال التي رفضها عبد الحميد للمتآمرين‬
‫والخائنين من أعضاء جمعية التحاد والترقي الذي كان معظمهم من‬
‫الماسونيين فنفذوا مؤامراتهم بالقضاء على الخلفة السلمية وخلع السلطان‬
‫م نفيه إلى )قصر التيني( الذي كان يملكه شخص يهودي‬ ‫عبد الحميد)‪ ،(15‬وت ّ‬
‫إمعانا ً في إذلله حيث عاش معزول عن الناس محاطا بحراسة مش ّ‬
‫ددة بعد‬ ‫ً‬ ‫ً‬

‫‪177‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫م نفي بعد ذلك إلى )قصر بيلربي( حيث توفي عن‬ ‫رد من كل ثروته ث ّ‬ ‫ج ِ‬‫أن ُ‬
‫ً‬
‫عمر الـ ‪ 76‬عاما في )‪ 10‬شباط ‪ ،(1918‬وترك الدولة العثمانية تواجه‬
‫أقدارها تتلعب بها أيدي الخائنين والحاقدين والطامعين حّتى حولوا تركيا‬
‫الدولة التي حضنت الخلفة السلمية قرونا ً إلى دولة علمانية شرسة في‬
‫محاربة السلم‪.‬‬
‫ن الصورة التي رسمت للسلطان عبد الحميد هي جزء من مخطط كبير‬ ‫إ ّ‬
‫يهدف‪:‬‬
‫ل‪ :‬إلى تشويه تاريخ المسلمين وتزييف ماضي المة وتهميش رموزها‬ ‫أو ً‬
‫وتغييب أعلمها عن ذاكرة أبنائها ليقتلوا فيهم إعتزازهم بدينهم وتراثهم‬
‫ففوا بعد ذلك من أثر العقيدة الصحيحة في النفوس وما يمكن أن تؤديه‬ ‫وليخ ّ‬
‫في حياة الناس‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬تعبئة هذا الفراغ بصنع تاريخ جديد أبطاله تشي غيفارا وفرويد وداروين‬
‫وكارل ماركس وطابور المطربين والمطربات والممثلين والممثلت‪ ،‬كل ذلك‬
‫عن طريق المدارس والجامعات والصحف والتلفاز والسينما والنترنت‬
‫وغيرها‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬تنشئة أجيال من المسلمين ل يحملون من السلم إل اسمه ليكون‬
‫الداة التي ُتستخدم لتدمير السلم من الداخل كما تفعل الحشرة في باطن‬
‫الثمرة)‪.(17‬‬
‫لذلك ل بد ّ لنا من أن نقف إزاء التاريخ وخصوصا ً أمام أعلمه موقف عدل‬
‫وإنصاف وأن نحاول التمييز ما بين الغث والسمين ونحاول أيضا ً إزالة ما عَِلق‬
‫من شبهات وافتراءات حتى تظهر لنا الصورة بأكملها بسوادها وبياضها دون‬
‫تغليب السواد على البياض‪ ،‬لذلك واجبنا كمسلمين هو أن نمييز بين عهدين‪،‬‬
‫عهد السلطان عبد الحميد الذي انتهى عام ‪1908‬م‪ ،‬والذي اتسم بشهادة‬
‫المؤرخين غير المتعصبين بالعدل والتسامح؛ حيث عمل السلطان على جمع‬
‫القلوب وعلى تقدير العلماء وإنشاء المدارس والمساجد وإعطاء الحقوق‬
‫للطوائف الخرى حتى حاز على محّبة الناس وثقتهم‪ ،‬وما بين حكم التحاديين‬
‫الذي يمّتل أسود صفحات الحكم التركي ولًء للصهيونية وضرب للوحدة‬
‫السلمية وإعلًء للحركة الطورانية‪ ،‬ومحاولة لتتريك العرب في سوريا ولبنان‬
‫وتعليق زعمائهم على المشانق)‪.(18‬‬
‫لذلك لو ذكر فقط الموقف المشّرف للسلطان عبد الحميد ُتجاه فلسطين‪،‬‬
‫والذي بسببه حكم السلطان على نفسه بالنفي وعلى عرشه بالخلع وعلى‬
‫سمعته بالتشويه وعلى تاريخ خلفته بالفتراء والتجريح لكفى ذلك لجعله من‬
‫ن عّز فيه‬ ‫ً‬
‫البطال الذي يجب أن ل تنساهم أمتنا خصوصا اليوم‪ ...‬في زم ٍ‬
‫الرجال أمثاله الذين ل يميلون حيث تميل بهم الريح؛ لذلك صدق فيه قول‬
‫ق‬
‫المام علي رضي الله عنه‪" :‬ل ُيعرف الحقّ بالرجال ولكن اعرف الح ّ‬
‫تعرف أهله"‪.‬‬
‫وهناك دوما ً في كل زمان ومكان منصفون ُيجري الله الحقّ على لسانهم‬
‫لُيزهقوا به الباطل وخصوصا ً ك ُّتاب الغرب الذين شهدوا بما أملهم عليهم‬
‫ضميرهم وفي مقدمتهم )لوثروب ستيوارت( في كتابه‪) :‬حاضر العالم‬
‫ل الله على الرض(‬ ‫السلمي( ود)آلما والتن( في كتابها‪) :‬عبد الحميد ظ ّ‬
‫والبروفيسور ورئيس جامعة بودابست اليهودي )أرمينيوس وامبري( الذي زار‬
‫تركيا عام ‪1890‬م‪ ،‬والتقى السلطان‪ ،‬وقال عنه في كتاب )‪ 31‬مارت( ص‬
‫‪ 62-61‬قائل ً ‪:‬‬

‫‪178‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫خُلق وأدب رفيع جدا ً يعكس التربية‬ ‫"إرادة حديدية‪ ،‬عقل سليم‪ ...‬شخصية و ُ‬
‫العثمانية الصيلة‪ ،‬هذا هو السلطان عبد الحميد ول تحسبوا معلوماته الواسعة‬
‫تخص المبراطورية العثمانية المنهكة وحدها فمعلوماته حول أوروبا وآسيا‬
‫وأفريقيا حتى حول أمريكا معلومات واسعة وهو يراقب عن كثب جميع‬
‫الحوادث في هذه الماكن‪ ...‬والسلطان متواضع ورزين إلى درجة حّيرتني‬
‫شخصيا ً وهو ل يجعل جليسه يشعر بأّنه حاكم وسلطان كما يفعل كل الملوك‬
‫ب الفخفخة‪ ،‬أفكاره عن‬ ‫الوروبيين في كل مناسبة‪ ،‬يلبس ببساطة ول ُيح ّ‬
‫سك بدينه غاية‬ ‫الدين والسياسة والتعليم ليست رجعية‪ ،‬ومع ذلك فإّنه متم ّ‬
‫سك‪ ،‬يرعى العلماء ورجال الدين ول ينسى بطريرك الروم من عطاءاته‬ ‫التم ّ‬
‫صبا ً ضد‬
‫ن بعض ساسة أوروبا يريدون أن يصوروا السلطان متع ّ‬ ‫الجزيلة‪ ،‬إ ّ‬
‫المسيحيين وليس هناك إدعاء فارغ أكثر من هذا الدعاء‪ ...‬الحقيقة أنني‬
‫ل ثقة إّنه إذا استمّر التراك بالسير في الطريق الذي‬ ‫أستطيع أن أقول وبك ّ‬
‫رسمه هذا السلطان‪ ،‬وإذا لم يظهر عائق سياسي؛ فإنهم سيسترجعون‬
‫مجدهم وقوتهم وأكثر من ذلك فإنهم سيصلون إلى مستوى الدول الوروبية‬
‫دة قصيرة"‪.‬‬ ‫في مجال الثقافة والقتصاد في م ّ‬
‫وصدق الله تعالى في قوله‪:‬‬
‫م نوره ولو كره‬ ‫)يريدون أن ُيطفئوا نور الله بأفواههم‪ ،‬ويأبى الله إل أن ُيت ّ‬
‫الكافرون(‪.‬‬
‫قالوا في السلطان عبد الحميد الثاني رحمه الله‬
‫ن السلطان عبد الحميد لو وزن مع ‪ 4‬من نوابغ‬ ‫• ‪ ...‬جمال الدين الفغاني‪) :‬إ ّ‬
‫رجال العصر لرجحهم ذكاء ودهاء وسياسة(‪.‬‬
‫• ‪ ...‬البطريرك الماروني الياس الحويك‪) :‬لقد عاش لبنان وعاشت طائفتنا‬
‫المارونية بألف خير وطمأنينة في عهد السلطان عبد الحميد الثاني‪ ،‬ول نعرف‬
‫ماذا تخبىء لنا اليام بعده(‪.‬‬
‫من أقوال السلطان عبد الحميد الثاني رحمه الله‬
‫) يجب تقوية روابطنا ببقية المسلمين في كل مكان‪ ،‬يجب أن نقترب من‬
‫بعضنا البعض أكثر وأكثر‪ ،‬فل أمل في المستقبل إل بهذه الوحدة‪ ،‬ووقتها لم‬
‫يحن بعد‪ ،‬لكنه سيأتي اليوم الذي يتحد فيه كل المؤمنين وينهضون نهضة‬
‫واحدة ويقومون قومة رجل واحد يحطمون رقبة الكفار (‪.‬‬
‫هوامش‬
‫دماء الذي سفكها بزعمهم‪.‬‬ ‫قب بذلك لكثرة ال ّ‬ ‫* السلطان الحمر ل ّ‬
‫* غلدستون‪ :‬رئيس وزراء بريطانيا‪.‬‬
‫* "الرجل المريض" مصطلح أطلقته الدول الوروبية على الدولة العثمانية‬
‫في أواخر أيامها‪.‬‬
‫* ومنها مكتبة المدرسة الحميدية في عكار )مشحة( التي ما زالت قائمة إلى‬
‫اليوم‪ ،‬ول يزال ختمه على كتبها‪.‬‬
‫‪-1‬‬
‫"والدي السلطان عبد الحميد " مذكرات الميرة عائشة أوغلي ص‪.77-76:‬‬
‫‪-2‬‬
‫"السلطان عبد الحميد" محمد أورخان علي ص‪.148:‬‬
‫‪-3‬‬
‫المصدر نفسه ص ‪.87‬‬

‫‪179‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪-4‬‬
‫"والدي السلطان عبد الحميد" مذكرات الميرة عائشة عثمان أوغلي ص ‪.80‬‬
‫‪-5‬‬
‫"السلطان عبد الحميد" لمحمد أوخان علي ص ‪.88 -87‬‬
‫• ‪ ...‬الرجل المريض مصطلح أطلقته الدول الوروبية على الدولة العثمانية‬
‫في أواخر أيامها‪.‬‬
‫سان حلق "دور اليهود والقوى الدولية في خلع السلطان‬ ‫‪ -6‬راجع كتاب د‪ .‬ح ّ‬
‫عبد الحميد عن العرش"‪.‬‬
‫‪" -7‬السلطان عبد الحميد" محمد أورخان علي ص ‪.155‬‬
‫‪ -8‬نفس المصدر ص ‪157‬‬
‫‪ -9‬راجع كتيب "السلطان عبد الحميد الثاني" لنور الجندي‪.‬‬
‫‪"-10‬اللوبي الصهيوني والحلف الستعماري" لمحمد علي سرحان ص‪.135 :‬‬
‫‪"-11‬السلطان عبد الحميد" أنور الجندي ص‪.25 :‬‬
‫‪-12‬نفس المصدر‪.‬‬
‫‪-13‬السلطان عبد الحميد الثاني" لرفيق شاكر النتشه ص‪. 183 ، 178 :‬‬
‫‪ "-14‬مكايد اليهود عبر التاريخ" لعبد الرحمن الميداني ص‪.275 :‬‬
‫‪-15‬المصدر نفسه ص‪.279 :‬‬
‫‪-16‬راجع كتاب " مذكرات السلطان عبد الحميد" للدكتور محمد حرب ص‪:‬‬
‫‪.234 ،58‬‬
‫‪-17‬راجع كتاب "أجنحة المكر الثلثة" لعبد الرحمن حبْنكة الميداني‪.‬‬
‫‪-18‬راجع كتاب " تصحيح أكبر خطأ في تاريخ السلم الحديث" للدكتور‪ :‬أنور‬
‫الجند‬

‫)‪(4 /‬‬

‫السلطان عبد الحميد‬


‫) صفحة ناصعة من الجهاد واليمان والتصميم لمواجهة تحديات الستعمار‬
‫والصهيونية(‬
‫الستاذ أنور الجندي‬
‫ما نحسب أن شخصية في التاريخ السلمي المعاصر لقيت من الغبن والظلم‬
‫والعنات ما لقيت شخصية السلطان عبد الحميد الثاني‪ ،‬ولكن هذه السحابة‬
‫ما لبثت أن انجابت بعد سنوات طوال‪ ،‬وتكشفت حقيقة هذا الرجل واستعلن‬
‫موقفه الصامد‪ ،‬وجهاده الباسل ومقاومته العنيدة للمؤامرة الضخمة التي‬
‫حاولت أن تستغله وتخدعه أو تغريه‪ ،‬ولكنه رفض الوعد والغراء‪ ،‬وتحمل‬
‫الوعيد والتآمر صابرا ً صامدا ً طوال حياته وسنواته الطويلة بعد موته‪.‬‬
‫وقد ظل الغموض يحيط بموقف السلطان عبد الحميد أكثر من خمسين‬
‫ل‪ ،‬لقد تولى السلطان ‪ 1876‬م‪ ،‬وخلع‬ ‫عامًا‪ ،‬ثم لم يلبث أن تكشف قليل ً قلي ً‬
‫‪ 1909‬م وتوفي ‪ 1918‬م‪.‬‬
‫وكانت حملت الصحف المارونية قد بدأت منذ تبين صلبة موقف الرجل‪ ،‬وقد‬
‫استمرت هذه الحملت حتى دخلت إلى كتب الدب والتاريخ المقررة على‬
‫المدارس في أغلب البلد العربية وظلت هذه الكتابات تلح على تصوير‬
‫السلطان عبد الحميد بصورة الطاغية‪ .‬المتسلك فترة تزيد على خمسين‬
‫عامًا‪ ،‬ثم بدأ ينكشف موقف السلطان عبد الحميد جزئيا ً بعد ترجمة‬
‫بروتوكولت حكماء صهيون التي كشفت مخطط المؤامرة على الدولة‬

‫‪180‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫العثمانية والخلفة‪ ،‬ثم تكشفت بصورة أوسع بعد ترجمة مذكرات هرتزل‬
‫الذي روى بإفاضة وتوسع قصة الوساطة بينه وبين السلطان وعروضه ورد‬
‫السلطان عليه‪.‬‬
‫رجل أريب‪:‬‬
‫ومن أهم ما يكشف عنه تاريخ السلطان عبد الحميد هو ذلك الفهم الوافر‬
‫العميق للمؤامرة اليهودية الصهيونية‪ ،‬الممتدة من الماسونية إلى الدونمة إلى‬
‫جماعة التحاد والترقي بكل أبعادها وأهدافها‪ ،‬هذه التي كانت خافية على‬
‫ظاهر المواقف السياسية في البلد العربية السلمية في ذلك الوقت‪ ،‬وكانت‬
‫غامضة على الرأي العام في وقتها‪ ،‬بينما كانت واضحة مفهومة لدى‬
‫السلطان‪.‬‬
‫وكانت تصرفاته استجابة لهذه الخفايا التي كانت تدبر‪ ،‬ولم تكن مكشوفة إل‬
‫للقلة‪ ،‬وكل ما نسب إلى السلطان عبد الحميد من اتهام بالرجعية أو الجمود‬
‫أو العنف‪ ،‬إزاء التحاديين أو الدستور أو الحريات‪ ،‬إنما كان ينطلق من فهمه‬
‫لبعاد المؤامرة التي كان يدبرها التحاديون التراك مع اليهود الدونمة والقوى‬
‫الخارجية‪ ،‬وإفساح المجال أمام تحقيق مؤامراتهم‪ ،‬بعد أن تبين لهم رفضه‬
‫الصريح للعروض اليهودية التي قدمها له هرتزل وعدد آخر من اليهود – على‬
‫ما فيها من إغراء – مادي لدولة مدينة في ذلك الوقت‪ ،‬وقد ظلت هذه‬
‫الحقائق غامضة‪ ،‬حتى تكشفت من بعد أسرار الماسونية ومخطط الصهيونية‪.‬‬
‫دهاء السلطان عوض عن ضعف الدولة‪:‬‬
‫ولعل أبرز ما تميز به السلطان عبد الحميد الذي حكم من )‪ 1876‬م إلى‬
‫‪ 1909‬م( هو تلك البراعة والذكاء الخارقين‪ .‬حتى وصفه أعداؤه قبل أنصاره‬
‫بأنه أعظم داهية في عصره‪.‬‬
‫ويمكن القول أن هذا الرجل حين رأى الدولة العثمانية وقد فقدت التفوق في‬
‫القوة العسكرية التي يمكن بها أن تقهر أعداءها فقد فتح الله تبارك وتعالة له‬
‫بابا ً من التعويض عن طريق ذلك الدهاء القوي‪ ،‬فاستطاع خلل هذه الفترة‬
‫الطويلة من حكمه والتي بدأت فيها تلك المؤامرة الخطيرة‪ ،‬أن يواجه المر‬
‫بحكمة أزعجت خصومه وأعجزتهم‪.‬‬
‫والمعروف أنه في عام ‪ 1897‬م اجتمع مؤتمر بال وقرر اختيار فلسطين‬
‫لقامة الوطن القومي اليهودي‪ ،‬وتحدد أمر التصال بالسلطان والدولة‬
‫العثمانية‪ ،‬ومن ثم بدأت المعركة الخفية بين السلطان واليهود‪ ،‬وخاصة بعد‬
‫أن تبين لهم إصراره على عدم التسليم لهم بأي مطمع في فلسطين‪.‬‬
‫وكان السلطان عبد الحميد قبل ذلك قد أمضى عزيمته في الدعوة إلى‬
‫الجامعة السلمية‪ ،‬وتجميع المسلمين من خارج الدولة العثمانية تحت لواء‬
‫الخلفة‪ ،‬لمواجهة خطر النفوذ الستعماري الزاحف على العالم السلمي‪.‬‬
‫ولقد بقيت صيحته استجابة في خارج الدولة العثمانية – بوصفه زعيما ً للعالم‬
‫السلمي كله وليس للدولة العثمانية وحدها – والتف حوله العرب المسلمون‬
‫والفرس والترك‪ ،‬لتعضيد الخلفة وللزود عنها دون قيد أو شرط‪.‬‬
‫وكان من أخطر هذه النجازات تصفية موقف الخلف بين تركيا وفارس وبين‬
‫السنة والشيعة‪ ،‬ومن كلماته في هذا الصدد‪ :‬أن السم القديم يجب أل يسري‬
‫في جسد آسيا القوى وعلى السنيين والشيعة أن يتحدوا لمقاومة أوربا في‬
‫محاولتها قهر العالم‪.‬‬
‫المؤرخون ورأيهم‪:‬‬
‫ويرى المؤرخون أن عبد الحميد لما تولى الخلفة سنة ‪ 1876‬م‪ ،‬وجد أن‬
‫سلح الدهاء السياسي هو السلح الوحيد الذي يستطيع به أن يواجه مؤامرات‬

‫‪181‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الغرب )الستعمار والصهيونية وروسيا القيصرية( التي كانت منذ سنوات‬


‫طوال تحيك المؤامرات للقضاء على الدولة العثمانية‪ ،‬بوصفها ممثلة للوحدة‬
‫السلمية القائمة بين العرب والترك‪ ،‬ومن ثم أخذ يوسع دائرة هذه الوحدة‬
‫لتشمل مسلمي العالم كله‪ ،‬ومن ذلك كانت صيحته "يا مسلمي العالم‬
‫اتحدوا" إزاء الغزو الستعماري‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫فقد أخذ يستصرخ المم السلمية في كل رقعة من رقاع العالم السلمي‪،‬‬


‫لللتفاف حول دولة الخلفة لتكوين قيادة عامة للمسلمين جميعًا‪ ،‬سنة وشيعة‬
‫عربا ً وفرسا ً وتركًا‪ ،‬وقد جمع السلطان عبد الحميد حوله عددا ً كبيرا ً من‬
‫زعماء العرب والبلد السلمية‪ ،‬وقد شعرت إنجلترا وفرنسا وهما الدولتان‬
‫اللتان كانتا تحكمان قهرا ً أكبر عدد من المسلمين – بحرج الموقف إزاء‬
‫التفاف العالم السلمي حول الخليفة وحسبت لذلك ألف حساب‪ ،‬ل سيما‬
‫حينما أيدته ألمانيا العدوة لهذه الدول‪ ،‬وحين كسر الخلف مع الشيعة‪ ،‬وبدأ‬
‫بعقد صلح معهم بعد استقدام جمال الدين الفغاني‪ ،‬وحين بدأ يتخذ السلوب‬
‫العصري في الوحدة بإقامة سكة حديد الحجاز‪ ،‬وقد جمع لها سبعة مليين من‬
‫الدنانير‪ ،‬وكذلك سكة حديد بغداد‪.‬‬
‫وقد أشارت الدكتورة الماولتن في كتابها عنه‪ ،‬أنه كان لديه أربعون ألفا ً من‬
‫الدعاة للوحدة السلمية‪ ،‬ممن كانوا في القسطنطينية من طلبة المعاهد‬
‫السلمية‪ ،‬وقد وجه دعوته إلى روسيا وشمال أفريقيا والهند والصين‪ ،‬وإلى‬
‫المسلمين أينما وجدوا ومن أي جنس كانوا‪ ،‬وقد حدث هذا في الوقت الذي‬
‫كانت الدول الوربية تترقب بفارغ الصبر موت "دولة الرجل المريض"‬
‫لتقسيم ميراثها وتوزيع أرثها فيما بينها‪.‬‬
‫رجل يرجح عظماء العصر‪:‬‬
‫وليس أدل على براعة السلطان عبد الحميد‪ ،‬من عبارة السيد جمال الدين‬
‫الفغاني الذي قال‪ ،‬بعد أن التقى بالسلطان وتعرف إلى مشروعه في‬
‫الجامعة السلمية وأسلوبه في العمل السياسي مع دول أوربا‪" :‬إن السلطان‬
‫عبد الحميد لو وزن مع أربعة من نوابغ العصر لرجحهم ذكاء ودهاء وسياسة"‬
‫فل عجب إذا رأيناه يذلل ما يقام لملكه من الصعاب من دول الغرب أنه يعلم‬
‫دقائق المور السياسية ومرامي الدول الغربية‪ ،‬وهو معد لكل هوة تطرأ على‬
‫الملك مخرجا ً وسلمًا‪ .‬وأعظم ما أدهشني ما أعده من خفى المسائل وأمضى‬
‫العوامل كي ل تتفق أوربا على أمر خطير في الممالك العثمانية وكان يراها‬
‫عيانا ً محسوسًا‪ :‬إن تجزئة السلطنة العثمانية ل يمكن أن تقع إل بخراب‬
‫الممالك الوربية بأسرها‪ ،‬وكلما حاولت دول البلقان الخروج على الدول‬
‫بحرب‪ ،‬كان السلطان يسارع بدهائه العجيب لحل عقد ما ربطوه وتفريق ما‬
‫جمعوه"‪.‬‬
‫وقد وصفت خطة السلطان بأنها تمثل "سياسة التوازن الدولي" التي كان‬
‫من شأنها أن تبقى الدول الغربية متحاسدة متنابذة في المور التي تتعلق‬
‫بتركيا ومستقبلها‪.‬‬
‫ليس الخلص في المدنية الغربية‪:‬‬
‫وقد أشارت الدكتورة الماولتن إلى أن السلطان عبد الحميد كان أول من‬
‫تجرأ – بعد مائتي عام من الهزيمة والتقهقر – على تحدي العالم الغربي‪،‬‬
‫ومن ذلك قوله‪" :‬يجب أل ندع الغرب يبهرنا فإن الخلص ليس في المدنية‬

‫‪182‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الوربية وحدها"‪ ،‬وقوله‪" :‬إن تركيا هي نافذة السلم التي سيشع منها النور‬
‫الجديد"‪.‬‬
‫وقد وجدت دعوته أصداء واسعة وكان لتنقلت الدعاة‪ ،‬والمبشرين المسلمين‬
‫إلى هذه المسافات البعيدة التي كان عليهم أن يقطعوها للوصول إلى‬
‫الجماعات السلمية المتفرقة‪ ،‬كان لذلك أبعد الثر في النتائج الحاسمة‬
‫السريعة فكان يتلقى الوفد الرسائل والوثائق الرسمية من مختلف أنحاء‬
‫العالم تتضمن تأييد المليين للسلطان إيمانا ً بفكرته وتعلقا ً بحركة الجامعة‬
‫السلمية‪.‬‬
‫وأشار تقرير سفير بريطانيا لدى الباب العالي سنة ‪ 1907‬م إلى هذا الخطر‬
‫بقوله‪" :‬يمكننا أن نقرر أن من أهم حوادث السنوات العشر الخيرة على‬
‫القل )‪ 1907–1798‬م( خطة السلطان الباهرة‪ ،‬التي استطاع أن يظهر بها‬
‫أمام ‪ 300‬مليون مسلم في ثوب الخليفة – الذي هو الرئيس الروحي في‬
‫الدين السلمي – وأن يقيم لهم البرهان على قوة شعوره الديني وغيرته‬
‫الدينية ببناء سكة حديد الحجاز ونتيجة لهذه السياسة فقد أصبح حائرا ً على‬
‫خضوع رعاياه له خضوعا ً أعمى"‪.‬‬
‫عملن جليلن‪:‬‬
‫وأشار كثير من المؤرخين إلى العملين الكبيرين – اللذين عجل بإسقاط‬
‫السلطان عبد الحميد – وهما‪:‬‬
‫إنهاء الخلف بين السلطان والشاه وتصافحهما‪ ،‬هذا الخلف الذي كان منذ‬
‫مدة طويلة ينخر في عظام العالم السلمي‪.‬‬
‫قرار مد خط حديدي إلى مكة المكرمة كجزء من خطة الجامعة السلمية‬
‫لمساعدة آلف المسلمين على أداء فريضة الحج‪ ،‬وقد نهض بالمشروع في‬
‫حماسة بالغة وحشد له كل ما استطاع من جهد مادي وبشري‪ ،‬حتى أتم‬
‫إنجازه بسرعة خارقة وبدون أي عون من أوربا‪.‬‬
‫ً‬
‫وقالت الدكتوره الماولتن‪" :‬لقد استطاع أن يقود تركيا بعيدا عن الكارثة‬
‫بمناوراته السياسية البارعة‪ ،‬موازنا ً بين مقاطعاته ودول أوربا‪ ،‬مستحثا ً الهمم‬
‫رافعا ً المال‪ ،‬موجها ً انتباه العالم نحو أشياء جديدة‪ ،‬كلما كان التوتر يهدد بأن‬
‫يصبح حادًا‪.‬‬
‫وكانت خطته لستعادة قوة تركيا ومجدها عن طريق توحيد العالم السلمي‬
‫تقترب من النجاح‪.‬‬
‫العنصريات والقوميات‪:‬‬

‫)‪(2 /‬‬
‫ومن هذه النقطة ضرب السلطان عبد الحميد‪ ،‬فقد كان يواجه تيارا ً ضخما ً‬
‫من المطامع للدول الوربية والصهيونية وروسيا في تمزيق امبراطوريته‪،‬‬
‫وكان السلح هو تسليط سلح العنصرية الذي حمله رجال تركيا الفتاة‬
‫والتحاد والترقي للوصول إلى فلسطين‪ ،‬وواجه السلطان عبد الحميد هذا‬
‫المخطط بقوة وبسالة‪ ،‬وفي نفس الوقت الذي بدأ فيه هرتزل محاولته‬
‫لمقابلة السلطان‪ ،‬كان السلطان قد أصدر أوامره بفصل "سنجق القدس" –‬
‫مركزي وإداري – عن ولية سوريا عام ‪ 1887‬م وإخضاعه لدارته المباشرة‪،‬‬
‫بمجرد أن تكشفت له المرامي البعيدة وراء المخططات الصهيونية‪.‬‬
‫وعندما شرع هرتزل يفكر في مقابلة السلطان ملتمسا ً مختلف الوسائل‬
‫والطرق ليسترعي انتباه الباب العالي‪ ،‬كان عبد الحميد واعيا ً لكل المحاولت‪،‬‬

‫‪183‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فقد سعى هرتزل لدى بسمارك حيث كانت ألمانيا حليفة لتركيا‪ ،‬وسعى عند‬
‫كثيرين من الشخصيات البارزة‪ ،‬وكان هدفه أن يقنع السلطان بإعطائهم‬
‫مساحة من الرض‪ ،‬مقابل استعداد اليهود لدعم مالية الدولة العثمانية والتأثير‬
‫على الرأي العام الوربي ليقف إلى جانب السلطان‪.‬‬
‫وتعددت المحاولت‪ ،‬واستمع إليه السلطان حيث دار الحديث حول مشاكل‬
‫الدولة العثمانية وتصفية الدين العام وعرض هرتزل خمسين مليونا ً من‬
‫الجنيهات الذهبية للدولة‪ ،‬وخمسة مليين لخزينة السلطان الخاصة‪.‬‬
‫حسم وحرم‪:‬‬
‫ً‬
‫ولكن السلطان كان متشبثا بموقفه المعارض للهجرة اليهودية‪ ،‬ولما توالت‬
‫العروض حسم الموقف في حزم‪.‬‬
‫"أنصح للدكتور هرتزل أن ل يسير أبدا ً في هذا المر‪ ،‬ل أقدر أن أبيع ولو قدما ً‬
‫واحدا ً من البلد‪ ،‬لنها ليست لي بل لشعبي ولقد حصل شعبي على هذه‬
‫المبراطورية بإراقة الدماء وقد غذاها بعد بدمائه‪ ،‬وسوف نغطيها بدمئانا قبل‬
‫أن نسمح لحد باغتصابها منا‪.‬‬
‫ليحتفظ اليهود بمليينهم فإذا ما قسمت المبراطورية فقد يحصل اليهود على‬
‫فلسطين بدون قتال‪ ..‬إننا لن نقسم إل جثثًا‪ ،‬ولن أقبل بتشريح أجسادنا لي‬
‫غرض كان )يونيو ‪ 1896‬م("‪.‬‬
‫ولما توالت النذر أصدر السلطان عبد الحميد في يونيه ‪ 1898‬م أمرا ً بمنع‬
‫اليهود الجانب من دخول فلسطين دون تمييز بين جنسياتهم‪.‬‬
‫التهديد والتآمر‪:‬‬
‫ولما استيأس هرتزل من السلطان عبد الحميد بعد الغراء بدأت مرحلة‬
‫التهديد‪ ،‬فاستخدم اليهود قدراتهم في التآمر للقضاء على الدولة العثمانية‪،‬‬
‫مؤكدين مؤامرتهم على السلطان عبد الحميد بالذات‪ ،‬لنه كان العقبة الكؤود‬
‫في طريقهم‪ ،‬فرموه بكل منقصة وأظهروه للمة في أبشع صوره‪.‬‬
‫وانطلقت أبواقهم من الصحف المارونية الموجهة من الماسونية والنفوذ‬
‫الجنبي تحمل عليه‪ :‬المقطم والهرام والمقتطف والهلل‪ ،‬وكتابات جرجي‬
‫زيدان وسليم سركيس وفارس نمر‪ ،‬تصفه بالسلطان الحمر‪ ،‬وألف جرجي‬
‫زيدان قصة الستبداد العثماني ورمى السلطان بعشرات من التهامات‬
‫الباطلة تمهيدا ً للقضاء عليه وجرت محاولة اغتياله ثم إسقاطه‪.‬‬
‫ملعب الهواء‪:‬‬
‫وقد نجح اليهود في إخراج جمعية التحاد والترقي إلى ملعب أهوائهم‬
‫السياسية‪ ،‬وقد كانت هذه الجمعية هي القناع الخارجي الذي يقنعت به‬
‫جماعة الدونمة المتظاهرين بالسلم من يهود إسبانيا‪ ،‬الذين اتخذوا من مدينة‬
‫سالونيك مقاما ً لهم بعد فرارهم من محاكم التفتيش السبانية‪ ،‬وقد جاءوا‬
‫بالنقلب العثماني الذي بيتوا له منذ نصف قرن حتى تم على أيدي مسلمين‬
‫كانوا يهودا ً في الصل فأسلموا لجل هذه الغاية‪.‬‬
‫وقد أسلم النقلب زمام تركيا لليهود الماسون الدونمة )طلعت وجاويد‬
‫وجمال ونيازي وكمال( الذين دفعوا تركيا بتوجيه )وايزمان( لخوض حرب ل‬
‫ناقة لهم فيها ول جمل سلموها لليهود الذين يتكلمون التركية‪.‬‬
‫ويقول الدكتور الزعبي في كتابه )الماسونية في العراء(‪:‬‬
‫كان اليهود يرون السلطنة العثمانية – وهي شبح مخيف للخلفة السلمية –‬
‫خطرا ً على مستقبلهم‪ ،‬وقد زار هرتزل السلطان وعرض عليه عروضا ً مغرية‬
‫فرفض‪ ،‬فقرر المحفل الماسوني الكوني خلع السلطان عبد الحميد‪ ،‬وكلف‬
‫"فرسان تركيتا الحكماء المستنيرين" بتنفيذ القرار فنفذوه عام ‪ 1909‬م‪.‬‬

‫‪184‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يقول السيد رشيد رضا‪ :‬لقد كان السلطان عبد الحميد عدوا ً للجمعية‬
‫الماسونية‪ ،‬لعتقاده أنها جمعية سرية وأن غرضها هو إزالة السلطة الدينية‬
‫من حكومات الرض‪ ،‬وقد تنفس الزمان للماسون بعد النقلب الذي كان لهم‬
‫فيه أصابع معروفة‪ ،‬فأسسوا شرقا ً – محفل ً – عثمانيا ً أستاذه العظم طلعت‬
‫بك ناظر الداخلية‪ ،‬وأركانه جمعية التحاد والترقي وأنصارها من اليهود‬
‫وغيرهم‪ ،‬ولجل هذا نرى طلعت بك ل يبالي بسخط المة ول برضاها‪ ،‬في‬
‫إدارته التي استغاثت منها المملكة بولياتها الستة كلها‪ ،‬ما عدا ولية سلنيك‪،‬‬
‫وسلنيك هي مقر السلطة الحقيقية في المملكة )المنار م ‪ 14‬ص ‪.(80‬‬
‫الخطر المحيط‪:‬‬
‫يقول جواد رفعت في كتابه "الخطر المحيط بالسلم"‪:‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫"إن الشخص الوحيد في تاريخ الترك جميعه‪ ،‬الذي عرف حقيقة الصهيونية‬
‫"والسباتائية" وقدر أضرارهما على الترك والسلم وخطرهما المحدق تماما ً‬
‫وكافح معهما مدة طويلة بصورة جدية لتحديد شرورهم‪ ،‬هو السلطان‬
‫العثماني‪ :‬الثالث والثلثون )عبد الحميد الثاني( فقط‪ ،‬وإن هذا السلطان‬
‫التركي العظيم كافح هذه المنظمات الخطيرة مدة ثلث وثلثين سنة بذكاء‬
‫وعزم وبإرادة مدهشة جدا ً كالبطال"‪.‬‬
‫ويتساءل الناس‪ :‬لماذا يقف السلطان عبد الحميد ضد الدستور ويتحرز من‬
‫هؤلء الحرار وأنه كان يعرف أنهم صناعة المحافل المساونية‪ ،‬وأنهم كانوا‬
‫في مخطط الصهيونية العالمية التي قررت إسقاط عبد الحميد بأي ثمن‪،‬‬
‫بالتفاق مع الستعمار العالمي الذي كان يطمع في دحر فكرة الجامعة‬
‫السلمية أكبر خطر واجه حركة الزحف الستعماري الحديث على يد عبد‬
‫الحميد‪ ،‬لقد قاوم ‪ 33‬عاما ً تجاه شبكتهم المبثوثة في جميع أنحاء العالم‪،‬‬
‫ومنظماتهم التي أحدثوها وأسلوب دعايتهم وافرتاءاتهم الكاذبة الشنيعة"‪.‬‬
‫التنفيذ‪:‬‬
‫ً‬
‫ويقول المؤرخون المنصفون‪ :‬إن اليهود أخذوا توا في تنفيذ المادة الخامسة‬
‫من البروتوكولت‪ :‬التي تنص على وجوب تلفيق الوقائع بحق الشخاص‬
‫المحترمين لدى الناس‪ ،‬للحط من كرامتهم وكسر اعتبارهم‪ ،‬ومن هنا بدأت‬
‫حملة الكره ضد السلطان‪ ،‬حيث لفقوا وقائه حياله وقضايا تحت اسم القتل‬
‫والحراق والغراق‪ ،‬ثم كانت مؤامرة اغتيال السلطان عبد الحميد حيث‬
‫انفجرت قنبلة على موكبة بعد صلة الجمعة‪ ،‬مقدمة لخطط ومؤامرات انتهت‬
‫بعزله‪ ،‬وسيطرة التحاديين الذين فتحوا الطريق لليهود إلى فلسطين وسلموا‬
‫طرابلس الغرب إلى إيطاليا‪.‬‬
‫يقول الستاذ طه الوالي‪ :‬كان غاية اليهود إزاحة عبد الحميد عن طريقهم‬
‫الموصل إلى فلسطين‪ ،‬ولذلك فقد تمكنوا من رشوة بعض رجال الدين‪،‬‬
‫وأغروهم بالخروج إلى الشوارح والمناداة بتطبيق الشريعة المحمدية‪ ،‬وهو ما‬
‫سمي يومئذ بحركة الرتجاع قاصدين من وراء ذلك إحاج السلطان عبد‬
‫الحميد بعد غعلن الدستور ودفع التحاديين إلى الثورة عليه‪ ،‬فيما بعد‪.‬‬
‫وقد أتت هذه الحركة الرتجاعية أكلها بالنصر لليهود فقام الجيش بحركته‬
‫الحاسمة مقتدما ً نحو يلدز‪ ،‬طالبا ً إزاحة العرش من تحت سلطانه‪ ،‬فتقدم‬
‫ثلثة في ‪ 7‬مارس ‪ 1909‬م من أعيان الدولة‪ :‬مسلم مأجور ويهودي حقود‬
‫ونصراني موتور وقدموا إليه ورقة للتنازل عن العرش‪.‬‬

‫‪185‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وقبل السلطان حقنا ً للدماء وقد صرح بذلك في رسالته إلى الشيخ محمند‬
‫أبو الشامات قال‪:‬‬
‫"إنني لم أتخل عن الخلفة السلمية لسبب ما سوى أنني بسبب المضايقة‬
‫من رؤساء جمعية التحاد المعروفة باسم )جون ترك( قد أصروا وأصروا على‬
‫بأن أصادق على تأسيس وطن قومي لليهود في الراضي المقدسة‬
‫)فلسطين(‪ ،‬ورغم إصرارهم فلم أقبل بصورة قطعية هذا التكليف‪ ،‬وكان‬
‫جوابي القطعي‪ :‬أنكم لو دفعتم ملء الدنيا ذهبًا‪ ،‬لن أقبل تكليفهم‪ ،‬وبعد‬
‫جوابي القطعي اتفقوا على خلعي‪ ،‬فحمدت المولي أنني لم أقبل أن الطخ‬
‫الدولة العثمانية والعالم السلمي بهذا العار البدي‪ ،‬عن تكليفها بإقامة دولة‬
‫يهودية في الراضي المقدسة )فلسطين(‪.‬‬
‫الصورة الزائفة‪:‬‬
‫هذه هي الصورة الصحيحة التي تجلت في السنوات الخيرة عن حقيقة‬
‫السلطان ووجهته‪ ،‬أما الصورة التي رسمها سليمان البستاني في كتابه‪:‬‬
‫"الدولة العثمانية قبل الدستور وبعده"‪ ،‬وكتابات جرجي زيدان وسليم‬
‫سركيس‪ ،‬وهؤلء الطغمة من أعداء السلم‪ ،‬فإنها زائفة ومضللة‪ ،‬وقد طلعت‬
‫عليها شمس الحقيقة وأنوار الوقائع الصحيحة الموثقة‪ ،‬إنها كتابات زائفة أريد‬
‫بها تهوين شأن السلطان عبد الحميد تمهيدا ً لعزله أو قتله‪ ،‬وقد كانت في‬
‫سبيل خدمة النفوذ الصهيوني أساسًا‪.‬‬
‫أما المنصفون من كتاب الغرب فقد شهدوا للسلطان عبد الحميد وفي‬
‫مقدمتهم "لوثروب ستوارت" في كتابه حاضر العالم السلمي‪ ،‬كما تكشفت‬
‫الحقائق حول الوقائع الزائفة التي نسبوها إليه‪ ،‬وخاصة بالنسبة لحياته‬
‫الخاصة‪ ،‬وقد عرف عنه العزوف عن مظاهر الترف‪ ،‬وقد اكتفى من ملبسه‬
‫الرسمي بالمعطف العاطل من الزخرف وقد كان يقضي وقته كله في‬
‫دراسة التقارير المطولة التي ترد إليه من سائر جهات المبراطورية إلى‬
‫ساعة متأخرة من الليل‪ ،‬وقد تكشفت كذب إدعاءات‪ :‬الغراق في البسفور‬
‫والخنق وكلها اتهامات أوردها اليهود‪ ،‬وليس لها سند صحيح‪ ،‬وقد كشف‬
‫الستاذ سعيد الفغاني هذا المر في حديث له نشره في مجلة الوعي‬
‫السلمي )شباط ‪ 1969‬م( بعد زيارة لتركيا‪.‬‬
‫قال‪ :‬فلما أخذنا ذكر اللوف من الحرار الذين ل يحصدون الي أغرقهم‬
‫السلطان عبد الحميد في مياه البسفور‪ ،‬أبدى رئيس الهيئة في رقة ولطف‬
‫طالبا ً تسمية عشرة فقط من هذه اللوف التي ل تحصى‪ ،‬فلما أحرجنا قال‪:‬‬
‫يا أخوتي لم يثبت غرق إنسان واحد في البسفور وهي إشاعات استطارت‬
‫وخدعت الكثيرين ومنهم حافظ إبراهيم الشاعر في قصيدته‪) :‬مشبع الحوت‬
‫من لحوم البرايا(‪.‬‬
‫والصورة الحقيقية‪:‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫كذلك تبين كذب الداعات التي إدعاها كتاب اليهود ومؤلفوهم باتهامه في‬
‫شجاعته‪ ،‬فإن هذه الشجاعة الفائقة يدل عليها عديد من الوقائع والحداث‪.‬‬
‫منها موقفه حبال محاولة اغتياله بعد انفجار القنبلة‪ ،‬واستطار الناس فقد‬
‫واجه السلطان عبد الحميد الحادث في شجاعة أدهشت رجال السلك‬
‫السياسي الجانب وفي حفل الستقبال في قصر ضلما بغشة عام ‪ 1904‬م‬
‫حيث كان يستقبل ضيوفا ً من أنحاء العالم‪ ،‬وقع زلزال شديد فتحطمت‬

‫‪186‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫النوافذ واتسعت الرض وتهاوت الشرفات من السقوف‪ ،‬وقفز الوزراء‬


‫والباشوات من النوافذ وقد استولى الذعر على كل الموجودين ما عدا عبد‬
‫الحميد الذي ظل واقفا ً منتصبا ً رابط الجاش وسط الغرفة المتأرجحة‪.‬‬
‫وقد روت ذلك الدكتورة الماولتن صاحبة كتاب ) عبد الحميد ظل الله على‬
‫الرض(‪.‬‬
‫وهناك التهامات التي تتصل بالرقابة فقد قيل أن للسلطان ألفا ً ومائتي‬
‫جاسوس‪ ،‬وأنهم مبثوثون بين أهالي الستانة‪ ،‬وقد تبين أن هذه الصورة مبالغ‬
‫فيها‪ ،‬وقال جواد رفعت‪ :‬أن السبب الذي جعل السلطان قد نظم إدارته على‬
‫نحو معين‪ ،‬ووسع دائرة استخباراته‪ ،‬هو علمه من تقارير الصهيونية بالعمل‬
‫على التخلص منه والقضاء عليه‪.‬‬
‫كذلك فقد ثبت بطلن دعوى تعصبه وقد اتخذ كبير أطبائه من المسيحيين‪،‬‬
‫وجعل وزير ماليته دولتلو أغوبيان المسيحي الرمني‪ ،‬وعهد كثير من مهام‬
‫سلطته إلى غير المسلمين‪.‬‬
‫قصة باطلة‪:‬‬
‫وتتردد كثيرا قصة مذابح الرمن‪ ،‬ومسئولية السلطان عبد الحميد منها‪ ،‬وقد‬ ‫ً‬
‫تبين براءة عبد الحميد من مسئولية هذه المذابح‪ ،‬وأن الغوغاء هم الذين‬
‫تسببوا فيها‪ ،‬والرمن هم الذين بدأوا باحتلل مبنى البنك العثماني وقتل بعض‬
‫موظفيه‪ ،‬ردا ً على القمع الذي جوبهت به ثورتهم والتي ثبت أن الروس‬
‫والنجليز دفعوهم إليها دفعًا‪ ،‬وليس بسبب سوء المعاملة كما قد يتوهم‬
‫البعض‪ ،‬وقد استغلوا روح التسامح لحراج الدولة وكسب مزيد من‬
‫المتيازات‪ ،‬شهد بهذا دجوفارا حد كبار ساسة رومانية ومؤرخيها‪.‬‬
‫يقول‪ :‬إن من أعظم عوامل انحلل الدولة العثمانية هو مشربها في إعطاء‬
‫الحرية المذهبية والمدرسية التامتين لدعم المسيحية التي كانت خاضعة لها‪،‬‬
‫لن هذه المم بواسطة هاتين الحريتين كانت تثبت دعايتها القومية وتتماسك‬
‫وتنهض وتسير سيرا ً قاصدا ً في طريق النفصال عن السلطة العثمانية )حاضر‬
‫العالم السلمي(‪.‬‬
‫موت الفغاني‪:‬‬
‫كذلك فقد كذبت وقائع التاريخ الصحيحة ما أشيع عن تهمة دس السم‬
‫الفغاني‪ ،‬والصحيح أن جمال الدين الفغاني مات بالسرطان‪ ،‬بعد أن مرض‬
‫شهورا ً طويلة‪ ،‬ولو دسوا له السم لمات بشرعة‪.‬‬
‫وقد وصف جرجي زيدان في الهلل )آذار ‪ 1897‬م كيف توفي‪ :‬قال‪ :‬كان قد‬
‫أصيب بداء السرطان في فكه السفلي منذ بضعة أشهر‪ ،‬فقاسى آلما ً مبرحة‬
‫وأجريت له عمليات كثيرة استؤصل الفك السفلي كله أو أكثره‪ ،‬فامتد الداء‬
‫إلى العنق وأوغل في الفم وعقد اللسان وضاعف اللم‪ ،‬فاشتد المرض‬
‫ولبس الناس ينتظرون وقوع الجل‪ ،‬والحضرة السلطانية تواصل اللتفات‬
‫ً‬
‫إليه‪ ،‬بالنفاق من الجيب الهمايوني الخاص‪ ،‬على أن ذلك لم يدفع مقدورا ول‬
‫محا ً مسطورًا‪.‬‬
‫ولكن ليس هذا العرض الذي يكشف وجه الحقيقه في أمر هذا السلطان‬
‫ل‪ ،‬ل يمنع من أن يكون له وقد ولي الحكم‬ ‫المسلم الذي شوه تاريخه طوي ً‬
‫سنوات طويلة بعض الخطاء وقد أشير إلى بعض هذا في‪:‬‬
‫تعاونه مع ألمانيا مما جر عليه خصومة إنجلترا وفرنسا‪.‬‬
‫تردده في أن يتخذ اللغة العربية لغة الدولة العثمانية‪.‬‬
‫التجاه إلى الطرق الصوفية وليس إلى التيار السلمي الصيل‪.‬‬
‫إهمال التدريب العسكري وإهمال السطول‪.‬‬

‫‪187‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫حاشية‪:‬‬
‫وقد صدرت في السنوات الخيرة بحثو كثيرة تحمل طابع العتدال والنصاف‬
‫واختفت تلك الروح الظالمة القاسية التي لم تكن قائمة على الحقيقة‬
‫التاريخية‪ ،‬وكانت تصدر عن الهواء والتعصب والحقد‪ ،‬بل إن بعض الكتاب‬
‫الذين تورطوا في كتاباتهم قد عادوا مرة أخرى إلى النصاف‪.‬‬
‫من هؤلء الستاذ محمد جميل بيهم‪ ،‬وكذلك بعض أساتذة الجامعة المريكية‬
‫أمثال الدكتور زين زين‪.‬‬
‫ومن أبرز هذه الدراسات تلك الطروحة التي قدمها اللبناني حسان حلق إلى‬
‫جامعة بيروت العربيةتحت عنوان )موقف الدولة العثمانية من الحركة‬
‫الصهيونية ‪ 1909-1897‬م(‪.‬‬
‫كذلك فقد كان للتعليقات التي قدمها أحمد الرشيد على مذكرات السلطان‬
‫التي ترجمها الستاذ محمد حرب عبد الحميد‪ ،‬بالضافة إلى مقالته المتصلة‬
‫عن الدولة العثمانية تصحيحا ً لمواقف غامضة‪ ،‬كل هذا كان له أثره العميق‬
‫في إعادة النظر في هذه الصفحة التي أحاطها ضباب كثير‪.‬‬

‫)‪(5 /‬‬

‫وقد تحدث الدكتور أحمد عبد الرحيم مصطفى عن ضرورة فتح ملف الدولة‬
‫العثمانية من جديد‪ ،‬وجرت في الملتقى السلمي الجزائري سنوات ‪1972‬‬
‫م‪ 1973 ،‬م أبحاث واسعة في هذا الصدد‪ ،‬صححت كثيرا ً من الخطاء‬
‫والشبهات حول الدولة العثمانية والسلطان عبد الحميد‪ ،‬وصدرت لكاتب هذه‬
‫السطور دراسة واسعة ضمنها كتابه )تاريخ السلم‪ :‬مثدمات العلوم‬
‫والمناهج( بقي أن نقدم حلقة ثالثة عن المرحلة الثالثة للسلطان عبد الحميد‬
‫التحاديون ومصطفى كمال أتاتورك‪ ،‬فإلى اللقاء‪.‬‬

‫)‪(6 /‬‬

‫السلعة الغالية ‪ ..‬وثمنها الغالي‬


‫ل شك في أن غاية ما يرجوه المسلم من عبادته لربه سبحانه في هذه الدنيا‬
‫هو الفوز برضوانه تعالى وجنته ‪ ،‬والنجاة من سخطه والنار ‪ .‬ومن علمة‬
‫توفيق الله سبحانه لعبده المؤمن أن يدله ويوفقه لقرب الطرق وآكدها‬
‫لتحصيل هذه الغاية العظيمة ‪ ،‬ول شك في أن الطريق إلى ذلك هي طاعته‬
‫سبحانه بإخلص ومتابعة وترك معاصيه ‪.‬‬
‫ص ومتابعةٍ ‪ :‬هذا على وجه الجمال ‪ .‬أما على وجه التفصيل والمفاضلة‬ ‫بإخل ٍ‬
‫بين العمال الصالحة وأحبها إلى الله عز وجل وأرضاها له فإن المستقرئ‬
‫لكتاب الله ‪ -‬عز وجل ‪ -‬وما ورد فيه من صفات أهل جنته ورحمته ورضوانه‬
‫ل ما ورد من اليات التي‬ ‫ج ّ‬ ‫ليجد شيئا ً عجيبا ً جديرا ً بالتأمل والتدبر ؛ ذلك أن ُ‬
‫يذكر فيها سبحانه ما أعد لوليائه في الجنة والرضوان يسبقها في العادة‬
‫صفات الموعودين بذلك ‪.‬‬
‫وبالتأمل في أوصافهم تلك نجدها تتحدث في الغالب عن المجاهدين‬
‫والمهاجرين والمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ‪ ،‬والصابرين على‬
‫المحن والبتلءات في طريق الدعوة إلى الله ‪ .‬واليات في ذلك كثيرة أذكر‬
‫منها على سبيل المثال ‪ -‬ل الحصر ‪ -‬ما يلي ‪:‬‬
‫ل الل ّهِ أ ُوْل َئ ِكَ‬
‫سِبي ِ‬
‫دوا ِفي َ‬
‫جاهَ ُ‬‫جُروا و َ‬
‫ها َ‬
‫ن َ‬ ‫مُنوا وال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫نآ َ‬
‫ذي َ‬‫ن ال َ ِ‬
‫‪ -1‬قوله تعالى ‪) :‬إ ّ‬

‫‪188‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫م ( ]البقرة ‪. [218 :‬‬ ‫حي ٌ‬ ‫فوٌر ّر ِ‬ ‫ه غَ ُ‬ ‫ت الل ّهِ والل ّ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ح َ‬ ‫ن َر ْ‬ ‫جو َ‬ ‫ي َْر ُ‬
‫من‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وا ِ‬ ‫خل ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫مثل ال ِ‬ ‫ما ي َأت ِكم ّ‬ ‫ة ول ّ‬ ‫جن ّ َ‬ ‫خلوا ال َ‬ ‫م أن ت َد ْ ُ‬ ‫سب ْت ُ ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫م َ‬ ‫‪ -2‬قوله تعالى ‪) :‬أ ْ‬
‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫قَب ْل ِ ُ‬
‫معَ ُ‬ ‫مُنوا َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫سول وال ِ‬ ‫قول الّر ُ‬ ‫حّتى ي َ ُ‬ ‫ضّراُء وُزلزِلوا َ‬ ‫ساُء وال ّ‬ ‫م الب َأ َ‬ ‫ست ْهُ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫كم ّ‬
‫َ‬
‫ب ( ‪] .‬البقرة ‪. [214 :‬‬ ‫ري ٌ‬ ‫صَر الل ّهَِ قَ ِ‬ ‫ن نَ ْ‬ ‫صُر الل ّهِ أل إ ّ‬
‫َ‬
‫مَتى ن َ ْ‬ ‫َ‬
‫دوا‬ ‫ُ ِ َ َ َ ُ‬‫ه‬ ‫جا‬ ‫ن‬ ‫ذي‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫ما‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ة‬‫َ ّ َ‬ ‫ن‬ ‫ج‬ ‫ال‬ ‫لوا‬ ‫ُ‬ ‫خ‬ ‫ُ‬ ‫َ ْ‬ ‫د‬ ‫ت‬ ‫أن‬ ‫م‬ ‫ت‬
‫ْ َ ِ ُْ ْ‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ح‬ ‫م‬ ‫أ‬ ‫)‬ ‫‪:‬‬ ‫تعالى‬ ‫قوله‬ ‫‪-‬‬ ‫‪3‬‬
‫ّ َْ ِ‬
‫ن ( ]آل عمران ‪. [142 :‬‬ ‫ري َ‬ ‫صاب ِ ِ‬ ‫م ال ّ‬ ‫م وي َعْل َ َ‬ ‫منك ُ ْ‬ ‫ِ‬
‫ة‬
‫م ٌ‬ ‫ح‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ٌ‬ ‫ة‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫ْ‬ ‫غ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ل‬ ‫بي‬ ‫س‬ ‫في‬ ‫م‬ ‫ت‬‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫ئن‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫‪):‬‬ ‫تعالى‬ ‫قوله‬ ‫‪-‬‬ ‫‪4‬‬
‫َ ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ ُ ْ َ َ ّ َ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ن ( ]آل عمران ‪. [157 :‬‬ ‫مُعو َ‬ ‫ج َ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫خي ٌْر ّ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫عند َ‬ ‫حَياٌء ِ‬ ‫لأ ْ‬ ‫واتا ب َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ل اللهِ أ ْ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫ن قُت ِلوا ِفي َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ِ‬ ‫سب َ ّ‬ ‫ح َ‬ ‫‪ -5‬قوله تعالى ‪) :‬ول ت َ ْ‬
‫م‬
‫نل ْ‬ ‫َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ِبال ِ‬‫ّ‬ ‫شُرو َ‬ ‫ست َب ْ ِ‬ ‫ضل ِهِ وي َ ْ‬ ‫من فَ ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫م الل ُ‬ ‫ّ‬ ‫ما آَتاهُ ُ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫حي َ‬ ‫ن * فَرِ ِ‬ ‫م ي ُْرَزُقو َ‬ ‫َرب ّهِ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ة‬
‫م ٍ‬ ‫ن ب ِن ِعْ َ‬ ‫شُرو َ‬ ‫ست َب ْ ِ‬ ‫ن * يَ ْ‬ ‫حَزُنو َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫م ول هُ ْ‬ ‫ف عَلي ْهِ ْ‬ ‫خو ْ ٌ‬ ‫م أل َ‬ ‫ّ‬ ‫فهِ ْ‬ ‫خل ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫قوا ب ِِهم ّ‬ ‫ح ُ‬ ‫ي َل ْ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫جاُبوا ل ِل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫ست َ َ‬ ‫نا ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن * ال َ ِ‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫جَر ال ُ‬ ‫ضيعُ أ ْ‬ ‫ه ل يُ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ل وأ ّ‬ ‫ض ٍ‬ ‫ن الل ّهِ وفَ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ّ‬
‫م*‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ظي ٌ‬ ‫جٌر عَ ِ‬ ‫وا أ ْ‬ ‫ق ْ‬ ‫م وات ّ َ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫سُنوا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ح ل ِل ِ‬ ‫قْر ُ‬ ‫م ال َ‬ ‫صاب َهُ ُ‬ ‫ما أ َ‬ ‫ن ب َعْد ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫سو ِ‬ ‫والّر ُ‬
‫مانا ً‬ ‫م إي َ‬ ‫م فَزاد َهُ ْ‬ ‫َ‬ ‫شوْهُ ْ‬ ‫خ َ‬ ‫م فا ْ‬ ‫َ‬ ‫مُعوا لك ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ج َ‬ ‫س قد ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ن الّنا َ‬ ‫سإ ّ‬ ‫م الّنا ُ‬ ‫ل لهُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ن قا َ‬ ‫َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال َ ِ‬
‫م‬
‫سهُ ْ‬ ‫س ْ‬ ‫م َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ل لّ ْ‬ ‫ض ٍ‬ ‫ن الل ّهِ وفَ ْ‬ ‫م َ‬ ‫مةٍ ّ‬ ‫قل َُبوا ب ِن ِعْ َ‬ ‫ل * َفان َ‬ ‫كي ُ‬ ‫م الوَ ِ‬ ‫ه ون ِعْ َ‬ ‫سب َُنا الل ّ ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫وَقاُلوا َ‬
‫ظيم ٍ ( ‪.‬‬ ‫ل عَ ِ‬ ‫ض ٍ‬ ‫ه ُذو فَ ْ‬ ‫ن الل ّهِ والل ّ ُ‬ ‫وا َ‬ ‫ض َ‬ ‫سوٌء وات ّب َُعوا رِ ْ‬ ‫ُ‬
‫]آل عمران ‪. [174 - 169 :‬‬
‫ُ‬ ‫‪ -6‬قوله تعالى ‪َ ):‬فاستجاب ل َهم ربه َ‬
‫من ذ َك َ ٍ‬
‫ر‬ ‫كم ّ‬ ‫من ُ‬ ‫ل ّ‬ ‫م ٍ‬ ‫عا ِ‬ ‫ل َ‬ ‫م َ‬ ‫ضيعُ عَ َ‬ ‫م أّني ل أ ِ‬ ‫ْ َ َ َ ُ ْ َ ُّ ْ‬
‫م وُأوُذوا ِفي‬ ‫َِ ِ ِ ْ‬ ‫ه‬ ‫ر‬ ‫يا‬ ‫د‬ ‫من‬ ‫ِ‬ ‫جوا‬ ‫ِ ُ‬ ‫ر‬ ‫خ‬ ‫ْ‬ ‫هاجروا وأ ُ‬
‫ن َ َ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ض َفال ّ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ن ب َعْ‬ ‫م ْ‬ ‫كم ّ‬ ‫ض ُ‬ ‫أوْ أنَثى ب َعْ ُ‬
‫َ ُ‬
‫حت َِها‬ ‫من ت َ ْ‬ ‫ري ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫ت تَ ْ‬ ‫جّنا ٍ‬ ‫م َ‬ ‫خل َن ّهُ ْ‬ ‫م ول ُد ْ ِ‬ ‫سي َّئات ِهِ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن عَن ْهُ ْ‬ ‫فَر ّ‬ ‫سِبيِلي وَقات َُلوا وقُت ُِلوا ل ُك َ ّ‬ ‫َ‬
‫ب ( ‪] .‬آل عمران ‪. [195 :‬‬ ‫وا‬ ‫ّ‬ ‫ث‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫س‬ ‫ح‬‫ُ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫عن‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫وال‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ِ‬ ‫د‬ ‫عن‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫واب‬ ‫َ‬ ‫ث‬ ‫ر‬ ‫ها‬ ‫ْ‬ ‫ال َ‬
‫ن‬
‫َ ِ‬ ‫ْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ ْ‬ ‫َ ُ َ‬
‫ن آوَْوا‬ ‫َ‬ ‫ذي‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫وا‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ل‬
‫َ ِ ِ‬ ‫بي‬ ‫س‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫دوا‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫جا‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫روا‬ ‫ُ‬ ‫ج‬‫َ‬ ‫ها‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫نوا‬ ‫ُ‬ ‫م‬
‫َ َ‬ ‫آ‬ ‫ن‬ ‫ذي‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫وا‬ ‫‪):‬‬ ‫تعالى‬ ‫‪ -7‬قوله‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫صُروا أوْلئ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫م ( ]النفال ‪. [47 :‬‬ ‫ري ٌ‬ ‫فَرةٌ ورِْزقٌ ك ِ‬ ‫مغْ ِ‬ ‫حقا لُهم ّ‬ ‫ن َ‬ ‫مُنو َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫م ال ُ‬ ‫ك هُ ُ‬ ‫ون َ َ‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫وال ِهِ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ل اللهِ ب ِأ ْ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫دوا ِفي َ‬ ‫جاهَ ُ‬ ‫جُروا و َ‬ ‫ها َ‬ ‫مُنوا و َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫‪ -8‬قوله تعالى ‪) :‬ال ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫فسه َ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫م ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫م َرب ُّهم ب َِر ْ‬ ‫شُرهُ ْ‬ ‫ن * ي ُب َ ّ‬ ‫فائ ُِزو َ‬ ‫م ال َ‬ ‫َ‬
‫عند َ اللهِ وأوْلئ ِك هُ ُ‬ ‫ة ِ‬ ‫ج ً‬ ‫م د ََر َ‬ ‫م أعْظ َ ُ‬ ‫وأن ُ ِ ِ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫جٌر‬ ‫عند َه ُ أ ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ن ِفيَها أَبدا ً إ ّ‬ ‫دي َ‬ ‫خال ِ ِ‬ ‫م* َ‬ ‫قي ٌ‬ ‫م ِ‬ ‫م ّ‬ ‫م ِفيَها ن َِعي ٌ‬ ‫ت ل ّهُ ْ‬ ‫جّنا ٍ‬ ‫نو َ‬ ‫وا ٍ‬ ‫ض َ‬ ‫ه ورِ ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ّ‬
‫م ( ]التوبة ‪. [22 - 20 :‬‬ ‫ظي ٌ‬ ‫عَ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ن‬
‫مُرو َ‬ ‫ض ي َأ ُ‬ ‫م أوْل َِياُء ب َعْ ٍ‬ ‫ضهُ ْ‬ ‫ت ب َعْ ُ‬ ‫مَنا ُ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ن وال ُ‬ ‫مُنو َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫‪ -9‬قوله تعالى ‪ ) :‬وال ُ‬
‫هّ‬
‫ن الل َ‬ ‫طيُعو َ‬ ‫ن الّزكاةَ وي ُ ِ‬ ‫َ‬ ‫صلةَ وي ُؤُْتو َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫مو َ‬ ‫قي ُ‬ ‫منكرِ وي ُ ِ‬ ‫َ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫ِبال ْ َ‬
‫ن عَ ِ‬ ‫ف وي َن ْهَوْ َ‬ ‫معُْرو ِ‬
‫ُ‬
‫م ( ]التوبة ‪. [71 :‬‬ ‫كي ٌ‬ ‫ح ِ‬ ‫زيٌز َ‬ ‫ه عَ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫هإ ّ‬ ‫م الل ّ ُ‬ ‫مهُ ُ‬ ‫ح ُ‬ ‫سي َْر َ‬ ‫ك َ‬ ‫ه أوْل َئ ِ َ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫وَر ُ‬

‫)‪(1 /‬‬
‫‪ -10‬قوله تعالى ‪ ) :‬يا أ َيها ال َذين آمنوا هَ ْ َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫كم ّ‬ ‫جي ُ‬ ‫جاَرةٍ ُتن ِ‬ ‫م عََلى ت ِ َ‬ ‫ل أد ُل ّك ُ ْ‬ ‫ِ َ َ ُ‬ ‫َ َّ‬
‫سوله وتجاهدون في سبيل الل ّه بأ َ‬ ‫َ‬
‫وال ِك ُْ‬
‫م‬ ‫م‬
‫ِ ِ ْ َ‬ ‫َ ِ ِ‬ ‫ن ِبالل ّ ِ َ ُ ِ ُ َ ِ ُ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫مُنو َ‬‫ب أِليم ٍ * ت ُؤْ ِ‬ ‫ذا ٍ‬ ‫عَ َ‬
‫ن ( ]الصف ‪. [11 ، 10 :‬‬ ‫مو َ‬ ‫َ‬
‫م ت َعْل ُ‬ ‫كنت ُ ْ‬‫م إن ُ‬ ‫ّ‬
‫خي ٌْر لك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫م ذ َل ِك ُ ْ‬
‫سك ُ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫وَأن ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن َأن ُ‬
‫ن ل َهُ ُ‬
‫م‬ ‫وال َُهم ب ِأ ّ‬ ‫م َ‬ ‫م وأ ْ‬ ‫سهُ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫م َ‬‫شت ََرى ِ‬ ‫ها ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫‪ - 11‬قوله تعالى ‪ ) :‬إ ّ‬
‫حقا ِفي الت ّوَْراةِ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫عدا عَلي ْهِ َ‬‫ً‬ ‫نو ْ‬ ‫قت َلو َ‬‫ُ‬ ‫ن وي ُ ْ‬ ‫ُ‬
‫قت ُلو َ‬ ‫ّ‬
‫ل اللهِ فَي َ ْ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫ن ِفي َ‬ ‫قات ُِلو َ‬ ‫ة يُ َ‬ ‫جن ّ َ‬‫ال َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ذي َباي َعُْتم‬ ‫م ال ِ‬ ‫شُروا ب ِب َي ْعِك ُ‬ ‫ن اللهِ َفا ْ‬
‫ست َب ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن أوَْفى ب ِعَهْدِهِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫نو َ‬ ‫قْرآ ِ‬ ‫ل وال ُ‬ ‫جي ِ‬ ‫والن ِ‬
‫م ( ]التوبة ‪. [111 :‬‬ ‫ظي ُ‬ ‫فوُْز العَ ِ‬ ‫َ‬
‫ب ِهِ وذ َل ِك هُوَ ال َ‬
‫مر وبائع نفسه ابتغاء مرضاة الله‬ ‫واليات في هذا كثيرة ؛ فهل من مش ّ‬
‫وجنته ؟‬
‫________________________‬
‫مجلة البيان ‪ /‬العدد ) ‪ (142‬التاريخ ‪ -‬حمادى الخرة ‪1420/‬هـ ‪.‬‬

‫‪189‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫السلفّية ومناهج التغيير‬


‫مقال كتبه‪:‬‬
‫د‪ .‬ياسر ُبرهامي‬
‫بمجلة صوت الدعوة‬
‫إعداد وتنسيق‪:‬‬
‫براحة الدورات الشرعية والبحوث العلمية‬
‫بمنتدى البراحة‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫فرض الله سبحانه وتعالى على المة السلمية أن تعلي كلمته في الرض‬
‫وأن تسعى أن يكون الدين الظاهر على الرض هو دين الله سبحانه وتعالى }‬
‫َ‬
‫ن ك ُل ّهِ وَل َوْ ك َرِهَ‬ ‫حقّ ل ِي ُظ ْهَِره ُ عََلى ال ّ‬
‫دي ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ه ِبال ْهُ َ‬
‫دى وَِدي ِ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫س َ‬
‫ل َر ُ‬ ‫ذي أْر َ‬ ‫هُوَ ال ّ ِ‬
‫ن { ]التوبة‪ ،[33 :‬وأوجب على كل مسلم أن يكون مؤثرا ً فيمن‬ ‫شرِ ُ‬
‫كو َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫م ْ‬
‫ً‬
‫حوله والمجتمع الذي يعيش فيه بالخير‪ ،‬ناهيا عن الشر‪ ،‬قال رسول الله‪-‬‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪" :-‬من رأى منكم منكرا ً فليغيره بيده فإن لم يستطع‬
‫فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف اليمان"‪.‬‬
‫ول شك أن حياة المسلم بإسلمه ل تكون على الوجه الكمل إل في مجتمع‬
‫مسلم‪ ،‬والحياة بالسلم في مجتمع ل يلتزم بالسلم في أنظمته ومناهجه‬
‫ض على الجمر ‪-‬وما أقل من يقدر على أن يكون قابضا ً على الجمر‪ -‬فإن‬ ‫قب ٌ‬
‫نظرنا إلى واقع المسلمين اليوم نجد النحراف عن دين الله إلى مناهج‬
‫الباطل والضلل ظاهرا ً منتشرا ً في الفراد والمجتمعات‪ ،‬مما يستوجب على‬
‫كل مسلم غيور على دينه يفهمه الفهم الصحيح الشامل أن ل يقف موقف‬
‫المتفرج السلبي الذي يتحسر على وجود الفساد دون أن يحرك ساكنا ً لزالته‬
‫ولقامة الخير والمعروف مكانه‪ ،‬وهذا الموقف السلبي من الكثيرين من‬
‫الملتزمين يدل على نقص اليمان ولبد‪ ،‬لن الجميع يخالط المجتمع ويعيش‬
‫فيه هو وأهله وأبنائه‪ ،‬ويتأثر وهو يرى منكراته المختلفة في التعليم والعلم‬
‫والقضاء والتشريع والحكم والحرب والسلم والقتصاد ووضع المرأة وسائر‬
‫أنظمة المجتمع‪ ،‬فمن لم يستشعر وجوب تغيير تلك المنكرات ويشارك في‬
‫تغييرها بكل ما يقدر عليه من أنواع القدرة بنفسه أو مع غيره من إخوانه‬
‫المسلمين أو بأمره القادرين وحثهم على التعاون على ذلك‪ ،‬فهو كما قال‬
‫رسول الله‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪" :-‬فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن‬
‫جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك‬
‫من اليمان حبة خردل" رواه مسلم‪.‬‬
‫ول شك أنه يلزم أهل السنة والجماعة من هذا الواجب أكثر مما يلزم غيرهم‬
‫لنهم الطائفة الظاهرة على الحق التي تعلمه وتعمل به وتدعوا إليه‪ ،‬وهم‬
‫المؤهلون لتحقيق التغيير المنشود وإقامة الحق على صورته الكاملة‪ ،‬بل لن‬
‫تكون الخلفة على منهاج النبوة التي بشر بها رسول الله‪ -‬صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ -‬بقوله‪" :‬تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم تكون خلفة على‬
‫منهاج النبوة ثم تكون ملكا ً عاضا ً ثم تكون ملكا ً جبريا ً ثم تكون خلفة على‬
‫منهاج النبوة"‪ ،‬إل من خلل عمل أهل السنة والجماعة ومنهجهم ودعوتهم‪،‬‬
‫لذا فإن تقصير بعض من ينتسب لهل السنة ومنهج السلف في هذا الباب‬
‫يقدح في صدق انتمائه لهم‪.‬‬
‫وما أكثر ما تتردد السئلة وتتعدد المحاورات حول مناهج التغيير ووسائله بين‬

‫‪190‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫التجاهات السلمية المعاصرة‪ ،‬والتي يتبنى كل منها جماعات مختلفة‪ ،‬كل‬


‫منها تؤيد ما تراه بالحجج وبيان اليجابيات‪ ،‬وربما جزم البعض أن ل وسيلة ول‬
‫منهج إل ما يرونه هم‪ ،‬ونحن في هذا العدد نطرح بعض التجاهات الساسية‬
‫في التغيير دون بسط في الدلة ونعرض سلبياتها وإيجابياتها لينتفع أبناء‬
‫الصحوة السلمية باليجابيات ويحذروا من السلبيات وليكون ذلك خطوة على‬
‫طريق التكامل والتناصح المطلوب بين أبناء الصحوة السلمية‪.‬‬
‫‪---‬‬
‫ل‪ :‬من يرى التغيير من خلل النتخابات البرلمانية‬ ‫أو ً‬
‫ترى كثير من الجماعات السلمية العاملة على الساحة أن المشاركة في‬
‫العمل السياسي بتكوين الحزاب في البلد التي يسمح فيها بتكوين أحزاب‬
‫إسلمية أو بمشاركة الفراد التابعين لهذه الجماعات في النتخابات‬
‫البرلمانية‪ ،‬والبعض يجوز التحالف مع الحزاب الخرى ولو كانت علمانية‬
‫ليحصل بذلك على أصوات في المجالس المسماة بالتشريعية ليدعو إلى‬
‫تطبيق الشريعة من خللها‪ ،‬وليستغل الفرصة المتاحة بالسماح للمشاركين‬
‫في النتخابات بالدعوة إلى أنفسهم للدعوة إلى السلم وإلى شرع الله‬
‫سبحانه‪ ،‬وقبل أن نبين موقفنا من هذا المر نقرر أول ً عدة أمور‪:‬‬
‫‪ .1‬التشريع حق خالص من حقوق الله‪ -‬عز وجل ‪ ،-‬وهو من أهم خصائص‬
‫الربوبية واللوهية‪ ،‬فالحلل ما أحله الله والحرام ما حرمه الله تعالى والدين‬
‫دوا إ ِّل إ ِّياه ُ {‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مَر أّل ت َعْب ُ ُ‬ ‫م إ ِّل ل ِل ّهِ أ َ‬‫حك ْ ُ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫ما شرعه سبحانه‪ ،‬قال تعالى‪ } :‬إ ِ ِ‬
‫حدا ً { ]الكهف‪:‬‬ ‫َ‬
‫مهِ أ َ‬ ‫حك ْ ِ‬‫ك ِفي ُ‬ ‫شرِ ُ‬ ‫]يوسف‪ ،[40 :‬وقال‪ -‬عز وجل ‪َ } :-‬ول ي ُ ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫م ي َأذ َ ْ‬
‫ن بِ ِ‬ ‫ما ل ْ‬ ‫ن َ‬ ‫دي ِ‬‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫م ِ‬ ‫عوا لهُ ْ‬ ‫شَر ُ‬ ‫كاُء َ‬ ‫شَر َ‬‫م ُ‬‫م ل َهُ ْ‬
‫‪ ،[26‬وقال سبحانه‪ } :‬أ ْ‬
‫ه { ]الشورى‪.[21 :‬‬‫الل ّ ُ‬

‫)‪(1 /‬‬

‫‪ .2‬القوانين الوضيعة مخالفة للشريعة السلمية وكل ما يخالف الشريعة فهو‬


‫َ‬ ‫َ‬
‫مرِ َفات ّب ِعَْها َول ت َت ّب ِعْ أهْ َ‬
‫واَء‬ ‫ن اْل ْ‬ ‫م َ‬ ‫ريعَةٍ ِ‬ ‫ش ِ‬ ‫ك عََلى َ‬ ‫جعَل َْنا َ‬ ‫م َ‬ ‫باطل‪ ،‬قال تعالى‪ } :‬ث ُ ّ‬
‫ن { ]الجاثية‪.[18 :‬‬ ‫مو َ‬ ‫ن ل ي َعْل َ ُ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫‪ .3‬الحكم بغير ما أنزل الله سبب يوجب غضب الله‪ ،‬وينزل مقته وعقابه‪،‬‬
‫وفي ذلك يقول شيخ السلم ابن تيمية‪) :‬إذا حكم ولة المر بغير ما أنزل الله‬
‫وقع بأسهم بينهم‪ ،‬وهذا من أعظم تغير الدول كما جرى قبل هذا مرة بعد‬
‫مرة في زماننا وغير زماننا‪ ,‬ومن أراد الله سعادته جعله يعتبر بما أصاب غيره‬
‫فيسلك مسلك من أيده الله ونصره ويجتنب مسلك من خذله الله وأهانه فإن‬
‫مك ّّناهُ ْ‬
‫م‬ ‫ن َ‬ ‫ن إِ ْ‬ ‫زيٌز‪ ،‬ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫قوِيّ عَ ِ‬‫ه لَ َ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫صُرهُ إ ِ ّ‬‫ن ي َن ْ ُ‬‫م ْ‬‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ُ‬‫صَر ّ‬‫الله يقول‪ } :‬وَل َي َن ْ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِفي اْل َْر‬
‫ر‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫من ْك َ ِ‬ ‫وا عَ ِ‬ ‫ف وَن َهَ ْ‬‫معُْرو ِ‬ ‫مُروا ِبال ْ َ‬ ‫وا الّز َ‬
‫كاة َ وَأ َ‬ ‫صَلة َ وَآت َ ُ‬ ‫موا ال ّ‬ ‫ض أَقا ُ‬ ‫ِ‬
‫عاقِب َ ُ ُ‬
‫مورِ { ]الحج‪ ،[41 ،40 :‬منذ وعد الله بنصر من ينصره ‪,‬‬ ‫ة اْل ُ‬ ‫وَل ِل ّهِ َ‬
‫ونصره هو نصر كتابه ودينه ورسوله ل بنصر من يحكم بغير ما أنزل الله‬
‫ويتكلم بما ل يعلم( انتهى‪.‬‬
‫‪ .4‬النظام قسمان‪ :‬إداري وشرعي‪ :‬أما الداري الذي يراد به ضبط المور‬
‫وإتقانها على وجه غير مخالف للشرع‪ ،‬فهذا ل مانع منه ول مخالف فيه من‬
‫الصحابة فمن بعدهم‪ ،‬ويدخل في ذلك كتابة أسماء الجند والدواوين على وجه‬
‫ل يخالف الشرع ويحقق المصلحة العامة‪ ،‬أما النظام الشرعي المخالف‬
‫لتشريع خالق السماوات والرض فتحكيمه كفر‪ ,‬يقول شيخ السلم ابن تيمية‬
‫في مجموع الفتاوى )ج ‪ 3‬ص ‪) :(267‬والنسان متى حلل الحرام المجمع‬

‫‪191‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫عليه أو حرم الحلل المجمع عليه كان كافرا ً أو مرتدا ً باتفاق الفقهاء وفي‬
‫م‬
‫ك هُ ُ‬ ‫ه فَُأول َئ ِ َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ما أ َن َْز َ‬ ‫م بِ َ‬ ‫حك ُ ْ‬ ‫م يَ ْ‬‫ن لَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫مثل هذا أنزل قوله تعالى‪ } :‬وَ َ‬
‫كافُِرون { ]المائدة‪ ،[44 :‬أي هو المستحل للحكم بغير ما أنزل الله(‪ ،‬وقال‬ ‫ال ْ َ‬
‫رحمه الله في موضع آخر‪) :‬هؤلء اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا ً من دون‬
‫الله حيث أطاعوهم في تحليل ما حرم الله وتحريم ما أحل الله إذا علموا‬
‫أنهم بدلوا دين الله فتابعوهم على التبديل واعتقدوا تحليل ما حرم الله‬
‫وتحريم ما أحل الله اتباعا ً لرؤسائهم مع علمهم أنهم خالفوا دين الرسل فهذا‬
‫كفر وقد جعله الله ورسوله شركا ً وإن لم يكونوا يصلون لهم ويسجدون لهم‬
‫فكان من اتبع غيره في خلف الدين مع علمه أنه خلف الدين واعتقد ما قاله‬
‫ذلك دون ما قاله الله ورسوله مشركا ً مثل هؤلء( انتهى‪.‬‬
‫‪ .5‬فارق أساسي وكبير بين الحكم السلمي والحكم العلماني الديمقراطي‪:‬‬
‫فتشريعات الحكم السلمي تبنى على الكتاب والسنة وهو يوجب الحكم بما‬
‫أنزل الله ويرى العدول عن ذلك فسقا ً وظلما ً وكفرًا‪ ,‬فل يمكن الفصل بين‬
‫الدين والدولة في نظر السلم‪ ،‬أما الحكم العلماني الديمقراطي فمصدر‬
‫السلطة عنده هو الشعب‪ ،‬وتشريعاته تنبني على إرادته وهواه‪ ،‬فلبد للسلطة‬
‫من الحفاظ على رغبة الشعب ومرضاته ول يمكن لها أن تعدل عن إرادة‬
‫الشعب وهواه حتى لو أدى ذلك إلى تحليل الزنا واللواط والخمر‪ ،‬فالمبادئ‬
‫والتشريعات كلها عرضة للتغير والتبديل في الحكم العلماني والديمقراطي‬
‫حسب ما تطلبه الغلبية‪.‬‬
‫‪ .6‬الشورى في السلم تختلف عن الشورى في النظام الديمقراطي‪ ،‬يقول‬
‫الجصاص‪) :‬والستشارة تكون في أمور الدنيا وفي أمور الدين التي ل وحي‬
‫فيها‪ ،‬ويستشار الصالحون القائمون على حدود الله المتقون لله من ذوي‬
‫الخبرة والدراية(‪ ,‬وأين هذا من استشارة الملحدة المحاربين لدين الله ممن‬
‫يشرع مع الله في النظام الديمقراطي‪.‬‬
‫‪ .7‬ل يجوز شرعا ً عرض الشريعة السلمية على الفراد ليقولوا أتطبق أم ل‬
‫مل‬‫م ثُ ّ‬‫جَر ب َي ْن َهُ ْ‬ ‫ش َ‬ ‫ما َ‬ ‫ك ِفي َ‬ ‫مو َ‬ ‫حك ّ ُ‬ ‫حّتى ي ُ َ‬ ‫ن َ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ك ل ي ُؤْ ِ‬ ‫تطبق‪ ،‬قال تعالى‪َ } :‬فل وََرب ّ َ‬
‫سِليما ً { ]النساء‪ ،[65 :‬وقال‬ ‫موا ت َ ْ‬ ‫سل ّ ُ‬‫ت وَي ُ َ‬ ‫ضي ْ َ‬ ‫ما قَ َ‬ ‫م ّ‬ ‫حَرجا ً ِ‬ ‫م َ‬ ‫سهِ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫دوا ِفي أ َن ْ ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫يَ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ن ي َكو َ‬ ‫مرا أ ْ‬ ‫هأ ْ‬ ‫سول ُ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫ضى الل ُ‬ ‫من َةٍ إ َِذا ق َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ن َول ُ‬ ‫م ٍ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ن لِ ُ‬ ‫ما كا َ‬ ‫سبحانه‪ } :‬وَ َ‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫م ال ْ ِ‬
‫مِبينا {‬ ‫ً‬
‫ضلل ُ‬ ‫ضل َ‬‫ّ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫هف َ‬‫َ‬ ‫سول ُ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫ص الل َ‬ ‫ن ي َعْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م وَ َ‬ ‫مرِهِ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫خي ََرة ُ ِ‬ ‫ل َهُ ُ‬
‫]الحزاب‪ ،[36 :‬وحكى الشافعي الجماع من الصحابة فمن بعدهم على أنه‬
‫من استبانت له سنة لرسول الله‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬لم يكن له أن‬
‫يدعها لقول أحد من الناس أيا كان‪.‬‬
‫‪ .8‬المجالس التشريعية التي تسن قوانين مخالفة للشرع يلزمون بها العباد‪،‬‬
‫وترى أن للغلبية أن تفرض رأيها حتى ولو كان مخالفا ً للشرع مجالس كفرية‬
‫َ‬
‫عوا‬‫شَر ُ‬ ‫كاُء َ‬ ‫شَر َ‬ ‫م ُ‬ ‫م ل َهُ ْ‬ ‫وهؤلء هم الشركاء الذين عناهم رب العزة بقوله‪ } :‬أ ْ‬
‫ْ‬
‫ه { ]الشورى‪.[21 :‬‬ ‫ن ب ِهِ الل ّ ُ‬ ‫م ي َأذ َ ْ‬ ‫ما ل َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫دي ِ‬ ‫ن ال ّ‬‫م َ‬ ‫م ِ‬ ‫ل َهُ ْ‬

‫)‪(2 /‬‬

‫‪ .9‬الحزاب التي تقوم على مبادئ العلمانية والديمقراطية والشتراكية‬


‫والشيوعية وغيرها من المبادئ الوضعية التي تخالف أصل اليمان والسلم‬
‫من فصل الدين عن الدولة وأنظمة المجتمع والمسأواة بين الملل كلها‪،‬‬
‫واحترام الكفر والردة وقبولها‪ ،‬كتعدد الشرائع ل يفسد للود قضية كما‬
‫يزعمون‪ ،‬كل هذا من العصبية الجاهلية والولء للكافرين والمنافقين مما‬

‫‪192‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يستوجب على كل مسلم رده وهجره ومحاربته والتبرؤ منه كما قال تعالى‪} :‬‬
‫ست َهَْزأ ُ ب َِها َفل‬‫فُر ب َِها وَي ُ ْ‬ ‫ت الل ّهِ ي ُك ْ َ‬ ‫م آَيا ِ‬ ‫معْت ُ ْ‬
‫س ِ‬‫ن إ َِذا َ‬
‫َ‬
‫بأ ْ‬ ‫م ِفي ال ْك َِتا ِ‬ ‫ل عَل َي ْك ُ ْ‬‫وَقَد ْ ن َّز َ‬
‫ع‬
‫م ُ‬‫جا ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬‫م إِ ّ‬ ‫مث ْل ُهُ ْ‬
‫م ِإذا ً ِ‬ ‫ث غَي ْرِهِ إ ِن ّك ُ ْ‬ ‫دي ٍ‬
‫ح ِ‬ ‫ضوا ِفي َ‬ ‫خو ُ‬ ‫حّتى ي َ ُ‬ ‫م َ‬ ‫معَهُ ْ‬
‫دوا َ‬ ‫قعُ ُ‬‫تَ ْ‬
‫ميعا ً { ]النساء‪.[140 :‬‬ ‫ج‬ ‫م‬
‫َ َّ َ َ ِ‬‫ن‬ ‫ه‬‫ج‬ ‫في‬ ‫ن‬
‫ِ ِ َ ِ‬ ‫ري‬‫ف‬ ‫كا‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ال ْ ُ َ ِ ِ َ َ‬
‫وا‬ ‫ن‬ ‫قي‬‫ف‬ ‫نا‬ ‫م‬
‫‪ .10‬هناك فرق بين النوع والمعين‪ ،‬وبين الحكم والفتوى‪ ،‬فقد يكون الفعل‬
‫كفر والقول كفر وفاعله وقائله ليس بكافر‪ ،‬وذلك بأن يكون الفاعل أو القائل‬
‫جاهل ً أو متأول ً أو مكرها ً أو حديث عهد بالسلم‪ ,‬وليس لنا أن نكفر الشخص‬
‫المعين إل بعد قيام الحجة الرسالية عليه على يد عالم أو ذي سلطان مطاع‬
‫حتى تنتفي الشبهات وتدرأ المعاذير ويحيى من حي عن بينة ويهلك من هلك‬
‫عن بينة‪.‬‬
‫‪ .11‬العبودية لله وحده‪ ,‬والبراءة من عبادة الطاغوت والتحاكم إليه من‬
‫مقتضى شهادة أن ل إله إل الله وحده ل شريك له وأن محمدا ً عبده ورسوله‪.‬‬
‫‪ .12‬المر بالمعروف والنهي عن المنكر فريضة عظيمة تتحقق تارة بالدعوة‬
‫إلى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة وتارة بالقدوة الصالحة وتارة‬
‫بتغيير المنكر باليد أو اللسان أو القلب تبعا ً للستطاعة وبما يحقق المصلحة‬
‫ويستدفع المضرة والمفسدة‪ ,‬ومن المعلوم أن هذا الواجب يسقط بالعذر‬
‫والعجز وعدم الستطاعة وهذا من رحمة الله‪ -‬عز وجل ‪ -‬بهذه المة إذ لم‬
‫سعََها {‬ ‫فسا ً إ ِّل وُ ْ‬ ‫ه نَ ْ‬‫ف الل ّ ُ‬ ‫يكلفنا إل ما في طاقتنا وقدرتنا‪ ،‬قال تعالى‪ } :‬ل ي ُك َل ّ ُ‬
‫]البقرة‪ ،[286 :‬والقيام بالمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كل مكان‬
‫وكل مجال وكل قطاعات المجتمع من واجبات المسلمين عموما ً وأهل العلم‬
‫خصوصًا‪.‬‬
‫وأما عن حكم دخول هذه المجالس والمشاركة فيها فإن الحكم يختلف‬
‫باختلف الداخل والمشارك‪ ،‬وكما يقولون الحكم على شيء فرع عن تصوره‪,‬‬
‫ولكل صورة حكمها‪:‬‬
‫ل‪ :‬حكم الداخل والمشارك بغرض تحقيق الديمقراطية بإباحة التشريع لغير‬ ‫أو ً‬
‫الله طالما كان حكما ً للغلبية‪ ،‬فهذا شرك مناف للتوحيد إل أن يكون صاحبه‬
‫جاهل ً أو متأول ً ولم تبلغه الحجة فل يكفر بعينه حتى تقام عليه الحجة‬
‫الرسالية‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬الداخل والمشارك بغرض تطبيق الشرع بشرط إعلن البراءة من‬
‫الصل الذي قامت عليه المجالس من التشريع لغير الله فهذا من المسائل‬
‫الجتهادية المعاصرة وهو مختلف فيه بين العلماء المعاصرين على قولين‪:‬‬
‫القول الول‪ :‬أن المشاركة في ذلك بغرض تطبيق الشرع طاعة إذا كانت‬
‫المصلحة في ذلك‪.‬‬
‫القول الثاني‪ :‬أن المشاركة في ذلك ل تجوز‪ ،‬وهذه المشاركة من باب‬
‫الذنوب والمعاصي وليست من باب الكفر والردة لن المشارك حقق البراءة‬
‫اعتقادا ولم يطبقها عم ً‬
‫ل‪.‬‬
‫موقف الدعوة‪ :‬ترى الدعوة عدم المشاركة في هذه المجالس المسماة‬
‫بالتشريعية سواء بالترشيح أو النتخاب أو المساعدة لي من التجاهات‬
‫المشاركة فيها وذلك لغلبة الظن بحصول مفاسد أكبر بناء على الممارسات‬
‫السابقة وإن كنا نقر أن الخلف بين أهل العلم في هذه المسألة خلف‬
‫معتبر‪ ،‬ولو تفاوت بين الطاعة والمعصية‪ ،‬لن كل الفريقين يريد خدمة‬
‫السلم ويقر بالبديهات والمسلمات التي ذكرناها في أول كلمنا‪ ،‬وما نراه‬
‫اليوم في الجزائر رأينا مثله بالمس في تركيا وكيف أن الديمقراطية مثل‬
‫صنم العجوة الذي كان يصنعه المشرك فإذا جاع أكله‪ ,‬فالحكام العلمانيون إذا‬

‫‪193‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أحسوا بأى خطورة على مواقعهم وأن السلميين على مقربة من الحكم‬
‫سيسارعون بحل المجالس النيابية والحزاب ويكون الجيش مستعدا ً دائما ً‬
‫وفورا ً لجهاض هذة الديمقراطية التي اخترعوها‪ ،‬لهذا وغيره نرى أن الحل‬
‫البرلماني على ضوء ما طرحناه ليس هو الطريق‪.‬‬
‫‪---‬‬
‫ثانيًا‪ :‬من يرى حتمية المواجهة العسكرية‬
‫يرى فريق آخر أن تغيير الوضع الحاضر للمسلمين ل يمكن أن يتم إل من‬
‫خلل المواجهة العسكرية المسلحة مع الحكومات المعاصرة ولبد من بث‬
‫روح الجهاد في المسلمين للخروج على الحكام المرتدين وإعداد العدة لهذا‬
‫المر‪ ،‬ويرى أن هذا هو أولى أولويات العمل السلمي بل قد يذهب البعض‬
‫إلى الحكم بأن كل ما سواه خيانة للدين ‪ ،‬ونحن نحب أن نقرر هنا جملة‬
‫أمور‪:‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫‪ .1‬أن حب الجهاد فرض على كل مسلم‪ ،‬ل يفقد من قلبه إل بنقص اليمان أو‬
‫زواله بالكلية نعوذ بالله من ذلك‪ ،‬وتذكير المسلمين به وبدورهم في إعلء‬
‫كلمة الله في الرض كلها ومحاربة الشرك والكفر حتى يظهر السلم من‬
‫أهم المور التي يجب العتناء بها في إيقاظ المة فإنها ما ذلت إل بمخالفة‬
‫الشرع ومنه ترك الجهاد في سبيل الله‪.‬‬
‫‪ .2‬الجهاد ماض في هذه المة إلى يوم القيامة‪ ،‬كما قال رسول الله‪ -‬صلى‬
‫الله عليه وسلم ‪" :-‬ل تزال عصابة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين‬
‫على من ناوأهم إلى يوم القيامة" رواه مسلم‪.‬‬
‫‪ .3‬أن العداد للجهاد والخذ بأسباب القدرة والقوة واجب على المة بحسب‬
‫الستطاعة‪ ،‬خاصة عند العجز عنه‪ ،‬مع لزوم تحديث النفس به والحزن على‬
‫َ‬ ‫ما أ َت َوْ َ‬
‫ما‬ ‫جد ُ َ‬ ‫تلأ ِ‬ ‫م قُل ْ َ‬ ‫مل َهُ ْ‬‫ح ِ‬ ‫ك ل ِت َ ْ‬ ‫ن إ َِذا َ‬ ‫ذي َ‬ ‫فواته قال تعالى‪َ } :‬ول عََلى ال ّ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن{‬ ‫قو َ‬ ‫ما ي ُن ْفِ ُ‬‫دوا َ‬ ‫ج ُ‬ ‫حَزنا ً أّل ي َ ِ‬ ‫مِع َ‬ ‫ن الد ّ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ض ِ‬‫في ُ‬ ‫م تَ ِ‬‫وا وَأعْي ُن ُهُ ْ‬‫م عَل َي ْهِ ت َوَل ّ ْ‬
‫مل ُك ُ ْ‬
‫ح ِ‬ ‫أ ْ‬
‫]التوبة‪ ،[92 :‬وينطبق على العداد ما ينطبق على الجهاد من شروط القدرة‬
‫ومراعاة المصلحة‪.‬‬
‫‪ .4‬مراحل تشريع الجهاد‪ :‬في السنة الثانية من الهجرة فرض الله القتال و‬
‫َ‬
‫ن ت َك َْر ُ‬
‫هوا‬ ‫سى أ ْ‬ ‫م وَعَ َ‬ ‫ل وَهُوَ ك ُْرهٌ ل َك ُ ْ‬ ‫قَتا ُ‬‫م ال ْ ِ‬‫ب عَل َي ْك ُ ُ‬ ‫أوجبه بقوله تعالى‪ } :‬ك ُت ِ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مل‬ ‫م وَأن ْت ُ ْ‬ ‫ه ي َعْل َ ُ‬ ‫م َوالل ّ ُ‬ ‫شّر ل َك ُ ْ‬ ‫شْيئا ً وَهُوَ َ‬ ‫حّبوا َ‬ ‫ن تُ ِ‬ ‫سى أ ْ‬ ‫م وَعَ َ‬ ‫خي ٌْر ل َك ُ ْ‬ ‫شْيئا ً وَهُوَ َ‬ ‫َ‬
‫ن { ]البقرة‪ ،[216 :‬وقد مر الجهاد بعدة مراحل‪:‬‬ ‫مو َ‬ ‫ت َعْل َ ُ‬
‫الولى‪ :‬الكف والعراض والصبر على الذى مع الستمرار في الدعوة‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬إباحة القتال من غير فرضية‪.‬‬
‫الثالثة‪ :‬فرض القتال على المسلمين لمن يقاتلهم فقط‪.‬‬
‫الرابعة‪ :‬قتال الكفار ابتداًء‪.‬‬
‫وقد استقر أمر الجهاد على المرحلة الخيرة التي ذكرت في سورة التوبة‬
‫وهي قتال المشركين حتى يسلموا وقتال أهل الكتاب والمجوس حتى‬
‫يسلموا أو يدفعوا الجزية مع الذل والصغار ‪-‬على الخلف المشهور في جواز‬
‫قبول الجزية من الكفار غير اليهود والنصارى والمجوس‪ -‬وقد فهم البعض‬
‫القول بالنسخ فهما ً غير صحيح فأنكر المرحلية بالكلية‪ ،‬وهذا ما قرره أهل‬
‫العلم يقول ابن تيمية‪) :‬فمن كان من المؤمنين بأرض هو فيها مستضعف أو‬
‫في وقت هو فيه مستضعف فليعمل بآية الصبر والصفح والعفو عمن يؤذي‬

‫‪194‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الله ورسوله من الذين أوتوا الكتاب والمشركين وأما أهل القوة فإنما‬
‫يعملون بآية قتال أئمة الكفر الذين يطعنون في الدين وبآية قتال الذين أتوا‬
‫الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون(‪ ،‬والنسخ عند السلف يشمل‬
‫التقييد والبيان والتخصيص ول خلف بين العلماء في العمل بمراحل الجهاد‬
‫وإل فالسلف ل يكلفون المستضعف من المسلمين الذي حاله مشابهة بحال‬
‫النبي‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬في مكة بالقتال وإنما الواجب عليه أن يجتهد‬
‫لكي يصل إلى حال قوة يجاهد فيها الكفار‪ ,‬وكيف يكون الجهاد واجبا ً على‬
‫الناس وهم غير قادرين ول مستطيعين؟ فالواقع هو الذي يحدد أي الحكام‬
‫هو النسب في مراحل الجهاد وأن التطبيق بحسب الظروف الموجودة فل بد‬
‫من النظر بعين العتبار لحالة المسلمين وماهم عليه من ضعف أو قوة‪.‬‬
‫وقد تكلم العلماء في جواز مهادنة الكفار بمال عند ضعف المسلمين قال ابن‬
‫قدامة‪) :‬ل يجوز المهادنة مطلقا ً من غير تقدير مدة لنه يفضي إلى ترك‬
‫الجهاد بالكلية وتجوز مهادنتهم على غير مال لن النبي‪ -‬صلى الله عليه وسلم‬
‫‪ -‬هادنهم يوم الحديبية على غير مال لهم ويجوز ذلك على مال يأخذه منهم‬
‫فإنها إذا جازت على غير مال فعلى مال أولى وأما إن صالحهم ببذله لهم فقد‬
‫أطلق أحمد القول بالمنع منه وهو مذهب الشافعي لن فيه صغارا ً للمسلمين‬
‫وهذا محمول على غير حالة الضرورة فأما إذا دعت إليه ضرورة وهو أن‬
‫يخاف على المسلمين الهلك أو السر فيجوز لنه يجوز للسير فداء نفسة‬
‫بالمال فكذا ههنا ولن بذله المال وإن كان فيه صغار فإنه يجوز تحمله لدفع‬
‫صغار أعظم منه وهو القتل والسر وسبي الذرية الذي يفضي سبيهم إلى‬
‫كفرهم(‪ ،‬وهذا الكلم من الئمة العلم رد بليغ على التهور والندفاع المفضي‬
‫إلى الشر والفساد‪.‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫وقد بين أهل العلم أن العجز كما يشمل العجز الحسي كالعذار المنصوص‬
‫عليها في القرآن من المرض والعمى والعرج والضعف وعدم النفقة فإنه‬
‫يشمل كذلك مسألة الضرر والهلك الذي يغلب على الظن حصوله لضعف‬
‫هّ‬
‫ف الل ُ‬ ‫ف َ‬ ‫خ ّ‬
‫ن َ‬ ‫المسلمين ونقص قوتهم عن نصف قوة عدوهم قال تعالى‪ } :‬اْل َ‬
‫عَنك ُم وعَل ِ َ‬
‫ن ي َك ُ ْ‬
‫ن‬ ‫ن وَإ ِ ْ‬‫مائ َت َي ْ ِ‬
‫صاب َِرةٌ ي َغْل ُِبوا ِ‬
‫ة َ‬ ‫مائ َ ٌ‬ ‫من ْك ُ ْ‬
‫م ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ضْعفا ً فَإ ِ ْ‬
‫ن ي َك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِفيك ُ ْ‬
‫مأ ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ َ‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م أ َل ٌ‬
‫ْ‬
‫ن { ]النفال‪ ،[66 :‬قال‬ ‫ري َ‬
‫صاب ِ ِ‬ ‫معَ ال ّ‬‫ه َ‬ ‫ن اللهِ َوالل ُ‬ ‫ن ب ِإ ِذ ْ ِ‬
‫في ْ ِ‬
‫ف ي َغْل ُِبوا أل َ‬ ‫من ْك ُ ْ‬
‫ِ‬
‫النووي رحمه الله )روضة الطالبين ‪) :(248 –10‬إذا زاد عدد الكفار على‬
‫مثلي المسلمين جاز النهزام‪ (...‬وقال‪) :‬وإذا جاز الفرار نظروا إن غلب على‬
‫ظنهم أنهم إن ثبتوا ظفروا استحب الثبات وإن غلب على ظنهم الهلك ففي‬
‫وجوب الفرار وجهان وقال المام‪ :‬إن كان في الثبات الهلك المحض من غير‬
‫نكاية وجب الفرار قطعا ً وإن كان فيه نكاية فوجهان(‪ ،‬وهذا الذي قاله المام‬
‫النووي هو الحق وأصح الوجهين أنه ل يجب أي الفرار ولكن يستحب‪ ،‬ومن‬
‫هذا يتضح أن الجهاد بمفهومه الصحيح في واقعنا اليوم لن يقوم على أكتاف‬
‫أفراد قلئل بل قوة بل إن جهاد المئة والمئتين ضرره أكثر من نفعه‪.‬‬
‫هل الجهاد هو الخروج على الحكام فقط؟‬
‫الجهاد إذا أطلق فالمراد به قتال الكفار لعلء كلمة الله تعالى ول ينصرف‬
‫إلى غير قتال الكفار إل بقرينة تدل على المراد ‪ ،‬فهو كما يقول ابن القيم‬
‫أربع مراتب‪) :‬جهاد النفس وجهاد الشيطان وجهاد الكفار وجهاد المنافقين‬
‫فجهاد النفس مقدم على جهاد العدو فإن من لم يجاهد نفسه أول ً لتفعل ما‬

‫‪195‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أمرت به وتترك ما نهيت عنه ويحاربها في الله لم يمكنه جهاد عدوه في‬
‫الخارج فكيف يمكن جهاد عدوه والنتصاف منه وعدوه الذي بين جنبيه قاهر‬
‫له متسلط عليه لم يجاهده ولم يحاربه في الله(‪ ،‬ويقول الشيخ ابن باز‪:‬‬
‫)الجهاد جهادان جهاد طلب –أى طلب الكفار في عقر دارهم– وجهاد دفاع‬
‫والمقصود منهما جميعا هو تبليغ دين الله ودعوة الناس إليه وإخراجهم من‬
‫الظلمات إلى النور وإعلء دين الله في أرضه وأن يكون الدين لله وحده(‪،‬‬
‫ن‬
‫ري َ‬‫كافِ ِ‬‫ومن هنا تكون الدعوة إلى الله جهادا ً شرعيا ً قال تعالى‪َ } :‬فل ت ُط ِِع ال ْ َ‬
‫جَهادا ً ك َِبيرا ً { ]الفرقان‪ ،[52 :‬والية مكية وعلينا أن ننظر إذا‬ ‫م ب ِهِ ِ‬‫جاهِد ْهُ ْ‬
‫وَ َ‬
‫أتى الحاكم ما يستوجب العزل هل عندنا الستطاعة على عزله أم ل وهل‬
‫المصلحة متحققة بهذا العزل أم أن هذا المنكر سيزول بمنكر أعظم‪ ،‬فقد‬
‫نزيل كافر أو نستجلب الشر والبلء على البلد والعباد ويتسلط الكفار على‬
‫رقاب الناس‪ ،‬ومن المعلوم أن شرع الله مصلحة كله ولذلك لم يقتل النبي‪-‬‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ -‬ابن سلول –رأس المنافقين– وقال‪" :‬كيف إذا تحدث‬
‫الناس أن محمدا ً قتل أصحابه"‪.‬‬
‫الجهاد له سبيله وصراطه‪:‬‬
‫حاجتنا شديدة لسلوك صراط الله المستقيم حتى ننتقل من ضعف إلى قوة‬
‫ومن ذل إلى نصر ول بد في ذلك من اتباع السياسة الشرعية في حال‬
‫الضعف والقوة وهذه السياسة يجب أن تكون ربانية وعلى منهج النبياء‬
‫فالغاية في السلم ل تبرر الوسيلة بل الغاية والوسيلة كلهما يجب أن تكون‬
‫مشروعة وليس التمكين في الرض بغاية مقصودة لذاتها بل هي من وسائل‬
‫الدعوة لتحقيق العبودية لله في أكمل صورها‪ ،‬وهو في ذات الوقت منة من‬
‫َ‬ ‫م ِفي اْل َْر‬
‫موا‬ ‫ض أَقا ُ‬ ‫ِ‬ ‫مك ّّناهُ ْ‬ ‫ن َ‬‫ن إِ ْ‬
‫ذي َ‬‫الله ليس بيد أحد سواه قال تعالى‪ } :‬ال ّ ِ‬
‫عاقِب َ ُ ُ‬ ‫َ‬
‫مورِ {‬ ‫ة اْل ُ‬ ‫من ْك َرِ وَل ِل ّهِ َ‬
‫ن ال ْ ُ‬‫وا عَ ِ‬
‫ف وَن َهَ ْ‬ ‫مُروا ِبال ْ َ‬
‫معُْرو ِ‬ ‫وا الّز َ‬
‫كاةَ وَأ َ‬ ‫صلة َ َوآت َ ُ‬‫ال ّ‬
‫]الحج‪ ،[41 :‬والواجب علينا أن نعيش طاعة الوقت سواء مكن لنا أو لم‬
‫يمكن‪ ،‬ونحذر البتداع والنحراف‪ ،‬وأول ما بدأ به الرسل في دعوتهم الدعوة‬
‫إلى اليمان والتوحيد يقول الشيخ اللباني رحمه الله‪) :‬الواجب هو العمل‬
‫للهم فالهم والهم هنا هو إصلح عقائد المسلمين وتزكية النفوس والدعوة‬
‫على أساس التصفية من البدع والتربية على التوحيد(‪.‬‬
‫ولبد لنا أن نتعلم أحكام الجهاد فلبد من نية وصحة أو إخلص ومتابعة وكما‬
‫أن للصلة شروطا ً يحرص المسلم على تحقيقها كالطهارة واستقبال القبلة‬
‫وستر العورة ودخول الوقت فكذلك ل يصح الجهاد بغير تحقيق شروطه‪،‬‬
‫والقتال إنما يكون بين معسكرين وجيشين وفريقين أحدهما مسلم والخر‬
‫كافر أو مستحقة للقتال‪ ،‬وأما عند الختلط فلبد أن تضيع دماء المسلمين‬
‫وتحدث المفسدة ول تتحقق الغاية‪.‬‬

‫)‪(5 /‬‬

‫لهذه السباب وغيرها بدأ النبي‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬جهاده بالدعوة‬
‫وإعداد المؤمنين إعدادا ً روحيا ً وبدنيا ً لتحمل أعباء الجهاد بالسيف‪ ،‬ثم كانت‬
‫الهجرة حيث بدأ جهاده بالسيف وتوالت عليه أحكام الجهاد‪ ،‬فينبغي علينا أن‬
‫نتعلم سنن الجهاد حتى ل تتحول ديارنا إلى ساحة حرب بين المسلمين‬
‫أنفسهم وحتى ل يكون حماسنا وطموحنا على حساب سنن الله في النصر‬
‫والهزيمة‪ ,‬ول يدفعنا التهور إلى الوقوع فيما وقع فيه غيرنا وقد نهى النبي‪-‬‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ -‬عن دخول مكة في السنة السادسة عام الحديبية‬

‫‪196‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫حفاظا ً على حرمة المسلمين الذين كانوا سيقتلون مع من يقتل وتأخر بذلك‬
‫الفتح سنتين علما ً بأن مكة يومئذ دار حرب والكعبة كانت مليئة بالصنام ولو‬
‫حدث قتال ‪-‬يوم الحديبية– لنتصر المسلمون على المشركين وفي ذلك يقول‬
‫صيرا ً‬ ‫ن وَل ِي ّا ً َول ن َ ِ‬ ‫َ‬
‫دو َ‬‫ج ُ‬ ‫وا اْلد َْباَر ث ُ ّ‬
‫م ل يَ ِ‬ ‫فُروا ل َوَل ّ ُ‬
‫ن كَ َ‬ ‫م ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫الله تعالى‪ } :‬وَل َوْ َقات َل َك ُ ُ‬
‫{ ]الفتح‪ ،[22 :‬واليوم نحتاج لدعوة تضيف لمكانات العاملين لكي نحبس بها‬
‫دماء المسلمين وحتى ل نخرج من نكبة إلى نكبة ومن فتنة عمياء إلى أخرى‬
‫أشد عمى ونكون كمن يلدغ من نفس الجحر ألف مرة فالمنكر يخلفه من‬
‫المنكرات والثام والمصائب ما يتضاءل أمامه المنكر المزال وبذلك نخرج من‬
‫بلء أقل إلى بلء أعظم وينفر الناس عن الدين الذي يرونه وسيلة للفتنة‬
‫والقتل‪.‬‬
‫‪---‬‬
‫ثالثًا‪ :‬من يرى التركيز على العمل الفردي في الدعوة والتربية‬
‫يتبنى هذا المنهج بعض الدعاة الذين يرون أن الدور الساسي للدعاة والعلماء‬
‫هو إصلح أفراد المة ‪-‬مع الختلف حول أولويات الصلح‪ -‬فالبعض يراه في‬
‫إصلح العقيدة ونشر العلم والبعض يراه في التربية على العبادة والذكر‬
‫وفضائل العمال ويرون أن انتشار الفراد الصالحين في مجتمع كفيل‬
‫بإصلحه تلقائيا ً ومن بين أصحاب هذا المنهج من ل يرون مشروعية العمل‬
‫الجماعي أو على القل يحصرونه في صور محدودة ل يتعداها ويرون أن‬
‫مضار الجماعات السلمية ‪-‬خاصة الحزبية والتعصب وكونها مستهدفة من‬
‫الحكومات العلمانية‪ -‬أكثر من منافعها‪ ،‬ولقد حقق هذا المنهج بعض اليجابيات‬
‫منها‪ :‬إيجاد أفراد ملتزمين ونشر العلم ومبادئ السلم وأحاكمه بين قطاعات‬
‫من المة‪ ،‬وأيضا التركيز على عدد محدود من الفراد يمكن إعدادهم إعدادا ً‬
‫جيدا ً من خلل المعاشرة الطويلة والمتابعة المستمرة‪ ،‬وكان للبتعاد عن‬
‫الحداث السياسية المعاصرة حتى بمجرد التعليق أثره الواضح في توفير قدر‬
‫كبير من الحماية ضد ضربات العداء‪ ،‬ويؤخذ على هذا التجاه قصور النظر‬
‫إلى نوع واحد من الواجبات الشرعية وإهمال واجبات أخرى نص عليها الكتاب‬
‫والسنة وأجمع أهل العلم على فرضيتها ووجوب السعي إلى إقامتها مع كون‬
‫الكثير من هذه الواجبات يمكن القيام به أو بشيء منه على القل إذا‬
‫اجتمعت الجهود وتضافرت إذ أن فروض الكفاية من التعلم والتعليم والحسبة‬
‫وسد حاجات الفقراء والمساكين والرامل وغيرهم وفصل الخصومات وفق‬
‫شرع الله وإيصال الحقوق إلى أصحابها والسعي إلى إقامة الخلفة والجهاد‬
‫وغير ذلك من فروض الكفاية المضيعة ‪-‬التي استفاضت أدلة كل منها كتابا ً‬
‫وسنة‪ -‬ل يمكن أن يقام إل على جهة الجتماع والتعاون الملزم وليس‬
‫المطلوب إقامته في جزء صغير من المة بل الواجب شرعا ً إقامة كل ذلك‬
‫في كل مكان وزمان تمكن إقامته فيه وفي كل القطاعات من المجتمع‬
‫وعلى أوسع نطاق ممكن في المسجد والمدرسة والجامعة والمصنع‬
‫وأصحاب المهن وغير ذلك‪.‬‬
‫كما يؤخذ على كثير من أصحاب هذا التجاه ترك النكار على المنكرات التي‬
‫تتبناها الحكومات وتنشرها بين الناس كقضية الحكم بغير ما أنزل الله‬
‫ومسائل الولء والبراء ونشر الغزو الفكري والتعبية للمبادئ الوضعية للغرب‪،‬‬
‫ول يصح التعلل بتوفير الحماية للدعوة فإن الدعوة تفقد هويتها إذا رأت‬
‫الناس يقعون في الضلل بل في الشرك وهي ل تحرك ساكنا ً وكأن المر ل‬
‫يعنيها من قريب أو بعيد‪.‬‬
‫كما يؤخذ على أصحاب هذا المنهج المبالغة في تضخيم سيئات الجماعات‬

‫‪197‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫السلمية والجحاف بمنافعها ومحاسنها‪ ،‬فجعلت علج المريض قتله أو إيقاف‬


‫قلبه‪ ،‬إذ أن جماعات الصحوة السلمية هي قلب المة النابض بالحياة بعد أن‬
‫فقد الجسد كله مظاهر الحياة‪ ،‬وكم كانت هذه الجماعات السلمية سببا ً‬
‫لهداية الشباب والشيوخ والنساء والطفال وعودتهم إلى دينهم‪.‬‬
‫‪---‬‬
‫الدعوة السلفية والتغيير‬
‫وقبل أن نطرح تصورنا في التغيير نقرر أن واقعنا ل يزال أصغر بكثير من‬
‫منهجنا‪ ،‬وأن حالنا أبعد عما نعلم أن يلزمنا أن نكون عليه‪ ،‬ولكن الواجب‬
‫النصيحة‪ ،‬والمل في أن يكون الجميع على الطريق المستقيم ‪-‬ولو كان‬
‫سيره بطيئا ً ل خارجا ً عنه‪ -‬هو الذي يدفعنا إلى هذا الطرح‪ ،‬فمنهج الدعوة‬
‫السلفية يمكن تلخيصه في التي‪:‬‬

‫)‪(6 /‬‬

‫ل‪ :‬الدعوة إلى اليمان بمعانيه وأركانه كلها من معرفة الله بأسمائه وصفاته‬ ‫أو ً‬
‫والتعبد له بها وتوحيد الربوبية واللوهية والكفر بالطاغوت ومحاربة الشرك‬
‫في كل صوره القديمة والحديثة من شرك القبور والخرافات وشرك الحكم‬
‫والولء وغير ذلك‪ ،‬وكذا اليمان بالملئكة والكتب والرسل واليوم الخر‬
‫والقضاء والقدر‪ ،‬وما يتبع ذلك من قضايا العتقاد في الصحابة ومسائل‬
‫اليمان والكفر‪ ،‬وتحقيق التباع للسنة ومحاربة البدعة‪ ،‬وتقرير مناهج‬
‫الستدلل وتحقيق التزكية عبادة وخلقا ً ومعاملة والسير في طريق الدعوة‬
‫وإقامة الدين وإعلء كلمة الله في الرض‪ ،‬كل هذا على وفق منهج أهل‬
‫السنة والجماعة إجمال ً وتفصي ً‬
‫ل‪.‬‬
‫نقرر أن الدعوة إلى اليمان بهذا المفهوم الشامل هي أصل دعوة الرسل‬
‫وهي الطريق الذي سار عليه رسول الله‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬وصحابته‪،‬‬
‫فهذا المنهج هو أولى الولويات في العمل‪ ،‬والذي ل يتحقق أي واجب بعده‬
‫بدون هذا الواجب الول‪ ،‬وهذا المنهج تجب الدعوة إليه بكل الطرق وتربية‬
‫الناس عليه بالوسائل العامة كالخطبة والدرس الجامع والكتاب والنشرات‬
‫العامة وقوافل الدعوة وغير ذلك من الوسائل الخاصة كالدرس الخاص‬
‫والمعاهد العلمية والمجموعات التربوية وغيرها‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬إيجاد الطائفة المؤمنة‪:‬‬
‫إن إيجاد الطائفة المؤمنة الملتزمة بالسلم ‪-‬عمل ً من أجله‪ -‬المجتمعة على‬
‫إقامة فروض الكفاية المضيعة وبكل ما أوتيت من قدرة والساعية في نفس‬
‫الوقت لتحصيل أسباب القدرة فيما تعجز عنه في الحال ‪-‬تحديثا ً للنفس به‬
‫وحبا ً للخير وحرصا ً عليه ونصيحة للمسلمين واهتماما بشأنهم‪ -‬نرى أن إيجاد‬
‫هذه الطائفة المؤمنة على منهج أهل السنة والجماعة والتي يجتمع عليها‬
‫باقي أهل السنة هو من أهم الواجبات والولويات‪ ،‬وهذه الطائفة تسعى إلى‬
‫أن يكون أفرادها في خاصة أنفسهم يؤدون الواجبات العينية عليهم في‬
‫العقيدة والعبادة والسلوك والمعاملة والخلق‪ ،‬ويتركون المحرمات‪ ،‬كما أنهم‬
‫ملتزمون بالتعاون المنضبط على إقامة الفروض التي خوطبت بها المة ككل‬
‫قُهوا‬
‫ف ّ‬
‫ة ل ِي َت َ َ‬
‫ف ٌ‬ ‫م َ‬
‫طائ ِ َ‬ ‫من ْهُ ْ‬‫ل فِْرقَةٍ ِ‬‫ن كُ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫فَر ِ‬ ‫كالتعلم والتعليم قال تعالى‪ } :‬فَل َوَْل ن َ َ‬
‫ن { ]التوبة‪،[122 :‬‬ ‫حذ َُرو َ‬ ‫م ل َعَل ّهُ ْ‬
‫م يَ ْ‬ ‫جُعوا إ ِل َي ْهِ ْ‬ ‫م إ َِذا َر َ‬ ‫ن وَل ِي ُن ْذُِروا قَوْ َ‬
‫مهُ ْ‬ ‫دي ِ‬
‫ِفي ال ّ‬
‫وللعلم منزلة خاصة وأهمية كبرى في دعوتنا إذ عليه تقوم وبدونه تفقد هويتها‬
‫وانتمائها للسلف ولبد أن يكون هذا المر على كل المستويات‪ ،‬للصغار‬

‫‪198‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫والكبار للرجال والنساء وفي سائر قطاعات المجتمع‪ ،‬وكالحسبة والدعوة‪،‬‬


‫ْ‬ ‫قال تعالى‪ } :‬ول ْتك ُن منك ُ ُ‬
‫ن‬
‫ف وَي َن ْهَوْ َ‬ ‫ن ِبال ْ َ‬
‫معُْرو ِ‬ ‫مُرو َ‬ ‫ن إ َِلى ال ْ َ‬
‫خي ْرِ وَي َأ ُ‬ ‫عو َ‬
‫ة ي َد ْ ُ‬
‫م ٌ‬‫مأ ّ‬ ‫َ َ ْ ِ ْ ْ‬
‫ن { ]آل عمران‪ ،[104 :‬ولبد في هذا الباب‬ ‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬
‫م ْ‬‫م ال ْ ُ‬ ‫من ْك َرِ وَُأول َئ ِ َ‬
‫ك هُ ُ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫عَ ِ‬
‫من مراعاة المصالح والمفاسد وفق ما تأمر به الشريعة وعلى ميزانها‪،‬‬
‫وكالواجبات الجتماعية من سد حاجات الفقراء والمساكين ورعاية اليتامى‬
‫وحث الغنياء على الزكاة والصدقة ومعاونتهم في إخراجها على ما جاء في‬
‫الكتاب والسنة‪ ،‬وعيادة المرضى ودعوتهم إلى الله‪ ،‬وإحياء الروابط الخوية‬
‫بين المسلمين من اتباع الجنائز والتعزية في المصائب وإجابة الدعوات‬
‫والتهنئة في الفراح وغير ذلك‪ ،‬وكالسعي إلى إيجاد نظام المال السلمي‬
‫لبعاد الناس عن الربا والريبة وسائر المعاملت المحرمة‪ ،‬وكذا تربية المة‬
‫على روح الجماعة برد الناس إلى أهل العلم منهم وجمعهم عليهم ونهيهم‬
‫عن التفرقة‪ ،‬وكذا إقامة الجهاد في سبيل الله طالما وجدت مقوماته‬
‫وشروطه والسعي إلى أسبابه عند العجز عنه‪ ،‬فما تعلمه المسلمون في‬
‫أفغانستان مثل ً هو من أعظم الواجبات والقربات‪ ،‬وكذلك تعليم الناس لزوم‬
‫التحاكم إلى الشرع برد موارد النزاع إلى أهل العلم الذين يجب وجودهم‬
‫والسعي إلى إيجادهم في كل مكان لفض الخصومات وفق الكتاب والسنة‬
‫بعيدا ً عن القوانين الوضيعة الطاغوتية‪ ،‬وهذه وغيرها من فروض الكفاية‬
‫كإقامة الجمع والجماعات والعياد يمكن للمسلمين إذا اجتمعوا وتعاونوا على‬
‫وى { ]المائدة‪[2 :‬‬ ‫إقامتها كما أمرهم ربهم فقال‪ } :‬وَت ََعاوَُنوا عََلى ال ْب ِّر َوالت ّ ْ‬
‫ق َ‬
‫أن يقوموا بأضعاف ما يقومون به الن من غير مفسدة ول مضرة بإذن الله‪،‬‬
‫وما قاوموا به من الحق كان سببا ً لتمكين الله لهم مما عجزوا عنه فإن‬
‫الطاعة سبب للطاعات‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬كيفية التمكين‪:‬‬

‫)‪(7 /‬‬

‫وأما نهاية المطاف وكيف تقام دولة السلم بعد ذلك فنحن ل نوجب على‬
‫الله أمرا معينا ً نعتقد حتميته ولزومه وأنه ل سبيل سواه‪ ،‬بل قد قص الله‬
‫علينا من قصص أنبيائه ورسله من آمن قومه كلهم بدعوته بالحكمة والبيان‪،‬‬
‫م إ َِلى ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن{‬ ‫حي ٍ‬ ‫مت ّعَْناهُ ْ‬ ‫مُنوا فَ َ‬ ‫ن‪ ،‬فَآ َ‬ ‫دو َ‬ ‫زي ُ‬ ‫ف أوْ ي َ ِ‬ ‫مئ َةِ أل ْ ٍ‬ ‫سل َْناه ُ إ َِلى ِ‬ ‫قال تعالى‪ } :‬وَأْر َ‬
‫]الصافات‪ ،[148 ،147 :‬ومنهم من نصره الله بإهلك أعدائه بقارعة من‬
‫عنده أو بأيدي الرسل وأتباعهم‪ ،‬وقد جعل سبحانه وتعالى في سيرة نبينا‪-‬‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ -‬هذه المور أيضًا‪ ،‬ففتح الله عليه المدينة بالقرآن‪،‬‬
‫وكذا فتح عليه البحرين واليمن وكثيرا من جزيرة العرب‪ ،‬كما فتح عليه مكة‬
‫بالسنان‪ ،‬وفتح على أصحابه العراق وما وراءه والشام ومصر وغيرها بالسنان‬
‫كذلك‪ ،‬وله الحمد سبحانه على كل حال‪ ،‬فالتمكين منة من الله ووعد غايته‬
‫تحقيق العبودية لله ‪-‬للفرد وللمة‪ -‬والخذ بالسباب المقدورة لنا واجب علينا‬
‫ذي َ‬
‫من ْك ُ ْ‬
‫م‬ ‫مُنوا ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ه ال ّ ِ َ‬ ‫والنصر من عند الله ل بالسباب‪ ،‬قال تعالى‪ } :‬وَعَد َ الل ّ ُ‬
‫ف ال ّ ِ‬ ‫خل َ َ‬ ‫َْ‬
‫ن قَب ْل ِهِ ْ‬
‫م‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ست َ ْ‬‫ما ا ْ‬ ‫ض كَ َ‬ ‫م ِفي الْر ِ‬ ‫فن ّهُ ْ‬
‫خل ِ َ‬‫ست َ ْ‬ ‫ت ل َي َ ْ‬‫حا ِ‬ ‫صال ِ َ‬‫مُلوا ال ّ‬ ‫وَعَ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫دون َِني‬ ‫مًنا ي َعْب ُ ُ‬ ‫مأ ْ‬ ‫خوْفِهِ ْ‬ ‫ن ب َعْد ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫م وَلي ُب َد ّلن ّهُ ْ‬ ‫ضى لهُ ْ‬ ‫ذي اْرت َ َ‬ ‫م ال ِ‬ ‫م ِدين َهُ ُ‬ ‫ن لهُ ْ‬ ‫ّ‬
‫م كن َ ّ‬ ‫وَل َي ُ َ‬
‫م ال ْ َ‬ ‫ُ‬
‫ك فَأول َئ ِ َ‬ ‫فَر ب َعْد َ ذ َل ِ َ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫شرِ ُ‬ ‫َل ي ُ ْ‬
‫ن { ]النور‪،[55 :‬‬ ‫قو َ‬ ‫س ُ‬ ‫فا ِ‬ ‫ك هُ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫شي ًْئا وَ َ‬ ‫ن ِبي َ‬ ‫كو َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ي‬
‫عَبادِ َ‬ ‫ض ي َرِث َُها ِ‬ ‫ن اْلْر َ‬ ‫ن ب َعْدِ الذ ّك ْرِ أ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫قد ْ ك َت َب َْنا ِفي الّزُبورِ ِ‬ ‫وقال سبحانه‪ } :‬وَل َ َ‬
‫َ‬
‫دى‬ ‫ه ِبال ْهُ َ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫س َ‬ ‫ذي أْر َ‬ ‫ن { ]النبياء‪ ،[105 :‬وقال سبحانه‪ } :‬هُوَ ال ّ ِ‬ ‫حو َ‬ ‫صال ِ ُ‬ ‫ال ّ‬
‫ن { ]التوبة‪.[33 :‬‬ ‫ُ‬
‫شرِكو َ‬ ‫م ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن كلهِ وَلوْ كرِهَ ال ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫دي ِ‬ ‫حقّ ل ِي ُظهَِره ُ عَلى ال ّ‬ ‫ن ال َ‬ ‫وَِدي ِ‬

‫‪199‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(8 /‬‬

‫السمو‬
‫‪ ...‬المقدمة‬
‫الحمد لله ‪ ،‬والصلة والسلم على رسول الله ‪ ،‬وعلى آله ومن واله ‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫فإن علو الهمة وسمو الروح مطلب شرعي ومقصد إنساني‪ ،‬أجمع عليه‬
‫العقلء‪ ،‬واتفق عليه العارفون ‪ ،‬والمطالب العالية أمنيات الرواد‪ ،‬ول يعشق‬
‫النجوم إل صفوة القوم ‪ ،‬أما الناكصون المتخاذلون فقد رضوا بالدون ‪،‬‬
‫وألهتمهم الماني حتى جاءهم المنون ‪ ،‬فليس لهم في سجل المكارم أسم ‪،‬‬
‫ول في لوح المعالي رسم‪ .‬وقد أردت بكتابي هذا إلهاب الحماس‪ ،‬وبث روح‬
‫العطاء ‪،‬وإنذار النائمين بفيالق الصباح‪ ،‬والصيحة في الغافلين ‪ ،‬وقد قلت‬
‫م َفان ْظ ُْر‬ ‫لقلبي وأنا أرسله بكتابي‪( :‬اذ ْهب بكتابي ه َ َ‬
‫م ت َوَ ّ‬
‫ل عَن ْهُ ْ‬ ‫م ثُ ّ‬
‫ه إليه ْ‬ ‫ذا فَأل ْ ِ‬
‫ق ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ِ َِ ِ‬
‫ن( )النمل‪. (28:‬‬ ‫جُعو َ‬ ‫ماَذا ي َْر ِ‬
‫َ‬
‫فيا أحفاد الفاتحين ‪ ،‬ويا سللة البرار ‪ ،‬ويا بقية الباة‪ ،‬حانت النطلقة الكبري‬
‫والوثبة العظمي‪ ،‬وقد عرضت سفينة النجاح ‪ ،‬ونادي منادي الفلح‪ ) :‬اْرك َ ْ‬
‫ب‬
‫ن()هود‪ :‬من الية ‪.(42‬‬ ‫ري َ‬ ‫معَ ال ْ َ‬
‫كافِ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫معََنا َول ت َك ُ ْ‬ ‫َ‬
‫؟‍‬
‫فهل من سامع وهل من مجيب ‍‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫بسم الله نبدأ‬
‫اللهم لك الحمد لكن أجله وأعظمه ‪ ،‬ولك الشكر لكن أحسنه وأجمله‪ ،‬ولك‬
‫الثناء لكن أكمله وأتمه‪ ،‬ولك المدح لكن أبلغه وأحله‪ ،‬والصلة والسلم على‬
‫الصفوة المصطفي‪ ،‬والسوة المرتضي‪ ،‬والسيف المنتضي‪ ،‬وأديت حقوق ‪،‬‬
‫وعلى آله وصحبه ‪ ،‬ومن سار على نهجه‪ ،‬واقتفي أثره إلى يوم الدين‪.‬‬
‫لماذا السمو؟‬
‫اخترت لكم هذا العنوان ليوافق سموكم‪ ،‬ويناسب قدركم‪ ،‬ويحيي جهادكم ‪،‬‬
‫ويهتف بسجاياكم‪ ،‬ولنكم من أهل ) السمو( أحببت أن أحدو لكم حداء‬
‫البطال‪ ،‬وأن أتحفكم يا صفوة الرجال‪ ،‬لتسافر المال ‪ ،‬الى أفاق الجلل‪،‬‬
‫ولنكم أبناء الفاتحين‪ ،‬وأحفاد المجدين‪ ،‬وسللة القادة‪ ،‬وبقية البرار‪ ،‬حرصت‬
‫على إلهاب هممكم الماضية‪ ،‬والشادة بهاماتكم العالية‪ ،‬وعزائمكم السامية ‪:‬‬
‫فتالله لو أن السماء صحيفة‬
‫بها الشكر يروي والثناء يرتب‬
‫وأشجارنا القلم والبحر حبرنا‬
‫ونحن طوال الدهر نملي ونكتب‬
‫لما بلغوا في كنه شكرك درة‬
‫ولو دبجوا فيك المديح وأغربوا!‬
‫***‬
‫تحية السمو‬
‫هذ مقطوعة ‪ ،‬المسك من أريجها فواح‪ ،‬والبلبل من نغمتها صداح‪ ،‬نهديها الى‬
‫أهل الصلح والفلح والنجاح‪:‬‬
‫كل شهم منكموا رمز فتوة‬
‫السما تروي الى الرض سموه‬
‫همم لو أن للدهر بها‬
‫معهدا ً لم يملك الدهر عتوه‬
‫غيركم في لهوه قد جمحت‬

‫‪200‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫نفسه يهوي بها سبعين هواة‬


‫وأراكم صفوة صادقة‬
‫فيكم الحق وآثار النبوة‬
‫دعوة بل صحوة بل وثبة‬
‫في صفاء ووفاء وأخوة‬
‫ولنكم أهل الصلح والفلح‪ ،‬وأحفاد أبي بكر وعمر وعثمان وعلى ‪ ،‬ومنكم‬
‫خالد وعمرو وسعد والمقداد‪ ،‬ومنكم المجدون والمصلحون‪ ،‬قلنا لكم في‬
‫بطاقة سلم‪:‬‬
‫حيث الشهامة مضروب سرداقها‬
‫بين النقضين من عفو ومن نقم‬
‫وللرسالة أنوار مقدسة‬
‫تجلو البغيضين من ظلم ومن ظلم‬
‫وللخوة آيات تنص لنا‬
‫على الخفين من حكم ومن حكم‬
‫وللمكارم أعلم تعلمنا‬
‫مدح الجزيلين من بأس ومن كرم‬
‫وللعل ألسن تثني محامدها‬
‫على الحميدين من فعل ومن شيم‬
‫برقيات عاجلة‬
‫يا أصحاب سمو المعالي إلى العزيز العالي جل في عله‪ ،‬بإيمانهم وجهادهم‬
‫وصبرهم ودعوتهم‪:‬‬
‫• لما أنذر النمل وحذر ودعا بني جنسه سطرت في حقه سورة من سور‬
‫القرآن ‪ ،‬فخذوا من النمل ثلثًا‪ :‬الدأب في العمل‪ ،‬ومحولة التجربة‪ ،‬وتصحيح‬
‫الخطأ‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫• * لما أكمل النحل طيبا ووضع طيبا‪ ،‬أوحي الله إليه وجعل له سورة باسمه‬
‫في الذكر الحكيم ‪ ،‬فخذوا من النحل ثلثًا‪ :‬أكل الطيب‪ ،‬وكف الذي‪ ،‬ونفع‬
‫الخريت‬
‫• * لما تجلت همة السد وظهرت شجاعته سمته العرب مائة أسم‪ ،‬فخذوا‬
‫من السد ثلثًا‪ :‬ل ترهب المواقف‪ ،‬ول تاعاظم الخصوم‪ ،‬ول ترض الحياة مع‬
‫الذل‪.‬‬
‫• * لما سقطت همة الذباب ذكر في الكتاب على وجع الذم ‪ ،‬فاحذروا ثلثا ً‬
‫في الذباب‪ :‬الدناءة‪ ،‬والخسة‪ ،‬وسقوط المنزلة‪.‬‬
‫• * لمل هزت العنكبوت وأوهمت بيتها ضربها بيتها مثل ً للهشاشة‪ ،‬فاحذروا‬
‫في العنكبوت ثلثا ً عدم التقان ‪ ،‬وضعف البنيان‪ ،‬وهشاشة الركان‪.‬‬
‫• * ولما تبلد الحمار ضرب مثل ً لمن ترك العمل ولم ينفعه ‪ ،‬فاحذروا ثلثا ً‬
‫في الحمار‪ :‬البلدة‪ ،‬وسقوط الهمة وقبول الضيم‪.‬‬
‫• * ولما عاش الكلب دنيئا ً لئيما ً ضرب مثل ً للعالم الفاجر الغادر الكافر‬
‫فاحذروا ثلثة في الكلب‪:‬‬
‫كفر الجميل وخسة الطباع ‪ ،‬ونجاسة الثار ‪.‬‬
‫• وحمل الهدهد رسالة التوحيد فتكلم عند سليمان‪ ،‬ونال المان ‪ ،‬وذكره‬
‫الرحمن‪ ،‬فخذوا من الهدهد ثلثة ‪ :‬المانة في النقل‪ ،‬وسمو الهمة‪ ،‬وحمل هم‬
‫الدعوة ‪:‬‬
‫والهدهد احتمل الرسالة ناطقا ً‬
‫أهل ً بمن حمل اليقين وسلما‬

‫‪201‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫قال أبو معاذ الرازي‪ :‬مسكين من كان الهدهد خيرا ً من !!‪.‬‬


‫وإذا أتى جعفر الطيار بجناحين‪ ،‬ودعى أبوبكر من أبواب الجنة الثمانية‪ :‬وكلم‬
‫عبد الله بن عمرو النصاري ربه بل ترجمان ‪ ،‬وتوكأ عبد الله بن أنيس على‬
‫عصاه في الجنة ‪ ،‬ودخل بلل قصره‪..‬‬
‫فبماذا تأتي أنت ؟ وماذا أعددت؟ وما بضاعتك؟!‪:‬‬
‫فيا ليت شعري ما نقول وما الذي‪..‬‬
‫نجيب به إذ ذاك والخطب أعظم؟!‬
‫نفوس سمت شوقا ً إلى الله‬

‫)‪(1 /‬‬

‫تعال بنا نسافر مع أدب لكن صادق ‪ ،‬ومع شعر لكن مؤمن‪ ،‬ومع قافية لكن‬
‫مسلمة‪:‬‬
‫وقف مجاهد مؤمن في عصر الصحابة على جبال الفغان على مشارف كابل‬
‫فقال‪:‬‬
‫أيا رب ل تجعل وفاتي إن أتت‬
‫على شرجع يعلو بحسن المطارف‬
‫ولكن شهيدا ً ثاويا ً في عصابة‬
‫يصابون في فج من الرض خائف‬
‫إذا فارقوا دنياهم فارقوا الذى‬
‫وسروا الى موعود في الصحائف‬
‫يقول‪ :‬يا رب ‪ ،‬ل تعدني الى غرفتي الضيقة ‪ ،‬الى سريري المشرجع‬
‫بالمطارف ‪ ،‬الى زوجتي الجميلة‪ ،‬لكن قطعني في يبلك إربا ً ‪ ..‬إربا ً ‍! وهذه‬
‫الجمل النادرة تجدها في أبجديات الموحدين‪ ،‬وفي دواوين المخلصين فقط‪،‬‬
‫يقولها أحدهم مستلهما ً جلل اللع وعظمته ‪ ،‬ثم تفيض دموعه‪ ،‬ثم يقول‪:‬‬
‫اللهم خذ من دمي هذا اليوم حتى ترضي!!‪.‬‬
‫والبراء بن مالك سميت روحه الى الواحد القيوم فاضطجع على ظهره ووضع‬
‫رجله اليمني على اليسرى‪ ،‬ورفع عقيرته بالنشيد‪ ،‬فقال له أنس‪ :‬أتنشد‬
‫وتغني أنت من أصحاب محمد عليه الصلة والسلم؟ فقال له أسكت‪ ،‬فوالله‬
‫الذي ل إله إل هو ‪ ،‬لقد قالت من الكفار مائة مبازرة‪ ،‬ووالله الذي ل إله إل‬
‫هو لموتن شهيدًا!‪..‬‬
‫لماذا يقسم؟!‪..‬‬
‫لن الرسول عليه الصلة والسلم قال فيه وقد رآه بذ الهيئة‪ ،‬رث الثياب ‪:‬‬
‫)) رب أشعث أغبر ذي طمرين لو أقسم على الله لبره منهم البراء بن‬
‫مالك((‪ ..‬فأقسم على الله يوم )تستر( أن يقتل شهيدا ً فقتل شهيدًا!‪.‬‬
‫وعمر بن عبد العزيز سمت روحه يوم تولي الخلفة ‪ ،‬جلس على المنبر‬
‫الدمشقي ليحكم ثنتين وعشرين دولة إسلمية ‪ ،‬ففاضت دموعه وبكي‬
‫وأجهش الناس بالبكاء ‪ ،‬قال المحدث الرواية الثقة رجاء بن حيوه‪ :‬والله لقد‬
‫كنت أنظر الى جدران المسجد هل تبكي معنا!‪.‬‬
‫وفي حلية الولياء عن سفيان قال ‪ :‬قال عمر بن عبد العزيز ‪ :‬كانت لي نفس‬
‫تواقة‪ ،‬فكنت ل أنال منها شيئا ً إل تاقت الى ما هو أعظم ‪ ،‬فلما بلغت نفسي‬
‫الغاية ‪ ،‬تاقت الى الخرة !‪ .‬هذا هو السمو‪!..‬‬
‫ومن أبجديات السالكين قولهم على لسان عبد اله بن رواحة وقد تمني‬
‫الصحابة عودته سالمًا‪ ،‬قال‪:‬‬

‫‪202‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫لكنني أسال الرحمن مغفرة‬


‫وطعنة ذات فرغ تقذف الزبدا‬
‫أو طعنة بيدي حران مجهزة‬
‫بحرية تنفذ الحشاء والكبدا‬
‫حنى يقال إذا مروا على جدثي‬
‫أرشده الله من غاز وقد رشدا‬
‫فقتل في مؤتة‪ ،‬وقبره هناك ‪ ،‬ولكن سريره دخل الى جنات النعيم‪ ،‬ورآه‬
‫رسول الهدي ـ عليه الصلة والسلم ـ بعينه‪.‬‬
‫والعباد أيضا ً يشاركون مع المجاهدين في سمو الهمة ‪ ،‬فأما أحدهم وهو عباد‬
‫بن عبد الله بن الزبير ‪ ،‬فيقول ‪ :‬اللهم إني أسالك الميتة الحسنة‪ ،‬قالوا ‪ :‬ما‬
‫هي؟ قال ‪ :‬أن يتوفاني ربي وأنا ساجد ‪ ،‬فقبض الله روحه وهو ساجد في آخر‬
‫سجدة من صلة المغر‍ب‪ ،‬وقس على ذلك قوله صلي الله عليه وسلم في‬
‫حديث حسن لعمر وقد رآه لبس ثوبا ً أبيض ‪ ،‬فقال له‪ )) :‬ألبس جديدا ً وعش‬
‫حميدا ً ‪ ،‬ومت شهيدًا((‪ ،‬فرزقه الله سموا ً في الدنيا ‪ :‬عدل ً في الرعية‪ ،‬رحمة‬
‫بالمة‪ ،‬زهدا ً في نفسه ‪ ،‬ثم توفاه شهيدا ً في المحراب‪ ،‬وعلى ذلك سار‬
‫السلف‪ ،‬حتى إنه في ليلة من ليالي أهل السمو العلمي كان إسحاق بن‬
‫منصور )تلميذ أحمد بن حنبل ( في خراسان‪ ،‬فرجع بعد ما روى الحديث سبع‬
‫سنوات وكتبه في قراطيس ‪ ،‬فأمطرت السماء في الليل ‪ ،‬فوضع الكتب‬
‫والدفاتر تحت بطنه واحتضنها والبرد يصب على ظهره ‪ ،‬والمطر البارد يغطي‬
‫جسده‪ ،‬والريح تسف على وجهه‪ ،‬وهو يحتضن دفاتره لئل تمسح بالماء بعد‬
‫رحلة سبع سنوات ‪ ،‬عاش طويل ً ومات ‪ ،‬فرآه أحد الصالحين في الجنة ‪،‬‬
‫قال ‪ :‬ما فعل الله بك ؟ قال‪ :‬غفر لي بليلة المطر يوم انحنيت على الدفاتر‬
‫وحضنت أوراقي ‍‪.‬‬
‫وأنظر الى بعض الصالحين يرسل نشيده الى الواحد الحد لكن ينظمه بحبات‬
‫قلبه ‪ ،‬يبدأ بالنثر فيقول كلما ً معناه‪:‬‬
‫يا ربي ‪ ،‬إن أحب كثير عزة‪ ،‬وأحب غيلن مية‪ ،‬فاجعل حبي فيك يا ربي‪ ،‬وإن‬
‫أحب عنترة عبلة‪ ،‬وأحب فلن ليلي‪ ،‬وأحب الخر سلمي ‪ ،‬فاجعل حبي لك‬
‫وحدك‪ ،‬ثم نظمها شعرا ً فقال‪:‬‬
‫إذا كان حب الهائمين من الورى‬
‫بليلي وسلمي يسلب اللب والعقل‬
‫فماذا عسي أن يصنع الهائم الذي‬
‫سري قلبه شوقا ً الى العالم العلى ‍‬
‫؟‬
‫ر!‪ ..‬أف على الغنا‍ء !‪ .‬أف على الضياع ‍! أف على حياة اللهو‬ ‫أف على الوت ‍‬
‫والغرام والهيام إن لم تكن المحبة للواحد العلم ‪ ،‬الذي بني دار السلم ‪،‬‬
‫َ‬
‫ح‬‫فلماذا انتهي من بنائها قال ‪ ) :‬تكلمي وعزتي وجللي ‪ ،‬قالت‪( :‬قَد ْ أفْل َ َ‬
‫ن( )المؤمنون‪ (1،2:‬قال ‪ )) :‬وعزتي‬ ‫شُعو َ‬‫خا ِ‬‫م َ‬‫صلت ِهِ ْ‬‫م ِفي َ‬‫ن هُ ْ‬‫ذي َ‬‫ن ال ّ ِ‬
‫مُنو َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫مؤ ْ ِ‬
‫وجللي ل يجاورني فيك بخيل ‍!((‬
‫هذه مسيرة الصالحين ‪ ،‬ولكن ينحرف بعض الناس الى هواه‪ ،‬الى العيون‬
‫السود ‪ ،‬الى الخدود ؛ يقول ابن زريق في بغداد وهو هائم بامرأة‪:‬‬
‫ل تعذليه فإن العذل يوجعه‬
‫قد قلت حقا ً ولكن ليس يسمعه‬

‫)‪(2 /‬‬

‫‪203‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ثم يقول‪ :‬آه ‪ ،‬ثم يموت ‍!!‪ ..‬ولكن )مسلمًا( صاحب الصحيح ‪ ،‬الذي قدم لنا‬
‫ميراث محمد عليه الصلة والسلم‪ ،‬العالم الرباني‪ ،‬بات ليلة كاملة يبحث عن‬
‫حديث للرسول عليه الصلة والسلم ‪ ،‬ولم ينم‪ ،‬فلما صلي الفجر‪ :‬آه‪..‬آه‪..‬آه‪،‬‬
‫ثم مات‪ ،‬فقيل ‪ :‬شهيد الحديث!‪ ،‬والنابلسي المحدث العالم الزاهد الذي أفتي‬
‫بفتوي شجاعة في الفاطميين المنحرفين الكفرة ـ عند كثير من أهل العلم ـ‬
‫قال‪ :‬من عنده عشرة سهام فليرم الفاطميين بتسعة والنصارى بسهم‪،‬‬
‫فطعنه يهودي بالخنجر ‪ ،‬قال الذهبي ‪ :‬كان دمه يتصبب في الرض وهو‬
‫يقول ‪ :‬الله ‪ ..‬الله ‪ ..‬الله‪.!.‍.‬‬
‫سؤال نقدمه لهل السمو ‪ ،‬وأهل العزائم والهمم‪:‬‬
‫قالوا ‪ :‬الهوي والحب هل تحنو له‬
‫أم أنت في أرض الهوي متجلد‬
‫قلت‪ :‬المحبة للذي صنع الهدى‬
‫فحبيب قلبي في الحياة محمد‬
‫اللهم اجعله حبيبنا بعد حبنا لك ‪ ،‬يقول عمر بن عبد العزيز وروحه تسافر في‬
‫مجمع من الناس وقد حدثته بالخلفة وهو زاهد عابد ‪ ،‬قال ‪ :‬قام فينا معاوية‬
‫بن أبي سفيان رضي الله عنه في المدينة على المنبر ونحن جلوس أمامه ‪،‬‬
‫وقد تولي الخلفة ‪ ،‬فقال‪ :‬من أولي مني بالخلفة ‪ ،‬قال ‪ :‬فحللت حبوتي لرد‬
‫عليه وأقول ‪ :‬أولي منك المهاجرون والنصار!‪ ،‬فتذكرت قوله سبحانه وتعالى‪:‬‬
‫سادا ً (‬ ‫َْ‬ ‫دو َ ُ ً‬ ‫جعَل َُها ل ِل ّ ِ‬ ‫داُر اْل ِ‬ ‫)ت ِل ْ َ‬
‫ض َول فَ َ‬ ‫ن عُلوّا ِفي الْر ِ‬ ‫ري ُ‬
‫ن ل يُ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫خَرةُ ن َ ْ‬ ‫ك ال ّ‬
‫)القصص‪ :‬الية ‪ ،(83‬فجلست مكاني!!‪.‬‬
‫***‬
‫التعالي عن الصغائر ‪ ،‬والترفع عن الرذائل‬
‫ن()آل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫م العْلوْ َ‬ ‫حَزُنوا وَأن ْت ُ ُ‬ ‫اسمع الى الوحي يخاطبك بأن ترتفع )َول ت َهُِنوا َول ت َ ْ‬
‫عمران‪ :‬الية ‪ ، (139‬ل يصيبك إحباط ول يأس ول فشل ‪ ،‬وأنت تسجد لله‬
‫ومعك القرآن ‪ ،‬وقد هديت الى تكبيرة الحرام ‪ ،‬ومعك أخوة صالحون‪ ،‬ومعك‬
‫دعاة وعلماء ‪ ،‬إن الله يحب معالي المور‪.‬‬
‫واسمع الى على بن عبد العزيز الجرجاني الفقيه المحدث والقاضي الواعظ ‪،‬‬
‫وهو يخبرك بعصارة حياته‪ ،‬وقد ترك الناس ‪،‬وأغلق الباب على نفسه في‬
‫البيت ‪ ،‬ل يخالط كبيرا ً ول صغيرا ً ‪ ،‬ويقول ‪:‬‬
‫أنست بوحدتي ولزمت بيتي‬
‫فدام لي الهنا ونما السرور‬
‫وأدبني الزمان فل أبالي هجرت‬
‫فل أزار ول أزور‬
‫فلست بسائل ما عشت يوما ً‬
‫أسار الجيش أم ركب المير‬
‫وهو الذي يقول‪:‬‬
‫يقولون لي فيك انقباض وإنما‬
‫رأوا رجل ً عن موقف الذل أحجما‬
‫وما زلت منحازا ً بعرضي جانبا ً‬
‫من الذم أعتد الصيانة مغنما ً‬
‫إذا قيل هذا مشرب قلت قد أري‬
‫ولكن نفس الحر تحتمل الظما‬
‫ولم أقض حق العلم إن كان كلما‬
‫بدا مطمع صيرته لي سلما‬

‫‪204‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ولم أبتذل في خدمة العلم مهجتي‬


‫لخدم من لقيت لكن لخذما‬
‫أأشقى به غرسا ً وأجنبه ذلة‬
‫إذا فابتياع الجهل قد كان أحزما‬
‫ولو أن أهل العلم صانوه صانهم‬
‫ولو عظموه في النفوس لعظما‬
‫ولكن أهانوه فهان ودنسوا‬
‫محياه بالطماع حتى تجهما‬
‫ومن سمو البخاري صاحب الصحيح رحمه الله يقول‪ :‬رأيت في منامي‬
‫الرسول صلي الله عليه وسلم وكأنه يرفع خطوة واضع رجلي أو قدمي مكان‬
‫قدمه‪ ،‬فسألت أهل العلم وأنا شاب‪ ،‬قالوا‪ :‬أنت تحفظ سنة الرسول عليه‬
‫الصلة والسلم! ويقول ‪ :‬ما اغتبت مسلما ً منذ احتلمت!‪ ،‬فقل لي بالله يا من‬
‫أكثر من الغيبة والوشاية والنميمة واستحلل العراض‪ :‬كيف نقارن بينك وبين‬
‫البخاري؟‪.‬‬
‫وقال الشافعي صاحب الهمة العالية ‪ :‬ما كذبت منذ علمت أن الكذب يضر‬
‫أهله!‪ ..‬ل كذب في هزل ول جد ‪ ،‬ول ليل ول نهار‪ ،‬ويقول وهو يحاسب‬
‫نفسه ‪ :‬ما حلفت بالله صادقا ً ول كاذبا ً !‪،..‬وكان يعيش على كسرة الخبز‪،‬‬
‫وامتل بيته باللخاف والجريد والصحف حتى كاد هو وأمه يخرجان خارج البيت‪،‬‬
‫وهو يطلب العلم ويقول ـ وقد عرضت له القناطير من الذهب من هارون‬
‫الرشيد ـ‪:‬‬
‫ً‬
‫أمطري لؤلؤا سماء سرنديب‬
‫وفيضي آبار تكرور تبرا‬
‫أنا إن عشت لست أعدم خبزا ً‬
‫وإذا مت لست أعدم قبرا‬
‫همتي همة الملوك ونفسي‬
‫نفس حر تري المذلة كفرا!‬
‫فما المجدإذًا؟‬
‫قال اهل العلم ‪ :‬المجد والسمو في ثلثة ‪ :‬أن تمرغ وجهك ساجدا ً لله ‪ ،‬وأن‬
‫تأكل الحلل‪ ،‬وأن تكون سليم الصدر ‪ ،‬ثم ل يضرك ما فاتك من الدنيا من‬
‫دورها وقصورها وذهبها‪.‬‬
‫جلس محدث من المحدثين الكبار ـ ذكره الذهبي وغيره ـ‪ ،‬فرأي ألف عمامة‬
‫أمامه‪ ،‬كلهم يكلبون الحديث ‪ ،‬مع كل عمامة قلم‪ ،‬مع كل قلم محبرة‪ ،‬مع كل‬
‫محبرة كتاب‪ ،‬مع كل كتاب دفتر‪ ،‬فدمعت عيناه وقال‪ :‬هذا والله الملك ل ملك‬
‫المأمون والمين ‪ ،‬ثم أنشد فرحًا‪:‬‬
‫إني إذا احتوشتني ألف محبرة‬
‫يروون حدثني طورا ً وأخبرني‬
‫ناديت في الجمع والقلم مشرعة‬
‫تلك المكارم ل قعبان من لبن‬
‫وهذا تضمين رائع جميل ضمنه كثير من أهل العلم قصادئهم ‪ ،‬وأذكر على‬
‫سبيل سمو أهل الهمم صلح الدين ‪ ،‬فقد ذكروا أنه لم يمزح ولم يبتسم‪،‬‬
‫فسأله أصحابه ‪ :‬مالك؟ قال‪ :‬ل أمزح ول أبتسم حتى أفتح بيت المقدس!‪..‬‬
‫وفتح بيت المقدس وصف معه المراء والعلماء والوزراء‪ ،‬وقام الخطيب‬
‫شمس الدين الحلبي على المنبر فافتتح خطبته وأشار ـ بعد الحمد لله‬

‫‪205‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫والحوقلة ـ لصلح الدين قائ ً‬


‫ل‪:‬‬
‫تلك المكارم ل قعبان من لبن‬

‫)‪(3 /‬‬

‫وهكذا السيف ل سيف ابن ذي يزن‬


‫يقول‪ :‬أنت السيف‪ ،‬أنت المنتصر ـ بإذن الله ـ‪ ،‬أنت فخر السلم ل سيف ابن‬
‫ذي يزن الجاهلي المشرك‪.‬‬
‫وهنا يأتيك السمو من أهل الجاهلية‪ ،‬لكن يرشده السلم تحت مظلة التعالي‬
‫على الصغائر والترفع عن الرذائل ‪ ،‬يقول الرسول صلي الله عليه وسلم لبنة‬
‫حاتم الطائي‪ )) :‬لو كان أبوك مسلما ً لترحمنا عليه ((!‪ ،‬و)حاتم( قصة من‬
‫البذل ‪ ،‬قصة من السمو ‪ ،‬قصة من الجود ‪ ،‬عندما تهب الرياح النجدية فتلعب‬
‫بالبيوت‪ ،‬وينضوي البخيل كالكلب في بيته ‪ ،‬يخرج حاتم ويقول لغلمه‪ :‬التمس‬
‫لي ضيفا ً فإن أتيت الليلة بضيف فأنت حر‪ ،‬ثم يقول له‪:‬‬
‫أوقد فإن الليل ليل قر‬
‫والبرد يا غلم برد صر‬
‫إذا أتي ضيف فأنت حر!‬
‫ويقول‪:‬‬
‫أما والذي ل يعلم الغيب غيره‬
‫ويحيي العظام البيض وهي رميم‬
‫لقد كنت أطوي البطن والزاد يشتهي‬
‫مخافة يوما ً أن يقال لئيم‬
‫فهل طوينا بطوننا وآلف الجائعين في أفغانستان وفلسطين وكشمير‬
‫والبوسنة؟‪ ،‬هل اقتصدنا في نفقاتنا وهذا حاتم في الجاهلية يقول‪ :‬والله إني‬
‫أطوي بطني‪ ،‬والله إني أترك الخبز واللحم لئل يقال بخيل؟!‪ ،‬وهو ل يرجو‬
‫ثوابا ً ول يخاف عقابًا‪ ،‬فكيف بمن صلي الخمس‪ ،‬وصام الشهر‪ ،‬وحج البيت؟!‬
‫وهذه قصة السمو من مدرسة حاتم‪:‬‬
‫وما أنا بالساعي لفضل لجامها‬
‫لتشرب ماء القوم قبل الركائب‬
‫يقول حاتم في أخلقياته الشريفة التي ذكره بها صلي الله عليه وسلم ‪ :‬أنا‬
‫من صفاتي أني ما اسابق ‪ ،‬حتى بغلتي أعلمها اليثار‪ ،‬بغلتي ل أقدمها تشرب‬
‫الماء من الحوض قبل أصحابي‪ ،‬بغلتي أو حماري أو جوادي أعلمه الذب لئل‬
‫يشرب قبل حمار الناس وقبل جوادهم‪ ،‬فقل لي عن نفسي ونفسك ونحن‬
‫في دائرة افسلم ودائرة السنة‪ ،‬هل آثرنا جيراننا‪ ،‬هل آثرنا الفقراء‬
‫والمساكين؟‬
‫ثم يقول في أدب آخر ‪ ،‬أنثره ثم أنظمه ‪ ،‬يقول ‪:‬‬
‫إذا مشيت مع قوم وأنت على ناقة‪ ،‬ومعك زميل يمشي على الرض ‪،‬‬
‫فاركبه ‪،‬أو أنزل معخ‪ ،‬ل تركب وهو يمشي!‪:‬‬
‫إذا كنت ربا ً للقلوص فل تدع‬
‫رفيقك يمشي خلفها غير راكب‬
‫أنخها فأركبه فإن حملتكما‬
‫فذاك ‪ ،‬وإن كان العقاب فعاقب‬
‫وقد جاء بها محمد صلي الله عليه وسلم ناصعة مشرقة طاهرة زكية لوجه‬
‫الله ‪ ،‬فقال في صحيح مسلم ‪ )) :‬من كان له فضل زاد فليعد به على من ل‬

‫‪206‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫زاد له‪ ،‬ومن كان له فضل ظهر فليعد به على من ل ظهر له((‪.‬‬
‫حدثني أستاذ في مكة قال‪ :‬وجدت أن الثراء الفاجش مع قلة الدين والفسق‬
‫إنما هو طغيان على المة ‪ ،‬وروي لي قصة طالب في مكة من ) تشاد(‪ ،‬معه‬
‫سيارة مهلهلة ل تساوي خمسة آلف ‪ ،‬قال‪ :‬من حسن أدبه وسلمة صدره‬
‫يوصل إخوانه وزملءه إلي حاراتهم بهذه السيارة!‪ ..‬قلت‪ :‬فأين أهل الشبح ‪،‬‬
‫وأهل الغناء والثراء‪ ،‬الذين يعيشون فحشا ً وظلما ً وغشا ً في الضمائر؟‪ ..‬إنها‬
‫القلة مع الجود‪ ،‬وليست الكثرة مع البخل ‪ ،‬والرسول عليه الصلة والسلم‬
‫يقول فيما يروي عنه ‪ )) :‬ل يؤمن من بات شبعان وجاره جائع((‪.‬‬
‫أما عروة بن الورد فيقول‪:‬‬
‫أوزع جسمي في جسوم كثيرة‬
‫واحسو قراح الماء والماء بارد‬
‫أتهزأ مني أن سمنت وأن تري‬
‫بوجهي شحوب الحق والحق جاحد‬
‫يقول ‪ :‬أنا نحيف وأنت سمين ‪ ،‬ومع ذلك فانا يحضر طعامي سبعة وثمانية‪،‬‬
‫أما أنت فإنك وحدك!‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫صنعوا للربيع بن خيثم العالم الزاهد طعاما خبيصا ـ والخبيص من أجود الكل‬
‫ـ وكان الربيع جائعًا‪ ،‬فلما قدمواله الجفنة‪ ،‬إذا بمسكين يطرق الباب!‪ ،‬قال‬
‫فصنع له أهله خبيصا ً مرة ثانية‪ ،‬ولما قدموه ليأكل إذا بمسكين يطرق الباب‬
‫قال‪ :‬أدخلوه فأكل ‪ ،‬وكان المسكين الثاني اعمي‪ ،‬فقال له أهله‪ :‬والله ما‬
‫يعلم هل هو خبيص أو ل ‪ ،...‬قال ‪ :‬لكن الله سبحانه يعلم!‪ .‬فقالوا له‪ :‬كيف‬
‫ة()الحشر‪ ،(9 :‬ثم‬ ‫ص ٌ‬
‫صا َ‬
‫خ َ‬
‫م َ‬ ‫ن ب ِهِ ْ‬
‫كا َ‬ ‫م وَل َوْ َ‬‫سهِ ْ‬ ‫ن عََلى أ َن ْ ُ‬
‫ف ِ‬ ‫ذلك؟ قال‪ ) :‬وَي ُؤْث ُِرو َ‬
‫ن ()آل عمران‪.(92 :‬‬ ‫حّبو َ‬ ‫ما ت ُ ِ‬‫م ّ‬
‫قوا ِ‬ ‫ن ت ََناُلوا ال ْب ِّر َ‬
‫حّتى ت ُن ْفِ ُ‬ ‫قال )(ل َ ْ‬
‫يقول أحد الخطباء في العصر العباسي ‪ :‬إاذذ أعجبتك وجبة شهية فقدمها‬
‫للفقير‪ ،‬فإنك سوف تأكلها في الجنة‪ ،‬ول تأكلها أنت فإنك سوف تلقيها في‬
‫بيت الخلء‪ .‬وهذا من فقهيات سمو الهمم‪.‬‬
‫تحدي المصاعب والنتصار على الزمات‬
‫قيد أبو وردي بسبب روايته الحديث ‪ ،‬وصدعه بكلمة الحق ‪ ،‬لكنه صبر‬
‫واحتسب في ذات الله عز وجل‪ ،‬وعد ذلك مكسبا ً عظيما ً فقال‪:‬‬
‫انكر لي خصمي ولم يدر أنني‬
‫أعز ‪,‬احدث الزمان تهون‬
‫فبات يريني الخصم كيف أعتداؤه‬
‫وبت أريه الصبر كيف يكون!‬
‫تلوت هذين البيتين على فضيلة الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله ‪ ،‬فصحح‬
‫لي مسارا ً في البيتين ‪ ،‬حيث قال الشاعر في الصل ‪ )) :‬تنكر لي دهري((‪،‬‬
‫وصدق ابن عثيمن وأنا معه‪ ،‬وأنسخ من الن البيتين وأرد كلمة )دهري( ‪،‬‬
‫وأقول ‪ :‬تنكر لي خصمي‪ ،‬فرحم الله ابن عثيمين ‪ ،‬ورحم الله المظفر البي‬
‫وردي الشاعر الكبير‪.‬‬
‫وابن رشيد الندلسي وعظ النصاري في الندلس فقيدوه ‪ ،‬ولطومه وجلدوه ‪،‬‬
‫وحبسوه‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫إن كان عندك يا زمان بقية‬
‫مما يهان بها الكرام فهاتها‬
‫يقول ‪ :‬بقي القتل‪ ،‬تعال بالقتل‪ ،‬حي الله القتل في سبيل الله!‪..‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫‪207‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أم السؤال الذي يوجه لصحاب السمو والمعالي من أهل الهمم العالية من‬
‫العباد والزهاد وأهل الجهاد فهذا هو‪ :‬قيل لبن عباس‪ :‬كيف حصلت على هذا‬
‫العلم؟ قال ‪ :‬بتوشد ردائي في القيلولة ‪ ،‬والريح تسف على وجهي من الرمل‬
‫ومن وهج الصحراء ثلثين سنة! وقالوا لعطاء ‪ :‬كيف حصلت على هذا العلم؟‬
‫قال‪ :‬بتوسد فراشي في المسجد الحرام ثلثين سنة !‪ ..‬ثلثون سنة ل يعرف‬
‫بيته طلبا ً للعلم‪ ،‬أما طلبة العلم في هذا الزمان ـ إل من رحم ربك ـ فإن‬
‫أحدهم يدخل الى الجامعة أربع سنوات فأكثر ‪ ،‬ثم يخرج وهو جاهل‪ ،‬ثم يري‬
‫أنه إمام الدنيا وحافظ العصر ‪ ،‬وخاتمة المجددين النبي صلي الله عليه وسلم‬
‫يقول أخدهم في دخول للكلية‪:‬‬
‫ودخلت فيها جاهل ً متواضعا ً‬
‫وخرجت منها جاهل ً دكتورا!‬
‫يقول ‪ :‬كنت قبل دخول الكلية جاهل ً لكني متواضع ؛ اسلم على رأس أبي‪،‬‬
‫وأقبل كف أمي‪ ،‬وأجلس مع زملئي‪ ،‬فلما درست وتعلمت لسنوات خرجت‬
‫فل تواضع ول احترام ول أدب !‪ ،..‬وهذه صورة قبيحة لطالب العلم‪.‬‬
‫وقيل للشعبي‪ :‬بم حصلت على هذا العلم؟ قال‪ :‬بسهر طير النوم من عيني‪،‬‬
‫وبسهاد‪ ،‬وبتبكير كتبكير الغراب‪.‬‬
‫نعم إن العظمة جهاد وسهاد وجلد‪ ،‬ودموع واشلء‪ ،‬قال المتنبي وهو على دنيا‬
‫رخيصة ‪ ،‬ليس على تكبيرة إحرام ول على عبادة‪:‬‬
‫أطاعن خيل ً من فوارسها الدهر‬
‫وحيدا ً وما قولي كذا ومعي الصبر!‬
‫وأشجع مني كل يوم سلمتي‬
‫وما ثبتت إل وفي نفسها أمر‬
‫تمرست بالفات حتى تركتها‬
‫تقول أمات الموت أم ذعر الذعر‬
‫وأقدمت إقدام التي كان لي‬
‫سوس مهجتي أو كان لي عندها وتر‬
‫الى أن يقول‪:‬‬
‫ً‬
‫وتركك في الدنيا دويا كأنما‬
‫تداول سمع المرء أنملة العشر‬
‫لكن الموحدين لهم نظام في المنية غير نظام المتنبي وأبي مسلم‬
‫الخرساني والحججاج‪ ،‬أمنيتهم أن يموتوا على ل إله إل الله‪ ،‬ولو كانوا غرباء‬
‫وحيدين معزولين‪ ،‬كما في دفتري الزبيري‪:‬‬
‫خذوا كل دنياكموا واتركوا‬
‫فوادي حرا ً طليقا ً غريبا‬
‫فإني أعظمكم ثروة‬
‫ً‬
‫وإن خلتموني وحيدا سليبا‬
‫ويقول المتنبي ‪:‬‬
‫ل يدرك المجد إل سيد فطن‬
‫لما يشق على السادات فعال‬
‫لول المشقة ساد الناس كلهمو‬
‫الجود يفقر والقدام قتال‬
‫إن طريق السمو)مشقة( ؛ فأول السمو عندنا يبدأ بصلة الفجر ‪ ،‬ومن ل‬
‫يحضر صلة الفجر فليس من أهل السمو ول المعالي ول السعادة‪ ،‬ولو زفت‬
‫له الدنيا‪ ،‬وصفقت له البنود‪ ،‬وهتفت له الجنود ‪ ،‬وارتفعت عليه العلم ‪،‬‬

‫‪208‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وسددت أمامه السهامز‬


‫أبدا ً ‪ ..‬أبدًا!!‬
‫لن انطلقتتنا الكبري من صلة الفجر‪ ،‬من تكبيرة الحرام النبي صلي الله‬
‫عليه وسلم من حديث جندب بن عبد الله البجلي في مسلم‪ )) :‬من صلي‬
‫الفجر فهو في ذمة الله‪ ،‬فالله الله ل يطلبنكم من ذمته بشئ ‪ ،‬فإنه من طلبه‬
‫أدركه كبة على وجهه في النار((‪ ،.‬ومن المحراب ننطلق إلي المعالي ‪ ،‬ومن‬
‫ل يصلي الفجر والفروض الخري جماعة ـ بل عذر شرعي ـ فل تظنه من أهل‬
‫السعادة والسمو‪.‬‬
‫سمؤ في طلب العلم‬
‫ً‬
‫سافر جابر بن عبد الله شهرا كامل ً على جمل إلى ) العريش( في مصر ‪،‬‬
‫فلما وصل هناك طرق على عبد الله بن أنيس الباب‪ ،‬فخرج إليه عبد الله‬
‫فسأله عن حديث الحوض فأخبره وطلب منه الدخول فأبي جابر وقال‪:‬‬
‫رحلتي إلى الله ‪ ،‬والله ل أجلس أبدًا‪ ،‬فمشي شهرا ً وعاد شهرا ً ‪ ،‬غدوة شهر‬
‫ورواحة شهر!‪ ..‬وللفت النظر فقط‪ :‬فعبد الله بن أنيس هو الذي قتل خالد بن‬
‫سفيان المشرك‪ ،‬فأعطاه صلي الله عليه وسلم عصاه وقال له ‪ )) :‬توكأ بها‬
‫في الجنة((‪ ،‬والمتوكئون بالعصا في الجنة قليل ‪ ،‬فدخلت عصاه معه بره ‪،‬‬
‫وسوف يبعث في العرصات وعصاه معه‪ ،‬وسوف يحضر الزحام عند الصحف‬
‫والميزان والصراط وعصاه معه‪ ،‬وسيدخل الجنة وهو يتوكأ بها‪.‬‬
‫ونبي الله موسي عليه السلم ـ من قبل ـ ضرب أروع المثلة في طلب العلم‬
‫ي‬ ‫‪ ،‬وهو نبي معصوم يوحي اليه‪ ) :‬ل أ َبرح حتى أ َبل ُغَ مجمع ال ْبحري َ َ‬
‫ض َ‬‫م ِ‬
‫ن أوْ أ ْ‬
‫َ ْ َ َ َ ْ َ ْ ِ‬ ‫ْ‬ ‫َْ ُ َ ّ‬
‫قبًا()الكهف‪.(60 :‬‬ ‫ح ُ‬
‫ُ‬
‫والزمخشري يقول في قصيدة ماتعة‪:‬‬
‫سهري لتنقيح العلوم ألذ لي‬
‫من ضرب غانية وطيب عناق‬
‫والمعني‪ :‬سهري مع الكتب والدفاتر أحسن عندي من أن أعانق امرأة‬
‫جميلة ‪ ،‬أو أخلو بجارية فاتة‪ ،‬هكذا سمت نفسه‪.‬‬

‫)‪(5 /‬‬

‫ولهل السنة سمة في هذا الباب‪ ،‬فخلوتهم مع صحيح البخاري ومسلم أحسن‬
‫من ملك الدنيا جميعًا‪ ،‬واليك بعض النماذج السامية‪ :‬طلب) شريك( العلم‬
‫أربعين سنة‪ ،‬قال‪ :‬طلبت العلم والله ما كان زادي في الىوم إل كسرة خبز!‪..‬‬
‫وحضر في مجلس فيه وزير عباسي قد غاص في الركايا وفي الطنافس‪،‬‬
‫معَْنا‬
‫س ِ‬‫ما َ‬
‫فحدث بحديث عن الرسول عليه الصلة والسلم ‪ ،‬فقال الوزير ‪َ ) :‬‬
‫َ‬
‫ن()المؤمنون‪ ، (24 :‬فقال له شريك ـ وكان سريع البديهة‬ ‫ذا ِفي آَبائ َِنا اْلوِّلي َ‬
‫ب ِهَ َ‬
‫ـ‪ :‬من اين تسمع بهاذ وأنت تأكل الخبيص وتجلس على الطنافس ‪ ،‬وتغنيك‬
‫الجواري؟!‪ .‬وعرض به أحد خلفاء بني العباس حين قال له ‪ :‬أنت تحب عليا ‪،‬‬
‫فأجابه ‪ :‬احبه حتى الدماغ ‪ ،‬فقال له ‪ :‬أواه من يوم عليك أظنك زنديق !‪،‬‬
‫فقال شريك ‪ :‬الزنديق له ثلث علمات‪ ،‬قال ‪ :‬ما هي ؟ قال‪ :‬يترك صلة‬
‫الجماعة‪ ،‬ويشرب النبيذ‪ ،‬ويسمع الجواري!‪ ،‬قال‪ :‬كانك تعرض بي وتلمح!‪،‬‬
‫قال‪ :‬ما ألمح لكن أقصدك!!‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وابن عبد البر مكث مع كتاب التمهيد ثلثين سنة ليل ونهارا ‪ ،‬ثلثون سنة مع‬
‫الكتاب يفليه‪ ،‬يكتبه‪ ،‬ينسخه ‪ ،‬يشرحه‪ ،‬ثم يقول ‪:‬‬
‫سمير فؤادي من ثلثين حجة‬

‫‪209‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وصقيل ذهني والمفرج عن همي‬


‫وقد نظمت أربعة أبيات من باب التشبه بابن عبد البر فقط ل غير‪:‬‬
‫ثلثون عاما ً والدفاتر صحبتي‬
‫وقد صانني عن كل لهو وغفلتي‬
‫ثلثون عاما ً كلما قلت قد كفي‬
‫لرتاح في داري وأحسو معيشتي‬
‫أبت همتي إل الصعود الى العل‬
‫إذا أنهد جسمي صارفي القلب قوتي‬
‫صعود أبدا ً وتفوق دائما ً‬
‫دريد بن الصمة جاهلي من أهل الطائف ‪ ،‬خرج مع أخيه عبد الله لمواجهة‬
‫العدو‪ ،‬فلما حضرت المعركة اجتمع القوم على أخيه عبد الله فقتلوه ‪ ،‬فسمع‬
‫أخاه وهو في النفس الخير يناديه‪ :‬يا دريد‪ ..‬يا دريد‪ ..‬يا دريد‪ ،‬فانبعث هذه‬
‫الصرخات إلى دريد وهو في آخر المعسكر وبينه وبين أخيه سيوف ورماح‪،‬‬
‫فأخذ دريد في يمينه سيفا ً وفي يساره رمحا ً فشق الصفوص ‪ ،‬ووصل غلي‬
‫أخيه وطاعن عنه الخيل وضارب البطال حتى جرح‪ ،‬ثم حمل فإذا أخوه ميت‬
‫وهو حى!‪ ،‬فقال فيه قصيدة وهو يبكي عند أمه‪ ،‬يخبرها وخبر أخيه ‪ ،‬وهي من‬
‫أرق وأجمل القصائد ‪ ،‬وقد جعلها أو تمام في حماسته ‪ ،‬يقول ‪:‬‬
‫دعاني أخي والخيل بيني وبينه‬
‫فلما دعاني لم يجدني بقعدد‬
‫فطاع عنه الخيل حتى تبددت‬
‫وحتى علني حالك اللون أسود‬
‫طعان أمرئ آسي أخاه بنفسه‬
‫ويعلم أن المرء غير مخلد‬
‫وطيب نفسي أنني لم أقل له‬
‫كذبت‪ ،‬ولم أبخل بما ملكت يدي‬
‫وهون وجدي أن ما هو فارط‬
‫أمامي وأني هامة اليوم أو غدا‬
‫وهذه من شيم أهل الجاهلية ‪ ،‬لكن السلم زكاها وسما بها الى أفق آخر‪.‬‬
‫وفي سير الصالحينـ رضوان الله عليهم ـ مثال ‪ :‬في تسعة أسياف تكسرت‬
‫في يد خالد بن الوليد ‪ ،‬وفي تسعة اسياف يطعن بها محمد بن حميد‬
‫الطوسي فيقول له أبو تمام‪:‬‬
‫تردي ثياب الموت حمرا ً فما أتي‬
‫لها الليل إل وهي من سندس خضر‬
‫فتي كلما فاضت عيون قبيلة دما ً‬
‫ضحكت عنه الحاديث والذكر‬
‫وهذه قصة قصيرة في سمو الهمم‪ ،‬شخوصها ابن عمر رضي الله عنه ‪،‬‬
‫وعمرو بن أبي ربيعة وابن أبي لهب‪.‬‬
‫قال ابن عبد البر‪ :‬أمر معاوية أل يدخل أحد مكة إل بإذنه ‪ ،‬فمر ابن ربيعة‬
‫فقال له الجنود والحراس‪:‬‬
‫من أنت ‪ :‬فقال لهم ‪:‬‬
‫بينما يذكرنني أبصرنني‬
‫عند قيد الميل يسعي بالعز‬
‫قال تعرفن الفتي؟ قلن نعم‬
‫قد عرفناه وهل يخفي القمر؟!‬

‫‪210‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فاذنوا له بالدخول‪.‬‬
‫فأتي ابن ابي لهب ‪ ،‬فقالوا له ‪ :‬من أنت ؟ قال‪:‬‬
‫وأنا الخضر من يعرفتي‬
‫أخضر الجلدة من نسل العرب‬
‫من يساجني يساجن ماجدا ً‬
‫يمل الدلو الى عقد الكرب‬
‫فأذنوا له‪.‬‬
‫فأتي ابن عمر وإذا الناس كنفتيه كالغمامتين‪ ،‬وإذا سائل يسأله ‪ :‬نحرت قبل‬
‫أن أرمي؟!‪ ،‬قال‪ :‬أفعل ول حرج ‪ ،‬قال‪ :‬حلقت قبل أن أنحر ؟! قال‪ :‬افعل ول‬
‫حرج‪ ،‬فأخذ الناس يسألونه‪ ،...‬فقال معاوية‪:‬‬
‫هذا والله هو الملك ل ملكي!‪ ..‬وأمر الحراس فأذنوا له‪.‬‬
‫لن ابن عمر تخرج من مدرسة محمد صلي الله عليه وسلم الهادية ‪،‬‬
‫الناضحة‪ ،‬أما مدرسة ابن أبي ربيعة وابن أبي لهب فمدرسةلغية‪ ،‬تعتمد على‬
‫الهيام والغرام‪ ،‬ومثلها مدارس الغنيات والهات والزفرات في القنوات‪ ،‬وفي‬
‫كل زمان ومكان تضيع فيه اليات البينات‪ ،‬والحاديث الثابتات‪.‬‬
‫وبسم الله نختم‬
‫ربنا اسلك بنا طريق محمد‪ ،‬ربنا اهدنا سبيل الخلفاء الراشدين‪ ،‬ربنا احشرنا‬
‫مع الصادقين‪ ،‬ربنا اجعلنا مع الخالدين ‪ ،‬ربنا ارحمنا‪ ،‬ربنا اغفر لنا ذنوبنا‬
‫وإسرافنا في أمرنا‪ ،..‬أخطأنا‪ ،‬أسأنان تجاوزنا ‪ ،‬لكنك رحيم ‪ ،‬لكنك كريم‪،‬‬
‫لكنك عفو‪ ،‬لكنك منان‪ ،‬لكنك رحمن‪ ،‬لكنك ديان‪ ،‬فعفو منك يا الله النبي‬
‫صلي الله عليه وسلم ورحماك يا رب ‪ ،‬اللهم أكرمنا برحمة منك‪ ،‬ومغفرة‬
‫منك‪ ،‬ونوال طيب منك‪ ،‬لكل وافد ٍ ضيافة‪ ،‬ولكل زائر رفادة ‪ ،‬ضيافتنا منك‬
‫ب ال ْعِّز ِ‬
‫ة‬ ‫ن َرب ّ َ‬
‫ك َر ّ‬ ‫حا َ‬
‫سب ْ َ‬
‫ربنا‪ ،‬فيا رب غفران‪ ،‬ووفادتنا رضوانن وأنت رحمن ُ‬
‫ن(‪.‬‬ ‫ب ال َْعال ِ‬
‫مي َ‬ ‫َ‬ ‫مد ُ ل ِل ّهِ َر ّ‬ ‫ن َوال ْ َ‬
‫ح ْ‬ ‫سِلي َ‬
‫مْر َ‬ ‫م عََلى ال ْ ُ‬
‫سل ٌ‬
‫ن َ‬
‫فو َ‬‫ص ُ‬
‫ما ي َ ِ‬
‫عَ ّ‬

‫)‪(6 /‬‬

‫السنة كلها تشريع‬


‫]الكاتب‪ :‬يحيى هاشم حسن فرغل[‬
‫موضوع السنة من الموضوعات القديمة الجديدة التي يحوم حولها أعداء‬
‫السلم قديما‪ ،‬وحديثا ؛ يحاولون أن ينفذوا منها إلى هدم الشريعة ثم هدم‬
‫السلم برمته‪ ،‬والمقصود بالسنة هنا أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم‬
‫وأفعاله وتقريراته‬
‫وهي تتضمن الحكام الشرعية الخمسة من الفرضية مثل صوم رمضان‪ ،‬أو‬
‫الوجوب مثل صلة الوتر عند الحنفية‪ ،‬ومن السنية أو الندب أوالستحباب‬
‫مثل صوم ست من شعبان‪ ،‬ومن التحريم مثل أكل الربا‪ ،‬ومن الكراهية‬
‫التحريمية أو التنزيهية مثل أكل الثوم عند صلة الجمعة‪ ،‬ومن الباحة مثل‬
‫البيع والشراء‪.‬‬
‫منذ زمن طويل أطلت برأسها فتنة الكتفاء بالقرآن الكريم‪ :‬قال رجل‬
‫لعمران بن حصين ل تتحدث معنا إل بالقرآن فقال له عمران‪ :‬إنك لحمق‪،‬‬
‫هل في القرآن بيان عدد ركعات الفرائض أو اجهروا في كذا دون كذا؟ فقال‬
‫الرجل ل‪ ،‬فأفحم الرجل‪.‬‬
‫وروى البيهقي أيضا في باب صلة المسافر من سننه عن عمر بن الخطاب‬
‫رضي الله عنه‪ :‬أنه سئل عن قصر الصلة في السفر وقيل له‪ :‬إنا لنجد في‬

‫‪211‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الكتاب العزيز صلة الخوف ول نجد صلة السفر فقال للسائل‪ :‬يا أخي‪ :‬إن‬
‫الله تعالى أرسل إلينا محمدا صلى الله عليه وسلم ول نعلم شيئا‪ ،‬وإنما نفعل‬
‫ما رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله‪ ،‬قصر الصلة في السفر سنة‬
‫سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم ]‪.[1‬‬
‫واليوم فإن من أظهر ما يدل على مدى التمزق والحيرة التي أصابت الساحة‬
‫الثقافية – بفضل حركة التنوير ‪ -‬هو ما عليه المسلمون اليوم بالنسبة لسنة‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫وهم اليوم أربعة أصناف متناحرة‪:‬‬
‫‪ #‬صنف يتطرف برفض السنة كلها وهؤلء خارجون عن الملة بالكلية‪.‬‬
‫‪ #‬وصنف يأخذون بها جميعا ولكنه يتطرف فل يفرق بين ما هو فرض‬
‫ومندوب‪ ،‬وحرام ومكروه من الحكام الخمسة‪.‬‬
‫‪ #‬وصنف يزعم أن فيها ما هو للتشريع فيأخذ به وما ليس في التشريع فل‬
‫يأخذ به‪.‬‬
‫‪ #‬وصنف يأخذ بالسنة كلها وأنها كلها تشريع يتفاوت حكمه بين الفرض‬
‫والمندوب والتحريم والكراهة والباحة‪.‬‬
‫أما الصنف الول‪ :‬الذي يزعم أنه يكتفي بالقرآن ول يتقيد بالسنة فأمره‬
‫واضح بين‪ ،‬إذ هو ل يلتزم بالسنة ول بالقرآن معا‪ ،‬لنه لوا التزم بالقرآن‬
‫للتزم بالسنة نزول عند قوله تعالى‪ } :‬من يطع الرسول فقد أطاع الله ومن‬
‫تولى فما أرسلناك عليهم حفيظا {‪} ،‬فل وربك ل يؤمنون حتى يحكموك فيما‬
‫شجر بينهم ثم ل يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما {‪،‬‬
‫} وما ينطق عن الهوى‪ ،‬إن هو إل وحي يوحى {‪.‬‬
‫وفي سنن ابي داود بسنده عن المقدام بن معد يكرب عن رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم أنه قال‪)) :‬أل إني أوتيت الكتاب ومثله معه أل يوشك رجل‬
‫شبعان على أريكته يقول‪ :‬عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلل‬
‫فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه‪ .‬أل ل يحل لكم الحمار الهلي ول‬
‫كل ذي ناب من السبع ول لقطة معاهد إل أن يستغني عنها صاحبها‪ ،‬ومن نزل‬
‫بقوم فعليهم أن يقروه فإن لم يقروه فله أن يعقبهم بمثل قراه((‪.‬‬
‫هؤلء أمرهم بين‪ ،‬ينتسبون إلى السلم زورا وبهتانا‪.‬‬
‫يقول المام الشعراني‪) :‬سمعت سيدي عليا الخواص رحمه الله تعالى يقول‪:‬‬
‫لول أن السنة بينت لنا ما أجمل في القرآن ما قدر أحد أن يستخرج أحكام‬
‫المياه والطهارة‪ ،‬ول عرف كيف يكون الصبح ركعتين والظهر والعصر‬
‫والعشاء أربعا‪ ،‬ول كون المغرب ثلثا‪ ،‬ول كان أحد يعرف ما يقال في دعاء‬
‫التوجه والفتتاح‪ ،‬ول عرف صفة التكبير‪ ،‬ول أذكار الركوع والسجود‪،‬‬
‫والعتدالين‪ ،‬ول ما يقال في جلوس التشهدين ول كان يعرف كيفية صلة‬
‫العيدين والكسوفين‪ ،‬ول غيرهما من الصلوات كصلة الجنازة‪ ،‬والستسقاء‪،‬‬
‫ول كان يعرف الزكاة ول أركان الصيام والحج‪ ،‬والبيع والنكاح والجراح‬
‫والقضية وسائر أبواب الفقه(‪.‬‬
‫الصنف الثاني‪ :‬وهو من يذهب إلى الطرف الخر من القضية في أقصاه‪،‬‬
‫فيلتزم بالسنة التي هي أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته‪،‬‬
‫ولكنه ل يفرق فيها بين الحكام الشرعية الخمسة التي قدمناها فيخلط بين‬
‫الفرض والمندوب‪ ،‬فيراه فرضا كله والمكروه والمحرم فيراه محرما كله‪،‬‬
‫ويدخل المباح تارة هنا وتارة هناك‪.‬‬
‫فهؤلء ‪ -‬مثل – يستمعون إلى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم في لعق‬
‫الصابع عند الكل فيأخذون بذلك في جميع الحوال كأنه فرض‪ ،‬ويستمعون‬

‫‪212‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫إلى سنته صلى الله عليه وسلم في التوضؤ بحفنة من الماء فيأخذون بذلك‬
‫في جميع الحوال كأنه فرض كذلك‪.‬‬
‫لبد من النظر في ضوء أصول الفقه في تحديد معنى المر ومعنى النهي‬
‫ومعنى الوجوب ومعنى الباحة إلخ‪.‬‬
‫وفي ضوء أسباب الواقعة‪ ،‬التي تفسر معناها ول تحبسه‪ ،‬يقول أستاذنا‬
‫الدكتور موسى شاهين لشين في بحثه القيم الذي اعتمدنا عليه في هذه‬
‫المقال‪:‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫‪213‬‬

You might also like