You are on page 1of 202

‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.

com‬‬

‫تم تحميل هذا الكتاب‬


‫من مكتبة موقع‬
‫"بّلغوا عّني ولو آية"‬
‫رسالتنا‪ :‬يصل الكثير من الناس بعض الرسائل اللكترونية عن السلم ويقومون‬
‫صصنا هذه‬‫بحذفها أو تجاهلها بحجة أنها طويلة ويثقل عليهم قراءتها‪ .‬لذلك خ ّ‬
‫الصفحة للشتراك في عظة يومية قصيرة أو حديث شريف أو آية تصل إلى بريد‬
‫المشترك بحيث لن يصعب قرائتها والستفادة منها راجيا من المولى عز وجل‬
‫الجر والثواب‪ .‬مثال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪" :‬بلّـغوا عنّـي ولو‬
‫‪".‬آية‬

‫للشتراك في هذه الخدمة الرجاء زيارة موقعنا "بلّـغوا عنّـي ولو آية" في السفل‬
‫‪ :‬وتسجيل البريد اللكتروني‬
‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ :‬أو عن طريق إرسال رسالة ولو فارغة إلى‬


‫‪subscribe@balligho.com‬‬

‫‪.‬ويمكنكم أيضا أن تتصفحوا الرشيف بالحاديث المرسلة مسبقًا‬

‫ن في السلم سنة حسنة‪ ،‬فعمل بها‬ ‫قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬من س ّ‬
‫بعده‪ ،‬كتب له مثل أجر من عمل بها‪ .‬ول ينقص من أجورهم شيء‪ ...‬الحديث‪.‬‬
‫فاحرصوا يرحمكم ال على نشرها فكل من يزور الموقع ويستفيد منه عن طريقك‬
‫تكسب من الجر الكثير وإن قام بدوره بالعمل بها ونشرها أيضا فكلنا نكسب أمثل‬
‫‪.‬أجورهم ول ينقص من الجر شيئا‬

‫والسّنة‬
‫ب َ‬
‫دة إلى الك َِتا ِ‬ ‫و َ‬‫ع ْ‬
‫منهاجنا‪َ :‬‬
‫مة‬ ‫ف ال ُ‬‫سل َ ِ‬ ‫بِ َ‬
‫ّ‬ ‫هم ِ َ‬‫ف ْ‬

‫‪1‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ةة ةةةةة ةةة ةةةةةة ةةةة ةةةةةة ةةةةةةة ةةةةةةة‬


‫)ةةةة ةةة ةةةةةةةة ةةة ةةةة ةةةةةةة ةةةةةةة ةةة‬
‫ةةةةةةةة(‬

‫الكتاب ‪ :‬موسوعة البحوث والمقالت العلمية‬


‫جمع وإعداد الباحث في القرآن والسنة‬
‫حوالي خمسة آلف وتسعمائة مقال وبحث‬
‫علي بن نايف الشحود‬

‫@ عن أنس "خيار أمتي في كل قرن خمسمائة والبدال أربعون فل‬


‫الخمسمائة ينقصون ول الربعون كلما مات رجل أبدل الله من الخمس مائة‬
‫مكانه وأدخل من الربعين مكانهم قالوا يا رسول الله دلنا على أعمالهم قال‬
‫يعفون عمن ظلمهم ويحسنون إلى من أساء إليهم ويتواسون فيما آتاهم‬
‫الله" ل يصح فيه من ل يعرف‪ ،‬وعن أبي هريرة "لن تخلو الرض من ثلثين‬
‫مثل إبراهيم خليل الرحمن بهم يعافون وبهم يرزقون وبهم يمطرون" وفيه‬
‫واضع وضعيف‪ ،‬وعن عبد الله "إن لله تعالى في الخلق ثلثمائة قلوبهم على‬
‫قلب آدم ولله في الخلق أربعون قلوبهم على قلب موسى ولله في الخلق‬
‫سبعة قلوبهم على قلب إبراهيم ولله في الخلق خمسة قلوبهم على قلب‬
‫جبريل ولله في الخلق ثلثة قلوبهم على قلب ميكائيل ولله في الخلق واحد‬
‫قلبه على قلب إسرافيل فإذا مات الواحد أبدل الله مكانه من الثلثة" إلخ‪.‬‬
‫وفيه "فيهم يحيي ويميت ويمطر ويدفع البلء" قال ابن مسعود "لنهم‬
‫يسألون الله تعالى إكثار المم فيكثرون ويدعون على الجبابرة فيقصرون‬
‫ويستسقون فيسقون ويسألون فينبت لهم الرض ويدعون فيرفع بهم أنواع‬
‫البلء" فيه مجاهيل‪ ،‬وعن أنس "البدلء أربعون اثنان وعشرون بالشام‬
‫وثمانية عشر بالعراق كلما مات منهم واحد أبدل الله مكانه آخر فإذا جاء‬
‫المر قبضوا كلهم فعند ذلك تقوم الساعة" فيه العلء روى عن أنس نسخة‬
‫موضوعة‪ :‬عن أنس بطريق آخر "البدال أربعون رجل وأربعون امرأة كلما‬
‫مات" إلخ‪ .‬فيه مجاهيل قلت للحديث طرق عديدة عن أنس وابن مسعود‬
‫وابن عمر وعبادة وسندها حسن وعن عوف بن مالك ومعاذ بن جبل وأبي‬
‫الدرداء وأبي هريرة وأم سلمة وغيرهم مرفوعا سندا وموقوفا جمعت كلها‬
‫في تأليف‪ ،‬وفي الوجيز حديث البدال أورده عن ابن مسعود وابن عمر وأبي‬
‫هريرة وأنس والكل ل تخلو عن مجهول وضعيف وواضع قلت هو صحيح وإن‬
‫شئت قلت متواتر فيه آثار كثيرة متواترة بحيث يقطع بوجود البدال ضرورة‪،‬‬
‫وفي المقاصد حديث البدال له طرق عن أنس بألفاظ مختلفة كلها ضعيفة‬
‫ومما يقوي الحديث ويدل لنتشاره بين الئمة قول الشافعي والبخاري‬
‫وغيرهما من النقاد فلن من البدال‪ ،‬وقول بعضهم علمة البدال أن ل يولد‬
‫لهم وقول يزيد بن هارون هم أهل العلم وقول أحمد إن لم يكونوا أصحاب‬
‫الحديث فمن هم‪ ،‬وفي تاريخ بغداد للخطيب عن الكتاني النقباء ثلثة والنجباء‬
‫سبعون والبدلء أربعون والخيار سبعة والعمد أربعة والغوث واحد فمسكن‬
‫النقباء المغرب ومسكن النجباء مصر ومسكن البدال الشام والخيار‬

‫‪2‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫سياحون في الرض والعمد في زوايا الرض ومسكن الغوث مكة فإذا‬


‫عرضت الحاجة من أمر العامة ابتهل فيه النقباء ثم النجباء ثم البدال ثم‬
‫الخيار ثم العمد فإذا أجيبوا وإل ابتهل الغوث فل تتم مسألته حتى تجاب‬
‫دعوته وفي فضل الحق بآخر كتاب الثبات عند الممات لبن الجوزي‪ :‬لفظ‬
‫خاتم الولياء باطل ل أصل له فإن أفضل أولياء هذه المة السابقون الولون‬
‫من الصحابة وخيرهم أبو بكر ثم عمر وخير قرونها القرن الول ثم الذين‬
‫يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم وخاتم الولياء في الحقيقة آخر‬
‫مؤمن بقي من الناس وليس هو خير الولياء ول أفضلهم بل خيرهم أبو بكر‬
‫ثم عمر‪.‬‬
‫*‪ *2‬باب فراستهم وكرامتهم والفراسة بالعيون في العضاء وبالخصي‪.‬‬
‫@ خلصة "اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله" موضوع عند الصغاني‪:‬‬
‫في المقاصد طرقه كلها مع اختلف ألفاظه وفي بعضها ما هو متماسك ل‬
‫يليق معه الحكم بوضعه سيما ولجماعة بسند حسن‪.‬‬
‫@ "عن أنس رفعه "إن لله عبادا يعرفون الناس بالتوسم" قيل وهو المراد‬
‫من )إن في ذلك لية للمتوسمين(‪.‬‬
‫@ "المؤمن ينظر بنور الله الذي خلق منه" للديلمي عن ابن عباس رفعه‪،‬‬
‫وفي الللئ "اتقوا فراسة المؤمن" إلخ‪ .‬ل يصح قلت حسن صحيح فإن‬
‫الضعفاء في طرقه متبوعون وبعض طرقه سالم عنهم مع أن له شاهدا عن‬
‫أنس "إن لله عبادا" ومثله في الوجيز‪.‬‬
‫@ في المقاصد "احذروا صفر الوجوه" عن ابن عباس رفعه "فإنه إن لم يكن‬
‫من علة أو سهر فإنه من غل المسلمين" ومثله روي عن أنس مرفوعا بل‬
‫سند قال شيخنا أنه لم يقف له على سند قلت أسنده أبو نعيم‪.‬‬
‫@ "إياك والشقر الزرق فإنه من تحت قرنه إلى قدمه مكر وخديعة وغدر"‬
‫ذكره الديلمي عن ابن عمر مرفوعا ولم يسنده ولده واشترى للشافعي‬
‫طيب من أشقر كوسج فرده قال ما جاءني خير من أشقر وقال احذر العور‬
‫والحول والحدب والشقر والكوس وكل من به عاهة في بدنه وكل ناقص‬
‫الخلق فاحذره فإنه صاحب التواء ومعاملتهم عسرة وأنهم أصحاب خبث قال‬
‫ابن أبي حاتم هذا فيمن ولد كذلك وأما من حدثت له هذه العلل فل تضره‬
‫مخالطة‪.‬‬
‫@ "لو علم الله في الخصيان خيرا لخرج من أصلبهم ذرية توحد الله ولكنه‬
‫علم أن ل خير فيهم فأجبهم" ل يصح وكذا كل ما ورد من هؤلء من مدح أو‬
‫قدح باطل لكن قال الشافعي أربعة ل يعبأ الله بهم يوم القيامة زهد خصي‬
‫وتقوى جندي وأمانة امرأة وعبادة صبي وهو محمول على الغالب‪.‬‬

‫)‪(81 /‬‬

‫*‪ *2‬باب السماع والشوق من البرار‪.‬‬


‫@ في المختصر "طال شوق البرار إلى لقائي" لم يوجد‪.‬‬
‫@ "كلميني يا عائشة قال ل تشغليه عن عظيم احتراقه بالحب" ل أصل له‪.‬‬
‫@ "ما بعث الله نبيا إل حسن الصوت" للترمذي في الشمائل‪.‬‬
‫@ "وكان نبيكم حسن الوجه حسن الصوت" وفي الغيلنيات وتفسير ابن‬
‫مردويه والكل ضعيف‪.‬‬
‫@ "كان داود حسن الصوت في النياحة على نفسه وفي تلوته الزبور حتى‬
‫كان يجتمع النس والجن والوحش والطير لسماع صوته وكان يحمل من‬

‫‪3‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫مجلسه أربعمائة جنازة وما يقرب من ذلك في الوقات" لم يوجد‪.‬‬


‫@ حديث إنشاد الشعر عند قدوم النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫طلع البدر علينا * من ثنيات الوداع‬
‫وجب الشكر علينا * ما دعا لله داع‬
‫للبيهقي معضل دون ذكر الدف واللحان‪.‬‬
‫@ "ما رفع أحد عقيرته بغناء إل بعث الله إليه شيطانين على منكبيه يضربان‬
‫بأعقابهما على صدره حتى يمسك" لبن أبي الدنيا والطبراني ضعيف‪.‬‬
‫@ في المقاصد "الغناء واللهم ينبتان النفاق في القلب كما ينبت الماء‬
‫العشب" للديلمي مرفوعا بزيادة "والذي نفسي بيده إن القرآن والذكر‬
‫لينبتان اليمان في القلب كما ينبت الماء العشب" ول يصح كما قال النووي‪.‬‬
‫@ "لسعت حية الهوى كبدي" إلخ‪ .‬البيتين قال ابن تيمية ما اشتهر أن أبا‬
‫محذورة أنشده بين يديه وأنه تواجد حتى وقعت البردة الشريفة عن كتفيه‬
‫فتقاسمها فقراء الصفة وجعلوها رقعا في ثيابهم كذب باتفاق أهل العلم‬
‫بالحديث وما روي فيه موضوع‪.‬‬
‫@ "لعن الله المغني والمغنى له" قال النووي أنه ل يصح‪.‬‬
‫@ في الللئ "سمع صلى الله عليه وسلم رجل يتغنى من الليل فقال ل صلة‬
‫له حتى مثلها ثلث مرات" ل يصح‪.‬‬
‫@ وعنه صلى الله عليه وسلم "مر بحسان بن ثابت وقد رش فناء أطمه‬
‫وجلس أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سماطين وجارية يقال لها سيرين‬
‫معها مزهرها يختلف به بين القوم وهي تغنيهم فلما مر النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم لم يأمرهم ولم ينهاهم فانتهى إليها وهي تقول في غنائها هل على‬
‫ويحكم إن لهوت من حرج فضحك صلى الله عليه وسلم وقال ل حرج إن‬
‫شاء الله تعالى" تفرد به أبو أويس عن حسين المتفرد عن عكرمة وحسين‬
‫متروك أبو أويس ضعيف قلت أخرجه أبو نعيم من وجه آخر عن أبي أويس‬
‫قال ابن حجر ورواه ابن وهب عن أبي أويس والله أعلم‪.‬‬
‫@ عن عائشة "كانت عندي امرأة تسمعني فدخل صلى الله عليه وسلم‬
‫وهي على تلك ثم دخل عمر ففرت فضحك صلى الله عليه وسلم فقال ما‬
‫يضحكك يا رسول الله فحدثه فقال والله ل أخرج حتى أسمع ما سمع صلى‬
‫الله عليه وسلم فأسمعته" قال الخطيب فيه من هو ساقط الرواية واهي‬
‫الحديث باطل‪.‬‬
‫@ وفي الوجيز "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فسمع رجلين‬
‫يغنيان فقال اللهم أركسهما في الفتنة ركسا أو دعهما إلى النار" فيه يزيد بن‬
‫أبي زياد كان يلقن فيتلقن قلت هذا ل يقتضي الوضع وقد أخرجه أحمد وله‬
‫شاهد عن ابن عباس‪ ،‬وفي الذيل للديلمي عن أنس "كنا عند النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم إذ نزل جبريل عليه السلم فقال يا رسول الله إن فقراء أمتك‬
‫يدخلون الجنة قبل الغنياء بخمسمائة عام" وهو نصف يوم ففرح رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم فقال أفيكم من ينشدنا فقال بدوي نعم يا رسول الله‬
‫فقال هات هات فأنشد البدوي‪:‬‬
‫قد لسعت حية الهوى كبدي * فل طبيب لها ول راقي‬
‫إل الحبيب الذي قد شغفت به * فعنده رقيتي وترياقي‬
‫فتواجد صلى الله عليه وسلم وتواجد الصحاب حتى سقط رداؤه عن منكبه‬
‫فلما فرغوا آوى كل واحد إلى مكانه قال معاوية بن أبي سفيان ما أحسن‬
‫لعبكم يا رسول الله فقال مه يا معاوية ليس بكريم من ل يهتز عند ذكر‬
‫سماع الحبيب ثم اقتسم رداء رسول الله صلى الله عليه وسلم من حاضرهم‬

‫‪4‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫بأربعمائة قطعة" قال أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي تفرد به أبو بكر‬
‫عمار بن إسحاق عن سعيد بن عامر‪ ،‬وقال أبو موسى المديني ل أصل لهذا‬
‫الحديث بهذا السياق والظاهر أنه موضوع وقد سمعت غير واحد من أهل‬
‫العلم عاب المقدسي بإيراد هذا الحديث في كتابه وأورده السهروردي في‬
‫العوارف وقال يخالج سري أنه غير صحيح وقد تكلم فيه أصحاب الحديث‬
‫والقلب يأبى قبوله‪ ،‬وقال سيف الدين ل تعصب أبلغ من إيراد الحديث الذي ل‬
‫يخفى وضعه على الجهال فلو خبت يداه عن كتابته لكان خيرا له وقد وقفت‬
‫على استفتاء فيه أفتى المام عبد الرحمن المقدسي بأن هذا الحديث غير‬
‫صحيح لن محمد بن طاهر وإن كان حافظا لكنهم تكلموا فيه ونسبوه إلى‬
‫الباحة وله كتاب في صفة التصوف روى فيه عن أئمة الدين حكايات باطلة‬
‫مع أن هذا ل يناسب شعر العرب وإنما يليق بالمولدين وكذلك ألفاظ متن‬
‫الحديث ل يليق بكلم النبي صلى الله عليه وسلم ول بكلم أصحابه وكذلك‬
‫معناه ل يليق بأحوالهم من الجد والجتهاد وكذلك تمزيق أربعمائة قطعة ل‬
‫يليق بهم‪ ،‬وأفتى النووي فيه بأنه باطل ل يحل روايته ويعزر من رواه عالما‬
‫بحاله‪.‬‬

‫)‪(82 /‬‬

‫@ قال رتن الهندي الكذاب "كنت في زفاف فاطمة على علي في جماعة‬
‫من الصحابة فكان ثمة من يغني فطابت قلوبنا ورقصنا فلما كان الغد سألنا‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ليلتنا فلم ينكر علينا ودعا لنا"‪.‬‬
‫*‪ *2‬باب الحب والعشق‪.‬‬
‫@ في المختصر "من عشق وقدر وعف وكتم ومات فهو شهيد" قد أنكر‬
‫على راويه سويد بن سعيد وروي من غير طريقه وفيه نظر‪.‬‬
‫@ "حبك الشيء يعمي ويصم" لبي داود ضعيف قلت ذكره أبو الفرج‬
‫والصغاني في الموضوعات والقزويني ذكره في المصابيح في المفاخرة وهو‬
‫موضوع )‪ (1‬وفي المقاصد فيه بقية وتوبع وفيه ابن أبي مريم ضعيف سيما‬
‫وقد وقف البعض عليه وقد بالغ الصغاني فحكم بوضعه ولهذا تعقبه العراقي‬
‫قال وابن أبي مريم لم يتهم بكذب بل ول شديد الضعف فهو حسن‪ ،‬ومعناه‬
‫إذا غلب الحب ول يكون رادع من عقل ول دين أصمه عن العدل وأعماه عن‬
‫الرشاد‬
‫)‪ (1‬قال السخاوي في المقاصد والديبع في التيمن قد بالغ الصغاني فحكم‬
‫عليه بالوضع قال العراقي ويكفينا سكوت أبي داود عليه فليس بموضوع ول‬
‫شديد الضعف فهو حسن والله أعلم مصححه عفا عنه‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫@ "من أحب شيئا أكثر ذكره" للديلمي مرفوعا عن عائشة‪.‬‬
‫@ "ما ضاق مجلس بمتحابين" للديلمي بل سند عن أنس رفعه البيهقي من‬
‫قول ذي النون بلفظ "ما بعد طريق أدى إلى صديق ول ضاق مكان من‬
‫حبيب"‪ ،‬وفي معناه "سم الخياط مع الحباب ميدان"‪.‬‬
‫@ الصغاني "أحب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما وأبغض بغيضك‬
‫هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما" )‪ (1‬موضوع‪.‬‬
‫)‪ (1‬أما حكمه بالوضع ففيه نظر بين إذ أخرجه الترمذي والبيهقي عن أبي‬
‫هريرة والطبراني عن ابن عمر وابن عمرو والدارقطني في الفراد وفي‬
‫عدي والبيهقي عن علي والبخاري في الدب المفرد والبيهقي أيضا عنه‬
‫مرفوعا نعم رفعه باطل وصحح وقفه المام الترمذي الفاضل المقدسي في‬

‫‪5‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫تذكرته والله أعلم‪ .‬مصححه العاجز الحقير أبو عبد الكبير عفا عنه ربه السميع‬
‫النصير‪ .‬السامرودي اهـ‪.‬‬
‫*‪ *2‬باب القصص والوعظ‪.‬‬
‫@ في المختصر "الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا" لم يوجد إل معزوا لعلي بن‬
‫أبي طالب‪.‬‬
‫@ في المقاصد من قول علي "السعيد من وعظ بغيره والشقي من شقي‬
‫في بطن أمه" في سنده ضعيفان ولذا قال ابن الجوزي أنه ل يثبت كذلك‬
‫مرفوعا وفيه مع ما قدمته نظر بل قال شيخنا أنه صحيح وسبقه كذلك شيخه‬
‫العراقي‪.‬‬
‫@ "طلب الحق غربة" مسلسل بطريق الصوفية‪.‬‬
‫@ الصغاني "السعيد من وعظ" إلخ‪ .‬موضوع وكذا "من اشتاق إلى الجنة‬
‫سارع إلى الخيرات ومن أشفق من النار لها عن الشهوات ومن ترقب الموت‬
‫نهى عن اللذات ومن زهد عن الدنيا هانت عليه المصيبات" وكذا "كأن الحق‬
‫فيها على غيرنا وجب وكأن الموت فيها على غيرنا كتب وكأن الذين نشيع من‬
‫الموتى سفر عما قليل إلينا عائدون ونبوؤهم أجداثهم ونأكل تراثهم كأنا‬
‫مخلدون بعدهم قد نسينا كل واعظة وأمنا كل جائحة" وكذا "طوبى لمن‬
‫شغله عيبه عن عيوب الناس وأنفق من مال اكتسبه من غير معصية وخالط‬
‫أهل الفقه والحكمة وجانب أهل الذل والمسكنة طوبى لمن ذل في نفسه‬
‫وحسنت خليقته وأنفق الفضل من قوته ووسعته السنة فلم يعدها إلى‬
‫البدعة" وكذا "الناس كلهم موتى إل العالمون والعالمون كلهم موتى إل‬
‫العاملون والعاملون كلهم موتى إل المخلصون والمخلصون على خطر‬
‫عظيم" هو مفترى ملحون والصواب إل العالمين والعاملين والمخلصين وكذا‬
‫"خلقهم من سبع ورزقهم من سبع فاعبدوه على سبع" وكذا "عش ما شئت‬
‫فإنك ميت وأحبب من أحببت فإنك مفارقه واعمل ما شئت فإنك مجزي به"‬
‫وكذا "المقاص ]لعله‪ :‬القاص[ ينتظر المقت والمستمع ينتظر الرحمة والتاجر‬
‫ينتظر الرزق والمحتكر ينتظر اللعنة" وفي الللئ قال ابن حجر اختلف فيه‬
‫حافظان صححه الحاكم وأخرجه ابن الجوزي في الموضوعات والصواب أن ل‬
‫يحكم بالصحة ول بالوضع‪.‬‬
‫@ "ما من يوم يصبح فيه النسان إل استقبل الروح الجسد يقول يا جسد‬
‫أسألك بوجهك الذي ل يرد سائله أن ل تعمل اليوم عمل يوردني في جهنم" له‬
‫"يا ابن آدم أنا بدك اللزم فاعمل لبدك كل الناس لك منهم بد وليس لك مني‬
‫بد" موضوع‪.‬‬
‫@ في الذيل قال لمن استوصى "هيئ جهادك وأصلح زادك وكن وصي‬
‫نفسك فإنه ليس من الله عوض ول لقول الله خلف" أخرجه الديلمي مرفوعا‬
‫من كتاب وضعه ابن الشعث‪.‬‬
‫@ أنس رفعه "ما من ليلة إل ومناد ينادي من بطنان العرش يا بني آدم إن‬
‫الله عز وجل يقرئكم السلم ويقول شوقناكم فلم تشتاقوا وخوفناكم فلم‬
‫تخافوا ونحنا لكم فلم تبكوا بالليل تنامون وبالنهار تقيلون المنزل الطويل‬
‫متى تقطعون يا أبناء العشرين جدوا واجتهدوا ويا أبناء الثلثين ل عذر لكم يا‬
‫أبناء الربعين والخمسين زرع قد دنا حصاده يا أبناء الستين والسبعين مهل‬
‫عن الله" فيه إبراهيم بن هدبة كذاب‪.‬‬
‫@ "وعظ صلى الله عليه وسلم يوما فصعق صاعق من جانب المسجد فقال‬
‫صلى الله عليه وسلم من ذا لبس علينا ديننا إن كان صادقا فقد شهر نفسه‬
‫وإن كان كاذبا محقه الله عز وجل" هذا باطل‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(83 /‬‬

‫*‪ *2‬باب بر الوالدين والخ الكبير والقارب والجار والصدقة للوالدين والدعاء‬
‫لهما وإجابتهما ولو في الصلة وتقبيل أعينهما وإعانة الولد على البر وشؤم‬
‫العقوق عند النزاع‪.‬‬
‫@ في المختصر "بر الوالدين أفضل من الصلة والصوم والحج والعمرة‬
‫والجهاد في سبيل الله" لم يوجد‪.‬‬
‫@ "ما على أحدكم إذا أراد أن يصدق بصدقة أن يجعلها لوالديه إذا كانا‬
‫مسلمين" للطبراني ضعيف ولم يذكر مسلمين‪.‬‬
‫@ "إن الجنة يوجد ريحها من مسيرة خمسمائة عام ول يجد ريحها عاق ول‬
‫قاطع رحم" وروي "من مسيرة ألف عام" وكلهما ضعيف‪.‬‬
‫@ "رحم الله والدا أعان ولده على بره" ضعيف أو مرسل‪.‬‬
‫@ في المقاصد "الجنة تحت أقدام المهات" صححه الحاكم وتعقب‬
‫بالضطراب‪ ،‬وفي الباب عن أنس فأنكر وعن ابن عباس وضعف‪ ،‬ومعناه‬
‫التواضع للم سبب دخوله‪.‬‬
‫@ "إذا ترك العبد الدعاء للوالدين فإنه ينقطع عن الولد الرزق في الدنيا" ل‬
‫يصح‪.‬‬
‫@ "دعاء الوالد لولده مثل دعاء النبي لمته" قال أحمد باطل‪.‬‬
‫@ "لو أدركت والدي أو أحدهما وأنا في الصلة صلة العشا وقد قرأت فيها‬
‫فاتحة الكتاب ينادي يا محمد لجبته لبيك" موضوع قلت أخرجه البيهقي‪ ،‬وفي‬
‫الوجيز هو حديث طلق عن علي رضي الله عنه وفيه يس بن معاذ يروي‬
‫الموضوعات قلت قال البيهقي ضعيف‪.‬‬
‫@ "من قبل بين عيني أمه كان له ستر من النار" فيه أبو مقاتل سمرقندي ل‬
‫تحل الرواية عنه‪ :‬قلت قال البيهقي إسناده غير قوي‪ :‬حديث "شاب حضره‬
‫الموت ولم يقدر على كلمة الشهادة بسبب عق أمه فشفع النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم إلى أمه فرضيت فقدر عليها" ل يصح فيه داود بن إبراهيم كذاب‬
‫وفائد العطار متروك قلت أخرجه البيهقي من وجه آخر عن فائد‪ ،‬وقال تفرد‬
‫به وليس بقوي‪.‬‬
‫@ في الذيل عن علي "لو علم الله شيئا من العقوق أدنى من أف لحرمه‬
‫فليعمل العاق ما شاء فلن يدخل الجنة وليعمل البار ما شاء أن يعمل فلم‬
‫يدخل النار" فيه أصرم كذاب‪.‬‬
‫@ "ما من رجل له والد ينظر إليه نظر رحمة إل كتبت له حجة مقبولة‬
‫مبرورة قالوا وإن نظر إليه في اليوم مائة مرة قال نعم الله أكبر وأطيب"‬
‫فيه نهشل كذاب‪.‬‬
‫@ "العبد المطيع لوالديه ولرب العالمين في عليين" في نسخة أبي هدبة عن‬
‫أنس‪.‬‬
‫@ في الوجيز عن جابر "بروا تبركم أبناؤكم ومن تنصل إليه فلم يقبل لم يرد‬
‫على الحوض" فيه الكديمي وضاع‪ :‬قلت له شاهد عن أبي هريرة بلفظه‬
‫صححه الحاكم‪.‬‬
‫@ في الللئ "إن العبد ليموت أبواه أو أحدهما وأنه لعاق فل يزال يدعو لهما‬
‫ويستغفر لهما حتى يكتب عند الله بارا" ل أصل له فيه ضعيف وآخر صحيح‬
‫لكنه مرسل كذا قال العراقي‪.‬‬
‫@ "صلوا قراباتكم ول تجاوروهم فإن الجوار يورث بينكم الضغائن" فيه‬
‫مجهول وآخر غير محفوظ الحديث‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫@ في الذيل "من ضمن لي واحدا ضمنت له أربعة يصل رحمه فيحبه أهله‬
‫ويوسع عليه في رزقه ويزاد في أجله ويدخل الجنة التي وعد" من نسخة عبد‬
‫الله بن أحمد الموضوعة‪.‬‬
‫@ في المختصر "حق كبير الخوة على صغيرهم كحق الوالد على ولده"‬
‫ضعيف‪.‬‬
‫@ "الجيران ثلثة جار له حق وجار له حقان" إلخ‪ .‬ضعيف‪.‬‬
‫@ في الذيل "ما كان ول يكون إلى يوم القيامة مؤمن إل وله جار يؤذيه فإن‬
‫صبر على أذاه أعطي أجرا عظيما" فيه داود بن سليمان‪ :‬روى عن أهل البيت‬
‫نسخة موضوعة‪.‬‬
‫@ "إذا كان يوم القيامة تعلق الجار بالجار فيقول يا رب سل هذا فيم أغلق‬
‫بابه دوني ومنعني طعامه" من نسخة أبي هدبة عن أنس‬
‫*‪ *2‬باب حسن المعاشرة مع الناس أن يروا لك حقا مثل حقهم بل ثقة بكل‬
‫أحد فليس الخبر كالمعاينة ول بترك عادة ومكر وطمع ول هجر أخيه سنة‬
‫فإنه كثير به بل يحكم ويرضى إن استرضي ويغضب بضده ول يسلك فيما‬
‫اتهموه ويقل زيارتهم وكلمهم إل بما يصلح فإن الفصاحة جمال ول يفشي‬
‫سره ول ينجح حاجته ول شماتة بأحد فإن النسيان طبع النسان وأنهم‬
‫كأسنان مشط ول يخبر بسوء الظن‪.‬‬
‫@ من قول مطرف بن عبد الله وروي عن أنس مرفوعا "من حسن ظنه‬
‫بالناس كثرت ندامته"‪.‬‬
‫@ وعن علي من قوله "الحزم سوء الظن" وروي أيضا مرسل مرفوعا وكلها‬
‫ضعيفة وبعضها يتقوى ببعض وقد جمعته في جزء وجمعت بينها وبين )اجتنبوا‬
‫كثيرا من الظن( وبين حديث "من أساء بأخيه الظن فقد أساء بربه"‪.‬‬
‫@ "أخبر تقله" كل طرقه ضعيفة نعم شهد له ما اتفق عليه الشيخان‬
‫مرفوعا‪.‬‬
‫@ "الناس كإبل مائة ل تجد فيها راحلة" الصغاني هو موضوع وكذا "الناس‬
‫كأسنان المشط"‪.‬‬
‫@ في المقاصد "ليس الخبر كالمعاينة" لحمد وجماعة بزيادة "إن موسى‬
‫أخبر أن قومه قد ضلوا فلم يلق اللواح فلما رأى ما أحدثوا ألقى اللواح وقد‬
‫صححه ابن حبان والحاكم وغيرهما وعلله البعض بالتدليس وهو ل يمنع‬
‫الصحة سيما وله شاهد‪.‬‬
‫@ "النسيان طبع النسان" ل أعرفه بهذا اللفظ‪.‬‬
‫@ "الثقة بكل أحد عجز" ل أعرفه بهذا اللفظ وما يعرف معناه ل يصح شيئا‬
‫منه مرفوعا ولكن وجد في حجر مكتوب بالعبرانية‪.‬‬
‫@ "من حفر لخيه حفيرا أوقعه الله فيه قريبا" قال شيخنا لم أجد له أصل‪.‬‬

‫)‪(84 /‬‬

‫@ "من سلك مسالك التهم اتهم" الخرايطي بلفظ "من أقام نفسه مقام‬
‫التهم فل يلومن من أساء الظن به"‪.‬‬
‫@ "من استرضي فلم يرضى فهو شيطان" ليس في المرفوع بل عن‬
‫الشافعي بزيادة "ومن استغضب فلم يغضب فهو حمار" نعم ورد معناه‬
‫مرفوعا‪.‬‬
‫@ "ترك العادة عداوة مستفادة" ل أصل له ولكن معناه عن الشافعي‪.‬‬
‫@ "جمال الرجل فصاحة لسانه" في سنده كذلك كذاب وضعيف‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫@ "الخبر الصالح يجيء به الرجل الصالح" أحمد بن منيع عن أنس‪ ،‬وفي‬


‫الباب عن أبي هريرة‪.‬‬
‫@ القزويني حديث المصابيح في الحذر "ل حليم إل ذو عثرة ول حكيم إل ذو‬
‫تجربة" موضوع )‪(1‬‬
‫)‪ (1‬قلت في كونه موضوعا نظر أخرجه المام أحمد والترمذي وغربه وابن‬
‫حبان والحاكم عن أبي سعيد الخدري وصححه المناوي والله أعلم أبو عبد‬
‫الكبير عفا عنه ربه السميع البصير السامرودي‪.‬‬
‫@ وفي الحب لله "المرء على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل" موضوع‪.‬‬
‫@ في المقاصد "المرء على دين خليله" لبي داود والترمذي وغيرهما وتوسع‬
‫ابن الجوزي فأورده في الموضوعات‪.‬‬
‫@ الصغاني "المرء كثير بأخيه" موضوع وكذا "الغنى اليأس مما في أيدي‬
‫الناس" وكذا "ل خير في صحبة من ل يرى لك من الحق مثل الذي ترى له"‬
‫وكذا "زر غبا تزدد حبا" وفي المقاصد فيه طلحة غير قوي‪ ،‬وفي بعضها قال‬
‫"أين كنت أمس يا أبا هريرة قال زرت أناسا من أهلي فقال قبل هذا"‬
‫الحديث يعرف بطلحة وتابعه قوم مثله في الضعف وإنما يعرف من قول‬
‫عبيد بن عمير وله طرق وأسانيد عن جمع من الصحابة يتقوى به الحديث وإن‬
‫قال البزار ليس فيه حديث صحيح فإنه ل ينافي ما قلنا "من كتم سره ملك‬
‫أمره" ليس في المرفوع ولكن معناه عن الشافعي‪.‬‬
‫@ في الوجيز "استعينوا على إنجاح الحوائج بالكتمان فإن كل ذي نعمة‬
‫محسود" عن معاذ بن جبل وفيه سعيد بن سالم متروك‪ ،‬وعن ابن عباس‬
‫وفيه وضاع قلت له طريق آخر عن ابن عباس بلفظ "إن لهل النعم حسادا‬
‫فاحذروهم" وسعيد ل بأس به‪ ،‬وفي المختصر هو ضعيف‪ ،‬وفي الخلصة‬
‫موضوع عند الصغاني كذا "من كثر كلمه كثر سقطه ومن كثر سقطه كثرت‬
‫ذنوبه كانت النار أولى به" وكذا "رحم الله امرأ أصلح من لسانه"‪.‬‬
‫@ في الذيل عن علي "أهن من أهانك وإن كان حرا قرشيا وأكرم من‬
‫أكرمك وإن كان عبدا حبشيا" فيه البورقي كذاب‪.‬‬
‫@ عن عمر "دخل صلى الله عليه وسلم غيضة ومعه صاحب له فأخذ منها‬
‫سواكي أراك أحدهما مستقيم والخر معوج فأعطى صاحبه المستقيم فقالوا‬
‫يا رسول الله أنت أحق بالمستقيم فقال ليس من صاحب يصاحب صاحبا ولو‬
‫ساعة من نهار إل سأله الله يوم القيامة فأحببت أن ل أستأثر عليك بشيء"‬
‫فيه أحمد بن محمد كذبوه‪.‬‬
‫@ "من أخذ من وجه أخيه شيئا كانت له حسنة فإن أراه إياه كانت له‬
‫حسنات" فيه عمرو بن خالد كذاب‪.‬‬
‫@ "من هجر أخاه سنة لقي الله بخطيئة قابيل بن آدم ل يمنعه شيء دون‬
‫ولوج النار" فيه السكسكي أحاديثه شبه موضوعة‪.‬‬
‫@ "من أنصف الناس من نفسه ظفر بالجنة العالية ومن كان الفقر أحب إليه‬
‫من الغنى فلو اجتهد عباد الحرمين أن يدركوا ما أعطي ما أدركوا" فيه‬
‫السكسكي المذكور‪.‬‬
‫@ "النظر إلى وجه الخوان على الشوق أحب إلي من ألف ركعة تطوعا"‬
‫فيه البورقي كذاب‪.‬‬
‫@ "مما يصفي لك ود أخيك المسلم أن يكون له أن يكون له في غيبته‬
‫أفضلها يكون في محضره" حديث باطل‪.‬‬
‫@ "استوصوا بالكهول خيرا وارحموا الشباب" فيه عثمان كذاب يضع‪.‬‬
‫*‪ *2‬باب المرض من الحمي والرمد والعمى والزكام والجذام وإصابة العين‬

‫‪9‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ودواؤه ومن يعاد أو ل والطب والحجامة والكحل والوصية والوراثة والتلقين‬


‫ول يتمارض ول يحفر القبر‪.‬‬
‫@ في المقاصد "المرض ينزل جملة واحدة والبرء ينزل قليل قليل" باطل‬
‫وفيه متهم بكذب‪ ،‬وقال الخطيب أنه خطأ خطأ قطعا ول يثبت فيه بوجه من‬
‫الوجوه ول عن الصحابة بل قول عروة بن الزبير‪ ،‬وفي الللئ هو كما قال‪.‬‬
‫@ في المقاصد "ل تتمارضوا فتمرضوا ول تحفروا قبوركم فتموتوا" قال أبو‬
‫حاتم منكر واشتهر على ألسنة كثير من العامة بزيادة "فتموتوا فتدخلوا النار"‬
‫ول أصل لها أصل‪.‬‬
‫@ "المريض أنينه تسبيح وصيامه تكبير ونفسه صدقة ونومه عبادة وتقلبه من‬
‫جنب إلى جنب جهاد في سبيل الله" قال شيخنا أنه ليس بثابت‪.‬‬
‫@ في الذيل "المراض هدايا من الله للعبد فأحب العباد إلى الله أكثرهم‬
‫هدية" فيه كذاب ومتروك‪.‬‬
‫@ من بات في شكوى ليلة لم يدع فيها بالويل وإذا أصبح حمد الله تناثرت‬
‫منه الذنوب كما يتناثر ورق الشجر" من نسخة أبي هدبة عن أنس‪.‬‬
‫@ "مرض ليلة فقبلها بقبولها" إلخ‪ .‬فيه عيسى بن ميمون ليس بشيء قلت‬
‫هو متابع‪:‬‬
‫في الوجيز عن ثوبان "إذا أصاب أحدكم الحمى" إلخ‪ .‬فيه سلمة بن رجاء‬
‫قلت أخرجه أحمد والترمذي من وجه ليس فيه سلمة بسند رجاله موثوقون‬
‫هو على شرط الحسن‪.‬‬
‫@ في المختصر "الحمى حظ المؤمن من النار" لجماعة حسن‪.‬‬
‫@ "حمى يوم كفارة سنة" ضعيف‪.‬‬
‫@ "الحمى من فيح جهنم وهي حظ المؤمن من النار" فيه ابن صالح مجهول‪.‬‬
‫@ "البطنة أصل الداء والحمية أصل الدواء وعودوا كل بدن ما اعتاد " لم‬
‫يوجد في المقاصد‪.‬‬

‫)‪(85 /‬‬

‫@ "المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء" ل يصح رفعه إلى النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم‪.‬‬
‫@ "العين الرمدة ل تمس" لبي نعيم عن أبي سعيد بلفظ "مثل أصحاب‬
‫محمد صلى الله عليه وسلم مثل العين ودواء العين ترك مسها" وهو ضعيف‪.‬‬
‫@ وعن ابن المسيب "العين نقطة فإن مسستها رتقت وإن أمسكت عنها‬
‫صفت"‪.‬‬
‫@ في الللئ "من أذهب الله بصره في الدنيا كان حقا على الله واجبا أن ل‬
‫ترى عيناه نار جهنم " تفرد به وهب بن حفص كذاب‪ ،‬وفي الوجيز قلت له‬
‫شواهد كحديث صحيح البخاري "إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه ثم صبر عوضته‬
‫بهما الجنة" وفي الباب عن عدة من الصحابة‪ :‬في الللئ "ذهاب البصر‬
‫مغفرة للذنوب وذهاب السمع مغفرة للذنوب وما نقص من القدر فعلى قدر‬
‫ذلك" منكر المتن والسناد‪.‬‬
‫@ "ل تكرهوا أربعة فإنها لربعة ل تكرهوا الرمد فإنه يقطع عروق العمي ول‬
‫تكرهوا الزكام فإنه يقطع عروق الجذام ول تكرهوا السعال فإنه يقطع عروق‬
‫الفالج ول تكرهوا الدماميل فإنها تقطع البرص" موضوع فيه يحيى بن زهدم‬
‫راوي الموضوعات قلت قال ابن عدي أرجو أن يحيى ل بأس به والحديث‬
‫أخرجه البيهقي وضعفه‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫@ "ما من أحد إل وفي رأسه عرق الجذام ينعر فإذا هاج سلط عليه الزكام"‬
‫ل يصح‪.‬‬
‫@ "مر صلى الله عليه وسلم بواد المجذومين فقال أسرعوا السير فإن كان‬
‫شيء يعدي فهو هذا" ل يصح‪.‬‬
‫@ وفي الوجيز "ما من أحد إل" إلخ‪ .‬عن عائشة وفيه الكديمي يضع‪ ،‬وعن‬
‫جرير وضعه يحيى بن محمد قلت حديث عائشة للحاكم وتعقبه الذهبي بأنه‬
‫موضوع‪.‬‬
‫@ في المقاصد "العين حق تدخل الجمل القدر والرجل القبر" تفرد بوصله‬
‫شعيب وحديث "العين حق" بدون الزيادة متفق عليه وزاد مسلم "ولو كان‬
‫شيء سابق القدر سبقت العين وإذا استغسلتم فاغسلوا" وللبزار بسند‬
‫حسن "أكثر من يموت بعد قضاء الله وقدره بالعين" وفيه عن جماعة من‬
‫الصحابة وروي مرفوعا "من رأى شيئا فأعجبه فقال ما شاء الله ل قوة إل‬
‫بالله لم يضره" وروي "فليدع بالبركة" وسيأتي "إن الفاتحة وآية الكرسي‬
‫وتمام ثمان آيات" ذكرها للعين‪.‬‬
‫@ "إن الله تعالى لم يجعل شفاؤكم فيما حرم عليكم" موقوف على ابن‬
‫مسعود ورفعه البعض والله أعلم‪.‬‬
‫@ "الحجامة تكره أول النهار ول يرجى نفعها حتى ينقص الهلل" روي‬
‫معضل‪.‬‬
‫@ "الحجامة في نقرة الرأس تورث النسيان فتجنبوا ذلك" فيه ابن واصل‬
‫اتهمه الخطيب بالوضع وقد احتجم صلى الله عليه وسلم في يافوخه لكن‬
‫احتجم معمر على هامته فذهب عقله وروي مرفوعا "الحجامة في الرأس‬
‫من الجنون والجذام والبرص والنعاس والضرس"‪.‬‬
‫@ في المختصر "احتجموا لسبع عشرة وتسع عشرة وإحدى وعشرين ل‬
‫يتبيغ بكم الدم فيقتلكم" موقوف وفي المرفوع "إن خير ما يحتجمون فيه‬
‫سبع عشرة" إلخ‪ .‬دون ذكر البقية‪.‬‬
‫@ "من احتجم يوم الثلثاء لسبع عشرة من الشهر كان دواء" ضعيف‪.‬‬
‫@ "كان يكتحل كل ليلة ويحتجم كل شهر ويشرب الدواء كل سنة" منكر‪،‬‬
‫وفي الللئ هو ل يصح فيه سيف ابن أخت سفيان الثوري كذاب‪.‬‬
‫@ "نهى صلى الله عليه وسلم عن الحجامة يوم السبت ويوم الربعاء وقال‬
‫من فعل ذلك أصابه بياض فل يلومن إل نفسه" ل يصح وقال ابن حبان‬
‫موضوع ل يحل ذكر مثله إل على العتبار‪ :‬قلت له متابعات وقد كره أحمد‬
‫الحجامة فيهما وعن بعضهم أنه أراد الحجامة في أحدهما فتذكر الحديث‬
‫فامتنع ثم ظهر له ضعفه فاحتجم فأصابه البرص فرأى رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم فشكى إليه فقال إياك والستهانة بحديثي فقال فتبت عنده‬
‫فعافاني الله وابتلي بمثله آخر فنذر لئن أذهب الله ما به من البرص لم‬
‫أتهاون في حديث صحيحا أو سقيما فأذهب الله عنه البرص‪ ،‬وفي الوجيز‬
‫"الحجامة يوم الثلثاء لسبع عشرة مضت من الشهر دواء" كذا إلخ‪ .‬عن‬
‫معقل بن يسار وفيه مكذبان‪ ،‬وعن أنس كذلك وابن عباس وفيه هرمز‬
‫متروك قلت ورد عن أبي هريرة بلفظ "من احتجم لسبع عشرة في الشهر‬
‫كان له شفاء من كل داء" قال الحاكم صحيح على شرط مسلم‬
‫@ "من احتجم يوم الربعاء ويوم السبت فأصابه مرض فل يلومن إل نفسه"‬
‫عن أبي هريرة وفيه إسماعيل بن أبي عياش ضعيف‪ ،‬وفي طريقين آخرين‬
‫سليمان وابن عباس كذابان وعن أنس فيه ابن زياد ل تحل الرواية عنه قلت‬
‫لبي هريرة متابعة قوية لسماعيل ولخرين وقد ورد عن جماعة من الصحابة‬

‫‪11‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وقد كره أحمد الحجامة في أحدهما‪.‬‬


‫@ عن جابر "ل تحتجموا يوم الثلثاء فإن سورة الحديد أنزلت علي يوم‬
‫الثلثاء" فيه عمرو بن موسى يضع قلت له شاهد حديث أبي بكرة في النهي‬
‫"عن الحجامة يوم الثلثاء" فيه بكار بن عبد العزيز ليس بشيء قلت استشهد‬
‫به البخاري في الصحيح وقال ابن معين صالح‪ ،‬والحديث أخرجه أبو داود‬
‫وسكت عليه فهو صالح للحتجاج به عنده وأيضا هو متابع‪.‬‬
‫@ "في الجمعة ساعة ل يوافقها رجل يحتجم فيها إل مات" فيه يحيى بن‬
‫العلء ليس بثقة قلت هو من رجال أبي داود وابن ماجه‪.‬‬

‫)‪(86 /‬‬

‫@ في الذيل عن ابن عباس "أكل صلى الله عليه وسلم مرا فسألناه فقال‬
‫هذا الطريقل قلنا وما الطريقل قال أهليلج أسود وبليلج وأملج يغلى بسمن‬
‫البقر ويعجن بالعسل"‪.‬‬
‫*‪ *2‬باب‪.‬‬
‫@ عن أبي أمامة "الشرب من فضل وضوء المؤمن فيه شفاء من سبعين‬
‫داء أدناها الهم" فيه العكاشي كذاب وواضع‪.‬‬
‫@ "من خلط دواء فنفع به الناس أعطاه الله عز وجل ما أنفق في الدنيا‬
‫وأعطاه نعيما في الجنة" فيه يحيى بن البكاء مجمع على ضعفه وعبد الواحد‬
‫بن زيد متروك‪.‬‬
‫@ "أبى الله أن يجعل للبلء سلطانا على بدن عبده" فيه الملطي كذاب‬
‫يضع‪.‬‬
‫@ في الوجيز أنس "من كنوز البر إخفاء الصدقة وكتمان الشكوى وكتمان‬
‫المصيبة" فيه الجارود بن يزيد ليس بشيء قلت له شواهد‪.‬‬
‫@ أبو هريرة "قال الله أبتلي عبدي بالبلء فإن لم يشكني إلى عواده أبدلته‬
‫لحما" إلخ‪ .‬فيه عبد الله بن سعيد متروك قلت له طريق أخرى للحاكم‬
‫صححه على شرط الشيخين وقال البيهقي إسناده صحيح وقد زعم بعض‬
‫الحفاظ أن مسلما أخرجه في كتابه لكني لم أجده فيه فحديث يصححه مثل‬
‫هذين المامين وينسب إلى مسلم يليق ذكره في الموضوعات لطرق واهية‬
‫من غير استقراء طرقه ول استحضار لكلم النقاد ثم له شواهد‪.‬‬
‫@ الحسن بن علي رضي الله عنه "إن في الجنة شجرة يقال لها شجرة‬
‫البلوى" فيه متروكان قلت له شاهد عن ابن عباس وأنس‪.‬‬
‫@ جابر "يود أهل العافية أن لحومهم قطعت" إلخ‪ .‬فيه عبد الرحمن بن عبد‬
‫المعري ليس بشيء قلت أخرجه من طريقه الترمذي والبيهقي وغيرهما‬
‫وقال الذهبي ما به بأس‪ ،‬وقال ابن عدي هو من ضعفاء يكتب حديثهم بل قيل‬
‫ثقة وله شاهد عن أنس بل له سند أصلح من حديث أنس وروي عن ابن‬
‫مسعود موقوفا بسند جيد ومثل هذا الوقف له حكم الرفع‪.‬‬
‫@ أبو هريرة "ل يعاد المريض إل بعد ثلث أيام" فيه روح بن غطيف متروك‬
‫قلت له شواهد‪.‬‬
‫@ أبو أمامة "إن من تمام العيادة أن تضع يدك على المريض" إلخ‪ .‬فيه ثلثة‬
‫ليسوا بشيء قلت له طريق آخر وشواهد‪.‬‬
‫@ أبو هريرة "ثلثة ل يعادون صاحب الرمد وصاحب الضرس وصاحب‬
‫الدمل" تفرد به مسلم بن علي قلت لم يتهم بكذب فالحديث ضعيف ل‬
‫موضوع‪ ،‬وفي المقاصد ضعفه البيهقي وجعله من قول يحيى بن أبي كثير قال‬

‫‪12‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وهو الصحيح إذ رمدت عين زيد بن أرقم فعاده النبي صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫عيادة المريض بعد ثلث له طرق ضعاف يتقوى بعضها ببعض ولهذا أخذ‬
‫بمضمونها جماعة وعن ابن عباس "عيادة أول يوم سنة فما كان بعده‬
‫فتطوع" ويحتمل أن مراده أول مرة‪.‬‬
‫@ "ل تعد من ل يعودك" في حديث طويل بسند ضعيف ويستأنس له بحديث‬
‫"ل خير في صحبة من ل يرى لك مثل ما ترى له" وروي في الضعف "عد من‬
‫ل يعودك" وجمع بينهما والنهي لتأديب ل للمكافأة‪.‬‬
‫@ "من روى ميراثا عن وارثه روى الله عنه ميراثه من الجنة" ل يصح‪.‬‬
‫@ في الذيل "رأيت في المنام امرأتين واحدة تتكلم والخرى ل تتكلم‬
‫كلتاهما من أهل الجنة قلت أنت تتكلمين وهذه ل تتكلم فقالت أما أنا‬
‫فأوصيت وهذه ماتت بل وصية ل تتكلم إلى يوم القيامة" من نسخة أبي هدبة‬
‫عن أنس‪.‬‬
‫@ في الوجيز "من حضره الموت فوضع وصيته على كتاب الله كان ذلك‬
‫كفارة لما ضيع من زكاته في حياته" فيه يعقوب بن محمد ليس بشيء قلت‬
‫تبعه إسحاق بن راهويه ووثقه الكثر وله طريق آخر عند ابن ماجه‪ ،‬وفي‬
‫الللئ ل يصح ‪:‬قلت تبعه إسحاق وناهيك بجللته وأخرجه وله شاهد عن ابن‬
‫مسعود بلفظ "إن الرجل المسلم ليضع في ثلثة عند موته خيرا فوفى الله‬
‫بذلك زكاته"‪.‬‬
‫@ "افتحوا على صبيانكم أول كلمة بل إله إل الله ولقنوهم عند الموت ل إله‬
‫إل الله فإن من كان أول كلمه ل إله إل الله وآخر كلمه ل إله إل الله ثم‬
‫عاش ألف سنة ل يسأل عن ذنب واحد" موضوع فيه مجهولن ومضعف قلت‬
‫أخرجه البيهقي وغربه‪.‬‬
‫@ في الوجيز وعن معاذ أنه كان صلى الله عليه وسلم يورث المسلم من‬
‫الكافر" إلخ‪ .‬وفيه "السلم يزيد وينقص" فيه محمد بن المهاجر كان يضع‬
‫قلت أخرجه أبو داود من طريقين أخريين عن معاذ وكذا الحاكم وصححه‬
‫وأقره الذهبي‪.‬‬
‫@ "أن فاطمة خرجت حتى دخلت على أبي بكر فكلمته في الميراث" أورده‬
‫بل إسناد وقال أن باطل قلت هذا عجب فقد وردت القصة بأسانيد صحيحة‬
‫عن عائشة وأبي الطفيل وأبي هريرة‪.‬‬
‫@ ابن عباس "الخنثى يرث من مباله ]لعله‪ :‬عياله[" فيه كذابان قلت أحدهما‬
‫متابع وله شاهد عن علي موقوفا‪.‬‬
‫*‪ *2‬باب حرز آخر جمعة من رمضان وحرز أبي دجانة ورقية العقرب‪.‬‬
‫@ في المختصر "أنه صلى الله عليه وسلم تداوى غير مرة من العقرب‬
‫وغيرها" للطبراني بلفظ "لدغته عقرب فغشي عليه فرقاه الناس"‪.‬‬

‫)‪(87 /‬‬

‫@ في الللئ "من قال حين يمسي صلى الله على نوح وعليه السلم لم‬
‫تلدغه العقرب تلك الليلة" ل يصح‪ ،‬وفي الوجيز فيه متروكان قلت وثقهما‬
‫البعض وهما من رجال السنن وله شاهد موقوف عن خالد "قالت العقرب‬
‫لنوح يا نبي الله احملني معك قال ل أنت تلدغين قال احملن ي في الفلك‬
‫ولله علي أن ل ألدغ من يصلي عليك الليلة" وللترمذي محسنا مرفوعا "إذا‬
‫ظهرت الحية في المسكن فقولوا لها نسألك بعهد نوح وبعهد سليمان بن‬
‫داود ل تؤذينا"‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫@ حديث حرز أبي دجانة فيه مجاهيل قلت أخرجه البيهقي في الدلئل‪.‬‬
‫@ الصغاني "حرز أبي دجانة واسمه سماك بن خرشة" موضوع‪.‬‬
‫@ وفي الللئ عن موسى النصاري "شكى أبو دجانة النصاري فقال يا‬
‫رسول الله بينا أنا البارحة نائم إذ فتحت عيني فإذا عند رأسي شيطان فجعل‬
‫يعلو ويطول فضربت بيدي إليه فإذا جلده كجلد القنفذ فقال رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم ومثلك يؤذى يا أبا دجانة عامرك عامر سوء ورب الكعبة ادع‬
‫لي علي بن أبي طالب فدعاه فقال يا أبا الحسن اكتب لبي دجانة كتابا ل‬
‫شيء يؤذيه من بعده فقال وما أكتب قال اكتب بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫هذا كتاب من محمد النبي العربي المي التهامي البطحي المكي المدني‬
‫القرشي الهاشمي صاحب التاج والهراوة والقضيب والناقة والقرآن والقبلة‬
‫صاحب قول ل إله إل الله إلى من طرق الدار من الزوار والعمار إل طارقا‬
‫يطرق بخير أما بعد فإن لنا ولكم في الحق سعة فإن يكن عاشقا مولعا أو‬
‫مؤذيا مقتحما أو فاجرا يجهر أو مدعيا محقا أو مبطل فهذا كتاب الله ينطق‬
‫علينا وعليكم بالحق ورسلنا لدينا يكتبون ما تمكرون اتركوا حملة القرآن‬
‫وانطلقوا إلى عبدة الوثان إلى من اتخذ مع الله إلها آخر ل إله إل هو رب‬
‫العرش العظيم يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فل تنتصران فإذا‬
‫انشقت السماء فكانت وردة كالدهان فيومئذ ل يسأل عن ذنبه إنس ول جان‬
‫ثم طوى الكتاب فقال ضعه عند رأسك فوضعه فإذا هم ينادون النار النار‬
‫احرقتنا بالنار والله ما أردناك ول طلبنا أذاك ولكن زائر زارنا وطرق فارفع‬
‫عنا الكتاب فقال والذي نفس محمد بيده ل أرفعه عنكم حتى استأذنه صلى‬
‫الله عليه وسلم فلما أصبح أخبره صلى الله عليه وسلم فقال ارفع عنهم فإن‬
‫عادوا بالسيئة فعد إليهم بالعذاب فوالذي نفس محمد بيده ما دخلت هذه‬
‫السماء دارا ول موضعا ول منزل إل هرب إبليس وجنوده وذريته والغاوون"‬
‫موضوع وإسناده مقطوع وأكثر رجاله مجهولون وليس في الصحابة من‬
‫يسمى بموسى أصل‪.‬‬
‫@ في المقاصد "ل آلء إل آلؤك يا الله إنك سميع عليم محيط به علمك‬
‫كعسهلون وبالحق أنزلناه وبالحق نزل" هذه ألفاظ اشتهرت‪ ،‬ببلد اليمن‬
‫ومكة ومصر والمغرب وبجملة بلدان‪ ،‬أنها حفيظة رمضان تحفظ من الغرق‬
‫والسرق والحرق وسائر الفات وتكتب في آخر جمعة منه فجمهورهم‬
‫والخطيب يخطب على المنبر وبعضهم بعد صلة العصر وهي بدعة ل أصل لها‬
‫وإن وقعت في كلم غير واحد من الكابر لي أشعر كلم بعضهم ورودها في‬
‫حديث ضعيف وكان شيخنا ينكرها جدا وهو قائم على المنبر في أثناء الخطبة‪.‬‬
‫*‪ *2‬باب الموت وفضل ذكره وتردده تعالى في قبض الروح وقول إبراهيم‬
‫هل يميت خليله وشدته وكونه واعظا وعلمة السعادة عن عند الموت‬
‫ومجيء ملك الموت عند وصاله عليه السلم وقوله من لمتي وتعزيته من‬
‫الخضر وأن الموت قيامة وكفارة وشهادة سيما للغريب وأن الموت والتلقين‬
‫وتلقي الرواح للميت وأن فجاءته نعمة أو نقمة وجواب عمر في القبر‬
‫وعرض العمال على الرواح وتسبيحة القبر وتطيين القبر ومكان صغار‬
‫الموات والزيارة وزيارته عليه السلم وغسل فاطمة ولبس كفنها قبل وفاتها‬
‫وموت البهائم بعد الذكر وإذا قدر موت بأرض يلجأ إليها وفضل صلة الجنازة‬
‫وكفنها وغسلها وحفر القبر‪.‬‬
‫@ في المختصر "قيل يا رسول الله هل يكون مع الشهداء يوم القيامة‬
‫غيرهم فقال نعم من ذكر الموت كل يوم عشرين مرة" لم يوجد مسندا‪.‬‬
‫@ "ما ترددت في شيء ترددي في قبض روح عبدي المؤمن يكره الموت‬

‫‪14‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وأنا أكره مساءته ولكن ل بد له من الموت" للبخاري ولكن انفرد به خالد وهو‬
‫متكلم فيه‪.‬‬
‫@ "إن ملك الموت وملك الحياة تناظرا فقال ملك الموت أنا أميت الحياء‬
‫وقال ملك الحياة أنا أحيي الموات فأوحى الله إليهما كونا على عملكما وما‬
‫سخرتما من الصنع وأنا المميت والمحيي ل مميت ول محيي سواي" لم‬
‫يوجد‪.‬‬
‫@ "إن إبراهيم قال لملك الموت لما جاء لقبض روحه هل رأيت محبا كره‬
‫لقاء حبيبه فقال يا ملك الموت فالن فاقبض روحي" لم يوجد‪.‬‬
‫@ "كفى بالموت واعظا" ضعيف وهو مشهور من قول الفضيل بن عياض‪.‬‬
‫@ "ذكر الموت وغصته وألمه فقال هو قدر ثلثمائة ضربة بالسيف" مرسل‬
‫ورجاله ثقات‪.‬‬
‫@ "لو أن قطرة من ألم الموت وضعت على جبال الرض كلها لذابت" لم‬
‫يوجد‪.‬‬
‫@ "إن العبد ليعالج كرب الموت وسكرات الموت وإن مفاصله ليسلم بعضها‬
‫على بعض يقول عليك السلم تفارقني وأفارقك إلى يوم القيامة" فيه ضعيف‬
‫جدا‪ ،‬وفي الذيل هو من نسخة أبي هدبة‪.‬‬

‫)‪(88 /‬‬

‫@ عن أنس "إن لملك الموت حربة مسمومة طرف لها بالمشرق وطرف‬
‫لها بالمغرب يقطع به عروق الحياة وإن معالجته أشد من ألف ضربة سيف"‬
‫إلخ‪ .‬منكر‪.‬‬
‫@ وفي الللئ "لمعالجة ملك الموت أشد من ألف ضربة بالسيف" ل يصح‬
‫فيه متروك وواضع وإنما يروى عن الحسن قلت له شواهد‪ ،‬وفي الوجيز فيه‬
‫محمد بن القاسم يضع قلت ورد مرسل عن عطاء بن يسار بسند جيد وله‬
‫شواهد من مرسل الحسن والضحاك وعن علي رضي الله عنه موقوف‪.‬‬
‫@ في الذيل "إن ملك الموت لينظر في وجوه العباد كل يوم سبعين نظرة‬
‫فإذا ضحك العبد بعث إليه يقول عجبا بعثت إليه لقبض روحه وهو يضحك"‬
‫من نسخة أبي هدبة وكذا "بين العبد والجنة سبع عقبات أهونها الموت قلت‬
‫فما أصعبها قال الوقوف بين يدي الله إذا تعلق المظلومين بالظالمين"‪.‬‬
‫@ "تعسير نزع الصبي تمحيص للوالدين" فيه أبو مقاتل كذاب‪.‬‬
‫@ "يترك الغريق يوما وليلة ويدفن" فيه سلم متروك وجبارة ضعيف‪.‬‬
‫@ "اثنتان ل تموتان النفحة والبيض" قال العقيلي موضوع‪.‬‬
‫@ "ما مات أحد إل يجنب فلذلك يغسل لنه ل تنزع روح أحد إل خرج ماؤه‬
‫الشهيد وغيره في هذا سواء" فيه نهشل كذاب‪.‬‬
‫@ وفي المختصر "لن يخرج من الدنيا حتى يعلم أين مصيره وحتى يرى‬
‫مقعده من الجنة أو النار" لبن أبي الدنيا والشيخين وله شاهد‪.‬‬
‫@ "ارقبوا الميت عند ثلث إذا رشح جبينه وزرفت عيناه ويبست شفتاه فهي‬
‫من رحمة الله فقد نزلت به وإذا غط غطيط المخنوق واحمر لونه وأربدت‬
‫شفتاه فهو من عذاب الله فقد نزل به وأما انطلق لسانه بكلمتي الشهادة‬
‫فهو علمة الخير" ضعيف‪.‬‬
‫@ حديث "مجيء ملك الموت في أحسن صورة عند وفاته عليه السلم‬
‫واستئذانه في قبضه وقوله أين خلفت جبريل قال خلفته في سماء الدنيا‬
‫فأتاه جبريل وقعد عند رأسه" وهو حديث طويل في ثلث أوراق وهو منكر‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫@ حديث قوله لجبريل عند وصاله "من لمتي وجوابه بشر يا حبيب الله قال‬
‫الله تعالى حرمت الجنة على جميع النبياء والمم حتى تدخلها أنت وأمتك"‬
‫وقوله "الن طابت نفسي" ضعيف‪.‬‬
‫@ في الذيل "أغمي على النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه آت فقال السلم‬
‫عليك ادخل فقال من حوله صلى الله عليه وسلم إن كنت من المهاجرين أو‬
‫من النصار فارجع فإنه صلى الله عليه وسلم عنك مشغول فرفع رأسه فقال‬
‫من تطردون؟ تطردون داعي ربي عز وجل ادخل يا ملك الموت" إلخ‪ .‬بطوله‬
‫في قبضه فيه أصرم كذاب‪.‬‬
‫@ في المختصر حديث "سماع التعزية من رجل فقال أبو بكر هذا الخضر‬
‫واليسع" لم يوجد ذكر اليسع‪ ،‬وأما الخضر فأنكره النووي ذكره في كتب‬
‫الحديث لكن روى الطبراني بسند ضعيف فيه ذكر الخضر وذكره ابن أبي‬
‫الدنيا والله أعلم‪.‬‬
‫@ "من مات فقد قامت قيامته" لبن أبي الدنيا ضعيف وهو من قول الفضيل‬
‫بن عياض‪ ،‬وفي المقاصد هو للديلمي عن أنس رفعه‪.‬‬
‫@ حديث "تلقين الميت بعد الدفن" ضعفه ابن الصلح ثم النووي وابن‬
‫القاسم والعراقي وشيخنا في بعض تصانيفه وآخرون وقواه الضياء ثم شيخنا‬
‫بما له في الشواهد ونسب أحمد العمل به لهل الشام وابن العربي لهل‬
‫المدينة‪.‬‬
‫@ في المختصر حديث سعيد عن أبي أمامة في تلقين الميت الطبراني‬
‫ضعيف‪.‬‬
‫@ "نفس المؤمن إذا قبضت تلقاها أهل الرحمة من عند الله كما يتلقى‬
‫البشير في الدنيا يقولون انظروا أخاكم حتى يستريح فإنه كان في كرب‬
‫شديد فيسألونه ماذا فعل فلن وماذا فعلت فلنة وهل تزوجت فلنة فإذا‬
‫سألوه عن رجل مات قبله فقال مات قبلي قالوا إنا لله ذهب به إلى الهاوية"‬
‫لجماعة حسن‪.‬‬
‫@ "الموت كفارة لكل مسلم" صححه وحسنه جماعة وضعفه ابن الجوزي‪،‬‬
‫وفي المقاصد صححه ابن العربي‪ ،‬وقال العراقي ورد من طرق يبلغ بها رتبة‬
‫الحسن ولم يصب ابن الجوزي في ذكره في الموضوع وتبعه الصغاني وحكم‬
‫بالوضع قال شيخنا ل يتهيأ الحكم بوضعه مع هذه الطرق قال وهو مقيد بموت‬
‫مخصوص إن ثبت الحديث‪ ،‬وفي الللئ ل يصح هو‪ :‬قلت قد أنكره على‬
‫المصنف توهين الحديث فقد صححه ابن العربي والحق إلحاقه برتبة الحسن‬
‫ويفهم من بعض طرقه أن المراد بالموت الطاعون فقد كان يطلق على‬
‫الطاعون في الصدر الول‪.‬‬
‫@ "من مات مريضا فقد مات شهيدا أو وقي فتان القبر" إلخ‪ .‬ل يصح قال‬
‫احمد إن من مات مرابطا‪ :‬قلت له طريق أخرى وشاهد غريب بلفظ "من‬
‫مات مريضا أو غريبا مات شهيدا"‪ ،‬وفي الوجيز هو حديث أبي هريرة وفيه‬
‫إبراهيم بن محمد متروك قلت وثقه الشافعي والحق أنه ليس بموضوع بل‬
‫مضعف من مات مرابطا‪.‬‬
‫@ ابن عباس "موت الغربة شهادة" فيه متروكان وروي عن جابر وفيه‬
‫مكذب قلت روي عن أبي هريرة بوجه أضعف بلفظ "من مات غريبا مات‬
‫شهيدا" في المقاصد روي مرفوعا وله شواهد‪.‬‬
‫@ "أكثر من يموت من أمتي بعد كتاب الله وقضائه وقدره بالعين" رجاله‬
‫ثقات‪.‬‬
‫@ "أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين وأقلهم من يجوز" صححه ابن‬

‫‪16‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫حبان والحاكم وقال الترمذي حسن غريب وروي من وجوه أخر‪.‬‬


‫@ "موت الفجأة راحة للمؤمن وأسف على الفاجر" رفعه أحمد مسند‬
‫صحيح‪.‬‬

‫)‪(89 /‬‬

‫@ "ما المقبور في قبره إل كالغريق المبهوت ينتظر دعوة تلحقه من أبيه أو‬
‫أخيه أو صديق له فإذا لحقته كانت أحب إليه من الدنيا وما فيها وأن هدايا‬
‫الحياء للموات الدعاء والستغفار" ضعيف‪.‬‬
‫@ "كلم القبر للميت أنا بيت الفتنة والظلمة والوحدة" إلخ‪ .‬ضعيف‪.‬‬
‫@ حديث "جواب عمر رضي الله عنه تعالى في قبره بقوله أو مثلي يسأل‬
‫عن ربي وربوبيته أني ل أدعكما أو تقولن من ربكما" مرسل صحيح‪.‬‬
‫@ "ل تفضحوا موتاكم بسيئات أعمالكم فإنها تعرض على أولياؤكم من أهل‬
‫القبور" ضعيف‪ ،‬وفي المقاصد سنده ضعيف‪.‬‬
‫@ "القبر روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار" للطبراني والترمذي‬
‫وسند كل منهما ضعيف‪.‬‬
‫@ في الذيل "إن متبعي الجنازة قد وكل بهم ملك فهم مهمومون محزونون‬
‫حتى يسلم في ذلك القبر فإذا رجعوا أخذ كفا من تراب فرماه خلفهم ويقول‬
‫ارجعوا لنسائكم لله ميتكم" من نسخة أبي هدبة عن أنس‪.‬‬
‫@ في الوجيز أبو الدرداء "من شيع جنازة فربع حط الله عنه أربعين كبيرة"‬
‫فيه كذابان قلت له شاهدان‪ :‬عن أنس‪.‬‬
‫@ في الللئ عن أنس "عيادة مريض أحب إلي من عبادة أربعين" أو‬
‫"خمسين سنة" قلنا زدنا قال أخبراني أبو الدرداء مرفوعا "من شيع جنازة‬
‫فربع حط الله عنه أربعين كبيرة" ل أصل له قلت للخير شاهد بلفظ "من‬
‫حمل جوانب السرير الربع كفر الله عنه أربعين كبيرة" لكن فيه علي بن‬
‫يسارة ضعيف‪.‬‬
‫@ "إن أول ما يجازى به العبد المؤمن أن يغفر لجميع من تبع جنازته" ل يصح‬
‫قلت له طرق شاهدة والله أعلم‪ ،‬وفي الوجيز أورده عن ابن عباس وأبي‬
‫هريرة وجابر وأعل الكل‪ :‬قلت أخرجه البيهقي وله طرق أخرى وشواهد‪.‬‬
‫@ في الللئ "شيع صلى الله عليه وسلم جنازة فلما صلى عليها دعا بثوب‬
‫فبسطه على القبر وهو يقول ل تطلعوا في القبر فإنها أمانة فلعل أو عسى‬
‫تحل العقد فيتجلى له وجه أسود ولعله يحل العقد فيرى في قبره حية سوداء‬
‫مطوية في عنقه فإنها أمانة وعسى أن يقلبه فيعود إليه دخان من تحته فإنها‬
‫أمانة" موضوع‪.‬‬
‫@ "ل تظهر الشماتة لخيك فيرحمه الله ويبتليك" ل يصح قلت له طرق‬
‫وشاهد ل يخلو عن شيء الصغاني هو موضوع‪ ،‬وفي الوجيز هو حديث وائلة‬
‫بن السقع وفيه عمرو بن إسماعيل كذاب‪ :‬قلت أخرجه الترمذي والبيهقي‬
‫من طريقه وتابعه أمية بن القاسم عن حفص بن غياث وقال الترمذي حسن‬
‫غريب وله شاهد عن عمر قوله‪ :‬القزويني هو حديث المصابيح في حفظ‬
‫اللسان بلفظ "فيعافيه الله" وهو موضوع‪ ،‬وكذا حديثه "من عزى مصابا فله‬
‫مثل أجره" خلصة موضوع‪ :‬عند الصغاني ‪ ،‬وفي الوجيز تفرد به علي بن‬
‫عاصم بن محمد بن سوقة وقد كذب قلت أخرجه الترمذي وابن ماجه بهذا‬
‫الطريق وقال الترمذي أكثر ما ابتلي به علي بن عاصم بهذا الحديث وقد‬
‫صدق صلى الله عليه وسلم هذا الحديث في منام البعض وله شواهد منها‬

‫‪17‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫عن عمرو بن حزم "ما من مؤمن يعزي أخاه في مصيبته إل كساه الله من‬
‫حلل الكرامة يوم القيامة" حسنه الترمذي وفي الللئ هو بلفظ "كان له مثل‬
‫أجره" ل يصح قلت له شواهد وطرق وتصديق النبي صلى الله عليه وسلم له‬
‫في الرؤيا‪.‬‬
‫@ حديث كتابة التعزية إلى معاذ بن جبل لموت ابنه ل يصح وإنما موته بعد‬
‫وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فكتب إليه بعض الصحابة تلك الكتابة‪.‬‬
‫@ "دفن البنات من المكرمات" ل يصح‪.‬‬
‫@ لما عزي صلى الله عليه وسلم بابنته رقية قال "الحمد لله دفن البنات‬
‫من المكرمات" فيه ضعاف وشيخنا يحلف بالله عز وجل ما قال صلى الله‬
‫عليه وسلم من هذا شيئا قط‪.‬‬
‫@ "للمرأة ستران القبر والزوج فأيهما أفضل قال القبر" موضوع قلت له‬
‫شاهد‪.‬‬
‫@ الصغاني "دفن البنات" إلخ‪ .‬موضوع وفي الوجيز هو عن ابن عباس وفيه‬
‫عراك بن خالد مضطرب الحديث عن عثمان بن عطاء عن أبيه وهما ضعيفان‬
‫وتابعه محمد بن عبد الرحمن عن عطاء وهو ضعيف وعن ابن عمر وفيه‬
‫حميد يحدث بالمناكير قلت ليس في شيء مما ذكره ما يقتضي الوضع‬
‫ورجاله مختلف فيهم وإن سلم فل إلى حد الوضع‪.‬‬
‫@ وفي المقاصد "قال "بعد التحميد حين عزي بابنته رقية" فيه إرسال‬
‫ومتروك وصله ضعيف وروي "نعم الصهر القبر" فقال بعض العلماء أنه لم‬
‫يظفر به بعد التفتيش‪.‬‬
‫@ وفي الفردوس بل سند مرفوعا "نعم الكف القبر للجارية" وللطبراني‬
‫مرفوعا "للمرأة ستران" إلخ‪ .‬وهو ضعيف جدا ومثله ما روي مرفوعا "للنساء‬
‫عشر عورات فإذا تزوجت ستر الزوج عورة فإذا ماتت ستر القبر تسع‬
‫عورات"‪.‬‬
‫@ "أولد المؤمنين في جبل في الجنة يكفلهم إبراهيم وسارة حتى يردهم‬
‫إلى آبائهم يوم القيامة" صححه الحاكم وغيره على شرطهما لكن وقفه‬
‫آخرون على الثوري وقيل أنه أشبه وأصله في البخاري في المعراج‪.‬‬
‫@ "إذا قضى الله لعبده أن يموت بأرض جعل له إليها حاجة" حسن غريب‪.‬‬

‫)‪(90 /‬‬

‫@ "ادفنوا موتاكم وسط قوم صالحين فإن الميت يتأذى بجار السوء كما‬
‫يتأذى الحي بجار السوء" فيه سليمان بن عيسى وهو متروك بل متهم‬
‫بالكذب والوضع ولكن لم يزل عمل السلف والخلف عليه وما يروى "أن‬
‫الرض المقدسة ل تقدس أحدا وإنما يقدس النسان عمله" ل ينافيه وهذا‬
‫المروي مع أنه موقوف على سلمان الفارسي منقطع‪ ،‬وفي الوجيز هو حديث‬
‫أبي هريرة فيه سليمان بن عيسى كذاب وتابعه داود بن الحصين متهم‬
‫بالوضع قلت ورد أيضا عن علي وابن عباس وابن مسعود‪ ،‬وفي الللئ‬
‫"ادفنوا" إلخ‪ .‬ل يصح قال ابن حبان باطل ل أصل له قلت له شاهد والله‬
‫أعلم‪.‬‬
‫@ "حسنوا أكفان موتاكم فإنهم يتزاورون في قبورهم" وروي "فإنهم يبعثون‬
‫في أكفانهم" ل يصح قلت بل هو حسن صحيح له طرق كثيرة وشواهد‪.‬‬
‫@ حديث "غسل فاطمة رضي الله عنها ولبس كفنها قبل وفاتها واكتفاء علي‬
‫بذلك بعدها" ل يصح قلت نعم هو مخالف لما روي أن عليا وأسماء غسلها إل‬

‫‪18‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أن الحكم بوضعه غير مسلم وأما جواز الغسل قبل الموت فلعله خصها أبوها‬
‫صلى الله عليه وسلم به والله أعلم‪ ،‬وفي الوجيز روته أم سلمة وفيه من‬
‫ليس بشيء وشيعيان قلت ل مدخل للثلثة فيه فإن أحمد وابنه أخرجاه بسند‬
‫رجاله ثقات إل ابن إسحاق والئمة قبل حديثه وأكثر ما عيب عليه التدليس‬
‫ويعضد ما يروى مرسل عن ابن عقيل وقد روي أن عليا وأسماء بنت عميس‬
‫غسلها إل أن الحكم بالوضع غير مسلم‪.‬‬
‫@ "من غسل ميتا فستر عليه غفر له أربعين مرة ومن كفن ميتا كساه الله‬
‫من سندس وإستبرق ومن حفر لميت قبرا كان كمن أسكن بيتا إلى يوم‬
‫القيامة" تفرد به يوسف بن عطية وليس بشيء قلت صححه الحاكم على‬
‫شرط مسلم وأقره الذهبي‪.‬‬
‫@ "إذا ولى أحدكم أخاه فليحسن كفنه فإنهم يبعثون في أكفانهم ويتزاورون‬
‫في أكفانهم" عن أنس وفيه كذاب‪ ،‬وعن أبي هريرة وفيه من ليس بشيء‬
‫قلت أصله ثابت من طرق أخرى وصدره في صحيح مسلم‪.‬‬
‫@ "حديث حذيفة في ضغطة القبر فيه محمد بن جابر ليس بشيء قال ابن‬
‫حجر مجرد هذا ل يقتضي الوضع فإن له شواهد كثيرة ل يتسع الحال‬
‫لستيعابها قلت استوعبتها في كتابنا عن عائشة وأبي أيوب وأنس وغيرهم‪.‬‬
‫@ "حديث أنس "توفيت زينب" إلخ‪ .‬في ضغطها مضطرب‪ :‬قلت من قسم‬
‫الضعيف ل الموضوع‪ ،‬قال الحقير وقد مر حديث ضغطة سعد في فضل‬
‫الصحبة‪.‬‬
‫@ أبو بكر "من زار قبر أبويه أو أحدهما كل جمعة غفر له وكتب بارا" وفيه‬
‫عبد الكريم بن أبي أمية ضعيف‪.‬‬
‫@ وفي الللئ "من زار قبر والديه" إلخ‪ .‬باطل بهذا السناد قلت له شاهد‬
‫برواية الضعفاء بلفظ "من زار قبر أبويه أو أحدهما" إلخ‪ ،.‬وفي المختصر‬
‫شاهده معضل‪.‬‬
‫@ في الللئ "من زار قبر أبيه أو أمه أو عمته أو خالته أو أحد أقربائه كتب‬
‫له حجة مبرورة ومن كان زائرا لهم حتى يموت زارت الملئكة قبره" ل أصل‬
‫له‪.‬‬
‫@ "ل يزال الميت يسمع ما لم يطين قبره" موضوع‪.‬‬
‫@ في الذيل "من مر بالمقابر فقرأ الخلص إحدى وعشرين مرة ثم وهب‬
‫أجره للموات أعطي من الجر بعدد الموات" من نسخة عبد الله بن أحمد‬
‫الموضوعة‪.‬‬
‫@ في الللئ "آجال البهائم كلها من القمل والبراغيث والجراد والخيل‬
‫والبغال والدواب كلها والبقر وغير ذلك آجالها في التسبيح فإذا انقضى‬
‫تسبيحها قبض الله أرواحها وليس إلى ملك الموت من ذلك شيء" موضوع‪،‬‬
‫وفي الوجيز فيه الوليد بن مسلم يروي عن الوزاعي ما ليس من حديثه لنه‬
‫كان يدلس التسوية فيسقط شيوخ الوزاعي الضعفاء وإل فهو ثقة من رجال‬
‫الصحيحين‪ ،‬وقد ورد عن ابن عمر‪.‬‬
‫*‪ *2‬باب في بعض قبور النبياء والولياء‪.‬‬
‫@ في المختصر "قبر إسماعيل في الحجر" سنده ضعيف‪ :‬في المقاصد ومما‬
‫هو كذب باطل ما يذكر "بجبل لبنان من البقاع أنه قبر نوح عليه السلم إنما‬
‫حدث في أثناء المائة السابعة" والمشهد الذي ينسب لبي بن كعب بالجانب‬
‫الشرقي من دمشق من اتفاق العلماء أنه لم يقدمها فضل عن دفنه فيها‪،‬‬
‫والمكان المنسوب لبن عمر من الجبل الذي بالمعلى ل يصح من وجه وإن‬
‫اتفقوا على أنه توفي بمكة والمكان المعروف بالمشهد الحسيني من القاهرة‬

‫‪19‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ليس الحسين رضي الله عنه مدفونا به بالتفاق وإنما فيه رأسه فيما ذكر‬
‫بعض المصريين ونفاه بعضهم قال شيخنا والمكان المعروف بالسيدة نفيسة‬
‫ابنة الحسين بن زيد فقد قال بعض أهل المعرفة أن خصوص هذا المحل‬
‫الذي يزار ليس هو قبرها ولكنها في تلك البقعة بالتفاق والمكان المعروف‬
‫لعقبة بن عامر من قرافة مصر إنما هو بمنام رآه البعض بعد مدة طويلة‬
‫متطاولة قلت وقد مر "إن لله ملئكة تنقل الموات"‪.‬‬
‫*‪ *2‬باب الحوادث السماوية من الكسوف والمجرة والهلة وغرة رمضان‪.‬‬
‫@ الصغاني في الحديث الطويل في كسوف القمر في كل شهر موضوع‪.‬‬
‫@ في الللئ هو كما قال "المجرة التي في السماء من عرق الفعى التي‬
‫تحت العرش" منكر قلت له شاهد‪.‬‬
‫@ حديث "إن العرش لمطوية بحية إذا غاب الهلل قبل الشفق فهو لليلة‬
‫وإذا غاب بعد الشفق فهو لليلتين" ابن حبان ل أصل له‪.‬‬

‫)‪(91 /‬‬

‫@ "ما من عبد رأى الهلل فحمد الله وأثنى عليه وقرأ الحمد سبع مرات إل‬
‫أعفاه الله من وجع العين ذلك الشهر" ل يصح فيه واضع‪.‬‬
‫@ "ل يتم شهران ستين يوما" موضوع قلت له شاهد وطريق أخرى‪.‬‬
‫@ "نحركم يوم صومكم" عن أحمد قال هو ما يدور في السواق بل أصل‬
‫قال العراقي هو كما قال‪.‬‬
‫@ "ل تقولوا قوس قزح فإن قزح هو الشيطان ولكن قولوا قوس الله وهو‬
‫أمان لهل الرض" لبي نعيم والديلمي عن ابن عباس رفعه‪.‬‬
‫@ في الذيل "يكثر الضحك في موضعين عند رؤية الهلل وعند رؤية القرد"‬
‫ل يصح‪.‬‬
‫@ في الوجيز ابن عباس "أمان أهل الرض من الغرق القوس وأمان أهل‬
‫الرض من الختلف الموالة لقريش فإذا خالفتها قبيلة صاروا حزب إبليس"‬
‫أعله بجماعة قلت متابعون ولصدره شاهد‪.‬‬
‫@ ابن عباس "ل تقولوا قوس قزح" إلخ‪ .‬أعله بزكريا بن حكيم ضعفه أحمد‬
‫وغيره قلت لكن ذكره ابن حبان في الثقات‪ ،‬وقد احتج النووي بهذا الحديث‬
‫على كراهة أن يقال "قوس قزح وحديث المجرة أورده عن معاذ وجابر‬
‫وأعلهما قلت أكثر ما حكم عليه الذهبي أن متنه ليس بصحيح وهذا صادق‬
‫بضعفه وله شاهد‪.‬‬
‫*‪ *2‬باب آخر الزمان وفتنه والعزلة وعلمة الساعة وأنه عليه السلم ل يؤلف‬
‫والمهدي ومعنى فضله على الشيخين وأنه عيسى عليه السلم والملحم‪.‬‬
‫@ في الذيل ما يقول العوام "أنه صلى الله عليه وسلم ل يبقى بعد وفاته‬
‫للقيامة ألف سنة" قال النووي ل أصل له‪.‬‬
‫@ "من علمة الساعة انتفاخ الهلة "بالجيم أي ارتفاعها وبالخاء واضح‪.‬‬
‫@ وللبخاري في التاريخ والطبراني "من أشراط الساعة أن يروا الهلل‬
‫فيقولون ابن ليلتين وهو ابن ليلة "‪.‬‬
‫@ "ل تكره الفتنة في آخر الزمان فإنها تبير" أي تهلك المنافقين للديلمي‬
‫عن علي رفعه لكن سبقت الستعاذة من الفتن‪ ،‬ولذا قال ابن بطال وشيخنا‬
‫أنه مردود باطل‪.‬‬
‫@ وفي الذيل "ل تكرهوا الفتن فإن فيها حصاد المنافقين" قال ابن تيمية‬
‫موضوع وكذا حديث "إذا كثرت الفتن فعليكم بأطراف البرد" وهو كما قال‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫@ القزويني "قوم يبيتون ويصبحون قردة وخنازير" موضوع وكذا "يكون قوم‬
‫في آخر الزمان يخضبون بهذا السواد كحواصل الحمام ل يجدون رائحة‬
‫الجنة" موضوع‪.‬‬
‫@ وفي الللئ قال البغوي المتهم به عبد الكريم قلت قال ابن حجر هو ثقة‬
‫وقد أخرج الحديث أحمد وأبو داود وجماعة‪.‬‬
‫@ "عند رأس مائة سنة يبعث الله ريحا باردة طيبة يقبض فيها روح كل‬
‫مؤمن" باطل يكذبه الوجود قلت بل هو صحيح روي بطرق صحاح وهذه‬
‫المائة قرب الساعة والمؤلف ظن أنها المائة الولى من الهجرة‪ ،‬وفي الوجيز‬
‫قال ابن عدي فيه بعض الضعف هذا والحديث أخرجه الحاكم وصححه وأقره‬
‫الذهبي وله شواهد منها للحاكم مصححا عن عائشة رفعته "ل يذهب الليل‬
‫والنهار حتى تعبد اللت والعزى فقالت عائشة يا رسول الله أني كنت أظن‬
‫حين أنزل الله ليظهره على الدين كله أن ذلك سيكون تاما فقال إنه سيكون‬
‫من ذلك ما شاء الله ثم يبعث الله ريحا طيبة فتتوفى من كان في قلبه مثقال‬
‫حبة من خردل خير فيبقى من ل خير فيه فيرجعون إلى دين آبائهم" ومنها‬
‫عن ابن عباس وعبد الله بن عمر‪.‬‬
‫@ في الذيل "ليأتين على الناس زمان ينافق بعضهم بعضا ل يسلم إل من‬
‫كان حلس ]لعله‪ :‬جلس[ بيته" فيه النقاش متهم‪.‬‬
‫@ عن أبي الدرداء "من فر بدينه من أرض إلى أرض مخافة الفتنة على‬
‫نفسه ودينه كتب عند الله صديقا فإذا مات قبضه الله عز وجل شهيدا" فيه‬
‫مجاشع يضع‪.‬‬
‫@ في الللئ "ل يولد بعد المائة مولود لله فيه حاجة" قال أحمد ليس‬
‫بصحيح كيف وكثير من الئمة ولد بعده‪.‬‬
‫@ "ترفع زينة الدنيا سنة خمس وعشرين ومائة" موضوع قلت له طرق‬
‫وفسر الزينة في بعض الطرق بالرجال وبنور السلم وبهجته‪.‬‬
‫@ "إذا أتت على أمتي ثلثمائة وثمانون سنة فقد حلت لها العزوبة والعزلة‬
‫والترهب في رؤوس الجبال" موضوع قلت له طريق آخر‪.‬‬
‫@ "يكون في آخر الزمان خليفة ل يفضل عليه أبو بكر ول عمر" موضوع فيه‬
‫ضعيف وكذاب قلت هما بريئان فقد ورد بسند صحيح وقد تكلمت عليه وعلى‬
‫تأويله في كتابنا في المهدي‪.‬‬
‫@ في الوجيز ابن مسعود "إذا أقبلت الرايات السود من خراسان فأتوها فإن‬
‫فيها خليفة الله المهدي" فيه عمر بن قيس ل شيء ولم يسمع من الحسن‬
‫ول سمع الحسن من عبيدة قلت قال ابن حجر لم يصب ابن الجوزي فقد‬
‫أخرجه أحمد عن ثوبان وأبي هريرة وليس في إسناديهما متهم بالكذب‪.‬‬
‫@ الصغاني "ل مهدي إل عيسى بن مريم" موضوع وكذا خراب البلدان‬
‫المسماة كل بلدة بآفة" موضوع‪.‬‬
‫@ في التقان قال أحمد ثلثة كتب ليس لها أصول المغازي والملحم‬
‫والتفسير وهذا محمول على كتب مخصوصة فأما كتب الملحم فجميعها‬
‫كذلك وليس يصحح في الملحم المرتقبة والفتن المنتظرة غير أحاديث والله‬
‫أعلم‪.‬‬

‫)‪(92 /‬‬

‫*‪ *2‬باب أمور القيامة وعمر الدنيا من الصور وطولها على المؤمن والحشر‬
‫باسم الم وعمر الذباب وأنها في النار كالشمس والقمر في النار وأن نورها‬

‫‪21‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المؤمن وأن المؤمن يطفئ لهب النار وخصومة الروح والجسد وآخر من‬
‫يخرج من النار وأنها مغسولة في الدنيا وأن في الجنة لسوق الصور والمغنية‬
‫وتوالد أهل الجنة وطيران طائفة إلى الجنة بل حساب والرؤية وغير ذلك‪.‬‬
‫@ في الللئ "عمر الدنيا سبعة أيام من أيام الخرة قال الله تعالى )وإن‬
‫يوما عند ربك كألف سنة مما تعدون( " موضوع قلت له شواهد ولو بأسانيد‬
‫ضعاف وروي عن ابن عباس بطرق صحاح أنه قال "الدنيا سبعة أيام كل يوم‬
‫ألف سنة وبعث صلى الله عليه وسلم في آخرها"‪ ،‬وفي المختصر "حين بعث‬
‫إلى بعث إلى صاحب الصور فأهوى إلى فيه" إلخ‪ .‬لم يوجد هكذا بل ورد أنه‬
‫من حين ابتدئ الخلق كذلك سئل عن "طول يوم القيامة فقال والذي نفسي‬
‫بيده ليخفن على المؤمن حتى يكون أهون عليه من الصلة المكتوبة يصليها‬
‫في الدنيا بجماعة" بسند جيد‪.‬‬
‫@ في المقاصد "إن الله يدعو الناس يوم القيامة بأمهاتهم سترا منه على‬
‫عباده" له طرق كلها ضعاف وقد أورده ابن الجوزي في الموضوعات‬
‫ويعارضه ما روي بسند جيد "إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء‬
‫آبائكم فحسنوا أسماءكم" بل وفي البخاري "فيقال هذه عذرة فلن بن فلن"‬
‫نعم حديث التلقين وأنه يقال "يا ابن فلنة فإن لم يعرف اسمها فيا ابن حواء‬
‫ويا ابن أمة الله" مما يستأنس به لهذا‪ ،‬وفي الوجيز حديث أنس "يدعى‬
‫الناس" إلخ‪ .‬فيه إسحاق بن إبراهيم منكر الحديث‪ :‬قلت صرح ابن عدي بأن‬
‫الحديث منكر فليس بموضوع وله شاهد عن ابن عباس‪.‬‬
‫@ أبو هريرة "يبعث النبياء وأبعث على البراق ويبعث صالح على ناقته" إلخ‪.‬‬
‫دس على عبد الله بن صالح قلت أخرجه الحاكم من وجه آخر عنه وصححه‬
‫على شرط مسلم‪.‬‬
‫@ في الذيل "ما اصطحب اثنان على خير ول شر إل حشرا عليه وتل وإذا‬
‫النفوس زوجت" هو باطل‪.‬‬
‫@ "يوم القيامة ذو حسرة وندامة" من اختلق الطايكاني‪.‬‬
‫@ في الللئ "يختصم الروح والجسد يوم القيامة فيقول الجسد أنا كنت‬
‫بمنزلة الجذع ملقى ل أحرك يدا ول رجل لول الروح وتقول الروح أنا كنت‬
‫روحا ولول الجسد لم أستطع أن أعمل شيئا وضرب لها مثل أعمى ومقعد‬
‫حمل العمى المقعد فدله ببصره المقعد وحمله العمى برجله" موضوع‪.‬‬
‫@ في المختصر "إن العبد ليسأل عن كل شيء حتى كحل عينيه وعن فتات‬
‫العيش بإصبعه وعن لمسه ثوب أخيه" لم يوجد‪.‬‬
‫@ "يا آدم قم فابعث بعث النار من كل ألف تسعمائة وتسعون في النار‬
‫وواحد في الجنة" متفق عليه‪.‬‬
‫@ "سمعنا رجفة فقال‬
‫هذا حجر أرسل في جهنم منذ سبعين عاما والن انتهى إلى قعرها" لمسلم‪.‬‬
‫@ "إن نار الدنيا قد غسلت بسبعين ماء من مياه الدنيا حتى أطاقها أهل‬
‫الدنيا" لبن عبد البر معناه حديث‪.‬‬
‫@ "أقصى المكث في النار في حق المؤمن سبعة آلف سنة" سنده ضعيف‬
‫للترمذي‪.‬‬
‫@ "إن آخر من يخرج من النار يعذب سبعة آلف سنة" لم يوجد‪.‬‬
‫@ وفي الذيل "آخر من يدخل الجنة رجل من جهينة يقال له جهينة فيسأله‬
‫أهل الجنة هل بقي أحد يعذب فيقول ل فيقولون عند جهينة الخبر اليقين" هذا‬
‫الحديث باطل‪.‬‬
‫@ وفي الوجيز أنس "إن عبدا في جهنم ينادي ألف سنة يا حنان ويا منان"‬

‫‪22‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫إلخ‪ .‬فيه أبو ظلل ليس بشيء‪ :‬قلت أخرجه أحمد وجماعة وأبو ظلل مقارب‬
‫الحديث وله شاهد من مرسل الحسن‪.‬‬
‫@ "الشمس والقمر ثوران عقيران في النار" أعله بدرست بن زياد قلت هو‬
‫من رجال أبي داود ولم يضعف بكذب ول تهمة‪ :‬قيل ضعيف وقيل ل بأس به‬
‫وله شاهد بلفظ "ثوران" وهو في صحيح البخاري بدون قوله "في النار"‪.‬‬
‫@ "عمر الذباب أربعون يوما والذباب كله في النار إل ذباب النحل" أورده‬
‫عن أنس وابن عمر بطريقين وأعل الكل قلت قال ابن حجر في شرح‬
‫البخاري ورد عن ابن عباس وابن مسعود بسندين جيدين والحديث حسن أو‬
‫صحيح‪.‬‬
‫@ في المقاصد "البحر هو جهنم" لحمد عن صفوان بن يعلى وصححه‬
‫الحاكم‪.‬‬
‫@ "تقول النار للمؤمن يوم القيامة جز يا مؤمن فقد أطفأ نورك لهبي" قيل‬
‫فيه من هو منكر الحديث مع أنه منقطع وأرجو أن يكون صحيحا وهو عند‬
‫الحكيم‪.‬‬
‫@ "دخلت الجنة فرأيت أكثر أهلها النساء" ول مكان كون هذا للبتداء وذا‬
‫للنتهاء‪ :‬بل لمسلم رفعه "أقل ساكني الجنة النساء" قال المذنب الظاهر أنه‬
‫ل منافاة إذ في وجود النساء أكثر فيمكن كثرتهن فيهما‪ ،‬وأما حديث "أقل‬
‫ساكني الجنة" إلخ‪ .‬ففي البتداء والله أعلم‪.‬‬

‫)‪(93 /‬‬

‫@ في الللئ "إن في الجنة لسوقا ما فيها بيع ول شراء إل الصور من النساء‬


‫والرجال إن اشتهى الرجل صورة دخل فيها وإن فيها لمجمعا للحور العين‬
‫يرفعن أصواتا لم يرى الخلئق مثلها يقلن نحن الخالدات فل نبيد ونحن‬
‫الراضيات فل نسخط ونحن الناعمات فل نبأس فطوبى لمن كان لنا وكنا له"‬
‫ل يصح قلت له شاهد والمراد أنه تتغير صورته فيشتبه بتلك الصورة ل أنه‬
‫يدخل فيها حقيقة أو أن المراد بالصورة الشكل والهيئة وأصل ذكر السوق‬
‫من غير تعرض لذكر الصور في مسلم‪ ،‬وفي الوجيز فيه عبد الرحمن بن‬
‫إسحاق متروك قلت أخرجه الترمذي وغيره‪ ،‬وقال ابن حجر عبد الرحمن‬
‫حسن له الترمذي حديثا غير هذا مع قوله أنه تكلم فيه من قبل حفظه‬
‫وصححه له الحاكم حديثا آخرا وله شاهد‪ ،‬وعن جابر "ليس أحد من أهل الجنة‬
‫إل يدعى باسمه إل آدم فإنه يكنى أبا محمد" إلخ‪ .‬أورده عن علي وجابر وأعل‬
‫الكل‪ :‬قلت وله شواهد عن كعب وغالب بن عبد الله‪.‬‬
‫@ في المختصر "إن الحور في الجنة يتغنين يقلن للجواري الحبيبات" إلخ‪.‬‬
‫ضعيف‪.‬‬
‫@ "إن الرجل من أهل الجنة يولد له كما يشتهي يكون حمله وفصاله وشبابه‬
‫في ساعة واحدة" لبن ماجه محسنا مغربا‪.‬‬
‫@ حديث "طيران طائفتي المة إلى الجنان من غير الحساب والمرور على‬
‫الصراط بسبب حيائهم من المعصية ورضاهم باليسير" لبن حبان في‬
‫الضعفاء‪ ،‬ولمسلم‪ ،‬وفيه القيسي الهالك والحديث منكر مخالف للحاديث‬
‫الصحيحة‪.‬‬
‫@ "إن الله يتحلى للمؤمنين فيقول لهم سلوني فيقولون رضاك" لم يوجد‪.‬‬
‫@ في الذيل "النظر إلى وجه الله تعالى واجب لكل نبي وصديق وشهيد" فيه‬
‫عمرو بن خالد متهم بالوضع‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫*‪ *2‬باب خاتمه في سعة رحمته وشفاعة النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫وشفاعة الطفال والولياء للمؤمن والكافر وفداء المؤمن بالكافر وأن‬
‫الشفقة على الخلق حتى الطيور توجب رحمته وإثم من يقنط الناس من‬
‫رحمة الله‪.‬‬
‫@ في المختصر "ما زال صلى الله عليه وسلم يسأل في أمته حتى قيل أما‬
‫ترضى وقد أنزلت عليك هذه الية وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم"‬
‫لم يوجد‪.‬‬
‫@ "سأل ربه في ذنوب أمته فقال يا رب اجعل حسابهم إلي لئل يطلع على‬
‫مساويهم غيري فأوحى الله عز وجل هم أمتك وهم عبادي وأنا أرحم بهم‬
‫منك ل أجعل حسابهم إلى غير لئل تنظر في مساويهم أنت ول غيرك" لم‬
‫يوجد‪.‬‬
‫@ وفي الذيل "ليلة أسري بي سألت الله عز وجل فقلت إلهي وسيدي اجعل‬
‫حساب أمتي على يدي لئل يطلع على عيوبهم أحد غيري فإذا النداء من العلي‬
‫يا أحمد إنهم عبادي ل أحب أن أطلعك على عيوبهم فقلت إلهي وسيدي‬
‫ومولي المذنبون من أمتي فإذا النداء من العلي يا أحمد إذا كنت أنا الرحيم‬
‫وكنت أنت الشفيع فأين تبين المذنبون فقلت حسبي حسبي" فيه محمد بن‬
‫أيوب كذاب‪.‬‬
‫@ "سألت الله عز وجل أن يجعل حساب أمتي إلي لئل تفتضح عند المم‬
‫فأوحى الله إلي يا محمد بل أنا أحاسبهم فإن كانت منهم سترتها عنك لئل‬
‫تفتضح عندك" النقاش متهم‪.‬‬
‫@ "شفاعتي للجبابرة من أمتي" فيه مأمون مشهور بالوضع‪.‬‬
‫@ "إن لله عبدا يوقف بين يديه فيؤمر به إلى الجنة فيرد فيقول الله ألم يكن‬
‫لك أخ وأخاك في فيقول إلهي وسيدي فلن اليهودي آواني ونصرني فيقول‬
‫الله عبدي أل تعلم أنه ل يدخل جنتي من أشرك بي شيئا ولكن أبني له بيتا ل‬
‫يصيبه من حرها ول من بردها شيء" فيه العلء بن هلل منكر الحديث وغيره‬
‫كذلك‪.‬‬
‫@ الديلمي "لقيت والدي فسألني عن اسمي وكنيتي ونسبي وبلدي وأين‬
‫أنزل منه" إلخ‪ .‬هكذا مسلسل إلى أنس رفعه ثم قال "يا أنس أكثر من‬
‫الصدقاء فإنكم شفعاء بعضكم في بعض" فيه محمد بن النضر واه ليس‬
‫بثقة‪.‬‬
‫@ "أكثروا من المعارف من المؤمنين فإن لكل مؤمن شفاعة عند الله يوم‬
‫القيامة" فيه أصرم كذاب‪.‬‬
‫@ حديث "المبتذلين أي الشهداء والمتقاعسين وهم الطفال وشفاعتهم‬
‫لبائهم مع تظليلهم" فيه كذابون أربعة‪.‬‬
‫@ "السقط يثقل الله به الميزان ويكون شافعا لبويه يوم القيامة" من‬
‫نسخة أبي هدبة عن أنس‪:‬‬
‫وفي الللئ حديث "اجتماع الطفال في المحشر وصياحهم لشفاعة لبائهم"‬
‫بطوله ل أصل له‪.‬‬
‫@ في الذيل "إن العبد ليقف بين الله فيطول الله وقوفه حتى يصيبه من‬
‫ذلك كرب شديد فيقول يا رب ارحمني اليوم فيقول وهل رحمت شيئا من‬
‫أجلي فأرحمك هات ولو عصفورا فكان الصحابة ومن بقي من سلف هؤلء‬
‫المة يتبايعون العصافير فيعتقونها" فيه طلحة بن زيد منكر الحديث فقال‬
‫أحمد كان يضع‪.‬‬
‫@ "من علم أن الله يغفر له فهو مغفور له" اختلقه الطايكاني‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫@ "لعنة الله على المنفرين ثلثا الذين يقنطون عباد الله ورحمة الله على‬
‫المتكلفين ثلثا الذين يخبرون عباد الله بسعة مغفرة الله فيدخلهم الله الجنة‬
‫إل أني إنما بعثت مبشرا ولم أبعث مقنطا"‪.‬‬
‫@ في المختصر "إن رجل كان يقنط الناس فيشدد عليهم فيقول الله تعالى‬
‫يوم القيامة اليوم أؤيسك من رحمتي كما كنت تقنط عبادي منها" للبيهقي‪.‬‬

‫)‪(94 /‬‬

‫@ "يأتي كل رجل من أمتي من هذه المة بيهودي أو نصراني إلى جهنم‬


‫فيقول هذا فدائي من النار فيقال للمسلم إنما خلقت الخلق ليربحوا علي‬
‫ولم أخلقهم لربح عليهم" لم يوجد‪.‬‬
‫@ "خلق الله تعالى جهنم من فضل رحمته سوطا يسوق الله به عباده إلى‬
‫الجنة" لم يوجد‪.‬‬
‫@ "لو علم الكافر سعة رحمة الله ما أيس من جنته" متفق عليه‪.‬‬
‫@ "إن لله تعالى مائة رحمة أنزل منها واحدة بين أصناف الحيوانات" إلخ‪.‬‬
‫لمسلم‪.‬‬
‫@ "الله أرحم بعبده المؤمن من الوالدة الشفيقة بولدها" متفق عليه‪.‬‬
‫@ في المقاصد "إنا عند ظن عبدي" متفق عليه‪.‬‬
‫@ "لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر‬
‫لهم" لمسلم وغيره‪.‬‬
‫الحمد لله على حسن الختتام وختم الله لنا مع والدينا وأولدنا ومشايخنا‬
‫وإخواننا وجميع المسلمين بالحسنى بمنه وكرمه ورحمته ورضوانه وصلى الله‬
‫على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وكان اختتام التبييض في سابع ذي‬
‫القعدة شهر الله الحرام يوم الجمعة سنة ثمان وخمسين وتسعمائة نفع الله‬
‫به جميع طلبة العلوم النبوية آمين‪.‬‬
‫قال الحكيم الترمذي من الحديث الذي تنكره القلوب حديث ليث عن مجاهد‬
‫عن ابن عباس رضي الله عنه في قوله تعالى )يوفون بالنذر( الية ونذر أهل‬
‫البيت صيام ثلثة حين مرض الحسنين وصيامهم ثلثة بعد البرء وإفطارهم‬
‫بالماء القراح وإطعام الفطور للسائل مع إنشاء أرق الشعر وأفسده وليس‬
‫عندهم شيء فاستقرضوا من يهودي صاعا ووقف عليهم السائل فأعطوه‬
‫وصاموا على الصيام وهكذا ثلثة أيام الظاهر من قوله وليس عندهم شيء‬
‫إلى آخر قوله وهكذا ثلثة أيام قال هذا بطوله مفتعل وارتعاشهم كالفرخ من‬
‫شدة الجوع فعلم ذلك صلى الله عليه وسلم وشكى إلى ربه فنزل جبريل‬
‫عليه السلم )بهل أتى على النسان( إلخ‬
‫ترجمة المؤلف‬
‫هو العالم الفاضل العلمة المحدث النبيه رئيس محدثي الهند محمد طاهر بن‬
‫علي الصديقي الفتني نسبا وموطنا والبهرة أي التاجر شعبا‪.‬‬
‫ولد في بلدة نهرواله سنة تسعمائة وأربع عشر من الهجرة النبوية‪.‬‬
‫تلمذ أول على أفاضل عصره وفضلء دهره كأستاذ الزمان مل مهته ‪ ،‬ومولنا‬
‫الشيخ الناكوري ‪ ،‬والشيخ برهان الدين السمهوري ‪ ،‬ومولنا يد الله السوهي ‪،‬‬
‫ثم عزم على الحرمين الشريفين فاستفاد من علمائهما ومشايخهما كالشيخ‬
‫أبي عبيد الله الزبيدي ‪ ،‬والسيد عبد الله العدني ‪ ،‬والشيخ عبيد الله‬
‫الحضرمي ‪ ،‬والشيخ جار الله المكي ‪ ،‬والعلمة الفقيه الصولي الشيخ ابن‬
‫حجر المكي مؤلف الزواجر والصواعق والفتاوى وغيرها ‪ ،‬والشيخ علي‬

‫‪25‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المدني ‪ ،‬والشيخ برخوردار السندي ‪ ،‬والشيخ أبي الحسن البكري المكي ‪،‬‬
‫والفاضل التقي النقي العابد الزاهد علي بن حسام الدين الشهير بالمتقي‬
‫صاحب " كنز العمال في سنن القوال والفعال "‪ ،‬وتعاطي منه فيوضات‬
‫متكاثرة وفتوحات وافرة ‪ ،‬ثم إنه عاد إلى بلده ‪ ،‬وأقام هناك ‪ ،‬وأفاد ‪ ،‬وصنف‬
‫تصانيف أنيقة مفيدة فاق على فضلء عصره ونبلء دهره لما استوى‬
‫السلطان أكبر والي دار العلوم الدهلي سنة ثمانين وتسعمائة من الهجرة‬
‫على بلد كجرات ‪ ،‬واجتمع بالشيخ فربط السلطان العمامة بيده على رأس‬
‫الشيخ ‪ ،‬وقاله على نصر الدين ‪ ،‬وكسر المبتدعين والسلطان المذكور فرض‬
‫حكومة كجرات إلى أخيه الرضاعي مرزا عزيز بيك كوكه الملقب بالخان‬
‫العظم فأعان الشيخ وأزال رسوم البدع ‪ ،‬ثم إن الخان العظم عزل ونصب‬
‫مكانه عبد الرحيم خانخانان وكان شيعيا فاعتضده به المهدوية فحل الشيخ‬
‫عمامته عن رأسه وانطلق إلى السلطان أكبر وكان هو في مستقر الخلفة‬
‫أكبر آباد فتبعه جمع من المهدوية سرا فقتلوه في ما بين أجين ومالوه سنة‬
‫ست وثمانين وتسعمائة قتل رحمه الله وهو إذ ذاك ابن اثنتين وسبعين سنة‬
‫ثم نقل جسده إلى فتن ودفن في مقابر أسلفه رحمه الله ونور مرقده وبرد‬
‫مضجعه وأدخله بحبوحة جنانه ترجم له جمع من الفاضل كالشيخ محدث‬
‫الهند العلمة عبد الحق الدهلوي صاحب اللمعات شرح المشكوة في أخبار‬
‫الخيار والسيد العلمة غلم علي البلجرامي الزبيدي صاحب » تاج العروس «‬
‫و» شرح الحياء «في » سبحة المرجان في آثار الهندوستان « وصاحب »‬
‫خزينة الصفياء وصاحب حدائق الحنيفة « ]لعله‪ :‬الحنفية[ وغيرهم من النبلء‬
‫له رحمه الله مصنفات عديدة منها مجمع بحار النوار مع التكلمة ]لعله‪:‬‬
‫التكملة[ في أربع مجلدات في غريب الحديث على نمط نهاية ابن الثير‬
‫والمغني في ضبط الرجال وكفاية في شرح الشافية لبن الحاجب في‬
‫الصرف وقانون الموضوعات وتذكرة الموضوعات هذه التي نحن بصدد طبعها‬
‫وختمها بقانون الموضوعات‪ ،‬وله تصانيف أخر كلها مشتملة على فوائد جليلة‬
‫ودقائق علمية‪.‬‬
‫** تنبيه )حول اسم المؤلف( ‪:‬‬

‫)‪(95 /‬‬

‫" فتن " ‪ -‬بفتح الفاء وتشديد التاء المثناة فوق مع الفتح بعده نون ‪ -‬معرب‬
‫بين بلدة من بلد كجرات قريبا من أحمد آباد‪ .‬أجين بضم الهمزة وتشديد‬
‫الجيم المفتوحة والنون بينهما ياء تحتانية ساكنة‪ .‬وبوهرة معناه التاجر على ما‬
‫بينه صاحب الترجمة في تصانيفه جمهور أهل الكجرات مجمعون على أنه‬
‫كان من البواهين أسلم أسلفهم على يد مل علي ومضى لسلمهم على ما‬
‫حكاه البلجرامي قريبا من ثلثمائة سنة‪ .‬مهدوية هم الذين كانوا من قومه من‬
‫أتباع السيد محمد الجونفوري الذي ادعى أنه المهدي الموعود والله أعلم‬
‫وعلمه أتم وأحكم وأنا العاجز الحقير الفقير إلى ربه المستجير أبو عبد الكبير‬
‫محمد عبد الجليل‪ ،‬عفا عنه ربه السميع البصير‪ ،‬السامرودي‪ ،‬حرر في جمادى‬
‫الولى سنة ‪.1342‬‬

‫)‪(96 /‬‬

‫‪26‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫تذكير الساجد بجملة من أحكام المساجد‬


‫جمال الطاهر*‬
‫تقديم‪:‬‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬والصلة والسلم على سّيد المرسلين‪ ،‬وعلى آله‬
‫وصحبه أجمعين‪ ،‬أما بعد‪..‬‬
‫فإن المساجد بيوت الله وأفنيته‪ ،‬ميمونة ميمون أهلها‪ ،‬محفوظة محفوظ‬
‫أهلها‪ ،‬هم في مساجدهم‪ ،‬والله عز وجل في حوائجهم ‪ ،‬من سعى إلى هذه‬
‫المساجد‪ ،‬وحافظ على الصلة فيها‪ ،‬وتعّلق قلبه بها‪ ،‬فهو في ذمة الله‬
‫وحفظه وكلءته‪ ،‬إن دعا ُأجيب‪ ،‬وإن سأل ُأعطي‪ ،‬يجد فيها الهدى والنور‪،‬‬
‫والعلم والعمل‪ ،‬يرى فيها وجوها ً طيبة‪ ،‬ويسمع أصواتا ً خاشعة‪ ،‬وهي بعد ذلك‬
‫زاده إلى الخرة وسبيله إلى رضوان الله‪ ،‬كان سلفنا الصالح وأئمتنا المهتدون‬
‫حريصين على تجلية أحكامها‪ ،‬وبيان آدابها‪ ،‬حتى يكون المسلم الذي يرتادها‬
‫على نور من ربه‪ ،‬فيعرف ما يأتي وما يذر‪.‬‬
‫مله الله بالعلم‬ ‫وقد سار على نهجهم أخونا الستاذ‪ :‬جمال الدين الطاهر – ج ّ‬
‫واليمان – فبذل جهده‪ ،‬واستفرغ وسعه في هذه الصفحات‪ ،‬وزّينها بنقولت‬
‫مهمة‪ ،‬وتحقيقات نافعة‪ ،‬أسأل الله أن يجزيه خيرًا‪ ،‬وأن يعظم الجر والمثوبة‬
‫لكاتبها ‪ ،‬وطابعها‪ ،‬وناشرها‪ ،‬ومن أنفق عليها‪ ،‬وأن ينفعنا بما علمنا ‪.‬‬
‫والحمد لله أول ً وآخرا ً‬
‫وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد‬
‫كتبه‪ :‬د‪ .‬عبد الحي يوسف‬
‫الربعاء ‪ 28‬ربيع الول ‪1422‬‬
‫الموافق‪ 20 :‬يونيو ‪2001‬م‬
‫مقدمة ‪:‬‬
‫إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه‪ ،‬ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن‬
‫سيئات أعمالنا‪ ،‬فإنه من يهده الله فهو المهتد‪ ،‬ومن يضلل فلن تجد له ولي ّا ً‬
‫مرشدًا‪ ،‬ونصلي ونسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه‪.‬‬
‫وبعد‪...‬‬
‫فقد وضع الله تعالى أول بيت من بيوته في الرض وأشرفها وهو المسجد‬
‫الحرام؛ ليقام فيه دينه‪ ،‬كما قال الله تعالى‪) :‬إن أول بيت وضع للناس للذي‬
‫ببكة مباركا ً وهدى للعالمين(‪ ،‬وكما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه‬
‫وسلم فيما رواه أبو ذر رضي الله عنه قال‪" :‬سألت رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم عن أول مسجد وضع في الرض قال‪ :‬المسجد الحرام ‪ ،‬قلت‪ :‬ثم‬
‫ي؟ قال‪ :‬المسجد القصى‪ ،‬قلت‪ :‬كم بينهما؟ قال‪ :‬أربعون عامًا" ]رواه‬ ‫أ ّ‬
‫مسلم[‪ ،‬فأما المسجد القصى فقد بناه يعقوب عليه السلم على أحد روايات‬
‫التاريخ بأمر من الله عز وجل لُيستعلن له فيه ـ أي‪ :‬يجهر له فيه بالعبادة ـ‬
‫حين استقر به المقام في )القدس(‪ ،‬وجدده بعد ذلك داود عليه السلم وكمله‬
‫سليمان عليه السلم ]البداية والنهاية ‪ ،1/196‬وفتح الباري ‪ ،2/408‬إعلم‬
‫الساجد للزركشي ‪ ،[30‬وقد أخرج النسائي بإسناد صحيح من حديث عبد الله‬
‫بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪" :‬إن‬
‫ه خلل ً ثلثة‪ :‬سأل الله‬ ‫سليمان عليه السلم لما بنى بيت المقدس سأل الل َ‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫ملكا ل ينبغي لحدٍ‬ ‫حكما ً يصادف حكمه فأوتيه‪ ،‬وسأل الله عز وجل ُ‬ ‫عز وجل ُ‬
‫ّ‬
‫من بعده فأوتيه‪ ،‬وسأل الله عز وجل حين فرغ من بناء المسجد أل يأتيه أحد‬ ‫ً‬
‫ل ينهزه إل ّ الصلة فيه أن يخرجه من خطيئته كيوم ولدته أمه فأوتيه"‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ل‪ :‬فقيل بنته الملئكة لما روى‬ ‫واختلف الناس فيمن بنى البيت الحرام أو ً‬
‫جعفر بن محمد قال‪ :‬سئل أبي وأنا حاضر عن بدء خلق البيت فقال‪ :‬إن الله‬
‫عز وجل لما قال )إني جاعل في الرض خليفة( قالت الملئكة‪) :‬أتجعل فيها‬
‫من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك(؛ فغضب‬
‫عليهم فعاذوا بعرشه وطافوا حوله سبعة أشواط يسترضون ربهم حتى رضي‬
‫وذ به من سخطت عليه من‬ ‫الله عنهم‪ ،‬وقال لهم‪ :‬ابنوا لي بيتا ً في الرض يتع ّ‬
‫بني آدم‪ ،‬ويطوف حوله كما طفتم حول عرشي؛ فأرضى عنه كما رضيت‬
‫وا هذا البيت‪ .‬وقيل بناه آدم عليه السلم كما ُذكر عن ابن جريج‬ ‫عنكم فبن ْ‬
‫ً‬
‫وابن المسيب وغيرهما أن الله أوحى إلى آدم‪ :‬إذا هبطت ابن لي بيتا ثم‬
‫احفف به كما رأيت الملئكة تحف بعرشي الذي في السماء ]تفسير القرطبي‬
‫‪.[121 – 2/120‬‬
‫الباب الول‪ :‬فضل المساجد‬
‫مكانة المسجد في السلم ‪:‬‬
‫إن مكانة المسجد في السلم لتظهر بجلء في كون النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم لم يستقر به المقام عندما وصل إلى حي بني عمرو بن عوف في‬
‫قباء‪ ،‬حتى بدأ ببناء مسجد قباء‪ ،‬وهو أول مسجد ُبني في المدينة‪ ،‬وأول‬
‫مسجد بني لعموم الناس كما قال ابن كثير رحمه الله ]البداية والنهاية‬
‫‪.[3/209‬‬
‫وكذلك عندما واصل صلى الله عليه وسلم سيره إلى قلب المدينة كان أول‬
‫ما قام به تخصيص أرض لبناء مسجده صلى الله عليه وسلم ‪ .‬ولقد وعى هذا‬
‫المر صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاهتموا بذلك‪ ،‬واعتنى الخلفاء‬
‫الراشدون بها فكتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى ولته أن يبنوا‬
‫مسجدا ً جامعا ً في مقر المارة‪ ،‬ويأمروا القبائل والقرى ببناء مساجد جماعة‬
‫في أماكنهم‪ .‬عن عثمان بن عطاء قال لما فتح عمر بن الخطاب البلد كتب‬
‫إلى أبي موسى الشعري وهو على البصرة يأمره أن يتخذ للجماعة مسجدا ً‬
‫فإذا كان يوم الجمعة انضموا إلى مسجد الجماعة فشهدوا الجمعة ]كنز‬
‫العمال ‪.[314-8/313‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫وكان المسجد في أول السلم مكان الطاعات كلها‪ ،‬كما صح أنه صلى الله‬
‫عليه وسلم قال ذلك للرجل الذي بال في المسجد‪" :‬إنما هي لذكر الله‬
‫والصلة"‪ ،‬وفي رواية‪" :‬إنما بنيت لذكر الله والصلة"‪] ،‬رواه البخاري[‪ ،‬وإن‬
‫هذا الحصر يدل على أنه ل يجوز غير الصلة والذكر في المسجد إل بدليل‪،‬‬
‫كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أنزل وفد ثقيف في مسجده قبل‬
‫إسلمهم‪ ،‬وثبت أنه صلى الله عليه وسلم أنزل وفد الحبشة في مسجده‪،‬‬
‫ولعبوا فيه بحرابهم وهو ينظر إليهم‪ ،‬وفي كل الفعلين مصلحة ظاهرة عائدة‬
‫إلى السلم ]السيل الجرار ‪.[1/180‬‬
‫وكانت أغلب مشورته صلى الله عليه وسلم ـ وكذا خلفاؤه من بعده ـ تقع في‬
‫المسجد لنه مقر اجتماعاتهم‪ ،‬وكثير من الحوادث التي شاور فيها رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم أصحابه أو شاور فيها خلفاؤه من بعده ل يذكر فيها‬
‫مكان للشورى ولكنها في الغالب ما كانت تقع إل في المسجد‪ ،‬قال المام‬
‫ابن تيمية ـ رحمه الله ـ‪" :‬وكانت مواضع الئمة ومجامع المة هي المساجد‪،‬‬
‫فإن النبي صلى الله عليه وسلم أسس مسجده المبارك على التقوى‪ ،‬ففيه‬

‫‪28‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الصلة والقراءة والذكر وتعليم العلم والخطب‪ ،‬وفيه السياسة وعقد اللوية‬
‫والرايات وتأمير المراء وتعريف العرفاء‪ ،‬وفيه يجتمع المسلمون لما أهمهم‬
‫من أمر دينهم ودنياهم‪ ،‬وكذلك عماله في مثل مكة والطائف وبلد اليمن‬
‫وغير ذلك من المصار والقرى‪ ،‬وكذلك عماله على البوادي فإن لهم مجتمعا ً‬
‫فيه يصلون وفيه يسايسون‪ ،‬وكان الخلفاء والمراء يسكنون في بيوتهم كما‬
‫يسكن سائر المسلمين في بيوتهم‪ ،‬ولكن مجلس المام الجامع هو المسجد‬
‫الجامع" ]الفتاوى الكبرى ‪.[40-35/39‬‬
‫فضل بناء المساجد‪:‬‬
‫لبناء المساجد فضل عظيم؛ لما ُروي عن عثمان رضي الله عنه قال سمعت‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪) :‬من بنى لله مسجدا ً بنى الله له‬
‫مثله في الجنة( ]متفق عليه[‪ .‬قال المام الشوكاني ـ رحمه الله ـ‪" :‬يدل على‬
‫أن الجر المذكور يحصل ببناء المسجد ل بجعل الرض مسجدا ً من غير بناء‪،‬‬
‫وأنه ل يكفي في ذلك تحويطه من غير حصول مسمى البناء‪ ،‬والتنكير في‬
‫مسجد للشيوع؛ فيدخل فيه الكبير والصغير" ]نيل الوطار ‪.[2/156‬‬
‫وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نزل منزل ً في سفر أو حرب وبقي فيه‬
‫مدة اتخذ فيه مسجدا ً يصلي فيه بأصحابه رضي الله عنهم‪ ،‬كما فعل في‬
‫خيبر‪] ،‬وفاء الوفا بأخبار المصطفى للسمهودي ‪.[3/1028‬‬
‫وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪) :‬من‬
‫حص قطاة لبيضها بنى الله له بيتا ً في الجنة( ]رواه‬ ‫ف َ‬ ‫بنى لله مسجدا ً ولو ك ِ‬
‫م ْ‬
‫المام أحمد[‪.‬‬
‫والصل القتصار على الواحد إن وسع الناس‪ ،‬ول يشرع بناء آخر إل لضيق‬
‫الول ونحوه‪ ،‬قال القرطبي رحمه الله تعالى‪" :‬قال علماؤنا‪ :‬ل يجوز أن ُيبنى‬
‫مسجد إلى جنب مسجد‪ ،‬ويجب هدمه والمنع من بنائه لئل ينصرف أهل‬
‫المسجد الول فيبقى شاغرا ً إل أن تكون المحلة كبيرة فل يكفي أهلها مسجد‬
‫واحد فُيبنى حينئذ‪ ،‬وكذلك قالوا‪ :‬ل ينبغي في المصر الواحد جامعان أو ثلثة‪،‬‬
‫زه‪ ،‬وقد أحرق النبي صلى‬ ‫ج ِ‬
‫ويجب منع الثاني‪ ،‬ومن صلى فيه الجمعة لم ت ُ ْ‬
‫الله عليه وسلم مسجد الضرار وهدمه‪ ،‬وكل مسجد بني على ضرار أو رياء‬
‫وسمعة فهو في حكم مسجد الضرار ل تجوز الصلة فيه" ]تفسير القرطبي‬
‫‪.[8/254‬‬
‫الباب الثاني‪ :‬وجوب أداء الصلوات الخمس مع الجماعة‬
‫المر بالمحافظة على الصلوات المكتوبة‪:‬‬
‫قال تعالى آمرا ً عباده بالمحافظة على صلتهم ‪) :‬حافظوا على الصلوات‬
‫والصلة الوسطى وقوموا لله قانتين(‪.‬وقال عز وجل‪) :‬يا أيها الذين آمنوا‬
‫اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم(‪ ،‬وقال تعالى‪) :‬وما أمروا إل ليعبدوا الله‬
‫مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلة(‪.‬‬
‫وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال‪" :‬سألت رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ :‬أي العمال أفضل؟ قال‪ :‬الصلة على وقتها‪ ،‬قلت‪ :‬ثم أي؟ قال‪ :‬بر‬
‫الوالدين‪ ،‬قلت ثم أي؟ قال‪ :‬الجهاد في سبيل الله" ]متفق عليه[‪.‬‬
‫بل جعل السلم الصلة مما ُيعصم به دم المسلم مع الشهادة والزكاة‪ ،‬فعن‬
‫ابن عمر رضي الله عنهما قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫"أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن ل إله إل الله‪ ،‬وأن محمدا ً رسول‬
‫الله‪ ،‬ويقيموا الصلة‪ ،‬ويؤتوا الزكاة‪ ،‬فإن فعلوا ذلك؛ عصموا مني دماءهم‬
‫وأموالهم‪ ،‬إل بحق السلم وحسابهم على الله" ]متفق عليه[‪.‬‬
‫دها رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يتسبب في دخول العبد الجنة‬ ‫وع ّ‬

‫‪29‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫إذا وافى بها تامة كاملة فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال‪ :‬قال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪" :‬أتاني جبريل من عند الله تبارك وتعالى‬
‫فقال‪ :‬يا محمد إن الله عز وجل يقول‪ :‬إني فرضت على أمتك خمس‬
‫صلوات‪ ،‬فمن وافى بهن على وضوئهن ومواقيتهن وركوعهن وسجودهن؛ كان‬
‫له عندي بهن عهد أن أدخله بهن الجنة‪ ،‬ومن لقيني قد انتقص من ذلك شيئًا؛‬
‫فليس له عندي عهد‪ ،‬إن شئت عذبته‪ ،‬وإن شئت رحمته" ]رواه الطبراني‬
‫بإسناد صحيح وصححه اللباني[‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫أدلة وجوب صلة الجماعة من الكتاب العزيز‪:‬‬


‫تضافرت أقوال أهل العلم قديما ً وحديثا ً على وجوب صلة الجماعة في‬
‫المساجد‪ ،‬دل على هذا اليات‪ ،‬والحاديث‪ ،‬وأقوال الصحابة رضي الله عنهم‬
‫أجمعين‪ ،‬فأما آيات الكتاب الحكيم فقوله تعالى‪) :‬وإذا كنت فيهم فأقمت لهم‬
‫الصلة فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من‬
‫ورائكم‪ (...‬الية‪ .‬ودليلها كما قال العلماء أنها ‪ -‬أي الجماعة ‪ -‬لم تسقط عنهم‬
‫حال الحرب والخوف فكيف بحال المن والسلمة ]انظر آداب المشي إلى‬
‫الصلة لشيخ السلم محمد بن سليمان التميمي ‪.[98‬‬
‫وقوله تعالى‪) :‬وأقيموا الصلة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين(‪ .‬قال‬
‫القرطبي‪)" :‬مع الراكعين( تقتضي المعية والجمعية‪ ،‬ولهذا قال جماعة من‬
‫أهل التأويل بالقرآن‪ :‬إن المر بالصلة أول ً لم يقتض شهود الجماعة فأمرهم ـ‬
‫بقوله )مع الراكعين( ـ بشهود الجماعة" ]الجامع لحكام القرآن للقرطبي ج ‪1‬‬
‫ص ‪.[56‬‬
‫وجوب المحافظة على الصلة وأدائها في الجماعة من السنة‪:‬‬
‫اعلم أخي المسلم أن التهاون في الصلة مع الجماعة في المساجد في‬
‫أوقاتها معصية عظيمة‪ ،‬وكبيرة من الكبائر‪ ،‬ووسيلة إلى التهاون بها وتركها‬
‫بالكلية‪ ،‬فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪" :‬لقد هممت أن آمر بالصلة فتقام‪ ،‬ثم آمر رجل ً فيصلي بالناس‪ ،‬ثم‬
‫انطلق معي برجال معهم حزم من حطب إلى قوم ل يشهدون الصلة؛‬
‫فأحرق عليهم بيوتهم بالنار" وفي رواية‪" :‬لول ما فيها من النساء والذرية‬
‫لحرقتها عليهم" ]متفق عليه[‪.‬‬
‫وروى مسلم أن رجل ً أعمى قال‪" :‬يا رسول الله ليس لي قائد يقودني إلى‬
‫المسجد"؛ فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له في أن‬
‫خص له‪ ،‬فلما ولى دعاه فقال‪" :‬هل تسمع النداء قال نعم‬ ‫يصلي في بيته‪ ،‬فر ّ‬
‫قال فأجب"‪ ،‬فكون العمى ل رخصة له في ترك الجماعة فكيف يرخص‬
‫للبصير؟ قال الخطابي ـ رحمه الله ـ‪" :‬وفي هذا دليل على أن حضور‬
‫الجماعة واجب‪ ،‬ولو كان ندبا ً لكان أولى من يسعه التخلف أهل الضرورة‬
‫والضعف‪ ،‬ومن كان في مثل حال ابن أم مكتوم‪ ،‬وكان عطاء ابن أبي رباح ـ‬
‫رحمه الله ـ يقول‪ ":‬ليس لحد من خلق الله في الحضر وبالقرية رخصة إذا‬
‫سمع النداء في أن يدع الصلة" ]كتاب الصلة للشيخ‪ :‬عبد الملك علي الكليب‬
‫‪.[222‬‬
‫وعن أن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪" :‬من‬
‫سمع النداء فلم يجب فل صلة له إل من عذر" ]رواه أبو داود والدارقطني‬
‫وصححه النووي واللباني[‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪" :‬ما من‬
‫ثلثة في قرية ل يؤذن ول تقام فيهم الصلة إل استحوذ عليهم الشيطان"‬
‫]رواه أبو داود وأحمد وهو صحيح[‪.‬‬
‫ذكر الثار عن الصحابة رضي الله عنهم في وجوب صلة الجماعة وعقوبة‬
‫المتخلف عنها‪:‬‬
‫عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال‪" :‬ما بال قوم يتخلفون عن الصلة؛‬
‫فيتخلف لتخلفهم آخرون لن يحضروا الصلة أو لبعثن عليهم من يجافي‬
‫ن أهم أمركم‬ ‫رقابهم" وقد كتب رضي الله عنه إلى المراء في المصار‪" :‬إ ّ‬
‫عندي‪ :‬الصلة‪ ،‬فمن حفظها فقد حفظ دينه‪ ،‬ومن ضيعها فهو لما سواها‬
‫أضيع‪ ،‬ومن المحافظة عليها أداؤها جماعة في المساجد"‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫قال ابن مسعود رضي الله عنه‪" :‬من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ‬
‫على هؤلء الصلوات الخمس حيث ينادى بهن؛ فإن الله تعالى شرع لنبيكم‬
‫سنن الهدى‪ ،‬وإنهن من سنن الهدى‪ ،‬ولو أنكم صليتم في بيوتكم كما يصلى‬
‫هذا المتخلف في بيته؛ لتركتم سنة نبيكم‪ ،‬ولو تركتم سنة نبيكم؛ لضللتم‪،‬‬
‫ولقد رأيتنا وما يتخلف عنها إل منافق معلوم النفاق" ]رواه مسلم[‪.‬‬
‫يقول أبو هريرة رضي الله عنه‪" :‬لن تمتلئ أذنا ابن آدم رصاصا ً مذابا خير له‬
‫ً‬
‫ي على الفلح ثم لم يجب"‪ .‬وتقول أم‬ ‫ي على الصلة ح ّ‬ ‫من أن يسمع ح ّ‬
‫المؤمنين عائشة رضي الله عنها‪" :‬من سمع المنادي بالصلة ثم لم يجب لم‬
‫رد خيرا ً ولم ي َُرد به‪ ،‬إل من عذر"‪ .‬وقال أبو موسى الشعري رضي الله عنه‪:‬‬ ‫ي ِ‬
‫"من سمع المنادي بالصلة فلم يجب من غير عذر فل صلة له"‪.‬‬
‫وقال الحسن بن علي رضي الله عنهما‪" :‬من سمع المنادي بالصلة فلم يأته؛‬
‫لم تجاوز صلته رأسه إل من عذر"‪ .‬وقال علي رضي الله عنه‪" :‬من سمع‬
‫النداء من جيران المسجد فلم يجب وهو صحيح من غير عذر فل صلة له"‬
‫]آداب المشي إلى الصلة لشيخ السلم محمد بن سليمان التميمي ‪-134‬‬
‫‪.[135‬‬
‫ذكر الثار الواردة عن التابعين ومن بعدهم في وجوب صلة الجماعة في‬
‫المساجد‪:‬‬
‫قال عطاء بن أبي رباح وأحمد بن حنبل وأبو ثور رحمهم الله‪" :‬إن حضور‬
‫الجماعة في المسجد فرض"‪ .‬وقال الشافعي رحمه الله‪" :‬ل أرخص لمن قدر‬
‫على صلة الجماعة في ترك إتيانها في المسجد"‪.‬‬
‫وقال الخطابي‪" :‬حضور الجماعة في المساجد واجب لنه لو كان مسنونا ً‬
‫لكان أولى بالتخلف والرخصة ابن أم مكتوم وأمثاله من الضعفة"‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫وقال الوزاعي رحمه الله‪" :‬ل طاعة للوالد في ترك الجمع والجماعات"‪.‬‬
‫وقال ابن حزم رحمه الله‪" :‬ل ذنب بعد الشرك أعظم من تأخير الصلة عن‬
‫وقتها وقتل المؤمن بغير حق" ]تحذير المة عن التهاون بصلة الجماعة‬
‫والجمعة للشيخ‪ :‬عبد العزيز بن عبد الرحمن الشثري ‪.[150‬‬
‫بعض أقوال أهل العلم في وجوب صلة الجماعة‪:‬‬
‫قال البغوي في ]شرح السنة ‪" :[3/349‬ذهب غير واحد من أصحاب النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم إلى أن من سمع النداء فلم يجب فل صلة له"‪ .‬قال‬
‫عطاء بن أبي رباح‪" :‬ليس لحد من خلق الله في الحضر والقرية رخصة إذا‬
‫سمع النداء في أن يدع الصلة"‪ ،‬قال الحسن البصري رحمه الله‪" :‬إن منعته‬

‫‪31‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أمه عن العشاء في جماعة شفقة لم يطعها"‪ .‬قال الوزاعي‪" :‬ل طاعة للوالد‬
‫في ترك الجمعة والجماعات سمع النداء أو لم يسمع" ]كتاب الصلة للشيخ‪:‬‬
‫عبد الملك علي الكليب ص ‪.[222‬‬
‫قال الشاعر ‪:‬‬
‫فوائد صلة الجماعة‪:‬‬
‫شرع الله سبحانه وتعالى صلة الجماعة لحكم عظيمة وفوائد جسيمة منها ـ‬
‫والله أعلم ـ ما يلي‪:‬‬
‫‪ .1‬اختبار العباد وامتحانهم‪ :‬ليعلم الله من يمتثل أوامره ممن يعرض عنها‬
‫ويستكبر‪.‬‬
‫‪ .2‬التعارف والتآلف‪ :‬والترابط بين المسلمين‪ ،‬ليكونوا كالجسد الواحد‬
‫وكالبنيان يشد ّ بعضه بعضًا‪ ،‬والذي ل يصلي في المسجد ل يعرفه أهل الحي‬
‫إل ّ من كان بينه وبين أحدهم مصلحة دنيوية‪.‬‬
‫‪ .3‬تعليم الجاهل وتذكير الغافل‪ :‬فالجاهل يرى العالم فيقتدي به والغافل‬
‫يسمع الموعظة فينتفع بها‪.‬‬
‫‪ .4‬ما يشعر بع المصلي في الجماعة من الخشوع‪ ،‬والتدبر والنتفاع بالصلة‪،‬‬
‫ن الصلة‬‫بخلف من يصلي في بيته فإنه قد ل يشعر بشيئ من ذلك‪ ،‬بل إ ّ‬
‫تثقل عليه في الغالب؛ فينقرها نقر الديك فل ينتفع منها بشيء‪.‬‬
‫‪ .5‬إغاظة أعداء الله وإرهابهم وعلى رأسهم إبليس لعنه الله ـ وجنوده ـ من‬
‫ن‪ ،‬الذين يؤرقهم أن يعود المسلمون إلى المساجد‬ ‫شياطين النس والج ّ‬
‫خاصة الشباب‪.‬‬
‫‪ .6‬ما في الخروج للمساجد من النشاط والحركة ورياضة البدن بكثرة‬
‫المشي ذهابا ً وإيابًا‪ ،‬ل سيما إن كان المسجد بعيدًا‪ ،‬بخلف الصلة في البيت‬
‫وما يصاحبها في الغالب من الكسل والخمول وهذا أمر مجرب‪.‬‬
‫صلة أهل العذار‪:‬‬
‫ً‬
‫يجب أن يصلي المريض قائما في الصلة المفروضة؛ لحديث عمران رضي‬
‫ل قائما ً فإن لم تستطع‬
‫الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪":‬ص ّ‬
‫فقاعدا ً فإن لم تستطع فعلى جنب" ]رواه ا لبخاري[‪ ،‬وزاد النسائي " فإن لم‬
‫تستطع فمستلقيًا"‪ ،‬ويومئ لركوعه وسجوده برأسه ما أمكنه؛ لقوله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪" :‬إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" ]رواه مسلم‬
‫وأحمد[‪.‬‬
‫وتصح صلة الفرض على راحلة واقفة أو سائرة خشية تأذٍ بوحل ومطر؛‬
‫لحديث يعلى بن أمية الذي رواه الترمذي وقال‪ :‬العمل عليه عند أهل العلم‪.‬‬
‫م المسافر بإمام غير مسافر يلزمه‬ ‫ة‪ ،‬وإن ائت ّ‬
‫والمسافر يقصر الرباعية خاص ً‬
‫م صلته مؤتما ً به‪ ،‬ويجوز الجمع بين الظهر والعصر‪ ،‬وبين‬ ‫التمام فإنه يت ّ‬
‫المغرب والعشاء في وقت أحدهما للمسافر‪ ،‬وترك الجمع أفضل غير جمعي‬
‫عرفة ومزدلفة؛ كما رجحه الحنابلة ]آداب المشي إلى الصلة للمام محمد‬
‫بن سليمان التميمي رحمه الله[‪.‬‬
‫الترغيب في الصلة في المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد القصى‬
‫ومسجد قباء‪:‬‬
‫وردت الثار الصحيحة في بيان فضل الصلة في المسجد الحرام الذي هو‬
‫أول بيت وضع للناس للعبادة‪ ،‬وكذلك الصلة في المسجد النبوي الشريف‬
‫ك الله أسره من يد أحفاد القردة والخنازير ورّده لهله‬ ‫والمسجد القصى ـ ف ّ‬
‫آمين ـ وكذا الصلة في مسجد قباء‪ ،‬فعن جابر رضي الله عنه أن رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم قال‪" :‬صلة في مسجدي أفضل من ألف صلة فيما‬

‫‪32‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫سواه إل المسجد الحرام‪ ،‬وصلة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف‬


‫صلة فيما سواه" ]رواه أحمد وابن ماجة‪ ،‬وصححه اللباني[‪ ،‬وهذا نص واضح‬
‫في فضل الصلة فيهما‪.‬‬
‫وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال‪:‬‬
‫"صلة في مسجدي خير من ألف صلة فيما سواه من المساجد إل المسجد‬
‫القصى" ]رواه أحمد وقال المنذري‪ :‬رواته رواة الصحيح[‪.‬‬
‫وعن أسيد بن حضير النصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫قال‪" :‬الصلة في مسجد قباء كعمرة" ]رواه أحمد والترمذي وحسنه وابن‬
‫ماجة والبيهقي والحاكم وصححه اللباني[‪.‬‬
‫ترغيب المام في تخفيف الصلة وبيان قدر هذا التخفيف‪:‬‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪ ":‬إذا صلى‬
‫أحدكم بالناس فليخفف؛ فإن فيهم الضعيف والسقيم والكبير‪ ،‬فإذا صلى‬
‫لنفسه فليطول ما شاء" ]رواه الجماعة إل ابن ماجة[ ‪.‬‬
‫وعن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪":‬إني لدخل في الصلة وأنا‬
‫أريد إطالتها‪ ،‬فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلتي؛ مما أعلم من شدة وجدِ‬
‫أمه من بكائه" ]رواه الجماعة إل أبا داود[ ‪.‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫قال الشوكاني‪" :‬وأحاديث الباب تدل على مشروعية التخفيف للئمة وترك‬
‫التطويل؛ للعلل المذكورة من الضعف والسقم والكبر والحاجة واشتغال‬
‫خاطر أم الصبي ببكائه‪ ،‬ويلحق بها ما كان في معناها" ]نيل الوطار ‪.[3/137‬‬
‫وعن بريدة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ‬
‫ل بـ)الشمس وضحاها( ونحوها من السور" ]رواه‬ ‫بن جبل رضي الله عنه‪" :‬ص ّ‬
‫أحمد وصححه اللباني[‪.‬‬
‫ً‬
‫وعن أبي مسعود النصاري رضي الله عنه أن رجل قال‪" :‬والله يا رسول الله‬
‫إني لتأخر عن صلة الغداة من أجل فلن مما يطيل بنا"‪ ،‬فما رأيت رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم في موعظة أشد غضبا ً منه يومئذ ثم قال‪" :‬إن‬
‫منكم منفرين‪ ،‬فأيكم صلى بالناس فليخفف؛ فإن فيهم الضعيف والكبير وذا‬
‫الحاجة" ]رواه البخاري[‪.‬‬
‫وعن إبراهيم بن يزيد التيمي قال‪" :‬كان أبي قد ترك الصلة معنا فقلت له‪ :‬يا‬
‫أبة مالك تركت الصلة معنا؟ قال‪ :‬إنكم تخففون‪ ،‬قلت‪ :‬فأين قول النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم‪" :‬إن فيكم الضعيف والكبير وذا الحاجة"؟‪ ،‬فقال‪ :‬قد سمعت‬
‫ابن مسعود يقول ذلك وكان يمكث في الركوع والسجود ثلثة أضعاف ما‬
‫تصلون" ]رواه الطبراني في الكبير والوسط ووثق رجاله الهيثمي[‪.‬‬
‫قال أبو عمر ابن عبد البر‪" :‬التخفيف لكل إمام أمر مجمع عليه مندوب عند‬
‫العلماء إليه‪ ،‬إل أن ذلك إنما هو أقل الكمال‪ .‬وأما الحذف والنقصان فل؛ لن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عن نقر الغراب‪ ،‬ورأى رجل ً يصلي‬
‫ل فإنك لم تصل" وقال‪" :‬ل ينظر الله إلى‬ ‫فلم يتم ركوعه فقال‪" :‬ارجع فص ّ‬
‫من ل يقيم صلبه في ركوعه وسجوده"‪ ،‬ثم قال ابن عبد البر‪" :‬ل أعلم خلفا ً‬
‫م قوما ً على ما شرطنا من‬ ‫بين أهل العلم في استحباب التخفيف لكل من أ ّ‬
‫التمام" ]نيل الوطار ‪.[3/137‬‬
‫الترغيب في المشي إلى المساجد وانتظار الصلة بعد الصلة‪:‬‬
‫قال تعالى‪) :‬وأقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين(‬

‫‪33‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وقال تعالى‪) :‬إنما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم والخر(‪.‬‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫"صلة الرجل في الجماعة تضعف على صلته في بيته وفي سوقه خمسا ً‬
‫وعشرين درجة؛ ذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء‪ ،‬ثم خرج إلى الصلة ل‬
‫يخرجه إل الصلة‪ ،‬لم يخط خطوة إل رفعت له بها درجة‪ ،‬وحط عنه بها‬
‫خطيئة‪ ،‬فإذا صلى لم تزل الملئكة تصلي عليه ما دام في مصله‪ :‬اللهم صل‬
‫عليه‪ ،‬اللهم ارحمه‪ ،‬ول يزال في صلة ما انتظر الصلة" ]متفق عليه[‪.‬‬
‫وعنه أيضا ً رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪" :‬من‬
‫غدا إلى المسجد أو راح أعد الله له في الجنة نزل ً كلما غدا أو راح" ]متفق‬
‫عليه[‪.‬‬
‫وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال‪ ":‬صلينا مع رسول الله صلى الله‬
‫قب ـ الجلوس بعدها لدعاء‬ ‫قب من ع ّ‬ ‫عليه وسلم المغرب فرجع من رجع وع ّ‬
‫ً‬
‫أو ذكر ـ فجاء النبي صلى الله عليه وسلم مسرعا قد حفزه النفس ـ أي‪:‬‬
‫أتعبه من شدة سعيه ـ قد حسر عن ركبتيه‪ ،‬قال‪" :‬أبشروا هذا ربكم قد فتح‬
‫بابا ً من أبواب السماء يباهي بكم الملئكة‪ ،‬يقول‪ :‬انظروا إلى عبادي قد قضوا‬
‫فريضة وهم ينتظرون أخرى" ]رواه ابن ماجة وقال المنذري‪ :‬رجاله ثقات‪،‬‬
‫وصححه اللباني[‪.‬‬
‫وعن بريدة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪" :‬بشر‬
‫ظلم إلى المساجد بالنور التام يوم القيامة" ]رواه أبو داود‬ ‫شائين في ال ُ‬ ‫الم ّ‬
‫وصححه اللباني[‪.‬‬
‫وعن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪:‬‬
‫كفي‪ ،‬وإن مات أدخله الجنة‪ :‬من‬ ‫"ثلثة كلهم ضامن على الله إن عاش ُرزق و ُ‬
‫دخل بيته فسلم فهو ضامن على الله‪ ،‬ومن خرج إلى المسجد فهو ضامن‬
‫على الله‪ ،‬ومن خرج في سبيل الله فهو ضامن على الله" ]رواه أبو داود‬
‫وابن حبان في صحيحه[‪.‬‬
‫وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪" :‬أحب‬
‫البلد إلى الله تعالى مساجدها‪ ،‬وأبغض البلد إلى الله أسواقها" ]رواه‬
‫مسلم[‪.‬‬
‫وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫م مّر إلى المسجد يرعى الصلة كتب له كاتبه بكل‬ ‫وسلم‪" :‬إذا تطهر الرجل ث ّ‬
‫خطوة يخطوها إلى المسجد عشر حسنات‪ ،‬والقائد يرعى الصلة كالقانت‪،‬‬
‫ويكتب من المصلين من حين يخرج من بيته حتى يرجع إليه" ]رواه أحمد و‬
‫أبن حبان والحاكم والبيهقي وصححه اللباني[‪.‬‬
‫وعنه أيضا ً رضي الله عنه قال‪" :‬خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫صفة فقال‪" :‬أيكم يحب أن يغدو إلى بطحان أو العقيق ـ‬ ‫يوما ً ونحن في ال ّ‬
‫موضعان بالمدينة ـ فيأتي كل يوم بناقتين كوماوين ـ أي‪ :‬عظيمتي السنام ـ‬
‫زهراوين ـ أي بيضاوين حسنتين ـ فيأخذهما في غير إثم ول قطع رحم؟ قلنا ‪:‬‬
‫كلنا يا رسول الله يحب ذلك‪ ،‬قال‪ :‬فلن يغدو أحدكم إلى المسجد فيتعلم‬
‫آيتين من كتاب الله خير له من ناقتين‪ ،‬وثلث خير من ثلث‪ ،‬وأربع خير من‬
‫أربع‪ ،‬ومن أعدادهن من البل" ] مسلم وأحمد واللفظ له [‪.‬‬
‫الدعاء عند التوجه إلى المساجد‪:‬‬

‫)‪(5 /‬‬

‫‪34‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫روى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم خرج إلى الصلة وهو يقول‪" :‬اللهم اجعل في قلبي نورًا‪ ،‬وفي‬
‫بصري نورًا‪ ،‬وفي سمعي نورًا‪ ،‬وعن يميني نورًا‪ ،‬وخلفي نورًا‪ ،‬وفي عصبي‬
‫شري نورًا"‪،‬‬ ‫نورًا‪ ،‬وفي لحمي نورًا‪ ،‬وفي دمي نورًا‪ ،‬وفي شعري نورًا‪ ،‬وفي ب َ َ‬
‫وفي رواية لمسلم‪" :‬اللهم اجعل في قلبي نورًا‪ ،‬وفي لساني نورًا‪ ،‬واجعل‬
‫في سمعي نورًا‪ ،‬وفي بصري نورًا‪ ،‬واجعل من خلفي نورًا‪ ،‬ومن أمامي نورًا‪،‬‬
‫واجعل من فوقي نورًا‪ ،‬ومن تحتي نورًا‪ ،‬اللهم أعظم لي نورًا"‪.‬‬
‫ن لمن أراد دخول المسجد أن يدخل برجله اليمنى ويقول‪" :‬أعوذ بالله‬ ‫ويس ّ‬
‫العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم" ]رواه أبو داود‬
‫من حديث عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم[‪ .‬أو يقول‪:‬‬
‫"بسم الله‪ ،‬والسلم على رسول الله‪ ،‬اللهم اغفر لي ذنوبي‪ ،‬وافتح لي أبواب‬
‫رحمتك" ]رواه أحمد وابن ماجة[‪.‬‬
‫وإذا أراد الخروج خرج برجله اليسرى ويقول‪" :‬بسم الله‪ ،‬والسلم على‬
‫رسول الله‪ ،‬اللهم اغفر ذنوبي‪ ،‬وافتح لي أبواب فضلك" ]رواه أحمد وابن‬
‫ماجة[‪.‬‬
‫السعي إلى المسجد بالسكينة‪:‬‬
‫عن أبي قتادة رضي الله عنه قال‪) :‬بينما نحن نصلي مع النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم إذا سمع جلبة رجال فلما صلى قال‪" :‬ما شأنكم؟ قالوا‪ :‬استعجلنا إلى‬
‫الصلة‪ ،‬قال‪ :‬فل تفعلوا‪ ،‬إذا أتيتم الصلة فعليكم السكينة‪ ،‬فما أدركتم فصلوا‪،‬‬
‫وما فاتكم فأتموا" ]متفق عليه[‪.‬‬
‫وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم‪" :‬إذا سمعتم‬
‫القامة فامشوا إلى الصلة وعليكم السكينة والوقار‪ ،‬ول تسرعوا‪ ،‬فما أدركتم‬
‫فصلوا‪ ،‬وما فاتكم فأتموا" ]رواه الجماعة إل الترمذي[‪.‬‬
‫قال الشوكاني ـ رحمه الله ـ ‪" :‬والحديثان يدلن على مشروعية المشي إلى‬
‫الصلة على سكينة ووقار‪ ،‬وكراهية السراع والسعي‪ ،‬والحكمة في ذلك ما‬
‫نّبه عليه صلى الله عليه وسلم كما وقع عند مسلم من حديث أبي هريرة‬
‫رضي الله عنه‪" :‬فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلة فهو في صلة"‪ ،‬أي أنه‬
‫في حكم المصلي فينبغي له اعتماد ما ينبغي للمصلي اعتماده واجتنابه ما‬
‫ينبغي للمصلي اجتنابه "]نيل الوطار ‪.[3/135‬‬
‫صل إليها‬ ‫ِ‬ ‫ي‬ ‫الصلة‬ ‫أقيمت‬ ‫إذا‬ ‫المسرع‬ ‫والحكمة في التقييد بسماع القامة أن‬
‫وقد انبهر‪ ،‬وأسرعت أنفاسه‪ ،‬فيقرأ وهو في تلك الحالة؛ فل يحصل له تمام‬
‫الخشوع في الترتيل وغيره‪ ،‬بخلف من جاء قبل ذلك‪ ،‬فإن الصلة قد ل تقام‬
‫ن له أيضا ً عدم السراع لعموم النهي في قوله‬ ‫فيه حتى يستريح‪ ،‬إل أنه يس ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪" :‬إذا أتيتم الصلة"‪ ،‬لنه يتناول ما قبل القامة وإنما‬
‫قيد الحديث بالقامة لنه الحامل في الغالب على السراع‪ ،‬والسراع في‬
‫المسير أو السعي الشديد لدراك الصلة في المسجد أو لدراك الركوع‬
‫يفوت السكينة واحترام الصلة ويشوش على المصلين ]فتح الباري ‪،117 /2‬‬
‫والقول المبين في أخطاء المصلين ‪.[185‬‬
‫الترغيب في الذان والقامة والدعاء بينهما‪:‬‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫"لو يعلم الناس ما في النداء والصف الول ثم لم يجدوا إل أن يستهموا عليه‬
‫لستهموا‪ ،‬ولو يعلمون ما في التهجير ـ التبكير إلى الصلة ـ لستبقوا إليه‪ ،‬ولو‬
‫يعلمون ما في العتمة ـ العشاء ـ والصبح لتوهما ولو حبوًا" ]متفق عليه[‪.‬‬
‫وعن أنس رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬

‫‪35‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫"الدعوة بين الذان والقامة ل ترد ّ فادعوا" ]رواه ابن خزيمة وصححه‬
‫اللباني[‪ .‬وعنه أيضا ً قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪" :‬إذا نودي‬
‫بالصلة فتحت أبواب السماء واستجيب الدعاء" ]رواه الطيالسي وأبو يعلى‪،‬‬
‫وصححه اللباني[‪.‬‬
‫وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫"المام ضامن والمؤذن مؤتمن؛ اللهم أرشد الئمة واغفر للمؤذنين"‪ .‬قالوا‪ :‬يا‬
‫رسول الله لقد تركتنا نتنافس الذان بعدك‪ .‬فقال‪" :‬إنه يكون بعدي ـ أو‬
‫م سفلتهم مؤذنوهم" ]رواه البزار والهيثمي‪ ،‬ورجاله كلهم‬ ‫بعدكم ـ قو ٌ‬
‫موثوقون‪ ،‬وصححه اللباني[‪.‬‬
‫وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما‪ ،‬أنه سمع النبي صلى الله‬
‫ي‬
‫عليه وسلم يقول‪" :‬إذا سمعتم المؤذن؛ فقولوا مثل ما يقول‪ ،‬ثم صلوا عل ّ‬
‫ي صلة صلى الله عليه بها عشرا ً ثم سلوا الله لي الوسيلة‬ ‫فإنه من صلى عل ّ‬
‫فإنها منزلة في الجنة ل تنبغي إل لعبد من عباد الله‪ ،‬وأرجو أن أكون أنا هو‪،‬‬
‫فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة" ]رواه مسلم[‪.‬‬
‫وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪" :‬من قال حين يسمع المؤذن أشهد أن ل إله إل الله وحده ل شريك‬
‫ل‪ ،‬وبالسلم دينا ً‬ ‫له‪ ،‬وأن محمدا ً عبده ورسوله‪ ،‬رضيت بالله ربًا‪ ،‬وبمحمد رسو ً‬
‫غفر له ذنبه" ]رواه مسلم[‪.‬‬‫ُ‬

‫)‪(6 /‬‬

‫ومما يجدر التنبيه عليه الخطأ الشائع عند كثير من المسلمين من تقبيل‬
‫ن محمدا ً رسول الله"‬ ‫البهامين ومسح العينين بهما عند قول المؤذن "أشهد أ ّ‬
‫واعتمادهم في ذلك على حديث أورده أبو العباس بن أبي بكر اليماني في‬
‫كتابه‪] :‬موجبات الرحمة وعزائم المغفرة[ بسند فيه مجاهيل مع انقطاعه عن‬
‫الخضر ـ عليه السلم ـ أنه قال‪" :‬من قال ـ حين يسمع المؤذن يقول‪ :‬أشهد‬
‫أن محمدا ً رسول الله ـ ‪ :‬مرحبا ً بحبيبي وقّرة عيني محمد بن عبد الله صلى‬
‫الله عليه سلم ثم يقّبل إبهاميه ويجعلهما على عينيه لم يرمد أبدًا‪ .‬قال‬
‫السخاوي ـ رحمه الله ـ بعد أن أورد هذا الحديث وآخر نحوه‪ :‬ول يصح في‬
‫المرفوع من كل هذا شيء ]المقاصد الحسنة ص ‪ ،384‬والمصنوع في معرفة‬
‫الحديث الموضوع رقم ‪ ،300‬والسلسلة الضعيفة رقم ‪.[73‬‬
‫وعن عبد الرحمن بن عبد الله النصاري عن أبيه أنه أخبره أن أبا سعيد‬
‫الخدري رضي الله عنه قال له‪" :‬أراك تحب الغنم والبادية‪ ،‬فإذا كنت في‬
‫غنمك وباديتك فأذنت للصلة فارفع صوتك بالنداء؛ فإنه ل يسمع مدى صوت‬
‫المؤذن جن ول إنس ول شيء إل شهد له يوم القيامة"‪ ،‬قال أبو سعيد رضي‬
‫الله عنه ‪" :‬سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم" ]رواه البخاري[‪.‬‬
‫وعن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪" :‬من أذن‬
‫اثنتى عشرة سنة وجبت له الجنه وكتب له بتأذينه في كل مرة ستون حسنة‬
‫وبإقامته ثلثون حسنة" ]رواه ابن ماجة والحاكم وصححه اللباني[‪.‬‬
‫كراهة الخروج من المسجد بعد الذان إل لعذر حتى يصلي‪:‬‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪" :‬أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫إذا كنتم في المسجد فنودي للصلة فل يخرج أحدكم حتى يصلي" ]رواه‬
‫أحمد[‪.‬‬
‫وعن أبي الشعثاء قال‪ :‬خرج رجل من المسجد بعد ما أذن فيه فقال أبو‬

‫‪36‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫هريرة‪" :‬أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم" ]رواه الجماعة‬
‫والبخاري[‪ ،‬قال النووي معلقا ً على هذا الحديث‪" :‬فيه كراهة الخروج من‬
‫المسجد بعد الذان حتى يصلي فيه المكتوبة إل ّ لعذر والله أعلم" ]شرح‬
‫النووي على صحيح مسلم ‪.[158-5/157‬‬
‫عن سعيد بن المسيب قال‪ :‬يقال‪":‬ل يخرج من المسجد بعد النداء إل ّ أحد‬
‫يريد الرجوع إليه أو منافق" ]أخرجه مالك في الموطأ ‪ ،[1/162‬ومثل هذا‬
‫الكلم ل يقال من جهة الرأي وقد صح أن أبا هريرة رضي الله عنه رفعه إلى‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪" :‬ل يسمع النداء في المسجد ثم يخرج منه إل ّ‬
‫لحاجة ثم ل يرجع إليه إل ّ منافق" ]الطبراني في الوسط ورجاله رجال‬
‫الصحيح كذا قال الهيثمي في مجمع الزوائد ‪ ،[2/5‬وهذا الخروج المكروه لمن‬
‫ليس له عذر‪ ،‬كمن كان جنبا ً أو محدثا ً أو حاقنا ً أو راعفًا‪ ،‬ومن يكون إماما ً‬
‫لمسجد آخر‪ ،‬وإل ّ لم يكره‪ ،‬ودليل ذلك ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه‬
‫أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج وقد أقيمت الصلة وعدلت‬
‫الصفوف حتى إذا قام في مصله انتظرنا أن يكبر انصرف قال ‪":‬على‬
‫مكانكم فمكثنا على هيئتنا حتى خرج إلينا ينطف رأسه ماء وقد اغتسل"‬
‫]البخاري في الصحيح[ ‪.‬‬
‫كره له أن يخرج من‬ ‫قال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ ‪" :‬وإذا أذن في الوقت ُ‬
‫المسجد إل ّ أن يكون لحاجة ثم يعود" ]المغني ‪.[91 /2‬‬
‫الترغيب في ذكر الموت في الصلة والخشوع‪:‬‬
‫ل شك أن ذكر الموت من أعظم أسباب زهد العبد في الدنيا الفانية‪ ،‬وإقباله‬
‫على ربه وعلى الخرة‪ ،‬لذلك يستحب للمصلي استحضار ذكر الموت في‬
‫صلته؛ حتى يقبل بقلبه على ربه‪ ،‬ويخشع في صلته )قد أفلح المؤمنون‪.‬‬
‫الذين هم في صلتهم خاشعون(‪ ،‬وعن أنس رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم ‪" :‬اذكر الموت في صلتك؛ فإن الرجل إذا ذكر‬
‫ن أنه يصلي‬ ‫ل صلة رجل ل يظ ّ‬ ‫الموت في صلته لحري أن يحسن صلته‪ ،‬وص ّ‬
‫صلة غيرها وإياك وكل أمر يعتذر منه" ]رواه الديلمي في مسند الفردوس‪،‬‬
‫وحسنه الحافظ ابن حجر‪ ،‬وتابعه اللباني[‪.‬‬
‫وعن أبي أيوب النصاري رضي الله عنه قال‪" :‬جاء رجل إلى النبي صلى الله‬
‫ل صلة‬ ‫عليه وسلم فقال‪ :‬عظني وأوجز فقال‪" :‬إذا قمت في صلتك فص ّ‬
‫مودع ول تكلم بكلم تعتذر منه‪ ،‬وأجمع الياس مما في أيدي الناس" ]رواه‬
‫أحمد وحسنه اللباني[‪.‬‬
‫الباب الثالث‪ :‬بعض أحكام المساجد‬
‫وبعد بيان حكم صلة الجماعة ندلف بإذن الله إلى بعض الداب المتعلقة‬
‫بالمساجد محاولين استقصاء ما يباح في المساجد محاولين استقصاء ما‬
‫يندب في المساجد‪ ،‬ثم نتبعه بما يكره فيها بشيء من اليجاز ‪:‬‬
‫أول‪ :‬ما يستحب ويندب في المساجد‪:‬‬
‫ونتطرق أول ً إلى ما يباح في المساجد وما يندب في حقها؛ صيانة لها مما ل‬
‫يليق‪ ،‬لنها شعار السلم ومقر المؤمنين‪ ،‬وهي آداب كثيرة نحاول رغم‬
‫تقصيرنا التحدث عنها بإيجاز‪:‬‬
‫إنارة المساجد‪:‬‬

‫)‪(7 /‬‬

‫‪37‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وذلك من رفعها المأمور به بنص القرآن‪ ،‬ويدل لذلك ما صح عن أبي هند‬


‫رضي الله عنه قال‪" :‬حمل تميم الداري من الشام إلى المدينة قناديل وزيتا ً‬
‫ومقطًا‪ ،‬فلما انتهى إلى المدينة وافق ذلك ليلة الجمعة‪ ،‬فأمر غلما ً له يقال‬
‫له أبو البزاد فقام فنشط المقط ـ أي ربطها ـ وعلق القناديل‪ ،‬وصب فيها‬
‫ل‪ ،‬فلما غربت الشمس أمر أبا البزاد فأسرجها‬ ‫الماء والزيت‪ ،‬وجعل فيها فتي ً‬
‫وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد فإذا هو بها تزهر فقال‪:‬‬
‫من فعل هذا؟ قالوا‪ :‬تميم الداري يا رسول الله‪ ،‬فقال‪ :‬نورت السلم نور‬
‫الله عليك في الدنيا والخرة أما إنه لو كانت لي ابنة لزوجتكها‪ ،‬قال نوفل بن‬
‫الحارث‪ :‬لي ابنة يا رسول الله تسمى المغيرة بنت نوفل فأفعل بها ما أردت‪،‬‬
‫ن‬
‫فأنكحه إياها"‪ ،‬وهذا يدل على عظم ما قام به هذا الصحابي الجليل‪ ،‬وأ ّ‬
‫إنارتها أمر محمود‪ ،‬وسنة مرضية‪ ،‬لقراره صلى الله عليه وسلم‪ ،‬بل لم‬
‫يكتف صلى الله عليه وسلم بالسكوت عن هذا الفعل إقرارا ً له‪ ،‬بل مدحه‬
‫وأثنى عليه‪.‬‬
‫وروى ابن ماجة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال‪" :‬أول من أسرج‬
‫المساجد تميم الداري"‪ ،‬قال العلماء‪" :‬ويستحب أن ينور البيت الذي يقرأ فيه‬
‫القرآن بتعليق القناديل‪ ،‬ونصب الشموع ويزداد في شهر رمضان في أنوار‬
‫المساجد"‪.‬‬
‫تحية المسجد‪:‬‬
‫عن أبي قتادة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫"إذا دخل أحدكم المسجد فل يجلس حتى يصلي ركعتين" ]رواه الجماعة[‪.‬‬
‫وأخرج البخاري ومسلم عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫أمر سليكا ً الغطفاني لما أتى يوم الجمعة والنبي صلى الله عليه وسلم‬
‫يخطب فقعد فقال له‪" :‬أصليت ركعتين؟" قال‪ :‬ل‪ ،‬قال‪" :‬قم فصل ركتين"‬
‫]رواه البخاري ومسلم[‪.‬‬
‫قال الشوكاني ـ رحمه الله ـ ‪":‬ذهب الجمهور إلى أنها سنة"‪ ،‬وقال النووي ـ‬
‫رحمه الله ـ‪" :‬إنه إجماع المسلمين"‪ ،‬قال الحافظ ـ رحمه الله ـ في الفتح‪:‬‬
‫"واتفق أئمة الفتوى على أن المر في ذلك للندب"‪ ،‬ثم قال الشوكاني ـ‬
‫رحمه الله ـ‪" :‬وبهذا التقرير ُيعلم أن فعل تحية المسجد في الوقات‬
‫المكروهة وتركها ل يخلو عن القائل بوجوبها من إشكال والمقام عندي من‬
‫المضايقة والولى للمتورع ترك دخول المساجد في أوقات الكراهة" ]نيل‬
‫الوطار ‪ .[3/68‬فائدة‪ :‬ذكر ابن القيم رحمه الله أن تحية المسجد الحرام‬
‫الطواف لن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ فيه بالطواف وتعقب بأنه لم‬
‫يجلس إذ التحية إنما تشرع لمن جلس ]نيل الوطار ‪.[3/70‬‬
‫ومن جملة ما استثني من عموم التحية دخول المسجد وقد أقيمت الفريضة‬
‫فإنها ل تشرع لحديث أبي هريرة عند مسلم وأصحاب السنن وابن خزيمة‬
‫وابن حبان مرفوعًا‪" :‬إذا أقيمت الصلة فل صلة إل المكتوبة"‪ .‬قال العلماء‬
‫"فجعل صلى الله عليه وسلم للمسجد مزية يتميز بها عن سائر البيوت‪ ،‬وهو‬
‫أل يجلس فيه حتى يركع‪ ،‬وعامة العلماء على أن المر بالركوع على الندب‬
‫والترغيب‪ ،‬وذهب داود وأصحابه إلى أن ذلك على الوجوب وهذا باطل" ]انظر‬
‫تفسير القرطبي ‪.[12/273‬‬
‫ومن دخل المسجد والمام يخطب لم يجلس حتى يركع ركعتين يوجز فيهما‪،‬‬
‫وبهذا قال الحسن وابن عيينة ومكحول والشافعي واسحق وأبو ثور وابن‬
‫المنذر‪ ،‬وقال شريح وابن سيرين والنخعي وقتادة والثوري ومالك والليث وأبو‬
‫حنيفة يجلس ويكره له أن يركع لن النبي صلى الله عليه وسلم قال للذي‬

‫‪38‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫جاء يتخطى رقاب الناس‪" :‬اجلس فقد آذيت وأنيت"]رواه ابن ماجة[‪ ،‬ولن‬
‫الركوع يشغله عن استماع الخطبة فكره كركوع غير الداخل ]انظر المغني‬
‫‪.[3/192‬‬
‫السترة أمام المصلى‪:‬‬
‫ف بصره‬ ‫يستحب للمصلي أن يجعل بين يديه سترة تمنع المرور أمامه‪ ،‬وتك ّ‬
‫عما وراءها لحديث أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪" :‬إذا‬
‫صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن منها ول يدع أحدا ً يمر بينه وبينها فإن‬
‫جاء أحد يمّر فليقاتله فإنه شيطان" ]رواه أبو داود وابن ماجة[‪ ،‬قال‬
‫الشوكاني معلقا ً عليه‪" :‬فيه أن اتخاذ السترة واجب" ]نيل الوطار ‪،[3/2‬‬
‫وقال أيضًا‪" :‬وأكثر الحاديث مشتملة على المر بها وظاهر المر الوجوب‬
‫فإن وجد ما يصرف هذه الوامر عن الوجوب إلى الندب فذاك" ]السيل‬
‫الجرار ‪ ،[1/176‬قال ابن قدامة ـ رحمه الله ـ‪" :‬يستحب للمصلي أن يصلي‬
‫إلى سترة‪ ،‬سئل أحمد‪ :‬يصلي الرجل إلى سترة في الحضر والسفر قال نعم‬
‫مثل مؤخرة الرحل" ]المغني ‪ ،[3/80‬وعن ابن عمر رضي الله عنهما‪" :‬أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج يوم العيد أمر بالحربة فتوضع‬
‫بين يديه فيصلي إليها والناس وراءه وكان يفعل ذلك في السفر ثم اتخذها‬
‫المراء" ]رواه البخاري ومسلم[‪.‬‬

‫)‪(8 /‬‬

‫ويرى الحنفية والمالكية أن اتخاذ السترة إنما يستحب للمصلي عند خوف‬
‫مرور أحد بين يديه‪ ،‬فإذا أمن مرور أحد بين يديه فل يستحب؛ لحديث ابن‬
‫عباس رضي الله عنهما‪" :‬أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في فضاء‬
‫وليس بين يديه شيء" ]رواه أحمد وأبو داود[‪ ،‬قال ابن عبد البر ـ رحمه الله‬
‫ـ‪" :‬وحديث ابن عباس هذا يخصص حديث أبى سعيد‪" :‬إذا كان أحدكم يصلي‬
‫فل يدع أحدا ً يمّر بين يديه" فإن ذلك مخصوص بالمام والمنفرد فأما المأموم‬
‫فل يضره من مّر بين يديه لحديث ابن عباس هذا قال‪ :‬وهذا كله ل خلف فيه‬
‫بين العلماء" ]فتح الباري ‪ [1/572‬قال الشوكاني ـ رحمه الله ـ‪" :‬أقول هذه‬
‫السنة ثابتة بالحاديث الصحيحة الكثيرة فل وجه لتخصيص مشروعيتها‬
‫م من ذلك" ]السيل الجرار ‪. [1/176‬‬ ‫بالفضاء فالدلة أع ّ‬
‫هذا وتعتبر سترة المام سترة لمن خلفه ]المغني ‪ ،[3/81‬وعن عمرو بن‬
‫شعيب عن أبيه عن جده قال‪" :‬هبطنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫من ثنية أذافر فحضرت الصلة فصلى إلى جدار فاتخذه قبلة ونحن خلفه‬
‫فجاءت بهمة ـ ولد الضان ـ تمر بين يديه فما زال يدارئها حتى لصق بطنه‬
‫بالجدار ومرت من ورائه" ]رواه أحمد وأبو داود[ ‪.‬‬
‫وعن ابن عباس قال‪" :‬أقبلت راكبا ً على أتان وأنا يومئذ قد ناهزت الحتلم‬
‫والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس‪ ،‬بمنى فمررت بين يدي الصف‬
‫فأرسلت التان ترتع ودخلت الصف‪ ،‬فلم ينكر ذلك علي" ]رواه أحمد ورواه‬
‫الجماعة[‪.‬‬
‫ففي هذه الحاديث ما يدل على جواز المرور بين يدي المأموم‪ ،‬وأن السترة‬
‫إنما تشرع بالنسبة للمام والمنفرد‪.‬‬
‫ً‬
‫وقد أجاز بعض الفقهاء أن تكون السترة للمصلي خطا على الرض إذا لم‬
‫يجد ما يجعله سترة لحديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪:‬‬
‫"إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئا ً فإن لم يجد فلينصب عصا ً فإن لم‬

‫‪39‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يكن معه عصا ً فليخط خطا ً ول يضره ما مّر بين يديه" ]رواه أحمد وأبو داود‬
‫وابن ماجة[‪ ،‬قال النووي في كيفيته‪" :‬المختار ما قاله الشيخ أبو اسحق أنه‬
‫إلى القبلة لقوله في الحديث "تلقاء وجهه" واختار في التهذيب أن يكون من‬
‫المشرق إلى المغرب ولم ير مالك ول عامة الفقهاء الخط‪ ،‬واختلف قول‬
‫الشافعي فروي عنه استحبابه وروي عنه عدم ذلك وقال جمهور أصحابه‬
‫باستحبابه" ]نيل الوطار ‪ [5 -4 / 3‬قال ابن القيم‪" :‬وأمر المصلي أن يستتر‬
‫ولو بسهم أو عصا فإن لم يجد فليخط خطا ً في الرض‪ ،‬قال أبو داود‪ :‬سمعت‬
‫أحمد بن حنبل يقول الخط عرضا ً مثل الهلل وقال عبد الله‪ :‬الخط بالطول"‬
‫]زاد المعاد ‪. [1/109‬‬
‫وأجاز بعضهم أن يستتر بإنسان قال في المغني‪" :‬يستحب للمصلي أن يدنو‬
‫من سترته‪ ،‬فإن استتر بإنسان فل بأس لنه يقوم مقام غيره من السترة‪،‬‬
‫وقد روي عن حميد بن هلل قال رأى عمر بن الخطاب رجل ً يصلي والناس‬
‫يمرون بين يديه فوله ظهره وقال بثوبه هكذا وبسط يديه هكذا وقال‪" :‬صل‬
‫ول تعجل" وعن نافع‪" :‬كان ابن عمر إذا لم يجد سبيل ً إلى سارية من سواري‬
‫المسجد قال‪ :‬ولني ظهرك" ]المغني ‪.[3/85‬‬
‫ثانيا‪ :‬ما تنزه عنه المساجد‪:‬‬
‫وأما ما ورد النهي عنه فيما يتعلق بالمساجد فهي جملة أحكام نوجزها فيما‬
‫يلي‪:‬‬
‫زخرفة المساجد‪:‬‬
‫جاء المر بالحث على بناء المساجد وتنظيفها وتطهيرها‪ ،‬فعن يعقوب بن زيد‬
‫أن رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ :‬كان يتتبع غبار المسجد بجريدة وكان‬
‫م على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر‬ ‫المسجد يرش ويق ّ‬
‫وكان عمر رضي الله عنه يكسو مسجد قباء بقطيفة ]مصنف ابن أبي شيبة‬
‫‪ ،[1/398‬أما التزيين والنقش فقد اختلف فيه‪ ،‬فكرهه قوم وأباحه آخرون‪،‬‬
‫فروى حماد بن سلمة عن أيوب عن أبي قلبة عن أنس رضي الله عنه أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪" :‬ل تقوم الساعة حتى يتباهى االناس‬
‫في المساجد" ]رواه أبو داود[‪ .‬وفي رواية البخاري قال أنس رضي الله عنه‪:‬‬
‫ل"‪ ،‬وقال ابن عباس رضي الله عنهما‪:‬‬ ‫"يتباهون بها ثم ل يعمرونها إل قلي ً‬
‫"لتزخرفنها كما زخرفت اليهود النصارى"‪ ،‬وروى الحكيم الترمذي في نوادر‬
‫الصول أنه صلى الله عليه وسلم قال‪" :‬إذا زخرفتم مساجدكم وحليتم‬
‫مصاحفكم فالدبار عليكم" عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‪ :‬قال رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪" :‬ما أمرت بتشييد المساجد" ]رواه أبو داود[‪ ،‬قال‬
‫البغوي‪" :‬التشييد رفع البناء وتطويله‪ ،‬ومنها قوله تعالى‪ ) :‬في بروج مشيدة(‪،‬‬
‫وهي التي يطول بناؤها‪ ،‬وفي ذلك رد ّ عل من حمل قوله تعالى‪) :‬في بيوت‬
‫أذن الله أن ترفع( على رفع بنائها وهو الحقيقة‪ ،‬بل المراد أن تعظم فل يذكر‬
‫فيها الخنا من القوال‪ ،‬وتطييبها من الدناس والنجاس وأل ترفع فيها‬
‫الصوات‪.‬‬

‫)‪(9 /‬‬

‫واحتج من أباح ذلك بأن فيه تعظيم المساجد والله تعالى أمر بتعظيمها في‬
‫قوله‪) :‬في بيوت أذن الله أن ترفع( يعني تعظم‪ ،‬وُروي عن عثمان رضي الله‬
‫عنه أنه بنى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بالساج ـ شجر يعظم جدا ً ل‬
‫سنه‪ ،‬قال‬‫يكاد بوجد إل ببلد الهند وخشبه أسود رزين ل تكاد الرض تبليه ـ وح ّ‬

‫‪40‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أبو حنيفة‪" :‬ل بأس بنقش المساجد بماء الذهب وروي عن عمر بن عبد‬
‫العزيز أنه نقش مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وبالغ في عمارته وتزيينه‬
‫وذلك في زمن وليته قبل خلفته ولم ينكر عليه أحد ذلك ]تفسير القرطبي‬
‫‪. [12/267‬‬
‫وقول ابن عباس رضي الله عنهما‪" :‬لتزخرفنها كما زخرفت اليهود النصارى"‪،‬‬
‫قال الخطابي‪ :‬لتزخرفنها‪ :‬لتزيننها‪ ،‬وأصل الزخرف الذهب‪ ،‬يريد تمويه‬
‫المساجد بالذهب ونحوه‪ ،‬ومنه قولهم‪ :‬زخرف الرجل كلمه إذا موهه وزينه‬
‫بالباطل‪ ،‬والمعنى أن اليهود والنصارى إنما زخرفوا المساجد عندما حرفوا‬
‫وبدلوا وتركوا العمل بما في كتبهم‪ ،‬يقول‪ :‬وأنتم تصيرون مثلهم إذا طلبتم‬
‫الدنيا بالدين‪ ،‬وتركتم الخلص في العمل‪ ،‬وصار أمركم إلى المراءاة‬
‫بالمساجد والمباهاة في تشييدها وتزيينها‪.‬‬
‫تنزيه القبلة عما يلهي المصلي‪:‬‬
‫ولما كان المصلي مأمور بالخشوع في صلته‪ ،‬وعدم التشاغل عنها بأي شئ‬
‫جاءت الحاديث والثار تمنع تزيين القبلة بما يلهي المصلي‪ ،‬ومن ذلك ما رواه‬
‫أنس رضي الله عنه قال‪ :‬كان قرام لعائشة رضي الله عنها قد سترت به‬
‫جانب بيتها؛ فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم‪" :‬أميطي عني قرامك هذا‬
‫فإنه لتزال تصاويره تعرض لي في صلتي" ]رواه البخاري[‪.‬‬
‫والقرام‪ :‬ستر رقيق من صوف ذو ألوان‪ ،‬أميطي‪ :‬أي أزيلي‪ .‬والحديث يدل‬
‫على كراهية الصلة في المكنة التي فيها تصاوير‪ ،‬وعلى وجوب إزالة ما‬
‫يشغل بال المصلي سواء كان صورا ً أو غير صور والحديث يدل أيضا ً على أن‬
‫الصلة ل تفسد مع وجود الصور لنه عليه الصلة والسلم لم يقطعها ولم‬
‫يعبها ولم يعدها ]نيل الوطار ‪ ،2/153‬وسبل السلم ‪ ،[1/151‬وقد تقدم‬
‫كراهة زخرفة المساجد‪ ،‬والتصاوير من نوع ذلك‪.‬‬
‫وعن عائشة رضي الله عنها قالت ‪" :‬قام رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫يصلي في خميصة ذات أعلم فلما قضى صلته قال‪ :‬اذهبوا بهذه الخميصة‬
‫إلى أبي جهم بن حذيفة وأتوني بأنبجانية – كساء غليظ ل علم فيه – فإنها‬
‫ألهتني آنفا ً في صلتي"‪] .‬أخرجه البخاري ومسلم[‪ ،‬قال الصنعاني‪" :‬وفي‬
‫الحديث دللة على كراهة ما يشغل عن الصلة من النقوش ونحوها مما‬
‫يشغل القلب" ]سبل السلم ‪ ،[1/151‬وقال العز بن عبد السلم‪" :‬تكره‬
‫الصلة على السجادة المزخرفة الملمعة‪ ،‬وكذلك على الرفيعة الفائقة لن‬
‫الصلة حال تواضع وتمسكن‪ ،‬ولم يزل الناس في مسجد مكة والمدينة‬
‫يصلون على الرض والرمل والحصى تواضعا ً لله" ]فتاوى العز بن عبد السلم‬
‫ص ‪.[68‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية‪" :‬والمذهب الذي عليه عامة الصحاب كراهة‬
‫دخول الكنيسة المصورة والصلة فيها‪ ،‬وفي كل مكان فيه تصاوير أشد كراهة‬
‫وهذا هو الصواب الذي ل ريب فيه ول شك" ]الختيارات العلمية ص ‪.[254‬‬
‫وقال المرغيناني‪" :‬وأشدها كراهة أن تكون أمام المصلي ثم من فوق رأسه‬
‫ثم على يمينه ثم على شماله ثم خلفه" ]انظر الهداية ‪ 1/295‬مع شرح فتح‬
‫القدير[‪.‬‬
‫نشد الضالة‪:‬‬
‫ومما ينبغي أن تنزه عنه المساجد نشد الضالة فعن أبي هريرة رضي الله عنه‬
‫قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪" :‬من سمع رجل ً ينشد في‬
‫ن لهذا" ]رواه‬‫المسجد ضالة فليقل‪ :‬ل أداها الله إليك؛ فإن المساجد لم ت ُب ْ َ‬
‫مسلم وأحمد[‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وعن بريدة رضي الله عنه أن رجل ً نشد في المسجد فقال‪" :‬من دعا إلى‬
‫الجمل الحمر‪ ،‬فقال صلى الله عليه وسلم‪ :‬ل وجدت‪ ،‬إنما ب ُن َِيت المساجد لما‬
‫ب ُن َِيت له" ]رواه مسلم[‪ .‬قال النووي‪" :‬وفيه النهي عن نشد الضالة في‬
‫المسجد‪ ،‬ويلحق به ما في معناه من البيع والشراء والجارة ونحوها من‬
‫العقود‪ ،‬وكراهة رفع الصوت في المسجد‪ ،‬وقوله‪" :‬إنما بنيت المساجد لما‬
‫بنيت له" معناه‪ :‬لذكر الله والصلة والعلم والمذاكرة في الخير ونحوها"‪.‬‬
‫الروائح الكريهة‪:‬‬

‫)‪(10 /‬‬

‫ومما تصان المساجد منه وتنزه عنه الروائح الكريهة والقوال السيئة‪ ،‬وذلك‬
‫من تعظيمها‪ ،‬وقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في عزوة‬
‫تبوك‪" :‬من أكل من هذه الشجرة ـ يعني الثوم ـ فل يأتين المسجد"‪ ،‬وفي‬
‫حديث جابر رضي الله عنه أنه صلى الله عليى وسلم قال‪" :‬من أكل من هذه‬
‫البقلة الثوم ـ وقال مرة من أكل من البصل والثوم الكراث ـ فل يقربن‬
‫مسجدنا فإن الملئكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم" ]رواه البخاري[‪ ،‬وقال‬
‫عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خطبته‪" :‬ثم إنكم أيها الناس تأكلون من‬
‫شجرتين ما أراهما إل خبيثتين‪ :‬هذا البصل والثوم‪ ،‬لقد رأيت رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم إذا وجد ريحهما في رجل في المسجد أمر به فأخرج إلى‬
‫البقيع فمن أكلهما فليمتهما طبخًا" ]رواه مسلم[‪ .‬وقال القاضي‪" :‬ويلحق به‬
‫من أكل فجل ً وكان يتجشى"‪ ،‬وقال أيضًا‪" :‬وقاس العلماء على هذا مجامع‬
‫الصلة غير المسجد كمصلى العيد والجنائز ونحوها من مجامع العبادات وكذا‬
‫مجامع العلم والذكر والولئم ونحوها ول يلتحق بها السواق ونحوها" ]مسلم‬
‫بشرح النووي ‪ 5/48‬وشرح المسند ‪ ،[2/333‬وقال الشيخ الجبرين في‬
‫تنبيهات على بعض الخطاء التي يفعلها بعض المصلين في صلتهم‪:‬‬
‫"استعمال ما يسبب الروائح المنتنة المستكرهة في مشام الناس كالدخان‬
‫والنارجيلة –الشيشة‪ -‬مما هو أقبح من الكراث والثوم والبصل الذي تتأذى من‬
‫الملئكة والمصلون فعلى المصلي أن يأتي وهو طيب الرائحة بعيدا ً عن تلك‬
‫الخبائث" ]مقال نشر في مجلة المجتمع العدد ‪ ،[855‬ويلحق بذلك أيضا ً‬
‫الحدث في المسجد وأن تخرج منه الرائحة الكريهة ففي ذلك إيذاء للخرين‬
‫وإفساد لجو المسجد وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم "أن الملئكة‬
‫ل عليه اللهم‬ ‫تصلي على الشخص الذي يأتي المسجد للصلة فتقول‪ :‬اللهم ص ّ‬
‫ارحمه ما لم يؤذ فيه ما لم يحدث فيه" ]رواه مسلم[‪ ،‬قال النووي‪" :‬ل يحرم‬
‫إخراج الريح من الدبر في المسجد لكن الولى اجتنابه لقوله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪" :‬فإن الملئكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم"" ]انظر المجموع‬
‫‪.[2/175‬‬
‫و إذا كانت العلة في إخراجه من المسجد أنه يتأذى منه ففي القياس أن كل‬
‫من تأذى منه جيرانه في المسجد بأن يكون ذرب اللسان سفيها ً عليهم أو‬
‫كان ذا رائحة قبيحة ل تفارقه لسوء صناعته أو عاهة مؤذية كالجذام وشبهه‬
‫وكل ما يتأذى به الناس كان لهم إخراجه ما كانت العلة موجودة فيه حتى‬
‫تزول وكذلك يجتنب مجتمع الناس حيث كان لصلة أو غيرها كمجالس العلم‬
‫والولئم وما أشبهها‪.‬‬
‫قال أبو عمر ابن عبد البر‪" :‬وقد شاهدت شيخنا أبا عمر أحمد بن عبد الملك‬
‫بن هشام رحمه الله أفتى في رجل شكاه جيرانه‪ ،‬واتفقوا أنه يؤذيهم في‬

‫‪42‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المسجد بلسانه ويده‪ ،‬فاستشير فيه فأفتى بإخراجه من المسجد وإبعاده‬


‫عنه‪ ،‬وأل يشهد معهم الصلة‪ ،‬إذ ل سبيل مع جنونه واسطالته إلى السلمة‬
‫منه‪ ،‬فذاكرته يوما ً أمره وطالبته بالدليل فيما أفتى به من ذلك وراجعته فيه‬
‫القول فاستدل بحديث الثوم وقال‪ :‬هو عندي أكثر أذى من أكل الثوم‪،‬‬
‫وصاحبه يمنع من شهود الجماعة في المسجد"‪.‬‬
‫البزاق في المسجد‪:‬‬
‫روى الشيخان عن أنس رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪" :‬البزاق في المسجد خطيئة‪ ،‬وكفارتها دفنها"‪ ،‬وفي صحيح مسلم‪:‬‬
‫"ووجدت في مساوئ أعمال أمتي النخاعة تكون في المسجد ل تدفن"‪ .‬قال‬
‫القرطبي رحمه الله‪" :‬فلم يثبت لها حكم السيئة لمجرد إيقاعها في المسجد‪،‬‬
‫بل وتركها غير مدفونة"‪ .‬وروي عن سعيد بن منصور عن أبي عبيدة بن‬
‫الجراح رضي الله عنه أنه تنخم ليلة فنسي أن يدفنها حتى رجع إلى منزله؛‬
‫فأخذ شعلة من نار ثم جاء فطلبها حتى دفنها ثم قال‪" :‬الحمد لله الذي لم‬
‫ي خطيئة الليلة"‪.‬‬ ‫يكتب عل ّ‬
‫وأخرج مسلم عن عبد الله بن الشخير قال‪" :‬صليت مع رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ،‬فرأيته تنخع فدلكها بنعله اليسرى"‪ ،‬وهكذا إذا كان المسجد غير‬
‫مفروش فإن كان مفروشا ً بالحصر ونحوها فل يتيسر الدفن الذي هو كفارة‬
‫البصق فيكون خطيئة غير مكفرة‪ ،‬وقد وردت أحاديث في منع البصق في‬
‫قبلة المسجد‪ ،‬ووردت أحاديث في أنه يبصق في ثوبه إذا احتاج إلى ذلك‪،‬‬
‫فمن دعت حاجته إلى البصق بصق في ثوبه ]السيل الجرار ‪ ،[1/182‬ويشير‬
‫الشوكاني رحمه الله في قوله السابق إلى الحديث الصحيح المتفق عليه عن‬
‫أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪" :‬إذا قام أحدكم في‬
‫ن ِقبل قبلته ولكن عن يساره أو تحت قدمه ثم أخذ طرف‬ ‫صلته فل يبزق ّ‬
‫ردائه فبصق فيه ورد ّ بعضه على بعض فقال أو يفعل هكذا"‪.‬‬
‫البيع والشراء‪:‬‬
‫ً‬
‫وتصان المساجد أيضا عن البيع والشراء وجميع الشغال؛ لقوله صلى الله‬
‫عليه وسلم ـ للرجل الذي دعا إلى الجمل الحمر ـ‪" :‬ل وجدت‪ ،‬إنما بنيت‬
‫المساجد لما بنيت له" ]رواه مسلم[‪.‬‬

‫)‪(11 /‬‬

‫وهذا يدل على أن الصل أل يعمل في المسجد غير الصلوات والذكار وقراءة‬
‫القرآن‪ ،‬كذا جاء مفسرا ً في حديث أنس رضي الله عنه قال بينما نحن في‬
‫المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء أعرابي‪ ،‬فجعل يبول في‬
‫المسجد؛ فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ :‬مه مه‪ ،‬فقال‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪" :‬ل تزرموه‪ ،‬دعوه"؛ فتركوه حتى بال‪ ،‬ثم إن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاه فقال له‪" :‬إن هذه المساجد ل تصلح‬
‫لشيء من هذا البول ول القذر‪ ،‬إنمها هي لذكر الله والصلة وقراءة القرآن"‬
‫] رواه مسلم [‪ .‬ومما يدل على هذا قول الله تعالى‪) :‬وُيذك ََر فيها اس ُ‬
‫مه(‪،‬‬
‫وقوله صلى الله عليه وسلم لمعاوية بن الحكم السلمي‪" :‬إن هذه المساجد‬
‫ليصلح فيها شيء من كلم الناس‪ ،‬إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن"‬
‫]رواه مسلم[‪ .‬وسمع عمر رضي الله عنه صوت رجل في المسجد؛ فقال‪:‬‬
‫"ما هذا الصوت؟ أتدري أين أنت؟!"‪ .‬وكان خلف بن أيوب جالسا ً في مسجده‬
‫فأتاه غلمه يسأله عن شيء‪ ،‬فقام وخرج من المسجد وأجابه‪ ،‬فقيل له في‬

‫‪43‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬ما تكلمت في المسجد بكلم الدنيا منذ كذا وكذا؛ فكرهت أن‬
‫أتكلم اليوم‪ .‬قال ابن الحاج‪" :‬ينبغي أن يمنع من يرفع صوته في المسجد‬
‫حال الخطبة وغيرها لن رفع الصوت في المسجد بدعة"‪ .‬وقال ابن حجر ـ‬
‫رحمه الله ـ في فتاويه‪ :‬قال الزركشي‪" :‬السنة في سائر الذكار السرار إل‬
‫مل الشافعي ـ رحمه الله ـ‬ ‫ح َ‬
‫بالتلبية"‪ .‬وقال الوزاعي ـ رحمه الله ـ ‪َ " :‬‬
‫أحاديث الجهر على من يريد التعليم"‪.‬‬
‫وقال ابن الحاج‪" :‬ينبغي أن ينهى الذاكرون في جماعة في المسجد قبل‬
‫الصلة أو بعدها وفي غيرها من الوقات لنه مما يشوش بها"‪ .‬وعن ابن‬
‫مسعود رضي الله عنه مرفوعًا‪" :‬يأتي على الناس زمان يحلقون في‬
‫مساجدهم وليس همهم إل الدنيا‪ ،‬وليس لله فيهم حاجة؛ فل تجالسوهم"‬
‫]حسنه اللباني في السلسلة الصحيحة ‪.[1163 :‬‬
‫دفن الموتى في المساجد أو بناء المساجد على القبور‪:‬‬
‫قد ورد النهي من الحبيب صلى الله عليه وسلم عن دفن الموتى في‬
‫المساجد أو بناء المساجد على القبور‪ ،‬ول أدل على ذلك من حديث جندب بن‬
‫عبد الله البجلي رضي الله عنه قال‪" :‬سمعت رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم قبل أن يموت بخمس يقول‪ :‬إني أبرأ إلى الله منكم أن يكون لي خليل‬
‫فإن الله قد اتخذني خليل ً كما اتخذ إبراهيم خليل ً ولو كنت متخذا ً خليل ً‬
‫لتخذت أبا بكر خليل ً أل وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم‬
‫مساجد‪ ،‬أل فل تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك" ]مسلم في‬
‫صحيحه والنسائي في السنن الكبرى[‪.‬‬
‫وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪:‬‬
‫"قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" ]البخاري ومسلم‬
‫وغيرهما[‪.‬‬
‫وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪" :‬إن من‬
‫شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء‪ ،‬والذين يتخذون القبور مساجد"‬
‫]رواه أحمد وابن خزيمة في الصحيح وابن حبان في الصحيح[‪ ،‬وهذه الحاديث‬
‫تدل على فوائد عديدة منها‪ :‬حرمة اتخاذ القبور مساجد وصرح بذلك عامة‬
‫علماء الطوائف ول ريب في القطع بتحريمه‪ ،‬وتتعين إزالة المساجد المبنية‬
‫على القبور وهذا ل خلف فيه بين العلماء المعروفين وتكره الصلة فيها من‬
‫غير خلف‪ ،‬ول تصح عند المام أحمد في ظاهر مذهبه لجل النهي واللعن‬
‫الوارد في ذلك ]القول المبين في أخطاء المصلين لمشهور حسن سلمان‬
‫‪.[70‬‬
‫وقد قال الشوكاني ـ بعد أن ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم‪" :‬لعن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرات القبور والمتخذين عليها المساجد‬
‫سُرج" ]رواه الخمسة إل ّ ابن ماجة[ ـ قال رحمه الله ‪" :‬وفيه دليل على‬ ‫وال ُ‬
‫تحريم اتخاذ القبور مساجد وقد زعم بعضهم أن ذلك إنما كان في ذلك‬
‫الزمان لقرب عبادة الوثان ورّده ابن دقيق العيد" ]نيل الوطار ج ‪ 4‬ص ‪-90‬‬
‫‪.[91‬‬
‫ن كل موضع‬ ‫بل إن الصلة عند القبور مكروه ولو لم يبن عليها مسجد‪ ،‬فإ ّ‬
‫ُيصلى فيه فهو مسجد وإن لم يكن هناك بناء‪ ،‬والنبي صلى الله عليه وسلم‬
‫قد نهى عن ذلك بقوله‪" :‬ول تجلسوا على القبور ول تصلوا إليها" ]رواه‬
‫مسلم في صحيحه[‪ ،‬وقال أيضًا‪" :‬اجعلوا من صلتكم في بيوتكم ول تتخذوها‬
‫قبورًا" ]أخرجه البخاري ومسلم[‪ ،‬أي‪ :‬كما أن القبور ل يصلى عندها ول إليها‬
‫ول عليها‪ ،‬فل تجعلوا بيوتكم كذلك‪ ،‬قال ابن قدامة رحمه الله‪ :‬وإن بنى‬

‫‪44‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫مسجدا ً في المقبرة بين القبور فحكمه حكمها – أي في عدم جواز الصلة‬


‫فيه – لنه ل يخرج بذلك عن أن يكون في المقبرة‪ ،‬وقد روى قتادة أن أنسا ً‬
‫مّر على مقبرة وهم يبنون فيها مسجدا ً فقال أنس‪" :‬كان ُيكره أن ُيبنى‬
‫مسجد ٌ في وسط القبور" ]المغني لبن قدامة ‪.[2/474‬‬
‫فإن ُنبشت القبور ونقلت منها جازت الصلة فيها لن مسجد رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم كانت فيه قبور المشركين فُنبشت ]متفق عليه[‪.‬‬

‫)‪(12 /‬‬

‫واعلم أن بعضا ً من الفقهاء من اعتقد أن سبب كراهة الصلة إلى المقبرة‬


‫ليس إل ّ لكونها مظنة النجاسة‪ ،‬ونجاسة الرض مانع من الصلة عليها سواء‬
‫كانت مقبرة أم لم تكن ‪ ،‬وليس ذلك كل المقصود بالنهي وإنما المقصود‬
‫الكبر بالنهي هو مظنة اتخاذها أوثانا ً كما ورد عن المام الشافعي رحمه الله‬
‫أنه قال‪" :‬وأكره أن يعظم مخلوق حتى يجعل قبره مسجدا ً مخافة الفتنة عليه‬
‫من بعده من الناس" ]الم للشافعي ‪ ،[1/246‬بل هذه العّلة هي التي نص‬
‫عليها الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم بقوله‪" :‬اللهم ل تجعل قبري‬
‫وثنا ً يعبد" ]أخرجه مالك في الموطأ وابو نعيم في الحلية وإسناده حسن[‪،‬‬
‫وأخبر أن الكفار إذا مات فيهم الرجل بنوا على قبره مسجدًا‪ ،‬وصوروا فيه‬
‫تلك التصاوير‪ ،‬أولئك شر الخلق عند الله يوم القيامة ]متفق عليه[‪.‬‬
‫وهنالك أمر ل بد ّ من التعرض له وهو أنه قد ذكر بعض الفقهاء أن الكراهة‬
‫تتعلق بما إذا كان القبر تجاه القبلة وإل ّ فل كراهة‪ ،‬والراجح أن كراهة الصلة‬
‫في المساجد المبنية على القبور مضطردة في كل حال سواء كان القبر‬
‫أمامه أم خلفه‪ ،‬عن يمينه أو عن يساره فالصلة فيها مكروهة على كل حال‪،‬‬
‫ن الكراهة تشتد ّ إذا كانت الصلة إلى القبر لن المصلي في هذه الحالة‬ ‫ولك ّ‬
‫يرتكب مخالفتين الولى‪ :‬الصلة في هذه المساجد والخرى‪ :‬الصلة إلى‬
‫القبر وهي منهي عنها مطلقا ً سواء كانت في المسجد أم غير المسجد بالنص‬
‫الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ]تحذير الساجد من اتخاذ‬
‫القبور مساجد ‪ ،189-187‬والقول المبين ‪.[72‬‬
‫إقامة الحدود في المسجد‪:‬‬
‫ومما ينبغي أن تنزه عنه المساجد إقامة الحدود فيها لما ورد عن حكيم بن‬
‫حزام رضي الله عنه قال‪:‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪" :‬ل ُتقام‬
‫الحدود في المساجد ول ُيستقاد فيها" ]رواه أحمد وأبو داود والدارقطني[‪،‬‬
‫قال الشوكاني بعد إيراده لهذا الحديث‪" :‬والحديث يدل على تحريم إقامة‬
‫الحدود في المساجد وتحريم الستقادة فيها لن النهي كما تقرر في الصول‬
‫حقيقة في التحريم ول صارف له ههنا عن معناه الحقيقي" ]نيل الوطار ‪/1‬‬
‫‪.[158‬‬
‫الجهر بالقرآن في المسجد‪:‬‬
‫عن البياض رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على‬
‫الناس وهم يصلون وقد علت أصواتهم بالقراءة فقال‪" :‬إن المصلي يناجي‬
‫الله عز وجل فلينظر بم يناجيه‪ ،‬ول يجهر بعظكم على بعض بالقرآن" ]رواه‬
‫أحمد وقال الهيثمي‪" :‬رجاله رجال الصحيح"[‬
‫وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن عبد الله بن حذافة قام يصلي فجهر‬
‫بصلته فقال النبي صلى الله عليه وسلم‪" :‬يا ابن حذافة ل تسمعني وأسمع‬
‫ربك" ]رواه أحمد وقال الهيثمي رجاله رجال الصحيح[‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فائدة‪ :‬الكلم في المسجد‪:‬‬


‫انتشر بين الناس أن الكلم المباح ممنوع في المسجد‪ ،‬بناًء على أن الصل‬
‫في الجلوس في المسجد إنما هو للصلة والتلوة والذكر والتفكر والتدريس‬
‫مع عدم رفع الصوت والتشويش على المصلين‪ ،‬وهذا صواب ولكن السلم‬
‫لم يمنع الكلم المباح في المسجد ما لم يكن فيه تشويش على المصلين‪،‬‬
‫وأما ما ُيروى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪" :‬الكلم المباح في‬
‫المسجد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب" فل أصل له كما قال العراقي‬
‫]انظر تخريج أحاديث الحياء ‪ ،1/136‬واللباني في السلسلة الضعيفة رقم ‪،4‬‬
‫والمصنوع في معرفة الحديث الموضوع رقم ‪ ،[109‬وثبت عن الصحابة رضي‬
‫الله عنهم أنهم كانوا يتكلمون على مسمع من رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم في أمور الجاهلية فيضحكون ويبتسم صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وهذا نص‬
‫في جواز التحديث في المسجد بالحديث المباح‪ ،‬وإن حصل فيه ضحك‬
‫ونحوه‪ .‬عن سماك بن حرب قال‪ :‬قلت لجابر بن سمرة‪" :‬أكنت تجالس‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال‪ :‬نعم كثيرا ً كان ل يقوم من مصله‬
‫الذي يصلي فيه الصبح أو الغداة حتى تطلع الشمس فإذا طلعت الشمس‬
‫قام‪ ،‬وكانوا يتحدثون يأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون ويبتسم" ]رواه‬
‫مسلم في الصحيح[‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬مسائل مختلف في جواز حدوثها في المساجد‪:‬‬
‫وهنالك أمور ورد الخلف بين العلماء في أحكامها بين مجيز ومانع ومن أهمها‬
‫‪:‬‬
‫تناشد الشعر‪:‬‬
‫مما اختلف فيه العلماء بين مجوز ومانع له في المسجد؛ تناشد الشعار فيه‪،‬‬
‫فقد روى الترمذي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن تناشد الشعار في المسجد‪ ،‬وعن‬
‫البيع والشراء فيه‪ ،‬وأن يتحلق الناس يوم الجمعة قبل الصلة‪.‬‬
‫من مانع مطلقًا‪ ،‬ومن مجيز مطلقا‪ً.‬‬‫واختلف العلماء في تناشد الشعار ف ِ‬
‫والولى التفصيل‪ ،‬وهو أن ينظر إلى الشعر‪ ،‬فإن كان مما يقتضي الثناء على‬
‫الله عز وجل‪ ،‬أو على رسوله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬أو الذب عنهما‪ ،‬كما كان‬
‫سان رضي الله عنه‪ ،‬أو يتضمن الحض على الخير أو الوعظ‬ ‫في شعر ح ّ‬
‫والزهد في الدنيا فهو حسن في المساجد كقول القائل‪:‬‬

‫)‪(13 /‬‬

‫سان‬‫فعن سعيد بن المسيب قال‪ :‬مّر عمر رضي الله عنه في المسجد وح ّ‬
‫سان‪ :‬كنت أنشد وفيه من هو خير منك‪ .‬ثم التفت‬ ‫ينشد؛ فلحظ إليه‪ ،‬فقال ح ّ‬
‫إلى أبي هريرة رضي الله عنه‪ ،‬فقال‪ :‬أنشدك الله أسمعت رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم يقول‪" :‬أجب عني‪ ،‬اللهم أيده بروح القدس"؟‪ ،‬فقال‪ :‬نعم‪.‬‬
‫] متفق عليه[‪.‬‬
‫وقال ابن العربي المالكي‪" :‬ل بأس بإنشاد الشعر في المسجد إذا كان في‬
‫مدح الدين وإقامة الشرع‪ .‬وما لم يكن كذلك لم يجز‪ ،‬لن الشعر في الغالب‬
‫ل يخلو عن الفواحش والكذب والتزين بالباطل‪ ،‬ولو سلم من ذلك فأقل ما‬
‫فيه اللغو والهذر‪ ،‬والمساجد منزهة عن ذلك" ]انظر تفسير القرطبي‬
‫‪ .[12/271‬وقال الشوكاني رحمه الله‪" :‬وقد ثبت أنهم كانوا يتناشدون فيه‬
‫الشعار ولهذا قال حسان لعمر‪ :‬قد كنت أنشد وفيه – يعني المسجد – من‬

‫‪46‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫هو خير منك‪ ،‬يعني النبي صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬وكان غالب ما يتناشدونه‬
‫مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم ومدح السلم وأهله وذم الكفر وأهله‪،‬‬
‫وفي ذلك مصلحة ظاهرة‪ ،‬وبهذه الخصوصية يمتنع إلحاق غيره من الشعار‬
‫به" ]السيل الجرار ‪ .[180 /1‬وقد روى الدارقطني عن عائشة رضي الله‬
‫عنها قالت‪ :‬ذكر الشعر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فقال‪" :‬هو‬
‫كلم‪ ،‬فحسنه حسن‪ ،‬وقبيحه قبيح"‪.‬‬
‫النوم في المسجد‪:‬‬
‫ً‬
‫ومن مواضيع الخلف أيضا النوم في المساجد فقال البعض إن النوم في‬
‫المسجد لمن احتاج إلى ذلك من رجل أو امرأة من الغرباء ومن ل بيت له‬
‫جائز‪ ،‬لن في البخاري‪ :‬وقال أبو قلبة عن أنس رضي الله عنه‪" :‬قدم رهط‬
‫من عكل على النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فكانوا في الصفة"‪ ،‬وقال عبد‬
‫الرحمن بن أبي بكر رضي الله عنهما‪" :‬كان أصحاب الصفة فقراء‪ ،‬والصفة‬
‫موضع مظلل في أخريات المسجد النبوي تأوي إليه المساكين"‪.‬‬
‫وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما "أنه كان ينام وهو شاب‬
‫أعزب ل أهل له في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم"‪ ،‬وروى نافع أن ابن‬
‫عمر أخبره أنه كان ينام وهو شاب ل أهل له في المسجد النبوي وفي رواية‬
‫لبن ماجة كّنا ننام كما أوردها في الفتح ]فتح الباري ‪ .[1/535‬وفي الموطأ‬
‫وأبي داود عن صفوان ابن أمية رضي الله عنه أنه حين جاء مهاجرا ً إلى‬
‫المدينة نام في المسجد وتوسد رداءه ]جامع الصول ‪.[3/601‬‬
‫وترجم البخاري‪ :‬باب نوم المرأة في المسجد‪ ،‬وأدخل حديث عائشة رضي‬
‫الله عنها في قصة السوداء التي اتهمها أهلها بسرقة وشاح وطفقوا يفتشون‬
‫عنها‪ ،‬قالت‪ :‬والله إني لقائمة معهم إذ جاءت الحدياة فألقته بينهم‪ ،‬فجاءت‬
‫خباء في المسجد‬ ‫إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت‪ ،‬وكان لها ِ‬
‫حفش بكسر الحاء‪ :‬بيت‬ ‫أو حفش ‪ -‬والخباء‪ :‬خيمة من صوف أو وبر‪ ،‬وال ِ‬
‫صغير‪.-‬‬
‫ويقال‪ :‬كان مبيت عطاء بن أبي رباح ـ رحمه الله ـ في المسجد أربعين سنة‪.‬‬
‫نقل ذلك القرطبي ـ رحمه الله ـ في تفسيره‪.‬‬
‫الخاتمة ‪:‬‬
‫وختاما ً نسأل الله القبول لهذا العمل وأن يجعله خالصا لوجهه الكريم وإن‬
‫ً‬
‫ل‪ ،‬ثم الشكر لمن ساعد وعاون في إخراج هذا‬ ‫كان ثمة شكر فينبغي لله أو ً‬
‫الكتيب‪ ،‬فإن من ل يشكر الناس ل يشكر الله‪ ،‬وأسأل الله تعالى أن يتقبل‬
‫هذا الجهد المتواضع وأسأل إخواني أن يعينوني بحسن النصح فطوبي لمن‬
‫ي عيوبي فل أدعي كمال ً ولست من أهل تلك الدعوى ‪:‬‬ ‫أهدى إل ّ‬
‫أرجو أن أكون قد وفقت لبيان ما فيه الحق والصواب‪ ،‬لنعمل به خاصة فيما‬
‫يتعلق المساجد لقدسيتها ووجوب رفعها وتحريم إنقاص قدرها فإنها بيوت‬
‫الله التي وضعها لعباده ليقوموا له فيها‪ ،‬ويحفظوا جنابها‪.‬‬
‫والحمد لله أول ً وآخرًا‪.‬‬

‫)‪(14 /‬‬

‫تذكير النفوس المؤمنة بأسباب سوء وحسن الخاتمة‬


‫رئيسي ‪:‬الرقائق ‪:‬‬
‫الحمد لله المستحق لغاية التحميد‪ ،‬بشر من أطاعه بالجنة والنعيم والتخليد‪،‬‬
‫وحذر من عصاه من العذاب الشديد‪ ،‬ثم أما بعد‪،،،‬‬

‫‪47‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فإن اللحظات التي ينقلب منها العبد إلى الشقاوة أو السعادة‪ ،‬لجديرة بأن‬
‫ما‬ ‫يتفكر المسلم في خطرها‪ ،‬وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم‪...] :‬إ ِن ّ َ‬
‫َ‬
‫مَها[ رواه البخاري ومسلم‪ .‬أي العبرة بما يختم به عمل العبد‪،‬‬ ‫واِتي ِ‬ ‫خ َ‬ ‫ل بِ َ‬ ‫ما ُ‬ ‫اْلعْ َ‬
‫وما منا من أحد إل ويخاف أن يكون ممن يختم له بسوء الخاتمة‪.‬‬
‫بكى سفيان الثوري ليلة‪ ،‬فقيل له‪ :‬أبكاؤك هذا على الذنوب فأخذ تبنة من‬
‫الرض وقال‪ :‬الذنوب أهون من هذه‪ ،‬إنما أبكي خوف سوء الخاتمة‪ ،‬لنه المر‬
‫الذي يبكي عليه‪ ،‬ويصرف الهتمام إليه؛ ولذلك قيل‪':‬ل تكف دمعك حتى ترى‬
‫في المعاد ربعك'‪ .‬وقيل‪ ':‬ل تكحل عينك بنوم‪ ،‬حتى ترى حالك بعد اليوم'‪.‬‬
‫وهذه تذكرة لي ولخواني المسلمين بخطر الخواتيم‪ ،‬حتى يستحضر العبد‬
‫هذه اللحظات الحاسمة التي يختم بها للعبد في الدنيا‪ ،‬ويترتب عليها مصيره‬
‫في الخرة ‪.‬‬
‫هّ‬
‫صلى الل ُ‬ ‫ّ‬ ‫ي َ‬ ‫ل ن َظَر الن ّب ِ ّ‬ ‫َ‬ ‫عدِيّ َقا َ‬ ‫سا ِ‬ ‫سعْدٍ ال ّ‬ ‫ن َ‬
‫َ‬ ‫ل بْ ِ‬ ‫سهْ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫‪1‬ـ خطر الخواتيم‪ :‬عَ ْ‬
‫م‬
‫ن غَناًء عَن ْهُ ْ‬ ‫َ‬ ‫مي َ‬ ‫سل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ْ‬
‫ن أعْظم ِ ال ُ‬ ‫َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫َ‬
‫ن وَكا َ‬ ‫كي َ‬ ‫شرِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ْ‬
‫ل ال ُ‬ ‫قات ِ ُ‬ ‫ل يُ َ‬ ‫ج ٍ‬ ‫م إ َِلى َر ُ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫عَل َي ْهِ وَ َ‬
‫ل الّنارِ فَل ْي َن ْظ ُْر إ َِلى هَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ذا[ فَت َب ِعَ ُ‬
‫ه‬ ‫ن أهْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫ج ٍ‬ ‫ن ي َن ْظ َُر إ َِلى َر ُ‬ ‫بأ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫نأ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل‪َ ] :‬‬ ‫قا َ‬ ‫فَ َ‬
‫ه‬
‫ف ِ‬ ‫سي ْ ِ‬ ‫ل ب ِذ َُباب َةِ َ‬ ‫قا َ‬ ‫ت فَ َ‬ ‫مو ْ َ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫ج َ‬ ‫ست َعْ َ‬ ‫ح َفا ْ‬ ‫جرِ َ‬ ‫حّتى ُ‬ ‫ك َ‬ ‫ل عََلى ذ َل ِ َ‬ ‫م ي ََز ْ‬ ‫ل فَل َ ْ‬ ‫ج ٌ‬ ‫َر ُ‬
‫صلى‬ ‫ّ‬ ‫ي َ‬ ‫قال الن ّب ِ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫في ْهِ ف َ‬ ‫َ‬
‫ن كت ِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فَوَ َ‬
‫َ‬ ‫ن ب َي ْ ِ‬‫م ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫خَر َ‬ ‫حّتى َ‬ ‫مل عَلي ْهِ َ‬ ‫حا َ‬ ‫ن ثد ْي َي ْهِ فت َ َ‬ ‫ه ب َي ْ َ‬ ‫ضعَ ُ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ه لَ ِ‬ ‫جن ّةِ وَإ ِن ّ ُ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫ل أهْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫س عَ َ‬ ‫ما ي ََرى الّنا ُ‬ ‫ل ِفي َ‬ ‫م ُ‬ ‫ن ال ْعَب ْد َ ل َي َعْ َ‬ ‫م‪] :‬إ ِ ّ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ما‬ ‫جن ّةِ وَإ ِن ّ َ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫ن أهْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل الّنارِ وَهُوَ ِ‬ ‫ل أهْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫س عَ َ‬ ‫ما ي ََرى الّنا ُ‬ ‫ل ِفي َ‬ ‫م ُ‬ ‫ل الّنارِ وَي َعْ َ‬ ‫أهْ ِ‬
‫َ‬
‫مَها[ رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬ ‫واِتي ِ‬ ‫خ َ‬ ‫ل بِ َ‬ ‫ما ُ‬ ‫اْلعْ َ‬
‫َ‬
‫مَها[؛ أي ل تصلح العمال الصالحة‪ ،‬حتى يختم‬ ‫واِتي ِ‬ ‫خ َ‬ ‫ل بِ َ‬ ‫ما ُ‬ ‫ما اْلعْ َ‬ ‫قوله‪ ] :‬إ ِن ّ َ‬
‫للعبد بعمل صالح‪ ،‬فيدخل جنة الله ‪.‬‬
‫ش قلوب الصديقين‪ ،‬وحير أفئدتهم‬ ‫فالخوف من سوء الخاتمة هو الذي طي ّ َ‬
‫في كل حين‪ ،‬ليس لهم في الدنيا راحة‪:‬‬
‫َ‬ ‫شجو ث ُ َ‬ ‫َ‬
‫ح‬
‫حي ُ‬ ‫ص ِ‬ ‫ب َ‬ ‫ي الث َّيا ِ‬ ‫ب أّني ف ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫مث ْل ِهِ وَت َ ْ‬ ‫دو ب ِ ِ‬ ‫م أغْ ُ‬ ‫ح بِ َ ْ ٍ ّ‬ ‫أْرو ُ‬
‫كم سمعنا عمن آمن‪ ،‬ثم كفر‪ ،‬وكم رأينا من استقام‪ ،‬ثم انحرف؛ لذلك كان‬
‫ت قَل ِْبي‬ ‫ب ث َب ّ ْ‬ ‫قُلو ِ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫قل ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫كثيًرا ما يردد عليه الصلة والسلم من دعائه‪َ] :‬يا ُ‬
‫ك[رواه الترمذي وابن ماجة وأحمد‪.‬‬ ‫عََلى ِدين ِ َ‬
‫ولقد ارتد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم بعض من آمن‪ ،‬فخرجوا من‬
‫النور إلى الظلمات؛ منهم عبيد الله بن جحش‪ ،‬ودخل في النصرانية‪ ،‬وارتد‬
‫ق‪ ،‬فقاتلهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه‪.‬‬ ‫بعد وفاته عليه الصلة والسلم خل ٌ‬
‫قال ابن الجوزي‪ ':‬من أظرف الشياء إفاقة المحتضر عند موته‪ ،‬فإنه ينتبه‬
‫د‪ ،‬ويتلهف على زمانه الماضي‪ .‬ويود لو‬ ‫ح ّ‬ ‫قا ل ي ُ َ‬ ‫ها ل يوصف‪ ،‬ويقلق قل ً‬ ‫إنتبا ً‬
‫ترك حتى يتدارك ما فاته‪ ،‬ويصدق في توبته على مقدار يقينه بالموت‪ ،‬ويكاد‬
‫يقتل نفسه قبل موتها بالسف‪ .‬فالعاقل من مثل تلك الساعة‪ ،‬وعمل‬
‫بمقتضى ذلك‪ .‬فإنه يكف كف الهوى‪ ،‬ويبعث على الجد‪.‬‬
‫فأما من كانت تلك الساعة نصب عينيه‪ ،‬كان كالسير لها‪ .‬كما روي عن حبيب‬
‫العجمي أنه كان إذا أصبح‪ ،‬قال لمرأته‪ :‬إذا مت اليوم ففلن يغسلني‪ ،‬وفلن‬
‫يحملني‪.‬‬
‫وقال معروف لرجل‪ :‬صل بنا الظهر‪ ،‬فقال‪ :‬إن صليت بكم الظهر‪ ،‬لم أصل‬
‫بكم العصر‪ ،‬فقال‪ :‬وكأنك تؤمل أن تعيش إلى العصر‪ ،‬نعوذ بالله من طول‬
‫المل‪.‬‬
‫وذكر رجل رجل بين يديه بغيبة‪ ،‬فجعل معروف يقول له‪ :‬اذكر القطن إذا‬ ‫ً‬
‫وضعوه على عينيك'‪.‬‬
‫‪2‬ـ خوف السلف رضي الله عنهم من سوء الخاتمة‬

‫‪48‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫العبد قبل أن تخرج روحه‪ ،‬يبشر بالنعيم‪ ،‬أو العذاب‪ ،‬فمن بشر بالنعيم‪ ،‬أحب‬
‫لقاء الله‪ ،‬واشتاق إليه‪ ،‬فأحب الله لقاءه‪ ،‬ومن بشر بالعذاب‪ ،‬كره لقاء الله‬
‫وأشفق منه‪ ،‬فكره الله لقاءه‪ ،‬ومن هنا كان خوف السلف؛ لنهم ينتظرون‬
‫في هذه اللحظات إحدى البشارتين‪:‬‬
‫عا من‬
‫بكى أبو هريرة عند موته‪،‬وقال‪ ':‬والله ما أبكى حزًنا على الدنيا‪ ،‬ول جز ً‬
‫فراقكم‪ ،‬ولكن أنتظر إحدى البشريين من ربي‪ ،‬بجنة أم بنار'‪.‬‬
‫وعن إسماعيل بن عبيد الله أن أبا مسلم قال‪ :‬جئت أبا الدرداء‪ ،‬وهو يجود‬
‫بنفسه‪ ،‬فقال‪ ':‬أل رجل يعمل لمثل مصرعي هذا‪ ،‬أل رجل يعمل لمثل يومي‬
‫هذا‪ ،‬أل رجل يعمل لمثل ساعتي هذه‪ ،‬ثم قبض'‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ولما احتضر أبو بكر بن حبيب‪ ،‬وكان يدرس‪ ،‬ويعظ‪ ،‬وكان نعم المؤدب‪ ،‬قال‬
‫له أصحابه لما احتضر أوصنا‪ ،‬فقال‪ :‬أوصيكم بثلث‪ :‬بتقوى الله ـ عز وجل ـ‬
‫ومراقبته في الخلوة‪ ،‬واحذروا مصرعي هذا‪ ،‬فقد عشت إحدى وستين سنة‪،‬‬
‫وما كأني رأيت الدنيا‪ ،‬ثم قال لبعض إخوانه انظر هل ترى جبيني يعرق؟‬
‫فقال‪ :‬نعم‪،‬فقال‪ :‬الحمد لله هذه علمة المؤمن‪ -‬يريد بذلك قول رسول الله‬
‫ن[ رواه الترمذي والنسائي‬ ‫ق ال ْ َ‬
‫جِبي ِ‬ ‫ت ب ِعََر ِ‬ ‫مو ُ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫مؤْ ِ‬ ‫صلى الله عليه وسلم‪] :‬ال ْ ُ‬
‫وابن ماجة وأحمد ‪ -.‬ثم بسط يده عند الموت‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫ماتةٍ ال َعْ َ‬
‫داِء‬ ‫ش َ‬ ‫ل ل بِ َ‬ ‫ض ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫ها ِبال ْ َ‬ ‫ك فَُرد ّ َ‬ ‫دي إل َي ْ َ‬ ‫ت يَ ِ‬‫مد َد ْ ُ‬‫ها قد ْ َ‬
‫َ‬
‫وقال الشعبي‪ :‬لما طعن عمر‪ ،‬جاء ابن عباس فقال‪ :‬يا أمير‬
‫المؤمنين‪،‬أسلمت حين كفر الناس‪،‬وجاهدت مع رسول الله‪ ،‬صلى الله عليه‬
‫دا‪ ،‬ولم يختلف عليك اثنان‪ ،‬وتوفى‬ ‫وسلم‪ ،‬حين خذله الناس‪ ،‬وقتلت شهي ً‬
‫رسول الله‪ ،‬صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وهو عنك راض‪ ،‬فقال له‪ :‬أعد مقالتك‪،‬‬
‫فأعاد عليه‪ ،‬فقال‪ ':‬المغرور من غررتموه‪ ،‬والله لو أن لي ما طلعت عليه‬
‫الشمس‪ ،‬أو غربت‪ ،‬لفتديت به من هول المطلع‪.‬‬
‫ولما حضرت إبراهيم النخعي الوفاة‪ ،‬بكى‪ ،‬فقيل له في ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬إني‬
‫أنتظر رسول ً يأتيني من ربي‪ ،‬ل أدري هل يبشرني بالجنة‪ ،‬أو بالنار‪.‬‬
‫ولما حضرت محمد بن سيرين الوفاة‪ ،‬بكى فقيل له‪ :‬ما يبكيك‪ ،‬فقال‪ :‬أبكي‬
‫لتفريطي في اليام الخالية‪ ،‬وقلة عملي للجنة العالية‪ ،‬وما ينجيني من النار‬
‫الحامية‪.‬‬
‫د‬ ‫ع‬
‫ُْ َ‬ ‫ب‬ ‫يا‬ ‫وقال‪:‬‬ ‫أفاق‪،‬‬ ‫ثم‬ ‫عليه‪،‬‬ ‫ي‬
‫ِ َ‬ ‫ش‬ ‫ُ‬ ‫غ‬ ‫الوفاة‪،‬‬ ‫عياض‬ ‫بن‬ ‫الفضيل‬ ‫حضرت‬ ‫ولما‬
‫سفري‪ ،‬وقلة زادي‪.‬‬
‫ولما حضرت الوفاة عامر بن عبد قيس بكي‪ ،‬فيل له‪ :‬ما يبكيك‪ ،‬قال أبكي‬
‫ن]‪] { [27‬سورة المائدة[‪.‬‬ ‫قي َ‬ ‫مت ّ ِ‬‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬‫ه ِ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫قب ّ ُ‬
‫ما ي َت َ َ‬ ‫لقوله تعالى‪ } :‬إ ِن ّ َ‬
‫ة‪:‬‬
‫م ِ‬ ‫سوِء اْلخات ِ َ‬ ‫‪3‬ـ معنى ُ‬
‫سوء الخاتمة أن يموت العبد على حالة سيئة‪ ،‬من كفر‪ ،‬أو جحود‪ ،‬أو شك‪،‬‬
‫وهذه الداهية العظمى‪ ،‬والرزية الكبرى‪ ،‬فإن ذلك يوجب لصاحبه الخلود في‬
‫العذاب‪ ،‬وأدنى من ذلك أن يموت‪ ،‬وهو متلبس بمعصية من معاصي الله‪ ،‬أو‬
‫صّر عليها بقلبه‪ ،‬والمرء يبعث على ما مات عليه‪.‬‬ ‫م ِ‬ ‫ُ‬
‫ة‪:‬‬‫سوِء الخاتم ِ‬ ‫ب ُ‬ ‫سَبا ُ‬‫‪4‬ـ أ ْ‬
‫‪1‬ـ فساد المعتقد‪ ،‬والتعبد بالبدع‪:‬‬
‫ً‬
‫فإن أهل البدع هم أكثر الناس شكا‪ ،‬واضطراًبا عند الموت؛ وذلك لسوء‬
‫معتقدهم‪ ،‬وفساد قلوبهم‪ ،‬ومرضها بالشبهات‪ ،‬والشكوك‪ ،‬ول ينفع الزهد‪،‬‬

‫‪49‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫والصلح‪ ،‬وإنما ينفع العتقاد الصحيح‪ ،‬المطابق لكتاب الله‪ ،‬وسنة رسوله؛ لن‬
‫العقائد الدينية ل يعتد بها‪ ،‬إل ما أخذت منها‪.‬‬
‫وكم ختم لكثير من البشر بالسوء بسبب ما ابتدعوا في دين الله‪ ،‬فهذا ابن‬
‫الفارض‪ ،‬عمر بن علي الحموي ]المتوفى سنة ‪632‬هـ[‪،‬والذي كان ينعق‬
‫د‪ ،‬والعبد‬ ‫بالتحاد‪ ،‬ويقول بحلول الله جل وعل في مخلوقاته‪ ،‬وأن الرب عب ٌ‬
‫رب‪ ،‬عندما احتضر‪ ،‬نظم بيتين من الشعر‪ ،‬وهو في تلك الحالة‪ ،‬يعبر فيهما‬
‫عن شقوقه وعن هلكه‪ ،‬يبكي‪ ،‬ويقول‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مي‬
‫ت أّيا ِ‬ ‫ضي ّعْ ُ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫ت فَ َ‬ ‫ما قَد ْ َرأي ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫عْندك ُ ُ‬ ‫ب ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫من ْزِل َِتي في ال ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ن َ‬
‫كا َ‬ ‫إ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫حل َم ِ‬‫ثأ ْ‬ ‫ضَغا ُ‬ ‫سب َُها أ ْ‬ ‫ح َ‬‫مأ ْ‬ ‫مًنا َوالي َوْ َ‬ ‫سي ب َِها َز َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ت نَ ْ‬ ‫فَر ْ‬ ‫ةظ ِ‬ ‫من ِي ّ ٌ‬‫أ ْ‬
‫قال ذلك عندما عاين سخط الله‪ ،‬وكشف له عن حقيقة أمره‪ ،‬وقل أن يختم‬
‫ة‪،‬والعافية‪.‬‬ ‫سلم َ‬ ‫لمبتدع في دين الله باليمان نسأل الله ال ّ‬
‫‪2‬ـ ومن أسباب سوء الخاتمة مخالفة الباطن للظاهر‪ :‬فقد يكون العبد‬
‫بظاهره يعمل بطاعة الله‪ ،‬ولكنه يبطن النفاق‪ ،‬أو الرياء‪ ،‬أو يكون في قلبه‬
‫دسيسة من دسائس السوء؛ كالكبر‪ ،‬أو العجب‪ ،‬فيظهر ذلك عليه في آخر‬
‫عمره‪ ،‬ويختم له به‪ ،‬فتكون الخسارة البدية‪ ،‬كما في قصة الذي كان يقاتل‬
‫مع رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ويبلى أحسن البلء‪ ،‬ولكنه لم يفعل‬
‫ذلك من أجل أن تكون كلمة الله هي العليا‪ ،‬فلما جرح استعجل الموت‬
‫ل عَم َ َ‬
‫ل‬
‫ل أهْ ِ‬ ‫َ‬ ‫م ُ‬‫ل ل َي َعْ َ‬‫ج َ‬ ‫ن الّر ُ‬ ‫فانتحر‪ ،‬فقال النبي صلى الله عليه وسلم‪ ] :‬إ ِ ّ‬
‫ل الّناِر[رواه البخاري ومسلم‪ .‬فقوله صلى‬ ‫ال ْجنة فيما يبدو ِللناس وهُو م َ‬
‫ن أهْ ِ‬ ‫ّ ِ َ َ ِ ْ‬ ‫َ ّ ِ ِ َ َْ ُ‬
‫س[ يدل على أن باطنه‪ ،‬خلف ظاهره‪ ،‬ول‬ ‫ِ‬ ‫نا‬
‫ّ‬ ‫لل‬‫ِ‬ ‫دو‬ ‫ب‬‫ي‬
‫َ َْ ُ‬ ‫ما‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫]‬ ‫وسلم‪:‬‬ ‫الله عليه‬
‫يمكن أن تسوء خاتمة من صلح ظاهره‪ ،‬وباطنه‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬
‫‪3‬ـ ومن أسباب سوء الخاتمة الصرار على المعاصي‪،‬وإلفها‪ :‬قال ابن القيم‪':‬‬
‫ومن عقوباتها‪-‬أي الذنوب‪ ،‬والمعاصي‪ : -‬أنها تخون العبد أحوج ما يكون إلى‬
‫م أمٌر أخوف من ذلك‪ ،‬وأدهى منه‪ ،‬وأمر؛ وهو‬ ‫نفسه‪ -...‬إلى أن قال‪ :-‬هذا‪ ،‬وث َ ّ‬
‫أن يخونه قلبه‪ ،‬ولسانه عند الحتضار‪ ،‬والنتقال إلى الله‪ ،‬فربما تعذر عليه‬
‫النطق بالشهادة؛ كما شاهد الناس كثيًرا من المحتضرين‪ ،‬أصابهم ذلك‪ ،‬حتى‬
‫قيل لبعضهم‪ :‬قل‪ :‬ل إله إل الله‪ ،‬فقال‪ :‬آه آه‪ ،‬ل أستطيع أن أقولها‪ .‬وقيل‬
‫لخر‪ :‬قل‪ :‬ل إله إل الله‪ ،‬فقال‪ :‬شاه رخ غلبتك‪ ،‬ثم قضى‪ .‬وقيل لخر‪ :‬قل ل‬
‫إله إل الله‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫ب‬ ‫جا‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫َ ّ ِ ِ ْ َ ِ‬ ‫م‬ ‫ما‬ ‫ح‬ ‫إلى‬ ‫ق‬
‫ِ ُ‬‫ري‬ ‫ّ‬ ‫ط‬ ‫ال‬ ‫ف‬‫َ‬ ‫َ‬
‫كي‬ ‫ت‬ ‫ما َ ْ َ ِ َ ْ‬
‫ب‬ ‫ع‬ ‫ت‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫و‬ ‫ب َقائ ِل َةٍ ي َوْ ً‬ ‫يا ُر ّ‬
‫ثم قضى‪ .‬وقيل لخر‪ :‬قل‪ :‬ل إله إل الله‪ ،‬فجعل يهذي بالغناء‪ ،‬ويقول‪ :‬تاتنا‬
‫تنتنا‪ ،‬حتى مات‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫وقيل لخر ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬ما ينفعني ما تقول‪ ،‬ولم أدع معصية إل ارتكبتها؟ ثم‬
‫مات‪ ،‬ولم يقلها‪.‬‬
‫وقيل لخر ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬ما يغني عني‪ ،‬وما أعرف أني صليت لله صلة؟ ولم‬
‫يقلها‪.‬‬
‫وقيل لخر ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬أنا كافر بما تقول‪ ،‬ولم يقلها‪ ،‬وقضى‪.‬‬
‫وقيل لخر ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬كلما أردت أن أقولها‪ ،‬ولساني يمسك عنها' ]الداء‬
‫والدواء‪ 141] ،‬ـ ‪.[[143‬‬
‫دا‪ ،‬على أن الصرار على المعاصي من أسباب سوء الخاتمة‪.‬‬ ‫والمثلة كثيرة ج ً‬
‫وهذه بعض القصص المعاصرة‪ ،‬والعبر المتأخرة‪ ،‬نسوقها للعبرة‪ ،‬والعظة‪،‬‬

‫‪50‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ومن لم يعتبر بغيره كان عبرة لغيره‪ ،‬والسعيد من اعتبر بغيره والشقي من‬
‫اعتبر بنفسه‪.‬‬
‫* حصل حادث مروع في طريق مكة إلى جدة‪ ،‬قال من حضر المشهد‪ :‬فلما‬
‫ي‪ ،‬قلت أنا‪ ،‬ومن معي من الخوة‪:‬‬ ‫رأينا منظر السيارة‪ ،‬ومشهدها الخارج ِ‬
‫ننزل‪ ،‬فننظر ما حال هذا النسان‪ ،‬وكيف أصبح‪ ،‬فلما اقتربنا من الرجل‪،‬‬
‫ن‬‫حا على أغا ٍ‬ ‫وجدناه في النزع الخير من حياته‪ ،‬ووجدنا مسجل السيارة مفتو ً‬
‫غربية باطلة‪ ،‬فأغلقنا المسجل‪ ،‬ثم نظرنا إلى الرجل‪ ،‬وما يعانيه من سكرات‬
‫الموت‪ ،‬فقلنا‪ :‬هذه فرصة لعل الله ـ عز وجل أن يجعل على أيدينا فلح هذا‬
‫الرجل في دنياه‪ ،‬وآخرته‪ ،‬فأخذنا نقول له‪ :‬يا هذا‪ ،‬قل‪ :‬ل إله إل الله‪ .‬أتدري يا‬
‫ق من حياته؟‬ ‫أخي ـ بماذا تكلم في آخر رم ٍ‬
‫ة‪ :‬لقد قال ـ عياًذا بالله تعالى من‬ ‫ة عظيم ً‬ ‫ليته ما نطق‪ ،‬لقد قال كلمة رهيب ً‬
‫ذلك ـ بكلمته العامية‪ -‬فسب دين الله ثم قال‪ :‬ما بدي أصلي‪ ،‬ول بدي أصوم‪،‬‬
‫ثم مات على ذلك‪.‬‬
‫* وهذه قصة أربعة من الشباب‪ ،‬كلما سمعوا ببلد يفعل فيها الفجور‪ ،‬طاروا‬
‫إليها‪ ،‬فبينما هم في ليلة من الليالي‪ ،‬وفي ساعة متأخرة من الليل‪ ،‬يجاهرون‬
‫الله ـ عز وجل ـ بالمعصية والفجور‪ ،‬بينما هم في غمرة اللهو‪ ،‬والمجنون إذا‬
‫بأحد الربعة‪ ،‬يسقط مغشًيا عليه‪ ،‬فيهرع إليه أصحابه الثلثة‪ ،‬فيقول له‬
‫أحدهم‪ :‬يا أخي‪ ،‬قل ل إله إل الله‪ ،‬فيرد الشاب ـ عياًذا بالله ـ إليك عني‪،‬‬
‫زدني كأس الخمر‪ ،‬وتعالي يا فلنة‪ ،‬ثم فاضت روحه إلى الله‪ ،‬وهو على تلك‬
‫الحال السيئة ـ نسأل الله السلمة‪ ،‬والعافية‪.‬‬
‫ثم كان حال الثلثة الخرين‪ ،‬لما رأوا صاحبهم‪ ،‬وما آل إليه أمره‪ ،‬أنهم أخذوا‬
‫يبكون وخرجوا من المرقص تائبين‪ ،‬وجهزوا صاحبهم‪ ،‬وعادوا به إلى بلده‪،‬‬
‫ولما وصلوا المطار‪ ،‬فتحوا التابوت ليتأكدوا من جثته‪ ،‬فلما نظروا إلى وجهه‪،‬‬
‫فإذا عليه كدرة‪ ،‬وسواد ـ عياًذا بالله‪.‬‬
‫‪4‬ـ ومن أسباب سوء الخاتمة حب الدنيا‪ :‬قال يحيي بن معاذ‪ :‬الدنيا خمر‬
‫ما بين‬ ‫الشيطان؛ من سكر منها‪ ،‬فل يفيق إل في عسكر الموتى‪ ،‬ناد ً‬
‫دا للدين من‬ ‫الخاسرين‪ .‬قالوا‪ :‬وإنما كان حب الدنيا رأس الخطايا‪ ،‬ومفس ً‬
‫وجوه‪:‬‬
‫أحدها‪ :‬أن حبها يقتضي تعظيمها‪ ،‬وهي حقيرة عند الله‪ ،‬ومن أكبر الذنوب‬
‫ه‪.‬‬
‫تعظيم ما حقر الل ُ‬
‫ثانيها‪ :‬أن الله لعنها‪ ،‬ومقتها‪ ،‬وأبغضها‪ ،‬إل ما كان له فيها‪ ،‬ومن أحب ما لعنه‬
‫الله‪ ،‬فقد تعرض للفتنة‪.‬‬
‫ثالثها‪ :‬أنه إذا أحبها صي َّرها غايته‪ ،‬وتوسل إليها بالعمال التي جعلها الله‪،‬‬
‫وسائل إليه‪ ،‬وإليه الدار الخرة‪ ،‬فعكس المر‪ ،‬وقلب الحكمة ‪.‬‬
‫رابعها‪ :‬أن محبتها تجعلها أكبر هم العبد؛ فقد قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫َ‬
‫ه‬
‫ه وَأت َت ْ ُ‬ ‫مل َ ُ‬ ‫ه َ‬
‫ش ْ‬ ‫مع َ ل َ ُ‬‫ج َ‬ ‫ه ِغَناه ُ ِفي قَل ْب ِهِ وَ َ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫جعَ َ‬ ‫ه َ‬‫م ُ‬
‫خَرةُ هَ ّ‬ ‫ت اْل ِ‬ ‫ن َ‬
‫كان َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫وسلم‪َ ] :‬‬
‫َ‬
‫ن عَي ْن َي ْهِ وَفَّرقَ عَلي ْهِ‬ ‫ه فَ ْ‬
‫قَره ُ ب َي ْ َ‬ ‫ّ‬ ‫جعَ َ‬
‫ل الل ُ‬ ‫ه َ‬ ‫م ُ‬‫ت الد ّن َْيا هَ ّ‬ ‫َ‬
‫ن كان َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ة وَ َ‬‫م ٌ‬‫ي َراِغ َ‬ ‫الد ّن َْيا وَهِ َ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫ه[ رواه الترمذي‪.‬‬ ‫ما قُد َّر ل ُ‬ ‫ن الد ّن َْيا إ ِل َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ي َأت ِهِ ِ‬‫ه وَل َ ْ‬
‫مل َ ُ‬ ‫َ‬
‫ش ْ‬
‫‪5‬ـ ومن أسباب سوء الخاتمة العدول عن الستقامة‪ :‬فالستقامة على دين‬
‫شك ْرٍ هذه النعمة العتراف بها باطًنا والتحدث بها‬ ‫الله نعمة من الله ‪ ،‬ومن ُ‬
‫ظاهًرا‪ ،‬والجتهاد في الطاعة‪ ،‬ودعوة الناس على دين الله ـ عز وجل ـ‪ ،‬فمن‬
‫ترك الستقامة‪ ،‬فقد كفر هذه النعمة العظيمة‪ ،‬ومن ذاق طعم اليمان‪،‬‬
‫وعرف طريق الرحمن‪ ،‬ثم تنكبه‪ ،‬وأعرض عنه‪ ،‬اختار طرق الضلل عليه‪ ،‬وأثر‬

‫‪51‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الغي على الرشاد‪ ،‬والضللة على الهدى‪ ،‬والفجور على التقى‪ ،‬كان ذلك‬
‫أعظم أسباب سوء الخاتمة‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫‪6‬ـ ومن أسباب سوء الخاتمة تعلق القلب بغير الله‪ :‬إذا تعلق القلب بغير الله‬
‫ل‪ ،‬أو خوًفا‪ ،‬أو رجاًء فل بد أن يشقى العبد‪ ،‬قال النبي صلى الله‬ ‫ة‪ ،‬أو توك ً‬ ‫محب ٍ‬
‫ة‪ [...‬رواه البخاري‬ ‫ص ِ‬ ‫مي َ‬ ‫خ ِ‬‫ديَنارِ وَعَب ْد ُ الد ّْرهَم ِ وَعَب ْد ُ ال ْ َ‬ ‫س عَب ْد ُ ال ّ‬ ‫عليه وسلم‪ ] :‬ت َعِ َ‬
‫‪ .‬فالقلب يشقى بإعراضه عن الله‪ ،‬وتلعقه بغيره؛ ولذا نهى الله أن يزداد حب‬
‫العبد لبنه‪ ،‬وأبيه‪ ،‬وأخيه‪ ،‬وزوجته‪ ،‬وماله؛ فيكون أكثر من حبه لله‪ ،‬أو لرسوله‬
‫َ‬
‫م‬‫وان ُك ُ ْ‬ ‫خ َ‬ ‫م وَإ ِ ْ‬ ‫م وَأب َْناؤُك ُ ْ‬ ‫ن آَباؤُك ُ ْ‬ ‫كا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ل إِ ْ‬ ‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فقال تعالى‪ } :‬قُ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ساك ِ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ها وَ َ‬ ‫ساد َ َ‬ ‫نك َ‬ ‫شو ْ َ‬ ‫خ َ‬ ‫جاَرةٌ ت َ ْ‬ ‫ها وَت ِ َ‬ ‫مو َ‬ ‫ل اقْت ََرفْت ُ ُ‬ ‫وا ٌ‬ ‫م َ‬ ‫م وَأ ْ‬ ‫شيَرت ُك ُ ْ‬ ‫م وَعَ ِ‬ ‫جك ُ ْ‬ ‫وَأْزَوا ُ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ي‬
‫حّتى ي َأت ِ َ‬ ‫صوا َ‬ ‫سِبيل ِهِ فَت ََرب ّ ُ‬ ‫جَهادٍ ِفي َ‬ ‫سول ِهِ وَ ِ‬ ‫ن الل ّهِ وََر ُ‬ ‫م َ‬ ‫م ِ‬ ‫ب إ ِل َي ْك ُ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫ضوْن ََها أ َ‬ ‫ت َْر َ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ن]‪] { [24‬سورة التوبة[‪.‬‬ ‫قي َ‬ ‫س ِ‬ ‫فا ِ‬ ‫م ال َ‬ ‫قو ْ َ‬ ‫دي ال َ‬ ‫ه ل ي َهْ ِ‬ ‫مرِهِ َوالل ُ‬ ‫ه ب ِأ ْ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫‪7‬ـ التسويف بالتوبة‪ ،‬والعمل الصالح‪ :‬فمن أضر المور على العبد أن يقول‪:‬‬
‫حا‪ ،‬وقد حذر الله في كتابه عباده من ذلك؛‬ ‫سوف أتوب‪ ،‬وسوف أعمل صال ً‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ليستعدوا للموت قبل نزوله بالتوبة‪ ،‬والعمل الصالح‪ ،‬قال تعالى‪ } :‬وَأِنيُبوا إ ِلى‬
‫َ‬ ‫م ال ْعَ َ‬ ‫ْ‬ ‫ربك ُم وأ َسل ِموا ل َه من قَب َ‬
‫ن‬
‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫ن]‪َ[54‬وات ّب ُِعوا أ ْ‬ ‫صُرو َ‬ ‫م ل ت ُن ْ َ‬ ‫ب ثُ ّ‬ ‫ذا ُ‬ ‫ن ي َأت ِي َك ُ ُ‬ ‫لأ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ِ‬ ‫َ ّ ْ َ ْ ُ‬
‫ة وأ َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ل إل َيك ُم من رب ْك ُم ِمن قَبل أ َن يأ ْ‬ ‫ُ‬
‫ن]‬‫َ ُ ُ َ‬ ‫رو‬ ‫ع‬ ‫ش‬‫ْ‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫ن‬
‫ُ َْ َ ً َ ُْ ْ‬ ‫ت‬ ‫غ‬ ‫ب‬ ‫ب‬ ‫َ‬
‫ذا‬ ‫ما أن ْزِ َ ِ ْ ْ ِ ْ َ ّ ْ ِ ْ ْ ِ ْ َ ِ َ ُ َ‬
‫ع‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫َ‬
‫ه‪{ [56]...‬‬ ‫ب الل ِّ‬ ‫ن‬ ‫ج‬ ‫في‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ط‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ما‬ ‫لى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫تى‬ ‫ر‬ ‫س‬ ‫ح‬ ‫يا‬ ‫س‬ ‫ْ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫قو‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫‪[55‬أ َ‬
‫َ ْ ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ٌ َ َ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ‬
‫]سورة الزمر[‪.‬‬
‫سَرَتى‬ ‫ح ْ‬ ‫معَ بعض المحتضرين عند احتضاره يلطم على وجهه‪ ،‬ويقول‪َ} :‬يا َ‬ ‫س ِ‬ ‫ُ‬
‫خَرت بي الدنيا‪،‬‬ ‫س ِ‬ ‫َ‬ ‫احتضاره‪،‬‬ ‫عند‬ ‫آخر‬ ‫وقال‬ ‫ه{‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ب‬‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫ج‬
‫َ‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫ت‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ط‬ ‫ر‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ما‬‫َ‬ ‫لى‬ ‫َ‬ ‫عَ‬
‫م الحياة الدنيا‪ ،‬كما غرتني‪..‬‬ ‫حتى ذهبت أيامي‪ ،‬وقال آخر عند موته‪ :‬ل ت َغُّرن ّك ُ ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م ُ‬
‫ل‬ ‫ن]‪[99‬لعَلي أعْ َ‬ ‫جُعو ِ‬ ‫ب اْر ِ‬ ‫ل َر ّ‬ ‫ت َقا َ‬ ‫مو ْ ُ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫حد َهُ ُ‬ ‫جاَء أ َ‬ ‫حّتى إ َِذا َ‬ ‫وقال تعالى‪َ } :‬‬
‫ن]‬ ‫خ إ ِلى ي َوْم ِ ي ُب ْعَُثو َ‬ ‫َ‬ ‫م ب َْرَز ٌ‬ ‫ن وََرائ ِهِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫ة هُوَ َقائ ِلَها وَ ِ‬ ‫م ٌ‬ ‫َ‬
‫ت كل إ ِن َّها كل ِ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ما ت ََرك ْ ُ‬ ‫صاِلحا ً ِفي َ‬ ‫َ‬
‫‪] { [100‬سورة المؤمنون[‪.‬‬
‫ن‪] { [54]...‬سورة سبأ[‪ ،‬وفسره‬ ‫شت َُهو َ‬ ‫ما ي َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م وَب َي ْ َ‬ ‫ل ب َي ْن َهُ ْ‬ ‫حي َ‬ ‫وقال تعالى‪ } :‬وَ ِ‬
‫طائفة من السلف‪ :‬بأنهم طلبوا التوبة حين حيل بينهم وبينها‪ ،‬قال الحسن‪:‬‬
‫اتق الله يا ابن آدم‪ ،‬ل يجتمع عليك خصلتان؛ سكرة الموت‪ ،‬وحسرة الفوت ‪.‬‬
‫وقال بعض السلف‪ :‬أصبحتم في أمنية ناس كثير؛ يعني أن الموتى يتمنون‬
‫حياة ساعة؛ ليتوبوا فيها‪ ،‬ويجتهدوا في الطاعة‪ ،‬ول سبيل لهم إلى ذلك‪.‬‬
‫‪5‬ـ علمات سوء الخاتمة‪:‬‬
‫منها ما يكون عند الموت‪ ،‬ومنها ما يكون قبل الدفن‪ ،‬ومنها ما يكون عند‬
‫الدفن‪ ،‬ومنها ما يكون بعد ذلك‪ ،‬وقد رويت حكايات كثيرة من أحوال الناس‬
‫في الدفن‪ ،‬وفي القبور ل يقطع بصحة جميعها‪ ،‬ولكن نشير إجمال ً بأنه يمكن‬
‫لحاد الناس أن يطلع على شيء من أحوال القبور في اليقظة‪ ،‬والمنام؛ كما‬
‫أشار إلى ذلك الئمة العلم‪ ،‬قال شيخ السلم ابن تيمية‪ ':‬قد سمع غير واحد‬
‫أصوات المعذبين في قبورهم‪ ،‬وقد شوهد من يخرج من قبره‪ ،‬وهو يعذب'‬
‫]مجموع الفتاوى ‪.[5/256‬‬
‫وقال‪ ':‬وقد انكشف لكثير من الناس ذلك‪ ،‬حتى سمعوا أصوات المعذبين في‬
‫قبورهم‪ ،‬ورأوهم بعيونهم‪ ،‬يعذبون في قبورهم‪ ،‬في آثار كثيرة‬
‫معروفة']السابق ‪.[24/376‬‬
‫وقال ابن القيم‪':‬رؤية هذه النار في القبر؛ كرؤية الملئكة‪ ،‬والجن تقع أحياًنا‬

‫‪52‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫لمن شاء الله أن يريه ذلك'] الروح ]‪ .[[93‬وقد ذكر كثيٌر من العلماء جمل ً‬
‫مستفيضة‪ ،‬وحكايات غريبة لحوال المقبورين؛ فشأنها كشأن السرائيليات‬
‫التي ل نقطع بصدقها‪ ،‬ول بكذبها‪ ،‬مع إرساء هذا الصل‪ ،‬وهو جواز وقوعها‪،‬‬
‫والله أعلم‪.‬‬
‫علمات سوء الخاتمة قبل الموت‪:‬‬
‫فبعضهم يقع عند اشتداد المرض في التسخط‪ ،‬والعتراض على قضاء الله‪،‬‬
‫أو الجحود‪ ،‬والكفر بـ‪ ':‬ل إله إل الله'‪ :‬أو يصرح بأنه ل يستطيع أن ينطق‬
‫بكلمة التوحيد‪ ،‬وأنه يحال بينه‪ ،‬وبينها‪ ،‬أو يتكلم بكلم يغضب الله‪ ،‬ومن أمثلة‬
‫صا يقول‪-‬وقد اشتد به اللم‪:-‬‬ ‫ذلك‪ :‬ما ذكره ابن الجوزي قال ‪ :‬سمعت شخ ً‬
‫ربي يظلمني‪ ،‬وهذه حالة إن لم ينعم فيها بالتوفيق للثبات‪ ،‬وإل فالهلك‪ .‬وهذا‬
‫ما كان يقلقل سفيان الثوري؛ فإنه كان يقول‪ :‬أخاف أن يشتد على المر‪،‬‬
‫فأسأل التخفيف‪ ،‬فل أجاب‪ ،‬فأفتتن]الثبات عند الممات‪ ،‬لبن الجوزي]‪.[[80‬‬
‫ومن علمات سوء الخاتمة‪ :‬أن يموت العبد على عمل يغضب الله؛ فيكون‬
‫ذلك خزًيا له‪ ،‬وفضيحة في الدنيا‪ ،‬مع ما ينتظره في خزي الخرة‪ ،‬وعذابها‪.‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫دا‪ ،‬فمن كان مشغول ً بالله‪،‬‬ ‫قال ابن القيم‪ :‬والحكايات في هذا كثيرة ج ً‬
‫وبذكره‪ ،‬ومحبته في حال حياته؛ وجد ذلك أحوج ما هو إليه‪ ،‬عند خروج روحه‬
‫إلى الله‪ ،‬ومن كان مشغول ً بغيره في حال حياته‪ ،‬وصحته‪ ،‬فيعسر عليه‬
‫اشتغاله بالله‪ ،‬وحضوره معه عند الموت‪ ،‬ما لم تدركه عناية ربه‪ ،‬ولجل هذا‪،‬‬
‫كان جديًرا بالعاقل أن يلزم قلبه‪ ،‬ولسانه ذكر الله حيثما كان؛ لجل تلك‬
‫اللحظة التي إن فاتت شقي شقاوة البد‪ ،‬فنسأل الله أن يعيننا على ذكره‪،‬‬
‫وشكره‪ ،‬وحسن عبادته]طريق الهجريتين‪308] ،‬ـ ‪.[.[309‬‬
‫علمات سوء الخاتمة عند التغسيل‪:‬‬
‫قال في 'تذكرة الخوان بخاتمة النسان ]‪ :'[48-47‬ولقد حدثني عدد ممن‬
‫يغسلون الموتى‪ ،‬من مناطق مختلفة‪ ،‬عن بعض ما شاهدوه أثناء التغسيل‪،‬‬
‫من هذه العلمات‪ ،‬والغريب في المر أنهم يتفقون على صفات معينة‪ ،‬يرونها‬
‫على هؤلء الموتى‪،‬أكثر هذه الحوادث متشابهة؛ من ذلك أن الرجل الذي‬
‫يموت على الخير يبدو؛ وكأنه نائم‪ ،‬وأما من مات على خلف ذلك‪ ،‬فيظهر‬
‫عليه الفزع‪ ،‬وخوف الموت‪ ،‬مع تغير في وجهه‪ ،‬ولقد غسلت‪ ،‬وشاركت في‬
‫التغسيل‪ ،‬ورأيت بعض ذلك‪ ،‬والحمد لله‪.‬‬
‫ل‪ ،‬وكان لونه مصفًرا‪ ،‬وفي أثناء التغسيل‪،‬‬ ‫ت رج ً‬‫سل ْ ُ‬‫حدثني أحدهم‪ ،‬فقال‪ :‬غَ ّ‬
‫أخذ لونه يتغير إلى السواد من رأسه‪ ،‬إلى وسطه‪ ،‬فلما أنهيت من التغسيل‪،‬‬
‫فإذا به قد أصبح كالفحمة السوداء‪.‬‬
‫قال‪ :‬وميت آخر كان وجهه أثناء التغسيل متوجًها نحو كتفه اليسر‪ ،‬فلما‬
‫أرجعته نحو الكتف اليمن؛ عاد إلى جهة اليسرى‪ ،‬حتى لما وضعته في قبره‪،‬‬
‫ووجهته نحو القبلة انصرف وجهه عنها إلى أعلى‪.‬‬
‫ل رجل ً لونه مصفًرا‪ ،‬فلما فرغوا من التغسيل اسود‬ ‫س َ‬‫ل آخر غَ ّ‬
‫س ٌ‬ ‫مغَ ّ‬‫وحدثني ُ‬
‫وجه ذلك الرجل‪ ،‬فقلت له‪ :‬أسود مثل لحيتي؟ قال‪ :‬أسود كالفحم‪ ،‬قال‪ :‬ثم‬
‫صار يخرج من عينيه دم أحمر؛ وكأنه يبكي الدم ـ والعياذ بالله ـ‪.‬‬
‫ل آخر‪ ،‬فقال‪ :‬دخلت ذات مرة على بعض الخوان‪ ،‬وهم‬ ‫س ٌ‬ ‫مغَ ّ‬‫وحدثني ُ‬
‫ن ميًتا فرأيت وجهه مسوًدا؛ كأنه قرص محترق‪ ،‬وجسمه أصفر‪،‬‬ ‫سُلو َ‬
‫ي ُغَ ّ‬
‫فا‪ ،‬ثم جاء بعض أهله؛ لينظروا إليه‪ ،‬فلما رأوه على تلك الصورة‪،‬‬ ‫ومنظره مخي ً‬

‫‪53‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فروا هاربين؛ خوًفا منه'‪.‬‬


‫علمات سوء الخاتمة عند الدفن‪:‬‬
‫قال في 'تذكرة الخوان'‪ :‬وأما ما ظهر عند النزال في القبر ـ والعياذ بالله‪،‬‬
‫فحدثني أحد المغسلين‪ ،‬فقال‪ :‬غسلت عدًدا كبيًرا من الموتى لسنين طويلة‪،‬‬
‫وأذكر أني وجهت أكثر من مئة ميت‪ ،‬كلهم صرفت وجوههم عن القبلة‪.‬‬
‫'وقال أحد الفضلء‪ :‬كنا في رحلة دعوية إلى الردن‪،‬وفي ذات يوم‪ ،‬وقد صلينا‬
‫م‬‫الجمعة في أحد مساجد مدينة الزرقاء‪ ،‬وكان معنا بعض طلبة العلم‪ ،‬وعال ٌ‬
‫من الكويت‪ ،‬وبينما نحن جلوس في المسجد‪ ،‬وقد انصرف الناس‪ ،‬إذا بقوم‬
‫يدخلون باب المسجد بشكل غير طبيعي‪ ،‬وهم يصيحون‪ :‬أين الشيخ؟ أين‬
‫ب‪ ،‬توفي‬ ‫الشيخ؟‪ ،‬وجاءوا إلى الشيخ الكويتي‪ ،‬وقالوا له‪ :‬يا شيخ‪ ،‬عندنا شا ٌ‬
‫صباح هذا اليوم عند طريق حادث مروري‪ ،‬وإننا عندما حفرنا قبره‪ ،‬إذا بنا‬
‫نفاجأ بوجود ثعبان عظيم في القبر‪ ،‬ونحن الن لم نضع الشاب‪ ،‬وما ندري‬
‫كيف نتصرف‪.‬‬
‫يقول الراوي‪ :‬فقام الشيخ‪ ،‬وقمنا معه‪ ،‬وذهبنا إلى المقبرة‪ ،‬ونظرنا في القبر‪،‬‬
‫ما قد التوى؛ رأسه في الداخل‪ ،‬وذنبه في الخارج‪ ،‬وعينه‬ ‫فوجنا فيه ثعباًنا عظي ً‬
‫بارزة يطالع الناس‪ .‬قال الراوي‪ :‬فقال الشيخ دعوه‪ ،‬واحفروا له مكاًنا آخر‪.‬‬
‫يقول‪ :‬فذهبنا إلى مكان آخر بعد القبر الول بمائتي متر تقريًبا‪ ،‬فحفرنا‪ ،‬وبينما‬
‫نحن في نهايته‪ ،‬إذا بالثعبان يخرج‪ ،‬فقال الشيخ‪ :‬انظروا القبر الول‪ ،‬فإذا‬
‫بالثعبان قد اخترق الرض‪ ،‬وخرج من القبر الول مرة أخرى‪ .‬قال الشيخ‪ :‬لو‬
‫حفرنا ثالًثا‪ ،‬ورابًعا‪ ،‬سيخرج الثعبان فما لنا حيلة إل أن نحاول إخراجه‪.‬‬
‫يقول الراوي‪ :‬فجئنا بأسياخ‪ ،‬وعصى‪ ،‬فانحمل معنا‪ ،‬وخرج من القبر‪ ،‬وجلس‬
‫ف‪ ،‬حتى‬ ‫على شفيره‪ ،‬والناس كلهم ينظرون إليه‪ ،‬وأصاب الناس ذعٌر‪ ،‬وخو ٌ‬
‫إن بعضهم حصل له إغماء‪ ،‬حملته سيارة السعاف‪ .‬وحضر رجال المن‪،‬‬
‫ومنعوا التصال بالقبر‪ ،‬إل عن طريق العلماء‪ ،‬وذوي الميت‪.‬‬
‫يقول الراوي‪:‬وبينما جيء بالجنازة‪ ،‬وأدخلت القبر‪ ،‬إذا بذلك الثعبان يتحرك‬
‫حركة عظيمة ثار على أثرها الغبار‪ ،‬ثم دخل من أسفل القبر‪ ،‬فهرب الذين‬
‫داخل القبر من شدة الخوف‪ ،‬والتوى الثعبان على ذلك الميت‪ ،‬وبدأ من‬
‫رجليه‪ ،‬حتى وصل رأسه‪ ،‬ثم اشتد عليه‪ ،‬فحطمه‪ :‬يقول الراوي‪ :‬إنا كنا نسمع‬
‫تحطيم عظامه؛ كما تحطم حزمة الكرات‪.‬‬
‫يقول الراوي‪:‬ثم لما هدأت الغبرة‪ ،‬وسكن المر جئنا لننظر في القبر‪ ،‬وإذا‬
‫الحال كما هي عليه؛ من تلوي ذلك الثعبان على الميت‪ ،‬وما استطعنا أن‬
‫نفعل شيًئا‪ .‬وقال الشيخ‪ :‬اردموه فدفناه‪ ،‬ثم ذهبنا إلى والده‪ ،‬فسألناه عن‬
‫حال ابنه الشاب؟ فقال‪ :‬إنه كان طيًبا مطيًعا‪ ،‬إل أنه كان ل يصلي ـ نعوذ بالله‬
‫من سوء الختام'] رسالة عاجلة إلى المسلمين‪46] ،‬ـ ‪ ،[50‬وقال المصنف‪:‬‬
‫سمعتها من الشيخ‪ .‬سعيد بن مسفر[‪.‬‬

‫)‪(5 /‬‬

‫وقد ورد في 'تذكرة القرطبي']‪ [1/170‬قصة مشابهة‪ ،‬قال‬


‫القرطبي‪':‬وأخبرني صاحبنا الفقيه العالم أبو عبد الله‪ ،‬محمد بن أحمد القصر‬
‫فر له‪ ،‬فلما فرغوا من‬ ‫رحمه الله أنه توفي بعض الولة بقسطنطينية فَ ُ‬
‫ح ِ‬
‫الحفر‪ ،‬وأرادوا أن يدخلوا الميت القبر‪ ،‬إذا بحية سوداء داخل القبر‪ ،‬فهابوا أن‬
‫وا‬
‫يدخلوه فيه‪ ،‬فحفروا له قبًرا آخر‪ ،‬فإذا بتلك الحية‪،‬فلم يزالوا يحفرون له نح ً‬
‫من ثلثين قبًرا‪ ،‬وإذا بتلك الحية‪ ،‬تتعرض لهم في القبر الذي يريدون أن‬

‫‪54‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يدفنوه فيه‪ ،‬فمل أعياهم ذلك سألوا ما يصنعون؟ فقيل لهم‪ :‬ادفنوه معها‪،‬‬
‫نسأل الله السلمة‪ ،‬والستر في الدنيا‪ ،‬والخرة'‪.‬‬
‫علمات سوء الخاتمة بعد الدفن‪:‬‬
‫ك‬ ‫ل‬ ‫ما‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫النبوة‪:‬‬ ‫عهد‬ ‫في‬ ‫القبر‬ ‫نبذه‬ ‫فمن ذلك‪ :‬قصة الرجل الذي‬
‫َ ْ َ ِ ْ ِ َ ِ ٍ‬
‫َ‬
‫جارِ قَد ْ قََرأ ال ْب َ َ‬
‫ب‬ ‫ن ي َك ْت ُ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫مَرا َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫قَرة َ َوآ َ‬ ‫ن ب َِني الن ّ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫ج ٌ‬ ‫مّنا َر ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ل‪َ :‬‬ ‫َقا َ‬
‫َ‬
‫ل‬‫ب َقا َ‬ ‫ل ال ْك َِتا ِ‬ ‫حقَ ب ِأهْ ِ‬ ‫حّتى ل َ ِ‬ ‫هارًِبا َ‬ ‫م َفان ْط َل َقَ َ‬
‫ُ‬
‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ل الل ّهِ َ‬ ‫سو ِ‬ ‫ل َِر ُ‬
‫هّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫م الل ُ‬ ‫ص َ‬ ‫ن قَ َ‬ ‫ثأ ْ‬ ‫ما لب ِ َ‬ ‫جُبوا ب ِهِ فَ َ‬ ‫مد ٍ فَأعْ ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫م َ‬ ‫ب لِ ُ‬ ‫ن ي َك ْت ُ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫ذا قَد ْ َ‬ ‫فََرفَُعوه ُ َقالوا هَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫عاُدوا‬ ‫م َ‬ ‫جهَِها ث ُ ّ‬ ‫ه عَلى وَ ْ‬ ‫ض قَد ْ ن َب َذ َت ْ ُ‬ ‫ت الْر ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫صب َ َ‬ ‫واَروْه ُ فَأ ْ‬ ‫ه فَ َ‬ ‫فُروا ل ُ‬ ‫ح َ‬ ‫م فَ َ‬ ‫ه ِفيهِ ْ‬ ‫ق ُ‬ ‫عُن ُ َ‬
‫هَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فُروا ل ُ‬ ‫ح َ‬‫عاُدوا فَ َ‬ ‫م َ‬ ‫جهَِها ث ُ ّ‬ ‫ه عَلى وَ ْ‬ ‫ض قَد ْ ن َب َذ َت ْ ُ‬ ‫ت الْر ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫صب َ َ‬ ‫واَروْه ُ فَأ ْ‬ ‫ه فَ َ‬ ‫فُروا ل ُ‬ ‫ح َ‬ ‫فَ َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫من ُْبوًذا‪ .‬رواه البخاري‬ ‫جهَِها فَت ََركوه ُ َ‬ ‫ه عَلى وَ ْ‬ ‫ض قَد ْ ن َب َذ َت ْ ُ‬ ‫ت الْر ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫صب َ َ‬‫واَروْه ُ فَأ ْ‬ ‫فَ َ‬
‫ومسلم ‪.‬‬
‫ومن ذلك‪ :‬ما ذكره ابن القيم قال‪ :‬حدثني صاحبنا أبو عبد الله‪ ،‬محمد بن‬
‫الوزير الحراني‪ ،‬أنه خرج من داره بعد العصر بآمد إلى بستان‪ ،‬قال‪ :‬فلما كان‬
‫بعد غروب الشمس توسطت القبور‪ ،‬فإذا بقبر منها‪ ،‬وهو خمرة نار؛ مثل كوز‬
‫م أنا أم‬ ‫الزجاج‪ ،‬والميت في وسطه‪ ،‬فجعلت أمسح عيني‪ ،‬وأقول‪ :‬أنائ ٌ‬
‫يقظان؟ ثم التفت إلى سور المدينة‪ ،‬وقلت‪ :‬والله ما أنا بنائم‪ ،‬ثم ذهبت إلى‬
‫أهلي‪ ،‬وأنا مدهوش‪ ،‬فأتوني بطعام‪ ،‬فلم أستطع أن آكل‪ ،‬ثم دخلت البلد‪،‬‬
‫س قد توفي ذلك اليوم'‪.‬‬ ‫كا ٌ‬ ‫م ّ‬ ‫فسألت عن صاحب القبر‪ ،‬فإذا به َ‬
‫‪6‬ـ أسباب حسن الخاتمة‪:‬‬
‫َ‬
‫مُنوا‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫‪1‬ـ من أسباب حسن الخاتمة تقوى الله‪ :‬قال تعالى‪َ } :‬يا أي َّها ال ّ ِ‬
‫َ‬
‫ن]‪] { [102‬سورة آل‬ ‫مو َ‬ ‫سل ِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ن إ ِّل وَأن ْت ُ ْ‬ ‫موت ُ ّ‬ ‫قات ِهِ َول ت َ ُ‬ ‫حق ّ ت ُ َ‬ ‫ه َ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫ات ّ ُ‬
‫عمران[‪ .‬فتقوى الله من أعظم أسباب حسن الخاتمة‪ ،‬والموت على السلم‪.‬‬
‫والتقوى هي أعلى درجات اليمان‪ ،‬وقد وعد الله أهل اليمان بالتثبيت في‬
‫الحياة الدنيا وفي الخرة‪،‬‬
‫حَياةِ الد ّن َْيا وَِفي‬ ‫ْ‬
‫ت ِفي ال َ‬ ‫ل الّثاب ِ ِ‬ ‫قو ْ ِ‬ ‫ْ‬
‫مُنوا ِبال َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ّ‬
‫ه ال ِ‬ ‫ت الل ّ ُ‬ ‫فقال تعالى‪ } :‬ي ُث َب ّ ُ‬
‫شاُء]‪] { [27‬سورة إبراهيم[‪.‬‬ ‫ما ي َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫ل الل ُ‬ ‫فعَ ُ‬ ‫ن وَي َ ْ‬ ‫مي َ‬ ‫ّ‬
‫ه الظال ِ ِ‬ ‫ل الل ّ ُ‬ ‫ض ّ‬ ‫خَرةِ وَي ُ ِ‬ ‫اْل ِ‬
‫ق الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫ن ي َت ّ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫كما وعد الله أهل التقوى بالمخرج من كل ضيق‪ ،‬فقال‪ } :‬وَ َ‬
‫ب]‪] { [3‬سورة الطلق[‪.‬‬ ‫س ُ‬ ‫حت َ ِ‬ ‫ث ل يَ ْ‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫خَرجًا]‪[2‬وَي َْرُزقْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫جعَ ْ‬ ‫يَ ْ‬
‫ول شك أن العبد في حال السكرات في شدة‪ ،‬وقد وعد الله المتقين باليسر‬
‫سرًا]‪] { [4‬سورة‬ ‫ل ل َه م َ‬
‫مرِهِ ي ُ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫جعَ ْ ُ ِ ْ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫ق الل ّ َ‬ ‫ن ي َت ّ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫بعد الشدة‪ ،‬فقال‪ } :‬وَ َ‬
‫الطلق[‪.‬‬
‫ن َقاُلوا َرب َّنا‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫‪2‬ـ ومن أسباب حسن الخاتمة الستقامة‪ :‬قال تعالى‪ } :‬إ ِ ّ‬
‫َ‬ ‫ة أ َّل ت َ َ‬
‫ة‬
‫جن ّ ِ‬ ‫شُروا ِبال ْ َ‬ ‫حَزُنوا وَأب ْ ِ‬ ‫خاُفوا َول ت َ ْ‬ ‫ملئ ِك َ ُ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ل عَل َي ْهِ ُ‬ ‫موا ت َت َن َّز ُ‬ ‫قا ُ‬ ‫ست َ َ‬ ‫ما ْ‬ ‫ه ثُ ّ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫ن]‪] { [30‬سورة فصلت[‪.‬‬ ‫دو َ‬ ‫م ُتوعَ ُ‬ ‫ال ِّتي ك ُن ْت ُ ْ‬
‫فأهل الستقامة هم الذين تنزل عليهم ملئكة الله‪ ،‬عند الموت بالبشارة‬
‫بالجنة‪ ،‬والنجاة من النار‪ ،‬إشارة على أنهم يوفقون للخاتمة الحسنة‪ ،‬التي‬
‫تكون سبًبا في دخول الجنة‪ ،‬والنجاة من النار‪.‬‬
‫‪3‬ـ ومن أسباب حسن الخاتمة الصدق‪:‬‬

‫)‪(6 /‬‬
‫َ‬
‫ن]‪{ [119‬‬ ‫صادِِقي َ‬ ‫معَ ال ّ‬ ‫كوُنوا َ‬ ‫قوا الل ّ َ‬
‫ه وَ ُ‬ ‫مُنوا ات ّ ُ‬
‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫قال الله‪َ } :‬يا أي َّها ال ّ ِ‬
‫ن ال َْهادِ‬ ‫داد ِ ب ْ ِ‬
‫ش ّ‬‫ن َ‬ ‫]سورة التوبة[ فالصدق من أعظم أسباب حسن الخاتمة‪ ،‬عَ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ُ‬
‫هث ّ‬ ‫ن ب ِهِ َوات ّب َعَ ُ‬ ‫م َفآ َ‬
‫م َ‬ ‫سل ّ َ‬‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬
‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ي َ‬ ‫جاَء إ َِلى الن ّب ِ ّ‬‫ب َ‬ ‫ن اْلعَْرا ِ‬ ‫جًل ِ‬
‫م ْ‬ ‫ن َر ُ‬
‫أ ّ‬

‫‪55‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬
‫ك فَأ َوصى به النبي صّلى الل ّه عَل َيه وسل ّم بعض أ َ‬ ‫ل أُ َ‬
‫ما‬ ‫حاب ِهِ فَل َ ّ‬ ‫ص َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ ِ َ َ َ َْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ِ ِ ِّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫معَ َ‬ ‫جُر َ‬ ‫ها ِ‬ ‫َقا َ‬
‫ه فَأعْ َ‬ ‫َ‬
‫طى‬ ‫م لَ ُ‬ ‫س َ‬ ‫م وَقَ َ‬ ‫س َ‬ ‫ق َ‬ ‫سب ًْيا فَ َ‬ ‫م َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ي َ‬ ‫م الن ّب ِ ّ‬ ‫ت غَْزوَةٌ غَن ِ َ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫َ‬
‫جاَء د َفَُعوه ُ إ ِل َي ْهِ فَ َ‬ ‫أَ‬
‫ذا‬ ‫ما هَ َ‬ ‫ل َ‬ ‫قا َ‬ ‫ما َ‬ ‫م فَل َ ّ‬ ‫عى ظ َهَْرهُ ْ‬ ‫ن ي َْر َ‬ ‫كا َ‬ ‫ه وَ َ‬ ‫م لَ ُ‬ ‫س َ‬ ‫ما قَ َ‬ ‫ه َ‬ ‫حاب َ ُ‬ ‫ص َ‬ ‫ْ‬
‫َ‬
‫جاَء ب ِهِ إ َِلى الن ّب ِ ّ‬
‫ي‬ ‫خذ َه ُ فَ َ‬ ‫م فَأ َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ي َ‬ ‫ك الن ّب ِ ّ‬ ‫ه لَ َ‬ ‫م ُ‬ ‫س َ‬ ‫م قَ َ‬ ‫س ٌ‬ ‫َقاُلوا قِ ْ‬
‫ذا ات ّب َعْت ُ َ‬
‫ك‬ ‫ما عََلى هَ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ك[ َقا َ‬ ‫ه لَ َ‬ ‫مت ُ ُ‬ ‫س ْ‬ ‫ل‪] :‬قَ َ‬ ‫ذا َقا َ‬ ‫ما هَ َ‬ ‫ل َ‬ ‫قا َ‬ ‫م فَ َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫خ َ‬
‫ل‬ ‫ت فَأد ْ ُ‬ ‫مو‬
‫َ ِ ِ ِ َ ْ ٍ ُ َ‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫س‬ ‫ب‬ ‫ه‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫ح‬ ‫لى‬ ‫إ‬
‫َ ِ‬ ‫ر‬ ‫شا‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫و‬
‫َ َ‬ ‫نا‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫ها‬‫َ‬ ‫لى‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫مى‬ ‫ْ ْ َ‬ ‫ر‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫لى‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ك‬ ‫ت‬
‫َّ ْ ُ‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫ا‬ ‫ني‬ ‫وَل ِ ّ‬ ‫ك‬
‫ل العَد ُّو‬ ‫ْ‬ ‫ضوا ِفي قَِتا ِ‬ ‫م ن َهَ ُ‬ ‫ً‬
‫ك[ فَلب ُِثوا قَِليل ث ُ ّ‬ ‫َ‬ ‫صد ُقْ َ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫ّ‬
‫صد ُقْ الل َ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫ل‪] :‬إ ِ ْ‬ ‫قا َ‬ ‫ة فَ َ‬ ‫جن ّ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ث أَ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ل‬‫قا َ‬ ‫شاَر فَ َ‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫سهْ ٌ‬ ‫ه َ‬ ‫صاب َ ُ‬ ‫ل قَد ْ أ َ‬ ‫م ُ‬ ‫ح َ‬ ‫م يُ ْ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ي َ‬ ‫ي ب ِهِ الن ّب ِ ّ‬ ‫فَأت ِ َ‬
‫َ‬
‫ه[‬ ‫صد َقَ ُ‬ ‫ه فَ َ‬ ‫صد َقَ الل ّ َ‬ ‫ل‪َ ] :‬‬ ‫م َقا َ‬ ‫و[ َقاُلوا‪ :‬ن َعَ ْ‬ ‫م‪] :‬أهُوَ هُ َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ي َ‬ ‫الن ّب ِ ّ‬
‫م ثُ ّ‬
‫م‬ ‫سل َ‬‫ّ‬ ‫ه عَلي ْهِ وَ َ‬ ‫َ‬ ‫صلى الل ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي َ‬ ‫جب ّةِ الن ّب ِ ّ‬ ‫م ِفي ُ‬ ‫سل َ‬ ‫ّ‬ ‫ه عَلي ْهِ وَ َ‬ ‫َ‬ ‫صلى الل ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ي َ‬ ‫ه الن ّب ِ ّ‬ ‫فن َ ُ‬ ‫م كَ ّ‬ ‫ثُ ّ‬
‫جًرا‬ ‫مَها ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫خَر َ‬ ‫ذا عَب ْد ُك َ‬ ‫َ‬ ‫م هَ َ‬ ‫ه‪ ] :‬اللهُ ّ‬ ‫ّ‬ ‫صلت ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ما ظهََر ِ‬ ‫َ‬ ‫ن ِفي َ‬ ‫صلى عَلي ْهِ فَكا َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ه فَ َ‬ ‫م ُ‬ ‫قَد ّ َ‬
‫شِهيد ٌ عَلى ذ َل ِك[ رواه النسائي‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫دا أَنا َ‬ ‫َ‬ ‫ل َ‬ ‫قت ِ َ‬ ‫سِبيل ِك فَ ُ‬ ‫َ‬
‫شِهي ً‬ ‫ِفي َ‬
‫فالعبد إذا صدق في إيمانه‪ ،‬وفي أقواله‪ ،‬وأفعاله يوفق لحسن الخاتمة‪ ،‬وينال‬
‫سعادة العاجلة‪ ،‬والجلة‪.‬‬
‫‪4‬ـ ومن أسباب حسن الخاتمة ذكر الموت‪ ،‬وزيارة القبور ‪.‬‬
‫‪5‬ـ ومن أسباب حسن الخاتمة حسن الظن بالله عند الموت‪ ،‬وعلى كل حال‪:‬‬
‫ل‪َ] :‬ل‬ ‫قو ُ‬ ‫ث يَ ُ‬ ‫ل وََفات ِهِ ب ِث ََل ٍ‬ ‫م قَب ْ َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ي َ‬ ‫ت الن ّب ِ ّ‬ ‫معْ ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ل َ‬ ‫جاب ِرٍ َقا َ‬ ‫ن َ‬ ‫فَعَ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ي‬
‫ن الن ّب ِ ّ‬ ‫سأ ّ‬ ‫ن أن َ ٍ‬ ‫ن[رواه مسلم ‪ .‬وعَ ْ‬ ‫ن ِبالل ّهِ الظ ّ ّ‬ ‫س ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫م إ ِّل وَهُوَ ي ُ ْ‬ ‫حد ُك ُ ْ‬ ‫نأ َ‬ ‫موت َ ّ‬ ‫يَ ُ‬
‫ك[‬ ‫جد ُ َ‬ ‫ف تَ ِ‬ ‫ل‪] :‬ك َي ْ َ‬ ‫قا َ‬ ‫ت فَ َ‬ ‫مو ْ ِ‬ ‫ب وَهُوَ ِفي ال ْ َ‬ ‫شا ّ‬ ‫ل عََلى َ‬ ‫خ َ‬ ‫م دَ َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ل الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫سو ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ر‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫بي‬ ‫ِ‬ ‫نو‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ذ‬ ‫ف‬
‫ُ‬ ‫خا‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ني‬ ‫ّ‬ ‫إ‬
‫َ َِ‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫جو‬ ‫ْ ُ‬ ‫ر‬ ‫أ‬ ‫ني‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫سو‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ر‬ ‫يا‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫وال‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫َقا‬
‫موْط ِن إ ِلّ‬ ‫ذا ال َْ‬ ‫ل هَ َ‬ ‫مث ْ ِ‬ ‫ب عَب ْد ٍ ِفي ِ‬ ‫ن ِفي قَل ِ‬ ‫ْ‬ ‫مَعا ِ‬ ‫جت َ ِ‬ ‫م‪] :‬ل ي َ ْ‬ ‫َ‬ ‫سل َ‬ ‫ّ‬ ‫ه عَلي ْهِ وَ َ‬ ‫َ‬ ‫صلى الل ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫أَ‬
‫ف[ رواه الترمذي وابن ماجة‪.‬‬ ‫خا ُ‬ ‫ما ي َ َ‬ ‫َ َ ُ ّ‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫وآ‬ ‫جو‬ ‫ُ‬ ‫ر‬ ‫ُ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ما‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫طا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ع‬
‫وعن المعتمر بن سليمان‪ ،‬قال‪ :‬قال أبي حين حضرته الوفاة‪ :‬يا معتمر‪،‬‬
‫حدثني بالرخص لعلي ألقى الله‪ ،‬وأنا حسن الظن به‪ ،‬وعن إبراهيم قال‪ :‬كانوا‬
‫يستحبون أن يلقنوا العبد محاسن عمله عند موته‪ ،‬لكي يحسن ظنه بربه‪.‬‬
‫‪6‬ـ ومن أسباب حسن الخاتمة المبادرة بالتوبة‪ ،‬ورد المظالم‪:‬‬
‫َ‬
‫ن]‪{ [31‬‬ ‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬ ‫م تُ ْ‬ ‫ن ل َعَل ّك ُ ْ‬ ‫مُنو َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ميعا ً أي َّها ال ْ ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫قال تعالى‪ } :‬وَُتوُبوا إ َِلى الل ّهِ َ‬
‫]سورة النور[‪.‬‬
‫‪7‬ـ ومن أسباب حسن الخاتمة الحذر من أسباب سوء الخاتمة التي سبق‬
‫ذكرها‪.‬‬
‫‪7‬ـ علمات حسن الخاتمة‪ :‬إن الشارع الحكيم قد جعل علمات بينات يستدل‬
‫بها على حسن الخاتمة‪ ،‬فأيما أمرئ مات بإحداها‪ ،‬كانت بشارة له‪ ،‬ويا لها من‬
‫بشارة‪.‬‬
‫الولى‪ :‬نطقه بالشهادة عند الموت‪ ،‬وفيه أحاديث‪:‬‬
‫ة[ رواه أبوداود وأحمد‪.‬‬ ‫جن ّ َ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫خ َ‬ ‫ه دَ َ‬ ‫ه إ ِّل الل ّ ُ‬ ‫مهِ َل إ ِل َ َ‬ ‫خُر ك ََل ِ‬ ‫نآ ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫‪1‬ـ] َ‬
‫قا َ‬ ‫قيل فَ َ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن أِبيهِ َقا َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ن عُب َي ْدِ اللهِ ث َ ِ‬ ‫ة بْ َ‬ ‫ح َ‬ ‫مُر طل َ‬ ‫ل َرأى عُ َ‬ ‫ة عَ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫ن طل َ‬ ‫ح ََيى ب ْ ِ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫‪2‬ـ عَ ْ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ن َقا َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ما ل َ َ‬
‫ل ل إ ِل أّني‬
‫َ‬ ‫مك َيا أَبا فُل ٍ‬ ‫ن عَ ّ‬ ‫مَرةُ اب ْ ِ‬ ‫ساَءت ْك إ ِ ْ‬ ‫ن لعَلك َ‬ ‫ك َيا أَبا فُل ٍ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫ه عَن ْ ُ‬ ‫سأل َ ُ‬ ‫نأ ْ‬ ‫من َعَِني أ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫ديًثا َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ل‬‫ِ‬ ‫سو‬ ‫ُ‬ ‫ر‬‫ْ َ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ت‬‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ع‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫س‬ ‫َ‬
‫قول َُها عَب ْد ٌ ِ‬ ‫ة َل ي َ ُ‬ ‫َ‬
‫عن ْد َ‬ ‫م ً‬ ‫م ك َل ِ َ‬ ‫ل‪] :‬إ ِّني َلعْل َ ُ‬ ‫قو ُ‬ ‫ه يَ ُ‬ ‫معْت ُ ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ت َ‬ ‫ما َ‬ ‫حّتى َ‬ ‫قد َْرة ُ عَل َي ْهِ َ‬ ‫إ ِّل ال ْ ُ‬
‫َ‬
‫ه‬
‫ه عَن ْ ُ‬ ‫ي الل ّ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫مُر َر ِ‬ ‫ل عُ َ‬ ‫قا َ‬ ‫ل فَ َ‬ ‫ه[ َقا َ‬ ‫ه ك ُْرب َت َ ُ‬ ‫ه عَن ْ ُ‬ ‫س الل ّ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ه وَن َ ّ‬ ‫شَرقَ ل ََها ل َوْن ُ ُ‬ ‫موْت ِهِ إ ِّل أ ْ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ي قا َ‬ ‫َ‬ ‫ي قا َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م ُ‬ ‫مَر ب َِها عَ ّ‬ ‫مةٍ أ َ‬ ‫ن كل ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ة أعْظ َ‬ ‫م ً‬ ‫م كل ِ َ‬ ‫ل ت َعْل ُ‬ ‫ما هِ َ‬ ‫ل وَ َ‬ ‫ما هِ َ‬ ‫م َ‬ ‫إ ِّني لعْل ُ‬
‫ي‪.‬رواه ابن ماجة‬ ‫ي َواللهِ هِ َ‬ ‫ّ‬ ‫ت هِ َ‬ ‫صد َق َ‬ ‫ْ‬ ‫ة َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ه قال طل َ‬‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ه إ ِل الل ُ‬ ‫ّ‬ ‫ت ل إ ِل َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫مو ْ ِ‬ ‫عن ْد َ ال ْ َ‬ ‫ِ‬
‫وأحمد ‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(7 /‬‬

‫ن‬‫سا َ‬ ‫خَرا َ‬ ‫ن بِ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫ن أ َِبيهِ أ َّنه َ‬ ‫ن ب َُري ْد َة َ عَ ْ‬ ‫الثانية‪ :‬الموت برشح الجبين‪ :‬لحديث اب ْ ِ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫فََعاد َ أ َ ً‬
‫ه أكب َُر‬ ‫ْ‬ ‫ل الل ُ‬ ‫قا َ‬ ‫ه فَ َ‬ ‫جِبين ُ ُ‬ ‫ت وَإ َِذا هُوَ ي َعَْرقُ َ‬ ‫مو ْ ِ‬ ‫جد َه ُ ِبال ْ َ‬ ‫ض فَوَ َ‬ ‫ري ٌ‬ ‫م ِ‬ ‫ه وَهُوَ َ‬ ‫خا ل َ ُ‬
‫جِبين‬ ‫ق ال ْ َ‬ ‫ن ب ِعََر ِ‬ ‫م ِ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ت ال ْ ُ‬ ‫مو ْ ُ‬ ‫ل‪َ ] :‬‬ ‫قو ُ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ل الل ّهِ َ‬ ‫سو َ‬ ‫ت َر ُ‬ ‫معْ ُ‬ ‫س ِ‬ ‫َ‬
‫ِ[رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة وأحمد‪.‬‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫الثالثة‪ :‬الموت ليلة الجمعة أو نهارها‪ :‬لقوله صلى الله عليه وسلم‪َ ] :‬‬
‫ر[ رواه‬ ‫قب ْ ِ‬ ‫ة ال ْ َ‬ ‫ه فِت ْن َ َ‬ ‫معَةِ إ ِّل وََقاهُ الل ّ ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫ة ال ْ ُ‬ ‫معَةِ أ َوْ ل َي ْل َ َ‬ ‫ج ُ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫ت ي َوْ َ‬ ‫مو ُ‬ ‫سل ِم ٍ ي َ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ُ‬
‫الترمذي وأحمد‪.‬‬
‫ُ‬
‫ن قت ِلوا‬ ‫ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ِ‬ ‫ّ‬ ‫سب َ ّ‬ ‫ح َ‬ ‫الرابعة‪ :‬الستشهاد في ساحة القتال‪ :‬قال تعالى‪َ } :‬ول ت َ ْ‬
‫م الل ُّ‬ ‫في سبيل الل ّه أ َمواتا ً ب ْ َ‬
‫ه‬ ‫ن]‪[169‬فَرِ ِ َ ِ َ َ ُ ُ‬
‫ه‬ ‫تا‬ ‫آ‬ ‫ما‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫حي‬ ‫م ي ُْرَزُقو َ‬ ‫عن ْد َ َرب ّهِ ْ‬ ‫حَياٌء ِ‬ ‫لأ ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ ْ َ‬ ‫َ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫م َول‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ف‬ ‫ْ ٌ‬ ‫و‬ ‫خ‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ف‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫خ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫قوا‬ ‫ُ‬ ‫ح‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫ذي‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫با‬ ‫ن‬ ‫رو‬ ‫ش‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ض‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫ِْ ْ‬ ‫ِ ْ‬ ‫ِ ْ ِ ْ‬ ‫ْ ِ ِ ََ ْ َْ ِ ُ َ ِ ِ َ ْ َ َ‬ ‫ِ ْ‬
‫جَر‬ ‫هُم يحزنون]‪[170‬يستبشرون بن ِعمة من الل ِّه وفَضل وأ ِ َن الل ّه ل يضيع أ َ‬
‫ُ ِ ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ َ ْ ٍ َ ّ‬ ‫َ ْ َْ ِ ُ َ ِ ْ َ ٍ ِ َ‬ ‫ْ َ ْ َ ُ َ‬
‫ن]‪] { [171‬سورة آل عمران[‪.‬‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫وفي ذلك أحاديث‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫قعَد َهُ‬ ‫م ْ‬ ‫مهِ وَي َُرى َ‬ ‫ن دَ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل د ُفْعَةٍ ِ‬ ‫ه ِفي أوّ ِ‬ ‫فُر ل ُ‬ ‫ل ي َغْ ِ‬ ‫صا ٍ‬ ‫خ َ‬ ‫ت ِ‬ ‫س ّ‬ ‫عن ْد َ اللهِ ِ‬ ‫شِهيدِ ِ‬ ‫‪1‬ـ ]ِلل ّ‬
‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ن‬ ‫ما ِ‬ ‫لي َ‬ ‫ةا ِ‬ ‫حل َ‬ ‫حلى ُ‬ ‫فَزِع الكب َرِ وَي ُ َ‬ ‫ْ‬ ‫ن ال َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ُ‬ ‫قب ْرِ وَي َأ َ‬ ‫ب ال َ‬ ‫ذا ِ‬ ‫ن عَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫جاُر ِ‬ ‫جن ّةِ وَي ُ َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ه[ رواه الترمذي‬ ‫ن أَقارِب ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ساًنا ِ‬ ‫ن إ ِن ْ َ‬ ‫سب ِْعي َ‬ ‫فعُ ِفي َ‬ ‫ش ّ‬ ‫ن وَي ُ َ‬ ‫حورِ الِعي ِ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫وَي َُزوّ ُ‬
‫وابن ماجة وأحمد‪.‬‬
‫سو َ‬
‫ل‬ ‫جل َقا َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫‪2‬ـ عَن رجل م َ‬
‫ل َيا َر ُ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫مأ ّ‬ ‫سل َ‬ ‫ه عَلي ْهِ وَ َ‬ ‫صلى الل ُ‬ ‫ي َ‬ ‫ب الن ّب ِ ّ‬ ‫حا ِ‬ ‫ص َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ْ َ ُ ٍ ِ ْ‬
‫فى ب َِبارِقَ ِ‬
‫ة‬ ‫ل‪] :‬ك َ‬‫َ‬ ‫شِهيد َ َقا َ‬ ‫م إ ِل ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن ِفي قُُبورِهِ ْ‬ ‫فت َُنو َ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫ل ال ْ ُ‬ ‫ما َبا ُ‬ ‫الل ّهِ َ‬
‫ْ‬
‫ة[ رواه النسائي‪.‬‬ ‫سهِ فِت ْن َ ً‬ ‫ف عََلى َرأ ِ‬ ‫سُيو ِ‬ ‫ال ّ‬
‫ن‬ ‫م ْ‬ ‫الخامسة‪ :‬الموت غازًيا في سبيل الله‪:‬لقوله صلى الله عليه وسلم‪َ ] :‬‬
‫شهيد أ َو وقَصه فَرسه أ َو بِعيره أوَ‬ ‫ت أ َوْ قُت ِ َ‬
‫ل فَ َهُوَ َ ِ ٌ ْ َ َ ُ َ ُ ُ ْ َ ُ ُ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫ل الل ّهِ فَ َ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫ل ِفي َ‬ ‫ص َ‬ ‫فَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن لَ ُ‬
‫ه‬ ‫شِهيد ٌ وَإ ِ ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ه فَإ ِن ّ ُ‬ ‫شاَء الل ّ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫حت ْ ٍ‬ ‫شهِ أوْ ب ِأيّ َ‬ ‫ت عََلى فَِرا ِ‬ ‫ما َ‬ ‫ة أوْ َ‬ ‫م ٌ‬ ‫ها ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ل َد َغَت ْ ُ‬
‫ة[ رواه أبوداود‪.‬‬ ‫جن ّ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫س بْ ُ‬ ‫ل ِلي أن َ ُ‬ ‫ت َقا َ‬ ‫ن َقال َ ْ‬ ‫ري َ‬ ‫سي ِ‬ ‫ت ِ‬ ‫ة ب ِن ْ ِ‬ ‫ص َ‬ ‫ف َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ن َ‬ ‫السادسة‪ :‬الموت بالطاعون‪ :‬عَ ْ‬
‫ل َقا َ‬ ‫ت فَ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫مال ِك بم مات يحيى ب َ‬
‫ل‬ ‫قا َ‬ ‫ن َقال ْ‬ ‫عو ِ‬ ‫ت ِبالطا ُ‬ ‫ت قُل ُ‬ ‫مَرة َ َقال ْ‬ ‫ن أِبي عَ ْ‬ ‫َ ٍ ِ َ َ َ َ ْ َ ْ ُ‬
‫م[ رواه‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫ل‬‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ٌ‬ ‫ة‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫ها‬ ‫ش‬ ‫َ‬ ‫ن‬
‫ُ‬ ‫عو‬ ‫ُ‬ ‫طا‬ ‫ّ‬ ‫]ال‬ ‫م‪:‬‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ع‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ل الل ّهِ َ‬ ‫سو ُ‬ ‫َر ُ‬
‫ُ ْ ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫البخاري ومسلم‪.‬‬
‫ت ِفي‬ ‫ما َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫السابعة‪ :‬الموت بداء البطن‪:‬لقوله صلى الله عليه وسلم‪...] :‬وَ َ‬
‫د[ رواه البخاري ومسلم‪-‬واللفظ له‪.-‬‬ ‫شِهي ٌ‬ ‫ن فَهُوَ َ‬ ‫ْ ْ‬
‫الب َط ِ‬
‫الثامنة‪ :‬والتاسعة‪ :‬الموت بالغرق‪ ،‬والهدم‪ :‬لقوله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫شِهيد ُ ِفي‬ ‫ب ال ْهَد ْم ِ َوال ّ‬ ‫ح ُ‬ ‫صا ِ‬ ‫ريقُ وَ َ‬ ‫ن َوال ْغَ ِ‬ ‫طو ُ‬ ‫مب ْ ُ‬ ‫ن َوال ْ َ‬ ‫مط ُْعو ُ‬ ‫ة ال ْ َ‬ ‫س ٌ‬ ‫م َ‬ ‫خ ْ‬ ‫داُء َ‬ ‫شهَ َ‬ ‫]‪...‬ال ّ‬
‫ه‪ [...‬رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬ ‫ل الل ِ‬ ‫ّ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫تأ ّ‬ ‫م ِ‬ ‫صا ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫العاشرة‪ :‬موت المرأة في نفاسها بسبب ولدها‪:‬لحديث عَُباد َة َ ب ْ ِ‬
‫شِهيد ٌ‬ ‫ل الل ّهِ َ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫ل ِفي َ‬ ‫قِتي ُ‬ ‫ل‪] :‬ال ْ َ‬ ‫م َقا َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ل الل ّهِ َ‬ ‫سو َ‬ ‫َر ُ‬
‫سَررِهِ إ َِلى‬ ‫ب‬
‫ِ ٌ َ ُ ّ َ َ ُ َ ِ ُ‬ ‫ها‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ها‬ ‫ر‬ ‫ج‬ ‫ي‬ ‫د‬ ‫هي‬ ‫ش‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ء‬ ‫سا‬ ‫ِ ٌ َ ّ َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫وال‬ ‫د‬ ‫هي‬ ‫ش‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫عو‬
‫ِ ٌ َ َ ُ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ط‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫وا‬ ‫د‬ ‫هي‬ ‫ش‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫طو‬ ‫ُ‬ ‫َوال ْ َ ْ‬
‫ب‬ ‫م‬
‫ة[رواه أحمد‪.‬‬ ‫جن ّ ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫الحادية عشر‪ ،‬والثانية عشر‪ :‬الموت بالحرق وذات الجنب‪ :‬وفيه أحاديث‬
‫ل‬‫سِبي ِ‬ ‫ل ِفي َ‬ ‫قت ْ ِ‬ ‫وى ال ْ َ‬ ‫س َ‬ ‫ة ِ‬ ‫سب ْعَ ٌ‬ ‫داُء َ‬ ‫شهَ َ‬ ‫عا‪ ] :‬ال ّ‬ ‫أشهرها عن جابر بن عتيك مرفو ً‬
‫ن‬‫مب ْطو ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫شِهيد ٌ َوال َ‬ ‫ب َ‬ ‫جن ْ ِ‬ ‫ت ال َ‬ ‫ْ‬ ‫ب َذا ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫صا ِ‬ ‫شِهيد ٌ وَ َ‬ ‫شِهيد ٌ َوال ْغَرِقُ َ‬ ‫ن َ‬ ‫مط ُْعو ُ‬ ‫الل ّهِ ال ْ َ‬
‫شهيد وال ْ َ‬
‫مٍع‬ ‫ج ْ‬ ‫ت بِ ُ‬ ‫مو ُ‬ ‫مْرأة ُ ت َ ُ‬ ‫ت ال ْهَد ْم ِ َ ِ ٌ َ َ‬ ‫ح َ‬ ‫ت تَ ْ‬ ‫مو ُ‬ ‫ذي ي َ ُ‬ ‫شِهيد ٌ َوال ّ ِ‬ ‫حرِقُ َ‬ ‫شِهيد ٌ َوال ْ َ‬ ‫َ‬
‫د[ رواه أبوداود والنسائي ومالك وأحمد‪.‬‬ ‫شِهي ٌ‬ ‫َ‬

‫‪57‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ل ِفي‬ ‫الثانية عشر‪ :‬الموت بداء السل‪ :‬لقوله صلى الله عليه وسلم‪] :‬ال ْ َ‬
‫قت ْ ُ‬
‫شَهاد َةٌ ‪،‬‬ ‫شَهاد َةٌ ‪َ ،‬وال ْغَرِقُ َ‬ ‫حرِقُ َ‬ ‫شَهاد َةٌ ‪َ ،‬وال ْ َ‬ ‫ساُء َ‬ ‫ف َ‬ ‫ة‪َ ،‬والن ّ َ‬ ‫ل الل ّهِ َ‬
‫شَهاد َ ٌ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫َ‬
‫ة[ رواه الطبراني في الكبير‪.‬‬ ‫َ‬
‫ن شَهاد َ ٌ‬ ‫سل شَهاد َة ٌ ‪َ ،‬والبط ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫وال ّ‬
‫الرابعة عشر‪ :‬الموت في سبيل الدفاع عن المال المراد غصبه‪ :‬لقوله صلى‬
‫د[ رواه البخاري ومسلم‪.‬‬ ‫شِهي ٌ‬ ‫مال ِهِ فَهُوَ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ل ُدو َ‬ ‫ن قُت ِ َ‬ ‫م ْ‬‫الله عليه وسلم‪َ ] :‬‬
‫الخامسة عشر‪ :‬والسادسة عشر‪ :‬الموت في الدفاع عن الدين‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫شِهيد ٌ وَ َ‬ ‫مال ِهِ فَهُوَ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ل ُدو َ‬ ‫ن قُت ِ َ‬
‫م ْ‬ ‫والنفس‪:‬لقوله صلى الله عليه وسلم‪َ ] :‬‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫ن قُت ِ َ‬ ‫مهِ فَهُوَ َ‬ ‫ن قُت ِ َ‬ ‫ن ِدين ِهِ فَهُوَ َ‬ ‫قُت ِ َ‬
‫ن أهْل ِ ِ‬ ‫ل ُدو َ‬ ‫م ْ‬
‫شِهيد ٌ وَ َ‬ ‫ن دَ ِ‬ ‫ل ُدو َ‬ ‫م ْ‬
‫شِهيد ٌ وَ َ‬ ‫ل ُدو َ‬
‫د[ رواه الترمذي والنسائي وأحمد‪.‬‬ ‫شِهي ٌ‬ ‫فَهُوَ َ‬

‫)‪(8 /‬‬

‫طا في سبيل الله‪ :‬لقوله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬ ‫السابعة عشرة‪ :‬الموت مراب ً‬
‫ذي‬ ‫ه ال ّ ِ‬ ‫مل ُ ُ‬
‫جَرى عَل َي ْهِ عَ َ‬ ‫ت َ‬ ‫ما َ‬ ‫ن َ‬‫مهِ وَإ ِ ْ‬‫شهْرٍ وَقَِيا ِ‬ ‫صَيام ِ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫خي ٌْر ِ‬ ‫ط ي َوْم ٍ وَل َي ْل َةٍ َ‬ ‫] رَِبا ُ‬
‫ن ال ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ن[ رواه مسلم ‪.‬‬ ‫فّتا َ‬ ‫م َ‬ ‫ه وَأ ِ‬ ‫جرِيَ عَل َي ْهِ رِْزقُ ُ‬ ‫ه وَأ ْ‬ ‫مل ُ ُ‬ ‫ن ي َعْ َ‬
‫كا َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫م ْ‬‫الثامنة عشر‪ :‬الموت على عمل صالح‪ :‬لقوله صلى الله عليه وسلم‪َ ] :‬‬
‫م‬
‫صا َ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ة وَ َ‬ ‫ل ال ْ َ‬
‫جن ّ َ‬ ‫خ َ‬ ‫م لَ ُ‬
‫ه ب َِها د َ َ‬ ‫جهِ الل ّهِ ُ‬
‫خت ِ َ‬ ‫ن اب ْت َِغاَء وَ ْ‬ ‫س ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫ل َ‬ ‫ه َقا َ‬‫ه إ ِّل الل ّ ُ‬ ‫ل َل إ ِل َ َ‬ ‫َقا َ‬
‫ه‬
‫ج ِ‬‫صد َقَةٍ اب ْت َِغاَء وَ ْ‬‫صد ّقَ ب ِ َ‬ ‫ن تَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ة وَ َ‬ ‫ل ال ْ َ‬
‫جن ّ َ‬ ‫خ َ‬‫ه ب َِها د َ َ‬‫م لَ ُ‬‫خت ِ َ‬ ‫جهِ الل ّهِ ُ‬ ‫ما اب ْت َِغاَء وَ ْ‬ ‫ي َوْ ً‬
‫ة[ رواه أحمد‪.‬‬ ‫ن‬
‫َ ّ َ‬‫ج‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫الل ّ ِ ُ ِ َ ُ ِ َ َ َ‬
‫خ‬ ‫د‬ ‫ها‬ ‫ب‬ ‫ه‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫خ‬ ‫ه‬
‫‪ 8‬ـ أمثلة لحسن الخاتمة‬
‫‪1‬ـ أنس بن مالك رضي الله عنه‪ :‬عن أنس بن سيرين‪ ،‬قال‪ :‬شهدت أنس بن‬
‫مالك‪ ،‬وحضره الممات‪ ،‬فجعل يقول‪ :‬لقنوني‪ :‬ل إله إل الله‪ ،‬فلم يزل يقولها‪،‬‬
‫حتى قبض رحمه الله‪.‬‬
‫‪2‬ـ مجاهد بن جبررحمه الله‪ :‬قال الفضل بن دكين‪ :‬مات مجاهد‪ ،‬وهو ساجد ‪.‬‬
‫‪3‬ـ أبو بكر بن أبي مريم رحمه الله‪ :‬عن يزيد بن عبد ربه‪ ،‬قال‪ :‬عدت أبا بكر‬
‫بن أبي مريم‪ ،‬وهو في النزع‪ ،‬فقلت له‪ :‬رحمك الله‪ ،‬لو جرعت جرعة ماء؟‬
‫فقال بيده‪ :‬ل‪ .‬ثم جاء الليل‪ ،‬فقال‪ :‬أذن؟ فقلت‪ :‬نعم‪ ،‬فقطرنا في فمه قطرة‬
‫ماء‪ ،‬ثم مات‪.‬‬
‫‪4‬ـ عبدالله بن المبارك رحمه الله‪ :‬قيل‪ :‬فتح عبدالله بن المبارك عينيه عند‬
‫الوفاة‪ ،‬وضحك‪ ،‬وقال‪ :‬لمثل هذا فليعمل العاملون‪.‬‬
‫‪5‬ـ بشر بن منصور رحمه الله ‪:‬قال عبد العلى بن حماد البرقي‪ :‬دخلت على‬
‫بشر بن منصور‪ ،‬وهو في الموت‪ ،‬فرأيته مستبشًرا‪ ،‬فقلت له‪ :‬ما هذا‬
‫السرور؟ قال‪ :‬أخرج من بين الحاسدين‪ ،‬والباغين‪ ،‬والمغتابين‪ ،‬وأقدم على‬
‫رب العالمين‪ ،‬ول أفرح؟‪.‬‬
‫من كتاب‪ ':‬تذكير النفوس المؤمنة بأسباب سوء وحسن الخاتمة' للشيخ‪/‬أحمد‬
‫فريد‬

‫)‪(9 /‬‬

‫ترانيم موحد‬
‫‪...‬‬
‫مقدمة‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا ويرضي‪ ،‬وصلي الله‬
‫تعالي علي نبينا محمد وعلي آله وصحبه أما بعد‪:‬‬

‫‪58‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فهذه )ترانيم موحد( غلب عليه نفس العلم‪ ،‬وحملها كف الحب‪ .‬ففيها النصح‬
‫والتوجيه؛ والدفاع والنصرة لمنهج الحق؛ ولحملة الدين‪ ،‬وحفاظ الملة‪ ،‬تميلها‬
‫الغيرة علي مبادئنا الراشدة‪ ،‬وتراثنا الخالد من كتاب الله تعالي وسنه رسوله‬
‫صلي الله عليه وسلم اللذين هما سر شرفنا وعزنا ونجاتنا وفلحنا في الدنيا‬
‫والخرة‪.‬‬
‫والله الموفق والهادي إلي سواء السبيل‬
‫عائض القرني‬
‫‪10/1/1420‬هـ‬
‫فضل العلم‬
‫دع الهوينى لهل العجز والكسل‬
‫وعانق الصبر وأغنم ساعة العمل‬
‫ولمس النجم في عز وفي شرف‬
‫وسابق الريح في حل ومرتحل‬
‫والله لو كنت تدري ما خلقت له‬
‫لبات قلبك بالشجان في شغل‬
‫ول سعدت بنوم أو لهوت بما‬
‫يلهيك عن منزل السادات والنبل‬
‫ول رضيت بدنيا كلها ندم‬
‫سعت لكل حقير من بني السفل‬
‫فبادر العمر جد السير وا لهفي‬
‫علي ليال وأيام لنا أول‬
‫يكفيك أن رفيق العلم منزله‬
‫بين السماكين مرفوعا علي زحل‬
‫تهفو له الشمس والجوزاء تحسده‬
‫يبيت فوق حشايا الجد في قلل‬
‫استشهد الله أهل العلم فضلهم‬
‫علي جميع البرايا من بني الدول‬
‫وميز الله حتى في البهائم ما‬
‫منها يعلم في صيد وذي جهل‬
‫والهدهد اجتث بلقيسا وهدهطها‬
‫بالعلم جاء سليمانا ً علي عجل‬
‫ذو العلم حي ولو ذابت حشاشته‬
‫له الجللة عن حاف ومنتعل‬
‫حتى الملئكة البرار تذكره‬
‫والنمل يدعو له في السهل والجبل‬
‫مداده كرم جاد الشهيد به‬
‫في حومة الهول بين البيض والسل‬
‫أقلمه تعمر الدنيا إذا نطقت‬
‫ألواحه صحف الرضوان والمل‬
‫كلمه درر أحكامه عبر‬
‫أفعاله أثر لله من حلل‬
‫يقضي ويمضي وكل الناس تقبله‬
‫في ساعة الجد أو في ساعة الهزل‬
‫والله لو وزنوا الدنيا بزخرفها‬

‫‪59‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ما عادلت كلمة من لفظه الجزل‬


‫أو قدموها قناطيرا ً مقنطرة‬
‫ما وازنت حرف علم صافي النهل‬
‫مات الملوك وأهل العلم ذكرهمو‬
‫كالمسك في الناس ند عشرق جزل‬
‫لو أن عبدا ً حقير الصل ممتهنا ً‬
‫أصك مفتولة أذناه كالثعل‬
‫ممزق الثوب عار الظهر مشفرة‬
‫كمشفر الضب والكفان في شلل‬
‫أثط أفطس قد طالت ضفائره‬
‫طعامه من رخيص البقل والدقل‬
‫وعنده من علوم الوحي لنصدعت‬
‫له القلوب وصار الكون في جزل‬
‫ووقرته ملوك الرض وارتجفت‬
‫له المنابر في عز وفي جلل‬
‫وقربت نعله الشراف وافتخرت‬
‫به المدائن من سهل ومن جبل‬
‫منهج الدعاة‬
‫لله الحمد ما لبي ملب وهلل‬
‫وما قام عبد بالكتاب ورتل‬
‫وصل علي المختار من آل هاشم‬
‫مع آله والصحب أعلي وأكمل‬
‫أيا داعيا لله هاك وصيتي‬
‫عليك بتقوى الله يا صاح أول‬
‫وكن طالبا ً للعلم في كل ساعة‬
‫حريصا ً عليه مجمل ومفصل‬
‫وبالحكمة أنصح ل تكن ذا شراسة‬
‫غليظا ً وفظا ً صاخبا ً متعجل‬
‫عليك بأمر الرفق فهو محبب‬
‫وكن ل لهي ذاكرا ً متبل‬
‫وكن طيبا ً كالنحل يخرج طيبا ً‬
‫وتخرج شهدا ً صافيا ً ومعسل‬
‫ول تك نذل ً كالذباب مجثما ً‬
‫علي كل جرح للمحاسن مغفل‬
‫وغض عن الزلت واستر معائبا‬
‫وسامح عن التقصير وأعف تفضل‬
‫رحيما قريبا ً خاشعا ً ذا عزيمة‬
‫قويا ً حليما ً صامتا ً متهلل‬
‫ً‬
‫تقيا ً عفيفا ً خاشعا ُ ذا عزيمة‬
‫قويا ً بأمر الله للناس موئل‬
‫ول تنه عن شي وتأتيه ظالما ً‬
‫فتستوجب المقت المعجل والقل‬
‫وتابع رسول الله في كل خلة‬
‫فسنته أغلي وأحلي وأنبل‬

‫‪60‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وكن سلفي النهج ل رب بدعة‬


‫فمبتدع في الدين اخزي وأخذل‬
‫وكن زاهدا ً فالزهد أجمل حله‬
‫قنوعا ً صبورا ً مخبتا ً متجمل‬
‫وأوصيك بالخلص تنجو من الردى‬
‫كفي لك بالخلص أصل ً مؤصل‬
‫وكن وسطا ً في كل أمر فإنه‬
‫سبيل تراه للشريعة أسهل‬
‫وبشر ويسر ل تعسر منفرا‬
‫وأوجز إذا حدثنا متخول‬
‫وكن باسما ً طلق المحيا مرحبا‬
‫وضيفك أكثر ثم أهل ً وسهل‬
‫كريما ً فإن الجود أعظم ملبس‬
‫تري الفسل عريانا ً وإن كان مسبل‬
‫ول تنظر عند الشدائد صاحبا‬
‫ولو كنت ذا مجد معما ً ومخول‬
‫فما أكثر الصحاب حين تعدهم‬
‫وتلقاهم في النائبات سبهل‬
‫ول تكشف في حالة الفقر والغني‬
‫فكم حاسد أو شامت رام مقتل‬
‫كتابك أوفي الناس إن خان صاحب‬
‫فكن حلس بيت ل تضام وتبتلى‬
‫ودع أمس قد ولى فل تذكرنه‬
‫كذاك غدا ً لو كان بالسعد مقبل‬
‫وعش في حدود اليوم وانتظر الردى‬
‫بهمة شهم يقطع السير مرقل‬
‫وإن لمست أذنيك كلمة جاهل‬
‫فل تنتقم منه تكن أنت أجهل‬
‫كأنك لم تسمع فما ساد سيد‬
‫بغير احتمال فاحتمل تلف أفضل‬
‫ول تمس إل سالم الصدر خاليا‬
‫من الحقد والبغضاء تصبح أمثل‬
‫فوالله ما ساد الحسود وما عل‬
‫علي الناس إل من بني العفو منزل‬
‫ول تك سبابا ً غضوبا ً مخاصما‬
‫فتصبح ممقوتا ً كريها ً مجندل‬
‫لسانك قيدها ول تطلقنها‬
‫تري كل لفظ في الكتاب مسجل‬
‫ول تنس يوما ً يصبح الطفل أشيبا ً‬
‫به ويصير الصخر فيه مهلهل‬
‫وتذهل عما أرضعت كل مرضع‬
‫وتجهض عن حمل إذا كن حمل‬
‫فو أسفي إن اصبح السعي ضائعا‬
‫وواحسرتا إن اصبح الجهد مغفل‬

‫‪61‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وويله إن غلت يدا كل ظالم‬


‫وأقبل يعنو في الحديد مكبل‬
‫يقول أنا أعمي وقد كنت مبصرا‬
‫لنك في دنياك قد كنت مهمل‬
‫أقم أيها الداعي من الحق منهجا ً‬
‫ورد منهل التوحيد يكفيك منهل‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ول تقبل الفكار إل بشاهد‬


‫من الوحي وأحذر ل تكن متأول‬
‫وقف موقف السلف من كل نحله‬
‫ويا صاحب البرهان كن متعقل‬
‫ودع عنك أراء الرجال إذا خلت‬
‫من النص حتى ل تصير مضلل‬
‫وإياك والتقليد وأتبع محمدا ً‬
‫فسنته ترقي بك المجد والعل‬
‫فليس سوي شرع النبي محمد‬
‫نجاة فكم ليل بطلعته انجلى‬
‫فتابعه والزم نهجه وسبيله‬
‫لتلقاه في الخرى أغر محجل‬
‫دع الغي واركب في سفينة أحمد‬
‫فطوفان أهل الغي جاءك مقبل‬
‫عليك بتوقير الصحابة كلهم‬
‫هم القوم وتلقاهم أبر واعدل‬
‫يزكهم الرحمن جل جلله‬
‫أهل بعد هذا يطلب الناس مقول‬
‫رضوا كلهم عن ربهم فأثابهم‬
‫رضا ً واصطفاهم للشريعة جحفل‬
‫عليهم من الرحمن خير تحية‬
‫تضوع مسكا ً أوتفت قرنفل‬
‫وجزاهم الرحمن خير جزائه‬
‫فقد عمرو بالدين ربعا ً معطل‬
‫همو بذلوا الرواح والهول صاخب‬
‫وسيف المنايا صار نصل مفلل‬
‫همو قدموا أعناقهم في مواقف‬
‫لتقطع في ذات الله وتفضل‬
‫همو نصروا السلم من كل فاجر‬
‫همو بذلوا يوم المغارم ما غل‬
‫فإن كنت ل تستطع مثل فعالهم‬
‫فلتك عيابا لهم ومجهل‬
‫ول تشتري بالخلد عيشا منعما‬
‫ول ترضي إل أن تكون المبجل‬
‫فدنياك ل تعدل جناح بعوضة‬

‫‪62‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فتبا ً لها من مسكن الهم والبل‬


‫وأوصيك بالقران أعظم ناصح‬
‫له النفع يأبي عاجل ً ومؤجل‬
‫فرتله واطلب من إلهك أجره‬
‫وإياك أن تغدو به متأكل‬
‫وخذ بوصاياه وسلم بوعده‬
‫وصدقه في أخباره متأمل‬
‫فما بعده قول ول فوقه هدى‬
‫ول دونه رشد ول مثله عل‬
‫تلوته أجر وصحبته تقى‬
‫وتحكيمه فوز وترديه حل‬
‫عليك أخانا بالحياء فإنه‬
‫كتاج غدا بالصالت مكلل‬
‫لتذكر عند الله في خير حضرة‬
‫وتشكر عند الله في صفوة المل‬
‫وإن كثرت منك الذنوب ولم تعد‬
‫تطيق الخطايا أو ضجرت تململ‬
‫فتب توبة الخيار مهما تراكمت‬
‫عليك ذنوب صرت منها منكل‬
‫فربك غفار رحيم مسامح‬
‫تري عفو ذي الغفران أوفي وأجزل‬
‫وعش حلل واقتصاد وحرة‬
‫وحاذر أديم الوجه أن يتبذل‬
‫وإياك والسراف واللهو والخنا‬
‫ولذ بجلل الله ربي توكل‬
‫وما المجد إل العلم أشرف رتبة‬
‫فل تك في تقييده الدهر مهمل‬
‫فو الله لو تدري بأفضال نفعه‬
‫فما بت إل فيه صبا ً محصل ً‬
‫هم صفوة الرحمن في الناس كلهم‬
‫سوي من أتي بالوحي غضا وأرسل‬
‫طلبه أزكي البرية مذهبا‬
‫وحفاظه مثل النجوم تهلل‬
‫تري الكلب إن علمته حل صيده‬
‫ويحرم صيد الكلب إن عاش مهمل‬
‫وفي النمل يروي هدهد فضل علمه‬
‫أتي سليمان النبي مفضل‬
‫دفاع عن المام المجدد‬
‫محمد بن عبد الوهاب رحمه الله تعالي‬
‫الحق أبلج والسيوف عواري‬
‫شحذت لهل الرجس والوزار‬
‫من كف صنديد إذا حمي الوغي‬
‫خاض الردي بالصارم البتار‬
‫للحق أوس آخرون وخزرج‬

‫‪63‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫بلقرن قومي من بني النصار‬


‫ولقد فجعت وزاد همي إذ أتي‬
‫خبر يفوق جلئل الخبار‬
‫قالوا بأن سخيف عقل تافه‬
‫أهدي الذى لمجدد القطار‬
‫تبت يدا هذا الحقير وأفلست‬
‫كفاه إذ يبني بجرف هار‬
‫ما ضر نور الشمس خامل‬
‫متحذلق من كل فضل عار‬
‫وضع القبول لشيخنا وإمامنا‬
‫في السهل والنجاد والغوار‬
‫وردت فضائله النام وسافرت‬
‫شهرا ً رسائله مع الخطار‬
‫واستقبل التاريخ فجر حضوره‬
‫والناس حيت علمه بنهار‬
‫عمرت رسائله القلوب وأبهجت‬
‫فتواه أهل البدو والحضار‬
‫ودعا له في الرض كل موحد‬
‫من ارض أندلس إلي سنجار‬
‫وهوت على صيحاته وندائه‬
‫أوثان شرك ملعب الكفار‬
‫سحقت به الصنام وانتصرت به‬
‫أجيال أحمد سيد البرار‬
‫وتفتحت كل القلوب لقوله‬
‫إذ اصله مما أتي في الغار‬
‫كانت قبور الشرك يذبح عندها‬
‫ويطوف أهل الجهل بالحجار‬
‫وتقرب القربان من أهل الهوى‬
‫وتعلق الشارات بالشجار‬
‫حتى أتي المجدد حامل ً‬
‫نور الهدي من شرعة المختار‬
‫ما زاد في دين الرسول زيادة‬
‫كل ولم ينقص عن المقدار‬
‫بل تابع المعصوم في تعليمه‬
‫وسقي القلوب بفيض نهر جار‬
‫ما كان صوفيا ً ولم يك غاليا ً‬
‫حاشاه من نصب ورفض طاري‬
‫كل وما كان الخوارج صحبه‬
‫ما ذاك في ورد ول إصدار‬
‫بل كان سنيا ً إماما ً عالما ً‬
‫حمل الهدي حبر علي الحبار‬
‫وعلب الدليل بني جميع أصوله‬
‫من منبع القرآن والثار‬
‫هو قامع الشرك الوبيل بسيفه‬

‫‪64‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ومجدد السلم في المصار‬


‫نسف الضللة والخرافة والهوى‬
‫والبدعة الشنعاء بالبتار‬
‫صارت محبته علمة ناصر‬
‫للدين والبغضاء للشرار‬
‫فإذا رأيت المرء يلمز نهجه‬
‫ويعيبه بدسائس الفكار‬
‫فأهجر مريض القلب في أهوائه‬
‫ودع الخنا لمجالس الفجار‬
‫تمت خسارة كل من كره الهدي‬
‫والله يلحقه بأهل النار‬
‫فاز المام محمد بمكانة‬
‫تسمو علي الجوزاء في المقدار‬
‫وله لسان الصدق في أزماننا‬
‫مسك المديح كجونة العطار‬
‫فرحت بدعوته المدائن كلها‬
‫فرح الديار بصب المطار‬
‫وتباشرت كل القرى بقدومه‬
‫كتباشر العباد بالسحار‬
‫طالع رسائله ودونك علمه‬
‫واستفت قلبك فهو ذو أسرار‬
‫فإذا رأيت الصدر مشروحا ً له‬
‫والقلب في فرح وفي إعمار‬
‫فاحمد إلهك إذ هداك ول تقل‬
‫حزت الهدى بجدارة وبدار‬
‫وكتابة التوحيد كرر درسه‬
‫ما مل من درس ومن تكرار‬
‫فهو المصفى من جميع شوائب‬
‫قد صانه من لوثة وعثار‬
‫وهو الفريد أصالة وبراعة‬
‫هتفت له الرواح بالكبار‬
‫وجميع ما خطت يمين إمامنا‬
‫هي غاية التحقيق للخبار‬

‫)‪(2 /‬‬

‫فا الله يجزيه الذي هو أهله‬


‫ويحله في الخلد عقبي الدار‬
‫ويذل شانئه ويمحق خصمه‬
‫ويضاعف النكبات للكفار‬
‫يا رب يا من نصره متحقق‬
‫ل تبق فوق الرض من ديار‬
‫وإذا هجا نذل إماما ً بارعا ً‬
‫ما ضر ليث الغاب صوت الفار‬

‫‪65‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫خذها قواف كالصواعق أرسلت‬


‫قد حل بالنذال يوم دمار‬
‫إن لم يكن حسان رب قريضها‬
‫فأنا نسجت بشعره أشعاري‬
‫دفاع عن الصحابة‬
‫ـ رضي الله عنهم أجمعين ـ‬
‫دع عنك لومي يا حسود وأبعد‬
‫فأنا علي نهج النبي محمد‬
‫قضيت في علم الرسول شبيبتي‬
‫ونهلت بالتعليم أعذب مورد‬
‫تابعت أصحاب الحديث كأحمد‬
‫وكمالك ومسدد بن مسرهد‬
‫وبرئت من أهل الضلل وحزبهم‬
‫أو رأي زنديق وآخر ملحد‬
‫ونبذت رأي الجهم نبذ مسافر‬
‫لحذائه والجعد عصبة معبد‬
‫ل للخوارج لست من أتباعهم‬
‫هل أرتضي نهج الغوي المفسد‬
‫فولة أمر المسلمين نطيعهم‬
‫نأبى الخروج علي المام المهتدي‬
‫والمرجئون نفضت كفي منهمو‬
‫والصقر ل يأوي لبيت الهدهد‬
‫والرفض أخلعه وأخلع أهله‬
‫هم أغضبوا بالسب كل موحد‬
‫كل ول أرضى التصوف مشربا ً‬
‫تبا ً لهم من فرقة لم تهتد‬
‫كثتب ابن تيمية حسوت علومها‬
‫ونسختها في القلب فعل المجد‬
‫ومع المجدد قد ركبت مطيتي‬
‫من نجد أشرق مثل نور الفرقد‬
‫ل تسمعن لحاسدي في قوله‬
‫والله ما صدقوا أيصدق حسدي؟‬
‫والله لو كرهت يدي أسلفنا‬
‫لقطعتها ولقلت سحقا ً يا يدي‬
‫أو أن قلبي ل يحب محمدا ً‬
‫أحرقته بالنار لم أتردد‬
‫فأنا مع السلف أقفو نهجهم‬
‫وعلي الكتاب عقيدتي وتعبدي‬
‫فعلي الرسول وآله وصحابه‬
‫مني السلم بكل حب مسعد‬
‫هم صفوة القوام فأعرف قدرهم‬
‫وعلي هداهم يا موفق فأهتد‬
‫واحفظ وصية أحمد في صحبه‬
‫واقطع لجلهم لسان المفسد‬

‫‪66‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫عرضي لعرضهمو الفداء وإنهم‬


‫أزكي وأطهر من غمام أبرد‬
‫فالله زكاهم وشرف قدرهم‬
‫وأحلهم بالدين أعلي مقعد‬
‫شهدوا نزول الوحي بل كانوا له‬
‫نعم الحماة من البغيض الملحدد‬
‫بذلوا النفوس وأرخصوا أموالهم‬
‫في نصرة السلم دون تردد‬
‫ما سبهم إل حقير تافه‬
‫نذل يشوههم بحقد أسود‬
‫لغبار أقدام الصحابة في الردى‬
‫أغلي وأعلي من جبين البعد‬
‫ما نال أصحاب الرسول سوي امرئ‬
‫تمت خسارته لسوء مقصد‬
‫هم كالعيون ومسها إتلفها‬
‫إياك أن تدمي العيون بمرود‬
‫من غيرهم شهد المشاهد كلها‬
‫بل من يشابههم بحسن تعبد‬
‫ويل لمن كان الصحابة خصمه‬
‫والحاكم الجبار يوم الموعد‬
‫كل الصحابة عادلون وليس في‬
‫أعراضهم ثلب لكل معربد‬
‫أنسيت قد رضي الله عليهم‬
‫في توبة وعلي الشهادة فاشهد‬
‫فإذا سمعت بأن مخذول ً غدا‬
‫في ثلبهم فاقطع نياط المعتدي‬
‫مفتاح سبهم الموفق خالنا‬
‫أزجي التحايا للحليم الرشد‬
‫أعني معاوية الجليل وحسبه‬
‫إذ كان كاتب وحينا ثبت اليد‬
‫ما اختار المختار إل أنه‬
‫حبر أمين في صراط مهتد‬
‫ودعا له خير النام وبوركت‬
‫أيامه في ملك عدل أرغد‬
‫حتى تقي الدين قال‪ :‬دعا النبي‬
‫ل أشبع الرحمن بطن البعد‬
‫هو من مناقبه وخير خصاله‬
‫فأضف إلي تلك المناقب واعدد‬
‫ولعمرو داهية الدواهي حبنا‬
‫مهما جري حاز الرضي بتفرد‬
‫أنعم بفاتح مصر من قوادنا‬
‫لله درك من همام أوحد‬
‫لو كان في إيمانه شك لما‬
‫وله خير الخلق جيش المسجد‬

‫‪67‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫صلي بأصحاب الرسول ولم يكن‬


‫حاشاه من أهل النفاق بمشهد‬
‫لكن بغضهم يحاول ثلبهم‬
‫بتربص وتحرش وترصد‬
‫هو كالذباب علي الجراح وهمه‬
‫وضع الذى فعل الحقود النكد‬
‫حب الصحابة واجب في ديننا‬
‫هم خير قرن في الزمان الحمد‬
‫ونكف عن أخطائهم ونعدها‬
‫أجرا ً لمجتهد أتي في المسند‬
‫ونصونهم من حاقد ونحوطهم‬
‫بثنائنا في كل جمع أحشد‬
‫قد جاء في نص الحديث مصححا ً‬
‫الله في صحبي وصية أحمد‬
‫فبحبهم حب الرسول محقق‬
‫فأحذر تنقصهم وعنة فأبعد‬
‫هم أعمق القوام علما ً نافعا ً‬
‫وأقلهم في كلفة وتشدد‬
‫وأبرهم سعيا ً وأعظمهم تقي‬
‫طول المدى من منته أو مبتدي‬
‫قول أبن مسعود الصحابي ثابت‬
‫في فضلهم وإذا رويت فأسند‬
‫وعلمة السني كثرة ذكرهم‬
‫بالفضل إن الفضل تاج مسود‬
‫ثم الدعاء لهم وبث علومهم‬
‫وسلوك منهجهم برغم الحسد‬
‫وبراءة من مبغضيهم دائما ً‬
‫والكره للضلل والرأي الردي‬
‫ووجوب نصرتهم علي أعدائهم‬
‫من رافض أو ناصب أو ملحد‬
‫يا لئمي في حب صحب محمد‬
‫تبت يداك وخبت يوم الموعد‬
‫نحن الفداء لهم وليت فدؤانا‬
‫أعداءهم خير بشر نفتدي‬
‫طهر لسانك من تنقصهم ول‬
‫تسمع لنذل للغواة مقلد‬
‫واذهب مع السلف في توقيرهم‬
‫لصحابة والزم هداهم تسعد‬
‫واركب سفينة نوح تنج من الردى‬
‫فالسنة الغراء حصن موحد‬
‫هو مذهب الخيار كابن مسيب‬
‫وكمالك والشافعي وأحمد‬
‫أفتي تقي الدين فتوي عالم‬
‫في سفرة المنهاج في حرب الردي‬

‫‪68‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫من سبهم فالفيء عنه محرم‬


‫بل ليس من أتباعهم هو معتدي‬
‫واقرأ كلما ً في الصابة رائعا ً‬
‫وكذا أبن عبد البر إذ يشفي الصدي‬
‫وانصت إلي الذهبي في أخباره‬
‫عن فضلهم وكذا المحب وأورد‬
‫لبن الكثير فإنه ذو سنة‬
‫وعليه في نجد كلم مجدد‬
‫في لمعة والواسطية نهجنا‬
‫فعلي قواعدنا بنانك فاعقد‬
‫رتب منازلهم علي ما جاء في‬
‫تفضيلهم واحذر كلم مفند‬
‫فالراشدون أجللهم قدرا ً علي‬
‫ترتيبهم بخلفة وتسيد‬
‫ومبشرون بجنة فضلهمو‬
‫وكمن أتي بدرا ً بحسن المشهد‬
‫ولبيعة الرضوان فضل زائد‬
‫ولهل بيت المصطفي خير الندي‬
‫يا رب أنقذ صحبة من ظالم‬

‫)‪(3 /‬‬

‫من ينجد المظلوم إن لم تنجد‬


‫فالله يجمعنا بهم في جنة‬
‫في مقعد عند المليك مخلد‬
‫ما عائض القرني إل خادم‬
‫لعلومهم والله ربي مقصدي‬
‫صلي الله علي الرسول وآله‬
‫وصحابة ولكل عبد مهتدي‬
‫والحمد لله أول ً وصلي الله علي نبينا محمد وعلي آله وصحبه وسلم تسليما ً‬
‫كثيرا ً‬

‫)‪(4 /‬‬

‫تربية البناء ـ رؤية مشتركة ‪2‬‬


‫ضا مثار للخلفات بين الزوجين‪،‬‬ ‫إن موضوع تربية البناء مثار جدل ونقاش‪ ،‬وأي ً‬
‫إن حالت الطلق والفشل في الزواج ترجع معظمها إلى اختلف رؤية‬
‫الزوجين في تربية الولد‪.‬‬
‫وبداية ل بد أن نقر مبدأ إسلمية الزواج أساسي لنجاح الزواج واستمراره‬
‫ضا نجاح كل من الزوجين في تربية أبنائهما‪.‬‬ ‫وأي ً‬
‫ـ فنقول إن النجاح في الزواج أساسه في اختيار المرأة الصالحة والزوج‬
‫الصالح‪ ،‬ونجاح الزوجين في النصهار في بوتقة السلم على تربية الولد‬
‫التربية السلمية المنشودة‪.‬‬
‫ـ أما الفشل في تحقيق الزواج السلمي وسوء اختيار المرأة وسوء اختيار‬

‫‪69‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الرجل فله عواقب وخيمة على البيت كله‪.‬‬


‫ـ إن أي تناقض يقع في حياة الزوجين ينعكس بشكل تلقائي ومباشر وسريع‬
‫على تربية البناء وعلى نفوسهم‪.‬‬
‫إذن فالعامل الساسي في تحقيق التربية السلمية للبناء هو تحقيق‬
‫'إسلمية الزواج'‬
‫أخبرني ما مرجعيتك التربوية؟‬
‫ـ كل من الزوجين له فكره وعقله ونشأته ومرجعيته التي سيربى ابنه عليها‬
‫ومن هذه المرجعيات‪.‬‬
‫‪1‬ـ خبراتنا المكتسبة وخبرة الباء والجداد‪.‬‬
‫‪2‬ـ التقاليد والعادات والعراف‪.‬‬
‫‪3‬ـ الوسائل العلمية‪.‬‬
‫‪4‬ـ ما قام به الغربيون في علم النفس من دراسات متخصصة‪.‬‬
‫‪5‬ـ استشارة أهل الختصاص‪.‬‬
‫‪6‬ـ التربية السلمية‪.‬‬
‫الرؤية المشتركة ‪ ..‬وتربية البناء‬
‫الزواج شركة بين اثنين ورابطة مقدسة وميثاق غليظ ‪ ..‬والسرة هي اللبنة‬
‫الولى في بناء المجتمع ‪ ..‬والبناء هم ثمرة الزواج وقرة العين ‪ ..‬وعلى‬
‫الزوجين إذا رزقا بالبناء أن يكون لديهم رؤية مشتركة في طريقة تربية‬
‫أبنائهم‪ .‬وإلى أي مرجع تربوي من المراجع التي ذكرناها سيرجعون‪ ،‬والتفاق‬
‫من البداية ووجود أرضية مشتركة بينهما له أثره في علقة الزوجين في تربية‬
‫الولد‪.‬‬
‫ـ فنحن نربي القادة ونحن من يصنع شخصية البناء‪ ،‬فل بد أن نتسم بالحكمة‬
‫معهم والتفاق فيما بيننا وإذابة ما نستطيع إذابته من فوارق واختلفات بين‬
‫الزوجين‪.‬‬
‫ـ وإذا سألنا أنفسنا هل رزقنا الله بالولد لنهملهم ؟‬
‫هل رزقنا الله بالولد لنعذبهم ؟‬
‫هل رزقنا الله بالولد لنربي عندهم العقد واللم؟‬
‫إن ثمرة الزواج هي البناء وهم نعمة عظيمة من الله ل بد من استشعار‬
‫قيمتها وروعتها وجمالها‪.‬‬
‫ـ إن البناء يحتاجون إلى ـ الطعام‪ ،‬اللباس‪ ،‬والتوجيه‪ ،‬والتأديب‪ ،‬واللعب‪،‬‬
‫وتعلم الداب و و و ‪ ،...‬وليس بمجرد إطعام البناء نكون بذلك قد أدينا ما‬
‫علينا تجاههم وانتهت القضية‪ ،‬إن النسان كتلة معقدة مركبة من أربعة‬
‫جوانب‪.‬‬
‫جسمي ـ عقلي ـ اجتماعي ـ انفعالي‬
‫وعند التعامل مع البناء علينا أن نأخذ هذه الجوانب في العتبار‪.‬‬
‫ـ والبناء أمانة عند الوالدين‪ ،‬وعلى الزوجين تعويدهم خصال الخير وتربيتهم‬
‫التربية السلمية الصحيحة يقول المام الغزالي رحمه الله في إحيائه في‬
‫تعويد الولد خصال الخير‪:‬‬
‫ـ والصبي أمانة عند والديه وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة فإن عود الخير‬
‫وعلمه نشأ عليه وسعد في الدنيا والخرة‪ ،‬وإن عود الشر وأهمل إهمال‬
‫البهائم شقي وهلك ‪ ..‬وصيانته بأن يؤدبه ويهذبه ويعلمه محاسن الخلق'‪.‬‬
‫وفي ذلك يقول الشاعر‪:‬‬
‫وينشأ ناشئ الفتيان فينا على ما كان عوده أبوه‬
‫وما دان الفتى بحجي ولكن يعوده التدين أقربوه‬

‫‪70‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ويبقى لنا قبل النتهاء هذه السئلة‪:‬‬


‫ـ ما أثر الخلفات بين الزوجين على البناء؟‬
‫ـ ما أثر إهمال الزوجين أو أحدهما البناء؟‬
‫ل‪ :‬الخلفات بين الزوجين أمام البناء‪:‬‬ ‫أو ً‬
‫إن الختلفات في الحياة الزوجية أمر طبيعي‪ ،‬ولكن أن تكون هذه الخلفات‬
‫أمام البناء ول يراعي فيها حدود أدب التعامل بين الزوجين‪ ،‬فإن هذا غير‬
‫مقبول وغير طبيعي‪ ،‬ومما ل شك فيه أن هذا الحال سيؤثر سلًبا على الصحة‬
‫النفسية للبناء‪ ،‬فيتخوف البناء من تطور هذه الخلفات أو انتهائها بانفصال‬
‫الزوجين وتفكك السرة وهذا كله بالطبع يؤثر على تحصيل البناء ومستواهم‬
‫الدراسي‪.‬‬
‫وعلى الزوجين اللتزام بأدب الحوار في حال الختلف‪ ،‬فل تعلو الصوات أو‬
‫اليدي‪ ،‬فإن البناء حين يرون الم تضرب أو العكس وترفع الم صوتها على‬
‫الزوج فإن هذا مما ل شك فيه له أثر على البناء ل يحمد عقباه‪.‬‬
‫ومما يزعزع تماسك السرة الصراعات أمام البناء فتجدهم ينقسمون إلى‬
‫معسكرين أو أكثر‪ ،‬فتأمل حال بيت يقول الب فيه للولد‪ :‬ل تكلم أمك‪،‬‬
‫وتقول الم له‪ :‬ل تكلم أباك‪.‬والولد في دوامة وتمزق نفسي والجميع يعيشون‬
‫في نكد‪.‬‬
‫ثانًيا‪ :‬إهمال الزوجان أو إحداهما للبناء‪:‬‬
‫يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم‪' :‬كلكم راع وكلكم مسئول عن‬
‫رعيته‪ ،‬والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسئولة عن رعيتها' كذلك 'الرجل‬
‫في بيته راع ومسئول عن رعيته'‪.‬ـ ومن نص حديث الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم نفهم أن لكل من الزوج والزوجة دور وتتكامل هذه الدوار لرعاية‬
‫البناء وتربتهم‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫أما الب المشغول عن أولده لي ظرف من الظروف‪ .‬والم المشغولة عن‬


‫أولدها وعن تربيتهم أًيا كان سبب انشغالها عنهم‪ ،‬فإنهما بذلك يضيعون‬
‫المانة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪' :‬إن الله سائل كل راع عما‬
‫استرعاه‪ ،‬أحفظ ذلك أم ضيعه' ]رواه النسائي[‪.‬‬
‫وقد صدق أمير الشعراء حين قال‪:‬‬
‫ليس اليتيم من انتهى أبواه من هم الحياة وخلفاه ذليل ً‬
‫ما تخلت أو أًبا مشغول ً‬‫إن اليتيم من تلقى له أ ً‬
‫ـ إن تربية البناء على قدر ما يظن الناس أنها صعبة وشاقة على قدر ما هي‬
‫يسيرة هينة إذا توافرت في البوين مطالب‪:‬‬
‫‪1‬ـ رغبة صادقة في صلح البناء تثمر انشغال ً حقيقًيا بهم‪.‬‬
‫‪2‬ـ تحديد للهدف المراد تحقيقه في البناء‪.‬‬
‫‪3‬ـ علم بقواعد التربية الساسية وأساليبها لتحقيق الوصول إلى الهدف‬
‫المنشود‪.‬‬
‫‪4‬ـ وقت لتنفيذ كل ما سبق‪.‬‬
‫‪5‬ـ دعاء مستمر صادق للبناء بالطبع وليس عليهم‪.‬‬
‫وإلى حين اللقاء قريبا لكم منا أطيب التحيات‬
‫والسلم عليكم ورحمة الله وبركاته‬

‫‪71‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫تربية البناء‬
‫ل‪ :‬مفهوم تربية البناء‪.‬‬ ‫أو ً‬
‫ثانيا‪ :‬العلقة بين مفهوم التربية والتعليم‪.‬‬ ‫ً‬
‫ثالثًا‪ :‬المسؤولية التربوية‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬المعوقات التربوية‪:‬‬
‫‪ -1‬إهمال السرة تربية البناء حتى يعتادوا الشر‪.‬‬
‫‪ -2‬فقدان القدوة الحسنة في البيئة السرية‪.‬‬
‫‪ -3‬تفويض المور التربوية إلى الخادمات‪.‬‬
‫‪ -4‬وجود القدوة السيئة والخلطة بهم‪.‬‬
‫خامسًا‪ :‬كيفية بناء الجوانب الشخصية لدى البناء‪:‬‬
‫‪ -1‬البناء العلمي‪.‬‬
‫‪ -2‬البناء العتقادي‪.‬‬
‫‪ -3‬البناء الخلقي‪.‬‬
‫‪ -4‬البناء التعبدي‪.‬‬
‫‪ -5‬البناء الجتماعي‪.‬‬
‫‪ -6‬البناء الصحي‪.‬‬
‫‪ -7‬البناء الفكري‪.‬‬
‫‪ -8‬البناء العملي المهني‪.‬‬
‫سادسًا‪ :‬الساليب المعينة على تربية البناء‪:‬‬
‫‪ -1‬التربية بالقدوة‪.‬‬
‫‪ -2‬التربية بالترغيب والترهيب‪.‬‬
‫‪ -3‬التربية بالقصة‪.‬‬
‫‪ -4‬التربية بالموعظة‪.‬‬
‫‪ -5‬التربية بضرب المثال‪.‬‬
‫سابعًا‪ :‬المبادئ التربوية الهامة‪:‬‬
‫‪ -1‬اقتران العلم النظري بالممارسات العملية‪.‬‬
‫‪ -2‬التدرج في العملية التربوية‪.‬‬
‫‪ -3‬توجيه الملكات والمواهب حسب ميول المرّبى‪.‬‬
‫‪ -4‬مراعاة تكليف الطفل ما يعقله عند العملية التربوية‪.‬‬
‫‪ -5‬مراعاة الفروق الفردية‪.‬‬
‫‪ -6‬المتابعة والتقويم‪.‬‬
‫‪ -7‬ترك المجال للولد في اللعب والترويح‪.‬‬
‫‪ -8‬استخدام أسلوب التعريض عند العملية التربوية‪.‬‬
‫ثامنًا‪ :‬من أقوال السلف‪.‬‬
‫تاسعًا‪ :‬ملحقات البحث‪) :‬قصص‪ ،‬أبيات شعرية‪ ،‬محامد‪ ،‬أدعية‪ ،‬مراجع‬
‫للتوسع(‪.‬‬
‫ل‪ :‬مفهوم تربية البناء‪:‬‬ ‫أو ً‬
‫التربية لغة‪ :‬مشتقة من أصول ثلثة‪:‬‬
‫من ِربا ً‬
‫م ّ‬
‫ما ءات َي ْت ُ ْ‬
‫الصل الول‪ :‬ربا يربو‪ ،‬بمعنى زاد ونما‪ ،‬ومنه قوله تعالى‪} :‬وَ َ‬
‫َ‬
‫ه{ ]الروم‪.[39 :‬‬ ‫عند َ الل ّ ِ‬‫س فَل َ ي َْرُبوا ْ ِ‬
‫ل الّنا ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ل ّي َْرب ُوَا ْ ِفى أ ْ‬
‫م َ‬
‫د‪ ،‬بمعنى أصلحه‪ ،‬وتوّلى أمره‪ ،‬وساسه‬ ‫م ّ‬‫ب ي َُرب بوزن مد ّ ي ُ‬ ‫الصل الثاني‪َ :‬ر ّ‬
‫وقام عليه‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫سسُتهم‪.‬‬ ‫ب الشيء إذا أصلحه‪ ،‬ورّبيت القوم أي‪ُ :‬‬ ‫يقال‪ :‬ر ّ‬
‫فى‪ ،‬بمعنى نشأ وترعرع؛ وعليه‬ ‫خ َ‬
‫في ي َ ْ‬‫خ ِ‬‫ى على وزن َ‬ ‫الصل الثالث‪َ :‬رِبي َيرب َ‬
‫قول ابن العرابي‪:‬‬
‫كة منزلي وبها رب َْيت‬ ‫فمن يك سائل ً عني فإني بم ّ‬
‫البناء لغة‪ :‬جمع ابن‪ ،‬وأصله بنو‪ ،‬قال ابن فارس‪" :‬الباء والنون والواو كلمة‬
‫واحدة‪ ،‬وهو الشيء يتوّلد عن الشيء كابن النسان وغيره"‪.‬‬
‫وتربية البناء‪ :‬تنشئتهم وإعدادهم في جميع جوانبهم الشخصّية وفق المنهج‬
‫السلمي لتحقيق العبودية لله عز وجل‪.‬‬
‫لسان العرب )‪ (5/126‬مادة ربا‪.‬‬
‫لسان العرب )‪ (96–5/95‬مادة ربب‪.‬‬
‫لسان العرب )‪ (5/128‬مادة ربا‪.‬‬
‫لسان العرب )‪ (5/128‬مادة ربا‪.‬‬
‫مقاييس اللغة )‪ (1/303‬مادة بنو‪.‬‬
‫الجوانب الشخصية‪ :‬الجانب اليماني‪ ،‬والعلمي‪ ،‬والفكري‪ ،‬والخلقي‪،‬‬
‫والجتماعي‪ ،‬والصحي‪ ،‬والمهني‪ .‬انظر‪ :‬الجوانب الساسية لمقداد يالجن )ص‬
‫‪.(6‬‬
‫ينظر‪ :‬الدراسات التربوية لحمد الغامدي )ص ‪ ،(21‬وأصول التربية السلمية‬
‫لخالد الحازمي )‪.(19‬‬
‫ثانيًا‪ :‬العلقة بين مفهوم التربية والتعليم‪:‬‬
‫التربية أعم وأشمل من التعليم؛ ذلك أن التعليم يعتني بتنمية الجانب العقلي‬
‫فقط من جوانب النسان‪ ،‬وهذا الجانب ي ُعَد ّ جزءا ً من التربية التي ُتعنى بتنمية‬
‫جميع جوانب النسان‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬جوانب التربية السلمية الساسية لمقداد يالجن )ص ‪.(26‬‬
‫رابعًا‪ :‬المعوقات التربوية‪:‬‬
‫‪ -1‬إهمال السرة تربية البناء حتى يعتادوا الشر‪:‬‬
‫دى فقد أساء إليه‬ ‫قال ابن القيم‪" :‬فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه وتركه س ً‬
‫غاية الساءة‪ ،‬وأكثر الولد إنما جاء فسادهم من قبل الباء وإهمالهم لهم‪،‬‬
‫وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه‪ ،‬فأضاعوهم صغارًا‪ ،‬فلم ينتفعوا بأنفسهم‪،‬‬
‫ولم ينفعوا آباءهم كبارًا"‪.‬‬
‫‪ -2‬فقدان القدوة الحسنة في البيئة السرية‪:‬‬
‫قال القاسمي‪" :‬إذا لحظ المرء ما ينجم من التربية المنزلية يجد أنه كما‬
‫يكون الهل يكون الطفل في الغالب‪ ،‬فإن كانوا ذوي نظام وطباع كريمة‬
‫ب الطفل كذلك لما علم من أنه مّيال للتقليد والمحاكاة‪ ،‬وإن كانوا جهلء‬ ‫ش ّ‬
‫ب الطفل على ذلك"‪.‬‬ ‫أغبياء وذوي خمول أو ضعف في العزيمة ش ّ‬
‫‪ -3‬تفويض السرة المور التربوية إلى الخادمات‪:‬‬
‫ما في حياة الطفال‬ ‫ً‬
‫قال أحمد محمد جمال‪" :‬إن الشغالت يلعبن دورا مه ّ‬
‫النفسية فكثيرا ً ما يلجأن إلى تخبئة الحقائق‪ ،‬والسماح للطفال بتصرفات‬
‫تناقض أوامر الوالدين"‪.‬‬
‫‪ -4‬وجود القدوة السيئة والخلطة بهم‪:‬‬
‫ي من لغو الكلم وفحشه‪ ،‬ومن‬ ‫قال القاسمي ناصحا ً الوالدين‪" :‬ويمنع الصب ّ‬
‫اللعن والسب‪ ،‬ومن مخالطة من يجري على لسانه شيء من ذلك؛ فإن ذلك‬
‫يسري ل محالة من قرناء السوء‪ ،‬وأصل تأديب الصبيان الحفظ من قرناء‬
‫السوء"‪.‬‬
‫تحفة المودود )ص ‪.(139‬‬

‫‪73‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫موعظة المؤمنين )ص ‪.(204‬‬


‫نساء وقضايا )ص ‪.(48‬‬
‫موعظة المؤمنين )ص ‪.(204‬‬
‫خامسًا‪ :‬كيفية بناء الجوانب الشخصية لدى البناء‪:‬‬
‫‪ -1‬البناء العلمي‪:‬‬
‫مة أن يترّقى إلى الفضائل‪،‬‬ ‫يقول ابن الجوزي ناصحا ً ابنه‪" :‬فينبغي لذي اله ّ‬
‫فيتشاغل بحفظ القرآن وتفسيره‪ ،‬وبحديث الرسول صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫وبمعرفة سيره وسير أصحابه والعلماء من بعدهم‪ ،‬ول بد ّ من معرفة ما يقيم‬
‫به لساَنه من النحو‪ ،‬ومعرفة طرف مستعمل في اللغة‪ ،‬والفقه أصل العلوم‪،‬‬
‫مها نفعًا"‪.‬‬‫والتذكير حلواؤها وأع ّ‬

‫)‪(1 /‬‬

‫والبناء العلمي يكون بالمور التالية‪:‬‬


‫ـ التنويه بفضل العلم ومكانة العلماء‪ ،‬وغرس ذلك في نفوس البناء‪.‬‬
‫ـ تعليمهم آداب طالب العلم‪.‬‬
‫صص العلمي حسب استعداداتهم وميولهم‪.‬‬ ‫ـ تركيز البناء على التخ ّ‬
‫ـ تعليمهم المنهجية في الطلب‪.‬‬
‫‪ -2‬البناء العتقادي‪:‬‬
‫مَتي الشهادة وفهم‬ ‫ي فأول واجب عليه تعّلم كل َ‬ ‫قال ابن قدامة‪" :‬فإذا بلغ الصب ّ‬
‫معناهما‪ ،‬وينبغي أن يتعّلم اليما َ‬
‫ن بالبعث والجنة والنار‪."...‬‬
‫ويكون البناء العتقادي بالتي‪:‬‬
‫ـ تعليم البناء المسائل اليمانية والمباحث العقدية‪.‬‬
‫ـ استخدام الدلة العقلية والحقائق العلمية في دعم المباحث العقدية‪.‬‬
‫ـ تكوين عاطفة قوية دافعة إلى السلوك الحسن لدى البناء بموجب العقيدة‬
‫الصحيحة‪.‬‬
‫ـ توضيح آثار التربية اليمانية على الفرد المسلم للبناء‪.‬‬
‫‪ -3‬البناء الخلقي‪:‬‬
‫ُ‬
‫خلقه؛ فإنه‬‫قال ابن القيم‪" :‬ومما يحتاج إليه الطفل غاية الحتياج العتناء بأمر ُ‬
‫وده المربي في صغره"‪.‬‬ ‫ينشأ على ما ع ّ‬
‫ويتمثل البناء الخلقي في التي‪:‬‬
‫ـ تعريف البناء بأهمية الخلق وغرسها في قلوبهم‪.‬‬
‫ـ الوقوف بهم على معالم الخلق وحدودها وضوابطها‪.‬‬
‫ـ تنشئة البناء على القيم الخلقية في جميع المراحل العمرية‪ ،‬مع استخدام‬
‫كافة الساليب التربوية في ذلك‪.‬‬
‫ـ تنمية روح اللتزام والرادة الخلقية‪.‬‬
‫‪ -4‬البناء التعّبدي‪:‬‬
‫ً‬
‫قال أبو الوليد الباجي لْبنْيه موصيا لهما‪" :‬وتنقسم وصّيتي لكما قسمين‪:‬‬
‫فقسم فيما يلزم من أمر الشريعة؛ فأما القسم الول فاليمان بالله عز‬
‫وجل‪ ...‬والتمسك بكتاب الله‪ ...‬وإقام الصلة فإنها عمود الدين‪ ...‬ثم أداء‬
‫خر عن وقتها‪ ...‬ثم صيام رمضان فإنه عبادة السّر وطاعة‬ ‫زكاة المال ل تؤ ّ‬
‫ً‬
‫ب‪ ...‬ثم الحج إلى بيت الله الحرام من استطاع إليه سبيل‪."...‬‬ ‫الر ّ‬
‫ويتركز البناء التعّبدي فيما يلي‪:‬‬
‫ـ تنمية روح المحبة للعبادات بالتعريف بها وذكر فضلها وأهميتها‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ـ تنشئة البناء على العبادة منذ المراحل الولى‪ ،‬وتدريبهم عمليا ً عليها‬
‫بالساليب التربوية‪.‬‬
‫ـ تحلية نفوسهم بالنيات الحسنة‪ ،‬وتطهيرها من النيات السيئة‪.‬‬
‫ـ تكوين الوعي الكامل لدى البناء بالثار التربوية للعبادات‪.‬‬
‫‪ -5‬البناء الجتماعي‪:‬‬
‫قال القاسمي‪" :‬الوقت الذي تمضيه في أداء الواجبات الجتماعية ليس بوقت‬
‫ب الغير ومعاونته والعمل على نشر العلم وتقليل وطأة الفاقة‬ ‫ضائع؛ لن ح ّ‬
‫كلها من دلئل السعادة"‪.‬‬
‫والبناء الجتماعي يكون بالتي‪:‬‬
‫ـ تنمية روح الخوة اليمانية لدى البناء‪.‬‬
‫ـ تعريفهم بمقاصد الوحدة السلمية والتكافل الجتماعي‪.‬‬
‫ـ تعليمهم الحقوق الجتماعية‪ ،‬مع بيان أهميتها في بناء كيان المجتمع‪.‬‬
‫ـ تكوين شخصية اجتماعية مراعية لضوابط الخلطة الجتماعية‪.‬‬
‫صحي‪:‬‬ ‫‪ -6‬البناء ال ّ‬
‫قهم بمعروفك أولدك؛ فإنهم أمانات‬ ‫قال السعدي‪" :‬أولى الناس ببّرك وأح ّ‬
‫صاك بتربيتهم تربية صالحة لبدانهم وقلوبهم‪ ...‬فإنك إذا‬ ‫جعلهم الله عندك‪ ،‬وو ّ‬
‫أطعمتهم وكسوتهم وقمت بتربية أبدانهم فأنت قائم بالحقّ مأجور"‪.‬‬
‫ويتمثل البناء الصحي في التي‪:‬‬
‫ـ تعليم البناء اللتزام بقواعد الصحة العامة‪.‬‬
‫ـ تبصيرهم بأن الفرائض والسنن السلمية تساعد على صحة البدن‪.‬‬
‫ـ تعويدهم على ممارسة الرياضة البدنية وفق الضوابط الشرعية‪.‬‬
‫ـ تبصيرهم بآداب البناء الجسمي‪.‬‬
‫‪ -7‬البناء الفكري‪:‬‬
‫قال السعدي‪" :‬وينبغي للوالد أن يشاور أولده في المور المتعلقة بهم‪،‬‬
‫ودهم على تربية أفكارهم وتنمية عقولهم"‪.‬‬ ‫ويستخرج آراءهم‪ ،‬ويع ّ‬
‫والبناء الفكري يكون بالمور التية‪:‬‬
‫ـ تعويد ذهن البناء على الستنباط واستخراج المسائل العلمية من النصوص‪.‬‬
‫ـ تنميتهم على استدامة التفكير والنظر المعتبر في مخلوقات الله عز وجل‪.‬‬
‫ـ إبعاد ذهن البناء عن التفكير في المور الفاسدة‪.‬‬
‫ـ ترويض أذهانهم على تدبر وتفهم اليات القرآنية والحاديث النبوية‪.‬‬
‫‪ -8‬البناء العملي المهني‪:‬‬
‫ى أو جاه ـ أن‬ ‫قال جمال الدين القاسمي‪" :‬خليق بالباء ـ وإن كانوا في غن ً‬
‫يرّبوا أولدهم على مبدأ العتماد على النفس والستقلل بأن يستعد ّ في حياة‬
‫والديه للعمل؛ لن الحياة ل تقوم إل بالحركة والسعي والعمل والتدبير"‪.‬‬
‫ويتمثل البناء المهني في التي‪:‬‬
‫ـ تبصير البناء بفضل العمل وأهميته‪ ،‬وتنمية ذلك في نفوسهم‪.‬‬
‫ـ تعليم البناء أخلقيات العمل وآدابه‪.‬‬
‫ـ تعليمهم الفنون القتصادية حسب رغباتهم وقدراتهم‪.‬‬
‫لفتة الكبد إلى نصيحة الولد )ص ‪.(34–30‬‬
‫ينظر‪ :‬علم النفس التربوي في السلم ليوسف القاضي ومقداد يالجن )ص‬
‫‪.(291–282‬‬
‫مختصر منهاج القاصدين )ص ‪.(20‬‬
‫ينظر‪ :‬علم النفس التربوي في السلم )ص ‪.(267–241‬‬
‫تحفة المودود )ص ‪.(146‬‬

‫‪75‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ينظر‪ :‬علم النفس التربوي في السلم )ص ‪.(360–356‬‬


‫الوصية للباجي )ص ‪.(30–28‬‬
‫علم النفس التربوي في السلم )ص ‪.(334–306‬‬
‫جوامع الداب في أخلق النجاب )ص ‪.(16‬‬
‫الحقوق الجتماعية‪ :‬كحق الوالدين‪ ،‬والحقوق الزوجية‪ ،‬وحق الجوار‪ ...‬الخ‪.‬‬
‫ينظر‪ :‬علم النفس التربوي في السلم )ص ‪.(379–363‬‬
‫بهجة قلوب البرار‪ ،‬المجموعة الكاملة‪ :‬قسم الحديث )‪.(128‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫ينظر‪ :‬علم النفس التربوي في السلم )ص ‪.(394–385‬‬


‫الرياض الناضرة‪ ،‬المجموعة الكاملة‪ :‬قسم الثقافة )‪.(1/415‬‬
‫ينظر‪ :‬جوانب التربية السلمية لمقداد يالجن )ص ‪.(134–83‬‬
‫جوامع الداب في أخلق النجاب )ص ‪.(47‬‬
‫ينظر‪ :‬أصول التربية السلمية للحازمي )ص ‪.(128–171‬‬
‫سادسًا‪ :‬الساليب المعينة على تربية البناء‪:‬‬
‫‪ -1‬التربية بالقدوة‪:‬‬
‫ّ‬
‫ص واجبات معلميهم أن يكونوا قدوة حسنة‪ ،‬وأن‬ ‫قال القاسمي‪" :‬فمن أخ ّ‬
‫ب العمل وامتلك النفس والصبر‬ ‫ّ‬ ‫ح‬ ‫ـ‬ ‫نشأتهم‬ ‫ووا فيهم ـ وهم في بدء‬ ‫يق ّ‬
‫والثبات"‪.‬‬
‫‪ -2‬التربية بالترغيب والترهيب‪:‬‬
‫ث على الخير وترغيب‪،‬‬ ‫قال السعدي‪" :‬فالموّفق ل يزال مع أولده في ح ّ‬
‫وزجر عن الشر وترهيب‪ ،‬وتربية عالية وتأديب‪ ،‬حتى يرى من فلحهم ما تقّر‬
‫به عينه في الحياة‪ ،‬وبعد الممات"‪.‬‬
‫‪ -3‬التربية بالقصة‪:‬‬
‫ن القصة المحكمة الدقيقة تطرق‬ ‫ّ‬
‫ما ل شك فيه أ ّ‬ ‫قال مّناع القطان‪" :‬م ّ‬
‫السامع بشغف‪ ،‬وتنفذ إلى النفس البشرية بسهولة ويسر‪ ...‬ولذا كان‬
‫السلوب القصصي أجدى نفعا ً وأكثر فائدة‪ ،‬والمعهود حتى في حياة الطفولة‬
‫ل الطفل إلى سماع الحكاية‪ ،‬ويصغي إلى رواية القصة‪ ...‬هذه‬ ‫أن يمي َ‬
‫منها في مجالت التعليم"‪.‬‬ ‫الظاهرة الفطرية ينبغي للمرّبين أن يفيدوا ِ‬
‫‪ -4‬التربية بالموعظة‪:‬‬
‫عى بطريق الموعظة‬ ‫َ‬ ‫يد‬ ‫خر‬
‫ّ‬ ‫وتأ‬ ‫غفلة‬ ‫نوع‬ ‫عنده‬ ‫الذي‬ ‫"القابل‬ ‫قال ابن القيم‪:‬‬
‫الحسنة"‪.‬‬
‫‪ -5‬التربية بضرب المثال‪:‬‬
‫قال عبد الرحمن النحلوي‪" :‬فالتربية بالمثال القرآنية والسنة النبوية طريقة‬
‫ظف العقل والوجدان وتربيهما‪ ...‬وهي طريقة ذات‬ ‫تربوية قائمة بذاتها‪ ،‬تو ّ‬
‫نتائج فعالة في حياة الفرد والجماعة‪ ،‬ذات أثر عميق في النفس والسلوك‪،‬‬
‫وفي كيان المجتمع وتكوين علقاتهم"‪.‬‬
‫جوامع الداب )ص ‪.(23‬‬
‫بهجة قلوب البرار‪ ،‬المجموعة الكاملة‪ :‬قسم الحديث )ص ‪.(128‬‬
‫مباحث في علوم القرآن )ص ‪.(305‬‬
‫مفتاح دار السعادة )ص ‪.(217‬‬
‫التربية بضرب المثال )ص ‪.(10‬‬
‫مة‪:‬‬ ‫سابعًا‪ :‬المبادئ التربوية الها ّ‬

‫‪76‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ -1‬اقتران العلم النظري بالممارسات العملية‪:‬‬


‫ّ‬
‫قال القاسمي‪" :‬فمن أراد أن يحصل لنفسه خلقُ الجود فطريقه أن يتكلف‬
‫تعاطي فعل الجود وهو بذل المال‪ ،‬فل يزال يطالب نفسه ويواظب عليه‬
‫سه حتى يصير ذلك طبعا ً له"‪.‬‬ ‫تكّلفا ً مجاهدا ً نف َ‬
‫‪ -2‬التدّرج في العملية التربوّية‪:‬‬
‫ن العلوم للمتعّلمين إنما يكون مفيدا ً إذا كان‬ ‫قال ابن خلدون‪" :‬اعلم أن تلقي َ‬
‫ل"‪.‬‬‫على التدّرج شيئا ً فشيئًا‪ ،‬وقليل ً قلي ً‬
‫‪ -3‬توجيه الملكات والمواهب حسب ميول المرّبى‪:‬‬
‫ل الصبي وما هو مستعد ّ له من‬ ‫مد حا ُ‬ ‫قال ابن القيم‪" :‬ومما ينبغي أن يعت َ‬
‫العمال ومهّيأ له منها؛ فيعلم أنه مخلوق له‪ ،‬فل يحمله على غيره ما كان‬
‫مأذونا ً فيه شرعًا‪ ،‬فإنه إن حمله على غير ما هو مستعد ّ له لم يفِلح فيه‪،‬‬
‫ح الدراك جّيد الحفظ واعيا ً‬ ‫ن الفهم صحي َ‬ ‫وفاته ما هو مهّيأ له‪ ،‬فإذا رآه حس َ‬
‫ل وجه وهو‬ ‫فهذه من علمات قبوله وتهي ِّئه للعلم‪ ...‬وإن رآه بخلف ذلك من ك ّ‬
‫كنه من أسباب الفروسية والتمّرن عليها"‪.‬‬ ‫مستعد ّ للفروسية‪ ...‬م ّ‬
‫‪ -4‬مراعاة تكليف الطفل ما يعقله عند العملية التربوية‪:‬‬
‫مّر عمر بن الخطاب على امرأة وهي توِقظ ابنها لصلة الصبح‪ ،‬فهو يأبى‪،‬‬
‫فقال‪:‬‬
‫)دعيه‪ ،‬ل تعنتيه‪ ،‬فإنها ليست عليه حتى يعقلها(‪.‬‬
‫‪ -5‬مراعاة الفروق الفردية‪:‬‬
‫دد وظائف المعلم‪" :‬ومنها‪ :‬أن ينظَر في فهم المتعّلم‪،‬‬ ‫قال ابن قدامة وهو يع ّ‬
‫ومقدار عقله‪ ،‬فل ُيلقي إليه ما ل يدركه فهمه‪ ،‬ول يحيط به عقله"‪.‬‬
‫‪ -6‬المتابعة والتقويم‪:‬‬
‫قال القاسمي‪" :‬ومهما رأى فيه ـ أي‪ :‬في الصبي ـ مخايل التمييز فينبغي أن‬
‫صبي المستحي ل ينبغي‬ ‫يحسن مراقبته‪ ،‬وأول ذلك ظهور أوائل الحياء‪ ...‬فال ّ‬
‫مل‪ ،‬بل يستعان على تأديبه"‪.‬‬ ‫أن يه َ‬
‫ّ‬
‫‪ -7‬ترك المجال للولد في اللعب والترويح‪:‬‬
‫فعن الحسن أنه دخل منزله وصبيان يلعبون فوق البيت‪ ،‬ومعه عبد الله ابنه‪،‬‬
‫عهم‪ ،‬فإن اللعب ربيعهم(‪.‬‬ ‫فنهاهم‪ ،‬فقال الحسن‪) :‬د َ ْ‬
‫‪ -8‬استخدام أسلوب التعريض عند العملية التربوية‪:‬‬
‫دد صفات المربي‪" :‬أن يزجَر المتعّلم عن سوء الخلق‬ ‫قال القرافي وهو يع ّ‬
‫بطريق التعريض ما أمكن‪ ،‬ول يصّرح؛ لن التصريح يهتك حجاب الهيبة‪،‬‬
‫ويورث الجرأة على الهجوم"‪.‬‬
‫موعظة المؤمنين )ص ‪.(197‬‬
‫المقدمة )‪.(1/734‬‬
‫تحفة المودود )ص ‪.(148‬‬
‫انظر‪ :‬العيال لبن أبي الدنيا )ص ‪.(220‬‬
‫مختصر منهاج القاصدين )ص ‪.(26‬‬
‫موعظة المؤمنين )ص ‪.(204‬‬
‫انظر‪ :‬العيال لبن أبي الدنيا )ص ‪.(335‬‬
‫انظر‪ :‬إحياء علوم الدين )‪.(2/71‬‬
‫ثامنًا‪ :‬من أقوال السلف‪:‬‬
‫ب ابنك‪ ،‬فإّنك‬ ‫سن أد َ‬‫ـ قال ابن عمر رضي الله عنهما لرجل‪) :‬يا هذا‪ ،‬أح ِ‬
‫مسؤول عنه‪ ،‬وهو مسؤول عن بّرك(‪.‬‬
‫ت ولدي القرآن وأحججته‬ ‫ُ‬ ‫لم‬‫ّ‬ ‫ع‬ ‫)إذا‬ ‫عنه‪:‬‬ ‫ـ قال سعيد بن العاص رضي الله‬

‫‪77‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫قي عليه(‪.‬‬‫قه‪ ،‬وبقي ح ّ‬‫تح ّ‬


‫وزّوجته فقد قضي ُ‬
‫ن أدبه"‪.‬‬
‫ـ قال سفيان الثوري‪" :‬من حقّ الولد على الوالد أن يحس َ‬
‫انظر‪ :‬العيال لبن أبي الدنيا )ص ‪.(231‬‬
‫انظر‪ :‬العيال لبن أبي الدنيا )ص ‪.(225‬‬
‫انظر‪ :‬العيال لبن أبي الدنيا )ص ‪.(232‬‬
‫تاسعًا‪ :‬ملحقات البحث‪:‬‬
‫قصص‪:‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫‪ -1‬قال محمد بن عمران الضبي‪ :‬سمعت أبي يحكي قال‪ :‬مّر سفيان الثوري‬
‫ووا‬
‫ن للصلة‪ ،‬ويقول‪ :‬استووا‪ ،‬اعتدلوا‪ ،‬س ّ‬ ‫ف الصبيا َ‬ ‫بزياد بن كثير‪ ،‬وهو يص ّ‬
‫ضع يديك‬‫مناكبكم وأقدامكم‪ ،‬اّتكئ على رجلك اليسرى‪ ،‬وانصب اليمنى‪ ،‬و َ‬
‫على ركبتيك‪ ،‬ول تسّلم حتى يسّلم المام من كل الجانبين‪ ،‬فقام سفيان‬
‫ب"‪.‬‬
‫ن الدب يطفئ غضب الر ّ‬ ‫ينظر‪ ،‬ثم قال‪" :‬بلغني أ ّ‬
‫‪ -2‬قال حسن بن علي بن حسن‪ :‬دخلت مع أبي على حسن بن علي‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫سَنة؟ قال‪ :‬سبع سنين‪ ،‬قال‪ :‬فمره بالصلة‪.‬‬ ‫كم لبنك هذا من َ‬
‫‪ -3‬قال رجل للعمش‪ :‬هؤلء الطفال حولك! قال‪ :‬اسكت‪ ،‬هؤلء يحفظون‬
‫عليك أمر دينك‪.‬‬
‫أبيات شعرية‪:‬‬
‫ل عليها ينبت الشجر‬ ‫ن الصو َ‬
‫ينشأ الصغير على ما كان والده ‪ ... ...‬إ ّ‬
‫ود بنيك على الداب في الصغر‬ ‫ع ّ‬
‫فإنما مثل الداب تجمعها‬
‫هي الكنوز التي تنمو ذخائرها ‪ ... ...‬كيما تقّر بهم عيناك في الكبر‬
‫في عنفوان الصبا كالنقش في الحجر‬
‫ر‬
‫ول يخاف عليها حادث العب ِ‬
‫ن من أدبته في الصبا‬ ‫وإ ّ‬
‫ً‬
‫حتى تراه مورقا ناضرا ‪ ... ...‬كالعود يسقى الماء في غرسه‬ ‫ً‬
‫بعد الذي أبصرت من يبسه‬
‫ب الحداث من صغر‬ ‫قد ينفع الد ُ‬
‫ب‬
‫متها اعتدلت ‪ ... ...‬وليس ينفع بعد الشيبة الد ُ‬ ‫ن الغصون إذا قوّ ْ‬ ‫إ ّ‬
‫ب‬
‫ُ‬ ‫خش‬ ‫ُ‬ ‫ال‬ ‫ومتها‬ ‫ّ‬ ‫ق‬ ‫إذا‬ ‫تلين‬ ‫ولن‬
‫محامد‪:‬‬
‫ب العالمين‪ ،‬بّين بقويم الشرع حقوق البنات والبنين‪ ،‬وأقام‬ ‫‪ -1‬الحمد لله ر ّ‬
‫بقسطاط العدل ميزانه في العالمين‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل الله وحده ل شريك‬
‫له‪ ،‬فطر الوالدين على محبة الذرية‪ ،‬وأبان بحكمته البالغة منهج التأديب‬
‫والتربية‪ ،‬وأشهد أن محمدا ً عبده المبعوث بأجل العبادات‪ ،‬وأكمل الداب‪،‬‬
‫ل وسّلم وبارك على‬ ‫ب وأخلص عابد‪ ،‬فاللهم ص ّ‬ ‫أكرم نبي ووالد‪ ،‬وأفضل مر ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫مد وعلى آله وصحبه‪ ،‬وسلم تسليما كثيرا إلى يوم الدين‪.‬‬ ‫نبينا مح ّ‬
‫‪ -2‬الحمد لله العظيم شأنه‪ ،‬العزيز سلطانه‪ ،‬الدائم بره وإحسانه‪ ،‬وأشهد أن‬
‫ن على من يشاء بالولد‪ ،‬وجعلهم فتنة‬ ‫م ّ‬ ‫ل إله إل الله وحده ل شريك له‪َ ،‬‬
‫يتبين بها الشاكر الذي يقوم بتربيتهم ويصونهم عن الفساد‪ ،‬والمهمل الذي‬
‫يتهاون بتهذيبهم فيكون عليه حسرة في الدنيا ويوم يقوم الشهاد‪ ،‬وأشهد أن‬
‫محمدا ً عبد الله ورسوله‪ ،‬دعانا إلى الصلح والتأديب والتربية والتهذيب؛‬

‫‪78‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫القائل‪)) :‬ما نحل والد ٌ ولدا ً نحل ً أفضل من أدب حسن((‪ ،‬صلى الله وسلم‬
‫وبارك عليه‪ ،‬وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم المعاد‪.‬‬
‫أدعية‪:‬‬
‫ك{ ]البقرة‪.[127:‬‬ ‫ة لّ َ‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫س‬‫م‬ ‫ة‬ ‫م‬‫ُ‬ ‫أ‬ ‫نا‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫ُ‬ ‫ذ‬ ‫من‬ ‫و‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫ْ‬
‫ّ َِّ ّ ً ّ ْ ِ َ ً‬ ‫َ ِ‬ ‫}َرب َّنا َ ْ َ َ ُ ْ ِ َ ْ ِ‬
‫ي‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫نا‬ ‫ل‬ ‫ع‬‫ج‬ ‫وا‬
‫عاء{ ]آل عمران‪.[138:‬‬ ‫ميعُ الد ّ َ‬ ‫س ِ‬ ‫ك َ‬ ‫ة إ ِن ّ َ‬‫ة ط َي ّب َ ً‬ ‫ك ذ ُّري ّ ً‬ ‫من ل ّد ُن ْ َ‬ ‫ب ِلى ِ‬ ‫ب هَ ْ‬ ‫}َر ّ‬
‫مامًا{ ]الفرقان‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن إِ َ‬
‫قي َ‬ ‫جعَل َْنا ل ِل ْ ُ‬
‫مت ّ ِ‬ ‫ن َوا ْ‬ ‫جَنا وَذ ُّرّيات َِنا قُّرة َ أعْي ُ ٍ‬ ‫ن أْزوا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ل ََنا ِ‬ ‫}َرب َّنا هَ ْ‬
‫‪.[74‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م َ‬
‫ل‬ ‫ن أعْ َ‬ ‫ى وَعَلى وال ِد َىّ وَأ ْ‬ ‫ت عَل ّ‬ ‫م َ‬ ‫ك الِتى أن ْعَ ْ‬ ‫مت َ َ‬‫ن أشك َُر ن ِعْ َ‬ ‫ب أوْزِعِْنى أ ْ‬ ‫}َر ّ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ت إ ِلي ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫ن{‬ ‫مي َ‬ ‫سل ِ ِ‬‫م ْ‬‫ن ال ُ‬ ‫م َ‬‫ك وَإ ِّنى ِ‬ ‫ح ِلى ِفى ذ ُّري ِّتى إ ِّنى ت ُب ْ ُ‬ ‫صل ِ ْ‬ ‫ضاه ُ وَأ ْ‬ ‫صاِلحا ت َْر َ‬ ‫َ‬
‫]الحقاف‪.[15:‬‬
‫مراجع للتوسع‪:‬‬
‫كتاب العيال لبن أبي الدنيا‪.‬‬
‫الوصية لبي الوليد الباجي‪.‬‬
‫تحفة المودود بأحكام المولود لبن قيم الجوزية‪.‬‬
‫لفتة الكبد إلى نصيحة الولد لبن الجوزي‪.‬‬
‫جوامع الداب في أخلق النجاب لجمال الدين القاسمي‪.‬‬
‫تحرير المقال في آداب وأحكام وفوائد يحتاج إليها مؤّدبو الطفال للهيثمي‪.‬‬
‫انظر‪ :‬الحلية لبي نعيم )‪.(7/79‬‬
‫انظر‪ :‬العيال لبن أبي الدنيا )ص ‪.(222‬‬
‫انظر‪ :‬الكفاية في علم الرواية )ص ‪.(215‬‬
‫أدب الدنيا والدين للماوردي )ص ‪.(238‬‬
‫جواهر الدب للهاشمي )ص ‪.(709‬‬
‫جامع بيان العلم وفضله )‪.(1/86‬‬
‫جواهر الدب )ص ‪.(709‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫تربية الشباب ‪ -‬الهداف والوسائل‬


‫المقدمة إن الحمد لله‪ ،‬نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه‪ ،‬ونعوذ بالله‬
‫من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده الله فل مضل له‪ ،‬ومن يضلل فل‬
‫هادي له‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل الله وحده ل شريك له‪ ،‬وأشهد أن محمدا ً عبده‬
‫ورسوله‪،‬أما بعد‪ :‬فقد كان من إيجابيات الصحوة السلمية اليوم أن قامت‬
‫دمت برامج لعداد الناشئة ورعايتهم‪ .‬وهو جهد متميز‪،‬‬ ‫بجهد تربوي‪ ،‬وق ّ‬
‫ة‬ ‫جل لجيل الصحوة‪ ،‬ونتائجه التي نراها في الواقع ناطق ٌ‬‫وتجربة فريدة ُتس ّ‬
‫بذلك‪ .‬وهو جهد يفوق المكانات والطاقات العاملة فيه‪ .‬ومع تميز هذا الجهد‬
‫إل أنه ل يزال يعاني من قصور ومشكلت‪ ،‬أفرزتها عوامل عدة‪ ،‬منها‪ -1 :‬أنه‬
‫ن أوقات‬ ‫م ْ‬
‫يعتمد على فضلة أوقات المربين والمتربين؛ إذ هو يتم فيما فضل َ‬
‫العمل والدراسة‪ ،‬والنوم والراحة‪ ،‬والرتباطات الجتماعية والعائلية‪ -2 .‬أن‬
‫الهوة الواسعة بين المتطلبات والمكانات‪ ،‬وبين أعداد من يفتقرون إلى‬
‫ً‬
‫التربية وأعداد المربين‪ ،‬أدت إلى العتماد على عناصر تملك خبرة وتأهيل أقل‬
‫مما ينبغي لمثل هذه المواقع‪ -3 .‬عدم وجود برامج ُأعدت بطريقة علمية‬
‫لعداد المربين وتأهيلهم‪ ،‬يضاف لذلك ضعف اعتناء كثير من المربين بالرفع‬
‫من مستوى تأهيلهم؛ مما زاد من الممارسات المعتمدة على المحاولة‬
‫والخطأ‪ ،‬وتعميم التجارب الشخصية المحدودة‪ -4 .‬الفقر الشديد في‬

‫‪79‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الدراسات والكتابات التربوية التي تجمع بين الخبرة العلمية والتخصص‪،‬‬


‫وتبتعد عن اللغة العلمية المتخصصة التي قد تصعب على كثير من المربين‪.‬‬
‫‪ -5‬أن التجربة التربوية لجيل الصحوة تجربة فريدة‪ ،‬وفيها جوانب من‬
‫الخصوصية أفرزت إشكالت وتساؤلت لم تكن مطروحة في الدبيات‬
‫التربوية المتخصصة‪ ،‬ومن ثم يصعب على المربين أن يجدوا في المكتبة‬
‫التربوية ما يجيب بعمق على بعض تساؤلتهم‪ -6 .‬أن محاضن الصحوة‬
‫التربوية تسير ضد التيار؛ فكثير من مجتمعات المسلمين ونظم التعليم‪،‬‬
‫وأجواء المدارس‪ ،‬والسر‪ ،‬كل ذلك في أحيان كثيرة يفسد ما يبنيه المربون‪.‬‬
‫‪ -7‬أن كثيرا ً من المشكلت ومظاهر القصور التربوي في مجتمعات‬
‫المسلمين انعكست على الفراد‪ ،‬كالسطحية في التفكير‪ ،‬والتخلف‬
‫الحضاري‪ ،‬وضيق الفق‪ ،‬وضعف الثقة بالنفس…‪.‬إلخ‪ ،‬مما أضاف على‬
‫ل‪ ،‬ويزيد المر تعقيدا ً أن المربين أنفسهم من أبناء هذه‬
‫المربين عبئا ً هائ ً‬
‫المجتمعات‪ ،‬فورثوا هذه المراض كغيرهم وصارت جزءا ً من تفكيرهم)‪ (1‬و‬
‫من أبرز مظاهر هذا القصور ‪ -‬الذي كان نتاج تلك العوامل وغيرها‪ :-‬الضعف‬
‫التربوي الذي يبدو لدى فئات كثيرة‪ ،‬وضعف الفاعلية والنتاجية‪ ،‬وغياب‬
‫المبادرة‪ ،‬وبروز حالت التساقط والتراجع…‪.‬إلخ‪ .‬ومع ذلك يبقى الجهد‬
‫التربوي لجيل الصحوة جهدا ً يستحق الشادة‪ ،‬ومظاهر القصور والضعف‬
‫ينبغي أن تدفعنا إلى التصحيح والصلح‪ ،‬ل إلى النقد اللذع والستهانة بجهود‬
‫العاملين‪ ،‬فلن تضيء شمعة خير من أن تلعن الظلم ألف مرة‪ .‬ومن ثم‬
‫تجيء هذه المحاولة من الكاتب لوضع بعض الشارات والضاءات للمربين‪،‬‬
‫عّلها تسهم في وضع لبنة في هذا البناء الشامخ بإذن الله تعالى‪ ،‬وقد سعيت‬
‫أن يكون هذا الكتاب كافيا ً لما يحتاجه المربي حديث الخبرة من أهداف‬
‫تربوية ووسائل تعين على تحقيقها‪ ،‬وتحدثت فيه بإيجاز عن الهداف التربوية‬
‫وصياغتها‪ ،‬ثم عن أهم خصائص المرحلة وسماتها‪ ،‬وبعد ذلك تناولت الهداف‬
‫التربوية مقسما ً لها على مجالت رئيسة‪ ،‬فأذكر في كل مجال هدفا ً عامًا‪ ،‬ثم‬
‫أتبعه بوسائل عامة‪ ،‬ثم أختم بذكر أهداف فرعية‪ ،‬وأشير في ثنايا كل هدف‬
‫إلى بعض الوسائل المعينة على تحقيقه‪ ،‬وقد تتكرر بعض الوسائل لرتباطها‬
‫بأكثر من هدف‪ ،‬كالقدوة على سبيل المثال‪ .‬وحرصت قدر المكان على‬
‫اليجاز وعدم الستطراد‪ ،‬إل فيما أرى أن له أهمية‪ ،‬كما تجاوزت الحديث عن‬
‫القضايا التي أعتقد أنها بدهية بالنسبة لجمهور المخاطبين بهذا الكتاب‪،‬‬
‫كالحديث عن المضامين التربوية ونحو ذلك‪ ،‬وسيبقى ما يحتاج إلى إجمال أو‬
‫كر أو إهمال قضية نسبية تختلف فيها الراء‪ .‬ومع أن فكرة هذا‬ ‫تفصيل‪ ،‬أو ذِ ْ‬
‫الكتاب ومعظم مادته كانت لدي منذ مدة مضت‪ ،‬إل أني ترددت كثيرا ً في‬
‫إصداره‪ ،‬وآثرت النتظار والتريث لهمية مثل هذا الموضوع‪ ،‬وأخيرا ً استعنت‬
‫بالله في إصداره‪ ،‬وكلي أمل أن يقرأه المربون بعين النقد ل بعين التلقي‪،‬‬
‫وأن يتعاملوا معه على أنه رأي شخصي ل مسلمات علمية‪ ،‬وأنه مهما اجتهد‬
‫الكاتب في تحريره والعتناء به فلن يخرج من أسر التجارب والخبرة‬
‫الشخصية المحدودة في إطار الزمان والمكان‪ ،‬ولن يخرج من أسر القصور‬
‫البشري‪ ،‬فما كان فيه من حق فبتوفيق الله وعونه‪ ،‬وما كان من قصور فمن‬
‫نفسي والشيطان‪ ،‬والله ورسوله بريئان مما أقول‪ .‬ول أنسى هنا أن أسجل‬
‫شكري وتقديري لكل الخوة الذي تفضلوا بقراءة مسودة الكتاب ووافوني‬
‫بملحوظاتهم‪ ،‬وعلى رأسهم الدكتور محسن المحسن أستاذ أصول التربية‬
‫المساعد‪ ،‬والدكتور خالد العودة أستاذ أصول التربية المساعد‪ ،‬والدكتور‬
‫عبدالله العثيم أستاذ المناهج وطرق التدريس‬

‫‪80‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫المساعد‪ ،‬والدكتور خالد بازيد استشاري الطب النفسي‪ ،‬والستاذ‬


‫عبدالرحمن المزروع المشرف التربوي‪ ،‬والستاذ عبد الله البريدي‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬
‫ن للمربين‪ ،‬وأن يجعل هذا‬‫والله أسأل أن يكون في هذا الجهد فائدة وعو ٌ‬
‫العمل خالصا ً لوجهه الكريم‪ ،‬إنه سميع مجيب‪ ،‬وصلى الله وسلم على نبينا‬
‫محمد وآله وصحبه‪ ،،،،‬محمد بن عبدالله الدويش الرياض ‪7/3/1422‬هـ ص‬
‫ب ‪ 52960‬الرياض ‪ dweesh@dweesh.com 11573‬حاشية )‪ )(1‬يدور اليوم‬
‫في أدبيات الصحوة نقد لذع لهذه المراض والمظاهر‪ ،‬لكن زوالها يحتاج‬
‫لكسر الحلقة المفرغة‪ ،‬ففاقد الشيء ليعطيه‪ ،‬وإدراك المشكلة ليس وحده‬
‫كافيا ً في حلها‪ ،‬وإن كان خطوة مهمة‪. (.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫الفصل الول‪ :‬الهداف التربوية إن العمل المنتج هو العمل الذي ينطلق من‬
‫أهداف واضحة محددة‪ ،‬يعيها العاملون‪ ،‬ويوظفون المكانات والوسائل‬
‫المتاحة لهم لتحقيقها‪ .‬والهدف في اللغة ‪-‬كما قال ابن فارس‪" :-‬الهاء والدال‬
‫والفاء أصيل يدل على نصب وارتفاع‪ ،‬والهدف‪ :‬كل شيء عظيم مرتفع‪،‬‬
‫شخيص الجافي‪ :‬هدفًا‪...‬والهدف‪ :‬الغرض‪...‬وأهدف لك‬ ‫ولذلك سمي الرجل ال ّ‬
‫ً‬
‫الشيء‪ :‬انتصب")‪ (1‬ويمكن أن نحدد مفهوم الهدف التربوي ‪-‬بعيدا عن‬
‫الجدل المنطقي حول أزمة التعريف‪ -‬بأنه‪ :‬التغير المرغوب الذي تسعى‬
‫العملية التربوية إلى تحقيقه لدى الفرد أو لدى المجتمع‪ .‬وثمة أمور لبد من‬
‫مراعاتها ونحن نتحدث عن الهداف‪ :‬الول‪ :‬التوازن بين إهمال الهداف‬
‫والغراق فيها؛ فالعمل دون هدف واضح محدد مدعاة للتخبط والضطراب‪،‬‬
‫ولذا قيل‪ :‬إذا خرجت من منزلك بدون هدف فكل الطرق توصلك إلى المكان‬
‫الذي تريد‪ ،‬وأولئك الذين يعملون دون أهداف واضحة تتنوع اجتهاداتهم‪،‬‬
‫وتختلف طرقهم وأساليبهم بين يوم وآخر‪ .‬ومع ذلك فالعتناء بالهداف ينبغي‬
‫أن ل يؤدي إلى التحول إلى آلة‪ ،‬بحيث يتطلع النسان إلى أن يكون هناك‬
‫هدف واضح ومحدد لكل عمل صغير وكبير يقوم به‪ ،‬وتكون كل كلمة أو توجيه‬
‫قد صدرت عن تخطيط واعتبار‪ .‬فالنسان بشر يعتريه ما يعتريه‪ ،‬ولو استطاع‬
‫اللتزام الصارم بالتخطيط في الصغيرة والكبيرة مدة محددة‪ ،‬فإنه لن‬
‫يستطيع ذلك على المدى الوسع‪ .‬ثم إنه تخطر للمربي خواطر‪ ،‬وتجد ّ له‬
‫قضايا‪ ،‬والغراق في التحديد الدقيق المسبق والمفصل للهداف يحول دون‬
‫الستفادة مما يجد من ذلك‪ .‬فالعتدال والوسطية سنة الله في خلقه‬
‫وشرعه‪ .‬الثاني‪ :‬المناداة والمطالبة بتحديد الهداف والنطلق في العمل منها‬
‫جزء من التفاعل مع تطور الحياة المعاصرة وتعقدها‪ ،‬وقد كان من نتاج هذا‬
‫التطور نشأة علوم وتفرع تخصصات‪ ،‬كعلم الدارة والتربية والجتماع وعلم‬
‫النفس‪ ،‬وسائر فروع العلوم النسانية التي لم تكن معروفة من قبل‪ ،‬كما كان‬
‫من نتاج ذلك التفرع الدقيق في التخصصات‪ .‬ومن ذلك تغير برامج طلب‬
‫العلم ووسائله‪ ،‬الذي كان في إطار المساجد والحلق‪ ،‬فنشأت الجامعات‬
‫بأنظمتها وبرامجها‪ .‬وكما أن الخذ بأسباب القوة المادية مطلوب اليوم‪،‬‬
‫فالخذ بهذه السباب التي هي من السباب المعنوية أمر له أهميته‪ .‬الثالث‪:‬‬
‫السعي للتأصيل الشرعي‪ ،‬والستدلل بالنصوص الشرعية‪ ،‬والهتداء بعمل‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم أمر له أهميته‪ ،‬بل هو مطلب لبد منه لضمان‬

‫‪81‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫السير على المنهج الشرعي في الدعوة والتغيير‪ ،‬لكن مما ينبغي أن يلحظ‬
‫في هذا الطار‪ :‬أ ‪ -‬أن من الهداف ما يدخل تحت أصول شرعية عامة‪،‬‬
‫كتقديم الولويات‪ ،‬ورعاية المصالح ودرء المفاسد‪ ،‬وسد الذرائع…‪.‬إلخ‪ .‬وليس‬
‫بالضرورة أن يكون لكل هدف دليل أو نص خاص‪ .‬ب ‪ -‬من الهداف ما أملته‬
‫ظروف العصر‪ ،‬وأفرزه القصور التربوي السائد في مجتمعات المسلمين‪،‬‬
‫وهذا ل يفتقر إلى استدلل؛ إذ هو جزء من صفات النسان السوي المنتج‪،‬‬
‫لكن الواقع المعاصر أسهم في فقدانه‪ .‬ومن المثلة على ذلك‪ :‬تنمية المبادرة‬
‫الذاتية‪ ،‬وكثير من الهداف في الجانب العقلي‪ .‬ج ‪ -‬أن كثيرا ً من الوسائل‬
‫تدخل في إطار الصل العام للوسائل وهو الباحة؛ فكل وسيلة تؤدي إلى غاية‬
‫دعوية مشروعة ‪ -‬ما لم تكن محرمة في ذاتها‪ -‬فهي مباحة‪ ،‬وتعاطيها سائغ ‪،‬‬
‫وليس شرطا ً أن يكون قد ورد فيها نص يدل على مشروعيتها‪ ،‬والمطالب‬
‫بالدليل هو من َيمنع ل من يبيح)‪ (2‬د ‪ -‬كثيرا ً ما نستدل على بعض الوسائل‬
‫الواردة في ثنايا هذا البحث بما ورد من هدي النبي صلى الله عليه وسلم من‬
‫باب تدعيم الحديث في ذلك والتأكيد عليه‪ ،‬لكنه ل يعني افتقار جواز إتيان‬
‫تلك الوسيلة إلى النص عليها كما سبق بيانه‪ ،‬وإن كانت الوسائل النبوية ‪ -‬ما‬
‫لم تكن أملتها ظروف العصر وطبيعته ‪ -‬أولى وأجدى من غيرها‪ .‬وظيفة‬
‫الهداف التربوية ‪ :‬يعد تحديد الهداف التربوية نقطة الرتكاز والمنطلق‬
‫الساس في العمل التربوي‪ ،‬وتكمن أهمية الهداف ووظيفتها فيما يلي ‪-1 -:‬‬
‫أنها تشكل الساس والمنطلق في العملية التربوية كلها؛ إذ هي تعني حشد‬
‫الطاقات والمكانات للوصول لهذه الهداف‪ -2 .‬أنها تسهم في اختيار المربين‬
‫وتتحكم في ذلك؛ فالمربي الناجح هو الذي يستطيع تحقيق هذه الهداف‬
‫وتحويلها إلى واقع ملموس‪ -3 .‬أنها تسهم في تحديد البرامج والوسائل‬
‫التربوية‪ ،‬فهي إنما تقام لتحقيق هذه الهداف‪ -4 .‬أنها تسهم وتتحكم في‬
‫تحديد مضمون ومحتوى ما يقدم من معارف ومعلومات‪ -5 .‬أنها تسهم في‬
‫الستثمار المثل لوقات العاملين وجهودهم؛ فعدم وضوح الهداف يؤدي إلى‬
‫ضياع أوقات وجهود كثيرة‪ -6 .‬أنها تمثل الساس والمنطلق في تقويم العمل‬
‫التربوي‪ ،‬فالتقويم إنما يتم بناء على مستوى ما تحقق من الهداف)‪(3‬‬
‫شروط صياغة الهداف ‪ :‬حتى تؤدي الهداف وظيفتها المرادة لبد من أن‬
‫تتحقق فيها شروط عدة‪ ،‬ما بين شروط تحقق لها النضباط بضوابط الشرع‪،‬‬
‫وشروط في صياغتها ولغتها‪ ،‬ومن ذلك‪-1 :‬أن تكون مشتقة من الثوابت‬
‫والصول‬

‫)‪(3 /‬‬

‫الشرعية‪ ،‬متفقة مع منهج أهل السنة والجماعة‪ ،‬بمفهومه الواسع الشامل‪.‬‬


‫‪ -2‬أن تراعى في أولوياتها المقاصد الشرعية؛ فتعطي كل جانب ما يستحقه‬
‫دون إفراط ول تفريط‪ ،‬فل تقدم السلوك مثل ً على العتقاد‪ -3 .‬الواقعية‬
‫بحيث تكون ممكنة التطبيق‪ ،‬فل تكون مثالية موغلة في الخيال‪ -4 .‬لشمول‬
‫بحيث تشمل الجوانب التربوية للفرد والمجتمع كلها‪ ،‬ول تكون قاصرة على‬
‫مجال دون غيره‪ -5 .‬أن تصاغ بطريقة علمية سليمة‪ -6 .‬الوضوح والدقة‪،‬‬
‫بحيث ل يختلف اثنان في تفسيرها‪ -7 .‬أن تكون محددة غير عائمة‪ ،‬وأل‬
‫يشتمل الهدف على أكثر من عنصر)‪ (4‬مستويات الهداف ‪ :‬تقسم الهداف‬
‫التربوية إلى ثلثة مستويات‪) :‬أعلى ومتوسط ومحدد (‪ ،‬ويقسمها بعض من‬
‫كتب في التربية السلمية إلى مستويات أربع‪ ،‬وتبقى مستويات الهداف‬

‫‪82‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫مجال ً للخذ والعطاء‪،‬لن فيها قدًرا من النسبية ومن التقسيمات الشائعة‪،‬‬


‫مايلي‪ - 1 :‬الغاية العليا‪ :‬وهي تحقيق العبودية لله تبارك وتعالى‪ ،‬ويجب أن‬
‫تكون هذه الغاية هي التي تحكم سائر الهداف‪ ،‬بل أن تكون جميع الهداف‬
‫موصلة إليها ومحققة لها‪ ،‬وهي غاية دعوة النبي صلى الله عليه وسلم كما‬
‫ن} )الذاريات‪ (56:‬وعن ربيعة‬ ‫دو ِ‬‫س ِإل ل ِي َعْب ُ ُ‬
‫ن َوال ِن ْ َ‬‫ج ّ‬‫ت ال ْ ِ‬ ‫خل َ ْ‬
‫ق ُ‬ ‫ما َ‬ ‫قال تعالى‪{:‬وَ َ‬
‫بن عباد قال‪ :‬والله إني لذكره يطوف على المنازل بمنى وأنا مع أبي غلم‬
‫شاب ووراءه رجل حسن الوجه أحول ذو غديرتين‪ ،‬فلما وقف رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم على قوم قال‪" :‬أنا رسول الله يأمركم أن تعبدوه ول‬
‫تشركوا به شيئًا" ويقول الذي خلفه‪ :‬إن هذا يدعوكم إلى أن تفارقوا دين‬
‫آبائكم‪ ،‬وأن تسلخوا اللت والعزى وحلفاءكم من بني مالك بن أقيش إلى ما‬
‫جاء به من البدعة والضلل‪ .‬قال‪ :‬فقلت لبي‪ :‬من هذا؟ قال‪ :‬هذا عمه أبو‬
‫لهب عبد العزى بن عبد المطلب)‪ . (5‬بل الدعوة لتوحيد الله وعبادته هي‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫هل‬ ‫حي إ ِل َي ْهِ أن ّ ُ‬
‫ل ِإل ُنو ِ‬
‫سو ٍ‬
‫ن َر ُ‬
‫م ْ‬
‫ك ِ‬‫ن قَب ْل ِ َ‬ ‫سل َْنا ِ‬
‫م ْ‬ ‫ما أْر َ‬
‫غاية دعوة سائر النبياء { وَ َ‬
‫َ‬
‫ن} )النبياء‪ - 2 .(25:‬المستوى العام للهداف ‪ :‬وهي التي‬ ‫دو ِ‬ ‫إ ِل َ َ‬
‫ه ِإل أَنا َفاعْب ُ ُ‬
‫تمثل الهداف العامة لتربية الفرد والمجتمع المسلم وتكون مشتقة من الغاية‬
‫وموصلة إليها‪" .‬والهداف في هذا المستوى تفتقر إلى التحديد والواقعية‪،‬‬
‫فهي عبارات عامة جدا ً يستريح لها القارئ فهما ً وتنظيرًا‪ ،‬ولكنه يجد صعوبة‬
‫في ترجمتها لخبرات تربوية‪ ،‬كما أن المتربي لن يجد خطوات محددة يسير‬
‫عليها‪ ،‬أو معالم بارزة ينتهي عندها")‪ (6‬لكنها ضرورية ولبد منها‪ ،‬وما يليها من‬
‫الهداف يشتق منها‪ ،‬ويوصل إليها‪ ،‬ومن أمثلة هذه الهداف‪ - :‬تحقيق البناء‬
‫اليماني في نفوس الطلب‪ - .‬رفع مستوى الصحة النفسية والستقرار‬
‫النفسي لدى الطلب‪ - 3 .‬المستوى المتوسط للهداف ‪ :‬وهي الهداف التي‬
‫تختص بمرحلة دراسية أو عمرية أو مدة زمنية معينة‪ ،‬وهي تشتق من‬
‫الهداف العامة وتوصل إليها‪ ،‬وأغلب حديثنا في هذا الكتاب هو حول هذا‬
‫المستوى‪ .‬ومن أمثلة هذا المستوى‪ - :‬تكوين العتزاز بالسلم ومبادئه‪- .‬‬
‫تنقية الدين من البدع والخرافات‪ - .‬تعريف الطالب بقدراته وإمكاناته‪- 4 .‬‬
‫المستوى المحدد للهداف‪ :‬وهي التي تكون خاصة بوحدة دراسية معينة‪ ،‬أو‬
‫برنامج تربوي معين‪ ،‬وتشتق من المستوى المتوسط‪ ،‬وتكون أكثر تحديدا ً‬
‫ودقة‪ ،‬ويجب أن تكون قابلة للقياس‪ .‬ومن أمثلة هذا المستوى‪ - :‬أن يستطيع‬
‫الطالب تطبيق خطوات التفكير العلمي‪ - .‬أن يفرق الطالب بين الركن‬
‫والواجب في الصلة‪ .‬مثال يوضح مستويات الهداف وتدرجها‪ :‬ويوضح المثال‬
‫التي تدرج الهداف وفق المستويا ت المختلفة‪ :‬فالعداد الدعوي هدف عام‬
‫اشتققنا منه أربعة أهداف متوسطة تؤدي إليه‪ ،‬وتحققه‪ ،‬ثم قمنا باختيار أحد‬
‫الهداف المتوسطة‪ ،‬واشتققنا منه أربعة أهداف محددة تؤدي إليه‪ ،‬كما يتضح‬
‫من الشكل التي‪ :‬وما سنذكره في هذا الكتاب حول الهداف حديث عام‪ ،‬ل‬
‫يغني المربي عن أن يضع خطة تفصيلية وأهدافا ً محددة تتناسب مع طبيعة‬
‫العمل الذي يقوم به‪ ،‬كما يتضح من الملحق‪ .‬الحاشية )‪ ) (1‬مقاييس اللغة‬
‫‪ ) (2) .(.6/40‬انظر‪ :‬لقاء الباب المفتوح للشيخ ابن عثيمن )‪ ،(15/49‬قواعد‬
‫الوسائل )‪ ،(317‬مجلة المشكاة )ع ‪ (1‬حكم التمثيل في الدعوة إلى الله(‪) .‬‬
‫‪) (3‬انظر‪ :‬أهداف التربية السلمية‪ .‬علي خليل أبو العينين )‪) (4) .( (14-13‬‬
‫انظر‪ :‬أهداف التربية السلمية وغاياتها‪ .‬مقداد يالجن )‪ (35-34‬أهداف التربية‬
‫السلمية‪ .‬علي خليل أبو العينين )‪ .(16-15‬التخطيط والمتابعة بين النظرية‬
‫والممارسة‪ .‬طلل الغرياني )‪ ) (5) .(.(122-112‬رواه أحمد )‪) .( .(15597‬‬
‫‪) (6‬علم النفس الدعوي )‪.( .(21‬‬

‫‪83‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬خصائص المرحلة المرحلة التي نتحدث عنها هي مرحلة‬


‫الشباب‪ ،‬ويقع جزء كبير منها في مرحلة المراهقة‪ ،‬وهي مرحلة متميزة لها‬
‫سماتها وخصائصها‪ .‬ومن ثم فمن المهم التعريف بخصائص هذه المرحلة‬
‫وسماتها‪ ،‬والحديث المفصل عنها يطول‪ ،‬لذا سنتحدث هاهنا بإيجاز عن أهم‬
‫خصائص المرحلة وسماتها‪ ،‬وهذا ل يغني المربي عن الرجوع إلى الكتب‬
‫المتخصصة للستزادة حول هذا الموضوع‪ .‬هناك أمور يشترك فيها معظم‬
‫الناس وتسود في أغلب المجتمعات‪ ،‬وثمة صفات مرتبطة بالنسان من حيث‬
‫هو إنسان‪ ،‬إل أن ذلك ل يعني أن المجتمعات والناس سيصبحون نسخة‬
‫واحدة‪ ،‬فليس ما يصدق على أحدهم يصدق على سائر الناس‪ ،‬وهذا له صلة‬
‫كبيرة بموضوع حديثنا‪ .‬لذا فالعوامل المختلفة في المجتمعات تترك أثرها في‬
‫حياة المراهقين‪ ،‬فيختلفون من عصر لخر‪ ،‬ففي العصور السابقة التي كان‬
‫يدخل فيها المراهق ميدان العمل في وقت مبكر‪ ،‬ويتزوج وهو صغير‪ ،‬كان‬
‫المراهق أسرع نضجا ً وأقل مشكلت من هذا العصر الذي تطول فيه مدة‬
‫التعليم والعتماد على السرة‪ ،‬ويتأخر الزواج وتحمل المسؤولية‪ .‬وهم‬
‫يختلفون من مجتمع لخر‪ ،‬ويختلفون في المجتمع الواحد من بيئة لخرى؛‬
‫فالمراهق في الريف والبادية يختلف عن المراهق في الحاضرة‪ ،‬والمراهق‬
‫في المجتمع الصناعي يختلف عنه في المجتمع الزراعي‪ ،‬كما يختلف في‬
‫المجتمع القبلي المترابط عنه في المجتمع المدني المعاصر الذي تقل فيه‬
‫الروابط السرية والقبلية‪ .‬ولذا فالمراهق في المجتمعات السلمية التي‬
‫كانت تعيش صفاء السلم ونقاءه‪ ،‬ل يمكن أن يقارن بالمراهق الذي يعيش‬
‫في حضارة العصر المادية التي اتسعت فيها ألوان الفساد والمؤثرات‪ ،‬ومن‬
‫يقرأ السيرة النبوية يرى كيف كان الشباب ‪ -‬الذين عاشوا هذه المرحلة ‪ -‬في‬
‫عهد النبي صلى الله عليه وسلم في ميادين الجهاد ونصرة الدين‪ ،‬ولم يكونوا‬
‫يعانون من هذه المشكلت التي يعاني منها المراهق اليوم) ‪ .(1‬وكما يحصل‬
‫الختلف بين المجتمعات‪ ،‬فهو كذلك بين الفراد أنفسهم في المجتمع الواحد‪،‬‬
‫بل في السرة الواحدة‪ ،‬ومع ذلك تبقى سمات مشتركة يلتقي فيها معظم‬
‫المراهقين‪ .‬مصطلح المراهقة‪ :‬قال ابن فارس‪" :‬الراء والهاء والقاف أصلن‬
‫متقاربان‪ ،‬فأحدهما‪ :‬غشيان الشيء الشيء‪ ،‬والخر‪ :‬العجلة والتأخير‪ .‬فأما‬
‫م‬
‫جوهَهُ ْ‬‫هقه المر‪ :‬غشيه‪ ....‬قال الله جل ثناؤه‪ { :‬وَل َ ي َْرهَقُ وُ ُ‬ ‫الول فقولهم ر ِ‬
‫ة } )يونس‪ .(26:‬والمراهق‪ :‬الغلم الذي دانى الحلم… وأرهق‬ ‫قَت ٌَر وَل َ ذِل ّ ٌ‬
‫هق‪ :‬العجلة‬ ‫القوم الصلة‪ :‬أخروها حتى يدنو وقت الصلة الخرى‪ .‬والّر َ‬
‫هق‪:‬‬ ‫قا} )الجن‪ (13:‬والّر َ‬ ‫سا َول َرهَ ً‬
‫خ ً‬
‫ف بَ ْ‬ ‫والظلم‪ .‬قال الله تعالى‪َ {:‬فل ي َ َ‬
‫خا ُ‬
‫عجلة في كذب وعيب" ) ‪ .(2‬والصلن اللذان تدور حولهما هذه المعاني لهما‬
‫صلة بهذا المصطلح‪ .‬وذكر في لسان العرب معاني عدة للرهق منها‪ :‬الكذب‪،‬‬
‫دة‪ ،‬والسفه والّنوك‪ ،‬والتهمة‪ ،‬وغشيان المحارم وما ل خير فيه‪،‬‬ ‫ح ّ‬
‫والخفة وال ِ‬
‫والعجلة‪ ،‬والهلك)‪ .( 3‬ومعظم هذه المعاني موجودة لدى المراهق‪ .‬الفرق‬
‫بين المراهقة والبلوغ‪ :‬البلوغ عند علماء النفس يعني "بلوغ المراهق القدرة‬
‫على النسال‪ ،‬أي اكتمال الوظائف الجنسية عنده‪ ،‬وذلك بنمو الغدد الجنسية‬
‫عند الفتى والفتاة وقدرتها على أداء وظيفتها‪ ،‬أما المراهقة فتشير إلى التدرج‬
‫نحو النضج الجسمي والعقلي والنفسي والجتماعي‪ ،‬وعلى ذلك فالبلوغ‬
‫جانب واحد من جوانب المراهقة‪ ،‬كما أنه من الناحية الزمنية يسبقها‪ ،‬فهو‬
‫أول دلئل دخول الطفل مرحلة المراهقة" ) ‪ .(4‬مراحل المراهقة‪ :‬مع أن‬

‫‪84‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المراهقة مرحلة لها خصائصها التي تميزها عما قبلها وبعدها من المراحل‪ ،‬إل‬
‫أن بعض المختصين يقسمونها إلى مراحل فرعية‪ :‬المراهقة المبكرة )‪-12‬‬
‫‪ (14‬وتقابل المرحلة العدادية )المتوسطة(‪ .‬المراهقة الوسطى )‪(17-15‬‬
‫وتقابل المرحلة الثانوية‪ .‬المراهقة المتأخرة )‪ (21-18‬وتقابل المرحلة‬
‫الجامعية‪ ،‬وهذا حسب التقسيم الدراسي في معظم الدول العربية ) ‪.(5‬‬
‫ونظرا ً لننا لسنا بصدد دراسة مفصلة‪ ،‬سنتناول الخصائص العامة للمرحلة‬
‫دون التفاصيل التي تميز مرحلة فرعية عن أخرى‪ .‬وتبدو سمات المراهق في‬
‫جوانب النمو التية‪ :‬أ ‪ -‬النمو الجسمي‪ :‬لما كانت المراهقة تعني بداية دخول‬
‫الشاب عالم الرجال‪ ،‬ودخول الفتاة عالم النساء‪ ،‬فمن سنة الله في خلقه أن‬
‫يتهيأ جسمه لذلك‪ ،‬فينمو بما يؤهله للنتقال إلى المرحلة الجديدة‪ .‬ويشمل‬
‫النمو الجسمي مظهرين‪ :‬النمو الداخلي )الفسيولوجي(‪ ،‬وهو النمو في‬
‫الجهزة الداخلية غير الظاهرة للعيان‪ ،‬ويشمل ذلك بوجه خاص النمو في‬
‫الغدد الجنسية‪ .‬أما المظهر الثاني‪ :‬فهو النمو العضوي‪ ،‬ويتمثل في نمو البعاد‬
‫الخارجية للمراهق‪ ،‬فيزداد طوله ووزنه‪ ،‬وتبدو العلمات التي تميز الشاب عن‬
‫الفتاة‪ ،‬فيخشن صوت الشاب‪ ،‬ويبدأ نمو الشعر في مواطن معينة من‬
‫جسمه‪ ،‬وفي المقابل يبرز الثديان لدى الفتاة‪ ،‬وتبدو لديها مظاهر النوثة‪.‬‬
‫ويتميز النمو الجسمي في مرحلة المراهقة بسرعته الكبيرة‪ ،‬وقد ينشأ عنها‬
‫عدم تناسق بين أجزاء الجسم‬

‫)‪(5 /‬‬

‫المختلفة مما قد يسبب الحرج له‪ ،‬كما أن النمو الجسمي ل يسير في توازن‬
‫مع سائر المظاهر‪ ،‬فقد يسبق النمو الجسمي النمو العقلي أو الجتماعي‪:‬‬
‫ن حوله أن ينتقل إلى عالم الرجال وهو لما يزال طفل ً بعد‪ ،‬وقد‬ ‫م ْ‬
‫فينتظر منه َ‬
‫يحدث العكس فيتأخر النمو الجسمي وُيعامل على أنه طفل بينما هو يشعر‬
‫أنه قد تجاوز ذلك‪ .‬ب ‪ -‬النمو العقلي‪ :‬تشهد مرحلة المراهقة الطفرة في‬
‫النمو العقلي‪ ،‬وأبرز جوانب النمو في هذه المرحلة ما يلي‪ -1 :‬اطراد نمو‬
‫الذكاء‪ ،‬في الوقت الذي اكتمل فيه نمو المخ العضوي‪ ،‬ويتوقف نمو الذكاء‬
‫في المتوسط عند سن الثامنة عشرة‪ ،‬وتصبح الفروق بعد ذلك عائدة إلى‬
‫الخبرة) ‪ ،(6‬فلو وجهت أسئلة للذكاء ل تعتمد على الخبرة لمجموعتين‪،‬‬
‫الولى في العشرين من العمر والثانية في الثلثين فلن تجد فرقًا‪ -2 .‬بروز‬
‫القدرات الخاصة‪ ،‬ويقصد بها‪ :‬النشاط العقلي المقتصر على مجال معين‪،‬‬
‫وهي متعددة‪ ،‬ومن أبرزها‪ :‬القدرة الرياضية التي تتعلق بالتعامل مع الرقام‬
‫والمعادلت‪ ،‬والقدرة اللفظية‪ ،‬والقدرة اللغوية‪ ،‬والقدرة المكانية التي تتعلق‬
‫بالقدرة على التعامل مع المسافات والحجام والتجاهات‪ ،‬ويشمل التغير في‬
‫القدرات الخاصة في مرحلة المراهقة مايأتي‪ -1-2 :‬اتضاحها فهي ضئيلة في‬
‫مرحلة الطفولة‪ ،‬وتتضح غالبا ً في الخامسة عشرة‪ -2-2 .‬الثبات النسبي‪ ،‬فلو‬
‫أجري قياس لها في الخامسة عشرة‪ ،‬ثم في الثامنة عشرة لكانت النتائج‬
‫متقاربة‪ -3-2 .‬اتضاح الفروق الفردية‪ -4-2 .‬اتضاح الفروق بين الجنسين‪،‬‬
‫فيتميز الرجال بالتفوق في القدرات الرياضية‪ ،‬والمكانية‪ ،‬والميكانيكية‪،‬‬
‫والمنطقية الستدللية‪ .‬وتتفوق النساء في القدرات‪ :‬اللغوية‪ ،‬وإدراك‬
‫ون التجاهات وتبلورها‪ ،‬والتجاه‪ :‬موقف عقلي‬ ‫العلقات الجتماعية‪ -3 .‬تك ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫تجاه موضوع معين يجعله يسلك سلوكا واحدا في المواقف المتشابهة‪ .‬ومن‬
‫مخاطر التجاهات استمرارها غالبا ً وصعوبة تعديلها بعد سن المراهقة‪ ،‬وأن‬

‫‪85‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الشخص يبدأ يتعامل مع المواقف من خلل هذا التجاه‪ ،‬فالذي يتعارض معه‬
‫يقوم بتأويله بما يتفق مع هذا التجاه‪ .‬ومن المثلة على ذلك‪ :‬أن يتكون لدى‬
‫الشاب من خلل مواقف عديدة اتجاه سلبي ضد المتدينين‪ .‬وحين يقابل بعد‬
‫ذلك أشخاصا ً متدينين يتسمون بحسن الخلق واللباقة فإنه سيفسر ذلك بأن‬
‫هذه الخلق لجل مصالح‪ ،‬أو أنها مجاملة‪...‬إلخ‪ -4 .‬يظهر التفكير المجرد لدى‬
‫المراهق‪ ،‬وهذا من أبرز التغيرات العقلية‪ ،‬والمقصود بالتفكير المجرد‪ :‬القدرة‬
‫على القيام بالعمليات العقلية دون التقيد بالمحسوس‪ ،‬فالطفل ل يفهم إل‬
‫المحسوس‪ ،‬أو ما يقرب له بصورة المحسوس‪ ،‬فهو يفهم الحب على أنه‬
‫تصرفات والده أو والدته تجاهه‪ ،‬أما المراهق فيفهم الحب على أنه أمر قلبي‪،‬‬
‫ويفرق بين حقيقة الحب ومظاهره‪ .‬ومن مظاهر التغير في التفكير لدى‬
‫المراهق‪ -1-4 :‬التفكير في أمور جديدة‪ ،‬لم يكن يفكر فيها من قبل‪ ،‬ومن هنا‬
‫ينشأ التفكير في الكون والحياة والخلق‪ -2-4 .‬إثارة أسئلة لم يكن يسألها من‬
‫قبل‪ -3-4 .‬المبالغة في تحليل المور‪ ،‬وقد يناقش كثيرا ً من المور التي كان‬
‫يعدها مسلمات فيما مضى‪ -4-4 .‬المقارنة بين الكائن والممكن‪ ،‬فهو يستطيع‬
‫تصور واقع أفضل من الواقع الذي يعيشه‪ ،‬وينتقد واقعه وتصرفات الكبار‪ ،‬أما‬
‫في مرحلة الطفولة فقد كان يأخذ المور على أنها مسلمات‪ -5-4 .‬استخدام‬
‫الرموز للتعبير عن رموز أخرى‪ ،‬فيستطيع أن يستخدم نظاما ً رمزيا ً من‬
‫الدرجة الثانية‪ ،‬ولهذا فهو يستطيع تعلم الجبر‪ ،‬ويفهم التعبير المجازي والصور‬
‫البلغية‪ -6-4 .‬القدرة على افتراض الفروض لمشكلة معينة‪ ،‬واختبارها‬
‫والختيار بينها‪ .‬وتؤدي قدرة المراهق على التفكير المجرد ونقص الخبرة لديه‬
‫إلى مشكلتين رئيستين‪ ،‬الولى‪ :‬المثالية في التفكير‪ ،‬والثانية‪ :‬الحيرة بين‬
‫البدائل‪ -5 .‬يصبح التعلم منطقيا ً ل آليًا‪ ،‬ويبتعد عن طريق المحاولة والخطأ‪.‬‬
‫‪ -6‬تزداد القدرة على التذكر عند المراهق وتقوى حافظته‪ ،‬وثمة فرق بين‬
‫الطفال والمراهقين في الحفظ‪ ،‬فالطفال يميلون إلى التذكر اللي‪ ،‬بخلف‬
‫المراهقين فهم يميلون إلى تذكر الموضوعات التي حفظت بطريقة منطقية‪.‬‬
‫‪ -7‬تزداد القابلية على إدراك مفهوم الزمن‪ ،‬فيتوقع المستقبل ويخطط له‪-8 .‬‬
‫ينمو النتباه في مداه ومدته ومستواه‪ ،‬فيستطيع المراهق استيعاب مشكلت‬
‫طويلة معقدة في سهولة ويسر‪ ،‬ويستطيع التركيز لزمن أطول من مرحلة‬
‫الطفولة‪ -9 .‬تزداد القدرة على التعميم وفهم التعميمات والفكار العامة‪ ،‬فهو‬
‫يعمم فهما ً معينا ً من خلل حدث أو أحداث تمّر عليه‪ -10 .‬يخرج من التفكير‬
‫السلبي إلى التفكر اليجابي فيبحث عن المسؤولية‪ ،‬ويتساءل عن نظرة‬
‫الناس له‪ ،‬ويشعر بالهامشية حين يكون منبوذًا‪ ،‬وبالقيمة حين يكون مسؤو ً‬
‫ل‪.‬‬
‫ويمثل الجانب العقلي أكثر الجوانب التي يفتقر معظم المربين اليوم إلى‬
‫معرفتها‪ ،‬وهو أكثرها غموضا ً لديهم‪ ،‬ففئة كبيرة من المربين ل تعرف عن‬
‫ة تظهر فيها مشكلة‬ ‫المراهقة إل أنها مرحلة طيش وعناد وسفه‪ ،‬ومرحل ٌ‬
‫الشهوة‪ ،‬ويجهلون هذه الجوانب المهمة‪ .‬ولشك أن‬

‫)‪(6 /‬‬

‫إدراك هذه الجوانب له أثره الكبير في صياغة الهداف والبرامج التربوية‪،‬‬


‫وأثره على اللغة التي ينبغي أن تسود في التعليم‪ ،‬وفي الحوار والقناع‪ .‬ول‬
‫ينبغي أن يتصدى امرؤ للتربية ويتحمل مسؤوليتها وهو يجهل صفات من يقوم‬
‫على تربيته وخصائصه‪ .‬ومرحلة تعميم التجارب الشخصية‪ ،‬والنظر للخرين‬
‫من خلل ما مّر بالشخص في مرحلة المراهقة‪ ،‬والمحاولة والخطأ‪ ،‬هذه‬

‫‪86‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المرحلة ينبغي أن نتجاوزها‪ .‬ج ‪ -‬النمو النفعالي‪ :‬من أبرز سمات النمو‬
‫النفعالي لدى الشاب في مرحلة المراهقة‪ -1 :‬مفهوم الذات‪ ،‬ويقصد به‪:‬‬
‫الفكرة التي يحملها الفرد عن نفسه‪ ،‬فقد تكون سلبية‪ ،‬وقد تكون إيجابية‪،‬‬
‫وهي تنشأ من ردود أفعال الخرين تجاه الشخص‪ ،‬وهو يبدأ في مرحلة‬
‫الطفولة لكن هناك تغيرات تلحق به في مرحلة المراهقة‪ ،‬ومنها‪-1-1 :‬‬
‫الستقرار والتبلور‪ ،‬حتى يصبح تأثره بما يقوله الخرون عنه أو ما يحدث له‬
‫ضعيفًا‪ -2-1 .‬النخفاض النسبي في مفهوم الذات لدى كثير من المراهقين‪،‬‬
‫بسبب التغيرات التي يحتاج إلى التكيف معها‪ ،‬والحباطات التي تمّر به‪-3-1 .‬‬
‫التغير الجذري عند بعض المراهقين‪ ،‬فقد يحصل لدى بعضهم تغير جذري‬
‫ينعكس على سلوكه فيتحول من طالب مجد مؤدب إلى مهمل كسول‬
‫مشاغب‪ .‬أو العكس‪ .‬ويستفاد من مفهوم الذات كثيرا ً في علج بعض‬
‫مشكلت المراهقين‪ ،‬من خلل السعي لتغييره وتعزيز الشعور اليجابي‬
‫للمراهق تجاه ذاته‪ .‬ومن هنا فالفراط كثيرا ً في لوم المراهق وتأنيبه وانتقاده‬
‫محدود الجدوى في علج مشكلته‪ ،‬بل ربما يزيدها تعقيدًا‪ -2 .‬الشعور بالنا‪،‬‬
‫ذلك الكيان المستقل عن والديه‪ ،‬إرادة وأحاسيس ومشاعر‪ ،‬مما يكون له أثر‬
‫في ظهور النفعالت التالية‪ ،‬كما يضغط عليه بأسئلة ملحة عن ماهيته وماذا‬
‫يريد؟ ‪ -3‬غزارة النفعال وقوته‪ ،‬فانفعالت المراهق قوية وشديدة‪ ،‬فهو إذا‬
‫أحب أو كره بالغ في ذلك‪ ،‬وإذا غضب يحطم ما بيده‪ ،‬ويتصرف تصرفات غير‬
‫متزنة‪ .‬ويضعف تحكمه فيها فقد يضحك في مواقف ل يليق أن يضحك فيها‪.‬‬
‫‪ -4‬التذبذب النفعالي وتقلب المراهق بين سلوك الطفال وتصرفات الكبار‪.‬‬
‫‪ -5‬الذاتية والعتداد بالنفس‪ ،‬لذا فهو يملك حساسية مفرطة لنقد الخرين له‪،‬‬
‫ويعتقد أن الخرين ينظرون إليه دائمًا‪ ،‬ومن ثم يبالغ في الهتمام بمظهره‪-6 .‬‬
‫تبدو ظاهرة أحلم اليقظة لدى المراهق‪ ،‬فينتقل فيها من عالم الواقع إلى‬
‫عالم الخيال‪ ،‬وهي ‪ -‬ما لم تخرج عن حد العتدال ‪ -‬ل تمثل مشكلة‪ .‬د ‪ -‬النمو‬
‫الجتماعي‪ :‬من أهم مظاهر النمو الجتماعي لدى المراهق‪ -1 :‬الهتمام‬
‫بالمظهر الشخصي والعتناء به‪ -2 .‬تحقيق الذات والميل إلى الستقلل‬
‫الجتماعي‪ ،‬والنتقال من العتماد على الغير إلى العتماد على النفس‪-3 .‬‬
‫الميل إلى الصدقاء والرتباط بهم والثقة الكبيرة بهم‪ ،‬ومن هنا تنشأ لدى‬
‫المراهق ظاهرتان‪ -1-3 :‬الظاهرة الولى‪ :‬الصديق الحميم‪ ،‬حيث يرتبط بأحد‬
‫أصدقائه ارتباطا ً قويًا‪ ،‬فيتحدثان سويًا‪ ،‬ويذهبان سويًا) ‪ -2-3 .(7‬الظاهرة‬
‫الثانية‪ :‬مجموعة الرفاق‪ ،‬حيث يشكل المراهقون مجموعات صداقة‪ ،‬وتتسم‬
‫هذه المجموعة بمحدودية عددها‪ ،‬وشدة تماسكها‪ ،‬وقوة ضغطها على‬
‫أفرادها‪ -4 .‬الميل إلى الزعامة والعجاب بالشخصيات اللمعة ومحاولة‬
‫محاكاتها‪ -5 .‬زيادة الوعي بالمسؤولية الجتماعية‪ ،‬والمكانة الجتماعية‬
‫والطبقة التي ينتمي إليها) ‪ .(8‬حاجات المراهق‪ :‬يختلف علماء النفس اختلفا ً‬
‫واسعا ً في تصنيف حاجات المراهق وترتيبها‪ ،‬وجزء كبير من هذا الختلف أمر‬
‫اصطلحي يتعلق بالتصنيف والترتيب‪ ،‬ومن أبسط التصنيفات‪ ،‬تصنيف‬
‫النغيمشي‪ ،‬حيث صّنفها إلى‪ :‬أ‪ -‬حاجات نفسية‪ ،‬وتشمل‪ :‬الحاجة للعبادة‪،‬‬
‫الحاجة للمن‪ ،‬الحاجة للقبول‪ .‬ب‪ -‬حاجات اجتماعية‪ ،‬وتشمل ‪ :‬الحاجة‬
‫للرفقة‪ ،‬الحاجة للزواج‪ ،‬الحاجة للعمل والمسؤولية‪ .‬ج‪ -‬حاجات ثقافية‪،‬‬
‫وتشمل‪ :‬الحاجة للستطلع‪ ،‬الحاجة للهوية الثقافية‪ .‬وسيأتي تناول الحاجات‬
‫بشيء من التفصيل في الجانب النفسي‪ ،‬بمشيئة الله تعالى‪ .‬المراهق‬
‫والتدين‪ :‬تشهد هذه المرحلة اتجاها ً قويا ً لدى الشاب والفتاة نحو التدين‪،‬‬
‫ويتمثل في التفكير والتأمل‪ ،‬وفي العتناء بممارسة الشعائر الدينية‪ ،‬وقد‬

‫‪87‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أثبتت ذلك دراسات نفسية عديدة‪ ،‬حتى في المجتمعات التي يعتبر الدين فيها‬
‫أمرا ً هامشيًا‪ ،‬كالمجتمعات الغربية اليوم‪ ،‬فكيف بالمجتمعات المتدينة؟ إنها‬
‫َ‬
‫ت الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫حِنيفا ً فِط َْر َ‬
‫ن َ‬ ‫ِ‬ ‫دي‬
‫ك ِلل ّ‬ ‫جهَ َ‬
‫م وَ ْ‬ ‫فطرة الله التي فطر الناس عليها‪{ ،‬فَأقِ ْ‬
‫قيم ول َك َ‬
‫ن ال ْ َ ّ ُ َ ِ ّ‬
‫ن أك ْث ََر الّنا ِ‬
‫س‬ ‫دي ُ‬‫ك ال ّ‬ ‫ق الل ّهِ ذ َل ِ َ‬ ‫ل لِ َ ْ‬
‫خل ِ‬ ‫دي َ‬‫س عَل َي َْها ل ت َب ْ ِ‬ ‫ال ِّتي فَط ََر الّنا َ‬
‫َ‬ ‫ن إ ِل َي ْهِ َوات ّ ُ‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫كوُنوا ِ‬ ‫صلة َ َول ت َ ُ‬ ‫موا ال ّ‬ ‫قوه ُ وَأِقي ُ‬ ‫مِنيِبي َ‬
‫ن‪ُ .‬‬
‫مو َ‬ ‫ل ي َعْل َ ُ‬
‫ن} )الروم‪ .(31:‬عن عياض بن حمار المجاشعي أن رسول الله‬ ‫كي َ‬
‫شرِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم في خطبته‪" :‬أل إن ربي أمرني أن‬
‫أعلمكم ما جهلتم مما علمني يومي هذا‪ .‬كل مال نحلته عبدا ً حلل‪ ،‬وإني‬
‫خلقت عبادي حنفاء كلهم‪ ،‬وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم‪،‬‬
‫حرمت عليهم ما أحللت‬ ‫و ّ‬

‫)‪(7 /‬‬

‫لهم‪ ،‬وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانًا"‪ .‬وبّين صلى الله عليه‬


‫وسلم في الحديث الخر أن العوامل الطارئة هي التي تصرف المرء عن اتباع‬
‫الدين‪ ،‬فقال‪" :‬ما من مولود إل يولد على الفطرة؛ فأبواه يهودانه أو ينصرانه‬
‫أو يمجسانه‪ ،‬كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء" ثم‬
‫س عَل َي َْها ) الية‬
‫يقول أبو هريرة رضي الله عنه‪( :‬فِط َْرة اللهِ اّلتي فَط ََر الّنا َ‬
‫…‪ . (9 ).‬ولما كانت هذه المرحلة هي مرحلة التكليف الشرعي‪ ،‬كان من‬
‫حكمة الله أن تتجه النفس فيها للتدين‪ ،‬وأن يقوى فيها هذا الجانب‪" .‬وإذا كان‬
‫الطفل منذ نعومة أظفاره يدرك عددا ً من المعاني الدينية بتأثير هذه الفطرة‬
‫التي أودعه الله إياها‪ ،‬فإن هذا الدراك هو شعور غير محدد‪ ،‬فهو يبدي عددا ً‬
‫من النفعالت‪ ،‬ويثير جملة من السئلة عن الله خالق الكون…فإن المعاني‬
‫الدينية تتضح أكثر عند المراهق‪ ،‬بسبب نضجه العقلي الذي وصل إليه‪ ،‬فل‬
‫تكاد المراهقة تبلغ أوجها ‪ -‬حوالي السادسة عشرة تقريبا ً ‪ -‬حتى تكون‬
‫مستويات المراهق الدراكية قد تفتحت وتسامت‪ ،‬وذكاؤه قد بلغ أوجه‪ ،‬كما‬
‫تتحدد في هذه المرحلة اهتمامات المراهق‪ ،‬ويتحرر من الشطحات والخيال‪،‬‬
‫ويميل إلى القراءة والطلع‪ ،‬ويصبح قادرا ً على التجريد وإدراك المعنويات‪،‬‬
‫وتجاربه في البيت والمدرسة والمجتمع قد تنوعت‪ ،‬كل تلك العوامل العقلية‬
‫والجتماعية تتضافر في إيجاد وعي ديني عند المراهق‪ ،‬يختلف عن الهتمام‬
‫الديني عند الطفال…والمراهق كغيره يجد في الدين أمل ً مشرقا ً بعد يأس‬
‫مظلم‪ ،‬ويجد فيه أمنا ً من خوف‪ ،‬وفكرا ً يسد فراغه النفسي وقلقه النفعالي‪،‬‬
‫وهذا كله يدفع بالمراهق إلى المبالغة في العبادة والتعمق فيها أحيانًا" ) ‪.(10‬‬
‫والتجاه نحو التدين عند المراهق فرصة ينبغي العتناء بها واستثمارها‬
‫الستثمار المثل حتى تسهم في تربية الشاب وإصلحه‪ ،‬وهي فرصة"يمكن‬
‫أن يعاد فيها تشكيل النفس كلها إن كانت في حاجة إلى إعادة التشكيل‪ ،‬فإذا‬
‫كانت فترة الطفولة قد أفلتت ‪ -‬لي سبب من السباب ‪ -‬فستتهيأ في الفترة‬
‫التي نحن بصدد الحديث عنها فرصتان هائلتان لعادة التشكيل‪ ،‬إحداهما هذه‬
‫السابقة للبلوغ‪ ،‬والخرى التي تحدث في مرحلة البلوغ" ) ‪ .(11‬وحين ننظر‬
‫إلى هذا الجانب‪ ،‬وننظر من زاوية أخرى في سمات المرحلة وخصائص النمو‬
‫ندرك حكمة الباري جل وعل حين اختار هذا السن للتكليف؛ فشخصية المرء‬
‫بكافة جوانبها تقوده نحو الشعور بأنه دخل عالم الرجال؛ ومن ثم يعيد النظر‬
‫في ذاته ويتأمل حاله؛ فيدرك الغاية من خلقه‪ ،‬ويسعى لللتزام بالعبودية لله‬
‫عز وجل‪ .‬وبعد أن تحدثنا عن سمات المرحلة وخصائصها آن لنا أن نشرع في‬

‫‪88‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الحديث عن الهداف التربوية‪ ،‬ولنبدأ بأهمها وأولها أل وهو الجانب اليماني‪.‬‬


‫* * * الحاشية ) ‪ (1‬إن تقرير هذه الحقيقة ل يعني أن المراهق في المجتمع‬
‫المسلم المعاصر ل يعاني من مشكلت أفرزها الواقع التربوي والجتماعي‬
‫والحضارة المعاصرة‪(2 ) .‬مقاييس اللغة )‪ (3 ) .(2/451‬لسان العرب )‬
‫‪ ( 4) .(131-10/128‬سيكيولوجية المراهق المسلم المعاصر‪ .‬ص ‪(5 ) .14‬‬
‫انظر علم نفس النمو‪ .‬حامد زهران )‪ (6 ) .(293‬روى الرامهرمزي )‪(188‬‬
‫بإسناده عن الثوري رحمه الله أنه قال‪ُ":‬يثِغر الغلم لسبع‪ ،‬ويحتلم لربع‬
‫عشرة‪ ،‬ويكمل عقله لعشرين‪ ،‬ثم هو التجارب" قال‪ :‬وقد ُرِوي نحو من هذا‬
‫عن علي‪ (7 ) .‬يفسر كثير من المربين هذه الظاهرة تفسيرا ً سيئًا‪ ،‬ويرون‬
‫أنها من مظاهر العشق‪ ،‬ويبالغون في التعامل معها‪ ،‬ومع أنها قد تؤدي لشيء‬
‫مَرضية‪) .‬‬ ‫من ذلك‪ ،‬لكنها سمة طبيعية في هذه المرحلة‪ ،‬وليست بالضرورة َ‬
‫‪ (8‬تم تلخيص سمات المرحلة من المراجع التية‪ :‬النمو في مرحلة المراهقة‪.‬‬
‫محمد عماد الدين إسماعيل‪ /‬المراهقون‪ .‬عبدالعزيز النغيمشي‪ /‬المراهق‪.‬‬
‫نوري الحافظ‪/‬محاضرات في سيكيولوجية النمو‪ .‬جامعة الزقازيق‪/‬‬
‫سيكيولوجية المراهق المسلم المعاصر‪ .‬عبدالرحمن العيسوي‪ /‬علم نفس‬
‫النمو‪ .‬حامد زهران‪ .‬علم نفس المراحل العمرية‪.‬عمر المفدى‪ (9 ) .‬رواه‬
‫البخاري )‪ (1358‬ومسلم )‪ (10 ) .(2658‬الشعور الديني عند المراهق‪.‬‬
‫عثمان جمعة ضميرية‪ .‬مجلة البيان ع ‪ 37‬ص ‪ (11 ) .60-59‬منهج التربية‬
‫السلمية‪ .‬محمد قطب ‪.2/202‬‬
‫الهداف والوسائل‬

‫)‪(8 /‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬الجانب اليماني حين نتحدث عن اليمان بمفهومه الشرعي‬


‫فنحن نتحدث عن الدين كله بكافة جوانبه‪ ،‬فاليمان شعب أعلها قول ل إله‬
‫إل الله‪ ،‬وأدناها إماطة الذى عن الطريق‪ .‬فالتربية اليمانية بهذا المفهوم‬
‫تشمل كافة جوانب التربية‪ ،‬بدءا ً بتصحيح العتقاد والصلة بالله عز وجل‪،‬‬
‫وانتهاًء بغرس الداب العامة والخاصة‪ ،‬وتشمل كل ما يعين على القيام‬
‫بواجبات اليمان من علم ودعوة‪ ،‬وإعداد للنسان للقيام بهذه المهام‪ .‬لكنها‬
‫تطلق باصطلح أخص‪ ،‬يشمل جوانب الصلة بالله عز وجل وتحقيق التقوى‬
‫واليمان‪ ،‬وهو الصطلح السائد في الدبيات التربوية اليوم بديل ً لصطلح‬
‫)التربية الروحية( الذي يمثل تأثرا ً بالمصطلحات النصرانية والصوفية‪ ،‬وقد‬
‫شاع هذا الصطلح وغيره نتيجة للحتكاك الفكري بطوائف شتى من أهل‬
‫الملل الخرى والفرق الضالة‪ ،‬ونتيجة لضعف العلم الشرعي لدى كثير ممن‬
‫يكتب في التربية السلمية والفكر السلمي‪ .‬قال الشيخ بكر أبو زيد‪:‬‬
‫"ومعلوم أن لفظ الروحانية‪ ،‬وهذه البلد فيها روحانية‪ ،‬وهذه المجالس فيها‬
‫روحانية‪ ،‬وهكذا كلها مصطلحات صوفية ل عهد للشريعة بها ‪ ،‬فعلى‬
‫المسلمين تجنبها‪ ،‬وإن كان لها بريق‪ ،‬فعند تأمل البصير لها يجدها خواء‪ ،‬أو‬
‫تشتمل على منابذة للشريعة بوجه ما" ) ‪ .(1‬والولى اللتزام بالسماء‬
‫الشرعية )اليمان‪ ،‬السلم‪ ،‬الصلح‪ ،‬التقوى‪ ،‬الحسان‪ ،‬الطاعة‪ ،‬المعصية‪،‬‬
‫الفسوق‪....‬وغير ذلك(‪ .‬ففي غيرها من اللفاظ الطارئة محاذير عدة منها‪-1 :‬‬
‫التشبه بأهل الملل الخرى والطوائف الضالة‪ -2 .‬أن هذه اللفاظ والسماء ل‬
‫تتلقى مجردة عن دللتها ومعانيها‪ ،‬ومن ثم يتسرب النحراف إلى المعاني‬
‫بعد أن كان في اللفاظ والسماء‪ -3 .‬أن السماء الشرعية لها معان ودللت‬

‫‪89‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ل يفي بها أي اسم أو لفظ آخر‪ -4 .‬أن السماء الشرعية تترتب عليها أحكام‬
‫دنيوية كالعدالة التي تعد شرطا ً لتولي التربية والتعليم‪ ،‬وقبول الشهادة‬
‫والرواية…إلخ‪ ،‬وتترتب عليها أحكام أخروية‪ ،‬فالبعد عنها ينشأ عنه الخلط في‬
‫هذه الحكام‪ .‬وسيكون حديثنا عن الجانب الخص في التربية اليمانية‪،‬‬
‫والفصل إنما هو لضرورة البحث‪ ،‬وإل فالكائن البشري كل ل يتجزأ‪ ،‬واليمان‬
‫هو الصل وهو المبتدأ وإليه المنتهى‪ .‬أهمية التربية اليمانية‪ :‬تبدو أهمية‬
‫التربية اليمانية وضرورة العتناء بها من خلل أمور عدة‪ ،‬من أهمها ما يلي‪:‬‬
‫الول‪ :‬اليمان هو أفضل العمال‪ :‬عن أبي هريرة ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل‪ :‬أي العمل أفضل؟ فقال‪" :‬إيمان بالله‬
‫ورسوله" قيل‪ :‬ثم ماذا؟ قال‪" :‬الجهاد في سبيل الله" قيل‪ :‬ثم ماذا؟ قال‪:‬‬
‫"حج مبرور" ) ‪ .(2‬وعن أبي ذر‪ -‬رضي الله عنه قال‪ :‬سألت النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم أي العمل أفضل؟ قال‪" :‬إيمان بالله وجهاد في سبيله" قلت‪ :‬فأي‬
‫الرقاب أفضل؟ قال‪" :‬أعلها ثمنا ً وأنفسها عند أهلها" ) ‪ .(3‬وعن عبد الله بن‬
‫أبي قتادة عن أبي قتادة أنه سمعه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم أنه قام فيهم فذكر لهم أن الجهاد في سبيل الله واليمان بالله أفضل‬
‫العمال) ‪ .(4‬الثاني‪ :‬اليمان مناط النجاة يوم القيامة‪ :‬عن أبي هريرة ‪-‬رضي‬
‫الله عنه‪ -‬قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪":‬ل تدخلون الجنة حتى‬
‫تؤمنوا‪ ،‬ول تؤمنوا حتى تحابوا‪ ،‬أول أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟‬
‫أفشوا السلم بينكم" ) ‪ .(5‬الثالث‪ :‬تفاوت الناس يوم القيامة على أساس‬
‫اليمان‪ :‬وهذا التفاوت له ميادين منها‪ :‬أ ‪ -‬تفاضل أهل الجنة فيما بينهم؛ فعن‬
‫أبي سعيد الخدري‪ -‬رضي الله عنه‪ -‬أن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪" :‬إن‬
‫أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تتراءون الكوكب الدري‬
‫الغابر من الفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم" قالوا‪ :‬يا رسول‬
‫الله‪ ،‬تلك منازل النبياء ل يبلغها غيرهم‪ ،‬قال‪" :‬بلى والذي نفسي بيده رجال‬
‫آمنوا بالله وصدقوا المرسلين" ) ‪ .(6‬ب ‪ -‬تفاوت العصاة من الموحدين في‬
‫النار؛ فعن معبد بن هلل العنزي قال‪ :‬اجتمعنا ناس من أهل البصرة فذهبنا‬
‫إلى أنس بن مالك ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬وذهبنا معنا بثابت البناني إليه يسأله لنا‬
‫عن حديث الشفاعة‪ ،‬فإذا هو في قصره فوافقناه يصلي الضحى‪ ،‬فاستأذنا‬
‫فأذن لنا وهو قاعد على فراشه‪ ،‬فقلنا لثابت‪ :‬ل تسأله عن شيء أول من‬
‫حديث الشفاعة‪ ،‬فقال‪ :‬يا أبا حمزة‪ ،‬هؤلء إخوانك من أهل البصرة جاءوك‬
‫يسألونك عن حديث الشفاعة‪ ،‬فقال‪ :‬حدثنا محمد صلى الله عليه وسلم قال‪:‬‬
‫" إذا كان يوم القيامة ماج الناس بعضهم في بعض فيأتون آدم‪...‬الحديث‪،‬‬
‫وفيه‪ :‬فأقول يا رب‪ ،‬أمتي أمتي‪ ،‬فيقول‪ :‬انطلق فأخرج منها من كان في قلبه‬
‫مثقال شعيرة من إيمان فأنطلق فأفعل‪ ،‬ثم أعود فأحمده بتلك المحامد ثم‬
‫أخّر له ساجدًا‪ ،‬فيقال يا محمد‪ ،‬ارفع رأسك‪ ،‬وقل يسمع لك‪ ،‬وسل تعط‪،‬‬
‫واشفع تشفع‪ ،‬فأقول‪ :‬يا رب أمتي أمتي فيقول‪ :‬انطلق فأخرج منها من كان‬
‫في قلبه مثقال ذرة أو خردلة من إيمان فأخرجه‪ ،‬فأنطلق فأفعل‪ ،‬ثم أعود‬
‫فأحمده بتلك المحامد ثم أخر له ساجدًا‪ ،‬فيقول‪:‬‬

‫)‪(9 /‬‬

‫يا محمد‪ ،‬ارفع رأسك‪ ،‬وقل يسمع لك‪ ،‬وسل تعط‪ ،‬واشفع تشفع‪ ،‬فأقول‪ :‬يا‬
‫رب‪ ،‬أمتي أمتي‪ ،‬فيقول‪ :‬انطلق فأخرج من كان في قلبه أدنى أدنى أدنى‬
‫مثقال حبة خردل من إيمان فأخرجه من النار فأنطلق فأفعل" ) ‪ .(7‬وفي‬

‫‪90‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫حديث الشفاعة الطويل‪..." :‬فما أنتم بأشد لي مناشدة في الحق قد تبّين‬


‫لكم من المؤمن يومئذ للجبار‪ ،‬وإذا رأوا أنهم قد نجوا في إخوانهم‪ ،‬يقولون‪:‬‬
‫ربنا إخواننا كانوا يصلون معنا‪ ،‬ويصومون معنا‪ ،‬ويعملون معنا‪ ،‬فيقول الله‬
‫تعالى‪ :‬اذهبوا‪ ،‬فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من إيمان فأخرجوه‪ ،‬ويحرم‬
‫الله صورهم على النار‪ ،‬فيأتونهم وبعضهم قد غاب في النار إلى قدمه‪ ،‬وإلى‬
‫أنصاف ساقيه‪ ،‬فيخرجون من عرفوا‪ ،‬ثم يعودون‪ ،‬فيقول‪ :‬اذهبوا فمن وجدتم‬
‫في قلبه مثقال نصف دينار فأخرجوه‪ ،‬فيخرجون من عرفوا‪ ،‬ثم يعودون‪،‬‬
‫فيقول‪ :‬اذهبوا فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من إيمان فأخرجوه‪،‬‬
‫فيخرجون من عرفوا‪ ( 8) " ..‬الرابع‪ :‬اليمان هو الساس والصل في التربية‬
‫السلمية‪ ،‬وسائر المور إنما هي فروع وثمرات لهذا الصل العظيم‪،‬‬
‫فالسلوك والعلم الشرعي والجهاد والدعوة والكف عن الحرمات إنما هو‬
‫ثمرة ونتيجة من نتائج تحقق اليمان‪ .‬وحين نعنى بتربية اليمان في النفوس‪،‬‬
‫ويأخذ الجانب اليماني نصيبه وحظه نختصر خطوات عدة‪ ،‬ونوفر الجهد في‬
‫ميدان ومجال واحد‪ .‬الخامس‪ :‬اليمان هو الزاد للمرء في مواجهة الشهوات‬
‫التي عصفت بشباب المسلمين اليوم‪ ،‬وهي مسؤولة عن حالت كثيرة من‬
‫الخفاق والتراجع‪ .‬السادس‪ :‬قوة اليمان هي العلج النجع لكثير من‬
‫المشكلت التي يشتكي منها الشباب اليوم )قسوة القلب‪ ،‬ضعف العناية‬
‫بالعبادات‪ ،‬الفتور‪ (...‬والعتناء بتقوية اليمان والتقوى في النفوس خير من‬
‫التداعي لعلج هذه المراض بعد وقوعها‪ .‬السابع‪ :‬قوة اليمان هي أهم ما‬
‫يعين المرء على الثبات على دين الله‪ ،‬خاصة ونحن اليوم نعاني من كثير من‬
‫حالت التقهقر والتراجع؛ لذا فحين سأل هرقل أبا سفيان ‪-‬رضي الله عنه‪-‬‬
‫عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال‪" :‬وسألتك أيرتد أحد سخطة‬
‫لدينه بعد أن يدخل فيه؟ فذكرت أن ل‪ ،‬وكذلك اليمان حين تخالط بشاشته‬
‫القلوب" ) ‪ .(9‬الثامن‪ :‬قوة اليمان هي أعظم حاجز بين المرء وبين مواقعة‬
‫ن عََلى‬ ‫طا ٌ‬‫سل ْ َ‬‫ه ُ‬ ‫س لَ ُ‬ ‫ه ل َي ْ َ‬
‫الحرام والمعاصي‪ ،‬قال تعالى عن الشيطان‪ { :‬إ ِن ّ ُ‬
‫ن} )النحل‪ .(99:‬وقال صلى الله عليه‬ ‫م ي َت َوَك ُّلو َ‬
‫مُنوا وَعََلى َرب ّهِ ْ‬
‫نآ َ‬‫ذي َ‬‫ال ّ ِ‬
‫وسلم‪":‬ل يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن‪ ،‬ول يشرب الخمر حين يشرب‬
‫وهو مؤمن‪ ،‬ول يسرق حين يسرق وهو مؤمن‪ ،‬ول ينتهب نهبة يرفع الناس‬
‫إليه فيها أبصارهم حين ينتهبها وهو مؤمن" ) ‪ ،(10‬فالذي يحول بينه وبين‬
‫الوقوع في هذه المعاصي وغيرها هو اليمان‪ .‬وحتى حين يواقعها العبد‬
‫م‬‫سهُ ْ‬
‫م ّ‬ ‫وا إ َِذا َ‬
‫ق ْ‬‫ن ات ّ َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫فالمؤمن هو أقدر الناس على القلع والتوبة {إ ِ ّ‬
‫ن} )العراف‪ .(201:‬هذه المور‬ ‫صُرو َ‬
‫مب ْ ِ‬ ‫ن ت َذ َك ُّروا فَإ َِذا هُ ْ‬
‫م ُ‬ ‫شي ْ َ‬
‫طا ِ‬ ‫ن ال ّ‬
‫م َ‬‫ف ِ‬
‫طائ ِ ٌ‬‫َ‬
‫وغيرها تؤكد على المربين ضرورة إعادة النظر في مدى العتناء بالجانب‬
‫اليماني في تربيتهم‪ ،‬وأين موقعه ضمن أولوياتهم؟ والنظر السريع اليوم في‬
‫واقع جيل الصحوة يدعونا إلى إعطاء الجانب اليماني مزيدا ً من الرعاية‬
‫والعناية‪ .‬ويمكن أن يتمثل الهدف العام في الجانب اليماني فيما يلي‪ :‬الهدف‬
‫العام في الجانب اليماني‪ :‬غرس اليمان وتقويته‪ :‬وهو يعني تعاهد اليمان‬
‫في نفوس الناشئة‪ ،‬والسعي لتنميته وزيادته‪ .‬وسائل عامة في البناء اليماني‪:‬‬
‫إن الوسائل التي تعين على تحقيق التربية اليمانية وعلى زيادة اليمان في‬
‫نفوس الناشئة ل تخفى على الشباب العاملين في الميادين التربوية‪ ،‬لكن‬
‫نشير إلى أهمها هنا لما يرتبط في بعضها من تفصيلت ربما تكون مهمة‪.‬‬
‫ومن هذه الوسائل‪ - 1 :‬العتناء بالقرآن الكريم تلوة وحفظا ً وتدبرًا‪ :‬القرآن‬
‫الكريم له أثره العظيم في إصلح النفوس وتزكيتها‪ ،‬وأهل القرآن هم أهل‬
‫الله وخاصته‪ ،‬لذا فقد رأينا أثر الجتماع على تلوة القرآن الكريم وحفظه‬

‫‪91‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وتدارسه لدى شباب الصحوة اليوم‪ ،‬وهذا مصداق ما أخبر به النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ .‬عن أبي هريرة ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله‬
‫فس الله عنه كربة‬ ‫فس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا ن ّ‬ ‫عليه وسلم‪":‬من ن ّ‬
‫سر الله عليه في الدنيا‬ ‫ّ‬ ‫ي‬ ‫معسر‬ ‫على‬ ‫سر‬
‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ومن‬ ‫القيامة‪،‬‬ ‫من كرب يوم‬
‫والخرة‪ ،‬ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والخرة‪ ،‬والله في عون العبد‬
‫ما كان العبد في عون أخيه‪ ،‬ومن سلك طريقا ً يلتمس فيه علما ً سّهل الله له‬
‫به طريقا ً إلى الجنة‪ ،‬وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله‬
‫ويتدارسونه بينهم إل نزلت عليهم السكينة‪ ،‬وغشيتهم الرحمة‪ ،‬وحفتهم‬
‫الملئكة‪ ،‬وذكرهم الله فيمن عنده‪ ،‬ومن بطأ به عمله لم يسرع به نسبه" )‬
‫‪ .( 11‬ونحمد الله تبارك وتعالى أن وّفق جيل الصحوة اليوم للعتناء بالقرآن‬
‫والتربية عليه‪ ،‬حتى صار حفظه وإتقانه هدفا ً يتطلع إليه الشاب ويصرف زهرة‬
‫وقته في تحصيله‪ ،‬وهذا أمارة تأس‬

‫)‪(10 /‬‬

‫بالسلف الذين كانت لهم عناية بالغة بتعلم القرآن وحفظه‪ .‬عن جندب بن‬
‫عبدالله ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬قال‪ :‬كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ونحن فتيان‬
‫حزاورة)‪ ( 12‬فتعلمنا اليمان قبل أن نتعلم القرآن‪ ،‬ثم تعلمنا القرآن فازددنا‬
‫به إيمانًا) ‪ .(13‬وقال ابن عبدالبر‪" :‬طلب العلم درجات ومناقل ورتب ل‬
‫ينبغي تعديها‪ ،‬ومن تعداها جملة فقد تعدى سبيل السلف رحمهم الله‪ ،‬ومن‬
‫ل‪ ،‬فأول العلم حفظ كتاب الله‬ ‫ل‪ ،‬ومن تعداه مجتهدا ً ز ّ‬ ‫تعدى سبيلهم عامدا ً ض ّ‬
‫عز وجل وتفهمه‪ .(14 ) " ...‬وقال محمد بن الفضل بن محمد‪ :‬سمعت جدي‬
‫‪ -‬يعني ابن خزيمة‪ -‬يقول‪ :‬استأذنت أبي في الخروج إلى قتيبة‪ ،‬فقال‪ :‬اقرأ‬
‫القرآن أول ً حتى آذن لك‪ ،‬فاستظهرت القرآن‪ ،‬فقال لي‪ :‬امكث حتى تصلي‬
‫بالختمة‪ ،‬ففعلت فلما عيدنا أذن لي‪ .‬وقال المام النووي ‪" :‬كان السلف ل‬
‫يعّلمون الحديث والفقه إل لمن يحفظ القرآن " ) ‪ .(15‬ويحكي ذلك ابن‬
‫خلدون فيقول‪" :‬اعلم أن تعليم الولدان للقرآن شعار الدين أخذ به أهل‬
‫الملة‪ ،‬ودرجوا عليه في جميع أمصارهم‪ ،‬لما يسبق فيه إلى القلوب من‬
‫رسوخ اليمان وعقائده‪ ،‬من آيات القرآن وبعض متون الحاديث‪ ،‬وصار‬
‫القرآن أصل التعليم الذي ينبني عليه ما يحصل بعد من الملكات " ) ‪.(16‬‬
‫ومما ينبغي أن يضاف للعتناء بحفظ القرآن ما يلي‪ -1 :‬العتناء بتلوته‬
‫والتلذذ بسماعه‪ ،‬وما أجمل أن يطلب الشباب من أحدهم حين يجتمعون في‬
‫مجلس من مجالسهم أن يتلو آيات من كتاب الله عز وجل‪ ،‬وكذا كان يصنع‬
‫عمر ‪-‬رضي الله عنه‪ ،-‬فعن أبي سلمة أن عمر بن الخطاب ‪-‬رضي الله عنه‪-‬‬
‫كان إذا رأى أبا موسى ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬قال‪ :‬ذكرنا ربنا يا أبا موسى؛ فيقرأ‬
‫عنده)‪ -2 .( 17‬العتناء بالتدبر‪ ،‬وتعويد الشباب عليه‪ ،‬وتدارس معاني القرآن‬
‫الكريم‪ -3 .‬العتناء بدراسة كتب التفسير‪ ،‬وعلوم القرآن وأسباب النزول…‬
‫وغير ذلك مما له صلة بكلم الله عز وجل‪ -2 .‬التفكر في المخلوقات‪ :‬لقد‬
‫أرشد القرآن الكريم في مواطن عدة إلى التفكر في مخلوقات الله تعالى‪،‬‬
‫والستدلل بعظمتها على عظمة خالقها عز وجل‪ ،‬وجعل ذلك من صفات أهل‬
‫َ‬
‫ت‬ ‫ف الل ّي ْ ِ‬
‫ل َوالن َّهارِ ليا ٍ‬ ‫خِتل ِ‬
‫ض َوا ْ‬
‫ت َوالْر ِ‬ ‫وا ِ‬
‫م َ‬
‫س َ‬
‫ق ال ّ‬ ‫ن ِفي َ ْ‬
‫خل ِ‬ ‫العقل والحكمة { إ ِ ّ‬
‫َ‬
‫ب} )آل عمران‪ .(190:‬والتفكر الحقيقي في مخلوقات الله يؤدي‬ ‫لوِلي الل َْبا ِ‬
‫بصاحبه إلى اليمان والتقوى واللجوء لخالقه عز وجل؛ ذلك أن آيات الله إنما‬
‫يعقلها العالمون من عباده‪ ،‬ويتفكر فيها أولو اللباب‪ .‬لذا فعلى المربي‬

‫‪92‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫العتناء بهذا الجانب والهتمام به‪ ،‬ومن الوسائل المحققة لذلك ما يلي‪-1 :‬‬
‫دراسة آيات القرآن الكريم التي فيها الحديث عن عظمة الله عز وجل‪،‬‬
‫ودراسة تفسيرها‪ ،‬وربطها بالواقع‪ -2 .‬ربط العلوم المادية التي يدرسها‬
‫الطلب ‪-‬وتتناول جانبا ً من عظمة خلق الله‪ -‬باليمان‪ ،‬والحديث عن مظاهر‬
‫عظمة هذا الخلق التي تدل على عظمة الخالق عز وجل‪ ،‬وأل تعرض مادة‬
‫جافة‪ -3 .‬حين يخرج الب مع ابنه‪ ،‬أو المعلم مع تلمذته إلى الخلء فيرى‬
‫جمال المخلوقات وتناسقها فليذكرهم بالله عز وجل‪ ،‬وليربطهم بآياته‬
‫سبحانه‪ -4 .‬دراسة جوانب من نتاج العلم المعاصر التي اكتشفت حقائق تدل‬
‫على عظمة خلق الله عز وجل) ‪ - 3 .(18‬جلسات الذكر‪ :‬لقد كان صلى الله‬
‫عليه وسلم يعنى بمجالس الوعظ والتذكير‪ ،‬وكان أصحابه يجدون أثر ذلك في‬
‫نفوسهم‪ ،‬ويفتقدونه حين يغدون إلى بيوتهم ويخالطون أهليهم‪ .‬عن حنظلة‬
‫السيدي‪ -‬وكان من كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ -‬قال‪ :‬لقيني أبو‬
‫بكر فقال‪ :‬كيف أنت يا حنظلة؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬نافق حنظلة‪ ،‬قال‪ :‬سبحان الله ما‬
‫تقول؟ قال‪ :‬قلت‪ :‬نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرنا بالنار‬
‫والجنة حتى كأنا رأي عين‪ ،‬فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم عافسنا الزواج والولد والضيعات فنسينا كثيرًا‪ ،‬قال أبو بكر‪ :‬فوالله إنا‬
‫لنلقى مثل هذا‪ ،‬فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم قلت‪ :‬نافق حنظلة يا رسول الله‪ ،‬فقال رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪":‬وما ذاك؟ " قلت‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬نكون عندك تذكرنا بالنار‬
‫والجنة حتى كأنا رأي عين‪ ،‬فإذا خرجنا من عندك عافسنا الزواج والولد‬
‫والضيعات نسينا كثيرًا‪ ،‬فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪":‬والذي نفسي‬
‫بيده‪ ،‬إن لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملئكة‬
‫على فرشكم وفي طرقكم‪ ،‬ولكن يا حنظلة ساعة وساعة" ثلث مرات)‬
‫‪ .(19‬وأثنى صلى الله عليه وسلم على الذين يجتمعون على ذكر الله‬
‫وطاعته‪ ،‬عن أبي هريرة ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪)):‬إن لله ملئكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر‪ ،‬فإذا‬
‫وجدوا قوما ً يذكرون الله تنادوا‪ :‬هلموا إلى حاجتكم‪ ،‬قال‪ :‬فيحفونهم بأجنحتهم‬
‫إلى السماء الدنيا‪ ،‬قال‪ :‬فيسألهم ربهم وهو أعلم منهم‪ :‬ما يقول عبادي؟‬
‫قالوا‪ :‬يقولون يسبحونك‪ ،‬ويكبرونك‪ ،‬ويحمدونك‪ ،‬ويمجدونك‪ ،‬قال‪ :‬فيقول‪ :‬هل‬
‫رأوني؟ قال‪ :‬فيقولون‪ :‬ل والله ما رأوك‪ ،‬قال‪ :‬فيقول‪ :‬وكيف لو رأوني؟ قال‪:‬‬
‫يقولون‪:‬‬

‫)‪(11 /‬‬

‫دا‪ ،‬وأكثر لك تسبيحًا‪،‬‬


‫لو رأوك كانوا أشد لك عبادة‪ ،‬وأشد لك تمجيدا ً وتحمي ً‬
‫قال‪ :‬يقول‪ :‬فما يسألوني؟ قال‪ :‬يسألونك الجنة‪ ،‬قال‪ :‬يقول‪ :‬وهل رأوها؟‬
‫قال‪ :‬يقولون‪ :‬ل‪ ،‬والله يا رب ما رأوها‪ .‬قال‪ :‬يقول‪ :‬فكيف لو أنهم رأوها؟‬
‫قال‪ :‬يقولون‪ :‬لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصًا‪ ،‬وأشد لها طلبًا‪ ،‬وأعظم‬
‫فيها رغبة‪ ،‬قال‪ :‬فمم يتعوذون؟ قال‪ :‬يقولون‪ :‬من النار‪ ،‬قال‪ :‬يقول‪ :‬وهل‬
‫رأوها؟ قال‪ :‬يقولون ل والله يا رب ما رأوها قال‪ :‬يقول‪ :‬فكيف لو رأوها؟‬
‫قال‪ :‬يقولون‪ :‬لو رأوها كانوا أشد منها فرارًا‪ ،‬وأشد لها مخافة‪ ،‬قال‪ :‬فيقول‪:‬‬
‫فأشهدكم أني قد غفرت لهم‪ ،‬قال‪ :‬يقول ملك من الملئكة‪ :‬فيهم فلن ليس‬
‫منهم؛ إنما جاء لحاجة‪ ،‬قال‪ :‬هم الجلساء ل يشقى بهم جليسهم" ) ‪.(20‬‬
‫وكان لصحاب النبي صلى الله عليه وسلم اعتناء بمجالس الذكر‪ ،‬كما سيأتي‬

‫‪93‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫في الحديث عن التعاون على أداء العبادة‪ - 4 .‬المواعظ‪ :‬الموعظة تحرك‬


‫القلوب وتثير كوامن النفوس‪ ،‬وكثير من العصاة والمعرضين ارتدعوا عما‬
‫وقعوا فيه من فسق وفجور بسبب موعظة استمعوا إليها‪ .‬لذا فقد كان النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم يعنى بالموعظة لصحابه‪ ،‬يحكي أحد أصحابه وهو‬
‫العرباض بن سارية ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬عن موعظة وعظها إياهم النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم ‪ ،‬فيقول‪ :‬وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما ً بعد‬
‫صلة الغداة موعظة بليغة ذرفت منها العيون‪ ،‬ووجلت منها القلوب‪ ،‬فقال‬
‫رجل‪ :‬إن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا يا رسول الله؟ قال‪" :‬أوصيكم‬
‫بتقوى الله والسمع والطاعة وإن عبد حبشي؛ فإنه من يعش منكم يرى‬
‫اختلفا ً كثيرًا‪ ،‬وإياكم ومحدثات المور فإنها ضللة‪ ،‬فمن أدرك ذلك منكم‬
‫فعليه بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ " )‬
‫‪ . ( 21‬وحتى تترك الموعظة أثرها ينبغي أن تكون تخول ً )بين الحين والخر(‪،‬‬
‫وأل تكون بصفة دائمة‪ .‬عن أبي وائل قال‪ :‬كان عبدالله يذكر الناس في كل‬
‫خميس‪ ،‬فقال له رجل‪ :‬يا أبا عبدالرحمن‪ ،‬لوددت أنك ذكرتنا كل يوم‪ ،‬قال‪:‬‬
‫أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أملكم‪ ،‬وإني أتخولكم بالموعظة كما‬
‫كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنا بها مخافة السآمة علينا)‪ .( 22‬ومن‬
‫المواطن التي تناسب الوعظ المواقف المؤثرة؛ فهي تهيئ النفوس‪ ،‬وتزيل‬
‫قسوتها؛ فتكون أقرب للتأثر‪ ،‬كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم حين وعظ‬
‫أصحابه في جنازة أحد النصار‪ .‬ومنها رؤية المربي للتقصير والعراض من‬
‫الناس‪ ،‬وكذلك فعل صلى الله عليه وسلم ؛ فعن أنس بن مالك ‪-‬رضي الله‬
‫عنه‪ -‬قال‪ :‬بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أصحابه شيء فخطب‬
‫فقال‪" :‬عرضت علي الجنة والنار فلم أر كاليوم في الخير والشر‪ ،‬ولو‬
‫تعلمون ما أعلم لضحكتم قليل ً ولبكيتم كثيرًا" قال‪ :‬فما أتى على أصحاب‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أشد منه‪ ،‬قال‪ :‬غطوا رءوسهم ولهم‬
‫خنين‪ ،‬قال‪ :‬فقام عمر فقال‪ :‬رضينا بالله ربا ً وبالسلم دينا ً وبمحمد نبيًا…‪).‬‬
‫‪ -5 .(23‬التعاون المشروع على أداء العبادات‪ :‬النفس تضعف ويصيبها الفتور‬
‫والتقصير‪ ،‬لكن المسلم حين يرى ما عليه إخوانه الصالحون يزداد همة‬
‫ونشاطا ً للعمل والجتهاد فيه‪ ،‬لذا فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو‬
‫أتقى الناس وأقربهم لله تبارك وتعالى يزداد طاعة وهمة‪ ،‬فعن ابن عباس ‪-‬‬
‫رضي الله عنهما ‪ -‬قال‪ :‬كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس‪،‬‬
‫وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل‪ ،‬وكان جبريل يلقاه في كل‬
‫ليلة من رمضان فيدارسه القرآن‪ ،‬فلرسول الله صلى الله عليه وسلم حين‬
‫يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة) ‪.(24‬قال النووي عند ذكره‬
‫لفوائد هذا الحديث‪":‬ومنها زيادة الجود والخير عند ملقاة الصالحين وعقب‬
‫فراقهم للتأثر بلقائهم" )‪ .( 25‬ومن صور التعاون المشروع على أداء العبادة‪:‬‬
‫أ ‪ -‬المر بها والحث عليها‪ ،‬وقد كان صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك‪ ،‬فعن‬
‫عائشة ‪-‬رضي الله عنها‪ -‬قالت‪ :‬كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي‬
‫من الليل فإذا أوتر قال‪" :‬قومي فأوتري يا عائشة" ) ‪ .(26‬بل خرج صلى الله‬
‫عليه وسلم من بيته ذات ليلة لبنته وصهره آمرا ً إياهما بالصلة والتهجد‪ ،‬فعن‬
‫علي بن أبي طالب ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬أن رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫طرقه وفاطمة بنت النبي عليه السلم ليلة فقال‪" :‬أل تصليان؟ " فقلت‪ :‬يا‬
‫رسول الله‪ ،‬أنفسنا بيد الله فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا‪ ،‬فانصرف حين قلنا ذلك‬
‫ن‬ ‫ولم يرجع إلي شيئا ً ثم سمعته وهو مول يضرب فخذه وهو يقول‪ { :‬وَ َ‬
‫كا َ‬
‫ل} )الكهف‪ .(27 ) (54 :‬ويوصي صلى الله عليه‬ ‫جد َ ً‬
‫يٍء َ‬ ‫ن أ َك ْث ََر َ‬
‫ش ْ‬ ‫سا ُ‬
‫ال ِن ْ َ‬

‫‪94‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وسلم بهذا التعاون بين الرجل وزوجته مثنيا ً على من يفعله‪ ،‬فعن أبي هريرة‬
‫‪-‬رضي الله عنه‪ -‬قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪":‬رحم الله رجل‬
‫قام من الليل فصلى‪ ،‬ثم أيقظ امرأته فصلت‪ ،‬فإن أبت نضح في وجهها‬
‫الماء‪ ،‬ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت‪ ،‬ثم أيقظت زوجها فصلى‪،‬‬
‫فإن أبى نضحت في وجهه الماء" ) ‪ .(28‬ب ‪ -‬الجتماع المشروع على‬
‫العبادة‪ ،‬كالجتماع على‬

‫)‪(12 /‬‬

‫الذكر‪ ،‬وقد كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يفعلون ذلك؛ فعن معاذ‬
‫‪-‬رضي الله عنه‪ -‬أنه قال‪" :‬اجلسوا بنا نؤمن ساعة"‪ ،‬يعني نذكر الله تعالى)‬
‫‪ .(29‬وعن السود بن هلل قال‪ :‬كان معاذ يقول للرجل من إخوانه ‪ :‬اجلس‬
‫بنا فلنؤمن ساعة ‪ ،‬فيجلسان فيذكران الله ويحمدانه ) ‪ .(30‬وعن علقمة أنه‬
‫كان يقول لصحابه‪ :‬امشوا بنا نزدد إيمانًا) ‪ .(31‬ومن ذلك الجتماع أحيانا ً‬
‫على أداء النافلة وصلة الليل‪ ،‬على أل يكون راتبا ً ودائمًا‪ .‬وقد صلى النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم صلة التطوع في جماعة فصلى معه ابن عباس‪ ،‬وصلى‬
‫معه حذيفة‪ ،‬وصلى معه جابر‪ ،‬وصلى بأصحابه جماعة في بيت رجل من‬
‫وب البخاري على هذا الحديث )باب صلة النوافل جماعة(‪ ،‬قال‬ ‫النصار‪ .‬وب ّ‬
‫ابن حجر في فوائد هذا الحديث‪" :‬وفيه ما ترجم له هنا وهو صلة النوافل‬
‫جماعة ‪ ,‬وروى ابن وهب عن مالك أنه ل بأس بأن يؤم النفر في النافلة ‪,‬‬
‫فأما أن يكون مشتهرا ً ويجمع له الناس فل‪ ,‬وهذا بناه على قاعدته في سد‬
‫الذرائع لما يخشى من أن يظن من ل علم له أن ذلك فريضة" ) ‪ .(32‬وقّيدنا‬
‫الجتماع بأن يكون مشروعا ً حذرا ً من الجتماع غير المشروع‪ ،‬كالجتماع على‬
‫الذكر الجماعي‪ ،‬أو اتخاذ صلة النافلة جماعة هديا ً راتبا ً وجمع الناس لها‪- 6 .‬‬
‫العتناء بمعرفة السماء والصفات‪ :‬إن من يقرأ كتاب الله تعالى يدرك كثرة‬
‫الحديث عن السماء والصفات والشارة إليها‪ ،‬ويرد ذلك في مواطن عدة‪:‬‬
‫في الحديث عن عظمة الله تعالى وعن مخلوقاته‪ ،‬وعند الحديث عن الحكام‪،‬‬
‫والخوف والرجاء‪ ،‬والقصص والخبار‪ ...‬وسائر المواطن‪ ،‬وكثرة إيرادها‬
‫وتنوعه في القرآن يدل على عظيم أثرها‪ .‬قال ابن القيم رحمه الله‪:‬‬
‫"فاليمان بالصفات ومعرفتها وإثبات حقائقها وتعلق القلب بها وشهوده لها‬
‫هو مبدأ الطريق ووسطه وغايته‪ ،‬وهو روح السالكين‪ ،‬وحاديهم إلى الوصول‪،‬‬
‫ومحرك عزماتهم إذا فتروا‪ ،‬ومثير هممهم إذا قصروا‪ ،‬فإن سيرهم إنما هو‬
‫على الشواهد‪ ،‬فمن كان ل شاهد له فل سير له ول طلب ول سلوك له‪،‬‬
‫وأعظم الشواهد صفات محبوبهم ونهاية مطلوبهم‪ ،‬وذلك هو العلم الذي رفع‬
‫لهم في السير فشمروا إليه"‪ (33 ).‬قال العز بن عبد السلم رحمه الله‪:‬‬
‫"فالعلم بالله وصفاته أشرف من العلم بكل معلوم‪ ،‬من جهة أن متعلقه‬
‫أشرف المعلومات وأكملها‪ ،‬ولن ثماره أفضل الثمرات؛ فإن معرفة كل صفة‬
‫من الصفات توجب حال ً عليه‪ ،‬وينشأ عن تلك الحال ملبسة أخلق سنية‪،‬‬
‫ومجانبة أخلق دنية‪ ،‬فمن عرف سعة الرحمة أثمرت معرفته سعة الرجاء‪،‬‬
‫ومن عرف شدة النعمة أثمرت معرفته شدة الخوف‪ ،‬وأثمر خوفه الكف عن‬
‫الثم والفسوق والعصيان‪ ،‬مع البكاء والحزان والورع وحسن النقياد‬
‫والذعان…‪ .(34 ) ".‬ول شك أن الثبات للسماء والصفات كما يليق بجلل‬
‫الله وعظمته دليل على تعظيم العبد لله‪ ،‬وأمارة على سلمة معتقده‪ ،‬وأن‬
‫الزلل في ذلك جسيم‪ ،‬ومن ثم كان الضلل في هذا الباب واسعًا‪ ،‬وولج فيه‬

‫‪95‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫طوائف عدة‪ ،‬حمانا الله من الزيغ‪ ،‬ووفقنا لسلوك سبيل أهل الحق‪ .‬لذا فعلى‬
‫المربي العتناء بتدارس هذا العلم الشريف مع طلبه‪ ،‬وأل يكون مجرد حديث‬
‫جاف‪ ،‬بل يربط بعظمة الله عز وجل والثناء عليه بما هو أهله‪ ،‬ويربط ذلك‬
‫بآثارها السلوكية في حياة النسان‪ - 7 .‬تذكر الموت والدار الخرة‪ :‬إن تذكر‬
‫الموت والدار الخرة مما يدفع النسان للعمل الصالح‪ ،‬ويزيده إقبال ً على‬
‫ث النبي صلى الله عليه وسلم على تذكر‬ ‫الخرة وبعدا ً عن الدنيا‪ ،‬لذا فقد ح ّ‬
‫الموت والدار الخرة‪ ،‬ودعا إلى ذلك؛ فعن أبي هريرة ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬قال‪:‬‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪":‬أكثروا ذكر هاذم اللذات ‪-‬يعني‬
‫الموت‪ .(35 ) "-‬ومن الوسائل التي تحقق ذلك‪ :‬التذكير به‪ ،‬والحديث عن‬
‫الدار الخرة‪ ،‬والعتناء بتلوة آيات القرآن‪ ،‬وقراءة أحاديث النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم التي فيها الحديث عن الخرة ووصف حال أهلها‪ .‬ومن ذلك الصلة‬
‫على الجنائز وشهودها‪ ،‬واتباع السنة في اتباعها إلى المقبرة‪ ،‬وتذكر حال‬
‫أهلها‪ .‬ومن الوسائل التي أرشد إليها النبي صلى الله عليه وسلم زيارة‬
‫القبور؛ فعن أبي هريرة ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬قال‪ :‬زار النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله‪ ،‬فقال‪" :‬استأذنت ربي في أن أستغفر‬
‫لها فلم يؤذن لي‪ ،‬واستأذنته في أن أزور قبرها فأذن لي؛ فزوروا القبور فإنها‬
‫تذكر الموت" ) ‪ .(36‬وعن ابن بريدة عن أبيه ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬قال‪ :‬قال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم‪":‬نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها …‪) ".‬‬
‫‪ - 8 .(37‬التنافس والتسابق في الخير‪ :‬لقد أثنى الله تعالى على عباده الذين‬
‫ك وَِفي‬ ‫س ٌ‬‫م ْ‬ ‫ه ِ‬
‫م ُ‬
‫خَتا ُ‬
‫يتسابقون بالخيرات ويتنافسون فيها‪ ،‬فقال تبارك وتعالى‪ِ {:‬‬
‫ة‬
‫فَر ٍ‬
‫مغْ ِ‬ ‫َ‬
‫عوا إ ِلى َ‬ ‫سارِ ُ‬
‫ن} )المطففين‪ (26:‬وقال‪ { :‬وَ َ‬ ‫سو َ‬ ‫س ال ْ ُ‬
‫مت ََنافِ ُ‬ ‫ك فَل ْي َت ََنافَ‬
‫ذ َل ِ َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫ن} )آل عمران‪(133:‬‬ ‫قي َ‬
‫مت ّ ِ‬ ‫ْ‬
‫ت ل ِل ُ‬
‫عد ّ ْ‬
‫ضأ ِ‬‫ت َوالْر ُ‬ ‫ماَوا ُ‬
‫س َ‬
‫ضَها ال ّ‬ ‫جن ّةٍ عَْر ُ‬ ‫م وَ َ‬ ‫ن َرب ّك ُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ض‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ضَها كعَْر ِ‬ ‫جن ّةٍ عَْر ُ‬
‫م وَ َ‬
‫ن َرب ّك ْ‬
‫م ْ‬
‫فَرةٍ ِ‬‫مغْ ِ‬
‫قوا إ ِلى َ‬ ‫ساب ِ ُ‬‫وقال‪َ { :‬‬

‫)‪(13 /‬‬

‫ض} )الحديد‪ (21 :‬ووصف عباده المرسلين بهذه الصفة‬ ‫َ‬


‫ماِء َوالْر ِ‬ ‫س َ‬
‫ال ّ‬
‫ت} )النبياء‪ .(90 :‬وجاء في السنة‬‫خي َْرا ِ‬ ‫ْ‬
‫ن ِفي ال َ‬
‫عو َ‬
‫سارِ ُ‬ ‫َ‬
‫م كاُنوا ي ُ َ‬ ‫فقال‪{:‬إ ِن ّهُ ْ‬
‫الثناء على الذين يتسابقون إلى الخير ويتنافسون فيه‪ ،‬فعن أبي هريرة أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪" :‬لو يعلم الناس ما في النداء والصف‬
‫الول ثم لم يجدوا إل أن يستهموا عليه لستهموا‪ ،‬ولو يعلمون ما في التهجير‬
‫لستبقوا إليه‪ ،‬ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لتوهما ولو حبوًا")‪ .( 38‬وقد‬
‫كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يتسابقون إلى الخيرات ويتنافسون‬
‫فيها؛ فعن عمر بن الخطاب ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬يقول‪ :‬أمرنا رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم أن نتصدق فوافق ذلك عندي مال ً فقلت‪ :‬اليوم أسبق أبا بكر‬
‫إن سبقته يومًا‪ ،‬قال‪ :‬فجئت بنصف مالي‪ ،‬فقال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪" :‬ما أبقيت لهلك؟ " قلت‪ :‬مثله‪ ،‬وأتى أبو بكر بكل ما عنده‪ ،‬فقال‪:‬‬
‫"يا أبا بكر‪ ،‬ما أبقيت لهلك؟ " قال‪ :‬أبقيت لهم الله ورسوله‪ ،‬قلت‪ :‬والله ل‬
‫أسبقه إلى شيء أبدًا) ‪ -9 .(39‬القدوة الحسنة‪ :‬القدوة الحسنة من أهم‬
‫وسائل التربية اليمانية وأعظمها تأثيرًا‪ ،‬لذا فمن المور المهمة التي ينبغي أن‬
‫يتصف بها المربي‪ :‬السمت والهدي الحسن‪ ،‬وقد كان السلف يعنون بهذا‬
‫الجانب كثيرًا‪ ،‬ويرون أن من ليتسم بذلك لينبغي أن يؤخذ عنه العلم أو‬
‫يتلقى عنه‪ .‬ومن أعظم الدلة على أهمية القدوة وتأثيرها حديث الذين وفدوا‬
‫المدينة مجتابي النمار‪ ،‬فعن جرير بن عبد الله قال‪ :‬جاء ناس من العراب‬

‫‪96‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم الصوف‪ ،‬فرأى سوء حالهم قد‬
‫ث الناس على الصدقة فأبطؤوا عنه حتى رئي ذلك في‬ ‫أصابتهم حاجة‪ ،‬فح ّ‬
‫صّرة من ورق‪ ،‬ثم جاء آخر‪ ،‬ثم‬ ‫ً‬
‫وجهه‪ ،‬قال‪ :‬ثم إن رجل من النصار جاء ب ُ‬
‫تتابعوا حتى عرف السرور في وجهه‪ ،‬فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫ن في السلم سنة حسنة فعمل بها بعده كتب له مثل أجر من عمل‬ ‫‪" :‬من س ّ‬
‫ن في السلم سنة سيئة فعمل بها‬ ‫بها ول ينقص من أجورهم شيء‪ ،‬ومن س ّ‬
‫بعده كتب عليه مثل وزر من عمل بها ول ينقص من أوزارهم شيء" ) ‪.(40‬‬
‫فقد ترك هذا الموقف أثرا ً في نفوس الناس ودفعهم إلى الصدقة‪ ،‬مع أن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قد حثهم على ذلك‪ .‬ومن المواقف التي تتجلى‬
‫فيها أهمية القدوة ودورها في التربية‪ ،‬ماحصل أثناء حفر الخندق‪ ،‬حين‬
‫اشتكى له أصحابه صلى الله عليه وسلم الجوع فكشف عن حجرين على‬
‫بطنه‪" .‬إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتكلم ببنت شفة‪ ،‬لن القدوة‬
‫في مثل هذا الموطن هي التي تتحدث‪ ،‬لقد رفع رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم عن رداءه‪ ،‬فإذا مقابل كل حجر يربطه الصحابي على بطنه حجرين‬
‫على بطن رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬إن لسان الحال يقول‪ :‬إن كنتم‬
‫تربطون حجرا ً فأنا أربط حجرين اثنين‪ .‬ترى لو كان النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم متكئا ً على أريكته يأكل ويشرب والناس في الخندق يحفرون‪ ،‬في جوع‬
‫وبرد شديدين‪ ،‬أكان هذا المر هينا ً على النفوس؟ حتى وإن لم تنطق بكلمة"‬
‫ص أهل العلم على أنه حين تكون المصلحة في إظهار العمل‬ ‫) ‪ .(41‬وقد ن ّ‬
‫ليقتدى به فهو أفضل‪ ،‬قال الحافظ ابن كثير‪" :‬وقوله "وإن تخفوها وتؤتوها‬
‫الفقراء فهو خير لكم" فيه دللة على أن إسرار الصدقة أفضل من إظهارها‪،‬‬
‫لنه أبعد عن الرياء إل أن يترتب على الظهار مصلحة راجحة من اقتداء‬
‫الناس به فيكون أفضل من هذه الحيثية" )‪ .( 42‬وينبغي للمربي السعي‬
‫للوقوف في موقف وسط بين إهمال القدوة‪ ،‬وبين تكلف فعل العمل الصالح‬
‫وإظهار التخشع لجل أن يقتدى به‪ ،‬فهذا قد يقوده إلى الرياء‪ ،‬وذلك مسلك‬
‫خفي‪ .‬وحين تصلح حاله‪ ،‬وتتحقق التقوى لديه‪ ،‬فلن يحتاج للتكلف‪ ،‬بل سيكون‬
‫العمل والهدي الصالح سمتا ً له‪ -10 .‬العتناء بدراسة سير السلف‪ :‬إن في‬
‫سير السلف وأخبارهم من العبر والقدوة الشيء الكثير‪ ،‬لذا فالعتناء بها‬
‫وإبرازها‪ ،‬وربط الناشئة بهذا الجيل ورجاله يترك أثرا ً له أهميته في ميدان‬
‫التربية ‪ .‬ومما ينبغي أن ُيعنى به في هذا الميدان أن أقوال وأفعال آحاد‬
‫السلف ليست حجة‪ ،‬بل لبد أن توافق سنة النبي صلى الله عليه وسلم ‪،‬‬
‫وينبغي للمربين التنبيه على هذا الجانب‪ ،‬ومن ذلك ما يروى أن أحدهم صلى‬
‫كذا وكذا سنة الفجر بوضوء العشاء‪ ،‬أو كان يقوم الليل كله‪ ،‬أو عاقب نفسه‬
‫حين وقعت في خطيئة بصيام سنة…‪.‬وغير ذلك‪ ،‬كل هذا مخالف لهدي النبي‬
‫وغ ذلك الطعن فيمن نقل عنه شيء من‬ ‫صلى الله عليه وسلم‪ .‬لكن ل ُيس ّ‬
‫ذلك‪ ،‬بل لبد من تربية الناشئة على توقير رجالت السلف والتأدب معهم‪،‬‬
‫ومع ذلك حين يرون منهم ما يخالف الحق ل يتأسون به ويعتذرون لصاحبه‪،‬‬
‫والطريقة التي يعلق بها المربي على مثل هذه الروايات لها أثر كبير غير‬
‫مباشر في غرس هذه النظرة وهذا المنهج في التعامل مع سير السلف‬
‫وأخبارهم‪ ،‬الذي يجمع بين توقيرهم واحترامهم‪ ،‬وبين قصر التلقي على ما‬
‫يؤيده الوحي والنص الشرعي‪ .‬أهداف فرعية في الجانب اليماني‪ - 1 :‬تقوية‬
‫تعظيم الله في النفوس‪ :‬وهذا هو‬

‫)‪(14 /‬‬

‫‪97‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الساس الذي تتفرع منه سائر فروع العتقاد‪ ،‬وقد عاب تبارك وتعالى على‬
‫ق‬
‫ح ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ما قَد َُروا الل ّ َ‬ ‫أهل الزيغ والضلل أنهم لم يقدروه حق قدره فقال‪ { :‬وَ َ‬
‫َ‬
‫ه‬
‫حان َ ُ‬ ‫سب ْ َ‬
‫مين ِهِ ُ‬ ‫مط ْوِّيا ٌ‬
‫ت ب ِي َ ِ‬ ‫ت َ‬
‫ماَوا ُ‬
‫س َ‬
‫مةِ َوال ّ‬ ‫م ال ْ ِ‬
‫قَيا َ‬ ‫ه ي َوْ َ‬ ‫ميعا ً قَب ْ َ‬
‫ضت ُ ُ‬ ‫ج ِ‬‫ض َ‬‫قَد ْرِهِ َوالْر ُ‬
‫ن} )الزمر‪ .(67:‬وحين يستقر تعظيم الله تبارك وتعالى‬ ‫كو َ‬ ‫شرِ ُ‬ ‫وَت ََعاَلى عَ ّ‬
‫ما ي ُ ْ‬
‫في النفس‪ ،‬ويملك صاحبه العلم الصحيح فإنه يسلم له اعتقاده‪ ،‬وتنضبط‬
‫حياته بشرع الله تبارك وتعالى‪ .‬فالذي يعظم الله تعالى ل يقدم بين يدي قوله‬
‫وقول رسوله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬ول يتردد في تصديق الخبار والتزام‬
‫الوامر وترك المنهيات‪ ،‬ول يتعلق قلبه بغير الله‪ ،‬ول يتجه لمخلوق؛ فيصفو‬
‫اعتقاده ويستقيم عمله‪ ،‬ويضع للمخلوقين منزلتهم التي يستحقونها‪ .‬ومن‬
‫الوسائل التي تعين على تحقيق ذلك‪ -1 :‬العتناء بتلوة القرآن الكريم وتدبر‬
‫آياته‪ -2 .‬التفكر في مخلوقات الله عز وجل؛ فيدرك من خلل ذلك عظمة‬
‫خالقها عز وجل‪ ،‬وقد سبق الحديث عن هاتين الوسيلتين‪ -3 .‬العتناء بتحقيق‬
‫توحيد السماء والصفات ومعرفة الله عز وجل وسبقت الشارة لذلك‪-4 .‬‬
‫ترك تعظيم المخلوقين ورفعهم فوق منزلتهم‪ ،‬سواء أكانوا من أهل السلطان‬
‫في الدنيا‪ ،‬أم كانوا من الولياء والصالحين‪ - 2 .‬تحرير القلب من التعلق بغير‬
‫الله‪ :‬إن كثيرا ً من أمراض الشبهات والشهوات ترتبط بتعلق القلب بغير الله‪،‬‬
‫فأولئك الذين يلجؤون للسحرة والكهنة ويصدقون المشعوذين‪ ،‬وأولئك الذين‬
‫يسيطر عليهم التطير والتشاؤم وسائر الساطير إنما أتوا من تعلق قلوبهم‬
‫بغير الله تعالى‪ .‬وأصحاب الشهوات الذين فتنوا بها كذلك‪ ،‬فقلوبهم قد تعلقت‬
‫بها واتجهت إليها وصارت هي قبلتهم‪ .‬لذا كان لبد في التربية من تنقية‬
‫القلوب وتخليصها من التعلق بغير الله والتوجه لسواه‪ ،‬سواء كان دافع ذلك‬
‫شهوة أم شبهة‪ .‬قال شيخ السلم رحمه الله‪" :‬وكل من عّلق قلبه‬
‫بالمخلوقات أن ينصروه أو يرزقوه أو يهدوه خضع قلبه لهم وصار فيه من‬
‫العبودية لهم بقدر ذلك‪ ،‬وإن كان في الظاهر أميرا ً لهم مدبرا لهم متصرفا ً‬
‫بهم ; فالعاقل ينظر إلى الحقائق ل إلى الظواهر; فالرجل إذا تعلق قلبه‬
‫بامرأة ولو كانت مباحة له يبقى قلبه أسيرا ً لها تحكم فيه وتتصرف بما تريد;‬
‫وهو في الظاهر سيدها لنه زوجها ‪ .‬وفي الحقيقة هو أسيرها ومملوكها ل‬
‫سيما إذا درت بفقره إليها وعشقه لها‪ ،‬وأنه ل يعتاض عنها بغيرها ; فإنها‬
‫حينئذ تحكم فيه بحكم السيد القاهر الظالم في عبده المقهور ; الذي ل‬
‫يستطيع الخلص منه‪ ....‬وهذا لعمري إذا كان قد استعبد قلبه صورة مباحة‪،‬‬
‫فأما من استعبد قلبه صورة محرمة ‪ :‬امرأة أو صبيا ً فهذا هو العذاب الذي ل‬
‫يدان فيه‪ ،‬وهؤلء من أعظم الناس عذابا ً وأقلهم ثوابًا؛ فإن العاشق لصورة‬
‫إذا بقي قلبه متعلقا ً بها مستعبدا ً لها اجتمع له من أنواع الشر والفساد ما ل‬
‫يحصيه إل رب العباد‪ ،‬ولو سلم من فعل الفاحشة الكبرى‪ ،‬فدوام تعلق القلب‬
‫بها بل فعل الفاحشة أشد ضررا ً عليه ممن يفعل ذنبا ً ثم يتوب منه ويزول‬
‫أثره من قلبه‪ ،‬وهؤلء يشبهون بالسكارى والمجانين " ) ‪ .(43‬وقال ابن القيم‬
‫رحمه الله ‪-‬حول حديث "من مات ليشرك بالله شيئًا‪" :-"..‬فاعلم أن هذا‬
‫مصر على‬ ‫النفي العام للشرك ‪-‬أن ل يشرك بالله شيئا ً البتة‪ -‬ل يصدر من ُ‬
‫مصر على الصغيرة أن يصفو له‬ ‫معصية أبدًا‪ ،‬ول يمكن مدمن الكبيرة وال ُ‬
‫التوحيد حتى ل يشرك بالله شيئًا‪ ،‬هذا من أعظم المحال ول يلتفت إلى جدلي‬
‫ظ له من أعمال القلوب‪ ،‬بل قلبه كالحجر أو أقسى يقول وما المانع؟ وما‬ ‫لح ّ‬
‫وجه الحالة؟ ولو فرض ذلك واقعا ً لم يلزم منه محال لذاته‪ ،‬فدع هذا القلب‬
‫المفتون بجدله وجهله‪ ،‬واعلم أن الصرار على المعصية يوجب من خوف‬
‫القلب من غير الله‪ ،‬ورجائه لغير الله‪ ،‬وحبه لغير الله‪ ،‬وذله لغير الله‪ ،‬وتوكله‬

‫‪98‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫على غير الله‪ ،‬ما يصير به منغمسا ً في بحار الشرك‪ ،‬والحاكم في هذا ما‬
‫ل المعصية لبد أن يقوم‬ ‫يعلمه النسان من نفسه إن كان له عقل‪ ،‬فإن ذ ُ ّ‬
‫بالقلب فيورثه خوفا ً من غير الله وذلك شرك‪ ،‬ويورثه محبة لغير الله‪،‬‬
‫واستعانة بغيره من السباب التي توصله إلى غرضه؛ فيكون عمله ل بالله ول‬
‫لله‪ ،‬وهذا حقيقة الشرك‪ ،‬نعم قد يكون معه توحيد أبي جهل وعباد الصنام‪،‬‬
‫وهو توحيد الربوبية وهو العتراف بأنه ل خالق إل الله‪ ،‬ولو أنجى هذا التوحيد‬
‫وحده لنجى عُّباد الصنام‪ ،‬والشأن في توحيد اللهية الذي هو الفارق بين‬
‫المشركين والموحدين‪ ،‬والمقصود أن من لم يشرك بالله شيئا ً يستحيل أن‬
‫يلقى الله بقراب الرض خطايا مصّرا ً عليها غير تائب منها‪ ،‬مع كمال توحيده‬
‫الذي هو غاية الحب والخضوع والذل والخوف والرجاء للرب تعالى" )‪3 .( 44‬‬
‫‪ -‬تقوية التقوى في النفس‪ :‬التقوى هي وصية الله للولين والخرين { ولقد‬
‫وصينا ال ّذين ُأوتوا ْ ال ْكتاب من قَبل ِك ُم وإياك ُ َ‬
‫ه } )النساء‪، (131:‬‬ ‫قوا ْ الل ّ َ‬‫ن ات ّ ُ‬
‫مأ ِ‬‫ْ ْ َ ِّ ْ‬ ‫َِ َ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ َ‬ ‫َ ّ َْ‬
‫وقد تكرر المر بتقوى الله تعالى في كتابه‪ ،‬وُربطت‬

‫)‪(15 /‬‬

‫التقوى بأركان السلم وشعائره العظام‪ ،‬ففي الصيام يقول تعالى‪َ{ :‬يا أ َي َّها‬
‫ن}‬‫قو َ‬ ‫م ل َعَل ّك ُ ْ‬
‫م ت َت ّ ُ‬ ‫من قَب ْل ِك ُ ْ‬‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫ب عََلى ال ّ ِ‬ ‫ما ك ُت ِ َ‬
‫م كَ َ‬
‫صَيا ُ‬
‫م ال ّ‬‫ب عَل َي ْك ُ ُ‬
‫مُنوا ْ ك ُت ِ َ‬
‫نآ َ‬‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫وى‬ ‫ق َ‬‫خي َْر الّزادِ الت ّ ْ‬ ‫ن َ‬‫)البقرة‪ (183:‬وفي الحج يقول تعالى‪{ :‬وَت ََزوُّدوا ْ فَإ ِ ّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ب} )البقرة‪ .(197:‬ومما يعين على تحقيق التقوى‪- 1 :‬‬ ‫ن َيا أوِْلي الل َْبا ِ‬ ‫قو ِ‬‫َوات ّ ُ‬
‫ث عليها‪ ،‬وقد كان هذا شأن النبي صلى الله عليه‬ ‫العتناء بالمر بها والح ّ‬
‫وسلم ‪ ،‬فكان في خطبه كثيرا ً ما يأمر بتقوى الله‪ ،‬ويتلو اليات التي ورد فيها‬
‫سِئل النبي صلى‬ ‫المر بذلك )آية آل عمران‪ ،‬وآية النساء‪ ،‬وآية الحشر(‪ .‬وحين ُ‬
‫الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة قال‪" :‬تقوى الله وحسن‬
‫الخلق" ) ‪ - 2 .(45‬تدارس صفات المتقين في كتاب الله تبارك وتعالى‪،‬‬
‫والسعي لتطبيقها وتمثلها‪ - 4 .‬تقوية المراقبة لله تبارك وتعالى‪" :‬المراقبة‬
‫دوام علم العبد وتيقنه باطلع الحق سبحانه وتعالى على ظاهره وباطنه" )‬
‫‪ ،(46‬وهي منزلة عالية جعلها النبي صلى الله عليه وسلم أعلى مراتب‬
‫الدين‪ ،‬فقال في حديث جبريل المشهور‪" :‬والحسان أن تعبد الله كأنك تراه‪،‬‬
‫فإن لم تكن تراه فإنه يراك "‪ .‬وعن عبد الله بن معاوية الغاضري أن رسول‬
‫م اليمان‪،‬‬ ‫الله صلى الله عليه وسلم قال‪ ":‬ثلث من فعلهن فقد طعم ط َعْ َ‬
‫ن عبد الله وحده؛ فإنه ل إله إل الله‪ ،‬وأعطى زكاة ماله طيبة بها نفسه‪،‬‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫شرط اللئمة ول‬ ‫ل عام‪ ،‬ولم يعط الهرمة ول الدرنة‪ ،‬ول ال ّ‬ ‫رافدة ً عليه ك ّ‬
‫المريضة‪ ،‬ولكن من أوسط أموالكم؛ فإن الله عز وجل لم يسألكم خيره ولم‬
‫يأمركم بشره‪ ،‬وزكى عبد نفسه"‪ ،‬فقال رجل‪ :‬ما تزكية المرء نفسه يا رسول‬
‫الله؟ قال‪" :‬يعلم أن الله معه حيثما كان" ) ‪ .(47‬ومما يعين المربي على‬
‫تحقيق ذلك‪ - 1 :‬الوعظ والعتناء به؛ وإنما تعظم ثمرته حين يخرج من قلب‬
‫صادق‪ ،‬قال أبو حفص لبي عثمان النيسابوري‪ :‬إذا جلست للناس فكن واعظا ً‬
‫لقلبك ونفسك‪ ،‬ول يغرنك اجتماعهم عليك؛ فإنهم يراقبون ظاهرك‪ ،‬والله‬
‫يراقب باطنك) ‪ .(48‬ب ‪ -‬العتذار عما قد يطلبه المتربي ‪ -‬مما فيه مخالفة‬
‫لمر الله أو تقصير‪ -‬بمراقبة الله واطلعه‪ .‬ج ‪ -‬كثيرا ً ما يحدث البن أباه أو‬
‫معلمه عن بعض ما يراه من مواقف فيها مخالفة شرعية‪ ،‬كالغش والحتيال‬
‫ونحو ذلك‪ ،‬وهو في الغلب يسوقها خبرا ً عاديا ً أثاره فيه غرابته‪ ،‬فيجدر أن‬
‫يعلق المربي على مثل هذه المواقف بأن أولئك الذين ل يراقبون الله تعالى‬

‫‪99‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫لو كان لديهم أحد من البشر يخافونه لما اجترؤوا على المخالفة‪ ،‬وبأنهم‬
‫سيدفعون ثمنا ً باهظا ً بعد ذلك‪ .‬د ‪ -‬الحذر من مراقبة الشاب بالصورة التي‬
‫تجعله يترك المعصية إرضاء لمن يربيه‪ ،‬بل ربطه بالله عز وجل في هذا‬
‫الجانب‪ ،‬وتنمية الرقابة الذاتية‪ ،‬حتى لو علم المربي بوقوع الشاب في‬
‫معصية‪ - 5 .‬العناية بأعمال القلوب ‪ :‬إن مناط النجاة يوم القيامة هو صلح‬
‫م}‪،‬‬‫ب سلي ٍ‬‫ن أتى اَلله بقل ٍ‬
‫م ْ‬
‫ن إل َ‬ ‫م لينفعُ ما ٌ‬
‫ل ولبنو َ‬ ‫القلب واستقامته {يو َ‬
‫ولذا فقد بّين النبي صلى الله عليه وسلم أن القلب هو ميدان الصلح‬
‫والفساد الحقيقي‪ ،‬وسائر الجسد إنما هو تبعٌ له‪ ،‬فقال‪" :‬أل وإن في الجسد‬
‫مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله أل وهي‬
‫القلب" )‪ .( 49‬ومن ثم كانت "التربية السلمية تولي الهتمام الكبر في‬
‫تقويم السلوك إلى إصلح القلب وتثبيت اليمان فيه‪ ،‬فإذا استقام السلوك‬
‫الداخلي استقام تبعا ً له الخارجي ل محالة‪ ،‬بخلف العناية بتقويم السلوك‬
‫الظاهر فقط؛ فإنه يعتبر بناء على غير أساس‪ ،‬وكل بناء على غير أساس‬
‫عرضة للنهيار" ) ‪ .(50‬قال ابن رجب رحمه الله‪ ":‬فأفضل الناس من سلك‬
‫طريق النبي صلى الله عليه وسلم وخواص أصحابه في القتصاد في العبادة‬
‫البدنية والجتهاد في الحوال القلبية؛ فإن سفر الخرة يقطع بسير القلوب ل‬
‫بسير البدان" )‪ .( 51‬وقال شيخ السلم رحمه الله‪":‬والدين القائم بالقلب‬
‫من اليمان علما ً وحال ً هو الصل‪ ،‬والعمال الظاهرة هي الفروع وهي كمال‬
‫اليمان" ) ‪ .(52‬وقال ابن القيم رحمه الله‪" :‬ومن تأمل الشريعة في‬
‫مصادرها ومواردها علم ارتباط أعمال الجوارح بأعمال القلوب‪ ،‬وأنها ل تنفع‬
‫بدونها‪ ،‬وأن أعمال القلوب أفرض على العبد من أعمال الجوارح‪ ،‬وهل يميز‬
‫المؤمن عن المنافق إل بما في قلب كل واحد منهما من العمال التي مّيزت‬
‫بينهما؟ وهل يمكن أحدا ً الدخول في السلم إل بعمل قلبه قبل جوارحه؟‬
‫وعبودية القلب أعظم من عبودية الجوارح وأكثر وأدوم‪ ،‬فهي واجبة في كل‬
‫وقت" )‪ - 6 .( 53‬العناية بالفرائض‪ :‬الفرائض هي الساس والصل‪ ،‬وأعظم‬
‫ما يتقرب به إلى الله تبارك وتعالى كما أخبرنا بذلك عنه أعلم الخلق به صلى‬
‫الله عليه وسلم فقال‪ :‬فيما يرويه عن ربه‪" :‬وما تقّرب إلي عبدي بشيء‬
‫أحب إلي مما افترضته عليه " )‪ .( 54‬ومن المور التي ينبغي أن يعنى بها‬
‫المربي‪ :‬الحرص على غرس تعظيم الفرائض والعتناء بها ورعايتها لدى من‬
‫يربيهم‪ ،‬وضرورة تقديمها‬

‫)‪(16 /‬‬

‫على النوافل والتطوعات‪ .‬واهتمام المربي بالفرائض والعتناء بها ل ينبغي أن‬
‫يقف عند مجرد تأكيد التيان بها وفعلها‪ ،‬بل العتناء بأدائها وإقامتها على‬
‫الوجه الكمل‪ ،‬وإتقانها وإحسانها‪ ،‬واتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫فيها‪ .‬عن عثمان بن عفان ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ":‬من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى‬
‫تخرج من تحت أظفاره" ) ‪ .(55‬ومن ذلك العتناء بتعليم المتربين أحكامها‪،‬‬
‫والسعي لتقانهم ما يتوقف عليه صحة الفرائض وبطلنها‪ ،‬ثم العتناء بتعليم‬
‫آدابها وسننها وهدي الرسول صلى الله عليه وسلم فيها‪ - 7 .‬تعظيم حرمات‬
‫الله واجتناب المعاصي‪ :‬إن من أمارات صدق اليمان وقوته ب ُْعد العبد عن‬
‫معصية الله تبارك وتعالى وتعظيمه لمحارمه‪ .‬قال ابن مسعود ‪-‬رضي الله‬
‫عنه‪ ": -‬إن المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه‪ ،‬وإن‬

‫‪100‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الفاجر يرى ذنوبه كذباب مّر على أنفه فقال به هكذا ‪ -‬قال أبو شهاب بيده‬
‫فوق أنفه‪ .(56 ) "-‬ومن ثم كان من أهم ما ينبغي أن يعنى به المربي غرس‬
‫تعظيم حرمات الله ومعاصيه في نفوس من يربيهم‪ .‬ومن الوسائل التي تعينه‬
‫على ذلك‪ :‬أ ‪ -‬تذكيرهم بشأن الذنوب والمعاصي وخطورتها‪ ،‬وأثرها على‬
‫النفس)‪ .( 57‬ب ‪ -‬ابتعاده هو عنها‪ ،‬ومجانبته إياها‪ .‬ج ‪ -‬أن يروا منه تعظيمها‬
‫واستنكاف إتيانها‪ ،‬وتأثره حين يرى أحدا ً يواقعها‪ ،‬وهو سلوك ل يستطيع أن‬
‫يتكلفه من لم يستقر تعظيم حرمات الله في قلبه‪ .‬د ‪ -‬أن يجنبهم المواطن‬
‫ودهم على هجرها إن لم يستطيعوا إنكارها؛ لذا‬ ‫التي تظهر فيها المعاصي‪ ،‬ويع ّ‬
‫ظم الشرع عقوبة المجاهر بالمعصية‪ ،‬ونهى عن مجالسة أهل العصيان‬ ‫فقد ع ّ‬
‫ث غَي ْرِ ِ‬
‫ه‬ ‫دي ٍ‬ ‫ضوا ْ ِفي َ‬
‫ح ِ‬ ‫خو ُ‬
‫حّتى ي َ ُ‬
‫م َ‬
‫معَهُ ْ‬‫دوا ْ َ‬ ‫إن لم يرتدعوا عن ذلك { فَل َ ت َ ْ‬
‫قعُ ُ‬
‫})النساء‪ .(140:‬هـ ‪ -‬أل يتساهل بمجاهرة أحد بها‪ ،‬وأن يناصحه حين يراه‬
‫وقع فيها محذرا ً إياه من شؤمها وأثرها‪ - 8 .‬الورع واجتناب الشبهات‪ :‬الورع‬
‫واجتناب الشبهات طريق لتحقيق البتعاد عن الحرام؛ لن من يواقع الشبهات‬
‫يوشك أن يواقع الحرام‪ ،‬كما قال صلى الله عليه وسلم ‪ " :‬الحلل بّين‬
‫مشّبهات ل يعلمها كثير من الناس‪ ،‬فمن اتقى المشبهات‬ ‫والحرام بين وبينهما ُ‬
‫استبرأ لدينه وعرضه‪ ،‬ومن وقع في الشبهات كراع يرعى حول الحمى يوشك‬
‫أن يواقعه‪ ،‬أل وإن لكل ملك حمى أل إن حمى الله في أرضه محارمه‪ ،‬أل‬
‫وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله‪ ،‬وإذا فسدت فسد الجسد‬
‫دون للدعوة إلى الله تعالى وتوجيه‬ ‫كله‪ ،‬أل وهي القلب" )‪ .( 58‬والذين ُيع ّ‬
‫الناس يتأكد في حقهم اجتناب الشبهات والورع عنها؛ إذ هم المرآة أمام‬
‫الناس ينظرون إليهم ويتأسون بهم‪ .‬وهذا يفرض على المربي العتناء بتحقيق‬
‫ذلك في نفسه‪ ،‬والعتناء بإبعاد المحاضن التربوية عن كل ما فيه شبهة‬
‫شرعية‪ ،‬أو يوحي بشيء من الستهانة بحدود الشرع وآدابه‪ .‬ومما يؤسف له‬
‫أننا نرى اليوم إهمال ً للورع الشرعي‪ ،‬فيتساهل بعض المربين في كثير من‬
‫المور بحجة عدم النص على تحريمها‪ ،‬أو أن فيها خلفا ً بين أهل العلم‪ ،‬ومن‬
‫تأمل أحوال السلف وسيرهم رأى خلف ذلك‪ .‬وثمة فرق بين سلوك الشخص‬
‫في ذات نفسه‪ ،‬وبين البرامج التي تقدم ليتربى عليها الشباب‪ ،‬وينتظر منها‬
‫أن تغرس الورع والتقوى في نفوسهم‪ .‬وثمة فرق أيضا ً بين أن يمتنع النسان‬
‫عن أمر تورعا ً وبين أن يحرمه وُيؤّثم من فعله‪ - 9 .‬العناية بالنوافل‪ :‬بعد‬
‫تحقيق التيان بالفرائض لبد من العتناء بالنوافل؛ إذ هي سبب لتحقيق محبة‬
‫الله تعالى ‪..." :‬وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه‪ ،‬فإذا أحببته‬
‫كنت سمعه الذي يسمع به‪ ،‬وبصره الذي يبصر به‪ ،‬ويده التي يبطش بها‪،‬‬
‫ورجله التي يمشي بها‪ ،‬ولئن سألني لعطينه‪ ،‬ولئن استعاذني لعيذنه‪) " ...‬‬
‫‪ .(59‬كما أن بها يكمل ما انتقص من فريضة العبد "‪...‬فإن انتقص من‬
‫فريضته شيء قال الرب عز وجل‪ :‬انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل بها ما‬
‫انتقص من الفريضة‪ . (60 ) " ...‬واعتناء الشاب بالنوافل والعبادة لله مما‬
‫يزيده إيمانا ً وتقوى لله عزوجل‪ ،‬ومما يصلح كثيرا ً من أحواله‪ .‬ومن الوسائل‬
‫التي تعين المربي على تحقيق هذا الجانب‪ :‬أ ‪ -‬اعتناء المربي نفسه بأداء‬
‫النوافل والمحافظة عليها حتى حين يضيق به الوقت‪ .‬وتطبيق المربي للسنة‬
‫في أداء النوافل في المنزل مما يربي أولده على العتناء بها‪ ،‬وهذه السنة‬
‫قد غفل عنها كثير من طلبة العلم‪ ،‬حتى صار الناس يظنون بالذي يؤدي‬
‫النوافل في البيت أنه ل يصليها‪ .‬ب ‪ -‬توجيه المتربين وبيان منزلة النوافل‬
‫وفضلها‪ ،‬وقد كان صلى الله عليه وسلم يوجه أصحابه إلى العتناء بالنوافل‪،‬‬
‫كما ورد في حديث عبدالله بن عمر ‪-‬رضي الله عنهما‪ -‬حين قصت أخته‬

‫‪101‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫حفصة على النبي صلى الله عليه وسلم الرؤيا التي رآها‪ ،‬فقال لها‪ ":‬نعم‬
‫الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل" فكان ب َعْد ُ ل ينام من الليل إل قليل)ً‬
‫جه عبدالله بن عمرو للعتناء بقيام الليل‪ ،‬فعن عبدالله بن عمرو بن‬ ‫‪ .( 61‬وو ّ‬
‫العاص ‪-‬رضي الله عنهما‪-‬‬

‫)‪(17 /‬‬

‫قال‪ :‬قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم‪":‬يا عبدالله‪ ،‬ل تكن مثل فلن‪،‬‬
‫كان يقوم الليل فترك قيام الليل" ) ‪ .(62‬ج ‪ -‬أن يراعى في أوقات البرامج‬
‫العامة التي تقدم للطلب ترك وقت لداء النوافل‪ ،‬وبيان ذلك للطلب وحثهم‬
‫عليها‪ .‬د ‪ -‬أن يراعى المربي ذلك حين تكليفه لمن يربيه بأمر أو مهمة‪ ،‬فحين‬
‫يطلب الب من ابنه أداء مهمة عاجلة فليس من المستحسن أن يأمره بترك‬
‫الراتبة‪ ،‬وحين يكون المر عاجل ً يوجهه إلى أن يؤديها في المنزل‪ ،‬أو بعد‬
‫فراغه من المهمة إن كانت ل تطول‪ * * * .‬الحاشية ) ‪ (1‬معجم المناهي‬
‫اللفظية ص ‪ (2 ) .285‬رواه البخاري )‪ (26‬ومسلم )‪ (3 ) .(83‬رواه البخاري‬
‫)‪ (2518‬ومسلم )‪ ( 4) .(84‬رواه مسلم )‪ (5 ) .(1885‬رواه مسلم )‪) .(54‬‬
‫‪ (6‬رواه مسلم )‪ (2831‬وأصله في البخاري دون موضع الشاهد‪ (7 ) .‬رواه‬
‫البخاري )‪ ( 8) .(7510‬رواه البخاري )‪ (7440‬ومسلم )‪ ( 9) .(182‬رواه‬
‫البخاري )‪ (71‬ومسلم )‪ (10 ) .(1773‬رواه البخاري )‪ (2475‬ومسلم )‪.(57‬‬
‫حَزّور هو الغلم إذا اشتد وقوي وخدم‪،‬‬‫) ‪ (11‬رواه مسلم )‪ (12 ) .(2699‬ال َ‬
‫وهو الذي قارب البلوغ )اللسان ‪ (13 ) .(4/187‬رواه ابن ماجه )‪(14 ) .(61‬‬
‫جامع بيان العلم وفضله )‪ (15 ) .(2/166‬المجموع )‪ (16 ) .(1/38‬مقدمة‬
‫ابن خلدون )‪ (17 ) . (538-537‬رواه الدارمي )‪ (18 ) . (3493‬انظر‪ :‬مفتاح‬
‫دار السعادة‪ /‬النحلة تسبح الله لمحمد حسن الحمصي‪ /‬غريزة أم تقدير إلهي‬
‫لشوقي أبي خليل‪ /‬العلم يدعو إلى اليمان‪/‬شريط وما أوتيتم من العلم إل‬
‫قليل ً لحمد الدعيج‪ (19 ) .‬رواه مسلم )‪ (20 ) .(2750‬رواه البخاري )‬
‫‪ (6408‬ومسلم )‪ (21 ) .(2689‬رواه الترمذي )‪ (2676‬وابن ماجه )‪) .(42‬‬
‫‪ (22‬رواه البخاري )‪ (70‬ومسلم )‪ (23 ) .(2821‬متفق عليه واللفظ لمسلم‬
‫)‪ (24 ) .(2359‬رواه البخاري )‪ (3220‬ومسلم )‪ (25 ) .(2308‬صحيح‬
‫مسلم بشرح النووي )‪ (26 ) . (76-15/75‬رواه مسلم )‪ (27 ) .(744‬رواه‬
‫البخاري )‪ (1127‬ومسلم )‪ (28 ) .(775‬رواه أحمد )‪ (7362‬وأبو داود )‬
‫‪ (1308‬والنسائي )‪ (1610‬وابن ماجه )‪ (29 ) . (1336‬رواه ابن أبي شيبة‬
‫في اليمان )‪(30 ) .(105‬رواه ابن أبي شيبة في اليمان )‪ (107‬وأبو عبيد‬
‫في اليمان )‪(31 ) .(20‬رواه ابن أبي شيبة في اليمان )‪ (32 ) .(104‬فتح‬
‫الباري )‪ (33 ) .(80-3/79‬مدارج السالكين )‪ (34 ) .(3/350‬فتاوى العز ابن‬
‫عبدالسلم ‪ .241-240‬وانظر للستزادة‪ :‬مفتاح دار السعادة ‪ /2/90‬معارج‬
‫القبول ‪ /1/126‬السماء والصفات لعمر الشقر ‪ (35 ) .38-18‬رواه أحمد )‬
‫‪ (7865‬والترمذي )‪ (2307‬والنسائي )‪ (1824‬وابن ماجه )‪(36 ) .(4258‬‬
‫رواه مسلم )‪ (37 ) .(976‬رواه مسلم )‪ (38 ) .(977‬رواه البخاري )‪(615‬‬
‫ومسلم )‪ (39 ) .(437‬رواه الترمذي )‪ (3675‬وأبو داود )‪ (1678‬والدارمي )‬
‫‪ (40 ) .(1660‬رواه مسلم )‪ (41 ) .(1017‬التربية الوقائية في السلم‬
‫ومدى استفادة المدرسة الثانوية منها‪ .‬خليل الحدري ص ‪(42 ) .217-216‬‬
‫تفسير ابن كثير )‪ (43 ) .(1/482‬مجموع الفتاوى )‪(44 ) .(187-10/186‬‬
‫مدارج السالكين )‪ (45 ) .(355-1/354‬رواه أحمد )‪ (7847‬والترمذي )‬

‫‪102‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ (2004‬وابن ماجه )‪ (46 ) .(4246‬مدارج السالكين ‪ (47 ) .2/68‬رواه‬


‫البيهقي )‪ ،(4/95‬وصححه اللباني في السلسلة الصحيحة )‪(48 ) .(1046‬‬
‫مدارج السالكين ‪ (49 ) .2/68‬رواه البخاري )‪ (52‬ومسلم )‪(50 ) .(1599‬‬
‫الهداف التربوية السلوكية عند شيخ السلم ابن تيمية )‪(51 ) .(113‬‬
‫المحجة في سير الدلجة )‪ (52 ) .(56‬مجموع الفتاوى )‪(53 ) .(10/355‬‬
‫بدائع الفوائد ) ‪ (54 ) .(3/710‬رواه البخاري )‪ (55 ) .(6502‬رواه مسلم )‬
‫‪ (56 ) .(245‬رواه البخاري )‪ ( 57) .(6308‬من المراجع المفيدة في ذلك‪:‬‬
‫مفتاح دار السعادة‪ ،‬وشعب اليمان للبيهقي‪ ،‬ومدارج السالكين )منزلة‬
‫التوبة(‪ (58 ) .‬رواه البخاري )‪ (52‬ومسلم )‪ (59 ) .(1599‬رواه البخاري )‬
‫‪ (60 ) .(6502‬رواه الترمذي )‪ (413‬وابن ماجه )‪ (61 ) .(1426‬رواه‬
‫البخاري )‪ (1122‬ومسلم )‪ (62 ) .(2479‬رواه البخاري )‪ (1152‬ومسلم )‬
‫‪.(1159‬‬

‫)‪(18 /‬‬

‫الفصل الرابع‪ :‬الجانب العلمي والعقلي إن أي تربية تتجاوز البناء العلمي‬


‫الشرعي‪ ،‬أو تعطيه مرتبة متأخرة بين المتطلبات التربوية‪،‬هي بعيدة عن‬
‫المنهج النبوي؛ ذلك أن الجيل الذي يعاني من الضعف العلمي لن يقوم‬
‫بالواجبات الشرعية في نفسه كما ينبغي‪ ،‬فضل ً عن أن يقوم بواجب الصلح‬
‫والدعوة للناس‪ .‬ويحتاج جيل الصحوة اليوم إلى أن يعطي الجانب العلمي‬
‫القدر الذي يستحقه من الوقات والجهود‪ ،‬أما حين يكون نصيبه فضلة الوقت‬
‫والجهد‪ ،‬فسوف ينشأ جيل يعاني من البنيان الهش الذي سرعان ما ينهار‪ ،‬أو‬
‫يأخذ ذات اليمين أو الشمال‪ .‬ومما ينبغي مراعاته في هذا الجانب‪ -1 :‬إعطاء‬
‫الجانب العلمي الهتمام اللئق به كما سبق‪ ،‬دون إفراط أو تفريط‪-2 .‬‬
‫العتناء بتعليم كافة الشباب ‪ -‬بغض النظر عن تخصصاتهم العلمية والعملية ‪-‬‬
‫الحد الدنى من العلم الشرعي‪ ،‬الذي يمكنهم من فهم المسائل الشرعية‬
‫العلمية‪ ،‬والتعامل مع مصادر المعلومات بالطريقة التي تتناسب مع‬
‫مستوياتهم‪ -3 .‬ينبغي أن تسعى المحاضن التربوية إلى غرس الهتمام‬
‫العلمي في نفوس الناشئة‪ ،‬ل أن تكون البرامج العلمية مجرد استجابة‬
‫لمطالب أو ضغوط ذوي الهتمام العلمي‪ -4 .‬هذا الميدان من أكثر الميادين‬
‫التي يبدو فيها تفاوت القدرات والمكانات‪ ،‬ومن ثم فلبد من مراعاة ذلك‬
‫واعتباره؛ إذ يغلب على كثير من المحاضن والمؤسسات التربوية إعطاء‬
‫برامج موحدة لجميع الطلب في الميدان العلمي‪ ،‬وهي قضية يجب أن يعاد‬
‫فيها النظر‪ .‬ولئن كانت هناك معوقات كثيرة ترتبط بالمؤسسات التعليمية‬
‫الرسمية‪ ،‬فالمؤسسات التعليمية الخاصة‪ ،‬والمحاضن التربوية تملك من‬
‫المرونة والحرية ما يعينها على تصميم برامج تراعي فيها الفروق الفردية‪،‬‬
‫وتفاوت المكانات والقدرات وتفاوت الحرص والهتمام العلمي‪ ،‬وأل تقدم‬
‫لطلبها نسخة مكررة من البرامج التعليمية‪ -5 .‬ينبغي أن تمتد أهدافنا لتعنى‬
‫بالتربية العقلية‪ ،‬وأل تقف عند حدود إعطاء الجانب العلمي والمعرفي‪ ،‬خاصة‬
‫وأن "مرحلة الشباب تعتبر أحسن فترات حياة الفرد للتربية العقلية" ) ‪.(1‬‬
‫فمن خلل التربية العقلية الصحيحة يمكن تهيئة الرضية المناسبة للتلقي‬
‫العلمي‪ ،‬ومن خللها يملك الشاب اللية التي تعينه على التعامل الصحيح مع‬
‫المعلومات والمعارف التي يتلقاها‪ .‬كما يتجاوز أثر التربية العقلية الجانب‬
‫العلمي إلى سائر مجالت حياة الشاب فلها نتائج مهمة "في حياة الفرد‪ ،‬وفي‬

‫‪103‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫مشاعره وقيمه وأهدافه وتعامله وتعايشه وتصرفاته" ) ‪ .(2‬و"عن طريق‬


‫التربية العقلية يكون الفرد قادرا ً على إصدار أحكامه الصائبة على الشياء‪،‬‬
‫واستفادته من أخطائه وأخطاء غيره‪ ،‬والنتفاع بتجاربه وتجارب الخرين‪،‬‬
‫وقدرته على حل المشكلت ومواجهة المواقف")‪ .( 3‬الهدف العام في‬
‫الجانب العقلي والعلمي‪ :‬تقوية البناء العقلي والعلمي‪ .‬ويمكن تحقيق هذا‬
‫الهدف من خلل الوسائل التية‪ :‬وسائل عامة في البناء العلمي والعقلي‪:‬‬
‫هناك وسائل عامة تعين على تحقيق البناء العلمي والعقلي ل يمكن إدراجها‬
‫تحت هدف واحد ‪ ،‬ومن هذه الوسائل‪ - 1 :‬تطوير طرق التعليم والبرامج‬
‫الثقافية‪ :‬رغم تطور الفكر التربوي‪ ،‬وكثرة المختصين والمهتمين في هذا‬
‫الجانب‪ ،‬فإن الطرق التقليدية في التعليم هي التي تسود اليوم في مدارسنا‪،‬‬
‫وحتى التعليم الشرعي خارج نطاق التعليم الرسمي يتسم إلى حد كبير بهذه‬
‫السمة‪ .‬ولجل الرتقاء بمستوى القدرات العلمية وتجاوز ما يعانيه الجيل‬
‫اليوم من سطحية وضيق أفق‪ ،‬كان لبد من تطوير طرق التعليم‪ ،‬سواء من‬
‫خلل الفصل الدراسي‪ ،‬أو من خلل الدروس العلمية والمحاضرات الثقافية‬
‫والفكرية التي تقدم للناس في المسجد وخارج المسجد‪ .‬ومن ملمح هذا‬
‫التطوير الذي يمكن أن يسهم في الرتقاء بمستوى الشباب اليوم‪ -1 :‬البعد‬
‫عن الطرق اللقائية الرتيبة‪ ،‬والعتناء بالطرق الحديثة في التعليم‪ -2 .‬البعد‬
‫عن الطرق التي تركز على اتجاه واحد في التصال‪ ،‬ويكون دور المعلم فيها‬
‫هو الملقي‪ ،‬ودور الطالب هو التلقي والستماع‪ -3 .‬مع أهمية الحفظ وحاجتنا‬
‫إليه في العلم الشرعي‪ ،‬إل أنه ينبغي أل نعتمد عليه وحده‪ ،‬وأل يكون دور‬
‫الطالب قاصرا ً على التذكر والستدعاء فقط‪ ،‬بل لبد من الرتقاء إلى‬
‫المستويات العلى منه في التحصيل )كالفهم والتطبيق والتحليل والتركيب‬
‫دم للطالب درس في تعليم صفة الوضوء‪ ،‬فليطلب‬ ‫والتقويم()‪ .( 4‬فحين ُيق ّ‬
‫ً‬
‫منه التطبيق بعد ذلك‪ ،‬ولُيقدم المعلم لهم فيلما يسجل فيه مواقف عدة‬
‫ويطلب منهم بناء على ذلك اكتشاف الخطاء التي وقعت في الوضوء‪ .‬ومثله‬
‫معلم العقيدة‪ ،‬حين يتناول موضوع القضاء والقدر‪ ،‬فليطلب من الطلب مثل ً‬
‫قراءة سورة النفال واستخراج ما يتعلق بهذا الركن العظيم‪ ،‬وليطلب منهم‬
‫بيان آثار اليمان بالقضاء والقدر على حياة المسلم‪ ،‬وذكر صور النحراف‬
‫والخطاء في مفهوم القضاء والقدر لدى المسلمين اليوم‪ -4 .‬تطوير أساليب‬
‫التقويم وطرقه‪ ،‬فبدل ً من أن يكون الواجب المنزلي يتعلق بأسئلة مباشرة‬
‫يبحث الطالب عن إجابتها في الكتاب ُيكلف‬

‫)‪(19 /‬‬
‫ب مثل ً أن ينظر إلى المصلين الذين يقضون الصلة‪ ،‬ويذكر عددا ً‬ ‫م الطال َ‬
‫المعل ُ‬
‫من الخطاء التي وقعوا فيها‪ ،‬وأن يقدم المعلم مقالة مكتوبة للطالب ويطلب‬
‫منه نقدها وبيان ما فيها من سلبيات وإيجابيات‪ -5 .‬إعطاء فرصة للطالب في‬
‫تقويم ما يسمع ونقده‪ ،‬بل تشجيعه على ذلك ودفعه له‪ ،‬بدل ً من أن تكون‬
‫مهمته منحصرة في السؤال عما أشكل عليه‪ ،‬وأحيانا ً يدعو المعلم لذلك‬
‫بقوله‪ ،‬لكن غضبه وانفعاله ونقاشه الحاد لما يقوله الطالب مخالفا ً لرأيه‬
‫يسهم في وأد روح النقد والتقويم لدى الطالب‪ .‬وينبغي مع ذلك أن يراعى‬
‫العتدال؛ فالفراط في ذلك قد يؤدي إلى مناقشة البدهيات والمسّلمات‪ ،‬أو‬
‫تخريج طلب يجيدون فن الجدل والخصومة‪ ،‬أو يسيئون الدب مع الكابر‪- 2 .‬‬
‫تطوير أساليب الخطاب ومضمونه‪ :‬إن العتناء بمضمون ما يقدم للناشئة في‬

‫‪104‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الدروس العلمية والملتقيات الفكرية أمر له أهميته وأثره في بناء شخصية‬


‫الطالب‪ ،‬ومن المقترح في ذلك‪ -1 :‬العتناء باختيار الموضوع الذي يتحدث‬
‫ل الناس‬ ‫فيه المتحدث أو الكاتب‪ ،‬والبعد عن الموضوعات التقليدية التي م ّ‬
‫دم للناس‪ ،‬والعداد الجيد له‪ ،‬وتقديم‬ ‫منها وسئموها‪ -2 .‬العتناء بمحتوى ما يق ّ‬
‫الجديد المفيد‪ ،‬حتى في تناول الموضوعات التي يتكرر طرقها يمكن للكاتب‬
‫أو المتحدث أن يقدم الجديد في محتواها‪ -3 .‬البعد عن تقديم النتائج‬
‫المباشرة‪ ،‬والسعي للقناع من خلل الدلة العلمية الموضوعية‪ ،‬والوصول‬
‫للنتائج من خلل المقدمات‪ -4 .‬العتدال في الحماس للرأي والفكرة‬
‫الشخصية‪ ،‬والتفريق بين الحكم الذي جاء بنص الشرع‪ ،‬وبين فهم فرد معين‬
‫لمسألة أو نص شرعي) ‪ - 3 .(5‬زيادة دور الطالب في التعلم‪ :‬تعتمد‬
‫التجاهات التربوية الحديثة على تفعيل دور الطالب في التعلم والتلقي‪ ،‬وأل‬
‫يكون دوره قاصرا ً على مجرد الستماع‪ .‬ومما يعين على ذلك‪ -1 :‬العتماد‬
‫على الطرق الحديثة في التعليم وعدم التركيز على الطرق اللقائية‪-2 .‬‬
‫العتناء بالبحوث مع مراعاة أن تكون مناسبة لمستوى الطالب‪ ،‬وكلما كانت‬
‫قصيرة‪ ،‬وتتطلب الوصول إلى نتائج معينة ‪ -‬دون أن تعتمد على مجرد النقل‬
‫والجمع‪ -‬أمكن أن تؤدي دورها‪ -3 .‬تعويد الطالب الوصول إلى المعلومات‬
‫بنفسه من خلل السؤال والمناقشة‪ ،‬مع مراعاة أن يكون النقاش معينا ً‬
‫للوصول إلى المعلومة‪ ،‬دون أن يكون استظهارا ً لما سبق‪ ،‬أو سؤال ً ل يعرف‬
‫إجابته إل من سبق له إدراك هذه المعلومة‪ ،‬ومن تأمل سنة النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم وجد العناية بهذا الجانب‪ ،‬كما في حديث عبدالله بن عمر ‪ -‬رضي‬
‫الله عنهما ‪ : -‬كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتي بجمار فقال‪" :‬إن من‬
‫الشجر شجرة مثلها كمثل المسلم" فأردت أن أقول هي النخلة فإذا أنا أصغر‬
‫القوم فسكت‪ .‬قال النبي صلى الله عليه وسلم ‪" :‬هي النخلة" ) ‪ .(6‬قال ابن‬
‫حجر‪" :‬قوله ‪ ) :‬ووقع في نفسي ( بّين أبو عوانة في صحيحه من طريق‬
‫مجاهد عن ابن عمر وجه ذلك قال‪ :‬فظننت أنها النخلة من أجل الجمار الذي‬
‫أتى به ‪ ,‬وفيه إشارة إلى أن الملغز له ينبغي أن يتفطن لقرائن الحوال‬
‫الواقعة عند السؤال ‪ ,‬وأن الملغز ينبغي له أل يبالغ في التعمية بحيث ل يجعل‬
‫للملغز بابا ً يدخل منه ‪ ,‬بل كلما قّربه كان أوقع في نفس سامعه" )‪- 4 . ( 7‬‬
‫المحافظة على الطاقة العقلية‪ :‬طاقات النسان مهما بلغت وعظمت فهي‬
‫محدودة‪ ،‬وذلك ل يصدق على الطاقة البدنية فحسب‪ ،‬فالطاقة العقلية‬
‫والنفسية تحكمها السنة نفسها‪ ،‬وحتى تستثمر هذه الطاقة وتوظف في‬
‫ميادينها المناسبة لبد من حمايتها من أن تبدد فيما ل طائل من ورائه‪ .‬لذا‬
‫فإشغال العقل بالتساؤل والبحث في أمور الغيب‪ ،‬أو بما ل فائدة فيه من‬
‫أبواب العلم‪ ،‬أو بالتفاصيل التي ل ضرورة لها ول حاجة‪ ،‬ول يترتب عليها خير‬
‫ومنفعة في دين ودنيا‪ ،‬هذا الشغال سيكون على حساب أمور أخرى هي أهم‬
‫وأحوج‪ ،‬إذا افترضنا أن هذا المتسائل أدرك من وراء تحصيله شيئًا‪ .‬لذا فقد‬
‫استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم بربه من علم ل يتحقق من ورائه نفع ول‬
‫فائدة؛ فعن زيد بن أرقم ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬قال‪ :‬ل أقول لكم إل كما كان‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪ ،‬كان يقول‪" :‬اللهم إني أعوذ بك من‬
‫العجز والكسل‪ ،‬والجبن والبخل والهرم‪ ،‬وعذاب القبر‪ ،‬اللهم آت نفسي‬
‫كاها؛ أنت ولّيها ومولها‪ ،‬اللهم إني أعوذ بك من‬ ‫كها أنت خير من ز ّ‬‫تقواها‪ ،‬وز ّ‬
‫علم ل ينفع‪ ،‬ومن قلب ل يخشع‪ ،‬ومن نفس ل تشبع‪ ،‬ومن دعوة ل ُيستجاب‬
‫جه النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى سؤال الله ذلك‪ ،‬فعن‬ ‫لها" ) ‪ .(8‬وو ّ‬
‫جابر ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪" :‬سلوا‬

‫‪105‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الله علما ً نافعًا‪ ،‬وتعوذوا بالله من علم ل ينفع" ) ‪ ،(9‬والدعاء يقتضي من‬
‫المرء ‪-‬مع الستعانة بالله‪ -‬سلوك السباب الموصلة إليه‪ .‬و ل يقف المر عند‬
‫حد تحصيل المرء لعلم ل ينفعه يأخذ حيزا ً من ذهنه‪ ،‬بل يوّلد لديه اتجاها ً‬
‫للتساؤل والبحث عن مثل هذه القضايا‪ ،‬ويصبح النشغال بها ديدنا ً له‪ .‬ويزداد‬
‫تأكد المر في هذه المرحلة المهمة من العمر‪،‬‬

‫)‪(20 /‬‬

‫التي تعد مرحلة البناء والعداد‪ ،‬وتزداد الخسارة حين تبدد هذه الطاقة فيما ل‬
‫طائل وراءه‪ - 5 .‬التعويد على القراءة الواسعة‪ :‬تمثل القراءة عامل ً مهما ً في‬
‫ب القراءة‬ ‫ح ّ‬‫م فغرس ُ‬ ‫توسيع أفق الشخص وتنمية قدراته ومهاراته‪ ،‬ومن ث َ ّ‬
‫لدى الناشئة يترك أثره في نموهم العلمي والفكري‪ .‬ويمكن أن يتم التعويد‬
‫ب القراءة بطرق عدة‪ ،‬منها‪ -1 :‬الحالة إلى أحد الكتب المهمة‬ ‫ح ّ‬
‫على ُ‬
‫والشيقة عند الحديث عن قضية من القضايا‪ ،‬وكلما كان الكتاب متوفرا ً وقريبا ً‬
‫من الطلب كان أقرب إلى تحقق هذا الهدف‪ -2 .‬وصف الكتاب والحديث عنه‬
‫وطريقة مؤلفه ومزاياه‪ -3 .‬المسابقات العلمية ومن أفضلها في غرس‬
‫القراءة الواعية المدركة‪ :‬أن يطلب من الطلب قراءة كتاب أو جزء منه‪ ،‬ثم‬
‫يطلب منهم الجابة على أسئلة محددة‪ ،‬وذلك بعد فراغهم من قراءته‪ ،‬أما‬
‫السئلة التي ُتعطى سلفا ً فالغالب أن يبحث الطالب عن الجابة في الكتاب‬
‫دون أن يقرأه ويستوعب ما فيه‪ -4 .‬اقتراح برامج متدرجة في القراءة‪ ،‬وذلك‬
‫ل‪ ،‬وكل مجموعة تحوي كتابين أو‬ ‫بأن تحدد للطلب فئات )أ‪ ،‬ب‪ ،‬ج‪ ،‬د( مث ً‬
‫ثلثة‪ ،‬وتكون هذه الفئات متدرجة في الصعوبة وحجم الكتاب‪ ،‬فحين يتم‬
‫الطالب قراءة فئة )د( ينتقل إلى فئة )ج( وحين يتمها ينتقل إلى فئة )ب(‬
‫وإذا أشيع روح التنافس والمسابقة في ذلك ازداد الدافع لدى الطلب‪-5 .‬‬
‫الهداء الخاص‪ ،‬وذلك بأن يقدم المعلم للطالب هدية خاصة تتمثل في كتاب‬
‫مناسب لمستوى تحصيله وإدراكه‪ -6 .‬تخصيص أوقات للقراءة‪ ،‬ويمكن أن‬
‫يكون ذلك في حصص النتظار‪ ،‬أو في برامج النشطة المدرسية‪ ،‬فيبقى‬
‫الطلب في المكتبة وعلى كل طالب أن يختار كتابا ً مناسبا ً ليقرأ فيه‪-7 .‬‬
‫تأمين الكتب المناسبة والشيقة في المنزل والمدرسة‪ ،‬ومواطن تجمعات‬
‫الشباب ولقاءاتهم‪ -8 .‬كتاب الشهر أو كتاب السبوع‪ ،‬وهو كتاب ُيختار بعناية‬
‫من بسعر‬ ‫مما يناسب مستوى الطلب‪ ،‬وُيعلن عنه مع صورة غلفه‪ ،‬وإذا أ ّ‬
‫مخفض فهذا حسن‪ -9 .‬زيارة المكتبات ودور النشر ومعارض الكتب‪ ،‬وإطلع‬
‫الشاب على محتوياتها وحثه على الشراء‪ -10 .‬فاقد الشيء ل يعطيه‪ ،‬فحين‬
‫يكون المعلم والمربي قارئًا‪ ،‬ويلمس تلمذته أثر ذلك في شخصيته‪ ،‬ويعتادون‬
‫ب القراءة‪ .‬وبدون‬ ‫ح ّ‬
‫رؤية الكتب معه‪ ،‬واهتمامه بها‪ ،‬فإنهم سينشؤون على ُ‬
‫البرامج العملية التي تربط الطلب بالقراءة وتدعوهم لها‪ ،‬لن يكون كثرة‬
‫الحديث عن أهمية القراءة ودورها ذا أثر فاعل‪ - 6 .‬الربط بالمصادر العلمية‬
‫جه إلى اختيار المناسب‬ ‫والفكرية المناسبة‪ :‬يحتاج الناشئ في البداية أن يو ّ‬
‫في خضم الكم الهائل المتاح من مصادر التعلم‪ ،‬ومن ثم فتوجيهه للكتب‬
‫المناسبة‪ ،‬والكّتاب المناسبين‪ ،‬والدوريات الموثقة الرصينة‪ ،‬والشرطة‬
‫العلمية الفكرية‪ ،‬مما يعينه على توسيع أفقه‪ ،‬ويسهم في تحقيق البناء العلمي‬
‫والعقلي لديه بشكل أشمل‪ .‬ومع الحاجة إلى النفتاح وزيادة دائرة اتصال‬
‫الشاب بالمصادر العلمية إل أنه ل يستغني عن الرشاد والتوجيه مما يختصر‬
‫عليه خطوات كثيرة‪ .‬وهذا إنما يجيده المربي الناضج الذي يتسم بسعة‬

‫‪106‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الطلع والقراءة الواسعة‪ ،‬أما أولئك الذين دعت الضرورة إلى العتماد‬
‫عليهم فعليهم أن يعرفوا قدرهم‪ ،‬وأل يجعلوا الشباب ضحية تفكيرهم‬
‫المحدود‪ ،‬واطلعهم القاصر؛ فيمارسوا في حقهم السترقاق الفكري وقد‬
‫ولدوا أحرارًا‪ - 7 .‬تنويع مصادر التعلم‪ :‬مهما بلغت قدرات المربي وطاقاته‬
‫يبقى يمثل تجربة محدودة‪ ،‬وهو بشر يحمل من القصور والسلبيات ما يحمله‬
‫غيره من البشر‪ .‬لذا كان لبد لتوسيع أفق المتربي‪ ،‬وتنمية قدراته‪ ،‬وبناء‬
‫شخصيته العلمية والفكرية من فتح قنوات أخرى غير هذه‪ ،‬ومن ذلك‪-1 :‬‬
‫تنويع قراءاته وعدم القتصار على شريحة معينة من الكّتاب في إطار زمني‬
‫أو مكاني محدد‪ -2 .‬اتصاله الفكري واستفادته من عدد كبير من الشخاص‪،‬‬
‫من خلل استضافة بعض المتحدثين بين آونة وأخرى‪ ،‬وزيارتهم واللقاء معهم‪،‬‬
‫وكلما تنوعت تجارب هؤلء واتسعت خبراتهم أسهم في استفادة الطالب‬
‫منهم‪ -3 .‬التخلص من الممارسة غير المقبولة التي يفرضها بعض المربين‪-‬‬
‫بحسن نية‪ -‬من خلل طول أمد بقاء تلميذه مرتبطا ً به دون سواه‪ ،‬وفرض‬
‫حصار فكري عليه‪ ،‬ورفض كل مالم يرد عن قناته التي يتحكم فيها‪ ،‬وما‬
‫أصدق مقولة الفاروق هاهنا‪" :‬متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم‬
‫أحرارًا" وقديما ً قيل ‪" :‬ل تعرف خطأ أستاذك حتى تصاحب غيره"‪ .‬وينبغي‬
‫التأكيد هاهنا على التعامل المعتدل مع مثل هذه المقترحات‪ ،‬وعدم التطرف‬
‫في استخدامها‪ ،‬ومراعاة التدرج‪ ،‬وأن القفزات المحطمة قد تحول التلميذ‬
‫الناشئ إلى أتون فوضى فكرية قبل أن يدرك‪ ،‬وثمة تجارب جنى أصحابها‬
‫ثمرة التطرف في النفتاح غير المتزن‪ .‬إل أن هذا التطرف والتسيب ل يعالج‬
‫من خلل ممارسة الحصار والسترقاق الفكري للحرار من الناس‪- 8 .‬‬
‫العتناء بطرق التعليم الفردي‪ :‬توفر التربية المعاصرة نماذج من أساليب‬
‫التعليم الفردي‪ ،‬التي يستطيع من خللها الطالب أن يواصل التعلم بمفرده‪،‬‬
‫دون الحاجة إلى معلم) ‪ .(10‬والستفادة من هذه‬

‫)‪(21 /‬‬

‫التجارب واستثمارها‪ ،‬بعد تطبيعها بما يتناسب مع الوضاع التربوية‪ ،‬مما يعين‬
‫على الوصول إلى أهداف قد نرى أن قدراتنا تعجز عنها‪ .‬والدعوة إلى‬
‫استثمار طرق وأساليب التعلم الفردي ل تعني اعتبارها البديل الوحيد‪ ،‬فل‬
‫غنى للطالب عن الرتباط بمعلمه والستفادة من كثير من خبراته‪ .‬أهداف‬
‫فرعية في البناء العلمي والعقلي‪ :‬ثمة أهداف فرعية تؤدي إلى الهدف العام‬
‫وهو تحقيق البناء العلمي والعقلي‪ ،‬وتتمثل أهم هذه الهداف فيما يأتي‪- 1 :‬‬
‫غرس الشعور بالحاجة للتعلم‪ :‬قبل أن نبدأ بالتعليم أو تناول البرامج العلمية‬
‫لبد من تهيئة الرضية المناسبة لذلك‪ ،‬وإعداد المتربي ليقبل على العلم‬
‫والتعلم‪ ،‬ويشعر بحاجته إليه‪ ،‬وأهميته له‪ .‬ومما يعين على تحقيق هذا الهدف‪:‬‬
‫‪ -1‬بيان فضل العلم وأهله‪ ،‬ومنزلته من بين سائر مايتقرب به العبد إلى ربه‬
‫عز وجل‪ ،‬وقد كان صلى الله عليه وسلم يعنى بذلك‪ ،‬فقد قال صلى الله عليه‬
‫وسلم لصحابه حاثا ً لهم‪" :‬من سلك طريقا ً يبتغي فيه علما ً سلك الله به‬
‫طريقا ً إلى الجنة‪ ،‬وإن الملئكة لتضع أجنحتها رضاء لطالب العلم‪ ،‬وإن العالم‬
‫ليستغفر له من في السموات ومن في الرض حتى الحيتان في الماء‪،‬‬
‫وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب‪ ،‬إن العلماء ورثة‬
‫النبياء‪ ،‬إن النبياء لم يورثوا دينارا ً ول درهمًا‪ ،‬إنما ورثوا العلم فمن أخذ به‬
‫أخذ بحظ وافر" )‪ .( 11‬ومن المفيد والمهم دوام التذكير بفضائل العلم وأهله‬

‫‪107‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫بين آونة وأخرى‪ ،‬ودراسة بعض الكتب المفيدة في ذلك)‪ -2 . ( 12‬استثمار‬


‫المواقف التي يمر بها المتربي لشعاره بالحاجة للعلم‪ ،‬كما فعل النبي صلى‬
‫ل؛ فإنك‬ ‫الله عليه وسلم حين جاء المسيء صلته وصلى فقال له‪" :‬ارجع فص ّ‬
‫لم تصل"‪ .‬فأعاده صلى الله عليه وسلم مرارا ً حتى أحس‪ -‬رضي الله عنه ‪-‬‬
‫بالحاجة للتعلم فقال‪ :‬والذي بعثك بالحق ما أحسن غير هذا فعّلمني) ‪-3 .(13‬‬
‫تناول بعض الموضوعات‪ ،‬وتقديم بعض البرامج العلمية التي تتناول جوانب‬
‫يحتاج إليها الشاب بطريقة سهلة ومشوقة‪ ،‬تشعره بقيمة ما تعلمه‪ ،‬وأهمية‬
‫القبال على العلم الشرعي‪ -4 .‬وضع برامج لتداول وتوزيع الكتب والشرطة‬
‫العلمية المناسبة لمستوى الشاب والعتناء بسماعها) ‪ -5 .(14‬العتناء بإبراز‬
‫سير العلماء ودراستها‪ ،‬والتركيز على أثر الجانب العلمي في شخصياتهم‪-6 .‬‬
‫زيارة العلماء وطلب العلم‪ ،‬وحضور مجالسهم وغشيانها‪ ،‬فلذلك الثر القوي‬
‫في إبراز شخصياتهم أمام الشباب‪ ،‬وفي تطلعهم إلى أن يسيروا على‬
‫طريقهم‪ - 2 .‬تعليم العلوم الضرورية‪ :‬إن المسلم ‪-‬بغض النظر عن موقعه‬
‫في سلم الثقافة‪ -‬يحتاج إلى قدر ضروري من العلوم الشرعية‪ ،‬يعرف بها ما‬
‫دون‬ ‫يستقيم به دينه‪ ،‬ويسلم فيه اعتقاده‪ ،‬وتصح به عبادته‪ .‬والشباب الذين ُيع ّ‬
‫لتحمل المسؤولية والمانة‪ ،‬ويهيؤون لحمل الدعوة‪ ،‬يحتاجون قدرا ً من العلوم‬
‫الضرورية أكثر مما يحتاجه الخرون‪ .‬ومن ثم كان لبد من أن تعنى المحاضن‬
‫التربوية بأن تقدم لبنائها العلوم الضرورية التي ل يسع مسلم جهلها‪ ،‬وأن‬
‫تسعى إلى تيسير هذه العلوم ليدركها ويعيها الجميع) ‪ .(15‬ولما كانت الدول‬
‫المعاصرة اليوم تضع حدا ً أدنى للتعليم اللزامي لبد أن يصل إليه كافة‬
‫مواطنيها‪ ،‬وهو السبيل لتوحيد الطر المرجعية‪ ،‬وتكوين قدر مشترك من‬
‫الثقافة لبناء هذه الدول‪ ،‬فنحن أولى وأحرى أن نقدم لبنائنا الحد الدنى من‬
‫العلم الشرعي والثقافة الشرعية‪ ،‬ليكون قدرا ً مشتركا ً بين جيل الصحوة‪،‬‬
‫ول جيل الصحوة إلى طلبة علم متخصصين‪ ،‬بل‬ ‫وهذا القدر الضروري لن ُيح ّ‬
‫هو يسعى إلى محو المية الشرعية بينهم‪ - 3 .‬تحقيق الفقه في دين الله‬
‫تعالى‪ :‬لقد عاب الله تعالى في كتابه ‪-‬في غير ما موضع‪ -‬الذين ل يفقهون‬
‫ديثًا} )النساء‪78 :‬‬‫ح ِ‬
‫ن َ‬
‫قُهو َ‬
‫ف َ‬
‫ن يَ ْ‬
‫كاُدو َ‬ ‫ؤلِء ال ْ َ‬
‫قوْم ِ ل ي َ َ‬ ‫فقال عز وجل‪ {:‬فَ َ‬
‫مال ِهَ ُ‬
‫) وأثنى صلى الله عليه وسلم على من فقه في الدين‪ ،‬وقدمه على غيره‬
‫ممن لم يزد على مجرد الحفظ والجمع للنصوص‪ ،‬وفي كل خير‪ .‬عن أبي‬
‫موسى ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪" :‬مثل ما بعثني‬
‫الله به من الهدى والعلم كمثل الغيث الكثير أصاب أرضًا‪ ،‬فكان منها نقية‬
‫قبلت الماء فأنبتت الكل والعشب الكثير‪ ،‬وكانت منها أجادب أمسكت الماء‬
‫فنفع الله بها الناس فشربوا وسقوا وزرعوا‪ ،‬وأصابت منها طائفة أخرى إنما‬
‫هي قيعان ل تمسك ماء ول تنبت كل‪ ،‬فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه‬
‫م وعّلم‪ ،‬ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ً ولم يقبل هدى‬ ‫ما بعثني الله به فعَل ِ َ‬
‫ن إرادة الله‬ ‫م ْ‬
‫الله الذي أرسلت به" )‪ .( 16‬وأخبر صلى الله عليه وسلم أن ِ‬
‫الخير بالعبد أن يفقهه في الدين‪ ،‬فعن حميد ابن عبدالرحمن قال‪ :‬سمعت‬
‫معاوية ‪ -‬رضي الله عنه‪ -‬خطيبا ً يقول‪ :‬سمعت النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫يقول‪" :‬من يرد الله به خيرا ً يفقهه في الدين‪ ،‬وإنما أنا قاسم والله يعطي‪،‬‬
‫ولن تزال هذه المة قائمة على أمر الله ل يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر‬
‫ة من أهل العلم طالب العلم بالعتناء بالفقه‪ ،‬قال‬ ‫الله" ) ‪ .(17‬وأوصى طائف ٌ‬
‫ابن‬

‫)‪(22 /‬‬

‫‪108‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫جماعة‪ " :‬ول يقنع بمجرد السماع كغالب محدثي هذا الزمان‪ ،‬بل يعتني‬
‫بالدراية أشد من عنايته بالرواية‪ ،‬قال الشافعي رضي الله عنه‪ :‬من نظر في‬
‫الحديث قويت حجته‪ .‬ولن الدراية هي المقصود بنقل الحديث وتبليغه" )‬
‫‪ .(18‬وهذا يعني أل يركز على الحفظ وحده ‪-‬مع أهميته‪ -‬بل لبد من العتناء‬
‫بتناول فقه نصوص القرآن والسنة والستنباط منهما‪ ،‬والعتناء بدراسة‬
‫القواعد الشرعية ومقاصد الشريعة وفقهها‪ ،‬وحكمة التشريع‪ ،‬بالقدر الذي‬
‫يتناسب مع إدراك الشاب وعقله في هذه المرحلة‪ - 4 .‬تعليم مراتب العلم‬
‫الشرعي‪ :‬العلم ليس بابا ً واحدًا‪ ،‬بل هو مراتب ودرجات‪ ،‬فعلوم المقاصد‬
‫ليست كعلوم الوسائل‪ ،‬وصلب العلم وأسسه ليست كملحه ومتينه‪ ،‬قال‬
‫الشاطبي رحمه الله‪" :‬من العلم ما هو من صلب العلم‪ ،‬ومنه ما هو من ملح‬
‫العلم‪ ،‬ل من صلبه؛ ومنه ما ليس من صلبه ول ملحه" ) ‪ .(19‬بل من العلم ما‬
‫يكون وبال ً على صاحبه وغير نافع له‪ ،‬لذا استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫من هذا العلم‪ ،‬فعن زيد بن أرقم قال‪ :‬ل أقول لكم إل كما كان رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم يقول‪ ،‬كان يقول‪" :‬اللهم إني أعوذ بك من العجز‬
‫والكسل‪ ،‬والجبن والبخل‪ ،‬والهرم وعذاب القبر‪ ،‬اللهم آت نفسي تقواها‪،‬‬
‫كاها‪ ،‬أنت وليها ومولها‪ ،‬اللهم إني أعوذ بك من علم ل‬ ‫كها أنت خير من ز ّ‬
‫وز ّ‬
‫ينفع‪ ،‬ومن قلب ل يخشع‪ ،‬ومن نفس ل تشبع‪ ،‬ومن دعوة ل يستجاب لها" )‬
‫‪ .(20‬ول يسوغ أن يكون الشاب ضحية اهتمامات شخصية غير متزنة لحد‬
‫معلميه ومربيه‪ ،‬يضخم جوانب من الجزئيات‪ ،‬ويجيد تشقيق المسائل‬
‫ل لسس من العلم ل غنى‬ ‫وتفريعها والغوص في بعض الدقائق مقابل إهما ٍ‬
‫عنها‪ .‬ومرحلة الشباب فيها قدر من التطلع إلى مثل هذا والبحث عن‬
‫ً‬
‫الغرائب‪ ،‬فما لم توجه التوجيه الصحيح وتستثمر فإنها تصبح داء معوقا عن‬
‫المنهج السليم في طلب العلم وتلقيه‪ - 5 .‬تعظيم النصوص الشرعية‪:‬‬
‫النصوص الشرعية مصدر لتلقي العلم الشرعي‪ ،‬وتعظيمها والوقوف عندها‬
‫أمارة على صدق اليمان‪ ،‬وسلمة المنهج‪ .‬لذا فالعتناء بغرس هذا الجانب‬
‫أمر له أهميته‪ ،‬ولما كان الرعيل الول يعرفون منزلة الوحي وأثره في‬
‫النفوس تألموا لفقده وانقطاعه‪ .‬عن أنس ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬قال‪ :‬قال أبو بكر‬
‫‪-‬رضي الله عنه‪ -‬بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر‪ :‬انطلق بنا‬
‫إلى أم أيمن نزورها كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها‪ ،‬فلما‬
‫انتهينا إليها بكت فقال لها‪ :‬ما يبكيك؟ ما عند الله خير لرسوله صلى الله عليه‬
‫وسلم فقالت‪ :‬ما أبكي أن ل أكون أعلم أن ما عند الله خير لرسوله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ ،‬ولكن أبكي أن الوحي قد انقطع من السماء‪ ،‬فهيجتهما على‬
‫البكاء فجعل يبكيان معها)‪ .( 21‬ومما يعين على تحقيق هذا الجانب‪ -1 :‬أن‬
‫يعتني المربي بالستدلل على ما يعرضه بنصوص الكتاب والسنة‪ -2 .‬التأدب‬
‫ما ظاهره التعارض من النصوص‪.‬‬ ‫مع نصوص الكتاب والسنة حين الحديث ع ّ‬
‫‪ -3‬عدم العتراض على النصوص الشرعية بأقوال العلماء وآرائهم‪ ،‬والتنبيه‬
‫على خطأ من يعترض عليها بمثل ذلك‪ ،‬ورحم الله المام الشافعي حين ذكر‬
‫حديثا ً فسأله أحد أصحابه هل تقول به‪ ،‬فغضب وقال‪" :‬هل رأيت في وسطي‬
‫زنارًا؟ هل رأيتني خرجت من كنيسة؟ إذا حدثتكم بحديث ولم آخذ به‬
‫فأشهدكم أن عقلي قد ذهب"‪ .‬إن هذا الموقف منه رحمه الله يغرس لدى‬
‫تلمذته قدرا ً من تعظيم النصوص والوقوف عندها‪ ،‬وإنك لتعجب من طائفة‬
‫يعظم عليهم رد ّ قول شيخ من الشيوخ‪ ،‬ويجتهدون في العتذار له‪ ،‬ويهون‬
‫عليهم كلم الله ورسوله‪ ،‬فحين يعترض عليهم معترض بنص من الوحي‬
‫يجيبك أحدهم أن الشيخ أعلم منا بالنصوص‪ ،‬ولم يخالف هذا النص إل لدليل‬

‫‪109‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫آخر‪ .‬وأسوأ من ذلك التعصب الحزبي‪ ،‬واتخاذ رأي جماعة من الجماعات‬


‫مذهبا ً فقهيا ً جديرا ً بالتباع) ‪ -4 .(22‬حين يعترض التلميذ على رأي معلمه‬
‫بنص شرعي‪ ،‬فإن كان لم يقف عليه فليتوقف عن رأيه‪ ،‬وإل فليتأدب في‬
‫ظون على من يعترض عليهم بالنص‬ ‫توجيه دللة النص‪ .‬أما أولئك الذي ُيغل ِ ُ‬
‫فهم ينشئون تلمذتهم على الستهانة بالنصوص وقلة تعظيمها‪ - 6 .‬تحقيق‬
‫التكامل العلمي‪ :‬إن أسس العلوم الشرعية تمثل منظومة متكاملة‪ ،‬يرتبط‬
‫بعضها ببعض ويكمله‪ ،‬فأصول الفقه ل غنى عنه لمستدل في باب العتقاد أو‬
‫الحكام‪ ،‬واللغة ل غنى عنها لكل طالب علم‪ ،‬وأسس علم الحديث يحتاجها‬
‫كل مستدل بسنة النبي صلى الله عليه وسلم أيا كان مجال دراسته…إلخ‪.‬‬
‫والمنتظر أن يتحقق لدى الشاب الحد الدنى الذي ل يستغني عنه طالب‬
‫للعلم من فروع العلوم الشرعية‪ ،‬ل أن يصبح متخصصا ً وبارعا ً في كل العلوم‪.‬‬
‫نعم لبد من التخصص لكنه ل ينبغي أن يكون على حساب التكامل في‬
‫تحصيل العلوم الشرعية الخرى‪ - 7 .‬تنمية المهارات العقلية‪ :‬العقل هو الداة‬
‫التي يتم من خللها التحصيل العلمي السليم‪ ،‬ومن المشكلت التي نعاني‬
‫منها اليوم في تربيتنا السرية والمدرسية إهمال المهارات العقلية وعدم‬
‫العتناء بها‪ .‬وتبدو أهمية العتناء بتنمية هذه المهارات فيما يأتي‪ - 1 :‬أنها‬
‫ضرورية للبناء‬

‫)‪(23 /‬‬

‫العلمي السليم‪ - 2 .‬أنها تؤثر على كافة جوانب الشخصية؛ فالمرء يستخدم‬
‫المهارات العقلية في التحصيل العلمي‪ ،‬وفي التعليم‪ ،‬وفي الجوانب‬
‫الجتماعية‪ ،‬وفي دعوته للخرين‪ ،‬وفي حواره والتعبير عن فكرته‪ - 3 .‬أنها‬
‫ضرورية لمن يتصدون للدعوة والتغيير في المجتمعات‪ .‬وقد تعامل بعض‬
‫طلبة العلم بردة فعل مع النحراف العقدي الذي انطلق من تقديم العقل‬
‫على النقل‪ ،‬وأدى ذلك إلى التحسس من لفظة العقل‪ ،‬وإلى إهمال البناء‬
‫العقلي وتهميش دوره‪ ،‬وحين نعود إلى كتاب الله تعالى نجد تكرار استخدام‬
‫لفظ العقل ومشتقاته‪ ،‬والدعوة إلى تحكيم العقول وعيب الذين عطلوا‬
‫عقولهم وأهملوها‪ .‬إننا بحاجة إلى العتناء بالبناء العقلي وتنمية المهارات‬
‫العقلية وتوظيفها مع وضع العقل في إطاره الطبيعي‪ ،‬تابعا ً للشرع وخاضعا ً‬
‫له‪ .‬ومن المهارات العقلية المهمة مايأتي)‪ 1-7 : ( 23‬القراءة الذكية‪ :‬سبق‬
‫الحديث عن القراءة وأهميتها في بناء الشخصية‪ ،‬وسبقت الشارة إلى بعض‬
‫الوسائل المقترحة لتنمية الرغبة في القراءة‪ ،‬ولرتباط هذا الحديث بالمهارة‬
‫العقلية تم تأجيله إلى هنا‪ .‬وحتى تكون القراءة أكثر ثمرة وأبلغ أثرا ً في بناء‬
‫شخصية الشاب‪ ،‬لبد من تنمية مهارة القراءة الذكية لديه‪ ،‬ومما تشمله‪- 1 :‬‬
‫القدرة على الختيار المناسب لما يقرؤه‪ - 2 .‬تعلم مهارات القراءة السريعة‪.‬‬
‫‪ - 3‬تنمية القدرة على فهم المقروء‪ ،‬وبالخص استيعاب الفكرة العامة التي‬
‫يريد المؤلف إيصالها‪ ،‬والتفريق بين الفكرة العامة وبين الشواهد والمثلة‬
‫وم ما‬‫والتفريعات‪ - 4 .‬تنمية القراءة الناقدة‪ ،‬التي تجعل الشاب يفكر ويق ّ‬
‫يقرؤه دون التلقي المجرد‪ ،‬وينبغي أن يلحظ هنا التدرج‪ ،‬ومراعاة قدرات‬
‫الشاب وثقافته‪ ،‬وأنه يحتاج إلى مرحلة يعتاد فيها القراءة‪ ،‬ومرحلة يفهم فيها‬
‫وُتبنى ملكاته العلمية‪ ،‬ومرحلة ينتقل فيها إلى القراءة الناقدة ‪ .‬ومن‬
‫المناسب أن يوجه في بداية المرحلة إلى كتابات مناسبة وك ُّتاب مناسبين ‪-‬‬
‫كما سبق عند الحديث عن الربط بالمصادر العلمية والفكرية المناسبة‪ .-‬لكن‬

‫‪110‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫هناك قدر طبيعي من النقد والتقويم للفكار يمكن أن ينمى لدى الشاب‬
‫باعتدال وتدرج‪ .‬وهذه المهارات يمكن أن تعلم للشاب من خلل برامج‬
‫منظمة للقراءة‪ ،‬أما مجرد إلقاء دروس وتوجيهات حول القراءة وأساليبها‬
‫فهذا محدود الجدوى والفائدة‪ 2-7 .‬التعبير اللغوي السليم‪ :‬التعبير اللغوي‬
‫السليم مهارة مهمة تحتاج أن تبنى عند الشاب وتقوى عنده‪ ،‬ومما تشمله‪1 :‬‬
‫‪ -‬القدرة على صياغة أفكاره والتعبير عنها تعبيرا ً سليمًا‪ - 2 .‬القدرة على‬
‫استخدام اللغة الفصيحة في الحديث والبعد عن اللفاظ العامية‪ - 3 .‬القدرة‬
‫على استخدام المترادفات‪ ،‬لتهيئ له التعبير السليم بالقدر الذي يتناسب مع‬
‫الموقف‪ ،‬فعبارة‪ :‬أعتقد أني أستحق درجة أكثر من هذه الدرجة‪ ،‬أفضل من‬
‫عبارة‪ :‬لقد أخطأت في حقي يا أستاذ حين أعطيتني هذه الدرجة‪ .‬ويحتاج‬
‫الشاب لهذه القدرة في الحوار ودعوة الخرين والتأثير عليهم‪ ،‬ومن استمع‬
‫لبعض أحاديث الوعاظ والخطباء الذين يفتقدون هذه المهارة أدرك أهمية‬
‫ذلك‪ .‬ومن الوسائل المعينة على ذلك‪ - 1 :‬إتاحة الفرصة للطلب ليعلقوا في‬
‫الدروس وُيبدوا مداخلتهم‪ ،‬مع الحرص على تعويدهم على أن يكون حديثهم‬
‫بلغة فصيحة‪ - 2 .‬أن يرتقي المربي بأسلوبه وطريقته في حواره معهم حتى‬
‫عند الحديث الفردي عن مشكلت شخصية‪ ،‬بدل ً من أن يكون حديثا ً بلهجة‬
‫عامية هابطة‪ - 3 .‬تنظيم أنشطة تتيح فرصا ً للشباب في الحديث الرتجالي‬
‫أمام زملئهم‪ ،‬ويمكن أن تشمل‪ :‬إلقاء خطب قصيرة‪ ،‬حوارات بين طالبين‬
‫ود الشاب على كتابة أفكاره‪،‬‬ ‫حول فكرة محددة‪...‬إلخ‪ - 4 .‬تنظيم أنشطة تع ّ‬
‫كالكتابة حول موضوع معين‪ ،‬أو وصف موقف‪ ،‬أو الحديث عن ظاهرة في‬
‫المجتمع‪ ،‬مع مراعاة أل يسيطر التركيز على الجانب الدبي والبلغي ‪-‬رغم‬
‫أهميته‪ -‬على التعبير السليم والصحيح عن الفكرة‪ 3-7 .‬الستماع الناقد‪ :‬كما‬
‫أن الشاب يحتاج إلى القراءة السليمة الناقدة‪ ،‬فهو كذلك يحتاج إلى الستماع‬
‫السليم الناقد‪ ،‬بحيث يستطيع حين يستمع إلى متحدث أن يلخص الفكرة‬
‫الساسية التي أراد المتحدث إيصالها ويستطيع أن يصدر أحكاما ً نقدية على‬
‫ما سمع‪ .‬ومن الشواهد التي تمّر بنا كثيرا ً وتعطي دللة على افتقاد هذه‬
‫المهارة‪ ،‬أنك حين تسأل جمهورا ممن صلى الجمعة عند خطيب معين عن‬
‫موضوع خطبته وفكرتها العامة فإنهم يختلفون في تحديد ذلك‪ ،‬ويخلط كثير‬
‫منهم بين الفكار الفرعية والستطرادات‪ ،‬وبين الموضوع الرئيس والفكرة‬
‫العامة)‪ .( 24‬وحتى تنمو هذه المهارة يحتاج المر إلى أن تتاح فرص منظمة‬
‫للستماع‪ ،‬من خلل‪ :‬حضور خطبة‪ ،‬أومحاضرة عامة‪ ،‬استضافة أحد‬
‫المتحدثين‪ ،‬استماع إلى شريط‪ .‬ويقوم المربي بتلخيص الفكرة العامة‪،‬‬
‫والشارة إلى الفكار الجزئية والشواهد‪ ،‬والتفريق بينها‪ ،‬وهذا ينجح أكثر في‬
‫الستماع للحديث المسجل إذ يقوم المربي بالستماع له والعداد المسبق‬
‫حتى تكون أحكامه وتحليلته أكثر دقة‪ .‬ومن الساليب التي يمكن أن‬
‫يستخدمها المربي في التدريب على هذه‬

‫)‪(24 /‬‬

‫المهارة‪ - 1 :‬المطالبة بالستماع إلى شريط في المنزل‪ ،‬وتلخيص الفكرة‬


‫العامة للموضوع والفكار الجزئية‪ ،‬وإبداء الرأي عموما ً في طريقة تناول‬
‫الفكرة‪ - 2 .‬مطالبة الطلب بعد حضور الخطبة أو المحاضرة بذلك‪- 3 .‬‬
‫إجراء مسابقات في تلخيص الفكرة المسموعة ونقدها) ‪ 4-7 .(25‬الستنباط‬
‫كن الشاب من‬ ‫السليم‪ :‬القدرة على الستنباط والستنتاج مهارة مهمة‪ ،‬تم ّ‬

‫‪111‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫استخدام المعارف والمعلومات في مواقف جديدة‪ .‬وثمة مجالت يمكن أن‬


‫تعود على تقوية هذه المهارة‪ ،‬ومنها‪ - 1 :‬تعويد الشاب على استنباط الفوائد‬
‫والعبر من آيات القرآن الكريم والحاديث النبوية‪ ،‬مع مراعاة العمق والبعد‬
‫عن الفوائد المكررة التي اعتاد الشاب عليها) ‪ - 2 .(26‬العتناء باستنباط‬
‫الدروس والفوائد العملية عند دراسة السيرة النبوية والحداث التاريخية‪،‬‬
‫وسيأتي حديث مفصل عن ذلك في الجانب الدعوي‪ - 3 .‬توظيف المواد‬
‫الدراسية التي يتلقاها الطالب في المدرسة في تنمية القدرة على الستنباط‪،‬‬
‫كالرياضيات‪ ،‬والتاريخ‪ ،‬واللغة العربية‪ - 4 .‬الستفادة من اللعاب التعليمية؛‬
‫فكثير منها تنمي المهارات العقلية‪ ،‬ومن بينها مهارة الستنباط‪ ،‬ويمكن‬
‫للمربي أن ينظم بعض اللعاب والمسابقات التعليمية‪ ،‬التي تجمع بين تحصيل‬
‫فوائد علمية‪ ،‬وتحقيق التسلية‪ ،‬وتنمية المهارات‪ - 8 .‬تعليم أسس التفكير‬
‫العلمي وطرق حل المشكلت‪ :‬إن مجتمعات المسلمين اليوم تعاني من‬
‫الفوضى والتخبط في طريقة التفكير‪ ،‬وجيل الصحوة جزء ل يتجزأ من هذه‬
‫المجتمعات‪ ،‬يرث منها المراض التربوية السائدة‪ .‬ومما يزيد المر تعقيدا ً في‬
‫هذه المجتمعات أن المؤسسات التعليمية التي ينتظر منها الناس أن تقوم‬
‫بالتربية السليمة أصبحت تركز بشكل أساس على مجرد شحن المعلومات‬
‫وإعطائها بطريقة مباشرة دون بناء للشخصية العلمية‪ ،‬مما أسهم في تخريج‬
‫ب من السعي لبناء‬ ‫جيل يفتقد البناء العقلي الصحيح‪ .‬لذا كان لبد لكل مر ّ‬
‫العقلية الصحيحة لمن يتولى تربيته‪ ،‬ومن أهم ما ينبغي العتناء به‪ :‬بناء أسس‬
‫التفكير العلمي وطرق حل المشكلت‪ .‬وتشمل خطوات التفكير العلمي‪:‬‬
‫تحديد المشكلة‪ ،‬ثم فرض الفروض‪ ،‬ثم اختبارها‪ ،‬ثم الختيار بينها‪ .‬وهذا المر‬
‫ل يمكن أن يتم من خلل السرد التقليدي لهذه الخطوات‪ ،‬أو تناول‬
‫موضوعات نظرية حول أسس التفكير العلمي‪ -‬وإن كان ذلك خطوة لبد منها‬
‫‪ ، -‬ومن الوسائل المعينة على تحقيق ذلك ما يأتي‪ - 1 :‬طريقة تناول المعلم‬
‫للمعلومات وتقديمها للطلب؛ فهي تسهم إلى حد كبير في بناء منهج التفكير‬
‫العلمي لدى طلبه‪ ،‬فحين يتحدث عن ظاهرة أو مشكلة تواجه الطلب في‬
‫حياتهم اليومية‪ ،‬ينبغي أن يتناولها مستخدما ً الخطوات المنطقية للتفكير‬
‫العلمي‪ ،‬فيفترض الفروض ويناقشها ويختار بينها بطريقة علمية موضوعية‪2 .‬‬
‫‪ -‬طريقة المعلم في الحوار والجابة على تساؤلت تلمذته ومشكلتهم لها‬
‫دور فاعل في ذلك‪ ،‬فحين يأتي الطالب يشكو لمعلمه أن والده ل يأذن له‬
‫بالمشاركة في حلقة القرآن التي في المسجد‪ ،‬فبدل ً من أن يعطيه الحل‬
‫المباشر يسأله‪ :‬ما السباب التي تظنها وراء هذا القرار؟ التلميذ‪ :‬ل أدري‪.‬‬
‫المعلم‪ :‬افترض السباب الممكنة‪ .‬التلميذ‪ :‬تأثيرها على المستوى الدراسي‪،‬‬
‫عدم ثقته بطلب الحلقة‪ ،‬عدم معرفته لهداف الحلقة‪ .‬المعلم‪ :‬هل تستطيع‬
‫من خلل حواراتك السابقة معه أن تستنبط ما يقوي فرضية معينة؟…‪.‬إلخ‪3 .‬‬
‫‪ -‬التدريب على هذه المهارات أمر له أهميته‪ ،‬فـ"كما أن المرء ل يستطيع أن‬
‫يتعلم السباحة إل بممارستها‪ ،‬كذلك فإنه ل يستطيع أن يتعلم التفكير وحل‬
‫ل"‪ - 4 (27 ) .‬صياغة البرامج بما يسهم‬ ‫المشكلت إل بممارستها وقتا ً طوي ً‬
‫في إعطاء الفرصة لممارسة التفكير العلمي‪ ،‬سواء في المحتوى كالتقليل‬
‫من العتماد على العطاء المعرفي المباشر‪ ،‬والحفظ والستظهار وحده‪ ،‬أو‬
‫في الوسائل وطرق التعليم والتوجيه‪ - 5 .‬أن تتضمن التكاليف والواجبات‬
‫التي يعطيها المعلم لطلبه ما يعين الطالب على ممارسة خطوات التفكير‬
‫العلمي‪ ،‬دون التركيز على السئلة التي يبحث فيها الطالب عن الجابة من‬
‫الكتاب مباشرة‪ ،‬أو على بحوث يكون دور الطالب فيها النقل بطريقة القص‬

‫‪112‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫واللصق‪ - 9 .‬تنمية التجاهات العقلية السليمة‪ :‬وتتضمن التجاهات العقلية‬


‫التي يحتاج إليها الشاب في هذه المرحلة‪ ،‬ما يأتي) ‪ 1-9 :(28‬الحيدة‬
‫والموضوعية‪ :‬تعد الموضوعية والبعد عن الذاتية من أهم سمات التفكير‬
‫العلمي السليم‪ ،‬ويمكن تعريف التفكير الموضوعي بأنه‪ ":‬مجموعة الساليب‬
‫والخطوات والدوات التي تمكننا من الوقوف على الحقيقة‪ ،‬والتعامل معها‬
‫على ما هي عليه بعيدا ً عن الذاتية والمؤثرات الخارجية" ) ‪ .(29‬إن كثيرا ً من‬
‫الحكام التي نصدرها على الشخاص والظواهر والشياء هي أحكام ذاتية‪،‬‬
‫فهي نتاج انطباع ورأي شخصي‪ ،‬وليس نتاج أسس ومنطلقات موضوعية‪.‬‬
‫ومن أهم الوسائل المعينة على تنمية التفكير الموضوعي لدى الشاب‪- 1 :‬‬
‫العتناء بالموضوعية فيما يقدم للشاب من معارف وأحكام على الظواهر‬
‫والشياء والشخاص‪ - 2 .‬تعويد الشاب على‬

‫)‪(25 /‬‬

‫التفريق بين النطباع الشخصي الذاتي وبين الحكم الموضوعي‪ - 3 .‬تكوين‬


‫جو يسمح بالحوار البناء‪ ،‬والتعود على ضبط الحوار بالسس الموضوعية‪،‬‬
‫والبعد قدر المكان عند الحوارات عن إطلق القوال دون مستندات علمية‬
‫موضوعية‪ - 4 .‬إتاحة الفرصة للشاب لسماع آراء أخرى‪-‬بما يتناسب مع‬
‫قدراته ومستواه العلمي والفكري‪ -‬ومناقشتها وتقويمها في ضوء أسس‬
‫علمية موضوعية‪ 2-9 .‬الدقة عند ممارسة النشطة العلمية والعقلية‪ :‬من أهم‬
‫التجاهات العقلية السليمة التي تعين على البناء العلمي‪ :‬التعويد على الدقة‬
‫عند تحليل الحقائق وفحص الدلة ) ‪ (30‬وإصدار الحكام‪ ،‬وإطلق التعميمات‪.‬‬
‫ويشمل ذلك التمييز بين الحقائق المختلفة والتفريق بينها‪ ،‬والدقة عند‬
‫الستدلل‪ ،‬والقدرة على تمييز الدلة الصحيحة من الباطلة‪ ،‬ومناقشة الدلة‪.‬‬
‫وغياب الدقة يؤدي إلى عدم الستيعاب للفكرة‪ ،‬والخلط بين الحقائق‬
‫والحكام والتعميمات‪ ،‬والستدلل على الحقائق بأدلة غير صحيحة‪ .‬والنقاش‬
‫المتأني للفكار والحكام التي يصدرها الشاب‪ ،‬وتوسيع الحوار معه فيها يزيد‬
‫من قدرته وتمكنه من الدقة والتأني‪ 3-9 .‬احترام آراء الخرين وأفكارهم‪ :‬من‬
‫التجاهات العقلية السليمة التي يحتاجها الشاب؛ احترامه آراء الخرين‬
‫وأفكارهم‪ .‬ومن احترام أفكار الخرين وآرائهم‪ :‬القبول بالرأي المخالف‪،‬‬
‫والتعبير الموضوعي عند سياق آراء الخرين‪ ،‬والفصل عند التعبير عنها بين‬
‫الراء والحكم الشخصي عليها‪ .‬ومن احترامها‪ :‬العتدال والموضوعية في‬
‫نقاشها‪ ،‬والفصل قدر المكان بين الرأي والفكرة وبين صاحبها‪ ،‬فل يذم‬
‫الشخص نتيجة رفض فكرته أو نقدها‪ ،‬ول يكون من معايير قبولها كونها فكرة‬
‫فلن أو رأيه‪ .‬ومن الوسائل المعينة على تحقيق ذلك‪:‬‬
‫‪ - 1‬إتاحة الفرصة للشاب لسماع الراء الخرى‪ ،‬بالقدر الذي يتناسب مع‬
‫نموه العلمي والفكري‪.‬‬
‫‪ - 2‬تخلي المربي عن الستبداد الفكري‪ ،‬والحماس لرائه‪ ،‬واعتياده عرض‬
‫آرائه بصورة معتدلة‪.‬‬
‫‪ - 3‬مراعاة المربي لتطبيق هذه المبادئ عند عرضه أفكار الخرين وآراءهم‪،‬‬
‫وهذا من أهم العوامل وأكثرها تأثيرًا‪ ،‬سلبا ً أو إيجابًا‪ ،‬ولذا نرى أن أولئك الذين‬
‫ينشؤون في مدارس فكرية تتسم بتبني آراء متطرفة‪ ،‬ول تتقبل الرأي الخر‪،‬‬
‫نرى أمثال هؤلء يتسمون بالقسوة والفضاضة في التعامل مع آراء الخرين‪.‬‬
‫‪ - 4‬تهيئة بيئة تسمح بآراء أخرى مخالفة‪ ،‬والبعد عن الصرار على رأي واحد‬

‫‪113‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فيما يستوعب أكثر من رأي‪.‬‬


‫‪ - 10‬التخلص من معوقات التفكير السليم‪ :‬ثمة معوقات عدة تحول دون‬
‫التفكير السليم‪ ،‬وتشكل حاجزا ً يشل القدرات والمكانات العقلية ويختزلها‪،‬‬
‫وفيما يلي نشير إلى أهم هذه المعوقات مراعين اليجاز قدر المكان‪ ،‬تاركين‬
‫المجال أمام المربي للتفكير في الوسائل والساليب التي تعينه على تحقيق‬
‫هذا الهدف‪10 .‬‬

‫)‪(26 /‬‬

‫‪1-‬التعصب‪ :‬التعصب من أكبر المعوقات التي تشل التفكير وتحول دون‬


‫وصوله إلى النتائج بشكل سليم‪ ،‬و له صور عدة‪ ،‬منها‪ - 1 :‬التعصب لراء‬
‫الباء والجداد ومعتقداتهم‪ ،‬وهذا قد عاق كثيرا ً من المم عن الستجابة‬
‫ُ‬
‫مةٍ وَإ ِّنا عََلى آَثارِهِ ْ‬
‫م‬ ‫جد َْنا آَباَءَنا عََلى أ ّ‬
‫لدعوة النبياء‪ ،‬وكان منطق هؤلء {إ ِّنا وَ َ‬
‫ن} )الزخرف‪ - 2 .(22:‬التعصب المذهبي‪ ،‬ومن أبرز صوره في المة‬ ‫دو َ‬
‫مهْت َ ُ‬
‫ُ‬
‫التعصب لراء الئمة المتبوعين ومدارسهم الفقهية‪ - 3 .‬التعصب الحزبي‪،‬‬
‫وهي صورة نشأت حديثا ً مع انتشار الحركات والجماعات السلمية‪ ،‬وهو من‬
‫أخطر أنواع التعصب نظرا ً لرتباطه بالمدارس التربوية‪ .‬والمؤمل من المربين‬
‫المخلصين اليوم أن يكسروا هذه الحلقة المفرغة التي أضحت تدور فيها‬
‫فئات واسعة من جيل الصحوة‪ ،‬وأن يتجاوزوا في تربيتهم التعصب الحزبي‪،‬‬
‫ليبنوا لنا جيل ً يتجرد ويستعلي على الولءات الضيقة‪ ،‬ويجيد التفريق بين‬
‫العمل المؤسسي الذي يستثمر الطاقات ويوجهها وبين الحزبية والتعصب‪4 .‬‬
‫‪ -‬التعصب للراء والمواقف الشخصية والصرار عليها والتمسك بها‪2-10 .‬‬
‫المبالغة والغلو‪ :‬المبالغة والغلو مظهران من مظاهر فقدان الموضوعية‬
‫والعتدال في التفكير‪ ،‬والمبالغة لها صور عدة‪ ،‬منها‪ - 1 :‬المبالغة في‬
‫الحماس للفكرة‪ ،‬وإعطاؤها أكبر من حجمها) ‪ - 2 .(31‬القطع في المور‬
‫الظنية) ‪ ، (32‬وتحويل الراء في المسائل الجتهادية إلى أحكام شرعية‬
‫يضلل من يخالف فيها‪ - 3 .‬تضخيم المور وإعطاؤها أكبر من حجمها‪ ،‬وهذا‬
‫يقع فيه بعض المربين كثيرا ً عند الحديث عن الخطاء ومحاولة علجها‪،‬‬
‫فيحول الصغيرة إلى كبيرة‪ ،‬ويجعل وقوع الشاب في معصية من المعاصي‬
‫هو الخطوة نحو النحراف والضلل‪ .‬ولشك أن استعظام المعصية وعدم‬
‫الستخفاف بالذنب كل ذلك أمر لبد من أن يسعى المربون إلى تحقيقه‪ ،‬لكن‬
‫مع الحذر من آثار المبالغة في ذلك‪ ،‬فهي تقود إلى اليأس والحباط‪ ،‬بل إلى‬
‫الستسلم للنحراف)‪ .( 33‬واتباع المنهج الشرعي النبوي في الجمع بين‬
‫الترهيب والترغيب‪ ،‬والخوف والرجاء والتوازن بينهما أمر لبد من العتناء به‬
‫واستحضاره‪ 3-10 .‬التعميم الخاطئ‪ :‬من العمال والممارسات العقلية‬
‫التعميم‪ ،‬وهو يعني إلحاق الحكم على موقف أو ظاهرة من الظواهر بموقف‬
‫آخر‪ .‬ومن أبسط بدهيات التعميم اتفاق الموقفين في منطلقات الحكم‬
‫وأسبابه‪ .‬حين تتحدث عن العلقة بين تعليم الوالدين والتربية الصحيحة‬
‫ي ومع ذلك استطاع تربية‬ ‫للطفال قد يعترض عليك معترض بأن فلنا ً أم ّ‬
‫أولده تربية صحيحة‪ ،‬وحين يتحدث متحدث عن مشروع أو فكرة‪ ،‬فقد‬
‫يستشهد على جدواها وصحتها بأنه يعرف من طبقها‪ .‬وهو أسلوب نمارسه‬
‫كثيرا ً في تفكيرنا‪ ،‬وأسوأ صوره ما يحصل من بعض الدعاة والمتحدثين‪ ،‬إذ‬
‫كثيرا ً ما يرد في أمثلتهم واستشهاداتهم تعميم لنموذج شاذ‪ .‬وهذا السلوب‬
‫يمارس نتيجة افتراض سبب واحد للظاهرة هو المؤثر فيها‪ ،‬وهذا يعني التلزم‬

‫‪114‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫بين وجوده ووجودها‪ ،‬ويغفل كثير منا عن أن الظواهر الجتماعية نادرا ً ما‬
‫ترتبط بسبب واحد أو عامل واحد‪ ،‬بل هي ترتبط بعوامل ومؤثرات عدة‪،‬‬
‫والمر ل يقف عند هذا الحد بل هذه العوامل تختلف درجة تأثيرها في‬
‫الظاهرة‪ ،‬بل ينتج عن تفاعل عاملين فأكثر تأثير من نوع آخر‪ .‬وحتى تتضح‬
‫الصورة أكثر‪ ،‬فإنا نفترض أن تربية الطفل تتأثر بمؤثرات منها‪ :‬مستوى تعليم‬
‫الوالدين‪ ،‬والعلقة بينهما‪ ،‬وأسلوب التنشئة الذي يمارسانه‪ ،‬والبيئة الجتماعية‬
‫التي ينتمي إليها الطفل‪ ،‬والمدرسة التي يتلقى تعليمه فيها‪...‬إلخ‪ .‬فكل هذه‬
‫العوامل تؤثر في تربيته‪ ،‬ثم إن درجة تأثير تعليم الوالدين تختلف عن درجة‬
‫تأثير البيئة الجتماعية‪..‬وهكذا‪ ،‬وينتج من تفاعل درجة تعليم الوالدين مع‬
‫طبيعة العلقة بينهما مؤثر آخر؛ فتأثير الب المي الذي يختلف كثيرا ً مع‬
‫زوجته‪ ،‬ليس كتأثير الب المتعلم الذي يختلف مع زوجته‪..‬وهكذا‪ .‬لكننا نتجاوز‬
‫كل هذا التعقيد في الظاهرة ونختزله من خلل عامل واحد يبدو لنا‪-10 .‬‬
‫‪4‬اللتزام بالفكار الذائعة‪ (34 ):‬يميل كثير من الناس إلى التسليم بالفكار‬
‫الذائعة والمنتشرة‪ ،‬وليكلفون أنفسهم عناء التفكير فيها أو مناقشتها‪ .‬وقد‬
‫يعود ذلك إلى الكسل الفكري‪ ،‬أو إلى ضعف القدرات العقلية والفكرية‪ ،‬أو‬
‫إلى الخوف والحذر من مخالفة الخرين‪ .‬وتسهم أجواء التسلط والستبداد‬
‫الفكري في وأد الفكار المخالفة أو الواعدة‪ .‬إن إتاحة الحرية في التفكير‪،‬‬
‫وفي التعبير عن الرأي المخالف‪ ،‬وإعطاء آرائنا وأفكارنا حجمها وقدرها‬
‫الطبيعي‪ ،‬وعدم تحويلها إلى أحكام وثوابت‪ ،‬أمٌر يسهم في إيجاد بيئة وجيل‬
‫ليحمل الفكار لمجرد أن الخرين قالوها أو تحمسوا لها‪ .‬ومن المور المهمة‬
‫في ذلك التفريق بين الفكار وبين الفتاوي العلمية في النوازل‪ ،‬وبين الحكام‬
‫الشرعية‪ ،‬ووضع كل في إطاره الصحيح‪ 5-10 .‬نظرية المؤامرة‪ (35 ):‬يسود‬
‫عند الشعوب السلمية‪ ،‬وعند المتدينين بوجه أخص العتقاد بنظرية‬
‫المؤامرة‪ ،‬ويبالغون في تصور المؤامرات التي تحاك في الظلم‪ ،‬ويعطون‬
‫العداء‬

‫)‪(27 /‬‬

‫وأصحاب القرار أكبر من حجمهم‪ ،‬فيتصورون أن كل صغيرة وكبيرة من‬


‫تصرفاتهم محسوبة الخطوات‪ ،‬وأن الشغل الشاغل لهؤلء هو حرب السلم‬
‫وأهله‪ .‬وهذا التفكير نتاج مؤثرات عدة‪ ،‬منها‪ - 1 :‬كثرة حديث السلميين عن‬
‫العداء ومؤامراتهم‪ ،‬وكثرة استماع الناس لهذا الحديث‪ - 2 .‬العقلية البسيطة‬
‫التي تتسم بها المجتمعات السلمية اليوم‪ ،‬والتي تفهم الحداث فهما ً بسيطا ً‬
‫وساذجًا‪ ،‬فالعتقاد بالمؤامرة يريح من افتراض خلفيات ودوافع متداخلة وراء‬
‫الحداث‪ - 3 .‬ضعف الثقافة السياسية وقلة الوعي بالواقع) ‪ - 4 .(36‬ضعف‬
‫الفاعلية وغياب فرص العمل المنتج؛ وهذا يجعل التفكير بالمؤامرة مهربا‬
‫نفسيا ً ومخلصا ً من العبء والشعور بالمسؤولية‪ .‬ولشك أن المة مستهدفة‪،‬‬
‫وأن المسلمين محاربون‪ ،‬لكن حين نتكلم عن أحداث محددة ومواقف معينة‬
‫ونفترض التآمر‪ ،‬فالواجب أن يكون منطقنا علميا ً موضوعيا ً يستند إلى أدلة‬
‫وبراهين واضحة‪ .‬إن العتدال في عرض كيد العداء‪ ،‬والتركيز على أن الداء‬
‫هو في داخلنا‪ ،‬والتعود على الحديث العلمي المنطقي سيعين على تخليص‬
‫عقول طلبنا من التعلق بعقدة المؤامرة‪ -11 .‬التدريب على أشكال التفكير‬
‫السليم‪ :‬مع اللتزام بالمنهج العلمي في التفكير يحتاج الشاب إلى أن يربى‬
‫ويدرب على أشكال التفكير السليم) ‪ ،(37‬وتشمل‪ 1-11 :‬النقد الذاتي بدل‬

‫‪115‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫مل فيه صاحبه نفسه المسؤولية عما‬ ‫التبريري‪ :‬ويعني السلوب الذي ُيح ّ‬
‫يحدث له وليرميها على كاهل الخرين‪ .‬وحتى حينما يصيبه ما يصيبه من جراء‬
‫ظلم الخرين أو تآمرهم‪ ،‬فإنه المسؤول في النهاية عن النهوض بنفسه‪ ،‬وعن‬
‫التفاعل مع الموقف بما يتناسب معه‪ ،‬فيسيطر عليه التفكير العملي؛ فهو‬
‫أمام المر الواقع الن فماذا عليه أن يفعل؟!‪ .‬وفي غزوة ُأحد جاء التعقيب‬
‫في كلم الله على الشعور الذي سيطر على المؤمنين‪ ،‬وجاء التأكيد بأنهم هم‬
‫م أ َّنى‬‫مث ْل َي َْها قُل ْت ُ ْ‬‫م ِ‬
‫صب ْت ُ ْ‬
‫َ‬
‫ة قَد ْ أ َ‬ ‫صيب َ ٌ‬‫م ِ‬ ‫م ُ‬ ‫صاب َت ْك ُ ْ‬
‫َ‬
‫ما أ َ‬
‫َ‬
‫المسؤولون عما أصابهم {أوَل َ ّ‬
‫ديٌر} )آل عمران‪(165:‬‬ ‫يٍء قَ ِ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ه عََلى ك ُ ّ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫سك ُ ْ‬
‫ف ِ‬ ‫عن ْد ِ أ َن ْ ُ‬
‫ن ِ‬‫م ْ‬ ‫ذا قُ ْ‬
‫ل هُوَ ِ‬ ‫هَ َ‬
‫‪2-11 .‬التفكير الشامل بدل الجزئي‪ :‬من أشكال التفكير السليم أن ينظر‬
‫الشاب إلى الظواهر نظرة شاملة‪ ،‬وأن يتعامل مع الموقف من جميع جوانبه‪،‬‬
‫دون أن يسيطر عليه جانب واحد أو جزئية من الجزئيات‪ .‬وهذا مما نفتقده‬
‫كثيرًا‪ ،‬فتعاملنا مع الظواهر والمواقف في الغلب تعامل جزئي‪ ،‬وتتحكم‬
‫خلفياتنا المرجعية في اختيار محتوى ما ننظر إليه وما نهمله‪ .‬ولعل الحكام‬
‫التي نصدرها على الفراد أو الجمعيات أو المشروعات السلمية اليوم تمثل‬
‫هذا الجانب‪ 3-11 .‬التفكير التجديدي بدل التقليدي‪ :‬والتفكير التجديدي هو‬
‫الذي يتطلع للتجديد ويتجاوز المجالت والنماط التقليدية‪ .‬وثمة اهتمام جيد‬
‫في الوساط الدعوية اليوم بالتجديد‪ ،‬لكنه يحتاج إلى دعم وتسديد‪ ،‬وإلى‬
‫توجيه صحيح وترشيد؛ فالتجديد في مواقف كثيرة يدور في قوالب نمطية‪ ،‬أو‬
‫يتجه إلى المظاهر‪ ،‬وأحيانا ً يغيب الهدف فيتحول التجديد إلى غاية في حد‬
‫ذاته‪ .‬وحتى ينمو الفكر التجديدي يحتاج إلى دعم ومساندة‪ ،‬ويحتاج إلى أن‬
‫تشجع الفكار الجديدة‪ ،‬وأن يتعامل باعتدال مع ما ل يناسب منها حتى ل‬
‫يؤدي إلى الحباط والفشل‪ 4-11 .‬التفكير الجماعي بدل الفردي‪ :‬ويشمل‬
‫ذلك التفكير في مصالح الجماعة أكثر من مصالح الفرد؛ فيفكر الشاب في‬
‫مصالح المة‪ ،‬وفي مصالح مجتمعه الواسع والمحدود دون أن يقتصر تفكيره‬
‫على إطاره الفردي المحدد‪ .‬كما يشمل ذلك ممارسة التفكير بصورة جماعية‪،‬‬
‫والستنارة بآراء الخرين والستعانة بأفكارهم‪ .‬وقد أرشد الله تبارك وتعالى‬
‫َ‬ ‫ما أ َ ِ‬
‫مث َْنى وَفَُراَدى ث ُ ّ‬
‫م‬ ‫موا ل ِل ّهِ َ‬ ‫قو ُ‬ ‫ن تَ ُ‬‫حد َةٍ أ ْ‬ ‫وا ِ‬ ‫م بِ َ‬ ‫عظ ُك ُ ْ‬ ‫ل إ ِن ّ َ‬ ‫إلى ذلك فقال‪{ :‬قُ ْ‬
‫ب‬‫ذا ٍ‬ ‫ن ي َد َيْ عَ َ‬ ‫ذيٌر ل َك ُ ْ‬
‫م ب َي ْ َ‬ ‫ن هُوَ إ ِل ّ ن َ ِ‬ ‫جن ّةٍ إ ِ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫حب ِك ُ ْ‬
‫صا ِ‬ ‫فك ُّروا َ‬
‫ما ب ِ َ‬ ‫ت َت َ َ‬
‫د} )سبأ‪ .(46:‬والتفكير الجماعي ليس مجرد إضافة أفكار الخرين إلى‬ ‫دي ٍ‬‫ش ِ‬ ‫َ‬
‫فكرته بل إن النقاش المشترك‪ ،‬والبناء على أفكار الخرين وتطويرها يولد‬
‫فكرة جديدة ليمكن أن يوصل إليها بدون ذلك‪ ،‬أو بمجرد جمع الفكار‬
‫المتناثرة‪ .‬ومما يسهم في ذلك تهيئة مجالت في الجواء التربوية للنقاش‬
‫والتفكير الجماعي‪ ،‬وتطوير الفكار‪ ،‬وهذا ينمي أيضا ً عند الشاب احترام أفكار‬
‫الخرين والعتدال في التعامل معها‪ ،‬ومن أفضل الموضوعات التي يمكن أن‬
‫تكون ميدانا ً للتفكير الجماعي المشترك الساليب والتجارب الدعوية‪،‬‬
‫ووسائل الخروج من المشكلت الشخصية؛ إذ طبيعة هذه المجالت ترتبط‬
‫بالفكار أكثر من ارتباطها بالحقائق والقطعيات العلمية‪ 5-11 .‬التفكير‬
‫السنني‪ :‬من سنة الله تبارك وتعالى في خلقه أن جعل أمور الناس وحياتهم‬
‫تسير وفق سنن ثابتة‪ ،‬وحتى الخوارق والمعجزات ل تنفك عن العمل والجهد‬
‫البشري‪ ،‬فانظر إلى قصة نوح كيف أمره الله أن يصنع السفينة ويركبها مع‬
‫المؤمنين‪ ،‬وإلى قصة مريم كيف أمرها الله أن تهز الجذع‪ ،‬وإلى قصة موسى‬
‫كيف أمره الله أن‬

‫)‪(28 /‬‬

‫‪116‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يضرب بعصاه البحر‪ ،‬وإلى هجرة النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬إن هذه‬
‫المواقف رغم ما فيها من خوارق فإن الله تبارك وتعالى أمر البشر أن يأخذوا‬
‫بالسبب‪ .‬وانظر إلى أهل الكهف كيف أن الله حفظهم بأن ناموا في كهف ل‬
‫تدخله الشمس وكان يمكن أن يتم ذلك ولو ناموا في الشمس والعراء‪ .‬لقد‬
‫غاب هذا التفكير عن كثير من المسلمين اليوم‪ ،‬وربما أسهمنا في مزيد من‬
‫الوأد له‪ ،‬وثمة عوامل تؤدي إلى الرتقاء بالتفكير السنني‪ ،‬منها‪ - 1 :‬العتناء‬
‫بدراسة سنن الله في خلقه‪ ،‬ومصادرها كثيرة ومتاحة) ‪ - 2 .(38‬العتناء‬
‫بدراسة القصص القرآني دراسة عميقة‪ ،‬وتحليل المواقف فيها‪ ،‬دون الكتفاء‬
‫بالسرد أو مجرد الوعظ والحديث العام‪ - 3 .‬دراسة المواقف التاريخية بدءا ً‬
‫بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ثم تاريخ المة‪ - 4 .‬عند الحديث عن‬
‫النصر والتمكين للسلم‪ ،‬وعن تأييد الله لعباده‪ ،‬لبد من التركيز على أن ذلك‬
‫إنما يتم بفعل السبب وبذل الجهد‪ - 5 .‬عند تناول المشكلت التي تمر بالفرد‬
‫ينبغي ‪-‬مع التأكيد على اليمان والتسليم بالقضاء والقدر‪ -‬التركيز على‬
‫مسؤولية الفرد عما يصيبه وعن النهوض بنفسه وتجاوز المشكلت‪- 12 .‬‬
‫تعليم مهارات البحث العلمي‪ :‬كما أن التعليم يعطي المرء ما يحتاجه من‬
‫علوم‪ ،‬فإن المتعلم كثيرا ً ما تطرأ لديه مسائل وقضايا جديدة‪ ،‬فل يسوغ أن‬
‫جد ّ‬‫يبقى عالة على الخرين‪ ،‬ول أن يقتصر دوره على السؤال عن كل قضية ت ِ‬
‫لديه‪ .‬لذا كان من الهداف التي ينبغي أن يعنى بها في هذا الجانب أن ُيعّلم‬
‫الطالب مهارات البحث العلمي التي تتناسب مع مستواه وقدراته‪ ،‬فُيعّلم‬
‫كيف يبحث عن تفسير آية في كتاب الله؟ وإلى أي كتاب من كتب التفسير‬
‫يتجه حين يريد معرفة سبب النزول‪ ،‬أو معنى له ارتباط بالعراب‪ ،‬أو بكلمة‬
‫غريبة؟ وكيف يبحث عن حكم أهل العلم على حديث ما بالصحة أو الضعف‪،‬‬
‫وما الكتب التي تعينه على ذلك حين يكون الحديث في الحكام‪ ،‬أو في‬
‫الذكار أو في الداب؟ وكيف يعرف معنى كلمة غريبة في السنة أو في لغة‬
‫م من العلم؟‬ ‫العرب؟ أو يجد تعريفا ً بطائفة من الطوائف المشتهرة‪ ،‬أو عَل َ ٌ‬
‫وكيف يتعامل مع كتب الفقه والتفسير…؟ إلخ‪ .‬وي ُعَّلم كيف يكتب بحثا ً‬
‫يتناسب مع قدراته؟ وما طريقة التعامل مع المصادر والمراجع…؟إلخ‪ .‬وهذا‬
‫كز في تحقيقه على التدريب العملي إلى‬ ‫الهدف لبد أن يتم في المكتبة‪ ،‬وُير ّ‬
‫أن يتقن الطالب هذه المهارات‪ ،‬وأن يقتصر في الجانب النظري قدر المكان‬
‫على ما يعينه على الداء العملي‪ .‬ويضاف لذلك ضرورة تعلم الموضوعية في‬
‫التفكير والبحث‪ ،‬والتفريق بين الراء والنطباعات الشخصية‪ ،‬وبين الحكام‬
‫الموضوعية المستندة للدليل والبرهان‪ - 13 .‬تنمية القدرة على التعلم‬
‫الذاتي‪ :‬مهما طالت المدة التي يقضيها الشاب في تلقيه وتعلمه فلبد أن‬
‫يصل لمرحلة الفطام العلمي والفكري‪ ،‬واعتماده على مجرد التلقي والتفاعل‬
‫مع البرامج المقدمة له غير كاف في نمو شخصيته‪ .‬ومما يعين على‬
‫مى قدرته على التحصيل الذاتي‬ ‫استمراره في ميدان النمو والتحصيل‪ :‬أن ُتن ّ‬
‫وبناء نفسه بنفسه‪ .‬ويمكن أن يتم ذلك من خلل وسائل عدة‪ ،‬منها‪-1 :‬‬
‫القراءة والتعويد عليها‪ ،‬وسبق الحديث عن ذلك‪ -2 .‬أن تضمن الواجبات‬
‫والتكاليف التي تعطى للطالب ما يعينه على التعلم الذاتي‪ ،‬دون أن تكون‬
‫وسيلة لتقويم التحصيل فقط‪ ،‬ومن ذلك أن يكلف بقراءة صفحات محدودة‬
‫من كتاب معين والجابة بعد فهمها على أسئلة محددة‪ ،‬ل تعتمد على التذكر‬
‫والستدعاء وحده‪ -3 .‬إعداد برامج ومصادر علمية تعين على التعلم الذاتي‪،‬‬
‫والستفادة من الوسائل العلمية الحديثة في تفريد التعليم‪ :‬كالتعلم التقاني‪،‬‬
‫والتعليم المبرمج…وغيرها‪ - 14 .‬تنمية البداع والبتكار‪ :‬يمثل العتناء‬

‫‪117‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫بالجوانب البداعية والبتكارية جانبا ً مهما ً من جوانب اهتمامات التربية‬


‫المعاصرة اليوم‪ .‬ولئن كانت التحديات المعاصرة تتطلب العتناء بتربية‬
‫الجانب البداعي والبتكاري‪ ،‬فالذين ُيعدون للقيام بأعباء الدعوة والصلح هم‬
‫أحوج الناس إلى ذلك‪ ،‬ومن ثم فل غنى للمربين عن العتناء بهذا الجانب‪.‬‬
‫ومن المور التي تعين على تحقيق التربية البداعية ما يأتي‪ -1 :‬تشجيع‬
‫البداع والبتكار‪ ،‬ودعم الفكار البداعية‪ -2 .‬تطوير أساليب التعليم والعرض‬
‫بما يسهم في زيادة القدرات البداعية والبتكارية‪ -3 .‬التدريب على التفكير‬
‫البداعي والبتكاري‪ - 15 .‬ال تربية على التفكير العميق والتحليل‪ :‬تعد‬
‫السذاجة والسطحية في النظرة للمور وتقويمها سمة من سمات مجتمعات‬
‫المسلمين اليوم‪ .‬والتربية التي تقتصر على إعطاء المعلومات والمعارف ل‬
‫تتجاوز بالمتربي هذه المشكلة بل ربما أسهمت في تكريسها‪ .‬ومن الوسائل‬
‫التي تعين على تنمية هذا الجانب لدى المتربي‪ -1 :‬العمق في شخصية‬
‫المربي‪ ،‬فالمربي السطحي الساذج يكرس هذا النمط من التفكير لدى‬
‫تلمذته‪ ،‬لذا لبد من العتناء بهذا الجانب عند تحديد معايير من يختار للتربية‪،‬‬
‫وحين ُيضطر إلى العتماد على عناصر تعاني قصورا ً في ذلك فلبد أن ُتتاح‬

‫)‪(29 /‬‬

‫الفرص للطلب للستفادة من غير هؤلء المربين من خلل قنوات أخرى‪.‬‬


‫‪ -2‬العمق في تناول القضايا العلمية والفكرية‪ ،‬والبتعاد عن التناول السطحي‬
‫الساذج‪ * * * .‬الحاشية ) ‪ (1‬السس النفسية والتربوية لرعاية الشباب‪ .‬عمر‬
‫الشيباني ص ‪ (2 ) .458‬دور السرة في تربية أولدها في مرحلة البلوغ‪.‬‬
‫عبدالرحمن عبدالخالق الغامدي‪ .‬ص ‪(3 ) .271‬دور السرة في تربية أولدها‬
‫في مرحلة البلوغ‪ .‬عبدالرحمن عبدالخالق الغامدي‪ .‬ص ‪ (4 ) .271‬انظر‬
‫للستزادة‪:‬الهداف السلوكية لهدى محمود سالم‪ ،‬علم النفس الدعوي ص‬
‫‪29‬فما بعدها‪ (5 ) .‬هذه المسألة نعاني منها كثيرًا؛ إذ نبالغ في الحماس لراء‬
‫وأفكار شخصية نسبية‪ ،‬ونتناولها بصورة قطعيات تتوافر عليها دلئل المعقول‬
‫والمنقول‪ ،‬ومن شأن هذا المسلك أن يسهم في تربية جيل ل يجيد العتدال‬
‫والنصاف للمخالف‪ (6 ) .‬رواه البخاري )‪ (72‬ومسلم )‪ (7 ) .(2811‬فتح‬
‫الباري )‪ (8 ) .(194 /1‬رواه مسلم )‪ (9 ) .(2722‬رواه ابن ماجه )‪) .(3843‬‬
‫‪ (10‬انظر على سبيل المثال‪ :‬الحتياجات الفردية وإتقان التعلم‪ (11 ) .‬رواه‬
‫الترمذي )‪ (2682‬وأبو داود )‪ (3641‬وأحمد )‪ (21208‬وابن ماجه )‪) .(223‬‬
‫‪ (12‬من المراجع المفيدة في ذلك‪:‬جامع بيان العلم وفضله لبن عبد البر‪،‬‬
‫الجامع لخلق الراوي وآداب السامع لبن جماعة‪،‬أخلق العلماء للجري‪،‬‬
‫المجموع شرح المهذب للنووي‪ (13 ) .‬رواه البخاري )‪ (303‬ومسلم )‪.(397‬‬
‫) ‪ (14‬المقصود بذلك ليست أشرطة الخطب والمحاضرات‪ ،‬إنما أشرطة‬
‫الدروس العلمية‪ ،‬وهي مع أهميتها ل تلقى القبال الكافي من الشباب‪ ،‬مع‬
‫أنها من أهم أسباب التحصيل العلمي التي تيسرت في هذا العصر‪ (15 ) .‬مع‬
‫أهمية هذا الجانب إل أنه ل يحظى بالهتمام‪ ،‬وهو حري بأن تتجه إليه جهود‬
‫شد من النشرات والكتيبات والبحوث‬ ‫جماعية مشتركة‪ ،‬بدل ً من الكم غير ال ُ‬
‫مر ّ‬
‫غير العملية‪ (16 ) .‬رواه البخاري )‪ (79‬ومسلم )‪ (17 ) .(2282‬رواه‬
‫البخاري )‪ (71‬ومسلم )‪ (18 ) .(1037‬تذكرة السامع والمتكلم ص ‪،187‬‬
‫ومما ينبغي العتناء به أن الفقه في الصطلح الشرعي أوسع من معناه‬
‫الصطلحي السائد اليوم والذي يعني معرفة الحكام الشرعية الفرعية‪،‬‬

‫‪118‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫والصل أن ل تحمل نصوص الكتاب والسنة على اصطلح حادث‪(19 ) .‬‬


‫الموافقات ‪ (20 ) .1/53‬رواه مسلم )‪ (21 ) .(2722‬رواه مسلم )‪) .(2454‬‬
‫‪ (22‬انظر كلما ً نفيسا ً للشنقيطي في أضواء البيان حول تفسير قوله تعالى‬
‫في سورة محمد‪{ :‬أفل يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها}‪ (23 ) .‬انظر‪:‬‬
‫السس النفسية والتربوية لرعاية الشباب‪ ،‬عمر محمد التومي الشيباني‪ .‬ص‬
‫‪ (24 ) .464‬ربما تكون بعض صور هذه المشكلة تعود إلى الخطيب نفسه‬
‫الذي ل يركز على فكرته‪ ،‬بل ربما يعطي الستطرادات والموضوعات الجانبية‬
‫قدرا ً أكبر من الفكرة الرئيسة التي يريد إيصالها‪ (25 ) .‬يلحظ العتدال في‬
‫موضوع النقد‪ ،‬فإن المبالغة فيه تؤدي بالشاب إلى الجرأة غير الموزونة في‬
‫إصدار الحكام على الخرين‪ ،‬وإلى احتقارهم‪ ،‬والحرمان من الستفادة مما‬
‫لديهم‪ (26 ) .‬كان للكاتب تجربة في هذا المجال أثناء تدريسه لمقرر التفسير‬
‫في المعهد العلمي‪ ،‬فكان يطالب الطلب باستنباط الفوائد والحكام من‬
‫اليات‪ ،‬ويعزز الفوائد التي يأتي بها الطالب من خارج الكتاب‪ ،‬وقد واجه‬
‫صعوبة في البداية إذا كانت معظم الفوائد التي يأتي بها الطلب تقليدية‬
‫وبنص الكتاب‪ ،‬وبعد مدة ارتقت قدرتهم على الستنباط‪ ،‬وقدرتهم على نقاش‬
‫المعلم في ذلك‪ (27 ) .‬الوعي التربوي‪ .‬جورج شهل وآخرون‪(28 ) .167 .‬‬
‫انظر كتاب‪ :‬التفكير العلمي لدى طلب التعليم العام في المملكة العربية‬
‫السعودية‪ .‬محمد شحات الخطيب وآخرون‪ (29 ) .‬فصول في التفكير‬
‫الموضوعي‪ .‬عبدالكريم بكار‪ .‬ص)‪ (30 ) .(45‬المقصود بالدلة هنا جميع‬
‫البراهين الموصلة إلى أحكام معينة‪ ،‬فهي أعم من الدلة على الحكام‬
‫الشرعية‪ (31 ) .‬انظر‪ :‬مجلة البيان عدد )‪ (32 ) .(154‬انظر‪ :‬من أجل‬
‫انطلقة حضارية شاملة‪ .‬عبدالكريم بكار ص)‪ (33 ) .(64‬واجهت الكاتب‬
‫مواقف ومشكلت عدة يفسرها بأنها نتيجة الغلو في التعامل مع الخطاء‪،‬‬
‫ومن ذلك حالت كثيرة من الحباط نتيجة وقوع الشاب في العادة السرية‪ ،‬أو‬
‫شعوره بالنفاق والزدواجية‪ ،‬وقد يسعى للقضاء على ذلك بالستسلم‬
‫للنحراف واختيار طريق الضلل‪ (34 ) .‬انظر‪ :‬البحث العلمي مفهومه وأدواته‬
‫وأساليبه ص)‪ (35 ) .(57‬انظر‪ :‬أولويات الحركة السلمية في المرحلة‬
‫القادمة للقرضاوي ص)‪ (89‬وفصول في التفكير الموضوعي لبكار ص )‬
‫‪ (36 ) .(228‬من المشكلت اليوم أن مسألة هل نكون واعين أم مغفلين‬
‫تحتاج إلى نقاش أو استدلل‪ ،‬وأن من صفات طالب العلم أن يكون بعيدا ً عن‬
‫الوعي بالواقع حتى لينشغل عن العلم )أي مغفل ً ساذجًا( وأن يترك المور‬
‫المعاصرة من سياسية واقتصادية لهلها‪ (37 ) .‬انظر‪ :‬أهداف التربية‬
‫السلمية لماجد عرسان الكيلني )‪ (38 ) .(72-64‬انظر على سبيل المثال‪:‬‬
‫منهج كتابة التاريخ السلمي لمحمد السلمي‪ ،‬حتى يغيروا ما بأنفسهم لجودت‬
‫سعيد‪ ،‬من أجل انطلقة‬

‫)‪(30 /‬‬

‫حضارية شاملة لعبدالكريم بكار‪ ،‬السنن اللهية د‪.‬محمد الشقر‪.‬‬


‫الفصل السادس‪ :‬الجانب الخلقي والسلوكي تبدو أهمية العتناء بالجانب‬
‫الخلقي والسلوكي من خلل أمور‪ :‬الول‪ :‬أن حسن الخلق منزلة عالية في‬
‫ده من صفات المتقين {‬ ‫الدين‪ ،‬ويكفي في ذلك أن الله تبارك وتعالى ع ّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ت‬
‫عد ّ ْ‬
‫ضأ ِ‬ ‫ت َوالْر ُ‬ ‫ماَوا ُ‬‫س َ‬ ‫ضَها ال ّ‬
‫جن ّةٍ عَْر ُ‬ ‫ن َرب ّك ُ ْ‬
‫م وَ َ‬ ‫م ْ‬
‫فَرةٍ ِ‬‫مغْ ِ‬ ‫عوا إ َِلى َ‬
‫سارِ ُ‬ ‫وَ َ‬
‫ن‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ل ِل ْ ُ‬
‫ن عَ ِ‬
‫ن الغَي ْظ َوالَعاِفي َ‬
‫مي َ‬
‫ضّراِء َوالكاظ ِ ِ‬ ‫سّراِء َوال ّ‬ ‫ن ِفي ال ّ‬ ‫قو َ‬
‫ن ي ُن ْفِ ُ‬
‫ذي َ‬
‫ن‪ .‬ال ِ‬
‫قي َ‬‫مت ّ ِ‬

‫‪119‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ن} )آل عمران‪ (133:‬وأثنى تبارك وتعالى على‬ ‫سِني َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه يُ ِ‬‫س َوالل ّ ُ‬‫الّنا ِ‬
‫ق‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫خل ٍ‬ ‫نبيه محمد صلى الله عليه وسلم بحسن الخلق فقال‪{ :‬وَإ ِن ّك لعَلى ُ‬
‫م} )القلم‪ .(4:‬وأعلت السنة النبوية من منزلة حسن الخلق‪ ،‬ومما ورد‬ ‫ظي ٍ‬ ‫عَ ِ‬
‫في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم‪" :‬إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة‬
‫الصائم القائم") ‪ ،(1‬وجعل صلى الله عليه وسلم أحاسن الناس أخلقا ً أحبهم‬
‫إليه وأقربهم منه مجلسا ً فقال‪" :‬إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلسا ً يوم‬
‫القيامة أحاسنكم أخلقًا…" ) ‪ ،(2‬وجعل صلى الله عليه وسلم حسن الخلق‬
‫شأن خيار المة فقال‪" :‬إن خياركم أحاسنكم أخلقًا" ) ‪ .(3‬وقد عني السلف‬
‫ب في أدب العالم والمتعلم‪ ،‬وعقد‬ ‫ن ك َت َ َ‬ ‫م ْ‬‫بهذا الجانب عناية تليق به‪ ،‬وتناوله َ‬
‫طائفة من مصنفي كتب الحديث أبوابا في ذلك‪ ،‬بل صّنفوا مصنفات مستقلة‬ ‫ً‬
‫فيه‪ ،‬وكان هذا التصنيف في مرحلة مبكرة‪ ،‬مما يعني أنه لم يكن من باب‬
‫دوه مما ينبغي أن يبدأ به طالب‬ ‫الترف الفكري‪ ،‬أو من فضول العلم‪ ،‬بل ع ّ‬
‫العلم‪ .‬الثاني‪ :‬أن مرحلة الطفولة والشباب هي المرحلة التي تتأصل فيها‬
‫الجوانب الخلقية والسلوكية بشكل يصعب تغييره فيما بعد‪ ،‬فالخلق الحسنة‬
‫أو السيئة التي تتأصل في النفس في هذه المرحلة تصحب النسان في‬
‫ة عمره‪ .‬الثالث‪ :‬أن الحياة والوضاع الجتماعية المعاصرة تشهد‬ ‫الغلب بقي َ‬
‫خلل ً في الميدان الخلقي والسلوكي‪ ،‬والمؤسسات التعليمية ل تولي هذا‬
‫الجانب القدر اللئق به‪ .‬الرابع‪ :‬أن الخلق مرآة تنعكس فيها شخصية المرء‪،‬‬
‫ويقيسه الناس بها‪ ،‬وكثير من الناس يجد القبول والمكانة لدى الخرين بل‬
‫ربما أعطوه فوق منزلته لخلقه الحسن‪ ،‬وفي المقابل كثيٌر ممن يرفضه‬
‫الناس وينفرون منه يكون الباعث على ذلك سوء خلقه‪ ،‬وربما كان فيه صلح‬
‫دون لقيادة الناس وتوجيههم ودعوتهم هم‬ ‫وعلم وخير‪ .‬لذا فأولئك الذين ُيع ّ‬
‫أول من يحتاج للتخلق بالخلق الحسن‪ ،‬حتى يربوا الناس على ذلك ويصبحوا‬
‫قدوة لهم‪ ،‬وقبل ذلك حتى يقبل الناس عليهم ويسمعوا منهم‪ ،‬وقد امتن الله‬
‫تبارك وتعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم بأن رزقه الرحمة واللين‪ ،‬وأخبر‬
‫أنه لو فقد ذلك لتركه الناس وأعرضوا عنه فكيف بغيره صلى الله عليه‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫ضوا ِ‬ ‫ف ّ‬ ‫ب َلن ْ َ‬ ‫قل ْ ِ‬
‫ظ ال ْ َ‬
‫ت فَظ ّا ً غَِلي َ‬
‫م وَل َوْ ك ُن ْ َ‬ ‫ت ل َهُ ْ‬‫ن الل ّهِ ل ِن ْ َ‬‫م َ‬ ‫مةٍ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ما َر ْ‬ ‫وسلم { فَب ِ َ‬
‫ك } )آل عمران‪ .(159 :‬لهذه العتبارات وغيرها كان الجانب الخلقي‬ ‫حوْل ِ َ‬
‫َ‬
‫والسلوكي ميدانا مهما من ميادين التربية‪ .‬الهدف العام في الجانب الخلقي‪:‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫تنمية الخلق الحسنة‪ .‬يعد ّ هذا الهدف عنوانا ً جامعا ً شامل ً لجوانب التربية‬
‫السلوكية والخلقية‪ ،‬وسائر الهداف إنما هي فرع له وتفصيل‪ .‬ولقد جاء‬
‫ص على‬ ‫ث على محاسن الخلق والنهي عن مساوئها مطلقًا‪ ،‬ون ّ‬ ‫الشرع بالح ّ‬
‫جوانب من الخلق الحسن‪ ،‬وجوانب من الخلق السيئ‪ ،‬وترك جوانب من‬
‫تفصيل ذلك وضوابطه لعراف الناس التي تختلف باختلف الزمان والمكان‪.‬‬
‫فالمروءة ومعاليها من محاسن الخلق‪ ،‬بل هي مرتبطة بالعدالة وقبول‬
‫الشهادة والرواية‪ ،‬لكن تفاصيل ما يخرم المروءة وما ل يخرمها تختلف‬
‫باختلف الزمان والمكان‪ ،‬والكرم خصلة كريمة محمودة باتفاق العقلء‪ ،‬وقد‬
‫ض عليها الشرع بل ربطها باليمان "من كان يؤمن بالله واليوم الخر‬ ‫ح ّ‬
‫فليكرم ضيفه"‪ ،‬لكن أساليب الكرم وتطبيقاته تحكمها أعراف الناس من‬
‫عصر لخر‪ .‬ومع أهمية تفاصيل جوانب التربية الخلقية‪ ،‬إل أن ذلك ل يغني عن‬
‫النظرة المجملة التي تسعى لغرس الخلق الحسن لدى المتربي في الجملة‪،‬‬
‫بحيث يصبح هذا الخلق سجية له وطبيعة‪ ،‬ويسعى لتمثل معالي الخلق‬
‫والبعد عن سفاسفها‪ .‬وسائل للتربية الخلقية والسلوكية‪ :‬تدور معظم جوانب‬
‫التربية الخلقية والسلوكية حول هدف واحد هو غرس محاسن الخلق‪ ،‬وتنقية‬

‫‪120‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫دها‪ ،‬وما ُذكر إنما هو تفريع وتفصيل لهذا الهدف‪ .‬ومن ثم‬
‫النفس من ض ّ‬
‫ً‬
‫فالوسائل المعينة على تحقيق الجوانب الخلقية تملك قدرا من الشتراك‪،‬‬
‫ومن هذه الوسائل‪ - 1 :‬القدوة الحسنة‪ :‬يمثل سلوك الب والمعلم عامل ً‬
‫مهما ً في بناء الجانب الخلقي‪ ،‬وحين ل يتمثل المربي الخلق الحسن‪ ،‬تكون‬
‫ن يربيه عندما يتلفظ به‪ .‬إن الب أو المعلم الذي‬
‫م ْ‬
‫نهاية كثير مما يقوله مع َ‬
‫يكون سريع الغضب والنفعال‪ ،‬أو الذي يعطي المواقف أكثر مما تحتمل‪ ،‬ل‬
‫يمكن أن ينتج جيل ً يتسم بالحلم والناة‪ .‬وكذا حين يكثر المربي من تذكير من‬
‫يربيه بسلبيات الماضي‬

‫)‪(31 /‬‬

‫وأخطائه‪ ،‬فلن يغرس لديه العفو والتسامح‪ .‬ومن ثم يتأكد في حق المربي‬


‫مراجعة سلوكه وخلقه مراجعة هادئة بين آونة وأخرى‪ ،‬ويحزم مع نفسه في‬
‫التخلق والتأدب بما يريد أن يغرسه لدى من يربيهم‪ ،‬والعلم بالتعلم‪ ،‬والحلم‬
‫بالتحلم‪ ،‬كما قال صلى الله عليه وسلم‪ .‬وقد كان المربي الول صلى الله‬
‫عليه وسلم قدوة للمربين من بعده في تعامله‪ ،‬يحكي ذلك عنه خادمه أنس‬
‫‪-‬رضي الله عنه‪ -‬حين يقول‪" :‬فخدمته في السفر والحضر ما قال لي لشيء‬
‫م تصنع هذا هكذا؟ ")‬ ‫م لَ ْ‬ ‫صنعته‪ :‬لم صنعت هذا هكذا؟ ول لشيء لم أصنعه‪ :‬ل ِ َ‬
‫‪ - 2 .(4‬العتناء بشمائل النبي صلى الله عليه وسلم‪ :‬لقد اختار الله تبارك‬
‫وتعالى نبيه صلى الله عليه وسلم واصطفاه لحمل الرسالة‪،‬وها هو عبد الله‬
‫بن مسعود صاحبه رضوان الله عليه يشهد على ذلك ويقول‪ " :‬إن الله نظر‬
‫في قلوب العباد فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد‬
‫فاصطفاه لنفسه فابتعثه برسالته‪ ،‬ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد‬
‫فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون على دينه؛‬
‫فما رأى المسلمون حسنا ً فهو عند الله حسن‪ ،‬وما رأوا سيئا ً فهو عند الله‬
‫ق‬ ‫ك ل َعََلى ُ ُ‬ ‫سيئ")‪ .( 5‬وقد وصفه عز وجل بذلك فقال‪ { :‬وَإ ِن ّ َ‬
‫خل ٍ‬
‫ت فَظ ّا ً‬‫م وَل َوْ ك ُن ْ َ‬‫ت ل َهُ ْ‬‫ن الل ّهِ ل ِن ْ َ‬ ‫م َ‬
‫مةٍ ِ‬
‫ح َ‬ ‫م} )القلم‪ (4:‬وقال أيضاً‪ {:‬فَب ِ َ‬
‫ما َر ْ‬ ‫ظي ٍ‬‫عَ ِ‬
‫حوْل ِك } )آل عمران‪ .(159 :‬ويصفه أنس بن مالك‬ ‫َ‬ ‫ن َ‬
‫م ْ‬
‫ضوا ِ‬
‫ف ّ‬
‫ب لن ْ َ‬ ‫ْ‬
‫قل ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫غَِليظ ال َ‬
‫‪-‬رضي الله عنه‪ -‬بقوله‪ :‬كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقًا‪،‬‬
‫وكان لي أخ يقال له أبو عمير ‪-‬قال‪ :‬أحسبه فطيمًا‪ -‬وكان إذا جاء قال‪":‬يا أبا‬
‫عمير‪ ،‬ما فعل النغير؟" نغر كان يلعب به‪ ،‬فربما حضر الصلة وهو في بيتنا‬
‫فيأمر بالبساط الذي تحته فيكنس وينضح‪ ،‬ثم يقوم ونقوم خلفه فيصلي بنا)‬
‫‪ .(6‬وسئلت عائشة ‪ -‬رضي الله عنها ‪ -‬عن خلق رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم فقالت‪ :‬ألست تقرأ القرآن؟ قالت‪ :‬فإن خلق نبي الله صلى الله عليه‬
‫وسلم كان القرآن) ‪ .(7‬وقد اعتنى طائفة من أهل العلم بجمع شمائله صلى‬
‫الله عليه وسلم وأخلقه‪ ،‬وأ ُّلفت في ذلك مؤلفات خاصة‪ .‬فيجدر أن تكون‬
‫هذه الموضوعات ميدانا ً مهما ً يتدارسه الشباب ويعتنون به‪ .‬وينبغي أل يقتصر‬
‫المر على مجرد الدراسة النظرية بل يتجاوز ذلك فيسعى المربي لستخدام‬
‫وظائف التفكير العليا‪ ،‬والسعي للمقارنة واستخلص النتائج وتطبيق ذلك على‬
‫الواقع‪ - 3 .‬مجالسة العلماء الربانيين‪ :‬العلماء هم ورثة النبياء‪ ،‬وهم حملة‬
‫م كان ل غنى لطالب العلم‬ ‫هدي النبي صلى الله عليه وسلم وشمائله‪ ،‬ومن ث َ ّ‬
‫عن صحبتهم ومجالستهم والتأدب بأدبهم‪ ،‬وقد اعتنى السلف بذلك وأكدوا‬
‫على أن مهمة العالم ل تقف عند مجرد التحديث وسماع المرويات‪ ،‬بل تتجاوز‬
‫ذلك إلى تعلم السمت والدب والهدي‪ .‬قال ابن المبارك‪ :‬أيها الطالب علما ً‬

‫‪121‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ائت حماد بن زيد فاكتسب حلما ً وعلما ً ثم قيده بقيد ودع الفتنة من آثار‬
‫عمرو بن عبيد قال أبو العالية‪":‬كنا إذا أتينا الرجل لنأخذ عنه نظرنا إلى‬
‫صلته‪ ،‬فإن أحسن الصلة أخذنا عنه‪ ،‬وإن أساء لم نأخذ عنه") ‪ .(8‬وقال‬
‫إبراهيم‪":‬كنا نأتي مسروقا ً فنتعلم من هديه ودله") ‪ .(9‬وأوصى حبيب الشهيد‬
‫وهو من الفقهاء ابنه فقال‪":‬يابني‪ ،‬اصحب الفقهاء‪ ،‬وتعلم منهم‪ ،‬وخذ من‬
‫أدبهم؛ فإنه أحب إلي من كثير من الحديث")‪ .(9‬وقال ابن وهب‪ :‬ما استفدت‬
‫من أدب مالك أكثر مما استفدت من علمه‪ .‬ومن ثم فل غنى للشاب عن‬
‫مجالسة أهل العلم الربانيين والستفادة من علمهم وسمتهم وخلقهم‪ ،‬وحري‬
‫بالمربي أن يسعى لتعزيز هذا الجانب‪ ،‬ومن وسائله‪ -1 :‬اللتزام بحضور‬
‫دروسهم ومجالسهم‪ -2 .‬زيارتهم واللقاء بهم بين آونة وأخرى‪ -3 .‬استقبالهم‬
‫ن الله عليهم‬ ‫م ّ‬
‫ودعوتهم لزيارة أنشطة الطلب وبرامجهم‪ .‬وحري بالذين َ‬
‫بقدر من العلم أن يعطوا الناشئة من أوقاتهم ويحتسبوا ذلك في صالح ما‬
‫يقدمون‪ - 4 .‬دراسة أبواب الدب والسلوك‪ :‬لقد اعتنى السلف في مرحلة‬
‫مبكرة بالداب والسلوك‪ ،‬وكان من مظاهر هذه العناية‪ -1 :‬تصنيف كتب‬
‫خاصة بالدب والسلوك بعامة‪ ،‬وبأدب طالب العلم والمعلم بخاصة‪ ،‬ومن‬
‫ذلك‪ :‬الدب المفرد للبخاري‪ ،‬أخلق العلماء للجري‪ ،‬جامع بيان العلم وفضله‬
‫وما ينبغي في روايته وحمله لبن عبد البر‪ ،‬والجامع لخلق الراوي وآداب‬
‫السامع للخطيب البغدادي‪ ،‬والفقيه والمتفقه وغيرها‪ -2 .‬أن كثيرا ً من‬
‫المصنفين في الحديث عقدوا أبوابا ً في كتبهم للدب والزهد‪ -3 .‬اعتبارهم‬
‫الدب والسلوك بابا ً من أبواب العلم ُيتعلم وُيعتنى به‪ ،‬بل ُيرحل من أجله‪ .‬إن‬
‫العتناء بهذه الدراسات‪ ،‬واختيار مواد مناسبة منها تعرض للناشئة في‬
‫برامجهم ومناهجهم العلمية يمكن أن يسهم في بناء الجانب الخلقي وتربيته‬
‫لديهم‪ .‬ومن نتائج العتناء بهذه الدراسات ربط الناشئة بحياة السلف وكتبهم‪،‬‬
‫وهو أمر تفتقده كثير من المناهج التربوية المقدمة للناشئة اليوم‪ - 5 .‬الثناء‬
‫على المواقف اليجابية‪ :‬كما أن نقد المظاهر السلبية مطلب تربوي يسهم‬
‫في تصحيحها وتقويمها‪ ،‬فالثناء على‬

‫)‪(32 /‬‬

‫المواقف اليجابية يسهم في تعزيزها‪ .‬والثناء قد يكون ثناء على صفة أو‬
‫سلوك معين‪ ،‬وقد يكون ثناء على فرد أو طائفة‪ .‬وقد كان صلى الله عليه‬
‫وسلم يستخدم هذا السلوب‪ ،‬فمن ثنائه على الصفات قوله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪":‬الحياء خير كله") ‪ . (10‬ومن ثنائه على الطوائف قوله صلى الله عليه‬
‫ل طعام عيالهم بالمدينة‬‫وسلم‪ " :‬إن الشعريين إذا أرملوا في الغزو أو ق ّ‬
‫جمعوا ما كان عندهم في ثوب واحد‪ ،‬ثم اقتسموه بينهم في إناء واحد‬
‫بالسوية؛ فهم مني وأنا منهم") ‪ . (11‬ومن ثنائه على الفراد قوله لشج عبد‬
‫القيس‪" :‬إن فيك لخصلتين يحبهما الله‪ :‬الحلم والناة" ) ‪ . (12‬أهداف فرعية‬
‫في التربية الخلقية والسلوكية‪ :‬وهذه الهداف الفرعية تؤدي إلى تحقيق‬
‫الهدف العام المتمثل في بناء الخلق الحسن‪ - 1 :‬تنقية النفس من الخلق‬
‫السيئة‪ :‬إن بناء الخلق الحسن في النفس لبد أن يصاحبه تنقيتها مما ترسب‬
‫لديها من الخلق السيئة‪ ،‬أو ما يسمى بـ)التخلية ثم التحلية(؛ ذلك أن الشاب‬
‫قد ينشأ في بيئة يغلب عليها الخلق السيئ أو يصحب صحبة غير صالحة‬
‫فيألف الخلق السيئ ويصبح جزءا ً من طبيعته‪ ،‬ومن ثم لبد من جهد ُيبذل في‬
‫اقتلع هذه الصفات وتنقية النفس منها‪ .‬وحين جاء رجل إلى النبي صلى الله‬

‫‪122‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ل هذا الرجل‬ ‫عليه وسلم وسأله أن يوصيه أوصاه بقوله‪" :‬ل تغضب" فاستق ّ‬
‫هذه الوصية وكرر سؤاله‪ ،‬فكرر عليه النبي صلى الله عليه وسلم الوصية‬
‫نفسها‪" :‬ل تغضب" ورددها مررا ً )‪ - 2 .( 13‬تحقيق العفة والبعد عن‬
‫ذر صلى الله عليه وسلم‬ ‫الفواحش‪ :‬وهو هدف له أهميته وخطورته‪ ،‬فقد ح ّ‬
‫من شأن الفواحش‪ ،‬وبّين خطورتها على المة‪ ،‬وأنها أشد الفتن التي تركها‬
‫بعده‪ ،‬فعن أسامة بن زيد ‪ -‬رضي الله عنهما‪ -‬عن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫قال‪" :‬ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء") ‪ . (14‬ولعظم‬
‫شأن حفظ الفرج‪ ،‬جعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك مما ُتضمن به‬
‫الجنة‪ ،‬فعن سهل بن سعد ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬عن رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم قال‪" :‬من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة")‬
‫‪ . (15‬ويتأكد هذا الجانب والعناية به في هذا العصر الذي كثرت فيه الفتن‬
‫وأشرعت أبوابها‪ ،‬وصارت وسائل الغراء والثارة تلحق الشباب والفتيات في‬
‫كل موطن‪ .‬ولما كانت هذه المشكلة من أكثر ما يتساءل عنه المربون‪ ،‬رأيت‬
‫أن أبسط الحديث فيها وأتوسع أكثر من غيرها‪ .‬إن نقطة البداية الصحيحة في‬
‫التعامل مع هذه المشكلة تتمثل في سلوك أسباب الوقاية منها قبل وقوعها‪،‬‬
‫ومن أسباب الوقاية‪ -1 :‬التوعية بمخاطر النسياق وراء دواعي الشهوة‬
‫ذر من ذلك النبي صلى الله عليه‬ ‫المحرمة‪ ،‬وخطورة الفواحش وآثارها‪ ،‬وقد ح ّ‬
‫وسلم‪ ،‬حين أخبر أن هذه الفتنة من أخطر الفتن التي تواجه أمته‪ .‬وأخبر‬
‫صلى الله عليه وسلم أن ذلك من أكثر ما يدخل الناس النار‪ ،‬عن أبي هريرة‬
‫‪-‬رضي الله عنه‪ -‬قال‪ :‬سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما‬
‫يدخل الناس الجنة فقال‪" :‬تقوى الله وحسن الخلق"‪ ،‬وسئل عن أكثر ما‬
‫يدخل الناس النار فقال‪" :‬الفم والفرج") ‪ -2 . (16‬تيسير فرص الزواج‬
‫المبكر‪ ،‬كما أوصى بذلك صلى الله عليه وسلم بقوله‪" :‬يا معشر الشباب‪ ،‬من‬
‫استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج‪ ،‬ومن لم‬
‫عني سلف المة بذلك المر‪،‬‬ ‫يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء") ‪ . (17‬وقد ُ‬
‫روى البخاري عن سعيد بن جبير قال‪ :‬قال لي ابن عباس‪ :‬هل تزوجت؟ قلت‪:‬‬
‫ل‪ ،‬قال‪ :‬فتزوج فإن خير هذه المة أكثرها نساًء ) ‪ . (18‬وفي رواية لحمد بن‬
‫منيع‪ :‬وذلك قبل أن يخرج وجهي )أي يلتحي(‪ .‬وقال طاوس‪ :‬ل يتم نسك‬
‫الشاب حتى يتزوج ) ‪ . (19‬ولقد اهتم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫بتزويج الشباب‪ ،‬فكانوا يحثون الباء على تزويج أبنائهم‪ ،‬فيقول عمر رضي‬
‫الله عنه‪" :‬زوجوا أولدكم إذا بلغوا‪ ،‬ول تحملوا آثامهم" ) ‪. (20‬وقد نادى‬
‫عقلء الغرب بالزواج المبكر ورأوا فيه حل ً للمشكلت التي يعانون منها‪ ،‬يقول‬
‫ول ديورانت‪" :‬كان البشر في الماضي يتزوجون باكرًا‪ ،‬وكان ذلك حل ً صحيحا ً‬
‫للمشكلة الجنسية‪ ،‬أما اليوم فقد أخذ سن الزواج يتأخر‪ ،‬كما أن هناك‬
‫أشخاصا ً ل يتوانون عن تبديل خواتم الخطبة مرارا ً عديدة‪ ،‬فالحكومات التي‬
‫ستنجح في نص القوانين التي تسهل الزواج الباكر ستكون جديرة بالتقدير؛‬
‫لنها تكشف بذلك أعظم حل لمشكلة الجنس في عصرنا هذا"‪ .‬وينبغي‬
‫السعي لتذليل العقبات المادية التي تقف دون الزواج‪ ،‬من خلل الدعم‬
‫والمساعدة‪ ،‬وإقناع الشباب بأن الزواج لن يكون بوابة للفقر والفاقة‪ ،‬قال‬
‫م ِإن ي َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫كوُنوا‬ ‫مائ ِك ُ ْ‬ ‫عَبادِك ُ ْ‬
‫م وَإ ِ َ‬ ‫ن ِ‬
‫م ْ‬‫ن ِ‬
‫حي َ‬
‫صال ِ ِ‬ ‫منك ُ ْ‬
‫م َوال ّ‬ ‫مى ِ‬‫حوا الَيا َ‬ ‫تعالى‪ { :‬وَأنك ِ ُ‬
‫ضل ِهِ } )النور‪ .(32:‬وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم‬ ‫من فَ ْ‬ ‫م الل ّ ُ‬
‫ه ِ‬ ‫فُ َ‬
‫قَراء ي ُغْن ِهِ ُ‬
‫أن النكاح سبب لعون الله وتوفيقه‪ ،‬فعن أبي هريرة ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪ " :‬ثلثة حق على الله عونهم‪ :‬المكاتب‬
‫الذي يريد الداء‪ ،‬والناكح الذي يريد العفاف‪ ،‬والمجاهد في سبيل الله‬

‫‪123‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(33 /‬‬

‫") ‪ . (21‬وينبغي كذلك تذليل العقبات النفسية والجتماعية التي قد تكون‬


‫عائقا ً عن المبادرة بالزواج‪ -3 .‬سد الذرائع التي توصل وتقود إلى مقارفة‬
‫الفاحشة‪ ،‬وقد عني الشرع بذلك‪ ،‬ومعظم آيات سورة النور تتحدث حول هذا‬
‫الجانب‪ .‬ومما ينبغي أن يراعى في ذلك‪ -1-3 :‬التفريق بين البناء والبنات‪،‬‬
‫وبين البناء مع بعضهم في المضاجع‪ ،‬وقد أمر بذلك صلى الله عليه وسلم‬
‫فقال‪" :‬مروا أولدكم بالصلة وهم أبناء سبع سنين‪ ،‬واضربوهم عليها وهم‬
‫أبناء عشر‪ ،‬وفّرقوا بينهم في المضاجع" ) ‪ ،(22‬وينبغي مراعاة ذلك في الدور‬
‫والمدارس التي يبيت الطلب فيها‪ -2-3 .‬غض البصر‪ ،‬وقد أمر الله تعالى به‪،‬‬
‫وأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بغض أبصارهم‪ ،‬ونهاهم عن إطلقه‪،‬‬
‫والنظر الحرام هو البداية الولى‪ ،‬وهو الشرارة التي توقد نار الشهوة‪ .‬بل إن‬
‫العداء الذين ل يحكمهم دين ول خلق بدؤوا يدركون أهمية غض البصر وأثره‬
‫في العفة‪ ،‬يقول أحد العلماء اللمان‪" :‬لقد درست علم الجنس وأدوية‬
‫الجنس فلم أجد دواء أنجح وأنجع من القول في الكتاب الذي نزل على محمد‬
‫م‪) }...‬النور‪."(30:‬‬ ‫صلى الله عليه وسلم {ُقل ل ّل ْمؤْمِنين يغُضوا م َ‬
‫صارِهِ ْ‬
‫ن أب ْ َ‬
‫ِ ْ‬ ‫ُ ِ َ َ ّ‬
‫‪ -3-3‬البتعاد بالمتربين عن الماكن التي يكثر فيها الختلط والتبرج‪،‬‬
‫ذر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه‬ ‫ويتعرضون فيها للنظر الحرام‪ ،‬وقد ح ّ‬
‫من ذلك فقال‪" :‬إياكم والجلوس في الطرقات"‪ ،‬فقالوا‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬ما لنا‬
‫من مجالسنا بد ّ نتحدث فيها‪ ،‬فقال‪" :‬فإذا أبيتم إل المجلس فأعطوا الطريق‬
‫قه" قالوا‪:‬وما حق الطريق يا رسول الله؟ قال‪" :‬غض البصر‪ ،‬وكف الذى‪،‬‬ ‫ح ّ‬
‫ورد السلم‪ ،‬والمر بالمعروف والنهي عن المنكر " ) ‪ .(23‬فلما كان الجلوس‬
‫في الطريق سببا ً للوقوع في المخالفة والمعصية نهاهم عن الجلوس في‬
‫الطريق ابتداًء‪ -4-3 .‬البتعاد بهم عن المجالس التي يكثر فيها الحديث عن‬
‫أمور النساء وأخبارهن‪ ،‬كما يجري في مجالس بعض كبار السن الذين‬
‫يتساهلون كثيرا ً في الحديث في ذلك‪ ،‬وأقل ما في هذا أنه مخل بالمروءة‬
‫والدب‪ ،‬إن سلم صاحبه من الثم) ‪ -5-3 .(24‬البتعاد عن الخلوة بالمرد‪،‬‬
‫ذر السلف من ذلك مع أنهم أهل الورع والتقى‪ ،‬ومن ذلك ما رواه‬ ‫وقد ح ّ‬
‫البيهقي في الشعب عن بعض التابعين قال‪" :‬كانوا يكرهون أن يحد ّ الرجل‬
‫النظر إلى الغلم الجميل" ) ‪ .(25‬وروى أيضا ً عن بعض التابعين‪" :‬ما أنا‬
‫بأخوف على الشاب الناسك من سبع ضارٍ من الغلم المرد يقعد إليه" )‬
‫‪ .(26‬وروى عن الحسن بن ذكوان قال‪" :‬ل تجالسوا أولد الغنياء؛ فإن لهم‬
‫صورا ً كصور النساء‪ ،‬وهم أشد فتنة من العذارى" ) ‪ .(27‬وروى عن عبد الله‬
‫بن المبارك أنه قال‪:‬دخل سفيان الثوري الحمام‪ ،‬فدخل عليه غلم صبيح‪،‬‬
‫فقال‪" :‬أخرجوه؛ فإني أرى مع كل امرأة شيطانًا‪ ،‬ومع كل غلم بضعة عشر‬
‫شيطانًا" ) ‪ .(28‬وقد اقتضى الواقع التربوي اليوم ضرورة مخالطة هؤلء‬
‫ومعاشرتهم‪ ،‬ومما يزيد المشكلة كون كثير من المربين غير متزوجين‪،‬‬
‫فالدعوة إلى المنع من اللقاء بهم غير واقعية‪ ،‬والحاجة لمخالطتهم ينبغي أل‬
‫تشغل المربين عن مراعاة الضوابط الشرعية في معاشرتهم‪ ،‬والبعد قدر‬
‫المكان عن الخلوة وما في حكمها‪ -6-3 .‬إبعاد الفتيان عن التشبه بالنساء‪ ،‬أو‬
‫المبالغة في التزين والعناية بالمظاهر‪ ،‬ولذلك لعن رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء‪ ،‬والمتشبهات من النساء بالرجال)‬
‫‪ .(29‬هذه بعض الذرائع التي يمكن أن تكون طريقا ً للوقوع في هذه الشهوة‬
‫المحرمة‪ .‬ومهمة المربي فيها تتمثل في إبعاد هذه الذرائع عن البيئة التربوية‬

‫‪124‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وتنقيتها منها‪ ،‬و توجيه المتربين إلى البعد عنها‪ ،‬وإغلق البواب التي تقودهم‬
‫إلى الحرام‪ -4 .‬إبراز النماذج والقدوات في العفة والتسامي‪ ،‬ومن أعظم‬
‫هذه النماذج ما ذكره الله تبارك وتعالى من قصة يوسف عليه السلم‪،‬‬
‫والعناية بهذه القصة ودراستها ومقارنة ذلك بالواقع وإغراءاته مما ينبغي أن‬
‫يكون له نصيب مهم في المناهج والبرامج التي تقدم للشباب والفتيات اليوم‪.‬‬
‫‪ -5‬تقوية الرادة والعزيمة في النفس‪ ،‬والخذ بزمامها‪ ،‬وتعويدها أل يستجيب‬
‫لها في كل ما تدعو إليه وتأمر به‪ ،‬وسيأتي الحديث عن عوامل تقوية الرادة‬
‫في الجانب النفسي بمشيئة الله‪ -6 .‬تنمية دافع الحياء‪ :‬والحياء له أثره الكبير‬
‫في حماية صاحبه من مواقعة الرذائل‪ ،‬ولذا جعل النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫مقولة العرب‪" :‬إذا لم تستح فاصنع ما شئت" مما أدركه الناس من كلم‬
‫النبوة الولى) ‪ .(30‬وحين اجتمع الحياء مع خشية الله لدى امرأة من‬
‫المسلمين غاب عنها زوجها التزمت طريق العفة‪ ،‬وهاهي تعبر عن ذلك‬
‫بقولها‪ :‬تطاول هذا الليل واسود جانبه وأّرقني أل خليل أداعبه فلول خشية‬
‫حّرك من هذا السرير جوانبه "ومن فضل الله أن درجة الحياء‬ ‫الله والحياء ل ُ‬
‫تزداد لدى البالغ أكثر من المراحل السابقة؛ لتكون وقاية للشاب البالغ" )‬
‫‪ -7 .( 31‬إشغال الشاب بمعالي المور وملء اهتماماته ووقته بالعمال‬
‫الجادة المثمرة‪ ،‬فهي تصرف طاقته‪ ،‬وتشغله‬

‫)‪(34 /‬‬

‫عن التفكير في الشهوات‪ ،‬وتبعده عن مواطنها‪ - 3 .‬حفظ اللسان والمنطق‪:‬‬


‫لقد أعلى الشرع منزلة حفظ اللسان‪ ،‬ويكفي في ذلك قوله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪" :‬من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة" ) ‪،(32‬‬
‫قال ابن حجر رحمه الله‪" :‬فالمعنى من أدى الحق الذي على لسانه من‬
‫النطق بما يجب عليه أو الصمت عما ل يعنيه‪ ،‬وأدى الحق الذي على فرجه‬
‫ل الحديث على‬ ‫من وضعه في الحلل وكفه عن الحرام…وقال ابن بطال‪ :‬د ّ‬
‫أن أعظم البلء على المرء في الدنيا لسانه وفرجه‪ ,‬فمن ُوقي شرهما ُوقي‬
‫أعظم الشر" ) ‪ .(33‬وحفظ اللسان والمنطق يشمل البعد عن اللفاظ‬
‫المحرمة شرعًا‪ ،‬سواء كانت متعلقة بحق الله‪ ،‬أم بحق المخلوق كالس ّ‬
‫ب‬
‫والشتم والسخرية‪ ،‬ويشمل بذاءة اللسان‪ ،‬والتصريح بما يستحيا منه‪ ،‬وهذا‬
‫المر مما شاع للسف واعتاده طائفة من الناس‪ ،‬وأهل الصلح والتقى أولى‬
‫بأن يبتعدوا عنه‪ ،‬فهو مظهر من مظاهر قلة الحياء‪ ،‬وخلق من أخلق السوقة‬
‫وأهل السوء‪ .‬ومن الدب الشرعي أن يكنى عما يستحيا منه‪ ،‬فجاءت التكنية‬
‫ْ‬
‫ن‬‫م ْ‬
‫ن ِ‬‫في نصوص الكتاب والسنة عن الجماع بإتيان الرجل زوجته‪ { ،‬فَأُتوهُ ّ‬
‫حي ُ َ‬
‫ه} )البقرة‪" (222:‬إذا أتى أحدكم أهله"‪ ،‬بل كّنى العرب عما‬ ‫م الل ّ ُ‬
‫مَرك ُ ُ‬
‫ثأ َ‬ ‫َ ْ‬
‫يخرج من النسان باسم موضعه الغالب وهو المكان المنخفض‪ ،‬ثم جاءت‬
‫اللفاظ الشرعية بالتكنية عنه بـ)قضاء الحاجة(‪ ،‬ول يأتي التصريح إل حين‬
‫الحاجة إليه لبيان حكم ل ُيبين إل به‪ ،‬أو لقامة حد ّ وحكم شرعي‪ .‬وحفظ‬
‫اللسان يحتاج إلى ترويض ومجاهدة للنفس‪ ،‬وتعويد لها على المنطق الحسن‪،‬‬
‫واختيار اللفاظ والبعد عن الفحش‪ ،‬وهذا مما يشق ويحتاج لمجاهدة‪ ،‬قال ابن‬
‫القيم رحمه الله‪" :‬ولهذا تجد الرجل يقوم الليل ويصوم النهار‪ ،‬ويتورع من‬
‫استناده إلى وسادة حرير لحظة واحدة‪ ،‬يطلق لسانه في الغيبة والنميمة‬
‫ص أهل الصلح والعلم بالله والدين‬ ‫والتفكه في أعراض الخلق‪ ،‬وربما خ ّ‬
‫والقول على الله ما ل يعلم‪ ،‬وكثير ممن تجده يتورع عن الدقائق من الحرام‪،‬‬

‫‪125‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫والقطرة من الخمر‪ ،‬ومثل رأس البرة من النجاسة؛ ل يبالي بارتكاب‬


‫الحرام" ) ‪ - 4 .(34‬التربية على الجدية‪ :‬إن من يعد للدعوة إلى الله تبارك‬
‫وتعالى ونصرة الدين يعد لمهمة عالية ل يقوم بها إل الجادون الصادقون من‬
‫الناس‪ ،‬ومن ثم كان لبد من العتناء بتنشئة جيل جاد يكون أهل ً لتحمل‬
‫ب عنه‪ .‬ومن المور التي تعين على‬ ‫المسؤولية والقيام بتبعة نصر الدين والذ ّ‬
‫غرس الجدية‪ -1 :‬أن يكون المربي شخصية جادة‪ ،‬يرى فيه تلمذته القدوة‬
‫الحسنة والنموذج الصادق‪ -2 .‬التعامل بجد مع المور الجادة‪ ،‬فالبرامج‬
‫الجادة‪ ،‬والمقترحات والفكار الجادة ل ينبغي أن يكون فيها مجال للهزل‪-3 .‬‬
‫النضباط في المزاح فهو البوابة للتربية الهزيلة‪ ،‬ومن صور النضباط في‬
‫ذلك‪ 1-3 :‬قلة المزاح وعدم الكثار منه؛ فإن من كثر كلمه كثر سقطه‪2-3 .‬‬
‫أل يخرج المزاح عن الوقار والهيبة التي ينبغي أن يتسم بها طالب العلم‪ ،‬وله‬
‫أسوة بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي كان ل يخرجه المزاح عن وقاره‬
‫وسمته‪ 3-3 .‬أل يكون المزاح في غير المواطن المناسبة له‪ -4 .‬القتصاد في‬
‫برامج الترويح والتعامل معها باعتدال) ‪ - 5 .(35‬التربية على العزة‬
‫والشجاعة‪ :‬من الصفات التي تمثل أهمية بالغة في بناء شخصية الداعية إلى‬
‫الله عز وجل‪ :‬العزة والشجاعة‪ .‬العزة التي تدفعه إلى الستغناء عما في‬
‫أيدي الناس‪ ،‬أو التطلع إلى نوالهم وتوقيرهم‪ ،‬والشجاعة التي تدعوه إلى‬
‫اتخاذ القرار المناسب حين يحتاج إليه‪ ،‬وتدعوه للنتصار على نفسه حين‬
‫تدعوه بداعي العجز أو الهوى‪ ،‬ثم هي بعد ذلك تهيئ المرء للمهام العظام‬
‫حين ُتراد منه‪ ،‬من قول كلمة الحق والجهاد في سبيل الله حين ترفع المة‬
‫رايته‪ .‬ويتأكد هذا المعنى اليوم؛ إذ إن معظم مجتمعات المسلمين ل تغرس‬
‫هذه المعاني في نفوس الناشئة؛ بل هي تعودهم الستكانة والخضوع‪،‬‬
‫والخوف والخور حتى من الشباح‪ .‬وهذه الخلق ميدان للتفريط والفراط‪،‬‬
‫ومن ثم فهي تفتقر إلى التزان‪ ،‬فالغلو في العزة يحولها إلى أنفة وكبر‬
‫واعتداد بالنفس وتمسك بحظوظها‪ ،‬والغلو في الشجاعة يحولها إلى تهور‬
‫وطيش وسفه‪ .‬وقد أمر الشرع بخفض الجناح للوالدين‪ ،‬ووصف من نالوا‬
‫منزلة حبهم لله وحبه لهم بالذلة على المؤمنين‪ .‬ومما يعين على تحقيق هذا‬
‫الجانب‪ -1 :‬العتدال في أسلوب تعامل التلميذ مع أستاذه‪ ،‬والبعد عن الغلو‬
‫في الخضوع والتعظيم‪ ،‬كما يفعل جهلة أهل البدع‪ -2 .‬العتدال في العقوبة‬
‫وترك الغلظ فيها‪ ،‬فكثير ممن ُيقسى معه في العقوبة تنشأ لديه عقد من‬
‫الخوف والخور‪ -3 .‬عدم التحقير والهانة‪ ،‬والبعد عن اللفاظ التي تنبئ عن‬
‫قلة الحترام والتوقير‪ ،‬والخطأ يعالج باعتدال‪ ،‬وليس مبررا ً لستخدام أساليب‬
‫التحقير والمهانة؛ فإن اعتياد الشاب على سماعها من معلمه ووالده يضعف‬
‫العزة لديه‪ ،‬ويهيئه لتقبل الهوان‪ -4 .‬التعويد على تحمل المخاوف الطبيعية‪،‬‬
‫وعدم المبالغة في التخوف عليه من النفراد والخروج في المكان المظلم‬
‫ونحو ذلك‪ ،‬كما‬

‫)‪(35 /‬‬

‫تفعل كثير من المهات‪ - 6 .‬التربية على الوقار ومعالي المروءة‪ :‬من شروط‬
‫تحقق العدالة‪ :‬البعد عما يخل بالمروءة‪ ،‬ومن ثم كان مما ينبغي أن ُيتعاهد‬
‫في الناشئ غرس معالي المروءة ورعايتها‪ .‬لذا فقد اعتنى من كتب في أدب‬
‫المتعلم بهذا الجانب‪ ،‬ذكر ابن جماعة في آداب الساكن بالمدرسة "ول‬
‫يتمشى في المدرسة‪ ،‬أو يرفع صوته بقراءة أو تكرار أو بحث رفعا ً منكرا‪ ،‬أو‬
‫ً‬

‫‪126‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يغلق بابه أو يفتحه بصوت…ونحو ذلك‪ ،‬لما في ذلك كله من إساءة الدب‬
‫على الحاضرين والحمق عليهم" ) ‪ .(36‬وذكر منها "ويتجنب ما ُيعاب؛ كالكل‬
‫ماشيًا‪ ،‬وكلم الهزل غالبًا‪ ،‬والبسط بالنعل‪ ،‬وفرط التمطي والتمايل على‬
‫الجنب والقفا‪ ،‬والضحك الفاحش بالقهقهة" ) ‪ .(37‬لذا على المربي الحرص‬
‫على أن يبعد عن البيئة التربوية كل ما يخل بالمروءة‪ ،‬وأن يبتعد هو عن ذلك‬
‫ليكون قدوة حسنة لطلبه‪ ،‬وأن يتدارس معهم هذه الداب والخلق‪- 7 .‬‬
‫التربية على السمت والهدي الحسن‪ :‬كان السلف رضوان الله عليهم يعنون‬
‫بالسمت والهدي والدب‪ ،‬ويعدونه بابا ً من أبواب العلم ل ينفصل عنه‪ .‬قال‬
‫مالك‪" :‬إن حقا ً على من طلب العلم أن يكون له وقار وسكينة وخشية‪ ،‬وأن‬
‫يكون متبعا ً لثر من مضى من قبله" ) ‪ .(38‬وقال إبراهيم‪" :‬كنا نأتي مسروقا ً‬
‫فنتعلم من هديه ودله" ) ‪ (39‬وقال ابن سيرين‪" :‬كانوا يتعلمون الهدي كما‬
‫يتعلمون العلم" )‪ (39‬وروى ابن المبارك عن مخلد بن الحسن‪" :‬نحن إلى‬
‫كثير من الدب أحوج منا إلى كثير من حديث" )‪ (39‬وأوصى حبيب الشهيد‬
‫وهو من الفقهاء ابنه فقال‪" :‬يا بني‪ ،‬اصحب الفقهاء‪ ،‬وتعلم منهم‪ ،‬وخذ من‬
‫أدبهم؛ فإنه أحب إلي من كثير من الحديث" )‪ - 8 (39‬التربية على الدب مع‬
‫الكابر‪ :‬من محاسن الخلق رعاية الكابر وإنزال الناس منازلهم‪ ،‬وقد بّين‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم منزلة هذا الخلق فقال‪" :‬ليس منا من لم يرحم‬
‫صغيرنا ويعرف شرف كبيرنا") ‪ .(40‬وارتباط الطالب مع معلمه وطول لقائه‬
‫معه يقود إلى التبسط ورفع الكلفة‪ ،‬مما يدفع ببعضهم إلى إساءة التعامل مع‬
‫الكابر والجفاء بحقهم‪ .‬ونحن بحاجة إلى أن يحضر الشاب مجالس الكبار‪،‬‬
‫ويشاركهم أحاديثهم وحوارهم‪ ،‬وفي الوقت نفسه يرعى الدب معهم وينزل‬
‫الناس منازلهم‪ .‬ومما يسهم في تحقيق هذا الجانب ‪ -‬بالضافة إلى التأكيد‬
‫عليه والتناول المعرفي‪ -1 :-‬تنبيه الشاب بصورة مناسبة حين يتجاوز حدود‬
‫الدب مع غيره‪ ،‬مع مراعاة أل يولد ذلك لديه النفرة من مجالسة الكبار‬
‫ومشاركتهم أحاديثهم‪ -2 .‬احتفاظ المربي بقدر من التزان في التعامل مع‬
‫ة بين معلم وطالب‪ ،‬وبين أب وابنه‪ ،‬ول‬ ‫ن يربيه‪ ،‬بحيث تبقى الصلة صل ً‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫تتحول إلى صلة زمالة وصداقة؛ فل يفرط في المزاح‪ ،‬ول يتعامل معه بما‬
‫ينافي وقار الكبار‪ -3 .‬عند وقوع بعض التجاوزات من الطالب ينبغي على‬
‫معلمه أن يتعامل معها بطريقة مناسبة‪ ،‬فتقبلها يعزز هذا التصرف لديه‪،‬‬
‫ويشعره بأنه تصرف مقبول‪ ،‬والغلظ معه يولد آثارا ً غير حميدة‪ ،‬ومن ثم‬
‫فتجاهل التصرف بطريقة لبقة تشعره بأن هذه الكلمة وهذا الموقف غير‬
‫مناسب‪ ،‬وتغني عن التصريح‪ .‬هذه الطريقة في التعامل مع هذه المواقف ‪-‬‬
‫التي كثيرا ً ما تقع‪ -‬تسهم في وضوح الصورة بين ما ينبغي فعله مع الكابر وما‬
‫ل ينبغي‪ -4 .‬أن يلمس ممن يربيه رعايته هو لهذا الجانب‪ ،‬بتوقير معلميه‬
‫واحترامهم‪ ،‬والعتراف لهم بالفضل والسابقة‪ ،‬ولو صار الن زميل ً لهم‪ ،‬بل لو‬
‫فاقهم في بعض المجالت‪ ،‬وهذا دأب أهل العلم الذين تربوا عليه‪ ،‬نراهم‬
‫يقدرون شيوخهم ويلهجون بالثناء عليهم والدعاء لهم‪ ،‬مع أن بعضهم قد يكون‬
‫ممن فاق شيخه علما ً وشهرة‪ .‬وأن يلمس التلميذ من معلمه الدب مع الكبار‬
‫وأهل العلم والرأي ولو خالفهم في بعض آرائهم؛ فحين يرى الطالب ذلك كله‬
‫من معلمه يترك فيه أثره بإذن الله عز وجل‪ - 9 .‬التربية على رعاية آداب‬
‫المجالس‪ :‬للمجالس آداب لبد من رعايتها والعتناء بها‪ ،‬وورود هذا التوجيه‬
‫َ‬
‫ل ل َك ُ ْ‬
‫م‬ ‫مُنوا إ َِذا ِقي َ‬
‫نآ َ‬ ‫في القرآن الكريم دليل على أهمية ذلك {َيا أي َّها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫شُزوا‬ ‫ل ان ُ‬‫م وَإ َِذا ِقي َ‬‫ه ل َك ُ ْ‬
‫سِح الل ّ ُ‬
‫ف َ‬
‫حوا ي َ ْ‬ ‫س َفافْ َ‬
‫س ُ‬ ‫جال ِ ِ‬ ‫حوا ِفي ال ْ َ‬
‫م َ‬ ‫س ُ‬‫ف ّ‬‫تَ َ‬
‫شُزوا} )المجادلة ‪ ،(11‬وورد المر برعايتها في السنة النبوية‪ ،‬فعن أبي‬ ‫َفان ُ‬

‫‪127‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫هريرة ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪" :‬إذا قام‬
‫أحدكم ‪ -‬وفي حديث أبي عوانة‪ :‬من قام‪ -‬من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق‬
‫به")‪ .( 41‬وعن ابن عمر ‪ -‬رضي الله عنهما ‪ -‬عن النبي صلى الله عليه‬
‫ل من مجلسه ثم يجلس فيه") ‪ .(42‬ومهما‬ ‫ل الرج َ‬
‫وسلم قال‪" :‬ل يقيم الرج ُ‬
‫قام المربي بتوجيه من يربيه وتعليمه آداب المجالس‪ ،‬فإنه ما لم يشارك في‬
‫هذه المجالس‪ ،‬فيحضر فيها‪ ،‬ويقول رأيه‪ ،‬ويشارك في الحديث…‪ ،‬ما لم‬
‫ُيوضع أمام التجربة العملية فلن يكفي البناء المعرفي المجرد‪ .‬ولذا كان‬
‫الصغار والشباب يحضرون مجالس النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬بل ويقتربون‬
‫منه‪ ،‬ولم ُيعد ّ ذلك سوء أدب أو مدعاة له‪ .‬فقد أكل عمرو بن سلمة وهو غلم‬
‫صغير في حجر النبي صلى الله عليه وسلم وطاشت‬

‫)‪(36 /‬‬

‫يده في الصحفة‪ ،‬وكانت هذه المشاركة فرصة ليعلمه النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم أدبا ً من آداب الطعام‪ ،‬وبقي هذا النص يستدل به المسلمون على مدى‬
‫الزمان‪ ،‬فعنه ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬قال‪ :‬أكلت يوما ً مع رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم طعاما ً فجعلت آكل من نواحي الصحفة‪ ،‬فقال لي رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪" :‬كل مما يليك" )‪ .( 43‬وعن سهل بن سعد ‪-‬رضي‬
‫الله عنه‪ -‬قال‪ُ :‬أتي النبي صلى الله عليه وسلم بقدح فشرب منه‪ ،‬وعن يمينه‬
‫غلم أصغر القوم والشياخ عن يساره‪ ،‬فقال‪" :‬يا غلم‪ ،‬أتأذن لي أن أعطيه‬
‫الشياخ؟ " قال‪ :‬ما كنت لوثر بفضلي منك أحدا ً يا رسول الله‪ ،‬فأعطاه إياه)‬
‫‪ ،(44‬والستدلل بهذا النص ل يقف عند حدود حضور هذا الشاب مجلسه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ ،‬بل كان عن يمينه وبجواره‪ ،‬ولم يعد أحد من‬
‫الحاضرين ذلك من سوء الدب مع النبي صلى الله عليه وسلم‪ .‬وكان من‬
‫وصية عبد الملك بن مروان لمؤدب ولده‪ " :‬وجالس بهم أشراف الرجال‬
‫وأهل العلم منهم‪ ،‬وجّنبهم السفلة والخدم فإنهم أسوأ الناس أدبًا…"‪ .‬ومما‬
‫يعين على ذلك أيضا ً تدارس آداب المجالس والتعرف عليها‪ ،‬والعتناء‬
‫بالمجالس التي يجلسها الطالب ولو مع زملئه وأقرانه؛ فتراعى فيها آداب‬
‫المجالس ليكون ذلك سلوكا ً وسمتا ً لهم ل يحتاجون إلى تكّلفه‪ .‬وربما أدت‬
‫الخلطة وزوال الكلفة بينهم إلى الخلل ببعض هذه الداب‪ ،‬فل بد حينئذ من‬
‫تصحيح ذلك‪ ،‬والتأكيد على أن الدب ل ينبغي أن يتجاوز بحجة ذلك‪- 10 .‬‬
‫التربية على الرجولة والخشونة والبعد عن الترف‪ :‬إن من إفرازات الحضارة‬
‫المعاصرة اليوم أن غدت بعض مجتمعات المسلمين تعاني من انتشار مظاهر‬
‫الترف‪ ،‬مما وّلد جيل ً من المترفين ل يطيق حياة العزيمة والجد‪ ،‬وهو جيل‬
‫يبحث عن الراحة والكسل‪ ،‬ويتقاعس عن معالي المور‪ .‬ومن ثم أصبح على‬
‫التربية اليوم عبٌء أكثر من ذي قبل‪ ،‬وصارت بحاجة إلى أن تجعل غرس‬
‫معاني الرجولة والبعد عن حياة الترف والترهل هدفا ً من أهدافها التربوية‪.‬‬
‫ومن وسائل الوصول إلى هذا الهدف وتحقيقه‪ -1 :‬غرس مفهوم الجدية‪،‬‬
‫وبيان مساوئ حياة الترف والبطالة‪ -2 .‬التقليل من مظاهر الترف في‬
‫البرامج المقدمة للشباب‪ ،‬مع مراعاة العتدال والتدرج في ذلك‪ ،‬ولتكن‬
‫البداية في إيجاد فرق بين حياة الشاب في المنزل‪ ،‬وحياته في مثل هذه‬
‫البرامج‪ ،‬بل الواجب على الب أن يخفف من مظاهر الترف في تربيته لبنائه‪.‬‬
‫ود الشباب‬ ‫‪ -3‬تنظيم بعض البرامج الجادة كالرحلت والبرامج العلمية التي تع ّ‬
‫والبناء على الجدية والرجولة‪ ،‬وعلى التخلي عن بعض ما اعتادوه من حياة‬

‫‪128‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫مترفة منعمة) ‪ - 11 .(45‬التربية على العزيمة والبعد عن الكسل‪ :‬العجز‬


‫والكسل داءان ينخران في النسان‪ ،‬ويقعدان به عن مصالح دينه ودنياه‪،‬‬
‫وحين يعتاده المرء يصبح سجية له؛ فتثقل نفسه‪ ،‬وتضعف همته‪ ،‬وتفوته‬
‫مجالت الخير في الدنيا والخرة‪ ،‬والعاجز الكسول هو الذي "ل يزال في‬
‫خلق له مصدودا ً منكوسًا‪ ،‬قد‬ ‫حضيض طبعه محبوسًا‪ ،‬وقلبه عن كماله الذي ُ‬
‫أسام نفسه مع النعام راعيا ً مع الهمل‪ ،‬واستطاب لقيمات الراحة والبطالة‪،‬‬
‫مر إليه‪ ،‬وبورك له‬ ‫واستلن فراش العجز والكسل‪ ،‬ل كمن رفع له علم فش ّ‬
‫في تفرده في طريق طلبه فلزمه واستقام عليه‪ ،‬قد أبت غلبات شوقه إل‬
‫الهجرة إلى الله ورسوله‪ ،‬ومقتت نفسه الرفقاء إل ابن سبيل يرافقه في‬
‫سبيله" )‪ .( 46‬ولسوء هذين الداءين كان صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله‬
‫منهما؛ فعن أنس بن مالك ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬قال‪ :‬كان النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم يقول‪" :‬اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل‪ ،‬والجبن والهرم‪ ،‬وأعوذ‬
‫بك من فتنة المحيا والممات‪ ،‬وأعوذ بك من عذاب القبر" ) ‪ .(47‬وأمر النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم بالبعد عن العجز فقال‪" :‬المؤمن القوي خير وأحب إلى‬
‫الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير‪ ،‬احرص على ما ينفعك‪ ،‬واستعن بالله‬
‫ول تعجز‪ ،‬وإن أصابك شيء فل تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا ولكن قل‪:‬‬
‫قدر الله وما شاء فعل‪ ،‬فإن لو تفتح عمل الشيطان" ) ‪ .(48‬ول بد من‬
‫المبادرة بتخليص الشاب من هذه الخصلة الذميمة في وقت مبكر قبل أن‬
‫تستفحل وتتحول إلى خلق يصعب اقتلعه‪ .‬ومما يعين على ذلك تعويده على‬
‫الستيقاظ المبكر‪ ،‬وعدم طول البقاء في الفراش‪ ،‬وتعويده على المبادرة‬
‫إلى إنجاز العمال وترك التسويف‪ ،‬والتزان في أوقات الراحة وترك الطالة‬
‫فيها‪ .‬كما أن المرء يحتمل في حياة الجماعة ما ل يحتمله لوحده‪ ،‬فمعيشته‬
‫أجواًء جادة مع صحبته وممارسته لنشطة تحيي العزيمة‪ ،‬مما يعينه على‬
‫التحمل وترك الخلد إلى الراحة‪ - 12 .‬التربية على اغتنام الوقات‪ :‬الوقت‬
‫هو عمر النسان وهو حياته؛ فالمرء أيام كلما مضى يوم مضى بعضه كما قال‬
‫الحسن رحمه الله‪ .‬والمسلمون اليوم يعانون من إهمال الوقت وتضييعه‪،‬‬
‫ويديرون أوقاتهم بطريقة سيئة‪ ،‬وللصالحين وطلبة العلم نصيب من ذلك‪ .‬إننا‬
‫قد ل نبالغ إذا قلنا‪ :‬إن الرجل الجاد في تعامله مع وقته ينتج أضعاف ما ينتج‬
‫أقرانه‪ ،‬ومن ثم فالتربية التي تعنى بغرس احترام الوقت وحسن اغتنامه‬

‫)‪(37 /‬‬

‫ستخرج جيل ً يؤدي أضعاف ما يؤديه غيره‪ .‬ومما يعين على ذلك‪ -1 :‬معرفة‬
‫أحوال السلف في حرصهم على أوقاتهم واغتنامهم لها‪ ،‬ففيها عبر عظيمة؛‬
‫فهي تعلي الهمة وتزيد العزيمة‪ ،‬وتجعل المرء يحتقر نفسه وجهده) ‪-2 .(49‬‬
‫الستفادة من الساليب الحديثة في إدارة الوقت والتعامل معه) ‪-3 .(50‬‬
‫التعويد على استغلل أوقات النتظار‪ ،‬وعدم بقائه في المنزل ينتظر صاحبه‬
‫وهو فارغ غير مستفيد من وقته‪ -4 .‬التعويد على القراءة؛ لتصبح سجية‬
‫وطبيعة له‪ ،‬فمن ل يقرأ يصعب عليه أن يستفيد من وقته‪ -5 .‬النضباط قدر‬
‫المكان في المواعيد والوقات‪ ،‬وتعويد الشاب على احترام أوقات غيره‪-6 .‬‬
‫ترك أوقات فراغ للشاب؛ وعدم إشغاله طيلة الوقت‪ ،‬وتوجيهه إلى أنشطة‬
‫يمكن أن يستثمر فيها وقته؛ فمن لم يكن لديه وقت فراغ يتعامل فيه بمفرده‬
‫فلن يعتد على اغتنام وقته) ‪ - 13 .(51‬التربية على النظام في الحياة‬
‫والتفكير‪ :‬تسود الفوضوية اليوم في حياة المسلمين‪ ،‬وتسيطر على جوانب‬

‫‪129‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫كثيرة من حياتهم‪ ،‬فحياة المنزل‪ ،‬والعلقات الجتماعية‪ ،‬والمؤسسات‬


‫الدارية…كلها تتسم بالفوضوية‪ .‬ويبدو أثرها على نمط تفكيرهم‪ ،‬فأفكارهم‬
‫تبدو غير مركزة ول محددة‪ ،‬وكذا حديثهم وحوارهم‪ .‬وهذه السمة العامة في‬
‫المجتمع لبد أن تترك أثرها على الدعاة والمربين ‪ -‬كما سبق في أكثر من‬
‫موضع‪ -‬ومن ث َ ّ‬
‫م كان لبد من العتناء بالتربية على النظام في الحياة‬
‫والتفكير‪ .‬ومن وسائل تحقيق ذلك‪ -1 :‬اعتناء المعلم بتنظيم أفكاره وخواطره‬
‫حين يعرضها‪ -2 .‬تنظيم الحوار والنقاش الذي يدار في الفصل‪ ،‬من خلل‬
‫تركيز المعلم على تحديد جوانب التفاق والخلف‪ ،‬وحصر دائرة النقاش‪،‬‬
‫وإجادة الستماع للخرين…‪.‬إلخ‪ -3 .‬التنظيم غير المتكلف في البيئة المنزلية‬
‫والمدرسية وسائر المؤسسات التربوية‪ ،‬ووجود أنظمة واضحة محددة يعتاد‬
‫الجميع على اللتزام بها‪ * * * .‬الحاشية ) ‪(1‬رواه أحمد )‪ (24492‬وأبو داؤود‬
‫)‪ (2 ) .(4798‬رواه الترمذي )‪ (3 ) .(2018‬رواه البخاري )‪ (6035‬ومسلم )‬
‫‪ (4 ) .(2321‬رواه البخاري )‪ (2768‬ومسلم )‪ (5 ) .(2309‬رواه أحمد )‬
‫‪ (6 ) .(3589‬رواه البخاري )‪ (6203‬ومسلم )‪ (7 ) .(659‬رواه مسلم )‬
‫‪(8 ) .(746‬رواه الرامهرمزي في المحدث الفاصل )‪(9 ) .(409‬جامع بيان‬
‫العلم وفضله)‪(10 ) .(1/127‬رواه مسلم )‪(11 ) .(37‬رواه البخاري )‪(2486‬‬
‫ومسلم )‪(12 ) .(2500‬رواه مسلم )‪(13 ) .(18‬رواه البخاري)‪) .(6116‬‬
‫‪(14‬رواه البخاري )‪(15 ) .(5096‬رواه البخاري)‪ (16) .(6474‬رواه أحمد )‬
‫‪ (7847‬والترمذي )‪ (2004‬وابن ماجة )‪ (17 ) .(4246‬رواه البخاري )‬
‫‪ (5066‬ومسلم )‪ (18) .(1400‬رواه البخاري )‪ (19 ) .(5096‬رواه ابن أبي‬
‫شيبة )‪ (20 ) .(4/127‬أورده ابن الجوزي في مناقب عمر )‪ (208‬وانظر‪:‬‬
‫بدير محمد بدير‪ ،‬منهج السنة النبوية في تربية النسان‪ ،‬مكتبة الدعوة‬
‫السلمية بالمنصورة‪ ،‬الطبعة الثانية‪1413 ،‬هـ ص)‪ (21) .(120‬رواه الترمذي‬
‫)‪ (1655‬والنسائي )‪ (3218‬وابن ماجه )‪ (22 ) .(2518‬رواه أحمد )‪(6650‬‬
‫وأبو داود )‪ (23 ) .(495‬رواه البخاري )‪ (6229‬ومسلم )‪ (24 ) .(2121‬مما‬
‫يؤسف له أن بعضا ً من المنتسبين للصلح والعلم الشرعي يكثر حديثهم في‬
‫ذلك بصورة ل تليق‪ (25 ) .‬شعب اليمان )‪ (26 ) .4/358 (5395‬شعب‬
‫اليمان )‪ (27 ) .4/358 (5396‬شعب اليمان )‪ (28 ) .4/358 (5397‬شعب‬
‫اليمان )‪ (29 ) .4/360 (5405‬رواه البخاري )‪ (30 ) .(5885‬رواه البخاري‬
‫)‪ (31 ) .(3483‬دور السرة في تربية أولدها في مرحلة البلوغ‪ .‬ص ‪) .377‬‬
‫‪ (32‬رواه البخاري )‪ (33 ) .(6474‬فتح الباري )‪ (34 ) . (11/315‬عدة‬
‫الصابرين ص ‪ (35 ) .70‬سيأتي الحديث عن الترويح بشيء من التفصيل في‬
‫الجانب الجتماعي‪ (36 ) .‬تذكرة السامع والمتكلم )‪ (37 ) .(282‬تذكرة‬
‫السامع والمتكلم )‪ (38 ) .(299‬الجامع لخلق الراوي وآداب السامع )‬
‫‪ (39 ) .(1/165‬جامع بيان العلم وفضله )‪ (40 ) .(1/127‬رواه الترمذي )‬
‫‪ (1920‬وأبو داود )‪ (4943‬وأحمد )‪ (41 ) .(6896‬رواه مسلم )‪) .(2179‬‬
‫‪ (42‬رواه البخاري )‪ (6269‬ومسلم )‪ (43 ) .(2177‬رواه البخاري )‪(5377‬‬
‫ومسلم )‪ (44 ) .(2022‬رواه البخاري )‪ (2351‬ومسلم )‪(45 ) .(2030‬‬
‫انظر حول موضوع الترف مجلة البيان‪ ،‬ع ‪ (46 ) .86 ،85‬مفتاح دار السعادة‬
‫لبن قيم الجوزية )‪ (47 ) .(1/46‬رواه البخاري )‪ (2823‬ومسلم )‪) .(2706‬‬
‫‪ (48‬رواه مسلم )‪ (49 ) .(2664‬انظر في ذلك‪ :‬قيمة الزمن عند العلماء‬
‫لعبد الفتاح أبي غدة‪ (50 ) .‬انظر‪ :‬إدارة الوقت لنادر أبي شيخه‪(51 ) .‬يعمد‬
‫بعض المربين إلى إشغال معظم وقت الشاب حفاظا ً عليه‪ ،‬ول شك أن‬
‫المقصد خير‪ ،‬لكن ذلك يعوده على انتظار أن يشغل الخرون وقته‪ ،‬وحين‬

‫‪130‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يتهيأ له فراغ فقد ل يتعامل معه بصورة صحيحة‪ ،‬إضافة إلى أن ذلك يشغله‬
‫عن القيام بواجباته المدرسية‪ ،‬ويعزله عن ارتباطاته الجتماعية‪ ،‬وربما تضايق‬
‫بعض الباء من هذا المسلك‪.‬‬

‫)‪(38 /‬‬

‫الفصل السابع‪ :‬الجانب الجتماعي يشكل البناء الجتماعي جانبا ً مهما ً في‬
‫التربية السلمية؛ إذ الفرد ل يمكن أن يحيا حياة سوية مستقيمة دون أن‬
‫يعيش في مجتمع يلجأ إليه ويشعر بالمان في كنفه‪ ،‬ومن ثم كان السجن‬
‫النفرادي عقوبة يعاقب بها المجرم‪ ،‬وجاء الشرع بتغريب الزاني عاما ً عن‬
‫بلده‪ ،‬كل ذلك يعطينا الدليل على قيمة المجتمع في حياة النسان‪ .‬لذا‬
‫فالتربية التي تتعامل مع النسان باعتباره كائنا ً منفصل ً تعد تربية قاصرة‪،‬‬
‫وكان لغنى لي بناء تربوي أن يعنى بالجانب الجتماعي وتنميته‪ .‬كما أنه لبد‬
‫لنا من العتناء بالجانب الجتماعي لننا نستهدف إخراج فئة من الشباب يكون‬
‫لهم تأثير في مجتمعاتهم‪ ،‬ويسهمون في بنائها وتوجيهها الوجهة السليمة‪ ،‬وما‬
‫لم يملك هؤلء الخبرات والمهارات الجتماعية‪ ،‬وما لم نضع ضمن أهدافنا‬
‫العتناء ببناء الجانب الجتماعي لديهم‪ ،‬فلن يستطيعوا تحقيق التغيير الذي‬
‫تتطلع إليه مجتمعاتهم‪ .‬وقدرتهم على التغيير في مجتمعاتهم والتأثير فيها ل‬
‫تنتهي عند مجرد تربيتهم باعتبارهم أفرادًا‪ ،‬ول عند مجرد قدرتهم على‬
‫الحديث والخطاب مع الخرين‪ ،‬بل هو أمر فوق ذلك كله‪ .‬ومن جانب آخر‬
‫فالمجتمع يترك أثره على الفراد الذين يعيشون فيه‪ ،‬وحين نريد تنشئة فئة‬
‫من الناس تخالف بعض التجاهات السائدة في المجتمع فالمر فيه من‬
‫الصعوبة ما فيه‪ ،‬ومن ثم فل غنى لنا عن السعي لمزيد من الصلح‬
‫الجتماعي والمحصلة النهائية رعاية أولدنا وشبابنا‪ .‬الهدف العام في الجانب‬
‫الجتماعي‪ :‬تنمية الجانب الجتماعي‪ .‬وسائل عامة في الجانب الجتماعي‪1 :‬‬
‫‪ -‬تعليم الداب والحكام الشرعية في الحياة الجتماعية‪ :‬جاءت أحكام الشرع‬
‫شاملة لكل نواحي الحياة‪ ،‬وما من ميدان من ميادين الحياة إل ولله فيه حكم‬
‫ُيتعبد المسلم به‪" ،‬ومن مقتضيات ذلك كله أن يكون لدى المسلم علم بجملة‬
‫كبيرة من الحكام الشرعية المتعلقة بالحياة الجتماعية‪ ،‬كآداب الكلم‬
‫والطعام والشراب‪ ،‬وآداب المشي والجلوس والنوم‪ ،‬وآداب التعامل مع‬
‫الكبار والصغار والمعلم والصديق وغيرهم‪ ،‬وآداب الستئذان على الوالدين‪،‬‬
‫وآداب المساجد‪ ،‬وآداب الطريق والسيارة‪ ،‬والدعية الخاصة بكل ناحية من‬
‫هذه النواحي‪ ،‬وغير ذلك من أنماط السلوك الجتماعي التي ينبغي على‬
‫المسلم الوقوف عليها") ‪ .(1‬ومن ثم لبد من العتناء بتعليم هذه الحكام‬
‫والداب وتدارسها‪ ،‬والسعي لتطبيقها في البرامج والنشطة التي تقدم‬
‫للطلب‪ - 2 .‬النشطة والبرامج الترويحية‪ :‬ينظر كثير من الناس إلى برامج‬
‫الترويح على أنها مضيعة للوقت وإفساد له‪ ،‬وأن تعاطيها إنما هو من باب‬
‫إتيان الضرورات‪ .‬ومن زاوية أخرى فإن هذا الجانب أخذ لدى الناس أكثر من‬
‫قه في هذا العصر‪ ،‬حتى انتشرت ألوان من الترويح المحرم‪ ،‬وارتبط‬ ‫ح ّ‬
‫بالترويح المباح جوانب قد تخرجه إلى دائرة الحرام‪ ،‬أو صار طاغيا ً مفسدا ً‬
‫للوقات‪ .‬ومع ذلك كله يبقى اعتناء المربين ببرامج الترويح وتنظيمهم لها أمرا ً‬
‫له أهميته للمور التية‪ -1 :‬أن ممارسة الترويح كان هديا ً نبويًا‪ ،‬فقد كان صلى‬
‫الله عليه وسلم يداعب أصحابه؛ فعن أبي هريرة ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬قال‪:‬‬
‫قالوا‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬إنك تداعبنا؟ قال‪" :‬إني ل أقول إل حقًا" )‪ -2 .( 2‬أن‬

‫‪131‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الترويح يلبي حاجة نفسية مهمة‪ ،‬فها هي عائشة ‪-‬رضي الله عنها‪ -‬تحكي عن‬
‫نفسها فتقول‪" :‬كان الحبش يلعبون بحرابهم فسترني رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم وأنا أنظر‪ ،‬فما زلت أنظر حتى كنت أنا أنصرف‪ ،‬فاقدروا قدر‬
‫الجارية الحديثة السن تسمع اللهو" ) ‪ -3 .(3‬أن الترويح يذهب الملل‬
‫والسآمة‪ ،‬وينشط النفس لمعاودة العمل‪ ،‬لذا أوصى الغزالي مؤدب الصبيان‬
‫أن يأذن لهم بالترويح فقال‪" :‬وينبغي أن يؤذن له بعد النصراف من الك ُّتاب‬
‫أن يلعب لعبا ً جميل ً يستريح إليه من تعب المكتب‪ ،‬بحيث ل يتعب في اللعب؛‬
‫فإن منع الصبي من اللعب وإرهاقه إلى التعلم دائما ً يميت قلبه‪ ،‬ويبطل‬
‫ذكاءه‪ ،‬وينغص عليه العيش حتى يطلب الحيلة في الخلص منه رأسًا" )‪.( 4‬‬
‫‪ -4‬أن الترويح له أثر مهم في تفريغ الطاقة الهائلة التي يمتلكها المراهق‪ ،‬لذا‬
‫كثيرا ً ما يوصي علماء النفس عند تناولهم موضوع الشهوة الجنسية لدى‬
‫المراهق بالعتناء بالنشطة الرياضية‪ -5 .‬أن إقامة المربين للنشطة‬
‫الترويحية للشباب وتنظيمها لهم يقدم بديل ً يصرفهم عن النشطة الترويحية‬
‫السلبية‪ ،‬كمشاهدة الفلم والمسلسلت‪ ،‬أو التسكع في الطرقات والسواق‪.‬‬
‫كما يقدم لهم بديل ً عن ممارسة الترويح مع أصدقاء السوء‪ ،‬وكثير من‬
‫الشباب كان سبب وقوعهم مع أصدقاء السوء ممارستهم للنشطة الترويحية‬
‫غبا ً للشباب في المشاركة في النشطة‬ ‫مَر ّ‬
‫معهم‪ -6 .‬أن ذلك يمكن أن يكون ُ‬
‫الثقافية والتربوية التي يصاحبها برامج في الترويح‪ ،‬وقد كان صلى الله عليه‬
‫غب الناس على السلم بما يحبونه من متاع الدنيا‪ ،‬عن أنس ‪-‬رضي‬ ‫وسلم ير ّ‬
‫الله عنه‪ -‬أن رجل ً سأل النبي صلى الله عليه وسلم غنما ً بين جبلين فأعطاه‬
‫إياه‪ ،‬فأتى قومه فقال‪ :‬أي قوم‪ ،‬أسلموا‪ ،‬فوالله إن‬

‫)‪(39 /‬‬

‫محمدا ً ليعطي عطاًء ما يخاف الفقر‪ .‬فقال أنس‪ :‬إن كان الرجل ليسلم ما‬
‫يريد إل الدنيا فما يسلم حتى يكون السلم أحب إليه من الدنيا وما عليها)‬
‫‪ -7 .(5‬أن تنظيم البرامج الترويحية يمكن أن يستثمر في تحقيق بعض‬
‫المعاني التربوية المهمة ومنها‪ 1-7 :‬تعويد الشباب على تهذيب اللفاظ‬
‫وصيانة اللسان؛ إذ الرياضة التي يمارسها الشباب اليوم توّلد لدى أصحابها‬
‫حماسة ربما أخرجتهم عن اتزانهم ووقارهم‪ ،‬وحين يمارسون الرياضة في‬
‫الجواء السليمة يعتادون حسن المنطق وتهذيب اللسان‪ .‬وليس مقصدنا في‬
‫تهذيب اللسان البعد عن اللفاظ المحرمة‪ ،‬فهذه قضية ل نقاش فيها هنا‪ ،‬بل‬
‫ما هو أبعد من ذلك من حسن العبارة والحلم والهدوء اللئق بالمسلم‪2-7 .‬‬
‫تعويدهم على جعل الترويح وسيلة ل غاية‪ ،‬وعلى إعطائه الهتمام الذي‬
‫يتناسب معه دون إفراط وتجاوز‪ ،‬كما هو الحال لدى كثير من شباب‬
‫المسلمين اليوم‪ 3-7 .‬تعويدهم على المعاني الجماعية‪ ،‬وعلى العيش في‬
‫إطار أخوي‪ 4-7 .‬تنويع مجالت الترويح وبرامجه بحيث تشمل بعض البرامج‬
‫الترويحية ذات البعد الثقافي والعلمي‪ ،‬وأل يقتصر الترويح على النشطة‬
‫الرياضية وحدها) ‪ - 3 .(6‬إنشاء الجمعيات الجتماعية‪ :‬مع تعقد الحياة اليوم‬
‫أصبحت كثير من العمال التي تتم بطريقة فردية يصعب أن تؤدى إل من‬
‫خلل عمل وجهد جماعي‪ ،‬ومن ذلك العمال الجتماعية‪ .‬ومن ثم فإنشاء‬
‫الجمعيات الجتماعية وإحياؤها مطلب مهم‪ ،‬وهو بالضافة إلى كونه ميدانا ً‬
‫تؤدى من خلله النشطة الجتماعية‪ ،‬فهو يدرب الشباب والناشئة على العمل‬
‫الجتماعي والمهارات الجتماعية‪ ،‬كما يدربهم على العمل الجماعي ويعودهم‬

‫‪132‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫عليه‪ ،‬و يتيح فرصة مهمة لرفع الكفاءة الدارية والتدريب على مهارات إدارة‬
‫العمل الدعوي‪ .‬ويمكن للمربي أن يدفع بطلبه إلى إنشاء مثل هذه‬
‫الجمعيات‪ ،‬وقد تكون جمعيات مصغرة تتناسب مع حجم العمل والقدرات‬
‫التي يمتلكها الشباب‪ .‬ومن الجمعيات التي يمكن إنشاؤها جمعيات في الحي‪،‬‬
‫كجمعيات تهتم بالصدقة أو الزكاة‪ ،‬أو تلمس السر المحتاجة‪ ،‬أو رعاية أسر‬
‫السجناء‪ ،‬أو توزيع فائض الطعمة والولئم‪ ،‬أو إيجاد فرص عمل‬
‫للعاطلين‪....‬إلخ‪ .‬كما يمكن أن تنشأ جمعيات داخل المدارس‪ ،‬كجمعيات تهتم‬
‫بأصحاب الظروف المادية الصعبة‪ ،‬أو جمعيات لعلج ظاهرة التدخين أو‬
‫لمساعدة الشباب الضعاف دراسيّا‪...‬الخ‪ .‬وفتح المجال أمام الشباب في مثل‬
‫هذه العمال يمكن أن يوّلد أفكارا ً وأعمال ً رائعة ربما ل يجيدها غيرهم‪- 4 .‬‬
‫التعاون مع الجمعيات الخيرية‪ :‬توجد جمعيات خيرية قائمة في مجتمعات‬
‫المسلمين‪ ،‬وكثير من هذه الجمعيات تقوم أعمالها على التعاون والتبرع‪،‬‬
‫وقلما تملك موظفين متفرغين‪ .‬ولو قام المربون بتوجيه بعض طلبهم للعمل‬
‫يوما ً واحدا ً في السبوع مع هذه الجمعيات وتولي مهام محددة فيها لنتج ذلك‬
‫بإذن الله نتاجا ً طيبًا‪ .‬ومع ما في هذا العمل من قيام بالواجب الشرعي‪ ،‬وأداء‬
‫لجزء من رسالة الدعوة والدعاة تجاه المجتمع‪ ،‬فهو فرصة مهمة لتدريب‬
‫الشباب على مهارات العمل الجتماعي‪ ،‬ولزيادة الدافع الجتماعي لديهم‪ .‬إن‬
‫ل‪ ،‬وهذه‬‫مثل هؤلء هم الذين سيتولون هذه الجمعيات والعمال مستقب ً‬
‫العمال تحتاج إلى شخص لديه الدافع والحماس للعمل‪ ،‬ولديه الشعور‬
‫بالقدرة على النجاز‪ ،‬ويمتلك المهارات اللزمة لمثل هذا العمل‪ .‬وكل ذلك ل‬
‫يمكن أن يتحقق بمجرد تبني الشاب لمفاهيم يحولها في المستقبل إلى عمل‬
‫منتج‪ ،‬وما لم يبدأ بالعداد في هذه المرحلة فسنفقد كثيرا ً ممن يمكن أن‬
‫يكونوا عاملين منتجين‪ ،‬أو ستدار هذه العمال بأنصاف عاملين‪ .‬أهداف فرعية‬
‫في البناء الجتماعي‪ :‬من الهداف الفرعية المهمة في الجانب الجتماعي ما‬
‫يلي‪ - 1 :‬ربط الشاب بالرفقة الصالحة‪ :‬يحرص كثير من الباء على حماية‬
‫أبنائهم من أسباب الفساد‪ ،‬وقد يدفعهم هذا الحرص إلى عزلهم عن الرفقة‬
‫والصحبة خوفا ً عليهم‪ ،‬وهذا مسلك غير سليم؛ ذلك أن "الرفقة مطلب نفسي‬
‫ل يستغني عنه النسان‪ ،‬وخصوصا ً في مرحلة المراهقة‪ ،‬وبوجود الرفقة‬
‫المنسجمة يتم قضاء الوقات وتبادل الراء والخبرات وبث المال‪ ،‬والتشارك‬
‫في الحاسيس والمشاعر…ويتعذر منع الشاب المراهق عن الرفقة أو فرض‬
‫العزلة عليه‪ ،‬وهو أمر يصطدم مع طبع النسان وجبلته‪ ،‬ويحرمه من حاجة‬
‫نفسية مهمة؛ ولذلك كان السجن النفرادي عقابا ً قاسيًا؛ لنه يعزل النسان‬
‫عن حاجة من حاجاته المهمة‪ ،‬ويحرمه من الجتماع بالناس والختلط بهم‪،‬‬
‫وبث همومه وأحزانه وأشجانه إليهم" )‪ .( 7‬لذا على الوالدين العتناء بهذا‬
‫الجانب المهم من الجوانب التي تسهم في بناء شخصية الشاب‪ ،‬ويراعى في‬
‫ذلك‪ -1 :‬المبادرة قدر المكان في ربط الشاب بصحبة صالحة؛ إذ إنه حين‬
‫يرتبط بغير الصالحين يصعب تخليصه منهم‪ ،‬وهذا يجيب على تساؤل يثيره‬
‫كثير من المربين حول جدوى الرتباط الدعوي مع طلب المرحلة العدادية‬
‫‪-‬المتوسطة‪ -‬فالمبادرة في ذلك تحميهم من الرتباط بصداقات يصعب‬
‫تخلصهم منها فيما بعد‪ ،‬كما سبق في خصائص المرحلة‪ -2 .‬أل ُتفرض عليه‬

‫)‪(40 /‬‬

‫‪133‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫جه لها بطريقة عفوية‪ ،‬كاختيار المدرسة‪ ،‬والتفاق مع‬ ‫الصداقة فرضًا‪ ،‬بل يو ّ‬
‫الباء أنفسهم‪ ،‬والزيارة أو الرحلت المتبادلة بين السر‪ ،‬وتكليفه بمهام‬
‫مشتركة مع بعضهم‪ ،‬ومشاركته في النشطة المدرسية والمراكز الصيفية‬
‫ونحوها من الميادين التي تجمع أمثال هؤلء‪ -3 .‬ينبغي أن يعتني الب برفقة‬
‫ابنه‪ ،‬ويحسن استقبالهم‪ ،‬ويشجعه على دعوتهم إلى المنزل‪ -4 .‬ينبغي تجنب‬
‫المعايير غير الصحيحة لختيار الصدقاء‪ ،‬ككونهم من الجيران‪ ،‬أو من القارب‪،‬‬
‫أو أن الب يعرف أسرهم وآباءهم…إلخ‪ .‬وغني عن التأكيد أنه في المحاضن‬
‫التربوية التي تجمع الرفقة الصالحة ينبغي أن تؤصل هذه المفاهيم ل أن‬
‫تكون مجرد روابط اجتماعية‪ - 2 .‬التعويد على تحمل المسؤولية‪ :‬من‬
‫الحاجات الملحة للشاب في هذه المرحلة‪ :‬الحاجة للمسؤولية‪ ،‬وهي تشعره‬
‫بأنه بلغ مصاف الرجال ومنزلتهم‪ ،‬إضافة إلى أنها تصرفه عن كثير من مظاهر‬
‫العبث واللهو وتشعره أنه فوق ذلك كله‪ ،‬وبالضافة إلى ذلك فالعتناء بتنمية‬
‫هذا الجانب يخدم المة‪ ،‬ويهيئ لها طاقات فاعلة ومؤهلة لداء الدوار‬
‫اليجابية‪ .‬ومن تأمل في أحكام الشرع رأى هذا المر جليًا‪ ،‬فالشاب حين‬
‫البلوغ يتحمل كافة المسؤوليات التي يتحملها الكبار‪ ،‬ويخاطب بكافة الحكام‬
‫والتكاليف الشرعية‪" ،‬وقد كان محمد صلى الله عليه وسلم في شتى‬
‫المناسبات يدرب أصحابه على حمل المسؤولية؛ ليضطلعوا بأعباء القيادة من‬
‫بعده‪ ،‬فكان يستشيرهم في كل مناسبة‪ ،‬وكثيرا ً ما يعدل عن رأيه إلى رأيهم؛‬
‫لن في رأيهم صوابًا" )‪ .( 8‬ومن المور التي تعين المربي على تحقيق هذا‬
‫الهدف‪ -1 :‬بيان مفهوم البلوغ وما يترتب عليه من أحكام‪ ،‬وأنه يعني أن‬
‫الشاب قد بلغ مبلغ الرجال‪ -2 .‬العتناء بأخذ رأي الشاب والحوار معه‪ ،‬من‬
‫خلل المنزل وإشراكه في القرارات المناسبة التي تتخذها السرة‪ ،‬ومن‬
‫خلل الصف الدراسي‪ ،‬أما النشطة غير الصفية فتمثل ميدانا ً واسعا ً لذلك‪.‬‬
‫‪ -3‬وضع الشاب في مواطن يتحمل فيها المسؤولية‪ ،‬وتكليفه بمهام تشعره‬
‫بذلك‪ ،‬كتكليفه ببعض العباء والمهمات السرية ‪ -‬مع مراعاة عدم الثقال في‬
‫ذلك ‪ -‬ومن ذلك تكليفه ببعض العمال المدرسية‪ ،‬كإدارة بعض النشطة‬
‫المتناسبة مع قدراته) ‪ -4 .(9‬أن يحيل المربي ما يمكن إحالته من العمال‬
‫التي يمارسها إلى الطلب أنفسهم‪ ،‬ومن تأمل واقع كثير من المربين وجد‬
‫أنهم يشغلون أنفسهم بمهام إدارية واجتماعية يمكن أن يتولها الطلب‬
‫أنفسهم‪ ،‬وتفويض المربي لهذه المهام يحقق هدفين‪ :‬الول‪ :‬تفرغه لمهام‬
‫أكبر‪ ،‬وتمتعه بسعة من الوقت وهدوء بال تجعله أقرب إلى نفوس طلبه‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬العتماد على الشباب وتحميلهم المسؤولية‪ ،‬وهذا ضروري في بنائهم‬
‫الجتماعي السليم‪ .‬ومن تأمل سيرة النبي صلى الله عليه وسلم رأى اعتناءه‬
‫بهذا المر جليا ً واضحًا‪ ،‬فقد وّلى طائفة من الشباب من أصحابه كتابة الوحي‪،‬‬
‫وقيادة السرايا والجيوش‪ ،‬والمامة في الصلة‪ ،‬والمارة‪ ،‬وكان يرسلهم في‬
‫مهام ليبلغوا رسالة النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وسرد الشواهد في ذلك‬
‫يطول) ‪ - 3 .(10‬العداد الحياة المادية‪ :‬يمثل العداد للحياة المادية اليوم‬
‫مطلبا ً تربويا ً مهمًا‪ ،‬ويتأكد العتناء بهذا الجانب في المؤسسات والقطاعات‬
‫التربوية الدعوية؛ فهي تهدف إلى تحقيق الستقامة لدى المرء‪ ،‬وكثيرا ً ما‬
‫تتجاهل الجوانب التي يحتاج إليها في حياته الدنيا‪ ،‬بل ربما وقفت عائقا ً دونها‬
‫لجل أن يتاح وقت أطول للمتربي يتلقى من خلله التربية في هذه‬
‫المؤسسات الدعوية‪ .‬ومما يؤكد أهمية هذا المر أن الشرع قد اعتنى بهذا‬
‫الجانب‪ ،‬فقد ورد المر بطلب الرزق‪ ،‬عن الزبير بن العوام‪ -‬رضي الله عنه‪-‬‬
‫عن النبي صلى الله عليه وسلم قال‪":‬لن يأخذ أحدكم حبله فيأتي بحزمة‬

‫‪134‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الحطب على ظهره فيبيعها فيكف الله بها وجهه خير له من أن يسأل الناس‬
‫أعطوه أو منعوه") ‪ .(11‬وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم قال‪":‬لن يأخذ أحدكم حبله ثم يغدو ‪ -‬أحسبه قال إلى الجبل‪-‬‬
‫فيحتطب فيبيع فيأكل ويتصدق خير له من أن يسأل الناس") ‪ .(12‬وقد نهى‬
‫مه‪ ،‬كما في حديث أبي كبشة النماري‬ ‫الشرع عن سؤال الناس وتكففهم وذ ّ‬
‫رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪ ":‬ثلثة أقسم‬
‫عليهن وأحدثكم حديثا ً فاحفظوه قال‪ :‬ما نقص مال عبد من صدقة‪ ،‬ول ظلم‬
‫عبد مظلمة فصبر عليها إل زاده الله عزًا‪ ،‬ول فتح عبد باب مسألة إل فتح الله‬
‫عليه باب فقر‪ -‬أو كلمة نحوها‪ .(13 )"-‬ويزداد تأكد هذا المر مع تقلص فرص‬
‫العمل وصعوبتها في كثير من المجتمعات السلمية‪ .‬وتتمثل المجالت التي‬
‫يمكن للتربية أن تعتني بها لتحقيق هذا الهدف ما يلي‪ 3-1 :‬تكوين التجاه‬
‫اليجابي نحو العمل‪ :‬تعاني شرائح من مجتمعات المسلمين من اتجاهات‬
‫سلبية تجاه العمل اليدوي والحرفي‪ ،‬أو تجاه مجالت معينة من مجالت‬
‫العمل‪ .‬والخطوة الولى في التربية على قيم العمل تتمثل في تكوين التجاه‬
‫اليجابي وتعزيزه‪ ،‬فما لم يوجد الدافع فكل الخبرات والمهارات ل قيمة لها‪.‬‬
‫ومن‬

‫)‪(41 /‬‬

‫الوسائل التي تعين على تحقيق هذا الهدف‪1 :‬ـ إبراز الجانب الشرعي‬
‫والنصوص التي تحث على طلب الرزق وتحصيله‪ ،‬وتحث على العمل و‬
‫الكسب‪ ،‬مع إبراز ما ورد في ذم المسألة والعيش عالة على الخرين‪-2 .‬‬
‫علج التجاهات السلبية تجاه العمل الحرفي والمهني‪ -3 .‬إبراز هذا الجانب‬
‫في سير النبياء صلوات الله وسلمه عليهم كما ورد في القرآن عن موسى‬
‫من رعيه للغنم‪ ،‬وكما ثبت في السنة عن أبي هريرة ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬عن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم قال‪":‬ما بعث الله نبيا ً إل رعى الغنم" فقال‬
‫أصحابه‪ :‬وأنت؟ فقال‪":‬نعم‪ ،‬كنت أرعاها على قراريط لهل مكة") ‪-4 .(14‬‬
‫إبراز هذا الجانب في سير الصحابة رضوان الله عليهم وسير السلف من‬
‫بعدهم‪ ،‬فإن مما يعوق بعض الشباب عن ذلك اعتقاد أنه يتعارض مع الصلح‬
‫والتقوى‪ 3-2 .‬إكساب الخبرات‪ :‬لقد تعقدت الحياة المادية اليوم‪ ،‬وصعبت‬
‫متطلبات الحياة‪ ،‬فالمطالب الضرورية للحياة زادت وأصبحت في خارج‬
‫القدرة المادية لكثير من الناس‪ .‬فالسكن والنقل والثاث والغذاء‪...‬الخ لم‬
‫تكن مشكلة فيما مضى‪ ،‬وكانت متاحة للغني والفقير‪ ،‬أما اليوم فهي تستهلك‬
‫جزءا ً كبيرا ً من مداخيل الناس‪ .‬وفرص الكسب هي الخرى تعقدت؛ ففيما‬
‫مضى كان النسان يعيش في مزرعته أو مع ماشيته فيتقوت منها ومن يعول‪،‬‬
‫أما اليوم فمصاريف الزراعة والرعي صارت فوق طاقة الكثيرين‪ ،‬ناهيك عن‬
‫عدم كفاية مداخيلها‪ .‬ومن ثم كلما ارتقى مستوى تعليم الفرد وازدادت خبرته‬
‫زادت فرص حصوله على مصدر رزقه‪ .‬وبناًء عليه فإن من مسؤولية المربي‬
‫فتح المجال أمام الشاب لمنحه الخبرات التي تزيد من تأهيله لفرص العمل‪.‬‬
‫وهذا ل يعني أن تتحول المحاضن التربوية إلى مراكز مهنية وتدريبية‪ ،‬لكن‬
‫مما ُينتظر منها ما يأتي‪ -1 :‬تشجيع الشاب على التفوق الدراسي ومساعدته‬
‫على ذلك‪ ،‬وتنظيم البرامج التربوية بما ل يؤثر على التحصيل الدراسي‪-2 .‬‬
‫إتاحة الفرص لللتحاق ببعض النشطة والبرامج التدريبية التي يرغب الشاب‬
‫في اللتحاق بها؛ إذ الملحظ أن كثيرا ً من المربين يصرفونهم عنها‪،‬‬

‫‪135‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ويزهدونهم فيها‪ -3 .‬استثمار الجازات الصيفية وتخصيص جزء من النشطة‬


‫الصيفية لتنمية هذه الجوانب‪ ،‬ومع وجود قدر من العتناء‪ ،‬بذلك فهو يحتاج‬
‫إلى تعزيز وترشيد بحيث يكون مثمرا ً ومحققا ً للهدف‪ -4 .‬التواصل بين‬
‫المؤسسات التربوية ) كحلقات التحفيظ والجمعيات الخيرية و الدعوية‪(..‬‬
‫وبين الخيرين من العاملين في القطاع الخاص وبوجه أخص في العداد‬
‫والتدريب‪ ،‬ومن خلل ذلك يمكن تقديم برامج خاصة وجماعية إما دعما ً‬
‫للنشطة التربوية‪ ،‬أو تخفيضا ً للتكلفة‪ ،‬أو ليجاد بيئة منضبطة ومحافظة‪3-3 .‬‬
‫تنمية المثابرة والعزيمة‪ :‬من أهم قيم العمل ومتطلبات نجاح العامل المثابرة‬
‫والعزيمة‪ ،‬لذا ل نزال نرى كثيرا ً من الشباب حين يلتحقون بمجال من‬
‫مجالت العمل سرعان ما يملون ويسأمون‪ ،‬أو ل يجيدون التلؤم مع بيئة‬
‫العمل‪ ،‬فهذا يدعو إلى العتناء بتنمية روح المثابرة والعزيمة لدى الشاب‬
‫وتقوية هذا الجانب لديه‪ .‬ولعل ما سبق تناوله عند الحديث عن العزيمة والبعد‬
‫عن الكسل )في الجانب الخلقي والسلوكي ( يعين على ذلك‪ 3-4 .‬تنمية‬
‫تقدير المسؤولية‪ :‬من المشكلت التربوية للجيل المعاصر غياب تقدير‬
‫ود الطالب على التلقي السلبي‪،‬‬ ‫المسؤولية وتحملها؛ فالتربية المعاصرة ُتع ّ‬
‫وعلى العتماد على الخرين‪ ،‬ويبقى إلى أن يتجاوز العشرين من عمره وهو‬
‫عالة على والديه‪ .‬وهذا له أثره السلبي في تأهله للعمل‪ ،‬ومن ثم كان جديرا ً‬
‫بالمربي أن يعنى بتنمية الشعور بتقدير المسؤولية لدى الشاب‪ ،‬من خلل‬
‫تأصيل مبدأ المسؤولية في طبيعة النشطة التي يتلقاها ويشارك فيها‪ ،‬مع‬
‫مراعاة أن يكون ذلك بالقدر الذي يتناسب مع قدراته وإمكاناته‪،‬وبما ل يكون‬
‫منفرا ً ومعوقا ً له عن الستمرار في هذه النشطة‪ .‬بالضافة إلى تهيئة فرص‬
‫عملية لتحمل المسؤولية‪ ،‬وقد سبق الحديث عن ذلك‪ 3-5 .‬تنمية مهارات‬
‫إتقان العمل‪ :‬إتقان العمل يزيد من فرص النجاح في العمال الشخصية‪،‬كما‬
‫أنه يتيح لصاحبه فرصا ً أكبر في القطاعات الهلية‪ .‬ول نزال نرى معظم‬
‫الناس اليوم سواء أكانوا منتجين أم مستهلكين لخدمات وسلع معينة يتقبلون‬
‫دون نقاش أعمال جنسيات معينة‪ ،‬ويدفعون لهم أضعاف ما يدفعونه لغيرهم؛‬
‫لن هؤلء اشتهروا بإتقانهم لهذه العمال‪ .‬وتعد مرحلة الشباب مرحلة مهمة‬
‫في تنمية مهارات إتقان العمل‪ ،‬وهو سلوك يتعلمه الشخص ويتسم به أكثر‬
‫من مجرد ارتباطه بحرفة أو عمل مهني‪ .‬ومن ثم فتنمية هذا السلوك لدى‬
‫الشاب في دراسته‪ ،‬وفي ممارسته للنشطة الثقافية والجتماعية‪ ،‬كل ذلك‬
‫سيترك أثره على إتقانه لعمله الوظيفي فيما بعد‪ .‬ومن الوسائل المعينة على‬
‫تنمية هذا الجانب‪ -1 :‬مطالبة الشاب بمزيد من التقان فيما يقوم به وينفذه‬
‫من أنشطة)‪ ،( 15‬ويمكن أن تكون الحوافز والمسابقات وسيلة مساعدة في‬
‫ذلك‪ -2 .‬تنظيم أنشطة تتطلب قدرا ً أكبر من التقان‪ ،‬واستثمارها فرصة‬
‫للتدريب على ذلك‪ -3 .‬جعل التقان سمة للبرامج وأنظمتها‪ ،‬والرتقاء‬
‫بمستوى‬

‫)‪(42 /‬‬

‫الضبط لها؛ فهو يحول التقان إلى سلوك شخصي مستقر لدى الشاب‪-4 .‬‬
‫التزام المربي بمراعاة ذلك فيما يقدمه من برامج وأعمال‪ ،‬ومن أقرب‬
‫المثلة على ذلك الموضوعات الثقافية التي يقدمها لطلبه‪ ،‬فكلما لمسوا منه‬
‫العتناء والتقان أّثر ذلك في اكتسابهم لهذا السلوك‪ 3-6 .‬الرتقاء بالوعي‬
‫الجتماعي والقتصادي‪ :‬مما تتسم به بعض البيئات التربوية استهلكها لوقت‬

‫‪136‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الشاب وعزله عن كثير مما يدور في المجتمع‪ .‬وبغض النظر عن سلمة هذا‬
‫الموقف أو عدم سلمته إل أن من المهم علج بعض الثار الناجمة عنه‪ .‬إن‬
‫طائفة من الناشئة ل يزال بمعزل عن التغيرات الجتماعية والقتصادية‪ ،‬ولن‬
‫يستوعبها إل بعد جيل قادم‪ ،‬وربما برزت أمام الجيل القادم مشكلت أخرى‪.‬‬
‫ومن ثم فنشر قدر من الوعي بهذه التغيرات‪ ،‬والعتناء بتحقيق قدر من‬
‫الفهم للنواحي القتصادية والجتماعية أمر له أثره في إعداد الشاب للعمل‬
‫والحياة المادية‪ - 4 .‬تنمية مشاعر البر والصلة‪ :‬إن البر والصلة من أعظم‬
‫الخلق والمعاني الجتماعية التي دعا إليها الشرع‪ ،‬بل قد كانت شعارا ً لدعوة‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬عن عمرو بن عبسة السلمي ‪ -‬رضي الله عنه ‪-‬‬
‫قال‪ :‬كنت وأنا في الجاهلية أظن أن الناس على ضللة وأنهم ليسوا على‬
‫شيء وهم يعبدون الوثان‪ ،‬فسمعت برجل بمكة يخبر أخبارًا‪ ،‬فقعدت على‬
‫جَرَءاُء‬‫راحلتي فقدمت عليه فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مستخفيا ً ُ‬
‫مه‪ ،‬فتلطفت حتى دخلت عليه بمكة‪ ،‬فقلت له‪ :‬ما أنت؟ قال‪" :‬أنا‬ ‫عليه قو ُ‬
‫نبي" فقلت‪ :‬وما نبي؟ قال‪" :‬أرسلني الله" فقلت‪ :‬وبأي شيء أرسلك؟ قال‪:‬‬
‫حد الله ل يشرك به شيء" )‬ ‫"أرسلني بصلة الرحام وكسر الوثان‪ ،‬وأن يو ّ‬
‫‪ .(16‬والمربون اليوم ليسوا بحاجة إلى الستطراد في الحديث عن أهمية هذا‬
‫الجانب‪ ،‬وحتى الفئة المستهدفة تعيه من حيث الصل‪ ،‬إل أنها بحاجة لمزيد‬
‫من الرعاية‪ ،‬وإلى أن تسهم المحاضن التربوية في تنمية هذا الجانب وتعزيزه‬
‫لديها‪ .‬ومن الوسائل المهمة التي تعين على تحقيق هذا الجانب‪ -1 :‬تناوله‬
‫والحديث عن أهميته والتذكير به بين آونة وأخرى‪ ،‬وقد كان النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم ُيعنى بذلك مع أصحابه رضوان الله عليهم‪ -2 .‬أن يكون المربي‬
‫قدوة في ذلك‪ ،‬ويلمس تلمذته منه اعتناءه بهذا الجانب‪ ،‬فهو حين يعتذر عن‬
‫حضوره لبعض المناسبات أو البرامج معتذرا ً بوالديه ورعايته لهما؛ حين يفعل‬
‫ذلك يترك أثرا ً أعظم من أثر الكلمات والتوجيهات التي يلقيها عليهم ويعتني‬
‫بها‪ -3 .‬تقدير أعذار من يعتذر من الطلب بوالديه أو صلة أقاربه‪ ،‬بل تشجيعه‬
‫على ذلك‪ ،‬ويكفي في هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمنع من‬
‫المشاركة في الجهاد ‪ -‬حين يكون تطوعا ً ‪ -‬دون إذن الوالدين) ‪(17‬؛ فعن عبد‬
‫الله بن عمرو بن العاص ‪ -‬رضي الله عنهما ‪ -‬قال‪ :‬أقبل رجل إلى نبي الله‬
‫صلى الله عليه وسلم فقال‪ :‬أبايعك على الهجرة والجهاد أبتغي الجر من‬
‫الله‪ ،‬قال‪" :‬فهل من والديك أحد ٌ حي؟ " قال‪ :‬نعم بل كلهما‪ ،‬قال‪" :‬فتبتغي‬
‫الجر من الله؟ " قال‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪" :‬فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما" )‬
‫‪ -4 .(18‬تشجيع الطلب على حضور المناسبات واللقاءات العائلية‬
‫والجتماعية‪ ،‬ومراعاتهم في ذلك‪ - 5 .‬تنمية القدرة على بناء علقات‬
‫اجتماعية ناجحة‪ (19 ) :‬النجاح في بناء العلقات الجتماعية أمر ل غنى‬
‫للداعية عنه‪ ،‬وهو مفتاح تأثيره على القربين الذين هم أولى بدعوته من سائر‬
‫الناس‪ ،‬كما أنه ل غنى له عنه ليعيش حياته الجتماعية‪ ،‬ومن ثم تبدو أهمية‬
‫العتناء بتنمية هذه القدرة لدى الشباب‪ .‬ومن وسائل تحقيق ذلك‪ -1 :‬إبراز‬
‫أهمية الجانب الجتماعي والحاجة له‪ -2 .‬تنمية الجانب الخلقي الذي يجعل‬
‫الشاب مقبول ً من الخرين‪ ،‬وقد سبق الحديث بالتفصيل عن الجانب الخلقي‬
‫والسلوكي‪ -3 .‬تحقيق قدر من الندماج الجتماعي والتخفيف من العزلة التي‬
‫يعيشها كثير من الشباب الصالحين تجاه المجتمع)‪ -4 .( 20‬تنمية مهارات‬
‫التعامل مع الخرين والتعويد على احترامهم‪ - 5 .‬تنمية الشعور بالمسؤولية‬
‫وره‬ ‫الجتماعية‪ :‬وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا المعنى‪ ،‬وص ّ‬
‫تصويرا ً دقيقا ً في قوله‪" :‬مثل المدهن في حدود الله والواقع فيها مثل قوم‬

‫‪137‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ة؛ فصار بعضهم في أسفلها وصار بعضهم في أعلها‪ ،‬فكان‬ ‫استهموا سفين ً‬
‫الذين في أسفلها يمرون بالماء على الذين في أعلها فتأّذوا به‪ ،‬فأخذ فأسا‬
‫فجعل ينقر أسفل السفينة‪ ،‬فأتوه فقالوا‪ :‬ما لك؟ قال‪ :‬تأذيتم بي ولبد لي‬
‫وا أنفسهم‪ ،‬وإن تركوه أهلكوه‬ ‫ج ْ‬
‫من الماء‪ ،‬فإن أخذوا على يديه أنجوه ون َ ّ‬
‫وأهلكوا أنفسهم" ) ‪ .(21‬إن"الفرد مرتبط ارتباطا ً شديدا ً بمجتمعه‪ ،‬ومن‬
‫الصعوبة التعايش بدون المجتمع أو بمعزل عنه‪ ،‬فالمجتمع مصدر أنسه وأمنه‬
‫وسعادته‪ ،‬وعلى الفرد واجبات ومسؤوليات نحو مجتمعه" ) ‪(22‬كما أن له‬
‫حقوقا ً ينبغي على المجتمع أن يعنى بتقديمها له‪ .‬ومن المور التي تعين على‬
‫تحقيق الشعور بالمسؤولية الجتماعية‪ -1 :‬العتناء بإبراز النصوص والحكام‬
‫الشرعية المتعلقة بالجوانب الجتماعية) ‪،(23‬‬

‫)‪(43 /‬‬

‫وهي كثيرة‪ ،‬ومنها على سبيل المثال‪ :‬عن أبي هريرة ‪ -‬رضي الله عنه‪ -‬قال‪:‬‬
‫سلمى من الناس عليه صدقة‪،‬‬ ‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪":‬كل ُ‬
‫كل يوم تطلع فيه الشمس يعدل بين الثنين صدقة‪ ،‬ويعين الرجل على دابته‬
‫فيحمل عليها أو يرفع عليها متاعه صدقة‪ ،‬والكلمة الطيبة صدقة‪ ،‬وكل خطوة‬
‫يخطوها إلى الصلة صدقة‪ ،‬ويميط الذى عن الطريق صدقة" )‪ .( 24‬وعن‬
‫أبي هريرة ‪ -‬رضي الله عنه‪ -‬قال‪ :‬سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫يقول‪":‬حق المسلم على المسلم خمس‪ :‬رد السلم‪ ،‬وعيادة المريض‪ ،‬واتباع‬
‫الجنائز‪ ،‬وإجابة الدعوة‪ ،‬وتشميت العاطس") ‪ .(25‬وعن أنس بن مالك ‪-‬‬
‫رضي الله عنه‪ -‬قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪":‬ما من مسلم‬
‫يغرس غرسا ً أو يزرع زرعا ً فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إل كان له به‬
‫صدقة") ‪ .(26‬وعن أنس بن مالك قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪":‬إن من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر‪ ،‬وإن من الناس مفاتيح‬
‫للشر مغاليق للخير‪ ،‬فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه‪ ،‬وويل‬
‫لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه") ‪ .(27‬وهذه نماذج فقط‪ ،‬وإل‬
‫فالنصوص كثيرة في هذا المجال‪ ،‬وإنما استطردت هنا لتأكيد أهمية هذه‬
‫الجوانب؛ فمن المربين من يهملها‪ ،‬ويرى أن عزل الشاب عن بيئته وإشغاله‬
‫ببعض النشطة التربوية أو العلمية وانهماكه فيها أولى‪ -2 .‬العتناء بتأصيل‬
‫المنهج الشرعي في الخلطة والعزلة‪ ،‬وأن مخالطة الناس ومعايشتهم والصبر‬
‫على أذاهم خير من اعتزالهم‪ ،‬عن يحيى بن وثاب عن رجل من أصحاب النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪-‬قال‪ :‬أظنه ابن عمر‪ -‬عن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫قال‪ " :‬المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم أعظم أجرا ً من الذي ل‬
‫يخالط الناس ول يصبر على أذاهم" ) ‪ -3 .(28‬العتناء ببيان الجوانب‬
‫اليجابية والمشرقة في المجتمع‪ ،‬والسعي للحفاظ عليها وتدعيمها‪ ،‬والمر ل‬
‫يعني التفاخر والوطنية الضيقة‪ ،‬بقدر ما يعني تعزيز المكتسبات والعتناء بها)‬
‫‪ -4 .(29‬تنمية الشعور بالمسؤولية الدعوية‪ ،‬والمر بالمعروف والنهي عن‬
‫المنكر‪ ،‬والسهام في حماية المجتمع من عوامل الفساد‪ ،‬وهذا المر مما‬
‫يعين الشاب المسلم على العيش في المجتمعات المعاصرة اليوم‪ ،‬التي‬
‫تعاني ألوانا ً من النحراف‪ ،‬ويبتعد به عن الغلو والشطط والموقف السلبي‬
‫فز‬
‫من المجتمع‪ -5 .‬العتدال في نقد الوضاع الجتماعية‪ ،‬وتوجيه ذلك فيما يح ّ‬
‫على السعي للصلح والتغيير؛ إذ الفراط في النقد المجرد يورث السلبية‪،‬‬
‫ويدعو الفرد للهروب من المجتمع‪ -6 .‬إشراك الشاب في النشطة‬

‫‪138‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الجتماعية‪ ،‬كالجمعيات الخيرية التي تعنى بالمحتاجين‪ ،‬والسهام في تقديم‬


‫الخدمات العامة للناس‪ ،‬ولعل ما نراه اليوم في موسم الحج من جهود يبذلها‬
‫طائفة من الخيرين تبرعا ً وإحسانا ً في توزيع الصدقات والمواد الغذائية على‬
‫الحجاج يمثل الخلق والمنهج الشرعي‪ - 7 .‬التمكين لقيم المجتمع وعاداته‬
‫اليجابية‪ (30 ):‬مما يمّيز المجتمعات السلمية عن سائر المجتمعات الخرى‬
‫أنها تملك رصيدا ً متميزا ً من القيم‪ ،‬فهي مهما بلغت في التغير‬
‫والنحراف‪،‬ومهما انفتحت على المجتمعات الخرى ل تزال تدين بالسلم‪ ،‬ول‬
‫يزال كثير من أنساقها الجتماعية يلتزم بأصل القيم السلمية‪ ،‬بغض النظر‬
‫عن درجة اللتزام‪ ،‬وقربه وبعده عن المفاهيم الشرعية النقية‪ .‬وبقدر ما‬
‫تحمل الدعوة السلمية على عاتقها مسؤولية تغيير القيم المنحرفة في‬
‫المجتمع؛ فجزء كبير من مسؤوليتها يتمثل في الحفاظ على رصيد المجتمع‬
‫من القيم اليجابية‪ .‬وهذه القيم مهددة بالزوال والتلشي ما لم يتم الحفاظ‬
‫عليها وتأصيلها‪ ،‬ومن وسائل تأصيلها تربية الناشئة عليها‪ .‬ومن هذه القيم ما‬
‫تتميز به مناطق الرياف والقبائل من محافظة وستر واعتناء بالعرض‪،‬‬
‫وتماسك اجتماعي‪ ،‬وكرم ونخوة‪...‬الخ ومما ينبغي على المربى أن يعتني به‬
‫لتحقيق هذا الهدف‪ -1 :‬تعزيز هذه القيم في نفوس الشباب وتثبيتها‪-2 .‬‬
‫التأصيل الشرعي لها‪ ،‬وخاصة ما له ارتباط بالعادات الجتماعية والقبلية‬
‫كالكرم والنخوة والغيرة؛ إذ قد يكون الدافع لللتزام به ليس دافعا ً شرعيا ً‬
‫إنما مجاراة العادة والعرف‪ -3 .‬تنقية هذه القيم من الممارسات الخاطئة‬
‫وتعميمها‪،‬كالنفة والنفرة التي تصد صاحبها عن الخضوع للحق والتسليم له‪.‬‬
‫‪ - 8‬تنمية روح التعاون والعمل الجماعي‪ :‬إن مما يعاني منه المسلمون اليوم‬
‫غلبة الفردية على كثير من مشروعاتهم وأعمالهم‪ ،‬وغياب روح العمل‬
‫الجماعي والمؤسسي‪ ،‬لذا كان ل غنى للتربية عن السعي لبناء روح العمل‬
‫الجماعي لدى الناشئة‪ ،‬ولذلك ثمرات عدة‪ ،‬منها‪ -1 :‬أنه يحقق صفة التعاون‬
‫ث عليها القرآن الكريم والسنة النبوية { وَت ََعاوَُنوا ْ عََلى اْلبّر‬ ‫والجماعية التي ح ّ‬
‫ن} )المائدة‪ ،(2:‬وقوله صلى الله عليه‬ ‫وى وَل َ ت ََعاوَُنوا ْ عَلى ال ِث ْم ِ َوالعُد َْوا ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ق َ‬
‫َوالت ّ ْ‬
‫وسلم‪" :‬يد الله مع الجماعة" ) ‪ -2 .(31‬عدم الصطباغ بصبغة الفراد‪ ،‬ذلك‬
‫أن العمل الفردي تظهر فيه بصمات صاحبه واضحة‪ ،‬فضعفه في جانب من‬

‫)‪(44 /‬‬

‫الجوانب‪ ،‬أو غلوه في آخر‪ ،‬أو إهماله في ثالث لبد أن ينعكس على العمل‪.‬‬
‫‪ -3‬الستقرار النسبي للعمل‪ ،‬أما العمل الفردي فيتغير بتغير اقتناعات‬
‫الفراد‪ ،‬ويتغير بذهاب قائد ومجيء آخر‪ ،‬يتغير ضعفا ً وقوة‪ ،‬أو مضمونا ً‬
‫واتجاهًا‪ -4 .‬العمل الجماعي والمؤسسي أكثر وسطية من العمل الفردي؛ إذ‬
‫هو يجمع بين كافة الطاقات والقدرات‪ ،‬التي تتفاوت في اتجاهاتها وآرائها‬
‫الفكرية مما يسهم في اتجاه الرأي نحو التوسط غالبًا‪ ،‬أما العمل الفردي فهو‬
‫نتاج رأي فرد وتوجه فرد‪ ،‬وحين يتوسط في أمر يتطرف في آخر‪-5 .‬‬
‫الستفادة من كافة الطاقات والقدرات البشرية المتاحة‪ ،‬فهي في العمل‬
‫الفردي مجرد أدوات للتنفيذ‪ ،‬تنتظر الشارة والرأي المحدد من فلن‪ ،‬أما في‬
‫العمل المؤسسي فهي طاقات تعمل وتبتكر وتسهم في صنع القرار‪-6 .‬‬
‫العمل الجماعي والمؤسسي هو العمل الذي يتناسب مع تحديات الواقع‬
‫اليوم؛ فالعداء الذين يواجهون الدين يواجهونه من خلل عمل مؤسسي‬
‫منظم‪ ،‬تدعمه مراكز أبحاث وجهات اتخاذ قرار متقدمة‪ ،‬فهل يمكن أن يواجه‬

‫‪139‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫هذا الكيد بجهود فردية؟ ومن الوسائل المعينة على بناء الروح الجماعية‪-1 :‬‬
‫تنظيم العمال الجماعية‪ ،‬كإعداد بحث أو تقديم ورقة عمل من طالبين فأكثر‪،‬‬
‫أو القيام بمهام دعوية بصورة مشتركة‪ .‬وهذه الوسيلة لها أهميتها؛ إذ هي‬
‫تغرس لديهم هذه المعاني وتعلمهم إياها بالممارسة‪ -2 .‬التعويد على لغة‬
‫الحوار وإدارة النقاش‪ ،‬فالعمل الجماعي لبد فيه من اختلف الراء ووجهات‬
‫النظر‪ ،‬وهذا يحتاج إلى قدرة في التعامل مع الرأي المخالف‪ ،‬وتقريب وجهات‬
‫النظر‪ ،‬وهي مهارة ل يمكن أن تكتسب بدون تدريب وممارسة‪ ،‬ويعني ذلك‬
‫أن يراعى هذا الجانب في البرامج الثقافية المقدمة للطلب‪ ،‬بحيث تشتمل‬
‫على ما يثير الحوار والنقاش ليعتادوا عليه‪ -3 .‬إحياء مفهوم الستشارة‬
‫ود الشاب على التنازل عن رأيه‪ ،‬والتخلي‬ ‫والستنارة بآراء الخرين‪ ،‬فذلك يع ّ‬
‫عن التعصب له‪ -4 .‬العتدال عند نقد الخرين من الدعاة‪ ،‬أو عند نقد‬
‫المشروعات والفكار الدعوية‪ ،‬فشعور الشاب بخطأ أعمال الخرين أو‬
‫جهودهم‪ ،‬أو اختلفه معهم مما يعوقه عن مشاركتهم والعمل معهم بروح‬
‫جماعية) ‪ - 9 .(32‬التربية على الهتمام بأحوال المسلمين‪ :‬الهتمام بأحوال‬
‫المسلمين أمر له أهميته‪ ،‬وقد ربط النبي صلى الله عليه وسلم هذا المر‬
‫باليمان‪ ،‬وأخبر أنه من صفات المؤمنين فقال‪" :‬ترى المؤمنين في تراحمهم‬
‫وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد‪ ،‬إذا اشتكى عضوا ً تداعى له سائر جسده‬
‫بالسهر والحمى" ) ‪ .(33‬وفي رواية "المسلمون كرجل واحد‪ ،‬إن اشتكى‬
‫عينه اشتكى كله‪ ،‬وإن اشتكى رأسه اشتكى كله" ) ‪ .(34‬وقنت صلى الله‬
‫عليه وسلم لبعض المستضعفين من أصحابه‪ ،‬فعن أبي هريرة ‪-‬رضي الله‬
‫عنه‪ -‬قال‪ :‬بينا النبي صلى الله عليه وسلم يصلي العشاء إذ قال‪ :‬سمع الله‬
‫لمن حمده‪ ،‬ثم قال قبل أن يسجد‪" :‬اللهم نج عياش بن أبي ربيعة‪ ،‬اللهم نج‬
‫سلمة بن هشام‪ ،‬اللهم نج الوليد بن الوليد‪ ،‬اللهم نج المستضعفين من‬
‫المؤمنين‪ ،‬اللهم اشدد وطأتك على مضر‪ ،‬اللهم اجعلها سنين كسني يوسف"‬
‫) ‪ .(35‬وحين أصيب طائفة من أصحابه صلى الله عليه وسلم حزن عليهم‬
‫وقنت يدعو على أعدائهم فعن أنس‪-‬رضي الله عنه‪ -‬أن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم قنت شهرا ً بعد الركوع يدعو على أحياء من بني سليم‪ ،‬قال‪ :‬بعث‬
‫أربعين أو سبعين ‪-‬يشك فيه‪ -‬من القراء إلى أناس من المشركين فعرض لهم‬
‫د‪ ،‬فما رأيته‬‫هؤلء فقتلوهم‪ ،‬وكان بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم عه ٌ‬
‫وجد على أحد ما وجد عليهم) ‪ .(36‬وكان صلى الله عليه وسلم أيضا ً يهتم بما‬
‫يصيبهم من البأس والشدة والفقر‪ ،‬كما سيأتي عند الحديث عن الوسائل‪.‬‬
‫ويمكن أن يتم ذلك من خلل أمور عدة منها‪ - 1 :‬الهتمام بأخبار المسلمين‪،‬‬
‫وعرضها أمام الناشئة‪ ،‬وتعريفهم بأحوالهم‪ ،‬وما يحصل لهم من ضراء وسراء‪،‬‬
‫ولشك أن لذلك أثره الكبير في معرفتهم بهم ابتداًء‪ ،‬وفي التفاعل مع‬
‫قضاياهم‪ ،‬وينبغي أن يتبع المربي ذلك بيان الواجب والمهمة التي يمكن أن‬
‫يؤديها المخاطب‪ .‬وهاهو صلى الله عليه وسلم يخبر أصحابه بما علمه وجهلوه‬
‫من أخبار إخوانهم‪ ،‬عن أنس ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬أن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫نعى زيدا ً وجعفر وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم فقال‪" :‬أخذ الراية‬
‫زيد فأصيب‪ ،‬ثم أخذ جعفر فأصيب‪ ،‬ثم أخذ ابن رواحة فأصيب ‪-‬وعيناه‬
‫تذرفان‪ -‬حتى أخذ سيف من سيوف الله حتى فتح الله عليهم" ) ‪ .(37‬ولعل‬
‫ما تقوم به المنظمات السلمية اليوم من لقاءات وندوات للتعريف بهموم‬
‫المسلمين وقضاياهم مما يسهم في تربية الجيل على الهتمام بأحوال‬
‫إخوانهم المسلمين‪ - 2 .‬التبرع لهم ودعوة الناس لذلك حين تصيبهم فاقة أو‬
‫حاجة‪ ،‬ولنا أسوة في النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فعن المنذر بن جرير عن‬

‫‪140‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أبيه قال‪ :‬كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر النهار‪ ،‬قال‪:‬‬
‫فجاءه قوم حفاة عراة مجتابي النمار أو العباء متقلدي السيوف عامتهم من‬
‫معر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما‬ ‫مضر ‪-‬بل كلهم من مضر‪ -‬فت ّ‬
‫رأى بهم من‬

‫)‪(45 /‬‬

‫الفاقة‪ ،‬فدخل ثم خرج‪ ،‬فأمر بلل ً فأذن وأقام فصلى ثم خطب فقال‪َ{" :‬يا‬
‫خل َ َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫ن الل َ‬ ‫حد َةٍ } إلى آخر الية {إ ِ ّ‬ ‫س َوا ِ‬ ‫ٍ‬ ‫من ن ّ ْ‬
‫ف‬ ‫كم ّ‬ ‫ق ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫م ال ّ ِ‬ ‫قوا ْ َرب ّك ُ ُ‬ ‫س ات ّ ُ‬ ‫أي َّها الّنا ُ‬
‫َ‬
‫قوا الل ّ َ‬
‫ه‬ ‫مُنوا ات ّ ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫م َرقِي ًََبا} والية التي في الحشر {َيا أي َّها ال ّ ِ‬ ‫ن عَل َي ْك ُ ْ‬ ‫كا َ‬ ‫َ‬
‫ل من ديناره‪ ،‬من درهمه‪ ،‬من ثوبه‪،‬‬ ‫د} تصدق رج ٌ‬ ‫ت ل ِغَ ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ما قَد ّ َ‬ ‫س ّ‬ ‫ف ٌ‬ ‫ُ‬
‫وَلَتنظْر ن َ ْ‬ ‫ْ‬
‫من صاع بره‪ ،‬من صاع تمره" حتى قال‪" :‬ولو بشق تمرة" قال‪ :‬فجاء رجل‬
‫من النصار بصرة كادت كفه تعجز عنها بل قد عجزت‪ ،‬قال‪ :‬ثم تتابع الناس‬
‫حتى رأيت كومين من طعام وثياب‪ ،‬حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم يتهلل كأنه مذهبة‪ ،‬فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪":‬من‬
‫ن في السلم سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن‬ ‫س ّ‬
‫ن في السلم سنة سيئة كان عليه وزرها‬ ‫ينقص من أجورهم شيء‪ ،‬ومن س ّ‬
‫ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء" ) ‪.(38‬‬
‫وعن عائشة ‪-‬رضي الله عنها‪ -‬قالت‪ :‬دف أهل أبيات من أهل البادية حضرة‬
‫الضحى زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪":‬ادخروا ثلثا ً ثم تصدقوا بما بقي" فلما كان بعد ذلك قالوا‪ :‬يا‬
‫رسول الله‪ ،‬إن الناس يتخذون السقية من ضحاياهم ويجملون منها الودك‪،‬‬
‫فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪":‬وما ذاك؟ " قالوا‪ :‬نهيت أن تؤكل‬
‫لحوم الضحايا بعد ثلث‪ ،‬فقال‪" :‬إنما نهيتكم من أجل الدافة التي دفت؛ فكلوا‬
‫وادخروا وتصدقوا" ) ‪ - 3 .(39‬الدعاء والقنوت لهم‪ ،‬ودعوة الناس لذلك‪،‬‬
‫وفي قنوته صلى الله عليه وسلم للمستضعفين‪ ،‬وعلى من قتلوا القراء دليل‬
‫ن‬‫على ذلك‪ - 4 .‬الدعوة لنصرهم والوقوف معهم كما قال تعالى‪ {:‬وَإ ِ ِ‬
‫صر} )النفال‪ - 5 .(72 :‬إنشاء صندوق في‬ ‫م الن ّ ْ‬ ‫ن فَعَل َي ْك ُ ُ‬ ‫دي ِ‬ ‫م ِفي ال ّ‬ ‫صُروك ُ ْ‬ ‫ست َن ْ َ‬‫ا ْ‬
‫المدرسة أو المنزل‪ ،‬أو التجمعات العائلية‪ ،‬يدفع فيه المشارك مساهمة‬
‫شهرية ولو محدودة‪ ،‬تنفق في مصالح المسلمين العامة) ‪ (40‬وإعطاء تقرير‬
‫م المشاركين فيه ويعليها‪- 10 .‬‬ ‫سنوي عن منجزات الصندوق مما يزيد هم َ‬
‫غرس الشعور بشرف النتماء للمة السلمية‪ :‬من نعمة الله تبارك وتعالى‬
‫على المسلمين أن جعلهم أمة واحدة‪ ،‬وامتن عليهم عز وجل بأن نقلهم من‬
‫ت الل ّ ِ‬
‫ه‬ ‫م َ‬ ‫حال الفرقة والصراع إلى حال الجتماع والئتلف‪ ،‬فقال { َواذ ْك ُُروا ن ِعْ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫عَل َيك ُم إذ ْ ك ُنت َ‬
‫} )آل عمران‪:‬‬ ‫وانا ً‬ ‫خ َ‬‫مت ِهِ إ ِ ْ‬‫م ب ِن ِعْ َ‬‫حت ُ ْ‬‫صب َ ْ‬‫م فَأ ْ‬ ‫ن قُُلوب ِك ُ ْ‬ ‫ف ب َي ْ َ‬ ‫داًء فَأل ّ َ‬ ‫م أعْ َ‬ ‫ُْ ْ‬ ‫ْ ْ ِ‬
‫‪ .(103‬وهذه الخوة ل تقف عند حدود هذه المة وحدهاـ فبعد أن ساق الله‬
‫حد َة ً } )النبياء‪:‬‬ ‫ة َوا ِ‬ ‫م ً‬ ‫{ن هَذه أ ُمتك ُ ُ‬
‫مأ ّ‬ ‫ب على ذلك بقوله‪ْ ُ ّ ِ ِ ّ ِ :‬‬ ‫ق َ‬ ‫أخبار النبياء ع ّ‬
‫‪ (92‬فهي أخوة تجتاز حاجز الزمن لتربط جميع المؤمنين بالله برباط واحد‪.‬‬
‫ومن الوسائل التي تعين على تحقيق هذا الهدف‪ -1 :‬تجلية مفهوم الولء‬
‫والبراء‪ ،‬وأن المسلمين إخوة وأمة واحدة يسعى بذمتهم أدناهم‪ ،‬وأن قضية‬
‫الولء والبراء ترتبط بالعقيدة‪ ،‬وليست مجرد أدب من آداب السلوك‪-2 .‬‬
‫دراسة التاريخ السلمي والعتناء به‪ ،‬ودراسة سير النبياء والسابقين من‬
‫المؤمنين؛ فذلك يقوي الشعور بوحدة النتماء للمة بمفهومها الواسع الذي‬
‫يتجاوز حدود الزمان والمكان‪ -3 .‬التخلي عن النعرات الوطنية والقومية‬

‫‪141‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الضيقة‪ ،‬فهذا من أعظم ما يضعف الخوة اليمانية‪ ،‬ولهذا حكى تبارك وتعالى‬
‫م})الحزاب‪" (13:‬فنادوهم‬ ‫م ل َك ُ ْ‬
‫قا َ‬
‫م َ‬
‫بل ُ‬ ‫عن المنافقين قولهم‪َ{ :‬يا أ َهْ َ‬
‫ل ي َث ْرِ َ‬
‫باسم الوطن المنبئ عن التسمية فيه‪ ،‬إشارة إلى أن الدين والخوة اليمانية‬
‫ليس لهما في قلوبهم قدر" ) ‪ * * * .(41‬الحاشية ) ‪ (1‬أصول التربية‬
‫السلمية‪ .‬أمين أبو لوي‪ (2 ) .(63) .‬رواه الترمذي )‪ (1990‬وأحمد )‬
‫‪ (3 ) .(8276‬رواه البخاري )‪ (4 ) .(5190‬إحياء علوم الدين ‪(5 ) .3/73‬‬
‫رواه مسلم )‪ (6 ) .(2312‬انظر في موضوع الترويح‪ :‬الترويح التربوي‪ .‬لخالد‬
‫العودة‪ (7 ) .‬المراهقون ص )‪ (8 ) .(62‬سبيل الدعوة السلمية‪ .‬محمد أمين‬
‫المصري ص ‪ (9 ) .56‬انظر في ذلك‪ :‬المراهقون ص )‪(10 ) .(116-112‬‬
‫انظر في ذلك‪ :‬المراهقون والمنهج النبوي في دعوة الشباب‪(11 ) .‬رواه‬
‫البخاري )‪(12 ) .(1471‬رواه البخاري )‪ (1480‬ومسلم )‪ (13 ) .(1042‬رواه‬
‫الترمذي )‪ (2325‬وأحمد )‪ (14 ) .(17750‬رواه البخاري )‪(15 ) .(2262‬‬
‫فرق بين هذا المر وبين ما يسلكه بعض من يصفهم الناس بالتعقيد‪ ،‬وهذا‬
‫الصنف يبدو في بعض المديرين الذين يصرون على مستوى من المثالية‪،‬‬
‫ويضخمون الشكليات‪ ،‬فكتابة خطاب عادي ربما تطلبت منهم التعديل مرات‬
‫عدة‪ ،‬وهذا السلوك يجب أن يحذره المربي‪ ،‬فهو إن تقبله المتربون خّرج جيل ً‬
‫يعنى بالشكليات‪ ،‬وإن لم يتقبلوه صار اتجاههم نحو المربي سلبيًا‪ (16 ) .‬رواه‬
‫مسلم )‪ (17 ) .(832‬من الساليب الخاطئة ما يمارسه بعض المربين مع‬
‫طلبهم ‪ -‬نتيجة الحرص على مشاركتهم في بعض البرامج ‪ -‬دعوته لهمال‬
‫شأن والديه‪ ،‬وعدم قبول اعتذاره المتعلق برعايتهما أو استئذانهما‪ ،‬وكأن هذا‬

‫)‪(46 /‬‬

‫البرنامج تتوقف عليه نصرة الدين ورفعة رايته‪ ،‬والقاعد عنه من المخلفين‬
‫المتثاقلين للرض‪ (18 ) .‬رواه البخاري )‪ (3004‬ومسلم )‪(19 ) .(2549‬‬
‫السس النفسية والجتماعية لرعاية الشباب‪ .‬عمر التومي الشيباني‪(20 ) .‬‬
‫مع مراعاة الحذر من الندماج في المجتمعات المنحرفة والسيئة‪ (21 ) .‬رواه‬
‫البخاري )‪ (22 ) .(2686‬دور السرة في تربية أولدها في مرحلة البلوغ‪ .‬عبد‬
‫الرحمن الغامدي‪ .‬ص ‪ (23 ) .367‬انظر‪ :‬التربية الروحية والجتماعية في‬
‫السلم‪ .‬أكرم العمري‪ (24 ) .‬رواه البخاري )‪ (2989‬ومسلم )‪) .(1009‬‬
‫‪ (25‬رواه البخاري )‪ (1240‬ومسلم )‪ (26 ) .(2161‬رواه البخاري )‪(2320‬‬
‫ومسلم )‪ (27 ) .(1553‬رواه ابن ماجه )‪ (28 ) .(237‬رواه أحمد )‪.(22588‬‬
‫) ‪ (29‬بعض المجتمعات المحافظة يسود فيها لون من الثناء المبالغ فيه‪،‬‬
‫وتحقير الخرين‪ ،‬وكأنهم وحدهم المؤهلون لفهم الدين والتحدث باسمه‪) .‬‬
‫‪ (30‬السس النفسية والجتماعية لرعاية الشباب‪ .‬عمر التومي الشيباني‪) .‬‬
‫‪ (31‬رواه الترمذي )‪ (32 ) .(2166‬أتمنى أن نصل إلى مستوى أن ننتقد‬
‫الفكار والمواقف بحرية‪ ،‬ثم نفصل بينها وبين الشخاص‪ .‬ول تزال كثير من‬
‫موضوعات الخلف بين السلميين مما يقبل الرأي والرأي الخر‪ ،‬وأتمنى أن‬
‫يسعى المربون إلى تخليص الجيل الجديد من الروح المتشنجة في التعامل‬
‫مع المخالفين لهم في الرأي‪ (33 ) .‬رواه البخاري )‪ (6011‬ومسلم )‪.(2586‬‬
‫) ‪ (34‬رواه مسلم )‪ (35 ) .(2586‬رواه البخاري )‪ (4598‬ومسلم )‪) .(675‬‬
‫‪ (36‬رواه البخاري )‪ (3170‬ومسلم )‪ (37 ) .(677‬رواه البخاري )‪) .(3757‬‬
‫‪ (38‬رواه مسلم )‪ (39 ) .(1017‬رواه مسلم )‪ (1971‬وأصله في البخاري‪) .‬‬

‫‪142‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ (40‬انظر‪ :‬مهمات المناهج الدراسية في بناء المجتمع المسلم‪ .‬محمود‬


‫شوق‪ .‬ص ‪ (41 ) .35‬تفسير السعدي ص ‪.608‬‬

‫)‪(47 /‬‬

‫الفصل الثامن‪ :‬الجانب النفسي يرتبط الجانب النفسي بسائر جوانب النسان‬
‫ارتباطا ً واضحًا‪ ،‬ويترك أثره عليها‪.‬فالنفعالت اليجابية مثل ً " تنشط عمل‬
‫القلب والتنفس‪ ،‬وعمل الجهاز الهضمي وجهاز المناعة‪ .‬والنسان المل‬
‫الفرح أكثر قدرة على المبادرة والبتكار وسرعة البديهة عند القيام بالعمليات‬
‫العقلية أو العلمية‪ ،‬ويسهل عليه التفكير والتغلب على الصعوبات التي تعترض‬
‫طريقه…أما النفعالت السلبية كالخوف والغيرة والحزن والحسد والغم‬
‫والخيبة‪ ،‬فتؤثر بصورة سلبية على جسم ونفس النسان‪ ،‬فعمل أجهزة‬
‫الجسم وأنسجته تتأثر بالنفعال السلبي وتؤثر سلبيا ً على صحة النسان؛‬
‫فتؤدي الكآبة والحزن والغم إلى إضعاف نشاط القلب وتسارع النبض في‬
‫حال ضعف امتلء الوعية بالدم‪ ،‬وإلى التنفس السطحي البطيء‪ ،‬وإلى‬
‫اضطراب هضم الطعام وجهاز المناعة والغدد‪ .‬أما عن الحالة النفسية‪ ،‬ففي‬
‫حال الكآبة والحزن يغدو النسان بعيدا ً عن الدقة غير مطابق للواقع‪ ،‬مما‬
‫يوقع النسان تحت تأثير مختلف أنواع الخداع والوهام‪ ،‬وتنخفض الحساسية‬
‫انخفاضا ً شديدًا‪ ،‬ويغدو التفكير ضعيفا ً وذاتيًا‪ ،‬وقد يبدو أن إرادة النسان تصبح‬
‫أقوى في حالة الغضب أو الخوف الشديد غير أن الواقع ليس كذلك‪،‬‬
‫فالقرارات المتخذة في حال النفعال تكون غالبا ً متسرعة وبدون تفكير" )‬
‫‪ .(1‬ويكفي في أهمية الصحة النفسية وبيان أثرها على النسان كثرة استعاذة‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم من الحزن والهم‪ ،‬عن أنس بن مالك قال‪ :‬كان‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم يقول‪" :‬اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن‪،‬‬
‫والعجز والكسل‪ ،‬والجبن والبخل‪ ،‬وضلع الدين وغلبة الرجال" )‪ .( 2‬ولقد كان‬
‫من نتاج الحضارة المعاصرة أن زادت مشكلت الناس النفسية وصعوباتهم‪،‬‬
‫ونكتفي بهذا الشاهد من كلم أحد المختصين‪ ،‬حيث يقول‪" .‬إن مقدار انتشار‬
‫حالت الضطرابات النفسية والهتمام بها في العالم يمكن أن يظهر أمامنا‬
‫في مثال نأخذه من الوليات المتحدة‪ ،‬يذكر مؤلف كتاب‪" :‬أنماط السلوك‬
‫الشاذ" أن حوالي ‪ %50‬من المرضى الذين تستقبلهم المستشفيات يعانون‬
‫من أحد الضطرابات النفسية ذات الدللة‪ ،‬أو أنهم بكلمة أخرى يعانون من‬
‫أمراض عاطفية حادة‪ ،‬كان هذا هو الحال قبل ربع قرن من الزمن") ‪.(3‬‬
‫فكيف به الن؟ وهذا مما يؤكد على أهمية العتناء بالجانب النفسي في تربية‬
‫الشباب‪ .‬الهدف العام ‪ :‬تحقيق الستقرار النفسي والصحة النفسية‪ .‬وهذا‬
‫يعني أن يكون الشاب متمتعا ً بالصحة النفسية‪ ،‬سالما ً من المشكلت‬
‫والمراض النفسية‪ .‬ومن الجوانب التي تؤكد على أهمية العتناء بالصحة‬
‫النفسية للشاب ما يأتي‪ -1 :‬أنها تزيد من قدرة الشاب على فهم نفسه‬
‫وإمكاناته‪ ،‬فل يتعداها‪ ،‬وعلى تحديد طموحاته وآماله في ضوء إمكاناته‪ ،‬وعلى‬
‫تقبل التغيرات التي تطرأ‪ -2 .‬أنها تساعد على بناء اتجاهات نفسية سليمة‬
‫نحو نفسه ونحو الناس والحياة‪ ،‬وتبعد شبح اليأس والقنوط‪ -3 .‬أنها تزيد من‬
‫قدرته على عقد صلت ناجحة وعلقات طيبة‪ -4 .‬أنها تزيد من قدرته على‬
‫الثبات والجلد حيال الزمات والشدائد والمشكلت ) ‪ -5 .(4‬تزداد أهمية هذا‬
‫الجانب في حق من يتصدون للدعوة والتغيير في المجتمعات‪ ،‬فما لم يكونوا‬
‫يملكون قدرا ً من الستقرار والصحة النفسية فلن يكونوا مؤهلين للتعامل مع‬

‫‪143‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الناس بشكل صحيح‪ ،‬فضل ً عن قيادتهم وتوجيههم‪ .‬ول يعني الحديث عن‬
‫أهمية العتناء بالجانب النفسي تحويل المحاضن التربوية إلى دور رعاية‬
‫نفسية‪ ،‬أو أن يعيش المربي في هاجس وأوهام في مراعاته لحوال من‬
‫يربيهم‪ ،‬بل أن يولي هذا الجانب الهتمام اللئق به دون إفراط أو تفريط‪.‬‬
‫ومن المور التي تعين على تحقيق الستقرار النفسي والصحة النفسية‪،‬‬
‫وُتجنب الشاب المشكلت النفسية ما يلي‪ -1 :‬تعريف الشاب بنفسه والهدف‬
‫الذي وجد من أجله‪ ،‬وطبيعة المرحلة التي يمّر بها‪ ،‬وما وهبه الله من قدرات‬
‫جسمية وعقلية ونفسية‪ ،‬والسباب المعينة على تسخيرها فيما فيه سعادة‬
‫الدنيا )الستقرار النفسي( والفلح في الخرة‪ -2 .‬تعليق الشباب بالدار‬
‫الخرة‪ ،‬وأنها المتاع الحقيقي‪ ،‬والحياة الباقية‪ ،‬وحين تعلو قيمة الدار الخرة‬
‫في النفوس تولد التطلع إلى معالي المور والستهانة بالمصائب والمحن‬
‫التي تواجه النسان‪ ،‬ويشعر أنه سينساها حين يضع أول قدمه في الجنة‬
‫‪-‬جعلنا الله من أهلها‪ -‬عن أنس بن مالك ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬قال‪ :‬قال رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم‪" :‬يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة‬
‫فيصبغ في النار صبغة‪ ،‬ثم يقال‪ :‬يا ابن آدم‪ ،‬هل رأيت خيرا ً قط؟ هل مّر بك‬
‫نعيم قط؟ فيقول‪ :‬ل والله يا رب‪ ،‬ويؤتى بأشد الناس بؤسا ً في الدنيا من أهل‬
‫الجنة‪ ،‬فيصبغ صبغة في الجنة فيقال له‪ :‬يا ابن آدم‪ ،‬هل رأيت بؤسا ً قط؟ هل‬
‫مّر بك شدة قط؟ فيقول‪ :‬ل والله يا رب‪ ،‬ما مر بي بؤس قط ول رأيت شدة‬
‫قط") ‪ .(5‬عن أنس بن مالك ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬قال قال رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪":‬من كانت الخرة همه جعل الله غناه في قلبه‪ ،‬وجمع له شمله‪،‬‬
‫وأتته الدنيا وهي راغمة‪،‬‬

‫)‪(48 /‬‬

‫ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه‪ ،‬وفرق عليه شمله‪ ،‬ولم يأته‬
‫من الدنيا إل ما قدر له") ‪ -3 .(6‬إعطاء الدنيا منزلتها اللئقة بها‪ ،‬وقد كان‬
‫ذر أصحابه من الدنيا‪ ،‬ويبين لهم هوانها‬ ‫صلى الله عليه وسلم يعنى بذلك؛ فُيح ّ‬
‫على الله؛ فعن جابر بن عبد الله ‪-‬رضي الله عنهما‪ -‬أن رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم مر بالسوق داخل ً من بعض العالية والناس كنفته فمر بجدي أسك‬
‫ميت فتناوله فأخذ بأذنه‪ ،‬ثم قال‪" :‬أيكم يحب أن هذا له بدرهم؟ " فقالوا‪ :‬ما‬
‫نحب أنه لنا بشيء‪ ،‬وما نصنع به قال‪" :‬أتحبون أنه لكم؟ " قالوا‪:‬والله لو كان‬
‫حيا ً كان عيبا ً فيه لنه أسك فكيف وهو ميت‪ ،‬فقال‪" :‬فو الله للدنيا أهون على‬
‫متع‬
‫الله من هذا عليكم" )‪ .( 7‬إن ترك المربي السهاب في الحديث عن ُ‬
‫الدنيا وزخرفها‪ ،‬وتعليقه العاجل حين يأتي ذكر شيء من ذلك‪ ،‬والعتناء‬
‫بدراسة حقيقة الدنيا ووصفها في القرآن والسنة‪ ،‬إن ذلك كله يسهم في‬
‫تهوين شأن الدنيا لدى الناشئة‪ ،‬والذي تهون لديه الدنيا ل يقلق على ما يريده‬
‫من متاعها‪ ،‬ول يحزن على ما يفوته منها‪ -4 .‬تلمس المربي لحاجات من‬
‫يربيهم ومشكلتهم‪ ،‬والسعي لمعاونتهم في حلها‪ ،‬ويكفيهم في أحيان كثيرة‬
‫شعورهم بأن هناك من يشاركهم همومهم ويشاطرهم أحزانهم‪ ،‬مع الحذر من‬
‫الفراط في مراعاة ذلك لدى الشاب؛ لنه يزيد من شعوره بالمشكلة‪-5 .‬‬
‫تنظيم برامج الترفيه والترويح للشباب والناشئة‪ ،‬مع مراعاة العتدال في‬
‫ذلك‪ ،‬وقد سبق الحديث عن الترويح بالتفصيل في الجانب الجتماعي‪ .‬وسائل‬
‫عامة في البناء النفسي‪ - 1 :‬العدل في التعامل‪ :‬العدل خلق شرعي عظيم‪،‬‬
‫وعليه قامت السموات والرض‪ ،‬وهو سمة للمسلم الصادق في حياته كلها‪،‬‬

‫‪144‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ويتأكد المر عند تعامل الوالد مع أولده‪ ،‬أو المعلم مع تلمذته‪ ،‬وجاءت السنة‬
‫النبوية مؤكدة وجوب العدل بين الولد‪ ،‬عن عامر قال‪ :‬سمعت النعمان بن‬
‫بشير ‪ -‬رضي الله عنهما‪ -‬وهو على المنبر يقول‪ :‬أعطاني أبي عطية فقالت‬
‫عمرة بنت رواحة‪ :‬ل أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال‪ :‬إني أعطيت ابني من عمرة‬
‫بنت رواحة عطية‪ ،‬فأمرتني أن أشهدك يا رسول الله‪،‬قال‪":‬أعطيت سائر‬
‫ولدك مثل هذا؟" قال‪ :‬ل‪ ،‬قال‪":‬فاتقوا الله واعدلوا بين أولدكم" قال‪ :‬فرجع‬
‫فرد ّ عطيته)‪ .( 8‬وما ذلك إل لن الخلل به ينشأ عنه مفاسد عدة من إيغار‬
‫الصدور وإثارة البغضاء‪ ،‬بل هو مؤد إلى تكريس الحقاد‪ ،‬وقد يصل الحال لدى‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف وَأ َ ُ‬
‫ب إ َِلى أِبيَنا ِ‬
‫مّنا‬ ‫ح ّ‬‫خوه ُ أ َ‬ ‫س ُ‬ ‫بعضهم كما فعل إخوة يوسف حين قالوا { ل َُيو ُ‬
‫ةإ َ‬
‫ن} )يوسف‪ .(8:‬وحين ينشأ الشاب في‬ ‫مِبي ٍ‬
‫ل ُ‬
‫ضل ٍ‬ ‫ن أَباَنا ل َ ِ‬
‫في َ‬ ‫صب َ ٌ ِ ّ‬
‫ن عُ ْ‬‫ح ُ‬
‫وَن َ ْ‬
‫ضل على‬ ‫ً‬ ‫مف ّ‬ ‫بيئة ل تلتزم بالعدل فسوف يترك ذلك أثره عليه‪ ،‬سواء أكان ُ‬
‫ضل غيره عليه‪ .‬وينشأ الخلل بالعدل في المحاضن التربوية في‬ ‫غيره‪ ،‬أم فُ ّ‬
‫حالت كثيرة؛ فيبدو من المربي اهتمام زائد ببعض الشباب لنه يتوقع منهم‬
‫أكثر من غيرهم‪ .‬ومما ينبغي أن يراعيه المربي هنا‪ :‬أن العتبارات التي يراها‬
‫مسوغة لتفضيل بعض أولده أو تلمذته على بعض قد ل تكون مقنعة لديهم‪،‬‬
‫ومن ثم فل بد أن يربط تمييز أحدهم ‪-‬إن كان في تمييزه مصلحة ظاهرة ‪-‬‬
‫بأمور موضوعية مدركة للجميع‪ - 2 .‬الهتمام ومراعاة المشاعر‪ :‬الهتمام‬
‫بالخرين يترك أثره البارز في نفوسهم‪ ،‬وهو دليل على حسن خلق صاحبه‬
‫وتواضعه‪ ،‬لذا فل غرو أن يكون للنبي صلى الله عليه وسلم من ذلك النصيب‬
‫الوفى‪ ،‬عن عثمان ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬قال‪ :‬إنا والله قد صحبنا رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم في السفر والحضر‪ ،‬وكان يعود مرضانا‪ ،‬ويتبع جنائزنا‪،‬‬
‫ويغزو معنا‪ ،‬ويواسينا بالقليل والكثير‪ ،‬وإن أناسا ً يعلموني به‪ ،‬عسى أن ل‬
‫دهم رآه قط‪ (9 ).‬ومن اهتمامه صلى الله عليه وسلم البالغ بأصحابه‬ ‫يكون أح ُ‬
‫مراعاة مشاعرهم‪ ،‬ومن ذلك‪ :‬أن الصعب بن جثامة الليثي أهدى لرسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم حمارا ً وحشيا ً وهو بالبواء أو بودان فرّده عليه‪ ،‬فلما‬
‫حُرم" ) ‪ .(10‬وذكر الشواهد‬ ‫رأى ما في وجهه قال‪" :‬إنا لم نرده عليك إل أنا ُ‬
‫من سيرة النبي صلى الله عليه وسلم يضيق عنه هذا المقام‪ ،‬فسيرته مليئة‬
‫بالشواهد على كمال خلقه صلى الله عليه وسلم‪ .‬ومن صور اهتمام المربي‬
‫ومجالته‪ :‬سؤال الشاب عن أخباره وتفقد أحواله‪ ،‬والمحافظة على الموعد‬
‫الذي يعطى له؛ أو الوقت الذي يصرف من أجله‪ ،‬والستماع والنصات له‪،‬‬
‫وإجابة تساؤلته بعناية‪ .‬وكما أن الهمال يترك أثره السلبي على الشاب‪،‬‬
‫فالفراط في الهتمام به يترك أثرا ً من نوع آخر‪ ،‬فلبد من العتدال في ذلك‪.‬‬
‫‪ - 3‬العتدال في رعاية الشاب‪ :‬العتدال سنة الله تبارك وتعالى في خلقه؛‬
‫فالخلق قائم على أساس العتدال والتوازن‪ ،‬كما أنه سنة له في شرعه‪،‬‬
‫فالشرع جاء بالعتدال وهو وسط بين نقيصتين‪ .‬ومن ثم فالتربية التي تخرج‬
‫عن حد العتدال تخالف طبيعة الكائن البشري وما جبله الله عليه‪ ،‬وتخالف‬
‫المنهج الشرعي القائم على العتدال والوسطية‪ .‬وللخروج عن العتدال في‬

‫)‪(49 /‬‬

‫التربية صور عدة تترك أثرها السلبي في البناء النفسي‪ ،‬منها‪ :‬الصورة‬
‫الولى‪ :‬الجحاف على النفس والمشقة عليها‪ ،‬وإهمال بعض الحاجات‬
‫والجوانب النفسية‪ ،‬وهو موقف يتعرض له الشاب المقبل على الله كثيرا؛ً‬

‫‪145‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فالشاب يتميز بالحماسة والندفاع‪ ،‬فهو حين يدرك فضائل العمال الصالحة‪،‬‬
‫أو يتوب بعد صبوة قد يشق على نفسه‪ ،‬ويبالغ في العبادة‪ ،‬ويهمل رعاية‬
‫سائر مطالب النفس‪ ،‬ومن ثم فعلى المربي أول ً أن يعتدل في حديثه مع‬
‫الشاب ودفعه للعمل الصالح حتى ل يؤدي به ذلك إلى الخروج عن العتدال‪.‬‬
‫وعليه ثانيًا‪ :‬أن يوجه الشاب حين يرى منه مبالغة وخروجا ً عن المنهج‬
‫الشرعي في ذلك‪ .‬وهو منهج اعتنى به النبي صلى الله عليه وسلم فقد كان‬
‫جه أصحابه إلى العتدال وينهاهم عن المشقة على النفس؛ عن أبي هريرة‬ ‫يو ّ‬
‫‪ -‬رضي الله عنه‪ -‬قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪" :‬لن ينجي‬
‫أحدا ً منكم عمُله" قالوا‪:‬ول أنت يا رسول الله؟ قال‪" :‬ول أنا‪ ،‬إل أن يتغمدني‬
‫الله برحمة‪ ،‬سددوا‪ ،‬وقاربوا‪ ،‬واغدوا‪ ،‬وروحوا‪ ،‬وشيء من الدلجة‪ ،‬والقصد‬
‫القصد تبلغوا" ) ‪ .(11‬وحين رأى من أحد الشباب جنوحا ً إلى التشديد والغلو‪،‬‬
‫دعاه وأخبره بما ينبغي عليه فعله‪ ،‬عن عائشة ‪ -‬رضي الله عنها ‪ -‬أن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم بعث إلى عثمان بن مظعون فجاءه‪ ،‬فقال‪" :‬يا عثمان‪،‬‬
‫أرغبت عن سنتي؟ " قال‪ :‬ل والله يا رسول الله‪ ،‬ولكن سنتك أطلب‪ .‬قال‪:‬‬
‫"فإني أنام وأصلي‪ ،‬وأصوم وأفطر‪ ،‬وأنكح النساء‪ ،‬فاتق الله يا عثمان؛ فإن‬
‫قًا‪ ،‬وإن لنفسك عليك حقا‪ ،‬فصم‬ ‫قًا‪ ،‬وإن لضيفك عليك ح ّ‬ ‫لهلك عليك ح ّ‬
‫ل ونم" ) ‪ .(12‬ومثله قصته صلى الله عليه وسلم مع عبد الله بن‬ ‫وأفطر‪ ،‬وص ّ‬
‫عمرو بن العاص ‪ -‬رضي الله عنهما ‪ -‬وهي مشهورة‪ .‬ولقد كان أصحاب النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم يعنون بأداء هذا الواجب تجاه إخوانهم؛ عن عون بن‬
‫أبي جحيفة عن أبيه قال‪ :‬آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي‬
‫الدرداء‪ ،‬فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة‪ ،‬فقال لها‪ :‬ما‬
‫شأنك؟ قالت‪ :‬أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا‪ ،‬فجاء أبو الدرداء‬
‫فصنع له طعامًا‪ ،‬فقال‪ :‬كل فإني صائم‪ .‬قال‪ :‬ما أنا بآكل حتى تأكل فأكل‪،‬‬
‫فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم‪ ،‬فقال‪ :‬نم فنام‪ ،‬ثم ذهب يقوم فقال‪:‬‬
‫نم‪ ،‬فلما كان آخر الليل قال سلمان‪ :‬قم الن‪ ،‬قال‪ :‬فصليا فقال له سلمان‪:‬‬
‫إن لربك عليك حقًا‪ ،‬ولنفسك عليك حقًا‪ ،‬ولهلك عليك حقا‪ ،‬فأعط كل ذي‬
‫حق حقه‪ .‬فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له‪ ،‬فقال النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم‪":‬صدق سلمان" )‪ .( 13‬الصورة الثانية‪ :‬القسوة في العقوبة‪:‬‬
‫إن العقوبة أسلوب تربوي‪ ،‬وهو أمر ل بد منه للمتربي‪ ،‬وقد دعا الشرع إلى‬
‫العقوبة حين يتطلب المر ذلك‪ ،‬ومن ذلك أمره تبارك وتعالى بعقوبة المرأة‬
‫ن ِفي‬ ‫جُروهُ ّ‬ ‫ن َواهْ ُ‬ ‫ظوهُ ّ‬ ‫ن فَعِ ُ‬ ‫شوَزهُ ّ‬ ‫خاُفو َ‬
‫ن نُ ُ‬ ‫التي يخاف منها النشوز { َوالل ِّتي ت َ َ‬
‫ن عَل ِي ّا ً‬ ‫ال ْمضاجع واضربوهُن فَإ َ‬
‫ه َ‬
‫كا َ‬ ‫ن الل ّ َ‬‫سِبيل ً إ ِ ّ‬
‫ن َ‬ ‫م َفل ت َب ُْغوا عَل َي ْهِ ّ‬ ‫ن أط َعْن َك ُ ْ‬
‫ّ ِ ْ‬ ‫َ َ ِ ِ َ ْ ُِ‬
‫ك َِبيرًا} )النساء‪ .(34:‬وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بضرب الولد على‬
‫الصلة حين يبلغون عشر سنين‪ .‬وحتى تؤتي العقوبة أثرها المراد منها دون‬
‫نتائج عكسية ل بد فيها من العتدال‪ ،‬فل تكون قاسية مبالغا ً فيها بل بقدر ما‬
‫يحقق المصلحة ويردع المعاقب‪ ،‬ول تكون مشعرة بالغضب والكراهية وحب‬
‫النتقام‪ ،‬كما ينبغي أل يكثر المربي من اللوم والتأنيب ويذكر صاحبه بذلك‪،‬‬
‫عن أبي هريرة ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬قال‪ :‬سمعت النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫يقول‪" :‬إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليجلدها الحد ول يثرب عليها‪ ،‬ثم إن‬
‫زنت فليجلدها الحد ول يثرب‪ ،‬ثم إن زنت الثالثة فتبين زناها فليبعها ولو بحبل‬
‫مة قد وقعت في ذنب عظيم وخطيئة‬ ‫َ‬
‫من شعر" ) ‪ .(14‬فمع أن هذه ال َ‬
‫كبيرة‪ ،‬إل أن إقامة الحد كانت كافية في زجرها فل ينبغي المبالغة والتثريب‬
‫عليها‪ .‬وقد طبق النبي صلى الله عليه وسلم هذا الهدي في سنته العملية؛‬
‫فعن أبي هريرة ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬قال‪ :‬أتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل‬

‫‪146‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫قد شرب قال‪" :‬اضربوه" قال أبو هريرة‪ :‬فمنا الضارب بيده والضارب بنعله‬
‫والضارب بثوبه‪ ،‬فلما انصرف قال بعض القوم‪ :‬أخزاك الله‪ ،‬قال‪" :‬ل تقولوا‬
‫هكذا؛ ل تعينوا عليه الشيطان" ) ‪ .(15‬والفراط في العقوبة والقسوة فيها‬
‫يولد آثارا ً نفسية غير محمودة‪ ،‬وينشئ لدى الولد الرغبة في النتقام‬
‫والكراهية والحقد على الخرين‪ ،‬أو يولد لديهم الخضوع والذل والستكانة)‬
‫‪ .(16‬الصورة الثالثة‪ :‬التدليل‪ :‬وهي صورة مقابلة لتلك الصورة السابقة‪ ،‬إذ‬
‫تزداد فيها العواطف لدى المربي تجاه من يربيه‪ ،‬فيبالغ في مراعاة مشاعره‪،‬‬
‫وإظهار العطف والشفقة عليه‪ ،‬وهو أمر يحصل كثيرا ً لدى المهات‪ ،‬ويكثر مع‬
‫الولد الوحيد أو الخير أو الذكر بين الناث‪ ،‬أو ولد الزوجة الخيرة‪ .‬كما يقع‬
‫ذلك من بعض المعلمين الذين ل يجيدون ضبط عواطفهم؛ فحين يعجبون‬
‫بأحد الطلب يظهر منهم اهتمام غير طبيعي تجاهه‪ ،‬وإفراط في‬

‫)‪(50 /‬‬

‫مراعاة مشاعره والتجاوب مع طلباته‪ .‬ومع أن هذا اللون من الخطأ يتفق‬


‫العامة والخاصة على ذمه‪ ،‬بل يعّيرون البناء به‪ ،‬إل أنه كثيرا ً ما يقع‪ ،‬فأول من‬
‫يتضرر منه الشخص الذي يلقى هذه العناية الزائدة‪ ،‬فينشأ ضعيفا ً فاقدا ً للثقة‬
‫في نفسه‪ ،‬وينتظر من الخرين أن يعاملوه بالمعاملة نفسها‪ ،‬وإل اتهمهم‬
‫بالقسوة والفظاظة‪ ،‬أو عدم معرفة قدره‪ ،‬وعدم محبتهم له‪ - 4 .‬تدعيم الدور‬
‫الجتماعي للمدرسة‪ :‬رغم أن التربويين يتفقون على أن دور المدرسة ينبغي‬
‫أن ل يقف عند مجرد التلقين والعطاء المعرفي‪ ،‬فإن مدارسنا ل تزال تقف‬
‫عند هذا الجانب‪ ،‬فالوقت الذي يقضيه الطالب في المدرسة وقت أكاديمي‬
‫بحت‪ ،‬والوقت الجتماعي يكاد يتلشى‪ ،‬ولعل من أبرز الشواهد على ذلك‬
‫عدم ارتياح أطفالنا للذهاب إلى المدرسة‪ ،‬ونفرتهم منها‪ .‬والمدرسة مؤسسة‬
‫تربوية يفترض أن يوجد فيها من النضج والتكامل ما يؤهلها لعلج جوانب‬
‫القصور التي تحدث في التربية المنزلية وتلفيها‪ .‬إن مدارسنا اليوم بحاجة‬
‫إلى أن تعتني بتعزيز الدور الجتماعي‪ ،‬وأن تكون ميدانا ً للوفاء بحاجات‬
‫الطالب الجتماعية والنفسية‪ .‬وبحاجة إلى أن يشعر المعلمون أن مهمتهم ل‬
‫تقف عند مجرد تدريس الكتاب المقرر للطالب‪ ،‬بل تتجاوز ذلك إلى مزيد من‬
‫الرعاية والهتمام التربوي‪ ،‬والشعور بأن المعلم ينبغي أن يكون بمثابة الوالد‬
‫الحنون للطالب‪ - 5 .‬تحقيق الستقرار السري‪ :‬السرة محضن مهم يجد فيه‬
‫الولد الرعاية والعطف والحنان‪ ،‬ويشعرون فيها بالمن والطمأنينة‪ ،‬ولذا نجد‬
‫ارتباطا ً واضحا ً بين فقدان الستقرار السري والجنوح والنحراف‪ .‬وينشأ‬
‫فقدان الستقرار السري من حالت الطلق‪ ،‬فيتشتت الولد بين بقائهم مع‬
‫أمهم التي قد تكون بل زوج فيعيشون حالة من التسيب والنفلت‪ ،‬وقد تكون‬
‫مع زوج آخر فل يجدون منه حنان الب واهتمامه‪ .‬أو يبقون مع والدهم‬
‫فيفقدون حنان المومة وعاطفتها‪ .‬وقد ينشأ ذلك من تزوج الب زوجة أخرى‬
‫وقلة بقائه مع أولده وعدم اهتمامه بهم‪ .‬وقد ينشأ من كثرة الخلف والشجار‬
‫والصراع بين الوالدين‪ ،‬وكثيرا ً ما يكون ذلك أمام الولد مما يقلل من‬
‫شعورهم بالمن والطمأنينة‪ ،‬ويعطيهم صورة سيئة عن الحياة السرية التي‬
‫ستواجههم في المستقبل‪ .‬إن هذا يحتم على الوالدين أن يفكروا كثيرا ً قبل‬
‫السترسال مع خلفاتهم‪ ،‬وأن يدركوا أثر وضعهم السري على أولدهم الذين‬
‫هم أغلى ما يملكون‪ .‬وهو يضيف عبئا ً على المربي يتمثل في تعرف حالة‬
‫أسر الطلب‪ ،‬والسعي قدر المكان لمساعدة من يحتاج منهم‪ ،‬وإيجاد البديل‬

‫‪147‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫العاطفي والجتماعي المناسب لهم‪ ،‬والسعي للصلح حين يكون المجال‬


‫مناسبًا‪ - 6 .‬تفعيل دور السرة‪ :‬تعاني بيوت كثير من المسلمين اليوم من قلة‬
‫الوقت الذي تقضيه السرة مع أولدها‪ ،‬وقد نتج ذلك من خلل عوامل عدة‪،‬‬
‫منها‪ -1 :‬كثرة غياب الب عن المنزل‪ ،‬وقلة الوقت الذي يقضيه مع أولده‪،‬‬
‫وهذا منع لهم من إشباع حاجات فطرية مهمة‪ -2 .‬انشغال الم عن رعاية‬
‫أولدها وترك ذلك للخادمة التي لن يجدوا عندها من الرعاية والهتمام ما‬
‫يجدونه عند الم؛ فيترك ذلك أثره على بنائهم النفسي والجتماعي) ‪-3 .(17‬‬
‫طول الوقت الذي تقضيه السرة مع وسائل العلم ‪-‬وبخاصة التلفزيون‪ -‬مما‬
‫يذهب فائدة كثير من اللقاءات والجتماعات السرية‪ ،‬التي أصبح يسودها‬
‫الصمت والنصات لما يبثه التلفزيون‪ ،‬وهذا"ما دفع بعض الكتاب والمفكرين‬
‫لن يطلقوا على جهاز التلفزيون صفة )المجمع المفرق( لنه جمع الناس‬
‫أجساما ً وأبدانًا‪ ،‬ولكنه فّرقهم أفكارا ً ووجدانا ً ومشاعر" ) ‪ -4 .(18‬حياة‬
‫الرخاء المادي التي اتسمت بها طائفة من بيوت المسلمين‪ ،‬فأصبح للشاب‬
‫والفتاة غرفة مستقلة‪ ،‬وأصبح كثير منهم يذهب للمدرسة ويأتي مع السائق‪،‬‬
‫بدل ً من الذهاب مع والده‪ .‬هذه العوامل وغيرها أدت إلى تقليص الوقت الذي‬
‫تقضيه السرة مع أولدها‪ ،‬مما يقلل من تلقيه لقيم السرة التربوية‪ .‬وأدت‬
‫أيضا ً إلى فقدان الجو الجتماعي السري‪ ،‬وفقدان الرعاية والهتمام من‬
‫الوالدين‪ ،‬مما يترك أثره البالغ على الجانب الجتماعي والنفسي لدى الولد‪.‬‬
‫لذا كان لبد من إعادة العتبار لدور السرة‪ ،‬ولبد للبوين من مراجعة كثير‬
‫من أنماط حياتهم السرية وتعديلها وفق ما يتيح للولد ميدانا ً يلقون فيه‬
‫الرعاية والهتمام‪ ،‬وتسهم السرة فيه في غرس القيم التربوية لديهم‪- 7 .‬‬
‫تفريغ الطاقة‪ :‬يحمل النسان طاقة هائلة في نفسه‪ ،‬وهذه الطاقة "طاقة‬
‫حيوية محايدة تصلح للخير وتصلح للشر‪ ،‬تصلح للبناء وتصلح للهدم‪ ،‬كما يمكن‬
‫أن تنفق بددا ً بل غاية ول اتجاه‪ ،‬والسلم يوجهها الوجهة الصحيحة في سبيل‬
‫الخير‪ ،‬والمهم كذلك أنه ل يختزنها أكثر مما ينبغي‪ ،‬فالختزان الطويل بل غاية‬
‫عملية مضرة بكيان النسان‪ ،‬وكثير جدا ً من ألوان المرض النفسي التي‬
‫يتحدث عنها علم النفس التحليلي والطباء النفسانيون مردها إلى طاقة‬
‫مختزنة بل مبرر لم تجد منصرفها الطبيعي‪ ،‬ولم تجد منصرفها الصحيح" )‬
‫‪ .(19‬وحين نعود إلى تاريخ المة‬

‫)‪(51 /‬‬

‫نرى أن طاقة الشباب كانت تفرغ في ميادين تسهم في تربيتهم والرتقاء‬


‫بهم‪ ،‬وهي في الوقت نفسه ميادين منتجة للمة‪ .‬ومن ذلك الجهاد في سبيل‬
‫الله عز وجل‪ ،‬فكان الشباب يسابقون إلى ميادين الجهاد‪ ،‬بل كان النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم في كل غزوة يستعرض الجيش ليرد من لم يتأهل لذلك‪.‬‬
‫وحين استقرت الدولة السلمية رأينا الشباب يتوجهون إلى حلق العلم‬
‫ويسابقون إليها‪ ،‬ولذا فأنت ل تكاد تفقد في أي كتاب من كتب أدب الطلب‬
‫الحديث عن السن التي يبدأ فيها السماع والحضور لمجالس العلم؛ إذ كان‬
‫تسابق الصغار إليها ظاهرة بارزة في تلك المجتمعات‪ .‬وكان ذلك من أبرز‬
‫العوامل التي جعلت الشباب آنذاك ل يعانون من المشكلت التي يعاني منها‬
‫جيل اليوم‪ .‬ومن ثم لبد من أنشطة وبرامج منتجة تتناسب مع طاقة الشباب‬
‫الهائلة لتسهم في توجيهها واستثمارها‪ ،‬وفي حمايتهم في الوقت نفسه من‬
‫النجراف والتأثر‪ - 8 .‬ملء الفراغ‪ :‬لقد عني السلم بملء الفراغ‪ ،‬فما من‬

‫‪148‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أمر نهى عنه أو حرمه إل وأوجد البديل‪ ،‬فبدل ً من مجالس الخمر واللهو شرع‬
‫الجتماع على الذكر وتعلم كتاب الله‪ ،‬وبدل ً من أعياد الجاهلية شرعت أعياد‬
‫السلم‪ ،‬وبدل ً من سماع الغناء شرع سماع القرآن) ‪ .(20‬ومن ذلك ملء‬
‫الوقت بما ينفع ويفيد‪ ،‬فالشاب حين يعاني من الفراغ في وقته يصيبه الملل‬
‫والسآمة‪ ،‬ويبحث عما ينفس به‪ ،‬وقد يكون البديل بوابة ومدخل ً للسوء‪ ،‬وكثير‬
‫من الصداقات مع جلساء السوء انطلقت نتيجة المعاناة من وقت الفراغ‪،‬‬
‫ومن ثم فالنشطة التي تمل وقت الفراغ ‪-‬ولو كانت قليلة الفائدة‪ -‬لمن ل‬
‫يحسن الستفادة من وقته يعتبر أمرا ً له أهميته ووجاهته‪ .‬ومن ملء الفراغ‬
‫ملء الهتمامات‪ ،‬فكثيرا ً ما يكون الشاب يعيش اهتمامات غير جادة‪ ،‬ويتعلق‬
‫باللهو العابث‪ ،‬وربما المحرم‪ ،‬فالولى في تربية هؤلء أن يعنى ‪ -‬بدل ً من‬
‫نهيهم وصرفهم عن ذلك ‪ -‬بغرس الهتمامات والقضايا الجادة لديهم‪،‬‬
‫فينصرفون تلقائيا ً عن التعلق باللهو والعبث الفارغ‪ - 9 .‬غرس الثقة بالنفس‪:‬‬
‫تعتبر الثقة بالنفس جانبا ً له أهميته في دفع الشاب للعمل والنتاج‪ ،‬كما أنها‬
‫ضرورية لتجاوزه كثيرا ً من المشكلت التي تواجهه‪ ،‬ويتأكد العتناء بها في هذا‬
‫العصر حيث إن مجتمعات المسلمين ومؤسساتهم التربوية تربي على فقد‬
‫الثقة بالنفس‪ ،‬ومن ثم كان العتناء بها من أهم الضرورات التربوية‪ .‬ومن‬
‫الوسائل التي تعين على ذلك‪ -1 :‬تضييق الفجوة بين طموحات الشاب‬
‫وتطلعاته‪ ،‬وبين قدراته الفعلية‪ ،‬التي ربما أسهم بعض المربين في توسيعها؛‬
‫ذلك أن الرغبة الملحة لدى المربي في إعلء همة من يربيه ورفع طموحه‪،‬‬
‫وكثرة إيراده للنماذج المتميزة في أبواب الخير والبر‪ ،‬تدعو الشاب للتطلع‬
‫إلى أعلى مما يطيق‪ ،‬وحين ل تتحقق له طموحاته يصيبه الشعور بالفشل‬
‫والحباط‪ ،‬وليس ذلك دعوة إلى إهمال العتناء بالنماذج والقدوات بل هو أمر‬
‫ضروري كما سبق في أكثر من موطن‪ ،‬لكن المر يحتاج إلى حكمة في كيفية‬
‫التعامل معها‪ ،‬وكيفية ربط الشاب بها حتى ل تقوده إلى الحباط والفشل)‬
‫‪ -2 .(21‬حين يكلف الشاب بأداء عمل ما‪ ،‬ينبغي عدم السراف في مطالبته‬
‫بإتقان العمل) ‪ ،(22‬خاصة في العمال التي لم يألفها ويعتد عليها بعد‪ ،‬بل‬
‫ينبغي إقناعه أن معيار النجاح يتدرج وليس مستوى واحدا ً ينبغي أن يصله مرة‬
‫واحدة‪ -3 .‬تجنب نعته بصفات سلبية)‪ ،( 23‬وهذا أسلوب يمارسه كثير من‬
‫الباء‪ ،‬بل بعض المعلمين للسف‪ ،‬فقد "يلجأ كثير من الباء إلى انتقاد أبنائهم‬
‫والسخرية والستهزاء بهم ولمزهم ونبزهم باللقاب‪ ،‬بسبب فشلهم في‬
‫المواقف الجتماعية‪ ،‬وتعثرهم في المناسبات‪ ،‬أو بسبب تخوفهم وترددهم‬
‫ل؛ إذ‬‫وانسحابهم‪ ،‬وهذا السلوب ل يعالج المشكلة‪ ،‬بل يزيدها تعقيدا ً واستفحا ً‬
‫إنه اتجاه سلبي في المعالجة‪ ،‬ل يعطي البديل ول المجال ول المعالم‬
‫الضرورية لتغيير الحالة والموقف" )‪ ،( 24‬ومثله ما يلجأ إليه بعض المعلمين‬
‫من وصف الطالب بالهمال والكسل‪ ،‬أو الغباء والبلدة‪ -4 .‬الحكمة في‬
‫التعامل مع التجارب الفاشلة؛ فالشاب لبد أن يتعرض في البداية لتجارب‬
‫يفشل فيها في تحقيق بعض أهدافه‪ ،‬فل بد للمربي حينئذ من التعامل مع هذه‬
‫التجارب بحكمة تمكنه من تزويده بالخبرة‪ ،‬بطريقة ل تؤدي ليجاد الحباط‬
‫لديه‪ -5 .‬عدم المبالغة في التدليل) ‪ ،(25‬وسبقت الشارة إلى ذلك‪ -6 .‬الثناء‬
‫المعتدل على التجارب الناجحة؛ فهو يشعره بالقبول من الناس وثقتهم فيه‪،‬‬
‫كما يوقفه على جوانب النجاح لديه؛ إذ إن كثيرا ً من الناس ل يدرك جوانب‬
‫النجاح في نفسه‪ ،‬حتى يسمعه إياها الخرون‪ -7 .‬تكليفه ببعض المهام‬
‫والمسؤوليات التي تتناسب مع قدرته‪ ،‬والتدرج في ذلك‪ ،‬وهذا منهج نبوي كان‬
‫يرعاه النبي صلى الله عليه وسلم مع الشباب من أصحابه‪ ،‬وقد سبق بيان‬

‫‪149‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫طائفة من ذلك‪ -8 .‬عدم تدخل الباء في كل صغيرة وكبيرة كما يصنع بعض‬
‫الباء؛ فـ"الولد الذين ينشؤون في هذا الجو يكبرون متصفين بالتردد وضعف‬
‫الشخصية‪ ،‬وعدم القدرة على القطع برأي في موقف ما" ) ‪- 10 .(26‬‬
‫تحسين مفهوم‬

‫)‪(52 /‬‬

‫الذات‪ :‬سبقت الشارة إلى مفهوم الذات عند الحديث عن خصائص المرحلة‪،‬‬
‫وأنه عبارة عن الفكرة التي يحملها الفرد عن نفسه‪ ،‬وأنها تنشأ من ردود‬
‫أفعال الخرين تجاه الشخص‪ ،‬قد تكون سلبية وقد تكون إيجابية‪ .‬ورغم أن‬
‫مفهوم الذات في حالت كثيرة يخالف الواقع إل أن الشاب غالبا ً ما يسلك‬
‫وفقه)‪ .( 27‬ومن المثلة التي تواجه الميادين التربوية كثيرا ً حين ُينظر إلى‬
‫أحد الشباب على أنه هازل ول يصلح للعمال الجادة‪ ،‬أو أنه ل يصلح‬
‫للمجالت العلمية أو الدعوية‪...‬إلخ‪ .‬فإن هذا يستقر لديه‪ ،‬ويعتقد في نفسه‬
‫أنه فعل ً ل يصلح لهذه الميادين‪ .‬وقد تكون العوامل التي أسهمت في تشكيل‬
‫مفهوم الذات عوامل أسرية ومنزلية‪ ،‬وقد تكون مدرسية‪ ،‬وقد تكون نتيجة‬
‫البيئة التربوية التي يعيشها‪ ،‬وكثيرا ً ما تكون مختلطة ومزيجة بين أكثر من‬
‫مصدر‪ .‬وحين يكون مفهوم الذات لدى الشاب سلبيا ً ‪-‬وهذا يحصل في حالت‬
‫كثيرة‪ -‬فعلى المربي الجتهاد في رفع هذا المفهوم‪ ،‬من خلل السعي إلى‬
‫تغيير فكرة الشاب عن نفسه‪ ،‬وتوظيف ما يعرفه المربي من تاريخ الشاب‬
‫وحياته في تغيير هذا المفهوم‪ .‬أهداف فرعية في البناء النفسي‪ - 1 :‬إشباع‬
‫الحاجات النفسية تمثل الحاجات النفسية مطلبا ً ملحا ً للنسان‪ ،‬وبخاصة في‬
‫مرحلة الشباب التي هي ميدان حديثنا‪ .‬وتبدو أهمية تناول الحاجات النفسية‬
‫من خلل جوانب عدة‪ ،‬منها‪ -1 :‬أنها تعين المربي على معرفة الشاب وما‬
‫يتطلع إليه ويسعى له‪ ،‬ومعرفة المربي بمن يربيه أمر له أهميته‪ ،‬ول أدل على‬
‫ذلك من اهتمامه صلى الله عليه وسلم بأصحابه‪ ،‬وتنوع وصاياه لهم كل‬
‫حسب احتياجاته‪ -2 .‬أن الحاجات تدفع صاحبها لن يسعى لتحقيقها‪ ،‬ويسلك‬
‫وسائل عدة لذلك‪ ،‬ول يمتنع منها إل ببديل يرى أنه أولى منها‪ ،‬وحين يمنع منها‬
‫يترك ذلك أثره عليه‪ -3 .‬يمكن استثمار كثير من الحاجات في توجيه الشاب‬
‫لنشطة مفيدة تسهم في إصلحه وتوجيهه‪ ،‬كالحاجة إلى الصداقة‪ ،‬والطلع‪،‬‬
‫وفهم النفس…ونحو ذلك‪ .‬لذا صار من المهم أن يتعرف المربي على‬
‫الحاجات النفسية للشاب في هذه المرحلة‪ ،‬وسوف يسهل عليه بعد ذلك‬
‫بدرجة كبيرة مراعاتها والسعي لمساعدة الشاب على تحقيقها‪ .‬ويختلف‬
‫علماء النفس اختلفا ً واسعا ً في تصنيف الحاجات النفسية للشباب وترتيبها‪،‬‬
‫ومن أفضل ما قدم في ذلك الدراسة التي أجراها عمر المفدى بتكليف من‬
‫مكتب التربية العربي لدول الخليج‪ ،‬وشملت عينة الدراسة )‪ (1907‬موزعة‬
‫بين الطلب والطالبات‪ ،‬في المرحلتين المتوسطة والثانوية في عواصم دول‬
‫الخليج‪ .‬لذا فإنها تعد مصدرا ً مهما ً للمربين في هذه المنطقة لتعرف الحاجات‬
‫النفسية للشاب‪ .‬وخلصت الدراسة إلى تصنيف الحاجات النفسية وفقا ً لما‬
‫دا للطلب والطالبات في جميع المراحل‪:‬‬ ‫يلي‪ :‬أولً‪ :‬حاجات نفسية مهمة ج ّ‬
‫وتتمثل في )رضا الوالدين‪ /‬الطمأنينة الروحية‪ /‬الصداقة‪/‬النجاز‪ /‬الرغبة في‬
‫مساعدة الغير‪ /‬الرغبة في مساعدة الخرين‪ /‬المن وراحة البال‪ /‬فهم‬
‫النفس‪-‬عند الطالبات فقط‪ (-‬ثانيًا‪ :‬حاجات نفسية مهمة للطلب والطالبات‬
‫في جميع المراحل‪ :‬وتتمثل في‪):‬الرعاية من الغير‪ /‬فهم الناس‪ /‬التغيير‬

‫‪150‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫والتنويع‪ /‬الترفيه عن النفس‪ /‬المعرفة والطلع‪ /‬تنمية المواهب‪ /‬الستقلل‬


‫الذاتي"عدا طلب المرحلة المتوسطة فقد كانت متوسطة الهمية لديهم"‪/‬‬
‫فهم النفس "عند الطلب فقط"( ثالثًا‪ :‬حاجات نفسية متوسطة الهمية‬
‫لجميع الطلب والطالبات في جميع المراحل‪ :‬وتمثلت في حاجة واحدة وهي‪:‬‬
‫الحصول على إعجاب الخرين) ‪ .(28‬فالحاجة إلى رضا الوالدين تجعل الوالد‬
‫يحرص على إشعار ابنه بالرضا عنه والثقة فيه‪ ،‬وقديما ً قيل‪ :‬رحم الله والدا ً‬
‫أعان ولده على بره‪ .‬أما الحاجة للترفيه‪ ،‬والتغيير والتنويع‪ ،‬والصداقة‪ ،‬وتنمية‬
‫المواهب‪ ،‬والمعرفة والطلع…‪.‬فهي حاجات يمكن للمربي أن يحققها من‬
‫خلل البرامج العديدة التي يقدمها للشاب‪ ،‬فتحوي جوانب من الترفيه‪ ،‬وتبتعد‬
‫كن الشاب‬ ‫عن الرتابة‪ ،‬وتشمل على فرص تبدو فيها القدرات والمواهب‪ ،‬وتم ّ‬
‫من تنميتها‪ .‬كما ينبغي للسرة أن تعنى بتحقيق ذلك من خلل البرامج‬
‫الجتماعية والرحلت الترويحية‪ ،‬وإتاحة الفرصة ليتهيأ في المنزل ما يعين‬
‫الشاب على رعاية مواهبه‪ .‬أما ما يتعلق بفهم النفس فينبغي للمربي أن‬
‫ُيعّرف الشاب بما يحتاج إليه من طبيعة المرحلة التي يعيشها‪ ،‬ويجيبه على‬
‫تساؤلته الملحة حولها‪ ،‬حتى ل يلجأ إلى البحث عن ذلك عند أصدقائه وزملئه‬
‫الذين قد ل تكون معلوماتهم صحيحة‪ ،‬أو موجهة الوجهة السليمة‪ ،‬وعلى‬
‫الوالدين والمعلمين العتناء بمصارحة الشباب وتعريفهم بطبيعة المرحلة التي‬
‫يمرون بها‪ .‬أما ما يتعلق بالحاجة إلى الرغبة في مساعدة الغير ونحوها‬
‫فينبغي للمربي أن يسعى لتوفير الفرص المناسبة التي تتيح للشاب تحقيق‬
‫هذه الحاجة‪ ،‬بل توجيهها الوجهة السليمة‪ ،‬من خلل المشاركة في البرامج‬
‫الجتماعية‪ ،‬ومساعدة المحتاجين والمعوزين‪ .‬وتتيح الجمعيات الخيرية‪،‬‬
‫والمبرات الجتماعية ميدانا ً مناسبا ً لذلك‪ ،‬كما ينبغي تعويد الشاب على‬
‫مساعدة زملئه‪ ،‬وتعرف حاجاتهم‪،‬‬

‫)‪(53 /‬‬
‫والسعي للتعاون معهم في حّلها‪ ،‬من خلل ما يطيقه هو‪ ،‬أو يكون فيه وسيطا ً‬
‫بينهم وبين أهل الخير والحسان‪ .‬ومما ينبغي للمربي مراعاته في التعامل مع‬
‫الحاجات النفسية‪ -1 :‬العتدال في التعامل معها والنظرة إليها‪ ،‬حتى ل تؤدي‬
‫إلى حساسية أو دلل مفرط‪ -2 .‬أن تأخذ مكانها الطبيعي‪ ،‬وأن يعود على‬
‫إشباعها بصورة منضبطة ومعتدلة؛ فل تسيطر عليه وتحكمه ويسعى لشباعها‬
‫على حساب الجد في وقته‪ ،‬فنحن نريد شبابا ً جادين‪ ،‬يعدون لحمل راية‬
‫ب عنه‪ ،‬ل فئة من الباحثين عن المتعة‪ ،‬الذين تقف اهتماماتهم‬ ‫السلم والذ ّ‬
‫عند الحياة الدنيا‪ -3 .‬أن تضبط بضوابط الشرع‪ ،‬فل يؤتى منها ما يخالفه‪- 2 .‬‬
‫توجيه النفعالت وضبطها‪ :‬عرف علماء النفس النفعالت بتعريفات عدة منها‬
‫أنه‪ :‬تغير مفاجئ يشمل الفرد كله نفسا ً وجسمًا)‪ .( 29‬ويختلف عن العاطفة‬
‫بأن العاطفة‪ :‬استعداد نفسي ينشأ عن تركيز مجموعة من النفعالت حول‬
‫ون لدى الشخص اتجاها ً وجدانيا ً تجاه هذا الموضوع)‬‫موضوع معين‪ ،‬مما يك ّ‬
‫‪ .(30‬ومن أبرز النفعالت التي تبدو في مرحلة المراهقة‪ :‬الخوف‪ ،‬والقلق‪،‬‬
‫والغضب‪ .‬ويتميز المراهق بحدة انفعالته وشدتها‪ ،‬وسرعة استجابته لها‪ ،‬إل‬
‫أن هذه الحدة تخف تدريجيا ً مع تقدم السن وتزايد الخبرة‪ .‬ول بد أن تبقى‬
‫هذه النفعالت لدى الشاب في هذه المرحلة‪ ،‬ويتمثل دور التربية تجاهها فيما‬
‫يأتي‪ -1 :‬فهم منشأ هذه النفعالت والظروف المحيطة بها أو المغذية لها‪،‬‬
‫سواء في البيت أو في المدرسة أو المجتمع‪ .‬فالشاب الذي يعيش في أسرة‬

‫‪151‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫غير مستقرة‪ ،‬أو يعامل من قبل والديه بقسوة وعنف‪ ،‬أو دلل مفرط‪ ،‬يؤثر‬
‫ذلك على انفعالته‪ -2 .‬توجيه هذه النفعالت التوجيه الحسن‪ ،‬وتعويده على‬
‫أن يكون الخوف من الله أكثر من الخوف من المخلوقين‪ ،‬وغرس الشجاعة‬
‫والثقة بالنفس لديه مما يعينه على التغلب على الخوف مما يواجهه‪ ،‬وتقوية‬
‫التعلق بالدار الخرة وإعطاء الدنيا منزلتها اللئقة بها حتى يخف القلق لديه‬
‫ود على أن يكون غضبه إذا‬ ‫تجاه المستقبل الدنيوي‪ .‬ومثل ذلك الغضب بأن يع ّ‬
‫انتهكت حرمات الله عز وجل‪ ،‬وأل يغضب للهواء والحظوظ الشخصية‪-3 .‬‬
‫الضبط والعتدال‪ ،‬فزيادة الخوف والقلق قد تؤدي به إلى وسواس‪ ،‬أو‬
‫ل‪ ،‬وكذا الغضب قد يقوده إلى تصرفات يندم‬ ‫اضطراب نفسي كالكتئاب مث ً‬
‫عليها ويجني عاقبتها‪ .‬وحتى الخوف الشرعي يجب أن يضبط ويعوده المربي‬
‫على التوازن حتى ل يتحول إلى يأس وقنوط‪ ،‬وهذا يعني العتدال في تناول‬
‫أمور الوعيد‪ ،‬والجمع بين الخوف والرجاء والترغيب والترهيب باعتدال‪ ،‬كما‬
‫كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم‪ .‬ومثل ذلك الغضب لله والغيرة على‬
‫حرماته‪ ،‬فينبغي للمربي أن يغرس لديه الرفق في النكار‪ ،‬والسلوب‬
‫الحسن‪ ،‬والصبر وطول النفس‪ ،‬كما كان يفعل صلى الله عليه وسلم مع‬
‫أصحابه في مواقف كثيرة‪ .‬ومما ينبغي العتناء به تعويده على سلوك المنهج‬
‫الشرعي في التعامل مع الغضب‪ ،‬وتعويده على الحلم وكظم الغيظ) ‪3 .(31‬‬
‫‪ -‬توجيه العواطف وضبطها‪" :‬إن العاطفة مهمة للنسان في حياته؛ لنها تدفع‬
‫النسان إلى فعل الشياء التي يتعاطف معها‪ ،‬وتدفعه إلى ترك الشياء التي‬
‫يكرهها بدافع داخلي‪ ،‬بشرط أن تكون العاطفة وراء العقل‪ ،‬وأن يكون العقل‬
‫قائدها‪ ،‬وإل ستكون تصرفات النسان غير معقولة تسيره العاطفة ل العقل‪،‬‬
‫والعاطفة بدون العقل قد تسوق النسان إلى المهالك‪ ،‬وتجعل حياته في‬
‫شقاء" ) ‪ .(32‬و"تربية العواطف والسمو بها ذو أهمية كبيرة في حياة‬
‫المسلم بصفة عامة‪ ،‬والمراهق المسلم بصفة خاصة‪ ،‬ذلك أن العواطف‬
‫تعمل على تنظيم انفعالت المراهق تنظيما ً يؤدي إلى اتزان شخصيته‬
‫وتكاملها‪ ،‬كما أن تربيتها تحقق للفرد المسلم مستوى أعلى من الصحة‬
‫النفسية‪ ،‬كما يحقق له مستوى أعلى من التوافق والتكيف الجتماعي‪،‬‬
‫فالعواطف في جملتها تعمل على توجيه سلوك المراهق وتنظيمه نحو ما‬
‫يحقق له القدر الكبر من إشباع دوافعه الفطرية والمكتسبة بصورة يرضى‬
‫عنها المجتمع المسلم" )‪ .( 33‬ويحسن في بداية حديثنا عن توجيه العواطف‬
‫أن نعّرف ببعض الجوانب المتعلقة بالعواطف‪ .‬أنواع العواطف‪ :‬تقسم‬
‫العواطف بحسب موضوعها الذي تدور حوله إلى ثلثة أقسام‪ -1 :‬عواطف‬
‫تدور حول موضوعات مادية‪ ،‬مثل عاطفة حب الم لبنها والب لولده‪،‬‬
‫والقارئ لكتاب معين‪ -2 .‬عواطف تدور حول موضوعات جمعية كعاطفة‬
‫المرء نحو عائلته أو حيه أو مدرسته التي تعلم فيها‪ ،‬أو زملئه في الجمعية أو‬
‫الفصل الدراسي‪ -3 .‬عواطف تدور حول موضوعات مجردة كعاطفة الميل‬
‫إلى المثل العليا كالمانة والصدق واليثار)‪ .( 34‬العاطفة السائدة‪ :‬العاطفة‬
‫السائدة ‪ -‬كما يعّرفها علماء النفس‪ -‬هي تلك العاطفة التي تكون لدى شخص‬
‫جهة لسلوكه‪ ،‬فقد‬ ‫مو ّ‬
‫ما فتسيطر على ما لديه من عواطف أخرى‪ ،‬وتكون ُ‬
‫تكون العاطفة السائدة لدى شخص ما نحو جمع المال‪ ،‬أو السلطة‬
‫والشهرة… فتكون بقية العواطف تابعة لهذه العاطفة)‪ .( 35‬ومن أهم ما‬
‫يعين على تحقيق التربية العاطفية السليمة‪ ،‬ما يلي‪ - 1 :‬غرس محبة الله‬
‫ورسوله صلى‬

‫‪152‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(54 /‬‬

‫الله عليه وسلم في نفس الشاب حتى تكون هذه المحبة فوق كل شيء‪،‬‬
‫ب إل ما يحبه‬‫حينها تكون هي السائدة والسائقة‪ ،‬وما بعدها تبع لها‪ ،‬فل يح ّ‬
‫الله‪ ،‬ول يرضى إل بما يرضي الله‪ ،‬ول يأتي مما تريد نفسه إل ما ُيرضي الله‪.‬‬
‫وهذا المعنى هو الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث‬
‫المشهور‪" :‬ثلث من كن فيه وجد حلوة اليمان‪ :‬أن يكون الله ورسوله أحب‬
‫إليه مما سواهما‪ ،‬وأن يحب المرء ل يحبه إل لله‪ ،‬وأن يكره أن يعود في‬
‫الكفر كما يكره أن يقذف في النار" )‪ .( 36‬وقوله صلى الله عليه وسلم في‬
‫الحديث الخر‪" :‬ل يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس‬
‫أجمعين" ) ‪ .(37‬وتحقيق هذا الهدف يختصر على المربي خطوات كثيرة‪،‬‬
‫ويريحه من مشكلت عدة‪ ،‬فحين تكون محبة الله ورسوله هي السائدة‬
‫فسوف ُتسّير بقية عواطف النسان‪ - 2 .‬ملء الفراغ العاطفي‪ ،‬فالنفس لبد‬
‫أن تتجه بعواطفها هنا أو هناك‪ ،‬ومن ثم فهي ما لم تشغل بالخير ستشغل‬
‫جه‬
‫صاحبها بغيره‪ ،‬ولقد راعى المنهج التربوي الشرعي هذا الجانب‪ ،‬فو ّ‬
‫النفس لمحبة الصالحين وذوي القربى وأهل الحسان‪ ،‬وبغض أهل السوء‬
‫والفساد‪ ،‬ورحمة من يستحق الرحمة‪ ،‬والغلظ على من يستحقه‪ .‬واعتناء‬
‫جه العاطفة الوجهة السليمة‪،‬‬ ‫المربي بتحقيق هذه الجوانب لدى من يربيه يو ّ‬
‫ول يبقي فيها مكانا ً للتوجه بالعواطف إلى ما يسخط الله عز وجل‪ - 3 .‬إشباع‬
‫الحاجة العاطفية‪ ،‬فالنسان يحتاج إلى أن يجد المشاعر العاطفية اليجابية‬
‫رموا حنان الوالدين‪ ،‬وعاشوا في أجواء تفتقد‬ ‫ح ِ‬
‫تجاهه‪ ،‬ومن ثم فأولئك الذي ُ‬
‫لهذا الشباع‪ ،‬هؤلء يعانون من مشكلت كثيرة في حياتهم النفسية‪ .‬لذا على‬
‫الب أن يعتني بهذا الجانب‪ ،‬وأن يشعر أولده بالعطف والحنان‪ ،‬وأن لهم في‬
‫قلبه منزلة عالية‪ ،‬وله أسوة بالنبي صلى الله عليه وسلم؛ فعن أبي هريرة ‪-‬‬
‫رضي الله عنه‪ -‬قال‪ :‬قّبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي‬
‫وعنده القرع بن حابس التميمي جالسا فقال القرع‪ :‬إن لي عشرة من الولد‬
‫ما قّبلت منهم أحدا ً فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال‪" :‬من‬
‫ل َيرحم ل ُيرحم" ) ‪ .(38‬ولو ذهبنا نستقصي ما ورد عن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم في هذا الجانب لضاق بنا المقام‪ .‬وينبغي للمعلم كذلك أن يشعر‬
‫تلمذته بالشفقة والرعاية والحنو باعتدال‪ ،‬دون إفراط أو تفريط‪ - 4 .‬تنقية‬
‫النفس من العواطف المنحرفة‪ ،‬وهي تكثر في هذه المرحلة؛ فقد يميل‬
‫ب فتاة أجنبية عنه‪ ،‬أو عشق زميل له‪ ،‬ويؤدي به ذلك إلى‬ ‫الشاب إلى ح ّ‬
‫مخالفات شرعية‪ ،‬وقد كثرت الشكوى من ذلك‪ .‬ول سبيل لحل هذه المشكلة‬
‫إل بتحقيق ما سبقت الشارة إليه من محبة الله ورسوله‪ ،‬ومحبة الصالحين‬
‫المحبة الشرعية كما وصفها النبي صلى الله عليه وسلم "ل يحبه إل لله"‪.‬‬
‫وقد أفضنا في الحديث عن هذا المر في الجانب السلوكي‪ ،‬فليرجع إليه‪- 4 .‬‬
‫الوقاية من النحرافات والضطرابات النفسية‪ :‬كما أن المربي يحتاج إلى أن‬
‫يعنى بتحقيق الصحة النفسية والستقرار النفسي لدى الشاب‪ ،‬فهو كذلك‬
‫بحاجة إلى الوقاية من الضطرابات والمشكلت النفسية وحسن التعامل‬
‫معها‪ .‬وهذا يتطلب من المربي زيادة الوعي بالمشكلت والضطرابات‬
‫النفسية والتعرف عليها‪ ،‬والمر ل يعني كما سبق أن يتحول إلى أخصائي‬
‫نفسي لكن أن يملك قدرا ً من الثقافة النفسية التي تتناسب مع مهمته‪ .‬ومما‬
‫ينبغي مراعاته في ذلك‪ -1 :‬تصحيح المفاهيم الخاطئة حول الطب النفسي‪،‬‬
‫ومنها‪ -1-1 :‬النظرة السائدة لدى المربين والمتربين التي ترى أن المتدينين‬

‫‪153‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ل يصابون بالمراض والمشكلت النفسية)‪ -2-1 .( 39‬النظرة الخرى التي‬


‫تفسر المشكلت النفسية بنقص اليمان والتدين‪ ،‬وهو وإن كان عامل ً مهما ً إل‬
‫أنه ليس بالضرورة العامل الوحيد‪ ،‬ومثل هذا التفسير له أثره على من يصاب‬
‫بمرض نفسي‪ ،‬فيشك في إيمانه ويبالغ في اتهام نفسه مما يزيد من معاناته‪.‬‬
‫‪ -3-1‬النفرة من الطب النفسي والتخوف من التعامل معه‪ -2 .‬التعريف بأبرز‬
‫المشكلت والمراض النفسية المنتشرة التي يمكن أن يواجه بها الشاب‪،‬‬
‫كالكتئاب‪ ،‬والوسواس القهري‪....‬إلخ ‪ -3‬حسن التعامل مع الشباب والستماع‬
‫لهمومهم ومشكلتهم والسعي لمساعدتهم بالرأي والتوجيه‪ ،‬مما يجعل‬
‫المربي قريبا ً منهم يستشيرونه في مشكلتهم وهمومهم‪ -4 .‬اجتناب التعامل‬
‫الخاطئ مع المشكلت النفسية الذي يزيدها تعقيدًا‪ ،‬ومن أبرز ذلك التعامل‬
‫القاسي والتأنيب لمن يصاب بالوسواس‪ ،‬وهي حالة تحدث في مواقف كثيرة‪،‬‬
‫والبعد عن لوم المصاب بهذا المرض وكثرة تحديثه عن تلعب الشيطان به‪.‬‬
‫‪ - 5‬تهذيب الدوافع وإشباعها بالطرق المشروعة‪ :‬تعرف الدوافع بتعريفات‬
‫عدة‪ ،‬منها أنها‪":‬حاجة ناقصة تتطلب الشباع‪ ،‬ويظل الفرد متوترا ً حتى تشبع‬
‫هذه الحاجة بدرجة معينة‪ .(40 )"..‬ويقسم بعض علماء النفس الدوافع إلى‬
‫ثلثة أقسام‪ :‬الول‪ :‬الدوافع العضوية‪ ،‬وتشمل حاجات الجسد كالنوم والطعام‬
‫والشراب‪ .‬الثاني‪ :‬الدوافع الدنيوية وتشمل الحاجات المادية والنفسية غير‬
‫المباشرة كالتملك‬

‫)‪(55 /‬‬

‫والنتماء والستطلع‪ .‬الثالث‪ :‬الدوافع الخروية مثل العبادة والحاجة اليمانية)‬


‫‪ .( 41‬ومما ينبغي مراعاته هنا تلفي الصطدام بالدوافع العضوية‪ ،‬ومن صور‬
‫ذلك‪ -1 :‬عدم حرمانه من النوم حين يحتاج إليه‪ ،‬وترك مطالبته بأداء واجبات‬
‫وأعمال مادام يعاني من الرغبة في النوم‪ ،‬ولقد نهى النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم عن صلة النافلة حين يكون المرء مدافعا ً للنوم‪ ،‬عن أنس بن مالك ‪-‬‬
‫رضي الله عنه ‪ -‬قال‪ :‬دخل النبي صلى الله عليه وسلم فإذا حبل ممدود بين‬
‫الساريتين فقال‪" :‬ما هذا الحبل؟" قالوا‪ :‬هذا حبل لزينب‪ ،‬فإذا فترت تعلقت‪،‬‬
‫فقال النبي صلى الله عليه وسلم‪" :‬ل‪ ،‬حّلوه ليصل أحدكم نشاطه‪ ،‬فإذا فتر‬
‫فليقعد" ) ‪ .(42‬وترك النبي صلى الله عليه وسلم وقت الصلة الفاضل‬
‫مراعاة لهذا المر‪ ،‬عن عبد الله بن عمر ‪ -‬رضي الله عنهما ‪ -‬قال‪:‬مكثنا ذات‬
‫ليلة ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلة العشاء الخرة‪ ،‬فخرج‬
‫إلينا حين ذهب ثلث الليل أو بعده‪ ،‬فل ندري أشيء شغله في أهله أو غير‬
‫ذلك‪ ،‬فقال حين خرج‪" :‬إنكم لتنتظرون صلة ما ينتظرها أهل دين غيركم‪،‬‬
‫ولول أن يثقل على أمتي لصليت بهم هذه الساعة" ثم أمر المؤذن فأقام‬
‫الصلة وصلى) ‪ -2 .(43‬أل ُيمنع من الذهاب لقضاء الحاجة حين يكون محتاجا ً‬
‫لذلك‪ ،‬ويخطئ بعض المعلمين حين ل يأذن للطالب في هذه الحالة‪ ،‬وقد نهى‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلة في هذه الحالة‪ ،‬عن عائشة ‪ -‬رضي‬
‫الله عنها ‪ -‬قالت‪ :‬سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪" :‬ل صلة‬
‫بحضرة الطعام‪ ،‬ول هو يدافعه الخبثان") ‪ .( 45)(44‬أما الدوافع الدنيوية‬
‫فتحتاج إلى التعرف عليها وكيفية إشباعها وتهذيبها بالطرق السليمة‪ ،‬أما‬
‫الخروية فيجب أن تتجه العملية التربوية كلها لتحقيقها؛ إذ ل نجاة بدونها‪- 6 .‬‬
‫تحقيق الحب في الله والبغض فيه‪ :‬الحب عاطفة قلما يخلو منها إنسان‪ ،‬ومن‬
‫ثم فلبد من أن تصرف في المصرف الشرعي‪ ،‬فهو يلبي هذه الحاجة في‬

‫‪154‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫النفس‪ ،‬ويحقق فيها هذا المر القلبي المهم‪ ،‬ويصرفها عن أن تصرف في‬
‫ميدان قد يجلب عليها الوبال في الدنيا والخرة‪ .‬والحب في الله تبارك‬
‫وتعالى ليس أدبا ً من الداب فحسب ‪ -‬كما يتصور بعض الناس‪ -‬بل هو أمر‬
‫مرتبط باليمان‪ ،‬وقد جعله النبي صلى الله عليه وسلم شرطا ً في إدراك‬
‫حلوة اليمان ولذته‪ ،‬عن أنس بن مالك ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬عن النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم قال‪" :‬ثلث من كن فيه وجد حلوة اليمان‪ :‬أن يكون الله‬
‫ورسوله أحب إليه مما سواهما‪ ،‬وأن يحب المرء ل يحبه إل لله‪ ،‬وأن يكره أن‬
‫يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار" ) ‪ .(46‬وهو مع ذلك يحقق آثارا ً‬
‫ونتائج مهمة منها‪ :‬أنه يربط الشاب بالصالحين‪ ،‬فحين يشعر أنه يتعبد بحبهم‬
‫لله عز وجل تقوى صلته معهم وتزداد‪ ،‬ويحرص على معاشرتهم ولقائهم‪،‬‬
‫وتحميه في المقابل من معاشرة أهل السوء والفساد‪ .‬ومنها أنها تمثل ميدانا ً‬
‫تصرف فيه الطاقة العاطفية‪ ،‬حتى ل تتحول إلى العشق والغرام‪ ،‬والتعلق‬
‫بالجنس الخر‪ .‬ومنها أنها تترك أثرها في سلوك الشخص؛ فمحبته للصالحين‬
‫تدعوه للقتداء والتأسي بهم‪ .‬ومن الوسائل المعينة على تحقيق الحب في‬
‫الله والبغض في الله‪ -1 :‬التعريف بفضائل الخوة في الله والحب فيه‪ ،‬وما‬
‫ده الله للمتحابين فيه في الدنيا والخرة)‪ -2 .( 47‬ربط الشاب بالقدوات‬ ‫أع ّ‬
‫الصالحة من سلف المة وتعريفه بهم‪ ،‬والعتناء بدراسة سيرهم‪ -3 .‬ربط‬
‫الشاب بالقدوات المعاصرة‪ ،‬والصحبة الصالحة وتعريفه بهم‪ ،‬وترتيب البرامج‬
‫والنشطة المشتركة معهم‪ ،‬وسبق الحديث عن هذا الجانب وأهميته‪ .‬كما‬
‫ينبغي العتناء بتأصيل معنى الحب في الله‪ ،‬وأن المقصود المحبة التي من‬
‫أجل الله عز وجل‪ ،‬والحذر من التعلق بالشخاص لعتبارات عاطفية‪ ،‬فهو‬
‫يقود إلى نتائج سيئة‪ - 7 .‬تقوية الرادة‪ :‬تمثل الرادة عامل ً مهما ً في شخصية‬
‫النسان‪ ،‬بل هي ترتبط بالهداية والضلل‪ ،‬فالضلل إما أن يكون لشبهة لبست‬
‫على صاحبها الحق بالباطل‪ ،‬أو شهوة ضعفت إرادته عن مقاومتها‪ .‬لذا عقد‬
‫ابن القيم رحمه الله بابا ً في كتابه إغاثة اللهفان بعنوان‪ :‬أن حياة القلب‬
‫وصحته ل تحصل إل بأن يكون مدركا ً للحق‪ ،‬مريدا ً له‪ ،‬مؤثرا ً له على غيره‪.‬‬
‫ور لدى الشباب اليوم تنتج من ضعف الرادة‪.‬‬ ‫ور بعد الك َ ْ‬
‫ح ْ‬
‫وكثير من حالت ال َ‬
‫ومن المور التي تعين على تقوية الرادة‪ - 1 :‬التعويد؛ فالسلوك ل يمكن أن‬
‫يتحقق بمجرد قرار يتخذه الفرد في نفسه‪ ،‬ول يمكن أن نغرسه في نفوس‬
‫أبنائنا بمجرد توجيه أو أمر نصدره إليهم‪ .‬فل بد من تعويد وتدريب للنفس‪،‬‬
‫حتى يصبح هذا السلوك سلوكا ً طبيعيا ً للنفس تؤديه بتلقائية‪ .‬وقد بّين النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم لصحابه أن من يتخلق بالخلق الحسن يعينه الله‬
‫فيتحقق لديه هذا الخلق‪ .‬عن أبي سعيد الخدري ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬إن ناسا ً‬
‫من النصار سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاهم ثم سألوه‬
‫فأعطاهم‪ ،‬ثم سألوه فأعطاهم‪ ،‬حتى نفد ما عنده فقال‪" :‬ما يكون عندي من‬
‫خير فلن أدخره عنكم‪ ،‬ومن يستعفف يعفه الله‪ ،‬ومن يستغن‬

‫)‪(56 /‬‬

‫يغنه الله‪ ،‬ومن يتصبر يصبره الله‪ ،‬وما أعطي أحد ٌ عطاًء خيرا ً وأوسع من‬
‫الصبر")‪ .( 48‬ومن المور المهمة في ذلك التعويد على ضبط العواطف‬
‫والنفعالت‪ ،‬وعدم الستجابة المطلقة لها‪ - 2 .‬تنمية القدرة على الحسم؛‬
‫فالتردد يمثل عائقا ً مهما ً من العوائق التي تحول بين النسان والسلوك الذي‬
‫يريد؛ لذا فالذين يعتادون حسم المور واتخاذ القرار يجتازون عقبات يقف‬

‫‪155‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫دونها غيرهم‪ ،‬ومن ثم فتعويد الشاب على اتخاذ القرار الواضح في حياته‪،‬‬
‫واللتزام بما يتخذه مما يقوي إرادته‪ - 3 .‬غرس الثقة في النفس؛ فنظرة‬
‫النسان لنفسه تمثل عامل ً مهما ً في حفزه على العمل ورفع همته إليه‪ ،‬ومن‬
‫ثم كان للثقة بالنفس أثرها الفعال في قوة الرادة‪ ،‬فالواثق بنفسه هو الذي‬
‫يتطلع للنجاح ويتجه للعمل‪ ،‬خلفا ً للمحبط واليائس‪ ،‬وسبق الحديث عن الثقة‬
‫بالنفس‪ -4 .‬إشعاره بالنجاز؛ فالمواقف المتنوعة التي تمّر على الفرد في‬
‫حياته تمثل ميدانا ً مهما ً يقيس من خلله نفسه ويختبرها‪ ،‬وتلقي بظللها على‬
‫حياته ومواقفه بعد ذلك‪ .‬فالنجاح الذي يحققه يدفعه لمزيد من النجاح‪ ،‬ويرفع‬
‫مستوى تطلعه وطموحه‪ ،‬ويزيده رصيدا ً من الثقة بإمكاناته وقدراته‪ .‬وفي‬
‫المقابل فالفشل يقوده إلى مواقف أخرى من الفشل‪ ،‬ويشعره بالحباط‬
‫وعدم الثقة بالنفس‪ .‬ومن ثم فإشعاره بجوانب من النجاح في حياته‪،‬‬
‫كمة مما يعزز ثقته بنفسه ويقوي إرادته‪ -5 .‬العتدال‬ ‫والتعامل مع الخطأ ِبح ْ‬
‫في توجيه الخطأ؛ ذلك أن وقوع المرء في الخطأ‪ ،‬أو إشعاره من قبل‬
‫الخرين بذلك قد يوّلد لديه إحباطا ً وشعورا ً بالفشل واليأس من إصلحه‪،‬‬
‫فينتج عن ذلك أثر عكسي‪ .‬ومن تأمل سيرة النبي صلى الله عليه وسلم وجد‬
‫ذلك الهدي القويم في التعامل مع الخطأ‪ ،‬فهو يعتني صلى الله عليه وسلم‬
‫ببيان الخطأ لمن يقع فيه حين يقتضي الموقف البيان‪ ،‬لكنه ل يتحول إلى‬
‫نظرة ثابتة ترسخ الشعور بالفشل والحباط لدى الواقع في الخطأ‪ ،‬أو تؤدي‬
‫به إلى الشعور بأن هذا الخطأ أصبح أمرا ً ملزما ً له ل يفارقه‪ .‬ومن الشواهد‬
‫على ذلك قصة أسامة ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬حيث يرويها بنفسه فيقول‪ :‬بعثنا‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة فصبحنا القوم فهزمناهم‪،‬‬
‫ولحقت أنا ورجل من النصار رجل ً منهم فلما غشيناه قال‪ :‬ل إله إل الله‪،‬‬
‫ف النصاري فطعنته برمحي حتى قتلته‪ ،‬فلما قدمنا بلغ النبي صلى الله‬ ‫فك ّ‬
‫عليه وسلم فقال‪" :‬يا أسامة‪ ،‬أقتلته بعدما قال‪ :‬ل إله إل الله؟ " قلت‪ :‬كان‬
‫متعوذًا‪ ،‬فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم)‬
‫مره صلى الله عليه وسلم على جيش أكبر من ذلك‪،‬‬ ‫‪ .(49‬وبعد هذه الواقعة أ ّ‬
‫أل وهو الجيش الذي سيغزو الروم‪ -6 .‬العتناء بالعبادات الشرعية فهي تترك‬
‫أثرها في النفوس‪ ،‬وتمدها بالزاد الذي يعينها على السير في الحياة بالطريقة‬
‫الصحيحة‪ * * * .‬تم بحمد الله الحاشية‬

‫)‪(57 /‬‬

‫)‪ ( 1‬علم النفس النبوي‪ ،‬قاسم هشام صباح‪ ،‬مؤسسة الرسالة‪) .145-144 .‬‬
‫‪ (2‬رواه البخاري )‪ (6369‬ومسلم )‪ (3 ) .(2706‬الصحة النفسية‪ :‬دراسة في‬
‫سيكولوجية التكيف‪ .‬نعمي الرفاعي ص ‪ .23‬نقل ً عن الحمد ص ‪(4 ) .37‬‬
‫السس النفسية والتربوية لرعاية الشباب‪ .‬عمر التومي ‪ (5 ) .528‬رواه‬
‫مسلم )‪ (6 ) .(2807‬رواه الترمذي )‪ (2465‬وابن ماجه )‪ (7 ) .(4105‬رواه‬
‫مسلم )‪ ( 8) .(2957‬رواه البخاري )‪ (2587‬ومسلم )‪ ( 9) .(1623‬رواه‬
‫أحمد وحسنه أحمد شاكر‪ (10 ) .‬رواه البخاري )‪ (1825‬ومسلم )‪) .(1193‬‬
‫‪ (11‬رواه البخاري )‪ (6463‬ومسلم )‪ (12 ) .(2816‬رواه أبو داود )‪.(1369‬‬
‫) ‪ (13‬رواه البخاري )‪ (14 ) .(6139‬رواه البخاري )‪ (2234‬ومسلم )‬
‫‪ (15 ) .(1703‬رواه البخاري )‪ (16 ) .(6777‬انظر‪ :‬أصول علم النفس‪.‬‬
‫أحمد عزت راجح ص ‪ ( 17) .608-607‬انظر‪ :‬علم النفس الدعوي ص ‪.87‬‬
‫وانظر أيضَا‪ :‬المؤثرات السلبية في تربية الطفل المسلم وطرق علجها‬

‫‪156‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫لعائشة جلل )‪ (239-230‬وخطر المربيات غير المسلمات على الطفل‬


‫المسلم لخالد الشنتوت‪ ( 18) .‬الطفل المسلم بين منافع التلفزيون ومضاره‪.‬‬
‫محمد عبد العليم مرسي‪ .‬مكتبة العبيكان‪1418 .‬هـ‪ .‬ص ‪ .137‬وانظر أيضًا‪:‬‬
‫ولدك والتلفزيون لعدنان الطرشة‪ (19 ) .‬منهج التربية السلمية )‪) .(1/251‬‬
‫‪ ( 20‬انظر‪ :‬اقتضاء الصراط المستقيم‪ ،‬وإغاثة اللهفان‪ ،‬ومنهج التربية‬
‫السلمية )‪ (21 ) .(1/254‬انظر مجلة البيان العدد )‪ (157‬مقال بعنوان‪:‬‬
‫بعض مايروى عن السلف يؤدي إلى الحباط‪ ( 22) .‬التربية النفسية للطفل‪.‬‬
‫عكاشة الطالبي‪ ( 23) .(88) .‬التربية النفسية للطفل‪ .‬عكاشة الطالبي‪) .‬‬
‫‪ (24 ) .(41‬المراهقون للنغيمشي )‪( 25) .(54‬التربية النفسية للطفل‪.‬‬
‫عكاشة الطالبي‪ (26 ) .(41) .‬أسس الصحة النفسية‪ .‬عبدالعزيز القوصي‪.‬‬
‫ص ‪ (27 ) .177-176‬انظر علم نفس المراحل العمرية‪ .‬عمر المفدى ص‬
‫‪ (28 ) .322‬انظر‪ :‬الحاجات النفسية للشباب ودور التربية في تلبيتها‪ .‬عمر‬
‫المفدى‪ .‬مكتب التربية العربي لدول الخليج‪ .‬وللستزادة‪ :‬إشباع الحاجات‬
‫النفسية وعلقته بالتدين‪ .‬خالد السعدي‪ .‬رسالة ماجستير غير منشورة‪.‬‬
‫جامعة المام‪ (29 ) .‬المدخل إلى علم النفس لعبد الله موسى‪ ،‬نقل ً عن‪:‬‬
‫تربية المراهق بين السلم وعلم النفس للزعبلوي‪.‬ص ‪ (30 ) .275‬انظر‪:‬‬
‫علم النفس أصوله وتطبيقاته التربوية‪ .‬مصطفى فهمي‪ .‬ص ‪(31 ) .141‬‬
‫انظر في ذلك‪ :‬إحياء علوم الدين‪ ،‬الفكر التربوي عند ابن القيم‪ ،‬تربية‬
‫المراهق بين السلم وعلم النفس‪ ،‬ل تغضب لزاهر الشهري‪ (32 ) .‬البيت‬
‫السعيد في ضوء السلم ص ‪ ( 33) .149‬تربية المراهق بين السلم وعلم‬
‫النفس‪ .‬محمد السيد الزعبلوي‪ .‬ص ‪ (34 ) .307‬انظر‪ :‬علم النفس أصوله‬
‫وتطبيقاته التربوية‪ .‬مصطفى فهمي‪ .‬مكتبة الخانجي ص ‪ ( 35) .146‬المصدر‬
‫السابق‪ .‬ص ‪ (36 ) .151‬رواه البخاري )‪ (16‬ومسلم )‪ (37 ) .(43‬رواه‬
‫البخاري )‪ (15‬ومسلم )‪ (38 ) .(44‬رواه البخاري )‪ (5997‬ومسلم )‪.(2318‬‬
‫)‪ ( 39‬انظر‪ :‬مفاهيم خاطئة حول الطب النفسي‪ .‬محمد الصغير‪(40 ) .‬‬
‫مقدمة في الدارة‪ .‬علي عبدالوهاب‪ .‬نقل ً عن علم النفس الدعوي ص ‪) .67‬‬
‫‪ (41‬علم النفس الدعوي‪ .‬عبدالعزيز النغيمشي ص ‪ (42 ) .72‬رواه البخاري‬
‫)‪ (1150‬ومسلم )‪ (43 ) .(784‬رواه البخاري )‪ (571‬ومسلم )‪(44 ) .(639‬‬
‫رواه مسلم )‪ (45 ) .(560‬انظر‪ :‬علم النفس الدعوي‪ (46 ) .‬رواه البخاري )‬
‫‪ (16‬ومسلم )‪ ( 47) .(43‬من المراجع المهمة في ذلك‪ :‬جامع الصول‪ .‬كتاب‬
‫الصحبة‪ /‬الحب في الله وحقوق الخوة لحمد فريد‪ ( 48) .‬رواه البخاري )‬
‫‪ (1469‬ومسلم )‪ (49 ) .(1053‬رواه البخاري )‪ (4269‬ومسلم )‪.(96‬‬

‫)‪(58 /‬‬

‫المصادر والمراجع ‪ -1‬إحياء علوم الدين‪.‬أبو حامد الغزالي‪ .‬دار الحديث‪:‬‬


‫القاهرة‪1412 .‬هـ ‪ -2‬إدارة الوقت‪ .‬نادر أبو شيخه‪ .‬دار مجدلوي‪ :‬عمان‪.‬‬
‫‪1991‬م ‪ -3‬أسس الصحة النفسية‪ .‬عبد العزيز القوصي‪ .‬مكتبة النهضة‬
‫المصرية‪ :‬القاهرة‪ -4 .‬السس النفسية والجتماعية لرعاية الشباب‪ .‬عمر‬
‫التومي الشيباني‪ .‬الدار العربية للكتاب‪ :‬طرابلس‪ .‬ليبيا‪1987 .‬م ‪ -5‬السماء‬
‫والصفات في معتقد أهل السنة والجماعة‪ .‬عمر الشقر‪ .‬دار النفائس‪ :‬عمان‪.‬‬
‫‪1413‬هـ‪ -6 .‬إشباع الحاجات النفسية وعلقته بالتدين‪ .‬خالد السعدي‪ .‬رسالة‬
‫ماجستير غير منشورة‪ .‬جامعة المام‪ -7 .‬أصحاب الخدود‪ .‬ياسر برهامي ‪-8‬‬
‫أصول التربية السلمية‪ .‬أمين أبو لوي‪ .‬توزيع دار ابن الجوزي‪1419 .‬هـ ‪-9‬‬

‫‪157‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أصول علم النفس‪ .‬أحمد عزت راجح‪ .‬بدون ناشر أو تاريخ نشر‪ -10 .‬أضواء‬
‫البيان في إيضاح القرآن بالقرآن‪ .‬محمد المين الشنقيطي‪1403 .‬هـ ‪-11‬‬
‫إعلم الموقعين عن رب العالمين‪ .‬ابن قيم الجوزية‪ .‬تحقيق وتعليق محمد‬
‫محيي الدين عبد الحميد‪ -12 .‬إغاثة اللهفان في مصايد الشيطان‪ .‬ابن قيم‬
‫الجوزية‪ .‬المكتب السلمي‪ :‬بيروت ‪1409‬هـ‪ -13 .‬التربية الروحية‬
‫والجتماعية في السلم‪ .‬أكرم العمري‪ .‬مركز الدراسات والعلم دار‬
‫أشبيليا‪:‬الرياض‪1417.‬هـ ‪ -14‬الهداف التربوية السلوكية عند شيخ السلم‬
‫ابن تيمية‪ .‬مكتبة المنارة‪ :‬مكة‪1408 .‬هـ ‪ -15‬أهداف التربية السلمية‬
‫وغاياتها‪ .‬مقداد يالجن‪ .‬دار الهدى‪ :‬الرياض‪1409 .‬هـ ‪ -16‬أهداف التربية‬
‫السلمية‪ .‬علي خليل أبو العينين‪ .‬مكتبة إبراهيم حلبي‪:‬المدينة ‪1408‬هـ ‪-17‬‬
‫أهداف التربية السلمية‪ .‬ماجد عرسان الكيلني‪ .‬مؤسسة الريان‪ :‬بيروت‪.‬‬
‫‪1419‬هـ ‪ -18‬أولويات الحركة السلمية في المرحلة القادمة‪ .‬يوسف‬
‫القرضاوي‪ .‬مؤسسة الرسالة‪ :‬بيروت‪1412 .‬هـ‪ -19 .‬الهداف السلوكية‪.‬‬
‫مهدي محمود سالم مكتبة العبيكان‪1418 .‬هـ‪ -20 .‬اليمان‪ .‬أبو عبيد القاسم‬
‫لم‪ .‬المكتب السلمي‪ :‬بيروت‪1403 .‬هـ ‪ -21‬البتلء والمحن في‬ ‫بن س ّ‬
‫الدعوات‪ .‬محمد أبو فارس‪ -22 .‬الحتياجات الفردية وإتقان التعلم‪ .‬نادية عبد‬
‫العظيم محمد‪ .‬دار المريخ‪ :‬الرياض‪1411 .‬هـ ‪ -23‬العتصام‪ .‬أبو إسحاق‬
‫إبراهيم بن موسى الشاطبي‪ .‬المكتبة التجارية‪ :‬مكة المكرمة‪ -24 .‬اليمان‪.‬‬
‫أبو بكر عبد الله بن أبي شيبة‪ .‬المكتب السلمي‪ :‬بيروت‪1403 .‬هـ ‪-25‬‬
‫اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم‪ .‬شيخ السلم ابن تيمية‪.‬‬
‫تحقيق ناصر بن عبدالكريم العقل‪1404 .‬هـ‪ -26 .‬البحث العلمي مفهومه‬
‫أدواته وأساليبه‪ .‬ذوقان عبيدات وآخرون‪ .‬دار الفكر‪ :‬عمان‪1992 .‬م‪-27 .‬‬
‫بدائع الفوائد‪ .‬ابن القيم الجوزية‪ ،‬مكتبة الرياض الحديثة‪ ،‬الرياض‪ .‬بدون تاريخ‪.‬‬
‫‪ -28‬بناء البيت السعيد في ضوء السلم‪ .‬مقداد يالجن‪ .‬دار المريخ‪1408 .‬هـ‪.‬‬
‫‪ -29‬التخطيط والمتابعة بين النظرية والممارسة‪ .‬طلل الغرياني‪ .‬بدون‬
‫ناشر‪1412 .‬هـ‪ -30 .‬تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم‪ .‬ابن‬
‫جماعة‪ .‬رمادي للنشر‪1415 .‬هـ‪ -31 .‬تربية المراهق بين السلم وعلم‬
‫النفس‪ .‬محمد السيد الزعبلوي‪ .‬مكتبة التوبة‪1414 .‬هـ‪ -32 .‬التربية النفسية‬
‫للطفل‪ .‬عكاشة عبد المنان الطالبي‪ .‬دار الجيل‪ :‬بيروت‪1419 .‬هـ‪-33 .‬‬
‫التربية الوقائية في السلم ومدى استفادة المدرسة الثانوية منها‪ .‬خليل‬
‫الحدري‪ .‬جامعة أم القرى‪ :‬مكة ‪1418‬هـ‪ -34 .‬الترويح التربوي‪ .‬خالد العودة‪.‬‬
‫دار المسلم‪ :‬الرياض‪1414 .‬هـ‪ -35 .‬تفسير القرآن العظيم‪ .‬ابن كثير‪ .‬ت‬
‫حسين زهران‪ .‬دار الكتب العلمية‪ .‬ط ‪1406 .1‬هـ‪ -36 .‬التفكير العلمي لدى‬
‫طلب التعليم العام في المملكة العربية السعودية‪ .‬محمد شحات الخطيب‬
‫وآخرون‪ .‬مكتبة العبيكان‪ :‬الرياض‪1418 .‬هـ‪ -37 .‬التفكير العلمي‪ .‬فؤاد‬
‫زكريا‪ .‬ذات السلسل‪ :‬الكويت‪1989 .‬م‪ -38 .‬تيسير الكريم المنان في‬
‫تفسير كلم الرحمن‪ .‬عبدالرحمن بن ناصر السعدي‪ -39 .‬جامع الصول من‬
‫أحاديث الرسول‪ .‬ابن الثير‪ .‬ت عبد القادر الرناؤوط‪ .‬دار الفكر‪ .‬ط ‪.2‬‬
‫‪1403‬هـ‪ -40 .‬جامع بيان العلم وفضله‪ .‬الخطيب البغدادي‪ .‬دار الكتب‬
‫العلمية‪ -41 .‬الجامع لخلق الراوي وآداب السامع‪ .‬ت محمود الطحان‪ .‬مكتبة‬
‫المعارف‪1403 .‬هـ‪ -42 .‬الحاجات النفسية للشباب ودور التربية في تلبيتها‪.‬‬
‫عمر المفدى‪ .‬مكتب التربية العربي لدول الخليج‪ :‬الرياض‪1414 .‬هـ‪-43 .‬‬
‫الحب في الله وحقوق الخوة‪ .‬أحمد فريد‪ -44 .‬حتى يغيروا ما بأنفسهم‪.‬‬
‫جودت سعيد‪ .‬مطبعة زيد بن ثابت‪1404 .‬هـ‪ -45 .‬حكم التمثيل في الدعوة‬

‫‪158‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫إلى الله‪ .‬عبدالله بن محمد آل هادي‪1410 .‬هـ‪ -46 .‬خطر المربيات غير‬
‫المسلمات على الطفل المسلم‪ .‬خالد الشنتوت‪ .‬بدون ناشر‪1412 .‬هـ‪-47 .‬‬
‫دور السرة في تربية أولدها في مرحلة البلوغ‪ .‬عبد الرحمن الغامدي‪ .‬دار‬
‫الخريجي للنشر والتوزيع‪:‬الرياض‪1418 .‬هـ‪ -48 .‬سبيل الدعوة السلمية‪.‬‬
‫محمد أمين المصري‪ .‬دار الرقم‪ :‬الكويت‪1400 .‬هـ ‪ -49‬سلسلة الحاديث‬
‫الصحيحة‪ .‬محمد ناصر الدين اللباني‪ .‬المكتب السلمي‪ :‬عمان‪1404 .‬هـ‬
‫‪ -50‬سنن أبي داود‪ .‬ت كمال الحوت‪ .‬دار الجنان‪ .‬ط ‪1409 .1‬هـ‪ -51 .‬سنن‬
‫ابن ماجه‪ .‬ت محمد فؤاد عبد‬

‫)‪(59 /‬‬

‫الباقي‪ .‬دار الفكر‪ -52 .‬سنن الترمذي‪ .‬ت أحمد شاكر‪ .‬دار إحياء التراث‬
‫العربي‪ -53 .‬سنن الدارمي‪ .‬ت مصطفى البغا‪ .‬دار القلم‪ .‬ط ‪1412 .1‬هـ‪.‬‬
‫‪ -54‬سنن النسائي‪ .‬ت عبد الفتاح أبو غدة‪ .‬مكتبة المطبوعات السلمية‬
‫بحلب‪ .‬ط‪1406.‬هـ‪ -55 .‬سيكولوجية المراهق المسلم المعاصر‪ .‬عبد الرحمن‬
‫العيسوي‪ .‬دار الوثائق‪1407 .‬هـ‪ -56 .‬شعب اليمان‪ .‬أبو بكر أحمد بن‬
‫الحسين البيهقي‪ .‬دار الكتب العلمية‪ :‬بيروت‪1410 .‬هـ ‪ -57‬صحيح الجامع‬
‫الصغير وزيادته‪ .‬محمد ناصر الدين اللباني‪ .‬المكتب السلمي‪ :‬بيروت‪.‬‬
‫‪1406‬هـ‪ -58 .‬صحيح سنن أبي داود‪ .‬محمد ناصر الدين اللباني‪ .‬مكتب‬
‫التربية العربي‪ .‬ط ‪1409 .1‬هـ‪ -59 .‬صحيح سنن ابن ماجه‪ .‬محمد ناصر‬
‫الدين اللباني‪ .‬مكتب التربية العربي‪ .‬ط ‪1408 .2‬هـ‪ -60 .‬صحيح سنن‬
‫الترمذي‪ .‬محمد ناصر الدين اللباني‪ .‬مكتب التربية العربي‪ .‬ط ‪1408 .1‬هـ‪.‬‬
‫‪ -61‬صحيح سنن النسائي‪ .‬محمد ناصر الدين اللباني‪ .‬مكتب التربية العربي‪.‬‬
‫ط ‪1409 .1‬هـ‪ -62 .‬صحيح مسلم بشرح النووي‪ .‬مراجعة خليل الميس‪.‬‬
‫مكتبة المعارف‪ .‬ط ‪1410 .1‬هـ‪ -63 .‬الطفل المسلم بين منافع التلفزيون‬
‫ومضاره‪.‬محمد عبد العليم مرسي‪.‬مكتبة العبيكان‪1418.‬هـ‪ -64 .‬عدة‬
‫الصابرين‪ .‬ابن قيم الجوزية‪ .‬دار الكتب العلمية‪ :‬بيروت‪ -65 .‬علم النفس‬
‫أصوله وتطبيقاته التربوية‪ .‬مصطفى فهمي‪ .‬مكتبة الخانجي‪ :‬القاهرة‪.‬‬
‫‪1396‬هـ ‪ -66‬علم النفس الدعوي‪ .‬عبدالعزيز النغيمشي‪ .‬دار‬
‫المسلم‪:‬الرياض‪1415 .‬هـ ‪ -67‬علم النفس النبوي‪ .‬قاسم هشام صباح‪.‬‬
‫مؤسسة الرسالة‪ :‬بيروت‪1415 .‬هـ ‪ -68‬علم نفس المراحل العمرية‪ .‬عمر‬
‫المفدى ‪ -69‬علم نفس النمو‪ .‬حامد عبدالسلم زهران‪ .‬عالم الكتب‪ :‬القاهرة‪.‬‬
‫‪1999‬م‪ -70 .‬العلم يدعو إلى اليمان‪ -71 .‬غريزة أم تقدير إلهي‪ .‬شوقي أبي‬
‫خليل‪ -72 .‬الغضب‪ .‬عبدالعزيز بن محمد النغيمشي‪ .‬دار المسلم‪ :‬الرياض‪.‬‬
‫‪1415‬هـ‪ -73 .‬فتاوى شيخ السلم عز الدين بن عبدالسلم‪ .‬مؤسسة‬
‫الرسالة‪ :‬بيروت‪1416 .‬هـ‪ -74 .‬فتح الباري شرح صحيح البخاري‪ .‬ابن حجر‬
‫العسقلني‪ .‬دار الكتب العلمية‪1410 .‬هـ‪ -75 .‬فصول في التفكير‬
‫الموضوعي‪ .‬عبدالكريم بكار‪ -76 .‬الفكر التربوي عند ابن القيم‪ .‬حسين‬
‫الحجاجي‪ .‬دار حافظ‪ :‬جدة‪1408 .‬هـ ‪ -77‬قواعد الوسائل في الشريعة‬
‫السلمية‪ .‬مصطفى بن كرامة الله مخدوم‪ .‬دار أشبيليا‪ :‬الرياض‪1420 .‬هـ‪.‬‬
‫‪ -78‬قيمة الزمن عند العلماء‪.‬عبد الفتاح أبو غدة‪.‬مكتبة المطبوعات‬
‫السلمية‪:‬حلب‪1410.‬هـ‪ -79 .‬لتغضب‪ .‬زاهر الشهري‪ .‬دار الشريف‪:‬‬
‫الرياض‪1415 .‬هـ‪ -80 .‬لسان العرب‪ .‬ابن منظور‪ .‬دار صادر‪ -81 .‬اللقاء‬
‫الشهري مع فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين‪ .‬عبد الله بن محمد‬

‫‪159‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الطيار‪ .‬دار الوطن‪ :‬الرياض‪1415 .‬هـ‪ -82 .‬المؤثرات السلبية في تربية‬


‫الطفل المسلم وطرق علجها‪.‬عائشة جلل‪.‬دار المجتمع‪1412 .‬هـ‪ -83 .‬مجلة‬
‫البيان‪ .‬المنتدى السلمي‪ .‬لندن‪ -84 .‬مجلة المشكاة‪ .‬تصدر عن مركز‬
‫المشكاة للستشارات العلمية والجتماعية‪ .‬الكويت‪ -85 .‬مجمع الزوائد‬
‫ومنبع الفوائد‪ .‬الهيثمي‪ .‬دار الكتاب العربي‪ -86 .‬مجموع الفتاوى‪ .‬شيخ‬
‫السلم ابن تيمية‪ .‬جمع عبد الرحمن بن قاسم‪1389 .‬هـ‪ -87 .‬المجموع‬
‫شرح المهذب‪ .‬النووي‪ .‬دار الفكر‪ -88 .‬محاضرات في سيكيولوجية النمو‪.‬‬
‫جامعة الزقازيق‪ -89 .‬المحجة في سير الدلجة‪.‬الحافظ ابن رجب الحنبلي‪.‬‬
‫دار البشائر السلمية‪ :‬بيروت‪1404 .‬هـ‪ -90 .‬المحدث الفاصل بين الراوي‬
‫والواعي‪ .‬الحسن بن عبدالرحمن الرامهرمزي‪ .‬ت محمد عجاج الخطيب‪ .‬ط‬
‫‪1404 .3‬هـ‪ -91 .‬مدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين‪.‬ابن‬
‫قيم الجوزية‪.‬دار الحديث‪ :‬القاهرة‪ -92 .‬المراهق‪ .‬نوري الحافظ‪ .‬المؤسسة‬
‫العربية للدراسات والنشر‪1990 .‬م‪ -93 .‬المراهقون‪ .‬عبدالعزيز النغيمشي‪.‬‬
‫مطابع دار طيبة‪1411 .‬هـ‪ -94 .‬مسند المام أحمد‪ .‬المام أحمد بن حنبل‬
‫الشيباني‪ .‬ترقيم محمد عبدالسلم الشافي‪ .‬دار الكتب العلمية‪ .‬ط ‪.1‬‬
‫‪1413‬هـ‪ -95 .‬المصنف‪ .‬ابن أبي شيبة‪ -96 .‬معارج القبول‪ .‬حافظ بن أحمد‬
‫الحكمي‪ .‬دار ابن القيم‪ :‬الدمام‪1410 .‬هـ‪ -97 .‬معالم في الطريق‪ .‬سيد‬
‫قطب‪ .‬دار الشروق‪ -98 .‬المعجم المفهرس للفاظ الحديث الشريف‪ .‬مطبعة‬
‫بريل بمدينة ليدن‪1967 .‬م‪ -99 .‬معجم المناهي اللفظية‪ .‬بكر أبو زيد‪ .‬دار‬
‫العاصمة‪ :‬الرياض‪1417 .‬هـ‪ -100 .‬معجم مقاييس اللغة‪ .‬ابن فارس‪ .‬دار‬
‫الفكر‪ -101 .‬مفاهيم خاطئة عن الطب النفسي‪ .‬طارق الحبيب‪ .‬دار المسلم‪:‬‬
‫الرياض‪1419 .‬هـ‪ -102 .‬مفتاح دار السعادة‪ .‬ابن قيم الجوزية‪ -103 .‬مقدمة‬
‫ابن خلدون‪ .‬عبدالرحمن بن محمد بن خلدون‪ .‬دار إحياء التراث‬
‫العربي‪:‬بيروت‪1408 .‬هـ‪ -104 .‬من أجل انطلقة حضارية شاملة‪ .‬عبدالكريم‬
‫بكار‪ -105 .‬مناقب عمر ‪ -106‬مناهج الجدل في القرآن الكريم‪ .‬زاهر عواض‬
‫اللمعي‪ -107 .‬المنهاج النبوي في دعوة الشباب‪ .‬سليمان بن قاسم العيد‪.‬‬
‫دار العاصمة‪ .‬ط ‪1415 .1‬هـ‪ -108 .‬منهج التربية السلمية‪ .‬محمد قطب‪ .‬دار‬
‫الشروق‪ .‬ط ‪1408 .8‬هـ‪ -109 .‬منهج السنة النبوية في تربية النسان‪ .‬بدير‬
‫محمد بدير مكتبة الدعوة السلمية بالمنصورة‪ .‬الطبعة الثانية‪1413 .‬هـ‬
‫‪ -110‬منهج كتابة التاريخ‬

‫)‪(60 /‬‬

‫السلمي‪ .‬محمد صامل السلمي‪ -111 .‬مهمات المناهج الدراسية في بناء‬


‫المجتمع المسلم‪ .‬محمود شوق‪ -112 .‬الموافقات‪.‬أبو إسحاق إبراهيم بن‬
‫موسى الشاطبي‪.‬دار الكتب العلمية‪:‬بيروت‪1411 .‬هـ‪ -113 .‬النحلة تسبح‬
‫الله‪ .‬محمد حسن الحمصي‪ -114 .‬النمو في مرحلة المراهقة‪ .‬محمد عماد‬
‫الدين إسماعيل‪ .‬دار القلم‪1402 .‬هـ‪ -115 .‬الوعي التربوي‪ .‬جورج شهل‬
‫وآخرون‪ -116 .‬ولدك والتلفزيون‪ .‬عدنان الطرشة‪ .‬دار الكتاب والسنة‪.‬‬
‫‪1418‬هـ‪ -117 .‬الطريق إلى الصحة النفسية عند ابن قيم الجوزية وعلم‬
‫النفس‪ .‬عبدالعزيز الحمد‪ .‬دار الفضيلة‪ :‬الرياض‪1420 .‬هـ‪.‬‬
‫فصول الكتاب‬
‫المقدمة‬
‫الفصل الول‪ :‬الهداف التربوية‬

‫‪160‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الفصل الثاني‪ :‬خصائص المرحلة‬


‫الفصل الثالث‪ :‬الجانب اليماني‬
‫الفصل الرابع‪ :‬الجانب العلمي والعقلي‬
‫الفصل السادس‪ :‬الجانب الخلقي والسلوكي‬
‫الفصل السابع‪ :‬الجانب الجتماعي‬
‫الفصل الثامن‪ :‬الجانب النفسي‬
‫المصادر والمراجع‬

‫)‪(61 /‬‬
‫ترثي أخاها صخرا ً‬
‫شعر‪ :‬الخنساء‬
‫واُر‬ ‫ن ‪ii‬عُ ّ‬ ‫ك أم بالعي ِ‬ ‫قذىً بَعين ِ ِ‬
‫ت‬ ‫ن عيني لذكراهُ إذا ‪ii‬خطر ْ‬ ‫كأ ّ‬
‫ت‬ ‫َ‬
‫تبكي لصخرٍ هي العَْبرى وقد ‪ii‬وَلهَ ْ‬
‫ت‬‫مَر ْ‬ ‫ك ما ‪ii‬عَ َ‬ ‫س فما تنف ّ‬ ‫خَنا ٌ‬ ‫تبكي ُ‬
‫حقّ ‪ii‬لها‬ ‫س على صخرٍ و ُ‬ ‫خنا ٌ‬ ‫تبكي ُ‬
‫عب ٌَر‬ ‫لبد ّ من ميتةٍ في صرفها ‪ِ ii‬‬
‫م‬ ‫ُ‬
‫م أبو عمرو ‪ii‬يسود ُك ُ‬ ‫قد كان فيك ْ‬
‫ب إذا ‪ii‬منعوا‬ ‫ها ٌ‬ ‫ب النحيزةِ و ّ‬ ‫صل ُ‬ ‫ُ‬
‫دنا‬ ‫ن صخرا لوالينا ‪ii‬وسي ّ ُ‬ ‫ً‬ ‫وإ ّ‬
‫ن صخرا ً لمقدام إذا ركبوا‬ ‫وإ ّ‬
‫م الُهداة ُ ‪ii‬به‬ ‫ن صخرا ً َلتأت ّ‬ ‫وإ ّ‬
‫ل ‪ii‬وَرِعٌ‬ ‫محّيا كام ٌ‬ ‫ل ال ُ‬ ‫جل ْد ٌ جمي ُ‬
‫ة‬
‫ط ‪ii‬أودي ٍ‬ ‫ل ألويةٍ هّبا ُ‬ ‫ما ُ‬ ‫ح ّ‬
‫حاُر راغيةٍ مْلجاُء ‪ii‬طاغي ٍ‬
‫ة‬ ‫ن ّ‬
‫لم تَره ُ جارة ٌ يمشي ‪ii‬بساحتها‬
‫مسغِبهم‬ ‫م القوم ِ شحما ً عند ‪َ ii‬‬ ‫مطع ُ‬ ‫و ُ‬
‫ت من أهلها ‪ii‬الداُر‬
‫خل ْ‬
‫ت إذ َ‬
‫ب ‪ ...‬أم ذرف ْ‬‫ل ذي ‪ii‬نس ٍ‬ ‫قد كان خالصتي من ك ّ‬
‫مدراُر‬ ‫ن ‪ِ ii‬‬ ‫ل على الخدي ِ‬ ‫ض يسي ُ‬ ‫في ٌ‬
‫ب أستاُر‬ ‫ودوَنه من جديدِ الّتر ِ‬
‫مقتاُر‬ ‫ي ِ‬ ‫ن وه َ‬ ‫لها عليه َرني ٌ‬
‫ن الدهَر ‪ii‬ضّراُر‬ ‫إذ رابها الدهُر‪ ،‬إ ّ‬
‫ل ‪ii‬وأطواُر‬ ‫والدهُر في صرفهِ حو ٌ‬
‫صاُر‬ ‫ن ‪ii‬ن ّ‬ ‫داعي َ‬ ‫م لل ّ‬ ‫م ُ‬ ‫معَ ّ‬ ‫م ال ُ‬ ‫ِنع َ‬
‫مهصاُر‬ ‫وفي الحروب جريُء الصدرِ ِ‬
‫حاُر‬ ‫شتو ‪ii‬لن ّ‬ ‫ن صخرا ً إذا ن َ ْ‬ ‫وإ ّ‬
‫قاُر‬ ‫ن صخرا إذا جاعوا لع ّ‬ ‫ً‬ ‫وإ ّ‬
‫م في رأسهِ ‪ii‬ناُر‬ ‫عل ٌ‬ ‫كأّنه َ‬
‫سعاُر‬ ‫َ ّ ِ ِ ْ‬ ‫م‬ ‫‪ii‬‬ ‫ع‬ ‫رو‬ ‫ال‬ ‫ة‬ ‫غدا‬ ‫ب‬‫ِ‬ ‫وللحرو‬
‫جّراٌر‬ ‫ِ َ‬‫‪ii‬‬ ‫ش‬ ‫للجي‬ ‫ٍ‬ ‫ة‬ ‫أندي‬ ‫شّهاد ُ‬
‫ك عانيةٍ للعظم ِ ‪ii‬جّباُر‬ ‫كا ُ‬ ‫ف ّ‬
‫لريبةٍ حين ُيخلي بيته ‪ii‬الجاُر‬

‫‪161‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫جد ّ ‪ii‬ميساُر‬
‫م ال َ‬
‫ب كري ُ‬
‫جدو ِ‬‫وفي ال ُ‬
‫ب فما للعيش ‪ii‬أوطاُر‬ ‫ُ‬
‫فقد أصي َ‬

‫)‪(1 /‬‬

‫عدنان علي رضا محمد النحوي‬


‫موجز السيرة‬
‫السم الرباعي ‪:‬‬
‫الدكتور ‪ /‬عدنان بن علي رضا بن محمد النحوي ‪.‬‬
‫الجنسية ‪:‬‬
‫سعودي ‪.‬‬
‫الميلد ‪:‬‬
‫صفد ـ فلسطين ـ ‪23/7/1346‬هـ الموافق ‪15/1/1928‬م‬
‫المؤهلت العلمية ‪:‬‬
‫دبلوم في التربية والتعليم و أصول التدريس من فلسطين ‪ ،‬وانترميديت‬
‫فلسطين ‪.‬‬
‫ً‬
‫بكالوريوس في هندسة التصالت الكهربائية من مصر بتقدير جيد جدا مع‬
‫مرتبة الشرف الثانية ‪.‬‬
‫الماجستير والدكتوراه في نفس التخصص من أمريكا ‪.‬‬
‫درجة الزمالة من معهد المهندسين الكهربائيين ـ انكلترا ‪. F.I.E.E‬‬
‫التدريب على اللغة الفرنسية وأجهزة الرسال الذاعي لمدة ستة أشهر في‬
‫فرنسا ‪.‬‬
‫التدريب في جامعة الملك سعود بالرياض في دراسات عليا في الهندسة‬
‫الكهربائية ‪.‬‬
‫العمل والخبرات العملية ‪:‬‬
‫مدرس لمدة ثماني سنوات في سوريا والكويت ‪.‬‬
‫مدير الذاعة في حمص ـ سوريا ‪.‬‬
‫مدير المشاريع الذاعية في وزارة العلم في المملكة العربية السعودية‬
‫لمدة خمسة عشر عاما ً ‪.‬‬
‫المستشار الفني لوكالة النباء السلمية ‪.‬‬
‫المستشار الفني للحرس الوطني ‪.‬‬
‫المدير العام لمؤسسة البشريات للتجارة والمقاولت ‪.‬‬
‫المدير العام لدار النحوي للنشر والتوزيع ‪.‬‬
‫النشاط العام ‪:‬‬
‫داعية مسلم لقرابة نصف قرن ‪ .‬متفّرغ حاليا ً للدعوة السلمية ‪ ،‬للدراسات‬
‫والبحاث وتطبيقها في الواقع ‪ .‬حافظ خلل مسيرته على أمانة رأيه وثبات‬
‫موقفه واستقامة مسيرته ‪ ،‬مع توافر الحجة والبينة من الكتاب والسنة ‪.‬‬
‫التحادات والجمعيات ‪:‬‬
‫عضو درجة الزمالة في معهد المهندسين الكهربائيين في انجلترا ‪.‬‬
‫عضو في مركز البحاث والدراسات السلمية في عمان ‪.‬‬
‫عضو مؤسس لرابطة الدب السلمي العالمية ‪ ،‬وعضو مجلس المناء‬
‫سابقا ً ‪ ،‬ونائب رئيس مكتب البلد العربية سابقا ً ‪.‬‬
‫عضو رابطة الدب الحديث ـ القاهرة ‪.‬‬
‫عضو الهيئة العربية العليا بفلسطين ‪.‬‬

‫‪162‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫القطار التي زارها ‪:‬‬


‫سوريا ‪ ،‬الردن ‪ ،‬لبنان ‪ ،‬مصر ‪ ،‬الكويت ‪ ،‬قطر ‪ ،‬البحرين ‪ ،‬المارات العربية‬
‫المتحدة ‪ ،‬العراق ‪ ،‬الهند باكستان ‪ ،‬ليبيا ‪ ،‬تونس ‪،‬الجزائر ‪ ،‬المغرب ‪،‬تركيا ‪،‬‬
‫اليونان ‪ ،‬إيطاليا‪ ،‬ألمانيا ‪ ،‬سويسرا ‪ ،‬بلجيكا‪،‬إنجلترا ‪ ،‬السويد ‪ ،‬فرنسا ‪ ،‬كندا ‪،‬‬
‫أمريكا ‪.‬‬
‫المؤتمرات والندوات ‪:‬‬
‫َ‬
‫مؤتمرات علمّية في جنيف ‪ ،‬ومؤتمرات فكرية وأدبية إسلمية في أقطاٍر‬
‫متعددة من العالم السلمي ‪ ،‬وكذلك ‪ :‬فرنسا ‪ ،‬إنكلترا ‪ ،‬السويد ‪ ،‬كندا ‪،0‬‬
‫الهند ‪ ،‬وغيرها ‪] .‬التفصيلت ‪ :‬راجع المزيد من السيرة الذاتية[ ‪.‬‬
‫دمة عنه إلى مؤتمرات ‪:‬‬ ‫الدراسات المق ّ‬
‫الموقف السياسي في شعر عدنان النحوي‪ .‬د‪ .‬موسى إبراهيم أبو دّقة ـ كلية‬
‫دم لمؤتمر قضايا الدب والتحديات المعاصرة‬ ‫التربية الحكومية ـ غزة مق ّ‬
‫المنعقدة في الجامعة السلمية ‪.‬‬
‫البناء اللغوي لنموذج من شعر الغربة السلمي ‪ .‬النموذج ‪ :‬ملحمة الغرباء‬
‫للدكتور‪ :‬عدنان علي رضا النحوي ‪ .‬بقلم الدكتور ‪ /‬سعد أبو الرضا ‪ ،‬قدم هذا‬
‫البحث في مؤتمر الدب السلمي في جامعة عين شمس بالتعاون مع رابطة‬
‫الجامعات السلمية ورابطة الدب السلمي في الفترة ) ‪27/4/1413-24‬هـ‬
‫الموافق ‪23/10/1993-20‬م ( ‪.‬‬
‫" الصورة الشعرية السلمية " عند الدكتور الشاعر ‪ /‬عدنان علي رضا‬
‫ة للدكتور‬ ‫النحوي ‪ .‬بقلم الستاذ محمود الدغيم ‪ .‬وتضمن البحث ترجم ً‬
‫الشاعر‪ /‬عدنان علي رضا النحوي‪ .‬وتضمن البحث إلقاء الضواء على الصورة‬
‫السلمية في شعره‪ .‬وقدم هذا البحث في " ندوة الدب السلمي " التي‬
‫أقامتها رابطة الدب السلمي العالمية بالتعاون مع مركز أكسفورد‬
‫للدراسات السلمية والتي عقدت يوم الثنين ‪ /22‬ربيع الول ‪1415‬هـ ‪-‬‬
‫‪/ 29‬آب ‪1994‬م وذلك بضيافة مركز أكسفورد للدراسات السلمية‪.‬‬
‫الدراسات الجامعية المقدمة عنه ‪:‬‬
‫الحداثة في النقد السلمي المعاصر ‪:‬‬
‫عدنان النحوي ناقدا ً ‪ /‬أدونيس نموذجًا‪ .‬أشليح حفيظة ـ إشراف الستاذ‬
‫المقري الدريسي أبو زيد ‪1992-1991‬م‪ .‬جامعة الحسن الثاني كلية الداب‬
‫والعلوم النسانية ـ ابن أمسيك ـ شعبة اللغة العربية وآدابها ‪.‬‬
‫ملحمة ربى القصى للدكتور عدنان علي رضا النحوي في ضوء نظرية النظم‬
‫لعبد القاهر الجرجاني ‪:‬‬
‫الباحثة ‪ :‬نعيمة بردوني‬
‫إشراف ‪ :‬سعيد الغزاوي ‪1993 -1992‬م ‪.‬‬
‫جامعة الحسن الثاني ـ كلية الداب والعلوم النسانية ـ شعبة اللغة العربية‬
‫وآدابها الدار البيضاء ‪ .‬لنيل الجازة في الدب ‪.‬‬
‫قصيدة الغرباء للشاعر عدنان علي رضا النحوي ‪:‬‬
‫الباحثة ‪ :‬ثميمونت السباعي ـ إشراف د‪ .‬عبدالرحمن حوطش ‪.‬‬
‫جامعة محمد الول ـ كلية الداب والعلوم النسانية ـ وجدة ‪ .‬لنيل الجازة في‬
‫اللغة العربية وآدابها ‪1997-1996‬م ‪ .‬بحث لنيل الجازة الجامعية في اللغة‬
‫العربية‪.‬‬
‫الغتراب والملحمية في شعر عدنان النحوي ‪:‬‬
‫بحث لنيل الماجستير ‪.‬‬
‫إعداد الطالب ‪ :‬عيسى بودوخة‬

‫‪163‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ِإشراف ‪ :‬د ‪ .‬حسن كاتب‬


‫جامعة المير عبد القادر للعلوم السلمية ـ قسنطينة ـ كلية الداب والعلوم‬
‫النسانية‪ ،‬قسم اللغة العربية والدراسات القرآنية‪ .‬الجزائر ـ ‪2002-2001‬م‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫عدنان علي رضا النحوي ومنهجه في تحقيق قضايا عصره ‪:‬‬


‫إعداد ‪:‬مريم عبد الوافي ـ إشراف الستاذة سلمى تليلني ‪.‬‬
‫‪1423-1424‬هـ ـ ‪2003-2002‬م ‪.‬‬
‫جامعة الحسن الثاني كلية الداب والعلوم النسانية ـ المحمدية ـ شعبة‬
‫الدراسات السلمية ‪.‬بحث لنيل درجة الماجستير ‪.‬‬
‫بحث لنيل درجة الماجستير عن شعر الدكتور عدنان علي رضا النحوي‪:‬‬
‫للنسة ليلى الشبيلي‪ .‬كلية التربية للبنات ـ قسم اللغة العربية منطقة جيزان‬
‫المملكة العربية السعودية ‪.‬‬
‫العنوان الدائم ‪:‬‬
‫ص ‪ .‬ب ‪ 1891 :‬ـ الرمز البريدي ‪11441 :‬‬
‫الرياض ـ المملكة العربية السعودية‬
‫الهاتف المباشر‪4913252 :‬ـ فاكس‪4939260 :‬‬
‫جوال ‪054132389 :‬‬
‫البريد اللكتروني‪info@alnahwi.com :‬‬
‫مع الداعية الديب الشاعر الدكتور‬
‫عدنان علي رضا محمد النحوي‬
‫السم والنسب ‪:‬‬
‫عدنان بن علي رضا بن محمد بن عبد الغني بن محمد بن عبد الغني ‪ ،‬ويمتد‬
‫النسب بعد ذلك إلى الشيخ العالم شهاب الدين أحمد الخفاجي ‪ .‬وامتداد‬
‫النسب بعد ذلك وشجرته فقدا بعد الخروج من فلسطين مع ما فقد من تراث‬
‫العائلة كالمكتبة وغيرها ‪ .‬أما لقب ) النحوي ( فقد أطلقه والي عكا حين مر‬
‫بها أحد أجداده قادما ً من القاهرة ‪ ،‬متخرجا ً من الزهر ‪ ،‬ل يتكّلم إل العربية‬
‫ماه النحوي ووله القضاء في صفد ‪.‬‬ ‫الفصحى ‪ ،‬فس ّ‬
‫المولد والنشأة ‪:‬‬
‫ولد في مدينة صفد في فلسطين في ‪23/7/1346‬هـ الموافق ‪15/1/1928‬م‬
‫‪ .‬ونشأ في بيت دين وعلم ‪ ،‬وفقه وأدب ‪ ،‬وعطاء وجهاد ‪ .‬فوالده هو المجاهد‬
‫والسياسي علي رضا النحوي ‪ ،‬وأجداده وأعمامه علماء وقضاة ‪ ،‬ومفتون‬
‫ورجال قانون وإدارة ‪ ،‬وأدباء وشعراء ‪ .‬فنشأ داعيتنا ينهل من هذا الجو الغني‬
‫دث عنها ) محمد‬ ‫منذ طفولته ‪ ،‬وينهل كذلك من مكتبة آل النحوي التي تح ّ‬
‫كرد علي ( في كتابه " خطط الشام " ‪ ،‬والتي زارها عدد من رجالت العرب‬
‫من مصر وسوريا ولبنان وفلسطين وغيرها مثل ‪ :‬أحمد زكي باشا ‪ ،‬محمد‬
‫كرد علي ‪ ،‬توفيق دياب ‪ ،‬وعدد من رجال الصحافة وآخرون ‪ .‬وكذلك كان‬
‫ينهل من أجواء الضيوف الوافدين على عائلته من العلماء والدباء ورجال‬
‫السياسة ومن مجالسهم الغنّية ‪ .‬وفي هذا الجو نشأ نشأة اليمان والعلم‬
‫والدب ‪ ،‬وتزّود بزاد كريم ‪ ،‬أطلق مع اليام مواهبه وقدرته ‪ ،‬فنظم الشعر‬
‫سنة ‪1942‬م ‪ ،‬كما يظهر في دواوينه ‪ ،‬وبرز في حياته الدراسية والعلمية ‪،‬‬
‫وجاءت مؤلفاته زاخرة بثمار ذلك الزاد وحصاد مسيرته كلها ‪ .‬يضاف إلى ذلك‬
‫مدينة " صفد " نفسها وتاريخها العريق ‪ ،‬والعلماء الفذاذ الذين ظهروا فيها‬

‫‪164‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫مثل " صلح الدين الصفدي " ‪ ،‬والجد ّ الّول لل النحوي في " صفد " ‪" :‬‬
‫شهاب الدين أحمد بن موسى بن خفاجا الصفدي " المتوفى فيها سنة ‪750‬هـ‬
‫مى باسمه ‪ " :‬جامع الخفاجي " وغيرهما‬ ‫‪ ،‬والذي له مسجد في " صفد " ُيس ّ‬
‫من العلماء ‪ .‬يضاف إلى ذلك جمال مدينة " صفد " ‪ ،‬والمناظر الطبيعية‬
‫الخلّبة التي تحيط بها مثل جبال الجليل وأعلها جبل الجرمق ‪ ،‬وجبال سوريا‬
‫ولبنان المجلوة أمام العين ‪ ،‬وبحيرة الحولة وبحيرة طبريا ونهر الردن‬
‫والسهول المحيطة بألوانها الرائعة المختلفة المتموجة ‪ ،‬هذه المواقع كلها‬
‫تحمل جزءا ً غير يسير من عظمة تاريخ السلم ومعاركه الفاصلة في التاريخ ‪،‬‬
‫ومن مسيرة النبياء والمرسلين ‪ ،‬في تاريخ حافل جعل فلسطين كلها ملكا ً‬
‫خالصا ً للسلم ‪ .‬منذ أقدم العصور ‪.‬‬
‫هذه البيئة الغنية ‪ ،‬والمناظر البهّية ‪ ،‬وجمالها الساحر ‪ ،‬وهي تسّبح خاشعة‬
‫إلى ربها وخالقها ‪ ،‬تدفع النسان إلى النظر في آيات الله ‪ ،‬والتأمل في‬
‫ب الجمال الطاهر ‪ ،‬وتهب القلب‬ ‫المرابع والفاق ‪ ،‬فتغرس في النفس ح ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫صفاء الفكر والتصور ‪ ،‬وإذا التأمل والصفاء يبعث في القلب نهجا جليا في‬
‫الحياة ‪ ،‬يقوم على صدق الرأي ووضوحه ‪ ،‬وقوة الفكر والتأمل ‪ ،‬وأمانة‬
‫الكلمة والفكرة ‪ ،‬وثبات الموقف على الحق ‪ ،‬واستقامة المسيرة والنهج ‪،‬‬
‫على إيمان وتوحيد بفضل من الله وهداية منه ‪.‬‬
‫وقد رافقت هذه النشأة الثورات المتتابعة في فلسطين منذ مرحلة الطفولة‬
‫الباكرة ‪ ،‬مما كان يلهب المشاعر ويمتزج مع ما كان يزوده به الهل والبيئة ‪،‬‬
‫ون حافزا ً إلى الجد ّ والعمل ‪ ،‬وإلى التزود ّ والعداد ‪ .‬وساهم منذ طفولته‬ ‫ليك ّ‬
‫دي للنجليز واليهود ولو بالحجارة ‪ .‬ورافق‬ ‫كما ساهم أطفال فلسطين بالتص ّ‬
‫هذه الثورات والوضاع المضطربة ضرورة التنقل وعدم الستقرار ‪ .‬وأورث‬
‫هذا كله وعيا ً سياسيا ً مبكرا ً ‪ ،‬وفهما ً واضحا ً للعدوّ وأساليبه ‪ ،‬وإدراكا ً لضعف‬
‫القوة المتوافرة عند المسلمين آنذاك ‪ ،‬مع بقاء المل مشرقا ً في النفس‬
‫والبحث المستمر عن طريق النجاة للمة ‪.‬‬
‫ولعله كان هو وزملؤه الطفال أول من حمل الحجارة و " النقيفة " و "‬
‫بارودة السيخ " وغيرها من أسلحة الطفال المعروفة آنذاك في تصيد‬
‫الدبابات والدراجات البريطانية ‪ ،‬ثم تبدأ المطاردات حتى يحتموا في أول بيت‬
‫يلقونه ‪.‬‬
‫لقد وهبت هذه النشأة داعيتنا زادا ً غنيا ً ندي ّا ً ظل يروي مسيرته كلها في‬
‫مراحلها المختلفة ‪ :‬إيمانا ً وعلما ً ‪ ،‬ونهجا ً وعطاًء ‪.‬‬
‫الدراسة والخبرة ‪:‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫م دراسته في‬ ‫م اختير لي ُت ِ ّ‬


‫أنهى دراسته البتدائية والثانوية بين صفد وعكا ‪ ،‬ث ّ‬
‫دار المعلمين بالقدس ) الكلية العربية ( ‪ ،‬والتي كان ُيختار لها الوائل من كل‬
‫مدينة في فلسطين ‪.‬‬
‫ددت أبواب الدراسة ‪ :‬علوم التربية وأصول التدريس‬ ‫وفي دار المعلمين تع ّ‬
‫وعلم النفس ‪ ،‬وعلوم الرياضيات وتاريخها والفيزياء والكيمياء ‪ ،‬واللغة العربية‬
‫ي في‬ ‫وفقه اللغة ‪ ،‬ونحوها وصرفها ‪ ،‬والبلغة والعروض ‪ ،‬والدب العرب ّ‬
‫عصوره المختلفة ابتداء من العصر الجاهلي ‪ ،‬وقليل من اللغة اللتينية ‪،‬‬
‫والمنطق ‪ ،‬وتاريخ اليونان والرومان بتفصيل واسع وتاريخ أوروبا ‪ ،‬ثم تاريخ‬
‫إنكلترا بصورة موسعة ومفصلة كثيرا ً ‪ ،‬واللغة النكليزية وتاريخها وآدابها‬

‫‪165‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫سعة جدا ً ‪.‬‬


‫ومذاهبها الدبية بصورة مو ّ‬
‫وكان في الكل ّّية العربية مكتبة غنية ‪ ،‬فحّببت إليه المطالعة ‪ ،‬فعكف على‬
‫مطالعة أهم الروايات العالمية ‪ ،‬وأهم الكتب الفكرية والدبية والتاريخية ‪ ،‬يمل‬
‫بها وقت فراغه ‪.‬‬
‫وخلل هذه السنوات درس التاريخ السلمي بصورة موجزة في المدارس ‪،‬‬
‫ل ‪ ،‬المكلف بإكمال خيوط‬ ‫التي كان يقرر مناهجها النتداب البريطاني المحت ّ‬
‫ً‬
‫دون جزءا غير قليل‬ ‫المؤامرة على فلسطين ‪ .‬ولكن البيت والهل كانوا يس ّ‬
‫من هذا النقص في دراسة السلم في المعاهد الرسمية الحكومية ‪.‬‬
‫ومن خلل هذه النشأة ومسيرة الحياة والعوامل المؤثرة كلها حفظ القرآن‬
‫الكريم ودرس تفسيره وتجويده وعلومه ‪ ،‬ودرس السّنة من الصحاح والسنن‬
‫والمسانيد ‪ ،‬ومصطلح الحديث ‪ .‬كما درس الفقه من كثير من كتبه في‬
‫المذاهب المختلفة ‪ ،‬وأصول الفقه ‪ ،‬وتابع دراسة اللغة العربية وآدابها ‪.‬‬
‫وظلت الدراسة الجادة جزءا ً رئيسا ً في حياته في مختلف العلوم ‪ ،‬تخضع إلى‬
‫ل من رغب في النهج‬ ‫دد يمضي عليه حياته كلها ‪ ،‬وكذلك ُأسرته وك ّ‬ ‫منهج مح ّ‬
‫والتزمه ‪ .‬ذلك هو المنهاج الفرديّ الذي هو جزء من النهج العام الذي يدعو‬
‫إليه ‪.‬‬
‫ونال البكالوريوس في الهندسة الكهربائية قسم التصالت بدرجة جيد جدا ً مع‬
‫مرتبة الشرف الثانية من مصر ‪ ،‬ودرجة الماجستير والدكتوراه في نفس‬
‫الختصاص العلمي من أمريكا ‪ ،‬ودرجة الزمالة من إنكلترا ‪ .‬كما أخذ دورات‬
‫تدريبية في هذا التخصص في فرنسا لدى أكبر شركاتها المتخصصة ‪ ،‬ودورة‬
‫تدريبية في الدراسات العليا في الهندسة الكهربائية في جامعة الملك سعود ‪.‬‬
‫ودرس اللغة الفرنسية في دورة عامة في جامعة بيزانسون في فرنسا ‪.‬‬
‫ومع مسيرة الحياة ‪ ،‬كان يتابع دراسة الواقع والحداث السياسية ‪ ،‬كجزء‬
‫رئيس من المنهج الثابت الذي يمضي عليه في حياته ‪ .‬وكانت دراسة الواقع‬
‫والفكر السياسي عنده تتم من خلل أهم الكتب التي تصدر باللغة العربّية‬
‫والنكليزية ‪ ،‬والمجلت المتخصصة في أبحاثها ‪ ،‬بالضافة إلى وسائل العلم‬
‫المختلفة ‪ ،‬وبالضافة إلى الصلت التي توفرها له بيئته وأهله ‪ ،‬والنشاط الذي‬
‫يتبع ذلك ‪.‬‬
‫ونمت هذه الدراسات وأخذت ميادين متعددة حين انطلق في الدعوة‬
‫السلمية في باكورة شبابه ‪ ،‬ونمت معها الخبرة ونما الزاد من العلوم‬
‫المختلفة ‪ .‬كما زادته مهنة التدريس ‪ ،‬ثم عمل في الحقل الهندسي‬
‫ومسؤولياته الكبيرة ‪ ،‬ثم العمل في المؤسسات التي أنشأها مرحليا ً ‪،‬‬
‫والرحلت والسفر إلى بعض بلدان أوروبا وأمريكا وآسيا ‪ ،‬والندوات‬
‫والمؤتمرات ‪ ،‬هذه كلها زادته خبرة وعلما ً ‪ ،‬ينضم إلى ما سبق اكتسابه في‬
‫مي رؤية غنّية ‪.‬‬‫ون مع اليام تصورا ً واضحا ً ‪ ،‬ين ّ‬ ‫مراحل مختلفة ‪ ،‬ليك ّ‬
‫النزوح ‪:‬‬
‫النزوح الول عن فلسطين بحدود سنة ‪1937‬م إلى دمشق ‪ ،‬ليلحق هو‬
‫ووالدته وإخوته بوالده الذي سبق أن خرج مع أعضاء اللجنة المركزية التي‬
‫تقود ثورة سنة ‪1936‬م ‪ ،‬اللجنة التي كان النكليز يطاردون رجالها لجهاض‬
‫الثورة ‪ .‬وكانت سوريا ولبنان تحت النتداب الفرنسي آنذاك ‪ .‬وكان النتداب‬
‫الفرنسي يضيق مجال التحرك على أعضاء اللجنة ‪ ،‬ول يسمح لهم بالقامة‬
‫في مدينة واحدة ‪ ،‬مع المراقبة اليومية ‪.‬‬
‫وكانت الحياة صعبة مع هذه الظروف ‪ .‬ولكنها سمحت لداعيتنا بالتعّرف على‬
‫المجاهدين وعلى رجالت الثورة ‪ ،‬ومتابعة الخبار ‪ .‬ولما توقفت الثورة عاد‬

‫‪166‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫مح لوالده بالعودة ‪ .‬وكان النكليز قد نسفوا بيتهم‬ ‫س َ‬


‫إلى صفد ‪ ،‬دون أن ي ُ ْ‬
‫الكبير في وسط مدينة صفد في موقع يشرف على جبل الجرمق ومواقع‬
‫جميلة أخرى ‪ .‬وظل فيه جدار واحد قائما ً ‪ .‬والحجارة التي انهارت ظلت على‬
‫الرض إلى تاريخ النزوح الثاني ‪ ،‬شاهدة على جريمة المعتدين الظالمين ‪.‬‬
‫ولكن اليهود أزالوا بعد احتللهم آثار الجريمة ‪ ،‬وأقاموا مكانها عمائرهم وأقام‬
‫مى "‬ ‫هو ووالدته وإخوته في بيت العائلة ‪ ،‬بيت الجداد ‪ ،‬البيت الذي كان ُيس ّ‬
‫م فيه دروس‬ ‫بيت القضاء " لن أجداده القضاة كانوا يقيمون فيه ‪ .‬وكان يت ّ‬
‫ً‬
‫دينّية للراغبين ‪ ،‬دروس منهجّية يتخرج منها الطالب ليزاول عمل ً شرعيا ‪.‬‬
‫مح لوالده بالعودة ‪ ،‬انتقلت العائلة إلى مدينة عكا ‪ .‬وهنالك بدأ‬ ‫س ِ‬
‫وعندما ُ‬
‫نشاطه الجتماعي والسياسي في النوادي الثقافية ‪ ،‬ومع الطلب والشباب‬
‫المتعلمين ‪ ،‬بدأ نشاطه ونشاط إخوته كذلك ‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫ون هو وبعض الطلب من مختلف مدن فلسطين اتحادا ً للطلب ‪ ،‬ليجمعوا‬ ‫ك ّ‬


‫الصفوف لمقاومة النكليز واليهود ‪ ،‬وكان من بواكير أعمالهم المظاهرة‬
‫الكبيرة في القدس ‪ ،‬المظاهرة التي ضمت مختلف كليات القدس ‪ .‬وطافت‬
‫المظاهرة شوارع القدس ‪ ،‬وانتهت في باحة المسجد القصى ‪ ،‬حيث ألقى‬
‫داعيتنا خطبة في الطلب والجماهير المحتشدة ‪ ،‬ونجد بعض الصور لهذه‬
‫المظاهرة في كتابه " على أبواب القدس " ‪.‬‬
‫وعاصر في القدس أحداثا ً جساما ً قامت بها الثورة آنذاك يقودها المجاهد عبد‬
‫القادر الحسيني رحمه الله ‪ .‬وبعد التخرج توجه إلى عكا عبر طرق خطرة ‪،‬‬
‫جاهم الله‬‫ن معه لحادث ن ّ‬ ‫حيث كانت الثورة قد اشتعلت ‪ .‬وتعّرض هو وم ْ‬
‫منه ‪.‬‬
‫ومن عكا كان النزوح الثاني إلى دمشق ليرافق والدته المريضة التي توفيت‬
‫بعد ذلك بسنة تقريبا ً يرحمها الله ‪ ،‬وبقى والده وأخواه في عكا ‪ ،‬حتى سقوط‬
‫مدينة عكا ‪ ،‬فغادروا المدينة في اللحظات الخيرة ‪ ،‬وأخذت المدن تتساقط‬
‫واحدة بعد الخرى ‪ ،‬والفواج المتلحقة من أهل فلسطين يلجؤون إلى سوريا‬
‫ولبنان وغيرهما ‪ .‬ولم يكن يدري النازحون أنه ل عودة لهم بعد هذا النزوح ‪،‬‬
‫وأن العداء يسيرون على خطة واضحة لديهم ينفذونها ‪ ،‬وأن المسلمين في‬
‫الرض ل خطة لهم ‪ .‬وكان من أخطر ما اكتشفه هو وغيره أن المسلمين في‬
‫الرض خارج فلسطين ل يدركون أن فلسطين هي أرضهم شأنها شأن‬
‫سب يوم القيامة عن ضياع‬ ‫أوطانهم ‪ ،‬وأنها مسؤولّيتهم ‪ ،‬وأن كل مسلم محا َ‬
‫فلسطين ‪ .‬كان ما يسمى بجيش النقاذ من كل البلد العربية قد دخل‬
‫جّرد أهل فلسطين من‬ ‫فلسطين لينقذ فلسطين ‪ ،‬كما كان يقال آنذاك ‪ ،‬و ُ‬
‫السلح ‪ ،‬وسقطت المدن كأنها مدن مفتوحة إل بقايا مقاومة ضعيفة ‪.‬‬
‫صة ومأساة ‪ ،‬وحيرة وتساؤل وذهول ‪.‬‬ ‫ولسقوط كل مدينة ق ّ‬
‫وزاد احتكاك داعيتنا مع رجالت فلسطين من خلل نشاط والده علي رضا‬
‫النحوي الذي كان يبذل الجهد مع إخوته ليقاظ المة وتنبيهها إلى حقيقة‬
‫فون‬‫دد العالم السلمي كله ‪ ،‬الخطر الذي يحمله اليهود الملت ّ‬ ‫الخطر الذي يه ّ‬
‫كلهم حول الصهيونية والذين تدعمهم السياسة الدولية كلها ‪.‬‬
‫وانتقل بعد ذلك داعيتنا إلى الكويت ‪ .‬وهنالك نما نشاطه السياسي والفكري ‪،‬‬
‫دد اتجاهه السلمي بشكل واضح ناضج ‪ ،‬واستمر منهجه الدراسي ‪ .‬وكان‬ ‫وتح ّ‬
‫ُيلقى محاضرة كل أسبوع عن السلم أو العمل السلمي ‪ ،‬أو قضاياه ‪ ،‬مثل‬

‫‪167‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫قضية فلسطين ‪ ،‬وغيرها ‪.‬‬


‫ومن أجل دخول الجامعة في مصر لدراسة الهندسة لم تكن تقبل شهاداته‬
‫دم لمتحان التوجيهية الكويتية ونال‬ ‫التي مر عليها أكثر من سنتين ‪ .‬فتق ّ‬
‫المرتبة الولى بمعدل غير مسبوق ‪ ،‬مما سهل دخوله الجامعة مع إعفائه من‬
‫دله العالي ‪ ,‬وانتقل إلى القاهرة ودخل الجامعة وحافظ‬ ‫الرسوم بسبب مع ّ‬
‫على تفوقه فيها ‪ .‬وتابع نشاطه السلمي ‪ .‬وفي هذه المرحلة أخذ يدرك‬
‫دم‬‫بصورة أوضح المخاطر أمام العمل السلمي وأمام المسلمين جميعا ً ‪ .‬ق ّ‬
‫ف واحد للمؤمنين المتقين ‪ ،‬لنهم‬ ‫نهجا ً بالنسبة لقضية فلسطين ‪ ،‬ليتوله ص ّ‬
‫هم أول المسؤولين والمحاسبين عن فلسطين ‪ ،‬في الدنيا والخرة ‪ .‬وهل‬
‫يعقل أن يكون أحد أكثر مسؤولية من المسلمين المؤمنين المّتقين ؟ ولكنها‬
‫كان صيحة غابت وراء الفاق ‪ ،‬وأجهض النهج والتصور كّله ‪ ،‬وقامت أنشطة‬
‫أخرى ملت الساحة آنذاك وطغت عليها ‪ ،‬ونالت الدعم كله !‬
‫وكانت هذه الفترة مليئة بالنشاط ‪ ،‬وكان المل ينمو بأن يهتدي المسلمون‬
‫إلى الطريق المستقيم المثل لمجابهة الحداث ‪ .‬وكانت الفرصة مواتية‬
‫للنطلق بصورة واعية تجمع القلوب والسواعد ‪ ،‬ولكن يبدو أن عوامل‬
‫التمزيق كانت أقوى ‪.‬‬
‫وانتقل داعيتنا بعد ذلك إلى سوريا ‪ .‬وبدأت حياته الزوجية مع انتقاله إلى‬
‫حمص ‪ ،‬حيث عمل مهندسا ً ثم مديرا ً للذاعة التي كانت في مرحلة النشاء ‪.‬‬
‫وتعّرض لمتاعب متنوعة ‪ ،‬كان من أهمها الغارات الجوية التي تنهال على‬
‫الذاعة مع كل انقلب ‪ ،‬والتي نجاه الله منها برحمته ‪ ،‬ومتاعب أخرى متعددة‬
‫‪ ،‬وانتقل إلى السعودية حيث عمل في وزارة العلم في الرياض مسؤول ً عن‬
‫محطات الرسال ‪ ،‬ثم أنشأ أول استوديو في إذاعة الرياض افتتح في أول‬
‫شهر رمضان المبارك سنة ‪1384‬هـ ‪ .‬ثم أصبح مسؤول ً عن المشروع الول‬
‫الكبير ‪ ،‬مشروع محطة إرسال الميجاواط ‪ ،‬ثم سائر مشاريع محطات‬
‫الرسال الذاعي الكبيرة التي جعلت إذاعة المملكة من أقوى الذاعات ‪.‬‬
‫فذة‬ ‫وأصبحت مسؤولية كبيرة لضخامة المشاريع ‪ ،‬ودخل مع الشركات المن ّ‬
‫ونت من أجل‬ ‫في خلفات حادة في النواحي الفنية والمالية والقانونية ‪ ،‬وك ُ ّ‬
‫ذلك لجان تحقيق رسمية ‪ ،‬وكانت نتيجة ذلك أن أعانه الله على حفظ‬
‫المشاريع من الناحية الفنية وإجبار الشركات على إصلح العيوب والخطاء ‪،‬‬
‫وعلى حفظ أموال الدولة ‪ ،‬واستعادة الدولة حقوقها المالية من الشركات ‪.‬‬
‫وته ‪،‬‬‫وأصبح موضع تقدير الشركات نفسها واحترامها ‪ ،‬لدقته العلمية وق ّ‬
‫ولنزاهته وعدالته ‪.‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫ديات‬‫ولقد مّر داعيتنا من خلل ذلك بمواقف وتحديات كثيرة وكبيرة ‪ ،‬تح ّ‬
‫علمية وفنية ‪ ،‬وقانونية ومالية ‪ ،‬وغير ذلك ‪ ،‬أمام كبار مهندسي الشركات‬
‫قق نصرا ً‬ ‫ن الله عليه بفضله ‪ ،‬فح ّ‬
‫وخبرائها الفنيين والقانونيين والماليين ‪ ،‬فم ّ‬
‫كريما نال به احترام الجميع ‪ .‬ل مجال هنا لذكر جميع هذه المواقف‬
‫والتحديات على أهميتها وطول امتدادها قرابة خمسة عشر عاما ً ‪ ،‬إل أننا‬
‫نكتفي بذكر موقفين اثنين ‪:‬‬
‫فبعد النتهاء من إحدى المفاوضات الطويلة مع إحدى الشركات وخبرائها ‪،‬‬
‫ل ما بّين لهم داعيتنا ما وقعوا فيه من أخطاء‬ ‫وبعد أن أقّرت الشركة بك ّ‬
‫ومخالفات في التنفيذ ‪ ،‬ووافقوا على دفع التعويضات المالية للدولة وإجراء‬

‫‪168‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الصلحات اللزمة ‪ ،‬وبعد أن أقروا بذلك كّله ووّقعوا عليه ‪ ،‬قام رئيس وفد‬
‫الشركة المفاوض وصافحه وخاطبه بالنكليزية ما معناه ‪ " :‬إننا نحترم‬
‫المبادئ التي حاربتنا بها ‪ ،‬واعتبر شركتنا مفتوحة لك بأي وقت وبأي مركز‬
‫ل احترام " ‪.‬‬ ‫ترغبه ‪ .‬أنت أهل لك ّ‬
‫هذا ما ِلقَيه من غير المسلمين الذين كشف لهم أخطاَءهم ورفض‬
‫إغراءاتهم ‪ ،‬ورأوا منه نهجا ً سليما ً ‪ ،‬وموقفا ً صلبا ً ‪ .‬والمؤمنون أكثر وفاء ‪،‬‬
‫وعند الله خيٌر من ذلك كله إن شاء الله ‪.‬‬
‫لقد كان الفضل كله لله إذ أعانه على أن يقدم السلم لهؤلء بالموقف‬
‫ل الغراءات وأبواب الفتنة ‪ ،‬وبالثبات على‬ ‫والسلوك ‪ ،‬والنتصار على ك ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫الحق ‪ ،‬وتحمل النتائج التي كانت أّول المر إيذاء شديدا وإرهاقا وظلما ‪ ،‬ثم‬
‫انقلبت إلى راحة نفسية ‪ ،‬وإدراك أوسع لهداية الله وفضله ‪.‬‬
‫كونت من ثلثة في نفس اختصاصه‬ ‫وموقف آخر ‪ :‬فقد رفعت لجنة فنية ُ‬
‫الهندسي تقريرا ً فنيا ً عن المشروع المشار إليه أعله ‪ ،‬تقريرا ً مخالفا ً لما ورد‬
‫في دراساته وتقاريره الفنية ‪ .‬فجمعته لجنة التحقيق بهم ليدور حوار علمي‬
‫على مسمع من جميع أعضاء اللجنة ‪ .‬وبدأ الحوار وامتد ّ حتى ظهر الحق فيما‬
‫قط في أيديهم واحمّر وجه رئيس اللجنة الفنية‬ ‫جة وعلم ‪ ،‬فأس ِ‬ ‫عرض من ح ّ‬
‫خجل ً ‪ ،‬ثم وقف وقال لم يعد من حاجة لوجودي وانسحب مع زميليه ‪ .‬ويقول‬
‫داعيتنا عن هذه المواقف ‪:‬‬
‫ديات كان الفضل فيها لله ‪ ،‬فهو الذي هداني وعصمني‬ ‫" هذه مواقف وتح ّ‬
‫ي العظيم ‪ ،‬بعد أن كانت الفتن‬ ‫وأعانني ول حول ول قوة إل بالله العل ّ‬
‫ل ناحية ‪ .‬ول أنسى فضل‬ ‫ل أسلوب تتدافع من ك ّ‬ ‫ل لون وبك ّ‬ ‫والغراءات من ك ّ‬
‫المسؤولين الذين أحاطوني بالرعاية الحانية ‪ ،‬والدعم الحق " ‪.‬‬
‫من الصعب أن توصف شدة اليذاء الذي عانى منه ‪ ،‬من هنا ومن هناك ومن‬
‫دة طويلة نسبيا ً ‪ .‬ولكننه خرج من ذلك كله بفضل من‬ ‫مصادر متعددة ‪ ،‬ولم ّ‬
‫الله ‪ :‬هداه الله وعصمه وحفظه ‪ ،‬وحسب المؤمن أن ينال ذلك ‪.‬‬
‫وكان من بين مسؤولياته في وزارة العلم أن كان المستشار الفني لوكالة‬
‫النباء السلمية ‪ .‬وشارك في وضع أسسها الفنية ومواصفاتها الرئيسة ‪،‬‬
‫ودراسة العروض التي قدمتها شركات عالمية ‪.‬‬
‫وكان هذا العمل الطويل صورة عملّية لممارسة نهجه وإيمانه وعلمه ‪ .‬ولكنه‬
‫كّلفه الكثير من صحته ‪ .‬فخرج من العمل لُتجرى له أول عملّية مفتوحة‬
‫بالقلب ‪ ،‬ثم الثانية ‪ ،‬ثم الثالثة بالبالون ‪ ،‬ثم السكري والربو ‪ ،‬وفقرات الظهر‬
‫والرقبة ‪ ،‬والركبتان ‪ ،‬وغير ذلك ‪ ،‬ومازال تحت العلج حتى اليوم ‪ .‬ويقول‬
‫داعيتنا ‪:‬‬
‫ي كبير ‪.‬‬ ‫ً‬
‫" ولقد كان لهذا البلد المسلم الذي أصبحت مواطنا فيه فضل عل ّ‬
‫ل عطائي الفكري والدبي والدعوي ‪ .‬ومن هنا نمت خبرتي ونما‬ ‫ففيه كان ك ّ‬
‫دة مؤتمرات ‪ .‬وأرجو‬ ‫دة بلدان وحضرت ع ّ‬ ‫علمي ‪ .‬ومن خلل عملي زرت ع ّ‬
‫دمت خلل إقامتي هنا ما يرضي الله سبحانه وتعالى في أكثر‬ ‫أن أكون قد ق ّ‬
‫مته ودينه‬ ‫صرا في حقّ أ ّ‬ ‫ً‬ ‫ل مق ّ‬ ‫دم المسلم لمته ودينه فيظ ّ‬ ‫من ميدان ‪ .‬ومهما ق ّ‬
‫‪ .‬الواجب كبير والمسؤولية كبيرة ‪" .‬‬
‫وأصبح يقيم في السعودية مواطنا ً ‪ .‬فأقام أول مؤسسة الُبشريات ‪ ،‬ثم دار‬
‫ً‬
‫ل ماضيا ً على نهجه ‪،‬‬ ‫ن التحديات لم تتركه ‪ ،‬وظ ّ‬ ‫النحوي للنشر والتوزيع ‪ .‬ولك ّ‬
‫صابرا ً على ما يلقيه ‪ ،‬في ميادين جديدة ‪.‬‬
‫ولقد رأى أن العتكاف على الكتابة والتأليف ووضع خلصة تجربته في الحياة‬
‫وفي العمل السلمي الطويل ‪ ،‬أتقى وخير له في دينه ودنياه ‪ ،‬معتزل ً ميادين‬

‫‪169‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫التنافس على الدنيا وزخارفها ‪ ،‬التنافس الدنيوي والجري اللهث وراء‬


‫زخارفها الكاذبة ‪ ،‬التنافس الذي مّزق المسلمين ‪ ،‬وفتح فيهم ثغرات واسعة‬
‫يدلف منها العداء ‪ ،‬ليلهبوا الفتنة ‪ ،‬ويزيدوا التمزيق ‪ ،‬ويوهنوا القوى ‪.‬‬
‫زيارته لقطار متعددة في العالم ‪:‬‬
‫زار خلل هذه المسيرة أقطارا ً متعددة في العالم من خلل نشاط علمي أو‬
‫ددة ‪ .‬ومن أهم القطار التي‬ ‫دعوي أو فكري ‪ ،‬أو أدبي‪ ،‬وحضر مؤتمرات متع ّ‬
‫زارها ‪:‬‬
‫سويسرا ‪ ،‬ألمانيا ‪ ،‬إنكلترا ‪ ،‬فرنسا ‪ ،‬بلجيكا ‪ ،‬السويد ‪ ،‬إيطاليا ‪ ،‬اليونان ‪ ،‬كندا‬
‫‪ ،‬أمريكا ‪ ،‬الكويت ‪ ،‬قطر ‪ ،‬البحرين ‪ ،‬المارات العربية المتحدة ‪ ،‬العراق ‪،‬‬
‫الهند ‪ ،‬باكستان ‪ ،‬تركيا ‪ ،‬مصر ‪ ،‬ليبيا ‪ ،‬تونس ‪ ،‬الجزائر ‪ ،‬المغرب ‪ ،‬وغيرها ‪.‬‬
‫ميدان الدعوة السلميه وميدان الحياة ‪:‬‬

‫)‪(5 /‬‬

‫قضى في هذا الميدان قرابة نصف قرن ‪ ،‬ينهل ويعطي ‪ ،‬ولقد تعّهد أجيال ً‬
‫وربى ناشئة ‪ ،‬واكتسب من خلل ذلك خبرة تنضم إلى دراسته في التربية‬
‫وعلم النفس وممارسته التدريس ثماني سنوات ‪ ،‬وسائر خبراته التي‬
‫عرضناها ‪.‬‬
‫ل يخفى على أحد ما لقاه العمل السلمي خلل هذا القرن ‪ ،‬وبصورة خاصة‬
‫في النصف الثاني منه ‪ ،‬وما كان فيه من ابتلء وتمحيص ‪ ،‬وعقبات ومشكلت‬
‫‪ ،‬وفتن ونكبات ‪ ،‬سواء أكان ذلك في الصف الداخلي أم من الخارج ‪.‬‬
‫دم نصحه بصورة مستمرة من خلل دراسات وأبحاث ‪ ،‬مع توافر‬ ‫ولقد ق ّ‬
‫الحجة والبّينة من الكتاب والسنة ‪ .‬وتكون لديه من خلل ذلك تصور واضح‬
‫ل‬‫ج الذي يدعو إليه ك ّ‬ ‫رأى ضرورة عرضه بصورة جاّدة حازمة ‪ .‬فكان المنه ُ‬
‫ل جماعة ‪ :‬نهج يحمل النظرية العامة للدعوة‬ ‫ل أسرة وك ّ‬
‫مسلم وك ّ‬
‫السلمية ‪ ،‬والدراسات التفصيلية لبنودها وعناصرها ‪ ،‬والمناهج التطبيقية ‪،‬‬
‫والنماذج العملية ‪ ،‬ليكون كّله نابعا ً من الكتاب والسنة ‪ ،‬ملبيا ً لحاجة الواقع ‪،‬‬
‫معينا للمسلم على النجاة من فتنة الدنيا وعذاب الخرة ‪ ،‬وعلى المساهمة‬
‫ي على صراط‬ ‫في تحقيق الهداف الربانية الثابتة في الحياة الدنيا ‪ ،‬والمض ّ‬
‫حت عزيمته ‪.‬‬ ‫مستقيم ‪ ،‬ذلك كله بمشيئة الله وفضله ‪ ،‬لمن صدقت نّيته وص ّ‬
‫ديات كثيرة في‬ ‫ولقد واجه داعيتنا الدكتور عدنان علي رضا محمد النحوي تح ّ‬
‫ميدان الحياة ‪ ،‬مما يمكن أن يوقع النسان في فتن ومحن ‪ .‬ولكن فضل الله‬
‫كان كبيرا ً عليه ‪ ،‬حين عصمه من الدخول في أي فتنة ‪ ،‬أو الخروج على‬
‫منهاج الله ‪ ،‬أو عدم رد ّ المور صغيرها وكبيرها إلى منهاج الله ‪ .‬فظل خلل‬
‫مسيرته كلها ‪ :‬صادق الرأي واضح الحجة والبينة ‪ ،‬أمينا ً في موقفه ثابتا ً يرجو‬
‫طاعة الله ورحمته ‪ ،‬مستقيما ً في مسيرته على صراط مستقيم ‪ .‬متجاوزا ً‬
‫القيل والقال وتّرهات المور ‪.‬‬
‫دم دراسات لمن يعنيهم المر عن نواحي الخلل والضعف في واقع‬ ‫لقد ق ّ‬
‫الدعوة السلمية ‪ ،‬دون أن يلجأ إلى نشر ذلك في وسائل العلم ‪ ،‬كما فعل‬
‫الكثيرون ‪ .‬ولقد لقى داعيتنا من التحديات مثل ما لقاه في ميادين أخرى ‪،‬‬
‫ب لدى المؤمنين الصادقين ‪ ،‬وكانت عامل ً‬ ‫وقد كان لدراسته صدىً طي ُ‬
‫مساعدا ً لتقارب النفوس والقلوب بفضل الله ‪.‬‬
‫دم في ميدان الدعوة السلمية وقضاياها وقضايا العالم السلمي‬ ‫ولقد ق ّ‬
‫دراسات جاّدة مفصلة في كتب بحدود خمسين كتابا ‪ ،‬تمثل كلها مع كتب‬

‫‪170‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫دم من خلله‬ ‫الدب والشعر والملحم النهج الذي أشير إليه أعله ‪ .‬وق ّ‬
‫نظريات متعددة مثل ‪ :‬النظرية العامة للدعوة السلمية ‪ ،‬نظرية المعرفة في‬
‫السلم لتقابل نظرية المعرفة لدى الغرب ‪ ،‬وقانون الفطرة ‪ ،‬ونظرية النهج‬
‫اليماني للتفكير ‪ ،‬ونظرية التربية في السلم ومناهجها ‪ ،‬نظرية الوسع‬
‫الصادق والوسع الكاذب ‪ ،‬وغيرها ‪.‬‬
‫قضية فلسطين وسائر قضايا العالم السلمي ‪:‬‬
‫لقد كان لداعيتنا د‪ .‬عدنان النحوي رؤية واضحة لقضية فلسطين منذ أول‬
‫شبابه ولسائر قضايا العالم السلمي ‪ .‬كان يرى أنه ل بد من الجيل المؤمن‬
‫فا ً واحدا ً بعيدا ً عن جميع مظاهر العصبيات الجاهلية التي حرمها‬
‫المتراص ص ّ‬
‫السلم ‪ ،‬ول بد من النهج الواعي المدروس ‪ ،‬والخطة الوافية المينة ‪ ،‬ول بد‬
‫من إعداد القوة كما أمر الله فذلك اقرب للتقوى وإلى طاعة الله ‪ ،‬وإلى أن‬
‫ينزل الله نصره ‪ .‬وكان هناك فسحة من الوقت آنذاك ‪ .‬وكان المؤمنون في‬
‫الرض حشدا ً كافيا ً ‪ .‬ومضت السنون والمسلمون لم يعدوا العدة ول النهج ‪،‬‬
‫وأكثروا من الشعارات والتمّزق ‪ ،‬حتى أخذت الفرص تضيق ‪ ،‬واليهود تنمو‬
‫طتهم ‪ ،‬وعدتهم وسلحهم ‪ ،‬ويزداد كسبهم على الرض جولة بعد‬ ‫قواهم وخ ّ‬
‫جولة ‪ .‬لقد حملت قضية فلسطين السلم شعارا ً ‪ ،‬وأخذت في الميدان‬
‫صورة إقليمية أو قومية ‪ ،‬وجاءت النتائج كما هي ظاهرة اليوم للعيان ‪ .‬وكان‬
‫يرى في جملة ما يراه عدم قبول دولة فلسطينية مجردة من كل أسباب‬
‫صة أرض‬ ‫القوة ‪ ،‬وعدم جواز التنازل عن أي جزء من أرض السلم وبخا ّ‬
‫ل‬‫فلسطين ‪ ،‬وأن قضية فلسطين وغيرها من ديار السلم هي مسؤولية ك ّ‬
‫مسلم والمة المسلمة كلها ‪ .‬ولذلك ل بد من جمع القوى وبناء الصف‬
‫المؤمن الواحد كالبنيان المرصوص على أساس من منهاج الله ‪.‬‬
‫نشاطه في ميدان الدب بعامة والدب السلمي بخاصة ‪:‬‬

‫)‪(6 /‬‬

‫لقد كان الدب من أهم ميادين نشاطه منذ صباه ‪ .‬وقد جمع قصائده الولى‬
‫في " ديوان الرض المباركة " ‪ ،‬ثم توالت دواوينه وملحمه الشعرية ‪ ،‬ثم امتد ّ‬
‫ددة‬
‫دمه من دراسات ومقالت نشرتها صحف متع ّ‬ ‫نشاطه الدبي في ما ق ّ‬
‫ومجلت في العالم العربي السلمي ‪ ،‬وفي كتب ومؤلفات تجاوزت ثمانية‬
‫دواوين شعرية ‪ ،‬وإحدى عشرة ملحمة ‪ ،‬وفق النظرية التي يعرضها للملحمة‬
‫دم‬‫السلمية ‪ ،‬تتناول بعض قضايا العالم السلمي ‪ .‬وفي هذه الدراسات ق ّ‬
‫نظرية الدب الملتزم بالسلم ‪ ،‬ونظرية النقد الذي اقترح تسميته بـ " النصح‬
‫الدبي " ‪ ،‬ونظرية الجمال في السلم ‪ ،‬ونظرية الملحمة في الدب الملتزم‬
‫بالسلم لتفارق التصور الوثني اليوناني ‪ ،‬ونظرية تولد النص الدبي ‪ ،‬وغير‬
‫دة ‪.‬‬ ‫ذلك من الدراسات النامية المتطورة على أسس ثابتة راسخة وجذور ممت ّ‬
‫ورد ّ على المذاهب الدبية الغربية ‪ :‬كالحداثة والبنيوية والتفكيكية والسلوبية ‪،‬‬
‫وغيرها ‪ .‬ودرس موضوع الشعر المتفّلت بين النثر والتفعيلة ‪ ،‬وبّين رأيه‬
‫ه‬
‫بوضوح الحجة والبينة برفض هذا النوع من الكلم في ساحة الشعر ‪ ،‬فحسن ُ ُ‬
‫نثر ل صلة له ول نسب مع الشعر ‪ ،‬وذلك في عدد من كتبه ‪ :‬النقد الدبي‬
‫المعاصر بين الهدم والبناء ‪ ،‬الحداثة في منظور إيماني ‪ ،‬الشعر المتفلت بين‬
‫النثر والتفعيلة وخطره ‪ ،‬الدب السلمي إنسانيته وعالميته ‪ ،‬وبّين خطر ذلك‬
‫على اللغة العربية ‪ .‬وارتبطت دراساته هذه مع دراساته للمذاهب الفكرية‬
‫والسياسية الغربية ورّده عليها ‪ ،‬مثل ‪ :‬الشتراكية والديمقراطية والراسمالية‬

‫‪171‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫والعلمانية والعولمة وغيرها ‪ ،‬وبّين عظمة النهج السلمي وحاجة البشرية‬


‫كلها إليه ‪ ،‬وإعجاز المنهاج الرباني ـ قرآنا ً وسّنة ولغة عربية ـ ‪ ،‬وقدرته على‬
‫تلبية حاجة النسان في جميع العصور وجميع الميادين وجميع الماكن‬
‫والحوال ‪ .‬ففي جميع ما كتب من مؤلفاته التي بلغت حتى الن واحدا ً‬
‫وثمانين كتابا ً في موضوعات فكرية وفقهية وتربوّية وسياسية وأدبية ودراسة‬
‫جته وبّينته من الكتاب والسّنة ‪ ،‬ومن الواقع الذي‬ ‫أحداث الواقع ‪ ،‬كانت ح ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫يرّده إلى الكتاب والسّنة ردا أمينا ‪ ،‬فجاءت كتبه تمّثل نهجا واحدا متماسكا ‪،‬‬
‫وفقها ً ممتد ّا ً يقوم على الركنين الساسيين ‪ :‬المنهاج الرباني والواقع ‪.‬‬
‫ولقد كان من أوائل من ساهم في نشاط الدعوة إلى الدب الملتزم‬
‫بالسلم ‪ .‬فقد حضر الندوة الولى للدب السلمي في لكنو ـ الهند ـ برعاية‬
‫دم فيها بحثه ‪ " :‬الخصائص اليمانية في‬ ‫ندوة العلماء سنة ‪1401‬هـ ‪ ،‬وق ّ‬
‫الدب السلمي " ‪ ،‬وقصيدته ‪ " :‬عرائس وجواهرـ هدية الشعر " ‪ .‬وكان من‬
‫المؤسسين لرابطة الدب السلمي العالمية في مؤتمرها الذي عقد في لكنو‬
‫ـ الهند ـ برعاية ندوة العلماء ورئيسها الشيخ أبي الحسن الندوي رحمه الله ‪.‬‬
‫ص الدبي‬ ‫وقدم في هذا المؤتمر بحثه المتميز " الموضوع الدبي وولدة الن ّ‬
‫" ‪ ،‬ودّرته الشعرية عن الدب السلمي " مهرجان القصيد " ‪ .‬وفي هذا‬
‫ضع النظام الساسي للرابطة ‪ .‬وأصبح داعيتنا عضوا ً مؤسسا ً‬ ‫المؤتمر وُ ِ‬
‫وعضوا ً في مجلس المناء ‪ ،‬ونائب رئيس مكتب البلد العربية ‪ .‬ولسباب‬
‫ددة اعتزل ذلك في وقت لحق ‪ ،‬وتفّرغ للدراسة والنتاج ‪ ،‬وقدم ذخائر‬ ‫متع ّ‬
‫من الفكر والشعر ‪.‬‬
‫المراكز العلمية والفكرية والدبية ‪:‬‬
‫ـ عضو بدرجة زميل في معهد المهندسيين في لندن ‪.‬‬
‫ـ عضو في مركز البحاث والدراسات السلمية في عمان ـ الردن ‪.‬‬
‫ـ عضو في الندوة العالمية للدب السلمي ـ لكهنو ـ الهند ‪.‬‬
‫ـ عضو مؤسس لرابطة الدب السلمي العالمية ‪ ،‬وعضو مجلس المناء‬
‫ونائب رئيس مكتب البلد العربية سابقا ً ‪.‬‬
‫ـ عضو رابطة الدب الحديث في القاهرة ـ مصر ‪.‬‬
‫ـ عضو الهيئة العربية العليا لفلسطين ‪.‬‬
‫المؤلفات والنهج الفكري ‪:‬‬
‫تبلغ مؤلفاته حتى الن ثمانية وثمانين كتابا ً ترجم بعضها إلى النجليزية‬
‫والتركية والوردية منها خمسة وعشرون كتابا ً في الدعوة وفكرها ومناهجها ‪،‬‬
‫والتربية والبناء ومنهاجه ‪ ،‬والفقه في الدعوة وامتداده في الحياة والدارة ‪،‬‬
‫وسبعة كتب في التوحيد وموضوعاته اليمانية ومناهج تطبيقها ‪ ،‬وتسعة عشر‬
‫كتبا ً في دراسة قضايا الواقع الفكرية وأحداثه ‪ ،‬وأحد عشر كتابا ً في دراسة‬
‫أحداث الواقع ] بما فيها الملحم الشعرية[ ‪ ،‬وخمسة كتب في الدب الملتزم‬
‫بالسلم ‪ ،‬وثلثة كتب في الرد على المذاهب الدبية الغربية وسبعة دواوين‬
‫شعرية واثنتا عشرة ملحم شعرية ‪ ،‬وثلثة كتب باللغة النكليزية ‪.‬‬

‫)‪(7 /‬‬

‫هذه الدراسات والمؤلفات في موضوعاتها المختلفة تمثل عصارة علم‬


‫المؤلف الداعية وتجربته خلل نصف قرن ‪ ،‬صاغها على صورة نظرية عامة‬
‫للدعوة السلمية بمعناها العام ‪ ،‬تقوم على قواعد اليمان والتوحيد ‪ ،‬الحقيقة‬
‫الكبرى في الكون والحياة ‪ ،‬والقضية الخطر في حياة كل إنسان ‪ ،‬وعلى‬

‫‪172‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المنهاج الرباني ‪ ،‬ودراسة الواقع من خلله ‪ ،‬ثم تأتي بنود النظرية‬


‫وعناصرها ‪ ،‬ونهج مفصل لبعض ميادين النشاط ‪ ،‬ونظام إداري ‪ ،‬ومناهج‬
‫تطبيقية ونماذج علمية ‪ ،‬لفرد والجماعة والمة ‪.‬‬
‫هذا بالضافة إلى مقالته في معظم مجلت العالم العربي والسلمي وصحفه‬
‫‪ ،‬مما يؤلف إنتاجا ً فكريا ً كبيرا ً ‪ ،‬بالضافة إلى مساهماته في المؤتمرات‬
‫والندوات الفكرية والدبية والعلمية ‪.‬‬
‫لقد قدم داعيتنا في دراساته موضوعات جديدة في الدعوة والفكر والدب ‪.‬‬
‫وكذلك كان شعره يمثل نهجا ً متماسكا ً مترابطا ً مع سائر ما يقدمه من‬
‫موضوعات ‪ ،‬لتؤلف كلها منهجا ً جديدا ً متميزا ً في واقعنا اليوم ‪ ،‬نابعا من‬
‫الكتاب والسّنة ‪ ،‬ملّبيا ً لحاجة الواقع ‪.‬‬
‫ت‪،‬‬ ‫ف ومجل ٍ‬ ‫كما كتب عنه عدد غير قليل من الدباء والمفكرين في صح ٍ‬
‫ّ‬
‫دث عنه مفكرون‬ ‫وأحاديث في بعض الذاعات ‪ ،‬ودراسات جامعية ‪ ،‬كما تح ّ‬
‫وأدباء في كتبهم ومؤلفاتهم ‪ .‬هذا علوة على الرسائل الكثيرة التي تصل من‬
‫أقطار مختلفة من القّراء والدباء والدعاة والمفكرين ‪.‬‬
‫دمة عنه إلى مؤتمرات ‪:‬‬ ‫الدراسات المق ّ‬
‫ّ‬
‫الموقف السياسي في شعر عدنان النحوي‪ .‬د‪ .‬موسى إبراهيم أبو دقة ـ كلية‬
‫دم لمؤتمر قضايا الدب والتحديات المعاصرة‬ ‫التربية الحكومية ـ غزة مق ّ‬
‫المنعقدة في الجامعة السلمية ‪.‬‬
‫البناء اللغوي لنموذج من شعر الغربة السلمي ‪ .‬النموذج ‪ :‬ملحمة الغرباء‬
‫للدكتور‪ :‬عدنان علي رضا النحوي ‪ .‬بقلم الدكتور ‪ /‬سعد أبو الرضا ‪ ،‬قدم هذا‬
‫البحث في مؤتمر الدب السلمي في جامعة عين شمس بالتعاون مع رابطة‬
‫الجامعات السلمية ورابطة الدب السلمي في الفترة ) ‪27/4/1413-24‬هـ‬
‫الموافق ‪23/10/1993-20‬م ( ‪.‬‬
‫" الصورة الشعرية السلمية " عند الدكتور الشاعر ‪ /‬عدنان علي رضا‬
‫ة للدكتور‬ ‫النحوي ‪ .‬بقلم الستاذ محمود الدغيم ‪ .‬وتضمن البحث ترجم ً‬
‫الشاعر‪ /‬عدنان علي رضا النحوي‪ .‬وتضمن البحث إلقاء الضواء على الصورة‬
‫السلمية في شعره‪ .‬وقدم هذا البحث في " ندوة الدب السلمي " التي‬
‫أقامتها رابطة الدب السلمي العالمية بالتعاون مع مركز أكسفورد‬
‫للدراسات السلمية والتي عقدت يوم الثنين ‪ /22‬ربيع الول ‪1415‬هـ ‪-‬‬
‫‪/ 29‬آب ‪1994‬م وذلك بضيافة مركز أكسفورد للدراسات السلمية‪.‬‬
‫الدراسات الجامعية ‪:‬‬
‫الحداثة في النقد السلمي المعاصر ‪:‬‬
‫عدنان النحوي ناقدا ً ‪ /‬أدونيس نموذجًا‪ .‬أشليح حفيظة ـ إشراف الستاذ‬
‫المقري الدريسي أبو زيد ‪1992-1991‬م‪ .‬جامعة الحسن الثاني كلية الداب‬
‫والعلوم النسانية ـ ابن أمسيك ـ شعبة اللغة العربية وآدابها ‪.‬‬
‫ملحمة ربى القصى للدكتور عدنان علي رضا النحوي في ضوء نظرية النظم‬
‫لعبد القاهر الجرجاني ‪:‬‬
‫الباحثة ‪ :‬نعيمة بردوني‬
‫إشراف ‪ :‬سعيد الغزاوي ‪1993 -1992‬م ‪.‬‬
‫جامعة الحسن الثاني ـ كلية الداب والعلوم النسانية ـ شعبة اللغة العربية‬
‫وآدابها الدار البيضاء ‪ .‬لنيل الجازة في الدب ‪.‬‬
‫قصيدة الغرباء للشاعر عدنان علي رضا النحوي ‪:‬‬
‫الباحثة ‪ :‬ثميمونت السباعي ـ إشراف د‪ .‬عبدالرحمن حوطش ‪.‬‬
‫جامعة محمد الول ـ كلية الداب والعلوم النسانية ـ وجدة ‪ .‬لنيل الجازة في‬

‫‪173‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫اللغة العربية وآدابها ‪1997-1996‬م ‪ .‬بحث لنيل الجازة الجامعية في اللغة‬


‫العربية‪.‬‬
‫الغتراب والملحمية في شعر عدنان النحوي ‪:‬‬
‫بحث لنيل الماجستير ‪.‬‬
‫إعداد الطالب ‪ :‬عيسى بودوخة‬
‫ِإشراف ‪ :‬د ‪ .‬حسن كاتب‬
‫جامعة المير عبد القادر للعلوم السلمية ـ قسنطينة ـ كلية الداب والعلوم‬
‫النسانية‪ ،‬قسم اللغة العربية والدراسات القرآنية‪ .‬الجزائر ـ ‪2002-2001‬م‪.‬‬
‫عدنان علي رضا النحوي ومنهجه في تحقيق قضايا عصره ‪:‬‬
‫إعداد ‪:‬مريم عبد الوافي ـ إشراف الستاذة سلمى تليلني ‪.‬‬
‫‪1423-1424‬هـ ـ ‪2003-2002‬م ‪.‬‬
‫جامعة الحسن الثاني كلية الداب والعلوم النسانية ـ المحمدية ـ شعبة‬
‫الدراسات السلمية ‪.‬بحث لنيل درجة الماجستير ‪.‬‬
‫بحث لنيل درجة الماجستير عن شعر الدكتور عدنان علي رضا النحوي‪:‬‬
‫للنسة ليلى الشبيلي‪ .‬كلية التربية للبنات ـ قسم اللغة العربية منطقة جيزان‬
‫المملكة العربية السعودية ‪.‬‬
‫المؤتمرات والندوات الخارجية التي شارك فيها ‪:‬‬
‫‪ .1‬مؤتمر الترددات الذاعية للموجة المتوسطة ـ جنيف ـ سويسرا ـ في‬
‫شهري أكتوبر ونوفمبر سنة ‪1975‬م ‪.‬‬
‫‪ .2‬مؤتمر دراسات في الدب السلمي وإنشاء الندوة العالمية للدب‬
‫السلمي ـ لكنهو ـ الهند ـ برعاية ندوة العلماء في لكنهو ـ المشاركة ‪ :‬بحث‬
‫بعنوان ) خصائص الدب السلمي ـ قصيدة ‪ :‬عرائس وجواهر ( ـ في الفترة )‬
‫‪11‬ـ ‪6/1401 (13‬هـ الموافق )‪17‬ـ ‪4/1981(19‬م ‪.‬‬

‫)‪(8 /‬‬

‫‪ .3‬مؤتمر الدب وإنشاء رابطة الدب السلمي ـ لكهنو ـ الهند ـ برعاية ندوة‬
‫العلماء في لكهنو ـ المشاركة ‪ :‬قصيدة ‪ ) :‬مهرجان القصيد ( ـ في الفترة )‬
‫‪25‬ـ ‪4/1406(27‬هـ الموافق )‪7‬ـ ‪1/1986(9‬م ‪.‬‬
‫‪ .4‬مؤتمر الدب السلمي ـ استانبول ـ تركيا ـ لقاء مجلس المناء وندوات‬
‫عن الدب السلمي ـ المشاركة ‪ :‬ملحمة القسطنطينية ) أو قصيدة ‪:‬‬
‫فتحان ( ـ في الفترة )‪14‬ـ ‪10/1406(23‬هـ الموافق )‪21‬ـ ‪6/1986(30‬م ‪.‬‬
‫‪ .5‬ندوة المدائح النبوية ‪ :‬المدائح النبوية تاريخها وأساليبها ـ أورانج أباد ـ الهند‬
‫ـ المشاركة ‪ :‬بحث بعنوان ) الطار الصحيح والسلوب المثل لمدح الرسول‬
‫صلى الله عليه وسلم ( ـ قصيدة في ) مدح الرسول صلى الله عليه وسلم (‬
‫ـ في الفترة )‪26‬ـ ‪2/1409(28‬هـ الموافق )‪7‬ـ ‪10/1988(9‬م ‪.‬‬
‫‪ .6‬ندوة الدب السلمي ‪ :‬دور الدب السلمي في طرد الستعمار وتحرير‬
‫البلد ـ حيدر أباد ـ الهند ـ المشاركة ‪ :‬بحث بنفس العنوان ـ في الفترة )‪ 8‬ـ‬
‫‪3/1410 (10‬هـ الموافق )‪7‬ـ ‪10/1989 (9‬م‬
‫‪ .7‬المؤتمر السنوي الثاني عشر لتحاد الطلب والعمال المسلمين في أوروبا‬
‫‪ :‬مبادئ أساسية في العمل السلمي ‪ ،‬وندوة شعرية ـ كولن ـ ألمانيا ـ‬
‫المشاركة ‪ :‬بحث يحمل نفس عنوان المؤتمر ـ قصيدة ) زغردة الخيام (‬
‫وقصائد أخرى ـ في الفترة )‪29/11‬ـ ‪1407(4/12‬هـ الموافق )‪25‬ـ ‪(29‬‬
‫‪7/1987‬م ‪.‬‬

‫‪174‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ .8‬المؤتمر السنوي الرابع عشر لتحاد الطلب والعمال المسلمين في أوروبا‬


‫‪ :‬المسلمون في أوروبا كولن ـ ألمانيا ـ المشاركة بموضوع ‪ ) :‬أثر الحداثة‬
‫في الواقع السلمي ( ـ في الفترة )‪29‬ـ ‪12/1409(30‬هـ الموافق )‪29/7‬ـ‬
‫‪1989 (2/8‬م ‪.‬‬
‫‪ .9‬مؤتمر الجامعة الصيفية للصحوة السلمية ـ وزارة الوقاف والشئون‬
‫السلمية ـ الدار البيضاء ‪ /‬المغرب ـ المشاركة بموضوع ‪ ) :‬الصحوة‬
‫السلمية إلى أين ؟ ( صدر بعد ذلك في كتاب تحت نفس السم ـ في الفترة‬
‫)‪7‬ـ ‪12/1411(9‬هـ الموافق )‪8/1990(28/30‬م ‪.‬‬
‫‪ .10‬الملتقى الدولي الول للفن السلمي ـ جامعة المير عبد القادر للعلوم‬
‫السلمية ـ قسنطينة ‪ ،‬الجزائر ـ المشاركة ببحث بعنوان ) تقويم نظرية‬
‫الحداثة ( ـ صدر بعد ذلك كتاب تحت نفس السم ـ عدد من القصائد في‬
‫الندوات ـ عدة محاضرات في عدد من المدن الجزائرية ـ في الفترة )‪10‬ـ‬
‫‪5/1411(13‬هـ الموافق )‪27‬ـ ‪11/1990 (30‬م ‪.‬‬
‫‪ .11‬مؤتمر الدب السلمي ‪ ،‬وندوة شعرية ـ جامعة عين شمس ) بالتعاون‬
‫مع رابطة الجامعات السلمية ورابطة الدب السلمي ( ـ القاهرة ‪ ،‬مصر ـ‬
‫المشاركة ببحث عنوانه ) موقف الدب السلمي من الحداثة ( ـ قصيدة‬
‫سيراييفو ـ في الفترة )‪24‬ـ ‪4/1413(27‬هـ الموافق )‪20‬ـ ‪10/1992(22‬م ‪.‬‬
‫‪ .12‬مؤتمر اتحاد الطلبة المسلمين في باكستان ) المؤتمر الثاني ‪ ،‬الملتقى‬
‫التاسع عشر ( المشروع السلمي بين النظرية والتطبيق ـ إسلم أباد ‪،‬‬
‫باكستان ـ المشاركة ‪ :‬بحث عنوانه ) حوار بين الشورى والديمقراطية ( ‪،‬‬
‫وبحث آخر بعنوان ) القصى بين الفكر والسياسة ( ‪ ،‬مشاركة في ندوة‬
‫شعرية في الفترة )‪25‬ـ ‪3/1413(28‬هـ الموافق )‪22‬ـ ‪9/1992(25‬م ‪.‬‬
‫‪ .13‬الندوة الشعرية في مركز الدراسات والبحوث السلمية ـ قاعة المركز‬
‫السلمي الثقافي بجبل اللويبدة عمان ‪ ،‬الردن ـ المشاركة ‪ :‬بقصيدة‬
‫) الغرباء ( صدر بعد ذلك كتاب) ملحمة الغرباء (ـ في يوم ‪23/11/1405‬هـ‬
‫الموافق ‪8/8/1985‬م ‪.‬‬
‫‪ .14‬الندوة الشعرية لفغانستان ـ التحاد السلمي للطلب ‪ ،‬فرانكفورت ‪،‬‬
‫ألمانيا ـ المشاركة بقصيدة ) ملحمة الجهاد الفغاني ( صدر بعد ذلك مع‬
‫قصائد أخرى في كتاب ) ملحمة الجهاد الفغاني ( في يوم ‪3/2/1408‬هـ‬
‫الموافق ‪26/9/1987‬م ‪.‬‬
‫‪ .15‬الندوة الشعرية لفلسطين ـ مركز حركة التحرير الفلسطيني ـ الرياض ‪،‬‬
‫ت العميق ( في يوم‬ ‫صم َ‬ ‫ن فَ ّ‬
‫جَر ال ّ‬ ‫م ْ‬
‫السعودية ـ المشاركة بقصيدة ) َ‬
‫‪10/7/1408‬هـ الموافق ‪27/2/1988‬م ‪.‬‬
‫‪ .16‬مهرجان فلسطينـ جمعية الصلح والتوجيه الجتماعي ‪ ،‬دبي ‪ /‬رأس‬
‫الخيمة ‪ /‬المارات ـ المشاركة بقصيدة ) ملحمة فلسطين ( في الندوة‬
‫الشعرية في دبي ـ موضوع ) ملحمة فلسطين ( الندوة الفكرية في رأس‬
‫ت بعد ذلك كلها مع قصائد أخرى في كتاب ) ملحمة فلسطين (‬ ‫مع ْ‬
‫ج ِ‬
‫الخيمة ‪ُ ،‬‬
‫ـ الفترة )‪1‬ـ ‪9/1408 (2‬هـ الموافق )‪17‬ـ ‪4/1988(18‬م ‪.‬‬
‫‪ .17‬الندوة الدبية ‪ ،‬مع ندوة شعرية وحوار أدبي وفكري وسياسي ـ جمعية‬
‫الصلح الجتماعي ‪ ،‬الكويت ـ المشاركة ‪ :‬كلمة حول الدب السلمي بعنوان‬
‫) تفاعل الديب المسلم مع ما حوله ( ـ حوار أدبي حول ) الشعر العمودي‬
‫والشعر الحر ( ‪ ،‬حوار فكري حول ) البيت والمرأة في السلم وبناء المة‬
‫المسلمة ( الفترة )‪20‬ـ ‪7/1407/(28‬هـ الموافق )‪20‬ـ ‪3/1987/(8‬م ‪.‬‬
‫‪ .18‬الندوة الشعرية لفلسطين وأفغانستان ـ مركز الملك فيصل للبحوث‬

‫‪175‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫والدراسات السلمية ـ الرياض ‪ ،‬السعودية ـ المشاركة ‪ :‬جزء من ) ملحمة‬


‫القصى ( ‪ ،‬قصيدة ) على أبواب كابل ( ـ في يوم ‪20/8/1409‬هـ الموافق‬
‫‪27/3/1989‬م ‪.‬‬

‫)‪(9 /‬‬

‫‪ .19‬الندوة الشعرية للنتفاضة الفلسطينية ـ وكالة رئاسة المحاكم الشرعية‬


‫والشئون الدينية ـ الدوحة ‪ ،‬قطر ـ المشاركة ‪:‬مختارات من ) ملحمة‬
‫فلسطين ( و) ملحمة القصى( ـفي الفترة )‪19‬ـ ‪5/1410/(20‬هـ الموافق )‬
‫‪17‬ـ ‪12/1989/(18‬م ‪.‬‬
‫‪ .20‬الندوة الشعرية لفلسطين ـ مكتب حركة التحرير الفلسطينية ‪ ،‬الرياض ‪،‬‬
‫السعودية ـ المشاركة قصيدة ) أشواق النصر وحنين العودة ( ـ في يوم‬
‫‪12/5/1410‬هـ الموافق ‪10/12/1989‬م ‪.‬‬
‫‪ .21‬الملتقى الدولي للدب في وجدة ـ المغرب ـ قامت به مجلة المشكاة‬
‫وجامعة محمد الول في وجدة ورابطة الدب السلمي ‪ ،‬عنوان المؤتمر‬
‫) رسالة الدب والشهود الحضاري ( ‪ ،‬المشاركة بموضوع ) رسالة الدب بين‬
‫نهجين وحضارتين ( ‪،‬وبقصيدة ) تحية إلى الملتقى الدولي للدب السلمي‬
‫في وجدة( ‪ ،‬في الفترة من )‪2‬ـ ‪4/1415(4‬هـ الموافق )‪7‬ـ ‪9/1994(9‬م ‪.‬‬
‫‪ .22‬المؤتمر الرابع عشر للرابطة السلمية في ستوكهولم بالسويد تحت‬
‫عنوان ‪ ) :‬المسلمون في الغرب مقومات وتحديات ( ‪ ،‬المشاركة بموضوع‬
‫) لمحات عن الواقع وأضواء على طريق النجاة ( ‪ ،‬وبخطبة الجمعة بالعربية‬
‫والنجليزية بعنوان ) الولء ( ومحاضرتين باللغة النجليزية للمسلمين‬
‫والمسلمات من السويد في الفترة )‪21‬ـ ‪ (23‬رجب ‪1415‬هـ الموافق )‪23‬ـ‬
‫‪12/1994(25‬م ‪.‬‬
‫‪ .23‬الندوة الشعرية في البرنامج الثقافي لسبوع البوسنة والهرسك في‬
‫مدينة الرياض تحت رعاية إمارة الرياض ‪ ،‬المشاركة بقصيدة ) شوق ودماء‬
‫في البوسنة والهرسك( ‪ ،‬وبقصائد مختارة من ) ملحمة البوسنة والهرسك‬
‫الجريمة الكبرى ( ‪ .‬يوم الثلثاء ‪ 1‬رمضان ‪1415‬هـ الموافق ‪ 31‬يناير‬
‫‪1995‬م ‪.‬‬
‫‪ .24‬ندوة شعرية ‪ :‬أقامها فرع رابطة الدب السلمي في عمان ـ بمناسبة‬
‫وجود الدكتور عدنان النحوي بعمان ‪ :‬المشاركة بست قصائد ‪ ) :‬كل يوم‬
‫قوافل تتوالى ـ زخرف وحقيقة ـ فجر موستار ـ وقفة في تاج محل ـ الفجر‬
‫الدامي ـ للئ الشعر أوزان وقافية ( ‪،‬الربعاء ‪25/4/1416‬هـ الموافق‬
‫‪20/9/1995‬م ‪.‬‬
‫‪ .25‬مؤتمر اتحاد المنظمات السلمية في فرنسا ‪ :‬المنعقد في باريس في‬
‫لوجيه تحت عنوان مقتضيات ) النتماء إلى السلم ( ـ المشاركة بمحاضرة‬
‫بعنوان ‪ ) :‬التعامل مع مجتمع غير مسلم من خلل النتماء إلى السلم ( ـ‬
‫كما أقيمت للدكتور عدنان النحوي ندوة شعرية يوم الجمعة ألقى فيها ثلث‬
‫قصائد ‪ ) :‬زخرف وحقيقة ـ كل يوم قوافل تتوالى ـ فجر موستار ( ‪.‬‬
‫‪ .26‬الندوة العلمية الثالثة عشرة لرابطة الدب السلمي ‪ :‬في مدينة حيدر‬
‫أباد الهند حول ) أدب الوصايا والمواعظ ( المشاركة ببحث عنوانه ) أدب‬
‫الوصايا والمواعظ ومنزلته في السلم وخصائصه اليمانية والفنية ( والقصائد‬
‫‪ ) :‬زخرف وحقيقة ‪ ،‬تحية إلى حيدر أباد وجامعة دار العلوم سبيل السلم (‬
‫الفترة )‪20‬ـ ‪ (22‬جمادى الخرة ‪1417‬هـ الموافق )‪1‬ـ ‪ (3‬نوفمبر ‪1996‬م ‪.‬‬

‫‪176‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ .27‬المؤتمر التاسع عشر بعنوان ) المشروع السلمي بين النظرية‬


‫والتطبيق ( ـ المنعقد في إسلم أباد في باكستان ـ الفترة )‪22‬ـ ‪ (25‬سبتمبر‬
‫‪1992‬م ‪.‬‬
‫‪ .28‬الندوة الشعرية في جامعة قطر ـ الدوحة ‪ :‬اللجنة الثقافية في كلية‬
‫النسانيات والنشاط الثقافي ـ كليات البنات ـ المشاركة بعدد من القصائد ـ‬
‫الربعاء ‪ 17‬ذو القعدة ‪1414‬هـ الموافق ‪ 27‬إبريل ‪1994‬م ‪.‬‬
‫‪ .29‬مؤتمر الدب السلمي في خدمة الدعوة ـ الذي دعت إليه رابطة‬
‫الجامعات السلمية وروابط الدب السلمي وجامعة الزهر ـ المنعقد في‬
‫القاهرة في الفترة )‪26‬ـ ‪ (28‬يونيو ‪1999‬م ـ المشاركة ببحث عنوانه ) أدب‬
‫الوصايا والمواعظ ( وبقصيدتين ) كوسوفا ـ رعشات تموج في شفتيا ( ‪.‬‬
‫‪ .30‬ندوة في رابطة الدب السلمي في عمان حول ‪ ) :‬فكر الدكتور عدنان‬
‫علي رضا النحوي في الحداثة وعمود الشعر ‪ ،‬والشعر الحر ‪ ،‬ولقاء‬
‫المؤمنين ( في حوار مع الستاذ عبد الله الطنطاوي يوم الخميس ‪22‬جمادى‬
‫الولى ‪1420‬هـ الموافق ‪ 2‬سبتمبر ‪1999‬م ‪.‬‬
‫‪ .31‬مؤتمر الهيئة العامة لرابطة الدب السلمي العالمية وندوة ) تعريف‬
‫المفاهيم عن الدب السلمي ( ‪ ،‬المنعقد في القاهرة بين ‪6/6‬ـ‬
‫‪9/6/1423‬هـ الموافق ‪15/8‬ـ ‪18/8/2002‬م ‪ ،‬شارك ببحث بعنوان ) الدب‬
‫السلمي في موضوعاته ومصطلحاته ( وكذلك بقصيدة ) ملحمة فلسطين ( ‪.‬‬
‫وأجرت بعض الصحف والمجلت حوارات معه حول الدب والفكر ‪.‬‬
‫‪ .32‬الندوات الدبية والفكرية التي يحضرها بالرياض ‪:‬‬
‫ـ ندوة الستاذ عبد العزيز الرفاعي رحمه الله ‪ :‬مساء كل خميس وقد امتدت‬
‫أكثر من ‪ 25‬سنة ‪.‬‬
‫ـ ندوة الوفاء ‪ :‬عميدها الشيخ احمد باجنيد مساء كل خميس ‪.‬‬
‫ل أسبوع ‪.‬‬‫ـ ندوة الشيخ عثمان الصالح ‪ :‬مساء الثنين من ك ّ‬
‫ـ ندوة مركز حمد الجاسر الثقافي ‪ :‬صباح كل خميس ‪.‬‬
‫ـ ندوة اللواء أنور عشقي ‪.‬‬
‫‪---‬‬
‫موقع النترنت ‪www.alnahwi.com :‬‬
‫البريد اللكتروني ‪info@alnahwi.com :‬‬

‫)‪(10 /‬‬

‫ترجمة ما فيه بعض المخالفات الشرعية‬


‫المجيب ‪ ...‬أ‪.‬د‪ .‬سعود بن عبدالله الفنيسان‬
‫عميد كلية الشريعة بجامعة المام محمد بن سعود السلمية سابقا ً‬
‫التصنيف ‪ ...‬الفهرسة‪ /‬العقائد والمذاهب الفكرية‪/‬مسائل متفرقة‬
‫التاريخ ‪05/08/1425 ...‬هـ‬
‫السؤال‬
‫ً‬
‫أقوم حاليا بترجمة كتاب فلسفي‪ ،‬وورد به بعض العبارات والفكار المنافية‬
‫للتوحيد والعقيدة‪ ,‬فهل يجوز ترجمة مثل هذا الكتاب؟ مع الخذ في العتبار‬
‫عدم قدرتي على التعليق على الكتاب‪ ،‬وبيان ما به من أخطاء؛ لعدم سماح‬
‫الكاتب بذلك‪.‬‬
‫الجواب‬
‫الحمد لله وحده‪ ،‬والصلة والسلم على رسول الله‪ ،‬وبعد‪:‬‬

‫‪177‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ل بد من معرفة نسبة المنافاة للتوحيد والعقيدة فيما يراد ترجمته‪ ،‬فإن كان‬
‫الكتاب مشتمل ً على أفكار مخالفة للمعلوم من الدين بالضرورة‪ ،‬كوحدانيته –‬
‫سبحانه‪ -‬واليمان بالرسل‪ ،‬والكتب المنزلة‪ ،‬والملئكة‪ ،‬والجنة والنار‪ ،‬ونحو‬
‫ذلك من أركان السلم واليمان‪ ،‬إذا كان المر كذلك فل تجوز ترجمة هذا‬
‫الكتاب أو نشره‪ ،‬أو العانة على ذلك بأي صورة كانت‪ ،‬وإن كانت أفكار‬
‫الكتاب عامتها سليمة وقليل فيها المخالفة لبعض أمور العتقاد كتأويل بعض‬
‫صفات الله‪ ،‬وكذلك هذه الكتب المراد ترجمتها مفيدة للمة في دينها أو‬
‫دنياها‪ ،‬جاز حينئذ ترجمتها ما دام النفع فيها أكبر من الضرر‪ ،‬كما يوجد في‬
‫كتب بعض السلف كالحافظ ابن حجر‪ ،‬والسخاوي‪ ،‬والنووي‪ ،‬كتأويل بعض‬
‫الصفات على مذهب الشاعرة والعز بن عبد السلم‪ ،‬وابن الجوزي‪ ،‬والوفاء‬
‫بن عقيل‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬فإن كانت أخطاء صاحب الكتاب المراد ترجمته كأخطاء‬
‫هؤلء العلماء فل أرى بترجمته بأسًا‪ ،‬وإن كنت أنصح لك بعدم ترجمته؛ فمن‬
‫ترك شيئا ً لله عوضه الله خيرا ً منه‪ .‬والله أعلم‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ترجمة معاني القرآن إلى الروسية‬


‫لقد صدق الله ‪ -‬سبحانه ‪ -‬إذ يقول في محكم كتابه‪} :‬والله متم نوره ولو كره‬
‫الكافرون{ )الصف‪ (8 :‬ومصداق هذه الية ما نراه اليوم من انتشار السلم ‪-‬‬
‫والحمد لله ‪ -‬في كثير من بقاع العالم‪ ،‬على الرغم من أن حال المسلمين‬
‫اليوم ليس بالحال الذي ُترضى شفاعته‪ ،‬وعلى الرغم كذلك مما يكيده أعداء‬
‫السلم ويدبرونه؛ للنيل من هذا الدين‪.‬‬
‫بالمس كان هناك ما يسمى بالتحاد السوفيتي‪ ،‬الذي عانى المسلمون في‬
‫ظله كثيًرا من الظلم والكبت‪ ،‬والحرمان من أبسط حقوقهم؛ فقد كانت‬
‫سا بذلك ُيعاقب أشد العقاب‪،‬‬ ‫ممارسة العبادة ممنوعة‪ ،‬وكان من ُيضبط متلب ً‬
‫حولت متاحف يقصدها طلب السياحة‬ ‫ُ‬
‫دمت أو أغلقت أو ُ‬‫أما المساجد فقد هُ ّ‬
‫ومحبو الثار‪..‬‬
‫ولكن وبعد أن آل حال دولة التحاد السوفيتي إلى ما آل إليه‪ ،‬بدأ الناس‬
‫يتنفسون الصعداء‪ ،‬ويمارسون عبادتهم بشيء من الحرية‪.‬‬
‫وقد ظهرت في الونة الخيرة ترجمة لمعاني القرآن الكريم باللغة الروسية‪،‬‬
‫قامت بترجمتها الدكتورة )إيمان فاليريا بوروخوفا( وتم طبع ما يقرب من مئة‬
‫ألف نسخة من هذه الترجمة‪ ،‬ووزعت جميع نسخها داخل دولة روسيا‬
‫التحادية‪.‬لكن مما يؤخذ على هذه الترجمة أنها تضمنت العديد من الخطاء‬
‫التي وقعت فيها المترجمة‪ ،‬ولم تتنبه إليها‪ ،‬فعسى أن تحاول استدراكها في‬
‫طبعات قادمة إن شاء الله‪ .‬وُيشار إلى أن المؤلفة كانت قد حصلت على‬
‫تصريح من الزهر الشريف باعتماد هذه الترجمة‪ ،‬واعتماد نشرها وتوزيعها‪.‬‬
‫ولت هذه الطبعة من قبل بعض رجال العمال في دول المارات‬ ‫وقد م ّ‬
‫والكويت والسعودية وقطر وليبيا‪ .‬ومن المفيد القول في هذا السياق‪ :‬إن‬
‫هذه الترجمة للقرأن ‪ -‬بما لها وما عليها ‪ -‬ليست هي الترجمة الجيدة للقرآن‬
‫الكريم إلى اللغة الروسية‪ ،‬بل الترجمة الفضل هي ترجمة المنتخب‪ ،‬أو ما‬
‫يسمى بالترجمة المصرية‪ ،‬فهذه الترجمة الخيرة لقت قبول ً مشهوًدا لدى‬
‫المسلمين من الشعب الروسي‪.‬‬
‫ومع أن عدد المسلمين اليوم في روسيا يبلغ ما يقرب من ستة مليين نسمة‪،‬‬
‫غير أن الكثير منهم ل يعرفون عن السلم إل السم‪ ،‬وعلى الرغم كذلك من‬

‫‪178‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫جهود التنصير المبذولة في تلك الديار‪ ،‬إل أن السلم آخذ ‪ -‬والحمد لله ‪ -‬في‬
‫التوسع والنتشار؛ فقد بلغ عدد المساجد في روسيا قرابة ‪ 25‬ألف مسجد‪،‬‬
‫بيد أن تلك المساجد ل تزال غير قادرة على القيام بدورها المنوط بها على‬
‫الوجه المطلوب والمأمول؛ وهذه الترجمة الجديدة لمعاني القرآن سوف‬
‫تسهم في توعية المسلمين بدينهم من جانب‪ ،‬كما أنها سوف تسهم في‬
‫كسب مسلمين جدد في تلك البقاع‪.‬‬
‫يشار أخيرا ًَ إلى أن ترجمة معاني القرآن إلى اللغة الروسية هي الترجمة رقم‬
‫‪ 106‬من ترجمات القرآن الكريم للعديد من لغات العالم‪ ،‬وقد سبقت هذه‬
‫الترجمة للغة الروسية ترجمة أخرى قامت بها د‪ .‬سمية عفيفي‪ ،‬أستاذة اللغة‬
‫الروسية بجامعة عين شمس‪ ،‬وتمت تحت إشراف الزهر‪ ،‬ووزارة الوقاف‬
‫المصرية‪ ،‬والمركز العلى للشؤون السلمية‪ ،‬ولقت هذه الترجمة قبول ً‬
‫واستحساًنا لدى الشعوب الناطقة بالروسية‪ .‬وصدق الله القائل في محكم‬
‫غال ِب عََلى أ َمره ول َك َ‬
‫ن{ )يوسف‪(21 :‬‬ ‫س ل ي َعْل َ ُ‬
‫مو َ‬ ‫ن أك ْث ََر الّنا ِ‬
‫ْ ِ ِ َ ِ ّ‬ ‫ه َ ٌ‬ ‫كتابه‪َ} :‬والل ّ ُ‬
‫نسأل الله الكريم أن يعز السلم والمسلمين‪ ،‬وأن يرفع راية الحق والدين‪،‬‬
‫إنه خير مسؤول‪ ،‬وأرجى مأمول‪ ،‬وهو ولي الصالحين‪ ،‬والحمد لله رب‬
‫العالمين‪.‬‬
‫‪26/07/2003‬‬
‫‪ http://www.islamweb.net‬المصدر ‪:‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ترجمة معاني القرآن‬


‫ُ‬
‫التبليغ وسيلة من وسائل الدعوة إلى الله ‪ -‬سبحانه ‪ ،-‬وقد أمر به ‪ -‬صلى الله‬
‫ن‬ ‫ن َرب ّ َ‬
‫ك وَإ ِ ْ‬ ‫م ْ‬
‫ك ِ‬ ‫ما أ ُن ْزِ َ‬
‫ل إ ِل َي ْ َ‬ ‫ل ب َل ّغْ َ‬‫سو ُ‬ ‫َ‬
‫عليه وسلم ‪ -‬بقوله ‪ -‬تعالى ‪َ} :-‬يا أي َّها الّر ُ‬
‫ه{ )المائدة‪ (67 :‬وإذ كانت رسالة السلم رسالة‬ ‫سال َت َ ُ‬ ‫ما ب َل ّغْ َ‬
‫ت رِ َ‬ ‫ل فَ َ‬
‫فعَ ْ‬ ‫لَ ْ‬
‫م تَ ْ‬
‫ل لغات الناس التي‬ ‫جعْ َ‬ ‫عالمية‪ ،‬وكانت حكمة الله البالغة قد اقتضت َ‬
‫يتفاهمون بها ويتواصلون لغاًتا متعددة ومختلفة‪ ،‬فقد كانت الترجمة وسيلة‬
‫مهمة في إيصال رسالة السلم إلى الناس كافة‪.‬‬
‫ول يخفى أن القرآن الكريم نزل بلغة العرب‪ ،‬وبهذا كانت العربية وعاء هذا‬
‫الدين‪ ،‬إل أن هناك كثيًرا من الشعوب والحضارات ‪ -‬التي دخلت دين السلم‬
‫أو دخل السلم إليها ‪ -‬ل ينطق أهلها بالعربية‪ ،‬ومن هنا كانت الصعوبة في‬
‫فهم رسالة هذا الدين وتطبيقه التطبيق السلم‪ ،‬وهكذا كان تعدد اللغات بين‬
‫شعوب العالم من المشكلت التي تواجه الدعاة والمبلغين وتقف عقبة في‬
‫طريقهم‪.‬‬
‫فعلى سبيل المثال ل الحصر يتحدث سكان القارة الفريقية بما يزيد عن‬
‫‪ 400‬لغة‪ ،‬وبعض دول تلك القارة لديها ما يقرب من مائة لغة كنيجيريا وكينيا‪،‬‬
‫ويقدر علماء اللغات أن عدد لغات العالم يصل إلى ما بين ‪ 5000-2500‬لغة‬
‫موزعة على القارات الخمس‪ ،‬وتقول الحصائيات في هذا الشأن‪ :‬إن حوالي‬
‫ثلثي سكان العالم يتحدثون ‪ 27‬لغة فقط‪ ،‬بينما يتحدث الثلث الخر بقية‬
‫اللغات‪...‬فإذا تأملنا حجم هذه الرقام أدركنا حجم المشكلة وأدركنا بالتالي‬
‫أهمية الترجمة‪ ،‬ودرجة الهمية التي ينبغي أن تعطى لها‪.‬‬
‫وفي خضم هذه المشكلة وحاجة الشعوب السلمية للتعرف على دينها‬
‫وقراءة كتاب ربها ظهرت بعض الجهود الفردية في ترجمة القرآن الكريم‪ ،‬إل‬
‫ما‪ ...‬ومع كل‬ ‫أنها افتقدت الترتيب والتخطيط فلم تؤت ثمارها المرجوة تما ً‬

‫‪179‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ذلك فقد ساهمت هذه الجهود بشكل فعال في قطع الطريق أمام‬
‫دا في هذا الدين كاد يدخل منه أعداؤه المتربصون به‪،‬‬ ‫دت مس ّ‬ ‫المغرضين‪ ،‬وس ّ‬
‫كل ذلك في غياب الجهود الجماعية والرسمية التي كان ينبغي عليها أن‬
‫تنهض للقيام بمثل هذه المهمة التي ل يمكن أن تكون على مستوى الفراد‬
‫فحسب‪.‬‬
‫ول تزال تلك الشعوب تتطلع إلى اليوم الذي ُتشاد فيه الهيئات الرسمية التي‬
‫تتولى أمر هذه المهمة بعد أن أصبحنا نعيش في عصر المؤسسات وأصبح‬
‫لكل أمر هيئة تتعهده وتقوم عليه من اقتصاد وسياحة ورياضة وغير ذلك‪،‬‬
‫ونأمل أن نرى اليوم الذي توجد فيه المؤسسات والهيئات العلمية المتخصصة‬
‫بترجمة القرآن الكريم إلى لغات العالم كافة‪ ،‬وما ذلك على الله بعزيز‪.‬‬
‫ن{)الصف‪ (8 :‬والحمد لله رب العالمين‪.‬‬ ‫م ُنورِهِ وَل َوْ ك َرِهَ ال ْ َ‬
‫كافُِرو َ‬ ‫مت ِ ّ‬ ‫}َوالل ّ ُ‬
‫ه ُ‬
‫‪26/07/2003‬‬
‫‪ http://www.islamweb.net‬المصدر‪:‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫تزويج المعاقين والمجانين‬


‫المجيب ‪ ...‬أ‪.‬د‪ .‬سعود بن عبدالله الفنيسان‬
‫عميد كلية الشريعة بجامعة المام محمد بن سعود السلمية سابقا ً‬
‫التصنيف ‪ ...‬الفهرسة‪ /‬فقه السرة‪ /‬النكاح‪/‬الكفاءة في النكاح‬
‫التاريخ ‪22/2/1425 ...‬هـ‬
‫السؤال‬
‫ً‬
‫)‪ (1‬هل يجوز زواج المعاقين والمتخلفين عقليا؟ ولماذا؟‪.‬‬
‫)‪ (2‬هل هناك شروط لتزويجهم؟ وهل تنطبق عليهم شروط الزواج؟‪.‬‬
‫)‪ (3‬كيف يمكن للمعوق المتخلف عقليا ً القيام بواجباته )واجباتها( الزوجية؟‪.‬‬
‫)‪ (4‬هل يقبل السلم بذرية معوقة ومتخلفة عقليًا؟‪.‬‬
‫)‪ (5‬كيف يمكن أن نتعامل مع زواج المعوقين والمتخلفين عقليًا؟‪.‬‬
‫الجواب‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫يحسن بنا قبل الجواب أن نقسم العاقة العقلية إلى ثلثة مستويات‪ :‬خفيفة‬
‫ومتوسطة وشديدة‪ ،‬والذي يحدد أنواع إعاقة العيان المصابين بها هم أهل‬
‫المعاق أنفسهم والطباء المختصون‪.‬‬
‫أما عن جواب السؤال الول‪ :‬فنقول من كانت إعاقته العقلية )تخلفه( خفيفة‬
‫أو متوسطة فيجوز زواجه بمثله أو بمن هو سليم إذا رضي وقِبل )رضيت‬
‫وقبلت( بذلك ويقوم أولياؤهم بإجراء مراسيم الزواج لهم –كما نص الفقهاء‬
‫على ذلك كلهم في المذاهب الفقهية‪ -‬أما لماذا وكيف يزوجون والحالة هذه؟‬
‫فلن الزواج شريعة إلهية وفطرة إنسانية قال تعالى‪":‬يا أيها الناس اتقوا‬
‫ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجال ً كثيرا ً‬
‫ونساء‪]"...‬النساء‪ ،[1 :‬وقال تعالى‪":‬ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم‬
‫أزواجا ً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة" ]الروم‪ ،[21 :‬وثبت عن النبي‬
‫–صلى الله عليه وسلم‪ -‬في سنن أبي داود)‪ ،(2050‬وسنن النسائي)‪(3227‬‬
‫وابن حبان)‪ (4056‬عن معقل بن يسار – رضي الله عنه‪ -‬قال‪ :‬جاء رجل إلى‬
‫رسول الله –صلى الله عليه وسلم‪ -‬فقال‪ :‬إني أصبت امرأة ً ذات حسب‬
‫ومنصب إل أنها ل تلد أفأتزوجها؟ فنهاه‪ ،‬ثم أتاه الثانية فنهاه‪ ،‬ثم أتاه الثالثة‬

‫‪180‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فنهاه‪ ،‬فقال‪" :‬تزوجوا الولود الودود فإني مكاثٌر بكم"‪ ،‬فهذا نهي من النبي –‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ -‬للرجل السليم عن نكاح الزوجة العقيم‪ ،‬ومثله المرأة‬
‫السليمة من الرجل العقيم وفي لفظ‪":‬تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم‬
‫المم يوم القيامة"‪ ،‬والنبياء يوم القيامة يتكاثرون ويتفاخرون بكثرة أتباعهم؛‬
‫كما في حديث‪" :‬يأتي النبي يوم القيامة ومعه الرهط‪ ،‬ويأتي النبي ومعه‬
‫الرجل والرجلن‪ ،‬والنبي وليس معه أحد وإني لرجو أن أكون أكثرهم تابعًا"‬
‫فيقال له‪ :‬انظر إلى الفق فإذا سواد يمل الفق ثم قيل لي انظر هاهنا وهاهنا‬
‫في آفاق السماء فإذا سواد قد مل الفق قيل‪ :‬هؤلء أمتك" رواه البخاري)‬
‫‪ ،(5705‬ومسلم)‪ ،(220‬فتكثير النسل في المة المسلمة مقصود للشارع‬
‫وإن قل فيهم الفقه في الدين كما عند المتخلفين عقليا ً ثم إن هؤلء‬
‫المتخلفين عقليًا‪ ،‬قد يكونون سبب نزول البركات والخيرات واندفاع البليا‬
‫والمصائب العظيمة عن جميع أفراد المجتمع حيث يدرون ول يدرون‪ ،‬وقد جاء‬
‫بالثر "هل ترزقون وتنصرون إل بضعفائكم" رواه البخاري)‪ (2896‬والمتخلف‬
‫العقلي ‪-‬أيا ً كانت درجته‪ -‬فهو ضعيف كما هو مشاهد ومعلوم‪.‬‬
‫جواب السؤال الثاني‪:‬‬
‫ً‬
‫نعم تنطبق أركان الزواج وشروطه على المتخلفين عقليا كالسوياء‪ ،‬ويقوم‬
‫أولياؤهم الشرعيون بإمضائها وإجرائها‪.‬‬
‫جواب السؤال الثالث‪:‬‬
‫أما كيف يمكن للمعاقين عقليا ً – ذكورا ً كانوا أو إناثًا‪ -‬أن يقوموا بواجباتهم‬
‫الزوجية فمتروك لهم هم ربما يعرفون ذلك كالسوياء أو أكثر‪ ،‬لن هذه‬
‫در وعلم وقوع بعض‬ ‫غريزة فطرية لجميع البشر بل لكل المخلوقات‪ ،‬وإن ق ّ‬
‫الممارسات غير الشرعية بينهم كعدم تجنب الوقاع في الحيض ونحوه‬
‫فينبهون على عدم جوازه –إن كانوا يفهمون‪ -‬وإن لم ينبهوا فل شيء عليهم‬
‫‪-‬إن شاء الله‪ -‬في ذلك؛ لن هذا حد علمهم و"ل يكلف الله نفسا ً إل وسعها"‬
‫]البقرة من الية‪ ،[286 :‬أما إذا كان المتخلف عقليا ً ل يحسن الصلة‬
‫والطهارة فارتكابه لمثل هذه المنهيات والمحرمات معفو عنه أص ً‬
‫ل؛ لعدم‬
‫تكليفه شرعا ً والقاعدة الشرعية تقول‪):‬إذا سلب الله ما وهب )العقل( سقط‬
‫ما وجب )عموم التكاليف((‪.‬‬
‫جواب السؤال الرابع‪:‬‬
‫أما هل يقبل السلم بذرية معوقة فنعم وسبق الشارة إلى ذلك في الجواب‬
‫الول لدخولهم في مفهوم تكثير النسل بتكثير أمة محمد –صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ،-‬صحيح أن اعتبار الكيف في المة من الصلح والنفع أهم من زيادة‬
‫العدد المجردة‪.‬‬
‫هذا فيما يخص رغبة الناس السوياء أما في حكم الله فالمر ليس كذلك‪ ،‬ثم‬
‫إنه ليس لزما ً وحتما ً أن تزوج المعاقين عقليا ً بعضهم ببعض ينتج ذرية معاقة‪،‬‬
‫وإن كان هذا نسبته ظاهرة في الواقع ولكنها ليست قطعية في كل أحد‪،‬‬
‫فالمشاهد أن بعض المعاقين عقليا ً أنجبوا ذرية سليمة وصالحة قال الله‬
‫سبحانه‪":‬يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ً ويهب لمن يشاء الذكور أو‬
‫م قدير" ]الشورى‪-49 :‬‬ ‫يزوجهم ذكرانا ً وإناثا ً ويجعل من يشاء عقيما ً إنه علي ٌ‬
‫‪ ،[50‬ومشيئة الله سبحانه عامة للسوياء والمتخلفين عقليا ً لنهم كلهم خلق‬
‫الله وتحت إرادته وأمره‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫‪181‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫جواب السؤال الخامس‪:‬‬


‫أرى أنه من المناسب أن يتعامل الناس )المجتمع كله( مع زواج المعاقين‬
‫عقليا ً كما يلي‪:‬‬
‫)‪ (1‬إن كانت العاقة شديدة جدا ً ول يمكن التعامل معها سلمياً‪ ،‬كأن ُيقطع أو‬
‫يغلب على الظن أنها تهدد حياة المعاق ومن حوله فهذه الحالة ل يجوز شرعا ً‬
‫التزاوج بينهما‪.‬‬
‫)‪ (2‬وإن كانت حالة المتخلف العقلي )العاقة( متوسطة فيمكن أن يعطى‬
‫بعض العلجات المهدئة والتي تمنع النجاب إذا رضي أولياء الزوجين بعد أن‬
‫يقرر الطباء المختصون أنهم سينجبون أطفال ً معاقين مثلهم أو أشد‪.‬‬
‫)‪ (3‬من كانت حال تخلفه العقلي خفيفة فيعامل معاملة الزواج السوياء مما‬
‫يرفع معنوياته حتى يحس أنه مثل غيره من الناس‪ ،‬وعلى كل حال فإن زواج‬
‫المتخلف عقليا ً مما يخفف ضرره على نفسه وتعديه على غيره علوة على ما‬
‫قد يسببه من خير للمة كلها بسبب الرعاية والعناية بهذه الشريحة من الناس‬
‫من المجتمع‪.‬‬
‫وفق الله الجميع إلى كل خير وصلى الله على نبينا محمد‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫تساؤلت حول مصطلح الوسطية *‬


‫عبد الرحمن بن عبد الخالق ‪14/4/1426‬‬
‫‪22/05/2005‬‬
‫منذ بضعة عشر عاما ً فقط‪ ..‬أصبح لفظ الوسطية متداول ً بصورة واسعة‪،‬‬
‫واستعمله كثير ممن ينتسبون إلى الفكر السلمي والعلم الشرعي ‪.‬‬
‫وأصبح شأنه‪ ،‬كشأن كثير من المصلحات‪ ،‬التي ل اتفاق حول مدلولها ‪ ،‬يعطيه‬
‫كل معنى مغاير لما يعطيه الخر ‪.‬‬
‫ولما كان لفظ الوسطية يطلق ويراد به المنهج والشرعة والدين‪ ،‬أو يطلق‬
‫ويراد به تيار مخصوص من تيارات المة‪ ،‬وأصبح لزاما ً على من يستعملون‬
‫هذا اللفظ الحادث أن يعلموا ماذا يريدون منه ؟ وماذا يريدون به؟‬
‫وهنا أطرح مجموعة من التساؤلت حول المصطلح الجديد في الفكر‬
‫السلمي‪.‬‬
‫‪ -‬هل الوسطية لفظ يراد به السلم الحق والحنيفية السمحة ؟ أم يراد به‬
‫الدللة على منحى خاص ؟‬
‫ومجموعة مخصوصة من أمة السلم اختاروا من عقائده ما رأوا أنه الدين‬
‫الوسط ؟ واعتقاد الفرقة الناجية ؟ فيكون بذلك لفظ الوسطية كلفظ )أهل‬
‫السنة والجماعة( والسلفية ونحو ذلك؟‬
‫‪ -‬هل لهذه الوسطية –اليوم‪ -‬مرجعية دينية يرجع إليها ؟ وتحكم على أن هذا‬
‫المعتقد أو العبادة أو العمل داخل في معنى الوسطية أو خارج عنها ؟ وأين‬
‫هذا المرجع‪ ..‬شيخا ً أو كتابا ً ؟‬
‫‪ -‬إذا كان لفظ الوسطية لم يمض على تداوله إل عقد واحد من الزمان ‪،‬‬
‫ل يخرج منه بمفهوم في‬ ‫أصبح يتكلم فيه أصناف شتى من الناس ‪ ،‬وك ٌ‬
‫العقيدة والعمل غير ما يعرضه الخر‪ ،‬ومنهم من بات يخصص الوسطية‪،‬‬
‫ة عوراء‪ ،‬وأخرى‬ ‫فيقول‪ ":‬الوسطية المستبصرة "‪ ..‬مما يعني أن هناك وسطي ً‬
‫عمياء!!‬
‫‪ -‬عندما يطلق بعض الناس لفظ الوسطية‪ ،‬ويريدون به ‪-‬حسب قولهم‪-‬‬

‫‪182‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫"السلم المعتدل"‪ ..‬فما ملمح السلم الوسط ؟‬


‫وهذا يحتاج إلى بيان معنى الوسطية في العبادات والعقائد‪ ،‬وسيكون تصنيفا ً‬
‫جديدا ً لهل السلم‪ ،‬يضاف للتصنيفات السابقة في مسميات الفرق والعقائد‪.‬‬
‫‪ -‬أليس من الخير لهل السلم أن يكتفوا بالتصنيف القديم والسماء‪ ،‬التي‬
‫اشتهرت من قبل وأصبح لها مدلول معلوم كأهل السنة ونحو ذلك ؟‬
‫‪ -‬ستكون الوسطية جناية جديدة على أمة السلم‪ ،‬إذا أريد بها إسقاط بعض‬
‫أحكامه‪ ،‬وإلغاء بعض تشريعاته؛ فكثير ممن يتصدون للوسطية‪ ،‬يجعلها إسلم‬
‫بل جهاد وإسلم بل أمر بمعروف أو نهي عن المنكر‪ ،‬وبل )قل يا أّيها‬
‫ح بن مريم(‪.‬‬ ‫الكافرون ( وبل )لقد كفَر ال ّ‬
‫ذين قالوا‪ :‬إن الله هو المسي ُ‬
‫أل يكفينا لفظ السلم واليمان‪ ،‬وأهل السنة وجماعة المسلمين؛ ليكون ذلك‬
‫شعار لنا للمرحلة‪ ،‬ولكل مرحلة بدل ً من الشعارات‪ ،‬التي تفرق أكثر مما‬
‫توحد‪.‬‬
‫________________________________________‬
‫* على هامش مؤتمر الوسطية منهج حياة‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ب‬ ‫م المذاه ُ‬ ‫م الحما ُ‬ ‫تسد ّ إذا ح ّ‬


‫ب‬
‫ُ‬ ‫طال‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫الل‬ ‫ما‬ ‫ت‬
‫ُ‬ ‫فو‬ ‫البرايا‬ ‫ويعيي‬ ‫ُ َ‬ ‫ب‬ ‫المذاه‬ ‫م‬‫ُ‬ ‫الحما‬ ‫م‬‫تسد ّ إذا ح ّ‬
‫ب‬‫ل ما هوَ ذاه ُ‬ ‫نك ّ‬ ‫ضم ْ‬ ‫م عو ٌ‬ ‫ض له ْ‬ ‫ك معو ٌ‬ ‫ق من َ‬ ‫ت َوما في الخل ِ‬ ‫و أن َ‬
‫ب‬‫ت محروسا ً وَل َ جد ّ لع ُ‬ ‫ب بالورى فل زل َ‬ ‫أرى غيَر اليام ِ تلع ُ‬
‫ب‬‫ب مذهوى ففارقَ مثواها عليهِ نواد ُ‬ ‫ب زهُر الكواك ِ‬ ‫هوى كوك ٌ‬
‫ب‬‫ه بالبكاِء السحائ ُ‬ ‫م يراِع الفقُ حقّ جوارهِ لما شيعت ُ‬ ‫َولوْ ل ْ‬
‫ب‬‫ة هائ ُ‬ ‫ت الكناي َ‬ ‫ن تعدي ُ‬ ‫أعبُر بالتذكيرِ عمدا َوإنني َوما إ ْ‬ ‫ً‬
‫ب‬ ‫ن سال ُ‬ ‫ن سربلته الصو َ‬ ‫س لم ْ‬ ‫ك مظهٌر َولي َ‬ ‫س لما أخفى إباؤ َ‬ ‫َولي َ‬
‫ب‬
‫ن مجدهِ َوهوُ غائ ُ‬ ‫م شاهدٍ م ْ‬ ‫ن فضلهِ َوهوُ مضمٌر َوك ْ‬ ‫م مظهرٍ م ْ‬ ‫َوك ْ‬
‫ب‬
‫ض منها الكواك ُ‬ ‫ن تنق ّ‬ ‫ن بأ ْ‬ ‫م يهوِ بدرها فأهو ْ‬ ‫إذا ما سماُء المجد ِ ل ْ‬
‫ب‬‫س واج ُ‬ ‫ً‬
‫ض على النا ِ‬ ‫ه فر ٌ‬ ‫ت سائُر الرواِح ملكا فداؤه ُ َوطاعت ُ‬ ‫فد ْ‬
‫ب‬
‫ب الضرائ ُ‬ ‫ت تفري َوالخطو ُ‬ ‫ب ببغيةٍ فما زل َ‬ ‫ت أيدي الخطو ِ‬ ‫ن ظفر ْ‬ ‫لئ ْ‬
‫ب‬ ‫ن هذا الحمى َوهوَ خائ ُ‬ ‫ف الدهرِ يثنى بقوةٍ لعاود َ ع ْ‬ ‫ن صر َ‬ ‫َولوْ أ ّ‬
‫ب‬‫ض قواض ُ‬ ‫ة زرقٌ َوبي ٌ‬ ‫ن مرادهِ مؤلل ٌ‬ ‫ن شخصا صده ُ ع ْ‬ ‫ً‬ ‫َولوْ كا َ‬
‫ب‬‫ُ‬ ‫كتائ‬ ‫ب‬ ‫ٍ‬ ‫أو‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ك‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫م‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫لقارع‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫عديد‬ ‫ر‬
‫ٌ‬ ‫كثي‬ ‫ش‬
‫ٌ‬ ‫جي‬ ‫ه‬
‫َولوْ أن ُ‬
‫ب‬‫ي مقان ُ‬ ‫ة العمارِ َوه َ‬ ‫ب َوهادم َ‬ ‫ي مواك ٌ‬ ‫ة البصارِ َوه َ‬ ‫ترى نزه َ‬
‫ب‬
‫م غال ُ‬ ‫ب وَل َ اله ّ‬ ‫ة وَل َ الصبُر مغلو ٌ‬ ‫ك صدق ٌ‬ ‫ة من َ‬ ‫ي إل ّ عزم ٌ‬ ‫َوما ه َ‬
‫ب‬ ‫ن شزرا ً دونها َوتضار ُ‬ ‫ك تطاع ُ‬ ‫ك قد ْ أفنى حماة َ ممال ٍ‬ ‫َوعزم َ‬
‫ب‬ ‫ت مسار ُ‬ ‫ب فيها َواطمأن ْ‬ ‫ت مشار ُ‬ ‫ك قد ْ دوختها بعد َ ما صف ْ‬ ‫ممال ُ‬
‫ب‬ ‫ي لواغ ُ‬ ‫ض َوه َ‬ ‫ل الر ِ‬ ‫ي أه ِ‬ ‫ن نيلهِ أمان ّ‬ ‫ت دو َ‬ ‫ت مدى قد ْ عاود ْ‬ ‫فحز َ‬
‫ب‬ ‫ك في حوزِ العلِء مناس ُ‬ ‫ك فرعا َوعنصرا فما ل َ‬‫ً‬ ‫ً‬ ‫ك التر ُ‬ ‫ن ناسبت َ‬ ‫لئ ْ‬
‫ب‬ ‫ن الذواه ُ‬ ‫ن السنو َ‬ ‫ل منه ّ‬ ‫ً‬
‫ت فيهِ محاسنا عواط ُ‬ ‫ن أن َ‬ ‫تحلى زما ٌ‬
‫ب‬ ‫ت آراؤه ُ َوالنوائ ُ‬ ‫ل مظفرا إذا ما التق ْ‬ ‫ً‬ ‫ن يزا ُ‬ ‫ت الذي ما إ ْ‬ ‫َوأن َ‬
‫ب‬ ‫ن الكواذ ُ‬ ‫ت تلك الظنو ُ‬ ‫َ‬ ‫ت عنا ظنونها فل صدق ْ‬ ‫ت مذ ْ ذد َ‬ ‫لقد ْ كذب ْ‬
‫س العدى ما التذ ّ بالماِء شار ُ‬
‫ب‬ ‫ح بها نفو ُ‬ ‫م تب ْ‬ ‫ت اللئي لوْ ل ْ‬ ‫أذا الفتكا ِ‬
‫ب‬ ‫ه طريقٌ إلى حسم ِ المساءةِ لح ُ‬ ‫م فإن ُ‬ ‫تعّز بذا العّز الش ّ‬
‫ب‬ ‫ن عرفهِ َوالمغار ُ‬ ‫ت مشارقها م ْ‬ ‫ض فاكتس ْ‬ ‫ب ثناٍء طبقَ الر َ‬ ‫َوطي ِ‬

‫‪183‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ب‬‫ك غاص ُ‬‫هل َ‬ ‫ف الخلفةِ يقتدى فل ترِ خطبا ً أن ُ‬ ‫ك يا سي َ‬ ‫بعزم َ‬


‫ب‬ ‫ت لدي َ‬
‫ك الرغائ ُ‬ ‫م نيل ْ‬ ‫م يمضي لشأنهِ منانا فك ْ‬ ‫ك اله ّ‬
‫أنلنا بتر ِ‬
‫ب‬
‫م الورى َوهوُ عاز ُ‬ ‫ت بها نو َ‬ ‫ي النوم ِ بالسطوةِ التي أرح َ‬‫ل عص ّ‬ ‫َوذل ْ‬
‫ب‬ ‫ت المصائ ُ‬ ‫ن علينا ما بقي َ‬ ‫ت فإننا تهو ُ‬
‫َوهبنا السى فيما وهب َ‬

‫)‪(1 /‬‬

‫تسعة أسباب لكظم الغيظ!‬


‫سلمان بن فهد العودة‬
‫كلنا نواجه هذا اللون من الستفزاز الذي هو اختبار لقدرة النسان على‬
‫النضباط‪ ،‬وعدم مجاراة الخر في ميدانه‪ ،‬وهناك عشرة أسباب ينتج عنها أو‬
‫عن واحد منها ضبط النفس‪:‬‬
‫ل‪ :‬الرحمة بالمخطئ والشفقة عليه‪ ،‬واللين معه والرفق به‪.‬‬ ‫أو ً‬
‫قال سبحانه وتعالى لنبيه محمد ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪:-‬‬
‫حوْل ِكَ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ضوا ِ‬ ‫ف ّ‬ ‫َ‬
‫ب لن ْ َ‬ ‫قل ْ ِ‬
‫ظ ال ْ َ‬ ‫ظا غَِلي َ‬ ‫ت فَ ّ‬ ‫م وَل َوْ ك ُن ْ َ‬ ‫ت ل َهُ ْ‬ ‫ن الل ّهِ ل ِن ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫مةٍ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ما َر ْ‬ ‫)فَب ِ َ‬
‫مر(]آل عمران‪.[159 :‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م وَ َ‬ ‫َ‬ ‫َفاعْ ُ‬
‫م ِفي ال ْ‬ ‫شاوِْرهُ ْ‬ ‫فْر لهُ ْ‬ ‫ست َغْ ِ‬ ‫م َوا ْ‬ ‫ف عَن ْهُ ْ‬
‫وفي هذه الية فائدة عظيمة وهي‪ :‬أن الناس يجتمعون على الرفق واللين‪،‬‬
‫ت‬‫ول يجتمعون على الشدة والعنف؛ لن الله سبحانه وتعالى قال‪) :‬وَل َوْ ك ُن ْ َ‬
‫ك( ]آل عمران‪ :‬من الية ‪.[159‬‬ ‫حوْل ِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ضوا ِ‬ ‫ف ّ‬ ‫ب َلن ْ َ‬ ‫قل ْ ِ‬ ‫ظ ال ْ َ‬ ‫ظا غَِلي َ‬ ‫فَ ّ‬
‫وهؤلء هم أصحاب النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬من المهاجرين والنصار‬
‫‪-‬رضي الله عنهم‪ ،-‬والسابقين الولين؛ فكيف بمن بعدهم؟!‬
‫وكيف بمن ليس له مقام رسول الله ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬من الناس؛‬
‫سواء كان من العلماء أو الدعاة أو ممن لهم رياسة أو وجاهة؟!‬
‫فل يمكن أن يجتمع الناس إل على أساس الرحمة والرفق‪.‬‬
‫ََقا َ َ‬
‫سب َّنا وَد َعْ‬ ‫ن ِفي َ‬ ‫ذا َل ت ُغْرِقَ ّ‬ ‫مه‪َ" :‬يا هَ َ‬
‫َ‬
‫شت َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ج ٍ‬ ‫ل أُبو الد ّْرَداِء رضي الله عنه ل َِر ُ‬
‫َ‬
‫ه عَّز‬ ‫طيعَ الل ّ َ‬ ‫ن نُ ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِفيَنا ب ِأك ْث ََر ِ‬ ‫صى الل ّ َ‬ ‫ن عَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ئ َ‬ ‫كافِ ُ‬ ‫ضًعا فَإ ِّنا َل ن ُ َ‬ ‫مو ْ ِ‬ ‫صل ِْح َ‬ ‫ِلل ّ‬
‫ه"‪.‬‬ ‫ل ِفي ِ‬ ‫ج ّ‬ ‫وَ َ‬
‫ن‬
‫ه ِلي وَإ ِ ْ‬ ‫ّ‬
‫فَر الل ُ‬ ‫ت فَغَ َ‬ ‫ْ‬
‫ما قُل َ‬ ‫تك َ‬ ‫ُ‬
‫ن كن ْ ُ‬ ‫ي‪" :‬إ ْ‬ ‫شعْب ِ ّ‬ ‫ل له ال ّ‬ ‫قا َ‬ ‫ي فَ َ‬ ‫شعْب ِ ّ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫ج ٌ‬ ‫م َر ُ‬ ‫شت َ َ‬ ‫وَ َ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ه لك"‪.‬‬ ‫فَر الل ُ‬ ‫ت فغَ َ‬ ‫َ‬ ‫ما قل َ‬ ‫ُ‬ ‫نك َ‬‫َ‬ ‫ُ‬
‫م أك ْ‬ ‫لَ ْ‬
‫وشتم رجل معاوية شتيمة في نفسه؛ فدعا له وأمر له بجائزة‪.‬‬
‫فل بد من تربية النفس على الرضا‪ ،‬والصبر‪ ،‬واللين‪ ،‬والمسامحة؛ هي قضية‬
‫ما‪.‬‬ ‫أساسية‪ ،‬والنسان يتحّلم حتى يصبح حلي ً‬
‫ل الله ‪-‬صلى الله عليه‬ ‫ل رسو ُ‬ ‫ل‪ :‬قا َ‬ ‫درداِء قا َ‬ ‫َ‬
‫وبإسناد ل بأس به عن أبي ال ّ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ه‪ ،‬و َ‬ ‫حّر الخيَر ي ُعْط َ ُ‬ ‫ن ي َت َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م‪َ ،‬‬ ‫ّ‬
‫م بالتحل ِ‬ ‫حل ْ ُ‬‫م بالتعّلم‪ ،‬وِإنما ال ِ‬ ‫وسلم‪ " :-‬إ ِّنما العل ُ‬
‫ق الشّر ُيوَقه "‪.‬‬ ‫ي َت ّ ِ‬
‫فعليك أن تنظر في نفسك وتضع المور مواضعها قبل أن تؤاخذ الخرين‪،‬‬
‫وتتذكر أن تحية السلم هي‪ :‬السلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪ ،‬التي أمر‬
‫النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬أن نقولها لهلنا إذا دخلنا‪ ،‬بل قال الله ‪-‬سبحانه‬
‫م(]النور‪ :‬من الية ‪.[61‬‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫موا عََلى أ َن ْ ُ‬ ‫سل ّ ُ‬ ‫م ب ُُيوًتا فَ َ‬ ‫خل ْت ُ ْ‬‫وتعالى‪) :-‬فَإ َِذا د َ َ‬
‫وأن نقولها للصبيان والصغار والكبار ومن نعرف ومن ل نعرف‪.‬‬
‫ي ‪-‬صلى الله‬ ‫ل الن ّب ِ ّ‬ ‫سأ َ َ‬‫جل ً َ‬ ‫ن َر ُ‬
‫َ‬
‫رو ‪ -‬رضي الله عنهما ‪ -‬أ ّ‬ ‫م ٍ‬ ‫ن عَ ْ‬ ‫ّ‬
‫ن عَب ْدِ اللهِ ب ْ َ ِ‬ ‫عَ ْ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫خي ٌْر؟ َقا َ‬ ‫َ‬
‫م ْ‬ ‫م عَلى َ‬ ‫سل َ‬ ‫قَرأ ال ّ‬ ‫م‪ ،‬وَت َ ْ‬ ‫م الطَعا َ‬ ‫ل‪ " :‬ت ُطعِ ُ‬ ‫سلم ِ َ‬ ‫عليه وسلم‪ :-‬أيّ ال ِ ْ‬
‫ف" أخرجه البخاري ومسلم ‪.‬‬ ‫م ت َعْرِ ْ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ت وَ َ‬ ‫عََرفْ َ‬
‫ف‬
‫صا ُ‬ ‫ن‪ :‬ال ِن ْ َ‬ ‫ما َ‬ ‫لي َ‬‫مع َ ا ِ‬ ‫ج َ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫ن فَ َ‬ ‫معَهُ ّ‬ ‫ج َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ث َ‬ ‫وعن عمار رضي الله عنه قال‪ ":‬ث َل َ ٌ‬

‫‪184‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ْ َ‬
‫ن ال ِقَْتاِر"‬ ‫م َ‬‫فاقُ ِ‬ ‫م‪َ ،‬وال ِن ْ َ‬ ‫سل َم ِ ل ِلَعال ِ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫ك‪ ،‬وَب َذ ْ ُ‬ ‫س َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ن نَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫لهذه التحية معان‪ ،‬ففيها معنى السلم‪ :‬أن تسلم مني‪ ،‬من لساني ومن قلبي‬
‫ومن يدي‪ ،‬فل أعتدي عليك بقول ول بفعل‪ ،‬وفيها الدعاء بالسلمة‪ ،‬وفيها‬
‫الدعاء بالرحمة‪ ،‬وفيها الدعاء بالبركة… هذه المعاني الراقية التي نقولها‬
‫بألسنتنا علينا أن نحولها إلى منهج في حياتنا‪ ،‬وعلقتنا مع الخرين‪.‬‬
‫ثانًيا‪ :‬من السباب التي تدفع أو تهدئ الغضب سعة الصدر وحسن الثقة؛ مما‬
‫يحمل النسان على العفو‪.‬‬
‫ر"‪ ،‬فإذا‬ ‫ق ِ‬‫فت َ ِ‬
‫م ْ‬ ‫ْ‬
‫جود ُ ال ُ‬ ‫قت َدِرِ وَ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ْ‬
‫فوُ ال ُ‬ ‫م؛ عَ ْ‬ ‫ن المكار ِ‬ ‫ولهذا قال بعض الحكماء‪" :‬أحس ُ‬
‫فَر‬‫صب ََر وَغَ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫قدر النسان على أن ينتقم من خصمه؛ غفر له وسامحه‪)،‬وَل َ‬
‫ُ‬
‫موِر(]الشورى‪.[43:‬‬ ‫ن عَْزم ِ اْل ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ك لَ ِ‬ ‫ن ذ َل ِ َ‬ ‫إِ ّ‬
‫خي ًْرا!‬ ‫ُ‬
‫م؟" َقالوا ‪َ :‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫صان ِعٌ ب ِك ْ‬ ‫ن أّنى َ‬ ‫ما ت ََروْ َ‬ ‫وقال صلى الله عليه وسلم لقريش ‪َ ":‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫خ ك َريم واب َ‬ ‫َ‬
‫قاُء"‪.‬‬ ‫م الطل َ‬ ‫ل‪" :‬اذ ْهَُبوا فَأن ْت ُ ُ‬ ‫م‪َ .‬قا َ‬ ‫ري ٍ‬ ‫ن أٍخ ك َ ِ‬ ‫أ ٌ ِ ٌ َ ْ ُ‬
‫ب‬ ‫ري َ‬ ‫أصبحوا في ملكه وتحت سلطانه‪) :‬ل ت َث ْ ِ‬ ‫َ‬
‫وقال يوسف لخوته بعد ما‬
‫ن( ]يوسف‪.[92:‬‬ ‫مي َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م الّرا ِ‬ ‫ح ُ‬‫م وَهُوَ أْر َ‬ ‫ه ل َك ُ ْ‬‫فُر الل ّ ُ‬ ‫م ي َغْ ِ‬ ‫م ال ْي َوْ َ‬ ‫عَل َي ْك ُ ُ‬
‫ثالًثا‪ :‬شرف النفس وعلو الهمة‪ ،‬بحيث يترفع النسان عن السباب‪ ،‬ويسمو‬
‫بنفسه فوق هذا المقام‪.‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫َ َ ِ‬‫وا‬ ‫ْ‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫زوا‬ ‫ع‬
‫َِ ْ َ ّ‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫و‬ ‫لوا‬ ‫ذ‬‫ي‬
‫َ ّ َ ِ‬ ‫تى‬ ‫ح‬ ‫***‬ ‫موا‬‫م وَإ ِ ْ َ ُ‬
‫عظ‬ ‫ن‬ ‫وا ٌ‬ ‫جد َ أقْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ي َب ْل ُغَ ال ْ َ‬ ‫لَ ْ‬
‫َ‬
‫حلم ِ‬ ‫حأ ْ‬ ‫ف َ‬‫ص ْ‬‫ن َ‬ ‫ل وَل َك ِ ْ‬ ‫ح ذُ ٍ‬ ‫ف َ‬ ‫ص ْ‬ ‫فَرة ً *** ل َ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫وا َ‬ ‫موا فَت ََرى الل ْ َ‬ ‫شت َ ُ‬ ‫وَي ُ ْ‬
‫ود نفسك على أنك تسمع الشتيمة؛ فُيسفر وجهك‪ ،‬وتقابلها‬ ‫أي‪ :‬لبد أن تع ّ‬
‫بابتسامة عريضة‪ ،‬وأن تدّرب نفسك تدريًبا عملّيا على كيفية كظم الغيظ‪.‬‬
‫َ‬
‫دا‬ ‫ج َ‬ ‫ف ِ‬ ‫خت َل ِ ٌ‬‫م ْ‬ ‫مي ل َ ُ‬ ‫ن ب َِني أِبي *** وَب ََين ب َِني عَ ّ‬ ‫ذي ب َي ِْني وَب َي ْ َ‬ ‫ن ال ِ‬ ‫وَإ ِ ّ‬

‫)‪(1 /‬‬
‫فَإ َ‬
‫دا‬
‫ج َ‬‫م ْ‬ ‫ت ل َهُ ْ‬
‫م َ‬ ‫دي ب َن َي ْ ُ‬ ‫ج ِ‬
‫م ْ‬ ‫موا َ‬
‫هَد َ ُ‬ ‫ن‬ ‫مُهم *** وَإ ِ ْ‬ ‫حو َ‬ ‫ت لُ ُ‬ ‫مي وَفَْر ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫ن أك َُلوا ل َ‬ ‫ِ ْ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫دا‬
‫ق َ‬‫ح ْ‬‫ل ال ِ‬ ‫م ُ‬
‫ح ِ‬ ‫ن يَ ْ‬‫م ْ‬ ‫قوْم ِ َ‬‫س ال َ‬‫َرِئي ُ‬ ‫س‬
‫ديم عَليِهم *** ولي ْ َ‬ ‫ق ِ‬‫قد َ ال َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ل ال ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫وََل أ ْ‬
‫رابًعا‪ :‬طلب الثواب عند الله‪.‬‬
‫ن جرعة غيظ تتجرعها في سبيل الله‪ -‬سبحانه وتعالى‪ -‬لها ما لها عند الله‬ ‫إ ّ‬
‫‪-‬عز وجل‪ -‬من الجر والرفعة‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫سول اللهِ ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬قال‪" :‬‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فعن سهل بن معاذ عَ َ‬
‫ن َر ُ‬ ‫ن أِبيهِ أ ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َ ْ ِ ْ ِ ُ َ ٍ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م غَي ْ ً‬
‫س‬
‫جل عَلى ُرؤو ِ‬ ‫ّ‬ ‫ه عَّز وَ َ‬ ‫عاهُ الل ُ‬ ‫فذ َه ُ ‪ -‬د َ َ‬ ‫ن ي ُن ْ ِ‬ ‫ظا ‪ -‬وَهُوَ قادٌِر عَلى أ ْ‬ ‫َ‬ ‫ن ك َظ َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫شاَء "‪ ،‬والكلم سهل‬ ‫ما َ‬ ‫ُ ِ َ‬ ‫ر‬ ‫حو‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ن‬
‫ُ ِ َ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ا َ ِ ِ َ ْ َ ِ َ َ ِ َ ّ ُ َ َّ ُ‬
‫ه‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫خ‬ ‫ي‬ ‫تى‬ ‫ح‬ ‫ة‬ ‫م‬ ‫يا‬ ‫ق‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫و‬‫ي‬ ‫ق‬ ‫َ‬
‫ئ‬ ‫ل‬ ‫خ‬‫ْ‬ ‫ل‬
‫وطيب وميسور ول يكلف شيًئا‪ ،‬وأعتقد أن أي واحد يستطيع أن يقول‬
‫محاضرة خاصة في هذا الموضوع‪ ،‬لكن يتغير الحال بمجرد الوقوع في كربة‬
‫تحتاج إلى الصبر وسعة الصدر واللين فتفاجأ بأن بين القول والعمل بعد‬
‫المشرقين‪.‬‬
‫سا‪ :‬استحياء النسان أن يضع نفسه في مقابلة المخطئ‪.‬‬ ‫خام ً‬
‫ضاُء‬ ‫ْ‬
‫صوَرت ِهِ َوال ِغْ َ‬ ‫حلي ب ِ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ن الت ّ َ‬ ‫م ْ‬ ‫خي ٌْر ِ‬ ‫فيهِ َ‬ ‫س ِ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫ما ُ‬ ‫حت ِ َ‬ ‫وقد قال بعض الحكماء‪" :‬ا ْ‬
‫شاك َل َِته"‪.‬‬ ‫م َ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫خي ٌْر ِ‬ ‫ل َ‬ ‫جاهِ ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫عَ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م"‪.‬‬ ‫ري ٌ‬ ‫شك ِ‬ ‫ح َ‬ ‫م وَل أوْ َ‬ ‫حِلي ٌ‬ ‫ش َ‬ ‫ح َ‬ ‫ما أفْ َ‬ ‫وقال بعض الدباء‪َ " :‬‬
‫ة‪:‬‬‫ن ُزَراَر َ‬ ‫ط بْ ُ‬ ‫قي ُ‬ ‫ل لَ ِ‬ ‫وََقا َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ق‬
‫م وَأعْت ِ ُ‬ ‫ست َطعْت ُ ْ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫مّني َ‬ ‫ن ِ‬ ‫م *** ت ُرِّقو َ‬ ‫ما لك ْ‬ ‫ما ِلي وَ َ‬ ‫سعْد ٍ فَ َ‬ ‫ل ل ِب َِني َ‬ ‫وَقُ ْ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ق‬
‫خَر ُ‬‫شأ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ح‬
‫وا ِ‬ ‫ف َ‬ ‫صيٌر وَأّني ِبال َ‬ ‫مةٍ *** ب َ ِ‬ ‫شي َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ِ‬ ‫س‬
‫ح َ‬ ‫م أّني ب ِأ ْ‬ ‫أغَّرك ْ‬
‫َ‬ ‫ت ِبال ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ن تَ ُ‬
‫حذ َ ُ‬
‫ق‬ ‫شأ ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫ف ْ‬ ‫ريًئا أن ْ َ‬ ‫م ِ‬ ‫قهَْرت َِني *** هَِنيًئا َ‬ ‫شت َِني فَ َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ك قَد ْ َفا َ‬ ‫وَإ ِ ْ‬

‫‪185‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وقال غيره‪:‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫م‬‫جَرائ ِ ُ‬ ‫ي ال َ‬ ‫ه إل ّ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ت ِ‬ ‫ن كثَر ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ب *** وَإ ِ ْ‬ ‫مذ ْن ِ ٍ‬ ‫ن كل ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ح عَ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ص ْ‬ ‫سي ال ّ‬ ‫ف ِ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫سأل ْزِ ُ‬ ‫َ‬
‫م‬‫قاوِ ُ‬ ‫م َ‬ ‫مثل ُ‬ ‫ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ف وَ ِ‬ ‫مشُرو ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ف وَ َ‬ ‫ري ٌ‬ ‫َ‬
‫ن ثلثةٍ *** ش ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م ْ‬ ‫حد ٌ ِ‬ ‫س إل َوا ِ‬ ‫ّ‬ ‫ما الّنا ُ‬ ‫فَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫حقّ لزِ ُ‬ ‫حقّ َوال ْ َ‬ ‫ف قَد َْره ُ *** وَأت ْب َعُ ِفيهِ ال ْ َ‬ ‫ذي فَوِْقي فَأعْرِ ُ‬ ‫ما ال ّ ِ‬ ‫فَأ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫م لئ ِ ُ‬ ‫ن َل َ‬ ‫ضي وَإ ِ ْ‬ ‫عْر ِ‬ ‫ن ب ِهِ ِ‬ ‫صو ُ‬ ‫م َدائ ًِبا *** أ ُ‬ ‫حل ُ ُ‬ ‫ذي ُدوِني فَأ ْ‬ ‫ما ال ّ ِ‬ ‫وَأ ّ‬
‫م‬
‫حاك ِ ُ‬ ‫خرِ َ‬ ‫ف ْ‬ ‫ل ِبال ْ َ‬ ‫ض َ‬ ‫ف ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ضْلت إ ّ‬ ‫ف ّ‬ ‫فا *** ت َ َ‬ ‫ل أ َوْ هَ َ‬ ‫ن َز ّ‬ ‫مث ِْلي فَإ ِ ْ‬ ‫ذي ِ‬ ‫ما ال ّ ِ‬ ‫وَأ ّ‬
‫َ‬
‫وفي حديث خروج النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬من الطائف‪ ،‬وقد ردوه شر‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‪ :‬إن َّها‬ ‫ج الن ّب ِ ّ‬ ‫رد‪ ..‬تقول عائشة – رضي الله عنها‪َ -‬زوْ َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ل أ ََتى عَلي ْ َ‬‫َ‬
‫د؟‬ ‫ح ٍ‬ ‫ن ي َوْم ِ أ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫شد ّ ِ‬ ‫نأ َ‬ ‫كا َ‬ ‫م َ‬ ‫ك ي َوْ ٌ‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم‪ :‬هَ ْ‬ ‫ت ِللّنب ّ‬ ‫َقال َ ْ‬
‫ة‪،‬‬ ‫قب َ ِ‬ ‫م ال ْعَ َ‬ ‫م ي َوْ َ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫قي ُ‬ ‫ما ل َ ِ‬ ‫شد ّ َ‬ ‫ن أَ َ‬ ‫كا َ‬ ‫ت‪ ،‬وَ َ‬ ‫قي ُ‬ ‫ما ل َ ِ‬ ‫ك َ‬ ‫م ِ‬ ‫ن قَوْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫قي ُ‬ ‫قد ْ ل َ ِ‬ ‫ل ‪ " :‬لَ َ‬ ‫َقا َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ت‪،‬‬ ‫ما أَرد ْ ُ‬ ‫جب ِْني إ ِلى َ‬ ‫م يُ ِ‬ ‫ل‪ ،‬فَل ْ‬ ‫ن عَب ْد ِ كل ٍ‬ ‫ل بْ ِ‬ ‫ن عَب ْد ِ َياِلي َ‬ ‫سي عَلى اب ْ ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫ت نَ ْ‬ ‫ض ُ‬ ‫إ ِذ ْ عََر ْ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َفان ْط َل َ ْ‬
‫ت‬‫ب‪ ،‬فََرفَعْ ُ‬ ‫ن الث َّعال ِ ِ‬ ‫قْر ِ‬ ‫فقْ إ ِل وَأَنا ب ِ َ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫مأ ْ‬ ‫جِهي‪ ،‬فَل ْ‬ ‫م عَلى وَ ْ‬ ‫مو ٌ‬ ‫مهْ ُ‬ ‫ت وَأَنا َ‬ ‫ق ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ل‪:‬‬ ‫قا َ‬ ‫ل؛ فََناَداِني فَ َ‬ ‫ري ُ‬ ‫جب ْ ِ‬ ‫ت فَإ َِذا ِفيَها ِ‬ ‫حاب َةٍ قَد ْ أظ َل ّت ِْني‪ ،‬فَن َظ َْر ُ‬ ‫س َ‬ ‫سي‪ ،‬فَإ َِذا أَنا ب ِ َ‬ ‫َرأ ِ‬
‫ل‬
‫جَبا ِ‬ ‫ك ال ْ ِ‬ ‫مل َ َ‬ ‫ك َ‬ ‫ث إ ِل َي ْ َ‬ ‫ك‪ ،‬وَقَد ْ ب َعَ َ‬ ‫ما َرّدوا عَل َي ْ َ‬ ‫ك وَ َ‬ ‫ك لَ َ‬ ‫م َ‬ ‫ل قَوْ ِ‬ ‫معَ قَوْ َ‬ ‫س ِ‬ ‫ه قَد ْ َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫إِ ّ‬
‫مد ُ ‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ح ّ‬ ‫م َ‬‫م قال‪َ :‬يا ُ‬ ‫يث ّ‬ ‫م عَل َ‬ ‫سل َ‬ ‫ل‪ ،‬ف َ‬ ‫جَبا ِ‬ ‫ملك ال ِ‬ ‫م‪ ،‬فَناَداِني َ‬ ‫ت ِفيهِ ْ‬ ‫شئ َ‬ ‫ما ِ‬ ‫مَرهُ ب ِ َ‬ ‫ل ِت َأ ُ‬
‫ي صلى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فَ َ‬
‫قال النب ّ‬ ‫ن! ف َ‬ ‫خشب َي ْ ِ‬ ‫ن أطب ِقَ عَلي ْهِم ِ ال ْ‬ ‫تأ ْ‬ ‫شئ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ت ‪ ،‬إِ ْ‬ ‫شئ َ‬ ‫ما ِ‬ ‫قال ذل ِك ِفي َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫حد َه ُ ل َ‬ ‫ه وَ ْ‬ ‫ن ي َعْب ُد ُ الل ّ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫صل َب ِهِ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ج الل ّ ُ‬ ‫خرِ َ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫جو أ ْ‬ ‫ل أْر ُ‬ ‫الله عليه وسلم ‪ :‬ب َ ْ‬
‫شي ًْئا " أخرجه البخاري ومسلم ‪.‬‬ ‫ك ب ِهِ َ‬ ‫شرِ ُ‬ ‫يُ ْ‬
‫سا‪ :‬التدرب على الصبر والسماحة فهي من اليمان‪.‬‬ ‫ساد ً‬
‫إن هذه العضلة التي في صدرك قابلة للتدريب والتمرين‪ ،‬فمّرن عضلت‬
‫القلب على كثرة التسامح‪ ،‬والتنازل عن الحقوق‪ ،‬وعدم المساك بحظ‬
‫النفس‪ ،‬وجّرب أن تمل قلبك بالمحبة!‬
‫فلو استطعت أن تحب المسلمين جميًعا فلن تشعر أن قلبك ضاق بهم‪ ،‬بل‬
‫سوف تشعر بأنه يتسع كلما وفد عليه ضيف جديد‪ ،‬وأنه يسع الناس كلهم لو‬
‫استحقوا هذه المحبة‪.‬‬
‫فمّرن عضلت قلبك على التسامح في كل ليلة قبل أن تخلد إلى النوم‪،‬‬
‫وتسلم عينيك لنومة هادئة لذيذة‪.‬‬
‫سامح كل الذين أخطؤوا في حقك‪ ،‬وكل الذين ظلموك‪ ،‬وكل الذين حاربوك‪،‬‬
‫وكل الذين قصروا في حقك‪ ،‬وكل الذين نسوا جميلك‪ ،‬بل وأكثر من‬
‫ذلك‪..‬انهمك في دعاء صادق لله ‪-‬سبحانه وتعالى‪ -‬بأن يغفر الله لهم‪ ،‬وأن‬
‫يصلح شأنهم‪ ،‬وأن يوفقهم‪..‬؛ ستجد أنك أنت الرابح الكبر‪.‬‬
‫وكما تغسل وجهك ويدك بالماء في اليوم بضع مرات أو أكثر من عشر‬
‫مرات؛ لنك تواجه بهما الناس؛ فعليك بغسل هذا القلب الذي هو محل نظر ا‬
‫لله ‪-‬سبحانه وتعالى‪!-‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫ل الل ّهِ ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪:-‬‬ ‫سو ُ‬ ‫ل َر ُ‬‫ل‪َ :‬قا َ‬ ‫ن أ َِبي هَُري َْرةَ رضي الله عنه َقا َ‬ ‫عَ ْ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫م(‬
‫مال ِك ْ‬ ‫ن ي َن ْظُر إ ِلى قُلوب ِك ْ‬
‫م وَأعْ َ‬ ‫م وَلك ِ ْ‬‫وال ِك ْ‬
‫م َ‬
‫م وَأ ْ‬
‫صوَرِك ْ‬
‫ه ل ي َن ْظُر إ ِلى ُ‬
‫ن الل َ‬
‫) إِ ّ‬
‫أخرجه مسلم‪.‬‬
‫فقلبك الذي ينظر إليه الرب سبحانه وتعالى من فوق سبع سموات احرص أل‬
‫يرى فيه إل المعاني الشريفة والنوايا الطيبة‪.‬‬
‫اغسل هذا القلب‪ ،‬وتعاهده يومّيا؛ لئل تتراكم فيه الحقاد‪ ،‬والكراهية‪،‬‬
‫والبغضاء‪ ،‬والذكريات المريرة التي تكون أغلل ً وقيوًدا تمنعك من النطلق‬

‫‪186‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫والمسير والعمل‪ ،‬ومن أن تتمتع بحياتك‪.‬‬


‫سابًعا‪ :‬قطع السباب وإنهاؤه مع من يصدر منهم‪ ،‬وهذا ل شك أنه من الحزم‪.‬‬
‫َ‬
‫شًرا !‬ ‫مْعت عَ ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ة؛ ل َ َ‬ ‫حد َ ً‬ ‫قاِع‪ :‬وََالل ّهِ ل َوْ قُْلت َوا ِ‬ ‫قعْ َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ضَرارِ ب ْ ِ‬ ‫ل لِ ِ‬ ‫جل ً َقا َ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫يأ ّ‬ ‫حك ِ َ‬ ‫ُ‬
‫حد َة ً !‬ ‫وا‬
‫ْ َ ْ َ ْ َ ِ‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫س‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫را؛‬ ‫َ ً‬‫ش‬‫ْ‬ ‫ع‬ ‫لت‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ه‬
‫ُ ِ َ ٌ َ ِ ْ‬‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬‫َ‬ ‫و‬ ‫ر‪:‬‬ ‫را‬ ‫ض‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫قا‬‫َ‬ ‫فَ‬
‫َ‬ ‫ق إغَْراٌء فََل ت َ ُ‬ ‫ن الَذى *** وَِفي ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫خَرَقا‬ ‫كأ ْ‬ ‫خْر ِ‬ ‫فيهِ عَ ْ‬ ‫س ِ‬‫حل ْم ِ َرد ْع ٌ ِلل ّ‬ ‫وَِفي ال ْ ِ‬
‫فّرَقا‬ ‫ما ت َ َ‬ ‫ن لَ ّ‬ ‫مغُْبو ُ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ما ن َدِ َ‬ ‫ة *** ك َ َ‬ ‫م ٌ‬ ‫دا َ‬ ‫ك نَ َ‬ ‫فَعن َ‬ ‫م إذ ْ َل ت َن ْ َ‬ ‫فَت َن ْد َ َ‬
‫وقال آخر ‪:‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ماِء‬ ‫ص ّ‬ ‫م وَأذ ِْني غَي ُْر َ‬ ‫ص ّ‬ ‫مي أ َ‬ ‫حل ِ‬ ‫ب *** ِ‬ ‫ن ك َذِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ُزورٍ وَ ِ‬ ‫م ْ‬‫دا لك ِ‬ ‫ما ب َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫قُ ْ‬
‫وبالخبرة وبالمشاهدة فإن الجهد الذي تبذله في الرد على من يسبك لن‬
‫يعطي نتيجة مثل النتيجة التي يعطيها الصمت‪ ،‬فبالصمت حفظت لسانك‪,‬‬
‫ووقتك‪ ,‬وقلبك؛ ولهذا قال الله سبحانه وتعالى لمريم عليها السلم ‪" :‬فَإ ِ ّ‬
‫ما‬
‫قوِلي إني نذ َرت ِللرحمن صوما فَل َ ُ‬ ‫ترين من ال ْب َ َ‬
‫م‬‫م ال ْي َوْ َ‬ ‫ن أك َل ّ َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ ْ َ ِ َ ْ ً‬ ‫ِّ َ ْ ُ‬ ‫دا فَ ُ‬ ‫ح ً‬ ‫شرِ أ َ‬ ‫ََ ِ ّ ِ َ َ‬
‫سّيا"]مريم‪ :‬من الية ‪.[26‬‬ ‫إ ِن ْ ِ‬
‫والكلم والخذ والعطاء‪ ،‬والرد والمجادلة تنعكس أحياًنا على قلبك‪ ،‬وتضر أكثر‬
‫مما تنفع‪.‬‬
‫ثامًنا‪ :‬رعاية المصلحة؛ ولهذا أثنى النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬على الحسن‬
‫ل الل ّ َ‬ ‫د‪ ،‬وَل َعَ ّ‬
‫ن‬
‫م َ‬‫ن ِ‬ ‫ن فِئ َت َي ْ ِ‬ ‫ح ب ِهِ ب َي ْ َ‬ ‫صل ِ َ‬‫ن يُ ْ‬ ‫هأ ْ‬ ‫َ‬ ‫سي ّ ٌ‬ ‫ذا َ‬ ‫رضي الله عنه بقوله‪) :‬اب ِْني هَ َ‬
‫ن ( أخرجه البخاري‪.‬‬ ‫مي َ‬ ‫سل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫فدل ذلك على أن رعاية المصلحة التي تحمل النسان على الحرص على‬
‫الجتماع‪ ,‬وتجنب المخالفة هي السيادة‪.‬‬
‫تاسًعا‪ :‬حفظ المعروف السابق‪ ,‬والجميل السالف‪.‬‬
‫ةَ‬
‫حظ ٍ‬ ‫َ‬
‫عى وَِداد َ ل ْ‬ ‫ن َرا َ‬ ‫م ْ‬ ‫حّر َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ولهذا كان الشافعي ‪ -‬رحمه الله‪ -‬يقول‪ :‬إ ِ ّ‬
‫ة‪.‬‬‫فظ َ ً‬ ‫ن أ ََفاد َ ل َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫مى ل ِ َ‬ ‫َوان ْت َ َ‬
‫ن ( وأمثلة‬ ‫ما ِ‬ ‫لي َ‬ ‫ْ‬
‫نا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن العَهْد ِ ِ‬ ‫ْ‬ ‫س َ‬ ‫ح ْ‬
‫ن ُ‬ ‫وقال النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪) :-‬وَإ ِ ّ‬
‫ذلك كثيرة‪.‬‬
‫المصدر ‪ :‬السلم اليوم‬

‫)‪(3 /‬‬

‫تسونامي ومشكلة الشر والنجاة من البلء‬


‫‪2\1‬‬
‫بقلم ‪ :‬د‪ .‬يحيى هاشم حسن فرغل‬
‫‪yehia_hashem@ hotmail .com‬‬
‫‪http://www.yehia-hashem.netfirms.com‬‬
‫يدعونا مبدأ الذاتية السلمية إلى تصحيح ما جرت عليه عادة المسلم في‬
‫توجهه إلى ربه في طلب النجاة من البلء ‪ ،‬وبخاصة في عصور التغريب ‪،‬‬
‫والجهل بالمنطلقات الساسية للسلم‪.‬‬
‫إن المر يدعو إلى تجلية البدهيات والساسيات السلمية ‪ ،‬حول هذا‬
‫الموضوع ‪ ،‬تلك التي تاهت عنها أقدام المسلمين المعاصرين ‪ ،‬وهم الذين‬
‫يجأرون اليوم بطلب النجاة ‪ ،‬وهم في واقع طلبهم هذا قد يرتكبون إثما جديدا‬
‫يبعدهم عن النجاة ‪.‬‬
‫إن المر يحتاج إلي تجلية أساسيات الموضوع وأولياته ‪ :‬ما هو تصور المسلم‬
‫لمعنى النجاة ‪ ،‬وارتباط هذا المعنى بمعنى الفلح ؟ إمكانات النجاة ؟ نجاة‬
‫من ؟ من أي شيء ينجو ؟ ممن يطلب ؟ مقاييس النجاة التي بينها مالك‬ ‫َ‬

‫‪187‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫النجاة وأهمية اللتزام بها عند الطلب ؟ مسئولية المة في النجاة ؟‬


‫وللجابة على هذه السئلة لبد من معالجة إسلمية لمشكلة الخير والشر‬
‫كمدخل ضروري لبحث الموضوع ‪.‬‬
‫وهنا يمكن القول بأن مشكلة الخير والشر في الفكر البشري والفلسفة ما‬
‫تزال هي المشكلة التي يتحصن بها اللحاد في محاربته لعقيدة اللوهية ‪ ،‬بعد‬
‫أن زالت تقريبا في العصر الحديث الشبهات الخرى التي يثيرها ضد اليمان‬
‫بالله تعالى ‪.‬‬
‫لقد زالت ‪ -‬أو تكاد ‪ -‬شبهات اللحاد ضد العتقاد بالغيبيات بعد أن أصبحت‬
‫المادة نفسها في نظر العلم الحديث شيئا غير مادي ‪ ).‬أنظر مقالنا بالشعب‬
‫لتاريخ ‪ 4\8\17‬بعنوان " العلمانية ودورها في إنشاء ديانة شمعية ميتة (‬
‫وزالت ‪ -‬أو تكاد ‪ -‬شبهات القول بكفاية القوانين التي تحكم التطور‬
‫الطبيعي ‪ ،‬بعد ما تبين علميا أن ما يسمى " قوانين الطبيعة " ليست حتمية ‪،‬‬
‫وتبين فلسفيا أن قوانين تطورها ليست ذاتية إذ هي في حاجة إلى عناية‬
‫وتخطيط وقصد وإرادة ل تملك المادة الطبيعية شيئا منها‪.‬‬
‫وزالت ‪ -‬أو تكاد ‪ -‬شبهات القول بكفاية العلم التجريبي بعد ما تبين فشله في‬
‫تلبية أشواق النسانية إلى المعرفة والقيم ‪ ،‬وأصبح كثير من المفكرين‬
‫العصريين يعلنون ‪ :‬أنه ليس بالعلم وحده يحيا النسان ‪ .‬وسوف نتحدث عن‬
‫ذلك بالتفصيل إن شاء الله‬
‫لكن شبهة وجود الشر في العالم ما تزال موضع الستغلل من أعداء الدين‬
‫يقول هرمان راندال في كتابه ) تكوين العقل الحديث ج ‪2‬ص ‪ 244‬وما‬
‫بعدها ( ‪ ) :‬والحقيقة أنه ل يمكن أن يوجد اعتراض علمي على تفسير مجرى‬
‫الطبيعة كعملية إلهية …‪ .‬والعتراض الواحد الكبير على مثل هذا التفسير هو‬
‫مشكلة الشر العريقة في القدم (‬
‫ويفسر هريرت سبنسر وجود الشر تفسيرا خيريا بنظريته الصارمة في‬
‫التطور – منطلقا من إرادة اللحاد ‪ -‬حيث يقول ) إن فقر العاجزين ‪،‬‬
‫والمصائب التي تنصب على الغافلين ‪ ،‬ومجاعة العاطلين ‪ ،‬والضربات التي‬
‫يسددها القوياء إلى الضعفاء ‪ ..‬هذه كلها تدابير طيبة بعيدة النظر ‪ ،‬وإنه من‬
‫الصعب علينا أن نتقبل أن يأتي عامل عديم المهارة ل يستطيع التفوق رغم‬
‫جهوده كلها فيلحق الفقر بصانع ماهر …‪ .‬ولو نظرنا إلى هذه القدار القاسية‬
‫غير منفصل بعضها عن بعض ‪ ،‬بل على ضوء مصالح النسانية الشاملة‬
‫لرأيناها منطوية على أسمى الحسان ( ثم يقول ‪ ) :‬إننا ل نعتبره عطفا‬
‫حقيقيا من الم أن تعمد إلى إرضاء طفلها بالحلوى بشكل يضر بصحته حتما ‪،‬‬
‫كما أننا نعتبر ه نوعا سخيفا جدا من الرحمة ‪ ،‬تلك الرحمة التي تدفع الطبيب‬
‫إلى ترك داء المريض يستفحل إلى درجة مميتة لئل يؤلمه بإجراء عملية‬
‫جراحية ‪ ،‬ويجب أن ننعت بنفس الوصف أولئك المحسنين المزيفين الذين‬
‫يحاولون أن يدفعوا البؤس الحاضر فيوقعوا الجيال المقبلة في بؤس أشد ‪،‬‬
‫ويجب أن ندخل في هذه الزمرة جميع أنصار قانون حماية الفقراء ؛ إن‬
‫أصدقاء المعوزين هؤلء ينكرون تلك الضرورة القاسية التي إذا سمح لها بأن‬
‫تفعل فعلها تصبح حافزا شديد الوخز للكسالى ‪،‬ولجاما قويا للمتشردين ‪،‬‬
‫وإنما يدفعهم إلى إنكارها ما تسببه من عويل ونواح هنا وهناك ‪ .‬وهؤلء‬
‫الشخاص بسطاء التفكير إذ يعمون عن أن المجتمع في كل النظام الطبيعي‬
‫ينفي من جسمه باستمرار أفراده المرضى ‪ ،‬والغبياء والكسالى المترنحين ‪،‬‬
‫الكفرة !! ‪ ،‬إنهم إذ يعمون عن هذه الحقيقة رغم حسن نواياهم ‪ ،‬يقترحون‬
‫القيام بتدخل في مجرى النظام الطبيعي ‪ ،‬من شأنه ل أن يوقف عملية‬

‫‪188‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫التصفية فحسب ‪ ،‬بل أن يزيد من الفساد … وهكذا نرى هؤلء الشخاص‬


‫الذين يرون الحكمة في التنهد ‪ ،‬وإظهار الحزن ‪،‬وهم يحاولون القضاء على‬
‫اللم المفيدة التي تحيط بنا ‪ ،‬إنما يورثون الجيال القادمة لعنة متزايدة‬
‫باستمرار ( أنظر المصدر السابق ‪ ،‬ترجمة جورج طعمة ج ‪ 2‬ص ‪، 481 \480‬‬
‫هكذا كان الحل لمشكلة الشر عند هربرت سبنسر بعيدا عن هدي الله ‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫أما برتراند رسل فإنه بعد أن يجد نفسه أمام القانون الثاني للديناميكا‬
‫الحرارية ‪ ،‬وما يدل عليه من حدوث العالم ‪ ،‬وما يقضي به من القرار بالصانع‬
‫وبعد أن يرتكب حماقة التملص من حصار هذا القانون بما يشبه الهذيان‬
‫) أنظر كتابه " مجموعة عالمنا المجنون " ترجمة نظمي لوقا ص ‪ ( 70‬نراه‬
‫يحاول أن يستند إلى مشكلة وجود الشر في العالم لنكار القول بوجود الله ‪،‬‬
‫يقول في أسلوب انطباعي تهريجي ) بعض الناس يتعزون بفكرة أن الله إذا‬
‫كان قد صنع العالم ‪ -‬أي بوجود الشر فيه ‪ -‬فقد يعيد بناءه حين يتم له النهيار‬
‫‪ -‬يشير في سخرية إلى حقيقة الخرة ‪ -‬وإنني ‪ -‬هكذا يقول ‪ -‬ل أرى أن عملية‬
‫كريهة يمكن أن تقل كراهيتنا لها بأن نفكر في إمكانية إعادتها إلى مال نهاية(‬
‫ومن الواضح أن رسل لم يكن جادا وهو يسوق اعتراضه على وجود العالم‬
‫على هذا النحو التشاؤمي المطلق ‪ ،‬ذلك لن رسل يناقض نفسه عندما يتسع‬
‫أفقه إلى حدود ينظر فيها إلى العالم نظرة التفاؤل والقبول ؛ ذلك ما نجده‬
‫في مواضع أخرى ‪ ،‬إذ يقول ‪ ) :‬إن العالم زاخر بشتى الشياء ‪ :‬بعضها‬
‫جميل ‪ ،‬وبعضها قبيح ‪ ،‬وأجزاء تبدو رديئة وأجزاء تبدو حسنة ( المصدر‬
‫السابق ص ‪ ، 81‬ويقول ‪ ) :‬إني ل أضع حدا فاصل بين الخير والشر ‪ ،‬بل إني‬
‫أرى أن الخير في بعض الحيان قد ينقلب إلى شر ‪ ،‬والعكس طبعا‬
‫صحيح ‪ ( ..‬المصدر السابق ص ‪ 96‬وهو ينعي على من يشكون من شقائهم‬
‫في هذا العالم ‪ ،‬فيقول ‪ ) :‬وجملة القول أن أسباب الشقاء ترجع إلى أساس‬
‫مشترك ‪ ،‬هو الحرمان في الصغر من لذة طبيعية ‪ ،‬تضخمت أهميتها مع‬
‫التقدم في العمر ‪ ،‬وانعدام التوازن في التجاه النفسي مع الشعور بالضياع (‬
‫تراه يحلل نفسه فرويديا ؟؟! أنظر المصدر السابق ص ‪ ، 154‬ثم إنه يقول‬
‫) فالعقل ل يمكن أن يحظر علينا السعادة ‪ ،‬بل إني أعتقد أن هؤلء الذين‬
‫يرجعون شقاءهم إلى فكرتهم عن الكون أشبه بمن يضعون العربة أمام‬
‫الجواد ‪ ،‬فهم في الصل أشقياء لسبب آخر ل يدرون ما هو ‪ ،‬وهذا الشقاء هو‬
‫الذي يجنح بهم إلى التشبث بأوجه النقص في عالمهم ( المصدر السابق ص‬
‫‪ ، 155‬ثم يستعرض تشاؤم سليمان الحكيم في سفر الجامعة ‪ ،‬ويحلل‬
‫أسبابه ‪ ،‬ويبطلها جميعا ‪ ) ،‬المصدر السابق من ص ‪ 159‬إلى ‪ ، ( 164‬بل إنه‬
‫ليذهب إلى أبعد من ذلك إذ يقرر أن " النقص " من عوامل الحصول على‬
‫السعادة ‪ ،‬إذ يقول ‪ ) :‬لبد لحصول السعادة من عنصر ل غنى عنه ‪ ،‬وهو‬
‫شعورك أن شيئا ينقصك ويسعدك أن تحصل عليه ( المصدر السابق ص‬
‫‪ ، 159‬وإذن فإن رسل ليس جادا ول مخلصا ول صادقا في ادعائه أن ما عليه‬
‫العالم من شرور هو سبب رفضه لفكرة وجود الله ‪ ،‬إن المر كما يقول هو‬
‫عنه ‪ ) :‬مرد هذا من غير شك إلى ضعف الشعور الديني لدي ( المصدر‬
‫السابق ص ‪ ، 71‬وكما يقول هو عن سير أرثر أدنجتون ) ليس من سبب‬
‫يمنعه من ذلك – أي من اليمان بوجود الله ‪ -‬إل عدم حبه لهذه الفكرة (‬
‫المصدر السابق ص ‪ . 69‬ونحن غير معنيين بالرد التفصيلي عليه في هذا‬

‫‪189‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الموضع ‪ ،‬ونرى فيما نذكره من النقاط العامة فيما يلي كفاية بالنسبة لجميع‬
‫زوايا الموضوع ‪.‬‬
‫وهنا يمكننا أن ننطلق من عدة مبادئ في مواجهة هذه الشبهة أعني شبهة‬
‫الشر ‪:‬‬
‫أول ‪ :‬أن شعورنا بوجود الشر في العالم ناشئ من مشكلة تواجهنا من خلل‬
‫نظرية المعرفة ‪ ،‬وليس من نظرية في الوجود ‪ - ،‬قارن ذلك باعتقاد‬
‫المسيحية أن النسان شرير بطبعه ‪ :‬كتاب تكوين العقل الحديث لهرمان‬
‫رانال ص ‪ 231‬إلى ‪ - 245‬وبعبارة أخرى أن هذا الشعور ل يرجع إلى إدراك‬
‫موضوعي لوجود ما يسمى شرا ‪ ،‬ولكنه راجع إلى محدودية قدرتنا النسانية‬
‫في المعرفة ‪ ،‬ذلك أن إمكانية النسان في مجال المعرفة محدودة بحدود‬
‫ضيقة من مجال الكون والرض والنسان ‪ ،‬وإذن فليس من صلحية هذه‬
‫المعرفة أن تحكم على الصورة الكلية الشاملة ‪ ،‬وكما نعرف فإن المتطلع‬
‫إلى صورة ما ل يمكنه الحكم عليها بالجمال أو بالقبح ‪ ،‬بالخير أو بالشر ‪،‬‬
‫بمجرد رؤية بقعة منها في هذه الزاوية أو تلك ‪ ،‬ولكن عليه ‪ -‬إذا أراد أن‬
‫يحكم عليها من خلل نظرته هو ‪ -‬أن ينظر إليها نظرة شاملة من جميع‬
‫الزوايا ‪ ،‬وهو شرط ل يمكن تحقيقه من خلل المعرفة النسانية المستقلة ‪،‬‬
‫وهنا يأتي مغزى قصة الخضر مع سيدنا موسى عليهما السلم ‪ ،‬حيث كان‬
‫موسى عليه السلم يغير حكمه على الصورة التي تعرض له عندما يكشف له‬
‫عن الجانب الخفي منها ‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬أن شعورنا بوجود الشر ناشئ من ممارسات لنا ‪ -‬فرديا أو اجتماعيا ‪-‬‬
‫خارج النظام الذي انطبع عليه نسيج العالم ‪ ،‬وحيث إن هذا النظام هو الذي‬
‫يتيح لنا أن نجني من العالم خيره ‪ ،‬فإن الخروج عليه ‪ -‬طلبا لخير جزئي‬
‫موهوم ‪ -‬لبد من أن يؤدي إلى إخلل بما وضع عليه هذا النظام ‪ .‬وكما يقول‬
‫جورج باركلي ‪ -‬وهو رجل دين وفيلسوف إنجليزي ‪-‬‬
‫) إنما يريد الله النظام محبة بنا ‪ ،‬لكي نستمد من التجربة توقعا مفيدا في‬
‫أفعالنا المستقبلة ( ‪ .‬فالذي يطلب الخير من النظام بالخروج عليه يرتكب‬
‫تناقضا نظريا وعمليا في آن ‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫ويترتب على ذلك القول بأن شعورنا بوقوع الشر _ في الدائرة الفردية ‪-‬‬
‫يكون في كثير من الحيان نتيجة التناول الخاطئ بعيدا عن النظام الموضوع‬
‫أصل لخيره ‪ ،‬وعلى سبيل المثال فالسم موجود ‪ ،‬وهو خير إذا تناولته بطريقة‬
‫صحيحة ‪ ،‬وهو شر إذا تناولته بطريقة خاطئة ‪ ،‬وإذن فالشر وصف لعلقة‬
‫قابلة للتغيير بين موجودين ‪ ،‬وليست وصفا لموجود موضوعي ‪.‬‬
‫ولضمان ضد هذا التناول الخاطئ إل إذا تخلصنا من خير أعظم ‪ :‬وهو حرية‬
‫النسان بخيريتها من ناحية ‪ ،‬واطراد النظام بخيريته من ناحية أخرى ‪.‬فمرجع‬
‫المر هنا إلى اختيارية النسان ‪ ،‬وخيرية هذه الختيارية ‪ ،‬فالذي يطلب الخير‬
‫بالحصول على هذا الضمان يطلب شرا ويرتكب تناقضا أيضا ‪.‬‬
‫وما على النسان لكي يستفيد بإمكانات الخير في هذا النظام إل بأن يمتثل ‪-‬‬
‫باختياره أيضا ‪ -‬لتعليمات واضع هذا النظام ‪ ،‬وهنا يصبح اليمان والتسليم هو‬
‫الطريق للخير ‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬وإذا وصلنا إلى هذه النقطة يصبح من الميسور إدراك خيرية ما يقع‬
‫مخالفا لرغبة النسان سواء من خلل الرؤية الواقعية الفردية لحداث الحياة‬

‫‪190‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ -‬فقد عزيز مثل ‪ -‬أو من خلل الرؤية النظامية لحداث الطبيعة ‪ -‬زلزال مثل ‪-‬‬
‫لن هذا الحدث ‪ -‬فضل عن جريانه في مجرى النظام بخيريته البناءة ‪-‬‬
‫مشمول في الرؤية الفردية وما يترتب عليها من ألم ‪ ،‬بانضمام ما تقرره‬
‫الرؤية الدينية من تعويض لهذا اللم ‪ _ ،‬في الدنيا أو الخرة أو كليهما يتحول‬
‫اللم به إلى مصدر للخير‪ ،‬يتمنى المرء أن لو كان قد أصيب بأضعافه من قبل‬
‫‪ ،‬كسبب لمضاعفة التعويض والثواب ‪.‬‬
‫رابعا ‪ :‬إنه وإن جاز لبعض المفكرين إنكار وجود الخير نظريا فإنهم مهما‬
‫كانت آراؤهم النظرية ‪ ..‬تراهم يضمنون سلوكهم الفعلي إيمانا بالخير الذي‬
‫يطلبونه لنفسهم ‪ ،‬ويرجع سبب الغموض في تصور الفرد عن الخير العام‬
‫في مثل هذه الحالة ل إلى عدم وجود هذا الخير العام ‪ ،‬ولكن إلى أن خبرتنا‬
‫هي قبل كل شيء محدودة معقدة ‪ ،‬ونحن ل نستطيع أن نعرف الخير إل بقدر‬
‫ما نخبره ‪ ،‬وهناك بالتأكيد ضروب من الخير لم تحط بها خبرتنا ‪ ،‬ولبد هنا من‬
‫نقل قضية التسليم من مجال اليمان العملي الذاتي الساذج أو الطفولي إن‬
‫صح التعبير ‪ -‬إلى مجال اليمان العملي الذاتي الديني رفيع المستوى ‪ ،‬أي‬
‫بأن يكون التسليم العملي هنا من أجل الخير الذاتي في خلص الذات فيما‬
‫بعد الموت ‪ ،‬من المصير الذي أعد ضمن نظام الله في الكون للخارجين على‬
‫أوامره ونواهيه ‪ ،‬وهنا يصبح استهداف الخير الذاتي الفردي شامل للعمل من‬
‫أجل الخير العام ‪ ،‬من حيث إن أوامر الله ونواهيه تحرض على هذا الخير‬
‫العام وتحرص عليه وتجازي عليه ‪.‬‬
‫خامسا ‪ :‬ومن خلل القيمة الفردية للنسان ل مفر أمامه عمليا من إيمانه‬
‫بالخير ‪ ،‬ولو أن إنسانا رفض هذا اليمان لستحالت حياته ‪ ،‬لن رفضا كهذا‬
‫يهدم أساس حياته كله ‪ ،‬إذ ل يكون لها قيمة أو مبرر ‪ ،‬ولو أن إنسانا أكد‬
‫استعداده لذلك ل بشفتيه ولكن عمليا لفتقد كل فرصة لجراء هذا الحوار ‪.‬‬
‫سادسا ‪ :‬ومن خلل علقة الحب يجد النسان مفهوم الخير المطلق ؛ وهو‬
‫وإن لم يختبر هذا المفهوم عمليا في نطاق العلقات النسانية ‪ ..‬لكن لنا أن‬
‫نتصور للحب مدارج ‪ ،‬فإذا كان مفهوم الخير ناقصا في مدارجه الولى فإن‬
‫هذا النقص يزول بالصعود إلى أعلى هذه المدارج في مقام الحب اللهي ‪.‬‬
‫سابعا‪ :‬وكجزء من النظام واكتماله في الرؤية الشاملة ‪ ،‬ندرك أن النقص‬
‫ليس شيئا وجوديا وإنما هو مسألة اعتبارية ‪ ،‬ومن ثم ل يوصف بالشرية أو‬
‫الخيرية ‪ ،‬كما ندرك أن النقص بمضمونه العتباري يدل على الكمال ول‬
‫دث ‪ ،‬بل يؤكده ‪ ،‬وأنه ل يجوز‬ ‫يلغيه ‪ ،‬كما أن وجود الحادث ل يلغي وجود المح ِ‬
‫في ميزان المنطق ‪ ،‬ول في ميزان القيم أن يقوم الناقص بمراجعة أفعال‬
‫الكامل أو تقييمها ) ل يسأل عما يفعل وهم يسألون ( ‪.‬‬
‫ولشيء موجود إل وعند الله كماله ‪ ،‬يتم له كماله بالنخراط في نظام الله ‪،‬‬
‫تحت عنايته ورعايته وطاعته ‪ ،‬وإذن فإن النسان لديه الطريق للتخلص من‬
‫الشر بالعتصام بالله والقتدار به ‪.‬‬
‫ثامنا ‪ :‬في إطار إدراك النسان لنسبيته ‪ -‬سواء بحسب نظرية المعرفة ‪ ،‬أو‬
‫بحسب نظرية الوجود ‪ -‬عليه أن يدرك أنه ليس كيانا قائما بذاته ‪ ،‬وإنما هو‬
‫جزء من كل هو هذا الكون‬
‫وكونه جزءا من هذا الكل ينطوي على تحقيق الخير له ‪.‬‬
‫وكونه جزءا من هذا الكل يقتضي مراعاة قوانين الكل ‪ ،‬والنسجام مع الكل ‪.‬‬
‫ومصدر شعور النسان بالشقاء أو الوقوع في براثن الشر ‪ ..‬أنه في الوقت‬
‫الذي يتعامل فيه مع الكل باعتباره جزءا منه ‪ ،‬ليستفيد من هذه العلقة …‬
‫يرغب في أن يأخذ وضع الكائن القائم بذاته ‪ ،‬الذي من حقه وحده أن ل‬

‫‪191‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يعطي وزنا لخطوط مسيرة الكل ‪ ،‬ويرى فيها ‪ -‬إذا لم تنسجم مع إرادته ‪-‬‬
‫مساسا بذاته ‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫تاسعا ‪ :‬وفي نظام الله للكون يتم توظيف الحرمان للحصول على النوال ‪،‬‬
‫بل نقول إنه ‪ -‬في نطاق محدودية الناقص ونسبيته وقوانين حصوله على‬
‫المعرفة ‪ -‬يصبح الحرمان هو الطريق الوحيد ‪ -‬معرفيا ‪ -‬للحصول على‬
‫النوال ‪ ،‬ذلك أن الحرمان الذي يحس به النسان – آدم ‪ -‬إنما تقرر أصل‬
‫لخيريته من حيث إنه يتم لتمكينه من الشعور بالنعيم إذ ل شعور بالنعيم بغير‬
‫تجربة للحرمان ‪.‬‬
‫بهذه الحقائق ‪:‬‬
‫)‪ (1‬خيرية النظام الكوني ‪ ،‬والحرية النسانية ‪.‬‬
‫)‪ (2‬جهل خبايا الخير والشر ‪ ،‬إل أن يكون بكلمة ممن يملك المعرفة‬
‫المطلقة والعلم الكامل وهو الله تعالى ‪.‬‬
‫)‪ (3‬نسبية المعرفة النسانية القاضية بتوظيف الحرمان من أجل إدراك‬
‫النوال ‪.‬‬
‫)‪ (4‬انضمام التعويض والثواب اللهي إلى موازين تقدير ما يحدث للنسان‬
‫من أحداث ‪ ،‬إن خيرا وإن شرا ‪.‬‬
‫)‪ (5‬جزئية الوجود النساني بالنسبة للكون ‪ ،‬وخيرية هذه الجزئية للنسان‬
‫‪،‬وشرية انتقاضه على الكل الذي هو جزء منه‬
‫)‪ (6‬استقرار مفهوم الخير عمليا في مواجهة الشكوك النظرية البحتة ‪.‬‬
‫بهذه الحقائق تزول من الفكر البشري شبهة الشر كأساس لللحاد ‪.‬‬
‫كما تزول منه حيرته في تقدير الخير والشر ‪.‬‬
‫ويستقر لديه مرجعية الله وحده في يقينية هذا التقدير ‪.‬‬
‫فالله وحده ‪ -‬بما له من علم محيط بكل شيء ‪ ،‬شامل لكل شيء ‪ ، -‬هو‬
‫وحده الذي يمكنه أن يحقق الخير لنا ‪.‬‬
‫وهو وحده الذي يعلم ‪ -‬بكماله ‪ -‬طريق تكميل الناقص ‪ ،‬وتمكينه من إدراك‬
‫الخير ‪ :‬بشرط التسليم له سبحانه ‪ ،‬وهنا بالتحديد يأتي دور البلء ‪.‬‬
‫****‬
‫وطبقا للذاتية السلمية فإننا نجد للبلء موقعا في خريطة النسان في‬
‫العالم ‪ :‬ويتأمل المتأملون في معنى الكارثة أو معنى الموت بين كونه ‪ -‬على‬
‫سبيل الختصار ‪ : -‬ابتلء للصبر ‪ ،‬أو ابتلء للتكفير عن السيئات ‪ ،‬أو ابتلء‬
‫للعقاب ‪ ،‬أو ابتلء لدخار الحسنات ‪ ،‬أو ابتلء للتذكير بقوانين الله في الطبيعة‬
‫أو قوانينه في التاريخ ‪ ،‬أو ابتلء للتذكير بجبروت الخالق ‪ ،‬مقارنا بألعيب‬
‫المخلوق ‪ ..‬ولكل نصيبه النوعي من هذا البتلء حسب موقعه أو مقامه عند‬
‫الله ‪ .‬أنظر مقالنا بموقع شهود ‪ http://www.shohood.net/main.asp‬بتاريخ ‪\25‬‬
‫‪2005\2‬‬
‫وتفصيل لذلك نجد أنه قد ‪:‬‬
‫)‪ (1‬يأتي البلء لهدف بنائي في زرع اليمان وترقيته كلما مارسنا اليمان ‪ ،‬أو‬
‫توغلنا فيه ‪.‬‬
‫والنبياء مشمولون في هذا البلء‬
‫يقول الله تعالى ) ووالد وما ولد ‪ ،‬لقد خلقنا النسان في كبد ( ‪ 4 -3‬البلد ‪.‬‬
‫ويقول تعالى ) لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأموالهم وأنفسهم ‪،‬‬

‫‪192‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وأولئك لهم الخيرات وأولئك هم المفلحون ( ‪ 88‬التوبة‬


‫ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم في جوابه لمن سأله ‪ :‬يا رسول الله‬
‫أي الناس أشد بلء ؟ قال النبياء ‪ ،‬ثم المثل ‪ ،‬فالمثل ‪ ،‬فيبتلى الرجل على‬
‫حسب دينه ‪ ،‬فإن كان دينه صلبا اشتد بلؤه‪ ،‬وإن كان في دينه رقة ابتلي‬
‫على حسب دينه ‪ ،‬فما يبرح البلء بالعبد حتى يتركه يمشي على الرض ما‬
‫عليه خطيئة رواه الترمذي في سننه وقال ‪ :‬حسن صحيح‬
‫وفي مسند أبي داود الطيالسي بسنده عن عياض المجاشعي أن نبي الله‬
‫صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم في خطبته ‪ :‬أن الله قال له ‪ ) :‬يا محمد‬
‫إنما بعثتك لبتليك وأبتلي بك ( ‪.‬‬
‫وفي سنن ابن ماجة بسنده عن أبي سعيد الخدري قال ‪ :‬دخلت على النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم وهو يوعك فوضعت يدي عليه ‪ ،‬فوجدت حره بين يدي‬
‫فوق اللحاف ‪ ،‬فقلت يا رسول الله ‪ :‬ما أشدها عليك ! قال ‪ ):‬إنا كذلك‬
‫يضعف لنا البلء ‪ ،‬ويضعف لنا الجر ( ‪ ،‬قلت ‪ :‬يا رسول الله أي الناس أشد‬
‫بلء ؟ قال ‪ ) :‬النبياء( قلت ‪ :‬يا رسول الله ثم من ؟ قال ‪ ) :‬ثم الصالحون ‪،‬‬
‫إن كان أحدهم ليبتلى بالفقر ‪ ،‬حتى ما يجد أحدهم إل العباءة يحويها ‪ ،‬وإن‬
‫كان أحدهم ليفرح بالبلء كما يفرح أحدكم بالرخاء ! (‬
‫وفي مسند أحمد بسنده عن أبي سعيد الخدري قال ‪ :‬وضع رجل يده على‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬فقال‪ :‬والله ما أطيق أن أضع يدي عليك من‬
‫شدة حماك ‪ ،‬فقال النبي صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬إنا معشر النبياء يضاعف‬
‫لنا البلء كما يضاعف لنا الجر ‪ ،‬إن كان النبي من النبياء يبتلى بالقمل حتى‬
‫يقتله ‪ ،‬وإن كان النبي من النبياء ليبتلى بالفقر حتى يأخذ العباءة فيخونها‪،‬‬
‫وإن كانوا ليفرحون بالبلء كما تفرحون بالرخاء ( *‬
‫ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪) :‬عظم الجزاء مع عظم البلء وإن‬
‫الله إذا أحب قوما ابتلهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط (‬
‫رواه ابن ماجة في سننه‬
‫ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬ما يزال البلء بالمؤمن والمؤمنة‬
‫في نفسه وولده وماله ‪ ،‬حتى يلقى الله وما عليه خطيئة ( وراه الترمذي في‬
‫سننه وقال ‪ :‬حسن صحيح *‬
‫ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬يود أهل العافية يوم القيامة حين‬
‫يعطى أهل البلء الثواب لو أن جلودهم كانت قرضت في الدنيا‬
‫بالمقاريض ‪ ( .‬رواه الترمذي في سننه‬

‫)‪(4 /‬‬

‫ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬يؤتى يوم القيامة بأنعم أهل‬
‫الدنيا من الكفار فيقال اغمسوه في النار غمسة فيغمس فيها ‪ ،‬ثم يقال له ‪:‬‬
‫أي فلن هل أصابك نعيم قط ؟ فيقول ‪ :‬ل ‪ ،‬ما أصابني نعيم قط ‪ ،‬ويؤتى‬
‫بأشد المؤمنين ضرا وبلء فيقال ‪ :‬اغمسوه غمسة في الجنة فيغمس فيها‬
‫غمسة ‪ ،‬فيقال له ‪ :‬أي فلن هل أصابك ضر قط أو بلء ؟ فيقول ما أصابني‬
‫قط ضر ول بلء ‪ .‬رواه ابن ماجة في سننه ‪.‬وفي مسند أحمد مثله بمعناه‬
‫و في صحيح البخاري بسنده عن عائشة رضي الله عنها قالت ‪ :‬دخلت امرأة‬
‫معها ابنتان لها تسأل فلم تجد عندي شيئا غير تمرة ‪ ،‬فأعطيتها إياها ‪،‬‬
‫فقسمتها بين ابنتيها ‪ ،‬ولم تأكل منها ‪ ،‬ثم قامت ‪ ،‬فخرجت ‪ ،‬فدخل النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم علينا ‪ ،‬فأخبرته ‪ ،‬فقال ‪ ) :‬من ابتلي من هذه البنات‬

‫‪193‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫بشيء كن له سترا من النار (‬


‫ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬إن العبد إذا سبقت له من الله‬
‫منزلة لم يبلغها بعمله ابتله الله في جسده أو في ماله أو في ولده ‪ ،‬ثم‬
‫صبره على ذلك ‪ ،‬حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له من الله تعالى ( رواه أبو‬
‫داود في سننه ‪.‬‬
‫ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬إن عظم الجزاء مع عظم البلء ‪،‬‬
‫وإن الله إذا أحب قوما ابتلهم فمن رضي فله الرضا ‪ ،‬ومن سخط فله‬
‫السخط ( رواه الترمذي في سننه بسنده ‪ ،‬وفي مسند أحمد مثله بمعناه‬
‫ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬ما من مصيبة تصيب المسلم إل‬
‫كفر الله بها عنه حتى الشوكة يشاكها ( رواه البخاري في صحيحه‬
‫ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬ليس الزهادة في الدنيا بتحريم‬
‫الحلل ‪ ،‬ول في إضاعة المال ‪ ،‬ولكن الزهادة في الدنيا ‪ :‬أن ل تكون بما في‬
‫يديك أوثق منك بما في يد الله ‪ ،‬وأن تكون في ثواب المصيبة إذا أصبت بها‬
‫أرغب منك فيها لو أنها أبقيت لك ( رواه ابن ماجة في سننه ‪.‬‬
‫ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬عجبت من قضاء الله عز وجل‬
‫للمؤمن إن أصابه خير حمد ربه وشكر ‪ ،‬وإن أصابته مصيبة حمد ربه وصبر ‪،‬‬
‫المؤمن يؤجر في كل شيء حتى في اللقمة يرفعها إلى في امرأته ( وفي‬
‫رواية أخرى ‪ … ) :‬إلى فيه ( رواه المام أحمد في مسنده‬
‫ويقول النبي صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬ما من مسلم ول مسلمة يصاب‬
‫بمصيبة فيذكرها ‪ ،‬وإن طال عهدها فيحدث لذلك استرجاعا ‪ ،‬إل جدد الله له‬
‫عند ذلك ‪ :‬فأعطاه مثل أجرها يوم أصيب بها ( رواه المام أحمد في‬
‫مسنده ‪.‬‬
‫ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬ما من مسلمين يتوفى لهم ثلثة‬
‫من الولد لم يبلغوا الحنث إل أدخله الله الجنة بفضل رحمته للمصيبة ( رواه‬
‫المام أحمد في مسنده‬
‫) والحنث بلوغ الحلم وسن التكليف (‬
‫وفي صحيح البخاري بسنده عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن أبا‬
‫سفيان بن حرب أخبره أن هرقل قال له ‪ :‬سألتك كيف كان قتالكم إياه ؟‬
‫فزعمت أن الحرب سجال ودول ‪ ،‬فكذلك الرسل تبتلى ‪ ،‬ثم تكون لهم‬
‫العاقبة ( ‪.‬‬
‫وفي هذا السياق من سياقات البلء يأتي قوله صلى الله عليه وسلم ) والذي‬
‫نفسي بيده وددت أني أقاتل في سبيل الله فأقتل ‪ ،‬ثم أحيا ثم أقتل ‪ ،‬ثم أحيا‬
‫ثم أقتل ( فكان أبو هريرة يقولهن ثلثا أشهد بالله ‪ ،‬رواه البخاري في‬
‫صحيحه بسنده عن أبي هريرة رضي الله عنه ‪.‬‬
‫ولهذا يمكن القول بأن أعلى درجات هذا السياق ينتهي في أعله بصنع‬
‫النسان الكامل في مثله العلى ‪ :‬محمد صلى الله عليه وسلم‬
‫)‪ (2‬ويأتي البلء لهدف الكشف والظهار كلما ادعينا " اليمان أو تفاخرنا به ‪.‬‬
‫يقول الله تعالى )هل أتى على النسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا ‪،‬‬
‫إنا خلقنا النسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا ‪ ،‬إنا هديناه‬
‫السبيل إما شاكرا وإما كفورا ( ‪ 3-1‬النسان‬
‫ويقول تعالى ‪ ) :‬ألم ‪ ،‬أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم ل يفتنون ‪،‬‬
‫ولقد فتنا الذين من قبلهم ‪ ،‬فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ‪ ،‬أم‬
‫حسب الذين يعملون السيئات أن يسبقونا ساء ما يحكمون ‪ ،‬من كان يرجو‬
‫لقاء الله فإن أجل الله لت ‪ ،‬وهو السميع العليم ( ‪ 5-1‬العنكبوت‬

‫‪194‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫) ‪ (3‬أو يأتي البلء لهدف وضع اليمان في موضعه من الجدية اللزمة كلما‬
‫استسهلنا اليمان ‪ ،‬أو استخففنا به ‪.‬‬
‫يقول تعالى‪ ) :‬وحسبوا أل تكون فتنة فعموا وصموا ‪ ،‬ثم تاب الله عليهم ‪ ،‬ثم‬
‫عموا وصموا كثير منهم ‪ ،‬والله بصير بما يعملون ( ‪ 71‬المائدة ‪.‬‬
‫ويقول تعالى ‪ ) :‬أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا‬
‫منكم ويعلم الصابرين ( ‪ 142‬آل عمران‬
‫ويقول تعالى ‪ ) :‬أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ‪ ،‬ولما يأتكم مثل الذين خلوا من‬
‫قبلكم ‪ ،‬مستهم البأساء والضراء ‪ ،‬وزلزلوا حتى يقول الرسول والذين آمنوا‬
‫معه متى نصر الله ‪ ،‬أل إن نصر الله قريب ( ‪ 214‬البقرة‬
‫ويقول الله تعالى ‪ ):‬قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل إلى‬
‫مضاجعهم وليبتلي الله ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم والله عليم‬
‫بذات الصدور ( ‪ 154‬آل عمران *‬

‫)‪(5 /‬‬

‫ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬مثل المؤمن كمثل الخامة من‬
‫الزرع من حيث أتتها الريح كفأتها فإذا اعتدلت تكفأ بالبلء ‪ ،‬والفاجر كالرزة‬
‫صماء معتدلة حتى يقصمها الله إذا شاء ( رواه البخاري في صحيحه ‪.‬‬
‫ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬مثل المؤمن كمثل الزرع ل تزال‬
‫الريح تميله ول يزال المؤمن يصيبه البلء ‪ ،‬ومثل المنافق كمثل شجرة الرز‬
‫ل تهتز حتى تستحصد ( رواه مسلم في صحيحه‬
‫وفي صحيح البخاري بسنده عن عائشة رضي الله عنها في تفسير قوله‬
‫تعالى ) حتى إذا استيأس الرسل وظنوا أنهم قد كذبوا ( قالت ‪ ) :‬هم أتباع‬
‫الرسل الذين آمنوا بربهم ‪ ،‬وصدقوهم وطال عليهم البلء ‪ ،‬واستأخر عنهم‬
‫النصر ‪ ،‬حتى إذا استيأست ممن كذبهم من قومهم ‪ ،‬وظنوا أن أتباعهم‬
‫كذبوهم ‪ ،‬جاءهم نصر الله ‪( .‬‬
‫و في صحيح مسلم بسنده عن أنس بن مالك رضي الله عنه ‪ :‬أن رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم أتى على امرأة تبكي على صبي لها ‪ ،‬فقال لها ‪:‬‬
‫) اتقي الله واصبري ( فقالت ‪ :‬وما تبالي بمصيبتي ؟ فلما ذهب قيل لها ‪ :‬إنه‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬فأخذها مثل الموت ‪ ،‬فأتت بابه فلم تجد‬
‫على بابه بوابين ‪ ،‬فقالت ‪ :‬يا رسول الله لم أعرفك ‪ ،‬فقال‪ ) :‬إنما الصبر عند‬
‫أول صدمة ( أو قال عند أول الصدمة ‪.‬‬
‫وفي سنن النسائي بسنده عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ‪ :‬قال بينا‬
‫نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر إذ نزلنا منزل ‪ ،‬إذ نادى‬
‫منادي النبي صلى الله عليه وسلم ‪ :‬الصلة جامعة ‪ ،‬فاجتمعنا ‪ ،‬فقام النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم فخطبنا ‪ ،‬فقال ‪ ) :‬إنه لم يكن نبي قبلي إل كان حقا‬
‫عليه أن يدل أمته على ما يعلمه خيرا ‪ ،‬لهم وينذرهم ما يعلمه شرا لهم ‪ ،‬وإن‬
‫أمتكم هذه جعلت عافيتها في أولها ‪ ،‬وإن آخرها سيصيبهم بلء وأمور ينكرونها‬
‫‪ ،‬تجيء فتن فيدفق بعضها لبعض فتجيء الفتنة فيقول المؤمن ‪ :‬هذه مهلكتي‬
‫‪ ،‬ثم تنكشف ‪ ،‬ثم تجيء ‪ ،‬فيقول ‪ :‬هذه مهلكتي ‪ ،‬ثم تنكشف ‪ ،‬فمن أحب‬
‫منكم أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة فلتدركه موتته وهو مؤمن بالله واليوم‬
‫الخر ‪ ،‬وليأت إلى الناس ما يحب أن يؤتى إليه ‪ ،‬ومن بايع إماما فأعطاه‬
‫صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع ‪ ،‬فإن جاء أحد ينازعه فاضربوا‬
‫رقبة الخر ( ‪.‬‬

‫‪195‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫) ‪ (4‬وفي التصور السلمي يأتي البلء للمسلمين عقابا ‪:‬‬


‫يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫) إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة حل بها البلء ‪ ،‬فقيل ‪ :‬وما هن يا‬
‫رسول الله ؟ قال إذا كان المغنم دول والمانة مغنما ‪ ،‬والزكاة مغرما ‪ ،‬وأطاع‬
‫الرجل زوجته وعق أمه ‪ ،‬وبر صديقه وجفا أباه ‪ ،‬وارتفعت الصوات في‬
‫المساجد ن وكان زعيم القوم أرذلهم ‪ ،‬وأكرم الرجل مخافة شره ‪ ،‬وشربت‬
‫الخمور ‪ ،‬ولبس الحرير ‪ ،‬واتخذت القينات والمعازف ‪ ،‬ولعن آخر هذه المة‬
‫أولها … فليرتقبوا عند ذلك ريحا حمراء ‪ ،‬أو خسفا ومسخا ‪ ( .‬رواه الترمذي‬
‫في سننه ‪ ،‬وقال ‪ :‬هذا حديث غريب ل نعرفه من حديث علي بن أبي طالب‬
‫إل من هذا الوجه ول نعلم أحدا رواه عن يحيى بن سعيد النصاري غير الفرج‬
‫بن فضالة ‪ ،‬والفرج بن فضالة قد تكلم فيه بعض أهل الحديث ‪ ،‬وضعفه من‬
‫قبل حفظه ‪ ،‬وقد رواه عنه وكيع ‪ ،‬وغير واحد من الئمة ‪.‬‬
‫وفي سنن ابن ماجة بسنده عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال ‪:‬‬
‫أقبل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ‪:‬‬
‫)يا معشر المهاجرين خمس إذا ابتليتم بهن ‪ -‬وأعوذ بالله أن تدركوهن ‪ -‬لم‬
‫تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إل فشا فيهم الطاعون والوجاع‬
‫التي لم تكن مضت في أسلفهم الذين مضوا ‪ ،‬ولم ينقصوا المكيال والميزان‬
‫إل أخذوا بالسنين وشدة المئونة وجور السلطان عليهم ‪ ،‬ولم يمنعوا زكاة‬
‫أموالهم إل منعوا القطر من السماء ‪ ،‬ولول البهائم لم يمطروا ‪ ،‬ولم ينقضوا‬
‫عهد الله وعهد رسوله إل سلط الله عليهم عدوا من غيرهم فأخذوا بعض ما‬
‫في أيديهم ‪ ،‬وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله ويتخيروا مما أنزل الله إل جعل‬
‫الله بأسهم بينهم ‪( .‬‬
‫ويأتي البلء مخففا كما أخبر الرسول في قوله صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫) إني صليت صلة رغبة ورهبة ‪ ،‬سألت ربي عز وجل ثلثا ‪ :‬فأعطاني ثنتين ‪،‬‬
‫ومنعني واحدة ‪ ،‬سألت أن ل يبتلي أمتي بالسنين ‪ ،‬ففعل ‪ ،‬وسألت أن ل‬
‫يظهر عليهم عدوهم ففعل ‪ ،‬وسألته أن ل يلبسهم شيعا فأبى علي ( رواه‬
‫المام أحمد في مسنده‬
‫)‪ (5‬ويأتي البلء ‪ -‬حسب التصور السلمي ‪ -‬عقابا ؛ غايته العفو ‪:‬‬
‫ففي مسند أحمد بسنده عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم قال ‪ :‬أل أخبركم بأفضل آية في كتاب الله تعالى حدثنا بها رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم ؟ ) ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم‬
‫ويعفو عن كثير ( وسأفسرها لك يا علي ‪ ) ،‬ما أصابكم( من مرض أو عقوبة‬
‫أو بلء في الدنيا ) فبما كسبت أيديكم ( ‪ ،‬والله تعالى أكرم من أن يثني‬
‫عليهم العقوبة في الخرة ‪ ،‬وما عفا الله تعالى عنه في الدنيا فالله تعالى‬
‫أحلم من أن يعود بعد عفوه ‪.‬‬

‫)‪(6 /‬‬

‫وفي موطأ مالك بسنده عن يحيى بن سعيد أن رجل جاءه الموت في زمان‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل ‪ :‬هنيئا له مات ‪ ،‬ولم يبتل‬
‫بمرض ‪ ،‬فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬ويحك وما يدريك لو أن‬
‫الله ابتله بمرض يكفر به عنه من سيئاته (‬
‫وفي مسند أحمد بسنده عن عائشة رضي الله عنها أن رجل تل هذه الية‬
‫) من يعمل سوءا يجز به ( قال‪ :‬إنا لنجزى بكل عملنا ؟؟ هلكنا إذا !! فبلغ‬

‫‪196‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ‪ ) :‬نعم يجزى به المؤمنون في‬
‫الدنيا في مصيبة ‪ ،‬في جسده ‪ ،‬فيما يؤذيه ‪( .‬‬
‫)‪ (6‬وقد يأتي العفو قبل وقوع البلء ‪:‬‬
‫يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪) :‬من أنفق نفقة فاضلة في سبيل‬
‫الله فبسبع مائة‪ ،‬ومن أنفق على نفسه أو على أهله ‪ ،‬أو عاد مريضا ‪ ،‬أو ماز‬
‫أذى عن طريق ‪ ،‬فهي حسنة بعشر أمثالها ‪ ،‬والصوم جنة ما لم يخرقها ‪ ،‬ومن‬
‫ابتله الله بلء في جسده فهو له حطة ‪ ( .‬رواه المام أحمد في مسنده‬
‫)‪ (7‬ويقع البلء مشمول بالتعويض ‪:‬‬
‫يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬ما أحد من المسلمين يبتلى ببلء‬
‫في جسده إل أمر الله عز وجل الحفظة الذين يحفظونه ‪ :‬اكتبوا لعبدي مثل‬
‫ما كان يعمل وهو صحيح ‪ ،‬ما دام محبوسا في وثاقي ‪ ( ،‬رواه المام أحمد‬
‫في مسنده‬
‫ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬ل يزال البلء بالمؤمن أو المؤمنة‬
‫في جسده وفي ماله وفي ولده حتى يلقى الله وما عليه من خطيئة ( رواه‬
‫المام أحمد في مسنده‬
‫ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬إن الله عز وجل قال إذا ابتلي‬
‫عبدي بحبيبتيه ثم صبر عوضته منهما الجنة ‪ .‬يريد عينيه ( رواه المام أحمد‬
‫في مسنده ‪.‬‬
‫)‪ (7‬وقد تكون واقعة البلء الواحدة عذابا ‪ ،‬وقد تكون رحمة ‪ ،‬بحسب‬
‫ارتباطها بالعلقة مع الله تعالى ‪ ،‬يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما‬
‫رواه البخاري بسنده عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت ‪ ) :‬سألت‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون ‪ ،‬فأخبرني أنه ‪ :‬عذاب يبعثه‬
‫الله على من يشاء ‪ ،‬وأن الله جعله رحمة للمؤمنين ؛ ليس من أحد يقع‬
‫الطاعون فيمكث في بلده صابرا محتسبا يعلم أنه ليصيبه إل ما كتب الله له‬
‫إل كان له مثل أجر شهيد ( ‪.‬‬
‫)‪ (8‬ول نتعجل البلء ‪:‬‬
‫ففي سنن الدارمي بسنده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‪ ) :‬ل تعجلوا‬
‫بالبلية قبل نزولها ‪ ،‬فإنكم إن ل تعجلوها قبل نزولها ل ينفك المسلمون وفيهم‬
‫إذا هي نزلت من إذا قال وفق وسدد ‪ ،‬وإنكم إن تعجلوها تختلف بكم الهواء‬
‫فتأخذوا هكذا وهكذا ( وأشار بين يديه وعن يمينه وعن شماله‬
‫)‪ (9‬ويستجيب المسلم لفطرته ‪ ،‬ويشجع عليها في طلب العفو‪ :‬رجاء‬
‫وعبادة ‪:‬‬
‫ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة ‪ :‬كان رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫يتعوذ من جهد البلء ودرك الشقاء وسوء القضاء وشماتة العداء ‪.‬‬
‫ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ :‬إذا كانت ليلة النصف من شعبان‬
‫فقوموا ليلها ‪ ،‬وصوموا نهارها ‪ ،‬فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى‬
‫سماء الدنيا ‪ ،‬فيقول ‪ :‬أل من مستغفر لي ‪ ،‬فأغفر له ‪ ،‬أل مسترزق فأرزقه ‪،‬‬
‫أل مبتلى فأعافيه ‪ ،‬أل كذا أل كذا ‪ ،‬حتى يطلع الفجر( رواه أبو داود في سننه‬
‫بسنده *‬
‫****‬
‫في ظل هذه المبادئ يتحرك المسلم بين أبعاد خيرية النظام ‪ ،‬وخيرية البلء‬
‫معا ‪ :‬بثقة ‪ ،‬وطمأنينة ‪ ،‬وتماسك ‪ ،‬ورباطة جأش …‬
‫يخضع في بعض الظروف للمستوى الضروري من إنسانيته ‪ ،‬فيتألم من نوع‬
‫من البلء …‬

‫‪197‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ويرتفع في بعض الظروف للمستوى الرقى في إنسانيته ‪ ،‬فيسعد لنوع من‬


‫البلء …‬
‫ولكنه في جميع ظروفه تلك ‪ :‬يمارس الخير ‪ ،‬أو يظلله الخير ‪ :‬إن شكر‬
‫اقترب من موله فله أجر هو خير …‬
‫وإن صبر ارتفع في صنع ذاته ‪ ،‬وله أجر هو خير …‬
‫وإن جزع رجع وآب فله أجر هو خير ‪.‬‬
‫ولكنه في جميع الحوال يظل ‪ -‬أو ينبغي أن يظل ‪ -‬مرهف الحس ‪ ،‬شديد‬
‫اليقظة ؛ لقضية الخلود ‪ :‬الخلود في الفلح والثواب والخير ‪ ،‬والخلود في‬
‫الخسران والبلء والشر ‪.‬‬
‫ويكون من شانه أن يتجاوز جميع المربعات الصغيرة في علقات الخير ‪،‬‬
‫والنجاة ‪ ،‬والبلء … ليشد انتباهه إلى الخلود ‪.‬‬
‫الخلود في أحدهما ‪ :‬خيرا أو شرا ‪.‬‬
‫وهنا تسعفه مقاييس السلم حول هذين المرين ‪ .‬وعليه أن يتقيد بهذه‬
‫المقاييس ‪.‬‬
‫تلك هي قضيته الرئيسية التي تحكم مسيرة حياته كلها ‪ :‬دنيا ‪ ،‬وأخرى ‪.‬‬
‫وفي هذا المعنى يأتي قوله صلى الله عليه وسلم في رواية للمام أحمد‬
‫بمسنده عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال ‪ ) :‬مر النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم برجل وهو يقول ‪ :‬الله إني أسألك تمام النعمة ‪ ،‬قال يا ابن آدم ‪:‬‬
‫أتدري ما تمام النعمة؟ قال دعوة دعوت بها ‪ ،‬أرجو بها الخير ‪ .‬قال ‪ :‬فإن‬
‫تمام النعمة فوز من النار ودخول الجنة ( ‪.‬‬
‫هنا ‪ -‬وانطلقا من الذاتية السلمية ‪ -‬يجب إضافة مبدأ الخلود عند معالجة‬
‫الموضوع ‪.‬‬
‫فيصبح الهم الكبر للمسلم الفوز بالخير الدائم ) الجنة ( ‪.‬‬
‫ويصبح همه الكبر في طلب النجاة ‪ :‬النجاة من الشر الدائم ) النار ( ‪.‬‬
‫والله أعلم‬

‫)‪(7 /‬‬

‫تسوية القبر وارتفاعه‬


‫المجيب ‪ ...‬أ‪.‬د‪ .‬سعود بن عبدالله الفنيسان‬
‫عميد كلية الشريعة بجامعة المام محمد بن سعود السلمية سابقا ً‬
‫التصنيف ‪...‬‬
‫التاريخ ‪23/10/1425 ...‬هـ‬
‫السؤال‬
‫كيف نوفق بين النهي عن ارتفاع القبر فوق الشبر‪ ،‬والمر بإعادة ترابه عليه‬
‫إذا كان إعادة ترابه عليه سيرتفع أكثر من الشبر‪.‬‬
‫الجواب‬
‫الحمد لله وحده‪ ،‬والصلة والسلم على رسول الله‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫تحديد مقدار رفع القبر بشبر ونحوه لم يرد بنص من الشارع‪ ،‬وإنما هو من‬
‫كلم العلماء؛ فهموه من أحاديث النهي عن البناء على القبور‪ ،‬والمر بتسوية‬
‫مَثالً‬
‫ما ارتفع منها‪ ،‬كحديث علي بن أبي طالب‪ ،‬رضي الله عنه‪َ . . ." :‬ل ت َد َع َ ت ِ ْ‬
‫ه "‪ .‬أخرجه مسلم )‪ .(969‬وكفعل‬ ‫شرًِفا إ ِّل َ‬
‫سوّي ْت َ ُ‬ ‫ه وََل قَب ًْرا ُ‬
‫م ْ‬ ‫ست َ ُ‬ ‫إ ِّل ط َ َ‬
‫م ْ‬
‫الصحابة‪ ،‬رضي الله عنهم‪ ،‬بقبر رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وقبري‬
‫صاحبيه أبي بكر وعمر‪ ،‬رضي الله عنهما‪ ،‬فقد جاء في وصفها )أنها ليست‬

‫‪198‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ة(‪ .‬وجاء في سنن أبي داود )‪ ،(3215‬والترمذي )‪،(1713‬‬ ‫فعَةٍ ول َواط ِئ َ ٍ‬‫مْرت َ ِ‬
‫ب ُ‬
‫وابن ماجه )‪ ،(1560‬والنسائي )‪ ،(2010‬من حديث هشام بن عامر‪ ،‬أن‬
‫سُعوا‪. .‬‬ ‫َ‬
‫فُروا وأعمقوا وأوْ ِ‬ ‫ح ِ‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم أحد‪" :‬ا ْ‬
‫‪." .‬‬
‫ولكن تحديد مقدار هذا العمق لم يرد فيه دليل‪ ،‬فلهذا اختلف في تحديده‪،‬‬
‫فروي عن عمر بن الخطاب‪ ،‬رضي الله عنه‪ ،‬أنه أوصى أن يعمق قبره قدر‬
‫قامة وبسطة‪ ،‬وأوصى ابنه عبد الله‪ ،‬رضي الله عنه‪ ،‬أن يعمق قبره قدر‬
‫قامة‪ ،‬ول يزاد‪ ،‬واستحسن الشافعي‪ ،‬وأبو الخطاب الحنبلي أن يعمق القبر‬
‫قدر قامة النسان‪ ،‬ورأى الخليفة عمر بن عبد العزيز أن يعمق القبر قدر‬
‫السرة فقط‪ ،‬واستحب المام أحمد أن يعمق القبر إلى الصدر‪ ،‬وكل هذه‬
‫النقول والقوال متقاربة‪ ،‬مبناها على مراعاة تطييب نفوس أهل الميت‪ ،‬وإل‬
‫فإن السعة‪ ،‬والعمق في القبر ل تنفع الميت‪ ،‬وإنما ينفعه عمله‪ ،‬ولهذا قال‬
‫منعُ من‬ ‫د‪ ،‬وَيكفي ما ي َ ْ‬ ‫مقَ قبٌر بل ح ّ‬ ‫سعَ وُيع ّ‬
‫ن ُيو ّ‬
‫نأ ْ‬
‫س ّ‬
‫البهوتي في الروض‪) :‬و ُ‬
‫ة(‪ .‬ومعلوم أنه كلما زادت حفرة القبر زاد ترابها‪ ،‬وقد ورد‬ ‫سباِع والّرائح ِ‬ ‫ال ّ‬
‫النهي في سنن أبي داود )‪ (3225‬والنسائي )‪ (2027‬عن الزيادة على القبر‪:‬‬
‫قب ْرِ أوْ ي َُزاد َ عَل َي ْ ِ‬
‫ه‪.‬‬ ‫ن ي ُب َْنى عََلى ال َ‬‫ل اللهِ صلى الله عليه وسلم أ ْ‬ ‫ن ََهى رسو ُ‬
‫ما له‪ ،‬وقد يكون‬ ‫وإذا كان تراب القبر يرد عليه‪ ،‬فإن ما زاد منه يكون تسني ً‬
‫التسنيم شبًرا‪ ،‬أو أقل أو أكثر‪ ،‬حسب كثرة تراب القبر الزائد عن الدفن‪،‬‬
‫وبهذا يتبين أن تحديد ارتفاع القبر بشبر أمر تقريبي ل غير‪ .‬والله أعلم‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫تشريع الجهاد‬
‫د‪ .‬عبد العزيز القارئ ‪25/2/1424‬‬
‫‪27/04/2003‬‬
‫دير *‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ق ِ‬ ‫مل َ‬ ‫صرِهِ ْ‬ ‫ه عَلى ن َ ْ‬ ‫ن الل َ‬ ‫موا وَإ ِ ّ‬ ‫ن ب ِأن ُّهم ظل ِ ُ‬ ‫قات َلو َ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن لل ِ‬ ‫قال تعالى‪ ) :‬أذِ َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ن أُ ْ‬
‫َ‬
‫ه وَلول د َفْعُ الل ِ‬
‫ه‬ ‫قولوا َرب َّنا الل ُ‬ ‫ن يً ُ‬ ‫ّ‬
‫حقّ إل أ ْ‬ ‫م ب َِغيرِ َ‬ ‫ن دَِيارِهِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫جوا ِ‬ ‫خرِ ُ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫م‬
‫س ُ‬ ‫جد ُ ي ُذ ْك َُر ِفيها ا ْ‬ ‫سا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ت وَ َ‬ ‫وا ٌ‬ ‫صل َ َ‬ ‫معُ وَب ِي َعٌ وَ َ‬ ‫وا ِ‬
‫ص َ‬ ‫ت َ‬ ‫م ْ‬ ‫ض ل َهُد ّ َ‬‫م ب َِبع ٍ‬ ‫ضهُ ْ‬ ‫س ب َعْ ً‬ ‫الّنا َ‬
‫م‬
‫مكّناهُ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ن َ‬ ‫ن إِ ْ‬ ‫ّ‬
‫زيز * الذي َ‬ ‫قوِيّ عَ ِ‬ ‫َ‬
‫هل َ‬ ‫ن الل َ‬ ‫صُره ُ إ ِ ّ‬ ‫ن ي َن ْ ُ‬‫م ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ُ‬ ‫صَر ّ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫اللهِ ك َِثيرا وَلي َن ْ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِفي ال َْر‬
‫من ْك َ ِ‬
‫ر‬ ‫ن ال ُ‬ ‫ف وَن ََهوا عَ ِ‬ ‫معُْرو ِ‬ ‫مُروا ِبال َ‬ ‫كاة َ وَ أ َ‬ ‫وا الّز َ‬ ‫صل َة َ وَ آت َ ُ‬ ‫موا ال ّ‬ ‫ض أَقا ُ‬ ‫ِ‬
‫مورِ ( ] ‪ / 41-39‬الحج [‪.‬‬ ‫عاقِب َ ُ ُ‬
‫ة ال ُ‬ ‫وَِللهِ َ‬
‫هذه اليات الثلث رسمت المنهج الكامل للجهاد والدعوة ففيها الكفاية‬
‫والغنية لمن تدبر وكان فقيهًا‪:‬‬
‫وموضوعنا في هذا الفصل الية الولى‪ ،‬وهي أول آية نزلت في القتال كما‬
‫قال غير واحد من السلف منهم ترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله‬
‫ه‬
‫عنه وقال رضي الله عنه‪ :‬نزلت في محمدٍ صلى الله عليه وسلم وأصحاب ِ ِ‬
‫حين ُأخرجوا من مكة)‪. (1‬‬
‫ل الله صلى الله‬ ‫ش رسو َ‬ ‫خرجت قري ٌ‬ ‫وهذه الية نزلت في طريق الهجرة لما أ َ ْ‬
‫عليه وسلم‪ ،‬صح ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما‪.‬‬
‫فقد روى الترمذي والنسائي وأحمد رضي الله عنه قال‪:‬‬
‫جوا نبّيهم إنا لله‬ ‫َ‬
‫خَر ُ‬ ‫لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر‪ :‬أ ْ‬
‫ن‪ .‬قال ابن عباس‪ :‬فأنزل الله عز وجل‪ ) :‬أذن للذين‬ ‫وإنا إليه راجعون ل َي َهْل ِك ُ ّ‬
‫ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير (‪.‬‬ ‫يقاتلون بأنهم ُ‬
‫ت أنه سيكون قتال)‪. (2‬‬ ‫قال أبو بكر رضي الله عنه‪ :‬فعرفْ ُ‬

‫‪199‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫هذا التوقيت في نزول الذن بالقتال حكمته الكبرى أن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم انتقل من مرحلة الدعوة إلى مرحلة الدولة‪ ،‬وكانت بادرة ذلك بيعة‬
‫العقبة الثانية فإنها كانت عقدا سياسيا ً على نصرة رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم والقتال تحت قيادته‪ ،‬وتسليم مقاليد السلطة له‪.‬‬
‫بهذه البيعة بدأت مرحلة الدولة النبوية‪ ،‬فكان نزول الذن بالقتال وهو في‬
‫سّلم السلطة‪.‬‬ ‫طريقه لمقر الدولة ل ِت َ َ‬
‫من ْعُ النبي صلى الله‬ ‫ة السابقة عليها وهي َ‬ ‫فإذا أضفنا لهذه الحقيقةِ الحقيق َ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫عليه وسلم في مرحلة الدعوة بمكة منعا صارما حاسما من القتال مع شدة‬
‫العدوان الواقع عليه وعلى أصحابه؛ فإننا نقرر بل أي تردد أن القتال ليس من‬
‫أعمال الدعوة لكنه من أعمال الدولة‪.‬‬
‫معنى هذا الكلم أنه عندما يكون أهل الدعوة في مرحلة البيان والبلغ‬
‫والتكوين؛ ل سلطة بأيديهم‪ ،‬ول قوة تسندهم‪ ،‬ول دولة تتولى نصرتهم‬
‫ً‬ ‫َ‬
‫مَر ربهم‪ ،‬فل يجوز أن يمارسوا القتال ولو دفاعا عن‬ ‫وحمايتهم حتى ي ُب َل ُّغوا أ ْ‬
‫أنفسهم ضد القهر والضطهاد واليذاء بل الواجب عليهم الصبر والمصابرة‬
‫والدفع بالتي هي أحسن‪ ،‬وتحاشي الصدام المسلح ‪. .‬‬
‫قطوا الجهاد َ من شريعة السلم كما يفعله اليوم‬ ‫س ِ‬‫ولكن ليس معنى هذا أن ي ُ ْ‬
‫بعض ) دراويش العاجم (‪ ،‬بل يجب على أهل الدعوة بيان شريعة الجهاد‪،‬‬
‫وبيان سياسة السلم‪ ،‬والبحث عن النصرة والمنعة‪ ،‬أي عن سلطة تنصرهم‬
‫وتتبنى دعوتهم‪ ،‬وتتولى العداد للجهاد ‪ ،‬هذا ل يتعارض مع الصبر والكف عن‬
‫القتال‪..‬‬
‫ل بل دولةٍ إسلمية‪ ،‬ونعني به جهاد َ‬ ‫لكن ل ي َُتصور في عرف الشرع قتا ٌ‬
‫ت بغير‬ ‫دء ( أما جهاد )الدفع ( فشأنه مبني على دفع المفسدة‪ ،‬فلو د ُفِعَ ْ‬ ‫) الب َ ْ‬
‫م مفسدةً وجب الجهاد‬ ‫ك جهادِ الدفع أعظ َ‬ ‫جوز القتال‪ ،‬ولو كان ت َْر ُ‬ ‫القتال ل ي َ ُ‬
‫والقتال‪.‬‬
‫كما هو حال المسلمين اليوم‪ ،‬هم في ضعف شديد‪ ،‬وتفكك بالغ ول قيادة‬
‫مؤهلة حسب شروط الشرع ‪ ،‬والقيادات أيضا ً متنازعة‪ ،‬فكيف يقوم جهاد من‬
‫أي نوع والحال هذه ؟‬
‫المسلمون اليوم في حالة الدفاع عن النفس‪ ،‬ول يجوز أن يلجأوا إلى القتال‬
‫إل إذا ثبت أن المصلحة فيه راجحة على المفسدة‪ ،‬وهذا يحتاج إلى فقهاء‬
‫وعلماء ربانيين يقررون ذلك‪..‬‬
‫أما جهاد البدء فل يجوز إل بوجود دولة إسلمية شرعية تتبنى الجهاد وتعد له‬
‫العداد الكاف‪...‬‬
‫ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم هو النبراس في ذلك‪:‬‬
‫فه عن القتال فإنه كان يبحث عن النصرة والمنعة؛ يعرض نفسه ودعوته‬ ‫مع ك ّ‬
‫من يصدقه وينصره ويمنعه حتى يبلغ رسالة‬ ‫ً‬
‫على القبائل في الموسم؛ باحثا عَ ّ‬
‫ربه )‪.(3‬‬
‫فالدعوة تمر بمراحل منطقية)‪ (4‬تتوافق مع طبائع الشياء وسنن الله في‬
‫سّرية‪ ،‬ثم تكون علنية‪ ،‬وتمر بمرحلة ) التكوين (‪،‬‬ ‫الكون؛ تبدأ أول ما تبدأ ِ‬
‫والعادة في سائر الدعوات أن هذه المرحلة ل يكون فيها قتال‪ ،‬وإل فإنها‬
‫ة بل قوةٍ تحميها وتمنعها‪ ،‬ثم‬ ‫ص ُ‬ ‫ْ‬
‫ل في مهدها؛ لنها عادة ً ما تكون ضعيف ً‬ ‫ست َأ َ‬ ‫تُ ْ‬
‫تأتي مرحلة ) التمكين ( التي هي مرحلة ) الدولة ( ‪ ..‬وهنا تكون بيد الدعوة‬
‫سلطة وقوة تستعملها للدفاع عن نفسها‪. .‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫‪200‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫هذه مراحل منطقية وليست مراحل زمنية؛ أي ليس معناها أن الدعوة تحت‬
‫أي ظرف من الظروف ل بد أن تمر بهذه المراحل بالترتيب والموالة؛ بل قد‬
‫تختصر المراحل أحيانًا‪ ،‬لن العبرة بالحالة التي تمر بها الدعوة وأوصاف هذه‬
‫الحالة‪ ،‬وحالةِ المدعوين وأوصافِِهم‪.‬‬
‫ث عشرةَ‬ ‫ة التكوين فيها ثل َ‬ ‫دعوة النبي صلى الله عليه وسلم استغرقت مرحل ُ‬
‫سنة منها ثلث سنوات من السرية‪..‬‬
‫ل منها‪ ،‬ودعوةٌ أخرى‬ ‫س المدة‪ ،‬بل أق ّ‬ ‫لكن قد ل تستغرق دعوةٌ أخرى نف َ‬
‫ة بعد‬ ‫ت الدعوة في بعض المكنة النصرةَ والمنع َ‬ ‫جد ِ‬
‫تستغرق أكثَر‪ ،‬فإذا وَ َ‬
‫سنتين أو ثلث أو أقل‪ ،‬فهل ل بد من استغراق ثلث عشرة سنة كما حصل‬
‫لدعوة النبي صلى الله عليه وسلم ؟‬
‫كل‪ ،‬فإن الزمن غير مقصود هنا‪ ،‬وإنما المقصود حصول المنعة‪ ،‬فإذا حصلت‬
‫منذ وقت مبكر فإن هذا يساعد أكثر على التكوين والعداد لكن التكوين‬
‫ت الدعوة َ إلى‬ ‫والعداد ل بد أن يكتمل قبل الجهاد‪ ،‬فل تبادر الدولة التي تبن ّ ِ‬
‫ل ذلك وإل فسوف تفشل‪ ،‬لن هذين المرين من الثوابت الشرعية‪:‬‬ ‫ل قب َ‬ ‫القتا ِ‬
‫) أعدوا ( قبل ) جاهدوا (‪ ،‬بل إن هذه المسألة من البديهيات‪. .‬‬
‫ً‬
‫قد تستغرق الدعوة في مرحلة التكوين تسعمائة وخمسين عاما كدعوة نوح‬
‫ة‬
‫عليه السلم‪ ،‬ولم تصل إلى مرحلة التمكين حتى أهلك الله أعداءها بمعجز ٍ‬
‫هي ) الطوفان (‪.‬‬
‫ل‪ ،‬ول تأتي حتى للنبياء إل بعد‬ ‫لكن ) المعجزات ( هي من خصائص النبياء أو ً‬
‫أن يستوفوا )السنن ( الكونية ثانيًا‪ ،‬وتسعمائة وخمسون سنة مدة ليست‬
‫ط ) التمكين (‪. .‬‬ ‫ف فيها شرو ُ‬ ‫بالقصيرة حتى نقول إنه لم ُتستو َ‬
‫وربما ل يأتي ) التمكين ( في الجيل الذي بدأت فيه دعوة النبي‪ ،‬فيلقى النبي‬
‫ربه قبل ذلك‪. .‬‬
‫ي ومعه الّرهَْيط‪،‬‬ ‫ت النب ّ‬ ‫ي المم فرأي ُ‬ ‫رضت عل ّ‬ ‫قال صلى الله عليه وسلم‪ " :‬عُ ِ‬
‫ي وليس معه أحد ‪ ..‬الحديث ()‪.(5‬‬ ‫ي ومعه الرجل والرجلن‪ ،‬والنب ّ‬ ‫والنب ّ‬
‫فهل يقال في هذا النبي الذي لم يتبعه أحد إنه فشل في دعوته ؟! كل فإن‬
‫مهمة النبي الساسية البلغ والبيان‪ ،‬والبحث عن النصرة‪ ،‬فإن لم يجد ذلك‬
‫فقد تحققت مهمته بمجرد التبليغ والبيان ) ما على الرسول إل البلغ ( ]‬
‫‪/99‬المائدة [ ) وإن تولوا فإنما عليك البلغ ( ] ‪/20‬آل عمران [ نريد أن‬
‫نقول‪ :‬إن الذين بحثوا عن التمكين قبل التكوين أخطئوا‪ ،‬وإن الذين سعوا إلى‬
‫الدولة السلمية على حساب الدعوة أخطئوا خطئا ً " استراتيجيا ً "‪ ،‬والذين‬
‫ة إلى ما ذكرنا‪ :‬إنهم خالفوا طبائع‬ ‫سعوا إلى القتال قبل ذلك كله نقول إضاف ً‬
‫الشياء ‪.‬‬
‫ومثل هؤلء وأولئك الذين ظنوا أنه يجب أن يتحقق لهم التمكين‪ ،‬فإن لم‬
‫يتحقق أساءوا بالله الظنون‪ ،‬وأصابهم الفتور والحباط‪ ،‬هؤلء وقعوا في‬
‫أمرين‪ :‬أولهما‪ :‬تزكية النفس‪ ،‬فإنهم يحسبون أنهم على قصورهم والخلل‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫كوا أ َن ْ ُ‬
‫م‬
‫م هُوَ أعْل ُ‬ ‫سك ُ ْ‬
‫ف َ‬ ‫الذي فيهم يستحقون التمكين‪ ،‬والله تعالى يقول‪) :‬فَل َ ت َُز ّ‬
‫قى ( ] ‪/32‬النجم [‪ ،‬وثانيهما‪ :‬أنهم لم يفقهوا هذه المسألة‪ ،‬فإنه ل‬ ‫ن ات ّ َ‬‫م ِ‬
‫بِ َ‬
‫يلزم أن يتحقق التمكين في نفس الجيل‪ ،‬قد يؤخر الله التمكين لحكمة‬
‫يريدها إلى جيل قادم‪ ،‬كما حصل ذلك لكل نبي لم يتبعه أحد وجاء يوم القيامة‬
‫وحده‪ ،‬مع أنه لم يقصر في أداء رسالته ‪. .‬‬
‫المهمة الساسية " الستراتيجية " هي الدعوة‪ ،‬هي البيان والبلغ وتعليم‬
‫الناس دين الله‪ ،‬وتعليمهم شرائع الدين وآدابه حتى يعرفوا كيف يعبدون الله ‪،‬‬
‫وكيف يحيون على منهج الله ‪.‬‬

‫‪201‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫والقتال وسيلة لحماية هذه الدعوة كما دلت عليه الية الثانية من اليات‬
‫درنا بها هذا الفصل‪ ،‬فهل نقلب الوسيلة إلى غاية‪ ،‬وننشغل بها‬ ‫الثلث التي ص ّ‬
‫دت إلى القضاء على الدعوة ؟!‬ ‫ولو أ ّ‬
‫المقالة التالية‬
‫) مفهوم الجهاد ()‪(1‬تفسير ابن كثير ) ‪.( 237 /3‬‬
‫)‪(2‬رواه أحمد والترمذي والنسائي‬
‫وغيرهم ‪ /‬انظر تفسير ابن كثير ) ‪ ( 237 /3‬وحاشية الرنؤوط على جامع‬
‫الصول )‪.( 2/244‬‬
‫)‪(3‬أحمد ) ‪.( 341 / 4 ، 492 /3‬‬
‫)‪(4‬نقصد بالمنطقية أنها متوافقة مع المنهج ومع السنن الكونية ‪ ،‬فهذا‬
‫الوصف يمكن أن نضع مقابله أو ضده ) الفوضوية (‪.‬‬
‫)‪(5‬مسلم في اليمان ]ج ‪ / 1‬ص ‪ / 199‬من طبعة عبد الباقي [‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫‪202‬‬

You might also like