You are on page 1of 223

‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.

com‬‬

‫تم تحميل هذا الكتاب‬


‫من مكتبة موقع‬
‫"بّلغوا عّني ولو آية"‬
‫رسالتنا‪ :‬يصل الكثير من الناس بعض الرسائل اللكترونية عن السلم ويقومون‬
‫صصنا هذه‬‫بحذفها أو تجاهلها بحجة أنها طويلة ويثقل عليهم قراءتها‪ .‬لذلك خ ّ‬
‫الصفحة للشتراك في عظة يومية قصيرة أو حديث شريف أو آية تصل إلى بريد‬
‫المشترك بحيث لن يصعب قرائتها والستفادة منها راجيا من المولى عز وجل‬
‫الجر والثواب‪ .‬مثال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪" :‬بلّـغوا عنّـي ولو‬
‫‪".‬آية‬

‫للشتراك في هذه الخدمة الرجاء زيارة موقعنا "بلّـغوا عنّـي ولو آية" في السفل‬
‫‪ :‬وتسجيل البريد اللكتروني‬
‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ :‬أو عن طريق إرسال رسالة ولو فارغة إلى‬


‫‪subscribe@balligho.com‬‬

‫‪.‬ويمكنكم أيضا أن تتصفحوا الرشيف بالحاديث المرسلة مسبقًا‬

‫ن في السلم سنة حسنة‪ ،‬فعمل بها‬ ‫قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬من س ّ‬
‫بعده‪ ،‬كتب له مثل أجر من عمل بها‪ .‬ول ينقص من أجورهم شيء‪ ...‬الحديث‪.‬‬
‫فاحرصوا يرحمكم ال على نشرها فكل من يزور الموقع ويستفيد منه عن طريقك‬
‫تكسب من الجر الكثير وإن قام بدوره بالعمل بها ونشرها أيضا فكلنا نكسب أمثل‬
‫‪.‬أجورهم ول ينقص من الجر شيئا‬

‫والسّنة‬
‫ب َ‬
‫دة إلى الك َِتا ِ‬ ‫و َ‬‫ع ْ‬
‫منهاجنا‪َ :‬‬
‫مة‬ ‫ف ال ُ‬‫سل َ ِ‬ ‫بِ َ‬
‫ّ‬ ‫هم ِ َ‬‫ف ْ‬

‫‪1‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ةة ةةةةة ةةة ةةةةةة ةةةة ةةةةةة ةةةةةةة ةةةةةةة‬


‫)ةةةة ةةة ةةةةةةةة ةةة ةةةة ةةةةةةة ةةةةةةة ةةة‬
‫ةةةةةةةة(‬

‫الكتاب ‪ :‬موسوعة البحوث والمقالت العلمية‬


‫جمع وإعداد الباحث في القرآن والسنة‬
‫حوالي خمسة آلف وتسعمائة مقال وبحث‬
‫علي بن نايف الشحود‬

‫وقد يتعلق بعض دعاة الختلط ببعض ظواهر النصوص الشرعية التي ل يدرك‬
‫ور الله قلبه‪ ،‬وتفقه في دين الله وضم الدلة‬‫مغزاها ومرماها إل من ن ّ‬
‫الشرعية بعضها إلى بعض‪ ،‬وكانت في تصوره وحدة ل يتجزأ بعضها عن بعض‪.‬‬
‫ومن ذلك خروج بعض النساء مع الرسول في بعض الغزوات‪ ،‬والجواب عن‬
‫ذلك أن خروجهن كان مع محارمهن لمصالح كثيرة ل يترتب عليه ما يخشى‬
‫عليهن من الفساد ليمانهن وتقواهن وإشراف محارمهن عليهن وعنايتهم‬
‫بالحجاب بعد نزول آيته بخلف حال الكثير من نساء العصر‪ ،‬ومعلوم أن‬
‫خروج المرأة من بيتها إلى العمل يختلف تماما عن الحالة التي خرجن بها مع‬
‫الرسول في الغزو فقياس هذه على تلك يعتبر قياسا مع الفارق‪ .‬وأيضا فما‬
‫الذي فهمه السلف الصالح حول هذا؟ وهم ل شك أدرى بمعاني النصوص من‬
‫غيرهم وأقرب إلى التطبيق العملي بكتاب الله وسنة رسوله فما هو الذي‬
‫نقل عنهم على مدار الزمن؟ هل وسعوا الدائرة كما ينادي دعاة الختلط؟‬
‫فنقلوا ما ورد في ذلك إلى أن تعمل المرأة في كل ميدان من ميادين الحياة‬
‫مع الرجال تزاحمهم ويزاحمونها وتختلط معهم ويختلطون معها‪ .‬أم أنهم‬
‫فهموا أن تلك قضايا معينة ل تتعداها إلى غيرها؟‪.‬‬
‫وإذا استعرضنا الفتوحات السلمية والغزوات على مدار التاريخ لم نجد هذه‬
‫الظاهرة‪ ،‬أما ما يدعى في هذا العصر من إدخالها كجندي يحمل السلح‬
‫ويقاتل كالرجل فهو ل يتعدى أن يكون وسيلة لفساد وتذويب أخلق الجيوش‬
‫باسم الترفيه عن الجنود لن طبيعة الرجل إذا التقت مع طبيعة المرأة كان‬
‫منهما عند الخلوة ما يكون بين كل رجل وامرأة من الميل والنس‬
‫والستراحة إلى الحديث والكلم وبعض الشيء يجر إلى بعض وإغلق باب‬
‫الفتنة أحكم وأحزم وأبعد من الندامة في المستقبل‪.‬‬
‫فالسلم حريص جدا على جلب المصالح ودرء المفاسد وغلق البواب‬
‫المؤدية إليها‪ ،‬ولختلط المرأة مع الرجل في ميدان العمل تأثير كبير في‬
‫انحطاط المة وفساد مجتمعها كما سبق‪ .‬لن المعروف تاريخيا عن‬
‫الحضارات القديمة الرومانية واليونانية ونحوهما أن من أعظم أسباب‬
‫النحطاط والنهيار الواقع بها هو خروج المرأة من ميدانها الخاص إلى ميدان‬
‫الرجال ومزاحمتهم‪ ،‬مما أدى إلى فساد أخلق الرجال وتركهم لما يدفع‬
‫بأمتهم إلى الرقي المادي والمعنوي وانشغال المرأة خارج البيت يؤدي إلى‬
‫بطالة الرجل وخسران المة بانحلل السرة وانهيار صرحها وفساد أخلق‬
‫الولد‪ ،‬ويؤدي إلى الوقوع في مخالفة ما أخبر الله به في كتابه من قوامة‬

‫‪2‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الرجل على المرأة‪.‬‬


‫وقد حرص السلم أن يبعد المرأة عن جميع ما يخالف طبيعتها‪ ،‬فمنعها من‬
‫تولي الولية العامة كرئاسة الدولة والقضاء وجميع ما فيه مسئوليات عامة‬
‫لقوله ‪ } :‬لن يفلح قوم وّلوا أمرهم امرأة { ]رواه البخاري في صحيحه[‪.‬‬
‫ففتح الباب لها بأن تنزل إلى ميدان الرجال يعتبر مخالفا لما يريده السلم‬
‫من سعادتها واستقرارها‪ .‬فالسلم يمنع تجنيد المرأة في غير ميدانها الصيل‪.‬‬
‫وقد ثبت من التجارب المختلفة وخاصة في المجتمع المختلط أن الرجل‬
‫والمرأة ل يتساويان فطريا ول طبيعيا فضل عما ورد في الكتاب والسنة‬
‫واضحا جليا في اختلف الطبيعتين والواجبين‪ ،‬والذين ينادون بمساواة الجنس‬
‫اللطيف ‪ -‬المنشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين ‪ -‬بالرجال يجهلون أو‬
‫يتجاهلون الفوارق الساسية بينهما‪.‬‬
‫لقد ذكرنا من الدلة الشرعية والواقع الملموس ما يدل على تحريم الختلط‬
‫واشتراك المرأة في أعمال الرجال مما فيه كفاية ومقنع لطالب الحق‪ ،‬ولكن‬
‫نظرا إلى أن بعض الناس قد يستفيدون من كلمات رجال الغرب والشرق‬
‫أكثر مما يستفيدون من كلم الله وكلم رسوله وكلم علماء المسلمين رأينا‬
‫أن ننقل لهم ما يتضمن اعتراف رجال الغرب والشرق بمضار الختلط‬
‫ومفاسده لعلهم يقتنعون بذلك‪ ،‬ويعلمون أن ما جاء به دينهم العظيم من منع‬
‫الختلط هو عين الكرامة والصيانة للنساء وحمايتهن من وسائل الضرار بهن‬
‫والنتهاك لعراضهن‪.‬‬
‫قالت الكاتبة النجليزية الليدي كوك‪ :‬إن الختلط يألفه الرجال ولهذا طمعت‬
‫المرأة بما يخالف فطرتها وعلى قدر كثرة الختلط تكون كثرة أولد الزنا‪،‬‬
‫وهاهنا البلء العظيم على المرأة‪ .‬إلى أن قالت‪ :‬عّلموهن البتعاد عن الرجال‬
‫أخبروهن بعاقبة الكيد الكامن لهن بالمرصاد‪.‬‬
‫وقال شوبنهور اللماني‪ :‬قل هو الخلل العظيم في ترتيب أحوالنا الذي دعا‬
‫المرأة لمشاركة الرجل في علو مجده‪ ،‬وباذخ رفعته وسهل عليها التعالي في‬
‫مطامعها الدنيئة حتى أفسدت المدنية الحديثة بقوى سلطانها ودنيء آرائها‪.‬‬
‫وقال اللورد بيرون‪ :‬لو تفكرت أيها المطالع فيما كانت عليه المرأة في عهد‬
‫قدماء اليونان لوجدتها في حالة مصطنعة مخالفة للطبيعة ولرأيت معي‬
‫وجوب إشغال المرأة بالعمال المنزلية مع تحسن غذائها وملبسها فيه‪،‬‬
‫وضرورة حجبها عن الختلط بالغير‪ .‬اهـ‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫وقال سامويل سمايلس النجليزي‪ :‬إن النظام الذي يقضي بتشغيل المرأة‬
‫في المعامل مهما نشأ عنه من الثروة للبلد‪ ،‬فإن نتيجته كانت هادمة لبناء‬
‫وض أركان السرة ومّزق‬ ‫الحياة المنزلية ؛ لنه هاجم هيكل المنزل وق ّ‬
‫الروابط الجتماعية‪ ،‬فإنه يسلب الزوجة من زوجها والولد من أقاربهم صار‬
‫بنوع خاص ل نتيجة له إل تسفيل أخلق المرأة‪ ،‬إن وظيفة المرأة الحقيقية‬
‫هي القيام بالواجبات‪ ،‬مثل ترتيب مسكنها‪ ،‬وتربية أولدها والقتصاد في‬
‫وسائل معيشتها‪ ،‬مع القيام بالحتياجات البيتية ولكن المعامل تسلخها من كل‬
‫هذه الواجبات‪ ،‬بحيث أصبحت المنازل غير منازل‪ ،‬وأصبحت الولد تشب على‬
‫عدم التربية وتلقى في زوايا الهمال‪ ،‬وانطفأت المحبة الزوجية‪ ،‬وخرجت‬
‫المرأة عن كونها الزوجة الظريفة‪ ،‬والقرينة المحبة للرجل وصارت زميلته‬
‫في العمل والمشاق‪ ،‬وباتت معرضة للتأثيرات التي تمحو غالبا التواضع‬

‫‪3‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الفكري والخلقي الذي عليه مدار حفظ الفضيلة‪.‬‬


‫وقالت الدكتورة إيدايلين‪ :‬إن سبب الزمات العائلية في أمريكا وسر كثرة‬
‫الجرائم في المجتمع هو أن الزوجة تركت بيتها لتضاعف دخل السرة فزاد‬
‫الدخل وانخفض مستوى الخلق ثم قالت‪ :‬إن التجارب أثبتت أن عودة المرأة‬
‫إلى الحريم هو الطريق الوحيد لنقاذ الجيل الجديد من التدهور الذي يسير‬
‫فيه‪.‬‬
‫وقال أحد أعضاء الكونجرس المريكي‪ :‬إن المرأة تستطيع أن تخدم الدولة‬
‫حقا إذا بقيت في البيت الذي هو كيان السرة‪.‬‬
‫وقال عضو آخر‪ :‬إن الله عندما منح المرأة ميزة إنجاب الولد لم يطلب منها‬
‫أن تتركهم لتعمل في الخارج بل جعل مهمتها البقاء في المنزل لرعاية هؤلء‬
‫الطفال‪.‬‬
‫وقال شوبنهور اللماني أيضا‪ :‬اتركوا للمرأة حريتها المطلقة كاملة بدون‬
‫رقيب ثم قابلوني بعد عام لتروا النتيجة ول تنسوا أنكم سترثون معي الفضيلة‬
‫والعفة والدب‪ .‬وإذا مت فقولوا‪ :‬أخطأ أو أصاب كبد الحقيقة‪.‬‬
‫ذكر هذه النقول كلها الدكتور مصطفى حسني السباعي رحمه الله في كتابه‬
‫)المرأة بين الفقه والقانون(‪.‬‬
‫ولو أردنا أن نستقصي ما قاله منصفو الغرب في مضار الختلط الذي هو‬
‫نتيجة نزول المرأة إلى ميدان أعمال الرجال لطال بنا المقال ولكن الشارة‬
‫المفيدة تكفي عن طول العبارة‪.‬‬
‫والخلصة‪ :‬أن استقرار المرأة في بيتها والقيام بما يجب عليها من تدبيره بعد‬
‫القيام بأمور دينها هو المر الذي يناسب طبيعتها وفطرتها وكيانها‪ ،‬وفيه‬
‫صلحها وصلح المجتمع وصلح الناشئة فإن كان عندها فضل ففي المكان‬
‫تشغيلها في الميادين النسائية كالتعليم للنساء‪ ،‬والتطبيب والتمريض لهن‬
‫ونحو ذلك مما يكون من العمال النسائية في ميادين النساء كما سبقت‬
‫الشارة إلى ذلك‪ .‬وفيها شغل لهن شاغل‪ ،‬وتعاون مع الرجال في أعمال‬
‫المجتمع وأسباب رقيه كل في جهة اختصاصه‪ ،‬ول ننسى هنا دور أمهات‬
‫المؤمنين‪ ،‬رضي الله عنهن ومن سار في سبيلهن وما قمن به من تعليم‬
‫للمة وتوجيه وإرشاد وتبليغ عن الله سبحانه‪ ،‬وعن رسوله فجزاهن الله عن‬
‫ذلك خيرا وأكثر في المسلمين اليوم أمثالهن مع الحجاب والصيانة والبعد عن‬
‫مخالطة الرجال في ميدان أعمالهم‪.‬‬
‫والله المسئول أن يبصر الجميع بواجبهم‪ ،‬وأن يعينهم على أدائه على الوجه‬
‫الذي يرضيه‪ ،‬وأن يقي الجميع وسائل الفتنة وعوامل الفساد ومكايد‬
‫الشيطان إنه جواد كريم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد‬
‫وآله وصحبه‪.‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫خطوات عملية للقلع عن التدخين‬


‫أخي الحبيب …‬
‫خن؟‬‫ن طبيبك نصحك بالقلع عن الّتدخين فبدأت تسأل نفسك لماذا تد ّ‬ ‫ل بد ّ أ ّ‬
‫ضرر في الجسم‪.‬كثيرون‬ ‫ن ال ّّتدخين عادة قبيحة تكلف أموال باهظة وتوقع ال ّ‬
‫ً‬ ‫ّ‬ ‫إ ّ‬
‫خنون لمجّرد الّتسلية فأصبحوا مدمنين ومعظم هؤلء مرضى عصبّيا‬ ‫يد ّ‬
‫ً‪.‬وكثيرون‬
‫ن الّتدخين يرفع من قيمة النسان ويوصله إلى المجتمع الّراقي‪.‬‬‫يعتقدون أ ّ‬

‫‪4‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أخي الحبيب …‬
‫ن بضع وريقات من الّتبغ وكمّية صغيرة من الّنيكوتين‬ ‫أليس من المخجل أ ّ‬
‫ملفوفة في ورقة رقيقة لها هذا الّتأثير العظيم في حياتك ‪.‬‬
‫أخي الحبيب …‬
‫سنقوم بمساعدتك للقلع عن الّتدخين من خلل أربع خطوات‪:‬‬
‫الخطوة الولى‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫عليك أن تنقطع تماما عن التدخين لن التخفيف منه تدريجي ّا إلى حد ّ النقطاع‬
‫سهل ‪.‬‬‫ليس بالمر ال ّ‬
‫خنين ‪ ،‬كي ل تعود‬ ‫في السابيع الولى عليك أن تبتعد قدر المكان عن المد ّ‬
‫إلى الّتدخين لرضاء صديق ولو بسيجارة واحدة‪.‬‬
‫الخطوة الّثانية‪:‬‬
‫وي موقفك منه وكرهك له‬ ‫ن ذلك يق ّ‬ ‫ل أشكاله ل ّ‬‫عليك أن تهاجم الّتدخين بك ّ‬
‫ً‬
‫خنين أّنك أصبحت مزعجا ولكن يتقّبلونك بعد حين‪.‬‬ ‫وقد يعتبر أصحابك المد ّ‬
‫الخطوة الّثالثة‪:‬‬
‫م بالماء البارد‬ ‫م مرة أو مرتين في البوم بالماء الحار ث ّ‬ ‫عليك أن تستح ّ‬
‫ن إلى السيجارة تناول‬ ‫المنعش فيساعدك ذلك على تقوية إرادتك وعندما تح ّ‬
‫الفاكهة أو علكة‪.‬‬
‫الخطوة الّرابعة‪:‬‬
‫عليك تنظيف رئتيك من رواسب الّتدخين‪:‬‬
‫دة مّرات‪.‬‬ ‫طلق ع ّ‬‫‪ -1‬امش يومي ّا ً في الهواء ال ّ‬
‫ِ‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫‪ -2‬حاول أن تشرب كوب حليب طازج محلى بالعسل يومي ّا فهذا يساعدك‬
‫على تنظيف رئتيك‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫‪ -3‬أكثر من تناول الفاكهة والخضار الطازجة لّنها تساعد على التخلص من‬
‫فف منها كالّتمر والّزبيب والّتين‪.‬‬ ‫سموم الّتدخين وبالخص المج ّ‬
‫‪ -4‬تناول خمس وجبات يومي ّا ً عوضا عن ثلث‪،‬فهذا يركز مستوى السكر في‬
‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫دمك إلى أن يعتاد جسمك تركيزه بنفسه دون النيكوتين‪.‬إّياك أن تمارس‬
‫الحمية خلل هذه‬
‫الفترة‪.‬‬
‫ّ‬ ‫ّ‬
‫في الّنهاية ل تترّدد لحظة واحدة في الّتغلب على هذه العادة السّيئة التي‬
‫تهدم الجسد والّنفس‪،‬فالمكافأة على ذلك )حلقٌ سليم‪،‬ل سعال‪،‬ل خفقان‬
‫مزعج في القلب‪،‬ل أعصاب منهارة‪،‬انتظام في الّنبض‪،‬نفس غير كريه‬
‫م مرتاح(عندها ترتاح وتصبح سّيد نفسك‪.‬‬ ‫الّرائحة‪،‬أسنان بيضاء وجس ٌ‬

‫)‪(1 /‬‬

‫خطوات عملية للنتصار لخير البشرية‬


‫الكاتب‪ :‬الشيخ د‪.‬محمد بن موسى الشريف‬
‫إن الجريمة العظمى التي أقدم عليها رئيس وزراء الدانمرك وحكومته ل‬
‫ينبغي أن تمر دون محاسبة‪.‬‬
‫وإنما قلت رئيس وزراء الدانمرك وحكومته لنه هو المسؤول الول عما‬
‫يجري في بلده ‪ ،‬ولنه تهاون في هذه المسألة تهاونا ً أدى به إلى رفض‬
‫مقابلة وفد مسلمي الدانمرك ‪ ،‬ولنه كاذب فيما يدعيه من حرية التعبير لنه‬
‫سب البابا هذا السب لما‬
‫سب المسيح عليه الصلة والسلم هذا السب أو ُ‬ ‫لو ُ‬
‫قبل العالم كله منه هذا العذر المريض ‪ ،‬ولنتفض النصارى وغيرهم وحصل له‬

‫‪5‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ما ل يحمد عقباه لكن المسلمين ل بواكي لهم‪.‬‬


‫والذي ينبغي عمله في هذه النازلة الخطيرة عدة أمور ‪ ،‬منها ‪:‬‬
‫‪ -1‬عمل الحكومات السلمية ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬طرد السفير الدنمركي وإغلق السفارة‪.‬‬
‫ب ‪ -‬قطع العلقات السياسية مع الدنمرك‪.‬‬
‫ج‪ -‬إيقاف استيراد البضائع الدنمركية ‪ ،‬والمتناع من تصدير أي سلعة إسلمية‬
‫إليها‪.‬‬
‫وأنا أكتب هذا الكلم وأعلم أن غالب الدول السلمية سيقف موقف‬
‫ً‬
‫المتخاذل لنها عودتنا على ذلك من قبل ‪ ،‬لكني أقول للحكومات محذرا ‪ ،‬إن‬
‫الحكومة التي تتخاذل في نصرة خير البرية إنما تعرض نفسها لنتقام الله‬
‫تعالى ‪ ،‬لن سيدنا محمدا ً صلى الله عليه وسلم هو خليل الرحمن ‪ ،‬والله‬
‫تعالى يغار على انتهاك حرمته ول شك‪ ،‬وأخشى أن الله تعالى سيصب غضبه‬
‫على من تخاذل في نصرة حبيبه وخليله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫وبادرة المملكة في سحب سفيرها من الدنمرك خطوة أولى مهمة أرجو أن‬
‫تتبعها خطوات أخرى‪.‬‬
‫‪ -2‬عمل الشعوب والهيئات الشعبية ‪:‬‬
‫إن من فضل الله تعالى على الشعوب أنها تستطيع عمل الكثير في مقاومة‬
‫هذه الهجمة ‪ ،‬وعدد المسلمين مليار وثلث المليار ‪ ،‬وهذا عدد عظيم يستطيع‬
‫لو اجتمع عشرة بالمائة منه على عمل شيء أن يغيروا عددا ً من الموازين‬
‫بإذن الله تعالى ‪ ،‬ومما يستطيع عموم المسلمين عمله هو التي ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬المقاطعة التامة لكل منتجات الدنمرك ‪ ،‬خاصة منتجات الحليب مثل زبدة‬
‫لورباك ‪ ،‬وعدة أصناف من الحليب المجفف والسائل ‪ ،‬والجبن الدنمركي‬
‫المنتشر في البلد العربية ‪ ،‬وغير ذلك ‪ ،‬وقد صدرت عدة إعلنات من بعض‬
‫الشركات في المملكة العربية السعودية أنها تقاطع المنتجات الدنمركية‬
‫وأرسلت رسائل للسفارة ‪ ،‬وهذه بادرة جيدة‪.‬‬
‫والمقاطعة فعالة جدا ً ‪ ،‬وقد صدرت جملة من الفتاوى المحرمة للتعامل مع‬
‫المريكان والبريطانيين ‪ ،‬وأحسب أن جرم الدنمرك الخير ل يقل جرما ً عن‬
‫المريكان والبريطانيين‪ .‬وليس للشعوب السلمية عذر في شراء المنتجات‬
‫الدنمركية حيث يوجد لها بدائل كثيرة في السواق‪.‬‬
‫ب ‪ -‬إرسال رسائل الستنكار الكثيرة إلى السفارات الدنمركية حول العالم‬
‫السلمي وإلى الحكومة نفسها ‪ ،‬وهذه الرسائل إن بلغت حدا ً من الكثرة‬
‫كبيرا ً فإنه يؤثر ‪ ،‬لن الغرب يهتمون بهذه الرسائل التي تعبر عن الرأي العام‪.‬‬
‫ج‪ -‬إقامة المحاضرات والدروس في نصرة خير البرية ‪ ،‬ولعلم العوام‬
‫بمنزلته الرفيعة عند الله وعند الناس‪.‬‬
‫د‪ -‬مشاركة القنوات في الذب عن مقامه الرفيع صلى الله عليه وسلم ‪،‬‬
‫وذلك عن طريق إقامة البرامج المخصوصة ‪ ،‬وتخصيص يوم كامل لستقبال‬
‫ملحظات الناس ومناقشاتهم ‪ ،‬ومن أجل مشاركة العلماء والمشايخ في‬
‫الرد‪.‬‬
‫هـ‪ -‬إقامة حملة تبرعات كبيرة من خلل وسائل العلم وغيرها ‪ ،‬من أجل‬
‫توفير مبلغ مالي كبير يخصص من أجل إقامة وقف عالمي كبير للدفاع عن‬
‫خير البرية صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ -3‬عمل المشايخ والعلماء ‪:‬‬
‫ً‬
‫وهؤلء عليهم واجب كبير جدا في تحمل عبء هذه القضية ‪ ،‬وللسف فإننا‬
‫إلى الن لم نجد ذلك الرد الجيد ‪ ،‬ومن أضعف الردود رد شيخ الزهر الذي‬

‫‪6‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫قال ‪ :‬إنه ل يصح الكلم في الموات !!! وغضب عدد كبير من الناس من رده‬
‫المتهافت هذا كتهافت أكثر كلمه وفتاواه ‪ ،‬ولم نسمع من مشايخ كثيرين ما‬
‫ينبغي أن نسمعه في هذا الموقف الجليل‪.‬‬
‫لذا ينبغي أن يكون لهؤلء المشايخ والعلماء وقفة كبيرة وصادقة عن طريق‬
‫مشاركاتهم الفردية وعن طريق مؤسساتهم التي يشاركون فيها خاصة‬
‫مؤسسات الفتاء وكليات الشريعة وأصول الدين ‪ ،‬وهذا ينبغي إل ُيتردد فيه‬
‫ول يتوانى فيه‪.‬‬
‫‪ -4‬عمل الدعاة ‪:‬‬
‫وهؤلء عليهم واجب عظيم في التعريف بمنزلته صلى الله عليه وسلم في‬
‫العالم كافة‪ ،‬وعمل البرامج والخطب والمحاضرات في نصرته صلى الله عليه‬
‫وسلم في وسائل العلم كافة ‪ ،‬وفي المساجد والمراكز‪.‬‬
‫‪ -5‬عمل القليات المسلمة في الغرب ‪:‬‬
‫وهؤلء عليهم واجب كبير في البحث عن القوانين الغربية التي ترفض مثل‬
‫هذه الهانات ‪ ،‬وإن لم يوجد يسعى مفكرو وعلماء هذه القليات إلى تأسيس‬
‫مثل هذه القوانين التي تحمي المسلمين وعلى رأسهم سيدهم صلى الله‬
‫عليه وسلم من الهانات المتكررة ‪ ،‬ومخاطبة التحاد الوروبي وغيره بهذا‬
‫حتى تصان حقوق المسلمين في المستقبل إن شاء الله تعالى‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫وكذلك من واجب القليات المسلمة أن يقيموا سلسلة من البرامج‬


‫والمحاضرات للتعريف بالسلم وبنبي السلم عليه أفضل الصلوات‬
‫والسلم ‪ ،‬وأن يجتهدوا في إيصال ذلك إلى الناس كافة في بلدانهم وبلغاتهم‪.‬‬
‫وختاما ً أقول ‪:‬‬
‫إننا إن لم نتحرك التحرك الكافي لمواجهة هذه الجريمة فسنهون على العالم‬
‫أجمع ‪ ،‬وسيسهل على كل من يريد الهجوم على المسلمين بعد ذلك أن يقدم‬
‫على ذلك بدون النظر في العواقب‪.‬‬
‫وأنا واثق من أننا إن قمنا بهذه الخطوات فسيخضع المغرورون في الدنمرك‬
‫وغيرها ‪ ،‬وسيهرولون طلبا ً للعتذار ‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬
‫الله زاد محمدا ً تكريما*** وحباه فضل ً من لدنه عظيما‬
‫واصطفاه في المرسلين كريما*** ذا رأفة بالمؤمنين رحيما‬
‫صلوا عليه وسلموا تسليما‬
‫ما المطلوب من الدنمرك ؟‬
‫المطلوب من الدنمرك ما يلي ‪:‬‬
‫أ ‪ -‬العتذار الواضح من قبل حكومة الدنمرك على هذه الساءة‪.‬‬
‫ب ‪ -‬تقديم من قام بكبر الستهزاء إلى المحكمة الدنمركية لتنظر في شأن‬
‫العقوبة المناسبة الرادعة له ولمثاله‪.‬‬
‫ج‪ -‬وضع القوانين ‪ -‬الكفيلة بعدم تكرار ما حدث ‪ -‬في صلب القوانين‬
‫الدنمركية‪.‬‬
‫فإن حدث هذا أو شيء يقاربه أو شيء بديل عنه فإنه ساعتئذ يراجع‬
‫المسلمون شأن العلقة مع الدنمرك وكيف تعود المياه إلى مجاريها‪.‬‬
‫هذا والله أعلم وأحكم ‪ ،‬وصلى اللهم وسلم على سيد الخلق محمد وآله‬
‫وصحبه أجمعين ‪ ،‬والحمد لله رب العالمين‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫خطوات عملية للرد على الساءات للنبي‬


‫الدوحة‪ -‬موقع القرضاوي‪2006-2-4 /‬‬
‫اقترح الداعية السلمي الدكتور يوسف القرضاوي مجموعة خطوات عملية‬
‫للمسلمين للرد على ما نشرته صحفية "جيلندز بوستن" الدانماركية وصحف‬
‫غربية أخرى من رسوم كاريكاتيرية مسيئة للنبي صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫أبرزها قيام الحكومات العربية والسلمية بالضغط على الهيئات الدولية لسن‬
‫قوانين تحمي المقدسات والنبياء ومقاطعة حكومات الدول التي تصدر بها‬
‫تلك الصحف سياسيا واقتصاديا حيث كان رد فعل أغلبها سلبيا تجاه الزمة‪.‬‬
‫وفي خطبة الجمعة بمسجد عمر بن الخطاب بالعاصمة القطرية الدوحة‬
‫أمس‪ ،‬قال القرضاوي‪ :‬نطالب "بسن قوانين تحمي المقدسات والنبياء"‪.‬‬
‫وتابع‪" :‬على حكومات الدول السلمية والعربية والشعوب الضغط على‬
‫الهيئات الدولية لسن هذه القوانين‪ ،‬للحصول على اعتذار هذه الصحف‪ ،‬بل‬
‫والسماح للمسلمين بالكتابة على صفحاتها لمدة شهر كامل للدفاع عن نبينا‬
‫صلى الله عليه وسلم"‪.‬‬
‫وأردف‪" :‬من واجبات المة حيال هذا المر أن يقوموا بمقاطعة بضائع كل من‬
‫تجرأ على سب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لن كل مال يذهب في‬
‫هذه البضائع يذهب جزء منه إلى هؤلء‪ .‬وواجب الحكومات المقاطعة‬
‫السياسية بسحب السفراء لدى الدانمارك‪ ،‬وإغلق سفاراتها عندهم"‪.‬‬
‫وأضاف أن "على المة السلمية أن تغضب وتغار لدينها ولرسولها وأن تظهر‬
‫أنها ل تقبل ذلك بحال من الحوال"‪.‬‬
‫واعتبر أن "ذلك فرض عين على كل مسلم في أي مكان"‪ ،‬مستشهدا بقول‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪" :‬والذي نفسي بيده ل يؤمن أحدكم حتى أكون‬
‫ب إليه من والده وولده والناس أجمعين"‪.‬‬‫أح ّ‬
‫وفي السياق نفسه حذر الشيخ القرضاوي الحكومات العربية من النفصال‬
‫عن شعوبها في هذا الموقف بقوله‪" :‬عليها أن تقف مع الشعوب في خندق‬
‫واحد‪ ..‬على المسلمين التكاتف والتماسك في وجه أعدائهم‪ ،‬وأن يثبتوا لهؤلء‬
‫أنهم من الممكن أن يردوا على الساءة لنبيهم وكرامتهم"‪.‬‬
‫أما بالنسبة للحكومات الغربية فقال‪" :‬إن عليهم أن يعرفوا أنهم بموقفهم‬
‫المتخاذل أو المساند لهذا الجرائد أو حكوماتها إنما تصنع الرهاب الذي تدعي‬
‫أنها تحاربه‪ ،‬وإن لم تتحرك الحكومات فإن ذلك سيكون مدعاة للكثيرين بأن‬
‫يقوموا بأنفسهم بالنتقام لنبيهم بأنفسهم‪ ،‬وهم بذلك يصنعون قاعدة جديدة‬
‫للعنف"‪.‬‬
‫كما دعا المسلمين "إلى عدم الخلط بين ما حدث وبين من يعيشون في‬
‫بلدنا من النصارى"‪.‬‬
‫واعتبر الدكتور يوسف القرضاوي أن ما قامت به الصحف الوربية من نشر‬
‫رسوم مسيئة "من أفظع الجرائم التي ل تخص شخصا بعينه بل تمس كرامة‬
‫وشرف وهيبة أكثر من مليار مسلم‪ ،‬وأن على هؤلء أن يردوا بما يتناسب مع‬
‫قوتهم العددية"‪.‬‬
‫ورفض القرضاوي تبريرات البعض أن ما نشرته الصحف من قبيل حرية‬
‫الرأي والتعبير قائل‪" :‬إن ذلك من قلة الدب والذوق ول يمكن أن نقبل لها أية‬
‫تبريرات مهما كانت‪ ،‬وليس من الممكن أن يكون سب الناس بآبائهم‬
‫وأمهاتهم من حرية الرأي ول الديمقراطية"‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وفيما يلي نص الخطبة‪:‬‬


‫كان المسلمون في الزمن الماضي ل يستطيع أحد أن يمس لهم طرفا‪ ،‬أو‬
‫يؤذيهم بكلمة لن المة كانت أمة‪ ،‬تستطيع أن تدافع عن نفسها‪ ،‬كانت تنصر‬
‫بالرعب مسيرة شهر‪ ،‬واستشهد‪ :‬بلغ عمر بن عبد العزيز أن أسيرا مسلما‬
‫أهين في بلد الروم‪ ،‬فكتب إلى ملك الروم يقول له بلغني أن مسلما أهين‬
‫عندكم‪ ،‬فإذا بلغك كتابي هذا فخل سبيله وإل غزوتكم بجنود أولها عندكم‬
‫وآخرها عندي‪ ،‬ولم يملك ملك الروم إل أن أطلق سراح السير المسلم‪،‬‬
‫وذكر فضيلته قصة المرأة المشهورة التي لطمها رومي فقالت وهي في بلد‬
‫الروم‪ :‬وامعتصماه ورد المعتصم حين بلغه صرختها‪ :‬لبيك أختاه وجهز جيشا‬
‫وكانت واقعة عمورية‪.‬‬
‫أمة ل وزن لها‬
‫وأضاف هكذا كنا‪ ،‬وأصبحنا الن يستهان بحرماتنا‪ ،‬تداس كرامتنا‪ ،‬كأننا أمة ل‬
‫وزن لها‪ ،‬أمة تبلغ مليارا وثلث مليار أو تزيد‪ ،‬تكاد تبلغ ربع العالم‪ ،‬لكنها أمة ل‬
‫يهتم بها أحد‪ ،‬ول يقيم أحد لها وزنا‪ ،‬تؤذي في مقدساتها‪ ،‬ومع ذلك كثيرا ما‬
‫سكت‪ ،‬سدت أذنا من طين وأذنا من عجين‪ ،‬أهين القرآن وديس على‬
‫المصحف وُفعل ما فعل‪ ،‬وسكتت المة إلى أن طفح الكيل وطغي الشيب‬
‫وادلهم الليل وحاق الويل كل الويل‪ ،‬إلى أن أهين رسولنا محمد )صلى الله‬
‫عليه وسلم( عيانا بيانا جهارا نهارا‪ ،‬كان ذلك في غرفات مغلقة؛ فالذين داسوا‬
‫المصحف في جوانتانامو وغيرها لم يكن هناك أحد يراهم‪ ،‬أما أن يهان النبي‬
‫محمد علنا وجهارا وفي الصحف‪ ،‬فهذا أمر ل يمكن أن تقبله المة بحال من‬
‫الحوال‪ :‬هذه جريمة غير مسبوقة‪ ،‬ل نظير لها‪ ،‬جريمة كبرى‪ ،‬تقاس الجريمة‬
‫وعظمها بمقدار المساء إليه والمعتدى عليه‪ ،‬فمن يسيء إلى المعلم غير من‬
‫يسيء إلى التلميذ‪ ،‬ومن يسيء إلى الشيخ غير من يسيء إلى الشاب‪ ،‬فكيف‬
‫بأعظم شخصية بشرية في الوجود‪ ،‬بسيدنا محمد )صلى الله عليه وسلم(‬
‫الذي ختم الله به النبيين وختم برسالته الرسالت‪ ،‬وبعثه ليتمم مكارم الخلق‬
‫وأرسله رحمة للعالمين وحجة على الناس أجمعين‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫وتقاس الجريمة أيضا بمقدار من يتضرر بها‪ ،‬إنها ليست عائلة التي إذا أسيء‬
‫لكبير العائلة أو إلى شيخ من شيوخ القبيلة تتضرر القبيلة‪ ..‬هنا من المتضرر؟‬
‫إنها أمة محمد )صلى الله عليه وسلم( عربها وعجمها‪ ،‬سنتها وشيعتها‪ ،‬في‬
‫مشارقها ومغاربها‪.‬‬
‫قال‪ :‬ما الباعث على هذه الجريمة؟ وما الدافع إليها؟ إنها جريمة بل مقدمات‪،‬‬
‫بل أسباب أراد رئيس تحرير الجريدة الدانماركية أن يستدعي الرسامين‬
‫ليتخيلوا رسوما تخيلية لسيدنا محمد‪ ،‬تقاعس بعض الرسامين عن ذلك خشية‬
‫أن يثير غضب المسلمين‪.‬‬
‫وما زالت الجريدة تحرض وتحرض حتى استجاب لها من استجاب‪ ،‬ونشرت‬
‫اثني عشر رسما كلها في غاية السفاف‪ ،‬والتجريح لسيدنا محمد صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ،‬ل باعث ول دافع‪ ،‬ولم يكن هناك سبب في الجواء الدانماركية‪،‬‬
‫كذلك فالمسلمون علقاتهم طيبة بالحكومات وبالمجتمع الدانماركي‪ ..‬ما‬
‫الذي يدفع إل الستهانة بهذه المة‪ ،‬أمة من ورق‪ ،‬كأن أحدا لن يغضب من‬
‫دوس هذه الحرمات بأقدامه‪...‬‬
‫غاية السفاف‬

‫‪9‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ووصف الجريمة بأنها غير مبررة يقولون إنها حرية الرأي‪ ،‬وحرية التعبير عن‬
‫الرأي هذا كذب‪ ،‬هذا افتراء‪ :‬أي رأي هنا حتى نستطيع أن نناقشه ونحاجه‬
‫بالرأي الخر؟‪.‬‬
‫ليس هناك رأي‪ ،‬حين يقابلك ويقول‪ :‬لعن الله أباك‪ ،‬هل هناك رأي تستطيع‬
‫أن ترد عليه؟ هذا اعتداء علني‪ ..‬إن هذه الجريمة ل يستطيع أن يدركها إل من‬
‫رأى هذه الرسوم‪ ..‬كنت أظن أن المر هين حتى رأيت هذه الرسوم ُفجن‬
‫جنوني ونفد صبري وضاق صدري وثار غضبي‪ ..‬إنها رسوم سيئة غاية في‬
‫الساءة‪ ،‬مسفة غاية السفاف‪ ..‬ل يملك الحليم إل أن يغضب إذا رأي هذه‬
‫الرسوم‪ ،‬ل تبرير لهذا على الطلق‪ ..‬هذا سباب علني‪ ،‬لذلك من الكذب‬
‫الصراح والقبيح أن يقال إنها حرية الرأي‪ ،‬إذا كانت الحرية أن تقابل الناس‬
‫في الطريق وتسبهم وتسب آباءهم وأمهاتهم وتقول هذا رأيي أعبر عنه‪ ،‬فهذا‬
‫ليس من حرية الرأي في كثير ول قليل‪ ،‬هذا سوء أدب‪ ،‬قلة أدب‪ ،‬من سوء‬
‫السلوك ومن قيم التعامل مع الخر المرفوضة من العراف والخلق‬
‫والديان‪ ،‬ويرفضها كل إنسان عنده أدب أو ذوق‪.‬‬
‫وأكد قائل‪ :‬رغم أنها جريمة غير مبررة‪ ،‬فقد قبل المسلمون في الدانمارك أن‬
‫تعتذر الجريدة عن هذا المر‪ ،‬وأبت الجريدة أن تعتذر وقالت هذا من حريتنا‪،‬‬
‫طلب واحد وعشرون سفيرا إسلميا وعربيا في الدانمارك أن يقابلوا رئيس‬
‫الوزراء فأبى أن يقابلهم‪ ،‬وقال هذا شأن دانماركي يتعلق بحرية الصحافة ول‬
‫شأن لنا به‪ ،‬لو أنهم في أول المر وقفوا في منتصف الطريق وقالوا‪ :‬ل نقصد‬
‫الساءة ونحن نأسف لهذا وقبل لقاء السفراء لنتهى المر‪ ،‬لكنهم أصروا على‬
‫الحنث العظيم‪ ..‬وكانت النتيجة أنه بعد شهرين نشرت صحيفة نرويجية مرة‬
‫أخرى‪ ،‬وبذلك اشتعلت النار من جديد‪...‬‬
‫وكان الناس قد نسوا قضية الدانمارك‪ ،‬فأعادتها هذه الصحيفة‪ ..‬هنا رأى‬
‫الخوة في الدانمارك أن يعرضوا القضية على أمتهم كلها‪ ،‬المر ليس أمرهم‪،‬‬
‫إن نبينا محمدا ليس ملكهم إن السلم ليس دينهم وحدهم‪ ،‬ولذلك أقول إنها‬
‫جريمة كبرى‪.‬‬
‫سنة سيئة عليها وزرها ووزر من عمل بها‬ ‫وقال‪ :‬ثم إن هذه الجريدة سنت ُ‬
‫للصحف الوربية‪ ،‬فأصبحت صحف أوربا تتنافس فيما بينها لعادة نشر هذه‬
‫الصور تضامنا مع الصحيفة الدانماركية‪ ،‬فنشرت صحيفة سويسرية وهولندية‬
‫وإيطالية وألمانية وأسبانية وفرنسية‪ ،‬والـ بي بي سي في لندن‪ ،‬كل هذه‬
‫نشرت الصور‪ ،‬حتى الفرنسية يملكها رجل قبطي مصري من رجال العمال‪،‬‬
‫معروف رامي لكح‪ ،‬لكن الرجل قال ل أعلم بهذا وأقال رئيس تحرير‬
‫الصحيفة وقال ل أقبل بهذا أبدا‪ ،‬وقيل لي إن وزارة الخارجية الفرنسية‬
‫اعتذرت عما نشر في تلك الصحيفة‪ ..‬فإن كان هذا صحيحا فنحن نبرئ‬
‫فرنسا‪ ..‬أما الدول الوربية الخرى فسيكون لنا موقف منها إذا لم تقف مثل‬
‫موقف فرنسا‪ ،‬إذا لم تتبرأ من فعل صحفها‪.‬‬
‫الغضب فريضة‬
‫وتساءل د‪ .‬القرضاوي‪ :‬ما موقف أمتنا من هذه الجريمة؟ أن يعتدى على‬
‫مقدساتها‪ ،‬على نبيها ورسولها وقد اعتدي من قبل على قرآنها؟ موقف المة‬
‫يتحدد في هذه المور‪ :‬أول شيء أن تغضب المة‪ ،‬أن تثور‪ ،‬لدينها‪ ،‬لربها‪،‬‬
‫لقرآنها‪ ،‬لمحمدها‪ ،‬أن ترفض أن تقبل هذا بحال من الحوال‪ ،‬الغضب هنا‬
‫فضيلة‪ ،‬بل فريضة؛ فالصحابة ما كانوا يقبلون أي كلمة تمس رسول الله‪،‬‬
‫يقولون‪ :‬دعني يا رسول الله أضرب عنقه لنه تطاول بكلمة على رسول الله‪،‬‬

‫‪10‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫كان حب رسول الله جزءا من اليمان ول يزال‪ ،‬وجاء في الحديث‪ :‬ل يؤمن‬
‫أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وماله وولده والناس أجمعين‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫وثلث من كن فيه وجد حلوة اليمان‪ :‬أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما‬
‫سواهما‪ ..‬وحينما وقف بعض الصحابة على خشبة الصلب ليصلب في مكة‬
‫قال له المشركون‪ :‬أتحب أن يكون محمد في مكانك وأنت بين أهلك في‬
‫مكة؟ قال والله ل أحب أن يكون رسول الله في مكاني تصيبه شوكة في‬
‫قدمه‪ ،‬فقال أبو سفيان‪ :‬ما رأيت أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمد‬
‫محمدا‪ ..‬ل بد للمة أن تغضب‪ ..‬روي عن المام الشافعي أنه قال‪ :‬من‬
‫استغضب ولم يغضب فهو حمار‪ ،‬ونحن لسنا أمة من الحمير‪ ،‬لسنا حميرا‬
‫تركب‪ ،‬بل نحن أسود تزأر‪ ،‬تغار على عرينها‪ ،‬تثأر لحرماتها‪ ..‬أمة يجب أن‬
‫تغضب لله ولرسوله ولكتابه‪ ،‬ل نقبل الهوان لديننا‪ ..‬من أعطى الذلة من‬
‫نفسه طائعا غير مكره فليس منا‪.‬‬
‫ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين‪ ،‬ولكن المنافقين ل يعلمون‪ ،‬ل بد أن نغضب‬
‫ونرى العالم كيف تكون غضبتنا‪ّ ..‬قب َ‬
‫ح الله من ل يغار‪.‬‬
‫وأشار إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول‪ :‬ل يدخل الجنة ديوث‪ ،‬قالوا‬
‫من الديوث يا رسول الله قال‪ :‬الذي يعلم القبيح على أهله ويسكت‪ ..‬والنبي‬
‫يقول‪ :‬إن سعدا لغيور‪ ،‬وأنا أغير منه‪ ،‬والله أغير مني ولذلك حرم الفواحش‪،‬‬
‫هناك دياثة في مجال السرة‪ ،‬وهناك دياييث في مجال المة‪ ،‬هناك دياييث‬
‫يقبلون على أمتهم أن تهان‪ ،‬وعلى نبيهم أن يهان ول يغارون ول يغضبون!‬
‫لسنا أمة من الدياييث‪ ،‬نحن أمة تغار على حرماتها وهذا يوم غضب لله‬
‫ولرسوله ولكتابه ولكل أنبياء الله ورسله ولكل مقدسات الديان‪ ..‬فإذا فقدت‬
‫المة الغضب فقدت حيويتها ومعناها ورجولتها‪.‬‬
‫والمر الثاني الذي يجب علينا‪ :‬أن نقاطع من استهان بحرماتنا وتعدى على‬
‫نبينا عليه الصلة والسلم‪ :‬أن نقاطع منتجاته وبضائعه‪ ..‬هذا أقل الواجب!‬
‫فكيف أروج بضائع هؤلء الذين يشتمونني ويهينون نبيي؟ وأعطي مالي لهم؟‬
‫إن كل ريال أو دينار أو جنيه أو فلس تدفعه إلى هؤلء يتحول في محصلته‬
‫إلى صحفهم وجرائدهم‪ ،‬يتحول إلى كلمات مؤذية أو رسوم مخزية‪ ،‬أو‬
‫تعليقات مذرية تمس دينك ورسولك محمدا صلى الله عليه وسلم‪ ..‬فهل تقبل‬
‫هذا؟‪.‬‬
‫قبل ذلك رفضوا أن يعتذروا أو يقابلوا سفيرا‪ ،‬وحينما بدأنا بالمقاطعة بدءوا‬
‫يلينون بالكلم ويعتذرون‪ ..‬أين كان اعتذاركم في أول المر؟‬
‫ونحن حينما نطلب من المة أن تضغط على حكوماتها لتقف موقفا إيجابيا‬
‫المر ليس هينا‪ ،‬إنه محمد عليه الصلة والسلم‪ ،‬يجب أن تسحب الحكومات‬
‫سفراءها من هذه الدول‪ ،‬يجب أن تشعرهم أننا نغضب لنبينا‪ ،‬نحن نحيي‬
‫الحكومات‪ :‬ليبيا والسعودية وسوريا‪ ،‬ومجلس النواب الكويتي الذي تبني علنا‬
‫المقاطعة وأعلنها‪ ،‬نحيي مجلس الشعب المصري الذي أنكر هذا‪ ،‬نحيي غرفة‬
‫الصناعة والتجارة في قطر‪ ،‬كما نحيي الجماهير الغاضبة في العالم العربي‬
‫والسلمي‪ ،‬لكننا نريد من الحكومات أن تستجيب لغضبة الجماهير وتقف‬
‫موقفا إيجابيا حتى يعلم الجميع أن لحمنا ليس لحما سائغا‪ ،‬بل مسموما ل‬
‫نستطيع أن نقبل الهوان في ديننا ول لمتنا بحال من الحوال‪.‬‬
‫ودعا إلى أن تطلب الحكومات من المم المتحدة إصدار قرار أو قانون صريح‬

‫‪11‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يحرم بشكل قاطع إهانة النبياء‪ ،‬أنبياء الله ورسله وكتب الله المقدسة‬
‫ومقدسات الديان‪ ،‬بحيث ل يستطيع أحد مس هؤلء بسوء‪ ،‬لقد أصدروا مثل‬
‫هذا لحماية اليهود واليهودية‪ ،‬ل تستطيع أن تسخر من اليهود‪ ،‬فهم محميون‬
‫بالقوانين التي تحمي السامية‪ ،‬ل يستطيع أحد أن يتحدث بكلمة في مناقشة‬
‫أرقام المحرقة المزعومة الهولوكست‪ ،‬حتى لو كان يتحدث في رسالة‬
‫ماجستير أو دكتوراة‪ ،‬ويناقش المر مناقشة علمية‪ ،‬ل يقبل منه هذا‪ ،‬جارودي‬
‫حينما تحدث في هذا حكم عليه بالسجن بمقتضى القوانين‪ :‬نحن نريد قوانين‬
‫تحمي المقدسات والنبياء‪ ،‬ونريد من الشعوب والجماهير أن تضغط على‬
‫الحكومات لتقول للدانماركيين‪ :‬يمكننا أن نتسامح معكم إذا اعترفتم بالدين‬
‫السلمي وبالوجود السلمي عندكم وسمحتم للمسلمين بإقامة مساجدهم‬
‫ومراكزهم أسوة بالبلد الوربية الخرى‪ ،‬وسمحتم للمسلمين أن يردوا في‬
‫هذه الجريدة عن عرض محمد صلى الله عليه وسلم وأن يسمح لهم عدة‬
‫أشهر بالكتابة دفاعا عن هذا الرسول‪ ،‬وبيانا لفضائله ودعوته ورسالته إلى‬
‫العالم‪.‬‬
‫ل تسبوا حتى الشيطان‬

‫)‪(3 /‬‬

‫وأضاف قائل‪ :‬نحن المسلمين لنا منهجنا المتميز الخاص‪ :‬السلم يربي‬
‫المسلم على عفة اللسان ونظافته‪ ،‬على المتناع عن التعبير بالسباب لي‬
‫شخص لي ظاهرة‪ ،‬حتى سب الشياء‪ ،‬هكذا يقول النبي‪ :‬ل تسبوا أصحابي‪ ،‬ل‬
‫تسبن أحدا ول تحقرنه‪ ،‬ل تسبوا الموات فتؤذوا الحياء‪ ،‬ل تسبوا الموتى‬
‫فإنهم أفضوا إلى ما قدموا‪ ،‬ل تسبوا الحمى فإنها كفارة الخطايا‪ ،‬ل تسبوا‬
‫الريح فإنها مأمورة‪ ،‬ل تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر‪ ،‬ل تسبوا الديك فإنه‬
‫من‬ ‫ن ِ‬‫عو َ‬‫ن ي َد ْ ُ‬ ‫سّبوا ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫يوقظ للصلة‪ ..‬وأكثر من ذلك فالله تعالى يقول‪" :‬وَل َ ت َ ُ‬
‫م"؛ فسب الصنام يجرئهم على السب‬ ‫ه عَد ًْوا ب ِغَي ْرِ ِ ْ‬ ‫ن اللهِ فَي َ ُ‬
‫عل ٍ‬ ‫سّبوا الل َ‬ ‫ُدو ِ‬
‫بسب مثله فيسبون الله عز وجل‪ ..‬وأخطر من ذلك الحديث الشريف الذي‬
‫يقول‪ :‬ل تسبوا الشيطان وتعوذوا بالله من شره‪ ،‬تعويد المسلم اليجابية‬
‫وليس في القرآن‪ :‬العنوا الشيطان أو سبوه‪ ،‬إنما فيه‪ :‬استعذ بالله من‬
‫الشيطان وقل رب أعوذ بك من همزات الشياطين‪.‬‬
‫وأشار إلى أن خلق المسلم ليس باللعان وأضاف‪ :‬نحن ل نجرم سب محمد‬
‫وحده‪ ،‬من سب نبيا من النبياء إبراهيم أو يعقوب أو موسى أو عيسى أو أي‬
‫نبي من أنبياء بني إسرائيل فقد ارتكب جريمة من جرائم الردة إذا كان‬
‫مسلما خرج من السلم نحن أول من يغار على من يسب عيسي عليه‬
‫السلم أو أمه الصديقة عليها السلم‪ ،‬أما محمد )صلى الله عليه وسلم( فهذا‬
‫له أمر آخر‪ ،‬فل يسمح المسلمون بالتطاول عليه بحال من الحوال لنه رمز‬
‫المة‪ ،‬من سب محمدا إن كان ذميا انتقض عهده وذمته‪ ،‬وأصبح مستباح‬
‫الدم‪ ،‬وإن كان مسلما انتقض إسلمه وخرج من الملة وارتكب جريمة كبرى‪،‬‬
‫حتى إن أكثر فقهاء المسلمين يقولون باستتابة المرتد‪ ،‬من ارتد عن الدين‬
‫يجب أن تطلب توبته‪ ،‬تتاح له الفرصة ليتوب إل من شتم الرسول‪ ،‬هذا ل‬
‫تقبل منه توبة‪ ،‬لنه ارتكب ما ل ُيقبل الرجوع عنه‪ ،‬وألفوا في ذلك كتبا منها‬
‫كتاب ابن تيمية الصارم المسلول على شاتم الرسول شتم الرسول كبرى‬
‫الجرائم في السلم فكيف يسمح بسب الرسول علنا وفي الصحف وبصور‬
‫غاية في الفزاع واليذاء؟ هذا أمر ل يقبل بحال من الحوال‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫تحذيرات مهمة‬
‫قال‪ :‬أحب أن أوجه بعض التحذيرات‪ :‬الول إلى حكوماتنا المتخاذلة التي‬
‫تتحسس موقف أمريكا‪ :‬هي ترضى عنا إذا غضبنا هذه الغضبة قبل أن ترضى‪،‬‬
‫يسترضون الناس قبل أن يسترضوا الله‪ ..‬هذه الحكومات المتخاذلة نقول‬
‫لها‪ :‬في وقفة شجاعة اثبتي إنك مسلمة تغيرين على هذا الدين‪ ،‬فل تنفصل‬
‫عن شعوبها‪ ،‬فالجماهير في طول العالم السلمي وعرضه أثبتت موقفها‬
‫وغضبها‪.‬‬
‫والتحذير الخر أوجهه إلى الغربيين‪ :‬إلى المريكان وإلى تبعهم من الوربيين‬
‫الذين يزعمون أنهم يقاومون العنف في العالم‪ :‬أقول لهم‪ :‬إنكم بسكوتكم‬
‫على مثل هذه الجرائم التي تهين رسول السلم وتستهين بأمته الكبرى‪ :‬إن‬
‫هذا هو الذي يولد العنف‪ ،‬وهو الذي ينشئ الرهاب‪ ،‬يجعل الرهابيين يقولون‬
‫إن حكوماتنا ل تفعل شيئا‪ ،‬فيجب أن نأخذ الثأر بأنفسنا‪ ،‬هذا ما يصنع الرهاب‬
‫ويولد العنف‪ ،‬ل بد أن تقفوا أيها الناس وقفة فيها إنصاف وشجاعة وقولة حق‬
‫أمام هذه الساءات والهانات وإل فأنتم قد اخترتم لنفسكم أنتم تصنعون‬
‫قاعدة جديدة‪ ،‬قواعد للعنف‪ ،‬حينما تستهينون بأمة السلم ومقدسات السلم‬
‫وحرمات المسلمين‪.‬‬
‫وقال إن التحذير الثالث أوجهه لبعض المسلمين فبعض المسلمين ينتقمون‬
‫من مثل هذه العمال بالذهاب إلى مواطنيهم من النصارى ليحرقوا كنائسهم‬
‫أو يعتدوا على بعضهم‪ ،‬وهذا خطأ محض‪ ..‬فهؤلء الدانماركيون وأمثالهم ل هم‬
‫نصارى ول مسيحيون ول أهل كتاب‪ ،‬معظمهم أناس ل دين لهم‪ ،‬دينهم اتباع‬
‫الشهوات والفواحش ومنها فاحشة قوم لوط ويرون أن لهم الحرية في كل‬
‫شيء‪ ،‬فهؤلء ليسوا نصارى حتى ننتقم من النصارى عندنا‪ ،‬ثم إن النصارى‬
‫عندنا يستنكفون هذه المور ويستنكرونها كما رأينا رامي لكح يستنكر هذا‬
‫وقال أنا أحترم الديان وأحترم السلم ول أقبل الهانة لي دين فل يجوز لنا‬
‫أن نعتدي على مواطنينا ول شعائرهم أو مقدساتهم فهذا هو العمل الخطأ‪.‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫وقال‪ :‬إذا وقفت أوربا مع هؤلء وأصرت على أن تتضامن معهم فنحن أيضا‬
‫نتضامن لمقاطعة هؤلء‪ ،‬والله تعالى يقول والذين كفروا بعضهم أولياء بعض‬
‫إل تفعلوه تكن فتنة في الرض وفساد كبير إذا والى بعضهم بعضا وساند‬
‫بعضهم بعضا ولكنكم إن لم تساندوا وتوالوا بعضكم بعضا تكن فتنة في‬
‫الرض وفساد كبير‪ ،‬فل بد أن تقف المة السلمية وقفة الرجولة‪ ،‬نقول‬
‫لهؤلء الوربيين نحن نستطيع أن نستغني عنكم وأنتم ل تستطيعون أن‬
‫تستغنوا عنا‪ ،‬نستغني عن بضائعهم ونشتري من اليابان وكوريا وهونج كونج‬
‫من ماليزيا‪ ،‬ونقول ما قال الملك فيصل رحمه الله في ‪ 1973‬نحن نستطيع‬
‫أن نستغني عن البترول ونعود لحياتنا الولى نكتفي باللبن والتمر‪ ،‬حينما‬
‫هددت الكرامة العربية‪ ،‬فإذا هددنا في نبينا وديننا نقول‪ :‬نكتفي بأقل القليل‪:‬‬
‫نعيش على الكفاف‪ ..‬وهذه هي أمة السلم‪ ،‬نحن مدافعون ل نعتدي على‬
‫أحد‪ ،‬فهل يلم النسان إذا دافع عن نفسه؟‪.‬‬

‫)‪(5 /‬‬

‫‪13‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫خطيب العالم‬
‫الكاتب‪ :‬الشيخ د‪.‬سلمان بن فهد العودة‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‪) :‬وَأن ْذِْر‬ ‫ما ن ََزل ْ‬ ‫ما‪ -‬قال ل ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه عَن ْهُ َ‬ ‫ي الل ّ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫س ‪َ-‬ر ِ‬ ‫ن عَّبا ٍ‬ ‫ن اب ْ ِ‬ ‫في الصحيح عَ ْ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫شيرت َ َ َ‬
‫جعَ َ‬
‫ل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫فا؛‬ ‫َ‬ ‫ص‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫لى‬ ‫ع‬ ‫م‪-‬‬
‫ُ َ ْ ِ َ َ َ َ‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫لى‬ ‫ص‬
‫َ‬ ‫‪-‬‬ ‫ي‬
‫َ ِ َ ِّ ّ‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫ص‬ ‫ن(‪،‬‬ ‫ك اْلقَْرِبي َ‬ ‫عَ ِ َ‬
‫مُعوا‪ ,‬فَ َ‬ ‫ي‪ ,‬ل ِب ُ ُ‬
‫ج ُ‬
‫ل‬ ‫ل الّر ُ‬ ‫جعَ َ‬
‫َ‬
‫جت َ َ‬ ‫حّتى ا ْ‬ ‫ش َ‬ ‫ن قَُري ْ ٍ‬ ‫طو ِ‬ ‫ر‪َ ,‬يا ب َِني عَدِ ّ‬
‫َ‬ ‫ي َُناِدي‪َ :‬يا ب َِني فِ َهْ ٍ‬
‫ش‪,‬‬‫ب وَقَُري ْ ٌ‬ ‫جاَء أُبو ل َهَ ٍ‬ ‫و‪ ,‬فَ َ‬ ‫ما هُ َ‬ ‫سوًل ل ِي َن ْظ َُر َ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫س َ‬ ‫ج أْر َ‬ ‫خُر َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫ست َط ِعْ أ ْ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫إ َِذا ل َ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م أك ُن ْت ُ ْ‬
‫م‬ ‫ن ت ُِغيَر عَلي ْك ُ ْ‬ ‫ريد ُ أ ْ‬ ‫واِدي ت ُ ِ‬ ‫خي ْل ِبال َ‬ ‫ن َ‬ ‫مأ ّ‬ ‫خب َْرت ُك ُ ْ‬ ‫م‪ ,‬لوْ أ ْ‬ ‫ل‪" :‬أَرأي ْت َك ُ ْ‬ ‫قا َ‬ ‫فَ َ‬
‫ي؟"‪.‬‬ ‫صد ّقِ ّ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫صد ًْقا‪.‬‬ ‫ك إ ِل ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫جّرب َْنا عَلي ْ َ‬ ‫ما َ‬ ‫ْ َ‬ ‫م‪,‬‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫لوا‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫قا‬ ‫َ‬
‫د!"‪.‬‬ ‫دي ٍ‬ ‫ش ِ‬ ‫ب َ‬ ‫ذا ٍ‬ ‫ن ي َد َيْ عَ َ‬ ‫م ب َي ْ َ‬ ‫ُ‬
‫ذيٌر لك ْ‬ ‫َ‬ ‫ل‪" :‬فَإ ِّني ن َ ِ‬ ‫َقا َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ب‬‫دا أِبي لهَ ٍ‬ ‫ت يَ َ‬ ‫ت )ت َب ّ ْ‬ ‫معْت ََنا؟ فَن ََزل ْ‬ ‫ج َ‬ ‫ذا َ‬ ‫م‪ ,‬أل ِهَ َ‬ ‫سائ َِر الي َوْ ِ‬ ‫ب‪ :‬ت َّبا لك َ‬ ‫ل أُبو لهَ ٍ‬ ‫قا َ‬ ‫فَ َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ب(‪.‬‬ ‫س َ‬ ‫ما ك َ‬ ‫ه وَ َ‬ ‫مال ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ما أغَْنى عَن ْ ُ‬ ‫ب َ‬ ‫وَت َ ّ‬
‫ً‬
‫وقال رسول الله ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬في هذه الخطبة أيضا ‪َ) :‬يا ب َِني‬
‫م‬ ‫ُ‬
‫سك ْ‬ ‫ف َ‬‫ذوا أ َن ْ ُ‬ ‫ق ُ‬ ‫َ‬
‫ب‪ ,‬أن ْ ِ‬ ‫ن ك َعْ ٍ‬ ‫مّرةَ ب ِ‬ ‫ن الّناِر‪َ ,‬يا ب َِني ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ذوا أ َن ْ ُ‬ ‫ق ُ‬ ‫ي‪ ,‬أن ْ ِ‬
‫َ‬
‫ن ل ُؤَ ّ‬ ‫ب بْ ِ‬ ‫ك َعْ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ف‪،‬‬ ‫مَنا ٍ‬ ‫ن الّناِر‪َ ,‬يا ب َِني عَب ْد ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ذوا أن ْ ُ‬ ‫ق ُ‬ ‫س‪ ،‬أن ْ ِ‬ ‫م ٍ‬ ‫ش ْ‬ ‫ن الّناِر‪َ ,‬يا ب َِني عَب ْد ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ن الّناِر‪َ ,‬يا ب َِني عَب ْدِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫سك ْ‬ ‫ف َ‬ ‫قذوا أن ْ ُ‬ ‫م‪ ،‬أن ْ ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ش‬‫ها ِ‬ ‫ن الّناِر‪َ ,‬يا ب َِني َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫سك ْ‬ ‫ف َ‬ ‫قذوا أن ْ ُ‬ ‫أن ْ ِ‬
‫ن الّناِر؛ فَإ ِّني َل‬ ‫فسك ُم من النار‪ ,‬يا َفاطم ُ َ‬ ‫ال ْمط ّل ِب‪ ،‬أ َنق ُ َ‬
‫م ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ف َ‬ ‫ذي ن َ ْ‬ ‫ق ِ‬ ‫ة‪ ،‬أن ْ ِ‬ ‫ِ َ‬ ‫ذوا أن ْ ُ َ ْ ِ ْ ّ ِ َ‬ ‫ِ ِْ‬ ‫ُ‬
‫سأ َب ُل َّها ب ِب ََلل َِها(‪ .‬رواه مسلم‪.‬‬ ‫ْ َ ِ ً َ‬ ‫ما‬ ‫ح‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ن‬‫َْ ّ‬
‫َ‬ ‫أ‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫غ‬ ‫ئا‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ش‬‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬‫ال‬ ‫ن‬
‫ْ ِ ْ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫ُ‬ ‫م ِ‬‫ل‬ ‫أ ْ‬
‫َ‬
‫هكذا كانت أشهر خطب النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ ،-‬وبها انتقلت الدعوة‬
‫من السر إلى العلن‪ ،‬كانت تبليغا ً وإنذارا ً وتبشيرا ً بكلمات قلئل‪ ،‬ووقت يسير‪،‬‬
‫ل‪ ،‬ول سجعا ً متكّلفا ً مما تنوء‬ ‫ولم تأخذ هذه الخطبة وقتا طويل ولشرحا مم ً‬
‫به بعض الخطب‪.‬‬
‫ُ‬
‫بهذه الخطبة أوجز النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم كلمه‪ ،-‬وأوتي في كل حديثه‬
‫جوامع الكلم‪ ,‬واختصر له الكلم اختصارًا‪ ,‬ومع أهمية هذه الخطبة وتاريخّيتها‬
‫ودورها في فجر هذا الدين السلمي؛ فإنها لم تتشعب في التفاصيل‪ ,‬ولم‬
‫تسهب في الشرح؛ فهي خطبة عظيمة لعظم المعنى الذي تحمله‪ ،‬واللفاظ‬
‫التي عّبرت عن هذا المعنى‪ ،‬وجزالة الحرف‪ ،‬وصدق اللهجة‪ ,‬وشرف‬
‫الموقف‪.‬‬
‫ومثل ذلك كانت خطبه ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ ،-‬ولقد تعجبت يوم اطلعت‬
‫على كتب السنة المعروفة؛ كالصحيحين‪ ,‬والسنن وغيرها‪ ,‬فلم أجد تلك‬
‫الخطب الطويلة‪ ،‬والحاديث المسهبة‪ ،‬وما يمكن وصفه بالطول تجد أن له‬
‫متعلقا ً بقصة أو معركة‪ ،‬فخطبته ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬كلمات معدودة‪،‬‬
‫لكنها تمتاز بخصائص نموذجية عالية مثل )الشمولية( في المعالجة‬
‫للموضوعات المختلفة في شتى شؤون الحياة والعلم والدعوة‪ ,‬والسياسة‬
‫والفقه‪ ,‬والعسكرية واليمان؛ فهي ليست وعظا ً محضا ً مجّردًا‪ ،‬بل يمتزج فيها‬
‫الترغيب بالترهيب‪ ،‬والقصة بالعبرة‪ ،‬والحدث بالتحليل‪ ،‬والماضي بالحاضر‬
‫بالمستقبل‪ ،‬وقضايا اليمان واليقين بمسائل التشريع والتوجيه والتربية‪.‬‬
‫جها ً للّنخبة أو‬ ‫في لغة سهلة قريبة يفهمها الجميع‪ ،‬ولم تكن خطابا ً خاصا ً مو ّ‬
‫الِعلية‪ ،‬ول لشريحة معينة؛ فالصغار والبسطاء والعامة مخاطبون بشكل‬
‫مباشر‪ ,‬ولهم أهميتهم وقدرهم في خطاب ل تستهلكه الحداث عن التوجيه‬
‫والتربية العامة‪ ،‬كما ل يغيب عنها طرفة عين‪ ،‬كيف؟ و هو الصانع الرئيس‬
‫لهم الحداث عليه السلم‪ ،‬والمشارك الساس للناس في همومهم ومعايشة‬
‫أدق التفاصيل في حياتهم‪.‬‬
‫ومن أعمق الملحظات في وصف خطبه ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬القول بأنها‬

‫‪14‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫لغة )حوارّية(؛ ممتلئة بكل أشكال تفاعل الناس والتفاعل معهم‪ ،‬والكثير‬
‫الكثير من خطبه تجد أن أحدا ً يقوم فيسأل‪ ,‬وآخر يقوم فيستشكل‪ ،‬وثالث‬
‫يشكو‪ ,‬ورابع يحكي‪..‬‬
‫وفي الصحيحين ‪-‬فقط ‪ -‬من ذلك شيء عجيب‪ ,‬مثل حديث أنس‪ ,‬حينما كان‬
‫‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬يخطب‪ ,‬فدخل رجل فقال‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬أل‬
‫تستسقي لنا؟!‬
‫فاستسقى رسول الله ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬فسقاهم الله‪ ,‬ثم في الجمعة‬
‫القادمة دخل رجل؛ فقال‪ :‬يا رسول الله! ادعُ الله أن يمسكه عنا )أي ‪:‬‬
‫المطر(‪.‬‬
‫ففعل صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فأمسكه الله‪.‬‬
‫وفي خطبة عيد الضحى‪ ,‬قام أبو برزة فقال‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬إني ذبحت‬
‫عناقًا‪ ..‬الخ‬
‫وما أكثر الذين يقومون أو يدخلون من باب مسجده؛ فيسألونه وهو يخطب‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ومن ألطف هذا التفاعل نزوله صلى الله عليه وسلم من منبره وقد‪ -‬أ َقْب َ َ‬
‫ل‬
‫ال ْحسن وال ْحسين ‪ -‬رضي الله عنهما ‪ -‬عَل َيهما قَميصا َ‬
‫ن‬‫ن ي َعْث َُرا ِ‬ ‫مَرا ِ‬‫ح َ‬
‫نأ ْ‬ ‫ِ َ ِ‬ ‫ِْ َ‬
‫ل ُفَأ َ‬
‫َ َ ُ َ ُ َ ْ‬
‫ما‬ ‫ن‬‫إ‬
‫ُ ِّ َ‬ ‫)‬ ‫ه‬‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ق‬ ‫د‬
‫َ َ َ‬‫ص‬ ‫"‬ ‫َ‬
‫ل‪:‬‬ ‫قا‬‫َ‬ ‫م‬‫ُ‬ ‫ث‬ ‫ر‬
‫ِ ََْ ّ‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ما‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫د‬
‫َ ِ َ ِِ َ‬ ‫ع‬ ‫ص‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ما‪,‬‬ ‫ه‬
‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫خ‬ ‫ن‪ ,‬فَن ََز َ‬ ‫ما ِ‬ ‫قو َ‬ ‫وَي َ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫صب ِْر"‪ .‬ثم أكمل خطبته ‪.‬كما عند‬ ‫مأ ْ‬ ‫ن فَل َ ْ‬‫ت هَذ َي ْ ِ‬‫ة( َرأي ْ ُ‬ ‫م فِت ْن َ ٌ‬ ‫م وَأوْل َد ُك ُ ْ‬ ‫وال ُك ُ ْ‬‫م َ‬ ‫أ ْ‬
‫أهل السنن وأحمد‪.‬‬
‫جه‪ ,‬ويقّيم الذين لم يؤدوا‬ ‫وهو صلى الله عليه وسلم بدوره كان يسأل ويو ّ‬
‫تحية المسجد‪ ،‬ليعلم الناس أن هذه الخطب النبوية الشريفة تعايش واقع‬
‫جهه إلى أرشد سبيل وأقوم نهج‪ ,‬بأسلوب علمي وعملي‪,‬‬ ‫الناس‪ ,‬وتفهمه‪ ,‬وتو ّ‬
‫شغل بها بعض المعاصرين‪ ،‬أو‬ ‫دون أن تلحقه آفات التجريد والتنظير التي ُ‬
‫سيئات التحّزب والتصعيد التي ُفتن بها آخرون‪ ,‬وطريق العتدال هو بين‬
‫الغياب عن هموم الناس وأحداثهم وبين أن تستهلكه مجموعة من الحداث‬
‫التي تفقده توازنه وتماسكه‪.‬‬
‫ما دخل النظام البعثي الكويت صليت الجمعة مع أحد الخطباء‪ ،‬وكان‬ ‫ّ‬ ‫وأذكر ل ّ‬
‫الناس ينتظرون توجيهه حول الحدث والتعليق عليه‪ ،‬لكن فوجئت وفوجئ‬
‫المستمعون بأنه كان يتحدث عن عذاب القبر‪ ,‬ول أحد يقلل من قيمة الحديث‬
‫عن ذلك‪ ,‬ولكن الموقف كان يستدعي نوعا ً من الكلم المختلف‪ ،‬يتطلب شيئا ً‬
‫من التوعية والضاءة للناس‪ ،‬فلو تكلم عن اليمان أو التوكل أو الصبر أو أي‬
‫شيء قريب من ذلك يمكن ربطه بالحدث؛ لكان أقرب إلى عقول الناس‬
‫وحديثهم‪.‬‬
‫إن على من يريد توجيه الناس وإصلحهم وبث الوعي اليجابي فيهم‪،‬‬
‫ودعوتهم للسلم أن يطالب نفسه باستخدام لهجة يفهمها الناس ويعرفونها‪،‬‬
‫واستعمال أسلوب يتعاطى مع حسهم قبل أن يصف الناس بقلة الفهم‬
‫وانحطاط الوعي والدراك‪ ،‬وقبل أن يصفهم بالبعد عن الدين والعلم‪.‬‬
‫إن اللغة السهلة القريبة الرقيقة هي جسر التواصل بين الخطباء والناس؛‬
‫ة أساسية لتحقيق فهم‬ ‫فتأهيل الخطيب بفقه عام لحوال الناس ولغتهم ب ُْني ٌ‬
‫ل‪ ،‬وتفاعلهم واستجابتهم لها ثانيًا‪ ،‬وهذا التأهيل أو قريب منه‬ ‫الناس للخطبة أو ً‬
‫هو الذي اعترف به قوم صالح لنبيهم صالح عليه السلم‪،‬حين قالوا عنه‪َ) :‬يا‬
‫وا( لنهم‬ ‫ج ّ‬ ‫مْر ُ‬ ‫ذا(‪].‬سورة هود‪ ،[62:‬لقد كان ) َ‬ ‫ل هَ َ‬ ‫وا قَب ْ َ‬ ‫ج ّ‬‫مْر ُ‬ ‫ت ِفيَنا َ‬ ‫ح قَد ْ ُ‬
‫كن َ‬ ‫صال ِ ُ‬ ‫َ‬

‫‪15‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يعرفونه‪ ,‬وعاش معهم لحظات الوجود أول ً بأول‪ ،‬فكان خطابه محرجا ً‬
‫للجميع؛ لنه جاء بالحق والدين واليمان في واقع يعرفه جيدًا‪ ,‬و لناس هم‬
‫وا( فيهم‪.‬‬ ‫ج ّ‬
‫مْر ُ‬‫قومه الذين عرفهم وعرفوه فكان ) َ‬
‫ورسولنا ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬خير من أثبت في خطبته معنى الهتمام‬
‫بمخاطبة الناس‪ ,‬حتى إنه كان يفرق صلى الله عليه وسلم بين فئات‬
‫المجتمع‪ ,‬ويدرك الفروق‪ ،‬وفي الصحيحين قصة خطبته للنساء‪ ,‬ووعظه لهن‪,‬‬
‫وتفاعل النساء وأسئلتهن له صلى الله عليه وسلم؛ فالنساء تقوم‪ ,‬فتسأل‬
‫رسول الله ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ ،-‬وتستفسر وتستوضح في جو من التفاهم‬
‫بديع‪.‬‬
‫وحتى منبره صلى الله عليه وسلم كان أرفع من الناس قليل ‪ ,‬ليكون أقرب‬
‫لشد ّ انتباه الناس‪ ,‬واسترعاء اهتمامهم‪.‬‬
‫وكذا صوته صلى الله عليه وسلم فلم يكن على وتيرة واحدة‪ ،‬فالطريقة‬
‫ن على الملل‪ ،‬فكان يرفع صوته ويخفضه‪ ،‬ولذا كانت‬ ‫الواحدة تبعث النسا َ‬
‫ً‬
‫خطبة الجمعة خطبتين‪ ,‬بينهما جلسة قصدا لتيسير فهم الخطبة‪ ,‬والستجابة‬
‫لها‪.‬‬
‫ويقول جابر ‪ :‬كان رسول الله ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬إذا خطب يرفع صوته‬
‫ويخفضه‪ ,‬ويحمّر وجهه‪ ,‬وتنتفخ أوداجه؛ كأنه منذر جيش يقول‪ :‬صّبحكم‬
‫ساكم‪ .‬رواه مسلم وابن ماجه وغيرهما‪.‬‬ ‫وم ّ‬
‫وبالطبع فهذه ليست كل أحواله في خطبه‪ ،‬فهي تختلف في احتياجها لمثل‬
‫هذا الشعور؛ فالموضوع والحدث يفرض أحيانا ً نوعا ً من الهتمام يختلف عن‬
‫موضوع وحدث آخر‪.‬‬
‫لكن‪ :‬بهذه الوصاف جميعا تدرك دقة المتابعة‪ ,‬ورقي الحساس النبوي في‬ ‫ً‬
‫الخطبة‪ ،‬وترى في الوقت ذاته غفلة بعض الخطباء عن هذه المعاني‬
‫ً‬
‫ي‪ ,‬فتشاهد إما طول مفرطا‪ ,‬أو لغة‬ ‫والوصاف‪ ،‬وترى ُبعدهم عن الهدي النبو ّ‬
‫رديئة‪ ،‬أو بعدا ً عن هموم الناس ومشاعرهم‪ ،‬أو ركاكة في التعبير‪ ،‬أو انفعال ً‬
‫يبتعد عن سبيل العتدال الذي هو سمة هذه المة حين ُتخاطب الناس‪ ,‬لتكون‬
‫خطا نبيها محمد صلى الله‬ ‫شهيدة عليهم‪ ,‬ومبلغة لرسالة الدين والحق‪ ,‬على ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫كوُنوا ْ ُ‬
‫طا ل ّت َ ُ‬‫س ً‬ ‫ك جعل ْناك ُ ُ‬
‫ن‬
‫س وَي َكو َ‬ ‫داء عَلى الّنا ِ‬
‫شهَ َ‬ ‫ة وَ َ‬
‫م ً‬
‫مأ ّ‬‫عليه وسلم‪) :‬وَك َذ َل ِ َ َ َ َ ْ‬
‫دا(‪].‬سورة البقرة‪.[143:‬‬ ‫م َ‬
‫شِهي ً‬ ‫ل عَل َي ْك ُ ْ‬
‫سو ُ‬
‫الّر ُ‬

‫)‪(2 /‬‬

‫خفايا وأسرار‬
‫جريدة الوفاق اللكترونية‬
‫لم يكن فقط يوحنا بولس الثاني‪ ،‬أصغر بابا يتولى هذا المنصب في تاريخ‬
‫الفاتيكان‪ ،‬في القرن العشرين بل هو أول" بابا" غير إيطالي منذ ‪ 450‬عاما‪ً،‬‬
‫لذلك ينظر على أنه " غريب" على المنصب‪ ،‬لصله البولندي‪ ،‬ولكن الخطر‬
‫من كل ذلك " المخططات" الخطيرة التي تبناها الرجل‪ ،‬وحمل مسؤولية‬
‫القيام بها وهي" تنصير القارة الفريقية"‪ ،‬وإعلناته المتكررة في التسعينات‬
‫من القرن الماضي بأنه " لن يحل عام ‪ 2000‬الميلدي إل وتكون أفريقيا‬
‫قارة نصرانية"‪ ،‬وهو الحلم الذي لم يحققه !!‬
‫ولكن البابا نجح في إعادة أوروبا الشرقية إلى نصرانيتها التي فقدتها خلل‬
‫العقود الشيوعية‪ ،‬ولعل الجميع يذكرون زيارته الولى لبولندا بعد سقوط‬
‫الشيوعية‪ ،‬ولذلك يطلق عليه بأنه " رجل أفعال ل أقوال" وأكثر " بابا" في‬

‫‪16‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫تاريخ الفاتيكان يقوم بجولت خارجية وكلها مكرسة للتنصير‪.‬‬


‫وإذا كان اللغط الن يدور حول من سيخلفه في منصب البابوية بعد تدهور‬
‫حالته الصحية ودخوله المستشفى و" السرار" التي يحاط بها مرضه‪ ،‬فإن‬
‫الدفعة التي أعطاها البابا للفاتيكان عالميا وللكنائس الكاثوليكية سوف‬
‫تستمر وبقوة‪ ،‬وسوف تستمر مخططات التنصير التي يقودها‪..‬‬
‫ومسيرة وتاريخ يوحنا مليء بالفجوات والمحطات بدأت منذ ولدة الطفل "‬
‫كارول فويتيل" في قرية فادوفيتش جنوب بولندا‪ ،‬والذي كان والده ضابط‬
‫بالجيش‪ ،‬وأثرت عليه التربية الصارمة إلى أن أصبح أصغر بابا في تاريخ‬
‫الفاتيكان‪ ،‬فقد تجرع الطفل اليتم والمعاناة بعد أن توفيت أمه وأخوه قبل أن‬
‫يبلغ الـ ‪ 14‬سنة‪..‬‬
‫وكشاب كان فويتيل يعشق الرياضة‪ ،‬ومنها كرة القدم والتزحلق على الجليد‪،‬‬
‫كما كان يحب التمثيل والمسرح وكان في سن المراهقة حينما اجتاحت‬
‫الدبابات اللمانية بولندا عام ‪1939‬م‪.‬‬
‫وخلل الحرب العالمية الثانية والحتلل النازي اشتغل فويتيل كعامل بينما كان‬
‫يدرس اللهوت سرا‪.‬‬
‫وفي عام ‪1944‬م عقب حملة على التعليم الديني اضطر فويتيل لختباء‪،‬‬
‫وأرسل الكثير من أصدقائه لمعسكرات العتقال وواصل فويتيل دراسته بعد‬
‫الحرب‪ ،‬ورسم قسا ً في عام ‪1946‬م‪ ،‬وبحلول عام ‪1964‬م وصل إلى‬
‫منصب رئيس أساقفة كراكوف وأصبح كاردينال بعد ذلك بثلث سنوات واهتم‬
‫العلم الغربي لمواقفه من الشيوعية‪.‬‬
‫لقد جاء اختيار كارول فويتيل غير متوقع لتولى البابوية حينما انتخب للمنصب‬
‫عام ‪1978‬م‪ ،‬ولم يكن قد تجاوز الثامنة والخمسين من عمره‪.‬‬
‫وكان فويتيل هو أول بابا غير إيطالي منذ ‪ 450‬عاما وكان ينظر إليه على انه‬
‫غريب على المنصب‪ ،‬وقد تولى البابوية تحت أسم يوحنا بولس الثاني‪.‬‬
‫وبين أولى زياراته زيارة قام بها لمسقط رأسه بولندا‪ -‬وكانت أول زيارة‬
‫بابوية لبلد تحت حكم شيوعي‪ ،‬غير أن زيارته شجعت الناس وساعدت في‬
‫زرع بزار الثورة التي قدر لها الميلد بعد ذلك بعشر سنوات‪ ،‬وبعد اثنين‬
‫ضعفاء في المنصب‪ ،‬نظر إلى يوحنا بولس الثاني على أنه رجل أفعال‪.‬‬
‫وأصبح يوحنا بولس الثاني أكثر بابا يقوم بجولت خارجية في التاريخ‪ ،‬وقد‬
‫حذره مستشاروه من أن نفوذه المتنامي قد يجعله هدفا ً للغتيال‪ ،‬غير انه لم‬
‫يقلل من ظهوره بشكل عام‪.‬‬
‫وفي ‪ 13‬يوليو ‪1981‬م‪ ،‬تعرض لطلق النار وأصيب برصاص أطلقه عليه أحد‬
‫الشباب ألتراك في ساحة القديس بطرس بينما كان يميل لتحية الجماهير‪.‬‬
‫وبعد فترة طويلة من التعافي التقى البابا مع التركي محمد على أغا الذي‬
‫أطلق عليه الرصاص‪ ،‬وأعلن له عن صفحه‪.‬‬
‫وفي مايو ‪2000‬م كشف الفاتيكان عن أن ثلثة أطفال في البرتغال شاهدوا‬
‫عام ‪1917‬م رؤية كانت بمثابة نبوءة بمحاولة الغتيال‪.‬‬
‫وأطلق على ذلك السر الثالث من أسرار فاتيما‪ -‬نسبة للبلدة بالبرتغال التي‬
‫ينتمي إليها الطفال الثلثة‪ -‬وهو المر الذي أبقي طي الكتمان لعقود‪ ،‬وتم‬
‫الكشف عنه تزامنا مع زيارة للبابا لضريح فاتيما‪.‬‬
‫وقد تم تشديد المن المحيط بالبابا منذ محاولة اغتياله عام ‪1981‬م‪ ،‬واشتهر‬
‫البابا خلل جولته الخارجية العديدة بالعربة البابوية التي تنقله‪ ،‬وأمكن للبابا‬
‫الوقوف داخل العربة البابوية المحاطة بالزجاج المضاد للرصاص‪ ،‬حيث‬
‫تشاهده الحشود التي يبادلها التحية‪ ،‬وقد شهد البابا الكثير من التغيرات‬

‫‪17‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫السياسية في العالم بما فيها سقوط الشيوعية في شرق أوروبا ونهاية نظام‬
‫البارتيد بجنوب أفريقيا‪.‬‬
‫وفي سبتمبر ‪1995‬م زار البابا جنوب أفريقيا ‪ ،‬وفي السنوات الخيرة زادت‬
‫المتاعب الصحية للبابا بسبب التهاب المفاصل وداء باركينسون ) الشلل‬
‫الرعاش(‪ ،‬وقد أجريت له جراحة في الفخذ في أبريل ‪1994‬م‪ ،‬وقد سقط‬
‫مغشيا ً عليه خلل رحلة لفرنسا عام ‪1996‬م ولكنه واصل رحلته بشكل‬
‫مكثف‪.‬‬
‫وفي يناير ‪1998‬م زار البابا كوبا وكان فيدل كاسترو في استقباله‪ ،‬وهو‬
‫الزعيم الشيوعي للبلد الكاثوليكي تقليديًا‪.‬‬
‫وشملت زيارات البابا العديد من الدول السلمية منها مصر والردن‬
‫وموريتانيا والسؤال هل تنتهي مخططات البابا بانتهاء حياته أم تبدأ‪..‬؟!‬

‫)‪(1 /‬‬

‫خلصة القول في بيان ليلة القدر‬


‫الحمد لله والصلة والسلم على رسول الله وبعد ‪:‬‬
‫هذا ما يسره الله تعالى في جمع ما قيل في ليلة القدر من الفضائل والحث‬
‫على تحريها ‪ ،‬وذكر الحاديث التي جاءت في بيان وتحديد أي الليالي هي ‪،‬‬
‫والجمع بين هذه الحاديث ‪ ،‬ونسأل الله تعالى القبول ‪ ،‬وأن يجعلنا وإياكم من‬
‫أهلها ‪.‬‬
‫نوه الله تعالى بشأن ليلة القدر وسماها بليلة القدر قيل ‪ :‬لنها تقد فيها‬
‫الجال والرزاق وما يكون في السنة من التدابير اللهية ‪.‬‬
‫قال النووي ‪ :‬قال العلماء سميت ليلة القدر لما تكتب فيها الملئكة من‬
‫كيم ٍ (( ]‪[1‬‬ ‫فرقُ ك ُ ّ َ‬
‫ح ِ‬ ‫مرٍ َ‬ ‫لأ ْ‬ ‫القدار لقوله تعالى ))فيها يفرق كل أمر ِفيَها ي ُ ْ َ‬
‫وقيل سميت ليلة القدر من باب التعظيم لنها ذات قيمة وقدر ومنزلة عند‬
‫َ‬
‫مَباَرك َةٍ إ ِّنا‬‫الله تعالى لنزول القرآن فيها كما قال تعالى ))إ ِّنا أن َْزل َْناه ُ ِفي ل َي ْل َةٍ ُ‬
‫ن((]‪. [2‬‬ ‫من ْذِِري َ‬ ‫ك ُّنا ُ‬
‫وقيل سميت بليلة القدر لما يقع فيها من تنزل الملئكة ‪ ،‬ولما ينزل فيها من‬
‫البركة والرحمة والمغفرة ‪ ،‬وأن الذي يحييها يصير ذا قدر ‪ ،‬ولن الرض‬
‫تضيق فيها عن الملئكة ‪.‬‬
‫ما‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫قد ْرِ ‪ ،‬وَ َ‬ ‫ولقد نوه الله تعالى بشأنها فقال سبحانه ))إ ِّنا أن َْزلَناه ُ ِفي لي ْلةِ ال َ‬
‫خير م َ‬ ‫أ َد َْرا َ‬
‫ح‬
‫ملئ ِك ُ َ ّ ُ‬
‫رو‬ ‫وال‬ ‫ة‬ ‫َ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫شهْرٍ ‪ ،‬ت َن َّز ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ن أل ْ ِ‬ ‫قد ْرِ َ ْ ٌ ِ ْ‬ ‫ة ال ْ َ‬ ‫قد ْرِ ‪ ،‬ل َي ْل َ ُ‬ ‫ة ال ْ َ‬ ‫ما ل َي ْل َ ُ‬‫ك َ‬
‫جرِ ((]‪. [3‬‬ ‫مط ْل َِع ال ْ َ‬ ‫فيها بإذ ْن ربهم من ك ُ ّ َ‬
‫ف ْ‬ ‫حّتى َ‬ ‫ي َ‬ ‫م هِ َ‬ ‫سل ٌ‬ ‫مرٍ ‪َ ،‬‬ ‫لأ ْ‬ ‫ِ َ ِِ ِ َ ِّ ْ ِ ْ‬
‫أي أن العمل في هذه الليلة المباركة يعدل ثواب العمل في ألف شهر ليس‬
‫ما وزيادة ‪ ،‬فهذا مما يدل على‬ ‫فيها ليلة القدر ‪ ،‬وألف شهر ثلثة وثمانون عا ً‬
‫فضل هذه الليلة العظيمة ‪ ،‬ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحراها‬
‫ن ذ َن ْب ِهِ ((]‪[4‬‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫قد ّ َ‬ ‫ما ت َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫فَر ل َ ُ‬ ‫ساًبا غُ ِ‬ ‫حت ِ َ‬ ‫ماًنا َوا ْ‬ ‫قد ْرِ ِإي َ‬ ‫ة ال ْ َ‬ ‫م ل َي ْل َ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ويقول )) َ‬
‫وأخبر سبحانه وتعالى أنها تنزل فيها الملئكة والروح ‪ ،‬وهذا مما يدل على‬
‫ل‬‫عظم شأنها وأهميتها لن نزول الملئكة ل يكون إل لمر عظيم ))ت َن َّز ُ‬
‫ة والروح فيها بإذ ْن ربهم من ك ُ ّ َ‬
‫ر(( ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫م‬
‫لأ ْ‬ ‫ملئ ِك َ ُ َ ّ ُ ِ َ ِ ِ ِ َ ّ ِ ْ ِ ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫صّلى الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ل الل ّهِ َ‬ ‫سو َ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫وصح الحديث بذكر هذه الكثرة فعن أِبي هَُري َْرة َ )) أ ّ‬
‫َ‬ ‫قد ْرِ إ ِن َّها ل َي ْل َ ُ‬ ‫ل ِفي ل َي ْل َةِ ال ْ َ‬
‫ن‬
‫ن ‪ ،‬إِ ّ‬ ‫ري َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫سعَةٍ وَ ِ‬ ‫ساب ِعَةٍ أوْ َتا ِ‬ ‫ة َ‬ ‫م َقا َ‬ ‫سل ّ َ‬
‫عَل َي ْهِ وَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫صى ((]‪[5‬‬ ‫ح َ‬ ‫ن عَد َدِ ال ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ض أك ْث َُر ِ‬ ‫ة ِفي الْر ِ‬ ‫ك الل ّي ْل َ َ‬ ‫ة ت ِل ْ َ‬ ‫ملئ ِك َ َ‬‫ال ْ َ‬
‫ر(( وهذا يدل على ما‬ ‫ج ِ‬‫ف ْ‬ ‫مط ْل َِع ال ْ َ‬ ‫حّتى َ‬ ‫ي َ‬ ‫م هِ َ‬ ‫سل ٌ‬ ‫ثم وصفها الله تعالى بأنها )) َ‬

‫‪18‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فيها من خير عميم وبركة عظيمة ‪ ،‬وفضل ليس له مثيل ‪ ،‬ولهذا قال صلى‬
‫َ‬
‫ل عَل َي ْك ُ ْ‬
‫م‬ ‫ج ّ‬ ‫ه عَّز وَ َ‬ ‫ض الل ّ ُ‬ ‫ك فََر َ‬ ‫مَباَر ٌ‬ ‫شهٌْر ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ضا ُ‬ ‫م َ‬ ‫م َر َ‬ ‫الله عليه وسلم )) أَتاك ُ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مَرد َةُ‬ ‫ل ِفيهِ َ‬ ‫حيم ِ ‪ ،‬وَت ُغَ ّ‬ ‫ج ِ‬ ‫ب ال ْ َ‬ ‫وا ُ‬ ‫ماِء ‪ ،‬وَت ُغْل َقُ ِفيهِ أب ْ َ‬ ‫س َ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫وا ُ‬ ‫ح ِفيهِ أب ْ َ‬ ‫فت َ ُ‬
‫ه ‪ ،‬تُ ْ‬ ‫م ُ‬
‫صَيا َ‬ ‫ِ‬
‫م ((]‪[6‬‬ ‫ر‬ ‫ح‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ها‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫خ‬ ‫م‬ ‫ر‬ ‫ح‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ر‬ ‫ه‬ ‫ش‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ْ ُ ِ َ‬ ‫ْ ٍ َ ْ ُ ِ َ َ َْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ال َ ِ ِ ِ ِ ِ ِ ْ ٌ َ ْ ٌ ِ ْ‬
‫م‬ ‫ر‬ ‫ي‬ ‫خ‬ ‫ة‬ ‫ل‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ه‬ ‫في‬ ‫ه‬ ‫ل‬‫ل‬ ‫‪،‬‬ ‫ن‬ ‫طي‬ ‫يا‬ ‫ش‬
‫ن‬‫م إِ ّ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ل الل ّهِ َ‬ ‫سو ُ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫قا َ‬ ‫ن فَ َ‬ ‫ضا ُ‬ ‫م َ‬ ‫ل َر َ‬ ‫خ َ‬ ‫وعند ابن ماجه )) د َ َ‬
‫َ‬
‫م‬
‫حرِ َ‬ ‫قد ْ ُ‬ ‫مَها فَ َ‬ ‫حرِ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫شهْرٍ ‪َ ،‬‬ ‫ف َ‬ ‫ن أل ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫خي ٌْر ِ‬ ‫ة َ‬ ‫م وَِفيهِ ل َي ْل َ ٌ‬ ‫ضَرك ُ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫شهَْر قَد ْ َ‬ ‫ذا ال ّ‬ ‫هَ َ‬
‫م ((]‪. [7‬‬ ‫حُرو ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫ها ِإل َ‬ ‫خي َْر َ‬ ‫م َ‬ ‫حَر ُ‬ ‫ه ‪َ ،‬ول ي ُ ْ‬ ‫ّ‬
‫خي َْر ك ُل ُ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن‬ ‫قو ُ‬ ‫ل ال ْعِل ْم ِ ي َ ُ‬ ‫قال المام مالك رحمه الله ‪ :‬أ َنه سمع من يث ِق به م َ‬
‫ل إِ ّ‬ ‫ن أهْ ِ‬ ‫ّ ُ َ ِ َ َ ْ َ ُ ِ ِ ِ ْ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل الل ّه صّلى الل ّه عَل َيه وسل ّ ُ‬
‫ن‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫شاَء الل ُ‬ ‫ما َ‬ ‫ه أوْ َ‬ ‫س قَب ْل ُ‬ ‫ماَر الّنا ِ‬ ‫م أرِيَ أعْ َ‬ ‫ْ ِ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫سو َ َ ِ َ‬ ‫َر ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ذ َل ِ َ‬
‫م ِفي‬ ‫ذي ب َلغَ غَي ُْرهُ ْ‬ ‫ل ال ِ‬ ‫مث ْ َ‬ ‫ل ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ن العَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ل ي َب ْلُغوا ِ‬ ‫مت ِهِ أ ْ‬ ‫ماَر أ ّ‬ ‫صَر أعْ َ‬ ‫قا َ َ‬ ‫ه تَ َ‬ ‫ك فَكأن ّ ُ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫شهْرٍ ‪[8].‬‬ ‫ف َ‬ ‫ن أل ِ‬ ‫م ْ‬ ‫خي ٌْر ِ‬ ‫قد ْرِ َ‬ ‫ة ال َ‬ ‫ه لي ْل َ‬ ‫مرِ فَأعْطاهُ الل ُ‬ ‫ل العُ ْ‬ ‫طو ِ‬
‫معنى إيماًنا واحتساًبا ‪:‬‬
‫علق الله تعالى نيل المغفرة في ليلة القدر على هذين الشرطين )) اليمان‬
‫والحتساب (( ومعنى ذلك ‪:‬‬
‫إيمانا ً ‪ :‬تصديقا ً بثواب الّله أو أنه حق ‪ ،‬أي اليمان بأنه من أمر الله ومن أمر‬
‫رسوله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬واليمان بحقيقة هذا الثواب ‪.‬‬
‫واحتسابا ً ‪ :‬لمر الّله به طالبا ً الجر من وراء هذا العمل ‪ ،‬أو إرادة وجه الّله ل‬
‫لنحو رياء فقد يفعل المكلف الشيء معتقدا ً أنه صادق لكنه ل يفعله مخلصا ً‬
‫بل لنحو خوف أو رياء ‪.‬‬
‫ذكر الحاديث التي جاءت في تحديد ليلة القدر ‪:‬‬
‫الحاديث التي وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم في تحري ليلة القدر‬
‫جاءت على ثلثة أوجه نذكرها فيما يلي ‪:‬‬
‫الوجه الول ‪ :‬الحث على التماسها في الليالي الفردية من العشر الواخر ‪:‬‬

‫)‪(1 /‬‬
‫ـ )) عَ َ‬
‫صّلى الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ل الل ّهِ َ‬ ‫سو َ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫ل ‪ :‬إِ ّ‬ ‫ه َقا َ‬ ‫ه عَن ْ ُ‬ ‫ي الل ّ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫خد ْرِيّ َر ِ‬ ‫سِعيدٍ ال ْ ُ‬ ‫ن أِبي َ‬ ‫ْ‬
‫س َ‬ ‫َ‬ ‫ف ال ْعَ ْ‬ ‫شر ال َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫ط ِفي‬ ‫شَر الوْ َ‬ ‫م اعْت َك َ َ‬ ‫ن ‪ ،‬ثُ ّ‬ ‫ضا َ‬ ‫م َ‬ ‫ن َر َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ّ‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ع‬ ‫ا‬ ‫م‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫س‬
‫َ‬ ‫عَل َي ْهِ وَ‬
‫ة‬
‫حي َ ِ‬ ‫ها ِفي َنا ِ‬ ‫حا َ‬ ‫صيَر ب ِي َدِهِ فَن َ ّ‬ ‫ح ِ‬ ‫خذ َ ال ْ َ‬ ‫ل ‪ :‬فَأ َ‬ ‫صيٌر ‪َ ،‬قا َ‬ ‫ح ِ‬ ‫سد ّت َِها َ‬ ‫قُب ّةٍ ت ُْرك ِي ّةٍ عََلى ُ‬
‫َ‬ ‫ت ال ْعَ ْ‬ ‫ْ‬ ‫قبة ث ُ َ‬
‫شَر الوّ َ‬
‫ل‬ ‫ف ُ‬ ‫ل ‪ :‬إ ِّني اعْت َك َ ْ‬ ‫قا َ‬ ‫ه فَ َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫وا ِ‬ ‫س فَد َن َ ْ‬ ‫م الّنا َ‬ ‫ه فَك َل ّ َ‬ ‫س ُ‬ ‫م أط ْل َعَ َرأ َ‬ ‫ال ْ ُ ّ ِ ّ‬
‫ُ‬ ‫س َ‬ ‫َ‬ ‫ت ال ْعَ ْ‬ ‫س هَذِهِ الل ّي ْل َ َ‬ ‫َ‬
‫ل ِلي إ ِن َّها ِفي‬ ‫قي َ‬ ‫ت فَ ِ‬ ‫م أِتي ُ‬ ‫ط ‪ ،‬ثُ ّ‬ ‫شَر الوْ َ‬ ‫ف ُ‬ ‫م اعْت َك َ ْ‬ ‫ة ‪ ،‬ثُ ّ‬ ‫م ُ‬ ‫أل ْت َ ِ‬
‫ه‪،‬‬ ‫ف َفاعْت َك َ َ‬ ‫ف فَل ْي َعْت َك ِ ْ‬ ‫خر ‪ ،‬فَمن أ َحب منك ُ َ‬ ‫شرِ ال ََوا ِ‬ ‫ال ْعَ ْ‬
‫معَ ُ‬ ‫س َ‬ ‫ف الّنا َ ُ‬ ‫ن ي َعْت َك ِ َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫َ ْ َ ّ ِ ْ ْ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ل ‪ :‬وَإ ِّني أري ْت َُها ل َي ْل َ َ‬ ‫ُ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫صب َ َ‬ ‫ماٍء ‪ ،‬فَأ ْ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫طي ٍ‬ ‫حت ََها ِفي ِ‬ ‫صِبي َ‬ ‫جد ُ َ‬ ‫س ُ‬ ‫ة وِت ْرٍ وَإ ِّني أ ْ‬ ‫َقا َ‬
‫جد ُ ‪،‬‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ف ال ْ َ‬ ‫ماُء فَوَك َ َ‬ ‫س َ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫مط ََر ْ‬ ‫صب ِْح فَ َ‬ ‫م إ َِلى ال ّ‬ ‫ن وَقَد ْ َقا َ‬ ‫ري َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫دى وَ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ل َي ْل َةِ إ ِ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫ف ِ‬ ‫ة أن ْ ِ‬ ‫ه وََروْث َ ُ‬ ‫جِبين ُ ُ‬ ‫صب ِْح وَ َ‬ ‫صلةِ ال ّ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن فََرغ َ ِ‬ ‫حي َ‬ ‫ج ِ‬ ‫خَر َ‬ ‫ماَء فَ َ‬ ‫ن َوال ْ َ‬ ‫طي َ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫صْر ُ‬ ‫فَأب ْ َ‬
‫خرِ ((]‪[9‬‬ ‫شرِ ال ََوا ِ‬ ‫ن ال ْعَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ري َ‬ ‫ِ‬ ‫ش‬ ‫ع ْ‬ ‫دى وَ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ة إِ ْ‬ ‫ي ل َي ْل َ ُ‬ ‫ماُء ‪ ،‬وَإ َِذا هِ َ‬ ‫ن َوال ْ َ‬ ‫طي ُ‬ ‫ما ال ّ‬ ‫ِفيهِ َ‬
‫ت‬ ‫ُ‬ ‫م َقا َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫سو َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫ل ‪ :‬أِري ُ‬ ‫سل َ‬ ‫ه عَلي ْهِ وَ َ‬ ‫صلى الل ُ‬ ‫ل اللهِ َ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫سأ ّ‬ ‫ن أن َي ْ َ ٍ‬ ‫ن عَب ْدِ ال ُلهِ ب ْ ِ‬ ‫ـ )) عَ ْ‬
‫َ‬ ‫ة ال ْ َ‬ ‫ل َي ْل َ َ‬
‫مط ِْرَنا‬ ‫ل ‪ :‬فَ ُ‬ ‫ن ‪َ ،‬قا َ‬ ‫طي ٍ‬ ‫ماٍء وَ ِ‬ ‫جد ُ ِفي َ‬ ‫س ُ‬ ‫حَها أ ْ‬ ‫صب ْ َ‬ ‫سيت َُها ‪ ،‬وَأَراِني ُ‬ ‫م أن ْ ِ‬ ‫قد ْرِ ث ُ ّ‬
‫ف‬
‫صَر َ‬ ‫م َفان ْ َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ل الل ّهِ َ‬ ‫سو ُ‬ ‫صّلى ب َِنا َر ُ‬ ‫ن ‪ ،‬فَ َ‬ ‫ري َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ث وَ ِ‬ ‫ة َثل ٍ‬ ‫ل َي ْل َ َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ث‬‫ل َثل ٍ‬ ‫قو ُ‬ ‫س يَ ُ‬ ‫ن أن َي ْ ٍ‬ ‫ن عَب ْد ُ الل ّهِ ب ْ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫فهِ ؛ وَ َ‬ ‫جب ْهَت ِهِ وَأن ْ ِ‬ ‫ن عََلى َ‬ ‫ّ‬
‫ماِء َوالطي ِ‬ ‫ن أث ََر ال ْ َ‬ ‫وَإ ِ ّ‬
‫ن ((]‪[10‬‬ ‫ري َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫وَ ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م َقا َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫سألوهُ‬ ‫م وَ َ‬ ‫ل لهُ ْ‬ ‫سل َ‬ ‫ه عَلي ْهِ وَ َ‬ ‫صلى الل ُ‬ ‫ي َ‬ ‫ن الن ّب ِ ّ‬ ‫سأ ّ‬ ‫ن أن َي ْ ٍ‬ ‫ن عَب ْدِ اللهِ ب ْ ِ‬ ‫ـ )) عَ ْ‬
‫ن ((]‪ ، [11‬وعند‬ ‫ري َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ث وَ ِ‬ ‫ة َثل ٍ‬ ‫َ‬
‫ل ‪ :‬لي ْل ُ‬ ‫َ‬ ‫ن قا َ‬ ‫َ‬ ‫ضا َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ل َي ْل َةٍ ي َت ََراَءوْن ََها ِفي َر َ‬ ‫عَ ْ‬
‫الطبراني )) تحروا ليلة القدر ليلة ثلث و عشرين ((]‪[12‬‬

‫‪19‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫كما ورد أنها في ليلة الخامس والعشرين ‪ ،‬وذلك لن القرآن الكريم نزل في‬
‫هذه الليلة الكريمة كما صح بذلك الحديث ‪ ،‬وقد قال تعالى ))إنا أنزلناه في‬
‫ليلة القدر(( ‪.‬‬
‫ل الل ّهِ صلى الله عليه‬ ‫سو َ‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫قع رضي الله عنه أ َ‬ ‫َ‬ ‫س‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ن‬ ‫ن َواث ِل َ َ‬
‫َ‬
‫ّ َ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ةُ ْ ِ‬ ‫ب‬ ‫ـ )) عَ ْ‬
‫ن‪،‬‬ ‫ضا َ‬ ‫م َ‬ ‫ن َر َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ل َي ْل َةٍ ِ‬ ‫م عليه السلم ِفي أوّ ِ‬ ‫هي َ‬ ‫ف إ ِب َْرا ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫ص ُ‬ ‫ت ُ‬ ‫ل ‪ :‬أن ْزِل َ ْ‬ ‫وسلم َقا َ‬
‫ُ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫شَرةَ َ‬ ‫ث عَ ْ‬ ‫ل ل َِثل َ‬ ‫جي ُ‬ ‫ن ‪َ ،‬وال ِن ْ ِ‬ ‫ضا َ‬ ‫م َ‬ ‫ن َر َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ضي ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ت َ‬ ‫س ّ‬ ‫ت الت ّوَْراة ُ ل ِ ِ‬ ‫وَأن ْزِل َ ْ‬
‫ن ((]‪. [13‬‬ ‫ضا َ‬ ‫م َ‬ ‫ن َر َ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ري َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ن ل َْرب ٍَع وَ ِ‬ ‫فْرَقا ُ‬ ‫ل ال ْ ُ‬ ‫ن ‪ ،‬وَأ ُن ْزِ َ‬ ‫ضا َ‬ ‫م َ‬ ‫َر َ‬
‫ةَ‬ ‫َ‬ ‫سئ ِ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫سو َ‬ ‫َ‬
‫ن لي ْل ِ‬ ‫ل عَ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫سل َ‬ ‫ه عَلي ْهِ وَ َ‬ ‫صلى الل ُ‬ ‫ل اللهِ َ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫لأ ّ‬ ‫جب َ ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫مَعاذِ ب ْ ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫ـ )) عَ ْ‬
‫سةِ أوْ ِفي الّثال ِث َةِ ((]‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ي ِفي العَ ْ‬ ‫ْ‬ ‫قا َ‬ ‫قد ْرِ ؟ فَ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫م َ‬ ‫خا ِ‬ ‫خرِ أوْ ِفي ال َ‬ ‫شرِ الَوا ِ‬ ‫ل ‪ :‬هِ َ‬
‫‪. [14‬‬
‫ـ )) عن معاوية رضي الله عنه قال ‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫التمسوا ليلة القدر ليلة سبع وعشرين ((]‪. [15‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ةب َ‬
‫قد ِْر‬‫م ِفي لي ْلةِ ال َ‬ ‫سل َ‬ ‫ه عَلي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ُ‬
‫ّ‬ ‫ي َ‬ ‫ن الن ّب ِ ّ‬ ‫ن عَ ْ‬ ‫فَيا َ‬ ‫س ْ‬ ‫ن أِبي ُ‬ ‫مَعاوِي َ َ ْ ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫ـ )) عَ ْ‬
‫ن ((]‪[16‬‬ ‫ري َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫سب ٍْع وَ ِ‬ ‫ة َ‬ ‫َ‬
‫قد ْرِ لي ْل ُ‬‫َ‬ ‫ْ‬
‫ة ال َ‬ ‫ل ‪ :‬ل َي ْل ُ‬
‫َ‬ ‫َقا َ‬
‫َ‬
‫خب ُِر‬ ‫ج يُ ْ‬ ‫خَر َ‬ ‫م َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ل الل ّهِ َ‬ ‫سو َ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫تأ ّ‬ ‫م ِ‬ ‫صا ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ـ )) عن عَُباَدة ب ْ ُ‬
‫ةَ‬ ‫َ‬
‫م ب ِلي ْل ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫قد ْرِ فََتل َ‬ ‫ب ِل َي ْل َةِ ال ْ َ‬
‫خب َِرك ْ‬ ‫تل ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫خَر ْ‬ ‫قال ‪ :‬إ ِّني َ‬ ‫ن‪،‬ف َ‬ ‫مي َ‬ ‫سل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫جل ِ‬ ‫حى َر ُ‬
‫َ‬
‫م‪،‬‬ ‫خي ًْرا ل َك ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫كو َ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫سى أ ْ‬ ‫ت ‪ ،‬وَعَ َ‬ ‫ن فَُرفِعَ ْ‬ ‫ن وَُفل ٌ‬ ‫حى ُفل ٌ‬ ‫ه َتل َ‬ ‫قد ْرِ ‪ ،‬وَإ ِن ّ ُ‬ ‫ال ْ َ‬
‫س ((]‪[17‬‬ ‫م ِ‬ ‫خ ْ‬ ‫سِع َوال ْ َ‬ ‫سب ِْع َوالت ّ ْ‬ ‫ها ِفي ال ّ‬ ‫سو َ‬ ‫م ُ‬ ‫ال ْت َ ِ‬
‫م ل َي ْل َ َ‬ ‫َ‬
‫ة َثل ٍ‬
‫ث‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ل الل ّهِ َ‬ ‫سو ِ‬ ‫معَ َر ُ‬ ‫مَنا َ‬ ‫ل ‪ :‬قُ ْ‬ ‫ن أِبي ذ َّر َقا َ‬ ‫ـ )) عَ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ما‬
‫ب َ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ل‪:‬لأ ْ‬ ‫م َقا َ‬ ‫ل ‪ ،‬ثُ ّ‬ ‫ل الوّ ِ‬ ‫ث الل ّي ْ ِ‬ ‫ن إ َِلى ث ُل ُ ِ‬ ‫ضا َ‬ ‫م َ‬ ‫شهْرِ َر َ‬ ‫ن ِفي َ‬ ‫ري َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫وَ ِ‬
‫ل ‪ ،‬ثُ ّ‬
‫م‬ ‫ف اللي ْ ِ‬ ‫ّ‬ ‫ص ِ‬ ‫ن إ ِلى ن ِ ْ‬ ‫َ‬ ‫ري َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫س وَ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫م قُ ْ‬ ‫م ‪ ،‬ثُ ّ‬ ‫ن ِإل وََراَءك ُ ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫م ٍ‬ ‫خ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫ه لي ْل َ‬ ‫معَ ُ‬ ‫مَنا َ‬
‫ُ‬
‫ت َطلُبو َ‬
‫حّتى‬ ‫ن َ‬ ‫ري َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫سب ٍْع وَ ِ‬ ‫ة َ‬ ‫َ‬
‫ه لي ْل َ‬ ‫َ‬ ‫معَ ُ‬ ‫مَنا َ‬ ‫ق ْ‬‫م ‪ ،‬فَ ُ‬ ‫ن ِإل وََراَءك ُ ْ‬ ‫ما ت َطلُبو َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ب َ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ل‪:‬لأ ْ‬ ‫َقا َ‬
‫ت ((]‪.[18‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سك َ‬ ‫ح وَ َ‬ ‫صب َ َ‬ ‫أ ْ‬
‫الفلح ‪ :‬يعني السحور ‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ت ‪ :‬إِ ّ‬ ‫قل ْ ُ‬ ‫ه فَ ُ‬ ‫ه عَن ْ ُ‬ ‫ي الل ّ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ب َر ِ‬ ‫ن ك َعْ ٍ‬ ‫ي بْ َ‬ ‫ت أب َ ّ‬ ‫سأل ْ ُ‬ ‫ش قال ‪َ :‬‬ ‫حب َي ْ ٍ‬ ‫ن ُ‬ ‫ـ )) عن زر ب ْ َ‬
‫ه‪:‬‬ ‫ّ‬
‫ه الل ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ل َر ِ‬ ‫قا َ‬ ‫َ‬
‫قد ْرِ ؟ ف َ‬ ‫ة ال َ‬‫ْ‬ ‫َ‬
‫ب لي ْل َ‬ ‫َ‬ ‫ص ْ‬ ‫ل يُ ِ‬ ‫حو ْ َ‬ ‫ْ‬
‫م ال َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ل َ‬ ‫قو ُ‬ ‫سُعودٍ ي َ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ك اب ْ َ‬ ‫خا َ‬ ‫أَ َ‬
‫ر‬
‫ش ِ‬ ‫ن وَأ َن َّها ِفي ال ْعَ ْ‬ ‫ضا َ‬ ‫م َ‬ ‫م أن َّها ِفي َر َ‬
‫ل الناس ‪ ،‬أ َما إنه قَد عَل ِ َ‬
‫َ‬ ‫َ ِّ ُ ْ‬ ‫ن ل ي َت ّك ِ َ ّ ُ‬
‫َ‬
‫أَراد َ أ ْ‬
‫َ‬
‫سب ٍْع‬ ‫ة َ‬ ‫ست َث ِْني أ َن َّها ل َي ْل َ ُ‬ ‫ف ل يَ ْ‬ ‫حل َ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ‪ ،‬ثُ ّ‬ ‫ري َ‬ ‫ِ‬ ‫ش‬ ‫ع ْ‬ ‫سب ٍْع وَ ِ‬ ‫ة َ‬ ‫خرِ ‪ ،‬وَأ َن َّها ل َي ْل َ ُ‬ ‫ال ََوا ِ‬
‫مةِ أ َْو‬ ‫ل ‪ِ :‬بال َْعل َ‬ ‫من ْذِرِ ؟ َقا َ‬ ‫َ‬
‫ك َيا أَبا ال ْ ُ‬ ‫ل ذ َل ِ َ‬ ‫قو ُ‬ ‫يٍء ت َ ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫ت ‪ :‬ب ِأ َيّ َ‬ ‫قل ْ ُ‬ ‫ن ‪ ،‬فَ ُ‬ ‫ري َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫وَ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫شَعاعَ‬ ‫مئ ِذ ٍ ل ُ‬ ‫م أن َّها ت َط ْل ُعُ ي َوْ َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ل الل ّهِ َ‬ ‫سو ُ‬ ‫خب ََرَنا َر ُ‬ ‫ِبالي َةِ ال ِّتي أ ْ‬
‫ل ََها ((]‪. [19‬‬
‫قد ْرِ ل َي ْل َ ُ‬ ‫ة ال ْ َ‬ ‫ن ل َي ْل َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سب ٍْع‬ ‫ة َ‬ ‫لأ ّ‬ ‫ج ٌ‬ ‫ل ‪َ :‬رأى َر ُ‬ ‫ه َقا َ‬ ‫ه عَن ْ ُ‬ ‫ي الل ّ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ـ )) عن ابن عمر َر ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ر‬
‫خ ِ‬ ‫شرِ الَوا ِ‬ ‫م ِفي العَ ْ‬ ‫م ‪ :‬أَرى ُرؤَْياك ُ ْ‬ ‫سل َ‬ ‫ه عَلي ْهِ وَ َ‬ ‫صلى الل ُ‬ ‫ي َ‬ ‫ل الن ّب ِ ّ‬ ‫قا َ‬ ‫ن فَ َ‬ ‫ري َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫وَ ِ‬
‫من َْها ((]‪. [20‬‬ ‫ها ِفي الوِت ْرِ ِ‬‫ْ‬ ‫َفاطلُبو َ‬‫ُ‬ ‫ْ‬
‫هّ‬
‫صلى الل ُ‬ ‫ّ‬ ‫ل اللهِ َ‬ ‫ّ‬ ‫سو ُ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫ه َقا َ‬ ‫ه عَن ْ ُ‬ ‫ّ‬
‫ي الل ُ‬ ‫ض َ‬ ‫مُر َر ِ‬ ‫ل عُ َ‬ ‫ل َقا َ‬ ‫س َقا َ‬
‫َ‬ ‫ن عَّبا ٍ‬ ‫ن اب ْ ِ‬ ‫ـ )) عَ ِ‬
‫ر‬
‫خ ِ‬ ‫شرِ الَوا ِ‬ ‫ْ‬
‫سَها ِفي العَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫قد ْرِ فَلي َلت َ ِ‬ ‫ْ‬
‫ة ال َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سا لي ْل َ‬ ‫م ً‬ ‫ملت َ ِ‬‫ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ُ‬
‫من ْك ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ن كا َ‬‫َ‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫ّ‬
‫سل َ‬ ‫عَل َي ْهِ وَ َ‬
‫وِت ًْرا ((]‪[21‬‬
‫الوجه الثاني من الحاديث ‪ :‬هو تحري ليلة القدر في الليالي الزوجية ‪:‬‬
‫ـ عن معاوية رضي الله عنه قال صلى الله عليه وسلم ‪ :‬التمسوا ليلة القدر‬
‫آخر ليلة من رمضان ((]‪. [22‬‬
‫وهذا يحتمل أن تكون هذه الليلة زوجية أو فردية ‪.‬‬

‫‪20‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬
‫ـ )) عن أبي نضرة عَ َ‬
‫ف‬ ‫ل ‪ :‬اعْت َك َ َ‬ ‫ه َقا َ‬ ‫ه عَن ْ ُ‬ ‫ي الل ّ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫خد ْرِيّ َر ِ‬ ‫سِعيدٍ ال ْ ُ‬ ‫ن أِبي َ‬ ‫ْ‬
‫ةَ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫س لي ْل َ‬ ‫م ُ‬ ‫ن ي َلت َ ِ‬ ‫ضا َ‬ ‫م َ‬ ‫ن َر َ‬ ‫م ْ‬ ‫سط ِ‬ ‫شَر الوْ َ‬ ‫م العَ ْ‬ ‫سل َ‬ ‫ه عَلي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ل الل ّهِ َ‬ ‫سو ُ‬ ‫َر ُ‬
‫ه أن َّها ِفي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫تل ُ‬ ‫م أِبين َ ْ‬ ‫ض‪،‬ث ّ‬ ‫قو ّ َ‬ ‫مَر ِبالب َِناِء ف ُ‬ ‫نأ َ‬ ‫ضي ْ َ‬ ‫ق َ‬ ‫ما ان ْ َ‬ ‫ه ‪ ،‬فل ّ‬ ‫نل ُ‬ ‫ن ت َُبا َ‬ ‫قد ْرِ قب ْل أ ْ‬
‫َ‬ ‫خَر َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫س‬
‫ل ‪َ :‬يا أي َّها الّنا ُ‬ ‫قا َ‬ ‫س فَ َ‬ ‫ج عَ ُلى الّنا ِ‬ ‫م َ‬ ‫عيد َ ‪ ،‬ث ُ ّ‬ ‫مَر ِبال ْب َِناِء فَأ ِ‬ ‫خرِ فَأ َ‬ ‫شرِ الَوا ِ‬ ‫ال ْعَ ْ‬
‫ة ال ْ َ‬ ‫ت ِلي ل َي ْل َ ُ‬ ‫ُ‬
‫ن‬‫قا ِ‬ ‫حت َ ّ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫جل ِ‬ ‫جاَء َر ُ‬ ‫م ب َِها فَ َ‬ ‫خب َِرك ُ ْ‬ ‫تل ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫خَر ْ‬ ‫قد ْرِ وَإ ِّني َ‬ ‫ت أِبين َ ْ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫إ ِن َّها َ‬
‫َ‬ ‫ها ِفي ال ْعَ ْ‬ ‫سيت َُها ‪َ ،‬فال ْت َ ِ‬ ‫شي ْ َ‬
‫ن‬
‫ضا َ‬ ‫م َ‬ ‫ن َر َ‬ ‫م ْ‬ ‫خرِ ِ‬ ‫شرِ الَوا ِ‬ ‫سو َ‬ ‫م ُ‬ ‫ن فَن ُ ّ‬ ‫طا ُ‬ ‫ما ال ّ‬ ‫معَهُ َ‬ ‫َ‬
‫سة ِ ‪.‬‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫خا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫وا‬ ‫َ َ ّ َِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ة‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫سا‬ ‫وال‬ ‫ِ‬ ‫ة‬ ‫ع‬ ‫س‬
‫ِ‬ ‫تا‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫ها‬ ‫َ‬ ‫سو‬ ‫ُ‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ك‬ ‫حقّ ب ِذ َل ِ َ‬ ‫نأ َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ل نَ ْ‬ ‫ج ْ‬ ‫ل‪:‬أ َ‬ ‫مّنا ‪َ ،‬قا َ‬ ‫م ِبالعَد َدِ ِ‬ ‫م أعْل ُ‬ ‫سِعيد ٍ إ ِن ّك ُ ْ‬ ‫ت ‪َ :‬يا أَبا َ‬ ‫ل قُل ُ‬ ‫َقا َ‬
‫ة؟‬ ‫س ُ‬ ‫م َ‬ ‫خا ِ‬ ‫ة َوال َ‬ ‫ْ‬ ‫ساب ِعَ ُ‬ ‫ة َوال ّ‬ ‫سعَ ُ‬ ‫ما الّتا ِ‬ ‫ت‪َ :‬‬ ‫ل قُل ُ‬ ‫ْ‬ ‫م ‪َ ،‬قا َ‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫ِ‬
‫ّ‬
‫ة‬
‫سعَ ُ‬ ‫ي الّتا ِ‬ ‫ن وَهِ َ‬ ‫ري َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ن وَ ِ‬ ‫ن َفالِتي ت َِليَها ث ِن ْت َي ْ ِ‬ ‫شُرو َ‬ ‫ع ْ‬ ‫حد َة ٌ وَ ِ‬ ‫ت َوا ِ‬ ‫ض ْ‬ ‫م َ‬ ‫ل ‪ :‬إ َِذا َ‬ ‫َقا َ‬
‫ن‬
‫شُرو َ‬ ‫ع ْ‬ ‫س وَ ِ‬ ‫م ٌ‬ ‫خ ْ‬ ‫ضى َ‬ ‫م َ‬ ‫ة فَإ َِذا َ‬ ‫ساب ِعَ ُ‬ ‫ن َفالِتي ت َِليَها ال ّ‬ ‫ّ‬ ‫شُرو َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ث وَ ِ‬ ‫ت َثل ٌ‬ ‫ض ْ‬ ‫م َ‬ ‫فَإ َِذا َ‬
‫ة ((]‪. [23‬‬ ‫س ُ‬ ‫م َ‬ ‫خا ِ‬ ‫َفال ِّتي ت َِليَها ال َ‬
‫ْ‬
‫فهذا تفسير أبي سعيد رضي الله عنه بأنها في الليالي الزوجية ‪ ،‬وهو الذي‬
‫روى حديث ليلة الحادي والعشرين كما تقدم ‪ ،‬مما يدل على أن ليلة القدر‬
‫ضا ‪.‬‬ ‫قد تكون في الليالي الزوجية أي ً‬
‫ه‬ ‫َ‬
‫ه عَلي ْ ِ‬ ‫صلى الل ُ‬‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫سول اللهِ َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ما قال ‪ :‬قال َر ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه عَن ْهُ َ‬ ‫ي الل ّ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫س َر ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ـ )) عن اْبن عَّبا ٍ‬
‫ن ي َعِْني‬ ‫َ ٍْ َْ ْ َ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ق‬
‫َ‬
‫ب‬ ‫ي‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫في‬ ‫و‬
‫ِ ْ ٍ َ ْ ِ َ ْ ِ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ضي‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫ع‬ ‫س‬ ‫ت‬ ‫في‬ ‫َ ِ ِ ِ َ ِ‬ ‫ي‬ ‫ه‬ ‫ر‬ ‫خ‬ ‫وا‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ي ِفي ال ْعَ ِ‬
‫ر‬ ‫ش‬ ‫ْ‬ ‫م هِ َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫وَ َ‬
‫سوا ِفي أْرب ٍَع‬ ‫م ُ‬ ‫س ‪ :‬ال ْت َ ِ‬ ‫ن عَّبا ٍ‬ ‫ن اب ْ ِ‬ ‫ة عَ ْ‬ ‫م َ‬ ‫عك ْرِ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫خال ِدٍ عَ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫قد ْرِ ؛ وَعَ ْ‬ ‫ة ال ْ َ‬ ‫ل َي ْل َ َ‬
‫ن ((]‪[24‬‬ ‫ري َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫وَ ِ‬
‫ما‬ ‫َ‬ ‫ن قََتاد َة َ وَ َ‬
‫صم أن ّهُ َ‬ ‫عا ِ‬ ‫مر عَ ْ‬ ‫معْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫وفي هذا الثر قصة رواها عَْبد الّرّزاق عَ ْ‬
‫قول ‪:‬‬ ‫مة ي َ ُ‬ ‫عك ْرِ َ‬ ‫مَعا ِ‬ ‫س ِ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫س‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫م‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫له‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫لى‬ ‫ّ‬ ‫ص‬ ‫له‬‫ّ‬ ‫ال‬ ‫سول‬ ‫ر‬ ‫حاب‬ ‫ص‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫مر‬ ‫ع‬ ‫عا‬ ‫د‬ ‫‪:‬‬ ‫باس‬ ‫ع‬ ‫بن‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫قا‬ ‫َ‬
‫َ ُ ْ‬ ‫َ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬
‫ْ‬ ‫ل ا ِْبن عَّباس ‪ :‬فَ ُ‬ ‫خر ‪َ ,‬قا َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قلت‬ ‫شر الَوا ِ‬ ‫مُعوا عَلى أن َّها العَ ْ‬ ‫ج َ‬ ‫در ‪ ,‬فَأ ْ‬ ‫ق ْ‬ ‫ن لي ْلة ال َ‬ ‫عَ ْ‬
‫قلت ‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫ي ؟ فَ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ي ‪َ ,‬قا َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مر ‪ :‬أيّ لي ْلةٍ هِ َ‬ ‫ل عُ َ‬ ‫ن ‪ -‬أيّ لي ْلةٍ هِ َ‬ ‫م ‪ -‬أوْ أظ ّ‬ ‫مر إ ِّني لعْل ُ‬ ‫ل ِعُ َ‬
‫مت ذ َل ِكَ‬ ‫َ‬ ‫قا َ‬ ‫خر ‪ ,‬فَ َ‬ ‫َ‬ ‫ن العَ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن عَل ِ ْ‬ ‫ن أي ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل‪ِ :‬‬ ‫شر الَوا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫قى ِ‬ ‫ساب َِعة ت َب ْ َ‬ ‫ضي أوْ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ة تَ ْ‬ ‫ساب ِعَ ٌ‬ ‫َ‬
‫دور ِفي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫؟ قُلت َ‬ ‫ْ‬
‫هر ي َ ُ‬ ‫سب َْعة أّيام َوالد ّ ْ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫ضي َ‬ ‫سْبع أْر ِ‬ ‫ت وَ َ‬ ‫وا ٍ‬ ‫م َ‬ ‫س َ‬ ‫سب ْعَ َ‬ ‫خلقَ الله َ‬
‫واف‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫سْبع َوالط َ‬ ‫جد ُ عَلى َ‬ ‫س ُ‬ ‫سْبع وَي َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫سْبع وَي َأكل ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫خل ِقَ ِ‬ ‫سان ُ‬ ‫سْبع َوال ِن ْ َ‬ ‫َ‬
‫ه ((‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫شَياء ذ َكَر َ‬ ‫َ‬ ‫مار وَأ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ما فط ِّنا ل ُ‬ ‫مرٍ َ‬ ‫قد ْ فط ِْنت ل ْ‬ ‫مر ‪ :‬ل َ‬ ‫قال عُ َ‬ ‫ها ‪ ,‬ف َ‬ ‫ج َ‬ ‫َوال ِ‬

‫)‪(3 /‬‬

‫قا َ‬
‫ل‬ ‫كم وفيها ‪ )) :‬فَ َ‬ ‫حا ِ‬ ‫سَنده َوال ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫حاق ْبن َراهْوَي ْهِ ِفي ُ‬ ‫س َ‬ ‫وأخرج هذه القصة إ ِ ْ‬
‫ْ‬ ‫عُمر أ َعْجزت َ‬
‫سهِ (( ‪.‬‬ ‫ن َرأ ِ‬ ‫ؤو ُ‬ ‫ش ُ‬ ‫ت ُ‬ ‫ست َوَ ْ‬ ‫ما ا ِ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ذا ال ُْغلم ِ ال ّ ِ‬ ‫ل هَ َ‬ ‫مث ْ َ‬ ‫كوُنوا ِ‬ ‫ن تَ ُ‬ ‫مأ ْ‬ ‫َ ْ ُ ْ‬ ‫َ‬
‫ة أ َْرب ٍَع‬ ‫قد ْرِ ل َي ْل َُ‬ ‫ة ال ْ َ‬ ‫ل ل َي ْل َُ‬ ‫م َقا َ‬ ‫ّ‬
‫ْ ِ َ َ َ‬‫ل‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫لى‬ ‫ّ‬ ‫ص‬
‫ْ ِ ٍ ّ ِّ ّ َ‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫ـ )) عَن بلل أ َ‬
‫ن ((]‪. [25‬‬ ‫ري َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫وَ ِ‬
‫ه‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ن أِبي ذ َّر َقا َ‬ ‫َ‬
‫ه عَلي ْ ِ‬ ‫صلى الل ُ‬ ‫ل اللهِ َ‬ ‫سو ِ‬ ‫معَ َر ُ‬ ‫مَنا َ‬ ‫ص ْ‬ ‫ل‪ُ :‬‬ ‫في ْرٍ عَ ْ‬ ‫ن نُ َ‬ ‫جب َي ْرِ ب ْ ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫ـ )) عَ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ري َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ة أْرب ٍَع وَ ِ‬ ‫ن لي ْل ُ‬ ‫كا َ‬ ‫حّتى إ َِذا َ‬ ‫شهْرِ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م ْ‬ ‫شي ًْئا ِ‬ ‫م ب َِنا َ‬ ‫ق ْ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫ن فَل ْ‬ ‫ضا َ‬ ‫م َ‬ ‫م َر َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫وَ َ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ل ‪ ،‬فَل ّ‬
‫ما‬ ‫ث اللي ْ ِ‬ ‫ب ث ُل ُ‬ ‫ن ي َذ ْهَ َ‬ ‫حّتى كاد َ أ ْ‬ ‫م َ‬ ‫سل َ‬ ‫ه عَلي ْهِ وَ َ‬ ‫صلى الل ُ‬ ‫ل اللهِ َ‬ ‫سو ُ‬ ‫م ب َِنا َر ُ‬ ‫َقا َ‬
‫سو ُ‬
‫ل‬ ‫م ب َِنا َر ُ‬ ‫ن َقا َ‬ ‫ري َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ت وَ ِ‬ ‫س ّ‬ ‫ة ِ‬ ‫َ‬
‫ت لي ْل ُ‬ ‫َ‬ ‫ما كان َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م ب َِنا فَل ّ‬ ‫ق ْ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫َ‬
‫ة الِتي ت َِليَها ل ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ت اللي ْل ُ‬ ‫ّ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ت َيا‬ ‫ل قُل ْ ُ‬ ‫ل ‪َ ،‬قا َ‬ ‫شط ُْر الل ّي ْ ِ‬ ‫ب َ‬ ‫ن ي َذ ْهَ َ‬ ‫كاد َ أ ْ‬ ‫حّتى َ‬ ‫م َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫الل ّهِ َ‬
‫حّتى‬ ‫مام ِ َ‬ ‫معَ ال ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫ل إ َِذا َقا َ‬ ‫ج َ‬ ‫ن الّر ُ‬ ‫ل ل إِ ّ‬ ‫ة ل َي ْل َت َِنا هَذِهِ َقا َ‬ ‫قي ّ َ‬ ‫فل ْت ََنا ب َ ِ‬ ‫ل الل ّهِ ل َوْ ن َ ّ‬ ‫سو َ‬ ‫َر ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ما أ ْ‬ ‫م ب َِنا ‪ ،‬فَل ّ‬ ‫ق ْ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫ة الِتي ت َِليَها ل ْ‬ ‫ت اللي ْل ُ‬ ‫ما كان َ ْ‬ ‫م لي ْلةٍ فَل ّ‬ ‫ه قَِيا ُ‬ ‫بل ُ‬ ‫س َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫صرِ َ‬ ‫ي َن ْ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫سو ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ع‬
‫م َ‬ ‫جت َ َ‬ ‫ه َوا ْ‬ ‫م أهْل ُ‬ ‫سل َ‬ ‫ه عَلي ْهِ وَ َ‬ ‫صلى الل ُ‬ ‫ل اللهِ َ‬ ‫معَ َر ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ن َ‬ ‫ري َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ن وَ ِ‬ ‫ما ٍ‬ ‫ة ثَ َ‬ ‫ت لي ْل ُ‬ ‫كان َ ْ‬
‫ح‪،‬‬ ‫فل ُ‬ ‫فوت َُنا ال ْ َ‬ ‫كاد َ ي َ ُ‬ ‫حّتى َ‬ ‫م َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ل الل ّهِ َ‬ ‫سو ُ‬ ‫صّلى ب َِنا َر ُ‬ ‫س فَ َ‬ ‫ه الّنا ُ‬ ‫لَ ُ‬

‫‪21‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ن‬ ‫م ْ‬ ‫شي ًْئا ِ‬ ‫خي َ‬ ‫ن أَ ِ‬ ‫م ب َِنا َيا اب ْ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫م لَ ْ‬ ‫حوُر ث ُ ّ‬ ‫س ُ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫ح َقا َ‬ ‫فل ُ‬ ‫ما ال ْ َ‬ ‫ت وَ َ‬ ‫ل قُل ْ ُ‬ ‫َقا َ‬
‫شهْرِ ((]‪. [26‬‬ ‫ال ّ‬
‫م‬
‫ق ْ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫ن فل ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ضا َ‬ ‫م َ‬ ‫م َر َ‬ ‫سل َ‬ ‫ّ‬ ‫ه عَلي ْهِ وَ َ‬ ‫َ‬ ‫صلى الل ُ‬‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ل اللهِ َ‬ ‫ّ‬ ‫سو ِ‬ ‫معَ َر ُ‬ ‫مَنا َ‬ ‫ص ْ‬ ‫وعند النسائي )) ُ‬
‫ب‬
‫َ َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫تى‬ ‫َ َِ َ ّ‬‫ح‬ ‫نا‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫قا‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ر‬
‫ْ ِ‬ ‫ه‬ ‫ّ‬
‫ش‬ ‫ال‬ ‫ن‬
‫ه َ ْ ِ َ َ َ َ ّ َ ِ َ َ ْ ٌ ِ ْ‬
‫م‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫ق‬ ‫ب‬ ‫تى‬ ‫ح‬ ‫م‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ي َ‬ ‫ب َِنا الن ّب ِ ّ‬
‫م‬‫ة َقا َ‬ ‫س ُ‬ ‫م َ‬ ‫خا ِ‬ ‫ت ال ْ َ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫م ب َِنا ‪ ،‬فَل َ ّ‬ ‫ق ْ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫ة فَل َ ْ‬ ‫س ٌ‬ ‫سادِ َ‬ ‫ت َ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ل ‪ ،‬ثُ ّ‬ ‫ث الل ّي ْ ِ‬ ‫ن ث ُل ُ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫حو ٌ ِ‬ ‫نَ ْ‬
‫ه‬
‫م هَذِ ِ‬ ‫فل ْت ََنا قَِيا َ‬ ‫ل الل ّهِ ل َوْ ن َ َ‬ ‫سو َ‬ ‫ل ‪ ،‬قُل َْنا ‪َ :‬يا َر ُ‬ ‫شط ْرِ الل ّي ْ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫حو ٌ ِ‬ ‫ب نَ ْ‬ ‫حّتى ذ َهَ َ‬ ‫ب َِنا َ‬
‫م‬ ‫ه قَِيا ُ‬ ‫بل ُ‬ ‫َ‬ ‫س َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫صرِ َ‬ ‫حّتى ي َن ْ َ‬ ‫مام ِ َ‬ ‫م ع َ ال ِ َ‬ ‫صلى َ‬ ‫ّ‬ ‫ل إ َِذا َ‬ ‫ج َ‬ ‫ن الّر ُ‬ ‫ل ‪ :‬إِ ّ‬ ‫الل ّي ْل َةِ ‪َ ،‬قا َ‬
‫َ‬
‫س َ‬
‫ل‬ ‫شهْرِ أْر َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ث ِ‬ ‫ي ُثل ٌ‬ ‫ق َ‬ ‫ما ب َ ِ‬ ‫م ب َِنا ‪ ،‬فَل َ ّ‬ ‫ق ْ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫ة فَل َ ْ‬ ‫ت الّراب ِعَ ُ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ل ثُ ّ‬ ‫ل َي ْل َةٍ ‪َ ،‬قا َ‬
‫َ‬
‫م لَ ْ‬
‫م‬ ‫ح ثُ ّ‬ ‫فل ُ‬ ‫فوت ََنا ال ْ َ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫شيَنا أ ْ‬ ‫خ ِ‬ ‫حّتى َ‬ ‫م ب َِنا َ‬ ‫قا َ‬ ‫س فَ َ‬ ‫شد َ الّنا َ‬ ‫ح َ‬ ‫سائ ِهِ وَ َ‬ ‫إ َِلى ب ََنات ِهِ وَن ِ َ‬
‫شهْرِ ((]‪. [27‬‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م ْ‬ ‫شي ًْئا ِ‬ ‫م ب َِنا َ‬ ‫ق ْ‬ ‫يَ ُ‬
‫الوجه الثالث من الحاديث ‪ :‬فيه الجمع بين الثنين وهو تحري ليلة القدر في‬
‫جميع ليالي العشر الواخر ‪:‬‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ل‪:‬‬ ‫م َقا َ‬ ‫سل َ‬ ‫ه عَلي ْهِ وَ َ‬ ‫صلى الل ُ‬ ‫ل اللهِ َ‬ ‫سو َ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫ه عَن َْها أ ّ‬ ‫ي الل ّ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ة َر ِ‬ ‫ش َ‬ ‫عائ ِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ـ )) عَ ْ‬
‫ن ((]‪. [28‬‬ ‫ضا َ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬ ‫ن العَ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫حّرْوا ل َي ْل َ‬
‫َ‬
‫ن َر َ‬ ‫م ْ‬ ‫خرِ ِ‬ ‫شرِ الَوا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫قد ْرِ ِفي الوِت ْرِ ِ‬ ‫ة ال َ‬ ‫تَ َ‬
‫م‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫سل َ‬ ‫ه عَلي ْهِ وَ َ‬ ‫صلى الل ُ‬ ‫سول اللهِ َ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫هأ ّ‬ ‫ه عَن ْ ُ‬ ‫ي الل ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ن أِبي هَُري َْرة َ َر ِ‬ ‫ـ )) عَ ْ‬
‫ر‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َقا َ ُ‬
‫ها ِفي العَش ِ‬ ‫سو َ‬ ‫م ُ‬ ‫سيت َُها فالت َ ِ‬ ‫ض أهِْلي فن ُ ّ‬ ‫قظِني ب َعْ ُ‬ ‫م أي ْ َ‬ ‫قد ْرِ ث ّ‬ ‫ة ال َ‬ ‫ت لي ْل َ‬ ‫ل ‪ :‬أِري ُ‬
‫واب ِرِ ((]‪[29‬‬ ‫ال ْغَ َ‬
‫َ‬
‫م َقا َ‬
‫ل‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ي َ‬ ‫ن الن ّب ِ ّ‬ ‫ما أ ّ‬ ‫ه عَن ْهُ َ‬ ‫ي الل ّ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫س َر ِ‬ ‫ن عَّبا ٍ‬ ‫ن اب ْ ِ‬ ‫ـ )) عَ ْ‬
‫قى ِفي‬ ‫سعَةٍ ت َب ْ َ‬ ‫قد ْرِ ِفي َتا ِ‬ ‫ة ال ْ َ‬ ‫ن ل َي ْل َ َ‬ ‫ضا َ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬ ‫ها ِفي ال ْعَ ْ‬ ‫ال ْت َ ِ‬
‫ن َر َ‬ ‫م ْ‬ ‫خرِ ِ‬ ‫شرِ الَوا ِ‬ ‫سو َ‬ ‫م ُ‬
‫قد ْرِ ِفي‬ ‫ة ال ْ َ‬ ‫سوا ل َي ْل َ َ‬ ‫م ُ‬ ‫قى ((]‪ [30‬ولفظ أحمد )) ال ْت َ ِ‬ ‫سةٍ ت َب ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫خا ِ‬ ‫قى ِفي َ‬ ‫ساب ِعَةٍ ت َب ْ َ‬ ‫َ‬
‫قى (( ‪.‬‬ ‫ساب ِعَةٍ ت َب ْ َ‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫قى‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫ة‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫خا‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫قى‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫ة‬ ‫ع‬ ‫س‬ ‫تا‬ ‫في‬ ‫ر‬ ‫خ‬ ‫ِ‬ ‫وا‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫ْ‬
‫ش‬ ‫ع‬ ‫ال ْ‬
‫ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫وهذا يحتمل أن تكون ليلة القدر في الليالي الفردية أو الزوجية على السواء‬
‫لن الشهر قد يصل إلى ثلثين أو ينقص إلى تسع وعشرين ‪.‬‬
‫َ‬ ‫ن أ َِبي ال ْ َ‬
‫ن‬ ‫م ْ‬ ‫جَنا ِ‬ ‫خَر ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ت َقا َ‬ ‫جْر َ‬ ‫ها َ‬ ‫مَتى َ‬ ‫ه َ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫ه َقا َ‬ ‫ي أن ّ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ح‬‫صَناب ِ ِ‬ ‫ّ‬ ‫ن ال‬ ‫ْ‬ ‫خي ْرِ عَ‬ ‫ـ )) عَ ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ل ‪ :‬د َفَّنا‬ ‫قا َ‬ ‫خب ََر فَ َ‬ ‫ه ال َ‬ ‫تل ُ‬ ‫قل ُ‬ ‫ب فَ ُ‬ ‫ل َراك ِ ٌ‬ ‫ة فَأقْب َ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ح َ‬ ‫ج ْ‬ ‫مَنا ال ُ‬ ‫قد ِ ْ‬ ‫ن فَ َ‬ ‫ري َ‬ ‫ج ِ‬ ‫مَها ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ال ْي َ َ‬
‫شي ًْئا‬ ‫قد ْرِ َ‬ ‫ت ِفي ل َي ْل َةِ ال ْ َ‬ ‫معْ َ‬ ‫س ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ت هَ ْ‬ ‫س قُل ْ ُ‬ ‫م ٍ‬ ‫خ ْ‬ ‫من ْذ ُ َ‬ ‫م ُ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ي َ‬ ‫الن ّب ِ ّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫خب ََرِني ِبل ٌ‬ ‫َ‬ ‫َقا َ‬
‫سب ِْع ِفي‬ ‫ه ِفي ال ّ‬ ‫م أن ّ ُ‬ ‫سل َ‬ ‫ه عَلي ْهِ وَ َ‬ ‫صلى الل ُ‬ ‫ي َ‬ ‫ن الن ّب ِ ّ‬ ‫مؤَذ ّ ُ‬ ‫ل ُ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ل ن َعَ ْ‬
‫خرِ ((]‪[31‬‬ ‫شرِ الَوا ِ‬ ‫َ‬ ‫ال ْعَ ْ‬

‫)‪(4 /‬‬
‫ـ )) عَن ابن عُمر رضي الل ّه عَنهما أ َن رجال ً م َ‬
‫ه عَل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ي َ‬ ‫ب الن ّب ِ ّ‬ ‫حا ِ‬ ‫ص َ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ِ ْ‬ ‫ّ ِ َ‬ ‫ُ ُْ َ‬ ‫َ َ َ ِ َ‬ ‫ُْ ْ ِ‬
‫صّلى‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ َ‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫سو‬ ‫َ ُ‬ ‫ر‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫قا‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ر‬
‫َ ِ ِ‬ ‫خ‬ ‫وا‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫س‬
‫َ ّ ِْ‬ ‫ال‬ ‫في‬ ‫َ َ ِ ِ‬ ‫م‬ ‫نا‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫في‬ ‫ْ ِ ِ‬ ‫ر‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ة‬
‫م أُروا ْ َ‬
‫ل‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫سل ّ َ‬ ‫وَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫كا َ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫خرِ فَ َ‬ ‫سب ِْع الَوا ِ‬ ‫ت ِفي ال ّ‬ ‫واط َأ ْ‬ ‫م قَد ْ ت َ َ‬ ‫م ‪ :‬أَرى ُرؤَْياك ُ ْ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫الل ّ ُ‬
‫خرِ ((]‪.[32‬‬ ‫َ‬
‫سب ِْع الَوا ِ‬ ‫حّريَها فَل ْي َت َ َ‬
‫ها ِفي ال ّ‬ ‫حّر َ‬ ‫مت َ َ‬ ‫ُ‬
‫ه‬ ‫َ‬
‫ه عَلي ْ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫لى‬ ‫ّ‬ ‫ص‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫سو‬ ‫َ ُ‬ ‫ر‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫َ‬
‫قا‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫قو‬‫ُ‬ ‫ي‬
‫ُ َ َ‬ ‫ما‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫ع‬ ‫ه‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ض‬‫ِ‬ ‫ر‬ ‫َ َ‬ ‫مر‬ ‫ُ‬ ‫ع‬ ‫بن‬ ‫ْ‬ ‫ا‬ ‫عن‬ ‫))‬ ‫ـ‬
‫ف أ َحدك ُم أوَ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫ضعُ َ َ ُ ْ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫قد ْرِ ‪ ،‬فَإ ِ ْ‬ ‫ة ال َ‬ ‫خرِ ي َعِْني لي ْل َ‬ ‫شرِ الَوا ِ‬ ‫ها ِفي العَ ْ‬ ‫سو َ‬ ‫م ُ‬ ‫م ‪ :‬الت َ ِ‬ ‫سل َ‬ ‫وَ َ‬
‫واِقي ((]‪. [33‬‬ ‫ْ‬
‫سب ِْع الب َ َ‬ ‫ن عَلى ال ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫جَز َفل ي ُغْلب َ ّ‬ ‫عَ َ‬
‫هّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل ‪ :‬تَ َ‬ ‫ه َقا َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ل الل ِ‬ ‫سو ِ‬ ‫عن ْد َ َر ُ‬ ‫قد ْرِ ِ‬ ‫ة ال َ‬ ‫ذاكْرَنا لي ْل َ‬ ‫ه عَن ْ ُ‬ ‫ي الل ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ن أِبي هَُري َْرة َ َر ِ‬ ‫ـ )) عَ ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫فن َةٍ ((‬ ‫ج ْ‬ ‫شقّ َ‬ ‫ل ِ‬ ‫مث ْ ُ‬ ‫مُر وَهُوَ ِ‬ ‫ق َ‬ ‫ن طلعَ ال َ‬ ‫حي َ‬ ‫ُ‬
‫م ي َذ ْكُر ِ‬ ‫ُ‬
‫ل أي ّك ْ‬ ‫قا َ‬ ‫م فَ َ‬ ‫سل َ‬ ‫ه عَلي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ُ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫]‪[34‬‬
‫شْهر ;‬ ‫خر ال ّ‬ ‫كون ِفي أ ََوا ِ‬ ‫ما ت َ ُ‬ ‫َ‬
‫شاَرة إ َِلى أن َّها إ ِن ّ َ‬ ‫ضي ‪ِ :‬فيهِ إ ِ َ‬ ‫قا ِ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫قال النووي ‪َ :‬قا َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫شْهر ‪ .‬وَالله أعْلم ‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫خر ال ّ‬ ‫عْند طلوعه ِإل ِفي أَوا ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫كون كذ َل ِك ِ‬ ‫َ‬ ‫مر ل ي َ ُ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫لَ ّ‬
‫الخلصة‬

‫‪22‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يتبين بعد سرد الحاديث المتنوعة في ذكر ليلة القدر أن ليلة القدر ليست‬
‫بليلة ثابتة ‪ ،‬بل هي متنقلة بين الليالي العشر الخيرة من شهر رمضان ‪ ،‬وقد‬
‫تأتي في الليالي الفردية منها أو الزوجية على السواء ‪ ،‬فينبغي لمن أراد أن‬
‫يرزق خيرها ول يحرم منها أن يجتهد في طلبها طيلة الليالي العشر دون أن‬
‫تفوته ليلة منها ‪.‬‬
‫قال أبو قلبة ‪ :‬ليلة القدر تنتقل في العشر الواخر ‪.‬‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫قد ْرِ ِفي العَ ْ‬ ‫ة ال ْ َ‬ ‫قال شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله ‪ :‬ل َي ْل َ ُ‬
‫م ْ‬ ‫خرِ ِ‬ ‫شرِ الَوا ِ‬
‫ي ِفي‬ ‫ه َقا َ‬ ‫َ‬ ‫ن هَك َ َ‬ ‫َ‬
‫ل ‪) :‬هِ َ‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم أن ّ ُ‬ ‫ن الن ّب ِ ّ‬ ‫ح عَ ْ‬ ‫ص ّ‬ ‫ذا َ‬ ‫ضا َ‬ ‫م َ‬ ‫شهْرِ َر َ‬
‫من َْها ‪.‬‬ ‫ن ِفي الوِت ْرِ ِ‬ ‫ْ‬ ‫كو ُ‬ ‫ن ( ‪ .‬وَت َ ُ‬ ‫ضا َ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬ ‫ال ْعَ ْ‬
‫ن َر َ‬ ‫م ْ‬ ‫خرِ ِ‬ ‫شرِ الَوا ِ‬
‫ث‬ ‫ة َثل ٍ‬ ‫ن وَل َي ْل َ َ‬ ‫ري َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫دى وَ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ةإ ْ‬ ‫ب ل َي ْل َ َ‬ ‫ضي فَت ُط ْل َ ُ‬ ‫ما ِ‬ ‫ن ِباعْت َِبارِ ال ْ َ‬ ‫كو ُ‬ ‫ن ال ْوِت َْر ي َ ُ‬ ‫ل َك ِ ّ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ري َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫سٍع وَ ِ‬ ‫ة تِ ْ‬ ‫ن وَل َي ْل َ َ‬ ‫ري َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫سب ٍْع وَ ِ‬ ‫ة َ‬ ‫ن وَل َي ْل َ َ‬ ‫ري َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫س وَ ِ‬ ‫م ٍ‬ ‫خ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫ن وَل َي ْل َ َ‬ ‫ري َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫وَ ِ‬
‫قى ‪،‬‬ ‫سعَةٍ ت َب ْ َ‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم ‪) :‬ل َِتا ِ‬ ‫ل الن ّب ِ ّ‬ ‫ما َقا َ‬ ‫يك َ‬‫َ‬ ‫ق َ‬ ‫ما ب َ ِ‬ ‫ن ِباعْت َِبارِ َ‬ ‫وَي َكو ُ‬ ‫ُ‬
‫قى ( ‪.‬‬ ‫قى ‪ ،‬ل َِثال ِث َةٍ ت َب ْ َ‬ ‫سةٍ ت َب ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫خا ِ‬ ‫قى ‪ ،‬ل ِ َ‬ ‫ساب ِعَةٍ ت َب ْ َ‬ ‫لِ َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫فَعَلى هَ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ن‬‫ن اِلث ْن َي ْ ِ‬ ‫فاِع ‪ .‬وَت َكو ُ‬ ‫ش َ‬ ‫ي ال ْ‬ ‫ن ذ َل ِك لَيال ِ َ‬ ‫ن ي َكو ُ‬ ‫شهُْر َثلِثي َ‬
‫َ‬
‫ن ال ّ‬ ‫ذا إَذا كا َ‬
‫سَره ُ أُبو‬ ‫ذا فَ ّ‬ ‫قى ‪ .‬وَهَك َ َ‬ ‫ة ت َب ْ َ‬ ‫ساب ِعَ ً‬ ‫ن َ‬ ‫ري َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ة أْرب ٍَع وَ ِ‬ ‫قى وَل َي ْل َ ُ‬ ‫ة ت َب ْ َ‬ ‫سعَ ً‬ ‫ن َتا ِ‬ ‫ري َ‬ ‫ش ِ‬ ‫َوال ْعِ ْ‬
‫َ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم‬ ‫م الن ّب ِ ّ‬ ‫ذا أَقا َ‬ ‫حيِح ‪ .‬وَهَك َ َ‬ ‫ص ِ‬ ‫ث ال ّ‬ ‫دي ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫سِعيدٍ الخدري ِفي ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫شهْرِ ‪.‬‬ ‫ِفي ال ّ‬
‫ضي ‪.‬‬ ‫ما ِ‬ ‫كالّتاِريِخ ال ْ َ‬ ‫خ ِبال َْباِقي ‪َ .‬‬ ‫ن الّتاِري ُ‬ ‫كا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ري َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫سًعا وَ ِ‬ ‫شهُْر ت ِ ْ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫كا َ‬ ‫ن َ‬ ‫وَإ ِ ْ‬
‫َ‬ ‫ن ِفي ال ْعَ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ما‬‫ميعِهِ ك َ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫خرِ َ‬ ‫شرِ الَوا ِ‬ ‫م ُ‬ ‫مؤْ ِ‬ ‫ها ال ْ ُ‬ ‫حّرا َ‬ ‫ن ي َت َ َ‬ ‫ذا فَي َن ْب َِغي أ ْ‬ ‫مُر هَك َ َ‬ ‫ن ال ْ‬ ‫كا َ‬ ‫وَإ َِذا َ‬
‫ن ِفي‬ ‫كو ُ‬ ‫ر( وَت َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ها ِفي ال ْعَ ْ‬ ‫َقا َ‬
‫خ ِ‬ ‫شرِ الَوا ِ‬ ‫حّروْ َ‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم )ت َ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ل الن ّب ِ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫ن ك َعْ ٍ‬ ‫ن أبي ب ْ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫ما َ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ري َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫سب ٍْع وَ ِ‬
‫َ‬
‫ة َ‬ ‫ن لي ْل َ‬ ‫كو ُ‬ ‫ما ت َ ُ‬ ‫خرِ أك ْث ََر ‪ .‬وَأك ْث َُر َ‬ ‫سب ِْع الَوا ِ‬ ‫ال ّ‬
‫ك ؟ فَ َ‬ ‫مت ذ َل ِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ل ِبالي َةِ‬ ‫قا َ‬ ‫يٍء عَل ِ ْ‬ ‫ش ْ‬ ‫ه ‪ :‬ب ِأيّ َ‬ ‫لل ُ‬ ‫قي َ‬ ‫ن ‪ .‬فَ ِ‬ ‫ري َ‬ ‫ش َِ‬ ‫ع ْ‬ ‫سب ٍْع وَ ِ‬ ‫ة َ‬ ‫ف أن َّها لي ْل َ‬ ‫حل ِ ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫تل‬ ‫ّ‬
‫حت َِها كالط ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫سو ُ‬ ‫َ‬
‫ال ِّتي أ ْ‬
‫ش ِ‬ ‫صِبي َ‬ ‫ة َ‬ ‫ح َ‬ ‫صب ْ َ‬ ‫س ت َطلعُ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ش ْ‬ ‫خب ََرَنا أ ّ‬ ‫ل اللهِ ‪ ،‬أ ْ‬ ‫خب ََرَنا َر ُ‬
‫شَعاع َ ل ََها( ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم ِ‬ ‫ن الن ّب ِ ّ‬ ‫ب عَ ْ‬ ‫ن كعْ ٍ‬ ‫َ‬ ‫ها أبي ب ْ ُ‬ ‫ة الِتي َرَوا َ‬ ‫ّ‬ ‫م ُ‬ ‫َ‬
‫فَهَذِهِ العَل َ‬ ‫ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫أَ ْ‬
‫ة(‬ ‫مِنيَر ٌ‬ ‫ة بلجة ُ‬ ‫مات َِها )أن َّها لي ْل ٌ‬ ‫عل َ‬ ‫ث وَقَد ْ ُروِيَ ِفي َ‬ ‫دي ِ‬ ‫ح ِ‬ ‫ت ِفي ال َ‬ ‫ما ِ‬ ‫شهَرِ ال َْعل َ‬
‫س ِفي‬ ‫ض الّنا ِ‬ ‫ه ل ِب َعْ ِ‬ ‫فَها الل ّ ُ‬ ‫ش ُ‬ ‫ة ال ْب َْرد ِ وَقَد ْ ي َك ْ ِ‬ ‫حّر َول قَوِي ّ ُ‬ ‫ة ال ْ َ‬ ‫ة ل قَوِي ّ ُ‬ ‫ساك ِن َ ٌ‬ ‫ي َ‬ ‫وَهِ َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ح‬
‫فت َ ُ‬ ‫َ‬
‫قد ْرِ وَقد ْ ي ُ ْ‬ ‫ة ال َ‬ ‫ه هَذِهِ لي ْل ُ‬ ‫قول ل ُ‬ ‫ُ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ها أوْ ي ََرى َ‬ ‫واَر َ‬ ‫قظةِ ‪ .‬في ََرى أن ْ َ‬ ‫َ‬ ‫مَنام ِ أوْ الي َ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م ‪[35].‬‬ ‫ه ت ََعاَلى أعْل َ ُ‬ ‫مُر ‪ .‬وََالل ّ ُ‬ ‫ن ب ِهِ ال ْ‬ ‫ما ي َت َب َي ّ ُ‬ ‫شاهَد َةِ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫عََلى قَل ْب ِهِ ِ‬
‫رؤية ليلة القدر في المنام ‪:‬‬
‫من الممكن أن يرى المؤمن في منامه من الرؤيا ما يدله على معرفة ليلة‬
‫القدر ‪ ،‬وقد ثبت هذا بالحاديث الصحيحة ‪:‬‬

‫)‪(5 /‬‬
‫)) عَن ابن عُمر رضي الل ّه عَنهما َقا َ َ‬
‫ه عَل َي ْهِ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ي َ‬ ‫ت عََلى عَهْدِ الن ّب ِ ّ‬ ‫ل َرأي ْ ُ‬ ‫ُ ُْ َ‬ ‫َ َ َ ِ َ‬ ‫ْ َْ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ت إ ِلي ْهِ‬ ‫َ ْ‬ ‫ر‬ ‫طا‬ ‫إل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ة‬ ‫ّ‬ ‫ن‬ ‫ج‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫نا‬‫ً‬ ‫كا‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫د‬ ‫ري‬ ‫ِ‬ ‫أ‬ ‫ل‬ ‫ني‬ ‫ّ‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ق‬ ‫ر‬ ‫ْ‬
‫َِ ْ َ َ ٍ‬ ‫ب‬‫َ‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫إ‬ ‫ة‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ط‬ ‫ِ‬ ‫ق‬ ‫دي‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ي‬‫م ك َأ ِ‬
‫ب‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫وَ َ‬
‫َ‬ ‫قا َ‬ ‫ك فَ َ‬ ‫مل ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ي َذ ْهََبا ِبي إ ِلى الّنارِ فَت َل ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫لل ْ‬ ‫ما َ‬ ‫قاهُ َ‬ ‫ن أت ََياِني أَراَدا أ ْ‬ ‫ن اث ْن َي ْ ِ‬ ‫ت كأ ّ‬ ‫وََرأي ْ ُ‬
‫دى ُرؤَْيا َ‬
‫ي‬ ‫ح َ‬ ‫م إِ ْ‬ ‫سل َ‬ ‫ّ‬ ‫ه عَلي ْهِ وَ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫صلى الل ُ‬ ‫ّ‬ ‫ي َ‬ ‫ة عَلى الن ّب ِ ّ‬ ‫َ‬ ‫ص ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ت َ‬ ‫ص ْ‬ ‫ق ّ‬ ‫ه فَ َ‬ ‫خلَيا عَن ْ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ت َُرع ْ َ‬
‫ل‬ ‫ّ‬
‫ن اللي ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫صلي ِ‬ ‫ّ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫َ‬
‫ل عَب ْد ُ اللهِ لوْ كا َ‬‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ج ُ‬ ‫م الّر ُ‬ ‫م ن ِعْ َ‬ ‫سل َ‬ ‫ّ‬ ‫ه عَلي ْهِ وَ َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫صلى الل ُ‬ ‫ّ‬ ‫ي َ‬ ‫ل الن ّب ِ ّ‬ ‫قا َ‬ ‫فَ َ‬
‫ن عَلى‬ ‫َ‬ ‫صو َ‬ ‫ق ّ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫ُ‬
‫ل وَكاُنوا ل ي ََزالو َ‬ ‫َ‬ ‫ن اللي ْ ِ‬ ‫ّ‬ ‫م ْ‬‫صلي ِ‬ ‫ّ‬ ‫ه يُ َ‬ ‫ه عَن ْ ُ‬ ‫ي الل ُ‬ ‫ّ‬ ‫ض َ‬ ‫ن عَب ْد ُ اللهِ َر ِ‬ ‫ّ‬ ‫فَكا َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ن العَ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ر‬
‫خ ِ‬ ‫شرِ الَوا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ساب ِعَةِ ِ‬ ‫م الّرؤَْيا أن َّها ِفي اللي ْلةِ ال ّ‬ ‫سل َ‬ ‫ه عَلي ْهِ وَ َ‬ ‫صلى الل ُ‬ ‫ي َ‬ ‫الن ّب ِ ّ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ت ِفي العَ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫قا َ‬ ‫فَ َ‬
‫ر‬
‫خ ِ‬ ‫شرِ الَوا ِ‬ ‫واطأ ْ‬ ‫م قد ْ ت َ َ‬ ‫م أَرى ُرؤَْياك ْ‬ ‫سل َ‬ ‫ه عَلي ْهِ وَ َ‬ ‫صلى الل ُ‬ ‫ي َ‬ ‫ل الن ّب ِ ّ‬
‫َ‬ ‫ن ال ْعَ ْ‬ ‫حّريَها فَل ْي َت َ َ‬ ‫ن َ‬
‫ر((]‪[36‬‬ ‫خ ِ‬ ‫شرِ الَوا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ها ِ‬ ‫حّر َ‬ ‫مت َ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫كا َ‬ ‫م ْ‬ ‫فَ َ‬

‫‪23‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ن ل َي َْلة ال ْ َ‬ ‫قال النووي في شرح مسلم ‪ :‬واعْل َ َ‬


‫سب َقَ ب ََيانه‬ ‫ما َ‬ ‫جوَدة ك َ َ‬ ‫مو ْ ُ‬ ‫در َ‬ ‫ق ْ‬ ‫مأ ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ن ب َِني آَدم ك ُلّ‬ ‫م ْ‬ ‫شاَء الله ت ََعالى ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ققَها َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ِفي أّول ال َْباب ‪ ,‬فَإ ِن َّها ت َُرى ‪ ,‬وَي َت َ َ‬
‫خَبار‬ ‫قة ِفي ال َْباب ‪ ,‬وَإ ِ ْ‬ ‫ساب ِ َ‬ ‫حاِديث ال ّ‬ ‫ت عَل َي ْهِ هَذِهِ ال َ َ‬ ‫ظاهََر ْ‬ ‫ما ت َ َ‬ ‫ضان ك َ َ‬ ‫م َ‬ ‫سَنة ِفي َر َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ع‬ ‫‪:‬‬ ‫ياض‬ ‫ع‬ ‫ضي‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ول‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ما‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫‪,‬‬ ‫صر‬ ‫ح‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ثر‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ها‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫َ ْ‬ ‫ِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ ّ‬ ‫ِ ْ ْ ُ ْ َ‬ ‫ال ّ ِ ِ َ ِ َ َ ُ َ ْ َ‬
‫ل‬ ‫م‬ ‫يته‬ ‫ؤ‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫ها‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫حي‬ ‫ل‬ ‫صا‬
‫حش ‪ ,‬ن َب ّْهت عَل َي ْهِ ل َِئل‬ ‫قة ‪ ,‬فَغََلط َفا ِ‬ ‫َ‬
‫قي َ‬ ‫ح ِ‬ ‫كن ُرؤَْيتَها َ‬ ‫م ِ‬ ‫فَرة ل ي ُ ْ‬ ‫ص ْ‬‫مهَّلب ْبن أِبي ُ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫َ‬
‫ي ُغْت َّر ب ِهِ ‪ .‬وََالّله أعَْلم ‪.‬‬
‫فها الل ّه ل ِبعض الناس في ال ْمنام أوَ‬
‫َ َ ِ ْ‬ ‫ُ َْ ِ ّ ِ ِ‬ ‫ش ُ َ‬ ‫ومر بنا قول شيخ السلم ‪ :‬وَقَد ْ ي َك ْ ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قظ َة ‪ .‬فَيرى أ َنوار َ َ‬
‫ح عَلى‬ ‫فت َ ُ‬ ‫قد ْرِ وَقَد ْ ي ُ ْ‬ ‫ة ال َ‬ ‫ه هَذِهِ لي ْل ُ‬ ‫لل ُ‬ ‫قو ُ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ها أوْ ي ََرى َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ََ‬ ‫ال ْي َ َ ِ‬
‫َ‬
‫مُر ‪.‬‬ ‫ن ب ِهِ ال ْ‬ ‫ما ي َت َب َي ّ ُ‬ ‫شاهَد َةِ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫قَل ْب ِهِ ِ‬
‫أفضل الدعاء في ليلة القدر ‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫م ُ‬ ‫ن عَل ِ ْ‬ ‫ت إِ ْ‬ ‫ل اللهِ أَرأي ْ َ‬ ‫سو َ‬ ‫ت َيا َر ُ‬ ‫ت ‪ :‬قُل ُ‬ ‫ة رضي الله عنها َقال ْ‬ ‫ش َ‬ ‫عائ ِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ـ )) عَ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫أ َيّ ل َي ْل َةٍ لي ْل ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ب‬‫ح ّ‬ ‫م تُ ِ‬ ‫ري ٌ‬ ‫فو ّ ك ِ‬ ‫م إ ِن ّك عُ ُ‬ ‫ل ‪ُ :‬قوِلي اللهُ ّ‬ ‫ل ِفيَها ؟ َقا َ‬ ‫ما أُقو ُ‬ ‫قد ْرِ َ‬ ‫ة ال َ‬
‫ف عَّني ((]‪[37‬‬ ‫فوَ َفاعْ ُ‬ ‫ال ْعَ ْ‬
‫علمات ليلة القدر ‪:‬‬
‫ن‬
‫ضا َ‬ ‫م َ‬ ‫داةٍ ِفي َر َ‬ ‫تغ َ‬ ‫َ‬ ‫سُعودٍ َذا َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ت إ ِلى اب ْ ِ‬
‫َ‬ ‫ب قال غد َوْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قَر ٍ‬ ‫ن أ َِبي عَ ْ‬ ‫ـ )) عَ ْ‬
‫ه‪،‬‬ ‫ُ‬
‫سول ُ‬ ‫ه وَب َلغَ َر ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫صد َقَ الل ُ‬ ‫قول ‪َ :‬‬ ‫ُ‬ ‫ه وَهُوَ ي َ ُ‬ ‫صوْت َ ُ‬ ‫معَْنا َ‬ ‫س ِ‬ ‫سا ف َ‬ ‫َ‬ ‫جال ِ ً‬ ‫ه فوْقَ ب َي ْت ِهِ َ‬ ‫َ‬ ‫جد ْت ُ ُ‬ ‫فَوَ َ‬
‫صّلى الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ل الل ّهِ َ‬ ‫سو َ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫ل إِ ّ‬ ‫قا َ‬ ‫ه ‪ ،‬فَ َ‬ ‫سول ُ ُ‬ ‫ه وَب َل ّغَ َر ُ‬ ‫صد َقَ الل ّ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫قو ُ‬ ‫ك تَ ُ‬ ‫معَْنا َ‬ ‫س ِ‬ ‫قل َْنا َ‬ ‫فَ ُ‬
‫َ‬ ‫ة ال ْ َ‬ ‫ن ل َي ْل َ َ‬
‫ن‬
‫ضا َ‬ ‫م َ‬ ‫ن َر َ‬ ‫م ْ‬ ‫خرِ ِ‬ ‫سب ِْع الَوا ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫ص ِ‬ ‫قد ْرِ ِفي الن ّ ْ‬ ‫ل ‪ :‬إِ ّ‬ ‫م َقا َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫عَل َي ْهِ وَ َ‬
‫ما َقا َ‬
‫ل‬ ‫جد ْت َُها ك َ َ‬ ‫ت إ ِل َي َْها فَوَ َ‬ ‫شَعاع ٌ ‪ ،‬فَن َظ َْر ُ‬ ‫س ل ََها ُ‬ ‫ة ل َي ْ َ‬ ‫صافِي َ ً‬ ‫دات َئ ِذ ٍ َ‬ ‫س غَ َ‬ ‫م ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫ت َط ْل ُعُ ال ّ‬
‫م ((]‪[38‬‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ل الل ّهِ َ‬ ‫سو ُ‬ ‫َر ُ‬

‫)‪(6 /‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ت ‪ :‬إِ ّ‬ ‫قل ْ ُ‬ ‫ه فَ ُ‬ ‫ه عَن ْ ُ‬ ‫ي الل ّ ُ‬ ‫ض َ‬ ‫ب َر ِ‬ ‫ن ك َعْ ٍ‬ ‫ي بْ َ‬ ‫ت أب َ ّ‬ ‫سأل ْ ُ‬ ‫ش قال ‪َ :‬‬ ‫حب َي ْ ٍ‬ ‫ن ُ‬ ‫ـ )) عن زر ب ْ َ‬
‫ه‪:‬‬ ‫ّ‬
‫ه الل ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ل َر ِ‬ ‫قا َ‬ ‫قد ْرِ ؟ فَ َ‬ ‫ة ال َ‬‫ْ‬ ‫ب لي ْل َ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ص ْ‬ ‫ل يُ ِ‬ ‫حو ْ َ‬ ‫م ال َ‬ ‫ْ‬ ‫ق ْ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ل َ‬ ‫قو ُ‬ ‫سُعودٍ ي َ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ك اب ْ َ‬ ‫خا َ‬ ‫أَ َ‬
‫ن وَأن َّها ِفي ال ْعَ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ر‬
‫ش ِ‬ ‫ضا َ‬ ‫م َ‬ ‫م أن َّها ِفي َر َ‬ ‫ه قَد ْ عَل ِ َ‬ ‫ما إ ِن ّ ُ‬ ‫س‪،‬أ َ‬ ‫ل الّنا ُ‬ ‫ن ل ي َت ّك ِ َ‬ ‫أَراد َ أ ْ‬
‫سب ٍْع‬ ‫ة َ‬ ‫ست َث ِْني أ َن َّها ل َي ْل َ ُ‬ ‫ف ل يَ ْ‬ ‫حل َ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ‪ ،‬ثُ ّ‬ ‫ري َ‬ ‫ِ‬ ‫ع ْ‬
‫ش‬ ‫سب ٍْع وَ ِ‬ ‫ة َ‬ ‫خرِ ‪ ،‬وَأ َن َّها ل َي ْل َ ُ‬ ‫ال ََوا ِ‬
‫ل ‪ :‬بال ْعلمة أوَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫من ْذِرِ ؟ َقا َ ِ َ َ ِ ْ‬ ‫ك َيا أَبا ال ْ ُ‬ ‫ل ذ َل ِ َ‬ ‫قو ُ‬ ‫يٍء ت َ ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫ت ‪ :‬ب ِأيّ َ‬ ‫قل ْ ُ‬ ‫ن ‪ ،‬فَ ُ‬ ‫ري َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫وَ ِ‬
‫شَعاعَ‬ ‫مئ ِذ ٍ ل ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫سو ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫م أن َّها ت َطلعُ ي َوْ َ‬ ‫سل َ‬ ‫ه عَلي ْهِ وَ َ‬ ‫صلى الل ُ‬ ‫ل اللهِ َ‬ ‫خب ََرَنا َر ُ‬ ‫ِبالي َةِ الِتي أ ْ‬
‫ةَ‬ ‫ّ‬
‫ة ت ِلك اللي ْل ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ح َ‬ ‫صِبي َ‬ ‫س َ‬ ‫م ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫ح ال ّ‬ ‫صب ِ ُ‬ ‫ل ََها (( هذا لفظ مسلم ‪ ..‬وعند أبي داود )) ت ُ ْ‬
‫ش‬
‫حب َي ْ ٍ‬ ‫ن ُ‬ ‫ن زِّر ب ْ ِ‬ ‫فعَ (( ‪ ..‬وعند أحمد )) عَ ْ‬ ‫حّتى ت َْرت َ ِ‬ ‫شَعاع ٌ َ‬ ‫س ل ََها ُ‬ ‫ت ل َي ْ َ‬ ‫س ِ‬ ‫ل الط ّ ْ‬ ‫مث ْ َ‬ ‫ِ‬
‫م ل َي ْل ََ‬
‫ة‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫لى‬ ‫ّ‬ ‫ص‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ل‬ ‫سو‬ ‫ر‬ ‫ب‬ ‫حا‬ ‫ص‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ذا‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ع‬
‫ُ َ ْ ِ َ َ َ‬ ‫ِ َ‬ ‫ْ َ ُ َ ُ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ ّ ْ ِ ْ ٍ‬
‫خب ََرَنا‬ ‫ة ال ِّتي أ َ ْ‬ ‫ي الل ّي ْل َُ‬ ‫ُ ّ ْ ٍ ِ َ ِ َ‬‫ه‬ ‫ي‬ ‫ه‬ ‫ة‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ي‬ ‫ل أ ُبي أ َنا وال ّذي َل إل َه غَيره أ َعْل َم أ َ‬
‫ِ َ ُْ ُ‬ ‫قا َ َ ّ َ َ ِ‬ ‫قد ْرِ فَ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ن‬
‫ضا َ‬ ‫م َ‬ ‫ن َر َ‬ ‫م ْ‬ ‫ضي ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫ري َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫سب ٍْع وَ ِ‬ ‫ة َ‬ ‫م ل َي ْل َ َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ل الل ّهِ َ‬ ‫سو ُ‬ ‫ب َِها َر ُ‬
‫س ل ََها ُ‬ ‫َ‬
‫شَعاع ٌ فََزعَ َ‬
‫م‬ ‫ك الل ّي ْل َةِ ت ََرقَْرقُ ل َي ْ َ‬ ‫ن ت ِل ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ح ال ْغَد َ ِ‬ ‫صب ِ ُ‬ ‫س تُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ش ْ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫كأ ّ‬ ‫ة ذ َل ِ َ‬ ‫َوآي َ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫خ ُ‬
‫ل‬ ‫ل ي َوْم ٍ ي َد ْ ُ‬ ‫ن أوّ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫سِني َ‬ ‫ث ِ‬ ‫ها ث َل َ‬ ‫صد َ َ‬ ‫ه َر َ‬ ‫خب ََره ُ أن ّ ُ‬ ‫ن زِّرا أ ْ‬ ‫لأ ّ‬ ‫ن ك ُهَي ْ ٍ‬ ‫ة بْ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫سل َ َ‬ ‫َ‬
‫شَعاع ٌ ((‬ ‫س ل ََها ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫ر‬‫ِ َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ق‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ري‬ ‫ش‬ ‫ْ‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫و‬
‫َ ٍ َ‬ ‫ع‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ة‬
‫َ‬ ‫ح‬‫َ‬ ‫بي‬‫َ ِ‬ ‫ص‬ ‫ُ‬ ‫ع‬ ‫ُ‬ ‫ل‬‫ْ‬ ‫ط‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ها‬ ‫َ‬ ‫رآ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫خ‬ ‫ِ‬ ‫آ‬ ‫لى‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ن‬
‫ُ‬ ‫ضا‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫َر َ‬
‫]‪[39‬‬
‫ةَ‬
‫ل ‪ :‬لي ْل ُ‬ ‫َ‬ ‫م َقا َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫سو َ‬ ‫َ‬
‫سل َ‬ ‫ه عَلي ْهِ وَ َ‬ ‫صلى الل ُ‬ ‫ل اللهِ َ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫تأ ّ‬ ‫م ِ‬ ‫صا ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ن عَُباد َة َ ب ْ ِ‬ ‫ـ )) عَ ْ‬
‫َ‬
‫ه ت ََباَرك وَت ََعالى‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ن الل َ‬ ‫ن فَإ ِ ّ‬ ‫سب َت ِهِ ّ‬ ‫ح ْ‬ ‫ن اب ْت َِغاَء ِ‬ ‫مهُ ّ‬ ‫ن َقا َ‬ ‫م ْ‬ ‫واِقي َ‬ ‫ْ‬
‫شرِ الب َ َ‬ ‫قد ْرِ ِفي العَ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫خامسة أوَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سب ٍْع أوْ َ ِ َ ٍ ْ‬ ‫سٍع أوْ َ‬ ‫ة وِت ْرٍ ت ِ ْ‬ ‫ي ل َي ْل َ ُ‬ ‫خَر ‪ ،‬وَهِ َ‬ ‫ما ت َأ ّ‬ ‫ن ذ َن ْب ِهِ وَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫قد ّ َ‬ ‫ما ت َ َ‬ ‫ه َ‬ ‫فُر ل َ ُ‬ ‫ي َغْ ِ‬
‫ةَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫سو ُ‬ ‫خرِ لي ْلةٍ ‪ ،‬وََقا َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َثال ِث َةٍ أوْ آ ِ‬ ‫َ‬
‫ماَرة َ لي ْل ِ‬ ‫نأ َ‬ ‫م ‪ :‬إِ ّ‬ ‫سل َ‬ ‫ه عَلي ْهِ وَ َ‬ ‫صلى الل ُ‬ ‫ل اللهِ َ‬ ‫ل َر ُ‬
‫ة ‪ ،‬ل ب َْرد َ ِفيَها َول‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫جي َ ٌ‬ ‫سا ِ‬ ‫ة َ‬ ‫ساك ِن َ ٌ‬ ‫ساط ًِعا َ‬ ‫مًرا َ‬ ‫ن ِفيَها ق َ‬ ‫ة كأ ّ‬ ‫ج ٌ‬ ‫ة ب َل َ‬ ‫صافِي َ ٌ‬ ‫قد ْرِ أن َّها َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫س‬
‫م َ‬ ‫ش ْ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ماَرت ََها أ ّ‬ ‫نأ َ‬ ‫ح ‪ ،‬وَإ ِ ّ‬ ‫صب ِ َ‬ ‫حّتى ت ُ ْ‬ ‫مى ب ِهِ ِفيَها َ‬ ‫ن ي ُْر َ‬ ‫بأ ْ‬ ‫ل ل ِك َوْك َ ٍ‬ ‫ح ّ‬ ‫حّر ‪َ ،‬ول ي َ ِ‬ ‫َ‬

‫‪24‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ح ّ‬
‫ل‬ ‫ة ال ْب َد ْرِ ‪َ ،‬ول ي َ ِ‬ ‫مرِ ل َي ْل َ َ‬ ‫ق َ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫مث ْ َ‬ ‫شَعاع ٌ ِ‬ ‫س ل ََها ُ‬ ‫ة ل َي ْ َ‬ ‫ست َوِي َ ً‬ ‫م ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫خُر ُ‬ ‫حت ََها ت َ ْ‬ ‫صِبي َ‬ ‫َ‬
‫مئ ِذ ٍ ((]‪. [40‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِلل ّ‬
‫معََها ي َوْ َ‬ ‫ج َ‬ ‫خُر َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫شي ْطا ِ‬
‫ـ )) عن ابن عباس قال صلى الله عليه وسلم ‪ :‬ليلة القدر ليلة سمحة طلقة‬
‫ل حارة و ل باردة تصبح الشمس صبيحتها ضعيفة حمراء ((]‪. [41‬‬
‫ـ )) عن واثلة قال صلى الله عليه وسلم ‪ :‬ليلة القدر ليلة بلجة ل حارة و ل‬
‫باردة ول يرمى فيها بنجم ومن علمة يومها تطلع الشمس ل شعاع لها ((]‬
‫‪. [42‬‬
‫ليلة القدر هل هي باقية أم رفعت ؟‬
‫هّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫صلى الل ُ‬ ‫ل اللهِ َ‬ ‫سو َ‬ ‫ت َر ُ‬ ‫سأل َ‬ ‫ت َ‬ ‫ت ك ُن ْ َ‬ ‫ت أَبا ذ َّر قُل ُ‬ ‫سأل ْ ُ‬ ‫ل‪َ :‬‬ ‫مْرَثد َقا َ‬ ‫ـ )) عن أبي َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت ‪َ :‬يا‬ ‫ل قُل ُ‬ ‫س عَن َْها ‪َ ،‬قا َ‬ ‫ل الّنا َ ِ‬ ‫سأ َ‬ ‫تأ ْ‬ ‫ُ‬
‫ل ‪ :‬أَنا كن ْ ُ‬ ‫قد ْرِ ؟ َقا َ‬ ‫ن لي ْلةِ ال َ‬ ‫م عَ ْ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫عَل َي ْهِ وَ َ‬
‫ل ‪ :‬بَ ْ‬
‫ل‬ ‫ي أوْ ِفي غَي ْرِهِ ؟ َقا َ‬ ‫َ‬ ‫ن ل َي ْل َةِ ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ل الل ّهِ أ ْ‬ ‫سو َ‬
‫ن هِ َ‬ ‫ضا َ‬ ‫م َ‬ ‫قد ْرِ أِفي َر َ‬ ‫خب ِْرِني عَ ْ‬ ‫َر ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫م‬ ‫تأ ْ‬ ‫ضوا ُرفِعَ ْ‬ ‫ما كاُنوا فَإ َِذا قُب ِ ُ‬ ‫معَ الن ْب َِياِء َ‬ ‫ن َ‬ ‫ت ‪ :‬ت َكو ُ‬ ‫ل قُل ُ‬ ‫ن ‪َ ،‬قا َ‬ ‫ضا َ‬ ‫م َ‬ ‫ي ِفي َر َ‬ ‫هِ َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ي‬
‫ت ‪ِ :‬في أ ّ‬ ‫ل قُل ُ‬ ‫مةِ ‪َ ،‬قا َ‬ ‫قَيا َ‬ ‫ي إ ِلى ي َوْم ِ ال ِ‬ ‫ل هِ َ‬ ‫ل ‪ :‬بَ ْ‬ ‫مةِ ؟ َقا َ‬ ‫قَيا َ‬ ‫ي إ ِلى ي َوْم ِ ال ِ‬ ‫هِ َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ث‬ ‫حد ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫خرِ ‪ ،‬ث ُ ّ‬ ‫شرِ الَوا ِ‬ ‫ل أوْ العَ ْ‬ ‫شرِ الوَ ِ‬ ‫ها ِفي العَ ْ‬ ‫سو َ‬ ‫م ُ‬ ‫ل ‪ :‬الت َ ِ‬ ‫ي ؟ قا َ‬ ‫ن هِ َ‬ ‫ضا َ‬ ‫م َ‬ ‫َر َ‬
‫ي‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ت ِفي أ ّ‬ ‫ه قل ُ‬ ‫فلت ُ ُ‬ ‫ت وَغ َ‬
‫َ‬
‫م اهْت َب َل ُ‬ ‫ثث ّ‬ ‫حد ّ َ‬ ‫م وَ َ‬ ‫سل َ‬ ‫ه عَلي ْهِ وَ َ‬ ‫صلى الل ُ‬ ‫سول اللهِ َ‬ ‫َر ُ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ها ‪،‬‬ ‫يٍء ب َعْد َ َ‬ ‫نش ْ‬ ‫َ‬ ‫سألِني عَ ْ‬ ‫خرِ ل ت َ ْ‬ ‫ها ِفي العَشرِ الَوا ِ‬ ‫ْ‬ ‫ي ؟ قال ‪ :‬اب ْت َُغو َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن هِ َ‬ ‫ري َ‬ ‫ال ْعِش ِ‬ ‫ْ‬
‫ت‪:‬‬ ‫قل ْ ُ‬ ‫ه فَ ُ‬ ‫فل ْت ُ ُ‬ ‫ت وَغَ َ‬ ‫م اهْت َب َل ْ ُ‬ ‫ث ثُ ّ‬ ‫حد ّ َ‬ ‫م وَ َ‬ ‫سل ّ َ‬ ‫ه عَل َي ْهِ وَ َ‬ ‫صّلى الل ّ ُ‬ ‫ل الل ّهِ َ‬ ‫سو ُ‬ ‫ث َر ُ‬ ‫حد ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫ثُ ّ‬
‫َ‬
‫خب َْرت َِني ِفي أيّ ال ْعَ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ي؟‬ ‫شرِ هِ َ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫ك لَ َ‬ ‫قي عَل َي ْ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ك بِ َ‬ ‫ت عَل َي ْ َ‬ ‫م ُ‬ ‫س ْ‬ ‫ل الل ّهِ أقْ َ‬ ‫سو َ‬ ‫َيا َر ُ‬
‫َ‬
‫ها‬ ‫حو َ َ‬ ‫ة نَ ْ‬ ‫م ً‬ ‫ه ك َل ِ َ‬ ‫حب ْت ُ ُ‬ ‫صا َ‬ ‫ه أوْ َ‬ ‫حب ْت ُ ُ‬ ‫ص ِ‬ ‫من ْذ ُ َ‬ ‫ه ُ‬ ‫مث ْل َ ُ‬ ‫ب ِ‬ ‫ض ْ‬ ‫م ي َغْ َ‬ ‫ضًبا ل َ ْ‬ ‫ي غَ َ‬ ‫ب عَل َ ّ‬ ‫ض َ‬ ‫ل ‪ :‬فَغَ ِ‬ ‫َقا َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ها ((]‪[43‬‬ ‫يٍء ب َعْد َ َ‬ ‫ش ْ‬ ‫ن َ‬ ‫سأل ِْني عَ ْ‬ ‫خرِ ل ت َ ْ‬ ‫سب ِْع الَوا ِ‬ ‫ها ِفي ال ّ‬ ‫سو َ‬ ‫م ُ‬ ‫ل ال ْت َ ِ‬ ‫َقا َ‬

‫)‪(7 /‬‬

‫ن ل َي َْلة ال ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬


‫ت‪,‬‬‫در ُرفِعَ ْ‬
‫ق ْ‬ ‫حَنس قُْلت لِبي هَُري َْرة ‪َ :‬زعَ ُ‬
‫موا أ ّ‬ ‫ن عَْبد الّله ْبن ي َ ْ‬ ‫ـ )) عَ ْ‬
‫ل ذ َل ِ َ‬
‫ك ((]‪[44‬‬ ‫ن َقا َ‬
‫م ْ‬
‫ب َ‬ ‫َ‬
‫ل ‪ :‬كذ َ َ‬ ‫َقا َ‬
‫هذا والله تبارك وتعالى أعلى وأعلم ‪ ،‬وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين‬
‫وصلي اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ‪.‬‬
‫‪--------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫]‪ [1‬الدخان )‪. (4‬‬
‫]‪ [2‬الدخان )‪. (3‬‬
‫]‪ [3‬سورة القدر ‪.‬‬
‫]‪ [4‬رواه البخاري في كتاب اليمان باب قيام ليلة القدر من اليمان )‪، (35‬‬
‫ومسلم في صلة المسافرين )‪ ، (1268‬والترمذي في الصوم )‪، (619‬‬
‫والنسائي في الصيام )‪ ، (2169‬وأبو داود في الصلة )‪ ، (1165‬وأحمد )‬
‫‪ ، (6873‬والدارمي في الصوم )‪. (1711‬‬
‫]‪ [5‬رواه أحمد )‪ ، (10316‬وحسنه اللباني في صحيح الجامع )‪. (5472‬‬
‫]‪ [6‬رواه النسائي في الصيام عن أبي هريرة )‪ ، (2079‬وأحمد )‪، (6851‬‬
‫وصححه اللباني في صحيح الجامع )‪. (55‬‬
‫]‪ [7‬رواه ابن ماجه في الصيام باب ما جاء في فضل رمضان )‪(1634‬‬
‫وحسنه اللباني في صحيح الجامع )‪. (2247‬‬
‫]‪ [8‬الموطأ )‪. (1/207‬‬
‫]‪ [9‬رواه البخاري في صلة التراويح )‪ ، (2018‬ومسلم في الصيام باب فضل‬
‫ليلة القدر )‪ (1994‬واللفظ له ‪ ،‬والنسائي في السهو )‪ ، (1339‬وأبو داود في‬
‫الصلة )‪ ، (1174‬وأحمد )‪ ، (10757‬ومالك في العتكاف )‪. (611‬‬

‫‪25‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫]‪ [10‬رواه مسلم في الصيام باب فضل ليلة القدر )‪ ، (1997‬وأحمد )‬


‫‪. (15467‬‬
‫]‪ [11‬رواه أحمد )‪ (15466‬وقال الزين في المسند )‪ : (12/429‬إسناده‬
‫صحيح ‪.‬‬
‫]‪ [12‬رواه الطبراني وصححه اللباني في صحيح الجامع )‪. (2923‬‬
‫]‪ [13‬رواه أحمد )‪ ، (16370‬ورواه الطبراني وحسنه اللباني في صحيح‬
‫الجامع )‪. (1497‬‬
‫]‪ [14‬رواه أحمد )‪ (21032‬وصححه اللباني في صحيح الجامع )‪. (5471‬‬
‫]‪ [15‬رواه الطبراني وصححه اللباني في صحيح الجامع )‪. (1240‬‬
‫]‪ [16‬رواه أبو داود في الصلة باب من قال سبع وعشرون )‪، (1178‬‬
‫وصححه اللباني في صحيح الجامع )‪. (5474‬‬
‫]‪ [17‬رواه البخاري في اليمان باب خوف المؤمن أن يحبط عمله )‪، (49‬‬
‫ومالك في العتكاف )‪ ، (615‬والدارمي في الصوم )‪. (1715‬‬
‫]‪ [18‬رواه أحمد )‪ ، (20585‬وقال الزين في المسند )‪ : (16/24‬إسناده‬
‫صحيح ‪.‬‬
‫]‪ [19‬رواه مسلم )‪ ، (1999‬والترمذي في تفسير القرآن )‪ ، (3274‬وأبو‬
‫داود في الصلة )‪ ، (1170‬وأحمد )‪. (20247‬‬
‫]‪ [20‬رواه مسلم في الصيام باب فضل ليلة القدر )‪ ، (1987‬وأحمد )‪(4442‬‬
‫‪.‬‬
‫]‪ [21‬رواه أحمد )‪ (281‬وقال أحمد شاكر في المسند )‪ : (1/292‬إسناده‬
‫صحيح ‪.‬‬
‫]‪ [22‬رواه محمد بن نصر في الصلة وصححه اللباني في صحيح الجامع )‬
‫‪. (1238‬‬
‫]‪ [23‬رواه مسلم في الصيام باب فضل ليلة القدر )‪ ، (1996‬وأحمد )‬
‫‪. (10654‬‬
‫]‪ [24‬رواه البخاري في صلة التراويح باب تحري ليلة القدر )‪ ، (2022‬وأبو‬
‫داود في الصلة )‪ ، (1173‬وأحمد )‪. (1948‬‬
‫]‪ [25‬رواه أحمد )‪ (2765‬وقال الزين في المسند )‪ : (17/163‬إسناده‬
‫صحيح ‪ ،‬ورواه الطبراني في الكبير )‪ ، (1/360‬وحسنه الهيثمي )‪. (3/176‬‬
‫]‪ [26‬رواه أحمد )‪ ، (20450‬وقال الزين في المسند )‪ : (15/520‬إسناده‬
‫صحيح ‪ ،‬وانظر التالي ‪.‬‬
‫]‪ [27‬رواه النسائي في السهو باب ثواب من صلى مع المام حتى ينصرف )‬
‫‪ ، (1347‬والترمذي في الصوم )‪ ، (734‬وأبو داود في الصلة )‪ ، (1167‬وابن‬
‫ماجه في إقامة الصلة )‪ ، (1317‬والدارمي في الصوم )‪ ، (1713‬وصححه‬
‫اللباني في صحيح النسائي )‪. (1/439‬‬
‫]‪ [28‬رواه البخاري في صلة التراويح باب تحري ليلة القدر )‪، (2017‬‬
‫ومسلم في الصيام )‪ ، (1998‬والترمذي في الصوم )‪ ، (722‬وأحمد )‬
‫‪. (23100‬‬
‫]‪ [29‬رواه مسلم في الصيام باب فضل ليلة القدر )‪ ، (1992‬وأحمد )‪(7546‬‬
‫‪ ،‬والدارمي في الصوم )‪. (1716‬‬
‫]‪ [30‬رواه البخاري في صلة التراويح باب تحري ليلة القدر )‪ ، (2021‬وأبو‬
‫داود في الصلة )‪ ، (1173‬وأحمد )‪، (1948‬‬
‫]‪ [31‬رواه البخاري في المغازي باب بعث النبي ‪ r‬أسامة )‪. (4470‬‬
‫]‪ [32‬رواه البخاري في صلة التراويح باب التماس ليلة القدر )‪، (2015‬‬

‫‪26‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ومسلم في الصيام )‪ ، (1985‬وأحمد )‪. (4270‬‬


‫]‪ [33‬رواه مسلم في الصيام باب فضل ليلة القدر )‪ ، (1989‬وانظر‬
‫السابق ‪.‬‬
‫]‪ [34‬رواه مسلم في الصيام باب فضل ليلة القدر )‪. (2001‬‬
‫]‪ [35‬مجموع الفتاوى )‪. (25/285‬‬
‫]‪ [36‬رواه البخاري في كتاب الجمعة باب فضل من تعار من الليل فصلى )‬
‫‪. (1158‬‬
‫]‪ [37‬رواه الترمذي في الدعوات وقال حسن صحيح ‪ ،‬وابن ماجه في الدعاء‬
‫)‪ ، (2840‬وصححه اللباني في صحيح الترمذي )‪. (3/170‬‬
‫]‪ [38‬رواه أحمد )‪ ، (3664‬وقال أحمد شاكر في المسند )‪ : (4/232‬إسناده‬
‫صحيح ‪.‬‬
‫]‪ [39‬رواه مسلم )‪ ، (1999‬والترمذي في تفسير القرآن )‪ ، (3274‬وأبو‬
‫داود في الصلة )‪ ، (1170‬وأحمد )‪. (20247‬‬
‫]‪ [40‬رواه أحمد في المسند )‪ (21702‬وقال الزين في المسند )‪: (16/415‬‬
‫إسناده صحيح ‪.‬‬
‫]‪ [41‬رواه الطيالسي وابن نصر وابن خزيمة وأبو نعيم وغيرهم ‪ ،‬وصححه‬
‫اللباني في صحيح الجامع )‪. (5475‬‬
‫]‪ [42‬رواه الطبراني وحسنه اللباني في صحيح الجامع )‪. ( 5472‬‬

‫)‪(8 /‬‬

‫]‪ [43‬رواه أحمد )‪ ، (20523‬وقال الزين في المسند )‪ : (15/547‬إسناده‬


‫صحيح ‪.‬‬
‫]‪ [44‬رواه عبدالرزاق في مصنفه ‪.‬‬

‫)‪(9 /‬‬

‫خلصة دروس في التكفير‬


‫الشيخ صالح بن محمد السمري‬
‫ن شروِر‬ ‫مده‪ ،‬ونستعْينه‪ ،‬ونستغفُره‪ ،‬ونستهديه‪ ،‬ونعوذ ُ باللهِ ِ‬
‫م ْ‬ ‫ح َ‬
‫الحمد ُ لله ن َ ْ‬
‫ل فل هادي له‪،‬‬ ‫ل له‪ ،‬ومن يضل ْ‬ ‫ه فل مض َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن يهده الل ُ‬ ‫م ْ‬
‫ت أعمالنا؛ ِ‬‫أنفسنا‪ ،‬وسيئا ِ‬
‫ن محمدا ً عبده ورسوله ‪-‬‬ ‫َ‬
‫وأشهد ُ أل إله إل الله وحده ل شريك له‪ ،‬وأشهد ُ أ ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ -‬تسليما ً كثيرا ً إ َِلى يوم الدين‪.‬‬
‫أما بعد‪.‬‬
‫فإن مسائل التكفير من المسائل العظيمة التي زلت فيها أقدام‪ ،‬وضلت فيها‬
‫أفهام‪ ،‬وطاشت فيها أقلم‪ ،‬فأصبح كثير ممن ينتسب إلى أهل العلم وهم‬
‫منهم براء ل يتورعون عن تكفير المخالف؛ لدنى شبهه سواء كانت على‬
‫المستوى الفردي‪ ،‬أم الجماعي‪!!..‬‬
‫ولذلك أحببت أن أجمع في هذه الورقات خلصة دروس ألقيت حول )التكفير(‬
‫تذكرة للمنتهي‪ ،‬وتبصرة للمبتدي‪.‬‬
‫وأصل هذه الدروس لشيخنا المفضال صاحب الفضال ‪ /‬صالح بن محمد‬
‫السمري التي ألقاها في جامع الملك عبد العزيز )بمكة المكرمة( تحت‬
‫عنوان يوسم بدروس في التكفير ‪ .‬ومن أراد أن يتوسع في ذلك فليراجع‬
‫جلت هذه الدروس أيضا ً من قبل إذاعة القرآن الكريم نفع‬ ‫س ّ‬
‫)الشرطة(‪ ،‬وقد ُ‬

‫‪27‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الله بها‪.‬‬
‫** السس المنهجية حول بحثه للمسائل‪:‬‬
‫وقد سار شيخنا في هذه الدروس المباركة على أسس‪ ،‬وقوانين عظيمة لم‬
‫ما قرره أهل العلم‪.‬‬ ‫يخرج فيها ع ّ‬
‫وهذه السس مبنية على دعامتين‪:‬‬
‫َ‬ ‫مة ال َّولى‪ :‬ت َ ْ‬
‫سّنة‬
‫هل ال ُ‬ ‫من َْهج أ ْ‬‫قاد عََلى وَْفق َ‬ ‫ساِئل العْت ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫رير َ‬ ‫ق ِ‬ ‫عا َ‬ ‫* الدِ َ‬
‫عة‪.‬‬ ‫ما َ‬ ‫ج َ‬ ‫وال َ‬
‫َ‬
‫عّية عَلى قانونها‬ ‫شْر ِ‬ ‫ساِئل العلمية‪ ،‬والفقهية ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫رير ال َ‬ ‫ق ِ‬ ‫مة الثانية‪ :‬ت َ ْ‬ ‫عا َ‬ ‫* الدِ َ‬
‫َ‬
‫المتبع‪ ،‬فل بدع‪ ،‬وذ َِلك راجع إ ِلى شيئين‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫خلف‬ ‫ن حيث ال ِ‬ ‫م ْ‬ ‫هل الفقه والنظر ِ‬ ‫ما‪ :‬ذكر الدليل المعتبر‪ ،‬والدلة عند أ ْ‬ ‫أوّل ُهُ َ‬
‫والوفاق تأتي عََلى جهتين‪:‬‬
‫ال َّولى‪ :‬فجهة اتفق عََلى اعتبار أدلتها‪ ،‬وتصحيح دلئلها وجماعها أربع أدلة‪:‬‬
‫أ َوّل َُها‪ :‬كتاب الله‪.‬‬
‫ي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪.-‬‬ ‫َثان ِي َْها‪ :‬سنة الن ّب ِ ّ‬
‫َثال ِث َُها‪ :‬الجماع‪.‬‬
‫رابعها‪ :‬القياس‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬فجهة مختلف فيها‪ ،‬وفيها أدلة كثيرة أشار ابن الصلح ‪ -‬يرحمه الله ‪-‬‬
‫إ َِلى أ َّنها تأتي إ َِلى نحو ثلثين دلي ً‬
‫ل‪،‬‬
‫شت ُِهر‬ ‫ن قبلنا؛ إ َِلى أدلة ا ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ومن ذ َِلك قول الصحابي وفعله‪ ،‬ومن ذ َِلك شرع ِ‬
‫ذكرها في كتب الصول عند الئمة الفحول؛ كالموَْفق ابن قدامة ‪ -‬يرحمه الله‬
‫‪ -‬في كتابه‪] :‬روضة الناظر وجنة المناظر[‪.‬‬
‫ب‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‪ ،‬أو مذه ٍ‬ ‫ن تكون الصيرورة عند العمل والفتاء إ ِلى قو ٍ‬ ‫وثانيهما‪ :‬فهو أ ّ‬
‫مرتكزٍ عََلى ركيزتين‪:‬‬
‫الركيزة ال َّولى‪ :‬فهو أن يكون محفوظًا‪ ،‬وضد المحفوظ الشاذ‪.‬‬
‫الركيزة الثانية‪ :‬فهو أن يكون معمول ً به‪ ،‬وضد المعمول المهجور‬
‫فائدة‪:‬‬
‫ن تحرير العبارة‪،‬‬ ‫َ‬
‫م ْ‬
‫ساِئل عند بحثها‪ ،‬والحكام عند إثباتها؛ ل بد فيها ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن ال َ‬ ‫أ ّ‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫ن قيوده‪ ،‬والبيان خاليا ً ِ‬ ‫م ْ‬ ‫وذكر الحكم مقيدا ً بقيوده‪ ،‬فل يؤخذ الحكم عاريا ً ِ‬
‫ن الذي يأخذ الحكم بل قيوده؛ كمثل الذي يأخذ الدين‬ ‫كر‪ ،‬فإ ّ‬ ‫تبعاته التي ت ُذ ْ َ‬
‫ن الفقهاء في ذ َِلك‪ ،‬ومنهم ابن الهمام ‪-‬‬ ‫م ْ‬ ‫دون تفاصيله‪ ،‬كذا قال جماعة ِ‬
‫يرحمه الله ‪-‬‬
‫** مباحث الدروس‪:‬‬
‫فْير بحثًا‪ ،‬وذكرا ً عََلى محاور‬ ‫َ‬
‫سأَلة الت َك ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫حدِْيث في َ‬ ‫قال شيخنا )‪ ...‬وسيرتكز ال َ‬
‫ثلث‪:‬‬
‫فْير وحكمه‪.‬‬ ‫المحور الّول‪ :‬في بيان حقيقة الت َك ْ ِ‬ ‫َ‬
‫فْير وقيوده‪.‬‬ ‫ْ‬
‫المحور الثاني‪ :‬في بيان ضوابط الت َك ِ‬
‫ً‬
‫شب َُهات؛ تفنيدا لها‪ ،‬وبيانا لعوارها‪( .‬‬ ‫ً‬ ‫المحور الثالث‪ :‬في ذكر ال ُ‬
‫فائدة‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن الحكم ل بد أن يعقب بقيوده‬ ‫ن الحكم مبني عَلى صحة التصور‪ ،‬وأ ّ‬ ‫ذ َِلك أ ّ‬
‫شب َُهات التي ربما‬ ‫ن إزالة ال ُ‬ ‫م ْ‬ ‫وضوابطه‪ ،‬فإذا درس المرء الحق بقيوده‪ ،‬فلبد ِ‬
‫ذا معروف عند الئمة؛ ول ِذ َِلك قالوا‪ :‬بحث‬ ‫ل‪ ،‬وهَ َ‬ ‫خطفت ذهنا ً وأردت عق ً‬
‫جها ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ذ َِلك أوْ ُ‬ ‫م ْ‬‫جه‪ ،‬وذكروا ِ‬ ‫ن جميع الوْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫قادية ل بد أن يكتمل ِ‬ ‫ساِئل العْت ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫ال َ‬
‫ة‪:‬‬ ‫ة مشهور ً‬ ‫أربع ً‬
‫سأ ََلة عََلى وجهها‪.‬‬ ‫َ ْ‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫تصور‬ ‫ها‪:‬‬ ‫َ‬
‫* أوّل ُ َ‬

‫‪28‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫مع الحكم وما يتبعه‪.‬‬ ‫* َثان ِي َْها‪ :‬معرفة قيودها َ‬


‫َ‬ ‫َ‬
‫ن فروع وما إليه‪.‬‬ ‫م ْ‬
‫سألة ِ‬ ‫م ْ‬‫* َثال ِث َُها‪ :‬معرفة ما يتعلق بلواحق ال َ‬
‫مع تفنيدها‪.‬‬ ‫شب َُهات َ‬ ‫* رابعها‪ :‬معرفة ال ُ‬
‫سأَلة اعتقادية تلك الوجه الربعة عََلى حقيقتها‬ ‫َ‬
‫م ْ‬‫فإذا اجتمع للمرء في َ‬
‫المعتبرة‪ ،‬فإن المنفعة تحصل‪ ،‬والتأسيس يتحصل‪ ،‬وبه ينبت المرء ويكتمل‪،‬‬
‫والله المستعان وعليه التكلن‪( .‬‬
‫فْير وحكمه‪.‬‬ ‫المحور ال َّول‪ :‬في بيان حقيقة الت َك ْ ِ‬
‫يتعلق الحديث عن المحور ال َول من محاور م َ‬
‫فْير بثلث أساسات‪:‬‬ ‫سأَلة الت َك ْ ِ‬
‫َ ْ‬ ‫ِ ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ِْ‬
‫َ‬
‫فْير‪.‬‬‫أوّل َُها‪ :‬خطورة الت َك ْ ِ‬
‫فْير‪.‬‬ ‫َثان ِي َْها‪ :‬حقيقة الت َك ْ ِ‬
‫فْير‪.‬‬ ‫َثال ِث َُها‪ :‬حكم الت َك ْ ِ‬
‫أما ال َّول‪:‬‬
‫فْير‪ ،‬فإن للتكفير خطرا ً وللنعت الخرين أو الفعال والصفات‬ ‫وهو خطورة الت َك ْ ِ‬
‫ل أثرًا‪ ،‬جماع ذ َِلك ثلثة أشياء‪:‬‬ ‫في ك ٍ‬
‫)‪(1 /‬‬

‫ن الشارع في التكفير‪ ،‬ومن ذ َِلك ما‬ ‫م ْ‬‫ن وعيدٍ وتهديد ٍ ِ‬ ‫م ْ‬‫الشيء ال َّول‪ :‬ما جاء ِ‬
‫ن قال لخيه‪:‬‬ ‫َ‬
‫م ْ‬ ‫ي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬قال‪ِ ] :‬‬ ‫ن الن ّب ِ ّ‬ ‫جاء في الصحيحين أ ّ‬
‫يا كافر‪ ،‬فقد باء بها أحدهما[‪ ،‬وقد تكلم جمع من أهل العلم حول فقه الحديث‬
‫وبّينوا عظم شأن تكفير المسلم؛ ومن ألئك الحافظ ابن حجر في )الفتح(‪،‬‬
‫والشوكاني في )السيل الجرار(‪.‬‬
‫َ‬
‫فْير مسألة شرعية ل بد من إلحاقها بمسائل الشرع‪،‬‬ ‫ن الت َك ْ ِ‬ ‫الشيء الثاني‪ :‬أ ّ‬
‫فل يحكم على أحد سواًء كانوا جماعات أم أفراد بالكفر لقبًا‪ ،‬ونعتًا‪ ،‬ووصما ً إل‬
‫إذا حكم الشارع عليه بذلك‪ ،‬وقرر ذلك جماعات من أهل العلم؛ ومن أولئك‪:‬‬
‫المام الغزالي في كتابه )فيصل التفرقة بين السلم والزندقة(‪ ،‬وكذا القاضي‬
‫عياض في )الشفا(‪ ،‬وشيخ السلم في )درء تعارض العقل والنقل( وكذا في‬
‫)الرد على البكري(‬
‫م بالكفرِ عَلى أحد ثبت بذ َِلك أحكام‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫حك َ‬ ‫ن النسان إذا َ‬ ‫الشيء الثالث‪ :‬آَثاره‪ :‬فإ ّ‬
‫فْير إن شاء‬ ‫وآَثار‪ ،‬والحكم عََلى أحد بذ َِلك ‪-‬عَلى ما سيأتي في ضوابط الت َك ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫الله‪ -‬يتنوع إ َِلى نوعين‪:‬‬
‫َ‬
‫النوع ال َّول‪ :‬فهو أن يحكم عليه أّنه كافر؛ فيعلق الحكم باسم الفاعل المعين‪،‬‬
‫ذا يتبعه أحكام المرتد بأحكام الردة المعروفة المقررة عند الفقهاء؛ فتطلق‬ ‫فهَ َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫منه زوجته‪ ،‬ول يدفن في مقابر المسلمين‪ ،‬ول يصلي عليه؛ إ َِلى غير ذ َِلك ِ‬
‫الحكام المقررة عند الفقهاء في كتاب‪) :‬الردة( وما يتبعه‪.‬‬
‫ن قال كذا فهو كافر‪،‬‬ ‫النوع الثاني‪ :‬فهو أن يحكم حكما ً وصفيًا‪ ،‬فيقال‪ِ :‬‬
‫م ْ‬
‫ذه المقالة الكفرية‪ ،‬فإذا كان قد قالها‬ ‫ن الناس قد قال هَ ِ‬ ‫م ْ‬‫فيتحقق أن فلنا ً ِ‬
‫معتقدا ً لها ‪ -‬وهو الصل في إطلقات العقلء ‪ -‬اختيارا ً فإّنه يتبع ذلك أحكام‪.‬‬
‫َ‬
‫ن‬
‫ن يقول بأ ّ‬ ‫ة‪ ،‬ومن ذ َِلك ِ‬
‫م ْ‬ ‫ب بدعةٍ كفري ٍ‬ ‫صّلى وراَء صاح ِ‬ ‫فمن ذ َِلك أن ل ي ُ َ‬
‫ن المام أحمد ‪ -‬رحمه‬ ‫م ْ‬ ‫القرآن مخلوق‪ ،‬ولكنه ل يكفر لتأول عنده‪ ،‬كما وقع ِ‬
‫ن‬‫ساِئله عَ ْ‬‫م َ‬
‫مع المأمون ومن معه؛ وخرج أبو داود في‪َ ] :‬‬ ‫الله ‪ -‬ورضي عنه‪َ -‬‬
‫ن الجهمية‪’’ :‬أنا أعيد‪ ،‬ومتى ما صليت‬ ‫َ‬
‫المام أحمد ‪ -‬يرحمه الله ‪ [-‬أّنه قال عَ ْ‬
‫خلف أحد ممن يقول‪ :‬القرآن مخلوق فأعيد ل ِذ َِلك‘‘ وبنحو ذلك جاء عن المام‬
‫سّنة[‪ :‬وأما الساس الثاني‪ :‬فيتعلق‬ ‫البربهاري ‪ -‬يرحمه الله ‪ -‬في ]شرح ال ُ‬

‫‪29‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فْير‪ ،‬وللتكفير ثلث حقائق معروفة‪ :‬أ َوّل َُها‪ :‬الحقيقة اللغوية؛ حيث‬ ‫بحقيقة الت َك ْ ِ‬
‫ن حيث الصل‬ ‫م ْ‬‫أرجع ابن فارس ‪ -‬يرحمه الله ‪-‬في ]مقاييس اللغة[ الكفر ِ‬
‫إ َِلى التغطية موز‬
‫ذا المعنى متفق عليه‪ ،‬قرره ابن منظور في‪] :‬اللسان[‪ ،‬وقرره الفيروز‬ ‫وهَ َ‬
‫أبادي في‪] :‬القاموس[‪ ،‬وقرره الزبيدي الحنفي في شرحه‪] :‬عََلى القاموس[‬
‫في آخرين‪ ،‬والشأن فيه مشهور‪ ،‬وأشعار العرب وما يتعلق بذ َِلك في نثرهم‬
‫كثير في ذ َِلك‪.‬‬
‫سّنة‪ ،‬ومرد ذ َِلك في النص‬ ‫َثان ِي َْها‪ :‬فهو معنى وحقيقة الكفر في الكتاب وال ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫سّنة جرت عَلى‬ ‫ن النصوص في الكتاب وال ُ‬ ‫الشرعي إ َِلى خمسة معان‪ ،‬ذ َِلك أ ّ‬
‫ذا المجرى‪ ،‬وقد ذكر ذ َِلك جماعة؛ ومن أولئك‪ :‬ابن الجوزي ‪ -‬يرحمه الله‬ ‫هَ َ‬
‫‪-‬كما في كتابه‪] :‬نزهة العين النواظر في علم الوجوه والنظائر[‪ ،‬وذكر‬
‫ن الفقهاء حكاية‪:‬‬ ‫الخمسة عَ ْ‬
‫ن مشهور(‬ ‫َ‬
‫ال َّول‪ :‬إطلق الكفر عَلى أّنه المضاد للتوحيد‪ ،‬وهَ َ‬
‫َ‬
‫ذا بي ٌ‬
‫فَر بالنعمة؛ أي أ َّنه ردها أو‬ ‫الثاني‪ :‬إطلق الكفر عََلى أ َّنه ضد النعمة‪ ،‬ويقال‪ :‬ك َ َ‬
‫لم يقم شكرها عََلى وجه الشكر الصحيح شرعًا‪ ،‬ول ِذ َِلك أمثلة يأتي بيانها قريبا ً‬
‫إن شاء الله‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬التبري‪...‬‬
‫رابعها‪ :‬ما يتعلق بمعنى الجحود‪...‬‬
‫كفر( في اللغة العربية‪( ..‬‬ ‫كفر وال ُ‬ ‫خامسها‪ :‬التغطية وهو المعنى الصيل لـ)ال َ‬
‫ثالث الحقائق‪ :‬ما يتعلق بالكفر الشرعي‬
‫وحقيقته مركبة من شيئين‪:‬‬
‫* الول‪ :‬أن التكفير إطلق الكفر على الغير سواء أكان فعليا أم قوليا وقد‬
‫بين حقيقة التكفير المام السبكي في )الفتاوي(‪.‬‬
‫ذا هو المشهور عند الئمة والفقهاء؛‬ ‫* ثانيهما‪ :‬هو أنه متعلق بالكفر الكبر‪ ،‬هَ َ‬
‫حيث يقولون كفر فلن‪.‬‬
‫َ‬
‫ن العبارات‬ ‫م ْ‬ ‫وحد الكفر الكبر اختلفت عبارات الئمة في ذ َِلك؛ إل أ ّ‬
‫ن ِ‬
‫المستحسنة ‪-‬التي تجمع قطر الكفر الكبر وعمومه‪ -‬قولة ابن حزم الظاهري‬
‫‪ -‬يرحمه الله ‪ -‬في كتابه‪] :‬الحكام[‪ ،‬وكذا هي في ]المحّلى[ له‪ ،‬وكذا في‬
‫ن‬‫م ْ‬‫]الفصل في الملل والنحل[؛ حيث قال‪’’ :‬وهو ‪-‬أي الكفر في الدين‪ -‬صفة ِ‬
‫جحد شيئا ً مما افترض الله ‪ -‬تعالى ‪-‬اليمان به ‪ -‬بعد قيام الحجة عليه؛ ببلوغ‬
‫الحق إليه‪ -‬بقلبه دون لسانه أو بلسانه دون قلبه أو بهما معًا‪ ،‬أو عمل عمل ً‬
‫َ‬
‫ن اسم اليمان‘‘‬ ‫الشرعي بأّنه مخرج له بذ َِلك عَ ْ‬ ‫َ‬
‫جاء النص أي‬
‫سأَلة بشيئين‪:‬‬ ‫م ْ‬
‫وعليه فقد علق ال َ‬
‫ن صاحبه‪.‬‬ ‫م ْ‬
‫قادي أو القولي أو العملي ِ‬ ‫الشيء ال َّول‪ :‬فهو وقوع الكفر العْت ِ َ‬
‫الشيء الثاني‪ :‬فهو حصول الضوابط المعتبرة شرعًا‪ ،‬وأشار إ َِلى جملة في‬
‫ذ َِلك‪ ،‬ومن ذ َِلك‪ :‬قيام الحجة؛ بحيث تبين عََلى المرء الحجة‪.‬‬
‫ويشار هنا إ َِلى شيئين يتعلقان بذ َِلك‪:‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫ن ثمة كفرا ً دون الكفر الكبر؛ وهو ما يسمى ب)الشرك الخفي أو‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أوّل ُهُ َ‬
‫ما‪ :‬أ ّ‬
‫الصغر(‬
‫ثانيهما‪ :‬وهو أن هناك فرقا بين الظاهر والباطن‪ ،‬فالمنافق يحكم بأنه مسلم‬
‫في الظاهر وقت عدم إظهار ما يوجب إخراجه من الدين مع كونه في الباطن‬

‫‪30‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫على الكفر وكذلك العكس‪.‬‬


‫ْ‬
‫ثالث الساسات هو حكم الت َكفِْير‪:‬‬
‫ن حيث نزول الحكم عليه‪:‬‬ ‫م ْ‬ ‫فْير له جانبان ِ‬ ‫فالت َك ْ ِ‬
‫ن عنده كفرًا؛‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫الجانب الّول‪ :‬فهو ما يتعلق بتكفير كافر ثبت كفره‪ ،‬أو ثبت أ ّ‬
‫فيحكم عََلى الكفر أ َّنه كفر‪ ،‬ويحكم عََلى الكافر أ َّنه كافر‪ ،‬فل يجوز عدم تكفير‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫ن لم يحكم عََلى ِ‬ ‫م ْ‬ ‫الكافر‪ ،‬ومن لم يكفر معلوم الكفر فهو كافر حينئذ؛ أي ِ‬
‫تيقن أ َّنه كافر بالكفر‪ ،‬ولكن حكم عليه باليمان فهو كافر؛ لّنه تكذيب‬
‫َ‬
‫للشارع‪.‬‬
‫ن ذ َِلك الرحيباني ‪ -‬يرحمه الله ‪ -‬في‪] :‬شرح‬ ‫م ْ‬ ‫ذا أمر قد قرره الفقهاء‪ِ ،‬‬ ‫وهَ َ‬
‫غاية المنتهي[‪`; ،‬وكذا البهوتي في ]كشاف القناع[‪ -‬يرحمه الله ‪.-‬‬
‫ذا قضى أصحاب المذاهب المتبوعة في باب الردة والمر بذ َِلك مشهور؛‬ ‫وبهَ َ‬
‫ول ِذ َِلك قرر إمام الدعوة المجدد داعية التوحيد المام محمد بن عبد الوهاب ‪-‬‬
‫ن لم‬ ‫َ‬ ‫ن أصول الكفر ونواقض السلم؛ هَ َ‬ ‫َ‬
‫م ْ‬‫ن ِ‬ ‫ذا الصل أي أ ّ‬ ‫م ْ‬‫ن ِ‬ ‫يرحمه الله ‪ -‬أ ّ‬
‫يكفر الكافر معلوم الكفر أو صحح مذهبه فإنه يكون كافرا ً حينئذ‪.‬‬
‫ن ثبت له أصل اليمان بيقين‪،‬‬ ‫م ْ‬‫الجانب الثاني‪ :‬فهو ما يتعلق بتكفير ِ‬
‫ذا فيه نظران‪:‬‬ ‫فهَ َ‬
‫ن اكتمال موجبات‪ ،‬وقيود‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م ْ‬ ‫ن التسرع فيه ‪-‬دون تروي وتثبت ِ‬ ‫النظر الّول‪ :‬أ ّ‬
‫فْير‪ -‬حرام ل يجوز‪،‬‬ ‫الت َك ْ ِ‬
‫َ‬
‫ذا صحيح‬ ‫فْير بموجباته‪ ،‬أو بعد تثبت فهَ َ‬ ‫ن يكون الت َك ْ ِ‬ ‫النظر الثاني‪ :‬فهو أ ّ‬
‫ن التثبت فيها والتروي‪.‬‬ ‫م ْ‬ ‫بضوابطه وقيوده التي ل بد ِ‬
‫فْير وقيوده‪.‬‬ ‫المحور الثاني‪ :‬بيان ضوابط الت َك ْ ِ‬
‫ضوابط التكفير وقيوده‬
‫ة‪:‬‬‫ن الضوابط جماعها ثلث ٌ‬ ‫فإ ّ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م ْ‬‫م أّنه كفر ‪ِ -‬‬ ‫حك ِ َ‬ ‫ن ما ُ‬ ‫نأ ّ‬ ‫م ْ‬‫ن التثبت ِ‬ ‫م ْ‬ ‫أما الضابط الّول ‪ /‬فهو أنه ل بد ِ‬
‫ن ملة‬ ‫م ْ‬ ‫اعتقاد أو قول أو عمل‪ -‬أنه كذ َِلك في الشريعة؛ أي أنه يخرج المرء ِ‬
‫السلم ويجعله كافرا ً كفرا ً أكبر‪ ،‬وقد قرر ذلك جماعات ومن ألئك شيخ‬
‫السلم في )منهاجه(‬
‫ذا الضابط شيئان‪:‬‬ ‫‪ ،‬وجماع ما يتعلق بهَ َ‬
‫ن اعتقاد‪ ،‬أو عمل‪ ،‬أو قول يفقد صاحبه‬ ‫م ْ‬‫الشيء ال َّول‪ :‬فهو أن يكون ما وقع ِ‬
‫عة يجعلون اليمان عََلى‬ ‫ما َ‬‫ج َ‬‫سّنة وال َ‬ ‫هل ال ُ‬ ‫ن أَ ْ‬ ‫أصل اليمان الواجب؛ إذ إ ّ‬
‫نوعين‪:‬‬
‫النوع الّول‪ :‬أص ٌ‬
‫ل‪.‬‬ ‫َ‬
‫ذا الكمال يأتي عََلى مرتبتين في الحكم‪:‬‬ ‫والنوع الثاني‪ :‬فكمال‪ ،‬وهَ َ‬
‫ال َّولى‪ :‬المرتبة الواجبة‪ ،‬ويدخل في ذ َِلك الواجبات؛ سواءا أكان واجب الفعل‪،‬‬
‫ً‬
‫أم واجب الترك‪.‬‬
‫ً‬
‫الثانية‪ :‬فهي المرتبة المستحبة المستحسنة شرعا‪ ،‬ويدخل في ذ َِلك‬
‫ذا كله يدخل فيه جملة اليمان‪.‬‬ ‫المستحبات وترك المكروهات‪ ،‬وهَ َ‬
‫لن اليمان يطلق في الشرع عََلى جهتين‪:‬‬
‫الجهة ال َّولى‪ :‬فإطلقٌ عام؛ يدخل فيه جميع ما يتعلق بشعب السلم ويدل‬
‫ي ‪ -‬صلى الله عليه‬ ‫حدِْيث المخرج في الصحيحين وفيه يقول الن ّب ِ ّ‬ ‫عََلى ذ َِلك ال َ‬
‫ن أدناها‪:‬‬ ‫َ‬
‫وسلم ‪) :-‬اليمان بضع وسبعون ‪-‬أو قال وستون شعبة‪ ،-‬ثم ذكر أ ّ‬
‫ن الطريق(‪.‬‬ ‫إماطة الذى عَ ْ‬
‫ن أصل‬ ‫م ْ‬ ‫ن الطريق ليس ِ‬ ‫ن الدين بالضرورة أن إماطة الذى عَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ومعلوم ِ‬
‫اليمان الواجب الذي ل بد أن يفعله أو يأتي به النسان عند إرادته الدخول‬

‫‪31‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ل ‪-‬في الشريعة‪ -‬جاء المر بفعله أو المر بتركه هو داخل‬ ‫في الدين؛ وكل عم ٍ‬
‫ذا المعنى العام‪.‬‬ ‫في هَ َ‬
‫ص استعمل عََلى ما به يكون المعتقد صحيحا‪ً،‬‬ ‫ن خا ٌ‬ ‫الجهة الثانية‪ :‬فهو إيما ٌ‬
‫وأصله راجع إ َِلى أصل اليمان المنوه إليه في حديث جبرائيل الطويل؛ وفيه‪:‬‬
‫)اليمان بالله وملئكته وكتبه ورسله واليوم الخر وبالقدر خيره وشره(؛‬
‫ذا ما يتعلق باليمان أصل ً وكما ً‬
‫ل‪.‬‬ ‫حدِْيث مخرج في الصحيحين‪ ،‬هَ َ‬ ‫وال َ‬
‫ن الملة إجماعا‪ ،‬حكى الجماع في ذ َِلك‬ ‫م ْ‬‫والمرء إذا انتقض أصل إيمانه خرج ِ‬
‫هل الفقه والنظر؛ ومن أولئك‪ :‬ابن بطة العكبري ‪ -‬يرحمه الله‬ ‫عامة الئمة وأ َ ْ‬
‫‪ -‬كما في ]البانة الصغرى[)وكذا الموَْفق ابن قدامة المقدسي ‪ -‬يرحمه الله ‪-‬‬
‫مغِْني[ في باب الردة‪ ،‬وكذلك قرره جماعات‪ ،‬والمر فيه مشهور‬ ‫في ]ال ُ‬
‫مستفيض‪.‬‬
‫َ‬
‫الشيء الثاني‪ :‬أن يحكم الشارع الحنيف عَلى قول أو فعل أو اعتقاد أنه كفر‬
‫ن دائرة‬ ‫ن وقع فيه ويكون كفرا ً يخرج ِ‬
‫م ْ‬ ‫م ْ‬‫فر ِ‬ ‫أكبر أو شرك أعظم‪ ،‬فحينئذ يك ّ‬
‫ن أعمال وأقوال وما‬ ‫م ْ‬
‫ي الفقهاء بتعداد ما حكم عليه ِ‬ ‫السلم؛ ول ِذ َِلك عُن ِ َ‬
‫ً‬
‫ة بابا مستقل في ذ َِلك سموه‬ ‫ً‬ ‫م َ‬
‫إليهما في دواوين الفقه المعروفة وجعلوا ث ّ‬
‫بباب‪) :‬الردة( وذكروا فيه ذ َِلك كله‪.‬‬
‫تنبيه‪:‬‬
‫العمل داخل في حقيقة اليمان وعلى ذلك أدلة‪.‬‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫الضابط الثاني‪ :‬في ثبوت المكفر وقوعا ً عمن يراد تكفيره سواء أكان ِ‬
‫ن التثبت في ذ َِلك‬ ‫م ْ‬
‫آحاد الناس‪ ،‬أو طائفة وجماعة‪ ،‬فل بد ِ‬
‫فائدة‪:‬‬
‫الخذ باللوازم مطرح في باب القذف فمن باب أولى في باب التكفير ولذلك‬
‫قال الفقهاء قالتهم المشهورة وهي )أن لزم المذهب ليس مذهبا ما لم‬
‫يلتزمه صاحبه(‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫ن اعتبارها واّدكارها عند‬ ‫م ْ‬‫الضابط الثالث‪ :‬ما يتعلق بالشروط التي ل بد ِ‬


‫ت َن ْزِْيل حكم الكفر عََلى إنسان بعينه‪ ،‬أو عََلى طائفة بعينها‪.‬‬
‫فائدة‪:‬‬
‫ن ثبت له عقد‬ ‫م ْ‬‫مع ِ‬ ‫فْير إنما تكون َ‬ ‫ْ‬
‫إن مراعاة قواعد شروط وقيود الت َك ِ‬
‫السلم بيقين‪ ،‬وهي قاعدة متفق عليها؛ ذكرها شيخ السلم‪ ،‬والحافظ ابن‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫حجر ‪ -‬يرحمهما الله ‪ ،-‬بل ذكرها بعض الفقهاء في باب الردة؛ إشارة ِ‬
‫بعضهم إ َِلى ذ َِلك‪.‬‬
‫ن حيث‬ ‫م ْ‬‫ل‪ ،‬أو لم يثبت دخوله في الدين ِ‬ ‫وعليه فمن لم يدخل في السلم أص ً‬
‫خلفا لمن كان‬‫ً‬ ‫الصل فإن ذ َِلك ل يراعى معه؛ لن الصل فيه استبقاء كفره ِ‬
‫ن الدين‬ ‫قد دخل في السلم بيقين‪ ،‬وبشيء واضح مبين‪ ،‬فإن ذ َِلك ل ي ُ ْ‬
‫خَرج عَ ْ‬
‫قى إسلمه وإيمانه عََلى ما هو عليه‪.‬‬ ‫ست َب ْ َ‬‫والسلم‪ ،‬وي ُ ْ‬
‫فْير تعدادها خمسة؛ أجملها الئمة والفقهاء‪:‬‬ ‫وشروط الت َك ْ ِ‬
‫الشرط ال َّول‪ :‬أن يكون الذي يراد تكفيره عاق ً‬
‫ل؛‬
‫ذا هو الذي عليه الجمهور‬ ‫الشرط الثاني‪ :‬فهو البلوغ أي بلوغ سن الحتلم‪ ،‬وهَ َ‬
‫ن سني عمره وهو‬ ‫م ْ‬‫ن راهق العاشرة ِ‬ ‫م ْ‬‫ن أن الصبي المميز أو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫والكثرون؛ ِ‬
‫دون سن الحتلم؛ فإنه ل يكون كافرا ً مرتدًا؛ إذا قال قالة كفر أو فعل فعل ً‬
‫ن ملة السلم‪.‬‬
‫م ْ‬ ‫يوجب خروجه ِ‬

‫‪32‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ذا هو الذي عليه أكثر الفقهاء عََلى ما حكاه جماعة‪ ،‬ومن أولئك الموَْفق‬ ‫وهَ َ‬
‫مغِْني[ في باب الردة‪ ،‬وهو مذهب المالكية‬ ‫ابن قدامة ‪ -‬يرحمه الله ‪ -‬في ]ال ُ‬
‫مد والمشهور قرره عنهم جماعة؛ ومن أولئك الدسوقي في‪:‬‬ ‫عََلى ال ُ‬
‫معْت َ َ‬
‫مد والمشهور؛ قرره عنهم‬ ‫معْت َ َ‬‫]حاشيته[)‪ ،‬وكذا هو مذهب الشافعية عََلى ال ُ‬
‫جماعة؛ ومن أولئك‪ :‬رملي الصغير في ]نهاية المحتاج[‪.‬‬
‫وكذلك هو المرجوع إليه في مذهب المام أبي حنيفة ‪ -‬يرحمه الله ‪،-‬‬
‫"واعتمده متأخرو أصحابه عََلى ما قرره واعتمده جماعة؛ ومن أولئك‪ :‬ابن‬
‫ن‬
‫مدة عَ ْ‬ ‫معْت َ َ‬
‫عابدين ‪ -‬يرحمه الله ‪ -‬كما في حاشيته المشهورة‪ ،‬وهي رواية ُ‬
‫المام أحمد ‪ -‬يرحمه الله ‪ -‬حكاها في‪] :‬النصاف[ حكاية اعتماد‪ .‬فهَ َ‬
‫ذا‬
‫المذهب هو مذهب الجمهور والكثر‪.‬‬
‫مد عنهم؛ حيث إن‬ ‫معْت َ َ‬ ‫َ‬
‫وأما الحنابلة فإنهم قد خالفوا في ذ َِلك عَلى المشهور ال ُ‬
‫مّيز ولم يناهز الحتلم ووقعت منه الردة وحكم عليه بأنه مرتد‪ ،‬ثم‬ ‫الصبي إذا َ‬
‫إذا بلغ يستتاب ثلثا‪ ،‬فإن تاب كانت عودته صحيحة‪ ،‬وإل فيقام عليه الحكم‬ ‫ً‬
‫وابه‪ ،‬قرر ذ َِلك مذهبا ً للحنابلة‬ ‫نن ّ‬ ‫م ْ‬ ‫وبه ِ‬ ‫ن ين ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ن قبل ولي أمر المسلمين أو ِ‬ ‫م ْ‬
‫ِ‬
‫ذا هو‬‫جماعات‪ ،‬ومن أولئك‪ :‬المرداوي ‪ -‬يرحمه الله ‪ -‬كما في‪] :‬النصاف[‪ ،‬وهَ َ‬
‫المشهور عند الحنابلة‪.‬‬
‫إل أن القول ال َّول هو القرب والمشهور‪.‬‬
‫الشرط الثالث‪ :‬أن يكون المحكوم بردته مختارا ً وضده المكره‪.‬‬
‫فْير عند آحاد الناس أو طوائف معينة‬ ‫وقد قرر اعتبار الختيار عند ت َن ْزِْيل الت َك ْ ِ‬
‫عة‪ ،‬وممن حكى ذ َِلك عنهم وانتصر له شيخ‬ ‫ما َ‬ ‫ج َ‬
‫سّنة وال َ‬ ‫هل ال ُ‬ ‫وجماعات أ َ ْ‬
‫السلم ابن تيمية ‪ --‬يرحمه الله ‪ -‬وهو عنه مشهور‪ ،‬ومن المواضع التي ذكر‬
‫فيها ذ َِلك وقرره وانتصر له وحرره‪] :‬الستقامة[‪ ،‬وكذا في ]مجموع فتاويه[‪.‬‬
‫أما وذ َِلك كذ َِلك فإن هَُناك تنابيه ل بد أن ت ُعَْرف‪:‬‬
‫أ َوّل َُها‪ :‬أن الكراه شرط‪ ،‬فليس كل وعيد وتهديد يقع به مسمى الكراه‪،‬‬
‫سأ ََلة الكراه عََلى الطلق في‬ ‫م ْ‬ ‫فللكراه شرط وقد ذكره الفقهاء في بحث َ‬
‫كتاب الطلق‪ ،‬وأتوا عََلى ذ َِلك‪ ،‬وقد لخص الموَْفق ابن قدامة ‪ -‬يرحمه الله ‪-‬‬
‫مغِْني[‪ ،‬حيث قال ‪-‬وفي كلمه طول؛‬ ‫شرط الكراه وأطنب كما في كتابه‪] :‬ال ُ‬
‫إل أنه لهميته وحصره للشروط نذكره بنصه قال‪’’ :‬ومن شروط الكراه ثلثة‬
‫أمور )في بعض النسخ وشرط الكراه ثلثة أمور(‪:‬‬
‫وف بشأنه‪ -‬قادر‬ ‫خ‬
‫ُ ّ‬ ‫و‬ ‫به‬ ‫المرء‬ ‫ن قادر أي عََلى تنفيذ ما توعد‬ ‫م ْ‬ ‫أحدها‪ :‬أن يكون ِ‬
‫لسلطان أو تغلب كاللص ونحوه‪.‬‬
‫َثان ِي َْها‪ :‬أن يغلب عََلى ظنه نزول الوعيد به إن لم يجبه عََلى ما طلبه‪‘‘ ،‬؛‬
‫وفرق بين ظن يتأرجح بين الوقوع وعدمه‪ ،‬وبين آخر اطمأنت النفس إ َِلى‬
‫وقوعه وهو ما يسميه جمهور الفقهاء بغالب الظن‪ ،‬فكيف إذا تيقن المرء‬
‫وقوعه وَْفق السباب المتاحة والمقايسات المحسوسة‪ ،‬فإن ذ َِلك آكد وهو‬
‫بالحكم أولى‪ .‬ثم قال ‪ -‬يرحمه الله ‪:-‬‬
‫ً‬
‫الثالث‪ :‬أن يكون مما يتضرر به ضررا كثيرا‪ ،‬كالقتل والضرب الشديد والقيد‬ ‫ً‬
‫ن‬
‫والحبس الطويل‪ ،‬فأما الشتم والسب فليس بإكراه؛ رواية واحدة أي عَ ْ‬
‫المام أحمد‪ --‬يرحمه الله ‪ ،-‬وكذ َِلك أخذ المال يسير‪ ،‬فأما الضرب اليسير‬
‫ن ل يبالي به فليس بإكراه‪ ،‬وإن كان في بعض ذوي‬ ‫م ْ‬ ‫ن حق ِ‬ ‫م ْ‬ ‫فإن كان ِ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫المروءات عَلى وجه يكون ِإخراقا أي حمقا وما إليه وغضا له وشهرةً في حقه‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫فهو كالضرب الكثير في حق غيره‪ ،‬وإن توعد بتعذيب ولده فقد قيل ليس‬
‫بإكراه؛ لن الضرر لحق بغيره؛ وال َّولى أن يكون إكراها؛ لن ذ َِلك عنده‬
‫ن أخذ ماله‪ ،‬والوعيد بذ َِلك إكراه فكذ َِلك هَ َ‬
‫ذا‘‘‪.‬‬ ‫م ْ‬ ‫أعظم ِ‬

‫‪33‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫سأ ََلة‬ ‫م ْ‬
‫فتلك الشروط وإن كانت مذكورة في سياق شروط الكراه في َ‬
‫فْير عََلى ما ذكره الفقهاء‪،‬‬ ‫الطلق؛ إل أن أصلها معتمد في م َ‬
‫سأَلة الردة والت َك ْ ِ‬ ‫َ ْ‬ ‫ُ َْ َ‬
‫ن الشافعية جماعة ومن أولئك‪ :‬الرملي الصغير كما في ]نهاية‬ ‫وقد قرره عَ ْ‬
‫ن الحنابلة جماعة؛ ومن أولئك الرحيباني في]شرحه‬ ‫المحتاج[‪ ،‬وكذا قرره عَ ْ‬
‫عََلى غاية المنتهى في الجمع بين القناع والمنتهى[)وبمثله البهوتي في‬
‫]كشاف القناع[‪ .‬بل هو مشهور عند الئمة وشّراح الحاديث‪ ،‬وقد أتى عََلى‬
‫ذ َِلك جماعة تعداد لتلك الشروط المذكورة‪ ،‬ومن أولئك الحافظ ابن حجر‪--‬‬
‫يرحمه الله ‪ -‬كما في]فتح الباري[(‪.‬‬
‫الشرط الرابع‪ :‬هو ما يتعلق بالتأويل‪ :‬فإن المرء إذا كان متأول ً في إلقائه قالة‬
‫كفر أو المجيء بفعل ردة؛ فإنه يعذر ول يكفر‪ ،‬ويدل عََلى الخذ بشرط عدم‬
‫كونه متأول ً دللتان‪:‬‬
‫َ‬
‫ن الخطأ؛ إذ يدخل فيه التأول عند عامة الفقهاء‪ ،‬وقد‬ ‫دلَلة الّولى‪ :‬فالعفو عَ ْ‬ ‫ال ِ‬
‫ن الخطأ‪،‬‬ ‫َ‬
‫عّية عَلى العفو عَ ْ‬ ‫تواترت الدلة ال ّ‬
‫شْر ِ‬
‫دلَلة الثانية‪ :‬فهي ِدللة الوقائع زمن التشريع حيث إن هَُناك وقائع ‪-‬وقعت‬ ‫َ‬ ‫*ال ِ‬
‫فْير‪ ،‬أو يوقع‬ ‫ْ‬
‫دخل عليهم وصم الت َك ِ‬ ‫زمن التشريع‪ -‬عذر أصحابها بتأولهم‪ ،‬ولم ي ُ ْ‬
‫عليهم‪.‬‬
‫ومن ذ َِلك قصة حاطب ابن أبي بلتعة ? ورحمه‬
‫الدللة الثالثة‪ :‬ما عليه جماعات من أهل السنة من عدم تكفير المتأول ومن‬
‫أولئك شيخ السلم كما في)منهاجه( وكذا الموفق في )المغني( والخطابي‬
‫في )السنن الكبرى(‬
‫فائدة‪:‬‬
‫ن تحقق‬ ‫م ْ‬ ‫فْير ‪ :-‬أي ِ‬ ‫ْ‬
‫ن ثبوته ‪ -‬عند إنزال الت َك ِ‬ ‫م ْ‬
‫ن ذِلك‪ ،‬وأن التأويل ل بد ِ‬ ‫َ‬ ‫إذا ت َب َي ّ َ‬
‫كون المرء متأول ً أم ل؟‪.‬‬
‫فإن للتأول السائغ ضابطا ً فما كل تأول يعذر صاحبه فالتأويل السائغ له‬
‫ضوابط وجماعها ضابطان‪:‬‬
‫* ال َّول‪ :‬فهو أن يكون سائغا في لسان العرب أي عَلى ما قرره العرب ‪-‬‬
‫َ‬
‫ومعرفة ذ َِلك يرجع فيها إ َِلى القواعد العربية‪ ،‬وفي ذ َِلك قواعد متبعة وضوابط‬
‫ن الضوابط ‪-‬يأتي به‬ ‫م ْ‬ ‫معروفة‪ ،‬فل يصار إ َِلى تقعيد جديد‪ ،‬فيبتدع شيء ِ‬
‫ول‬ ‫النسان‪-‬؛ تسويغا ً لفلتة لسان أو لرأي وقع في الجنان‪ ،‬ول ريب أن المع ّ‬
‫عََلى القواعد‪.‬‬
‫* وأما الثاني‪ :‬فهو أن يكون له وجه في العلم‪ ،‬و)أل( هنا عهدية؛ أي العلم‬
‫ساِئل العلم‪ ،‬وتقنين مباحثه وإلى ذ َِلك يرجع؛‬ ‫م َ‬ ‫رير َ‬
‫ق ِ‬
‫ن العلماء في ت َ ْ‬ ‫المعهود عَ ْ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ل أن المراد أن يحدث النسان لرأي أو النص الشرعي مطلقا فهوما محدثة‪،‬‬
‫ثم يبني عليها أنه علم‪ ،‬فيأخذ رأي جهم بن صفوان الفين‪ ،‬أو يأخذ رأي الجعد‬
‫بن درهم أو غير ذ َِلك‪ ،‬ثم يقول‪ :‬تلك قالت قيلت ونبني عليها صحائح‬
‫ساِئل‪.‬‬ ‫م َ‬ ‫ال َ‬
‫وقد قرر ذلك جماعات ومن أولئك الحافظ ابن حجر كما في )الفتح(والمام‬
‫الصفهاني كما في )الحجة في بيان المحجة(‪.‬‬
‫فْير عليه‬ ‫الشرط الخامس‪ :‬أن تقوم الحجة وتبين المحجة لمن يراد ت َن ْزِْيل الت َك ْ ِ‬
‫لقالة قالها أو لفعل فعله يوجب الكفر في ذ َِلك‪.‬‬
‫واعتبار الحجة وتبين المحجة في ذ َِلك قرره الئمة ومن ألئك الحافظ ابن‬
‫حجر كما في الفتح ناقل قول المام الشافعي وكذا ابن قدامة في )المغني(‬

‫‪34‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وشيخ السلم في )الفتاوي(‪.‬‬


‫فوائد وتنابيه‪:‬‬
‫َ‬
‫ن شخص لخر وبلد لخر وحال الخرى‬ ‫أوّل َُها‪ :‬أن بلوغ الحجة وبيانها يختلف ِ‬
‫م ْ‬
‫ذا أمر مقرر عند الئمة ومن أولئك ابن القيم كما في‬ ‫وزمن لتال له‪ ،‬وهَ َ‬
‫]طريق الهجرتين[‬
‫ثانيها‪ :‬أن محل العذر بالجهل إذا لم يفرط المرء أو يقصر في معرفته للحجة‪،‬‬
‫وإلى ذ َِلك أشار الفقهاء ومن أولئك ابن اللحام "‪ -‬يرحمه الله ‪-‬كما في‬
‫]القواعد والفوائد الصولية[ الله"وقرر ذ َِلك أيضا المقري المالك ‪ -‬يرحمه الله‬
‫‪" -‬في كتابه ]القواعد[‬
‫ثالثا‪ :‬ضابط الجهل‬
‫بّينه المام القرافي المالكي ‪ -‬يرحمه الله ‪ -‬كما في ]الفروق[ حيث قال‪:‬‬
‫ن الجهالت الجهل الذي يتعذر الحتراز عنه عادة وما‬ ‫م ْ‬ ‫)وضابط ما يعفى عنه ِ‬
‫ذا الضابط أن‬ ‫ل يتعذر الحتراز عنه ول يشك لم يعف عنه( كذا قال وأصل هَ َ‬
‫ذه الباذة وعََلى تلك الجاذة‪ ،‬ولكن هو‬ ‫يحمل عََلى الفروع إذ إن الفروق عََلى هَ ِ‬
‫صالح للعموم والعقائد أصل ثابت في عدم عذر النسان بها أعني أصل الدين‬
‫أصل اليمان واجب الذي به يدخل السلم وبفقده يخرج منه‬
‫رابعًا‪ :‬أن بلوغ الحجة دون فهما ل تكفي وقد دل على ذلك دل شيئان‪:‬‬
‫ن عذر غير العاقل‪.‬‬‫م ْ‬‫الشيء ال َّول‪ :‬فهو ما جاء في الخبار ِ‬
‫ن الصحابة فمن بعد في مراعاة عقول‬ ‫م ْ‬‫الشيء الثاني‪ :‬فما ذكره الئمة ِ‬
‫الناس عند مخاطبتها بالشريعة ومن ذ َِلك ما خرجه البخاري معلقا أن سيدنا‬
‫عليا ? ورحمه قال خاطبوا الناس بما يعرفون أتحبون أن يكذب الله‬
‫ورسوله‪...‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن الدين بالضرورة علما وما هو منه عَلى‬ ‫م ْ‬‫سألة ما هو ِ‬ ‫خامسًا‪ :‬ما يتعلق ب َ‬
‫م ْ‬
‫ذ َِلك الحكم الموصوف معرفة‪ ،‬فإن إنكاره وجحده ل ريب أنه كفر أكبر يخرج‬
‫ن حيث الصل‪ ،‬وقد قرر الئمة ذ َِلك اتفاقا‪ ،‬وممن قرر‬ ‫م ْ‬‫ن ملة السلم ِ‬ ‫م ْ‬
‫ِ‬
‫َ‬
‫ذ َِلك‪ :‬المام النووي ‪ -‬يرحمه الله ‪ -‬كما في شرحه عَلى ]مسلم[‬
‫إل أنه ل بد أن يعلم في ذ َِلك شيئان‪:‬‬

‫)‪(5 /‬‬

‫ن الدين ضرورة وانتشر واشتهر‬ ‫الشيء ال َّول‪ :‬أن حكم كون كذا قد علم ِ‬
‫م ْ‬
‫أمر يتفاوت الناس فيه في أحوال وأماكن وأزمنة أحيانا؛ وقد قرر ذلك‬
‫جماعات ومن أولئك شيخ السلم في )الفتاوي(‬
‫الشيء الثاني‪ :‬فهو أن الصل هو الحكم عََلى جاحد مبادئ الدين وضروراته‬
‫المعروفة الحكم عليه بالكفر إن هو جحدها التمسك بالصل شيء ومراعاة‬
‫الستثناءات الواردة نبه إليه سابقا‪ ،‬وقد قرر ذلك جماعات؛ ومن أولئك‬
‫الموفق ‪ -‬يرحمه الله ‪ -‬في )المغني(‬
‫فْير بالمآل غلط و شطط وقد حكم عليه الئمة بالغلط‪،‬‬ ‫سادسًا‪ :‬أن الخذ بالت َك ْ ِ‬
‫فْير بالمآل هو ما شرحه الئمة شرحا مبينا؛ ومن أولئك ابن رشد‬ ‫والمراد بالت َك ْ ِ‬
‫الحفيد ‪ -‬يرحمه الله ‪"-‬في كتابه ]بداية المجتهد ونهاية المقتصد[ حيث قال‪:‬‬
‫فْير بالمآل أنهم ل يصرحون بقول هو كفر ولكن يصرحون‬ ‫)والمعنى بالت َك ْ ِ‬
‫بأقوال يلزم عنها الكفر وهم ل يعتقدون ذ َِلك اللزوم( وعليه فإن المآل‬
‫ريرات شيء وما يقرر نصا شيء‪.‬‬ ‫ق ِ‬
‫للت َ ْ‬
‫ن شيئين‪:‬‬
‫م ْ‬
‫فْير بالمآل مركبة ِ‬ ‫ْ‬
‫وحقيقة الت َك ِ‬

‫‪35‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ذا المآل ممن يراد تكفيره به‪.‬‬ ‫ال َّول‪ :‬أن ل ينص عََلى هَ َ‬
‫الثاني‪ :‬فهو أن يكون مقتضيا للقول أو لوازمه وتبعاته‪.‬‬
‫ومن أمثلة ذ َِلك‪ :‬أن يأتي إنسان إ َِلى دولة مسلمة ذات حاكم مسلم يحكم‬
‫بشرع الله ثم يقول‪ :‬إننا نرى البنوك الربوية قائمة وعليها حراس شداد وهَ َ‬
‫ذا‬
‫ذه مغالطة لما سبق؛ إذ إن‬ ‫يدل عََلى الستحلل‪ ،‬فأخذ باللزم والمقتضى وهَ ِ‬
‫فْير ل يكون بذ َِلك؛ ول ِذ َِلك قال الئمة ومن محاسن عباراتهم ما قاله ابن‬ ‫الت َك ْ ِ‬
‫حزم ‪ -‬يرحمه الله ‪ "-‬في كتابه ]الفصل في الملل والنحل[ حيث قال‪) :‬وأما‬
‫ن كفر الناس بما تؤول إليه أقوالهم فخطأ؛ لنه كذب عََلى الخصم وتقويل‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫َ‬
‫له ما لم يقل به وإن لزمه فلم يحصل عَلى غير التناقض فقط والتناقض ليس‬
‫ن الكفر( وقرر ذلك الشاطبي في )العتصام(‬ ‫م ْ‬‫كفرا بل قد أحسن إذ قد فر ِ‬
‫سابعًا‪ :‬أن يؤخذ بقاعدة المقاصد وهي قاعدة عامة في الشرع مبنية عَلى‬
‫َ‬
‫إجماعات‬
‫سّنة والثر وعند الفقهاء جملة أنهم يرعون أن‬ ‫َ‬
‫ثامنًا‪ :‬أن الصل عند أ ْ‬
‫هل ال ُ‬
‫الحكم عََلى الظواهر وأن البواطن توكل إ َِلى الله‪.‬‬
‫ساِئل العلمية الفرعية التي تذكر عادة في الفروع فإن‬ ‫م َ‬ ‫تاسعًا‪ :‬ما يتعلق بال َ‬
‫ذ َِلك مما حكم الشارع بكفر صاحبه أو ذكر الئمة أنه يكفر بتلك القالة أو ذ َِلك‬
‫الفعل وما إليه مرجعه أصالة إ َِلى كتب الئمة الثقات والفقهاء وقد بوب‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫الفقهاء بابا سموه )باب الردة( جمعوا فيه ما به يحكم عََلى المرء بالردة ِ‬
‫ن الئمة كالبهوتي ‪ -‬يرحمه الله‬ ‫م ْ‬ ‫أعمال وأقوال وما إليهما وقد ذكر جمع ِ‬
‫‪"-‬في كشاف القناع‬
‫المحور الثالث‪ ::‬شبهات وردود‬
‫َ‬
‫شبهات التكفير كثيرة؛ إل أن جماع ذ َِلك عَلى وجه اشتهار ثلثة شبه‪:‬‬
‫الشبهة ال َّولى‪:‬‬
‫أن كثيرين يتساهلون في تكفير الفراد‪ ،‬أو الحاد‪ ،‬أو الجماعات بناء عََلى‬
‫وي بين الدخول في السلم والخروج منه‪ ،‬فنقبل‬ ‫شبهة عندهم وهي أننا نس ّ‬
‫ن المرء الذي هو كافر أصلي أن يتشهد الشهادتين ونحكم حينئذ بعصمة‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ن استكمال أصل‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫دمه‪ ،‬وماله وما يتبعه‪ ،‬ونقول إنه مسلم عَلى ما يتبعها ِ‬
‫ن نريد أن نخرجه‪،‬‬ ‫م ْ‬
‫مع ِ‬‫الدين المعروف اشتهارا أو اظهارا‪ ،‬فكذ َِلك هو العمل َ‬
‫يكفي أن نأخذ منه قالة أو نظفر منه بفعل يظهره أو نحو ذ َِلك تسوية بين‬
‫المدخل والمخرج‪ ،‬ول ريب أن ذ َِلك خطأ إذ إن الشارع منه تؤخذ الحكام‪،‬‬
‫رير شيئين‪:‬‬ ‫ق ِ‬‫ومضى ت َ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ن الشارع ل ِ‬ ‫سأَلة شرعية ل بد أن تؤخذ ِ‬
‫م ْ‬ ‫م ْ‬ ‫الشيء الّول‪ :‬فهو أن الت َك ْ ِ‬
‫فْير َ‬
‫ذا يقبل فيه‬ ‫غيره‪ ،‬والشارع قد فرق بين المدخل والمخرج‪ ،‬في السلم‪ ،‬فهَ َ‬
‫بما يظهره والنطق بالشهادتين أوله‪.‬‬
‫ذا ل بد فيه‬ ‫ن الدين أو الردة‪ ،‬فهَ َ‬ ‫م ْ‬
‫* الشيء الثاني‪ :‬فهو المخرج أي الخروج ِ‬
‫ن ثبت له عقد السلم بيقين‪ ،‬فل يخرج منه إل بيقين‪،‬‬ ‫م ْ‬‫ن أحكام وت َن ْزِْيل ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ذه القاعدة سبق التدليل عليها وتثبيتها‪ ،‬فإذا كان ذ َِلك كذ َِلك فل يصح أن‬ ‫وهَ ِ‬
‫ن تلك الضوابط أو‬ ‫يقال‪ :‬المخرج كالمدخل ونكتفي بالظاهر ول نبحث عَ ْ‬
‫ذه‬
‫ن ملحقة فهمها ومعرفة قيودها ول شك أن هَ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫الشروط التي تعبنا ِ‬
‫مغالطة‪.‬‬

‫)‪(6 /‬‬

‫‪36‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الشبهة الثانية‪ :‬هو أن يتحجج المرء بالمطلقات‪ ،‬أو بالعمومات سواء أكان في‬
‫عّية في‬ ‫شْر ِ‬ ‫نص الشارع‪ ،‬أم كان في نصوص الئمة‪ ،‬فيأخذ بعض النصوصات ال ّ‬
‫ن فعل كذا فهو كافر ونحوها‪ ،‬فينزلها منزلة التعليم‪ ،‬وكذ َِلك يأخذ‬ ‫م ْ‬ ‫فْير ِ‬ ‫الت َك ْ ِ‬
‫ن قال‬ ‫م ْ‬ ‫ن قال‪ :‬إن القرآن مخلوق فهو كافر أو ِ‬ ‫م ْ‬‫ن الئمة كالمام أحمد ِ‬ ‫عَ ْ‬
‫ذه المطلقات لينزلها‬ ‫بالقدر أي نفى العلم القديم فهو كافر وهكذا‪ ،‬فيأخذ بهَ ِ‬
‫ن انتسب إليهم فهو عََلى حكمهم‬ ‫م ْ‬‫عََلى أربابها أو يقول‪ :‬كفر الجهمية فكل ِ‬
‫سألة أن فرق المة‪:‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م ْ‬‫رير َ‬ ‫ق ِ‬ ‫ذه مغالطة؛ إذ إن هَُناك تفريقا ومضى ت َ ْ‬ ‫وهكذا‪ ،‬وهَ ِ‬
‫ن دائرة السلم بأعيانها؛ وإنما هي‬ ‫َ‬
‫م ْ‬ ‫هل القبلة ل تخرج ِ‬ ‫أمة الجابة المسماة بأ ْ‬
‫ي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬المخرج عند‬ ‫متوعدة بالنار‪ ،‬ومضى حديث الن ّب ِ ّ‬
‫أحمد في ]المسند[ وعند أصحاب السنن الربعة سوى النسائي وقال عنه‬
‫الترمذي‪ :‬حديث حسن صحيح وصححه الحاكم في آخرين وفيه يقول عليه‬
‫الصلة والسلم‪] :‬وستفترق أمتي عََلى )‪ (73‬فرقة كلها في النار إل واحدة[‬
‫ن ذ َِلك شيخ السلم ابن تيمية ‪ -‬يرحمه الله ‪ "-‬في ]مجموع فتياه[‬ ‫يقول عَ ْ‬
‫في ? ]اليمان[ يقول‪) :‬ومن قال إن الثنتين والسبعين فرقة كل واحدة منهم‬
‫سّنة وإجماع الصحابة‬ ‫ن الملة فقد خالف الكتاب وال ُ‬ ‫تكفر تكفيرا ينقل عَ ْ‬
‫رضوان الله عليهم أجمعين بل وإجماع الئمة الربعة وغير الربعة‪ ،‬فليس‬
‫ن الثنتين والسبعين فرقة؛ وإنما يكفر بعضهم بعضا‬ ‫م ْ‬‫ن كفر كل واحدة ِ‬ ‫م ْ‬
‫فيهم ِ‬
‫ن تلك الفرق ببعض المقالت( كذا قال ‪ -‬يرحمه الله ‪ ،"-‬ومن ثم يستبين أن‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫مع‬ ‫َ‬ ‫المتقدمين‬ ‫الثقات‬ ‫الئمة‬ ‫نصوص‬ ‫أو‬ ‫الشارع‬ ‫نص‬ ‫في‬ ‫بالمطلقات‬ ‫التمسك‬
‫ترك القيود والشروط والضوابط مغالطة‪ ،‬المغالطة اصطلح منطقي عند‬
‫ذا هو ما يسمى بالمغالطة‬ ‫هل النظر يقصد به رد الحجة البينة بالصدر‪ ،‬وهَ َ‬ ‫أَ ْ‬
‫وعليه فإن تلك الشبهة تكون هاوية بما سبق‪.‬‬
‫ثالث الشبه‪ :‬أن يقع تثبيت التلزم بين الظاهر والباطن‪ ،‬فيقول المرء‪ :‬ل‬
‫طن به‪،‬‬ ‫ن امرؤ بكذا إل وهو معتقد له‪ ،‬ول يمكن أن يفعل كذا إل وقد تب ّ‬ ‫يقول ّ‬
‫ذا التلزم‬ ‫ن دائرة السلم؛ لهَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫فيحكم عليه بالكفر الكبر والردة ويخرجه ِ‬
‫سأ َلةَ‬‫م ْ‬ ‫ن حيث الجملة والصل في َ‬ ‫م ْ‬‫الذي ذكره‪ ،‬ل ريب أن هَُناك تلزما ِ‬
‫ن‬ ‫م ْ‬ ‫الظاهر والباطن سبق طرف منها كالذي يدعي اليمان وليس عنده شيء ِ‬
‫ذا ممتنع كما ذكره جمع ومنهم شيخ السلم ابن تيمية ‪-‬‬ ‫جنس العمل‪ ،‬هَ َ‬
‫يرحمه الله ‪ ،-‬وسبق قريبا‪.‬‬
‫وأما الغلو في ذ َِلك‪ ،‬فيجعل التلزم حتما في آحاد الشياء ومع كل في جميع‬
‫الحالت‪ ،‬فإن ذ َِلك هو فعل الخوارج كما ذكره شيخ السلم ابن تيمية في‬
‫]مجموع فتياه( في موضعه السابق وكذا جماعة‪ ،‬وقد عرف الخوارج بشيئين‬
‫ن حيث العمل‪:‬‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫*الّول‪ :‬فعدم سعة العلم؛ إذ إن لهم فقها ضيق النطاق ل يأخذون إل‬ ‫َ‬
‫ن الصحابة والسلف‬ ‫م ْ‬ ‫بالظواهر دون تعريج عََلى ما يثبته الفقهاء والئمة ِ‬
‫الصالح فمن بعد‪.‬‬
‫*الثاني‪ :‬فهو أنهم يجعلون التلزم بين الظاهر والباطن تلزما ل محيز عنه‪،‬‬
‫فكفروا أصحاب الكبائر ووقعوا موقعا معلوما اشتهارا؛ ول ِذ َِلك وقع منهم القتل‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫ي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬أو لبناء الصحابة وقتل لجماعات ِ‬ ‫لصحاب الن ّب ِ ّ‬
‫الصدر ال َّول‪.‬‬
‫ن ذ َِلك‪ ،‬أل وهو أن‬ ‫الناس وهو ينافح عَ ْ‬ ‫ن‬
‫م ْ‬‫وهنا ينبه إ َِلى زّلة يقع فيها بعض ِ‬
‫َ‬ ‫يفرط في م َ‬
‫فْير عملها بضوابطها‬ ‫سأَلة الت َك ْ ِ‬ ‫م ْ‬‫فْير‪ ،‬فل يعمل َ‬ ‫سأَلة الت َك ْ ِ‬‫َ ْ‬
‫وشروطها التي سبقت فيأخذ بالمذهب الرجاء الباطن فيجعل أن النسان ما‬
‫دام أنه عنده مجرد المعرفة أو أنه قال ل إله إل الله كاف بذ َِلك وقد اشتهر‬

‫‪37‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ن المام المجدد داعية التوحيد محمد بن عبد الوهاب ‪ -‬يرحمه الله ‪ -‬وأئمة‬ ‫عَ ْ‬
‫ذا التفريط الذي وقع فيه‬ ‫ذا الرجاء وهَ َ‬ ‫الدعوة في ذ َِلك أنهم كانوا ينكرون هَ َ‬
‫ن الناس وقت إذ فترى أحدهم ينخدع بقول بعضهم ل إله إل الله وعنده‬ ‫م ْ‬
‫كثير ِ‬
‫ن ملة السلم فل إله إل الله ل ينتفع بها قائلها إل إذا‬ ‫م‬
‫ِ ْ‬ ‫خروجه‬ ‫توجب‬ ‫كفريات‬
‫كان قد نطق بها حقا وأتى بشروطها صدقا فإن ذ َِلك وثيق اليمان صحيح‬
‫سأ ََلة أصل الديانة التي نوه إليها مرارا‬ ‫م ْ‬
‫مع ما يعتبر في َ‬ ‫المجيء بأصل الدين َ‬
‫سّنة بين الفراط والتفريط لتكن‬ ‫فبين الغلو والجفاء مسلكك يا صاحب ال ُ‬
‫كذ َِلك في أمرك وشأنك هي الوسطية التي عرف بها خير البرية ومن سلك‬
‫سّنة والهدى تاركين البدعة والهوى تلك شبهات هي‬ ‫ن أصحاب ال ُ‬ ‫م ْ‬
‫مسلكه ِ‬
‫مع التذيل الخيرة الذين‬ ‫فْير َ‬ ‫ْ‬
‫ن شبهات عمن وقع في الت َك ِ‬ ‫م ْ‬
‫جماع ما اشتهر ِ‬
‫فْير عمله الصحيح‪.‬‬ ‫ْ‬
‫فرطوا ولم يعملوا الت َك ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ذا والله أعلم وصلى الله وسلم وبارك عَلى سيدنا محمد وعَلى آله وصحبه‬ ‫وهَ َ‬
‫أجمعين‪.‬‬
‫‪ http://www.saaid.net‬المصدر‪:‬‬

‫)‪(7 /‬‬

‫خلف مفيد‬
‫أم البنين بنت محمد ‪26/7/1427‬‬
‫‪20/08/2006‬‬
‫لكي يكون الخلف بين الزوجين مفيدا ً وجادا ً ينبغي أل يصبح مجرد فرصة‬
‫للتفريج عن النفس وإفراز نواتج الضغط والتوتر لدى كل طرف على حساب‬
‫الخر‪ ،‬أو أن يصبح التنازع هادفا ً لتحطيم معنويات الخر وإهانته‪ ،‬أو وسيلة‬
‫لظهار سلطة أحدهما على الخر‪ ،‬فمثل هذه الخلفات تؤدي إلى نتائج ل‬
‫تحمد عقباها‪.‬‬
‫أما الخلفات الجادة والنافعة هي التي تتيح للطرفين فرصة للتصال الفعال‪،‬‬
‫والحوار الجاد‪ ،‬وتشكل مجال ً لظهار النفعالت الذاتية دون إلقاء اللوم على‬
‫الطرف الخر‪ ،‬ودون محاولة إلصاق أسبابها به‪.‬‬
‫ل لتجاوز الحدود‪ :‬وهذا خطأ فادح يقع فيه الزوجان حين يختلفان‪ ،‬فينتقلون‬
‫من قضية الخلف إلى خلفات ثانوية أو وهمية مصطنعة‪ ،‬فأحيانا ً قد يبدأ‬
‫الخلف حول أمور منزلية كالنظافة والترتيب‪ ،‬ثم ينتهي إلى خلف حول‬
‫مصاريف السرة والزيارات وغير ذلك‪...‬‬
‫اعتد أل تقول إل خيرًا‪ :‬ومن الضروري أيضا ً ضبط النفس ومراقبة اللسان‪،‬‬
‫والتذكر بأن التراجع عن زلت اللسان وإهانة الخرين بالكلم الجارح أمر ل‬
‫ينسى ويبقى عالقا ً في الذهن بحيث يصبح من الصعب إزالة آثاره‪.‬‬
‫قاوم حظوظ النفس واعتذر إن أخطأت‪ :‬ليكن هدفك أثناء الخلف‪ ،‬بيان الحق‬
‫وإيضاحه‪ ..‬اسأل نفسك دائما ً ماذا تريد من وراء رفع الصوت والنقاش؟ وماذا‬
‫تخفي وراء عدوانيتك وانفعالتك؟‪ .‬كم هو جميل أن يرجع النسان إلى ربه‬
‫عندما يشعر أن وراء كل هذه النفعالت حظا ً للنفس‪ ،‬أو رغبة في البحث عن‬
‫كبش فداء يحمله المسؤولية‪ ،‬ويتنصل هو منها‪ ،‬أو اتخاذ الخلف ذريعة للتعبير‬
‫عن الغضب والتوتر‪.‬‬
‫ل للشهود والجمهور!!‪ :‬هناك من الزواج من يحاول إقحام الخرين في‬
‫مشاكله الزوجية وخلفاته ‪-‬ولو كانت بسيطة‪ -‬من أجل تحويلهم إلى حلفاء‬
‫ومساندين له‪ .‬إن هذا السلوك يؤدي إلى نتائج تهدد العلقة الزوجية برمتها‪،‬‬

‫‪38‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫تكفي الحالة المؤسفة التي يراهما الخرون عليها‪ ،‬بل قد يصبح هذا الطرف‬
‫الثالث مصدر إزعاج للزوجين من خلل تضخيم الخلف وتحويل المر إلى‬
‫مشكل يصعب حله‪ ،‬ول ننسى أن وجود شاهد على الخلف أمر مربك‬
‫ومخجل للزوجين غالبًا‪ ،‬ول سيما الزوجة‪.‬‬
‫ل تختصما أمام الطفال‪ :‬في حال نشوب الخلف أمام البناء يجب أل يقلل‬
‫أي من الطرفين من احترامه للطرف الخر‪ ،‬وأن يتم الحفاظ على الحترام‬
‫المتبادل‪ ،‬فكلما نشأ الولد وترعرعوا وهم ينظرون إلى الخلفات بين‬
‫والديهم تتم بأسلوب متحضر؛ كلما شكل ذلك بالنسبة إليهم رسالة تربوية‬
‫تعطي للطفل القدوة للتماسك والترابط مع الحتفاظ بالحترام المتبادل‬
‫بالرغم من وجود الخلفات‪.‬‬
‫اشرح وجهة نظرك كتابة‪ :‬قد تكون الخلفات عرفت لهجة حادة‪ ،‬والحالة‬
‫خرجت نسبيا ً من مجال التحكم‪ .‬بالرغم من ذلك فل شيء يمنع بعد هدوء‬
‫العاصفة من الرجوع إلى الموضوع بكل هدوء وتعقل لتوضيح وجهات النظر‪،‬‬
‫وهناك من يفضل في هذه الحالة اللجوء إلى الورقة والقلم‪ ،‬فالكتابة تهدئ‬
‫العصاب وتخفف التوتر‪ ،‬ومن يقرأ يحسب أنه غير مهاجم ويكون أكثر‬
‫استعدادا ً للتأمل في وجهات النظر الخرى‪.‬‬
‫ل لرفع الصوت أمام الطفال الصغار‪ :‬إذا كان لديكما أطفال صغار فإن رفع‬
‫الصوت يفزعهم‪ ،‬ولذلك إذا تحاور الزوجان أمام الطفال‪ ،‬فإن عليهما أن‬
‫يعودا ليؤكدا أمامهم حب بعضهما بعضًا‪ ،‬لن البن يحتاج إلى الشعور بالمن‬
‫وأي خلف بين أبويه يشكل بالنسبة إليه توترا ً يؤثر على نموه العاطفي‬
‫والنفسي‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫خلفيات الجريمة‬
‫بقلم عبد الحق عباس‬
‫ُ‬
‫كان الجزائريون بعد قرابة القرن من الحتلل ل يرون السلم إل الطرقية‪،‬‬
‫وقد زاد ضللهم ما كانوا يرون من الجامدين والمغرورين من المنتسبين‬
‫للعلم من التمسك بها والتأييد لشيوخها)‪ .(1‬وآل وضع المة إلى تخلف‬
‫حضاري عام وشامل‪ ،‬لم يسلم من ذلك عالم أفكار المة ودينها ومعتقدتها‪،‬‬
‫وأصبح الجانب التعبدي في أشكاله ومظاهره دون جوهره ومضامينه‪ ،‬وأخذ‬
‫َتدين المجتمع عامة طابع الوراثة والتقليد والجمود ل أكثر‪ ،‬وتكلفت الزوايا‬
‫والكتاتيب والمساجد في صورتها الموروثة بتقديم صورة معينة للسلم‪ ،‬وفق‬
‫وضع شيخ الطريقة المعينة‪.‬‬
‫ما بين الدين والخلق والعقل‪ ،‬ويرى أن‬ ‫ولما كان المام بن باديس يربط دائ ً‬
‫قدرة المسلمين إنما تكون بالجمع بين العقائد الواضحة والخلق الطيبة‬
‫طرق الصوفية في الجزائر‪ ،‬فكانت‬ ‫والعلم‪ ،‬فإنه لم يتحرج من أن يقاوم ال ُ‬
‫خطب وفي مقالت الصحافة الصلحية‬ ‫الحملت في ُدروس التفسير وال ُ‬
‫بالخص في الشهاب متوالية على الخرافات والباطيل‪ ،‬وعلى المبتدعة‬
‫والمضللين‪ ،‬وأيده في حملته فحول العلماء والمفكرين في الجزائر وتونس‬
‫والمغرب وكان من أشدها عنفا على الطريقة العلوية وشيخها المتهم‬
‫بالحلول ووحدة الوجود "أحمد بن عليوة" شيخ الطريقة العلوية في مستغانم‪،‬‬
‫لسوء أدبه مع النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وعلى بعض شطحاته الحلولية‬
‫المنافية للعقيدة السلمية‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أحمد بن عليوة وطريقته ‪:‬‬


‫لقد انتشرت الطرق الصوفية‪ ،‬وتعددت وتنوعت‪ ،‬وصارت تتحكم بزمام أوضاع‬
‫المة‪ ،‬فلم يكن أحد أًيا كان يتجرأ على مواجهة شيوخ الطرق ومريديهم‪،‬‬
‫وَرفض قبول كلمهم والنصياع لمطالبهم‪ ،‬والذعان لحكامهم وأوامرهم‪،‬‬
‫فتفطن الستعمار لما للطرقية من قوة ونفوذ‪ ،‬وعمل على احتوائها‬
‫واستيعابها لستخدامها وسيلة لبسط نفوذه وإحكام سيطرته‪ ،‬بتنصيبه من‬
‫يضطلع لتشويه الدين عن طريق ضعاف النفوس من أمثال "أحمد بن عليوة"‬
‫الذي تحدث عنه وعن طريقته الشيخ المجاهد "أحمد توفيق المدني" بما‬
‫يلي ‪« :‬‬
‫قال لي الخ محمد رضا الكحل – وكنا في أواخر شهر تموز‪/‬يوليو )جويلية(‬
‫‪ 1925‬م ‪ : -‬لنا اليوم سهرة حافلة بمقبرة سيدي محمد بن عبد الرحمن‪،‬‬
‫فلنستعد لها مبكرين حتى نكون في الصفوف الولى‪ .‬لم أفهم إطلًقا‪ .‬سيدي‬
‫محمد‪ ..‬مقبرة كبيرة وشهيرة بعاصمة الجزائر تعادل في أهميتها وفي قيمتها‬
‫وفي علو كعب من دفن بها مقبرة الزلج التونسية‪ ،‬وهي ذات أقسام ثلث ‪:‬‬
‫المسجد والضريح‪ ،‬وساحة الضريح الفسيحة‪ ،‬وقبورها مسواة مع الرض‪ ،‬ثم‬
‫القسم الخلفي وقبوره عالية بارزة‪ ،‬فكيف تكون حفلة ساهرة فوق‬
‫دا أنها حفلة سنوية يقوم بها رجال الطريقة الرحمانية‬ ‫الجداث ؟ قال لي مؤك ً‬
‫الذين يأتون في ركب عظيم من مدينة قسنطينة لزيارة شيخهم صاحب‬
‫ل‪ ،‬هذه من أعظم البدع‪ ..‬ويجب أن أرى ذلك رأي‬ ‫الطريقة‪ .‬تقززت أو ً‬
‫العين‪...‬‬
‫وجاء الليل وذهبنا جماعة إلى المقبرة‪ ،‬فإذا بالساحة الفسيحة الموجودة أمام‬
‫الضريح وقد أصبحت أشبه شيء ببهو فخم لقصر ثري‪ ،‬وقد فرشت أرضها‬
‫بالبسط الثمينة‪ ،‬والزرابي المبثوثة‪ ،‬والمنابذ الصوفية الفارهة‪ .‬وجلسنا‪،‬‬
‫واستمر توارد القوم من حي "بلكور" ومن العاصمة وما يحيط بها‪ ،‬حتى لم‬
‫يبق من مكان تطأه رجل إنسان‪.‬‬
‫وبعد صلة العشاء‪ ،‬التأمت حلقة الذكر‪ ،‬وأخذ "الفقراء" يترنمون بأصوات هي‬
‫البشاعة أقرب منها إلى الرخامة‪ .‬وطال ذلك نحو ساعة‪ .‬فبعض تلك الناشيد‬
‫والذكار كان مستقيم المعنى صحيح المبنى‪ ،‬فيه الصلة على النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ،‬وفيه الموعظة والذكرى‪ ،‬أما بعضها الخر ففيه إشارات واضحة‬
‫إلى مذهب "وحدة الوجود" يترنم بها القوم ول يفهمون لها معنى‪ ،‬وخرجت‬
‫من هناك آسفا حزيًنا وأنا أتساءل ‪ :‬كيف تمكن أحمد بن عليوة المستغانمي‬
‫مي ؟‪..‬‬‫من إنشاء طريقة صوفية وهو شبه أ ّ‬
‫ما‪ ،‬وسألته ‪ :‬ما هي السس التي بنيت عليها‬ ‫زارني – أحمد بن عليوة – يو ً‬
‫هذه الطريقة الجديدة ؟ قال ‪ :‬سأبعث إليك بكتاب ألفته وطبعته‪ ...‬وما هي إل‬
‫ساعة حتى جاءني أحد "الفقراء" يحمل إلي كتاًبا‪ ،‬اسمه "المنهج القدوسية‬
‫في شرح متن ابن عاشر على الطريقة الصوفية"‪ .‬وأخذت في الحين أقرأ‬
‫الكتاب‪ ،‬ويا لهول ما قرأت ‪ :‬كلم أهوج‪ ،‬وخرافات ل تنطلي حتى على البله‪،‬‬
‫وأباطيل وضللت ما أنزل الله بها من سلطان‪ .‬ودعوة سافرة غير حكيمة‪،‬‬
‫لمذهب "وحدة الوجود" المنافي لعقيدتنا السلمية القرآنية الطاهرة على‬
‫خط مستقيم‪ .‬فاستعذت بالله من رجل اتخذ في ذهني صورة الشيطان في‬
‫جسم إنسان‪.(2)»...‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫‪40‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫هذا ما جاء به "أحمد بن عليوة" )المتوفى سنة ‪ 1934‬م( الذي كان يعمل‬
‫حراًزا بمستغانم قبل أن آلت إليه مشيخة زاوية "درقاوة" بمستغانم بوصّية‬
‫مد بن الحبيب البوزيدي" )المتوفى عام ‪ 1909‬م(‪ .‬ولكن‬ ‫من شيخه "مح ّ‬
‫دد الطريقة وأدخل على نظامها‬ ‫ّ‬ ‫فج‬ ‫دا‬
‫ّ‬ ‫ج‬ ‫حا‬‫ً‬ ‫طمو‬ ‫كان‬ ‫عليوة"‬ ‫الشيخ "ابن‬
‫ما جعلها تنتسب إليه بدل ً من نسبتها إلى‬ ‫وطقوسها ودعايتها تغييًرا شامل ً ِ‬
‫م ّ‬
‫"الدرقاوي" أو "الشاذلي"‪ ،‬وخرج بها من مستغانم لتنتشر في الفاق‪،‬‬
‫دت دعوتها باسمها الجديد‪" :‬الطريقة‬ ‫ل‪ ،‬وامت ّ‬ ‫طا هائ ً‬ ‫ونشطت على يده نشا ً‬
‫العليوية" في الوطن وخارج الوطن)‪ ...(3‬وهكذا انتحل مذهبه ‪ -‬الذي نادى به‬
‫محيى الدين بن عربي الندلسي في كتابه )شجرة الكون( وعالجه اليهوي‬
‫الهلندي اسبينوزا‪ ،‬وتعرض له عمر بن الفارض – وهو مذهب "وحدة الوجود"‬
‫ضا شيخ الصوفية جلل الدين الرومي‪ ،‬أبعد الطرق عن‬ ‫الذي اشتهر به أي ً‬
‫ما مع تعاليم الدين‬ ‫السلم التي تدعو إلى الحلول صراحة‪ ،‬وهذا يتنافى تما ً‬
‫السلمي‪ ،‬ويصل بصاحبه إلى الكفر واللحاد‪.‬‬
‫حملت ابن باديس على العلويين والطرق الصوفية الخرى‬
‫ُرفع نص سؤال إلى الشيخ العلمة عبد الحميد بن باديس يقول ‪" :‬ما قول‬
‫ل يزعم أّنه‬ ‫ساداتنا العلماء ‪ -‬رضي الله تعالى عنهم‪ ،‬وأدام النفع بهم ‪ -‬في رج ٍ‬
‫سّلك‪ ...‬إلى غير ذلك‬ ‫م َ‬ ‫ل دونه‪ ،‬وأّنه العارف ال ْ ُ‬ ‫ن الك ّ‬ ‫قطب الزمان الفرد‪ ،‬وأ ّ‬
‫ي‬
‫م يقول مخاطًبا للنب ّ‬ ‫من أعلى صفات العارفين‪ ،‬وأسمى درجات الكاملين‪ ،‬ث ُ ّ‬
‫صه ‪:‬‬ ‫صلى الله عليه وسلم بما ن ّ‬
‫وق منكد‬ ‫ت بال ّ‬
‫ش ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ن ُ‬ ‫إ ْ‬
‫حد ‪ ... ...‬إن تبق في هجري زائد‬ ‫من هو بالملك مو ّ‬
‫عبس بالقول تساعد‬
‫ما عذر ينجيك للمولى ندعيك‬
‫ينظر في أمريك ‪ ... ...‬ما نرجوه فيك‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫حّبين أعجمية !‬ ‫م ِ‬‫ن ال ُ‬ ‫س ُ‬
‫ما قيل له في هذه البيات‪ ،‬قال‪ :‬أل ُ‬ ‫ول َ ّ‬
‫سوء أدب ؟‬ ‫خطاُبه هذا ُ‬ ‫فهل ي ُعَد ّ ِ‬
‫ي صلى الله عليه وسلم بمثله ؟‬ ‫وهل تجوز مخاطبة النب ّ‬
‫وهل صدور مثله من شأن العارفين الكاملين !؟‬
‫محّبين ؟‬ ‫عجمة ألسن ال ْ ُ‬ ‫وهل ُيقبل منه ما اعتذر به من ُ‬
‫ب العالمين‪ ،‬والسلم عليكم‬ ‫ّ‬ ‫ر‬ ‫من‬ ‫‪-‬‬ ‫تعالى‬ ‫أفيدونا مأجورين ‪ -‬إن شاء الله‬
‫ورحمة الله تعالى وبركاته"‪.‬‬
‫فانبرى الشيخ ابن باديس للجواب بعد أن استخار الله تعالى‪ ،‬فألف رسالة‬
‫نافعة في الذب عن النبي صلى الله عليه وسلم موسومة ب ‪" :‬رسالة جواب‬
‫سؤال عن سوء مقال"‪ .‬رّدا على أحمد بن عليوة المستغانمي صاحب‬
‫ة‬
‫ف ِ‬
‫خي َ‬
‫س ِ‬
‫ل َ‬ ‫م ٍ‬‫ج َ‬
‫فاه َ ب ِ ُ‬‫جّرأ َ على مقام النبوة الكريم فَ َ‬ ‫الطريقة العليوية‪ ،‬الذي ت َ َ‬
‫ي الوارد في السؤال التي نشرها في ديوانه‬ ‫م ّ‬‫معَْنى في أبيات بالّلسان الَعا ّ‬ ‫ال ْ َ‬
‫المطبوع في تونس عام ‪ 1920‬م‪ ،‬المشحون بالدعوة إلى مبدأ الحلول وحدة‬
‫الوجود)‪.(4‬‬
‫رسالة جواب عن سوء مقال‪ ،‬عبارة عن رسالة صغيرة ل يزيد عددها عن‬
‫شد َ فيها ابن‬ ‫ح َ‬‫دمة وأربعة فصول وخاتمة‪َ ،‬‬ ‫سبع عشرة صفحة‪ ،‬تحتوي على مق ّ‬
‫باديس خير الدلة‪ ،‬من الكتاب الكريم والسّنة الصحيحة وآثار السلف‪،‬‬
‫بأسلوب علمي متين ولسان عربي مبين‪ ،‬وفرغ من تحريرها صبيحة الثلثاء‬
‫السابع والعشرين من ذي الحجة الحرام عام ‪1340‬ه الموافق لعام ‪1922‬‬
‫م‪ ،‬أرسل بها إلى كبار مشايخه بتونس وإلى أفاضل العلماء والمفتين بالجزائر‬

‫‪41‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫طلعوا عليها وقّرظوها وأرسلوا إليه بتقاريظهم تباعا‬ ‫والمغرب ومصر‪ ،‬فا ّ‬
‫فطبعها ونشرها في الجزء الخير من الرسالة بأسماء العلماء المقرظين مع‬
‫بيان وظائفهم وبلدانهم‪ .‬واعتبروها من العمل المبرور والصنيع المشكور‪،‬‬
‫وضّللوا من فاه بتلك البيات‪ ،‬لما حوته من تّرهات"!‬
‫ن الرسالة ‪ -‬على صغر حجمها وما فيها من علم دسم – ساهمة بالقدر‬ ‫إ ّ‬
‫وف الزائف في تلك اليام‪ ،‬وتحذير‬ ‫الممكن في الرد ّ على تحّرك أدعياء التص ّ‬
‫ه في القلوب من‬ ‫ُ‬
‫خل ُ‬‫المة من إفكهم وباطلهم‪ ،‬وكشف مخازيهم على ما أد َ‬
‫فساد العقائد‪ ،‬وعلى العقول من باطل الوهام‪ ،‬وعلى السلم من زور‬
‫مة عن خالقها بما نصبت من أنصاب‪،‬‬ ‫وتحريف وتشويه‪ ،‬إلى ما صرفت من ال ّ‬
‫وشّتتت بكلمتها بما اختلقت من ألقاب‪ ،‬وقتلت من عّزتها بما اصطنعت من‬
‫قت للحقّ على باطلها الغلبة)‪ ،(5‬واهتداًء بجنود الصلح من‬ ‫إرهاب‪ ،‬حّتى ح ّ‬
‫إخوانه المشايخ في جمعية العلماء المسلمين ‪ -‬التي أسسها ابن باديس سنة‬
‫‪ 1931‬م – من أبرزهم ‪ :‬الشيخ محمد البشير البراهيمي‪ ،‬والعربي التبسي‪،‬‬
‫ه الجميع( الذين "شّنوا الغارة على‬ ‫م الل ُ‬ ‫ح َ‬
‫ومبارك الميلي‪ ،‬والطيب العقبي )َر ِ‬
‫ة شعاُرهم ‪ :‬ل صوفية في السلم‪،‬‬ ‫ة صادق ً‬ ‫قلعة الضلل‪ ،‬وحملوا عليها حمل ً‬
‫فا ويذروها خاوية على عروشها")‪.(6‬‬ ‫كا وينسفوها نس ً‬ ‫كوها د ّ‬
‫حّتى يد ّ‬

‫)‪(2 /‬‬

‫وأمام الصعاب التي واجهها ابن باديس ورجال الصلح خاصة أن الطرق‬
‫المنحرفة كانت تتلقى الدعم من سلطات الحتلل‪ ،‬استعان ابن باديس‬
‫بالصحافة الصلحية لكشف حقيقة تلك الطرق المنحرفة متبنيا منهج إصلح‬
‫عقائد الناس وأعمالهم‪ ،‬إذ يقول ‪" :‬قمنا بالدعوة إلى ما كان عليه السلف‬
‫الصالح من التمسك بالقرآن الشريف والصحيح من السنة الشريفة وقد‬
‫عرف القائمون بتلك الدعوة ما يلقونه من مصاعب وقحم في طريقهم من‬
‫وضع الذين شّبوا على ما وجدوا عليه آباءهم من خلق التساهل في الزيادات‬
‫والذيول التي ألصقها بالدين المغرضون أو أعداء السلم اللداء والغافلون‬
‫من أبناء السلم"‪.‬‬
‫فكانت الحملت متوالية منذ أول جريدة أنشأها المام‪ ،‬هي المنتقد )في ‪3‬‬
‫جويلية سنة ‪ 1925‬م( وكان شعارها "الحق فوق كل أحد والوطن قبل كل‬
‫شيء"‪ ،‬وكما يدل عليها اسمها فقد كانت ثورة على كل المظاهر المنحرفة‬
‫في المجتمع الجزائري بهدف تنبيه المجتمع إلى مواطن الخلل والتركيز على‬
‫نقض الطرق الصوفية المنحرفة التي كانت تمثل السلم بصورة مشوهة‬
‫وكانت توجه أتباعها من خلل المقولة الخطيرة "اعتقد ول تنتقد" فكان عبد‬
‫الحميد بن باديس يردد عبارة "انتقد ول تعتقد"‪.‬‬
‫ولكن "المنتقد" لم تعش طويل‪ ،‬نظرا للهجتها الحارة‪ ،‬وجملتها الصادقة‪ ،‬ضد‬
‫الخرافات والبدع‪ ،‬والتي أثارت حفيظة الطرقيين عليها‪ ،‬وساندهم في ذلك‬
‫بعض رجال الدين الرسميين‪ .‬فأخذوا في الوشاية لدى السلطات الفرنسية‬
‫ضدها‪ ،‬حتى عطلتها بأمر حكومي‪ ،‬بعد أن دامت أربعة أشهر أصدرت خللها‬
‫فا سبب سعي السعاة‬ ‫حا وكاش ً‬
‫ثمانية عشر عدًدا‪ .‬ويقول المام فاض ً‬
‫لتعطيلها ‪" :‬ولكن أثار الذين اعتادوا التملق صدقها‪ .‬وكبر على الذين تعودوا‬
‫النفاق صراحتها‪ .‬وهال الذين اعتادوا الجبن من الرؤساء‪ ،‬أو اعتادوا الجمود‬
‫من التباع صرامتنا‪ .‬فأجمعت هذه الطرائف أمرها‪ ،‬وأخذوا يسعون في‬
‫الوشاية ضدها‪ ،‬وحمل الحطب للمراجع العليا لحرقها‪ ،‬حتى عطلت"‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫على إثر تعطيلها مباشرة‪ ،‬أصدر ابن باديس جريدة "الشهاب" )في ‪12‬‬
‫نوفمبر ‪ 1925‬م( التي يوحي عنوانها "بالطموح إلى إضرام النار في القديم‬
‫البالي الميت‪ ،‬الذي يريد أن يتحكم في الحياء‪ ،‬وفي المستقبل‪ .‬وإلى إنارة‬
‫الطريق للجيل الصاعد‪ ،‬نظرا لما للشهاب من معاني النار والضوء")‪.(7‬‬
‫وخوًفا من المام على الجريدة من التعطيل‪ ،‬وحذًرا منه على ذلك‪ ،‬اصطنع‬
‫وانتهج – مداراة وتمويًها – في تحريرها رؤية جديدة تتسم بعدم الصدام مع‬
‫سلطات الحتلل‪ ،‬والصبغة الدينية الغالبة في موضوعاتها‪ ،‬فقام الشيخ بشرح‬
‫التفسير والحاديث على صفحاتها‪ ،‬مع ربط المسائل الدينية بالواقع‬
‫الجزائري‪ ،‬فراح يهاجم الدجاجلة فيقول على صفحاتها ‪" :‬أحذر من دجال‬
‫يتاجر بالطلسم‪ ،‬ويتخذ آيات القران وأسماء الرحمن هزوا ً يستعملها في‬
‫التمويه والتضليل"‪.‬‬
‫واتهم المتصوفة الذين أخذوا أنفسهم وأتباعهم بنسك العاجم )يعتبر أحمد بن‬
‫عا وعقائد من عند أنفسهم‬ ‫عليوة أنه واحد منهم( بأنهم اخترعوا أعمل وأوضا ً‬
‫وظنوا أنهم يتقربون بها إلى الله على غرار ما فعل المشركون من عبادة‬
‫الوثان والذبح عليها‪" ،‬وكما اخترع طوائف من المسلمين الرقص والزمر‬
‫والطواف حول القبور والنذر لها والذبح عندها ونداء أصحابها وتقبيل أحجارها‬
‫ونصب التوابيت عليها‪ ،‬وحرق البخور عندها‪ ،‬وصب العطور عليها" وهو يدمغ‬
‫ذلك كله بأنه مخالف لسنة رسول الله وأصحابه‪ .‬وهو يظهر عجبه من حال‬
‫المسلمين الجزائريين وغيرهم إذ "تجد السواد العظم من عامتنا غارًقا في‬
‫هذا الضلل‪ .‬فتراهم يدعون من يعتقدون فيهم الصلح من الحياء والموات‪،‬‬
‫يسألونهم حوائجهم من دفع الضر‪ ،‬وجلب النفع وتيسير الرزق وإعطاء‬
‫النسل‪ ،‬وإنزال الغيث ويذهبون إلى الضرحة‪ ...‬ويدقون قبورهم وينذرون‬
‫لهم‪ ...‬وتراهم هناك في ذل وخضوع وتوجه‪ ،‬قد ل يكون في صلة من يصلي‬
‫منهم"‪ ،‬إنهم يدعون غير الله‪ ،‬ومن دعا غير الله‪ ،‬فهو إلى الشرك أقرب‪.‬‬
‫وإلى جانب هذا الشرك الخفي أو الصريح‪ ،‬ما عسى أن يقول المتصوفة عن‬
‫النبياء وعن سيد الخلق نبينا محمد عليه الصلة والسلم‪ ،‬وهم أكثر الخلق‬
‫خوًفا من الله ونفوًرا من عذابه ؟ وهل يجهلون أن من دعاء القنوت الثابت‬
‫المحفوظ "وإليك نسعى ونحفد‪ ،‬نرجو رحمتك ونخاف عذابك الجد"‪...‬‬
‫هذا وقد صرف الطرقية في الجزائر الناس عن العمل‪ ،‬وحببوا إليهم التواكل‪،‬‬
‫وأنكروا عليهم حرية الرادة‪ ،‬وكادوا يجردونهم من قيمهم النسانية‪ ،‬وشاعت‬
‫المنكرات في الوالد "والزردات والوعدات"‪ ،‬واستغل أرباب الطرق الصوفية‬
‫سذاجة العامة فهناك "نوع موجود في غالب القطر الجزائري‪ ،‬ويكثر في‬
‫بعض الجبال وهو أن بعض المأمورين من بعض شيوخ الطوائف يأتون بثلة‬
‫من أتباعهم‪ ،‬فينزلون على المنتمين إليهم من ضعفاء الناس فتدبح لهم‬
‫الذبائح‪ ،‬ويكنس لهم ما في البيت‪ ..‬وشر ما في هذا الشر أنه يرتكب باسم‬
‫الدين وينسبه الجهال أنه قربة لرب العالمين"‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫ويعترف المام بن باديس أن الناس قبل نجاح حركة الصلح كانوا يظنون أن‬
‫السلم ليس إل ما تصوره الطرق الصوفية‪ .‬ومما زاد في ترويج هذه الفكرة‬
‫الضالة ما رأوه من مسلك علماء الدين ضيقي الفق الذين ساندوا الطرقية‪،‬‬
‫وأيدوا شيوخها‪ .‬لهذا عمد لكشف أسمائهم وطرقهم المنحرفة عبر عديد‬
‫المقالت الحادة باسمه أشهرها مقال "جواب صريح" في ذكر المشتهر بصلة‬

‫‪43‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الفاتح لما أغلق من الذكار المنتشرة عند الطريقة التيجانية‪ ،‬ونشره "الخطبة‬
‫العصماء في التحذير من البدع والموالد" للسلطان سليمان بن سيدي محمد‬
‫بن عبد الله‪ ،‬أحد مفاخر ملوك المسلمين في القرن الثاني عشر في المغرب‬
‫القصى‪ ،‬ويعلل ذلك "ونحن نرجو من خطباء الجزائر أن يخطبوا بها على‬
‫الناس إن كانوا لهم ناصحين"‪ .‬وللمام مقالت أخرى كان يمضيها باسم‬
‫"بيضاوي" في أغلبها كانت شديدة النقد للطريقة العلوية‪ ،‬فحاول العلويون‬
‫معرفة هذا الكاتب‪ ،‬ولكن إدارة الشهاب أبت الكشف عنه‪ ،‬وما تحركهم‬
‫لمعرفة الكتاب إل غيضا‪ ،‬كون الله وفق الجزائريين إلى معرفة حقيقة هذه‬
‫الطرق وإلى كشف عن أهدافها من إشاعة العقائد الباطلة وتحريف السلم‬
‫وتشويهه‪ ،‬وتحطيم القيم الخلقية السلمية‪ ،‬ومن مساندة دولة الباطل‪.‬‬
‫تحرك غيض العلويين ‪:‬‬
‫بعد قرابة العام من صدور الصحافة الصلحية التي تزعمتها صحف الشيخ ابن‬
‫باديس وصمودها‪ ،‬واشتداد الحمالت على الطرقية خاصة على الطريقة‬
‫العلوية واتباعها‪ ،‬تحرك غيض العلويين‪ ،‬فقرروا الفتك بابن باديس‪ ،‬لن بموته‬
‫تختفي الصحف وينطفئ نجم جمعية العلماء المسلمين اللتان كشفتا أفعالهم‬
‫المنحرفة‪ ،‬وينتقمون لشيخهم أحمد بن عليوة الذي فضح أمره في رسالة‬
‫جواب سؤال عن سوء مقال‪ ،‬وتنطفئ الصحوة والنهضة القائمة كون ابن‬
‫باديس زعيمها الروحي الذي أخمد نار زرداتهم‪ ،‬وخلص البلد من حمى‬
‫دراويشهم‪ ،‬وحرر عقل المة من أضاليلهم وأحلمهم الممتعة المسكرة‪ ،‬التي‬
‫يشعيها شيوخهم ومريدوهم‪ .‬فعقدوا اجتماعا في مستغانم واتفقوا فيه أن‬
‫يغتالوا الشيخ المصلح‪ ،‬وأرسلوا من ينفذ هذه الخطة‪.‬‬
‫‪ -‬صورة الحادثة ‪:‬‬
‫في قسنطينة شرع هذا الشخص الموفد مع بعض مساعديه يترصدون الشيخ‬
‫لمعرفة مسكنه وتحركاته وأوقاته‪ ،‬وفي يوم ‪ 9‬جمادى الثانية ‪ 1341‬هـ‬
‫الموافق ليوم ‪ 14‬ديسمبر ‪ 1926‬م عندما كان ابن باديس عائد إلى بيته بعد‬
‫منتصف الليل‪ ،‬كمن له الجاني في الطريق‪ ،‬وأقدم على تنفيذ محاولته الثمة‪،‬‬
‫ولما دنا منه هوى عليه بهراوة وأصابه بضربة على رأسه وصدعه‪ ،‬فشج رأسه‬
‫وأدماه‪ ،‬لكن الشيخ أمسك به‪ ،‬وهو الضعيف النحيل‪ ،‬وصعد به في الدرج إلى‬
‫الطريق العام‪ ،‬ويصيح مستغيثا فتبلغ صيحته جماعة كانت بمكان قريب منه‪،‬‬
‫فيهرعون إليه ولما رأى المجرم إقبال الجماعة لذ بالفرار‪ ،‬وإلى أين ؟ إلى‬
‫منزل المام حيث وقف ببابه ولعله كان ينتظر الجهاز عليه بطعنة خنجرا من‬
‫نوع "البوسعادي" كان يحمله‪ ،‬ولكن خاب ظنه‪ ،‬وخذلته بركة الشيخ والزاوية‪،‬‬
‫فعثرة عليه جماعة النجدة هناك‪ ،‬وانقضوا عليه‪ ،‬وكادوا يفتكون به‪ ،‬لو ل‬
‫تدخل المام بن باديس قائل ‪" :‬كفوا عنه فليس الذنب ذنبه‪ ،‬فما هو إلى‬
‫صخرة مسخرة"‪.‬‬
‫شاع خبر محاولة الغتيال في المدينة فأقبلت الجموع تستطلع الخبر‪ ،‬وتتأكد‬
‫من حياة المام بن باديس برؤيته‪ ،‬ومن القلة الذين أذن لهم الشيخ بدخول‬
‫عليه الشيخ محمد الصالح بن عتيق أحد أبرز طلبته رفقة بعض زملئه‪،‬‬
‫يتحدث عن حالة المام ‪" :‬ولما دخلنا عليه رأينا ويا هول ما رأينا شخصا نحيل‬
‫عله الصفرار يصارع اللم الذي أصابه بصبر وثبات فأصابنا حزن عميق وقد‬
‫أدرك ما نحن عليه فابتسم وقال لنا أتذكرون درس الليلة في تفسير قول‬
‫تعالى ‪" :‬لهم دار السلم عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون"‪ ،‬قلنا نعم‬
‫نذكره جيدا‪ ،‬والحمد لله على سلمتكم‪ .‬وقبل أن ننصرف سألناه عن الحادثة‬
‫وكيف جرت بينه وبين المجرم قال ‪" :‬بينما كنت عائدا من إدارة الشهاب ليل‪،‬‬

‫‪44‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وقد تلفعت ببرنوسي من شدة البرد أفكر في أعمال الغد‪ ،‬وأنا ذاهب إلى‬
‫المنزل‪ ،‬وعندما كنت على السلم الواصل إليه‪ ،‬لم أشعر إل بضربة شديدة‬
‫تهوي على رأسي‪ ،‬ولو ل العمامة التي وقتني لنالت مني هذه الضربة أكثر‬
‫مما نالت‪ ،‬فاشتبكت مع المجرم‪ ،‬واستطعت أن أحمله بين يدي هاتين‪ ،‬مشيرا‬
‫بيديه‪ ،‬وأصعد به في الدرج وبلغت به الطريق العام‪ ،‬ثم سكت قليل‪ ،‬ثم قال ‪:‬‬
‫أتدرون كيف تغلب عليه ؟ قلنا ل‪ ،‬والله الرجل بدوي يجهل السير على الدرج‬
‫وخاصة الضيق منها‪ ،‬أما أننا فقد تعودت السير عليها‪ ،‬ولم أجد في ذلك‬
‫حرجا"‪ .‬وأبي رحمة الله أن يجعلنا نعتقد أنها كرامة له من الله‪ ،‬وهي كذلك‬
‫فمن عرف المكان الوعر والوحش الكاسر‪ ،‬وما معه من سلح‪ ،‬ومن عرفه‬
‫ما عليه الستاذ من الضعف والهزال أيقن أن الله كان معه يدافع عنه")‪.(10‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫أما الجاني فقد أمسكت به جماعة النجدة وساقوه إلى الشرطة فأوقفته‬
‫وفتشته فوجدت عنده سبحة وتذكرة ذهاب وإياب بتاريخ ذلك اليوم‪) ،‬من‬
‫مستغانم إلى قسنطينة( زيادة عن الخنجر والعصا‪ ،‬فأودعته السجن ثم قدمته‬
‫للمحاكمة فنال جزاءه‪ ،‬وصدر في شأنه الحكم بخمس سنوات سجنا‪ .‬رغم أن‬
‫ابن باديس عفا عنه في المحكمة قائل ‪" :‬إن الرجل غرر به‪ ،‬ل يعرفني ول‬
‫أعرفه‪ ،‬فل عداوة بيني وبينه‪ ..‬أطلقوا سراحه"‪ ،‬ولكن الزبير بن باديس‬
‫المحامي )شقيق الشيخ بن باديس( قام باسم العائلة يدافع عن شرفها‪،‬‬
‫ويطالب بحقها في تنفيذ الحكم قائل‪" :‬إن أخي بفعل الصدمة لم يعد يعي ما‬
‫يقول إلى غير ذلك مما جرى في المحاكمة"‪.‬‬
‫‪ -‬صدى الحادث الليم ‪:‬‬
‫ما كاد خبر الحادثة يقع حتى انتشر الخبر في أنحاء البلد وأرجاء الوطن‬
‫العربي‪ ،‬فورد على مجلة الشهاب عشرات من القصائد والمقالت يستنكرون‬
‫فيها محاولة اغتيال المام بن باديس من طرف دعاة البدعة بإيعاز الدارة‬
‫الستعمارية‪ ،‬وانتقلت الطريقية العلوية واتباعها من مواقع الهجوم إلى مواقع‬
‫الدفاع في محاولة للدفاع عن وجودها ومصالحها‪ ،‬غير مدركة في الحقيقة‬
‫أين تكمن مصلحتها الحقيقة بعد أن فقدت شعبيتها وظهرت بمظهر الخيانة‪،‬‬
‫ولم تعد ذات نفع للحكومة الفرنسية‪ ،‬بل غدت عبئا ً عليها بسبب الحادث‬
‫الليم‪.‬‬
‫وفي هذه الحادثة فاضة المقالت بشعور العجاب بجهاد المام بن باديس‬
‫وشجاعته‪ ،‬فمن ذلك القصيدة التي وردت من شاعر الشباب‪ ،‬وأمير شعراء‬
‫الجزائر الشيخ محمد العيد آل خليفة الذي خاطب بها الشيخ بن باديس بعد‬
‫الحادثة ‪:‬‬
‫َ‬
‫ت ب َِها أولى‬ ‫موْلى وك ُن ْ َ‬ ‫َ‬ ‫حمْتك ي َد ُ ال َ‬ ‫َ‬
‫وأخطاك الموت الزؤام يقوده‬
‫وأهوى إلى نصل بكف لئمة‬
‫فأوسعها وهنا‪ ،‬وأوسعتها قوة‬
‫خر تعتلي‬ ‫وكادت يد الجاني الس ّ‬
‫ت‬
‫ف َتطاول ْ‬ ‫كي َ‬ ‫س َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ضيع الن ّ ْ‬ ‫فََيا لو ِ‬
‫ع‬ ‫َ‬
‫زيزِ طلئ ٌ‬ ‫صر العَ ِ‬ ‫ك بالن ّ ْ‬ ‫واَفت َ‬‫فَ َ‬
‫َ‬
‫ن ت َظافُروا ‪...‬‬‫َ‬ ‫سى الذي َ‬ ‫س ل أن ْ َ‬ ‫ن أن ْ َ‬ ‫وإ ْ‬
‫َ‬
‫موْلى‬ ‫ه ي َد ُ ال َ‬ ‫مت ْ ُ‬
‫ح َ‬ ‫خ َ‬ ‫شي َ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫َ‬
‫‪ ...‬فَيالك ِ‬

‫‪45‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫إليك أمرؤ أملي له الغي ما أملي‬


‫تعود أن ينضي بها ذلك النصل‬
‫وأجهدتها عقدا‪ ،‬وأجهدها حل‬
‫يد الشيخ لول الله أدركه لول‬
‫قتل َ‬ ‫سه حّتى أسّر ل َ َ‬
‫ك ال َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ب ِهِ ن َ ْ‬
‫ة ت َْترى من اْلمل العَْلى‬ ‫مَبارك ٌ‬ ‫ُ‬
‫مهْ َ‬
‫ل)‪(11‬‬ ‫هم‬
‫َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ت‬ ‫فقل‬ ‫جاني‬‫َ‬ ‫بال‬ ‫ك‬
‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ال‬ ‫على‬ ‫َ‬
‫وجاءت من الشاعر الكبير السعيد الزاهري قصيدة ينوه فيها بشخصية المام‬
‫بن باديس‪ ،‬ويستنكر فعل خصومه النذال ومطلعها ‪:‬‬
‫ل تبلغ العلياء دون ثبات‬
‫يا وقفة لك في سبيل الله لم‬
‫بعثوا إليك منوما يعدو على‬
‫قطع الطريق عليك في غسق ولم‬
‫نهضوا لحرب المصلحين لعلهم‬
‫أذوك حين دعوت من ضلوا الـ ‪...‬‬
‫‪ ...‬هيهات دون المجد كل أداة‬
‫نرهان لغيرك من ذوي الوقفات‬
‫ما فيك من جد ومن عزمات‬
‫تكن الّتيوس لتقطع الطرقات‬
‫يقفون دون طريقة عشرات‬
‫ـدين النير بحكمة وعظات)‪(12‬‬
‫وجاء من الشاعر الوطني رمضان حمود قصيد مطلعه ‪:‬‬
‫ش سالما عبد الحميد من البل‬ ‫ع ْ‬ ‫ِ‬
‫عش كالهلل سناؤه وعلوه ‪ ... ...‬قد خابت النذال وهي كتائب‬
‫والكل نحوك أنجم وكواكب)‪(13‬‬
‫وكتب الشيخ العربي التبسي – وهو طالب بالزهر الشريف بمصر – مقال‬
‫موسوم "أريد حياته ويريد قتلي" قال فيه بعد أن اثنى عل مجلة الشهاب ‪:‬‬
‫"وما قبل اليوم كاهن‪ ،‬ول عراف‪ ،‬ول زاحر‪ ،‬يقر إليه )في أذنيه( يظن أن‬
‫هناك مخلوًقا من إنس‪ ،‬أو جن‪ ،‬تحدثه نفسه بأن يحمل المعول والفؤوس‬
‫ما يزاحم الكواكب بالمناكب‪ ،‬من أعلم السلم في سبيل الشيطان‪،‬‬ ‫ليهد عل ً‬
‫ومرضاة الطاغوت‪ ،‬ولكن من سبقت عليه الشقاوة‪ ،‬وجرى عليه القضاء‪ ،‬اتبع‬
‫هواه فركبها عشواء مظلمة !‬
‫ما لما أتاه هذا الفاك الثيم العليوي مما‬
‫فا وغ ً‬ ‫من ذا الذي ل ينفلق كبده أس ً‬
‫يغضب الرحمان‪ ،‬ويثير الشجان ؟‬
‫أل فليعلم العليوي السفاك‪ ،‬ولي إبليس‪ ،‬أن فعلته التي فعل لم تكن مسددة‬
‫إلى الستاذ العظيم ابن باديس‪ ،‬وإنما رمى بسهمه نحر السلم‪ ،‬وأنه أراد هو‬
‫وشيعته أن يأتوا بدين مزيج من معتقدات الباء الكاثوليك‪ ،‬والرسل‬
‫البروستانتيين‪ ،‬فليس له أن يرغم علماء السلم على قبول شنعه باسم دينهم‬
‫وأن يكم أفواههم حذر أن يبينوا للناس ما أتيتم به مما ينقض الهيكل‬
‫السلمي‪ ،‬ويحطمه لبنة لبنة‪ ،‬فدون وصولكم إلى غايتكم – والله – لمس‬
‫السماء‪ ،‬ودك الشاخب )الجبال("‪(14) ...‬‬
‫واستمرت الرسائل والقصائد تهنئ ابن باديس وتنعي باللئمة على المعتدي‬
‫وحزبه‪ ،‬فكانت هذه الحادثة رغم فضاعتها وبشاعتها مباركة على المصلحين‬
‫وأنصارهم‪ ،‬فقد تأهبوا للدفاع عن الفكرة الصلحية ورعايتها بينما باء أهل‬

‫‪46‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الزيغ والضلل بالهزيمة وسوء السمعة فانكشف حالهم وحيطت أعملهم‬


‫فكانوا من الخاسرين‪.‬‬
‫موقف ابن باديس من الحادث وكلمته الصريحة ‪:‬‬

‫)‪(5 /‬‬

‫بعدما تبين أن للعلويين والطرقية المنحرفة يد في الحادث‪ ،‬بين المام بن‬


‫باديس موقفه من الحادث‪ ،‬موجها كلمة صريحة للطرقية‪ ،‬يقول ‪" :‬ل يهمنا‬
‫اليوم أن نجهز على الجريح المثخن الذي لم يبق منه إل ذماء‪ ،‬وإنما يهمنا أن‬
‫نبين موقفنا مع البقية من شيوخنا ونسمعهم صريح كلمتنا‪ .‬حاربنا الطرقية‬
‫لما عرفنا فيها – علم الله – من بلء على المة من الداخل ومن الخارج‪،‬‬
‫فعملنا على كشفها وهدمها مهما تحملنا في ذلك من صعاب‪ .‬وقد بلغنا غايتنا‬
‫والحمد لله‪ ،‬وقد عزمنا على أن نترك أمرها للمة‪ ،‬هي التي تتولى القضاء‬
‫عليها‪ ،‬ثم نمد يدنا لمن كان على بقية من نسبته إليها لنعمل مًعا في ميادين‬
‫الحياة على شريطة واحدة ‪ :‬وهي أن ل يكون آلة مسخرة في يد نواح‬
‫اعتادت تسخيرهم‪ ،‬فكل طرقي مستقل في نفسه عن التسخير فنحن نمد‬
‫يدنا له للعمل في الصالح العام‪ ،‬وله عقليته ل يسمع منا فيها كلمة‪ ،‬وكل‬
‫طرقي – أو غير طرقي – يكون أذًنا سماعة وآلة مسخرة‪ ،‬فل هوادة بيننا‬
‫وبينه حتى يتوب إلى الله‪ .‬قد نبذنا إليكم على سواء‪ ..‬إن الله ل يحب‬
‫الخائنين")‪.(15‬‬
‫________________________________________‬
‫الهوامش ‪:‬‬
‫‪ -1‬الشهاب‪ ،‬ج ‪ ،11‬م ‪ ،14‬محرم ‪ – 1357‬مارس ‪ ،1938‬ص ‪.204 :‬‬
‫‪ -2‬بسام العسلي ‪ :‬عبد الحميد بن باديس وبناء قاعدة الثورة الجزائرية‪ ،‬ط‬
‫‪ ،2‬دار النفائس‪ ،‬بيروت‪ ،‬لبنان‪ 1403 ،‬هـ‪ 1983/‬م‪ ،‬ص ‪.76 – 75 – 74 :‬‬
‫‪ -3‬أنظر محمد الصالح رمضان )وهو من تلميذ ابن باديس( في مقدمته على‬
‫الرسالة المحققة "رسالة جواب سؤال عن سوء مقال"‪.‬‬
‫‪ -4‬انظر الشواهد على ذلك في "صراع بين السّنة والبدعة" لحمد حماني‪،‬‬
‫ص ‪.223 - 201 :‬‬
‫‪ -5‬أنظر آثار المام ابن باديس‪ ،‬ج ‪ ،5‬ط ‪ ،1‬من مطبوعات وزارة الشؤون‬
‫الدينية‪ ،‬الجزائر ‪ 1985‬م‪ ،‬ص ‪.587 :‬‬
‫‪ -6‬أنظر سجل مؤتمر جمعية العلماء‪ ،‬ص ‪.31‬‬
‫‪ -9‬محمد الميلي ‪ :‬ابن باديس وعروبة الجزائر‪ ،‬ابن باديس وعروبة الجزائر‪،‬‬
‫ط ‪ ،2‬الشركة الوطنية للنشر والتوزيع‪ ،‬الجزائر‪ ،1973 ،‬ص ‪.12‬‬
‫‪ -10‬محمد الصالح بن عتيق‪ ،‬أحداث ومواقف في مجال الدعوة الصلحية‬
‫والحركة الوطنية بالجزائر‪ ،‬منشورات دحلب‪ ،‬ص ‪.60 :‬‬
‫‪ -11‬محمد العيد آل خليفة ‪ :‬ديوان محمد العيد‪ ،‬المؤسسة الوطنية للكتاب‪،‬‬
‫الجزائر‪ ،‬ص ‪.122 :‬‬
‫‪ -12‬محمد الصالح بن عتيق‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.63-62 :‬‬
‫‪ -13‬محمد الصالح بن عتيق‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.63 :‬‬
‫‪ -14‬محمد الصالح بن عتيق‪ ،‬نفس المرجع‪ ،‬ص ‪.64 :‬‬
‫‪ -15‬الشهاب‪ ،‬ج ‪ ،11‬م ‪ ،14‬محرم ‪ – 1357‬مارس ‪ ،1938‬ص ‪.204 :‬‬

‫)‪(6 /‬‬

‫‪47‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫خلقت لواحد ٍ فل تكن عبدا ً لكثير !! د‪ .‬الحبر يوسف نور الدائم*‬


‫دعا القرآن الكريم إلى التوحيد ‪ ،‬واعلم أنه العقيدة التي بشر بها النبيون‬
‫كلهم أجمعون ) ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن‬
‫عملك ولتكونن من الخاسرين( فالشراك عمل حابط‪ ,‬وبطلن ظاهر‬
‫وخسران مبين‪ ) ...‬والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءا ً‬
‫حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ً ووجد الله عنده فوّفاه حسابه والله سريع‬
‫ي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه‬ ‫ت في بحرٍ لج ّ‬‫الحساب ‪ .‬أو كظلما ٍ‬
‫سحاب ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل‬
‫الله له نورا ً فما له من نور( وفي سورة إبراهيم )مثل الذين كفروا بربهم‬
‫أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف ل يقدرون مما كسبوا علي‬
‫شيء ذلك هو الضلل البعيد( وفي سورة البقرة نقرأ قوله سبحانه ) يا أيها‬
‫الذين آمنوا ل تبطلوا صدقاتكم بالمن والذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس ول‬
‫يؤمن بالله واليوم الخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه‬
‫صلدا ً ل يقدرون على شيء مما كسبوا والله ل يهدي القوم الكافرين(‬
‫والصفوان الحجر ‪ ،‬والوابل المطر العظيم القطر ويقال لضعيفه طل وفي‬
‫القرآن ) فإن لم يصبها وابل فطل( والصلد الملس و الظن بالتراب إذا أصابه‬
‫الوابل أن يهتز ويربو وينبت ويمرع ‪ ،‬ولكن لما لبس العمل الرياء والكفر فقد‬
‫كشط التراب وزال الثر ومحقت البركة وبطل العمل ‪ ،‬وبقيت الصلدة التي‬
‫ل تلين والقساوة التي ل تنبض‪.‬‬
‫فالشراك بالله‪ -‬أعاذني الله وإياك منه ‪ -‬مصيبة ما بعدها مصيبة‪ ,‬وذنب ما‬
‫بعده ذنب‪ .‬وما لمشرك من مطمع في مغفرة ول جنة ول رضوان ) من‬
‫يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة( وفي سورة العراف ) ونادى أصحاب‬
‫ما رزقكم الله قالوا إن الله‬ ‫النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو م ّ‬
‫حرمهما على الكافرين( إن اليمان بالله وإفراده وتوحيده دين قيم وطريقة‬
‫مستقيمة ومحجة بيضاء ليلها كنهارها ل يزيغ عنها إل هالك ‪ ،‬وإن الكفر بالله و‬
‫الشراك به دين فاسد وطريقة معوجة وضلل بعيد ) ومن يشرك بالله فكأنما‬
‫خّر من السماء فتخطفه الطير أو تهوي به الريح في مكان سحيق( ‪.‬‬
‫ولما كان التوحيد بهذه المنزلة فقد حرص النبياء قاطبة على توكيده و‬
‫تحقيقه ونشره وإذاعته ‪ ،‬بينوا بيانا ً فصيحا ً وبّلغوا بلغا ً مبينا ً لتكون على الناس‬
‫الحجة‪ .‬ومع البيان الفصيح و البلغ المبين فل حجة للناس على الله‪ .‬لقد زال‬
‫العذر وانقطع الشك وارتفع اللتباس‪ .‬لقد بلغ الرسل ما أنزل إليهم من ربهم‬
‫فدعوا إلى عقيدة التوحيد بألسنة مفتوقة مفتوحة وكانوا صرحاء نصحاء‬
‫فصحاء‪ .‬صبروا و صابروا ‪ ،‬جدوا وجاهدوا ‪ ،‬قاتلوا وقتلوا ‪ ،‬وبذلوا أنفسهم و‬
‫أموالهم في الله ول غرو ‪ ،‬فمن الناس من يشري نفسة إبتغاء مرضاة الله ‪.‬‬
‫ذر ‪،‬‬‫وف وح ّ‬ ‫شر و أنذر‪ ،‬وخ ّ‬‫والرسل صفوة الناس بعد ‪ ،‬ما من رسول إل ب ّ‬
‫هب ) إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم( ) ول‬ ‫ور ّ‬
‫غب ور ّ‬
‫ً‬
‫يأمركم أن تتخذوا الملئكة و النبيين أربابا أيامركم بالكفر بعد إذ أنتم‬
‫مسلمون( ‪) ،‬لن يستنكف المسيح أن يكون عبدا ً لله ول الملئكة المقربون‬
‫ومن يستنكف عن عبادته ويستكبر فسيحشرهم إليه جميعا ً ‪ .‬فأما الذين آمنوا‬
‫وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله وأما الذين استنكفوا‬
‫واستكبروا فيعذبهم عذابا اليما ً ول يجدون لهم من دون الله وليا ً ول نصيرا ً ( ‪.‬‬
‫نعم ‪ ،‬التوحيد رسالة النبياء جميعا وهو عقيدتهم كلهم ل نستثني منهم أحدا ً ‪,‬‬
‫حتى إذا بعد العهد وطال المد وقست القلوب ‪ ،‬واندثرت معالم الحق‬
‫وانطمست معالمه وانحرف بعض الناس عن الحق ومالوا عن الرشد ‪،‬‬

‫‪48‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫واستحوذت عليهم شياطينهم فلعبت بهم الهواء وتعلقوا بأباطيل صدتهم عن‬
‫سواء الصراط ‪ .‬لقد مكث موسى عليه السلم في قومه يعلم ويهذب ‪،‬‬
‫كي ويؤّدب حتى إذا غاب عنهم أياما ً اتخذوا عجل ً له خوار زعموا أنه ربهم‬
‫ويز ّ‬
‫ورب موسى وهارون‪ .‬فلما رجع موسى إلى قومه غضب لربه عز وجل‬
‫فألقى باللواح ‪ ،‬وأخذ برأس أخيه يجره إليه وقال للسامري في غضب وغيظ‬
‫) وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا ً لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم‬
‫نسفا ً ‪ .‬إنما إلهكم الله الذي ل إله إل هو وسع كل شيء علما ( ‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫التوحيد عقيدة أولي اللباب من ذوي الفطرة السليمة‪ ,‬و القلب الصقيل ‪ ،‬أما‬
‫من سقمت فطرته وأظلم قلبه فإنه ل يستطيع أن يرقى إلى الفق التوحيدي‬
‫السامي ‪ ,‬ولهذا تراه مرتكسا ً في عين حمئة يلتمس النفع و الضر و الهداية و‬
‫الرشد و الولية و النصر ممن ل يملك لنفسه نفعا ً ول ضرا ً ول هداية ول رشدا ً‬
‫ول ولية ول نصرا ً ‪ .‬أولم يقل قوم موسى لموسى عليه السلم عندما جاوزوا‬
‫البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم )إجعل لنا إلها كما لهم آلهة(؟!‬
‫)قال إنكم قوم تجهلون ‪ .‬إن هؤلء متّبر ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون ‪.‬‬
‫قال أغير الله أبغيكم إلها ً وهو فضلكم علي العالمين ( أو لم يرو الرواة أن‬
‫بعضهم طلب من الرسول صلى الله عليه وسلم عندما رأى المشركين قد‬
‫اتخذوا شجرة علقوا عليها الثياب والمتاع و السلح أن يجعل لهم ذات أنواط‬
‫كما لهم ذات أنواط ؟! إن التوحيد الخالص ل يطيقه إل ذوو النفوس الكبيرة ‪،‬‬
‫والهمم العالية‪ ،‬والقلوب السليمة )ضرب الله مثل ً رجل ً فيه شركاء‬
‫متشاكسون ورجل ً سلما ً لرجل هل يستويان مث ً‬
‫ل( ؟! ‪.‬‬
‫هاهو ذا عيسى عليه السلم يدعو قومه للتي هي أقوم ‪ ،‬يدعوهم لتوحيد الله‬
‫وإفراده بالعبودية إذ مامن إله غيره فإذا هم يفتتنون به زاعمين أنه إبن‬
‫الله !! يا سبحان الله‪ ...‬آلله الذي لم يتخذ صاحبة ول ولدا ً يتخذ من عبيده‬
‫أبناءا ً ؟! كبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إل كذبا‪ ..‬لقد قال اليهود‬
‫من قبل عزير ابن الله وهاهم أولء النصارى يزعمون أن المسيح ابن الله وها‬
‫هم هؤلء وأولئك يزعمون أنهم أبناء الله وأحباؤه فماذا كانت الجابة الصلبة‬
‫ذبكم‬ ‫من الرسول الكريم ؟ كانت الجابة هذا القول الفخيم المفحم )فلم يع ّ‬
‫بذنوبكم بل أنتم بشر ممن خلق يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء( أل إن‬
‫أنبياء الله بريئون من هذه التّرهات و الباطيل ) وإذ قال الله يا عيسى بن‬
‫مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما‬
‫يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق ( إنه ليس من حق الرسل أن يبشروا‬
‫بدعوة أو أن ينشروا قول ً يناقض مبدأ التوحيد أدنى مناقضة ‪ ،‬إنهم في هذا‬
‫المر سواء يدعون إلى كلمة سواء ) قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواٍء‬
‫بيننا وبينكم أل نعبد إل الله ول نشرك به شيئا ً ول يتخذ بعضنا بعضا ً اربابا ً من‬
‫دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ( ‪.‬‬
‫فإياك أن تتخذ من دون الله أولياء –أخي المسلم‪ -‬وتأمل قوله سبحانه )مثل‬
‫الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتا ً وإن أوهن‬
‫البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون( إنك إن تفعل‪-:‬‬
‫ضربت عليك العنكبوت بنسجها ** وقضى عليك به الكتاب المنزل‬

‫)‪(2 /‬‬

‫‪49‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫خماسيات الميري‬
‫هدية الدب السلمي للدب العالمي‬
‫بقلم‪ :‬محمد الحسناوي‬
‫‪hisnawi@odabasham.org‬‬
‫لئن فخر الدب الفارسي برباعيات عمر الخيام‪ ،‬إن الدب العربي ليفخر أيضا ً‬
‫بخماسيات عمر بهاء الدين الميري‪ ،‬ولئن بطلت نسبة الخمريات الرباعية‬
‫ن رباعيات الخيام مع خماسيات‬ ‫إلى الخيام ‪-‬وهي باطلة في تقديرنا‪ -‬لتصطف ّ‬
‫الميري مع شعر إقبال وأمثالهم من شعراء السلم لتجعل من )الشعر‬
‫اللهي( السلمي ذروة الدب العالمي والنساني‪ .‬هذه خلصة البحث الذي‬
‫نحن بصدده‪ ،‬وقد وصلنا إليها بعد الدرس والفحص والتحليل‪ ،‬كما سوف نرى‪.‬‬
‫ي‬
‫الرباعيات‪ :‬جمع رباعية‪ ،‬وهي مقطوعة شعرية مؤلفة من أربعة أشطر )ب َي ْت َ ْ‬
‫شعر في العروض العربي(‪ ،‬اعتمدها عدد من الشعراء الفرس في التعبير عن‬
‫أحاسيسهم وخواطرهم‪ .‬تطلق هذه اللفظة على مجموعة من المقطوعات‬
‫الشعرية التي نظمها عمر الخيام‪ ،‬وتفوق فيها على كل من تقدمه بأسلوبه‬
‫الموجز‪ ،‬وبعاطفته العميقة الرقيقة‪ .‬وقد اختلف عدد هذه الرباعيات باختلف‬
‫النساخين)‪.(1‬‬
‫خماسية‪ ،‬وهي مقطع أو قطعة شعرية تتألف من‬ ‫أما الخماسيات‪ :‬فهي جمع ُ‬
‫خمسة أبيات‪ ،‬ترتبط بمعان متقاربة‪ ،‬منطلقة من فكرة أساسية‪ ،‬لم يعدها‬
‫النقاد القدامى قصيدة في عداد القصائد‪ ،‬لن القصيدة في عرفهم ل تقل‬
‫أبياتها عن سبعة أبيات أو تسعة)‪ .(2‬وسوف نلحظ أن إبداع الميري أو عنايته‬
‫بهذا النوع من الشعر سوف تزحزح العرف النقدي القديم‪ ،‬أو تحل الخماسية‬
‫محلها اللئق بين القصائد‪.‬‬
‫أشار الميري ‪-‬رحمه الله‪ -‬في مقدمة ديوانه "ألوان طيف" إلى ديوان له من‬
‫عشرين ديوانًا‪ ،‬سماه "الخماسيات"‪ .‬لم ينشر حتى الن‪ ،‬ويبدو أنه ‪-‬كما‬
‫سوف نرى‪ -‬قد وّزع أقساما ً كبيرة منه في دواوينه المنشورة‪ ،‬فاستغنى عن‬
‫نشره‪ ،‬وقد سكت عن الشارة إليه في المخطوطات بعد ذلك‪ ،‬يقول‪" :‬من‬
‫طريقتي في الصوم‪ :‬أن أقلل من الطعام‪ ،‬وأن أستعمل العسل بدل ً من‬
‫السكر‪ ،‬وأن يمتد سحوري إلى دقيقة المساك‪ ،‬وأن ل أنام بعد صلة الفجر‪،‬‬
‫ل‪ ،‬ما وجدت إلى ذلك‬ ‫حتى يزداد توهج الشمس‪ ،‬أقضي الوقت متمشيا ً متأم ً‬
‫سبيل ً ‪ ،‬وكثيرا ً ما تنساب من نفسي خلل ذلك‪ ،‬مقطوعات من الشعر‪ ،‬بعضها‬
‫ل ديواني المطبوع "مع‬ ‫كلت ج ّ‬ ‫قصائد طويلة‪ ،‬وأغلبها خماسيات‪ ،‬لعلها ش ّ‬
‫ي اللهيين غير المطبوعين‪" :‬إشراق" و"قلب‪ ..‬ورب"‬ ‫الله"‪ .‬ومنها في ديوان ّ‬
‫عدد كبير"‪) .‬انظر ديوانه‪ :‬صفحات ونفحات ص‪ (25 :‬أما ديوانه "قلب ورب"‬
‫فقد نشرته دار القلم والدار الشامية )‪ 1410‬هـ‪ ،(1990 :‬والثاني لم ينشر‬
‫بعد‪ .‬ولدفع اللتباس نوضح أن "أشواق وإشراق" عنوان آخر لقصيدة تعد ّ‬
‫واحدا ً وعشرين بيتا ً نشرت في ديوانه "نجاوى محمدية" ثم نشرت مستقلة‬
‫بالعنوان نفسه مضافا ً إليها )قصيدة المسلم وقصيدة رؤيا صدق(‪ ،‬وهي غير‬
‫ديوان "إشراق" كما نقدر‪.‬‬
‫عدد خماسيات الميري التي وصلتنا منشورة )‪ (94‬أربع وتسعون خماسية‪،‬‬
‫توزعت في دواوينه ومجموعاته الشعرية على الشكل التالي‪:‬‬
‫تاريخ نشرت الديوان ‪ ...‬المجموع ‪ ...‬غير الخماسيات ‪ ...‬عدد الخماسيات ‪...‬‬
‫اسم الديوان‬
‫)ط ‪1971 (2‬م ‪ ... 52 ... 14 ... 65 ...‬مع الله‬
‫‪1965‬م ‪ ... 1 ... 49 ... 50 ...‬ألوان طيف‬

‫‪50‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ 1+2 ... 7 ... 10 ... 1976‬نشرتا في غيره ‪ ...‬أب‬


‫‪ 3+1 ... 30 ... 34 ... 1980‬نشرت في غيره ‪ ...‬أمي‬
‫‪ 3+12 ... 25 ... 40 ... 1984‬نشرت في غيره ‪ ...‬صفحات ونفحات‬
‫‪ 4+1 ... 31 ... 37 ... 1985‬نشرت في غيره ‪ ...‬أذان القرآن‬
‫‪ 3+1 ... 46 ... 50 ... 1988‬نشرت في غيره ‪ ...‬نجاوى محمدية‬
‫‪ ... 24 ... 30 ... 54 ... 1990‬قلب‪ ..‬ورب‬
‫‪ ... 1 ... 24 ... 25 ... 1992‬رياحين الجنة‬
‫‪ ... 1 ... 16 ... 17 ...‬سبحات ونفحات‬
‫‪) ... 1 ... 0 ... 1 ... 1953‬مجلة المسلمون(‬
‫مع العلم أن للشاعر قصائد طوال ً مثل"في قرنايل‪ :‬في ديوان "مع الله" تعد ّ‬
‫)‪ (109‬تسعة أبيات ومئة‪ ،‬وأن لديه أيضا ً مقطوعات شعرية دون الخماسية‬
‫وفوقها‪ ،‬مثل "مغزى"‪ :‬بيتان في ديوان‪" :‬مع الله"‪ ،‬أما في ديوان "قلب‬
‫ورب" فنقع على "الحب والطب" ثم "المشيئة" ثنائيتين‪ ،‬و"نلوذ بالله" ثم‬
‫"دروب وخطوب" سداسيتين‪ ،‬و "عزة التذلل" سباعية‪ .‬على أن نسبة هذه‬
‫المقطعات قليلة جدًا‪.‬‬
‫من هذا الباب قصيدته "في العشر الواخر‪" :‬مع الله" مؤلفة من خمسة عشر‬
‫بيتًا‪ ،‬مقسمة إلى ثلثة مقاطع‪ ،‬كل مقطع خمسة أبيات يبدأ كل منها بشطر‬
‫مكرر‪:‬‬
‫حذاْر )ص‪(127 :‬‬ ‫ن جسمي َ‬ ‫حذارِ يا شيطا َ‬
‫َ‬
‫ويمكن أن تعد كل مقطع خماسية‪ ،‬لما يتمتع به من استقللية‪ ،‬حيث يختم كل‬
‫منها ببيت خاتمة‪ ،‬تنطوي على قفزة محّلقة متألقة على شاكلة الخواتيم في‬
‫كثير من الخماسيات‪.‬‬
‫من المفيد أن نذكر أن هذه الخماسيات تمتعت بسيرورة طاغية‪ ،‬فقد ترنم‬
‫بعدد منها المغنون مثل‪" :‬صلة‪ ،‬عمرة‪ ،‬صلة‪ ،‬دعاء" وغيرها مما أذيع مغنى‬
‫في عدد من الذاعات العربية‪ ،‬كما عارضها عدد من الشعراء المجيدين‬
‫معجبين ومتأثرين على شكل خماسيات‪ ،‬منهم الشاعران اليمانيان أحمد‬
‫محمد الشامي)‪ (3‬ومحمد محمود الزبيري الذي يقول مخاطبا ً الميري‪:‬‬
‫ك وصدىَ يستمد ّ من أصدائ ِ ْ‬
‫ك‬ ‫أنا طيٌر محل ّقٌ في سمائ ِ ْ‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ك‬ ‫ل في أضوائ ِ ْ‬ ‫ضل َ‬ ‫ت ال َ‬‫خف ُ‬


‫ت وَ ِ‬‫طهُر فارتْعـ ـ ُ‬‫ك ال ُ‬
‫ي آفاقُ َ‬ ‫ب ََهرْتن ْ‬
‫سماِع ُبكائ ِ ْ‬
‫ك‬ ‫ت في َ‬ ‫ك‪ ،‬وأمعن ُ‬ ‫يـ َ‬ ‫ت قواف ْ‬ ‫ي‪ ،‬وقد قرأ ُ‬ ‫ت أدر ْ‬ ‫لس ُ‬
‫ي‬‫ك َتبك ْ‬‫ة في ِ‬‫ب مقتول ٌ‬ ‫ك أشعو ٌ‬ ‫ن في أحشائ ِ ْ‬ ‫ي َيئ ّ‬‫أم نب ّ‬
‫عليائ ِ ْ‬
‫ك‬ ‫ك أرى منهما مدى َ‬ ‫ن عينيـ ـ َ‬ ‫ضم َ‬
‫ة ِ‬‫ت دمع ً‬ ‫ليَتني كن ُ‬
‫ً‬
‫ليتني زفرة ِبقلبك أحيا طاهرا وسط شعلةٍ من ِدمائ ِ ْ‬
‫ك‬
‫)مع الله‪ :‬ط ‪(246 - 2‬‬
‫كما أن إعجاب عدد من المستشرقين بديوان "مع الله" وترجمة بعض‬
‫قصائده إنما يشمل الخماسيات التي تغطي ثلثة أرباع الديوان)‪.(4‬‬
‫تاريخ المقطعات في الشعر العربي‬
‫إن جودة الشعر ل تقاس بطول قصيده ول بتعداد أبياته‪ ،‬بل في جوهره الذي‬
‫يتجلى بقيمه التعبيرية والشعورية‪ ،‬وبما تحقق فيها من جمالية وبيان‪ ،‬وقد‬
‫لحظ النقاد ومؤرخو الدب "أن ظاهرة المقطعات الشعرية قديمة قدم‬
‫الشعر‪ ،‬وأن هناك أسبابا ً كثيرة دعت إليها وإلى الكثار منها‪ ،‬أو الختصاص بها‪،‬‬

‫‪51‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وأن الشعراء عامة قد نظموا فيها‪ ،‬وكان بعضهم أكثر ميل ً إليها‪ ،‬وأقدر عليها‬
‫من سواه")‪ ،(5‬كما لحظوا "أن ما ورد في الشعر العباسي من هذه‬
‫المقطعات يفوق كثيرا ً ‪-‬كما ً ونوعًا‪ -‬ما ورد في شعر سواه من العصور الدبية‬
‫التي سبقته")‪ .(6‬والحكم نفسه يندرج على شعرنا العربي الحديث‪ ،‬وممن‬
‫أكثروا من هذه المقطعات الشعراء‪ :‬إسماعيل صبري وحليم دموس وأحمد‬
‫الصافي النجفي ومحمد سعيد العامودي صاحب مجموعة الرباعيات‬
‫المشهورة )أي أربعة أبيات ل أربعة شطور كالخيام()‪.(7‬‬
‫المقطعات في الشعر الفارسي‬
‫سوف نرى أن الموضوع اللهي هو الغالب على خماسيات الميري‪ ،‬مما‬
‫يذكرنا بشعر محمد إقبال وبشعراء الفرس‪.‬‬
‫ً‬
‫وعلى الرغم من استمداد الشعر الفارسي عروضه )بحورا وتفعيلت( من‬
‫الشعر العربي‪ ،‬وموضوعاته من شعر الزهد والتصوف العربيين إلى حد كبير‪،‬‬
‫وعلى الرغم من استقلل الميري بخماسياته شكل ً ومضمونًا‪ ،‬وإعجابه‬
‫بالشاعر إقبال‪ ،‬فإن المانة تقتضينا الشارة إلى شيوع المقطعات في الشعر‬
‫الفارسي بأنواعه ‪) :‬المثنوي المصرع ‪ -‬الترجيع بند الغنائي المؤلف من‬
‫مقطعات ‪ -‬الرباعي المنظوم من أربعة أشطر ‪ -‬الدوبيت وهو نوع من‬
‫الرباعيات‪ ،‬المندرج في بحر آخر أقرب ما يكون إلى الشعر المقطعي()‪.(8‬‬
‫مما يلفت النظر أن الصاوي علي شعلن ترجم قصيدتين للشاعر إقبال‬
‫"شكوى" )‪ 24‬مقطعًا( كل مقطع منها خمسة أبيات على بحر الكامل‪،‬‬
‫و"جواب شكوى " )‪ 27‬مقطعًا( كل مقطع كذلك خمسة أبيات)‪ (9‬من بحر‬
‫الوافر‪ .‬أما ترجمة الصاوي لقصيدة إقبال الخرى "في أسرار الشريعة"‬
‫فكانت )‪ 16‬مقطعًا( كل مقطع منها في أربعة أبيات من بحر الخفيف)‪.(10‬‬
‫سبب اختيار الميري للخماسيات‬
‫قال أحد الشعراء‪ :‬إن القصيدة هي التي تفرغ مني‪ ،‬ولست أنا الذي أفرغ‬
‫منها‪ .‬مما يدل على أن علقة الشاعر بشعره عميقة‪ ،‬أسهم علم النفس‬
‫التحليلي في الكشف عن طبيعتها‪ ،‬وتفسير بعض أسرارها)‪.(11‬‬
‫ترجح لدينا أن هناك في القل سببين نفسيين لختيار الميري نظام‬
‫الخماسيات أو المقطعات‪ ،‬أحدهما ذو طابع ديني‪ ،‬والخر ذو طابع فني‪ .‬أما‬
‫السبب الول‪ ،‬فهو البعد الروحي لتجربته الشعرية‪ ،‬التي تمتح من معين‬
‫)الموضوع اللهي( أي التوجه إلى الله تعالى‪ ،‬والتماس رحمته والقرب منه‪،‬‬
‫وطلب الصلة الروحية بمصدر الروح البشرية‪ ،‬بالتسامي والتأمل والمجاهدة‬
‫وما شاكل ذلك من رياضات روحية‪ .‬هذا النزوع البشري العلوي ل يتحقق‬
‫باستمرار‪ ،‬إنما يتأتى موجات موجات‪ ،‬ولحظات التجلي أو الشراق‪ ،‬تكاد‬
‫تكون خاطفة عابرة أو نادرة‪ .‬جاء في حديث شريف رواه المام مسلم في‬
‫صحيحه أن الصحابي حنظلة قال‪ :‬كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم‪،‬‬
‫فوعظنا‪ ،‬وذكرنا النار‪ .‬قال‪ :‬ثم جئت إلى البيت‪ ،‬فضاحكت الصبيان‪ ،‬ولعبت‬
‫المرأة‪.‬قال ‪ :‬فخرجت‪ ،‬فلقيت أبا بكر‪ ،‬فذكرت ذلك له‪ ،‬فقال‪ :‬وأنا قد فعلت‬
‫مثل ما تذكر‪ ،‬فلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فقلت ‪ :‬يا رسول الله‬
‫ه‪ ،‬فحدثته بالحديث‪ .‬قال أبو بكر‪ :‬وأنا قد فعلت مثل ما‬ ‫م ْ‬‫نافق حنظلة‪ ،‬فقال‪َ :‬‬
‫فعل‪ .‬فقال‪ :‬يا حنظلة ساعة وساعة‪ .‬ولو كانت تكون قلوبكم‪ ،‬كما تكون عند‬
‫الذكر لصافحتكم الملئكة حتى ٌتسّلم عليكم في الطرقات" عبر عن ذلك‬
‫شاعرنا الميري بخماسية في ديوانه "قلب ورب"‪:‬‬
‫ك‪ ..‬وأهواكا‬ ‫ل عليا لهوا َ‬
‫مث ُ ٍ‬
‫ل عن ُ‬‫ك‪ ..‬وأغف ُ‬‫أهوا َ‬
‫رضاكا‬‫ب‪ ،‬ونقضا ً ل ِ ِ‬
‫ب‪ ،‬وَنقصا ً في الح ّ‬ ‫لَنكصا ً في الدر ِ‬

‫‪52‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ت العين وقد أعشاها إشراقُ سناكا‬ ‫ن شردا ُ‬‫لك ْ‬


‫م الفلكا‬‫ن بالّرأفةِ ع ّ‬ ‫َ‬
‫ي أنك رحما ٌ‬
‫ويقين ْ‬
‫ملكا‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ت َ‬‫ب لو كن ُ‬‫وشعوريْ أّني إنسان هل أذن ُ‬
‫)ص‪(78 - 77 :‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫السبب الثاني لختياره الخماسيات هو طبيعة البداع الشعري القائمة على‬


‫وثبة نفسية أو مجموعة وثبات‪ُ ،‬تفرغ شحنة التوتر النفسي لدى الشاعر نتيجة‬
‫التقاء التجربة الجديدة المثيرة بتجربة الشاعر القديمة المختزنة‪ ،‬وتنتظمان‬
‫شيئا ً فشيئًا‪ ،‬فيكون من انتظامهما القصيدة التي نتلقاها‪ ،‬مما يجعل الحركة‬
‫كلها متجهة إلى إعادة تنظيم المجال‪ .‬و"تمضي حركة الشاعر في شكل‬
‫ون‬‫وثبات‪ ،‬تصل بينها لحظات كفاح‪ .‬والصورة الخارجية للوثبة عدة أبيات‪ ،‬تك ّ‬
‫كل ً متكامل ً هو الوحدة الدينامية للقصيدة‪ ،‬بحيث يمكن أن يقال‪ :‬إن القصيدة‬
‫من حيث هي كل متكامل‪ ،‬تتألف من عدة وثبات ل من عدة أبيات")‪(12‬‬
‫يقول الميري في "قلب ورب‪ :‬كنه ف ّ‬
‫ذ"‪:‬‬
‫ُ‬
‫بل أجّلي وأْنبث ِ ْ‬
‫ق‬ ‫م أحترقْ ُ‬ ‫ت باله ّ‬ ‫لس ُ‬
‫ق‬
‫ش ْ‬
‫مها عَ ِ‬ ‫ّ‬
‫مصِعدا في معارٍج كل من أ ّ‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫ق‬ ‫ل‬
‫ُ ِ ْ‬ ‫خ‬ ‫ندى‬‫ّ‬ ‫وال‬ ‫جدا‬
‫َ‬ ‫لل‬ ‫ز‪..‬‬
‫ٌّ‬ ‫ي‬ ‫مم‬ ‫ه‬
‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫كن‬ ‫أنا‬
‫ق‬ ‫ل‬ ‫ذ‪ ،‬فطينتي بسنا الروح ت ْ‬
‫أت‬ ‫أنا ف ّ‬
‫َ ِ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ِ َ ْ ِ‬
‫ق‬
‫منه أنطل ِ ْ‬ ‫ق وأنا ِ‬ ‫ح خال ٍ‬ ‫إنه ُرو ُ‬
‫)ص‪(262 :‬‬
‫ولما كانت طبيعة النسان كالميري ذات طاقة تتوهج لحظات أو وثبات‬
‫روحية أو شعرية‪ ،‬وكانت الوثبة أو الموجة الواحدة تستوعب فكرة واحدة أو‬
‫تجربة واحدة استراح الميري لذلك‪ ،‬وهو امرؤ يترك النفس على سجيتها‪،‬‬
‫وهو كذلك ذو مشاغل وأسفار متصلة في الوقت نفسه‪ ،‬ل يتسع وقته‬
‫للتطويل‪.‬‬
‫بقي أن نشير إلى انصراف الناس في زماننا عن المطولت وعن الشعر‬
‫نفسه‪ ،‬ورواج النصوص القصيرة الخفيفة مع رواج الصحافة وما سمي "بأدب‬
‫الساندويتش"‪ .‬الخماسية قصيرة‪ ،‬لكنها ليست خفيفة الوزن‪.‬‬
‫الخماسيات‪ ..‬إلهيات‬
‫أشار المرحوم الميري إلى أربعة من دواوينه )اللهية( ‪" :‬مع الله" و "قلب‬
‫ورب" و"إشراق" و"في هوى النور" وصلنا منها الولن‪ ،‬والثالث تحت الطبع‬
‫في دار القلم بالكويت‪ ،‬والرابع مخطوط‪ ،‬كما أشار إلى أن ديوانه النبوي‬
‫الثير لديه "نجاوى محمدية" هو إلهي أيضًا‪" :‬فهو وإن كان ديوانا ً نبويا ً فهو‬
‫إلهي في الوقت ذاته" )قلب ورب ‪ ،(23 :‬ومعظم هذه الخماسيات جاء في‬
‫ديوانه "مع الله" و"قلب ورب" وبعضها في "نجاوى محمدية" و "أذان‬
‫القرآن")‪ ،(13‬ونتوقع أن يرد كثير منها في ديوانيه اللهيين اللذين لم يصدرا‬
‫بعد‪ ،‬مع العلم أن الشاعر صرح بأن في ديوانه "في هوى النور" حجما ً ليس‬
‫بالقليل منها‪ ،‬وهي "قصائد من شعري في هذا الباب " )قلب ورب‪ 14 :‬و‬
‫‪.(15‬‬
‫ما الشعر اللهي؟‬
‫أول ما يخطر على البال هو شعر الزهد أو التصوف‪ ،‬والحقيقة هو شعر يوازي‬
‫شعر الزهد والتصوف وليس من مفرداتهما‪ ،‬كما سوف نرى‪ ،‬وهو أقرب ما‬

‫‪53‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يكون لمصطلح الذكر‪ ،‬ذكر الله تعالى‪ :‬من تحميد وتسبيح واستغفار‪ ،‬كما أن‬
‫الصلة على النبي محمد صلى الله عليه وسلم نوع من أنواع الذكر أيضًا‪.‬‬
‫خماسيات الميري اللهية تختلف عن الزهد الذي ذكره صاحب "التعريفات ‪-‬‬
‫الجرجاني" الذي هو بغض الدنيا والعراض عنها‪ ،‬كالعتزال عن الناس‬
‫والتقشف والخلص الفردي‪ .‬يقول في خماسية "دعاء"‪:‬‬
‫ي ووجداني‬ ‫ب‪ ،‬من روح ْ‬ ‫ك يا ر ّ‬ ‫أدعو َ‬
‫ي وأشجاني‬ ‫ب آلم ْ‬ ‫ك من قل ِ‬ ‫أدعو َ‬
‫ي وإيماني‬ ‫ك من غور إسلم ْ‬ ‫أدعو َ‬
‫ن‬‫شا ِ‬ ‫ن وال ّ‬ ‫م ّ‬ ‫ك يا ذا ال َ‬ ‫أدعو َ‬
‫س "إخواني"‬ ‫ف ضّر م ّ‬ ‫مستِعجل ً كش َ‬ ‫ُ‬
‫)مع الله‪(120 :‬‬
‫فهو جزء من إخوانه الذين يدعون إلى الله ويواجهون الضراء‪ ،‬يؤكد ذلك في‬
‫خماسية أخرى تدعو إلى السلم القوي‪ ،‬وتندد بنزع السلح أمام العدوان‪:‬‬
‫ة‬‫ب الجميل ْ‬ ‫خط ُ‬ ‫سلح" ‪ ..‬وما الذي تجدي له ال ُ‬ ‫"نزعُ ال ّ‬
‫ة‬
‫ت الطويل ْ‬ ‫م" التهاُتر والمتاها ِ‬ ‫ل "منتظ ِ‬ ‫في ظ ّ‬
‫م ول َفضيل ْ‬
‫ة‬ ‫ة" ل سل َ‬ ‫ن الحضار ِ‬ ‫م "إنسا ُ‬ ‫ما دا َ‬
‫صدوِر‪ ،‬ول وسيلة‬ ‫ُ‬ ‫ال‬ ‫من‬ ‫شرور‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫نزع‬ ‫في‬ ‫ن‬
‫فالم ُ‬
‫ه لنا سبيل َ ْ‬
‫ه‬ ‫إل ّ الرجوعُ إلى هدىً رس َ‬
‫م الل ُ‬
‫)أذان القرآن‪(121 :‬‬
‫كما تختلف الخماسيات اللهية عن التصوف الذي تحدث عنه الجرجاني في‬
‫تعريفاته بأكثر من تعريف مثل‪ :‬ترك الختيار أو التفرغ عن الدنيا‪ ،‬أو مثل‪:‬‬
‫الوقوف مع الداب الشرعية ظاهرا ً فيرى حكمها من الظاهر في الباطن‪،‬‬
‫وباطنا ً فيرى حكمها من الباطن في الظاهر‪ ،‬فيحصل للمتأدب بالحكمين‬
‫كمال‪ .‬يضاف إلى ذلك ما غلب على كثير من المتصوفة من مذاهب مبتدعة‪،‬‬
‫كنظريات الحلول والفيض وغير ذلك‪ ،‬أما الميري فلم يشطح عما في الكتاب‬
‫والسنة من تصور لله تعالى وأسمائه الحسنى وعلقة خلقه به‪ ،‬ل سيما‬
‫النسان المستخلف الذي يهتدي إلى خالقه وجماله ورحمته وعظمته وصفاته‬
‫من تأمل مخلوقاته وحكمه في خلقه‪ .‬أسمعه يقول في خماسية‪:‬‬
‫س‬ ‫ُ‬
‫ملت َب َ ْ‬‫ب فيه ُ‬ ‫ه‪ ،‬وهل ِلذوي اللبا ِ‬ ‫ن بالل ِ‬ ‫ف ل أوم ُ‬ ‫كي َ‬
‫س‬ ‫الغل‬ ‫جنح‬ ‫في‬ ‫الفجر‪،‬‬ ‫في‬ ‫ضحى‪،‬‬ ‫ال‬ ‫في‬ ‫ه‬ ‫خلق‬ ‫في‬ ‫ه‬ ‫أبصر‬ ‫فل ُ‬ ‫كي َ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫س‬
‫ج ْ‬ ‫ي انب َ َ‬
‫ه‪ ،‬في غورِ ذرات ْ‬ ‫ح من أمر ِ‬ ‫كيف ل أحيا بهِ والرو ُ‬
‫س‬
‫سنا نورِهِ في كل ترديدِ نف ْ‬ ‫ي بِ َ‬‫كيف ل َتسعَد ُ نفس ْ‬
‫ي قََبس!‬ ‫ي من أنا؟ أنا من إبداعهِ السام ْ‬ ‫وأنا‪ ،‬في سّر ك ُْنه ْ‬
‫)مع الله‪(61 :‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫وقد فطن إلى ذلك الدكتور محمد الصباغ في مقالة له نشرتها مجلة الحسنى‬
‫المغربية حين قال‪":‬إنه )مع الله( في كل لمسة من اللمسات‪ ،‬وخاطرة من‬
‫الخواطر‪ ،‬ونفحة من النفحات‪ ،‬إنه اتحاد مع الكون‪ ،‬وكل ما في الكون‪ ،‬وما‬
‫يحوم عليه‪ ،‬ويدور فيه‪ ،‬مبتعدا ً كل البعد عن مزالق "الحلولية" التي يقع فيها‬
‫كثير من الشعراء الحالمين الذي يستهويهم جمال الطبيعة الخلب‪.(14)".‬‬
‫وإذا حاولنا تصنيف هذه اللهيات في مفردات وجدنا معظمها في التجليات‬
‫من إشراق وسمو )‪ 13‬خماسية( أوفي أدعية )‪ ،(20‬وبعضها الخر تأملت )‬

‫‪54‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ ،(8‬أو إيمان بالقضاء والقدر وتسليم وتوكل )‪ ،(7‬أو وعظ )‪ ،(6‬أو تربية‬
‫وصقل للنفس )‪ ،(7‬أو تسبيح لله وتحميد )‪ ،(4‬أو استغراق في حب الله عز‬
‫ب فيه )‪ ،(1‬ومتفرقات أخرى في إعجاز النبوة والستفتاح‬ ‫وجل)‪ ،(2‬أو ح ّ‬
‫باسم الله أو الدعوة إلى السلم أو البذل في سبيل الله أو وسواس‬
‫الشيطان وراحة القلب‪...‬‬
‫شرف الخماسيات‬
‫درج كثير من نقاد الدب على إخراج الموضوع أو الغرض من دائرة التقويم‬
‫الفني لنصوص الدب والشعر‪ ،‬وذلك من باب احترام حرية الديب أو الشاعر‬
‫وعدم الحجر عليه‪ ،‬وفي تقديري أن حرية الديب ل تتعارض مع تقدير‬
‫الموضوعات التي يتناولها ومدى التفاوت بينها في تعبيرها عن حاجات البشر‬
‫أو مدى صلحيتها لفن من الفنون كالشعر‪ .‬فإذا أضفنا إلى ذلك انتشار الظل‬
‫المادي الحسي للمدنية الغربية‪ ،‬أو انتعاش الوثنيات القديمة أدركنا مدى‬
‫انحسار الشعر أو الشعور اللهي في الداب الحديثة ‪ ،‬وبات تمجيد رباعيات‬
‫الخيام لما فيها من معاقره للخمرة ل لما فيها من إشراقات روحية!‬
‫سه الفني الرفيع وكعادته يخالف العرف النقدي‬ ‫عباس محمود العقاد بح ّ‬
‫الدارج‪ ،‬ويطري ديوان الميري "مع الله" الذي هو أول دواوينه اللهية يقول‪:‬‬
‫"ديوانكم مع الله آيات من التنزيل والصلة‪ ،‬يطالعها القارئ‪ ،‬فيسعد بسحر‬
‫البيان‪ ،‬كما يسعد بصدق اليمان‪ .‬وقد قرأت طائفة صالحة من قصائده‪،‬‬
‫وسأقرأ بقيتها‪ ،‬وأعيد قراءة ما قرأته‪ ،‬لنه دعاء يتكرر ويتجدد ول يتغير‪"...‬‬
‫"مع الله ‪"241 :‬‬
‫ول نذهب بعيدا ً إذا قلنا‪ :‬إن سببا من أسباب اهتمام المستشرقين بشعر‬
‫ً‬
‫الميري إن لم يكن السبب الول هو الجانب اللهي فيه‪ ،‬يقول مثل ً‬
‫المستشرق اللماني ألبرت ديتريش عن ديوان "مع الله"‪" :‬وتعجبت مما فيه‬
‫من حسن اللفاظ ولطف المعاني‪ ،‬ودقة التفهم للنسانية ومطالبها‪،‬‬
‫وهمومها‪ ،‬وشدائدها‪ ،‬وسلواها‪) " ..‬مع الله‪(351 :‬‬
‫أما المستشرق اليطالي "مورينو" فيقول بعد أن تعمق في الدراسة‪" :‬مع‬
‫الله" ملحمة إلهية‪" .".‬مع الله‪"355 :‬‬
‫إذا رأى الشاعر المرهف منظرا ً طبيعيا جميل انفعل به‪ ،‬ول يستقر انفعاله‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫حتى يعبر عن تجربته‪ ،‬وإذا أحسن إليه صديق أو حبيب لم يجد بدا ً من شكره‬
‫على جميله وإحسانه‪ ،‬فكيف يكون شأنه مع الله الذي خلق له جمال الطبيعة‪،‬‬
‫وخلق النسان الذي أحسن إليه‪ ،‬كما خلق العواطف والمشاعر المرهفة التي‬
‫تذوقت هذه الفاويق؟ أليس جديرا ً به أن ينفعل بهذا الحسان الذي ل حدود‬
‫لنواعه وأبعاده وأعماقه وأطايبه؟ وإذا عبر عن هذه المشاعر السامية أجمل‬
‫تعبير وأبدعه‪ ،‬أل يكون تعبيره أو شعره هذا من أعظم أنواع الشعر والتعبير؟!‬
‫ك الحمد ُ طوعًا‪ ..‬لك الحمد ُ َفرضا ً وثيقا ً عميقًا‪ ..‬سماًء وأرضا‬ ‫ل َ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫فقا حثيثا‪ ..‬ونبضا‬ ‫خ ْ‬
‫ك الحمد ُ َ‬ ‫ً‬
‫ك الحمد ُ ِذكرا ل َ‬ ‫ً‬
‫صمتا‪ ..‬ل َ‬‫ك الحمد ُ َ‬ ‫ل َ‬
‫غمضا ً‬ ‫ً‬
‫ي‪ُ ..‬رنوّا و َ‬ ‫ل كيان ْ‬ ‫ي وك ّ‬
‫جنان ْ‬‫ك الحمد ُ ملَء خليا َ‬ ‫ل َ‬
‫ي وطيدا ً مديدًا‪ ..‬لترضى فأرضى‬ ‫ك اتجاه ْ‬ ‫ي‪ ،‬إلي َ‬‫إلهي وجاه ْ‬
‫َ‬
‫ن‪ ،‬والمُر لولك فوضى‬ ‫ت انسجامي مع الكو ِ‬ ‫ت ِقوامي‪ ..‬وأن َ‬ ‫فأن َ‬
‫)قلب ورب‪(197 :‬‬
‫يتبع‬
‫الهوامش‪:‬‬
‫)‪ (1‬المعجم الدبي ‪ -‬جبور عبد النور ‪ -‬دار العلم للمليين ‪ -‬ط ‪ - 1‬ص‪.552 :‬‬
‫)‪ (2‬المرجع السابق‪ :‬تعريف المقطع ص‪.261 :‬‬

‫‪55‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪ (3‬ديوان قلب‪ ..‬ورب ‪ -‬عمر بهاء الدين الميري ‪ -‬دار القلم ‪ -‬الدار الشامية‬
‫‪ -‬ط ‪ - 1‬ص‪.5 :‬‬
‫)‪ (4‬من المستشرقين‪ :‬البرت ديتريش وفون دايتمان وكورالي نولينوس‬
‫)ألمانيا(‪ ،‬ومحمد أسد )سويسرا(‪ ،‬ومارتينو ماريو مورينو )إيطاليا( ‪ -‬ديوان مع‬
‫الله ط ‪ - 2‬ص‪.357-351 :‬‬
‫)‪ (5‬ظاهرة المقطعات في الشعر العباسي ‪ -‬د‪ .‬يونس السامرائي ‪ -‬مجلة‬
‫آداب المستنصرية ‪ -‬العدد‪1404 - 8 :‬هـ‪1984 :‬م ‪ -‬ص‪.337 :‬‬
‫)‪ (6‬المرجع السابق‪.337 :‬‬
‫)‪ (7‬النهضة السلمية في سير أعلمها المعاصرين ‪ -‬د‪ .‬محمد رجب البيومي ‪-‬‬
‫دار القلم ‪ -‬الدار الشامية‪ .‬ج ‪ - 2‬العامودي الشاعر ‪ -‬ص‪.524 - 517 :‬‬
‫)‪ (8‬المعجم الدبي ‪ -‬ص‪.518 :‬‬
‫)‪ (9‬العلم الخمسة للشعر السلمي‪ :‬ترجمة‪ :‬محمد حسن العظمي‪-‬‬
‫الصاوي علي شعلن‪ -‬تحقيق‪ :‬مصطفى غالب ‪ -‬مؤسسة عز الدين للطباعة‬
‫والنشر ‪ -‬بيروت‪ :‬ط‪1402 :‬هـ‪ - 1982 :‬ص‪ 117 - 112 :‬و ‪.130 - 124‬‬
‫)‪ (10‬في أسرار الشريعة ‪ -‬العلمة محمد إقبال ‪ -‬ترجمه نثرًا‪ :‬محمود أحمد‬
‫غازي ‪ -‬شعرًا‪ :‬صاوي شعلن ‪ -‬دار الفكر ‪ -‬دمشق ‪ -‬ط‪1408 :‬هـ‪- 1988 :‬‬
‫ص‪.93 - 90 :‬‬
‫)‪ (11‬السس النفسية للبداع الفني في الشعر خاصة ‪ -‬د‪ .‬مصطفى سويف ‪-‬‬
‫دار المعارف بمصر ‪ -‬ط ‪ - 3‬ص‪.305 :‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫)‪ (12‬المرجع السابق ‪ -‬ص‪.308 - 305 :‬‬


‫)‪ (13‬عدد الخماسيات التي وصلتنا حتى الن‪ ،‬كما ذكرنا )‪ (94‬أربع وتسعون‪:‬‬
‫ثلث منها في المومة وواحدة في البوة وأخرى ذاتية واثنتان في الهم العام‪،‬‬
‫وما تبقى أي )‪ (89‬تسع وثمانون كلها في الشعر اللهي‪.‬‬
‫)‪ (14‬مجلة "الحسنى" ‪ 14‬رمضان ‪ -‬الرباط وديوان مع الله ط ‪ - 2‬ص‪:‬‬
‫‪.365‬‬
‫خماسيات الميري )‪(2‬‬
‫هدية الدب السلمي للدب العالمي‬
‫بقلم‪ :‬محمد الحسناوي‬
‫‪hisnawi@odabasham.org‬‬
‫دللة الزمان والمكان‬
‫الزمان في الخماسيات زمانان‪ :‬الول تاريخ الخماسية في الزمن العام‬
‫لسيما التوقيت الهجري وما يسمى الشهر العربية )القمرية(‪ .‬الثاني تاريخ‬
‫نظم الخماسية في حياة الشاعر نفسه‪.‬‬
‫لدى مراجعة تواريخ نظم الخماسيات ‪-‬والشاعر معني بتأريخها والحديث عن‬
‫مناسبات أشعاره على وجه العموم‪ -‬نلحظ أن القسم الكبر منها نظم في‬
‫مطلع حياته الدبية وفي أواخر حياته‪ ،‬ففي سنة )‪ 1369‬هـ ‪1951 :‬م( نظم‬
‫خمس عشرة خماسية‪ ،‬وفي سنة )‪1371‬هـ‪1952 :‬م( نظم إحدى وعشرين‪،‬‬
‫وفي سنة )‪1373‬هـ‪1954 :‬م( نظم سبعًا‪ ،‬حينها كان الشاعر في الثلثينيات‬
‫لن مولده )‪1334‬هـ‪1916 :‬م(‪ ،‬ثم تتوارى الخماسيات أو تأتي على ندرة‬
‫واحدة واحدة طوال ست وثلثين سنة‪ ،‬حتى تستعيد عافيتها سنة )‪1409‬هـ‪:‬‬
‫‪1988‬م( فتظهر في سنة واحدة خمس وعشرون خماسية‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫في موسم الخماسيات الول كان الميري في ميعة الصبا والتوهج العاطفي‪،‬‬
‫فنظم الشعر الذي يصور مجاهدته للعواطف المشبوبة‪ ،‬ولحابيل الجنس‬
‫والغريزة‪ ،‬ومفاتن المرأة والشيطان‪ ،‬من ذلك قصيدته المشهورة "ضراعة‬
‫ثائر ‪1370 -‬هـ" وخماسية "صراع ‪1369 -‬هـ"‪:‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬
‫ي معاذ ٌ أوَ َا ّْني أوَي ْ ْ‬
‫س‬ ‫ي كأن ّ ْ‬ ‫ي باللهِ يسمو بروح ْ‬ ‫يقين َ‬
‫ي َقي ْ‬
‫س‬ ‫جموحا ً شرودا ً كأن ّ َ‬ ‫ي َ‬ ‫جنان ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ويرتد ّ بعد قلي ٍ‬
‫ي ُقبيس‬ ‫ي الهوى كلما تراءى له في ظلم ْ‬ ‫ّ‬ ‫ن بقلب ْ‬ ‫ُيج ّ‬
‫مْيس‬ ‫وأّنى رأى بارقا مائسا تعلقَ منه بأطياف َ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ي نجاة ٌ أليس؟‬ ‫َ‬
‫س لقلب ْ‬ ‫ي هذا الصراع ُ ألي َ‬ ‫ُيحّرقُ قلب َ‬
‫)مع الله‪(67 :‬‬
‫أما الموسم الثاني للخماسيات‪ ،‬وكان الشاعر في السبعينيات من عمره‪،‬‬
‫حين بلغ نضجه العقلي أوجه فنلحظ ظهور الخماسيات ذات الطابع التأملي‬
‫)العقلي( أو التي يغلب فيها جانب العقل على العاطفة‪ .‬يقول في خماسية‬
‫)رمضان والعافية(‪:‬‬
‫مضنى‬ ‫ن ُ‬ ‫ت في السبعي َ‬ ‫م وأن َ‬ ‫صيا ُ‬ ‫ك ال ِ‬ ‫قالوا‪ :‬سُيتبع َ‬
‫ب أمنا ً‬ ‫ي‪ ،‬وَيحبو القل َ‬ ‫ت‪ :‬بل سيشد ّ من عزم ْ‬ ‫فأجب ُ‬
‫صبرًا‪ ..‬وامتثا ل ً للذي أغنى وأقنى‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ِذكرًا‪..‬‬
‫مْبنى‬ ‫ىو َ‬ ‫قوى‪ ..‬معن ً‬ ‫دني‪ ..‬روحا ً وجسما ً بال ُ‬ ‫وَيم ّ‬
‫مطمئن ّا ً‬ ‫ى‪ِ ،‬لتحيا ُ‬ ‫ه ُتق ً‬ ‫م ُ‬ ‫ص ْ‬ ‫ة‪ ،‬ف ُ‬ ‫ن" عافي ٌ‬ ‫"رمضا ُ‬
‫)قلب ورب‪(295 :‬‬
‫ً‬
‫أما موقع الخماسيات من التاريخ الهجري شهريا فذو دللة أوضح‪ .‬ففي أيام‬
‫رمضان نظم الشاعر مال يقل عن ‪ /62/‬خماسية‪ ،‬وفي شهرين من الشهر‬
‫الحرم )رجب والمحرم( نظم سبعًا‪ .‬فشهر رمضان عند المسلم موسم‬
‫الصيام والقيام والغفران‪ ،‬وذكرى نزول القرآن‪ ،‬والتماس ليلة القدر التي هي‬
‫خير من ألف شهر‪:‬‬
‫ه‬
‫م ْ‬‫ث عن أيا ِ‬ ‫ه فانبرى في الحدي ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ختا ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ه‪ ..‬ونو ُ‬ ‫ت راؤ ُ‬ ‫ذهب ْ‬
‫ه‪..‬‬‫م ْ‬
‫صيامهِ وِقيا ِ‬ ‫م عن ِ‬ ‫ل‪ :‬شهريْ مضى‪ ..‬ويا فوَز عبد ٍ لم َين ْ‬ ‫قا َ‬
‫ه‬
‫م ْ‬ ‫دى للتجلي‪ ،‬واشتد ّ في ِإقدا ِ‬ ‫ّ‬ ‫سه فتص ّ‬ ‫هو قد بّر نف َ‬
‫ه‬
‫م ْ‬ ‫ض سل ِ‬ ‫ّ‬
‫مناه‪ ..‬فتجلى له ِبفي ِ‬ ‫ن بّر ُ‬ ‫م الرحما ُ‬ ‫والرحي ُ‬
‫ه‬
‫ِ ْ‬‫م‬ ‫أحل‬ ‫سنا‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫القد‬ ‫ة‬
‫ُ‬ ‫ليل‬ ‫وستبقى‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫قلب‬ ‫في‬ ‫ي‬
‫أنا ح ّ‬
‫)قلب ورب‪(311 :‬‬
‫أما دللة المكان في الخماسيات‪ ،‬فللشاعر مذهب ُيعلي من شأن المشاعر‬
‫والمعاني‪ ،‬والزمنة‪ ،‬كما أشرنا وليس المكنة‪ ،‬يقول في خماسية "مكة"‪:‬‬
‫ت الله‪ ..‬قد أشرع َ فُل ْك َ ْ‬
‫ه‬ ‫ق ِلبي ِ‬ ‫ب ذي شو ٍ‬ ‫ُر ّ‬
‫حنك َ ْ‬
‫ه‬ ‫يو ُ‬ ‫ل بل رأ ٍ‬ ‫ن واله َ‬ ‫جَر الوطا َ‬ ‫هَ َ‬
‫ةّ‬
‫ن ب َك ْ‬ ‫ُ‬
‫ن َيسك َ‬ ‫قربى من اللهِ بأ ْ‬ ‫ب ال ُ‬ ‫س َ‬ ‫ح ِ‬ ‫َ‬
‫هَ‬
‫سب ْك ْ‬ ‫ت اللهِ قد أبدع َ َ‬ ‫ن بي ُ‬ ‫ل هذا الكو ِ‬ ‫ك ّ‬
‫ةّ‬
‫ش مك ْ‬ ‫والذي في قلب ِهِ الله فأّنى عا َ‬
‫)مع الله‪(118 :‬‬
‫لكن إذا اجتمع المكان المقدس والمشاعر المرهفة والشواق المدنفة‪ ،‬فإن‬
‫المر سوف يختلف‪ ،‬وهذا ما حمل الشاعر على إعادة النظر في موقفه‬
‫القديم المذكور‪ ،‬وتفنيد بعض ما قاله قبل ستة وثلثين عاما ً وهو قوله‪.." :‬‬
‫فأّنى عاش مكة" مضيفا ً قوله‪" :‬أجل‪ ،‬ولكنني اليوم في هذا الحضور الطهور‬
‫كتين‪ :‬طيبة‬ ‫تتأكد لي حقيقة أدركتها منذ سنوات‪ ،‬بصدق وعمق‪ ،‬وهي ‪ :‬أن للم ّ‬

‫‪57‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وأم القرى من الخصائص والمزايا ‪-‬مكانة ومكانًا‪ -‬ما ليس لسواهما من بقاع‬
‫الرض‪ ..‬فمن كان فيهما‪ ،‬ثم أكرمه الله‪ ،‬فكان سبحانه ملء قلبه‪ ،‬إيمانًا‪..‬‬
‫وإحسانًا‪ ..‬فنور على نور‪ ..‬وإنها ول شك ذروة السعد والمجد" )قلب ورب‪:‬‬
‫‪(19‬‬
‫لذلك صرح باسم المكان الخاص الذي نظمت فيه بعض الخماسيات‪ ،‬مثل‬
‫"دعاء" الخماسية التي مرت بنا‪ ،‬ذكر أنها نظمت في "الملتزم ‪ :‬ركن من‬
‫عمرة"‬ ‫الكعبة"‪ ،‬وهي دعاء حار فائر العواطف واليقاع‪ .‬وكذلك خماسية " ُ‬
‫نظمها "بين الصفا والمروة"‪ ،‬وأثر المكان القدسي واضح فيها يقول‪:‬‬
‫مْر‬ ‫ك – يا رّباه ُ ‪ -‬لّبى واعْت َ َ‬ ‫عبد ُ َ‬‫َ‬
‫ق‪ ،‬وَذ َكْرَ‬‫ت العتي ِ‬‫ف بالبي ِ‬‫طو ّ َ‬
‫شكْرَ‬ ‫ي وصلى و َ‬ ‫ّ‬ ‫سع ِ‬‫ك في ال ّ‬ ‫دعا َ‬
‫مْر‬‫ب عُ َ‬ ‫ك ‪ -‬يا رّباهُ ‪ -‬ذو الذن ِ‬ ‫عبد ُ َ‬
‫فْر‬ ‫ن غَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه‪ ،‬إّنك أولى َ‬ ‫فاغفْر ل ُ‬
‫)مع الله‪(118 :‬‬

‫)‪(5 /‬‬

‫هيكل الخماسية‬
‫لم يشأ النقاد القدامى أن يخلعوا على القطعة الشعرية المؤلفة من ثمانية‬
‫أبيات أو ستة أبيات فما دون ذلك اسم القصيدة استخفافًا‪ ،‬أما الشاعر‬
‫الميري فقد جعل من هذه القطعة الخماسية كائنا ً فنيا ً ذا موضوع واحد‬
‫متماسك الجزاء قوي البناء‪ ،‬ل يقل أهمية وشأنا ً عن طوال القصائد‪.‬‬
‫إن هيكل القصيدة هو أهم عناصرها وأكثرها تأثيرا ً فيها‪ ،‬لن وظيفته الكبرى‬
‫أن يوحد القصيدة‪ ،‬ويمنعها من النتشار والنفلت‪ ،‬ويلمها داخل حاشية‬
‫متمّيزة)‪ .(15‬أدرك الميري هذا السر بفطرته أو ثقافته‪ ،‬فجاءت أشعاره‬
‫‪-‬لسيما الخماسيات‪ -‬وحدات فنية متقنة السبك الهندسي‪ ،‬المتساوق مع‬
‫الفكرة أو الموقف العاطفي‪ .‬كما أدرك أن القصيدة القصيرة بحجمها أو حجم‬
‫تجربتها الشعورية هي قصيدة غنائية تصور موقفا ً عاطفيا ً مفردا ً يتحرك أو‬
‫يتطور في اتجاه واحد‪ ،‬وهما السمتان المميزتان للبنية الداخلية للقصيدة‬
‫المعاصرة‪) :‬وحدة العاطفة وتطور هذه العاطفة في اتجاه واحد()‪.(16‬‬
‫هذه المدركات الفنية تعامل معها الميري من خلل أحاسيسه ومشاعره‪ ،‬أو‬
‫حصلت له من خلل هذه الحاسيس والمشاعر‪ ،‬فالشاعر عادة يعبر عن‬
‫تجربته متدرجا ً من منطقة المشاعر الضبابية خطوة خطوة‪ ،‬ثم يظل يتطور‬
‫موقفه العاطفي في سبيل الوضوح شيئا ً فشيئا ً حتى ينتهي إلى إفراغ‬
‫عاطفي ملموس‪ .‬يقول في خماسيته "شعاع"‪:‬‬
‫ه‬
‫ف أسرار ِ‬ ‫ت على كش ِ‬ ‫غص ُ‬ ‫ت في ك ُن ْهِ هذا الوجود ْ و ُ‬ ‫مل ُ‬ ‫تأ ّ‬
‫ه‬
‫ت بأجواِء أنوار ِ‬ ‫جل ُ‬‫ت الّنجود ْ و ُ‬ ‫ُ‬
‫وهاد‪ ،‬وطف ُ‬ ‫ت ال ِ‬ ‫جب ُ‬ ‫فَ ُ‬
‫ه‬
‫سعود ْ وفي خي َّري ْهِ وأشرار ِ‬ ‫ت في َنحسهِ وال ّ‬ ‫ّ‬
‫وفكر ُ‬
‫ه‬
‫سب ْرِ أغوار ِ‬ ‫جمود ويثنيهِ عن َ‬ ‫وإذ كاد َ َيعروْ شعوريْ ال ُ‬
‫ه!‬ ‫ْ‬
‫ت ِبإكبارِ ِ‬ ‫َ‬
‫ي من خفايا الخلود شعاعٌ فصح ُ‬ ‫َتلل ل ْ‬
‫)مع الله‪(57 :‬‬
‫هذه الخماسية )الشراقية( نموذج لطائفة كبيرة من الخماسيات التي تبدأ من‬
‫نقطة انفعالية ضبابية‪ ،‬ثم تتدرج تدّرج الصاعد في سلم حتى يصل إلى القمة‬
‫أو الختام بتدرج أو قفزة تتوج هذا التدرج أو الصعود‪ ،‬فالشاعر هنا قام بجولة‬

‫‪58‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫تأملية أو شعورية بحثا ً عن فهم لسرار الكون‪ ،‬التي هي مستترة خلف‬


‫مظاهر الشياء القريبة المحسوسة من جبال وأودية وسماوات‪ ،‬ومن أفراح‬
‫وأتراح‪ ،‬حتى كاد يرجع يائسًا‪ ،‬فإذا هذا الطواف المستبصر يفوز بشعاع هادٍ‬
‫من عالم الخلود‪ ،‬يشير إليه ويدل عليه‪ .‬ولما كانت المشاعر والحاسيس‬
‫تتدرج في الصعود إلى القمة‪ ،‬فإن القمة تأتي في النهاية‪ ،‬لذلك جاء البيت‬
‫الخير كالقفل أو الثمرة أو الختام الشافي لتلك التمهيدات أو التلمسات‪.‬‬
‫والملحظ أن الجولة كانت تمشي عبر أفعال )ماضية( انتقالية في المكنة‬
‫ت‪ ،‬وجبت‪ ،‬وطفت‪ ،‬وجلت‪ ،‬وفكرت‪ .‬أما في‬ ‫والمشاعر والقيم‪ :‬تأملت‪ ،‬وغص ُ‬
‫خماسيات أخرى فالسياق يختلف‪ .‬يقول في خماسية "بقاء"‪:‬‬
‫محلوِلكا‬ ‫ل ُ‬ ‫ي والُبكا َنهارا ً وفي اللي ِ‬ ‫حك ْ‬‫ض ِ‬
‫ك في َ‬ ‫َرأيت ُ َ‬
‫ن بآلئكا‬ ‫جهارا‪ ،‬ولك ْ‬ ‫ً‬ ‫ل الذي تبَتغي َ‬ ‫ك مث َ‬ ‫رأيت ُ َ‬
‫جِهكا‬‫سنا وَ ْ‬ ‫ي َ‬ ‫خْلقكا فيبتّز روح ْ‬ ‫ك ُتشرِقُ في َ‬ ‫رأيت ُ َ‬
‫ك وتعنوْ لكا‬ ‫عيونا ً َترا َ‬ ‫ي ُ‬‫كيان ْ‬
‫ك تحبو خليا ِ‬ ‫رأيت ُ َ‬
‫ي ِبكا‬‫ي فنائ ْ‬ ‫ن بقائ ْ‬ ‫ن الفنا بـ "النا" وأ ّ‬ ‫تأ ّ‬ ‫فأيقن ُ‬
‫)مع الله‪(53 :‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫هنا طاف ببصيرته مستعمل فعل الرؤية )رأيتك( منطلقا متتابعا تتراكم فيه‬ ‫ً‬
‫الحاسيس والمشاعر‪ ،‬حتى جاءت القفزة الوجدانية أو الخاتمة الجامعة‬
‫مبدوءة بفعل اليقين المقترن بحرف عطف العاقبة‪ .‬كان الطواف في‬
‫الخماسيتين السابقتين في جمل إخبارية على حين تجده‪ ،‬يعاود الطواف‬
‫نفسه بجمل إنشائية تنضح بانفعال عاطفي أقوى‪ ،‬مما احتاج إلى خاتمة أشد ّ‬
‫وأقوى‪ ،‬يقول في "شهود"‪:‬‬
‫ُ‬ ‫ّ‬
‫مديد ِ خلني أطلقُ روحي من حدودي‬ ‫ح في البون ال َ‬ ‫سَر ُ‬ ‫خّلني أ ْ‬
‫ف أضواَء الوجودِ‬ ‫خّلني أسريْ بأطواء الليالي خّلني أشت ّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ن جديدِ‬ ‫ي خّلني أفضي إلى كو ٍ‬ ‫خّلني أفني هنائي وشقائ ْ‬
‫خلودِ‬ ‫ب ال ُ‬ ‫ح أبوا َ‬ ‫خّلني أجتاُز آفاقَ البرايا خّلني أجتا ُ‬
‫شهودي‬ ‫ب ُ‬‫ن في غي ِ‬ ‫ديان في غورِ كياني خّلني هيما َ‬ ‫أشرقَ ال ّ‬
‫)مع الله‪(52 :‬‬
‫في الحقيقة إن الشاعر عكس الطواف في هذه الخماسية‪ ،‬كما عكس‬
‫التعبير عنه فقد جعل لحظة الشراق وهي خاتمة الطواف السابق بداية‬
‫لطواف جديد‪ ،‬كأننا سألناه لماذا تطالب في البيات الربعة الولى أن تطوف‬
‫في الليالي والهناءة والشقاء‪ ،‬وآفاق البرايا وتجتاح أبواب الخلود‪ ،‬فأجابنا‪:‬‬
‫ديان في غور كياني‪ .‬إذن كان الشراق سببا ً وبداية للطواف‬ ‫لنني أشرق ال ّ‬
‫ولم يكن نتيجة أو تتويجا ً كما كان في الخماسيتين السابقتين "بقاء" و"شعاع"‬
‫أي عادت النهاية إلى البداية‪ ،‬فالشراق كان في نفس الشاعر منذ البيت‬
‫الول‪ ،‬لكنه لم يصرح به إل في الخاتمة‪ ،‬وهذا النموذج المعماري له أمثلة‬
‫كثيرة في الخماسيات‪.‬‬

‫)‪(6 /‬‬

‫من الملحظ على هذا الهيكل أو البناء تماسك أجزائه من البداية إلى النهاية‪،‬‬
‫كما نلحظ أهمية الدور الذي تنهض به الخاتمة أو البيت الخامس‪ ،‬لدرجة‬
‫حملت بعض النقاد على الظن بتفاوت أشعار الميري‪ ،‬حين لحظوا قوة‬
‫دة أسرها وهيمنتها على النص ثم على القارئ )المتلقي(‪ ،‬غافلين‬ ‫الخواتيم وش ّ‬
‫عن العلقة الحيوية بين البداية والنهاية‪ ،‬أو بين أجزاء النص الواحد التي‬

‫‪59‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫تتفاعل وتتكامل وتتقاسم الدوار‪ ،‬وتقدم بعضها على بعض لنجاح العرض‪.‬‬
‫الملحظة الثانية‪ :‬أن خماسية "بقاء" و "شعاع" صيغتا بالجمل الخبرية مع‬
‫البتداء بحروف العطف في الولى وبتكرار فعل "رأيت" في الثانية حتى‬
‫حرف فاء "العاقبة" في الثانية‪ ،‬أو تعلق ظرف الزمان "إذا" بفعل "تلل"‬
‫إعرابيا ً وبالمعنى أيضا ً في الولى‪ ..‬نلحظ أن الخماسية الثالثة "شهود" جاءت‬
‫أبياتها الربعة‪ ،‬بل شطورها الثمانية مفتتحة بجمل إنشائية مكررة "خّلني"‬
‫حتى تشكل منها قطاع أو سيل إنشائي متدفق ل يقفه أو يوازيه إل خاتمة‬
‫إخبارية قاطعة مانعة "أشرق الديان في غور كيماني"‪ .‬فالتماسك البنيوي لم‬
‫يكن تماسكا ً في إفراغ الموقف العاطفي متدرجا ً حتى النهاية أو كام ً‬
‫ل‪ ،‬بل‬
‫جاء متساوقا ً مع التعبير عنه أيضًا‪.‬‬
‫في خماسية "شكوى" نجد أسلوبي الخبر والنشاء يتبادلن الدوار‪ ،‬حيث تبنى‬
‫البيات الربعة الولى على أسلوب الخبر‪ ،‬وتأتي الخاتمة أو البيت الخامس‬
‫إنشائيًا‪:‬‬
‫ع‬
‫م الكون في خفقاتهِ ‪ -‬نادى وما في الكون من يسم ُ‬ ‫قلبي ‪ -‬وه ّ‬
‫شهيقُ صدريْ والّزفيُر تضّرعُ‬ ‫ج الليل من لهثاتهِ و َ‬ ‫ُ‬ ‫والصدُر ض ّ‬
‫ع‬ ‫َ‬
‫ق ُ‬
‫ن العمَر قفٌر بل َ‬ ‫ه‪ -‬أضناه ُ أ ّ‬ ‫ن للروح في أزمات ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ح‪َ -‬‬ ‫والرو ُ‬
‫ع‬
‫ُ‬ ‫ينف‬ ‫ل‬ ‫الهوى‬ ‫في‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫صبر‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫لك‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫عادات‬ ‫من‬ ‫ر‬
‫ُ‬ ‫الصب‬ ‫ى‪،‬‬‫إّني فت ً‬
‫مفَزعُ‬ ‫مشتكى وال َ‬ ‫ك ال ُ‬ ‫ن إلي َ‬ ‫م ْ‬‫مّر أذاتهِ يا َ‬ ‫ب ُ‬ ‫ف لمضنى القل ِ‬ ‫ش ْ‬ ‫فاك ِ‬
‫)مع الله‪(126 :‬‬
‫ذلك لن البنية الداخلية للتجربة الشعورية قائمة على عرض حال أو مشكلة‬
‫في البيات الربعة الولى‪ ،‬احتاج الشاعر بعدها لرفع هذه الشكوى المشكلة‬
‫ل جلله‪ ،‬فكان البيت الخير أو الخاتمة‬ ‫إلى صاحب العلقة إلى الله تعالى ج ّ‬
‫ً‬
‫كما رأينا بطرح الحل "فاكشف لمضنى القلب مّر إذاته" مشفوعا بالتمجيد‬
‫والثناء على الله تعالى الذي هو أهل لهما‪.‬‬
‫إن هذا البناء المتماسك ليس سبكا ً قسريا متكلفا مضطردا في الخماسيات‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫كلها لسيما التركيز على البيت الخير أو الخاتمة‪ ،‬فهناك من الخواتيم ما‬
‫يستهلك بيتين أخيرين معا ً استجابة للحاجة الشعورية‪ .‬يقول في خماسية‪:‬‬
‫"معية"‪:‬‬
‫ي كي َأتب َعَكْ‬ ‫خطويْ بملِء َيقين َ‬ ‫ْ‬ ‫ت َ‬ ‫جه ُ‬ ‫يو ّ‬ ‫ب إن ّ َ‬ ‫أيا ر ّ‬
‫معَ ْ‬
‫ك‬ ‫أس‬ ‫طبعي كي َ‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫وسمع‬ ‫ي‬ ‫عقل‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫قلب‬ ‫غور‬ ‫من‬ ‫ت‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫وأصغي ُ‬
‫ب ما أوسع ْ‬
‫ك‬ ‫ك يا ر ّ‬ ‫جرما ً صغيرا ً لدر َ‬ ‫ت ِ‬ ‫ن كن ُ‬ ‫وإّني وإ ْ‬
‫معَ ْ‬
‫ك‬ ‫ي أجريْ َ‬ ‫عن َ‬ ‫عقورٍ ود ْ‬ ‫غرورٍ َ‬ ‫ي َ‬ ‫فل ترم ِ بي بين شدقَ ْ‬
‫ك!‬‫صعَ ْ‬ ‫َ‬
‫ي‪ :‬ما أن َ‬ ‫ي وتهِتف عينا َ‬ ‫ق قلب ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫خ ْ‬‫ك في َ‬ ‫حب ِ‬ ‫ش بِ ُ‬ ‫أعي ُ‬
‫كان بوسع الشاعر أن يقفل تجربته الشعورية عند قوله‪" :‬ودعني أجري‬
‫معك" فقد انتهت المشكلة أو عرض الحال‪ ،‬وجاء الحل‪ ،‬لكن الشاعر استمتع‬
‫بهذا الحل أو "المعية" فأحب أن يطيلها ليتلذذ ويتمزز‪ ،‬وحسنا ً فعل‪.‬‬
‫في نموذج آخر ل تأتي الخاتمة حل ً لمشكلة‪ ،‬أو تتويجا ً لصعود متدرج‪ ،‬بل تأتي‬
‫على شكل تفسير لمحمول البيات الربعة الولى‪ ،‬يقول في خماسية "رب"‪:‬‬
‫ن وما فيهِ جميعا‬ ‫كو َ‬ ‫ن رب ّا ً خلقَ ال َ‬ ‫إ ّ‬
‫سجودا وُركوعا‬ ‫ً‬ ‫ه قط ُ‬ ‫ّ‬ ‫ق ُ‬ ‫ل ُيؤّدى ح ّ‬
‫جوعا‬ ‫ت ُ‬ ‫وطوافا ً واعتكافا وقضاَء الوق ِ‬
‫ك رموٌز من َذوي اللباب ُتوعى‬ ‫إّنما تل َ‬
‫خضوعا‬ ‫ه‪ُ ،‬‬ ‫ققْتنا بالُعبودّيـ ــةِ لل ِ‬ ‫ح ّ‬
‫)مع الله‪(109 :‬‬

‫‪60‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أو تأتي الخاتمة جوابا ً على سؤال أو مجموعة أسئلة‪ ،‬كالخماسية "سبحان‬
‫ربي العلى"‪:‬‬
‫سجودي‬ ‫ت في تجلي ُ‬ ‫ّ‬ ‫هم ُ‬ ‫ّ‬
‫حدوديْ كلما ِ‬ ‫دنيا ُ‬ ‫أيّ سّر يودي ب ُ‬
‫سدوِد‬‫ّ‬ ‫ال‬ ‫َ‬ ‫ء‬ ‫ورا‬ ‫ي‬
‫ُ ْ‬ ‫ب‬ ‫ز‬‫تجتا‬ ‫َ َ‬ ‫ف‬ ‫كي‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫قيود‬ ‫ُ‬ ‫ي"‬ ‫ب‬
‫َ ّ ْ‬‫ر‬ ‫ن‬ ‫"سبحا‬ ‫ف تذروْ‬ ‫كي َ‬
‫مْعهودِ‬ ‫ي ال َ‬ ‫ي ووجودي عن مفاهيم كون ِ َ‬ ‫ف تسمو ِبفطرت ْ‬ ‫كي َ‬
‫خلودِ‬ ‫ت عالم ٍ من ُ‬ ‫جمودي في سماوا ِ‬ ‫يو ُ‬ ‫ف ترقى ِبطينت ِ ْ‬ ‫كي َ‬
‫ن شهودي!‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫ت ذاَتها ِلعي ِ‬ ‫جل ْ‬ ‫مْعبود ِ قد َ‬ ‫ن ال َ‬ ‫م َ‬ ‫أُتراها ُروحا ِ‬
‫)مع الله‪(97 :‬‬
‫ً‬
‫وقد تأتي الخاتمة على شكل حكمة أو خلصة أو الثنين معا كما في‬
‫الخماسية "غاية"!‪:‬‬
‫ه‬
‫ن ُيشرقُ نوُر قلب ِ‬ ‫م ْ‬‫ب ما قد شاَنها وعّز َ‬ ‫ن على القلو ِ‬ ‫را َ‬
‫ه‬ ‫ُ‬
‫ف المرِء َزيغُ لب ّ ِ‬ ‫حت ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ت الدنيا لها ُبهتاَنها وإ ّ‬ ‫زّين ِ‬
‫ه‬
‫ل في ثنايا َدرب ِ ِ‬ ‫ت شيطاَنها وتاه َ ك ّ‬ ‫ت واّتبع ْ‬ ‫مهَ ْ‬ ‫فعَ ِ‬
‫ه‬
‫صون ِهِ ورأب ِ‬ ‫ت في َ‬ ‫ت إيماَنها وجَهد ْ‬ ‫س فقهَ ْ‬ ‫غيَر ُنفو ٍ‬
‫ه‬
‫ه رب ّ ِ‬ ‫ن َوج ُ‬ ‫ة المؤم ِ‬ ‫دنى ما زاَنها وغاي ُ‬ ‫ق ال ُ‬ ‫شا ِ‬‫ة عُ ّ‬ ‫غاي ُ‬
‫)مع الله‪(95 :‬‬
‫وقد تأتي الخاتمة كالكفة المقابلة لكفة البيات الربعة وهي أثقل منها‪:‬‬
‫ت ِبأحجاِرها‬ ‫ي قيمُتها ليس ْ‬ ‫مذهب ْ‬ ‫ماُء في َ‬ ‫ة الش ّ‬ ‫الكعب ُ‬
‫ث المرِء ِبأستارها‬ ‫شب ّ ِ‬ ‫ب من خالقها ليس في ت َ َ‬ ‫والقر ُ‬
‫ل أقطاِرها‬ ‫مَتنا من ك ّ‬ ‫ة الكعبةِ في جمِعها أ ّ‬ ‫ُقدسي ّ ُ‬
‫َ‬
‫محوَُر أمجاِدها وأّنها مصد َُر أنواِرها‬ ‫وأنها ِ‬
‫ن في داِرها‬ ‫ف أّنى كا َ‬ ‫ن في قلبهِ َيطو ُ‬ ‫ة المؤم ِ‬ ‫وكعب ُ‬
‫)مع الله‪(115 :‬‬

‫)‪(7 /‬‬

‫جدير بالذكر أن كل هذه المثلة ليست حصرا ً للنماذج في هياكل الخماسيات‬


‫بل هي أمثلة على التعدد والتنوع‪.‬‬
‫الملحظة الخيرة على هذه النماذج من الهياكل أنها تصنف في الهيكل ذي‬
‫الدائرة المغلقة سواء جاء البناء متدرجا ً من الضبابية في بداية البيات إلى‬
‫الوضوح أو القمة في الخاتمة كما في خماسية "بقاء" وخماسية "شعاع"‪ ،‬أو‬
‫عادت النهاية إلى البداية بشكل صريح أو غير صريح كما مّر معنا في‬
‫الخماسيات الخرى مثل خماسية "شهود"‪ ،‬ومن نماذج عودة النهاية صريحة‬
‫إلى البداية خاتمة خماسية "حب"‪:‬‬
‫حشا خير ُقو ِ‬
‫ت‬ ‫ح فيه للروِح وال َ‬‫ب ُرو ٌ‬
‫ب بالح ّ‬ ‫في تناجي القلو ِ‬
‫ت‬
‫هناٌء وانطلقٌ من السى المكبو ِ‬ ‫صفوٌ وَنشوةٌ و َ‬ ‫فيهِ َ‬
‫ت‬
‫ث الّنقي أو في السكو ِ‬ ‫ض في الحدي ِ‬ ‫ب ِلبع ٍ‬ ‫ض القلو ِ‬ ‫ن ُتصغي بع ُ‬ ‫حي َ‬
‫ت‬‫ل َرضي ِ‬‫صفاِء عليها وُينادي أعماَقها‪ :‬ه ْ‬ ‫ه بال ّ‬
‫ُيشرقُ الل ُ‬
‫ت‬‫ب سّر يتسامى بها إلى الملكو ِ‬ ‫ب بالح ّ‬ ‫في تناجي القلو ِ‬
‫)مع الله‪(59 :‬‬
‫إلى جوار الخماسية ذات الدائرة المغلقة هناك خماسية هيكلها كهيكل‬
‫الخماسية ذات الدائرة المغلقة في كل شيء‪ ،‬لكنه يختلف عنه من حيث‬
‫النهاية‪ ،‬فالشاعر في هذا الشكل ل يتم دورته الشعورية حتى يعود إلى حيث‬
‫بدأ‪ ،‬وإنما هو ينتهي في القصيدة إلى نهاية "غير نهائية"‪ ،‬إنها نهاية ترتبط‬

‫‪61‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ارتباطا ً عضويا ً بالبداية‪ ،‬ولكنها ليس هي البداية‪ ،‬إنها نهاية مفتوحة إذا ص ّ‬
‫ح‬
‫التعبير‪ ،‬إن الشاعر هنا يتحرك في اتجاه شعوري ممتد في خط مستقيم يأخذ‬
‫طابع المتداد اللنهائي)‪ .(17‬يقول الميري في خماسية "مضاء"‪:‬‬
‫صعداَء ْ‬
‫ك‬ ‫س َ‬ ‫ف ْ‬ ‫ن َرهوا ً وتن ّ‬ ‫ض الَعيني ِ‬ ‫غم ِ‬ ‫أَ ْ‬
‫ه رجاَءك‬ ‫ب الل ُ‬ ‫أمل ً زِْد‪ ..‬واست َعِد ْ ل خي ّ َ‬
‫ك جاَءك‬ ‫سْر‪ ..‬ول ُذ ْ باللهِ فال مداد ُ من رب ّ َ‬ ‫ِ‬
‫عطاَءك‬ ‫ل َ‬ ‫م ْ‬ ‫ي واستك ِ‬ ‫َ‬ ‫سبعين‬ ‫ت‬‫ُ‬ ‫جاوز‬ ‫ل‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫تق‬ ‫ل‬
‫مضاَء ْ‬
‫ك‬ ‫ه َ‬ ‫دد الل ُ‬ ‫ً‬
‫ض باللهِ قوي ّا‪ ..‬س ّ‬ ‫وام ِ‬
‫)قلب ورب‪(233 :‬‬
‫إنه هيكل أو بناء بسيط يجري على منوال واحد يعطي انطباعا ً شعوريا ً موحدا ً‬
‫بدايته مثل نهايته‪ ،‬أو نهايته تترك المجال مفتوحا ً لستمرار النطباع العام‪،‬‬
‫وهو أصلح ما يكون للتجارب التأملية‪ ،‬أو الخماسيات التي يغلب فيها الجانب‬
‫العقلي على الجانب العاطفي‪ ،‬وقد برز هذا اللون في الموسم الثاني من‬
‫خماسيات الميري أي ما نظمه بعد أن دخل عمر السبعين)‪ ،(18‬وفي ديوانه‬
‫"قلب‪ ..‬ورب" عدد وافر منها‪ .‬في خماسية أخرى "حكمة الدهر" سوف نلحظ‬
‫أسلوب الحكم العقلية السارية سريان القوانين البدية‪:‬‬
‫هدرا ً وارتفعْ عن كثافةِ الرض َقدرا‬ ‫ة من العمر َ‬ ‫ل ُتضعْ لمح ً‬
‫صبرا‬ ‫ك َ‬ ‫ه فوقَ صبرِ َ‬ ‫ل الل َ‬ ‫م البرايا واسأ ِ‬ ‫له ّ‬ ‫م ِ‬ ‫س ِبح ْ‬
‫وتقد ّ ْ‬
‫ك أدرى‬ ‫ل‪ :‬جاَر! إّنه ب ِ‬ ‫م ل تق ْ‬ ‫دهَر فهوَ حكي ٌ‬ ‫م وال ّ‬ ‫وتفاه ْ‬
‫دهُر في خفاياهُ ُيسرا‬ ‫حا ً ُيضمُر ال ّ‬ ‫ه مل ّ‬ ‫ت من ُ‬ ‫عسرٍ شكو َ‬ ‫ب ُ‬ ‫ُر ّ‬
‫حّرا ً‬‫د‪ُ -‬‬ ‫ب في السعي ‪-‬يا عب ُ‬ ‫ث مسلما ِلقضاِء اللهِ وادأ ْ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬ ‫فتشب ّ ْ‬
‫)قلب ورب‪(284 :‬‬
‫إن وحدة الخماسية النفسية وفرت لكل منها الوحدة العضوية التي وجدناها‬
‫في تماسك الهيكل وقوة البناء‪ ،‬وبوسعنا أن نكشف عن عوامل أخرى‬
‫أسهمت في قوة البناء‪ ،‬أو نشأت عن هذه الوحدة النفسية أو الشعورية‪ ،‬مثل‬
‫العتماد على القافية الموحدة‪ ،‬وهو ما غلب على قوافي الخماسيات‬
‫باضطراد إل نماذج سوف نقف عندها في حينه‪ ،‬ومثل اعتماد صيغ نحوية تشد ّ‬
‫من ترابط التراكيب والعبارات بل البيات نفسها‪ ،‬أشرنا إلى أمثلة من‬
‫الترابط النحوي في خماسيتي "بقاء" و "شعاع" ونضيف مثل ً آخر أوسع‬
‫مساحة وأشد إحكاما ً في خماسية "طمأنينة"‪:‬‬
‫ه‬
‫س ِ‬‫مه ل َِغدهِ العبرةَ من أم ِ‬ ‫ن في َيو ِ‬ ‫لو أخذ َ النسا ُ‬
‫ُ‬
‫ه‬
‫س ِ‬‫طر ِ‬ ‫ب في ِ‬ ‫سّر الغي َ‬ ‫وأنفذ َ الّنظرةَ عبر الُنهى تقرأ ِ‬
‫ه‬
‫س ِ‬‫جر ِ‬ ‫مقدورِ في َ‬ ‫حجا ُيصغي إلى ال َ‬ ‫ف السمعَ وراَء ال ِ‬ ‫وأره َ‬
‫ه‬
‫س ِ‬ ‫س في ُبؤ ِ‬ ‫ُ‬
‫ه الن ِ‬ ‫م وج َ‬ ‫ة وشا َ‬ ‫لستشعَر الّروع َ طمأنين ً‬
‫ه‬
‫س ِ‬
‫ه على نف ِ‬ ‫وسّلم المَر إلى َرحمةٍ يكُتبها الل ُ‬
‫)مع الله‪(101 :‬‬
‫هذه الخماسية تنقسم إلى مقطعين اثنين من حيث الهيكل أو البناء‪ ،‬يشتمل‬
‫المقطع الول على البيات الثلثة الولى المبدوءة بحرف "لو"‪ ،‬حرف شرط‬
‫وامتناع لمتناع‪ ،‬أما المقطع الثاني فيشتمل على البيتين الخيرين المبدوء‬
‫بحرف اللم الواقع في صدر جواب الشرط‪" :‬لستشعر الروع‪ "..‬إذ ل تتم‬
‫طرد المقطع الول ما لم يلتحم مع‬ ‫الجملة الشرطية إل بهذا الجواب‪ ،‬ول ي ّ‬
‫المقطع الثاني نحويا ً ومعنويا ً فإن كل ما ورد من أفعال في المقطع الثاني‬
‫ممتنعة الحصول لمتناع حصول الفعال الواردة في المقطع الول‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(8 /‬‬

‫لعلك لحظت في هذه الخماسية كما في غيرها من ألوان الترابط الداخلي‬


‫توظيف "الرصاد" أو ما يسمى "التوشيح" أو "المطمع" في القوافي حيث‬
‫ة قبل ذكرها‪ ،‬مثل قافية البيت الثاني‬ ‫م القافي ُ‬ ‫يدل أول الكلم على آخره‪ ،‬فُتعل ُ‬
‫"طرسه" وقافية البيت الخير "نفسه"‪ .‬ومما زاد في قوة الرصاد وإشباع‬
‫التوقع المتماسك في هذه القافية الخيرة أنها جزء من آية قرآنية جاء بعض‬
‫فسه" قال تعالى في سورة النعام‪:‬‬ ‫منها معها‪ ،‬وهو‪" :‬رحمة يكتبها الله على ن ِ‬
‫ب فيه‪) ..‬النعام‪:‬‬ ‫ة َليجمعّنكم إلى يوم ِ القيامةِ ل ري َ‬ ‫سه الرحم َ‬ ‫ب على نف ِ‬ ‫كت َ‬
‫‪.(12‬‬
‫يتبع‬
‫ــــــــــــــــــ‬
‫)‪ (15‬قضايا الشعر المعاصر ‪ -‬نازك الملئكة ‪ -‬دار العلم للمليين ‪ -‬بيروت ‪-‬‬
‫ط ‪ 8‬ص‪.235 :‬‬
‫)‪ (16‬الشعر العربي المعاصر ‪ -‬د‪ .‬عز الدين إسماعيل ‪ -‬المكتبة الكاديمية ‪-‬‬
‫القاهرة ‪ -‬ط ‪ - 5‬ص‪.21 :‬‬
‫)‪ (17‬من نماذج الهياكل الخرى نموذج يبدأ بمطلع موجز ثم تفصله البيات‬
‫الخرى مثل الخماسيات في ديوان "مع الله ص‪ 57 :‬و ‪ 59‬و ‪ ،"299‬أو‬
‫عرض ثم تعليل ‪-‬في الديوان نفسه‪ 125، - 253 :‬أو خماسية جاءت كلها‬
‫إنشائية في نموذج مفتوح ذي خط واحد "قلب ورب‪ "267 :‬وهكذا‪..‬‬
‫)‪ (18‬عثرنا على نماذج منها في بواكير خماسياته وهي الخماسيات الثلث‬
‫التي وردت في ديوانه "أمي" وهو في الثلثين من عمره‪ ،‬وتجربته الفنية في‬
‫بداياتها‬
‫خماسيات الميري )‪(3‬‬
‫هدية الدب السلمي للدب العالمي‬
‫بقلم‪ :‬محمد الحسناوي‬
‫‪hisnawi@odabasham.org‬‬
‫الموسيقى‬
‫إن الموسيقى في الداب والفنون لسيما الشعر قرينة التوهج العاطفي أو‬
‫النفسي أو ثمرتهما‪ ،‬وقد يخطر على البال أن الشعر اللهي لدى الميري هو‬
‫من باب التأملت‪ ،‬التي يغلب عليها الجانب العقلي‪ ،‬ويتوارى عنها الجانب‬
‫العاطفي‪ ،‬والمر ليس كذلك‪ .‬إن الميري يذكر الله تعالى كذكر الناس ذويهم‬
‫ه‬
‫ككم فاذكروا الل َ‬ ‫وأحبابهم بل أشد ذكرًا‪ .‬قال تعالى‪) :‬فإذا قضيتم منا ِ‬
‫س َ‬
‫دنيا ومال َ ُُ‬
‫ه‬ ‫س من يقو ُ‬
‫ل‪ :‬رّبنا آِتنا في ال ُ‬ ‫ن النا ِ‬ ‫ركم آباءكم أو أشد ّ ذكرًا‪ ،‬فم َ‬ ‫ذك ِ‬ ‫كَ ِ‬
‫خلق( )البقرة‪ (200 :‬إن ذكر الله عند الميري هيام وعشق‬ ‫في الخرةِ من َ‬
‫ه‪:‬‬‫وَوَل َ ْ‬
‫ي‪ ،‬وك ُّلي وَل َ ْ‬
‫ه‬ ‫ي قلب ْ‬ ‫فت َ ْ‬
‫ه بش َ‬ ‫الحجُر السود ُ قّبلت ُ ُ‬
‫ل لعِتقادي أّنه نافعٌ بل ل ُِهيامي باّلذي قَب ّل َ ْ‬
‫ه‬
‫سل َ ْ‬
‫ة‬ ‫مر َ‬ ‫فحاتهِ ُ‬ ‫محمد ٌ أطهُر أنفاسهِ كانت على ص ْ‬
‫منَزل َ ْ‬
‫ة‬ ‫ت هدىً ُ‬ ‫قّبلُته والنوُر من ثغرهِ ُيشرقُ آيا ِ‬
‫ةَ‬
‫صل ْ‬ ‫ي ابِتغاَء ال ّ‬ ‫وح ِ‬ ‫ه ثغرهُ الّنا ط ِقُ بال َ‬ ‫ت ما قّبل ُ‬ ‫قّبل ُ‬
‫)مع الله‪(116 :‬‬
‫ل الله صلى الله‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫ه تعالى حبا جعل كيانه كله وَلها‪ ..‬أحب رسو َ‬ ‫ً‬ ‫فهو ِلحِبه الل َ‬
‫م لنفاس‬ ‫عليه وسلم‪ ،‬ولحبه العميق لرسول الله أحب أنفاسه‪ ،‬ولحبه الج ّ‬

‫‪63‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الرسول أحب الحجر السود فقبله‪:‬‬


‫ل ذا الجدار وذا الجدارا‬‫أمّر على الديارِ ديارِ ليلى أقب ّ ُ‬
‫ب من سكن الديارا‬ ‫ح ّ‬‫ن ُ‬‫ن قلبي ولك ْ‬ ‫ب الديارِ شغف َ‬ ‫وما ح ّ‬
‫لذلك لم يقتصر الشاعر في التعبير عن مشاعره الجياشة بالتزام البحور‬
‫الشعرية والقوافي‪ ،‬بل أسهمت في موسيقى خماسياته عوامل متعددة‪،‬‬
‫كالتصريع في المطالع والتصريع في الشطور‪ ،‬وبعض الترصيع‪ ،‬وألوان من‬
‫الجناس والطباق‪ ،‬وبالتكرار في بدايات البيات أو بعض التراكيب والكلمات‪،‬‬
‫وحتى القافية اكتنزت بمعطيات علقاتها بما قبلها وما بعدها‪ ،‬سواء ِبرد ّ العجز‬
‫على الصدر أو بالرصاد وما شاكل ذلك‪.‬‬
‫إن الميري عاصر ظهور شعر التفعيلة‪ ،‬وكتب مقدمات لقصائده بنثر فني‬
‫يكاد يكون من شعر التفعيلة‪ ،‬ومع ذلك لم يلم في إنتاجه الخصب بشعر‬
‫التفعيلة‪ ،‬إنه ملتزم بعروض الخليل بن أحمد الفراهيدي‪ ،‬بل لم يقف عند‬
‫استخدام البحور الشعرية المألوفة حديثا ً أو في العصر العباسي والندلسي‬
‫والشعر المهجري‪ ،‬إنه نظم على البحر الطويل مال يقل عن اثنتي عشرة‬
‫خماسية‪ ،‬وواحدة على بحر المنسرح‪ ،‬أما مجموع البحور التي تجول فيها فهي‬
‫عشرة بحور هي‪) :‬الرمل ‪18‬خماسية ‪ -‬الطويل ‪ - 12‬الخفيف ‪ - 15‬المتقارب‬
‫‪ - 14‬السريع ‪ - 13‬الكامل ‪ - 10‬البسيط ‪ - 6‬الرجز ‪ - 5‬المتدارك ‪- 1‬‬
‫المنسرح ‪.(1‬‬
‫إن بحور الخليل ‪-‬في رأي نازك الملئكة‪ -‬أغنى موسيقى من شعر التفعيلة‬
‫لن بحور الخليل فيها تعدد أو تنوع بالتفعيلت مثل‪) :‬فُعولن مفاعيلن‪ ،‬أو‬
‫مستفعلن فاعلن(‪ ،‬أما عروض شعر التفعيلة فإنه قائم على تكرار التفعيلة‪،‬‬
‫وموسيقاه بناء على ذلك تظل رتيبة أو متجانسة‪ ،‬هذا أمر‪ ،‬وأمر آخر إن تخلي‬
‫شعر التفعيلة قليل ً أو كثيرا ً عن القافية‪ ،‬ثم الكثار من القوافي المقيدة‬
‫)بحرف الساكن( زاد من الضعف الموسيقي‪ ،‬وحرم هذا الشعر من سهولة‬
‫الستظهار فالحفظ فالستمرار في الذاكرة أو التداول‪ .‬وقد اعترف النقاد‬
‫بهذا الفرق بين العروضين‪ ،‬لما اتهم بعضهم عروض الخليل بأن موسيقاه‬
‫صاخبة ل تصلح للشعر المهموس‪.‬‬

‫)‪(9 /‬‬

‫إن دراسة "الفاصلة" في القرآن ‪-‬وهي كلمة آخر الية‪ -‬تفيد في تقويم الدور‬
‫الذي تنهض به التقفية في الدب العربي )من فاصلة وقافية وسجع(‪ ،‬فآيات‬
‫القرآن الكريم لم تتخل عن الفاصلة‪ ،‬لكن السور التي التزمت فاصلة موحدة‬
‫هي إحدى عشرة سورة‪ ،‬وهي من قصار السور‪ ،‬على حين كانت السور‬
‫ذوات الفواصل المتقاربة إحدى وأربعين‪ ،‬والسور ذوات الفواصل المنفردة‬
‫إحدى وعشرين‪ ،‬والسور ذوات الفواصل المتنوعة إحدى وأربعين سورة‪ ،‬وهي‬
‫بقية السور)‪.(19‬‬
‫لذلك نبه نقاد الشعر الجديد على أهمية القافية‪ ،‬فرأوا أنها ألزم له منها‬
‫للشعر القديم ذي الطول الثابت الذي يساعد السامع على التقاط النبرة‬
‫الموسيقية‪ ،‬ويعطي إيقاعا ً شديد الوضوح بحيث يخفف ذلك من الحاجة إلى‬
‫وت في آخر كل شطر فل يغفل عنها إنسان)‬ ‫القافية الصلدة الرنانة التي ُتص ّ‬
‫‪.(20‬‬
‫على أن الميري كانت له خصوصية في التعامل مع عروض الخليل‪ ،‬سواء ما‬
‫يتعلق بالبحور أو بالقوافي‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫بالنسبة إلى البحور استخدم مضاعفة التفعيلت أو الشطور في بعض‬


‫الخماسيات‪ ،‬وهو غير مألوف في حدود علمي قديما ً ول حديثًا‪ ،‬كما استخدم‬
‫التخفف من التفعيلت من خلل المجزوء )مجزوء الرمل مرتين( أو‬
‫المشطور )مشطور الخفيف ومشطور الرجز أو الرجوزة مرة لكل منهما(‬
‫وهذا مألوف قديما ً وحديثًا‪ ،‬فمجزوء الرمل الذي حذفت منه تفعيلة من‬
‫الشطر الول أي جزء وتفعيلة أخرى من الشطر الثاني‪ ،‬فأصبح مجموع‬
‫تفعيلت البيت أربع تفعيلت‪ ،‬يعمد الشاعر الميري إلى جعل البيت ثماني‬
‫تفعيلت في خماسية "جذبة"‪:‬‬
‫ر‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ت الثي ِ‬ ‫ي وضميريْ حلقي وارتقي فوقَ سماوا ِ‬ ‫ي وروح ْ‬ ‫ي اللهِ في نفس ْ‬ ‫معان ْ‬ ‫يا َ‬
‫ل عمريْ وأَنيري‬ ‫ضاءة ً في لي ِ‬
‫ي ووجودي والبثي و ّ‬ ‫ة في غورِ قلب ْ‬ ‫هاج ً‬ ‫رقي و ّ‬ ‫أش ِ‬
‫ر‬
‫طي ِ‬
‫مست ِ‬ ‫م ُ‬ ‫له ّ‬‫م يجثو فوقَ صدريْ فلقد أزهقَ صدريْ حم ُ‬ ‫ل اله ّ‬ ‫ّ‬
‫وتجلي ِلجبا ِ‬
‫ر‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫قدي ِ‬ ‫ب أن أصعَقَ في ساِح ال َ‬ ‫ت دكا أعينيني بعزم ٍ أنا ل أرغ ُ‬ ‫جِعل ْ‬ ‫فإذا ما ُ‬
‫ر‬
‫ب كبي ِ‬ ‫ب من ر ّ‬ ‫مني بالقر ِ‬ ‫ة ُتنع ُ‬
‫ذب ٌ‬ ‫ج ْ‬
‫ب كبيٌر‪َ -‬‬ ‫ن أقصدهُ ر ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ة القصدِ ‪-‬و َ‬ ‫غاي ُ‬
‫)مع الله‪(78 :‬‬
‫ّ‬
‫من الواضح أن الجزء الثاني من السطر متعلق بالجزء الول تعلق الشطر‬
‫بالشطر‪ ،‬كما هو معهود في الشعر الخليلي‪ ،‬وواضح أيضا ً أن بنية القطعة أو‬
‫القصيدة تشبه بناء الخماسيات الخرى‪ :‬من وحدة موضوع ووحدة نفسية أو‬
‫عضوية متماسكة تشد أوصال النص بعضها إلى بعض‪ ،‬وأن الخاتمة على‬
‫شكل وثبة روحية بأسلوب خبري ينهي الدعاء المفصل الذي تضمنته البيات‬
‫الربعة الولى بأسلوبها النشائي‪" :‬يا معاني‪ ..‬حّلقي‪ ..‬وارتقي‪ ..‬أشرقي‪..‬‬
‫والبثي‪ ..‬وتجّلي‪ ..‬أعينيني"‪ ،‬وموضوعها هو الشراق والتجلي الذي يغلب على‬
‫الخماسيات كلها‪.‬‬
‫ً‬
‫إن مضاعفة التفعيلت أو الشطور تجعل الخماسية تتحول حسابيا إلى‬
‫ً‬
‫عشارية لسيما الرجوزة المبنية على مشطور الرجز المعروف قديما منذ‬ ‫ُ‬
‫العهد الجاهلي‪ ،‬وله تاريخه الطويل في الشعر العربي قديمه وحديثه‪ ،‬لكن‬
‫خصوصيات الميري التي أشرنا إليها تخالف المألوف لتنسجم مع حاجات‬
‫الشاعر الفنية‪ ،‬وحسنا ً فعل!‪.‬‬
‫أما خصوصيات الشاعر في القوافي فأقلها ازدياد نسبة القوافي المقيدة‬
‫)الساكنة الروي‪ 38 :‬خماسية( مقابل‪ :56) :‬مطلقة أو متحركة الروي( قياسا ً‬
‫لمألوف الشعر القديم‪ ،‬وهي نسبة تواكب ظواهر في الشعر الحديث لسيما‬
‫شعر التفعيلة وحتى فواصل القرآن الكريم الذي تغلبت الفواصل المقيدة فيه‬
‫على الفواصل المطلقة خمسة أضعاف‪ ،‬وهذا مما يميل بموسيقى القوافي‬
‫إلى الهمس بدل الضجيج‪ ،‬واللهيات على حرارة عواطفها ليست "جماهيرية"‬
‫أو خطابية فتحتاج للضجيج‪.‬‬
‫من خصوصيات قوافيه أنه كسر وحدة القافية أو الروي في بعض‬
‫الخماسيات‪ ،‬وجاء بلونين أحدهما معروف لسيما في شعر الموشحات‬
‫والمهجريين والشعر البداعي )الرومانتيكي( حديثا ً أل وهو تنويع القافية‬
‫مقطعا ً مقطعًا‪ ،‬مثل خماسيته "قوافل النبوات" وهي الوحيدة بين‬
‫الخماسيات‪:‬‬
‫مديد ْ‬ ‫ن في الدهر ال َ‬ ‫مر النسا ِ‬ ‫‪ ..‬وتتالى عُ ُ‬
‫م السديد ْ‬ ‫الُهدى والزيغُ والكبوةُ والعز ُ‬
‫ك ورسالت ودعوةْ‬ ‫أنبياٌء وملو ٌ‬
‫ت وشقوةْْ‬ ‫واهتداٌء وارتداد ٌ وهناءا ُ‬
‫س َ‬
‫ؤدْد‬ ‫ُ‬ ‫و‬ ‫ٌ‬ ‫ق‬ ‫إشرا‬ ‫وبدا في فلك القدار‬

‫‪65‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫مد ْ‬‫مح ّ‬ ‫س إلى اللهِ فقد جاَء ُ‬ ‫ت النا َ‬ ‫ف َ‬ ‫لَ َ‬


‫ن هال َ ْ‬
‫ة‬ ‫وإذا النوُر نوُر اللهِ في الكوا ِ‬
‫ن فتحا ً وِرسال ْ‬
‫ةَ‬ ‫ن بالقرآ ِ‬ ‫تصنعُ النسا َ‬
‫ة‬
‫َ ْ‬ ‫ي‬ ‫آ‬ ‫رب‬
‫ُ ْ‬ ‫ع‬ ‫ال‬ ‫في‬ ‫له‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫والل‬ ‫ِ‬ ‫ء‬ ‫الصحرا‬ ‫إنها معجزةُ‬
‫ة‬
‫هداي َ ْ‬ ‫دنيا ِ‬‫ت المجاد َ بالسلم لل ُ‬ ‫ُتنب ِ ُ‬
‫)نجاوى محمدية‪(85 :‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أل يذكرنا هذا التلوين الموسيقي )القافية مقطعا مقطعا( بموسيقى قرآنية‬
‫في بعض السور مثل سورة "العاديات" مع العلم أن كل مقطع يستقل بفكرة‬
‫تتطلب هذا التقسيم الموسيقي‪:‬‬
‫ضبحا‬ ‫ت َ‬ ‫والعاديا ِ‬
‫دحا‬ ‫ت قَ ْ‬ ‫فالموريا ِ‬
‫صْبحا‬ ‫ت ُ‬ ‫مغيرا ِ‬ ‫فال ُ‬
‫**‬
‫قعا‬
‫ن به ن َ ْ‬ ‫فأثر َ‬
‫معا‬ ‫ن به ج ْ‬ ‫فوسط َ‬
‫**‬
‫كنود‬ ‫ن ِلرب ّهِ ل ِ َ‬ ‫َ‬ ‫النسا‬ ‫ن‬
‫إ ّ‬
‫وإّنه على ذلك َلشهيد ْ‬
‫ب الخيرِ َلشديد ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫وإّنه ل ِ ُ‬
‫قبوْر‬‫م إذا ُبعثَر ما في ال ُ‬ ‫أفل يعل ُ‬
‫صدوْر‬ ‫ل ما في ال ُ‬ ‫ص َ‬ ‫ح ّ‬ ‫و ُ‬
‫ن ربهم ِبهم يؤمئذ ٍ لخبيْر‬ ‫إ ّ‬

‫)‪(10 /‬‬

‫والسؤال‪ :‬هل أفاد الميري من موسيقى القرآن مباشرة‪ ،‬أم عن طريق‬


‫الذين تعاقبوا بالتأثر منذ الموشحات حتى يومنا هذا‪ ،‬أم هي التجربة الفنية‬
‫التي استدعت ذلك‪ ،‬نترك ذلك الن للنقاد والمتذوقين المعنيين على حد‬
‫سواء‪ ،‬وتجربة الميري مع القرآن واسعة عميقة‪.‬‬
‫الطرف من ذلك أن يبني خماسية بل ثلث خماسيات على قافيتين تتناوبان‪:‬‬
‫الشطور الولى على قافية‪ ،‬والشطور الثانية على قافية أخرى‪:‬‬
‫ل ُثغورِ الحورِ في دياركا‬‫ه مث َ‬ ‫شهب َ ُ‬ ‫ل يجلو ُ‬ ‫ب هذا اللي ُ‬ ‫يا ر ّ‬
‫حواِركا‬ ‫ُ‬
‫ه وإنني أحييهِ في ِ‬ ‫حب ّ ُ‬‫ن فيهِ ِ‬ ‫ُيحاوُر الولها ُ‬
‫ه كأّنها الصداُء من أقداِركا‬ ‫خطب ُ‬ ‫ب يشكو َ‬ ‫ت القل ِ‬ ‫وخفقا ُ‬
‫عقاِركا‬‫ح من ُ‬ ‫ق الرو َ‬
‫ب واس ِ‬
‫ه يا ر ّ‬ ‫ن رأب َ ُ‬ ‫س ْ‬‫ح ِ‬‫ب فأ َ‬ ‫َتصد ّعَ القل ُ‬
‫ة المؤمن في جواِركا‬ ‫ه فراح ُ‬ ‫ً‬
‫جْرهُ إكراما لينسى َ‬ ‫َ‬
‫كرب َ ُ‬ ‫أ ِ‬
‫)مع الله‪.(96 :‬‬
‫ن وقع موسيقى الشطرين متتاليين في المخيلة السمعية كوقع خفقات‬ ‫إ ّ‬
‫جناحين يطيران‪ ،‬فإذا أضفنا للشطرين قافيتين متناوبتين باستمرار‪ ،‬فربما‬
‫يتأكد هذا اليقاع الموسيقي‪ ،‬وتتضافر المعاني والمشاعر )القيم الشعورية(‬
‫مع القوافي والموسيقى )القيم التعبيرية( لليحاء بأجنحة التحليق‪ ،‬والموضوع‬
‫إشراق وتجليات محّلقة‪.‬‬
‫إن القيم الموسيقية في الشعر عامة وفي شعر الميري ل تتأتى من تفعيلت‬
‫البحر العروضي وأصداء القافية وحسب! ففي النص السابق أنواع متفاوتة‬

‫‪66‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫من الموسيقى الظاهرة والخفية بدءا ً بالتراكيب والعبارات ومرورا ً بالكلمات‬


‫وانتهاء بالحروف المتجانسة أو المؤتلفة أو المتقاربة‪ ،‬نشير مثل ً إلى رد ّ العجز‬
‫جره‪ ..‬جوارك"‪ .‬فبقدر ما في رد‬ ‫على الصدر في بيتين‪" :‬يحاور‪ ..‬حوارك"‪ .‬و"أ ِ‬
‫العجز على الصدر من تماسك بنيوي فيه أيضا ً تصادٍ موسيقي‪ .‬وانظر العلقة‬
‫الصوتية بين ثنائيات الكلمات‪" :‬ثغور‪ ..‬الحور" "القلب‪ ..‬خطب" "الصداء‪..‬‬
‫ي‪" :‬يا رب‪ ..‬يا رب"‪ .‬لقد استخدم الميري‬ ‫القدار" فضل ً عن تكرار تركيب ند ّ‬
‫ببراعة صيغ "الرصاد" وشقيقه رد العجز على الصدر ثماني عشرة مرة‬
‫للول‪ ،‬واثنتي عشرة مرة للثاني في القل‪ ،‬فإذا أضفت إلى ذلك استخدام‬
‫التكرار الفني للكلمات أو التراكيب أو بدايات البيات أو عددا ً من هذه‬
‫الساليب مرة واحدة‪ ..‬عرفت مدى غنى الموسيقى داخلية وخارجية في‬
‫خماسيات الميري)‪ (21‬تأمل معي هذه الخماسية "حتى ترضى"‪:‬‬
‫ك الحمد ُ فرضا ً وثيقا ً عميقًا‪ ..‬سماًء وأرضا‬ ‫ك الحمد ُ طوعًا‪ ..‬ل َ‬ ‫ل َ‬
‫خفقا ً حثيثًا‪ ..‬ونبضا‬ ‫ك الحمد ُ َ‬ ‫ك الحمد ُ ِذكرا ً ل َ‬ ‫ك الحمد ُ صمتًا‪ ..‬ل َ‬ ‫ل َ‬
‫غمضا‬ ‫ل كياني‪ُ ..‬رنوّا ً و َ‬ ‫جناني وك ّ‬ ‫ملَء خليا َ‬ ‫ك الحمد ُ ِ‬ ‫ل َ‬
‫مديدًا‪ِ ..‬لترضى فأرضى‬ ‫ي وطيدا ً َ‬ ‫ك اتجاه ْ‬ ‫ي إلي َ‬ ‫ي وجاه ْ‬ ‫إله ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن والمُر لولك فوضى‬ ‫ي مع الكو ِ‬ ‫سجام ْ‬ ‫ت ان ِ‬ ‫ي‪ ..‬وأن َ‬ ‫ت ِقوام ْ‬ ‫فأن َ‬
‫)قلب ورب‪.(197 :‬‬
‫د"‪ ،‬كما لحظت الجناسات "وثيقا ً‬ ‫ك الحم ُ‬ ‫لعلك لحظت تكرار البدايات "ل َ‬
‫عميقًا" "جناني كياني" "إلهي ‪ -‬جاهي ‪ -‬اتجاهي" "وطيدا ً مديدًا" "لترضى‬
‫ك‬‫فأرضى"‪ ،‬كما لحظت تقسيم الشطور نحويا ً وعروضيا ً أي موسيقيًا‪" :‬ل َ‬
‫ك‬‫ك الحمد ُ ذكرا ً ‪ -‬ل َ‬
‫ك الحمد ُ صمتا ً ‪ -‬ل َ‬ ‫ك الحمد ُ فرضًا" "ل َ‬ ‫الحمد ُ طوعا ً ‪ -‬ل َ‬
‫الحمد ُ خفقًا"‪ ،‬بل تدرج التقسيم من مقابلة تفعيلتين مع تفعيلتين إلى تقابل‬
‫تفعيلة مع تفعيلة‪" :‬إلهي ‪ -‬وجاهي" "وطيدا ً ‪ -‬مديدًا" "لترضى فأرضى"‪ ،‬وهذا‬
‫كله غير التناظر في صيغ التركيب وموسيقى الكلمات‪" :‬فأنت قوامي‪ ..‬وأنت‬
‫انسجامي" أي البدء بضمير مخاطب منفصل ثم بخبر مضاف إلى ياء المتكلم‪،‬‬
‫مع جناس لفظي تام في المبتدئين وناقص في الخبرين وهكذا‪ ..‬هذا أيضا ً غير‬
‫الطباق العفوي الناجح‪" :‬طوعا ً ‪ -‬كرهًا" و "سماء ‪ -‬أرضًا" و "صمتا ً ‪ -‬ذكرًا" و‬
‫"خفقا ‪ -‬نبضا" و "رنوا ً ‪ -‬غمضا" و"انسجام ‪ -‬فوضى" وأخيرا ً نشير إلى تصريع‬
‫المطلع "فرضا ‪ -‬أرضا"‪.‬‬
‫كنا أشرنا إلى دور الخواتيم في تماسك الخماسيات لما تحدثنا عن الهيكل أو‬
‫البناء‪ ،‬وهي تستحق عناية أكبر‪ ،‬لسيما علقتها بالمطالع وبمجموع النص‪،‬‬
‫ونكتفي هنا بالشارة إلى أن أهمية المطالع ل تقل عن أهمية الخواتيم‪ ،‬وإن‬
‫كان كل من المطلع والخاتمة جزءا ً ل يتجزأ من جسد الخماسية‪.‬‬
‫المطلع هو المدخل الشعوري والتعبيري لكل خماسية‪ ،‬والناس إذا نسوا ما‬
‫حفظوه من قصائد قلما ينسون المطالع القوية التي حفظوها‪ ،‬مثل مطلع‬
‫الخماسية السابقة‪:‬‬
‫ك الحمد ُ طوعًا‪ ..‬لك الحمد ُ فرضا وثيقا عميقا‪ ..‬سماء وأرضا‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ل َ‬
‫ومن قوة المطالع اعتماد التصريع‪ ،‬وهو اتفاق قافية الشطرين بحرف الروي‪،‬‬
‫وقد أفاد منه الميري في )‪ (35‬خمس وثلثين خماسية‪ ،‬على حين تخلى عن‬
‫التصريع في بقية الخماسيات أي )‪ (59‬خماسية‪ ،‬وتعليل ذلك هو مدى التوهج‬
‫العاطفي الذي تفتتح به الخماسية‪ ،‬فإن كان البناء متدرجًا‪ ،‬لم يكن هناك‬
‫حرص على التصريع‪ ،‬وإن كان الفتتاح من نهاية التجربة الشعورية فالمرجح‬
‫أن يبدأ الشاعر بالتصريع‪ ،‬وربما جاء التصريع داخل الخماسية أيضًا‪:‬‬

‫‪67‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫مّر أساهُ‬‫ب‪ ..‬وُتوحي إليه ُ‬


‫م على القلـ ـ ِ‬‫ل الهمو ُ‬ ‫ولقد َتثق ُ‬
‫ه‬ ‫َ‬
‫ب‪ :‬يا ألل ُ‬
‫مْر ِء‪ ..‬فنادى في الكر ِ‬‫ن على ال َ‬‫فإذا أشرقَ اليقي ُ‬
‫)‪(11 /‬‬

‫جيراهُ‬‫ن هِ ّ‬
‫ت في اللسا ِ‬ ‫حجاهُ وغَد َ ْ‬
‫ملَء ُروحهِ و ِ‬ ‫ت ِ‬‫وب َد َ ْ‬
‫صداه‬ ‫سكونا ً ألرضى بالقضاِء َرجعُ َ‬ ‫ةو ُ‬ ‫م ُقرب ً‬
‫ح اله ّ‬‫أصب َ‬
‫ت‪ ..‬فالمرُء صابٌر أّواهُ‬ ‫ن بالَعزم والتثبيـ ـ ِ‬ ‫وتجّلى الرحما ُ‬
‫)مع الله‪(94 :‬‬
‫إن القافية بذاتها تحتاج إلى دراسة‪ ،‬مثل التكاء هنا على حرف الراء‬
‫المسبوقة بألف المد وهي بالضبط )آه‪ (..‬في جو الهموم!‬
‫معجم الخماسيات الشعري‬
‫للشاعر الميري معجمه الشعري الخاص‪ ،‬وربما كان حديثنا عن معجم‬
‫الخماسيات ل يختلف كثيرا ً عن معجمه العام‪.‬‬
‫من معجم الخماسيات إيثار الشاعر للفاظ أو كلمات بعينها‪ ،‬إما لحاجة فنية‬
‫يتطلبها موضوع الخماسيات اللهي‪ ،‬أو تتطلبها فرادة التجربة النفسية‬
‫الشعورية لدى الشاعر نفسه‪.‬‬
‫من اللفاظ ذات العلقة بالموضوع اللهي الترنم بألفاظ الجللة‪ ،‬فقد تردد‬
‫لفظ الجللة "الله" في الخماسيات )‪ (50‬خمسين مرة صريحًا‪ ،‬فضل ً عن‬
‫ب" تردد )‪ (48‬ثماني وأربعين‬ ‫ألفاظ الضمائر العائدة إليه‪ ،‬ومثل ذلك لفظ "ر ّ‬
‫مرة‪ ،‬وهذا غير الضمائر التي تعود إليه‪ ،‬وغير أسماء الله الحسنى وبقية ألفاظ‬
‫الجللة‪ :‬الرحمان‪ ..‬الرحيم‪ ..‬الديان‪ .‬يتعلق بالموضوع اللهي ولفظ الجللة‬
‫دس‪- 5 :‬‬ ‫ألفاظ أخرى ومشتقاتها مثل‪" :‬الحمد‪ :‬تردد ‪ 8‬ثماني مرات ‪ -‬تق ّ‬
‫ذكر‪ - 7 :‬فيض‪ - 5 :‬غيب‪ - 4 :‬تقوى‪ - 7 :‬استغفر‪ - 5 :‬عبد‪ - 11 :‬خلق‪- 8 :‬‬
‫حبل‪ - 4 :‬آلء‪ - 4 :‬سر‪ - 3 :‬الهدى‪ - 5 :‬أقدار‪ - 9 :‬البرايا‪."5 :‬‬
‫ومما يتعلق بالموضوع اللهي التجربة الروحية التي يمر بها الشاعر من سمو‬
‫وإشراق‪" :‬قلب‪ - 40 :‬سمو‪ - 13 :‬سنا‪ - 15 :‬نور‪ - 32 :‬كون‪ - 23 :‬التجلي‪:‬‬
‫م‪ - 12 :‬غمض‪- 3 :‬‬ ‫‪ - 12‬حي‪ - 8 :‬غفلة‪ - 4 :‬الدنى‪ - 13 :‬ذروة‪ - 3 :‬ه ّ‬
‫سعي‪ - 5 :‬عزم‪ - 13 :‬عرج‪ - 5 :‬ارتقى‪ - 5 :‬صعد‪ - 3 :‬ارتفع‪ - 3 :‬إشراق‪:‬‬
‫‪ - 18‬خفق‪ - 8 :‬الحب‪ - 5 :‬محص‪ - 2 :‬طهر‪ - 4 :‬سماء‪ - 14 :‬الرض‪- 10 :‬‬
‫يشع‪ - 4 :‬الدهر‪ - 7 :‬هيام‪ - 3 :‬يقين‪ - 4 :‬حيرة‪ - 5 :‬جو‪ - 4 :‬كشف‪- 4 :‬‬
‫ه‪ - 6 :‬وضوء‪ - 3 :‬سرى‪ - 6 :‬رأى‪- 23 :‬‬ ‫خلبة‪ - 2 :‬شام‪ - 3 :‬غّيان‪ - 3 :‬وَل َ ٌ‬ ‫ِ‬
‫البون‪ - 2 :‬كون‪ - 22 :‬ذنب‪."12 :‬‬
‫مما يتعلق بفرادة تجربته‪ ،‬ويخصه هو بالذات‪" :‬أنا‪ - 15 :‬روح‪ - 28 :‬نفس‪:‬‬
‫‪ - 24‬الحر‪ - 10 :‬عقل‪ - 7 :‬جسم‪ - 5 :‬إنسان‪ - 5 :‬كيان‪ - 5 :‬طين‪- 2 :‬‬
‫بصائر‪ - 2 :‬البصار‪."4 :‬‬
‫وما هو أشد خصوصية‪ ،‬ول نكاد نراه عند غيره‪" :‬كنه‪ - 5 :‬غور‪ - 13 :‬خليا‪7 :‬‬
‫‪ -‬ذرات‪ - 5 :‬وجائب ‪ 1،‬جمع وجيبة وهي الوظيفة ‪ِ -‬دبق‪ - 1 :‬غلق‪ - 1 :‬جرم‪:‬‬
‫‪."1‬‬
‫للتراث السلمي في خماسيات الميري صدى عميق في الكلمات والعبارات‬
‫والصور واللوحات وأسماء العلم وحتى الحداث التاريخية أو القصص‪ ،‬وما‬
‫من خماسية تخلو من واحدة من هذه المفردات‪ ،‬لكن الميري من حيث‬
‫التصنيف أولى أن يصنف في المدرسة اليحائية التي تعيد إنتاج التراث‪،‬‬
‫وتتمثله من جديد‪ ،‬فعلى الرغم من وفرة اللفاظ القرآنية تظل عناية الشاعر‬

‫‪68‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫بالمعاني والفاق أكثر‪ ،‬والموضوع اللهي هو خير برهان على ذلك يقول في‬
‫خماسية "فتنة"‪:‬‬
‫ي مأمول‬ ‫ْ‬
‫ن ُيغريني ولم ينل من ّ َ‬ ‫ما فتئ الشيطا ُ‬
‫موصول‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫إلى‬ ‫حبل‬ ‫ه‬ ‫تسويل‬ ‫تخذت كي أدرأ َ‬
‫ّ َ َ‬ ‫ُ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫م معلول‬ ‫َ‬ ‫دا‬ ‫ً‬ ‫ل‬ ‫قلي‬ ‫إل‬ ‫ْ‬ ‫ق‬ ‫ينطل‬ ‫َ‬ ‫فلم‬ ‫فيه‪،‬‬ ‫ه‬
‫ُ ُ‬ ‫ت‬‫َ‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫غ‬
‫ت في خشيةٍ من فتنةِ َتعتوُِر الجيل‬ ‫ُ‬ ‫مازل‬ ‫لكنني‬
‫ت الزل ّةِ الولى‬ ‫ي من وسوسا ِ‬ ‫ّ ْ‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫مني‬ ‫ِ‬ ‫يح‬ ‫ف إن لم َ‬ ‫أخا ُ‬
‫)مع الله‪(87 :‬‬
‫فاللفاظ المفردة‪" :‬شيطان ‪ -‬تسويل ‪ -‬حبل موصول ‪ -‬مغلول ‪ -‬وسوسات"‬
‫يمكن إعادتها إلى نصوصها القرآنية بسهولة‪ ،‬ولها موحياتها المتفرقة‪ ،‬لكن‬
‫الشاعر أّلف بينها في فلك واحد هو موضوع الفتنة‪ ،‬ووضعنا أمام تصور‬
‫السلم للفتنة الشيطانية بدءا ً من عهد آدم عليه السلم بالجنة‪ ،‬فهذه‬
‫المفردات لم ترد لذاتها متفرقة‪ ،‬بل لدورها متجمعة متكاملة متضامنة‪ ،‬وهذا‬
‫التوظيف الفضل للتراث‪.‬‬
‫صور التجّلي والشراق‬
‫ميزة الشاعر الميري ليست في وفرة الصور أو التجديد والبتكار فيها‪ ،‬وهذا‬
‫كله متحقق إلى حد ّ بعيد‪ ،‬إن ميزته الولى في خيال الشعر العربي قديما ً‬
‫وحديثا ً هي نجاحه في تصوير اللحظات أو الوثبات الروحية في حضرة الله‬
‫تعالى وتجلياته على عباده الصالحين‪.‬‬
‫من صوره البارعة المبتكرة‪ :‬عين القلب ‪ -‬مسمع الروح ‪ -‬شفاه النجوم‪:‬‬
‫جمال َ ْ‬
‫ك‬ ‫ت فيها َ‬‫ل آنس ُ‬ ‫ي َبرايا من جما ٍ‬ ‫ن قلب ْْ‬ ‫ت ِلعي ِ‬ ‫وَتراَء ْ‬
‫ك‬ ‫َ‬
‫شفاهِ النجوم يتلو الثنال ْ‬ ‫س من ِ‬ ‫هم ٌ‬ ‫مِع الُروح َ‬ ‫مس َ‬ ‫وترامى ل ِ‬
‫)مع الله‪(51 :‬‬
‫ً‬
‫ومنها تصويره الفجر معراجا لللباب‪ ،‬والقلب يناجي‪ ،‬والصدر يسّبح‪:‬‬
‫ح‬
‫ظلمتهِ داجى والفجُر في إشراقهِ أفص ْ‬ ‫ل في ُ‬ ‫اللي ُ‬
‫ح‬‫معراجا أسرى بها نحوَ السنا الوض ْ‬ ‫ً‬ ‫فكان لللباب ِ‬
‫ح‬
‫ح الرأيَ ِبما أصل ْ‬ ‫بد ّد َ شكا ً عابرا ً هاجا وأصل َ‬
‫ح‬
‫س من إيمانها تنض ْ‬ ‫منهاجا فالنف ُ‬ ‫أشرقَ في البصارِ ِ‬
‫ح‬
‫خفقتهِ ناجى والصدُر في أنفاسهِ سب ّ ْ‬ ‫ب في َ‬ ‫والقل ُ‬
‫)مع الله‪(88 :‬‬

‫)‪(12 /‬‬

‫هذه الخماسية ليست نموذجا ً للشعر اللهي الذي غلب على خماسيات‬
‫الميري وحسب‪ ،‬بل إن صورها وأخيلتها هي نموذج أيضا ً لمعظم شعر‬
‫الميري الذي غلبت عليه السبحات الروحية وتجليات الشراق الرباني‪ ،‬حيث‬
‫يغدو كيان الشاعر ذرة من ذرات هذا الكون العظيم التي تسّبح بحمد الله‬
‫تعالى‪ ،‬أو حيث تسّبح كل خلية من خليا الشاعر وهي مستغرقة في شعاع أو‬
‫أشعة النور اللهي‪:‬‬
‫دنى‬ ‫م ال ّ‬
‫ت عَ ّ‬‫سماوا ِ‬ ‫م ال َ‬
‫سنا وعَ ّ‬‫ه ال َ‬‫سنا ً فاقَ ك ُن ْ َ‬
‫أل يا َ‬
‫منا‬
‫سنا وزاد َ وأعجَز أفها َ‬ ‫طى مدانا ومحسو َ‬ ‫َتخ ّ‬
‫منى‬ ‫ق‪ ..‬فوقَ ال ُ‬ ‫ق‪ ..‬أغد َ‬ ‫ن في ل نهاياتهِ وأشر َ‬ ‫وأمع َ‬
‫سما واّدنى‬ ‫ي َ‬ ‫ت بقلب ْ‬‫شعاعاتهِ شعر ُ‬ ‫س من ُ‬ ‫إلى قب ُ ٍ‬
‫ت أدري أنا‪..‬ما أنا‪..‬؟!‬ ‫ّ‬
‫ن التجلي وما عد ُ‬ ‫ت أصلي فكا َ‬ ‫ّ‬ ‫وكن ُ‬

‫‪69‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)صفحات ونفحات‪(25 :‬‬


‫ّ‬
‫يبدو أن من النصاف أن نخصص دراسة مستقلة لصور التجلي والشراق في‬
‫شعر الميري‪ ،‬لنها في تقديرنا أظهر ميزة في شعره‪ ،‬وأهم مسألة في حياة‬
‫النسان‪.‬‬
‫انتهى‬
‫الهوامش‪:‬‬
‫)‪ (19‬الفاصلة في القرآن ‪ -‬محمد الحسناوي ‪ -‬المكتب السلمي ‪ -‬دار عمار‬
‫‪ -‬ط ‪ 2‬ص‪.298 - 297 :‬‬
‫)‪ (20‬قضايا الشعر المعاصر ‪ -‬نازك الملئكة ‪ -‬مكتبة النهضة ‪ -‬ط ‪ - 3‬ص‪:‬‬
‫‪.164‬‬
‫)‪ (21‬أفاد من تكرار بدايات البيات في )‪ (21‬إحدى وعشرين خماسية‪ ،‬ومن‬
‫تكرار الكلمات في )‪ (47‬سبع وأربعين خماسية‪.‬‬

‫)‪(13 /‬‬

‫خمسون قصة من قصص إخلص السلف‬


‫الحديث عن أخبار السلف الصالح حديث شّيق يجذب النفوس ‪ ..‬وترق له‬
‫القلوب ‪ ..‬وفيه عبرة لمن يعتبر ‪..‬‬
‫قد يتقاصر النسان أمام النبياء عليهم الصلة والسلم ويقول ‪ :‬هؤلء أيدهم‬
‫ن هؤلء ممن نذكر أخبارهم لم يكن الوحي ينزل عليهم‪،‬‬ ‫الله بالوحي‪ ،‬لك ّ‬
‫وعامة هؤلء الذين اخترت لكم خبرهم لم يروا النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫وإنما هم ممن جاءوا بعده ‪..‬‬
‫وقد صدق ابن القيم حيث قال‪ ) :‬وقد جرت عادة الله التي ل تتبدل وسنته‬
‫التي ل تتحول أن ُيلبس المخلص من المهابة والنور والمحبة في قلوب الخلق‬
‫وإقبال قلوبهم إليه ما هو بحسب إخلصه ونيته ومعاملته لربه وُيلبس المرائي‬
‫ثوبي الزور من المقت والمهانة والبغض وما هو اللئق به ‪...‬‬
‫شعََر بأحدٍ قطع صلة‬‫‪ -1‬كان عبد الرحمن بن أبي ليلى يصلي في بيته فإذا َ‬
‫النافلة ونام على فراشه – كأنه نائم – فيدخل عليه الداخل ويقول‪ :‬هذا ل‬
‫يفتر من النوم؟! غالب وقته على فراشه نائم؟! وما علموا أنه يصلي ويخفي‬
‫ذلك عليهم ‪.‬‬
‫‪ -2‬وجاء رجل يقال له حمزة بن دهقان لبشر الحافي العابد الزاهد المعروف‪،‬‬
‫فقال أحب أن أخلوا معك يومًا‪ ،‬فقال‪ :‬ل بأس ُتحدد يوما ً لذلك‪ ،‬يقول فدخلت‬
‫عليه يوما ً دون أن يشعر فرأيته قد دخل قبة فصلى فيها أربع ركعات ل أحسن‬
‫أن أصلي مثلها فسمعته يقول في سجوده " اللهم إنك تعلم فوق عرشك أن‬
‫الذل – يقصد بالذل عدم الشهرة ‪ -‬أحب إلي من الشرف ‪ ..‬اللهم إنك تعلم‬
‫ي من الغنى ‪ ..‬اللهم إنك تعلم فوق عرشك‬ ‫فوق عرشك أن الفقر أحب إل ّ‬
‫أني ل ُأوثر على حبك شيئا ً " يقول فلما سمعته أخذني الشهيق والبكاء‪ ،‬فقال‬
‫‪ " :‬اللهم إنك تعلم أني لو أعلم أن هذا هنا لم أتكلم "‪.‬‬
‫‪ -3‬قال العمش‪ :‬كنت عند إبراهيم النخعي وهو يقرأ في المصحف‪ ،‬فاستأذن‬
‫طى المصحف وقال‪ :‬ل يراني هذا أّني أقرأ فيه كل ساعة‪.‬‬ ‫عليه رجل فغ ّ‬
‫‪ -4‬وللمام الماوردي قصة في الخلص في تصنيف الكتب‪ ،‬فقد ألف‬
‫المؤلفات في التفسير والفقه وغير ذلك ولم يظهر شيء في حياته‪ ,‬ولما‬
‫دنت وفاته قال لشخص يثق به‪ :‬الكتب التي في المكان الفلني كلها تصنيفي‬
‫وإنما إذا عاينت الموت ووقعت في النزع فاجعل يدك في يدي فإن قبضت‬

‫‪70‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫عليها فاعلم أنه لم يقبل مني شيء فاعمد إليها وألقها في دجلة بالليل وإذا‬
‫بسطت يدي فاعلم أنها قبلت مني وأني ظفرت بما أرجوه من النية الخالصة‪،‬‬
‫فلما حضرته الوفاة بسط يده ‪ ،‬فأظهرت كتبه بعد ذلك‪.‬‬
‫ب حصل ليوب وقد عاهده أل ّ‬ ‫ث عجي ٍ‬ ‫‪ -5‬وهذا عبد الواحد بن زيد يخبرنا بحدي ٍ‬
‫يخبر إل أن يموت أيوب‪ ،‬قال عبدالواحد‪ :‬كنت مع أيوب فعطشنا عطشا ً‬
‫شديدا ً حتى كدنا نهلك‪ ،‬فقال أيوب‪ :‬تستر علي؟ قلت‪ :‬نعم إل أن تموت‪ ،‬قال‪:‬‬
‫جر منه الماء فشربت حتى‬ ‫حراٍء فتف ّ‬ ‫عبد الواحد فغمز أيوب برجله على ِ‬
‫رويت وحملت معي‪.‬‬
‫كانت بينهم وبين الله أسرار لو أقسم منهم على الله أحد لبّره لخلصهم‬
‫وصدقهم مع الله تبارك وتعالى‪.‬‬
‫‪ -6‬وهذا أبو الحسن محمد بن أسلم الطوسي يقول عنه خادمه أبو عبد الله‪،‬‬
‫كان محمد يدخل بيتا ً وُيغلق بابه‪ ،‬ويدخل معه كوزا ً من ماء‪ ،‬فلم أدر ما يصنع‪،‬‬
‫ت لها‪ :‬ما هذا البكاء؟‬ ‫ه‪ ،‬فقل ُ‬‫م ُ‬‫هأ ُ‬‫ت ابنا ً صغيرا ً له يبكي بكاءه‪َ ،‬فنهت َ‬ ‫حتى سمع ُ‬
‫فقالت إن أبا الحسن يدخل هذا البيت‪ ،‬فيقرأ القرآن ويبكي‪ ،‬فيسمعه الصبي‬
‫فيحكيه‪ ،‬فإذا أراد أن يخرج غسل وجهه؛ فل ُيرى عليه أثر البكاء‪.‬‬
‫‪ -7‬ودخل عبد الله بن محيريز دكانا ً يريد أن يشتري ثوبًا‪ ،‬فقال رجل قد عََرفه‬
‫َ‬
‫سن بيعه‪ ،‬فغضب ابن محيريز وطرح‬ ‫لصاحب المحل‪ :‬هذا ابن محيريز فأح ِ‬
‫الثوب وقال " إنما نشتري بأموالنا‪ ،‬لسنا نشتري بديننا "‪.‬‬
‫‪ -8‬وقال ابن عيينة‪ :‬كان من دعاء المطّرف بن عبد الله‪ " :‬اللهم إني‬
‫أستغفرك مما زعمت أني أريد به وجهك‪ ،‬فخالط قلبي منه ما قد علمت "‪.‬‬
‫دث بحديث النبي صلى الله عليه وسلم يشتد ّ عليه‬ ‫‪ -9‬وكان رحمه الله إذا ح ّ‬
‫البكاء وهو في حلقته‪ ،‬فكان يشد ّ العمامة على عينه ويقول‪ :‬ما أشد ّ الزكام‪..‬‬
‫ما أشد ّ الزكام‪..‬‬
‫‪ -10‬روى صاحب طبقات الحنابلة‪ :‬أن عبد الغني المقدسي المحدث الشهير‪,‬‬
‫كان مسجونا ً في بيت المقدس في فلسطين‪ ,‬فقام من الليل صادقا ً مع الله‬
‫مخلصًا‪ ,‬فأخذ يصلي‪ ,‬ومعه في السجن قوم من اليهود والنصارى‪ ,‬فأخذ يبكي‬
‫حتى الصباح‪ ,‬فلما أصبح الصباح ورأى أولئك النفر هذا الصادق العابد‬
‫المخلص‪ ,‬ذهبوا إلى السجان‪ ,‬وقالوا‪ :‬أطلقنا فإنا قد أسلمنا‪ ,‬ودخلنا في دين‬
‫م؟ أدعاكم للسلم؟ قالوا‪ :‬ما دعانا للسلم‪ ,‬ولكن بتنا‬ ‫هذا الرجل‪ ,‬قال‪ :‬ول ِ َ‬
‫معه في ليلة ذكرنا بيوم القيامة‪!..‬‬
‫‪ -11‬رأى ابن عمر رجل ً ُيصلي وُيتابع فقال له‪ :‬ما هذا؟ قال‪ :‬إني لم أصل‬
‫البارحة‪ ،‬فقال ابن عمر‪ :‬أتريد أن تخبرني الن ! إنما هما ركعتان‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫‪ -12‬يقول الحسن البصري‪ " :‬إن كان الرجل جمع القرآن وما يشعر به الناس‬
‫‪ ..‬وإن كان الرجل قد فقه الفقه الكثير وما يشعر به الناس ‪ ..‬وإن كان‬
‫الرجل ليصلي الصلة الطويلة في بيته وعنده الزوار وما يشعرون به ‪ ..‬ولقد‬
‫أدركت أقواما ً ما كانوا على عمل يقدرون أن يعملوه في السر فيكون علنية‬
‫أبدا ً "‬
‫ت له يوم الجمعة ل يدري أحد من الناس‬ ‫‪ -13‬كان شريح القاضي يخلو في بي ٍ‬
‫ماذا يصنع فيه‪.‬‬
‫‪ -14‬قيل لبن المبارك‪ :‬إبراهيم بن أدهم ممن سمع ؟ وممن أخذ الحديث ؟‬
‫وممن أخذ العلم ؟‬

‫‪71‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫قال‪ " :‬قد سمع من الناس وله فضل في نفسه ‪ ..‬صاحب سرائر ما رأيته‬
‫يظهر تسبيحًا‪ ،‬ول شيئا ً من الخير‪ ،‬ول أكل مع قوم قط إل كان آخر من يرفع‬
‫يده ‪ -‬يتظاهر أنه ليس من أهل الزهد وإنما يأكل كما يأكل عامة الناس فل‬
‫يقوم أولهم ‪." -‬‬
‫‪ -15‬وهذا عبد الله بن المبارك حينما خرج في غزو بلد الروم فالتقى‬
‫ج من العدو يطلب المبارزة ويجول بين الصفين‪،‬‬ ‫عل ٌ‬
‫المسلمون بالعدو ‪ ،‬وخرج ِ‬
‫ن فقتله‪ ،‬وخرج الثالث‬ ‫فخرج له رجل من المسلمين فقتله العلج‪ ،‬وخرج ثا ٍ‬
‫ج‪ ،‬فاجتمع الناس عليه ينظرون‬ ‫ل العل َ‬ ‫فقتله‪ ،‬فبرز له رجل آخر‪ ،‬فصاوله ثم قَت َ َ‬
‫من هو؟ فجعل يغطي وجهه بكمه لئل يعرفه أحد‪ ،‬فجاءه رجل يقال له أبو‬
‫عمر فرفع كمه عن وجهه‪ ،‬فإذا هو عبد الله بن المبارك‪ ،‬فقال عبد الله بن‬
‫المبارك ‪ " :‬وأنت يا أبا عمر ممن ُيشنع علينا " ؟ – ماهذه الشناعة في نظر‬
‫ابن المبارك رحمه الله ؟! الشناعة أنه أظهر أن هذا هو البطل الباسل الذي‬
‫تمكن من قتل هذا العلج الذي قتل عددا ً من المسلمين – كان يغطي وجهه‬
‫بكمه يريد وجه الله تعالى ‪. -‬‬
‫‪ -16‬وهذا رجل مسلم وقع في حصار حاصره المسلمون للروم وطال هذا‬
‫الحصار واشتد النتظار على المسلمين ‪ ،‬وأحرقتهم سهام العدو‪ ،‬فعمد رجلٌ‬
‫من المسلمين سرا ً إلى ناحية من الحصن‪ ،‬فحفر نفقا ً ثم دخل منه‪ ،‬فهجم‬
‫على الباب من الداخل وجعل يضرب في العداء حتى فتح الباب ودخل‬
‫المسلمون‪ ،‬واختفى ذلك الرجل فلم يعرفه أحد‪ ،‬فصار قائد المسلمين –‬
‫مة – يقول ويستحلف الناس‪ :‬سألتكم بالله أن يخرج إلي صاحب النفق‪،‬‬ ‫مسل َ‬
‫َ‬
‫فلما كان الليل جاء رجل فاستأذن على حارس مسلمة‪ ،‬فقال الحارس من‬
‫هذا ؟ قال‪ :‬رجل يدلكم على صاحب النفق‪ ،‬فاذهب إلى صاحبك – يعني‬
‫مسلمة – وأخبره وقل له يشترط عليك شرطًا‪ ،‬وهو أل تبحث عنه بعد ذلك‬
‫شر ُ‬
‫طه‬ ‫ه َ‬ ‫مة‪ :‬ل ُ‬‫سل َ‬ ‫اليوم أبدًا‪ ،‬ول تطلب رؤيته بعده ول الكلم معه أبدًا‪ ،‬فقال َ‬
‫م ْ‬
‫ي ما‬ ‫فأخبروني عنه من هو ؟ فدخل الرجل – نفسه – وقال أنا هو‪ ..‬ول َ‬
‫عني إلى مجلسك ‪ ..‬فاختفى بين‬ ‫ت‪ ،‬ل تسألني ‪ ..‬ل تبحث عني ‪ ..‬ل ت َد ْ ُ‬ ‫اشترط ُ‬
‫الجند ‪.‬‬
‫فكان مسلمة بعد ذلك يقول ‪ " :‬اللهم احشرني مع صاحب النفق "‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ -17‬كان علي بن الحسين زين العابدين يحمل الصدقات والطعام ليل على‬
‫ظهره‪ ،‬ويوصل ذلك إلى بيوت الرامل والفقراء في المدينة‪ ،‬ول يعلمون من‬
‫وضعها‪ ،‬وكان ل يستعين بخادم ول عبد أو غيره ‪ ..‬لئل يطلع عليه أحد ‪ ..‬وبقي‬
‫كذلك سنوات طويلة‪ ،‬وما كان الفقراء والرامل يعلمون كيف جاءهم هذا‬
‫الطعام ‪ ..‬فلما مات وجدوا على ظهره آثارا ً من السواد‪ ،‬فعلموا أن ذلك‬
‫بسبب ما كان يحمله على ظهره ‪ ،‬فما انقطعت صدقة السر في المدينة حتى‬
‫مات زين العابدين‪.‬‬
‫‪ -18‬وهذا أيوب السخيتاني ‪ ..‬إمام كبير من أئمة التابعين ‪ ..‬وعابد من عبادهم‬
‫‪ ..‬ربما يحدث بالحديث فيرق‪ ،‬فيلتفت ويتمخط ويقول " ما أشد الزكام "‪.‬‬
‫‪ -19‬يقول الحسن البصري‪ " :‬إن الرجل ليجلس في المجلس فتجيئه عبرته‪،‬‬
‫فإذا خشي أن تسبقه قام "‪.‬‬
‫‪ - 20‬وهذا شقيق بن سلمة رحمه الله كان يصلي في بيته‪ ،‬وينشج نشيجا لو‬
‫جعلت له الدنيا على أن يفعله وأحد ٌ يراه ما فعل‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ -21‬ووقف رجل يصلي في المسجد‪ ،‬فسجد وجعل يبكي بكاًء شديدا‪ ،‬فجاء‬
‫إليه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو أمامة الباهلي رضي الله‬
‫عنه فقال‪ " :‬أنت ‪ ..‬أنت ‪ ..‬لو كان هذا في بيتك "‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ -22‬كان أيوب السخيتاني رحمه الله يقوم الليل كله فُيخفي ذلك‪ ،‬فإذا كان‬
‫الصبح رفع صوته كأنما قام تلك الساعة‪.‬‬
‫‪ -23‬صحب رجل محمد بن أسلم فقال‪ :‬ل زمته أكثر من عشرين سنة لم أره‬
‫يصلي – حيث أراه – ركعتين من التطوع في مكان يراه الناس إل يوم‬
‫الجمعة‪ ،‬وسمعته كذا وكذا مرة يحلف ويقول‪ " :‬لو قدرت أن أتطوع حيث ل‬
‫يراني ملكاي لفعلت خوفا ً من الرياء "‪.‬‬
‫‪ -24‬وهذا داوود بن أبي هند ُذكر في ترجمته أنه صام أربعين سنة ل يعلم به‬
‫طر‪ ،‬فيتصدق‬ ‫مف ِ‬
‫أهله‪ ،‬كان يخرج في مهنته‪ ،‬ويأخذ معه غداءه‪ ،‬فيتوهمون أنه ُ‬
‫به في الطريق‪ ،‬فيرجع آخر النهار إلى أهله فيأكل معهم‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬
‫‪ -25‬اجتمع الفضيل بن عياض وسفيان الثوري يوما ً فجلسوا يتذاكرون شيئا ً‬
‫من الرقائق َفرق كل واحد منهم وبكى‪ ،‬فقال سفيان الثوري رحمه الله‪" :‬‬
‫أرجوا أن يكون هذا ا لمجلس علينا رحمة وبركة "‪ .‬فقال الفضيل بن العياض‪:‬‬
‫ت من أحسن‬ ‫" ولكني أخاف يا أبا عبد الله أل يكون أضَر علينا ‪ ..‬ألست تخلص َ‬
‫ت لي ‪ "..‬فبكى‬ ‫ت لك ‪ ..‬وتزين َ‬ ‫ت أنا إلى أحسن حديثي ‪ ..‬فتزين ُ‬ ‫حديثك وتخلص ُ‬
‫سفيان الثوري رحمه الله وقال‪ " :‬أحييتني أحياك الله "‪.‬‬
‫‪ -26‬وهذا عون بن عبد الله يقول‪ " :‬إذا أعطيت المسكين شيئًا‪ ,‬فقال‪ :‬بارك‬
‫ص لك صدقتك "‪.‬‬ ‫الله فيك‪ ،‬فقل أنت‪ :‬بارك الله فيك‪ .‬حتى َتخل ُ َ‬
‫‪ -27‬وكان محمد بن يوسف الصبهاني ل يشتري خبزه من خّباز واحد‪ ،‬يقول‬
‫ف أني فلن الذي يسمع عنه‬ ‫لعلهم يعرفوني ولكن إذا جئته لول وهلة ل يعر ُ‬
‫فتقع لي المحاباة‪ ،‬فأكون ممن يعيش بدينه‪.‬‬
‫ب الشهرة "‪.‬‬ ‫‪ - 28‬يقول إبراهيم بن أدهم‪ " :‬ما صدق الله عبد ٌ أح ّ‬
‫ه‬
‫ب أن َيعرف ُ‬ ‫‪ -29‬وقال بشر بن الحارث‪ " :‬ل يجد حلوة الخرة رجل ُيح ُ‬
‫الناس "‪.‬‬
‫غيره ُ "‪.‬‬‫ب أن يعرفني بطاعَِته َ‬ ‫ح ُ‬
‫‪ -30‬وكان مورق العجلي يقول‪ " :‬ما أ ِ‬
‫‪ -31‬ولما قدم عبد الله بن المبارك المصيصة سأل عن محمد بن يوسف‬
‫الصبهاني‪ :‬فلم يعرفه أحد‪ ,‬فلما لقيه قال‪ " :‬من فضلك يا محمد ل ُتعرف؟ "‬
‫– رأى أن ذلك منقبة وأنه مغمور ل يعرفه أهل البلد ‪.-‬‬
‫‪ -32‬كان سفيان الثوري يقول‪ " :‬وجدت قلبي يصلح بمكة والمدينة مع قوم‬
‫غرباء أصحاب بتوت وعناء – عليهم أكسية غليظة – غرباء ل يعرفونني‬
‫فأعيش في وسطهم ل ُأعرف كأنني رجل من فقراء المسلمين وعامتهم "‪.‬‬
‫ب في مكة حتى ل ُأعرف‪،‬‬ ‫‪ -33‬كان المام أحمد يقول‪ " :‬أحب أن أكون بشع ٍ‬
‫ت بالشهرة‪ ،‬إنني أتمنى الموت صباحا ً ومساًء "‪.‬‬ ‫قد ُبلي ُ‬
‫‪ -34‬يقول أيوب السخيتاني لبي مسعود الجريري‪ " :‬إني أخاف أل تكون‬
‫الشهرة قد أبقت لي عند الله حسنة ‪ ..‬إني لمر بالمجلس ‪ ..‬فأسلم عليهم ‪..‬‬
‫وما أرى أن فيهم أحدا ً يعرفني ‪ ،‬فيردون علي السلم بقوة ‪ ،‬ويسألونني‬
‫مسألة كأن كلهم قد عرفني ‪ ،‬فأي خيرٍ مع هذا "‪.‬‬
‫ّ‬
‫ماد بن زيد‪ " :‬كنا إذا ممرنا بالمجلس ومعنا أيوب فسلم؛ رّدوا‬ ‫‪ -35‬ويقول ح ّ‬
‫ردا ً شديدا ً ‪ ،‬فكان يرى ذلك نقمة ويكتئب لذلك "‪.‬‬
‫‪ -36‬وخرج أيوب السخيتاني مرة في سفر فتبعه أناس كثيٌر‪ ،‬فقال‪ " :‬لول‬
‫أني أعلم أن الله يعلم من قلبي أني لهذا كاره لخشيت المقت من الله عز‬
‫وجل "‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ي‬
‫‪ -37‬قال الشافعي‪ " :‬وددت أن الناس تعلموا هذا العلم على أل ينسب إل ّ‬
‫ه شيء "‪.‬‬ ‫من ُ‬
‫‪ -38‬قال سهل بن عبدالله التستري‪ " :‬ليس على النفس شيٌء أشقّ من‬
‫الخلص لنه ليس لها فيه نصيب "‪.‬‬
‫‪ -39‬وقد كان محمد بن سيرين رحمه الله يضحك في النهار حتى تدمع عينه‪،‬‬
‫طعه بالبكاء والصلة‪..‬‬ ‫فإذا جاء الليل ق ّ‬
‫كاٌء في الليل (‬ ‫سام بالنهار ب ّ‬
‫ومن خير الناس ) ب ّ‬
‫‪ -44‬روي عن ابن الجوزي عن الحسن أنه قال‪ :‬كنت مع ابن المبارك فأتينا‬
‫على سقاية والناس يشربون منها‪ ،‬فدنا منها ليشرب ولم يعرفه الناس‪،‬‬
‫فزحموه ودفعوه‪ ،‬فلما خرج قال لي‪ :‬ما العيش إل هكذا‪ ،‬يعني حيث لم‬
‫نعرف ولم نوقر‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ -45‬روي عن مطرف بن عبدالله الشخير أنه قال‪ :‬لن أبيت نائما وأصبح‬
‫نادما ً أحب إلي من أن أبيت قائما ً فأصبح معجبًا‪.‬‬
‫‪ -46‬روي عن النعمان بن قيس أنه قال‪ :‬ما رأيت عبيدة رحمه الله متطوعا ً‬
‫في مسجد الحي‪.‬‬
‫‪ -47‬يقول علي بن مكار البصري الزاهد‪ ) :‬لن ألقى الشيطان أحب إلي من‬
‫أن ألقى فلنا ً أخاف أن أتصنع له فأسقط من عين الله (‪.‬‬
‫‪ -48‬قال عبد الله بن أحمد بن حنبل‪ :‬كان أبي إذا خرج في يوم الجمعة ل يدع‬
‫أحدا ً يتبعه‪ ،‬وربما وقف حتى ينصرف الذي يتبعه‪.‬‬
‫‪ -49‬يقول محمد بن أعين وكان صاحب ابن المبارك في أسفاره‪ :‬كنا ذات‬
‫ليلة ونحن في غزو الروم‪ ،‬فذهب عبدالله بن المبارك ليضع رأسه ليريني أنه‬
‫ينام‪ ،‬يقول فوضعت رأسي على الرمح لريه أني أنام كذلك‪ ،‬قال‪ :‬فظن أني‬
‫قه‪،‬‬ ‫م ُ‬
‫قد نمت‪ ،‬فقام فأخذ في صلته‪ ،‬فلم يزل كذلك حتى طلع الفجر وأنا أر ُ‬
‫ت‪ :‬إني لم أنم‪،‬‬ ‫فلما طلع الفجر أيقظني وظن أني نائم‪ ،‬وقال‪ :‬يا محمد‪ ،‬فقل ُ‬
‫ي في شيء من‬ ‫فلما سمعها مني ما رأيته بعد ذلك ُيكلمني ول ينبسط إل ّ‬
‫ما فطنت له من العمل‪ ،‬فلم أزل‬ ‫غزاته كلها‪ ،‬كأنه لم يعجبه ذلك مني ل ِ َ‬
‫أعرفها فيه حتى مات‪ ،‬ولم أر رجل ً أسّر بالخير منه‪.‬‬
‫‪ - 50‬قيل لسفيان الثوري‪ :‬لو دخلت على السلطين؟ قال‪ :‬إني أخشى أن‬
‫فظ‪ ،‬قال‪ :‬تأمرونني‬ ‫ت فيه‪ ،‬قيل له‪ :‬تقول وتتح ّ‬ ‫يسألني الله عن مقامي ما قل ُ‬
‫أن أسبح في البحر ول تبتل ثيابي ؟؟!!‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫خواطر النفس البشرية محكومة بموازين ‪:‬‬


‫الشريعة المنقولة‪.‬‬
‫والفطرة المعقولة‪.‬‬
‫والعراف المقبولة‪.‬‬
‫فيؤخذ منها ويرد عليها ويتوقف فيه‬
‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬وسلم على العباد الصالحين‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫هذه‪ ...‬خطرات من العماق‪ ،‬ونظرات في الفاق الحسية والنفسية‪ ..‬فيها‬
‫كثير من الحكم وجوامع الكلم‪ ،‬وعيون العلوم والفهوم‪..‬‬
‫وصياد الخواطر يغوص في البحر ليلتقط الثمين المكنون من الدر والجوهر‪.‬‬
‫مع العذر إن خوى بعض الصدف‪ ،‬أو حوى المدر والحجر‪..‬‬
‫وصيد البر كالبحر فيه ما فيه مما نفس ورخص‪ ،‬وفج ونضج‪ ،‬وكبر وصغر‪.‬‬

‫‪74‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ومن غير المقصود ذاك القصور الموجود في ركاكة المبنى أو نكارة المعنى‪.‬‬
‫فأنا –كالنورسي من قبلي‪" :-‬أتصور كرديا ً ثم أتلكم عربيًا"‪.‬‬
‫كتاب "رجته الكراد" ص ‪ ،5‬لبديع الزمان النورسي‪ ،‬ترجمه المؤلف نفسه من‬
‫الكردية إلى العربية‪.‬‬
‫يضاف السبب الخر‪ ،‬وهو تفريغ الفكر في أوقات الحصر‪ ،‬وكانت ساعات‬
‫متعددة في أوقات متباعدة‪ ،‬ولهذا وذاك أثر كبير على مستوى التفكير‬
‫والتعبير‪ ..‬فكان الهزيل والسمين‪ ،‬أو الحسن والحسن‪.‬‬
‫وتركت خواطري منثورة ومتناثرة‪ ...‬حتى قيض لها من نظمها في عقود‬
‫وبها على الحروف‪ ،‬ورتبها وفهرس لها على الموضوعات‪.‬‬ ‫فب ّ‬
‫والذي حمل المهمة أخي الستاذ مصطفى شاهر خلوف‪ ،‬وفقه الله‪.‬‬
‫وقد خرجت على نهجه في الول والخر‪ ،‬فحافظت على البدء بالنية‪ ،‬والختم‬
‫بالبيعة‪ ،‬وأخرجتهما من سلسلة الترقيم‪.‬‬
‫وشيء آخر تنتظره هذه الخواطر وتحتاج إليه أل وهو الشرح والتعليق لتوضيح‬
‫العبارة‪ ،‬وتحديد الشارة‪ ،‬والتكميل والتمام‪ ...‬وما استدركته بالهوامش قليل‬
‫ل يفي‪ ،‬وبخاصة ما يتعلق منها بالمفاهيم العلمية‪ ..‬يضاف لذلك الحالة على‬
‫بحوث لي ل تزال عندي مخطوطة غير مطبوعة‪.‬‬
‫والله أسأل العفو والعافية وحسن العاقبة‪.‬‬
‫الن ّّية‪:‬‬
‫إنما العمال بالنية‬
‫والنية بالخلص‬
‫والخلص بالحب‬
‫والحب بالتحبيب والتزيين‬
‫كالكره يكون بالتكريه‬
‫والتقبيح‬
‫باب الهمزة‬
‫الب والبن‬
‫‪-1-‬‬
‫ليس كل كبير أبا ً ول كل صغير ابنا‪ً.‬‬
‫البتسامة‬
‫‪-2-‬‬
‫البتسامة مفتاح لشخصيتي ولشخصيتك‪.‬‬
‫‪-3-‬‬
‫ما رأيت سلحا ً أمضى من البسمة‪.‬‬
‫البوان‬
‫‪-4-‬‬
‫ليس كل زوج يصلح أن يكون أبا‪ً،‬‬
‫ول كل زوجة تصلح أن تكون امًا‪.‬‬
‫‪-5-‬‬
‫ً‬
‫لو كان الحق كله للنسب لخرت الم دوما عن الب‪.‬‬
‫معلوم في الدين أن حق الم أعظم‪،‬‬
‫كما يشهد به حديث‪ :‬من أحق الناس بحسن صحابتي؟‬
‫فكان الجواب‪ :‬أمك ثلثا ً وكان الب رابعًا‪.‬‬
‫أتاتورك‬
‫‪-6-‬‬

‫‪75‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الحقيقة التي يجهلها كثير من التراك المسلمين وآخرون هي‪ :‬أن أتاتورك‪،‬‬
‫وهو أبو التراك المسلمين‪ ،‬لم يكن تركيا ً في نسبته ول مسلما ً في ديانته‪.‬‬
‫ومع ذلك نسمع من يقول‪ :‬إنه خلص الوطن وأنقذ الملة‪ ...‬وقد تسمع مثل‬
‫هذا من معهد من معاهد العلم‪ ،‬أو في خطبة جمعة تلقى في بيت من بيوت‬
‫الله‪.‬‬
‫التجاه‬
‫‪-7-‬‬
‫أسراب السمك في الماء –كطيور السماء في الهواء‪ -‬تسبح في نفس‬
‫التجاه‪.‬‬
‫‪-8-‬‬
‫اتجه مع اليمين إلى القمة البدية‪.‬‬
‫الحزان‬
‫‪-9-‬‬
‫الحزان تضيق المكان وتطول الزمان‪ ..‬أعاذنا الله من أحزان المكان‬
‫والزمان في النفوس والبدان‪.‬‬
‫الحسان‬
‫‪-10-‬‬
‫خذ ميزان الحسان من وحي النقل وحكمة العقل‪.‬‬
‫‪-11-‬‬
‫الحسان شرط لصحة الدين كله في ظاهر السلم وباطن اليمان معًا‪.‬‬
‫ويقابله على سبيل المخالفة الساءة ظاهرا ً وباطنًا‪.‬‬
‫بعضهم يجعل الحسان مرتبة ثالثة من مراتب الدين تكمل اليمان والسلم‪.‬‬
‫والصحيح أن للدين مرتبتين‪ :‬ظاهرة بالسلم‪ ،‬وباطنة باليمان‪.‬‬
‫أما الحسان فشرط لصحة الباطن والظاهر جميعًا‪ ،‬فهو منهما وفيهما وليس‬
‫مرتبة خارجة عنهما‪ .‬وانظر الدين رقم ‪.166،167‬‬
‫الحمق‬
‫‪-12-‬‬
‫تكفيك من الحمق زيارة واحدة بل إعادة ول زيادة‪.‬‬
‫الختلف‬
‫‪-13-‬‬
‫ليس بالكلم وحده يتميز النسان عن الحيوان‪.‬‬
‫فالببغاء حيوان يتكلم‪.‬‬
‫‪-14-‬‬
‫المشكلة هي أنهم اختلفوا حتى في ترتيب الكليات الضرورية من دين وعقل‬
‫وعرض ونفس ومال‪.‬‬
‫الخلل في واقع المسلمين ناجم في كثير من الحيان عن عدم ترتيب هذه‬
‫الولويات‪ ،‬فقد تتقدم الموال والنفوس على العقول والعراض بل وعلى‬
‫الدين‪ ،‬ومن راقب الحال عرف هول الخلل‪.‬‬
‫‪-15-‬‬
‫الدماء الحمراء مختلفة الفصائل‪.‬‬
‫‪-16-‬‬
‫الخلف بين المؤمنين والكافرين في نهاية النهاية‪:‬‬
‫هل هي للموت أو للحياة البدية؟‬
‫المؤمنون ينتهون بالحياة البدية وهم يعتقدون ذلك ‪ ،‬بينما يعتقد الكافرون أن‬

‫‪76‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫النهاية بالموت والفناء بل بعث ول جزاء‪ .‬وانظر رقم ‪.350‬‬


‫‪-17-‬‬
‫كل الناس يتماثلون في الجوهر ويختلفون في الثر والخبر‪.‬‬
‫‪-18-‬‬
‫أسأل من خالفني الرأي المودة في القربى‪،‬السببية والنسبية والنسية‪،‬‬
‫وأسألهم الخوة المنسية‪.‬‬
‫قديما ً أنكروا ظلم ذوي القربى‪ ،‬والقربى ثلث من جهة النسب بالعصب‪ ،‬ومن‬
‫جهة السبب بالمصاهرة‪ ،‬ومن جهة الخوة النسانية بالنتماء لدم أبي البشر‬
‫عليه السلم‪ .‬والقربى المنسية هي الخوة السلمية في الدين‪.‬‬
‫أداة جارحة‬
‫‪-19-‬‬
‫الجزار والجراح كلهما يحمل أداة جارحة‪.‬‬
‫آدم‬
‫‪-20-‬‬
‫بالمعصية خرج آدم من جنة الدنيا‪ ،‬وبالتوبة يدخل جنة الخرة‪.‬‬
‫الرتفاع‬
‫‪-21-‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ل ماؤه ونباته وأحياؤه‪.‬‬ ‫بعض الناس كالجبل كلما ارتفع ق ّ‬


‫‪-22-‬‬
‫ً‬
‫لو كان كل ما ارتفع ساميا‪ ،‬ما هان زبد الماء وخبث المعدن‪.‬‬
‫‪-23-‬‬
‫لعله يجهلها كثيرون ارتفع النف على الفم‪.‬‬
‫الرض‬
‫‪-24-‬‬
‫أرضنا هذه حبة يابسة مع قطرة ماء في فقاعه هواء‪.‬‬
‫عناصر التكوين جامدة وسائلة وغازية‪.‬‬
‫السباب‬
‫‪-25-‬‬
‫السباب ثلثة‪ :‬ظاهرة ومستترة وقاهرة‪.‬‬
‫مثل هذا في الموت والحياة‪ ،‬حيث ينسب الفعل للعبد وهو سبب مباشر‬
‫ظاهر‪ ،‬وينسب للملك الذي ينفخ الروح أو يقبضها وفعله خفي مستور‪،‬‬
‫أما السبب القاهر فهو الله بيده السنن الكونية والشرعية نفاذا ً أو خرقا ً‬
‫ونسخًا‪.‬‬
‫الستعاذة‬
‫‪-26-‬‬
‫أعوذ بالله ممن أصابني بنصب وعذاب‪ ،‬إناثا ً وذكرانًا‪ ،‬إنسانا ً وجانا‪ً.‬‬
‫الستعانة‬
‫‪-27-‬‬
‫استعن برب الناس يغنك عن الناس‪.‬‬
‫الستقامة‬
‫‪-28-‬‬

‫‪77‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المنحرفون ل يكتشفون بسهولة طريق الستقامة‪.‬‬


‫السر‬
‫‪-29-‬‬
‫للسر ل للسرور يزقزق في القفص العصفور‪.‬‬
‫السلم‬
‫‪-30-‬‬
‫ل لقاء بين الشرق والغرب في غياب السلم‪.‬‬
‫المستقبل للسلم يكون المسلمون فيه خير أمة أخرجت للناس‪ ،‬يقومون‬
‫باليمان ويقيمون العمران من مصانعهم ومناسجهم ومزارعيهم ومصايدهم‬
‫ومتاجرهم ومساكنهم وأزيائهم ومخابرهم ومعاهدهم يتعلم الناس ويكتسون‬
‫ويأكلون ويشربون ويدافعون ويدفعون ويتمتعون ويتداوون نفسيا ً وحسيًا‪.‬‬
‫السماء‬
‫‪-31-‬‬
‫ً‬
‫أسماء بعض الصدقاء والقرباء تجمع كثيرا من حروف الهجاء‪.‬‬
‫‪-32-‬‬
‫لكل من اسمه نصيب الموافقة والمفارقة‪ ،‬ومن حمل أسماء النساء لم يخل‬
‫من أنوثة وخنوثة‪.‬‬
‫‪-33-‬‬
‫مطلبي السمى في السماء الحسنى‪.‬‬
‫وجدت رسالة نافعة في السماء للشيخ محمد بن صالح العثيمين‪ ،‬مأخوذة من‬
‫الكتاب والسنة‪ ،‬إل أنه حصرها في تسعة وتسعين‪.‬‬
‫الصرار‬
‫‪-34-‬‬
‫الذين يصرون على الصغائر يصيرون إلى الكبائر‪.‬‬
‫الصلح‬
‫‪-35-‬‬
‫أصلح ما بينك وبين ربك يصلح ما بينك وبين غيرك‪ ،‬والله يتولنا وإياك وجبريل‬
‫وصالح المؤمنين والملئكة بعد ذلك ظهير‪.‬‬
‫‪-36-‬‬
‫صلح الدنيا بصلح الدين‪.‬‬
‫الدين الصالح لصلح الدنيا هو القائم على ركيزتين‪:‬‬
‫أولهما‪ :‬التحديد‪.‬‬
‫وثانيهما‪ :‬التجديد‪.‬‬
‫ويعني التحديد أن يكون الطار العلمي محدد المعالم في ذاته‪ ،‬موحد التصور‬
‫لدى أتباعه‪ ..‬ولتفصيل هذا يراجع مشروع‪ :‬المجمع العلمي السلمي‪.‬‬
‫ويعني التجديد احتواء الواقع المتغير بإصدار أحكام مناسبة على القضايا‬
‫الجديدة‪ ..‬وبمثل هذا فسرت حديث تجديد الدين على رأس كل مئة سنة‪.‬‬
‫وانظر التجديد رقم ‪.92‬‬
‫‪-37-‬‬
‫بعض اللم كالملح‪ ،‬ل بد منه لصلح الطعمة‪.‬‬
‫‪-38-‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫قد يقتضي الصلح طوفانا يغرق أو نارا تحرق أو ريحا صرصرا في يوم نحس‬
‫مستمر‪.‬‬
‫‪-39-‬‬

‫‪78‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫البتر والكي بالنار علجان‪.‬‬


‫‪-40-‬‬
‫قبل أن تستوي سفينة نوح على جودي قاومت أمواج الطوفان‪.‬‬
‫الصم‬
‫‪-41-‬‬
‫الصم ل يسمع صوتك ولو كان على مقربة منك‪.‬‬
‫الضطهاد‬
‫‪-42-‬‬
‫ً‬
‫ل زلت ممنوعا من حمل لقبي وإعلن نسبي‪.‬‬
‫الضطهاد يدفع إلى التحدي‪ ،‬ولعله دفع بديع الزمان النورسي في مقدمة‬
‫كتابه "رجته الكراد" إلى أن يقول‪" :‬إن ما في –من الغرور فطرة‪ ،‬والفخرية‬
‫ملية‪ ،‬وتحديث النعمة مسلكًا‪ ،‬وميل التفوق مشربًا‪ ،‬وميل التجلد قومية–تظهر‬
‫للحوال الناظر في آثاري فوق الحقيقة أنانية وتعززًا‪ .‬نعم إن فيها أنانية إل‬
‫أنها ليست لي بل أنانية ملتي ونوعي‪ ،‬نعم فيها تعزز وتأمر ولكن ليس لي بل‬
‫عزة صنفي‪."...‬‬
‫ثم يقول في أواخر الكتاب يخاطب قومه الكراد‪:‬‬
‫"لكم الفضل بسبق بأصالة فطرتكم الجوادة‪ ،‬ولكم الشرف ملء خيامكم‬
‫السوداء التي ستنقلب قصورا ً بيضاء‪."...‬‬
‫العتدال‬
‫‪-43-‬‬
‫وصيتي لخوتي‪ :‬ل تتكبروا ول تتصغروا‪.‬‬
‫العجاز‬
‫‪-44-‬‬
‫العجاز في الحقيقة ل في المجاز‪.‬‬
‫يراجع مفهوم العجاز القرآني‪.‬‬
‫‪-45-‬‬
‫العجاز العلمي في القرآن يعني بيان الحق والصدق‬
‫‪-46-‬‬
‫التجاه نحو العجاز البياني عطل البحث العلمي في القرآن‪.‬‬
‫الغنياء‬
‫‪-47-‬‬
‫غلب الغباء أغلب الغنياء‬
‫الفراط والتفريط‬
‫‪-48-‬‬
‫الفراط والتفريط طريقان لغواية الشيطان‪.‬‬
‫‪-49-‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الصوفية إفراط في الخوف أول‪ ،‬وتفريط في الرجاء آخرا‪..‬‬
‫والجبرية يسوون بين العبودية والربوبية‪.‬‬
‫الفساد‬
‫‪-50-‬‬
‫إفساد الفطرة والدين يمهد لقيام مملكة الشياطين‪.‬‬
‫‪-51-‬‬
‫بعض القلم السائلة يصلح للكتابة من الطرفين على الوجهين‪.‬‬
‫الله‬

‫‪79‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪-52-‬‬
‫الحضارة المعاصرة تنكر نظام السببية والنسبية في أعظم الدرجات بإنكارها‬
‫الخالق ذاته‪.‬‬
‫‪-53-‬‬
‫يا رب‪ :‬إن لم أخطئ في السر والعلن فكيف تكون غفار الذنوب ستار‬
‫العيوب‪.‬‬
‫‪-54-‬‬
‫ليس هواي كردستان ول سودان‪،‬‬
‫كل هواي رباني من القرآن‪،‬‬
‫إن هواء هو‪ ،‬أنا هواي هو‪ ،‬هو هواي هو‪.‬‬
‫‪-55-‬‬
‫الله خير صاحب وخير خليفة‪.‬‬
‫‪-56-‬‬
‫قالوا‪ :‬السلف أعلم‪ ،‬قلت‪ :‬بل السلف أفضل‪ ..‬والله أعلم‬
‫‪-57-‬‬
‫إن فهم نسبية الزمن أصل لفهم الذات والصفات‪.‬‬
‫في القرآن دللت على قبض الزمن ومده‪ ،‬من يوم معروف إلى ما يعادل‬
‫ألف سنة أو خمسين ألف سنة‪...‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫وقد حاول أنشتاين –في بداية عصرنا‪ -‬شرح نسبية الزمن فيما عرف بنظرية‬
‫النسبية‪ .‬وعلى أية حال فنحن ل نتمكن من تصور مكان بل زمان‪ ،‬أو زمان‬
‫مجرد من المكان‪ ،‬ولما كان الله فوق المكان والزمان لذا استحال تحديده‬
‫بالحواس والعقول‪ ،‬فـ"ل تدركه البصار"‪ ،‬لنه "ليس كمثله شيء"‪.‬‬
‫راجع النسان رقم ‪ ،75‬والبعد المطلق رقم ‪ ،91‬والزمان والمكان رقم ‪-182‬‬
‫‪.187‬‬
‫‪-58-‬‬
‫ل يعني الول القدم ول الخر الحدوث‪ ،‬فإن القدم والحدوث داخلن في‬
‫الزمان بينما الول والخر فوق الزمان أي ما قبله وبعده‪.‬‬
‫‪-59-‬‬
‫التفكير في الرب هو الطريق لتقويم العقل وتزكية النفس‬
‫‪-60-‬‬
‫مغفرته تعالى للعصاة ليست من خلف الوعيد‪ ،‬بل من الوفاء بالوعد‪.‬‬
‫فهو تعالى ل يخلف في الوعد ول في الوعيد‪.‬‬
‫تدبر قوله تعالى‪} :‬إن الله ل يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن‬
‫يشاء{ )النساء‪ ،(48:‬فمغفرته لما دون الشرك من المعاصي داخل في‬
‫الوفاء ل في الخلف‪.‬‬
‫وعلى هذا فل وجه لمن يجيز خلف الوعيد على الله ويعد ذلك من باب‬
‫الفضل الزائد على العدل‪.‬‬
‫المامة والمامية‬
‫‪-61-‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫المامة والمامية قديما وحديثا وراء قبول المجهول من النقول بل تحقيق ول‬
‫توثيق‪.‬‬

‫‪80‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المراض‬
‫‪-62-‬‬
‫المراض النفسية تنسج بخيوط الخوف والحزن‪.‬‬
‫المعة‬
‫‪-63-‬‬
‫هو الذي ل ينقص من سواد ول يزيد في بياض‪،‬وضميره ل يظهر‪،‬وظاهره ل‬
‫يؤثر‪.‬‬
‫المل‬
‫‪-64-‬‬
‫طول المل قد يفسد العمل‪.‬‬
‫‪-65-‬‬
‫خيبة المل تعجل الجل‪.‬‬
‫النتقام‬
‫‪-66-‬‬
‫شرقنا غارق في انتقام غربنا‪.‬‬
‫النسان‬
‫‪-67-‬‬
‫النسان فكره كبيرة في عبارة صغيرة‪.‬‬
‫‪-68-‬‬
‫النسان كأي مخلوق محكوم بالنسخ والنسيان‪.‬‬
‫‪-69-‬‬
‫كان النسان كالحيوان غير مذكور الجنس والنوع‪.‬‬
‫‪-70-‬‬
‫ً‬
‫ما زال بعض البشر يحيا بل ذكر حينا من الدهر‪.‬‬
‫‪-71-‬‬
‫بعض الوجوه ل يوحي بشيء يذكر‪،‬‬
‫وبعضهم ل وجه له‪ ،‬أو له وجه آخر‪.‬‬
‫‪-72-‬‬
‫كثير من الناس كالحشرات التي تلسع ول تنفع‪.‬‬
‫‪-73-‬‬
‫بعض الناس كالخفاش يتعلق من رجليه ويدلي برأسه فيرى الشياء مقلوبة‪.‬‬
‫‪-74-‬‬
‫بعض الناس كالذئاب والذباب تعض بسبب وبغير سبب‪.‬‬
‫‪-75-‬‬
‫النسان مكان في زمان‪.‬‬
‫‪-76-‬‬
‫غرائز النسان حيوانية‪.‬‬
‫‪-77-‬‬
‫النسان –كأي مخلوق‪ -‬جهاز يصلح لما خلق له‪ ،‬فهو ميسر ل مسير‪.‬‬
‫تدبر قوله صلى الله عليه وسلم‪":‬اعملوا فكل ميسر لما خلق له"‪.‬‬
‫وأصله آيات القدر‪ ،‬مثل‪} :‬سبح اسم ربك العلى الذي خلق فسوى‪ ،‬والذي‬
‫قدر فهدى{ )العلى‪.(3-1 :‬‬
‫وانظر رقم ‪.348 ،268 ،266 ،265 ،209-123‬‬
‫‪-78-‬‬

‫‪81‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫النسان ابن النسيان ألهاه التكاثر وأعماه التفاخر‪.‬‬


‫‪-79-‬‬
‫النسان يحب الظهور‪ ،‬ومعنى النسان في اللغة الظهور‪.‬‬
‫‪-80-‬‬
‫النسيان آفة النسان‪ ،‬ورحمة في بعض الحيان‪.‬‬
‫‪-81-‬‬
‫يتكون النسان من البدن المادي والروح المجهولة والنفس المكلفة‬
‫المسئولة‪.‬‬
‫انظر رقم ‪ ،357،363‬والنفس ثلثة أنواع المطمئنة واللوامة وأمارة بالسوء‪.‬‬
‫الهل‬
‫‪-82-‬‬
‫المكان بأهله عامر أو دامر‪.‬‬
‫الهم‬
‫‪-83-‬‬
‫ل يغني تاج الرأس عن حذاء الرجل‪.‬‬
‫‪-84-‬‬
‫قد تكون الساقية أكبر فائدة من النهر المديد والبحر المحيط‬
‫اليام‬
‫‪-85-‬‬
‫اليام تختلف في السماء وتتفق في المسمى‪.‬‬
‫اليمان‬
‫‪-86-‬‬
‫اليمان يحقق التوازن بين الخوف والرجاء‪.‬‬
‫‪-87-‬‬
‫اليمان أمان‪ ،‬والسلم سلم‪.‬‬
‫في اللغة المان من المن والسلمة‪ ،‬ولزم اليمان التصديق‪ ،‬فاستعمل فيه‬
‫وهو شطر الدين‪ ،‬ولزمة الشطر الخر للدين وهو السلم الظاهر‪ .‬فمن‬
‫عرف اليمان بأنه تصديق بالجنان وقول باللسان وعمل بالركان‪ ،‬فقد أراد‬
‫تعريفه بماهيته مع لزمه في مقام الرد على الخصوم الذين يقصرون الدين‬
‫على مرتبة واحدة من ظاهر أو باطن ‪ ،‬وقد يقصرونه على عمل واحد‪،‬‬
‫وانظر رقم ‪.167 ،166‬‬
‫باب الباء‬
‫الببغاء‬
‫‪-88-‬‬
‫الببغاء –كبعض الناس‪ -‬ينطق بحروف الهجاء‪ ،‬ويستعمل الكلمات والعبارات‪.‬‬
‫البذر‬
‫‪-89-‬‬
‫من بذر في غير أرضه ما حصد محصوله‪.‬‬
‫البراءة‬
‫‪-90-‬‬
‫تبرأ نوح من البن‪ ،‬وإبراهيم من الب‪ ،‬وامرأة فرعون من الزوج –}والله‬
‫بريء من المشركين ورسوُله والمرمنون{‪ -‬فأعني اللهم على البراءة مما‬
‫تكره منهم أجمعين‪.‬‬
‫البعد المطلق‬

‫‪82‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪-91-‬‬
‫هناك بعد غير الزمان والمكان‪ ،‬هو البعد المطلق‪.‬‬
‫البيعة‬
‫‪-92-‬‬
‫أبيعك يا رب نفسي وروحي وبدني‪...‬‬
‫انظر خاتمة الخواطر‪.‬‬
‫باب الّتاء‬
‫التجديد‬
‫‪-93-‬‬
‫التجديد ل يعني إعادة القديم ول إزالته أو تبديله‪ ،‬بل هو يعني التيان بجديد لم‬
‫يكن من قبل موجودًا‪ .‬والمجدد هو الذي يحكم على الواقع المتغير الجديد‬
‫بحكم مناسب جديد‪ ،‬وذلك من خلل الشريعة والفطرة القديمتين‪.‬‬
‫التحقير والتعظيم‬
‫‪-94-‬‬
‫ً‬
‫ل تحقرن شيئا فقد يكون السبب صغر أذنك وبعد عينك‪.‬‬
‫وما تحقره اليوم قد تعظمه في الغد‪.‬‬
‫التعامل‬
‫‪-95-‬‬
‫تعامل بالفضل إن أحببت‪ ،‬وبالعدل إن كرهت‪.‬‬
‫التعاون‬
‫‪-96-‬‬
‫ّ‬
‫المسلة الكبيرة ل تغني عن البرة الصغيرة‪.‬‬
‫التعريف‬
‫‪-97-‬‬
‫تعاريف العلوم السلمية تنتظر المنهجية الموضوعية لتدقيق الصياغة في‬
‫التعبير‪ ،‬وتحديد الهوية أو الماهية بعيدا ً عن هوى الخلفيات والنزاعات‪.‬‬
‫‪-98-‬‬
‫قالوا عن القرآن‪ :‬مخلوق وقديم‪...‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫قلت‪ :‬ينبغي تعريف القرآن أو ً‬


‫ل‪ ،‬ثم الحكم بإثبات الخلق أو القدم أو نفيهما‬
‫معًا‪.‬‬
‫‪-99-‬‬
‫القرآن‪ :‬آخر كتب الله المنزل على آخر الرسل بلسان العرب لهداية الناس‪.‬‬
‫القرآن لهداية الناس ابتداًء وتكاليفه وأحكامه متناسبة مع حياة النسان‪،‬‬
‫ويدخل الجن تبعا ً فيما يشتركون فيه مع النس من التوحيد والحكام‪.‬‬
‫وقد نقلت في تفسير سورة الرعد التعريف المشهور الطويل وذكرت هنا‬
‫التعريف المعتدل‪ ،‬والتعريف المختصر عندي هو‪ :‬كلم الله المنزل على‬
‫محمد‪.‬‬
‫علما ً أن مضمون القرآن هو‪ :‬معرفة الله‪ ،‬فيمكن بناء التعريف عليه‪.‬‬
‫‪-100-‬‬
‫الية ‪ :‬جملة حروف قرآنية مختومة بفاصلة‪.‬‬
‫‪-101-‬‬

‫‪83‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫السورة ‪ :‬جملة آيات قرآنية مفصولة بالبسملة‪.‬‬


‫يخرج من التعريف سورة براءة التوبة حيث لم تبدأ بالبسملة والسبب على‬
‫ما روي أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم توفي قبل بيان موضعها‬
‫فألحقت بالنفال‪ ،‬وعدت مع السبع الطوال‪.‬‬
‫التعمق‬
‫‪-102-‬‬
‫المواد الثقيلة تغوص في أعماق الرض‪.‬‬
‫التغير والتغيير‬
‫‪-103-‬‬
‫ً‬
‫الشمس التي تشرق على الرض صباحا تغرب عنها مساًء‪.‬‬
‫‪-104-‬‬
‫التغيير يبدأ وينتهي بالتفكير‪.‬‬
‫التفاضل‬
‫‪-105-‬‬
‫التفاضل بين البشر وغيرهم كالملئكة ليس في ذات الخلق وإنما في صفة‬
‫التكليف من علم وتقوى‪...‬‬
‫وعلى هذا فل وجه للقول بأفضلية البشر ول الملئكة ل خصوصا ً ول عموما ً ما‬
‫دام ميزان التفاضل مجهول ً وهو التقوى عند الله‪ ،‬والعلم من عند الله‪.‬‬
‫‪-106-‬‬
‫قالوا‪ :‬الملك أفضل أو البشر أفضل؟‬
‫قلت‪ :‬ل هذا ول ذاك‪ ،‬وإنما ابتلي الجميع بالعبادة وأفضلهم أتقاهم‪.‬‬
‫‪-107-‬‬
‫شعب إسرائيل يعتقد أن الله قد حباهم وحدهم‪ ،‬وسخر لهم سواهم‪ ،‬وكثير‬
‫من الشعوب الخرى يعتقد مثلهم وإن لم يعمل عملهم‪.‬‬
‫من هذه الشعوب الريون‪ ،‬كاللمان في الغرب‪ ،‬والكراد في الشرق‪.‬‬
‫راجع رقم‬
‫التفكير والفكر‬
‫‪-108-‬‬
‫حسن التدبير من ثمرات التفكير‪.‬‬
‫‪-109-‬‬
‫ل بد من عصر الفكر كعصر السحب كي تمطر‪.‬‬
‫‪-110-‬‬
‫التفكير الجماعي وراء البداع العلمي‪.‬‬
‫العمل الجماعي يتكامل بسبب خضوعه للرقابة الدائمة بخلف العمال‬
‫الفردية‪.‬‬
‫‪-111-‬‬
‫البحث عن الحقيقة بين ظاهر السلفية وباطن الخلفية‪.‬‬
‫‪-112-‬‬
‫الفكار كالمطار تنزل وابل ً وطل‪ً.‬‬
‫‪-113-‬‬
‫واقعنا مرآة فكرنا‪.‬‬
‫التمييز‬
‫‪-114-‬‬
‫يطول زمان التمييز بين الصديق الودود والعدو اللدود‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫التنقية والتلوث‬
‫‪-115-‬‬
‫الهواء والدم في الرئتين‪ ،‬أحدهما ينقى والخر يلوث‪.‬‬
‫التوحيد‬
‫‪-116-‬‬
‫قالوا‪ :‬دعا المرسلون إلى توحيد اللهية على الخصوص‪ ،‬قلت ‪ :‬دعوهم إلى‬
‫توحيد الله على العموم‪.‬‬
‫‪-117-‬‬
‫توحيد الله معناه عبادة الله وحده بل شريك‪-‬كما هو مفاد المصدر توحيد من‬
‫الفعل وحد بالتشديد – بمعنى إفراده تعالى بل تثنية كاليهود‪ ،‬أو تثليث‬
‫كالنصارى‪ ،‬أو تعديد بل حدود كالعرب في جعل الملئكة أولدا ً لله‪.‬‬
‫‪-118-‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫التوحيد هو الدين كله باطنا وظاهرا‪ ،‬فيعم جميع العبادات‪ ،‬ويشمل العقيدة‬
‫والفقه والخلق‪...‬‬
‫هذا ما حاولت تأصيله في رسالة‪ :‬أصول التوحيد في القرآن الكريم‪.‬‬
‫‪-119-‬‬
‫التوحيد هو معرفة الله بأسمائه الذاتية وصفاته الفعلية‪ ،‬والسم الجامع له هو‬
‫الرب‪ ،‬والربوبية تشمل السماء والصفات على سبيل التداخل والقتضاء‪.‬‬
‫‪-120-‬‬
‫يشرك اليهود والنصارى في توحيد الربوبية‪ ،‬ويدعون أنهم يوحدون اللهية‪.‬‬
‫يدل على هذا قوله تعالى‪} :‬قل يا أهل الكتاب‪ :‬تعالوا إلى كلمة سواء بيننا‬
‫وبينكم أن ل نعبد إل الله ول نشرك به شيئا ً ول يتخذ بعضنا بعضا ً أربابا ً من‬
‫دون الله‪) {...‬الية ‪ :64‬آل عمران(‪ .‬ومن الشرك في التوحيد قول النصارى‬
‫في صلتهم‪ :‬باسم الب والبن والروح القدس إله واحد‪.‬‬
‫باب الثاء‬
‫الثقيل‬
‫‪-121-‬‬
‫ضاق فكري بثقيل من البشر‪ ،‬جمع السوادين في الصدر والظهر‪.‬‬
‫باب الجيم‬
‫الجار‬
‫‪-122-‬‬
‫بئس من ل يعرف جاره في غير مأتمه‪.‬‬
‫الجبرية‬
‫‪-123-‬‬
‫لول مذهب الجبرية في القدر لكانت حضارة العصر إسلمية‪.‬‬
‫أخطر خلف في هذه المة كان في شأن القدر‪ ،‬وقد ضاع كثير من الناس‬
‫بين القدرية النفاة والجبرية الثبات‪ ،‬وكانوا على طرفي نقيض‪..‬‬
‫وقد غلب مذهب الجبرية عصورا ً بسبب سيطرة الصوفية الجبرية على مراكز‬
‫العلم والسياسة‪ ،‬ثم حاول في العصر الحديث محمد عبده إعادة تيار‬
‫المعتزلة‪ ،‬والحق وسط بل إفراط ول تفريط‪ ،‬أي‪ :‬بل قدرية ول جبرية‪.‬‬
‫‪-124-‬‬
‫الجبرية ل يميزون بين الخير والشر في الشريعة‪ ،‬ول بين النفع والضر في‬
‫الفطرة‪.‬‬
‫الجد والمجد‬

‫‪85‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪-125-‬‬
‫جد‪.‬‬
‫جد والمجد بال ِ‬
‫ال َ‬
‫الجذور‬
‫‪-126-‬‬
‫تقليم الشجار يعني البحث عن جذور جديدة‪.‬‬
‫الجماعة‬
‫‪-127-‬‬
‫هم على قلب شاعر في يد قاهر‪.‬‬
‫الجمال‬
‫‪-128-‬‬
‫الجمال لون من ألوان الجلل‪.‬‬
‫‪-129-‬‬
‫ً‬
‫يقطفون أول أجمل الورود‪ ،‬ولست ممن يقطف الورود‪.‬‬
‫‪-130-‬‬
‫كل شيء جميل في موطنه‪ ،‬وموطن النخلة والناقة البادية‪.‬‬
‫الجهل‬
‫‪-131-‬‬
‫الجهل المركب مكون من الجهل بالتشخيص والجهل بالمعالجة‪.‬‬
‫باب الحاء‬
‫الحاسد‬
‫‪-132-‬‬
‫الحاسد يحترق بناره ويذرى بإعصاره‪.‬‬
‫‪-133-‬‬
‫استفدنا من نقد الحاسد‪ ،‬ونعوذ بالله من شره‪.‬‬
‫الحاقد‬
‫‪-134-‬‬
‫مله حقده حتى لم يعد الحق يدخل لبه‪ ،‬وغادر الحب قلبه‪.‬‬
‫الحب والكره‬
‫‪-135-‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫الحب الجامع بالله لله في الله من الله إلى الله‪.‬‬


‫‪-136-‬‬
‫أحببت الحب وكرهت الكره‪.‬‬
‫‪-137-‬‬
‫بالمحبة يحيا النسان‪ ،‬وبالكراهية يموت‪.‬‬
‫‪-138-‬‬
‫صوت الحب ُيسمع من القلب‪.‬‬
‫الحذر‬
‫‪-139-‬‬
‫هل الحذر يدفع القدر؟‬
‫تدبر قوله تعالى‪} :‬له معقبات من بين يديه ومن خلفه يخفظونه من أمر الله‬
‫إن الله ل يغير ما يقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم‪) {...‬سورة الرعد‪ :‬آية ‪(11‬‬

‫‪86‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وهو يعني أن ‪ :‬الحذر قد يدفع القدر‪.‬‬


‫الحساب‬
‫‪-140-‬‬
‫في الحساب اليسير تجاوز الكبائر‪ ،‬وفي الحساب العسير مناقشة الصغائر‪.‬‬
‫الحضارة‬
‫‪-141-‬‬
‫الشرق حضارته دينية‪ ،‬والغرب حضارته دنيوية‪ ،‬فمتى يتلقيان وهما يتباعدان‪.‬‬
‫‪-142-‬‬
‫أبناء الحضارة يكيفون الهواء‪ ،‬ويعلبون الطعام والماء‪.‬‬
‫‪-143-‬‬
‫تلهث الحضارة المعاصرة تحت المراض الجنسية والنفسية‪.‬‬
‫الحق‬
‫‪-144-‬‬
‫الحق مطلق ونسبي‪ ،‬وهو موحد ل يتعدد‪.‬‬
‫‪-145-‬‬
‫ً‬
‫الحق الواحد يراه بعض الناس متعددا والباطل كذلك‪.‬‬
‫الحق واحد وكذا الصواب في مقابل الباطل والخطأ‪ .‬ومعلوم أن المجتهد إذا‬
‫أصاب الحق كان له أجران‪ ،‬وإن أخطأ كان له أجر واحد‪ .‬وليس كل مجتهد‬
‫مصيبًا‪.‬‬
‫الحماقة‬
‫‪-146-‬‬
‫الحمق ل يميز بين كبر النفس وعزتها‪.‬‬
‫الحوار‬
‫‪-147-‬‬
‫قالوا‪ :‬خالفت الشيخ في دوران الرض‪.‬‬
‫قلت‪ :‬هل الشيخ معصوم؟‬
‫قالوا‪ :‬ل ‪.‬‬
‫قلت‪ :‬أخطأ الشيخ‪.‬‬
‫الحواس‬
‫‪-148-‬‬
‫الحواس تقدم المواد الظاهرة لبناء الباطن‪.‬‬
‫الحية‬
‫‪-149-‬‬
‫الحية تمشي بكل بدنها‪.‬‬
‫باب الخاء‬
‫الخلق‬
‫‪-150-‬‬
‫عناصر الخلق كحروف الهجاء قليلة العدد‪.‬‬
‫الخلود والفناء‬
‫‪-151-‬‬
‫الذي يقابل الفناء المطلق هو الخلود المطلق‪.‬‬
‫‪-152-‬‬
‫من الفناء انفصال المكان عن الزمان‪.‬‬
‫الخوف والحزن‬

‫‪87‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪-153-‬‬
‫المشكلة المستعصية التي يحلها الدين وحده هي‪:‬‬
‫حزن الماضي وخوف المستقبل‬
‫‪-154-‬‬
‫الذي يخاف مرارة العلج يتحمل اللم المستمرة للمرض‪.‬‬
‫الخير والشر‬
‫‪-155-‬‬
‫الصراع الطويل ينتهي بانتصار الخير وانهزام الشر‪.‬‬
‫‪-156-‬‬
‫التفكير في الخير دواء للنفس‪.‬‬
‫‪-157-‬‬
‫ل ينقطع الشر بموت الشرار كما ل ينقطع الخير بموت الخيار‪ ،‬لن الشر‬
‫والخير باطنان في كل نفس ثم يظهران كل حين‪.‬‬
‫‪-158-‬‬
‫الشرار يقولون‪ :‬أولى الناس بالشر القربون‪.‬‬
‫‪-159-‬‬
‫رب بديل خير من أصيل‪.‬‬
‫باب الدال‬
‫دعاء‬
‫‪-160-‬‬
‫يا رب‪ :‬أسألك تزكية النفس وصفاء الصدر وسلمة العقل وصحة البدن‪..‬‬
‫والستقامة باطنا ً وظاهرا ً على الصراط المستقيم‪.‬‬
‫‪-161-‬‬
‫يا رب‪ :‬اجعل فكري عبادة خالصة لك مقبولة عندك‪...‬‬
‫وتجاوز عني فيما غلبتني فيه نفسي فناصيتي بيدك‪...‬‬
‫وما أردت محادتك ول إغضابك ول التقدم بين يديك‪...‬‬
‫أنت أنيسي في وحدتي وصاحبي في مسيرتي وخليفتي‪...‬‬
‫وأنت حبيب دنياي وآخرتي‪...‬‬
‫أنا لك عبد وأنت لي سيد‪...‬‬
‫ل حول ول قوة إل بك‪ ،‬تولني وحدك ول تكلني لغيرك‪.‬‬
‫الدنيا والخرة‬
‫‪-162-‬‬
‫الدنيا مسير والخرة مصير‪.‬‬
‫‪-163-‬‬
‫الخرة تدعونا إلى حماية النفس بنور اليمان‪.‬‬
‫‪-164-‬‬
‫الموتة أمدية والحياة أبدية‪.‬‬
‫تنتهي الموتة الثانية بالبعث للحياة الخرة في الجنة والنار وهي أبدية خالدة ‪.‬‬
‫وانظر رقم ‪.350‬‬
‫الدهاء‬
‫‪-165-‬‬
‫بعض الدعاة في عصرنا دهاة يرون الحيلة وسيلة‪.‬‬
‫الدين‬
‫‪-166-‬‬

‫‪88‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫للدين مرتبتان هما‪ :‬مرتبة السلم الظاهر بفعل اللسان والجوارح‪ ،‬ومرتبة‬
‫اليمان الباطن بفعل العقل والقلب‪.‬‬
‫‪-167-‬‬
‫الدين ظاهر وباطن‪ ،‬فما ظهر كان إسلما ً وما بطن كان إيمانًا‪.‬‬
‫أما الحسان فهو شرط صحة‪ ،‬وذروته‪ :‬أن تعبد الله كأنك تراه‪.‬‬
‫الدين من حيث ظهوره واستتاره ينقسم إلى إسلم وإيمان‪ ،‬فهو مرتبتان‪.‬‬
‫وبعضهم جعل الحسان مرتبة ثالثة مع أنه شرط فيهما يدخل فيهما ول يخرج‬
‫عنهما‪ .‬والتقسيم الثلثي مبني على نظرة قاصرة في حديث جبريل المشهور‪،‬‬
‫وقد أجيب فيه على السئلة الثلثة‪ :‬اليمان والسلم والحسان‪ ،‬فتدبر‬
‫الحديث‪..‬‬
‫باب الذال‬
‫الذاكرة‬
‫‪-168-‬‬
‫ل تستخدم ذاكرتك في استحضار ما يؤذيك‪.‬‬
‫‪-169-‬‬
‫السعادة والشقاوة تزيدان وتنقصان بمقدار وقوف الذاكرة عند المشاهد‬
‫الشقية والسعيدة‪.‬‬
‫الذبائح‬
‫‪-170-‬‬
‫الحرام من الحيوان ما حرمه الله ورسوله بصريح القرآن وصحيح السنة‪،‬‬
‫وهما الخنزير مطلقا ً والحمار مقيدًا‪.‬‬
‫راجع مفهوم الحيوان‪ ،‬والحمار المقيد هو الحمار الهلي‪.‬‬
‫الذكر‬
‫‪-171-‬‬
‫بذكر الله نرتفع عن الرض ونقترب من السماء فيطمئن القلب ويرضى‬
‫الرب‪.‬‬
‫باب الراء‬
‫الرجل‬
‫‪-172-‬‬
‫بعض الرجال يتميزون عن النساء بحلق اللحى دونهن‪.‬‬
‫الرمزية‬
‫‪-173-‬‬
‫الفنون الرمزية بلغت في التجريد درجة الفراغ‪ ،‬على غرار التفاسير الشارية‬
‫للنصوص الدينية‪.‬‬
‫الرؤية‬
‫‪-174-‬‬
‫الصغير يرى الشياء كبيرة‪.‬‬
‫‪-175-‬‬
‫كلما اقتربت وارتقيت رأيت وارتأيت‪.‬‬
‫‪-176-‬‬
‫بعض ما تراه العين سراب ل وجود له خارج العين‪.‬‬
‫‪-177-‬‬
‫عين القط تضيق في الضوء‪.‬‬
‫‪-178-‬‬

‫‪89‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫العين التي ل ترى كالذن التي ل تسمع ل تقلع ول تقطع‪.‬‬


‫‪-179-‬‬
‫العمى ل تنفعه النظارات المقربة والمكبرة‪.‬‬
‫‪-180-‬‬
‫ترى العين جهة واحدة وتسمع الذن جميع الجهات‪.‬‬
‫الرياضة‬
‫‪-181-‬‬
‫بالرياضة الحركية يبقى البدن فتيا‪ً.‬‬
‫باب الزاي‬
‫الزمان والمكان‬
‫‪-182-‬‬
‫أتساءل عن الزمان يطول ويقصر‪ ،‬وعن المكان يمتد ويوسع‪.‬‬
‫‪-183-‬‬

‫)‪(5 /‬‬

‫الزمان والمكان يطوي أحدهما الخر في الوجود والفناء‪.‬‬


‫‪-184-‬‬
‫الزمان كالمكان ذو حدد وأبعاد‪.‬‬
‫‪-185-‬‬
‫نتعجل الزمن ثم نندم على فوته‪.‬‬
‫‪-186-‬‬
‫امتداد الحاضر نهاية للماضي وبداية للمستقبل‪.‬‬
‫‪-187-‬‬
‫من ركب متن الزمان تخطى المكان واستوى له القرب والبعد مع الماضي‬
‫والحاضر والمستقبل‪.‬‬
‫الزوج‬
‫‪-188-‬‬
‫يتنازل الزوج عن دوره لمرأته التي خلقت من أجله‪.‬‬
‫الزوجة‬
‫‪-189-‬‬
‫امرأة نوح قالت عن زوجها كما قال قومها‪ :‬مجنون‪ ،‬وقريب من ذلك ما فعلته‬
‫زوجة لوط‪.‬‬
‫‪-190-‬‬
‫الزوجة الصالحة مودة ورحمة وسيدة وخادمة‪...‬‬
‫والزوجة الخرى أعاذنا الله منها في الدنيا والخرة‪.‬‬
‫باب السين‬
‫سبع‬
‫‪-191-‬‬
‫شجاعة خائف‪ ،‬وصبر غاضب‪ ،‬وعفة مشته‪ ،‬وعفو مقتدر‪ ،‬وجود محتاج‪،‬‬
‫ورجوع مخطئ‪ ،‬وتواضع مستغن‪.‬‬
‫سبعة‬
‫‪-192-‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ك حزينا‪ ،‬ول كل ضاحك سعيدا‪ ،‬ول كل مقبل محبا‪ ،‬ول كل مدير‬‫ً‬ ‫ليس كل با ٍ‬

‫‪90‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫السعادة‬
‫‪-193-‬‬
‫السعادة في العبادة‪.‬‬
‫السكوت والكلم‬
‫‪-194-‬‬
‫الساكت مالك والمتكلم مملوك‪.‬‬
‫‪-195-‬‬
‫السكوت كالكلم يحتاج إلى حكمة وتوقيت‪.‬‬
‫‪-196-‬‬
‫ل للسكوت مع الجاهل المتحامل والعاقل المتغافل‪.‬‬
‫‪-197-‬‬
‫قد يكون السكوت من فضة والكلم من ذهب‪.‬‬
‫‪-198-‬‬
‫تخرج من النسان فضلت كثيرة من بينها الكلم‪.‬‬
‫‪-199-‬‬
‫قد يكون السكوت إقرارا ً ل استكبارا‪ً.‬‬
‫‪-200-‬‬
‫بعض الكلم كرسوم )بيكاسو( و)دالي(‪ ...‬يحتاج فهمها إلى الخيال أيضًا‪.‬‬
‫‪-201-‬‬
‫ل تفتح فمك وتطلق لسانك بغير مراقبة وحاجة ‪ ،‬فأنت ل تعلم دوما ً ما يفعله‬
‫اللسان خارج الفم‪.‬‬
‫‪-202-‬‬
‫ً‬
‫إذا كان الساكت عن الحق شيطانا أخرس‪،‬فأي شيطان يكون المتكلم بغير‬
‫الحق؟‬
‫السلم والخصام‬
‫‪-203-‬‬
‫الله أعلن السلم والشيطان أعلن الخصام‪.‬‬
‫‪-204-‬‬
‫وجدت السلم في قلة الكلم وكثرة البتسام‪.‬‬
‫‪-205-‬‬
‫مرت مخاوفي وأحزاني بسلم‪.‬‬
‫السلمة‬
‫‪-206-‬‬
‫يحسبون السلمة في المنامة‪.‬‬
‫السماء‬
‫‪-207-‬‬
‫مهما علت السماء فهي تقوم على الرض‪.‬‬
‫المراد هنا سماء الرض المكونة من الغلفة المحيطة بها‪ ،‬التابعة لها‪ ،‬وليس‬
‫المراد سماء الكون ‪ ،‬فذلك أعظم من الرض ومن سمائها‪.‬‬
‫السمو‬
‫‪-208-‬‬
‫السمو بالدنو‪.‬‬
‫السنن‬
‫‪-209-‬‬

‫‪91‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫السنن الكونية والشرعية باقية ل تتخلف ول تختلف‪ ،‬ولكن الذي ينزلها‬


‫ويقدرها هو الذي يخرقها وينسخها‪.‬‬
‫تدبر آيات النسخ‪ ،‬ومنها‪}:‬يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب{ )سورة‬
‫الرعد‪ :‬آية ‪.(39‬‬
‫فيمحو منه ويثبت فهو تعالى فعال لما يريد‪.‬‬
‫السنة‬
‫‪-210-‬‬
‫السنة العامة تشريعية كالقرآن‪ ،‬والسنة الخاصة شخصية‪.‬‬
‫وخصوصياته صلى الله عليه وسلم غير ملزمة‪..‬‬
‫راجع الفرق السادس والثلثين من فروق القرافي‪ ،‬ومقالة أحمد شاكر في‬
‫كتاب في كتاب المة‪.‬‬
‫‪-211-‬‬
‫كتب الصحاح يحكم بصحتها من حيث الجملة ل أن كل حديث منها صحيح‬
‫بعينه‪.‬‬
‫الفردية في العمل ‪ ،‬أو عمل الفرد ل يخلو من خلل وقصور بخلف العمل‬
‫الجماعي بسبب استمرار العمل فيه سلفا ً وخلفًا‪ ،‬وكذلك خضوعه للمراقبة‬
‫المتكاملة من مختلف النظار بينما العمال الفردية تقابل بالخذ والرد مع‬
‫إفراط وتفريط‪ ،‬ويصل المر إلى ادعاء نوع من العصمة لبعض الكتب‪ ،‬وقد‬
‫احتجوا لتلك الكتب بأن المسلمين تلقوها بالقبول فكان إجماعًا‪ ،‬والجماع‬
‫عندهم سيد الدلة! والذي نعلمه أن العصمة في ذاتها وفي قبول المسلمين‬
‫كلهم لها لم تثبت لغير كتاب الله‪.‬‬
‫السودان‬
‫‪-212-‬‬
‫أبكاني قول السوداني‪ :‬هل لوني عقاب رباني؟‬
‫ما أنساني أني في الهوى سوداني؟‬
‫السيد‬
‫‪-213-‬‬
‫ً‬
‫بالمس قال السيد‪ :‬يا عبدي ‪ ،‬واليوم يقول ‪ :‬يا آبي‪ .‬وغدا سيقول‪ :‬يا سيدي‪.‬‬
‫آبي بالتركية تعني الخ الكبر‪.‬‬
‫السيرة‬
‫‪-214-‬‬
‫قال الب‪ :‬كنت أظنه من الملئكة‪.‬‬
‫قالت الم‪ :‬لم يخالف لي أمرا ً قط‪.‬‬
‫قال الستاذ‪ :‬سيصبح مشهورا ً يشار إليك بالبنان‪.‬‬
‫قال الخ‪ :‬في الدنيا كلها أثق فيك وحدك‪.‬‬
‫قال الصديق‪ :‬أنت أبو بكر الصديق‪.‬‬
‫قال رفيقه عنه‪ :‬أفكاره ستحرر شعبه‪.‬‬
‫وقال صاحب جده له‪ :‬أنت هو‪ ،‬كل الناس أحبوه‪.‬‬
‫وقال مجاهد فيه‪ :‬هذا الذي يريد توحيد المسلمين‪.‬‬
‫وقال آخرون مثله وغيرهم غيره‪ ،‬أسأله تعالى المغفرة والستر لي وللب‬
‫والم والستاذ والخ‪ ...‬وجميع الصحاب‪...‬‬
‫• إن قيل له ‪ :‬من أنت؟‬
‫قال‪ :‬أنا عبد ربي سيد نفسي‪.‬‬
‫وإن قيل‪ :‬ما تريد؟‬

‫‪92‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫قال رضوان الله وجناته‪.‬‬


‫وإن قيل‪ :‬فيم تعمل‪.‬‬
‫قال‪ :‬في تحديد الدين وتجديده‪ ،‬وتجريده مما ليس فيه‪.‬‬
‫• سيقول المحبون لهذه السيرة مستبشرين‪} :‬وأما بنعمة ربك فحدث{‪.‬‬
‫وسيقول الخرون مستهزئين‪ :‬ماذا أراد بسيرته هذه مث ً‬
‫ل؟‬
‫باب الشين‬
‫الشخصية‬
‫‪-215-‬‬
‫من الجهل أن تحكم على شخصيتين بالتماثل بسبب عدم رؤية الفروق‬
‫الدقيقة لكل فرد من كل جهة‪.‬‬
‫الشرق والغرب‬
‫‪-216-‬‬
‫يغلب على الغرب بياض الوجه وسواد القلب‪ ،‬وعكس الفرق في الشرق‪.‬‬
‫‪-217-‬‬
‫شر الغرب في الشرق‪ ،‬وخير الشرق في الغرب‪.‬‬
‫‪-218-‬‬
‫كل من الشرق والغرب لوث الخر بالخر‪.‬‬
‫‪-219-‬‬
‫منذ قرون والغرب يحاول أن يكون سيد الشرق‪.‬‬
‫الشعراء‬
‫‪-220-‬‬
‫غواة الشعراء يصبغون الكذب بألوان من بينها البيض‪.‬‬
‫الشعوب‬
‫‪-221-‬‬
‫أطعمة الشعوب وأزياؤها تعبر عن تفكيرها وأذواقها‪.‬‬
‫الشيبة‬
‫‪-222-‬‬
‫الشيبة هيبة وعيبة‪.‬‬
‫الشيطان‬
‫‪-223-‬‬

‫)‪(6 /‬‬

‫الشياطين من البالسة واليهود وراء إفساد الديان السماوية والعقول‬


‫البشرية‪.‬‬
‫انظر العصمة رقم ‪ ،252‬واليهود ‪.383-379‬‬
‫‪-224-‬‬
‫ل تدعوا الشيطان يمل المكان ويحتل الزمان‪.‬‬
‫الشيوعية‬
‫‪-225-‬‬
‫الشيوعية بذرت بالغرب ونبتت بالشرق‪.‬‬
‫‪-226-‬‬
‫قال النورسي عن الدولة العثمانية‪:‬‬
‫هذا البلد حامل بالغرب وسيلد يوما‪ً.‬‬

‫‪93‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وقلت‪:‬‬
‫ً‬
‫العالم السلمي حامل بالشيوعية وسيلد يوما‪ ،‬وقد ولد ووئد‪.‬‬
‫انظر الطبقية‪ ،‬رقم ‪.235‬‬
‫‪-227-‬‬
‫كما تغير الحية جلدها تحاول الشيوعية بزعامة غورباتشوف‪ ،‬ويحاول آخرون‬
‫بزعامة آخرين في بقية أقسام كردستان السلمية‪.‬‬
‫باب الصاد‬
‫الصبر‬
‫‪-228-‬‬
‫بين الحكيم والسفيه صبر لحظة‪.‬‬
‫الصلبة‬
‫‪-229-‬‬
‫لول صلبة البذرة لكلت مع الثمرة ول تحولت إلى شجرة‪.‬‬
‫الصلة‬
‫‪-230-‬‬
‫ً‬
‫ل تقضى الصلة المكتوبة المتروكة عمدا لن الزمان ل يرجع إلى الوراء‪.‬‬
‫راجع مفهوم قضاء الصلة المتروكة عمدًا‪.‬‬
‫‪-231-‬‬
‫قيل‪ :‬ترك الصلة كفر‪.‬‬
‫قلت‪ :‬كفر دن كفر‪.‬‬
‫الصوت‬
‫‪-232-‬‬
‫الصوت الذي يصدر من الرأس ل يحتاج لسماعه إلى أذنين‪.‬‬
‫الصيف‬
‫‪-233-‬‬
‫يضايقك الصيف ولكن حرارته تنضج لك الثمر‪.‬‬
‫باب الطاء‬
‫الطبقية‬
‫‪-234-‬‬
‫الطبقية الجتماعية وراءها المترفون‪.‬‬
‫الطريق‬
‫‪-235-‬‬
‫قالوا‪ :‬الرفيق قبل الطريق‪.‬‬
‫قلت‪ :‬الطريق أو ً‬
‫ل‪.‬‬
‫باب الظاء‬
‫الظاهر والباطن‬
‫‪-236-‬‬
‫ظاهرك شاهد على باطنك‪ ،‬ودنياك شاهدة على آخرتك‪.‬‬
‫‪-237-‬‬
‫طوبى لمن أصلح الظاهر بالباطن‪،‬‬
‫وويل لمن أفسد الباطن بالظاهر‪.‬‬
‫الظن‬
‫‪-238-‬‬
‫إساءة الظن تفسد الصلة بالناس وبرب الناس‪.‬‬

‫‪94‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫باب العين‬
‫العادة‬
‫‪-239-‬‬
‫إدمان العادة يقوي الحتياج ويضعف العلج‪.‬‬
‫‪-240-‬‬
‫أسير الشهوات عاجز عن الوصول إلى الحقائق الشرعية والكونية‪.‬‬
‫العالم‬
‫‪-241-‬‬
‫كبر العلماء كداء إبليس ليس له دواء‪.‬‬
‫‪-242-‬‬
‫ناقل العلم نسخة مسجلة على شريط أو من مخطوط أو في مطبوع‪،‬‬
‫والعالم الحقيقي هو الذي يفكر ويعبر فيصحح القديم ويبدع الجديد‪.‬‬
‫العالم السلمي‬
‫‪-243-‬‬
‫في العالم السلمي ما يشيب له النسان قبل الوان‪.‬‬
‫العبودية‬
‫‪-244-‬‬
‫دعاة الحرية الديمقراطية يدعون إلى العبودية لغير الله رب العالمين‪.‬‬
‫العدالة‬
‫‪-245-‬‬
‫الدرس الذي ل يفهمه الشرقيون هو العدالة‪ ،‬كالغربيين مع الحياء‪.‬‬
‫العرب‬
‫‪-246-‬‬
‫عاد العرب إلى جاهليتهم فاستخفهم الناس‪.‬‬
‫العزم‬
‫‪-247-‬‬
‫العزم تفاوت فيه حتى النبياء المرسلون‪.‬‬
‫العسل‬
‫‪-248-‬‬
‫أعظم دواء وغذاء هو العسل تصنعه أضعف حشرة هي النحل‪.‬‬
‫‪-249-‬‬
‫جمع العسل بين الغذاء والدواء‪.‬‬
‫العشق‬
‫‪-250-‬‬
‫العشق مرض نفسي أو نفساني‪.‬‬
‫العصمة‬
‫‪-251-‬‬
‫العصمة رداء قام بنسجه الباطنيون من اليهود وأمثالهم‪ ،‬ومن نسج على‬
‫منوالهم من الفرق والطرق الشيعية والصوفية‪.‬‬
‫‪-252-‬‬
‫النبياء والولياء غير معصومين ‪ ,‬لنهم كغيرهم من المخلوقين مكفلون‪.‬‬
‫‪-253-‬‬
‫كل الخلق مكلف ول جمع بين عصمة و تكليف ‪.‬‬
‫‪-254-‬‬

‫‪95‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫غير الله غير معصوم‪.‬‬


‫هذه أصل ‪,‬ويخرج من عصمه الله فيما عصمه كعصية التبليغ بل زيادة ول‬
‫نقصان‪,‬وإليه الشارة بقوله‪}:‬وما هو على الغيب بضنين{‪).‬سورة التكوير‪:‬آية‬
‫‪.(24‬‬
‫وقوله ‪}:‬ولو تقول علينا بعض القاويل لخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه‬
‫الوتين{ سورة الحاقة‪:‬آية ‪.(44‬‬
‫ويدخل في هذه العصمة الخاصة ما في قوله ‪}:‬والله يعصمك من الناس{‪.‬‬
‫)سورة المائدة‪ :‬آية ‪.(67‬‬
‫ولذلك صرف الرسول ‪ e‬حرسه‪.‬‬
‫وللبرقعي كلم حسن في الموضوع ‪ ,‬والمذكور كان من أعلم الشيعة‪,‬وهو‬
‫الن من أعلم السنة ‪.‬‬
‫العقل‬
‫‪-255-‬‬
‫افتح نوافذ العقل وأبواب القلب للحق والعدل والحب كما تفتح النوافذ‬
‫والبواب في البيوت ليدخل الدفء والهواء والضياء‪.‬‬
‫‪-256-‬‬
‫المعدة تصاب بسوء الهضم‪،‬‬
‫والعقل يصاب بسوء الفهم‪.‬‬
‫العلة‬
‫‪-257-‬‬
‫علة الممات مجهولة كعلة الحياة‪.‬‬
‫علتهما الروح من حيث دخولها البدن في الحياة وخروجها منه في الممات‪.‬‬
‫وحقيقة الروح مجهولة كما قال تعالى‪} :‬ويسألونك عن الروح قل الروح من‬
‫ل{‪) .‬سورة السراء‪.(85:‬‬ ‫أمر ربي وما أوتيتم من العلم إل قلي ً‬
‫العلم‬
‫‪-258-‬‬
‫العلوم السلمية بانتظار علماء المسلمين منذ قرون‪.‬‬
‫أشرت في خاطرة السيرة إلى تحديد الدين وتجديده‪ ،‬ويكون ذلك عن طريق‬
‫مجمع علمي إسلمي مكون من علماء متخصصين للتعريف بحقائق الشريعة‬
‫المنقولة المعصومة‪ ،‬وكذلك للتعريف بحقائق الفطرة المعقولة عند جمهور‬
‫الناس‪ ،‬مع اعتبار العراف المقبولة التي ل تخالف شريعة ول فطرة‪.‬‬
‫باب الغين‬
‫الغضب‬
‫‪-259-‬‬
‫لغير الرب ل تغضب ول ترغب ول ترهب‪.‬‬
‫الغيرة‬
‫‪-260-‬‬
‫غلبت الغيرة بعض العباد والعلماء من أشباه الرجال وأشباه النساء‪.‬‬
‫الغيرة شاغل السفهاء من النساء وأشباههن من الرجال‪.‬‬
‫وهي تفسد صلة الزوج والخ والصديق والجار‪...‬‬
‫وتدفع إلى أسوأ الخلق من الحسد والحقد والكذب والفتراء‪.‬‬
‫باب الفاء‬
‫الفراغ‬
‫‪-261-‬‬

‫‪96‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ما بين السماء والرض فراغ مملوء‪.‬‬


‫‪-262-‬‬
‫الذين يقتلون الفراغ اليوم يندمون عليه في الغد‪.‬‬
‫الفرج‬
‫‪-263-‬‬
‫بعد تعكر الجو ينزل المطر‪.‬‬
‫الفطرة‬
‫‪-264-‬‬
‫الفطرة في اللغة العربية تعني‪ :‬الخلق؛ فهل الفطرة هي السلم؟‬
‫‪-265-‬‬

‫)‪(7 /‬‬

‫الفطرة النسانية‪ :‬برمجة أولية للعقل البشري مضافا ً إليها برمجة تالية دينية‬
‫حول الربوبية‪ ،‬ثم تكون البرمجة الكسبية شرعا ً وعرفًا‪.‬‬
‫• تدبر قوله تعالى ‪}:‬وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم‬
‫وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم؟ قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة‬
‫إنا كنا عن هذا غافلين{ )سورة العراف‪ :‬آية ‪.(72‬‬
‫راجع قوله تعالى عن الفطرة في الية ‪ 30‬من سورة الروم‪ ،‬وأحاديث سنن‬
‫الفطرة ‪ ،‬وتفسير ابن عباس كلمة "فطرة" بمعنى بدأ الخلق‪ .‬وكلمة‬
‫"البرمجة" مستعملة على تشبيه العقل بجهاز "الكومبيوتر"‪.‬‬
‫باب القاف‬
‫القافلة‬
‫‪-266-‬‬
‫الكلب النابحة تسير خلف القافلة وأمامها‪.‬‬
‫القدر‬
‫‪-267-‬‬
‫للقدر مفهومان‪:‬‬
‫أولهما في التعامل ويتعلق بالسنن الكونية والشرعية‪،‬‬
‫والثاني في التوكل ويتعلق بإحسان الظن بالله رب العالمين‪.‬‬
‫إحسان الظن يكون بتغليب الرضى والرجاء على الخوف والحزن‪ ،‬ودليله‬
‫مضاعفة الحسنات دون السيئات وقوله في الحديث القدسي‪:‬غلبت رحمتي‬
‫غضبي‪.‬‬
‫وراجع القدر في أصول التوحيد‪.‬‬
‫وخلصة أمر النسان من القدر أنه‪ :‬ليس بمجبر مسير وليس بحر مخير بل‬
‫هو مكلف ميسر‪.‬‬
‫القديم والجديد‬
‫‪-268-‬‬
‫البعيد قديم وجديد‪.‬‬
‫البعيد يعد قديما ً إذا تركته ولك عهد به‪ ،‬ويكون جديدا إذا أتيته وابتدأت‬
‫ً‬
‫بمعرفته‪.‬‬
‫القراء‬
‫‪-269-‬‬
‫على حملة القرآن اجتناب الغيرة والحسد‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫القرآن‬
‫‪-270-‬‬
‫نعم الرفيق القرآن يضيء الطريق‪.‬‬
‫‪-271-‬‬
‫أنزل القرآن على النسان بكل لسان‪.‬‬
‫يشهد له تسمية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم للزبور قرآن داود‪.‬‬
‫والوجه أن كتب الله تقرأ‪ ،‬والقرآن مصدر قرأ كالقراءة‪.‬‬
‫‪-272-‬‬
‫لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما بدأت بغير القرآن‪.‬‬
‫‪-273-‬‬
‫في كتاب مكنون‪:‬‬
‫يكتبون حرفا ً غير مقروء‪ .‬ويقرؤون آخر غير مكتوب‪.‬‬
‫مثل الول‪ :‬ل أذبحنه بدل لذبحنه‪ ،‬وبأييد بدل بأيد‪ ،‬وسأوريكم بدل سأريكم‪...‬‬
‫ومثل الخر‪ :‬نجي بدل ننجي‪ ،‬وكثير من المدود تقرأ وهي محذوفة‪ ،‬وحروف‬
‫تكتب ويقرأ غيرها كيبصط وبصطه تكتب بالصاد وتقرأ بالسين‪ ،‬وكالصلواة‪،‬‬
‫الربوا‪ ،‬التورية‪ ،‬تكتب بالواو والياء وتقرأ باللف‪.‬‬
‫‪-274-‬‬
‫لم تسمح تركيا بدخول مصحف المدينة النبوية لنه‪:‬‬
‫ليس عثمانيًا!‬
‫ليس المراد عثمان بن عفان الصحابي من أهل المدينة‪ ،‬بل عثمان بن‬
‫أرطغرل بك التركي‪ ..‬من بلد المغول والتتار‪.‬‬
‫‪-275-‬‬
‫دعوى منع ترجمة القرآن تتضمن دعوى خصوصية السلم للعرب‪.‬‬
‫ول زال كثير من أهل العلم يصر على منع الترجمة ‪ ،‬وضرورة الحفاظ على‬
‫النطق العربي والحروف العربية ناسين خطورة ما أشرنا إليه من الخصوصية‬
‫وعدم العمومية‪.‬‬
‫والعمومية هي الصفة البارزة لهذا الدين الذي هو خاتمة الديان‪ ،‬فهو لعموم‬
‫الناس‪ ،‬والناس ل يمكن أن يصبحوا عربا ً يحملون العربية‪ ،‬ول زال أكثر‬
‫المسلمين بعد عشرات القرون يجهلون العربية‪.‬‬
‫‪-276-‬‬
‫الخط عرف كتابي قديم يحافظ عليه أو يعدل فيه أو يبدل منه حسب‬
‫المصلحة‪.‬‬
‫الصل هو التلوة‪ ،‬والرسول ما كان كاتبًا‪ ،‬والمصلحة هي رسم المصحف بما‬
‫يحافظ على صحة التلوة وعدم الوقوع في التحريف‪ ،‬وهذه الحجة ذهب إليها‬
‫العز بن عبد السلم في منع الكتابة بالخط القديم‪.‬‬
‫راجع خط الكتابة في مدخل تفسير سورة فصلت‪.‬‬
‫‪-277-‬‬
‫ل نزال ننتظر التفسير الكبير الذي يقدم الحقيقة لمعالجة الواقع والسير نحو‬
‫المستقبل‪.‬‬
‫راجع مفهوم التفسير المنتظر أو المقترح في خاتمة تفسير سورة فصلت‪.‬‬
‫‪-278-‬‬
‫التفسير يبدأ بالكتابة الموضوعية والقراءة التعليمية‪.‬‬
‫هذا يدخل في مفهوم هام وكبير‪ ،‬والذي عليه القراء في المصاحف هو‬
‫الوقوف على الفاصلة حسب الوزن‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أما الكتابة فقد روعي فيها جانب الخراج الفني في ملء الصفحة ‪ ،‬والتناسب‬
‫بين الصفحات واليات حتى إن كل صفحة تنتهي بنهاية الية وتبدأ ببداية الية‬
‫الخرى‪.‬‬
‫ومطلوبنا في الكتابة الموضوعية مراعاة الفقرة الموضوعية‪ ،‬والوقوف تبعا ً‬
‫للمعنى في الجملة التامة أو التابعة‪ ،‬ثم القراءة حسب ذلك‪.‬‬
‫‪-279-‬‬
‫إن إعطاء السيادة الفكرية للقرآن يعني إحياء العلوم وقيام خير أمة‪.‬‬
‫القربى‬
‫‪-280-‬‬
‫ابتعد عني واقترب منى حتى لم يعد يراني فعاداني وآذاني‪ ،‬وننتظر أن يعتدل‬
‫فيعدل ويتعقل فيعقل‪.‬‬
‫القلب‬
‫‪-281-‬‬
‫لو سكن القلب ما جرى الدم في البدن‪.‬‬
‫‪-282-‬‬
‫الظافر القاسية بعيدة عن مركز القلب‪.‬‬
‫‪-283-‬‬
‫الجنان في الجنان‪.‬‬
‫القناعة‬
‫‪-284-‬‬
‫اخرجوا من جحيم الكبر إلى جنة القناعة‪.‬‬
‫انظر الكبر والتواضع رقم ‪.290-287‬‬
‫‪-285-‬‬
‫أحب قدر القناعة أن يدخل هذا البيت ويستقر فيه ويستمر‪.‬‬
‫باب الكاف‬
‫الكبر والتواضع‬
‫‪-286-‬‬
‫آفة النسان كالجان في الكبر‪.‬‬
‫‪-287-‬‬
‫وإن تعجب فعجب قولهم‪ :‬إن كبرياءنا من كبرياء الله‪.‬‬
‫ينسب هذا القول لبعض الصوفية‪ .‬وهو متفق مع وجهتهم في الفناء والتحاد‬
‫والحلول ووحدة الوجود‪...‬‬
‫ومن قصصهم في الكبر ما روي عن شاه نقشبند –مؤسس الطريقة‬
‫النقشبندية‪ -‬الذي قال لمريده‪ :‬لو أمرك الله وأمرتك فمن تطيع منا؟‬
‫قال المريد‪ :‬سأطيع الله‪ ،‬فغضب الشيخ غضبا ً شديدًا‪ ،‬ورد كل اعتذار‬
‫وشفاعة‪ ،‬ولم يرض إل برجوع المريد إلى قول‪:‬سأطيعك–يعني مع عصيان‬
‫الله‪.!-‬‬

‫)‪(8 /‬‬

‫فالحمد لله الذي باعد بيننا وبين المتكبرين الذين يردون كل اعتذار وشفاعة‪.‬‬
‫والحمد لله الذي وفقنا لختيار رضى الله ولو سخط أجناس من الناس‪.‬‬
‫وانظر رقم ‪.308‬‬
‫‪-288-‬‬

‫‪99‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫من تكبر وقع ومن تواضع ارتفع‪.‬‬


‫واستمع إلي أبي أخي بني‪ :‬فإن كبرك يضرك وتواضعك يسرك‪ ،‬فل تغلق بابك‬
‫وتطفئ مصباحك‪ ..‬وتذكر يوم يغلق باب قبرك على ظلم حالك‪ ..‬وتذكر أيضا ً‬
‫أن الكبر جعل ملكا ً عظيما ً شيطانا ً رجيمًا‪.‬‬
‫‪-289-‬‬
‫قال بعيد‪ :‬أنا خير منك‪.‬‬
‫قلت‪ :‬قد سبقك إليها إبليس‪.‬‬
‫قال قريب ‪ :‬ابتعد عني‪.‬‬
‫ت؟ وأنت قد جمعت بين الجهالة في العلم والجاهلية‬ ‫ت فهل فعل َ‬ ‫قلت‪ :‬قد فعل ُ‬
‫في العمل‪ ،‬فهل استغفرت واعتذرت؟‬
‫الكتب‬
‫‪-290-‬‬
‫إذا كان غرض التنجيم التربية فإن الكتب كلها –والله أعلم بها‪ -‬نزلت منجمة‪.‬‬
‫يراجع مفهوم تنجيم القرآن‪.‬‬
‫الكرد‬
‫‪-291-‬‬
‫الكرد قرون الحديد أولو البأس الشديد يستيقظون لدور جديد‪.‬‬
‫إشارة لما يراه بعض المفسرين في قوله تعالى ‪}:‬ستدعون إلى قوم أولي‬
‫بأس شديد{ )الفتح‪ (16 :‬قالوا‪ :‬هم الكراد‪.‬‬
‫ويرى بعض المراقبين‪ :‬أن هذا الشعب إذا استيقظ تطايرت الدول من حوله‬
‫كما تتطاير قطع "الكرتون" في الهواء العاصف‪ ،‬ويرون أن الكرد من أجمل‬
‫خلقًا‪ ،‬كما يرون بلد الكرد هي العمود الفقري للشرق الوسط‪.‬‬ ‫الناس خلقا ً و ُ‬
‫‪-292-‬‬
‫أصحاب البيوت الزجاجية يرمون جبال الكرد بالحجارة‪.‬‬
‫‪-293-‬‬
‫يريد الشيعة واليهود أن يتعاقبوا على استخدام الكرد بعد العرب والترك‪.‬‬
‫‪-294-‬‬
‫البترول الكردي أصبح لعنة حلت بالمقتسمين بمقدار أنصبائهم‪.‬‬
‫‪-295-‬‬
‫كردستان تجمع الجهات الصلية الربعة وزيادة‪ ،‬فهي‪:‬‬
‫غرب إيران‪ ،‬وجنوب روسيا‪ ،‬وشرق تركيا‪ ،‬وشرق سوريا‪ ،‬وشمال سوريا‪،‬‬
‫وشمال العراق‪..‬‬
‫‪-296-‬‬
‫حكماء اليهود وحكام النصارى وراء النتقام الدولي المنظم من شعب الكرد‪.‬‬
‫‪-297-‬‬
‫اليهود يطالبون الكرد بالتكفير عن بختنصر‪،‬‬
‫والنصارى والشيعة يطالبونهم بصلح الدين‪.‬‬
‫‪-298-‬‬
‫ً‬
‫بالمس كان أل زنكي مفتاحا لقيام الكراد على الشيعة والصليبيين واليوم‬
‫يقوم الفغان بدور المفتاح لقيام الكراد من جديد‪.‬‬
‫‪-299-‬‬
‫زواج الكرد كزواج النصارى ل طلق فيه ول تعدد‪.‬‬
‫‪-300-‬‬
‫ما رأيت كالكرد صلبة في حق وفي باطل‪.‬‬

‫‪100‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪-301-‬‬
‫في حديقة الحيوان بكردستان‪:‬‬
‫دب روسي‪ ،‬وذئب تركي‪ ،‬وثور عراقي‪ ،‬وأسد من سوريا‪ ،‬وآخر من إيران‪.‬‬
‫‪-302-‬‬
‫مادة عرب‪ :‬عرب رعب عبر برع ربع بعر‪...‬‬
‫وكذا مادة كل من ترك وفرس وتدور الدائرة على ‪:‬كرد‪.‬‬
‫بعضهم يجعل "كرد" بمعنى "ترك"‪ ،‬ويدعي أن الشعب الكردي من الشعب‬
‫التركي أو العربي –عكس ما يقوله بعض الفرس عن سلفهم الكرد‪ -‬والحجة‬
‫التركية نحوية صرفية‪...‬‬
‫بمجرد قلب لفظ ترك إلى كرت‪ ،‬والتاء والدال حرفان متقاربان‪ ،‬والترك‬
‫يلفظون الدال المتطرفة تاء‪.‬‬
‫ً‬
‫ويمثل هذا النحو الصرفي أصبح الشعب الكردي تركيا!! مع تجاهل علماء‬
‫الجناس والنواع والتاريخ والجغرافية‪ ..‬ومع تجاهلي لنني كردي ولست‬
‫تركيًا‪ ..‬والمر يسري على مليين الكراد الثلثين من أمثالي‪.‬‬
‫‪-303-‬‬
‫المسلمون ينتظرون سقوط المستكبرين وولية المستضعفين كالكرد‪.‬‬
‫من العجيب صنيع مجلة "جودي" السلمية التي يصدرها الكراد بأمريكا‪،‬‬
‫حيث تختم المجلة –كما رأيت في أعداد كثيرة –بهذه الية‪:‬‬
‫}ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم‬
‫الوارثين{ )القصص‪ :‬آية ‪.(5‬‬
‫الكلب والذئاب‬
‫‪-304-‬‬
‫الكلب والذئاب فصيلة واحدة أحدهما يهاجم النسان والخر يحميه‪.‬‬
‫الكلمة‬
‫‪-305-‬‬
‫ً‬
‫الكلمة التي تسقط في الذن تنبت يوما في القلب‪.‬‬
‫الكمال‬
‫‪-306-‬‬
‫قيل‪ :‬النسان الكامل‪.‬‬
‫قلت‪ :‬الكامل هو الله ‪.‬‬
‫النسان الكامل ودعوى الحقيقة المحمدية من أقاويل الصوفية وتمرر على‬
‫غيرهم‪.‬‬
‫باب اللم‬
‫اللباس الخفي‬
‫‪-307-‬‬
‫ً‬
‫بعض المتصوفين باطنيون يلبسون تحت الصوف حريرا ويخفون تحت‬
‫التواضع كبرًا‪.‬‬
‫راجع اللسان رقم ‪.312‬‬
‫اللذة‬
‫‪-308-‬‬
‫لذة المعصية فانية ‪ ،‬ولذة الطاعة باقية‪.‬‬
‫‪-309-‬‬
‫لذة المعاصي كأي لذة تنتهي في قبضة الموت‪.‬‬
‫اللسان‬

‫‪101‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪-310-‬‬
‫ميزان النسان تحت اللسان وفوق الجنان‪.‬‬
‫‪-311-‬‬
‫الباطنيون يتحدثون باللسنة عن تقوى القلوب‪.‬‬
‫‪-312-‬‬
‫اللسان من أكثر أعضاء البدن جهدا ً وأقلها تعبًا‪.‬‬
‫‪-313-‬‬
‫لسن المقال أبلغ من لسان الحال‪.‬‬
‫‪-314-‬‬
‫لسعة الفعى كالنسان من الفم‪.‬‬
‫اللغة‬
‫‪-315-‬‬
‫ً‬
‫اللغة صوت المعنى وصورته‪.‬فل تتكلم باللغة التي تفسد المعنى صوتا أو‬
‫صورة‪.‬‬
‫‪-316-‬‬
‫المعاني وراء تفاضل اللغات وليس الحروف والكلمات‪.‬‬
‫راجع مفهوم تفضيل لغة على لغة‪.‬‬
‫فل يقال العبرية أفضل بسبب التوراة والنجيل ول يقال الكردية أفضل بسبب‬
‫ول يقال العربية بسبب القرآن الكريم‪.‬‬
‫‪-317-‬‬
‫المحدود المعدود هو حروف الهجاء وليس الكلمات‪.‬‬
‫‪-318-‬‬
‫اللفظ وعاء المعنى ثوبا ً وكفنا‪ً.‬‬
‫‪-319-‬‬
‫مراجعة النحو في ظلل القرآن ييسر قواعده‪ ،‬ويحل مشكلة القول بالنقص‬
‫والزيادة‪.‬‬
‫والحل العاجل في ضبط الكلمات المكتوبة بالشكل الكامل‪.‬‬
‫في الول‪ :‬جعل القرآن حكما ً على اللغة وهو الحق الفيصل‪.‬‬

‫)‪(9 /‬‬

‫وفي الثاني‪ :‬تقليل الحاجة لقواعد النحو المعقدة باتباع علمات الضبط‪ ،‬وهذا‬
‫يؤدي إلى التعود على النطق الصحيح ليكون بالسليقة كحال العرب قبل‬
‫النحو‪.‬‬
‫ولهذا أدعو إلى أن ل يطبع كتاب أو مجلة أو صحيفة وأن ل تكتب رسالة‬
‫علمية إل بالضبط الكامل لكل الحركات المعروفة من مدة وشدة وتنوين‬
‫وفتحة وكسرة وضمة وسكون‪ ..‬وكان الله في العون‪.‬‬
‫باب الميم‬
‫الماء‬
‫‪-320-‬‬
‫ً‬
‫لو بقي الماء في السحاب عاليا ما تحركت الرض بالحياة‪.‬‬
‫المادة‬
‫‪-321-‬‬
‫تتنوع المادة في جنسها ونوعها حسب طريقة انتظام ذرات عناصرها‪.‬‬

‫‪102‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المجاز‬
‫‪-322-‬‬
‫المجاز يقبل متى علمت الحقيقة وعلم أن الحقيقة غير مرادة‪.‬‬
‫وعلى هذا فل مجاز في أسماء الله وصفاته وأفعاله وكل ما جهلت حقيقته‪ ،‬أو‬
‫جهل أن هذه الحقيقة غير مرادة‪ ،‬ويدخل في ذلك كافة الغيبيات‪.‬‬
‫المجاملة‬
‫‪-323-‬‬
‫المجاملة باطل في صورة الحق‪.‬‬
‫المراجعة‬
‫‪-324-‬‬
‫علمتني الحياة المراجعة‪ ،‬وها أنذا أرجع عن أخطائي فأطالب المرأة بالعمل‬
‫في المنزل‪.‬‬
‫وأقول ‪ :‬إن المرأة التي ل تعمل فيه بالبناء تعمل فيه بالهدم‪.‬‬
‫‪-325-‬‬
‫يعاد النظر في‪ :‬مفهوم الزهد‪ ،‬والذبائح‪ ،‬والموسيقى‪ ،‬والتصوير‪ ،‬والنجاسات‪،‬‬
‫والشورى المعلمة‪ ،‬وتطويل المساجد‪ ،‬وإيجاب القياس‪ ،‬وتضييق الطلق‪ ،‬وحد‬
‫العورة‪ ،‬ومنع المتعة‪ ،‬وكثير من علوم القرآن؛ كالنسخ‪ ،‬وأصول الفقه‪،‬‬
‫كالحكام الملزمة‪ ،‬ومصطلح الحديث‪.‬‬
‫يراجع في هذا ما نشرته في أصول التوحيد والمفاهيم وما كتبته في التفسير‬
‫وعلوم القرآن كالنسخ‪ ،‬وانظر النجس رقم ‪.354‬‬
‫وليس يعني هذا بالضرورة أنني أذهب للمخالفة‪ ،‬وإنما أدعو للدراسة‬
‫والوصول للطمئنان‪ ،‬فمثل ً هل الزهد في ذاته مما يدعو إليه الدين‪ ،‬وهل كان‬
‫في تاريخه أفاد المسلمين أم كان مفتاحا ً لرهبنة الصوفية؟ وهل فرغ‬
‫مصطلح الحديث من تصحيح الحديث وتصنيفه؟ أو فرغ أصول الفقه من‬
‫أحكام الفقه؟ وقل في الباقيات قول ً يفتح باب العلم والفهم مع التأكيد على‬
‫انني لست من اهل المتعة والموسيقى والتصوير‪...‬‬
‫‪-326-‬‬
‫تراجعت عما قلت بالمس‪:‬‬
‫الكبار ل يسمعوني والصغار ل يفهموني‪.‬‬
‫وأقول اليوم‪:‬‬
‫إن الكثير من هؤلء وأولئك قد سمعوني وفهموني‪.‬‬
‫المرأة‬
‫‪-327-‬‬
‫ناقصات العقل والدين يكملن العقل والدين‪.‬‬
‫‪-328-‬‬
‫المرأة كنحلة العسل تصعه وتلسع معه‪.‬‬
‫‪-329-‬‬
‫المرأة الولى كانت زوجة‪.‬‬
‫‪-330-‬‬
‫ظننت المرأة زهرة تحمل الندى‪ ،‬فوجدتها زهرة تحمل الشوك‪.‬‬
‫وقد عجزت عن التمييز بين المشبه والمشبه به من الزهرة والمرأة‪.‬‬
‫‪-331-‬‬
‫أجمل ما في أرضنا وأحله‪ :‬المرأة‪.‬‬
‫‪-332-‬‬

‫‪103‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المرأة سر في البداع ومقياس في الجمال‪.‬‬


‫‪-333-‬‬
‫من أعظم المصائب أن يجتمع في المرأة سوء خلقها مع نقصان عقلها‬
‫ودينها‪ ،‬وهاتان اثنتان رمتاني باثنين كبا الول ونبا الثاني‪.‬‬
‫‪-334-‬‬
‫تذكر التوراة علقة قديمة بين الشيطان والحية والمرأة‪.‬‬
‫‪-335-‬‬
‫بعض النساء كالجحيم ل تريد غير المزيد‪.‬‬
‫‪-336-‬‬
‫دخول معركة شعواء أهون من مخالفة امرأة حسناء‪.‬‬
‫‪-337-‬‬
‫يدخل الشيطان المرأة كما تدخل المرأة الرجل‪.‬‬
‫أعاذنا الله من كيده الضعيف كيدها العظيم‪.‬‬
‫‪-338-‬‬
‫هذه المرأة ل تشم عطر زهرة ‪ ،‬ول تسمع خفقة قلب لمحب‪ ،‬ول تلمس‬
‫قطرة ندى على ورقة خضراء‪ ،‬ول ترى فراشة ربيع تطير تحت جناح قوس‬
‫قزح بفرح‪.‬‬
‫المرجئة‬
‫‪-339-‬‬
‫المرجئة كالنصارى يرون العتراف يحقق الخلص ول قيمة للعمل‪.‬‬
‫المستقبل‬
‫‪-340-‬‬
‫المستقبل يحمل عصرين هما الضياء والظلم‪.‬‬
‫المشاعات‬
‫‪-341-‬‬
‫التراب والماء والحرية والهواء والضياء والعدالة والحياة والدين والرأي‪...‬‬
‫مشاعات غير مملوكة‪.‬‬
‫المشروع‬
‫‪-342-‬‬
‫هذا الذي أقوله للناس هو‪:‬‬
‫نظرة إلى الماضي لبناء الحاضر من أجل المستقبل‪.‬‬
‫ارجع للتعليق على العلم رقم ‪.259 ،214‬‬
‫المصاحبة‬
‫‪-343-‬‬
‫الغالب أن يصاحب طول اليد طول اللسان‪.‬‬
‫المعاملة‬
‫‪-344-‬‬
‫شذوذهم أن ذكرانهم كإناثهم يعدون العطف ضعفا ً والعزم ظلما‪ً.‬‬
‫المعية‬
‫‪-345-‬‬
‫قال‪ :‬الله معنا بعلمه‪.‬‬
‫قلت‪ :‬بل الله معنا بعلمه‪.‬‬
‫رد على من يحصر المعية في العلم‪ ،‬والصل التعميم فتدخل القدرة مثل‪ً،‬‬
‫ولذا يفوض في التخصيص‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المقياس‬
‫‪-346-‬‬
‫ً‬
‫مقياس الحق عقلي‪ ،‬ومقياس الجمال أيضا عقلي‪.‬‬
‫والمراد هنا الرد على من يفرق بين العقل والقلب أو الفكر والعاطفة‪.‬‬
‫المنع والتحريم‬
‫‪-347-‬‬
‫قد فرقت بين المنع الفطري والتحريم الشرعي‪ ،‬كما فرقت بين الروح‬
‫المسيرة والنفس الميسرة‪.‬‬
‫المنع الفطري يكون بالجتهاد العقلي في كل ما فيه ضرر وفساد على‬
‫الكليات النسانية‪.‬‬
‫والتحريم الشرعي هو المنصوص عليه في الكتاب والسنة بدللة التصريح أو‬
‫التضمين‪.‬‬
‫والروح المسخرة هي المكلفة على سبيل التسخير‪.‬‬
‫أما النفس الميسرة‪ ،‬فيعني أن التكليف النفسي قائم على التخيير بعد هداية‬
‫البيان‪.‬‬
‫تدبر قوله تعالى‪} :‬ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من‬
‫زكاها وقد خاب من دساها{‪.‬‬
‫وقوله تعالى‪} :‬سبح باسم ربك العلى الذي خلق فسوى والذي قدر فهدى{‪.‬‬
‫وقوله كذلك‪ :‬وهديناه النجدين‪.‬‬
‫راجع ما يتعلق بهذا في مفاهيم في أصول الحكام‪ ،‬وتركيب النسان‪.‬‬
‫المواجهة‬
‫‪-348-‬‬
‫بادر بالمواجهة قبل المفاجأة‪.‬‬
‫الموت والحياة‬
‫‪-349-‬‬

‫)‪(10 /‬‬

‫للموت الفناء وللحياة البقاء‪.‬‬


‫تدبر قوله تعالى‪} :‬ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين{‪).‬سورة غافر‪:‬آية ‪.(11‬‬
‫فالبداية بالموت ثم تبدأ رحلة الحياة الدنيا التي تنتهي بالموت الخير‪ ،‬ونهاية‬
‫النهاية بالحياة الخرى‪.‬‬
‫‪-350-‬‬
‫اختلف طرق الدفن ل يغير من حقيقة الموت‪.‬‬
‫‪-351-‬‬
‫الحياة مدرسة دروسها ل ُتنسى وُتنسى‪.‬‬
‫الحمد لله رب العالمين والسلم على العباد الصالحين‪ ،‬وبعد‪:‬‬
‫فإن الخواطر كطير السماء تقع على الرض وتنفر من الصائد فل تقع في‬
‫ل‪ ،‬وعليه حصيلة الجزء الول الذي صدر عام ‪1991‬م تحت عبارة‬ ‫القيد إل قلي ً‬
‫إهداء نصها‪:‬‬
‫إلى حبيبتي كردستان السلمية‬
‫وقد تدخلت آنذاك سلطات محتلة ‪-‬مع أن طبع الكتاب تم خارج حدودها‪-‬‬
‫وقامت السلطات المذكورة بتمزيق صفحة الهداء وما قبلها حتى الغلف‪،‬‬
‫بحجة أن عبارة الهداء ستؤدي إلى مشكلة في المنطقة!‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وبعد عقد من الزمن ها يصدر الجزء الثاني من الخواطر‪ ،‬وهي أيضا ً "خواطر‬
‫كردية بثياب عربية"‪.‬‬
‫ً‬
‫ولئن فات التناسب بين الكردية والعربية حينا‪ ..‬فقد سبق لي أن اعتذرت‬
‫بمعذرة النورسي من قبلي "بأني أفكر كرديا ً وأعبر عربيًا"‪ ،‬والخاطرة فكرة‬
‫في عبارة‪.‬‬
‫كر بأن الخواطر وعاء من الوعية الخمسة للمؤلفات العلمية‪ ،‬فإذا شرحت‬ ‫وأذ ّ‬
‫الخواطر فهي المفاهيم‪ ،‬وإذا وسعت المفاهيم فهي الرسائل‪ ،‬تليها الكتب‬
‫ذات الفصول والبواب الموضوعية‪ ،‬فإذا تعددت الموضوعات فهي‬
‫المجموعات الموسوعية‪.‬‬
‫تقبل الله هذا الجمع ونفع به ومّتع‪ ،‬من قرأ ومن سمع‪...‬‬
‫الخواطر حسب الحروف‪:‬‬
‫الهمزة‪ ،‬الباء‪ ،‬التاء‪ ،‬الجيم‪ ،‬الحاء‪ ،‬الخاء‪ ،‬الدال‪ ،‬الذال‪ ،‬الزاي‪ ،‬السين‪ ،‬الشين‪،‬‬
‫الصاد‪ ،‬الطاء‪ ،‬الظاء‪ ،‬العين‪ ،‬الغين‪ ،‬الفاء‪ ،‬القاف‪ ،‬الكاف‪ ،‬اللم‪ ،‬الميم‪ ،‬النون‪،‬‬
‫الهاء‪.‬‬
‫باب الهمزة‬
‫‪-1‬البتسام والسلم‬
‫البتسام والسلم من فضائل الدنيا والدين‪.‬‬
‫‪-2‬إبراهيم‬
‫عرف إبراهيم الله بعد ما عرف الكوكب والقمر والشمس‪.‬‬
‫‪-----------------------------------‬‬
‫ً‬
‫إشارة إلى قوله تعالى‪ .‬فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي‪ ...‬اليات‬
‫‪-3‬الجتهاد‬
‫المجتهدون يصيبون ويخطئون‪ ،‬والذين ل يجتهدون ل يصيبون أبدا‪ً.‬‬
‫‪-4‬الحسان‬
‫بعض الحسان ل يكون إل بالتمام‪.‬‬
‫‪-5‬الخ‬
‫رب أخ لك لم تلده أمك ورب عدوّ لك ولدته أمك وأبوه أبوك‪.‬‬
‫‪-6‬الرض‬
‫الماء والهواء من الرض ومن السماء‪.‬‬
‫‪----------------------------‬‬
‫الرض ما سفل والسماء ما عل وحدود الرض سطحها اليابس وما عليها من‬
‫إنسان وحيوان ونبات وجماد مع الختلف في الماء النازل والهواء المحيط‬
‫الذي يغلف الرض‪.‬‬
‫‪a‬‬
‫‪-7‬الستثناء المنقطع‬
‫اكتشفوا نوعا ً جديدا ً من الستثناء سموه الستثناء المنقطع ليخرجوا إبليس‬
‫من جملة الملئكة‪ ،‬وهم بهذا عذروه بعدم السجود!‬
‫‪----------------------------------------‬‬
‫إشارة لقوله تعالى‪" :‬فسجد الملئكة كلهم أجمعون إل ابليس"‪.‬‬
‫والستثناء إخراج فرد من جمع كنوع من جنس وهو متصل حيث يجب‬
‫التناسب بين المستثنى والمستثنى منه وهذا الوجوب عقلي يقوم على‬
‫الحكمة‪ ،‬ولو كان إبليس من غير الملئكة لما طلب منه ول وجب عليه سجود‬
‫ول عقاب‪ ..‬ولكونه من الجن "الملئكة" وقع منه الفسوق )كان من الجن‬
‫ففسق( ولذا عوقب بالخروج من الرتبة الملكية‪.‬‬

‫‪106‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪-8‬السد‬
‫ملك الغابة السد منسوب لعائلة القطط‪.‬‬
‫‪-9‬إسرائيل وإسماعيل‬
‫بنو إسرائيل وبنو إسماعيل عبريون وعربيون والولون أبناء سيدة والخرون‬
‫أبناء جارية وحرب أبناء الضرائر مستمرة‪.‬‬
‫‪-10‬أسماء الله‬
‫يقولون من أحصاها دخل الجنة‪ ،‬ول يحصون السماء من الكتاب والسنة‪ ،‬وقد‬
‫أحصيت والحمد لله في القرآن مائة وتسعة وستين اسمًا‪.‬‬
‫‪-11‬الشرار‬
‫القاتل أخو هابيل‪ ،‬والكافر أبو ابراهيم‪ ،‬والعاق ابن نوح‪ ،‬والخائنة زوجة لوط‪،‬‬
‫والعم المستهتر أبو لهب‪ ..‬وصحبة الشرار بلء عظيم وبخاصة مع أخوة وبنوة‬
‫وزوجية‪ ..‬وأية قرابة سببية أو نسبية‪.‬‬
‫‪-12‬الصحاب‬
‫ة بدين القوت عند‬ ‫مات النبي المحمود صاحب المقام المحمود ودرعه مرهون ٌ‬
‫اليهود!‬
‫‪-13‬العداء‬
‫على الرغم مما وقع بين الخلء من العداء فإنهم ل زالوا في عداء الولياء‪.‬‬
‫‪-14‬العداد‬
‫العداد أوعية تجمع النداد والضداد‪.‬‬
‫‪-15‬الله‬
‫ما زالوا يحتجون بالبعرة والبعير والخطوة والمسير‪ ..‬على وجود اللطيف‬
‫الخبير!‬
‫‪-16‬صفات الله أبدية أزلية والمخلوقات من آثارها‪ ،‬وصفة الخلق ذاتها غير‬
‫مخلوقه لكن المخلوقات من آثارها‪ ،‬وقل مثل ذلك في صفة الكلم وخلق‬
‫الكلمات‪..‬‬
‫‪-17‬إذا كنت له فما يضيرك أن تكون ذرة‪ ،‬وإذا كنت عليه فما يفيدك أن تكون‬
‫مجرة ؟‬
‫‪-18‬كوننا تتشابه الشياء فيه‪ ،‬والله وحده فوق الكون والشياء بل شبهة ول‬
‫شبيه‪.‬‬
‫‪-19‬الم والب‬
‫الم مربية والب قدوة‪.‬‬
‫‪-20‬أمريكا‬
‫أمريكا سيدة العالم‪ ،‬ورأيت سيدة الحرية مصنوعة من حجر وحديد‪ ،‬تحمل‬
‫مشعل ً بل نار ول نور‪.‬‬
‫‪-21‬المل‬
‫بالمل يحلو العمل‪.‬‬
‫‪-22‬المن والسلم‬
‫تمنيت أن يسود الرض أمن وسلم‪ ،‬فل أرى باكيا ً ول أسمع شاكيا!ً‬
‫‪-23‬النسان والحيوان‬
‫تعريف النسان بأنه حيوان ناطق‪ ،‬يعني أن الحيوان إنسان غير ناطق‪.‬‬
‫‪-24‬اليمان والسلم‬

‫)‪(11 /‬‬

‫‪107‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫اليمان هو السلم والسلم هو اليمان على حد سواء‪ ،‬والفرق هو في‬


‫الخفاء والجلء‪.‬‬
‫باب الباء‬
‫‪-25‬البخيل‬
‫يتعب البخيل مرات‪ :‬مرة في جمع المال‪ ،‬ومرة في إنفاقه‪ ،‬ومرة في فراقه‪،‬‬
‫ومرة في العقاب عليه‪.‬‬
‫‪-26‬‬
‫البخيل في ماله مسرف في مال غيره‪.‬‬
‫البراء والولء ‪27-‬‬
‫البراء من الشرق ل يعني الوقوع في ولء الغرب‪.‬‬
‫‪-28‬البقاء‬
‫النبات والحيوان والنسان‪ ..‬صناعة عضوية تعيش عشرات السنين وتتناسل‬
‫مئات القرون‪.‬‬
‫باب التاء‬
‫‪-29‬التأثير‬
‫ً‬
‫كل وجه يعطي لناظرة قدرا مناسًبا من الرسال والستقبال‪ ،‬فيقع التفاوت‬
‫والتفاضل‪.‬‬
‫التجويد ‪:‬‬
‫التجويد إجادة الصوت في التغني بالقرآن ‪ ،‬والقراء أوجبوا له الحكام ‪.‬‬
‫‪-30‬التاريخ‬
‫التاريخ إن لم يتغير بقي واقعا‪ً.‬‬
‫‪-31‬التدخين‬
‫التدخين ليس طعاما ً ول شرابا ً ل مدخل ً ول مخرجا‪ً.‬‬
‫‪-32‬الترادف والتضاد‬
‫إذا عدم الترادف لم يعدم التضاد‪.‬‬
‫‪-33‬الُترك‬
‫أقام الُترك في أرض الغير دولة دينية ثم علمانية حسب المصلحة النانية‪.‬‬
‫‪-34‬التسوية‬
‫أسنان الفم وأصابع اليد‪ ..‬ل تستوي كأسنان المشط‪.‬‬
‫‪-35‬التسوية‬
‫المساواة بين الذكر والنثى ل تعني المماثلة بينهما في كل شيء‪.‬‬
‫‪-36‬سوى السلم بين الخلئق في مقام العبودية للربوبية‪.‬‬
‫‪-37‬التشبه‬
‫بلغ من تشبِهه بالمرأة أن يزيل شاربيه وما على لحييه‪.‬‬
‫‪-38‬رأيت المصائب والمصاعب في الذين أصبحوا أوروبيانا ً وأريبيانا ً‬
‫وأمريكيانًا‪ ..‬إل قليل ً قلي ً‬
‫ل‪.‬‬
‫‪-39‬نساء الخليج تحت أشعة الشمس الحارقة يرتدين اللون السود لئل‬
‫يتشبهن بالرجال‪.‬‬
‫‪-40‬التغيير‬
‫ل تغير النجوم مواقعها بسبب تلبد سمائنا بالغيوم‪ ،‬أو تعكر نفوسنا بالغموم‪.‬‬
‫‪-41‬التفاضل‬
‫التفاضل في الصفات ل في الذوات‪.‬‬
‫فل يصح أن تكون الكردية أفضل لغة‪ ،‬ول يصح أن يكون الكرد أفضل أمة‪..‬‬
‫وقل مثل ذلك في كل لغة وأمة كالعرب والعربية والفرس والفارسية والترك‬

‫‪108‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫والتركية‪.‬‬
‫‪-42‬يتفاوت الناس بمقدار حبهم وكرههم لنفسهم ولغيرهم‪.‬‬
‫‪-43‬التقليد‬
‫وقف عجلة التفكير وتخلف الحضارة السلمية عن المسير‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫وراء‬ ‫إن التقليد‬
‫‪-44‬تقليد الغرب‬
‫صالون حلقة وأزياء ثياب للقطط والكلب‪..‬‬
‫‪-45‬التلوث‬
‫في الشرق يلوثون الرض وفي الغرب يلوثون السماء‪.‬‬
‫‪-46‬التواضع والتكبر‬
‫المتواضع يزداد تواضعا ً كلما ازداد علمًا‪ ،‬والمتكبر يزداد تكبرا‪ً.‬‬
‫‪-47‬التيسير‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ليس النسان مسيرا ول مخيرا بل هو ميسر‪.‬‬
‫باب الجيم‬
‫‪-48‬الجبرية‬
‫ً‬
‫إذا كان النسان مجبورا على الفعل ‪-‬كما يقول الجبرية‪ -‬فكل الفعال عبادة‬
‫وكل العباد آلهة‪.‬‬
‫‪-49‬الجديد‬
‫ل قديم تحت الشمس‪ ،‬ول يعيد التاريخ نفسه‪.‬‬
‫‪-50‬الجمع‬
‫عندما قال انه من أهل الجمع فهم الول أنه يجمع الصلوات ظهرا ً وعصرا ً‬
‫ومغربا ً وعشاًء‪ ،‬وفهم الثاني أنه يجمع النساء مثنى وثلث ورباع‪ ،‬وفي اللغة‬
‫اتساع‪.‬‬
‫‪-51‬الجنة‬
‫كان آدم في جنة الدنيا فأكل من الشجرة المحرمة ول حرام ول تكليف في‬
‫جنة الخرة‪.‬‬
‫‪-52‬الجهل‬
‫على الرغم من طول القامة على الرض فإن كثيرين من الناس يرحلون‬
‫عنها قبل معرفتها‪.‬‬
‫‪-53‬جودي‬
‫جبل مبارك وشعب عريق ومجلة حكيمة وفتاة كريمة‪.‬‬
‫باب الحاء‬
‫‪-54‬الحب والكره‬
‫الكره كالحب علج وقد يكونان مرضًا‪.‬‬
‫‪-55‬ما كل ما تخافه تكرهه‪ ،‬ول كل ما تأمنه تحبه‪.‬‬
‫‪-56‬وتريد حبي وأجدك حيث أكره وأفتقدك حيث أحب‪.‬‬
‫‪-57‬يعدد المحبون أحلمهم البيضاء‪ ،‬ويعدد الكارهون كوابيسهم السوداء‪.‬‬
‫‪-58‬الحذر‬
‫الذي يأكل الصبار والسمك يحذر الشوك والحسك‪.‬‬
‫‪-59‬الحرب والسلم‬
‫الحرب طريق السلم‪!.‬‬
‫‪-60‬الحق والباطل‬
‫مقولة "الحق يتعدد" تبرير لتمرير الباطل‪.‬‬
‫‪-61‬للحق مرارة ل تعدل حلوته‪ ،‬وللباطل حلوة ل تعدل مرارته‪.‬‬
‫‪-62‬الحوار‬

‫‪109‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫كّلمهم باللسان وكَلموه بالسنان‬


‫باب الخاء‬
‫‪-63‬الخشية‬
‫خشية العالم تتضاعف عندما يغوص في الداخل عمقا ً أو ينطلق نحو الخارج‬
‫أفقًا‪.‬‬
‫‪-64‬الخزائن‬
‫هذه الخزائن يملؤها الرب وتفرغونها‪.‬‬
‫‪-65‬الخلق‬
‫الخلق في الدنيا يتطور ل يتكرر‪.‬‬
‫ق؟‬
‫خل ُ‬‫خْلق إذا ضاع ال ُ‬
‫‪-66‬ما فائدة ال َ‬
‫باب الدال‬
‫‪-67‬الداعية‬
‫زاد الداعية علم ومتابعة‪.‬‬
‫‪-68‬الدخيل‬
‫الباب المفتوح يخرج منه ويدخل اليه مع الهواء المرغوب الهباء المكروب‪.‬‬
‫‪-69‬دعاء‬
‫قال‪ :‬أسأل الله أن يختم بالصالحات عملك وبالسعادة أجلك‪ ،‬وأن يبلغك فيما‬
‫يرضاه أملك‪ ،‬وان يجعلنا وإياك من عباده الصالحين وحزبه المفلحين‪.‬‬
‫‪-70‬الدعوى‬
‫من السماء فتح الباري وفتح القدير وفتح المجيد والفتح الرباني والفتوحات‬
‫اللهية‪ ..‬ونحو هذا من دعاوى الفتوح المنسوبة لله ولسمائه الحسنى!‬
‫‪-71‬الدواء‬
‫لكل داء دواء وأول الدواء الدعاء‪.‬‬
‫‪-72‬الدواب‬
‫تتشابه الدواب في طول الذان والذناب لطرد الهوام والذباب‪.‬‬
‫‪-73‬الديمقراطية‬
‫نسي أنه شرقي عندما أبدى رأيه في الديمقراطية‪.‬‬
‫‪-74‬إسلميون يقولون‪ :‬ل للديمقراطية‪ ،‬والمفهوم‪ :‬نعم للدكتاتورية!‬
‫باب الذال‬
‫‪-75‬الذباب‬
‫الفرق بين الذبابتين أن إحداهما تتعامل مع الزهرة‪ ،‬والخرى تتعامل مع‬
‫العذرة‪.‬‬
‫في اللغة الكردية يقال للنحلة‪ :‬ذبابة العسل‪.‬‬
‫‪-76‬ذكر الله‬
‫ذكر الله يمنع خوف المستقبل ويدفع حزن الماضي‪.‬‬
‫باب الزاي‬
‫‪-77‬الزواج‬

‫)‪(12 /‬‬

‫الشركات بما في ذلك شركة الزواج تراجع فيها المغانم والمغارم مرات‬
‫سنويا ّ وحتى شهريّا‪.‬‬
‫‪-78‬الزواج والطلق‬
‫أعظم حريتين في السلم الزواج والطلق‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫باب السين‬
‫‪-79‬السر والجهر‬
‫مثل السر والجهر كمثل الماء الراكد والذي يجري‪.‬‬
‫‪-80‬السعودية‬
‫السعودية مشغولة بسعودة المواطن‪ ،‬ومصلحة الوطن بسعودة المقيم‪.‬‬
‫‪-81‬السماوات‬
‫ما فوق الرض وما تحتها سماوات‪ ،‬وسماوات الرض السبع غير سماوات‬
‫الكون العظيم‪.‬‬
‫‪-82‬السنة‬
‫السنة مبينة للقرآن غير مباينة‪.‬‬
‫‪-83‬السيادة‬
‫السيد الذي يرى نفسه خادمًا‪ ،‬غير الخادم الذي يرى نفسه سيدا!ً‬
‫‪-84‬السيرة‬
‫كثيرون من حولي مشغولون‪ ،‬وآخرون جاهلون أو مغرورون‪.‬‬
‫‪-85‬نصحني أحد العارفين أن ل استخدم المشغولين‪.‬‬
‫‪-86‬نصحني أبي أن ل أصاحب الغنياء‪.‬‬
‫هذه النصيحة مبنية على كثرة الشر والضر وقلة النفع والخير في أكثر الغنياء‬
‫ويخرج من ذلك القليل من أهل الخير والنفع والصلح‪.‬‬
‫‪-87‬قال عضو من هيئة كبار علماء السعودية في "أسماء الله في القرآن"‪:‬‬
‫أنت أعلم بهذا منا نحن انشغلنا أو ُأشغلنا‪..‬‬
‫علمنا ل يتعدى ابن تيميه وابن القيم‪.‬‬
‫‪-88‬بعد محاولت التشجيع والمتابعة اّدعى أن عدد المفاهيم الثانية ثمانية ل‬
‫أربعون ول أربعين‪.‬‬
‫‪-89‬قال في مناقشة الدكتوراه‪ :‬الرأي دين ول إكراه في الدين‪ ،‬وقال‬
‫للحكومة الشتراكية‪ :‬ل اشتراكية في السلم‪ ،‬وقال للباطنية‪ :‬هدمتم الظاهر‪،‬‬
‫وقال للظاهرية‪ :‬هدمتم الباطن‪.‬‬
‫‪-90‬على الرغم من خوفي من المرتفعات ل أتوقف عن صعود الجبال‪.‬‬
‫‪-91‬قد يدركني النعاس في الغضب وقد عرفت السبب‪.‬‬
‫‪-92‬مما حفظت من أبي في حرمة الكتب أن ترفع كالرأس فوق الجسد‪.‬‬
‫‪-93‬أقمت مع الحباب لله في أرضه‪ :‬حزبا ً لمستضعفيه ومجمعا ً لمستخلفيه‪.‬‬
‫‪-94‬كل نفس تستقر على زمان ومكان‪ ،‬واستقرت نفسي على العام الثامن‬
‫عشر والوطن كردستان‪..‬‬
‫وقد جمعوا مال ً وعيال ً وجمعت بإذن الله ما هو أغلى من المال والعيال‪.‬‬
‫‪-95‬علم والدي أني ل أصلح للبيع والشراء‪ ،‬وعلمت أن من ولدي من ل يصلح‬
‫لغير البيع والشراء‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪-96‬راحتي في أن لي اتجاها واحدا‪ ،‬وتجود كلمتي في حدتي وحكمتي في‬
‫وحدتي‪.‬‬
‫خلق السعادة‪ ،‬ودين النجاة‪.‬‬ ‫‪-97‬وصيتي لسرتي وإخوتي‪ :‬علم الرفعة‪ ،‬و ُ‬
‫‪-98‬أحبابي كتبوا على بابي‪ :‬حفظك الله ورعاك يا أحسن دكتور في الكلية‪،‬‬
‫ونادوني‪ :‬يا وكيع الطالبين‪.‬‬
‫‪-99‬في صغري كانوا يقولون ‪ :‬في رأسك شعر نصارى فكنت أرجوهم أن‬
‫يقلعوه‪.‬‬
‫‪-100‬في صغري كنت أعد ّد ُ نجوم السماء وكنت أظن أني قد أحصيها‪.‬‬
‫ي فترسل في طلبي كلما غبت أو‬ ‫‪-101‬في صغري كانت أمي تخاف عل ّ‬

‫‪111‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫غابت‪.‬‬
‫‪-102‬قال‪ :‬لقد وجدته أكثر شفقة على إخوانه من الوالد على ولدانه‪ ،‬ولقد‬
‫ل أن يوجد في غيره‪ ،‬فهو يسمع لراء‬ ‫أوتي أدبا ً في النقاش والحوار ق ّ‬
‫المخالفين في الرأي ويحترم وجهاتهم ثم يورد الدلة المخالفة لها بصورة‬
‫متدرجة وبكل أدب وإذا بصاحب الرأي المخالف من أنصاره في الرأي‪ .‬ولقد‬
‫زادت صلتي به لنه يكره النفاق ول يعرف النفاق لقلبه سبي ً‬
‫ل‪.‬‬
‫إنه جوهرة مكنونة في البيت قد ل يعرفون قدرها إل بعد فوات الوان‪.‬‬
‫ي من أتباع محمد ولست مذهبيا ً ول فرقيا ً ول‬ ‫‪-103‬أنا مسلم مؤمن قرآن ّ‬
‫طرقيًا‪ ،‬وأنا كابوري والحمد لله كردي من ذرية آدم وأنا بريء من الطغاة‬
‫والبغاة والكافرين والمشركين‬
‫باب الشين‬
‫‪-104‬الشر‬
‫قبل غواية الشيطان عرف النسان طريق الشر‪.‬‬
‫‪-105‬الشرق‬
‫تغرب الشمس عن الشرق أول‪ً.‬‬
‫‪-106‬ل حضارة مع الكذب والشرق غارق فيه‪.‬‬
‫‪-107‬عشعش الجور في الشرق وعشعش البغاء في الغرب‪.‬‬
‫‪-108‬في بلد شرقي منذ ثلث قرن وزيادة وكافة الولد والحفاد أجانب –‬
‫كأهل الذمه‪ -‬مقيمون بعقود وعهود‪.‬‬
‫‪-109‬الشرق غرب على الطريقة الشرقية‪.‬‬
‫‪-110‬سلم الشرق في إسلم الغرب فل زال الشرق أسير الغرب‪.‬‬
‫‪-111‬الشعوب‬
‫من مزايا الشعوب‪ :‬أدب اليابان ومنطق اليونان وطب الصين وسحر الهند‬
‫وشجاعة الكراد ودهاء النجليز ودقة اللمان وطيبة الهولنديين وحلم العرب‪.‬‬
‫‪-112‬الشقاء‬
‫كثيرا ً ما شقي الناس بعلمهم كما شقوا بجهلهم‪.‬‬
‫‪-113‬الشيطان‬
‫يرى الشيطان أن النسان غير جدير بخلفة الرض ول وراثة السماء‪.‬‬
‫باب الصاد‬
‫‪-114‬الصاحب‬
‫حسبناك أبا بكر وأبا طالب فوجدناك أبا جهل وأبا لهب‪.‬‬
‫‪-115‬الصحة‬
‫على الطباء والصيادلة أن يتكلموا ويكتبوا بما تعارف عليه الناس من كتابة‬
‫وكلم حتى تبقى الصحة تاجا ً على رؤوس الصحاء‪.‬‬
‫‪-116‬الصوفية‬
‫منذ قرون غرق بعض الصوفية في الذات واللذات‪.‬‬
‫الصهر ‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ما بال الشيخ الكبير سخر نبي الله موسى نحوا من عشر سنين مهرا لحدى‬
‫البنتين فما باله حذفك ؟‬
‫‪-117‬الصيام‬
‫الصيام عن الغذاء وليس عن الدواء يا فقهاء‪.‬‬
‫باب الطاء‬
‫‪-118‬الطاعة‬
‫من نعم الله على عبده تلذذه بالطاعة وتأذيه بالمعصية‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪-119‬الطريق‬
‫قالوا‪ :‬الرفيق قبل الطريق‪.‬‬
‫قلت‪ :‬متى عرفتم الطريق وجدتم الرفيق‪.‬‬
‫باب الظاء‬
‫‪-120‬الظاهرية والباطنية‬
‫ابتليت المة السلمية في وقت مبكر بغلة الظاهرية وغلة الباطنية‪ ،‬وهذه‬
‫المتناقضات نشأت في عسكر علي بن أبي طالب وبين تلميذ الحسن‬
‫البصري!‬
‫باب العين‬
‫‪-121‬العادي‬

‫)‪(13 /‬‬

‫ل يمتدح العادي ول يذم‪ ،‬ويمتدح الفوقاني ويذم التحتاني‪.‬‬


‫‪-122‬العالم‬
‫العالم طالب علم يكتشف جهله‪.‬‬
‫‪-123‬العالم والجاهل‬
‫إذا كان العالم مدرسة الجاهل فإن الجاهل مدرسة العالم‪.‬‬
‫‪-124‬العجائب‬
‫عجائب العالم القديم كانت سبعا ً ولم تعد عجائب ولم تعد سبعًا‪.‬‬
‫‪-125‬العجز‬
‫مثل الفاروق عمر لعجز ابنه عن ولية الحكم بأنه ل يحسن يطلق امرأته!‬
‫‪-126‬العدل‬
‫ً‬
‫حتى تكون منصفا في حكمك ضع نفسك مكانه وضعه مكانك‪.‬‬
‫‪-127‬العرب‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫عرب يقولون‪ :‬قمنا معا وقعدنا معا حتى إذا قال أحدهم رمينا رموا ما بأيديهم‬
‫كائنا ً ما كان‪.‬‬
‫‪-128‬بغير ما سبب ينسب العرب لغتهم لحرف الضاد من بين أحرف الهجاء‪.‬‬
‫‪-129‬لقامة مظلة السلم ُيضحى بالعرب ليدركوا الصلة بين عبر وعرب‪،‬‬
‫ويذكروا الفرق بين ابن الست وابن الجارية‪.‬‬
‫‪-130‬أعراب من العرب هم أهل ظهور ونفور يرتقي شاعرهم وساجعهم‪،‬‬
‫يتطاولون في البنيان ويتنافسون‪...‬‬
‫‪-131‬قبح العرب أسماء الرجال لدفع العفاريت والجان‪ ،‬وحسنوا أسماء‬
‫العبدان والنسوان‪.‬‬
‫‪-132‬العرب الذين يرون المهنة من المهانة ل يرتقون‪.‬‬
‫‪-133‬العسل‬
‫حتى البصل شبهوه بالعسل‪.‬‬
‫ا‬
‫‪-134‬لعقل‬
‫م‪.‬‬ ‫العقل يصنع الكلم وليس العكس فل يصنع العق َ‬
‫ل الكل ُ‬
‫‪-135‬العلمة‬
‫طول شعر الرأس والوجه ليس العلمة الوحيدة للذكورة والنوثة‪.‬‬
‫‪-136‬العلم‬
‫يستوي عند أعمى البصر والبصيرة البياض والسواد في اللوان والكفر‬

‫‪113‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫واليمان في الديان‪.‬‬
‫‪-137‬العمل‬
‫ل يتردد النمل والنحل في العمل‪.‬‬
‫باب الغين‬
‫‪-138‬الغرب‬
‫يضرب الغرب باليسار ويساعد باليمين‪.‬‬
‫‪-139‬في الغرب قلما تضيع الحقوق وفي الشرق قلما ل تضيع‪.‬‬
‫‪-140‬الغلو‬
‫محمد سيد البشر بل خلف أفضل البشر‪ ،‬وفي الملئكة خلف مشتهر‪ ،‬وفي‬
‫الخلق غلو أكبر‪.‬‬
‫‪-141‬الغواية‬
‫س‪:‬‬
‫ترى كم تجاوز الشاعُر ابلي َ‬
‫فكل ما قد خلق الله وما لم يخلق محتقٌر في همتي كشعرة في مفرقي!؟‬
‫‪-142‬الغيرة‬
‫ً‬
‫شرب الرسول عسل في بيت زوجة فتحدثت الضرائر عن رائحة المغافير‪.‬‬
‫باب الفاء‬
‫‪-143‬فرعون‬
‫ادعى فرعون الربوبية واللهية كما يدعي حكام وأغنياء وأقوياء ‪ ...‬وما‬
‫أكثرهم في كل زمان‪.‬‬
‫‪-144‬الفواصل‬
‫أعضاء النسان كبقية الشياء موصولة بالمفاصل وهي فواصل‪ ،‬وقد تكون‬
‫الفاصلة واصلة‪.‬‬
‫باب القاف‬
‫‪-145‬القدر‬
‫تقام الحدود السلمية عند القدرية والجبرية على حد سواء‪.‬‬
‫‪-146‬الجبريون يعتمدون على أعدائهم القدريين‪.‬‬
‫‪-147‬إذا كان القدرية أخطأوا مرة في حق الخرة فإن الجبرية أخطأوا مرتين‬
‫في حق الدنيا والخرة‪.‬‬
‫مه في القدر والقضاء‪ ،‬كما غلبت رحمُته غضَبه في‬ ‫‪-148‬غلبت قدرُته عل َ‬
‫الحساب والجزاء‪.‬‬
‫‪-149‬القدرة‬
‫القدرة قدر نافذ‪.‬‬
‫‪-150‬القرآن‬
‫أحسنوا تقديم القرآن كتابة وقراءة ليدخل الناس في دين الله أفواجا‪ً.‬‬
‫‪-151‬القرآن معك على عدل وفضل فبمقدار ما تأتيه يأتيك‪ ،‬وبمقدار ما تؤتيه‬
‫يؤتيك ولديه مزيد‪.‬‬
‫‪-152‬القرآن كتاب الكون المفتوح للنسان‪.‬‬
‫‪-153‬الجمع الرابع للقرآن مع القراءات الصحيحة‪ ،‬والكتابة حسب الملء‬
‫المعهود‪ ،‬ووضع علمات الفصل والوصل المناسبة‪.‬‬
‫‪-154‬القرين‬
‫القرين رقيب عتيد ينفخ الروح في البدن ويشهد على الخير والشر‪.‬‬
‫‪-155‬القشور‬
‫ب و قشور‪.‬‬ ‫ل لباب ول بذور دون أ ّ‬
‫‪-156‬القمة‬

‫‪114‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الفرق بين الجبل والوادي هو اتجاه القمة‪.‬‬


‫‪-157‬القوة‬
‫الحضارة التي تعتمد على القوة وحدها تدمر نفسها‪.‬‬
‫‪-158‬الصوت كالسوط ل يبلغ الغاية بغير القوة‪.‬‬
‫‪-159‬القيامة‬
‫بعضهم يرى القيامة في انقلب القطبين أو طروء الستنساخ‪ ..‬وآخرون‬
‫يرونها في تحريك بساط من الحصير يسد باب مسجد صغير بقرية في‬
‫مجاهل أفريقيا السوداء‪.‬‬
‫‪-160‬قد أخذت الرض زخرفها وأزينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها بالتحكم‬
‫في برمجتها‪.‬‬
‫باب الكاف‬
‫‪-161‬الكبر‬
‫المتكبر ل سلم له ول سلم عليه‪.‬‬
‫‪-162‬قال‪ :‬أل تعلم من أبي ومن أمي؟ قلت‪ :‬أبوك طين مهين وأمك ضلع‬
‫أعوج ل يستقيم‪.‬‬
‫‪-163‬الكبر من أكبر الكبائر ل يليه إل الكذب‪.‬‬
‫‪-164‬بعض الصغار ل يكبرون‪.‬‬
‫‪-165‬عقد النقص وراء مرض الكبر‪.‬‬
‫‪-166‬المتكبر قد يكون من الصغر بحيث أنه ل َيرى ول ُيرى‪.‬‬
‫‪-167‬الكتابة العربية‬
‫الكتابة العربية أهملت الحركات والسكنات‪.‬‬
‫‪-168‬أسقط العرب من العربية أحرفا ً مكتوبة هي‪ :‬الفتحة والكسرة والضمة‬
‫والشدة وكذا السكون فليست أحرف اللغة العربية ثمانية وعشرين كما ادعوا‬
‫ول يزالون يدعون‪.‬‬
‫‪-169‬الكرد‬
‫كردستان سميتها كرديا أو كردا وأسميها جوديا أو جودا‪.‬‬
‫‪-170‬وجدت اللمان كالكراد في الذكاء والغباء‪.‬‬
‫‪-171‬أحب العرب والترك والفرس وأنا كردي لني أحب الرب الذي خلقهم‬
‫وجعلهم مثل الكراد شعوبا ً وقبائل ليتعارفوا‪.‬‬
‫‪-172‬ل يرى الكردي أحدا ً غيره فوقه أو مثله إل رجل الدين‪.‬‬
‫‪-173‬قالت جمهورية إيران الشيعية عن كردستان السلمية‪ :‬إسرائيل الثانية!‬
‫وقال رئيس جمهورية الشيشان ‪ :‬إيران دولة ل تؤمن بالله‪!.‬‬
‫‪-174‬أحد المؤرخين ألف عشرات الكتب عن الشعوب السلمية تاريخيا ّ‬
‫وجغرافيا ّ ليس بينها كتاب عن الشعب الكردي إل كتابا ً واحدًاعن اليزيدية‬
‫ضمن الشعوب البدائية‪.‬‬

‫)‪(14 /‬‬

‫‪-175‬مائة جامعة علمية ستقام بكردستان‪ ،‬وجامعة باسم النورسي بديع‬


‫الزمان‪ ،‬وجائزة علمية عالمية كل عام لكل رساله نورية‪.‬‬
‫‪-176‬الكاتب الناعس أخطأ خمس أو ست مرات فكتب في الصفحة‬
‫السوداء‪ :‬سوريا العراق تركيا إيران وأرمينيا وأذربيجان ولم يكتب كردستان‪.‬‬
‫‪-177‬عراق أصغر عراق أقوى بل أكراد وينطبق هذا المثل على إيران وتركيا‬
‫وسوريا وأرمينيا وأذربيجان‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪-178‬الغرب في طريق إقامة الدولة الكردية دون مشاركة الدول القليمية‬


‫الربع )أتعس(‪.‬‬
‫‪-179‬حتى تكتشف الكردي ألبسه الشابك والشال وأسكنه قمم الجبال‬
‫وأسأله ليجود بماله وفعاله وإياك أن تثيره فإن باسه شديد‪.‬‬
‫‪-180‬صلح الدين الكردي عند الترك تركي‪ ،‬وعند العرب عربي‪ ،‬ولم يحكم‬
‫بعد ُ اليات العظمى بتشييعه ثم تفريسه‪.‬‬
‫‪-181‬في الغرب يقولون‪ :‬نحن ننشأ منذ الصغر على الخوف من الشعب‬
‫الكردي‪.‬‬
‫‪-182‬الكراد آباء العرب المستعربة وأجدادهم من جهة ولدهم إبراهيم‬
‫وحفيدهم إسماعيل على ما قيل‪.‬‬
‫‪-183‬بارك الخليل إبراهيم جميع الشعوب كما يقول أهل الكتاب ولم يستثن‬
‫شعبه الكردي‪.‬‬
‫‪-184‬قال كردي معاصر لجلديه أتقدم للموت وتحت قدمي من ل يستحق‬
‫الحياة‪.‬‬
‫‪-185‬متى قعد الرجال قام الطفال والنسوان لتحرير الكرد وتوحيد‬
‫كردستان‪.‬‬
‫‪-186‬أنتهت الحرب العراقية الولى بهزيمة العراق وإيران _كما توقع‬
‫كيسنجر_‪.‬‬
‫والهزيمة الثانية القادمة على تركيا وإبران‪.‬‬
‫‪-187‬يدعون أن النصيرية والموارنة والشوريين في المشرق والبربر في‬
‫المغرب واللمان في الغرب‪ ..‬كلهم أكراد‪ ،‬وبلد الشام أفرغها التتار وملها‬
‫الكراد ‪ ،‬ويقولون علماء المسلمين بعد جيل الصحابة جلهم أكراد‪...‬‬
‫‪-188‬قال الدكتور فهمي الشناوي ما قاله الحزب السلمي الكردستاني‪ :‬ل‬
‫وحدة إسلمية إل بوحدة كردية‪.‬‬
‫‪-189‬الدليل على ظلم أهل الرض عدم وجود دولة كردية لربعين مليون‬
‫كردي!‬
‫‪-190‬يحتاج الكرد إلى مجلس حكماء الجودي‪.‬‬
‫‪-191‬ألوان علم كردستان الحمر في العلى للحب والحرب‪ ،‬والخضر في‬
‫السفل للخصوبة والحضارة‪ ،‬وبينهما الصفر نار ونور‪.‬‬
‫‪-192‬الكذب‬
‫ما رأيت كالكذب هادما ً للثقة حالقا ً للدين‪.‬‬
‫‪-193‬الكعبة‬
‫لو كان لي من المر ساعة‪ :‬لرفعت الكعبة كأعلى بناء معمور‪ ،‬ولسويت‬
‫الرض في دائرة المواقيت من حول الحرم للحجاج والمعتمرين والزائرين ل‬
‫يجاورهم أحد سوى اليواء والغذاء والخلء والدواء‪.‬‬
‫‪-194‬الكمبيوتر‬
‫ل زال الكمبيوتر تحت سيطرة النسان‪.‬‬
‫باب اللم‬
‫‪-195‬اللغات‬
‫لول حرمة الكتاب والسنة‪ ،‬وكون اللغات من الفطرة لحرمت على الكراد‬
‫بعض اللغات‪.‬‬
‫‪-196‬اللغات من أسرار الشعوب‪.‬‬
‫‪-197‬اللغة اللمانية خشخشة وشخشخة خالية من حرفين خاصين بالخاء‬
‫والشين‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪-198‬اللغة العربية الجميلة أسيرة العقلية العربية في خلفات النحو الصرف‬


‫ومبالغات البلغة وطريقة الكتابة‪.‬‬
‫باب الميم‬
‫‪-199‬المجمع‬
‫المؤتمر العالمي للعلماء عنوانه لنا وتحدث فيه غيرنا‪.‬‬
‫‪-200‬المدللن‬
‫المدللن كلب في الغرب وحاكم في الشرق‪.‬‬
‫‪-201‬المرأة‬
‫كيف ل تكون الرض جميلة وفيها المرأة والزهرة والفراشة وقوس‬
‫السحاب‪..‬‬
‫‪-202‬المركز‬
‫ليست كل المراكز قوية‪ ،‬فقد تقوى العاصفة في الطراف وتضعف في‬
‫المركز‪.‬‬
‫‪-203‬المعادلة‬
‫كان الشرار أكثر من الخيار‪ ،‬ول زالت المعادلة مائلة‪.‬‬
‫‪-204‬مصر‬
‫سمعت في مصر يتكلمون العربية دون فواصل ول وقوف‪.‬‬
‫‪-205‬المعنى‬
‫ل يلتزم الشعراء بقاعدة المعنى قبل المبنى‪.‬‬
‫‪-206‬المفاِرقة‬
‫المفارقة تأخذ في الغرب نصف الثروة ‪ ،‬وهي تأخذ عندنا ربع أو ثمن التركة‪.‬‬
‫‪ -207‬المفاهيم‬
‫إن توحيد المم قائم على توحيد المفاهيم وبخاصة المفاهيم الدينية‪.‬‬
‫منافق ‪-208-‬‬
‫‪-‬علم على رأسه نار بل نور‪.‬‬
‫‪-‬يميل وينحني مع الرياح في جميع الجهات‪.‬‬
‫‪-‬يدخل ويخرج مع المكاسب متى كانت مضمونة مائة بالمائة‪.‬‬
‫‪-‬خوار مع الجبارين وجبار مع المساكين‪.‬‬
‫‪-‬قال في المجمع ما قاله سلفه في القرآن‪ ،‬قالوا‪ :‬كله كفر وقال‪ :‬تخريب‪.‬‬
‫الموت ‪-209-‬‬
‫الموت عندنا بداية وعندهم نهاية‪.‬‬
‫الموسيقى ‪-210-‬‬
‫النفحة والرنة والدقة والقرعة والنقرة والنبرة ‪ ..‬في خدمة الكلمة الطيبة‪.‬‬
‫باب النون‬
‫الناس ‪-211-‬‬
‫يصنفون الحيوانات النسية والوحشية وينسون النس‪.‬‬
‫‪-212-‬‬
‫الناس جنس واحد‪ ،‬وبعض الناس أجناس‪.‬‬
‫النبي والرسول ‪-213-‬‬
‫كل نبي من الله رسول إلى الناس‪.‬‬
‫النحل ‪-214-‬‬
‫يسبقنا النحل في عمل الشمع والعسل‪.‬‬
‫النساء ‪-215-‬‬
‫قالت‪ :‬أكثر أهل النار من النساء‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫قلت‪ :‬عدد النساء أكبر من عدد الرجال‪.‬‬


‫‪-216-‬‬
‫لول غيرة النساء لحكمن الرض‪.‬‬
‫‪-217-‬‬
‫كانوا يدعون لبائهم واليوم يدعون لحكوماتهم‪.‬‬
‫النسيان ‪-218-‬‬
‫نسيني كثيرون ونسيت كثيرين حتى رفيق الصبا إسماعيل‪.‬‬
‫النظافة ‪-219-‬‬
‫النظافة من لب السلم وهو اليمان‪.‬‬
‫النعمة ‪-220-‬‬
‫أعجبني‪ :‬وما بك من نعمة فمن حسن ستر الله عليك‪.‬‬
‫النفس ‪-221-‬‬
‫شباب النفس ل يخضع لشيخوخة البدن‪.‬‬
‫‪-222-‬‬
‫الكتشافات النفسية قد تكون أعظم من الكتشافات الفلكية‪.‬‬
‫النوم ‪-223-‬‬
‫لول النوم لكانت كل العضاء إرادية‪.‬‬
‫باب الهاء‬
‫الهم ‪-224-‬‬
‫كيف تحمل هذه النفس المثقلة كل ذلك الجسد الثقيل؟‬

‫)‪(15 /‬‬

‫مسك الختام من خيمة الحباب‪:‬‬


‫قال أولهم عن حياة الداعية‪ :‬إنه كالنحلة تأخذ الزهرة المعطرة وتعطي الغذاء‬
‫والدواء في العسل‪.‬‬
‫وقال الثاني عن سياسة العرب‪ :‬إنهم لم يتعظوا من تجربة اليهود مع ربهم‬
‫ومع نبيهم ومع الناس‪ ..‬ومن جرب المجرب حلت به الندامة‪.‬‬
‫وقال الثالث‪ :‬مسك الختام وأحسن الكلم كلم الملك العلم‪) :‬ومن يتق الله‬
‫جا(‪.‬‬
‫يجعل له مخر ً‬
‫جا ‪ ..‬آمين‪.‬‬
‫جا ومخر ً‬
‫اللهم فارزقنا التقوى ‪ ،‬وأجعل لنا فر ً‬
‫التجويد‬
‫التجويد إجادة الصوت في التغني بالقرآن ‪ ،‬والقراء أوجبوا له الحكام ‪.‬‬
‫الصهر‬
‫ما بال الشيخ الكبير سخر نبي الله موسى نحوا ً من عشر سنين مهرا ً لحدى‬
‫البنتين فما باله حذفك ؟‬
‫الزوجان والبوان‬
‫الزوجة التي تسعى لحراج زوجها أمام أولدها هي أم غير مربية وهو أب غير‬
‫قدوة ‪.‬‬
‫هاو ماو‬
‫يحكى أن القطة فقدت الذاكرة وحسبت نفسها كلبة فهوهوت وموموت‬
‫وفقالت ‪ :‬ما أدري هاو؟ ما أدري ماو ؟‬
‫الذوات والصفات‬
‫ل حب ول كره للذوات بل للصفات الحبيبة والكريهة ‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫اليوم والساعة‬
‫قسموا اليوم إلى ‪ 24‬وقسموا الساعة فقط إلى ‪.12‬‬
‫أنت ومالك‬
‫أنت ومالك لبيك "حديث" قلبوه إلى أنت ومالك لبنيك ‪.‬‬
‫هم وهن‬
‫هم وهن قطعوا وقطعن الرحام وربوا وربين الولد والحفاد على الحقاد‬
‫وعلى العقوق والمروق وتضييع الحقوق والعياذ بالله من شرهم ومن‬
‫شرهن ‪.‬‬
‫القصر والقبر‬
‫يبحثون عن قبر في قصر ويبحث عن قصر في قبر ‪.‬‬
‫الحشرة‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫لو كان أو كانت حشرة لكان أوكانت جرادا أو صرصارا ‪.‬‬
‫الكبر والتواضع‬
‫الفرق بين المتكبرين والمتواضعين محبة الناصحين ‪.‬‬
‫السنة والشيعة‬
‫اتفق وافترق السنة والشيعة في كثير من الفروع وكثير من الصول ‪.‬‬
‫أسماء الله‬
‫قد جمعوا ما جمعوا من مال ومن عيال وقد جمعت ما شاء الله من السماء‬
‫و من الصفات‪.‬‬
‫الشيطان‬
‫ليس الشيطان وحده من يستحق اللعن والرجم ‪..‬‬
‫آل سعود‬
‫لل سعود حميدتان طباعة المصاحف وعمارة المساجد ‪.‬‬
‫الحجة‬
‫لقامة الحجة على عدوه قال ابراهيم ‪ :‬هذا ربي وقال لوط ‪ :‬هؤلء بناتي‬
‫وقال الخاتم ‪ :‬وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلل‪.‬‬
‫السم والمسمى‬
‫ما فائدة السم إذا غاب المسمى وما فائدة الحياة إذا غاب الحياء ‪.‬‬
‫الدواء والشفاء‬
‫الدواء في ‪ :‬الغذاء والماء والهواء مع الذكر و الدعاء بالسماء ‪.‬‬
‫والشفاء من كل داء بيد الله سبحانه وتعالى ‪.‬‬
‫الولد والب‬
‫‪ -‬الولد الذي ل يصعد في سلم أبيه يتعب كثيرا ً في الوصول إلى القمة ‪.‬‬
‫‪ -‬البن الذي ل يركب في مركب أبيه يصل إلى الساحل متأخرا ً وقد يغرق كما‬
‫غرق ابن نوح فلن يصل أبدا ً ‪.‬‬
‫العقوق‬
‫البر بأحد البوين على حساب الخر عقوق كبير أو اكبر‪.‬‬
‫من الصحاب من جمعهم العلم وفرقهم المال‪.‬‬
‫‪22‬‬
‫لإله إل هو‪ -‬هو‪ -‬ضمير الغائب جعلوه من أسماء الله الحسنى وطبعوه في‬
‫المصحف باللون الحمر و قالوا ‪:‬هو السم العظم!‬
‫ولست أدري ما قولهم في ضمير المحاطب‪ -‬أنت ‪-‬في مثل قوله‪ :‬ل إله إل‬
‫أنت وضمير المتكلم المفرد أو الجمع ‪ -‬أنا‪ -‬و‪-‬نحن‪ -‬في مثل قوله‪ :‬إني أنا‬
‫الله وقوله ‪:‬نحن الخالقون ونحن الزارعون‪..‬‬

‫‪119‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪23‬‬
‫الكفاءة مطلوبة في أية صحبة أوقران وهي نسبية منسوبة لظرف الشخص‬
‫وظرف المكان وظرف الزمان‪..‬‬
‫‪24‬‬
‫قلت ان كوننا صغير كحبة يابسة في قطرة ماء في فقاعة هواء‪ ..‬وفوقها‬
‫سماواتها السبع ينيرها القمر و تضيئها الشمس ‪..‬وبعدها الكون العظيم‬
‫العظم بنجومه وأقماره وسدمه وثقوبه ومجراته )وإنا لموسعون(‪.‬‬
‫‪25‬‬
‫أناعبدك القائم بك اللهم ربي‪ :‬طهر ثوبي وزك نفسي وقدس روحي واشف‬
‫بدني وأصلح بالي وطيب رزقي ووفق أهلي وصحبي‬
‫أسألك اللهم ربي لي ولهم حسنى الخاتمة‪.‬‬
‫‪26‬‬
‫ً‬
‫بئس القرين منانا ولو كان حنانا‪.‬‬
‫‪27‬‬
‫من ناصفك فقد أنصفك‪.‬‬
‫‪28‬‬
‫الخيانة الزوجية في كشف سر الزوجين نوح ولوط عليهما السلم‪.‬‬
‫‪29‬‬
‫البحث عن الرب الله‪ -‬إلى حد كأنك تراه‪ -‬في الكتاب والسنة والنفس‬
‫والفاق‪..‬‬
‫‪30‬‬
‫ما أعظم نبي الله موسى أشرك أخاه هارون في الرسالة و المغفرة‪.‬‬
‫‪31‬‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫هل أفادت القربى عما تبا كأبي لهب أو عما طيبا كأبي طالب‪.‬‬
‫‪32‬‬
‫يكذب بالجملة ويصدق بالتقسيط‪.‬‬
‫يكذب ما كان الكذب ممكنا ً فإذا تعذر الكذب صدق‪.‬‬
‫‪33‬‬
‫أسوأ صاحب و أسوأ صاحبة مغتاب مرتاب ومغتابة مرتابة‪.‬‬
‫‪34‬‬
‫اليوم يهاجم الغرب الشرق كما المغول من قبل دخلوا في السلم‬
‫‪35‬‬
‫قلت من قبل‪ :‬إن إسلم الغرب أدنى من إصلح الشرق‪.‬‬
‫‪36‬‬
‫الله أكبر القعيد ‪-‬قعيد المسجد‪ -‬سماني الشيبة ‪ -‬شيبة المسجد‪ -‬ولله الحمد‪.‬‬
‫‪37‬‬
‫قلة الذوق غير محمودة في أنواع الحيوان وكذا الشأن في أجناس الناس‬
‫‪38‬‬
‫قد أراحني القرآن فيه "واقصد في مشيك واغضض من صوتك"‪.‬‬
‫‪39‬‬
‫لنهم كانوا سحرة فإنهم قد علموا أن موسى ليس بساحر‪ .‬وقال الذين ل‬
‫يعلمون يا أيها الساحر‪.‬‬
‫‪40‬‬
‫أوجبوا خط الكتابة بحجة أنه من عمل السلف وأنه توقيفي‪..‬‬

‫‪120‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الصل موافقة الكتابة للقراءة ل المغايرة ‪.‬‬


‫ً‬
‫من ذلك‪ :‬الفواتح في سبع وعشرين سورة كتبوها حروفا وهي أسماء‪ .‬ومن‬
‫ذلك‪ :‬سأريكم كتبت سأوريكم بمعنى سأحرقكم أو أخفيكم‬
‫والقراءة بل واو بمعنى الراءة من الرؤية‬

‫)‪(16 /‬‬

‫وكذلك ‪:‬لذبحنه كتبت ل أذبحنه بل النافية نفي ذبحه‪.‬‬


‫ننجي كتبت نجي بنون واحدة‪.‬‬
‫أيد كتبت أييد بياء زائدة‪.‬‬
‫وكتبت الصلة والزكاة بالواو الصلوة والزكوة‪.‬‬
‫والمصيطر و الصراط كتبتا بالصاد وقرئتا بالسين‪..‬‬
‫ومثل هذا ونحوه كثير‬

‫)‪(17 /‬‬

‫خواطر بيولوجية من وحي القرآن الكريم ‪...‬‬


‫أما العنق فيحتوي على جسيمات دقيقة تسمى ) ميتوكندرات ( هي التي تولد‬
‫الطاقة اللزمة لحركة الحيمن التي ل تهدأ منذ لحظة انفصاله عن الخصية‬
‫وإلى أن ينجح في اللتحام مع البويضة أو يموت‪ ،‬أو يتم تجميده‪ .‬وتحتوي كل‬
‫قطرة من المني على عدة مليين من الحيامن شوهدت تحت عدسات‬
‫المجاهر وهي تسبح في السائل المنوي وتضربه بذيولها في عنف يتناسب مع‬
‫حيوية صاحبها‪.‬‬
‫وفي السائل المنوي مواد تغذي الحيامن وتحميها من الميكروبات بحيث‬
‫تحتفظ بحيويتها وقدرتها على الخصاب لمدة ثلثة أيام بعد انفصالها عن‬
‫جسم صاحبها ) ما لم يتم تجميدها (‪ ..‬ولكي ينجح الحيمن في هذه المهمة‬
‫عليه أن يقطع رحلة طويلة من مكان القذف إلى قناة المبيض‪...‬وهي مسافة‬
‫إذا قورنت بحجم الحيمن فإنها تعادل المسافة بين الرض والقمر بالنسبة‬
‫لرائد الفضاء الكوني‪.‬‬
‫والنص القرآني الثاني عن النطفة‪:‬‬
‫هو الية الثالثة عشر من سورة المؤمنون‪:‬‬
‫(ثم جعلناه نطفة في قرار مكين )‪.‬‬
‫وخلفا ً لما في آية سورة القيامة ل يوجد هنا ذكر لمصدر النطفة‪ ،‬وإنما يوجد‬
‫وصف لمكانها بأنه قرار مكين‪ ،‬وهو وصف ل أراه يتفق كثيرا ً مع ما نعلمه عن‬
‫النشاط الحركي للنطفة الذكرية أو الحيمن‪ ،‬ول على مكان تكوينها في‬
‫الخصية التي نعلم جميعا ً موضعها الظاهر خارج الجسم‪ ...‬أما النطفة النثوية‬
‫وهي البويضة فتتكون داخل حوصلة في أعماق نسيج المبيض الذي يقبع في‬
‫مكان غائر بين الحشاء يحيط به جدار البطن ذو الطبقات المتراكبة‪ ...‬وحتى‬
‫عندما يكتمل تكوين البويضة وتنفجر الحوصلة فإن البويضة المتحررة ل‬
‫تنفصل عن جسم المرأة بل ول تغادر تجويف البطن‪ ..‬وأقصى مكان تصل‬
‫إليه بحركتها الزاحفة البطيئة هو فوهة قناة فالوب المؤدية إلى الرحم‪ ،‬ول‬
‫ل‪ ،‬ولكن لتستقر‬‫تتجاوز هذا المكان إل إذا تم إخصابها ونشطت حركتها قلي ً‬
‫في بطانة جدار الرحم وهذه هي نهاية المطاف بالنسبة لها‪ ..‬وإذا كان هناك‬
‫ما يستحق الضافة فهو أن البويضة قبل انطلقها من الحوصلة تحاط بغلف‬

‫‪121‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫من مادة ل تذوب إل بفعل النزيمات الموجودة في قلنسوة الحيمن والتي‬


‫يطلقها عند ملمسته للبويضة تمهيدا ً لخصابها‪...‬‬
‫صورة لحيوانات منوية تلتف حول بويضة أنثوية تمهيدا ً لخصابها‬
‫وفوق كل ذلك فإن البويضة ـ بمجرد أن يدخلها رأس الحيمن ـ تحاط بغلف‬
‫جديد ل يذوب حتى في نفس النزيمات التي أذابت غلفها الول‪ ..‬كل هذه‬
‫الستحكامات لضمان المحافظة على الكنز الموجود داخل نواة البويضة وهو‬
‫المواد الوراثية للم قبل الخصاب مضافا ً إليها المادة الوراثية للب بعد‬
‫الخصاب‪ ،‬والتي بها تحولت النطفة النثوية إلى بذرة النسان الجديد المكنونة‬
‫في هذا القرار المكين‪.‬‬
‫والنص القرآني الثالث الذي ذكرت فيه النطفة‪:‬‬
‫هو الية الثانية من سورة النسان‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫(إنا خلقنا النسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا )‪.‬‬
‫والمشاج جمع مشيج‪ ،‬وهو‪ :‬ـ لغويا ً ـ ما ينتج عن عملية المشج ) وهو المزج‬
‫المتقن المقنن(‪.‬‬
‫وللمشيج أيضا ً معنى علمي هو النطفة سواء أكانت ذكرية أم أنثوية لنها في‬
‫كلتا الحالتين خلية من جسم فرد نشأت جميع خلياه ـ وهو جنين ـ من امتزاج‬
‫المادة الوراثية للجد مع الجدة وهكذا في سلسلة متصلة ترجع أصولها إلى‬
‫أول عملية تزاوج في تاريخ البشرية‪.‬‬
‫ومنذ ذلك الحين وكل فرد يتم خلقه بهذه الطريقة ـ وهي مشج المادة‬
‫الوراثية في بذرته الجينية ثم استنساخها في جميع خليا جسمه بحيث تحملها‬
‫حيامنه ) إذا كان ذكرا ً ( أبو بويضاته ) إن كان أنثى ( إلى بذرة ذريته ثم ذرية‬
‫ذريته جيل ً بعد جيل إلى أن تنتهي الحياة بأمر خالقها‪.‬‬
‫وعلى الرغم من انطباق صفة المشيج على الحيمن وعلى البويضة‪ ،‬إل أن‬
‫إطلقها بصيغة الجمع ) أمشاج ( التي وردت في الية الكريمة التي نتحدث‬
‫عنها ـ هذا الوصف ينطبق بشكل أكثر دقة على ) الزيجوت ( أو البويضة‬
‫المخصبة التي تستقر في بطانة الرحم إلى أن يخلق الله منها بشرا ً سويا‪ً.‬‬
‫من نطفة إلى علقة‪:‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫عندما تصل النطفة المشاج إلى طور التويتية تنشق عنها بطانة الرحم كما‬
‫تنشق التربة عن النبتة الصغيرة‪ ،‬فتبرز من جدار الرحم ولكنها تبقى معلقة‬
‫فيه بما يشبه العنق الذي يوصل إليها المواد الغذائية المستخلصة من دم الم‬
‫المتدفق في شعيراتها الدموية المنتشرة في القرص المشيمي‪ ..‬إن هذه‬
‫الطريقة في الحصول على المادة الغذائية وفي التصال بمصدر الغذاء تشبه‬
‫طريقة الديدان الطفيلية وأشهر أنواعها هي دودة العلق‪ ..‬وهذه الحقائق‬
‫متطابقة لفظا ً ومعنى مع قوله تعالى في سورة العلق‪( :‬اقرأ باسم ربك الذي‬
‫خلق خلق النسان من علق )‪.‬وقوله سبحانه في سورة المؤمنون‪( :‬خلقنا‬
‫النطفة علقة )‪.‬ولئن كان هناك إجماع بين اللغويين على أن العلقة هي الدم‬
‫المتجمد فإن هذا ل يتناقض مع الحقيقة العلمية لن الدم الوارد من جسم‬
‫الم ل يتجمد بالطريقة المألوفة وهي التبريد ول بالتجلط‪ ..‬وإنما يتحول الدم‬
‫السائل المتدفق من عروق الم إلى هذا الكيان المتماسك نتيجة لتحول‬
‫عناصره إلى مادة البروتوبلزم التي هي مادة الخليا الحية التي يتكون منها‬
‫جسم الجنين‪.‬‬

‫‪122‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المضغة المخلقة وغير المخلقة‪:‬‬


‫تواصل العلقة النمو عن طريق انقسام الخليا وتكاثرها الذي سبق أن ذكرنا‬
‫أنه بعد طور التويتية تختلف معدلته واتجاهاته في أجزائها المختلفة مما يؤدي‬
‫إلى شكل المضغة‪ .‬والمضغة طور تحولي خطير في رحلة التكوين الجنيني‬
‫حيث يبدأ النشاط التخليقي في اتخاذ معدلت متنامية سرعان ما تؤدي إلى‬
‫التخليق أي‪ :‬تكوين بداءات أو ) بواكير العضاء ‪،(organ rudiments‬وأولى‬
‫خطوات التخليق هي تميز الجسم إلى مناطق في كل منها مجموعة خليا‬
‫متخصصة هي التي ستتكون منها أعضاء جديدة‪ ،‬أي‪ :‬أنها في هذه المرحلة قد‬
‫تقرر مصيرها‪.‬‬
‫وقد تمكن علماء الجنة من عمل خرائط لجنة حيوانات التجارب في هذه‬
‫المرحلة تسمى )خرائط المصير ‪...(fate maps‬وبعد هذا التميز بين الخليا‬
‫شكل ً وحجما ً وتوزيعا ً يكون الختلف في معدلت انقسامها واتجاهاته‪ ...‬وهذا‬
‫ما يسمى عمليا ً بالتمايز )‪.(differentiation‬وهو أول علمات التخليق ) ول‬
‫أقول التخلق (‪ ...‬وتقدم لنا الية الرابعة عشرة من سورة المؤمنون عرضا ً‬
‫سريعا ً للتخليق الجنيني المبكر إذا يقول الخالق سبحانه‪( :‬ثم جعلناه نطفة‬
‫في قرار مكين‪ .‬ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة‬
‫عظاما ً فكسونا العظام لحما ً )‪ ...‬والمضغة الوارد ذكرها هنا كيان محدد هو‬
‫محل التخليق إلى الطور التالي المؤدي إلى تكوين العضاء الجنينية‪.‬‬
‫ولكن المضغة قد ورد ذكرها في نص قرآني آخر بصفة مزدوجة‪ ،‬وذلك في‬
‫صدر الية الخامسة من سورة الحج إذ يقول سبحانه وتعالى‪:‬‬
‫(ثم من علقةٍ ثم من مضغةٍ مخلقة وغير مخلقة )‪.‬‬
‫في هذه الية وصف لشيء واحد بصفتين متناقضتين‪ ..‬وكلم الله منزه عن‬
‫شبهة التناقض‪ ..‬ولو كان المقصود مضغتين مختلفتين إذن لكان التعبير‬
‫الصحيح‪ ) :‬ثم من مضغة مخلقة وأخرى غير مخلقة ( أسوة بقوله تعالى في‬
‫سورة يوسف‪( :‬وسبع سنبلت خضر وأخر يابسات )‪ ...‬ولكننا هنا أمام نص‬
‫شديد الوضوح في وصف المضغة الواحدة بأنها مخلقة وغير مخلقة في نفس‬
‫الوقت‪ ..‬ول تفسير لذلك إل أن تكون هذه المضغة مخلقة في بعض أجزائها‬
‫وغير مخلقة في أجزاء أخرى‪ ..‬هذا هو التأويل الوحيد الذي يتفق مع حقيقة‬
‫علمية هي‪ :‬أن المضغة بمجرد تكوينها سرعان ما تتميز إلى منطقتين‪:‬‬
‫الداخلية المتاخمة لجدار الرحم والمتصلة به مباشرة هي التي سوف تتكون‬
‫منها أعضاء الجنين المؤقتة‪ ..‬والمنطقة الخارجية وهي المعلقة في تجويف‬
‫الرحم هي التي سوف يخلق منها العضاء الدائمة وتنمو معه ما دام حيًا‪..‬‬
‫وقد سبق ذكر هذه العضاء وتلك العضاء في مستهل حديثنا‪ ...‬وبدا لي أن‬
‫ف لزالة أي تناقض بين التعبير القرآني والحقائق العلمية‪...‬‬ ‫هذا التأويل كا ٍ‬
‫) ولو تحقق ذلك لرحت واسترحت (‪ ...‬ولكني بعد تأمل طويل مصحوب‬
‫بالنقد الذاتي اكتشفت مطعنا ً علميا ً في هذا التفسير‪ ..‬فالعضاء المساعدة أو‬
‫المؤقتة التي تتكون من المنطقة الداخلية للمضغة والتي اعتبرناها غير‬
‫مخلقة‪ ..‬هذه العضاء إنما تتكون أيضا ً بطريقة توالي النقسام الخلوي‬
‫وترتيب الخليا الناتجة لتشكل العضو الناتج عن هذه العمليات‪ ..‬وهذا هو أيضا ً‬
‫تخليق‪ ،‬وإن كان يتم بصورة أقل تطورا ً مما يحدث في المنطقة الخارجية‬
‫للمضغة والذي تنتج عنه بواكير العضاء الدائمة‪ ..‬إذن فالمضغة مخلقة في‬
‫كل أجزائها طبقا ً لهذه الحقيقة‪ ...‬هنا شعرت بشيء من خيبة المل‪ ...‬لم‬
‫أتغلب عليها إل بعد أن استعذت بالله من الشيطان الرجيم ورحت أعيد تلوة‬
‫الية الخامسة من سورة الحج إلى ما بعد الكلمتين اللتين أوقعتاني في هذه‬

‫‪123‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الحيرة ـ هكذا‪:‬‬
‫) ثم من مضغة مخلقة‪ ،‬وغير مخلقة لنبين لكم‪ ...‬ونقر في الرحام ما نشاء‬
‫إلى أجل مسمى ثم نخرجكم طفل ً (‪ ...‬عند هذا الموضع من الية استقر في‬
‫وجداني مفهوم آخر ارتحت إليه كثيرًا‪ ...‬وعثرت فيه على التوافق المنشود‬
‫بين التعبير القرآني والحقيقة العلمية‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫تخليق المضغة ليس موضعيًا‪ ...‬وقد يكون جزئيا ً أو مرحليًا‪:‬‬


‫في الحوال العادية يبدأ تخليق المضغة شامل ً كل أجزائها ليتكون من كل جزء‬
‫ما خصص له من أعضاء ) مرحلية كانت أو دائمة (‪ .‬وإذا سارت المور على‬
‫ما يرام وبلغ الحمل غايته خرج المولود سوىّ الخلقة متناسق العضاء‪ ..‬وهذه‬
‫هي الحوال الشائعة التي ألفها الناس فلم يعودوا يتوقعون غيرها‪ ..‬ولكن في‬
‫بعض الحوال يضطرب سير التكوين الجنيني نتيجة عّلة تصيب الم وينتقل‬
‫أثرها إلى الجنين‪ ،‬فتختل عملية تخليق العضاء في هذا الجزء أو ذاك من‬
‫ي‪ .‬وتخف درجة التشوه كلما كانت‬ ‫جسم الجنين وبذلك يتكون عضو غير سو ّ‬
‫العلة طفيفة أو كلما تأخر بدء حدوثها إلى وقت تزداد فيه قوة الجنين وقدرته‬
‫على المقاومة‪ ..‬وفي جميع هذه الحالت يكون خروج المولود ) مبتسرا ً ( لفتا ً‬
‫لنظار الباء والمهات الذين ألفوا نعمة الذرية السوية فلم يعودوا يشكرون‬
‫الله عليها‪ ،‬وبخاصة منهم من يبالغون في الهتمام بالجمال الشكلي دون‬
‫التفات لكمال الداء الوظيفي‪ ..‬وهي حالت نادرة بحمد الله‪.‬‬
‫وفي حالت أخرى أكثر ندرة يكون الضطراب في عملية التخليق جسيمًا‪،‬‬
‫نتيجة لعدم التوافق البيولوجي بين جسم الم وجسم الجنين أو بتأثير عوامل‬
‫وراثية‪ ..‬وهنا قد يتوقف تخليق الجنين في مرحلة مبكرة ويحدث الجهاض‬
‫طوعا ً أو كرها ً وتكون ثمرة الحمل مسخا ً شائها أو مضغة لم تتخلق إلى الحد‬
‫الذي تشكل فيه العضاء ويظهر معالم الكيان البشري‪ ..‬هذه الحالت هي‬
‫صرخة إنذار للغافلين عن قدرة الله أو الجاحدين نعمته‪ ..‬انظروا‪ ..‬هكذا كنتم‬
‫في بطون أمهاتكم‪ ..‬فاعتبروا‪ ..‬واحمدوا خالقكم الذي عافاكم من هذا‪ ...‬وما‬
‫زال قديرا ً على أن يبتليكم به في ذريتكم‪.‬‬
‫وبهذا اطمأن قلبي فرحت أعيد تلوة قوله تعالى‪( :‬ثم من مضغة مخلقة‪،‬‬
‫وغير مخلقة لنبين لكم‪ ...‬ونقر في الرحام ما نشاء إلى أجل مسمى‪...‬‬
‫)وسبحان من هذا كلمه وسبحان من هذه صنعته وتبارك الله أحسن‬
‫الخالقين‪ ..‬والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لول أن هدانا الله‪.‬‬
‫]‪ – [1‬الستاذ المتفرغ بكلية العلوم جامعة المنصورة ـ والخبير البيولوجي‬
‫بمجمع اللغة العربية بالقاهرة‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫خواطر حول فضائل العمال في ذي الحجة‬


‫نبيلة الخطيب‬
‫يحسن أن نقف في اليام المباركات "العشر الول من ذي الحجة" مع‬
‫الحديث الشريف الخاص بها‪ ،‬لما تضمنه من معان جليلة‪.‬‬
‫عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‪ ،‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫"ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله عز وجل من هذه اليام‪ ،‬قالوا‪،‬‬

‫‪124‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يا رسول الله‪ ،‬ول الجهاد في سبيل الله؟! قال‪ :‬ول الجهاد في سبيل الله‪ ،‬إل‬
‫رجل خرج بنفسه وماله ثم ل يرجع من ذلك بشيء" رواه البخاري وغيره‪.‬‬
‫إن أول ما يلفت النتباه في هذا الحديث الشريف قول الصحابة‪" :‬ول الجهاد‬
‫في سبيل الله؟!" بصيغة الستفهام التعجبي‪ ،‬حيث إن الجهاد عند المسلمين‬
‫ل يعدله شيء فهو ذروة سنام السلم‪ ،‬به الدين يحفظ والرض تحرس‬
‫والعرض يصان‪ ،‬فهو الحصن والسياج وبه تنال إحدى الحسنيين‪ :‬الجر‬
‫والمغنم‪ ،‬ويتخذ الله به من عباده الشهداء حيث الرتبة التي ل تسابقها سوى‬
‫رتبة النبوة‪ ...‬وبه يرهب جانب المة من أعدائها وأعداء الله وآخرين من‬
‫دونهم يعلمهم الله‪ ،‬إلى آخر ما هنالك من معان أدركها الصحابة وكذلك‬
‫المسلمون في كل زمان فحق لهم أن يسألوا متعجبين هذا السؤال‪.‬‬
‫ونحن بدورنا نحاول أن نعمل عقولنا في فهم الحديث‪ ،‬وهذه مزية انفرد بها‬
‫السلم أنه دين الفهم العميق والفقه الدقيق‪ ،‬ل يحجر على العقول‪ ،‬ول‬
‫يعطلها بل يأمرها بالتفكر والتدبر والتفهم‪ ..‬وهذا سر عظمة السلم وتجدده‬
‫وخلوده‪.‬‬
‫ونعود إلى حديثنا ونسأل بدورنا‪ :‬كيف يكون العمل الصالح الوارد في رواية‬
‫ب إلى الله‬‫أخرى "فأكثروا فيهن من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير" أح ّ‬
‫تعالى من الجهاد؟ فنقول‪:‬‬
‫ل‪ -‬إن الحديث قيد الحكم وحدده "في هذه اليام"‪.‬‬ ‫أو ً‬
‫ثانيًا‪ -‬إن الله يخلق ما يشاء ويختار لحكم ندركها ول ندركها‪ ،‬وفي هذا نسلم‬
‫تسليمًا‪ ،‬فالله تعالى خلق الكون واختار الرض مسكن خليفته النسان‪ ،‬وكرم‬
‫هذا النسان وأسجد له ملئكته‪ ،‬واختار من النسان سيد ولد آدم محمدا ً صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ ،‬واختار من الزمان شهر رمضان‪ ،‬ومن رمضان لياليه ومن‬
‫لياليه ليلة القدر‪ ،‬ومن الليالي واليام للعمل الصالح اختار سبحانه العشر‬
‫الوائل من ذي الحجة‪ ،‬ومنها يوم عرفة‪ ،‬وختامها عيد الضحى وما يتقرب فيه‬
‫العبد من هدي "ل ينال الله لحومها ول دماؤها ولكن يناله التقوى منكم"‪،‬‬
‫ب العمال إليه‪ ،‬وأقسم بلياليها العشر‪،‬‬ ‫جعل الله سبحانه العمل الصالح أح ّ‬
‫وحسبها تشريفا ً وتعظيما ً وتميزًا" والفجر وليال عشر" وهذه نماذج من‬
‫الختيارات اللهية نكتفي بها‪.‬‬
‫ثالثًا‪ -‬إن هذه العمال الصالحة – مع تحديدها في هذه اليام وليس على‬
‫إطلقها – مقدمة على الجهاد في حالين‪ :‬أولهما حال السعة والتمكين والقوة‬
‫والغلبة للمسلمين‪ ،‬وأخراهما إذا كان المسلمون مبادئين أعداءهم بالغزو‬
‫والفتوح‪ ،‬وبيان ذلك أمر النبي عليه السلم لرجل جاءه ليأذن له في الخروج‬
‫للغزو مع المجاهدين أن يرجع إلى والديه ليجاهد فيهما‪.‬‬
‫أما إذا غزي المسلمون واعتدي على أوطانهم ودينهم فعندها يتعين الجهاد‪،‬‬
‫فيخرج البن بغير إذن أبيه والمرأة بغير إذن زوجها والعبد بغير إذن سيده‪،...‬‬
‫فأي عمل بعدئذ يقدم على الجهاد؟! يصبح الجهاد أفضل العمال حتى في‬
‫هذه اليام العشرة‪.‬‬
‫يقول تعالى‪:‬‬
‫(يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه قل قتال فيه كبير وصد ّ عن سبيل الله‬
‫ج أهله منه أكبُر عند الله والفتنة أكبر من‬
‫وكفٌر به والمسجد الحرام وإخرا ُ‬
‫القتل)‪.‬‬
‫فيحرم القتال في المسجد الحرام والشهر الحرم ولكن الصد عن دين الله‬
‫وفتنة الناس عن دينهم ورد العدوان أكبر‪( ..‬اقتلوهم حيث ثقفتموهم‬
‫وأخرجوهم من حيث أخرجوكم والفتنة أشد من القتل ول تقاتلوهم عند‬

‫‪125‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم كذلك جزاء‬
‫الكافرين)‪.‬‬
‫وقد أمر النبي عليه السلم بقتل نفر من المشركين ولو تعلقوا بأستار الكعبة‬
‫لشناعة جرمهم!!‬
‫إن هذا الستطراد في هذه المسألة نراه ضروريا ً حتى ل نمر على النصوص‬
‫مرور الكرام من غير وقوف وفهم وخاصة في زماننا هذا الذي نحن أحوج ما‬
‫نكون فيه إلى فهم وفقه نصوصه‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬إن ما سبق من بيان ل ينقص أبدا من قيمة العبادة أو يهمشها –كيف‬
‫ً‬
‫والحديث يجعل العمل الصالح في هذه اليام أحب إلى الله من كل عمل‪-‬‬
‫فالمطلوب من المسلم أن يتزود في أيام مخصوصة معينة ويجتهد فيها أكثر‬
‫من غيرها لما لذلك من أثر على مجمل حياته وعمله منها الجهاد والدعوة‬
‫والمعاملة‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫فالمسلم في مسيرته بحاجة إلى زاد أو جرعات منشطة أكثر من اعتيادية‪،‬‬


‫ل‪ :‬إن النسان يمكن أن يعيش بأي طعام وغذاء ولكنه ل‬ ‫ولنضرب لذلك مث ً‬
‫يلبث أن يهزل وتخور قواه إذا لم يراع في غذائه المكونات الساسية لبناء‬
‫الجسم والذي له تأثير أكيد في البناء العقلي والنفسي والعاطفي‪،‬وهذه قضية‬
‫ل ينبغي أن يغفلها المربون إذا أرادوا جيل ً متكامل ً في وعيه وعقله ونفسه‬
‫وسلوكه وصحته‪ ،‬وقد ثبت أن للغذاء المتوازن للمرأة حامل ً ومرضعا ً أكبر‬
‫النتائج في صحة تكوين البناء وصحتها هي‪.‬‬
‫ونعود لنقول‪ :‬إن المة المجاهدة والناهضة والبانية أحوج إلى زاد متواصل‬
‫يدفع بها إلى المام وينهض بها إلى معارج الفلح‪ ..‬ونحن أمة تحمل على‬
‫عاتقها أعظم رسالة وأرقى حضارة إلى "العالمين" لتخرج البشر بها من‬
‫الظلمات إلى النور ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والخرة‪ ..‬إنه زاد التقوى‬
‫والعمل الصالح ودوام الصلة بالله تعالى‪ ،‬فالذي يعجز عن قيام ليلة في صلة‬
‫ودعاء مثل ً لهو أعجز عن أن يقوم ليل ً مرابطا ً في سبيل الله‪ ،‬والذي يعجز‬
‫عن صيام يوم لن يقوى على ملقاة العدو والصبر على مجالدته‪..‬‬
‫وهذا ملمح وفهم نستفيده من هذا الحديث الشريف وقد ورد ما يشبهه عندما‬
‫سئل الحبيب عليه السلم عن أحب العمال إلى الله تعالى‪ :‬فقال‪ :‬الصلة‬
‫على وقتها‪ ..‬ثم بر الوالدين‪ ..‬ثم الجهاد في سبيل الله‪ ،‬فمن كانت بالله صلته‬
‫مقطوعة وبوالديه مبتوتة هل يرجى منه خير في جهاد أو غيره؟ إنه البناء‬
‫والتربية التي تبدأ بالنفس وتنتهي بالمة رحمة للعالمين‪.‬‬
‫خامسًا‪ -‬يقول الحديث "العمل الصالح" وإن أي عمل ل يكون صالحا ً إل‬
‫بأمرين‪ :‬أولهما الموافقة للشرع "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو‬
‫رد"‪.‬‬
‫وثانيهما الخلص "إنما العمال بالنيات" وما أمروا إل ليعبدوا الله مخلصين له‬
‫الدين"‪.‬‬
‫وعندما ذكر الحديث العمل لم يشترط إل الصلح‪ ،‬أما العمل فهو باب مفتوح‬
‫على مصراعيه صغر العمل أم كبر‪ ،‬وهذا يدخلنا إلى موضوع مهم جدير‬
‫بالوقوف عليه والعتناء به حتى يتجلى للكثيرين‪ ،‬أل وهو مفهوم العبادة ونحن‬
‫نعيش أجواءها في اليام المباركات‪ ،‬فالعبادة باختصار هي كل عمل صالح‬
‫يعود نفعه وأثره اليجابي على النفس والسرة والمجتمع والمة والكون‪،‬‬

‫‪126‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فكل عمل صالح عبادة في كل اليام وعلى الخص في اليام العشرة‬


‫المباركة لورود النص فيها‪ ،‬حتى يعرف المسلم أن كل حركة وسكنة مع‬
‫التوجه إلى الله عمل صالح "عبادة"‪ ،‬فل ينصرف الذهن عن سماع كلمة‬
‫عبادة إلى العبادات المخصوصة التي يعرفها الجميع من صلة وصيام وزكاة‬
‫وحج‪ ..‬فقط‬
‫َ‬
‫والية المحكمة الجامعة في هذا الشأن ولم تستثن نفسا ً أو نبضة أو ثانية من‬
‫الزمان إل ودخل فيها مفهوم العبادة العام‪.‬‬
‫(قل إن صلتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ل شريك له وبذلك‬
‫أمرت وأنا أول المسلمين)‪.‬‬
‫فالصلة والنسك بالمعنى الخاص والحياة والممات بالمعنى العم الشمل‬
‫الوسع‪ ..‬الحياة بحركتها والموت بسكونه‪ ،‬والنوم من معاني الموت‪.‬‬
‫وقد ذكر النبي الكريم أمثلة على سبيل البيان والتمثيل ل الحصر‪ ":‬في كل‬
‫تسبيحة صدقة‪ ..‬وأمر بالمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة‪ ..‬وفي بضع‬
‫أحدكم صدقة‪ ..‬واللقمة تضعها في في زوجك لك بها أجر‪ ..‬وإماطة الذى عن‬
‫الطريق صدقة‪ ..‬والحياء من اليمان‪ ..‬ودخل رجل الجنة بكلب سقاه‪..‬‬
‫ودخلت النار امرأة في هرة حبستها حتى ماتت‪ ..‬وتبسمك في وجه أخيك‬
‫صدقة‪" ..‬والمسلم يتوجه بالدعاء إذا دخل منزله وإذا خرج منه وعند النوم‬
‫وفي الرق وعند القيام من نومه وعند دخول المسجد والخروج منه وعند‬
‫دخول الحمام والخروج منه وإذا لبس أو أكل أو شرب أو دخل السوق‪ ..‬إلخ‬
‫وهكذا نرى أن العبادة والعمل الصالح هي حياة المسلم بكل تفاصيلها (أومن‬
‫كان ميتا ً فأحييناه وجعلنا له نورا ً يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات‬
‫ليس بخارج منها) (استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم) هذا ما جال‬
‫في الخاطر سريعا ً وقت قراءة الحديث الشريف وبالله التوفيق‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫خواطر رمضانية ‪5‬‬


‫ليلة القدر‬
‫د‪.‬محمد إياد العكاري‬
‫‪alakkaridc@hotmail.com‬‬
‫مها علينا بأعطرِ الّنفحات‬ ‫ب نسي ُ‬ ‫مضت العشرة الولى من رمضان بعد أن ه ّ‬
‫وأغدق المولى سبحانه فيها على عباده بأندى الّرحمات فما ألطفها وأنداها ‪0‬‬
‫وتبعتها العشُرة الوسطى من هذا الشهر الفضيل حيث أشرقَ نوُرها بالعفو‬
‫صادقين‬ ‫ل ومنةٍ منه سبحانه يمنحها للمؤمنين ال ّ‬ ‫والمغفرة ويا لها من فض ٍ‬
‫صائمين القانتين والمستغفرين الّتائبين فما أعظمها وأكرمها ‪0‬‬ ‫وال ّ‬
‫َّ‬
‫سني ّةِ لتمل‬ ‫ة‪ ،‬وأنوارها ال ّ‬ ‫ل علينا بإشراقاتها البهي ّ ِ‬ ‫وهاهي العشر الخيرة تط ّ‬
‫ت الخالصات‬ ‫وا ِ‬ ‫دنيانا للًء‪ ،‬وضياًء‪ ،‬وتغمَر قلوَبنا صفاًء فهاهي ُترسل إلينا الد ّعَ َ‬
‫ض فيها الله سبحانه وتعالى‬ ‫سهََرات الرمضانية والعطايا الّرّبانية التي يفي ُ‬ ‫لل ّ‬
‫ن عليهم بالّرضا والقبول‬ ‫سلم والّرضا على من يشاء من عباده ليم ّ‬ ‫بال ّ‬
‫ن الله ودرجاته العلى يا‬ ‫سلم والوصول أجل الوصول إلى رضوا ُ‬ ‫ويمنحهم ال ّ‬
‫شهر الكريم‬ ‫سعد من نالها وحظي بنوالها وهاهي الليالي الخيرة من هذا ال ّ‬
‫تنثر للءها وتنشرخيرها وفضلها مع تباشيرها لترسل بلطيف دعواتها لنا‬
‫ل عليها بقلبه‬ ‫وخالص سرورهابحضورنا وأسمى تمنياتها وأسناها لمن ُيقب ُ‬
‫جدا ً موله وهاهم‬ ‫وقالبه‪ ،‬وكيانه وإحساسه مخلصا ً لرّبه‪ ،‬متبعا ً هداه‪ ،‬مم ّ‬

‫‪127‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫مّنا يلّبي ؟‬ ‫دها من المل العلى متهيئين للستقبال مبتهجين بالقبال فمن ِ‬ ‫وفو ُ‬
‫دعوَةِ الكريمة؟؟‬ ‫قِبل ؟؟ ومن مّنا يتجاوب مع هذه ال ّ‬ ‫ومن منا ي ُ ْ‬
‫ة خيٌر‬ ‫ة رضاها ‪ ،‬فيها ليل ٌ‬ ‫سلم رسال ُ‬ ‫الخيُر كّله بلياليها‪ ،‬والّنور ملُء محّياها‪ ،‬وال ّ‬
‫من حياة النسان وعمُره ُ كّله بل وخيٌر من ألف شهر ومن مّنا يحييها‪.‬يستطيع‬
‫شهور بقيام الليالي العشر الخيرة‬ ‫ك ثواب اللوف من ال ّ‬ ‫أن‪.‬يصل إليها ويدر َ‬
‫من رمضان وتحّري ليلة القدر فيها وفي أوتارها بالخاصة أجل نستطيع أن‬
‫ك ثوابا ً عظيما ً في تلك الليالي فسبحانك يا الله ما أعظمك يا واسعَ الم ّ‬
‫ن‬ ‫ُندر َ‬
‫ل والجود يا مضاعف الجر والّثواب لمن يشاء في تلك‬ ‫والعطاء يا عظيم الفض ِ‬
‫الليلة العظيمة الفضل كبيرة القدر عالية الشرف والمقام قال تعالى ))إنا‬
‫أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف‬
‫م هي حتى مطلع‬ ‫ح فيها بإذن رّبهم من كل أمرٍ سل ٌ‬ ‫شهرتنّزل الملئكة والّرو ُ‬
‫الفجر((‬
‫م الله سبحاَنه‬ ‫ك الليلة الغّراء العظيمةِ المقام نزل القرآن الكريم كل ُ‬ ‫ّ‬ ‫في تل َ‬
‫صل ً‬ ‫ت العِّزةِ فيها لينزل بعدها مف ّ‬ ‫دنيا وبي ِ‬ ‫سماء ال ّ‬ ‫من الّلوح المحفوظ إلى ال ّ‬
‫على مدار ثلث وعشرين عاما ً كما قال ابن عباس ‪:‬‬
‫ت العّزة من السماء‬ ‫ة واحدةً من اللوح المحفوظ إلى بي ِ‬ ‫أنزل الله القرآن جمل ً‬
‫ث وعشرين سنة على رسول الله‬ ‫ٍ‬ ‫ثل‬ ‫في‬ ‫ع‬
‫ِ َ‬ ‫ئ‬ ‫الوقا‬ ‫بحسب‬ ‫الدنيا ثم نزل مفصل ً‬
‫س على‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫صلى الله عليه وسلم قال تعالى ))وقرآنا فرقناه لتقَرأهُ على الّنا ِ‬
‫م من قبلهِ إذا‬ ‫ن الذين أوتوا الِعل َ‬ ‫ث ونّزلناهُ تنزيل قل آمنوا به أو ل تؤمنوا إ ّ‬ ‫مك ٍ‬
‫جدا ً ويقولون سبحان رّبنا إن كان وعد ُ رّبنا‬ ‫س ّ‬ ‫ن ُ‬ ‫ن للذقا ِ‬ ‫يتلى عليهم يخّرو َ‬
‫خشوعا(( السراء)‪(108-106‬‬ ‫دهم ُ‬ ‫ن يبكون ويزي َ‬ ‫مفعول ويخّرون للذقا ِ‬
‫هذا هو القرآن الكريم الذي نزل في ليلةِ القدر فأعلى قد رها وشرفها بنزوله‬
‫صادقين والُعلماِء العاملين‬ ‫ل القرآن الكريم مع المؤمنين ال ّ‬ ‫فيها وهذا هو حا ُ‬
‫ور بصيرتهم وتشرق صدورهم‬ ‫سلم ‪ ،‬ين ّ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫مهم ويهديهم سب ُ َ‬ ‫يعلي قدرهم ويعل ّ ُ‬
‫فيجعل قلوبهم خاشعة‪ ،‬ونفوسهم قانعة‪ ،‬وعيونهم لمعة ‪،‬ومشاعرهم دامعة‪،‬‬
‫خلود فما أعظم هذه الّليلة وما أجّلها‬ ‫سعادةِ وال ُ‬ ‫خذ َ بأيديهم إلى دار ال ّ‬ ‫ليأ ُ‬
‫وأشرف قد رها وهاهو جبريل عليه السلم يتنزل مع ملئكة الرحمن في تلك‬
‫صائمين القائمين‬ ‫صادقين وال ّ‬ ‫الّليلة البهّية الطلعة ليحتفي بالمؤمنين ال ّ‬
‫سلم من ربهم‬ ‫فران والّرضا وال ّ‬ ‫هم بالّرحمة والغُ ْ‬ ‫شَر ُ‬ ‫والمستغفرين التائبين ليب ّ‬
‫سلم وترسل‬ ‫ّ‬ ‫وال‬ ‫سكينة‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ر‬
‫ُ‬ ‫تنش‬ ‫سلم‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫المؤمن‬ ‫من‬ ‫سلم‬ ‫ة ال ّ‬ ‫أجل هذه هي ليل ُ‬
‫م هي حتى مطلع الفجر(( القدر)‬ ‫سلم ))سل ٌ‬ ‫سلم وتمنح الّرضا وال ّ‬ ‫الّتحايا وال ّ‬
‫‪(5‬‬
‫سلم ذي‬ ‫دوس ال ّ‬ ‫جد فيها سبح في ملكوت الق ّ‬ ‫من أحياها ظفر ومن قام وته ّ‬
‫سلم والّرضا والقبول في‬ ‫س وال ّ‬ ‫ض على عبادِهِ بالن ِ‬ ‫الجلل والكرام الذي يفي ُ‬
‫تلك الّليلة العظيمة فهنيئا ً لمن تحّراها في العشر الخير وسعى إليها جاهدا ً‬
‫صدقات وتقّرب إلى الله فيها بجميع‬ ‫صالحات وأغناها بالبّر وال ّ‬ ‫فعمر أّيامها بال ّ‬
‫دعوة َ في لياليها‬ ‫ل ال ّ‬ ‫صيام والّتعبد وقَب ِ َ‬ ‫قربات تجاوب مع أّيامها بال ّ‬ ‫أنواع البر وال ُ‬
‫ح بالبّر ليسبح بالّرضا وعمرها بالخير ليفوز‬ ‫سب َ‬ ‫جد فَ َ‬ ‫فأحياها بالقيام ِ والّته ّ‬
‫سلم وأطفأ شهوات نفسه ونزوات شيطانه‬ ‫ح ال ّ‬ ‫م لياليها ليمن َ‬ ‫بالّرضوان وقا َ‬
‫جنان وي ُعْت َقَ من الّنيران فمن مّنا‬ ‫درجات فيفوز بال ِ‬ ‫ليرتقي صعدا ً لعلى ال ّ‬
‫م والّرضوان ؟؟‬ ‫سل َ‬ ‫سعادة وينال ال ّ‬ ‫سعد وال ّ‬ ‫ل عليها ليفوَز بال ّ‬ ‫يحييها ويقب ُ‬

‫)‪(1 /‬‬

‫‪128‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫اللهم يا من رحمته وسعت كل شيء يامن يغفر الذنوب جميعا ً يا باسطا ً يده‬
‫بالليل ليتوب مسيء النهار وباسطا ً يده بالنهار ليتوب مسيء الليل يا من‬
‫قلت ادعوني استجب لكم هانحن ندعوك بأكف الضراعة ودموع الندم‬
‫وعزيمة التوبة النصوح \"‬
‫اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا \"‬
‫اللهم اجعلنا ممن تنالهم حظوة القبول في تلك الّليلة الغّراء اللهم آمين‬
‫والحمد لله رب العالمين‬

‫)‪(2 /‬‬

‫خواطر في الضيافة‬
‫محمد بن إبراهيم الحمد – جامعة القصيم‬
‫>‪TD/‬‬
‫إكرام الضيف عادة عربية‪ ,‬وشعبة إيمانية‪ ,‬وخصلة حميدة‪.‬‬
‫قال النبي‪-‬صلى الله عليه وسلم‪" :-‬من كان يؤمن بالله واليوم الخر فليكرم‬
‫ضيفه"‪.‬‬
‫وبعض الناس يظن أن إكرام الضيف يقتصر على إطعامه الطعام فحسب‪.‬‬
‫ول ريب أن ذلك من أعظم حقوق الضيف‪.‬‬
‫ولكن مفهوم الضيافة أشمل‪ ,‬ومعاني الكرام أوسع؛ إذ يدخل في إكرام‬
‫الضيف ملطفته وإيناسه‪ ,‬وحسن استقباله‪ ,‬والقبال إليه بالوجه إذا تحدث‪,‬‬
‫والحذر من الشاحة عنه‪ ,‬أو السخرية بحديثه‪.‬‬
‫والعرب تجعل الحديث‪ ,‬والبسط‪ ,‬والتأنيس‪ ,‬والتلقي بالبشر ‪ -‬من حقوق‬
‫قرى‪ ,‬ومن تمام الكرام‪.‬‬ ‫ال ِ‬
‫وقالوا‪ :‬من تمام الضيافة الطلقة عند أول وهلة‪ ,‬وإطالة الحديث عند‬
‫المؤاكلة‪.‬‬
‫قال حاتم الطائي‪:‬‬
‫سلي الجائع الغرثان يا أم منذر * إذا ما أتاني بين ناري ومجزري‬
‫قرى * وأبذل معروفي له دون منكري‬ ‫ل ابسط وجهي إنه أول ال ِ‬ ‫هَ َ‬
‫وقال مسكين الدارمي‪:‬‬
‫ع‬
‫قن ّ ُ‬
‫م َ‬
‫ل ْ‬‫لحافي لحاف الضيف والبيت بيته * ولم يلهني عنه غزا ٌ‬
‫قرى * وتعلم َنفسي أنه سوف يهجع‬ ‫أحدثه إن الحديث من ال ِ‬
‫ويعني بالغزال المقنع‪ :‬الزوجة‪.‬‬
‫وقال آخر‪:‬‬
‫قرى لخصيب‬ ‫قرى * وإن فنائي لل ِ‬ ‫جهِ للمبتغي ال ِ‬ ‫وإني َلطل ْقُ الوَ ْ‬
‫عندي والمكان جديب‬ ‫ل إنزال َرحله * فيخصب َ‬ ‫أضاحك ضيفي قب َ‬
‫ه الكريم خصيب‬ ‫قرى * ولكنما وج ُ‬ ‫خصب للضياف أن يكثر ال ِ‬ ‫وما ال ِ‬
‫وقيل للوزاعي‪-‬رحمه الله‪ :-‬ما إكرام الضيف؟‬
‫"قال‪ :‬طلقة الوجه‪ ,‬وطيب الكلم"‪.‬‬
‫ي جليسي‪ ,‬الذي‬ ‫َ‬
‫س عل ّ‬‫وقال ابن عباس ‪ -‬رضي الله عنهما ‪" :-‬أعّز النا ِ‬
‫ي!"‪.‬‬ ‫ى‪ ,‬أما والله إن الذباب يقع عليه فيشق عل ّ‬ ‫يتخطى الناس إل ّ‬
‫"وعن ابن عباس أنه سئل‪ :‬من أكرم الناس عليك؟‪.‬‬
‫قال‪ :‬جليسي حتى يفارقني"‪.‬‬
‫م استحققت أن يقول فيك‬ ‫ي‪ :‬ب ِ َ‬
‫ة الوس ّ‬
‫وقال معاوية‪-‬رضي الله عنه‪-‬لعراب َ‬
‫الشماخ‪:‬‬

‫‪129‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ن‬
‫قط ِعَ القري ِ‬
‫من ْ َ‬
‫ي يسمو * إلى الخيرات ُ‬ ‫ة الوس ّ‬ ‫رأيت عَُراب َ َ‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫ة باليمي ِ‬
‫عراب ُ‬
‫قاها ُ‬‫جد ٍ * ت َل ّ‬‫م ْ‬
‫ت لِ َ‬
‫ة ُرفِعَ ْ‬ ‫إذا ما راي ٌ‬
‫ة‪ :‬هذا من غيري أولى بك يا أميَر المؤمنين‪.‬‬ ‫فقال عراب ُ‬
‫فقال‪ :‬عزمت عليك لتخبرني‪.‬‬
‫فقال‪ :‬بإكرامي جليسي‪ ,‬ومحاماتي على صديقي‪.‬‬
‫فقال‪ :‬إذا ً استحققت"‪.‬‬
‫ل واحد ٍ منهم"‪.‬‬ ‫وقال الحنف‪" :‬لو جلست إلى مائة لحببت أن ألتمس رضى ك ّ‬
‫وكان القعقاع بن شور إذا جالسه رجل‪ ,‬فعرفه بالقصد إليه ‪ -‬جعل له نصيبا ً‬
‫من ماله‪ ,‬وأعانه على عدوه‪ ,‬وشفع له في حاجته‪ ,‬وغدا إليه بعد المجالسة‬
‫شاكرًا‪.‬‬
‫ولقد كان رسول الله‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬أكرم الناس لجلسائه‪ ,‬فقد كان‬
‫يعطي كل واحد من جلسائه نصيبه‪ ,‬ول يحسب جليسه أن أحدا ً أكرم عليه‬
‫منه‪.‬‬
‫ومن إكرام الضيف أن يقوم المضيف على خدمته‪ ,‬وأن يتجنب تكليفه بأدنى‬
‫عمل ولو قل؛ فبعض الناس إذا زاره أحد فجلس إليه ‪ -‬أخذ يأمره‪ ,‬وينهاه‪,‬‬
‫ويكلفه ببعض العمال‪.‬‬
‫وهذا الصنيع ليس من المروءة في شيء؛ إذ المروءة تقتضي القيام بخدمة‬
‫الزائر‪ ,‬والمبالغة في إكرامه‪.‬‬
‫قال المقنع الكندي‪:‬‬
‫وإني لعبد الضيف ما دام نازل ً * وما شيمة لي غيرها تشبه العبدا‬
‫وقال ابن حبان‪" :‬ومن إكرام الضيف طيب الكلم‪ ,‬وطلقة الوجه‪ ,‬والخدمة‬
‫بالنفس؛ فإنه ل يذل من خدم أضيافه‪ ,‬كما ل يعز من استخدمهم‪ ,‬أو طلب‬
‫قراه أجر"‪.‬‬ ‫لِ ِ‬
‫ومن الحتفاظ بالمروءة أن يتجنب الرجل تكليف زائريه ولو بعمل خفيف‪,‬‬
‫كأن يكون بالقرب من الزائر كتاب‪ ،‬فيطلب منه مناولته إياه‪ ,‬أو أن يكون‬
‫لنارة المنزل‪.‬‬
‫بجانبه الزر الكهربائي‪ ,‬فيشير إليه بالضغط عليه؛ ِ‬
‫أو أن يأمره بإدارة أقداح الشاي على الضيوف‪ ,‬أو نحو ذلك‪.‬‬
‫قال عبدالله بن عمر بن عبدالعزيز‪" :‬قال لي رجاء بن حيوة‪ :‬ما رأيت رجل ً‬
‫أكمل أدبًا‪ ,‬ول أجمل عشرةً من أبيك؛ وذلك أني سهرت معه ليلة‪ ,‬فبينما نحن‬
‫نتحدث إذ غشي المصباح‪ ,‬وقد نام الغلم‪ ,‬فقلت له‪ :‬يا أمير المؤمنين‪ ,‬قد‬
‫غشي المصباح‪ ,‬أفنوقظ الغلم؛ ليصلح المصباح؟‪.‬‬
‫فقال ‪ :‬ل تفعل‪.‬‬
‫فقلت‪ :‬أفتأذن لي أن أصلحه؟‪.‬‬
‫فقال‪ :‬ل؛ لنه ليس من المروءة أن يستخدم النسان ضيفه‪ ,‬ثم قام هو‬
‫بنفسه‪ ,‬وحط رداءه عن منكبيه‪ ,‬وأتى إلى المصباح‪ ,‬فأصلحه‪ ,‬وجعل فيه‬
‫الزيت‪ ,‬وأشخص الفتيل‪ ,‬ثم رجع وأخذ رداءه‪ ,‬وجلس‪ ,‬ثم قال‪ :‬قمت وأنا عمر‬
‫بن عبدالعزيز‪ ,‬وجلست وأنا عمر بن عبدالعزيز"‪.‬‬
‫ً‬
‫أما إذا قام الزائر‪ ,‬وتكّرم بخدمة مزوره فل بأس في ذلك‪ ,‬خصوصا إذا كان‬
‫المزور له حق‪ ,‬أو كان من أهل الفضل والعلم والتقى‪ ،‬أو كان الزائر ممن‬
‫مُزور‪.‬‬ ‫ُتلغى الكلفة بينه وبين ال َ‬
‫ويدخل في إكرام الضيف بسط العذر له إذا تأخر‪ ,‬فقد يحبسه حابس‪ ,‬فيتأخر‬
‫قليل ً أو كثيرًا؛ فإذا أخذت بالعدل كان لك أن تعاتبه على تأخره‪ ,‬وإذا أخذت‬
‫بالحسان والتكرم بسطت له العذر‪ ,‬ولقيته بوجه وضاح‪ ,‬وجبين طلق؛ فيكون‬
‫ذلك إكراما ً آخر‪ ,‬خصوصا ً إذا كان كريم الطبع‪ ,‬أم ممن ليس من عادته‬

‫‪130‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫التأخر‪.‬‬
‫وهب أنك أفرطت في عتابه‪ ,‬ثم أعطاك ظهره‪ ,‬وعاد أدراجه‪ ,‬ما مصيرك‬
‫أنت؟‬
‫ل شك أنك ستندم‪ ,‬ولت ساعة مندم‪.‬‬
‫مل بعض ما يصدر منه من جفاء‪ ,‬أو كثرة أوامر‪.‬‬
‫ومن حق الضيف تح ّ‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ومن تمام حقه إكرام صحبته‪ ,‬وملطفتهم‪ ,‬واستعلمهم عن أسمائهم‪ ,‬والحذر‬


‫من احتقار أي واحد منهم‪.‬‬
‫ومن إكرامه ‪ -‬كما تقول العرب ‪ -‬إكرام دابته‪ ,‬والدابة في هذا الوقت سيارته‪,‬‬
‫وذلك بوضعها في مكان ملئم‪ ,‬وظل ظليل‪.‬‬
‫ً‬
‫مك في حق أكابر الضيوف أحدا من‬ ‫ومن لطائف الضيافة أل ينسيك قيا ُ‬
‫مضيف بالضيف الكبير عن‬ ‫الضياف الخرين؛ فيحصل كثيرا ً أن يشتغل ال ُ‬
‫غيره‪ ,‬فربما سّلم عليه أحد من القادمين‪ ,‬فأشاح عنه‪ ,‬أو لم يقضه حق التحية‬
‫والكرام‪ ,‬فيكون ذلك سببا ً في القطيعة وإساءة الظن‪ ,‬فحري بالمضيف أل‬
‫يغيب عنه ذلك المعنى‪ ,‬وجدير به أن يعتذر إن بدر منه جفاء أو تقصير في‬
‫هذا الصدد‪ ,‬وحقيق على من وقعت له تلك الحال من الضيوف أن يعذر‬
‫ف‪ ,‬وأل يؤاخذه في مثل تلك الحالت التي يذهل فيها النسان‪.‬‬ ‫ضي َ‬
‫م ِ‬
‫ال ُ‬
‫ومن تمام الكرام شكر الضيف على الزيارة‪ ,‬والدعاء له‪ ,‬وطلب زيادة مكثه‪.‬‬
‫ومن تمام الكرام تقريب الطعام له‪ ,‬وترغيبه فيه‪ ,‬على أل يصل ذلك إلى حد‬
‫الحرج‪ ,‬والملل‪ ,‬والثقال؛ وهذا راجع إلى ذوق المضيف‪ ,‬ولطفه‪ ,‬وألمعيته‪.‬‬
‫ومنها أن يحرص على تهيئة مكان لراحة الضيف‪ ,‬ونومه‪ ,‬وهدوء باله‪.‬‬
‫ف أن يراعي بعض الداب‪،‬‬ ‫وفي المقابل فإنه يحسن بالزائرِ الجائي الضي ِ‬
‫ومنها أن يأتي في الوقت المحدد‪ ,‬وأل يحبس الناس في انتظاره‪ ,‬وأن يبادر‬
‫إلى العتذار إذا تأخر‪.‬‬
‫زل على حكمه‪ ,‬وأن‬ ‫ومن أداب الضيف الزائر أن يدعو للمضيف‪ ,‬وأن ي َن ْ ِ‬
‫يراعي عاداته ما لم تخالف الشرع‪.‬‬
‫ضيف‪ ,‬ويبادله عبارات الكرام‪ ,‬وأن يحذر من انتقاد‬ ‫ومنها أن يشكر الم َ‬
‫ً‬
‫طعامه؛ فما عاب رسول الله ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬طعاما قط‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫خواطر قرآنية الجزء الول ‪...‬‬


‫بقلم الشيخ علي جاسم محمد‬
‫‪ .1‬قال تعالى ‪}:‬وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الرض‬
‫ومغاربها التي باركنا فيها{‪ ..‬العراف ) ‪ ..(137‬لماذا ذكر الحق سبحانه‬
‫مشارق الرض ومغاربها ولم يذكر شمالها وجنوبها باعتبار اتجاهات الرض‬
‫الربعة ‪ ..‬؟؟؟‬
‫لم يذكر الحق سبحانه شمال الرض وجنوبها لنهما عبارة عن قطبين‬
‫متجمدين ل تصلح فيهما حياة النسان ‪ ..‬فذكر تعالى المشارق والمغارب‬
‫باعتبار خيرات الرض وصلحها للعيش إذ فيهما اعتدال الجو وخصوبة الرض‬
‫وتنوع الثمر وكثرة الزروع …الخ ‪.‬‬
‫‪ . 2‬قال تعالى ‪ }:‬ثم لتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن‬

‫‪131‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫شمائلهم ول تجد أكثرهم شاكرين { ‪ ..‬العراف ) ‪ (17‬لماذا لم يذكر في من‬


‫فوقهم ومن تحتهم ‪ ..‬؟؟؟‬
‫الفوقانية والتحتانية هما مجالي _ إن جوزنا أن نسميهما مجالي _ رحمة الله‬
‫وعذابه إذ يقول تعالى في الرحمة } ولو أنهم أقاموا التوراة والنجيل وما‬
‫أنزل إليهم من ربهم لكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم منهم أمة مقتصدة‬
‫وكثير منهم ساء ما يعملون { ‪ ..‬المائدة )‪ (66‬وقال تعالى في العذاب } قل‬
‫هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم أو‬
‫يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض { ‪ ..‬النعام )‪(65‬‬
‫‪ . 3‬قال تعالى ‪ }:‬واشتعل الرأس شيبا { ‪ ..‬مريم )‪ ..(4‬ما الحكمة من لفظ‬
‫)اشتعل ( في الية ‪ ..‬؟؟؟‬
‫الشتعال هو عملية تحول المادة المشتعلة من حالة إلى حالة أخرى مع‬
‫استحالة رجوعها للحالة الولى أي حالة ما قبل الشتعال ‪ ..‬وهذا التصور‬
‫والوصف ينطبق على السواد الشعر وبياضه أي أن البياض محال أن يعود‬
‫سوادا ‪ ..‬وهنا لطيفة أخرى في الية ‪ ..‬وهي أن هنالك جدل فلسفيا ذكر في _‬
‫تهافت الفلسفة _ للغزالي ‪..‬حول هل البياض عرض أم جوهر أم هل السواد‬
‫عرض أم جوهر وإذا حل البياض فأين ذهب السواد وأين كان البياض قبل‬
‫المشيب ‪..‬الخ ؟؟؟ ويبدو أن القرآن قل حل المشكلة وببساطة إذ أن لفظة‬
‫الشيب جاءت نكرة وما كان نكرة لم يكن أصل للشيء أي لم يكن من جوهر‬
‫الشيء ‪ ..‬وعليه فالمشيب عرض ككل العراض التي تبدو عندما يكون هنالك‬
‫ما يفضي لها ‪..‬‬
‫ً‬
‫‪ . 4‬قال تعالى ‪ }:‬وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا { ‪ ..‬الحزاب ‪ ..‬السراج‬
‫ل يكون إل مضيئا ً فلم قال تعالى هنا سراجا منيرا ‪ ..‬؟؟؟‬
‫مما هو معلوم أن الضوء هو امتزاج الحرارة بالنور لقوله تعالى في الشمس‬
‫} هو الذي جعل الشمس ضياء{ والنور هو تجريد الضوء من الحرارة لقوله‬
‫تعالى في القمر } والقمر نورا { ‪ ،‬والحرارة سلب والنور إيجاب لذلك جاء‬
‫تعالى بلفظ )منيرا ( لشتمال مضيئا ً على جانب سلبي وهو النار وهذا ل يليق‬
‫بالنبي صلى الله عليه وسلم ‪..‬‬
‫‪ . 5‬قال تعالى ‪ }:‬وإذا صرفت أبصارهم تلقاء أصحاب النار قالوا ربنا ل تجعلنا‬
‫مع القوم الضالين { لماذا جاء الفعل _ صرفت _بصيغة المبني للمجهول‬
‫فكأنها قد صرفت دون إرادتهم ‪ ..‬؟؟؟‬
‫قبل هذه الية قال تعالى ‪ }:‬ونادوا أصحاب الجنة أن سلم عليكم لم يدخلوها‬
‫وهم يطمعون { وهذا القول تم بإرادتهم إذ رؤية النعيم نعيم ‪ ..‬أما بالنسبة‬
‫للنظر لصحاب النار فهو عن غير إرادة وغير اختيار منهم إذ النظر إلى‬
‫العذاب عذاب فالذي صرفها لرؤية أصحاب النار هو الله تعالى بإرادته‬
‫واختياره ‪..‬‬
‫‪ . 6‬قال تعالى ‪ }:‬وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاءوها فتحت‬
‫أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم …‪.‬‬
‫الية { ثم قال تعالى } وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمرا حتى إذا‬
‫جاءوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلم عليكم طبتم فادخلوها‬
‫خالدين {‪ .‬الزمر ) ‪ (73-72‬ما الحكمة من دخول ) الواو ( } وفتحت { في‬
‫أصحاب الجنة وعدم دخولها } فتحت { في أصحاب النار …؟؟؟‬
‫عملت ) الواو (هنا عمل بالغ الضرورة إذ أن أصحاب النار قد سيقوا إلى جهنم‬
‫وهي بعد لم تفتح حتى إذا وقفوا على أبوابها فتحت عن جملة عذابها فكان‬
‫هذا عذابا ضعفا عليهم ‪ ..‬أما أصحاب الجنة فقد سيقوا إلى الجنة وأبوابها قد‬

‫‪132‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فتحت لهم قبل مجيئهم أي أن تقدير الية } حتى إذا جاءوها وقد فتحت‬
‫أبوابها …{ وهذا من زيادة الترحيب بأهل الجنة وتعجيل البشارة لهم ‪..‬‬
‫وبالتالي فقد أشارت هذه )الواو (إلى عذاب أهل النار المضاعف ‪ ..‬ونعيم‬
‫أهل الجنة المضاعف ‪..‬‬
‫‪ . 7‬قال تعالى‪ }:‬قال رب إني دعوت قومي ليل ونهارا فلم يزدهم دعائي إل‬
‫فرارا { ‪ ..‬نوح )‪ (6-5‬لماذا قدم نوح دعوة الليل على دعوة النهار ‪ ..‬؟؟؟‬

‫)‪(1 /‬‬

‫يقال " عند الليل يعود الملحد نصف مؤمن بالله " إذ النفس في الليل أقرب‬
‫لله تعالى منها في النهار باعتباره محل السكون ومبعث التأمل والتفكر في‬
‫النفس وفي ملكوت السماوات والرض وباعتبار النهار محل العمل والحركة‬
‫والضطراب الشاغل عن التفكر‪ ..‬فكانت دعوة الليل أقرب لبلوغ القلوب من‬
‫دعوة النهار وهذا أمر واضح بّين حتى عند من يدعون الناس لله إذ من‬
‫الكياسة والدراية أن يتحينوا أوقات سكون النفس وليس هنالك كالليل سكون‬
‫للجسد ويقظة للروح‬
‫‪ . 8‬قال تعالى في ابني آدم ‪ }:‬فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من‬
‫الخاسرين { المائدة ‪..‬ثم قال بعد ذلك } من أجل ذلك كتبنا على بني‬
‫إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس فكأنما قتل الناس جميعا { ‪ ..‬المائدة ‪..‬‬
‫الفترة الزمنية بين ابني آدم وبني إسرائيل طويلة جدا ‪ ..‬فلماذا اختص القرآن‬
‫بني إسرائيل هنا بهذا الحكم ‪ ..‬علما أنه حكم قائم في كل أمة من المم‬
‫الكتابية ‪ ..‬؟؟؟ ذلك لن بني إسرائيل أمة قد اتصفت بالقتل وسفك الدماء‬
‫حتى كأنهم قد جبلوا على هذا المر أو كأن القتل صار سجية من سجاياهم‬
‫وميزة امتازوا بها ليس في القرون الخالية وحسب بل على امتداد تاريخهم‬
‫وحتى في الوقت الحاضر ‪ ..‬فقد امتدت أيديهم قديما حتى على أنبيائهم فقال‬
‫تعالى‪ }:‬ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون النبيين بغير الحق { آل‬
‫عمران وعليها أخذ الله ميثاقهم ‪ }:‬وإذ أخذنا ميثاقكم ل تسفكون دمائكم ول‬
‫تخرجون أنفسكم من دياركم ثم أقررتم وأنتم تشهدون {البقرة ‪ ..‬ثم قال‬
‫تعالى فيهم ‪ }:‬ثم أنتم هؤلء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقا منكم من‬
‫ديارهم تظاهرون عليهم بالثم والعدوان {البقرة ‪ ..‬لذلك جاء هذا الحكم‬
‫الحق ليدمغ بطلن النفس وفجورها عند بني إسرائيل ‪..‬‬
‫‪ .9‬قال تعالى في العراف ‪ }:‬قال ادخلوا في أمم قد خلت من قبلكم من‬
‫الجن والنس في النار { وقال فيها أيضا ‪}:‬ولقد ذرانا لجهنم كثيرا من الجن‬
‫والنس { وقال تعالى في سور الرحمن } يا معشر الجن والنس إن‬
‫استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والرض فانفذوا { وقال تعالى في‬
‫السراء‪}:‬قل لن اجتمعت النس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن ل‬
‫يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا{‪ ..‬يلحظ في اليات التي سبقت‬
‫آية السراء أنه تعالى قد ذكر الجن مقدم على النس بينما أخرها على النس‬
‫في السراء { لماذا ‪.‬؟؟؟‬
‫إذا علمنا أن الجن مخلوقون قبل النس عرفنا لماذا قدم الحق سبحانه الجن‬
‫على النس عندما تكلم عن } أمم قد خلت من قبل{أي عندما أشار تعالى‬
‫لفترة زمنية قدم أسبقهما زمنا في سورتي الحقاف والعراف ‪..‬أما الية‬
‫الثانية من العراف} ولقد ذرانا …الية { فلن الجن من سللة إبليس ‪..‬‬
‫والنس من سللة آدم وإبليس أول من لعنهم الله ووعدهم جهنم}قال اخرج‬

‫‪133‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫منها مذؤما مدحورا لمن تبعك منهم لملن جهنم منك وممن تبعك منهم‬
‫أجمعين{‪ ..‬والمر الثاني أن الشيطان هو من يورد النسان موارد النار‬
‫والهلك وليس العكس ‪ ..‬والمر الثالث أن آدم أبو النس كان يمثل صفة‬
‫النابة إلى الله والرجوع إلى الله والقرار بالذنب وهذه كلها مجلبة للرحمة‬
‫اللهية مبعدة عن النار مقربة لرضوان الله فقدم تعالى الجن على النس في‬
‫أهل النار ‪ ..‬أما في سورة الرحمن‪}:‬يا معشر الجن والنس …‪ ..‬الية{فلن‬
‫الجن سبقت النس في بلوغ أقطار السماء لقوله تعالى}وأنا كنا نقعد منها‬
‫مقاعد للسمع{‪..‬وثانيا لن التركيبة التكوينية للجن أقرب وأسهل للنفاذ من‬
‫التركيبة التكوينية للنس فالول من نار والنار حرارة وصفة الحرارة النفوذ‬
‫عبر الحواجز ‪ ..‬أما تركيبة النسان الترابية فصفتها التثاقل والسكون‬
‫واستحالة النفوذ عبر الحواجز ‪ ..‬وهي بذلك أحوج من الجن لستكمال نقصها‬
‫المترتب عليها من تركيبتها التكوينية ‪ ..‬أما في سور السراء}قل لن اجتمعت‬
‫النس والجن على …الية{فلن النس هم المقصودين بالتحدي القرآني‬
‫بالدرجة الولى باعتبارهم قد اتخذوا القرآن هزوا والله يقول فيهم}وإذا تتلى‬
‫عليهم آياتنا بينات قالوا قد سمعنا لو نشاء لقلنا مثل هذا إن هذا إل أساطير‬
‫الولين{بينما قال تعالى في الجن‪ }:‬قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن‬
‫فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا‬
‫أحدا{‪ ..‬فقدم سبحانه النس على الجن هنا ‪..‬‬
‫‪ . 10‬قال تعالى‪}:‬ويوم يعرض الذين كفروا على النار أذهبتم طيباتكم في‬
‫حياتكم الدنيا واستمتعتم فاليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تستكبرون في‬
‫الرض بغير الحق وبما كنتم تفسقون{‪ ..‬الحقاف ‪ ..‬لماذا قال تعالى‬
‫)يعرض ( ولماذا لم تكن النار هي التي تعرض ل هم ‪ ..‬؟؟؟‬

‫)‪(2 /‬‬

‫ج ‪ .‬فلنضرب لهذه الية مثل نتقرب به من فكر العرض " هب أن مجرما حكم‬
‫عليه أن يلقى طعاما للسد ‪ ..‬فحين يعرض السد على هذا المحكوم من وراء‬
‫ستار ستلقي رؤية السد في القلب رهبة وفزعا والسد بعد جاثم ساكن لم‬
‫ير المحكوم ‪ ..‬لكن لو عرض المحكوم على السد وبدأ السد يكاد ينشق من‬
‫الغيظ والغضب وبدا كأنه يريد أن يثب عليه لول القيود ولول عدم انقضاء أمد‬
‫الحكم ‪ ..‬لكان هذا الموقف أشد فزعا في النفس وأشد رهبة وخوفا في‬
‫القلب على هذا المحكوم إذ حينها ستكون الرهبة مع رؤية ثورة هذا الوحش‬
‫الكاسر ‪ ..‬وهذه الحالة كحالة أصحاب جهنم إذ حكم عليهم أنهم من أصحاب‬
‫النار ‪ ..‬لكن لما كان عذاب الله مضاعفا كما كانت رحمته وكرمه لصحاب‬
‫الجنة مضاعفة ‪ }:‬قال لكل ضعف ولكن ل تعلمون { جعل الكفار يرون النار‬
‫فانخلعت القلوب من الهول ‪ ..‬وجعل النار تراهم فتزداد استعارا برؤيتهم وهو‬
‫القائل ‪ }:‬إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا { فتحترق حينئذ‬
‫أفئدتهم من هول المشهد وهم بعد لم يلقوا فيها لذلك قال تعالى ‪ }:‬النار‬
‫يعرضون عليها غدوا وعشيا { أي أنها دائمة الستعار والثوران والغيظ لكونها‬
‫ترى الكفار غدوا وعشيا ‪ ..‬وهذا هو أسلوب الله تعالى في العذاب وهو القائل‬
‫‪ }:‬فيومئذ ل يعذب عذابه أحد { ‪..‬‬
‫‪ . 11‬قال تعالى ‪ }:‬سبحان الذي أسرى بعبده ليل من المسجد الحرام إلى‬
‫المسجد القصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير {‬
‫السراء‪ ..‬هنالك سور استهلها القرآن بالحمد كالفاتحة والنعام وفاطر وسور‬

‫‪134‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أخر قد استهلها الله بالتبريك كالملك والفرقان وسورة السراء ككل السور‬
‫التي استهلها القرآن بصيغة تضاف لبقية الصيغ القرآنية فما الحكمة من‬
‫) سبحان (في مستهل السراء ‪ ..‬؟؟؟‬
‫على الرغم من أن المسألة تكاد تكون بديهية فهي مع ذلك تستلزم شيئا من‬
‫اليضاح ‪..‬إذ أن )سبحان( تعني التنزيه ‪ ..‬أي نزه الذي أسرى بعبده ‪ ..‬لماذا ‪..‬‬
‫لن الحق تعالى سينتقل بعد كلمة )سبحان ( لقضية قد يختلج بها الفكر‬
‫ويضطرب لها القلب إذ فيها من الخروج عن المألوف النساني والخروج عن‬
‫حدود المعقول ما قد يبتعث في النفس البواعث ويقدح في السريرة‬
‫الهواجس فجاءت ) سبحان ( هنا لترفع النسان من غيابة هذا الجب ‪..‬‬
‫وليستقبل الفكر والقلب هذه القضية وهو منزه الله تعالى عن هذه القياسات‬
‫العقلية الضيقة وهذه الدخائل ‪..‬‬
‫‪ . 12‬قال تعالى ‪ }:‬وكذلك سولت لي نفسي { ‪..‬طه ‪ 96..‬وقال تعالى‬
‫} فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله فأصبح من الخاسرين { ‪ ..‬المائدة‬
‫‪ .. 30‬سولت ‪ ..‬وطوعت ‪ ..‬هل يستوي المعنى إن وضعنا سولت بدل طوعت‬
‫أو العكس علما أن كليهما مما يختلج في النفس ‪ ..‬؟؟؟‬
‫بالتأكيد ل يستوي المعنى إذ )سولت ( تعني زّينت ‪ ،‬وزينت ل تكون إل في‬
‫أمر قد يحبه النسان فزينته النفس أي ) سولته ( ‪ ..‬أما طوعت فتعني سهلت‬
‫‪ ،‬وسهلت ل تكون إل في أمر قد استصعبته النفس ولو كان سهل ما سهلته ‪..‬‬
‫فسولت فيما قد يحبب للنفس وطوعت فيما ل يمكن أن يحبب للنفس كما‬
‫طوعت له قتل أخيه وقتل الخ مما ل يكون محببا للنفس أبدا ‪ ..‬وقد يقال‬
‫فهذا القول يتناقض مع قوله تعالى في سورة يوسف " قال بل سولت لكم‬
‫أنفسكم أمرا "وهم قد ألقوا أخاهم في غيابت الجب فكيف ذلك ‪ ..‬قلنا المر‬
‫الذي زينته النفس ) سولته( هنا ليس ما فعلوه بيوسف بل بالذي بعدها أي "‬
‫يخل لهم وجه أبيهم ويكونوا من بعده قوما صالحين "‬
‫‪ . 13‬قال تعالى‪}:‬ختم الله على سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب‬
‫عظيم{‪..‬البقرة‪ ..7 ..‬وقال تعالى}قل أرأيتم إن أخذ الله سمعكم وأبصاركم‬
‫وختم على قلوبكم من إله غير اله يأتيكم به أنظر كيف نصرف اليات ثم هم‬
‫يصدفون{‪..‬النعام ‪..46‬في الولى كان الختم على القلب أول شيء ‪ ..‬وفي‬
‫الثانية كان الختم على القلب آخر شيء ‪ ..‬لماذا ‪..‬؟؟؟‬
‫في الولى وصف للكافرين الذين ل يرتجى هدايتهم لقوله تعالى ‪ }:‬إن الذين‬
‫كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم ل يؤمنون {البقرة ‪ ..‬فقدم الحق‬
‫سبحانه ختم القلب باعتباره فصل الخطاب في مثل هذه الحالة ‪ ..‬أما في‬
‫الثانية فخطاب لمن قد تأخذ الموعظة مأخذها في نفوسهم وتبلغ الهدابة‬
‫قلوبهم فجاء تعالى بتدرج مراحل الضلل الذي قد يفضي لختم القلب في‬
‫نهاية المر فقدم أخذ السمع باعتباره وسيلة إدراك لها مساحتها في الهداية‬
‫ومن ثم البصر وهو كذلك أيضا وانتهى بختم القلب فيما لو لم يستدرك‬
‫السمع والبصر هذا القلب ‪..‬‬
‫‪. 14‬قال تعالى‪}:‬وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى{‪.‬طه ‪ 7‬وهل‬
‫هنالك أخفى من السر ‪ ..‬؟؟؟‬
‫نعم ‪ ..‬هنالك ما هو أخفى من السر ذلك لن السر قد يشترك به الثنان‬
‫والثلثة ‪ ..‬أما ما هو أخفى منه فهو ما كان مستترا في غياهب النفس فل‬
‫طلع عليه إل صاحبه فهذا أخفى من السر ‪.‬‬ ‫ي ّ‬

‫)‪(3 /‬‬

‫‪135‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ . 15‬قال تعالى‪}:‬يوم ترجف الرض والجبال وكانت الجبال كثيبا‬


‫مهيل{‪.‬المزمل ‪ 14‬مما هو معلوم بالبديهة " أن ما يقع على الكل فهو واقع‬
‫على بعضه " والرض كل‪..‬والجبال بعض من هذا الكل فما يجري على الرض‬
‫هو جار على الجبال بدعوى البديهة فلم قال تعالى ترجف الرض والجبال ‪..‬‬
‫ولو قال تعالى ترجف الرض لما شك أحد أن الجبال ل ترجف فلماذا ذكر‬
‫الجبال ‪ ..‬؟؟؟‬
‫أليست أوتاد الخيمة هي بعض من الخيمة ؟؟ لكن هل ارتجاج الخيمة يعني‬
‫بالضرورة ارتجاج الوتاد ؟؟ قطعا ل‪..‬أليست الجبال هي أوتاد الرض لقوله‬
‫تعالى}والجبال أوتادا{النبأ ‪ 7‬فهل ارتجاج الرض يعني بالضرورة ارتجاج‬
‫أوتادها‪..‬بل من المنطق أن الوتد ثابت ل يرتج‪..‬لكن في هذا المشهد ذكر‬
‫الحق سبحانه الجبال وكذلك في مشاهد أخرى كي يشعر بهول وشدة ذلك‬
‫اليوم وقوة ارتجاج الرض حتى ارتجت أوتادها ‪..‬‬
‫‪ . 16‬قال تعالى‪}:‬أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأرت أن‬
‫أعيبها وكان ورائهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا{وقال تعالى‪}:‬وأما الغلم‬
‫فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا فأردنا أن يبدلهما ربهما‬
‫خيرا منه زكاة وأقرب رحما{وقال تعالى}وأما الجدار فكان لغلمين يتيمين‬
‫في المدينة وكان تحته كنز لهما فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا‬
‫كنزهما رحمة من ربك{الكهف ‪ ..82-81– 80– 79 ..‬لماذا تغير لفظ الرادة‬
‫في كل حالة من الحالت الثلث ) السفينة والغلم والجدار ( ‪ ..‬؟؟؟‬
‫العبد الصالح أخذ بعين العتبار في هذه المراحل جانب الحيثية الزمانية‬
‫المتعلقة بالحدث ‪ ..‬فالمرء يملك أي ) مريد ( لفعله في الوقت الحاضر لكنه‬
‫ل يملك –استحالة الرادة –فعله في المستقبل والماضي ‪ ،‬إذ الرادة متأخرة‬
‫على الزمن في الماضي ‪ ..‬وهي أي )الرادة (متقدمة على الزمن في‬
‫المستقبل ‪ ،‬وشرطها الساس هو اتفاق الحدث مع زمن الحدوث ‪ ،‬والله‬
‫يقول } ول تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إل أن يشاء الله{‪..‬فخرق‬
‫السفينة حدث مناط بغاية حاضرة وهي أن الملك يأخذ كل سفينة غصبا في‬
‫الوقت الحاضر ‪ ..‬وهذا أمر مما يملك النسان الرادة به لتفاق الفعل مع‬
‫زمن إرادته وبالتالي هو مما يستدرك في وقته فنسب الرادة إليه فقال‬
‫} أردت { ‪ ..‬أما قتل الغلم ففيه حيثيتين زمنيتين هما الحاضر والمستقبل ‪..‬‬
‫الحاضر المتمثل ) بقتل الغلم (والمستقبل المتمثل بقوله } فأردنا أن‬
‫يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما { فكانت الرادة بالشتراك بين‬
‫حاضر ومستقبل فقال } أردنا { ‪ ..‬أما إقامة الجدار ففيها ثلث حيثيات‬
‫الحاضر والمتمثل بإقامة الجدار ‪ ،‬والمستقبل المتمثل باستخراج المساكين‬
‫لكنزهم ‪ ،‬والماضي المتمثل بصلح الب فكأنه قد أقام الجدار في الحاضر‬
‫ليستخرجا كنزهما في المستقبل إكراما لبيهما الصالح في الماضي فقال‬
‫} فأراد ربك { باعتبار خروج الحيثيات الثلث عن حدود الرادة النسانية‬
‫للرادة اللهية المطلقة –زمنا ومكانا وكيفا ‪.. -‬‬
‫‪ . 17‬قال تعالى } أولم يروا إلى الطير فوقهم صافات ويقبضن ما يمسكهن‬
‫إل الرحمن {‪ ..‬تبارك ‪ .. 19‬لماذا تقدمت لفظة )صافات ( على ) يقبضن ( ‪..‬‬
‫؟؟؟‬
‫للطير حالتان ‪ ..‬الولى وهو على الرض وهذه تناسب قبض الجناح وليس‬
‫البسط ‪ ..‬والثانية في جو السماء وهذه تناسب بسط الجناح وليس القبض ‪..‬‬
‫فقدم سبحانه لفظة )صافات( على يقبضن لتناسب سياق الية وهي تتكلم‬
‫عن الطير وهو في السماء وليس على الرض ‪..‬‬

‫‪136‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ . 18‬قال تعالى ‪ }:‬إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها‬


‫عرش عظيم { ‪ ..‬النمل ‪ .. 23‬لماذا قال الهدهد امرأة تملكهم ولم يقل ملكة‬
‫تملكهم ‪ ..‬وهي ملكة حقا ‪..‬؟؟؟‬
‫كأن الهدهد قد استقبح من قوم –رجال‪-‬أنهم قد ملكوا أمرهم امرأة فجاء‬
‫باللفظ الذي يضع المرأة من الحياة موضعها الذي تقتضيه فطرة الخلق بل‬
‫قوامة الخلق وهو أن الرجال قوامون على النساء وليس النساء قائمات بأمر‬
‫ظم عرشها وهو من ملكها ولم‬ ‫الرجال ‪ ..‬وزاد هذا الهدهد بهذا المعنى أن ع ّ‬
‫يعظمها وهي المالكة فقال } ولها عرش عظيم { ‪..‬‬
‫‪ . 19‬قال تعالى ‪ }:‬والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إل أنفسهم‬
‫فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين والخامسة أن لعنة الله‬
‫عليه من الكاذبين ويدرؤ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله إنه لمن‬
‫الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين { ‪ ..‬النور ‪-6‬‬
‫‪ 9-8-7‬لماذا قال تعالى في الرجل الكاذب لعنة الله عليه وقال في المرأة‬
‫الكاذبة غضب الله عليها ‪ ..‬؟؟؟‬

‫)‪(4 /‬‬

‫اللعنة أشد وأكبر من الغضب لن اللعنة طرد من رحمة الله لذلك قال تعالى‬
‫في إبليس } وأن عليك اللعنة إلى يوم الدين { وقدم سبحانه اللعنة على‬
‫الغضب فقال } من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير‬
‫وعبد الطاغوت { ‪ ..‬أما في شهادة الرجل ونقض المرأة ‪ ..‬فلن المترتب‬
‫على كذب الرجل أي –صدق المرأة –أكبر وأشد من المترتب على صدقه أي‬
‫–كذب المرأة –لن السلم يميل إلى التحفظ والتستر عن عورات الناس‬
‫ويتجنب إذاعة الفاحشة بينهم ويميل أيضا إلى حفظ الصرة السرية ل‬
‫تقويضها ونقضها ‪ ،‬ففي صدق الرجل مدعاة لحقاق حق من حيث أنها مدعاة‬
‫للسوء وفي كذبه كل الشر والسوء ‪ .‬وفي صدق المرأة كل الخير وفي كذبها‬
‫مدعاة للشر من حيث أن فيها شعبة من شعب الخير ‪..‬‬
‫‪ . 20‬قال تعالى‪ } :‬مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار‬
‫يحمل أسفارا { الجمعة ‪ .. 5‬من المعلوم أن البل تحمل أسفارا كما تحملها‬
‫الحمير فلم لم يقل الحق كمثل البل تحمل أسفارا ‪ ..‬؟؟؟‬
‫ذلك لن البل في موضع من القرآن كانت آية من آيات الله تعالى لقوله‬
‫} أفل ينظرون إلى البل كيف خلقت { الغاشية ‪..17‬فل يناسب أن تكون‬
‫مثل سوء ‪ ،‬وقال تعالى فيها أيضا } والبدن جعلناها من شعائر الله { الحج‬
‫‪ 36‬وقال } لكم فيها خير { فأهل الضلل ل يشبهون بما فيه خير ‪ ،‬من جانب‬
‫آخر كان الحمار مثل سوء في القرآن فقال تعالى أهل الكفر } كأنهم حمر‬
‫مستنفرة { المدثر ‪..50‬وقال تعالى في صوت الحمار } إن أنكر الصوات‬
‫خر الحمير حتى على‬ ‫لصوت الحمير { لقمان ‪ ،19‬ل بل إن الله تعالى قد أ ّ‬
‫البغال فقال } والخيل والبغال والخمير لتركبوها { النحل ‪ ،..8‬فكان هذا‬
‫التشبيه إشعارا بكبر مقت الله لهم ‪..‬‬
‫‪ . 21‬قال تعالى ‪ }:‬إن يشأ يسكن الريح فيضللن رواكد على ظهره {‬
‫الشورى ‪ ..32‬لماذا قال تعالى الريح ولم يقل الرياح ‪ ..‬؟؟؟‬
‫الريح هي التي تأتي من جهة واحدة معلومة قال تعالى } فلما رأوه عارضا‬
‫مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها‬
‫عذاب أليم {الحقاف ‪ .. 24‬أما الرياح فهي التي تأتي من اتجاهات متعددة‬

‫‪137‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫قال تعالى‪ } :‬وأرسلنا الرياح لواقح { الحجر ‪ ..22‬من هذا كانت الريح هي ما‬
‫يناسب جريان السفن وليس الرياح ‪ .‬وهنا ل بد من الشارة إلى أمر ‪ ..‬وهو‬
‫أن الريح تأتي بالعذاب والرياح تأتي بالرحمة ‪ .‬لكن اقتصار العذاب على الريح‬
‫ل يعني اقتصار الريح على العذاب ‪ .‬كما أن اقتصار الحراق على النار ل يعني‬
‫اقتصار النار على الحراق إذ منها النور ومنها الدفء وما إلى ذلك ‪ ..‬إذن‬
‫فالريح تأتي بالعذاب وتأتي بالرحمة أيضا ‪ ..‬لقوله تعالى } وجرين بهم بريح‬
‫طيبة وفرحوا بها { يونس ‪..22‬وقال تعالى } فسخرنا له الريح تجري بأمره‬
‫رخاء حيث أصاب { ص ‪ ..36‬وقال تعالى } ولسليمان الريح غدوها شهر‬
‫ورواحها شهر { سبأ ‪..12‬‬
‫‪ . 22‬قال تعالى ‪ }:‬ول تقتلوا أولدكم من إملق نحن نرزقكم وإياهم {‬
‫النعام ‪ ..151‬وقال }ول تقتلوا أولدكم خشية إملق نحن نرزقهم وإياكم {‬
‫السراء ‪ .. 31‬لماذا هذا التقديم والتأخير بين نرزقكم وإياهم ونرزقهم‬
‫وإياكم ‪ ..‬؟؟؟‬
‫في الولى قال تعالى } من إملق {أي أن الملق ) الفقر ( واقع أصل قبل‬
‫أن يولد المولود ‪..‬فولدة المولود هنا زادت في الفقر وليس أتت بالفقر _‬
‫على حد ضنهم _ فقال تعالى }نرزقكم { لنكم الصل في الفقر وأن الفقر‬
‫موجود فيكم قبل أن يولد لكم وليس المولود ‪ ..‬أما الثانية فقال تعالى ‪:‬‬
‫} خشية إملق { أي أن الفقر هنا لم يكن موجودا لكن خيف الفقر مع ولدة‬
‫المولود فكان المولود هو من جاء بالشعور بوقوع الفقر هذا الشعور لم يكن‬
‫موجودا قبله فقال تعالى } نرزقهم { باعتبارهم هم من وّلد فكرة الفقر في‬
‫النفوس ‪ ..‬فجاءت } نرزقكم { } ونرزقهم { لمناسبة كل حالة ‪..‬‬
‫‪ . 23‬قال تعالى ‪ }:‬هو الذي خلقكم من طين ثم قضى أجل وأجل مسمى ثم‬
‫أنتم تمترون { النعام ‪ .. 2‬لماذا قال تعالى هنا } من طين { بينما ذكر في‬
‫مواضع أخر } من تراب { و} من ماء { أي ما الحكمة من لفظة } الطين {‬
‫بالذات وفي هذا الموضع ‪ ..‬؟؟‬
‫ذكر تعالى هنا الطين لن مطلع السورة يقول } الحمد لله الذي خلق‬
‫السماوات والرض وجعل الظلمات والنور ثم الذين كفروا بربهم يعدلون {‬
‫فناسب لفظ الطين هنا سياق الكلم ‪ ..‬أي أن الطين مزيج من السماء‬
‫والرض ‪ ..‬من ماء وهو من السماء ومن تراب وهو من الرض ‪ ..‬والطين‬
‫أيضا مزيج من نور وظلمة ‪ ..‬نور السماء ) المتمثل بالماء ( وظلمة الرض‬
‫المتمثلة بالتراب فكأن الطين قد جمع بين السماء والرض والظلمة والنور ‪..‬‬

‫)‪(5 /‬‬

‫‪ . 24‬قال تعالى ‪ }:‬وقال للذي ظن أنه ناج منهما اذكرني عند ربك فأنساه‬
‫الشيطان ذكر ربه فلبث في السجن بضع سنين {يوسف ‪ .. 42‬وقال تعالى ‪:‬‬
‫} ارجع إلى ربك فاسئله ما بال النسوة التي قطعن أيديهن إن ربي بكيدهن‬
‫عليم { يوسف ‪.. 50‬في الولى كانت } ربك { من يوسف لحظة نسيان‬
‫شيطانية لبث بسببها في السجن بضع سنين ‪ ،‬فلماذا لم يعنف الله عليه‬
‫الثانية لما قال } ارجع إلى ربك { واللفظين واحد‪ ..‬؟؟؟‬
‫الربوبية الولى كانت ربوبية استغاثة } اذكرني عند ربك { ول مغيث إل الله‬
‫قال تعالى } إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم { فعاقبه الله تعالى لنه‬
‫التمس من غير الله ما ل يطلب إل من الله فضل عن كونه نبي ‪ ،‬أما في‬
‫الثاني } ارجع إلى ربك {فالمراد منها استفهام استنكاري عن تقطيع النسوة‬

‫‪138‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أيديهن ‪ ..‬ليس إل ‪ ..‬ول حرج في ذلك ‪..‬‬


‫‪ . 25‬قال تعالى‪ } :‬وقال الذين في النار لخزنة جهنم ادعوا ربكم يخفف عنا‬
‫يوما من العذاب { ثم قال تعالى ‪ }:‬ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال إنكم‬
‫ماكثون { الزخرف ‪ .. 77‬لماذا تغير طلب أصحاب النار في اليتين ‪ ..‬؟؟؟‬
‫الطلب في الولى لخزنة جهنم وفي الثانية لخازن النار ‪ ،‬والفرق هو أن خازن‬
‫النار أي ) مالك ( هو أقرب عند الله من خزنة جهنم لنهم أعوانه يعملون‬
‫بأمرته وكلهم محكوم لمر اله ‪،‬فكان طلب أصحاب النار من مالك أشد رحم‬
‫لهم من طلبهم من خزنة جهنم باعتبار قرب مالك من الله فقالوا } ليقض‬
‫علينا ربك { وهذه رحمة بأصحاب النار أن يموتوا فيسلموا من العذاب ‪ ،‬بينما‬
‫كان طلبهم من الخزنة فيه رحمة محدودة قياسا لطلبهم من مالك فقالوا‬
‫} يوما { ولم يقولوا يرفع عنا العذاب يوما بل } يخفف { أي أن العذاب‬
‫موجود حتى بعد التخفيف ‪ ..‬فناسب طلبهم من مالك منزلته من الله وناسب‬
‫طلبهم من الخزنة منزلتهم من الله أيضا ‪..‬‬
‫‪ . 26‬قال تعالى ‪ }:‬والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أمل {‬
‫الكهف ‪ 46‬وقال تعالى } والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير‬
‫مردا { مريم ‪ .. 76‬هنا }مردا {وفي الولى }أمل { فلماذا هذا‬
‫التغيير ‪ ..‬؟؟؟‬
‫من تتبع سياق اليات التي تسبق يلحظ أن الولى كانت } المال والبنون‬
‫زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أمل { ومن‬
‫المعلوم أن المال والبنين مما يحرك في النفس بواعث المل في الحياة قال‬
‫تعالى في صاحب الجنتين } ما أظن أن تبيد هذه أبدا {الكهف ثم قال‬
‫} ولئن رددت إلى ربي لجدن خيرا منها منقلبا { الكهف ‪ ..‬فجاءت } أمل{‬
‫لمناسبة معنى الية والقرار أن الباقيات الصالحات هي ما يؤمل به عند الله‬
‫تعالى وليس المال والبنون ‪ ،‬أما مردا فلن السياق القرآني كان يتكلم عن‬
‫يوم القيامة ومشاهدها ‪ ..‬قال تعالى في اليات التي تسبق هذه الية } ثم‬
‫لنحضرنهم حول جهنم جثيا { مريم ‪..‬ثم قال تعالى } ثم لننزعن من كل‬
‫شيعة أيهم أشد على الرحمن عتيا { مريم ‪..‬ثم قال } وإن منكم إل واردها {‬
‫مريم ‪ ..‬ثم قال } ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الضالمين فيها جثيا { مريم‪..‬إذن‬
‫فاليات تتكلم عن مرد الناس لله يوم القيامة } وأن مردنا إلى الله { غافر ‪..‬‬
‫فجاء تعالى بلفظ } مردا { لمناسبة سياق اليات ‪..‬‬
‫بقلم ‪ :‬علي جاسم محمد من العراق‬
‫===============‬
‫خواطر قرآنية الجزء الثالث ‪...‬‬
‫‪...‬‬
‫بقلم الشيخ علي جاسم محمد‬
‫‪ . 1‬قال تعالى‪ }:‬اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فل تخشوهم واخشون {‬
‫]المائدة‪ [ 3:‬وقال تعالى‪ }:‬ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد‬
‫إيمانكم كفارا ً حسدا ً من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق { ]البقرة ‪:‬‬
‫‪.[109‬‬
‫ثم قال تعالى } ودت طائفة من أهل الكتاب لو يضلونكم { ]آل عمران ‪[69:‬‬
‫وقال تعالى }ول يزالون يقاتلوكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا {‬
‫]البقرة‪ [217 :‬في الولى أخبر تعالى أنهم يئسوا من دينكم ثم أخبر بعد ذلك‬
‫أنهم يودوا لو يردونكم من بعد إيمانكم ‪..‬وقال بعد ذلك أنهم ل زالوا يقاتلونكم‬
‫حتى يردوكم عن دينكم ‪ ..‬وكونهم يودوا إضللنا ول زالوا يقاتلوننا يتنافى مع‬

‫‪139‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫معنى اليأس لن اليأس يوقف العمل والسعي كما قال تعالى على لسان‬
‫يعقوب } يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ول تيئسوا من روح‬
‫الله { ولو يئسوا ما بحثوا‪ ،‬فكذلك الكفار وهم كما أخبر تعالى ل يزالون ‪..‬‬
‫فكيف ذلك ؟؟؟‬
‫ج ‪ .‬في الولى أنهم قد يئسوا من أن يمسوا المنهج بتحريف‪ ،‬بينما في‬
‫التاليتان هم ما يئسوا من المتمنهج ‪ ..‬أي أنهم قد يئسوا من تحريف السلم‬
‫كمنهج وما يئسوا من إضلل المسلم كمتمنهج ‪..‬ذلك لن منهجية السلم‬
‫تكفل الله تعالى بحفظها بقوله ‪ }:‬إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون{‬
‫]الحجر[‪..‬أما المسلم فالبتلء والتعرض لمزالق أهل الضلل والكفر من‬
‫ضروريات إيمانه ليختبر الله تعالى ثباته على اليمان } أحسب الذين آمنوا أن‬
‫يقولوا آمنا وهم ل يفتنون { ]العنكبوت[ فل تناقض بين الحالتين ‪..‬‬

‫)‪(6 /‬‬

‫‪ . 2‬قال تعالى‪ }:‬ل إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي فمن يكفر‬
‫بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى ل انفصام لها والله‬
‫سميع عليم { ]البقرة‪ [256:‬وقال تعالى‪}:‬فإن أرادا فصال عن تراض منهما‬
‫وتشاور فل جناح عليهما { ]البقرة ‪ .. [233:‬ما الفرق بين )فصل وفصم ( أو‬
‫انفصال وانفصام ‪ ..‬؟؟؟‬
‫ج ‪ .‬الفصال هو الفصل بين شيئين ومنها } فصل الخطاب { أي الفيصل بين‬
‫الحق والباطل‪ ،‬أما الفصام فهو الكسر ‪ ..‬لكن أي كسر ؟؟ هو الكسر الغير‬
‫بائن‬
‫ولنا أن نسأل لماذا جاء تعالى بهذا اللفظ الموحي بلباب الشيء وأعني به "‬
‫الكسر الغير بائن " ذلك لن العروة الوثقى كما يقول ابن عباس هي " ل إله‬
‫إل الله " وهذه هي لباب الدين وقاعدته التي يقوم عليها منهج الله تعالى‬
‫وهذه العروة ل انفصام لها لنها دين الوجود قبل أن تكون منهج الرسل والله‬
‫يقول ‪ }:‬وله أسلم من في السماوات والرض{ وقال تعالى}كل له‬
‫قانتون{وقال أيضًا}ولله يسجد ما في السماوات والرض{ وهي العهد الذي‬
‫أخذه الله على بني آدم قبل أن يخلقوا ‪ }:‬ألست بربكم قالوا بلى{ لذلك قال‬
‫تعالى في هذه العروة أن ل انفصام لها لن لبابها " ل إله إل الله " ومن‬
‫لطائف القرآن أن الحق سبحانه وصف اليمان بأنه}العروة{والعروة في‬
‫اللغة هو النبات الذي ينموا في الصحارى والقفار مما تتغذى عليه البل‬
‫المرتحلة وهي إشارة إلى أن لهذا النبات جذورا متصلة بالرض بكيفية تختلف‬
‫عن غيره فبقيت حية تقاوم هجير الصحاري وهذا التشبيه ينطبق على جذور‬
‫اليمان في القلب بالفطرة التي فطره الله عليها حتى قبل الرسل وفي الثر‬
‫))كل مولود يولد على الفطرة ((‪.‬‬
‫‪ . 3‬قال تعالى‪ }:‬فلما اعتزلهم وما يعبدون من دون الله وهبنا له إسحاق‬
‫ويعقوب وكل جعلنا نبيا { ]مريم ‪ [49:‬ما الحكمة من أن الله تعالى قد وهب‬
‫له بعد أن اعتزلهم أو إلى ماذا تشير } فلما اعتزلهم { ‪ ..‬؟؟؟‬
‫ج ‪ .‬كما أن الشر قد يصيب أهل الصلح بصحبة الشرار ومعاشرتهم فكذلك‬
‫الخير فقد يرزق الله تعالى المؤمن لما يعتزل أهل الكفر‪..‬وبالتالي فقد يرزق‬
‫المرء بالصحبة المؤمنة كما قد يسخط الله عليه بالصحبة الكافرة‪..‬وقد يكون‬
‫اعتزال ملة الكفر فاتحة خير على المؤمن ‪..‬قال تعالى على لسان يوسف‬
‫} إني تركت ملة قوم ل يؤمنون بالله {]يوسف‪. [37 :‬‬

‫‪140‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ . 4‬قال تعالى‪}:‬واسترهبوهم وجاؤوا بسحر عظيم { ]العراف‪ [161:‬لماذا‬


‫قال تعالى واسترهبوهم ولم يقل وأرهوبهم ‪ ..‬؟؟؟‬
‫ج ‪ .‬ذلك لن الرهبة شيء والسترهاب شيء آخر ‪ ،‬الرهبة ل تكون إل مما‬
‫كان مشتمل على جوانب الرهبة في ذاته لذلك قال تعالى عن نفسه } وإياي‬
‫فارهبون { أما استرهب فهي استجلب للرهبة أو تصنع لها‪ ،‬ولما كانت حبال‬
‫السحرة والعصي ليست في حقيقتها سوى حبال وعصي لكن يخيل للناس‬
‫أنهى أفاع تسعى فقد خرجت عن حقيقة ما يرهب فانتفت على هذا الساس‬
‫حقيقة الرهبة فكانت استرهابا ل رهبة ‪..‬‬
‫‪ . 5‬قال تعالى‪ }:‬ل الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ول الليل سابق النهار‬
‫وكل في فلك يسبحون {] يس ‪ [40:‬ماذا يعني لفظ } ول الليل سابق‬
‫النهار { في الية ‪ ..‬؟؟؟‬
‫ج ‪ .‬لو قلنا أن طلوع الشمس يأتي بالنهار‪..‬فقولنا صواب ل مماراة فيه ‪..‬‬
‫لكن لو قلنا أن أفول الشمس يأتي بالليل سيكون قولنا خطأ‪..‬لماذا‪..‬ذلك لن‬
‫الليل موجود في النهار وفي الليل وهو عند غياب الشمس أبين وعند ظهورها‬
‫أقل بيانا لذلك قال تعالى } وآية لهم الليل نسلخ منه النهار فإذا هم‬
‫مظلمون{]يس‪ . [37 :‬فهو ل يسبق النهار لنه موجود أصل في النهار‪..‬‬
‫‪ . 6‬قال تعالى‪ }:‬والذين كفروا يتمتعون ويأكلون كما تأكل النعام والنار مثوى‬
‫لهم { ]محمد‪ [12 :‬لماذا قال تعالى } كما تأكل النعام { فقط ولم يذكر‬
‫التمتع كما قال في الكفار }يتمتعون ويأكلون {والمقابلة تقتضي كمال‬
‫الوصف ‪ ..‬؟؟؟‬
‫ج ‪ .‬ذلك لن الكل حالة تتعلق بضرورة جسدية بحتة ل يختلف فيها كائن عن‬
‫كائن وهو بذلك سنة من سنن الحياة التي ل تقبل المغايرة بين مخلوق‬
‫ومخلوق ‪ ،‬أما مسألة التمتع فهي تقتضي ذوقا وحسا أرقى مما عند الحيوان‬
‫وهذا ل يوجد إل عند النسان فاقتصر في الحيوان على ذكر الكل بينما تعداها‬
‫للتمتع عندما ذكر النسان ‪ ،‬على أن هنالك فرق بين اللعب والتمتع فكثيرا ما‬
‫نرى حيوانات تقفز وتلعب لكن اللعب فيض حياتي والمتعة فيض شعوري ‪..‬‬
‫‪ . 7‬قال تعالى‪ }:‬وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في‬
‫الظلمات أن ل إله إل أنت سبحانك إني كنت من الظالمين {] النبياء‪[87 :‬‬
‫هل من الممكن أن تلقي هذه الية في خيال قارئها أن هذا كان ظن ذا النون‬
‫بالله تعالى أي " لن يقدر الله عليه " ‪ ..‬؟؟؟‬

‫)‪(7 /‬‬

‫ج ‪ .‬الية ل تحمل على هذا المحمل ول تفهم بهذه الصيغة إذ ل يجوز أن‬
‫نتصور أن نبي يظن أن لن يقدر الله عليه ‪ ،‬أما كلمة } نقدر { تحتمل عدة‬
‫قدر ( بالتشديد ومن معانيها ) نضيق ( والله يقول‬‫معان ومن معانيها ) ن ّ‬
‫} وأما إذا ما ابتله فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهانن { ]الفجر‪ [16 :‬فتقدير‬
‫در عليه هذا القدر المتمثل بالتقام الحوت له‪ ،‬وتحتمل‬
‫الية أنه ظن أن لن نق ّ‬
‫أيضا " أن لن نضيق عليه لما حبسناه في بطن الحوت " ‪..‬‬
‫‪ . 8‬قال تعالى‪ }:‬ولو أرادوا الخروج لعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم {‬
‫]التوبة‪ [46:‬وقال تعالى } وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل‬
‫{ ]النفال‪[ 60 :‬في الولى ينكر عليهم إعداد العدة وفي الثانية يحرض عليها‬
‫فهل هذا تناقض ‪ ..‬؟؟؟‬
‫ج ‪ .‬الولى وصف للمنافقين ‪،‬وفي القرآن كل حق يصدر من المنافقين فهو‬

‫‪141‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫باطل وكذب } إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم‬
‫ذبهم الله وهم قالوا حقا‪،‬‬ ‫إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون { ك ّ‬
‫وفي الثانية خطاب للمؤمنين بإعداد العدة عند الحرب ‪ ..‬فل تناقض ‪.‬‬
‫‪ . 9‬قال تعالى } وورث سليمان داوود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير‬
‫وأوتينا من كل شيء إن هذا لهو الفضل المبين {]النمل‪ [16 :‬قال سليمان‬
‫علمنا منطق الطير بينما الحدث الذي ستعرضه اليات التالية متعلق بالنمل‬
‫وما بعد ذلك الطير ‪..‬فلماذا لم يقل سليمان علمنا منطق النمل وهو قد سمع‬
‫من النملة كما سمع من الهدهد ‪ ..‬؟؟؟‬
‫ج ‪ .‬المسألة تتعلق بقضية خصوص وقضية عموم‪..‬كيف‪..‬حادثة سليمان مع‬
‫النملة حادثة خصوص متعلقة بسليمان فقط‪..‬أما قضية الهدهد فهي قضية‬
‫عموم كونها متعلقة بأمة ضالة سيهديها الله تعالى على يد سليمان بوساطة‬
‫الهدهد‪..‬أمر آخر هو كون هذه القضية تتعلق بمنهجية النبي وهي الدعوة‬
‫لله ‪ ..‬فكان ذكر تعليم الله له منطق الطير لعتبار مساحة القضية المتعلقة‬
‫بالطير‪..‬‬
‫‪ . 10‬قال تعالى‪}:‬الحمد لله الذي أنزل على عبده الكتاب ولم يجعل له عوجا‬
‫قيما{ الكهف ‪ 1‬يقول أهل المنطق أن نفي العوجاج هو إثبات للقوامة‬
‫فلماذا ذكر تعالى لفظة}قيما{من حيث أن}لم يجعل له عوجا{متضمنة لهذا‬
‫المعنى ‪ ..‬؟؟؟‬
‫ج ‪ .‬أول هنالك فرق بين النقيضية والضدية‪..‬أي الضداد والنقائض‪..‬فالنقيضية‬
‫هي التي ل يكون بين طرفيها حدا وسطا كالموت والحياة إذ ل وجود لمرحلة‬
‫وسطية بين الموت والحياة وكذلك الوجود واللوجود إذ ل وسط بينهما‪..‬بينما‬
‫الضدية فهي التي يكون بين طرفيها حدا وسطا مثل السواد والبياض فبينهما‬
‫الداكن –الرمادي –وعلى هذا الساس صار نفي صفة ما في النقيضية يعني‬
‫إثبات الصفة المقابلة بينما نفي صفة ما في الضداد ل يعني بالضرورة إثبات‬
‫صفة مقابلة للضد‪..‬ولنرجع للية ‪..‬فهل القوامة نقيض العوجاج أم ضده‬
‫‪..‬القوامة هي نقيض العوجاج إذ ل وجود لما يسمى بالوسطية بينهما‪..‬وهما‬
‫نقائض فيما لو كانا مجردين ‪ ،‬لكنهما ليسا كذلك فيما لو أضيفا لشيء وهنا‬
‫هما مضافان لقضيتين‪..‬الولى إثبات عدم اعوجاجه لهل الكفر ليزيدهم الله‬
‫يأسا من مسه بسوء والثانية إثبات قوامته لهل اليمان ليزدادوا إيمانا‬
‫فاقتضى إثبات القوامة لتصاله بحيثية‪ ،‬مع نفي العوجاج لتصاله بحيثية‬
‫مغايرة ‪..‬‬
‫‪ . 11‬قال تعالى‪}:‬تلك الدار الخرة نجعلها للذين ل يريدون علوا في الرض‬
‫ول فسادا والعاقبة للمتقين{ما وجه الكفران بهذين اللفظين ‪ ..‬؟؟؟‬
‫ج ‪ .‬هذان اللفضان قد اشتمل على كل أنواع المفاسد‪..‬لماذا‪..‬لنهما قد مستا‬
‫الذات اللهية وقد مستا حركة الحياة النسانية‪..‬فالعلي هو الذي ل رتبة فوق‬
‫رتبته وكل شيء منحط عنه ‪ ..‬فهي صفة إلهية خالصة ‪ ..‬أما الفساد ‪ ..‬فهو‬
‫متعلق بتعطيل حركة حياة النسان على الرض قال تعالى } وإذا تولى سعى‬
‫في الرض ليفسد فيها ويهلك الحرث والنسل والله ل يحب الفساد {‬
‫]البقرة[ ‪..‬فكان هذين اللفظين شاملين لكل أنواع الكفر والفساد فجعلهما‬
‫الله تعالى أسباب هلك يوم القيامة كما صار تركهما سبب النجاة ‪..‬‬
‫‪ . 12‬قال تعالى‪ }:‬وأصبح فؤاد أم موسى فارغا إن كادت لتبدي به لو ل أن‬
‫ربطنا على قلبها لتكون من المؤمنين { كيف قال تعالى عن فؤاد أم موسى‬
‫أنه فارغ وهو ممتلئ بحب موسى حتى كادت أن تبدي به ‪ ..‬؟؟؟‬
‫ج ‪ .‬وهذا هو عين فراغه ‪ ..‬أي أنه قد امتل بحب موسى ففرغ منه حب الله‬

‫‪142‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫والله يقول ‪ }:‬ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه{ الحزاب‪ ،‬ورسول‬
‫الله يقول " حبك للشيء يعمي ويصم "‪..‬لذلك قال تعالى}ربطنا{لن القلب‬
‫إذا أحب غير الله تقلب عن اليمان وإذا فرغ قلب من اليمان فقد فرغ‬
‫بمعنى الكلمة حتى ولو امتل بأي شيء كان‪..‬ثم قال}لتكون من‬
‫المؤمنين{وهذا ما ربط الله قلبها عليه فقد أفقدها حب موسى حسن صلتها‬
‫بالله‪..‬‬

‫)‪(8 /‬‬

‫‪ . 13‬قال تعالى‪}:‬وهو الذي خلق الليل والنهار والشمس والقمر كل في فلك‬


‫يسبحون {]النبياء ‪ [33‬لماذا تقدم الليل على النهار في الولى ليتأخر القمر‬
‫على الشمس في الثانية ‪ ..‬ولو أجرينا الية مجرى المقابلة لكانت " خلق‬
‫الليل والنهار والقمر والشمس باعتبار القمر تابع لليل والشمس للنهار ‪ ..‬؟؟؟‬
‫ج ‪ .‬الحق سبحانه قال}خلق{وكلمة خلق تتشعب هنا لعدة شعب فمنها‬
‫متعلق بالغاية ‪..‬أي غاية الخلق ‪..‬والله يقول}وما خلقت الجن والنس إل‬
‫ليعبدون{فلما كانت غاية الخلق هي العبادة تقدم الليل على النهار باعتبار‬
‫قرب العبد من الله عند الليل ويقابلها انشغال العبد بالنهار‪..‬أما تقديم‬
‫الشمس على القمر فكلمة}خلق{تحمل معنى ضرورة الخلق إذ أن ضرورة‬
‫الشمس للحياة أكثر من ضرورة القمر‪..‬فتقدم الليل لمناسبة الغاية وتقدمت‬
‫الشمس لمناسبة الضرورة‪..‬‬
‫‪ . 14‬قال تعالى‪}:‬وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم{ ]الذاريات‪[41:‬‬
‫لماذا ذكرها الله تعالى بالعقيم ‪ ..‬؟؟‬
‫ج ‪ .‬الحق سبحانه إذا ما ذكر قضية ما في القرآن فهو يأتي بكل وجوهها‬
‫الممكنة لها فهنا ذكر العقيم لنه سبحانه قد ذكر في الحجر اللواقح‬
‫فقال}وأرسلنا الرياح لواقح {فقابل اللقاح العقم ‪..‬‬
‫‪ . 15‬قال تعالى‪}:‬الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور‬
‫والذين كفروا أوليائهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات أولئك‬
‫أصحاب النار هم فيها خالدون{]البقرة ‪..[258:‬لكن متى كان الذي آمنوا في‬
‫ظلمة ومتى كان الذين كفروا في نور‪..‬؟؟؟‬
‫ج ‪ .‬الية تحتمل أحد الصيغتين ‪ ..‬أول أراد الحق سبحانه بالظلمات التي يخرج‬
‫المؤمنين منها هي سبل الظلل ومزالق الكفران التي ينجي الله المؤمن منها‬
‫بما وقر في صدورهم من إيمان لذلك قال تعالى}إن الذين آمنوا وعملوا‬
‫الصالحات يهديهم ربهم بإيمانهم{ يونس ‪..‬بينما كان النور الذي يخرج‬
‫الطاغوت أهل الكفر منه هو السبل المفضية للهداية كصحبة المؤمنين‬
‫والستماع للقرآن وهي نور من حيث أنها قد توصل للهداية لذلك كان أهل‬
‫الكفر يقولون}ل تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه{آل عمران ‪ ..‬والصيغة‬
‫الثانية التي تحتملها الية هي أن المراتب النسانية ثلث فصلها قوله تعالى‬
‫}ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها{فنفس مجبولة على الفجور‬
‫شيطانية ‪،‬ونفس مؤمنة ملئكية ‪ ،‬ونفس فطرية سوية بين هذا وذاك إذن‬
‫}سواها{ هذه نفس وهي النفس السوية بالفطرة و}فجورها{هذه نفس‬
‫و}تقواها{هذه أيضا نفس واليمان هو الرتفاع عن المرتبتين السابقتين‬
‫والفجور انحدار عن هاتين المرتبتين ‪ ..‬فصارت النفس الفطرية بالنسبة‬
‫للنفس التقوية ظلمة باعتبارها أدنى منها منزلة وصارت بالنسبة للفجور نور‬
‫باعتبارها خير منها‪..‬فالله يخرج الذين آمنوا من ظلمة النفس الفطرية لنور‬

‫‪143‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫النفس الملئكية والطاغوت يخرج الذين كفروا من نور النفس الفطرية‬


‫لظلمة النفس الفاجرة‪..‬‬
‫‪ 16‬قال تعالى‪ }:‬ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى‬
‫يغيروا ما بأنفسهم { إن كانوا في نعمة أصل فما الذي يدفعهم لمغالبة‬
‫أنفسهم على التغيير لينعم الله عليهم وهم بعد في نعمة كما ذكر تعالى ‪..‬؟؟‬
‫ج ‪ .‬هذا يعتمد على مفهوم المسلم للنعمة‪..‬فهل النعمة هي كل ما يرتضيه‬
‫المسلم ويراه مناسبا وموافقا لرغبته‪..‬فإن قلنا أن هذه هي النعمة فقد‬
‫صارت النعمة هي كل زيادة من الله للنسان في ماله وأملكه وأولده‬
‫وحرثه‪..‬لكن ألم يقل الله تعالى‪}:‬نسارع لهم في الخيرات بل ل‬
‫يشعرون{المؤمنون‪..‬وألم يقل الله}نمدهم في طغيانهم يعمهون{ وألم يقل‬
‫الله }سنستدرجهم من حيث ل يعلمون{وهل كنوز قارون نعمة أم استدراج‬
‫وملك فرعون نعمة أم استدراج‪..‬ل بل هل مرض أيوب نقمة أم تكريم وهل‬
‫إلقاء إبراهيم في النار نقمة أم رفعة‪..‬إذن فالنعمة بمفهومها الصحيح هي كل‬
‫ما ينيب ويرجع العبد لله فقد يرجع العبد إلى الله حين الكرب والشدة كما قد‬
‫يرجع إلى الله حين الرخاء والميسرة وهنا صارت الية تتكلم عن ابتلء قد‬
‫أنعم الله به على عباده ليرجعوا إليه حتى إذا تغيرت نفوسهم بعد ما زكتها‬
‫محنة البتلء أنعم الله عليهم بما يرتضيه الله لهم وبما ترتضيه نفوسهم‪..‬‬
‫‪ 17‬قال تعالى}فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل‬
‫فرق كالطود العظيم{]الشعراء ‪ ..[ 63:‬وقال تعالى في سورة طه}ولقد‬
‫أوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي فاضرب لهم طريقا في البحر يبسا ل‬
‫تخاف دركا ول تخشى{]سورة طه ‪ [77:‬لماذا تغيرت الصيغة بين‬
‫اليتين ‪ ..‬؟؟؟‬
‫جا موسى من فرعون أي‬ ‫ج ‪ .‬الولى قد جاءت بعمومية القضية أي أن الله ن ّ‬
‫أعز المؤمنين وأخزى أهل الشرك‪..‬أما في الثانية فقد اقتضت هذا الوصف‬
‫لدخول جزئية جديدة على سياق القصة وهي معّية الله}قال كل إن معي ربي‬
‫سيهدين‪..‬فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر ……‪ .‬الية{فجاء‬
‫التصوير القرآني ليناسب بين عظمة الوصف وثقل هذه الجزية أي معية الله‬
‫تعالى ‪..‬‬

‫)‪(9 /‬‬

‫‪ 18‬قال تعالى } وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ثم اتخذتم العجل من بعده‬
‫وأنتم ظالمون {]البقرة‪..[51:‬وقال تعالى } وواعدنا موسى ثلثين ليلة‬
‫وأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة { ]العراف‪ [142 :‬لماذا جاءت‬
‫الربعين ليلة مجمل في الولى لتأتي مفصلة في الثانية ‪ ..‬؟؟؟‬
‫ج ‪ .‬هنالك فرق بين الكمال والتمام‪ ،‬إذ الكمال مرحلة تقبل الزيادة ول تقبل‬
‫النقصان ‪ ،‬بينما التمام مرحلة تقبل النقصان ول تقبل الزيادة وقيل قديما) ما‬
‫أتم الله شيئا إل نقص ( ل بل إن طريان النقص على التام شرط تمامه‬
‫فكأنما قد تم بنقصانه ولو ل النقصان لما قيل فيه تمام‪..‬ولنرجع للية‪..‬فالصل‬
‫في هذه العدة هو الثلثون ‪ ،‬ففي البقرة تعّرض الحق سبحانه لقضية ل تتصل‬
‫بإيمان موسى فقد عرض سبحانه ضلل وكفران قومه } وإذ قال موسى‬
‫لقومه يا قومي إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل { أما في العراف فقد‬
‫انتقل الحق سبحانه لقضية تمس إيمان موسى مباشرة أل وهي مسألة رؤية‬
‫الله}قال رب أرني أنظر إليك{فاقتضى السياق هنا تفصيل المرحلة اليمانية‬

‫‪144‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫التي سبقت هذه الرهاصات الموسوية فجاء ذكر العشرة ليال التي أتم بها‬
‫الله لموسى ميقاته لتتسع مساحة اليمان الموسوية بما يحتمل فيض التجلي‬
‫اللهي أمام موسى } فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخر موسى صعقا{ ‪..‬‬
‫انتهى‬

‫)‪(10 /‬‬

‫خواطر متفرقة‬
‫التاريخ ‪18/07/2006 :‬‬
‫الكاتب ‪ :‬أبو مهند القمري ‪ ...‬الزوار ‪1014 :‬‬
‫> ‪<tr‬‬
‫• إذا افتقدت الطريق الذي تشعر معه بدفء القرب من الله فهذا يعني أنك‬
‫على حافة هاويةٍ من الضياع‪ ،‬فتوقف على الفور ول تواصل السير في دروب‬
‫الضياع حتى ل تنزلق قدمك في تلك الهاوية السحيقة‪ ،‬واستجمع قوى التوبة‬
‫والنابة إلى الله في قلبك لعلك تفلح في التماس الطريق نحو الله والجنة‬
‫مجددًا‪ ،‬حيث به تكون النجاة ول نجاة لك إل به‪.‬‬
‫ضعت لها كافة‬ ‫• سبحان الله ‪ . .‬ما أعجب تلك النفس البشرية‪ ،‬قد و ُ‬
‫م‪،‬‬
‫س إو إيها ٍ‬‫اللوحات الرشاد المؤدية بها إلى طريق السلمة دون لب ٍ‬
‫وانهمرت عليها اليات والحاديث مبّينة ما فيه خير النام‪ ،‬إل أن النفس‬
‫البشرية بما فيها من جهالة تأبى إل أن تعاين بنفسها ما تم تحذيرها منه‪،‬‬
‫فكانت العاقبة هي الضياع والشعور بتخلي العناية الربانية عنها‪ ،‬إذ كيف‬
‫يلتمس لها العذر بعدما عاينت ببصرها النور فأبت إل المضي في الظلم‪،‬‬
‫فاللهم عفوا ً منك ثم عذرا ً فقد تمت المفاصلة في نفسي بين طرق النجاة‬
‫والهلك‪ ،‬فعاملني اللهم بما أنت أهله ول تعاملني بما أنا أهله‪ ،‬إنك أهل‬
‫التقوى وأهل المغفرة واغفرلي برحمتك يا أرحم الراحمين‪.‬‬
‫• مزيد من التعمق في الدنيا يعني المزيد من البعد عن الله والدار الخرة‪،‬‬
‫فاستدر بنفسك عن هذه الطريق الموحلة التي لن يصيبك من وحلها إل هوان‬
‫القلب وعداوة الخلق وحيرة البال وضياع العمر ثم يأتيك الموت على حين‬
‫غرة وأنت منغمس في كل هذه اللوان من البليا‪ ،‬فهل ُترى يمكنك الخلص‬
‫من هذا التردي في لحظة خاطفة لكي تدرك بنفسك حسن الخاتمة؟! هيهات‬
‫هيهات حين مناص!! فإن القلب الذي ُيثقل بهموم الدنيا ل تجد هموم الخرة‬
‫ل‪ ،‬ول حول ول قوة إل بالله العلي العظيم‪.‬‬‫له سبي ً‬
‫• للخوف سبب واحد وللمن سبيل واحد‪ ،‬أما الخوف فإن سببه في المقام‬
‫الول عدم سكينة القلب بالله تعالى‪ ،‬إذ أن العبد الذي يسكن قلبه بالنس‬
‫بموله ل تؤثر فيه حوادث الدنيا مهما عظمت إذ كفى بالله لقلبه مؤنسًا‪ ،‬وهل‬
‫ُيفزع القلب المستأنس بربه شيئا ً من أمور هذه الدنيا الحقيرة؟! أما سبيل‬
‫المن الوحد فهو بذل الغالي والنفيس للفوز بالدار الباقية بصدق النية‬
‫ل من المن‬ ‫وصواب العمل‪ ،‬إذ أن استشعار رجاء عمار الخرة يلقي بظل ٍ‬
‫والطمأنينة على نفس العبد خلل أيام عمره القصيرة في هذه الدنيا سريعة‬
‫الزوال‪ ،‬وهل يعادل النجاة من أهوال يوم القيامة أي نوع من المان؟ فاللهم‬
‫قنا عذابك يوم تبعث عبادك‪ ،‬ونجنا برحمتك من فتن الدنيا وعذاب الخرة‪،‬‬
‫إنك على كل شيء قدير وبالجابة جدير وأنت سبحانك نعم المولى ونعم‬
‫النصير‪.‬‬
‫• إرغام النفس على طاعة الله ومراقبته في السر والعلن تحتاج لعزيمة‬

‫‪145‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ب ل يتوانى ول يتيح مجال ً للتردد في هذا الرغام‪ ،‬ولعل‬ ‫صادقة وإخلص قل ٍ‬


‫المرء يعاني شيئا ً من المشقة في بداية الطريق‪ ،‬إل أنه بعد تجاوز صعوبة‬
‫هذه المرحلة سوف يشعر بلذة ل تعدلها لذة‪ ،‬إنها لذة حلوة اليمان والنس‬
‫بالله تعالى‪ ،‬فإنه حين يلمس دفئهما في قلبه ل يمكنه التفريط فيهما بحال‬
‫ن له الدنيا وما عليها‪ ،‬فاعقد العزم على مواصلة رحلة إذعان النفس‬ ‫ولو أ ّ‬
‫وإرغامها على طاعة الله تعالى‪ ،‬ول تتردد فإن النهاية محفوفة بسعادة ل‬
‫تعدلها سعادة أبدًا‪.‬‬
‫• من المستحيلت استيعاب أماني طول المل خلل ما قسمه الله لنا من‬
‫قصر العمر‪ ،‬فاجمح زمام نفسك عن مواصلة السير وراء الوهام‪ ،‬واحرص‬
‫ل صالٍح تنجو به يوم القيامة من هول يوم المحشر‪،‬‬ ‫على ما ينفعك من عم ٍ‬
‫واستعن بالله ول تعجز‪ ،‬فإنما المر صبر ساعةٍ يعقبها نعيم ل يحزن المرء‬
‫بعده أبدًا‪.‬‬
‫ن الله عليك بالبصيرة التي تفرق لك بين أحوال أهل الدنيا الغافلين‬ ‫• إذا م ّ‬
‫وأهل الخرة الناجين‪ ،‬وما ينبغي عليك فعله لتجنب طريق الهالكين والفوز‬
‫بطريق الفالحين‪ ،‬فخّر ساجدا ً لله والهث بحمده أن اصطفاك بهذه البصيرة‬
‫قبلما تباغتك الخاتمة بسوئها؛ فتهلك مع الهالكين نسأل الله العفو والعافية‬
‫في الدين والدنيا والخرة‪.‬‬
‫• حياة القلب بطاعة الله نبع من الحياة لكل من يحيط بصاحب هذا القلب‬
‫من حوله‪ ،‬فهي حياة لنفسه وحياة لهله وحياة لصحابه وحياة لمجتمعه الذي‬
‫يعيش فيه؛ لنه لو لم يكن يملك قلبا ً حي ّا ً ما دّلهم على خيرٍ ينجيهم‪ ،‬ول‬
‫ذرهم من شرٍ قد ل تتجلى لهم عواقبه الوخيمة إل يوم تبلى السرائر فما‬ ‫ح ّ‬
‫لهم من قوة ول ناصر‪ ،‬فليحمد الله كل من رزقه الله صحبة عبد ٍ صالٍح يملك‬
‫مثل ذلك القلب الحي‪.‬‬
‫ي منه‪ ،‬فإنه صلحية صحبته تنتهي‬ ‫• من صاحبك لدنياك فكن على حذرٍ فور ٍ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫فور انقضاء حاجته الدنيوية منك‪ ،‬بل لعله ينقلب عليك عدوّا وحاسدا لما رآه‬
‫عليك من نعم الله تعالى‪ ،‬أما من صاحبك لدينك ولم يرغب في دنياك‪،‬‬
‫فاعضض على صحبته بالنواجذ لن بركتها تمتد إلى قيام الساعة‪ ،‬بل يظلك‬
‫ل إل ظّله‪.‬‬ ‫الله بصحبته في ظل ّهِ يوم ل ظ ّ‬

‫)‪(1 /‬‬

‫• يا ترى هل ما نحياه في هذه الدنيا هو الحقيقة أم أنه الحلم والخيال الذي‬


‫يسرق أيام عمرنا دون أن نشعر لنواجه على حين غّرة الحقيقة المفزعة التي‬
‫سوف نستيقظ عليها يوم الفزع الكبر حين البعث والنشور؟! أكاد أصرخ في‬
‫كل ما حولي من ديكورات وخلفيات هذا الحلم الذي نعيشه أن انكشفي فما‬
‫وراءك من أهوال أشد بكثير من إغراءاتك السفيهة _ سريعة الزوال _ والتي‬
‫ل تورث صاحبها إل خزي الدنيا وعذاب الخرة‪.‬‬
‫• السم الزعاف الذي يدسه الشيطان في أيام حياتنا هو الغفلة التي تحجب‬
‫العقل عن التفكر في العواقب والقلب عن استشعار مراقبة الخالق؛ وبالتالي‬
‫تنساق كافة أعضاء الجسد تباعا ً لمؤثرات الشهوة في ظل التأثير على يقظة‬
‫العقل والقلب‪ ،‬فالعين بالنظر والذن بالسمع واللسان بالنطق والفرج يصدق‬
‫ذلك أو يكذبه‪ ،‬فإذا كان يوم القيامة وجد العبد حصاد عمره جبال ً من الوزار‬
‫ينأى عن حملها كانت الغفلة وحدها السبب فيها‪ ،‬فتحت تأثيرها وقعت منه‬
‫المعصية !! وتحت تأثيرها نسي ما كان منه من فعل تلك المعصية !! وتحت‬

‫‪146‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫تأثيرها غفل عن أن الله يحصي عليه كل معصية!! حتى تراكمت منه وصارت‬
‫كالجبال!! فانتزع زمام نفسك من رحى الدوران في تلك الغفلة‪ ،‬حتى تسعد‬
‫بنجاة ل يعرف لها طريقا ً أحد من هؤلء الغافلين‪ ،‬واعلم أنه ما أنت إل عدد‬
‫وكل يوم يمر عليك ينقص من هذا العدد‪ ،‬حتى تجد نفسك في نهاية المطاف‬
‫بين يدي من ل تخفى عليه خافية‪.‬‬
‫• اللذة العاجلة مطب للنفس البشرية‪ ،‬والسعيد من استطاع تطويع هذه‬
‫الرغبة حسبما يرضي الله تعالى‪ ،‬حتى يصل بها إلى مرتبة استشعار حلة‬
‫اليمان وزينته في قلبه‪ ،‬وبغض الكفر والفسوق والعصيان‪ ،‬وحيينها فقط‬
‫يمكنه بلوغ مرتبة الراشدين‪.‬‬
‫• إذا أردت النجاة بصدق فتعامل في جميع شؤون حياتك من منطلق الضعف‬
‫مع الله والمذلة له وتسليم جميع المور إليه سبحانه‪ ،‬والجأ من حولك إلى‬
‫حوله ومن قوتك إلى قوته‪ ،‬ومن ضعفك وعجزك إلى سلطانه وقدرته؛ فإنك‬
‫حيينها سوف تستشعر دفء القرب من الله وقوة الصلة به‪ ،‬وحلة الشوق‬
‫والحنين إليه‪ ،‬وإياك ثم إياك أن تغتر بنفسك وتظن فيها القدرة على فعل أي‬
‫شيء دونما عونه ومشيئته‪ ،‬فإنك بذلك تؤذن بهلك نفسك وإلقائها في وادٍ‬
‫ق من المذلة والمهانة يصعب معه استشعار أنك حتى ولو ذبابة أو أن‬ ‫سحي ٍ‬
‫لك قيمة أحقر الذباب!!‬
‫• عجيبة تلك النفس التي ل حدود لتمردها‪ ،‬فتراها حين تستشعر العجز‬
‫والحرمان جزعة خائفة تلتمس النجاة في أي اتجاه‪ ،‬وتراها حين تستشعر‬
‫الغنى والمنعة متمردة طاغية تستحقر كل ما حولها ول تذعن لموعود الله‪،‬‬
‫وهي بين الحالتين مد ّا ً وجزرًا‪ ،‬ول سبيل لنماء خّيرها وتقليل شّرها سوى‬
‫بإرغامها على الذعان لصوت الحق الذي يحدو بها إلى رحاب الله تعالى‪،‬‬
‫ففي ظلل رحابه سوف يتطاير شرها ويتكاثر خيرها حتى ل يكاد يعرف‬
‫ل‪ ،‬وحيينها فقط سوف تسعد بها ولها الحياة‪ ،‬وسوف يزداد‬ ‫الشيطان لها سبي ً‬
‫شوقها جّنات الله‪.‬‬
‫• الله أرحم الراحمين‪ ،‬فعطاؤه رحمة ومنعه رحمة وإمهاله رحمة وابتلؤه‬
‫رحمة‪ ،‬فكم أعطانا ليهب لنا المل‪ ،‬وكم منعنا لينجينا من الزلل‪ ،‬وكم أمهلنا‬
‫لعلنا نسترجع‪ ،‬ولم يبتلينا إل لكي نتوب ونرجع‪ ،‬فكل أمره مع عباده رحمة‪،‬‬
‫وكل شأنه في تدبير أمورنا رحمة فوق رحمة‪ ،‬فما أقسى هذه القلوب التي‬
‫ابتعدت عن اللتصاق بمنبع هذه الرحمة!! وما أشد جرم هذه النفوس التي‬
‫أبت الستجابة لداعي هذه الرحمة‪ ،‬وذلك حينما فتح أمامها أبواب التوبة‬
‫ليرحمها من لهيب ذنوبها ومعاصيها‪ ،‬فرحماك ربي ثم عودا ً إذ كيف نتجافى‬
‫عن رحمتك ونحن أحوج ما نكون إليها؟! وكيف نعرض عنك وقد فتحت أمامنا‬
‫أبوابها وأنت الغني عّنا‪ ،‬فاغفر اللهم زلتنا واغسل حوبتنا واسلل سخائم قلوبنا‬
‫وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الخرة وهب لنا من رحمتك ما ينجينا من شر‬
‫نفوسنا برحمتك يا أرحم الراحمين‪.‬‬
‫• بين الدنيا والخرة مأساة تتكرر وفجيعة تتوالى‪ ،‬فتجد الدنيا في إدبارٍ دائم ٍ‬
‫وعلى الرغم من ذلك تجد الخلق يهرولون وراءها ويبذلون مهجتهم في سبيل‬
‫ف غير أنهم ل يكترثون بها!! وبين‬ ‫ل آز ٍ‬
‫تحصيلها‪ ،‬في حين أن الخرة في إقبا ٍ‬
‫دفتي رحيل الدنيا وإقبال الخرة طامة كبرى وآزفة تجعل القلوب لدى‬
‫الحناجر كاظمين‪ ،‬فهل من مبصر لهذه الحقيقة قبل فوات الوان؟! وهل من‬
‫منتزع لنفسه من براثن الغفلة قبلما يحل البلء الهوان ؟! فإن كل مبررات‬
‫الغفلة ليس لها يوم القيامة أي حظ أو نصيب‪ ،‬وإنما تحل محلها فقط‬
‫الحسرة والندامة!! فهل من مسترجع؟!‬

‫‪147‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫• بداية طريق الزلل خطوة تتغافل فيها عن تقوى الله‪ ،‬وتهون المر على‬
‫نفسك مبررا ً لها التجاوز بأي وجه من الوجوه‪ ،‬ومن ثم يعرف الشيطان كيف‬
‫ينتقل بك من خطوة إلى أخرى حتى تجد نفسك في نهاية المطاف قد وقعت‬
‫في هاوية سحيقة من النزلق!! فاجمح زمام نفسك عن غيها بكثرة ذكر‬
‫الموت وما يتلوه من ظلمة القبر وفوات فرصة الحياة كلها واستحالة عودة‬
‫أي لحظة منها لتدارك التوبة!! واعلم أن صبر ساعة الدنيا يهيئك برحمة الله‬
‫للفوز بنعيم الخرة الذي ل ينقضي‪ ،‬فاستجمع قوى نفسك واعزمبها على‬
‫تقوى الله تكن من المفلحين‪.‬‬
‫• أيا ً كانت عوامل الغراء متدنية فيما حّرم الله من معاصي؛ فإن الشيطان‬
‫كفيل بأن يزينها لك ويجعلها في عينك من أعظم اللذات التي يمكنك‬
‫الحصول عليها إذا أنت أتحت له فرصة الدخول إلى قلبك على حين غفلة من‬
‫كنته من الوسوسة إلى نفسك‪ ،‬كما أن الشيطان كفيل‬ ‫تقوى الله تعالى م ّ‬
‫ذة الشهوة الحلل حقيرة وضيعة في عينك مهما بلغت‬ ‫أيضا ً بأن يجعل ل ّ‬
‫مغرياتها فقط لنها حلل‪ ،‬وهو ل يريد لك إل الهلك بالحرام ومزيد من الزهد‬
‫في الحلل‪ ،‬حتى يسهل عليه تدميرك بمعصية الله‪ ،‬فكن يقظا ً لخواطر نفسك‬
‫ول تنأى بها عن مراقبة الله عز وجل حتى تكون من الناجين‪.‬‬
‫• وقود النفس على طريق مواصلة تقوى الله تعالى يتمثل في أهمية‬
‫المراقبة‪ ،‬وتجديد التوبة وكثرة الستغفار ودوام ذكر الله تعالى على كل حال‬
‫ومخالطة الصالحين من عباد الله تعالى‪ ،‬والبعد عن مواطن الشهوات‬
‫والشبهات‪ ،‬وأخيرا ً كثرة ذكر الموت والبلى‪.‬‬
‫• من استأنس بالله كفاه‪ ،‬ومن أعرض عنه ابتله‪ ،‬وأقل لون من ألوان هذا‬
‫البتلء هو استشعار الوحشة وإصابة القلب بالضيق والقلق والشعور بالخوف‬
‫والهلع وعدم الطمأنينة بحال‪.‬‬
‫• ما وجدت أكثر من حب المال فتكا ً بالنفوس وتدميرا ً للعلقات ولو كانت‬
‫بين متحابين‪ ،‬حيث أن سحر تأثيره على النفوس لسيما الضعيفة منها أقوى‬
‫بكثير من وقع السحر على المسحورين!! فرحماك ربي ‪ . .‬اجعل الدنيا في‬
‫أيدينا ول تجعلها في قلوبنا حتى ل نهلك مع الهالكين‪.‬‬
‫• التقييد عن فعل الخيرات علمة عدم التوفيق من الله‪ ،‬أما سألت نفسك لم‬
‫ذاك ؟!‬
‫• لبد من وضع خارطةٍ لنفسك‪ ،‬توضح لك معالم الطريق نحو النجاة بها إلى‬
‫رضوان الله تعالى‪ ،‬إذ ستقف من خلل هذه الخارطة على مواطن الضعف‬
‫والخلل في نفسك فتجتنب أسبابهما‪ ،‬وستستشعر مواطن الخير فيها فتنمي‬
‫مصادرها‪ ،‬وبذا تكون النجاة بعد توفيق الله تعالى وبحمده‪... .‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫خواطر محب‬
‫أحمد بن سليمان ـ بنغازي ـ الشبكة‬
‫إلى أخي في الله‬
‫أخي ‪ :‬نصرة الدين تبدأ من عندك ‪.‬‬
‫أخي ‪ :‬اعتقد بيقين جازم ل يداخله شك بان ل اله إل الله واعلم أن هذا حق‬
‫الله عليك ‪.‬‬

‫‪148‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أخي ‪ :‬إياك واظلم الظلم وهو أن تجعل لله ندا ‪.‬‬


‫أخي ‪ :‬اقلع عن الذنب واعلم بان بني إسرائيل منعوا القطر بسبب ذنب رجل‬
‫في سبعين ألف رجل ‪.‬‬
‫أخي ‪ :‬اتبع سنة نبيك صلي الله عليه وسلم واعلم أن المسلمين في معركة‬
‫احد لم ينتصروا بسبب مخالفة لمر رسولنا صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫أخي ‪ :‬تعلم فان العلم مفتاح السعادة ‪.‬‬
‫أخي ‪ :‬كن مخلصا صادقا في أقوالك وأفعالك وحركاتك وسكناتك ‪.‬‬
‫أخي ‪ :‬تخلق بالخلق الحسن فإن الخلق الحسن أساس ثبات المم على وجه‬
‫الرض‪.‬‬
‫أخي ‪ :‬إياك والقنوط فإن القنوط من شيم الضالين ) ومن يقنط من رحمة‬
‫الله إل القوم الضالون(‬
‫أخي ‪ :‬أدعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة واعلم أن الدعوة‬
‫سائرة بك أو بدونك فسأل الله أن يشرفك بالدعوة لدينه ‪.‬‬
‫أخي ‪ :‬كن أنت الداعي ل المدعو أنت المنادي ل المنادى أنت الذي تحترق‬
‫لكي تنير للخرين ل العكس‪.‬‬
‫أخي ‪ :‬اصرف تفكيرك واهتمامك لهذا الدين ‪.‬‬
‫أخي ‪ :‬اجعل كل حركة كل سكنة كل أكلة كل شربة كل نومة كل عمل في‬
‫دينك ودنياك لله كي تحصد الجر في كل وقت وحين ‪.‬‬
‫أخي ‪ :‬اذكر ربك كثيرا وسبح بالعشي والبكار ) أصلح الله حالك حافظ على‬
‫أذكار الصباح والمساء والنوم وغيرها ( يقول رسولنا صلي الله عليه وسلم‬
‫)الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إل ذكر الله وما واله أو عالم ومتعلم ( ل أريد‬
‫أن اسرد عليك فوائد الذكر وروحانية الذاكرين فكتب السنة مليئة بهذا ول‬
‫يسعني المجال لذكرها ‪.‬‬
‫أخي ‪ :‬استغل مواسم الطاعات والنفحات الربانية وتزود من الجر ما‬
‫استطعت وبما أوتيت من قوة‪.‬‬
‫أخي ‪ :‬تعلم العلم التطبيقي واجتهد فيه وكن فيه مميزا كي تصنع لنا مجدا‬
‫ولكي تشارك في عزة هذا الدين ورقيه واعلم أننا امة اقرأ ‪.‬‬
‫أخي ‪ :‬يقول الدكتور عائض القرني في كتابه الدرة )ل تحزن( ‪ ) :‬الذكي‬
‫الريب يحول الخسائر إلي أرباح والتافه الرعديد يجعل من المصيبة‬
‫مصيبتين ( المعني حول كل مشكلة كل معضلة كل محنة واستفد منها في‬
‫تنمية مواهبك وصقل نفسك ول تسمح لهذه المنح بتعكير صفوك ‪ ،‬واعلم‬
‫أخي أن رسولنا صلي الله عليه وسلم يقول ‪) :‬عجبا لمر المؤمن فإن أمره‬
‫كله له خير إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان‬
‫خيرا له وما ذالك إل للمؤمن ( أو كما قال ‪ .‬فعجبا لك بعد هذا الحديث أن‬
‫تسمح بالمنغصات أن تعكر صفوك ‪.‬‬
‫أخي ‪ :‬عش واقعك وعش يومك ول تلتفت للخلف فإن النظر إلى الخلف‬
‫يشعرك بالندم ولن تقدم شيئا‪.‬‬
‫أخي ‪ :‬الله الله في والديك وبرهما فهما سر نجاحك و هما اللذان من أجلهما‬
‫تكرم من الله أسال الله لهما الجنة وكل خير في الدنيا والخرة واعلم ان هذا‬
‫من اقل حقوقهم عليك ‪.‬‬
‫أخي ‪ :‬ل تستعجل بقطف الثمرة قبل اكتمال نضوجها كي ل تأكلها مرة‬
‫أخي ‪ :‬ضع منهجية لكل ما تقدم عليه من علم او عمل وكن منظما ول تكن‬
‫عشوائيا ارتجاليا في ما تقدم عليه ‪.‬‬
‫أخي ‪ :‬أخي ل تأكل كثيرا ‪ ,‬فتنام كثيرا ‪ ,‬فتخسر كثيرا ويفوتك خير كثير‬

‫‪149‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وتحصد هما كثيرا ‪.‬‬


‫أخي ‪ :‬ل تستمع لكلم المثبطين المحبطين الذين ل يفيدون ول يستفيدون‬
‫ودوا لو تكون مثلهم فتكونون في إضاعة الوقت سواء‪.‬‬
‫أخي ‪ :‬تخير الصاحب الذي يعينك علي الخير ويدلك عليه الصاحب الذي إذا‬
‫ذكرت الله أعانك وإذا نسيت ذكرك الصاحب الذي يذكرك بعيوبك لجل‬
‫اصلحها ل ليعيرك بها الصاحب الذي إذا رآك أقدمت على أمر فيه مصلحة‬
‫للبلد والعباد أعانك عليه وشجعك ولو بالكلمة الطيبة ولو بالدعوة الصالحة‬
‫في ظهر الغيب‪.‬‬
‫أخي ‪ :‬ل تصحب التافه الذي ل يعمل ول يدع من يعمل التافه الذي يقاس‬
‫عليه قول القائل )ودت الزانية أن النساء كلهن زواني( الصاحب الذي ل يعين‬
‫علي الخير‬
‫الصاحب الذي ل يريدك أن تبدع ول تنفع ول تشفع ول تقدم ل بل علي‬
‫العكس تماما يريدك صفرا كي يستريح يريدك أن تكون في الحضيض معه‬
‫لن الثرى والثريا ل يلتقيان من الجحاف أن نقول هذا أو نفكر فيه‪.‬‬
‫أخي ‪ :‬أخي إياك أن تصحب الحاسد ‪.‬‬
‫أخي ‪ :‬افعل الخير وان لم تستطع دل عليه فان الدال علي الخير كفاعله ‪.‬‬
‫أخي ‪ :‬ل تطلق لسانك بالذم في اخوانك واحمل أفعالهم على المحمل‬
‫الحسن والتمس لخيك سبعين عذرا واعلم أن هذا حق من حقوقه عليك ‪.‬‬
‫أخي ‪ :‬الق باللئمة علي نفسك في التصرفات التي تراها مشينة من اخوانك‬
‫وقل إن هذا بسبب ذنوبي كي ل تحمل علي اخوانك واجعل نصب عينيك قول‬
‫القائل ‪) :‬ما أذنبت ذنبا إل وجدت ذالك في خلق دابتي وزوجتي (‪.‬‬
‫أخي ‪ :‬انتزع النانية من نفسك فإن لم تستطع فجاهد نفسك وهذبها وعودها‬
‫علي الحب والبذل ونكران الذات واعلم أن هذا ل يتأتى بين يوم وليلة ولكن‬
‫مع المصابرة والمكابدة والمجاهدة كل شيء يلين بإذن الله‬

‫)‪(1 /‬‬

‫أخي ‪) :‬اللين ما كان في شيء إل زانه وما انتزع من شيء إل شانه ( المعني‬
‫أن تكون لين الجانب طيب المعشر هينا سمحا في تعاملتك مع اخوانك ومع‬
‫الناس اللين في الخطاب والبسمة علي المحيا هما مفتاح قلوب الناس ‪.‬‬
‫أخي ‪ :‬وزع ابتسامتك العريضة الرائعة علي الخلق واعلم أن المستفيدين من‬
‫هذا هو أنت تجد ذالك في نفسك حينما وذالك تيمنا بقول رسولنا صلي الله‬
‫عليه سلم ‪) :‬خير العمال إدخال سرور علي قلب مسلم ( و) تبسمك في‬
‫وجه أخيك صدقة ( واعلم انك لو قمت بذالك لوجدت السرور في نفسك‬
‫وهذا من أعظم نعم الله عليك‪.‬‬
‫أخي ‪ :‬ل تنتصر لنفسك واجعل همك تزكيتها وتربيتها فقد افلح من زكاها وقد‬
‫خاب من دساها واجعله من دعائك ربنا آت نفوسنا تقواها وزكها أنت خير من‬
‫زكاها أنت وليها ومولها‪.‬‬
‫أخي ‪ :‬ل تستسلم للعقبات التي تواجهك في دراستك ‪ ,‬في عملك ‪ ,‬في‬
‫دعوتك واعلم ان هذه ابتلءات لبد منها وكل يبتل حسب إيمانه ‪.‬‬
‫أخي ‪ :‬اعمل بالقرآن الذي بين جنبيك وأدعو الله أن يجعله حجة لك ل عليك ‪.‬‬
‫أخي ‪ :‬هذه هدية مني إليك اقبلها من أخ لك محب مشفق يريد لك الجنان بل‬
‫حساب إذا أعطيت فاشكر وإذا منعت فاصبر وإذا ابتليت استغفر وجعلك الله‬
‫من الذين قال فيهم في كتابه العزيز) إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير‬

‫‪150‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫حساب ( ‪.‬‬
‫أخي ‪ :‬تعال ضع يدك في يدي وبنا ننطلق ونخدم هذا الدين فالمرء قليل‬
‫بنفسه كثير بإخوانه دعنا نتكاثف ونكثر السواد في خدمة الدين بإخلص‬
‫ونجعلها نصب أعيننا كي نحقق كل ما نصبو إليه ‪.‬‬
‫أخي ‪ :‬غض الطرف عن عيبي وان شئت فأصلحه ول تجعله عائقا بيني وبينك‬
‫وبنا فلنرتقي ونسمو ونرتفع ولندع سفاسف المور ‪.‬‬
‫أخي ‪ :‬هذه بعض الخواطر التي وددت أن تلقي النظر عليها اسأل الله أن تجد‬
‫صداها عندك وأسأل الله القبول وما كان من صواب فمن الله ‪ ،‬وما كان من‬
‫خطأ فمني ومن الشيطان والله ورسوله منه براء ‪.‬‬
‫إن أصبت فذاك دين في عنقي ** وإن أخطأت فأنتم أهل أعذار‬
‫وصلى الله وسلم علي سيدنا محمد وعلي اله وصخبه ومن تبعه واقتفى إثره‬
‫إلي يوم الدين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫خواطر والفكار مبدأ كل علم نظري)قاعدة جليلة( ‪ /‬ابن القيم‬


‫مبدأ كل علم نظري وعمل اختياري هو الخواطر والفكار ‪ ،‬فإنها توجب‬
‫التصورات ‪ ،‬والتصورات تدعو إلى الرادات ‪ ،‬والرادات تقتضي وقوع الفعل‬
‫وكثرة تكراره تعطي العادة ‪ ،‬فصلح الخواطر بأن تكون مراقبة لوليها وإلهها‬
‫صاعدة إليه دائرة على مرضاته ومحابه ‪ ،‬فإنه سبحانه به كل صلح ‪ ،‬ومن‬
‫عنده كل هدي ‪ ،‬ومن توفيقه كل رشد‬
‫ومن توليه لعبده كل حفظ ‪ ،‬ومن توليه وإعراضه عنه كل ضلل وشقاء ‪،‬‬
‫فيظفر العبد بكل خير وهدي بقدر إثبات عين فكرته في آلئه ونعمه وتوحيده‬
‫وطرق معرفته وطرق عبوديته وإنزاله إياه حاضرا ً معه مشاهدا ً له ناظرا ً إليه‬
‫رقيبا ً عليه ‪ ،‬مطلعا ً على خواطره وإرادته وهمته ‪ ،‬فحينئذ يستحيي منه ويجله‬
‫أن يطلعه منه على عورة يكره أن يطلع عليه مخلوق مثله ‪ ،‬أو يرى في‬
‫نفسه خاطرا ً يمقته عليه ‪.‬‬
‫فمتى أنزله ربه هذه المنزلة منه ورفعه وقربه منه ‪ ،‬وأكرمه واجتباه وواله‬
‫وبقدر ذلك يبعد عنه الوساخ والدناءات ‪ ،‬والخواطر الرديئة والفكار الدنيئة ‪،‬‬
‫كما أنه كلما بعد منه وأعرض عنه قرب من الوساخ والدناءات والقذار ‪،‬‬
‫ويقطع عنه جميع الكمالت ويتصل بجميع النقائض ‪ ،‬فالنسان خير المخلوقات‬
‫إذا تقرب من بارئه والتزم أوامره ونواهيه وعمل بمرضاته وآثره على هواه ‪،‬‬
‫وشر المخلوقات إذا تباعد عنه ولم يتحرك قلبه لقربه وطاعته وابتغاء مرضاته‬
‫‪ ،‬فمتى اختار التقرب إليه وآثره على نفسه وهواه فقد حكم قلبه وعقله‬
‫وإيمانه على نفسه وشيطانه ‪ ،‬وحكم رشده على غيه وهداه على هواه ‪،‬‬
‫ومتى اختار التباعد منه فقد حكم نفسه وهواه وشيطانه على عقله وقلبه‬
‫ورشده ‪.‬‬
‫واعلم أن الخطرات والوساوس تؤدي متعلقاتها إلى الفكر فيأخذها الفكر‬
‫فيؤديها إلى التذكر ‪ ،‬فيأخذها الذكر فيؤديها إلى الرادة ‪ ،‬فتأخذها الرادة‬
‫فتؤديها إلى الجوارح والعمل ‪ ،‬فتستحكم فتصير عادة ‪ ،‬فردها من مبادئها‬
‫أسهل من قطعها بعد قوتها وتمامها ‪ ،‬ومعلوم أنه لم يعط النسان إماتة‬
‫الخواطر ول القوة على قطعها ‪ ،‬فإنها تهجم عليه هجوم النفس ‪ ،‬إل أن قوة‬
‫اليمان والعقل تعينه على قبول أحسنها ورضاه به ومساكنته له ‪ ،‬وعلى رفع‬
‫أقبحها وكراهته له ونفرته منه كما قال الصحابة‪ )) :‬يا رسول الله إن أحدنا‬

‫‪151‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يجد في نفسه ما لئن يحترق حتى يصير حممة أحب إليه أن يتكلم به ‪،‬‬
‫فقال ‪ :‬أوقد وجدتموه ؟ قالوا ‪ :‬نعم ‪ ،‬قال ‪ :‬ذاك صريح اليمان (( ‪.‬‬
‫وفي لفظ ‪ )) :‬الحمد لله الذي رد كيده إلى الوسوسة (( ‪.‬‬
‫وفيه قولن ‪ :‬أحدهما أن رده وكراهته صريح اليمان ‪.‬‬
‫والثاني ‪ :‬أن وجوده وإلقاء الشيطان له في النفس صريح اليمان ‪.‬‬
‫فإنه إنما ألقاه في النفس طلبا ً لمعارضة اليمان وإزالته به ‪ ،‬وقد خلق الله‬
‫النفس شبيهة بالرحى الدائرة التي ل تسكن ول بد لها من شيء تطحنه ‪ ،‬فإن‬
‫وضع فيها حب طحنته ‪ ،‬وإن وضع فيها تراب أو حصي طحنته ‪.‬‬
‫فالفكار والخواطر التي تجول في النفس هي بمنزلة الحب الذي يوضع في‬
‫الرحى ول تبقى تلك الرحى معطلة قط ‪ ،‬بل ل بد لها من شيء يوضع فيها ‪،‬‬
‫فمن الناس من تطحن رحاه حبا ً يخرج دقيقا ً ينفع به نفسه وغيره ‪ ،‬وأكثرهم‬
‫يطحن رمل ً وحصيا ً وتبنا ً ونحو ذلك ‪ ،‬فإذا جاء وقت العجن والخبز تبين له‬
‫حقيقة طحينه ‪.‬‬
‫فإذا دفعت الخاطر الوارد عليك اندفع عنك ما بعده ‪ ،‬وإن قبلته صار فكرا ً‬
‫جوال ً ‪ ،‬فاستخدم الرادة فتساعد هي والفكر على استخدام الجوارح ‪ ،‬فإن‬
‫تعذر استخدامها رجعا إلى القلب بالمني والشهوة ‪ ،‬وتوجهه إلى جهة المراد ‪.‬‬
‫ومن المعلوم أن إصلح الخواطر أسهل من إصلح الفكار ‪ ،‬وإصلح الفكار‬
‫أسهل من إصلح الرادات ‪ ،‬وإصلح الرادات أسهل من تدارك فساد العمل ‪،‬‬
‫وتداركه أسهل من قطع العوائد ‪ ،‬فأنفع الدواء أن تشغل نفسك بالفكر فيما‬
‫يعنيك دون ما ل يعنيك ‪ ،‬فالفكر فيما ل يعني باب كل شر ‪.‬‬
‫ومن فكر فيما ل يعنيه فاته ما يعنيه واشتغل عن أنفع الشياء له بما ل منفعة‬
‫له فيه ‪ ،‬فالفكر والخواطر والرادة والهمة أحق شيء بإصلحه من نفسك ‪،‬‬
‫فإن هذه خاصتك وحقيقتك التي تبتعد بها أو تقرب من إلهك ومعبودك الذي ل‬
‫سعادة لك إل في قربه منك ورضاه عنك ‪ ،‬وكل الشقاء في بعدك عنه‬
‫وسخطه عليك ‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ومن كان في خواطره ومجالت فكره دنيئا خسيسا لم يكن في سائر أمره‬
‫إل كذلك ‪.‬‬
‫وإياك أن تمكن الشيطان من بيت أفكارك وإرادتك فإنه يفسدها عليك فسادا ً‬
‫يصعب تداركه ‪ ،‬ويلقي إليك أنواع الوساوس والفكار المضرة ‪ ،‬ويحول بينك‬
‫وبين الفكر فيما ينفعك ‪ ،‬وأنت الذي أعنته على نفسك بتمكينه من قلبك‬
‫وخواطرك فملكها عليك ‪ ،‬فمثالك معه مثال صاحب رحى يطحن فيها جيد‬
‫الحبوب فأتاه شخص معه حمل تراب وبعر وفحم وغثاء ليطحنه في‬
‫طاحونته ‪ ،‬فإن طرده ولم يمكنه من إلقاء ما معه في الطاحون استمر على‬
‫طحن ما ينفعه ‪ ،‬وإن مكنه في إلقاء ذلك في الطاحون أفسد ما فيها من‬
‫الحب وخرج الطحين كله فاسدا ً ‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫والذي يلقيه الشيطان في النفس ل يخرج فيما كان ودخل في الوجود لو كان‬
‫على خلف ذلك وفيما لم يكن لو كان كيف كان يكون ‪ ،‬أو فيما يملك الفكر‬
‫فيه من أنواع الفواحش والحرام ‪ ،‬أو في خيالت وهمية ل حقيقة لها ‪ ،‬وإما‬
‫في باطن أو فيما ل سبيل إلى إدراكه من أنواع ما طوي عنه علمه فيلقيه في‬
‫تلك الخواطر التي ل يبلغ منها غاية ول يقف منها على نهاية ‪ ،‬فيجعل ذلك‬
‫مجال فكره ومسرح وهمه ‪.‬‬

‫‪152‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وجماع إصلح ذلك أن تشغل فكرك في باب العلوم والتصورات بمعرفة ما‬
‫يلزمك من التوحيد وحقوقه وفي الموت وما بعده إلى دخول الجنة والنار ‪،‬‬
‫وفي آفات العمال وطرق التحرز منها ‪ ،‬وفي باب الرادات والعزوم أن‬
‫تشغل نفسك بإرادة ما ينفعك إرادته وطرح إرادة ما يضرك إرادته ‪ ،‬وعند‬
‫العارفين أن تمني الخيانة و إشغال الفكر والقلب بها أضر على القلب من‬
‫نفس الخيانة ‪ ،‬ول سيما إذا فرغ قلبه منها بعد مباشرتها ‪ ،‬فإن تمنيها يشغل‬
‫القلب بها ويملؤه منها ويجعلها همه ومراده ‪.‬‬
‫وأنت تجد في الشاهد أن الملك من البشر إذا كان في بعض حاشيته وخدمه‬
‫من هو متمن لخيانته مشغول القلب والفكر بها ممتلئ منها ‪ ،‬وهو مع ذلك‬
‫في خدمته وقضاء أشغاله ‪ ،‬فإذا اطلع على سره وقصده مقته غاية المقت‬
‫وأبغضه وقابله بما يستحقه ‪ ،‬وكان أبغض إليه من رجل بعيد عنه جنى بعض‬
‫الجنايات ‪ ،‬وقلبه وسره مع الملك ‪ ،‬غير منطو على تمني الخيانة ومحبتها‬
‫والحرص عليها ‪ ،‬فالول يتركها عجزا ً واشتغال ً بما هو فيه ‪ ،‬وقلبه ممتلئ بها ‪،‬‬
‫والثاني يفعلها وقلبه كاره لها ليس فيه إضمار الخيانة ول الصرار عليها ‪ ،‬فهذا‬
‫أحسن حال ً وأسلم عاقبة من الول ‪.‬‬
‫وبالجملة فالقلب ل يخلو قط من الفكر إما في واجب آخرته ومصالحها ‪ ،‬وإما‬
‫في مصالح دنياه ومعاشه ‪ ،‬وإما في الوساوس والماني الباطلة والمقدرات‬
‫المفروضة ‪.‬‬
‫وقد تقدم أن النفس مثلها كمثل رحى تدور بما يلقي فيها ‪ ،‬فإن ألقيت فيها‬
‫حبا ً دارت به ‪ ،‬وإن ألقيت فيها زجاجا وحصى و بعرا ً دارت به ‪ ،‬والله سبحانه‬
‫هو قيم تلك الرحى ومالكها ومصرفها وقد أقام لها ملكا ً يلقي فيها ما ينفعها‬
‫فتدور به ‪ ،‬وشيطانيا ً يلقي فيها ما يضرها فتدور به ‪ ،‬فالملك يلم بها مرة ‪،‬‬
‫والشيطان يلم بها مرة ‪ ،‬فالحب الذي يلقيه الملك إبعاد بالخير وتصديق‬
‫بالوعد ‪ ،‬والحب الذي يلقيه الشيطان إيعاد بالشر وتكذيب بالوعد ‪ ،‬والطحين‬
‫على قدر الحب ‪ ،‬وصاحب الحب المضر ل يتمكن من إلقائه إل إذا وجد‬
‫الرحى فارغة من الحب النافع ‪ ،‬وقيمها قد أهملها وأعرض عنها ‪ ،‬فحينئذ يبادر‬
‫إلى إلقاء ما معه فيها ‪.‬‬
‫وبالجملة فقيم الرحى إذا تخلى عنها وعن إصلحها وإلقاء الحب النافع فيها‬
‫وجد العدو السبيل إلى إفسادها وإدارتها بما معه ‪ ،‬وأصل صلح هذه الرحى‬
‫بالشتغال بما يعنيك ‪ ،‬وفسادها كله في الشتغال بما ل يعنيك ‪ ،‬وما أحسن ما‬
‫قال بعض العقلء ‪ )) :‬لما وجدت أنواع الذخائر منصوبة غرضا ً للمتالف ‪،‬‬
‫ورأيت الزوال حاكما ً عليها مدركا لها انصرفت عن جميعها إلى ما ل ينازع فيه‬
‫ذو الحجى أنه أنفع الذخائر وأفضل المكاسب وأربح المتاجر ‪ -‬والله المستعان‬
‫(( ‪.‬‬
‫قال شقيق بن إبراهيم ‪ )) :‬أغلق باب التوفيق عن الخلق من ستة أشياء ‪:‬‬
‫اشتغالهم بالنعمة عن شكرها ‪ ،‬ورغبتهم في العلم وتركهم العمل ‪،‬‬
‫والمسارعة إلى الذنب وتأخير التوبة ‪ ،‬والغترار بصحبة الصالحين وترك‬
‫القتداء بفعالهم ‪ ،‬وإدبار الدنيا عنهم وهم يتبعونها ‪ ،‬وإقبال الخرة عليهم وهم‬
‫معرضون عنها (( ‪.‬‬
‫قلت ‪ :‬وأصل ذلك عدم الرغبة والرهبة ‪ ،‬وأصله ضعف اليقين ‪ ،‬وأصله ضعف‬
‫البصيرة ‪ ،‬وأصله مهانة النفس ودناءتها واستبدال الذي هو أدني بالذي هو‬
‫خير ‪ ،‬وإل فلو كانت النفس شريفة كبيرة لم ترض بالدون ‪ ،‬فأصل الخير كله‬
‫بتوفيق الله ومشيئته وشرف النفس ونبلها وكبرها ‪.‬‬
‫د‬‫َ‬ ‫ق‬‫و‬ ‫ها‬ ‫ّ‬
‫كا‬ ‫ز‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ح‬‫َ‬ ‫ل‬‫ْ‬ ‫ف‬‫َ‬ ‫أ‬ ‫َ‬
‫َ َ ْ َ َ َ ْ‬ ‫وأصل الشر خستها ودناءتها وصغرها قال تعالى ‪ْ } :‬‬
‫د‬ ‫ق‬

‫‪153‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ها { أي ‪ :‬أفلح من كبرها وكثرها ونماها بطاعة الله ‪ ،‬وخاب من‬ ‫سا َ‬
‫ن دَ ّ‬
‫م ْ‬
‫ب َ‬
‫خا َ‬
‫َ‬
‫صغرها وحقرها بمعاصي الله‬
‫فالنفوس الشريفة ل ترضى من الشياء إل بأعلها وأفضلها وأحمدها عاقبة ‪،‬‬
‫والنفوس الدنيئة تحوم حول الدناءات وتقع عليها كما يقع الذباب على‬
‫القذار ‪ ،‬فالنفس الشريفة العلية ل ترضى بالظلم ول بالفواحش ول بالسرقة‬
‫والخيانة لنها أكبر من ذلك وأجل ‪ ،‬والنفس المهينة الحقيرة الخسيسة بالضد‬
‫من ذلك فكل نفس تميل إلى ما يناسبها ويشاكلها‬
‫َ‬
‫شاك ِلت ِهِ { أي ‪ :‬على ما يشاكله‬‫ل عََلى َ‬
‫م ُ‬ ‫ل كُ ّ‬
‫ل ي َعْ َ‬ ‫وهذا معنى قوله تعالى ‪ } :‬قُ ْ‬
‫ويناسبه ‪ ،‬فهو يعمل على طريقته التي تناسب أخلقه وطبيعته ‪.‬‬
‫وكل إنسان يجري على طريقته ومذهبه وعادته التي ألفها وجبل عليها ‪،‬‬
‫فالفاجر يعمل بما يشبه طريقته من مقابلة النعم بالمعاصي ‪ ،‬والعراض عن‬
‫المنعم ‪ .‬والمؤمن يعمل بما يشاكله من شكر المنعم ومحبته والثناء عليه‬
‫والتودد إليه والحياء منه والمراقبة له وتعظيمه وإجلله ‪.‬‬
‫الفوائد ص ‪230-224‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫خواطُر المطر‬
‫د‪ .‬محمد عمر دولة*‬
‫ض العطشى‪ ..‬وتمل المزارعَ‬ ‫ت المطر‪ ..‬حين تسقي الر َ‬ ‫ل َزخا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ج َ‬ ‫ما أ ْ‬
‫رها وب ََركِتها!‬ ‫خي ِ‬ ‫ب‪ ..‬ب ِ َ‬ ‫درو َ‬ ‫ب وال ّ‬ ‫والمسار َ‬
‫ة‪ ،‬كما قال الله‬ ‫س الحيا ِ‬ ‫ة‪ ..‬من ن ِعَم ِ الله علينا‪ ،‬فهو أسا ُ‬ ‫ة عظيم ٌ‬ ‫ن الماَء نعم ٌ‬ ‫إ ّ‬
‫ن الله بالماِء على‬ ‫ل شيٍء حي(‪ [1].‬وقد امت ّ‬ ‫جعَلنا من الماِء ك ّ‬ ‫ْ‬ ‫ل‪) :‬و َ‬ ‫عّز وج ّ‬
‫ل جلله‪) :‬أفرأيتم الماء الذي تشربون أأنتم أنزلتموه من‬ ‫عباِده‪ ،‬فقال ج ّ‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫ن أم نحن المنزلون لو نشاء جعلناه أجاجا فلول تشكرون(‪ [2].‬وقال‬ ‫المز ِ‬
‫مِعين(‪ [3].‬وقد‬ ‫ورا فمن يأتيكم بماٍء َ‬ ‫ً‬ ‫ح ماؤكم غَ ْ‬ ‫ن أصب َ‬ ‫تعالى‪) :‬قل أرأيتم إ ْ‬
‫مه على‬ ‫ن كثير رحمه الله‪" :‬يذكر تعالى ن ِعَ َ‬ ‫ة‪ ،‬قال اب ُ‬ ‫ث رحم ً‬ ‫ن الغي َ‬ ‫مى القرآ ُ‬ ‫س ّ‬ ‫َ‬
‫قَبها؛ ولهذا‬ ‫حمته بمجيء الغيث عَ ِ‬ ‫ت بين يدي َر ْ‬ ‫شرا ٍ‬ ‫مب ّ‬ ‫ح ُ‬ ‫قه في إرساِله الريا َ‬ ‫خل ِ‬
‫مِته(‪ :‬أي المطر الذي ينزله؛ فيحيي به الِعباد َ‬ ‫ح َ‬ ‫من َر ْ‬ ‫قكم ِ‬ ‫ذي َ‬‫قال تعالى‪) :‬ول ِي ُ ِ‬
‫والبلد"‪[4].‬‬
‫ت‬ ‫ْ‬
‫مدةً فإذا أنزلنا عليها الماَء اهتّز ْ‬ ‫ض ها ِ‬ ‫ت قول الله عّز وجل‪) :‬وترى الر َ‬ ‫َ‬ ‫كر ُ‬ ‫تذ ّ‬
‫ل من السماء؛‬ ‫ت المطرِ تنهم ُ‬ ‫ل َزوٍج ب َِهيج(]‪ ..[5‬وَقطرا ُ‬ ‫ت من ك ّ‬ ‫ت وأنب َت َ ْ‬ ‫وَرب َ ْ‬
‫سروَر‪.‬‬ ‫ح وال ّ‬ ‫ة والسعادةَ والفر َ‬ ‫ل َِتنشَر الَبهج َ‬
‫ق‬
‫ن في الفا ِ‬ ‫ل القرآ ِ‬‫صُر َتمث ّ َ‬ ‫ت على القلوب‪ ..‬حين ُتب ِ‬ ‫ن وقعَ اليا ِ‬ ‫وما أحس َ‬
‫ق المطارِ على الشجاِر‬ ‫ه في آثاِرها وِثماِرها‪ ..‬بتدفّ ِ‬ ‫شب َ ُ‬ ‫فس‪ ..‬فهي أ ْ‬ ‫والن ُ‬
‫والبساتين والزهار‪.‬‬
‫دبة‪ ..‬والصحراِء القاحلة‪ ..‬حتى‬ ‫ض المج ِ‬ ‫ه بالر ِ‬ ‫شب َ ُ‬‫ن قُُلوَبنا بدون ماِء الوحي‪ ..‬أ ْ‬ ‫إ ّ‬
‫ق‬ ‫ل الحدائ ِ‬ ‫مَرت! وصارت مث َ‬ ‫ت وأْزهََرت وأث ْ َ‬ ‫سنة؛ أي ْن َعَ ْ‬ ‫ن وال ّ‬ ‫قرآ ِ‬ ‫قَيت بال ُ‬ ‫س ِ‬ ‫إذا ُ‬
‫فْيحاء!‬ ‫الغَّناء‪ ،‬والَبساتين ال َ‬
‫س وَتموت‪ ..‬ثم تهتّز برحمةِ الله وتربو‬ ‫مد وَتيب َ ُ‬ ‫ض‪ ..‬حين َته ُ‬ ‫ب‪ ..‬مثل الر ِ‬ ‫قلو ُ‬ ‫فال ُ‬
‫ت‪ ،‬قال القرطبي رحمه الله‪)" :‬هامدة( يابسة ل تنبت شيئا‪ ،‬قاله ابن‬ ‫وُتنب ِ ُ‬
‫جريج‪ ،‬وقيل‪ :‬دارسة‪ ،‬والهمود‪ :‬الدروس… وقال شمر‪ :‬همود ُ الرض أل يكون‬
‫مطر… )فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت‬ ‫صْبها َ‬ ‫عود ٌ ولم ي ُ ِ‬ ‫ت ول ُ‬ ‫فيها حياةٌ ول نب ٌ‬
‫ت الشيَء فاهتّز‪ :‬أي‬ ‫وربت(‪ :‬أي تحركت‪ ،‬والهتزاُز‪ :‬شدة الحركة‪ ،‬يقال‪ :‬هزز ُ‬

‫‪154‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫رها‬ ‫سي ِ‬‫كت في َ‬ ‫ت هي‪ :‬إذا تحّر َ‬ ‫ل هزيزا ً فاهتّز ْ‬ ‫حّرك ُْته فتحّرك‪ ،‬وهّز الحادي الب َ‬ ‫َ‬
‫ضها من‬ ‫زيل بع َ‬ ‫َ‬ ‫ج منها حتى ي ُ ِ‬ ‫ت ل يخر ُ‬ ‫ن النبا َ‬ ‫ض َتهت َّز بالنبات؛ ل ّ‬ ‫بحدائه… فالر ُ‬
‫جت‬ ‫فعت وزادت‪) ...‬وأنَبتت(‪ :‬أي أخَر َ‬ ‫ة‪) ...‬ورَبت( أي‪ :‬ارت َ‬ ‫ة خفيف ً‬ ‫ض إزال ً‬ ‫َبع ٍ‬
‫ن )ب َِهيٍج(‪ :‬أي حسن‪ ،‬عن قتادة‪ :‬أي يبهج من يراه‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫لو‬ ‫أي‬ ‫ج(‬‫ٍ‬ ‫زو‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ك‬ ‫)من‬
‫والبهجة‪ :‬الحسن‪ ،‬يقال‪ :‬رجل ذو بهجة‪ ،‬وقد ب َُهج بالضم َبهاجة وبهجة‪ :‬فهو‬
‫حسِنه"‪[6].‬‬ ‫جبِني ب ِ ُ‬ ‫جِني‪ :‬أع َ‬ ‫ج‪ ،‬وأب ْهَ َ‬ ‫ب َِهي ٌ‬
‫ض الهامدة‬ ‫ث الحياةِ في الر ِ‬ ‫ر‪ ..‬على بع ِ‬ ‫ل بالمط ِ‬ ‫ن المث َ‬ ‫ب القرآ ُ‬ ‫ضر َ‬ ‫وقد َ‬
‫ف‬
‫ض واختل ِ‬ ‫ق السموات والر ِ‬ ‫خل ِ‬‫ن في َ‬ ‫والبلدة الميتة‪ ،‬فقال عّز وجل‪) :‬إ ّ‬
‫ل الله من‬ ‫س وما أنز َ‬ ‫فعُ النا َ‬ ‫ك التي تجري في البحرِ ِبما َين َ‬ ‫فل ِ‬ ‫ل والنهارِ وال ُ‬ ‫اللي ِ‬
‫ف‬
‫ل دابةٍ وتصري ِ‬ ‫ث فيها من ك ّ‬ ‫ض بعد موِتها وب ّ‬ ‫السماِء من ماٍء فأحيا به الر َ‬
‫ت لقوم يعقلون(‪ [7].‬وقال‬ ‫ض ليا ٍ‬ ‫خر بين السماِء والر ِ‬ ‫ب المس ّ‬ ‫الرياِح والسحا ِ‬
‫ن في ذلك‬ ‫موِتها إ ّ‬ ‫ض بعد َ‬ ‫ل من السماِء ماًء فأحيا به الر َ‬ ‫ل جلُله‪) :‬والله أنز َ‬ ‫ج ّ‬
‫ل من السماِء ماًء‬ ‫من ن َّز َ‬ ‫ة لقوم ٍ يسمعون(‪ [8].‬وقال تعالى‪) :‬ولئن سألَتهم َ‬ ‫لي ً‬
‫ن الله قل الحمد ُ لله بل أكثُرهم ل‬ ‫ُ‬
‫ض من بعد موِتها ليقول ّ‬ ‫فأحيا به الر َ‬
‫حبا ّ‬ ‫جنا منه َ‬ ‫ة أحي َْيناها وأخَر ْ‬ ‫ض الميت ُ‬ ‫ة لهم الر ُ‬ ‫يعقلون(‪ [9].‬وقال سبحانه‪) :‬وآي ٌ‬
‫فمنه يأكلون(‪[10].‬‬
‫ت عند المطر دليل‬ ‫ِ‬ ‫الموا‬ ‫الرض‬ ‫من‬ ‫ت‬ ‫ِ‬ ‫النبا‬ ‫ث‬
‫َ‬ ‫انبعا‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫وج‬ ‫ل الله عّز‬ ‫وقد جع َ‬
‫مباَركا ً‬ ‫من السماِء ماًء ُ‬ ‫س بعد الموت‪ ،‬كما قال تعالى‪) :‬ون َّزْلنا ِ‬ ‫ث النا ِ‬ ‫على َبع ِ‬
‫ضيد ٌ رِْزقا ً للِعباد‬ ‫ت لها ط َل ْعٌ ن َ ِ‬ ‫ل باسقا ٍ‬ ‫ب الحصيد والنخ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫تو َ‬ ‫فأنب َْتنا به جنا ٍ‬
‫ل‬‫ل جلُله‪) :‬والله الذي أرس َ‬ ‫مْيتا ً كذلك الخروج(‪ [11].‬وقال ج ّ‬ ‫حي َْينا به َبلد َة ً َ‬ ‫وأ ْ‬
‫ض بعد موِتها كذلك‬ ‫ت فأحَيينا به الر َ‬ ‫مي ٍ‬
‫سقناه إلى بلد ٍ َ‬ ‫سحابا ف ُ‬‫ً‬ ‫ح فتثيُر َ‬ ‫الريا َ‬
‫ي‬
‫ت من الح ّ‬ ‫ج المي َ‬ ‫ت وُيخرِ ُ‬ ‫ي من المي ِ‬ ‫ج الح ّ‬ ‫النشور(‪ [12].‬وقال تعالى‪ُ) :‬يخرِ ُ‬
‫موِتها وكذلك ُتخَرجون(‪[13].‬‬ ‫ض بعد َ‬ ‫وُيحِيي الر َ‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ت‪..‬‬ ‫ة‪ ..‬بعد المما ِ‬ ‫ث الحيا ِ‬ ‫ل‪ ..‬على انِبعا ِ‬ ‫س إلى دلي ٍ‬ ‫وسبحان الله‪ ..‬أيحتاج النا ُ‬
‫ن ما في هذا المطرِ المتدّفق من السماِء‪ ..‬من بالخيرِ والنماء؟! فهذا‬ ‫وهم يرو َ‬
‫ن كثير رحمه الله‪:‬‬ ‫س على السواء‪ .‬قال اب ُ‬ ‫ف ِ‬ ‫ق والن ُ‬ ‫مشاهَد ٌ في الفا ِ‬ ‫أمٌر ُ‬
‫ُ‬
‫ة( هذا دليل آخر على قدرِته تعالى على إحياِء‬ ‫ٌ‬ ‫مد ً‬ ‫ض ها ِ‬ ‫"وقوله‪) :‬وترى الر َ‬
‫ض الميتة الهامدة‪ :‬وهي المقحلة التي ل ينبت فيها‬ ‫الموتى كما يحيي الر َ‬
‫شيء‪ ،‬وقال قتادة‪ :‬غبراء متهشمة‪ ،‬وقال السدي‪ :‬ميتة )فإذا أنزلنا عليها الماء‬
‫اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج(‪ :‬أي فإذا أنزل الله عليها المطر‬
‫حي َِيت بعد موتها‪) ،‬وَربت(‪ :‬أي ارتفعت لما سكن‬ ‫)اهتزت( أي تحركت بالنبات و َ‬
‫ت‬ ‫من ِثمارٍ وُزُروٍع وأشتا ِ‬ ‫ن ِ‬
‫فنو ِ‬
‫فيها الثرى؛ ثم أنبتت ما فيها من اللوان وال ُ‬
‫منافِعها؛ ولهذا قال‬ ‫حها وأشكاِلها و َ‬ ‫مها وروائ ِ‬‫ف ألواِنها وط ُُعو ِ‬ ‫النباتات في اختل ِ‬
‫ل َزوٍج ب َِهيج(‪ :‬أي حسن المنظر طّيب الريح‪ .‬وقوله‪:‬‬ ‫من ك ّ‬ ‫ت ِ‬ ‫تعالى‪) :‬وأنبت َ ْ‬
‫ق(‪ :‬أي الخالقُ المدب ُّر الفّعال ِلما يشاء )وأنه يحيى‬ ‫ن الله هو الح ّ‬ ‫)ذلك بأ ّ‬
‫ن الذي أحياها‬ ‫الموتى( أي كما أحيا الرض الميتة وأنبت منها هذه النواع؛ )إ ّ‬
‫ل شيٍء قدير"‪[14].‬‬ ‫حِيي الموتى إنه على ك ّ‬ ‫م ْ‬‫لَ ُ‬
‫ث الحياة‪ ..‬من‬ ‫ر‪ ..‬برحمةِ الله البالغةِ في بع ِ‬ ‫ل المط ِ‬ ‫فَعجبًا‪ ..‬ل َِعبد ٍ ل ُيذك ُّره نزو ُ‬
‫ب‬‫ج ٌ‬
‫ب فعَ َ‬‫ج ْ‬‫ن َتع َ‬
‫الماِء! ول يدفُعه ذلك إلى اليقين بالبعث بعد الموت )وإ ْ‬
‫ق جديد(‪ [15].‬قال ابن الجوزي رحمه الله‪:‬‬ ‫في َ ْ‬ ‫قوُلهم أئذا كّنا ُترابا ً أئنا ل َ ِ‬
‫خل ٍ‬
‫ن الله تعالى دّلهم على إحيائه الموتى بإحيائه الرض؛ فقال تعالى‪) :‬وترى‬ ‫"إ ّ‬

‫‪155‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫سبحانه إحياءَ‬ ‫ل الله ُ‬ ‫ن القيم رحمه الله‪" :‬جع َ‬ ‫ض هامدة("‪ [16].‬وقال اب ُ‬ ‫الر َ‬
‫جهم من‬ ‫ت منها نظيَر إخرا ِ‬ ‫ج النبا ِ‬ ‫ت‪ ،‬وإخرا َ‬ ‫ض بعد موِتها نظيَر إحياِء الموا ِ‬ ‫الر ِ‬
‫ره‪ ،‬وجعل ذلك آية"‪[17].‬‬ ‫َ‬ ‫قبور‪ ،‬ودل بالنظيرِ على َنظي ِ‬ ‫ّ‬ ‫ال ُ‬
‫ة‬
‫ِ‬ ‫إعاد‬ ‫على‬ ‫ته‬ ‫ِ‬ ‫قدر‬ ‫ُ‬ ‫على‬ ‫أي‬ ‫آياته(‪:‬‬ ‫)ومن‬ ‫"قوله‬ ‫الله‪:‬‬ ‫رحمه‬ ‫كثير‬ ‫ابن‬ ‫وقال‬
‫ة(‪ :‬أي هامدة ل نبات فيها؛ بل هي ميتة )فإذا‬ ‫شع ً‬ ‫ض خا ِ‬ ‫الموتى )أنك ترى الر َ‬
‫ن الزروِع والثمار‬ ‫جت من جميِع ألوا ِ‬ ‫أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت(‪ :‬أي أخر َ‬
‫ل شيٍء َقدير("‪[18].‬‬ ‫محِيي الموتى إنه على ك ّ‬ ‫ن الذي أحياها ل َ ُ‬ ‫)إ ّ‬
‫س لهديه صلى الله عليه‬ ‫َ‬ ‫وقد مث ّ َ‬
‫ة النا ِ‬ ‫ل النبي صلى الله عليه وسلم استجاب َ‬
‫ض للماء‪ ،‬فقال صلى الله عليه وسلم‪) :‬مثل ما بعثني‬ ‫وسلم باستجابةِ الر ِ‬
‫ة‬
‫ث الكثير أصاب أرضا؛ فكان منها نقي ّ ٌ‬ ‫ً‬ ‫ل الغي ِ‬ ‫الله به من الهدى والعلم‪ ،‬كمث ِ‬
‫سكت الماء؛‬ ‫َ‬ ‫م َ‬ ‫بأ ْ‬ ‫ب الكثير‪ ،‬وكانت منها أجادِ ُ‬ ‫قَب َِلت الماء؛ فأنب ََتت الكل والُعش َ‬
‫ة أخرى إنما‬ ‫قوا وزرعوا‪ ،‬وأصاب منها طائف ً‬ ‫فَنفعَ الله بها الناس‪ :‬فشربوا وس َ‬
‫ن الله وَنفَعه‬ ‫مث ُ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫ه في ِدي ِ‬ ‫ق َ‬ ‫من ف ُ‬ ‫ل َ‬ ‫سك ماًء ول ُتنبت كل‪ .‬فذلك َ‬ ‫ن ل ُتم ِ‬ ‫هي ِقيعا ٌ‬
‫هدى‬ ‫ل ُ‬ ‫ً‬
‫من لم َيرفعْ بذلك رأسا؛ ولم َيقب َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ل َ‬ ‫مث ُ‬ ‫ّ‬
‫ما ب َعَث َِني الله به؛ فعَِلم وعَلم‪ ،‬و َ‬
‫ُ‬
‫ت به(‪[19].‬‬ ‫سل ْ ُ‬
‫الله الذي أر ِ‬
‫ق‬
‫كرة في خل ِ‬ ‫ب المتف ّ‬ ‫ل والقلو ِ‬ ‫ت‪ ..‬والعقو ِ‬ ‫ض والنبا ِ‬ ‫ة‪ ..‬للر ِ‬ ‫فالمطُر حيا ٌ‬
‫ض والمتأملة في نعمة المطر! وتأمل ذلك في سنوات‬ ‫ِ‬ ‫والر‬ ‫السموات‬
‫الجفاف والقحط‪ ..‬حين ييبس النبات‪ ..‬وتموت الشجار‪ ..‬ويهلك الحيوان‪..‬‬
‫ويظمأ النسان‪ ..‬وُيهَرع ُ الناس إلى صلوات الستسقاء‪ ..‬يدعون رّبهم خوفا ً‬
‫وطمعًا‪ ..‬ويرفعون أيدَيهم يرجون رحمَته ويخافون عذاَبه‪ ..‬يسألون الله أن‬
‫يرسل عليهم الغيث‪ ،‬ول يجعلهم من اليسين القانطين!‬
‫ولله د َّر الشاعر حيث قال‪:‬‬
‫وقد كان المطر حاضرا ً في قاموس المديح للحاكم الصالح‪ ،‬كما قيل‪:‬‬
‫حين‪ ،‬كما قيل‪:‬‬ ‫ب الواعظين المصل ِ ِ‬ ‫وفي أد ِ‬
‫من‬ ‫دقين بالغيث النافع‪ ،‬و ِ‬ ‫سنين المتص ّ‬ ‫حهم المح ِ‬ ‫مدائ ِ‬ ‫ه الشعراُء في َ‬ ‫شب ّ َ‬ ‫وقد َ‬
‫ل صفي الدين الحلي‪:‬‬ ‫ن ذلك قو ُ‬ ‫محاس ِ‬ ‫َ‬
‫شَرهم‬ ‫ت بالمطر‪ ،‬وأن ُيب ّ‬ ‫مبشرا ٍ‬ ‫ح ُ‬ ‫ل الريا َ‬ ‫س َ‬ ‫ن ُير ِ‬ ‫س‪ ..‬أ ْ‬ ‫من ِنعمةِ الله على النا ِ‬ ‫و ِ‬
‫مهم واستجابة‬ ‫ق أحل ِ‬ ‫ل آماِلهم وبلوِغ أمانيهم وتحقي ِ‬ ‫في حياِتهم كذلك‪ ..‬بحصو ِ‬
‫ب من‬ ‫ة الله قري ٌ‬ ‫ن رحم َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ل‪) :‬وادعوه خوفا وطمعا إ ّ‬ ‫ُدعائهم‪ ..‬كما قال عز وج ّ‬
‫مِته حتى إذا أقّلت‬ ‫ح َ‬ ‫ح ُبشرى بين ي َد َيْ َر ْ‬ ‫ل الريا َ‬ ‫س ُ‬ ‫المحسنين وهو الذي ي ُْر ِ‬
‫ت فأنزلنا به الماَء فأخرجنا به من كل الثمرات‬ ‫سقناه لبلد ٍ مي ٍ‬ ‫سحابا ً ِثقال ُ‬
‫ن رّبه والذي‬ ‫ب يخرج نباُته بإذ ِ‬ ‫كرون والبلد ُ الطي ُ‬ ‫كذلك نخرج الموتى لعلكم تذ ّ‬
‫ت لقوم ٍ يشكرون(‪[20].‬‬ ‫ف اليا ِ‬ ‫صّر ُ‬ ‫خبث ل يخرج إل نكدا ً كذلك ن ُ َ‬
‫ض والنبات‪ ..‬وفي إحياِء‬ ‫دها في إحياِء الر ِ‬ ‫ومن نظَر إلى آثارِ رحمةِ الله‪َ ..‬وج َ‬
‫ب الرحمة؛ وقد قال أبو منصور الثعالبي‪:‬‬ ‫القلوب‪ ..‬ببشائر الخير وشآبي ِ‬

‫)‪(2 /‬‬

‫م رحمةٍ بالغةٍ‬
‫وقد أمَر الله عز وجل بالنظر والتذكر في هذا المقام؛ فإنه مقا ُ‬
‫سحابا ً فَيبسطهُ‬‫ح فُتثيُر َ‬
‫ل الريا َ‬ ‫ل جلُله‪) :‬الله الذي ُير ِ‬
‫س ُ‬ ‫ونعمةٍ سابغة‪ ،‬فقال ج ّ‬
‫سفا فترى الوَد ْقَ يخرج من خلِله فإذا أصاب‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫في السماء كيف يشاء ويجعله ك ِ َ‬
‫به من يشاء من عباِده إذا هم يستبشرون وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم‬
‫ض بعد موِتها إن‬‫من قبِله لمبلسين فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الر َ‬
‫ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير(‪ [21].‬وقال تعالى‪) :‬وهو الذي‬

‫‪156‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ي به‬ ‫حي ِ َ‬‫مِته وأنَزْلنا من السماِء ماًء ط َُهورا ً ل ِن ُ ْ‬ ‫ح َ‬‫شَرى بين ي َد َيْ َر ْ‬ ‫ح بُ ْ‬
‫ل الّريا َ‬ ‫س َ‬ ‫أْر َ‬
‫ّ‬
‫صّرفناه بيَنهم ليذ ّكروا‬ ‫ْ‬ ‫ي كثيرا ولقد َ‬ ‫ً‬ ‫س ّ‬ ‫ً‬
‫قَيه مما خلقنا أْنعاما وأنا ِ‬ ‫َ‬ ‫س ِ‬ ‫ً‬
‫ميتا ون ُ ْ‬ ‫ب َْلدة ً َ‬
‫فورًا(‪[22].‬‬ ‫س إل ك ُ ُ‬ ‫فأبى أكثُر النا ِ‬
‫ح‬
‫َ‬ ‫يفر‬ ‫أن‬ ‫الواجب‬ ‫بل‬ ‫الله‪..‬‬ ‫رحمة‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫آثا‬ ‫يرى‬ ‫وهو‬ ‫يقنط‪..‬‬ ‫أن‬ ‫للعبد‪..‬‬ ‫فما ينبغي‬
‫ويستبشَر‪ ،‬قال ابن كثير‪" :‬قوله )بين يدي رحمته(‪ :‬أي بين يدي المطر‪ ،‬كما‬
‫قال )وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي‬
‫ح‬
‫ل الريا َ‬ ‫س َ‬ ‫من آياِته أن ُير ِ‬ ‫الحميد"‪ [23].‬وقال القرطبي رحمه الله‪)" :‬و ِ‬
‫ت(‪ :‬أي ومن أعلم كمال قدرته إرسال الرياح مبشرات‪ :‬أي بالمطر‬ ‫شرا ٍ‬ ‫مب َ ّ‬ ‫ُ‬
‫لنها تتقدمه‪) ...‬وليذيقكم من رحمته( يعني الغيث والخصب"‪[24].‬‬
‫ح الرحمةِ قد هّبت‪..‬‬ ‫ن ريا َ‬ ‫من رحمةِ الله‪ ..‬فإ ّ‬ ‫ن‪ِ ..‬‬ ‫فل تقنط أيها العبد ُ المؤم ُ‬
‫ح‬‫ل الريا َ‬ ‫سك إلى السماء؛ واد ْعُ رّبك الذي )يرس ُ‬ ‫ث النافع‪ ،‬فارفعْ رأ َ‬ ‫ل الغي َ‬ ‫تحم ُ‬
‫ب بعدها‪ ،‬والرياح أنواعٌ في‬ ‫شرات( قال ابن كثير‪" :‬أي بمجيِء السحا ِ‬ ‫مب ّ‬ ‫ُ‬
‫ب‪ ،‬ومنها‪ :‬ما يحمله‪ ،‬ومنها‪:‬‬ ‫ت كثيرةٍ من التسخير‪ :‬فمنها ما ي ُِثيُر السحا َ‬ ‫صفا ٍ‬
‫شرا‪ ،‬ومنها ما يكون قبل ذلك‬ ‫مب ّ‬ ‫ما يسوقه‪ ،‬ومنها‪ :‬ما يكون بين يدي السحاب ُ‬
‫يقم الرض‪ ،‬ومنها‪ :‬ما يلقح السحاب ليمطر"‪[25].‬‬
‫ب‬
‫ة الله قري ٌ‬ ‫ن رحم َ‬ ‫سنة؛ )إ ّ‬ ‫ب وال ّ‬ ‫سكين بالكتا ِ‬ ‫م ّ‬ ‫سنين المت َ‬ ‫ن من المح ِ‬ ‫ن‪ ..‬ك ُ ْ‬ ‫ولك ِ ْ‬
‫ن كّله في‬ ‫ُ‬ ‫والحرما‬ ‫عليهما‪،‬‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫القبا‬ ‫في‬ ‫له‬ ‫ّ‬ ‫ك‬ ‫ر‬
‫ُ‬ ‫فالخي‬ ‫[‬ ‫‪26‬‬ ‫المحسنين(‪].‬‬ ‫من‬
‫م‬
‫حرِ َ‬ ‫ن الله! ما ُ‬ ‫سبحا َ‬ ‫ن قوَله‪ُ " :‬‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫ن القيم ما أ ْ‬ ‫م الله اب َ‬ ‫ح َ‬ ‫ض عنهما‪ ،‬وَر ِ‬ ‫العرا ِ‬
‫من ك ُُنوِز‬ ‫شكاِته ِ‬ ‫م ْ‬ ‫س الِعلم ِ من ِ‬ ‫ي‪ ،‬واقتبا ِ‬ ‫ص الوح ِ‬ ‫ضون عن ُنصو ِ‬ ‫معرِ ُ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ب واسِتنارةِ الَبصائر؟!"]‪[27‬‬ ‫قُلو ِ‬‫من حياةِ ال ُ‬ ‫الذخائر؟! وماذا فاَتهم ِ‬
‫‪----------‬‬
‫]‪ [1‬النبياء ‪.30‬‬
‫]‪ [2‬الواقعة ‪.70-68‬‬
‫]‪ [3‬الملك ‪.30‬‬
‫]‪ [4‬تفسير القرآن العظيم ‪.3/437‬‬
‫]‪ [5‬الحج ‪.5‬‬
‫]‪ [6‬الجامع لحكام القرآن ‪.14-12/13‬‬
‫ق فأحيا‬ ‫َ‬
‫]‪ [7‬البقرة ‪ .164‬وفي الجاثية ‪) :5‬وما أنزل الله من السماء من رز ٍ‬
‫ض بعد موِتها(‪.‬‬ ‫به الر َ‬
‫]‪ [8‬النحل ‪.65‬‬
‫]‪ [9‬العنكبوت ‪.63‬‬
‫]‪ [10‬يس ‪.33‬‬
‫]‪ [11‬ق ‪.11-9‬‬
‫]‪ [12‬فاطر ‪.9‬‬
‫]‪ [13‬الروم ‪.19‬‬
‫]‪ [14‬تفسير القرآن العظيم ‪.3/209‬‬
‫]‪ [15‬الرعد ‪.5‬‬
‫]‪ [16‬زاد المسير ‪.5/408‬‬
‫]‪ [17‬إعلم الموقعين لبن القيم ‪.1/144‬‬
‫]‪ [18‬تفسير القرآن العظيم ‪.4/103‬‬
‫]‪ [19‬رواه البخاري في كتاب العلم‪ .‬فتح الباري ‪.1/236‬‬
‫]‪ [20‬العراف ‪.58-56‬‬
‫]‪ [21‬الروم ‪.50-48‬‬
‫]‪ [22‬الفرقان ‪.50-48‬‬

‫‪157‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫تفسير القرآن العظيم ‪.2/223‬‬ ‫]‪[23‬‬


‫الجامع لحكام القرآن ‪.14/43‬‬ ‫]‪[24‬‬
‫تفسير القرآن العظيم ‪.3/321‬‬ ‫]‪[25‬‬
‫العراف ‪.56‬‬ ‫]‪[26‬‬
‫مدارج السالكين ‪.1/5‬‬ ‫]‪[27‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫خير أيام الدنيا ماذا يشرع فيها ‪... ... ...‬‬


‫من رحمة الله )تبارك وتعالى( أن فاضل بين الزمنة‪ ،‬فاصطفى واجتبى منها‬
‫ن ل َهُ ُ‬
‫م‬ ‫ما َ‬
‫كا َ‬ ‫خَتاُر َ‬‫شاُء وَي َ ْ‬ ‫خل ُقُ َ‬
‫ما ي َ َ‬ ‫ك يَ ْ‬‫ما شاء بحكمته‪ ،‬قال )عز وجل(‪)) :‬وََرب ّ َ‬
‫ة‪] ((..‬القصص‪ [68 :‬وذلك التفضيل من فضله وإحسانه؛ ليكون عونا ً‬ ‫خي ََر ُ‬
‫ال ِ‬
‫للمسلم على تجديد النشاط‪ ،‬وزيادة الجر‪ ،‬والقرب من الله )تعالى(‪ .‬ونظرة‬
‫في واقع الكثير تنبئك عن جهل كبير بفضائل الوقات‪ ،‬ومن أكبر الدلة على‬
‫ذلك‪ :‬الغفلة عن اغتنامها‪ ،‬مما يؤدي إلى الحرمان من الجر‪.‬‬
‫والمر الذي يحتاج إلى وقفة تأمل‪ :‬التباين الكبير بين كون عشر ذي الحجة‬
‫أفضل أيام الدنيا‪ ،‬والعمل الصالح فيها أحب إلى الله من العمل فيما سواها‪،‬‬
‫وبين واقع الناس وحالهم في تلك العشر‪ ،‬فالكثير ل يحرك ساكنًا‪ ،‬والكثر لم‬
‫سّنة التكبير المطلق‬ ‫يقم المر عنده ولم يقعد‪ ،‬ومن مظاهر ذلك مثل ً هجر ُ‬
‫وهي من شعائر تلك اليام‪.‬‬
‫وعلى الرغم من أن هذه اليام أعظم من أيام رمضان‪ ،‬والعمل فيها أفضل‪،‬‬
‫إل أنه ل يحصل فيها ولو شيء مما يحصل في رمضان؛ من النشاط في عمل‬
‫الخرة‪ ،‬ول غرو‪ ،‬فالفارق بين الزمنين واضح‪ ،‬فقد اختص رمضان بما لم‬
‫تختص به العشر‪ ،‬ومن ذلك‪:‬‬
‫وقوع فريضة الصوم فيه‪ ،‬وهي )فريضة العام( على كل مسلم‪ ،‬مع ما يكون‬
‫فيها من تربية للمسلم‪ ،‬وزيادة ليمانه‪ ،‬بخلف الحج فهو فريضة العمر‪.‬‬
‫ارتباط رمضان بنزول القرآن فيه مما جعله شهر القرآن‪ ،‬وذلك له أثر كبير‬
‫في إقبال الناس فيه على كتاب الله الكريم‪.‬‬
‫الترغيب الخاص بقيام لياليه‪ ،‬وهدي النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬في قيام‬
‫العشر‪ ،‬وتحري ليلة القدر‪.‬‬
‫صا متميزا تنقلب حياة الّناس فيه‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫وهذه المور الثلثة جعلت لرمضان جوّا خا ّ‬
‫وتتغير أّيا كان نوع ذلك التغير‪.‬‬
‫ما يحصل في رمضان من تصفيد الشياطين‪ ،‬وفتح أبواب الجنة‪ ،‬وإغلق أبواب‬
‫النيران‪ ،‬مما يكون له أعظم الثر في انبعاث الناس للعبادة وحماسهم لها‪.‬‬
‫فيكون ذلك حافزا ً للعلماء والدعاة والئمة والخطباء ليخاطبوا قلوب الناس‪،‬‬
‫ما دامت مقبلة على الخير‪.‬‬
‫ً‬
‫كل ذلك وغيره يجعل هذه العشر ابتلًء وامتحانا للناس‪ ،‬فل يحصل فيها من‬
‫المعونة على الخير كما يحصل في رمضان‪ ،‬والموفق من وفقه الله‪ ،‬فشمر‬
‫وجد واجتهد‪.‬‬
‫فضل عشر ذي الحجة‪:‬‬
‫قد دل على فضلها أمور )‪:(1‬‬
‫ر(( ]الفجر‪ [2 ،1 :‬قال غير واحد‪:‬‬ ‫ش ٍ‬‫ل عَ ْ‬ ‫َ‬
‫جر وَلَيا ٍ‬
‫ف ْ‬‫الول‪ :‬قال )تعالى(‪َ)) :‬وال ْ َ‬
‫إنها عشر ذي الحجة‪ ،‬وهو الصحيح)‪ .(2‬ولم يثبت عن النبي ‪-‬صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ -‬شيء في تعيينها‪.‬‬

‫‪158‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الثاني‪ :‬أن النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬شهد أنها أعظم أيام الدنيا‪ ،‬وجاء‬
‫ذلك في أحاديث كثيرة منها‪ :‬قوله )ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى‬
‫الله من هذه اليام العشر‪ ،‬فقالوا‪ :‬يارسول الله‪ ،‬ول الجهاد في سبيل الله؟‬
‫فقال رسول الله ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ : -‬ول الجهاد في سبيل الله‪ ،‬إل رجل‬
‫خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء()‪.(3‬‬
‫وقوله ‪) :‬ما من أيام أعظم عند الله‪ ،‬ول أحب إليه من العمل فيهن‪ ،‬من هذه‬
‫العشر‪ ،‬فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد()‪ ،(4‬والمراد في‬
‫الحديثين‪) :‬أن كل يوم من أيام العشر أفضل من غيره من أيام السنة‪ ،‬سواء‬
‫أكان يوم الجمعة أم ل‪ ،‬ويوم الجمعة فيه أفضل من الجمعة في غيره؛‬
‫لجتماع الفضلين فيه()‪.(5‬‬
‫الثالث‪ :‬أنه حث على العمل الصالح فيها‪ ،‬وأمر بكثرة التهليل والتكبير‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬أن فيها يوم عرفة ويوم النحر‪.‬‬
‫الخامس‪ :‬أنها مكان لجتماع أمهات العبادة فيها‪ ،‬وهي‪ :‬الصلة‪ ،‬والصيام‪،‬‬
‫والصدقة‪ ،‬والحج‪ ،‬ول يتأتى ذلك في غيرها)‪.(6‬‬
‫أنواع العمل الصالح في أيام العشر‪:‬‬
‫ً‬
‫وحيث ثبتت فضيلة الزمان ثبتت فضيلة العمل فيه‪ ،‬وأيضا فقد جاء النص على‬
‫محبة الله للعمل في العشر‪ ،‬فيكون أفضل‪ ،‬فتثبت فضيلة العمل من وجهين‪.‬‬
‫وأنواع العمل فيها ما يلي‪:‬‬
‫الول‪ :‬التوبة النصوح‪:‬‬
‫وهي الرجوع إلى الله )تعالى(‪ ،‬مما يكرهه ظاهرا ً وباطنا ً إلى ما يحبه ظاهرا ً‬
‫وباطنًا‪ ،‬ندما ً على ما مضى‪ ،‬وتركا ً في الحال‪ ،‬وعزما ً على أل يعود‪ .‬وما يتاب‬
‫منه يشمل‪ :‬ترك الواجبات‪ ،‬وفعل المحرمات‪ .‬وهي واجبة على المسلم حين‬
‫يقع في معصية‪ ،‬في أي وقت كان؛ لنه ل يدري في أي لحظة يموت‪ ،‬ثم إن‬
‫السيئات يجر بعضها بعضًا‪ ،‬والمعاصي تكون غليظة ويزداد عقابها بقدر فضيلة‬
‫مُنوا ُتوُبوا إَلى الل ّهِ ت َوْب َ ً‬ ‫َ‬
‫ة‬ ‫نآ َ‬ ‫الزمان والمكان؛ قال )تعالى(‪َ)) :‬يا أي َّها ال َ ِ‬
‫ذي َ‬
‫صح في‬ ‫صوحًا(( ]التحريم‪ ،[8 :‬وقد ذكر ابن القيم )رحمه الله تعالى(‪ :‬أن الن ّ ْ‬ ‫نّ ُ‬
‫التوبة يتضمن ثلثة أشياء‪:‬‬
‫استغراق جميع الذنوب‪ ،‬و إجماع العزم والصدق‪ ،‬و تخليصها من الشوائب‬
‫والعلل‪ ،‬وهي أكمل ما يكون من التوبة)‪.(7‬‬
‫الثاني‪ :‬أداء الحج والعمرة‪:‬‬
‫وهما واقعان في العشر‪ ،‬باعتبار وقوع معظم مناسك الحج فيها‪ ،‬ولقد رغب‬
‫النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬في هاتين العبادتين العظيمتين‪ ،‬وحث عليهما؛‬
‫لن في ذلك تطهيرا ً للنفس من آثار الذنوب ودنس المعاصي‪ ،‬ليصبح أهل ً‬
‫لكرامة الله )تعالى( في الخرة‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫الثالث‪ :‬المحافظة على الواجبات‪:‬‬


‫والمقصود‪ :‬أداؤها في أوقاتها وإحسانها بإتمامها على الصفة الشرعية الثابتة‬
‫عن رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ ،-‬ومراعاة سننها وآدابها‪ .‬وهي أول ما‬
‫ينشغل به العبد في حياته كلها؛ روى البخاري عن أبي هريرة )رضي الله عنه(‬
‫قال‪ :‬قال رسول الله ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪) :-‬إن الله قال‪ :‬من عادى لي‬
‫ي مما افترضته‬‫ي عبدي بشيء أحب إل ّ‬ ‫ولي ّا ً فقد آذنته بالحرب‪ ،‬وما تقرب إل ّ‬
‫ي بالنوافل حتى أحبه‪ ،‬فإذا أحببته‪ :‬كنت سمعه‬ ‫عليه‪ ،‬وما يزال عبدي يتقرب إل ّ‬

‫‪159‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الذي يسمع به‪ ،‬وبصره الذي يبصر به‪ ،‬ويده التي يبطش بها‪ ،‬ورجله التي‬
‫يمشي بها‪ ،‬وإن سألني لعطينه‪ ،‬ولئن استعاذ بي لعيذنه‪ ،‬وما ترددت عن‬
‫شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن‪ ،‬يكره الموت‪ ،‬وأنا أكره مساءته()‬
‫‪.(8‬‬
‫قال الحافظ‪) :‬وفي التيان بالفرائض على الوجه المأمور به‪ :‬امتثال المر‪،‬‬
‫واحترام المر‪ ،‬وتعظيمه بالنقياد إليه‪ ،‬وإظهار عظمة الربوبية‪ ،‬وذل العبودية‪،‬‬
‫فكان التقرب بذلك أعظم العمل()‪ .(9‬والمحافظة على الواجبات صفة من‬
‫م‬
‫ن هُ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫الصفات التي امتدح الله بها عباده المؤمنين‪ ،‬قال )عز وجل(‪َ)) :‬وال ّ ِ‬
‫ن(( ]المعارج‪ ،[34 :‬وتتأكد هذه المحافظة في هذه‬ ‫ظو َ‬ ‫حافِ ُ‬ ‫م يُ َ‬ ‫عََلى َ‬
‫صلت ِهِ ْ‬
‫اليام‪ ،‬لمحبة الله للعمل فيها‪ ،‬ومضاعفة الجر‪.‬‬
‫الرابع‪ :‬الكثار من العمال الصالحة‪:‬‬
‫إن العمل الصالح محبوب لله )تعالى( في كل زمان ومكان‪ ،‬ويتأكد في هذه‬
‫اليام المباركة‪ ،‬وهذا يعني فضل العمل فيها‪ ،‬وعظم ثوابه‪ ،‬فمن لم يمكنه‬
‫الحج فعليه أن يعمر وقته في هذه العشر بطاعة الله )تعالى(‪ ،‬من‪ :‬الصلة‪،‬‬
‫وقراءة القرآن‪ ،‬والذكر‪ ،‬والدعاء‪ ،‬والصدقة‪ ،‬وبر الوالدين‪ ،‬وصلة الرحام‪،‬‬
‫والمر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ..‬وغير ذلك من طرق الخير‪ ،‬وهذا من‬
‫أعظم السباب لجلب محبة الله )تعالى(‪.‬‬
‫الخامس‪ :‬الذكر‪:‬‬
‫وله مزية على غيره من العمال؛ للنص عليه في قوله )تعالى(‪)) :‬وَي َذ ْك ُُروا‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م(( ]الحج‪[28 :‬‬ ‫مةِ الن َْعا ِ‬
‫ن ب َِهي َ‬
‫م ْ‬ ‫ت عََلى َ‬
‫ما َرَزقَُهم ّ‬ ‫معُْلو َ‬
‫ما ٍ‬ ‫م الل ّهِ ِفي أّيام ٍ ّ‬
‫س َ‬‫ا ْ‬
‫قال ابن عباس‪ :‬أيام العشر)‪ ،(10‬أي‪ :‬يحمدونه ويشكرونه على ما رزقهم من‬
‫بهيمة النعام‪ ،‬ويدخل فيه‪ :‬التكبير والتسمية على الضحية والهدي)‪،(11‬‬
‫ولقوله‪) :‬فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد(‪.‬‬
‫السادس‪ :‬التكبير‪:‬‬
‫يسن إظهار التكبير في المساجد والمنازل والطرقات والسواق‪ ،‬وغيرها‪،‬‬
‫يجهر به الرجال‪ ،‬وتسر به المرأة‪ ،‬إعلنا ً بتعظيم الله )تعالى(‪.‬‬
‫وأما صيغة التكبير فلم يثبت فيها شيء مرفوع‪ ،‬وأصح ما ورد فيه‪ :‬قول‬
‫سلمان‪) :‬كبروا الله‪ :‬الله أكبر‪ ،‬الله أكبر‪ ،‬الله أكبر كبيرًا(‪ .‬وهناك صيغ‬
‫وصفات أخرى واردة عن الصحابة والتابعين)‪.(12‬‬
‫والتكبير صار عند بعض الناس من السنن المهجورة‪ ،‬وهي فرصة لكسب‬
‫الجر بإحياء هذه السنة‪ ،‬قال ‪) :‬من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي‪ ،‬فإن‬
‫له من الجر مثل من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئًا()‪.(13‬‬
‫وقد ثبت أن ابن عمر وأبا هريرة كانا يخرجان إلى السوق أيام العشر يكبران‬
‫ويكبر الناس بتكبيرهما)‪ .(14‬والمراد‪ :‬يتذكر الناس التكبير‪ ،‬فيكبرون بسبب‬
‫تكبيرهما‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬
‫والتكبير الجماعي بصوت واحد متوافق‪ ،‬أو تكبير شخص ترد خلفه مجموعة‪:‬‬
‫من البدع التي ينبغي على المسلم الحريص على اتباع سنة النبي ‪-‬صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ -‬اجتنابها والبعد عنها‪ ،‬أما الجاهل بصفة التكبير فيجوز تلقينه حتى‬
‫يتعلم‪ ،‬فإن قيل‪ :‬إن التكبير الجماعي سبب لحياء هذه السنة‪ ،‬فإنه يجاب‬
‫عليه‪ :‬بأن الجهر بالتكبير إحياء للسنة‪ ،‬دون أن يكون جماعّيا‪ ،‬ومن أراد فعل‬
‫السنة‪ ،‬فإنه ل ينتظر فعل الناس لها‪ ،‬بل يكون أول الناس مبادرة إليها‪،‬‬
‫ليقتدي به غيره‪.‬‬
‫السابع‪ :‬الصيام‪:‬‬
‫عن حفصة )رضي الله عنها( قالت‪) :‬أربع لم يكن يدعهن النبي ‪-‬صلى الله‬

‫‪160‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫عليه وسلم‪ :-‬صيام عاشوراء‪ ،‬والعشر‪ ،‬وثلثة أيام من كل شهر‪ ،‬والركعتين‬


‫قبل الغداة()‪ .(15‬والمقصود‪ :‬صيام التسع أو بعضها؛ لن العيد ل يصام‪ ،‬وأما‬
‫ما اشتهر عند العوام ول سيما النساء من صيام ثلث الحجة‪ ،‬يقصدون بها‬
‫اليوم السابع والثامن والتاسع‪ ،‬فهذا التخصيص ل أصل له‪.‬‬
‫الثامن‪ :‬الضحية‪:‬‬
‫وهي سنة مؤكدة في حق الموسر‪ ،‬وقال بعضهم كابن تيمية بوجوبها)‪،(16‬‬
‫حْر((‬ ‫ل ل َِرب ّ َ‬
‫ك َوان ْ َ‬ ‫وقد أمر الله بها نبيه ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ ،-‬فقال‪)) :‬فَ َ‬
‫ص ّ‬
‫]الكوثر‪ [2 :‬فيدخل في الية صلة العيد‪ ،‬ونحر الضاحي‪ ،‬فقد كان النبي‬
‫‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬يحافظ عليها‪ ،‬قال ابن عمر )رضي الله عنهما(‪ :‬أقام‬
‫النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬بالمدينة عشر سنين يضحي)‪.(17‬‬
‫التاسع‪ :‬صلة العيد‪:‬‬
‫دا‪ ،‬والقول بوجوبها قوي)‪ (18‬فينبغي حضورها‪ ،‬وسماع‬ ‫وهي متأكدة ج ّ‬
‫الخطبة‪ ،‬وتدبر الحكمة من شرعية هذا العيد‪ ،‬وأنه يوم شكر وعمل صالح‪.‬‬
‫يوم عرفة‪:‬‬
‫وقد زاد هذا اليوم فضل ومزية على غيره‪ ،‬فاستحق أن يخص بحديث مستقل‬‫ً‬
‫يكشف عن أوجه تفضيله وتشريفه‪ ،‬ومن تلك الوجه ما يلي‪:‬‬
‫أو ً‬
‫ل‪ :‬أنه يوم إكمال الدين وإتمام النعمة‪:‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫روى البخاري)‪ :(19‬قالت اليهود لعمر‪ :‬إنكم تقرؤون آية‪ ،‬لو نزلت فينا‬
‫لتخذناها عيدًا‪ ،‬فقال عمر‪ :‬إني لعلم حيث أنزلت‪ ،‬وأين أنزلت‪ ،‬وأين كان‬
‫رسول الله حين أنزلت‪ :‬يوم عرفة‪ ،‬إنا والله بعرفة‪ ،‬قال سفيان‪ :‬وأشك كان‬
‫َ‬ ‫يوم الجمعة أم ل‪)) :‬ال ْيو َ‬
‫ت‬
‫ضي ُ‬ ‫مِتي وََر ِ‬ ‫ت عَل َي ْك ُ ْ‬
‫م ن ِعْ َ‬ ‫م ُ‬‫م ْ‬‫م وَأت ْ َ‬ ‫م ِدين َك ُ ْ‬‫ت ل َك ُ ْ‬‫مل ْ ُ‬ ‫م أك ْ َ‬
‫َ ْ َ‬
‫م ِدينًا(( ]المائدة‪ .[3 :‬وإكمال الدين في ذلك اليوم حصل؛ لن‬ ‫سل َ‬ ‫م ال ْ‬ ‫ل َك ُ ُ‬
‫المسلمين لم يكونوا حجوا حجة السلم من قبل‪ ،‬فكمل بذلك دينهم‬
‫لستكمالهم عمل أركان السلم كلها‪ ،‬ولن الله أعاد الحج على قواعد‬
‫إبراهيم )عليه السلم(‪ ،‬ونفى الشرك وأهله‪ ،‬فلم يختلط بالمسلمين في ذلك‬
‫الموقف منهم أحد‪ .‬وأما إتمام النعمة فإنما حصل بالمغفرة‪ ،‬فل تتم النعمة‬
‫َ‬
‫م‬‫خَر وَي ُت ِ ّ‬‫ما ت َأ ّ‬‫ك وَ َ‬‫من ذ َن ْب ِ َ‬ ‫م ِ‬‫قد ّ َ‬‫ما ت َ َ‬‫ه َ‬ ‫ك الل ّ ُ‬
‫فَر ل َ َ‬ ‫بدونها‪ ،‬كما قال الله لنبيه‪)) :‬ل ِي َغْ ِ‬
‫ك((]الفتح‪.(20)[2 :‬‬ ‫ه عَل َي ْ َ‬
‫مت َ ُ‬‫ن ِعْ َ‬
‫ثانيًا‪ :‬أنه يوم عيد‪:‬‬
‫عن أبي أمامة أن النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬قال‪) :‬يوم عرفة‪ ،‬ويوم‬
‫النحر‪ ،‬وأيام التشريق عيدنا أهل السلم‪ ،‬وهي أيام أكل وشرب()‪.(21‬‬
‫ثالثًا‪ :‬أن صيامه يكفر سنتين‪:‬‬
‫قال عن صيامه‪) :‬يكفر السنة الماضية والباقية()‪.(22‬‬
‫رابعًا‪ :‬أنه يوم مغفرة الذنوب‪ ،‬والعتق من النار‪:‬‬
‫عن عائشة )رضي الله عنها( أن رسول الله ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬قال‪) :‬ما‬
‫من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدا ً من النار من يوم عرفة‪ ،‬وإنه ليدنو ثم‬
‫يباهي بهم الملئكة‪ ،‬فيقول‪ :‬ما أراد هؤلء؟()‪ (23‬قال ابن عبد البر‪) :‬وهو يدل‬
‫على أنهم مغفور لهم؛ لنه ل يباهي بأهل الخطايا والذنوب‪ ،‬إل بعد التوبة‬
‫والغفران‪ ،‬والله أعلم()‪.(24‬‬
‫العمال المشروعة فيه‪:‬‬
‫ل‪ :‬صيام ذلك اليوم‪:‬‬ ‫أو ً‬

‫‪161‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ب على الله أن يكفر‬ ‫َ‬


‫س ُ‬
‫حت َ ِ‬
‫ففي صحيح مسلم قال‪...) :‬صيام يوم عرفة أ ْ‬
‫السنة التي قبله‪ ،‬والسنة التي بعده‪ .(25)(...‬وصومه إنما شرع لغير الحاج‪،‬‬
‫أما الحاج فل يجوز له ذلك‪ .‬ويتأكد حفظ الجوارح عن المحرمات في ذلك‬
‫مَلك فيه سمعه‬ ‫اليوم‪ ،‬كما في حديث ابن عباس‪ ،‬وفيه‪) :‬إن هذا اليوم من َ‬
‫غفر له()‪ .(26‬ول يخفى أن حفظ الجوارح فيه حفظ لصيام‬ ‫وبصره ولسانه‪ُ :‬‬
‫الصائم‪ ،‬وحج الحاج‪ ،‬فاجتمعت عدة أسباب معينة على الطاعة وترك‬
‫المعصية‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬الكثار من الذكر والدعاء‪:‬‬
‫قال النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪):-‬خير الدعاء دعاء يوم عرفة‪ ،‬وخير ما قلت‬
‫أنا والنبيون من قبلي‪ :‬ل إله إل الله‪ ،‬وحده ل شريك له‪ ،‬له الملك وله الحمد‪،‬‬
‫وهو على كل شيء قدير()‪ ،(27‬قال ابن عبد البر‪) :‬وفي الحديث دليل على‬
‫أن دعاء يوم عرفة مجاب في الغلب‪ ،‬وأن أفضل الذكر‪ :‬ل إله إل الله()‪.(28‬‬
‫قال الخطابي‪) :‬معناه‪ :‬أكثر ما أفتتح به دعائي وأقدمه أمامه من ثنائي على‬
‫الله )عز وجل(‪ ،‬وذلك أن الداعي يفتتح دعاءه بالثناء على الله )سبحانه‬
‫وتعالى(‪ ،‬ويقدمه أمام مسألته‪ ،‬فسمي الثناء دعاء‪.(29)(...‬‬
‫ثالثًا‪ :‬التكبير‪:‬‬
‫سبق في بيان وظائف العشر أن التكبير فيها مستحب كل وقت‪ ،‬في كل‬
‫مكان يجوز فيه ذكر الله )تعالى(‪ .‬وكلم العلماء فيه يدل على أن التكبير‬
‫نوعان‪:‬‬
‫الول‪ :‬التكبير المطلق‪ :‬وهو المشروع في كل وقت من ليل أو نهار‪ ،‬ويبدأ‬
‫بدخول شهر ذي الحجة‪ ،‬ويستمر إلى آخر أيام التشريق‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬التكبير المقيد‪ :‬وهو الذي يكون عقب الصلوات‪ ،‬والمختار‪ :‬أنه عقب‬
‫كل صلة‪ ،‬أّيا كانت‪ ،‬وأنه يبدأ من صبح عرفة إلى آخر أيام التشريق)‪.(30‬‬
‫وخلصة القول‪ :‬أن التكبير يوم عرفة والعيد‪ ،‬وأيام التشريق يشرع في كل‬
‫وقت وهو المطلق‪ ،‬ويشرع عقب كل صلة وهو المقيد‪.‬‬
‫يوم النحر‪:‬‬
‫لهذا اليوم فضائل عديدة‪ :‬فهو يوم الحج الكبر)‪ .(31‬وهو أفضل أيام العام؛‬
‫لحديث‪) :‬إن أعظم اليام عند الله )تبارك وتعالى(‪ :‬يوم النحر‪ ،‬ثم يوم القّر()‬
‫‪ (32‬وهو بذلك أفضل من عيد الفطر‪ ،‬ولكونه يجتمع فيه الصلة والنحر‪ ،‬وهما‬
‫أفضل من الصلة والصدقة)‪.(33‬‬
‫وقد اعتبرت العياد في الشعوب والمم أيام لذة وانطلق‪ ،‬وتحلل وإسراف‪،‬‬
‫ولكن السلم صبغ العيدين بصبغة العبادة والخشوع إلى جانب الفسحة واللهو‬
‫المباح)‪ .(34‬وقد شرع في يوم النحر من العمال العظيمة كالصلة‪ ،‬والتكبير‪،‬‬
‫ونحر الهدي‪ ،‬والضاحي‪ ،‬وبعض من مناسك الحج ما يجعله موسما ً مباركا ً‬
‫للتقرب إلى الله )تعالى(‪ ،‬وطلب مرضاته‪ ،‬ل كما هو حال الكثير ممن جعله‬
‫يوم لهو ولعب فحسب‪ ،‬إن لم يجعله يوم أشر وبطر‪ ،‬والعياذ بالله‪.‬‬
‫أيام التشريق‪:‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫وهي اليام الثلثة التالية ليوم النحر)‪ ،(35‬وهي التي عناها الله )تعالى( بقوله‪:‬‬
‫َ‬
‫ت((]البقرة‪ ،[203 :‬كما جاء عن ابن عباس)‬ ‫دوَدا ٍ‬
‫معْ ُ‬ ‫))َواذ ْك ُُروا الل ّ َ‬
‫ه ِفي أّيام ٍ ّ‬
‫‪ ،(36‬وذكر القرطبي أنه ل خلف في كونها أيام التشريق)‪ .(37‬وهي أيام عيد‬
‫للمسلمين؛ لحديث‪) :‬يوم عرفة‪ ،‬ويوم النحر‪ ،‬وأيام منى‪ :‬عيدنا أهل السلم()‬

‫‪162‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ .(38‬وقد نهي عن صيامها‪ ،‬وهي واقعة بعد العشر الفاضلة‪ ،‬فتشرف‬


‫بالمجاورة أيضًا‪ ،‬وتشترك معها بوقوع بعض أعمال الحج فيها‪ ،‬ويدخل فيها‬
‫يوم النحر‪ ،‬فيعظم شرفها وفضلها بذلك كله)‪ .(39‬كما أن ثانيها وهو يوم‬
‫القر‪ ،‬وهو الحادي عشر أفضل اليام بعد يوم النحر‪ ،‬وهذه اليام الربعة هي‬
‫أيام نحر الهدي والضاحي على الراجح من أقوال أهل العلم؛ تعظيما ً لله‬
‫ل‪ ،‬وهذه اليام من أيام العبادة والذكر والفرح‪،‬‬ ‫)تعالى(‪ ،‬وهذا مما يزيدها فض ً‬
‫قال فيها النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪) : -‬أيام التشريق أيام أكل وشرب‪،‬‬
‫وذكر لله()‪ ،(40‬فهي أيام إظهار الفرح والسرور بنعم الله العظيمة‪ ،‬وفي‬
‫الحديث إشارة إلى الستعانة بالكل والشرب على ذكر الله‪ ،‬وهذا من شكر‬
‫النعم)‪ .(41‬وذكر الله المأمور به في الحديث أنواع متعددة منها‪:‬‬
‫‪ 1-‬التكبير فيها‪ :‬عقب الصلوات‪ ،‬وفي كل وقت‪ ،‬مطلقا ً ومقيدًا‪ ،‬كما هو ظاهر‬
‫الية‪ ،‬وبه يتحقق كونها أيام ذكر لله)‪.(42‬‬
‫‪ 2-‬ذكر الله )تعالى( بالتسمية والتكبير عند نحر الهدي والضاحي‪.‬‬
‫‪ 3-‬ذكره عند الكل والشرب‪ ،‬وكذا أذكار الحوال الخرى‪.‬‬
‫‪ 4-‬التكبير عند رمي الجمار‪.‬‬
‫‪ 5-‬ذكر الله )تعالى( المطلق)‪.(43‬‬
‫هذه ذكرى‪ ،‬أسأل الله أن ينفع بها‪ ،‬وأعوذ بالله من أن يكون أهل البدع أجلد‬
‫في بدعهم‪ ،‬وأنشط في باطلهم‪ ،‬من أهل الحق في فعل الخير والستقامة‬
‫على السنة‪.‬‬
‫============‬
‫الهوامش ‪:‬‬
‫)‪ 1‬انظر‪) :‬مجالس عشر ذي الحجة( للشيخ ‪ /‬عبد الله بن صالح الفوزان‪.‬‬
‫)‪ 2‬تفسير ابن كثير‪ ،‬جـ ‪ 4‬ص ‪.505‬‬
‫)‪ 3‬أخرجه البخاري‪ ،‬ح‪ ،969/‬و الترمذي‪ ،‬ح‪ ،757/‬واللفظ له‪.‬‬
‫)‪ 4‬أخرجه أحمد‪ ،‬جـ ‪2‬ص ‪ ،132 ،75‬وقال أحمد شاكر‪ :‬إسناده صحيح‪.‬‬
‫)‪ 5‬فتح الباري‪ ،‬جـ ‪2‬ص ‪.534‬‬
‫)‪ 6‬انظر‪ :‬المصدر السابق‪.‬‬
‫)‪ 7‬انظر‪ :‬مدارج السالكين‪ ،‬جـ ‪ 1‬ص ‪.317 ،316‬‬
‫)‪ 8‬أخرجه البخاري‪ ،‬ح‪.6502/‬‬
‫)‪ 9‬فتح الباري‪ ،‬جـ ‪ 11‬ص ‪.351‬‬
‫)‪ 10‬صحيح البخاري‪ ،‬كتاب العيدين‪ ،‬باب فضل العمل في أيام التشريق‪.‬‬
‫)‪ 11‬انظر‪ :‬مجموع الفتاوى لبن تيمية‪ ،‬جـ ‪ 24‬ص ‪.225‬‬
‫)‪ 12‬فتح الباري‪ ،‬جـ ‪ 2‬ص ‪ ،536‬وقال الحافظ‪) :‬وقد أحدث في هذا الزمان‬
‫زيادة ل أصل لها(‪.‬‬
‫)‪ 13‬أخرجه ابن ماجة‪ ،‬ح‪ ،209/‬وانظر‪ :‬صحيح سنن ابن ماجة‪ ،‬ح‪.173/‬‬
‫)‪ 14‬البخاري‪ ،‬كتاب العيدين‪ ،‬باب العمل في أيام التشريق‪.‬‬
‫)‪ 15‬انظر‪ :‬المسند‪ ،‬جـ ‪ 6‬ص ‪.287‬‬
‫)‪ 16‬انظر‪ :‬مجموع الفتاوى‪ ،‬جـ ‪ 23‬ص ‪.164 ،162‬‬
‫)‪ 17‬المسند‪ ،‬جـ ‪ 2‬ص ‪ ،38‬وقال أحمد شاكر‪ :‬إسناده صحيح‪ ،‬والترمذي‪ ،‬ح‪/‬‬
‫‪ ،1559‬وضعفه اللباني في ضعيف سنن الترمذي‪ ،‬ح‪.261/‬‬
‫)‪ 18‬انظر‪ :‬الفتاوى‪ ،‬جـ ‪ 23‬ص ‪.161‬‬
‫)‪ 19‬ح‪.4606/‬‬
‫)‪ 20‬انظر‪ :‬لطائف المعارف‪ ،‬ص ‪.486،487‬‬
‫)‪ 21‬رواه أبو داود‪ ،‬ح‪ ،2419/‬وانظر صحيح سنن أبي داود‪ ،‬ح‪.2144/‬‬

‫‪163‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪ 22‬أخرجه مسلم‪ ،‬ح‪.1163/‬‬


‫)‪ 23‬أخرجه مسلم‪ ،‬ح‪.1348/‬‬
‫)‪ 24‬انظر‪ :‬التمهيد لبن عبد البر‪ ،‬ج ‪1‬ص ‪.120‬‬
‫)‪ 25‬مسلم‪ ،‬ح‪.1162/‬‬
‫)‪ 26‬المسند‪ ،‬ج ‪1‬ص ‪ ،329‬وصحح أحمد شاكر إسناده‪ ،‬ح‪.3042/‬‬
‫)‪ 27‬الترمذي‪ ،‬ح‪ ،2837/‬ومالك‪ ،‬ج ‪1‬ص ‪ ،422‬ح‪ ،246/‬وصححه اللباني‪.‬‬
‫)‪ 28‬التمهيد‪،‬ج ‪6‬ص ‪.41‬‬
‫)‪ 29‬مجالس عشر ذي الحجة‪ ،‬لعبد الله الفوزان‪ ،‬ص ‪.970‬‬
‫)‪ 30‬انظر‪ :‬الفتح‪ ،‬ج ‪2‬ص ‪ ،535‬والفتاوى ج ‪24‬ص ‪.220‬‬
‫)‪ 31‬سن أبي داود‪ ،‬ح‪ ،1945/‬وانظر‪ :‬صحيح سنن أبي داود‪ ،‬ح‪،1714/‬‬
‫والبخاري‪ ،‬ح‪ 4657/‬تعليقا‪.‬‬
‫)‪ 32‬سنن أبي داود‪ ،‬ح‪ ،1765/‬وانظر‪ :‬صحيح سنن أبي داود‪ ،‬ح‪ ،1552/‬ويوم‬
‫القر هو‪ :‬اليوم الذي يلي يوم النحر ‪ ،‬سمي بذلك لن الناس يقرون فيه بمنى‪.‬‬
‫)‪ 33‬لطائف المعارف‪ ،‬ص ‪.483 ،482‬‬
‫)‪ 34‬انظر‪ :‬الركان الربعة‪ ،‬ص ‪.60‬‬
‫)‪ 35‬وسميت أيام التشريق؛ لن الناس يشرقون فيها لحوم الهدي والضاحي‪،‬‬
‫أي‪ :‬يقددونها وينشرونها في الشمس‪.‬‬
‫)‪ 36‬البخاري تعليقا‪ ،‬وله إسناد صحيح ‪ ،‬الفتح ج ‪2‬ص ‪.530‬‬
‫)‪ 37‬تفسير القرطبي‪ ،‬ج ‪3‬ص ‪.3‬‬
‫)‪ 38‬أخرجه أبو داود‪ ،‬ح‪ ،2419/‬وانظر صحيح سنن أبي داود‪ ،‬ح‪.2114/‬‬
‫)‪ 39‬انظر‪ :‬فتح الباري‪ ،‬ج ‪2‬ص ‪.533 ،532‬‬
‫)‪ 40‬أخرجه مسلم‪ ،‬ح‪.1141/‬‬
‫)‪ 41‬انظر‪ :‬لطائف المعارف‪ ،‬ص ‪.504‬‬
‫)‪ 42‬انظر‪ :‬نيل الوطار‪ ،‬ج ‪3‬ص ‪.389‬‬
‫)‪ 43‬انظر‪ :‬لطائف المعارف‪ ،‬ص ‪.502 ،501‬‬
‫كاتب المقال‪ :‬عبد الحكيم بن محمد بلل‬
‫المصدر‪ :‬مجلة البيان‬
‫‪...‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫خير العمال في رمضان‬


‫أول ً ‪ :‬الصوم‬
‫‪...‬‬
‫ً‬
‫سادسا ً ‪ :‬العتكاف‬
‫ثانيا ً ‪ :‬القيام‬
‫‪...‬‬
‫ً‬
‫سابعا ‪ :‬العمرة في رمضان‬
‫ثالثا ً ‪ :‬الصدقة‬
‫‪...‬‬
‫ً‬
‫ثامنا ‪ :‬تحري ليلة القدر‬
‫رابعا ً ‪ :‬قراءة القرآن‬
‫‪...‬‬
‫ً‬
‫تاسعا ‪ :‬الكثار من الذكر والدعاء والستغفار‬

‫‪164‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫خامسا ً ‪ :‬الجلوس في المسجد حتى تطلع الشمس‬


‫‪...‬‬
‫ً‬
‫عاشرا‪ :‬صلة الرحم‬
‫أول ً ‪ :‬الصوم‬
‫قال صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى‬
‫سبعمائة ضعف ‪ .‬يقول الله عز وجل ‪ :‬إل الصيام فإنه لي وأنا أجزي به ‪ ،‬ترك‬
‫شهوته وطعامه وشرابه من أجلي ‪ ،‬للصائم فرحتان ؛ فرحة عند فطره ‪،‬‬
‫وفرحة عند لقاء ربه‪ ،‬و لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك (‬
‫]أخرجه البخاري ومسلم[ ‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وقال صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬من صام رمضان إيمانا و احتسابا غفر له ما‬
‫تقدم من ذنبه ( ]أخرجه البخاري ومسلم[ ‪.‬‬
‫ل شك أن هذا الثواب الجزيل ل يكون لمن امتنع عن الطعام والشراب‬
‫فقط ‪ ،‬وإنما كما قال النبي صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬من لم يدع قول الزور‬
‫والعمل به ‪ ،‬فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ( ]أخرجه البخاري[ ‪.‬‬
‫وقال صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬الصوم جنة ‪ ،‬فإذا كان يوم صوم أحدكم فل‬
‫يرفث ول يفسق ول يجهل ‪ ،‬فإن سابه أحد فليقل إني امرؤ صائم ( ]أخرجه‬
‫البخاري ومسلم[ ‪.‬‬
‫فإذا صمت ـ يا عبد الله ـ فليصم سمعك وبصرك ولسانك وجميع جوارحك ‪،‬‬
‫ول يكن صومك ويوم فطرك سواء ‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬القيام‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫قال صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬من قام رمضان إيمانا واحتسابا ‪ ،‬غفر له ما‬
‫تقدم من ذنبه ( ]أخرجه البخاري ومسلم[ ‪.‬‬
‫ً‬
‫وقال تعالى ‪ ) :‬وعباد الرحمن الذين يمشون على الرض هونا وإذا خاطبهم‬
‫الجاهلون قالوا سلما ً ‪ .‬والذين يبيتون لربهم سجدا ً وقياما ( ]الفرقان ‪ 63‬ـ‬
‫‪. [64‬‬
‫وقد كان قيام الليل دأب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ‪ .‬قالت‬
‫عائشة ‪ :‬رضي الله عنها ‪ ) :‬ل تدع قيام الليل ‪ ،‬فإن رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم كان ل يدعه ‪ ،‬وكان إذا مرض أو كسل صلى قاعدا ً ‪.‬‬
‫وكان عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ يصلي من الليل ما شاء حتى إذا‬
‫كان نصف الليل أيقظ أهله للصلة ثم يقول لهم ‪ :‬الصلة ‪ ،‬الصلة ‪ ..‬ويتلو‬
‫هذه الية ‪ ) :‬وأمر أهلك بالصلة واصطبر عليها ل نسألك رزقا نحن نرزقك‬
‫والعاقبة للتقوى ( ]طه الية ‪. [132‬‬
‫وكان ابن عمر يقرأ هذه الية ‪ ) :‬أمن هو قانت آناء الليل ساجدا ً وقائما ً يحذر‬
‫الخرة ويرجو رحمة ربه ( ]الزمر الية ‪[9‬‬
‫قال ‪ :‬ذاك عثمان بن عفان رضي الله عنه ‪ ،‬قال ابن حاتم ‪ :‬وإنما قال ابن‬
‫عمر ذلك لكثرة صلة أمير المؤمنين عثمان بالليل وقراءته حتى أنه ربما قرأ‬
‫القرآن في ركعة ‪.‬‬
‫وعن علقمة بن قيس قال ‪ :‬بت مع عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه ـ‬
‫ليلة فقام أول الليل ثم قام يصلي فكان يقرأ قراءة المام في المسجد يرتل‬
‫ول يرجع يسمع من حوله ول يرجع صوته ‪ ،‬حتى لم يبق من الغلس إل كما‬
‫بين المغرب إلى النصراف منها ثم أوتر ‪.‬‬
‫وفي حديث السائب بن زيد قال ‪ :‬كان القارئ يقرأ بالمئين ـ يعني بمئات‬
‫اليات ـ حتى كنا نعتمد على العصي من طول القيام قال ‪ :‬وما كانوا‬
‫ينصرفون إل عند الفجر ‪.‬‬

‫‪165‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫تنبيه ‪ :‬ينبغي لك أخي المسلم أن تكمل التراويح مع المام حتى تكتب في‬
‫القائمين ‪ ،‬فقد قال صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬من قام مع إمامه حتى ينصرف‬
‫كتب له قيام ليلة ( ]رواه أهل السنن[ ‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬الصدقة‬
‫كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس ‪ ،‬وكان أجود ما يكون في‬
‫رمضان ‪ ،‬كان أجود بالخير من الريح المرسلة ‪ ..‬وقد قال صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ ) :‬أفضل الصدقة صدقة في رمضان ( ]أخرجه الترمذي عن أنس[ ‪.‬‬
‫روى زيد بن أسلم عن أبيه ‪ ،‬قال سمعت عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ‬
‫يقول ‪ :‬أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق ووافق ذلك مال ً‬
‫عندي ‪ ،‬فقلت ‪ :‬اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما ‪ ،‬قال فجئت بنصف مالي‬
‫ـ قال ‪ :‬فقال لي رسول الله ‪ ) :‬ما أبقيت لهلك ( ‪ .‬قال ‪ :‬فقلت مثله ‪ ،‬وأتى‬
‫أبو بكر بكل ما عنده فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬ما أبقيت‬
‫لهلك ( قال أبقيت لهم الله ورسوله ‪ ،‬قلت ‪ :‬ل أسابقك إلى شيء أبدا ً ‪.‬‬
‫فيا أخي ‪:‬‬
‫للصدقة في رمضان مزية وخصوصية فبادر إليها واحرص على أدائها بحسب‬
‫حالك ولها صور كثيرة منها ‪:‬‬
‫أ ـ إطعام الطعام ‪:‬‬
‫قال الله تعالى ‪ ) :‬ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ً ويتيما ً وأسيرا ً ‪ .‬إنما‬
‫نطعمكم لوجه الله ل نريد منكم جزاًء ول شكورا ً إنا نخاف من ربنا يوما ً‬
‫عبوسا ً قمطريرا ً فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرةً وسرورا ً وجزاهم‬
‫ة وحريرا ً ( ]النسان ‪ 8‬ـ ‪. [12‬‬
‫بما صبروا جن ً‬
‫فقد كان السلف الصالح يحرصون على إطعام الطعام ويقدمونه على كثير‬
‫من العبادات ‪ .‬سواًء كان ذلك بإشباع جائع أو إطعام أخ صالح ‪ ،‬فل يشترط‬
‫في المطعم الفقر ‪ ،‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬أيما مؤمن‬
‫أطعم مؤمنا ً على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة ومن سقى مؤمنا ً على‬
‫ظمأ سقاه الله من الرحيق المختوم ( ]رواه الترمذي بسند حسن[ ‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬
‫وقد قال بعض السلف ‪ :‬لن أدعو عشرة من أصحابي فأطعمهم طعاما ً‬
‫يشتهونه أحب إلي من أن أعتق عشرة من ولد إسماعيل !!‬
‫وكان كثير من السلف يؤثر بفطوره وهو صائم ‪ ،‬منهم عبد الله بن عمر ـ‬
‫رضي الله عنهما ـ وداود الطائي ومالك بن دينار ‪ ،‬وأحمد بن حنبل ‪ ،‬وكان ابن‬
‫عمر ل يفطر إل مع اليتامى والمساكين ‪.‬‬
‫وكان من السلف من يطعم إخوانه الطعام وهو صائم ويجلس يخدمهم‬
‫ويروحهم ‪ ..‬منهم الحسن وابن المبارك ‪.‬‬
‫قال أبو السوار العدوي ‪ :‬كان رجال من بني عدي يصلون في هذا المسجد ما‬
‫أفطر أحد منهم على طعام قط وحده ‪ ،‬إن وجد من يأكل معه أكل وإل أخرج‬
‫طعامه إلى المسجد فأكله مع الناس وأكل الناس معه ‪.‬‬
‫وعبادة إطعام الطعام ‪ ،‬ينشأ عنها عبادات كثيرة منها التودد والتحبب إلى‬
‫إخوانك الذين أطعمتهم فيكون ذلك سببا ً في دخول الجنة ‪ ) :‬لن تدخلوا الجنة‬
‫حتى تؤمنوا ولن تؤمنوا حتى تحابوا ( كما ينشأ عنها مجالسة الصالحين‬
‫واحتساب الجر في معونتهم على الطاعات التي تقووا عليها بطعامك ‪.‬‬
‫ب ـ تفطير الصائمين ‪:‬‬

‫‪166‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫قال صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬من فطر صائما ً كان له مثل أجره غير أنه ل‬
‫ينقص من أجر الصائم شيء ( أخرجه أحمد والنسائي وصححه اللباني ‪ .‬وفي‬
‫حديث سلمان ‪ ) :‬ومن فطر فيه صائما ً كان مغفرة ً لذنوبه وعتق رقبته من‬
‫النار ‪ ،‬وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء قالوا ‪ :‬يا رسول‬
‫الله ليس كلنا يجد ما يفطر به الصائم ‪ ،‬فقال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ :‬يعطي الله هذا الثواب لمن فطر صائما ً على مذقة لبن أو تمرة أو‬
‫ة ل يظمأ بعدها ‪،‬‬ ‫شربة ماء ومن سقى صائما ً سقاه الله من حوضي شرب ً‬
‫حتى يدخل الجنة ( ‪.‬‬
‫رابعا ً ‪ :‬قراءة القرآن‬
‫سأذكرك يا أخي هنا بأمرين عن حال السلف الصالح ‪:‬‬
‫كثرة قراءة القران‬
‫شهر رمضان هو شهر القرآن فينبغي أن يكثر العبد المسلم من قراءته ‪ ،‬وقد‬
‫كان حال السلف العناية بكتاب الله ‪ ،‬فكان جبريل يدارس النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم القرآن في رمضان ‪ ،‬وكان عثمان بن عفان ‪ -‬رضي الله عنه ‪-‬‬
‫يختم القرآن كل يوم مرة ‪ ،‬وكان بعض السلف يختم في قيام رمضان في‬
‫كل ثلث ليال ‪ ،‬وبعضهم في كل سبع ‪ ،‬وبعضهم في كل عشر ‪ ،‬فكانوا‬
‫يقرءون القرآن في الصلة وفي غيرها ‪ ،‬فكان للشافعي في رمضان ستون‬
‫ختمه ‪ ،‬يقرؤها في غير الصلة ‪ ،‬وكان السود يقرأ القرآن كل ليلتين في‬
‫رمضان ‪ ،‬وكان الزهري إذا دخل رمضان يفر من الحديث ومجالسة أهل‬
‫العلم ويقبل على تلوة القرآن من المصحف ‪ ،‬وكان سفيان الثوري إذا دخل‬
‫رمضان ترك جميع العبادة وأقبل على قراءة القرآن ‪.‬‬
‫قال ابن رجب ‪ :‬إنما ورد النهي عن قراءة القرآن في أقل من ثلث على‬
‫المداومة على ذلك ‪ ،‬فأما في الوقات المفضلة كشهر رمضان خصوصا ً‬
‫الليالي التي يطلب فيها ليلة القدر ‪ ،‬أو في الماكن المفضلة كمكة لمن دخلها‬
‫من غير أهلها فيستحب الكثار فيها من تلوة القرآن اغتناما ً لفضيلة الزمان‬
‫والمكان ‪.‬‬
‫البكاء عند تلوة القرآن أو سماعة‬
‫لم يكن هدي السلف هذ القرآن هذ الشعر دون تدبر وفهم ‪ ،‬وإنما كانوا‬
‫يتأثرون بكلم الله عز وجل ويحركون به القلوب ‪.‬‬
‫ففي البخاري عن عبد الله بن مسعود ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬قال ‪ :‬قال رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬اقرأ علي ‪ .‬فقلت ‪ :‬أقرأ عليك وعليك أنزل ؟‬
‫فقال إني أحب أن أسمعه من غيري قال ‪ :‬فقرأت سورة النساء حتى إذا‬
‫بلغت ) فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلء شهيدا ً ( قال ‪:‬‬
‫حسبك ‪ ،‬فالتفت فإذا عيناه تذرفان ( ‪.‬‬
‫وأخرج البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ‪ :‬لما نزلت ) أفمن هذا‬
‫الحديث تعجبون ‪ .‬وتضحكون ول تبكون ( بكى أهل الصفة حتى جرت‬
‫دموعهم على خدودهم فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم حسهم‬
‫بكى معهم فبكينا ببكائه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬ل يلج‬
‫النار من بكى من خشية الله ( ‪.‬‬
‫خامسا ً ‪ :‬الجلوس في المسجد حتى تطلع الشمس‬
‫كان النبي ‪ ،‬صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬إذا صلى الغداة ـ أي الفجر ـ جلس في‬
‫مصله حتى تطلع الشمس ‪] ..‬أخرجه مسلم[ ‪.‬‬
‫وأخرج الترمذي عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬أنه قال ‪ ) :‬من‬
‫صلى الفجر في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى‬

‫‪167‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة ( ] صححه اللباني[ ‪ .‬هذا‬
‫في كل اليام فكيف بأيام رمضان ؟‬
‫فيا أخي ‪ ..‬رعاك الله استعن على تحصيل هذا الثواب الجزيل بنوم الليل‬
‫والقتداء بالصالحين ‪ ،‬ومجاهدة النفس في ذات الله وعلو الهمة لبلوغ الذروة‬
‫من منازل الجنة ‪.‬‬
‫سادسا ًً ‪ :‬العتكاف‬
‫كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف في كل رمضان عشرة أيام ‪ ،‬فلما‬
‫كان العام الذي قبض فيه اعتكف عشرين يوما ً ‪] ..‬أخرجه البخاري[ ‪.‬‬
‫فالعتكاف من العبادات التي تجمع كثيرا ً من الطاعات ؛ من التلوة ‪ ،‬والصلة‬
‫‪ ،‬والذكر ‪ ،‬والدعاء ‪ ،‬وغيرها ‪ .‬وقد يتصور من لم يجربه صعوبته ومشقته ‪،‬‬
‫وهو يسير على من يسره الله عليه ‪ ،‬فمن تسلح بالنية الصالحة ‪ ،‬والعزيمة‬
‫الصادقة ‪ ،‬أعانه الله ‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫وآكد العتكاف في العشر الواخر تحريا ً لليلة القدر ‪ ،‬وهو الخلوة الشرعية ‪،‬‬
‫فالمعتكف قد حبس نفسه على طاعة الله وذكره ‪ ،‬وقطع عن نفسه كل‬
‫شاغل يشغله عنه ‪ ،‬وعكف بقلبه وقالبه على ربه وما يقربه منه ‪ ،‬فما بقي له‬
‫هم سوى الله و ما يرضيه عنه ‪.‬‬
‫ونظرا ً لن الكثير من الناس اليوم يجهل أحكام العتكاف فإنني أقدم هذه‬
‫المعلومات المبسطة عن العتكاف ‪.‬‬
‫تعريف العتكاف ‪:‬‬
‫في اللغة ‪ :‬لزوم الشيء وحبس النفس عليه ‪.‬‬
‫وفي الشرع ‪ :‬لزوم المسجد والقامة فيه من شخص مخصوص بنية التقرب‬
‫إلى الله تعالى ‪.‬‬
‫حكمة التشريع في العتكاف ‪:‬‬
‫قال ابن القيم رحمه اله مبينا ً بعض الحكم من العتكاف ما نصه ) لما كان‬
‫صلح القلب واستقامته على طريق سيره إلى الله تعالى ‪ ،‬متوقفا ً على‬
‫جمعيته على الله ‪ ،‬ولم شعثه بإقباله بالكلية على الله تعالى ؛ فإن شعث‬
‫القلب ل يلمه إل القبال على الله تعالى ‪ ،‬وكان فضول الطعام والشراب ‪،‬‬
‫وفضول مخالطة النام ‪ ،‬وفضول الكلم ‪ ،‬وفضول المنام ؛ مما يزيده شعثا ً‬
‫ويشتته في كل واد ‪ ،‬ويقطعه عن سيره إلى الله تعالى أو يضعفه ‪ ،‬اقتضت‬
‫رحمة العزيز الرحيم بعباده أن شرع لهم من الصوم ما يذهب فضول الطعام‬
‫والشراب و يستفرغ من القلب أخلط الشهوات المعوقة عن سيره إلى‬
‫الله ‪ ،‬وشرع لهم العتكاف الذي مقصودة وروحه عكوف القلب على الله‬
‫تعالى ‪ ،‬والخلوة به ‪ ،‬والنقطاع عن الشتغال بالخلق ‪ ،‬والشتغال به وحده ‪،‬‬
‫بحيث يصير ذكره وحبه والقبال عليه في محل هموم القلب وخطرا ته‬
‫فيستولي عليه بدلها ‪. ( ...‬‬
‫حكم العتكاف ‪:‬‬
‫العتكاف قربة وطاعة وفعله سنة ‪ ،‬وهو في رمضان آكد و آكده في العشر‬
‫الخيرة منه لكنه يجب بالنذر ‪ .‬ودليل ذلك ما يلي ‪:‬‬
‫‪1‬ـ قوله تعالى ‪ ) :‬وطهر بيتي للطائفين والعاكفين (‬
‫‪2‬ـ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ‪ ) :‬كان النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫يعتكف في كل رمضان عشرة أيام فلما كان العام الذي قبض فيه اعتكف‬

‫‪168‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫عشرين يوما ً ( ]رواه البخاري[ ‪.‬‬


‫‪3‬ـ عن عائشة رضي الله عنها قالت ‪ ) :‬كان رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ :‬يعتكف في كل رمضان فإذا صلى الغداة دخل مكانه الذي اعتكف‬
‫فيه ‪] ( ...‬متفق عليه[ ‪.‬‬
‫‪4‬ـ وعنها رضي الله عنها ‪ ) :‬أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف‬
‫العشر الواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل ثم اعتكف أزواجه من‬
‫بعده ( ]متفق عليه[ ‪.‬‬
‫‪5‬ـ أما وجوبه بالنذر فلقوله صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬من نذر أن يطيع الله‬
‫فليطعه ( متفق عليه‬
‫ولهما عن ابن عمر رضي الله عنهما أن عمر سأل النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم قال ‪ :‬كنت نذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام ‪.‬‬
‫قال ‪ ) :‬أوف بنذرك ( ‪.‬‬
‫شروط العتكاف ‪:‬‬
‫‪ 1‬ـ ‪ 2‬ـ ‪ 3‬ـ السلم والعقل والتميز ‪ 4 .‬ـ النية ‪ 5 .‬ـ المسجد ‪6 .‬ـ الطهارة‬
‫من الجنابة والحيض والنفاس ‪.‬‬
‫ما يستحب للمعتكف ‪:‬‬
‫‪1‬ـ الكثار من الطاعات كالصلة وتلوة القرآن ‪.‬‬
‫‪2‬ـ اجتناب ما ل يعنيه من القوال فيجتنب الجدال والمراء والسباب ونحو ذلك‬
‫‪.‬‬
‫‪3‬ـ أن يلزم مكانا ً من المسجد لما ثبت في صحيح مسلم عن نافع قال ‪:‬‬
‫) وقد أراني عبد الله ـ يعني ابن عمر ـ المكان الذي كان يعتكف فيه رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم من المسجد ( ‪.‬‬
‫ما يباح للمعتكف ‪:‬‬
‫‪1‬ـ الخروج لحاجه التي لبد منها ك لما ثبت عن عائشة رضي الله عنها أنها‬
‫قالت ‪ ) :‬السنة على المعتكف أن ل يعود مريضا ً و ل يشهد جنازة و ل يمس‬
‫امرأة و ل يباشرها و ل يخرج لحاجة إل لما ل بد له منه ( ]رواه أبو داود وقال‬
‫الحافظ ‪ :‬ول بأس برجاله[ ‪.‬‬
‫‪2‬ـ وله أن يأكل ويشرب في المسجد وينام فيه مع المحافظة على نظافته‬
‫وصيانته ‪.‬‬
‫‪3‬ـ الكلم المباح لحاجته أو محادثة غيره ‪.‬‬
‫‪4‬ـ ترجيل شعره وتقليم أظافره وتنظيف بدنه ولبس احسن الثياب والتطيب‬
‫بالطيب ‪ ،‬فعن عائشة رضي عنها قالت ‪ ) :‬كان رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم يكون معتكفا في المسجد فيناولني رأسه من خلل الحجرة فأغسل‬
‫رأسه ( وفي رواية ) فأرجله ( ]متفق عليه[ ‪.‬‬
‫‪5‬ـ خروجه من معتكفه لتوديع أهله لحديث صفية أن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم فعل ذلك ‪.‬‬
‫ما يكره للمعتكف ‪:‬‬
‫ً‬
‫‪1‬ـ البيع والشراء ‪2‬ـ الكلم بما فيه إثم ‪3‬ـ الصمت عن الكلم مطلقا إن‬
‫اعتقده عباده ‪.‬‬
‫مبطلت العتكاف ‪:‬‬
‫‪1‬ـ الخروج من المسجد لغير حاجة عمدا ولو قل ‪2 .‬ـ الجماع ‪3 .‬ـ ذهاب‬
‫العقل بجنون أو سكر ‪4 .‬ـ الردة أعاذنا الله منها ‪5 .‬ـ الحيض والنفاس‬
‫بالنسبة للمرأة لفوات شرط الطهارة ‪.‬‬
‫وقت دخول المعتكف المسجد والخروج منه ‪:‬‬

‫‪169‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫متى دخل المعتكف المسجد ونوى التقرب إلى الله بالمكث فيه صار معتكفا ً‬
‫حتى يخرج ‪ ،‬فإن نوى اعتكاف العشر الواخر من رمضان فإنه يدخل معتكفه‬
‫قبل غروب الشمس ويخرج بعد غروب الشمس آخر يوم من الشهر ‪.‬‬
‫تنبيهات ‪:‬‬
‫‪1‬ـ من شرع في العتكاف متطوعا ً ثم قطعه استحب له قضاؤه ؛ لفعله صلى‬
‫الله عليه وسلم حيث قضاه في شوال ‪ .‬أما من نذر أن يعتكف ثم شرع فيه‬
‫وأفسده وجب عليه قضاؤه ‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫‪2‬ـ للمرأة العتكاف في المسجد إن أمنت الفتنة و بشرط أذن زوجها فإن‬
‫اعتكفت بغير إذنه فله إخراجها ؛ والحكام المتعلقة بالعتكاف بالنسبة للمرأة‬
‫كالرجل إل إذا حاضت بطل اعتكافها فإن طهرت عادت فأكملته ‪ .‬ويسن‬
‫استتار المعتكفة بخباء في مكان ل يصلي فيه الرجال ‪.‬‬
‫‪3‬ـ من نذر العتكاف في المسجد الحرام لم يجز له العتكاف في غيره ‪.‬‬
‫وإن نذره في المسجد النبوي وجب عليه العتكاف فيه أو في المسجد‬
‫الحرام ‪ .‬وإن نذره في المسجد القصى وجب عليه العتكاف في أحد هذه‬
‫المساجد الثلثة ‪.‬‬
‫وأخيرا ً ‪:‬‬
‫أخي المسلم ‪ ...‬بادر بإحياء هذه السنة ونشرها بين أهلك وأقاربك وبين‬
‫إخوانك وزملئك وفي مجتمعك ‪ ،‬لعل الله أن يكتب لك أجرها وأجر من عمل‬
‫بها ‪.‬‬
‫فقد أخرج الترمذي وحسنه من حديث كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده‬
‫) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لبلل بن الحارث ‪ :‬اعلم ‪ ،‬قال ‪ :‬ما‬
‫أعلم يا رسول الله ؟ قال ‪ :‬إنه من أحيا سنة من سنتي قد أميتت بعدي كان‬
‫له من الجر مثل من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئا ( ‪.‬‬
‫إضافة إلى ما في سنة العتكاف من الفوائد في تربية النفس وترويضها على‬
‫طاعة الله عز وجل ‪ ،‬فما أحوج المسلمين عامة والدعاة منهم خاصة إلى‬
‫القيام بهذه السنة ‪.‬‬
‫سابعا ً ‪ :‬العمرة في رمضان‬
‫ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ‪ ) :‬عمرة في رمضان تعدل‬
‫حجة ( ]أخرجه البخاري و مسلم[ ‪.‬‬
‫وفي رواية ‪ ) :‬حجة معي ( ‪ .‬فهنيئا لك ـ يا أخي ـ بحجة مع النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم ‪.‬‬
‫ثامنا ً ‪ :‬تحري ليلة القدر‬
‫قال الله تعالى ‪ ) :‬إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة‬
‫القدر خير من ألف شهر ( ]القدر اليات ‪1‬ـ ‪. [3‬‬
‫ً‬
‫وقال صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما‬
‫تقدم من ذنبه ( ]أخرجه البخاري ومسلم[ ‪.‬‬
‫وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتحرى ليلة القدر ويأمر أصحابه بتحريها ‪،‬‬
‫وكان يوقظ أهله في ليالي العشر رجاء أن يدركوا ليلة القدر ‪ .‬وفي المسند‬
‫عن عبادة مرفوعا ‪ ) :‬من قامها ابتغاءها ثم وقعت له غفر له ما تقدم من‬
‫ذنبه وما تأخر ( ‪.‬‬
‫وورد عن بعض السلف من الصحابة والتابعين الغتسال والتطيب في ليالي‬

‫‪170‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫العشر تحريا ً لليلة القدر التي شرفها الله ورفع قدرها ‪.‬‬
‫فيا من أضاع عمره في ل شيء ‪ ،‬استدرك ما فاتك في ليلة القدر ‪ ،‬فإنها‬
‫تحسب من العمر ‪ ،‬والعمل فيها خير من العمل في ألف شهر سواها ‪ ،‬من‬
‫حرم خيرها فقد حرم ‪.‬‬
‫وهي في العشر الواخر من رمضان ‪ ،‬وهي في الوتر من لياليه أحرى ‪،‬‬
‫وأرجى الليالي ليلة سبع وعشرين ‪ ،‬لما روى مسلم عن أبي بن كعب رضي‬
‫الله عنه ‪ ) :‬والله إني لعلم أي ليلة هي ‪ ،‬هي الليلة التي أمرنا رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم بقيامها ‪ ،‬وهي ليلة سبع وعشرين ( ‪..‬‬
‫وكان أبي يحلف على ذلك ويقول ‪ ) :‬بالية والعلمة التي اخبرنا بها رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬أن الشمس تطلع صبيحتها ل شعاع لها ‪ .‬وفي‬
‫الصحيح عن عائشة رضي الله عنها قالت ‪ :‬يا رسول الله إن وافقت ليلة‬
‫القدر ما أقول ؟ قال ‪:‬قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني ( ‪.‬‬
‫تاسعا ً ‪ :‬الكثار من الذكر والدعاء والستغفار‬
‫أخي الكريم ‪ ..‬أيام وليالي رمضان أزمنة فاضلة فاغتنمها بالكثار من الدعاء‬
‫وبخاصة في أوقات الجابة ومنها ‪:‬‬
‫‪1‬ـ عند الفطار ‪ ،‬فللصائم عند فطره دعوة ل ترد ‪.‬‬
‫‪2‬ـ ثلث الليل الخر ‪ .‬حين ينزل ربنا تبارك وتعالى ويقول ‪ ) :‬هل من سائل‬
‫فأعطيه هل من مستغفر فأغفر له ( ‪.‬‬
‫‪3‬ـ الستغفار بالسحار ‪ :‬قال تعالى ‪ ) :‬وبالسحار هم يستغفرون ( ‪.‬‬
‫‪4‬ـ تحري ساعة الجابة يوم الجمعة وأحراها آخر ساعة من نهار يوم الجمعة ‪.‬‬
‫عاشرا ً ‪ :‬صلة الرحم‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ‪ :‬سمعت رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم يقول ) من سره أن يبسط في رزقه وينسأ في أجله فليصل رحمه (‬
‫ومعنى ينسأ أي يؤخر ]رواه البخاري[ ‪.‬‬
‫وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫قال ) صلة الرحم تزيد في العمر ( حسنه المناوي في فيض القدير وصححه‬
‫اللباني في صحيح الجامع ‪.‬‬
‫إن صلة الرحم من محاسن الخلق التي حث عليها السلم ودعا إليها وحذر‬
‫من قطيعتها ‪ .‬فقد دعا الله عز وجل عباده بصلة أرحامهم في تسع عشرة آية‬
‫من كتابه الكريم ‪ ،‬وأنذر من قطع رحمه باللعن والعذاب في ثلث آيات ‪.‬‬
‫ولهذا دأب الصالحون من سلف المة على صلة أرحامهم رغم صعوبة وسائل‬
‫التصال في عصرهم ‪ .‬أما في وقتنا المعاصر فرغم توفر مختلف وسائل‬
‫النقل والتصال إل أنه ل يزال هناك تقصير في صلة الرحم ‪ ،‬إن أدنى الصلة‬
‫أن تصل أرحامك ولو بالسلم ‪ .‬روى عن ابن عباس رضي الله عنهما أن‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‪ ) :‬بلوا أرحامكم ولو بالسلم ( ]حسنه‬
‫اللباني في صحيح الجامع[ ‪ .‬فحري بك أخي المسلم في هذا الشهر الكريم‬
‫أن تصل رحمك فإن من وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه الله ‪.‬‬
‫المصادر‪/‬كتاب ‪ :‬كيف نعيش رمضان للمؤلف‪ :‬عبد الله الصالح‬

‫)‪(4 /‬‬

‫وكتاب‪ /‬كيف تطيل عمرك للمؤلف‪ :‬محمد ابراهيم النعيم‬

‫)‪(5 /‬‬

‫‪171‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫خير الخلق أم أول الخلق‬


‫إبراهيم الزرق*‬
‫مقدمة‪:‬‬
‫الحمد لله خص هذه المة وميزها عن سائر المم بالسناد‪ ،‬فليس لحد من‬
‫المم كلها إسناد موصول إلى رسول‪ ،‬وإنما هي صحف ورقاع‪ ،‬اختلط فيها ما‬
‫نزل من السماء‪ ،‬بما خطته الهواء‪ ،‬فل تمييز لما جاءت به النبياء عما‬
‫أقحمته الدعياء‪ ،‬لم تتميز إل ّ هذه المة المرحومة المعصومة‪ ،‬وصلى الله‬
‫وسلم على البشير النذير والسراج المنير القائل‪) :‬من حدث بحديث ي َُرى أنه‬
‫كذب فهو أحد الكاذِِبين(]‪) [1‬ومن كذب علي متعمدا ً فليتبوأ مقعده من النار(]‬
‫‪ ،[2‬وبعد‪:‬‬
‫سئل عنها‪ ،‬وكنت أعزم قبل البدء‬ ‫سأقتصر في هذه الوراق على الثار التي ُ‬
‫على ذكر فصل يحسن إدخاله وفيه بيان فضل نبينا صلى الله عليه وسلم‪ ،‬من‬
‫القرآن الكريم‪ ،‬والسنة الثابتة‪ ،‬ولكني خشيت أن يطول المقام ولم أوف‪،‬‬
‫فآثرت الكتفاء بما خطه علماؤنا الجلء في الخصائص والشمائل والسير‪ ،‬ثم‬
‫حداني العجز إلى الترنم بقول القائل‪:‬‬
‫وهل يطلب مسلم بيان الدليل على فضل الشفيع الجليل؟ ألم يسمع بالمقام‬
‫المحمود ألم يذكر له الحوض المورود! ثم ماذا أقول؟ أأقول أن محمدا ً‬
‫‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬أفضل الخلق؟‬
‫إن الواحد نصف الثنين‪ ،‬والمعروف ل يعرف‪ ،‬وما يدرك بالحس أو بالشم أو‬
‫بالذوق أو باللمس أو بالبصار ليستدل عليه‪ ،‬وماعلم من الدين بالضرورة ل‬
‫يفتقر إلى دليله مسلم‪ ،‬وهكذا فضل نبينا صلى الله عليه وسلم‪ -‬معلوم‬
‫بالضطرار‪ ،‬تضافرت عليه أدلة الكتاب الصريحة‪ ،‬والسنة الصحيحة‪ ،‬علمها‬
‫العامي مع أهل التحقيق فلسنا بحاجة إلى بنيات الطريق‪.‬‬
‫أخا السلم‪ ،‬إن الحق أبلج‪ ،‬فاسلك يدك بغرزه‪ ،‬وانفض يدك وترجل عن كل‬
‫قول ليس له خطام أو زمام‪ ،‬فإن نبينا –صلى الله عليه وسلم‪ -‬في غنية عنه‪.‬‬
‫وقبل أن أشرع في بيان الحاديث‪ ،‬أنبه على مسألتين‪:‬‬
‫الولى‪ :‬ليس هنا مزية لكون الشيء سابقا ً لغيره في الزمان‪ ،‬بل قد يأتي‬
‫الفاضل بعد المفضول‪ ،‬فأمة محمد –صلى الله عليه وسلم‪ -‬هي خير المم‪،‬‬
‫وجاءت في الختام‪ ،‬وإبليس سبق خلقه أبا البشر آدم عليه السلم‪ ،‬وأبو‬
‫النبياء إبراهيم عليه السلم خير من أنبياء وقبائل وشعوب بادت قبل مولده‪.‬‬
‫فعلم يحتدم الجدل‪ ،‬ولماذا تضيع الوقات ول طائل!‬
‫الثانية‪ :‬على طلبة العلم أن يشغلوا أنفسهم بما ينفع‪ ،‬مما يثمر عمل ً صالحًا‪،‬‬
‫وأن يتركوا المراء والجدل‪ ،‬فإنه ليأتي بخير‪ ،‬وقد قيل‪ :‬إذا أراد الله بقوم‬
‫سوءا ً أعطاهم الجدل‪ ،‬ومنعهم العمل‪:‬‬
‫أما الحديث الول‪) :‬أنا أول النبيين خلقا ً وآخرهم بعثًا(‪ .‬فهو نفس الحديث‬
‫الثاني‪) :‬إن الله خلقني قبل النبيين وبعثني بعدهم فبدأ بي قبلهم(‪ ،‬ذكره‬
‫بعض أهل العلم بمعنى قريب منه )انظر تفسير القرآن العظيم للحافظ ابن‬
‫كثير ‪ (3/470‬فالكلم فيهما واحد‪.‬‬
‫فالمرفوع منه إلى النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬ضعيف‪ ،‬والشبه أنه مرسل‬
‫من قتادة رحمه الله]‪ ،[3‬ومع ذلك فلهل العلم في بيان معناه كلم معروف‬
‫ل إشكال معه‪.‬‬
‫وهذه اللفاظ جاءت في رواية المام أبي جعفر ابن جرير الطبري‪ ،‬في‬
‫تفسير سورة سبحان‪ ،‬من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه‪ -‬في بعض‬
‫روايات أحاديث السراء وهي مطولة جدًا‪ ،‬قال ابن كثير –رحمه الله‪" :-‬وفيها‬

‫‪172‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫غرابة" )تفسير القرآن العظيم ‪ ،(3/18‬وقد ساقها ابن جرير في تفسيره )‬


‫‪ (15/6‬من حديث‪:‬‬
‫علي بن سهل‪ ،‬حدثنا حجاج‪ ،‬حدثنا أبوجعفر الرازي‪ ،‬عن الربيع بن أنس‪ ،‬عن‬
‫أبي العالية الرياحي‪ ،‬عن أبي هريرة أو غيره‪ .‬وقد ساق الثر أيضا ً في تهذيب‬
‫الثار من نفس الطريق برقم )‪.1/422 (727‬‬
‫وقد روى هذا الثر أيضا ً ابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال )‪(3/373‬‬
‫من طريق جعفر بن أحمد بن عاصم ثنا هشام بن عمار ثنا بقية حدثني سعيد‬
‫بن بشير حدثني قتادة عن الحسن عن أبي هريرة‪ ،‬ثم قال ابن عدي‪" :‬وهذا‬
‫يرويه عن قتادة سعيد بن بشير وخليد بن دعلج‪ ،‬وقد ذكر رواية خليد بن دعلج‬
‫له في الكامل من طريق البزار )‪ (3/49‬عندما ذكر خليدا ً بلفظ )كنت أول‬
‫الناس(‪ .‬ولكنه في سياق تفسير قول الله تعالى‪) :‬وإذ أخذ الله من النبيين‬
‫ميثاقهم( الية‪.‬‬
‫قال ابن كثير )التفسير ‪" :(3/470‬قال ابن أبي حاتم‪ ,‬حدثنا أبو زرعة‬
‫الدمشقي‪ ,‬حدثنا محمد بن بكار‪ ,‬حدثنا سعيد بن بشير‪ ,‬حدثني قتادة‪ ,‬عن‬
‫الحسن‪ ,‬عن أبي هريرة ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬عن النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪-‬‬
‫في قوله تعالى‪ ) :‬وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح( الية‪ .‬قال‬
‫النبي ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ ) :-‬كنت أول النبيين في الخلق وآخرهم في‬
‫البعث فبدأ بي قبلهم(‪ .‬سعيد بن بشير فيه ضعف؛ وقد رواه سعيد بن أبي‬
‫عروبة عن قتادة مرسل ً وهو أشبه‪ ،‬ورواه بعضهم عن قتادة موقوفا ً والله‬
‫أعلم"‪.‬‬
‫وذكروا أن ابن أبي حاتم رواه في تفسيره كما ذكر السيوطي في الدر‬
‫المنثور في الحاديث المشتهرة‪ ،‬ولم أجده عنده في تفسير الية‪ ،‬فليحقق‪.‬‬
‫وفي هذين السياقين ذكر أهل العلم الحديث فرواه أبوالقاسم الطبراني في‬
‫مسند الشاميين )‪ (4/34‬من حديث سعيد بن بشير‪ ،‬عن قتادة‪ ،‬عن الحسن‪،‬‬
‫عن أبي هريرة مرفوعًا‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ورواه تمام بن يحيى الرازي في فوائده )‪ (2/15‬من طريق سعيد بن بشير‪،‬‬


‫عن قتادة‪ ،‬عن الحسن‪ ،‬عن أبي هريرة‪.‬‬
‫وراه الخلل في كتاب السنة )‪ (1/187‬من طريق أبي جعفر الرازي‪.‬‬
‫ورواه ابن سعد في الطبقات الكبرى )‪ (1/149‬قال‪ :‬أخبرنا عبدالوهاب بن‬
‫عطاء ]‪,[4‬عن سعيد بن أبي عروبة‪ ،‬عن قتادة‪ ،‬قال وأخبرنا عمر بن عاصم‬
‫الكلبي‪ ,‬أخبرنا أبو هلل‪ ,‬عن قتادة قال‪ :‬قال‪ :‬رسول الله صلى الله عليه‬
‫ل‪ ،‬وكذلك ابن أبي شيبة روى‬ ‫وسلم وذكر نحوه )كنت أول الناس( هكذا مرس ً‬
‫نحوه )بدأ بي في الخير وكنت آخرهم في البعث( مرسل ً عن قتادة )المصنف‬
‫‪.(6/322‬‬
‫وهكذا رواه أبو نعيم في الدلئل ص ‪ 6‬مرسل عن قتادة وانظر البداية‬
‫والنهاية ‪.2/298‬‬
‫أما الموقوف على قتادة فقد رواه ابن جرير في تفسير الية ‪:21/126‬‬
‫فقال‪ :‬حدثنا محمد بن بشار‪ ،‬قال ثنا سليمان‪ ،‬قال ثنا أبوهلل‪ ،‬قال‪ :‬كان‬
‫قتادة‪ ...‬وهذا إسناد جيد كالمرسل ولتعارض بينهما‪ ،‬فقد كان قتادة رحمه‬
‫الله من أئمة التفسير‪ ،‬فربما فسر الية مرارا ً لمن حضره‪ ،‬وربما أرسل‬
‫أحيانًا‪.‬‬

‫‪173‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ورواه غيرهم‪ ،‬وكلهم من أحد الطريقين السابقين‪.‬‬


‫وبهذا يتبين أن موضع الشاهد جاء مرفوعا ً من طريقين‪:‬‬
‫الول طريق أبي جعفر عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في زياداته على‬
‫حديث السراء الطويل‪ ،‬وقد روى أبو جعفر الرازي عن الربيع مناكير‪ ،‬قال‬
‫في مشاهير علماء المصار )‪" :(1/126‬الربيع بن أنس بن زياد البكري سكن‬
‫مرو‪ ،‬سمع أنس بن مالك‪ ،‬وكان راوية لبى العالية‪ ،‬وكل ما في أخباره من‬
‫المناكير إنما هي من جهة أبى جعفر الرازي"‪.‬‬
‫قال الحافظ ابن حجر في تهذيب التهذيب )‪" :(3/207‬ذكره ابن حبان في‬
‫الثقات‪ ،‬وقال‪ :‬الناس يتقون من حديثه ما كان من رواية أبي جعفر عنه‪ ،‬لن‬
‫في أحاديثه عنه اضطرابا ً كثيرًا" وكلم ابن حبان –الذي أشار إليه الحافظ‪-‬‬
‫في الثقات )‪.(4/228‬‬
‫أما أبوجعفر وهو عيسى بن ماهان الرازي‪ ،‬فقد اختلف كلم أئمة الشأن فيه‪،‬‬
‫بين مصحح ومضعف‪ ،‬والذي يظهر –والله أعلم‪ -‬أن أحسن أحواله أن يكون‬
‫كما قال الحافظ ابن حجر وهو أنه‪" :‬صدوق سيء الحفظ"]‪) [5‬التقريب‬
‫‪ ،(629‬هذا في الجملة‪ ،‬ولكنه ضعيف في من أثرت له مناكير عنهم كأبي‬
‫العالية‪ ،‬وقد قال ابن حبان‪" :‬كان ممن يتفرد بالمناكير عن المشاهير" )السير‬
‫‪.(7/348‬‬
‫وهذا الحديث لم يروه عن الربيع بن أنس غيره‪ ،‬فل يقبل تفرده به‪ ،‬فلربما‬
‫أخطأ سيء الحفظ فأدخل طرفا ً من حديث رجل في حديث آخر‪ ،‬فلهذا‬
‫ليقبل تفرده‪ ،‬بل لبد أن يروي الثر عن من رواه عنه آخر أقل أحواله أنه‬
‫يكتب عنه‪ ،‬كيف وقد نص الحفاظ بأن كل رواية لبي العالية منكرة فإنها من‬
‫طريقه! ومن هنا يتبين وجه قول ابن كثير عن الثر‪" :‬وفيه غرابة"‪.‬‬
‫أما الطريق الخرى المرفوعة فهي في معرض تفسير الية‪) :‬وإذ أخذنا من‬
‫النبيين ميثاقهم‪ (..‬الية‪ ،‬وهي أيضا ً ضعيفة كما ذكر الحافظ ابن كثير‪ ،‬ول‬
‫تصلح شاهدا ً للخرى‪ ،‬فهي من رواية خليد بن دعلج‪ ،‬وسعيد بن بشير عن‬
‫قتادة‪ ،‬عن الحسن‪ ،‬عن أبي هريرة‪ ،‬وهي طريق مليئة بالعلل القادحة‪ ،‬وإليك‬
‫بعضها‪:‬‬
‫خليد بن دعلج ضعيف‪ ،‬ولسيما إذا حدث عن قتادة فقد أثرت عنه مناكير‬
‫)انظر الجرح والتعديل لبن أبي حاتم ‪ ،(3/384‬وقد ضعفه أحمد ويحيى بن‬
‫معين‪ ,‬وقال الدارقطني متروك‪ ،‬وقال ابن حبان كثير الخطأ‪ ،‬ورجح ابن حجر‬
‫ضعفه‪ ,‬وكذلك الذهبي وغيرهم فمثله ليتابع على حديثه‪.‬‬
‫أما سعيد بن بشير‪ ,‬فالقول ما ذهب إليه الحافظ ابن حجر‪ .‬قال في التقريب‬
‫‪" :234‬لعل الرجح فيه أنه ضعيف في روايته عن قتادة‪ ,‬ليس بالقوي‪ ،‬يكتب‬
‫حديثه عن غيره" وقد قال ابن نمير )الجرح والتعديل ‪" : (4/6‬سعيد بن بشير‬
‫منكر الحديث‪ ،‬وليس بشيء‪ ،‬ليس بقوي الحديث‪ ،‬يروى عن قتادة‬
‫المنكرات"‪ ،‬وبهذا علم ضعف الثر المرفوع من طريق قتادة‪ ،‬فسعيد ليس‬
‫بشيء فيه‪ ،‬فل ينجبر برواية غيره عنه‪ ،‬فكيف إذا كان الراوي الخر عنه منكر‬
‫حديثه عنه مع ضعفه‪.‬‬
‫ً‬
‫ومن العلل في هذه الطريق أيضا مخالفة خليد وسعيد لمن رووا هذا الثر عن‬
‫قتادة ممن هم أوثق منهما‪ ،‬كأبي هلل وسعيد بن أبي عروبة ‪ ،‬فخالف هؤلء‬
‫الثقات فرفعوه وبهذا تتحقق نكارة ماذكرا‪.‬‬
‫ومن علل هذا الحديث ‪-‬التي يضعف بها ولو صح عن قتادة‪ ،‬وهو بعيد عند أهل‬
‫الصناعة‪ -‬أنه من رواية الحسن عن أبي هريرة‪ ،‬وقد نص الحفاظ على أنه لم‬
‫يسمع منه )انظر سير أعلم النبلء ‪ ،(4/566‬قال أبو زرعة الرازي ‪-‬كما في‬

‫‪174‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المراسيل ص ‪" :36‬لم يسمع الحسن من أبي هريرة ولم يره‪ .‬فقيل له‪ :‬فمن‬
‫قال حدثنا أبو هريرة؟ قال‪ :‬يخطىء‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫وقال المام أحمد بن حنبل ) العلل ومعرفة الرجال ص ‪" :(144‬ثنا عفان‪ ،‬ثنا‬
‫وهيب‪ ،‬قال‪ :‬قال أيوب‪ :‬لم يسمع الحسن من أبي هريرة" وقد ذكر غيرهم‬
‫أنه سمع حديثا ً واحدا ً فقط‪ ،‬وأما ما يذكر من تصريحه بالتحديث عمن قرر‬
‫الئمة عدم سماعه منهم‪ ،‬كأبي هريرة وأبي سعيد وغيرهم‪ ،‬فبعض المحققين‬
‫من الئمة على أنه خطأ منه أو من غيره‪ ،‬وبعض أئمة الشأن ذكر أنه كان‬
‫يتأول التحديث عن أصحابه‪ ،‬وليس هذا موضع بسط الكلم في هذا‪ ،‬الشاهد‬
‫ليدرى من أسقط الحسن بينه وبين أبي هريرة هنا ليقال يتقوى بغيره‪ ،‬فضل ً‬
‫عن أنه لم يرد غيره مما يصلح للتقوي به‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬
‫فالذي يظهر للمتأمل –والله أعلم بالصواب‪ -‬أن الحديث بهذه اللفاظ ضعيف‬
‫بل هو منكر‪ ،‬وقد ضعفه اللباني –رحمه الله‪ -‬في سلسلة الحاديث الضعيفة‬
‫والموضوعة ‪2/115‬رقم)‪.(661‬‬
‫ويظهر أنه مرسل من قتادة كما رواى الثقات عنه‪ ،‬وصح أيضا ً عنه موقوفا‪ً،‬‬
‫وهو من تفسيره للقرآن‪ ،‬وقد كان قتادة من أئمة التفسير‪.‬‬
‫أما معنى الثر‪:‬‬
‫أما معناه فقد قال أهل العلم فيه أقوال ً من أظهرها وأرجحها‪:‬‬
‫أن المراد بالخلق التقدير ل اليجاد‪ ،‬وهو من معاني الخلق اللغوية المعروفة‬
‫)انظر مختار الصحاح ص ‪ 78‬خ ل ق‪ :‬يقال خلق الديم إذا قدره قبل القطع‪،‬‬
‫بل الصل في معنى خلق قدر واستعمل في البداع]انظر التعريفات‬
‫‪ .([1/324‬وهو الذي اختاره الغزالي قال المناوي )فيض القدير ‪ " :(5/53‬وأما‬
‫قول الحجة‪ :‬المراد بالخلق التقدير ل اليجاد فإنه قبل ولدته لم يكن‬
‫موجودا"‪ ،‬وهو قول جمع ممن يأتي بيانهم عند الكلم على الحاديث التالية‪،‬‬
‫وقد تعقبه السبكي –رحمه الله‪) -‬انظر فيض القدير للمناوي ‪ 5/53‬و كشف‬
‫الخفاء للعجلوني ‪ (2/170‬فقال‪" :‬إن كان كذلك لم يختص"‪ .‬وهذا التعقب‬
‫ليس بشيء‪ ,‬فلئن كان في السبق باليجاد العيني مزية واختصاص فالتقدير‬
‫مثله‪ ،‬ولئن لم تكن له مزية سقط العتراض بالختصاص‪ ،‬كما أن الختصاص‬
‫هنا له وجهه‪ ,‬فإنه مع التقدير والكتابة رفع ذكره‪-‬صلى الله عليه وسلم‪-‬‬
‫وأظهر اسمه للمل في ذلك الوقت كما سيأتي في كلم أهل العلم‪ ،‬وهذا وجه‬
‫تشريف‪.‬‬
‫وقد زعم السبكي بعد أن أشار إلى رد القول بوجود النبي ‪-‬صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ -‬بجسمه في ذلك الوقت‪ ،‬أشار إلى أن المراد روحه‪ ،‬لما جاء أن‬
‫الرواح خلقت قبل الجساد‪ ،‬وهذا غير مسلم به‪ ،‬يحتاج إلى إثبات]‪ ،[6‬وقد‬
‫علمه أبوحامد الغزالي‪ ,‬وقرر غيره ورده‪ ،‬هذا وقد اعترف بعضهم بأنه لسبيل‬
‫لثبات أن الروح سبقت الجسم بالدلة العقلية]‪ ،[7‬فعلم بذلك أنه لسبيل‬
‫لتقرير هذا الزعم‪ ،‬بالشرع ولبالعقل‪ ،‬فالشرع أتى بخلفه‪ ،‬فإن الذي ثبت في‬
‫حديث الصادق المصدوق‪ ,‬أن الروح تنفخ بعد أن يجمع الخلق ويستتم أربعين‬
‫ثم أربعين ثم أربعين]‪ .[8‬كما أن النسان قبل خلقه ليس بشيء‪ ,‬والروح‬
‫شيء‪ ،‬كما قال تعالى )وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئًا(‪.‬فالصواب ما ذكره‬
‫أبوحامد الغزالي –رحمه الله‪ -‬في معنى هذا الحديث‪ ,‬وسيأتي بإذن الله مزيد‬
‫بيان لهذا الوجه عند ذكر الحاديث الخرى‪.‬‬

‫‪175‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وأبعد من هذا‪ ,‬قول ابن عربي محي الدين‪ ,‬صاحب الفصوص والفتوحات‬
‫المكية‪ ،‬وقد ساقه المناوي في فيض القدير )‪ ,(5/53‬والتمس له تأويل ً بما‬
‫يشبه القول الثاني التي‪ ,‬والذي ذكره أهل العلم في مثل هذا الثر‪ ،‬وتأويل‬
‫المناوي لكلم ابن عربي وجه غير الذي أراده ابن عربي‪ ،‬ومعنى غير الذي‬
‫قرره في فصوصه وفتوحاته‪ ،‬والذي بناه على اعتقاد وحدة الحقيقة الوجودية‪،‬‬
‫ولعله تأتي الشارة إليه عند ذكر آخر حديث‪.‬‬
‫القول الخر في معنى هذا الحديث‪ ،‬ذكره الخلل بعد أن ساق الثر‪ ,‬وهو قول‬
‫المام أحمد قال‪" :‬أول النبيين يعني خلقا ً )وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم‬
‫ومنك ومن نوح( فبدأ به" )السنة للخلل ‪ (1/188‬قال مجاهد‪" :‬هذا في ظهر‬
‫آدم عليه الصلة والسلم" )تفسير القرطبي ‪ ،(14/127‬ذكره القرطبي بعد‬
‫أن ذكر قول قتادة‪ ،‬وقد جاء في بعض طرق حديث )كنت نبيا ً وآدم بين الروح‬
‫والجسد( التي‪ ،‬قوله صلى الله عليه وسلم‪" :‬حين أخذ مني الميثاق" )انظر‬
‫طبقات ابن سعد ‪ 1/148‬وقد أشار إليه في كشف الخفاء وفيض القدير والدر‬
‫المنثور وغيرهم(‪.‬‬
‫ولم يقل أحد من أهل العلم المعتبرين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان‬
‫مخلوقا ً بجسده وروحه‪ ,‬موجودا ً قبل ولدته فضل ً عن خلق الخلئق‪ ،‬ولو قاله‬
‫لرد ولعازه الدليل الصحيح‪ ،‬بل الدلة على خلف هذا‪ ،‬وليس في ذلك نقص‬
‫من مقامه‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬كما أنه ليس لمن خلق أول ً فضل على من‬
‫بعده لمجرد هذا‪.‬‬
‫أما الحديث الثالث‪) :‬إني عند ربي لخاتم النبيين وإن آدم لمجندل في طينته(‪،‬‬
‫فصوابه لمنجدل‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫وهو حديث العرباض بن سارية السلمي‪ ،‬وهو حديث مختلف في ثبوته بين‬
‫الئمة‪ ،‬قال ابن حجر في تعجيل المنفعة في ترجمة سعيد بن سويد الكلبي‬
‫من رواة هذا الحديث ‪" :1/152‬وقال البخاري لم يصح حديثه يعني الذي رواه‬
‫معاوية عنه مرفوعاً) إني عبد الله وخاتم النبيين في أم الكتاب وآدم منجدل‬
‫في طينته( وخالفه ابن حبان والحاكم فصححاه"‪ .‬وقد قال الذهبي في تاريخ‬
‫السلم‪" :‬وقد روينا بإسناد حسن‪ -‬إن شاء الله‪ -‬ثم ذكر الحديث"]‪ [9‬وقال‬
‫شيخه ابن تيمية )الفتاوى ‪" :(10/728‬وكذلك في حديث العرباض بن سارية‬
‫الذي رواه أحمد وهو حديث حسن عن النبى ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬أنه قال‪:‬‬
‫) إني عند الله لخاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته( الحديث"‪.‬‬
‫أما تأويله فواضح بّين يأتي بعد بيان حكمه بإذن الله‪.‬‬
‫والذي يظهر للباحث المتأمل من طرق الحديث وألفاظه وما جاء في معناه‬
‫أن فيه ضعفًا‪ ،‬ولكن موضع الشاهد بمعناه حسن‪ ،‬فقد جاء من حديث‬
‫الترمذي وغيره )كنت نبيا ً وآدم بين الروح والجسد(‪ ،‬وهو غير الحديث الخر‬
‫الباطل الذي فيه) وآدم بين الماء والطين( أو) ول ماء ول طين( فهو من وضع‬
‫بعض الجهال‪ ،‬ويأتي بيانه بإذن الله‪.‬‬
‫تنبيه‪:‬‬
‫أما الجزء الخير من الحديث الذي جاءت فيه هذه اللفاظ وهو قوله ‪-‬صلى‬
‫الله عليه وسلم‪) :-‬وسأنبئكم بأول ذلك دعوة أبي إبراهيم‪ (..‬فهو صحيح جاء‬
‫بأسانيد جيدة‪ ،‬بغير الزيادة التي جاءت في بعض الروايات‪) :‬وهكذا أمهات‬
‫النبياء يرين(‪.‬‬

‫‪176‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وقد روى هذا الحديث جمع من أهل العلم بألفاظ متقاربة منهم‪:‬‬
‫المام أحمد في المسند )‪ 4/127‬و ‪ (128‬قال‪ :‬حدثنا عبد الرحمن بن مهدي‪,‬‬
‫حدثنا معاوية يعني ابن صالح‪ ,‬عن سعيد بن سويد الكلبي‪ ,‬عن عبد الله بن‬
‫هلل السلمي‪ ,‬عن عرباض بن سارية قال‪ :‬قال رسول الله‪ -‬صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ):-‬إني عبد الله لخاتم النبيين وإن آدم عليه السلم لمنجدل في طينته‪.‬‬
‫وسأنبئكم بأول ذلك‪ .‬دعوة أبي إبراهيم‪ ,‬وبشارة عيسى بي‪ ,‬ورؤيا أمي التي‬
‫رأت‪ ,‬وكذلك أمهات النبيين ترين( حدثنا أبو العلء وهو الحسن بن سوار قال‪:‬‬
‫حدثنا ليث‪ ,‬عن معاوية‪ ,‬عن سعيد بن سويد‪ ,‬عن عبد العلى بن هلل‬
‫السلمي‪ ,‬عن عرباض بن سارية قال‪ :‬سمعت رسول الله‪ -‬صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ -‬يقول‪ ):‬إني عبد الله وخاتم النبيين( فذكر مثله‪ ,‬وزاد فيه أن أم رسول‬
‫الله‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬رأت حين وضعته نورا أضاءت منه قصور الشام‪.‬‬
‫وقد جاءت روايات أخرى )عند الله لخاتم النبيين‪ ،(...‬والكثرون يروونه )إني‬
‫عبدالله(‪ ،‬وهو القرب‪ ،‬وكأن )عبد( تصحفت إلى )عند( عند بعضهم‪.‬‬
‫وقد رواه أيضا ً الحاكم في مستدركه ‪ ،2/656‬وابن حبان في صحيحه‬
‫‪ ،14/313‬وذكره الهيثمي في موارد الظمآن ‪ ،1/512‬والطبراني في الكبير‬
‫‪ 18/252‬وفي مسند الشاميين ‪ ،2/340‬ورواه ابن أبي حاتم في تفسيره‬
‫‪ ،1/236‬والطبري في تفسيره ‪ 1/556‬كذلك ‪ ،28/87‬والبيهقي في الشعب‬
‫‪ ،2/134‬ورواه ابن أبي عاصم في السنة ‪ ،1/179‬وقد رواه البخاري في‬
‫التاريخ الكبير ‪ 6/68‬والصغير ‪1/13‬والوسط‪ ،‬وأبونعيم في الحلية ‪،6/90‬‬
‫وابن سعد في الطبقات الكبرى ‪ ،1/190‬ورواه النميري في أخبار المدينة‬
‫‪ ،1/335‬والفسوي في المعرفة والتاريخ ‪ ،2/201‬ورواه أبوالقاسم في تاريخ‬
‫مدينة دمشق ‪ 1/168‬و ‪ ،21/99‬ورواه البزار‪ ،‬وابن مردويه‪ ،‬وهو عند جمع‬
‫غير هؤلء‪ ،‬كلهم من إحدى طريقي أحمد أعني سعيد بن سويد عن عبدالله أو‬
‫عبدالعلى‪ ،‬أو من طريق سعيد بن سويد عن العرباض بغير واسطة‪ ،‬ورواه‬
‫ل‪ ،‬وكذلك روى أبو نعيم بسند‬ ‫ابن شاهين في دلئل النبوة عن الوزاعي مرس ً‬
‫منكر أنه جواب لسؤال عمر‪ ،‬بنحو الحديث التالي‪ ،‬ولكن لفظه )وآدم منجدل‬
‫في طينته(‪ .‬وقد ذكر الخيرين ابن كثير في البداية والنهاية‪.‬‬
‫أما طريق سعيد بن سويد عن عبدالعلى فهو في روايات معاوية بن صالح‬
‫عنه )وقد رواه عنه الليث بن سعد‪ ،‬وعبدالرحمن بن مهدي‪ ،‬وعبدالله بن‬
‫وهب وعبدالله بن صالح(‪ ،‬وجاءت كذلك في رواية عمرو بن مرة عن سعيد‬
‫بن سويد‪ ،‬وهي غريبة ذكرها في تاريخ مدينة دمشق والتفرد في هذا الطريق‬
‫في كل الطبقات‪ ،‬وعامة الرواة يذكرونها عن معاوية بن صالح أو ابن أبي‬
‫مريم‪ ،‬وفي جميع الطرق عن معاوية بن صالح جاء بلفظ )إني عبد الله( إل ّ‬
‫في طريق عبدالله ابن وهب عند الطبري )‪ ،(28/87‬وابن حبان في الصحيح )‬
‫‪ ،(14/312‬والذي يظهر أن هذا تصحيف‪ ،‬فقد ذكره ابن حبان في الثقات )‬
‫‪ (5/128‬بلفظ )عبدالله( في ترجمة عبدالعلى‪ ،‬كما أن حرملة بن يحيى‬
‫وإبراهيم بن المنذر روياه عن ابن وهب بلفظ )عبدالله( كما في تاريخ مدينة‬
‫دمشق )‪ (21/99‬و أخبار المدينة للنميري )‪.(1/335‬‬
‫وهو في تفسير القرآن العظيم للحافظ ابن كثير )‪(4/361 ،3/495 ،1/185‬‬
‫بلفظ )عند الله( معزوا ً لمسند أحمد من الطريق التي ُذكرت في المسند )‬
‫‪ ،(4/127‬ولعل هذا تصحيف آخر من النساخ فما في اليمنية المثبت المطبوع‬
‫هو )عبدالله(‪ ،‬كما أن المام أحمد رواه في موضعين آخرين بلفظ )عبدالله(‪.‬‬
‫والخلف يسير فالمعنى قريب إن شاء الله‪.‬‬

‫‪177‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫أما أبوبكر بن أبي مريم فأسقط في روايته عبدالعلى‪ ،‬فكل من روى‬


‫الحديث من طريقه لم يذكره فدل ذلك على ابن أبي مريم هو من أسقط‬
‫عبدالعلى‪.‬والصح رواية معاوية بن صالح وهو ابن حيدر بن سعيد بن سعد بن‬
‫فهر الحضرمي الشامي الحمصي‪ ،‬فهو من الثقات بخلف بكير بن عبدالله بن‬
‫أبي مريم فهو ضعيف )انظر الجرح والتعديل ‪.(2/404‬‬
‫وأما عبدالله أو عبدالعلى بن هلل السلمي‪ ،‬وهو الصواب في اسمه كما قاله‬
‫عبدالله بن المام أحمد )المسند ‪ (4/128‬وكذا قال ابن حجر في إتحاف‬
‫المهرة )‪.(11/145‬‬
‫فقد ذكره ابن حبان في الثقات )‪ (5/128‬برقم ‪ ،4186‬ولم أجد من وثقه‪ ،‬بل‬
‫وجدت الحسيني يذكر أنه مجهول )الكمال للحسيني ‪.(1/251‬‬
‫ف ابن حبان بتفرده عن الجمهور بتوثيق من لم يعرف فيه جرح‪ ،‬وهو‬ ‫ومعرو ٌ‬
‫المجهول أو مستور الحال عند الجمهور‪ ،‬ولكن الذي يخفف من وطأة هذا هو‬
‫أن الراوي إذا روى عنه ثقتان فالظهر انتفاء الجهالة عنه أو كانت جهالته‬
‫يسيرة كما قرر جمع من الحفاظ وقد نص على ذلك ابن القيم في زاد المعاد‬
‫‪ ،5/38‬وذكره المام الدار قطني في سننه ‪ 3/174‬وغيرهم جمع من‬
‫المتقدمين والمتأخرين كالمزي والذهبي‪ ،‬ورجح ابن حجر أنه إذا روى عنه‬
‫ثقتان ولم يوثق فمستور الحال‪ ،‬وهذه مسألة شائكة؛ أعني من روى عنه‬
‫الثقات ولم يؤثر فيه كلم بجرح أو تعديل ولم يأت بما يستنكر ويخالف هل‬
‫يكون مستور الحال كما قال ابن حجر )النزهة ‪ (53‬وعليه جل المتأخرين‪ ،‬أو‬
‫ترتفع عنه الجهالة مطلقا ً كما نص عليه جمع من الئمة والنقاد‪ ،‬وبغض النظر‬
‫عن الراجح في مثل هذا؛ أعجبتني كلمة للشريف حاتم العوني‪ ،‬قال في‬
‫)المرسل الخفي ‪ " :(377-1/375‬وإذا لم نجد في شيوخ التابعين أو‬
‫المخضرمين توثيقا‪ ،‬ول تجريحا‪ ،‬منصوصا عليه فإن لهذه الطبقة العليا‪،‬‬
‫والصدر الول من التابعين‪ ،‬ميزة على غيرهم‪ ،‬لعدم فشو الكذب فيهم‪،‬‬
‫ولجللة طبقتهم ‪ ،‬إلى قول ابن الصلح‪" :‬يشبه أن يكون العمل على هذا‬
‫الرأي ‪ ،‬في كثير من كتب الحديث المشهورة ‪ ،‬في غير واحد من الرواة‬
‫الذين تقادم العهد بهم ‪ ،‬وتعذرت الخبرة الباطنة بهم"‪.‬‬
‫ثم قال‪" :‬ول يشك من لحظ سياق ابن الصلح ‪ ،‬أن )العمل( الذي جاء في‬
‫كلمه ‪ ،‬أو كما قال‪) :‬العمل على هذا الرأي( هو رأي من احتج برواية‬
‫المستور‪ .‬حيث ذكر ابن الصلح قبل كلمه السابق كلما لسليم بن أيوب‬
‫الرازي )ت ‪447‬هـ( في الستدلل لمن احتج بحديث المستور‪.‬‬
‫لذلك أقول‪ :‬إن من فهم كلم ابن الصلح على غير الذي ذكرناه‪ ،‬وفسر‬
‫)العمل( الوارد بغير الحتجاج فإنه واهم! ))انظر رواة الحديث الذين سكت‬
‫عليهم أئمة الجرح والتعديل بين التوثيق والتجهيل لعداب محمود الحمش‬
‫‪.((222‬‬
‫وهذا الفهم لكلم ابن الصلح سبق إليه الحافظ المحقق عماد الدين ابن كثير‬
‫في )اختصار علوم الحديث( وكفى به‪.‬‬
‫وسيأتي كلم ابن كثير بعد أسطر‪.‬‬
‫ونعود إلى مسألة الحتجاج بكبار التابعين فهذا المام الذهبي يقول في آخر‬
‫كتابه )ديوان الضعفاء(‪" :‬وأما المجهولون من الرواة‪ :‬فإن كان الرجل من‬
‫كبار التابعين أو أواسطهم ‪ ،‬احتمل حديثه ‪ ،‬وتلقي حديثه بحسن الظن ‪ ،‬إذا‬
‫سلم من مخالفة الصول وركاكة اللفاظ‪ .‬وإن كان الرجل منهم من صغار‬

‫‪178‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫التابعين ‪ ،‬فيتأنى في رواية خبره ‪ ،‬ويختلف ذلك باختلف جللة الراوي عنه‪،‬‬
‫وتحريه‪ ،‬وعدم ذلك‪ .‬وإن كان المجهول من أتباع التابعين‪ ،‬فمن بعدهم فهو‬
‫أضعف لخبره سيما إذا انفرد به"‪.‬‬
‫فهذا كلم في معاملة المجاهيل ‪ ،‬وطبقاتهم في الحتجاج يكتب بماء الذهب‬
‫ويفرح به الحديثي فرحا ً جمًا!‬
‫وقال الحافظ ابن كثير أيضا في )اختصار علوم الحديث(‪" :‬فأما المبهم الذي‬
‫لم يسم‪ ,‬أو من سمي ول تعرف عينه‪ ,‬فهذا ممن ل يقبل روايته أحد علمناه ‪،‬‬
‫ولكنه إذا كان في عصر التابعين ‪ ،‬والقرون المشهود لهم بالخير فإنه يستأنس‬
‫بروايته ‪ ،‬ويستضاء بها في مواطن"‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وتنبه ‪-‬أخي‪ -‬أنه يتكلم عن )مجهول العين( ومع ذلك جعله ممن‬
‫يستأنس بروايته ‪ ،‬فإذا كان من مجهولي الحال ومن التابعين‪ ,‬فل شك أنه‬
‫سيرتفع عند ابن كثير عن مجرد الستئناس‪.‬‬
‫والمسألة لم تزل في حاجة إلى دراسة تستجلي بقية جوانبها ‪ ،‬وتضع لنا‬
‫قاعدة واضحة في حكم الجهالة في طبقة كبار التابعين‪.‬‬
‫وكل ما أستطيع الجزم به هنا‪ ,‬هو أن لهذه الطبقة –من كبار التابعين‪ -‬ميزة ل‬
‫يصح معها أن يلحق الرواي عنهم لوم أو عيب في أقل تقدير!!"أهـ عن‬
‫المرسل الخفي ‪.377-1/375‬‬
‫فمثل هذا مما يستأنس به هنا وبخاصة أن عبدالعلى من الطبقة الوسطى‬
‫من التابعين وهؤلء يشملهم كلم الذهبي السابق وابن كثير‪.‬‬

‫)‪(5 /‬‬

‫ولكن إذا تجاوز الباحث –بشق النفس كما ترى‪ -‬ما قرره المتأخرون في مثل‬
‫عبدالعلى‪ ،‬فإنه مضطر للوقوف أمام البخاري وابن عدي‪ ،‬لما قرراه في‬
‫سعيد بن سويد الكلبي‪ ،‬قال ابن حجر )لسان الميزان ‪ " :(3/33‬سعيد بن‬
‫سويد روى عنه عمرو بن مرة‪ ،‬ذكره بن عدى مختصرا ً وقال البخاري ل يتابع‬
‫في حديثه انتهى‪ ،‬وذكره بن حبان في الثقات وقال يروى عنه معاوية قلت‬
‫قال بن أبي حاتم روى عن عمر بن عبد العزيز وعبد العلى بن هلل وعنه‬
‫معاوية بن صالح وأبو بكر بن أبي مريم" )وانظر ميزان العتدال للذهبي‬
‫‪ (3/212‬وقد ذكر قول البخاري ابن عدي في الكامل في الضعفاء )‪،(3/408‬‬
‫بالضافة لكونه روى ما ليتابع عليه كما قال البخاري في حديث صلى بنا‬
‫معاوية الجمعة بضحى )انظر التاريخ الكبير رقم )‪.(3/477 (1594‬‬
‫فالذي يظهر أن القرب فيه ما ذكره البخاري رحمه الله‪.‬‬
‫أما معنى الحديث‪:‬‬
‫)لمنجدل في طينته(‪ :‬منجدل‪ :‬أي ملقى على الجدالة‪ ,‬وهي الرض )انظر‬
‫غريب الحديث لبن الجوزي ‪ .(1/144‬ولذلك قال الخطابي‪ ):‬أي مطروح على‬
‫وجه الرض‪ ,‬صورة من طين( )انظر غريب الحديث للخطابي ‪.(2/156‬‬
‫ول يفهم من قوله )عبدالله لخاتم النبيين( أو )عند الله لخاتم( أنه مخلوق‪،‬‬
‫فلم يقل النبي‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬أنه‪) :‬مخلوق عند الله(‪ ،‬ولم يفهم هذا‬
‫المعنى أحد من أهل العلم ول قالوا به‪ ،‬ولو كان هو المراد لما كان لقوله‪:‬‬
‫) خاتم النبيين معنى( ولصبح المعنى )أنا مخلوق عندالله خاتم النبيين( فيه‬
‫حشو وركاكة بذكر ختام النبوة ظاهر‪ ،‬وكيف يكون المراد أنه ‪-‬صلى الله عليه‬
‫ل‪ ،‬وخليل الرحمن إبراهيم‪ -‬عليه السلم‪ -‬يجهل هذا‬ ‫وسلم‪ -‬موجود نبيا ً مرس ً‬
‫ويدعو‪) :‬ربنا وابعث فيهم رسول ً منهم(!‬

‫‪179‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ولكن المعنى أن نبينا ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬عند الله عزوجل مقدر ومكتوب‬
‫أنه نبي‪ ,‬بل خاتم النبيين وآدم في تلك الحال‪ ,‬ومنذ ذلك الوقت أعلن اسمه‬
‫ورفع ذكره‪ ،‬وبهذا جاء النص الذي لمحيد عنه‪) :‬عند الله مكتوب( كما في‬
‫لفظ هذا الحديث عند ابن حبان‪ ,‬والطبري الذي ساقه في التفسير‪ .‬وجاء‬
‫أيضا ً عنده )عندالله في أم الكتاب( وهو كذلك في حلية الولياء لبي نعيم‬
‫وكذلك في السنة وغيرها‪ ،‬وفي المستدرك )عند الله في أول الكتاب(‪.‬‬
‫الشاهد أن هذه التقييدات للنص تحكم بأن قوله )عند الله( أو )عبدالله لخاتم‬
‫النبيين( إنما هو في التقدير والكتابة في أم الكتاب لنبوته‪ -‬صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ .-‬وهذا ضرب من وجود العيان في الصحف كتابة‪ ,‬وهو غير وجودها‬
‫في الخارج‪ ،‬ومثاله كتابة رزق المولود يوم أن يستتم جمعه في بطن أمه‪،‬‬
‫ه‬ ‫ي ال ّ ِ‬ ‫ُ‬ ‫سو َ‬ ‫ومثاله أيضا ً قوله تعالى‪) :‬ال ّ ِ‬
‫دون َ ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫ذي ي َ ِ‬ ‫م ّ‬
‫ي ال ّ‬ ‫ل الن ّب ِ ّ‬ ‫ن الّر ُ‬ ‫ن ي َت ّب ُِعو َ‬ ‫ذي َ‬
‫ْ‬
‫منك َ ِ‬
‫ر‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م عَ ِ‬ ‫ف وَي َن َْهاهُ ْ‬ ‫معُْرو ِ‬ ‫هم ِبال ْ َ‬ ‫مُر ُ‬‫ل ي َأ ُ‬‫جي ِ‬ ‫م ِفي الت ّوَْراةِ َوال ِن ْ ِ‬ ‫عند َهُ ْ‬ ‫مك ُْتوًبا ِ‬ ‫َ‬
‫ّ‬
‫ل الِتي‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫م َوالغل َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ح ّ‬
‫صَرهُ ْ‬‫م إِ ْ‬ ‫ضعُ عَن ْهُ ْ‬ ‫ث وَي َ َ‬‫خَبآئ ِ َ‬ ‫م ال َ‬ ‫م عَلي ْهِ ُ‬ ‫حّر ُ‬
‫ت وَي ُ َ‬‫م الطي َّبا ِ‬ ‫ل لهُ ُ‬ ‫وَي ُ ِ‬
‫ه‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫صُروهُ َوات ّب َُعوا الّنوَر الذِيَ أنزِ َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫معَ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫مُنوا ب ِهِ وَعَّزُروهُ وَن َ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬
‫م فال ِ‬ ‫ت عَلي ْهِ ْ‬ ‫كان َ ْ‬
‫ن(‪ ،‬فلم يقل عاقل أنه كان موجودا ً بعينه في الخارج يوم‬ ‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫ك هُ ُ‬ ‫أ ُوْل َئ ِ َ‬
‫أنزلت التوراة‪ ،‬وبهذا يزول الشكال وهو الذي جاء به النص‪ ،‬فإن قيل أن الله‬
‫قدر محمدا ً –صلى الله عليه وسلم‪ -‬نبيا ً قبل أن يخلق السماوات والرض‬
‫بخمسين ألف سنة‪ ،‬كما جاء في الصحيح‪) :‬كتب الله مقادير الخلئق قبل أن‬
‫يخلق السماوات والرض بخمسين ألف سنة وعرشه على الماء(‪ ،‬فكيف يقال‬
‫قدر ثانية! فيجاب على ذلك بأنه قد تقرر أن التقدير منه ما هو عمري ومنه‬
‫ماهو سنوي ومنه ما هو يومي]‪ ،[10‬ومنه أنواع أخرى ثم إن هذا التقدير‬
‫لحكمة‪ ،‬قال شيخ السلم )الفتاوى ‪" :(12/387‬والتقدير والكتابة تكون‬
‫تفصيل ً بعد جملة فالله تعالى لما قدر مقادير الخلئق قبل أن يخلق السموات‬
‫والرض بخمسين ألف سنة‪،‬لم يظهر ذلك التقدير للملئكة‪ ،‬ولما خلق آدم‬
‫قبل أن ينفخ فيه الروح أظهر لهم ما قدره‪ ،‬كما يظهر لهم ذلك من كل مولود‬
‫كما في الصحيح عن ابن مسعود عن النبي –صلى الله عليه وسلم‪ -‬أنه قال‪:‬‬
‫)يجمع خلق أحدكم في بطن أمه أربعين يوما ً نطفة‪ ،‬ثم يكون علقة مثل ذلك‪،‬‬
‫ثم يكون مضغة مثل ذلك‪ ،‬ثم يرسل الله إليه الملك فينفخ فيه الروح‪ ،‬ويؤمر‬
‫بأربع كلمات؛ بكتب رزقه‪ ،‬وأجله‪ ،‬وعمله‪ ،‬وشقى أو سعيد( وفي ‪ ..‬وفى رواية‬
‫)ثم يبعث إليه الملك‪ ،‬فيؤمر بأربع كلمات؛ فيقال اكتب رزقه وعمله وأجله‬
‫وشقي أو سعيد‪ ،‬ثم ينفخ فيه الروح( فأخبر في هذا الحديث الصحيح أن‬
‫الملك يؤمر بكتابة رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد بعد خلق جسد بن آدم‬
‫وقبل نفخ الروح فيه فكان ما كتبه الله من نبوة محمد الذي هو سيد ولد آدم‪،‬‬
‫بعد خلق جسد آدم‪ ،‬وقبل نفخ الروح فيه من هذا الجنس‪ ،‬كما في الحديث‬
‫الخر الذي في المسند وغيره عن العرباض بن سارية عن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ،‬قال‪) :‬إني عند الله مكتوب خاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في‬
‫طينته("‪.‬‬

‫)‪(6 /‬‬

‫وإليك طرفا ً من كلم أهل العلم في هذا‪:‬‬


‫قال ابن كثير‪ -‬رحمه الله‪ -‬في تفسير قوله تعالى‪) :‬ربنا وابعث فيهم رسول ً‬
‫منهم( الية‪) ،‬التفسير ‪ " :(1/185‬وقد وافقت هذه الدعوة المستجابة قدر‬
‫الله السابق في تعيين محمد ‪-‬صلوات الله وسلمه عليه‪ -‬رسول في الميين‪,‬‬

‫‪180‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫إليهم وإلى سائر العجميين من النس والجن‪ ,‬كما قال المام أحمد" ثم ذكر‬
‫الحديث النف‪ .‬وذكر كذلك في البداية والنهاية في كتاب مبعث رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪" :‬أما في المل العلى ‪ ،‬فقد كان أمره مشهورا مذكورا‬
‫معلوما من قبل خلق آدم عليه الصلة والسلم كما قال المام أحمد" وذكر‬
‫الحديث‪.‬‬
‫قال ابن حبان في صحيحه ‪ 14/312‬عند ذكر هذا الحديث‪ :‬باب كتابة الله‬
‫عنده محمدا ً ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬خاتم النبيين‪.‬‬
‫وفي شعب اليمان للبيهقي ‪ " :2/134‬قال البيهقي‪ -‬رحمه الله‪ -‬ورواه أبو‬
‫بكر بن أبي مريم‪ ,‬عن سويد بن سعيد‪ ,‬عن العرباض‪ ,‬عن النبي‪ -‬صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ):-‬إني عند الله في أم الكتاب لخاتم النبيين( وإنما أراد‪ -‬والله‬
‫أعلم‪ -‬أنه كذلك في قضاء الله وتقديره قبل أن يكون آدم عليه السلم"‪.‬‬
‫قال ابن القيم في الجواب الصحيح ‪ " :382-3/381‬ومراده أن الله كتب‬
‫نبوته وأظهرها وذكر اسمه‪ ,‬ولهذا جعل ذلك في ذلك الوقت بعد خلق جسد‬
‫آدم‪ ,‬وقبل نفخ الروح فيه‪,‬كما يكتب رزق المولود وأجله وعمله وشقي هو أو‬
‫سعيد بعد خلق جسده‪ ,‬وقبل نفخ الروح فيه"‪ .‬وانظر هداية الحيارى لبن‬
‫القيم ‪.1/66‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية ‪ " :2/149‬ومحمد سيد ولد آدم‪ ,‬فهو أعظم‬
‫الذرية قدرا‪,‬وأرفعهم ذكرا‪ ,‬فأخبر أنه كتب نبيا حينئذ‪ ,‬وكتابة نبوته هو معنى‬
‫كون نبوته‪ ،‬فإنه كون في التقدير الكتابي‪ ،‬ليس كونا ً في الوجود العيني‪ ،‬إذ‬
‫نبوته لم يكن وجودها حتى نبأه الله تعالى على رأس أربعين سنة من عمره‪،‬‬
‫كما قال تعالى له‪) :‬وكذلك أوحينا إليك روحا ً من أمرنا ما كنت تدري ما‬
‫الكتاب ول اليمان(‪ ،‬وقال‪) :‬ألم يجدك يتيما فآوى * ووجدك ضال ً فهدى(‪،‬‬
‫وقال‪) :‬نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت‬
‫من قبله لمن الغافلين(‪ ،‬ولذلك جاء هذا المعنى مفسرا ً فى حديث العرباض‬
‫بن سارية" ثم ذكره وذكر طرقه‪ ،‬وقال أيضا ً في الفتاوى)‪ (10/728‬معلقا ً‬
‫على الحديث‪ " :‬فكتب الله وقدر في ذلك الوقت وفى تلك الحال أمر إمام‬
‫الذرية‪ ,‬كما كتب حال المولود من ذرية آدم بين خلق جسده ونفخ الروح فيه‪,‬‬
‫كما ثبت ذلك في الصحيحين من حديث ابن مسعود"‪.‬‬
‫ونصوص أهل العلم في هذا المعنى كثيرة وفيما ذكر كفاية‪.‬‬
‫ومما يزيد المر جلًء الحديث الخر‪) :‬كنت نبيا ً وآدم بين الروح والجسد(‪ ،‬وهو‬
‫حديث صحيح]‪ ،[11‬بخلف الحديث الخر‪) :‬كنت نبيا ً وآدم بين الماء والطين(‪،‬‬
‫والخر )كنت نبيا ً ول ماء ولطين(‪ ،‬أو )كنت نبيا ً وآدم منحل في طينته( فإنها‬
‫لأصل لها‪.‬‬
‫ً‬
‫الشاهد قوله‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪ ):-‬كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد(‬
‫جاء جوابا ً لسؤال توضحه رواية الترمذي للثر‪ .‬قال‪ ):‬عن أبي هريرة –رضي‬
‫الله عنه‪ -‬قال‪ :‬قالوا يا رسول الله! متى وجبت لك النبوة؟ قال‪) :‬وآدم بين‬
‫الروح والجسد(‪.‬‬
‫ومعنى الحديث‪:‬‬
‫كالذي قبله‪ ،‬قال عبدالله الصديق الغماري في رسالته مرشد الحائر معلقا ً‬
‫على هذا الحديث‪" :‬وهو يفيد أن معنى كونه نبّيا‪ :‬إظهار ذلك في العالم‬
‫العلوي قبل نفخ الروح في آدم عليه السلم‪.‬‬
‫ضا سر إعلن نبوته في ذلك العهد وانه يرجع إلى أمرين‬ ‫وقد بّين الحديث أي ً‬
‫اختص بهما‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬أنه سيد ولد آدم‪.‬‬

‫‪181‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫والخر‪ :‬أنه خاتم النبياء‪ ،‬وأّيد ذلك بما ذكره من بشارة إبراهيم وعيسى به‬
‫عليهم الصلة والسلم‪.‬‬
‫والنبياء جميًعا نبوتهم ثابتة في تقدير الله وقضائه‪ ،‬لكن لم َيرد في خبر أن‬
‫الله تعالى أظهر نبوة أحد منهم بالتعيين قبل خلق ءادم‪ ،‬فلم يكن ذلك إل ّ‬
‫لنبّينا صلى الله عليه وسلم وهذا سر قوله‪" :‬كنت نبّيا وءادم بين الروح‬
‫والجسد" أي أن حملة العرش والملئكة عرفوا اسمه ونبوته قبل خلق آدم‬
‫عليه السلم‪ ،‬وهم لم يعرفوا آدم إل ّ بعد خلقه‪.‬‬
‫وقال المباركفوري في تحفة الحوذي بشرح جامع الترمذي ‪ " :10/56‬قوله‬
‫متى وجبت لك النبوة أي‪ :‬ثبتت‪ ،‬قال‪ ):‬وآدم بين الروح والجسد(‪ ،‬أي وجبت‬
‫لي النبوة‪ ,‬والحال أن آدم مطروح على الرض صورة بل روح‪ ،‬والمعنى أنه‬
‫قبل تعلق روحه بجسده‪ .‬قال الطيبي‪ :‬هو جواب لقولهم متى وجبت؟ أي‬
‫وجبت في هذه الحالة‪ .‬فعامل الحال وصاحبها محذوفان"‪.‬‬
‫وهذا اليجاب بما كتب في القدر‪ .‬فقد جاء الحديث في بعض طرقه بلفظ‬
‫)متى كتبت نبيًا( كما عند الطبراني‪ ،‬ومسند الروياني‪ ،‬وغيرها‪.‬‬

‫)‪(7 /‬‬

‫قال شيخ السلم في مجموع الفتاوى )‪ ": (18/369‬وقوله‪) :‬كنت نبيا ً وآدم‬
‫بين الروح والجسد(‪ ،‬وفى لفظ )كتبت نبيًا( كقوله‪) :‬إني عند الله لمكتوب‬
‫خاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته(‪ ،‬فإن الله بعد خلق جسد آدم‪ ،‬وقبل‬
‫نفخ الروح فيه‪ ،‬كتب وأظهر ما سيكون من ذريته‪ ،‬فكتب نبوة محمد‬
‫وأظهرها‪ ،‬كما ثبت في الصحيحين عن النبي –صلى الله عليه وسلم‪ -‬قال‪:‬‬
‫)يجمع خلق أحدكم في بطن أمه أربعين يوما ً نطفة‪ ،‬ثم يكون علقة مثل ذلك‪،‬‬
‫ثم يكون مضغة مثل ذلك‪ ،‬ثم يبعث إليه ملكا فيؤمر بأربع كلمات؛ فيقال‬
‫أكتب رزقه‪ ,‬وأجله‪ ,‬وعمله‪ ,‬وشقى أو سعيد‪ ،‬ثم ينفخ فيه الروح(‪ ،‬فقد أخبر‬
‫أنه بعد أن يخلق بدن الجنين في بطن أمه‪ ،‬وقبل نفخ الروح فيه‪ ،‬يكتب رزقه‪,‬‬
‫وأجله‪ ,‬وعمله‪ ,‬وشقى أو سعيد‪ .‬فهكذا كتب خبر سيد ولد آدم‪ ،‬وآدم منجدل‬
‫في طينته قبل أن ينفخ الروح"‪.‬‬
‫تنبيه‪:‬‬
‫روى هذا الحديث هدبة بن خالد فقال‪ :‬نا حماد بن سلمة‪ ,‬نا خالد الحذاء‪ ,‬عن‬
‫عبدالله بن شقيق‪ ,‬عن رجل بلفظ‪) :‬متى بعثت نبيًا( قال‪) :‬وآدم بين الروح‬
‫والجسد(‪] .‬انظر الحاد والمثاني ‪ 5/347‬و السنة ‪.[1/179‬‬
‫والذي يظهر للباحث المتأمل أن هذه اللفظة )بعثت( خطأ شذ به هدبة بن‬
‫خالد ‪-‬رحمه الله‪ -‬لم يتابعه فيه أحد‪ ،‬فهدبة‪ ,‬وإن كان ثقة لم يضعفه غير‬
‫النسائي‪ ,‬وتضعيف النسائي له غريب‪ ،‬فقد خالفه الجماعة ممن رووا هذا‬
‫الحديث عن حماد بن سلمة‪ ،‬منهم سريج بن النعمان كما في المسند ‪ 4/66‬و‬
‫‪ ،5/379‬وعفان بن مسلم‪ ,‬وعمرو بن عاصم كما طبقات ابن سعد الكبرى‬
‫‪ ،1/148‬فهؤلء ثلثتهم خالفوا هدبة في روايتهم عن حماد‪,‬فرواه سريج بلفظ‬
‫)متى جعلت نبيًا( ‪ ،‬ورواه الخران بلفظ )متى كنت نبيًا( وهكذا رواه جمع من‬
‫غير طريق حماد بن سلمة‪ ،‬وحديث سريج بمعناه‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬
‫ولو صح أن لفظ )بعثت( محفوظ فل إشكال في معناه‪ .‬فالمعنى‪ :‬متى أبرز‬
‫اسمك‪ ,‬وأعلنت نبوتك؟ فأجاب‪ -‬صلى الله عليه وسلم‪) :-‬وآدم بين الروح‬
‫والجسد(‪ .‬أي كنت نبيا ً مقدرا ً ومكتوبا ً أعلن ذلك وأذيع‪ ،‬وآدم في تلك الحال‪.‬‬
‫كما صحت بذلك الروايات الخرى‪ .‬فتكون مبينة لهذه‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬

‫‪182‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أما الحديث الخر الذي يروونه بلفظ‪) :‬كنت نبيا ً وآدم بين الماء والطين(‪،‬‬
‫ومثله )كنت نبيا ً ول آدم ول ماء ولطين( فحديث باطل موضوع ل أصل له‪,‬‬
‫وليستقيم مع عقل‪.‬‬
‫وقد زعم العلقمي في شرح الجامع الصغير أنه صحيح‪ .‬ولعله اختلط عليه مع‬
‫حديث )وآدم بين الروح والجسد(‪ ،‬كما اختلط على المناوي في فيض القدير‪,‬‬
‫فظن أن معناهما واحد‪ ,‬فصححه به‪ .‬والصحيح أن حديث )وآدم بين الماء‬
‫والطين( أو )ول آدم ول ماء ول طين( ليس له سند‪ ,‬ولم يخرجه من أهل‬
‫العلم أحد‪.‬‬
‫وهذا بعض كلم أهل العلم فيه‪:‬‬
‫قال السخاوي في المقاصد الحسنة‪" :‬وأما الذي على اللسنة بلفظ‪) :‬كنت‬
‫نبيا ً وآدم بين الماء والطين( فلم نقف عليه بهذا اللفظ‪ ،‬فضل ً عن زيادة‪:‬‬
‫)كنت نبيا ً ول آدم ول ماء ول طين("‪.‬‬
‫قال المباركفوري بعد أن نقل كلم السخاوي في التحفة عن المرقاة ‪:10/56‬‬
‫"وقال الزركشي‪ :‬ل أصل له بهذا اللفظ" وكلم الزركشي نقله أيضا ً علي‬
‫القاري في المصنوع في معرفة الحديث الموضوع ص ‪ ،142‬ثم ذكر صاحب‬
‫التحفة كلم السيوطي‪ ,‬وهو في الدر المنثور في الحاديث المشتهرة قائ ً‬
‫ل‪:‬‬
‫"قال السيوطي‪ :‬وزاد العوام )ول آدم‪ ,‬ول ماء‪ ,‬ول طين( ول أصل له أيضًا"]‬
‫‪.[12‬‬
‫مما قيل في بطلن معناه‪:‬‬
‫قال شيخ السلم )الفتاوى ‪ " :(2/147‬وأما ما يرويه هؤلء الجهال كابن‬
‫عربى فى الفصوص‪ ،‬وغيره من جهال العامة )كنت نبيا وآدم بين الماء‬
‫والطين(‪) ،‬كنت نبيا ول آدم‪ ,‬ول ماء‪ ,‬ول طين(‪ ،‬فهذا ل أصل له‪ ،‬ولم يروه‬
‫أحد من أهل العلم الصادقين‪ ،‬ول هو في شيء من كتب العلم المعتمدة بهذا‬
‫اللفظ‪ ،‬بل هو باطل‪ .‬فإن آدم لم يكن بين الماء والطين قط‪ ،‬فإن الله خلقه‬
‫من تراب‪ ،‬وخلط التراب بالماء حتى صار طينًا‪ ،‬وأيبس الطين حتى صار‬
‫صلصال ً كالفخار‪ ،‬فلم يكن له حال بين الماء والطين مركب من الماء‬
‫والطين‪ ،‬ولو قيل بين الماء والتراب لكان أبعد عن المحال‪ ،‬مع أن هذه الحال‬
‫ل اختصاص لها وإنما قال‪) :‬بين الروح والجسد(‪ ،‬وقال‪) :‬وإن آدم لمنجدل في‬
‫طينته( لن جسد آدم بقى أربعين سنة قبل نفخ الروح فيه‪ ،‬كما قال تعالى‪:‬‬
‫)هل أتى على النسان حين من الدهر لم يكن شيئا ً مذكورًا(‪ ،‬وقال تعالى‪:‬‬
‫)وإذ قال ربك للملئكة إني خالق بشرا ً من صلصال من حمإ مسنون فإذا‬
‫سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين(‪ ،‬وقال تعالى‪) :‬الذى أحسن‬
‫كل شئ خلقه وبدأ خلق النسان من طين * ثم جعل نسله من سللة من ماء‬
‫مهين * ثم سواه ونفخ فيه من روحه وجعل لكم السمع والبصار والفئدة‬
‫قليل ً ما تشكرون(‪"...‬‬
‫قال عبدالله الغماري في مرشد الحائر بعد أن نبه على أن هذا الحديث ل‬
‫أصل له‪:‬‬

‫)‪(8 /‬‬

‫"وما يوجد في كتب المولد النبويّ من أحاديث ل خطام لها ول زمام‪ ،‬هي من‬
‫الغلو الذي نهى الله ورسوله عنه‪ ،‬فتحرم قراءة تلك الكتب‪ ،‬ول يقبل العتذار‬
‫ما الحديث‬
‫عنها بأّنها في الفضائل لن الفضائل يتساهل فيها برواية الضعيف‪ ،‬أ ّ‬
‫عا‪ ،‬بل تحرم روايته إل مع بيان أنه‬
‫المكذوب فل يقبل في الفضائل إجما ً‬

‫‪183‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫موضوع‪.‬‬
‫دث عني بحديث ُيرى أنه كذب‬ ‫ي صلى الله عليه وسلم يقول‪) :‬من ح ّ‬ ‫والنب ّ‬
‫فهو أحد الكاذبين(‬
‫يرى بضم الياء‪ :‬معناه يظن‪.‬‬
‫ويقول‪) :‬من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار(‬
‫وفضل النبي صلى الله عليه وسلم ثابت في القرءان الكريم‪ ،‬والحاديث‬
‫الصحيحة‪ ،‬وهو في غنى عما يقال فيه من الكذب والغلو‪ ،‬وقال صلى الله‬
‫عليه وسلم‪) :‬لتطروني كما أطرت النصارى عيسى فإنما أنا عبد فقولوا عبد‬
‫الله ورسوله(‪ ".‬أهـ كلم الغماري‪.‬‬
‫أما الحديث الخير‪) :‬وأول ما خلق الله نور نبيك يا جابر(‪ ،‬والمنسوب لمصنف‬
‫عبدالرزاق كذبا ً وزورًا‪ ،‬فهو حديث موضوع‪ ،‬نبه على ذلك جمع وكتبوا فيه‪.‬‬
‫مع العلم أن في هؤلء المؤلفين السلفي والشعري ومن فيه تجهم! وكلهم‬
‫على وضعه‪ ،‬ولم يقل به إل ّ دعاة وحدة الوجود‪ ،‬والتحادية‪ ،‬ومن قلدهم من‬
‫الجهال‪ ،‬وممن نبه على وضعه‪:‬‬
‫عبدالله الصديق الغماري‪ ،‬في رسالة بعنوان‪" :‬مرشد الحائر لبيان وضع‬
‫حديث جابر"‪.‬‬
‫وحسن السقاف‪ ،‬وله إرشاد العاثر لوضع حديث أول ما خلق الله نور نبيك يا‬
‫جابر‪.‬‬
‫وكذلك هناك رسالة لبي عمر محمد العطايا‪ ،‬حول هذا الحديث‪ ،‬وقد استفدت‬
‫منها في النقل هنا‪.‬‬
‫ومحمد أحمد عبدالقادر الشنقيطي‪ ،‬في تنبيه الحذاق على بطلن ما شاع بين‬
‫النام من حديث النور المنسوب لمصنف عبد الرزاق‪.‬‬
‫وكذلك رسالة )النور المحمدي( لعداب الحمش‪.‬‬
‫وهناك من تعرض له في معرض حديثه كالصادق محمد إبراهيم في رسالته "‬
‫خصائص المصطفى بين الغلو والجفا"‪.‬‬
‫أما نص الحديث فهو‪ :‬عن جابر‪-‬رضي الله عنه‪-‬قال ‪ :‬سألت رسول الله‪-‬صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ -‬عن أول شئ خلقه الله تعالى؟ فقال‪)) :‬هو نور نبيك يا‬
‫جابر؛ خلقه الله ثم خلق فيه كل خير وخلق بعده كل شئ ‪ ،‬وحين خلقه أقامه‬
‫قدامه من مقام القرب اثني عشر ألف سنة‪ ،‬ثم جعله أربعة أقسام‪ :‬فخلق‬
‫العرش من قسم‪ ،‬والكرسي من قسم‪ ،‬وحملة العرش وخزنة الكرسي من‬
‫قسم ‪.‬‬
‫وأقام القسم الرابع في مقام الحب اثني عشر ألف سنة ‪ ،‬ثم جعله أربعة‬
‫أقسام‪ :‬فخلق القلم من قسم ‪ ،‬واللوح من قسم ‪ ،‬والجنة من قسم ‪ ،‬وأقام‬
‫القسم الرابع في مقام الخوف اثني عشر ألف سنة ‪ ،‬ثم جعله أربعة أجزاء ‪:‬‬
‫فخلق الملئكة من جزء ‪ ،‬والشمس من جزء ‪ ،‬القمر والكواكب من جزء ‪.‬‬
‫وأقام الجزء الرابع في مقام الرجاء اثني عشر ألف سنة ‪ ،‬ثم جعله أربعة‬
‫أجزاء ‪ :‬فخلق العقل من جزء ‪ ،‬والعلم والحكمة من جزء ‪ ،‬والعصمة والتوفيق‬
‫من جزء ‪.‬‬
‫وأقام الجزء الرابع في مقام الحياء اثني عشر ألف سنة ‪ ،‬ثم نظر الله ‪-‬عز‬
‫وجل‪ -‬إليه‪ ،‬فترشح النور عرقا ً ‪ ،‬فقطر منه مائة ألف أربعة وعشرون ألف‬
‫قطرة من النور ‪ ،‬فخلق الله من كل قطرة روح نبي أو روح رسول ‪ ،‬ثم‬
‫تنفست أرواح النبياء ‪ ،‬فخلق الله من أنفاسهم الولياء والشهداء والسعداء‬
‫والمطيعين إلى يوم القيامة ‪ ،‬فالعرش والكرسي من نوري ‪ ،‬والكروبيون من‬
‫نوري ‪ ،‬والروحانيون والملئكة من نوري ‪ ،‬والجنة وما فيها من النعيم من‬

‫‪184‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫نوري ‪ ،‬وملئكة السموات السبع من نوري ‪ ،‬والشمس والقمر والكواكب من‬


‫نوري ‪ ،‬والعقل والتوفيق من نوري ‪ ،‬وأرواح الرسل والنبياء من نوري ‪،‬‬
‫والشهداء والسعداء والصالحون من نتاج نوري ‪.‬‬
‫ثم خلق الله اثني عشر ألف حجاب فأقام الله نوري‪ ،‬وهو الجزء الرابع في‬
‫كل حجاب ألف سنة ‪ ،‬وهي مقامات العبودية والسكينة والصبر والصدق‬
‫واليقين ‪ ،‬فغمس الله ذلك النور في كل حجاب ألف سنة ‪ ،‬فلما أخرج الله‬
‫النور من الحجب ركبه الله في الرض ‪ ،‬فكان يضيء منها ما بين المشرق‬
‫والمغرب كالسراج في الليل المظلم ‪.‬‬
‫ثم خلق الله آدم من الرض فركب فيه النور في جبينه ‪ ،‬ثم انتقل منه إلى‬
‫شيث ‪ ،‬وكان ينتقل من طاهر إلى طيب ‪ ،‬ومن طيب إلى طاهر إلى أن‬
‫أوصله الله صلب عبد الله بن عبد المطلب ‪ ،‬ومنه إلى رحم أمي آمنة بنت‬
‫وهب ‪ ،‬ثم أخرجني إلى الدنيا فجعلني سيد المرسلين‪ ,‬وخاتم النبيين ‪ ،‬ورحمة‬
‫للعلمين ‪ ،‬وقائد الغر المحجلين‪.‬‬
‫هكذا كان بدء خلق نبيك يا جابر(( ‪.‬‬
‫قال عبدالله الغماري‪ :‬وقد ذكره بتمامه ابن العربي الحاتمي في كتاب "تلقيح‬
‫الذهان ومفتاح معرفة النسان"‪ ،‬والديار بكري في كتاب "الخميس في تاريخ‬
‫أنفس نفيس"‪ .‬وعْزوه إلى رواية عبد الرزاق خطأ‪ ،‬لنه ل يوجد في مصنفه‬
‫ول جامعه ول تفسيره‪ .‬وقال الحافظ السيوطي في الحاوي‪":‬ليس له إسناد‬
‫ما‪ ،‬وفيه اصطلحات المتصوفة‪،‬‬ ‫يعتمد عليه" أ‪.‬هـ‪ ،.‬وهو حديث موضوع جز ً‬
‫كب له إسناًدا فذكر أن عبد الرزاق رواه من‬ ‫وبعض الشناقطة المعاصرين ر ّ‬
‫طريق ابن المنكدر عن جابر وهذا كذب يأثم عليه‪.‬‬
‫قلت‪ :‬وممن أخطأ فعزاه لعبدالرزاق العجلوني في كشف الخفاء‪ ،‬وقد اعتمد‬
‫على إحالة صاحب المواهب]‪.[13‬‬

‫)‪(9 /‬‬

‫وقال أبو عمر –في بحثه المشار إليه‪ " : -‬وعزاه لـ)مصنف عبد الرزاق( ‪:‬‬
‫ي في الخصائص الكبرى والقسطلني]‪ [14‬وابن عربي الصوفي]‪[15‬‬ ‫السيوط ّ‬
‫وأحمد رضا البريلوي]‪ [16‬ومحمد عثمان عبده البرهاني]‪ [17‬وجماعة آخرون‬
‫من المتصوفة ‪ ،‬وذكره الديار بكري في "الخميس في سيرة أنفس نفيس"]‬
‫‪. [18‬‬
‫ولم أقف عليه في شيء من كتب الحديث حتى كتب الموضوعات بل مصنف‬
‫عبد الرزاق فالعزو إليه إما َوهم‪ ،‬وإما خلط بحديث آخر يأتي ذكره –إن شاء‬
‫الله تعالى‪ -‬في موضوع مستقل ‪ ،‬وإما محض كذب وافتراء ‪ .‬والله أعلم"‪.‬‬
‫قال السيوطي في الحاوي )‪ :(225-1/223‬والحديث المذكور في السؤال‬
‫ليس له إسناد يعتمد عليه‪.‬‬
‫وعقب على هذا الكلم عبدالله الغماري )في ملحق قصيدة البردة ص ‪(75‬‬
‫ل‪ " :‬وهو تساهل قبيح بل الحديث ظاهر الوضع ‪ ،‬واضح النكارة … "إلى‬ ‫قائ ً‬
‫أن قال‪" :‬والعجب أن السيوطي عزاه إلى عبد الرزاق مع أنه ل يوجد في‬
‫مصنفه ول تفسيره ولجامعه وأعجب من هذا أن بعض الشناقطة صدق هذا‬
‫العزو المخطيء فركب له إسنادا ً من عبد الرزاق إلى جابر‪ ،‬ويعلم الله أن‬
‫هذا كله ل أصل له فجابر ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬بريء من رواية هذا الحديث وعبد‬
‫الرزاق لم يسمع به"‪ ،‬وذكر في الحاشية أن المنصوص عن عبدالرزاق في‬
‫تفسيره أن أول الشياء]‪ [19‬وجودا ً الماء‪.‬‬

‫‪185‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وقال أحمد بن الصديق الغماري‪ :‬مستدركا ً على السيوطي‪-‬أيضًا‪) :-‬وهو‬


‫حديث موضوع لو ذكره بتمامه لما شك الواقف عليه في وضعه ‪ ،‬وبقيته تقع‬
‫في ورقتين من القطع الكبير ؛ مشتملة على ألفاظ ركيكة ‪ ،‬ومعان منكرة(]‬
‫‪.[20‬‬
‫ووافقه على وضعه الستاذ عبد الله الهرري بعد أن أورد عبارة أحمد الغماري‬
‫عا"‪.‬‬
‫في كتابه الدليل القويم ص‪ 180/‬وقال عقبه‪" :‬وهو جدير بكونه موضو ً‬
‫وبعض الدجاجلة ينسبه لمسند أحمد‪ ،‬ول أخاله من اللف ألف حديث التي‬
‫اختار منها المسند‪ ،‬وبعضهم يزعم أنه حصل عليه من طريق الكشف‪ ،‬وقد‬
‫ضا أن هذا الحديث أي‬ ‫علق الغماري على ذلك بقوله‪" :‬وقد ادعى بعضهم أي ً‬
‫فا‪ .‬فهذا كلم ل معنى له لن الكشف الذي‬ ‫ح كش ً‬‫حديث جابر المفتعل ص ّ‬
‫يخالف حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ل عبرة به"‪ .‬وقد بين‬
‫مخالفته للقرآن والسنة بقوله‪":‬أقول‪ :‬هذا الحديث مخالف لقوله تعالى‪) :‬قل‬
‫إنما أنا بشر مثلكم(‪ ،‬ومخالف للحديث الذي رواه البخاري والبيهقي وابن‬
‫الجارود عن عمران بن حصين أن أهل اليمن أتوا رسول الله صلى الله عليه‬
‫قه =في الدين ولنسألك عن أول هذا‬ ‫وسلم فقالوا‪ :‬يا رسول الله جئناك لنتف ّ‬
‫المر ما كان‪ ،‬قال‪" :‬كان الله ولم يكن شىء غيره‪ ،‬وكان عرشه على الماء‬
‫وكتب في الذكر كل شىء‪ ،‬ثم خلق السموات والرض"‪ ،‬وللحديث الذي رواه‬
‫ابن ماجه وابن حّبان أن أبا هريرة قال‪ :‬يا رسول الله إني إذا رأيتك طابت‬
‫نفسي وقّرت عيني فأنبئني عن كل شىء قال‪" :‬إن الله تعالى خلق كل‬
‫دي الكبير عن ابن عّباس موقوًفا‪:‬‬ ‫س ّ‬
‫شىء من الماء"‪ ،‬وللحديث الذي رواه ال ّ‬
‫"ما خلق الله تعالى شيًئا مما خلق قبل الماء"‪.‬‬
‫الشاهد أن هذا الحديث لسند له إل ّ سند مركب محدث‪ ،‬لوجود له في كتب‬
‫أهل العلم المسندة‪ ،‬ل صحيح ول ضعيف‪..‬‬
‫ولم يقل بما فيه أحد من أهل العلم سلفيهم‪ ،‬وأشعريهم‪ ،‬بل ومن فيهم شيء‬
‫من التجهم والعتزال‪.‬‬
‫ما قال به إل ّ أهل وحدة الوجود ومن قلدهم من جهال المتصوفة أو نقل‬
‫عنهم‪ ،‬وهو‬

‫)‪(10 /‬‬

‫خير جليس‬
‫المحتويات‬
‫مقدمة‬
‫لماذا نقرأ؟‬
‫وقفات مع القراء‬
‫لمن نقرأ ؟‬
‫معوقات القراءة‬
‫كيف نقرأ؟‬
‫القراءة السريعة‬
‫أدبيات في القراءة والكتب‬
‫مقدمة‬
‫إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور‬
‫أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهديه الله فل مضل له ومن يضل فل هادي له ‪،‬‬
‫وأشهد أن ل إله إل الله وحده ل شريك له وأشهد أن محمد صلى الله عليه‬

‫‪186‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وسلم عبده ورسوله ‪ ،‬وبعد‪:‬‬


‫هذا العنوان جزء من شطر بيت من أبيات الشعر‪ ..‬وخير جليس في الزمان‬
‫كتاب‪ ،‬وذلك أننا نرى المسلمين ‪-‬ونحن بالخص منهم ‪ -‬قد أعلنا مقاطعة تامة‬
‫مع القراءة‪ ،‬ومع حرصنا على الستفادة من أوقاتنا ‪-‬وإن كان حرصا ً محدودا ً ‪-‬‬
‫ومع استفادتنا أيضا ً من جزء كبير من أوقاتنا‪ ،‬إل أن نصيب القراءة عند كثير‬
‫طرح عليك سؤال عن آخر كتاب قرأته‪ ،‬ومتى انتهيت‬ ‫ل‪ ،‬ولو ُ‬‫منا ل يزال ضئي ً‬
‫منه؟ ومتى بدأته؟ فستجد الجابة خير دليل على هذه الدعوى‪.‬‬
‫فما أحوجنا إلى أن نعيد النظر مرة أخرى في هذه المقاطعة الظالمة الجائرة‬
‫مع القراءة‪.‬‬
‫لماذا نقرأ؟‬
‫سؤال نطرحه بين يدي هذا الموضوع‪ ،‬ما الدوافع التي تدعونا للقراءة وإلى‬
‫دفع ثمن باهظ لتحصيلها؟ وهو ثمن مالي من خلل توفير الكتاب واشترائه‪،‬‬
‫وإلى أن ندفع ما هو أثمن منه وهو الوقت فنصرف جزءا ً من أوقاتنا في‬
‫القراءة فلماذا نقرأ؟‬
‫ً‬
‫ولعل الجابة معروفة لدينا سلفا لكنها وقفات عاجلة حول فوائد أو دواعي‬
‫القراءة‪:‬‬
‫أولها‪ :‬وهو أهمها وأساسها‪ :‬أن القراءة وسيلة لتحصيل العلم الشرعي‪ ،‬من‬
‫خلل تلوة كتاب الله عز وجل‪ ،‬والقراءة في سنة النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ،‬والقراءة فيما دونه أهل العلم تفسيرا ً لكلم الله سبحانه و تعالى‪،‬‬
‫وسياقا ً لحديث النبي صلى الله عليه وسلم وشرحا ً وتعليقا ً على جوامع كلمه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ .‬أو حديثا ً في مسائل الفقه‪ ،‬أوفي أبواب العتقاد‪ ،‬أو‬
‫في علوم الوسائل من مصطلح وأصول وقواعد عربية وغيرها‪ ،‬أو من كتب‬
‫الزهد والورع والرقائق وغيرها‪.‬‬
‫إن القراءة تعد وسيلة مهمة لتحصيل العلم الشرعي وإدراكه؛ ومن سلك‬
‫طريقا ً يلتمس فيه علما ً سهل الله له به طريقا ً إلى الجنة‪ ،‬ومن خرج في‬
‫طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع‪ .‬إن هذه النصوص وغيرها والتي‬
‫ض ُ‬
‫ل‬ ‫ل أهل العلم على غيرهم‪ ،‬وُتف ّ‬ ‫ض ُ‬
‫تدعو إلى طلب العلم وتحث عليه‪ ،‬وُتف ّ‬
‫ً‬
‫النشغال بالعلم على ما سواه‪ ،‬تدل هي أيضا على فضل القراءة وأهميتها‬
‫والحث عليها؛ حين يكون الدافع والمقصد لها تحصيل العلم الشرعي‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬القراءة وسيلة لتوسيع المدارك والقدرات؛ لن المرء حين يقرأ‪ ،‬يقرأ‬
‫في اللغة وفي الدب والتفسير والفقه والعقيدة‪ ،‬ويقرأ في علوم المقاصد‬
‫وعلوم الوسائل‪ ،‬ويقرأ في ما ألف قديما ً وألف حديثًا؛ وذلك مدعاة لتوسيع‬
‫مداركه وإثراء عقليته‪ ،‬ولعل هذا يفسر لنا التخلف الذريع الذي نعاني منه بين‬
‫صفوف كثيرٍ من شبابنا‪ ،‬والمسافة غير المتوازنة بين قدراتهم العقلية ابتداًء‪،‬‬
‫وبين ما هم عليه من تفكير وقدرات‪ ،‬ويبدو ذلك حين تطرح مشكلة على‬
‫بساط البحث أو النقاش‪ ،‬أو حين يتساءل أحدهم أو حين يقف متحدثًا؛‬
‫فتلمس من خلل ذلك ضحالة التفكير‪ ،‬وضعف المعالجة وسطحيتها‪ ،‬في حين‬
‫أن ذكاءه يؤهله لمنزلة أعلى من تلك التي هو عليها‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬القراءة وسيلة لستثمار الوقت‪ ،‬والمرء محاسب على وقته ومسؤول‬
‫عنه‪ ،‬وسيسأل يوم القيامة عن عمره فيما أفناه‪ ،‬وعن شبابه فيما أبله‪ ،‬ول‬
‫يزال الكثير من الشباب يتساءل كثيرا ً فيم يقضي وقته‪ ،‬ول يزال الفراغ يمثل‬
‫هاجسا ً أمام الشباب يبحثون فيه عما يقضون به أوقاتهم‪ ،‬فالشباب الذين ل‬
‫هم لهم إل السير يمنة ويسرة والتجول في السواق والطرقات ولقاء فلن‬
‫وفلن الدافع لذلك كله هو الفراغ وقضاء الوقت‪.‬‬

‫‪187‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ول نبرئ أنفسنا معشر الشباب الصالحين‪ ،‬فإننا أيضا ً نلمس من أنفسنا‬
‫المعاناة من الفراغ ول نجيد استثماره واغتنامه‪ ،‬وحين يجد بعض الشباب وقتا ً‬
‫من الفراغ يتناول سماعة الهاتف فيتصل على فلن والخر والثالث ليصحبهم‬
‫إلى هدف غير معلوم ومحدود‪ ،‬اللهم إل قضاء الوقت أو يجلس وإياه ليلة‬
‫يتبادلن الحديث‪ ،‬وتراه يعيش مهموما ً حين يفتقد صاحبه ذاك الذي اعتاد أن‬
‫يقف بسيارته أمام منزله بعد صلة العصر ويودعه في المنزل مصحوبا ً بحفظ‬
‫الله بعد صلة العشاء‪ ،‬حين يفتقد صاحبه يوما ً من اليام كأنه يعيش مأساة‪،‬‬
‫وأمامه ساعات ل يدري بم يقضيها‪ ،‬لكن لو كان هذا الشاب قد اعتاد على‬
‫القراءة وصارت دأبا ً وديدنا ً له لم يعد يشكو من هذا الفراغ‪ ،‬بل كان يبحث‬
‫عن الفراغ ويفرح به ليستثمره ويغتنمه‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬القراءة وسيلة للتعويد على البحث‪ ،‬إننا حينما تواجهنا مشكلة أو يطرق‬
‫بالنا سؤال حول تفسير آية من كلم الله أو حول حديث أيصح أم ل؟ أو‬
‫البحث عن كلمة غامضة‪ ،‬أو رأي فقهي أو غير ذلك من المسائل‪ ،‬ل يسوغ أن‬
‫يكون دائما ً طريقنا الول هو السؤال ل غير‪ ،‬فلبد أن يكون لنا وسيلة للبحث‬
‫والقراءة‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫إنك لو أبقيت شابا ً من الشباب في مكتبة عامرة بالكتب‪ ،‬وطلبت منه أن‬
‫يعطيك تفسيرا ً لية من كلم الله عز وجل‪ ،‬أو يدلك على حديث من أحاديث‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم؛ فيأتي به بلفظه مصاحبا ً لذلك بعزوه إلى من‬
‫رواه‪ ،‬ومعقبا ً عليه ببيان كلم أهل العلم فيه صحة وضعفًا‪ ،‬أو سألناه عن‬
‫ل بيت من الشعر‪ ،‬أو عَل َم ٍ من العلم‪ ،‬فسيبقى فيها‬ ‫معنى كلمة غريبة‪ ،‬أو قائ ِ‬
‫دهرا ً طويل ً دون أن أن يعثر على ما يبحث عنه‪ ،‬ولو كان معتادا على القراءة‬
‫ً‬
‫وعلى قضاء قدر من الوقت في المكتبة‪ ،‬لستطاع الوصول إلى ذلك بسهولة‪.‬‬
‫والذي ليقرأ لو أراد أن يعد خطبة أو حديثا ً يلقيه‪ ،‬فيحتاج أن يجمع طائفة من‬
‫الحاديث وأقوال السلف وبعض أقوال من كتب حول هذا قديما ً وحديثًا‪ ،‬فإنه‬
‫قد ل يجد وسيلة لجمع ذلك كله‪ ،‬اللهم إل أن يجد كتيبا ً يحمل عنوان كلمته؛‬
‫فيسطو عليه ملخصا ً وناق ً‬
‫ل‪.‬‬
‫خامسًا‪ :‬القراءة وسيلة للفادة من تجارب الخرين‪ ،‬إنك حين تقرأ وتعتاد‬
‫القراءة تعطي لفكرك امتدادا ً واسعا ً على مدى الزمن ل ينتهي إل حيث بدأ‬
‫التدوين والكتابة؛ فأنت تقرأ لولئك الذين تراهم وتعرفهم‪ ،‬وتقرأ لجمع ممن‬
‫عاصرتهم ولم تتح لك فرصة اللقاء بهم والسماع منهم‪ ،‬وتقرأ لولئك الذين‬
‫سبقوك فماتوا قبلك‪ ،‬وتقرأ في سير أهل القرون الولى من سلف المة‬
‫ورعيلها الول؛ فالقراءة تعطيك رصيدا ً هائل ً عمره بالقرون‪ ،‬وتمدك بتجارب‬
‫أولئك الذين مضوا من أزمنة كثيرة وأمكنة شتى وثقافات مختلفة ومناهج‬
‫متباينة‪ ،‬بل يستطيع القارئ الناقد أن يستفيد حتى من تجارب العداء ومما‬
‫كتبوه والحق ضالة المؤمن‪.‬‬
‫سادسًا‪ :‬القراءة وسيلة تربوية؛ فأنت حين تعاني ضعفا في الهمة في طلب‬
‫ً‬
‫العلم فما عليك إل أن تقرأ كتابا ً جمع سير وأخبار القوم كيف علت همتهم‬
‫في التحصيل والطلب‪ ،‬وحين ترى من نفسك جرأة وإقداما ً على المعصية فما‬
‫عليك إل أن تعود إلى من كتب في ذلك فتقرأ فيه؛ فتجد فيه ما يزجرك‬
‫ويهزك هّزا عنيفًا‪ ،‬وحين تشكو من هذه المشكلة أو تلك‪ ،‬تفزع إلى كتابك‬
‫وتقرأ فيه ما يكون بإذن الله مجيبا ً على تساؤلك‪ ،‬وما يكون معينا ً لك في أن‬

‫‪188‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫تعالج بعض ما تعني منه‪.‬‬


‫وقفات مع القراء‬
‫وهي وقفات عاجلة نشير فيها إلى بعض ما ُنقل عن سلف المة‪ ،‬وعن بعض‬
‫المعاصرين منهم في عنايتهم بالقراءة وجمع الكتب والعناية بها‪.‬‬
‫ل‪ :‬في جمع الكتب والعتناء بها‪ :‬فقد كان أحدهم وهو ابن عقدة تعدل كتبه‬ ‫أو ً‬
‫حمل ستمائة جمل‪ ،‬وابن القيم رحمه الله كان مغرما ً بجمع الكتب‪ ،‬يقول عنه‬
‫الحافظ ابن حجر‪ :‬وكان مغرما ً بجمع الكتب فحصل منها مال يحصى حتى‬
‫كان أولده يبيعون منها دهرا ً طويل ً سوى ما اصطفوه لنفسهم‪ ،‬ويحيى بن‬
‫معين خلف مائة قمطر وأربعة عشر قمطرًا‪ ،‬والقاضي عبدالرحيم بن علي‬
‫بلغنا أن كتبه التي ملكها بلغت مائة ألف مجلد وكان يحصلها من سائر البلد‪،‬‬
‫ومحمد بن عبدالله السلمي قرأ وجمع من الكتب النفيسة ومهما فتح عليه‬
‫صرفه في ثمن الكتب‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬في كثرة القراءة‪ :‬وممن نقل عنه ذلك المام بن شهاب الزهري رحمه‬
‫الله‪ ،‬فقد كان يجلس في مكتبته ويقرأ وقتا ً طويل ً حتى إن زوجته قالت والله‬
‫لهذه أشد علي من ثلث ضرائر‪ ،‬وعبدالله بن عبدالله بن عبدالعزيز‪ ،‬قال‪ :‬لقد‬
‫غبرت علي أربعون عاما ً ما قمت ول نمت إل والكتاب على صدري‪ ،‬والحافظ‬
‫ابن حجر قرأ في حال إقامته في دمشق ‪-‬وكانت شهرين وثلث تقريبًا‪ -‬قرأ‬
‫قريبا ً من مائة مجلد مع ما يعلقه ويقضيه من أشغال‪.‬‬
‫وشيخ السلم ابن تيمية رحمه الله يقول عن نفسه‪ :‬لقد طالعت التفاسير‬
‫المنقولة عن الصحابة‪ ،‬ووقفت من ذلك على ما شاء الله تعالى من الكتب‬
‫الصغار والكبار أكثر من مائة تفسير‪ ،‬فلم أجد إلى ساعتي هذه عند أحد من‬
‫الصحابة أنه أّول شيئا ً من آيات الصفات‪ .‬فقد حكى عن نفسه أنه قرأ أكثر‬
‫من مائة تفسير فما بالكم بما قرأه من كتب الحديث والفقه والعربية وعلوم‬
‫الحديث والعقيدة وغيرها من أبواب العلم‪.‬‬
‫أما ابن الجوزي يقول محدثا ً عن نفسه‪ :‬وإني أخبر عن حالي ما أشبع من‬
‫مطالعة الكتب‪ ،‬وإذا رأيت كتابا ً لم أره فكأني وقعت على كنز‪ ،‬ولقد نظرت‬
‫في ثبت الكتب الموقوفة في المدرسة النظامية فإذا به يحتوي على نحو ستة‬
‫آلف مجلد‪ ،‬وفي ثبت كتب أبي حنيفة وكتب الحميدي وكتب شيخنا‬
‫ل‪ ،‬وغير ذلك‬ ‫عبدالوهاب بن ناصر وكتب أبي محمد بن الخشاب وكانت أحما ً‬
‫من كل كتاب أقدر عليه‪ ،‬ولو قلت إني طالعت عشرين ألف مجلد كان أكثر‬
‫وأنا بعد في الطلب‪.‬‬
‫ثالثا ً مع المعاصرين‪ :‬ممن كان كثير القراءة الديب المشهور الستاذ‪ /‬علي‬
‫الطنطاوي‪ ،‬فيقول عن نفسه‪ :‬لو أحصيت معدل الساعات التي كنت أطالع‬
‫فيها لزادت على عشر في اليوم‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫والمحدث العلمة الشيخ محمد بن ناصر الدين اللباني رحمه الله كان يعمل‬
‫في اليوم ثلث ساعات في إصلح الساعات ويصرف ما بقي في القراءة‪،‬‬
‫وكان يدخل المكتبة الظاهرية ويبقى فيها أحيانا ً اثنتي عشرة ساعة‪ ،‬وقد‬
‫صت له فيها غرفة خاصة؛ فكان يأتي قبل الموظفين في الصباح وكان‬ ‫ص َ‬
‫خ ّ‬
‫ً‬
‫من عادة الموظفين النصراف ظهرا‪ ،‬فكان ل ينصرف ويتناول غداءه في‬
‫المكتبة‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬من غرائب أحوالهم في القراءة‪ :‬للخطيب البغدادي رحمه الله كتاب‬

‫‪189‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫نفيس أسماه تقييد العلم‪ ،‬ذكر في آخره فصول ً عن الكتب منها الفصل الرابع‬
‫ذكر من وظف على نفسه السبل في مطالعة الكتاب ودرسه‪ ،‬وروى فيه عن‬
‫أبي العباس المبرد قال‪ :‬ما رأيت أحرص على العلم من ثلثة الجاحظ والفتح‬
‫بن خاقان وإسماعيل بن إسحاق القاضي‪ ،‬فأما الجاحظ فإنه كان إذا وقع في‬
‫يده كتاب قرأه من أوله إلى آخره أي كتاب كان‪ ،‬وأما الفتح بن خاقان فكان‬
‫يحمل الكتاب في كمه فإذا قام من بين يدي ليبول أو ليصلي أخرج الكتاب‬
‫فنظر فيه وهو يمشي حتى يبلغ الموضع الذي يريد ثم يصنع ذلك في رجوعه‬
‫إلى أن يبلغ مجلسه‪ ،‬وأما إسماعيل بن إسحاق فإني ما دخلت عليه قط إل‬
‫وفي يده كتاب ينظر فيه أو يقلب الكتب بطلب كتاب ينظر فيه‪.‬‬
‫المام أبو داود السجستاني صاحب السنن كان حين يفصل ثيابه يجعل كما ً‬
‫واسعا ً وكما ً ضيقا ً فقيل له في ذلك‪ ،‬فقال‪ :‬الكم الواسع للكتب‪ ،‬والضيق ل‬
‫حاجة له‪ .‬لقد كانت قضية القراءة واصطحاب الكتاب قضية تشغل باله فل‬
‫ينسى ذلك وهو يفصل ثيابه رحمه الله‪ ،‬وأبو العباس الشيباني قيل في سبب‬
‫موته أنه خرج من الجامع وفي يده كتاب ينظر فيه وكان قد أصابه صمم‬
‫شديد‪ ،‬فصدمته فرس فُألقي في هوةٍ فاضطربت دماغه فمات في اليوم‬
‫الثاني رحمه الله‪.‬‬
‫وأبو بكر الخياط النحوي كان يدرس جميع أوقاته حتى في الطريق‪ ،‬وكان‬
‫ربما سقط في جرف أو خبطته دابة‪ ،‬والجاحظ وقد مر شيء من خبره قبل‬
‫قليل كان يكتري الدكاكين من الوراقين ويبيت فيها للنظر في الكتب فيبيت‬
‫فيها في الليل حيث ل يكون أصحابها فيها‪ ،‬وقال سليم بن أيوب الرازي ‪-‬حاكيا ً‬
‫عن أبي الفرج السفراييني‪ :-‬أنه نزل يوما ً إلى داره فقال‪ :‬قد قرأت جزءا ً‬
‫في طريقي ‪-‬وهم يسمون الكتاب الصغير جزءًا‪.-‬‬
‫ويحكي عبدالرحمن بن أبي زرعة عن والده المام أبو زرعة فيقول‪ :‬ربما كان‬
‫يأكل وأقرأ عليه‪ ،‬ويمشي وأقرأ عليه‪ ،‬ويدخل الخلء في الطريق وأقرأ عليه‪،‬‬
‫ويدخل البيت في طلب شيء وأقرأ عليه‪.‬‬
‫وكان اللباني يستعير الكتب من صاحب مكتبة تجارية في دمشق‪ ،‬حتى يأتي‬
‫من يبحث عن الكتاب ليشتريه؛ فيبعث له صاحب المكتبة ويرده عليه‪.‬‬
‫هذه بعض الخبار في عناية من سلف في القراءة والتحصيل‪ ،‬وحين نسوق‬
‫خبر ذاك الذي يقرأ في الطريق أو الذي ُيقرأ عليه وهو يأكل الطعام‪ ،‬أو من‬
‫سقط في جرف أو خبطته دابة وهو يقرأ‪ ،‬فإنها ليست دعوة إلى أن نسلك‬
‫هذا السلوك؛ فذاك مسلك من استثمروا أوقاتهم وعمروها بالقراءة والعلم‬
‫والتحصيل حتى لم يجدوا إل هذه الوقات‪ ،‬أما نحن فنملك رصيدا ً هائل ً من‬
‫الوقات التي نستطيع أن نقرأ فيها ونحن ساكنين مطمئنين دون أن نصاب‬
‫بجرح أو نخبط في طريق أو دابة‪.‬‬
‫لمن نقرأ ؟‬
‫يدعو البعض إلى القراءة لكل شخص ويقول‪ :‬اقرأ كل ما وقع في يدك‪ ،‬وقد‬
‫يكون هذا المنطق مناسبا ً لفئة معينة من القراء‪ ،‬أما نحن في هذه المرحلة‬
‫فأرى أن نختار ما نقرأ وأن نعتني به‪ ،‬وأل نقرأ لي كاتب أو أي عنوان لمور‬
‫عدة‪:‬‬
‫أولها‪ :‬أن المرء حين يقرأ بعض ما كتبه أولئك الذين قد دونوا بعض زلتهم‬
‫وشطحاتهم قد يقع فيها من حيث ل يشعر‪ ،‬ويوصي بذلك العلمة ابن القيم‬
‫رحمه الله حين تحدث عن الخوارج في قصيدته الكافية الشافية وضللهم‬
‫‪،‬قال‪:‬‬
‫يامن يظن بأننا حفنا عليهم*** كتبهم تنبيك عن ذا الشان‬

‫‪190‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فانظر ترى لكن نرى لك تركها*** حذرا ً عليك مصائب الشيطان‬


‫فشباكها والله لم يعلق بها*** من ذي جناح قاصر الطيران‬
‫ح على الغصان‬ ‫إل رأيت الطير في قفص الردى*** يبكي له نو ٌ‬
‫ويظل يخبط طالبا ً لخلصه*** فتضيق عنه فرجة العيدان‬
‫والذنب ذنب الطير خل أطيب الثـ*** مرات في عا من الفنان‬
‫وأتى إلى تلك المزابل يبتغي الـ*** فضلت كالحشرات والديدان‬
‫ياقوم والله العظيم نصيحة*** من مشفق وأخ لك معوان‬
‫جربت هذا كله ووقعت في *** تلك الشباك وكنت ذا طيران‬
‫حتى أتاح لي الله بفضله ***من ليس تجزيه يدي ولساني‬
‫فالله يجزيه الذي هو أهله ***من جنة المأوى مع الرضوان‬
‫أخذت يداه يدي وسار فلم يرم*** حتى أراني مطلع اليمان‬
‫ورأيت أعلم المدينة حولها ***نزل الهدى وعساكر القرآن‬

‫)‪(3 /‬‬

‫إنه يشّبه حال هذا الذي يقرأ هذه الكتب بذاك الطير الذي يترك الثمرات‬
‫العالية‪ ،‬ويأتي إلى أسفل الشجر؛ فقد يدخل في شباك فيحاول أن يخرج‬
‫فيخفق‪ ،‬والطائر حين يدخل في الشباك ويخفق تزيد الشبكة التواًء عليه حتى‬
‫ل يستطيع الطيران‪ .‬فهذا حال من يقع في الشبه‪ ،‬فهو يقع في شبهة من‬
‫شبهة أخرى ويبحث لها عن حل‪،‬‬ ‫الشبه ثم يبحث لها عن حل‪ ،‬ثم يقع في ُ‬
‫حتى يصبح غارقا ً في الشبه‪ ،‬فل يكاد يقرأ إل وعرضت له شبهة‪ ،‬ول يكاد‬
‫يسأل إل موردا ً لشبهة‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬إننا حين نقرأ تراجم أهل العلم نرى أن هناك من أهل العلم من بلغ‬
‫منزلة عالية في العلم والتحصيل‪ ،‬ومع ذلك وقع في بعض البدع ووافق أهل‬
‫البدع في بعض ما دعوا إليه‪ ،‬وحين يقع أولئك في بعض هذه البدع فهذا يدل‬
‫على أننا ‪ -‬نحن الذين أقل منهم حظا ً وتحصيل ً ‪ -‬عرضة أيضا ً لن نقع فيما‬
‫وقعوا فيه‪ ،‬بل أكثر منهم‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬كتب أهل السنة وأهل المعتقد السليم فيها الغنية والكفاية والبركة‪،‬‬
‫وبخاصة حالنا مع القراءة‪ ،‬فلو أننا قرأنا الكثير مما كتبه أهل السنة‪ ،‬وبعد ذلك‬
‫لم نجد ما نقرأه‪ ،‬حينها قد يسوغ لنا أن ننتقل إلى المرحلة الخرى‪ ،‬ول أظن‬
‫أبدا ً أننا قد قرأنا أكثر ما نحتاج إليه فلم يتبق لنا إل هذا النوع من القراءة‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬لقد كان السلف ينهون عن ذلك‪ ،‬وكانوا يوصون بحرق كتب أهل البدع‬
‫والضلل‪ ،‬ولعل فيما أوردناه من كلم الحافظ ابن القيم رحمه الله خير شاهد‬
‫ودليل على ذلك‪.‬‬
‫معوقات القراءة‬
‫هناك معوقات قد تعيقنا عن القراءة يمكن أن نذكر منها‪:‬‬
‫ل‪ :‬عدم إدراك أهميتها؛ فعدم إدراكنا لهمية القراءة وحاجتنا إليها‪ ،‬بل‬ ‫أو ً‬
‫وضرورتها لنا‪ ،‬ولو أنا أدركنا أن القراءة لنا كالماء للسمك‪ ،‬والهواء للطير‬
‫لجتزنا كثيرا ً من العقبات‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬الكسل ودنو الهمة؛ فالقراءة تحتاج من المرء أن يفرغ جزءا ً وقته‪ ،‬وأن‬
‫يمسك كتابا ول يفارقه‪ ،‬ويجمع فكره حوله وهذا أمر قد ل تعيننا أنفسنا‬
‫الضعيفة عليه‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬والشريط السلمي يعتبر معوقا من معوقات القراءة‪ ،‬كيف ذلك؟‬
‫ً‬
‫النسان يشعر بالحاجة إلى نوع من التحصيل‪ ،‬ويشعر بأن هناك قضايا يحتاج‬

‫‪191‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫إلى أن يتفاعل معها‪ ،‬فحين يسمع الشريط يلبي هذا الشريط فراغا ً في‬
‫نفسه‪ ،‬ويشعر أنه يسمع الجديد ويرى شيئا ً جديدًا‪ ،‬ويحصل كل يوم ما يستفيد‬
‫منه‪ ،‬ولهذا يقل عنده الدافع والداعي للقراءة‪ ،‬وهو وسيلة سهلة؛ فالنسان‬
‫يستطيع أن يستمع إلى الشريط وهو مضطجع أو قاعد أو قائم أو على جنبه‪،‬‬
‫وهو يعمل‪ ،‬وهو في سيارته وفي أي حال من الحوال‪ ،‬وهو ل يكلف المرء‬
‫عبئًا؛ ولذلك تجد الكثيرين يسمعون الشريط لكن الذين يقرأون قلة‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬الكتيبات الصغيرة‪ ،‬فمع نشاط حركة التعليم‪ ،‬وكثرة المطابع والتي‬
‫تبحث عما تروج به سوقها‪ ،‬كثرت الصدارات صغيرة الحجم التي يستطيع‬
‫القارئ أن يأتي عليها في دقائق‪ ،‬فهي بحجم صغير‪ ،‬وورقات قليلة‪ ،‬وهوامش‬
‫واسعة؛ فتستطيع بدقائق عاجلة أن تقرأ مثل هذه الكتب‪ ،‬فقراءتها لتكلف‬
‫عبئا ً ول جهدًا‪.‬‬
‫ولو سألت طائفة من الشباب عن آخر كتاب قرأه‪ ،‬فستجد أن الكثير من‬
‫الجابات تدور حول تلك الكتيبات الصغيرة التي يمكن أن يحملها المرء في‬
‫جيبه‪.‬‬
‫وأظن أن الكتيب ‪ -‬على ما فيه من فوائد وجوانب مهمة ‪ -‬ليس لطلب‬
‫العلم ‪ ،‬وحين ل تكون قراءتنا إل هذه الكتيبات العاجلة‪ ،‬أو ما يمكن أن يسمى‬
‫بالوجبات السريعة ‪ -‬التي إن ساغت في الطعام والكل فإنها ل تسوغ في‬
‫التحصيل العلمي‪ -‬حين يكون هذا زادنا فهذا خير دليل على فقر زادنا‬
‫وتحصيلنا‪.‬‬
‫خامسًا‪ :‬الصحف‪ ،‬هناك صحف إسلمية ل بأس بها قد صدرت في هذا العصر‪،‬‬
‫ومنها مجلت تحوي مقالت فكرية ومقالت علمية مطولة‪ ،‬وتلقى هذه‬
‫المجلت رواجا ً وقراءة‪ ،‬ويسهل على القارئ قراءة مقال في صحيفة ل‬
‫يتجاوز أسطرا ً وربما صفحات معدودة ويسيرة‪ ،‬لكن أن يقرأ كتابا ً فهذا المر‬
‫صعب‪.‬‬
‫بل حتى في دائرة قراء المجلت ل تجد المجلت الفكرية‪ ،‬والمجلت العلمية‬
‫رواجا ً ونصيبا ً من القراءة‪ ،‬كما تجده المجلة الخبارية المزينة بالصور‬
‫والرسومات والشكال وغيرها‪.‬‬
‫ومما ينبغي التنبيه عليه أننا حين نعد هذه الوسائل الثلث )الشريط‪ ،‬والمجلة‪،‬‬
‫والكتيب( مما يعوق عن القراءة‪ ،‬فليس ذلك دعوة إلى إهمالها‪ ،‬بل ينبغي‬
‫الستفادة منها‪ ،‬لكن اعتراضنا على أن تكون بديل ً عن القراءة المركزة‬
‫العميقة‪.‬‬
‫سادسًا‪ :‬عدم العناية بالوقت‪ ،‬ولهذا ل نجد وقتا ً نقرأ فيه‪ ،‬وليس السبب في‬
‫الحقيقة هو ضيق الوقت‪ ،‬بل عدم اعتنائنا به‪ ،‬ولعل خير وسيلة تعيننا على‬
‫ذلك هي أن نخصص وقتا ً كل يوم نقرأ فيه ‪-‬أّيا كان هذا الوقت ومتى كان ‪-‬‬
‫ونعتبره واجبا ً يومّيا علينا ينبغي أل تغيب شمس اليوم إل وقد أدينا هذا‬
‫الواجب وقضيناه‪.‬‬
‫كيف نقرأ؟‬
‫ولعلي أشير إليها إشارات عاجلة هي وصايا سريعة حول بعض الطرق‬
‫الصحيحة في القراءة منها‪:‬‬
‫·الختيار في القراءة‪ ،‬من خلل اختيار المؤلف والكتاب المناسبين‪.‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫‪192‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫·التدرج في القراءة‪ :‬فالمبتدئ في القراءة ل ينبغي أن ينشغل بالمجلدات‬


‫والكتب الكبار‪ ،‬فينبغي أن تتدرج من السهل إلى الصعب‪ ،‬وإذا أدركت أنك‬
‫تفهم ما في الكتاب وتستوعبه فاقرأه‪ ،‬ثم انتقل إلى ما هو أعلى منه‪ ،‬وحين‬
‫تسلك هذا المسلك وتتدرج في القراءة فإنك قد ل تجد تلك الصعوبة التي‬
‫يجدها البعض حين يقرأ ما ل يناسبه؛ فيصاب بصدمات عنيفة قد تكون عائقا ً‬
‫له عن القراءة‪.‬‬
‫·التنويع في القراءة فل يسوغ أن تقتصر قراءتنا على فن معين أو كاتب معين‬
‫أو موضوع محدد؛ فتقرأ في التفسير والحديث والفقه والعقيدة وعلوم‬
‫الحديث واللغة والدب والتراجم والقصص وغيرها من الكتابات‪.‬‬
‫·الجلسة الصحيحة تعين على القراءة؛ لن الجلسة أحيانا ً قد تكون سببا للنوم‬
‫ً‬
‫وقد تكون سبًبا لتشتيت الذهن‪.‬‬
‫·التركيز والبعد عن الشواغل والصوارف‪.‬‬
‫·التسجيل والتلخيص؛ فقد تأتيك فوائد قد تستوعبها وتحفظها لكن حين ل‬
‫تسجلها قد تنساها‪.‬‬
‫·اختيار الوقت المناسب للقراءة حيث يكون النسان حاضر الذهن‪ ،‬مرتاح‬
‫البال‪.‬‬
‫·القراءة النقدية والعتدال فيها‪ ،‬وأل تكون مجرد حاطب ليل‪ ،‬فالذي يحطب‬
‫ة فتلدغه‪ ،‬فالذي‬ ‫في الليل ل يرى فقد يجمع حشيشا ً وحطبًا‪ ،‬وقد يحمل حي ً‬
‫يقرأ ويتلقى كل ما يقرأ بالتسليم والقبول حاله كحال حاطب الليل‪ ،‬فحين‬
‫نقرأ ونسمع يجب أن نفكر كثيرا ً فيما نقرأ‪ ،‬ول يجوز أن نعطل عقولنا‪ ،‬إذ‬
‫تعطيل العقول من التشبه بالنعام وقد نهانا الشارع الحكيم عن التشبه‬
‫ببهيمة النعام؛ فينبغي أن نتحرى في تفكيرنا وعقولنا وأن نقرأ قراءة ناقدة‪،‬‬
‫وفي المقابل يجب أن تكون القراءة الناقدة باعتدال وليكون هم القارئ أن‬
‫يقف عند كل كلمة وسطر ويبحث فيه عن خطأ حتى يقرر أنه استطاع أن‬
‫يكتشف هذا الخطأ على فلن أو فلن من الناس‪.‬‬
‫القراءة السريعة‬
‫إن مما يؤسف له أن يكون فن القراءة السريعة مما ابتكره العداء وألفوا‬
‫فيه‪ ،‬بل لهم معاهد متخصصة‪.‬‬
‫وأحدهم وهو روبرت زورن له معهد في التدريب على فن القراءة السريعة‪،‬‬
‫وممن التحق بهذا المعهد جون كيندي وزاد معدل قراءته من مائتين وأربع‬
‫وثمانين كلمة قبل أن يدرس في هذا المعهد إلى ألف ومائتين كلمة‪ ،‬وهذا‬
‫يعطيك دللة على أنك يمكن من خلل التدريب والممارسة أن تجيد فن‬
‫القراءة السريعة‪ ،‬وقد ألف زورن كتابا ً عنوانه القراءة السريعة ذكر فيه بعض‬
‫القواعد‪ ،‬يمكن أن نشير إليها باختصار حتى تغنيكم عن الرجوع إلى هذا‬
‫الكتاب وحتى توفروا الوقت الذي قد تصرفونه لقراءة هذا الكتاب في قراءة‬
‫كتاب أنتم أحوج إليه من القواعد‪:‬‬
‫القاعدة الولى‪ :‬إلغاء الرتداد‪ ،‬فأنت عندما تقرأ تعود مرة ثانية بنظرك فتقرأ‬
‫الكلمة التي قرأت قبل قليل‪ ،‬وهذا يأخذ عليك وقتا ً طويل ً قد ل تتصوره؛‬
‫فالقارئ الذي يقرأ مدة ساعتين ويرتد ارتدادا ً واحدا ً في الدقيقة سيخسر‬
‫نصف ساعة تمامًا؛ بحيث تكون قراءته ل تساوي إل ساعة ونصف‪ ،‬وإذا لم‬
‫تفهم كلمة فل تعد لقراءتها من جديد وستفهمها من خلل السياق‪.‬‬
‫القاعدة الثانية‪ :‬القراءة المقطعية وهي تعني توسيع مجال العين‪ ،‬فأنت الن‬
‫تنظر إلى أربع كلمات –على سبيل المثال‪ -‬فحاول أن توسع مجال العين‬
‫بحيث تنظر إلى ست كلمات أو ثمان‪ ،‬وهكذا‪.‬‬

‫‪193‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫القاعدة الثالثة‪ :‬حركة العودة السريعة للعين‪ ،‬أنت الن حين تنتهي من‬
‫السطر الول تنتقل إلى السطر الثاني نقلة بطيئة‪ ،‬وقد تظن أن هذا يستغرق‬
‫وقتا يسيرًا‪ ،‬لكن حين تقرأ كتابا ً يحوي مائة وخمسين صفحة ‪ ،‬والصفحة فيها‬
‫عشرون سطرًا‪ ،‬فحين توفر عليك الحركة السريعة للنتقال ثانية واحدة‪ ،‬فهذا‬
‫يعني أنك ستوفر )‪ (50‬دقيقة في قراءة هذا الكتاب‪.‬‬
‫القاعدة الرابعة‪ :‬التدريب اليومي‪ ،‬خصص لك وقتا ً تتدرب فيه على القراءة‬
‫السريعة‪ ،‬ويكون هدفك هو العناية بالسرعة أكثر من الفهم‪ ،‬وستجد بعد فترة‬
‫أنك تتطور كثيرًا‪،‬حتى تصل إلى الجمع بين السرعة والفهم‪ ،‬وخير مثال على‬
‫ذلك الكتابة على اللة الكاتبة أو الحاسب اللي‪ ،‬فأمهر الناس فيها كان في‬
‫البداية ربما يكتب حرفا ً واحدا ً خلل دقيقة ثم حرفين في الدقيقة وثلثة‬
‫أحرف حتى يصل إلى أربعين كلمة في الدقيقة‪ ،‬ويصل إلى ما هو أسرع من‬
‫ذلك‪ ،‬حتى أن بعض المكفوفين يجيد الكتابة على اللة الكاتبة بطريقة بديعة‬
‫دا‪.‬‬
‫وأخطاء نادرة ج ّ‬
‫هذه بعض القواعد في القراءة السريعة تستطيع مع الممارسة أن تتقنها‪،‬‬
‫لكن هذا النوع من القراءة ليس هو النوع الذي تحتاجه في قراءتك العلمية؛‬
‫لن القراءة العلمية ينبغي أن تكون مركزة وهادئة‪ ،‬فإذا أردت التعود على‬
‫القراءة السريعة فاجعل لك في اليوم وقتا ً تقرأ فيه قراءة سريعة‪ ،‬من خلل‬
‫قصة من كتب الدب أو التاريخ التي ل تحتاج إلى تركيز‪ ،‬ويكون هدفك التعود‬
‫على سرعة القراءة‪.‬‬
‫أدبيات في القراءة والكتب‬

‫)‪(5 /‬‬

‫بعث أحمد بن محمد بن سجار غلمه إلى أبي عبدالله العرابي صاحب‬
‫الغريب يسأله المجيء إليه‪ ،‬فقال ‪:‬عنده قوم من العراب فإذا قضى أربهم‬
‫معهم أتى‪ ،‬ولم ير الغلم عنده أحدا ً إل أن بين يديه كتبا ً ينظر فيها ثم جاء‪،‬‬
‫فقال له أبو أيوب‪ :‬سبحان الله العظيم تخلفت عنا وحرمتنا النس بك وقد‬
‫قال لي الغلم‪ :‬إنه ما رأى عندك أحدًا‪ ،‬وقلت أنت‪ :‬معك قوم من العراب‬
‫فإذا قضيت أربي معهم أتيت فقال له العرابي‪:‬‬
‫لنا جلساء ما نمل حديثهم *** ألباء مأمومون غيبا ً ومشهدا ً‬
‫يفيدوننا من علمهم علم ما مضى *** وعقل ً وتأديبا ً ورأيا ً مسددا ً‬
‫فل فتنة تخشى ولسوء عشرة *** ول نتقي منهم لسانا ً ول يدا ً‬
‫فإن قلت أموات فما أنت كاذب *** وإن قلت أحياء فلست مفندا ً‬
‫وقال الخر ‪:‬‬
‫لمحبرة تجالسني نهاري *** أحب إلي من أنس الصديق‬
‫ورزمة كاغد في البيت عندي *** أحب إلي من عطر الدقيق‬
‫ولطمة عالم في الخد مني *** ألذ لدي من شرب الرحيق‬
‫وقال آخر‪:‬‬
‫نعم المؤانس والجليس كتاب *** تخلو به إن خانك الصحاب‬
‫ل مفشيا ً سرا ً ول متكدرا ً *** وتفاد منه حكمة وصواب‬
‫ويقول أحدهم في وصف أسده على كتب العلم‪:‬‬
‫ل مصائب الرجل العليم *** مصائبه بأسفار العلوم‬ ‫أج ّ‬
‫قد الكتاب فذاك خطب *** عظيم قد يجل عن العميم‬ ‫إذا ف ُ‬
‫وكم قد مات من أسف عليها *** أناس في الحديث وفي القديم‬

‫‪194‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وقال عمرو بن العلء‪ :‬ما دخلت قط على رجل ول مررت بداره‪ ،‬فرأيته في‬
‫بابه فرأيته ينظر في دفتر وجليسه فارغ إل حكمت عليه أنه أفضل منه عقل‪ً،‬‬
‫وقيل لرجل ما يؤنسك؟ فضرب على كتبه وقال‪ :‬هذه‪ ،‬قيل فمن الناس‪ ،‬قال‪:‬‬
‫الذين فيها‪.‬‬
‫وقيل لبعضهم أما تستوحش؟ قال‪ :‬يستوحش من معه النس كله؟ قيل وما‬
‫النس؟ قال‪ :‬الكتب‪.‬‬
‫وقيل لبي الوليد إنك ربما حملت الكتاب وأنت رجل تجد في نفسك‪ ،‬قال‪ :‬إن‬
‫حمل الدفاتر من المروءة‪.‬‬
‫وقال ابن المبارك‪ :‬من أحب أن يستفيد فلينظر في كتبه‪.‬‬
‫ً‬
‫ولهم وصايا في العناية بالكتاب والحفاظ عليه منها‪ :‬أن أحدهم رأى شخصا قد‬
‫جلس على كتابه‪ ،‬فقال‪ :‬أثيابك أغلى عليك من كتابك؟ لنه جلس على كتابه‬
‫حتى يقيه الغبار‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وكانوا يقولون ل تجعل كتابك بوقا ول صندوقا‪ ،‬ذلك أن بعض الناس يلف‬
‫الكتاب حتى يصبح قريبا ً من شكل البوق‪ ،‬والصندوق أنه يضع فيه بعض الناس‬
‫الوراق والقلم ونحوها فيتمزق‪.‬‬
‫وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫)‪(6 /‬‬

‫خير يوم طلعت فيه الشمس‬


‫طارق حميدة‬
‫‪tariq_hamida@hotmail.com‬‬
‫عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫خلق آدم‪ ،‬وفيه أدخل الجنة‪،‬‬ ‫) خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة‪ :‬فيه ُ‬
‫وفيه ُأخرج منها‪ ،‬ول تقوم الساعة إل يوم الجمعة( رواه مسلم‪.‬‬
‫هذا الحديث الشريف يتحدث عن مزايا يوم الجمعة مبينا في البداية أنه يوم )‬
‫طلعت فيه الشمس (‪ ،‬بمعنى أن ظرف الزمان لهذه الحداث‪ ،‬ما وقع منها‬
‫وما سيقع‪ ،‬هو يوم تطلع فيه الشمس على الرض‪ ،‬أي أنه نهار يوم من أيام‬
‫الرض التي نحيا عليها‪ ،‬ما يعني أن خلق آدم‪ ،‬ودخوله الجنة‪ ،‬وخروجه منها‪،‬‬
‫قد تمت أو ابتدأ حدوثها على الرض‪ ،‬وكذلك المر بالنسبة ليوم القيامة‪.‬‬
‫وهذا قد يصلح دليل ً لمن يرى أن الجنة التي ُأسكنها آدم وزوجه في الرض‪ ،‬أو‬
‫ربما يكون هذا اليوم مرتبطا ً بطلوع الشمس على أحد كواكب المجموعة‬
‫الشمسية سوى الرض‪ ،‬وهذا ينفي أنها جنة الخلد‪ ،‬ويساعد في فهم دللة‬
‫المر ب"الهباط" من الجنة‪.‬‬
‫ثم يأتي تفصيل مزايا هذا اليوم بذكر الحداث العظيمة التي وقعت فيه‪ .‬فهو‬
‫أول‪ :‬اليوم الذي خلق فيه آدم؛ اليوم الذي أوجد الله فيه مخلوقا مكرما‬
‫ومفضل على كثير من العالمين‪ ،‬إنها نعمة الوجود بالنسبة للبشرية جمعاء‪ ،‬ول‬
‫أعظم ول أكبر من نعمة الوجود ‪ ..‬لنها أساس كل النعم‪ ،‬وما عداها تابع لها‬
‫بل ل يكون بدونها ‪ ..‬إن يوم الجمعة هو عيد ميلد البشرية بتعبيرنا المعاصر‪.‬‬
‫ويوم الجمعة هو اليوم الذي أدخل فيه آدم عليه السلم الجنة‪ ..‬وذاك أيضا‬
‫حدث عظيم لما فيه من الكرامة في الجنة وإعداد آدم للخلفة‪.‬‬
‫وفيه تقوم الساعة‪ ،‬ويجمع الله تعالى الناس ليحكم بينهم بالعدل‪ ،‬ويجزي‬
‫المحسنين بالحسنى‪ ..‬وماذا أعظم من إقامة العدل وإجزال المثوبة ؟‪.‬‬
‫كل ذلك واضح ومفهوم ومفسر لخيرية يوم الجمعة على سائر اليام‪ ،‬لكن‬

‫‪195‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الذي قد يلتبس على الكثيرين هو كيف يكون يوم الخراج من الجنة والهباط‬
‫إلى الرض يوم فرح وسعادة وخيرية؟ كيف يكون الخروج من دار الكرامة‬
‫عيدا‪..‬في حين أن الطرد من الديار والوطان من أكبر النكبات وأعظم‬
‫المصائب؟!‬
‫الخطأ الكبير في هذا الفهم ناشئ من الظن بأن نزول آدم وزوجه على‬
‫الرض كان عقوبة من الله تعالى لهما على الكل من الشجرة ‪ ..‬بينما يبرز‬
‫القرآن‪ ،‬من اليات الولى في سورة البقرة‪ ،‬إعلن الله تعالى للملئكة )إني‬
‫جاعل في الرض خليفة(‪ ،‬أي أن النسان قد خلق منذ البداية لهذه المهمة‬
‫الجليلة والوظيفة العظيمة‪ ،‬والتي هي إعمار الرض بمنهج الله تعالى‪،‬‬
‫واستلم زمام المور فيها‪ .‬وعليه فإن خروج آدم وزوجه من الجنة تخريج‬
‫وتتويج‪ ،‬تخريج من دورة تعليمية تدريبية‪ ،‬تعرف فيها على الدين والمهمة‬
‫وجبهة العداء والصدقاء‪ ،‬وتتويج له على عرش خلفة الرض‪ ،‬وهو أشبه ما‬
‫يكون بعيد الجلوس على العرش‪ ..‬إنها مكانة عظيمة اغتاظ لجلها إبليس‪،‬‬
‫وحسد آدم عليها‪ ،‬وتشوفت لها حتى نفوس الملئكة وألمحوا إلى أنهم أجدر‬
‫بها من النسان ) أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح‬
‫بحمدك ونقدس لك ‪.(..‬‬
‫يؤكد الرسول عليه السلم في بعض أحاديثه الشريفة بأن المة السلمية قد‬
‫اهتدت إلى يوم الجمعة‪ ،‬فيما ضل عنه أهل الكتاب‪ .‬إن الهتداء إلى هذا اليوم‬
‫هو اهتداء إلى أمانة الخلفة وقيام بحقها‪ ..‬والضلل عنه إنما هو ضلل عن‬
‫هذه الوظيفة وتضييع لتلك المانة‪.‬‬
‫ثم تأتي سورة الجمعة لتؤكد ذات المعنى‪ ،‬فالله تعالى يستبدل أمة بأمة‪،‬‬
‫وجماعة بجماعة‪ ،‬ورسالة برسالة‪ ،‬وكتابا ً بكتاب‪ ..‬حيث يبعث في الميين‬
‫رسول ً منهم‪ ،‬ليقوموا بواجب الخلفة‪ ،‬بعدما رفض أهل الكتاب حمل المانة‬
‫ملوها فكان مثلهم مثل الحمار يحمل أسفارا‪ ..‬ثم‬ ‫ح ّ‬
‫وألقوا عنهم التوراة التي ُ‬
‫يكون اللفت للنظر أن آخر ذكر في القرآن للتوراة هو في سورة الجمعة‪.‬‬
‫مباشرة في السورة فإن ) الذين‬ ‫طب فيه )الذين آمنوا( ُ‬ ‫وفي الوقت الذي ُيخا َ‬
‫طبون بوساطة الرسول محمد عليه السلم‪ ،‬وهو ما يتضح في‬ ‫هادوا ( ُيخا َ‬
‫اليات الكريمة‪ ) :‬قل يا أيها الذين هادوا إن زعمتم‪) ،(..‬قل إن الموت الذي‬
‫تفرون منه فإنه ملقيكم‪ ) ،(..‬يا أيها الذين آمنوا إذا نودي‪.(..‬‬
‫وفي ختام السورة ُتبين اليات أحكام الجمعة ) يا أيها الذين آمنوا إذا نودي‬
‫للصلة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن‬
‫كنتم تعلمون‪ ،‬فإذا قضيت الصلة فانتشروا في الرض وابتغوا من فضل الله‬
‫واذكروا الله كثيرا ً لعلكم تفلحون(‪ ..‬إنها تمثل فكرة الخلفة أصدق تمثيل‪..‬‬
‫فالذين يطلب إليهم القرآن أن يسعوا إلى ذكر الله كانوا قبل قليل يمارسون‬
‫البيع والعمال الدنيوية الخرى‪ ،‬ثم هم بعد انقضاء الصلة مأمورون مرة‬
‫أخرى بالنتشار في الرض والبتغاء من فضل الله‪ ،‬دون أن ينسوا وهم‬
‫ينتشرون في الرض‪ ،‬أن يكثروا من ذكر الله تعالى‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫إن الخلفة التي هي أمر ديني ليست شعائر تعبدية فحسب‪ ،‬وليس في‬
‫السلم فصل بين ما هو ديني وما هو دنيوي‪ ،‬فالتعبدي يمتد خيره إلى‬
‫الدنيوي المادي‪ ،‬وكذلك فإن الدنيوي هو في الحقيقة استجابة لمر الله‬
‫تعالى‪ ،‬وبالتالي فإن الفرق واضح بين الجمعة والسبت‪ ،‬كرمزين لمتين‬

‫‪196‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫كر بالمهمة‬‫ودينين‪ :‬الجمعة بما هي اجتماع بشري وجمع للديني والدنيوى وتذا ُ‬
‫المشتركة‪ ،‬والسبت الذي هو توقف وانقطاع عن ممارسة الحياة‪ ،‬وفصل‬
‫للديني عن الدنيوي‪.‬‬
‫وتأتي الية الخيرة في سورة الجمعة محذرة من إيثار العراض المادية على‬
‫أمر الله تعالى‪ ،‬وذلك بالنفضاض إلى اللهو والتجارة وترك المام قائمًا‪ ،‬ما‬
‫ُيعد انتكاسا ً عن القيام بالخلفة وجهل ً بحقيقة أن ما عند الله خير من اللهو‬
‫ومن التجارة ) وإذا رأوا تجارة أو لهوا ً انفضوا إليها وتركوك قائما‪ ،‬قل ما عند‬
‫الله خير من اللهو ومن التجارة والله خير الرازقين (‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫خيط رفيع على وشك النقطاع _ خطورة الطلق‬


‫مفكرة السلم ‪ :‬هناك وراء كل البواب المغلقة توجد هموم بين الرجل‬
‫والمرأة‪ ،‬تصل هذه الهموم في بعض الحيان إلى النقاش الحاد الذي يؤدي‬
‫إلى مشاجرة أو مشاحنة‪ ،‬ويضطر أحد الطرفين في بعض الحيان إلى فقدان‬
‫أعصابه ويتفوه بكلمات ل يقصدها لنه في ساعة غضب‪ ،‬وفي ساعة الغضب‬
‫تعمى البصيرة ويفقد العقل اتزانه‪ ،‬وفي هذه اللحظة على الطرف الثاني أن‬
‫ما لن تلك اللحظة خيط رفيع‪ ،‬إذا شد من طرفيه انقطع‪،‬‬ ‫يكون متزًنا مستقي ً‬
‫وربما يصل المر إلى الطلق‪.‬‬
‫وهنا نقف ونتساءل لماذا لم ينزل القرآن الكريم بسورة تحمل اسم ' سورة‬
‫الزواج ' وإنما جاء بسورة تحمل اسم ' سورة الطلق ' ؟‬
‫لقد سهل الله طريق الزواج لنه طريق الفطرة السوية‪ ،‬ووضع لنا الشرع‬
‫الكثير من الضوابط لتمامه‪ ،‬أما الطلق فإن الله قد وضع العراقيل في‬
‫طريق إتمامه‪ ...‬لماذا؟‬
‫لعل من أسباب ذلك أن الزواج يترتب عليه الجمع واللفة‪ ،‬أما الطلق فإنه‬
‫يترتب عليه الفرقة والنفور وفي ظل هذا الفهم يتضح لنا كيف أن القرآن‬
‫الكريم جاء بسورة ' الطلق ' كعلمة حمراء تشير إلى الخطر‪ ،‬وكإشارة‬
‫تحذير من المرور بهذه ' المنطقة الحمراء ' إذ القتراب منها يمثل موت هذه‬
‫العلقة وتلشيها‪ ،‬فإذا كان لبد للزواج من المرور بها‪ ،‬فليمروا وبين أيديهم‬
‫هدي القرآن والسنة المطهرة التي حملتها ' سورة الطلق ' و' سورة البقرة‬
‫' كضمان المرور بسلم دون الوقوع في هاوية سحيقة من غضب المولى عز‬
‫وجل‪.‬‬
‫إن الطلق حكم من أحكام شرع الله‪ ،‬ل يجوز التلعب به أو استخدامه لغير‬
‫هدف شرعي أو اجتماعي‪ ،‬وقد جعله خطوة أو حل يلجأ إليه الزوجان‬
‫المتخاصمان عندما تفلس كل الحلول وتنعدم كل الحيل في استمرار الحياة‬
‫الزوجية‪ ،‬وحين يظل الشقاء شعار البيت‪.‬‬
‫ولقد صور السلم الطلق بأنه تبغيض وحث المسلمين على اتقائه ما‬
‫استطاعوا حتى روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪ ' :‬أبغض الحلل‬
‫إلى الله الطلق '‪.‬‬
‫ه‬ ‫خ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ذون َ ُ‬ ‫ف ت َأ ُ‬
‫ولن عقد الزواج وصفه القرآن بأنه ميثاق غليظ فقال تعالى‪}:‬وَكي ْ َ‬
‫ميَثاقا ً غَِليظًا{ ]النساء‪ [21:‬فل‬
‫م ِ‬‫من ْك ُ ْ‬ ‫ض وَأ َ َ‬
‫خذ ْ َ‬
‫ن ِ‬ ‫ضك ُ ْ َ‬
‫م إ ِلى ب َعْ ٍ‬
‫َ‬
‫وَقَد ْ أفْ َ‬
‫ضى ب َعْ ُ‬
‫يصح الطلق لسباب يمكن علجها أو لمور تتغير في المستقبل‪.‬‬
‫وحتى المور التي تتعلق بعاطفة الزوج نحو زوجته أو بكراهيته لبعض أحوالها‬
‫ل يعدها السلم من مبررات الطلق‪ ،‬لن هذه العواطف متقلبة متغيرة ول‬

‫‪197‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يصح أن تبنى عليها أمور خطيرة تتعلق بكيان السرة‪ ،‬وبغيض النسان اليوم‬
‫ما ما‪.‬‬‫قد يصبح حبيبه يو ً‬
‫قا فقد يكون فيها خلق آخر يرضيه وفي هذا‬ ‫والزوج إن كره من امرأته خل ً‬
‫هوا‬ ‫ر‬‫ْ‬ ‫ك‬‫ت‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫أ‬ ‫سى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ْ َ َ ُ‬ ‫شُروهُ ّ ِ َ ْ ُ ِ ِ ْ ِ ْ ُ ُ ُ ّ َ َ‬
‫ع‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫ه‬‫مو‬‫ت‬ ‫ه‬‫ر‬ ‫ك‬ ‫ن‬‫إ‬ ‫ف‬ ‫ف‬ ‫رو‬ ‫ع‬‫م‬ ‫ل‬ ‫با‬ ‫ن‬ ‫عا ِ‬‫يقول الله تعالى‪} :‬وَ َ‬
‫خْيرا ً ك َِثيرًا{ ]النساء‪ [19:‬ويقول صلى الله عليه وسلم‪:‬‬ ‫ل الل ّ ُ‬
‫ه ِفيهِ َ‬ ‫شْيئا ً وَي َ ْ‬
‫جعَ َ‬ ‫َ‬
‫قا رضي منها آخر' ]رواه مسلم[‬ ‫'ل يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خل ً‬
‫ويفرك‪ :‬أي يكره‪ ،‬والمعنى أنه ل ينبغي للمؤمن أن يكره زوجته لخلق واحد ل‬
‫يعجبه منها ويتغاضى عما بها من أخلق أخرى فاضلة تعجبه‪.‬‬
‫وانظر إلى هذا الحوار العجيب بين عمر بن الخطاب ورجل جاء يستشيره في‬
‫طلق امرأته فقال عمر له‪ :‬ل تفعل فقال‪ :‬ولكني ل أحبها‪ :‬فقال له عمر‪:‬‬
‫ويحك ألم تبن البيوت إل على الحب؟ فأين الرعاية؟ وأين التذمم؟‬
‫ماذا يقصد عمر بذلك؟‬
‫يقصد عمر رضي الله عنه أن البيوت إذا عز عليها أن تبنى على الحب فهي‬
‫خليقة أن تبقى على ركنين آخرين شديدين هما‪:‬‬
‫‪1‬ـ الرعاية‪ :‬التي ثبت التراحم في جوانبها ويتكافل بها أهل البيت في معرفة‬
‫ما لهم وما عليهم من الحقوق والواجبات‪.‬‬
‫‪2‬ـ التذمم‪ :‬وهو التحرج من أن يصبح الرجل مصدًرا لتفريق الشمل وتقويض‬
‫البيت وشقوة الولد وما قد يأتي من وراء هذه السيئات من نكد العيش‬
‫وسوء المصير‪.‬‬
‫وإذا لم يكفك هذا الموقف فتأمل معي أخي القارئ أبا الدرداء وهو يقول‬
‫ت فرضيني‪ ،‬وإذا رأيتك غضبتي رضيتك وإل لم‬ ‫زوجته‪ ' :‬إذا رأيتني غضب ُ‬
‫نصطحب ' ويحمل هذا المعنى إحساس إرغام النفس على هذا العمل وبذل‬
‫الجهد السعي في سبيل إرضاء كل واحد الخر‪.‬‬
‫وهذا يدفعنا عزيزي القارئ إلى سؤال‪ :‬وهل توجد حياة زوجية بل مشاكل؟‬
‫إن الحياة الزوجية السعيدة هي تلك التي ل تخلو من الخلفات الزوجية‪،‬‬
‫والتي هي مع مد اليام والليالي تزكي الحب بين الزوجية وتقوى الرابطة‬
‫الزوجية‪ ،‬فالزواج رابطة بين اثنين مختلفين‪ ،‬ومن آيات الله سبحانه وتعالى‬
‫ما في الصفات والخلق‪ ،‬فالختلفات‬ ‫أنه لم يخلق اثنين متشابهين تما ً‬
‫والتباين في الصفات والخلق هي ما يسبب تلك الخلفات‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫إن حدوث الختلف بين الزوجية أمر مقبول‪ ،‬ولكن الختلف المستمر‬
‫والتشاجر التباغض والصراع حول التافه والجليل هو ما نرفضه في الحياة‬
‫الزوجية ومن واجب الزوجين أن يجعل الخلف بينهما أداة بناء ل معول هدم‪،‬‬
‫فيتعرف كل على خلق صاحبه وعلى طباعه وخصائصه محاول ً الوصول إلى‬
‫النسجام معه والتوافق النفسي وبالتالي على الزوجين التنازل عن النظرة‬
‫المثالية التي ل مكان لها على أرض الواقع‪ ،‬وعلى الزوجين أن يعلما أن‬
‫الزواج أخذ وعطاء‪ ،‬وحقوق وواجبات‪ ،‬وتعاون وتفاهم ومودة ورحمة قال‬
‫فسك ُ َ‬ ‫خل َق ل َك ُم م َ‬ ‫َ‬
‫سك ُُنوا إ ِل َي َْها وَ َ‬
‫جعَ َ‬
‫ل‬ ‫م أْزَواجا ً ل ِت َ ْ‬ ‫ن أن ْ ُ ِ ْ‬ ‫ْ ِ ْ‬ ‫ن َ َ‬ ‫ن آَيات ِهِ أ ْ‬‫م ْ‬
‫تعالى‪} :‬وَ ِ‬
‫ن{ ]الروم‪.[21:‬‬ ‫فكُرو َ‬‫ّ‬ ‫قوْم ٍ ي َت َ َ‬
‫ت لِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن ِفي ذ َل ِك ليا ٍ‬
‫ة إِ ّ‬
‫م ً‬
‫ح َ‬ ‫موَد ّة ً وََر ْ‬ ‫ب َي ْن َك ُ ْ‬
‫م َ‬
‫إن أكثر ما يحتاج إليه في الحياة الزوجية هو‪:‬‬
‫المودة‪ :‬وتعني الحب والود والتآلف والتآزر والرحمة‪ :‬وتعني التعاون والتفاهم‬
‫والتنازل عن بعض الحقوق‪ ،‬والرفق واللين والصبر والحنو والدنو واليثار وكل‬

‫‪198‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ما تحمله هاتان الكلمتان من ظلل ومعاني‪.‬‬


‫وإذا علمت الزوجة وإذا علم الزوج أن من أعظم أعمال إبليس والتي تفرغ‬
‫لجلها وجمع أعوانه لها هي التحريش بين المؤمنين ولليقاع بين الرجل‬
‫فا بل آلف المرات قبل الطلق‪.‬‬ ‫وزوجته‪ ،‬ليس أل ً‬
‫فقد أخبرنا بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ' إن إبليس ينصب عرشه‬
‫على الماء‪ ،‬ثم يبعث سراياه من الناس فأقربهم منه منزلة أعظمهم فتنة‪،‬‬
‫ت به حتى زنى‪ ،‬فيقول إبليس‪ :‬ما فعلت شيًئا‬ ‫فيأتي أحدهم فيقول‪ :‬ما زل ُ‬
‫ت به حتى فرقت بينه وبين أهله‪ ،‬فيهنئه ويلتزمه‬ ‫سيتوب‪ ،‬ويقول آخر‪ :‬ما زل ُ‬
‫ويقول نعم أنت‪ ،‬نعم أنت'‪] .‬رواه مسلم[ ويلتزمه‪ :‬يعني يحتضنه ويقربه‪.‬‬
‫عزيزتي الزوجة المسلمة‪:‬‬
‫أقول الزوجة لن المر حقيقة بيد المرأة إن رغبت أرادت وإن سخطت‬
‫أطاحت‪ ،‬فإليك بعض المور التي قد تجنبك الطلق والوقوع في الكارثة‪:‬‬
‫‪1‬ـ تقوى الله ‪ ،‬احفظي الله يحفظك‪ ،‬وابحثي عن رضا الله واتخذي من طاعة‬
‫ت‬‫ت َقان َِتا ٌ‬ ‫حا ُ‬ ‫قا لرضا ربك قال تعالى‪َ} :‬فال ّ‬
‫صال ِ َ‬ ‫زوجك في المعروف طري ً‬
‫ب{ ]النساء‪ [34:‬وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪' :‬إن‬ ‫ت ل ِل ْغَي ْ ِ‬‫ظا ٌ‬ ‫حافِ َ‬
‫َ‬
‫المرأة إذا صلت خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت زوجها‬
‫دخلت الجنة'‪] .‬رواه أحمد[‪.‬‬
‫وفي الحديث 'أل أخبركم بخير ما يكنز المرء؟ المرأة الصالحة‪ ،‬إن نظر إليها‬
‫سرته وإن أمرها أطاعته وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله' ]رواه أبو‬
‫داود والنسائي[‪.‬‬
‫‪2‬ـ لمن القوامة في البيت ؟ إذا علمت أن الزوج في السرة هو القائد‬
‫الموجه وهو القوام وهو ربان السفينة أراحت واستراحت قال تعالى‪:‬‬
‫َ‬ ‫ضهُ ْ َ‬
‫قوا‬‫ف ُ‬‫ما أن ْ َ‬‫ض وَب ِ َ‬‫م عَلى ب َعْ ٍ‬ ‫ل الل ّ ُ‬
‫ه ب َعْ َ‬ ‫ما فَ ّ‬
‫ض َ‬ ‫ساِء ب ِ َ‬‫ن عََلى الن ّ َ‬ ‫مو َ‬ ‫وا ُ‬‫ل قَ ّ‬ ‫جا ُ‬ ‫}الّر َ‬
‫م{ ]النساء‪.[34:‬‬ ‫م َ‬
‫وال ِهِ ْ‬‫م َ‬
‫نأ ْ‬ ‫ِ ْ‬
‫وهذا ل ينفي دورك وعملك في السرة فأنت مسؤولة عما استرعاك الله '‬
‫فكلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته‪ ،‬والمرأة راعية في بيت زوجها‬
‫ومسؤولة عن رعيتها ' وإذا فهمت ذلك تكون العلقة بين الزوجين علقة‬
‫عا وتفاض ً‬
‫ل‪.‬‬ ‫تكاملية كل يكلم الخر وليست صرا ً‬
‫دا على أسرارك ول تشتكي واتركي الصورة‬ ‫‪3‬ـ سرك في دمك‪ ،‬فل تطلعي أح ً‬
‫المثالية للحياة الزوجية لتتعاملي مع الواقع الحقيقي‪.‬‬
‫‪4‬ـ التحمل والصبر والتغاضي عن الخطاء والتفاهات‪.‬‬
‫‪5‬ـ حسن معاملة أهل الزوج من حسن عشرتك لزوجتك 'والبر ل يبلى'‪.‬‬
‫‪6‬ـ مصطلحات الكبرياء والعناد والتحدي مهلكة لصاحبتها وربما تكون من أهم‬
‫أسباب الطلق‪.‬‬
‫‪7‬ـ الحوار الهادئ والمصارحة حول المور التي تسبب الخلف‪.‬‬
‫‪8‬ـ صغائر المور قد تفسد الحياة الزوجية]‪:[1‬‬
‫خا عاطفًيا إيجابًيا‪.‬‬ ‫* هيئ لبيتك منا ً‬
‫* تذكر تقديرك لشريك حياتك يعينك على متاعب الحياة‪.‬‬
‫* تقبل شجار الولد‪.‬‬
‫* اجعل من المرح ملًذا من الغضب وقد قال رسولنا الكريم 'إياك والغضب'‪.‬‬
‫* أخبر من حولك بحبك لهم‪.‬‬
‫* ل بأس من النسجام السلمي‪.‬‬
‫* ل تجعل أمر المال يحزنك‪.‬‬
‫* قدر أصهارك‪.‬‬

‫‪199‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫* توقف عن الشكوى من عبء العمل الذي تتحمله‪.‬‬


‫* تكلم برقة وهدوء‪.‬‬
‫* عامل أفراد أسرتك كما لو كنت تراهم لخر مرة فكيف تكون مشاعرك‬
‫تجاه من تحب وكيف يكون حالك ومعاملتك لهم ؟ أترك الجابة لك عزيزي‬
‫القارئ‪.‬‬
‫وأخيًرا أطلب منك عزيزتي الزوجة واجب عملي وهو أن تحفظي وصية الم‬
‫العرابية لبنتها فهي كنز من الكنوز وسأتركك تبحثين عنها وتذاكريها وحاولي‬
‫جاهدة جعلها مجسدة في شخصيتك وفي واقعك الحياتي اليومي فالسعادة‬
‫الزوجية أشبه بقرص من العسل تبنيه نحلتان وكلما زاد الجهد فيه زادت‬
‫حلوة الشهد فيه والحياة الزوجية فن والتعامل مع الخلفات الزوجية فن‬
‫ق‪ ،‬وكذلك بالنسبة للرجل‬ ‫وعليك تعلم هذه الفنون وأعلمي أن الزوج رز ٌ‬
‫فالزوجة رزق وعلى كليهما أن يحافظ على رزقه‪.‬‬
‫عزيزي القارئ الزوج والزوجة‪:‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫أما إذا حدث الشقاق ووصل الحال إلى حد تتعذر فيه الحياة الزوجية فل بد‬
‫أن تكون هناك وسيلة لنفكاك الزوجين‪ ،‬ول يجوز أن يرغما على بقاء هذه‬
‫الرابطة على كره منها أو من أحدهما‪ ،‬فماذا يفعل الزوجان؟‬
‫انتظرونا في‬
‫آخر الدواء الكي ]الطلق[‪.‬‬
‫‪-------------‬‬
‫]‪ [1‬مستفاد من كتاب 'ل تهتم بصغائر المور مع أسرتك' د‪ /‬ريتشارد كارلسو‬

‫)‪(3 /‬‬

‫ي الله عنها‬
‫ض َ‬
‫ويِلد َر ِ‬
‫خ َ‬‫ت ُ‬‫جة ِبن ُ‬
‫خدي َ‬
‫َ‬
‫نسبها ونشأتها‪:‬‬
‫هي خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى قصي بن كلب القرشية‬
‫السدية ‪ ،‬ولدت سنة‬
‫‪ 68‬قبل الهجرة )‪ 556‬م(‪ .‬تربت وترعرعت في بيت مجد ورياسة‪ ،‬نشأت‬
‫على الصفات والخلق‬
‫الحميدة‪ ،‬عرفت بالعفة والعقل والحزم حتى دعاها قومها في الجاهلية‬
‫بالطاهرة ‪ ،‬وكانت‬
‫السيدة خديجة تاجرة‪ ،‬ذات مال‪ ،‬تستأجر الرجال وتدفع المال مضاربة‪ ،‬وقد‬
‫بلغها عن رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم أنه كان صادق أمين‪ ،‬كريم الخلق‪ ،‬فبعثت إليه‬
‫وطلبت منه أن يخرج في تجارة‬
‫لها إلى الشام مع غلم لها يقال له ميسرة‪ .‬وقبل رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪،‬‬
‫وربحت تجارتها ضعف ما كانت تربح‪ .‬أخبر الغلم ميسرة السيدة خديجة عن‬
‫أخلق رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬فدست له من عرض عليه الزواج منها‪ ،‬فقبل‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم ‪،‬‬

‫‪200‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فأرسلت السيدة خديجة إلى عمها عمرو بن أسعد بن عبد العزى‪ ،‬فحضر‬
‫وتزوجها رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬وكان لها من العمر أربعين سنة ولرسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم خمس وعشرون سنة‪.‬‬
‫السيدة خديجة ‪ -‬رضي الله عنها ‪ -‬كانت أول امرأة تزوجها الرسول ‪ ،‬صلى‬
‫الله عليه‬
‫وسلم‪ ،‬وكانت أحب زوجاته إليه‪ ،‬ومن كرامتها أنها لم يتزوج عليها غيرها حتى‬
‫ماتت ]‪.‬‬
‫أنجبت له ولدين وأربع بنات وهم‪ :‬القاسم )وكان يكنى به(‪ ،‬وعبد الله ‪ ،‬ورقية‬
‫وزينب‬
‫وأم كلثوم وفاطمة ‪.‬‬
‫إسلمها‪:‬‬
‫عندما بعث الله – سبحانه وتعالى – النبي صلى الله عليه وسلم كانت السيدة‬
‫خديجة – رضي الله عنها‪ -‬هي‬
‫أول من آمن بالله ورسوله‪ ،‬وأول من أسلم من النساء والرجال‪ ،‬وكان‬
‫رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم والسيدة خديجة يصليان سرا ً إلى أن ظهرت الدعوة‪ .‬تلقى رسو‬
‫الله صلى الله عليه وسلم كثيرا ً‬
‫من التعذيب والتكذيب من قومه‪ ،‬فكانت السيدة خديجة ‪ t‬تخفف عنه وتهون‬
‫عليه ما يلقى من‬
‫أكاذيب المشركين من قريش‪ .‬وعندما انزل الله – سبحانه وتعالى – الوحي‬
‫على الرسول ‪-‬‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪-‬قال له ) اقرأ بسم ربك الذي خلق ) فرجع مسرعا ً‬
‫إلى السيدة‬
‫خديجة وقد كان ترجف بوادره‪ ،‬فقال ‪ "\ :‬زملوني \" ‪ ،‬فزملوه حتى ذهب عنه‬
‫الروع‪ ،‬فقال‬
‫‪ "\ :‬مالي يا خديجة؟ \" وأخبرها الخبر وقال‪ "\ :‬قد خشيت على نفسي \" ‪،‬‬
‫فقالت له ‪:‬‬
‫كل‪ ،‬أبشر‪ ،‬فوالله ل يخزيك الله أبدا‪ ،‬إنك لتصل الرحم‪ ،‬وتصدق الحديث‪،‬‬
‫وتحمل الكل‪،‬‬
‫وتعين على نوائب الحق‪ .‬وانطلقت به إلى ابن خمها ورقة بن نوفل بن أسد‪،‬‬
‫وهو تنصر في‬
‫الجاهلية‪ ،‬وكان يفك الخط العربي‪ ،‬وكتب بالعربية بالنجيل ما شاء الله أن‬
‫يكتب‪ ،‬وكان‬
‫شيخا قد عمى‪ ،‬فقالت ‪ :‬امع من ابن أخيك ما يقول‪ ،‬فقال‪ :‬يا ابن أخي ما‬
‫ترى؟‪ ،‬فأخبره‪،‬‬
‫فقال‪ :‬هذا الناموس الذي أنزل على موسى ‪.‬‬
‫منزلتها عند رسول الله ‪:‬‬
‫كانت السيدة خديجة امرأة عاقلة‪ ،‬جليلة‪ ،‬دينة‪ ،‬مصونة‪ ،‬كريمة‪ ،‬من أهل‬
‫الجنة‪ ،‬فقد أمر‬
‫الله – تعالى – رسوله أن يبشرها في الجنة ببيت من قصب ل صخب فيه ول‬
‫نصب‪.‬‬
‫كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفضلها على سائر زوجاته‪ ،‬وكان يكثر‬
‫من ذكرها بحيث أن عائشة كانت تقول ‪ :‬ما غرت على أحد من نساء النبي‬

‫‪201‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫صلى الله عليه وسلم ما غرت على خديجة وما رأيتها‪ ،‬ولكن كان النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم يكثر من ذكرها وربما ذبح الشاة ثم يقطعها أعضاء ثم يبعثها‬
‫في صدائق خديجة فربما قلت له كأنه لم يكن في الدنيا إل خديجة‪ ،‬فيقول‬
‫إنها كانت وكان لي منها ولد‪.‬‬
‫وقالت عائشة رضي الله عنها ‪ :‬كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ل يكاد‬
‫يخرج من‬
‫البيت حتى يذكر خديجة فيحسن الثناء عليها‪ ،‬فذكر خديجة يوما من اليام‬
‫فأدركتني‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الغيرة فقلت هل كانت إل عجوزا فأبدلك الله خيرا منها‪ ،‬فغضب حتى اهتز‬
‫مقدم شعره‬
‫ً‬
‫من الغضب ثم قال‪ :‬ل والله ما أبدلني الله خيرا منها‪ ،‬آمن بي إذ كفر الناس‪،‬‬
‫وصدقتني إذ كذبني الناس‪ ،‬ورزقني الله منها أولدا ً إذ حرمني النساء‪ ،‬قالت‬
‫عائشة‪:‬‬
‫فقلت في نفسي ل أذكرها بسيئة أبدا ‪.‬‬
‫وفاتها‪:‬‬
‫توفيت السيدة خديجة ساعد رسول الله صلى الله عليه وسلم اليمن في بث‬
‫دعوة السلم قبل هجرته إلى المدينة المنورة بثلثة سنوات‪ ،‬ولها من العمر‬
‫خمس وستون سنة‪ ،‬وأنزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه في‬
‫حفرتها وأدخلها القبر بيده‪ ،‬وكانت وفاتها مصيبة كبيرة بالنسبة للرسول ‪-‬‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ -‬تحملها بصبر وجأش راضيا ً بحكم الله – سبحانه‬
‫وتعالى‬

‫)‪(1 /‬‬

‫خن ْك َةِ أ َوِْدعوه!‬


‫ذوهُ فغُّلوه ثم فى ال َ‬
‫خ ُ‬
‫ُ‬
‫)تقاليع مخبولة فى دراسة السيرة النبوية(‬
‫د‪.‬إبراهيم عوض‬
‫‪ibrahim_awad9@yahoo.com‬‬
‫ت عليه فى المشباك منذ شهور يضم بين‬ ‫ضلة موقعٌ عثر ُ‬ ‫عندى فى قائمة المف ّ‬
‫الكتب التى يضعها تحت تصرف القارئ أكثر من خمسين سيرة نبوية باللغة‬
‫ل من كتاب‪ .‬وبعضها بأقلم ٍ‬ ‫الفرنسية‪ :‬بعضها قائم برأسه‪ ،‬وبعضها فص ٌ‬
‫ة‪ ،‬والبعض الخر من تأليف المستشرقين‪ .‬وبعضها معروض كامل ً بق ّ‬
‫ضه‬ ‫مسلم ٍ‬
‫ى بعرض خطوطه العامة مع بضعة‬ ‫ف َ‬
‫دا منها قد اكت ُ ِ‬ ‫ج ّ‬
‫وقضيضه‪ ،‬والقليل ِ‬
‫نصوص قليلة منه‪ ،‬ومن هذا الصنف الخير كتاب الطبيب النفسانى الفرنسى‬
‫مى‪ :Un Juif nommé Mahomet" :‬يهودىّ اسمه محمد"‪ .‬وقد‬ ‫برنار راكان المس ّ‬
‫ى القارئ على تلخيص الكاتب‬ ‫ت فى كتابة هذه الدراسة التى بين ي َد َ ِ‬ ‫اعتمد ُ‬
‫لفكاره المودعة فى كتابه‪ ،‬فضل عن تعليقات بعض القراء على تلك الفكار‬
‫وردوده عليها‪ .‬ونبدأ بما كتبه أحد قراء الكتاب المذكور تعقيبا على ما أثاره‬
‫المؤلف من تشكيكات جامحة ترى فى السلم وك َِتابه ونبّيه ووقائع تاريخه‬
‫اختراعات كاذبة ملفقة تمت فى وقت متأخر كثيرا عن التواريخ المعروفة‬
‫للناس جميعا على ما سوف يتضح فى هذه الدراسة‪ .‬ويوجه القارئ المذكور‬
‫الخطاب لراكان قائل إن كتابه قد أقنعه تمام القناع‪ ،‬وبخاصة ما جاء فيه عن‬
‫ده خرافة ل صلة لها‬ ‫ش ما يع ّ‬ ‫الخندق مما يمثل المسمار الخير فى نع ِ‬
‫بالواقع‪ ،‬إذ إن هذا الخندق )الذى تقول كتب السيرة والحديث والتاريخ إن‬

‫‪202‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المسلمين فى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم قد حفروه لحماية المدينة‬
‫من هجوم الحزاب عليها( هو فى رأيه أمر ل وجود له فى الواقع‪ .‬ذلك أنه‬
‫ل‪ ،‬ومن ثم فكل ما يقال عن الرسول‬ ‫ليس ثمة دليل على أنه قد تم حفره فع ً‬
‫ووجوده التاريخى هو محض هراء‪ .‬ول ينقص إثبات ذلك إل شىء واحد‪ ،‬هو أن‬
‫يتم التحقق‪ ،‬عن طريق الحفر أو التصوير الجوى‪ ،‬من أنه لم يكن هناك خندق‬
‫بالمرة‪ ،‬وعندئذ يتبين للمسلمين أنهم كانوا يعيشون طوال هاتيك القرون على‬
‫وهم كبير‪ ،‬ومن ثم يتركون السلم نهائيا‪.‬‬
‫والملحظ أن المنطق المستخدم فى كلم المعلق والمؤلف جميعا هو منطق‬
‫متهافت تمام التهافت كما سيتبين للقارئ عندما نأتى إلى تحليل هذه الفكار‬
‫دا منذ‬ ‫ل قصد صاحبه قص ً‬ ‫ب أو عق ٍ‬
‫ل مضطر ٍ‬ ‫التى ل يمكن أن تدور إل فى عق ٍ‬
‫ك فى كل شىء دون أدنى دليل‪ :‬التشكيك لمجرد التشكيك‬ ‫البداية التشكي َ‬
‫رغم كل الطنطنات المدوية التى تكاد أن تتفجر منها رؤوسنا! قال القارئ‬
‫َ‬
‫فلل‬ ‫المذكور الذى لم يكتب اسمه إنه قد اشترك فى البحث عن بقايا بعض ال ِ‬
‫م من عصر الخندق‬ ‫الغالّية الرومانّية فى موقع يعود عهده إلى عصرٍ أقد َ‬
‫هريات‪ ،‬وإنه‬ ‫المزعوم بالمدينة‪ ،‬ب َي ْد َ أنه لم يعثر على أكثر من كسور بعض الّز ْ‬
‫ل تعود إلى عصر الرومان‪ ،‬وإن من‬ ‫قد استطاع أن يرى من الطائرة بقايا مناز َ‬
‫الممكن جدا‪ ،‬بمجرد الحفر على عمق متر أو مترين أو أكثر من ذلك قليل‪،‬‬
‫جد ّ سحيقةٍ مما ل ي ُعَد ّ معها الزمن الذى يقال‬ ‫العثور على آثار ترجع إلى أزمنةٍ ِ‬
‫إن الخندق قد تم حفره فيه شيًئا مذكوًرا‪ ،‬وبخاصة بالنسبة لخندق يقال إنه‬
‫ض ل يتيح‬ ‫ق يستحيل معه على جندى المشاة عبوره‪ ،‬وبعَْر ٍ‬ ‫فَر بعم ٍ‬
‫ح ِ‬
‫قد ُ‬
‫للفارس القفز فوقه بسهولة‪ .‬وعلى هذا فمن الواضح تماما أن خندق المدينة‪،‬‬
‫عيد ردمه‬ ‫فَر فعل‪ ،‬ل بد أن يكون الن موجودا رغم أنه قد أ ُ ِ‬ ‫ح ِ‬
‫إذا كان قد ُ‬
‫بطبيعة الحال‪ ،‬إذ من المعروف أنه قد تم حفره فى الصخر‪ ،‬والصخر لن يعيد‬
‫نفسه بنفسه إلى ما كان عليه قبل الحفر‪ ،‬ومع ذلك فـ"الله أكبر"! وواضح أن‬
‫الجملة الخيرة هى سخرية من الكاتب! ومن المعروف‪ ،‬كما يقول‪ ،‬أن‬
‫الخندق كان يحيط تماما بالمدينة‪ ،‬التى كانت أصغر كثيرا مما هى الن‪ ،‬ومن‬
‫ثم فلو حفرنا من أى نقطة حول المسجد باتجاه الخارج فل بد أن يتقاطع‬
‫الحفر مع الخندق القديم بعد قليل من الزمن‪:‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫‪Je vais vous dire l'argument qui m'a définitivement convaincu, genre le‬‬
‫‪dernier coup de marteau qui enfonce le clou déjà solidement planté : le fossé‬‬
‫‪de Médine. J'ai participé à des fouilles de villas gallo-romaines, dans un site‬‬
‫‪PLUS ANCIEN que le site potentiel de Médine. Je n'ai rien trouvé de plus‬‬
‫‪que des bouts de poteries dont le plus grand lot formait au mieux un fond de‬‬
‫‪vase. En avion, j'ai vu des vestiges de maisons pouvant remonter jusqu'aux‬‬
‫‪Romains. Je sais qu'il suffit de gratter sous un à deux mètres de terre, parfois‬‬
‫‪plus mais pas tant que ça, pour retrouver des traces remontant à des époques‬‬
‫‪faramineusement lointaines. 2000 ans ce n'est rien. 1400 ans encore moins,‬‬
‫‪surtout pour un personnage qui aurait creusé un fossé suffisamment profond‬‬
‫‪pour être infranchissable à des fantassins, et suffisamment large pour être‬‬
‫‪difficilement franchissable à un cheval. Or, il est TOTALEMENT évident,‬‬
‫! ‪que ce fameux fossé de la bataille de Médine devrait toujours exister‬‬

‫‪203‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ http://www.balligho.com

Comblé, certes, mais toujours là. Il est censé avoir été creusé dans la roche
par endroits : la roche n'a pas pu se reformer (quoique, Allah est grand...) Et
le fossé ne pouvait qu'encercler la ville, plus petite qu'actuellement. Sinon il
suffisait de passer par l'endroit où il n'y avait pas de fossé ! Donc on creuse
une tranchée depuis l'extérieur de la mosquée vers n'importe quelle direction
.et, mathématiquement, on coupe le fossé à un moment ou à un autre
،‫ أن تكون هناك سواتر‬،‫ حسب كلمه‬،‫كذلك حين يحفر النسان خندقا فل بد‬
‫ إل أن الروايات ل تتحدث‬،‫ ناتجة عن الحفر‬،‫أو على القل أكوام من التراب‬
‫ مبارزة‬،‫كر‬ ُ ْ ‫ فيما ي َذ‬،‫ ثم يضيف قائل إنه كانت هناك‬.‫أبدا عن شىء من ذلك‬
‫بين أحد الصحابة وفارس من فرسان العداء استطاع عبور الخندق قفًزا‬
‫ وأن المتحارِب َْين كانا ظاهَرْين لكل من الطرفين على جانبى‬،‫بالحصان‬
‫ فما دام واحد قد استطاع القفز فوق‬،‫ وهذا أمر فى نظره عجيب‬.‫الخندق‬
‫ فما الذى منعهم من ذلك؟ ثم‬،‫ لقد كان الجميع يستطيعونه هم أيضا‬،‫الخندق‬
ْ َ‫م ل‬
‫م‬ َ ِ ‫ فل‬،‫ما دام الموجودون على جانبى الخندق يستطيعون رؤية المتبارَِزْين‬
‫ ومعنى ذلك أنه‬،‫وبوا عليهما السهام؟ لكن أحدا من الطرفين لم يتحرك‬ ّ ‫يص‬
ً
‫ وهو ما ل‬،‫كانت هناك مبارزة تدور بمْرأى ومسمٍع من جيشين سلبيين تماما‬
‫وا على نمط التعليم السلمى فإنهم‬ ْ ّ ‫ أما بالنسبة لهؤلء الذين ترب‬.‫يقبله العقل‬
‫ وعلى هذا فإنه‬.‫لن ي ُعَّنوا أنفسهم بالتفكير فى تلك الرواية غير المنطقية أبدا‬
‫ينتهى إلى تأكيد ما قاله المؤلف من أن شهرين فقط من التنقيب فى ذلك‬
‫ وعندها يكون المسلمون قد‬،‫المكان كفيلن بالقضاء على تلك الخرافة‬
:!‫تخلصوا من دينهم‬
En plus, quand on fait un fossé, on fait un rempart, au minimum un remblai,
avec les déblais : or le récit ne parle pas de rempart ni de remblai. Si je me
rappelle bien, il y a un duel entre un adepte de Mahomet et un cavalier qui
réussit à sauter le fossé, et les combattants sont visibles des deux côtés du
fossé, encouragés par leurs armées respectives. Le terrain est donc à
découvert des deux côtés du fossé. N'importe quoi. J'avais trouvé le détail
bizarre : si un cavalier passe, tous passent ; si on peut voir le duel, on peut
tirer des flèches sur les duellistes, or personne ne bouge. Les duels qui se
déroulent devant deux armées passives, ça n'existe pas. Dès que l'on se met
à réfléchir, ça saute aux yeux, oui mais voilà le "merveilleux" du récit berce
l'intelligence qui s'endort, et la grosse couleuvre s'avale comme une cuillère
de confiture même quand on n'est pas musulman. Alors ceux qui sont passés
par les écoles coraniques, ils ne risquent pas de réfléchir. C'est évident,
comme vous l'écrivez : deux à trois mois de fouilles, et c'est fini, les
.musulmans sont débarrassés de l'islam

(2 /)

‫ أن أحدا لم يفكر فى هذا المر بتاتا على ما فيه من‬،‫ كما يقول‬،‫ومن الغريب‬
‫ وهو ما يبين لنا إلى أى مدى استطاع‬،‫مخالفة للمنطق تبعث على الدهشة‬
‫السلم التلعب بالعقول عن طريق التقنيات الخاصة بذلك جميعها دون‬
‫ ومروًرا بالتزام مبدإ السمع والطاعة‬،‫مى بغسل المخ‬ّ ‫ بدًءا مما يس‬:‫استثناء‬
‫والخضوع لتأثير العواطف الجمعية وتجنب مسائل بعينها ل ينبغى الخوض فيها‬

204
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ http://www.balligho.com

‫ رغم‬،‫ ويقول أيضا إنه‬.‫إلخ‬...‫ وانتهاًء بتعطيل عمل العقل‬،‫واستغلل الجنس‬


‫ قد انطلى عليه ما‬،‫حرصه على أن يظل مفتوح العينين حتى ل يخدعه خادع‬
‫ إذ ظن أنه ما دامت هناك كتب تتحدث عن‬،"‫ى‬ ّ ِ‫سل ْط َو‬
ّ ‫هان ال‬
َ ‫ "الب ُْر‬:‫مى‬
ّ ‫س‬
َ ُ‫ي‬
‫ مع أن هناك كتبا كثيرة عن‬،‫محمد فمعنى هذا أن محمدا كان موجودا حقيقة‬
:!‫ ومع ذلك فإن تنتان لم يكن له فى يوم من اليام وجود‬،‫تنتان‬
C'est ahurissant comme c'est simple, et encore plus ahurissant que l'on n'y
pense pas. Voilà qui montre à quel point cette manipulation de l'islam est
psychologiquement bien conçue. En fait TOUTES les techniques de la
manipulation sont utilisées dans l'islam, absolument toutes : le lavage de
cerveau par mantras, la démonstration publique de soumission, la pression
du groupe, les non-dits, l'intrumentalisation de la sexualité, la paralysie de
l'intelligence par la double contrainte etc... Moi qui me targue d'être du
genre "on ne me la fait pas !" hé bien je me suis fait "couillonné" par l'
"argument d'autorité" : il existe des livres qui racontent les aventures de
Mahomet, donc Mahomet a existé. Ben non : il existe aussi les aventures de
! Tintin, et il n'a jamais existé
‫ذهاب إلى مكة‬ ّ ‫وحسب قوله فإن علم الثار يفسر لنا السّر فى حظر ال‬
‫ إذ ل بد أن يكون زوار ت َي ِْنك المدينتين عميانا ل‬،‫والمدينة على غير المسلمين‬
‫ وأل يكون عندهم‬،‫ أ َىْ مسلمين مقتنعين بما يقال لهم‬،‫يبصرون ول يفكرون‬
‫فَرض عليهم‬ ْ ُ ‫ ومن ثم كان ل بد من أن ت‬.‫وقت للتفكير إذا ذهبوا إلى هناك‬
‫وا دون أن تكون‬ َ
ْ َ ‫شعائر معقدة يؤدونها ثم يعودون على الفور من حيث أت‬
‫ وهو ما نشاهده فى‬،‫لديهم فرصة لعمال العقل أو لزيارة الماكن المحيطة‬
:‫نفس الظروف عند المم الخرى‬
L'archéologie explique de surcroît cette interdiction faite aux non-
musulmans d'aller dans les villes de La Mecque et de Médine. Il faut
absolument que les gens allant dans ces endroits soient aveugles,
psychologiquement parlant, donc musulmans convaincus, et ils ne doivent
pas avoir le temps de réfléchir quand ils viennent. Donc on leur impose des
rituels compliqués, il font ça, et ils repartent. Point. Pas de réflexion, pas de
visite des alentours. Surtout pas ! On retrouve un peu la même chose dans le
pèlerinage au volcan de Lassolas pour l'histoire de Raël. Et le pèlerinage à
.Arès, pour la révélation d'Arès du frère Michel Potay
‫ أمن المستطاع أن تزيح لنا بعض الصور البسيطة التى يمكن‬:‫وهو يتساءل‬
‫ من‬،‫التقاطها عن طريق القمار الصناعية الستار عن سر اختقاء ذلك الخندق‬
‫خلل المقارنة بينها وبين صور المواقع الخرى التى فيها خنادق يعود تاريخها‬
‫ ومع ذلك يمكن رؤيتها من خلل التصوير‬،‫م ردمها‬ ّ ‫إلى نفس الفترة الزمنية وت‬
:‫ على حين أنه ل يوجد شىء من هذا فى حالة المدينة؟‬،‫الجوى‬
Je me demande si de simples photos par satellite ne pourraient pas révéler
l'absence de ce fameux fossé, en comparant avec des photos de sites
similaires connus pour avoir eu des fossés avérés, datant de la même
époque, maintenant comblés mais toujours visibles sur des vues aériennes.
.Alors qu'a Médine, rien

(3 /)

205
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫هذا ما قاله المعلق على كتاب راكان‪" :‬يهودى اسمه محمد"‪ ،‬وواضح من‬
‫كلمه أنه يريد من السلطات السعودية أن تنكت المدينة المنورة كلها‪ :‬بيوتها‬
‫ومحلتها ومؤسساتها وفنادقها ومطاعمها ومدارسها وجامعتها وشوارعها‬
‫ب‬
‫ّ‬ ‫ر‬ ‫فلهم‬ ‫وطرقاتها وحدائقها‪ ،‬وإخلء السكان طبعا قبل هذا )أما أين يذهبون‪،‬‬
‫اسمه الكريم(‪ ،‬وذلك كله من أجل التحقق من وجود الخندق أو عدمه! ياه!‬
‫أّية سادية تدميرية ودموية هذه؟ الواقع أننا لم نسمع بشىء من هذا فى‬
‫الولين‪ ،‬ول أظننا سنسمعه فى الخرين! وهل تراه سيؤمن لو وجدنا آثار‬
‫الخندق بعد أن تكون المدينة المنورة قد تم تدميرها وتحويلها إلى أنقاض‬
‫وخرائب ينعق فيها البوم والغربان؟ أبدا لن يؤمن‪ ،‬وهل تؤمن الشياطين؟ ألم‬
‫يقل المؤلف )وتاب ََعه المعّلق فيما قال( إن محمدا لم يكن له وجود‪ ،‬وإنه قد‬
‫تم اختراعه بعد ذلك بزمن طويل؟ يعنى أنه حتى لو دمرنا المدينة المنورة‬
‫كى نرضى هذا الرجل فلن يؤمن هو وأمثاله! يا سيدى‪ ،‬الله الغنى عنك وعن‬
‫خّلك فيما‬ ‫إيمانك‪ ،‬إن أمكن تسمية هذا الجرام إيمانا أو سبيل إلى اليمان! َ‬
‫صّرين! وهل هناك عاقل‬ ‫أنت فيه‪ ،‬ودعنا نحن فى غَّينا سادرين‪ ،‬وعلى عمانا ُ‬
‫م ِ‬
‫دم على هذا يا إلهى‪ ،‬اللهم إن كان من فصيلة نيرون المأفون؟ ولو أن كل‬ ‫ق ِ‬‫يُ ْ‬
‫أصحاب دين استجابوا لما يدعو إليه هذا الكائن وأشباهه ما بقى شبر واحد‬
‫فى الرض معمورا‪ ،‬ولتحولت البسيطة كلها خراًبا وُبوًرا‪ .‬اللهم اقصم ظهور‬
‫المخربين الرهاببين‪ ،‬المتسترين تحت راية البحث عن اليقين‪ ،‬من كل نافر‬
‫من الدين‪ ،‬حاقد على عبادك المؤمنين! ولقد كان أمثال الكاتب والمعّلق‬
‫مون ما قاله القرآن عنهم وعن‬ ‫ص ُ‬ ‫ينكرون وجود عاد مثل ً إنكاًرا شدي ً‬
‫دا‪ ،‬وي َ ِ‬
‫خَلق مثلها فى البلد بأنه كلم أساطير ل يستحق‬ ‫حضارتهم وأبنيتهم التى لم ي ُ ْ‬
‫أن يصغى له العلماء الباحثون المدققون‪ ،‬ثم ثبت وجود تلك المبانى المهولة‬
‫الضخمة فى الماكن التى حددها القرآن مساكن لقوم عاد‪ ،‬عن طريق‬
‫التصوير الجوى الذى قام به الغربيون أنفسهم فى صحراء الجزيرة العربية‪،‬‬
‫فهل رجعوا عن تكذيبهم للقرآن؟ وهل أعلنوا إيمانهم بما قاله كتاب الله‬
‫المجيد؟ ل لم يفعلوا شيئا من ذلك! ولماذا نذهب بعيدا؟ أترى المريكان‬
‫والبريطان بعد أن ثبت كذبهم المجرم فى موضوع أسلحة الدمار الشامل‬
‫بالعراق قد تراجعوا عما فعلوه فى العراق واعتذروا‪ ،‬وأعادوا موتاه الذين‬
‫دون بمئات اللوف إلى الحياة‪ ،‬وأرجعوا ما نهبوه ودمروه من عمارة العراق‬ ‫ي ُعَ ّ‬
‫وثروة العراق؟ يا أخى‪ ،‬إننا نتعامل هنا مع قوم بلغوا من العُت ُوّ فى الجرام‬
‫فعوا بلفاع‬ ‫والشيطنة حدا ل يعرفه أحد آخر من البشر‪ .‬هؤلء وحوش‪ ،‬وإن تل ّ‬
‫الحضارة‪ ،‬فالحضارة ليست تقدما فى الصناعة والسلح والعمارة والعلوم‬
‫ووسائل التصال وما إلى ذلك وحسب‪ ،‬بل الحضارة سلوك إنسانى نبيل‬
‫رحيم قبل كل شىء‪ ،‬وهو ما ل يعرفه الرجل الغربى بوجه عام مع غيره من‬
‫المم والشعوب الخرى‪ .‬إنه ل يعرف إل لغة القوة والقضاء على الخرين‪،‬‬
‫لن لسان حاله ومنطقه الشيطانى هو‪ :‬إما قاتل‪ ،‬وإما مقتول! وهو بالطبع ل‬
‫يريد أن يكون إل قاتل حتى يرضى شهوة الدم المتأصلة فى أعماقه المظلمة‬
‫السوداء!‬
‫وهذا كله لو أننا ل نعرف حقيقة الخندق معرفة تمنعنا من التهور والقدام‬
‫على هذا الجرام التدميرى الذى يزينه لنا الشيطانان الرجيمان‪ ،‬فقد كتب‬
‫الواقدى فى"مغازيه" عن حفر الخندق ما يلى‪" :‬حدثني أبو بكر بن أبي سبرة‬
‫قال حدثني أبو بكر بن عبد الله بن جهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫ركب فرسا له ومعه نفر من أصحابه من المهاجرين والنصار‪ ،‬فارتاد موضعا‬
‫سل ًْعا خلف ظهره ويخندق من‬ ‫ينزله فكان أعجب المنازل إليه أن يجعل َ‬

‫‪206‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المذاد إلى ذباب إلى راتج‪ .‬فعمل يومئذ في الخندق‪ ،‬وندب الناس فخبرهم‬
‫بدنو عدوهم وعسكرهم إلى سفح سلع‪ ،‬وجعل المسلمون يعملون مستعجلين‬
‫يبادرون قدوم العدو عليهم وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل‬
‫معهم في الخندق لينشط المسلمين وعملوا ‪ ،‬واستعاروا من بني قريظة آلة‬
‫كثيرة من مساحي وكرازين ومكاتل يحفرون به الخندق‪ ،‬وهم يومئذ سلم‬
‫للنبي صلى الله عليه وسلم يكرهون قدوم قريش‪ .‬ووكل رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم بكل جانب من الخندق قوما يحفرونه فكان المهاجرون‬
‫يحفرون من جانب راتج إلى ذباب‪ ،‬وكانت النصار تحفر من ذباب إلى جبل‬
‫بني عبيد‪ ،‬وكان سائر المدينة مشّبكا بالبنيان‪.‬‬
‫فحدثني محمد بن يحيى بن سهل عن أبيه عن جده قال كنت أنظر إلى‬
‫المسلمين والشباب ينقلون التراب والخندق بسطة أو نحوها‪ ،‬وكان‬
‫المهاجرون والنصار ينقلون على رءوسهم في المكاتل وكانوا إذا رجعوا‬
‫بالمكاتل جعلوا فيها الحجارة يأتون بها من جبل سلع‪ ،‬وكانوا يجعلون التراب‬
‫مما يلي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وكان يسطرون الحجارة مما‬
‫يليهم كأنها حبال التمر‪ ،‬وكانت الحجارة من أعظم سلحهم يرمونهم بها‪.‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫فحدثني ابن أبي سبرة عن مروان بن أبي سعيد قال كان رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم يومئذ يحمل التراب في المكاتل ويطرحه والقوم يرتجزون‬
‫ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪:‬‬
‫هذا الجمال ل جمال خيبر هذا أبّر رّبنا وأ َط َْهر‬
‫وجعل المسلمون يومئذ إذا رأوا من الرجل فتورا ضحكوا منه‪ .‬وتنافس الناس‬
‫يومئذ في سلمان الفارسي‪ ،‬فقال المهاجرون‪ :‬سلمان منا وكان قويا عارفا‬
‫بحفر الخنادق‪ .‬وقالت النصار‪ :‬هو منا ونحن أحق به فبلغ رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم قولهم فقال سلمان رجل منا أهل البيت‪ .‬ولقد كان يومئذ‬
‫يعمل عمل عشرة رجال حتى عانه يومئذ قيس بن أبي صعصعة‪ ،‬فلبط به‬
‫فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مروه فليتوضأ له وليغتسل به‬
‫ل من عقال ‪.‬‬ ‫ح ّ‬‫ويكفئ الناء خلفه‪ .‬ففعل فكأنما ُ‬
‫فحدثني ابن أبي سبرة عن الفضيل بن مبشر قال سمعت جابر بن عبد الله‬
‫يقول لقد كنت أرى سلمان يومئذ وقد جعلوا له خمسة أذرع طول وخمسا‬
‫في الرض فما تحينته حتى فرغ وحده وهو يقول‪:‬‬
‫اللهم ل عيش إل عيش الخرة‬
‫وحدثني أيوب بن النعمان عن أبيه عن جده عن كعب بن مالك قال جعلنا يوم‬
‫ة فعزم رسول الله صلى الله عليه‬ ‫الخندق نرتجز ونحفر وكنا‪ ،‬بني سلمة‪ ،‬ناحي ً‬
‫وسلم علي أل أقول شيئا ‪ ،‬فقلت ‪ :‬هل عزم على غيري؟ قالوا‪ :‬حسان بن‬
‫ثابت‪ .‬قال فعرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما نهانا لوجدنا له‬
‫وقلته على غيرنا‪ ،‬فما تكلمت بحرف حتى فرغنا من الخندق‪ .‬وقال رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم يومئذ ل يغضب أحد مما قال صاحبه ل يريد بذلك‬
‫سوءا‪ ،‬إل ما قال كعب وحسان فإنهما يجدان ذلك‪.‬‬
‫جعَْيل بن‬
‫وحدثني يحيى بن عبد العزيز عن عاصم بن عمر بن قتادة‪ ،‬قال كان ُ‬
‫سَراقة رجل صالحا ‪ ،‬وكان ذميما قبيحا‪ ،‬وكان يعمل مع المسلمين يومئذ في‬ ‫ُ‬
‫الخندق‪ ،‬وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غير اسمه يومئذ فسماه‬
‫مًرا‪ ،‬فجعل المسلمون يرتجزون ويقولون‪:‬‬ ‫عَ ْ‬

‫‪207‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫مرا وكان للبائس يوما ظ َْهرا‬ ‫ل عَ ْ‬


‫جعَي ْ ٍ‬
‫سماه من بعد ُ‬
‫قال فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ل يقول من ذلك شيئا إل أن‬
‫مرا"‪.‬‬
‫يقول "عَ ْ‬
‫فبينا المسلمون يحفرون وكان زيد بن ثابت فيمن ينقل التراب مع المسلمين‬
‫فنظر إليه سعد بن معاذ وهو جالس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫فقال الحمد لله يا رسول الله الذي أبقاني حتى آمنت بك‪ ،‬إني عانقت أبا هذا‬
‫يوم بعاث‪ ،‬ثابت بن الضحاك‪ ،‬فكانت اللبجة به فقال رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم أما إنه نعم الغلم وكان زيد بن ثابت قد رقد في الخندق‪ ،‬غلبته‬
‫عيناه حتى أخذ سلحه وهو ل يشعر وهو في قر شديد‪ :‬ترسه وقوسه وسيفه‪،‬‬
‫وهو على شفير الخندق مع المسلمين فانكشف المسلمون يريدون يطيفون‬
‫بالخندق ويحرسونه وتركوا زيدا نائما‪ ،‬ول يشعرون به حتى جاءه عمارة بن‬
‫حزم فأخذ سلحه ول يشعر حتى فزع بعد فقد سلحه حتى بلغ رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم فدعا زيدا فقال يا أبا رقاد نمت حتى ذهب سلحك ثم‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ :‬من له علم بسلح هذا الغلم ؟ فقال‬
‫عمارة بن حزم ‪ :‬أنا يا رسول الله وهو عندي‪ .‬فقال فرده عليه‪ .‬ونهى رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم أن يروع المسلم أو يؤخذ متاعه لعبا جادا‪ .‬حدثني‬
‫علي بن عيسى ‪ ،‬عن أبيه قال ما كان في المسلمين يومئذ أحد إل يحفر في‬
‫الخندق أو ينقل التراب ولقد رئي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر‬
‫وعمر )وكان أبو بكر وعمر ل يتفرقان في عمل ول مسير ول منزل( ينقلن‬
‫التراب في ثيابهما يومئذ من العجلة إذ لم يجدا مكاتل لعجلة المسلمين‪.‬‬
‫وكان البراء بن عازب يقول ما رأيت أحدا أحسن في حلة حمراء من رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم فإنه كان أبيض شديد البياض‪ ،‬كثير الشعر يضرب‬
‫الشعر منكبيه‪ .‬ولقد رأيته يومئذ يحمل التراب على ظهره حتى حال الغبار‬
‫بيني وبينه وإني لنظر إلى بياض بطنه‪.‬‬
‫وقال أبو سعيد الخدري‪ :‬لكأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫وهو يحفر في الخندق مع المسلمين والتراب على صدره وبين عُ َ‬
‫كنه وإنه‬
‫ليقول‪:‬‬
‫ّ‬ ‫ْ‬
‫اللهم لول أنت ما اهتدينا ول تصد ّقنا ول صلْينا‬

‫)‪(5 /‬‬

‫ومما نقلناه عن الواقدى يتبين لكل من يفهم ول يعاظل معاظلة الكفر‬


‫والضلل أن المر يتعلق بحفر أتربة ل بتكسير حجارة كما يزعم الكاتب‬
‫صْلبة‪ ،‬وهذا واضح من‬‫مثة ل صخرية ُ‬ ‫والمعلق‪ ،‬فالرض إذن كانت ترابية د َ ْ‬
‫قول مؤرخنا المسلم‪" :‬فحدثني محمد بن يحيى بن سهل عن أبيه عن جده‬
‫قال‪ :‬كنت أنظر إلى المسلمين والشباب ينقلون التراب والخندق بسطة أو‬
‫نحوها‪ ،‬وكان المهاجرون والنصار ينقلون على رءوسهم في المكاتل‪ .‬وكانوا‬
‫إذا رجعوا بالمكاتل جعلوا فيها الحجارة يأتون بها من جبل سلع‪ ،‬وكانوا‬
‫يجعلون التراب مما يلي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وكانوا‬
‫يسطرون الحجارة مما يليهم كأنها حبال التمر‪ .‬وكانت الحجارة من أعظم‬
‫سلحهم يرمونهم بها"‪ .‬ففى النص‪ ،‬كما هو واضح‪ ،‬أنهم كانوا ينقلون التراب‬
‫الذى يتم استخراجه من الخندق بعيدا عنه‪ ،‬ويحضرون الحجارة من خارجه‬
‫فى طريق عودتهم‪ .‬أى أن حركة الحجارة كانت حركة عكسية‪ ،‬فقد كانت‬
‫خذ منه إلى الخارج‪ ،‬كما أنها حجارة ل صخور‪،‬‬ ‫جَلب من خارجه إليه ول تؤ َ‬
‫تُ ْ‬

‫‪208‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وهى حجارة للرمى مما يدل على أنها كانت حجارةً صغيرةَ الحجم ل كتل ً‬
‫ت التى كان المسلمون يستعملونها فى عملية الحفر‪،‬‬ ‫كبيرة‪ .‬ويؤكد هذا الل ُ‬
‫ت لحفر التربة‬ ‫وهى المكاتل والمساحى والفؤوس‪ ،‬وهى )كما نرى( آل ٌ‬
‫سرون صخورا لكانت اللت المستعملة آلت‬ ‫وتسويتها ونقلها‪ ،‬ولو كانوا يك ّ‬
‫تكسير وتحطيم‪ ،‬ولكانت وسائل النقل عربات تستطيع أن تحمل الصخور‬
‫بعيدا عن ميدان العمل‪ .‬ويؤكده أيضا أن المدة التى كان عليهم حفر الخندق‬
‫جد ّ قصيرةٍ ل يمكن أبدا تكسير الصخور لصنع خندق كبير مثل‬ ‫فيها كانت مدة ً ِ‬
‫هذا ونقلها خللها‪ ،‬إذ كان المدة ستة أيام ل غير كما جاء فى "مغازى"‬
‫الواقدى‪ .‬كما كانت المكانات السلمية فى ذلك الوقت أعجز من أن تنجز‬
‫مثل هذا العمل الشديد الصعوبة‪ .‬وْلنلحظ أنهم قد استعاروا حتى هذه‬
‫الدوات البسيطة البدائية من يهود‪ ،‬وهذا يعطينا فكرة عن مدى التخلف‬
‫التقنى عندهم‪ ،‬هذا التخلف الذى لم يمنعهم مع ذلك من النتصار فى‬
‫معاركهم مع قوى الكفر والشرك والطغيان المحلية والعالمية وتحطيمها‬
‫تحطيما لم تقم لها قائمة بعدها‪ ،‬على حين أننا نحن العرب والمسلمين فى‬
‫هذا العصر النكد نمتلك من المكانات ما لم يحلم أجدادنا هؤلء بواحد على‬
‫المليار منه‪ ،‬ومع ذلك يسيطر علينا العجز وتنتشر فينا روح الخوف والهزيمة‬
‫المسبقة فل نكاد نحسن شيئا فى عالم النتصارات‪ ،‬اللهم إل على أيدى رجال‬
‫المقاومة السلمية الذين يمرغون أنوف المريكان وأذنابهم فى الطين‪ ،‬مما‬
‫خا! وكان رسول‬ ‫ما وتخذيل ً وتلطي ً‬ ‫ل يعجب العملء الخونة فينهالون عليهم شت ً‬
‫الله صلى الله عليه وسلم يشترك يومئذ فى العمل‪ ،‬شأنه شأن أى واحد من‬
‫المسلمين ل يتميز عنهم بشىء‪ ،‬فكان يحمل التراب في المكاتل ويطرحه‬
‫حسبما جاء فى النص السابق وحسبما ذكر الواقدى فى نصوص أخرى على‬
‫لسان بعض الصحابة‪" :‬وكان المسلمون يومئذ ثلثة آلف‪ ،‬فلقد كنت أرى‬
‫ول‪ ،‬ومرة يغرف‬ ‫معْ َ‬ ‫رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنه ليضرب مرة بال ِ‬
‫مك َْتل"‪" ،‬ولقد رأيته يومئذ يحمل‬ ‫حاة التراب‪ ،‬ومرة يحمل التراب في ال ِ‬ ‫س َ‬
‫م ْ‬
‫بال ِ‬
‫التراب على ظهره حتى حال الغبار بيني وبينه وإني لنظر إلى بياض بطنه"‪،‬‬
‫"لكأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحفر في الخندق مع‬
‫كر التراب ل‬ ‫كنه"‪ .‬وْلنلحظ هنا أيضا ذِ ْ‬ ‫المسلمين والتراب على صدره وبين عُ َ‬
‫الصخور مما يؤكد أن المسألة كانت حفرا ل تكسيرا‪ ،‬وهو المر الذى تكررت‬
‫فر‪ ،‬إذ نقرأ فى‬ ‫ح ْ‬‫الشارة إليه عند الكلم عن اشتراك زيد بن ثابت فى ال َ‬
‫النص قول الراوى‪" :‬وكان زيد بن ثابت فيمن ينقل التراب مع المسلمين"‪.‬‬
‫كما يؤكد ذلك أن بعض الصحابة كأبى بكر وعمر كانوا يستخدمون ثيابهم فى‬
‫فف‬ ‫حمل ناتج الحفر بعيدا عن الخندق لقلة المكاتل )وهى تقابل الغُْلقان وال ُ‬
‫ق َ‬
‫عندنا فى مصر(‪ ،‬والنسان ل يستخدم ثيابه فى نقل الصخور بل التراب‪ .‬وفى‬
‫"صحيح البخارى" أيضا يطالعنا هذا الحديث لنس بن مالك‪" :‬جعل المهاجرون‬
‫والنصار يحفرون الخندق حول المدينة‪ ،‬وينقلون التراب على متونهم‪ ،‬وهم‬
‫يقولون ‪:‬‬
‫نحن الذين بايعوا محمدا على السلم ما بقينا أبدا‬
‫قال ‪ :‬يقول النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬هو يجيبهم‪ :‬اللهم إنه ل خير إل خير‬
‫الخرة‪ .‬فبارك في النصار والمهاجرة"‪ .‬كما نقرأ فيه كذلك قول البراء بن‬
‫عازب‪" :‬رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق ينقل معنا التراب‪ ،‬وهو‬
‫يقول ‪:‬‬
‫والله لول الله ما اهتدينا ول صمنا ول صلينا‬

‫‪209‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬
‫َ‬
‫ة علينا وثّبت القدام إن لقينا‬ ‫كين َ ً‬
‫س ِ‬ ‫فأن ْزِل َ ْ‬
‫ن َ‬
‫وا علينا إذا أرادوا فتنة أبينا"‬
‫والمشركون قد ب َغَ ْ‬
‫)‪(6 /‬‬

‫ويؤكذ هذا كذلك أن الروايات لم تتحدث إل عن صخرتين اثنتين قابلتا‬


‫المسلمين أثناء عملية الحفر وسب َّبتا لهم عناًء فاق طاقتهم وخبرتهم مما‬
‫اضطرهم إلى اللجوء إلى رسول الله‪ ،‬الذى قام بنفسه بتحطيمهما كما رأينا‪،‬‬
‫وهذا هو الستثناء الذى يؤكد القاعدة‪ .‬وقد تكرر هذا الكلم فى المصادر‬
‫الخرى‪ ،‬إذ نقرأ فى سيرة ابن هشام مثل‪" :‬قال ابن إسحاق‪ :‬وكان في حفر‬
‫الخندق أحاديث بلغتني فيها من الله تعالى عبرة في تصديق رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم وتحقيق نبوته عاين ذلك المسلمون‪ .‬فكان مما بلغني أن‬
‫دية‬ ‫دث أنه اشتدت عليهم في بعض الخندق ك ُ ْ‬ ‫جابر بن عبد الله كان يح ّ‬
‫فل فيه‬ ‫وها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا بإناء من ماء فت َ َ‬ ‫فشك َ ْ‬
‫دية فيقول‬ ‫ثم دعا بما شاء الله أن يدعو به ثم نضح ذلك الماء على تلك الك ُ ْ‬
‫من حضرها‪ :‬فوالذي بعثه بالحق نبيا‪ ،‬لنهالت حتى عادت كالكثيب ل ترد فأسا‬
‫ول مسحاة‪ ...‬وحدثت عن سلمان الفارسي أنه قال ضربت في ناحية من‬
‫ي صخرة‪ ،‬ورسول الله صلى الله عليه وسلم قريب مني‪،‬‬ ‫ت عل ّ‬‫الخندق‪ ،‬فغلظ ْ‬
‫فلما رآني أضرب ورأى شدة المكان علي نزل فأخذ المعول من يدي‪،‬‬
‫فضرب به ضربة لمعت تحت المعول برقة قال ثم ضرب به ضربة أخرى ‪،‬‬
‫فلمعت تحته برقة أخرى‪ .‬قال ثم ضرب به الثالثة فلمعت تحته برقة أخرى‪.‬‬
‫معَ تحت المعول‬ ‫تل َ‬‫قال قلت‪ :‬بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما هذا الذي رأي ُ‬
‫وأنت تضرب؟ قال أ َوَقَد ْ رأيت ذلك يا سلمان؟ قال قلت‪ :‬نعم قال أما الولى‬
‫ي بها الشام‬ ‫فإن الله فتح علي بها اليمن‪ ،‬وأما الثانية فإن الله فتح عل ّ‬
‫والمغرب‪ ،‬وأما الثالثة فإن الله فتح علي بها المشرق"‪ .‬ومن هذا كله نرى‬
‫قْرنا الرض كلها أو‬ ‫رؤية اليقين أنه لن يكون ثمة وجود للخندق حتى لو ب َ َ‬
‫صورناها من الجو )أو حتى من البحر أو من البر‪ ،‬وإن كنت ل أدرى كيف‬
‫يكون هذا‪ .‬إنما هو كلم أقوله للتنفيس عن غيظى من هذا الجهل الوربى‬
‫فر التراب‬ ‫ح ْ‬‫المتدثر بدثار العلم الزائف‪ ،‬ل بل بدثار الحقد المستعر(‪ ،‬ذلك أن َ‬
‫بعد أن يتم ردمه كرة أخرى ل ي َِبين له أثر‪ ،‬فما قول الشياطين المخربين‬
‫المدمرين أعداء الحياة والحضارة والثقافة فى هذا؟ وقد تحدث المستشرق‬
‫الفرنسى إميل درمنجم )فى صفحتى ‪ 264 -263‬من كتابه‪La Vie de" :‬‬
‫‪ ،,Mahomet" Librairie Plon, 1929 Paris‬وفى صفحتى ‪ 267 -266‬من‬
‫الترجمة العربية للكتاب التى قام بها عادل زعيتر‪ /‬ط ‪ /2‬عيسى البابى‬
‫كر التراب والغبار الذى كان يغطى جسد‬ ‫الحلبى‪1949 /‬م( عن الخندق فذ َ َ‬
‫ت‬‫ت وجد ُ‬ ‫الرسول عليه السلم أثناء عمله فى الحفر ونقل التربة‪ ،‬وإن كن ُ‬
‫رصيفه سافارى )‪ ،(M. Savary‬الذى كان يعيش فى القرن الثامن عشر‬
‫الميلدى والذى ترجم القرآن إلى الفرنسية وكتب له مقدمة طويلة بمثابة‬
‫صصها لسيرة سيد المرسلين عنوانها‪Abrégé de la vie de" :‬‬ ‫كتاب كامل خ ّ‬
‫‪ ،"Mahomet‬يقول فى هذه المقدمة عند حديثه عن غزوة الخندق )ول أدرى‬
‫على أى أساس قال ما قال‪ ،‬ول من أى مصدر استقاه( إن الرض كانت‬
‫صخرية صعبة الحفر‪ ،‬وإن المسلمين كانوا يستعملون القواديم فى كسرها‪.‬‬
‫كما أشار إلى الصخرة التى استعصت على المسلمين واستطاع الرسول‬
‫سر ذلك تفسيرا طبيعيا نافيا عنه جانبه‬ ‫عليه السلم أن يفّتتها‪ ،‬وإن ف ّ‬

‫‪210‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫العجازى‪:‬‬
‫"‪On n'entendait de toutes parts que le bruit des marteaux, les cris des‬‬
‫‪travailleurs. Le sol était pierreux et difficile à creuser. Une roche fort dure‬‬
‫‪résistait aux attaques des pionniers et rebutait leur constance. Mahomet,‬‬
‫‪s'apercevant de leur découragement, prit de l'eau dans sa bouche et en‬‬
‫‪répandit sur la pierre ; elle s'amollit, et céda aux coups redoublés des‬‬
‫‪marteaux. Les Musulmans crièrent miracle et attribuèrent à la vertu de cette‬‬
‫‪eau merveilleuse un succès qu'ils devaient à leurs nouveaux efforts. Tel‬‬
‫‪Annibal, se frayant une route à travers les Alpes, ranima le courage de ses‬‬
‫‪soldats, en faisant répandre du vinaigre sur le rocher qu'il voulait percer.‬‬
‫‪Partout le grand homme est le même ; partout il aplanit les obstacles sous‬‬
‫‪ses pas et fait céder la nature à ses efforts. Le charme invincible qu'il‬‬
‫‪emploie pour produire des prodiges est l'assurance du succès dont il enivre‬‬
‫‪."les curs des mortels‬‬
‫حور إليه‪ ،‬بل اعتمد فيه الكاتب على تخيلته‬ ‫وهذا كلم ليس له مرجع ي َ ُ‬
‫وأوهامه للسف الشديد‪ ،‬وليس هذا مما يرتضيه العلم ول البحث المنهجى!‬

‫)‪(7 /‬‬

‫أما بالنسبة لكلمه هو وقارئه عن سلبية الجيشين‪ :‬المسلم والكافر فهأنذا‬


‫أسوق ما كتبه الواقدى كى يتبين القراء مدى الغشم الذى يندفع إليه‬
‫ون كل ما يلوكونه عن‬ ‫س ْ‬
‫الغربيون بوجه عام عندما تأتى سيرة السلم في َن ْ َ‬
‫المنهج العلمى ووجوب تثبت الباحث من كل ما يقوله أو يكتبه بحيث ل يخط‬
‫حرفا إل بعد الرجوع إلى المصادر والمراجع التى تتناول الموضوع‪ .‬المهم‪:‬‬
‫وا إلى ما قاله الواقدى لنرى إلى أى مدى كان الكاتب والمعلق‬ ‫تعال َ ْ‬
‫صْين للمنهج )أو بلغة العقاد فى تهكمه على الستاذ أمين‬ ‫الفرنسيان مخل َ‬
‫الخولى‪" :‬المنهش"( العلمى‪" :‬قال الواقدي‪ :‬حدثني عبد الرحمن بن محمد‬
‫بن أبي بكر‪ ،‬عن عبد الله بن أبي بكر بن حزم قال قالت أم سلمة كنت مع‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخندق فلم أفارقه مقامه كله وكان‬
‫يحرس بنفسه في الخندق‪ ،‬وكنا في قر شديد فإني لنظر إليه قام فصلى ما‬
‫شاء الله أن يصلي في قبته ثم خرج فنظر ساعة فأسمعه يقول هذه خيل‬
‫المشركين تطيف بالخندق من لهم؟ ثم نادى‪ :‬يا عباد بن بشر‪ .‬فقال عباد‬
‫لبيك قال أمعك أحد؟ قال نعم أنا في نفر من أصحابي كنا حول قبتك‪.‬‬
‫قال فانطلق في أصحابك فأطف بالخندق فهذه خيل من خيلهم تطيف بكم‬
‫يطمعون أن يصيبوا منكم غرة‪ .‬اللهم ادفع عنا شرهم وانصرنا عليهم واغلبهم‬
‫ل يغلبهم غيرك فخرج عباد بن بشر في أصحابه فإذا بأبي سفيان في خيل‬
‫وهم‬ ‫م ْ‬‫من المشركين يطيفون بمضيق الخندق‪ .‬وقد نذر بهم المسلمون فَر َ‬
‫بالحجارة والن ّْبل‪ .‬فوقفنا معهم فرميناهم حتى أذلقناهم بالرمي فانكشفوا‬
‫راجعين إلى منزلهم‪ .‬ورجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجده‬
‫يصلي فأخبرته‪ .‬قالت أم سلمة فنام حتى سمعت غطيطه فما تحرك حتى‬
‫سمعت بلل يؤذن بالصبح وبياض الفجر فخرج فصلى بالمسلمين‪ .‬فكانت‬
‫تقول يرحم الله عباد بن بشر فإنه كان ألزم أصحاب رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم لقبة رسول الله يحرسها أبدا‪.‬‬
‫فحدثني أيوب بن النعمان عن أبيه قال كان أسيد بن حضير يحرس الخندق‬

‫‪211‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫في أصحابه فانتهوا إلى مكان من الخندق تطفره الخيل فإذا طليعة من‬
‫المشركين مائة فارس أو نحوها عليهم عمرو بن العاص يريدون أن يغيروا‬
‫إلى المسلمين فقام أسيد بن حضير عليها بأصحابه فرموهم بالحجارة والنبل‬
‫وا‪ .‬وكان في المسلمين تلك الليلة سلمان الفارسي‪،‬‬ ‫حتى أجهضوا عنا ووَل ّ ْ‬
‫فقال لسيد إن هذا مكان من الخندق متقارب ونحن نخاف تطفره خيلهم‪،‬‬
‫وكان الناس عجلوا في حفره‪ .‬وبادروا فباتوا يوسعونه حتى صار كهيئة‬
‫الخندق وأمنوا أن تطفره خيلهم‪ .‬وكان المسلمون يتناوبون الحراسة وكانوا‬
‫في قُّر شديد ٍ وجوٍع‪.‬‬
‫فحدثني خارجة بن الحارث عن أبي عتيق السلمي عن جابر بن عبد الله قال‬
‫لقد رأيتني أحرس الخندق‪ ،‬وخيل المشركين تطيف بالخندق وتطلب غرة‬
‫ومضيقا من الخندق فتقتحم فيه وكان عمرو بن العاص وخالد بن الوليد هما‬
‫اللذان يفعلن ذلك يطلبان الغفلة من المسلمين‪ .‬فلقينا خالد بن الوليد في‬
‫مائة فارس‪ ،‬قد جال بخيله يريد مضيقا من الخندق يريد أن يعبر فرسانه‬
‫فنضحناهم بالنبل حتى انصرف‪ .‬فحدثني إبراهيم بن جعفر عن أبيه قال قال‬
‫محمد بن مسلمة أقبل خالد بن الوليد تلك الليلة في مائة فارس‪ ،‬فأقبلوا من‬
‫العقيق حتى وقفوا بالمذاد وجاه قبة النبي صلى الله عليه وسلم‪ .‬فنذرت‬
‫بالقوم فقلت لعباد بن بشر وكان على حرس قبة النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫وكان قائما يصلي‪ ،‬فقلت‪ :‬أتيت فركع ثم سجد وأقبل خالد في ثلثة نفر هو‬
‫رابعهم فأسمعهم يقولون هذه قبة محمد ارموا فرموا ‪ ،‬فناهضناهم حتى‬
‫وقفنا على شفير الخندق ‪ ،‬وهم بشفير الخندق من الجانب الخر فترامينا‪،‬‬
‫وثاب إلينا أصحابنا‪ ،‬وثاب إليهم أصحابهم وكثرت الجراحة بيننا وبينهم‪ .‬ثم‬
‫اتبعوا الخندق على حافتيه وتبعناهم والمسلمون على محارسهم فكلما نمر‬
‫بمحرس نهض معنا طائفة وثبت طائفة حتى انتهينا إلى راتج فوقفوا وقفة‬
‫طويلة وهم ينتظرون قريظة يريدون أن يغيروا على بيضة المدينة‪ ،‬فما شعرنا‬
‫إل بخيل سلمة بن أسلم بن حريش يحرس فيأتون من خلف راتج‪ ،‬فلقَ ْ‬
‫وا‬
‫ت إلى‬ ‫خالد بن الوليد فاقتتلوا واختلطوا‪ ،‬فما كان إل حْلب شاة حتى نظر ُ‬
‫خيل خالد مولية وتبعه سلمة بن أسلم حتى رده من حيث جاء‪ .‬فأصبح خالد‬
‫وقريش وغطفان تزري عليه وتقول ما صنعت شيئا فيمن في الخندق ول‬
‫فيمن أصحر لك‪ .‬فقال خالد أنا أقعد الليلة وابعثوا خيل حتى أنظر أيّ شيء‬
‫تصنع"‪.‬‬

‫)‪(8 /‬‬

‫ولنقرأ أيضا فى الواقدى‪" :‬حدثني ابن أبي سبرة عن عبد الواحد بن أبي عون‬
‫عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت والله إني لفي جوف‬
‫الليل في قبة النبي صلى الله عليه وسلم وهو نائم إلى أن سمعت الهيعة‬
‫وقائل يقول يا خيل الله وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل شعار‬
‫المهاجرين "يا خيل الله" ففزع رسول الله صلى الله عليه وسلم بصوته‬
‫فخرج من القبة فإذا نفر من الصحابة عند قبته يحرسونها‪ ،‬منهم عباد بن بشر‬
‫فقال ما بال الناس؟ قال عباد يا رسول الله هذا صوت عمر بن الخطاب‪،‬‬
‫الليلة نوبته‪ ،‬ينادي‪" :‬يا خيل الله" والناس يثوبون إليه وهو من ناحية حسيكة‬
‫ما بين ذباب ومسجد الفتح‪ .‬فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعباد بن‬
‫بشر اذهب فانظر ثم ارجع إلي إن شاء الله فأخبرني قالت أم سلمة فقمت‬
‫على باب القبة أسمع كل ما يتكلمان به‪.‬‬

‫‪212‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫قالت فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما حتى جاءه عباد بن‬
‫بشر فقال يا رسول الله هذا عمرو بن عبد في خيل المشركين معه مسعود‬
‫بن رخية بن نويرة بن طريف بن سحمة بن عبد الله بن هلل بن خلوة بن‬
‫أشجع بن ريث بن غطفان في خيل غطفان‪ ،‬والمسلمون يرامونهم بالن ّْبل‬
‫والحجارة‪.‬‬
‫فره وركب‬ ‫مغ ْ َ‬
‫قالت فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فلبس درعه و ِ‬
‫فرسه وخرج معه أصحابه حتى أتى تلك الثغرة فلم يلبث أن رجع وهو‬
‫مسرور فقال‪ :‬صرفهم الله‪ .‬وقد كثرت فيهم الجراحة‪ .‬قالت فنام حتى‬
‫سمعت غطيطه وسمعت هائعة أخرى‪ ،‬ففزع فوثب فصاح يا عباد بن بشر‬
‫قال لبيك قال انظر ما هذا‪ .‬فذهب ثم رجع فقال هذا ضرار بن الخطاب في‬
‫خيل من المشركين معه عيينة بن حصن في خيل غطفان عند جبل بني عبيد‪،‬‬
‫والمسلمون يرامونهم بالحجارة والنبل‪.‬‬
‫فعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلبس درعه وركب فرسه ثم خرج‬
‫معه أصحابه إلى تلك الثغرة فلم يأتنا حتى كان السحر فرجع وهو يقول‬
‫رجعوا مفلولين قد كثرت فيهم الجراحة‪ .‬ثم صلى بأصحابه الصبح وجلس‪.‬‬
‫فكانت أم سلمة تقول قد شهدت معه مشاهد فيها قتال وخوف‪ :‬المريسيع‬
‫وخيبر‪ ،‬وكنا بالحديبية‪.‬‬
‫وفي الفتح وحنين لم يكن من ذلك شيء أتعب لرسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم ول أخوف عندنا من الخندق‪ .‬وذلك أن المسلمين كانوا في مثل‬
‫الحرجة وأن قريظة ل نأمنها على الذراري والمدينة تحرس حتى الصباح‬
‫يسمع تكبير المسلمين فيها حتى يصبحوا خوفا ‪ ،‬حتى ردهم الله بغيظهم لم‬
‫ينالوا خيرا ]وكفى الله المؤمنين القتال[ ‪.‬‬
‫حدثني إبراهيم بن جعفر عن أبيه عن محمد بن مسلمة قال كنا حول قبة‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم نحرسه ورسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫نائم نسمع غطيطه إذ وافت أفراس على سلع‪ ،‬فبصر بهم عباد بن بشر‬
‫فأخبرنا بهم قال فأمضى إلى الخيل وقام عباد على باب قبة النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم آخذا بقائم السيف ينظرني‪ ،‬فرجعت فقلت‪ :‬خيل المسلمين‬
‫أشرفت عليها سلمة بن أسلم بن حريش فرجعت إلى موضعنا‪ .‬ثم يقول‬
‫محمد بن مسلمة كان ليلنا بالخندق نهارا حتى فرجه الله"‪.‬‬
‫ى المسلم من‬ ‫شد العلم ّ‬‫ولنستمر فى القراءة للمرة الثالثة حتى يتبين الّر ْ‬
‫ى الفرنسى المتحذلق الغشيم‪" :‬حدثني خارجة بن الحارث عن أبي عتيق‬ ‫الغَ ّ‬
‫عن جابر وحدثني الضحاك بن عثمان‪ ،‬عن عبيد الله بن مقسم‪ ،‬عن جابر بن‬
‫عبد الله‪ ،‬قال كان خوفنا على الذراري بالمدينة من بني قريظة أشد من‬
‫خوفنا من قريش حتى فرج الله ذلك‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬فكان المشركون يتناوبون بينهم فيغدو أبو سفيان بن حرب في أصحابه‬
‫يوما‪ ،‬ويغدو هبيرة بن أبي وهب يوما‪ ،‬ويغدو عكرمة بن أبي جهل يوما‪،‬‬
‫وضرار بن الخطاب يوما‪ ،‬فل يزالون يجيلون خيلهم ما بين المذاد إلى راتج‪،‬‬
‫وهم في نشر من أصحابهم يتفرقون مرة ويجتمعون أخرى‪ ،‬حتى عظم البلء‬
‫وخاف الناس خوفا شديدا‪.‬‬
‫ويقدمون رماتهم‪ ،‬وكان معهم رماة حبان بن العرقة وأبو أسامة الجشمي‬
‫وغيرهم من أفناء العرب‪ ،‬فعمدوا يوما من ذلك فتناوشوا بالنبل ساعة وهم‬
‫جميعا في وجه واحد وجاه قبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم قائم عليه الدرع والمغفر ويقال على فرسه‪.‬‬
‫فيرمي حبان بن العرقة سعد بن معاذ بسهم فأصاب أكحله فقال خذها وأنا‬

‫‪213‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ابن العرقة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عرق الله وجهك في النار‪.‬‬
‫ويقال أبو أسامة الجشمي رماه وكان دارعا‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫فكانت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول كنا في أطم بني حارثة‬
‫قبل الحجاب ومعنا أم سعد بن معاذ‪ ،‬فمر سعد بن معاذ يومئذ عليه ردع‬
‫خلوق ما رأيت أحدا في الخلوق مثله وعليه درع له مشمرة عن ذراعيه والله‬
‫إني لخاف عليه يومئذ من تشميرة درعه ما أصابه فمر يرفل في يده الحربة‬
‫وهو يقول‪:‬‬
‫مل ما أحسن الموت إذا حان الجل‬ ‫ح َ‬
‫لبث قليل يدرك الهيجا َ‬
‫وأمه تقول الحق برسول الله يا بني‪ ،‬وقد والله تأخرت‪ ،‬فقلت‪ :‬والله يا أم‬
‫سعد لوددت أن درع سعد أسبغ على بنانه ‪.‬‬

‫)‪(9 /‬‬

‫قالت أم سعد يقضي الله ما هو قاض فقضى له أن أصيب يومئذ ولقد جاء‬
‫الخبر بأنه قد رمي تقول أمه وا جبله ثم إن رؤساءهم أجمعوا أن يغدوا‬
‫جميعا‪ ،‬فغدا أبو سفيان بن حرب‪ ،‬وعكرمة بن أبي جهل‪ ،‬وضرار بن الخطاب‪،‬‬
‫وخالد بن الوليد‪ ،‬وعمرو بن العاص‪ ،‬وهبيرة بن أبي وهب‪ ،‬ونوفل بن عبد الله‬
‫المخزومي‪ ،‬وعمرو بن عبد‪ ،‬ونوفل بن معاوية الديلي في عدة فجعلوا‬
‫يطيفون بالخندق ومعه رؤساء غطفان‪ :‬عيينة بن حصن ومسعود بن رخيلة‬
‫والحارث بن عوف‪ ،‬ومن سليم رؤساؤهم ومن بني أسد طليحة بن خويلد‪.‬‬
‫خُلوًفا‪ ،‬يطلبون مضيقا يريدون يقتحمون خيلهم إلى‬ ‫وتركوا الرجال منهم ُ‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فانتهوا إلى مكان قد أغفله المسلمون‬
‫فجعلوا يكرهون خيلهم ويقولون هذه المكيدة ما كانت العرب تصنعها ول‬
‫تكيدها‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬إن معه رجل فارسيا‪ ،‬فهو الذي أشار عليهم بهذا‪.‬‬
‫قالوا‪ :‬فمن هناك إذا؟ فعبر عكرمة بن أبي جهل‪ ،‬ونوفل بن عبد الله‪ ،‬وضرار‬
‫بن الخطاب‪ ،‬وهبيرة بن أبي وهب‪ ،‬وعمرو بن عبد‪ ،‬وقام سائر المشركين من‬
‫وراء الخندق ل يعبرون وقيل لبي سفيان أل تعبر؟ قال قد عبرتم فإن احتجتم‬
‫إلينا عبرنا‪.‬‬
‫فجعل عمرو بن عبد يدعو إلى الب َِراز ويقول‪:‬‬
‫ولقد بححت من الندا ء لجمعكم‪ :‬هل من مبارز؟‬
‫وعمرو يومئذ ثائر قد شهد بدرا فارتث جريحا فلم يشهد أحدا‪ ،‬وحرم الدهن‬
‫حتى يثأر من محمد وأصحابه وهو يومئذ كبير‪ .‬يقال بلغ تسعين سنة ‪.‬‬
‫فلما دعا إلى البراز قال علي عليه السلم‪ :‬أنا أبارزه يا رسول الله‪ ،‬ثلث‬
‫مرات‪.‬‬
‫وإن المسلمين يومئذ كأن على رءوسهم الطير لمكان عمرو وشجاعته‪.‬‬
‫ممه وقال اللهم أعنه‬ ‫فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه‪ ،‬وع ّ‬
‫عليه‪.‬‬
‫قال وأقبل عمرو يومئذ وهو فارس وعلي راجل فقال له علي عليه السلم‬
‫"إنك كنت تقول في الجاهلية ل يدعوني أحد إلى واحدة من ثلث إل قبلتها"‬
‫قال‪" :‬أجل"‪.‬‬
‫قال علي‪" :‬فإني أدعوك أن تشهد أن ل إله إل الله وأن محمدا رسول الله‬
‫خَرى‪ ،‬ترجع‬ ‫ُ‬
‫خر هذا عني‪ .‬قال‪ :‬فأ ْ‬ ‫وتسلم لله رب العالمين"‪ .‬قال يا ابن أخي‪ ،‬أ ّ‬
‫إلى بلدك‪ ،‬فإن يكن محمد صادقا كنت أسعد ]الناس[ به وإن غير ذلك كان‬

‫‪214‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الذي تريد‪ .‬قال هذا ما ل تتحدث به نساء قريش أبدا‪ ،‬وقد نذرت ما نذرت‬
‫وحرمت الدهن ‪.‬‬
‫قال فالثالثة؟ قال الب َِراز‪ .‬قال فضحك عمرو ثم قال إن هذه الخصلة ما كنت‬
‫أظن أن أحدا من العرب يرومني عليها إني لكره أن أقتل مثلك‪ ،‬وكان أبوك‬
‫لي نديما‪ ،‬فارجع فأنت غلم حدث إنما أردت شيخي قريش أبا بكر وعمر‪.‬‬
‫قال فقال علي عليه السلم فإني أدعوك إلى المبارزة فأنا أحب أن أقتلك‪.‬‬
‫فأسف عمرو ونزل وعقل فرسه‪.‬‬
‫فكان جابر يحدث يقول فدنا أحدهما من صاحبه وثارت بينهما غبرة فما‬
‫نراهما‪ ،‬فسمعنا التكبير تحتها فعرفنا أن عليا قتله‪ .‬فانكشف أصحابه الذين‬
‫في الخندق هاربين وطفرت بهم خيلهم إل أن نوفل بن عبد الله وقع به‬
‫فرسه في الخندق‪ ،‬فرمي بالحجارة حتى قتل‪ .‬ورجعوا هاربين وخرج في‬
‫أثرهم الزبير بن العوام وعمر بن الخطاب‪ ،‬فناوشوهم ساعة‪ .‬وحمل ضرار‬
‫بن الخطاب على عمر بن الخطاب بالرمح حتى إذا وجد عمر مس الرمح‬
‫رفعه عنه وقال هذه نعمة مشكورة فاحفظها يا ابن الخطاب إني قد كنت‬
‫حلفت ل تمكنني يداي من رجل من قريش أبدا‪ .‬فانصرف ضرار راجعا إلى‬
‫أبي سفيان وأصحابه وهم قيام عند جبل بني عبيد‪.‬‬
‫ويقال حمل الزبير على نوفل بن عبد الله بن المغيرة بالسيف حتى شقه‬
‫باثنين وقطع أندوج سرجه‪.‬‬
‫والندوج اللبد الذي يكون تحت السرج‪ ،‬ويقال‪ :‬إلى كاهل الفرس‪ .‬فقيل يا أبا‬
‫عبد الله ما رأينا سيفا مثل سيفك فيقول والله ما هو بالسيف ولكنها الساعد‪.‬‬
‫وهرب عكرمة وهبيرة فلحقا بأبي سفيان وحمل الزبير على هبيرة فضرب‬
‫ثفر فرسه فقطع ثفر فرسه وسقطت درع كان محقبها الفرس‪ ،‬فأخذ الزبير‬
‫الدرع وفر عكرمة وألقى رمحه‪ .‬فلما رجعوا إلى أبي سفيان قال هذا يوم لم‬
‫يكن لنا فيه شيء ارجعوا فنفرت قريش فرجعت إلى العقيق‪ ،‬ورجعت‬
‫دون جميعا ول يتخلف منهم أحد‪ .‬فباتت قريش‬ ‫غطفان إلى منازلها‪ ،‬وات َّعدوا ي َغْ ُ‬
‫وا رسول الله صلى الله‬ ‫يعبئون أصحابهم وباتت غطفان يعبئون أصحابهم ووافَ ْ‬
‫عليه وسلم بالخندق قبل طلوع الشمس‪.‬‬
‫وعبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه وحضهم على القتال ووعدهم‬
‫النصر إن صبروا‪ ،‬والمشركون قد جعلوا المسلمين في مثل الحصن من‬
‫كتائبهم فأخذوا بكل وجه من الخندق‪.‬‬
‫فحدثني الضحاك بن عثمان‪ ،‬عن عبيد الله بن مقسم‪ ،‬عن جابر بن عبد الله‬
‫قال قاتلونا يومهم وفرقوا كتائبهم ونحوا إلى رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم كتيبة غليظة فيها خالد بن الوليد‪ ،‬فقاتلهم يومه ذلك إلى هوي من‬
‫الليل ما يقدر رسول الله صلى الله عليه وسلم ول أحد من المسلمين أن‬
‫يزولوا من مواضعهم وما يقدر رسول الله صلى الله عليه وسلم على صلة‬
‫الظهر ول العصر ول المغرب ول العشاء فجعل أصحابه يقولون يا رسول الله‬
‫ما صلينا فيقول ول أنا والله ما صليت حتى كشفهم الله تعالى فرجعوا‬
‫متفرقين‪.‬‬

‫)‪(10 /‬‬

‫فرجعت قريش إلى منزلها‪ ،‬ورجعت غطفان إلى منزلها‪ ،‬وانصرف المسلمون‬
‫إلى قبة رسول الله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫وأقام أسيد بن حضير على الخندق في مائتين من المسلمين فهم على شفير‬

‫‪215‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الخندق إذ كرت خيل من المشركين يطلبون غرة‪ ،‬عليهم خالد بن الوليد‪،‬‬


‫فناوشهم ساعة ومع المشركين وحشي‪ ،‬فَزَرقَ الطفيل بن النعمان من بني‬
‫سلمة بمزراقه فقتله فكان يقول أكرم الله تعالى حمزة والطفيل بحربتي‬
‫ولم يهني بأيديهما‪.‬‬
‫فلما صار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى موضع قبته أمر بلل فأّذن‪.‬‬
‫وكان عبد الله بن مسعود يقول أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن‬
‫وأقام للظهر وأقام بعد لكل صلة إقامة إقامة"‪.‬‬
‫ونمضى فنقرأ فى الواقدى‪" :‬وأرسلت بنو مخزوم إلى النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم يطلبون جيفة نوفل بن عبد الله يشترونها بالدية فقال رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم إنما هي جيفة حمار‪ .‬وكره ثمنه‪ .‬فلما انصرف‬
‫المشركون تلك الليلة لم يكن لهم قتال جميعا حتى انصرفوا‪ ،‬إل أنهم ل‬
‫يدعون يبعثون الطلئع بالليل يطمعون في الغارة‪ .‬وخرجت بعد ذلك طليعتان‬
‫لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليل‪ ،‬فالتقيا ول يشعر بعضهم ببعض ول‬
‫يظنون إل أنهم العدو‪ ،‬فكانت بينهم جراحة وقتل ولسنا نعرف من قتل ولم‬
‫يسم لنا‪ .‬ثم نادوا بشعار السلم وكف بعضهم عن بعض وكان شعارهم حم ل‬
‫ينصرون‪ .‬فجاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه فقال رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ :‬جراحكم في سبيل الله‪ ،‬ومن قتل منكم فإنه شهيد‪.‬‬
‫فكانوا بعد ذلك إذا دنا المسلمون بعضهم من بعض نادوا بشعارهم لن يكف‬
‫بعضهم عن بعض فل يرمون بن َْبل ول بحجر‪.‬‬
‫كانوا يطيفون بالخندق بالليل حتى الصباح يتناوبون وكذلك يفعل المشركون‬
‫أيضا‪ ،‬يطيفون بالخندق حتى يصبحوا‪ .‬قال فكان رجال من أهل العوالي‬
‫يطلعون إلى أهليهم فيقول لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إني أخاف‬
‫عليكم بني قريظة‪ .‬فإذا ألحوا في كثرة ما يستأذنونه يقول من ذهب منكم‬
‫فليأخذ سلحه فإني ل آمن بني قريظة هم على طريقكم‪ .‬وكان كل من‬
‫يذهب منهم إنما يسلكون على سلع حتى يدخلوا المدينة‪ ،‬ثم يذهبون إلى‬
‫العالية"‪.‬‬

‫)‪(11 /‬‬

‫كاشان الفرنسيان اللذان سيفضحهما الله‬ ‫فهذه هى الحقائق ل الذى يقوله الب ّ‬
‫عز وجل بحوله وطوله يوم القيامة كما فضحهما على يد العبد لله الذى ل‬
‫ن عليه بهذا الشرف رغم تقصيره‬ ‫حول له ول طول‪ ،‬لكن أراد المولى أن يم ّ‬
‫عّية‪ ،‬وهو ل شك فضل كبير من أفضال‬ ‫وقلة حيلته وعدم تميزه بذكاء أو ل َوْذ َ ِ‬
‫الله! وخلصة ما قرأناه معا أنه كان هناك أكثر من محاولة للعبور ل محاولة‬
‫واحدة كما زعم الفرنسيان المتحذلقان بجهل‪ ،‬وبعض هذه المحاولت نجح‬
‫إلى حين‪ ،‬وإن كان انتهى بمقتل أصحابها‪ ،‬وبعضها ارتد على عقبه على الفور‪.‬‬
‫ول ينبغى أن يغيب عن البال فى هذا السياق أن عبور الخندق كان أمرا جديدا‬
‫على العرب لم يتعودوه ل هم ول خيولهم‪ ،‬كما أن نقاط العبور الضيقة التى‬
‫جلة التى كان‬‫سب َُبه العَ َ‬
‫تغرى بالمحاولة كانت محصورة فى موضع واحد تقريبا َ‬
‫فيها المسلمون أثناء حفر الخندق نظرا لضيق الوقت وبدائية الدوات‬
‫والساليب‪ ،‬فضل عن أن المجازفين بحياتهم وسلحهم هم بطبيعة الحال قلة‬
‫قل من ثم أن نتوقع محاولة الجميع العبور‪ ،‬فضل عن‬ ‫فى كل العصور‪ ،‬ول ي ُعْ َ‬
‫داِبر منطق الحياة والواقع أشد المدابرة‪،‬‬ ‫أن يتم هذا العبور فعل‪ .‬إن هذا لي ُ َ‬
‫جِهزون عليه‪ ،‬أو يرمونه‬ ‫وبخاصة إذا كان المسلمون بالمرصاد لكل من يعبر في ُ ْ‬

‫‪216‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫بالسهام أو يضربونه بالسيوف حتى يردوه على عقبيه مخذول مدحورا‪ .‬أما‬
‫أثناء المبارزة فكيف فات الخطل َْين الفرنسي ّْين أنه من غير الممكن تفكير أى‬
‫من الفريقين فى رمى الفارس المعادى بالسهام خوفا أن يصيب السهم‬
‫فارسهم هم بدل من فارس العداء‪ ،‬إذ إن المبارزة ل تتم فى سكون‬
‫وتخشب‪ ،‬بل يتدافع المبارزان أثناءها ويتنقلن من موضع إلى موضع فى كل‬
‫لحظة‪ ،‬بل كثيرا ما يتبادلن موقعيهما فى مثل لمح البصر؟ ولم يكن العرب‬
‫بارعين فى استعمال السهم براعة الكاوبوى فى استعمال المسدس حتى‬
‫ليصيب به من يريد أّيا كان وضع خصمه أثناء التنشين‪ ،‬وأيا كانت سرعة‬
‫حركته‪ ،‬وأيا كانت عبقريته فى الرمى والتصويب‪ ،‬وذلك بعد أن ي ُد َّوره فى‬
‫قفه ويضرب به على الفور فى الملن وكأنه‬ ‫الهواء حول يده دورتين‪ ،‬ثم ي َل ْ َ‬
‫مبرمج ألكترونيا‪ .‬يا سلم على العبقرية الكاوبويية! ببساطة لن العرب لم‬
‫م التى انكشفت فى‬ ‫يكونوا يعرفون بكش رامبو وحركاته السينمائية النصف ك ُ ّ‬
‫أفغانستان والعراق‪ ،‬وستنتهى بمشيئته تعالى بالهزيمة الداحرة الفاقرة! أما‬
‫كتان بها المسلمين إلى‬ ‫س ِ‬
‫السواتر التى ظن الفاكان الفرنسيان أنهما سي ُ ْ‬
‫البد فها هو ذا ما قاله الواقدى بشأنها على لسان راوى القصة‪" :‬وكانوا‬
‫يجعلون التراب مما يلي النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وكانوا‬
‫يسطرون الحجارة مما يليهم كأنها حبال التمر‪ ،‬وكانت الحجارة من أعظم‬
‫قوا التربة فى‬ ‫سلحهم يرمونهم بها"‪ .‬أى أنهم كانوا حريصين على أن ي ُب ْ ُ‬
‫جهتهم كى يتتّرس وراءها النبى وأصحابه عند اللزوم‪ ،‬فيما كانوا يرمون‬
‫المشركين بالحجارة التى كانوا يحضرونها من جبل سلع وراءهم‪ ،‬والتى‬
‫يصفها الراوى بأنها كانت أعظم أسلحتهم‪ ،‬وأضيف أنا أنها كانت المثال الذى‬
‫نسج على منواله أبطال النتفاضة الحجرية فى أرض فلسطين المباركة‪،‬‬
‫أولئك البطال الذين لم يتحججوا كما يتحجج دائما خوالف الرؤساء والزعماء‬
‫والقوادين المسلمين بقلة المكانات أو عدم ملءمة الظروف للذ ّْود عن الديار‬
‫خرهم بذلك‪ ،‬بينما‬ ‫رغم المليارات التى تنفق سنويا على السلح والخبراء وتفا ُ‬
‫الحقيقة المخزية أنه ل أحد فى الجيش فى كثير من الدول العربية يمكنه‬
‫استخدام شىء من هذا السلح‪ .‬وبالمناسبة فقد كانت أم سلمة فى هذه‬
‫الغزوة )وفى عدة غزوات أخرى أيضا( فى معّية الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم كما لحظنا من النصوص السابقة‪ ،‬على حين كانت عائشة فى أحد‬
‫الحصون مع سائر النساء والصغار كما جاء هنا وكما ورد فى سيرة ابن هشام‬
‫مثل‪" :‬قال ابن إسحاق‪ :‬وحدثني أبو ليلى عبد الله بن سهل بن عبد الرحمن‬
‫بن سهل النصاري‪ ،‬أخو بني حارثة ‪ :‬أن عائشة أم المؤمنين كانت في حصن‬
‫ذب‬ ‫بني حارثة يوم الخندق ‪ ،‬وكان من أحرز حصون المدينة "‪ ،‬وهو ما يك ّ‬
‫أحمد صبحى منصور فى نفيه اصطحاب رسول الله أّيا من زوجاته الخريات‬
‫معه أثناء الغزو‪ ،‬إذ كان منطقه المتهافت أن الشيعة هم الذين اخترعوا قصة‬
‫عْرضها‪ .‬فها هى ذى‬ ‫اصطحاب النبى لعائشة كى يرتبوا عليها اتهامهم لها فى ِ‬
‫ت للشيعة عندها‪ ،‬تصحب الرسول فى هذه الغزوة‪ ،‬وأى‬ ‫أم سلمة‪ ،‬التى ل ت َِرا ِ‬
‫ن المسلمين أثناءها بأن أبصارهم قد زاغت‪ ،‬وبلغت‬ ‫ف القرآ ُ‬‫ص َ‬ ‫غزوة؟ غزوة ٌ وَ َ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫القلوب منهم الحناجر‪ ،‬وأنهم قد ظنوا بالله الظنون‪ ،‬وأنهم قد اب ْت ُلوا وُزلزِلوا‬
‫قل أن يصطحب‬ ‫زلزال شديدا‪ ،‬وهو ما يرد أبلغ رد على قول كويتبنا إنه ل ي ُعْ َ‬
‫الرسول إحدى زوجاته معه أثناء الغزو معرضا إياها للخطار فى الوقت الذى‬
‫تبقى فيه زوجات المسلمين فى المدينة آمنات مطمئنات‪ ،‬إذ من له المصلحة‬
‫هذه المرة فى الزعم بأن الرسول قد اصطحب أم سلمة معه فى غزوة‬
‫الخندق؟ وهذا لو جارينا الكويتب فى أن الشيعة قد‬

‫‪217‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(12 /‬‬

‫عْرض عائشة فى رواية الفك‪ ،‬وهو ما أثبتنا فى مقالنا عن‬ ‫وثوا ِ‬ ‫أرادوا أن يل ّ‬
‫كتابه التافه المريب‪" :‬القرآن‪ ،‬وكفى" أنه ل صحة له على الطلق‪ ،‬إذ هم‬
‫مون بالنبوة والرسالة أن تنالها أية شائبة من ناحية العراض‪ ،‬فهم لهذا ل‬ ‫س ُ‬‫يَ ْ‬
‫س‬‫م ّ‬ ‫يتهمون عائشة أو غيرها من زوجات النبى فى شرفها لن هذا التهام سي َ‬
‫الرسول بالضرورة‪.‬‬
‫ومن يشأ ْ الطلعَ على الدراسات المكتوبة بالنجليزية والفرنسية يمكْنه أن‬
‫يراجع وصف معركة الخندق فى الفصل السابع عشر من كتاب وليام موير‪" :‬‬
‫‪) "Life of Mohammad‬طبعة ‪ ،John Grant, Edinburgh, 1912‬بدًءا من صفحة‬
‫دا(‪ ،‬وكذلك الفصل الستين من كتاب أبو بكر سراج الدين )مارتن‬ ‫‪ 306‬فصاع ً‬
‫لنجز سابقا(‪ ،"MUHAMMAD- His Life Based on the Earliest Sources" :‬إلى‬
‫جانب كتاب "‪ "The Life of Muhammad‬لمؤلفه ‪) A. H. Siddiqui‬طبعة ‪Millat‬‬
‫دا‪ ،‬وفيه تفصيل‬ ‫‪ (Book Centre, New Delhi, 1993‬بدًءا من صفحة ‪ 215‬فصاع ً‬
‫سا وعبوًرا‬
‫س ً‬
‫ة وتج ّ‬
‫للمر كله حفًرا وتشويًنا للتراب والحجارة وحراس ً‬
‫ل‬‫ة‪...‬إلخ فى أسلوب عصرى‪ .‬ومثله فى هذا التفصيل الدقيق الفص ُ‬ ‫ومبارز ً‬
‫التاسع والعشرون من كتاب ‪Salim Ibn-i-Muhammad Raffi: "Muhammad the‬‬
‫‪) "Beloved of Allah‬طبعة ‪ (Kazi Publications, Lahore, 1998‬بدًءا من صفحة‬
‫دا‪ .‬ول أذكر أننى قد قابلت تشكيكا أى تشكيك فى واقعة الخندق‬ ‫‪ 293‬فصاع ً‬
‫فره عند أى من المستشرقين على تباين أديانهم واتجاهاتهم الفكرية‬ ‫ح ْ‬‫و َ‬
‫والسياسية واختلف أهوائهم وجنسياتهم وعلى طول ما قرأت لهم‪ ،‬وكثير‬
‫منهم مشككون مداورون من الطراز الول ل يتورعون عن محاولة إثارة‬
‫شُتها‬‫ح ْ‬ ‫ريبتك حتى فى حقيقة وجودك نفسه وأنت واقف أمامهم‪ .‬بقيت كلمة ُ‬
‫كل تلك المدة لم أعلن عنها‪ ،‬ول أستطيع المضى فى كتمانها أطول من ذلك‪،‬‬
‫أل وهى أن مؤلف الكتاب الذى بين يدينا هو طبيب نفسى‪ ،‬والمظنون‬
‫بالطباء النفسانيين عند العامة أنهم غير أسوياء‪ ،‬والمسؤول عن هذا أفلمنا‬
‫العربية التى تجتهد عادة فى تصويرهم مرضى يحتاجون‪ ،‬قبل المترددين‬
‫عليهم‪ ،‬إلى العلج مما يعانونه من انحرافات وعقد‪ .‬ولعل آخر ممثل مصرى‬
‫شاهدُته يقوم بهذا الدور هو الستاذ فؤاد خليل‪ ،‬الذى أضحكنى وأمتعنى كثيرا‬
‫بأدائه المميز لهذا الدور‪ ،‬وإن كنت ل أستسيغ تمثيله أحيانا لما يكون فيه من‬
‫افتعال ومبالغة‪ .‬أريد أن أقول إن كلم الطبيب الفرنسى قد أثبت أن ما تقوله‬
‫أفلمنا عن هذه الطائفة من الطباء ليس خيال ول ادعاء كله‪ ،‬وأن هناك فعل‬
‫أطباء نفسانيين بحاجة إلى رعاية عقلية ونفسية‪ ،‬وصاحبنا مؤلف الكتاب‬
‫المذكور واحد منهم‪ ،‬بل هو زعيمهم بكل تأكيد‪ ،‬إذ إن ما يقوله وما يقترحه‬
‫إنما هو الجنون )الجنون الزلى( بعينه‪ ،‬ل شفاه الله منه حتى يكون عبرة‬
‫سمين!‬ ‫للمتو ّ‬

‫)‪(13 /‬‬

‫أما قول المعلق إنه لغريب حقا أن أحدا لم يفكر فى أمر الخندق بتاتا على ما‬
‫دى‬
‫فيه من مخالفة للمنطق تبعث على الدهشة‪ ،‬وإن هذا يبين لنا إلى أى م ً‬
‫استطاع السلم التلعب بالعقول عن طريق التقنيات الخاصة بذلك جميعها‬
‫مى بغسل المخ‪ ،‬ومروًرا بالتزام مبدإ السمع‬‫دون استثناء‪ :‬بدًءا مما يس ّ‬
‫والطاعة والخضوع لتأثير العواطف الجمعية وتجنب مسائل بعينها ل ينبغى‬

‫‪218‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الخوض فيها واستغلل الجنس‪ ،‬وانتهاًء بتعطيل عمل العقل‪...‬إلخ‪ ،‬وإنه‪ ،‬رغم‬
‫حرصه على أن يظل مفتوح العينين حتى ل يخدعه خادع‪ ،‬قد انطلى عليه ما‬
‫مى‪" :‬برهان السلطة"‪ ،‬إذ ظن أنه ما دامت هناك كتب تتحدث عن محمد‬ ‫س ّ‬‫يُ َ‬
‫فمعنى هذا أن محمدا كان موجودا حقيقة‪ ،‬مع أن هناك كتبا كثيرة عن تنتان‪،‬‬
‫ومع ذلك فإن تنتان لم يكن له فى يوم من اليام وجود‪ .‬والواقع أنه ل يسعنى‬
‫لن أو ترتان ل‬ ‫إل التفاق معه فى أن وجود كتب أو حكايات عن فلن أو ع ّ‬
‫يعنى بالضرورة أن هذا الفلن موجود أو كان موجودا‪ ،‬إل أن هذا ل يعنى أيضا‬
‫كا آلّيا رغم وجود كتب ودراسات تتحدث عنه‪،‬‬ ‫أن نشك فى وجود فلن ذاك ش ّ‬
‫وبخاصة إذا لم تكن هناك بواعث للشكوك غير مجرد العناد والرغبة فى‬
‫المخالفة‪ ،‬فما بالنا لو توفرت الدواعى على القول بأن ما ترويه تلك الكتب‬
‫والدراسات قد وقع فعل؟ إذ ما الداعى لن يخترع المسلمون قصة الخندق؟‬
‫إنها لتدل على أنهم كانوا مضطربين خائفين يتوقعون الشر من كل اتجاه‪،‬‬
‫وا خلف ذلك‬ ‫م ْ‬
‫وغير قادرين على مواجهة المشركين‪ ،‬ومن ثم فقد احت َ‬
‫الخندق‪ ،‬واستحقوا سخرية الكفار واستخفافهم بهم! كما أن الرواية تعزو‬
‫التفكير فى هذه الوسيلة إلى رجل فارسى )الفارسى الوحيد بينهم( ل إلى‬
‫رجل عربى‪ ،‬وهو ما يضيف على كاهلهم عبئا نفسيا مؤلما إلى العبء‬
‫السابق‪ .‬لقد كان بإمكانهم‪ ،‬ما دام المر أمر اختراع وتزييف‪ ،‬أن يقولوا إن‬
‫الملئكة قد حاربت فى صف المسلمين وإنها‪ ...‬وإنها‪ ،...‬لكنهم لم يلجأوا إلى‬
‫مثل هذا على قربه من منطق الختراع والتزييف واتساقه معه! أما تصوير‬
‫المسلمين فى عصر النبى ومن بعده إلى يومنا هذا بصورة من ل يفكر ول‬
‫ل فى تفكير المعلق‬ ‫خط َ ٍ‬
‫يعقل ول يستخدم حاسته النقدية فهو يدل على َ‬
‫والمؤلف وغباء غليظ وجهل مدقع لديهما‪ ،‬لماذا؟ لن المسلمين لم يتركوا‬
‫شاردة ول واردة فى دينهم سواء تعلق بالعقائد أو بالتشريع أو بالتاريخ إل‬
‫حصوه ووضعوه على مائدة البحث والجدال فى حرية تامة‪ .‬ومن له أى‬ ‫وم ّ‬
‫اتصال بالفكر السلمى يعرف مصداق ما أقول‪ ،‬فمن الواضح إذن أن‬
‫الرجلين جاهلن جهل عجيبا ل يليق بمن يتصدى لمناقشة مثل هذه‬
‫الموضوعات‪ .‬ولقد كان الصحابة يناقشون الرسول فى كل أمرتقريبا‪ ،‬وكان‬
‫هو من ناحيته يشجعهم على ذلك ويطلب منهم المشورة فى أحيان كثيرة‬
‫فِهمهم أنه فى نهاية‬ ‫مؤكدا لهم أن المجتهد مأجور حتى لو أخطأ‪ ،‬كما كان ي ُ ْ‬
‫المطاف ليس أكثر من بشر ل يعرف الغيب ول يدرى ما الله فاعل به ول‬
‫بهم‪ ،‬وأنه ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد بمكة! أفبعد كل هذا يقال‬
‫إن السلم قد مارس على المسلمين طوال العصور تقنية غسل المخ وما‬
‫أشبه؟ الواقع أن هذا هو ما فعلته النصرانية خلل تاريخها الطويل‪ ،‬إلى أن‬
‫خة‬‫جاء العصر الحديث وطفق الوربيون يفكرون ويستخدمون عقولهم الّزن ِ َ‬
‫ت بفعل ضغوط الكنيسة وما تمارسه من إرهاب عقلى‬ ‫َ‬
‫سن َ ْ‬
‫التى كانت قد أ ِ‬
‫عليهم‪ ،‬فكانت العاقبة أنهم تركوا النصرانية لمناهضتها أحكام العقل والمنطق‬
‫والعلم‪ ،‬فظن كاتبنا ومعّلقه أن بمستطاعهما رمى السلم والمسلمين بداء‬
‫النصرانية والنصارى ثم النسلل عقب هذا دون أن يصيبهما أى تبعة! أل إن‬
‫خِبيبى" أنت وهو )بالخاء على‬ ‫مام"‪ ،‬يا " َ‬
‫خ ّ‬
‫هذا لوهم كبير! ذلك أن دخول "ال َ‬
‫طريقة الخواجات(‪ ،‬ليس كخروجه!‬

‫)‪(14 /‬‬

‫‪219‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ويتبقى زعمه أن علم الثار يفسر لنا السّر فى حظر الذهاب على غير‬
‫المسلمين إلى مكة والمدينة‪ ،‬إذ ل بد أن يكون زوار تينك المدينتين‪ ،‬حسبما‬
‫عى‪ ،‬عميانا ل يبصرون ول يفكرون‪ ،‬أ َىْ مسلمين مقتنعين بما يقال لهم‪ ،‬وأل‬ ‫ي َد ّ ِ‬
‫يكون عندهم وقت للتفكير إذا ذهبوا إلى هناك‪ ،‬ومن ثم كان ل بد من أن‬
‫وا دون‬ ‫َ‬
‫فَرض عليهم شعائر معقدة يؤدونها ثم يعودون على الفور من حيث أت َ ْ‬ ‫تُ ْ‬
‫أن تكون لديهم فرصة لعمال العقل أو لزيارة الماكن المحيطة‪ ،‬وهو ما‬
‫نشاهده فى نفس الظروف عند المم الخرى‪ .‬وهذا الكلم يؤكد فعل أن حالة‬
‫الرجل هى حالة ميؤوسة‪ ،‬لن معنى كلمه أن المسلمين لو كانوا يعرفون أن‬
‫جّية لكانوا قد استعدوا‬ ‫ح ّ‬‫بإمكانهم البقاء فى مكة والمدينة بعد أداء الشعائر ال ِ‬
‫حت عقب انتهاء الشعائر بحثا عن‬ ‫للمر بإحضار الفؤوس والمكاتل‪ ،‬وهات يا فَ ْ‬
‫سر شويبس الذى دّوخ المرحوم حسن عابدين )‪ ..H. A‬هل تذكرونه؟(‪ .‬يا‬
‫أخى القارئ‪ ،‬هؤلء ناس تافهون‪) ،‬أو كما نقول فى العامية‪" :‬ناس هايفة"(‬
‫مثل كولين باول‪ ،‬الذى كان يقف فى المؤتمرات الدولية أيام العداد لضرب‬
‫العراق واحتلله‪ ،‬وهو يتراقص ول يستقر على قدميه بسبب طوله الذى يجعله‬
‫كالنخلة المتمايلة‪ ،‬ويظل يردد سخافات وتنطعات ل يضارعها فى السخف‬
‫والتنطع إل شخصيته السخيفه المتنطعة هو ورئيسه بوش دون أن يشعر‬
‫بالخجل‪ ،‬فكنت والله أشعر أنا بالخجل نيابة عنه وأتذكر قول الرسول فى‬
‫صن‪ ،‬إذ وصفه بـ"الحمق المطاع"‪ ،‬وأهتف فى داخلى‪ :‬أين أنت يا‬ ‫ح ْ‬ ‫عُي َي َْنة بن ِ‬
‫رسول الله وأين أصحابك لتؤدبوا هؤلء الوباش كما أدبتم هرقل وكسرى؟‬
‫ت كما كشف الله عن عينك الحجاب‬ ‫َ‬
‫ح ْ‬
‫ض َ‬
‫فإن أمتنا‪ ،‬حكاما ومحكومين‪ ،‬قد أ ْ‬
‫فقلت إنها ستكون غثاء كغثاء السيل‪ ،‬وإن المم )حتى هندوراس ورواندا‬
‫والصومال وبنجلديش )الصومال وبنجلديش المسلمتين؟ إى والله الصومال‬
‫وبنجلديش المسلمتين!( وغيرها من الدول سواقط القيد التى ل يعرف أحد‬
‫أنها موجودة على الخريطة( سوف تتكأكأ عليها فى حرب الخليج فتنهش‬
‫لحمها وتمصمص عظامها وهى ميتة الشعور فاقدة الكرامة‪ ،‬وكأنها ل حس‬
‫ُ‬
‫ول خبر‪ ،‬فباءت بلعنة التاريخ والمؤرخين أجمعين! وطائفة كبيرة من بناتها ك ّ‬
‫ل‬
‫ن مغنيات فى التلفاز والفيديو كليب يتراقصن ملتصقات‬ ‫ن أن يك ّ‬ ‫مه ّ‬‫هَ ّ‬
‫ن كالقطط الشبقة‪،‬‬ ‫سَرَرهن ويتلوّي ْ َ‬ ‫بالجدران يحككن أردافهن فيها وي ُعَّرين ُ‬
‫هؤلء البنات اللتى أظل أنا وأمثالى نعلمهن فى الجامعة شيئا نافعا فل نصل‬
‫دادات‬ ‫معهن إلى حل وكأنهن‪ ،‬كما أقول لهن دائما‪ ،‬قد رك ّْبن فى جبهاتهن ص ّ‬
‫فولذية لمنع العلم من الدخول إلى أمخاخهن‪ ،‬أما هنا فى هذا العهر القارح‬
‫ن ول كأنهن هنا( فكلهن يا أخى ذكاء‬ ‫رسنى ويحرق أعصابى‪ ،‬وه ّ‬ ‫ف ِ‬
‫)وهذا ما ي َ ْ‬
‫وعبقرية وإبداع! خيبة والله العظيم! ثم يظن المصلحون الطيبون أن الشعب‬
‫عون إليه! فى المشمش يا حبيبى أنت وهو‬ ‫سيقف معهم يناصرهم على ما ي َد ْ ُ‬
‫ّ‬
‫)"حبيبى" هذه المرة بالحاء ل بالخاء لنى ل أكلم خواجات(!‬

‫)‪(15 /‬‬

‫وهذا كله لو كان المسلمون جميعا يرجعون دائما إلى بلدهم عقب الحج‪ ،‬إذ‬
‫الواقع أن كثيرا من المسلمين كانوا يتحركون بطول العالم السلمى وعرضه‬
‫خلل تاريخهم الطويل‪ ،‬ولم يكونوا يعرفون الحدود المصطنعة ول جوازات‬
‫السفر التى نعرفها الن‪ ،‬ولم يكن هناك بترول يجعل أهله يخافون أن‬
‫يشاركهم فيه غيرهم من فقراء المسلمين )بينى وبينكم‪ :‬معهم حق!(‪ ،‬وكان‬
‫كثير منهم يذهب لبلد الحرمين ويستقر هناك فترة قد تطول‪ ،‬وقد تقصر‪ ،‬وقد‬

‫‪220‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫عونا من الجاهل َْين الفرنسي ّْين وما‬ ‫تستمر إلى البد‪ ،‬وهذا معروف للجميع‪ ،‬فد َ ُ‬
‫وله لهما جهلهما من خزعبلت سوف يشويهما الله بسببها يوم القيامة‬ ‫يس ّ‬
‫ويهما على الجنبين حتى ينضجا‪ ،‬وأنتم تعرفون ماذا سيحدث لهما بعد‬ ‫ويس ّ‬
‫ذلك! ولنترك هذا كله ونأتى إلى الحاضر‪ ،‬أليست السعودية فيها أكبر جالية‬
‫عربية وإسلمية الن من اليدى العاملة والعقول الخبيرة بسبب ك َِبر مساحتها‬
‫وكثرة سكانها؟ أتراهم يعصبون عيون هؤلء العمال والخبراء كلما مروا‬
‫بالكعبة ومسجد النبى والمناطق المحيطة؟ أتراهم يأخذون عليهم فى عقود‬
‫قاًنا حتى ل‬‫فا وغُل ْ َ‬ ‫العمل شرطا بأل يحضروا معهم معاول وجواريف وقُ َ‬
‫ف ً‬
‫سّهوهم بالليل وهم نائمون وينكتوا طرقات المدينة لكشف سر شويبس‬ ‫يُ َ‬
‫الذى أرهق حسن عابدين أيما إرهاق ثم مات دون أن يصل من ورائه إلى‬
‫طائل؟ رحمة الله عليك يا حسن يا عابدين! الن فقط عرفت لماذا كان يمثل‬
‫دور رجل سعودى فى إعلنات شويبس ويلفظ حرف "الظاء" فى كلمة‬
‫خمه ويخرج لسانه‪ ،‬ول أدرى يخرجه لمن!‬ ‫"عظيم" كما يفعل السعوديون فيف ّ‬
‫دة عقود‪ .‬هكذا‬ ‫لقد لمح الرجل بعبقريته ما قاله صاحبانا الفرنسيان بعده بع ّ‬
‫مّرة من نفسنا نتفوق‬ ‫ينبغى أن يكون الستبصار والشفافية الروحية‪ ،‬وإل فل! َ‬
‫فيها على الوربيين فى مسألة عقلية كهذه! فالحمد لله‪ ،‬الذى أحيانى حتى‬
‫رأيت هذا اليوم وشاهدت بعينى تفوقنا عليهم! وأستطيع الن من ثم أن‬
‫خُلص! ل ل‪ ،‬ل تأخذوا الكلم‬ ‫أموت وأنا قرير العين‪ .‬عن إذنكم إذن أموت وأ َ ْ‬
‫حرفيا! ليس الن بالضبط‪ ،‬بل بعد أن أنتهى من هذا الكلم الفارغ الذى أكتبه‬
‫هنا والذى ل معنى له ول تأثير من ورائه فى أى أحد‪ ،‬اللهم إل الناس الطيبين‬
‫الذين ل يتجاوزون عدد أصابع اليدين والذين يراسلوننى من هنا وهناك‬
‫مباركين ما أقول‪ ،‬فأردد فيما بينى وبين نفسى كلما وصلتنى منهم رسالة‬
‫على المشباك‪ :‬مساكين مثلى‪ ،‬كان الله فى عونهم وعونى! وطبعا بعد أن‬
‫أكون قد انتهيت من هذا الكلم الفارغ ستكونون قد نسيتم استئذانى إياكم أن‬
‫مه‬
‫أموت‪ ،‬ولن تكون هناك مشكلة! أل يقولون فى المثال‪" :‬كلم‪ ،‬وابن عَ ّ‬
‫حديث"؟ فهذا من هذا!‬

‫)‪(16 /‬‬

‫والن بعد أن نسيتم بكل تأكيد حكاية استئذانى إياكم أن أموت وأنا قرير‬
‫سى فيها كل شىء بعد‬ ‫العين‪ ،‬على عادتنا فى بلد العرب والمسلمين‪ ،‬التى ي ُن ْ َ‬
‫جَعنا‬ ‫ر‬ ‫م‬
‫َ ْ ِ‬ ‫نرجع‬ ‫الفارغ‪،‬‬ ‫حين ول ينتظر حتى ينتهى مثلى من مثل هذا الكلم‬
‫كرنى بالممثل فؤاد خليل‬ ‫إلى‪...‬إلى من؟ إلى الطبيب الفرنسى طبعا الذى يذ ّ‬
‫فى دوره الممتع‪ ،‬وهل هناك غيره؟ فماذا قال فى رده على القارئ‬
‫المجهول؟ قال‪ ،‬ل بارك الله له فى عقله "الت َّرل َِّلى"‪ ،‬إن المدينة كانت تقع فى‬
‫فا‬
‫قلب الصحراء فى مكان ليس فيه ماء ول زرع‪ ،‬وإن سكانها العشرين أل ً‬
‫)حسبما أحصاهم( لم يكن باستطاعتهم أن يحفروا خندقا يحيط بالبلد كله‪ .‬ول‬
‫أدرى من أين له بأن المدينة المنورة ليس فيها زرع ول ماء‪ .‬لقد كانت حرفة‬
‫سكانها الساسية هى الزراعة لنها تقع فى واد خصيب يتوفر له الماء‪ ،‬ولم‬
‫تكن هى المدينة الوحيدة التى تتمتع بهذه الميزة فى جزيرة العرب‪ ،‬وإل‬
‫فكيف ننسى واحاتها الكثيرة‪ ،‬وهى تقع فى قلب الصحراء‪ ،‬ومع هذا كانت‬
‫عامرة بالماء والزرع؟ بل كيف كان يعيش المكيون‪ ،‬الذين لم تكن مدينتهم‬
‫فى واد خصيب كالمدينة؟ أتراهم كانوا ل يشربون ول يغتسلون ول يطبخون؟‬
‫إن الماء موجود‪ ،‬بقدرة الله‪ ،‬فى كل مكان على وجه العموم‪ :‬سواء من‬

‫‪221‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫النهار أو السيول أو البار أو العيون‪ ،‬ولول هو ما قامت حياة‪ ،‬والجزيرة‬


‫العربية رغم كل شىء كانت مسكونة بالحياء والبشر‪ ،‬أم للمؤلف رأى آخر؟‬
‫أما العدد أفلم يأته قولنا فى مصر‪" :‬العدد فى الليمون"؟ إن المسلمين الن‬
‫مليار ونصف تقريبا‪ ،‬وعندهم من المكانات والثروات ما لم يكن أجدادهم‬
‫الوائل فى بلد ي َعُْرب يحلمون به ول فى الخيال‪ ،‬لكنهم مع ذلك أعجز من‬
‫ضَرب بهم المثال على المذلة والبلدة والتجرد من‬ ‫العجز نفسه‪ ،‬حتى لت ُ ْ‬
‫صْبن‪ ،‬ورجالهم‬ ‫الحساس والكرامة‪ ،‬فها هى ذى بلدهم ت ُغَْزى‪ ،‬ونساؤهم ي ٌغْت َ َ‬
‫م‬
‫الحرار‪ ،‬وهم قلة شاذة بينهم‪ ،‬يساقون إلى السجون وأعواد المشانق‪ ،‬وهُ ْ‬
‫م هنا‪ ،‬بل كأن الدنيا قد دانت لهم‪ ،‬فهم فى طبل وزمر ولهو )جاءهم ل َهْ ٌ‬
‫و‬ ‫ول هُ ْ‬
‫ددهم‬‫ملهِّيون!(‪ ،‬فيما كان هؤلء الجداد‪ ،‬رغم هَُزال عَ َ‬ ‫ْ‬ ‫ي ُل ِْهيهم أكثر مما هم َ‬
‫وبدائيتهم وتخلف ثقافتهم وفقرهم‪ ،‬ورغم أن أحدا لم يكن فى ذلك الوقت‬
‫يسمع بهم أو يضعهم فى حساب‪ ،‬كانوا يفتحون البلد المتناوحة‪ ،‬ويهدمون‬
‫خرة‪ ،‬ويؤسسون الحضارات المشرقة بأنوار العقل‬ ‫المبراطوريات الن ّ ِ‬
‫واليمان‪ ،‬وكانوا يقولون الكلمة من هنا فتنصت الدنيا لهم فى الحال من هنا‬
‫سة‪ ،‬ولم يكن لهم من شىء يعتمدون عليه فى‬ ‫ول تخالف عن أمرهم فى هَ ّ‬
‫كل هذا النجاز المعجز إل أنهم اتبعوا محمدا وآمنوا بالله وبالقرآن‪ ،‬وكانوا‬
‫يثقون بربهم سبحانه وتعالى وبأنفسهم ثقة مطلقة‪ ،‬فانطلقوا على بركة الله‬
‫وصنعوا كل هذا‪ .‬ثم سواء بعد ذلك أكان لمحمد وجود تاريخى فعل كما هو‬
‫الواقع التاريخى الذى ل يمارى فيه إل الجاهلون‪ ،‬ونزل عليه القرآن من‬
‫السماء كما نؤمن نحن المسلمين‪ ،‬أم كان هو وقرآنه من صنع العرب فيما‬
‫بعد كما يقول هذا المهووس بإحداث الزيطات والزمبليطات العَِيال ِّية! كم كان‬
‫عدد العرب كلهم فى ذلك الحين رجال وأولدا ونساء وبنات وشيوخا وعجائز‬
‫ل المحاربين منهم فحسب؟ وماذا كانت أسلحتهم؟ ومن أين لهم بالموارد‬
‫والمكانات والخطط والقادة المتخرجين من الكاديميات العسكرية‬
‫والسياسية؟ يا أيها الطبيب النفسى ذا العقل الهَل َب ُّلى‪ ،‬أجبنى كيف استطاع‬
‫حيحوها‪ ،‬أن يبلغوا تلك الغايات‬ ‫دة‪ ،‬بل ال ّ‬
‫ش ِ‬ ‫دة والعُ ّ‬
‫هؤلء المتخلفون القليلو العِ ّ‬
‫الخرافية‪ ،‬وفى وقت قياسى لم يسبقهم إليه سابق ولم يلحقهم فيه لحق‪،‬‬
‫وأنا أقول لك عندها كيف استطاعوا حفر خندق بدائى يناسب ظروفهم‬
‫وإمكاناتهم ليحميهم من جيش المشركين‪.‬‬

‫)‪(17 /‬‬

‫ول تنس أيها القارئ الكريم أن الخندق لم يكن يحيط بالمدينة كلها كما يتوهم‬
‫الطبيب الفرنسى‪ ،‬بل تم حفره فقط فى المواضع التى لم يكن فيها جبال ول‬
‫حّرات )والحرات هى أودية الصخور البركانية‬ ‫حصون ول بيوت متشابكة ول َ‬
‫المتصلة( حسبما قالت الروايات كلها التى وصلتنا‪ ،‬لن الجبال والحصون‬
‫د‪.‬‬
‫والحرات والبيوت المتشابكة تقوم تلقائيا بدور الخندق فى العزل والص ّ‬
‫ومن الواضح أن الطبيب الفرنسى المتفكك العقل ل يعرف عن هذه‬
‫الروايات شيئا‪ ،‬ثم هو رغم ذلك يجد عند نفسه الجرأة لقتحام الكلم برعونة‬
‫وغشم وجهل‪ ،‬غير عابئ بشىء ول مالئ أحد عينيه! ماذا يمكن أن نقول‬
‫لمثل هذا الصنف من البشر؟ إنه يظن أوربيته كافية لتأهيله للخوض فى كل‬
‫قب عليه حسيب ول رقيب! ويا هناه يا‬ ‫حديث ولطرق كل موضوع دون أن يع ّ‬
‫سعده الذى يراه وهو جالس إلى الحاسوب وقد وضع على أذنيه سماعتين‪،‬‬
‫ونزل عليه من السقف ل أدرى ماذا من اللت‪ ،‬وأحاط به من أمام ومن وراء‬

‫‪222‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ومن يمين ومن شمال كذا وكذا من الشياء التى لم أحققها‪ ،‬وأخذ يتلفت‬
‫تلفتات سينمائية ثقيلة الظل مثل ثقل ظل أحمد صبحى منصور بالضبط‬
‫كرنى بالشاب الهولندى )الظريف ل الثقيل الظل(‬ ‫ك الن ّْعل بالن ّْعل‪ ،‬فذ ّ‬
‫حذ ْوِ َ‬‫ك َ‬
‫الذى رأيته فى سوق المشاة وسط البلد بأمستردام ذات يوم ربيعى جميل‬
‫فى آخر سبعينات القرن الماضى‪ ،‬وكان يضرب على عدد من اللت‬
‫الموسيقية فى وقت واحد‪ :‬فآلة فوق ظهره‪ ،‬وأخرى على بطنه‪ ،‬وثالثة فى‬
‫قدمه‪ ،‬ورابعة فى فمه‪ ،‬وخامسة مربوطة فى الثالثة‪ ،‬وسادسة ل أذكر الن‬
‫أين كان يضعها‪ ،‬وسابعة ل أظنكم من الظلم بحيث تسألوننى بعد كل هاتيك‬
‫السنين أين كان يضعها ول كيف كان يعزف عليها‪ ،‬أما الثامنة والتاسعة‬
‫والعاشرة فأرجوكم أن تتركونى ألتقط أنفاسى أوّل ً حتى أستطيع أن أقول‬
‫لكم‪ :‬إننى ما دمت ل أذكر السابعة‪ ،‬فمن الطبيعى أل أعرف عما بعدها شيئا‪.‬‬
‫مب َِليطة يا عم راكان؟ طيب‪ :‬الولد المستردامى‪،‬‬ ‫ما كل هذه الّزيطة والّز ْ‬
‫منا أنه كان يطلب لقمة عيشه من خلل ما يجود به عليه المارة من‬ ‫وفَهِ ْ‬
‫مة" التى تزحم بها‬ ‫ُ‬
‫ن أنت ماذا تبغى من كل تلك "الهَل ّ‬ ‫ّ‬
‫فكة‪ ،‬ولك ْ‬ ‫درات ال َ‬ ‫جل ْ َ‬
‫ال ِ‬
‫أستوديوك؟ أما أنا فتفسيرى أنه يريد أن يقنع نفسه بأنه رجل مهم‪ .‬ولكن‬
‫عوا للستاذ فؤاد خليل‪ ،‬فلول الدور المبدع‬ ‫وا أن ت َد ْ ُ‬ ‫س ْ‬‫هيهات هيهات! ول تن َ‬
‫الذى مّثله ما استطعت أن أصل إلى هذا التفسير! بالمناسبة‪ :‬طبيبنا المتفكك‬
‫ورةٌ فى ذلك الوقت‪ ،‬ويؤكد تبعا‬ ‫ة من ّ‬‫العقل ينكر أن تكون هناك مدين ٌ‬
‫لمستشرق أحمق آخر )ويبدو أن اليوم هو يوم الحمقى والحماقة! نعوذ بالله‬
‫من الحمق وأهله!( أن معركة الخندق قد دارت رحاها فى الشام بعد ذلك‬
‫ى أوّل ً )قبل أن أنسى كعادتى( أن أسوق للقارئ‬ ‫ن عل ّ‬ ‫التاريخ بعدة عقود‪ .‬لك ْ‬
‫الكريم نص كلم الطبيب فى أصله الفرنسى‪:‬‬
‫"‪L'islamologue Alfred-Louis de Prémare (Les fondations de l'islam,‬‬
‫‪Editions du Seuil) établit qu'une bataille s'est déroulée en 683 en Syrie, et‬‬
‫‪non à Médine, ville qui n'existait pas au septième siècle, soit cinquante ans‬‬
‫‪."après la mort officielle de "Mahomet‬‬
‫‪D'après les légendes islamiques, j'ai calculé que Médine aurait compté vingt‬‬
‫‪mille habitants, soit autant que Paris à la même époque... en plein désert,‬‬
‫‪."sans eau et sans agriculture. Creuser un fossé autour relève de la fantaisie‬‬
‫لكن ما حكاية المدينة المنورة هذه؟ الواقع أن المدينة المنورة ليست هى‬
‫كك فيها هذا المجنون‪ ،‬بل مكة والرسول ذاته والمعارك التى‬ ‫وحدها التى يش ّ‬
‫خاضتها القوات المسلمة فى ذلك العصر والمواقع التى دارت رحاها فيها‬
‫أيضا‪ ،‬ولنستمع أول إلى ما يقوله عن وفاة الرسول عليه السلم وتولى أبى‬
‫بكر رضى الله عنه الخلفة من بعده‪:‬‬
‫"‪Mahomet a été déclaré mort en 632 suite à une tractation entre Abou Bakr‬‬
‫‪et le calife Omar, sans concertation avec Ali, floué alors qu'il dirigeait une‬‬
‫‪armée de la région qui est aujourd'hui l'Irak. Pourtant "Mahomet" donne des‬‬
‫‪."ordres en 634, 640, 651, 660, 683, 688, 725, 785, 830, 855‬‬

‫)‪(18 /‬‬

‫‪223‬‬

You might also like