You are on page 1of 210

‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.

com‬‬

‫تم تحميل هذا الكتاب‬


‫من مكتبة موقع‬
‫"بّلغوا عّني ولو آية"‬
‫رسالتنا‪ :‬يصل الكثير من الناس بعض الرسائل اللكترونية عن السلم ويقومون‬
‫صصنا هذه‬‫بحذفها أو تجاهلها بحجة أنها طويلة ويثقل عليهم قراءتها‪ .‬لذلك خ ّ‬
‫الصفحة للشتراك في عظة يومية قصيرة أو حديث شريف أو آية تصل إلى بريد‬
‫المشترك بحيث لن يصعب قرائتها والستفادة منها راجيا من المولى عز وجل‬
‫الجر والثواب‪ .‬مثال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪" :‬بلّـغوا عنّـي ولو‬
‫‪".‬آية‬

‫للشتراك في هذه الخدمة الرجاء زيارة موقعنا "بلّـغوا عنّـي ولو آية" في السفل‬
‫‪ :‬وتسجيل البريد اللكتروني‬
‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ :‬أو عن طريق إرسال رسالة ولو فارغة إلى‬


‫‪subscribe@balligho.com‬‬

‫‪.‬ويمكنكم أيضا أن تتصفحوا الرشيف بالحاديث المرسلة مسبقًا‬

‫ن في السلم سنة حسنة‪ ،‬فعمل بها‬ ‫قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬من س ّ‬
‫بعده‪ ،‬كتب له مثل أجر من عمل بها‪ .‬ول ينقص من أجورهم شيء‪ ...‬الحديث‪.‬‬
‫فاحرصوا يرحمكم ال على نشرها فكل من يزور الموقع ويستفيد منه عن طريقك‬
‫تكسب من الجر الكثير وإن قام بدوره بالعمل بها ونشرها أيضا فكلنا نكسب أمثل‬
‫‪.‬أجورهم ول ينقص من الجر شيئا‬

‫والسّنة‬
‫ب َ‬
‫دة إلى الك َِتا ِ‬ ‫و َ‬‫ع ْ‬
‫منهاجنا‪َ :‬‬
‫مة‬ ‫ف ال ُ‬‫سل َ ِ‬ ‫بِ َ‬
‫ّ‬ ‫هم ِ َ‬‫ف ْ‬

‫‪1‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ةة ةةةةة ةةة ةةةةةة ةةةة ةةةةةة ةةةةةةة ةةةةةةة‬


‫)ةةةة ةةة ةةةةةةةة ةةة ةةةة ةةةةةةة ةةةةةةة ةةة‬
‫ةةةةةةةة(‬

‫الكتاب ‪ :‬موسوعة البحوث والمقالت العلمية‬


‫جمع وإعداد الباحث في القرآن والسنة‬
‫حوالي خمسة آلف وتسعمائة مقال وبحث‬
‫علي بن نايف الشحود‬

‫مؤتمر حقوق النسان‬


‫المجيب ‪ ...‬أ‪.‬د‪ .‬سعود بن عبدالله الفنيسان‬
‫عميد كلية الشريعة بجامعة المام محمد بن سعود السلمية سابقا ً‬
‫التصنيف ‪ ...‬الفهرسة‪ /‬أصول الفقه ‪/‬السياسة الشرعية‬
‫التاريخ ‪18/8/1424 ...‬هـ‬
‫السؤال‬
‫السلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪.‬‬
‫بداية والحق يقال نشكر لكم جهودكم الجبارة بهذا الموقع الفذ والمتنوع‬
‫والمتجدد‪ ،‬الحافل بكل ما يواكب التطورات في الساحة والحكم الشرعي‬
‫لكل منها‪ ،‬فكم حاجتنا اليوم لمعرفة الحكام الشرعية فيما يدور حولنا من‬
‫أحداث ومستجدات‪ ،‬ومن هذا المنطلق أحببت أن أجد جوابا ً عن موضوع‬
‫حقوق النسان‪ ،‬حيث سيعقد في الرياض يومي ‪18‬و ‪ 19‬شعبان مؤتمر‬
‫بعنوان )حقوق النسان في السلم والحرب(‪ ،‬ولقد تم دعوة ‪ 150‬شخصية‬
‫عالمية مهتمة بهذا المجال أو قريبة التخصص منه‪ ،‬وتم توجيه آلف الدعوات‬
‫داخل المملكة لحضور هذا المؤتمر‪ ،‬وسؤالي هو‪:‬‬
‫ل‪ :‬ما حكم إقامة مثل هذا المؤتمر؟ وما حكم المشاركة فيه أو حضوره؟‬ ‫أو ً‬
‫ثانيًا‪ :‬هل في الشرع الحنيف ما يسمى حقوق إنسان؟ أي بمعنى هل حقوق‬
‫المسلمين والكفرة واحدة؟‬
‫ثالثًا‪ :‬إذا طلب مني المشاركة وأنا أعلم وجود الكثير من المنكرات كدعوة‬
‫الكفار إلى هذا البلد للحضور‪ ،‬والختلط في مقر الحفل‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬هل يجوز‬
‫لي المشاركة مع أني ل أستطيع تغيير أي من هذه المنكرات؟‪.‬‬
‫رابعا ً وأخيرًا‪ :‬أرجو سرعة الرد لن المشاركة في هذا المؤتمر تحدد خلل‬
‫السبوع القادم ويجب أن أعرف وغيري حكم المشاركة فيه وهل نوافق أم‬
‫نعتذر؟ وجزاكم الله خيرًا‪.‬‬
‫الجواب‬
‫أول من دعا إلى حقوق النسان تعاليم السلم فهي التي رعت حقوق‬
‫النسان جد الرعاية حيث عامة نداءات القرآن متوجهة إليه بأصله النسان أو‬
‫خل َ ْ‬
‫قَنا‬ ‫قد ْ َ‬ ‫إلى بعض أفراده بوصفه مؤمنا ً أو كافرًا‪ ،‬فمن الول قوله تعالى‪" :‬وَل َ َ‬
‫صي َْنا النسان‬ ‫ن" ]الحجر‪ ،[26:‬وقوله‪" :‬وَوَ ّ‬ ‫سُنو ٍ‬
‫م ْ‬ ‫مأ ٍ َ‬
‫ح َ‬
‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫صل ْ َ‬
‫صا ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫سا َ‬‫الن ْ َ‬
‫س‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫"‬ ‫وقوله‪:‬‬ ‫[‪،‬‬ ‫‪14‬‬ ‫الية‬ ‫من‬ ‫]لقمان‪:‬‬ ‫ن"‬ ‫ه‬ ‫و‬ ‫لى‬‫َ‬ ‫ع‬ ‫ً‬ ‫ا‬‫هن‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫وال ِد َ ْ ِ َ َ ْ ُ ّ ُ َ ْ‬
‫و‬ ‫ه‬ ‫م‬ ‫أ‬ ‫ه‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ح‬ ‫ه‬‫ي‬
‫َ ْ ْ َ‬ ‫َ ْ ٍ‬ ‫َ‬ ‫بِ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ع‬
‫م َ‬ ‫ج َ‬‫ن نَ ْ‬‫ن أل ّ ْ‬
‫سا ُ‬‫ب اْل ِن ْ َ‬
‫س ُ‬
‫ح َ‬‫سَعى" ]النجم‪ ،[39:‬وقوله‪" :‬أي َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫ن إ ِّل َ‬ ‫سا ِ‬‫ل ِْل ِن ْ َ‬

‫‪2‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬
‫َْ‬ ‫َ‬
‫حلل ً‬ ‫ض َ‬ ‫ما ِفي الْر ِ‬ ‫م ّ‬‫س ك ُُلوا ِ‬ ‫ه"]القيامة‪،[3:‬وقوله‪َ" :‬يا أي َّها الّنا ُ‬ ‫م ُ‬‫ظا َ‬ ‫ع َ‬ ‫ِ‬
‫سولُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫م الّر ُ‬ ‫جاَءك ُ‬ ‫س قد ْ َ‬ ‫طّيبا"]البقرة‪ :‬من الية ‪ ،[168‬وقوله‪َ" :‬يا أي َّها الّنا ُ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ُ‬
‫دوا َرب ّك ُ‬ ‫س اعْب ُ ُ‬ ‫م"]النساء‪ :‬من الية ‪ ،[170‬وقوله‪َ" :‬يا أي َّها الّنا ُ‬ ‫ن َرب ّك ُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫حق ّ ِ‬ ‫ِبال ْ َ‬
‫َ‬
‫ن" ]البقرة‪ ،[21:‬وقوله‪َ" :‬يا أي َّها‬ ‫قو َ‬ ‫م ت َت ّ ُ‬ ‫م ل َعَل ّك ُ ْ‬ ‫ن قَب ْل ِك ُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫م َوال ّ ِ‬ ‫قك ُ ْ‬ ‫خل َ َ‬‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫شُعوبا ً وَقََبائ ِ َ‬ ‫ُ‬
‫ن‬‫ل ل ِت ََعاَرُفوا إ ِ ّ‬ ‫م ُ‬ ‫جعَل َْناك ُ ْ‬ ‫ن ذ َك َرٍ وَأن َْثى وَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫قَناك ُ ْ‬ ‫خل َ ْ‬ ‫س إ ِّنا َ‬ ‫الّنا ُ‬
‫َ‬
‫عن ْد َ الل ّهِ أت ْ َ‬ ‫َ‬
‫ست َِعيُنوا‬ ‫م"]الحجرات‪ :‬من الية ‪،[13‬وقوله تعالى‪َ" :‬وا ْ‬ ‫قاك ُ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫مك ُ ْ‬ ‫أك َْر َ‬
‫ن" ]البقرة‪ ،[45:‬وقوله‪َ" :‬يا أ َي َّها‬ ‫شِعي َ‬ ‫خا ِ‬ ‫صلةِ وَإ ِن َّها ل َك َِبيَرةٌ إ ِّل عََلى ال ْ َ‬ ‫صب ْرِ َوال ّ‬ ‫ِبال ّ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫م‬
‫ن ي َت َوَلهُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ض وَ َ‬ ‫م أ َوْل َِياُء ب َعْ ٍ‬ ‫ضهُ ْ‬ ‫صاَرى أوْل َِياَء ب َعْ ُ‬ ‫ذوا الي َُهود َ َوالن ّ َ‬ ‫خ ُ‬ ‫مُنوا ل ت َت ّ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ما‬ ‫مُنوا إ ِن ّ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫م"]المائدة‪ :‬من الية ‪ ،[51‬وقوله‪َ" :‬يا أي َّها ال ّ ِ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫م فَإ ِن ّ ُ‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫ِ‬
‫م‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ن َفا ْ‬ ‫َ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫جت َن ُِبوه ُ لعَلك ْ‬ ‫شي ْطا ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ن عَ َ‬ ‫م ْ‬‫س ِ‬ ‫ج ٌ‬ ‫م رِ ْ‬ ‫ب َوالْزل ُ‬ ‫صا ُ‬ ‫سُر َوالن ْ َ‬ ‫مي ْ ِ‬ ‫مُر َوال َ‬ ‫خ ْ‬ ‫ال َ‬
‫ذا‬ ‫مُعوا ل ِهَ َ‬ ‫س َ‬‫فُروا ل ت َ ْ‬ ‫َ‬
‫نك َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ّ‬
‫ل ال ِ‬ ‫ن" ]المائدة‪ ،[90:‬وقال تعالى‪" :‬وََقا َ‬ ‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬ ‫تُ ْ‬
‫فُروا ل‬ ‫نك َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ذي َ‬ ‫ن" ]فصلت‪ ،[26:‬وقوله‪َ" :‬يا أي َّها ال ِ‬ ‫م ت َغْل ُِبو َ‬ ‫وا ِفيهِ لعَلك ْ‬ ‫ن َوالغَ ْ‬ ‫قْرآ ِ‬
‫ن"]التحريم‪ ،[7:‬إلى غير ذلك من‬ ‫مُلو َ‬ ‫م ت َعْ َ‬ ‫ما ك ُن ْت ُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫جَزوْ َ‬ ‫ما ت ُ ْ‬ ‫م إ ِن ّ َ‬ ‫ت َعْت َذُِروا ال ْي َوْ َ‬
‫اليات ول تفاضل بين بني النسانية إل بتقوى الله سبحانه‪ ،‬كما جاء في‬
‫الحديث‪ " :‬ل فضل لعربي على عجمي‪ ،‬ول لعجمي على عربي‪ ،‬ول أحمر‬
‫على أسود‪ ،‬ول أسود على أحمر إل بالتقوى" انظر مسند أحمد )‪،(23489‬‬
‫وفي حديث آخر "الناس بنو آدم‪ ،‬وآدم من تراب" أخرجه أحمد )‪،(8736‬‬
‫وغيره من حديث أبي هريرة – رضي الله عنه ‪ -‬وحقوق النسان التي أمر‬
‫الله برعايتها هي حقوق المسلم والكافر على السواء‪ ،‬وإقامة مؤتمر لعرض‬
‫حقوق النسان في السلم والحرب وفي المملكة العربية السعودية أمر‬
‫محمود يشكر الساعون بعقده والمشاركون فيه‪ ،‬ودعوة غير المسلمين‬
‫للتحدث فيه بما ل يتعارض مع أحكام السلم ل شيء في ذلك‪ ،‬ول يتوقع أن‬
‫يشتمل على منكر ظاهر وإن وجد‪ -‬وجب على القادر إنكاره بالسلوب‬
‫المناسب ومن دعي إلى المشاركة في هذا المؤتمر ونحوه تعين عليه ووجب‬
‫عليه المتثال‪ .‬والله ولي التوفيق‪ ،‬وصلى الله على نبينا محمد‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫مؤتمرات حوار الديان خلل واضطراب أم فتنة وانحراف ؟!‬


‫د‪.‬عدنان علي رضا النحوي‬
‫الدعوة إلى حوار الديان دعوة احتلت مساحة غير قليلة في الونة الخيرة‪،‬‬
‫سواء من الصحافة العربية والجنبية ‪ ،‬أو المؤتمرات والندوات ‪ .‬وظهرت آراء‬
‫تعارض وآراء تخالف ‪ .‬ولكن منطلق الدعوة إلى هذا الحوار كان واضحا ً أنه‬
‫من الغرب ‪ ،‬وأن هناك قوى كثيرة تدعمها ‪ .‬وبعض المسلمين يبني ذلك على‬
‫قوله تعالى ‪:‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ن‬
‫س ُ‬
‫ح َ‬ ‫يأ ْ‬‫م ِبالِتي هِ َ‬‫جادِلهُ ْ‬ ‫سن َةِ وَ َ‬ ‫ح َ‬ ‫عظةِ ال َ‬ ‫مو ْ ِ‬ ‫مةِ َوال َ‬‫حك ْ َ‬‫ك ِبال ِ‬‫ل َرب ّ َ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫)اد ْع ُ إ َِلى َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن( ] النحل ‪[125 :‬‬ ‫دي َ‬ ‫مهْت َ ِ‬‫م ِبال ْ ُ‬
‫سِبيل ِهِ وَهُوَ أعْل َ ُ‬‫ن َ‬ ‫ل عَ ْ‬ ‫ض ّ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫م بِ َ‬ ‫ك هُوَ أعْل َ ُ‬
‫ن َرب ّ َ‬ ‫إِ ّ‬
‫فيأخذون بعض هذه الية ويتركون بعضها الخر الذي هو الساس ‪ .‬إنهم‬
‫يقولون ‪ :‬يجب أن نتعامل مع هؤلء وهؤلء بالحكمة ونخاطبهم بالتي هي‬
‫أحسن ‪ .‬وفي سبيل هذا الهدف يمكن أن نتنازل ونتعاون ونتقارب ‪ .‬وبذلك‬
‫يلغون القاعدة التي قامت عليها الشارة إلى الحكمة وما تلها ‪ ،‬أل وهي ‪" :‬‬
‫ك …" ! َتركوا الدعوة إلى اليمان والتوحيد ‪ ،‬وأقاموا مكانها‬ ‫ل َرب ّ َ‬ ‫اد ْع ُ إ َِلى َ‬
‫سِبي ِ‬
‫علقات اجتماعية واقتصادية ومصالح مادية ‪ ،‬وأخذوا من الية الكريمة ما‬
‫وغ ما هم فيه من علقات تطورت حتى أصبح فيها المسلمون‬ ‫يظّنون أنه يس ّ‬

‫‪3‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يمتدحون مبادئ هؤلء وفلسفاتهم ونظمهم وأدبهم وفكرهم ! انقلبت الية‬


‫عى ولسنا الذين يدعون ‪ ،‬على القل من الناحية‬ ‫وأصبحنا نحن الذين ن ُد ْ َ‬
‫العملّية التطبيقية والنتائج الملموسة !‬
‫ل طرف‬ ‫ددة بين فريقين أو أكثر ‪ .‬فيعرض ك ّ‬ ‫فالحوار أساسه وجود قضّية مح ّ‬
‫رأيه ‪ ،‬ويرد ّ الخر عليه ‪ .‬وحتى يبدأ الحوار بداية سليمة يجب أن يكون أحد‬
‫قى‬ ‫الطرفين هو صاحب القضّية التي يريد أن يعرضها على غيره ‪ ،‬حتى يتل ّ‬
‫منه القبول أو الرفض ‪ .‬أما بالنسبة " لحوار الديان " فأرى الواقع يختلف ‪.‬‬
‫فما هي القضّية وما هو الهدف ؟! هل يريد النصراني أن يتنازل عن‬
‫معتقده ؟! هل يريد اليهودي أن يتنازل عن معتقده ؟! هل يريد المسلم أن‬
‫ن أن هذا كله غير وارد بصورته المطلقة ‪ ،‬حتى‬ ‫يتنازل عن دينه ؟! أغلب الظ ّ‬
‫أصبح مصطلح " الحوار " وهما غير محدد ‪ .‬إل أن الهدف ‪ ،‬كما يبدو ‪ ،‬ليس‬ ‫ً‬
‫ل وسط أو‬ ‫التنازل الكلي عن معتقد أو دين ‪ ،‬وإنما محاولة الوصول إلى ح ّ‬
‫ح ‪ ،‬قد يفرض التنازل‬ ‫نقطة تفاهم لزالة الخلف ‪ ،‬كما يقال ‪ .‬وهذا ‪ ،‬إن ص ّ‬
‫ً‬
‫الجزئي ‪ .‬وأّنى يستقيم الدين مع تنازل مهما كان جزئيا ؟! وأّنى للتنازل أن‬
‫يرفع الخلف ؟!‬
‫ن القضّية واضحة ‪ ،‬ل يحل التنازل عن أيّ شيء من دينه‬ ‫ّ‬ ‫بالنسبة للمسلم ‪ ،‬فإ ّ‬
‫ن الله سبحانه‬ ‫ّ‬ ‫فإ‬ ‫أخرى‬ ‫ناحية‬ ‫ومن‬ ‫‪،‬‬ ‫ناحية‬ ‫من‬ ‫هذا‬ ‫ثبت بالكتاب والسّنة ‪.‬‬
‫مة المسلم وعلقاته مع أهل الكتاب والمشركين تحديدا ً‬ ‫دد مه ّ‬ ‫وتعالى ح ّ‬
‫واضحا ً يقوم كّله على تبليغ دين الله كما أنزل على محمد ‪ r‬دون أي تبديل أو‬ ‫ُ‬
‫تحريف ‪ ،‬ودعوة الناس إليه دعوة واضحة حاسمة ‪ .‬ل خور فيها ول ضعف ول‬
‫تنازلت ول مساومات ‪ .‬على المسلم أن يبّلغ دعوة الله صافية نقية ‪ ،‬والله‬
‫يهدي من يشاء ‪ ،‬ويقضي بما يشاء ‪.‬‬
‫والخرون ليس أمامهم إل إحدى اثنتين ‪ :‬إما أن يستجيبوا ويؤمنوا ويلتزموا‪،‬‬
‫وإما أن يتوّلوا ويرفضوا ويدبروا ‪ .‬فإن استجابوا فقد أصبحوا مسلمين‪ ،‬وإن‬
‫أدبروا وتولوا فهم الخاسرون ‪ ،‬والله عليم بالمفسدين ‪:‬‬
‫ولنأخذ نموذجا ً من الحوار الحقّ الذي يأمر به الله سبحانه وتعالى ‪:‬‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫ك ِ‬ ‫جاَء َ‬ ‫ما َ‬ ‫ن ب َعْد ِ َ‬‫م ْ‬ ‫ك ِفيهِ ِ‬ ‫ج َ‬ ‫حا ّ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن * فَ َ‬ ‫ري َ‬ ‫مت َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ك َفل ت َك ُ ْ‬ ‫ن َرب ّ َ‬ ‫م ْ‬ ‫حقّ ِ‬ ‫)ال ْ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م ثُ ّ‬
‫م‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫سَنا وَأن ْ ُ‬ ‫ف َ‬ ‫م وَأن ْ ُ‬ ‫ساَءك ُ ْ‬‫ساَءَنا وَن ِ َ‬ ‫م وَن ِ َ‬ ‫وا ن َد ْع ُ أب َْناَءَنا وَأب َْناَءك ُ ْ‬ ‫ل ت ََعال َ ْ‬‫ق ْ‬ ‫ال ْعِل ْم ِ فَ ُ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫حقّ وَ َ‬ ‫ص ال ْ َ‬
‫ص ُ‬ ‫ق َ‬ ‫ذا ل َهُوَ ال ْ َ‬ ‫ن هَ َ‬ ‫ن * إِ ّ‬ ‫كاذِِبي َ‬ ‫ت الل ّهِ عََلى ال ْ َ‬ ‫ل ل َعْن َ َ‬ ‫جعَ ْ‬ ‫ل فَن َ ْ‬‫ن َب ْت َهِ ْ‬
‫ن‬
‫دي َ‬ ‫س ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫م ْ‬‫م ِبال ْ ُ‬ ‫ه عَِلي ٌ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫وا فَإ ِ ّ‬ ‫ن ت َوَل ّ ْ‬ ‫م * فَإ ِ ْ‬ ‫كي ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫زيُز ال ْ َ‬ ‫ه ل َهُوَ ال ْعَ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ه وَإ ِ ّ‬ ‫إ ِل َهٍ إ ِّل الل ّ ُ‬
‫(‬
‫] آل عمران ‪[ 63 -60 :‬‬
‫هذه اليات نزلت في وفد نصارى نجران ‪ .‬وهكذا بدأت القضّية بإعلن الحق‬
‫الذي ل يجوز الشك فيه أو التنازل عنه ‪:‬‬
‫ن(‬ ‫ري َ‬ ‫مت َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ك َفل ت َك ُ ْ‬ ‫ن َرب ّ َ‬ ‫م ْ‬ ‫حقّ ِ‬ ‫)ال ْ َ‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ل ريبة أو شك ‪ " :‬الحق‬ ‫ف لك ّ‬


‫إعلن مدوّ يمل الكون ! إعلن فاصل حاسم نا ٍ‬
‫من ربك " إنه من عند الله فمن يجرؤ أن يمتري أو يشك فيه غير المنافقين‬
‫ل طرف على‬ ‫والمشركين ‪ .‬وتصبح القضّية في نهاية المطاف إذا أصّر ك ّ‬
‫ن أحد الطرفين‬ ‫موقفه ‪ ،‬وهما موقفان متناقضان ‪ ،‬ليس بينهما نقطة لقاء ‪ ،‬أ ّ‬
‫هو الصادق والخر الكاذب ‪ ،‬فكانت نهاية الحوار بأمر من الله الدعاء باللعنة‬
‫على الكاذبين ! نزل الوحي الكريم على رسول الله ‪ r‬يأمره بذلك فانسحب‬

‫‪4‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وفد نجران من هذا " الحوار " ‪ ،‬يرومون النجاة ! موقف مفاصلة وحسم ‪،‬‬
‫وموقف تبليغ رسالة الله كما ُأنزلت ‪ .‬لم يحمل الحوار أي ساحة للمساومات‬
‫م يفصل سبحانه وتعالى المر بأن هذا هو‬ ‫والتقريب بين الحق والباطل ‪ .‬ث ّ‬
‫القصص الحق ‪ ،‬وأنه ل إله إل الله وحده‪ ،‬وأن الله هو العزيز الحكيم ‪ .‬هذه‬
‫القضية التي كانت موضع الحوار ‪:‬‬
‫م*‬‫كي ُ‬‫ح ِ‬‫زيُز ال ْ َ‬ ‫ه ل َهُوَ ال ْعَ ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ه وَإ ِ ّ‬‫ن إ ِل َهٍ ِإل الل ّ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫حق ّ و َ َ‬ ‫ص ال ْ َ‬ ‫ص ُ‬ ‫ق َ‬ ‫ذا ل َهُوَ ال ْ َ‬ ‫ن هَ َ‬ ‫) إِ ّ‬
‫ن(‬ ‫دي َ‬ ‫س ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ْ‬
‫م ِبال ُ‬ ‫ه عَِلي ٌ‬ ‫ّ‬
‫ن الل َ‬ ‫وا فَإ ِ ّ‬ ‫ّ‬
‫ن ت َوَل ْ‬ ‫فَإ ِ ْ‬
‫جه الخطاب ‪ ،‬ليس إلى نصارى نجران فحسب ‪،‬‬ ‫م تمضي اليات الكريمة لتو ّ‬ ‫ث ّ‬
‫وإنما إلى أهل الكتاب كلهم على مّر الزمن كله ‪ ،‬لتفصل القضّية ذاتها كما‬
‫صلها مع نصارى نجران ‪:‬‬ ‫ف ّ‬
‫ه َول‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ل َيا أهْ َ‬ ‫) قُ ْ‬
‫م أل ن َعْب ُد َ ِإل الل َ‬ ‫واٍء ب َي ْن ََنا وَب َي ْن َك ْ‬ ‫س َ‬ ‫مةٍ َ‬ ‫وا إ ِلى كل ِ َ‬ ‫ب ت ََعال ْ‬ ‫ل الك َِتا ِ‬
‫ُ‬ ‫وا فَ ُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬
‫قولوا‬ ‫ن ت َوَل ْ‬‫ن اللهِ فَإ ِ ْ‬ ‫ن ُدو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ضَنا ب َْعضا أْرَبابا ِ‬ ‫خذ َ ب َعْ ُ‬ ‫شْيئا َول ي َت ّ ِ‬ ‫شرِك ب ِهِ َ‬ ‫نُ ْ‬
‫ن ( ] آل عمران ‪[64 :‬‬ ‫َ‬ ‫ا ْ‬
‫مو َ‬ ‫سل ِ ُ‬‫م ْ‬ ‫دوا ب ِأّنا ُ‬ ‫شهَ ُ‬
‫القضية المطروحة للحوار هي نفس القضّية السابقة ‪:‬‬
‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫شْيئا ً َول ي َت ّ ِ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫ن ُدو ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ضَنا ب َْعضا أْرَبابا ِ‬ ‫خذ َ ب َعْ ُ‬ ‫ك ب ِهِ َ‬ ‫شرِ َ‬ ‫ه َول ن ُ ْ‬ ‫) ‪ ....‬أل ن َعْب ُد َ ِإل الل ّ َ‬
‫الل ّهِ ‪(...‬‬
‫ويكاد يكون السلوب واحدا ً ‪ ":‬تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ‪ " ...‬فهي‬ ‫ُ‬
‫دعوة جلّية حاسمة ‪ ،‬دعوة إلى الله الواحد الذي ل إله إل هو ‪ ،‬لتكون هذه‬
‫القضّية متساوية بيننا وبينكم ‪ ،‬نؤمن بها حقا ً من عند الله وتؤمنون بها ‪،‬‬
‫فتكون بذلك كلمة سواء ‪ ،‬نستوي نحن وأنتم باليمان بها ‪ ،‬فآمنوا حتى‬
‫تستوي الكلمة بيننا‪ ،‬لن هذه هي نقطة الخلف الرئيسة وبغير تسويتها ل يتم‬
‫لقاء ‪.‬‬
‫هذه القضية هي قضّية الخلف الذي يدور عليها الحوار ‪ .‬إنها ليست نقطة‬
‫ن أنها هي التي نلتقي بها اليوم مع النصارى‬ ‫هم بعضهم ‪ ،‬وظ ّ‬ ‫لقاء كما تو ّ‬
‫واليهود‪ ،‬وأّنى ذلك ؟! فإن كانت هي نقطة التفاق واللقاء ‪ ،‬فلماذا ندعوهم‬
‫إليها ‪ ،‬ونقول لهم ‪ " :‬تعالوا إلى كلمة سواء ؟! " ولماذا لم يقبلوا بها من‬
‫َ‬
‫وا وأدبروا ؟! فهل يقبلونها اليوم ؟!‬ ‫وها وتول ّ ْ‬ ‫محمد ‪ ، r‬ورفضوها وأب َ ْ‬
‫فما هو الموقف إن لم يقبلوا بهذا التوحيد الصافي البعيد عن التثليث‬
‫ي واضح أمر من عند الله ‪:‬‬ ‫وأمثاله؟! الموقف جل ّ‬
‫َ‬
‫ن(‬ ‫مو َ‬ ‫سل ِ ُ‬
‫م ْ‬ ‫دوا ب ِأّنا ُ‬ ‫قوُلوا اشهَ ُ‬
‫ْ‬ ‫وا فَ ُ‬ ‫ن ت َوَل ّ ْ‬ ‫) ‪ ....‬فَإ ِ ْ‬
‫نعم ! تولوا ! فنعلن بصورة حاسمة فاصلة ‪ " :‬بأّنا مسلمون " ول شيء غير‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫وهكذا انتهى الحوار أيام محمد ‪ : r‬دعوة وتبليغ ‪ ،‬وحجة ووحي ‪ ،‬ثبات الدعوة‬
‫السلمية على مفاصلتها ووضوحها ‪ ،‬وإدبار أهل الكتاب ‪.‬‬
‫فهل يمكن أن ينتهي الحوار اليوم على صورة أخرى إل أن يكون هنالك‬
‫تنازل ؟! وأين هو الحوار وأهل الكتاب يعملون كل وسائل التدمير والفتك‬
‫بأرواح مئات اللوف من المسلمين في جميع أنحاء الرض ؟! وأين هو الحوار‬
‫‪ ،‬والتاريخ يحمل أبشع جرائم أهل الكتاب بالمسلمين في الندلس والحروب‬
‫الصليبية والهند وشمال أفريقيا ووسطها وفي كل دار من دور السلم ‪.‬‬
‫أين الحوار ؟! والمسلمون مستضعفون بين هزائم وفتن وهوان ؟! الحوار‬
‫يحتاج إلى نفسية قوّية وقضية حق ‪ ،‬وبلغ فاصل حاسم ! إنه ليس باب‬
‫مجاملت ومساومات وتنازلت !‬
‫الحوار في مفهوم السلم وسيلة للدعوة والبلغ ‪ .‬إنه يبتدئ بإعلن الحق‬
‫م يعرضها مع البّينة‬ ‫للقضية ‪ ،‬بإعلن القضّية بصورتها التي تمّثل الحق ‪ ،‬ث ّ‬

‫‪5‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫قى الجابة من الطرف الخر بالقبول أو الرفض ‪ .‬ويمكن‬ ‫م يتل ّ‬ ‫جة ‪ ،‬ث ّ‬ ‫والح ّ‬
‫سر طريق القناع ‪،‬‬ ‫معاودة العلن والعرض ‪ ،‬وزيادة الحجج والدلة حتى يتي ّ‬
‫وحتى يعذر المسلم نفسه بين يدي الله يوم القيامة ‪ ،‬وحتى تقوم الحجة على‬
‫الضالين في الدنيا والخرة ‪ .‬ثم ينتهي الحوار بإعلن الموقف الفاصل الحاسم‬
‫‪:‬‬
‫ن(‬
‫دي َ‬ ‫س ِ‬‫ف ِ‬ ‫م ِبال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ه عَِلي ٌ‬‫ن الل ّ َ‬ ‫ن ت َوَل ّ ْ‬
‫وا فَإ ِ ّ‬ ‫) ‪ ...‬فَإ ِ ْ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫وا فَ ُ‬ ‫ّ‬
‫ن(‬‫مو َ‬
‫سل ِ ُ‬‫م ْ‬‫دوا ب ِأّنا ُ‬ ‫شهَ ُ‬‫قولوا ا ْ‬ ‫ن ت َوَل ْ‬ ‫) ‪ ...‬فَإ ِ ْ‬
‫الحوار بالنسبة للدين يختلف عن الحوار في قضايا التجارة ومصالح الدنيا ‪.‬‬
‫قضايا الدين قضايا حق تقّرر مصير النسان في الدنيا والخرة ‪ .‬إنها كلها‬
‫تحمل الحقيقة الكبرى في الكون ‪ ،‬تحمل أكبر وأخطر قضّية في حياة كل‬
‫إنسان ‪ ،‬وأكبر قضّية وأخطرها في الكون كله ‪ ،‬دونها أي حقائق جزئية‬
‫أخرى ‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫لقد ظهرت الدعوة إلى حوار يدور بين رجال من المسلمين ورجال من‬
‫الديان الخرى قبل عقود ‪ ،‬تحت شعارات عدة ‪ .‬ولقد رافق هذا التجاه نماذج‬
‫متعددة من الدب نثرا ً أو شعرا ً تدعو إليه ‪ .‬وانتشرت شطرة من بيت شعر‬
‫تقول ‪ ... " :‬إن النصارى إخوة للمسلمين "!‬
‫ولقد نشط النصارى في بلد الشام خاصة نشاطا ً واسعا ً من خلل الدعوة‬
‫ددة استطاعت أن تتسلل إلى‬ ‫إلى هذا التقارب ‪ ،‬تدعمهم دول أجنبية متع ّ‬
‫قلب الخلفة السلمية من خلل هذا الدعم ‪ .‬ورافق هذه الدعوة دعوة أخرى‬
‫ترفع " العروبة " شعارا ً بدل ً من " السلم " ‪ ،‬ودعوة تنادي بأن ل يكون‬
‫دين تدخل في الحياة ‪ .‬ونالت هذه الدعوات إعلما ً واسعا ً جدا ً في الصحافة‬ ‫لل ّ‬
‫والندوات والمظاهرات والناشيد ‪ .‬وحسبك هذا النشيد ‪:‬‬
‫ن‬
‫شام ِ ‪ii‬ل ِب َْغدا ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫ْ‬
‫صَر ‪ii‬فَت َطوا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫إلى ِ‬
‫فّرُقنا‬ ‫ن ‪ii‬ي ُ َ‬ ‫ول ِدي ٌ‬
‫ن ‪...‬‬ ‫سا ِ‬ ‫ن وغ ّ‬ ‫ب ِعَد َْنا ٍ‬
‫ب أْوطاني‬ ‫َ‬
‫‪ ...‬بلد ُ العُْر ِ‬
‫ن‬‫جد ٍ إلى ‪َii‬يم ٍ‬ ‫ن نَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫و ِ‬
‫عد َُنا‬‫فل حد ّ ‪ii‬ي َُبا ِ‬
‫مُعنا‬‫ج َ‬
‫ضاد ِ ‪ii‬ي َ ْ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫لسا ُ‬
‫وغّنى المسلمون هذا النشيد ورّددوه في كثير من أصقاعهم ‪ ،‬وغّناه الطفال‬
‫في مدارسهم ‪ .‬وتنازل الكثيرون عن إسلمهم ‪ ،‬ولم يتنازل النصارى عن‬
‫سكا ً بها ‪ ،‬وارتباطا ً مع القوى النصرانّية الوروبّية‬‫نصرانيتهم بل زادوا تم ّ‬
‫صبون لدينهم ‪ ،‬يتهمون المسلمين‬ ‫والمريكية ‪ .‬وفي الوقت نفسه ‪ ،‬وهم يتع ّ‬
‫دق كثير من المسلمين هذه الفرية ‪ ،‬ويحاولون أن‬ ‫صب الطائفي ‪ .‬وُيص ّ‬ ‫بالتع ّ‬
‫يتبرؤوا منها ولو بالتنازل عن بعض خصائص السلم وقواعده ‪ ،‬والمشاركة‬
‫ببعض عادات النصارى ‪ ،‬والنصارى يزدادون تعصبا ً لدينهم ‪.‬‬
‫وكان من أخطر نتائج هذه الدعوات المتلحقة بزخارفها القومّية والقليمّية‪،‬‬
‫والعلمانّية ‪ ،‬أن تسّللت أفكار التنازل شيئا ً فشيئا ً إلى قلوب بعض المسلمين ‪،‬‬
‫وأخذت تظهر على ألسنتهم بين حين وآخر ‪ ،‬يدعون بها إلى تنازلت واضحة‬
‫عن بعض قواعد السلم ‪ ،‬وإلى تقارب مع بعض الديان الخرى كالنصارى‬

‫‪6‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وغون بها دعواهم ‪،‬‬ ‫وغيرهم‪ ،‬وأخذ هؤلء يحاولون البحث عن قواعد فقهية يس ّ‬
‫زلون اليات والحاديث على غير معناها الحق ‪ ،‬ويتهمون المسلمين بأنهم‬ ‫وي ُن ْ ِ‬
‫ن الخر هو الذي ل يعترف‬ ‫ل يعترفون بالخر ‪ ،‬خلف الحقيقة التي تقول إ ّ‬
‫بالمسلمين وأن المسلمين هم المعتدى عليهم ‪.‬‬
‫كان من بين الدعاة من أخذ يدعو إلى عدم الصرار على كلمة " الجزية "‬
‫التي تؤخذ من أهل الكتاب ‪ ،‬ويدعون إلى تغيير اسمها مراعاة لشعور‬
‫مة ‪ ،‬والبعض الخر يدعو إلى زواج المسلمة من‬ ‫النصارى أو أهل الكتاب بعا ّ‬
‫نصراني أو يهودي ‪ ،‬وإمامة المرأة للرجال في الصلة تحت شعار مساواة‬
‫المرأة بالرجل ‪....‬الخ‪ ،‬وأخذ بعضهم يدعوا إلى المساواة بين النصارى‬
‫والمسلمين في أمور أخرى بتحريف آيات الله وأحاديث رسوله ‪ . r‬يدعون‬
‫ص الصريح في الكتاب والسّنة ‪.‬‬ ‫إلى المساواة فيما هو مخالف للن ّ‬
‫ومن خلل هذه التجاهات أخذت تتزايد الدعوة إلى تقارب الديان وإلى‬
‫وغات لهذه الدعوة بين حين وآخر ‪ .‬واتخذت‬ ‫الحوار بين رجالها وتطرح المس ّ‬
‫خطوات عملية في لقاءات بين بعض علماء المسلمين وبين بعض علماء أهل‬
‫الكتاب ‪ ،‬بالضافة إلى زيارات إلى الفاتيكان تحت هذا الشعار ‪ .‬من الصعب‬
‫م في هذا الصدد ‪ ،‬ولكن نذكر ما صّرح به أحد العلماء الذين‬ ‫ل ما ت ّ‬ ‫أن ن َذ ْ ُ‬
‫كر ك ّ‬
‫ن البابا قال لهم ‪ :‬نحن ل نعترف بمحمد ‪r‬‬ ‫زار الفاتيكان من أجل الحوار أ ّ‬
‫رسول ً من عند الله ‪ .‬ويتساءل هذا بعد ذلك ‪ :‬فلماذا الحوار إذن ؟! وأقول‬
‫له ‪ :‬اسأل نفسك لماذا هذا الحوار ! وليس هذا هدفنا بهذه الكلمة ‪ ،‬ولكن‬
‫مة بما ُيرضي الله ‪.‬‬ ‫وغاته والنصح لل ّ‬ ‫هدفنا هو مناقشة المبدأ ومس ّ‬
‫جلها هي أنه في الوقت الذي يدعو فيه بعض‬ ‫النقطة الولى التي يجب أن نس ّ‬
‫المسلمين إلى الحوار والتقارب مع الديان الخرى ‪ ،‬نجد الدعوة إلى الحوار‬
‫بين المسلمين أنفسهم وإلى تقاربهم دعوة ضعيفة ‪ ،‬أو نجد أنها ُتقاوم أو غير‬
‫مرغوب فيها نفسي ّا ً ول عملي ّا ً ‪ ،‬مع أّنها هي الْولى !‬
‫والنقطة الثانية هي أن هذه الدعوات تدور وصفوف أهل الكتاب أكثر تماسكا ً‬
‫وصفوف المسلمين أكثر فرقة ‪ .‬وهذه الظاهرة جعلت أهل الكتاب يتعاملون‬
‫ذي تعاونهم فيما بينهم لتحقيق‬ ‫مع المسلمين على أساس من نهج وتخطيط ُيغ ّ‬
‫طلها اختلف أطماعهم على الغنائم من‬ ‫أهداف عليا التقوا عليها ‪ ،‬ول يع ّ‬
‫ثروات العالم السلمي ‪ .‬وفي الوقت نفسه ل يحمل المسلمون نهجا ً ول‬
‫خطة يلتقون عليها لتحقيق أهدافهم الرّبانّية التي تغيب في عجاج الخلف‬
‫والشقاق ‪.‬‬
‫عندما يأتي رجال الدين من أهل الكتاب إلى الرجل المسلم ‪ ،‬فإنهم ل يأتون‬
‫فهم ‪ ،‬وإنما يأتون من خلل توجيه ونهج يخدم‬ ‫بوازع فردي معزول عن ص ّ‬
‫فهم ‪ .‬وأما المسلم حين‬ ‫أهدافهم المعلنة وغير المعلنة ‪ ،‬ويقف وراءهم ص ّ‬
‫يستقبل منهم أحدا ً ينكشف عندئذ غياب التخطيط ‪ ،‬وينكشف تباين الراء‬
‫ويظهر التراجع أو الوهن ‪ ،‬وينكشف أنه وحده يحمل هواه ل قضية أمته‬
‫ودينه ‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫والنقطة الثالثة هي أن بعض قواعد السلم تغيب أحيانا ً في ضباب هذه‬


‫الدعوات وغموض مصطلحاتها ‪ ،‬حتى إن بعض اليات أو الحاديث ُترّدد هنا‬
‫جة لقول القائل ‪ ،‬وتكاد توحي بسلمة هذه الحجة ‪ ،‬حتى إذا د ُِرست‬‫وهناك كح ّ‬
‫الية أو الحديث وعرفت المناسبة وفقُهها تغّيرت الصورة كلها ‪ ،‬وتغّير الفقه‬

‫‪7‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫والحكم ‪.‬‬
‫ه السلم ما يراه‬ ‫ق َ‬ ‫مل السلم وفِ ْ‬ ‫ّ‬
‫والنقطة الرابعة هي أنه ل يحل لنا أن نح ّ‬
‫البعض من آراء تحت ضغط واقع المسلمين اليوم من وهن وهزائم واستسلم‬
‫في كثير من المواقع ‪ .‬هنالك أمور غير قليلة في واقع المسلمين يفرضها‬
‫مس من بين اليات والحاديث‬ ‫عليهم الواقع‪ ،‬فلماذا يحاول البعض أن يتل ّ‬
‫وغات تزيدنا إثما ً على إثم ‪ ،‬وتزيدنا اندفاعا ً في مسلسلت التنازل ‪ ،‬وتزيد‬ ‫مس ّ‬
‫من الخدر في عروق المسلمين ‪.‬‬
‫ل ننكر أننا نحن المسلمين اليوم في ظلمة شديدة وفواجع وهزائم ‪ .‬وإننا‬
‫نحاول الخروج من هذا الظلم وقد اضطرب الميزان في أيدينا وغلبت الهواء‬
‫والمصالح ‪ ،‬وأصبحت النجاة التي يُرومها الكثيرون هي السلمة في الدنيا ‪،‬‬
‫ناسين أمر الخرة أو غافلين عنه ‪ ،‬وأنه لم يعد هو المعنى الحقيقي للنجاة ‪.‬‬
‫الكثيرون يريدون الخلص من الفقر ومن خطر القتل والبادة ‪ ،‬ومن العدوان‬
‫والظلم ‪ ،‬خلصا ً ل ُينجي من عذاب الخرة ‪.‬‬
‫ن النجاة من أهوال الدنيا‬ ‫ن إلى بعض النفوس بأ ّ‬ ‫فتوحي شياطين النس والج ّ‬
‫م تبّني أفكارهم ‪ ،‬ثم الدعوة‬ ‫هي في مجاملة أعداء الله أو الركون إليهم ‪ ،‬ث ّ‬
‫ن هذا هو باب النجاة من صروف الدنيا‬ ‫ن الكثيرون أ ّ‬ ‫إليها نيابة عنهم ‪ .‬لقد ظ ّ‬
‫ل يعلن عن موالته أو‬ ‫وعدوان الظالمين ‪ .‬فهرعوا يتسابقون إلى ذلك ‪ ،‬ك ّ‬
‫سّره ويعلن غيره‪ .‬لقد غاب عن بال هؤلء أن أعداء الله يعرفون السلم ‪،‬‬ ‫يُ ِ‬
‫وأن لديهم أناسا ً متخصصين لذلك ‪ ،‬وأنهم يعلمون علم اليقين أن السلم‬
‫دعونه‪.‬‬ ‫يناقض ما ي ّ‬
‫عندما يرى هؤلء أن بعض المسلمين قد أخذوا يتنازلون عن بعض قواعد‬
‫فون الجهاد ومعانيه ‪ ،‬ويبرزون‬ ‫خ ُ‬
‫دينهم ‪ ،‬أو إخفاء بعضها الخر ‪ ،‬وأنهم ي ُ ْ‬
‫وهين بذلك حقائق السلم ‪ ،‬وفاصلين بعضها عن بعض ‪،‬‬ ‫السلم وأمانيه ‪ ،‬مش ّ‬
‫فإنهم حين يفعلون ذلك يخسرون احترام هؤلء العداء ‪ ،‬ويخسرون نصر الله‬
‫وتأييده ‪ ،‬فيخسرون بذلك الكثير الكثير ‪ ،‬ويخسرون أسباب النجاة والنصر ‪.‬‬
‫أولئك الذين يركنون إلى أعداء الله يخسرون كل شيء ‪ .‬واستمع إلى قوله‬
‫سبحانه وتعالى ‪:‬‬
‫صيٌر * َول‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫)َفاستقم ك َ ُ‬
‫ن بَ ِ‬ ‫ملو َ‬ ‫ما ت َعْ َ‬ ‫ه بِ َ‬‫وا إ ِن ّ ُ‬ ‫معَك َول ت َطغَ ْ‬ ‫ب َ‬ ‫ن َتا َ‬ ‫م ْ‬‫ت وَ َ‬ ‫مْر َ‬ ‫ما أ ِ‬ ‫ْ َِ ْ َ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مل‬ ‫ُ‬
‫ن أوْل َِياَء ث ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ن اللهِ ِ‬ ‫ن ُدو ِ‬ ‫م ْ‬‫م ِ‬ ‫ُ‬
‫ما لك ْ‬ ‫م الّناُر وَ َ‬ ‫ُ‬
‫سك ُ‬ ‫م ّ‬ ‫َ‬
‫موا فت َ َ‬ ‫ن ظل ُ‬ ‫ذي َ‬‫ت َْرك َُنوا إ َِلى ال ِ‬
‫ّ‬
‫ن ( ] هود ‪[113-112 :‬‬ ‫صُرو َ‬ ‫ت ُن ْ َ‬
‫وأخيرا ً أتساءل وأدعو غيري ليتساءل ويفكر ‪ :‬هل ُيعقل أن يبعث الله لعباده‬
‫أديانا ً مختلفة تتصارع فيما بينها ‪ ،‬والله يريد أن يهدي عباده إلى الحق الذي ل‬
‫دل ؟! فالدين عند واحد هو السلم دين نوح وإبراهيم وموسى وعيسى‬ ‫يتب ّ‬
‫وجميع النبياء والرسل ‪ ،‬دين واحد ‪:‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ما‬
‫ن ب َعْد ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ِإل ِ‬ ‫ن أوُتوا الك َِتا َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ف ال ِ‬ ‫خت َل َ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫م وَ َ‬ ‫سل ُ‬ ‫عن ْد َ الل ّهِ ال ِ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫دي َ‬‫ن ال ّ‬ ‫) إِ ّ‬
‫ب ( ] آل‬ ‫سا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ْ‬
‫ريعُ ال ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬
‫ن الل َ‬ ‫ت اللهِ فَإ ِ ّ‬ ‫ّ‬ ‫فْر ِبآَيا ِ‬ ‫ْ‬
‫ن ي َك ُ‬ ‫م ْ‬ ‫م وَ َ‬ ‫ً‬
‫م ب َْغيا ب َي ْن َهُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫م العِل ُ‬ ‫جاَءهُ ُ‬ ‫َ‬
‫عمران ‪[19 :‬‬
‫وكذلك ‪:‬‬
‫ن(‬ ‫ري َ‬ ‫س ِ‬
‫خا ِ‬ ‫ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫م َ‬ ‫خَرةِ ِ‬ ‫ه وَهُوَ ِفي ال ِ‬ ‫من ْ ُ‬‫ل ِ‬ ‫قب َ َ‬ ‫ن يُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ً‬
‫سلم ِ ِدينا فَل ْ‬ ‫ن ي َب ْت َِغ غَي َْر ال ْ‬ ‫م ْ‬‫) وَ َ‬
‫] آل عمران ‪[85 :‬‬
‫ّ‬
‫هذا هو الحقّ من عند الله يقبله القلب ويؤمن به ‪ .‬وإلى ذلك ندعو ونبلغ‪،‬‬
‫ونعلن بصورة حاسمة فاصلة !‬
‫فالسلم أعطى لهل الكتاب من يهود ونصارى حقوقهم العادلة في ظلّ‬
‫ل من السلم ‪.‬‬ ‫م ول أعد َ‬ ‫حكم السلم ‪ .‬ولم يجدوا في تاريخهم كله أرح َ‬

‫‪8‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ولكن الفتنة تقلب الحقائق وتتيه بها النفوس ‪ ،‬وتثور العصبيات الجاهلية‬
‫لتحرف الناس عن دين الله الحق الواحد ‪ ،‬دين السلم‬

‫)‪(4 /‬‬

‫مؤتمن على صندوق ويأخذ منه‬


‫المجيب ‪ ...‬أ‪.‬د‪ .‬سعود بن عبدالله الفنيسان‬
‫عميد كلية الشريعة بجامعة المام محمد بن سعود السلمية سابقا ً‬
‫التصنيف ‪ ...‬الفهرسة‪ /‬المعاملت‪/‬الوديعة والعارية‬
‫التاريخ ‪5/4/1424 ...‬هـ‬
‫السؤال‬
‫ً‬
‫أعمل في وحدة عسكرية أمين صندوق‪ ،‬وآخذ أحيانا من المبلغ الذي‬
‫بالصندوق‪ ،‬مع العلم أن المسؤول عني قد أعطاني الضوء الخضر بذلك‪ ،‬ومع‬
‫أنه لم تتم مساءلتي عن أي شيء بخصوص النقص الذي يحصل بالصندوق‬
‫أحيانًا‪ ،‬وأنا في حالة العجز؛ بل يتم تصحيح الوضع عن طريق المسؤول عني‪،‬‬
‫وتنتهي )السالفة( دون أي شيء يذكر‪ ،‬وأعمل أمينا ً للصندوق منذ أربع‬
‫سنوات تقريبًا‪ ،‬وقد أخذت منه مبالغ كبيرة‪ ،‬ما رأي سماحتكم في ذلك‪،‬‬
‫وجزاكم الله ألف خير‪.‬‬
‫الجواب‬
‫عملك هذا حرام ل يجوز لك بأي حال‪ ،‬ومسؤولك المباشر الذي أعطاك‬
‫الضوء الخضر شريك لك في الثم ول شك‪ ،‬فأنت قد أخذت مال ً بغير حق‪،‬‬
‫وغذيت به نفسك وأهلك وولدك‪ ،‬وفي الحديث ‪" :‬إنه ل يربو لحم نبت من‬
‫سحت إل كانت النار أولى به" رواه الترمذي )‪ (614‬من حديث كعب بن‬
‫عجرة – رضي الله عنه‪ ، -‬ولكن من رحمة الله أن الذنوب مهما عظمت‬
‫م‬
‫سهِ ْ‬‫ف ِ‬ ‫سَرُفوا عََلى أ َن ْ ُ‬ ‫عبادي ال ّذي َ‬
‫نأ ْ‬ ‫ل َيا ِ َ ِ َ ِ َ‬ ‫تكفرها التوبة الصادقة‪ ،‬قال تعالى‪" :‬قُ ْ‬
‫م"‬ ‫حي ُ‬ ‫فوُر الّر ِ‬ ‫ْ‬
‫ه هُوَ الغَ ُ‬ ‫ً‬
‫ميعا إ ِن ّ ُ‬ ‫ج ِ‬‫ب َ‬ ‫فُر الذ ُّنو َ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه ي َغْ ِ‬ ‫مةِ الل ّهِ إ ِ ّ‬
‫ح َ‬
‫ن َر ْ‬
‫م ْ‬ ‫قن َ ُ‬
‫طوا ِ‬ ‫ل تَ ْ‬
‫م‬ ‫ً‬
‫صاِلحا ث ُ ّ‬ ‫ل َ‬‫م َ‬ ‫ن وَعَ ِ‬‫م َ‬ ‫ب َوآ َ‬ ‫ن َتا َ‬‫م ْ‬‫فاٌر ل ِ َ‬ ‫َ‬
‫]الزمر‪ ،[53:‬ويقول سبحانه‪" :‬وَإ ِّني لغَ ّ‬
‫دى" ]طه‪ ،[82:‬ويقول النبي – صلى الله عليه وسلم – ‪" :‬التوبة تجب ما‬ ‫اهْت َ َ‬
‫قبلها" ذكره اللباني في السلسلة الضعيفة )‪ (1039‬ولعل الذي جّرأك‬
‫وصاحبك على هذه الفعلة أن ما في الصندوق مال عام ليس لحد بعينه‪،‬‬
‫حيث كل موظف يأخذ استحقاقه‪ ،‬ولكن الحق بخلف ذلك‪ ،‬فإن الخذ من‬
‫المال العام أعظم من الختلس والسرقة من المال الخاص لحاد الناس‪،‬‬
‫فالريال الواحد من هذه السلفة المتبقية في الصندوق حق مشاع لكل‬
‫منسوبي هذه الدائرة دون تخصيص أحد بعينه‪ ،‬ومن لزم صدق التوبة إعادة‬
‫الحق إلى محله‪ ،‬فعليك أن تعيد المبالغ التي أخذت بغير حق إلى الصندوق‪،‬‬
‫فإن كان يلحقك وصاحبك أذى أو ضررا ً بذلك لكتشاف المر؛ فلتحاول أن‬
‫تقدما بقيمة المبلغ من العيان ما قد تحتاج إليه هذه الدائرة كتبرع‪ ،‬وإن تعذر‬
‫ذلك فأخرجه إلى الفقراء والمساكين‪ ،‬ويكفيك أن تدفعه إلى الجمعيات‬
‫الخيرية؛ كجمعية تحفيظ القرآن‪ ،‬أو البر ونحو ذلك‪ ،‬وعليكما بالتوبة النصوح‬
‫قبل أن يأتيكما الموت فتندمان‪ ،‬ولت ساعة ندم‪ .‬أحسن الله لنا ولكم‬
‫الختام‪ ،‬أمين‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫‪9‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫مؤسسات العمل السلمي والتنمية البشرية‬


‫د‪ .‬خالد بن عبدالرحمن العجيمي*‬
‫مفهوم مؤسسات العمل السلمي‬
‫أول ً ‪ :‬العمل المؤسسي ‪ :‬القصد من المؤسسة هو تأطير العمل الجماعي‬
‫الذي تقوم به مؤسسة ذات شخصية اعتبارية تبني هيكلها على أساس‬
‫اللتزام بمبدأ الشورى وتوزيع العمال والتخصصات ‪ ،‬ووضع السياسات‬
‫والبرامج والصلحيات الدارية والمالية على مجالسها الدارية ولجانها الفرعية‬
‫المتخصصة مع فرق العمل الميداني المتكاملة ‪.‬‬
‫ً‬
‫من هذا التعريف تخرج المؤسسة من مفهوم العمل الفردي الذي غالبا ما‬
‫يتسم بالضعف وسوء التخطيط والرتجال والفردية ‪ .‬وقد أثبتت تجارب العمل‬
‫السلمي أن الفردية في إدارة كثير من العمل الدعوي والتنموي هي السائدة‬
‫‪ .‬بل قد تستبد الفردية أحيانا بكامل المؤسسة فيصير أمرها إلى فرد واحد‬
‫مستقل عن رأي الجماعة وشورى المؤسسة مما يولد النفرة بين القلوب ن‬
‫ويفضي إلى التنازع والفشل ‪.‬‬
‫وبالجملة فإن إشاعة ثقافة العمل المؤسسي هي العاصم من تضخم الفردية‬
‫والعشوائية والرتابة ‪.‬‬
‫ومن النقاط التي ينبغي مراعاتها لقيام العمل المؤسسي ‪:‬‬
‫وضع هيكل تنظيمي محكم ‪.‬‬
‫تحديد الواجبات والحقوق والصلحيات الدارية والتنفيذية ‪.‬‬
‫التدريب على العمل المؤسسي وإشاعة ثقافة العمل الجماعي ‪.‬‬
‫إشاعة روح الحوار والتناصح والتقويم الدوري المستمر ‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬مؤسسات العمل السلمي ‪:‬‬
‫نشأت مؤسسات العمل السلمي لسد الفجوة في مجالت العمل الدعوى‬
‫النساني والجتماعي والثقافي والتربوي ‪ .‬ففي الجانب الغاثي وهو الجانب‬
‫النساني الذي يعد الركيزة الولى للعمل الخيري ويتمثل في تقديم الغاثة‬
‫العاجلة ‪ ،‬وإعانة الفقراء ‪ ،‬وحفر البار وتقديم الخدمة العلجية وغيرها من‬
‫العمال النسانية ‪ ،‬أما الجانب الذي يتعلق بالناحية الجتماعية والتربوية‬
‫والثقافية والدعوية فيتمثل في كفالة اليتام ‪ ،‬وإنشاء المدارس ‪ ،‬وبناء‬
‫المساجد والمراكز السلمية ‪ ،‬وكفالة طلب العلم ‪ ،‬وطباعة المصحف‬
‫ونشره ‪ ،‬وطباعة وتوزيع الكتب النافعة ‪ .‬كذلك تهتم المؤسسات السلمية‬
‫بإقامة الدورات الشرعية وتسيير القوافل الدعوية ‪.‬‬
‫وبصفة عامة فإن المؤسسات تسعى عبر نشاطاتها المتنوعة إلى تقوية‬
‫اليمان في نفوس المسلمين وذلك عن طريق تعليمهم أمور دينهم عقيدة‬
‫وشريعة وتحصينهم ضد الدعوات الضالة والمناهج المنحرفة والنظريات‬
‫الباطلة ‪.‬‬
‫كما تحرص المؤسسات بشكل استراتيجي على الوقوف إلى جوار ضعفاء‬
‫المسلمين عند نزول المحن والمصائب والكوارث كالفيضانات والمجاعات‬
‫والحروب والوبئة الفتاكة حيث تقدم العون الغاثي فتواسي آلم المصابين‬
‫وتداوي جراحهم ‪ ،‬وتخفف مصابهم ‪.‬‬
‫كما تهدف المؤسسات إلى توسيع دائرة المنتمين للسلم بدعوة غير‬
‫المسلمين إلى الدخول في السلم ‪.‬‬
‫هذا وتتخذ المؤسسات السلمية وسائل متنوعة وأساليب متعددة مما يحقق‬
‫في المحصلة النهائية تكامل الجهود وتناسق العطاء وتأكيد بعضه بعضا ‪،‬‬
‫فالتنوع في الساليب ل يخلق تنافرا ً بل يؤسس تكامل ً وتعاونا ً وتعاضدا ً خاصة‬

‫‪10‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫إذا حرص القائمون على المؤسسات على تبادل الخبرات والمعلومات ‪ ،‬وسد‬
‫الثغرات هنا وهناك سواء كان ذلك بالمال إذا دعا الحال ‪ ،‬أو بالفكرة والتوجيه‬
‫والرأي ‪ ،‬خاصة في أوقاتنا الحرجة هذه بسبب توالي المصائب وكيد العداء ‪،‬‬
‫وقلة النصير ‪.‬‬
‫لكل ذلك فإن المؤسسات السلمية تقوم بجهود مباركة ل تخطئها العين‬
‫المنصفة ‪ ،‬غير أن النقص من طبيعة البشر ‪ ،‬والكمال لله وحده ‪ ،‬لذلك فإن‬
‫مؤسساتنا السلمية يجب ان تسلك وتشجع ثقافة المراجعة والنقد الهادف ‪،‬‬
‫لتصحح مسارها وتجدد حياة فكرها وشعورها ‪ ،‬لتصبح خيارا ً مشجعا ً للبلد‬
‫التي تعمل فيها ‪ ،‬والشعوب التي تستهدفها بالدعوة والعمل الخيري ‪ ،‬خاصة‬
‫في ظروف المتغيرات الحالية والمتوقعة مما يطلب خططا ً متجددة وبرامج‬
‫ذكية تخرج بها من ضيق البلء إلى سعة الرجاء ‪.‬‬
‫ثالثًا‪:‬‬
‫مفهوم تنمية الموارد البشرية‬
‫لقد وردت تعريفات كثيرة لمفهوم تنمية الموارد البشرية كل مفهوم منها‬
‫يركز على جانب ويغفل جوانب أخرى فهناك تنمية الموارد البشرية في‬
‫الجانب القتصادي والجتماعي والداري والثقافي والستثماري ‪.‬‬
‫وقد قام الدكتور جمال محمد أحمد عبده باستقصاء معنى التنمية الواردة في‬
‫القرآن الكريم فوجد الباحث باستقصائه مرادفات كثيرة للفظ التنمية ورد‬
‫منها في القرآن الكريم أحد عشر مرادفا ً بالضافة إلى ما ورد في السنة‬
‫الصحيحة ‪. 1‬‬
‫أول المرادفات التي حصل عليها هي ) التزكية ( قال تعالى ) خذ من أموالهم‬
‫صدقة تطهرهم وتزكيهم بها ( ‪. 2‬‬
‫أما ثاني المرادفات فهو )النبات ( قال تعالى ) قتقبلها ربها بقبول حسن‬
‫وانبتها نباتا ً حسنا ( ‪.1‬‬
‫أما ثالث المرادفات هو ) التربية ( قال تعالى ) وقل رب أرحمهما كما ربياني‬
‫صغيرا (‪. 2‬‬
‫ورابع المرادفات هو ) التكثير ( قال أو ) التكاثر( قال تعالى ) أعلموا إنما‬
‫الحياة الدنيا لعب ولهو وزينة وتفاخر بينكم وتكاثر في الموال والولد (‪.3‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫خامس المرادفات هو ) التثمير ( قال تعالى ) انظروا إلى ثمره إذا أثمر وينعه‬
‫(‪.4‬‬
‫سادس هذه المرادفات هو ) التنشئة ( قال تعالى ) ثم أنشأنا من بعدهم‬
‫قرونا ً آخرين (‪. 5‬‬
‫ومن خلل هذه المفاهيم حدد الدكتور جمال عبده مفهوم الموارد البشرية‬
‫في المنهج السلمي بقوله " كل أفراد المجتمع السلمي هم من الموارد‬
‫البشرية ‪ ،‬الكامنة والفاعلة في آن واحد ‪ ،‬إذ إن لكل منهم وجهين ‪ ،‬أحدهما‬
‫يكون فيه موردا ً كامنا تنميته والخر يكون فيه فاعل " لتحقيق أهداف‬
‫المجتمع النهائية ) الهدف من وجود النسان (‪ 6‬والهداف النسانية ) عمران‬
‫الرض وأداء الحقوق (‪7‬‬
‫رابعا ً ‪:‬‬
‫أهمية تنمية الموارد البشرية في المنظمات الخيرية وأساليب تقييمها‬
‫وبناء على تعريف بعض الباحثين فإن العمل الخيري يحتاج إلى جميع أفراد‬

‫‪11‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المجتمع السلمي رجال ً ونساء شيبا ً وشبابا صغارا وكبارا في دعمه ماديا ً‬
‫ومعنويا ً ‪.‬‬
‫ومن هنا برزت أهمية توظيف العنصر البشري بكل فئاته وأنواعه وقدراته‬
‫واستعداداته وإمكاناته لخدمة العمل الخيري وتطويره والرتقاء به لسد‬
‫احتياجات المسلمين من جميع الجوانب القتصادية والتعليمية والتربوية‬
‫والصناعية والزراعية والجتماعية والصحية ‪ .‬لذلك فالعنصر البشري يعد من‬
‫أغنى الموارد التي تملكها المنظمة لن قوة أي منظمة تستمد من قوة‬
‫رجالها لمن قوة خططها أو لوائحها أو أنظمتها أو مواردها المالية ول سيما‬
‫إذا وجدت القوى البشرية المدربة التي تستطيع تسخير هذه المكانات‬
‫لتحقيق أهداف المنظمة الخيرية وقد " أصبحت الدارة الحديثة مؤمنة بأنه إذا‬
‫كان نجاح المنظمة مرهونا بتحقيق أهدافها فإن أفراد القوى العاملة هم‬
‫الوسيلة لتحقيق هذه الهداف ‪ ،‬وحتى تزدهر وتتطور المنظمة فإن عليها أن‬
‫تعيد ترتيب أولوياتها وان تتبنى مدخل ً بناء وفعال لدارة الموارد البشرية يقوم‬
‫على تكوين فريق متكامل من العاملين لديهم الخبرة والمهرة ولديهم أيضا‬
‫الرغبة الختيارية في العمل بكفاءة ويتوفر لديهم الحافز لرفع كفاءتهم‬
‫النتاجية ويشعرون بالرغبة في البقاء في المنظمة والولء لها ويتأكد ذلك‬
‫بأهمية سعي المنظمة للبقاء والمحافظة على قوة عاملة مستقرة وتقوية‬
‫جهود أعضائها بطريقة إيجابية وبناءة ‪1 .‬‬
‫وبناء على ذلك سنركز على تنمية نوعين من القوى البشرية التي لها صلة‬
‫وثيقة ومباشرة بالعمل الخيري وهذا ل يعني عدم اهتمامنا بباقي فئات‬
‫المجتمع ولكن لصلة هذين النوعين بالمنظمة الخيرية وعملها فهما في أشد‬
‫الحاجة إلي حسن توظيفهما والستفادة منهما للقيام بالعمل الخيري على‬
‫أكمل وجه ‪.‬‬
‫وهاتان الفئتان هما ‪:‬‬
‫فئة الموظفين‬
‫فئة المتطوعين‬
‫وسنفصل القول عند كل فئة حسب نوع عملها ومسؤولياتها والمهام‬
‫المطلوبة منها‬
‫ضرورة تطوير الموارد البشرية ‪:‬‬
‫وبناء على الحتياجات الفعلية للعمل الخيري التي تزداد يوما بعد يوم فإن‬
‫ذلك يتطلب إعداد كوادر بشرية قادرة على البداع والبتكار في مجال العمل‬
‫الخيري حتى تتعدد روافد العطاء لنه إذا لم يكن هناك إبداع في عرض‬
‫مشاريع العمل الخيري بمختلف صوره فلن يكون هناك إقبال من قبل الناس‬
‫لدعمه ماديا ً ومعنويا ً ‪ ،‬وحتى يظهر العمل الخيري بصورة مقبولة ومتحسنة‬
‫من الناس ويتركون دعم العمل الخيري ‪ .‬لذلك كان ل بد من الهتمام‬
‫بالعنصر البشري حتى يقدم العمل الخيري في صور وأشكال تتناسب مع‬
‫التطور الحاصل في مختلف الماكن والجوانب ‪.‬‬
‫وسائل التطوير ‪:‬‬
‫ولتطوير العنصر البشري والرتقاء بأدائه اليومي هنالك وسائل متعددة تتمثل‬
‫في التي ‪-:‬‬
‫التدريب ‪:‬‬
‫يعد التدريب جزءا من تنمية الموارد البشرية التي تهدف إلى زيادة‬
‫المعلومات وتنمية المهارات وتعديل التجاهات لدى الفئة العاملة في مشروع‬
‫ناجح ‪ ،‬وللسف فإن هذا الجانب التدريبي معطل لدى العاملين في العمل‬

‫‪12‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الخيري رغم تعاملهم مع مختلف شرائح المجتمع ‪.‬‬


‫‪ -1‬وللتدريب تعريفات كثيرة منها ) كل جهد إداري يؤدي إلي إمداد العاملين‬
‫بالتعليمات والرشادات والتوجيهات والمعلومات بالشكل أو السلوب الذي‬
‫يضمن إلمامهم بدقائق عمل معين وظروفه أو من شأنها أن تمدهم بمهارات‬
‫فنية أو علمية أو سلوكية تمهد المسيرة نحو تحقيق أهدافهم وأهداف‬
‫المنظمة( ‪2‬‬
‫وتعريف آخر هو ) تلك الجهود الهادفة إلى تزويد الموظف بالمعلومات‬
‫والمعارف التي تكسبه مهارة في أداء العمل أو تنمية وتطوير ما لديه من‬
‫مهارات ومعارف وخبرات بما يزيد من كفاءته في أداء عمله الحالي ‪ ،‬أو بعده‬
‫لداء أعمال ذات مستوى أعلي في المستقبل ‪1.‬‬
‫ونظرا للتطور والتوسع الهائل في مجال العمل الخيري ل بد من التدريب‬
‫حتى يتكافأ مع هذا التطور الجاري ورغم أن التدريب أصبح اليوم مكلفا ً ماديا ً‬
‫ويستغرق وقتا وجهدا ً كبيرين إل أن المنظمات الخيرية بحاجة ماسة إليه وقد‬
‫شعرت بعض المنظمات الخيرية بأهميته فأنشأت ‪ 0‬إدارة التدريب ( للهتمام‬
‫بأداء العاملين فيها وتنميتهم ‪.‬‬
‫ب‪ -‬أهداف التدريب في العمل الخيري ‪:‬‬
‫للتدريب أهداف متعددة تبرز في التي ‪-:‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫إحداث تغيير في طبيعة الفرد بما يحقق أهداف المنظمة ‪.‬‬


‫تأهيل العامل في المجال الخيري لمواجهة التحديات الخارجية وفهم طبيعة‬
‫هذه التحديات ‪.‬‬
‫تحقق توزيع العاملين في المنظمة بوضع الرجل المناسب في المكان‬
‫المناسب ‪.‬‬
‫التخلص من حدة الشراف إذ أن التدريب يمكن النسان من القيام بعمله‬
‫على أحسن وجه مما يجعله أقل حاجة للشراف عليه ‪.‬‬
‫الكشف عن الفكار الجديدة والساليب المستخدمة في العمل ‪.‬‬
‫تسهيل مهمة الشراف على العاملين ومن ثم توجيههم بالطرق المناسبة‬
‫وذلك لما يفعله التدريب في الكشف عن مواطن القوة والضعف عند هؤلء‬
‫العاملين ‪.‬‬
‫توطيد العلقة بين العاملين بعضهم ببعض وبينهم وبين رؤسائهم ‪.‬‬
‫زيادة كفاءة العاملين مما يفتح أمامهم فرص الترقي ويرفع معنوياتهم‪.‬‬
‫تمكينهم من أداء أعمالهم بكفاءة حتى في حالة تغيير المديرين ‪.‬‬
‫زيادة مهارات العاملين ومن ثم زيادة إنتاجهم ‪.‬‬
‫ترشيد العادات السلوكية وتطوير القيم عند العاملين لنكفل لهم المحافظة‬
‫على توازنهم النفسي ‪.‬‬
‫ولهذا فالعامل الجيد في العمل الخيري ربما توافر فيه المهارات المطلوبة‬
‫لداء واجبه على النحو المطلوب وحتى العامل ذو الخبرة السابقة فالول‬
‫تجعله مؤهل ً لنجاز أعماله بطريقة فعالة والثاني تجعله مطلعا ً على أحداث‬
‫التقنيات والمعلومات في عمله فهي تطور معلوماتهم وتنمي قدراتهم‬
‫ولسيما العاملين في المجال الخيري كي يقدموا خدمات للمجتمع المحلي‬
‫والعالمي أجمع لنهم في حاجة إلى تدريب أكثر من غيرهم ولنهم يتعاملون‬
‫مع جميع فئات المجتمع‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ج‪ -‬الدورات المقترحة في العمل الخيري ‪:‬‬


‫مهارات كتابة التقارير ‪.‬‬
‫فن توزيع الغذية والدوية في موقع الكارثة ‪.‬‬
‫إعداد تكاليف ميزانية الغاثة ‪.‬‬
‫فن جمع التبرعات ‪..‬‬
‫مهارات إدارة المنظمات الخيرية ‪.‬‬
‫كيفية التعامل مع المتطوعين ‪.‬‬
‫إدارة الجتماعات ‪.‬‬
‫بناء فريق العمل ‪.‬‬
‫فن اللقاء والتحدث العام ‪.‬‬
‫مهارات تشخيص المشكلت واتخاذ القرارات ‪.‬‬
‫مهارات التصال الفعال ‪.‬‬
‫مهارات إدارة المشاريع الخيرية ومتابعتها ‪.‬‬
‫فن إعداد البرنامج الخيري للمجتمع ‪.‬‬
‫مهارات إقامة المعارض الخيرية‪.‬‬
‫وهذه المثلة على سبيل المثال ل الحصر ويمكن للمنظمة ان تنسج على‬
‫منوالها حسب الحتياج ‪.‬‬
‫د‪ -‬الزيارات الميدانية ‪:‬‬
‫الزيارة الميدانية هي ) جولة مخطط لها بعناية لمكان خارج نطاق مكان‬
‫التدريب الساسي وتهدف الزيارة إلى إتاحة الفرصة للمتدربين للمشاهدة‬
‫المباشرة للشياء والعمليات والمواقف التي ل يمكن نقلها أو إنتاج مثيل لها‬
‫في مكان التدريب ‪1‬‬
‫ويمكن للمنظمة الستفادة من الزيارة الميدانية بإتاحة الفرصة للموظفين‬
‫بزيارة أماكن النكبات والكوارث أو المخيمات أو المشاريع المختلفة للمنظمة‬
‫ليشاهد بنفسه على أرض الواقع حقيقة ما يحدث فيساعد ذلك في حصوله‬
‫على المعلومات والخبرات بطريقة واقعية ملموسة ‪ ،‬يصعب إحضار هذه‬
‫الواقعة بمكانها وزمانها إلى مكان التدريب ‪ .‬وهذا يتيح له ربط النظريات‬
‫بالتطبيق الفعلي فهذه الزيارات تنمي شخصيته وتوسع مداركه وتزيد من‬
‫خبرته وتطلعه على حقيقة الموقف وكيفية معالجته فعليا ً بالضافة إلى‬
‫إكسابه القدرة على التصرف السليم واتخاذ القرار إذا صادفه موقف مماثل‬
‫في مكان أخر ‪.‬‬
‫هـ ‪ -‬دراسة حالة ‪:‬‬
‫هي دراسة مشكلة حقيقية مرت بها المنظمات الخيرية من خلل تعاملها مع‬
‫الحداث والنكبات ومن ثم التغلب عليها ‪ .‬ويمكن دراسة هذه الحالة من خلل‬
‫تنظيم حلقة تضم عددا من موظفي المنظمة الخيرية المراد تطويرهم ‪،‬‬
‫فيوزع عليهم تقرير شامل عن هذه المشكلة المراد مناقشتها ويحتوي التقرير‬
‫على صورة واقعية ودقيقة لهذه المشكلة مبينا ً كيف تم حلها ن ثم يقوم‬
‫موظفو المنظمة بقراءة هذا التقرير ومناقشته من جميع الجوانب وإبداء‬
‫آرائهم حوله‪.‬‬
‫ومن مميزات هذه الطريقة ‪:‬‬
‫تنمية قدرة موظفي المنظمة على المناقشة المتعمقة لحداث المشكلة ‪.‬‬
‫تكوين القدرة لدى موظف المنظمة على حل المشكلت بطريقة علمية‬
‫صحيحة ‪.‬‬
‫تنمية القدرة لديهم لتخاذ القرار في مواقف مماثلة ‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫د‪ -‬العصف الذهني ‪:‬‬


‫تعرف اجتماعات العصف الذهني على أنها وسيلة للحصول على اكبر عدد‬
‫ممكن من الفكار من مجموعة من الشخاص خلل فترة زمنية قصيرة ‪.‬‬
‫ويتضمن هذا التعريف ثلثة عناصر هي ‪:‬‬
‫عدد كبير من الفكار ‪.‬‬
‫مجموعة من الشخاص ‪ :‬يفضل أل يزيد عدد الشخاص المجتمعين لعرض‬
‫الفكار عن أثني عشر شخصا‬
‫الوقت القصير ‪ :‬فإنه لن يستغرق هذا النوع من الجتماعات وقتا طويل ً حيث‬
‫تتوارد الفكار في مثل هذه الجتماعات بمعدل يصل إلي مائة فكرة كل‬
‫عشرين دقيقة ‪.‬‬
‫وخلل هذا العصف الذهني يتم التي ‪:‬‬
‫توليد الفكار المبتكرة‬
‫التعرف على قدرات الفراد الفعلية‬
‫تنمية القدرة الفعلية للتركيز في مشكلة واحدة ‪.‬‬
‫شرح طريقة العصف الذهني بعدة مراحل تتلخص بالتي ‪:‬‬
‫كتابة المشكلة على شكل سؤال على لوحة كبيرة في مكان بارز للجميع ‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫يطلب من المشاركين أن يقدم كل واحد منهم فكرة فقط على أن يقوم أحد‬
‫العضاء بكتابة هذه الفكار على اللوح البارز أمام الجميع ويراعي في هذه‬
‫المرحلة عدم النقد أو العتراض أو التقييم ‪.‬‬
‫تحدد مدة المرحلة الولى لكتابة الفكار ‪.‬‬
‫تبدأ المرحلة التالية بقراءة الفكار فكرة فكرة ثم مناقشة مدى صلحيتها‬
‫للتنفيذ ‪.‬‬
‫دراسة هذه الفكار المتبقية مع مراعاة هذه المعايير وهي ‪:‬‬
‫تكاليف التنفيذ ‪.‬‬
‫جهة التنفيذ ‪.‬‬
‫مدى مناسبة الفكرة لمنظمة والموظفين المتبرعين ‪.‬‬
‫مدى شرعيتها وقانونيتها ‪.‬‬
‫ما تحققه من ربح ‪.‬‬
‫بعد دراسة الفكار تختار الفكرة التي انطبقت عليها المعايير ليبدأ في تنفيذها‬
‫‪.‬‬
‫فوائد العصف الذهني ‪:‬‬
‫ولطريقة العصف الذهني في تطوير الموظفين عدة فوائد هي ‪:‬‬
‫تعويدهم على التفكير والبتكار ‪.‬‬
‫تكوين القدرة على اتخاذ قرار جماعي ‪.‬‬
‫الجرأة على مناقشة اقتراحاتهم ‪.‬‬
‫تعويدهم على احترام آراء الخرين والنصياع لرأي الجماعة ‪.‬‬
‫ز‪ -‬الستفادة من الخبراء ‪:‬‬
‫تعتمد هذه الوسيلة على دعوة مسئولي المنظمات الخيرية من أهل الخبرة‬
‫والتجربة في مجال العمل الخيري للستفادة من تجاربهم وخبراتهم في‬
‫مختلف المور التي تواجه موظفي المنظمة الخيرية سواء أكان هؤلء الخبراء‬
‫من داخل قطر المنظمة أو من خارجه ‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ومزايا هذه الوسيلة ‪:‬‬


‫أنها فرصة فعالة لتبادل الخبرات والمعلومات ‪.‬‬
‫توسيع مدارك موظفي المنظمات الخيرية ‪.‬‬
‫التنسيق بين مسئولي المنظمات الخيرية ‪.‬‬
‫ح‪ -‬إسناد بعض المهام بالوكالة ‪:‬‬
‫والمقصود بها هو تكليف موظفي المنظمة المراد تطويرهم ببعض المهام‬
‫كالشراف بالوكالة علي بعض مخيمات اللجئين أو حضور بعض المؤتمرات‬
‫الخاصة بالعمل الخيري أو غير ذلك فيكون هذا التكليف لهذا الموظف بمثابة‬
‫تطوير له في مجال عمله ‪ .‬وهذه الوسيلة تعد من أكثر الوسائل نجاحا ً في‬
‫تطوير أداء الموظف فهو يعطي من خللها تدريبا وخبرة وصقل ً لشخصيته‬
‫المهنية بالضافة إلى إعداده ليتولى مهام وظائف أعلى ‪.‬‬
‫ومن ميزات هذه الوسيلة ‪:‬‬
‫توسيع أفق الموظف وتنمية مهاراته المختلفة‪.‬‬
‫اختبار مهارات القيادة والقدرة على صنع القرار في مواقف حقيقية‪.‬‬
‫تتمكن الدارة العليا من معرفة مدى قدراته وإمكاناته‪.‬‬
‫ك‪ -‬الفلم التدريبية ‪:‬‬
‫المقصود بها شرح بعض المعاني والمهارات والمفاهيم المراد توصيلها‬
‫للمتدربين من خلل عرض الفيلم التدريبي ‪ .‬وتمتاز هذه الوسيلة بعدة ميزات‬
‫منها‪:‬‬
‫إتاحة الفرصة للمتدرب في سرعة تعلمه‪.‬‬
‫إتاحة الفرصة للمتدرب لعادة ومراجعة المادة التدريبية والعرض البطيء‬
‫للجزاء المعقدة والصعبة من البرنامج‪.‬‬
‫التركيز على النقاط الرئيسية للمادة التدريبية‪.‬‬
‫تأثيرها الجانبي على المتدربين بسبب شرح المشاهد والمؤثرات الصوتية‪.‬‬
‫أساليب تقييم أداء الموارد البشرية في المنظمات الخيرية هذا العنصر‬
‫التقييمي المهم لداء موظفي المنظمات الخيرية – للسف – مهمل وشبه‬
‫معطل في معظم المنظمات الخيرية رغم أهميته البالغة لي عملية تطوير‬
‫جادة ‪ .‬وقد أدى هذا الهمال إلى التخبط في بعض المنظمات المعرفة مدى‬
‫ما حققته من أهداف تسعى إليها وكذلك مدى قوة المورد البشري أو ضعفه‬
‫لتطويره أو علج نواحي الضعف فيه‪.‬‬
‫وبناء على ذلك سنتعرض لهذا المفهوم حتى تطبقه المنظمات الخيرية لترقي‬
‫بموظفيها وتتعرف على مواطن الحتياج في عملها ومن ثم تتمكن من إسناد‬
‫الوظائف إلى الكفاء من موظفيها القادرين على النهوض بأعباء هذه المهام‬
‫وإهمال هذا التقييم لداء الموظفين يعني إهدار للمكانات البشرية المتاحة‪.‬‬
‫أ‪-‬مفهوم تقييم الداء ‪:‬‬
‫وردت عدة تعريفات توضح مفهوم تقييم الداء ومنها هذان التعريفان‪:‬‬
‫التعريف الول ‪ :‬تقييم الداء هو ) نظام يتم من خلله تحديد مدى كفاية أداء‬
‫العاملين لعمالهم)‪(1‬‬
‫التعريف الثاني ‪ :‬تقييم الداء هو ) تحليل وتقييم أداء العاملين لعملهم‬
‫ومسلكهم فيه وقياس مدى صلحيتهم وكفاءتهم في النهوض بأعباء الوظائف‬
‫الحالية التي يشغلونها وتحملهم لمسؤولياتهم وإمكانات تقلدهم المناصب‬
‫ووظائف ذات مستوى أعلى ‪ .‬ومن ثم فتقييم الداء يأخذ في الحسبان كل من‬
‫الداء الحالي للعاملين وقدراتهم المستقبلية()‪(2‬‬
‫ب – فوائد تقييم الداء ‪:‬‬

‫‪16‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫إعطاء معلومات وافية عن أداء الموظف بالمنظمة وللموظف نفسه حتى‬


‫يتمكن الموظف من تحسين أداء عمله بطريقة أفضل لنه إذا لم يعرف‬
‫مواطن صوابه وخطأه فلن يتحسن أداءه ‪ .‬وبذلك تتمكن المنظمة من إيجاد‬
‫برامج لتدريب وتطوير الموظف لتحسين أدائه‪.‬‬
‫تحديد مناسبة الوظيفة الحالية للفرد وتحديد إمكانية نقله إلى وظيفة أخرى‬
‫وربما الستغناء منه إن لم يكن ذا كفاءة عالية في وظيفته الحالية‪(3).‬‬
‫تحفيز موظفي المنظمة الخيرية لشعورهم بوجود معايير دقيقة وموضوعية‬
‫وعادلة تنصفهم‪.‬‬
‫إرشاد الدارة العليا في المنظمة الخيرية وتعريفها بمستحقي العلوات‬
‫والترقيات والمكافآت من موظفي المنظمة‪.‬‬
‫تحديد الحتياجات التدريبية والتنويرية لموظفي المنظمة في جميع أقسام‪.‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫القدرة على توزيع العمل بطريقة مناسبة على موظفي المنظمة بما يتناسب‬
‫وقدراتهم واستعداداتهم الفعلية التي ظهرت في أثناء التقييم‪.‬‬
‫ج‪-‬أساليب تقييم الداء ‪:‬‬
‫هناك أساليب ووسائل متعددة لتقييم أداء الموظفين باستعمال معايير تختلف‬
‫من منظمة إلى أخرى مثال ذلك‪:‬‬
‫مقارنة أداء الموظف الفعلي في ضوء المعايير التي وضعت من قبل الدارة‬
‫العليا في المنظمة الخيرية‪.‬‬
‫إجراء اختبارات مختلفة للموظفين لقياس مستوى معرفة الموظف‬
‫بأساسيات عمله والخبرات التي اكتسبها من واقعه العملي‪.‬‬
‫سؤال زملئه وأقرانه في العمل عن أدائه الوظيفي ‪ .‬مع ملحظة أنه عند‬
‫الستفسار ينبغي الحرص على سؤال من يمتاز بالمانة والموضوعية‪.‬‬
‫إعداد التقارير الدورية عن أداء الموظفين بتصميم استمارة تضم قائمة‬
‫منتقاة للمعايير وتشتمل هذه المعايير على ‪:‬‬
‫الصفات المهنية للموظف مثل التزامه بمواعيد العمل وقدرته الدارية‬
‫ومعرفته بطبيعة العمل الذي يمارسه ودقته في أداء العمل وقدرته على‬
‫تطوير عمله ومدى تحقيقه لهداف المنظمة‪.‬‬
‫أما الصفات الشخصية فتشمل على الخلص في عمله والمبادرة والحماس‬
‫والتعاون والولء للمنظمة والمثابرة والتضحية‪.‬‬
‫وهناك أساليب أخرى للتقييم يمكن للدارة العليا فيها أن تختار ما يناسبها‬
‫حسب طبيعة عملها وأهدافها‪.‬‬
‫خامسا‬
‫نماذج وتجارب من نشاطات بعض المؤسسات السلمية في مجال التنمية‬
‫البشرية‬
‫نستعرض تحت هذا العنوان نماذج من نشاط بعض المؤسسات السلمية في‬
‫مجال التنمية البشرية خاصة دون التطرق لسائر وجوه النشطة التي تقوم‬
‫بها هذه المؤسسات على تعددها وتنوعها‪.‬‬
‫أول ‪ :‬نشاط لجنة مسلمي إفريقيا ) الكويت ( في مجال التنمية البشرية ‪:‬‬
‫تأسست لجنة مسلمي إفريقيا ) جمعية العون المباشر ( في عام ‪/1981‬‬
‫‪1401‬هـ بعد زيارة قامت بها مجموعة من المهتمين بالعمل الخيري إلى‬
‫جمهورية مالوي ‪ .‬ومنذ اليام الولى تم تحديد أهداف الجمعية ووسائلها‬

‫‪17‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫والمتبرعين المستهدفين بالخطاب العلمي ‪ .‬وفيما يلي بيان لمقومات‬


‫وأساليب تنفيذ مشروع اللجنة الخيري والدعوي ‪:‬‬
‫بعض أهداف اللجنة وطرق تنفيذها ‪:‬‬
‫استهدفت تنمية المجتمعات السلمية المهمشة في إفريقيا بمساعدتها في‬
‫بناء مؤسساتها التعليمية والدينية والجتماعية والصحية ‪ ،‬وتوفير الماء‬
‫والكتاب والمنحة الدراسية دون وسيط بيننا وبين المحتاج مما استدعى إعداد‬
‫كادر تنفيذي كبير‪.‬‬
‫رفضت الجمعية حتى مجرد النظر في المساعدات الفردية نظرا لما يتطلبه‬
‫ذلك من إمكانات للبحث في دراسة كل حالة‪.‬‬
‫اعتماد الحكمة والموعظة الحسنة في الدعوة ‪ ،‬وتجنب الدخول في مواجهات‬
‫مع الخرين ما أمكن ذلك‪.‬‬
‫التركيز على التعليم كوسيلة أساسية لنتشال المسلمين من واقعهم‬
‫والمؤلم‪.‬‬
‫التطوير ‪:‬‬
‫يقول الدكتور عبد الرحمن السميط بهذا الخصوص ‪:‬‬
‫عانت إفريقيا أكثر من غيرها بسبب المستعجلين على التغيير وربما ساهم‬
‫هذا الستعجال لدى بعض الدعاة على إصرار البعض على التمسك بأخطائه‪.‬‬
‫رأينا الدماء تسيل في بعض المساجد في بوركينافاسو ‪ ،‬ويتطلب ذلك دخول‬
‫الشرطة النصارى وغير المسلمين بأحذيتهم إلى المساجد ‪ ،‬وصدور قرار من‬
‫رئيس الجمهورية وهو غير مسلم بإغلق هذه المساجد حفاظا على المن‬
‫العام ‪ ،‬وحراستها من أن يدخلها أي مسلم للصلة ‪ !. . .‬كل هذا من أجل‬
‫خلف حول الكتف في الصلة أو السبال ناقشه الفقهاء المسلمون منذ مئات‬
‫السنين ولم يستخدموا السكين والطوب ول أسالوا دماء المسلمين‪.‬‬
‫مثل هذا رأيناه عشرات المرات في موزبيق وغانا والسنغال وتشاد وغيرها‬
‫وهذا من ثمار المستعجلين‪.‬‬
‫من واقع تجربتنا أن هناك أفكارا ناجحة في تطوير الدعوة السلمية منها ‪:‬‬
‫‪ -1‬استهداف قبيلة أو منطقة بالدعوة السلمية ‪ :‬وشعورا منا بأن الثر الكبير‬
‫ل يتضح إل بالتركيز في العمل فقد استهدفنا مجموعات بشرية في كل دولة‬
‫وركزنا العمل فيها عن طريق بناء مركز إسلمي متكامل فيه مسجد ومدرسة‬
‫ودار لليتام ودار لتدريب النساء ودار للمهتدين ومستوصف وبيت لمدير‬
‫مشروع أسلمة المنطقة والذي يكون في العادة عربيا من خارج المنطقة‬
‫حتى نتحاشى الحساسيات القبيلة‪ . . .‬الخ‪.‬‬
‫ومن هذا المركز يكون منطلق الدعوة للمنطقة المجاورة عبر مجموعة من‬
‫الدعاة ممن يجيدون لغة القبيلة أو القبائل المجاورة ويتم تزويدهم بوسيلة‬
‫نقل أو سيارة أو دراجات بخارية أو دراجات هوائية‪.‬‬
‫ونقول بتركيز المشاريع الخيرية من إفطار صائم وأضاحي وتوزيع مساعدات‬
‫وبناء مساجد ومدارس وحفر آبار وكفالة أيتام في هذه المنطقة التي يتم‬
‫متابعة النشاطات فيها بشكل دوري حيث يزورها مدير القطاع مرة كل‬
‫شهرين وعليه أن يرسل تقارير تفصيلية عن مناشط الدعوة اليجابيات‬
‫والسلبيات في عملنا كل شهر‪.‬‬

‫)‪(5 /‬‬

‫‪18‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وكمثال على ذلك بدأنا برنامج أسلمة قبائل الغبرا في شمال كينيا قبل تسع‬
‫سنوات وكان المتوقع أن تسلم هذه القبيلة في عام ‪2009‬م ولكن الله يسر‬
‫وأسلم معظم أفراد القبيلة خلل الفترة الماضية‪.‬وانتقل الهدف إلى أسلمة‬
‫قبائل أخرى في المنطقة تاركين من لم يسلم من الغبراء لخوانهم‬
‫المسلمين بعد أن استطعنا بفضل الله رفع الحس الديني لدى الكثير من‬
‫المثقفين من أبناء القبيلة‪.‬‬
‫‪ -2‬المعاهد الشرعية ‪ :‬أحد أبرز أسباب نجاح مشاريع أسلمة القبائل هو إنشاء‬
‫معهد شرعي لتدريس مبادئ الشرع بصورة تناسب مستوى الطلبة في‬
‫المنطقة وعادة نأخذ الطلبة واحدا من كل قرية من مستويات دراسية‬
‫متقاربة ) مثل خريج الصف الثامن ( ومن أعمار متقاربة وندرسهم بطريقة‬
‫الحلقات التقليدية لمدة أربع سنوات يتدرب فيها الطالب على الدعوة ضمن‬
‫الظروف المحلية ‪ ،‬فمثل يخرجون كل أسبوع مشيا على القدام مسافة ‪-10‬‬
‫‪20‬كيلو مترا إلى قرى مجاورة ويقيمون الدروس في المساجد أو تحت‬
‫الشجار وقد ساهم هؤلء الطلبة في إسلم اللف من الوثنيين والنصارى‬
‫ونحاول نصحهم بالبتعاد عن استثارة الطراف الخرى قدر المكان‪.‬‬
‫ورغم معاناة هذه المعاهد من قلة المناهج والمراجع وعدم وجود المواصلت‬
‫للوصول إلى القرى البعد إل أنهم تركوا أثرا بالغا‪.‬‬
‫‪ -3‬كفالة اليتام في المراكز السلمية تحت إشراف تربوي هادف ‪:‬‬
‫إن معيشة اليتيم لمدة ‪ 12‬سنة في بيئة إسلمية نظيفة وتحت إشراف برامج‬
‫تربوية يساهم في تعميق مفاهيم السلم في نفسه ونحاول خلل فترة‬
‫إقامته معنا تحبيب الدعوة إلى الله إليه ‪ ،‬وغرس مفاهيم العقيدة السلمية‬
‫ومبادئ السلم في نفسه‪.‬‬
‫وقد أسلمت مئات القرى التي جاء منها هؤلء اليتام بعد تخرجهم من هذه‬
‫المراكز أو أثناء دراستهم في المراكز‪.‬‬
‫‪ -4‬مركز تدريب المرأة ‪ :‬تتدرب المرأة في هذه المراكز على مبادئ السلم‬
‫وقراءة وحفظ السور القصيرة من القرآن ‪ ،‬والخياطة والشغال اليدوية‬
‫ورعاية الطفل ومحو المية ‪ ،‬ونقبل في هذه المراكز النساء والفتيات بغض‬
‫النظر عن ديانتهن ول كونهن محجبات أول ‪ ،‬ولكن من واقع تجربتنا في بعض‬
‫مراكزنا فإن جميعهن يتخرجن مسلمات محجبات دون أي ضغط منا ول إجبار‬
‫‪ ،‬وقد قامت الخريجات بدور فاعل في نشر السلم بين الجيران‪ ".‬أ ‪ .‬هـ‬
‫وهكذا تمضي جهود هذه اللجنة المباركة إلى غاياتها بتوفيق الله حيث‬
‫أسهمت في التنمية البشرية والتطوير الجتماعي للجماعات المستهدفة‬
‫ببرامجها الحيوية والمتجددة دوما‪.‬‬
‫ثانيا ‪ :‬نشاط منظمة الدعوة السلمية ) السودان ( في مجال التنمية البشرية‬
‫‪:‬‬
‫تكونت منظمة الدعوة السلمية استجابة لمر الله الذي أوجب على عباده‬
‫المؤمنين إبلغ دينه للناس كافة والسعي لتحرير النسان على وجه الرض‬
‫من ربقة الشرك والضلل والتدرج به على نهج الدين القويم والتبشير بالحق‬
‫والعدل هداية إلى الخير في الدنيا والخرة ‪ ،‬ولقد اختارت المنظمة فور‬
‫تكوينها أن يكون تخصصها التبشير بالسلم بين غير المسلمين والجماعات‬
‫المسلمة الناطقة بغير العربية‪.‬‬
‫واختارت المنظمة أن تكون القارة الفريقية ميدانا لنشاطها باعتبار أن‬
‫إفريقيا من أولى القارات التي دخلها السلم وكان له أثر في تشكيل وجهتها‬
‫الحضارية وصياغة مجتمعاتها ‪ ،‬إل أن الستعمار حرص أن يبدل تلك الوجهة‬

‫‪19‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ليقطع أصولها ويطمس آثارها حتى تخلص له القارة بموقعها الخطير‬


‫وشعوبها ومواردها الغنية البكر ومساحاتها الشاسعة ‪ ،‬ولقد واكب هذه‬
‫الهجمة الستعمارية تحرك صليبي مكثف لستباحة القارة ومناورة المد‬
‫السلمي المتنامي في ربوعها مستغل الظروف الصعبة التي يعيشها إنسان‬
‫إفريقيا حتى تتم استمالته بمختلف أنواع الخدمات والمعونات وفرضوا‬
‫حضارة الغرب ولغاته على كثير من القطار الفريقية ليطبعوا مظاهر الحياة‬
‫فيها بالطابع الغربي استنادا على تفوق الحضارة الغربية في العلوم‬
‫والتكنولوجيا والنفوذ الغربي في عالم السياسة والقتصاد ‪ ،‬المر الذي‬
‫اقتضى أن ينهض المسلمون لمواجهته حماية للعقيدة ونشرا للدعوة ‪ ،‬فكان‬
‫أن اجتمع نفر من المهتمين بأمر الدعوة السلمية من مختلف القطار في‬
‫رجب ‪1400‬هجرية وأجمعوا على ضرورة إنشاء كيان إسلمي متخصص‬
‫للضطلع بعبء الدعوة السلمية في إفريقيا والتصدي للحملت الجائرة‬
‫بذات الوسائل فجاء قرار إنشاء المنظمة في فجر هذا القرن الذي شهد‬
‫صحوة إسلمية متنامية في مختلف بقاع المعمورة‪.‬‬
‫أهداف المنظمة‪:‬‬
‫حدد النظام الساسي للمنظمة الهداف التالية ‪:‬‬
‫نشر السلم عقيدة وشريعة في أوساط غير المسلمين وترشيد الجماعات‬
‫المسلمة القادرة على فهم عقيدة التوحيد والتعبير عن معانيها العميقة في‬
‫الحياة الفردية والجتماعية‪.‬‬
‫نشر روح التفاهم والتسامح بين الجماعات المسلمة وأصحاب الديانات‬
‫الخرى‪.‬‬
‫توجيه الجماعات المسلمة وتطويرها فكريا وثقافيا وفقا لتعاليم القرآن‬
‫والسنة كمعيارين موحدين للفكر والشعور والممارسة السلمية‪.‬‬

‫)‪(6 /‬‬

‫السهام في التنمية الجتماعية والقتصادية والرعاية الصحية للجماعات‬


‫المسلمة وغيرها‪.‬‬
‫وقد تبنت المنظمة منذ نشأتها نهجا متفردا لنشر الدعوة السلمية في‬
‫إفريقيا تحقيقا للمر الرباني باتباع الحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة‬
‫بالتي هي أحسن بحيث تخضع أعمالها لقدر كبير من التخطيط والتنظيم‬
‫والموازنة بين الحاجات والمكانات وترتيب الولويات حماية للجهد وتوفيرا‬
‫للطاقات واستجابة لضرورات الواقع الليم الذي يعانيه المسلمون في إفريقيا‬
‫من جهل وفقر ومرض فأصبحوا عرضة لكافة الخطط الستعمارية والتنصيرية‬
‫التي تسعى لستغلل ضعفهم وتكريس تخلفهم وتحويلهم عن قبلتهم‬
‫الحضارية وسلخهم عن عقيدتهم السلمية فاتخذت المنظمة أسلوب العمل‬
‫المتكامل الذي تقوم به الدعوة السلمية مصحوبة بالتنمية والخدمات‬
‫الجتماعية وفي مجالت لم يطرقها الدعاة أل منذ عهد قريب برغم ما ورد‬
‫في القرآن من تعاليم تأمر بفعل الخير وتجعله فريضة يومية في حياة‬
‫المسلم ‪ . . .‬والمسلمون مأمورون بفعل الخير مثلما هم مأمورون بالركوع‬
‫والسجود حيث قال تعالى ] يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم‬
‫وافعلوا الخير لعلكم تفلحون [‬
‫فأصبحت المنظمة على ذلك تخدم في مختلف المجالت وتوظف خدمتها‬
‫للدعوة إلى الله وإبلغ كلمته في مجالت التعليم والشباب والرعاية الصحية‬

‫‪20‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫والجتماعية والطفولة ولمومة والغاثة والعلم وغيرها من مجالت الخدمة‬


‫النسانية ‪ . .‬ووضعت نصب أعينها أن يقوم هذا العمل على عاتق كوادر‬
‫بشرية مؤهلة وعلى قدر كبير من التخصص والفهم لطبيعة العملية ‪.‬‬
‫التبشيرية ‪ ،‬بتنسيق تام مع الهيئات العاملة في حقل الدعوة على الصعيد‬
‫القاري والعالمي لتوظيف الجهود السلمية المبذولة التي ترمي لتبصر الواقع‬
‫الحضاري والجتماعي واتجاهاته في إفريقيا‪.‬‬
‫وجماع القول إن المنظمة تتبع أسلوبا حكيما يتسم بقدر كبير من الفهم‬
‫والمرونة لتطوير الوسائل المستخدمة والستفادة من كل النظم والوسائل‬
‫العصرية الفاعلة في مجالت التصال والتأثير‪.‬‬
‫وسائل المنظمة ‪:‬‬
‫تأكيدا للمؤسسية في عمل المنظمة فقد تكون هيكلها الداري من مجلس‬
‫المناء والمانة العامة تتبع لها مؤسسات فاعلة " مؤسسة دان فوديو الخيرية‬
‫‪ ،‬المجلس الفريقي للتعليم الخاص ‪ ،‬الجمعية الفريقية الخيرية ‪ . .‬ـ معهد‬
‫البحوث وتدريب الدعاة ‪ . .‬وغيرها وهي مؤسسات تخدم التنمية البشرية في‬
‫مجالتها المختلفة "‪.‬‬
‫كما يتبع لمانتها العامة المكتب التنفيذي ‪ ،‬المدير التنفيذي وتحت إدارته‬
‫مكاتب البعثات الخارجية والمكاتب الخارجية ‪ ،‬ومكتب السودان البعثات‬
‫القليمية ‪ ،‬إضافة إلى الدارات المتخصصة ‪ :‬إدارة الدعوة ‪ ،‬إدارة تنمية‬
‫الموارد ‪ ،‬إدارة المشروعات ‪ ،‬إدارة التعليم ‪ ،‬إدارة الشؤون الصحية ‪ ،‬الدارة‬
‫المالية ‪ ،‬إدارة العلم ‪ ،‬إدارة الشؤون الدارية‪.‬‬
‫هذا وللمنظمة علقات متصلة مع غالب الدول الفريقية والدول العربية في‬
‫مجالت عملها المذكورة‪.‬‬
‫ومما يجدر الشارة إليه من أعمال هذه المنظمة الرائدة وأثرها الحيوي النافع‬
‫في مجال التنمية البشرية إنشائها معهد البحوث وتدريب الدعاة بناء على‬
‫رؤية استراتيجية ونظرة فاحصة معاصرة ‪ ,‬حيث جاء في ديباجة أهدافه‬
‫ووسائله ما يأتي ‪:‬‬
‫أن التطور التكنولوجي والعلمي الكبير الذي انتظم العالم جعل التخصص في‬
‫المواضيع ضرورة ملحة لي عمل ناجح ومن ثم كان ل بد للمنظمة وهي‬
‫متخصصة في إطار الدعوة السلمية في مواجهة التنصير والنحرافات‬
‫العقدية أن تخصص نفسها بمؤسسة قادرة على البحث العلمي في هذا‬
‫المجال الحيوي الخطير ‪ .‬ومن ثم أنشأت معهد متخصص في علوم التنصير‬
‫وتدريب الدعاة المسلمين ذات شخصيات اعتبارية باسم معهد البحوث‬
‫وتدريب الدعاة ‪ ،‬وهو مؤسسة غير سياسية تشجع البحث العلمي في إطار‬
‫تخصصها وتجمع المعلومات وتحللها وتنشر نتائجها للدارة التنفيذية للمنظمة‬
‫أو لي جهة إسلمية أخرى يمكنها الستفادة من تلك المعلومات ‪ .‬والمعهد‬
‫مقره الرئيسي في الخرطوم عاصمة السودان ‪.‬‬
‫والقصد أن يكون هذا المعهد متخصصا في علوم التنصير وتدريب الدعاة‬
‫والبحث العلمي في مجال تخصصه وجمع المعلومات وتحليلها ‪ ،‬وإصدار‬
‫نتائجها مما يمكن الستفادة من تلك المعلومات ويهدف بصورة تفصيلية إلى‬
‫تحقيق ما يلي ‪:‬‬
‫‪ .1‬القيام بالدارسات والبحاث الميدانية التي تعين علي وضع الخطط‬
‫والبرامج لنشر الدعوة السلمية في إفريقيا والتصدي لكل التيارات المناوئة‬
‫للسلم والعمل علي حماية الهوية الحضارية للشعوب الفريقية المسلمة ‪.‬‬
‫‪ .2‬تدريب العاملين في مجال الدعوة السلمية في أفريقيا سواء كان هؤلء‬

‫‪21‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫عاملون في منظمة الدعوة السلمية أو في غيرها بحيث يكونون أكثر تأهيل‬


‫ومعرفة لبيئة العمل وإدراكا لساليب الدعوة بصورة علمية مخططة واكتسابا‬
‫لمهارات تعين في العمل ‪.‬‬

‫)‪(7 /‬‬

‫‪ .3‬إنشاء مكتبة متخصصة لتجمع الكتب والمقالت والوثائق وكافة المعلومات‬


‫المتعلقة بالنشطة والدعوات الدينية في إفريقيا أو أي أنشطة معادية‬
‫للسلم وكذلك الوثائق الخاصة بالعمل السلمي في البلد الفريقية ‪.‬‬
‫‪ .4‬طبع ونشر الكتب والدوريات المخصصة ‪.‬‬
‫‪ .5‬وضع خطط وبرامج متخصصة لتدريب المرأة المسلمة الداعية ‪.‬‬
‫‪ .6‬التعاون مع المؤسسات المماثلة في مجال البحث العلمي المشترك‬
‫وتبادل المراجع والدوريات والمعلومات ‪.‬‬
‫وبعد فإن الذي تحقق من تلك النجازات ما كان ليتحقق لول فضل الله تعالي‬
‫ثم بجهود المخلصين من إخواننا الدعاة في معظم البلد العربية والفريقية ‪،‬‬
‫وإنفاق الموسرين الخيرين من أهل الفضل والحسان الذين تشهد لهم تلك‬
‫النجازات ببذلهم وعطائهم لجل تبليغ رسالة السلم وإنقاذ إخوانهم‬
‫المسلمين ‪.‬‬
‫ولزالت منظمة الدعوة تشق الطريق وسط عواصف من التحديات‬
‫والمجابهات والمشاكل والصعوبات ‪ ،‬ولزالت عزيمة الدعاة قائمة ‪ ،‬ولزال‬
‫المل في الله كبيرا أن تبلغ المنظمة ما تصبوا إليه‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬نشاط الندوة العالمية للشباب السلمي ) السعودية ( في مجال‬
‫التنمية البشرية ‪:‬‬
‫موجز خطة وبرامج عمل الندوة الدعوي إفريقيا)‪: (1‬‬
‫حرصت الندوة علي تنفيذ خطة عمل تحقق رسالتها وأهدافها ‪ ،‬وذلك من‬
‫خلل العمل علي محاور ثلثة ‪:‬‬
‫‪ -1‬تنفيذ برامج دعوية لنشر العقيدة الصحيحة وتعاليم وأحكام السلم الحنيف‬
‫بين ربوع المسلمين الذين يتفشى بينهم الجهل والبدع والخرافات وفكر‬
‫الفرق الضالة ‪ ،‬وتشمل هذه البرامج جل النشطة التي تنفذها المنظمة في‬
‫أفريقيا وهي‪ :‬بناء وإعمار المساجد وإعادة إحياء رسالتها ‪ ،‬تشييد حلق تحفيظ‬
‫القران الكريم ودعمها ‪ ،‬كفالة الدعاة و الئمة وتنظيم الدروس العلمية‬
‫السبوعية والدورية للوعظ والرشاد ‪ ،‬ودعم المراكز والجمعيات السلمية‬
‫لتنفيذ برامجها واستضافة وفودها بالمملكة ‪ ،‬التوسع في الدورات العلمية‬
‫الشرعية وتطويرها بحيث تشمل المحاضرة والمسابقة والبحث والحوار إلى‬
‫جانب التعليم والتربية ‪ ،‬تنفيذ المخيمات التربوية الشبابية والنسائية ‪ ،‬إمامة‬
‫المسلمين في شهر رمضان المعظم ‪ ،‬الدعوة بالمراسلة ‪ ،‬التوزيع المجاني‬
‫للمواد الدعوية – من مصاحف وكتب ونشرات وأشرطة – باللغات العالمية‬
‫والمحلية المتاحة علي نطاق واسع ‪ ،‬عقد بعض المؤتمرات حول موضوعات‬
‫هامة وملحة ‪.‬‬
‫‪ -2‬تنفيذ برامج محددة لمواجهة التنصير تسعي إلى التوعية بأهدافه ووسائله‬
‫والتحذير منها ثم المساهمة – في حدود المتاح – لسد حاجات المسلمين‬
‫الملحة التي يسعى المنصرون من خللها إلى تحقيق أهدافهم ‪ ،‬واهم هذه‬
‫البرامج ‪ :‬المحاضرات والدروس ‪ ،‬وتوزيع الكتب والنشرات التي تعالج عقائد‬
‫النصارى وتوضيح زيفها ‪ ،‬أشرطة المناظرات ‪ ،‬تنفيذ بعض البرامج العلمية‬

‫‪22‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫التلفازية والذاعية ‪ ،‬تنفيذ البرامج التعليمية من إنشاء للمدارس السلمية‬


‫وتقديم الدعم للكليات والمعاهد والمدارس السلمية القائمة ‪ ،‬وتقديم المنح‬
‫الدراسية –في شتي العلوم الشرعية والتقنية – والمساعدات للطلب‬
‫الفقراء ‪ ،‬وتنظيم الدراسات التأهيلية والمهنية ‪ ،‬وحفر البار وإنشاء‬
‫المشروعات الصحية والجتماعية ‪ ،‬وكفالة اليتام ومساعدة الفقراء من خلل‬
‫المساعدات الفردية والغاثية – عند النكبات الكوارث – وتيسير القوافل‬
‫التنموية للرياف والقرى ‪ ،‬وإقامة موائد الفطار في رمضان وتوزيع لحوم‬
‫الضاحي ‪.‬‬
‫‪ -3‬تنفيذ برامج لدعوة غير المسلمين وتشمل تنظيم المحاضرات التي تعرف‬
‫بالسلم ومحاسنه ‪ ،‬وتوزيع الكتب والنشرات والشرطة التي توضح اوجه‬
‫الخلل في المذاهب والشرائع الوضعية والمحرفة مقارنة بمحاسن السلم ‪.‬‬
‫وتكثيف برامج الرعاية الخاصة بالمهتدين الجدد وتشمل تقديم المساعدات‬
‫الفردية والعائلية وتنظيم مخيمات ودورات اليمان ‪.‬‬
‫هذا كما اعتمدت الندوة آلية في تنفيذ مناشطها في إفريقيا يتم فيها ما يلي‪:‬‬
‫مراعاة ظروف كل منظمة علي حدة وتحديد النسب لها من المناشط‬
‫والبرامج والخدمات ‪ ،‬بحيث تسير القوافل إلى المناطق التي تحتاج إليها‬
‫وتنشأ المساجد في المناطق التي تحتاج إليها وتقدم المنح الشرعية التقنية‬
‫في المناطق التي بها نهضة علمية ‪ ،‬وذلك في إطار خطط مرنة قابلة‬
‫للتعديل حتى خلل العام الواحد ‪ .‬وهكذا مراعاة العتدال والتوسط في‬
‫المقررات والمناهج التي تنفذ في الدورات والمخيمات وسائر الملتقيات‬
‫واعتماد التيسير كأصول شرعية معتبرة في ذلك ‪.‬‬
‫أ ‪ -‬المتابعة الدائمة للعمل قبل وبعد التنفيذ ‪ ،‬بتقديم تقارير مفصلة بالبرامج‬
‫المنفذة واوجه الصرف ‪ ،‬وترفع التقارير للجان متخصصة ترصد ما عليها من‬
‫ملحظات يستفاد منها في توجيه العمل والتخطيط المسبق للمناشط‬
‫المستقبلية ‪.‬‬
‫هذا وفيما يلي عرض سريع لهم البرامج التي اعتمدتها الندوة العالمية‬
‫لتحقيق خطة عملها المنوه عنها ‪.‬‬
‫إنشاء وإعمار المساجد ‪:‬‬

‫)‪(8 /‬‬

‫أولت الندوة اهتماما كبيرا لبناء وإعمار المساجد وإحياء رسالتها ‪ ،‬لما لها من‬
‫أهمية بالغة في نفوس المسلمين ولثرها العظيم في تشكيل حاضرهم‬
‫ومستقبلهم ‪ ،‬ويبلغ متوسط عدد المساجد التي تنشئها الندوة أو تدعمها في‬
‫إفريقيا سنويا )‪ (125‬مسجدا بمبلغ )‪ (5.431.000‬ريال ‪.‬‬
‫وعلى الصعيد نفسه تنظم الندوة سنويا جولت دعوية إلى عدد من دول‬
‫إفريقيا حيث يشارك الئمة والمشايخ في إحياء رمضان وإمامة المصلين في‬
‫صلة التراويح والتهجد‪.‬‬
‫حلق تحفيظ القرآن الكريم‬
‫حرصا على العناية بتحفيظ القرآن الكريم وتعليم علومه وقواعد تلوته‬
‫وتجويده بين الشباب المسلم ‪ ،‬تنشئ الندوة في إفريقيا العديد من حلق‬
‫تحفيظ القرآن وتزودها بنسخ من القرآن الكريم وترجمات معانيه وتوظف لها‬
‫محفظين موثوقين علما وسلوكا ‪ ،‬ويبلغ متوسط عدد الحلق التي تدعمها‬
‫الندوة في إفريقيا سنويا )‪ (140‬حلقة بمبلغ )‪ (305.600‬ريال‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫كفالة الدعاة والمعلمين‪:‬‬


‫نظرا للحاجة الماسة في إفريقيا إلى أكفاء يقومون بتعليم الناس أصول‬
‫وتعاليم دينهم من خلل دروس يومية أو أسبوعية أو دورية تقوم الندوة‬
‫بكفالة عدد من الدعاة الموثوقين سنويا في المناطق التي يثبت فيها حاجة‬
‫ساكنيها للدعاة المتفرغين ‪ ،‬كما يتم كفالة بعض المعلمين لتعليم الطلب‬
‫تعاليم الدين السلمي الحنيف ‪ ،‬ويبلغ متوسط عدد الدعاة الذين تكفلهم‬
‫الندوة في إفريقيا سنويا )‪ (79‬داعية بمبلغ )‪ (151.300‬ريال‪.‬‬
‫القوافل الدعوية والتنموية‪:‬‬
‫تعد القوافل الدعوية إحدى الوسائل العملية الهامة التي تقوم بها الندوة‬
‫لنشر السلم ‪ ،‬وتوجيه العامة – في القرى والرياف – إلى نهج السلم‬
‫الحنيف في المور الشرعية والحياتية والجتماعية ‪ ،‬كتقديم العلج الطبي‬
‫والغاثي وبرامج المومة والطفولة والخدمات البيطرية والزراعية وغيرها‪.‬‬
‫كما أن دعوة غير المسلمين تمثل جزءا هاما من برنامج القافلة ‪ ،‬ويبلغ‬
‫متوسط عدد القوافل التي تسيرها الندوة إفريقيا سنويا )‪ (17‬قافلة بمبلغ )‬
‫‪ (215.700‬ريال‪.‬‬
‫دعم المراكز والجمعيات السلمية‪:‬‬
‫تتعاون الندوة مع أهم وأوثق الجمعيات والمراكز والمؤسسات في إفريقيا‬
‫وتقدم الندوة من خللها الدعم للشباب في تلك المناطق‪ .‬ويبلغ عدد المراكز‬
‫والجمعيات التي تدعمها الندوة في إفريقيا سنويا )‪ (35‬مركزا وجمعية بمبلغ‬
‫)‪ (715.000‬ريال‪.‬‬
‫الدعوة بالمراسلة‪:‬‬
‫تستقبل الندوة الرسائل الواردة من الشباب المسلم – بعدد من اللغات‬
‫المحلية والعالمية السائدة في أفريقيا – وتزودهم بالردود المناسبة لها ‪،‬‬
‫وتزود "المراسلين" بفتاوى أهل العلم حول المور التي تشكل عليهم ‪،‬‬
‫وتزودهم كذلك بالكتيبات الهادفة المناسبة ‪ ،‬ويبلغ متوسط عدد الرسائل التي‬
‫ترسلها الندوة إلى الشباب المسلم في إفريقيا سنويا )‪ (6.100‬رسالة بمبلغ‬
‫)‪ (164.500‬ريال‪.‬‬
‫التوزيع المجاني للكتب والشرطة الدعوية‪:‬‬
‫توزع الندوة العالمية للشباب السلمي سنويا في إفريقيا اللف من الكتب‬
‫والشرطة – بشتى اللغات – مجانا على المراجعين لمكاتبها فضل عن ما‬
‫يوزع من خلل المخيمات والمحاضرات واللقاءات والقوافل‪...‬الخ ‪ ،‬ويبلغ‬
‫متوسط عدد الكتب والشرطة التي توزعها الندوة مجانا في إفريقيا سنويا )‬
‫‪ (281.000‬مادة‪.‬‬
‫استضافة الوفود السلمية‪:‬‬
‫تتولى الندوة استضافة العديد من ممثلي ووفود الجمعيات السلمية خلل‬
‫زيارتهم للمملكة تخفيفا لعبائهم المالية ‪ ،‬ويبلغ متوسط عدد الوفود الذين‬
‫تستضيفهم الندوة من إفريقيا سنويا )‪ (32‬وفدا بمبلغ )‪ (3.000‬ريال‪.‬‬
‫إنشاء المشروعات التعليمية ودعمها‬
‫تولي الندوة اهتماما بالغا بالمدارس والمعاهد ومراكز التأهيل والتدريب الفني‬
‫والمهني – نشرات للعلم النافع الذي يرجي – بحول الله تعالى – أن يقهر‬
‫الفقر والجهل والمرض والتخلف وينتفع به شباب المة وبلدانهم وأمتهم ‪،‬‬
‫ويواجه التحديات الخطيرة خاصة الجهل والتنصير‪ .‬ويبلغ متوسط المشروعات‬
‫التعليمية التي تنشئها الندوة في إفريقيا سنويا )‪ (30‬مشروعا بمبلغ )‬
‫‪ (2.275.500‬ريال‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المنح الدراسية‪:‬‬
‫كما هو معروف فإن برنامج المنح الدراسية مخصص لدعم شريحة هامة‬
‫معينة من شباب المة ‪ ،‬تتمثل في الطلب الفقراء النابغين الذكياء المشهود‬
‫لهم باللتزام والجد والمثابرة في التحصيل العلمي في التخصصات التي‬
‫تحتاجها المة بصفة عامة وبلدان الطلب على وجه الخصوص ‪ ،‬ويبلغ متوسط‬
‫عدد المنح الدراسية التي تقدمها الندوة في إفريقيا سنويا )‪ (1.555‬منحة )‬
‫‪ (2.013.400‬ريال‪.‬‬
‫المساعدات الطلبية‪:‬‬
‫وتقدم الندوة على الصعيد نفسه دعما للطلب الفقراء لتخفيف أعبائهم‬
‫المالية بالمساهمة في تكاليف المعيشة والسكن وتذاكر السفر وشحن‬
‫الكتب والمساعدات في الرسوم الدراسية وغيرها من المساعدات مما‬
‫يرجى أن يكون سببا في رفع معاناتهم وتسهيل أمورهم التعليمية ‪ ،‬ويبلغ‬
‫متوسط عدد المساعدات التي تقدمها الندوة للطلب الفارقة سنويا )‬
‫‪ (11.617‬مساعدة بملبغ )‪ (234.200‬ريال‪.‬‬
‫المخيمات التربوية الشبابية‪:‬‬

‫)‪(9 /‬‬

‫حرصا على تحقيق المخيمات التربوية وما يرجى منها من توحيد العمل‬
‫والجهد السلمي وتبادل الخبرات بين الشباب المسلم ‪ ،‬تقيم الندوة سنويا‬
‫العديد من المخيمات الشبابية للمساهمة في تربية الشباب المسلم تربية‬
‫إسلمية صحيحة ‪ ،‬وهي مخيمات متنوعة ‪ :‬شبابية ونسائية وهناك مخيمات‬
‫اليمان التي تنظم لرعاية المهتدين الجدد للسلم ‪ .‬ويبلغ متوسط عدد‬
‫المخيمات التربوية التي تنظمها الندوة في إفريقيا سنويا )‪ (32‬مخيما بمبلغ )‬
‫‪ (478.300‬ريال‪.‬‬
‫الدورات العلمية والتأهيلية‪:‬‬
‫تعقد الندوة في إفريقيا العديد من الدورات المكثفة لرفع كفاءة شريحة‬
‫معينة من الشباب والدعاة الذي يحتاجون لرفع كفاءتهم العلمية والدعوية‬
‫)من خلل الدورات العلمية والشرعية( أو إلى التأهيل في مجال ما )كاللغات‬
‫والحاسوب والدارة والسكرتارية أو حرفة من الحرف‪ (...‬أو لرعاية المهتدين‬
‫الجد ‪ ،‬ويبلغ متوسط عدد الدورات المتنوعة التي تنظمها الندوة في إفريقيا‬
‫سنويا )‪ (54‬دورة بمبلغ )‪ (860.500‬ريال‪.‬‬
‫شحن المطبوعات والشرطة‪:‬‬
‫يدعم هذا البرنامج برامج أخرى مثل‪ /‬برنامج المراسلت الدعوية ‪ ،‬وبرنامج‬
‫المساعدات الطلبية ‪ ،‬وبرنامج التوزيع المجاني للصدارات المطبوعة‬
‫والمسموعة والمرئية ‪ ،‬والمخيمات والدورات والقوافل الدعوية‪ ...‬الخ ‪ ،‬ويبلغ‬
‫متوسط عدد الطرود التي تشحنها الندوة لمناشطات في إفريقيا سنويا )‬
‫‪ (1.156‬طردا بمبلغ )‪ (114.500‬ريال‪.‬‬
‫المؤتمرات المحلية والدولية‪:‬‬
‫في إطار حرص الندوة على تدارس أبرز القضايا على الساحة السلمية‬
‫بتأصيل أسبابها وإيجاد الحلول لها ‪ ،‬يتم تنظيم عدد من المؤتمرات‬
‫والمشاركة في مؤتمرات الهيئات السلمية والدولية المعنية بشؤون الشباب‬
‫التي تقام في إفريقيا ‪ ،‬وتعقد الندوة في إفريقيا سنويا مؤتمرا واحدا على‬
‫القل بمبلغ )‪ (16.725‬ريال‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المساعدات الفردية والغاثية‪:‬‬


‫تقدم الندوة سنويا مساعدات مالية مقطوعة للفراد المحتاجين ولدعم بعض‬
‫المشروعات والهيئات السلمية في إفريقيا ‪ ،‬ويبلغ متوسط عدد المساعدات‬
‫التي تقدمها الندوة في إفريقيا سنويا )‪ (32.220‬مساعدة بمبلغ )‪(416.400‬‬
‫ريال‪.‬‬
‫المخيمات الطبية‪:‬‬
‫تنظم الندوة سنويا بعض المخيمات الطبية في إفريقيا ‪ ،‬ويتم خلل فترة‬
‫المخيم الكشف على المرضى وتشخيص أدوائهم وصرف العلج اللزم ‪ ،‬كما‬
‫يتم إجراء بعض الجراحات البسيطة في الموقع ‪ ،‬ويبلغ متوسط عدد‬
‫المخيمات الطبية التي تنفذها الندوة في إفريقيا سنويا )‪ (3‬مخيمات طبية‬
‫بمبلغ )‪ (585.500‬ريال‪.‬‬
‫حفر البار والمشروعات الصحية والجتماعية‪:‬‬
‫تفاعل مع ما خلفته مشكلة الجفاف والجدب والفقر في إفريقيا توسعت‬
‫الندوة في حفر البار وإنشاء وترميم المشروعات الصحية والجتماعية من‬
‫مستشفيات ودور أيتام ومراكز تأهيل للمعاقين في المناطق الفقيرة ‪ .‬ويبلغ‬
‫متوسط عددا الضاحي التي توزعها الندوة في إفريقيا سنويا )‪(6.640‬‬
‫أضحية بمبلغ )‪ (1.102.100‬ريال‪.‬‬
‫إفطار الصائمين‪:‬‬
‫يعد مشروع إفطار الصائمين تفعيل لعمل الندوة الدعوي والغاثي ‪ ،‬حيث‬
‫يصاحب برنامج الفطار دروس لتعليم القرآن وأداء صلة التراويح والقيام‬
‫وأخرى دعوية ‪ ،‬مما يضفي على شهر رمضان لمسات إيمانية وجوا روحانيا ‪،‬‬
‫ويبلغ متوسط عدد الوجبات التي تقدمها الندوة في رمضان في إفريقيا سنويا‬
‫)‪ (120.000‬وجبة بمبلغ )‪ (498.200‬ريال‪.‬‬
‫كفالة اليتيم‪:‬‬
‫حرصا على رعاية أيتام المسلمين الفقراء وصونهم من الوقوع في براثن‬
‫التنصير ‪ ،‬تكفل الندوة إعاشة وتعليم عدد من اليتام في إفريقيا ‪ ،‬ويبلغ‬
‫متوسط عددهم سنويا )‪ (604‬أيتام بمبلغ )‪ (734.100‬ريال‪.‬‬
‫دعوة غير المسلمين ‪:‬‬
‫بفضل من الله سبحانه وتعالى أسفرت الجهود الدعوية للندوة عن اهتداء‬
‫جمع من غير المسلمين إلى السلم ‪ ،‬ويبلغ متوسط عدد المهتدين الجدد‬
‫للسلم بواسطة الندوة العالمية في إفريقيا سنويا )‪ (4.900‬مسلم جديد‪.‬‬
‫مشروعات دعوية أخرى‪:‬‬
‫يضاف إلى ما سبق تقديم الندوة لمجموعة من المساعدات الخرى مثل‬
‫)كسوة العيد ‪ ،‬الحقيبة المدرسية ‪ ،‬ووجبة الحاج ‪ ،‬وزكاة الفطر‪ (...‬وغيرها ‪،‬‬
‫ويبلغ متوسط تكلفة تلك المساعدات في إفريقيا سنويا مبلغ )‪(110.100‬‬
‫ريال‪.‬‬
‫نماذج لمشاريع دعوية نفذتها الندوة في إفريقيا‪:‬‬
‫‪ .1‬مسجد سالم العطاس ‪ ،‬مساحتة )‪(224‬م ‪ 2‬تكلفة مبلغ )‪ (35.000‬ريال‬
‫ويقع بمنطقة )كونا( بدولة )غانا(‪.‬‬
‫‪ .2‬مسجد باعقيل ‪ ،‬مساحته )‪ (170‬م ‪ 2‬تكلف مبلغ )‪ (40.268‬ريال ويقع‬
‫بمنطقة )انكامي ( بدولة )توجو(‪.‬‬
‫‪ .3‬مسجد الروضة الشريفة ‪ ،‬مساحته )‪(175‬م ‪ 2‬تكلف مبلغ )‪ (56.000‬ريال‬
‫ويقع بمنطقة )جروي( بدولة ) الكاميرون(‪.‬‬
‫‪ .4‬مسجد محمد بن زيد ‪ ،‬مساحته )‪(170‬م ‪ 2‬تكلف مبلغ )‪ (55.000‬ريال‬

‫‪26‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ويقع بمنطقة )سنبكونس( بدولة )بوركينا فاسو(‪.‬‬


‫‪ .5‬مسجد الغامدي ‪ ،‬ماحته )‪(600‬م ‪ 2‬تكلف مبلغ )‪ (25.000‬ريال ويقع‬
‫بمنطقة )جالكعيو( بدولة )الصومال(‪.‬‬
‫‪ .6‬مجمع المام النووي ‪ ،‬تكلف مبلغ )‪ (450.000‬ريال ‪ ،‬ويتكون المجمع‬
‫من ‪:‬مدرسة ‪ ،‬مسجد ‪ ،‬مركز كمبيوتر ‪ ،‬بئر ‪ ،‬مرافق ‪ ،‬ويقع بدولة الصومال‪.‬‬

‫)‪(10 /‬‬

‫‪ .7‬مدرسة الندوة العالمية ‪ ،‬مساحتها )‪(768‬م ‪ 2‬تكلفت مبلغ )‪(400.000‬‬


‫ريال وتقع بمنطقة )أوغن( بدولة )نيجيريا(‪.‬‬
‫‪ .8‬مجمع مريم ناظر ‪ ،‬تكلف مبلغ )‪ (350.000‬ريال ‪ ،‬يتكون المجمع من‪:‬‬
‫مسجد ‪ ،‬مدرسة ‪ ،‬مرافق ‪ ،‬ويقع بدولة مالي‪.‬‬
‫‪ .9‬مجمع العصيمي ‪ ،‬تكلف مبلغ )‪ (2.003.500‬ريال ‪ ،‬ويتكون المجمع من‬
‫مسجد ‪ ،‬مدرسة ‪ ،‬مركز إسلمي ‪ ،‬بئر ‪ ،‬مرافق ‪ ،‬مكتب الندوة في تشاد ويقع‬
‫بدولة تشاد‪.‬‬
‫‪ .10‬مجمع دار الندوة ‪ ،‬تكلف مبلغ )‪ (275.000‬ريال ‪ ،‬ويتكون المجمع من‪:‬‬
‫مسجد ‪ ،‬مدرسة تحفيظ قرآن كريم ‪ ،‬بئر ‪ ،‬مرافق ‪ ،‬مكتب الندوة في تشاد‬
‫ويقع بدولة تشاد‪.‬‬
‫سادسا‬
‫أنماط العلقة المقترحة بين مؤسسات العمل السلمي‬
‫والجامعات في مجال التنمية البشرية والتوصيات الخاصة بذلك‬
‫تستهدف هذه الورقة في الساس إثارة التفكير في إعادة النظر في بعض‬
‫المسلمات التقليدية حول رسالة التعليم الجامعي ‪ ،‬ذلك أن الذين ينتقدون‬
‫نمط التعليم الجامعي التقليدي إنما ينطلقون من اتهام هذا النمط بتجنبه أهم‬
‫خصائصه ‪ ،‬أل وهي خصيصة حاجة المجتمع لمساعدة الجامعة‪.‬‬
‫إن بعض نقاد التعليم الجامعي يتهمون الجامعات بأنها تنكبت عن الطريق ‪،‬‬
‫وخذلت ثقة المجتمع فيها ‪ ،‬ذلك أنها بدل من البحث عن الحقائق شغلت‬
‫نفسها ببناء حصون أكاديمية لحماية المعتقدات القديمة )التربوية( ‪ ،‬وبدل من‬
‫أن تبتعد قليل عن عدم النتظام الذي يحدث في المجتمع أحيانا لتدرس على‬
‫نحو موضوعي للتخفيف منه أبعدت نفيها بمسافات شاسعة عن مشكلت‬
‫المجتمع الملحة حيث تشتد حاجته لمساعدتها ‪ ،‬وبدل من المحافظ على‬
‫استقللها باعتباره ضرورة للجهد العقلي المين والمنتج فإنها دافعت بشراسة‬
‫عن استقللها باعتباره امتيازا وغاية في ذاته ‪ ،‬وبدل من قيامها بتشكيل شباب‬
‫قادر على حل مشكلت المجتمع في الغد ‪ ،‬دربتهم على الهرب من نفس‬
‫المشكلت‪.‬‬
‫إن هذا النقد يفيد في أن تنظر الجامعات إلى برامجها وخططها ‪ ،‬أتظل تقدم‬
‫الجامعة برامج تعليمية بالطريقة النمطية أم أنها تنظر إلى هذه البرامج كجزء‬
‫من مشروع حضاري وتربوي أكثر شمول واتساعا بحيث يشمل خدمة‬
‫المجتمع سواء في النطاق الطبيعي أو في المجال النساني ‪ ،‬مرتبطة في‬
‫ذلك بالمتجمع المحيط عضويا وموضوعيا بل وهيكليا ‪ ،‬سعيا إلى التخلص من‬
‫واقع التخلف ‪ ،‬وحالت الفقر والجهل والمرض ‪ ،‬ووصول إلى تسريع خطى‬
‫التنمية البشرية والقتصادية‪.‬‬
‫ثمة فرضية تقول بان حلقات مفقودة بين نتائج الدراسات والبحوث التي‬
‫تجريها الجامعات وبين التطبيق الفعلي لهذه النتائج في مؤسسات المجتمع‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وانطلقا من هذه الفرضية يجيء الدور المهم الذي يمكن أن تؤديه الجامعة‬
‫من خلل المؤسسات الخيرية السلمية المرتبطة أصل بالخدمة الجتماعية‬
‫والتنمية البشرية ‪ ،‬ومن هنا يمكن أن يتم التقويم‬
‫التعاون‬
‫‪ .1‬عن أبي موسى رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال‪:‬‬
‫"المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ثم شبك بين أصابعه" ‪ .‬متفق‬
‫عليه‪.‬‬
‫‪ .2‬عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم‪" :‬مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا‬
‫اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" ‪ .‬متفق عليه‪.‬‬
‫‪ .3‬قوله صلى الله عليه وسلم ‪" :‬والله في عون العبد ما كان العبد في عون‬
‫أخيه" ‪ .‬رواه مسلم ‪.‬‬
‫‪ -4‬قوله عليه الصلة والسلم‪" :‬أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس وأحب‬
‫العمال إلى الله تعالى سرور يدخله على مسلم ‪ ،‬أو يكشف عنه كربة ‪ ،‬أو‬
‫يقضي عنه دينا ‪ ،‬أو يطرد عنه جوعا ‪ ،‬لن أمشي مع أخي في حاجة أحب إلى‬
‫من أن اعتكف في هذا المسجد – يعني مسجد المدينة – شهرا‪ ...‬ومن مشى‬
‫مع أخيه في حاجة حتى تتهيأ له أثبت الله قدمه يوم تزول القدام" ‪ .‬أخرجه‬
‫الطبراني وصحح اللياني‪.‬‬
‫التنسيق‬
‫التنسيق في الصل ما كان على طريقة نظام واحد ‪ .‬وهو التنظيم ‪ .‬والتنسيق‬
‫الذي نعنيه في هذه الدراسة هو العمل بين مؤسستين أو جهتين بحيث تتفاديا‬
‫التضارب والتناقض والتكرار بين أهدافها وأساليب عملها ‪ ،‬وبحيث يؤديا في‬
‫محصلة أعمالهما إلى نتيجة واحدة ويحققا هدفا مشتركا‪.‬‬
‫التكامل‬
‫الكمال‪ :‬التمام ‪ ،‬والتكامل بين اثنين هو أن يكمل أحدهما الخر ‪ ،‬أي هذا‬
‫يكمل نقص هذا ‪ ،‬فإن عمل المؤسسات السلمية يكمل عمل الجماعات في‬
‫تحقيق الهداف ‪ ،‬بحيث ل يستغني أحدهما عن الخر في نواحي تكميلية قد‬
‫يعجز عنها أحدهما بطبيعته ويقوم بها الخر بتخصصه وعنايته وإمكاناته‬
‫وتجربته‪.‬‬
‫وبناء على هذه التعريفات للتعاون والتنسيق والتكامل يمكننا إدراك مدى‬
‫أهمية قيام هذه الصول التنظيمية بين الجامعات ومؤسسات العمل السلمي‬
‫في خدمة التنمية البشرية والطفرة القتصادية‪.‬‬
‫برامج المشاركة المقترحة‬

‫)‪(11 /‬‬

‫البرامج المشتركة التي تحقق المقصد من التعاون والتنسيق والتكامل بين‬


‫الجامعات والمؤسسات السلمية هي برامج تأخذ صفة الشراكة من خارج‬
‫المجتمع الطلبي وذلك لثراء تفاعلت الطلب مما يساعد على نموهم بما‬
‫يتاح لهم من المشاركة النشطة مع أعضاء المجتمع المحلي ممثل في‬
‫مؤسسات العمل السلمي خارج الجامعة ‪ ،‬وقد تكون هذه الشراكة ضمن‬
‫النشطة الصيفية التي تكمل نمو الطالب المعرفي والتربوي ولجتماعي من‬
‫خلل استخدام معارفه النظرية ومهارته الفردية في خدمة مجتمعه‪.‬‬
‫وفي ذات السياق تحقق هذه الشراكة إخراج الجامعة من هم الوظيفة‬

‫‪28‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫التعليمية التقليدية الغالب ‪ ،‬إلى وظيفتي البحث وخدمة المجتمع‪.‬‬


‫إن عملية التنمية البشرية أصبحت تعتمد على قواعد معرفية أصيلة وعلى‬
‫قواعد التقنية الحديثة )‪ (Technology Base‬ول سبيل إلى تطبيق ذلك إل‬
‫بالتعاون والتكامل والتنسيق بين الجامعات مراكز المعرفة والتقنية‬
‫ومؤسسات العمل السلمية المختصة والمهتمة بخدمة المجتمع‪.‬‬
‫وهذا المر ستكون له نتائج إيجابية على الجامعات وكذلك المؤسسات ‪ ،‬ذلك‬
‫أن الكفاءة البحثية للجامعات ممثلة في الجانب التطبيقي من قبل‬
‫المؤسسات يعد معيارا مهما من معايير الجدارة والتميز ‪ ،‬كما أن المؤسسات‬
‫تكتسب بارتباطها بالجامعات بعدا مهنيا مطمئنا للمتعاونين معها باعتبار أن‬
‫الصفة الغالبة على أنشطتها العمل الطوعي الخيري سواء كان من الممولين‬
‫لمشاريعها أو العاملين في مؤسساتها‪.‬‬
‫وفي إفريقيا ومن دفع حركة الدعوة والتعليم السلمي التي وفرت لبناء‬
‫إفريقيا في كثير من البلدان فرص التعليم الجامعي والتي جاءت إشباعا‬
‫للطلب الجتماعي والقتصادي والنمائي المتزايد على التعليم العالي من بين‬
‫المجتمعات الفريقية المختلفة ‪ ،‬مما يتيح لهذه الجامعات حديثة النشأة أن‬
‫تتبنى مشاريع إبداعية للتعاون والتنسيق والتكامل مع مؤسسات العمل‬
‫السلمي يكون لها انعكاساتها وتفاعلها مع المجتمع المحلي المستهدف‬
‫بالتنمية والتطوير‪.‬‬
‫ومن هنا فعلى الجامعات المختلفة في إفريقيا ذات النهج والرسالة المشتركة‬
‫تصميم برامج للتنمية البشرية تراعي الحاجات الضرورية في محيطها‬
‫الجتماعي‪.‬‬
‫ففي بعض أنحاء من إفريقيا تحتاج الجامعات إلى برامج ومناهج تستهدف‬
‫تنمية روح الخاء السلمي والتدامج الجتماعي وإشاعة ثقافة السلم‬
‫الجتماعي بين القبائل ذات الصول المتعددة وتعديل روح التنافس القبلي‬
‫إلى اتجاهات تخدم القيم السلمية المرعية دون التركيز على العراق‬
‫والتباين القبلي‪.‬‬
‫وفي أماكن أخرى منها يمكن للجامعات بالشتراك مع المؤسسات السلمية‬
‫تصميم برامج للتطوير الجتماعي والنهوض بالمستوى الحرفي لدى السكان‬
‫في إفريقيا في المجالت القتصادية والتنموية المختلفة‪.‬‬
‫في حين تحتاج في أماكن أخرى بالشتراك مع المؤسسات العمل السلمي‬
‫إلى تصميم للتنمية البشرية من خلل برامج محو المية البجدية والثقافية‬
‫وتوجيه السلوك الجتماعي لخدمة النماء القتصادي وإدخالها ضمن النشاط‬
‫القتصادي ‪ ،‬وتحويلها من ثقافة الستحواذ التفاخري إلى دائرة النشاط‬
‫القومي‪.‬‬
‫كذلك تحتاج بعض الجامعات في إفريقيا بالشتراك مع مؤسسات العمل‬
‫السلمي إلى تصميم برامج تهدف إلى إشاعة ثقافة السلم الجتماعي في‬
‫إفريقيا ‪ ،‬وتطوير أساليب ووسائل سبل كسب العيش ‪ ،‬والهتمام ببرامج‬
‫محو المية البجدية والدينية لدى المسلمين هناك‪ .‬كما يمكن أن تقوم‬
‫الجامعة بتطوير الثقافات المحلية وتنقيتها من المظاهر السالبة في التصور‬
‫والممارسة‪.‬‬
‫هذه مجرد أمثلة ممكن النظر فيها أو البناء على منوالها ‪ ،‬القصد منها فتحه‬
‫كوة من التفكير لستنباط أنماط من سبل التعاون والتنسيق والتكامل بين‬
‫الجامعات في إفريقيا ومؤسسات العمل السلمي التي تعني بحركة التعليم‬
‫والبناء والتنمية‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫سابعا‬
‫الخاتمة والتوصيات‬
‫وبعد فإن على الجامعات ومؤسسات العمل السلمي واجب تحتمه الظروف‬
‫القائمة التي تواجه المسلمين في هويتهم واصل وجودهم وتهدد ثقافتهم‬
‫وقيمهم وأساليب حياتهم وآدابهم وفنونهم وكل مكونات حضارتهم‪.‬‬
‫إن على الجامعات والمؤسسات وحدها إمكانية النهوض بالمة من كبوتها ‪،‬‬
‫وهي الساس في إنفاذ ما تطرقت إليه هذه الورقة من أفكار ورؤى ‪ ،‬إن‬
‫المؤسسات والجامعات إذا صلحت صلح أمر المجتمع المسلم وبصلح‬
‫المسلمين ينصلح الخرون إن شاء الله تعالى ‪ ،‬ذلك أن ما خسره العالم‬
‫بانحطاط المسلمين ما زالت آثاره قائمة وتداعياته ماثلة‪.‬‬
‫فاحرصوا بارك الله جهودكم وسدد خطاكم على إنقاذ هذه الخطوة غير‬
‫المسبوقة في الشراكة بين الجامعات ومؤسسات العمل السلمي الخيرة‪.‬‬
‫وقبل الختام بجدر بنا أن نضع بين أيديكم التوصيات التي نعتقد أنها تفيدنا في‬
‫هذا المر‪:‬‬
‫التوصيات‪:‬‬
‫• ضرورة إنشاء مجلس تنسيق يضم المؤسسات العاملة في إفريقيا‬
‫والجامعات الفريقية لتحديد الهداف والخطط الستراتيجية المشتركة‪.‬‬

‫)‪(12 /‬‬

‫• إقامة دورات تدريبية للعاملين في المؤسسات السلمية بالتعاون مع‬


‫الجامعات في المجالت المتماثلة‪.‬‬
‫• تطوير العلقة بين الجامعات ومؤسسات العمل السلمية عن طريق‬
‫الهتمام بالبحث العلمي وتوجيه البحوث قدر المستطاع نحو البحوث‬
‫التطبيقية ذات العائد التنموي بشريا واقتصاديا على المجتمع‪.‬‬
‫• التعاون بين الجامعات والمؤسسات السلمية عن طريق تبادل الخبرات‬
‫والمعلومات والمختصين بين الجهتين بما يحقق المشاركة الفعالة في‬
‫مجالت البحث والتدريب والستشارة‪.‬‬
‫• أهمية التعاون مع المؤسسات السلمية لتحديث برامج التعليم المستمر‬
‫في الجامعات كما وكيفا بحيث تغطي أكبر عدد من المستفيدين ‪ ،‬وجدير‬
‫بالذكر أن جامعة هارفارد تخدم ‪ 45‬ألف طالب من الكبار يدرسون بعض‬
‫الوقت كل عام‪.‬‬
‫• ضرورة شراكة مؤسسات العمل السلمي بمنظورها الدعوي المميز مع‬
‫الجامعات للتخفيف من ظاهرة الغتراب والستلب الثقافي التي تتسم بها‬
‫أغلب مناهج التعليم الجامعي‪.‬‬
‫• أهمية النخراط في عضوية المنظمات القليمية والعالمية للستفادة من‬
‫عضويتها لتنفيذ مشروعات ذات صبغة مشتركة ‪ ،‬مع الستفادة من التجارب‬
‫الناضجة لبعض المؤسسات القائمة حاليا مثل اليسيسكو ورابطة الجامعات‬
‫السلمية واتحاد الجامعات العربية وغيرها من المؤسسات‪.‬‬
‫• العناية بالتوثيق والحصاء وإشاعة الشفافية في التعامل المالي ‪ ،‬والهتمام‬
‫بذلك مع التركيز على ضرورة إصدار النشرات الدورية والصدارات المختلفة‬
‫التي تبين ذلك المر مدعمة بالحصاء والبيانات المهمة‪.‬‬
‫• المناداة بقيام دورية سنوية في شرق ووسط وجنوب غرب إفريقيا للمزيد‬
‫من التفاكر والتباحث والوصول إلى أفضل النتائج والمقاصد‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫• أهمية أن تضطلع رابطة الجامعات السلمية وتبادر لتطوير العلقة بين‬


‫الجامعات ومؤسسات العمل السلمي الخيري وبخاصة فيما يتصل ويخدم‬
‫حركة الدعوة والتنمية في إفريقيا‪.‬‬
‫• الخروج بأمانة تنسيقية لتنفيذ ما سبق ذكره ونقترح جامعة إفريقيا العالمية‬
‫بما توفر لها من إمكانيات وكوادر بشرية مقتدرة ومميزة أن تكون مقرا‬
‫مناسبا لهذه المانة على أن تكون رعايتها والشراف عليها من قبل رابطة‬
‫الجامعات السلمية ‪.‬‬
‫وهذا وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم‬
‫قام بإعداد البحث‬
‫قسم الدراسات والبحوث بلجنة شباب إفريقيا‬
‫بالندوة العالمية للشباب السلمي‬
‫بإشراف د‪ /‬خالد بن عبدالرحمن العجيمي‬
‫‪----------------------------------‬‬
‫‪ 1‬جمال محمد عبده ‪ ،‬دور المنهج السلمي في تنمية الموارد البشرية ‪،‬‬
‫عمان ‪ ،‬دار الفرقان ‪ ،‬مؤسسة الرسالة ‪ ،‬الطبعة الولى ‪1404‬هـ ‪1984 -‬م‬
‫ص ‪. 220 – 217‬‬
‫‪ 2‬سورة التوبة – الية ‪3‬‬
‫‪ 1‬سورة آل عمران – الية ‪. 37‬‬
‫‪ 2‬سورة السراء – الية ‪. 24‬‬
‫‪ 3‬سورة الحديد – الية ‪. 20‬‬
‫‪ 4‬سورة النعام – الية ‪. 99‬‬
‫‪ 5‬سورة المؤمنون – الية ‪. 42‬‬
‫‪ 6‬المرجع السابق ص ‪. 237‬‬
‫‪ 7‬المرجع السابق ص ‪. 246 – 243‬‬
‫‪ 1‬د‪ .‬زكي محمود هاشم ‪ ،‬إدارة الموارد البشرية ‪ ،‬الكويت ‪ ،‬ذات السلسل‬
‫لطباعة والنشر والتوزيع ن الطبعة الولى ‪ 1409‬ه ـ ‪1989 -‬م ص ‪. 22‬‬
‫‪ 2‬د‪ .‬منصور أحمد منصور قراءات في تنمية الموارد البشرية ‪ ،‬الكويت ‪،‬وكالة‬
‫المطبوعات طبعة عام ‪2976‬م ص ‪. 203‬‬
‫‪ 1‬مرجع سابق د‪ .‬زكي محمود هاشم ‪ ،‬إدارة الموارد البشرية ص ‪. 255‬‬
‫‪ 1‬وليم تريس نرجمة د‪ .‬سعد احمد الجبالي ‪ ،‬تصميم نظم التدريب‬
‫والتطوير ‪ ،‬معهد الدارة العامة بالرياض طبعة ‪1411‬هـ ‪1990 -‬م ص ‪. 339‬‬
‫)‪ (1‬مرجع سابق ‪ ،‬د‪ .‬أحمد ماهر ‪ ،‬إدارة الموارد البشرية ‪،‬ص ‪284‬‬
‫)‪ (2‬مرجع سابق ‪ ،‬د‪ .‬زكي محمود هاشم ‪‘ ،‬دارة الموارد البشرية ‪ ،‬ص ‪191‬‬
‫)‪ (3‬مرجع سابق ‪ ،‬د‪ .‬أحمد ماهر ‪ ،‬إدارة الموارد البشرية ‪ ،‬ص ‪289‬‬
‫)‪ (1‬ضمن أبحاث ملتقى خادم الحرمين الشريفين السلمي الثقافي –‬
‫جوهانسبيرج – جنوب إفريقيا ‪9/7/1423-6 ،‬هـ‪.‬‬

‫)‪(13 /‬‬

‫مؤمن آل يس‪ ..‬ودروس للدعاة إلى الله‬


‫)الشبكة السلمية(‬
‫سل َْناكَ‬ ‫دين الله رحمة‪ ،‬ونبي الله صلى الله عليه وسلم أعظم رحمة‪) :‬وما أرَ‬
‫َ َ ْ َ‬
‫ن(]النبياء‪.[107:‬‬ ‫ة ل ِل َْعال َ ِ‬
‫مي َ‬ ‫م ً‬ ‫إ ِّل َر ْ‬
‫ح َ‬
‫إن إنقاذ الناس من الكفر ـ بل شك ـ رحمة‪ ،‬وإن إرشاد الضال رحمة‪ ،‬وإن‬

‫‪31‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫التثبيت على الصراط المستقيم بعد حيرة الشك رحمة‪ ،‬وإن إخراج النسان‬
‫من فتنة الشهوات وحيرة الشبهات رحمة‪ ،‬وإن توبة العاصي رحمة‪ ،‬وإن‬
‫الهداية بعد العمى والضلل رحمة‪ ،‬وإن العلم النافع بعد الجهل رحمة‪.‬‬
‫دم النصيحة للمخطئ‪ ،‬وأن يوعظ الغافل‪ ،‬وأن ينَبه‬ ‫ومن الرحمة‪ :‬أن ُتق َ‬
‫ما على الخير‪ ،‬وأن يؤمروا بالمعروف وينهوا عن‬ ‫س دو ً‬ ‫ل النا ُ‬ ‫الشارد‪ ،‬وأن ُيد ّ‬
‫المنكر‪.‬‬
‫ما‪ ،‬واسع الصدر‪،‬‬ ‫ما بالعباد‪ ،‬حكي ً‬ ‫وإن الداعي إلى دين الله عز وجل يكون رحي ً‬
‫صا‪ ،‬يبدأ بنفسه‪ ،‬ويتمنى الخير للناس جميًعا‪ ،‬ويدعوهم إلى ما‬ ‫صدوًقا‪ ،‬مخل ً‬
‫أحبه لنفسه ورضيه لروحه مما فيه صلح الدنيا وسعادة الخرة‪ ،‬فهو يعيش‬
‫لدعوته يرجو رحمة الله وفضله‪..‬‬
‫حبيب وطريق النور‬
‫إنه طريق النور‪ ،‬طريق النبياء والمرسلين‪ ،‬ومن معالمه الساسية ما وضحه‬
‫جرا ً‬ ‫مؤمن آل يس حين قال لقومه‪) :‬اتبعوا ال ْمرسِلين * اتبعوا من ل يسأ َل ُك ُ َ‬
‫مأ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ِّ ُ‬ ‫ُ ْ َ َ‬ ‫ِّ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫ن ُدون ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫خذ ُ ِ‬ ‫ن * أأت ّ ِ‬ ‫جُعو َ‬ ‫ذي فطَرِني وَإ ِلي ْهِ ت ُْر َ‬ ‫َ‬ ‫ي ل أعْب ُد ُ ال ّ ِ‬ ‫ما ل ِ َ‬ ‫ن * وَ َ‬ ‫دو َ‬ ‫مهْت َ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫وَهُ ْ‬
‫ن * إ ِّني ِإذا ً‬ ‫ذو ِ‬ ‫ق ُ‬ ‫ً‬
‫شْيئا َول ي ُن ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫فاعَت ُهُ ْ‬ ‫ش َ‬‫ن عَّني َ‬ ‫ضّر ل ت ُغْ ِ‬ ‫ن بِ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ح َ‬
‫ن الّر ْ‬ ‫ن ي ُرِد ْ ِ‬ ‫ة إِ ْ‬ ‫آل ِهَ ً‬
‫ن(]يس‪.[25 -20:‬‬ ‫مُعو ِ‬ ‫س َ‬ ‫م فا ْ‬‫َ‬ ‫ُ‬
‫ت ب َِرب ّك ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ن * إ ِّني آ َ‬ ‫مِبي ٍ‬ ‫ل ُ‬ ‫ضل ٍ‬ ‫في َ‬ ‫لَ ِ‬
‫فقد أسمع هذا الداعي المين الصالح الناس معتقده الصحيح المؤسس على‬
‫الدليل والبرهان قبل أن يفارق الدنيا‪ ،‬وكأنه يريد أن يقول‪ :‬أل هل بلغت‪،‬‬
‫اللهم فاشهد‪.‬‬
‫لقد شافه الداعي المين قومه بذلك‪ ،‬وصدع بالحق إظهاًرا للثبات على الدين‬
‫وعدم المبالة بما يصدر عن المتعنتين‪ ،‬وإن إضافة الرب إلى ضمير‬
‫م( لتحقيق الحق والتنبيه على بطلن ما هم‬ ‫ت ب َِرب ّك ُ ْ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫المخاطبين في )إ ِّني آ َ‬
‫ن(‪،‬‬ ‫مُعو ِ‬ ‫س َ‬ ‫عليه من اتخاذ الصنام أرباًبا‪ ،‬أي‪ :‬إني آمنت بربكم الذي خلقكم )َفا ْ‬
‫أي‪ :‬فاسمعوا قولي واقبلوه‪ ،‬فإني ل أبالي بما يكون منكم بعد ذلك‪.‬‬
‫لقد كان هذا الداعي المين قوي الحجة‪ ،‬ساطع البرهان‪ ،‬صادق اللهجة‪ ،‬ثابت‬
‫الجنان‪ ،‬عظيم الرغبة في الخير لنفسه وللناس‪ ،‬اعتصم بحبل الله‪ ،‬وأخلص‬
‫العمل لله‪ ،‬وثابر في الدعاء إلى الله حتى حظى بالشهادة‪ ،‬ونال الكرامة‪،‬‬
‫وفاز بالرضوان‪ ،‬وفرح بلقاء ربه‪ ،‬فقد ضاقت صدور الملحدين‪ ،‬وتحير أمام‬
‫الحجة البالغة الحاقدون المناوئون‪ ،‬فوثبوا على الرجل الصالح وثبة رجل واحد‬
‫فقتلوه )قيل رجموه ‪ ،‬وقيل حرقوه‪ ،‬وقيل وطؤوه بأرجلهم ( ولم يكن له أحد‬
‫من القوم يمنع عنه‪ ،‬ويرد هجمتهم الشرسة‪ .‬فلم يزالوا به حتى فاضت روحه‬
‫إلى بارئها‪ ،‬وظل القلب الطاهر يهتف "اللهم اهدِ قومي إنهم ل يعلمون"‪.‬‬
‫ياليب قومي يعلمون‬
‫وجاءته البشرى‪ ،‬واستقبلته ملئكة الرحمة‪ ،‬ووجد داًرا خيًرا من داره‪ ،‬وأهل ً‬
‫ة(‬ ‫جن ّ َ‬‫ل ال ْ َ‬ ‫خ ِ‬‫ل اد ْ ُ‬ ‫ما بالناس فرحمه رب الناس‪ِ) :‬قي َ‬ ‫خيًرا من أهله‪ ،‬لقد كان رحي ً‬
‫فَر ِلي َرّبي(]يس‪،[27 ،26 :‬‬ ‫ما غَ َ‬ ‫ن *ب ِ َ‬ ‫مو َ‬ ‫َ‬
‫مي ي َعْل ُ‬ ‫ت قَوْ ِ‬ ‫ل َيا ل َي ْ َ‬ ‫فلما شاهدها )َقا َ‬
‫أي بغفران ربي لي‪.‬‬
‫صَبها‪ ،‬وهو المؤمن الناصح‪،‬‬ ‫قمَها ون َ‬ ‫س ْ‬ ‫لقد أذهب الله عن حبيب حزن الدنيا و َ‬
‫فلما عاين من كرامة الله تمنى على الله أن يعلم قومه ما عاين من الكرامة‬
‫جعَل َِني‬ ‫فَر ِلي َرّبي وَ َ‬ ‫ما غَ َ‬ ‫ن * بِ َ‬ ‫مو َ‬ ‫مي ي َعْل َ ُ‬ ‫ت قَوْ ِ‬ ‫ل َيا ل َي ْ َ‬ ‫والرحمة والرضوان‪َ) :‬قا َ‬
‫ن(‪.‬‬‫مي َ‬ ‫مك َْر ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫فتمنى أن يعلموا بحاله ليعلموا حسن مآله وحميد عاقبته ليؤمنوا مثل إيمانه‬
‫فيصيروا إلى مثل حاله‪ ..‬قال ابن عباس رضي الله عنهما‪" :‬نصح قومه في‬
‫مي‬ ‫ت قَوْ ِ‬ ‫ن( وبعد مماته بقوله‪َ) :‬يا ل َي ْ َ‬ ‫سِلي َ‬ ‫مْر َ‬ ‫حياته بقوله‪َ) :‬يا قَوْم ِ ات ّب ُِعوا ال ْ ُ‬

‫‪32‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ن("‪].‬رواه ابن أبي حاتم[‪.‬‬‫مي َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬


‫مك َْر ِ‬ ‫جعَل َِني ِ‬
‫م َ‬ ‫ما غَ َ‬
‫فَر ِلي َرّبي وَ َ‬ ‫ن * بِ َ‬ ‫ي َعْل َ ُ‬
‫مو َ‬
‫إن حبيًبا وأمثاله من الدعاة المخلصين لعقيدتهم هم أشبه بالمنارات على‬
‫الطريق‪ ،‬وفي سيرهم عبرة وعظة‪ ،‬والواعظ الناجح هو الذي يقتبس‪ ،‬وعلى‬
‫طريق هذه النماذج العالية يجتهد في السير‪ ،‬ومن كتاب ربنا نتعلم‪ ،‬ومن سنة‬
‫نبينا صلى الله عليه وسلم نتزود‪ ،‬وإن هذه الية الكريمة فيها تنبيه عظيم‪،‬‬
‫ودللة على وجوب كظم الغيظ‪ ،‬والحلم على أهل الجهل‪ ،‬والترؤف على من‬
‫أدخل نفسه في غمار الشرار وأهل البغي‪ ،‬والتشمر في تخليصه‪ ،‬والتلطف‬
‫في افتدائه‪ ،‬والشتغال بذلك عن الشماتة والدعاء عليه‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫أل ترى كيف نصح حبيب لقومه في حياته وبعد موته؟ أل نرى كيف تمنى‬
‫الخير لقتلته والباغين له الغوائل والهلك وهم كفرة عبدة أوثان؟ أل نذكر في‬
‫هذا المقام الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم وقد اشتد أذى قومه‪،‬‬
‫جا‪ ،‬وكان‬ ‫وهو الناصح المين الرحيم بهم‪ ،‬فلم يدع عليهم في أشد الوقات حر ً‬
‫يدعو لهم بالهداية "اللهم اهدِ قومي فإنهم ل يعلمون"‪" ،‬لعل الله يخرج من‬
‫أصلبهم من يعبد الله"‪.‬‬
‫إننا في أشد الحاجة إلى هذه المناهج العالية‪ ،‬وإن الدعاة إلى الله يجب‬
‫عليهم أن يلزموا نفس الطريق‪ ،‬طريق المرسلين والصديقين في الرحمة‬
‫بالناس‪ ،‬والرفق بهم‪ ،‬والتلطف في إرشادهم‪ ،‬وفي الوصول إلى القلوب‬
‫والعقول بالقول الحسن‪ ،‬والكلم الطيب‪ ،‬والحكمة‪ ،‬والدليل والبرهان‪ ،‬ولين‬
‫الجانب‪ ،‬والخلص‪ ،‬والصبر‪ ،‬وتحمل الذى والمشقة مع حسن التوكل على‬
‫الله‪ ،‬وتفويض المر إليه وحده‪ ،‬وإن الله عز وجل ناصر أولياءه‪ ،‬وخاذل‬
‫أعداءه ‪..‬وقد انتقم من قوم حبيب بعد قتلهم إياه غضًبا منه عليهم؛ لنهم‬
‫كذبوا رسله‪ ،‬وقتلوا وليه‪ ،‬وما احتاج في إهلكه إياهم أكثر من صيحة ملك‪،‬‬
‫فبادوا عن وجه الرض‪ ،‬فلم يبق منهم باقية‪ ،‬جزاء تعنتهم‪ ،‬ومكابرتهم‪ ،‬وقتلهم‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م*‬ ‫مك ُ ْ‬ ‫ت أقْ َ‬
‫دا َ‬ ‫صْرك ُ ْ‬
‫م وَي ُث َب ّ ْ‬ ‫صُروا الل ّ َ‬
‫ه ي َن ْ ُ‬ ‫ن ت َن ْ ُ‬
‫مُنوا إ ِ ْ‬
‫نآ َ‬ ‫الناصح المين‪َ).‬يا أي َّها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫فروا فَتعسا ً ل َهم وأ َض ّ َ‬
‫م( )محمد‪. ( 7،8:‬‬ ‫مال َهُ ْ‬‫ل أع ْ َ‬ ‫ُ ْ َ َ‬ ‫َْ‬ ‫ن كَ َ ُ‬ ‫َوال ّ ِ‬
‫ذي َ‬
‫فطوبى لمن قدم إيماًنا صادًقا وعمل ً صال ً‬
‫حا‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫مؤهلت النصر في جيل الصحابة‬


‫الحمد لله وحده و الصلة و السلم على من ل نبي بعده صلى الله عليه و‬
‫سلم تسليما كثيرا‬
‫و بعد ‪..‬‬
‫إن كل أمة تعتز بتاريخها و تفخر ببطولت أبنائها و رجالتها و إن أحق أمم‬
‫الرض بهذا العتزاز و الفخار هي المة السلمية لما أنجبته على طول‬
‫تاريخها من رجال و أبطال يقف التاريخ أمام صفحات بطولتهم وقفة إعزاز و‬
‫فخر و ليس هذا فحسب بل لشهادة العزيز الغفار قال سبحانه و تعالى "‬
‫ْ‬
‫ن‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫منك َرِ وَت ُؤْ ِ‬
‫مُنو َ‬ ‫ن عَ ِ‬
‫ف وَت َن ْهَوْ َ‬ ‫ن ِبال ْ َ‬
‫معُْرو ِ‬ ‫مُرو َ‬
‫س ت َأ ُ‬
‫ت ِللّنا ِ‬
‫ج ْ‬ ‫مةٍ أ ُ ْ‬
‫خرِ َ‬
‫ُ‬
‫خي َْر أ ّ‬
‫م َ‬ ‫ُ‬
‫كنت ُ ْ‬
‫ِبالل ّهِ "‬
‫فسبحان من قدمنا على الناس وسقانا من السلم أروى كأس و جعل بيننا‬
‫أفضل نبي رعا و ساس وقال لنا كنتم خير أمة أخرجت للناس ‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫و إن كل أمة قادة و رموزا يمثلون قيمة و يوجهون المة ليصعدوا بالناس إلى‬
‫القمة ويبلغوا بها درجات الجنة فإن قادة و رموز المجتمع المسلم هم صحابة‬
‫النبي صلى الله عليه و سلم ‪ ،‬من نقتهم المحن ‪ ،‬و محصتهم الفتن ‪ ،‬الذين‬
‫وضعوا أيديهم في يد النبي صلى الله عليه و سلم حتى ارتفعت راية السلم‬
‫خفاقة و انتشر السلم في ربوع الرض فمن رام الرفعة و العزة استهدى‬
‫بهديهم و اتبع طريقهم‪.‬‬
‫وهذه جملة من المؤهلت التي أهلت الصحابة – رضي الله عنهم – لقيادة‬
‫البشرية على سبيل الختصار ل الحصر ‪:‬‬
‫‪ -1‬تعظيمهم لمر الله عز و جل و أمر رسوله صلى الله عليه و سلم‬
‫كان الصحابة – رضي الله عنهم – يسارعون إلى تنفيذ أوامر الله عز و جل و‬
‫مُنوا ْ‬ ‫َ‬
‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫أمر رسوله صلى الله عليه و سلم عمل بقول الله تعالى " َيا أي َّها ال ّ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن " ) النفال ‪( 20‬‬ ‫مُعو َ‬ ‫س َ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫ه وَأنت ُ ْ‬ ‫وا عَن ْ ُ‬ ‫ه وَل َ ت َوَل ّ ْ‬ ‫سول َ ُ‬‫ه وََر ُ‬ ‫طيُعوا ْ الل ّ َ‬ ‫أ ِ‬
‫مرا ً َأن‬ ‫هأ ْ‬
‫كان ل ِمؤْمن ول َ مؤْمنة إَذا قَضى الل ّه ورسول ُ َ‬
‫ُ ََ ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫ما َ َ َ ُ ِ ٍ َ ُ ِ َ ٍ ِ‬ ‫و قوله عز و جل " وَ َ‬
‫مِبينا " )‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ضلل ّ‬ ‫َ‬ ‫ل َ‬ ‫ض ّ‬‫قد ْ َ‬ ‫َ‬
‫هف َ‬ ‫َ‬
‫سول ُ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫ّ‬
‫ص الل َ‬ ‫م ال ْ ِ‬ ‫ن ل َهُ ُ‬ ‫يَ ُ‬
‫من ي َعْ ِ‬ ‫م وَ َ‬ ‫مرِهِ ْ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫خي ََرة ُ ِ‬ ‫كو َ‬
‫الحزاب ‪( 36‬‬
‫فهذا موقف الصحابة الكرام – رضي الله عنهم – و استجابتهم لمر الله عز و‬
‫جل و أمر رسوله صلى الله عليه و سلم و خروجهم إلى حمراء السد في‬
‫صبيحة يوم أحد و قد دعاهم رسول الله صلى الله عليه و سلم للخروج‬
‫فخرجوا على ما بهم من جراح و ألم تعظيما لمر الله عز و جل و أمر رسوله‬
‫صلى الله عليه و سلم و سجل الله عز و جل لهم ذلك الموقف في كتابه‬
‫الخالد في سورة آل عمران ‪.‬‬
‫‪ -2‬صدقهم – رضي الله عنهم – في إيمانهم و أقوالهم و أعمالهم‬
‫قَراء‬ ‫ف َ‬ ‫ْ‬
‫و قد وصف الله عز و جل المهاجرين الكرام بالصدق ‪ ،‬فقال تعالى " ل ِل ُ‬
‫وانا ً‬ ‫َ‬ ‫ن أُ ْ‬
‫ض َ‬ ‫ن الل ّهِ وَرِ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ضل ً ّ‬ ‫ن فَ ْ‬ ‫م ي َب ْت َُغو َ‬‫وال ِهِ ْ‬ ‫م َ‬
‫م وَأ ْ‬ ‫من ِديارِهِ ْ‬ ‫جوا ِ‬ ‫خرِ ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫ري َ‬ ‫ج ِ‬ ‫مَها ِ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ُ‬
‫ه أوْل َئ ِ َ‬
‫ن " ) الحشر ‪( 8‬‬ ‫صادُِقو َ‬ ‫م ال ّ‬ ‫ك هُ ُ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫صُرو َ‬ ‫وََين ُ‬
‫ما‬ ‫صد َُقوا َ‬ ‫ل َ‬ ‫جا ٌ‬ ‫ن رِ َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬
‫مِني َ‬ ‫ْ‬
‫ن ال ُ‬ ‫م َ‬ ‫و نزل فيهم – رضي الله عنهم – قوله تعالى " ِ‬
‫ديل "‬ ‫ً‬ ‫ُ‬
‫ما ب َد ّلوا ت َب ْ ِ‬ ‫من َينت َظ ُِر وَ َ‬ ‫من ُْهم ّ‬ ‫ه وَ ِ‬ ‫حب َ ُ‬ ‫ضى ن َ ْ‬ ‫من قَ َ‬ ‫من ُْهم ّ‬ ‫ه عَل َي ْهِ فَ ِ‬ ‫دوا الل ّ َ‬ ‫عاهَ ُ‬ ‫َ‬
‫) الحزاب ‪( 23‬‬
‫و ل نستطيع أن ننسى موقف أنس بن النضر رضي الله عنه يوم أحد و قوله‬
‫لسعد بن معاذ الجنة و رب النضر إني أجد ريحها من دون أحد قال سعد ‪:‬‬
‫فما استطعت يا رسول الله ما صنع ‪ ،‬قال أنس بن مالك رضي الله عنه ‪:‬‬
‫فوجدنا به بضعا و ثمانين ضربة بالسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم‬
‫ووجدناه قد قتل وقد مثل به المشركون فما عرفه أحد إل أخته ببنانه ‪.‬‬
‫‪ -3‬زهدهم في الدنيا و رغبتهم في الخرة‬
‫إنما سبق الصحابة رضي الله عنهم بقوة يقينهم بالخرة الباقية و زهدهم في‬
‫الدنيا الفنية قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه للتابعين لنتم أكثر عمل‬
‫من أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم لكنهم كانوا خير منكم كانوا‬
‫أزهد في الدنيا و أرغب في الخرة‬
‫تصف أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها فراش رسول الله صلى الله عليه‬
‫و سلم فتقول " كان ينام أدما حشوه ليفا " متفق عليه وهذا عمر رضي الله‬
‫عنه و هو خليفة المسلمين يرقع ثوبه و ينام على ظنفة رحله متوسدا الحقيبة‬
‫و يقول هذا يبلغني المقيل‪.‬‬
‫‪ -4‬شجاعتهم النادرة و استهانتهم بالحياة الدنيا‬
‫و كأن صحابة النبي صلى الله عليه و سلم تمثلت لهم الخرة و تحلت لهم‬

‫‪34‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الجنة بنعمائها كأنهم يرونها رأي العين فطاروا إليها طيران الحمام الزاجل ل‬
‫يلوي شيء و تعددت صور شجاعتهم فهذا عمير بن الحمام يوم بدر يقول "‬
‫بخ بخ إنها الحياة الطويلة إن أنا بقيت إلى أن آكل تلك الثمرات وألقاها من‬
‫يده ثم قاتلهم حتى قتل "‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫وفي يوم اليمامة أغلقت بنو حنيفة أنصار مسيلمة الكذاب الباب عليهم و‬
‫أحاط بهم الصحابة فقال البراء بن مالك ‪ :‬يا معشر المسلمين ألقوني عليهم‬
‫في الحديقة فاحتملوه فوق الجحف ورفعوها بالرمح حتى ألقوه عليهم من‬
‫فوق سورها فلم يزل يقاتلهم دون بابها حتى فتحه و دخل المسلمون الحديقة‬
‫من حيطانها و أبوابها يقتلون من فيها من المرتدة من أهل اليمامة حتى‬
‫خلصوا إلى مسيلمة – لعنه الله – ‪ -5‬قطع حبال الجاهلية وموالة الله عز‬
‫وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين ‪:‬‬
‫كان الواحد من الصحابة بمجرد أن يدخل السلم يجتهد كل الجتهاد أن يقطع‬
‫حبال الجاهلية و أن يخلع على باب هذا الدين مل ماضيه بما فيه من سوءات‬
‫وظلمات‬
‫فهذا عبد الله بن أبي سلول يستأذن النبي صلى الله عليه و سلم بأن يأتي‬
‫برأس والده رأس المنافقين و هذا حنظلة بن أبي عامر يطلب من النبي‬
‫صلى الله عليه و سلم قتل أبيه لما آذى الرسول صلى الله عليه و سلم‬
‫والمسلمين فينهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك كما نهى عبد الله بن‬
‫أبي بن سلول ‪.‬‬
‫‪ -6‬استهانتهم بزخارف الدنيا وزينتها الجوفاء ‪:‬‬
‫علم الصحابة – رضي الله عنهم – حقارة الدنيا وزيف زخارفها فاستهانوا بها‬
‫فلم تبهرهم الضواء و لم تشغلهم الشهوات ‪ ،‬و ما موقف الصحابي الجليل‬
‫ربعي بن عامر يوم القادسية عنا ببعيد حين دخل على رستم و قد مزق‬
‫النمارق و الوسائد التي وضعت له وهو إنما يمزق شهوات الدنيا الفانية‬
‫وزخارفها الجوفاء ‪.‬‬
‫‪ -7‬حرصهم على الجتماع و الوحدة ونبذ الخلف ‪:‬‬
‫كان الصحابة – رضي الله عنهم – من أحرص الناس على أسباب الرفعة و‬
‫النصر و التي من أسبابها الوحدة و الجتماع و نبذ الخلف قال تعالى "‬
‫فّرُقوا ْ " ) آل عمران ‪( 103‬‬
‫ميعا ً وَل َ ت َ َ‬ ‫ل الل ّهِ َ‬
‫ج ِ‬ ‫موا ْ ب ِ َ‬
‫حب ْ ِ‬ ‫ص ُ‬
‫َواعْت َ ِ‬
‫قال علي رضي الله عنه السنة و الله سنة محمد صلى الله عليه و سلم و‬
‫البدعة ما فارقها ‪ ،‬و الجماعة و الله مجامعة أهل الحق و الفرقة مجامعة أهل‬
‫الباطل وإن كثروا ‪.‬‬
‫‪ -8‬مسارعتهم – رضي الله عنهم – إلى التوبة والنابة إن بدرت منهم‬
‫المعصية‪:‬‬
‫كما في قصة ماعز الذي أقر عند رسول الله صلى الله عليه و سلم على‬
‫نفسه بالزنا فأمر بإقامة الحد عليه ثم أتت الغامدية تقر على نفسها كذلك ‪ .‬و‬
‫كذا الثلثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك بغير عذر حتى نزلت براءتهم من‬
‫السماء فقد كان الصحابة – رضي الله عنهم – من أسرع الناس إلى التوبة و‬
‫النابة و العتراف بالذنب ‪ ،‬كما أنهم دائما أسرع الناس إلى الخير فرضي الله‬
‫عنهم أجمعين ‪.‬‬
‫‪ -9‬تكافلهم فيما بينهم و مواساتهم لخوانهم‬

‫‪35‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫م‬
‫سهِ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫ن عََلى َأن ُ‬ ‫قد مدح الله عز و جل النصار الكرام بقوله تعالى " وَي ُؤْث ُِرو َ‬
‫ة " ) الحشر ‪( 9‬‬ ‫ص ٌ‬
‫صا َ‬ ‫خ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ب ِهِ ْ‬ ‫كا َ‬ ‫وَل َوْ َ‬
‫خوَةٌ "‬ ‫ن إِ ْ‬‫مُنو َ‬ ‫ما ال ْ ُ‬
‫مؤ ْ ِ‬ ‫و كانوا رضي الله عنهم يمتثلون قوله سبحانه " إ ِن ّ َ‬
‫عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قدم عبد الرحمن بن عوف فآخى‬
‫النبي صلى الله عليه و سلم بينه و بين سعد بن الربيع النصاري ‪ ،‬فعرض‬
‫عليه أن يناصفه أهله و ماله ‪ ،‬فقال عبد الرحمن بن عوف ‪ :‬بارك الله لك في‬
‫أهلك و مالك " البخاري‬
‫‪ -10‬اتهامهم أنفسهم دائما بالتقصير‬
‫ن‬‫ي إِ ّ‬‫م َرب ّ َ‬ ‫ح َ‬‫ما َر ِ‬ ‫سوِء إ ِل ّ َ‬ ‫ماَرةٌ ِبال ّ‬
‫َ‬
‫سل ّ‬ ‫ف َ‬ ‫ن الن ّ ْ‬‫سي إ ِ ّ‬ ‫ف ِ‬ ‫ما أ ُب َّرئُ ن َ ْ‬‫قال تعالى " وَ َ‬
‫م " ) يوسف ‪ ( 53‬هذا أبو بكر رضي الله عنه يدخل عليه عمر‬ ‫حي ٌ‬ ‫فوٌر ّر ِ‬ ‫َرّبي غ َ ُ‬
‫يوما و هو يجند لسانه فيقول له ‪ :‬مه غفر الله لك فيرد عليه أبو بكر قائل ‪:‬‬
‫إن هذا الذي أوردني الموارد " البخاري‬
‫وهذا أبو الدرداء يصيبه المرض و يدخل عليه أصحابه ليعودوه و يقول له أي‬
‫شيء تشتكي ؟ فيقول ذنوبي فيقولون له ‪ :‬أي شيء تشتهي فيقول الجنة "‬
‫‪ -11‬أنفتهم و استعلء اليمان في قلوبهم‬
‫هذا اليمان الذي رفع رأسهم عاليا و أقام صفحة عنقهم فلن تنحني لغير الله‬
‫أبدا ‪.‬‬
‫‪ -12‬تزكية نفوسهم بالعبادات‬
‫وعى الصحابة رضوان الله عليهم عمليا من أن تطهير النفس و تزكيتها هما‬
‫أساس التغيير المنشود و أساس النجاح و النصر المنشود في الدنيا و الفوز و‬
‫َ‬
‫ها " ) الشمس ‪( 9‬‬ ‫من َز ّ‬
‫كا َ‬ ‫ح َ‬‫الفلح في الخرة قال تعالى " قَد ْ أفْل َ َ‬
‫صّلى " ) العلى ‪( 15 ، 14‬‬ ‫َ‬
‫م َرب ّهِ فَ َ‬ ‫س َ‬ ‫كى وَذ َك ََر ا ْ‬ ‫من ت ََز ّ‬ ‫ح َ‬ ‫" قَد ْ أفْل َ َ‬
‫‪ -13‬ثباتهم أمام المطامع و الشهوات‬
‫ل شك في أن قوة اليمان في قلب العبد تجعله يترفع عن شهوات الدنيا و‬
‫أغراضها الدنيئة فيصون العرض و يؤدي المانة ‪ ،‬و يعف عن الغلول ‪.‬‬
‫‪ -14‬حرصهم على الخذ بأسباب القوة‬
‫ل‬
‫خي ْ ِ‬ ‫ْ‬
‫ط ال َ‬ ‫من ّرَبا ِ‬ ‫من قوّةٍ وَ ِ‬‫ُ‬ ‫َ‬
‫ست َطعُْتم ّ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫دوا ْ ل َُهم ّ‬ ‫ع ّ‬ ‫عمل بقوله عز و جل " وَأ َ ِ‬
‫م " ) النفال ‪( 60‬‬ ‫ن ب ِهِ عَد ْوّ الل ّهِ وَعَد ُوّك ُ ْ‬ ‫ت ُْرهُِبو َ‬
‫وقوله صلى الله عليه وسلم " المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من‬
‫المؤمن الضعيف " رواه مسلم‬
‫‪ -15‬استنصارهم بالله عز و جل و طلبهم العزة بما أعزهم الله عز و جل به ‪:‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫و قد كان من هدي الصحابة الكرام أنهم يطلبون النصر من الله عز و جل‬


‫م " ) النفال‬
‫كي ٌ‬
‫ح ِ‬
‫زيٌز َ‬ ‫ن الل ّ َ‬
‫ه عَ ِ‬ ‫عندِ الل ّهِ إ ِ ّ‬‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫صُر إ ِل ّ ِ‬‫ما الن ّ ْ‬ ‫عمل بقوله تعالى " وَ َ‬
‫‪( 10‬‬
‫و يطلبون العزة بما أعزهم الله عز و جل به من اليمان و العمل بالسلم و‬
‫طاعة النبي صلى الله عليه و سلم كما قال عمر ‪ :‬إنا كنا أذل قوم فأعزنا‬
‫الله بالسلم فمهما نطلب العز بغير ما أعزنا الله به أذلنا الله " ‪.‬‬
‫‪ -16‬ثقتهم بنصر الله عز و جل‬
‫ن " ) الروم ‪( 47‬‬ ‫مؤْ ِ‬
‫مِني َ‬ ‫ْ‬
‫صُر ال ُ‬ ‫قا ً عَل َي َْنا ن َ ْ‬‫ح ّ‬
‫ن َ‬ ‫كا َ‬‫قال تعالى " وَ َ‬
‫ن " ) الصافات ‪( 173‬‬ ‫م ال َْغال ُِبو َ‬ ‫جند ََنا ل َهُ ُ‬ ‫ن ُ‬‫و قال تعالى " وَإ ِ ّ‬
‫و قال صلى الله عليه وسلم " إن الله زوى لي الرض فرأيت مشارقها‬

‫‪36‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ومغاربها وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها " فكان من ثقة الصحابة‬
‫الكرام بنصر الله عز و جل يتهمهم المنافقون بالغرور كما قال تعالى " إ ِذ ْ‬
‫ل عََلى‬ ‫من ي َت َوَك ّ ْ‬
‫م وَ َ‬ ‫ض غَّر هَ ُ‬
‫ؤلء ِدين ُهُ ْ‬ ‫ن ِفي قُُلوب ِِهم ّ‬
‫مَر ٌ‬ ‫ن َوال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫قو َ‬
‫مَنافِ ُ‬ ‫ل ال ْ ُ‬ ‫قو ُ‬ ‫يَ ُ‬
‫م " ) النفال ‪( 49‬‬ ‫كي‬ ‫ح‬ ‫ز‬
‫َ َ ِ ٌ َ ِ ٌ‬‫زي‬‫ع‬ ‫ه‬‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫َ‬
‫ال ِ ِ ّ‬
‫إ‬ ‫ف‬ ‫ه‬‫ّ‬ ‫ل‬

‫)‪(3 /‬‬

‫ما أحلها حياة‬


‫ن]‬
‫مي َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ب الَعال ِ‬ ‫ّ‬
‫ماِتي ل ِلهِ َر ّ‬
‫م َ‬
‫حَيايَ وَ َ‬ ‫م ْ‬
‫كي وَ َ‬ ‫س ِ‬ ‫صلِتي وَن ُ ُ‬‫ن َ‬ ‫ل إِ ّ‬ ‫قال الله تعالى‪} :‬قُ ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ن{ ]النعام‪.[163:‬‬ ‫مي َ‬‫سل ِ ِ‬
‫م ْ‬ ‫ت وَأَنا أوّ ُ‬
‫ل ال ُ‬ ‫مْر ُ‬‫كأ ِ‬ ‫ك لَ ُ‬
‫ه وَب ِذ َل ِ َ‬ ‫ري َ‬ ‫‪[162‬ل َ‬
‫ش ِ‬
‫ما أجملها حياة أخي الحبيب حين تكون كلها لله عز وجل ‪ ..‬يستطيع كل واحد‬
‫منا أن يجعل حياته كلها لله عن طريق شيء واحد فقط وهو الخلص‬
‫فإخلصك في أعمالك كلها وجعلها ابتغاء وجه الله عز وجل يجعل منها باًبا‬
‫لحصولك على الجر والثواب العظيم‪ ،‬ول أتكلم هنا من العمال الدينية فقط‪،‬‬
‫ضا عن المور الدنيوية والشياء المباحة التي نفعلها يومًيا بل نية‬ ‫بل أتكلم أي ً‬
‫ول توجه‪.‬‬
‫ولعلك تتساءل الن عزيزي الشاب‪ .‬هل معنى كلمك أنني على سبيل المثال‬
‫يمكن أن أحصل ثواًبا عندما ألعب الكرة أو عندما أتنزه مع أصدقائي أو عند‬
‫جلوسي مع أسرتي في البيت؟‬
‫أقول وبكل صراحة ووضوح نعم‬
‫نعم تستطيع أن تحصل على الثواب والجر حتى أثناء نومك وقبل أن تتهمني‬
‫بالمغالة دعني أسوق لك الدليل على كلمي‪:‬‬
‫قال النبي صلى الله عليه وسلم‪ ]] :‬وفي بضع أحدكم صدقة [[ ]أي في‬
‫معاشرته زوجته[ قالوا‪ :‬يا رسول الله أيأتي أحدنا شهوته وله فيها أجر قال‪:‬‬
‫]]أرأيتم إن وضعها في الحرام أيكون وزر‪ .‬فكذلك إن وضعها في الحلل فله‬
‫بها أجر[[ وهذا دليل صريح على أن المور المباحة تحصل بها الجر لو نويت‬
‫نية طيبة‪ ،‬وقال ابن مسعود رحمه الله‪]] :‬إني لحتسب نومتي مثلما أحتسب‬
‫قومتي [[ هل تأكدت الن من كلمي أخي العزيز‪.‬‬
‫وهكذا تستطيع أن تحصل الثواب والجر لمدة ‪ 24‬ساعة في اليوم ولذلك‬
‫سيكون جوابك يوم القيامة عن السؤال ]]عن عمرك فيما أفنيته[[ جواًبا قوًيا‬
‫لنك أفنيته كله في طاعة الله ‪..‬‬
‫وسيطلب مني البعض ذكر بعض المثلة عن المور المباحة العادية التي‬
‫تفعلها يومًيا بل نية ول قصد معين ونستطيع بنيتنا أن نحصل منها الجر‬
‫والثواب‪ ،‬مثل ً شيء مثل الكل والشرب فنحن نأكل يومًيا على القل مرة أو‬
‫مرتين‪ ،‬فلو نويت أنك تأكل لتتقوي على طاعة الله‪ ،‬وتحافظ على صحتك‬
‫التي ستسأل عنها يوم القيامة‪ ،‬بهذه النية تستطيع أن تحصل الثواب طوال‬
‫فترة تناولك للطعام‪،‬‬
‫مثال آخر وهو قضاء حوائج المنزل وشراء مستلزمات البيت لوالديك تستطيع‬
‫أن تنوي في هذا المر أنك تطيع والديك وهذا هو بر الوالدين 'الباء والمهات'‬
‫وأنك تسعى في قضاء حاجة المسلم وتحصل بهذا على أعظم الجر والثواب‪.‬‬
‫وغيرها أخي الحبيب من المور العتيادية في حياتنا وأخيًرا يجب أن تعلم أن‬
‫العمل الواحد يفعله الكثير من الناس ولكن تتفاوت مراتبهم عند الله عز وجل‬
‫بتفاوت نواياهم فاحرص على أن تجعل نيتك خالصة لوجه الله تعالى‪.‬‬

‫‪37‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وكن مثل عمر بن عبد العزيز كما وصفه سليمان بن عبد الملك حينما قال‪:‬‬
‫]والله ما أعلم عمر خطا خطوة إل ولها نية[‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ما أحوج العالم إلى محمد!‬


‫محمد العبدالكريم ‪10/11/1425‬‬
‫‪22/12/2004‬‬
‫يقول المفكر النجليزي برنارد شو عن حبيبنا محمد ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪:-‬‬
‫" ما أحوج العالم إلى محمد ليحل مشاكل العالم وهو يحتسي فنجان قهوة "‪.‬‬
‫إن من أهم سمات ديننا وشرع ربنا‪ :‬الختصار والقتضاب ‪ ،‬وحمل المعاني‬
‫في صورة كلمة محدودة أو كلمات معدودة ؛ تمتد عبر الزمان والمكان ‪:‬‬
‫بمفهومها وبإيمائها وبإشارتها وبمقتضاها‪...‬إلى فضاء الل محدود من المعاني‪.‬‬
‫في قوله تعالى على سبيل المثال‪ ) :‬ول تقل لهما أف ( فالملفوظ كلمات‬
‫ن تتناول كل أنواع الذى وهذا ما ُيسمى بالتنبيه‬ ‫معدودة‪ ،‬والمسكوت عنه معا ٍ‬
‫بالدنى على العلى‪ :‬أي دون الحاجة لذكر النهي عن الضرب والشتم‪ ،‬فهي‬
‫معلومة ضرورية لكل مبتدئ باللغة‪ :‬إنها من باب أولى‪ ،‬فهو اختصار لكنه‬
‫يحمل من "عمومه المعنوي" ما "يستغرق" الذى والعتداء‪.‬‬
‫لقد كان من صفاته عليه الصلة والسلم أنه أوتي جوامع الكلم واختصرت له‬
‫الحكمة اختصارًا‪ ،‬بل كان ينهى عن التكلف والتقعر والتشدق في الكلم وجاء‬
‫عن ابن مسعود رضي الله عنه في الحديث الذي رواه مسلم‪ ) :‬هلك‬
‫المتنطعون قالها ثلثا ً ‪ :‬المبالغون المور (‪.‬‬
‫وعن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪:‬‬
‫) إن الله يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه كما تخلل البقرة (‪.‬‬
‫وعقد النووي ‪-‬رحمه الله‪ -‬في رياض الصالحين ‪ :‬باب كراهية التقعير في‬
‫ي اللغة ودقائق‬‫الكلم والتشدق فيه وتكلف الفصاحة واستعمال وحش ّ‬
‫العراب في اللغة‪ .‬إن استطلع الشريعة يدل بكل تأكيد على منحى الختصار‬
‫في الكلم والعلج باليجاز في الحديث ما أمكن‪ ،‬وفي وصية النبي عليه‬
‫السلم لجرير بن عبد الله البجلي يتأكد هذا المعنى حين يقول له‪ ) :‬يا جرير‪:‬‬
‫إذا قلت فأوجز‪ ،‬وإذا بلغت حاجتك فل تتكلف(‪.‬‬
‫فالمبالغة في الكلم والثرثرة ل تدل في الغالب إل على غشاوة الفكرة التي‬
‫ُيراد إيضاحها فل ُيستطاع إلى إيصالها إل بكلم كثير يزيد الغبار ويحفر في‬
‫البحر ول يحقق للقارئ إل نتائج رمادية أو ضبابية‪ ،‬هي كما ُيقال‪ :‬تحصيل‬
‫حاصل‪ ،‬في حين اختزال المعاني في كلمات معدودة يدل على وضوح ماذا‬
‫نريد على وجه التحديد‪.‬‬
‫ً‬
‫من جانب آخر فإن تحقيق نتائج ذات مستوى متقدم يتطلب عمل ً جيدا خير‬
‫من كلم جيد‪ ،‬فلو كنا نسعى إلى تحقيق مستوى متقدم من التآلف وجمع‬
‫القلوب‪ ،‬فإن في سيرة محمد ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬كلما ً قليل ً وعمل ً جبارا ً‬
‫كثيرا ً تحقق في صور كثيرة‪ ،‬من أدلها زواجه عليه الصلة والسلم من قبائل‬
‫مختلفة استطاع من خلله أن يقلل الشحن النفسي ضد الدعوة‪ ،‬فللزواج بعد‬
‫آخر ل يقف عند حدود العلقة بين الرجل والمرأة‪ ،‬وهذا المعنى يجب أن‬
‫يتجّلى في سيرة رموز "الصحوة " على وجه الخصوص‪.‬‬
‫فنحن نجد اليوم في سيرة بعض السياسيين زواجا ً ل يمكن تفسيره هكذا‬
‫عليا " قد تكون شخصية‪ ،‬لكنها في كل‬ ‫دون أن نستبطن من ورائه مصالح " ُ‬

‫‪38‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الحوال تخفي ورائها أبعادا ً مختلفة‪.‬‬


‫وعلى كل حال يجب أل نعتمد في فلسفة شخصياتنا على غرس الكثار من‬
‫الحاديث والمقالت والكتابات المطولة والخطب المطولة والحوارات ‪ ...‬دون‬
‫أن يكون لها رصيد تطبيقي واضح ‪ ،‬ورضي الله عن ابن مسعود القائل ‪ " :‬كنا‬
‫ل نتجاوز عشر آيات حتى نتعلم ما فيهن من العلم والعمل" ‪ .‬فالتجاه إلى‬
‫العمل والنجاز يجب أن يكون فوريا ً غير مؤجل مسبوقا ً بقدر من التخطيط‬
‫في زمن محدود؛ حتى ولو كان العمل كميا ً فإنه يحقق "الكيف" على المدى‬
‫الطويل‪ ،‬لسيما إذا ُأتبع بالبحث والتطوير والتجديد ‪.‬‬
‫كما يجب أن تتميز شخصيات الدعاة والخطباء والمحاضرين ‪ ...‬بعمق اللفتات‬
‫اللفظية التي توجز وتحد ّ من السهاب‪ .‬وهذا التمّيز بل شك يستدعي عمل ً‬
‫علميا ً "وفنيا ً " في مؤهلت الداعية‪.‬‬
‫مِللنا من وقوف كثير من الدعاة في المساجد وعلى‬ ‫وللحقيقة ؛ فإننا قد َ‬
‫منابر الجمعة ‪ ...‬يتحدثون أمام الناس فيسهبون في التذكير دونما احترام‬
‫لداء الرسالة‪ ،‬ولول الوجوب الشرعي في الحضور والستماع لما رأيت‬
‫سامعا ً أو حاضرا ً لكثر الذين يخطبون وفي جعبتهم الهاجس المني‬
‫دد طاقتهم وتركيزهم‬ ‫والمصلحة الشخصية التي صارت فوق كل اعتبار؛ مما ب ّ‬
‫في درء احتمالت نسبتها واحد في المليون ‪.‬‬
‫هؤلء يجب يدركوا أن مساحة المتاح والممكن أوسع مما أوهمهم به‬
‫الشيطان‪ ،‬ولو أتعبوا أنفسهم قليل ً في تطوير أدائهم الفني لرسالة الجمعة‪،‬‬
‫وأتبعوا ذلك توسعا ً في المعلومات لمكن من خللهم تحقيق انجازات في‬
‫مجالت مهمة وحساسة‪ ،‬لكن الحق أن أكثرهم ربما يلحظون الجانب‬
‫الشخصي لهم ويلبسونه ثوب المصلحة الشرعية‪ ،‬وهكذا تدور اليام‬
‫ويحسبون أنهم مهتدون!‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ما أسوأ أن يباع الدين في المزاد العلني‪..‬‬


‫عبد الرحمن عبد الوهاب‬
‫‪fiqhofglory@yahoo.com‬‬
‫سنعالج في هذا المقال ثلث تصريحات من رموز على الساحة ‪ ..‬تخص‬
‫السلم ] دين الله [‪ ..‬وكان وقعها علينا فيما يشبه الصدمة ‪ ..‬أصابتنا بالقلق‬
‫فيما يخص الوضع السلمي على الساحة ‪..‬‬
‫كانت بدايتها من تصريح لشيخ الزهر ‪ ..‬بفتح باب التنصير ‪ ..‬بمصر ‪ ..‬وفتاوي‬
‫الترابي ‪ ..‬بحلية زواج الكتابي من مسلمة ‪ ..‬وكانت ثالثة الثافي ‪ ..‬فتوى‬
‫القذافي ‪ ,,‬بجواز طواف النصاري واليهود بالبيت الحرام ‪..‬‬
‫نعم لقد كان كل تصريح ألعن من اخيه ‪ ..‬مما يجعلنا ان نستشعر قلق حقيقي‬
‫تجاه ديننا ‪ ..‬فأمر الدين ‪ ..‬له من القدسية بمكان ‪.‬بأل نسمح ‪ ..‬بأي حال من‬
‫الحوال من النيل منه ‪..‬أو العبث به‪ ..‬أو اللعب به أو ان يتحول ‪ ..‬الى‬
‫ملطشة ‪ ..‬لكل من هب ودب ‪ ..‬ناهيك عن بيعه ‪..‬على مائدة الصليبية‬
‫والصهيونية العالمية ‪..‬كما هو جلي من تصريحات الثلثة ‪ ..‬وهو ما سنأتي‬
‫عليه في هذا المقال‬
‫أهل ‪ ..‬أهل ‪..‬أيها السادة ‪..‬‬
‫والليالي من الفساد حبالى ‪ ...‬مثقلت يلدن كل عجيبة‬
‫‪ ..‬وهانحن في زمن العجائب ‪ ..‬أيها السادة ‪ ..‬وأتساءل ‪:‬هل بدأ عصر‬

‫‪39‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الردة ؟!‬
‫فيا موت ذر إن الحياة ذميمة ويانفس جدي إن دهرك هازل‪,,,‬‬
‫نعم ففي بعض الحيان يكون الموت أرحم حال من هكذا واقع ‪ ..‬كما قال‬
‫الشاعر ‪ ..‬رب عيش أخف منه الحمام ‪..‬ايها السادة متى تعود الخلفة ‪ ..‬متى‬
‫يعود هذا الشيخ المتوضيء خليفتنا ‪ ..‬ليحمي حوزة الدين ‪ ..‬يعود ليحمي دين‬
‫الله من عبث القزام والمبطلين ‪..‬‬
‫حاولت أن أقلب الموضوع على كافة جهاته ‪ ..‬وعصرت ذهني بما فيه‬
‫الكفاية ‪ ..‬كي أجد تبرير أو مسوغا ‪ ..‬أو منطلقا عقلنيا أو عقديا ‪ ..‬أو‬
‫سياسيا ‪ ..‬أو موضوعيا لكل التصريحات وتسلسلها في فترة زمنية متعاقبة ‪..‬‬
‫واحدة تلو أخرى‪..‬كطلقات نارية متعاقبة كان السلم فيها شاخصا ً على منصة‬
‫العدام ‪ ..‬ال انني إنني عجزت ‪ .‬وكأنهم دخلوا مزادا لبيع الدين بعد بيع‬
‫الوطان ‪ ..‬فخرج الثلثة على المل يشهرون البيع في المزاد العلني‪ ..‬وكأنه‬
‫دين ابوهم ‪ ..‬وليس دين الله ‪..‬فهاهم يشرعوا لنا من الدين ما لم يأذن به‬
‫ألله ‪ ..‬وما لم يوحى به الى محمد بن عبد الله‪,‬‬
‫‪,‬فياضيعة الدين في هذا الزمان ‪..‬‬
‫نعم أيها السادة ‪ ..‬لقد مضت أزمنة مزادات بيع النفس والرواح لله ‪ ..‬بناء‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن َأن ُ‬
‫وال َُهم ب ِأ ّ‬
‫ن‬ ‫م َ‬ ‫م وَأ ْ‬ ‫سهُ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬‫ن ال ْ ُ‬
‫م َ‬‫شت ََرى ِ‬ ‫ها ْ‬ ‫ن الل ّ َ‬‫على الية الكريمة ‪} ,,‬إ ِ ّ‬
‫ة‬
‫قا ِفي الت ّوَْرا ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫دا عَل َي ْهِ َ‬ ‫ن وَعْ ً‬ ‫قت َُلو َ‬ ‫ن وَي ُ ْ‬‫قت ُُلو َ‬‫ل الل ّهِ فَي َ ْ‬ ‫سِبي ِ‬‫ن ِفي َ‬ ‫قات ُِلو َ‬ ‫ة يُ َ‬‫جن ّ َ‬‫م ال َ‬ ‫ل َهُ ُ‬
‫َ‬
‫ذي َباي َعُْتم‬ ‫م ال ّ ِ‬ ‫شُروا ْ ب ِب َي ْعِك ُ ُ‬ ‫ن الل ّهِ َفا ْ‬
‫ست َب ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن أوَْفى ب ِعَهْدِهِ ِ‬ ‫م ْ‬
‫ن وَ َ‬ ‫قْرآ ِ‬ ‫ل َوال ْ ُ‬ ‫جي ِ‬ ‫لن ِ‬‫َوا ِ‬
‫م{ )‪ (111‬سورة التوبة‬ ‫ظي ُ‬ ‫فوُْز ال ْعَ ِ‬
‫ك هُوَ ال ْ َ‬ ‫ب ِهِ وَذ َل ِ َ‬
‫وهاقد بدأنا حلقة جديدة في مزادات من نوع جديد أل وهي بيع الدين ‪ ..‬بيع‬
‫السلم على مائدة الصليبية العالمية ‪..‬سقى الله زمان الغطاريف الوائل‬
‫‪..‬شم النوف من فرسان وائل ‪ ..‬وربيعة ‪ ..‬وبني شيبان ‪ ..‬وقريش وهاشم ‪..‬‬
‫وعبد المطلب ‪,...‬‬
‫إذا ذكرت يوما غطاريف وائل فنحن أعاليها ونحن الجماهر ‪..‬‬
‫سقى الله زمان السيوف حيث كانت المزادات من نوع آخر كما قال أبي‬
‫فراس ‪..‬‬
‫شرينا وبعنا بالسيوف نفوسهم ونحن أناس بالسيوف نتاجر ‪..‬‬
‫وانتهى بنا الحال الى نوع أخر من مزادات البيع ‪..‬‬
‫وكأن الحال يتطابق حرفيا مع قول امير المؤمنين على ابن ابي طالب ‪,,‬‬
‫‪ )) :‬إلى الله أشكو من معشر يعيشون جهال ً ويموتون ضلل ً ليس فيهم سلعة‬
‫أبور من الكتاب إذا تلي حق تلوته ول سلعة أنفق بيعا ول أغلى ثمنا من‬
‫الكتاب إذا حرف عن مواضعه ول عندهم أنكر من المعروف ول أعرف من‬
‫المنكر))‬
‫كان من تضارب السيوف تظهر بارقة المجد ‪ ..‬وهاهي سيوف المجد قد‬
‫صدئت ‪ ..‬واستثنت من الصراع ‪..‬وهانحن اليوم وما بقي و ما ندر من سيف‬
‫يدافع عن أرض وعرض المة يقف الن متهما أمام القضاء العسكري ‪..‬‬
‫حتى في المفهوم الغربي ‪.‬يعترفون بذلك من واقع التجربة النسانية ‪..‬أنه في‬
‫حال عدم وجود مقاومة ‪ ..‬لن يكون هناك تقدما ول حرية ول مجدا ‪ .‬ل مناص‬
‫فأنتم تريدون محاصيل بدون حرث لرض‪ ..‬انتم تريدون مطرا بدون برق ‪..‬‬
‫وتريدون محيطا متلطم بدون هدير المواج العاتية ‪. ..‬فريدريك دوغلس‬
‫‪1857‬‬
‫"‪If there is no struggle there is no progress, no freedom .. no glory..no‬‬
‫‪way ..you want crops without plowing up the ground, they want rain without‬‬

‫‪40‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪thunder and lightening. They want the ocean without the awful roar of its‬‬
‫‪many waters.. Frederick Douglass, 1857‬‬
‫‪A. Alvarez quote - When there is no peril in the fight, there is no glory in the‬‬
‫‪.triumph‬‬
‫وبعيدا عن دوغلس وابي فراس والفاريز ‪ ..‬فلقد أعطى الحق المنزل ‪..‬‬
‫التصور ‪ ..‬الرائع لحقيقة المر ‪..‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫جد ُ‬‫سا ِ‬‫م َ‬ ‫ت وَ َ‬‫وا ٌ‬‫صل َ َ‬


‫معُ وَب ِي َعٌ وَ َ‬‫وا ِ‬ ‫ص َ‬
‫ت َ‬ ‫م ْ‬‫ض ل ّهُد ّ َ‬ ‫ضُهم ب ِب َعْ ٍ‬‫س ب َعْ َ‬‫} وَل َوَْل د َفْعُ الل ّهِ الّنا َ‬
‫زيٌز{ )‪(40‬‬ ‫قوِيّ عَ ِ‬ ‫ه لَ َ‬
‫ن الل ّ َ‬‫صُره ُ إ ِ ّ‬‫من َين ُ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ ُ‬
‫صَر ّ‬ ‫م الل ّهِ ك َِثيًرا وَل ََين ُ‬‫س ُ‬‫ي ُذ ْك َُر ِفيَها ا ْ‬
‫سورة الحج‬
‫هاقد وصلنا الى زمن ‪ ..‬صار فيه ‪ ..‬رفع الذان جريمة* ‪..‬في بعض دول‬
‫السلم ‪ ..‬وتلوة القرآن جريمة يفصل مقترفها من الجامعات ‪..‬كما حدث في‬
‫أداب بني سويف ‪..‬‬
‫ترى ماذا يحدث في زمن العجائب ‪ ..‬زمن ‪ ..‬تنادي منظمة مسيحية كما جاء‬
‫في الغارديان البريطانية ‪ ..‬قانونا بفرض حظر تداول القرآن في بريطانيا ‪.‬‬
‫تقوم بالتبليغ عن المكتبات التي تبيع القرآن في المكتبات ‪ ..‬وبإبلغ الشرطة‬
‫عن الموظفين الذين يبيعون القرآن ‪.‬‬
‫المشكلة ليست بنت اليوم ‪..‬فلم يكن القرآن الكريم في دائرة التهام منذ‬
‫اليوم فقط ‪ ..‬بل المسألة قديمة ‪ ..‬لنه كتاب المجد والثورة ‪..‬ذلك لنه نور ‪..‬‬
‫والنور فاضح ‪..‬للخفافيش ‪ ..‬وأبناء الظلم ‪ ..‬إن اخشى ما يخشاه أبناء الظلم‬
‫أن توقد شمعة ‪ ..‬فما بالك هذا النور المبين ‪ ..‬أن يعري الطغاة ويعري‬
‫الظالمين ختى من ورقة التوت ‪..‬‬
‫وهو مصدر العزة ‪ ..‬وهو ‪ ..‬آلية كبرى من آليات الجهاد ‪ ..‬فلقد قال تعالى ‪..‬‬
‫جَهاًدا ك َِبيًرا{ )‪ (52‬سورة الفرقان‪ ..‬تأمل‬ ‫هم ب ِهِ ِ‬ ‫جاهِد ْ ُ‬
‫ن وَ َ‬ ‫ري َ‬ ‫}فََل ت ُط ِِع ال ْ َ‬
‫كافِ ِ‬
‫كلمة جهادا ‪ ..‬وكلمة كبيرا ‪..‬‬
‫فلقد ادرك العداء هذا منذ القدم قيمة مجد القرآن ‪ ..‬فقد صرح بذلك‬
‫كلدستون الوزير البريطاني أمام مجلس العموم بعد الحرب العالمية الولى‬
‫قائل ً ‪ :‬ل نستطيع السيطرة على المسلمين والستيلء على بلدهم ما دام هذا‬
‫الكتاب في أيديهم ‪ .‬مشيرا ً إلى القرآن الكريم بيده‪..‬‬
‫ووزير المستعمرات الفرنسي قال أمام البرمان الفرنسي في باريس عام‬
‫‪ 1932‬بمناسبة مرور مائة عام على احتلل فرنسا للجزائر ‪ )) :‬لم يقف في‬
‫طريقة فرنسة الجزائر غير هذا القرآن ((‬
‫وكما قام قبل سنتين تقريبا القسيس كوتينو فرناندو بإحراق القرآن في‬
‫برنامج على الهواء مباشرة فلم نرى أي احتجاج إسلمي على هذا العمل‪..‬‬
‫انتهاء الى ماحدث في غوانتناموا بدوسه بالنعال ‪ ..‬واستعماله كورق حمام ‪..‬‬
‫ناهيك عما وضعته أمريكا لنا من قرآن بديل ‪ ..‬أليس كان كل هذا حريا ‪..‬‬
‫بتفعيل دور القرآن في الحياة السلمية ‪ .‬سياسيا و اجتماعيا ‪ ..‬وتعض المة‬
‫علي قرآنها بالنواجذ ‪ ..‬وتحكم به الرض وتهيمن به على العالم ‪..‬‬
‫ل ان المور على ماظهر من تصريحات ‪ ..‬تفيد ان المة ‪ ..‬بدأت تأخذ منحى‬
‫آخر ‪ ..‬مفادة فتح مزاد لبيع الدين من خلل ما صدر من تصريحات ‪ ..‬والتي‬
‫بصددها هذا المقال‬
‫ان التصريحات ‪ ..‬جد خطيرة ولن نقول ان أصحابنا الثلثة قد تعاطوا حبوبا‬

‫‪41‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫للهلوسة ‪ ..‬أو رفع عنهم القلم فخرجت تصريحاتهم وفتاويهم نكدا وعارا ‪..‬‬
‫ولكن من خلل ما سلف من تقارير للوربيين والجهات الكنسية ‪ ..‬العالمية ‪..‬‬
‫تفيد ‪ ..‬ان المر ليس هلوسة ‪ ..‬أو هرطقة ولم يرفع عنهم القلم ‪ ..‬بل هي‬
‫سياسات قيد التنفيذ‪ ..‬و لها ما وراءها من خبيئات‪ ...‬ولكن إلى أي مدى صار‬
‫هذا الواقع بائسا ً بهذه المة المنكوبة بأبنائها ‪..‬‬
‫نعم انها تلك النوعية التي قال الله تعالى عنها ‪,,‬‬
‫سوا ْ‬‫ما ن َ ُ‬ ‫م كَ َ‬ ‫ساهُ ْ‬ ‫م َنن َ‬ ‫ْ‬
‫حَياةُ الد ّن َْيا َفالي َوْ َ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫وا وَل َعًِبا وَغَّرت ْهُ ُ‬ ‫م ل َهْ ً‬ ‫ذوا ْ ِدين َهُ ْ‬‫خ ُ‬ ‫ن ات ّ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫}ال ّ ِ‬
‫ن{ )‪ (51‬سورة العراف‬ ‫دو َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ج َ‬‫كاُنوا ْ ِبآَيات َِنا ي َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫ذا وَ َ‬‫م هَ َ‬ ‫مهِ ْ‬ ‫قاء ي َوْ ِ‬ ‫لِ َ‬
‫ول يعدو المر مثار خيانة ‪ ..‬لله ورسوله ‪..‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن{‬ ‫مو َ‬ ‫م ت َعْل ُ‬ ‫م وَأنت ُ ْ‬ ‫ُ‬
‫ماَنات ِك ْ‬ ‫خوُنوا أ َ‬ ‫سو َ‬
‫ل وَت َ ُ‬ ‫ه َوالّر ُ‬ ‫خوُنوا ْ الل ّ َ‬ ‫مُنوا ْ ل َ ت َ ُ‬‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫}َيا أي َّها ال ّ ِ‬
‫)‪ (27‬سورة النفال‬
‫***‬
‫نقول بداية ‪ ..‬لقد اكمل الله الدين وأتم النعمة ‪ ..‬وكان القرآن مهيمنا على‬
‫الشرائع ‪ ..‬فمن المعلوم أن الله جل وعل قد بعث رسوله ـ صلوات الله‬
‫َ‬
‫دى‬ ‫ه ِبال ْهُ َ‬‫سول َ ُ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫س َ‬ ‫ذي أْر َ‬ ‫وسلمه عليه بدين السلم ‪[،‬دين الحق[ ‪} .‬هُوَ ال ّ ِ‬
‫ن{ )‪ (33‬سورة التوبة‪.‬‬ ‫كو َ‬ ‫شرِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ك ُل ّهِ وَل َوْ ك َرِهَ ال ْ ُ‬ ‫دي ِ‬ ‫حقّ ل ِي ُظ ْهَِره ُ عََلى ال ّ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫وَِدي ِ‬
‫وجعله صلى الله عليه وسلم ـ خاتم الرسل‪ ،‬وجعل ملته ناسخة لجميع الملل‪،‬‬
‫وكتابه مهيمنا على كافة الكتب قال تعالى‪) :‬وأنزلنا إليك الكتاب بالحق‬
‫مصدقا لما بين يديه من الكتاب ومهيمنا عليه(‪] .‬المائدة‪ .[48:‬وكان من تمام‬
‫النعمة على العباد‪ ،‬أن أكمل الله ـ جل وعل ـ لهم هذا الدين‪ ،‬وكفاهم به عن‬
‫غيره‪ ،‬فانتظمت بذلك مصالحهم واستقامت أمورهم على وجه التمام‬
‫والكمال‪ .‬كما قال تعالى‪) :‬اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي‬
‫ورضيت لكم السلم دينًا( ‪ ].‬المائدة ‪ .[3 :‬ومن المعلوم أيضا ـ بالضرورة ـ‬
‫أن مقتضى كمال الدين وتمام النعمة صلحيته لكل زمان ومكان‪ ،‬على‬
‫اختلف العصار وتنائي المصار‪ .‬وذلك لن كمال الملة إنما كان لتحقق‬
‫وصفين اثنين‪ :‬الول‪ :‬كونها تفي بمقاصد التشريع العامة‪ .‬والثاني‪ :‬كونها‬
‫صالحة لكل زمان ومكان‪...‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫فمن خلل هذا الدين يستلهم النسان القوة ‪ ..‬ويستمد من الله العون ‪..‬‬
‫م{‬‫ح ِ ِ‬
‫كي‬ ‫زيزِ ال ْ َ‬
‫عندِ الل ّهِ ال ْعَ ِ‬
‫ن ِ‬ ‫صُر إ ِل ّ ِ‬
‫م ْ‬ ‫ما الن ّ ْ‬
‫ويستجلب النصر من عند الله ‪ } ,,‬وَ َ‬
‫)‪ (126‬سورة آل عمران وان كان اعداء المسلم من أعتى جبابرة الرض ‪..‬‬
‫َ‬
‫ف عَب ْد َه ُ { )‪ (36‬سورة الزمر‬ ‫س الل ّ ُ‬
‫ه بِ َ‬
‫كا ٍ‬ ‫فقط يكفيه الله ‪} ..‬أل َي ْ َ‬
‫الدين قوام الحياة ‪ ..‬والنسان بدون دين ما هو ال كائن هش‪ ..‬سرعان ما‬
‫تزروه الرياح ومن اول طلقة يهرب من الميدان ‪ ..‬اما مفعول العقيدة شيء‬
‫آخر ‪ ..‬تجعله صلبا ‪ ..‬تزول الجبال ول يزل ‪ ..‬بل هو قادر على ازالة‬
‫الجبال ‪..‬من مواضعها العقيدة ‪ ..‬جديرة بالتضحية ‪ ..‬وحينما تكون راسخة‬
‫رسوخ الجبال تتغير الدنيا ‪ ..‬وهكذا كانت الدبيات تشير الى ذلك لدى‬
‫دبة ‪ ..‬في الصمعيات ‪..‬‬ ‫المسلمين الوائل ‪ ..‬بل والواخر‪ ..‬يقول خفاف بن الن ّ‬
‫ل دينكم دينى ول أنا كافر حتى يزول إلى صراة شمام‬
‫ويتضح كيف ان خفاف ‪,,‬كان معتزا بدينة ‪ ..‬وانه لن يبدله‪ ..‬ولن يكون كافرا ‪..‬‬
‫وان زال جبل شمام وهو جبل لباهلة في نجد ‪ ..‬إلى صراة بالعراق ‪..‬‬
‫والمقصود ‪ ..‬لن يتخلى عن دينة وان انتقل الجبل من موضعة ‪..‬‬

‫‪42‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أرأيتم كيف انتصر السلم بالمس ‪ ..‬انه بهذا النوع من اليقين ‪!! ..‬‬
‫ولم يختلف التصور لدى هاشم الرفاعي ‪..‬‬
‫هاتوا لي من اليمان نورا ‪ ..‬وقووا بين جنبي اليقينا ‪..‬‬
‫أمد اليد اقتلع الرواسي وابني المجد مؤتلقا مكينا ‪..‬‬
‫باليمان ‪ ..‬يكون للنسان حيثية ووجود ‪ ..‬وكيان ‪ ..‬يتعلم من حقائق اليمان‬
‫فقه المجد والثورة ‪ ..‬وبدون ايمان لن يصمد في ميادين الكفاح ول صنع‬
‫المم ول بنائيات المجد ‪..‬‬
‫و كانت آليات الكفر ‪ ..‬هو نزع ذلك العنصر النشط من ضمائر الشعوب كما‬
‫نوهنا عن الحرب ضد القرآن أعله ‪ ..‬حتى يكونوا بمثابة ضحايا سهلة البلع ‪..‬‬
‫والهضم ‪ ..‬فبدون ايمان يكون الكيان السلمي فارغا‪ ..‬ضائعا ‪ ..‬سهل جدا‬
‫السيطرة عليه ‪ ..‬أما من خلل تفعيل القرآن يتفتق الواقع عن قضايا لم تكن‬
‫م‬
‫من ْهُ ْ‬‫ل فِْرقَةٍ ّ‬ ‫من ك ُ ّ‬ ‫فَر ِ‬ ‫ة فَل َوْل َ ن َ َ‬ ‫كآفّ ً‬ ‫فُروا ْ َ‬ ‫ن ل َِين ِ‬
‫مُنو َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬‫ن ال ْ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫ما َ‬‫معروفة قبل ‪} ..‬وَ َ‬
‫ن{ )‬ ‫حذ َُرو َ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫م لعَلهُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫جُعوا إ ِلي ْهِ ْ‬ ‫م إ َِذا َر َ‬ ‫مهُ ْ‬ ‫ْ‬
‫ن وَل ُِينذُِروا قَوْ َ‬ ‫قُهوا ْ ِفي ال ّ‬ ‫ة ل ّي َت َ َ‬ ‫َ‬
‫دي ِ‬ ‫ف ّ‬ ‫ف ٌ‬‫طآئ ِ َ‬
‫‪ (122‬سورة التوبة حيث ارتبط الفقه بالجهاد وأهل الثغور ‪..‬‬
‫من خلل اليمان تبدو نقاط مهمة ‪..‬‬
‫أن قيمة النسان الحقيقية هي فقط بإيمانه وحبه لربه ‪..‬و باعتماده على‬
‫ربه ‪ ,,‬وكانت معادلت قديمة عرفناها من النبياء و العابدين ‪ ..‬ان من خاف‬
‫الله خافه كل شيء ‪ ..‬ومن احبه الله أحبته الخلئق والكائنات ‪ ..‬ووضع له‬
‫القبول في الرض ‪ ..‬ومن استنصر بالله ‪ ..‬نصره الله ‪ ..‬ومن خذله الله سقط‬
‫حل ِ ْ‬
‫ل‬ ‫من ي َ ْ‬ ‫من أعين البشر ‪ ..‬ومن حل عليه غضب من الله فقد هوى ‪ } ..‬وَ َ‬
‫وى{ )‪ (81‬سورة طه إذ أن من خرج عن دائرة اليمان ‪..‬‬ ‫قد ْ ه َ َ‬‫ضِبي فَ َ‬ ‫عَل َي ْهِ غَ َ‬
‫انتهى ككيان وكوجود ‪....‬وكإنسان بداية ‪ ..‬وكمكافح وثائر ومجاهد ‪ ..‬انتهاء ‪..‬‬
‫وافتقد القيم والمبادئ العليا التي يعيش من أجلها ومن أجلها يموت ‪..‬‬
‫وكان التصوير القرآني رائع في هذا الصدد ‪..‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ح‬
‫وي ب ِهِ الّري ُ‬ ‫ه الطي ُْر أوْ ت َهْ ِ‬ ‫ف ُ‬‫خط ُ‬ ‫ماء فَت َ ْ‬ ‫س َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫خّر ِ‬ ‫ما َ‬ ‫ك ِبالل ّهِ فَك َأن ّ َ‬ ‫شرِ ْ‬ ‫من ي ُ ْ‬ ‫} وَ َ‬
‫ق { )‪ (31‬سورة الحج‬ ‫حي ٍ‬ ‫س ِ‬‫ن َ‬ ‫مكا ٍ‬ ‫َ‬ ‫ِفي َ‬
‫***‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن{ )‬ ‫مو َ‬ ‫س ل ي َعْل ُ‬ ‫ن أكثَر الّنا ِ‬ ‫م وَلك ِ ّ‬ ‫قي ّ ُ‬
‫ن ال َ‬ ‫أل أنه هو الدين‪ ..‬القيم ‪ } ..‬ذ َل ِك ال ّ‬
‫دي ُ‬
‫‪ (30‬سورة الروم‬
‫فأما إذا كان شيخ الزهر غير مقتنع بأنه المهيمن على ما قبله من الشرائع‪.. -‬‬
‫فأتاح لها العنان وشرع النوافذ والبواب ‪..‬‬
‫ليمارس الكفر من التبشير دوره على الساحة – بناء عن قناعات خاصة‬
‫تتناقض عما أجمع عليه عموم السلف والخلف ‪ -‬فهذا شيء آخر‪ -‬لتتلقف‬
‫ى المسلمون‬ ‫جريدة المصري المتحدثة بلسان اللقباط الخبر ‪ ..‬حيث فوج ْ‬
‫صباح يوم الحد الموافق ‪ 2‬أبريل ‪ 2006‬بتصريح للنبا يوحنا قلتا فى جريدة‬
‫"المصرى اليوم" ‪ ،‬يعلن فيه على المل بأن شيخ الزهر ورئيس لجنة الحوار‬
‫فى الزهر قد وقعا على وثيقة تبيح للمؤسسات الكنسية المختلفة بأن تقوم‬
‫بعمليات التبشير فى مصر دون ان يتعرض لها أحد !‬
‫ترى ما الذي يحدث على الساحة ‪ ..‬؟‬
‫نعم لقد كان الدين السلمي هو ذلك ‪ ..‬الدين الرائع في الوجود ‪ ..‬كونه ‪..‬‬
‫دين الفطرة ‪ ..‬يعلم البشرية ‪ ..‬المجد والثورة والكفاح ‪ ..‬ضد الظلم‬
‫والطغيان ‪..‬‬
‫ولقد كانت رايات الكفاح ‪ ..‬ضد الستعمار على مر التاريخ ‪ ..‬رايات كان‬

‫‪43‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫للسلم فيها الدور البارز قبل ان تقطف منهم الثمرة وهو‪..‬ما عرف عنه‬
‫السلم المقاوم ‪..‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫فكان لبد للكفر في ظل وضعنا الراهن ‪ ..‬واستباحته للمة في افغانستان‬


‫وفلسطين والعراق اليوم‪..‬وما يقوم به الدين من خلل فريضة الجهاد ‪..‬‬
‫بالدور المناط به في تحرير الوطان ‪ ..‬وتلقين الستكبار العالمي ‪ ..‬الدرس ‪..‬‬
‫فحاربوا الجهاد ‪ ..‬تحت يافطة الرهاب ‪!!..‬وهو أمر قديم وسياسة معروفة‪..‬‬
‫قالها بن غوريون‪ ..‬لن يكون سلم في المنطقة طالما السلم شاهرا سيفه ‪..‬‬
‫ال ان الرؤية لم تنته ‪ .‬فهناك اصطياد في الماء العكر من جهة اخرى حيث‬
‫ثمة اطراف اخرى في الصراع‪ .‬اليوم ‪ .‬لنرى تصريحات كنسية ‪ ..‬تقول يجب‬
‫على السلم أن يتغير او يختفي عن الساحة ‪..‬‬
‫كان المشروع الكنسي العالمي ‪ ..‬يقول ان افريقيا نصرانية عام ‪..2000‬‬
‫وعرفوا تماما ان هناك دول عصية على ‪ ..‬ان تمارس الكنيسة العالمية ‪ .‬بها‬
‫هذا الدور ‪ ..‬وكان منها مصر ‪ ..‬فمصر ‪ ..‬كنانة الله في أرضه ‪ ..‬وهي زاوية‬
‫الرتكاز في المنطقة ‪ ..‬وانه طالما استعصت مصر فلن يستكمل المشروع ‪..‬‬
‫فضل عن ذلك وانه اذا حدث على النقيض من جهة اخرى تحول ً اسلميا في‬
‫مصر من ناحية هيمنة القرآن كدستور‪ ..‬فسيتغير شكل وجوهر المنطقة‬
‫بأسرها ‪..‬‬
‫لهذا كانت مصر ‪ ..‬كما قال ‪ ، ..‬جيمس وولسي بالتحديد قبل الحرب على‬
‫العراق ‪،‬و اعلنه مرارًا‪ ، ،‬بالنسبة للستراتيجية الميركية‪ ،‬بأن العراق الهدف‬
‫التكتيكي‪ ،‬السعودية الهدف الستراتيجي‪ ،‬ومصر الجائزة الكبرى‪..‬‬
‫‪strategic pivot, Egypt as the prize”. “Iraq as the tactical pivot, Saudi Arabia‬‬
‫‪as the‬‬
‫لماذا مصر بالذات ‪ ..‬لنها هي الكيان الهم ذو الثقل الستراتيجي والعقدي‬
‫في المنطقة ‪..‬‬
‫بل ان الذي يراقب‪ ..‬مقالت اليهود ‪ ..‬تراهم ‪ ..‬يتكلمون عن مصر ‪ ..‬وكأنهم‬
‫يبكون على الطلل ‪ ,,‬يقول يوري أفينيري ‪ ..‬في مقال له ‪ ..‬ها قد عدنا ثانية‬
‫ياشرم الشيخ ‪.‬‬
‫“‪ .”…Sharm-al-Sheikh, We Have Come Back Again‬يتكلم عن شرم الشيخ‬
‫وكأنه يبكي الطلل‬
‫‪I was there in 1956. A beautiful gulf (“Sharm-al-Sheikh means “the bay of‬‬
‫‪the old man”), a few small houses and a distinctive mosque. Before our‬‬
‫‪..army withdrew, a few months later, it blew up the mosque in a fit of pique‬‬
‫‪..‬لقد كنت هناك ‪ 1956‬يصف المسجد المميز ‪ .‬والساحل ‪ ..‬والبيوت‬
‫المتناثرة ‪ ..‬ويقولها علنية انه قبل ان ينسحب الجيش نسف المسجد في‬
‫قمة من الغل ‪..‬‬
‫وهانحن اليوم نرى أساليبا تجاه السلم ل تختلف كثيرا عن الغل اليهودي‬
‫الذي حدث بحق كبرياء المسجد والذي تكلم عنه افينيري ‪ ..‬فلقد صدرت‬
‫تصريحات منذ أشهر عن هدم المساجد في مصر وكانت الحجة المفضوحة‬
‫انها بدون تصريح ‪ ..‬في الوقت الذي يعلن فيه يتباهى فيه أحد كتاب النصارى‬
‫وعلى جرائدنا ان الكنيسة المصرية تبني كنائسا من اميريكا اللتينية إلى‬
‫اليابان ‪ ..‬مرورا بالبحرين وقطر والكويت ‪ ..‬في استفزازا لمشاعر المسلمين‬

‫‪44‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ ..‬وأنهم عما قليل سيبنون كنائسا في شارع بنسلفانيا افنيو المجاور للبيت‬
‫البيض ‪ ..‬ولم يكتفي المر بهذا فجاءنا تصريح شيخ الزهر ليزيد الطين بلة‪..‬‬
‫المر الذي تلقفه الب يوحنا قلتا ‪ ..‬ونشره على جريدة المصري ‪ ..‬كتصريح‬
‫ومستند لتمرير مشروع التنصير ضد السلم ‪ ..‬ولكن هيهات ثم هيهات ‪ ..‬أن‬
‫نسمح لهذه الجريمة ان تمر ‪..‬‬
‫مما ل شك ‪ ..‬فيه أن مصر المسلمة ‪ ..‬كانت دوما ‪ ..‬هي الشوكة ‪ ..‬لهذا قالها‬
‫‪ ..‬حافظ إبراهيم ‪..‬‬
‫أنا إن قدر الله مماتي ‪ ..‬لن ترى الشرق يرفع الرأس بعدي‬
‫وكانت مصر عصية دوما ‪ ..‬على المؤامرات ‪ ..‬حتى في أحلك اللحظات ‪..‬‬
‫كانت دوما مصر هي العصية على النكسار ‪ ..‬والتاريخ يشهد ‪ ..‬لها ولشعبها‬
‫الكريم الصولت والجولت والكفاح التي سجلها التاريخ بأحرف من نور ‪..‬‬
‫ولكن هانحن نرى اليوم من يعضون اليوم اليد البيضاء وينكرون لها الجميل ‪.‬‬
‫ول يعرفون ان واقع الحال يقول ‪..‬‬
‫ل ترغبن عزا بذل عشيرة فالذليل من ذلت عشائرة ‪..‬‬
‫مصر كانت العز بن عبد السلم ذلك الشيخ الذي كان يقطر وجهه عزة‬
‫وهيبة ‪ ..‬الذي باع السلطين في المزاد ‪ ..‬ولكننا هانحن نعيش اليوم زمن‬
‫النكسار ‪ ..‬والنحطاط ‪ ..‬علماء دين لينوا العريكة ‪..‬دخلوا في مزاد من نوع‬
‫آخر وهو بيع الدين على مائدة الصليبية واليهودية العالمية ‪ ..‬أضاعوا البلد‬
‫والعباد ‪ ,.‬ولكننا لن نسمح لهم بأن يضيعوا الدين ‪ ..‬أرقب الشيخ ياسين وما‬
‫به من عجز الجسم ‪ ..‬ولكنه كان كالطود الشم ‪ ..‬ومضى ولم يهادن ولم‬
‫يبدل ‪ ..‬مضى وهو يقول نحن مشروع شهادة ‪ ..‬بينما كان موقف الخرين‬
‫اليوم مشروع خيانة ‪ ..‬وخيابة ‪..‬‬
‫ما أسوأ ان يباع الدين على مائدة الصليبية العالمية ‪..‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫ايها السادة ‪ ..‬هناك ثوابت ‪,‬هناك أمور قطعية ‪ ..‬ل يمكن العبث بها ‪ ..‬كيف‬
‫وقول الرسول ‪ ..‬واضح ]من بدل دينه فاقتلوه [‪ ..‬ان السماح بالتبشير‬
‫بالنصرانية على ارض السلم سابقة خطيرة ‪.‬نحو تبديل الدين وفتح باب‬
‫الردة ‪ .. ..‬تبديل الذي هو أدنى بالذي هو خير ‪ ..‬تبديل الكفر باليمان ‪..‬‬
‫وشطب مسيرة المجد بالعار ‪. ..‬ونذير شؤم وعار ‪ ..‬يذكرنا بغرناطة ‪ ..‬قبل‬
‫أفول السلم من هناك ‪ ..‬ولكنه هاهو اليوم يتم على نار هادئة ‪..‬لنهم‬
‫يعرفون غضبة الشعب المصري ‪ ....‬كانت التصريحات النصف مسلوقة وشبه‬
‫معلنه ‪ ..‬خشية ان تنتفض الشعوب ‪ .‬وكان كل هذا مرتبطا بموقف الحكومة‬
‫المريكية ‪ ..‬تجاة الفغاني المرتد ‪ ..‬اذ كان موقف مفتى عموم العالم ‪..‬‬
‫وكونداليزا بنت ابي رايس واضحا ‪..‬في الدفاع عن هذا المرتد ‪ ..‬واعتبروها‬
‫حرية اعتقتاد ‪ ..‬بينما الوضع الفقهي واضح تجاه هذا المر ‪ ..‬فقهيا ‪ ..‬وله باب‬
‫خاص اسمه باب الردة ‪ ..‬فترابط المور ‪ ..‬من أدناها هنا ‪ ..‬الى أقصاها‬
‫هناك ‪ ..‬هو فتح باب الردة على مصراعية ‪ ..‬والحجة المفضوحة ‪ ..‬حرية‬
‫العتقاد ‪ ..‬كما هو الحال ‪ ..‬للجريمة التي اقترفت في حق المصطفى ‪ ..‬تحت‬
‫ذرائع حرية التعبير ‪..‬يذكرني بمثل في جنوب شبه الجزيرة ‪ ..‬يقول ‪ ..‬أذا‬
‫وجدت السعادين تطامر أحرص على جربتك ‪ ..‬أي اذا وجدت القرود تتقافز ‪..‬‬
‫فلتحرص على مزرعتك ‪ ..‬وهو ما نحن بصددة ‪ ..‬تفافز السعادين ‪..‬‬
‫نحن الن ‪ ..‬ما يجريه علينا الضمير والخلق ‪ ..‬الوقوف كسد منيع للحيلولة‬

‫‪45‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫دون تنفيذ المشروع ‪ ..‬ديننا مضطهد ‪ ..‬لاقل ما يفرضه علينا الضمير ‪..‬‬
‫والواجب هو الوقوف بجانب ديننا ‪ ..‬وهو أمر حتى الغربيون أنفسهم ‪,,‬‬
‫يعتبرون ان نزولك الى صفوف المضطهدين ‪ ..‬من المواقف الكريمة ‪..‬‬
‫“‪To throw oneself to the side of the oppressed is the only dignified thing to‬‬
‫‪..do in life” Edwin Markham‬‬
‫فما بالك لو كان المضطهد هو دينك دينك الذي قال عنه المصطفى ‪ ..‬دينك‬
‫دينك لحمك ودمك ‪..‬‬
‫‪.‬الغريب على الساحة هنا في هذا ان شيخنا ‪ ..‬هو الذي سدد تلك الطعنة‬
‫النجلء الى السلم ‪ .. ..‬على ارض السلم في مصر ‪ ..‬ليس له ال معنى‬
‫واحد ‪.‬فتح باب الردة ‪ ..‬زرع شتلت كافرة في ارض السلم ‪ ..‬وترك العنان‬
‫للكفر ‪ ..‬بأن يزاحم اليمان ‪..‬على أرضنا نحن وفي عقر دارنا ‪..‬فأي مصيبة‬
‫تلك المة المنكوبة بنوعية جديدة من العلماء ‪ ..‬فلم يكتفوا بكونهم علماًء‬
‫للسلطين ‪..‬فحسب بل هاهم اليوم أصبحوا عملء للصليبية والصهيونية‬
‫العالمية ‪..‬ول نعرف ما هو دورهم بالتحديد علماء ام عملء ‪ ..‬خيبك الله من‬
‫أمة ‪..‬‬
‫ولم يمر ‪ ..‬التصريح الفضيحة لشيخ الزهر إل ‪,‬أتانا على قدر ‪ ..‬تصريحات‬
‫الترابي ‪ ..‬بأنه يجيز زواج المسلمة من كتابي ‪ ..‬وهذه سابقة خطيرة ‪ ..‬أخرى‬
‫تصب في مشروع الصليبية في السودان ‪..‬‬
‫بعد ان شاركوا في الحكومة تمهيدا بأن يحكم الصليب السودان ‪..‬‬
‫نعم لقد عجز الكفار ‪ ..‬ان يكيدوا للسلم من خارجه ‪ ..‬ولكن الكيد هاهو يأتينا‬
‫من الداخل ‪ ..‬ولكننا نهيب بعلماءنا الربانيين الفاضل ‪ ..‬ومصر العزيزة لن‬
‫تخلوا منهم أبدا وكذا في السودان الشقيق نهيب بهم ان يقفوا ضد‬
‫المشروع ‪ ..‬وأل يسمحوا بالعبث بالدين ‪ ..‬فهم ورثة النبياء ‪ ..‬وها قد جاء‬
‫دورهم لينافحوا عن دين الله ‪..‬‬
‫‪..‬لم تمر ليلة على تصريح الترابي ‪ ..‬ال وقد جاءنا تصريح القذافي كفضيحة‬
‫أخرى ‪ ..‬بجيز لليهودي والنصراني ان يحجوا إلى البيت العتيق حسب الفقه‬
‫القذافي‪ ..‬نعم هذا هو السلم المريكي المراد ‪ ..‬السلم المطور ‪ ....‬الذي‬
‫نوه عنه كبيرهم ‪ ..‬على السلم ان يتغير أو يختفي من الساحة ‪..‬‬
‫أهل اهل أيها السادة ‪..‬‬
‫الغاية لن تقتصر أن يزاحم الكفر اليمان في ارض مصر فقط ‪ ..‬تبعا‬
‫لتصريحات شيح الزهر ‪ ..‬أو يمارس القوامة على المرأة المسلمة في بيوت‬
‫المسلمين‪.‬ويفترش نساءهم كما اراد الترابي‪ .‬بل ‪ ..‬ايضا يريدون ان يزاحم‬
‫الكفر اليمان ‪.‬في عقر داره ‪ .‬داخل الحرم المكي ‪ ..‬وحول الكعبة ‪..‬فأي‬
‫واقع نعيش ‪ ..‬وأي بليا حلت بنا ‪..‬‬
‫‪..‬ما هذا الذي يحدث على الساحة ‪ ..‬أي جريمة تقترف اليوم في حق دين‬
‫الله ‪..‬‬
‫)سقونا من شراب يجعل النسان من غير مواقف‬
‫ثم أعطونا مفاتيح الوليات و سمونا ملوكا ً للطوائف‬
‫رهنوا الشمس لدى كل المرابين وباعوا بالملليم‬
‫القمر‬
‫شنقوا التاريخ من رجليه باعوا الخيل و الكوفية‬
‫البيضاء‬
‫باعوا أنجم الليل وأوراق الشجر(‬
‫وايم الله ‪..‬انهم لم يكتفوا بهذا يا ابن قباني ‪ ..‬هاهم يبيعون) ل اله ال الله (و‬

‫‪46‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫على عينك يا تاجر‪...‬يا لها من حسرة على دين الله العظيم ‪ ..‬ان يباع اليوم‬
‫على مائدة المرابين ‪..‬‬
‫ولكن كل ‪..‬‬
‫انه دين الله‪ ..‬نحوطه بالمهج والرواح ‪ ..‬ندافع عنه ما بقينا ‪..‬‬
‫لن نسمح لكائنا من كان بالعبث او التلعب به ‪ ..‬سواء أكان من العوام أم‬
‫من الخواص أم من علية القوم ‪ ..‬في أعلى الهرم السياسي ‪ ..‬او الديني ‪..‬‬
‫أجل لن نسمح ‪..‬و‪ ..‬لن يحدث ذلك إل على جثثنا ‪..‬‬

‫)‪(5 /‬‬

‫أجل لن نسمح وان قتلنا أو طارت دون ذلك جماجمنا‪..‬فلقد قال تعالى عنه‬
‫‪.‬انه ذكر لك ولقومك ‪ ..‬انه شرفنا ومجدنا ‪ ..‬ول شيء غير ذلك ‪..‬‬
‫وقال عنه الله تعالى ان هو إل ذكر للعالمين ‪ ..‬إذ انه ل يتخلى إمرًء ما عن‬
‫شرفه ومجده ‪ ..‬إل إذا كان معتوها او مجنونا ‪ ..‬ولم نصل إلى هذه المرحلة‬
‫بعد ‪..‬ولن نقر لك يا شيخ الزهر ول لمريكا ول الصليبية العالمية عينا بأن‬
‫يزاحم الكفر اليمان على الساحة بغية أن ُتمحي ل اله ال الله من الصدور‬
‫والبيوت والمساجد والمآذن ‪ ..‬واستكمال المهزلة ‪..‬‬
‫أيها السادة ‪..‬السلم لكم قضية وجود ‪ ..‬وهو من القضايا الضخمة في هذا‬
‫الوجود النساني بل أولها ‪ ..‬نربأ بها عن ممارسة هذا الوضع من العبثية‬
‫والتهريج ‪..‬‬
‫أجل ‪ .‬على هذا الثلثي المرح ان يبحثوا عن قضية غير دين الله القيم العظيم‬
‫للعب بها ‪ .. ..‬إذ ان العقيدة أمر جد ل يحتمل هذا النوع من الهزل‪...‬أجل‬
‫‪..‬فليحزموا حقائبهم وليرحلوا ‪ ..‬وليربئوا بأنفسهم عن غضبة الشعوب فإذا‬
‫هبت الريح لن تبقى على شيء ‪..‬نعم ‪ ..‬قد تتهاون الشعوب في أي شيء ‪..‬‬
‫إل الدين ‪..‬فهو خط أحمر ‪..‬ل يمكن تجاوزه وهيهات ان نسمح بتجاوزه ‪..‬أجل‬
‫فليشوفوا لهم لعبة ثانية ‪..‬‬
‫ما أسوأ أن يبيع النسان نفسه ‪ ..‬والسوأ أل يقبض الثمن‪.‬‬
‫ولنقولها مدوية وفوق رؤوس الشهاد ‪ ..‬إن لم يكونوا قادرين ‪ ..‬على‬
‫تحريرالوطان ‪ ..‬وحماية الدين ‪,,‬في هذا الوقت الحرج ‪ ..‬فليغربوا بوجوههم‬
‫عن الساحة ‪ ..‬فهانحن رأينا المؤامرة في العراق وفلسطين وافغانستان ‪..‬‬
‫كيف مررت وكيف نفذت وكيف للوطان قد بيعت ‪ ..‬وهاقد جاء أخيرا الدور‬
‫على الدين لستكمال المشروع الصليبي في المنطقة ‪ ..‬نعم ‪ ..‬الى هنا ‪..‬‬
‫وكفى ‪ ..‬ل مجال للتنازلت ‪ ..‬قيد أنملة ‪ ..‬ارحلوا ‪ ..‬لن ليس لديكم رصيد‬
‫تقدمونه إل مزيدأ ً من البيع والتنازلت وصفقات العار‪ ..‬أغربوا بوجوهكم عن‬
‫الساحة ‪ ..‬فدين الله أثمن وأغلى ما في الوجود ‪ ..‬وإذا هدد الدين انتفت كل‬
‫مبررات الوجود‪ ..‬وهانحن أصبحنا اليوم أمامنا مليون عام قادم ‪ ..‬لنصلح ما‬
‫قد افسدتموه ‪.‬انتم في خمسين عاما ‪ ... ..‬أن ديننا مهدد وثغورنا مستباحة ‪..‬‬
‫ارحلوا ولن ننسى لكم الجميل‪.‬‬
‫نعم أيها السادة ‪:‬إنها ردة ول أبا بكر لها !! فإما تعود الديار كما كانت وإل‬
‫فبطن الرض خير من ظهرها‪...‬‬
‫هوامش ‪:‬‬
‫فتوى للشيخ عبد الله الفقية ‪..‬‬
‫مقال الدكتورة زينب عبد العزيز ‪ ..‬تنازلت الزهر الى أين ‪..‬الشعب‬
‫الليكترونية ‪..‬‬

‫‪47‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الصمعيات‪.. :‬أبي سعيد عبد الملك بن قريب ‪216-122‬‬


‫تصريحات الترابي ذكرت على العربية نت ‪14/3/1427..‬‬
‫تصريحات القذافي ذكرت على العربية نت والمصريون الليكترونية‬
‫‪14/3/1427‬‬
‫‪=James Woolsy: hawaii.indymedia.org/mail.php?id=347&comments‬‬
‫‪=James Woolsy: www.jakarta.indymedia.org.au/pdf.php3?article_id‬‬
‫‪.”…Uri Aveniri.. Sharm-al-Sheikh, We Have Come Back Again‬‬
‫‪British Guardian. newspaper 12/10/2005‬‬
‫لفتة لحمد مطر‬
‫* ممنوع الذان!‬
‫المتهم سيف الله بن حسين روى كيف اعتدى عليه أعوان طلئع السجون في‬
‫تونس بصورة وحشية بعد تجريده من جميع ثيابه بسبب رفعه الذان داخل‬
‫السجن‪ ،‬مما خلف له آثارا عديدة بأنحاء جسمه‪ ،‬إل أنه أصر على حقه لم يثنه‬
‫العتداء على مواصلة الذان عند موعد الصلة قائل للمحكمة " لقد فاتهم‬
‫أنني مستعد للموت دون ديني!" موقع الكلمة التونسي ‪..‬‬

‫)‪(6 /‬‬

‫ب ِذكَر الحبيب صلى الله عليه وسلم د‪ .‬محمد عمر دولة*‬ ‫ما أطي َ َ‬
‫ب المجيب‪ ،‬والصلة والسلم على الحبيب‪،‬‬ ‫الحمد لله الرحيم الودودِ القري ِ‬
‫ب أِريب‪.‬‬ ‫ل لبي ٍ‬ ‫وعلى آله وصحِبه ومن تبَعه من ك ّ‬
‫ن حبيبا ً إلى القلوب؛ كما قال‬ ‫حلوا ً على اللسا ِ‬ ‫وبعد‪ ،‬فإذا كان ِذكُر الحبةِ ُ‬
‫الشاعر‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫دوا‬ ‫عي ُ‬ ‫مأ ِ‬ ‫ديت ُك ُ ُ‬ ‫دوه فَ َ‬ ‫عي ُ‬‫ث بذِك ْرِ ليلى ** أ ِ‬ ‫حدي َ‬ ‫دوا لي ال َ‬ ‫أعي ُ‬
‫رها عيشي الَرغيد ُ‬ ‫ب بذِك ْ ِ‬ ‫سعادةِ باسم ِ َليلى ** َفطا َ‬ ‫م ال َ‬ ‫جرى قل ُ‬ ‫َ‬
‫ب صلى الله عليه وسلم؟!‬ ‫ذكرِ الحبي ِ‬ ‫فكيف ب ِ ِ‬
‫ب‬‫ق ُ‬ ‫ح ُ‬‫ت ال ُ‬‫ْ‬ ‫َ‬
‫مكّررا ِذكُره ُ ما كّر ِ‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ن ب ِهِ ** ُ‬ ‫صفو َ‬ ‫ث تو َ‬ ‫حدي ٌ‬ ‫ب َ‬ ‫طبُتم َفطا َ‬ ‫ِ‬
‫مه صلى الله عليه‬ ‫شي َ ِ‬
‫شمائِله** و ِ‬ ‫ل َ‬ ‫من كان له مث ُ‬ ‫ض َ‬ ‫فما مشى على الر ِ‬
‫وسلم؟‬
‫ّ‬
‫خضَعت َوناديها الن ّدِيّ ت َعَطرا‬ ‫ة** َ‬ ‫ل ساد ٍ‬ ‫ف ِ‬ ‫مح َ‬ ‫متى ذ ُك َِرت ب ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫شي َ ٌ‬ ‫ِ‬
‫مكّررا‬ ‫ذذا ** َوال ّ‬ ‫ً‬ ‫مَتل ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ف ما َيكون ُ‬ ‫شهْد ُ ألط ُ‬ ‫ده ُ‬ ‫حم َ‬ ‫قد أكّرُر َ‬ ‫وَل َ‬
‫ق‬
‫ب الخل ِ‬‫ب صلى الله عليه وسلم وهو أح ّ‬ ‫ث عن الحبي ِ‬ ‫ب الحدي ُ‬ ‫فكيف ل يطي ُ‬
‫جل ً‬
‫ل‪.‬‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫جمال‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫كمال‬ ‫َ‬ ‫س‬
‫ِ‬ ‫النا‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫وأعظ‬ ‫إلى الحقّ‬
‫سرى‬ ‫ن النسيم ِ إذا َ‬ ‫سّر أَرقّ م َ‬ ‫حبيب وب َي ْن ََنا ** ِ‬ ‫ت مع ال َ‬ ‫خل َوْ ُ‬ ‫ولقد َ‬
‫خِبرا‬ ‫م ْ‬ ‫ل عّني ُ‬ ‫ن الحا ِ‬ ‫جلل ِهِ ** وغدا ِلسا ُ‬ ‫جمال ِهِ و َ‬ ‫ن َ‬ ‫ت بي َ‬ ‫ش ُ‬ ‫فَد ُهِ ْ‬
‫ورا‬ ‫ْ‬ ‫حاظ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ص ّ‬‫م َ‬ ‫ن فيه ُ‬ ‫س ِ‬‫ح ْ‬ ‫جميعَ ال ُ‬ ‫جهه** ت َلقَ َ‬ ‫ن وَ ْ‬ ‫س ِ‬ ‫محا ِ‬ ‫ك في َ‬ ‫فأدِْر ل ِ َ‬
‫مك َّبرا‬ ‫مهَل ّل ً و ُ‬ ‫صورةً ** ورآه ُ كان ُ‬ ‫ل ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ن َيك ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ل ال ْ ُ‬ ‫ن كُ ّ‬ ‫لو أ ّ‬
‫ن‬
‫سماِع حديِثه‪ ،‬كما قال اب ُ‬ ‫ب صلى الله عليه وسلم و َ‬ ‫ن من ِذكرِ الحبي ِ‬ ‫فل أحس َ‬
‫فََرح رحمه الله‪:‬‬
‫س ُ‬
‫ل‬ ‫سل َ‬
‫م َ‬ ‫لو ُ‬ ‫س ٌ‬ ‫مر َ‬ ‫حزني ودمعي ُ‬ ‫ل ** و ُ‬ ‫ض ُ‬ ‫مع َ‬ ‫ح والرجا فيك ُ‬ ‫غرامي صحي ٌ‬
‫ي فأنق ُ‬
‫ل‬ ‫ة ُيملى عل ّ‬ ‫َ‬ ‫مشاَفه ً‬ ‫سماعُ حديِثكم** ُ‬ ‫ن إل َ‬ ‫حس ٌ‬ ‫ول َ‬
‫من قال‪:‬‬ ‫م الله َ‬ ‫ح َ‬ ‫وَر ِ‬
‫فاقا!‬ ‫قخ ّ‬ ‫م ** فلم ي َط ِْر بجناِح الشو ِ‬ ‫ُ‬
‫ن ِذكُرك ُ‬ ‫ه قلبا عَ ّ‬ ‫ً‬ ‫سكن الل ُ‬ ‫ّ‬ ‫ل َ‬
‫ضناهُ ما لقى‬ ‫م بفًتى أ ْ‬ ‫ُ‬
‫م الّريح حين هفا** وافاك ُ‬ ‫مِلي نسي ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫لو شاء َ‬

‫‪48‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ق العيد حيث قال‪:‬‬ ‫ن دقي ِ‬ ‫ولله د َّر اب ِ‬


‫سرى‬ ‫سير وَِفي ال ّ‬ ‫م ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫جهَد ْ فد َي ُْتك ِفي ال َ‬ ‫مرا ** ا ْ‬ ‫ً‬ ‫مش ّ‬ ‫يا سائرا ً نحوَ الحجاز ُ‬
‫مك َّررا‬ ‫حبيب ُ‬ ‫عد ْ ل ََها ِذكر ال َ‬ ‫ب تارةً ** فأ ِ‬ ‫ب الركائ ُ‬ ‫ت الّنج ُ‬ ‫ن ك َل ّ ِ‬ ‫إ ْ‬
‫ن ما قيل‪:‬‬ ‫َ‬ ‫أحس‬ ‫وما‬
‫قد فَن ِيت َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫س‬
‫ِ ُ‬ ‫ط‬ ‫قرا‬ ‫َ‬ ‫وال‬ ‫ُ َ‬ ‫منا‬ ‫أقل‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫**‬ ‫جَز ُ ّ َ َ ُ ِ ِ ِ‬
‫ه‬ ‫ت‬ ‫صفا‬ ‫م‬ ‫نظ‬ ‫ح‬ ‫دا‬ ‫م‬ ‫ال‬ ‫ى أع َ‬ ‫َفت ً‬
‫س‬
‫مجال ُ‬ ‫من َثناه ُ ال َ‬ ‫ب ِذكرِهِ ** فََتعب َقُ عَّني ِ‬ ‫طي ِ‬ ‫من ِ‬ ‫ب ِ‬ ‫طي ُ‬ ‫ح ال ّ‬ ‫م َيفو ُ‬ ‫كري ٌ‬ ‫َ‬
‫ف ما قيل‪:‬‬ ‫وما ألط َ‬
‫سراهُ‬ ‫م ْ‬ ‫سّر الّربا َ‬ ‫ً‬
‫وع َنشُرها ** أَرجا ول َ‬ ‫لول ثناؤك ما تض ّ‬
‫دى إلى مولهُ‬ ‫م ** والشيُء قد ُيه َ‬ ‫كم ِبضاعَُتكم ت َُرد ّ إليك ُ ُ‬ ‫ت ِل ْ ُ‬
‫ن دقيق‬
‫حب‪ ،‬كما قال اب ُ‬ ‫ب ينفعُ القلب ويزيد ُ ال ْ ُ‬ ‫ل الحبي ِ‬ ‫ن ِذكَر شمائ ِ‬ ‫بأ ّ‬ ‫ول ري َ‬
‫العيد رحمه الله‪:‬‬
‫ح‬
‫ري ْ‬ ‫ض ول َ َنست َ ِ‬ ‫ف الَغم َ‬ ‫سَرى ** ل ن َعْرِ ُ‬ ‫صلنا ال ّ‬ ‫ْ‬ ‫ك وَ َ‬ ‫كم ليلةٍ في َ‬
‫ح‬
‫ري ْ‬ ‫من َ‬ ‫زي ُ‬ ‫ماَذا ال ّ ِ‬ ‫واختل َ َ َ‬
‫م أوْ ي ُ ِ‬ ‫شكواهُ ُ‬ ‫ل ِ‬ ‫ذي** ي ُ ِ‬ ‫صحاب َ‬ ‫ف ال ْ‬
‫ح‬
‫حي ْ‬ ‫ص ِ‬ ‫كراك وهوَ ال ّ‬ ‫ل ذِ ْ‬ ‫تب ْ‬ ‫ة ** وقل ُ‬ ‫ساعَ ً‬
‫م َ‬ ‫سهُ ْ‬ ‫ري ُ‬ ‫ل ت َعْ ِ‬‫قي َ‬ ‫فَ ِ‬
‫عنا القادم بإذن الله‪ .‬والحمد لله والصلة والسلم على رسول‬ ‫وهذا موضو ُ‬
‫الله‪ ،‬وعلى آله وصحبه ومن واله‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ة الله!‬ ‫م رحم َ‬ ‫ما أعظ َ‬


‫د‪ .‬محمد عمر دولة*‬
‫مى الله عز وج ّ‬
‫ل‬ ‫س ّ‬‫جود‪ ،‬حتى َ‬ ‫ت في الوُ ُ‬ ‫صفا ِ‬ ‫من أعظم ِ ال ّ‬ ‫ة ِ‬ ‫ن الرحم َ‬ ‫بأ ّ‬ ‫ل ري َ‬
‫ل‬
‫ضعَ عدةٍ من التنزي ِ‬ ‫موا ِ‬ ‫ف بها ذاَته الكريمة في َ‬ ‫ة ووص َ‬ ‫ف َ‬ ‫سه الشري َ‬ ‫بها نف َ‬
‫جلله عن‬ ‫ُ‬ ‫ج ّ‬
‫ل َ‬ ‫ن الرحيم(‪ [1]،‬وقال َ‬ ‫زي ٌ‬ ‫ج ّ‬
‫من الرحم ِ‬ ‫ل ِ‬ ‫ل‪) :‬ت َن ْ ِ‬ ‫الحكيم؛ فقال عّز و َ‬
‫ة لقوم‬ ‫هدىً ورحم ً‬ ‫علم ٍ ُ‬ ‫صلناه على ِ‬ ‫ْ‬ ‫بف ّ‬ ‫جئناهم بكتا ٍ‬ ‫كتاِبه العزيز‪) :‬ولقد ِ‬ ‫ِ‬
‫فةِ نبّينا محمد صلى الله عليه وسلم‪) :‬وما‬ ‫ص َ‬
‫مُنون(‪ [2]،‬وقال سبحانه في ِ‬ ‫يؤ ِ‬
‫مين(‪[3].‬‬ ‫َ‬
‫ة للعال ِ‬ ‫حم ً‬ ‫سلناك إل َر ْ‬ ‫ْ‬ ‫أْر َ‬
‫م‬
‫م المنعِ ُ‬ ‫حي ُ‬ ‫ن الّر ِ‬ ‫ل هو الرحم ُ‬ ‫ن الله عّز وج ّ‬ ‫من الله للَعبد؛ فإ ّ‬ ‫ة ِ‬ ‫ة هِب َ ٌ‬ ‫حم ُ‬ ‫والر ْ‬
‫ه العبد ُ فمن رحمةِ الله‪ ،‬حتى ما‬ ‫صيب ُ ُ‬
‫خيرٍ ي ُ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ة‪ .‬وك ّ‬ ‫ل أنواِع الرحم ِ‬ ‫ل بك ّ‬ ‫ض ُ‬ ‫المتف ّ‬
‫شدةِ حاجةِ العبدِ إلى‬ ‫َ‬
‫مَرّده إلى رحمةِ الله وفضِله؛ ل ِ ِ‬ ‫يتقرب به العبد ُ إلى ربه؛ ف َ‬
‫ت‬
‫من الله ل ِن ْ َ‬ ‫جل‪) :‬فبما َرحمةٍ ِ‬ ‫ّ‬ ‫د‪ ،‬كما قال الله عّز و َ‬ ‫ق والتيسيرِ والتسدي ِ‬ ‫التوفي ِ‬
‫حوِلك(‪[4].‬‬ ‫َ‬ ‫من‬‫ِ‬ ‫ضوا‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫لن‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫قل‬ ‫َ‬ ‫ال‬ ‫َ‬
‫ظ‬ ‫غلي‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫فظ‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫كن‬ ‫ولو‬ ‫لهم‬
‫ده‪ ،‬كما قالت ملئكة‬ ‫مةِ الله وح َ‬ ‫ح َ‬ ‫ت‪ ..‬من َر ْ‬ ‫من السيئا ِ‬ ‫ظ ِ‬ ‫ة والحف ُ‬ ‫وقاي ُ‬ ‫فال ِ‬
‫الرحمن وهي تستغفر للذين آمنوا )وقهم السيئات ومن تق السيئات يومئذ‬
‫فقد رحمَته وذلك هو الفوز العظيم(‪[5].‬‬
‫ة من عند الله؛ وليست لحد إل الله عز وجل‪ ،‬كما قال نوح‬ ‫ة رحم ٌ‬ ‫والِعصم ُ‬
‫مني من الله قال‬ ‫ص ُ‬ ‫ل َيع ِ‬ ‫صلى الله عليه وسلم لبنه حين قال‪) :‬سآوي إلى جب ٍ‬
‫ي الله‬ ‫حم(‪ [6].‬وصّلى الله وسلم على نب ّ‬ ‫من َر ِ‬ ‫من أمرِ الله إل َ‬ ‫م ِ‬ ‫م اليو َ‬ ‫ص َ‬ ‫ل عا ِ‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫ب إليهن وأك ْ‬ ‫ص ُ‬ ‫دهن أ ْ‬ ‫ف عني كي َ‬ ‫صرِ ْ‬ ‫م‪) :‬وإل ت َ ْ‬ ‫يوسف فقد قال وهو المعصو ُ‬
‫دهن إنه هو السميع العليم(‪[7].‬‬ ‫ف عنه كي َ‬ ‫من الجاهِِلين فاستجاب له رّبه فصر َ‬
‫ة من الله دون سواه‪ ،‬كما‬ ‫ط الله والجارة من عذاِبه‪ ..‬رحم ٌ‬ ‫سخ ِ‬ ‫من َ‬ ‫والنجاة ُ ِ‬
‫قال الله عز وجل‪:‬‬
‫ف عنه يومئذٍ فقد‬ ‫صَر ْ‬ ‫ب يوم ٍ عظيم ٍ من ي ُ ْ‬ ‫ت ربي عذا َ‬ ‫عصي ُ‬ ‫ن َ‬ ‫)قل إني أخاف إ ْ‬
‫رحمه وذلك الفوز المبين(‪ [8].‬وقال جل جلله‪) :‬قل أرأيتم إن أهلكني الله‬ ‫ّ‬

‫‪49‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫من عذاب أليم(‪[9].‬‬ ‫جير الكافرين ِ‬ ‫من ي ُ ِ‬‫معي أو رحمنا ف َ‬ ‫من َ‬ ‫و َ‬


‫فنا‬
‫ش ْ‬ ‫ّ‬
‫ة من الله‪ ،‬كما قال الله عز وجل‪) :‬ولو رحمناهم وك َ‬ ‫ضّر رحم ٌ‬ ‫ف ال ّ‬ ‫وكش ُ‬ ‫َ‬
‫جوا في طغيانهم يعمهون(‪ [10].‬وقال سبحانه‪) :‬وإن‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ضّر لل ّ‬ ‫ما بهم من ُ‬
‫ف له إل هو وإن يمسسك بخير فهو على كل‬ ‫َ‬ ‫كاش‬ ‫فل‬ ‫بضر‬ ‫يمسسك الله‬
‫ضطّر‬ ‫ب الم ْ‬ ‫جي ُ‬ ‫ن يُ ِ‬
‫م ْ‬‫ل جلله في سياق المِتنان‪) :‬أ ّ‬ ‫شيء قدير(؛]‪ [11‬وقال ج ّ‬
‫ه مع الله قليل ما‬ ‫ض أإل ٌ‬ ‫سوَء وَيجعُلكم ُ َ‬
‫خلفاَء الر ِ‬ ‫ف ال ّ‬ ‫ش ُ‬‫إذا دعاه وَيك ِ‬
‫ت َذ َك ُّرون(‪[12].‬‬
‫ومغفرة الذنوب‪ ..‬رحمة من عند الله؛ ليست لحد ٍ سواه تبارك وتعالى‪ ،‬كما‬
‫منا‬
‫ح ْ‬
‫فْر لنا وت َْر َ‬‫ن لم ت َغْ ِ‬ ‫سنا وإ ْ‬
‫ف َ‬‫منا أن ُ‬ ‫قال أبونا آدم عليه السلم‪) :‬رّبنا ظل َ ْ‬
‫رين(‪ [13].‬وقال نوح عليه السلم‪) :‬وإل تغفْر لي وترحمني‬ ‫س ِ‬‫من الخا ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫لنكون َ ّ‬
‫سقط في‬ ‫أكن من الخاسرين(‪ [14].‬وقال قوم موسى عليه السلم لما ُ‬
‫فْر لنا لنكونن من‬ ‫منا رّبنا وَيغ ِ‬ ‫ح ْ‬
‫أيديهم ورأوا أنهم قد ضلوا‪) :‬لئن لم َير َ‬
‫حم من يشاء وإليه‬ ‫من يشاء وَير َ‬ ‫ب َ‬ ‫الخاسرين(‪ [15].‬وقال عز وجل‪) :‬ي ُعَذ ّ ُ‬
‫تقلبون وما أنتم بمعجزين في الرض ول في السماِء وما لكم من دون الله‬
‫ي ول نصير(‪[16].‬‬ ‫من ول ّ‬
‫وما أحسن ربط النبي صلى الله عليه وسلم رحمة المخلوق برحمة الخالق‪،‬‬
‫ورحمة الدنيا برحمة الخرة كما روى البخاري عن عمر قال‪) :‬قدم على النبي‬
‫ي‪ ،‬فإذا امرأة ٌ من السبي تحلب ثديها تسقي إذ‬ ‫صلى الله عليه وسلم سب ٌ‬
‫وجدت صبيا ً في السبي فأخذته فألصقته ببطنها وأرضعته‪ ،‬فقال لنا النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ :‬أت َُرون هذه طارحة ولدها في النار؟ قلنا‪ :‬ل وهي تقدر‬
‫على أن ل تطرحه‪ .‬فقال‪ :‬الله أرحم بعباده من هذه بولدها(‪.‬‬
‫فشتان بين رحمة الخالق والمخلوق! كما روى أبو هريرة عن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم )جعل الله الرحمة في مائة جزء‪ .‬فأمسك عنده تسعة وتسعين‬
‫جزءًا‪ .‬وأنزل في الرض جزءا ً واحدًا‪ .‬فمن ذلك الجزء يتراحم الخلق حتى‬
‫ترفع الفرس حافرها عن ولدها خشية أن تصيبه(‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ومن أعظم الرحمات تفريج ما يكون يوم القيامة من الكربات والناس‬


‫أجمعون محبوسون في العرصات‪ ،‬كما روى ابن عمر عن النبي صلى الله‬
‫ت‬‫عليه وسلم قال‪) :‬يدنو من أحدكم رّبه حتى يضعَ كنفه عليه فيقول‪ :‬عمل َ‬
‫كذا وكذا‪ ،‬فيقول نعم‪ .‬ويقول‪ :‬عملت كذا وكذا‪ .‬فيقول‪ :‬نعم‪ .‬فيقّرره ثم‬
‫يقول‪ :‬إني سترت عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم( وفي رواية‪) :‬أتعرف‬
‫ب‪.‬‬ ‫ب ذن ٍ‬‫ذنب كذا وكذا( وفي رواية أخرى )اقرأ صحيفتك فيقرأ ويقّرره بذن ٍ‬
‫ويقول‪ :‬أتعرف؟ أتعرف؟(‪ ،‬وفي حديث أبي ذّر قال‪ :‬قال رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم‪) :‬إني لعلم آخر أهل الجّنة دخول ً الجّنة وآخر أهل النار‬
‫خروجا ً منها‪ ،‬رجل يؤتى به يوم القيامة‪ .‬فيقول‪ :‬اعرضوا عليه صغار ذنوبه‪.‬‬
‫ت يوم كذا وكذا‪ ،‬كذا وكذا‪ ،‬وعملت يوم كذا وكذا‪ ،‬كذا وكذا‪.‬‬ ‫فيقال‪ :‬عمل َ‬
‫فق من كبار ذنوبه أن ُتعَرض عليه‪.‬‬ ‫مش ِ‬‫فيقول‪ :‬نعم‪ ،‬ل يستطيع أن ينكر وهو ُ‬
‫ت أشياء ل‬ ‫ب قد عمل ُ‬ ‫فيقال له‪ :‬فإن لك مكان كل سيئة حسنة‪ .‬فيقول‪ :‬ر ّ‬
‫أراها ههنا‪ .‬فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت‬
‫نواجذه(‪ .‬وفي حديث ابن مسعود فرحة الرجل الذي ترفع له شجرة فيسأل‬
‫الله أن يدنيه منها على أن ل يسأله غيرها‪ ،‬فإذا أدناه منها سأله غيرها مّرتين‪،‬‬
‫ب‬‫حتى )ترفع له شجرة عند باب الجّنة هي أحسن من الوليين‪ .‬فيقول‪ :‬أي ر ّ‬

‫‪50‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أْدنني من هذه لستظل بظلها وأشرب من مائها ل أسألك غيرها‪ .‬فيقول‪ :‬يا‬
‫ب هذه ل أسألك‬ ‫ابن آدم ألم تعاهدني أن ل تسألني غيرها؟ قال‪ :‬بلى يا ر ّ‬
‫غيرها‪ .‬وربه يعذره لنه يرى ما ل صبر له عليه فيدنيه منها‪ .‬فإذا أدناه منها‬
‫ب ادخلنيها‪ .‬فيقول‪ :‬يا ابن آدم ما‬ ‫فيسمع أصوات أهل الجّنة فيقول‪ :‬أي ر ّ‬
‫ب‬
‫ريني منك؟]‪ [17‬أيرضيك أن أعطيك الدنيا ومثلها معها‪ .‬قال يا ر ّ‬ ‫ص ِ‬ ‫يَ ْ‬
‫م‬
‫أتستهزئ مني وأنت رب العالمين‪ .‬فضحك ابن مسعود فقال‪ :‬أل تسألوني م ّ‬
‫م تضحك؟ قال‪ :‬هكذا ضحك رسول الله صلى الله عليه‬ ‫أضحك؟ فقيل‪ :‬م ّ‬
‫م تضحك يا رسول الله؟ قال‪ :‬من ضحك رب العالمين حين‬ ‫وسلم فقالوا‪ :‬م ّ‬
‫ب العالمين؟ فيقول‪ :‬إني ل أستهزئ منك ولكني‬ ‫قال‪ :‬أتستهزئ مني وأنت ر ّ‬
‫على ما أشاء قدير(‪.‬‬
‫س ب َِرحمةِ الله؛‬ ‫ح ّ‬ ‫ن تُ ِ‬‫ن َرحمةِ الله أ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن قال‪ِ " :‬‬ ‫ل حي َ‬ ‫ظل ِ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫ولله د َّر صاح ِ‬
‫وجوِدها هو‬ ‫شُعوُرك ب ِ ُ‬ ‫ن ُ‬ ‫َ‬
‫ض عَلْيك؛ ولك ِ ْ‬ ‫َ‬ ‫في ُ‬ ‫مُرك وت َ ِ‬ ‫مك وت َغْ ُ‬ ‫ض ّ‬ ‫ة اللهِ ت َ ُ‬ ‫فرحم ُ‬
‫ل‬ ‫قُتك بها وت َوَقُّعها في ك ّ‬ ‫ة‪ ،‬وث ِ َ‬ ‫ة‪ ،‬وَرجاؤك فيها وت َطلُعك إليها هو الّرحم ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫الّرحم ُ‬
‫ل؛‬‫ن وفي أيّ حا ٍ‬ ‫ب في أيّ مكا ٍ‬ ‫ة اللهِ ل ت َعِّز على طال ٍ‬ ‫مرٍ هو الّرحمة‪ ...‬وَرحم ُ‬ ‫أ ْ‬
‫ب‬‫ج ّ‬ ‫ْ‬
‫دها يوسف عليه السلم في ال ُ‬ ‫ج َ‬ ‫م عليه السلم في الناِر‪ ،‬ووَ َ‬ ‫دها إبراهي ُ‬ ‫ج َ‬ ‫وَ َ‬
‫ت في‬ ‫حو ِ‬ ‫ْ‬
‫ن ال ُ‬ ‫س عليه السلم في بط ِ‬ ‫دها يون ُ‬ ‫ج َ‬ ‫سجن‪ .‬ووَ َ‬ ‫دها في ال ّ‬ ‫ج َ‬ ‫كما وَ َ‬
‫نك ّ‬
‫ل‬ ‫م‬ ‫د‬ ‫ر‬
‫ُ َ ّ ٌ ِ ْ‬ ‫ج‬ ‫م‬ ‫ٌ‬
‫ل‬ ‫ْ‬ ‫ف‬ ‫ِ‬ ‫ط‬ ‫وهو‬ ‫م‬
‫َ ّ‬ ‫ي‬ ‫ال‬ ‫في‬ ‫السلم‬ ‫عليه‬ ‫موسى‬ ‫دها‬ ‫ج‬
‫َ َ َ َ‬ ‫و‬ ‫و‬ ‫ثلث‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ظ ُُلما ٍ‬
‫ص به‬ ‫مت ََرب ّ ٌ‬‫دها في َقصرٍ فرعون وهو عَد ُوّ له ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ة‪ ،‬كما وَ َ‬ ‫حراس ٍ‬ ‫ل ِ‬ ‫من ك ّ‬ ‫ُقوةٍ و ِ‬
‫صوِر‬ ‫ق ُ‬ ‫دوها في ال ُ‬ ‫ق ُ‬ ‫ف حين افْت َ َ‬ ‫ف في الكه ِ‬ ‫ب الكه ِ‬ ‫صحا ُ‬ ‫دها أ ْ‬ ‫ج َ‬ ‫ث عنه‪ .‬ووَ َ‬ ‫وَيبح ُ‬
‫مِته(‪]،‬‬ ‫ف ي َن ْ ُ‬ ‫ض‪) :‬فَأُووا إلى ال َ‬ ‫ْ‬
‫ح َ‬ ‫من َر ْ‬ ‫شْر لكم َرّبكم ِ‬ ‫كه ِ‬ ‫ضهم ل َِبع ٍ‬ ‫دوِر‪ ،‬فقال بع ُ‬ ‫وال ّ‬
‫صون الثار‪،‬‬ ‫ق ّ‬ ‫م يتبعوَنهما وي َ ُ‬ ‫ه‪ r‬وصاحُبه في الغارِ والقو ُ‬ ‫ل الل ِ‬ ‫دها رسو ُ‬ ‫ج َ‬
‫‪ [18‬ووَ َ‬
‫شب ْهَةٍ في‬ ‫ل ُ‬ ‫من ك ّ‬ ‫طعا ِ‬ ‫ً‬ ‫منق ِ‬ ‫سواها؛ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫من ك ّ‬
‫ل َ‬ ‫ً‬
‫من آَوى إليها يائسا ِ‬ ‫ل َ‬ ‫دها ك ّ‬ ‫ج َ‬ ‫ووَ َ‬
‫ن البواب"‪[19].‬‬ ‫ده ُدو َ‬ ‫ح َ‬ ‫ب اللهِ وَ ْ‬ ‫صدا با َ‬ ‫ً‬ ‫ة؛ قا ِ‬ ‫مظ ِن ّةٍ في َرحم ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫من ك ّ‬ ‫ُقوةٍ و ِ‬
‫‪----------‬‬
‫]‪ [1‬فصلت ‪.2‬‬
‫]‪ [2‬العراف ‪.52‬‬
‫]‪ [3‬النبياء ‪.107‬‬
‫]‪ [4‬آل عمران ‪.159‬‬
‫]‪ [5‬غافر ‪.9‬‬
‫]‪ [6‬هود ‪.43‬‬
‫]‪ [7‬يوسف ‪.34-33‬‬
‫]‪ [8‬النعام ‪.16-15‬‬
‫]‪ [9‬الملك ‪.28‬‬
‫]‪ [10‬المؤمنون ‪.75‬‬
‫]‪ [11‬النعام ‪.17‬‬
‫]‪ [12‬النمل ‪.62‬‬
‫]‪ [13‬العراف ‪.23‬‬
‫]‪ [14‬هود ‪.47‬‬
‫]‪ [15‬العراف ‪.149‬‬
‫]‪ [16‬العنكبوت ‪.22-21‬‬
‫]‪ [17‬أي ما يقطع عني مسألتك؟‬
‫]‪ [18‬الكهف ‪.16‬‬
‫]‪ [19‬في ظلل القرآن ‪.22/2923‬‬

‫‪51‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫ل الشاكرين د‪ .‬محمد عمر دولة*‬ ‫ما أق ّ‬


‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬والصلة والسلم على أشرف المرسلين‪ ،‬وعلى آله‬
‫ة من‬ ‫ف العبادات‪ ،‬وُقرب ٌ‬ ‫ة من أشر ِ‬ ‫خصل ٌ‬ ‫شكَر َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫وصحبه أجمعين‪ .‬وبعد‪ ،‬فإ ّ‬
‫ل‪.‬‬ ‫ة من أكرم ِ الطاعات عند الله عز وج ّ‬ ‫قربات‪ ،‬وطاع ٌ‬ ‫ف ال ُ‬ ‫أشر ِ‬
‫عباِده‬ ‫ل جلله ُينعم على ِ‬ ‫ُ‬ ‫ن الله ج ّ‬ ‫ن القرآن الكريم في كثيرٍ من اليات أ ّ‬ ‫وقد ب َي ّ َ‬
‫خَر البحَر لتأكلوا‬ ‫بأنواِع الن ّعَم ِ )لعلهم يشكرون(‪ :‬كما قال تعالى‪) :‬وهو الذي س ّ‬ ‫ّ‬
‫خَر فيه‬ ‫موا ِ‬ ‫ك َ‬ ‫ة تلبسونها وترى الفل َ‬ ‫حْلي ً‬ ‫منه لحما ً ط َرِي ّا ً وتستخرجوا منه ِ‬
‫جكم من‬ ‫خَر َ‬ ‫ل‪) :‬والله أ ْ‬ ‫من َفضِله ولعلكم تشكرون(‪ [1]،‬وقال عّز وج ّ‬ ‫ول َِتبتغوا ِ‬
‫ل لكم السمعَ والبصاَر والفئدة َ لعلكم تشكرون(‪[2].‬‬ ‫ن أمهاِتكم وجع َ‬ ‫طو ِ‬ ‫بُ ُ‬
‫ل والنهاَر لتسكنوا فيه ولتبتغوا‬ ‫ل لكم اللي َ‬ ‫من رحمِته جع َ‬ ‫ل جلله‪) :‬و ِ‬ ‫وقال ج ّ‬
‫ح‬
‫ل الريا َ‬ ‫من فضِله ولعلكم تشكرون(‪ [3].‬وقال تعالى‪) :‬ومن آياِته أن يرس َ‬
‫ره ولتبتغوا من فضِله‬ ‫ك بأم ِ‬ ‫قكم من رحمِته ولتجريَ الفل َ‬ ‫ت وليذي َ‬ ‫شرا ٍ‬ ‫مب ّ‬ ‫ُ‬
‫فون في‬ ‫ضعَ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫مس‬ ‫ُ‬ ‫ٌ‬
‫ل‬ ‫قلي‬ ‫أنتم‬ ‫ْ‬ ‫ذ‬‫إ‬ ‫روا‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬‫)واذ‬ ‫وجل‪:‬‬ ‫عز‬ ‫وقال‬ ‫[‬ ‫‪4‬‬ ‫تشكرون(‪].‬‬ ‫ولعلكم‬
‫ره ورزَقكم من‬ ‫ْ ِ‬ ‫ص‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫يكم‬ ‫ّ‬ ‫وأ‬ ‫س فآواكم‬ ‫فكم النا ُ‬ ‫خط ّ َ‬ ‫ض تخافون أن يت َ َ‬ ‫الر ِ‬
‫ت لعلكم تشكرون(‪ [5].‬إلى غير ذلك من اليات‪[6].‬‬ ‫ّ‬ ‫الطّيبا ِ‬
‫عباِده بالنعم ِ العظيمةِ واللء الجسيمة‪ ،‬فقال‬ ‫ل على ِ‬ ‫ن الله عّز وج ّ‬ ‫وقد امت ّ‬
‫ن أم نحن‬ ‫من المز ِ‬ ‫موه ِ‬ ‫تعالى‪) :‬أفرأيتم الماَء الذي تشربون أأنتم أنزلت ُ‬
‫ن‬
‫كرون(‪ [7].‬وقال الله عّز وجل‪) :‬وإ ْ‬ ‫جعلناه ُأجاجا ً فلول تش ُ‬ ‫المن ْزُِلون لو نشاُء َ‬
‫مه ظاهرةً‬ ‫سب َغَ عليكم ن ِعَ َ‬ ‫ل جلُله‪) :‬وأ ْ‬ ‫صوها(‪ [8].‬وقال ج ّ‬ ‫ة الله ل ُتح ُ‬ ‫دوا ِنعم َ‬ ‫ت َعُ ّ‬
‫سن قول‪ ،‬وعلى‬ ‫ة( على الل ُ‬ ‫ة(‪ ،‬قال الطبري رحمه الله‪" :‬يقول‪) :‬ظاهر ً‬ ‫طن ً‬ ‫وبا ِ‬
‫ة( في القلوب اعتقادا ومعرفة"‪[9].‬‬ ‫عمل‪) ...‬وباطن ً‬ ‫ً‬ ‫البدان َ‬
‫ف أنها من عندِ الله‪ ،‬فلم َتشغَلهْ‬ ‫من عر َ‬ ‫ن َلما كان شكُر الن ّعَم ِ خاصا ب ِ َ‬
‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ولك ْ‬
‫ل الله علينا‬ ‫ِ‬ ‫فض‬ ‫َ‬ ‫من‬ ‫ِ‬ ‫)ذلك‬ ‫السلم‪:‬‬ ‫عليه‬ ‫يوسف‬ ‫قال‬ ‫كما‬ ‫عم‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫المن‬ ‫عن‬ ‫ة‬
‫الّنعم ُ‬
‫ة‬
‫ل؛ لغلب ِ‬ ‫كرون(؛]‪ [10‬كان الشاك ُِرون قلي ً‬ ‫س ل يش ُ‬ ‫ن أكثَر النا ِ‬ ‫س ولك ّ‬ ‫وعلى النا ِ‬
‫ن أكثَر‬ ‫ل على الناس ولك ّ‬ ‫ن الله لذو َفض ٍ‬ ‫الغفلةِ على الناس‪ ،‬كما قال تعالى‪) :‬إ ّ‬
‫س‬ ‫ل على النا ِ‬ ‫ل جلله‪) :‬وإن رّبك لذو فض ٍ‬ ‫كرون(‪ [11].‬وقال ج ّ‬ ‫س ل يش ُ‬ ‫النا ِ‬
‫ل لكم اللي َ‬
‫ل‬ ‫ل‪) :‬الله الذي جع َ‬ ‫ن أكثَرهم ل يشكرون(‪ [12].‬وقال عّز وج ّ‬ ‫ولك ّ‬
‫سل‬ ‫ن الله لذو َفض ٍ‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ل َِتس ُ‬
‫ن أكثَر النا ِ‬ ‫س ولك ّ‬ ‫ل على النا ِ‬ ‫صرا إ ّ‬ ‫مب ِ‬ ‫كنوا فيه والنهاَر ُ‬
‫ل على الناس(‬ ‫ن الله لذو فض ٍ‬ ‫كرون(‪ [13].‬قال الشوكاني رحمه الله‪)" :‬إ ّ‬ ‫َيش ُ‬
‫م ول‬ ‫س ل يشكرون( النع َ‬ ‫ن أكثَر النا ِ‬ ‫صى )ولك ّ‬ ‫ل عليهم بنعمه التي ل ُتح َ‬ ‫يتفض ُ‬
‫حوِدهم لها وكفرهم بها كما هو شأن الكفار‪ ،‬أو لغفالِهم‬ ‫ج ُ‬ ‫يعترفون بها؛ إما‪ :‬ل ِ ُ‬
‫شكرِ المنعم‪ ،‬وهم الجاهِلون"‪[14].‬‬ ‫ُ‬ ‫من ُ‬ ‫للنظرِ وإهماِلهم لما يجب ِ‬
‫ق؛ وهو‬ ‫م الرز ِ‬ ‫ش ورزقه أعظ َ‬ ‫َ‬ ‫ن الله له في أنواِع المعاي ِ‬ ‫مك ّ َ‬ ‫س قد َ‬ ‫من النا ِ‬ ‫كم ِ‬ ‫ف َ‬
‫مكّناكم‬ ‫جل! كما قال تعالى‪) :‬ولقد َ‬ ‫شك ْرِ الله عّز و َ‬ ‫ل عن ُ‬ ‫ل على الن ّعَم ِ غافِ ٌ‬ ‫مقب ِ ٌ‬ ‫ُ‬
‫ملوا‬ ‫ُ‬ ‫ش قليل ما َتشكرون(‪ ،‬وقال تعالى‪) :‬اع َ‬ ‫ُ‬ ‫معاي َ‬ ‫جعَلنا لكم فيها َ‬ ‫ْ‬ ‫ضو َ‬ ‫في الر ِ‬
‫ن بعد‬ ‫َّ َ‬ ‫ي‬ ‫ب‬‫"‬ ‫الله‪:‬‬ ‫رحمه‬ ‫الشوكاني‬ ‫قال‬ ‫الشكور(‬ ‫عبادي‬ ‫ِ‬ ‫من‬ ‫ٌ‬
‫ل‬ ‫وقلي‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫شكر‬ ‫ل داود ُ‬ ‫آ َ‬
‫من‬ ‫ل ِ‬ ‫سوا بالكثير‪ ،‬فقال‪) :‬وقلي ٌ‬ ‫رين له من عباده لي ُ‬ ‫ن الشاك ِ ِ‬ ‫رهم بالشكر أ ّ‬ ‫أم ِ‬
‫ل"‪[15].‬‬ ‫ل بطاعِتي الشاكُر ل ِِنعمِتي قلي ٌ‬ ‫عبادي الشكور(‪ :‬أي العام ُ‬
‫حين رضي الله عنهم ؛ فقد كانوا ـ‬ ‫فنا الصال ِ ِ‬ ‫سل ِ‬ ‫قين و َ‬ ‫علمائنا الساب ِ ِ‬ ‫وللهِ د َّر ُ‬
‫ق‬ ‫ل والشفا ِ‬ ‫شكرِ الله عّز وج َ‬ ‫مهم ـ في غايةِ الِعنايةِ ب ِ ُ‬ ‫عل ِ‬ ‫سوِخ ِ‬ ‫لقوةِ إيماِنهم وُر ُ‬
‫ض‬‫ل عمر بن عبد العزيز إليه‪ :‬إني بأر ٍ‬ ‫عما ِ‬ ‫ض ُ‬ ‫ب بع ُ‬ ‫مه؛ حتى كت َ‬ ‫حودِ ن ِعَ ِ‬ ‫ج ُ‬ ‫من ُ‬
‫شكر"!]‪[16‬‬ ‫ف ال ّ‬ ‫ضع ِ‬ ‫ت على أهِلها من َ‬ ‫فق ُ‬ ‫م؛ حتى لقد أش َ‬ ‫ت فيها الّنع ُ‬ ‫قد كثر ْ‬

‫‪52‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫م به‬
‫من أن يقو َ‬ ‫ل ِ‬ ‫ن حقّ الله أثق ُ‬ ‫م الله طلقَ بن حبيب حيث قال‪" :‬إ ّ‬ ‫ح َ‬
‫وَر ِ‬
‫سوا‬ ‫حوا تائبين وأم ُ‬ ‫صَيها الِعباُد؛ ولكن أصب ِ ُ‬ ‫من أن ُيح ِ‬ ‫م الله أكثُر ِ‬ ‫ن ن ِعَ َ‬ ‫الِعباُد‪ ،‬وإ ّ‬
‫تائبين"]‪ [17‬ورضي الله عن المام الشافعي حيث قال‪" :‬الحمد لله الذي ل‬
‫شكَره بها"‪].‬‬ ‫مؤّديها ُ‬ ‫ب على ُ‬ ‫ج ُ‬‫مه إل بِنعمةٍ حاِدثةٍ ُتو ِ‬ ‫شكَر ِنعمةٍ من ن ِعَ ِ‬ ‫يؤّدي ُ‬
‫‪ [18‬قال ابن كثير رحمه الله‪" :‬وقال القائل في ذلك‪:‬‬
‫ن‬
‫س ِ‬ ‫ح َ‬
‫من َ‬ ‫ت ِ‬ ‫ة **** ت ُث ِْني عليك ِبما أول َي ْ َ‬ ‫ل جارحةٍ مّني لها لغ ٌ‬ ‫لو ك ّ‬
‫مَنن"‪[19].‬‬ ‫ْ‬
‫ن وال ِ‬ ‫ت به **إليك أبلغَ في الحسا ِ‬ ‫شك َْر ُ‬ ‫كري إذ ْ َ‬ ‫ش ْ‬ ‫لكان ما زاد ُ‬
‫‪------------‬‬
‫ت‬‫ب فرا ٌ‬ ‫]‪ [1‬النحل ‪ .14‬وقال في فاطر ‪) :12‬وما يستوي البحران هذا عذ ٌ‬
‫ة‬ ‫ْ‬
‫حلي ً‬ ‫ل تأكلون لحما ً ط َرِي ّا ً وتستخرجون ِ‬ ‫ج ومن ك ّ‬ ‫سائغٌ شرابه وهذا مل ُ‬
‫ح أجا ٌ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬
‫من َفضِله ولعلكم تشكرون(‪.‬‬ ‫خَر ل َِتبتغوا ِ‬
‫موا ِ‬ ‫َ‬
‫تلبسونها وترى الفلك فيه َ‬
‫]‪ [2‬النحل ‪.78‬‬
‫]‪ [3‬القصص ‪.73‬‬
‫]‪ [4‬الروم ‪.46‬‬
‫]‪ [5‬النفال ‪.26‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫]‪ [6‬فقد قال تعالى‪) :‬ثم عفونا عنكم من بعد ذلك لعلكم تشكرون( البقرة‬
‫‪ ،52‬وقال‪) :‬ثم بعثناكم من بعد موتكم لعلكم تشكرون( البقرة ‪ ،56‬وقال‪:‬‬
‫)ولتكب ُّروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون( البقرة ‪ ،185‬وقال‪) :‬ولقد‬
‫ة فاتقوا الله لعلكم تشكرون( آل عمران ‪،123‬‬ ‫نصركم الله ببدرٍ وأنتم أذل ٌ‬
‫وقال‪) :‬ولكن ليطهَّركم وليتم نعمَته عليكم لعلكم تشكرون( المائدة ‪ ،6‬وقال‪:‬‬
‫ن‬
‫)كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون( المائدة ‪ ،89‬وقال‪) :‬والُبد َ‬
‫ف فإذا‬‫صوا ّ‬‫م الله عليها َ‬ ‫جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خيٌر فاذكروا اس َ‬
‫خرناها لكم لعلكم‬ ‫وجبت جنوبها فكلوا منها وأطعموا القانعَ والمعتّر كذلك س ّ‬
‫خَر لكم البحَر لتجري الفلك فيه‬ ‫تشكرون( الحج ‪ ،36‬وقال‪) :‬الله الذي س ّ‬
‫ره ولتبتغوا من فضِله ولعلكم تشكرون( الجاثية ‪.12‬‬ ‫بأم ِ‬
‫]‪ [7‬الواقعة ‪.70-68‬‬
‫]‪ [8‬إبراهيم ‪ ،34‬والنحل ‪.18‬‬
‫]‪ [9‬جامع البيان للطبري ‪.21/78‬‬
‫]‪ [10‬يوسف ‪.38‬‬
‫]‪ [11‬البقرة ‪ .243‬ويونس ‪.60‬‬
‫]‪ [12‬النمل ‪.73‬‬
‫]‪ [13‬غافر ‪.61‬‬
‫]‪ [14‬فتح القدير ‪.4/498‬‬
‫]‪ [15‬فتح القدير للشوكاني ‪.4/317‬‬
‫]‪ [16‬جامع العلوم والحكم لبن رجب ص ‪.245‬‬
‫]‪ [17‬تفسير القرآن العظيم ‪.2/541‬‬
‫]‪ [18‬المرجع السابق‪.‬‬
‫]‪ [19‬المرجع السابق‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫‪53‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ما البديل؟؟‬
‫الحمد لله‪ ،‬كاشف الهموم ومجلي الغموم‪ ،‬والصلة والسلم على أشرف‬
‫مد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد‪:‬‬ ‫النبياء والمرسلين‪ ،‬نبينا مح ّ‬
‫فمع الغزو العلمي المكثف تحولت كثير من بيوت المسلمين إلى مرتع‬
‫مفتوح لدعاة الشر والفساد‪ ،‬وزاد تعلق الناس بالشاشات وما يعرض فيها‪،‬‬
‫حتى أنها دخلت في تنظيم أوقات حياتهم‪ ،‬وتربية أفكارهم وتغيير معتقداتهم‬
‫وتوجيه صغارهم!‬
‫وقد يطول زمن الجلوس في بعض البيوت أمام الشاشات إلى ساعات‬
‫جمعت في عمر النسان لكانت أياما ً وشهورا ً وسنينًا‪ .‬وهكذا يفقد‬ ‫طويلة لو ُ‬
‫ً‬
‫كثير من الناس ما هو أغلى من الذهب والفضة وأكثر فائدة وأعظم أثرا‪..‬أل‬
‫وهو الوقت‪.‬‬
‫ً‬
‫فإن كان المال يستطيع الموفق أن يستثمره وينميه‪ ،‬وأحيانا يأتي من وارث‪،‬‬
‫أو هبة‪ ،‬أو غير ذلك إل أن الزمن ل ُينمى ول يوهب ول ُيشترى مطلقًا!‬
‫ومن تحدث عن هذا المر وأسهب في مضار ما ُيعرض يفاجئه سؤال عجيب‬
‫أل وهو قول الكثير من الناس‪ :‬ما البديل إذًا؟‬
‫أخي المسلم‪:‬‬
‫إن صدقت في السؤال وأحسنت النية فالبدائل كثيرة‪ ،‬وتغير مسار الحياة‬
‫سهل ميسور‪ ،‬وقد سبقك الكثير!‬
‫وإني لعجب للرجل العاقل والمرأة الفطنة كيف يجعلن حثالة القوم وسفلة‬
‫المجتمع من الحاقدين والصليبين والمنافقين والمهرجين يوجهون فكرهما‬
‫ويربون أولدهما ويغرسون فيهما ما شاءوا من الرذيلة وسيء الخلق!‬
‫ل وطاعة وامتثال ً‬ ‫ولعانة من أراد التخلص من الشاشة تقربا ً إلى الله عّز وج ّ‬
‫لمره‪ ،‬أطرح له بدائل عدة لعل فيها ما يغني عن هراء الممثلين والممثلت‬
‫وسخف الغاني الماجنة والمسلسلت الساقطة‪ ،‬وبث السموم والفكار‬
‫ل‪.‬‬ ‫المخالفة لدين الله عّز وج ّ‬
‫ومن تلك البدائل‪:‬‬
‫‪ -1‬تحقيق التقوى في النفس والبناء وعندها يأتي الفرج سعادة للنفس‬
‫جَعل ل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ق الله ي َ ْ‬ ‫ن الله تعالى يقول‪ } :‬ومن يت ّ ِ‬ ‫وطمأنينة في القلب‪ .‬فإ ّ‬
‫ن‬
‫سٍني َ‬‫ح ِ‬
‫م ْ‬ ‫جر ال ُ‬ ‫ضيعُ أ ْ‬ ‫ه ل يُ ِ‬‫ن الل َ‬‫صب ِْر فإ ّ‬
‫ق وَي َ ْ‬ ‫خَرجا ً { ويقول تعالى‪ } :‬إّنه َ‬
‫من ي َت ّ ِ‬ ‫م ْ‬
‫َ‬
‫{ ومن أعظم أنواع الصبر؛ الصبر على الطاعة والبعد عن الحرام‪ .‬وأذكر هنا‬
‫أن امرأة صالحة كانت تلغي كثيرا ً من ارتباطاتها وزياراتها لبعض من حولها‬
‫خوفا ً على أبنائها من متابعة المسلسلت والشغف بالتمثيليات فأكرمها الله‬
‫ل قرت بهم أعين‬ ‫ل بأن جعل أبناءها بررة حافظين لكتاب الله عّز وج ّ‬ ‫عّز وج ّ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫والديهم‪ » .‬ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه « ‪.‬‬
‫‪ -2‬الحرص على العبادة وخاصة الصلة في أوقاتها والكثار من نوافل‬
‫الطاعات من صلة وصيام وعمرة وصدقة وقراءة للقرآن‪ .‬ونرى أن من‬
‫يحس بالفراغ والوحشة إنما هو ذلك الذي ابتعد عن النوافل وفرط في‬
‫الطاعات‪ ،‬والكثير من العُّباد ينظر إلى الوقت وقصره وسرعة انقضائه لنه‬
‫استثمره خير استثمار‪.‬‬
‫ل فإن الشاشات وما ُيعرض‬ ‫‪ -3‬تحري أوقات الجابة والتضرع إلى الله عّز وج ّ‬
‫ل بالدعاء والمجاهدة‬ ‫فيها والتعلق بذلك بلء وشقاء يرفعه الله عّز وج ّ‬
‫والصبر‪.‬‬
‫‪ -4‬معرفة فتاوى العلماء في حكم هذه الشاشات وما ُيعرض فيها وغرس‬
‫ل والبعد‬ ‫البعد عن الحرام في قلوب الصغار وتربيتهم على طاعة الله عّز وج ّ‬

‫‪54‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫عن معصيته‪ .‬خاصة أن المر تجاوز مجرد الشهوات إلى إثارة الشبهات حول‬
‫مسّلمات عقدية نؤمن بها وهي من أساس دين السلم‪.‬‬
‫‪ -5‬قراءة ما ُيعرض عن الشاشات وخطر ما فيها وهذا ُيسهل أمر الصبر‬
‫والمصابرة‪ ،‬فإن في معرفة الضرار الدينية والطبية والنفسية سلوى لمن‬
‫أراد البتعاد وسعى إلى النجاة‪ .‬وأنصح بقراءة كتاب "بصمات على ولدي"‬
‫لطيبة اليحيى‪ .‬فقد أوردت بالرقام والحصاءات ما يجعل المسلم يبتعد عن‬
‫هذه الشاشات‪ .‬كما يوجد في المكتبات كتب متميزة خاصة بتربية الصغار‬
‫تربية إسلمية‪.‬‬
‫‪ -6‬الستفادة من الوقات للقيام بالواجبات الجتماعية من بر الوالدين وصلة‬
‫الرحام وتفقد الرامل والمساكين وإعانة أصحاب الحوائج‪.‬‬
‫‪ -7‬الشتغال بطلب العلم وحث أهل البيت على زيادة معلوماتهم الشرعية‬
‫في ظل تيسر المر بوجود أشرطة العلماء السمعية‪ .‬فيستطيع رب المنزل‬
‫أن يرتب له ولسرته درسا ً يوميا ً أو أسبوعيًا‪.‬‬
‫‪ -8‬ربط أهل البيت والطفال بسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ودعوته‬
‫وصبره وجهاده وقراءة دقائق حياته فإن في ذلك أثرا ً على تربية النفوس‬
‫وتهذيبها وربطها بمعالي المور‪.‬‬
‫‪ -9‬وضع دروس يومية منتظمة بجدول ثابت لحفظ آيات من القرآن الكريم‬
‫وفي هذا أثر عظيم جدًا‪ ،‬ولو رتب أحدنا حفظ بعض اليات كل يوم لختم‬
‫القرآن في سنوات قليلة وفي ذلك خيرا الدنيا والخرة‪ .‬وبعض الناس قارب‬
‫عمره الربعين سنة ولم يحفظ خمسة أجزاء من كتاب الله عّز وج ّ‬
‫ل؟!‬
‫‪ -10‬الهتمام بإيجاد مكتبة أسرية متنوعة تحوي مختلف العلوم وتكون في‬
‫متناول الجميع‪ ،‬فإن في ذلك تنمية للمواهب والمدارك عن طريق القراءة‬
‫حتى يصبح الكتاب‪ -‬بعد حين‪ -‬رفيقا ً ل يمله أهل المنزل‪.‬‬
‫‪ -11‬الستفادة من برامج الحاسوب اللي المتوفرة بكثرة بما في ذلك‬
‫المسابقات وبرامج اختبار الذكاء وغيرها‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫‪ -12‬معرفة نعمة الله على النسان باستثمار الوقت في عمل صالح فإن تلك‬
‫نعمة عظيمة قال ابن القيم‪" :‬وبالجملة‪ ،‬فالعبد إذا أعرض عن الله واشتغل‬
‫ب إضاعتها يوم يقول‪:‬‬‫بالمعاصي ضاعت عليه أيام حياته الحقيقية التي يجد غ ّ‬
‫حَياِتي { واستشعار قيمة الوقت يدفع إلى الحرص‬ ‫ت لِ َ‬ ‫} يا ل َي ْت َِني قد ّ ْ‬
‫م ُ‬
‫والمحافظة عليه وإنفاقه فيما ينفع‪ .‬والرجل الفطن يلحظ ضياع كثير من‬
‫الطاعات والقربات وفواتها عليه بسبب جلوسه أمام الشاشة وما تضييع‬
‫الصلوات وخاصة صلة الفجر إل دليل على ذلك‪ ،‬كما أن في ضياع صلة‬
‫الرحم والكسل عن القيام بالواجبات السرية دليل ً آخر‪ .‬وفي ضياع الوقت‬
‫بهذه الصورة مدعاة إلى التوقف والتفكر والمحاسبة!‬
‫‪ -13‬القيام بالنزهات البرية للماكن الخلوية البعيدة عن أعين الناس والتبسط‬
‫مع الزوجة والبناء وإشباع رغباتهم في اللعب والجري وصعود الجبال واللعب‬
‫بالرمال‪ .‬وهذه الرحلت من أعظم وسائل ربط الب بأسرته وهي خير من‬
‫الذهاب بهم لماكن اللهو التي تفشو فيها بعض المنكرات ول يستطيع الب‬
‫أن يجلس مع أسرته وأبنائه بحرية تامة‪.‬‬
‫‪ -14‬وضع برنامج رياضي للب والم والبناء بمعدل يومي عشر دقائق مثل ً‬
‫حتى وإن اقتصر على التمارين الخفيفة‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ -15‬زيارة الصالحين والخيار والستفادة من تجاربهم‪ ،‬والستئناس بأحاديثهم‪،‬‬


‫وربط الناشئة بهم ليكونوا القدوة بدل ً من الممثلين والمهرجين‪.‬‬
‫‪ -16‬إشغال الفتيات بأعمال المنزل وتدريبهن على القيام بالواجبات المنزلية‬
‫وتعويدهن على تحمل مسئولية البيت وتربية الطفال والقيام بشؤونهم‪.‬‬
‫ل‪ -‬لحضور بعض محاضرات العلماء في‬ ‫‪ -17‬وضع جدول زمني‪ -‬شهري مث ً‬
‫المساجد‪.‬‬
‫‪ -18‬مشاركة الجهات الخيرية والمؤسسات الغاثية بالعمل والجهد‬
‫والمساهمة بالوقت في تخفيف هموم المسلمين ورفع معاناتهم‪.‬‬
‫‪ -19‬جعل يوم في السبوع يوما ً مفتوحا ً في المنزل للقاء الكلمات المفيدة‬
‫وبث الفوائد بين الجميع وطرح الفكار ورؤية إنتاج المنتجين في البناء‬
‫والصغار‪.‬‬
‫‪ -20‬جعل قائمة بالنشطة والدرجات والتقديرات للبناء وتحسب نقطة لكل‬
‫عمل جيد‪ ،‬وأخرى لكل جهد مميز وهكذا في نهاية السبوع توضع الجوائز‬
‫لصاحب أعلى النقاط‪ .‬بما في ذلك النضباط أيام السبوع والمذاكرة وغيرها‪.‬‬
‫‪ -21‬تسجيل الولد في حلق تحفيظ القرآن الكريم في المساجد‪ ،‬والم‬
‫وبناتها في دور الذكر لتحفيظ القرآن الكريم وإظهار الفرح بذلك وتشجيعهم‬
‫على المراجعة مع بعضهم البعض وذكر ما حفظوا كل يوم‪ .‬وفي هذا ربط لهم‬
‫مع كتاب الله عّز وج ّ‬
‫ل‪.‬‬
‫‪ -22‬جعل أيام سمر للسرة يجتمعون فيه ويكون الحديث مفتوحًا‪ ،‬ويركز‬
‫على قصص التوبة ومآسي المسلمين وقصص من أسلموا حديثا ً وذكر بعض‬
‫الطرائف والنكت المحمودة‪.‬‬
‫‪ -23‬التأمل الدقيق في بيوت كثير من الخيار التي تخلو من شاشات‪ ،‬وكيف‬
‫هو بفضل الله صلح أبنائها واستقرار أهلها وحسن تربيتهم على التقوى‬
‫والصلح فإن ذلك يدفع الرجل إلى الحذو حذوهم ويدفع بالم إلى السير على‬
‫طريقهم‪. .‬‬
‫ل على أن أبدل المعصية بالطاعة‬ ‫‪ -24‬الكثار من شكر وحمد الله عّز وج ّ‬
‫ً‬
‫والسيئات بالحسنات والفرح بذلك فإن في ذلك ثباتا على المر وإشاعة‬
‫لتحول كبير في السرة‪.‬‬
‫‪ -25‬القيام بأعمال دعوية أسرية مثل مراسلة هواة المراسلة ودعوتهم إلى‬
‫اللتزام بهذا الدين وإرسال الكتب إليهم‪ ،‬أو كتابة رسائل توجيه ونصيحة‬
‫للطلب والطالبات وغيرها‪ ،‬كل لبني جنسه‪.‬‬
‫‪ -26‬اختيار أسر من الخيار وزيارتهم ومعرفة كيفية استفادتهم من أوقاتهم‬
‫وكذلك سؤالهم كيف يعيشون سعداء بدون شاشة!‬
‫‪ -27‬كثير من الناس ل يعرف خلجات بناته ول هوايات أبنائه ول هموم زوجته‬
‫لن وقت السرة مليء بالجتماع على مشاهدة الشاشة فحسب‪ ،‬وبدون‬
‫الشاشة يكون الحديث مشتركا ً والتقارب أكثر بإيراد القصص والطرف وتبادل‬
‫الحاديث والراء‪.‬‬
‫‪ -28‬الهتمام بهوايات البناء وتوجيهها نحو خدمة السلم والمسلمين‬
‫وتشجيعهم على المفيد منها‪.‬‬
‫‪ -29‬إعداد البحوث علمة على مقدرة الشخص وتمكنه العلمي‪ .‬ولكل عمر‬
‫من العمار مستوى معين من البحوث وهذا يجعل السرة تعيش جوا ً علميا ً‬
‫إذا أرادت ذلك وسعت إليه‪.‬‬
‫‪ -30‬كثير من الناس يتعذر بوجود الشاشة لرغبته في معرفة أحداث العالم‬
‫وأخبار الكون! ومع حرصه هذا فإنه غافل عن أخبار الخرة وأحداث يوم‬

‫‪56‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الحسرة والندامة وأحوال البرزخ وأهوال البعث والنشور والصراط وغيرها!‬


‫وله كفاية بالذاعة وبعض الصحف لمتابعة الخبار والحداث!‬
‫‪ -31‬لو طلب منك شخص أو جهة أن تضع في صالة منزلك خمسة أفراد ما‬
‫بين رجل وسيم وامرأة فاتنة منهم الفاجر والفاسق ومنهم المهرج ومنهم‬
‫المنصر‪ ،‬وشرطت عليهم أن ل يتحدثوا ول يجتمعوا بأبنائك وزوجتك إل‬
‫بحضورك! فهل يا ترى تخرج مطمئن الفؤاد إلى هؤلء وهم في عقر دارك!!‬
‫إن كان المر كذلك وبقية إيمان في قلبك فأخرجهم حتى ولو لم يكن هناك‬
‫بدي ً‬
‫ل‪.‬‬
‫أخي المسلم‪ ،‬أختي المسلمة‪:‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫هناك أمور كثيرة ل يكفي لها الوقت لو ذكرت‪ ،‬إنما الهدف ذكر طرف منها‬
‫ل‬‫للتخلص من الشرور ودفعها بين يدي المسلم‪ .‬وفي طاعة الله عّز وج ّ‬
‫وتقواه خير معين‪ ،‬وهذا البيت الصغير هو مملكتك التي تستطيع أن تجعلها‬
‫جنة وارفة الظلل بالطاعة والعبادة وحشن الخلق وطيب المعشر‪.‬‬
‫وكثير جعل هذا المسكن والقرب جحيما ً بسوء التربية وحلول المعصية وفساد‬
‫م { وكما أن للطاعة أثرا ً فإن للمعصية شؤمًا‪.‬‬ ‫َ‬
‫ديهِ ْ‬ ‫ن ب ُُيوت َُهم ب ِأي ْ ِ‬ ‫خرُِبو َ‬
‫الطباع } ي ُ ْ‬
‫ويا أيها الب ويا أيتها الم‪ :‬المسؤولية عظيمة والحساب شديد والمانة بين‬
‫أيديكم‪ ،‬فإياكم وضياع الولد وإهمالهم فإنكم مسؤولون ومحاسبون عنهم‬
‫َ‬ ‫مُنوا ُقوا َأن ُ‬
‫م َناًرا‬ ‫م وَأهِْليك ُ ْ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ل وعل‪ } :‬يا أّيها اّلذين َءا َ‬ ‫غدًا‪ .‬يقول الله ج ّ‬
‫جاَرة ُ { ‪.‬‬ ‫ح َ‬ ‫س َوال ِ‬ ‫ها الّنا ُ‬ ‫وَُقود ُ َ‬
‫وأذكركم بقول الرسول صلى الله عليه وسلم‪ » :‬كلكم راٍع وكلكم مسئول‬
‫عن رعيته‪ ،‬فالمام راٍع وهو مسئول عن رعيته‪ ،‬والرجل راٍع في أهله وهو‬
‫مسئول عن رعيته « ]متفق عليه[‪.‬‬
‫وأجزم أن كثيرا ً من الباء لو علم أن الشاشات تسبب مرضا معينا لمن يراها‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ولو لدقائق لما بقي في البيوت شاشات إطلقًا‪ .‬ولكن لن هذا مرض عضوي‬
‫اهتم الباء به أما مرض القلوب والشهوات فالمر مختلف‪ .‬وشتان ما بين‬
‫زماننا وأهله وصدر السلم وأهله‪ .‬فلما نزلت آية تحريم الخمر ما قال‬
‫الصحابة‪ :‬لنا سنوات‪ ،‬ولدينا منها مخزون كبير أو ما هو البديل إذًا!‬
‫ل‪ .‬ولما نزلت آية الحجاب خرج‬ ‫بل سالت الشعاب بالخمر المراق طاعة وامتثا ً‬
‫نساء المسلمين وهن كالغربان متشحات بالسواد ل يرى منهن شيئًا‪ } .‬وما‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫خي ََرة ُ ِ‬ ‫م ال ِ‬ ‫ن ل َهُ ُ‬ ‫كو َ‬‫مرا ً أن ي َ ُ‬ ‫هأ ْ‬ ‫سول ُ ُ‬‫ضى اُلله وََر ُ‬ ‫مؤمنةٍ إذا قَ َ‬ ‫ن َول ُ‬ ‫َكان لمؤم ٍ‬
‫مبينا ً { ‪.‬‬ ‫ضل َل ً ّ‬ ‫ل َ‬ ‫ض ّ‬
‫قد ْ َ‬ ‫ه فَ َ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫ص اَلل َ‬ ‫من ي َعْ ِ‬ ‫م وَ َ‬ ‫مرِهِ ْ‬ ‫أ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫صيب َهُ ْ‬‫ة أوْ ي ُ ِ‬ ‫م فتن ٌ‬ ‫صيب َهُ ْ‬
‫مرِهِ أن ت ُ ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫ن عَ ْ‬ ‫فو َ‬ ‫خال ِ ُ‬
‫ن يُ َ‬ ‫حذ َرِ اّلذي َ‬ ‫ولهل السلم‪ } :‬فَل ْي َ ْ‬
‫م{‪.‬‬ ‫ب ألي ٌ‬ ‫عذا ٌ‬
‫قال ابن كثير‪" :‬أي عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو سبيله‬
‫ومنهاجه وطريقته وسنته وشريعته" ثم قال رحمه الله في قوله تعالى‪:‬‬
‫ة { أي في قلوبهم من كفر أو نفاق أو بدعة‪.‬‬ ‫م فتن ٌ‬ ‫صيب َهُ ْ‬ ‫} تُ ِ‬
‫أقر الله العين بصلح الولد وضاعف الجر والمثوبة للوالدين على حسن‬
‫مد وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬ ‫التربية والتوجيه لهم‪ ،‬وصلى الله على نبينا مح ّ‬
‫عبد الملك القاسم‬

‫)‪(3 /‬‬

‫‪57‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ما البديل؟‬
‫عبدالملك القاسم‬
‫دار القاسم‬
‫الحمد لله‪ ،‬كاشف الهموم ومجلي الغموم‪ ،‬والصلة والسلم على أشرف‬
‫النبياء المرسلين‪ ،‬نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد‪:‬‬
‫فمع الغزو العلمي المكثف تحولت كثير من بيوت المسلمين إلى مرتع‬
‫مفتوح لدعاة الشر والفساد‪ ،‬وزاد تعلق الناس بالشاشات وما يعرض فيها‪،‬‬
‫حتى أنها دخلت في تنظيم أوقات حياتهم وتربية أفكارهم وتغيير معتقداتهم‬
‫وتوجيه صغارهم!‬
‫وقد يطول زمن الجلوس في بعض البيوت أمام الشاشات إلى ساعات‬
‫طويلة لو جمعت في عمر النسان لكانت أياما وشهورا وسنينا‪ .‬وهكذا يفقد‬
‫كثير من الناس ما هو أغلى من الذهب والفضة وأكثر فائدة وأعظم أثرا‪ ..‬أل‬
‫وهو الوقت‪.‬‬
‫فإن كان المال يستطيع الموفق أن يستثمره وينميه‪ ،‬وأحيانا يأتي من وارث‪،‬‬
‫أو هبة‪ ،‬أو غير ذلك‪ ،‬إل أن الزمن ل ينمى ول يوهب ول يشترى مطلقا!‬
‫ومن تحدث عن هذا المر وأسهب في مضار ما يعرض يفاجئه سؤال عجيب‬
‫أل وهو قول الكثير من الناس‪ :‬ما البديل إذا؟‬
‫أخي المسلم‪ :‬إن صدقت في السؤال وأحسنت النية فالبدائل كثيرة‪ ،‬وتغيير‬
‫مسار الحياة سهل‪ .‬ميسور‪ ،‬وقد سبقك الكثير!‬
‫وإني أعجب للرجل العاقل والمرأة الفطنة كيف يجعلن حثالة القوم وسفلة‬
‫المجتمع من الحاقدين والصليبين والمنافقين والمهرجين يوجهون فكرهما‬
‫ويربون أولدهما ويغرسون فيهما ما شاءوا من الرذيلة وسيء الخلق!‬
‫ولعانة من أراد التخلص من الشاشة تقربا إلى الله عز وجل وطاعة وامتثال‬
‫لمره‪ ،‬أطرح له بدائل عدة لعل فيها ما يغني عن هراء الممثلين والممثلت‬
‫وسخف الغاني الماجنة والمسلسلت الساقطة‪ ،‬وبث السموم والفكار‬
‫المخالفة لدين الله عز وجل ومن تلك البدائل‪:‬‬
‫ا‪ -‬تحقيق التقوى في النفس والبناء وعندها يأتي الفرج سعادة للنفس‬
‫وطمأنينة في القلب‪ .‬فإن الله تعالى يقول‪ :‬ومن يتق الله يجعل له مخرجا‬
‫ويقول تعالى‪ :‬إنه من يتق ويصبرفإن الله ل يضيع أجر المحسنين ‪ .‬ومن‬
‫أعظم أنواع الصبر؛ الصبر على الطاعة والبعد عن الحرام‪ .‬وأذكر هنا أن‬
‫امرأة صالحة كانت تلغي كثيرا من ارتباطاتها وزياراتها لبعض من حولها خوفا‬
‫على أبنائها من متابعه المسلسلت والشغف بالتمثيليات فأكرمها الله عز‬
‫وجل بأن جعل أبناءها بررة حافظين لكتاب الله عز وجل قرت بهم أعين‬
‫والديهم‪ } .‬ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه {‪.‬‬
‫‪ -2‬الحرص على العبادة وخاصة الصلة في أوقاتها والكثار من نوافل‬
‫الطاعات من صلة وصيام وعمرة وصدقة وقراءة للقران‪ .‬ونرى أن من‬
‫يحس بالفراغ والوحشة إنما هو ذلك الذي ابتعد عن النوافل وفرط في‬
‫الطاعات‪ ،‬والكثير من العباد ينظر إلى الوقت وقصره وسرعة انقضائه لنه‬
‫استثمره خير استثمار‪.‬‬
‫‪ -3‬تحري أوقات الجابة والتضرع إلى الله عز وجل فإن الشاشات وما يعرض‬
‫فيها والتعلق بذلك بلء وشقاء يرفعه الله عز وجل بالدعاء والمجاهدة‬
‫والصبر‪.‬‬
‫‪ -4‬معرفة فتاوى العلماء في حكم هذه الشاشات وما يعرض فيها وغرس‬
‫البعد عن الحرام في قلوب الصغار وتربيتهم على طاعة الله عز وجل والبعد‬

‫‪58‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫عن معصيته‪ .‬خاصة أن المر تجاوز مجرد الشهوات إلى إثارة الشبهات حول‬
‫مسلمات عقدية نؤمن بها وهي من أساس دين السلم‪.‬‬
‫‪ -5‬قراءة ما يعرض عن الشاشات وخطر ما فيها وهذا يسهل أمر الصبر‬
‫والمصابرة‪ ،‬فإن في معرفة الضرار الدينية والطبية ‪ -‬والنفسية سلوى لمن‬
‫أراد البتعاد وسعى إلى النجاة‪ .‬وأنصح بقراءة كتاب )بصمات على ولدي(‬
‫لطيبة اليحيى‪ .‬فقد أوردت بالرقام والحصاءات ما يجعل المسلم يبتعد عن‬
‫هذه الشاشات‪ .‬كما يوجد في المكتبات كتب متميزة خاصة بتربية الصغار‬
‫تربية إسلمية‪.‬‬
‫‪ -6‬الستفادة من الوقات للقيام بالواجبات الجتماعية من بر الوالدين وصلة‬
‫الرحام وتفقد الرامل والمساكين وإعانة أصحاب الحوائج‪.‬‬
‫‪ -7‬الشتغال بطلب العلم وحث أهل البيت على زيادة معلوماتهم الشرعية‬
‫في ظل تيسر المر بوجود أشرطة العلماء السمعية‪ .‬فيستطيع رب المنزل‬
‫أن يرتب له ولسرته درسا يوميا أو أسبوعي‪.‬‬
‫‪ -8‬ربط أهل البيت والطفال بسيرة الرسول ودعوته وصبره وجهاده وقراءة‬
‫دقائق حياته فإن في ذلك أثرا على تربية النفوس وتهذيبها وربطها بمعالي ا‬
‫لمور‪.‬‬
‫‪ -9‬وضع دروس يومية منتظمة بجدول ثابت لحفظ آيات من القران الكريم‬
‫وفي هذا أثر عظيم جدا‪ ،‬ولو رتب أحدنا حفظ بعض اليات كل يوم لختم‬
‫القران في سنوات قليلة وفي ذلك خيرا الدنيا والخرة‪ .‬وبعض الناس قارب‬
‫عمره الربعين سنة ولم يحفظ خمسة أجزاء من كتاب الله عز وجل؟!‬
‫‪ -10‬الهتمام بإيجاد مكتبة أسرية متنوعة تحوي مختلف العلوم وتكون في‬
‫متناول الجميع‪ ،‬فإن في ذلك تنمية للمواهب والمدارك عن طريق القراءة‬
‫حتى يصبح الكتاب ‪ -‬بعد حين – رفيقا ل يمله أهل المنزل‪.‬‬
‫‪ -11‬الستفادة من برامج الحاسوب اللي المتوفرة بكثرة بما في ذلك‬
‫المسابقات وبرامج اختبار الذكاء وغيرها‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫‪ -12‬معرفة نعمة الله على النسان باستثمار الوقت في عمل صالح فإن تلك‬
‫نعمة عظيمة قال ابن القيم‪" :‬وبالجملة‪ ،‬فالعبد إذا أعرض عن الله واشتغل‬
‫بالمعاصي ضاعت عليه أيام حياته الحقيقية القي يجد غب إضاعتها يوم يقول‪:‬‬
‫يا لينتي قدمت لحياتي واستشعار قيمة الوقت يدفع إلى الحرص والمحافظة‬
‫عليه وانفاقه فيما ينفع‪ .‬والرجل الفطن يلحظ ضياع كثير من الطاعات‬
‫والقربات وفواتها عليه بسبب جلوسه امام الشاشة وما تضييع الصلوات‬
‫وخاصة صلة الفجر إل دليل على ذلك‪ ،‬كما أن في ضياع صلة الرحم والكسل‬
‫عن القيام بالواجبات السرية دليل آخر‪ .‬وفي ضياع الوقت بهذه الصورة‬
‫مدعاة إلى التوقف والتفكر والمحاسبة!‬
‫‪ -13‬القيام بالنزهات البرية للماكن الخلوية البعيدة عن أعين الناس والتبسط‬
‫مع الزوجة والبناء وإشباع رغباتهم في اللعب والجري وصعود الجبال واللعب‬
‫بالرمال‪ .‬وهذه الرحلت من أعظم وسائل ربط الب بأسرته وهي خير من‬
‫الذهاب بهم لماكن اللهو التي تفشو فيها بعض المنكرات ول يستطيع الب‬
‫أن يجلس مع أسرته وأبنائه بحرية تامة‪.‬‬
‫‪ -14‬وضع برنامج رياضي للب والم والبناء بمعدل يومي عشر دقائق مثل‬
‫حتى وإن اقتصر على التمارين الخفيفة‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ -15‬زيارة الصالحين والخيار والستفادة من تجاربهم‪ ،‬والستئناس بأحاديثهم‪،‬‬


‫وربط الناشئة بهم ليكونوا القدوة بدل من الممثلين والمهرجين‪.‬‬
‫‪ -16‬إشغال الفتيات بأعمال المنزل وتدريبهن على القيام بالواجبات المنزلية‬
‫وتعويدهن على تحمل مسئولية البيت وتربية الطفال والقيام بشئونهم‪.‬‬
‫‪ -17‬وضع جدول زمني‪ -‬شهري مثل ‪ -‬لحضور بعض محاضرات العلماء في‬
‫المساجد‪.‬‬
‫‪ -18‬مشاركة الجهات الخيرية والمؤسسات الغاثية بالعمل والجهد‬
‫والمساهمة بالوقت في تخفيف هموم المسلمين ورفع معاناتهم‪.‬‬
‫‪ -19‬جعل يوم في السبوع يوما مفتوحا في المنزل للقاء الكلمات المفيدة‬
‫وبث الفوائد بين الجميع وطرح الفكار ورؤية إنتاج المنتجين في البناء‬
‫والصغار‪.‬‬
‫‪ -25‬جعل قائمة بالنشطة والدرجات والتقديرات للبناء وتحسب نقطة لكل‬
‫عمل جيد‪ ،‬وأخرى لكل جهد مميز وهكذا في نهاية السبوع توضع الجوائز‬
‫لصاحب أعلى النقاط‪ .‬بما فيم ذلك النضباط أيام السبوع والمذاكرة وغيرها‪.‬‬
‫‪ -21‬تسجيل الولد في حلق تحفيظ القرآن الكريم في المساجد‪ ،‬والم‬
‫وبناتها في دور الذكر لتحفيظ القرآن الكريم واظهار الفرح بذلك وتثجيعهم‬
‫على المراجعة مع بعضهم البعض وذكر ما حفطوا كل يوم‪ .‬وفي هذا ربط لهم‬
‫مع كتاب الله عز وجل‪.‬‬
‫‪ -22‬جعل أيام معمر للسرة يجتمعون فيه ويكون الحديث مفتوحا‪ ،‬ويركز‬
‫على قصص التوبة ومآسي المسلمين وقصص من أسلموا حديثا وذكر بعض‬
‫الطرائف والنكت المحمودة‪.‬‬
‫‪ -23‬التأمل الدقيق في بيوت كثير من الخيار التي تخلو من الشاشات‪ ،‬وكيف‬
‫هو بفضل الله صلح أبنائها وإستمرار أهلها وحسن تربيتهم على التقوى‬
‫والصلح فإن ذلك يدفع الرجل إلى الحذو حذوهم ويدفع بالم إلى السير على‬
‫طريقهم‪.‬‬
‫‪ -24‬الكثار من شكر وحمد الله عز رجل على أن أبدل المعصية بالطاعة‬
‫والسيئات بالحسنات والفرح بذلك فإن في ذلك ثباتا على المر وإشاعة‬
‫لتحول كبير في السرة‪.‬‬
‫‪ -25‬القيام بأعمال دعوية أسرية مثل مراسلة هواة المراسلة ودعوتهم إلى‬
‫اللتزام بهذا الدين وإرسال الكتب إليهم‪ ،‬أو كتابة رسائل توجيه ونصيحة‬
‫للطلب والطالبات وغيرها‪ ،‬كل لبني جنسه‪.‬‬
‫‪ -26‬اختيار أسر من الخيار وزيارتهم ومعرفة كيفية استفادتهم من أوقاتهم‬
‫وكذلك سؤالهم كيف يعيشون سعداء بدون شاشة!‬
‫‪ -27‬كثير من الناس ل يعرف خلجات بناته ول هوايات أبنائه ول هموم زوجته‬
‫لن وقت السرة مليء بالجتماع على مشاهدة الشاشة فحسب‪ ،‬وبدون‬
‫الشاشة يكون الحديث مشتركا والتقارب أكثر بإيراد القصص والطرف وتبادل‬
‫الحاديث والراء‪.‬‬
‫‪ -28‬الهتمام بهوايات البناء وتوجيهها نحو خدمة السلم والمسلمين‬
‫وتشجيعهم علي المفيد منها‪.‬‬
‫‪ -29‬إعداد البحوث علمة على مقدرة الشخص وتمكنه العلمي‪ .‬ولكل عمر‬
‫من العمار مستوى معين من البحوث وهذا يجعل السرة تعيش جوا علميا‬
‫إذا أرادت ذلك وسعت إليه‪.‬‬
‫‪ -30‬كثير من الناس يعتذر بوجود الشاشة لرغبته في معرفة أحداث العالم‬
‫وأخبار الكون! و مع حرصه هذا فانه غافل عن أخبار الخرة وأحداث يوم‬

‫‪60‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الحسرة والندامة وأحوال البرزخ وأهوال البعث والنشور والسراط وغيرها!‬


‫وله كفاية بالذاعة وبعض الصحف لمتابعة الخبار والحداث!‬
‫‪ -31‬لو طلب منك شخص أو جهة أن تضع في صالة منزلك خمسة أفراد ما‬
‫بين رجل وسيم وامرأة فاتنة منهم الفاجر والفاسق ومنهم المهرج ومنهم‬
‫المنصر‪ ،‬وشرطت عليهم أن ل يتحدثوا ول يجتمعوا بأبنائك وزوجتك إل‬
‫بحضورك! فهل يا ترى تخرج مطمئن الفؤاد إلى هؤلء وهم في عقر دارك!!‬
‫إن كان المر كذلك وبقية إيمان في قلبك فأخرجهم حتى ولو لم يكن هنالك‬
‫بديل‪.‬‬
‫أخي المسلم‪ ،‬أختي المسلمة‪:‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫هناك أمور كثيرة ل يكفي لها الوقت لو ذكرت‪ ،‬إنما الهدف ذكر طرف منها‬
‫للتخلص من الشرور ودفعها بين يدي المسلم‪ .‬وفي طاعة الله عز رجل‬
‫وتقراه خير معين‪ ،‬وهذا البيت الصغير هو مملكتك التي تستطيع أن تجعلها‬
‫جنة وارفة الظلل بالطاعة والعبادة وحسن الخلق وطيب المعشر‪.‬‬
‫وكثير جعل هذا المسكن والقرب جحيما بسوء التربية وحلول المعصية وفساد‬
‫الطباع يخربون بوتهم بأيديهم ‪ .‬وكما أن للطاعة أثرا فإن للمعصية شؤما‪.‬‬
‫ويا أيها الب ويا أيتها الم‪ :‬المسؤولية عظيمة والحساب شديد والمانة بين‬
‫أيديكم‪ ،‬فإياكم وضياع الولد وإهمالهم فإنكم مسؤولون ومحاسبون عنهم‬
‫غدا‪ .‬يقول الله جل وعل‪ :‬يا أيها الذين آمنوا قو أنفسكم وأهليكم نارا وقودها‬
‫الناس والحجارة ‪.‬‬
‫وأذكركم بقول الرسول ‪ } :‬كلكم راع‪ ،‬وكلكم مسئول عن رعيته‪ ،‬فالمام راع‬
‫وهو مسئول عن رعيته‪ ،‬والرجل راع في أهله وهو مسئول عن رعيته { متفق‬
‫عليه‪.‬‬
‫وأجزم أن كثيرا من الباء لو علم أن الشاشات تسبب مرضا معينا لمن يراها‬
‫ولو لدقائق لما بقي في البيوت شاشات إطلقا‪ .‬ولكن لن هذا مرض عضوي‬
‫اهتم الباء به أما مرض القلوب والشهوات فالمر مختلف‪ .‬وشتان ما بين‬
‫زماننا وأهله وصدر السلم وأهله‪ .‬فلما نزلت آية تحريم الخمر ما قال‬
‫الصحابة‪ :‬لنا سنوات‪ ،‬ولدينا منها مخزون كبير أو ما هو البديل إذا! بل سالت‬
‫الشعاب بالخمر المراق طاعة وامتثال‪ .‬ولما نزلت آية الحجاب خرج نساء‬
‫المسلمين وهن كالغربان متشحات بالسواد ل يرى منهن شيئا‪ .‬وما كان‬
‫لمؤمن ول مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم‬
‫ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلل مبينا ‪.‬‬
‫ولهل السلم فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم‬
‫عذاب أليم ‪.‬‬
‫قال ابن كثير‪) :‬أي عن أمر رسول الله وهو سبيله ومنهاجه وطريقته وسنته‬
‫وشريعته( ثم قال رحمه الله في قوله تعالى‪ :‬تصيبهم فتنة أي في قلوبهم من‬
‫كفر أو نفا ق أو بدعة‪.‬‬
‫أقر الله العين بصلح الولد وضاعف الجر والمثوبة للوالدين على حسن‬
‫التربية والتوجيه لهم‪ ،‬وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫‪61‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ما الجديد الذي جاء به السلم‬


‫بسم الله والحمد لله والصلة والسلم على رسول الله وعلى آله ومن واله‬
‫وبعد ‪:‬‬
‫يتسائل المسيحيون عن الجديد الذي جاء به السلم ‪ ،‬وقبل البدء بالجابة ‪،‬‬
‫نحن كذلك نود أن نسألهم التي ‪:‬‬
‫‪.‬‬
‫ما الجديد الذي جاء به يشوع النبي في سفره زيادةً على شريعة موسى ؟‬
‫وما الجديد الذي جاءت به راعوث النبية في سفرها زيادة على شريعة‬
‫موسى ؟ وما الجديد الذي جاء به كل انبياء بني اسرائيل زيادة عن شريعة‬
‫موسى ؟!‬
‫أما عن الجديد الذي جاء به السلم فنقول وبالله التوفيق ‪:‬‬
‫ان ما جاء به السلم لم يكن جديدا ً بقدر ما كان تصحيحا ً للرسالت التي‬
‫سبقته وكيف ان السلم كان مجددا ً بالدرجة الولى لما أوحاه الله على أول‬
‫النبياء ‪ ،‬فنجد أن القرآن الكريم قد جاء بعقيدة التوحيد الصحيحة‪ ،‬إذ أفرد‬
‫الله سبحانه بالعبودية‪ ،‬وبّين أنه الخالق والمدبر لكل أمر في هذا الكون من‬
‫مبتداه إلى منتهاه‪ ،‬وأن مقاليد الكون كلها بيده سبحانه‪ ،‬وهذا واضح لكل‬
‫قارئ لكتاب الله وضوح الشمس في كبد السماء؛ بينما تقوم عقيدة اليهود‬
‫المحّرفة على وصف الخالق بصفات بشرية ل تليق بجلله سبحانه‪ ،‬وفي‬
‫أحسن أحوالها تقول بوجود إله حق‪ ،‬إل أن مفهوم الله في تلك العقيدة أنه‬
‫إله قومي خاص بشعب إسرائيل فحسب ‪.‬‬
‫وكذلك فإن عقيدة المسيحية تقوم على أكثر من تصور بخصوص الذات‬
‫اللهية‪ ،‬ويأتي في مقدمة تلك التصورات عقيدة التثليث‪ ،‬وعقيدة حلول الذات‬
‫وا كبيًرا ‪.‬‬ ‫اللهية في شخص عيسى عليه السلم‪ ،‬تعالى الله عما يقولون عل ً‬
‫ضا‪ ،‬ل توجد كلمة واحدة في جميع أدبيات الكتب‬ ‫ثم في مجال العقيدة أي ً‬
‫المقدسة ‪ -‬كما يذكر عبد الحد داود في كتابه "محمد في الكتاب المقدس" ‪-‬‬
‫حول قيامة الجساد‪ ،‬أو حول الجنة والنار؛ بينما نجد القرآن الكريم حافل ً بهذه‬
‫المسائل‪ ،‬بل جعل اليمان بها من أهم مرتكزات اليمان الصحيح ‪.‬‬
‫أما في مجال التشريع‪ ،‬فقد جاء القرآن الكريم بشريعة واقعية‪ ،‬راعت مصالح‬
‫ن؛ ففي حين دعت‬ ‫الدنيا والخرة مًعا‪ ،‬ولّبت مطالب الجسد والروح في آ ٍ‬
‫الشريعة المسيحية إلى الرهبانية‪ ،‬التي تعني اعتزال الحياة وتحقير الدنيا ‪-‬‬
‫وكان هذا الموقف من الشريعة المسيحية رد فعل على العبودية اليهودية‬
‫م موقف النصارى من الرهبنة‪ ،‬وينعى‬ ‫للحياة الدنيا ومتاعها ‪ -‬رأينا القرآن يذ ّ‬
‫ما ك َت َب َْنا َ‬
‫ها‬ ‫ها َ‬‫عو َ‬‫ة اب ْت َد َ ُ‬‫عليهم هذا الموقف السلبي من الحياة‪ ،‬فيقول‪} :‬وََرهَْبان ِي ّ ً‬
‫عاي َت َِها{ )الحديد‪ (27:‬فالشريعة‬ ‫حق ّ ر ِ َ‬ ‫ها َ‬ ‫ن الل ّهِ فَ َ‬
‫ما َرعَوْ َ‬ ‫وا ِ‬
‫ض َ‬ ‫عَل َي ْهِ ْ‬
‫م ِإل اب ْت َِغاَء رِ ْ‬
‫فا ل يتفق بحال مع‬ ‫السلمية ‪ -‬كما نزلت في القرآن ‪ -‬ترى في الرهبانية موق ً‬
‫ما جاءت به من الوسطية والتوازن بين حاجات الروح والجسد ‪.‬‬
‫وهذه الوسطية السلمية أمر مطرد وجارٍ في جميع أحكام الشريعة‬
‫السلمية‪ ،‬يقف عليها كل من تتبع أمرها‪ ،‬وعرف حقيقتها‪ ،‬وهذا ما لم يكن‬
‫في الشرائع السابقة البتة‪.‬‬
‫وبعبارة أخرى يمكن القول‪ :‬لقد جاءت شريعة السلم بتشريع يواكب الحاضر‬
‫والمستقبل جميًعا‪ ،‬باعتبارها الرسالة الخيرة التي أكمل الله بها الدين‪ ،‬وختم‬
‫دد إلى المحيط الوسع‪ ،‬ومن دائرة‬ ‫بها الرسالت‪ ،‬ونقلها من المحيط المح ّ‬
‫س{)سبأ‪(28:‬‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ة ِللّنا ِ‬ ‫سلَناك ِإل كاف ً‬ ‫ما أْر َ‬ ‫القوم إلى دائرة العالمية والنسانية }وَ َ‬
‫‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أما في مجال العبادات‪ ،‬فلم يحصر القرآن مفهوم العبادة في نطاق ضيق‪،‬‬
‫ولضمن شكليات محددة وطقوس جامدة‪ ،‬بل وسع مفهوم العبادة غاية‬
‫س ِإل‬‫ن َوالن ْ َ‬ ‫ت ال ْ ِ‬
‫ج ّ‬ ‫ق ُ‬ ‫خل َ ْ‬
‫ما َ‬ ‫الوسع‪ ،‬وجعل القصد من الخلق والحياة العبادة }وَ َ‬
‫ن{)الذاريات‪ (56:‬وأيضا ً لم يقّيد أداء العبادة في مكان محدد‪ ،‬بل جعل‬ ‫دو ِ‬ ‫ل ِي َعْب ُ ُ‬
‫َ‬
‫م{‬‫سعٌ عَِلي ٌ‬ ‫ه َوا ِ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ه الل ّهِ إ ِ ّ‬
‫ج ُ‬ ‫م وَ ْ‬ ‫ما ت ُوَّلوا فَث َ ّ‬
‫الرض كلها مكاًنا لذلك }فَأي ْن َ َ‬
‫)البقرة‪ (115:‬ول يخفى أن المر في الشرائع السابقة لم يكن على ما جاء‬
‫به القرآن ‪.‬‬
‫أما في مجال المعاملت‪ ،‬فنقف على بعض المثلة التي توضح جديد القرآن‪:‬‬
‫‪ -‬في محيط السرة نظرت التوراة إلى المرأة باعتبارها مصدر كل شر‪ ،‬أما‬
‫السلم فقد رفع مكانة المرأة‪ ،‬ولم يفرق بينها وبين الرجل إل في مواضع‬
‫ل‬
‫جا ِ‬‫ف وَِللّر َ‬‫معُْرو ِ‬ ‫ن ِبال ْ َ‬ ‫ذي عَل َي ْهِ ّ‬‫ل ال ّ ِ‬‫مث ْ ُ‬‫ن ِ‬ ‫اقتضتها طبيعة الشياء والمور }وَل َهُ ّ‬
‫ة{ )البقرة‪. (228:‬‬ ‫ج ٌ‬ ‫عَل َي ْهِ ّ‬
‫ن د ََر َ‬
‫‪ -‬أما في السلم والحرب‪ ،‬فقد اعتبر القرآن السلم هو الصل في السلم‪:‬‬
‫سل ْم ِ كافة‪){..‬البقرة‪ (208:‬وجعل الحرب‬ ‫َ‬
‫خُلوا ِفي ال ّ‬ ‫مُنوا اد ْ ُ‬
‫نآ َ‬
‫ذي َ‬‫}َيا أي َّها ال ّ ِ‬
‫سَنن العمران والدفع الحضاري من الخير للشر ومن الحق‬ ‫ضرورة تقتضيها َ‬
‫للباطل؛ هذا فضل ً عن آداب القتال التي شرعها السلم‪ .‬وكل هذا ل نقف‬
‫عليه في الشريعتين اليهودية والنصرانية ‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫‪ -‬أما في شؤون المال والقتصاد فقد كان الربا وما يزال قوام القتصاد بين‬
‫أهل الكتاب‪...‬وكان المال وما زال عند أهل الكتاب المعبود والغاية التي يجب‬
‫الوصول إليها بأية وسيلة كانت‪...‬في حين جاء السلم بتحريم كل تعامل‬
‫ربوي‪ ،‬وآذن القرآن بحرب من الله لكل من يتعامل به‪...‬وبين الموقف‬
‫الصحيح من المال‪ ،‬وأن الصل فيه أنه لله‪ ،‬وأن النسان في هذه الحياة‬
‫ن‬
‫في َ‬ ‫َ‬
‫خل ِ‬‫ست َ ْ‬‫م ْ‬ ‫م ُ‬ ‫جعَل َك ُ ْ‬‫ما َ‬ ‫م ّ‬ ‫قوا ِ‬‫مستخلف عليه ومحاسب عليه‪ ،‬كسبا ً وإنفاقا ً }وَأ َن ْفِ ُ‬
‫فيه{ )الحديد‪.(7:‬‬
‫والمثلة على هذا أكثر من أن يحصرها مقال كهذا‪ ،‬وفيما ذكرنا غنية لما أردنا‬
‫م وَإ ِل َي ْ ِ‬ ‫ه ال ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ه‬ ‫حك ْ ُ‬ ‫مد ُ ِفي الوَلى والخرة وَل َ ُ‬ ‫ه ال ْ َ‬
‫ح ْ‬ ‫بيانه‪ .‬والحمد لله الذي } ل َ ُ‬
‫ن { )القصص‪ (70:‬وصلى الله على خاتم المرسلين ‪.‬‬ ‫جُعو َ‬
‫ت ُْر َ‬
‫المصدر‪ :‬المسيحية في الميزان ‪http://alhakekah.com/i‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫ما الحكمة من إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم لحذيفة بأسماء المنافقين‬
‫‪ 28:‬الموضوع ‪ :‬استشارات ثقافية وفكرية السائل ‪ :‬عبير السؤال‬
‫أنا صاحبة الستشارة رقم ‪ ،241567‬أود من شيخنا الفاضل الذي من علي‬
‫بعد فضل الله بإجابتي على هذه الستشارة‪ ،‬وأود منه إذا أمكن أن يكتب لي‬
‫أسماء الكتب والمراجع التي من الممكن أن أرجع إليها بخصوص الموضوع‪،‬‬
‫وأود أن أعلم ما الحكمة من إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم لحذيفة‬
‫بأسماء المنافقين؟‬
‫الجواب‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫الخت الفاضلة‪ /‬عبير حفظها الله‪.‬‬

‫‪63‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫السلم عليكم ورحمة الله وبركاته‪ ،‬وبعد‪:‬‬


‫ك‬‫ك العلم النافع والعمل الصالح‪ ،‬وأن يلهم ِ‬ ‫فنسأل الله العظيم أن يرزق ِ‬
‫ك حرصا ً وتوفيقا!ً‬ ‫السداد والرشاد وأن يزيد ِ‬
‫فإن طموح الطلب والطالبات ورغبتهم في التعمق في الدراسة مما يثلج‬
‫الصدور‪ ،‬ويبشر بأننا – بحول الله وقوته – على أبواب جولة جديدة‪ ،‬تشرق‬
‫فيها شمس السلم على أيدي شباب يتسلح بعد اليمان بالعلم‪ ،‬وهكذا يرتفع‬
‫البنيان وقد أحسن من قال ‪-:‬‬
‫ه‬
‫م **** هذا البناء الذي يعلو بباني ِ‬ ‫في العلم والخلق مجدك ُ‬
‫ك أهمية دراسة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم‪،‬‬ ‫ول يخفى على أمثال ِ‬
‫والوقوف على نماذج من تربيته لصحابه وتوزيعه للدوار والمهام‪ ،‬ووضع‬
‫الرجل المناسب في المكان المناسب‪ ،‬وذلك بعد اكتشاف المواهب وتوجيهها‬
‫لخدمة الدين‪ ،‬ويؤسفنا أن نقول إن عدّونا استفاد من تاريخنا وحضارتنا‪،‬‬
‫وسبقنا في وضع السس المتينة للدولة التي يشيع فيها المن وتتكافأ فيها‬
‫الحقوق وينتشر فيها العدل‪.‬‬
‫والقائد الناجح هو الذي يوجه الطاقات إلى خدمة السلم وطاعة رب الرض‬
‫والسموات‪ ،‬وهذا أحد أسرار انتصار السلم وانتشاره في عهد النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين‪ ،‬حيث كان خالد هو سيف الله‪ ،‬وأبو عبيدة‬
‫هو المين والصديق هو الحازم الراشد‪ ،‬والفاروق هو الشديد في الدين‪ ،‬وابن‬
‫عفان هو صاحب الحياء‪ ،‬وعلي رضي الله عنه هو فارس السلم ورجل‬
‫المعضلت‪ ،‬وحذيفة هو صاحب السرار‪ ،‬وأبو هريرة راوية الخبار‪ ،‬وهكذا ‪.‬‬
‫وقد كان اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بتحقيق المن بكافة جوانبه‬
‫عظيمًا‪ ،‬وقد اختار لهذا الجانب طائفة من كرام الصحابة‪ ،‬وكلهم كانوا من‬
‫الكرام‪ ،‬وعلى رأس هؤلء حذيفة رضي الله عنه والزبير بن العوام وعبد الله‬
‫بن جحش ونعيم بن مسعود‪ ،‬وغيرهم من الصحابة الذين ينبغي أن ندرس‬
‫سيرهم لنستخرج من صفاتهم ومناقبهم صفات رجل المن الذي ينبغي أن‬
‫يكون تقيا ً نقيا ً ورعا ً أمينا ً شجاعا ً عفيفًا‪ ،‬عنده قدرة على كتمان السرار‬
‫وملتزم بالتوجيهات ومنضبط حسب التعليمات‪ ،‬مع إخلص في النية وبعد عن‬
‫سوء الطوية‪.‬‬
‫وقد طلب النبي صلى الله عليه وسلم من أصحابه أن يحصوا له من يلفظ‬
‫بالسلم‪ ،‬فقالوا أتخاف علينا؟ وعلموا قيمة ذلك العلم في زمن الردة وفي‬
‫مواطن الزمات‪ ،‬وخص حذيفة بأسماء المنافقين ليكون المجتمع المسلم في‬
‫مأمن من شرورهم‪ ،‬وحفظ حذيفة الشر‪ ،‬ووفق الله الراشدين فلم يعط‬
‫المنافقين موقعًا‪ ،‬وقد ورد أن عمر سأل حذيفة هل لبث منهم أحد؟ فقال ل‬
‫هدي إليه فعزله رضي الله عنه‪،‬‬ ‫إل واحدًا‪ ،‬فما لبث عمر رضي الله عنه أن ُ‬
‫وقد سأل عمر رضي الله عنه حذيفة رضي الله عنه وقال له ‪ :‬هل أنا ممن‬
‫سماهم النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال حذيفة ل ول أبرئ بعدك أحدا‪.‬‬
‫وكان عمر رضي الله عنه يبحث عن حذيفة في الجنائز‪ ،‬فإذا خرج حذيفة‬
‫خرج عمر رضي الله عنه‪ ،‬وقد كانت لهذا الصحابي الجليل مواقف مشهودة‪،‬‬
‫ومن تلك المواقف أنه كان السبب في جمع القرآن في عهد عثمان رضي‬
‫الله عنه‪ ،‬عندما قال لبن عفان أدرك الناس فقد اختلفوا‪،‬‬
‫وقد كان عمر رضي الله عنه يسأله عن الفتن وعن بابها الذي هو عمر رضي‬
‫الله عنه‪ ،‬وذلك عندما قال له‪ :‬أُيكسر أم ُيفتح؟ قال حذيفة بل يكسر‪ ،‬فحمد‬
‫عمُر رَبه لن ذلك دليل على أن الفتن بعده رضي الله عنه‪.‬‬
‫ولعلك تلحظين أن هذه المواقف تبين أهمية التعريف بمواطن الخطورة‬

‫‪64‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وبأهل الشر‪ ،‬وقد كان حذيفة يسأل عن الشر مخافة أن يدركه‪.‬‬


‫أما أهم المراجع في هذا الموضوع فهي كما يلي‪-:‬‬
‫‪ -1‬كتب التفسير وخاصة عند تفسير سورة التوبة والمنافقون وسورة محمد‬
‫وبداية البقرة وسورة النساء والنور‪.‬‬
‫‪ -2‬كتب السنة مع ملحظة أبواب الملحم والفتن‪.‬‬
‫‪ -3‬بدائع الفوائد لبن القيم‪.‬‬
‫‪ -4‬الجهاد لمحمد نعيم ياسين‪.‬‬
‫‪ -5‬ظاهرة النفاق وخبائث المنافقين في التاريخ – عبد الرحمن حبنكة‬
‫الميداني رحمه الله )هام(‪.‬‬
‫‪ -6‬مؤلفات أنور الجندي – أحمد البهي ‪ -‬ومحمد قطب – وابن سبأ للعودة‪.‬‬
‫‪ -7‬العلمانية – سفر الحوالي‪.‬‬
‫‪ -8‬كشف أسرار الباطنية وأخبار القرامطة ‪ -‬محمد مالك الحمادي اليمني‪.‬‬
‫وأرجو أن تتمكني من سماع شريط للشيخ الدكتور عائض القرني وعنوانه‬
‫ثلثين علمة للمنافقين ‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫وأرجو أن تكون الحكمة من أخبار حذيفة رضي الله عنه بأسماء المنافقين قد‬
‫وضحت‪ ،‬وأن تكون الفائدة قد ظهرت‪ ،‬فما أحوجنا إلى مسلمين فطنين‬
‫يعرفون أقدار الرجال‪ ،‬ويميزون أهل النفاق بسيماهم وبلحن القول‪ ،‬فإن‬
‫المريب يكاد أن يقول خذوني‪.‬‬
‫ك بلده والعباد‪ ،‬وأن‬
‫ك التوفيق والسداد‪ ،‬وأن ينفع ب ِ‬
‫ونسأل الله أن يكتب ل ِ‬
‫يكفينا شر المنافقين وأهل السحر ‪.‬‬
‫ي التوفيق والسداد!‬
‫والله ول ّ‬
‫المجيب ‪ :‬د‪ .‬أحمد الفرجابي‬

‫)‪(2 /‬‬

‫ما الذي تغير بعد ‪ 5‬سنوات من الحرب المريكية المجنونة؟‬


‫د‪ .‬علي عبد الباقي‬
‫مفكرة السلم‪ :‬نحن الن في الذكرى الخامسة لحداث ‪ 11‬سبتمبر عام‬
‫‪ ،2001‬التي زلزلت الوجدان المريكي‪ ،‬وعلى إثرها دخلت إدارة بوش في‬
‫حرب مجنونة ضد العرب والمسلمين تحت غطاء ما سمي بـ'الحرب على‬
‫الرهاب'‪ .‬فهل حققت هذه الحرب أهدافها‪ ،‬وهل تغير العالم بعدها؟ وفي أي‬
‫اتجاه تغير؟‪.‬‬
‫ن واحدا ً من ك ّ‬
‫ل ثلثة‬ ‫آخر استطلع للرأي تم إجراؤه في أمريكا أكد أ ّ‬
‫أمريكيين يؤمن بضلوع السلطات المريكية‪ ،‬علي نحو أو آخر‪ ،‬في ما جري‬
‫يوم ‪ 11‬سبتمبر عام ‪2001‬م‪ .‬وهناك اتجاه شعبي أمريكي يتزايد يوما ً بعد‬
‫يوم‪ ،‬يعتمد التظاهر والعتصام وحملت التوعية‪ ،‬ويتحالف معه عشرات‬
‫المعّلقين في صحف وإذاعات محلية‪ ،‬فضل ً عن أساتذة جامعات وأخصائيين‬
‫في الهندسة المعمارية وتفجير المباني العملقة والتصوير السينمائي‪ .‬هذا‬
‫التجاه وهذا التيار الشعبي‪ ،‬يتبنى فكرة المؤامرة‪ ،‬وينطلق من فرضية أن‬
‫أحداث سبتمبر ‪2001‬م هي من تخطيط الدارة المريكية‪ ،‬أو أن هناك أناسا ً‬
‫في هذه الدارة علموا بالمخطط قبل وقوعه‪ ،‬ولكنهم لم يتصدوا له‪ ،‬وتركوا‬

‫‪65‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الكارثة تقع حتى يمكنهم استغللها لتحقيق أهدافهم‪.‬‬


‫ً‬
‫وإذا كان هذا التيار الصاعد يتهم البيض بالتآمر‪ ،‬فليس غائبا أن الدارة‬
‫المريكية الحالية تستخدم التآمر كطريقة للعمل وإدارة شؤون العالم‪،‬‬
‫وليست كاستثناء لحل مشكلة أو الوصول إلى غاية ل تدرك بالطرق الخلقية‪.‬‬
‫والدارة المريكية الحالية ل تملك الحد الدنى من القيم أو الخلق الذي يجب‬
‫أن يتوافر لكي يمتنع المرء عن التآمر‪ .‬نعم‪ ،‬ربما يكون نفر من الدارة‬
‫المريكية قد علموا بما سيحدث‪ ،‬وتم اتخاذ قرار ما على المستوى القيادي‬
‫بترك المر يحدث‪ ،‬وعدم المبادرة بمحاولة إيقافه‪ ،‬أو الحد من نتائجه‬
‫المباشرة‪ ،‬هذا أمر ممكن ومتوقع‪ ،‬لستفزاز الوجدان المريكي للتعاطف‪،‬‬
‫وتأييد القيام بأعمال عسكرية بشعة بدعوى الرد على العدوان‪.‬‬
‫هذا التيار‪ ،‬أجبر الحكومة المريكية علي إصدار سلسلة تقارير تدحض نظرية‬
‫المؤامرة وتدعم الرواية الرسمية للحداث‪ ،‬وتدعم أيضا ً النظرية الثابتة‬
‫اليقينية الراسخة للرئيس المريكي جورج بوش والتي تؤكد أن أحداث ‪11‬‬
‫سبتمبر كانت جولة للشّر السلمي ضد ّ الخير الذي يخرج من واشنطن‬
‫قَيم المريكية‪ ،‬وطرائق المريكان في‬ ‫ليضيء العالم ويهديه إلى دليل ال ِ‬
‫العيش والديمقراطية والفلسفة والسياسة والجتماع والقتصاد‪ ،‬ول وسيلة‬
‫م فلسطين‬ ‫لنتصار الخير علي الشّر إل بما يفعله هو في أفغانستان والعراق ث ّ‬
‫ولبنان‪.‬‬
‫ن الحرب علي‬ ‫ففي خطاب له مؤخرا ً أمام المحاربين القدماء‪ ،‬اعتبر بوش أ ّ‬
‫دد وجهة‬ ‫الرهاب أكثر من نزاع عسكري‪ ،‬إنها الصراع اليديولوجي الذي سيح ّ‬
‫القرن الواحد والعشرين‪.‬‬
‫كل‬‫وفي رأي بوش فإن هذه المجموعات السلمية ]الرهابية‪ ،‬في نظره[ تش ّ‬
‫خطوطا ً لحركة واحدة هي عبارة عن شبكة عالمية من المتشددين الذين‬
‫من يعترض إيديولوجيتهم الشمولية الستبدادية‪.‬‬ ‫يستخدمون الرهاب لقتل َ‬
‫ً‬
‫ويتناغم مع هذا كله صدور تقرير عن البيت البيض مؤخرا بعنوان‬
‫'الستراتيجية القومية في محاربة الرهاب' يصف الحرب الرهاب بأنها حرب‬
‫عقائد وإيديولوجيات‪ ،‬ونتيجة لهذا التنميط اليديولوجي المتعصب‪ ،‬تعتبر‬
‫الدارة المريكية أن الرهاب ل ينشأ بتأثير عوامل الفقر والفاقة والبؤس‪،‬‬
‫والعداء لسياسات الوليات المتحدة في العالم‪ ،‬والنزاع السرائيلي ـ‬
‫الفلسطيني‪ ،‬أو رد ّ الفعل علي حرب أمريكا ضد ّ الرهاب‪ ،‬وإنما نشأ لظرف‬
‫أيديولوجي مبعثه كراهية إسلمية لقيم أمريكا الحضارية‪.‬‬
‫إستراتيجية خاطئة‬
‫وبرغم التركيز المريكي الشديد على ظاهرة الرهاب ومكافحته بمختلف‬
‫الوسائل‪ ،‬وإعلن الرئيس المريكي المتكرر عن مواصلته الحرب ضد‬
‫الرهاب‪ ،‬ل تبدو تلك الحرب قد حققت أهدافها بعد‪ ،‬بل على العكس من ذلك‬
‫حيث تبدو الستراتيجية الخاطئة التي اعتمدتها إدارة الرئيس بوش في‬
‫الحرب على الرهاب قد ساهمت وعززت في اتساع نطاق عمليات تنظيمات‬
‫العنف‪ ،‬وعلى رأسها تنظيم القاعدة الذي تضاعفت قوته واتسع نشاطه‪ ،‬وهو‬
‫الن يشن حرب استنزاف واسعة ضد الوليات المتحدة بعد أن أثبت قدرته‬
‫في احتواء الهجمات المريكية‪ ,‬فعلى سبيل المثال‪ ،‬أثبتت الهجمات التي‬
‫نفذها تنظيم 'القاعدة' بعد ‪ 11‬سبتمبر ‪ 2001‬واستهدفت مدريد ولندن‬
‫وشرم الشيخ أن التنظيم ما زال نشطا ً في الساحة الدولية‪ ،‬وأن العنف بات‬
‫أقوى مما كان عليه‪ ،‬وأقدر على تنفيذ خططه بعد أن أعاد تنظيم القاعدة‬
‫تجميع صفوفه وتحول إلى حركة عالمية‪ ،‬حيث يعتقد الكثيرون أن الحرب‬

‫‪66‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الضروس التي شنتها الوليات المتحدة على أفغانستان ضد تنظيم القاعدة‬


‫شكلت تحول ً استراتيجيا ً في تنظيم الحركة التي تحولت من تنظيم هرمي‬
‫متسلسل إلى تنظيم مفتوح يضم كل من يؤمن بفكر ونهج القاعدة القائم‬
‫على استهداف المصالح المريكية في أي بقعة من العالم‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫و لنأخذ ما يجري على الساحة العراقية في الوقت الراهن كمثال آخر على‬
‫اتساع رقعة العنف في العالم‪ ,‬فالوليات المتحدة ورغم مرور أكثر من ثلثة‬
‫أعوام على احتللها للعراق‪،‬إل أنها فشلت في تحقيق ما كانت تروج له قبيل‬
‫غزوها لذلك البلد‪ ،‬من أنها ستحول العراق إلى واحة من المن والمان‬
‫والستقرار‪ ،‬ونموذجا ً تحتذي به الدول العربية! لكن ما جرى كان على العكس‬
‫من ذلك تمامًا‪ ،‬فقد أدت سياستها المتهورة والمتغطرسة طيلة الفترة‬
‫الماضية إلى تدهور الحوال المنية بشكل غير مسبوق مما أدى إلى اتساع‬
‫رقعة العنف في العراق‪.‬‬
‫كيف تغير العالم؟‬
‫يمكن رصد التغيرات التي طرأت على المحيط الدولي والعلقات الدولية بعد‬
‫وقوع أحداث ذلك اليوم‪ ،‬وذلك فيما يلي‪:‬‬
‫ل‪ :‬بدأت حقبة جديدة في العلقات الدولية يمكن أن نطلق عليها حقبة‬ ‫أو ً‬
‫القطب المطلق وذلك تمييزا ً لها عن حقبة القطب الوحد التي ميزت فترة‬
‫التسعينيات من القرن الماضي‪ .‬وتحاول الوليات المتحدة تأكيد هذه الحقيقة‬
‫كل يوم وذلك عبر تفردها بالتدخل في كل صغيرة وكبيرة على أرض‬
‫المعمورة‪ ،‬وذلك من منطلق أنها تتأثر بشكل أو بآخر بما يحدث في مختلف‬
‫أرجاء الكون‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬دخل العالم في أتون حرب جديدة هي الحرب على الرهاب‪ ،‬بزعامة‬
‫الوليات المتحدة‪ ،‬وتوجهت أنظار العالم من الشرق إلى الغرب إلى مطاردة‬
‫هذا الفيروس المتنامي‪ ،‬وبات على كل دولة أن تقدم العون للوليات المتحدة‬
‫في حربها على الرهاب طوعا ً أو إجبارًا‪ .‬واقتصر تفسير مفهوم الرهاب على‬
‫الوليات المتحدة التي احتكرت وحدها مفردات هذا التعبير‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬لم تعد العلقات بين ضفتي الطلسي كما كانت عليه قبل وقوع أحداث‬
‫الحادي عشر من سبتمبر‪ ،‬فقد حدثت انشقاقات عديدة على خلفية التجاذب‬
‫المريكي الوروبي حول كيفية إدارة الحرب على الرهاب‪ ،‬ومعالجة الملفات‬
‫الدولية العالقة‪ ،‬وهو ما وضح جليا ً إبان أزمة الحرب على العراق‪ ،‬وازدياد‬
‫الفجوة والتفاوت الفكري بين الوليات المتحدة وأوروبا بشكل عام‪ .‬ولذا لم‬
‫يكن غريبا ً أن تتراجع الوليات المتحدة عن عنادها مع أوروبا وتسمح لها‬
‫بالمشاركة في إدارة الملف العراقي عبر بوابة المم المتحدة‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬اتسعت بشكل غير مسبوق الشقة بين الشرق والغرب‪ ،‬وبات هاجس‬
‫الشك وعدم الثقة في الخر قاسما ً مشتركا ً في العلقة بين الطرفين‪ ،‬وبدل ً‬
‫من تقليل الفجوة بينهما‪ ،‬دفعتها أحداث سبتمبر نحو حلقة جديدة من‬
‫اللعودة‪ ،‬أي أن هذه العلقة غلب عليها طابع الصراع أكثر من التعاون‪ ،‬وذلك‬
‫على خلفية الختلف الفكري والثقافي والحضاري بين الطرفين‪ ،‬والذي كان‬
‫أول من أشار إليه صموئيل هنتجتنون في بداية التسعينيات من القرن‬
‫الفائت‪.‬‬
‫خامسًا‪ :‬بات العالم السلمي قاسما مشتركا على طاولة العلقات الدولية‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬

‫‪67‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ولم يعد يخلو مؤتمر دولي أو لقاء عالمي من الحديث عن ضرورة إصلح‬
‫أوضاع هذا العالم‪ ،‬باعتباره مصدرا ً للقلقل والضطرابات التي تحدث في‬
‫مختلف أرجاء الكون‪ .‬ولذا تبذل الدول السلمية جهودا ً مضنية لثبات العكس‪،‬‬
‫وتبرئة الدين السلمي من تصرفات بعض القلة المتهورة‪ ،‬وهو ما لم يجد له‬
‫صدى حتى الن‪ ،‬وجزء من تفسير ذلك أن الغرب ل يفرق بين المجتمعات‬
‫السلمية وبعضها البعض‪ ،‬بل يضع البيض كله في سلة واحدة‪.‬‬
‫خسائر بالجملة‬
‫إدارة بوش‪ ،‬تكبدت خسائر كبيرة في أعقاب حربها التي أعلنتها على‬
‫'الرهاب'‪ ،‬كنتيجة مباشرة لحداث ‪ 11‬سبتمبر‪ ،‬فإذا كان من أهداف هذه‬
‫الحرب تدمير وتفكيك تنظيم القاعدة‪ ،‬واعتقال قادته‪ ،‬وعلى رأسهم أسامة‬
‫بن لدن‪ ،‬فإن الحرب المريكية الغاشمة نالت دول ً عديدة وأهدافا ً كثيرة ولم‬
‫تستطع الوصول للـ'القاعدة'‪ ،‬بل تحول هذا التنظيم من منظمة إقليمية‬
‫محلية‪ ،‬إلى منظمة دولية لها فروع منتشرة في مختلف أنحاء العالم‪،‬‬
‫استطاعت الوصول بعملياتها إلى قلب أوروبا‪ ،‬وإلى آسيا وأفريقيا‪ ،‬ويمكن أن‬
‫تزداد خطورة هذا التنظيم وتتضاعف إذا نجح في إنتاج وامتلك أسلحة‬
‫كيماوية وبيولوجية‪.‬‬
‫كما أن الحرب المريكية المجنونة على ما يسمى 'الرهاب' قادت المريكان‬
‫إلى أن يخرجوا خارج أراضيهم‪ ،‬وبالتالي يواجهوا حركات مقاومة تستخدم‬
‫أساليب حرب العصابات‪ ،‬لتقتل وتصيب اللف من جنودهم‪.‬‬
‫ونتيجة لخطاء إدارة بوش في أفغانستان والعراق ولبنان‪ ،‬فقد تم تدمير‬
‫صورة أمريكا في العالم العربي والسلمي‪ ،‬المر الذي أدى إلى أن تخسر‬
‫حربها في كسب عقول وقلوب العرب المسلمين‪.‬‬
‫ومن ناحية الخسائر القتصادية فقد كلفت الحرب المجنونة على 'الرهاب'‬
‫في أفغانستان والعراق دافع الضرائب المريكي أكثر من ‪ 350‬مليار دولر‪.‬‬
‫حرب مفتوحة لخضاع العرب والمسلمين‬
‫لقد تبنت إدارة بوش إستراتيجية 'الحرب الشاملة على الرهاب'‪ ،‬دون تعريف‬
‫لمعنى 'الرهاب' الذي تريد شن الحرب عليه‪ ،‬أو تحديد للوسائل والليات‬
‫المتبعة في شن هذه الحرب ول متى وكيف تنتهي‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫وإدارة بوش لم تعتبر أن الحرب انتهت بتدمير القاعدة واحتلل أفغانستان‬


‫وإسقاط حكومة طالبان وتنصيب حكومة أخرى مكانها‪ ،‬لن 'الحرب على‬
‫الرهاب'‪ ،‬بالنسبة لها‪ ،‬حرب كونية مفتوحة في الزمان والمكان‪ .‬ولن لديها‬
‫قوائم عديدة أدرجت عليها تصنيفات ل تحصى من التنظيمات 'الرهابية'‪،‬‬
‫والدول 'الراعية للرهاب' أو الدول 'العاصية'‪ ،‬أو دول 'محور الشر'‪ ،‬فلم يكن‬
‫بوسع أحد أن يتنبأ بشكل ومكان 'الضربة' المقبلة‪ ،‬لكن الجميع أحس بوجود‬
‫'أجندة سياسية' ل علقة لها بالضرورة بما جرى في أيلول ‪ .2001‬فغزو‬
‫الوليات المتحدة للعراق ثم احتلله عام ‪ ،2003‬رغم أنف مجلس المن‪،‬‬
‫وكذلك حرب إسرائيل على لبنان في ‪ 12‬تموز ]يوليو[ الماضي‪ ،‬لم تكن من‬
‫المنظور الميركي سوى حلقات في 'الحرب الكونية على الرهاب'‪.‬‬
‫'الحرب الكونية على الرهاب' هي إذًا‪ ،‬وببساطة شديدة‪ ،‬حرب إخضاع‬
‫منطقة الشرق الوسط برمتها للرادة الميركية وسحق كل من يتصدى‬
‫لمقاومتها‪ :‬دول ً كانت أم تنظيمات أم تيارات‪ .‬ولن التيار السلمي بات هو‬

‫‪68‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫التيار الرئيسي الذي يحمل راية المقاومة في هذه المرحلة فل بأس من نعته‬
‫بالفاشية كي يسهل تبرير الحرب عليه‪.‬‬
‫ومن السذاجة العتقاد بأن هذه الدارة ستغير من سياستها تجاه المنطقة‪،‬‬
‫فهي سياسة تنبع من رؤية أيديولوجية شديدة الوضوح‪ ،‬وهي رؤية ل تقتصر‬
‫في الواقع على جناح بعينه وإنما تشمل معظم أجنحة اليمين الميركي‬
‫المتطرف‪ ،‬بشقيه العلماني والديني ول تقتصر فقط على الفصيل المعروف‬
‫باسم 'المسيحية الصهيونية'‪ ،‬كما قد يتبادر إلى ذهن البعض‪.‬‬
‫بوش وثقافة التنميط‬
‫تهدف ثقافة التنميط إلى تقديم الفكار والمفاهيم التي تتبناها بعض‬
‫الجماعات والفراد‪ ،‬من أجل توصيف الطراف الخرى بسمات وخصائص‬
‫معينة أمام الرأي العام‪ ،‬ومن أبرز المثلة المعاصرة لصناعة التنميط‪ ،‬قيام‬
‫الدارة المريكية بالحديث عن محور الشر‪ ،‬خلل فترة الرئيس ريغان‪ ،‬ثم‬
‫تطورت عملية التنميط أكثر في عهد إدارة الرئيس بوش وأصبحت هذه‬
‫العملية تتطرف إلى محور الشر ]في وصف المعارضين للهيمنة المريكية[‪،‬‬
‫ومحور الخير ]في وصف المؤيدين للهيمنة المريكية[‪ ،‬ثم تطورت صناعة‬
‫التنميط هذه أكثر فأكثر‪ ،‬وذلك باستخدام بضاعة إعلمية جديدة‪ ،‬تمثلت في‬
‫مصطلح ]الفاشية السلمية[ الذي استغل جورج بوش مشاعر الغضب‬
‫الغربي عند انتشار خبر اكتشاف محاولة تفجير الطائرات المسافرة بين لندن‬
‫وأمريكا‪ ،‬وأحداث لبنان الخيرة‪ ،‬ومن ثم قام بالحديث بشكل غاضب أمام‬
‫الرأي العام‪ ،‬وأطلق مصطلح هذه البضاعة الجديدة‪ ،‬من خلل تصنعه اتصالت‬
‫عدم الرضا والستياء‪ ،‬وتقمصه لدور الشخص الغاضب‪ .‬أكدت الدراسات‬
‫الجارية بأن المصطلح الذي أطلقه جورج بوش لم يأت من فراغ‪ ،‬بل له‬
‫جذوره وتداعياته والتي يمكن تتبعها في الكثير من نشرات وإصدارات مراكز‬
‫دراسات المحافظين الجدد والمؤسسات الفكرية والثقافية الصهيونية التابعة‬
‫للوبي السرائيلي في أمريكا‪ ،‬وأيضا ً في شبكات وسائط العلم الغربية التي‬
‫تديرها وتشرف عليها العناصر الصهيونية واليهودية‪.‬‬
‫ثقافة مجنونة‬
‫إن المتابع للعلم المريكي‪ ،‬وخاصة الصحف والمجلت ومواقع النترنت‬
‫المتحمسة لليمين المتعصب الذي يحكم أمريكا الن‪ ،‬يستطيع أن يكتشف‬
‫بسهولة أن من المفاهيم السائدة بين هذا اليمين المتطرف‪ ،‬الدعاء بأن‬
‫سياسات التهدئة التي اتبعتها الدارات الميركية المتعاقبة تجاه العالم‬
‫السلمي هي المسئولة عن استهزائه الذي وصل ذروته في أيلول ‪.2001‬‬
‫فمنذ خمسين عاما تنازل ترومان وإيزنهاور عن حقوق الغرب في النفط رغم‬
‫ملكيته الحقيقية‪ ،‬بحكم اكتشافه له ومعرفته بكيفية استخراجه‪ .‬وقد جاءت‬
‫الضربة الولى من إيران في عهد مصدق حين تجرأ على تأميم النفط‪ .‬بعدها‬
‫لم يمانع الغرب من التنازل عن بعض حقوق ملكيته لعالم يختلف معه في كل‬
‫شيء‪ .‬غير أن التنازل في حقوق الملكية أغرى العالم السلمي بالعتداء‬
‫على قيمة الحرية‪ .‬وهكذا جاءت الضربة الثانية من إيران الخميني هذه المرة‪،‬‬
‫حين تم احتجاز رعايا السفارة الميركية أول ثم حين أصدر الخميني فتوى‬
‫تبيح قتل سلمان رشدي‪ .‬ولن رد كارتر على هذا العدوان الصارخ على‬
‫الحرية كان ضعيفا‪ ،‬فقد تجرأ العالم السلمي للعتداء على حياة الميركيين‬
‫نفسها‪.‬‬
‫ً‬
‫ويعتقد اليمين المريكي أيضا أن القتلة الوائل كانوا فلسطينيين من خاطفي‬
‫الطائرات في نهاية الستينات قبل أن تنضم إليهم قوميات كثيرة أخرى‪ .‬ولن‬

‫‪69‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الدارات المريكية المختلفة ظلت تنظر إلى هذه الجرائم باعتبارها جرائم‬
‫فردية يتعين معاقبة مرتكبيها وفقا للقانون‪ ،‬إل أن الكتفاء بمعاقبة المجرمين‬
‫أو حتى بإبادتهم ليس له سوى نتيجة واحدة وهو إعادة تكوين جيوش جديدة‬
‫من مجرمين أشد بأسا‪ ،‬ومن هنا فإن الحل الجذري هو محو الدول التي‬
‫ترعى الرهاب من الوجود بأشد أنواع السلحة فت‬

‫)‪(3 /‬‬

‫ما الرأي الشرعي في التأمين الصحي؟‬


‫السائل ‪ :‬نور ‪ ...‬المستشار ‪ :‬عبد العزيز بن محمد بن حماد العمر‬
‫السؤال‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أفيدونا جزاكم الله خيرا في حكم التأمين الطبي‪ ،‬الذي يقدم مجانا للعاملين‬
‫في القطاع الخاص‪ ،‬بحيث يدفع المريض فقط مبلغا محددا عند كل زيارة‬
‫لقائمة من المراكز الطبية‪ ،‬وأما تكاليف العلج فل يدفعها‪ ،‬مع العلم بأن‬
‫التأمين يشمل بعض التخصصات الطبية وليس جميعها‪ .‬وجهة العمل ملزمة‬
‫بالتأمين الطبي للموظفين لديها‪.‬‬
‫الجابة ‪:‬‬
‫الحمد لله وبعد‪ :‬فإن التأمين الصحي من القضايا المستجدة في العصر‬
‫الحاضر‪ ،‬وقد اختلف العلماء في حكمه‪ ،‬فقال بعض الفقهاء المعاصرين إن‬
‫التأمين الصحي محرم لما فيه من الغرر والجهالة لنه إذا دخل النسان في‬
‫ذلك فإما أن يكون غانما ً أو غارمًا‪ ،‬وقد نهى صلى الله عليه وسلم عن بيع‬
‫الغرر‪ ،‬وقال البعض بجواز التأمين الصحي ببعض الضوابط‪ ،‬وأن ما فيه من‬
‫الغرر والجهالة فهو مغتفر لكونه يسيرًا‪ ،‬ولتكييفه الفقهي على عقد الجعالة‬
‫في كتب الفقه‪ ،‬كما يقول الفقهاء‪" :‬من داوى مريضا ً حتى يبرأ من جرحه أو‬
‫مرضه أو رمد عينيه فله كذا من المال‪ .‬صح جعالة"‪ .‬قال شيخ السلم ابن‬
‫تيمية‪" :‬ودليل ذلك‪ :‬أي الجعالة ـ إذا طلب الطبيب جعل ً على شفاء المريض‬
‫جاز كما أخذ أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قطيع الغنم على شفاء سيد‬
‫ل‪ :‬اضربوا‬ ‫الحي‪ ،‬فرقاه بعضهم حتى برأ‪ ،‬فأخذوا القطيع وأقرهم الرسول قائ ً‬
‫ي معكم بسهم" قال شيخ السلم‪" :‬فإن الجعل كان على الشفاء ل على‬ ‫إل ّ‬
‫ً‬
‫القراءة ولو استأجر طبيبا إجارة لزمة على الشفاء لم يجز؛ لن الشفاء غير‬
‫مقدور له فقد يشفيه الله وقد ل يشفى" اهـ‪.‬‬
‫ولكن في الوقت الحاضر انتشرت شركات التأمين بما فيه التأمين الصحي‪،‬‬
‫وغالب هذه الشركات ل تراعي في نظامها الحكام الشرعية‪ ،‬فالتعامل معها‬
‫إذا كان ضرورة ملزمة كأن يكون الموظف يجبر عليه ويستقطع من راتبه‬
‫بدون اختياره وبدون إرادته‪ ،‬فل حرج فيه ول يكلف الله نفسا ً إل وسعها‪ ،‬قال‬
‫الله عّز وجل‪" :‬ل يكلف الله نفسا ً إل وسعها" "ربنا ل تؤاخذنا إن نسينا أو‬
‫أخطأنا" "إل من أكره وقلبه مطمئن باليمان" فإذا كان إجباريا ً فإن النسان‬
‫إذا أخذ شيئا ً من راتبه فله أن يسترده عن طريق العلج‪ ،‬وأما إن كان اختياريا ً‬
‫فأرى أنه ل يدخل فيه لما سبق ذكره أن غالب شركات التأمين ل تراعي في‬
‫نظامها الحكام السلمية‪.‬‬
‫ومن أراد التوسع فلينظر بحث فضيلة الشيخ سعود بن عبدالله الفنيسان‬
‫)التأمين الصحي في المنظور السلمي( في مجلة البحوث الفقهية المعاصرة‬
‫عدد ‪ (31) 1417‬وبالله التوفيق‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ما العمل إذا استحالت العشرة بين الزوجين؟‬


‫د‪ .‬ليلى بيومي ‪21/7/1427‬‬
‫‪15/08/2006‬‬
‫تتكاثر المشاكل‪ ،‬ويتراكم الفشل‪ ،‬ويفقد كل من الزوجين قناة التواصل مع‬
‫الخر‪ ،‬وتغيب الرضية المشتركة التي يمكن أن ترد الطرفين إلى التمسك‬
‫بالميثاق الغليظ‪ ،‬ويصبح كل طرف هو مصدر الهم والنكد والبلء للطرف‬
‫الخر‪ ،‬بدل ً من أن يكون سبب راحته وسعادته‪.‬‬
‫دت كل الطرق المؤدية إلى التصالح والتفاهم والوئام‪ ...‬فكيف‬ ‫س ّ‬
‫وهكذا ُ‬
‫يمكن التصرف في هذه الحالة؟‬
‫يرى د‪.‬أحمد عبد الراضي أستاذ علم الجتماع أنه قد يقع الزوجان فريسة‬
‫انفعالت حادة ومتوالية‪ ،‬ربما تكون لسباب قوية‪ ،‬وربما تكون لسباب‬
‫بسيطة يمكن التغلب عليها وحلها‪ ،‬ولذلك ينبغي على الزوجين بمجرد‬
‫إحساسهما بهذه النفعالت أن يخرجا في رحلت للترويج عن نفسيهما‪ ،‬حتى‬
‫يتغير لديهما جو هذه النفعالت‪ .‬فالبتعاد عن مسرح النفعالت والتوتر‬
‫ضروري عند الحساس بتفجر المشكلت الزوجية‪.‬‬
‫ويمكن أيضا ً التفاق بين الزوجين على تحكيم الصدقاء المشهود لهم بالنزاهة‬
‫والخلص والنصح لوجه الله‪ ،‬وأن يكونوا من أهل الخبرة والتجربة‪.‬‬
‫ويمكن بعد ذلك استدعاء حكم ٍ من أهل الزوج وحكم ٍ من أهل الزوجة‪ ،‬من‬
‫ذوي الخبرة والدين ليتفحصا المشكلة‪ ،‬ويساعدا الزوجين في تجاوز‬
‫الخلفات‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫وممكن أيضا أن يبتعد الطرفان عن بعضهما مؤقتا لعدة أيام أو حتى لعدة‬
‫أسابيع‪ ،‬يراجع كل طرف مسيرة حياته بأمانة‪ ،‬فربما وقف على أخطاء معينة‬
‫وقع فيها فيعاهد نفسه على تصحيحها‪.‬‬
‫إن كثيرا ً من الزواج بعد أن يقع الطلق‪ ،‬وتهدأ النفعالت الحادة‪ ،‬وينسحب‬
‫كل طرف من حياة الطرف الخر‪ ،‬يتأكد كلهما أنه كان على خطأ‪ ،‬وأنه ما‬
‫كان ينبغي أن يسمح للمشاكل بأن تتضخم بهذا الشكل الذي أّدى إلى هذا‬
‫كر‬‫الطلق‪ ،‬وأن هذه النهاية ما كان ليتمناها‪ ،‬وعندها يبدأ كل من الزوجين بتذ ّ‬
‫اليام الحلوة والمواقف الجميلة التي كانت تربطه بالخر‪ ،‬فيحاول أن يجعل‬
‫هذا الرتباط ممتدا ً أو يتصور كذلك‪ ،‬فيبدأ بشكل تلقائي في محاولة معرفة‬
‫أخبار من كان شريكه في هذه الذكريات‪.‬‬
‫المجتمع يظلم المطلقة!!‬
‫وترى د‪ .‬وجيدة إبراهيم خبيرة الستشارات السرية أن الطلق يكون حل ً‬
‫عندما تصبح العلقة الزوجية مستحيلة‪ ،‬أي حينما تكون العلقة بين الطرفين‬
‫دائما علقة متوترة؛ إذ يكون الزوجان في صراع دائم وشجار دائم‪ ،‬وحينما‬
‫ينعدم الحترام بين الزوجين‪ ،‬وحينما يلجأ الزوج مثل ً إلى العنف الجسدي‪،‬‬
‫وإلى العنف اللفظي‪ ،‬فيشتم زوجته أو يضربها أمام الطفال‪.‬‬
‫وتضيف د‪ .‬وجيدة أن الطلق يكون حل ً أيضا ً حين يمنع حدوث ضرر أكبر‪ ،‬أو‬
‫من وقوع الحياة المشتركة في خانة اللزام‪ ،‬يعني حينما يصبح أحد الطرفين‬
‫ملزما ً باستمرار الزواج‪ ،‬أي عندما تكون الحياة المشتركة غير طوعية وإنما‬
‫تكون حياة إلزامية إجبارية‪.‬‬
‫إل أن د‪ .‬وجيدة تتطرق لنقطة أخرى وهي أن المجتمع يظلم المرأة في هذا‬
‫الوضع‪ ،‬يظلم المرأة أكثر مما يظلم الرجل‪ ،‬فالرجل بعد الطلق يمكنه أن‬

‫‪71‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يبني حياته من جديد فيتزوج بشكل كثير طبيعي وبشكل سهل جدًا‪ ،‬بينما‬
‫المرأة المطلقة فإن النظرة لها غير منصفة‪ ،‬ويتم تحميلها مسؤولية الطلق‪.‬‬
‫فالمجتمع ظالم وغير عادل بالنسبة للنظر للمرأة؛ إذ يجعل العبء والوزر‬
‫على المرأة‪ ،‬وقد ل يكون لها أي علقة بما حدث‪ .‬وفي أحيان كثيرة ل يكون‬
‫الحرج على أي واحد من الزوجين‪ ،‬فقد ُتطّلق المرأة من الرجل؛ لنها غير‬
‫متوافقة معه؛ ثم تتزوج رجل ً تتوافق معه‪ ،‬وهو يتزوج امرأة يتوافق معها‪،‬‬
‫ه(‪ .‬فأحيانا ً يكون‬
‫سعَت ِ ِ‬
‫من َ‬ ‫ن الل ّ ُ‬
‫ه ك ُل ّ ّ‬ ‫فّرَقا ي ُغْ ِ‬
‫وفي هذا يقول القرآن )وإن ي َت َ َ‬
‫الطلق فيه خير للرجل‪ ،‬وفيه خير للمرأة‪.‬‬
‫وغة‬‫حرب غير مس ّ‬
‫وتؤكد د‪.‬إلهام فراج أستاذة علم الجتماع أن الملحظ في مجتمعاتنا أنه حينما‬
‫يحدث الطلق فإن كل ً من الطرفين يشن هجوما ً على الطرف الخر‪ ،‬ويتهمه‬
‫مله مسؤولية إخفاق الزواج‪،‬‬ ‫بكل النقائص الممكنة‪ ،‬ويسيء إلى سمعته‪ ،‬ويح ّ‬
‫مما يجعل الطلق يتم بطريقة غير كريمة تفتقر إلى الحترام بين الطرفين؛‬
‫فالزوج يشّهر بزوجته‪ ،‬والزوجة تشهر بزوجها‪ ،‬وفي بعض الحيان تصطدم‬
‫أسرة الزوج مع أسرة الزوجة‪ ،‬وتتوسع دوائر الخلف ومساحات الكراهية‪.‬‬
‫وتزداد المشكلة تعقيدا ً وخطورة عندما يكون الزوج والزوجة من نفس العائلة‬
‫كأن تكون الزوجة ابنة عم الزوج أو ابنة خاله أو ابنة خالته‪ ،‬فيسود العداء بين‬
‫أجنحة العائلة الواحدة‪ ،‬وتحدث القطيعة بينهم‪ ،‬المر الذي يتنافى مع الغاية‬
‫رع الطلق‪ ،‬والذي يهدف لوضع حد ونهاية لمسلسل اللم‬ ‫التي من أجلها ُ‬
‫ش ِ‬
‫ل‬
‫والمشاكل السرية التي استعصت بين الزوجين‪ ،‬وأصبح من مصلحة ك ٍ‬
‫منهما الفراق‪.‬‬
‫لكن الملحظ أنه في الكثير من حالت الطلق أن الروابط والعلقات بين‬
‫أسرتي الزوج والزوجة تنقطع‪ ،‬وتصل المأساة إلى ذروتها في حالة زواج‬
‫البدل؛ فتكون الخسارة أفدح‪ ،‬ويدفع البرياء ثمن أخطاء لم يرتكبوها‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫وحينما يقع الطلق‪ ،‬فإن الزوجة تحاول بكل السبل تشويه صورة زوجها في‬
‫أذهان أطفالها‪ ،‬وتنعته بأبشع الصفات‪ ،‬وهي تحسب أنها بذلك تكسبهم لصفها‬
‫لتبعدهم عن والدهم‪ ،‬أو لتنتقم من والدهم بحرمانه من رؤيتهم‪ ،‬ليس هذا‬
‫فحسب بل تعمل جاهدة على تشويه صورة عائلة والدهم من أجداد وأعمام‬
‫وعمات‪...‬الخ‪.‬‬
‫فينشأ البناء وهم يحملون في قلوبهم كراهية والدهم وكراهية أعمامهم‬
‫وعماتهم وجدهم وجدتهم‪ ،‬فتكون بذلك قد ساهمت بقطع كل صلة بينهم في‬
‫الوقت الذي هم فيه بحاجة لتقوية الروابط مع أسرة أبيهم‪ ،‬ومع أقاربهم ومع‬
‫عائلتهم الممتدة؛ لنهم جزء ل يتجزأ منها حتى بعد الطلق‪.‬‬
‫وتؤكد د‪.‬إلهام أن الشعور بالحباط والكتئاب يلزم المطّلق والمطلقة في‬
‫ّ‬
‫فترة ما بعد الطلق‪ ،‬وهو أمر طبيعي‪ ،‬ولكنه يؤثر على سير العلقة الطبيعية‪،‬‬
‫ومن الضروري تجاوز الحقاد والضغائن واللتفات إلى المشاركة في‬
‫المسؤوليات عوضا عن المحاربة النفسية المستمرة‪ .‬فليس هناك ضير أن‬
‫يتفق الطليقان على نظام معين لمواصلة حياتهما بشكل طبيعي‪ ،‬وتقاسم‬
‫المسؤوليات في حالة وجود أبناء يعكس أرقى صور التقدم المجتمعي‪ ،‬ولكن‬
‫المسألة ل تعتمد على المطّلقين فقط بل على الظروف الجتماعية المحيطة‬
‫وخاصة الهل‪ .‬فمسؤولية السرة وخاصة البناء ل يمكن أن تنتهي لحد‬

‫‪72‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الطرفين بمجرد أن ينفصل‪ ،‬فهناك التزامات سواء كانت للب أو للم يجب أن‬
‫يلتزم كل الطرفين بها‪ ،‬وهناك مسؤوليات يتحتم أن يشترك فيها الطرفان‬
‫ونا هذه السرة‪ ،‬وأصبحت جزًءا من مجتمع‬ ‫حتى بعد الطلق‪ ،‬فهما اللذان ك ّ‬
‫بل ومن وطن بأكمله‪ ،‬وبالتالي تكون عملية تجاهلها أمرا ً غير منطقي‪ ،‬بل‬
‫وغير أخلقي‪.‬‬
‫الطلق لم يعد كارثة‬
‫ً‬
‫وتقول د‪ .‬سعاد شعبان أستاذ علم النفس‪ :‬إن الطلق لم يعد شبحا يهدد حياة‬
‫المرأة‪ ،‬فمع ازدياد نسبة الطلق في كل دول العالم صارت المرأة تخرج من‬
‫محنتها هذه أكثر قوة وثقة في مواجهة مجتمعها والحياة عموما ً‬
‫الزواج ل يدوم بالكراه‬
‫بينما يؤكد د‪ .‬محمد المسير الستاذ بجامعة الزهر أن الصل في الطلق أنه‬
‫ل يجوز إل لسباب قوية جدًا‪ ،‬وإذا وقع الطلق فيجب أن يكون التسريح‬
‫َ‬ ‫سا ٌ‬
‫ن(‪ ،‬ومن‬ ‫سا ٍ‬
‫ح َ‬‫ح ِبإ ْ‬ ‫ري ٌ‬
‫س ِ‬
‫ف أوْ ت َ ْ‬
‫معُْرو ٍ‬
‫ك بِ َ‬ ‫بإحسان كما قال القرآن الكريم )َفإ ْ‬
‫م َ‬
‫روائع الشريعة السلمية أنها جعلت للرجل أكثر من فرصة‪ ،‬فلم تجعل‬
‫الطلق مرة واحدة وبه ينتهي المر‪ ،‬ولكن جعلت الصل فيه أن يكون رجعيا‪ً،‬‬
‫ومعنى ذلك أن الزوج يستطيع أن يعيد زوجته ما دامت في العدة‪ ،‬وأمامه‬
‫فرصه ثانية إذا وقع الطلق الثاني‪ ،‬أما إذا وقع الطلق الثالث فهنا يختلف‬
‫المر‪ ،‬فل تحل له حتى تنكح زوجا ً غيره‪.‬‬
‫ويضيف د‪ .‬المسير‪ :‬إن فلسفة السلم الراشدة جعلت من حق الزوج أن‬
‫يعيد زوجته إليه خلل فترة الثلثة شهور الولى‪ ،‬وهى فترة العدة‪ ،‬ويتم ذلك‬
‫دون إذن من الزوجة حرصا ً على أشياء كثيرة يمكن أن تتحطم من خلل‬
‫الطلق‪ .‬فهناك أبناء قد يتشّردون‪ ،‬وأسرة قد تنهار‪ ،‬وتتفكك وظروف نفسية‬
‫قد تصل إلى حالة مرضية‪ ،‬وامرأة قد تتشّرد أو تلجأ إلى النحراف‪ ،‬وهناك‬
‫رجل في سن معينة قد يكون في أشد الحاجة إلى زوجته التي يعتمد عليها‪،‬‬
‫ولذلك أعطى الشرع فرصة للرجل لن يعيد النظر مرة ثانية في قضية‬
‫الطلق الذي وقع خلل ثلثة أشهر‪ ،‬فقد يكون هذا الطلق قد وقع نتيجة لحالة‬
‫انفعالية أو تحت ضغط ظروف غير طبيعية‪ ،‬وهنا يصبح من الممكن تدارك‬
‫مثل هذه الظروف لعادة الحياة إلى مجاريها‪.‬‬
‫إن السلم يبيح الطلق؛ لكنه ل يأمر به إل عندما تتعرض الزوجة للضرر من‬
‫زوجها‪ ،‬وتكاد العشرة بينهما تصبح مستحيلة‪.‬‬
‫إننا نسأل المعترضين على إباحة الطلق في السلم‪ :‬ماذا تَرْون إذا بلغت‬
‫العشرة بين الزوجين حالة ل يطيق فيها أحدهما صاحبه؟ هل ننتظر حتى‬
‫؟ أو يبحث عن شريك آخر بطريقة غير‬ ‫يتخلص أحدهما من الخر بقتله ‍‬
‫شرعية؟‬
‫وهل مما يجوز في منطق العقلء أن نفرض على الزوج والزوجة أن يبقيا‬
‫بالكراه في سجن ل يستطيعان الخروج منه إل بطريق غير مشروع؟‬
‫العدة فرصة للمراجعة‬
‫وترد د‪ .‬نادية هاشم أستاذة الفقه بجامعة الزهر على من يحاول من خصوم‬
‫السلم والحاقدين عليه جْعل من مسألة الطلق في السلم جريمة تهدم‬
‫السر وتشّرد الولد‪ ،‬فتقول‪ :‬إن الطلق لم يكن هو الخطوة الولى في علج‬
‫النشوز‪ ،‬وإنما سبقته المراحل التي تحدث عنها القرآن من الموعظة ثم‬
‫الهجر في المضاجع ثم الضرب‪ .‬وفى النهاية إذا أصبحت العشرة مستحيلة‪،‬‬
‫فلم يشأ السلم أن يفرض على الزوجين هذه العشرة بالكراه‪ ،‬وإنما شرع‬
‫خلع‪.‬‬‫لها حّلين سلميين هما‪ :‬الطلق‪ ،‬وال ُ‬

‫‪73‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫والسلم جعل الطلق آخر سبل العلج إذا أخفقت كل محاولت الصلح‪ ،‬ومع‬
‫ضا عند الله‪ ،‬ل‬
‫ده أمًرا بغي ً‬
‫أن السلم يبيح الطلق ويؤكد مشروعيته‪ ،‬لكنه يع ّ‬
‫دواء إذا استعصى داء النشوز على كل‬ ‫يحبه ول يشجع عليه‪ ،‬ولكنه آخر ال ّ‬
‫الدوية السابقة‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫وهنا نسأل الذين يعيبون تشريع السلم للطلق فنقول‪ :‬أيهما أفضل‬
‫للطرفين‪ :‬أن يعيشا في بيت الزوجية‪ ،‬وكأنهما سجينان في سجن مشترك‪،‬‬
‫بما يمكن أن يؤدي إليه الشقاق بين الزوجين من آثار سلبية على الولد‬
‫وعلى المناخ العام داخل السرة؟ بل وربما أّدى فرض استمرار العشرة في‬
‫ظل النفور الدائم بين الزوجين إلى انحرافات أخلقية خطيرة ومدمرة‪.‬‬
‫فهل هذا أفضل؟ أم أن يكون الطلق فرصة إلى مراجعة كل من الزوجين‬
‫موقفه من الطرف الخر‪ ،‬وقد يهدأ الغضب ويخف التوتر‪ ،‬وتكون المصالحة‬
‫وإعادة الحياة في ظل السلم العائلي؟ خاصة إذا عرفنا أن للطلق في‬
‫السلم صفتين يسميهما الفقهاء وهما‪ :‬طلق رجعى‪ ،‬يمكن أن يراجع فيه‬
‫الزوج زوجته خلل فترة زمنية محددة‪ ،‬وطلق بائن ل رجعة بعده‪ ،‬ولكل من‬
‫النوعين شروطه وضوابطه‪.‬‬
‫والمهم في ذلك أن الطلق الرجعي ُيعطي فرصة زمنية خلل العدة‪،‬‬
‫دا عن مثيرات التوتر والنشوز‪.‬‬ ‫للطرفين خللها أن يراجع ك ٌ‬
‫ل منهما نفسه بعي ً‬
‫وقد لوحظ في حالت كثيرة أن الطلقة الرجعية تكون بمثابة تنبيه وتحذير‬
‫للطرفين؛ فيراجعان موقفيهما ويعودان إلى حياة مستقرة هادئة‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫ما المنهج في فكر الحداثة؟‬


‫د‪ .‬بدران بن الحسن ‪18/10/1425‬‬
‫‪01/12/2004‬‬
‫هذا سؤال يحتاج إلى تفكيك وتركيب حتى يمكن الجابة عنه‪.‬‬
‫تفكيك‪ ،‬أو بعبارة أخرى تحليل إلى عناصر أّولية‪ ،‬لنفهم المنهج‪ ،‬والحداثة‪،‬‬
‫وفكر الحداثة‪.‬‬
‫ثم تركيب لهذه العناصر‪ ،‬حتى نستطيع الجابة عنه‪ ،‬باعتباره يعالج قضية‬
‫مكتملة الصورة في أذهاننا‪.‬‬
‫ولهذا‪ ،‬نرى أن نبدأ الحديث عن الحداثة باعتبارها مرحلة تاريخية ارتبطت‬
‫بالتطور الحضاري الغربي‪ ،‬كما ارتبطت بتطور التاريخ العالمي في صلته‬
‫بالغرب وبالحضارة الغربية‪.‬‬
‫ثم بعد ذلك نتحدث عن جذور الحداثة‪ ،‬أو السباب المباشرة التي أدت إلى‬
‫الحداثة‪ ،‬وهي كما نعتقد؛ الصلح الديني والسياسي‪ ،‬وحركة النهضة‬
‫الصناعية‪ ،‬وتفجر المعرفة وظهور التكنولوجيا‪.‬‬
‫هذه العوامل الثلثة التي أحدثت انقلبا ً في علقة الوروبي بالعالم والكون‬
‫والحياة‪ ،‬كما غّيرت نظرته الكونية كما يقول الفيلسوف اللماني ألبرت‬
‫شفيتزر‪.‬‬
‫ً‬
‫وهذا يقود إلى تناول الحداثة باعتبارها موقفا فكريا‪ ،‬أي الحديث عن فكر‬
‫الحداثة من خلل النظر إلى الحركة الفكرية التي واكبت ظاهرة الحداثة؛ من‬

‫‪74‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ثورة على نمط التفسير الكنسي للعالم والحياة والتاريخ‪ ،‬والنسق الرسطي‬
‫للتفكير القائم على الستنباط والدوران داخل محيط المبادئ الفكرية‬
‫المجّردة‪ ،‬والعتماد على الستنتاجات العقلية‪ ،‬إلى نظرة وضعّية؛ تؤمن‬
‫بإمكانية المعرفة من خلل الحواس‪ ،‬واعتمادا ً على الطبيعة‪ ،‬واستبعادا ً‬
‫للميتافيزيقا واللهوت الغيبي المسيحي‪.‬‬
‫وهذا بدوره يؤدي بنا إلى المساك بخيوط المنهج الذي قام عليه هذا الفكر؛‬
‫فكر الحداثة‪ ،‬وإلى الحديث عن أهم مفردات بل قواعد هذا المنهج‪ ،‬التي هي‬
‫في تصورنا الفصل بين الفكر الكنسي الرسطي الجامد وبين الفكر الوضعي‬
‫العملي الواقعي‪ ،‬وجعل النسان مصدر القيم ومركزها؛ اي مرجعّية إنسانية‬
‫)هيومانية كما يقول المسيري( كامنة غير متعالية على الطبيعة‪.‬‬
‫ً‬
‫سع مسار العلمنة واستبعاد المقدس من أن يكون فاعل في التاريخ‪،‬‬ ‫وكذا تو ّ‬
‫وهذا بدوره يقود إلى إفراغ مفاهيم مثل‪ :‬الله‪ ،‬والغيب‪ ،‬والخلق من معانيها‪،‬‬
‫ومن فاعليتها العلمية والجتماعية‪.‬‬
‫لنصل في الخير إلى مأزق هذا المنهج‪ ،‬ومآلته الرهيبة على الفكر والحضارة‬
‫والتاريخ النساني‪ ،‬بل وخطورته على النسان في أخص خصائصه؛ وهي‬
‫إنسانية النسان وكرامته‪.‬‬
‫وإذا جئنا إلى العناصر التي تركب سؤالنا عن المنهج في فكر الحداثة‪ ،‬فإن‬
‫الحداثة في المعنى اللغوي تأتي من الحديث ضد القديم‪ ،‬ولهذا فنحن أمام‬
‫ثلثة مصطلحات مترابطة تشكل مفهوما واحدا ً في مجموعها‪ ،‬هذه‬
‫المصطلحات هي‪ :‬الحديث )‪ ،(Modern‬والحداثة )‪ ،(Modernity‬والتحديث )‬
‫‪.(Modernization‬‬
‫فالول يعّبر عن وصف لشيء يتصف بأنه حديث ضد قديم‪ ،‬أما الثاني فيعّبر‬
‫عن حالة أو ظاهرة )‪ ،(phenomenon‬أما الثالث فيعبر عن عملية قصدية تبتغي‬
‫القيام بتحول من قديم إلى حديث عبر مرحلة زمنية وتاريخية هي الحداثة )‬
‫‪.(process of modernization‬‬
‫إذن هناك مرحلة تاريخية شهدت ول تزال تشهد عملية تحول من القديم إلى‬
‫الجديد )الحديث( شاملة لكل البعاد الجتماعية والثقافية والعلمية وغيرها‪.‬‬
‫وبعبارة أخرى فهي مرحلة تحول ذات أبعاد متعددة‪.‬‬
‫وإذا تعلق المر بالحداثة باعتبارها ظاهرة غربية صاحبت التطور الحضاري‬
‫الغربي‪ ،‬فإننا نقول بصددها‪ :‬إنها تلك التحولت ذات البعاد المتعددة التي‬
‫حدثت في المجتمعات الغربية منذ عصر النور والثورة الصناعية والصلح‬
‫الديني إلى بدايات القرن العشرين الميلدي‪ ،‬عبر مسار معقد‪ ،‬وتراكم متنوع‪،‬‬
‫دام عدة قرون‪.‬‬
‫أما فكر الحداثة‪ ،‬فهو ذلك الفكر الذي مّهد لهذا التحول الحضاري الغربي أو‬
‫صاحبه‪ ،‬باعتباره )أي الفكر( عملية تعبير عن الظاهرة‪ ،‬وصياغة تجريدية لها‬
‫ولتجاربها ومقولتها وإنتاجاتها‪.‬‬
‫أما المنهج في الحداثة‪ ،‬فهو التصورات والمفاهيم والمقولت التي على‬
‫أساسها ُبني هذا الفكر‪ ،‬وعلى أساسها تمت الصياغات النظرية للحداثة‪.‬‬
‫الحداثة وأوجهها المتعددة‬
‫الحداثة موقف عقلي‪ ،‬يتمثل في عدم الرضا بالطرق التقليدية للحياة‪،‬‬
‫والتركيز على استغلل الموارد الطبيعية مستخدمة في ذلك المعرفة والتقنية‬
‫الحديثة‪ ،‬والتغير الجتماعي أحد أهم علماتها‪ ،‬كما أن النمو القتصادي أكبر‬
‫نجاحاتها‪ ،‬وهي تلمس الحياة النسانية في كل جوانبها تقريبًا‪ ،‬ولذلك فيمكن‬
‫القول‪ :‬إنها ذات أبعاد أو أوجه متعددة‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫دد للحداثة‪ ،‬أو تجسيدها في نموذج‬ ‫ومن الصعوبة بمكان إعطاء تعريف مح ّ‬
‫واحد؛ فالقتصاديون يركزون اهتمامهم على النمو القتصادي‪ ،‬وذلك من خلل‬
‫ربطها بالتقنية والتصنيع اللذين أّديا إلى نشوء الرأسمالية والشتراكية في‬
‫العالم الغربي‪ .‬بينما علماء الجتماع يقدمون لنا عدة تعاريف ونماذج‬
‫للظاهرة‪ ،‬ويركزون اهتمامهم على ما لحق بنية المجتمع من تغيير‪ ،‬أما علماء‬
‫كزون على جانب النظمة السياسية وتوازنات السلطة وكيفية‬ ‫السياسة فير ّ‬
‫تشكيل الحكومات وإدارتها للصراع بين طبقات المجتمع‪ ،‬ومن هذه الزاوية‬
‫فإن الحداثة تنطبع فيما حدث من تطورات في بنية الديمقراطيات الغربية‪.‬‬
‫بينما العلميون يرون أن الحداثة تتجلى فيما طرأ على وسائل وطرق وأنواع‬
‫دد وكثرة ومركزية‪ .‬وبالتالي ما يحدث في‬ ‫ور وتغّير وتع ّ‬ ‫التصال من تط ّ‬
‫ور في مستوى العلقات بين مكونات المجتمع وطرق‬ ‫المجتمع من تط ّ‬
‫التواصل فيما بينها‪.‬‬
‫ديات المختلفة في ظاهرها‪ ،‬نجد أن الرابط بينها هو‬ ‫وإذا تأملنا هذه التح ّ‬
‫التقنية )‪ ،(Technology‬أي أن الحداثة وسيلتها الساس هي التقنية‪ ،‬وما لها‬
‫من عوامل وآثار اجتماعية وثقافية‪.‬‬
‫ففي الجانب القتصادي حولت التقنية )التكنولوجيا( العملية القتصادية من‬
‫قدة والمتشابكة‪،‬‬ ‫المفاهيم البدائية البسيطة إلى ثورة في المعاملت المع ّ‬
‫وهذا بدوره ارتبط وأنتج نظم الرأسمالّية والشتراكّية والشيوعّية وغيرها‪،‬‬
‫وهي كلها ل تعدو أن تكون إفرازا ً طبيعيا ً للتقدم التكنولوجي‪.‬‬
‫هذه المظاهر والتمظهرات المادية للحداثة‪ ،‬ل ينبغي أن تحجب عنا حقيقة أن‬
‫الحداثة لها موقف فكري وثقافي‪ ،‬أو كما سبق‪ ،‬موقف عقلي‪ ،‬هذا الموقف أو‬
‫المحتوى الثقافي‪ ،‬يتمثل في التركيز على التعامل العلمي )‪ (Scientific‬مع‬
‫الواقع‪ ،‬والمقصود منه الخضوع للتفسير الوضعي للحياة بعيدا ً عن أي لهوت‬
‫ل أو غيب‪ .‬وهو ما يعني أن الحداثة في جوهرها الثقافي والفكري‬ ‫متعا ٍ‬
‫والعقلي موقف مادي )‪ (Materialistic‬منفصل عن أي قيم متعالية ليست من‬
‫صنع الواقع الجتماعي أو الطبيعي‪.‬‬
‫وهذه المظاهر أو الوجه المتعددة للظاهرة ترجع إلى جذر واحد يربطها‪،‬‬
‫ويشكل من خللها الحداثة كسيرورة تاريخية للمجتمع الغربي‪ .‬غير أن المر ل‬
‫صل القول في المنهج الذي سارت عليه الحداثة‪،‬‬ ‫ف ّ‬
‫يتوقف هنا‪ ،‬فعلينا أن ن ُ َ‬
‫قصدا ً أو عن غير قصد‪.‬‬
‫المنهج؛ الرؤية والمفاهيم والتطبيقات‪:‬‬
‫الحديث عن المنهج في الحداثة يقتضي مّنا تفصيل الكلم عن الّرؤية الكونّية‬
‫كلت هذا المنهج‪ ،‬ثم أهم المفاهيم التي انتجتها أو قامت عليها‬ ‫التي ش ّ‬
‫الحداثة‪ ،‬ثم بعض التطبيقات لهذا المنهج والمتمثلة في المظاهر التي يمكن‬
‫أن تنطبع فيها الحداثة‪ ،‬وكذلك القطاعات التي تشملها‪.‬‬
‫فيما يتعلق بالرؤية الكونية‪ ،‬فإنها بدأت تتشكل منذ بدايات القرن الخامس‬
‫عشر الميلدي‪ ،‬وذلك من خلل ثلثة تيارات مهمة في التاريخ الحضاري‬
‫الغربي؛ وهي حركة الصلح الديني )البروتستانتي خاصة(‪ ،‬والعقلنية أو‬
‫الفلسفة العقلنية الحديثة‪ ،‬وكذلك التيار النساني )‪.(humanism‬‬
‫حيث عملت التجاهات الثلثة متضافرة معا ً وظيفيا ً ومتعاقبا ً زمانيا ً ومتكاملة‬
‫على بناء رؤية كونية حديثة للعالم‪ ،‬والتخلص من الرؤية القائمة على المنظور‬
‫الكنسي الرسطي التقليدي )‪.(Ecclesiastic‬‬

‫‪76‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وإذا كانت البروتستانتية حررت المسيحي الغربي من سلطة الكنيسة‬


‫ص المسيحي الديني المقدس‪ ،‬والهيمنة على‬ ‫والباباوات وانفرادهم بتفسير الن ّ‬
‫العقل والمعرفة‪ ،‬فإن الحركة النسانية عملت على التركيز على أن النسان‬
‫الفرد هو المرجع في كل شيء؛ سواء في ذلك القيم أو المعايير أو الحقيقة‬
‫في هذا العالم‪.‬‬
‫ومن جهتها عملت الفلسفة العقلنية على التأسيس للتفسير العقلي لحركة‬
‫التاريخ والحضارة‪ ،‬وعلى إيجاد معاني عقلنية لكل المفاهيم المرتبطة‬
‫كلت العقلنية ابتداًء من كوبرنيكوس وكبلر‬ ‫بالنسان في هذا الكون‪ ،‬فش ّ‬
‫وغاليليو ثم ديكارت وسبنسر وسبينوزا ولوك وهيوم وغيرهم من التجريبيين‬
‫كلت نظرة للكون قائمة على استبعاد المقدس عن أن‬ ‫أيضا‪ ،‬هذه العقلنية ش ّ‬
‫سخت مفهوم المادة في مقابل الروح‪،‬‬ ‫يساهم في صناعة التاريخ‪ ،‬كما أنها ر ّ‬
‫أو انفصال الخروي عن الدنيوي‪ ،‬خاصة العقلنية الديكارتّية التي مّهدت‬
‫للعلمانية على مستوى التفكير‪ ،‬لتنطبع في الواقع في علمانية روسو والثورة‬
‫الفرنسية‪ ،‬التي حصرت المقدس إلى حساب توسيع الزمني في هذه الحياة‪.‬‬
‫هذه التيارات الثلثة‪ ،‬إضافة إلى اتجاهات البحث في الفلك والبيولوجيا‬
‫والفيزياء وعلوم الكيمياء والعضويات‪ ،‬صاغت مع "أوغست كونت" ما يسمى‬
‫"بالوضعية" باعتبارها ليست اتجاها ً فلسفيا ً فحسب‪ ،‬بل رؤية كونية قائمة‬
‫على تنميط النسان وعقله وتجربته مرجعا ً للحقيقة ومصدرا ً للتفسير‪ ،‬ومن‬
‫الطبيعة المجال الوحد للفعل التاريخي‪ ،‬الذي ليس له امتداد آخر )غيبا ً كان‬
‫ل عن المادة‪.‬‬ ‫أو ميتافيزيقا( متعا ٍ‬
‫)‪(2 /‬‬

‫هذه هي الرؤية المركزية لمنهج الحداثة‪ ،‬الوضعية والعلمانية رؤية للكون‬


‫والتاريخ والنسان‪ ،‬ووفق هذه الرؤية وما حدث فيها من تعديلت عبر الزمن‪،‬‬
‫ورت الحداثة‪ ،‬ونضجت لديها مجموعة من المفاهيم تميز هذه المرحلة عن‬ ‫تط ّ‬
‫مرحلة ما قبل الحداثة )أي مرحلة القرون الوسطى(‪ ،‬ولعل من أهم هذه‬
‫المفاهيم؛‬
‫ً‬
‫مفهوم العلم )‪ (Science‬حيث أعطى له محتوى وضعيا‪ ،‬وصار العلم هو ما‬
‫أنتجه العقل البشري من خلل تعامله مع الواقع؛ طبيعيا كان أو اجتماعيًا‪،‬‬
‫إضافة إلى المعرفة الرياضية واللغوية‪ ،‬ول شيء خارج الطبيعة واللغة‬
‫والرياضيات‪.‬‬
‫وعليه تم استبعاد كل ما له صلة بالغيب من مفهوم العلم‪ ،‬ولهذا صار الدين‬
‫خارجا ً من مفهوم العلم‪ ،‬بل ل صلة للدين بالعلم‪ ،‬كما أن قضايا الدين ل‬
‫يمكن إقامة الدليل عليها‪ ،‬لنها ذات طبيعة فوق تاريخية‪ ،‬أو ما وراء الطبيعية‪،‬‬
‫عرف الحداثة‬ ‫والعلم نطاقه العقل والتجربة والواقع‪ .‬فصار الدين يشكل في ُ‬
‫حّيزا ً ضّيقا ً ضمن نوع من أنواع السطورة‪ ،‬وإن سمح المر –كما يقول أركون‬
‫أحد فلسفة الحداثة الغربية‪ -‬فإن الدين ذو بنية أسطورية متعالية‪.‬‬
‫استبعاد المقدس‪ ،‬أو علمانية الحياة )‪(Secularism‬‬
‫وهو مفهوم مرتبط بالنظرة الكونية التي شكلت الحداثة‪ ،‬فل دخل للدين في‬
‫صناعة التاريخ‪ ،‬وإن أمكن إعطاؤه دورا ً فهو دور مشارك وليس مركزيا‪ ،‬وذلك‬
‫من خلل الدور الجتماعي للقيم الدينية‪ ،‬والتي يقوم فيها الدين‪ ،‬أو المقدس‪،‬‬
‫بأداء دور لصالح الزمني أو الدنيوي‪ ،‬أما أن يهيمن الدين على التاريخ أو‬
‫يوجهه أو يصوغ الحياة‪ ،‬فهذه نظرة كنسية تم القضاء عليها‪ ،‬وتم حصر الدين‬

‫‪77‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أو المقدس في أداء دور ثانوي تقتضيه الضرورة العقلية المنطقية كما هو‬
‫شأن "ديكارت" و"كانت"‪ ،‬أو تقتضيه الضرورة الجتماعية كما هو شأن‬
‫"دوركايم"‪ .‬أي أن دور الدين محدد بالضرورة‪ ،‬وبقدر ضئيل‪ ،‬وإن لم ُيزل‬
‫م‪ .‬وهذا بدوره أعطى مكانا لمفهوم آخر هو المادية‪.‬‬ ‫تماما ً فإن تهميشه قد ت ّ‬
‫والمادية )‪ ،(Materialism‬وإن كانت تشكل نظرة كونية ورؤية كلية للحياة من‬
‫خلل التيارات الثلثة السابقة الذكر‪ ،‬فإنه يشكل مفهوما ً مركزيا ً في تراث‬
‫الحداثة المفهومي والفكري‪ ،‬فاعتبارا ً من مفهوم العلمنة والحياة‪ ،‬فإن المادة‬
‫هي ذات الولوية في صناعة وتوجيه حركة التاريخ‪.‬‬
‫ولهذا نجد مفهوم الكم قد ُأعطي أولوية كاملة على حساب مفهوم الكيف‪،‬‬
‫كما أن معيار الكم صار هو الفيصل في قياس التقدم والتخلف‪ ،‬والقوة‬
‫والضعف‪ ،‬والفاعلية وعدمها‪ .‬أما المفاهيم الروحية مثل الله‪ ،‬الحق والخير‬
‫والدين‪ ،‬فصارت فارغة من محتواها إل بمقدار ما تنفع وما يقابلها من مادة‪،‬‬
‫وما تجلبه من ربح مادي وتراكم للمادة‪.‬‬
‫وهناك مفهوم آخر من المفاهيم المركزية في فكر الحداثة هو مفهوم التقدم‪،‬‬
‫حيث ُأعطي له محتوى جعل منه حصان طروادة لكل ثائر على القيم‪ ،‬أو‬
‫معارض للُعرف والمعروف والمتعارف عليه‪ .‬فالتقدم مفهوم يتغنى به‬
‫الحداثيون‪ ،‬ويجعلون العلمة عليه القطيعة مع التراث ومع السلف والتوجه‬
‫نحو المستقبل ونشدان التغيير إلى ما ل نهاية‪.‬‬
‫وأهم جوانب التقدم‪ ،‬وأكثرها وضوحًا‪ ،‬هو التقدم المادي‪ ،‬وطبعا ً في التعليم‬
‫والتقنية والسيطرة على الطبيعة‪ ،‬والتحكم في مواردها‪.‬‬
‫والمفهوم الخر هو العقلنة )‪ ،(Rationality‬حيث تقوم الحداثة على عقلنة كل‬
‫شيء؛ النسان والطبيعة والتاريخ‪ ،‬وحتى الدين ذاته قد تمت عقلنته‪ ،‬فكل‬
‫شيء تم إخضاعه للدراك العقلي‪ ،‬ومناهج النظر العقلي‪ .‬فكل ما يمكن عقله‬
‫فهو داخل ضمن إطار الدراك والتعامل‪ ،‬وبالتالي فهو واقعي‪ ،‬وحتى ما لم‬
‫يكن قابل ً لذلك فقد تم إخضاعه‪ ،‬ويتجلى ذلك في جهود "كانت" و"ديكارت"‬
‫و"هيجل" وغيرهم‪.‬‬
‫في الخير‪ ،‬وإكمال للحديث عن المنهج‪ ،‬فإن أهم تطبيقات هذا المنهج تتجلى‬
‫في الثورة الفرنسية‪ ،‬والتي كان "روسو" أباها الول‪ ،‬حيث رفعت شعار‬
‫سيس"‪ ،‬مما يعني الثورة على كل قديم‪،‬‬ ‫"اشنقوا آخر ملك بأمعاء آخر قِ ّ‬
‫وعلى النظامين الكنسي والسياسي بصفة خاصة‪ .‬ومعروف ما كان للثورة‬
‫الفرنسية من تأثير في العالم الغربي خاصة‪ ،‬من حث على تغيير الوضاع‬
‫القائمة‪.‬‬
‫كما أن من تطبيقات هذا المنهج‪ ،‬انتشار الديمقراطية الغربية‪ ،‬وسيادتها في‬
‫أنظمة الحكم‪ ،‬واتخاذها منهج الحكم الوحد‪ ،‬وما تستلزمه هذه الديمقراطية‬
‫من علمانية وعلمنة‪ ،‬وفصل بين الدين والدولة‪ ،‬وصراع التوازنات‪ ،‬وحديث‬
‫عن حقوق النسان وتغييب لحقوق الله‪.‬‬
‫ثم التقدم المادي القتصادي الكبير الذي حدث في الغرب‪ ،‬وما جره ذلك من‬
‫استنزاف لموارد الطبيعة‪ ،‬وإتلف لقدراتها‪ ،‬وتنميط النسان كأنه كائن ذو بعد‬
‫واحد؛ هو البعد المادي‪ ،‬واعتبار التقدم القتصادي معيارا ً أوحد َ لقياس رفاهية‬
‫وسعادة النسان وتحقيقه لهدافه في هذا العالم‪.‬‬
‫وكذلك من هذه التطبيقات نجد العلوم الطبيعية والجتماعية والنسانية التي‬
‫تطورت بشكل مذهل لتحقيق مقولت التقدم والتحديث‪ ،‬ولكن وفق منظور‬
‫مادي ورؤية اختزالية تختصر النسان وتطلعاته وأشواقه في أفق مادي‬

‫‪78‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫محدود‪.‬‬
‫وختام الكلم‬

‫)‪(3 /‬‬

‫إن الحداثة ظاهرة ارتبطت بالوعي الغربي أصالة‪ ،‬ولها علقة وطيدة‬
‫بالتحولت التاريخية التي حدثت في الغرب‪ ،‬وهي بمفاهيمها إفراز طبيعي‬
‫لحركة المجتمعات الغربية خلل التاريخ‪.‬‬
‫أما الحداثة خارج الغرب فهي تابعة في منهجها وفي تاريخها وفي نتائجها‬
‫للحداثة الغربية؛ لنها وليدة إشعاع الحضارة الغربية على العالم وبالتالي‬
‫إشعاع فوضاه على بقية العالم بتعبير مالك بن نبي عليه رحمة الله‪ ،‬وهي‬
‫بفعل تأثير الهيمنة الغربية على العالم‪ ،‬وعلى مصائر الشعوب‪ ،‬ومقاليد‬
‫التاريخ‪ ،‬خلل هذ القرون الثلثة الخيرة‪ .‬وهي من قبيل تقليد المغلوب‬
‫للغالب حسب التعبير الخلدوني‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫ما بال المتهجدين بالليل من أحسن الناس وجوها ؟‬


‫اعلم – يا راعاك الله – أن كثيرا ً من الكسالى والبطالين إذا سمعوا بأخبار‬
‫اجتهاد السلف البرار في قيام الليل ‪ ،‬ظنوا ذلك نوعا ً من التنطع والتشدد‬
‫ما ضعف إيماننا وفترت‬ ‫وتكليف النفس مال يطاق ‪ ،‬وهذا جهل وضلل ‪ ،‬لننا ل ّ‬
‫عزائمنا ‪ ،‬وخمدت أشواقنا إلى الجنان ‪ ،‬وقل خوفنا من النيران ‪ ،‬ركنا إلى‬
‫هاد والّعباد وما‬
‫الراحة والكسل والنوم والغفلة ‪ ،‬وصرنا إذا سمعنا بأخبار الز ّ‬
‫كانوا عليه من تشمير واجتهاد في الطاعات نستغرب تلك الخبار ونستنكرها ‪،‬‬
‫ول عجب فكل إناء بالذي فيه ينضح ‪ ،‬فلما كانت قلوب السلف معلقة‬
‫باللطيف القهار ‪ ،‬وهممهم موجهة إلى دار القرار ‪ ،‬سطروا لنا تلك المفاخر‬
‫ما ركنا إلى الدنيا ‪ ،‬وتنافسنا‬ ‫العظام ‪ ،‬وخلفوا لنا تلك النماذج الكرام ‪ ،‬ونحن ل ّ‬
‫على حطامها ‪ ،‬صرنا إلى شر حال ‪ ،‬فأفق أخي الحبيب من هذه الغفلة فقد‬
‫ذهب أولئك العّباد المجتهدون رهبان الليل ‪ ،‬وبقي لنا قرناء الكسل‬
‫والوسادة !!‬
‫‪ -1‬قال سعيد بن المسيب رحمه الله ‪ :‬إن الرجل ليصلي بالليل ‪ ،‬فيجعل الله‬
‫ب‬
‫في وجه نورا يحبه عليه كل مسلم ‪ ،‬فيراه من لم يره قط فيقول ‪ :‬إن لح ُ‬
‫هذا الرجل !! ‪.‬‬
‫‪ -2‬قيل للحسن البصري رحمه الله ‪ :‬ما بال المتهجدين بالليل من أحسن‬
‫الناس وجوها ؟ فقال لنهم خلو بالرحمن فألبسهم من نوره ‪.‬‬
‫‪ -3‬صلى سيد التابعين سعيد بن المسيب – رحمه الله – الفجر خمسين سنة‬
‫بوضوء العشاء وكان يسرد الصوم‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ -4‬كان شريح بن هانئ رحمه الله يقول ‪:‬ما فقد رجل شيئا أهون عليه من‬
‫نعسة تركها!!! ) أي لجل قيام الليل ( ‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ -5‬قال ثابت البناني رحمه الله ‪ :‬ل يسمى عابد أبدا عابدا ‪ ،‬وإن كان فيه كل‬
‫خصلة خير حتى تكون فيه هاتان الخصلتان ‪ :‬الصوم والصلة ‪ ،‬لنهما من‬
‫لحمه ودمه !!‬
‫‪ -6‬قال طاووس بن كيسان رحمه الله ‪ :‬أل رجل يقوم بعشر آيات من الليل ‪،‬‬
‫فيصبح وقد كتبت له مائة حسنة أو أكثر من ذلك ‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ -7‬قال سليمان بن طرخان رحمه الله ‪ :‬إن العين إذا عودتها النوم اعتادت ‪،‬‬
‫وإذا عودتها السهر اعتادت ‪.‬‬
‫‪ -8‬قال يزيد بن أبان الرقاشي رحمه الله ‪ :‬إذا نمت فاستيقظت ثم عدت في‬
‫النوم فل أنام الله عيني ‪.‬‬
‫‪ -9‬أخذ الفضيل بن عياض رحمه الله بيد الحسين بن زياد رحم الله ‪ ،‬فقال له‬
‫‪ :‬يا حسين ‪ :‬ينزل الله تعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا فيقول الرب ‪ :‬كذب‬
‫من أدعى محبتي فإذا جنه الليل نام عني ؟!! أليس كل حبيب يخلو‬
‫بحبيبه ؟!! ها أنا ذا مطلع على أحبائي إذا جنهم الليل ‪ ،.....،‬غدا ً أقر عيون‬
‫أحبائي في جناتي ‪.‬‬
‫‪ -10‬قال ابن الجوزي رحمه ‪ :‬لما امتلت أسماع المتهجدين بمعاتبة ] كذب‬
‫من أدعى محبتي فإذا جنه الليل نام عني [ حلفت أجفانهم على جفاء النوم ‪.‬‬
‫‪ -11‬قال محمد بن المنكدر رحمه الله ‪ :‬كابدت نفسي أربعين عاما ً ) أي‬
‫جاهدتها وأكرهتها على الطاعات ( حتى استقامت لي !!‬
‫‪ -12‬كان ثابت البناني يقول كابدت نفسي على القيام عشرين سنة !!‬
‫وتلذذت به عشرين سنة ‪.‬‬
‫مارة‬ ‫‪ -13‬كان أحد الصالحين يصلي حتى تتورم قدماه فيضربها ويقول يا أ ّ‬
‫ت إل للعبادة ‪.‬‬ ‫بالسوء ما خلق ِ‬
‫‪ -14‬كان العبد الصالح عبد العزيز بن أبي رّواد رحمه الله ُيفرش له فراشه‬
‫لينام عليه بالليل ‪ ،‬فكان يضع يده على الفراش فيتحسسه ثم يقول ‪ :‬ما‬
‫ألينك !! ولكن فراش الجنة ألين منك!! ثم يقوم إلى صلته ‪.‬‬
‫‪ -15‬قال الفضيل بن عياض رحمه الله تعالى ‪ :‬إذا لم تقدر على قيام الليل‬
‫وصيام النهار فاعلم أنك محروم مكبل ‪ ،‬كبلتك خطيئتك ‪.‬‬
‫‪ -16‬قال معمر ‪ :‬صلى إلى جنبي سليمان التميمي رحمه الله بعد العشاء‬
‫ك وَهُوَ عََلى ك ُ ّ‬
‫ل‬ ‫مل ْ ُ‬
‫ذي ب ِي َدِهِ ال ْ ُ‬ ‫ك ال ّ ِ‬ ‫الخرة فسمعته يقرأ في صلته ‪} :‬ت ََباَر َ‬
‫َ‬
‫ن‬‫ذي َ‬ ‫جوهُ ال ّ ِ‬‫ت وُ ُ‬ ‫سيئ َ ْ‬‫ة ِ‬ ‫ف ً‬‫ما َرأوْه ُ ُزل ْ َ‬ ‫ديٌر{ حتى أتى على هذه الية }فَل َ ّ‬ ‫يٍء قَ ِ‬‫ش ْ‬ ‫َ‬
‫فُروا { فجعل يرددها حتى خف أهل المسجد وانصرفوا ‪ ،‬ثم خرجت إلى‬ ‫كَ َ‬
‫بيتي ‪ ،‬فما رجعت إلى المسجد لؤذن الفجر فإذا سليمان التميمي في مكانه‬
‫ة‬ ‫ما َرأ َوْه ُ ُزل ْ َ‬
‫ف ً‬ ‫كما تركته البارحة !! وهو واقف يردد هذه الية لم يجاوزها }فَل َ ّ‬
‫فُروا {‪.‬‬‫ن كَ َ‬
‫ذي َ‬‫جوهُ ال ّ ِ‬‫ت وُ ُ‬ ‫سيئ َ ْ‬ ‫ِ‬
‫‪ -17‬قالت امرأة مسروق بن الجدع ‪ :‬والله ما كان مسروق يصبح من ليلة‬
‫من الليالي إل وساقاه منتفختان من طول القيام !! ‪ ،....‬وكان رحمه الله إذا‬
‫طال عليه الليل وتعب صلى جالسا ً ول يترك الصلة‪ ،‬وكان إذا فرغ من صلته‬
‫يزحف ) أي إلى فراشه ( كما يزحف البعير !!‬
‫‪ -18‬قال مخلد بن الحسين ‪ :‬ما انتبه من الليل إل أصبت إبراهيم بن أدهم‬
‫ض ُ‬
‫ل‬ ‫ك فَ ْ‬ ‫رحمه الله يذكر الله ويصلي إل أغتم لذلك ‪ ،‬ثم أتعزى بهذه الية } ذ َل ِ َ‬
‫شاء{ ‪.‬‬ ‫من ي َ َ‬ ‫الل ّهِ ي ُؤِْتيهِ َ‬
‫‪ -19‬قال أبو حازم رحمه الله ‪ :‬لقد أدركنا أقواما ً كانوا في العبادة على حد ل‬
‫يقبل الزيادة !!‬

‫)‪(1 /‬‬

‫‪ -20‬قال أبو سليمان الدارني رحمه الله ‪ :‬ربما أقوم خمس ليال متوالية بآية‬
‫واحدة ‪ ،‬أرددها وأطالب نفسي بالعمل بما فيها !! ولول أن الله تعالى يمن‬
‫علي بالغفلة لما تعديت تلك الية طول عمري ‪ ،‬لن لي في كل تدبر علما ً‬

‫‪80‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫جديدا ‪ ،‬والقرآن ل تنقضي عجائبه !!‬


‫‪ -21‬كان السري السقطي رحمه الله إذا جن عليه الليل وقام يصلي دافع‬
‫البكاء أول الليل ‪ ،‬ثم دافع ثم دافع ‪ ،‬فإذا غلبه المر أخذ في البكاء والنحيب ‪.‬‬
‫‪ -22‬قال رجل لبراهيم بن أدهم رحمه الله ‪ :‬إني ل أقدر على قيام الليل‬
‫فصف لي دواء؟!! فقال ‪ :‬ل تعصه بالنهار وهو يقيمك بين يديه في الليل ‪،‬‬
‫فإن وقوفك بين يديه في الليل من أعظم الشرف‪ ،‬والعاصي ل يستحق ذلك‬
‫الشرف ‪.‬‬
‫‪ -23‬قال سفيان الثوري رحمه الله ‪ :‬حرمت قيام الليل خمسة أشهر بسبب‬
‫ذنب أذنبته ‪.‬‬
‫‪ -24‬قال رجل للحسن البصري رحمه الله ‪ :‬يا أبا سعيد ‪ :‬إني أبيت معافى‬
‫وأحب قيام الليل ‪ ،‬وأعد طهوري فما بالي ل أقوم ؟!! فقال الحسن ‪ :‬ذنوبك‬
‫قيدتك !!‬
‫‪ -25‬وقال رجل للحسن البصري ‪ :‬أعياني قيام الليل ؟!! فقال ‪ :‬قيدتك‬
‫خطاياك ‪.‬‬
‫‪ -26‬قال ابن عمر رضي الله عنهما ‪ :‬أول ما ينقص من العبادة ‪ :‬التهجد‬
‫بالليل ‪ ،‬ورفع الصوت فيها بالقراءة ‪.‬‬
‫‪ -27‬قال عطاء الخرساني رحمه الله ‪ :‬إن الرجل إذا قام من الليل متهجدا ً‬
‫ًأبح فرحا ً يجد لذلك فرحا ً في قلبه ‪ ،‬وإذا غلبته عينه فنام عن حزبه ) أي عن‬
‫قيام الليل ( أصبح حزينا ً منكسر القلب ‪ ،‬كأنه قد فقد شيئا ً ‪ ،‬وقد فقد أعظم‬
‫المور له نفعا ) أي قيام الليل (‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪ -28‬رأى معقل بن حبيب رحمه الله ‪:‬قوما يأكلون كثيرا فقال ‪ :‬ما نرى‬
‫أصحابنا يريدون أن يصلوا الليلة ‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ -29‬قال مسعر بن كدام رحمه الله حاثا على عدم الكثار من الكل ‪:‬‬
‫وجدت الجوع يطرده رغيف *** وملء الكف من ماء الفرات‬
‫وقل الطعم عون للمصلي *** وكثر الطعم عون للسبات‬
‫‪ -30‬كان العبد الصالح علي بن بكار رحمه الله تفرش له جاريته فراشه‬
‫فيلمسه بيده ويقول ‪ :‬والله إنك لطيب !! والله إنك لبارد !! والله ل علوتك‬
‫ليلتي ) أي ل تمت عليك هذه الليلة ( ثم يقوم يصلي إلى الفجر !!‬
‫‪ -31‬قال الفضيل بن عياض رحمه الله ‪ :‬أدركت أقواما ً يستحيون من الله في‬
‫سواد هذا الليل من طول الهجعة !! إنما هو على الجنب ‪ ،‬فإذا تحرك ) أي‬
‫أفاق من نومه ( قال ‪ :‬ليس هذا لك !! قومي خذي حظك من الخرة !!‪.‬‬
‫‪ -32‬قال هشام الدستوائي رحمه الله ‪ :‬إن لله عبادا يدفعون النوم مخافة أن‬
‫يموتوا في منامهم‪.‬‬
‫‪ -33‬عن جعفر بن زيد رحمه الله قال ‪ :‬خرجنا غزاة إلى ] كأبول [ وفي‬
‫الجيش ] صلة بين أيشم العدوي [ رحمه ‪ ،‬قال ‪ :‬فترك الناس بعد العتمة‬
‫) أي بعد العشاء ( ثم اضطجع فالتمس غفلة الناس ‪ ،‬حتى إذا نام الجيش كله‬
‫وثب صلة فدخل غيضة وهي الشجر الكثيف الملتف على بعضه ‪ ،‬فدخلت في‬
‫أثره ‪ ،‬فتوضأ ثم قام يصلي فافتتح الصلة ‪ ،‬وبينما هو يصلي إذا جاء أسد‬
‫عظيم فدنا منه وهو يصلي !! ففزعت من زئير السد فصعدت إلى شجرة‬
‫قريبة ‪ ،‬أما صلة فوالله ما التفت إلى السد !! ول خاف من زئيره ول بالى به‬
‫!! ثم سجد صلة فاقترب السد منه فقلت ‪ :‬الن يفترسه !! فأخذ السد يدور‬
‫حوله ولم يصبه بأي سوء ‪ ،‬ثم لما فرغ صلة من صلته وسلم ‪ ،‬التفت إلى‬
‫السد وقال ‪ :‬أيها السبع اطلب رزقك في مكان آخر !! فولى السد وله زئير‬
‫تتصدع منه الجبال !! فما زال صلة يصلي حتى إذا قرب الفجر !! جلس‬

‫‪81‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فحمد محامد لم أسمع بمثلها إل ما شاء الله ‪ ،‬ثم قال ‪ :‬الله إني أسألك أن‬
‫تجيرني من النار ‪ ،‬أو مثلي يجترئ أن يسألك الجنة !!! ثم رجع رحمه الله‬
‫إلى فراشه ) أي ليوهم الجيش أنه ظل طوال الليل نائما ً ( فأصبح وكأنه بات‬
‫على الحشايا ) وهي الفرش الوثيرة الناعمة والمراد هنا أنه كان في غاية‬
‫النشاط والحيوية ( ورجعت إلى فراشي فأصبحت وبي من الكسل والخمول‬
‫شيء الله به عليم ‪.‬‬
‫‪ -34‬كان العبد الصالح عمرو بن عتبة بن فرقد رحمه الله يخرج للغزو في‬
‫سبيل الله ‪ ،‬فإذا جاء الليل صف قدميه يناجي ربه ويبكي بين يديه ‪ ،‬كان أهل‬
‫الجيش الذين خرج معهم عمرو ل يكلفون أحدا ً من الجيش بالحراسة ؛ لن‬
‫عمرو قد كفاهم ذلك بصلته طوال الليل ‪ ،‬وذات ليلة وبينما عمرو بن عتبة‬
‫رحمه الله يصلي من الليل والجيش نائم ‪ ،‬إذ سمعوا زئير أسد مفزع ‪،‬فهربوا‬
‫وبقي عمرو في مكانه يصلي وما قطع صلته !! ول التفت فيها !! فلما‬
‫انصرف السد ذاهبا عنهم رجعوا لعمرو فقالوا له ‪ :‬أما خفت السد وأنت‬
‫تصلي ؟!! فقال ‪ :‬إن لستحي من الله أن أخاف شيئا ً سواه !!‬
‫‪ -35‬قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله ‪ :‬أفضل العمال ما أكرهت إليه‬
‫النفوس ‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫‪ -36‬قال أبو جعفر البقال ‪ :‬دخلت على أحمد بن يحيى رحمه الله ‪ ،‬فرأيته‬
‫يبكي بكاء كثيرا ما يكاد يتمالك نفسه !! فقلت له ‪ :‬أخبرني ما حالك؟!! فأراد‬
‫أن يكتمني فلم أدعه ‪ ،‬فقال لي ‪ :‬فاتني حزبي البارحة !! ول أحسب ذلك إل‬
‫لمر أحدثته ‪ ،‬فعوقبت بمنع حزبي !!ثم أخذ يبكي !! فأشفقت عليه وأحببت‬
‫أن أسهل عليه ‪ ،‬فقلت له ‪ :‬ما أعجب أمرك !! لم ترض عن الله تعالى في‬
‫نومة نومك إياها ‪ ،‬حتى قعدت تبكي !! فقال لي ‪ :‬دع عنك هذا يا أبا جعفر !!‬
‫فما احسب ذلك إل من أمر أحدثته !! ثم غلب عليه البكاء !! فلما رأيته ل‬
‫يقبل مني انصرفت وتركته ‪.‬‬
‫‪ -37‬عن أي غالب قال ‪ :‬كان ابن عمر رضي الله عنهما ينزل علينا بمكة ‪،‬‬
‫وكان يتهجد من الليل ‪ ،‬فقال لي ذات ليلة قبل الصبح ‪ :‬يا أبا غالب ‪ :‬أل تقوم‬
‫تصلي ولو تقرأ بثلث القرآن ‪ ،‬فقلت ‪ :‬يا أبا عبد الرحمن قد دنا الصبح فكيف‬
‫اقرأ بثلث القرآن ؟!! فقال إن سورة الخلص } قل هو الله أحد { تعدل‬
‫ثلث القرآن ‪.‬‬
‫‪ -38‬كان أبو إسحاق السبيعي رحمه الله يقول ‪ :‬يا معشر الشباب جدوا‬
‫واجتهدوا ‪ ،‬وبادروا قوتكم ‪ ،‬واغتنموا شبيبتكم قبل أن تعجزوا ‪،‬ـ فإنه ق ّ‬
‫ل ما‬
‫ي ليلة إل قرأت فيها بألف آية !!‬
‫مّرت عل ّ‬
‫‪ - 39‬كان العبد الصالح عبد الواحد بن يزيد رحمه الله يقول لهله في كل‬
‫ليلة ‪ :‬يا أهل الدار انتبهوا !! ) أي من نومكم ( فما هذه ) أي الدنيا ( دار‬
‫نوم ‪ ،‬عن قريب يأكلكم الدود !!‬
‫‪ -40‬قال محمد بن يوسف ‪ :‬كان سفيان الثوري رحمه الله يقيمنا في الليل‬
‫ويقول ‪ :‬قوموا يا شباب !! صلوا ما دمتم شبابا !! إذا لم تصلوا اليوم‬
‫فمتى ؟!!‬
‫‪ -41‬دخلت إحدى النساء على زوجة المام الوزاعي رحمه الله فرأت تلك‬
‫المرأه بلل ً في موضع سجود الوزاعي ‪ ،‬فقالت لزوجة الوزاعي ‪ :‬ثكلتك أمك‬
‫!! أراك غفلت عن بعض الصبيان حتى بال في مسجد الشيخ ) أي مكان‬

‫‪82‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫صلته بالليل ( فقالت لها زوجة الوزاعي ‪ :‬ويحك هذا ُيصبح كل ليلة !! من‬
‫أثر دموع الشيخ في سجوده ‪.‬‬
‫‪ -42‬قال ‪ :‬إبراهيم بن شماس كنت أرى أحمد بن حنبل رحمه الله يحي الليل‬
‫وهو غلم ‪.‬‬
‫‪ -43‬قال أبو يزيد المّعنى ‪ :‬كان سفيان الثوري رحمه الله إذا أصبح مد ّ رجليه‬
‫إلى الحائط ورأسه إلى الرض كي يرجع الدم إلى مكانه من قيام الليل !!‬
‫‪ -44‬كان أبو مسلم الخولني رحمه الله يصلي من الليل فإذا أصابه فتور أو‬
‫كسل قال لنفسه ‪ :‬أيظن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن يسبقونا‬
‫عليه ‪ ،‬والله لزاحمنهم عليه ‪ ،‬حتى يعلموا أنهم خلفوا بعدهم رجال !! ثم‬
‫يصلي إلى الفجر ‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ -45‬رأى أحد الصالحين في منامه خياما مضروبة فسأل ‪ :‬لمن هذه‬
‫الخيام ؟!! فقيل هذه خيام المتهجدين بالقرآن !! فكان ل ينام الليل!!‬
‫‪ -46‬كان شداد بن أوس رضي الله عنه إذا دخل على فراشه يتقلب عليه‬
‫بمنزلة القمح في المقلة على النار!! ويقول اللهم إن النار قد أذهبت عني‬
‫النوم !! ثم يقوم يصلي إلى الفجر ‪.‬‬
‫‪ -47‬كان عامر بن عبد الله بن قيس رحمه الله إذا قام من الليل يصلي يقول‬
‫‪ :‬أبت عيناي أن تذوق طعم النوم مع ذكر النوم ‪.‬‬
‫‪ -48‬قال الفضيل بن عياض ‪ -‬رحمه الله ‪ : -‬إني لستقبل الليل من أوله‬
‫فيهولني طوله فأفتتح القرآن فُأصبح وما قضيت نهمتي ) أي ما شبعت من‬
‫القرآن والصلة ( ‪.‬‬
‫‪ -49‬لما احتضر العبد الصالح أبو الشعثاء رحمه الله بكى فقيل له ‪ :‬ما‬
‫ف من قيام الليل !!‬ ‫يبكيك !! فقال ‪ :‬إني لم أشت ِ‬
‫‪ -50‬قال الفضيل بن عياض رحمه الله ‪ :‬كان يقال ‪ :‬من أخلق النبياء‬
‫والصفياء الخيار الطاهرة قلوبهم ‪ ،‬خلئق ثلثة ‪ :‬الحلم والنابة وحظ من‬
‫قيام الليل ‪.‬‬
‫‪ -51‬كان ثابت البناني رحمه الله يصلي قائما حتى يتعب ‪ ،‬فإذا تعب صلى‬
‫وهو جالس ‪.‬‬
‫‪ -52‬قال السري السقطي رحمه الله ‪ :‬رأيت الفوائد ترد في ظلم الليل ‪.‬‬
‫‪ -53‬كان بعض الصالحين يقف على بعض الشباب العّباد إذا وضع طعامهم‪،‬‬
‫ويقول لهم ‪ :‬ل تأكلوا كثيرا ‪ ،‬فتشربوا كثيرا ‪ ،‬فتناموا كثيرا ‪ ،‬فتخسروا‬
‫كثيرا !!‬
‫‪ -54‬قال حسن بن صالح رحمه الله ‪ :‬إني أستحي من الله تعالى أن أنام‬
‫تكلفا ) أي اضطجع على الفراش وليس بي نوم ( حتى يكون النوم هو الذي‬
‫يصير عني ) أي هو الذي يغلبني ( ‪ ،‬فإذا أنا نمت ثم استيقظت ثم عدت نائما‬
‫فل أرقد الله عيني !!‬
‫‪ -55‬كان العبد الصالح سليمان التميمي – رحمه الله – هو وابنه يدوران في‬
‫الليل في المساجد ‪،‬فيصليان في هذا المسجد مرة ‪ ،‬وفي هذا المسجد مرة ‪،‬‬
‫حتى يصبحا !!‬
‫وأخيرا ً أخي الحبيب قم ولو بركعة واختم بهذا الحديث قال صلى الله عليه‬
‫كتب‬ ‫وسلم } من قام بعشر آيات لم ُيكتب من الغافلين ‪ ،‬ومن قام بمائة آية ُ‬
‫من القانتين ‪ ،‬ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين { ]رواه أبو داوود‬
‫وصححه اللباني [ والمقنطرون هم الذين لهم قنطار من الجر ‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫‪83‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ما بعد الجماعات‬


‫د‪ .‬محمد العبدة ‪18/4/1426‬‬
‫‪26/05/2005‬‬
‫مدخل‪:‬‬
‫ليس هذا المقال دعوة للغاء الجماعات السلمية الموجودة على الساحة‬
‫اليوم‪ ،‬ول لتجاوزها إنكارا ً لجهودها‪ ،‬ولكن للمحافظة على مكتسباتها والتقدم‬
‫بها نحو بنية تحقق المزيد من العمل والمزيد من المل‪ ،‬التقدم نحو مرحلة‬
‫تستطيع هذه الجماعات أن تجترح الحلول للمشكلت القائمة‪ ،‬وأن تتجدد في‬
‫الهداف المرحلية ومعرفة الواقع )‪.(1‬‬
‫القضية اليوم ليست قضية جماعات‪ ،‬وإنما قضية أمة لم يعد لها كلمة‬
‫مسموعة‪ ،‬وليس لها ثقل سياسي تفرضه على الخرين‪ ،‬ول نتكلم هنا عن‬
‫الغايات والنوايا)ونرجو أن تكون سليمة( ولكن نتكلم عن الوسائل والمراحل‬
‫والنظر إلى المستجدات والتحديات‪ ،‬والتجديد في الفكر والهيكلية‪ .‬إن وجود‬
‫تجمعات وجمعيات داخل جسم المة السلمية ليس أمرا ً غريبا ً أومستحدثًا‪،‬‬
‫ولت كبرى‬ ‫بل قد يكون واجبا ً في بعض الظروف‪ ،‬وذلك عندما تحدث تح ّ‬
‫وُتقام دول وتسقط أخرى‪ .‬وأصل وجود مثل هذه التجمعات شيء مطلوب‬
‫ْ‬ ‫كن منك ُ ُ‬
‫ن‬
‫مُرو َ‬ ‫ن إ َِلى ال ْ َ‬
‫خي ْرِ وَي َأ ُ‬ ‫عو َ‬
‫ة ي َد ْ ُ‬
‫م ٌ‬
‫مأ ّ‬ ‫داخل المجتمع‪ ،‬قال تعالى ‪) :‬وَل ْت َ ُ ّ ْ‬
‫من قَوْم ِ‬ ‫ر( ]آل عمران‪ [104:‬وقال تعالى‪ ) :‬وَ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬
‫منك َ ِ‬ ‫ن عَ ِ‬ ‫ف وَي َن ْهَوْ َ‬‫معُْرو ِ‬ ‫ِبال ْ َ‬
‫ُ‬
‫ن( ]العراف‪ [159:‬والتعاون على البر‬ ‫حقّ وَب ِهِ ي َعْدُِلو َ‬ ‫ن ِبال ْ َ‬
‫دو َ‬ ‫ة ي َهْ ُ‬ ‫م ٌ‬‫سى أ ّ‬ ‫مو َ‬ ‫ُ‬
‫والتقوى مأموٌر به شرعًا‪.‬‬
‫وتكون التجمعات أحيانا ً من المور الفطرية‪ ،‬فكما أن في النسان غريزة‬
‫حفظ الذات‪ ،‬فكذلك عنده غريزة حب التجمع وحب النتماء والشعور‬
‫الجماعي في حدود السرة أو القبيلة أو الحزب ‪ ...‬الخ‪ .‬ومن هنا جاء تأسيس‬
‫الجمعيات والجماعات بعد سقوط الدولة العثمانية‪ ،‬وبعد تقسيم العالم‬
‫العربي وفقدان المرجعية السياسية‪ ،‬ومحاولت التشويه والتغريب الذي‬
‫تعّرض لها المسلمون عن طريق الستشراق والتبشير والمدارس الجنبية‪،‬‬
‫فكان رد الفعل تأسيس الجماعات دفعا ً لهذا البلء النازل‪ ،‬وفوائد الجمعيات‬
‫ة عندما يتسنى لها الثبات على مشروعها مدة طويلة مما‬ ‫كثيرة جدًا‪ ،‬خاص ً‬
‫ليفي به عمر الفرد‪ .‬وقد ُوجد في المجتمع السلمي زمن الدولة العباسية‬
‫والدولة العثمانية تجمعات كانت تساعد المستضعفين في المدن‪ ،‬وكانوا‬
‫يسمون في بغداد بـ)الفتوة( وفي دمشق بـ)الحداث(‪ ،‬هذا عدا عن وجود‬
‫التجمعات المهنية؛ إذ يكون لكل مهنة رئيس يشرف على أفرادها ويفض‬
‫الخصومات فيما بينهم ويعلم المنتسبين الجدد‪ .‬يقول ابن تيمية ‪-‬رحمه الله‪-‬‬
‫عن التجمعات وشرعيتها )فمن تكفل بأمر طائفة فإنه ُيقال له‪ :‬هو زعيم‪،‬‬
‫فإن كان قد تكفل بخير كان محمودا ً على ذلك‪ ،‬وإن كان شرا ً كان مذموما ً‬
‫على ذلك‪ ،‬وإن كان أهل الحزب مجتمعين على ما أمر الله به ورسوله ‪-‬صلى‬
‫الله عليه وسلم‪ -‬من غير زيادة أو نقصان فهم مؤمنون لهم مالهم وعليهم ما‬
‫عليهم‪ ،‬وإن كانوا قد زادوا ونقصوا‪ ،‬مثل التعصب لمن دخل حزبهم بالحق‬
‫من لم يدخل في حزبهم سواء كان على الحق أو‬ ‫والباطل‪ ،‬والعراض ع ّ‬
‫الباطل فهذا من التفرق الذي ذمه الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم(‬
‫)‪. (2‬‬
‫واقع الجماعات والخطاء التي وقعت فيها ‪:‬‬
‫ة الكبرى منها المعروفة‪ -‬قد أدت دورا ً إيجابيا ً قلّ‬ ‫لشك أن الجماعات‪ -‬وخاص ً‬
‫مًا‪ ،‬وأوجدت ‪-‬بفضل الله‪ -‬أجيال ً من الشباب‬ ‫ّ‬ ‫عا‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫إسلمي‬ ‫أو كثر‪ ،‬وأوجدت مناخا ً‬

‫‪84‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المسلم يتفهمون السلم‪ ،‬ويعملون من أجله‪ ،‬ويستعدون للتضحية في سبيله‪،‬‬


‫هذا مما ل خلف فيه‪ ،‬وليس حديثنا اليوم عن اليجابيات فهي معروفة‪.‬‬
‫ب طويلة وشائكة‪ ،‬أصابت وأخطات‪،‬‬ ‫سارت هذه الجماعات في طرق ودرو ٍ‬
‫ونشأت من خلل الحداث محاولت للمعالجة ولكنها كانت جزئية ومحدودة‬
‫الثر‪ ،‬كان لكل جماعة من هذه الجماعات منهجه ورؤيته للحداث‪ ،‬وتظهر‬
‫مدى اقترابه أو ابتعاده عن الثوابت والصول‪ ،‬وكان لكل جماعة أهداف‬
‫مرحلية قد تكون حققت بعضها وأخفقت في البعض الخر‪ ،‬ولكن عندما انتهت‬
‫هذه الهداف وجدت نفسها أمام جدار مسدود‪ ،‬ومع الزمن ُأصيبت بالجمود‬
‫والتكّلس والتصّلب وخاصة في الهيكلية التي هي من مع ّ‬
‫وقات النتقال إلى‬
‫مرحلة أفضل وأقوى‪ .‬لقد تغّيرت الظروف‪ ،‬وسقطت إمبراطوريات ودول‪،‬‬
‫وجاءت ثورة المعلومات‪ ،‬وجاءت )العولمة( سيئة الذكر وكبرت التحديات‪،‬‬
‫ولكن طرائق وأساليب الجماعات في التربية والعداد والنظرة إلى الحاضر‬
‫والمستقبل لم تتغير كثيرًا‪.‬‬
‫ول‪ ،‬مبررات من داخل الجماعات‪،‬‬ ‫هناك مبررات تستدعي هذا النتقال والتح ّ‬
‫هناك أخطاء وأمراض مزمنة ل فكاك منها إل بالنتقال إلى حال أخرى‪ ،‬ومن‬
‫هذه الخطاء‪:‬‬
‫‪-1‬الحزبية‪:‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫إنني أعتقد أن طريقة تأسيس الجماعات والهيكلية التي ُبنيت عليها )وكانت‬
‫في زمن وظروف معينة(‪ ،‬هذه الطريقة تحمل في داخلها جراثيم الحزبية‪،‬‬
‫سواء قّلت أو كثرت؛ لن الجماعة عندما انفصلت عن جسم المة‪ ،‬ولم‬
‫تحاول بعدئذٍ تجديد نفسها والرتباط بجمهور المة مرة ثانية‪ ،‬وإقامة‬
‫المؤسسات الفكرية والعلمية لستيعاب القدرات والذكياء‪ ،‬فلبد أن ينشأ‬
‫مرض الحزبية‪ ،‬وهو مرض عضال‪ ،‬أضر كثيرا ً بالجماعات السلمية وفرقها‬
‫وأضعفها؛ لن الفرد عندما يكون داخل مجموعة صغيرة‪ ،‬وُيقال له‪ :‬منهجنا هو‬
‫الصوب‪ ،‬فسيكون إنسانا ً منغلقا ً متعصبا ً لجماعته‪ ،‬ل يقبل بسهولة ما عند‬
‫الخرين‪ ،‬والطريقة الحزبية تكون دائما ً لهثة وراء كسب الناس‪ ،‬فإن لم‬
‫ينصتوا إليها تقوقعت على نفسها واتهمت الخرين‪ .‬وفي الطريقة الحزبية‬
‫يقفز أنصاف المتعلمين ليبعدوا المؤسسين الوائل‪ ،‬ويتظاهرون بالحماس‬
‫الزائد للوصول إلى المناصب‪ ،‬وقد يكون خارج هذه الحلقات الضيقة من هو‬
‫قى وعلمًا‪ ،‬ولكن لنه لم يلتزم بالجماعة فل ُيستفاد منه‪ ،‬ويضغط‬ ‫أكثر ت ً‬
‫المتعالمون الذين يظنون أن بانتسابهم إلى الجماعة وتغنيهم بشعاراتها‬
‫وقراءة كتبها يرتفعون إلى درجة الفكر والمفكرين )ومن ملحظات علوم‬
‫الدارة في الشركات التي فقدت المرونة أن البتكارات تأتي غالبا ً من‬
‫دهم الشركة غير‬ ‫أشخاص ل يعملون في الشركة أو من أولئك الذين تع ّ‬
‫منضبطين بأنظمتها( )‪.(3‬‬
‫يقول شيخ السلم ابن تيمية‪) :‬ليس لحد أن يعلق الحمد والذم‪ ،‬والحب‬
‫والبغض‪ ،‬بغير السماء التي علق الله بها ذلك‪ ،‬فمن كان مؤمنا ً وجبت موالته‬
‫من أي صنف كان‪ ،‬ومن كان كافرا ً وجبت معاداته من أي صنف كان‪ ،‬والذي‬
‫يبني محبته وبغضه ومعاداته ونصرته على النتساب لسماء معينة أو مذهب‬
‫معين أو جماعة أو حرفة فهذا من أمور الجاهلية المفرقة بين المة()‪. (4‬‬
‫‪ -2‬القيادة‪:‬‬

‫‪85‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ربما ل يشك أحد بأن هناك مشكلة في القيادة‪ ،‬وربما يتذكر الدعاة والقراء‬
‫شعار مجلة الفتح لصاحبها محب الدين الخطيب رحمه الله )المسلمون إلى‬
‫ة‬
‫خير ولكن المشكلة في القيادة( فما جذور هذه المشكلة التي تظهر خاص ً‬
‫عندما يذهب المؤسس الول أو عندما يغيب عالم كبير؟‪ .‬إن غياب الممارسة‬
‫الحقيقية للشورى‪ ،‬وغياب الممارسة العملية للدارة والقيادة من قبل الصف‬
‫الثاني‪ ،‬وعدم التأسيس لهذا الجيل هو أحد هذه السباب‪ ،‬فالقيادة ليست‬
‫موهبة فقط‪ ،‬بل يمكن أن تأتي بالتعليم والممارسة مع وجود العناصر الخرى‬
‫الضرورية‪ .‬ومن السباب أن المجتمعات السلمية ‪-‬وبسبب تخلفها الحضاري‪-‬‬
‫ل تزال تحلم بالرجل الوحد والبطل الملهم الذي تتركز كل المور بيده‪،‬‬
‫وُيطلب منه أن يحل كل المشاكل‪ ،‬فمثل هذا الشخص ـ إن وجد ـ وأرضى‬
‫غرور الناس‪ ،‬ولكنه ل يستطيع في الواقع أن يقوم بشيء كبير‪.‬‬
‫إن القيادة عندما تتحمل العباء الكثيرة‪ ،‬ول يتهيأ لها العوامل المساعدة من‬
‫الفكاروالشياء‪ ،‬فربما تسير مرحلة وفترة معينة يكون فيها نشاط‪ ،‬وفيها‬
‫عمل وإنتاج‪ ،‬ولكنها ستتوقف بعدئذ ثم ينكفئ العاملون على أنفسهم‪ ،‬وتتحول‬
‫الهتمامات إلى شؤون أكاديمية بحتة‪.‬‬
‫والملحظ أنه ل يوجد في البرامج التربوية شيء من المقارنة والنقد‪ ،‬ول‬
‫توجد هذه الصلة العميقة بين القيادة والجيال الجديدة‪ ،‬ومن المؤسف أن‬
‫تجري المور على الشكل التالي‪:‬‬
‫الذي يتقرب من المسؤول أو على القل يسكت‪ ،‬فهو المرضي عنه ويصعد‬
‫إلى أعلى المسؤوليات‪ ،‬وأما الذي يناقش ويسأل فهو)مشاغب( غير منضبط‪،‬‬
‫ول يفهم السرية والعمل الحركي ويجب أن ُيفصل!!‬
‫ومن التأملت العميقة في طبيعة الجتماع النساني لمؤرخنا الكبير ابن‬
‫خلدون‪ ،‬أن بعض الدول بعد أن يستقر بها الحال تبدأ بإبعاد من شاركوا‬
‫وساهموا في التأسيس حتى ل يكون لهم مّنة وداّلة على الدولة‪ ،‬وتأتي بأناس‬
‫بعيدين ل حول لهم ول طول‪ ،‬ينفذون ما تريده الدولة‪ ،‬وبعض الجماعات تفعل‬
‫مثل هذا‪.‬‬
‫إن بعض القيادات ل يحبون الظهور العلني‪ ،‬ولكنهم يريدون التحكم في‬
‫الدعوة من وراء ستار‪ ،‬فيضعون واجهة ضعيفة هي القيادة في الظاهر وأمام‬
‫أعين الناس‪ ،‬وهكذا تفعل بعض الطغم العسكرية في البلد المتخلفة‪.‬‬
‫وفي كثير من الحيان كان المعيار في تفوق فلن ليكون قائدا ً وزعيما ً )مدى‬
‫الحياة( هو تفوقه في الخطابة‪ ،‬وعندما تكون المة في حالة تخّلف فإنها‬
‫تسحرها الكلمة الخلبة والصوت العالي‪.‬‬
‫‪-3‬المنهج‪:‬‬
‫لم تستطع الجماعات السلمية تطوير مدرسة تربوية واعية بتحديات العصر‬
‫ومشكلت الواقع‪ ،‬قادرة على إنزال )آيات الكتاب( على الواقع القائم‪ ،‬ولم‬
‫ل‪ ،‬وما قامت به من دروس علمية وتربية خاصة‬ ‫تبلور مشروعا ً نهضويا ً متكام ً‬
‫ليجاد الشباب الصالح‪ ،‬فهذا شيء ل ينكر بل يشكر‪ ،‬وهو عمل جيد‪ ،‬ولكنه ل‬
‫يكفي لمشروع كبير‪ ،‬وبعض الجماعات التزمت بالعموميات في المنهج‬
‫العلمي والعقدي حرصا ً على تجميع أكبر عدد من النصار‪ ،‬سواء كانت‬
‫أفكارهم صحيحة أم فيها انحراف عن المنهج القويم‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫‪86‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وبسبب الضطراب وعدم الوضوح في المنهج‪ ،‬دخل البعض في معارك‬


‫سياسية قبل أوانها‪ ،‬وكانت نتائجها وخيمة‪ ،‬وكانت ردة الفعل إما البتعاد كليا ً‬
‫عن الشؤون العامة أو الدخول بفكر وعقل ذرائعي ليس له حدود ول ضوابط‪.‬‬
‫ومازال العمل السلمي ومؤسساته يسيرون على نظرية )إذا صلح الفرد‬
‫صلحت المة( وهي مقولة ُتذكر وكأنها بديهية من البديهيات‪ ،‬وظاهرها صحيح‬
‫ولكن فيها تبسيط لقضية كبيرة‪ .‬وكانت نتيجة هذه النظرية أن وجد عدد غير‬
‫قليل من الفراد الصالحين‪ ،‬ولكن ليس لديهم فقه )بناء المم( فالبناء‬
‫المرصوص ليس حجارة‪ ،‬وإنما هو حجارة مصقولة مشدودة بالسمنت‬
‫والحديد‪ ،‬وحسب قوانين هندسية تتعلق بعمق الساس وسمك الجدار‪...‬‬
‫وهناك عوائق ومؤثرات ثقافية واجتماعية تعيق الفرد إذا لم يوضع ضمن‬
‫مشروع متكامل‪.‬‬
‫ومن الضطراب في المنهج رفع الشعارات الكبيرة التي يصعب تحقيقها في‬
‫الواقع وتحول الوسائل إلى غايات‪ ،‬فالجماعة بنظمها ومؤسساتها هي وسيلة‬
‫ولت إلى غاية يجب الحفاظ‬ ‫للعطاء‪ ،‬وخميرة للنهوض‪ ،‬ولكن هذه النظم تح ّ‬
‫عليها ولو بالنغلق عن المة‪ ،‬وعدم الستفادة مما عند الخرين‪ ،‬فكل شيء‬
‫يجب أن يقبل باسم )التنظيم( والمصلحة‪ .‬مع أن حفظ الدين والعقيدة أهم‬
‫من حفظ الجماعة وحفظ النفس والمال‪ ،‬والدليل قصة موسى عليه السلم‬
‫َ‬
‫ن(‬ ‫دي َ‬‫س ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫م ْ‬‫ل ال ْ ُ‬
‫سِبي َ‬‫ح وَل َ ت َت ّب ِعْ َ‬ ‫صل ِ ْ‬‫مي وَأ ْ‬ ‫فِني ِفي قَوْ ِ‬ ‫خل ُ ْ‬
‫حين قال لخيه هارون‪) :‬ا ْ‬
‫ولما رجع موسى عليه السلم وجد قومه يعبدون العجل‪ ،‬فقال مخاطبا ً هارون‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ل َيا اب ْ َ‬ ‫ري ؟ َقا َ‬ ‫م ِ‬ ‫تأ ْ‬ ‫ن‪ ،‬أفَعَ َ‬
‫صي ْ َ‬ ‫ضلوا أل ّ َت َت ّب ِعَ ِ‬ ‫م َ‬
‫ْ‬
‫من َعَ َ‬
‫ك إ ِذ ْ َرأي ْت َهُ ْ‬ ‫ما َ‬
‫عليه السلم‪َ ) :‬‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫ل‬‫سَراِئي َ‬ ‫ن ب َِني إ ِ ْ‬‫ت ب َي ْ َ‬‫ل فَّرقْ َ‬ ‫قو َ‬ ‫ت أن ت َ ُ‬ ‫شي ُ‬‫خ ِ‬‫سي إ ِّني َ‬ ‫خذ ْ ب ِل ِ ْ‬
‫حي َِتي َول ب َِرأ ِ‬ ‫م ل ت َأ ُ‬ ‫أ ّ‬
‫ب قَوِْلي ( ]طه‪.[94-92 :‬‬ ‫م ت َْرقُ ْ‬‫وَل َ ْ‬
‫قال الشيخ الطاهر بن عاشور‪) :‬هذا اجتهاد من هارون في سياسة المة؛ إذ‬
‫تعارضت عنده مصلحتان‪ :‬مصلحة حفظ العقيدة ومصلحة حفظ الجماعة من‬
‫الهرج‪ ،‬وحفظ النفس والموال فرجح الثانية‪ ،‬وكان اجتهاده مرجوحًا‪ ،‬لن‬
‫حفظ الصل الصيل للشريعة أهم من حفظ الصول المتفرعة‪ ،‬لن مصلحة‬
‫صلح العتقاد هي أم المصالح التي بها صلح الجتماع‪.(5) (.....‬‬
‫ومن الضطراب في المنهج أو النقص فيه‪ ،‬ما ُيلحظ من معالجة أعراض‬
‫المرض وعدم معالجة جذوره‪ ،‬فالوعظ والرشاد يتجه دائما ً إلى مشاكل‬
‫سطحية تظهر في تصرفات أفراد المجتمع‪ ،‬ولكن ل ُينظر إلى السباب‬
‫العميقة التي أوصلت المجتمع إلى هذه المشاكل أوهذا التفلت الخلقي‪.‬‬
‫بعض التجمعات السلمية الصغيرة تمثل حالة اغتراب وانسحاب من الواقع‬
‫ربما لن المجتمعات السلمية مصابة بحالة )الشح( العلمي أو الخيري‪.‬‬
‫‪-4‬التجدد‪:‬‬
‫من أخطر المور التي تواجه المجتمعات أو الجماعات أن يسيطر الجمود‬
‫الذهني عليها؛ فل تعود هذه الجماعات عندها القابلية للتجدد والتحسين‪،‬‬
‫عندها تسيطر مقولت وقوالب ل تناسب الواقع‪ ،‬أوتسيطر عادات وتقاليد‬
‫يصعب تركها‪ .‬والنهوض الحضاري ل بد له من قدرة على تحقيق التوازن بين‬
‫الثوابت والمتغيرات‪ ،‬وإل فقدت الجماعة المرونة والحيوية‪ .‬أعرف أناسا ً‬
‫ددون كلم مؤسسي الدعوة أو بعض المفكرين الذين عاشوا قبل عقود من‬ ‫ير ّ‬
‫الزمن‪ ،‬وكأن كلمهم منزل‪ ،‬ويبدو من حال هذا الذي يرّدد كلمهم أنه لم يقرأ‬
‫سع من‬ ‫شيئا ً جديدا ً منذ عشرين سنة‪ ،‬ولم يطلع على فكرٍ أوعلم‪ ،‬ولم يو ّ‬
‫ثقافته أو يمارس عملية النفصال والتصال‪ ،‬النفصال عن مفاهيم وأشكال‬
‫وأطر وتنظيمات عفا عليها الزمن‪ ،‬واتصال بالثوابت والعلم والمستجدات‬

‫‪87‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وكيفية بناء المم‪ .‬فهناك تحديات كبيرة ل ينفع معها اللجوء إلى النظم‬
‫والهياكل التي ل تصلح للعمل من خللها‪ .‬وهذا ل يعني أنه لم يقع تجديد أبدا‪ً،‬‬
‫بل كانت محاولت ولكنها جزئية‪ ،‬ولم تستطع التجدد المتكامل‪ ،‬ولذلك نرى‬
‫ونسمع بين كل فترةٍ وأخرى انسحاب مفكر أو مثقف من الجماعة الفلنية‬
‫لن طبيعة تكوينها ونظمها ل تساعد في ـ الغالب ـ على استيعاب أهل الفكر‬
‫والعلم‪ ،‬ول تساعد على تهيئة كل الجواء المناسبة لداء دورهم‪ ،‬وهكذا تخسر‬
‫الجماعات صفوة المجتمع‪ .‬ومن العجيب أن بعض هذه الجماعات تستمر في‬
‫التعّيش على سمعة هؤلء المفكرين أو العلماء‪ ،‬وفي الوقت نفسه تحذر‬
‫أعضاءها من أفكارهم وقراءة كتبهم!‬
‫ربما كان استمرار بعض هذه الجماعات يعود إلى أنها تسير بالدفعة الولى‪،‬‬
‫فعندما يكون المؤسس قويا ً ومخلصا ً يعطي العمل دفعة قوية‪ ،‬ولكنها مع‬
‫اليام تضعف وتهرم بسبب عدم التجدد‪.‬‬
‫إن تطلعات المسلمين وحركة التاريخ ل تنتظر أمثال هؤلء )المحنطين( الذين‬
‫ت معينة من الزمن الماضي‪.‬‬ ‫يعيشون على أمجاد فترا ٍ‬
‫‪-5‬عندما تكون النتائج ضعيفة‬

‫)‪(3 /‬‬

‫رغم الجهود الكبيرة التي ُبذلت وُتبذل خلل عقود من الزمن‪ ،‬فل بد أن في‬
‫المر شيئًا‪ ،‬لبد من وجود خلل ما في الوسائل أو المراحل‪ ،‬وأما مقولة نحن‬
‫ة نفسية لرضاء الذات‪،‬‬ ‫عملنا وليس من الضروري أن تقع النتائج‪ ،‬فهذه حيل ٌ‬
‫لن الله سبحانه وتعالى وعد بالنصر والتمكين للذين ينصرونه‪ ،‬وربما يؤجل‬
‫هذا النصر لسباب‪ ،‬وربما تكون هزائم وانتصارات‪ ،‬أما أل ّ يكون هناك‬
‫انتصارات‪ ،‬فهذا يحتاج إلى مراجعة شاملة وصريحة‪ ،‬للمنهج وطرق التربية‪،‬‬
‫ومراجعة شاملة لصدق النوايا وأعمال القلوب والخلق المطلوبة‪.‬‬
‫ماذا نريد؟!‬
‫بعد هذا الجمود أو الفتور الذي نلحظه‪ ،‬وشعور الجميع بأنه ل أحد يستطيع‬
‫وحده أن يقوم بالمهمة الكبرى‪ ،‬أل يجب أن ننتقل إلى مرحلة أقوى وأكبر؟‬
‫صنعت‪ ،‬وهذه الجدران العالية التي ُبنيت‪،‬‬ ‫مرحلة ُتزال فيها هذه السدود التي ُ‬
‫ويتحول العمل السلمي إلى تيار يعتمد على مؤسسات ذات خبرة فقهية‬
‫وثقافية وسياسية واقتصادية‪ .‬يشارك هذا التيار في صنع الحداث‪ ،‬حتى ل‬
‫ُينظر إلى المسلمين على أنهم من المستضعفين الذين تفكر كل جهة حاقدة‬
‫في تحجيمهم وضربهم‪.‬‬
‫لماذا ل يتحول العمل السلمي إلى تيارشعبي‪ ،‬الكل يحمل هم السلم‪ ،‬حتى‬
‫ل تبقى الدولة جسما ً منفصل ً عن المة‪ ،‬جسما ً يشعر الفرد ازاءها وكأنه ذرة‬
‫رمل تطحنها آلة جبارة؟!‬
‫إن العلقة بين الجماعة والمة هي كالعلقة بين الشجرة والتربة‪ ،‬وانقطاع‬
‫الصلة بينهما سيكون من بعده اليبوسة‪ ،‬قلت لحد الخوة وكان يكلمني عن‬
‫ضعف الموارد المالية عند الجماعات‪ ،‬قلت له‪ :‬عندنا ثروة بشرية‪ .‬لماذا ل‬
‫نسخرها في سبيل الهداف السامية التي نحملها؟ عندنا شباب ذكي متعلم‪،‬‬
‫أينما توجهه يأت بخير‪ .‬لماذا ل ندفع هؤلء الشباب لخوض معركة الحياة ؟‬
‫معركة الحق والباطل‪ ،‬ففي هذا العصر الذي تطرح فيه مسالة )العولمة(‪ ،‬ل‬
‫بد أن تكون المبادرات كبيرة وغير مبعثرة‪ .‬يقول المفكر الجزائري مالك بن‬
‫نبي‪" :‬إن رجل الشعب يمارس الفكار بقلبه وعقله معًا‪ ،‬بينما ل يقرأ‬

‫‪88‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)المثقف( عندنا إل بعقله‪ ،‬فرجل الشعب يتمتع بالبداهة الصادقة" )‪.(6‬‬


‫ويلحظ أحد المفكرين أن "الجماعات عاملت المجتمع السلمي على أنه‬
‫ق للخطاب النهضوي‪ ،‬ولم ُيعامل على أنه يمكن أن يكون فاعل ً في التعبئة‬ ‫متل ٍ‬
‫لذلك الخطاب‪ .(7)"..‬ويرى الشيخ طاهر الجزائري "أنه ل بد من تثقيف‬
‫ة إذا‬‫)العامة(؛ لنهم برأيه أطوع للحق من كثير من المنتفعين بالدين‪ ،‬خاص ً‬
‫تتبع المصلح الحكمة في دعوتهم وأعطاهم من العلم ما تطيقه عقولهم‪.‬‬
‫عندما يعطي تصرف الجماعة انطباعا ً بأنها هي المسؤولة عن السلم‪ ،‬فهذا‬
‫يجعل بقية المسلمين يركنون إلى شيٍء من الراحة والكسل وعدم تحمل‬
‫المسؤولية‪ ،‬ومن المور التي تساعد على تشكيل هذا التيار العريض‪:‬‬
‫‪ -1‬الهتمام بالجمعيات والمؤسسات المدنية بشتى أنواعها سواء أكانت‬
‫خيرية أو علمية أو اجتماعية أو اقتصادية‪ ،‬فهذه كلها قوى للوطن وللمة‬
‫ومنابع حياة لها‪.‬‬
‫‪ -2‬الستفادة من الكيان القبلي كمؤسسة اجتماعية فطرية‪ :‬والسلم كما هو‬
‫شده ودمجه في نطاق المة‪ ،‬وطّهره‬ ‫طم التنظيم القبلي‪ ،‬بل ر ّ‬ ‫معلوم‪ ،‬لم يح ّ‬
‫من المفاهيم الجاهلية‪) .‬والجماعات السلمية لم تستفد من هذا الكيان‪ ،‬ربما‬
‫للشعارات الكبيرة التي رفعتها )الوحدة السلمية‪ (..‬أو كرد فعل على‬
‫الدعوات القومية( )‪.(8‬‬
‫‪ -3‬جمعيات العلماء‪:‬‬
‫وهم أهل العلم والخبرة الذين ينظرون في مصالح المسلمين ويصدرون عن‬
‫تشاور‪ ،‬وهم يجتهدون في النوازل المعاصرة‪ ،‬حتى ل تتحول الجتهادات‬
‫الفردية إلى فوضى علمية‪ ،‬فالخلفات بين أولي اللباب مهما اشتدت تظل‬
‫محكومة بأخلق أهل العلم وتسامحهم بينما نجد في العقلية الحزبية إذا ما‬
‫حصل خلف فإن الكبار يوجهون الصغار لممارسة أبشع ألوان الذى والضرر‬
‫للخصوم‪ ،‬مع تتبع العورات‪ ،‬وتفجر المؤامرات داخل الجماعة الواحدة‪ .‬ل بد‬
‫للمسلمين من هيئة تنظر في أمورهم‪ ،‬مع علمنا أنه ليس أحد ٌ بعد الرسول‬
‫دعي له العصمة‪ ،‬ولكن في عمل المؤسسة‬ ‫‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬من ي ّ‬
‫يحصل النقاش وتبادل الراء‪ ،‬وفي النظام الحزبي ل أحد يناقش أفكار‬
‫ة‬ ‫َ‬
‫ل فِْرق ٍ‬ ‫من ك ُ ّ‬ ‫فَر ِ‬ ‫الزعيم‪ ،‬والقرآن الكريم يوجه لهذه المكانة لهؤلء‪) :‬فَل َوْل َ ن َ َ‬
‫م‬‫م ل َعَل ّهُ ْ‬‫جُعوا ْ إ ِل َي ْهِ ْ‬ ‫م إ َِذا َر َ‬ ‫ن وَل ُِينذُِروا ْ قَوْ َ‬
‫مهُ ْ‬ ‫قُهوا ْ ِفي ال ّ‬
‫دي ِ‬ ‫ة ل ّي َت َ َ‬
‫ف ّ‬ ‫ف ٌ‬ ‫م َ‬
‫طآئ ِ َ‬ ‫من ْهُ ْ‬
‫ّ‬
‫ن ))‪ . (122‬والمة إذا فقدت قيادتها الربانية فإنها تتعرض لشياطين‬ ‫رو‬ ‫َ‬
‫يَ ْ ُ َ‬‫ذ‬ ‫ح‬
‫النس ليجتالوها عن عقيدتها وهويتها‪ ،‬وإذا كان ل بد من تكامل بين أهل العلم‬
‫وأهل الثروة‪ ،‬فالقيادة يجب أن تكون لهل العلم‪.‬‬
‫‪ -4‬الهتمام بالثروة البشرية‪ :‬وخاصة )أولي اللباب( والذكياء من الشباب‬
‫الذين يطورون النظريات التربوية‪ ،‬ويقودون المؤسسات‪ ،‬وهكذا كان جيل‬
‫الصحابة‪ ،‬الذين أكرم الله بهم نبيه ‪-‬صلى الله عليه وسلم‪ -‬فقد كانوا أذكياء‬
‫نابهين عقلء‪ ،‬فلما جاء السلم كانوا كما قال تعالى‪) :‬نوٌر على نور( ‪.‬‬
‫________________________________________‬

‫)‪(4 /‬‬

‫‪ -1‬حدثني أحد الخوة الثقات أن أحد شيوخ هذه الجماعات طلب من القيادة‬
‫اجتماعا ً لبحث مشكلة كانت قد انتهت وانتهى أصحابها‪ ،‬فقال له شاب ‪ :‬يا‬
‫شيخ كأنك لم تقرأ في القرآن قصة سيدنا سليمان عليه السلم مع الجن ؟‬
‫‪ - 2‬الرسائل والمسائل ‪1/161‬‬

‫‪89‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ -‬بشير شكيب الجابري ‪ :‬القيادة والتغيير ‪53/‬‬ ‫‪3‬‬


‫‪ -‬الفتاوى‪ ،‬مجمل اعتقاد السلف ‪.3/342‬‬ ‫‪4‬‬
‫‪-‬انظر‪ :‬أحمد الريسوني )نظرية التقريب والتغليب( ‪. 381/‬‬ ‫‪5‬‬
‫‪ -‬في مهب المعركة ‪. 187/‬‬ ‫‪6‬‬
‫‪ -‬عبد المجيد النجار‪ :‬عوامل الشهود الحضاري ‪. 2/287‬‬ ‫‪7‬‬
‫‪ -‬المصدر السابق ‪.2/287‬‬ ‫‪8‬‬

‫)‪(5 /‬‬

‫ما حكم تأجير جزء من المسجد؟‬


‫المجيب ‪ ...‬أ‪.‬د‪ .‬سعود بن عبدالله الفنيسان‬
‫عميد كلية الشريعة بجامعة المام محمد بن سعود السلمية سابقا ً‬
‫التصنيف ‪ ...‬الفهرسة‪ /‬المعاملت‪/‬الجارة والجعالة‬
‫التاريخ ‪15/12/1422 ...‬‬
‫السؤال‬
‫ً‬
‫في ألبانيا لدينا مسجد اشترى أحد المحسنين من السعودية أرضا بجانبه‪،‬‬
‫وأدخلها في أرض المسجد‪ ،‬والن المام يرغب أن يفتح في جزء منه محل ً‬
‫ويؤجره على أحد الخوة الذين ل يبيعون أشياء محرمة‪ ،‬ويستفيدون من‬
‫اليجار في إصلحات‪ ،‬أو نظافة المسجد‪ ،‬وغير ذلك‪ ،‬فهل هذا العمل جائز ؟‬
‫الجواب‬
‫إذا كان ذلك الجزء الذي بجانب المسجد ل يحتاج إليه المصلون في الجمع‬
‫والعياد والمناسبات السلمية فل بأس بتأجيره متجرا ً يصرف ريعه على‬
‫المسجد في فرشه ونظافته وصيانته وكل ما يحتاجه‪ ،‬ويشترط أن ل يباع فيه‬
‫شيء من المحرمات الشرعية‪ ،‬وينبغي أن يسجل هذا ويقيد بدائرة يعتاد‬
‫تسجيل الوقاف فيها عادة كالوقاف‪ ،‬أو البلدية‪ ،‬أو الجمعية والمركز‬
‫السلمي ‪.‬‬
‫ً‬
‫وعليه فإن فعل المام والحالة هذه جائز شرعا ومأجور عليه – إن شاء الله ‪-‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ما خاب من استشار‬


‫‪30/7/1426‬‬
‫أ‪ .‬د ‪.‬ناصر بن سليمان العمر‬
‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬والصلة والسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه‬
‫أجمعين‪.‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫ننتقل لمشهد آخر من مشاهد قصة يوسف _عليه السلم_‪ ،‬ونقف مع قوله‬
‫جي ًّا"‪ .‬كلمة استيأسوا تدل على أن‬ ‫َ‬
‫خل َ ُ‬
‫صوا ن َ ِ‬ ‫ه َ‬‫من ْ ُ‬‫سوا ِ‬‫ست َي ْأ ُ‬ ‫_تعالى_‪" :‬فَل َ ّ‬
‫ما ا ْ‬
‫مواقف يوسف _عليه السلم_ كانت مواقف حازمة‪ .‬هذا النبي‪ ،‬هذا العزيز‪،‬‬
‫هذا الكريم الرقيق اللطيف‪ ،‬ل يفرط في جنب الله أبدًا‪ .‬بهذا ُتملك القلوب‪.‬‬
‫جي ًّا" وهذا دليل على أن النجوى مشروعة إذا كانت لمصلحة ول تضر‬ ‫صوا ن َ ِ‬ ‫خل َ ُ‬
‫" َ‬
‫بالصالح العام ‪ .‬تناجوا لينظروا ما هم فاعلون‪ .‬فتحدث كبيرهم‪ ،‬وهو أكبرهم‬
‫قت ُُلوا‬
‫سنا ً أو رئيسهم أو أعقلهم‪ ،‬وربما يكون هو الذي قال لهم من قبل‪" :‬ل ت َ ْ‬
‫ب" )يوسف‪ :‬من الية ‪ ،(10‬كل هذا محتمل‪،‬‬ ‫ج ّ‬ ‫ت ال ْ ُ‬
‫قوه ُ ِفي غََياب َ ِ‬ ‫ف وَأ َل ْ ُ‬
‫س َ‬‫ُيو ُ‬

‫‪90‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وقد يكون فعل ً هو أكبرهم سنا ً وأعقلهم وهو رئيسهم‪ ،‬ويجوز أن يكون‬
‫المقصود بكبيرهم أنه صاحب المر والنهي فيهم‪ ،‬وهو القرب‪ ،‬المهم أن له‬
‫شأنًا‪ ،‬وكلمته مسموعة ورأيه مسدد‪ ،‬وقبل أن نقول‪ :‬ماذا قال نقف مع فائدة‬
‫وهي أهمية التشاور‪.‬‬
‫الشورى سبب من أسباب السداد‪ ،‬ولذلك قال الشاعر‪:‬‬
‫شاور سواك إذا نابتك نائبة يوما ً وإن كنت من أهل المشورات‬
‫سليمان _عليه السلم_ يسمع من نملة‪ ،‬ومن هدهد‪ .‬هدهد يقول لسليمان‬
‫ح ْ‬ ‫َ‬
‫ه" )النمل‪ :‬من‬ ‫ط بِ ِ‬ ‫م تُ ِ‬‫ما ل َ ْ‬
‫ت بِ َ‬ ‫حط ْ ُ‬ ‫الذي جمع الله له بين الملك والنبوة‪":‬أ َ‬
‫الية ‪ ،(22‬هل قطع سليمان رأسه؟ ل‪ ،‬وإنما قال‪ :‬أثبت‪ ،‬أعطني برهانا ً على‬
‫ما تقول‪ ،‬وإل ستعاقب‪ ،‬فالمسألة ليس دعوى لكنه لم يرّده ابتداًء‪ ،‬فما الذي‬
‫حدث؟ ثبت أن ما قاله الهدهد صحيح‪ ،‬فعل ً ثبت أنه أحاط بما لم يحط به‬
‫سليمان _عليه السلم_‪ ،‬ووجد مملكة لم يعلمها سليمان‪ ،‬فلما أخذ سليمان‬
‫_عليه السلم_ برأي الهدهد كان سببا ً ‪.‬‬
‫َ‬
‫ع‬
‫م َ‬‫ت َ‬
‫م ُ‬‫سل َ ْ‬
‫لنجاة مملكة ولدخولها في دين الله‪ ،‬وفي ملك سليمان "وَأ ْ‬
‫ن" )النمل‪ :‬من الية ‪.(44‬‬ ‫مي َ‬ ‫ب ال َْعال َ ِ‬ ‫ن ل ِل ّهِ َر ّ‬ ‫ما َ‬‫سل َي ْ َ‬‫ُ‬
‫بلقيس ملكة سبأ لما جاءتها رسالة سليمان وهي كافرة في ذلك الوقت‬
‫وأسلمت بعد ذلك كما في سورة النمل‪ ،‬ماذا فعلت؟ هل استبدت بالرأي مع‬
‫مرا ً‬ ‫أنها كافرة؟ كل‪ ،‬بل "َقال َت يا أ َيها ال ْمَل ُ أ َفْتوِني في أ َمري ما ك ُنت َقاطع ً َ‬
‫ةأ ْ‬ ‫ِ َ‬ ‫ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َّ‬
‫ن" )النمل‪ (32:‬فهي وإن لم تأخذ برأيهم لكنها تشاورت معهم‪،‬‬ ‫دو ِ‬ ‫شهَ ُ‬‫حّتى ت َ ْ‬ ‫َ‬
‫ع‬ ‫م‬
‫َ َ‬ ‫"‬ ‫وأسلمت‬ ‫الله‪،‬‬ ‫دين‬ ‫في‬ ‫دخلت‬ ‫ذلك‬ ‫من‬ ‫أعظم‬ ‫بل‬ ‫مملكتها‪،‬‬ ‫فسلمت‬
‫ن" )النمل‪ :‬من الية ‪.(44‬‬ ‫مي َ‬ ‫ب ال َْعال َ ِ‬ ‫ن ل ِل ّهِ َر ّ‬ ‫ما َ‬‫سل َي ْ َ‬ ‫ُ‬
‫الله _جل وعل_ يقول لمحمد – صلى الله عليه وسلم – وهو الذي ل يتصرف‬
‫َ‬
‫مر" )آل عمران‪ :‬من الية ‪،(159‬‬ ‫م ِفي اْل ْ‬ ‫شاوِْرهُ ْ‬ ‫إل بوحي؛ يقول له‪" :‬وَ َ‬
‫م" )الشورى‪ :‬من الية ‪.(38‬‬ ‫م ُ‬ ‫َ‬
‫شوَرى ب َي ْن َهُ ْ‬ ‫مُرهُ ْ‬ ‫ويقول‪" :‬وَأ ْ‬
‫وإخوة يوسف _عليه السلم_ كأن الشورى سجية بينهم وطبيعة حتى أصبحوا‬
‫يألفونها في كل شيء‪ .‬تشاوروا عندما أرادوا أن يأخذوا يوسف‪ ،‬وتشاوروا في‬
‫قصة بنيامين‪ ،‬بل حتى قريش كانت تفعل ذلك في دار الندوة‪.‬‬
‫فما بال بعض الدعاة يتجافون عن هذا المر؟ ما بال كثير من الحكام ل‬
‫يمارسون الشورى الحقيقية؟ نعم كل البلد السلمية فيها برلمانات‪ ،‬ومجلس‬
‫أمة ومجلس شعب ومجلس شورى‪ ،‬لكن هل تمارس الشورى الحقيقية؟‬
‫الحكام وأعضاء مجالس الشعب يعرفون قبل غيرهم هل تمارس الشورى‬
‫الحقيقية أم ل؟ نخلص من هذا إلى أن الشورى من سير العقلء سواء كانوا‬
‫من المسلمين أو من الكفار؛ لن الشورى توصل إلى الحقائق‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫شاِد" )غافر‪ :‬من‬ ‫ل الّر َ‬ ‫سِبي َ‬ ‫م إ ِّل َ‬ ‫ديك ُ ْ‬
‫ما أهْ ِ‬ ‫ما أَرى وَ َ‬ ‫م إ ِّل َ‬ ‫ما أِريك ُ ْ‬ ‫عقلية فرعون " َ‬
‫الية ‪ (29‬أدت إلى هلك فرعون‪ ،‬ودمار ملكه‪ ،‬وبعده عن الهدي النبوي‬
‫والشريعة اللهية ‪.‬عدم قبول الرأي الخر _أنا ل أقصد بالرأي الخر الرأي‬
‫المخالف للشرع كما يستخدم الن_ ربما كان سببا ً في الهلك‪ ،‬فالذين‬
‫يرفضون الشورى يسيئون إلى أنفسهم وإلى أهلهم وإلى بلدهم‪.‬‬
‫مارسوا الشورى يا أحبتي في بيوتكم‪ ،‬ل تتصوروا أن الشورى ل تمارس إل‬
‫على مستوى الحكام أو على مستوى الدول أو الوزارات‪ ،‬بل حتى في بيتك‬
‫شاور زوجك وأبناءك‪ ،‬اسمع من غيرك فإن وجدت خيرا ً فالتزمه ‪ ،‬وإن لم تجد‬
‫فالمر بيدك‪.‬‬
‫نسأل الله التوفيق لما يحب ويرضى‪ ،‬وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله‬
‫وصحبه أجمعين‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ما خلف كواليس‪ ..‬أكاديمية إبليس‪!!..‬‬


‫ندى عبد العزيز محمد اليوسفي‬
‫عاَدت وكانت مختفية ثلثة أيام‪ ،‬أخذت تتحدث بانتشاء عن رحلتها‪ ،‬وحضورها‬
‫جهَّز الستوديو للتصوير‪،‬‬ ‫العرض الخير لشيطان أكاديمي‪ ،‬تحدثت عن كيف ُ‬
‫وكيف ُأجِلسوا‪ ،‬وماذا لبست‪ ،‬وغير ذلك مما دار خلف الكواليس و خفي على‬
‫صديقاتها متابعات أكاديمية إبليس‪!!!!..‬‬
‫وبين ارتفاع الصوات بعبارات التهنئة على هذا الشرف الذي نالته‪ ،‬وليس‬
‫بعده شرف‪ ،‬كان ذلك الستقبال السطوري‪ ،‬للبطل الصنديد‪ ،‬والمجاهد‬
‫الرعديد‪ ،‬في صالة التشريفات‪ ،‬وبمائة ألف أو يزيدون‪ ،‬بالحضان والورود‬
‫ل ابني بلده ُ خير تمثيل(‪،!!!!..‬‬ ‫والدموع‪ ،‬ويهتف الب بفرح‪) :‬أحمد الله فقد مث ّ َ‬
‫فيت و وّفيت(‪!!!!..‬‬ ‫ويقول البطل بسعادة‪) :‬أحمد الله فقد ك ّ‬
‫ت الّرائي ينخر‬ ‫ُ‬
‫أتاِبع هذه المواقف وأقرأ عن ذلك الستقبال السطوري؛ وصو ُ‬
‫جة الستقبال والحتفال‪ ،‬يتلو نشرة الخبار‪،‬‬ ‫ُ‬
‫أذني‪ ،‬لم يتنّبه إليه أحد وسط ض ّ‬
‫يعلن أن المة ُتذبح من الوريد إلى الوريد‪ ،‬ويقرأ بيانا ً تلو بيان عن منازل‬
‫حر‪!!!!..‬‬ ‫فةٍ ُتن َ‬
‫ع ّ‬‫ل ُتوَأد‪ ،‬و ِ‬ ‫قعَدٍ ُيذَبح‪ ،‬وعقو ٍ‬ ‫م ْ‬
‫دم‪ ،‬ودماٍء تسيل‪ ،‬و ُ‬ ‫ته ّ‬
‫صب كما‬ ‫انتهى البرنامج كما انتهى سابقه سيء الذكر‪ ،‬سوبر شيطان‪ ،‬ون ّ‬
‫صب غيره؛ أبطال المة وشجعانها‪ ،‬من صمدوا و جاهدوا‬ ‫صب ومازال ين ّ‬ ‫ن ّ‬
‫وصبروا على كل ما لقوا‪ ،‬من أول التصفيات حتى النهائي‪ ،‬بكل بسالة‪،‬‬
‫ووقفت الجماهير العربية والمسلمة خلفهم‪ ،‬تعاضدهم برسائل الجوال‪،‬‬
‫والتصالت‪ ،‬وأعمدة الصحف‪ ،‬والعلنات‪ ،‬والدموع‪ ،‬بل والدعاء‪!!!!..‬‬
‫ن‬
‫ن كهذه الفتن‪ ،‬ول مح ٌ‬ ‫ن كهذا الزمان‪ ،‬ول فت ٌ‬ ‫لم يمر على المة السلمية زما ٌ‬
‫دت عليها الهجمة‪ ،‬وأغار عليها العدو‪،‬‬ ‫ومصائب كالتي نرى ونسمع‪ ،‬اشت ّ‬
‫واستوطن بقاعها‪ ،‬بّرا ً وجوّا ً وبحرا ً بل وقلبا ً وفكرًا‪!!!!..‬‬
‫ت بعضها فوق بعض‪ ،‬كلما انقضت طامة من الطوام جاء ما هو أشد‬ ‫ظلما ٌ‬
‫منها ألما ً و خطرا ً وانفتاحا ً وتحررا ً وتغريبا ً وتمييعا ً للدين‪!!!!..‬‬
‫مت للنفوذ للقطار‬ ‫العلم‪ ،‬أداة العدو المترّبص‪ ،‬الداة التي فُعَّلت واسُتخد َ‬
‫جه أصل ً لعدام شباب هذه‬ ‫التي لم ي ََتسّنى احتللها عسكريا ً للن‪ ،‬إعلم وُ ّ‬
‫المّلة‪ ،‬بعد أن فشلت كل الطرق؛ احتلوا العقول والعيون والقلوب واللسن‬
‫ل عسكري‪ ،‬وأكثر عمل ً و تدميرا ً وإيلمًا‪،‬‬ ‫احتلل ً أعظم من ألف ألف احتل ٍ‬
‫والله المستعان‪!!!!..‬‬
‫العلم‪ ،‬أصبح أخبث ما يكون‪ ،‬يتابع بدّقة أدقّ الدقائق في حياة أقل القوم‬
‫خم صورهم وأخبارهم وخلفاتهم‬ ‫وأوضعهم في ميزان الخلق والعطاء‪ُ ،‬تض ّ‬
‫ورون على أنهم الصورة‬ ‫وانجازاتهم وحتى أفضل مآكلهم و مشاربهم‪ ،‬يص ّ‬
‫المثالية للحياةِ النموذجية‪!!!!..‬‬
‫ظم الحوارات والبرامج المصفوفة والمزينة‬ ‫خبث ين ّ‬ ‫العلم‪ ،‬أخذ بكل ُ‬
‫والمنقوشة بكل دعوى إلى الخروج على المجتمع و أعرافه البائدة‪ ،‬وكأن‬
‫ف أكل عليه الدهر وشرب‪ ،‬وتراث مكانه المعارض والمهرجانات‬ ‫عر ٌ‬
‫الدين ُ‬
‫دات‪!!!!..‬‬ ‫وقصص الج ّ‬
‫وإن لم يكن هذا ول ذاك‪ ،‬فأخبث ما صنع على الطلق‪ ،‬رفع أهل البدعة‪،‬‬
‫وتقديمهم للجمهور‪ ،‬على أنهم الرحمة المهداة‪ ،‬وأصحاب المنَهج الحق‪ ،‬ونشر‬
‫خزعبلتهم وعرض طوامهم ومشاّداتهم‪!!!!..‬‬
‫فت إليه‬ ‫ذر أن متابعة الخبار‪ ،‬والحداث أول ً بأول‪ ،‬هي ما تلت َ ِ‬ ‫ذر من تع ّ‬‫تع ّ‬

‫‪92‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫جة أعجب من‬ ‫تح ّ‬ ‫أنفسهم‪ ،‬وأنهم ل يولون اهتماما ً بما عدى ذلك‪ ،‬وما رأي ُ‬
‫م متابعة الخبر لحظة‬ ‫ن صّناع قرار حتى تحمل النفس ه ّ‬ ‫هذه‪ ،‬فهل نح ُ‬
‫بلحظة‪..‬؟!!‪ ،‬وهل نملك أن نغّير من الحال شيء؟!!‪ ،‬وهل ملك صّناع القرار‬
‫أنفسهم تغيير شيء‪..‬؟!!‪ ،‬وكيف تحتمل النفس مشاهدة مناظر القهر والبادة‬
‫طع السباب‬ ‫م وعيش مع ضعف الحيلة وتق ّ‬ ‫ليل نهار‪..‬؟!!‪ ،‬وكيف يهنأ لها نو ٌ‬
‫دون الوسيلة‪..‬؟!!‬
‫أما الفتاة فهل تتابع الخبار‪..‬؟!!‪ ،‬أم آخر التحليلت السياسية‪..‬؟!!‪ ،‬أم في‬
‫أحسن الحوال تتابع برنامجا ً عن العجاز العلمي و خفايا الطب‪..‬؟!!!!‪ ،‬إنها‬
‫مر أمام ‪ 500‬قناة في غرفة مغلقة‪ ،‬تتقلب بين هذه القمامة وتلك‪،‬‬ ‫تتس ّ‬
‫تراقب تمايل هذه‪ ،‬وتقبيل ذاك‪ ،‬وتراُقص تلك‪ ،!!!!..‬ويمضي بها الوقت‪،‬‬
‫وتحتار ماذا تصنع بهذه النفس‪ ،‬تخرج إلى السواق وتغوص في بحار النت‪،‬‬
‫ما في الّنفس‪!!!!..‬‬ ‫فس ع ّ‬ ‫تبحث عن قشة تتعلق بها‪ ،‬ت ُن َ ّ‬
‫َ‬
‫لست ألوم العدو المترّبص‪ ،‬ول أمتدح ذكاؤه ومعرفته من أين ُتؤكل الكتف؛‬
‫ب ودب‪ ،‬ألوم‬ ‫وإنما ألوم من جعل من نفسهم إناًء بل قمامة تستقبل كلما ه ّ‬
‫قذاه‪!!!!..‬‬ ‫من ِ‬
‫من جلب هذا البلء لنفسه وداره‪ ،‬ويستصرخ اليوم‪ :‬وااااا ُ‬
‫قبل سنوات كان أئمة المساجد والعلماء يستصرخون‪ ،‬ينادون‪ ،‬يحذرون‪ ،‬من‬
‫هذه الطباق الفضائية‪ ،‬ولقت الدعوى حينها تسفيها ً من البعض واستخفافا‪،‬‬
‫واليوم هم من يدفع الثمن بشهادتهم‪ ،‬فأطفال المس‪ ،‬أصبحوا كبارا ً اليوم‪ ،‬و‬
‫مل َِئت بطونهم من‬ ‫غهم بالعفن و ُ‬ ‫ل فرا ُ‬
‫شغِ َ‬
‫ضاعت القيم‪ ،‬وتثبطت الهمم‪ ،‬و ُ‬
‫الن َّهم‪!!!!..‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫طل قدراته‪ ،‬وشغل تفكيره‪ ،‬وأضاع أوقاته‪،‬‬ ‫لن يغفر الجيل الجديد أبدا ً لمن ع ّ‬
‫ولكن عندما يستيقظ من سكرته ويتنّبه لحاضره ويعرف عدّوه‪ ،!!!!..‬وحتى‬
‫ذلك الحين فبين بعض أبناء المة والوعي بالعدو الفضائي مسافات‪ ،‬خاصة مع‬
‫ل بعض بني جلدتنا‪،‬‬ ‫فيه‪ ،‬وتكلمه بألسنتنا ودعمه ماديا ً ومعنويا ً من قِب َ ِ‬‫تخ ّ‬
‫وإلباسه الباطل الن ِّتن لباس الحقّ الفاتن‪!!!!..‬‬
‫ولن ينفع مع هذه الداة العلمية القوية‪ ،‬والتي سخرت كل شيء لخدمة‬
‫ل َيسُهل معه استيطان عقولهم‬ ‫أهدافها‪ ،‬وإعادة صياغة جيل أمة السلم بشك ٍ‬
‫جهة ومضاّدة لهذه‬ ‫وأفئدتهم قبل أراضيهم؛ إل أداة إعلمية قوية أخرى مو ّ‬
‫الهجمة الشرسة‪ ،‬تكتسحهم اكتساحًا‪ ،‬وتبعثر أوراقهم‪ ،‬وتكشف خططهم‪،‬‬
‫وتفضح عداءهم‪!!!!..‬‬
‫لكن للسف‪ ،‬وبما أننا أمة صادق القول‪ ،‬وعظيم الفعل‪ ،‬فما إن خرجت‬
‫جهة دعويا ً وإسلميًا‪ ،‬تفعل ما تستطيع لستقطاب‬ ‫مؤسسة إعلمية هادفة مو ّ‬
‫البداعات العدادية والخراجية و عباقرة صّناع العلم الهادف‪ ،‬حتى تناولتها‬
‫ت هي أحوج ما تكون فيه للدعم المعنوي‬ ‫ة بالهجوم والتبديع‪ ،!!!!..‬في وق ٍ‬ ‫فئ ٌ‬
‫والمادي‪ ،!!!!..‬واستكثر البعض عليها ريال ً ونصف في اليوم يدعم مسيرتها‪،‬‬
‫فن‪،!!!!..‬‬ ‫مليء بهِ الفضاء من ع َ َ‬ ‫ويعّزز جهودها‪ ،‬ويعينها على مزاحمة ما ُ‬
‫منتظرين أن تمد ّ لها إعلنات الشامبو الماجنة والفوط النسائية المقّززة يد‬
‫الدعم والمؤازرة‪!!!!!..‬‬
‫بيدنا أن نصنع أعظم أداة إعلمية نقية هادفة‪ ،‬بيدنا أن نخرج لمخاطبة العالم‬
‫جه‪ ،‬ولكن‬ ‫أجمع بصورة إعلمية جميلة‪ ،‬متوازنة‪ ،‬سليمة المنهج‪ ،‬إسلمية التو ّ‬
‫خُلصت لله النيات‪ ،‬و رّبينا النفوس على الصبر‪،‬‬ ‫متى ما اّتحدت الجهود و َ‬

‫‪93‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫كم أعمالكم(‪!!!!..‬‬ ‫كلنا على الله‪ ) ،‬ولن ي َت َِر ُ‬ ‫وتو ّ‬


‫حدنا الخطاب الدعوي‪ ،‬و نسينا حظوظ النفس‪ ،‬و‬ ‫سُنفِلح بإذن الله إذا و ّ‬
‫تسامينا عن الخلفات الشخصية‪ ،‬والمشاّدات الكلمية‪ ،‬والهجوم والخذ والرد ّ‬
‫ه في الصميم‪ ،‬حينما انشغل به البعض‬ ‫الذي ما ضّر إل خطابنا الدعوي‪ ،‬وطعن ُ‬
‫عن العمل الجاد ّ لهذا الدين‪ ،‬واهتزت بذلك صورته عند البعض‪ ،‬والله‬
‫المستعان‪!!!!..‬‬
‫سُنفِلح بإذن الله إذا تولى الشراف على هذا الخطاب العلمي خيارنا‪ ،‬من‬ ‫ّ‬
‫رف عنه صحة‬ ‫لب العلم‪ ،‬والدعاة‪ ،‬ومن عُ ِ‬ ‫العلماء وأصحاب الفضيلة وط ّ‬
‫جه‪ ،‬وسلمة المنهج‪ ،‬وصفاء العقيدة‪ ،‬مما ُيكسب الخطاب المصداقية‬ ‫التو ّ‬
‫وة‪!!!!..‬‬
‫والق ّ‬
‫مينا في دواخلنا عّزة المسلم التي تدفعه‬ ‫سُنفِلح بإذن الله إذا وثقنا بقدراتنا ون ّ‬
‫ه على كل بّر وخير‪،‬‬ ‫مدة‪ ،‬وتسمو به إلى آفاق العّزة‪ ،‬و تحمل ُ‬ ‫لكل مح َ‬
‫ب‬‫واستغلل كل طاقاته في نشر كل فضيلة ومحاربة كل شّر ورذيلة‪ ،‬بخطا ٍ‬
‫جهات سليمة‪ ،‬وعقيدة صافية‪!!!!..‬‬ ‫ت ثابتة‪ ،‬وتو ّ‬ ‫مدروس ومنطلقا ٍ‬
‫جل‬ ‫ملنا في ذات الله ما نلقي‪ ،‬وصبرنا‪ ،‬ولم نستع ِ‬ ‫سُنفِلح بإذن الله إذا تح ّ‬
‫الثمرة‪ ،‬وتقّبلنا النقد مهما كان‪ ،‬وتعاملنا مع بإيجابية‪ ،‬تدفع العمل العلمي‬
‫السلمي نحو المام‪!!!!..‬‬
‫جها‪ ،‬و حاولنا أن نصل بها‬ ‫ومنا معو ّ‬ ‫سُنفِلح بإذن الله إذا قّيمنا أنفسنا‪ ،‬وق ّ‬
‫لعلى مراتب الكمال كما أراد لنا هذا الدين‪ ،‬وكّنا قدوة ً في أنفسنا وتعاملنا‬
‫وأخلقنا وسمتنا وعطائنا‪ ،‬تنطق إنجازاتنا‪ ،‬وينطق خطابنا بعظمة ومحاسن‬
‫هذا الدين‪ ،‬بكل واقعية‪ ،‬بكل شفافية‪ ،‬بكل إبداع‪ ،‬و عطاء‪ ،‬ل ينتظر شكرا ً من‬
‫أحد؛ إل من الواحد الحد‪!!!!..‬‬
‫سُنفِلح بإذن الله إذا أدرك صاحب القناة الفضائية السلمية والمجلة‬
‫السلمية والكتاب السلمي والكاتب السلمي والشريط السلمي‬
‫والمؤسسة السلمية جميعهم أنهم على ثغرٍ واحد‪ ،‬تتعاضد جهودهم‪ ،‬و يتعاون‬
‫أخيارهم‪ ،‬ويبحثون عن كل وسيلة لتطوير طريقة عرضهم‪ ،‬و ملحقة البداع‬
‫جههم وخطابهم‪ ،‬بما ليس فيه تمييع الدين ول ما ينتظره‬ ‫أّنى كان ليخدم تو ّ‬
‫قط القول وخطأ السلوب و الوسيلة‪!!!!..‬‬ ‫س ْ‬ ‫المتربصون من َ‬
‫هاهم يعلنون عن عرض شيطان أكاديمي إكسترا‪ ،!!!!..‬والجماهير السلمية‬
‫متَرّقب‪ ،‬وتستمر الحرب‬ ‫س ُ‬ ‫ب ومستنكر و آخر بفرٍح وحما ٍ‬ ‫ما بين شاج ٍ‬
‫العلمية‪ ،‬و تطيب النفس برؤية بعض أبناء المة المخلصين وسط هذا الغثاء‪،‬‬
‫ن يعملون‪ ،‬وعن البداع في الطرح يبحثون‪ ،‬وفي القلوب النقّية‬ ‫بإخلص وتفا ٍ‬
‫لفسائلهم الطيبة يغرسون‪ ،‬ببطء يسيرون‪ ،‬لكن على درب العزة هم‬
‫ة‬
‫م ُيخاطبون‪ ،‬للنقد بصدورٍ رحب ٍ‬ ‫سائرون‪ ،‬وبالحكمة والموعظة الحسنة العال َ‬
‫ما الظالمون‬ ‫كم أعمالكم‪ ،‬أ ّ‬ ‫متقّبلون‪ ،‬أقول لهم‪ :‬ل تحزنوا‪ ،‬الله معكم ولن ي َت َِر ُ‬
‫ب ينقلبون‪!!!!..‬‬ ‫فسيعلمون أيّ منقل ٍ‬

‫)‪(2 /‬‬

‫ما خلف كواليس‪ ..‬أكاديمية إبليس‪!!..‬‬


‫ندى عبد العزيز محمد اليوسفي‬
‫عاَدت وكانت مختفية ثلثة أيام‪ ،‬أخذت تتحدث بانتشاء عن رحلتها‪ ،‬وحضورها‬
‫جهَّز الستوديو للتصوير‪،‬‬
‫العرض الخير لشيطان أكاديمي‪ ،‬تحدثت عن كيف ُ‬
‫وكيف ُأجِلسوا‪ ،‬وماذا لبست‪ ،‬وغير ذلك مما دار خلف الكواليس و خفي على‬

‫‪94‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫صديقاتها متابعات أكاديمية إبليس‪!!!!..‬‬


‫وبين ارتفاع الصوات بعبارات التهنئة على هذا الشرف الذي نالته‪ ،‬وليس‬
‫بعده شرف‪ ،‬كان ذلك الستقبال السطوري‪ ،‬للبطل الصنديد‪ ،‬والمجاهد‬
‫الرعديد‪ ،‬في صالة التشريفات‪ ،‬وبمائة ألف أو يزيدون‪ ،‬بالحضان والورود‬
‫ل ابني بلده ُ خير تمثيل(‪،!!!!..‬‬ ‫والدموع‪ ،‬ويهتف الب بفرح‪) :‬أحمد الله فقد مث ّ َ‬
‫فيت و وّفيت(‪!!!!..‬‬ ‫ويقول البطل بسعادة‪) :‬أحمد الله فقد ك ّ‬
‫ت الّرائي ينخر‬ ‫ُ‬
‫أتاِبع هذه المواقف وأقرأ عن ذلك الستقبال السطوري؛ وصو ُ‬
‫جة الستقبال والحتفال‪ ،‬يتلو نشرة الخبار‪،‬‬ ‫ُ‬
‫أذني‪ ،‬لم يتنّبه إليه أحد وسط ض ّ‬
‫يعلن أن المة ُتذبح من الوريد إلى الوريد‪ ،‬ويقرأ بيانا ً تلو بيان عن منازل‬
‫حر‪!!!!..‬‬ ‫فةٍ ُتن َ‬
‫ع ّ‬‫ل ُتوَأد‪ ،‬و ِ‬ ‫قعَدٍ ُيذَبح‪ ،‬وعقو ٍ‬ ‫م ْ‬
‫دم‪ ،‬ودماٍء تسيل‪ ،‬و ُ‬ ‫ته ّ‬
‫صب كما‬ ‫انتهى البرنامج كما انتهى سابقه سيء الذكر‪ ،‬سوبر شيطان‪ ،‬ون ّ‬
‫صب غيره؛ أبطال المة وشجعانها‪ ،‬من صمدوا و جاهدوا‬ ‫صب ومازال ين ّ‬ ‫ن ّ‬
‫وصبروا على كل ما لقوا‪ ،‬من أول التصفيات حتى النهائي‪ ،‬بكل بسالة‪،‬‬
‫ووقفت الجماهير العربية والمسلمة خلفهم‪ ،‬تعاضدهم برسائل الجوال‪،‬‬
‫والتصالت‪ ،‬وأعمدة الصحف‪ ،‬والعلنات‪ ،‬والدموع‪ ،‬بل والدعاء‪!!!!..‬‬
‫ن‬
‫ن كهذه الفتن‪ ،‬ول مح ٌ‬ ‫ن كهذا الزمان‪ ،‬ول فت ٌ‬ ‫لم يمر على المة السلمية زما ٌ‬
‫دت عليها الهجمة‪ ،‬وأغار عليها العدو‪،‬‬ ‫ومصائب كالتي نرى ونسمع‪ ،‬اشت ّ‬
‫واستوطن بقاعها‪ ،‬بّرا ً وجوّا ً وبحرا ً بل وقلبا ً وفكرًا‪!!!!..‬‬
‫ت بعضها فوق بعض‪ ،‬كلما انقضت طامة من الطوام جاء ما هو أشد‬ ‫ظلما ٌ‬
‫منها ألما ً و خطرا ً وانفتاحا ً وتحررا ً وتغريبا ً وتمييعا ً للدين‪!!!!..‬‬
‫مت للنفوذ للقطار‬ ‫العلم‪ ،‬أداة العدو المترّبص‪ ،‬الداة التي فُعَّلت واسُتخد َ‬
‫جه أصل ً لعدام شباب هذه‬ ‫التي لم ي ََتسّنى احتللها عسكريا ً للن‪ ،‬إعلم وُ ّ‬
‫المّلة‪ ،‬بعد أن فشلت كل الطرق؛ احتلوا العقول والعيون والقلوب واللسن‬
‫ل عسكري‪ ،‬وأكثر عمل ً و تدميرا ً وإيلمًا‪،‬‬ ‫احتلل ً أعظم من ألف ألف احتل ٍ‬
‫والله المستعان‪!!!!..‬‬
‫العلم‪ ،‬أصبح أخبث ما يكون‪ ،‬يتابع بدّقة أدقّ الدقائق في حياة أقل القوم‬
‫خم صورهم وأخبارهم وخلفاتهم‬ ‫وأوضعهم في ميزان الخلق والعطاء‪ُ ،‬تض ّ‬
‫ورون على أنهم الصورة‬ ‫وانجازاتهم وحتى أفضل مآكلهم و مشاربهم‪ ،‬يص ّ‬
‫المثالية للحياةِ النموذجية‪!!!!..‬‬
‫ظم الحوارات والبرامج المصفوفة والمزينة‬ ‫خبث ين ّ‬ ‫العلم‪ ،‬أخذ بكل ُ‬
‫والمنقوشة بكل دعوى إلى الخروج على المجتمع و أعرافه البائدة‪ ،‬وكأن‬
‫ف أكل عليه الدهر وشرب‪ ،‬وتراث مكانه المعارض والمهرجانات‬ ‫عر ٌ‬
‫الدين ُ‬
‫دات‪!!!!..‬‬ ‫وقصص الج ّ‬
‫وإن لم يكن هذا ول ذاك‪ ،‬فأخبث ما صنع على الطلق‪ ،‬رفع أهل البدعة‪،‬‬
‫وتقديمهم للجمهور‪ ،‬على أنهم الرحمة المهداة‪ ،‬وأصحاب المنَهج الحق‪ ،‬ونشر‬
‫خزعبلتهم وعرض طوامهم ومشاّداتهم‪!!!!..‬‬
‫فت إليه‬ ‫ً‬
‫ذر أن متابعة الخبار‪ ،‬والحداث أول بأول‪ ،‬هي ما تلت َ ِ‬ ‫ذر من تع ّ‬‫تع ّ‬
‫جة أعجب من‬ ‫تح ّ‬ ‫ً‬
‫أنفسهم‪ ،‬وأنهم ل يولون اهتماما بما عدى ذلك‪ ،‬وما رأي ُ‬
‫م متابعة الخبر لحظة‬ ‫ن صّناع قرار حتى تحمل النفس ه ّ‬ ‫هذه‪ ،‬فهل نح ُ‬
‫بلحظة‪..‬؟!!‪ ،‬وهل نملك أن نغّير من الحال شيء؟!!‪ ،‬وهل ملك صّناع القرار‬
‫أنفسهم تغيير شيء‪..‬؟!!‪ ،‬وكيف تحتمل النفس مشاهدة مناظر القهر والبادة‬
‫طع السباب‬ ‫م وعيش مع ضعف الحيلة وتق ّ‬ ‫ليل نهار‪..‬؟!!‪ ،‬وكيف يهنأ لها نو ٌ‬
‫دون الوسيلة‪..‬؟!!‬
‫أما الفتاة فهل تتابع الخبار‪..‬؟!!‪ ،‬أم آخر التحليلت السياسية‪..‬؟!!‪ ،‬أم في‬

‫‪95‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أحسن الحوال تتابع برنامجا ً عن العجاز العلمي و خفايا الطب‪..‬؟!!!!‪ ،‬إنها‬


‫مر أمام ‪ 500‬قناة في غرفة مغلقة‪ ،‬تتقلب بين هذه القمامة وتلك‪،‬‬ ‫تتس ّ‬
‫ُ‬
‫تراقب تمايل هذه‪ ،‬وتقبيل ذاك‪ ،‬وتراقص تلك‪ ،!!!!..‬ويمضي بها الوقت‪،‬‬
‫وتحتار ماذا تصنع بهذه النفس‪ ،‬تخرج إلى السواق وتغوص في بحار النت‪،‬‬
‫ما في الّنفس‪!!!!..‬‬ ‫فس ع ّ‬ ‫تبحث عن قشة تتعلق بها‪ ،‬ت ُن َ ّ‬
‫كل الكتف؛‬ ‫لست ألوم العدو المترّبص‪ ،‬ول أمتدح ذكاؤه ومعرفته من أين ُتؤ َ‬
‫ب ودب‪ ،‬ألوم‬ ‫وإنما ألوم من جعل من نفسهم إناًء بل قمامة تستقبل كلما ه ّ‬
‫قذاه‪!!!!..‬‬ ‫من ِ‬
‫من جلب هذا البلء لنفسه وداره‪ ،‬ويستصرخ اليوم‪ :‬وااااا ُ‬
‫قبل سنوات كان أئمة المساجد والعلماء يستصرخون‪ ،‬ينادون‪ ،‬يحذرون‪ ،‬من‬
‫هذه الطباق الفضائية‪ ،‬ولقت الدعوى حينها تسفيها ً من البعض واستخفافا‪،‬‬
‫واليوم هم من يدفع الثمن بشهادتهم‪ ،‬فأطفال المس‪ ،‬أصبحوا كبارا ً اليوم‪ ،‬و‬
‫مل َِئت بطونهم من‬ ‫غهم بالعفن و ُ‬ ‫ل فرا ُ‬ ‫شغِ َ‬
‫ضاعت القيم‪ ،‬وتثبطت الهمم‪ ،‬و ُ‬
‫الن َّهم‪!!!!..‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫طل قدراته‪ ،‬وشغل تفكيره‪ ،‬وأضاع أوقاته‪،‬‬ ‫لن يغفر الجيل الجديد أبدا ً لمن ع ّ‬
‫ولكن عندما يستيقظ من سكرته ويتنّبه لحاضره ويعرف عدّوه‪ ،!!!!..‬وحتى‬
‫ذلك الحين فبين بعض أبناء المة والوعي بالعدو الفضائي مسافات‪ ،‬خاصة مع‬
‫ل بعض بني جلدتنا‪،‬‬ ‫فيه‪ ،‬وتكلمه بألسنتنا ودعمه ماديا ً ومعنويا ً من قِب َ ِ‬ ‫تخ ّ‬
‫وإلباسه الباطل الن ِّتن لباس الحقّ الفاتن‪!!!!..‬‬
‫ولن ينفع مع هذه الداة العلمية القوية‪ ،‬والتي سخرت كل شيء لخدمة‬
‫ل َيسُهل معه استيطان عقولهم‬ ‫أهدافها‪ ،‬وإعادة صياغة جيل أمة السلم بشك ٍ‬
‫جهة ومضاّدة لهذه‬ ‫وأفئدتهم قبل أراضيهم؛ إل أداة إعلمية قوية أخرى مو ّ‬
‫الهجمة الشرسة‪ ،‬تكتسحهم اكتساحًا‪ ،‬وتبعثر أوراقهم‪ ،‬وتكشف خططهم‪،‬‬
‫وتفضح عداءهم‪!!!!..‬‬
‫لكن للسف‪ ،‬وبما أننا أمة صادق القول‪ ،‬وعظيم الفعل‪ ،‬فما إن خرجت‬
‫جهة دعويا ً وإسلميًا‪ ،‬تفعل ما تستطيع لستقطاب‬ ‫مؤسسة إعلمية هادفة مو ّ‬
‫البداعات العدادية والخراجية و عباقرة صّناع العلم الهادف‪ ،‬حتى تناولتها‬
‫ت هي أحوج ما تكون فيه للدعم المعنوي‬ ‫ة بالهجوم والتبديع‪ ،!!!!..‬في وق ٍ‬ ‫فئ ٌ‬
‫ً‬
‫والمادي‪ ،!!!!..‬واستكثر البعض عليها ريال ونصف في اليوم يدعم مسيرتها‪،‬‬
‫فن‪،!!!!..‬‬ ‫مليء بهِ الفضاء من ع َ َ‬ ‫ويعّزز جهودها‪ ،‬ويعينها على مزاحمة ما ُ‬
‫منتظرين أن تمد ّ لها إعلنات الشامبو الماجنة والفوط النسائية المقّززة يد‬
‫الدعم والمؤازرة‪!!!!!..‬‬
‫بيدنا أن نصنع أعظم أداة إعلمية نقية هادفة‪ ،‬بيدنا أن نخرج لمخاطبة العالم‬
‫جه‪ ،‬ولكن‬ ‫أجمع بصورة إعلمية جميلة‪ ،‬متوازنة‪ ،‬سليمة المنهج‪ ،‬إسلمية التو ّ‬
‫خُلصت لله النيات‪ ،‬و رّبينا النفوس على الصبر‪،‬‬ ‫متى ما اّتحدت الجهود و َ‬
‫ُ‬
‫كلنا على الله‪ ) ،‬ولن ي َت َِركم أعمالكم(‪!!!!..‬‬ ‫وتو ّ‬
‫حدنا الخطاب الدعوي‪ ،‬و نسينا حظوظ النفس‪ ،‬و‬ ‫سُنفِلح بإذن الله إذا و ّ‬
‫تسامينا عن الخلفات الشخصية‪ ،‬والمشاّدات الكلمية‪ ،‬والهجوم والخذ والرد ّ‬
‫ه في الصميم‪ ،‬حينما انشغل به البعض‬ ‫الذي ما ضّر إل خطابنا الدعوي‪ ،‬وطعن ُ‬
‫عن العمل الجاد ّ لهذا الدين‪ ،‬واهتزت بذلك صورته عند البعض‪ ،‬والله‬
‫المستعان‪!!!!..‬‬
‫ّ‬
‫سُنفِلح بإذن الله إذا تولى الشراف على هذا الخطاب العلمي خيارنا‪ ،‬من‬

‫‪96‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫رف عنه صحة‬ ‫لب العلم‪ ،‬والدعاة‪ ،‬ومن عُ ِ‬ ‫العلماء وأصحاب الفضيلة وط ّ‬
‫جه‪ ،‬وسلمة المنهج‪ ،‬وصفاء العقيدة‪ ،‬مما ُيكسب الخطاب المصداقية‬ ‫التو ّ‬
‫وة‪!!!!..‬‬
‫والق ّ‬
‫مينا في دواخلنا عّزة المسلم التي تدفعه‬ ‫ّ‬ ‫ون‬ ‫بقدراتنا‬ ‫وثقنا‬ ‫إذا‬ ‫الله‬ ‫بإذن‬ ‫لح‬‫سُنف ِ‬
‫ه على كل بّر وخير‪،‬‬ ‫مدة‪ ،‬وتسمو به إلى آفاق العّزة‪ ،‬و تحمل ُ‬ ‫لكل مح َ‬
‫ب‬ ‫واستغلل كل طاقاته في نشر كل فضيلة ومحاربة كل شّر ورذيلة‪ ،‬بخطا ٍ‬
‫جهات سليمة‪ ،‬وعقيدة صافية‪!!!!..‬‬ ‫ت ثابتة‪ ،‬وتو ّ‬ ‫مدروس ومنطلقا ٍ‬
‫جل‬ ‫ملنا في ذات الله ما نلقي‪ ،‬وصبرنا‪ ،‬ولم نستع ِ‬ ‫سُنفِلح بإذن الله إذا تح ّ‬
‫الثمرة‪ ،‬وتقّبلنا النقد مهما كان‪ ،‬وتعاملنا مع بإيجابية‪ ،‬تدفع العمل العلمي‬
‫السلمي نحو المام‪!!!!..‬‬
‫جها‪ ،‬و حاولنا أن نصل بها‬ ‫ومنا معو ّ‬ ‫سُنفِلح بإذن الله إذا قّيمنا أنفسنا‪ ،‬وق ّ‬
‫لعلى مراتب الكمال كما أراد لنا هذا الدين‪ ،‬وكّنا قدوة ً في أنفسنا وتعاملنا‬
‫وأخلقنا وسمتنا وعطائنا‪ ،‬تنطق إنجازاتنا‪ ،‬وينطق خطابنا بعظمة ومحاسن‬
‫هذا الدين‪ ،‬بكل واقعية‪ ،‬بكل شفافية‪ ،‬بكل إبداع‪ ،‬و عطاء‪ ،‬ل ينتظر شكرا ً من‬
‫أحد؛ إل من الواحد الحد‪!!!!..‬‬
‫سُنفِلح بإذن الله إذا أدرك صاحب القناة الفضائية السلمية والمجلة‬
‫السلمية والكتاب السلمي والكاتب السلمي والشريط السلمي‬
‫والمؤسسة السلمية جميعهم أنهم على ثغرٍ واحد‪ ،‬تتعاضد جهودهم‪ ،‬و يتعاون‬
‫أخيارهم‪ ،‬ويبحثون عن كل وسيلة لتطوير طريقة عرضهم‪ ،‬و ملحقة البداع‬
‫جههم وخطابهم‪ ،‬بما ليس فيه تمييع الدين ول ما ينتظره‬ ‫أّنى كان ليخدم تو ّ‬
‫قط القول وخطأ السلوب و الوسيلة‪!!!!..‬‬ ‫س ْ‬ ‫المتربصون من َ‬
‫هاهم يعلنون عن عرض شيطان أكاديمي إكسترا‪ ،!!!!..‬والجماهير السلمية‬
‫متَرّقب‪ ،‬وتستمر الحرب‬ ‫س ُ‬‫ب ومستنكر و آخر بفرٍح وحما ٍ‬ ‫ما بين شاج ٍ‬
‫العلمية‪ ،‬و تطيب النفس برؤية بعض أبناء المة المخلصين وسط هذا الغثاء‪،‬‬
‫ن يعملون‪ ،‬وعن البداع في الطرح يبحثون‪ ،‬وفي القلوب النقّية‬ ‫بإخلص وتفا ٍ‬
‫لفسائلهم الطيبة يغرسون‪ ،‬ببطء يسيرون‪ ،‬لكن على درب العزة هم‬
‫ة‬
‫م ُيخاطبون‪ ،‬للنقد بصدورٍ رحب ٍ‬ ‫سائرون‪ ،‬وبالحكمة والموعظة الحسنة العال َ‬
‫ما الظالمون‬ ‫ُ‬
‫متقّبلون‪ ،‬أقول لهم‪ :‬ل تحزنوا‪ ،‬الله معكم ولن ي َت َِركم أعمالكم‪ ،‬أ ّ‬
‫ب ينقلبون‪!!!!..‬‬ ‫فسيعلمون أيّ منقل ٍ‬

‫)‪(2 /‬‬

‫ما زاد الله عبدا بعفو إل عزا‬


‫الحمد لله والصلة والسلم على رسول الله وعلى آله وصحبه وسّلم‬
‫وأشهد أل ل إله إل الله وحده ل شريك له يعلم خائنة العين وما تخفي‬
‫الصدور‪ ،‬يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون وأشهد أن محمدا عبده ورسوله‬
‫فطره الله على مكارم الخلق فهو على خلق عظيم ‪ ,‬اللهم صل على محمد‬
‫وعلى آله وصحبه أجمعين ‪ .‬أما بعد أيها الخوة المسلمون ‪ :‬اتقوا الله‬
‫وى {‬ ‫ق َ‬
‫خي َْر الّزادِ الت ّ ْ‬ ‫وأطيعوه واعلموا أن طاعته أقوم وأقوى } وَت ََزوُّدوا فَإ ِ ّ‬
‫ن َ‬
‫)البقرة ‪. (197‬‬
‫عباد الله‪ :‬ليس أسعد للمرء ول أطرد لهمومه ول أقر لعينه من أن يعيش‬
‫سليم الصدر بعيدا ً عن الحسد والحقد فإذا رأى أحدا ً في نعمة رضي له بها‬
‫وفرح وأدى فضل الله فيها وفقر عباده إليه وذكر قول الرسول صلى الله‬
‫عليه وسلم ) اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك ل‬

‫‪97‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫شريك لك فلك الحمد والشكر( رواه أبو داود ‪ .‬وإذا رأى أذى يلحق بأحد من‬
‫مصيبة في المال أو الولد أو البدن أشفق عليه ورق له قلبه ورجا الله أن‬
‫يفرج كربه ويغفر ذنبه ويخلف عليه ما فقد خيرا ً منه وبهذا يكون المسلم‬
‫سليم الصدر مستريح النفس من نزعات الحسد والحقد ‪ ,‬ومثل هذا النسان‬
‫قلبه مشرق يبارك الله فيه لنه إلى كل خير أسرع ‪ .‬من منا ل يرجو أن يكون‬
‫ن‬
‫دي َ‬ ‫حت َِها ال َن َْهاُر َ‬
‫خال ِ ِ‬ ‫من ت َ ْ‬‫ري ِ‬ ‫ج ِ‬
‫ت تَ ْ‬
‫جّنا ٌ‬
‫م وَ َ‬
‫من ّرب ّهِ ْ‬ ‫فَرةٌ ّ‬
‫مغْ ِ‬‫هم ّ‬ ‫جَزآؤُ ُ‬ ‫ك َ‬ ‫من )أ ُوْل َئ ِ َ‬
‫فيها ون ِع َ‬
‫ن(‬ ‫جُر ال َْعا ِ‬
‫مِلي َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ِ َ َ ْ َ‬
‫تعرف على خصلة من خصالهم لتفز معهم بجنات ونهر‪.‬‬
‫م يصيح فيه الناس‬ ‫أما نريد أن ينادى علينا يوم القيامة‪ ،‬يوم الطامة ‪ ..‬يو ٌ‬
‫بأنفسهم ‪:‬نفسي نفسي‪ ،‬وأولئك ينادى عليهم حتى يمتازوا اليوم؟‬
‫روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال‪" :‬ينادي مناد ٍ يوم القيامة‪ :‬أين الذين‬
‫ل؟ فيقوم العافون عن الناس فيدخلون الجنة"‬ ‫كانت أجورهم على الله عّز وج ّ‬
‫لماذا نرد الساءة بالساءة ول نطمع بأن يثني علينا الله ويرزقنا الفضل‬
‫العظيم؟‬
‫يقول تعالى‪) :‬ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم المور(‬
‫من عزم المور‪ :‬أي من حقائق المور التي يثاب فاعلها على ذلك وينال أجرا ً‬
‫عظيمًا‪.‬‬
‫أتعرف يوم تذكر الله عند غضبك ماذا تنال؟‬
‫سبحان الله العظيم وبحمده‪ ،‬أما تريد أن يذكرك الله يوم تغضب؟ لماذا إذا ل‬
‫نرضى بنصرة الله بأن نعفو عن المسيئين إلينا؟‬
‫حد‬ ‫روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لما كسرت رباعيته في أ ُ‬
‫شق ذلك على أصحابه مشقة شديدة فقالوا‪ :‬يا رسول الله لو دعوت الله‬ ‫ُ‬
‫تعالى على هؤلء الذين صنعوا بك ما نرى؟ فقال النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪":‬إني لم أبعث لعانا ً ولكني بعثت داعيا ً ورحمة‪ ،‬اللهم اهد قومي فإنهم‬
‫ل يعلمون"‬
‫الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إل ذكر الله وما واله ‪ ،‬وإبليس يرانا هو وقبيله‬
‫من حيث ل نراهم ‪ ،‬وهو يتربص لنا في الدخول من المداخل الثلث‪ :‬الشهوة‬
‫والغفلة والغضب‪ ،‬وتفكر معي بهذا الحوار‪:‬‬
‫ذكر أن إبليس جاء إلى موسى صلوات الله تعالى وسلمه عليه‬
‫فقال له‪ :‬أنت الذي اصطفاك الله تعالى برسالته وكلمك تكليمًا‪ ،‬وإنما أنا خلق‬
‫ي‪ ،‬ففرح‬ ‫من خلق الله تعالى أردت أن أتوب إلى ربك فاسأله أن يتوب عل ّ‬
‫بذلك موسى‪ ،‬فدعا وصّلى ما شاء الله تعالى‪.‬‬
‫ثم قال‪ :‬يا رب إنه إبليس خلق من خلقك يسألك التوبة فتب عليه‪.‬‬
‫فقيل له‪ :‬يا موسى إنه ل يتوب‪.‬‬
‫فقال‪ :‬يا رب إنه يسألك التوبة‪.‬‬
‫فأوحى الله تعالى‪ :‬إني استجبت لك يا موسى فمره أن يسجد لقبر آدم‬
‫فأتوب عليه‬
‫فرجع موسى مسرورا فأخبره بذلك‪ ،‬فغضب من ذلك واستكبر‬ ‫ً‬
‫ثم قال‪ :‬أنا لم أسجد له حيا ً أأسجد له ميتًا‪ ،‬ثم قال‪ :‬يا موسى إن لك حقا ً‬
‫ي بما تشفعت لي إلى ربك‪ ،‬فأوصيك بثلثة أشياء‪ :‬اذكرني عند ثلث‬ ‫عل ّ‬
‫خصال‪ :‬اذكرني حين تغضب‪ ،‬فإني في قلبك أجري منك مجرى الدم‪،‬‬
‫واذكرني حين تلقى العدو في الزحف‪ ،‬فإني آتي ابن آدم حين يلقى العدو‬
‫فأذكره زوجته وأهله وولده حتى يولى دبره‪ ،‬وإياك أن تجالس امرأة ليست‬
‫بذات محرم منك فإني رسولها إليك ورسولك إليها‪.‬‬

‫‪98‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فإياك أن تسعد عدوك الشيطان في غضبك ‪ ،‬ولكن كن بالحلم متصفا ً ‪:‬‬


‫الحلم أوله مر مذاقته * * * لكن آخره أحلى من العسل‬
‫وخذ من سلفك الصالح قدوة حسنة تفز برضا الله تعالى عنك‬
‫روى ميمون بن مهران أن جارية له جاءت بمرقة فعثرت فصبت المرقة عليه‬
‫فأراد ميمون أن يضربها فقالت الجارية‪ :‬يا مولي استعمل قول الله تعالى‪:‬‬
‫)والكاظمين الغيظ( فقال‪ :‬قد فعلت‪ ،‬فقالت‪ :‬اعمل بما بعده )والعافين عن‬
‫الناس( قال‪ :‬قد عفوت‪ ،‬فقالت‪ :‬اعمل بما بعده )والله يحب المحسنين(‬
‫فقال ميمون‪ :‬أحسنت إليك‪ ،‬فأنت حرة لوجه الله تعالى‪.‬‬
‫وذكر أن رجل ً من التابعين مدحه رجل في وجهه‪ ،‬فقال له‪ :‬يا عبد الله لم‬
‫تمدحني أجربتني عند الغضب فوجدتني حليمًا؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬أجربتني في‬
‫السفر فوجدتني حسن الخلق؟ قال‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬أجربتني عند المانة فوجدتني‬
‫أمينًا؟ قال‪ :‬ل‪ .‬فقال‪ :‬ويحك ما لحد أن يمدح أحدا ً ما لم يجربه في هذه‬
‫الشياء الثلثة‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫كما يروى أن أبا ضمضم وهو أحد صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫كان إذا أصبح قال ‪ :‬اللهم إنه ل مال لي أتصدق به على الناس وقد تصدقت‬
‫عليهم بعرضي فمن شتمني أو قذفني فهو في حل ‪ ,‬فقال عليه الصلة‬
‫والسلم‪) :‬من منكم يستطيع أن يكون كأبي ضمضم(‬
‫قال ابن القيم في مدارج السالكين بعد هذا الموقف‪" :‬وفي هذا الجود من‬
‫سلمة الصدر وراحة القلب والتخلص من معاداة الخلق ما فيه "‬
‫جاء في تفسير قوله تعالى‪" :‬والعافين عن الناس"]‪ [16‬كما قال القرطبي‬
‫رحمه الله‪) :‬العفو عن الناس من أجل ضروب فعل الخير‪ ،‬حيث يجوز‬
‫للنسان أن يعفو‪ ،‬وحيث يتجه حقه‪ ،‬وكل من استحق عقوبة فتركت له فقد‬
‫عفي عنه‪ ،‬واختلف في معنى "عن الناس"‪ ،‬فقال أبو العالية والكلبي‬
‫والزجاج‪" :‬والعافين عن الناس" يريد عن المماليك‪ ،‬قال ابن عطية‪ :‬وهذا‬
‫مة‪ ،‬فهم يذنبون كثيرًا‪ ،‬والقدرة عليهم‬ ‫خد َ َ‬
‫حسن على جهة المثال‪ ،‬إذ هم ال َ‬
‫سر به‪.‬‬
‫متيسرة‪ ،‬وإنفاذ العقوبة سهل‪ ،‬فلذلك مثل هذا المف ّ‬
‫وقال زيد بن أسلم‪" :‬والعافين عن الناس" عن ظلمهم وإساءتهم‪ ،‬وهذا عام‪،‬‬
‫وهو ظاهر الية(‪.‬‬
‫نماذج حسنة لمعاملة بعض الخيار لخدمهم‪:‬‬
‫كانت معاملة سيد الخلق رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم‪ ،‬لمن يخدمه‬
‫معاملة الوالد الشفوق لولده‪ ،‬والخ الرحيم لخيه‪ ،‬ل يميز بين رقيق وأجير‬
‫ومتطوع‪ ،‬ما جعل زيد بن حارثة رضي الله عنه يفضله على والديه وعشيرته‪.‬‬
‫سَر وهو طفل في الجاهلية‪ ،‬وبيع بمكة‪،‬‬ ‫زيد بن حارثة عربي من بني كلب أ ِ‬
‫فاشتراه حكيم بن حزام لعمته خديجة بنت خويلد رضي الله عنها‪ ،‬فوهبته‬
‫دعى‬ ‫د‪ ،‬وكان ي ُ ْ‬‫لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد زواجه بها‪ ،‬ثم تبناه بع ُ‬
‫زيد بن محمد حتى نزل قوله تعالى‪" :‬ادعوهم لبائهم" الذي أبطل التبني‪.‬‬
‫قال ابن عبد البر رحمه الله‪) :‬قال أبوه حارثة بن شراحيل حين فقده‪:‬‬
‫جى أم دونه أتى الج ْ‬
‫ل‬ ‫ي ي ُْر ّ‬ ‫ح ّ‬ ‫ت على زيد ولم أدر ما فع ْ‬
‫لأ َ‬ ‫بكي ُ‬
‫ل‬‫ل الرض أم غالك الجب ْ‬ ‫سهْ ُ‬‫ت سائل أغالك َ‬ ‫ً‬ ‫فوالله ل أدري وإن كن ُ‬
‫ج ْ‬
‫ل‬ ‫فيا ليت شعري هل لك الد ّهُْر رجعة فحسبي من الدنيا رجوعك لي ب َ‬
‫ل‬ ‫ض ذكراه إذا قارب الط ّ َ‬
‫ف ْ‬ ‫س عند طلوعها وتعر ُ‬ ‫تذكرنيه الشم ُ‬

‫‪99‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ج ْ‬
‫ل‬ ‫ح هيجن ذكره فيا طول حزني عليه ويا وَ َ‬ ‫وإن هبت الروا ُ‬
‫م التطواف أو تسأم البلْ‬ ‫ً‬
‫ص العيس في الرض جاهدا ول أسأ ُ‬ ‫م ُ‬
‫ل نَ ّ‬ ‫سأع ِ‬
‫ن وإن غّره الجلْ‬ ‫ي منيتي وكل امرئ فا ٍ‬ ‫حياتي أو تأتي عل ّ‬
‫ل‬‫جب َ ْ‬‫َ‬ ‫بعده‬ ‫من‬ ‫ثم‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫يزي‬ ‫وأوصي‬ ‫كليهما‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫وقيس‬ ‫سأوصي به عمرا ً‬
‫فحج ناس من كلب‪ ،‬فرأوا زيدا ً فعرفهم وعرفوه‪ ،‬فقال لهم‪ :‬أبلغوا عني أهلي‬
‫ي؛ فقال‪:‬‬ ‫هذه البيات‪ ،‬فإني أعلم أنهم قد جزعوا عل ّ‬
‫ت نائيا ً فإني قعيد البيت عند المشاعر‬ ‫أحن إلى قومي وإن كن ُ‬
‫ص الباعر‬ ‫فكفوا من الوجد الذي قد شجاكم ول تعملوا في الرض ن َ ّ‬
‫فإني بحمد الله في خير أسرة كرام معد ّ كابرا ً بعد كابر‬
‫ب الكعبة؛ ووصفوا له موضعه‪،‬‬ ‫فانطلق الكلبيون فأعلموا أباه‪ ،‬فقال‪ :‬ابني وََر ّ‬
‫وعند من هو‪ ،‬فخرج حارثة وكعب ابنا شراحيل لفدائه‪ ،‬وقدما مكة‪ ،‬فسأل عن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬فقيل‪ :‬هو في المسجد؛ فدخل عليه‪ ،‬فقال‪ :‬يا‬
‫ابن عبد المطلب‪ ،‬يا ابن هاشم‪ ،‬يا ابن سيد قومه‪ ،‬أنتم أهل حرم الله‬
‫وجيرانه‪ ،‬تفكون العاني وتطعمون السير‪ ،‬جئناك في ابننا عندك‪ ،‬فامنن علينا‪،‬‬
‫وأحسن إلينا في فدائه؛ قال‪ :‬ومن هو؟ قالوا‪ :‬زيد بن حارثة؛ فقال رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ :‬فهل غير ذلك! قالوا‪ :‬وما هو؟ قال‪ :‬أدعوه فأخّيره‪،‬‬
‫فإن اختاركم فهو لكم‪ ،‬وإن اختارني فوالله ما أنا بالذي أختار على من‬
‫اختارني أحدًا؛ قال‪ :‬قد زدتنا على النصف وأحسنت؛ فدعاه فقال‪ :‬هل تعرف‬
‫هؤلء؟ قال‪ :‬نعم؛ قال‪ :‬من هذا؟ قال‪ :‬هذا أبي وهذا عمي؛ قال‪ :‬فأنا من قد‬
‫ت صحبتي لك‪ ،‬فاخترني أو اخترهما؛ قال زيد‪ :‬ما أنا بالذي أختار‬ ‫ت ورأي َ‬ ‫علم َ‬
‫عليك أحدا‪ ،‬أنت مني مكان الب والعم؛ فقال‪ :‬ويحك يا زيد! أتختار العبودية‬ ‫ً‬
‫على الحرية‪ ،‬وعلى أبيك وعمك‪ ،‬وعلى أهل بيتك! قال‪ :‬نعم‪ ،‬قد رأيت من هذا‬
‫ل الله صلى‬ ‫الرجل شيئًا‪ ،‬ما أنا بالذي أختار عليه أحدا ً أبدًا؛ فلما رأى رسو ُ‬
‫جر‪ ،‬فقال‪ :‬يا من حضر‪ ،‬اشهدوا أن زيدا ً‬ ‫ح ْ‬
‫الله عليه وسلم ذلك أخرجه إلى ال ِ‬
‫ابني يرثني وأرثه؛ فلما رأى ذلك أبوه وعمه طابت نفوسهما فانصرفا(‪.‬‬
‫* عندما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة مهاجرًا‪ ،‬قالت أم سليم‬
‫رضي الله عنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم‪ :‬هذا غلمي أنس يخدمك؛‬
‫فقبله رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وكان عمره آنذاك عشر سنين‪،‬‬
‫ت رسولَ‬ ‫ل الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين‪ ،‬فقال‪" :‬خدم ُ‬ ‫فخدم رسو َ‬
‫الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين‪ ،‬ما قال لي لشيء فعلُته لم فعلَته‪ ،‬ول‬
‫لشيء تركُته لم تركته"‪.‬‬
‫* ومن النماذج الطيبة‪ ،‬والصور الحسنة‪ ،‬والمواقف النادرة‪ ،‬معاملة الخليفة‬
‫الراشد والمام العادل عمر بن الخطاب‪ ،‬رضي الله عنه‪ ،‬لخدمه ومماليكه‪،‬‬
‫هذا على الرغم من شدة عمر في الحق وهيبة الناس له‪ ،‬يوضح ذلك ما حكاه‬
‫عنه موله أسلم رحمه الله‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫قال الحافظ الذهبي في ترجمة أسلم‪) :‬وعن زيد بن أسلم عن أبيه قال ابن‬
‫عمر‪ :‬يا أبا خالد‪ ،‬إني أرى أمير المؤمنين يلزمك لزوما ً ل يلزمه أحدا ً من‬
‫أصحابك‪ ،‬ل يخرج سفرا ً إل وأنت معه‪ ،‬فأخبرني عنه؛ قال‪ :‬لم يكن أولى‬
‫حل رواحلنا‪ ،‬ويرحل رحله وحده‪ ،‬ولقد فزعنا ذات ليلة‬ ‫القوم بالظل‪ ،‬وكان ير ّ‬
‫حل رحالنا وهو يرحل رحله ويرتجز‪:‬‬ ‫وقد ر ّ‬
‫ُ‬
‫ل يأخذ الليل عليك بالهم وألبسن له القميص واعتم‬

‫‪100‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وكن شريك نافع وأسلم واخدم القوام حتى ُتخدم‬


‫* كان أبو ذر الغفاري رضي الله عنه ُيلبس خادمه وُيطعمه وُيسكنه من نفس‬
‫ما يلبس ويطعم ويسكن‪ ،‬وذلك لن مناسبة حديث‪" :‬إخوانكم خولكم" كانت‬
‫خاصة به‪.‬‬
‫قال الحافظ ابن حجر رحمه الله‪) :‬وفيه قصة أن المعرور بن سويد رأى أبا‬
‫ب رجل ً فعيره‬ ‫حّلة وعلى غلمه مثلها‪ ،‬فسأله عن ذلك‪ ،‬فذكر أنه سا ّ‬ ‫ذر وعليه ُ‬
‫بأمه‪ ،‬فأتى الرجل النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك‪ ،‬فقال له النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ :‬إنك امرؤ فيك جاهلية – أي خلق من أخلقهم‪،‬‬
‫فذكره(‪.‬‬
‫العفو عند المقدرة‪ ..‬فضيلة الفضائل‬
‫العفو هو الصفح عن الذنوب وترك مجازاة المسيء وقال أبو حامد الغزالي‪:‬‬
‫أن يستحق حقا فيسقطه ويبري عنه من قصاص أو غرامه‪ ،‬وهو غير الحلم‬
‫وكظم الغيظ‪.‬‬
‫والعفو‪ ،‬من أسماء الله تعالى ومعناه كثير العفو‪ ..‬قال ابن جرير في قوله‬
‫تعالى‪“ :‬إن الله كان عفوا ً غفورًا” إن الله لم يزل عفوا عن ذنوب عباده‬
‫وترك العقوبة على كثير منها ما لم يشركوا به‪.‬‬
‫وقد ورد هذا السم في القرآن خمس مرات‪ ،‬ومن آثار اليمان به‪:‬‬
‫أن الله سبحانه هو العفو الذي له العفو الشامل ولسيما إذا أتى العباد بما‬
‫يوجب العفو عنهم من الستغفار والتوبة‪ ،‬فالله يقبل التوبة ويعفو عن‬
‫السيئات‪ .‬ولول كمال عفوه وسعة حلمه سبحانه ما ترك على ظهر الرض‬
‫من دابة تدب ول عين تطرف “ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ما ترك عليها‬
‫من دابة ولكن يؤخرهم إلى أجل مسمى”‪.‬‬
‫وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم‪“ :‬ليس أحد أو ليس شيء أصبر على‬
‫أذى سمعه من الله إنهم ليدعون له ولدا وإنه ليعافيهم ويرزقهم”‪.‬‬
‫وقال ابن القيم‪:‬‬
‫وهو العفو فعفوه وسع الورى لوله غارت الرض بالسكان‬
‫أنه تعالى عفو غفور مع قدرته على خلقه وقهره لهم وقد نبه خلقه إلى ذلك‪:‬‬
‫“إن تبدوا خيرا ً أو تخفوه أو تعفوا عن سوء فإن الله كان عفوا ً قديرًا” أي‬
‫فاعفوا أنتم أيضا عن الناس‪ ،‬كما أن الله يعفو عنكم ويغفر لكم‪.‬‬
‫وقد حث الله تعالى عباده على العفو والصفح وقبول العذار فمن ذلك‪:‬‬
‫“وليعفوا وليصفحوا أل تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم”‪ ..‬وقد‬
‫خاطب الله نبيه بذلك وحثه على قبول العفو فقال‪“ :‬خذ العفو وأمر بالعرف‬
‫وأعرض عن الجاهلين”‪.‬‬
‫ومدح بذلك عباده المؤمنين “والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس”‪.‬‬
‫نبل وسماحة‬
‫العفو عند المقدرة من الفضائل الكريمة التي تدل على نبل صاحبها‬
‫وسماحته‪ ،‬وعلى أصالة معدنه وطيب سجاياه‪ ،‬وهذا الخلق الكريم ل يبدأ من‬
‫فراغ وإنما ينبع من القلوب الطاهرة النقية التي جبلت على الكرم والحسان‪،‬‬
‫ولنا في الرسول صلوات الله وسلمه عليه أسوة حسنة في هذا المضمار‪،‬‬
‫فبعد أن فتح الله عليه مكة وأصبح الذين آذوه بالمس واضطهدوه ومكروا به‬
‫وأخرجوه‪ ،‬أصبحوا في قبضة يده‪ ،‬وفي وسعه وقدرته‪ ،‬أن ينزل بهم من‬
‫العقاب ما يشاء إل أنه واجههم بنفسه السمحة وبعفوه الشامل‪ ،‬فقال لهم‪:‬‬
‫ما تظنون أني فاعل بكم؟ قالوا خيرًا‪ ،‬أخ كريم وابن أخ كريم فقال‪ :‬اذهبوا‬
‫فأنتم الطلقاء‪.‬‬

‫‪101‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وبالعفو والحسان‪ ،‬يتحول الكاره إلى محب‪ ،‬والعدو إلى صديق‪ ،‬فكما أن‬
‫للعفو أثره في نفس من يعفو حيث يعينه على التقوى‪ ،‬وعلى راحة الضمير‪،‬‬
‫وسكينة النفس فإن له كذلك أثرا ً بالغا ً فيمن يعفو النسان عنه‪ ،‬إنه يستشعر‬
‫خطأه‪ ،‬وإساءته‪ ،‬ويرى كيف قوبل خطؤه بالعفو والحسان فيثوب إلى الرشد‬
‫والصواب‪ ،‬وتنطفئ من داخله الكراهية وتذوب النزعة العدوانية ول يملك إل‬
‫أن يكون مع أخيه كأنه ولي حميم‪ ،‬قال الله تعالى‪“ :‬ول تستوي الحسنة ول‬
‫السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم‪.‬‬
‫وما يلقاها إل الذين صبروا وما يلقاها إل ذو حظ عظيم”‪.‬‬
‫*لقد ضرب الرسول صلى الله عليه وسلم أروع المثلة في العفو والتسامح‪،‬‬
‫فتحول أمام إنسانيته الكريمة العدو إلى محب‪ ،‬روى ابن هشام أن فضالة بن‬
‫عمير الليثي أراد قتل النبي صلى الله عليه وسلم وهو يطوف بالبيت عام‬
‫الفتح‪ ،‬فلما دنا منه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪ :‬أفضالة؟ قال‪ :‬نعم‬
‫فضالة يا رسول الله قال‪ :‬ماذا كنت تحدث به نفسك؟ قال‪ :‬ل شيء كنت‬
‫أذكر الله‪ ،‬فضحك النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال‪ :‬استغفر الله‪ ،‬ثم وضع‬
‫يده على صدره فسكن قلبه‪ ،‬فكان فضالة يقول‪ :‬والله ما رفع يده عن‬
‫ي منه‪.‬‬
‫صدري حتى ما من خلق الله أحب إل ّ‬
‫)‪(3 /‬‬

‫هكذا يكون أثر العفو وحب الخير‪ ،‬في إصلح النفس النسانية وتقويمها وبنائها‬
‫وفيما رواه الطبراني عن عبادة بن الصامت قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪“ :‬أل أنبئكم بما يشرف الله به البنيات ويرفع الدرجات؟ قالوا‪ :‬نعم يا‬
‫رسول الله قال‪ :‬تحلم على من جهل عليك‪ ،‬وتعفو عمن ظلمك وتعطي من‬
‫حرمك‪ ،‬وتصل من قطفك”‪.‬‬
‫ومن أروع مواقف العفو لرسول الله صلى الله عليه وسلم موقفه مع هذا‬
‫العرابي الكافر الذي دنا منه وهو نائم ورفع السيف فانتبه النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم فقال الرجل‪ :‬من يمنعك؟ فقال‪ :‬يمنعني الله منك فارتعد‬
‫العرابي وسقط السيف منه‪ ،‬فأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم السيف‬
‫وقال‪ :‬ومن يمنعك منى؟ فقال‪ :‬كن خير آخذ‪ ،‬قال‪ :‬تشهد أن ل إله إل الله؟‬
‫قال‪ :‬ل ولكن أعاهدك على أل أقاتلك ول أكون مع قوم يقاتلونك‪ ،‬فعفا عنه‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم وخلى سبيله فأتى أصحابه وقال‪“ :‬جئتكم من عند‬
‫خير الناس”‪.‬‬
‫ومرة أخرى ظهر إيمان يوسف الصديق حين تمكن من إخوته لبيه أولئك‬
‫الذين أرادوا أن يقتلوه ليخلو لهم وجه أبيهم‪ .‬ثم ألقوه في غيابة الجب‪ ،‬ثم‬
‫باعوه بثمن بخس دراهم معدودة‪ ،‬وعرضوه للذل والعبودية‪.‬‬
‫لقد جاءوا مصر من فلسطين يطلبون المدد والزاد‪ ،‬وقدر يوسف على‬
‫النتقام منهم‪ ،‬ولكنه عفا وغفر وأماط يوسف اللثام عن شخصيته بعدما‬
‫لمس من إخوته هذا الهوان‪ ،‬وقال لهم في نبرة هزت قلوبهم‪ ،‬وأحيت الخامد‬
‫من مشاعرهم‪" :‬هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون"؟ )‪(89‬‬
‫ن الله علينا إنه من‬‫"قالوا أإنك لنت يوسف؟ قال‪ :‬أنا يوسف وهذا أخي قد م ّ‬
‫يتق ويصبر فإن الله ل يضيع أجر المحسنين" )‪.(90‬‬
‫"قالوا‪ :‬تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين‪ .‬قال ل تثريب عليكم اليوم‬
‫يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين" )‪.(92-91‬‬
‫إن الكبير ل يحقد‪ ،‬وهو بعد انتصاره يزداد سماحة وتواضعا لله‪ ،‬ثم قال‬

‫‪102‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يوسف لخوته‪" :‬اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا ً وأتوني‬
‫بأهلكم أجمعين" )‪.(93‬‬
‫عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال ‪ ,‬قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم ) خير الناس ذو القلب المخموم واللسان الصادق ‪ ,‬قيل ما القلب‬
‫المحموم ؟ قال هو التقي النقي الذي ل إثم فيه ول بغي ول حسد ‪ ,‬قيل فمن‬
‫على أثره ؟ _قال الذي يشنأ الدنيا ويحب الخرة ‪ ,‬قيل فمن على أثره ؟ قال‬
‫مؤمن في خلق حسن ( رواه بن ماجة‪.‬‬
‫وقد وعد الله سبحانه بالفضل العظيم من وقى شح نفسه ‪ ,‬وشح النفس‬
‫ليس مقصورا على الشيء المادي كالمال والكل والنفاق بل يتعداه إلى‬
‫الشيء المعنوي مثل العفو والسماحة وسلمة الصدر ونقاوته من الحقد‬
‫م‬ ‫سهِ فَأ ُوْل َئ ِ َ‬
‫ك هُ ْ‬ ‫ف ِ‬
‫ح نَ ْ‬ ‫ن ُيوقَ ُ‬
‫ش ّ‬ ‫م ْ‬
‫والضعينة والكراهية للخلق دون مبرر } وَ َ‬
‫ن {)الحشر ‪ (9‬وسلمة الصدر خصلة عظيمة يغفل عن معرفة‬ ‫حو َ‬
‫فل ِ ُ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫م ْ‬
‫فضلها كثير من المسلمين ويجهلونها مع أنه من أسباب دخول الجنة ‪ .‬عن‬
‫أنس ين مالك رضي الله عنه قال كنا جلوسا يوما عند رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم فقال ) يطلع عليكم الن من هذا الفج رجل من أهل الجنة ( قال‬
‫فطلع علينا رجل من النصار تنطف لحيته من وضوئه علق نعليه في يده‬
‫الشمال فسلم فلما كان من الغد قال عليه الصلة والسلم مثل ذلك فطلع‬
‫ذلك الرجل على مثل المرة الولى فلما كان اليوم الثالث قال النبي عليه‬
‫الصلة والسلم مثل مقالته الولى فطلع ذلك الرجل على مثل حالته الولى‬
‫فلما قام الرسول عليه الصلة والسلم تبعه عبد الله بن عمرو بن العاص‬
‫فقال إني لحيت أبي فأقسمت أل أدخل عليه ثلثا فإن رأيت أن تؤويني حتى‬
‫تمضي الثلث قال نعم ‪ .‬قال أنس فكان عبد الله يحدث أنه بات عنده ثلث‬
‫ليال لم يره يقوم من الليل شيئا غير أنه إذا تعار من الليل ل يقول إل خيرا ً‬
‫فلما مضت الثلث الليالي وكدت أحقر عمله قلت يا عبد الله لم يكن بيني‬
‫وبين أبي غضب ول هجر ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫يقول لك ثلث مرات يطلع عليكم رجل من أهل الجنة فطلعت أنت الثلث‬
‫المرات فأردت أن آوي إليك لنظر ما عملك فلم أرك تعمل كثير عمل ‪ ,‬فما‬
‫الذي بلغ بك ما قال رسول الله عليه الصلة والسلم قال ‪ :‬ما هو إل ما رأيت‬
‫غير أني ل أجذ في نفسي على أحد من المسلمين غشا ول أحسده على خير‬
‫أعطاه الله تبارك وتعالى قال عبد الله هذه التي بلغت بك وهي التي ل نطيق‬
‫( رواه أحمد بسند صحيح‪.‬‬
‫ولقد ضرب سلف هذه المة أروع المثلة في سلمة الصدور ونظافتها من‬
‫الحقاد والحسد والضغينة فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم آذاه قومه‬
‫بجميع النواع من ضرب وطرد وإهانة وسخرية فيأتيه ملك الجبال فيقول يا‬
‫محمد إن الله قد سمع قول قومك لك وأنا ملك الجبال وقد بعثني ربك إليك‬
‫لتأمرني بأمرك فما شئت ‪ ,‬إن شئت أن أطبق عليهم الخشبين ) وهي جبال‬
‫عالية محيطة بمكة ( فماذا يقول عليه الصلة والسلم ‪ ) :‬بل أرجو أن يخرج‬
‫الله من أصلبهم من يعبد الله وحده ل يشرك به شيئا ( رواه البخاري‬

‫)‪(4 /‬‬

‫ولما قيل له ) يا رسول الله ادع على ثقيف فقال اللهم اهد ثقيفا وائت بهم (‬
‫أخرجه أحمد والترمذي‬
‫و في مكة لما دخل المسجد الحرام و خطب بأهلها وأعلن فيها كلمة التوحيد‬

‫‪103‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫و قضى على الصنام قال‪) :‬يا معشر قريش ما ترون أني فاعل بكم قالوا‬
‫خيرا ‪ ،‬أخ كريم ‪ ،‬قال ‪ :‬فإني أقول لكم كما قال _يوسف لخوته ‪ ،‬ل تثريب‬
‫عليكم اليوم يغفر الله ‪ ،‬لكم اذهبوا فأنتم الطلقاء ( أحمد وابن ماجة‬
‫والنسائي‬
‫وقد كانوا رضوان الله عليهم قمة في سلمة الصدر والعفو ولهذا أثنى الله‬
‫جَر إ ِل َي ْهِ ْ‬
‫م‬ ‫ها َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫ن َ‬ ‫حّبو َ‬ ‫م يُ ِ‬ ‫ن قَب ْل ِهِ ْ‬ ‫م ْ‬‫ن ِ‬ ‫ما َ‬ ‫لي َ‬
‫داَر َوا ُ ِ‬ ‫ن ت َب َوُّءوا ال ّ‬ ‫ذي َ‬ ‫عليهم بقوله }َوال ّ ِ‬
‫َ‬
‫م وَلوْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫ن ب ِهِ ْ‬ ‫كا َ‬ ‫سهِ ْ‬
‫ف ِ‬ ‫ن عَلى أن ْ ُ‬ ‫ما أوُتوا وَي ُؤْث ُِرو َ‬ ‫م ّ‬‫ة ِ‬ ‫ج ً‬‫حا َ‬‫م َ‬ ‫دورِهِ ْ‬ ‫ص ُ‬ ‫ن ِفي ُ‬ ‫دو َ‬ ‫ج ُ‬
‫َول ي َ ِ‬
‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫سهِ فَأوْلئ ِ َ‬ ‫ن ُيوقَ ُ‬
‫ذي َ‬ ‫ن{ الحشر ) ‪َ} . ( 9‬وال ِ‬ ‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬
‫م ْ‬‫م ال ُ‬ ‫ك هُ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫ح نَ ْ‬‫ش ّ‬ ‫م ْ‬‫ة وَ َ‬‫ص ٌ‬‫صا َ‬ ‫خ َ‬ ‫َ‬
‫ن َول‬ ‫ما ِ‬ ‫لي َ‬‫قوَنا ِبا ِ‬‫سب َ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ّ‬
‫وان َِنا ال ِ‬ ‫خ َ‬ ‫َ‬
‫فْر لَنا وَل ِ ْ‬ ‫ن َرب َّنا اغْ ِ‬ ‫قولو َ‬ ‫ُ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫ن ب َعْدِهِ ْ‬
‫م ْ‬‫جاُءوا ِ‬ ‫َ‬
‫م{ الحشر)‪(10‬‬ ‫حي ٌ‬ ‫ف َر ِ‬ ‫ك َرُءو ٌ‬ ‫مُنوا َرب َّنا إ ِن ّ َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬
‫ل ِفي قُلوب َِنا ِغل ل ِل ِ‬ ‫جعَ ْ‬ ‫تَ ْ‬
‫وهذا المام أحمد رحمه الله يقول ) أحللت المعتصم من ضربي ( ‪.‬‬
‫وهذا شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله لقي صنوفا من العذاب والسجن‬
‫أزمنة طويلة من أجل إعلء كلمة التوحيد وسنة الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم لكنه رحمه الله لم يختصم لنفسه طرفة عين ‪ ,‬وحين يتكلم عمن وقف‬
‫في وجهه وظلمه وخالفه وحقد عليه يقول ) أول ما أبدأ به من هذا الصل ما‬
‫يتعلق بي فتعلمون رضي الله عنكم أني ل أحب أن يؤذى أحد من المسلمين‬
‫بشيء ل باطنا ً ول ظاهرا ً ول عندي عتب على أحد ول لوم أصل بل لهم عندي‬
‫من الجلل والمحبة والتعظيم أضعاف أضعاف ما كان ‪ ,‬كل بحسبه ول يخلو‬
‫الرجل منهم إما أن يكون مجتهدا أو مخطئا مذنبا فالول مأجور مشكور‬
‫والثاني مع أجره على اجتهاده معفو عنه مغفور له والثالث فالله يغفر لنا وله‬
‫ولسائر المسلمين والذين كذبوا أو ظلموا فهم في حل من جهتي (‬
‫وهكذا كان سلف هذه المة سليمة صدورهم نظيفة من الحقد والحسد‬
‫والبغضاء ‪ .‬وقد يعجز الشيطان عن النسان العابد لله أن يجعله يتجه بالعبادة‬
‫لغير الله ولكنه مع ذلك يحتال في إيقاد نار العداوة والبغضاء في القلوب فإذا‬
‫اشتعلت هذه النار استمتع الشيطان برؤيتها وهي تحرق حاضر الناس‬
‫ومستقبلهم وتقطع أواصرهم ‪ ,‬ويقوم شياطين النس بإلهابها كلما خمدت أو‬
‫كادت ‪ .‬يقول عليه الصلة والسلم ‪ ) :‬إن الشيطان قد يئس أن يعبده‬
‫المصلون في جزيرة العرب ولكنه لم ييأس من التحريش بينهم ( رواه مسلم‬
‫ولهذا فإن دين السلم يسعى لعلج بوادر الجفاء وما يثير البغضاء وينمي‬
‫الشحناء ‪ .‬يقول عليه الصلة والسلم ‪ ) :‬ل تقاطعوا ول تدابروا ول تباغضوا‬
‫ول تحاسدوا وكونوا عباد الله إخوانا ( رواه مسلم ) ول يحل لمسلم أن يهجر‬
‫أخاه فوق ثلث ( رواه مسلم والبخاري‬
‫أيها المسلمون ‪ :‬لقد اعتبر السلم من دلئل الصغار و خسة الطبيعة أن‬
‫يرسب الغل والحقد في أعماق النفس فل يخرج منها بل يبقى يموج في‬
‫جوانبها كما يموج البركان ‪ ,‬وكثير من هؤلء الذين يترسب الغل في نفوسهم‬
‫يتلمسون متنفسا له فيؤذون عباد الله لنهم ل يسترحون إل إذا أرغوا وأزبدوا‬
‫وآذوا وأفسدوا ‪ .‬عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ) :‬قال أل أنبئكم بشراركم قالوا بلى إن شئت يا رسول الله قال إن‬
‫شراركم الذي ينزل وحده ويجلد عبده ويمنع رفده ‪ ،‬أفل أنبئكم بشر من‬
‫ذلك ‪ :‬قالوا بلى إن شئت يا رسول الله قال من يبغض الناس ويبغضونه قال‬
‫أفل أنبئكم بشر من ذلك قالوا بلى إن شئت يا رسول الله قال‪ :‬الذين ل‬
‫يقيلون عثرة ول يقبلون معذرة ول يغفرون ذنبا ‪ ,‬قال أفل أنبئكم بشر من‬
‫ذلك قالوا بلى إن شئت يا رسول الله قال من ل يرجى خيره ول يؤمن‬
‫شره ( رواه الطبراني‬

‫‪104‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ومن متنفس الحقد العتداء على البرياء بدافع الكره الشديد والرغبة في‬
‫تشويه سمعتهم ‪ .‬روت عائشة رضي الله عنها أن الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم قال لصحابه ‪ ) :‬أتدرون ما أربى الربا استحلل عرض امرئ مسلم ثم‬
‫مُلوا ب ُهَْتاًنا‬ ‫حت َ َ‬‫قد ِ ا ْ‬ ‫سُبوا فَ َ‬ ‫ما اك ْت َ َ‬
‫ت ب ِغَي ْرِ َ‬‫مَنا ِ‬ ‫ن َوال ْ ُ‬
‫مؤ ْ ِ‬ ‫مؤ ْ ِ‬
‫مِني َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫ن ي ُؤُْذو َ‬
‫ذي َ‬ ‫قرأ } َوال ّ ِ‬
‫مِبيًنا { الحزاب)‪(58‬‬ ‫ما ُ‬ ‫وَإ ِث ْ ً‬
‫إن سلمة الصدر تقتضي أن يتمنى المؤمن الخير للناس إن عجز عن سوقه‬
‫إليهم بيده ‪ .‬فكيف بمن ينتحل الشر انتحال على الناس ويزوره عليهم فهذا‬
‫َ‬
‫ن‬
‫نأ ْ‬ ‫حّبو َ‬‫ن يُ ِ‬ ‫ذي َ‬‫ن ال ّ ِ‬ ‫أفاك أثيم متعرض لعذاب الله ‪ .‬يقول سبحانه وتعالى ‪ } :‬إ ِ ّ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫م ِفي الد ّن َْيا َوال ْ ِ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫ه ي َعْل ُ‬
‫خَرةِ َوالل ُ‬ ‫ب أِلي ٌ‬ ‫ذا ٌ‬‫م عَ َ‬ ‫مُنوا ل َهُ ْ‬
‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ة ِفي ال ّ ِ‬ ‫ش ُ‬‫ح َ‬ ‫فا ِ‬ ‫شيعَ ال ْ َ‬ ‫تَ ِ‬
‫ن { النور )‪(19‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مو َ‬ ‫م ل ت َعْل ُ‬ ‫وَأن ْت ُ ْ‬

‫)‪(5 /‬‬

‫ومن فضل الله على عباده أن استحب ستر عيوب الخلق ونهى عن إشاعتها‬
‫وفضحها ولو صدق اتصافهم بها ‪ .‬وما يجوز لمسلم أن يتشفى بالتشنيع لن‬
‫كل ذلك ينافي سلمة الصدر على مسلم ولو ذكره بما فيه ولذا حرم السلم‬
‫الغيبة والنميمة ونهى عن سوء الظن وتتبع العورات والغمز وتعيير الناس ‪.‬‬
‫فلنسعى أيها الخوة المسلمون إلى ما به سلمة صدورنا ولنبتعد عن كل‬
‫أسباب البغضاء والشحناء والعداوة والحقد ولنتذكر قوله عليه السلم‬
‫) تعرض العمال في كل اثنين وخميس فيغفر الله عز وجل في ذلك اليوم‬
‫لكل امرئ ل يشرك بالله شيئا إل امرأ كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقول‬
‫اتركوا هذين حتى يصطلحا ( رواه مسلم‪.‬‬
‫وقد كان المصطفى عليه الصلة والسلم ينهى أن يبلغه عن أصحابه ما‬
‫يسوؤه قال عليه الصلة والسلم ) ل يبلغني أحد منكم عن أصحابي شيئا‬
‫فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر( رواه أبو داود‬
‫وعلى من سمع شيئا من ذلك أل يوسع الخرق على الراقع ويحمل الكلمة ما‬
‫ل تتحمل فرب كلمة شر تموت لو تركت مكانها حيث قيلت ورب كلمة شر‬
‫سعرت الحروب لن أحمقا نقلها ونفخ فيها فأصبحت شرارة تحرق ما حواليها‬
‫‪ ,‬وكم في واقع المسلمين من الشحناء والعداوة والبغضاء ما كان سببه إل‬
‫كلمة سارت بها الركبان وزادوا فيها ‪.‬‬
‫وقد كان أحد السلف الصالح إذا بلغه أن أحدا اغتابه أو وقع في عرضه أرسل‬
‫إليه بهدية ثم قال ‪ :‬بلغني أنك أهديت لي حسنات فأردت أن أكافئك بهذه‬
‫الهدية ‪ .‬فأين نحن من هؤلء ؟؟‬
‫إن كثيرا من الناس عندما يبلغه أن أحدا وقع في عرضه أو تعرض له بأي أذى‬
‫يبادله الوقيعة والسباب والشتم وليس هذا من أدب السلم ول من أخلقه ‪,‬‬
‫ع‬
‫ف ُ‬ ‫م ل ي َن ْ َ‬‫فلنحرص على سلمة صدورنا فلن ينفعنا يوم القيامة غير ذلك } ي َوْ َ‬
‫ل ول بنون)‪ (88‬إل م َ‬
‫سِليم ٍ { الشعراء )‪ .(89)(88‬ولنعلم‬ ‫ب َ‬ ‫قل ْ ٍ‬‫ه بِ َ‬ ‫ن أَتى الل ّ َ‬ ‫ِ َ ْ‬ ‫ما ٌ َ َ ُ َ‬ ‫َ‬
‫أن الشحناء والبغضاء والحقد التي كرهها السلم وكره ما يدفع إليها أو ينشأ‬
‫عنها هي التي تنشب من أجل الدنيا وأهوائها وملذاتها ومتعها ومناصبها ‪ .‬أما‬
‫الغضب لله والعداوة لله والبغضاء لله فذلك من اليمان ‪ .‬يقول تعالى } َياأ َي َّها‬
‫خوانك ُ َ‬
‫ن‬ ‫ما ِ‬ ‫فَر عََلى ا ِ‬
‫لي َ‬ ‫حّبوا ال ْك ُ ْ‬‫ست َ َ‬
‫نا ْ‬
‫م أوْل َِياَء إ ِ ْ‬ ‫م وَإ ِ ْ َ َ ْ‬ ‫ذوا آَباَءك ُ ْ‬
‫ُ‬
‫خ ُ‬‫مُنوا ل ت َت ّ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫ال ّ ِ‬
‫ن { التوبة)‪(23‬‬ ‫مو َ‬ ‫ظال ِ ُ‬‫م ال ّ‬ ‫ك هُ ْ‬ ‫م فَأوْل َئ ِ َ‬‫من ْك ُ ْ‬‫م ِ‬‫ن ي َت َوَل ّهُ ْ‬‫م ْ‬‫وَ َ‬
‫هناك أسباب تعين على سلمة الصدر منها ‪ -:‬صدق اللجوء إلى الله‬
‫والستعانة به على طرد الخواطر والهواجس ‪.‬‬

‫‪105‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ -1‬معرفة خطورة هذا المر) البحث عن الحق واتباعه وإن خالف رأيك (‬
‫‪ -2‬دراسة السيرة ومواقف السلف من ذلك‬
‫‪ -3‬ضبط النفس في كل ميدان ولسيما عند النقاش والجدل والحوار‬
‫‪ -4‬سلمة القصد وحسن النية‬
‫‪ -5‬التجاوز عن الهفوات والزلت وتعويد النفس على الصبر‬
‫‪ -6‬الدعاء لمن خالفك بصفة خاصة والمسلمين عامة والذكر واشتغال النفس‬
‫بذلك‬
‫‪ -7‬إفشاء السلم بين المسلمين‬
‫‪ -8‬اليثار بين المسلمين وتجنب الثرة وحب الذات‬
‫‪ -9‬البعد عن إساءة الظن بالمسلمين بل وحسن الظن بهم‬
‫فلنحسن في بقية عمرنا من العمل بأخلق السلم‪ ،‬ولنكتم غيظنا و لنصبر‬
‫عند الغضب‪ ،‬ويا إخوتي ل يأتي شيء إل بمعونة من الله فادعوا الله أن يلهمنا‬
‫الصبر والقوة أن نكون من الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب‬
‫المحسنين‪.‬‬

‫)‪(6 /‬‬

‫ما على ظني باس‬


‫شعر‪ :‬ابن زيدون‬
‫س يجرح الدهر وياسو‬ ‫ي با ُ‬ ‫ما على ظن َ‬
‫س‬‫ربما أشرف بالمر ء على المال يا ُ‬
‫ل ويرديك احتراس‬ ‫ولقد ُينجيك إغفا ٌ‬
‫والمحاذير سهام والمقادير قياس‬
‫ولكم أجدى قعود ٌ ولكم أكدى التماس‬
‫س ذل ناس‬ ‫وكذا الدهر إذا ما عّز نا ٌ‬
‫خساس‬ ‫سراةٌ و ِ‬ ‫وبنو اليام أخيا ف‪َ :‬‬
‫ة ذاك اللباس‬ ‫ن متع ٌ‬ ‫س الدنيا ولك ْ‬ ‫نلب َ ُ‬
‫سا واك في فهم ٍ إياس‬ ‫َ‬ ‫يا أبا حفص وما َ‬
‫ك لي في غسق الخطب اقتباس‬ ‫سَنا رأي َ‬
‫من َ‬
‫ص لم ُيخالفه قياس‬ ‫وودادي لك ن ّ‬
‫أنا حيران ولل مر وضوح والتباس‬
‫ما ترى في معشر حا لوا عن العهد وخاسوا‬
‫مساس‬ ‫ورأوني سامريا ي ُّتقى منه ال ِ‬
‫ش وانتهاس‬ ‫ب هامت بلحمي فانتها ٌ‬ ‫أذؤ ٌ‬
‫كلهم يسأل عن حا لي وللذئب اعتساس‬
‫ن قسا الدهر فللما ء من الصخر انبجاس‬ ‫إ ْ‬
‫ت محبو سا فللغيث احتباس‬ ‫ً‬ ‫ولئن أمسي ُ‬
‫سب َن َْتى وله بعد ُ افتراس‬ ‫ي َل ْب ُد ُ الورد ُ ال ّ‬
‫س‬
‫ة المجدِ النعا ُ‬ ‫فتأمل كيف يغشى مقل َ‬
‫س‬
‫ك في التر ب فُيوطا وُيدا ُ‬ ‫ت المس ُ‬ ‫ف ُ‬‫وي ُ َ‬
‫س‬
‫دك وَْرد َا إن عهدي لك آ ُ‬ ‫ً‬ ‫ل يكن عه ُ‬
‫فك كاس‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫تك ّ‬ ‫ً‬
‫وأدِْر ذكريَ كأسا ما امتط ْ‬
‫واغتنم صفوَ الليالي إنما العيش اختلس‬
‫شماس‬ ‫ح الدهُر فقد طال ال ِ‬ ‫وعسى أن يسم َ‬

‫‪106‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ما قيل في مسألة الجمع في الحضر لجل المطر‬


‫الشيخ ‪ /‬عبدالله بن مانع العتيبي ‪14/10/1423‬‬
‫‪18/12/2002‬‬
‫بسم الله الرحمن الرحيم‬
‫إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ‪ ،‬ونعوذ بالله من شرور أنفسنا و‬
‫سيئات أعمالنا من يهده الله فل مضلل له ‪ ،‬ومن يضلله فل هادي له ‪ ،‬وأشهد‬
‫أن ل إله إل الله وحده ل شريك له ‪ ،‬وأشهد أن محمدا ً عبده ورسوله أما‬
‫بعد ‪.‬‬
‫فقد اشتدت الحاجة إلى إبراز كلم أهل العلم في مسألة الجمع في الحضر‬
‫لجل المطر ‪ ،‬وما ذلك إل لكثرة الكلم في هذه المسألة وعدم معرفة‬
‫السبيل السوي لدى كثير من الناس‪ ،‬والواجب على العلماء وطلب العلم‬
‫إظهار العلم للناس ‪ ،‬فإن وجود العلم في الكتب ليس علما ً ‪ ،‬العلم القول‬
‫والعمل والعتقاد الصحيح‪.‬‬
‫وقد جمعت كلما ً نفيسا – أغلبه – لشيخ السلم ابن تيمية في هذه المسألة‬
‫وما تعلق بها اسأل الله أن ينفع به كل من رآه ‪،‬وأصل هذا الكلم هو حديث‬
‫ابن عباس المخرج في الصحيحين وغيرهما ولفظه ‪ :‬صلى رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم الظهر والعصر جميعا ً ‪،‬والمغرب والعشاء جميعا ً من غير‬
‫خوف ول سفر ‪،‬وفي لفظ و ل مطر ‪ ،‬وفي لفظ صلى بالمدينة سبعا ً وثمانيا ً‬
‫الظهر والعصر والمغرب والعشاء‪.‬‬
‫قال شيخ السلم رحمه الله )‪ " (24/76‬وبهذا استدل أحمد رحمه الله على‬
‫الجمع لهذه المور بطريق الولى فإن هذا الكلم يدل على أن الجمع لهذه‬
‫المور أولى وهذا من باب التنبيه بالفعل ‪ ،‬فإنه إذا جمع ليدفع الحرج الحاصل‬
‫بدون الخوف والسفر والمطر فالحرج الحاصل بهذه أولى أن يرفع ‪ .‬والجمع‬
‫لها أولى من الجميع لغيرها "‪.‬‬
‫وقال رحمه الله )‪ " (24/84‬فقول ابن عباس جمع من غير كذا ول كذا ‪ ،‬ليس‬
‫نفيا ً منه للجمع بتلك السباب بل إثبات منه لنه جمع بدونها ‪ ،‬وإن كان قد‬
‫جمع بها أيضا ً ‪ ،‬ولو لم ينقل أنه جمع بها فجمعه بما هو دونها دليل على الجمع‬
‫بها بطريق الولى فيدل ذلك على الجمع للخوف والمطر وقد جمع بعرفة‬
‫ومزدلفة من غير خوف ول مطر "‪.‬‬
‫وقال أيضا ً ) ‪ " ( 24/76‬ومما يبين أن ابن عباس لم يرد الجمع للمطر – وإن‬
‫كان الجمع للمطر أولى بالجواز – ما رواه مسلم من حديث حماد بن زيد عن‬
‫الزبير بن الخريت عن عبد الله بن شقيق قال خطبنا ابن عباس يوما ً بعد‬
‫العصر حتى غربت الشمس ‪ ،‬وبدت النجوم ‪ ،‬فجعل الناس يقولون الصلة‬
‫الصلة فجاء رجل من بني تميم ل يفتر الصلة الصلة فقال‪ :‬أ تعلمني السنة‬
‫ل أم لك ؟ ثم قال‪ :‬رأيت رسول الله صلى الله عليه وسّلم يجمع بين الظهر‬
‫والعصر ‪،‬والمغرب والعشاء قال‪ :‬عبد الله بن شقيق فحاك في صدري من‬
‫ذلك شيء ‪ ،‬فأتيت أبا هريرة فسألته فصدق مقالته ‪ .‬ورواه مسلم من حديث‬
‫عمران بن حدير عن ابن شقيق قال ‪ :‬قال رجل لبن عباس " الصلة فسكت‬
‫ثم قال الصلة فسكت ثم قال ‪ :‬ل أم لك أتعلمنا الصلة وكنا نجمع بين‬
‫الصلتين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسّلم ؟ ! " فهذا ابن عباس‬
‫لم يكن في سفر ول في مطر ‪ ،‬قد استدل بما رواه على ما فعله ‪ ،‬فعلم أن‬
‫الجمع الذي رواه لم يكن في مطر ‪ ،‬ولكن كان ابن عباس في أمر مهم من‬

‫‪107‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أمور المسلمين يخطبهم فيما يحتاجون إلى معرفته ورأى أنه إن قطعه ونزل‬
‫فاتت المصلحة ‪ ،‬فكان ذلك عنده من الحاجات التي يجوز فيها الجمع ‪ ،‬فإن‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع بالمدينة لغير خوف ول مطر ‪ ،‬بل‬
‫للحاجة تعرض كما قال " أراد أل يخرج أمته " ومعلوم أن جمع النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم بعرفة ومزدلفة لم يكن لخوف ول مطر ول لسفر أيضا ً ‪ ،‬فإنه‬
‫لو كان جمعه لسفر لجمع في الطريق ‪ ،‬ولجمع بمكة كما كان يقصر بها ‪،‬‬
‫ولجمع لما خرج من مكة إلى منى وصلى الظهر و العصر والمغرب والعشاء‬
‫و الفجر ‪ ،‬ولم يجمع بمنى قبل التعريف ول جمع بها بعد التعريف أيام منى ‪،‬‬
‫بل يصلى كل صلة ركعتين غير المغرب ‪ ،‬ويصليها في وقتها ‪.‬‬
‫ول جمعه أيضا ً كان للنسك ‪ ،‬فإنه لو كان كذلك لجمع من حين أحرم ‪ ،‬فإنه‬
‫من حينئذ صار محرما ً ‪ ،‬فعلم أن جمعه المتواتر بعرفة ومزدلفة لم يكن‬
‫لمطر ول خوف ول لخصوص النسك ول لمجرد السفر ‪ ،‬فهكذا جمعه في‬
‫المدينة الذي رواه ابن عباس ‪ ،‬وإنما كان الجمع لرفع الحرج عن أمته ‪ ،‬فإذا‬
‫احتاجوا إلى الجمع جمعوا "‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫وقال رحمه الله يرد على من زعم أن جمعه بالمدينة ‪ ،‬كان صوريا ً قال )‬
‫‪ " (24/54‬ومراعاة هذا من أصعب الشياء وأشقها ‪ ،‬فإنه يريد أن يبتدئ فيها‬
‫إذا بقي من الوقت مقدار أربع ركعات أو ثلث من المغرب ‪ ،‬ويريد مع ذلك‬
‫أل يطيلها ‪ ،‬وإن كان بنية الطالة تشرع في الوقت الذي يحتمل ذلك ‪ ،‬وإذا‬
‫دخل في الصلة ثم بدأ له أن يطيلها أو ينتظر أحدا ليحصل الركوع والجماعة‬
‫لم يشرع ذلك ويجتهد في أن يسلم قبل خروج الوقت ‪ ،‬ومعلوم أن مراعاة‬
‫هذا من أصعب الشياء علما ً وعمل ً ‪ ،‬وهو يشتغل قلب المصلي عن مقصود‬
‫الصلة ‪ ،‬والجمع شرع رخصة ودفعا ً للحرج عن المة ‪ ،‬فكيف ل يشرع إل مع‬
‫حرج شديد ومع ما ينقض مقصود الصلة ‪ ،‬فعلم أنه كان صلى الله عليه‬
‫وسلم إذا أخر الظهر و عجل العصر وأخر المغرب و عجل العشاء ‪ ،‬يفعل‬
‫ذلك على الوجه الذي يحصل به التيسير ورفع الحرج له ولمته ول يلتزم أنه ل‬
‫يسلم من الولى إل قبل خروج وقتها الخاص ‪ ،‬وكيف يعلم ذلك المصلي في‬
‫الصلة وآخر وقت الظهر أول وقت العصر وإنما يعرف على سبيل التحديد‬
‫بالظل ‪ ،‬والمصلى في الصلة ل يمكنه معرفة الظل ‪ ،‬و لم يكن مع النبي‬
‫صلى الله عليه وسّلم آلت حسابية يعرف بها الوقت ‪ ،‬ول موقت يعرف ذلك‬
‫باللت الحسابية ‪ ،‬والمغرب إنما يعرف آخر وقتها بمغيب الشفق فيحتاج أن‬
‫ينظر إلى جهة الغرب هل غرب الشفق الحمر أو البيض والمصلي في‬
‫الصلة منهي عن مثل ذلك ‪ ،‬وإذا كان يصلي في بيت أو فسطاط أو نحو ذلك‬
‫مما يستره عن الغرب ويتعذر عليه في الصلة النظر إلى المغرب ‪ ،‬فل يمكنه‬
‫في هذه الحال أن يتحرى السلم في آخر وقت المغرب ‪ ،‬بل ل بد أن يسلم‬
‫قبل خروج الوقت بزمن يعلم معه أنه يسلم قبل خروج الوقت ‪ ،‬ثم الثانية ل‬
‫يمكنه على قولهم أن يشرع فيها حتى يعلم دخول الوقت وذلك يحتاج إلى‬
‫عمل وكلفة مما لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يراعيه بل‬
‫ول أصحابه ‪ ،‬فهؤلء ل يمكن الجمع على قولهم في غالب الوقات لغالب‬
‫الناس إل مع تفريق الفعل و أولئك ل يكون الجمع عندهم إل مع اقتران‬
‫الفعل وهؤلء فهموا من الجمع اقتران الفعلين في وقت واحد أو وقتين و‬
‫أولئك قالوا ل يكون الجمع إل في وقتين ‪ ،‬وذلك يحتاج إلى تفريق الفعل ‪،‬‬

‫‪108‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وكل القولين ضعيف‪.‬‬


‫والسنة جاءت بأوسع من هذا وهذا ولم تكلف الناس ل هذا ول هذا ‪ ،‬والجمع‬
‫جائز في الوقت المشترك فتارة يجمع في أول الوقت كما جمع بعرفة ‪،‬‬
‫وتارة يجمع في وقت الثانية كما جمع في مزدلفة ‪ ،‬وفي بعض أسفاره ‪،‬‬
‫وتارة يجمع فيما بينهما في وسط الوقتين ‪ ،‬وقد تقعان معا ً في آخر وقت‬
‫الولى وقد تقعان معا ً في أول وقت الثانية ‪ ،‬وقد تقع هذه في هذا وهذه في‬
‫هذا ‪ ،‬كل هذا جائز لن أصل المسألة أن الوقت عند الحاجة مشترك والتقديم‬
‫والتوسط بحسب الحاجة والمصلحة ففي عرفة ونحوها يكون جمع التقديم‬
‫هو السنة وكذلك جمع المطر السنة أن يجمع للمطر في وقت المغرب حتى‬
‫اختلف مذهب أحمد هل يجوز أن يجمع للمطر في وقت الثانية ؟ على وجهين‬
‫‪.‬‬
‫وقال الحبر البحر الخزاني ) ‪ " ( 24/80‬وكيف يليق بابن عباس أن يقول فعل‬
‫ذلك كيل يحرج أمته والوقت المشهور هو أوسع وأرفع للحرج من هذا الجمع‬
‫الذي ذكروه ‪ ،‬وكيف يحتج على من أنكر عليه التأخير لو كان النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم إنما صلى في الوقت المختص بهذا الفعل )‪ (1‬وكان له في‬
‫تأخيره المغرب حين صلها قبل مغيب الشفق وحدها ‪ ،‬وتأخير العشاء إلى‬
‫ثلث الليل أو نصفه ما يغنيه عن هذا ‪.‬‬
‫وإنما قصد ابن عباس جواز تأخير المغرب إلى وقت العشاء ليبين أن المر‬
‫في حال الجمع أوسع منه في غيره ‪ ،‬وبذلك يرتفع الحرج عن المة ‪ ،‬ثم ابن‬
‫عباس قد ثبت عنه في الصحيح أنه ذكر الجمع في السفر ‪ ،‬وأن النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم جمع بين الظهر والعصر في السفر إذا كان على ظهر‬
‫سيره ‪ ...‬فعلم أن لفظ الجمع في عرفه وعادته إنما الجمع في وقت إحداهما‬
‫‪ ،‬أما الجمع في الوقتين فلم يعلم أنه تكلم به ‪ ،‬فكيف يعدل عن عادته التي‬
‫يتكلم بها إلى ما ليس كذلك ؟‪.‬‬
‫وأيضا ً فابن شقيق يقول حاك في صدري من ذلك شيء فأتيت أبا هريرة‬
‫فسألته فصدق مقالته ‪ ،‬أتراه حاك في صدره أن الظهر ل يجوز تأخيرها إلى‬
‫آخر الوقت ؟ وأن العصر ل يجوز تقديمها إلي أول الوقت ؟ وهل هذا مما‬
‫يخفى على أقل الناس علما حتى يحيك في صدره منه ؟ وهل هذا مما يحتاج‬
‫أن ينقله إلى أبي هريرة أو غيره حتى يسأل عنه إن هذا مما تواتر عند‬
‫المسلمين وعلموا جوازه وإنما وقعت الشبهة لبعضهم في المغرب خاصة‬
‫وهؤلء يجوزون تأخيرها إلى آخر وقتها ‪ ،‬فالحديث حجة عليهم كيفما كان‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫وجواز تأخيرها ليس معلقا ً بالجمع ‪ ،‬بل يجوز تأخيرها مطلقا ً إلى آخر الوقت‬
‫حتى يؤخر العشاء أيضا وهكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم حين بين‬
‫أحاديث المواقيت ‪ ،‬وهكذا في الحديث الصحيح " وقت المغرب ما لم يغب‬
‫نور الشفق ‪ ،‬ووقت العشاء إلى نصف الليل ‪ ،‬كما قال وقت الظهر ما لم‬
‫يصر ظل كل شيء مثله ‪ ،‬ووقت العصر ما لم تصفر الشمس " فهذا الوقت‬
‫المختص الذي بينه بقوله وفعله وقال " الوقت ما بين هذين " ليس له‬
‫اختصاص بالجمع ول تعلق به ‪ ،‬ولو قال قائل جمع بينهما بالمدينة من غير‬
‫خوف ول سفر المراد به الجمع في الوقتين كما يقول ذلك من يقوله من‬
‫الكوفيين لم يكن بينه وبينهم فرق ‪ ،‬فلماذا يكون النسان من المطففين ل‬
‫يحتج لغيره كما يحتج لنفسه ؟ ول يقبل لنفسه ما يقبله لغيره ؟ وأيضا فقد‬

‫‪109‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ثبت هذا من غير طريق ابن عباس رواه الطحاوي)‪ (2‬حدثنا ابن خزيمة‬
‫وابراهيم بن أبي داود وعمران بن موسى أنبأنا الربيع بن يحيى الشناني‬
‫حدثنا سفيان الثوري عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال جمع‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء‬
‫بالمدينة للرخصة من غير خوف ول علة لكن ينظر في حال الشناني )‪. (3‬‬
‫وجمع المطر عن الصحابة ‪ ،‬فما ذكره مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر‬
‫كان إذا جمع المراء بين المغرب والعشاء ليلة المطر جمع معهم في ليلة‬
‫المطر ‪ ،‬قال البيهقي رواه العمري عن نافع فقال ‪ :‬قبل الشفق وروى‬
‫الشافعي في القديم أنبأنا بعض أصحابنا عن أسامة بن زيد عن معاذ بن عبد‬
‫الله بن حبيب أن ابن عباس جمع بينهما في المطر قبل الشفق وذكر ما‬
‫ورواه أبو الشيخ الصبهاني بالسناد الثابت عن هشام بن عروة وسعيد بن‬
‫المسيب وأبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام كانوا يجمعون بين‬
‫المغرب والعشاء في الليلة المطيرة إذا جمعوا بين الصلتين ‪ ،‬ول ينكر ذلك‬
‫وبإسناده عن موسى بن عقبة أن عمر بن عبد العزيز كان يجمع بين المغرب‬
‫والعشاء الخرة إذا كان المطر وان سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير‬
‫وأبابكر ابن عبد الرحمن ومشيخة ذلك الزمان كانوا يصلون معهم ول ينكرون‬
‫ذلك ‪.‬‬
‫فهذه الثار تدل على أن الجمع للمطر من المر القديم المعمول به بالمدينة‬
‫زمن الصحابة والتابعين ‪ ،‬مع أنه لم ينقل أن أحدا من الصحابة والتابعين أنكر‬
‫ذلك ‪ ،‬فعلم أنه منقول عندهم بالتواتر جواز ذلك ‪ ،‬لكن ل يدل على أن النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم لم يجمع إل للمطر ‪ ،‬بل إذا جمع لسبب هو دون المطر‬
‫مع جمعه أيضا للمطر ‪ ،‬كان قد جمع من غير خوف ول مطر ‪ ،‬كما أنه إذا‬
‫جمع في السفر وجمع في المدينة كان قد جمع في المدينة من غير خوف ول‬
‫سفر ‪ ،‬فقول ابن عباس جمع من غير كذا ول كذا ليس نفيا منه للجمع بتلك‬
‫السباب ‪ ،‬بل إثبات منه لنه جمع بدونها ‪ ،‬وإن كان قد جمع بها أيضا ‪ ،‬ولو لم‬
‫ينقل أنه جمع بها فجمعه بما هو دونها دليل على الجمع بها بطريق الولى ‪،‬‬
‫فيدل ذلك على الجمع للخوف والمطر وقد جمع بعرفة ومزدلفة من غير‬
‫خوف ول مطر ‪ ،‬فالحاديث كلها تدل على أنه جمع في الوقت الواحد لرفع‬
‫الحرج عن أمته فيباح الجمع إذا كان في تركه حرج قد رفعه الله عن المة‬
‫وذلك يدل على الجمع للمرض الذي يحرج صاحبه بتفريق الصلة بطريق‬
‫الولى والحرى ‪ ،‬ويجمع من ل يمكنه إكمال الطهارة في الوقتين إل بحرج‬
‫كالمستحاضة وأمثال ذلك من الصور"‪.‬‬
‫وقال تقي الدين حفيد المجد في موضع آخر )‪ (25/229‬وكذلك يجمع بين‬
‫الظهر والعصر على أظهر القولين هو إحدى الروايتين عن أحمد ‪ ،‬ويجمع‬
‫بينهما للوحل الشديد والريح الشديدة الباردة ونحو ذلك في أظهر قولي‬
‫العلماء وهو قول مالك وأظهر القولين في مذهب أحمد‪.‬‬
‫وقال أيضا ً ) ص ‪ ( 230‬من الجزء نفسه " ولهذا كان الجمع المشروع للمطر‬
‫هو جمع التقديم في وقت المغرب ول يستحب أن يؤخر بالناس المغرب إلى‬
‫مغيب الشفق ‪ ،‬بل هذا حرج عظيم على الناس ‪ ،‬وإنما شرع الجمع لئل يحرج‬
‫المسلمون ) وقال أيضا ( " وكذلك جواز الجمع ل يشترط له الموالة في‬
‫أصح القولين ‪ ،‬كما قد ذكرناه في غير هذا الموضع "‪.‬‬
‫وقال تقي الدين ) ‪ ( 24/28‬فأوسع المذاهب في الجمع بين الصلتين مذهب‬
‫المام أحمد فإن نص على أنه يجوز الجمع للحرج والشغل لحديث روى)‪(4‬‬
‫في ذلك قال القاضي أبو يعلى وغيره من أصحابنا يعني إذا كان هناك شغل‬

‫‪110‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يبيح له ترك الجمعة والجماعة جاز له الجماعة ‪ ،‬يجوز عنده وعند مالك‬
‫وطائفة من أصحاب الشافعي الجمع للمرض ويجوز عند الثلثة الجمع للمطر‬
‫بين المغرب والعشاء وفي صلتي النهار نزاع بينهم ‪ ،‬ويجوز في ظاهر مذهب‬
‫أحمد ومالك الجمع للوحل والريح الشديدة الباردة ونحو ذلك ويجوز للمرضع‬
‫أن تجمع إذا يشق عليها غسل الثوب في وقت كل صلة نص عليه أحمد )‬
‫‪. (5‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫وتنازع العلماء في الجمع والقصر هل يفتقر إلى نية ؟ فقال جمهورهم ‪ :‬ل‬
‫يفتقر إلى نية وهذا مذهب مالك وأبي حنيفة ‪ ،‬وأحد القولين في مذهب أحمد‬
‫وعليه تدل نصوصه وأصوله ‪ ،‬وقال الشافعي وطائفة من أصحاب أحمد إنه‬
‫يفتقر إلى نية وقول الجمهور هو الذي تدل عليه سنة رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم كما قد بسطت هذه المسألة في موضعها "‬
‫وسئل رحمه الله )‪ ( 24/29‬عن رجل يؤم قوما ً وقد وقع المطر والثلج فأراد‬
‫أن يصلي بهم المغرب فقالوا له يجمع فقال ‪ :‬ل أفعل فهل للمؤمنين أن‬
‫يصلوا في بيوتهم أم ل ؟‬
‫فأجاب ‪ :‬الحمد لله نعم يجوز الجمع للوحل الشديد والريح الشديدة الباردة‬
‫في الليلتة الظلماء ونحو ذلك وإن لم يكن المطر نازل ً في أصح قولي العلماء‬
‫وذلك أولى من أن يصلوا في بيوتهم بل ترك الجمع مع الصلة في بيوتهم‬
‫بدعة مخالفة للسنة إذا السنة أن تصلى الصلوات الخمس في المساجد‬
‫جماعة ‪ ،‬وذلك أولى من الصلة في البيوت باتفاق المسلمين والصلة جمعا‬
‫في المساجد أولى من الصلة في البيوت مفرقة باتفاق الئمة الذين يجوزون‬
‫الجمع كمالك والشافعي وأحمد والله تعالى أعلم " ‪.‬‬
‫وقال رحمه الله ) صـ ‪ 50‬من الجزء نفسه ( " والنبي صلى الله عليه وسلم‬
‫لما كان يصلى بأصحابه جمعا ً وقصرا ً لم يكن يأمر أحدا ً منهم بنية الجمع‬
‫والقصر "‪.‬‬
‫ً‬
‫وقال أيضا ) صـ ‪ " ( 51‬والمام أحمد لم ينقل عنه فيما أعلم أنه اشترط النية‬
‫في جمع ول قصر "‪.‬‬
‫وقال )صـ ‪ "( 54‬والصحيح أنه ل تشترط الموالة بحال ل في وقت الولى ول‬
‫في وقت الثانية ‪،‬فإنه ليس لذلك حد في الشرع‪ ،‬ولن مراعاة ذلك يسقط‬
‫مقصود الرخصة "‬
‫وقال ) صـ ‪ ( 52‬وقال أحمد إذا صلى إحدى صلتي الجمع في بيته والخرى‬
‫في المسجد فل بأس وهذا نص منه على أن الجمع هو جمع في الوقت ل‬
‫تشترط فيه المواصلة " انتهى كلمه رحمه الله‪.‬‬
‫والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وسلم‬
‫)‪-(1‬أما ما وقع في‪ -‬رواية‪ -‬النسائي ‪ :‬أخر الظهر وعجل العصر ‪ ..‬إلخ فهذا‬
‫مدرج من كلم جابر أبي الشغثاء أو من تحته كما بينت رواية البخاري ذلك ‪،‬‬
‫وممن جزم بالدراج المنذري تهذيب السنن ) ‪ ( 2/56‬وابن عبد البر في‬
‫التمهيد ) ‪ ( 12/219‬وهو مقتضى صنيع البخاري‪.‬‬
‫)‪-(2‬رواه الطحاوي في شرح المعاني ) ‪ ( 1/161‬وتمام في فوائده الروض‬
‫البسام )‪ (2/43‬والحديث قال فيه أبو حاتم باطل عن الثوري ‪ .1‬هـ واصله‬
‫ثابت عن ابن عباس والكلم على حديث جابر يطول دون كثير فائدة وخلصة‬
‫الكلم أنه بهذا السند ل شيء وكذا قال الدار قطني‬

‫‪111‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪-(3‬هو ثقة رحمه الله لكن الحديث فيه علة ‪.‬‬


‫)‪-(4‬هو ما رواه النسائي ) ‪ ( 1/286‬اخبرنا أبو عاصم خشيش بن أصرم حدثنا‬
‫حبان بن هلل حدثنا حبيب وهو ابن أبي حبيب عن عمرو بن هرم عن جابر بن‬
‫زيد عن ابن عباس " أنه صلى بالبصرة الولى والعصر ليس بينهما شيء ‪،‬‬
‫والمغرب والعشاء ليس بينهما شيء ‪ ،‬فعل ذلك من شغل وزعم ابن عباس‬
‫أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة الولى والعصر ثمان‬
‫سجدات ليس بينهما شيء " إسناده ل بأس به ‪ ،‬وحبيب حدث عنه ابن مهدي‪.‬‬
‫)‪-(5‬وفي الختيارات قال الشيخ صـ ‪ 74‬ويجوز الجمع أيضا ً للطباخ والخباز‬
‫ونحوهما ممن يخشى فساد ماله‪.‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫ما ل يسع التاجر جهله في البيع والشراء‬


‫الحمد لله رب العالمين ‪ ،‬والصلة والسلم على أشرف النبياء والمرسلين ؛‬
‫سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ‪ ،‬أما بعد ‪- :‬‬
‫أول ً ‪ :‬قواعد عامة ل يسع التاجر جهلها‪:‬‬
‫‪ -1‬النية الصالحة ‪:‬‬
‫ً‬
‫النية الصالحة من المور المطلوبة عموما على كل الناس لسيما التجار منهم‬
‫‪ ،‬وقد قال ‪ -‬صلى الله عليه وآله وسلم – " إنما العمال بالنيات وإنما لكل‬
‫امرئ ما نوى")‪ ، (1‬والمقصود بصلح النية للتاجر أن يقصد بتجارته وجه الله‬
‫تعالى فل يبتغي من ورائها افتخارا ً على الناس ول تطاول ً ول إفسادا ً في‬
‫َْ‬
‫ه‬‫ن الل ّ َ‬‫ض إِ ّ‬ ‫ساد َ ِفي الْر ِ‬ ‫ف َ‬ ‫الرض ول علوا ً ‪ ،‬قال تعالى عن قارون ‪ ? :‬وََل ت َب ِْغ ال ْ َ‬
‫ن ? ]القصص ‪ ، [77 :‬وعليه أن ينوي بتجارته هذه إعفاف‬ ‫دي َ‬‫س ِ‬‫ف ِ‬ ‫ب ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫َل ي ُ ِ‬
‫نفسه عن المال الحرام ‪ ،‬وعن ذل السؤال‪ ،‬وأن يقصد الستعانة به على‬
‫داَر‬
‫ه ال ّ‬ ‫ك الل ّ ُ‬‫ما آَتا َ‬ ‫طاعة الله عز وجل ‪ ،‬قال تعالى عن قارون ‪َ ? :‬واب ْت َِغ ِفي َ‬
‫خَرة َ ? ]القصص ‪ ،[77 :‬وعليه أن ُيعين بهذا المال الفقيَر وذا الحاجة‬ ‫اْل ِ‬
‫الملهوف وخاصة الرحام منهم بإكرامهم والتصدق عليهم وتفقد أحوالهم قال‬
‫ه إ ِل َي ْ َ‬ ‫تعالى‪ ? :‬وأ َحسن ك َ َ‬
‫ك ?]القصص ‪ ، [77 :‬وعن أنس بن‬ ‫ن الل ّ ُ‬
‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫ما أ ْ‬‫َ‬ ‫َ ْ ِ‬
‫ً‬
‫مالك ‪ -‬رضي الله عنه‪ -‬قال‪ :‬كان أبو طلحة أكثر النصار بالمدينة مال من‬
‫نخل ‪ ،‬وكان أحب أمواله إليه بيرحاء ‪ ،‬وكانت مستقبلة المسجد ‪ ،‬وكان‬
‫رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وآله وسلم ‪ -‬يدخلها ويشرب من ماء فيها‬
‫حّتى‬ ‫طيب ‪ .‬قال أنس فلما أنزلت هذه الية ‪ ،‬قال تعالى‪َ ? :‬لن ت ََناُلوا ْ ال ْب ِّر َ‬
‫ن ? ]آل عمران‪ ، [92:‬قام أبو طلحة إلى رسول الله ‪ -‬صلى‬ ‫حّبو َ‬ ‫ما ت ُ ِ‬‫م ّ‬ ‫قوا ْ ِ‬ ‫ُتنفِ ُ‬
‫الله عليه وآله وسلم ‪ -‬فقال يا رسول الله ‪ :‬إن الله تبارك وتعالى يقول ? َلن‬
‫ن ? ]آل عمران‪ ، [92:‬وإن أحب أموالي إلي‬ ‫حّبو َ‬‫ما ت ُ ِ‬
‫م ّ‬‫قوا ْ ِ‬‫حّتى ُتنفِ ُ‬ ‫ت ََناُلوا ْ ال ْب ِّر َ‬
‫بيرحاء ‪ ،‬وإنها صدقة لله أرجو برها وذخرها عند الله فضعها يا رسول الله‬
‫حيث أراك الله ‪ ،‬قال ‪ :‬فقال رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وآله وسلم ‪ ": -‬بٍخ‬
‫ذلك مال رابح ذلك مال رابح ‪ ،‬وقد سمعت ما قلت ‪ ،‬وإني أرى أن تجعلها في‬
‫القربين " ‪ ،‬فقال أبو طلحة ‪ :‬أفعل يا رسول الله‪ ،‬فقسمها أبو طلحة في‬
‫أقاربه وبني عمه " )‪(2‬‬
‫‪ -2‬الخلق الحسن ‪:‬‬
‫والمقصود بحسن الخلق أن يتحلى التاجر بالصدق والمانة ‪ ،‬قال ‪ -‬صلى الله‬
‫عليه وآله وسلم – " التاجر الصدوق المين مع النبيين والصديقين والشهداء‬
‫")‪ ،(3‬وعليه بالقناعة والبتعاد عن الطمع ‪ ،‬فعن أنس بن مالك ‪ -‬رضي الله‬

‫‪112‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫عنه ‪ -‬عن النبي ‪ -‬صلى الله عليه وآله وسلم – قال ‪ ":‬ثلث مهلكات ‪ :‬شح‬
‫مطاع ‪ ،‬وهوى متبع ‪ ،‬وإعجاب المرء بنفسه من الخيلء " )‪،(4‬وعليه أن يفي‬
‫قودِ ?‬ ‫مُنوا ْ أ َوُْفوا ْ ِبال ْعُ ُ‬
‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬
‫َ‬
‫بالوعود وأن يؤدي الحقوق ‪ ،‬قال تعالى‪َ ? :‬يا أي َّها ال ّ ِ‬
‫]المائدة ‪ ، [1:‬وعليه أن يحسن القضاء والطلب وأن يكون سمحا ً في بيعه‬
‫وشرائه فل يغش ول يخدع ول يحتال ل في بيعه ول في شرائه ‪ ،‬فعن جابر بن‬
‫عبد الله ‪ -‬رضي الله عنه ‪ : -‬أن رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وآله وسلم ‪-‬‬
‫قال ‪ ":‬رحم الله رجل ً سمحا ً إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى " )‪ ،(5‬وعن‬
‫حذيفة ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬قال ‪ :‬قال النبي ‪ -‬صلى الله عليه وآله وسلم – "‬
‫تلقت الملئكة روح رجل ممن كان قبلكم ؛ قالوا ‪ :‬أعملت من الخير شيئا ً ؟‬
‫قال " كنت آمر فتياني أن ينظروا المعسر ويتجاوزوا عن الموسر ‪ .‬قال ‪ :‬قال‬
‫‪ ":‬فتجاوزوا عنه " )‪. (6‬‬
‫‪ -3‬موالة المؤمنين ‪:‬‬
‫إن المال قوة وسلطان يوَدع عند العبد ‪،‬لينظر ربه كيف يصنع به ولو شاء الله‬
‫َْ‬
‫ض وَل َك ِ ّ‬
‫ن‬ ‫ت َوالْر ِ‬ ‫ماَوا ِ‬‫س َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫أن ينزعه منه لنزعه قال تعالى‪ ? :‬وَل ِل ّهِ َ‬
‫خَزائ ِ ُ‬
‫ن ? ]المنافقون ‪ ، [7:‬وعلى التاجر أن يسخر هذا المال‬ ‫قُهو َ‬ ‫ن َل ي َ ْ‬
‫ف َ‬ ‫قي َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫مَنافِ ِ‬
‫فيما أمره الله به ومما أمر الله به أن يسخر ماله لتقوية اقتصاد المسلمين‬
‫وتحسين حياتهم ورفع معايشهم ‪ ،‬وهذا من تمام الموالة للمسلمين والله‬
‫ض ? ]التوبة ‪،[71:‬‬ ‫سبحانه يقول ‪ ? :‬وال ْمؤْمنون وال ْمؤْمنات بعضه َ‬
‫م أوْل َِياء ب َعْ ٍ‬
‫َ ُ ِ ُ َ َ ُ ِ َ ُ َْ ُ ُ ْ‬
‫ول ماله إلى البنوك الكافرة لنه بذلك‬ ‫وعلى ذلك فل يجوز للتاجر أن يح ّ‬
‫يسهم في تقوية اقتصاد الكافرين وتحسين معيشتهم ورفع مستوى حياتهم؛‬
‫وهذا بدوره يؤدي إلى تطاولهم على المسلمين وإهانتهم وإذللهم ‪ ،‬وفي ذلك‬
‫خيانة للمسلمين ينبغي للتاجر أن يتجنبها وأن يحذر من الوقوع فيها ؛ حتى‬
‫ولو كان ذلك من دون قصد منه ‪.‬‬
‫‪ -4‬أداء الحقوق ‪:‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ينبغي أن يعلم التاجر أن المال لله يهبه لمن يشاء من عباده فهو المالك‬
‫سطُ‬ ‫ه ي َب ْ ُ‬‫الحقيقي للمال وإنما هو وديعة عندك أيها العبد ‪ ،‬قال تعالى‪ ? :‬الل ّ ُ‬
‫م ? ]العنكبوت ‪:‬‬ ‫يٍء عَِلي ٌ‬
‫ش ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ه ب ِك ُ ّ‬‫ن الل ّ َ‬
‫ه إِ ّ‬‫قدُِر ل َ ُ‬‫عَبادِهِ وَي َ ْ‬
‫ن ِ‬ ‫م ْ‬‫شاُء ِ‬ ‫ن يَ َ‬
‫م ْ‬
‫الّرْزقَ ل ِ َ‬
‫‪ ،[62‬والله قد جعل في هذا المال حقا للغير ‪،‬كالفقير والمسكين ‪ ..‬فإن لهم‬‫ً‬
‫ة َول‬‫ض َ‬‫ف ّ‬‫ب َوال ْ ِ‬ ‫ن الذ ّهَ َ‬‫ن ي َك ْن ُِزو َ‬
‫ذي َ‬ ‫حقا ً فيه من الزكاة وغيرها قال تعالى ‪َ ? :‬وال ّ ِ‬
‫ب أ َِليم ٍ ?] التوبة‪ ، [ 34:‬فل يجوز للتاجر‬ ‫م ب ِعَ َ‬
‫ذا ٍ‬ ‫شْرهُ ْ‬ ‫ل الل ّهِ فَب َ ّ‬‫سِبي ِ‬
‫قون ََها ِفي َ‬ ‫ُينفِ ُ‬
‫أن يحتال على الزكاة ُبغية التقليل منها أو عدم إخراجها ‪ ،‬وعليه أن يعطي‬
‫الجراء أجرتهم قبل أن يجف العرق منهم ‪ ،‬عن عبد الله بن عمر ‪ -‬رضي الله‬
‫عنهما ‪ -‬قال ‪ :‬قال رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وآله وسلم – " أعطوا الجير‬
‫أجره قبل أن يجف عرقه ")‪ ،(7‬وعليه أن يعطيهم أجورهم كاملة موفاة من‬
‫غير أن ينقص أو يقتطع شيئا ً منه بغير حق ‪ ،‬وليكن كأحد الثلثة الذين آواهم‬
‫المبيت إلى الغار فجاءت صخرة فسدت عليهم الباب فقال " اللهم إني‬
‫مرت أجره‬ ‫استأجرت أجراء فأعطيتهم إل رجل واحد ترك الذي له وذهب ‪ ،‬فث ّ‬
‫ي أجري ‪.‬‬ ‫حتى كثرت منه الموال فجاءني بعد حين فقال ‪ :‬يا عبد الله أدِ إل ّ‬
‫فقلت له ‪ :‬كل ما ترى من أجرك من البل والبقر والغنم والرقيق ‪ .‬فقال ‪ :‬يا‬
‫عبد الله ل تستهزىء بي ! فقلت ‪ :‬إني ل أستهزىء بك ‪ .‬فأخذه كله فاستاقه‬
‫فلم يترك منه شيئا ً ‪ ،‬اللهم فإن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنا ما‬

‫‪113‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫نحن فيه فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون " )‪ ، (8‬كما أنه يجب على‬
‫التاجر أيضا ً أن يعطي الدائنين حقهم من الديون وأل يماطلهم أو ينكرهم‬
‫حقوقهم وقد قال ‪ -‬صلى الله عليه وآله وسلم – " مطل الغني ظلم " )‪.(9‬‬
‫‪ -5‬عدم الضرار بالخرين ‪:‬‬
‫وهذا ما دلت عليه النصوص من تحريم البيع على البيع ‪ ،‬والحتكار ‪،‬‬
‫والنجش ‪ ،‬والغرر وبيع الحاضر للبادي وبيع العربون ‪ ..‬فإن هذا مما يوقع‬
‫الضرر بالخرين وإن كان في ذلك مصلحة له ولكنه سيضر بالخرين ‪ ،‬ول‬
‫يجوز للمرء أن يجلب النفع لنفسه ثم هو بذلك يضر غيره ‪ ،‬وقد تقرر أنه ل‬
‫ضرر ول ضرار وأن الضرر ُيزال ‪ ،‬وكما أن الشريعة قد راعت مصلحة التاجر‬
‫فإنها أيضا ً راعت مصلحة التاجر الخر وكذا مصلحة المشتري ‪.‬‬
‫‪ -6‬تعلم أحكام المعاملت ‪:‬‬
‫إن تعلم أحكام البيع والشراء من فروض العيان على التجار ؛ لن لكل امرئ‬
‫عبادة تليق به بحسب موقعه وزمانه ‪ ..‬والتاجر مطالب أن يعبد الله بتجارته‬
‫هذه ‪ ،‬ولذا ل بد له من تعلم أحكام البيع والشراء وأحكام الربا والصرف ‪..‬‬
‫وغيرها مما يحتاج إليه ؛ وإذا كان ديننا شامل ً لكل مناحي الحياة فإنه من غير‬
‫المعقول أن يعلمنا السلم كيفية البول والغائط وغيرها من المور البسيطة‬
‫في نظرنا ثم ل يعلمنا المور الهم !! ولذلك فقد جاء في شرعنا السلمي‬
‫ضبط لهذه التعاملت التجارية ‪ ،‬ومن هنا كان عمر ينهى من ل يعرف أحكام‬
‫البيع والشراء عن التجارة ‪ ،‬لنه ربما تعامل مع غيره معاملة تجارية محرمة‬
‫وهو ل يدري )وحسن المقصد ل يبرر سوء الفعل( ولذا يجب على التاجر أن‬
‫يتعلم أحكام التجارة والستثمار في السلم حتى ل يكون مأكله ومشربه‬
‫وملبسه حرام فيكون ذلك سببا ً في عدم إجابة دعوته عن أبي هريرة ‪ -‬رضي‬
‫الله عنه ‪ -‬قال ‪ :‬قال رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وآله وسلم ‪ " : -‬أيها الناس‬
‫إن الله طيب ل يقبل إل طيبا ً ‪ ،‬وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين‬
‫َ‬
‫مُلو َ‬
‫ن‬ ‫ما ت َعْ َ‬‫صاِلحا ً إ ِّني ب ِ َ‬‫مُلوا َ‬ ‫ت َواعْ َ‬ ‫ن الط ّي َّبا ِ‬ ‫ل ك ُُلوا ِ‬
‫م َ‬ ‫س ُ‬
‫فقال ‪َ ? :‬يا أي َّها الّر ُ‬
‫َ‬
‫من ط َي َّبا ِ‬
‫ت‬ ‫مُنوا ْ ك ُُلوا ْ ِ‬ ‫نآ َ‬ ‫م ? ]المؤمنون ‪ ، [51:‬وقال تعالى‪َ ? :‬يا أي َّها ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫عَِلي ٌ‬
‫م ? ]البقرة ‪ ، [172:‬ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ما َرَزقَناك ْ‬ ‫َ‬
‫يديه إلى السماء ‪ :‬يا رب يا رب ‪،‬ومطعمة حرام ومشربه حرام وملبسه حرام‬
‫ذي بالحرام فأنى يستجاب لذلك ؟ ")‪ ، (10‬ولن في تعلمه لهذه الحكام‬ ‫وغ ُ ّ‬
‫صيانة لماله لن الله ل يشرع تشريعا ً إل وفيه المصلحة للعبد ول ينهى عن‬
‫شيء إل وفيه مفسدة له ‪.‬‬
‫‪ -7‬التبايع في الطيبات والمباحات ‪:‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫فإن الله تعالى طيب ل يقبل إل طيبا ً ‪ ،‬ول يليق بالمسلم أن يتعامل مع غيره‬
‫ث ? ]المائدة‪:‬‬ ‫م ال ْ َ‬
‫خَبائ ِ َ‬ ‫م عَل َي ْهِ ْ‬
‫حّر ُ‬ ‫م الط ّي َّبا ِ‬
‫ت وَي ُ َ‬ ‫ل ل َهُ ْ‬
‫ح ّ‬
‫بالخبائث قال تعالى ‪ ? :‬وَي ُ ِ‬
‫‪ ، [100‬وخرج بقولنا الطيبات ما كان بيعه مخل ً بالعقيدة كبيع الصنام‬
‫ومجسمات صور الحياء ‪ ،‬وكذا ما ذبح لغير الله تعالى أو ما لم يذكر اسم‬
‫الله عليه ‪ ،‬وخرج أيضا ً كل ما كان خبيثا ً مستقذرا ً في ذاته فل يجوز له أن يبيع‬
‫النجاسات وكذا الخمر والميتة والدم ولحم الخنزير والكلب عن أبي جحيفة‬
‫قال‪ :‬نهى النبي ‪ -‬صلى الله عليه وآله وسلم‪ -‬عن ثمن الكلب وثمن الدم " )‬
‫‪ ، (11‬ومثله في الحكم أيضا ً السجائر والدخان ‪ ،‬وخرج بقولنا المباحات ما‬
‫كان محرما ً كآلت الطرب والمعازف وأشرطة الغاني والفلم الخليعة‬

‫‪114‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫والصور العارية وكذا كل ما فيه نشر للفاحشة‪ ..‬فهذه وأمثالها يحرم بيعها ‪.‬‬
‫‪ -8‬تجنب أكل أموال الناس بالباطل ‪:‬‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫ن ت َكو َ‬ ‫ّ‬
‫ل إ ِل أ ْ‬ ‫م ِبالَباط ِ ِ‬ ‫ُ‬
‫م ب َي ْن َك ْ‬ ‫ُ‬
‫والك ْ‬ ‫مُنوا ل ت َأك ُلوا أ ْ‬
‫م َ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬‫قال تعالى‪َ ?:‬يا أي َّها ال ّ ِ‬
‫حيما ً ? ] النساء‪:‬‬ ‫م َر ِ‬ ‫ن ب ِك ُ ْ‬ ‫كا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫م إِ ّ‬‫سك ُ ْ‬‫ف َ‬ ‫قت ُُلوا َأن ُ‬ ‫م َول ت َ ْ‬ ‫من ْك ُ ْ‬
‫ض ِ‬ ‫ن ت ََرا ٍ‬
‫جاَرة ً عَ ْ‬
‫تِ َ‬
‫‪ ، [ 29‬ومن هنا حرمت الرشوة " لعن رسول الله‪ -‬صلى الله عليه وآله‬
‫وسلم – الراشي والمرتشي " )‪ ،(12‬وعليه فل يجوز للتاجر أن يعطي‬
‫الرشوة لبعض الموظفين لقصد الضرار بالتجار الخرين أو لقصد تسهيل‬
‫معاملةٍ ما أو لقصد التلعب بالمواصفات ‪.‬‬
‫وحرمت الحيلة والخديعة أيضا ً قال رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وآله وسلم–‬
‫" إذا بايعت فقل ل خلبة " )‪ (13‬وعليه ل يجوز له أن يدلس على المشتري‬
‫في السلعة أو المواصفات ‪ ،‬كما ل يجوز له أن يغير في ملصقات السلع أو‬
‫تواريخ النتهاء ليغش بذلك المشتري ‪ ،‬ومثله التغيير في الوزان والمكاييل ‪،‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫مط َ ّ‬ ‫ل ل ِل ْ ُ‬
‫ن وَإ َِذا‬ ‫ست َوُْفو َ‬ ‫س يَ ْ‬ ‫ن إ َِذا اك َْتالوا عَلى الّنا ِ‬ ‫ذي َ‬ ‫في َ‬ ‫ف ِ‬ ‫قال تعالى ‪ ? :‬وَي ْ ٌ‬
‫كاُلوهُ َ‬
‫ن ? ]المطففين ‪.[3-1:‬‬ ‫سُرو َ‬ ‫خ ِ‬ ‫م يُ ْ‬ ‫م أوْ وََزُنوهُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ب‬‫صا ُ‬ ‫سُر َوالن َ‬ ‫مي ْ ِ‬ ‫مُر َوال ْ َ‬ ‫خ ْ‬ ‫ما ال ْ َ‬ ‫وحرم أيضا ً القمار )الميسر( ‪ ،‬قال تعالى‪ ? :‬إ ِن ّ َ‬
‫َ‬
‫ن ?]المائدة‪،[90:‬‬ ‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬‫م تُ ْ‬ ‫جت َن ُِبوه ُ ل َعَل ّك ُ ْ‬ ‫ن َفا ْ‬ ‫طا ِ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫م ِ‬ ‫ن عَ َ‬ ‫م ْ‬‫س ِ‬ ‫ج ٌ‬ ‫م رِ ْ‬
‫َوالْزل ُ‬
‫وهو ما احتمل أن يكون المرء فيه غارما ً وغانما ً في نفس الوقت‪ ،‬وعليه فل‬
‫يجوز ما يقوم به بعض التجار من مسابقات الليانصيب أو ما يسمى بسحب‬
‫الكوبونات على بعض الجوائز بسبب شراء بعض السلع ‪.‬‬
‫وحرم أيضا ً الغش قال رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وآله وسلم– " من غش‬
‫فليس مني ")‪ (14‬وقد سبق ذكر بعض المثلة ‪.‬‬
‫وحرم أيضا ً الغرر في البيع " نهى النبي ‪ -‬صلى الله عليه وآله وسلم – عن بيع‬
‫الحصاة ‪ ،‬وعن بيع الغرر ")‪ ،(15‬والغرر في اللغة ‪ :‬الجهل والخطر‪ .‬ومداره‬
‫في الصطلح على ‪ :‬الجهل بالعاقبة أو التردد بين السلمة والعطب)‪،(16‬‬
‫وعليه فل يجوز ما يحصل في البورصات من البيوع ؛ لن فيها غررا ً وفيها أيضا ً‬
‫بيع الشيء قبل قبضه ‪ ،‬وفيها بيع مل ليس عندك ‪ ،‬وفيها جهالة ‪.‬‬
‫وحرم أيضا ً النجش في البيع " نهى النبي ‪ -‬صلى الله عليه وآله وسلم – عن‬
‫النجش ")‪ ،(17‬وهو الزيادة في ثمن السلعة ممن ل يريد شراءها ليقع غيره‬
‫فيه)‪ ،(18‬وهو ما يفعله بعض السماسرة حيث يوهم المشتري أنه مشتر آخر‬
‫وأنه قد وجد نفس هذه السلعة بثمن أغلى ليوهمه أن سعرها عند هذا التاجر‬
‫رخيص فيبادر إلى شرائها من دون التثبت في سعرها الحقيقي ‪.‬‬
‫وحرم أيضا ً بيع المسلم على بيع أخيه المسلم قال ‪ -‬صلى الله عليه وآله‬
‫وسلم – " ل يبع بعضكم على بيع أخيه " )‪،(19‬فل يجوز للتاجر أن يبيع السلعة‬
‫مرتين بحجة أن الثاني أعطاه سعرا ً أكثر من الول ‪.‬‬
‫وحرم أيضا ً الحتكار قال رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وآله وسلم– "ل يحتكر‬
‫إل خاطئ " )‪ ،(20‬والحتكار هو ‪ :‬شراء السلعة في وقت الغلء وحبسها ليغلو‬
‫ثمنها مع حاجة الناس إليها )‪ (21‬؛ سواء كانت هذه السلعة من الطعمة أو‬
‫الدوية أو كل ما كان ضروريا ً أو حاجيا ً ل يمكن الستغناء عنه إل بمشقة‬
‫وعناء )‪. (22‬‬
‫‪ -9‬تجنب الربا وما كان ذريعة إليه ‪:‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫‪115‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ل يسع التاجر أن يجهل حرمة الربا ‪ ،‬وأن فاعلة متوعد بالعذاب الليم في‬
‫ّ‬ ‫ْ‬
‫ذي‬ ‫م ال ِ‬ ‫قو ُ‬ ‫ما ي َ ُ‬ ‫ن إ ِل ّ ك َ َ‬ ‫مو َ‬ ‫قو ُ‬ ‫ن الّرَبا ل ي َ ُ‬ ‫ن ي َأك ُُلو َ‬ ‫ذي َ‬ ‫الدنيا والخرة ‪ ،‬قال تعالى ‪ ?:‬ال ّ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ل الل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ح ّ‬ ‫ل الّرَبا وَأ َ‬ ‫مث ْ ُ‬‫ما ال ْب َي ْعُ ِ‬ ‫م َقاُلوا إ ِن ّ َ‬ ‫ك ب ِأن ّهُ ْ‬ ‫س ذ َل ِ َ‬ ‫م ّ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫طا ُ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫خب ّط ُ ُ‬ ‫ي َت َ َ‬
‫مُرهُ إ َِلى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫أ‬ ‫و‬ ‫ف‬
‫ُ َ َ َ َ ْ‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫ما‬ ‫ه‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ف‬ ‫هى‬ ‫ََ‬ ‫ت‬ ‫فان‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫َ ْ َ ُ َ ْ ِ ٌ ِ ْ َ ّ ِ‬‫ة‬ ‫ظ‬ ‫ع‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ء‬ ‫جا‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ال ْب َي ْ َ َ َ ّ َ ّ َ‬
‫با‬ ‫ر‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫ر‬ ‫ح‬ ‫و‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫عاد َ فَأوْل َئ ِ َ‬
‫ن ?]البقرة‪ ،[275:‬وهو من‬ ‫دو َ‬ ‫خال ِ ُ‬ ‫م ِفيَها َ‬ ‫ب الّنارِ هُ ْ‬ ‫حا ُ‬ ‫ص َ‬ ‫كأ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫الل ّهِ وَ َ‬
‫الموبقات قال ‪ -‬صلى الله عليه وآله وسلم – " اجتنبوا السبع الموبقات ‪:‬‬
‫قالوا ‪ :‬يا رسول الله وما هن ؟ قال ‪ ":‬الشرك بالله ‪،‬والسحر‪ ،‬وقتل النفس‬
‫التي حرم الله إل بالحق ‪،‬وأكل الربا ‪ ،‬وأكل مال اليتيم ‪ ،‬والتولي يوم‬
‫الزحف ‪،‬وقذف المحصنات المؤمنات الغافلت ")‪ ، (23‬وأكل الربا يعني‬
‫َ‬
‫ي‬
‫ق َ‬ ‫ما ب َ ِ‬ ‫ه وَذ َُروا َ‬ ‫قوا الل ّ َ‬ ‫مُنوا ات ّ ُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫إعلن الحرب على الله تعالى ‪َ ?:‬يا أي َّها ال ّ ِ‬
‫ْ‬
‫ن‬‫سول ِهِ وَإ ِ ْ‬ ‫ن الل ّهِ وََر ُ‬ ‫م ْ‬‫ب ِ‬ ‫حْر ٍ‬ ‫فعَُلوا فَأذ َُنوا ب ِ َ‬ ‫م تَ ْ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫ن فَإ ِ ْ‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫م ُ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ن الّرَبا إ ِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ن? ] البقرة‪، [279 ،278 :‬‬ ‫مو َ‬ ‫ن َول ت ُظل ُ‬ ‫مو َ‬ ‫م ل ت َظل ِ ُ‬ ‫وال ِك ْ‬ ‫م َ‬‫سأ ْ‬ ‫م ُرُءو ُ‬ ‫م فَلك ْ‬ ‫ت ُب ْت ُ ْ‬
‫والربا في البيع على نوعين ‪ :‬ربا الفضل ‪ ،‬وربا النسيئة ‪.‬‬
‫فأما ربا الفضل فهو زيادة أحد الِعوضين عن الخر في بيع الموال الربوية )‬
‫‪ ،(24‬والموال الربوية هي الواردة في قول عبادة بن الصامت قال ‪ :‬سمعت‬
‫رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وآله وسلم ‪ "-‬ينهى عن بيع الذهب بالذهب‬
‫‪،‬والفضة بالفضة ‪،‬والبر بالبر‪،‬والشعير بالشعير‪،‬والتمر بالتمر‪ ،‬والملح بالملح إل‬
‫سواء بسواء عينا ً بعين ؛ فمن زاد أو ازداد فقد أربى")‪ ،(25‬فهذه ل يجوز‬
‫بيعها إل بشرط التقابض )الحلول( والتماثل ‪ ،‬وعليه فل يجوز للتاجر أن‬
‫يستبدل ذهبا ً بذهب – والفضة مثله ‪ -‬إل بشرط التماثل في الوزن والتقابض ‪،‬‬
‫وكذا سائر الطعمة والقوات ‪-‬كالرز مثل ً ‪ -‬وكل ما كان ضروريا ً ‪ ،‬ل يجوز‬
‫استبدالها بمثلها إل بالشرطين المذكورين ‪ ،‬ويقال في هذا أيضا ً ل يجوز‬
‫صرف العملة كريالت سعودية بمثلها إل بالشرطين المذكورين بالقياس على‬
‫ما ورد في الحديث ؛ ومثله ل يبدل سكر أو دواء ‪ ..‬بمثله إل بما تقدم من‬
‫الشروط ‪.‬‬
‫خر قبض أحد الِعوضين في بيع الموال الربوية )‪، (26‬‬ ‫وأما ربا النسيئة فهو تأ ُ‬
‫ومثلها سائر الطعمة والقوات وكل ما كان ضروريا ؛ لنه يشترط في بيع‬‫ً‬
‫جنس بجنس آخر ‪-‬مما تقدم ذكره ‪-‬كذهب بفضة أو ريالت بدولرات أو ملح‬
‫بسكر أو دواء بذرة يشترط فيها التقابض )الحلول( فقط ‪ ،‬وعلى ذلك يقال‬
‫إن الصرف أو التبادل إن تم عبر البنوك أو الشركات فل يصح ذلك في‬
‫الجنس بجنس آخر إل بشرط التماثل وإل بوصول برقيةٍ أو إفادة من البنكين‬
‫أو الشركتين بوصول المبلغين قبل انصراف المتبايعين ‪.‬‬
‫وأما الربا في الديون فهو أن يزيده عند القضاء ليمهله في الداء إلى أجل‬
‫معلوم ‪ ،‬وهذا محرم أيضا ً ‪ ،‬وذلك نحو أن يقترض التاجر من البنك مثل ً بعض‬
‫النقد ويشترط عليه البنك أن يزيدهم نسبة معينة أو غير معينة عند القضاء ‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬ما ل يسع التاجر جهله في البيوع المحرمة ‪:‬‬
‫‪ -1‬حرمة التبايع وقت الجمعة ‪:‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫وا‬
‫سعَ ْ‬ ‫معَةِ َفا ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫ن ي َوْم ِ ال ُ‬ ‫م ْ‬ ‫صلةِ ِ‬ ‫مُنوا إ َِذا ُنوِدي ِلل ّ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫قال تعالى ‪َ ? :‬يا أي َّها ال ّ ِ‬
‫ن ? ]الجمعة ‪، [9:‬‬ ‫مو َ‬ ‫م ت َعْل َ ُ‬ ‫كنت ُ ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫م إِ ْ‬ ‫خي ٌْر ل َك ُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫إ َِلى ذِك ْرِ الل ّهِ وَذ َُروا ال ْب َي ْعَ ذ َل ِك ُ ْ‬
‫ولن الصلة قد تعّين وقتها في تلك الساعة بينما التجارة لم تتعين في تلك‬
‫الساعة ؛ ولن الصلة إذا فاتته ل يمكن تعويضها أما التجارة فيمكن تعويضها ‪،‬‬
‫ولن الصل في أمور الخرة ومنها الصلة هو المسارعة والمسابقة ؛ قال‬
‫َ‬
‫ض‬‫ت َوالْر ُ‬ ‫ماَوا ُ‬ ‫س َ‬ ‫ضَها ال ّ‬ ‫جن ّةٍ عَْر ُ‬ ‫م وَ َ‬ ‫من ّرب ّك ُ ْ‬ ‫فَرةٍ ّ‬ ‫مغْ ِ‬ ‫عوا ْ إ َِلى َ‬ ‫سارِ ُ‬ ‫تعالى‪ ? :‬وَ َ‬
‫ن ? ]آل عمران‪ ، [133 :‬وأما أمور الدنيا فالصل في طلبها‬ ‫مت ّ ِ َ‬
‫قي‬ ‫ت ل ِل ْ ُ‬ ‫عد ّ ْ‬ ‫أُ ِ‬

‫‪116‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المشي بتأني وهدوء ‪.‬‬


‫‪ -2‬حرمة بيع الحاضر للبادي ‪:‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫عن أبي هريرة ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬قال‪ " :‬نهى رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه‬
‫وآله وسلم ‪ -‬أن يبيع حاضر لباد ول تناجشوا ول يبيع الرجل على بيع أخيه ")‬
‫‪ ،(27‬والمقصود بالحاضر ‪ :‬الذي يعيش في المدينة ‪ ،‬والبادي ‪ :‬الذي يعيش‬
‫في البادية ‪ ،‬والمراد من النهي عن ذلك أن يكون سمسارا ً له ‪ ،‬وعليه فل‬
‫يجوز للتاجر أن يأخذ السلعة أو الثمرة من صاحب البادية ليخزنها عنده حتى‬
‫يقل عرضها في السوق ويرتفع سعرها ثم يقوم ببيعها له ؛ وذلك لما قد يؤدي‬
‫إلى الضرار بهما أو بأحدهما؛ فإن السلعة ربما تتلف بكثرة بقائها في‬
‫المخازن ‪،‬والمزارع ربما يحتاج لقيمة هذه السلعة ولعل تأخيرها يضره ‪ ,‬وربما‬
‫لحق الضرر بالمشتري بسبب ارتفاع سعر السلعة ‪ ،‬وقد قال رسول الله ‪-‬‬
‫صلى الله عليه وآله وسلم – " ل يبع حاضر لباد دعوا الناس يرزق الله‬
‫بعضهم من بعض " )‪. (28‬‬
‫‪ -3‬حرمة بيع الكالئ بالكالئ‪:‬‬
‫وهو بيع الدين بالدين عن ابن عمر – رضي الله عنهما – أن النبي ‪ -‬صلى الله‬
‫عليه وآله وسلم ‪ " -‬نهى عن بيع الكالئ بالكالئ " )‪ ،(29‬ومن صوره‬
‫المحرمة بيع مثمن مؤجل بثمن مؤجل)‪ ، (30‬وذلك نحو أن يبيعه سيارة غير‬
‫موجودة على أن يسلمها له بعد وصولها من اليابان بعد شهر مثل ً وعلى أن‬
‫يدفع له ثمنها حين وصولها ويتفاوضان على سعرها ويكتبان عقد البيع في‬
‫تلك اللحظة ‪ ،‬فهذه الصورة وأمثالها غير جائزة ‪.‬‬
‫‪ -4‬حرمة بيعتين في بيعة ‪:‬‬
‫عن أبي هريرة – رضي الله عنه – أن النبي ‪ -‬صلى الله عليه وآله وسلم ‪"-‬‬
‫نهى عن بيعتين في بيعة " )‪ (31‬والصورة المحرمة في هذا ‪ ،‬هو بيع السلعة‬
‫بثمنين مختلفين ‪ :‬مؤجل ومعجل على جهة البهام من دون اختيار أحدهما )‬
‫‪ ،(32‬وذلك نحو أن يقول البائع ‪ :‬أبيعك سيارة أو عقارا ً أو عروضا ً بثلثة آلف‬
‫نقدا ً أو أربعة آلف مؤجلة إلى سنة ‪ ،‬فيأخذ المشتري السلعة من دون أن‬
‫يحدد هل سيأخذها معجلة أم مؤجلة ؟ ثم يتفرقا على هذا البهام ؛ فإن مثل‬
‫هذا التصرف فيه غرر وسيفضي إلى التنازع ‪.‬‬
‫‪ -5‬حرمة شرطين في بيع ‪:‬‬
‫عن عبد الله بن عمرو – رضي الله عنه – أن رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه‬
‫وآله وسلم‪ -‬قال " ل يحل سلف وبيع ول شرطان في بيع ول ربح ما لم‬
‫يضمن ول بيع ما ليس عندك " )‪ ،(33‬مثل له النسائي بقوله ‪) :‬وهو أن يقول‬
‫أبيعك هذه السلعة إلى شهر بكذا وإلى شهرين بكذا()‪ ، (34‬فيتفرقا من دون‬
‫اختيار المدة المؤجلة فإن مثل هذا البيع فيه غرر وسيفضي إلى التنازع ‪ ،‬ومن‬
‫الشروط المحرمة في هذا ‪:‬كل شرط خالف أمر الشرع ؛ مثل أن يشترط‬
‫عليه أن يصنع بهذا التمر خمرا ً ‪ ،‬ومثله كل شرط خالف مقتضى العقد‬
‫كشرط عدم النتفاع بالمبيع أو الثمن)‪ ..(35‬؛ نحو أن يشترط عليه أل يهب‬
‫الرض أو أل يبني فيها أو أل يوقفها أو أل يقرض فلنا ً هذا الثمن أو أل يتبرع‬
‫به ؛ فإن مثل هذه الشروط تنافي مقتضى العقد من تملك المشتري للسلعة‬
‫ل فيما يملك كما يريد‬ ‫وتملك البائع للثمن ؛ ومقتضى هذا التملك أن يتصرف ك ٌ‬
‫ً‬
‫ما دام لم يخالف أمر الله فيه ‪ ،‬ومن الشروط المحرمة أيضا كل شرط‬

‫‪117‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫مجهول لم يضبط ؛ نحو أن يقول له ‪ :‬أبيعك على أن لي شرطا ً سأخبرك به‬


‫بعد شهر أو على أن لي السكنى في الدار حتى أجد بيتا ً آخر ؛ فإن المدة‬
‫المستثناة هنا مجهولة ‪.‬‬
‫‪ -6‬حرمة بيع الثنيا ‪:‬‬
‫عن جابر بن عبد الله – رضي الله عنه – قال ‪ " :‬نهى رسول الله ‪ -‬صلى الله‬
‫عليه وآله وسلم ‪ -‬عن الث ُْنيا " )‪ (36‬والمقصود بالث ُْنيا المحرمة هنا الستثناء‬
‫سربا من السيارات إل بعضها‬ ‫المجهول الذي لم يبينه المشتري نحو أن يبيع ِ‬
‫حة‬ ‫من دون أن يعين المستثنى لما سيؤول إليه هذا الفعل من المشا ّ‬
‫والختلف بين المتبايعين ‪ ،‬ومثله لو باع عقارا ً على أن يستثني بعضه ‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬ما ل يسع التاجر جهله في شروط البيع ‪:‬‬
‫‪ -1‬الهلية ‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫والمقصود بذلك أن يكون المتصرف بالبيع أو الشراء بالغا أو مميزا )يدرك‬
‫معنى البيع والشراء( ومعنى ذلك أن البائع أو المشتري إن كان أحدهما أو‬
‫كليهما صغيرا ً غير عالم بمعنى البيع وما يترتب عليه من الثار فبيعه غير نافذ‬
‫وهو بيع باطل ‪ ،‬فأما المميز الذي أ ُِذن له في البيع فبيعه صحيح ‪.‬‬
‫ويدخل في معنى الهلية ‪ :‬أن يكون عاقل ً ؛ فل يصح التبايع مع المجنون ول‬
‫المغمى عليه في حال إغمائه ول السكران في حال سكره ؛ لن كل ً من‬
‫هؤلء ل يدرك حقيقة البيع حال بيعه ‪ ،‬وقد علم أن التراضي بين المتبايعين‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫وال َك ُ ْ‬
‫م‬ ‫م َ‬ ‫مُنوا ل ت َأك ُُلوا أ ْ‬
‫نآ َ‬
‫ذي َ‬ ‫من شروط صحة البيع قال تعالى ‪َ ? :‬يا أي َّها ال ّ ِ‬
‫َ‬
‫م ? ] النساء‪ ، [ 29:‬ول شك‬ ‫من ْك ُ ْ‬‫ض ِ‬‫ن ت ََرا ٍ‬ ‫جاَرة ً عَ ْ‬
‫ن تِ َ‬ ‫ن تَ ُ‬
‫كو َ‬ ‫م ِبال َْباط ِ ِ‬
‫ل إ ِل ّ أ ْ‬ ‫ب َي ْن َك ُ ْ‬
‫أن الجنون والغماء والسكر مما ل يمكن حصول التراضي معها ‪.‬‬
‫ويدخل في معنى الهلية ‪ :‬أن يكون مختارا ً غير مكره ‪ ،‬وعليه فمن باع أو‬
‫اشترى تحت تهديد السلح أو فعل ذلك هربا ً من ضرر يلحقه في نفسه أو‬
‫ظنة عدم‬ ‫أهله أو ماله أو عرضه فبيعه أو شراؤه غير صحيح لن الكراه م ِ‬
‫الرضا ‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ -2‬التملك ‪:‬‬

‫)‪(5 /‬‬

‫والمراد به تملك البائع للسلعة وتملك المشتري للثمن ‪ ،‬فل يصح للبائع أن‬
‫يبيع ما ل يملكه ول يصح للمشتري أن يشتري بمال ل يملكه ‪ ،‬وعليه فل يصح‬
‫للتاجر أن يبيع الحبوب التي ينوي استيرادها ولم يستوردها بعد ‪ ،‬وكذا ل يصح‬
‫بيع السيارات التي ل تزال في طور التصنيع ‪ ،‬وهذا داخل في النهي عن بيع‬
‫ما ليس عندك ؛ عن حكيم بن حزام – رضي الله عنه – قال ‪ :‬سألت النبي ‪-‬‬
‫صلى الله عليه وآله وسلم ‪ -‬فقلت ‪ :‬يا رسول الله يأتيني الرجل فيسألني‬
‫البيع ليس عندي أبيعه منه ثم ابتاعه له من السوق ؟ قال ‪ ":‬ل تبع ما ليس‬
‫عندك ")‪ ، (37‬إل أنه يصح لك أن تبيع ما ل تملك إن أ َِذن لك المالك أو كان‬
‫قد و ّ‬
‫كلك في هذا البيع ‪.‬‬
‫‪ -3‬عدم الجهالة بالثمن أو المثمن ‪:‬‬
‫الصل في البيع أن يكون بّينا ً معلوما ل تكتنفه جهالة ؛ لن التراضي بين البائع‬
‫ً‬
‫والمشتري على إنفاذ البيع شرط في صحة البيع كما تقدم ‪ ،‬ومعرفة قدر‬
‫الثمن والمثمن طريق إلى معرفة هذا الرضا ؛ ومن هنا ل بد من تعيين‬
‫الثمن ‪ ،‬ول بد أيضا ً من تعيين المثمن )السلعة( إما بالمشاهدة أو بالوصف‬
‫المنضبط الذي ل يلتبس بغيره حتى ل يفضي المر إلى النزاع ‪ .‬ول شك أن‬

‫‪118‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الجهل بالثمن أو المثمن داخل في معنى الغرر المنهي عنه ‪.‬‬


‫‪ -4‬أن يكون المبيع مما يجوز بيعه ‪:‬‬
‫وز الشرع بيعه ‪ ،‬فأما ما حرمه‬ ‫ويشترط لصحة البيع أن يكون المبيع مما ج ّ‬
‫الشرع فبيعه باطل ‪ ،‬وبناء على ذلك فل تترتب على هذا البيع آثاره الشرعية‬
‫المترتبة على البيع الصحيح من تملك البائع للثمن وتملك المشتري للسلعة ‪،‬‬
‫وقد تقدم بيان البيوع المحرمة ‪.‬‬
‫‪ -5‬القدرة على التسليم ‪:‬‬
‫فل يصح بيع المعدوم لنه غير مقدور على تسليمه‪ ،‬وعليه فل يجوز بيع‬
‫السيارة قبل أن تصنع ‪ ،‬ول بيع المعلبات قبل أن تنتج ‪ ،‬ول بيع الملبس قبل‬
‫أن تغزل ‪ ،‬ول شك أن بيع المعدوم داخل في بيع الغرر المنهي عنه ‪.‬‬
‫ويدخل في هذا الباب ما ليس للبائع قدرة على تسليمه حتى وإن كان في‬
‫ملكه ‪ ،‬كبيع الصياد السمك وهو ل يزال في البحر أو الطير وهو ل يزال في‬
‫الهواء ‪ ،‬وكبيع الرض أو السيارة المغتصبة والتي كان قد اغتصبها منه من‬
‫يعجز عن مواجهته أو استخراج حقه منه ‪ ،‬ومثل ذلك لو باع عروضا ً صادرته‬
‫الدولة وعجز عن استخراجه منها ؛ فمثل هذه البيوع غير جائزة ؛ لن معنى‬
‫عدم القدرة على التسليم أن المشتري لن يتملك المبيع ملكا ً حقيقيا ً ‪ ،‬وعليه‬
‫فل يستطيع أن يتصرف فيه ؛ فوجود هذا الملك وعدمه سواء ‪.‬‬
‫ويدخل في هذا الباب أيضا ً بيع ما لم يتم ملك البائع له كبيع السيارة أو‬
‫الملبس أو السكر أو الدوية ‪ ..‬قبل أن يتسلمها ويحوزها إلى مخزنه ‪ ،‬أو أن‬
‫يبيعها وهي ل تزال في السفينة على البحر ‪ ،‬ومثل ذلك ما لو باع الرض قبل‬
‫أن يخلى بينه وبينها ‪ ،‬وكذا البيت قبل أن يسلم له مفتاحه عن ابن عمر ‪-‬‬
‫رضي الله عنهما – قال ‪ " :‬لقد رأيت الناس في عهد رسول الله ‪ -‬صلى الله‬
‫عليه وآله وسلم ‪ -‬يبتاعون جزافا ً ‪ -‬يعني الطعام ‪ُ -‬يضربون أن يبيعوه في‬
‫مكانهم حتى يؤووه إلى رحالهم ")‪ ، (38‬وعن جابر – رضي الله عنه – قال ‪:‬‬
‫‪ " -‬نهى رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وآله وسلم ‪ -‬عن بيع الطعام حتى يجري‬
‫فيه الصاعان ؛ صاع البائع ‪ ،‬وصاع المشتري ")‪ ، (39‬وعن ابن عمر – رضي‬
‫الله عنهما – قال ‪ :‬ابتعت زيتا ً في السوق ؛ فلما استوجبته )أي صار في‬
‫ملكي( لنفسي لقيني رجل فأعطاني به ربحا ً حسنا ً فأردت أن أضرب على‬
‫يده ‪ ،‬فأخذ رجل من خلفي بذراعي ‪ ،‬فالتفت فإذا زيد بن ثابت ‪ .‬فقال ‪ :‬ل‬
‫تبعه حيث ابتعته حتى تحوزه إلى رحلك ؛ فإن رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه‬
‫وآله وسلم ‪ -‬نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم "‬
‫)‪ ، (40‬ول شك أن مثل هذه البيوع داخلة في الغرر المنهي عنه ‪.‬‬
‫والحمد لله رب العالمين‪ ،‬وهو الهادي إلى سواء السبيل ‪ ،‬وصلى الله على‬
‫نبينا محمد‪ ،‬وعلى آله وصحبه أجمعين‬
‫كتبه الفقير إلى عفو ربه العلي ‪:‬علي بن عبد الرحمن بن علي دبيس‬
‫الخميس – ‪ 9‬ربيع الثاني ‪1427‬هـ ‪7/5/2006 ،‬م‬
‫)‪ (1‬صحيح البخاري ج‪ 1 :‬ص‪ ، 3 :‬صحيح مسلم ج‪ 3 :‬ص‪. 1515 :‬‬
‫)‪ (2‬صحيح البخاري ) جزء ‪ 2‬صفحة ‪ ، [ 530‬صحيح مسلم ] جزء ‪ 2‬صفحة‬
‫‪.[ 693‬‬
‫)‪ (3‬سنن الترمذي ج‪ 3 :‬ص‪ ، 515 :‬وبنحوه في سنن ابن ماجه ج‪ 2 :‬ص‪:‬‬
‫‪ ، 724‬قال الشيخ اللباني ‪ ) :‬ضعيف ( انظر حديث رقم ‪ 2501 :‬في ضعيف‬
‫الجامع ‪.‬‬
‫)‪ (4‬المعجم الوسط ] جزء ‪ 5‬صفحة ‪ ، [ 328‬مصنف عبد الرزاق ] جزء ‪11‬‬
‫صفحة ‪ [ 304‬قال اللباني ‪ ) :‬حسن ( انظر حديث رقم ‪ 3039 :‬في صحيح‬

‫‪119‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الجامع ] الجامع الصغير وزيادته جزء ‪ 1‬صفحة ‪[ 535‬‬


‫)‪ (5‬صحيح البخاري ] جزء ‪ 2‬صفحة ‪ ، [ 730‬سنن ابن ماجه ] جزء ‪ 2‬صفحة‬
‫‪[ 742‬‬
‫)‪ (6‬صحيح البخاري ] جزء ‪ 2‬صفحة ‪ ،[ 731‬صحيح مسلم ] جزء ‪ 3‬صفحة‬
‫‪ [ 1194‬ولفظه " أن رجل مات فدخل الجنة ‪ .‬فقيل له ‪ :‬ما كنت تعمل ؟‬
‫فقال " إني كنت أبايع الناس فكنت أنظر المعسر ‪ ،‬وأتجوز في السكة أو في‬
‫النقد فغفر له "‬
‫)‪ (7‬سنن ابن ماجه ج‪ 2 :‬ص‪ ، 817 :‬سنن البيهقي الكبرى ج‪ 6 :‬ص‪120 :‬‬

‫)‪(6 /‬‬

‫)‪ (8‬صحيح البخاري ج‪ 2 :‬ص‪ ، 793 :‬صحيح مسلم ج‪ 4 :‬ص‪2099 :‬‬


‫)‪ (9‬صحيح البخاري ج‪ 2 :‬ص‪ ، 799 :‬صحيح مسلم ج‪ 3 :‬ص‪1197 :‬‬
‫)‪ (10‬صحيح مسلم ] جزء ‪ 2‬صفحة ‪ ، [ 703‬سنن الترمذي ] جزء ‪ 5‬صفحة‬
‫‪. [ 220‬‬
‫)‪ (11‬صحيح البخاري ] جزء ‪ 2‬صفحة ‪ ، [ 735‬صحيح مسلم ] جزء ‪ 3‬صفحة‬
‫‪ [ 1198‬عن أبي مسعود ولم يذكر الدم‬
‫)‪ (12‬سنن الترمذي ج‪ 3 :‬ص‪ ،622 :‬سنن أبي داود ج‪ 3 :‬ص‪، 300 :‬‬
‫والحديث صحيح ؛ انظر مختصر إرواء الغليل ‪. 522 :1‬‬
‫)‪ (13‬صحيح البخاري ج‪ 2 :‬ص‪ 745 :‬واللفظ له ‪ ،‬صحيح مسلم ج‪ 3 :‬ص‪:‬‬
‫‪.1165‬‬
‫)‪ (14‬صحيح مسلم ج‪ 1 :‬ص‪ ، 99 :‬سنن الترمذي ج‪ 3 :‬ص‪. 606 :‬‬
‫)‪ (15‬صحيح مسلم ج‪ 3 :‬ص‪ ، 1153 :‬وعليه بوب البخاري في صحيحه باب‬
‫بيع الغرر ج‪ 2 :‬ص‪. 753 :‬‬
‫)‪ (16‬انظر ما ل يسع التاجر جهله ص‪. 309:‬‬
‫)‪ (17‬صحيح البخاري ج‪ 2 :‬ص‪ ، 753 :‬صحيح مسلم ج‪ 3 :‬ص‪. 1155 :‬‬
‫)‪ (18‬انظر حاشية ما ل يسع التاجر جهله ص‪. 14:‬‬
‫)‪ (19‬صحيح البخاري ج‪ 2 :‬ص‪ ، 970 :‬صحيح مسلم ج‪ 2 :‬ص‪1032 :‬‬
‫)‪ (20‬صحيح مسلم ج‪ 3 :‬ص‪ ، 1228 :‬سنن الترمذي ج‪ 3 :‬ص‪. 567 :‬‬
‫)‪ (21‬انظر ما ل يسع التاجر جهله ص‪. 16:‬‬
‫)‪ (22‬هذا هو الحق من أقوال أهل العلم أن الحتكار غير مقتصر على‬
‫الطعمة وأن ما كان احتكاره سيضر بالناس فهو محرم قياسا ً على الطعمة ‪.‬‬
‫)‪ (23‬صحيح البخاري ج‪ 3 :‬ص‪ ، 1017 :‬صحيح مسلم ج‪ 1 :‬ص‪. 92 :‬‬
‫)‪ (24‬انظر ما ل يسع التاجر جهله ص‪. 284:‬‬
‫)‪ (25‬صحيح البخاري ج‪ 2 :‬ص‪ ، 761 :‬صحيح مسلم ج‪ 3 :‬ص‪1210 :‬‬
‫واللفظ له ‪.‬‬
‫)‪ (26‬انظر ما ل يسع التاجر جهله ص‪. 284:‬‬
‫)‪ (27‬صحيح البخاري ] جزء ‪ 2‬صفحة ‪ ، [ 752‬صحيح مسلم ] جزء ‪ 2‬صفحة‬
‫‪. [ 1033‬‬
‫)‪ (28‬صحيح مسلم ]جزء ‪ 3‬صفحة ‪ ، [1157‬سنن النسائي ]جزء ‪ 7‬صفحة‬
‫‪ ، [256‬سنن الترمذي ]جزء ‪ 3‬صفحة ‪.[526‬‬
‫)‪ (29‬سنن الدارقطني ج‪ 3 :‬ص‪ ، 71 :‬موطأ مالك ج‪ 2 :‬ص‪. 660 :‬‬
‫)‪ (30‬انظر ما ل يسع التاجر جهله ص‪. 78:‬‬
‫)‪ (31‬سنن الترمذي ج‪ 3 :‬ص‪ ، 533 :‬سنن النسائي )المجتبى( ج‪ 7 :‬ص‪:‬‬

‫‪120‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ ، 295‬وإسناده حسن انظر إرواء الغليل ‪ ،149 :5‬وللحديث طريق أخرى عند‬
‫أبي داود بلفظ " من باع بيعتين في بيعة فله أوكسهما أو الربا " انظر سنن‬
‫أبي داود ج‪ 3 :‬ص‪ 274 :‬وقال اللباني ‪ ) :‬حسن ( انظر حديث رقم ‪6116 :‬‬
‫في صحيح الجامع ‪.‬‬
‫)‪ (32‬انظر ما ل يسع التاجر جهله ص‪. 84:‬‬
‫)‪ (33‬سنن النسائي )المجتبى( ج‪ 7 :‬ص‪ ، 295 :‬سنن الترمذي ج‪ 3 :‬ص‪:‬‬
‫‪ ، 535‬سنن أبي داود ج‪ 3 :‬ص‪ 283 :‬والحديث حسن انظر إرواء الغليل ‪:5‬‬
‫‪.148‬‬
‫)‪ (34‬سنن النسائي )المجتبى( ج‪ 7 :‬ص‪.295 :‬‬
‫)‪ (35‬انظر ما ل يسع التاجر جهله ص‪. 80:‬‬
‫)‪ (36‬انظر صحيح مسلم ]جزء ‪ 3‬صفحة ‪ ، [1172‬سنن النسائي )المجتبى(‬
‫]جزء ‪ 7‬صفحة ‪ ، [37‬سنن الترمذي ]جزء ‪ 3‬صفحة ‪ [585‬وفيه " والثنايا إل‬
‫أن تعلم " ‪ ،‬وهذا هو الحق من أقوال العلماء أن الثنيا المعلومة جائزة بخلف‬
‫المجهولة ‪.‬‬
‫)‪ (37‬سنن النسائي ] جزء ‪ 7‬صفحة ‪ ،[ 289‬سنن الترمذي ] جزء ‪ 3‬صفحة‬
‫‪ ، [ 534‬قال اللباني ‪ :‬صحيح ‪ ،‬وعليه بوب البخاري "باب بيع الطعام قبل أن‬
‫يقبض وبيع ما ليس عندك" انظر صحيح البخاري ] جزء ‪ 2‬صفحة ‪[ 750‬‬
‫)‪ (38‬صحيح البخاري ] جزء ‪ 2‬صفحة ‪ ، [ 751‬صحيح مسلم ] جزء ‪ 3‬صفحة‬
‫‪. [ 1160‬‬
‫)‪ (39‬سنن ابن ماجه ] جزء ‪ 2‬صفحة ‪ ، [ 750‬قال اللباني ‪ :‬حسن ‪ .‬وفي‬
‫الزوائد ‪ :‬في إسناده محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى أبو عبد الرحمن‬
‫النصاري وهو ضعيف ‪.‬‬
‫)‪ (40‬سنن أبي داود ] جزء ‪ 2‬صفحة ‪ [ 304‬قال اللباني ‪ :‬حسن لغيره‬

‫)‪(7 /‬‬

‫سو ُ‬
‫ل!‬ ‫ما َلنا كّلنا َ‬
‫جوٍ َيا ر ُ‬
‫د‪ .‬خالد الكركي‬
‫)إلي محمد جبر الحربي مبدعا وصديقا(‬
‫ذاك أنت تسأل عّنا‪ ،‬نحن الذين التحقوا بصفوف اليتامي من المثقفين العرب‬
‫بعد أن ذبحتنا السياسة وأهلها حين غّلقت البواب وقالت إن القيد هيت لكم‪،‬‬
‫وخلفتنا نتشظي رؤي من الحسرة‪ ،‬والعزلة‪ ،‬وصدي القبور الموحشة‪،‬‬
‫والدروب الوعرة في الزمان القطاعي المريكي الظالم والعجيب‪.‬‬
‫ها نحن وقد كتبنا بكاًء علي فلسطين فإذا الدمع ل يسعف‪ ،‬وصرخنا باسم‬
‫الحرية فرددت الجدران صدي باهتا‪ ،‬وحّرضنا علي ظهور الخوارج ضد هذا‬
‫العالم الذي أفسده الظلم‪ ،‬وخّربه الذين ل ضمائر لهم يوم قتلوا إنسانيتنا‬
‫ب‪ ،‬ويوم عرفوا أن عطشنا للحرية هو‬ ‫فألقوا بمن ظل منا في غيابة الج ّ‬
‫مقدمة التغيير حّرموا علينا ذكرها‪ ،‬وياسمينها البهي‪ ،‬ورؤاها الخضر‪،‬ودفترها‬
‫الحزين وقالوا لنا‪ :‬إنكم عما يجري في زمان العولمة غافلون! وها نحن نعيد‬
‫السئلة‪ ،‬ونقع في دائرة التكرار حتي يصاب القراء بالملل منا ومن أفكارنا‪،‬‬
‫ذلك أننا لم نجرؤ علي الدخول في المسكوت عنه ‪ ،‬و الممنوع ‪ ،‬و المخبوء‬
‫في أدراج الرقابات العربية‪ ،‬الحكومي منها‪ ،‬والطائفي‪ ،‬والقليمي ! ولم نملك‬
‫رؤية نقدمها للناس كي يتعلم الغاضبون مباديء تنظيم غضبهم النبيل حتي‬
‫يكون احتجاجهم واضحا‪ ،‬وكي ل يسحقوا فرادي تحت أقدام الطغاة والغزاة‬

‫‪121‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫والقاهرين‪.‬‬
‫إننا نكتب ولكننا لم نقل للناس كيف يخرج المقهورون من ثقافة الصمت إلي‬
‫بهجة الخطاب‪ ،‬أو علي القل إلي فوضي الكلم ! وكيف يتغير واقع يرفض‬
‫الذين أرهقوا أنفسهم وهم يتحاورون حول أمراضه‪ ،‬وعلله‪ ،‬أن يتقدموا إلي‬
‫مرحلة تغييره‪ ،‬ولو بالحد الدني من الوسائل المدنية التي تمثل الحراك‬
‫الجتماعي الضروري حتي ل تتصلب شرايين المجتمع وهو يتوهم أنه في‬
‫أفضل الحوال‪.‬‬
‫إنها أزمة‪ ،‬والناس الذين تطحنهم أشكال جديدة من البطالة‪ ،‬والفقر والقمع‬
‫دقون في كتاب التنوخي الفرج بعد الشدة ‪ ،‬او كتاب ابن عاصم الغرناطي‬ ‫يح ّ‬
‫در الله وقضي ‪ ،‬وينتهي قلقهم بالصبر والتسليم‬ ‫جنة الرضا في التسليم لما ق ّ‬
‫واستعادة مطلع قصيدة أندلسية لكل شيء إذا ما تم نقصان !‬
‫إنها أزمة‪ ،‬وكأن المة ل تريد أن تتوحد‪ ،‬والدول القطرية تسعي إلي تجميل‬
‫نفسها بالحديث عن الديمقراطية‪ ،‬ول نية لديها لمواجهة السئلة الكبيرة في‬
‫الحرية‪ ،‬و العدل ‪ ،‬والمساواة وقد وزعت حقوق النسان المقدسة بين‬
‫الجمعيات وبعض أهل العلم والكلم اعتقادا منها أن هذا مفيد لدي الغرب‬
‫الذي يهذي بحقوق النسان وغاب عنها أنه يضيق عليها الخناق فقط‪ ،‬وليس‬
‫مهتما إن صارت ديموقراطية او دكتاتورية ما دامت موادها الخام تصل إليه‪،‬‬
‫وأسواقها مفتوحة لبضائعه‪ ،‬وإعلمها ل يحرض علي التصدي لهيمنته‪ ،‬وإن‬
‫ب فعليها أن تنأي بنفسها عن المقاومة والجهاد‬ ‫ألقي بشقيق لها في غيابة الج ّ‬
‫والستشهاد‪ ،‬فهذه أفكار تضّر بصحة النظمة والحكومات!‬
‫إن التحولت تتدفق في الدنيا‪ ،‬وهذا عصٌر مدهش‪ ،‬وأمتنا كما يقول د‪ .‬أحمد‬
‫كمال أبو المجد‪ ،‬أمة مدهشة‪ ،‬ولم تفرغ بعد من الدهشة حتي تتعامل مع‬
‫ديا وها‬ ‫الواقع تعامل القادر علي إمساك الخيوط بيدها‪ ،‬والتعامل معه تعامل ج ّ‬
‫دعي‬ ‫نحن ننفصل عن العصر‪ ،‬ويضيق بنا الحاضر‪ ،‬ول نستشرف المستقبل‪ ،‬ون ّ‬
‫أننا دخلنا القرن الحادي والعشرين دون أن نخجل من العتراف أننا نملك‬
‫نسبا عالية من المية‪ ،‬ومن الناس الذين تحت خط الفقر‪ ،‬والذين ل مساكن‬
‫لهم‪ ،‬ومن ل يجدون الماء الصالح للشرب‪ ،‬ومن لم يصلهم من بهجة الحياة‬
‫سوي ما يكون في ساعة ولدة طفل جديد‪ ،‬ثم ينتظرون حزن ساعة الموت‬
‫وهو أضعاف سرور في ساعة الميلد ‪ ،‬كما أخبرنا المعري الذي نشتاق إلي‬
‫ندائه‪:‬‬
‫ن تغس ُ‬
‫ل‬ ‫ة لعلها من در ٍ‬ ‫ن مشتاق ٌ‬
‫ض للطوفا ِ‬
‫الر ُ‬
‫)نسلم عليه‪ ،‬ونقرأ مطلع رائعة الجواهري في ذكراه‪:‬‬
‫ربا واستوِح من طوّقَ الدنيا بما وهبا(‬
‫دها الت ّ ِ‬‫قف بالمعرةِ وامسح خ ّ‬
‫وأعرف أن هذا اعتراض ل ضرورة له‪ ،‬لكنني أدرب قلمي علي الخروج عليّ‪،‬‬
‫والبوح بما يجب البوح به‪ ،‬لكنه يأبي أن يتغير السلوب!‬
‫إن الزمة في اسلوبنا أيضا‪ ،‬وها نحن نتكيء علي التراث أحيانا‪ ،‬وعلي‬
‫الشعبي من الخبار في أحيان أخري‪ ،‬وقد جربنا الغموض والتستر وراء بهارج‬
‫اللفاظ‪ ،‬ونحن ندرك أننا أمام غزو إقطاعي عالمي جديد ينشر الفوضي‬
‫والخراب في الدنيا كلها‪ ،‬وقد استبد‪ ،‬وانحط‪ ،‬وتخلي عن القيم النسانية‪ ،‬حتي‬
‫صار من أمرنا في فلسطين وأفغانستان والعراق ما هو واضح وجارح وهو‬
‫يطالبنا بحلف بين الجزار والمذبوحين‪ ،‬وبسلم بين القتلة الصهاينة‬
‫والستشهاديين الفلسطينين‪ ،‬وقد ضاعت الحقيقة بين مصطلحات‬
‫التكنوقراط‪ ،‬وأدعياء الديمقراطية الذين هم لها كارهون‪ ،‬وقالوا إن خلصنا‬
‫في الليبيرالية‪ ،‬ونحن أدري منهم بجراحنا وعلجنا‪ ،‬ولدينا فيض في أعداد‬

‫‪122‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ولوا المعرفة إلي ثقافة ورؤية‪ ،‬وموقف من‬‫الذين تعلموا ل في الذين ح ّ‬


‫الحياة‪:‬‬
‫حقوق النسان‪ ،‬والكرامة‪ ،‬والخبز‪ ،‬والغناء‪ ،‬والكتاب‪ ،‬والتقدم‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫قد يري آخرون‪ ،‬خاصة من أهل السياسة‪ ،‬أن الناس يسعون وراء أمور ل‬
‫تعنيهم‪ ،‬ول يتركون أمور الحكم وادارة المجتمعات لهلها‪ ،‬والجواب هو ما‬
‫جنِاتها‬
‫قاله الحارث بن عباد في حرب البسوس‪ ،‬يوم قتل ابنه‪ :‬لم أكن من ُ‬
‫صالي وهذا هو حالنا‪ ،‬فنحن أجيال ظلت تنتظر‬ ‫م الله وإني بحّرها اليوم َ‬
‫عل َ‬
‫التحرير فأطلت عليها النكبة والنكسة‪ ،‬ورأت حروبا أهلية من النوع الذي‬
‫يشيب له الولدان‪ ،‬وعاصرت زيادة السجون‪ ،‬وكبت الحريات‪ ،‬وظّلت تري‬
‫التناقص بين ما تتعلم وما تري في الواقع‪ ،‬لذلك كان عليها أن تخرج من‬
‫ثقافة الصمت لتقول كلما مختلفا أّوله عن حقها في البكاء علي أسوار‬
‫القدس وبغداد‪ ،‬إن لم نقل إن عليها عبء التنوير والتحريض والتغيير‪ ،‬وإل‬
‫أسلمنا المة لمغول الزمان الجدد‪ ،‬وتجار العلم والحروب‪ ،‬ونسينا أحلمنا‬
‫التي بدأها الكواكبي قبل قرن من الزمان وهو يهجو الستبداد‪.‬‬
‫إن من يحاول أن يقدم شيئا متميزا يخشي جزاء سنمار ‪ ،‬والحكاية معروفة‪،‬‬
‫لكن ما يبعث علي السي أن النعمان‪ ،‬سيد القصر الجديد‪ ،‬أراد أن يحتكر‬
‫س بأن ذلك قد ل ينجح ألقي به إلي حتفه!إنها حالت‬ ‫الفنان لنفسه‪ ،‬وحين أح ّ‬
‫تبعث علي السي‪ ،‬وما تحاوله الرأسمالية العالمية اليوم هو احتكار من تراه‬
‫نافعا لها‪ ،‬وإن وقعت منه علي ضعف في الولء ألقت به من شاهق‪ ،‬أو‬
‫أودعته في غيابة النسيان‪.‬‬
‫إن زمانا ل يعطي فيه الناس حقهم في الخبز والحرية والكرامة والعلم زمان‬
‫بائس‪ ،‬وأن أنظمة أو حكومات تغيب الشعوب عن الفعل السياسي‪ ،‬وتحتكر‬
‫الحقيقة والقرار‪ ،‬هي أيضا بائسة‪ ،‬وإن فئات تريد العودة إلي الماضي‬
‫والجمود عنده هي أيضا طيبة النية لكنها ساذجة‪ ،‬وإن الجاحدين الذين‬
‫يتنكرون للمة ويلقون بأنفسهم في أحضان الخر المهيمن متآمرون‪ ،‬وأن‬
‫الصراِخ الذي ل يتبعه تغيير في الواقع نحو الحياة الجديدة بمعاييرها )الحرية‪،‬‬
‫والعدل‪،‬والمساواة‪ ،‬والديمقراطية( هو فعل ناقص ل فائدة ترجي منه وإن‬
‫أمة تعدادها ‪ 257‬مليون )تعداد ‪ (1996‬بينهم ‪ 13‬مليين من الميين‪ ،‬قد تظل‬
‫في دائرة الفقر والتبعية إلي زمان قادم بعيد وستظل جراحها دامية‪ ،‬وقد ل‬
‫تتمكن من تحقيق مشروعات التنمية لنها غير متكاملة قوميا‪ ،‬ول تملك في‬
‫سائر القطار العربية قاعدة علمية وتكنولوجية راسخة‪.‬تلك هي المة‬
‫الموزعة في اثنين وعشرين كيانا‪ ،‬وذاك هو صوت غناء قديم يمتد في مناخ‬
‫ن‪،‬‬ ‫ن‪ ،‬ح ّ‬
‫ل البي ُ‬ ‫ل البي ِ‬ ‫ن ماذا ح ّ‬
‫ل بي وبها من ناز ِ‬ ‫الضعف‪ :‬ويلي من البي ِ‬
‫وارتحلواوقد عجبت لتكرار البين ثلث مرات وكأن صخرة تطبق علي روح‬
‫الشاعر‪ ،‬فتذكرت أن قطعا هائلة من الصخور تطبق علي أرواحنا‪ ،‬ويكفينا‬
‫مصطلحات التصريحات السياسية العربية في موضوع احتلل أمريكا للعراق‪،‬‬
‫والكثير من حوارات العلم العربي التي تضع الباطل إلي جانب الحق ثم‬
‫تقول لنا‪ :‬هذا هو الحوار‪ ،‬وهذا هو التعبير عن بنية الوعي الجديد‪،‬إذن‬
‫فليتشكل الوعي الجديد بسيطا وعذبا مثل قصيدة لناظم حكمت‪:‬‬
‫أريد أن يغني أطفالنا‬
‫حين يعودون متشابكي اليدي‬

‫‪123‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫من حدائق الطفال‬


‫الغاني التي غنيتها لنفسي‬
‫إن أجمل ما سمعته من أصوات‬
‫سؤال طفل عن النجوم‬
‫وهو ينام علي ركبتي في ليلة صيف‬
‫وليكن المبدعون العرب جديرين باسمائهم في الزمان القادم‪ ،‬وهم يحلقون‬
‫بأجنحة منسوجة من الحرية‪ ،‬والعدل‪ ،‬وكرامة النسان‪ ،‬ولتكن لغتهم‪،‬‬
‫ده‬
‫وألوانهم‪ ،‬وإيقاعاتهم فرحا بالحياة والمقاومة‪ ،‬ورفضا لهذا السواد الذي يم ّ‬
‫دهم أبي الطيب رائعته‪:‬‬‫علي أرضنا الغزاة والمستبدون ولينشدوا مع ج ّ‬
‫ل أنا أهوى وقلبك المتبو ُ‬
‫ل‬ ‫جوٍ يا رسو ُ‬ ‫ما لنا كّلنا َ‬
‫إنها لحظة تاريخية صعبة‪ ،‬ولكن الصمت فيها هزيمة‪ ،‬وخير من الهزيمة أن‬
‫نحمل أكفاننا ونسعي إلي المقابر قبل زمان موتنا بزمان هذا إن كان‬
‫الخائفون يستحقون أضرحة في تراب الوطن‪ ،‬ونعيا في أعمدة الصحافة‪،‬‬
‫وتذكرا في أربعين الخوف والهزيمة‪ ،‬والصمت المريب‪.‬‬
‫صوت‪:‬‬
‫َ‬
‫ن علي بصرٍ ما شقّ منظُرهُ‬ ‫هو ّ ْ‬
‫م‬ ‫حل ُ‬ ‫كال‬ ‫ن‬ ‫العي‬ ‫ت‬ ‫يقظا‬ ‫فإنما‬
‫ُ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬
‫ه‬ ‫ت‬ ‫م‬
‫ٍ ُ ِ َ ُ‬‫ْ‬
‫ش‬ ‫ت‬‫ف‬ ‫ق‬ ‫خل‬ ‫إلي‬ ‫ك‬ ‫ول تش‬
‫خم ِ‬
‫ن والّر َ‬ ‫شكوي الجريِح إلي الغربا ِ‬
‫س تسترهُ‬ ‫علي حذرٍ للنا ِ‬ ‫ن‬‫وك ْ‬
‫َ‬
‫ول يغّرك منها ثغُر مبتسم ِ‬
‫ق نفسي كيف لذ تها‬ ‫ن خال ِ‬ ‫سبحا َ‬
‫ة اللم ِ‬ ‫س تراهُ غاي َ‬ ‫فيما النفو ُ‬
‫)المتنبي(‬
‫* ناقد وأكاديمي من الرد‬

‫)‪(2 /‬‬

‫ما مشروعك الخاص؟‬


‫د‪ .‬خالد بن سعود الحليبي ‪11/2/1425‬‬
‫‪01/04/2004‬‬
‫تخيل أن هذا السؤال طرح عليك بعد أن بلغت من العمر عتيا!!‬
‫ما‬
‫سا لكذا‪ ،‬وخدمت أربعين عا ً‬‫ربما كان جوابك‪ :‬إنني كنت مديًرا لكذا‪ ،‬ورئي ً‬
‫في كذا ‪ ..‬ثم ماذا بعد؟ إنك لم تجب عن هذا السؤال!‬
‫وا في كذا جمعية‪ ،‬وشاركت‬ ‫ربما كان جوابك‪ :‬إنني ألفت كذا كتاب‪ ،‬وكنت عض ً‬
‫في كذا مؤتمر‪ ..‬ثم ماذا بعد؟ إنك لم تجب عن هذا السؤال!‬
‫كل إنسان غيرك يمكن أن يقوم مقامك!‬
‫عا‪ ،‬أو أسست عمل ً لم يكن موجوًدا من‬ ‫عا ابتدا ً‬
‫إذا لم تكن قد ابتدعت مشرو ً‬
‫دا للبشرية‪ ،‬أو كان لك مشروع ثقافي خاص عرفت‬ ‫قبل‪ ،‬أو اخترعت جدي ً‬
‫به‪...‬؛ فأنت لم تصنع شيًئا تضيفه للنسانية‪ ،‬بل أنت من بين المليين‬
‫السائرين في هذه الحياة بالقدر الذي وفقوا له بما تسمح لهم به مواهبهم‬
‫وقدراتهم وبيئاتهم‪.‬‬
‫الواقع أن الحياة تسير بسرعة هائلة ل تعرف البطء‪ ،‬ومن يسوف فسيجد‬
‫نفسه فجأة أمام نهاية المطاف دون أن يشعر‪ .‬والمبدعون –وحدهم‪ -‬الذين‬

‫‪124‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يعرفون قيمة الزمن المنصرم‪ ..‬هم مهندسو الدقائق والثواني‪ ،‬الذين يعرفون‬
‫كيف يديرون اللحظات بكل جدارة‪ ،‬ولذلك يذهل الخرون وهم يرون‬
‫إنجازاتهم التي ل تكف عن التبرعم ثم الزهار ثم الثمار‪ ،‬وبينما هم‬
‫مشغولون بإنتاج الجديد ينشغل الخرون بعد إنجازاتهم أو الحومان حولها‬
‫دا أو إعجاًبا أو دراسة‪.‬‬
‫تفني ً‬
‫عا‪،‬‬
‫إن كثيًرا من الناس قد شغل حياته بمشروعات الخرين‪ ،‬يتمم لهذا مشرو ً‬
‫عا آخر ليس من إنتاج فكره‪..‬‬ ‫ويرخص لهذا ساعاته الطوال كي ينجح مشرو ً‬
‫وفي ذلك تعاون على البر والتقوى ول شك؛ ولكن الحقيقة أنه سوف يبقى‬
‫مثل هذا دون مشروع يخصه‪ ،‬يقدمه لمته ولمجتمعه‪.‬‬
‫إذا لم تقف الن تراجع حساباتك السابقة‪ ،‬وتفكر ملّيا فيما ذهب وفيما‬
‫سيأتي‪ ،‬وتخطط لحياتك واضًعا هدفك الشريف أمام عينيك‪ ،‬سوف تجد‬
‫نفسك تسير نحو هوة سحيقة هي النهاية غير المنتجة‪.‬‬
‫كلنا نغرم بقراءة سير العظماء الذين تقدمت بهم البشرية‪ ،‬ونالت بهم شرف‬
‫الستخلف‪ ،‬عمروا الرض بأمر الله‪ ،‬واستقبلوا الموت بابتسامة الرضا عن‬
‫أنفسهم‪ .‬والمؤمنون منهم كلهم ظن في الله الكبير أن يتقبل منهم ما عملوا‬
‫وأن يجدوا ذلك حسنات ل يعرف حدها إل الله تعالى‪.‬‬
‫ولعل من أبرز موانع تسّنم هذا المر هو الشعور السلبي الذي يحسه بعضنا‬
‫بأنه ليس من هؤلء‪ ،‬ولن يستطيع أن يفعل شيًئا في هذا التجاه‪ ،‬والحقيقة‬
‫أنه ربما كان بين أعصابنا يجثم عملق يريد أن يتحرر من ربقة ظلم النفس‪،‬‬
‫والستهانة بطاقاتها الكامنة؛ فمتى سنطلقه؟!‬
‫إن لدى كل مولود طاقة إبداعية رائعة‪ ،‬اكتشفها بعضهم فسقاها فأورقت‪،‬‬
‫وغيبها آخرون فماتت؛ فلم يخسروا هم وحدهم‪ ،‬بل خسرتهم البشرية كلها‪.‬‬
‫نعم يجب أن يكون لك أيها المؤلف كتاًبا يمثلك من بين عشرات الكتب التي‬
‫أصدرتها‪ ،‬وأن يكون لك أيها المهندس اختراعك الذي تسجل له براءة في‬
‫أكبر المؤسسات العالمية التي تخص اختصاصك‪ ،‬وأن يكون لك أيها الصحفي‬
‫عملك الذي ل تشبه فيه الخرين‪ ،‬وأن يكون لك أيها العالم أيها الديب أيها‬
‫الطبيب أيها‪...‬مشروعك الخاص بك أنت وحدك ‪ ..‬فهل ستبدأ الن؟‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ب ‪...‬‬‫ل عجي ٌ‬ ‫ل يا دكتور ‪ . . .‬مقا ٌ‬ ‫ما هكذا تورد ُ الب ُ‬


‫الحمد ُ للهِ وبعد ُ ؛‬
‫ة‬
‫ه عنه ‪ -‬في جريد ِ‬ ‫ل للدكتور طارق سويدان ‪ -‬عفا الل ُ‬ ‫ت على مقا ٍ‬ ‫اطلع ُ‬
‫المدينةِ في عمودهِ السبوعي ‪ " :‬قوالب فكرية " وعنون له ‪ " :‬تلبس الجان‬
‫ن‬
‫س الج ّ‬ ‫بالنسان ‪ ..‬حقيقة أم وهم ؟ " ‪ ،‬وأتى في مقالهِ على مسألةِ تلب ِ‬
‫ق الخرافةِ والوهم ِ ‪،‬‬ ‫س انتشر عن طري ِ‬ ‫ن بالن ِ‬ ‫س الج ِ‬ ‫س ‪ ،‬وقرر فيه أن تلب َ‬ ‫بالن ِ‬
‫ة‬
‫ب ‪ ،‬وإنما المرجعُ في ذلك أدل ُ‬ ‫ه وقرره ُ هو الصوا ُ‬ ‫وهذا ل يعني أن ما قال ُ‬
‫م ِفي‬ ‫ب والسنةِ ‪ ،‬والرجوع ُ إليهما حال التنازِع قال تعالى ‪ " :‬فَِإن ت ََناَزعْت ُ ْ‬ ‫الكتا ِ‬
‫خي ٌْر‬ ‫َ‬
‫خرِ ذ َل ِك َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫ن ِباللهِ َوالي َوْم ِ ال ِ‬
‫مُنو َ‬‫م ت ُؤْ ِ‬ ‫ُ‬
‫ل ِإن كنت ُ ْ‬
‫سو ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫يٍء فَُرّدوه ُ إ ِلى اللهِ َوالّر ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫َ‬
‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ص واحد ٌ‬ ‫ن ت َأِويل " ] النساء ‪ ، [ 59 :‬ولو لم يوجد في المسألةِ إل ن ٌ‬ ‫س ُ‬ ‫ح َ‬‫وَأ ْ‬
‫ة‬
‫ل السن ِ‬ ‫ص بذلك ؟ وقرره ُ علماُء أه ِ‬ ‫ت النصو ُ‬ ‫لكفى ‪ ،‬فكيف إذا تكاثر ِ‬
‫والجماعةِ في كتبهم ‪.‬‬
‫ه بمقدمةٍ جيدةٍ فقال ‪ " :‬كثير من‬ ‫ه له – مقال ُ‬ ‫افتتح الدكتور طارق – غفر الل ُ‬
‫المسائل تأخذ انتشارها من قصة مروية أو إشاعة مكذوبة أو وهم متخيل ‪،‬‬

‫‪125‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فإذا تراخى الناس في الرد عليها وتكذيبها أخذت شكل الحقيقة ‪ ،‬وأصبحت‬
‫معتقدا ثابتا في عقول الكثير ل يجوز الجدال فيه ‪ ،‬مع أن أصلها ما ذكرناه من‬
‫خرافة ووهم " ‪.‬‬
‫س فقال ‪ " :‬وقد‬ ‫ِ‬ ‫بالن‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫الج‬ ‫تلبس‬ ‫ذلك‬ ‫على‬ ‫ل‬‫ٍ‬ ‫بمثا‬ ‫أتى‬ ‫ولكنه‬ ‫م جيد ٌ ‪،‬‬ ‫وهذا كل ٌ‬
‫أثبت الله سبحانه وتعالى في مواضيع عدة من كتابه أن الشيطان ليس له‬
‫سبيل على بني آدم فقال تعالى ‪ " :‬إنه ليس له سلطان على الذين آمنوا‬
‫وعلى ربهم يتوكلون " وقال سبحانه يحكي على لسان إبليس حين تبرأ من‬
‫الكافرين ‪ " :‬وما كان لي عليكم من سلطان " ‪.‬‬
‫فكيف نأتي بعد هذا البيان اللهي ونقول بأن الجن يتلبس بالنسان ‪ ،‬ثم يتكلم‬
‫عوضا عنه ‪ ،‬ويوحي له بالتصرفات التي يريدها ‪ ،‬والله سبحانه يثبت أن‬
‫الشيطان ل سلطان له على البشر ؟!! كما أن العقل البشري ل يصدق مثل‬
‫هذه الوهام‪ .‬وعلوة على كل ذلك فأنا أرى أن أصول التشريع ترفض ذلك‬
‫من وجه آخر وهو أن الجن إذا تلبس بالنسان وتصرف عوضا عنه فمن‬
‫المفترض أن يسقط التكليف عن النسان في تلك الحالة‪ ،‬وليس في الشرع‬
‫ما يشير إلى أن من أسباب سقوط التكليف تلبس الجن " ‪.‬‬
‫ه عنك ‪ ، -‬لن العقلَ‬ ‫ل بساطةٍ يا دكتور طارق – عفا الل ُ‬ ‫ن اللهِ ! هكذا بك ّ‬ ‫سبحا َ‬
‫ب والسنةِ الواضحةِ البينةِ في‬ ‫ِ‬ ‫الكتا‬ ‫ص‬
‫ُ‬ ‫نصو‬ ‫د‬
‫ِ ُ ّ‬‫تر‬ ‫م‬ ‫الكل‬ ‫هذا‬ ‫مثل‬ ‫ل يقب ُ‬
‫ل‬
‫خ‬‫ل أهل السنةِ والجماعةِ فهذا شي ُ‬ ‫ل العلم ِ من أصو ِ‬ ‫المسألةِ ‪ ،‬وقد عدها أه ِ‬
‫ة‬
‫ل في " الفتاوى " )‪ " : (24/276‬ليس في أئم ِ‬ ‫ة يقو ُ‬ ‫ن تيمي َ‬ ‫السلم ِ اب ُ‬
‫ن المصروِع وغيرهِ ‪ ،‬ومن أنكر ذلك ‪،‬‬ ‫ل الجني في بد ِ‬ ‫المسلمين من ينكُر دخو َ‬
‫ة‬
‫ب ذلك ‪ ،‬فقد كذب على الشرِع ‪ ،‬وليس في الدل ِ‬ ‫وأدعى أن الشرعَ يكذ ُ‬
‫ل‬
‫ق أئمةِ أه ِ‬ ‫ت باتفا ِ‬ ‫ل الجني ثاب ٌ‬ ‫الشرعية ما ينفي ذلك " ‪ ،‬ثم قال ‪ " :‬دخو ُ‬
‫السنةِ والجماعةِ " ‪.‬ا‪.‬هـ‪.‬‬
‫ر‬
‫ص الواضحةِ فهذا مظهٌر خطيٌر من مظاه ِ‬ ‫ل على النصو ِ‬ ‫وأما تقديمك للعق ِ‬
‫ل في‬ ‫ل الشرع َ في يمينك والعق َ‬ ‫ف أنزهك عنه ‪ ،‬وقد قيل ‪ " :‬اجع ِ‬ ‫النحرا ِ‬
‫ل ‪ ،‬ولهذا قال الشاطبي في "‬ ‫ل على العق ِ‬ ‫يسارك " تنبيها على تقديم ِ النق ِ‬ ‫ً‬
‫ل في إدراكها حدا تنتهي إليه ل تتعداه ُ ‪ ،‬ولم‬ ‫ً‬ ‫ه جعل للعقو ِ‬ ‫العتصام " ‪ :‬إن الل َ‬
‫ب ‪ ،‬ولو كانت كذلك لستوت مع‬ ‫ك في كل مطلو ٍ‬ ‫ّ‬ ‫يجعل لها سبيل ً إلى الدرا ِ‬
‫ن " ‪.‬ا‪.‬هـ‪.‬‬ ‫ن وما ل يكو ُ‬ ‫ك جميِع ما كان وما يكو ُ‬ ‫الباري في إدرا ِ‬
‫م العلماِء‬ ‫َ‬ ‫كل‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫وأنق‬ ‫‪،‬‬ ‫مقالك‬ ‫في‬ ‫إليها‬ ‫تشر‬ ‫لم‬ ‫مما‬ ‫دليلين‬ ‫بذكر‬ ‫ولعلي أكتفي‬
‫عليهما ‪.‬‬
‫ل‪:‬‬ ‫ل الو ُ‬ ‫الدلي ُ‬
‫ن الّرَبا َل‬ ‫ْ‬
‫ن ي َأك ُُلو َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ه تعالى ‪ " :‬ال ّ ِ‬ ‫ن بالنس قول ُ‬ ‫س الج ِ‬ ‫ن أظهرِ الدلةِ على تلب ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫س " ] البقرة ‪، [ 275 :‬‬ ‫َ ّ‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ن‬
‫ُ‬ ‫طا‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ّ‬
‫ش‬ ‫ال‬ ‫ه‬ ‫ُ‬
‫َ ّ ُ‬ ‫ط‬ ‫ب‬ ‫خ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ذي‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫م‬
‫َ َ ُ‬ ‫قو‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ما‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ل‬‫ّ‬ ‫يَ ُ َ ِ‬
‫إ‬ ‫ن‬ ‫مو‬ ‫قو‬‫ُ‬
‫ه له – أنه لم يوردها في مقالهِ ! فل‬ ‫ت من الدكتور طارق – غفر الل ُ‬ ‫وتعجب ُ‬
‫ن به ‪،‬‬ ‫ن الظ ّ‬ ‫ه تعمد عدم ذكرها ؟ ولكننا نحس ُ‬ ‫ه ؟ أم أن ُ‬ ‫أدري هل غابت عن ُ‬
‫ونقول ‪ :‬ربما غابت عنه ‪.‬‬
‫ة جدا ً في المسألةِ ‪ ،‬ولو لم يكن في الدلةِ إل هذه الية‬ ‫ة صريح ٌ‬ ‫وهذه الي ُ‬
‫لكفى ‪.‬‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫َ‬
‫ساد إ ِن ْكار َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫قال القرطبي عند تفسيره لليةِ ‪ِ " :‬في هَذِهِ الَية د َِليل عَلى فَ َ‬
‫طان لَ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫َ‬ ‫أ َنك َر الصرع من جهة ال ْجن ‪ ,‬وزعَ َ‬
‫ن ال ّ‬ ‫ن فِْعل الط َّباِئع ‪ ,‬وَأ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫م أن ّ ُ‬ ‫ََ َ‬ ‫ِ ّ‬ ‫ِ ْ ِ َ‬ ‫ّ ْ‬ ‫ْ َ‬
‫س " ‪.‬ا‪.‬هـ‪.‬‬ ‫م ّ‬ ‫ه َ‬ ‫من ْ ُ‬
‫سان وَل ي َكون ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫سلك ِفي ال ِن ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫يَ ْ‬
‫ه عز وجل‬ ‫ن حزم ِ في " الفصل " )‪ " : (5/113‬وأما الصرعُ فإن الل َ‬ ‫وقال اب ُ‬
‫ن‬
‫ِ‬ ‫الشيطا‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫تأثي‬ ‫وجل‬ ‫عز‬ ‫فذكر‬ ‫"‬ ‫س‬‫َ ّ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ن‬
‫ُ ِ َ‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫طا‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ي‬ ‫ش‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ه‬ ‫ُ‬
‫قال ‪ " :‬ا ِ َ َ َ ّ ُ‬
‫ط‬ ‫ب‬ ‫خ‬ ‫ت‬ ‫ي‬ ‫ذي‬ ‫ّ‬ ‫ل‬

‫‪126‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫في المصروِع إنما هو بالمماسةِ ‪ ،‬فل يجوُز لحدٍ أن يزيد َ على ذلك شيئا ً "‬
‫‪.‬ا‪.‬هـ‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫مة إ ِّل‬ ‫قَيا َ‬ ‫وم ال ْ ِ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ن قُُبوره ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫مو َ‬ ‫قو ُ‬ ‫ن كثيرٍ عند تفسيرِ الية ‪ " :‬أ َيْ َل ي َ ُ‬ ‫وقال اب ُ‬
‫َ‬
‫ما‬ ‫قوم قَِيا ً‬ ‫ه يَ ُ‬ ‫ك أن ّ ُ‬ ‫ه وَذ َل ِ َ‬ ‫طان ل َ ُ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫خّبط ال ّ‬ ‫صْرعه وَت َ َ‬ ‫حال َ‬ ‫صُروع َ‬ ‫م ْ‬ ‫قوم ال ْ َ‬ ‫ما ي َ ُ‬ ‫كَ َ‬
‫من ْك ًَرا " ‪.‬ا‪.‬هـ‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ل من‬ ‫ِ‬ ‫قو‬ ‫ِ‬ ‫د‬ ‫فسا‬ ‫على‬ ‫ل‬‫ٌ‬ ‫دلي‬ ‫ِ‬ ‫ة‬ ‫الي‬ ‫وفي‬ ‫"‬ ‫‪:‬‬ ‫"‬ ‫القدير‬ ‫فتح‬ ‫"‬ ‫في‬ ‫الشوكاني‬ ‫وقال‬
‫ل الطبائِع ‪ ،‬وقال ‪:‬‬ ‫ه من فع ِ‬ ‫ن ‪ ،‬وزعم أن ُ‬ ‫ن من جهةِ الج ّ‬ ‫ن الصرع َ ل يكو ُ‬ ‫قال ‪ :‬إ ّ‬
‫ن‪،‬‬ ‫ن يصرعُ النسا َ‬ ‫ه من أن الشيطا َ‬ ‫ب تزعم ُ‬ ‫ة على ما كانت العر ِ‬ ‫ة خارج ٌ‬ ‫إن الي َ‬
‫ن منه مس "‬ ‫ن ول يكو ُ‬ ‫ن ل يسلك في النسا ِ‬ ‫وليس بصحيٍح ‪ ،‬وإن الشيطا َ‬
‫‪.‬ا‪.‬هـ‪.‬‬
‫ن صالٍح العثيمين عند تفسيرها )‪ " : (3/376‬ومنها – أي‬ ‫خ محمد ُ ب ُ‬ ‫وقال الشي ُ‬
‫ل من‬ ‫ه ؛ ول عبرة بقو ٍ‬ ‫ن يتخبط بني آدم فيصرع ُ‬ ‫ُ‬ ‫من فوائد اليةِ ‪ -‬أن الشيطا َ‬
‫ع‬
‫ت ذلك ؛ والواق ُ‬ ‫ة بإثبا ِ‬ ‫ت السن ُ‬ ‫أنكر ذلك من المعتزلةِ وغيرهم ؛ وقد جاء ِ‬
‫ه – في زاد المعاد الصرع َ على‬ ‫ه الل ُ‬ ‫ن القيم ِ – رحم ُ‬ ‫شاهد ٌ به ؛ وقد قسم اب ُ‬
‫ه‬
‫ه الطباُء ‪ ،‬ويقرونه ‪ ،‬ويعالجون ُ‬ ‫ب ؛ وهذا يدرك ُ‬ ‫قسمين ‪ :‬صرع بتشنِج العصا ِ‬
‫ن ‪ ،‬وذلك ل علم للطباِء‬ ‫ِ‬ ‫الشيطا‬ ‫من‬ ‫صرع‬ ‫‪:‬‬ ‫بما عندهم من الدويةِ ‪ ،‬والثاني‬
‫ة‬
‫ن ‪ ،‬والدعيةِ النبويةِ الوارد ِ‬ ‫ج إل بالدويةِ الشرعيةِ كقراءةِ القرآ ِ‬ ‫به ‪ ،‬ول يعال ُ‬
‫في ذلك " ‪.‬ا‪.‬هـ‪.‬‬
‫م غيرهم في تفسيرِ اليةِ لطال‬ ‫ت كل َ‬ ‫ل هؤلِء الئمةِ ولو تتبع ُ‬ ‫وأكتفي بنقو ِ‬
‫ه له ‪ -‬؟‬ ‫م أم الدكتور طارق – غفر الل ُ‬ ‫م ‪ ،‬ول أدري هل هؤلِء أعل ُ‬ ‫المقا ُ‬
‫ل الثاني ‪:‬‬ ‫الدلي ُ‬
‫ل ‪َ :‬قا َ‬ ‫ن أِبي َرَباٍح َقا َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن أِبي ب َكرٍ َقا َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ل ِلي اب ْ ُ‬ ‫حد ّث َِني عَطاُء ب ْ ُ‬ ‫ل‪َ :‬‬ ‫مَرا َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ن ِ‬‫عَ ْ‬
‫ت ‪ " :‬ب َلى " ‪َ ،‬قا َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫ل ‪ " :‬هَذِ ِ‬ ‫جن ّةِ ؟ " ‪ ،‬قُل ُ‬ ‫ل ال َ‬ ‫ن أهْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫مَرأة ً ِ‬ ‫س ‪ " :‬أل أِريك ا ْ‬ ‫عَّبا َ ٍ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫صَرع ُ ‪،‬‬ ‫ت ‪ " :‬إ ِّني أ ْ‬ ‫قال ْ‬ ‫م ‪ ،‬فَ َ‬ ‫سل َ‬ ‫ه عَلي ْهِ وَ َ‬ ‫صلى الل ُ‬ ‫ي َ‬ ‫ت الن ّب ِ ّ‬ ‫سوَْداُء ؛ أت َ ْ‬ ‫مْرأةُ ال ّ‬ ‫ال ْ َ‬
‫َ‬
‫ن‬
‫ة ‪ ،‬وَإ ِ ْ‬ ‫ك ال ْ َ‬
‫جن ّ ُ‬ ‫ت وَل َ ِ‬ ‫صب َْر ِ‬ ‫ت َ‬ ‫شئ ْ ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫ل ‪ " :‬إِ ْ‬ ‫ه ِلي " ‪َ ،‬قا َ‬ ‫ف ‪َ ،‬فاد ْع ُ الل ّ َ‬ ‫ش ُ‬ ‫وَإ ِّني أت َك َ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ف‪،‬‬ ‫ش ُ‬ ‫ت ‪ " :‬إ ِّني أت َك َ ّ‬ ‫قال َ ْ‬ ‫صب ُِر " ‪ ،‬فَ َ‬ ‫ت‪":‬أ ْ‬ ‫قال َ ْ‬ ‫ك " ‪ ،‬فَ َ‬ ‫ن ي َُعافِي َ ِ‬ ‫هأ ْ‬ ‫ت الل ّ َ‬ ‫ت د َعَوْ ُ‬ ‫شئ ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫عا لَها ‪.‬‬ ‫ف " ‪ ،‬فد َ َ‬ ‫ش َ‬ ‫ن ل أت َك ّ‬ ‫ه ِلي أ ْ‬ ‫َفاد ْعُ الل َ‬
‫ه البخاري )‪ ، (5652‬ومسلم )‪. (2576‬‬ ‫أخرج ُ‬
‫ن الط ُّرق‬ ‫م‬
‫َ ْ ُ َ ِ ْ‬ ‫خذ‬ ‫ْ‬ ‫ؤ‬ ‫ي‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫و‬ ‫"‬ ‫‪:‬‬ ‫(‬ ‫‪10/115‬‬ ‫)‬ ‫"‬ ‫ح‬‫ِ‬ ‫الفت‬ ‫"‬ ‫في‬ ‫ٍ‬ ‫ر‬ ‫حج‬ ‫ن‬
‫ُ‬ ‫اب‬ ‫ظ‬‫ُ‬ ‫الحاف‬ ‫قال‬
‫خْلط‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫صْرع ال ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َل ِ‬ ‫ج ّ‬ ‫صْرع ال ْ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫كا َ‬ ‫م ُزَفر َ‬ ‫ن ب ِأ ّ‬ ‫كا َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫ال ِّتي أوَْرد َت َْها أ ّ‬
‫" ‪.‬ا‪.‬هـ‪.‬‬
‫ن بالنس ‪:‬‬ ‫المنكرون لتلبس الج ّ‬
‫ة‬
‫ض المعتزلةِ والرافض ِ‬ ‫ن بالنس وهم بع ُ‬ ‫س الج ّ‬ ‫ف تلب َ‬ ‫لقد أنكرت طوائ ُ‬
‫ن " ) ص ‪" : ( 134‬‬ ‫والمدرسةِ العقليةِ ‪ ،‬قال السيوطي في " لقط المرجا ِ‬
‫ن المصروِع " ‪.‬ا‪.‬هـ‪.‬‬ ‫ن في بد ِ‬ ‫ل الج ّ‬ ‫ة من المعتزلةِ دخو َ‬ ‫أنكَر طائف ٌ‬
‫ب‬‫ت السلمين " ) ص ‪ ( 61‬عن أصحا ِ‬ ‫ونقل أبو الحسن الشعري في " مقال ِ‬
‫ن‬
‫ل أبدا َ‬ ‫س ‪ ،‬وليس يدخ ُ‬ ‫ن ‪ " :‬فعلمنا أنه يوسو ُ‬ ‫هشام ِ بن الحكم ِ قولهم عن الج ّ‬
‫س " ‪.‬ا‪.‬هـ‪.‬‬ ‫النا ِ‬
‫ن من‬ ‫ف " )‪ (1/164‬فقال ‪ " :‬وتخبط الشيطا ِ‬ ‫ُ‬ ‫وزعم الزمخشري في " الكشا ِ‬
‫ن فيصرع ُ " ‪.‬ا‪.‬هـ‪.‬‬ ‫ن يخبط النسا َ‬ ‫ُ‬ ‫ب ‪ ،‬يزعمون أن الشيطا َ‬ ‫ت العر ِ‬ ‫زعما ِ‬
‫ي في " تفسيرهِ " )‪ (4/111‬فقال ‪ " :‬وظاهرهُ إنكاُر ذلك ‪،‬‬ ‫ه البقاع ّ‬ ‫وتعقب ُ‬

‫‪127‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ة فيه " ‪.‬ا‪.‬هـ‪.‬‬ ‫وليس بمنكرٍ ‪ ،‬بل هو الحقّ الذي ل مري َ‬


‫ة‬‫ة في " الفتاوى " )‪ " : (13 – 19/12‬أنكر طائف ٌ‬ ‫ن تيمي َ‬
‫خ السلم ِ اب ُ‬ ‫وقال شي ُ‬
‫ن‬
‫ن في بد ِ‬ ‫َ‬
‫من المعتزلةِ كالجبائي وأبي بكرٍ الرازي وغيرهما دخول الج ّ‬
‫ل عن‬ ‫ِ‬ ‫المنقو‬ ‫في‬ ‫ن ‪ ،‬إذ لم يكن ظهوُر هذا‬ ‫المصروِع ‪ ،‬ولم ينكروا وجود َ الج ّ‬
‫ل كظهورِ هذا ‪ ،‬وإن كانوا مخطئين في ذلك ‪ .‬ولهذا ذكر الشعري في‬ ‫الرسو ِ‬
‫ل بدن المصروِع‬ ‫ل السنةِ والجماعةِ أنهم يقولون ‪ :‬إن الجني يدخ َ‬ ‫ت أه ِ‬ ‫مقال ِ‬
‫هُ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫خب ّط ُ‬ ‫ذي ي َت َ َ‬‫م ال ِ‬ ‫قو ُ‬ ‫ما ي َ ُ‬ ‫ن إ ِل ك َ َ‬‫مو َ‬
‫قو ُ‬
‫ن الّرَبا ل ي َ ُ‬‫ن ي َأك ُلو َ‬‫ذي َ‬ ‫كما قال تعالى ‪ " :‬ال ِ‬
‫ن حنبل ‪:‬‬ ‫ن أحمد َ ب ِ‬ ‫س " ] البقرة ‪ ، [ 275 :‬وقال عبد ُ اللهِ ب ُ‬ ‫م ّ‬‫ن ال ْ َ‬‫م َ‬‫ن ِ‬ ‫طا ُ‬ ‫شي ْ َ‬‫ال ّ‬
‫ن النسي " ‪ ،‬فقال ‪:‬‬ ‫ل في بد ِ‬ ‫ت لبي ‪ " :‬إن قوما يزعمون أن الجني ل يدخ ُ‬ ‫ً‬ ‫قل ُ‬
‫ٌ‬
‫م على لسانهِ " ‪ .‬وهذا مبسوط في موضعهِ "‬ ‫" يا بني ؛ يكذبون ‪ ،‬هو ذا يتكل ُ‬
‫‪.‬ا‪.‬هـ‪.‬‬
‫ل‬
‫ه أن يوفق الدكتور طارق سويدان للعم ِ‬ ‫ل الل َ‬ ‫وأكتفي بهذا القدر ‪ ،‬وأسأ ُ‬
‫ه بقولهِ ‪ " :‬والبعض ممن يروجون لهذه‬ ‫ب والسنةِ ‪ ،‬وقد ختم مقال ُ‬ ‫بالكتا ِ‬
‫الوهام يستدلون بأحاديث وآيات ليس فيها أي دليل على ذلك " ‪.‬‬
‫ت والحاديث التي‬ ‫ل باليا ِ‬ ‫ة ‪ ،‬أصبح الستدل ُ‬ ‫ه لك الهداي َ‬ ‫ل الل َ‬ ‫ل ‪ :‬أسأ ُ‬ ‫فاقو ُ‬
‫ل!‬ ‫ُذكرت آنفا ً أوهاما ً يا دكتور طارق ! وأيضا ً ليس فيها أيّ دلي ٍ‬
‫)‪(2 /‬‬

‫وذكر الدكتوُر دليل ً واحدا ً فقال ‪ " :‬كقول النبي صلى الله عليه وسلم ‪ :‬إن‬
‫الشيطان يجري من ابن آدم كمجرى الدم في العروق " والغريب أنهم لم‬
‫يستوعبوا القصة كاملة وهي أن بعض الصحابة رأى النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم مع إحدى نسائه فناداهم النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرهم أنها‬
‫زوجته صفية وليست امرأة غريبة فقالوا‪ :‬أفيك نشك أو نظن يا رسول الله ؟‬
‫فقال‪) :‬إن الشيطان يجري ‪ (...‬فانظر إلى مجرى القصة وإلى استدللهم‬
‫يتبين لك ما فيه من البطلن " ‪.‬‬
‫ه لك ‪ ! -‬وهذا الحديث قد استدل به على‬ ‫البطلن يا دكتور طارق – غفر الل ُ‬
‫ل الجني بدن النسي عدد ٌ من العلماِء منهم القرطبي في "‬ ‫إمكانيةِ دخو ِ‬
‫خ السلم ِ في " الفتاوى " )‪ ، (24/277‬والبقاعي‬ ‫تفسيرهِ " )‪ ، (2/50‬وشي ُ‬
‫في " نظم الدرر " )‪ ، (4/112‬والقاسمي في " محاسن التأويل " )‪، (3/701‬‬
‫والشيخ عبد الله بن حميد في " الرسائل الحسان في نصائِح الخوان " ) ص‬
‫‪. ( 42‬‬
‫ن " ) ص ‪ " : ( 151‬وهو وإن كان‬ ‫ل الماعو ِ‬ ‫ن حجرٍ في " بذ ِ‬‫ظ اب ُ‬ ‫وقال الحاف ُ‬
‫ت إليهِ ‪.‬‬‫ن ما أشر ُ‬ ‫ل على إمكا ِ‬ ‫ه يد ّ‬
‫ص بالوسوسةِ ‪ ،‬لكن ُ‬ ‫في سياقهِ مخصو ٌ‬
‫س كثيرةٌ جدا ً " ‪.‬ا‪.‬هـ‪.‬‬‫ن من الن ِ‬ ‫ه الج ّ‬ ‫ة فيمن يصرع ُ‬ ‫ة الوجودي ُ‬ ‫والدلل ُ‬
‫ث ونأخذ‬ ‫م العلماِء وفهمهم للحدي ِ‬ ‫ل كل َ‬ ‫فل أدري يا دكتور طارق هل نبط ُ‬
‫بتقريرك ؟‬
‫ه‬
‫ن ‪ ،‬وأن يقيهِ شر نفس ِ‬ ‫ه أن يفقهنا والدكتور طارق في الدي ِ‬ ‫ل الل َ‬ ‫وختاما ً نسأ ُ‬
‫ة‬
‫ب والسن ِ‬ ‫ت في فهم ِ الكتا ِ‬ ‫ن ‪ ،‬وأن يرجعَ إلى كلم ِ العلماِء الثقا ِ‬ ‫وشر الشيطا ِ‬
‫ل إلى عقلهِ ‪.‬‬
‫إيضاح الحق في دخول الجني في النسي والرد على من أنكر ذلك‬
‫الحمد لله ‪ ،‬والصلة والسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى‬
‫بهداه ‪. .‬‬
‫أما بعد ‪ . .‬فقد نشرت بعض الصحف المحلية وغيرها في شعبان من هذا‬

‫‪128‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫العام أعني عام ‪ 1407‬هـ أحاديث مختصرة ومطولة عما حصل من إعلن‬
‫بعض الجن ‪ -‬الذي تلبس ببعض المسلمات في الرياض ‪ -‬إسلمه عندي بعد‬
‫أن أعلنه عند الخ عبد الله بن مشرف العمري المقيم في الرياض ‪ ،‬بعدما‬
‫قرأ المذكور على المصابة وخاطب الجني وذكره بالله ووعظه وأخبره أن‬
‫الظلم حرام وكبيرة عظيمة ودعاه إلى السلم لما أخبره الجني أنه كافر‬
‫بوذي ودعاه إلى الخروج منها ‪ ،‬فاقتنع الجني بالدعوة وأعلن إسلمه عند عبد‬
‫الله المذكور ‪ ،‬ثم رغب عبد الله المذكور وأولياء المرأة أن يحضروا عندي‬
‫بالمرأة حتى أسمع إعلن إسلم الجني فحضروا عندي فسألته عن أسباب‬
‫دخوله فيها فأخبرني بالسباب ونطق بلسان المرأة لكنه كلم رجل وليس‬
‫كلم امرأة ‪ ،‬وهي في الكرسي الذي بجواري وأخوها وأختها وعبد الله بن‬
‫مشرف المذكور وبعض المشايخ يشهدون ذلك ويسمعون كلم الجني ‪ ،‬وقد‬
‫أعلن إسلمه صريحا وأخبر أنه هندي بوذي الديانة ‪ ،‬فنصحته وأوصيته بتقوى‬
‫الله ‪ ،‬وأن يخرج من هذه المرأة ويبتعد عن ظلمها ‪ ،‬فأجابني إلى ذلك ‪ ،‬وقال‬
‫‪ :‬أنا مقتنع بالسلم ‪ ،‬وأوصيته أن يدعو قومه للسلم بعدما هداه الله له‬
‫فوعد خيرا وغادر المرأة وكان آخر كلمة قالها ‪ :‬السلم عليكم ‪.‬‬
‫ثم تكلمت المرأة بلسانها المعتاد وشعرت بسلمتها وراحتها من تعبه ‪ .‬ثم‬
‫عادت إلي بعد شهر أو أكثر مع أخويها وخالها وأختها وأخبرتني أنها في خير‬
‫وعافية وأنه لم يعد إليها والحمد لله ‪ ،‬وسألتها عما كانت تشعر به حين وجوده‬
‫بها فأجابت بأنها كانت تشعر بأفكار رديئة مخالفة للشرع وتشعر بميول إلى‬
‫الدين البوذي والطلع على الكتب المؤلفة فيه ‪ ،‬ثم بعدما سلمها الله منه‬
‫زالت عنها هذه الفكار ورجعت إلى حالها الولى البعيدة من هذه الفكار‬
‫المنحرفة ‪.‬‬
‫وقد بلغني عن فضيلة الشيخ علي الطنطاوي أنه أنكر مثل حدوث هذا المر‬
‫وذكر أنه تدجيل وكذب ‪ ،‬وأنه يمكن أن يكون كلما مسجل مع المرأة ولم‬
‫تكن نطقت بذلك ‪ .‬وقد طلبت الشريط الذي سجل فيه كلمه وعلمت منه ما‬
‫ذكر ‪ ،‬وقد عجبت كثيرا من تجويزه أن يكون ذلك مسجل مع أني سألت‬
‫الجني عدة أسئلة وأجاب عنها ‪ ،‬فكيف يظن عاقل أن المسجل يسأل ويجيب‬
‫‪ ،‬هذا من أقبح الغلط ومن تجوبز الباطل ‪ ،‬وزعم أيضا في كلمته أن إسلم‬
‫ب ِلي‬ ‫الجني على يد النسي يخالف قول الله تعالى في قصة سليمان ‪ " :‬وَهَ ْ‬
‫دي " ول شك أن هذا غلط منه أيضا هداه الله وفهم‬ ‫ن ب َعْ ِ‬
‫م ْ‬ ‫كا ل ي َن ْب َِغي ِل َ َ‬
‫حد ٍ ِ‬ ‫مل ْ ً‬
‫ُ‬
‫باطل فليس في إسلم الجني على يد النسي ما يخالف دعوة سليمان ‪.‬‬
‫فقد أسلم جم غفير من الجن على يد النبي صلى الله عليه وسلم ‪ . .‬وقد‬
‫أوضح الله ذلك في سورة الحقاف وسورة الجن وثبت في الصحيحين من‬
‫حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ‪:‬‬
‫إن الشيطان عرض لي فشد علي ليقطع الصلة علي فأمكنني الله منه‬
‫فذعّته ولقد هممت أن أوثقه إلى سارية حتى تصبحوا فتنظروا إليه فذكرت‬
‫ن‬‫م ْ‬
‫حد ٍ ِ‬ ‫كا ل ي َن ْب َِغي ِل َ َ‬
‫مل ْ ً‬
‫ب ِلي ُ‬ ‫ب اغ ْ ِ‬
‫فْر ِلي وَهَ ْ‬ ‫قول أخي سليمان عليه السلم َر ّ‬
‫دي فرده الله خاسئا‬ ‫ب َعْ ِ‬

‫)‪(3 /‬‬

‫هذا لفظ البخاري ولفظ مسلم ‪ :‬إن عفريتا من الجن جعل يفتك علي البارحة‬
‫ليقطع علي الصلة وإن الله أمكنني منه فذعته فلقد هممت أن أربطه إلى‬
‫جنب سارية من سواري المسجد حتى تصبحوا تنظرون إليه أجمعون أو كلكم‬

‫‪129‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫حد ٍ‬ ‫كا ل ي َن ْب َِغي ِل َ َ‬ ‫مل ْ ً‬


‫ب ِلي ُ‬ ‫فْر ِلي وَهَ ْ‬ ‫ب اغ ْ ِ‬‫ثم ذكرت قول أخي سليمان ‪َ " :‬ر ّ‬
‫دي " فرده الله خاسئا وروى النسائي على شرط البخاري عن عائشة‬ ‫ن ب َعْ ِ‬
‫م ْ‬
‫ِ‬
‫رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي فأتاه الشيطان‬
‫فأخذه فصرعه فخنقه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " حتى وجدت‬
‫برد لسانه على يدي ولول دعوة سليمان لصبح موثقا حتى يراه الناس " ‪،‬‬
‫ورواه أحمد وأبو داود من حديث أبي سعيد وفيه ‪ :‬فأهويت بيدي فما زلت‬
‫أخنقه حتى وجدت برد لعابه بين أصبعي هاتين البهام والتي تليها‬
‫وخرج البخاري في صحيحه تعليقا مجزوما به جـ ‪ 4‬ص ‪ 487‬من الفتح عن‬
‫أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال ‪ :‬وكلني رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫بحفظ زكاة رمضان فأتاني آت فجعل يحثو من الطعام فأخذته فقلت ‪ :‬والله‬
‫لرفعنك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬قال ‪ :‬إني محتاج وعلي عيال‬
‫ولي حاجة شديدة ‪ ،‬قال فخليت عنه ‪ ،‬فأصبحت ‪ ،‬فقال رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة ؟ قلت ‪ :‬يا رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم ‪ ،‬شكا حاجة شديدة وعيال فرحمته فخليت سبيله ‪ .‬قال ‪ :‬أما‬
‫إنه قد كذبك وسيعود ‪ ،‬فعرفت أنه سيعود؛ لقول رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬فرصدته فجاء يحثو من الطعام ‪ ،‬فأخذته فقلت ‪ :‬لرفعنك إلى رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم قال ‪ :‬دعني فإني محتاج وعلي عيال ول أعود ‪،‬‬
‫فرحمته فخليت سبيله فأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫يا أبا هريرة ما فعل أسيرك البارحة " قلت ‪ :‬يا رسول الله ‪ ،‬شكا حاجة‬
‫شديدة وعيال فرحمته وخليت سبيله " قال ‪ " :‬أما إنه قد كذبك وسيعود "‬
‫فرصدته الثالثة ‪ ،‬فجاء يحثو من الطعام فأخذته فقلت لرفعنك إلى رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم وهذا آخر ثلث مرات أنك تزعم ل تعود ثم تعود ‪. .‬‬
‫قال دعني أعلمك كلمات ينفعك الله بها ‪ ،‬قلت ‪ :‬ما هي؟ قال ‪ :‬إذا أويت إلى‬
‫م حتى تختم الية‬ ‫ي ال ْ َ‬
‫قّيو ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه ِإل هُوَ ال ْ َ‬‫ه ل إ ِل َ َ‬
‫فراشك فاقرأ آية الكرسي الل ّ ُ‬
‫فإنك لن يزال عليك من الله حافظ ول يقربنك شيطان حتى تصبح ‪ ،‬فخليت‬
‫سبيله فأصبحت فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ " :‬ما فعل‬
‫أسيرك البارحة " قلت ‪ :‬يا رسول الله ‪ ،‬زعم أن يعلمني كلمات ينفعني الله‬
‫بها فخليت سبيله ‪ ،‬قال ‪ " :‬ما هي؟ " قلت ‪ :‬قال لي ‪ :‬إذا أويت إلى فراشك‬
‫م‬‫قّيو ُ‬ ‫ي ال ْ َ‬
‫ح ّ‬ ‫ه ِإل هُوَ ال ْ َ‬‫ه ل إ ِل َ َ‬‫فاقرأ آية الكرسي من أولها حتى تختم الية الل ّ ُ‬
‫وقال لي ‪ :‬لن يزال عليك من الله حافظ ‪ ،‬ول يقربك شيطان حتى تصبح ‪-‬‬
‫وكانوا أحرص شيء على الخير ‪ -‬فقال النبي صلى الله عليه وسلم ‪ " :‬أما إنه‬
‫قد صدقك وهو كذوب ‪ ،‬تعلم من تخاطب منذ ثلث ليال يا أبا هريرة " ؟‬
‫قال ‪ :‬ل قال " ذاك شيطان‬
‫وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح الذي رواه‬
‫الشيخان عن صفية رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‪ :‬إن‬
‫الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ‪ .‬وروى المام أحمد رحمه الله في‬
‫المسند جـ ‪ 4‬ص ‪ 216‬بإسناد صحيح أن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه‬
‫قال ‪ :‬يا رسول الله ‪ ،‬حال الشيطان بيني وبين صلتي وبين قراءتي ‪ ،‬قال ‪" :‬‬
‫ذاك شيطان يقال له خنزب ‪ ،‬فإذا أنت حسسته فتعوذ بالله منه واتفل عن‬
‫يسارك ثلثا " قال ‪ :‬ففعلت ذاك فأذهبه الله عز وجل عني‬
‫كما ثبت في الحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن كل‬
‫إنسان معه قرين من الملئكة وقرين من الشياطين حتى النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم إل أن الله أعانه عليه فأسلم فل يأمره إل بخير ‪ .‬وقد دل كتاب‬
‫الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وإجماع المة على جواز‬

‫‪130‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫دخول الجني بالنسي وصرعه إياه ‪ ،‬فكيف يجوز لمن ينتسب إلى العلم أن‬
‫ينكر ذلك بغير علم ول هدى ‪ ،‬بل تقليدا لبعض أهل البدع المخالفين لهل‬
‫السنة والجماعة ؟ فالله المستعان ‪ ،‬ول حول ول قوة إل بالله ‪ ،‬وأنا أذكر لك‬
‫أيها القارئ ما تيسر من كلم أهل العلم في ذلك إن شاء الله ‪.‬‬
‫رد إرسل للشيخ علي الطنطاوي بتاريخ ‪ 1408 / 11/ 2‬هـ‬
‫ْ‬
‫ن الّرَبا ل‬ ‫ن ي َأك ُُلو َ‬ ‫ذي َ‬ ‫بيان كلم المفسرين رحمهم الله في قوله تعالى ال ّ ِ‬
‫س‬
‫ّ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫ن ِ‬ ‫طا ُ‬ ‫شي ْ َ‬
‫ه ال ّ‬ ‫خب ّط ُ ُ‬ ‫ذي ي َت َ َ‬ ‫م ال ّ ِ‬
‫قو ُ‬ ‫ما ي َ ُ‬ ‫ن ِإل ك َ َ‬
‫مو َ‬‫قو ُ‬ ‫يَ ُ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫ن ي َأك ُلو َ‬
‫ن الّرَبا‬ ‫ذي َ‬‫قال أبو جعفر بن جرير رحمه الله في تفسير قوله تعالى ‪ :‬ال ِ‬
‫س ما نصه ‪:‬‬ ‫م ّ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬‫ن ِ‬ ‫طا ُ‬‫شي ْ َ‬ ‫خب ّط ُ ُ‬
‫ه ال ّ‬ ‫ذي ي َت َ َ‬ ‫م ال ّ ِ‬ ‫قو ُ‬‫ما ي َ ُ‬ ‫ن ِإل ك َ َ‬ ‫مو َ‬‫قو ُ‬‫ل يَ ُ‬

‫)‪(4 /‬‬

‫يعني بذلك يخبله الشيطان في الدنيا وهو الذي يخنقه فيصرعه " من المس "‬
‫يعني ‪ :‬من الجنون ‪ .‬وقال البغوي رحمه الله في تفسير الية المذكورة ما‬
‫س أي ‪ :‬الجنون‬ ‫م ّ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫طا ُ‬ ‫شي ْ َ‬‫ه ال ّ‬ ‫خب ّط ُ ُ‬ ‫ذي ي َت َ َ‬ ‫م ال ّ ِ‬ ‫قو ُ‬ ‫ما ي َ ُ‬ ‫ن ِإل ك َ َ‬ ‫مو َ‬ ‫قو ُ‬ ‫نصه ‪ :‬ل ي َ ُ‬
‫‪ .‬يقال مس الرجل فهو ممسوس إذا كان مجنونا ‪ .‬ا هـ ‪.‬‬
‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫ن ي َأكلو َ‬ ‫ذي َ‬‫وقال ابن كثير رحمه الله في تفسير الية المذكورة ما نصه ‪ :‬ال ِ‬
‫س أي ‪ :‬ل‬ ‫م ّ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫طا ُ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫خب ّط ُ ُ‬ ‫ذي ي َت َ َ‬ ‫م ال ّ ِ‬ ‫قو ُ‬ ‫ما ي َ ُ‬ ‫ن ِإل ك َ َ‬ ‫مو َ‬ ‫قو ُ‬ ‫الّرَبا ل ي َ ُ‬
‫يقومون من قبورهم بوم القيامة إل كما يقوم المصروع حال صرعه وتخبط‬
‫الشيطان له وذلك أنه يقوم قياما منكرا ‪.‬‬
‫وقال ابن عباس رضي الله عنه آكل الربا يبعث يوم القيامة مجنونا يخنق‬
‫رواه ابن أبي حاتم ‪ ،‬قال ‪ :‬وروي عن عوف ابن مالك وسعيد بن جبير ‪،‬‬
‫والسدي ‪ ،‬والربيع بن أنس ‪ ،‬وقتادة ‪ ،‬ومقاتل بن حيان نحو ذلك ‪ .‬انتهى‬
‫المقصود من كلمه رحمه الله ‪.‬‬
‫ن الّرَبا‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫ن ي َأكلو َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وقال القرطبي رحمه الله في تفسيره على قوله تعالى ‪ :‬ال ِ‬
‫س في هذه الية دليل‬ ‫م ّ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬‫ن ِ‬ ‫طا ُ‬‫شي ْ َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫خب ّط ُ ُ‬‫ذي ي َت َ َ‬ ‫م ال ّ ِ‬ ‫قو ُ‬ ‫ما ي َ ُ‬ ‫ن ِإل ك َ َ‬ ‫مو َ‬ ‫قو ُ‬‫ل يَ ُ‬
‫على فساد إنكار من أنكر الصرع من جهة الجن وزعم أنه من فعل الطبائع ‪،‬‬
‫وأن الشيطان ل يسلك في النسان ول يكون منه مس ‪ .‬ا هـ ‪.‬‬
‫وكلم المفسرين في هذا المعنى كثير من أراده وجده ‪.‬‬
‫وقال شيخ السلم بن تيمية رحمه الله في كتابه ]إيضاح الدللة في عموم‬
‫الرسالة للثقلين[ الموجود في مجموع الفتاوى جـ ‪ 19‬ص ‪ 9‬إلى ص ‪ 65‬ما‬
‫نصه بعد كلم سبق ‪ ) .‬ولهذا أنكر طائفة من المعتزلة كالجبائي وأبي بكر‬
‫الرازي وغيرهما دخول الجن في بدن المصروع ولم ينكروا وجود الجن ‪ ،‬إذ‬
‫لم يكن ظهور هذا في المنقول عن الرسول كظهور هذا وإن كانوا مخطئين‬
‫في ذلك ‪ .‬ولهذا ذكر الشعري في مقالت أهل السنة والجماعة أنهم يقولون‬
‫ْ‬
‫ن الّرَبا ل‬ ‫ن ي َأك ُُلو َ‬ ‫ذي َ‬ ‫أن الجني يدخل في بدن المصروع ‪ ،‬كما قال تعالى ‪ :‬ال ّ ِ‬
‫س وقال عبد الله بن‬ ‫م ّ‬ ‫ن ال ْ َ‬‫م َ‬‫ن ِ‬ ‫طا ُ‬ ‫شي ْ َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫خب ّط ُ ُ‬ ‫ذي ي َت َ َ‬ ‫م ال ّ ِ‬ ‫قو ُ‬ ‫ما ي َ ُ‬ ‫ن ِإل ك َ َ‬ ‫مو َ‬‫قو ُ‬ ‫يَ ُ‬
‫أحمد بن حنبل قلت لبي إن قوما يزعمون أن الجني ل يدخل في بدن‬
‫النسي فقال يا بني يكذبون هو ذا يتكلم على لسانه ‪ .‬وهذا مبسوط في‬
‫موضعه ( ‪.‬‬
‫وقال أيضا رحمه الله في جـ ‪ 24‬من الفتاوى ص ‪ 277 -276‬ما نصه ‪.‬‬
‫) وجود الجن ثابت بكتاب الله وسنة رسوله واتفاق سلف المة وأئمتها‬
‫وكذلك دخول الجني في بدن النسان ثابت باتفاق أئمة أهل السنة والجماعة‬
‫ْ‬
‫ه‬‫خب ّط ُ ُ‬ ‫ذي ي َت َ َ‬ ‫م ال ّ ِ‬ ‫قو ُ‬ ‫ما ي َ ُ‬ ‫ن ِإل ك َ َ‬ ‫مو َ‬ ‫قو ُ‬ ‫ن الّرَبا ل ي َ ُ‬ ‫ن ي َأك ُُلو َ‬ ‫ذي َ‬ ‫قال الله تعالى ‪ :‬ال ّ ِ‬

‫‪131‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫س وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم " أن‬ ‫ن ال ْ َ‬


‫م ّ‬ ‫م َ‬‫ن ِ‬ ‫شي ْ َ‬
‫طا ُ‬ ‫ال ّ‬
‫الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم " ( ‪.‬‬
‫وقال عبد الله بن المام أحمد بن حنبل ‪ ) :‬قلت ‪ :‬لبي إن أقواما يقولون ‪:‬‬
‫إن الجني ل يدخل بدن المصروع ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا بني ‪ ،‬يكذبون ‪ .‬هو ذا يتكلم على‬
‫لسانه ( ‪ ،‬وهذا الذي قاله أمر مشهور ‪ ،‬فإنه يصرع الرجل فيتكلم بلسان ل‬
‫يعرف معناه ‪ ،‬ويضرب على بدنه ضربا عظيما لو ضرب به جمل لثر به أثرا‬
‫عظيما ‪ ،‬والمصروع مع هذا ل يحس بالضرب ول بالكلم الذي يقوله ‪ ،‬وقد‬
‫يجر المصروع غير المصروع ويجر البساط الذي يجلس عليه ويحول اللت‬
‫وينقل من مكان إلى مكان ‪ ،‬ويجري غير ذلك من المور من شاهدها أفادته‬
‫علما ضروريا بأن الناطق على لسان النسي والمحرك لهذه الجسام جنس‬
‫آخر غير النسان ‪ .‬وليس في أئمة المسلمين من ينكر دخول الجني في بدن‬
‫المصروع ‪ ،‬ومن أنكر ذلك وادعى أن الشرع يكذب ذلك فقد كذب على‬
‫الشرع ‪ ،‬وليس في الدلة الشرعية ما ينفي ذلك ( ‪ .‬ا هـ ‪.‬‬
‫وقال المام ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه ]زاد المعاد في هدي خير‬
‫العباد[ جـ ‪ 4‬ص ‪ 66‬إلى ‪ 69‬ما نصه ‪:‬‬
‫) الصرع صرعان ‪ :‬صرع من الرواح الخبيثة الرضية ‪ ،‬وصرع من الخلط‬
‫الرديئة ‪ ،‬والثاني ‪ :‬هو الذي يتكلم فيه الطباء في سببه وعلجه ‪.‬‬
‫وأما صرع الرواح ‪ .‬فأئمتهم وعقلؤهم يعترفون به ول يدفعونه ‪ .‬ويعترفون‬
‫بأن علجه بمقابلة الرواح الشريفة الخيرة العلوية لتلك الرواح الشريرة‬
‫الخبيثة فتدافع أثارها ‪ ،‬وتعارض أفعالها وتبطلها ‪ .‬وقد نص على ذلك بقراط‬
‫في بعض كتبه ‪ .‬فذكر بعض علج الصرع ‪ .‬وقال ‪ ) :‬هذا إنما ينفع من الصرع‬
‫الذي سببه الخلط والمادة ‪ ،‬وأما الصرع الذي يكون من الرواح فل ينفع فيه‬
‫هذا العلج ‪.‬‬
‫وأما جهلة الطباء وسقطهم وسفلتهم ومن يعتقد بالزندقة فضيلة فأولئك‬
‫ينكرون صرع الرواح ‪ ،‬ول يقرون بأنها تؤثر في بدن المصروع وليس معهم‬
‫إل الجهل ‪ ،‬وإل فليس في الصناعة الطبية ما يدفع ذلك ‪ ،‬والحس والوجود‬
‫شاهد به ‪ ،‬وإحالتهم ذلك على غلبة بعض الخلط هو صادق في بعض أقسامه‬
‫ل في كلها ‪.‬‬
‫إلى أن قال ‪ :‬وجاءت زنادقة الطباء فلم يثبتوا إل صرع الخلط وحده ومن‬
‫له عقل ومعرفة بهذه الرواح وتأثيراتها يضحك من جهل هؤلء وضعف‬
‫عقولهم ( ‪.‬‬

‫)‪(5 /‬‬

‫وعلج هذا النوع يكون بأمرين ‪ :‬أمر من جهة المصروع ‪ ،‬وأمر من جهة‬
‫المعالج ‪ ،‬فالذي من جهة المصروع ‪ :‬يكون بقوة نفسه ‪ .‬وصدق توجهه إلى‬
‫فاطر ‪ .‬هذه الرواح وبارئها ‪ .‬والتعوذ الصحيح الذي قد تواطأ عليه القلب‬
‫واللسان ‪ .‬فإن هذا نوع محاربة ‪ .‬والمحارب ل يتم له النتصاف من عدوه‬
‫بالسلح إل بأمرين ‪ :‬أن يكون السلح صحيحا في نفسه جيدا وأن يكون‬
‫الساعد قويا فمتى تخلف أحدهما لم يغن السلح كثير طائل ‪ .‬فكيف إذا عدم‬
‫المران جميعا ‪ ،‬ويكون القلب خرابا من التوحيد والتوكل والتقوى والتوجه ‪،‬‬
‫ول سلح له ‪.‬‬
‫والثاني من جهة المعالج ‪ :‬بأن يكون فيه هذان المران أيضا ‪ ،‬حتى أن من‬
‫المعالجين من يكتفي بقوله ‪ ) :‬اخرج منه ( أو يقول ‪ ) :‬بسم الله ( أو يقول ‪:‬‬

‫‪132‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫) ل حول ول قوة إل بالله ( والنبي صلى الله عليه وسلم كان يقول ‪ :‬اخرج‬
‫عدو الله أنا رسول الله‬
‫وشاهدت شيخنا يرسل إلى المصروع من يخاطب الروح التي فيه ‪ .‬ويقول‬
‫قال لك الشيخ ‪ :‬اخرجي ‪ ،‬فإن هذا ل يحل لك ‪ ،‬فيفيق المصروع ‪ ،‬وربما‬
‫خاطبها بنفسه وربما كانت الروح ماردة فيخرجها بالضرب ‪ .‬فيفيق المصروع‬
‫ول يحس بألم ‪ ،‬وقد شاهدنا نحن وغيرنا منه ذلك مرارا ‪ . . .‬إلى أن قال ‪:‬‬
‫وبالجملة فهذا النوع من الصرع وعلجه ل ينكره إل قليل الحظ من العلم‬
‫والعقل والمعرفة ‪ ،‬وأكثر تسلط الرواح الخبيثة على أهله تكون من جهة قلة‬
‫دينهم وخراب قلوبهم وألسنتهم من حقائق الذكر والتعاويذ والتحصنات النبوية‬
‫واليمانية ‪ ،‬فتلقى الروح الخبيثة الرجل أعزل ل سلح معه وربما كان عريانا‬
‫فيؤثر فيه هذا ‪ . ( . .‬انتهى المقصود من كلمه رحمه الله ‪.‬‬
‫وبما ذكرناه من الدلة الشرعية وإجماع أهل العلم من أهل السنة والجماعة‬
‫على جواز دخول الجني بالنسي ‪ ،‬يتبين للقراء بطلن قول من أنكر ذلك‬
‫وخطأ فضيلة الشيخ علي الطنطاوي في إنكاره ذلك ‪.‬‬
‫وقد وعد في كلمته أنه يرجع إلى الحق متى أرشد إليه فلعله يرجع إلى‬
‫الصواب بعد قراءته ما ذكرنا ‪ ،‬نسأل الله لنا وله الهداية والتوفيق ‪.‬‬
‫ومما ذكرنا أيضا يعلم أن ما نقلته صحيفة الندوة في عددها الصادر في ‪/ 14‬‬
‫‪ 1407 / 10‬هـ ص ‪ 8‬عن الدكتور محمد عرفان من أن كلمة جنون اختفت‬
‫من القاموس الطبي ‪ ،‬وزعمه أن دخول الجني في النسي ونطقه على‬
‫لسانه أنه مفهوم علمي خاطئ مائة في المائة ‪ .‬كل ذلك باطل نشأ عن قلة‬
‫العلم بالمور الشرعية وبما قرره أهل العلم من أهل السنة والجماعة ‪ ،‬وإذا‬
‫خفي هذا المر على كثير من الطباء لم يكن ذلك حجة على عدم وجوده بل‬
‫يدل ذلك على جهلهم العظيم بما علمه غيرهم من العلماء المعروفين‬
‫بالصدق والمانة والبصيرة بأمر الدين ‪ ،‬بل هو إجماع من أهل السنة‬
‫والجماعة ‪ ،‬كما نقل ذلك شيخ السلم ابن تيمية عن جميع أهل العلم ‪ ،‬ونقل‬
‫عن أبي الحسن الشعري أنه نقل ذلك عن أهل السنة والجماعة ونفل ذلك‬
‫أيضا عن أبي الحسن الشعري العلمة أبو عبد الله محمد بن عبد الله‬
‫الشبلي الحنفي المتوفي سنة ‪ 799‬هـ في كتابه ]آكام المرجان في غرائب‬
‫الخبار وأحكام الجان[ في الباب الحادي والخمسين من كتابه المذكور ‪.‬‬
‫وقد سبق في كلم ابن القيم رحمه الله أن أئمة الطباء وعقلءهم يعترفون‬
‫به ول يدفعونه ‪ ،‬وإنما أنكر ذلك جهلة الطباء وسقطهم وسفلتهم وزنادقتهم ‪.‬‬
‫فاعلم ذلك أيها القارئ وتمسك بما ذكرناه من الحق ول تغتر بجهلة الطباء‬
‫وغيرهم ول بمن يتكلم في هذا المر بغير علم ول بصيرة ‪ ،‬بل بالتقليد لجهلة‬
‫الطباء وبعض أهل البدع من المعتزلة وغيرهم ‪ ،‬والله المستعان ‪. .‬‬
‫تنبيه‬
‫قد دل ما ذكرناه من الحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم ومن كلم أهل العلم على أن مخاطبة الجني ووعظه وتذكيره ودعوته‬
‫للسلم وإجابته إلى ذلك ليس مخالفا لما دل عليه قوله تعالى عن سليمان‬
‫كا ل‬‫مل ْ ً‬
‫ب ِلي ُ‬ ‫ب اغ ْ ِ‬
‫فْر ِلي وَهَ ْ‬ ‫عليه الصلة والسلم في سورة ص أنه قال ‪َ :‬ر ّ‬
‫ب وهكذا أمره بالمعروف ونهيه عن‬ ‫ت ال ْوَ ّ‬ ‫ينبِغي ِل َحد من بعدي إن َ َ‬
‫ها ُ‬ ‫ك أن ْ َ‬ ‫َ ٍ ِ ْ َ ْ ِ ِّ‬ ‫ََْ‬
‫المنكر وضربه إذا امتنع من الخروج كل ذلك ل يخالف الية المذكورة بل ذلك‬
‫واجب من باب دفع الصائل ونصر المظلوم والمر بالمعروف والنهي عن‬
‫المنكر كما يفعل ذلك مع النسي ‪. .‬‬
‫وقد سبق في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم ‪ :‬ذعت‬

‫‪133‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الشيطان حتى سال لعابه على يده الشريفة عليه الصلة والسلم وقال لول‬
‫دعوة أخي سليمان لصبح موثقا حتى يراه الناس وفي رواية لمسلم من‬
‫حديث أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ‪ :‬إن عدو الله‬
‫إبليس جاء بشهاب من نار ليجعله في وجهي فقلت أعوذ بالله منك ثلث‬
‫مرات ثم قلت ألعنك بلعنة الله التامة فلم يستأخر ثلث مرات ثم أردت أخذه‬
‫والله لول دعوة أخينا سليمان لصبح موثقا يلعب به ولدان أهل المدينة‬
‫والحاديث في هذا المعنى كثيرة ‪.‬‬

‫)‪(6 /‬‬

‫وهكذا كلم أهل العلم ‪ ،‬وأرجو أن يكون فيما ذكرناه كفاية ومقنع لطالب‬
‫الحق ‪ ،‬واسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يوفقنا وسائر‬
‫المسلمين للفقه في دينه ‪ ،‬والثبات عليه ‪ ،‬وأن يمن علينا جميعا بإصابة الحق‬
‫في القوال والعمال ‪ ،‬وأن يعيذنا وجميع المسلمين من القول عليه بغير علم‬
‫‪ ،‬ومن إنكار ما لم نحط به علما ‪ ،‬إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله‬
‫وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان ‪.‬‬
‫ه ‪ -‬في " ذكرياتهِ " )‬ ‫ه الل ُ‬‫ة للشيِخ علي الطنطاوي ‪ -‬رحم ُ‬ ‫ت عبارة ً جميل ً‬ ‫وجد ُ‬
‫ب‬‫ة الطبي ِ‬ ‫ه ‪ ،‬فإن انتحل صف َ‬ ‫ه ‪ ،‬والذائذون عن ُ‬ ‫حمات ُ‬ ‫‪ (8/8‬قال فيها ‪ " :‬وللطب ُ‬
‫ة لحقوهُ قضائيا ً فعاقبوه ُ ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫وصف‬ ‫كتب‬ ‫أو‬ ‫‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ة‬ ‫عياد‬ ‫من ليس من أهلهِ ‪ ،‬ففتح‬
‫ة حاكموهُ‬ ‫س ‪ ،‬فرسم خريط ً‬ ‫س وما هو بمهند ٍ‬ ‫ه مهند ٌ‬ ‫وكذلك من ادعى أن ُ‬
‫ن مفتوحين ل حارس عليهما ‪ ،‬ول بواب ‪ ،‬يدخلهما‬ ‫وجازوه ُ ‪ ،‬فما لنا نرى بابي ِ‬
‫ة‬‫ن والسياسي ُ‬ ‫من شاء ‪ ،‬وهما أخطُر من الطب ومن الهندسةِ ‪ ،‬هما ‪ " :‬الدي ُ‬
‫"‪.‬‬
‫ة الولين والخرين ‪ ،‬أو أفتى ولو‬ ‫ن ‪ ،‬ولو خالف الئم َ‬ ‫فمن أراد تكلم في الدي ِ‬
‫جاء بما لم يقل به أحد ٌ من المفتين ‪...‬‬
‫ً‬
‫ن ل يجد ُ من يحميهِ ؟ لقد كانوا يقولون قديما ‪:‬‬ ‫فما للدي ِ‬
‫لقد هزلت حتى بدا من هزالها * * * * سلها وحتى سامها كل مفلس‬
‫ل حتى لم يبق منها إل العظام ‪ ،‬وحتى أقدمت‬ ‫ل وقد زاد بها الهزا ُ‬ ‫فماذا نقو ُ‬
‫م " ‪.‬ا‪.‬هـ‪.‬‬ ‫عليها السباع ُ والضباعُ والهوا ُ‬
‫ه‪.-‬‬ ‫ه الل ُ‬‫وصدق ‪ -‬رحم ُ‬
‫ض فيه ‪ ،‬ويفتي ‪ ،‬ويقعد ‪ ،‬وينظر ‪،‬‬ ‫ّ‬
‫ن السلم مستباحا لكل أحدٍ يخو ُ‬ ‫ً‬ ‫أصبح دي ُ‬
‫م في الدين ‪ ...‬وصار‬ ‫ُ‬ ‫يتكل‬ ‫ز‬ ‫ُ‬ ‫الخبا‬ ‫وصار‬ ‫‪...‬‬ ‫ن‬
‫ِ‬ ‫الدي‬ ‫في‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫يتكل‬ ‫س‬
‫ُ‬ ‫المهند‬ ‫فصار‬
‫ن الذي يمثل في السينما والمسرح يفتي ‪ ...‬وهكذا دواليك ‪ ...‬ولو‬ ‫الفنا ُ‬
‫ه ‪ ،‬ولكن دين الله حل ٌ‬
‫ل‬ ‫ه لزمجر ورفع عقيرت ُ‬ ‫ه هو ويتقن ُ‬ ‫تكلمت فيما يحسن ُ‬
‫ل أحدٍ يخوض فيه ‪.‬‬ ‫لك ّ‬
‫ن أمَر رشد ٍ ‪.‬‬ ‫اللهم أبرم لهذا الدي ِ‬
‫س الجن للنس وهل يجوز استخدامهم في العلج ؟‬ ‫السؤال‪ :‬ما حقيقة م ّ‬
‫أجاب عن السؤال الشيخ‪ /‬د‪.‬عبد الله بن عمر الدميجي )عضو هيئة التدريس‬
‫بجامعة أم القرى(‬
‫الجواب‪ :‬الحمد لله وحده‪ ،‬والصلة والسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه‬
‫وبعد‪:‬‬
‫جوابا على سؤال السائل ‪ :‬ما حقيقة مس الجن للنس وهل يجوز‬ ‫ً‬
‫استخدامهم في العلج؟‬
‫فنقول ‪:‬‬

‫‪134‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أما مس الجن للنس فحقيقة ثابتة دل عليها الكتاب والسنة والواقع‪ .‬ولم‬
‫يخالف في ذلك إل بعض من يسمون بالعقلنيين قديما ً وحديثا ً بناء على‬
‫تقديسهم العقل‪.‬‬
‫علما ً أن العقل السليم ل يمنع من ثبوت ذلك‪ ،‬بل تعدى بعضهم إلى إنكار‬
‫حقيقة الجن أصل ً وهذه مكابرة‪.‬‬
‫قال الله تعالى‪" :‬الذين يأكلون الربا ل يقومون إل كما يقوم الذي يتخبطه‬
‫الشيطان من المس …"‪ .‬وقد ثبت ذلك في أحاديث كثيرة صحيحة‪.‬‬
‫كما يشهد له الواقع‪ ،‬وأقوال العلماء في ذلك قديما ً وحديثا ً مشهودة ‪... ...‬‬
‫كتبه‬
‫ّ‬
‫عَْبد الله بن محمد ُزقَْيل ‪...‬‬

‫)‪(7 /‬‬

‫ما هو السلم ؟‬
‫بسم الله والحمد لله والصلة والسلم على رسول الله وعلى آله ومن واله‬
‫وبعد ‪:‬‬
‫‪.‬‬
‫السلم ‪ :‬هو الستسلم لله ‪ ،‬والنقياد له سبحانه بتوحيده ‪ ،‬والخلص له‬
‫والتمسك بطاعته وطاعة رسوله عليه الصلة والسلم لنه المبلغ عن ربه ‪،‬‬
‫ولهذا سمي إسلما ً لن المسلم يسلم أمره لله ‪ ،‬ويوحده سبحانه ‪ ،‬ويعبده‬
‫وحده دون ما سواه ‪ ،‬وينقاد لوامره ويدع نواهيه ‪ ،‬ويقف عند حدوده ‪ ،‬هكذا‬
‫السلم ‪.‬‬
‫وله أركان خمسة وهي ‪ :‬شهادة أن ل إله إل الله ‪ ،‬وأن محمدا رسول الله ‪،‬‬
‫وإقام الصلة ‪ ،‬وإيتاء الزكاة ‪ ،‬وصوم رمضان ‪ ،‬وحج البيت لمن استطاع ‪.‬‬
‫والشهادتان معناهما ‪ :‬توحيد الله والخلص له ‪ ،‬واليمان بأن محمدا رسوله‬
‫إلى الناس كافة ‪ ،‬وهاتان الشهادتان هما أصل الدين ‪ ،‬وهما أساس الملة ‪ ،‬فل‬
‫معبود بحق إل الله وحده ‪ ،‬وهذا هو معنى ل إله إل الله ‪ ،‬كما قال عز وجل ‪:‬‬
‫ن ُدون ِهِ هُوَ ال َْباط ِ ُ‬ ‫َ‬ ‫)) ذ َل َ َ‬
‫ل ((‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬‫عو َ‬ ‫ما ي َد ْ ُ‬‫ن َ‬ ‫حقّ وَأ ّ‬ ‫ه هُوَ ال ْ َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫ك ب ِأ ّ‬ ‫ِ‬
‫وأما شهادة أن محمدا رسول الله فمعناها ‪ :‬أن نشهد ‪ -‬عن يقين وعلم ‪ -‬أن‬ ‫ً‬
‫محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي هو رسول الله حقا ً ‪ .‬وأن الله‬
‫بعثه للناس عامة ‪ .‬إلى الجن والنس ‪ ،‬إلى الذكور والناث ‪ ،‬إلى العرب‬
‫س‬ ‫َ‬ ‫والعجم ‪ ،‬إلى الغنياء والفقراء ‪ ،‬إلى الحاضرة والبادية ‪ )) ،‬قُ ْ‬
‫ل َيا أي َّها ال ّ ُ‬
‫نا‬
‫َْ‬
‫ه إ ِّل هُ َ‬
‫و‬ ‫ض ل إ ِل َ َ‬‫ت َوالْر ِ‬ ‫ماَوا ِ‬ ‫س َ‬
‫ك ال ّ‬ ‫مل ْ ُ‬
‫ه ُ‬ ‫ذي ل َ ُ‬ ‫ميًعا ال ّ ِ‬
‫ج ِ‬‫م َ‬ ‫ل الل ّهِ إ ِل َي ْك ُ ْ‬ ‫سو ُ‬ ‫إ ِّني َر ُ‬
‫ُ‬
‫ه‬ ‫ن ِبالل ّهِ وَك َل ِ َ‬
‫مات ِ ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ذي ي ُؤْ ِ‬ ‫ي ال ّ ِ‬‫م ّ‬‫ي اْل ّ‬ ‫سول ِهِ الن ّب ِ ّ‬ ‫مُنوا ِبالل ّهِ وََر ُ‬ ‫ت َفآ ِ‬ ‫مي ُ‬ ‫حِيي وَي ُ ِ‬ ‫يُ ْ‬
‫م تهتدون (( فهو رسول الله إلى الجميع ‪ ،‬من اتبعه فله الجنة ‪،‬‬ ‫َوات ّب ُِعوه ُ ل َعَل ّك ُ ْ‬
‫ومن خالف أمره فله النار ‪ ،‬قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث‬
‫الصحيح ‪ )) :‬كل أمتي يدخلون الجنة إل من أبى قيل يا رسول الله ومن‬
‫يأبى ؟ قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى ((‬
‫فهذه العقيدة السلمية العظيمة مضمونها ‪ :‬توحيد الله ‪ ،‬والخلص له ‪،‬‬
‫واليمان برسوله محمد صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬واليمان بجميع المرسلين ‪،‬‬
‫مع اليمان بوجوب الصلة والزكاة والصيام والحج ‪ ،‬واليمان بالله ‪ ،‬وملئكته ‪،‬‬
‫وكتبه ‪ ،‬ورسله ‪ ،‬واليوم الخر ‪ ،‬والقدر خيره وشره ‪ ،‬واليمان بكل ما أخبر‬
‫الله به ورسوله ‪ .‬هذه هي العقيدة السلمية ‪.‬‬
‫أهل الكتاب ل يفقهون ما تعني كلمة السلم ‪:‬‬

‫‪135‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يبدو أن أهل الكتاب عموما ً ل يفقهون شيئا ً مما تعني كلمة ) السلم ( الذي‬
‫يمقتونه ويرفضونه ‪ ،‬وإل لكان لهم موقف آخر من المسلمين غير هذا‬
‫الموقف البغيض العدائي ‪ ،‬وفي هذا المعنى يقول المرحوم الستاذ الدكتور‬
‫محمد عبد الله دراز في كتاب الدين ‪:‬‬
‫) إذا إخذنا كلمة السلم بمعناها القرآني نجدها لتدع مجال ً لهذا السؤال عن‬
‫العلقة بين السلم وبين سائر الديان السماوية ‪ ،‬فالسلم في لغة القرآن‬
‫ليس اسما ً لدين خاص وإنما هو اسم للدين المشترك الذي هتف به كل‬
‫النبياء ‪ ،‬وانتسب إليه كل اتباع النبياء (‬
‫هكذا نرى نوحا ً يقول لقومه ‪ )) :‬وأمرت أن أكون من المسلمين (( ] يونس ‪:‬‬
‫‪[ 72‬‬
‫ويعقوب يوصي بنيه فيقول ‪ )) :‬فل تموتن إل وأنتم مسلمون (( ] البقرة ‪:‬‬
‫‪[ 132‬‬
‫وأبناء يعقوب يجيبون أباهم ‪ )) :‬قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل‬
‫وإسحاق إلها ً واحدا ً ونحن له مسلمون (( ] البقرة ‪[ 133 :‬‬
‫وموسى يقول لقومه ‪ )) :‬يا قوم إن كنتم آمنتم بالله فعليه توكلوا إن كنتم‬
‫مسلمين (( ] يونس ‪[ 84 :‬‬
‫والحواريون يقولون للمسيح عيسى ‪ )) :‬آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون ((‬
‫] آل عمران ‪[ 52 :‬‬
‫بل إن فريقا ً من أهل الكتاب حين سمعوا القرآن ‪ )) :‬قالوا آمنا به إنه الحق‬
‫من ربنا إنا كنا من قبله مسلمين (( ] القصص ‪[ 53 :‬‬
‫ويقول الله سبحانه وتعالى عن ابراهيم ‪ )) :‬ما كان ابراهيم يهوديا ول نصرانيا‬
‫ولكن كان حنيفا مسلما ً (( ] آل عمران ‪[ 67 :‬‬
‫ثم نرى القرآن الكريم يجمع هذه القضايا كلها في قضية واحدة يوجهها إلى‬
‫قوم محمد صلى الله عليه وسلم ويبين لهم فيها أنه لم يشرع لهم دينا ً‬
‫ن‬
‫م َ‬
‫م ِ‬ ‫شَرع َ ل َك ُ ْ‬‫جديدا ً ‪ ،‬وإنما هو دين النبياء من قبلهم قال الله تعالى ‪َ )) :‬‬
‫حي َْنا إ ِل َي ْ َ‬ ‫َ‬
‫سى‬ ‫مو َ‬ ‫م وَ ُ‬ ‫هي َ‬
‫صي َْنا ب ِهِ إ ِب َْرا ِ‬
‫ما وَ ّ‬
‫ك وَ َ‬ ‫ذي أوْ َ‬ ‫حا َوال ّ ِ‬ ‫صى ب ِهِ ُنو ً‬ ‫ما وَ ّ‬
‫ن َ‬‫دي ِ‬
‫ال ّ‬
‫فّرقوا ِفيهِ ‪ (( ..‬سورة الشورى‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ن وَل ت َت َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫دي َ‬
‫موا ال ّ‬ ‫ن أِقي ُ‬ ‫سى أ ْ‬‫عي َ‬ ‫وَ ِ‬
‫ما هذا الدين المشترك الذي اسمه السلم ‪ ،‬والذي هو دين كل النبياء ؟‬

‫)‪(1 /‬‬

‫إن الذي يقرأ القرآن يعرف كنه هذا الدين ‪ ،‬إنه هو التوجه إلى الله رب‬
‫العالمين في خضوع خالص ل يثوبه شرك ‪ ،‬وفي ايمان واثق مطمئن بكل ما‬
‫جاء من عنده على أي لسان وفي أي زمان أو مكان دون تمرد على حكمه ‪،‬‬
‫ودون تمييز شخصي أو طائفي ‪ ،‬أو عنصري بين كتاب وكتاب من كتبه ‪ ،‬أو‬
‫ُ‬
‫دوا‬ ‫مُروا إ ِّل ل ِي َعْب ُ ُ‬ ‫ما أ ِ‬ ‫بين رسول ورسول من رسله ‪ ،‬هكذا يقول القرآن ‪ )) :‬وَ َ‬
‫ما‬ ‫ّ‬
‫مّنا ِباللهِ وَ َ‬ ‫ُ‬
‫فاَء (( سورة البينة ويقول ‪ُ )) :‬قولوا آ َ‬ ‫حن َ َ‬
‫ن ُ‬ ‫دي َ‬
‫ه ال ّ‬ ‫ن لَ ُ‬ ‫صي َ‬ ‫خل ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫الل ّ َ‬
‫ما‬‫ط وَ َ‬ ‫سَبا ِ‬ ‫َ‬
‫ب َواْل ْ‬ ‫قو َ‬ ‫حاقَ وَي َعْ ُ‬ ‫س َ‬ ‫ل وَإ ِ ْ‬‫عي َ‬
‫ما ِ‬
‫س َ‬
‫م وَإ ِ ْ‬ ‫هي َ‬‫ل إ َِلى إ ِب َْرا ِ‬ ‫ما أ ُن ْزِ َ‬
‫ل إ ِل َي َْنا وَ َ‬ ‫أ ُن ْزِ َ‬
‫فرقُ بي َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ن‬
‫ح ُ‬ ‫م وَن َ ْ‬ ‫من ْهُ ْ‬‫حد ٍ ِ‬ ‫نأ َ‬ ‫َْ َ‬ ‫م َل ن ُ َ ّ‬ ‫ن َرب ّهِ ْ‬
‫م ْ‬‫ن ِ‬‫ي الن ّب ِّيو َ‬‫ما أوت ِ َ‬ ‫سى وَ َ‬ ‫عي َ‬ ‫سى وَ ِ‬ ‫مو َ‬ ‫ي ُ‬ ‫أوت ِ َ‬
‫ن (( سورة البقرة‬ ‫مو َ‬ ‫سل ِ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ُ‬ ‫لَ ُ‬
‫غير أن كلمة السلم قد اصبح لها في عرف الناس مدلول معين ‪ ،‬هو‬
‫مجموعة الشرائع والتعاليم التي جاء بها محمد صلى الله عليه وسلم أو التي‬
‫استنبطت مما جاء به ‪ ،‬كما أن كلمة اليهودية أو الموسوية تخص شريعة‬
‫موسى وما اشتق منها ‪ ،‬وكلمة النصرانية أو المسيحية تخص شريعة المسيح‬

‫‪136‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫عيسى وما تفرع منها ‪.‬‬


‫علقة السلم بالديانات السماوية السابقة ‪:‬‬
‫إن علقة السلم بالديانات السماوية في صورتها الولى هي علقة تصديق‬
‫وتأييد كلي ‪ ،‬أما عن علقته بها في صورتها المنظورة فهي علقة تصديق لما‬
‫تبقى من أجزائها الصلية ‪ ،‬وتصحيح لما طرأ عليها من البدع والضافات‬
‫الغريبة عنها ‪ .‬ا ‪ .‬هـ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ان ما جاء به السلم لم يكن جديدا بقدر ما كان تصحيحا للرسالت التي‬
‫سبقته وكيف ان السلم كان مجددا ً بالدرجة الولى لما أوحاه الله على أول‬
‫النبياء ‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ان السلم لم يزد الديان دينا جديدا ‪ ،‬فهو ليس بدين جديد ‪ ،‬بل هو رد‬
‫الديان المحرفة إلى أصولها يقول الله تبارك وتعالى ‪ )) :‬إن الدين عند الله‬
‫السلم ‪ ،‬وما اختلف الذين أتوا الكتاب إل من بعد ما جاءهم العلم بغيا ً‬
‫بينهم (( آل عمران ‪19 :‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ان السلم دين النبياء جميعا ‪ ،‬الذي رضيه الله للبشر جميعا منذ آدم إلى‬
‫محمد ‪ ،‬عليهم الصلة والسلم ‪ .‬وهو بمفهومه العام يعني النقياد لحكام الله‬
‫‪ ،‬باتباع أوامره واجتناب نواهيه ‪ ،‬أي اخلص العبادة لله ‪ ،‬وكل النبياء دعوا‬
‫إلى ذلك ‪ .‬فجوهر رسالة السلم يشتمل على رسالة كل نبي وكل كتاب‬
‫أنزل ‪ ،‬فالنبياء جميعا ً جاءوا بالسلم ‪ .‬لذلك نرى أن أسس رسالت الرسل‬
‫ومبادىء دعوتهم واحدة ‪ ،‬لنهم رسل من مرسل واحد ‪.‬‬
‫وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين‬

‫)‪(2 /‬‬

‫؟!‬‫ما هو الهدف الكبر والسمى في حياتك أيها المسلم ‍‬


‫ما هي سائر الهداف الرئيسة التي يجب أن تنهض إليها أيها المسلم ؟!‬
‫دد لك الهدف الكبر والسمى وسائر الهداف الرئيسة ؟!‬ ‫من الذي يح ّ‬
‫ما هي أهم مظاهر الخلل في واقع المسلمين اليوم ؟!‬
‫ما هي أهم وسائل علج هذا الخلل ؟!‬
‫ما هو الميزان الذي يجب اعتماده لمعرفة مظاهر الخلل وعلجها ؟!‬
‫ما هي طريق النصر إلى فلسطين وسائر الميادين ؟!‬
‫إن النصر من عند الله ‪ ،‬ينزله على من يشاء من عباده على حكمة بالغة‬
‫وحق نافذ ‪ ،‬فما هي الخصائص التي يجب توافرها في المؤمنين عسى الله‬
‫أن ُينزل نصره عليهم ؟!‬
‫صل الهداف ووسائل معالجة الخلل‬ ‫قل أن ل يكون الله قد بّين لنا وف ّ‬ ‫هل ُيع َ‬
‫وطريق النصر ‪ ،‬وسبيل النجاة من فتنة الدنيا وعذاب الخرة ‪ ،‬وقد جعل‬
‫المصير إلى جّنة أو إلى نار ؟!‬
‫صله في منهاجه الرباني‬ ‫ل شك أن الله سبحانه وتعالى قد بّين لنا ذلك كله وف ّ‬
‫ـ قرآنا ً وسّنة ولغة عربّية ـ رحمة منه بعباده المؤمنين ‪!.‬‬
‫ي الرئيس ؟!‬ ‫كيف ندرس السلم ـ دين الله الحق ـ ؟! وما هو المصدر الرّبان ّ‬
‫وما هي الخطة إلى ذلك وما هو النهج ؟!‬
‫ً‬
‫إن المصدر الرئيس هو منهاج الله ـ قرآنا وسنة ولغة عربّية ـ ‪،‬كيف نتدبره‬
‫وندرسه ؟! ما هي الخطة وما هو المنهج ؟!‬
‫الدعوة السلمّية حقّ أمر بها الله كل مسلم قادر ‪ ،‬فما هي خصائصها‬
‫وأسسها ؟!‬

‫‪137‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫إلى ماذا يجب أن ندعو ؟! وما هو النهج والخطة في واقعنا اليوم ؟!‬
‫دم بها النهج‬
‫دمها ‪ ،‬لنق ّ‬
‫على هذه السئلة وغيرها تدور الدراسات التي نق ّ‬
‫دم هنا‬
‫المترابط والنظرية العامة والمناهج التطبيقّية والنماذج العملية ‪ ،‬ونق ّ‬
‫موجزا ً لبعض هذه القضايا ‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ما هو من القوال ‪ ،‬والعمال ‪ ،‬والعتقادات كفر‬


‫تمهيد‬
‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬والصلة والسلم على أشرف النبياء والمرسلين‪،‬‬
‫سيد الولين والخرين‪ ،‬المبعوث رحمة للعالمين‪ ،‬وعلى آله وصحابته‬
‫والتابعين‪.‬‬
‫وبعد‪..‬‬
‫قبل الشروع في المقصود أود التنبيه على التي‪:‬‬
‫ً‬
‫ل‪ :‬إن الكفار ‪ 1‬ملك لله ورسوله‪ ،‬فل يحل لحد أن يكفر أحدا إل من أكفره‬ ‫أو ً‬
‫الله ورسوله‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬مسألة الكفار والتفسيق والتبديع من المسائل الخطرة التي زلت فيها‬
‫أقدام‪ ،‬وضلت فيها أفهام‪ ،‬وانحرفت بسببها أقوام‪ ،‬لهذا ل ينبغي أن يخوض‬
‫فيها إل الراسخون في العلم‪ ،‬ول يتعاطاها كل أحد من طلب العلم‪ ،‬دعك عن‬
‫العوام‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬هناك فرق بين الكفار العام وإكفار المعين‪ ،‬أي بين أن تقول‪ :‬هذا القول‬
‫أو العمل أو العتقاد كفر‪ ،‬أومن قال كذا فقد كفر‪ ،‬وبين أن تقول‪ :‬فلن من‬
‫الناس كافر‪ ،‬إذ تكفير المعين له شروط وموانع‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬ل يكفر المعين إل بتوفر شرطين هما‪:‬‬
‫‪ .1‬البلوغ‪.‬‬
‫‪ .2‬العقل‪.‬‬
‫وبانتفاء موانع هي‪:‬‬
‫‪ .1‬الجهل‪.‬‬
‫‪ .2‬الخطأ‪.‬‬
‫‪ .3‬التأويل أو الشبهة‪.‬‬
‫‪ .4‬الكراه‪.‬‬
‫فإذا تعاطى الشخص سببا ً من أسباب الكفر القولية أو العملية أو العتقادية‪،‬‬
‫صر إن كان‬ ‫بفعل أوترك‪ ،‬جادا ً كان أم هازل ً أم شاكًا‪ ،‬فأقيمت عليه الحجة‪ ،‬وب ّ‬
‫ل‪ ،‬وأزيلت عنه الشبهة‪ ،‬ثم أصر على ذلك‪ ،‬فقد كفر إن كان بالغًا‪ ،‬عاق ً‬
‫ل‪،‬‬ ‫جاه ً‬
‫طائعًا‪ ،‬مختارًا‪ ،‬غير مكره‪.‬‬
‫والتأويل منه ما هو فاسد وهذا ل عبرة به‪ ،‬ومنه ما هو راجح أومرجوح‪ ،‬وهذا‬
‫ل يكفر أحد تعاطاه‪.‬‬
‫ول تقبل دعوى الجهل لمسلم يعيش بين ظهراني المسلمين‪ ،‬ولكن لحديث‬
‫عهد بالسلم‪.‬‬
‫خامسًا‪ :‬يحكم في ذلك الفقهاء والقضاة الموثوق بدينهم وعلمهم الشرعي‬
‫وعدالتهم‪ ،‬وينفذ الحكم ولة المر وليس العامة‪.‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية‪) :‬الحدود ل يقيمها إل المام ونائبه(‪2 .‬‬
‫سادسًا‪ :‬الكفار منه ما هو بدعي‪ ،‬وهو الذي يكون بسبب اقتراف بعض‬
‫فرة‪ ،‬نحو تعاطي الخمر‪ ،‬والتعامل بالربا‪ ،‬وممارسة الزنا لمن‬ ‫الذنوب غير المك ّ‬

‫‪138‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يقر بحرمتها‪ ،‬أما من استحلها ولو لم يتعاطاها فقد كفر‪ ،‬أوبسبب البتداع‪،‬‬
‫والتعصب‪ ،‬والحسد‪ ،‬ونحو ذلك؛ ومنه ما هو شرعي‪ ،‬كالذبح لغير الله‪،‬‬
‫والسجود لصنم‪ ،‬وإلقاء المصحف في دورة مياه مث ً‬
‫ل‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬
‫سابعًا‪ :‬من المسائل التي يجب على المسلم تعلمها نواقض السلم‪ ،‬وهي‬
‫المور التي تبطل السلم وتفسده وتخرج المسلم من حظيرة اليمان إلى‬
‫دائرة الكفر والعياذ بالله‪.‬‬
‫ثامنًا‪ :‬النطق بالشهادتين والدخول في السلم ليس عاصما ول مانعا من‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الكفر بحكم رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪" :-‬يصبح الرجل مؤمنا ً‬
‫ويمسي كافرًا‪ ،‬ويمسي كافرا ً ويصبح مسلمًا"‪3 .‬‬
‫فقد يكون المرء مصليا ً صائما ً وهو متعاطي لسبب من أسباب الكفر‬
‫المحبطة لعماله الصالحة وهو ل يشعر‪ ،‬عقديا ً كان هذا السبب‪ ،‬أو عمليًا‪ ،‬أو‬
‫قوليًا‪" :‬فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب‬
‫أليم"‪.‬‬
‫ول تغتر أخي المسلم بما يقوله أهل الهواء المرجئة‪" :‬ل يضر مع اليمان‬
‫معصية كما ل تنفع مع الكفر طاعة"‪ ،‬حيث اختزلوا كلمة التوحيد التي بها‬
‫قامت السموات والرض في التصديق بالقلب أوالنطق باللسان ولو لم‬
‫يصاحب ذلك عمل بالركان وكف عن المحرمات والثام‪ ،‬أو بقول مشايخهم‬
‫من الجهمية الطغام الذين قصروا اليمان على المعرفة القلبية‪ ،‬ففي شرعهم‬
‫فإن إبليس وفرعون مؤمنان كامل اليمان لمعرفتهم برب الرباب‪ ،‬حيث‬
‫حكى الله عن إبليس لعنه الله‪" :‬قال رب فأنظرني إلى يوم ُيبعثون"‪ ،4‬وقال‪:‬‬
‫"فبعزتك لغوينهم أجمعين"‪ ،5‬وقال عن فرعون وملئه أبعدهم الله من‬
‫رحمته‪" :‬وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما ً وعلوًا"‪6 .‬‬
‫بعد هذه التنبيهات والتوطئات التي لبد منها ندلف إلى ما عزمنا عليه‪ ،‬فنقول‬
‫وبالله التوفيق‪:‬‬
‫بم يكون الكفر عند أهل السنة والجماعة؟‬
‫الكفر عند أهل السنة والجماعة‪ ،‬نقاوة المسلمين‪ ،‬الفرقة الناجية المنصورة‪،‬‬
‫يكون بالقول والعمل والعتقاد‪ ،‬وبالفعل والترك‪ ،‬وبالجد والهزل والشك‪ ،‬فقد‬
‫يكفر المسلم بالعمل كما يكفر بالعتقاد‪ ،‬وقد يكفر بالفعل كما يكفر بالترك‪،‬‬
‫وقد يكفر وهو هازل مازح كما يكفر وهو جاد حازم‪ ،‬وقد يكفر وهو متيقن‬
‫أوشاك‪" :‬قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون ل تعتذروا قد كفرتم بعد‬
‫إيمانكم"‪ ،7‬وأن الكفر العملي ليس قاصرا ً على سب الله ورسوله ودينه‪.‬‬
‫فكما أن اليمان قول وعمل واعتقاد‪ ،‬فكذلك الكفر يكون بالقول والعمل‬
‫والعتقاد‪ ،‬فقد يكفر المسلم بقول أوعمل وإن كان يعتقد بقلبه خلف ما‬
‫نطق به لسانه أوكسبته يداه‪ ،‬إل المكره‪ ،‬فقد استثناه الله ‪ -‬عز وجل ‪" :-‬إل‬
‫من أكره وقلبه مطمئن باليمان"‪.8‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫لقد تعجبت كثيرا ً كما تعجب غيري من زعم البعض هدانا الله وإياهم سبل‬
‫الرشاد أن الحاكم الذي يشّرع دستورا ً ويسن قانونا ً على غرار دساتير‬
‫وقوانين الكفار ويحكم به وينبذ شرع الله وراءه ظهريا ً ل يكفر مثل ً إل إذا‬
‫اعتقد ذلك بقلبه؛ وكان تعجب المام ابن الوزير اليماني ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬من‬
‫فروا النصارى الذين‬ ‫إحدى فرق المعتزلة وهم "البهاشمة"‪ 9‬أشد حين لم يك ّ‬
‫قالوا‪ :‬إن الله ثالث ثلثة‪ ،‬مع نص القرآن بتكفيرهم‪ ،‬حيث قال‪" :‬لقد كفر‬

‫‪139‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الذين قالوا إن الله ثالث ثلثة"‪ ،10‬إل إذا اعتقدوا ذلك بقلوبهم ‪ ،11‬وأعجب‬
‫من هذا وذاك نسبة هذا المعتقد لهل السنة والجماعة‪.‬‬
‫قال الشيخ عبد العزيز بن باز ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬كما نشر في مجلة الفرقان‬
‫الكويتية العدد "‪) :"94‬الذبح لغير الله‪ ،‬والسجود لغير الله‪ ،‬كفر عملي مخرج‬
‫من الملة‪ ،‬وهكذا لو صلى لغير الله فإنه يكفر كفرا ً عمليا ً أكبر والعياذ بالله‬
‫وهكذا إذا سب الدين‪ ،‬أوسب الرسول‪ ،‬أواستهزأ بالله ورسوله‪ ،‬فإن ذلك كفر‬
‫عملي أكبر عند جميع أهل السنة والجماعة(‪.‬‬
‫وقالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء ‪ 12‬بالسعودية في رد على‬
‫سؤال‪ :‬اعتبار تارك الصلة من غير جحود كافرا ً كفرا ً عمليًا‪ ،‬والكفر العملي ل‬
‫يخرج صاحبه من الملة إل ما استثنوه من سب الله ‪ -‬تعالى ‪-‬وما شابهه‪ ،‬فهل‬
‫تارك الصلة مستثنى؟ وما وجه الستثناء؟‬
‫فأجابت‪) :‬ليس كل كفر عملي ل يخرج من ملة السلم‪ ،‬بل بعضه يخرج من‬
‫ملة السلم(‪.‬‬
‫ما هو من القوال والعمال والعتقاد كفر‬
‫عندما ُيطلق الكفر يراد به الكفر الكبر المخرج من الملة‪ ،‬الكفر الكبر مساٍو‬
‫للشرك الكبر وللنفاق الكبر وللردة‪.‬‬
‫نماذج الكفر القولية والعملية و العتقادية‪ ،‬الفعلية والتركية‪ ،‬ل تحصى كثرة‪.‬‬
‫ل‪ :‬يكون الكفر إما بإثبات ما نفاه الله ورسوله أو بنفي ما أثبتاه‪،‬‬ ‫فإجما ً‬
‫وبعبارة أخرى بإنكار كل ما هو معلوم من الدين ضرورة‪.‬‬
‫ل‪ :‬من أمثلة الكفر التي توصل إليها أهل العلم بالستقراء‪ ،‬والتي تعرف‬ ‫وتفصي ً‬
‫بنواقض السلم‪ ،‬ما يأتي‪:‬‬
‫‪ .1‬الدعاء والستغاثة بغير الله ‪ -‬عز وجل ‪.-‬‬
‫‪ .2‬اتخاذ الوسائط بين العبد وبين ربه‪ ،‬نحو قول أحدهم‪ :‬اللهم إني أسألك‬
‫بجاه فلن؛ قال ‪ -‬تعالى ‪-‬موضحا ً سبب شرك وكفر الوائل‪" :‬ما نعبدهم إل‬
‫ليقربونا إلى الله زلفى"‪13 .‬‬
‫‪ .3‬موالة الكفار والمشركين‪.‬‬
‫‪ .4‬التحاكم لغير شرع الله‪ ،‬فالحاكم ‪ -‬وكذلك القاضي ‪ -‬الذي يحكم بغير ما‬
‫أنزل الله يكفر‪ ،‬إل في حالين‪ ،‬هما‪:‬‬
‫)‪ (1‬الخطأ في الجتهاد في الوصول إلى حكم الله ‪ -‬عز وجل ‪.-‬‬
‫)‪ (2‬الحياد عنه لقرابة أو رشوة في قضية معينة‪ ،‬مع يقينه بأنه الحق‪.‬‬
‫ففي هاتين الحالتين يكون كفره كفرا ً أصغر‪ ،‬أما ما سواهما فكفره أكبر ‪.14‬‬
‫يخطئ خطأ فاحشا ً من ينزل قول ابن عباس ‪ -‬رضي الله عنهما ‪" :-‬ليس‬
‫بالكفر الذي تذهبون إليه"‪ ،‬على كثير من حكم المسلمين بعد سقوط الدولة‬
‫العثمانية‪ ،‬وجثوم الستعمار على صدر المة‪ ،‬وإقصاء شرع الله إل في دائرة‬
‫الحوال الشخصية‪ ،‬حيث استبدل الذي هو أدنى الدساتير والقوانين الوضعية‬
‫بالذي هو خير‪ ،‬شرع الله ‪ -‬عز وجل ‪.-‬‬
‫‪ .5‬تعلم أنواع من السحر‪ ،‬نحو ما يعرف بالصرف والعطف‪ ،‬أو الحل والعقد‪،‬‬
‫وما شابهه‪ ،‬واليمان به‪ ،‬وغشيان محترفيه‪ ،‬وتصديقهم فيما يقولون‪.‬‬
‫فر الكفار‪ ،‬نحو اليهود‪ ،‬والنصارى‪ ،‬والشيوعيين‪ ،‬والجمهوريين‪،‬‬ ‫‪ .6‬من لم يك ّ‬
‫حح مذهبهم فقد كفر‪ ،‬فماذا بعد الحق إل الضلل؟!‬ ‫أوشك في كفرهم‪ ،‬أو ص ّ‬
‫‪ .7‬العراض الكلي أو الجزئي عن دين الله ‪ -‬عز وجل ‪.-‬‬
‫‪ .8‬اعتقاد أن بعض الناس يمكنهم الستغناء عن شرع محمد ‪ -‬صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ ،-‬أو تسقط عنهم بعض التكاليف الشرعية‪.‬‬
‫‪ .9‬الستهزاء والسخرية بالله‪ ،‬وآياته‪ ،‬ورسله‪ ،‬وملئكته‪ ،‬تصريحا ً أو تلميحًا‪.‬‬

‫‪140‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ .10‬استحلل ما حّرم الله‪ ،‬أو تحريم ما أحل الله‪.‬‬


‫‪ .11‬إباحة الردة وإنكار حدها‪.‬‬
‫‪ .12‬الدعوة إلى مساواة الديان السماوية بعد تحريفها وتبديلها ونسخها‬
‫بشريعة ولد عدنان‪.‬‬
‫‪ .13‬سب الله‪ ،‬والرسل‪ ،‬والملئكة‪ ،‬والدين‪ ،‬تصريحا ً أو تلميحًا‪.‬‬
‫‪ .14‬النتساب للحزاب الكافرة والعلمانية‪.‬‬
‫‪ .15‬تكفير أو تضليل جماعة الصحابة‪.‬‬
‫‪ .16‬التجسس لصالح الكفار‪ ،‬والقتال تحت رايتهم‪.‬‬
‫‪ .17‬رمي عائشة ‪ -‬رضي الله عنها ‪ -‬بما بّرأها الله منه‪.‬‬
‫‪ .18‬من ادعى النبوة أو أنه يوحى إليه‪ ،‬ومن صدقه‪.‬‬
‫‪ .19‬اعتقاد أن أحد المخلوقين ينفع ويضر أو يعلم الغيب‪.‬‬
‫أقوال أهل العلم والفتوى في ذلك‬
‫• سئل الشافعي المتوفى ‪204‬هـ‪ - ،‬رحمه الله ‪ -‬عمن هزل بشيء من آيات‬
‫الله ‪ -‬تعالى ‪ ،-‬فقال‪) :‬هو كافر؛ واستدل بقوله ‪ -‬تعالى ‪" :-‬قل أبالله وآياته‬
‫ورسوله كنتم تستهزئون ل تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم"‪16 .(15‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫• وقال المام إسحاق بن إبراهيم المتوفى ‪238‬هـ‪) :‬ومما أجمعوا على‬


‫تكفيره‪ ،‬وحكموا عليه كما حكموا على الجاحد‪ ،‬فالمؤمن الذي آمن بالله ‪-‬‬
‫تعالى ‪ ،-‬وبما جاء من عنده‪ ،‬ثم قتل نبيا ً أو أعان على قتله‪ ،‬وإن كان مقرا ً‬
‫ويقول‪ :‬قتل النبياء محرم‪ ،‬فهو كافر‪ ،‬وكذلك من شتم نبيًا‪ ،‬أورد عليه قوله‬
‫من غير تقية ول خوف أي من غير إكراه‪.‬‬
‫وقال‪ :‬وأجمع المسلمون على أن من سب الله‪ ،‬أو سب رسوله‪ ،‬أو دفع شيئا ً‬
‫مما أنزل الله ‪ -‬عز وجل ‪ ،-‬أو قتل نبيا ً من أنبياء الله‪ ،‬أنه كافر بذلك‪ ،‬وإن‬
‫كان مقرا ً بكل ما أنزل الله(‪17 .‬‬
‫• وقال الحميدي‪) :‬أخبرت أن قوما ً يقولون‪ :‬إن من أقر بالصلة‪ ،‬والزكاة‪،‬‬
‫والصوم‪ ،‬والحج‪ ،‬حتى الموت ما لم يكن جاحدا ً بقلبه أنه مؤمن )!(‪ ،‬فقلت‪:‬‬
‫صراح‪ ،‬وخلف كتاب الله وسنة رسوله وفعل المسلمين‪.‬‬ ‫هذا الكفر بالله ال ّ‬
‫• وقال حنبل‪ :‬قال أبوعبد الله أحمد بن حنبل‪ :‬من قال هذا فقد كفر بالله‬
‫ورد على الله أمره‪ ،‬وعلى الرسول ما جاء(‪18.‬‬
‫• وقال عبد الله ابن المام أحمد‪ :‬سألت أبي عن رجل قال لرجل‪ :‬يا ابن كذا‬
‫وكذا أنت ومن خلقك؛ قال أبي‪ :‬هذا مرتد عن السلم؛ قلت لبي‪ :‬تضرب‬
‫عنقه؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬تضرب عنقه(‪19 .‬‬
‫سحنون المالكي‪) :‬أجمع العلماء أن شاتم‬ ‫• وقال فقيه المغرب محمد بن ُ‬
‫الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬المنتقص له كافر‪ ،‬والوعيد جارٍ عليه‬
‫بعذاب الله‪ ،‬وحكمه عند المة القتل‪ ،‬ومن شك في كفره وعذابه كفر(‪20 .‬‬
‫• وقال أبو بكر بن المنذر‪ :‬أجمع عوام أي عامة أهل العلم على أن من سب‬
‫النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ُ -‬يقتل‪ ،‬وممن قال ذلك‪ :‬مالك بن أنس‪،‬‬
‫والليث‪ ،‬وأحمد‪ ،‬وإسحاق‪ ،‬وهو مذهب الشافعي‪.‬‬
‫قال القاضي عياض‪ :‬وهو مقتضى قول أبي بكر الصديق ‪ -‬رضي الله عنه ‪،-‬‬
‫ول تقبل توبته عند هؤلء‪ ،‬وبمثله قال أبو حنيفة وأصحابه‪ ،‬والثوري‪ ،‬وأهل‬
‫الكوفة‪ ،‬والوزاعي‪.‬‬
‫ً‬
‫إلى أن قال‪ :‬ول نعلم خلفا في استباحة دمه بين علماء المصار وسلف‬

‫‪141‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المة‪.‬‬
‫صل‪" :‬الحكم الشرعي فيمن سب النبي ‪-‬‬ ‫• وقال القاضي عياض ‪ 21‬تحت ف ْ‬
‫صلى الله عليه وسلم – أو انتقصه"‪) :‬اعلم وفقنا الله وإياك أن جميع من‬
‫سب النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ ،-‬أو عابه‪ ،‬أو ألحق به نقصا ً في نفسه‪ ،‬أو‬
‫نسبه‪ ،‬أو دينه‪ ،‬أو خصلة من خصاله‪ ،‬أو عّرض به‪ ،‬أو شبهه بشيء على طريق‬
‫السب له‪ ،‬أو الزراء عليه‪ ،‬أو التصغير لشأنه‪ ،‬أو الغض منه والعيب له‪ ،‬فهو‬
‫ساب له‪ ،‬والحكم فيه حكم الساب‪ُ ،‬يقتل كما نبينه‪ ،‬ول نستثني فصل ً من‬
‫فصول هذا الباب على هذا المقصد‪ ،‬ول نمتري ‪ 22‬فيه تصريحا ً كان أوتلويحا‪ً.‬‬
‫• حكى ابن مطرف عن مالك في كتاب ابن حبيب‪) :‬من سب النبي ‪ -‬صلى‬
‫الله عليه وسلم ‪ -‬من المسلمين قتل ولم يستتب(‪23 .‬‬
‫• وقال ابن القاسم في "العتبية"‪) :24‬من سبه‪ ،‬أو شتمه‪ ،‬أو عابه‪ ،‬أو تنقصه‪،‬‬
‫فإنه ُيقتل‪ ،‬وحكمه عند المة القتل كالزنديق‪ ،‬وقد فرض الله ‪ -‬تعالى ‪-‬توقيره‬
‫وبره(‪25 .‬‬
‫ً‬
‫• أفتى أبو محمد بن أبي زيد بقتل رجل سمع قوما يتذاكرون صفة النبي ‪-‬‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ -‬إذ مر بهم رجل قبيح الوجه واللحية‪ ،‬فقال لهم‪:‬‬
‫خلقه ولحيته؛ قال‪ :‬ول‬ ‫تريدون تعرفون صفته؟ هي في صفة هذا الماّر في َ‬
‫تقبل توبته‪ ،‬وقد كذب لعنه الله‪ ،‬وليس يخرج من قلب سليم اليمان(‪26 .‬‬
‫سحنون‪) :‬من قال‪ :‬إن النبي ‪ -‬صلى‬ ‫• وقال أحمد بن أبي سليمان صاحب ُ‬
‫الله عليه وسلم ‪ -‬كان أسود ُيقتل(‪27 .‬‬
‫• وقال الشيخ أبو الحسن الشعري ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬المتوفى ‪324‬هـ‪) :‬إرادة‬
‫الكفر كفر‪ ،‬وبناء ‪ 28‬كنيسة ُيكفر فيها بالله‪ ،‬لنه إرادة الكفر(‪29 .‬‬
‫• وقال أبو بكر الجصاص الحنفي المتوفى ‪370‬هـ‪) :‬قال ‪ -‬تعالى ‪" :-‬ولئن‬
‫ف"‪ ،‬فيه الدللة‬
‫سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب" إلى قوله‪" :‬إن نع ُ‬
‫على أن اللعب والجاد سواء في إظهار كلمة الكفر على غير وجه الكراه‪،‬‬
‫لن هؤلء المنافقين ذكروا أنهم قالوا ما قالوه لعبًا‪ ،‬فأخبر الله عن كفرهم(‪.‬‬
‫• وقال ابن شاس المالكي‪) :‬وظهور الردة إما أن يكون بالتصريح بالكفر‪،‬‬
‫أوبلفظ يقتضيه‪ ،‬أوبفعل يتضمنه(‪30 .‬‬
‫ً‬
‫• وقال النووي في "روضة الطالبين"‪ 31‬معرفا الردة‪) :‬هي قطع السلم‪،‬‬
‫ويحصل ذلك تارة بالقول الذي هو كفر‪ ،‬وتارة بالفعل‪.‬‬
‫والفعال الموجبة للكفر هي التي تصدر عن تعمد واستهزاء بالدين صريح‪،‬‬
‫كالسجود للصنم أو للشمس‪ ،‬وإلقاء المصحف في القاذورات‪ ،‬والسحر الذي‬
‫فيه عبادة الشمس ونحوها(‪.‬‬
‫• وقال في شرح صحيح مسلم ‪ 32‬عن حكم السحر‪) :‬ومنه ما يكون كفرًا‪،‬‬
‫ومنه ما ل يكون كفرا ً بل معصية كبيرة‪ ،‬فإن كان فيه قول أو فعل يقتضي‬
‫الكفر فهو كفر‪ ،‬وإل فل‪ ،‬وأما تعلمه وتعليمه فحرام‪ ،‬فإن كان فيه ما يقتضي‬
‫فر(‪.‬‬
‫الكفر أي في تعلمه وتعليمه ك ّ‬
‫• وقال شيخ السلم ابن تيمية ‪ -‬رحمه الله ‪) :-‬إن من سب الله أو سب‬
‫ب يعتقد أن ذلك محرم‪ ،‬أوكان‬ ‫رسوله كفر ظاهرا ً وباطنًا‪ ،‬سواء كان السا ّ‬
‫مستحل ً له‪ ،‬أو كان ذاهل ً عن اعتقاده‪ ،‬هذا مذهب الفقهاء وسائر أهل السنة‬
‫القائلين بأن اليمان قول وعمل(‪33 .‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫‪142‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫• وقال تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي الشافعي‪) :‬التكفير حكم‬
‫شرعي سببه جحد الربوبية‪ ،‬أو الوحدانية‪ ،‬أو الرسالة‪ ،‬أو قول أو فعل حكم‬
‫الشرع بأنه كفر وإن لم يكن جحدًا(‪34 .‬‬
‫• وقال الشيخ خليل بن إسحاق المالكي صاحب المختصر‪) :‬الردة كفر‬
‫المسلم بصريح أو لفظ يقتضيه‪ ،‬أو فعل يتضمنه‪ ،‬كإلقاء مصحف بقذر‪ ،‬وشد‬
‫زنار وسحر(‪35 .‬‬
‫• وقال المام الزركشي الشافعي‪) :‬فمن تكلم بكلمة الكفر هازل ً ولم يقصد‬
‫الكفر كفر(‪36 .‬‬
‫• وقال ابن رجب الحنبلي ‪ -‬رحمه الله ‪) :-‬فقد يترك دينه‪ ،‬ويفارق الجماعة‬
‫وهو مقر بالشهادتين ويدعي السلم‪ ،‬كما إذا جحد شيئا ً من أركان السلم‪ ،‬أو‬
‫ه ورسوَله‪ ،‬أو كفر ببعض الملئكة‪ ،‬أو النبيين‪ ،‬أو الكتب المذكورة في‬ ‫سب الل َ‬
‫القرآن‪ ،‬مع العلم بذلك(‪37 .‬‬
‫ً‬
‫• وقال محمد بن شهاب البزار الحنفي‪) :‬ومن لقن إنسانا كلمة الكفر ليتكلم‬
‫بها كفر‪ ،‬وإن كان على وجه اللعب والضحك(‪38 .‬‬
‫• ونقل أبو بكر الفارسي الشافعي في كتاب الجماع أن من سب النبي ‪-‬‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ -‬مما هو قذف صريح كفر باتفاق العلماء ‪.39‬‬
‫• وقال ابن ُنجيم الحنفي في "البحر الرائق"‪) :40‬والحاصل أن من تكلم‬
‫بكلمة الكفر هازل ً أو لعبا ً كفر عند الكل‪ ،‬ول اعتبار باعتقاده‪ ،‬كما صرح به‬
‫"قاضي خان" في فتاواه‪ ،‬ومن تكلم بها مخطئا ً أو مكرها ً ل يكفر عند الكل‪،‬‬
‫ومن تكلم بها عالما ً عامدا ً كفر عند الكل(‪.‬‬
‫• وقال مرعي بن يوسف المقدسي الحنبلي‪) :‬ويحصل الكفر بأحد أربعة‬
‫أمور‪:‬‬
‫‪ .1‬بالقول‪ :‬كسب الله ورسوله‪ ،‬أو ادعاء النبوة‪ ،‬أو الشرك له ‪ -‬تعالى ‪.-‬‬
‫‪ .2‬وبالفعل‪ :‬كالسجود للصنم‪ ،‬وكإلقاء المصحف في قاذورة‪.‬‬
‫‪ .3‬وبالعتقاد‪ :‬كاعتقاده الشريك له ‪ -‬تعالى ‪ ،-‬أو أن الزنا والخمر حلل‪ ،‬أو أن‬
‫الخبز حرام‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬ومما أجمع عليه إجماعا ً قطعيًا‪.‬‬
‫‪ .4‬وبالشك في شيء من ذلك(‪41 .‬‬
‫• وقال الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬في رسالة‬
‫"نواقض السلم"‪) :42‬السادس‪ :‬من استهزأ بشيء من دين الرسول‪ ،‬أو‬
‫ثوابه‪ ،‬أو عقابه كفر‪ ،‬والدليل قوله ‪ -‬تعالى ‪" :-‬قل أبالله وآياته ورسوله كنتم‬
‫تستهزئون ل تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم"‪.‬‬
‫السابع‪ :‬السحر‪ ،‬ومنه الصرف والعطف ‪ ،43‬فمن فعله أو رضي به كفر‪،‬‬
‫والدليل‪" :‬وما يعلمان من أحد حتى يقول إنما نحن فتنة فل تكفر"‪.‬‬
‫الثامن‪ :‬مظاهرة ‪ 44‬المشركين ومعاونتهم على المسلمين‪ ،‬والدليل‪" :‬ومن‬
‫يتولهم منكم فإنه منهم إن الله ل يهدي القوم الظالمين"‪ ،‬ول فرق في جميع‬
‫هذه النواقض بين الهازل‪ ،‬والجاد‪ ،‬والخائف‪ ،‬إل المكره(‪.‬‬
‫• وقال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب المتوفى‬
‫‪1233‬هـ في "الدلئل في حكم موالة أهل الشراك"‪ ...) :‬قوله ‪ -‬تعالى ‪:-‬‬
‫دل‬‫"من كفر بالله من بعد إيمانه إل من أكره‪ ،" ...‬فحكم ‪ -‬تعالى ‪ -‬حكما ً ل يب ّ‬
‫أن من رجع عن دينه إلى الكفر فهو كافر‪ ،‬سواء كان له عذر‪ :‬خوف على‬
‫نفس أو مال أوأهل ‪ 45‬أم ل‪ ،‬وسواء كفره بباطنه أم بظاهره دون باطنه‪،‬‬
‫وسواء كفر بفعاله ومقاله أم بأحدهما دون الخر‪ ،‬وسواء كان طامعا ً في دنيا‬
‫ينالها من المشركين أم ل‪ ...‬فهو كافر على كل حال إل المكره(‪46 .‬‬
‫ناقل الكفر وناشره‬

‫‪143‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫كما أن الكفر يكون بإنشاء الكلم أوتدوينه‪ ،‬يكون كذلك بنقله‪ ،‬ونشره‪،‬‬
‫والدللة عليه‪ ،‬وتلقينه‪.‬‬
‫ناقل الكفر له أربع حالت كما ذكرها القاضي عياض في "الشفا"‪،47‬‬
‫ملخصها‪:‬‬
‫الولى‪ :‬إن كان نقلها بغرض التعريف بقائلها والتحذير منه‪ ،‬والنكار عليه‪ ،‬أو‬
‫حكاه في كتاب أو مجلس على طريق الرد والنقض له‪ ،‬فهذا تعتريه الحكام‬
‫الربعة‪ :‬الوجوب‪ ،‬والندب‪ ،‬والكراهة‪ ،‬والتحريم‪ ،‬حسب حال المنقول إليهم‪:‬‬
‫• فإن كان قائل ذلك له أتباع يقلدونه ويتبعونه فيما يقول فيجب النقل للرد‬
‫عليه في هذه الحال‪ ،‬ويكون ناقل الكفر ليس بكافر‪ ،‬وهذا من فروض‬
‫ض سقط عن الباقين‪.‬‬ ‫الكفاية‪ ،‬إذا قام به البع ُ‬
‫• أو حكاه شاهدًا‪.‬‬
‫• أو حكى ذلك لمن يمكنه الرد عليه أو مناظرته‪ ،‬فهذا ُيحمد وُيشكر على‬
‫ذلك‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬وأما حكايتها على غير ذلك فإن كان الحاكي لها على غير قصد أو‬
‫معرفة بخطورتها‪ ،‬وعلى غير عادته‪ ،‬ولم يظهر منه قبل ذلك شيء يشبه هذا‪،‬‬
‫عزر تعزيرا ً شديدا ً وأغلظ عليه‪.‬‬‫زجر و ُ‬
‫وقد حكي أن رجل ً سأل مالكا ً عمن يقول‪ :‬القرآن مخلوق؛ فقال مالك‪ :‬كافر‬
‫فاقتلوه؛ فقال‪ :‬إنما حكيته عن غيري؛ فقال مالك‪ :‬إنما سمعناه عنك!‬
‫وهذا من مالك ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬على سبيل الزجر والتغليظ‪ ،‬بدليل أنه لم يسع‬
‫في تنفيذ قتله‪.‬‬
‫عرف بتجرئه وتطاوله على أمثال ذلك فهذا يكفر‪.‬‬ ‫الثالث‪ :‬أما إن كان الناقل ُ‬
‫هجي به النبي ‪-‬‬ ‫قال أبو عبيد القاسم بن سلم فيمن حفظ شطر بيت مما ُ‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ -‬فهو كفر‪.‬‬
‫وقد ذكر بعض من ألف في الجماع إجماعَ المسلمين على تحريم رواية ما‬
‫هجي به النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ ،-‬وكتابته‪ ،‬وقراءته‪ ،‬وتركه متى وجد‬ ‫ُ‬
‫دون محو‪.‬‬
‫ً‬
‫الرابع‪ :‬أن يكون الناقل مكرها‪ ،‬فهذا ل إثم عليه‪.‬‬
‫ب الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬ليس له توبة في الدنيا‬ ‫سا ّ‬

‫)‪(4 /‬‬

‫ب الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬ومنتقصه‬ ‫ل يملك أحد أن يقبل توبة سا ّ‬
‫تلميحا ً كان ذلك أم تصريحا ً في الدنيا‪ ،‬فلبد أن ُيقتل زجرا ً له ولمثاله‪ ،‬فإن‬
‫تاب وصدق في توبته فإن ذلك ينفعه في الخرة‪ ،‬مسلما ً كان أم كافرا ً ذميًا‪،‬‬
‫هذا ما عليه عامة أهل العلم‪.‬‬
‫قال القاضي عياض ‪) :48‬قال عبد الله بن الحكم المالكي‪" :‬من سب النبي ‪-‬‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ -‬من مسلم أو كافر قتل ولم يستتب"‪ ،‬و حكى الطبري‬
‫مثله عن أشهب عن مالك(‪.‬‬
‫وعن عثمان بن كنانة المالكي المتوفى ‪186‬هـ في كتابه "المبسوط"‪) :‬من‬
‫صِلب حيا ً ولم‬
‫شتم النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬من المسلمين قِتل أو ُ‬
‫ُيستتب‪ ،‬والمام مخير في صلبه حيا ً أو قتله(‪.‬‬
‫سّر ذلك أو أظهره‪ ،‬ول ُيستتاب لن توبته ل‬ ‫وقال أصبغ‪) :‬يقتل على كل حال‪ ،‬أ َ‬
‫تعرف(‪.‬‬
‫وفي كتاب محمد بن سعيد المالكي المتوفى ‪198‬هـ‪) :‬أخبرنا أصحاب مالك‬

‫‪144‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أنه قال‪ :‬من سب النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم – أو غيره من النبيين من‬
‫مسلم أو كافر يقتل ول ُيستتاب(‪.‬‬
‫وقال شيخ السلم ابن تيمية ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬تحت عنوان‪" :‬أن من سب النبي‬
‫‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬من مسلم أو كافر فإنه يجب قتله‪ ،‬وحكي الجماع‬
‫على ذلك"‪) :‬هذا مذهب عليه عامة أهل العلم‪ ،‬قال ابن المنذر‪ :‬على أن حد‬
‫من سب النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬القتل‪ ،‬وممن قاله‪ :‬مالك‪ ،‬والليث‪،‬‬
‫وأحمد‪ ،‬وإسحاق‪ ،‬وهو مذهب الشافعي‪.‬‬
‫وقال‪ :‬وحكي عن النعمان أبي حنيفة‪ -‬ل ُيقتل أي الكافر يعني الذي عليه من‬
‫الشرك أعظم(‪49 .‬‬
‫ثم نقل أقوال الئمة ‪ ،50‬فقال‪:‬‬
‫قال أحمد في رواية حنبل‪ :‬كل من شتم النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪-‬‬
‫وتنقصه مسلما ً كان أو كافرا ً فعليه القتل‪ ،‬وأرى أن ُيقتل ول يستتاب‪.‬‬
‫وقال مالك في رواية ابن القاسم و مطرف‪ :‬من سب النبي قتل ولم يستتب‪،‬‬
‫قال ابن القاسم‪ :‬من سبه أو شتمه أو عابه أو تنقصه فإنه يقتل كالزنديق‪.‬‬
‫أما مذهب الشافعي فلهم في ساب النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬وجهان‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬هو كالمرتد إذا تاب سقط عنه القتل‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬أن حد من سبه القتل‪ ،‬فكما ل يسقط حد القاذف بالتوبة ل يسقط‬
‫القتل الواجب بسب النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬بالتوبة‪ ،‬قالوا‪ :‬ذكر ذلك‬
‫أبو بكر الفارسي المتوفى ‪350‬هـ‪ ،‬وادعى فيه الجماع‪ ،‬ووافقه الشيخ أبو بكر‬
‫القفال(‪.‬‬
‫ب النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬وعدم استتابته‬ ‫الدلة ‪ 51‬على قتل سا ّ‬
‫ومن الدلة على وجوب قتل ساب الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪:-‬‬
‫من القرآن‬
‫َ‬
‫ه ورسوله لعنهم الله في الدنيا‬ ‫• قوله ‪ -‬تعالى ‪" :-‬إن الذين يؤذون الل َ‬
‫والخرة وأعد لهم عذابا ً مهينًا"‪52 .‬‬
‫قال القاضي عياض‪) :‬فمن القرآن لعنة الله ‪ -‬تعالى ‪-‬لمؤذيه في الدنيا‬
‫والخرة وقرانه أذاه بأذاه‪ ،‬ول خلف في قتل من سب الله‪ ،‬وأن اللعن‬
‫يستوجبه من هو كافر‪ ،‬وحكم الكافر القتل(‪.53‬‬
‫• وقوله‪" :‬ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته‬
‫ورسوله كنتم تستهزئون ل تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم"‪54 .‬‬
‫من السنة‬
‫• وفي الصحيح ‪ :55‬أمر النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬بقتل كعب بن‬
‫جه ‪56‬‬‫الشرف‪ ،‬وقوله‪" :‬من لكعب بن الشرف فإنه يؤذي الله ورسوله"‪ ،‬وو ّ‬
‫إليه من قتله غيلة من غير دعوة‪.‬‬
‫• وقُِتل أبو رافع‪ ،‬قال البراء‪ :‬كان يؤذي رسول الله ويعين عليه‪.‬‬
‫• وفي فتح مكة قُِتل ابن أخطل وجاريتيه اللتين كانتا تغنيان بسبه ‪ -‬صلى الله‬
‫عليه وسلم ‪.-‬‬
‫• وكان رجل يسب النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ ،-‬فقال‪ :‬من يكفيني‬
‫عدوي؟ فقال خالد‪ :‬أنا؛ فبعثه النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬فقتله‪.‬‬
‫• كذلك قتل جماعة كانوا يؤذونه من الكفار ويسبونه‪ ،‬منهم النضر بن الحارث‬
‫معَْيط‪.‬‬
‫وعقبة بن أبي ُ‬
‫وروى البزار عن ابن عباس أن عقبة نادى‪ :‬يا معشر قريش‪ ،‬مالي أقتل من‬
‫بينكم صبرًا؟ فقال النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ :-‬بكفرك وافترائك على‬
‫رسول الله‪.‬‬

‫‪145‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫• وروى عبد الرزاق أن النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬سبه رجل‪ ،‬فقال‪ :‬من‬
‫يكفيني عدوي؟ فقال الزبير‪ :‬أنا؛ فبارزه‪ ،‬فقتله الزبير‪.‬‬
‫• وروي أن امرأة كانت تسب النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ ،-‬فقال‪ :‬من‬
‫يكفيني عدوي؟ فخرج إليها خالد بن الوليد فقتلها‪.‬‬
‫هذه الثار بعضها ل يخلو من ضعف في سندها‪.‬‬
‫الجماع‬
‫من أقوى الدلة على قتل ساب الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬وعدم‬
‫استتابته إجماع المة العملي من لدن الصحابة ومن بعدهم الذي نقلناه‪،‬‬
‫والمة ل تجتمع على ضللة‪.‬‬
‫ورحم الله مالكا ً عندما سأله الرشيد عن رجل شتم النبي ‪ -‬صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ ،-‬وذكر له أن فقهاء العراق أفتوه بجلده؟ فغضب مالك‪ ،‬وقال‪ :‬يا أمير‬
‫المؤمنين‪ ،‬ما بقاء المة بعد شتم نبيها؟ من شتم النبياء قتل‪ ،‬ومن شتم‬
‫جلد‪.‬‬
‫أصحاب النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ُ -‬‬
‫ولهذا أفتى فقهاء الندلس بقتل ابن حاتم المتفقه الطليطلي وصلبه بما شهد‬
‫عليه من استخفافه بحق النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ ،-‬وتسميته إياه أثناء‬
‫خْتن حيدرة ‪ ،57‬وزعمه أن زهده لم يكن قصدًا‪ ،‬ولو قدر‬ ‫مناظرته باليتيم‪ ،‬و َ‬
‫على الطيبات أكلها‪.‬‬

‫)‪(5 /‬‬
‫سحنون بقتل إبراهيم الفزاري‪ ،‬وكان شاعرا ً‬‫وأفتى فقهاء القيروان وأصحاب ُ‬
‫متفننا ً في كثير من العلوم‪ ،‬وكان ممن يحضر مجلس القاضي أبي العباس ‪-‬‬
‫قاضي قرطبة ‪ -‬بن طالب للمناظرة‪ ،‬فرفعت عليه أمور منكرة من هذا الباب‬
‫في الستهزاء بالله وأنبيائه ونبينا ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ ،-‬فأحضر له‬
‫القاضي يحيى بن عمرو غيره من الفقهاء وأمر بقتله وصلبه‪ ،‬فطعن بالسكين‬
‫وصلب منكسًا‪ ،‬ثم أنزل وأحرق بالنار‪.‬‬
‫اللهم إنا نسألك حبك‪ ،‬وحب رسولك‪ ،‬وحب عمل يقربنا إلى حبك‪ ،‬وصلى الله‬
‫وسلم وبارك وعظم على الرحمة المهداة‪ ،‬والنعمة المسداة‪ ،‬والسراج المنير‪،‬‬
‫وعلى آله وصحبه الطاهرين الطيبين‪ ،‬وعنا معهم بعفوك وكرمك يا أكرم‬
‫الكرمين‪.‬‬

‫)‪(6 /‬‬

‫ما هو من القوال ‪ ،‬والعمال ‪ ،‬والعتقادات كفر‬


‫تمهيد‬
‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬والصلة والسلم على أشرف النبياء والمرسلين‪،‬‬
‫سيد الولين والخرين‪ ،‬المبعوث رحمة للعالمين‪ ،‬وعلى آله وصحابته‬
‫والتابعين‪.‬‬
‫وبعد‪..‬‬
‫قبل الشروع في المقصود أود التنبيه على التي‪:‬‬
‫ً‬
‫ل‪ :‬إن الكفار ‪ 1‬ملك لله ورسوله‪ ،‬فل يحل لحد أن يكفر أحدا إل من أكفره‬ ‫أو ً‬
‫الله ورسوله‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬مسألة الكفار والتفسيق والتبديع من المسائل الخطرة التي زلت فيها‬
‫أقدام‪ ،‬وضلت فيها أفهام‪ ،‬وانحرفت بسببها أقوام‪ ،‬لهذا ل ينبغي أن يخوض‬

‫‪146‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فيها إل الراسخون في العلم‪ ،‬ول يتعاطاها كل أحد من طلب العلم‪ ،‬دعك عن‬
‫العوام‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬هناك فرق بين الكفار العام وإكفار المعين‪ ،‬أي بين أن تقول‪ :‬هذا القول‬
‫أو العمل أو العتقاد كفر‪ ،‬أومن قال كذا فقد كفر‪ ،‬وبين أن تقول‪ :‬فلن من‬
‫الناس كافر‪ ،‬إذ تكفير المعين له شروط وموانع‪.‬‬
‫رابعًا‪ :‬ل يكفر المعين إل بتوفر شرطين هما‪:‬‬
‫‪ .1‬البلوغ‪.‬‬
‫‪ .2‬العقل‪.‬‬
‫وبانتفاء موانع هي‪:‬‬
‫‪ .1‬الجهل‪.‬‬
‫‪ .2‬الخطأ‪.‬‬
‫‪ .3‬التأويل أو الشبهة‪.‬‬
‫‪ .4‬الكراه‪.‬‬
‫ً‬
‫فإذا تعاطى الشخص سببا من أسباب الكفر القولية أو العملية أو العتقادية‪،‬‬
‫صر إن كان‬ ‫بفعل أوترك‪ ،‬جادا ً كان أم هازل ً أم شاكًا‪ ،‬فأقيمت عليه الحجة‪ ،‬وب ّ‬
‫ل‪ ،‬وأزيلت عنه الشبهة‪ ،‬ثم أصر على ذلك‪ ،‬فقد كفر إن كان بالغًا‪ ،‬عاق ً‬
‫ل‪،‬‬ ‫جاه ً‬
‫طائعًا‪ ،‬مختارًا‪ ،‬غير مكره‪.‬‬
‫والتأويل منه ما هو فاسد وهذا ل عبرة به‪ ،‬ومنه ما هو راجح أومرجوح‪ ،‬وهذا‬
‫ل يكفر أحد تعاطاه‪.‬‬
‫ول تقبل دعوى الجهل لمسلم يعيش بين ظهراني المسلمين‪ ،‬ولكن لحديث‬
‫عهد بالسلم‪.‬‬
‫خامسًا‪ :‬يحكم في ذلك الفقهاء والقضاة الموثوق بدينهم وعلمهم الشرعي‬
‫وعدالتهم‪ ،‬وينفذ الحكم ولة المر وليس العامة‪.‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية‪) :‬الحدود ل يقيمها إل المام ونائبه(‪2 .‬‬
‫سادسًا‪ :‬الكفار منه ما هو بدعي‪ ،‬وهو الذي يكون بسبب اقتراف بعض‬
‫فرة‪ ،‬نحو تعاطي الخمر‪ ،‬والتعامل بالربا‪ ،‬وممارسة الزنا لمن‬ ‫الذنوب غير المك ّ‬
‫يقر بحرمتها‪ ،‬أما من استحلها ولو لم يتعاطاها فقد كفر‪ ،‬أوبسبب البتداع‪،‬‬
‫والتعصب‪ ،‬والحسد‪ ،‬ونحو ذلك؛ ومنه ما هو شرعي‪ ،‬كالذبح لغير الله‪،‬‬
‫ل‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬‫والسجود لصنم‪ ،‬وإلقاء المصحف في دورة مياه مث ً‬
‫سابعًا‪ :‬من المسائل التي يجب على المسلم تعلمها نواقض السلم‪ ،‬وهي‬
‫المور التي تبطل السلم وتفسده وتخرج المسلم من حظيرة اليمان إلى‬
‫دائرة الكفر والعياذ بالله‪.‬‬
‫ثامنًا‪ :‬النطق بالشهادتين والدخول في السلم ليس عاصما ً ول مانعا ً من‬
‫الكفر بحكم رسول الله ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪" :-‬يصبح الرجل مؤمنا ً‬
‫ويمسي كافرًا‪ ،‬ويمسي كافرا ً ويصبح مسلمًا"‪3 .‬‬
‫فقد يكون المرء مصليا ً صائما ً وهو متعاطي لسبب من أسباب الكفر‬
‫المحبطة لعماله الصالحة وهو ل يشعر‪ ،‬عقديا ً كان هذا السبب‪ ،‬أو عمليًا‪ ،‬أو‬
‫قوليًا‪" :‬فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب‬
‫أليم"‪.‬‬
‫ول تغتر أخي المسلم بما يقوله أهل الهواء المرجئة‪" :‬ل يضر مع اليمان‬
‫معصية كما ل تنفع مع الكفر طاعة"‪ ،‬حيث اختزلوا كلمة التوحيد التي بها‬
‫قامت السموات والرض في التصديق بالقلب أوالنطق باللسان ولو لم‬
‫يصاحب ذلك عمل بالركان وكف عن المحرمات والثام‪ ،‬أو بقول مشايخهم‬
‫من الجهمية الطغام الذين قصروا اليمان على المعرفة القلبية‪ ،‬ففي شرعهم‬

‫‪147‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فإن إبليس وفرعون مؤمنان كامل اليمان لمعرفتهم برب الرباب‪ ،‬حيث‬
‫حكى الله عن إبليس لعنه الله‪" :‬قال رب فأنظرني إلى يوم ُيبعثون"‪ ،4‬وقال‪:‬‬
‫"فبعزتك لغوينهم أجمعين"‪ ،5‬وقال عن فرعون وملئه أبعدهم الله من‬
‫رحمته‪" :‬وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما ً وعلوًا"‪6 .‬‬
‫بعد هذه التنبيهات والتوطئات التي لبد منها ندلف إلى ما عزمنا عليه‪ ،‬فنقول‬
‫وبالله التوفيق‪:‬‬
‫بم يكون الكفر عند أهل السنة والجماعة؟‬
‫الكفر عند أهل السنة والجماعة‪ ،‬نقاوة المسلمين‪ ،‬الفرقة الناجية المنصورة‪،‬‬
‫يكون بالقول والعمل والعتقاد‪ ،‬وبالفعل والترك‪ ،‬وبالجد والهزل والشك‪ ،‬فقد‬
‫يكفر المسلم بالعمل كما يكفر بالعتقاد‪ ،‬وقد يكفر بالفعل كما يكفر بالترك‪،‬‬
‫وقد يكفر وهو هازل مازح كما يكفر وهو جاد حازم‪ ،‬وقد يكفر وهو متيقن‬
‫أوشاك‪" :‬قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون ل تعتذروا قد كفرتم بعد‬
‫إيمانكم"‪ ،7‬وأن الكفر العملي ليس قاصرا ً على سب الله ورسوله ودينه‪.‬‬
‫فكما أن اليمان قول وعمل واعتقاد‪ ،‬فكذلك الكفر يكون بالقول والعمل‬
‫والعتقاد‪ ،‬فقد يكفر المسلم بقول أوعمل وإن كان يعتقد بقلبه خلف ما‬
‫نطق به لسانه أوكسبته يداه‪ ،‬إل المكره‪ ،‬فقد استثناه الله ‪ -‬عز وجل ‪" :-‬إل‬
‫من أكره وقلبه مطمئن باليمان"‪.8‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫لقد تعجبت كثيرا ً كما تعجب غيري من زعم البعض هدانا الله وإياهم سبل‬
‫الرشاد أن الحاكم الذي يشّرع دستورا ً ويسن قانونا ً على غرار دساتير‬
‫وقوانين الكفار ويحكم به وينبذ شرع الله وراءه ظهريا ً ل يكفر مثل ً إل إذا‬
‫اعتقد ذلك بقلبه؛ وكان تعجب المام ابن الوزير اليماني ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬من‬
‫فروا النصارى الذين‬ ‫إحدى فرق المعتزلة وهم "البهاشمة"‪ 9‬أشد حين لم يك ّ‬
‫قالوا‪ :‬إن الله ثالث ثلثة‪ ،‬مع نص القرآن بتكفيرهم‪ ،‬حيث قال‪" :‬لقد كفر‬
‫الذين قالوا إن الله ثالث ثلثة"‪ ،10‬إل إذا اعتقدوا ذلك بقلوبهم ‪ ،11‬وأعجب‬
‫من هذا وذاك نسبة هذا المعتقد لهل السنة والجماعة‪.‬‬
‫قال الشيخ عبد العزيز بن باز ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬كما نشر في مجلة الفرقان‬
‫الكويتية العدد "‪) :"94‬الذبح لغير الله‪ ،‬والسجود لغير الله‪ ،‬كفر عملي مخرج‬
‫من الملة‪ ،‬وهكذا لو صلى لغير الله فإنه يكفر كفرا ً عمليا ً أكبر والعياذ بالله‬
‫وهكذا إذا سب الدين‪ ،‬أوسب الرسول‪ ،‬أواستهزأ بالله ورسوله‪ ،‬فإن ذلك كفر‬
‫عملي أكبر عند جميع أهل السنة والجماعة(‪.‬‬
‫وقالت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والفتاء ‪ 12‬بالسعودية في رد على‬
‫سؤال‪ :‬اعتبار تارك الصلة من غير جحود كافرا ً كفرا ً عمليًا‪ ،‬والكفر العملي ل‬
‫يخرج صاحبه من الملة إل ما استثنوه من سب الله ‪ -‬تعالى ‪-‬وما شابهه‪ ،‬فهل‬
‫تارك الصلة مستثنى؟ وما وجه الستثناء؟‬
‫فأجابت‪) :‬ليس كل كفر عملي ل يخرج من ملة السلم‪ ،‬بل بعضه يخرج من‬
‫ملة السلم(‪.‬‬
‫ما هو من القوال والعمال والعتقاد كفر‬
‫عندما ُيطلق الكفر يراد به الكفر الكبر المخرج من الملة‪ ،‬الكفر الكبر مساٍو‬
‫للشرك الكبر وللنفاق الكبر وللردة‪.‬‬
‫نماذج الكفر القولية والعملية و العتقادية‪ ،‬الفعلية والتركية‪ ،‬ل تحصى كثرة‪.‬‬
‫ل‪ :‬يكون الكفر إما بإثبات ما نفاه الله ورسوله أو بنفي ما أثبتاه‪،‬‬ ‫فإجما ً‬

‫‪148‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وبعبارة أخرى بإنكار كل ما هو معلوم من الدين ضرورة‪.‬‬


‫ل‪ :‬من أمثلة الكفر التي توصل إليها أهل العلم بالستقراء‪ ،‬والتي تعرف‬ ‫وتفصي ً‬
‫بنواقض السلم‪ ،‬ما يأتي‪:‬‬
‫‪ .1‬الدعاء والستغاثة بغير الله ‪ -‬عز وجل ‪.-‬‬
‫‪ .2‬اتخاذ الوسائط بين العبد وبين ربه‪ ،‬نحو قول أحدهم‪ :‬اللهم إني أسألك‬
‫بجاه فلن؛ قال ‪ -‬تعالى ‪-‬موضحا ً سبب شرك وكفر الوائل‪" :‬ما نعبدهم إل‬
‫ليقربونا إلى الله زلفى"‪13 .‬‬
‫‪ .3‬موالة الكفار والمشركين‪.‬‬
‫‪ .4‬التحاكم لغير شرع الله‪ ،‬فالحاكم ‪ -‬وكذلك القاضي ‪ -‬الذي يحكم بغير ما‬
‫أنزل الله يكفر‪ ،‬إل في حالين‪ ،‬هما‪:‬‬
‫)‪ (1‬الخطأ في الجتهاد في الوصول إلى حكم الله ‪ -‬عز وجل ‪.-‬‬
‫)‪ (2‬الحياد عنه لقرابة أو رشوة في قضية معينة‪ ،‬مع يقينه بأنه الحق‪.‬‬
‫ففي هاتين الحالتين يكون كفره كفرا ً أصغر‪ ،‬أما ما سواهما فكفره أكبر ‪.14‬‬
‫يخطئ خطأ فاحشا ً من ينزل قول ابن عباس ‪ -‬رضي الله عنهما ‪" :-‬ليس‬
‫بالكفر الذي تذهبون إليه"‪ ،‬على كثير من حكم المسلمين بعد سقوط الدولة‬
‫العثمانية‪ ،‬وجثوم الستعمار على صدر المة‪ ،‬وإقصاء شرع الله إل في دائرة‬
‫الحوال الشخصية‪ ،‬حيث استبدل الذي هو أدنى الدساتير والقوانين الوضعية‬
‫بالذي هو خير‪ ،‬شرع الله ‪ -‬عز وجل ‪.-‬‬
‫‪ .5‬تعلم أنواع من السحر‪ ،‬نحو ما يعرف بالصرف والعطف‪ ،‬أو الحل والعقد‪،‬‬
‫وما شابهه‪ ،‬واليمان به‪ ،‬وغشيان محترفيه‪ ،‬وتصديقهم فيما يقولون‪.‬‬
‫فر الكفار‪ ،‬نحو اليهود‪ ،‬والنصارى‪ ،‬والشيوعيين‪ ،‬والجمهوريين‪،‬‬ ‫‪ .6‬من لم يك ّ‬
‫حح مذهبهم فقد كفر‪ ،‬فماذا بعد الحق إل الضلل؟!‬ ‫أوشك في كفرهم‪ ،‬أو ص ّ‬
‫‪ .7‬العراض الكلي أو الجزئي عن دين الله ‪ -‬عز وجل ‪.-‬‬
‫‪ .8‬اعتقاد أن بعض الناس يمكنهم الستغناء عن شرع محمد ‪ -‬صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ ،-‬أو تسقط عنهم بعض التكاليف الشرعية‪.‬‬
‫‪ .9‬الستهزاء والسخرية بالله‪ ،‬وآياته‪ ،‬ورسله‪ ،‬وملئكته‪ ،‬تصريحا ً أو تلميحا‪ً.‬‬
‫‪ .10‬استحلل ما حّرم الله‪ ،‬أو تحريم ما أحل الله‪.‬‬
‫‪ .11‬إباحة الردة وإنكار حدها‪.‬‬
‫‪ .12‬الدعوة إلى مساواة الديان السماوية بعد تحريفها وتبديلها ونسخها‬
‫بشريعة ولد عدنان‪.‬‬
‫‪ .13‬سب الله‪ ،‬والرسل‪ ،‬والملئكة‪ ،‬والدين‪ ،‬تصريحا ً أو تلميحًا‪.‬‬
‫‪ .14‬النتساب للحزاب الكافرة والعلمانية‪.‬‬
‫‪ .15‬تكفير أو تضليل جماعة الصحابة‪.‬‬
‫‪ .16‬التجسس لصالح الكفار‪ ،‬والقتال تحت رايتهم‪.‬‬
‫‪ .17‬رمي عائشة ‪ -‬رضي الله عنها ‪ -‬بما بّرأها الله منه‪.‬‬
‫‪ .18‬من ادعى النبوة أو أنه يوحى إليه‪ ،‬ومن صدقه‪.‬‬
‫‪ .19‬اعتقاد أن أحد المخلوقين ينفع ويضر أو يعلم الغيب‪.‬‬
‫أقوال أهل العلم والفتوى في ذلك‬
‫• سئل الشافعي المتوفى ‪204‬هـ‪ - ،‬رحمه الله ‪ -‬عمن هزل بشيء من آيات‬
‫الله ‪ -‬تعالى ‪ ،-‬فقال‪) :‬هو كافر؛ واستدل بقوله ‪ -‬تعالى ‪" :-‬قل أبالله وآياته‬
‫ورسوله كنتم تستهزئون ل تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم"‪16 .(15‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫‪149‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫• وقال المام إسحاق بن إبراهيم المتوفى ‪238‬هـ‪) :‬ومما أجمعوا على‬


‫تكفيره‪ ،‬وحكموا عليه كما حكموا على الجاحد‪ ،‬فالمؤمن الذي آمن بالله ‪-‬‬
‫تعالى ‪ ،-‬وبما جاء من عنده‪ ،‬ثم قتل نبيا ً أو أعان على قتله‪ ،‬وإن كان مقرا ً‬
‫ويقول‪ :‬قتل النبياء محرم‪ ،‬فهو كافر‪ ،‬وكذلك من شتم نبيًا‪ ،‬أورد عليه قوله‬
‫من غير تقية ول خوف أي من غير إكراه‪.‬‬
‫وقال‪ :‬وأجمع المسلمون على أن من سب الله‪ ،‬أو سب رسوله‪ ،‬أو دفع شيئا ً‬
‫مما أنزل الله ‪ -‬عز وجل ‪ ،-‬أو قتل نبيا ً من أنبياء الله‪ ،‬أنه كافر بذلك‪ ،‬وإن‬
‫كان مقرا ً بكل ما أنزل الله(‪17 .‬‬
‫• وقال الحميدي‪) :‬أخبرت أن قوما ً يقولون‪ :‬إن من أقر بالصلة‪ ،‬والزكاة‪،‬‬
‫والصوم‪ ،‬والحج‪ ،‬حتى الموت ما لم يكن جاحدا ً بقلبه أنه مؤمن )!(‪ ،‬فقلت‪:‬‬
‫صراح‪ ،‬وخلف كتاب الله وسنة رسوله وفعل المسلمين‪.‬‬ ‫هذا الكفر بالله ال ّ‬
‫• وقال حنبل‪ :‬قال أبوعبد الله أحمد بن حنبل‪ :‬من قال هذا فقد كفر بالله‬
‫ورد على الله أمره‪ ،‬وعلى الرسول ما جاء(‪18.‬‬
‫• وقال عبد الله ابن المام أحمد‪ :‬سألت أبي عن رجل قال لرجل‪ :‬يا ابن كذا‬
‫وكذا أنت ومن خلقك؛ قال أبي‪ :‬هذا مرتد عن السلم؛ قلت لبي‪ :‬تضرب‬
‫عنقه؟ قال‪ :‬نعم‪ ،‬تضرب عنقه(‪19 .‬‬
‫سحنون المالكي‪) :‬أجمع العلماء أن شاتم‬ ‫• وقال فقيه المغرب محمد بن ُ‬
‫الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬المنتقص له كافر‪ ،‬والوعيد جارٍ عليه‬
‫بعذاب الله‪ ،‬وحكمه عند المة القتل‪ ،‬ومن شك في كفره وعذابه كفر(‪20 .‬‬
‫• وقال أبو بكر بن المنذر‪ :‬أجمع عوام أي عامة أهل العلم على أن من سب‬
‫النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ُ -‬يقتل‪ ،‬وممن قال ذلك‪ :‬مالك بن أنس‪،‬‬
‫والليث‪ ،‬وأحمد‪ ،‬وإسحاق‪ ،‬وهو مذهب الشافعي‪.‬‬
‫قال القاضي عياض‪ :‬وهو مقتضى قول أبي بكر الصديق ‪ -‬رضي الله عنه ‪،-‬‬
‫ول تقبل توبته عند هؤلء‪ ،‬وبمثله قال أبو حنيفة وأصحابه‪ ،‬والثوري‪ ،‬وأهل‬
‫الكوفة‪ ،‬والوزاعي‪.‬‬
‫ً‬
‫إلى أن قال‪ :‬ول نعلم خلفا في استباحة دمه بين علماء المصار وسلف‬
‫المة‪.‬‬
‫صل‪" :‬الحكم الشرعي فيمن سب النبي ‪-‬‬ ‫• وقال القاضي عياض ‪ 21‬تحت ف ْ‬
‫صلى الله عليه وسلم – أو انتقصه"‪) :‬اعلم وفقنا الله وإياك أن جميع من‬
‫سب النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ ،-‬أو عابه‪ ،‬أو ألحق به نقصا ً في نفسه‪ ،‬أو‬
‫نسبه‪ ،‬أو دينه‪ ،‬أو خصلة من خصاله‪ ،‬أو عّرض به‪ ،‬أو شبهه بشيء على طريق‬
‫السب له‪ ،‬أو الزراء عليه‪ ،‬أو التصغير لشأنه‪ ،‬أو الغض منه والعيب له‪ ،‬فهو‬
‫ساب له‪ ،‬والحكم فيه حكم الساب‪ُ ،‬يقتل كما نبينه‪ ،‬ول نستثني فصل ً من‬
‫فصول هذا الباب على هذا المقصد‪ ،‬ول نمتري ‪ 22‬فيه تصريحا ً كان أوتلويحا‪ً.‬‬
‫• حكى ابن مطرف عن مالك في كتاب ابن حبيب‪) :‬من سب النبي ‪ -‬صلى‬
‫الله عليه وسلم ‪ -‬من المسلمين قتل ولم يستتب(‪23 .‬‬
‫• وقال ابن القاسم في "العتبية"‪) :24‬من سبه‪ ،‬أو شتمه‪ ،‬أو عابه‪ ،‬أو تنقصه‪،‬‬
‫فإنه ُيقتل‪ ،‬وحكمه عند المة القتل كالزنديق‪ ،‬وقد فرض الله ‪ -‬تعالى ‪-‬توقيره‬
‫وبره(‪25 .‬‬
‫ً‬
‫• أفتى أبو محمد بن أبي زيد بقتل رجل سمع قوما يتذاكرون صفة النبي ‪-‬‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ -‬إذ مر بهم رجل قبيح الوجه واللحية‪ ،‬فقال لهم‪:‬‬
‫خلقه ولحيته؛ قال‪ :‬ول‬ ‫تريدون تعرفون صفته؟ هي في صفة هذا الماّر في َ‬
‫تقبل توبته‪ ،‬وقد كذب لعنه الله‪ ،‬وليس يخرج من قلب سليم اليمان(‪26 .‬‬
‫سحنون‪) :‬من قال‪ :‬إن النبي ‪ -‬صلى‬ ‫• وقال أحمد بن أبي سليمان صاحب ُ‬

‫‪150‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الله عليه وسلم ‪ -‬كان أسود ُيقتل(‪27 .‬‬


‫• وقال الشيخ أبو الحسن الشعري ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬المتوفى ‪324‬هـ‪) :‬إرادة‬
‫الكفر كفر‪ ،‬وبناء ‪ 28‬كنيسة ُيكفر فيها بالله‪ ،‬لنه إرادة الكفر(‪29 .‬‬
‫• وقال أبو بكر الجصاص الحنفي المتوفى ‪370‬هـ‪) :‬قال ‪ -‬تعالى ‪" :-‬ولئن‬
‫ف"‪ ،‬فيه الدللة‬
‫سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب" إلى قوله‪" :‬إن نع ُ‬
‫على أن اللعب والجاد سواء في إظهار كلمة الكفر على غير وجه الكراه‪،‬‬
‫لن هؤلء المنافقين ذكروا أنهم قالوا ما قالوه لعبًا‪ ،‬فأخبر الله عن كفرهم(‪.‬‬
‫• وقال ابن شاس المالكي‪) :‬وظهور الردة إما أن يكون بالتصريح بالكفر‪،‬‬
‫أوبلفظ يقتضيه‪ ،‬أوبفعل يتضمنه(‪30 .‬‬
‫ً‬
‫• وقال النووي في "روضة الطالبين"‪ 31‬معرفا الردة‪) :‬هي قطع السلم‪،‬‬
‫ويحصل ذلك تارة بالقول الذي هو كفر‪ ،‬وتارة بالفعل‪.‬‬
‫والفعال الموجبة للكفر هي التي تصدر عن تعمد واستهزاء بالدين صريح‪،‬‬
‫كالسجود للصنم أو للشمس‪ ،‬وإلقاء المصحف في القاذورات‪ ،‬والسحر الذي‬
‫فيه عبادة الشمس ونحوها(‪.‬‬
‫• وقال في شرح صحيح مسلم ‪ 32‬عن حكم السحر‪) :‬ومنه ما يكون كفرا‪ً،‬‬
‫ومنه ما ل يكون كفرا ً بل معصية كبيرة‪ ،‬فإن كان فيه قول أو فعل يقتضي‬
‫الكفر فهو كفر‪ ،‬وإل فل‪ ،‬وأما تعلمه وتعليمه فحرام‪ ،‬فإن كان فيه ما يقتضي‬
‫فر(‪.‬‬
‫الكفر أي في تعلمه وتعليمه ك ّ‬
‫• وقال شيخ السلم ابن تيمية ‪ -‬رحمه الله ‪) :-‬إن من سب الله أو سب‬
‫ب يعتقد أن ذلك محرم‪ ،‬أوكان‬ ‫رسوله كفر ظاهرا ً وباطنًا‪ ،‬سواء كان السا ّ‬
‫مستحل ً له‪ ،‬أو كان ذاهل ً عن اعتقاده‪ ،‬هذا مذهب الفقهاء وسائر أهل السنة‬
‫القائلين بأن اليمان قول وعمل(‪33 .‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫• وقال تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي الشافعي‪) :‬التكفير حكم‬
‫شرعي سببه جحد الربوبية‪ ،‬أو الوحدانية‪ ،‬أو الرسالة‪ ،‬أو قول أو فعل حكم‬
‫الشرع بأنه كفر وإن لم يكن جحدًا(‪34 .‬‬
‫• وقال الشيخ خليل بن إسحاق المالكي صاحب المختصر‪) :‬الردة كفر‬
‫المسلم بصريح أو لفظ يقتضيه‪ ،‬أو فعل يتضمنه‪ ،‬كإلقاء مصحف بقذر‪ ،‬وشد‬
‫زنار وسحر(‪35 .‬‬
‫• وقال المام الزركشي الشافعي‪) :‬فمن تكلم بكلمة الكفر هازل ً ولم يقصد‬
‫الكفر كفر(‪36 .‬‬
‫• وقال ابن رجب الحنبلي ‪ -‬رحمه الله ‪) :-‬فقد يترك دينه‪ ،‬ويفارق الجماعة‬
‫وهو مقر بالشهادتين ويدعي السلم‪ ،‬كما إذا جحد شيئا ً من أركان السلم‪ ،‬أو‬
‫ه ورسوَله‪ ،‬أو كفر ببعض الملئكة‪ ،‬أو النبيين‪ ،‬أو الكتب المذكورة في‬ ‫سب الل َ‬
‫القرآن‪ ،‬مع العلم بذلك(‪37 .‬‬
‫ً‬
‫• وقال محمد بن شهاب البزار الحنفي‪) :‬ومن لقن إنسانا كلمة الكفر ليتكلم‬
‫بها كفر‪ ،‬وإن كان على وجه اللعب والضحك(‪38 .‬‬
‫• ونقل أبو بكر الفارسي الشافعي في كتاب الجماع أن من سب النبي ‪-‬‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ -‬مما هو قذف صريح كفر باتفاق العلماء ‪.39‬‬
‫• وقال ابن ُنجيم الحنفي في "البحر الرائق"‪) :40‬والحاصل أن من تكلم‬
‫بكلمة الكفر هازل ً أو لعبا ً كفر عند الكل‪ ،‬ول اعتبار باعتقاده‪ ،‬كما صرح به‬
‫"قاضي خان" في فتاواه‪ ،‬ومن تكلم بها مخطئا ً أو مكرها ً ل يكفر عند الكل‪،‬‬

‫‪151‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ومن تكلم بها عالما ً عامدا ً كفر عند الكل(‪.‬‬


‫• وقال مرعي بن يوسف المقدسي الحنبلي‪) :‬ويحصل الكفر بأحد أربعة‬
‫أمور‪:‬‬
‫‪ .1‬بالقول‪ :‬كسب الله ورسوله‪ ،‬أو ادعاء النبوة‪ ،‬أو الشرك له ‪ -‬تعالى ‪.-‬‬
‫‪ .2‬وبالفعل‪ :‬كالسجود للصنم‪ ،‬وكإلقاء المصحف في قاذورة‪.‬‬
‫‪ .3‬وبالعتقاد‪ :‬كاعتقاده الشريك له ‪ -‬تعالى ‪ ،-‬أو أن الزنا والخمر حلل‪ ،‬أو أن‬
‫الخبز حرام‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬ومما أجمع عليه إجماعا ً قطعيًا‪.‬‬
‫‪ .4‬وبالشك في شيء من ذلك(‪41 .‬‬
‫• وقال الشيخ المجدد محمد بن عبد الوهاب ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬في رسالة‬
‫"نواقض السلم"‪) :42‬السادس‪ :‬من استهزأ بشيء من دين الرسول‪ ،‬أو‬
‫ثوابه‪ ،‬أو عقابه كفر‪ ،‬والدليل قوله ‪ -‬تعالى ‪" :-‬قل أبالله وآياته ورسوله كنتم‬
‫تستهزئون ل تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم"‪.‬‬
‫السابع‪ :‬السحر‪ ،‬ومنه الصرف والعطف ‪ ،43‬فمن فعله أو رضي به كفر‪،‬‬
‫والدليل‪" :‬وما يعلمان من أحد حتى يقول إنما نحن فتنة فل تكفر"‪.‬‬
‫الثامن‪ :‬مظاهرة ‪ 44‬المشركين ومعاونتهم على المسلمين‪ ،‬والدليل‪" :‬ومن‬
‫يتولهم منكم فإنه منهم إن الله ل يهدي القوم الظالمين"‪ ،‬ول فرق في جميع‬
‫هذه النواقض بين الهازل‪ ،‬والجاد‪ ،‬والخائف‪ ،‬إل المكره(‪.‬‬
‫• وقال الشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب المتوفى‬
‫‪1233‬هـ في "الدلئل في حكم موالة أهل الشراك"‪ ...) :‬قوله ‪ -‬تعالى ‪:-‬‬
‫دل‬ ‫"من كفر بالله من بعد إيمانه إل من أكره‪ ،" ...‬فحكم ‪ -‬تعالى ‪ -‬حكما ً ل يب ّ‬
‫أن من رجع عن دينه إلى الكفر فهو كافر‪ ،‬سواء كان له عذر‪ :‬خوف على‬
‫نفس أو مال أوأهل ‪ 45‬أم ل‪ ،‬وسواء كفره بباطنه أم بظاهره دون باطنه‪،‬‬
‫وسواء كفر بفعاله ومقاله أم بأحدهما دون الخر‪ ،‬وسواء كان طامعا ً في دنيا‬
‫ينالها من المشركين أم ل‪ ...‬فهو كافر على كل حال إل المكره(‪46 .‬‬
‫ناقل الكفر وناشره‬
‫كما أن الكفر يكون بإنشاء الكلم أوتدوينه‪ ،‬يكون كذلك بنقله‪ ،‬ونشره‪،‬‬
‫والدللة عليه‪ ،‬وتلقينه‪.‬‬
‫ناقل الكفر له أربع حالت كما ذكرها القاضي عياض في "الشفا"‪،47‬‬
‫ملخصها‪:‬‬
‫الولى‪ :‬إن كان نقلها بغرض التعريف بقائلها والتحذير منه‪ ،‬والنكار عليه‪ ،‬أو‬
‫حكاه في كتاب أو مجلس على طريق الرد والنقض له‪ ،‬فهذا تعتريه الحكام‬
‫الربعة‪ :‬الوجوب‪ ،‬والندب‪ ،‬والكراهة‪ ،‬والتحريم‪ ،‬حسب حال المنقول إليهم‪:‬‬
‫• فإن كان قائل ذلك له أتباع يقلدونه ويتبعونه فيما يقول فيجب النقل للرد‬
‫عليه في هذه الحال‪ ،‬ويكون ناقل الكفر ليس بكافر‪ ،‬وهذا من فروض‬
‫ض سقط عن الباقين‪.‬‬ ‫الكفاية‪ ،‬إذا قام به البع ُ‬
‫• أو حكاه شاهدًا‪.‬‬
‫• أو حكى ذلك لمن يمكنه الرد عليه أو مناظرته‪ ،‬فهذا ُيحمد وُيشكر على‬
‫ذلك‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬وأما حكايتها على غير ذلك فإن كان الحاكي لها على غير قصد أو‬
‫معرفة بخطورتها‪ ،‬وعلى غير عادته‪ ،‬ولم يظهر منه قبل ذلك شيء يشبه هذا‪،‬‬
‫عزر تعزيرا ً شديدا ً وأغلظ عليه‪.‬‬‫زجر و ُ‬
‫ً‬
‫وقد حكي أن رجل سأل مالكا عمن يقول‪ :‬القرآن مخلوق؛ فقال مالك‪ :‬كافر‬ ‫ً‬
‫فاقتلوه؛ فقال‪ :‬إنما حكيته عن غيري؛ فقال مالك‪ :‬إنما سمعناه عنك!‬
‫وهذا من مالك ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬على سبيل الزجر والتغليظ‪ ،‬بدليل أنه لم يسع‬

‫‪152‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫في تنفيذ قتله‪.‬‬


‫عرف بتجرئه وتطاوله على أمثال ذلك فهذا يكفر‪.‬‬ ‫الثالث‪ :‬أما إن كان الناقل ُ‬
‫هجي به النبي ‪-‬‬ ‫قال أبو عبيد القاسم بن سلم فيمن حفظ شطر بيت مما ُ‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ -‬فهو كفر‪.‬‬
‫وقد ذكر بعض من ألف في الجماع إجماعَ المسلمين على تحريم رواية ما‬
‫هجي به النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ ،-‬وكتابته‪ ،‬وقراءته‪ ،‬وتركه متى وجد‬ ‫ُ‬
‫دون محو‪.‬‬
‫ً‬
‫الرابع‪ :‬أن يكون الناقل مكرها‪ ،‬فهذا ل إثم عليه‪.‬‬
‫ب الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬ليس له توبة في الدنيا‬ ‫سا ّ‬

‫)‪(4 /‬‬

‫ب الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬ومنتقصه‬ ‫ل يملك أحد أن يقبل توبة سا ّ‬
‫تلميحا ً كان ذلك أم تصريحا ً في الدنيا‪ ،‬فلبد أن ُيقتل زجرا له ولمثاله‪ ،‬فإن‬
‫ً‬
‫تاب وصدق في توبته فإن ذلك ينفعه في الخرة‪ ،‬مسلما ً كان أم كافرا ً ذميًا‪،‬‬
‫هذا ما عليه عامة أهل العلم‪.‬‬
‫قال القاضي عياض ‪) :48‬قال عبد الله بن الحكم المالكي‪" :‬من سب النبي ‪-‬‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ -‬من مسلم أو كافر قتل ولم يستتب"‪ ،‬و حكى الطبري‬
‫مثله عن أشهب عن مالك(‪.‬‬
‫وعن عثمان بن كنانة المالكي المتوفى ‪186‬هـ في كتابه "المبسوط"‪) :‬من‬
‫صِلب حيا ً ولم‬
‫شتم النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬من المسلمين قِتل أو ُ‬
‫ُيستتب‪ ،‬والمام مخير في صلبه حيا ً أو قتله(‪.‬‬
‫سّر ذلك أو أظهره‪ ،‬ول ُيستتاب لن توبته ل‬ ‫وقال أصبغ‪) :‬يقتل على كل حال‪ ،‬أ َ‬
‫تعرف(‪.‬‬
‫وفي كتاب محمد بن سعيد المالكي المتوفى ‪198‬هـ‪) :‬أخبرنا أصحاب مالك‬
‫أنه قال‪ :‬من سب النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم – أو غيره من النبيين من‬
‫مسلم أو كافر يقتل ول ُيستتاب(‪.‬‬
‫وقال شيخ السلم ابن تيمية ‪ -‬رحمه الله ‪ -‬تحت عنوان‪" :‬أن من سب النبي‬
‫‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬من مسلم أو كافر فإنه يجب قتله‪ ،‬وحكي الجماع‬
‫على ذلك"‪) :‬هذا مذهب عليه عامة أهل العلم‪ ،‬قال ابن المنذر‪ :‬على أن حد‬
‫من سب النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬القتل‪ ،‬وممن قاله‪ :‬مالك‪ ،‬والليث‪،‬‬
‫وأحمد‪ ،‬وإسحاق‪ ،‬وهو مذهب الشافعي‪.‬‬
‫وقال‪ :‬وحكي عن النعمان أبي حنيفة‪ -‬ل ُيقتل أي الكافر يعني الذي عليه من‬
‫الشرك أعظم(‪49 .‬‬
‫ثم نقل أقوال الئمة ‪ ،50‬فقال‪:‬‬
‫قال أحمد في رواية حنبل‪ :‬كل من شتم النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪-‬‬
‫وتنقصه مسلما ً كان أو كافرا ً فعليه القتل‪ ،‬وأرى أن ُيقتل ول يستتاب‪.‬‬
‫وقال مالك في رواية ابن القاسم و مطرف‪ :‬من سب النبي قتل ولم يستتب‪،‬‬
‫قال ابن القاسم‪ :‬من سبه أو شتمه أو عابه أو تنقصه فإنه يقتل كالزنديق‪.‬‬
‫أما مذهب الشافعي فلهم في ساب النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬وجهان‪:‬‬
‫أحدهما‪ :‬هو كالمرتد إذا تاب سقط عنه القتل‪.‬‬
‫والثاني‪ :‬أن حد من سبه القتل‪ ،‬فكما ل يسقط حد القاذف بالتوبة ل يسقط‬
‫القتل الواجب بسب النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬بالتوبة‪ ،‬قالوا‪ :‬ذكر ذلك‬
‫أبو بكر الفارسي المتوفى ‪350‬هـ‪ ،‬وادعى فيه الجماع‪ ،‬ووافقه الشيخ أبو بكر‬

‫‪153‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫القفال(‪.‬‬
‫ب النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬وعدم استتابته‬ ‫الدلة ‪ 51‬على قتل سا ّ‬
‫ومن الدلة على وجوب قتل ساب الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪:-‬‬
‫من القرآن‬
‫ه ورسوَله لعنهم الله في الدنيا‬ ‫• قوله ‪ -‬تعالى ‪" :-‬إن الذين يؤذون الل َ‬
‫والخرة وأعد لهم عذابا ً مهينًا"‪52 .‬‬
‫قال القاضي عياض‪) :‬فمن القرآن لعنة الله ‪ -‬تعالى ‪-‬لمؤذيه في الدنيا‬
‫والخرة وقرانه أذاه بأذاه‪ ،‬ول خلف في قتل من سب الله‪ ،‬وأن اللعن‬
‫يستوجبه من هو كافر‪ ،‬وحكم الكافر القتل(‪.53‬‬
‫• وقوله‪" :‬ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته‬
‫ورسوله كنتم تستهزئون ل تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم"‪54 .‬‬
‫من السنة‬
‫• وفي الصحيح ‪ :55‬أمر النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬بقتل كعب بن‬
‫جه ‪56‬‬‫الشرف‪ ،‬وقوله‪" :‬من لكعب بن الشرف فإنه يؤذي الله ورسوله"‪ ،‬وو ّ‬
‫إليه من قتله غيلة من غير دعوة‪.‬‬
‫• وقُِتل أبو رافع‪ ،‬قال البراء‪ :‬كان يؤذي رسول الله ويعين عليه‪.‬‬
‫• وفي فتح مكة قُِتل ابن أخطل وجاريتيه اللتين كانتا تغنيان بسبه ‪ -‬صلى الله‬
‫عليه وسلم ‪.-‬‬
‫• وكان رجل يسب النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ ،-‬فقال‪ :‬من يكفيني‬
‫عدوي؟ فقال خالد‪ :‬أنا؛ فبعثه النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬فقتله‪.‬‬
‫• كذلك قتل جماعة كانوا يؤذونه من الكفار ويسبونه‪ ،‬منهم النضر بن الحارث‬
‫معَْيط‪.‬‬
‫وعقبة بن أبي ُ‬
‫وروى البزار عن ابن عباس أن عقبة نادى‪ :‬يا معشر قريش‪ ،‬مالي أقتل من‬
‫بينكم صبرًا؟ فقال النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ :-‬بكفرك وافترائك على‬
‫رسول الله‪.‬‬
‫• وروى عبد الرزاق أن النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬سبه رجل‪ ،‬فقال‪ :‬من‬
‫يكفيني عدوي؟ فقال الزبير‪ :‬أنا؛ فبارزه‪ ،‬فقتله الزبير‪.‬‬
‫• وروي أن امرأة كانت تسب النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ ،-‬فقال‪ :‬من‬
‫يكفيني عدوي؟ فخرج إليها خالد بن الوليد فقتلها‪.‬‬
‫هذه الثار بعضها ل يخلو من ضعف في سندها‪.‬‬
‫الجماع‬
‫من أقوى الدلة على قتل ساب الرسول ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ -‬وعدم‬
‫استتابته إجماع المة العملي من لدن الصحابة ومن بعدهم الذي نقلناه‪،‬‬
‫والمة ل تجتمع على ضللة‪.‬‬
‫ورحم الله مالكا ً عندما سأله الرشيد عن رجل شتم النبي ‪ -‬صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ ،-‬وذكر له أن فقهاء العراق أفتوه بجلده؟ فغضب مالك‪ ،‬وقال‪ :‬يا أمير‬
‫المؤمنين‪ ،‬ما بقاء المة بعد شتم نبيها؟ من شتم النبياء قتل‪ ،‬ومن شتم‬
‫جلد‪.‬‬
‫أصحاب النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ُ -‬‬
‫ولهذا أفتى فقهاء الندلس بقتل ابن حاتم المتفقه الطليطلي وصلبه بما شهد‬
‫عليه من استخفافه بحق النبي ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ ،-‬وتسميته إياه أثناء‬
‫خْتن حيدرة ‪ ،57‬وزعمه أن زهده لم يكن قصدًا‪ ،‬ولو قدر‬ ‫مناظرته باليتيم‪ ،‬و َ‬
‫على الطيبات أكلها‪.‬‬

‫)‪(5 /‬‬

‫‪154‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫سحنون بقتل إبراهيم الفزاري‪ ،‬وكان شاعرا ً‬‫وأفتى فقهاء القيروان وأصحاب ُ‬
‫متفننا ً في كثير من العلوم‪ ،‬وكان ممن يحضر مجلس القاضي أبي العباس ‪-‬‬
‫قاضي قرطبة ‪ -‬بن طالب للمناظرة‪ ،‬فرفعت عليه أمور منكرة من هذا الباب‬
‫في الستهزاء بالله وأنبيائه ونبينا ‪ -‬صلى الله عليه وسلم ‪ ،-‬فأحضر له‬
‫القاضي يحيى بن عمرو غيره من الفقهاء وأمر بقتله وصلبه‪ ،‬فطعن بالسكين‬
‫وصلب منكسًا‪ ،‬ثم أنزل وأحرق بالنار‪.‬‬
‫اللهم إنا نسألك حبك‪ ،‬وحب رسولك‪ ،‬وحب عمل يقربنا إلى حبك‪ ،‬وصلى الله‬
‫وسلم وبارك وعظم على الرحمة المهداة‪ ،‬والنعمة المسداة‪ ،‬والسراج المنير‪،‬‬
‫وعلى آله وصحبه الطاهرين الطيبين‪ ،‬وعنا معهم بعفوك وكرمك يا أكرم‬
‫الكرمين‪.‬‬

‫)‪(6 /‬‬

‫ما وراء خدمات الصحة النجابية والجنسية د‪ .‬ست البنات خالد*‬


‫خدمات الصحة النجابية والجنسية عرفها مؤتمر القاهرة ‪ 1994‬بأنها ‪ ” :‬حالة‬
‫رفاه كامل بدنيا ً وعقليا ً واجتماعيا ً فى جميع المور المتعلقة بالجهاز التناسلى‬
‫ووظائفه وعملياته ‪ ،‬وليس مجرد السلمة من المرض والعاقة‪ , “.‬ولهذا‬
‫تعنى الصحة النجابية ‪ :‬قدرة الناس على التمتع بحياة جنسية مرضية ومأمونة‬
‫وقدرتهم على النجاب ‪ ،‬وحريتهم فى تقرير النجاب وموعده‪.‬‬
‫ويشتمل هذا الشرط الخير على ‪ :‬حق الرجل والمرأة فى معرفة واستخدام‬
‫أساليب تنظيم السرة المأمونة والفعالة والميسورة والمقبولة وأساليب‬
‫تنظيم الخصوبة التى يختارانها ‪،‬مع الحق فى الحصول على خدمات الرعاية‬
‫الصحية المناسبة التى تمكن المرأة من أن تختار بأمان فترة الحمل‬
‫والولدة ‪.‬‬
‫عرفتها منظمة الصحة العالمية الصحة بأنها ‪ :‬حالة من الكمال البدني‬
‫والنفسي والجتماعي للفرد والسرة والمجتمع‪ ،‬وليست فقط الخلو من‬
‫المراض أو العاقة‪ ،‬ووفقا ً لهذا المفهوم يجب ان تهتم المؤسسات الصحية‬
‫بالنسان في اطواره المختلفة وخاصة فيما يعنى صحة المرأة‪.‬‬
‫في السنوات الماضية كانت برامج المومة والطفولة تهدف إلى تحسين‬
‫الوضع الصحي للمهات بغرض تخفيض نسبة المراض والوفيات في هذه‬
‫الشريحة من المجتمع‪ ،‬وذلك من خلل تقديم الخدمات العلجية والوقائية فى‬
‫مجال المومة و الطفولة‪ .‬اليوم تغيرت هذه النظرة كثيرا ‪ .....‬كيف؟؟؟‬
‫يمكننا ان نجمع مكونات الصحة النجابية الى ‪:‬‬
‫‪ - 1‬الجندة الساسية للصحة النجابية‪.‬‬
‫‪ - 2‬مكافحة المشاكل الصحية الناتجة عن نشر ثقافة الصحة النجابية ‪.‬‬
‫‪ - 3‬تحويل نمط الحياة والثقافة )) المجتمع ((‪.‬‬
‫‪ - 1‬الجندة الساسية للصحة النجابية‪:‬‬
‫وفيها يتم ترويج ونشر مكثف لكل انواع وسائل منع الحمل المختلفة دون اى‬
‫مراعاه‬
‫للحالة الجتماعية من خلل ‪:‬‬
‫• رعاية الشباب اليافعين و المراهقين )الجنس المن ( ) ‪(Safe Sex‬‬
‫• المومة المنة )رعاية المهات في الحمل و الولدة وما بعد الولدة(‪Safe) .‬‬
‫‪(Motherhood‬‬
‫• تقنين الجهاض كحق من حقوق المرأة )‪( Safe Abortion .‬‬

‫‪155‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ - 2‬مكافحة المشاكل الصحية والجتماعية الناتجة عن نشر ثقافة الصحة‬


‫النجابية ‪:‬‬
‫‪ -1‬مكافحة المراض الجنسية التناسلية وأمراض القناة التناسلية ‪(STDs ).‬‬
‫‪ – 2‬مكافحة طاعون العصر اليدز ‪(AIDS).‬‬
‫‪ - 3‬مكافحة سرطان الجهاز التناسلي ‪(( Cervical Cancer .‬‬
‫‪ – 4‬مكافحة سرطان الثدى ‪(Breast Cancer ) .‬‬
‫‪ – 5‬مكافحة العقم ‪( Infertility & Assisted Fertilization) .‬‬
‫‪ – 6‬المسنين والشيوخ ‪.‬‬
‫‪ - 3‬تحويل نمط الحياة والثقافة )) المجتمع ((‪:‬‬
‫‪ – 1‬إدماج دور الرجل فى برامج الصحة النجابية ‪.‬‬
‫‪- 2‬تعزيز المساواة بين الجنسين )) ترسيخ مفهوم الجندر‪((.‬‬
‫‪ –3‬تنمية و تمكين المرأة‪.‬‬
‫‪ - 4‬استغلل المساعدات المقدمة في حالت الكوارث الطبيعية و الحروب و‬
‫التهجير‪.‬‬
‫الجديد فى اهداف الصحة النجابية ‪:‬‬
‫‪ - 1‬تغيير أنماط السلوك الشخصى و الجتماعى ‪.‬‬
‫‪ – 2‬صحة الجندر ‪) ( Gender health.‬هذا من أخطر ما وصلت اليه الفكار‬
‫الجندرية وهو تغير جنس المرأة أو الرجل عن طريق الجراحة والعقاقير‬
‫الهرمونية من ذكر إلى أنثى و من أنثى إلى ذكر حسب الجتياجات النفسية‬
‫والجتماعية للفراد ‪ ,‬و هنا أقول‪ :‬على الرغم من بريق صورة هذه الخدمات‬
‫و تصور حسن نوايا مقدميها من خلل النظرة قريبة المدى ‪..‬فان لها أهداف‬
‫استراتيجية بعيدة المدى )كالسم في الدسم( محطمة لهذه المجتمعات‬
‫المنقادة لها‪ .‬حيث انها تهدف و في النهاية إلي إبادة وتحديد نسل هذه‬
‫الشعوب وهدمها بتقليل قوة و قيمة السرة الطبيعية المترابطة و أضعافها‬
‫ودمارها ‪ ,‬مما يؤدى فى النهاية الى ازالة الجنس البشرى عموما ً و خاصة‬
‫الفقراء والشعوب غير المرغوب فيها ‪.‬‬
‫وهى تشبه لي قمة الجبل الجليدي الظاهرة من أعلى على سطح الجليد و‬
‫الذي يغمر تحته باقي الجبل الذي يغلى بما فيه من أخطار و مفاسد و انحلل‬
‫وخروج من تعاليم ديننا الحنيف ما ل يعلم مداه إل الله سبحانه و تعالى‪.‬‬
‫وحتى لو وجهت هذه الخدمات إلى مجتمعات غير إسلمية ذات قيم أخلقية‬
‫ومبادئ و كشفت عن حقيقة أهدافها لما وجدت قبول لهذة الجندة حيث‬
‫توجد الن عدد كبير من المنظمات العالمية التى تعمل على كشف‬
‫مخططات هذه البرمج والعمل على توعية المجتمعات و‬
‫تنبيهها ولكن للسف الشديد كل هذه المنظمات منظمات كنسية صليبية‬
‫ولكن لها مثلها وقيمها التى تدافع عنها ‪ ,‬و لكن أين نحن فى هذا المجال حيث‬
‫نجد أن كل أجندة هذه البرامج تعمل لترويج كل ما ينهى عنه ديننا الحنيف‬
‫وتعاليمة السمحة ‪.‬أسأل الله العلى العظيم أن يكون عملى هذا جزء يسير‬
‫فى التعريف بهذه العاصيرالتى تهب علينا من كل النواحى‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫تروج اغلب هذه الخدمات في دول العالم الثالث و هي الدول النامية و‬


‫الفقيرة بما فيها العالم السلمي و هذا هو بيت القصيد !!!!! حيث تنعم هذه‬
‫البلد بمعدل نمو سكاني هائل برحمة الله سبحانه و تعالى تمثل خطرا حقيقيا‬

‫‪156‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫للعالم الغربي و الذي يعانى ما يعانى من حالة الموت السكاني وشيخوخة‬


‫السكان ‪ ,‬والذي اصبح عبارة عن طبقة شيوخ مريضة وعاجزة متعطشة‬
‫للرعاية السرية والجتماعية و طبقة شباب طائش ومائع منحل غارق في‬
‫أوحال الرذيلة والخمور والمخدرات والعلقات الشاذة والمراض الجنسية‬
‫واليدز‪ .‬و عدد مذهل من المواليد و الطفال غير الشرعيين الذي يفقد‬
‫السرة الطبيعية السعيدة و المترابطة التي يحتاجها لضمان التنشئه‬
‫الصالحة ‪.‬‬
‫في نفس الوقت الذي نجد فيه أن الغرب الن يبذل كل جهده في تكثيف عدد‬
‫المواليد و رعاية الم الحامل و تقديم كافة المساعدات العينية و المادية و‬
‫منع تحديد النسل حتى تزيد كثقافتهم السكانية ولو كانت هذه الم عزباء أو‬
‫الم مراهقة أو كان تلقيحا صناعيا أو استنساخا للبشر في المستقبل‬
‫القريب‪,‬على الرغم من عدم وجود الجو السرى المناسب لتنشئة هؤلء‬
‫الصغار‪ ,‬وإدعائهم أن المنظمات الجتماعية ودور الحصانة قادرة وحدها على‬
‫القيام بتربية الصغار بعيدا عن الجوالسرى والحنان والمراقبة ووالنصح‬
‫والرشاد الموجود فى السرة الطبيعية‪.‬‬
‫وقد أقامت منظمات المم المتحدة العديد من المؤتمرات الدولية والقليمية‬
‫لنشر هذه المفاهيم‪ ,‬ورغم الختلف البسيط في موضوعات تلك المؤتمرات‬
‫إل أنها تجتمع في عدد من الهداف تسعى في كل مرة لعرضها وطرحها‬
‫كسبل نجاة وحماية لحقوق المرأة كما يدعون‪ ,‬ويتبع ذلك بسط بضاعتهم‬
‫فيما يخص تحديد النسل كهدف اساسى من خلل تدمير السرة ورفض القيم‬
‫والخلقيات وعدها حواجز وعقبات في سبيل حقوق النسان‪ ,‬كما يزعمون!!‬
‫تتلخص أهداف مؤتمرات المم المتحدة السابقة فيما يلي‪:‬‬
‫أول ‪ :‬رفض الشرائع السماوية التي تدعم المبادىء والقيم الخلقية‪ ,‬التي‬
‫كفلت للمرأة كرامتها وللسرة وجودها وحقوقها‪) .‬هدم الدين(‬
‫ثانيا ‪ :‬توسيع مساحة الحرية الشخصية الجنسية ومنحها شرعية دولية‪).‬هدم‬
‫العقل(‬
‫ومن ذلك‪:‬‬
‫أ( الترويج للعلقات الجنسية المحرمة خارج نطاق الزواج واعتبار ذلك حقا‬
‫من حقوق الفرد‪.‬‬
‫ب( الدفاع عن الشذوذ الجنسي )السحاق واللواط والعلقات الجنسية‬
‫المنهى عنها فى عقيدتنا السلمية السمحة( وعدم اعتبار ما ينشأ عنه من‬
‫علقات محرما أو شاذا بل تبني ما ينشأ عنه كشكل جديد من أشكال السرة‬
‫غير النمطية ‪) .‬هدم العرض (‬
‫ج( عدم رفض الزنا وما ينتج عنه ومطالبة الحكومات بدعم وسائل منع‬
‫الحمل والجهاض المن للمراهقات غير المتزوجات بحجة ان ذلك جزء من‬
‫حريتهن الشخصية والسعى الى حد نسل المم‬
‫) هدم النسل (‬
‫ثالثا ‪ :‬السعي لقرار تلك الهداف ثم تنفيذها وفق آلية قوية تفرضها المم‬
‫المتحدة على الشعوب والمجتمعات من خلل الضغوط العسكرية‬
‫والقتصادية ) هدم اقتصاد المم ‪ -‬هدم المال( مما يجعلها تتخذ الصفة‬
‫الشرعية الدولية يؤنب أو يجرم من يخالفها بحجة ان ذلك مخالف للشرعية‬
‫الدولية‪.‬‬
‫هذه هي مجمل أهداف مؤتمرات المم المتحدة السابقة الخاصة بقضايا‬
‫السكان والسرة والمرأة‪.‬‬

‫‪157‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫والتى تسعى فى مجملها الى هدم كل مقاصد الشريعه السلمية فى‬


‫المحافظة على ‪ :‬الدين‪ ,‬العرض ‪ ,‬النفس‪ ,‬المال والنسل‪.‬‬
‫‪ - 1‬المراهقين و الشباب والجنس المن ) ‪(Adolescents & safe sex‬‬
‫ماذا سنجد بعد رفع الرقابة السرية عن المراهقين و الشباب والذين حددت‬
‫أعمارهم من سن ‪ 19 – 10‬وتشجيعهم على تمردهم على كل القيود‬
‫والضوابط الخلقية والشرعية بحجة حقوق النسان والحرية والمسؤلية‬
‫الفردية وانشاء المراكز التدريبية لتدريبهم على اهداف هذه البرامج و كيفية‬
‫نشرها بين الشباب انفسهم )برامج من الشباب الى الشباب ‪...‬الى‬
‫المجتمع ( أو) من النداد ‪...‬الى النداد ( وفتح ما اسموه )بمقاهى الرفالت(‬
‫ووسائل منع الحمل الخرى مع نشر الثقافة الجنسية المنفتحة دون اى رقابة‬
‫حتى وصل بهم الحال الى المطالبة بإدخال هذه االثقافة الجنسية فى مناهج‬
‫التعليم الساسى والعالى والجامعى‪ .‬إذا سالنا لماذا كل ذلك ؟؟ ذلك حتى‬
‫يستمتع هؤلء الشباب والمراهقين بما يسمى بالجنس المن ) ‪.(safe sex‬‬
‫وفى نفس الوقت هنالك محاربة صريحة للزواج المبكر للشباب والذى يساعد‬
‫اكثر فى نشر العفة والفضيلة و التنفير منه والترويج الى حدوث المضاعفات‬
‫و الموت للم الصغيرة الحامل مع خفض سن الممارسات الجنسية خارج‬
‫نطاق الزواج الشرعى ورفع سن الزواج‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫و هنا يجئ دور خدمات الصحة النجابية من توفير لوسائل منع الحمل‬
‫المختلفة و توفير الحرية الجنسية لديهم للتمتع بحياتهم الخاصة مع تأمينها‬
‫لهم من الحمل غير المرغوب فيه و من المراض الجنسية والتناسلية بما فيها‬
‫مرض اليدز ومن هنا يجئ الترويج للعوازل الذكرية والنسوية‪.‬وهنالك سؤال‬
‫مهم للغاية ‪ :‬هل استعمال الرفالت يحمى من نقل فيروس اليدز ؟ أم‬
‫يساعد على زيادة إنتشار المرض؟؟ أم لتحديد النسل؟؟ وهذا من أهم‬
‫السباب ‪.‬‬
‫كما أن الطفال الذكور والناث فى هذه الفترة يتعرضون لعملية الختان ‪,‬‬
‫وقد قامت هذه البرامج بمحاربة شرسة لختان الناث بكل انواعة المختلفة‬
‫الشرعى منها و الغير شرعى تحت دعوى ان ختان الناث نوع من انواع‬
‫العنف ضد المراة وكان سعيهم حثيثا لصدار قانون فى البلد يحرم ويجرم‬
‫كل انواع الختان ‪.‬و قد تم بحمد الله سبحانه وتعالى اقامة بحوث دراسات‬
‫فى جامعة أم درمان السلمية ومجمع الفقة السلمى واصدار فتوى رسمية‬
‫بمحاربة الختان غير الشرعى وإباحة الختان الشرعى للناث على أنه من‬
‫السنة النبوية المطهرة ويؤجر من يقوم به كشعيرة من شعاير الله سبحانه‬
‫وتعالى اثبتت ان ختان الناث موجود فى الشريعة السلمية وشعيرة من‬
‫شعائر الله جل وعل ول توجد علقة بينه وبين الختان غير الشرعى من حيث‬
‫الطريقة ول توجد فيه اى من مضاعفات الختان غير الشرعى و الذى بينا انه‬
‫محرم دينيا ومرفوض صحيا واجتماعيا ‪ .‬وأن الختان الشرعى للناث))‪Safe‬‬
‫‪ (( circumcision‬على حد قولهم‪ .‬يوازى تماما ختان الذكور من حيث الفوائد‬
‫الصحية والجتماعية والجنسية والشرعية‪ ,‬وإذا وافقنا رأيهم فى محاربة ختان‬
‫الناث الشرعى فسينتهى بنا المطاف الى محاربة ختان الذكور ايضا والذى‬
‫ينادى به عالميا من طوائف من الشواذ جنسيا‪.‬هنا نتساءل لماذا يرفض هذا‬
‫الحل السلمي السهل لمشكلة الختان الفرعوني التي تعذر حلها بالرغم من‬

‫‪158‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫جهود ‪ 30‬سنة؟حيث مازالت نسبة الختان غير الشرعى حسب إحصائياتهم‬


‫عالية ‪ % 93 - %89‬؟؟!! فهذا إن دل على شئ فأنما يدل على أن الختان‬
‫له الخلفية العقائدية في أذهان الناس لبد من أحترامها وتوضح وتصحيح‬
‫الخطأ و العوجاج الموجود فيها وإيجاد البديل الشرعى المناسب‪.‬‬
‫‪ - 2‬المومة المنة‪.(safe motherhood) ........‬‬
‫فى هذا الجانب من هذه البرامج نجد هنالك عمومية وكثرة للمصطلحات‬
‫المستعملة وتغيرها المستمر حتى تكتسب القبول لدى الشعوب‪ ,‬فإذا رجعنا‬
‫الى هذه المسميات نجد انها قد بدأت باسم تحديد النسل فى عهد مالتوس‬
‫ولم تجد رواجا نسبة لمخالفتها لفطرة المراة والسرة فى ذلك الزمان‬
‫‪,‬وتغير السم إلى تحسين النسل فى زمن اليوجينيا النازية ولكنه لم يحظ‬
‫بالقبول لن مروجو الفكرة حصروها فى الفئات الفقيرة والضعيفة‬
‫المستضعفة فقط وسمحوا للفئات الغنية بالتكاثر والنجاب‪ .‬وجاء دور تنظيم‬
‫السرة والذى وجد شئ من القبول على اساس ان السرة المعنية هى‬
‫السرة الطبيعية الشرعية التى لها اسسها و قواعدها وقوانينها التى تحميها‬
‫ول بأس من تنظيمها وبرمجة وترتبيب النجاب فيها تحت الرعاية الصحية‬
‫المتوفرة والمسؤلة كل على حسب حاله واجتياجاته وإمكانياته الصحية‬
‫والنفسية والجتماعية ‪ .‬ولكن نجد فجأة من خلل هذه البرامج من ينادى‬
‫بتهميش دور السرة الشرعية الطبيعية ونشر مفاهيم عقيمة) بكل دللت‬
‫الكلمة( عن أنواع السر غير نمطية كما يسمونها و غير شرعية وغير انسانية‬
‫ومخالفة للفطرة ولكل الشعائر السماوية ولديننا الحنيف حيث هنالك عقوبات‬
‫وحدود لله سبحانه وتعالى لبد ان تقام على مثل من يقوم بهذه الفعال ‪.‬‬
‫وياتى دور مسما اخر هو المومة والطفولة وهو ايضا يكون مقبول حيث‬
‫اضاف وربط بين الم ووليدها فى هذه الفترة وشجع على الرضاعة الطبيعية‬
‫وحث عليها وتم اقتراح إجازات المومة للمهات ودور رعاية الطفولة للمهات‬
‫العاملت وذلك سلح ذو حدين يخدم مصالح الم فى كفل رعايتها لوليدها كما‬
‫يخدم مصالحهم فى حد النسل من جانين تأخير الحمل التالى الى ابعد حد‬
‫ممكن ‪ ,‬تشجيع الم وتمكينها للخروج للعمل المأجور خارج بيتها ‪ .‬ثم تم‬
‫فصل المولود جاء ايضا دور مسمى اخروهو المومة المنة أو السالمة والذى‬
‫يجب ان يكون ايضا فى ظل السرة الشرعية الطبيعية وقد وفرت لها كل‬
‫حقوقها ورعايتها الصحية طوال فترة الحمل و اثناء الولدة وما بعد الولدة‬
‫والرضاعة ‪ ,‬ولكن حقا علينا ان ل ننسى ان الله سبحانه وتعالى ورسوله‬
‫الكريم صلى الله عليه وسلم قد كفل هذا الحق والمان حتى للم التى جاءت‬
‫بهذا الحمل عن طريق غير شرعى و راعى أمنها وأمانها وحق وجنينها ولم‬
‫يبيح لها التخلص منه واجهاضه ‪ ,‬حين جاءت اليه المرأة الغامدية واعترفت‬
‫بالزنا وبحملها حيث امرها صلى الله عليه وسلم بالرجوع و اتمام الحمل‬
‫والنفاس والرضاعة الى ان انفصل طفلها عنها ثم اقام عليها الحد‪,‬رأفة‬
‫بالحامل والمرضع والنفساء‪..‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫ونجد ايضا اسما مرادفا هو تنظيم الوالدية والذى ترعاه ايضا منظمات دولية‬
‫من خللها تدعو الى نفس اجندة الصحة النجابية وتدعم عملها ‪.‬‬
‫هى مسميات مختلفة ظاهرة اهدافها ويصعب فى كثير من الحيان ترجمتها‬
‫الى اللغة العربية لكى تقنع العالم يطيب نواياه‪ .‬والجميع يعلم بان تنظيم‬

‫‪159‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫السرة الطبيعية الشرعية ل غرابة فيه وانه جائز من الناحية الشرعية كل‬
‫أسرة حسب ظروفها ومتطلباتها وأحوالها لها الحق فى تنظيم عدد افرادها‬
‫والمسافات بين ولداتهم على ان ل يكون ذلك التنظيم تحديد لعدد معين‬
‫خشية إملق كما منهى عنه بالنصوص القرانية الواضحة ‪.‬‬
‫حتى لو سلمنا بهذه الهداف السامية نجد ان هنالك تخويف للمهات و تهويل‬
‫مقصود من مضاعفات الحمل و الولدة و تهويل شديد لمخاطر الموت من‬
‫تكرار الحمل والولدة حيث يشيعون ان كل حمل ياتى بمخاطر جديدة و‬
‫صعوبات اكثر ‪.‬لذا لبد من تشجيع المهات على استعمال موانع الحمل لكي‬
‫تمنع الموت عن نفسها!!!وتحدد عدد أطفالها و تتمتع بالمومة المنة )‪safe‬‬
‫‪. (motherhood‬والتى لها اكبر دور فى تمكين المرأة و تشجيعها على تفضيل‬
‫عملها خارج بيتها من عملها لبيتها واسرتها ‪.‬‬
‫الناسور البولي والشرجى الولدى‪ :‬و الذى يعتبر من اهم واصعب المضاعفات‬
‫التى تحدث من الولدة الطبيعية المتعسرة والتى غالبا ما تتم بدون اى‬
‫اشراف أو مساعدة حتى من اى قابلة ولو كانت غير مدربة التدريب الكافى ‪.‬‬
‫ومن اهم سبل مكافحة هذه المشكلة التوعية الصحية ووجود كادر صحى‬
‫مدرب ووجود مستشفيات ومراكز صحية قريبة من سكن المواطنين و‬
‫سهوله فى المواصلت حتى يتم تحويل مثل هذه الحالت المتعسرة ليتم‬
‫توليدهم بالطرق الصحيه المناسبة ‪ .‬وهذه متطلبات تخص الخدمات الصحيه‬
‫وعبء كبير على الدولة يجب ان تتناوله بشئ من الجدية والسرعة حتى ل‬
‫تترك الفرص للمنظمات الجنيبة والكنسية لتتولها وتجد الفرص فى تبنى بناء‬
‫هذه المراكز و رعاية و تأهيل هؤلء النسوة المنبوذات و جلب الكوادر‬
‫الخارجية لتدريب الكوادر المحلية وإجراء العمليات الجراحية ثم يتم بعدها‬
‫التبشير النصراني بكافة قواه و ردة أغلب هؤلء المريضات وأسرهم كما هو‬
‫حاصل في اكبر مستشفيات الناسور في أديس أبابا في أثيوبيا‪.‬‬
‫الجهاض المن ‪Safe Abortion :‬‬
‫تأكد تقارير المم النتحدة ومنظمة الصحة العالمية بأن الجهاض الغير قانونى‬
‫من أكبروأهم الخطار التى تواجة صحة المرأة حيث يمثل حوالى ‪ %13‬من‬
‫نسبة وفيات المهات ‪ .‬ومن أهم متطلبات المومة المنة أن يكون الجهاض‬
‫حق من حقوق المرأة حتى تتمكن من التخليص من الحمل غير المرغوب فيه‬
‫فى اى وقت حسب قرارها الذى تتخذه لنفسها‪.‬وإذا سألنا متى يكون الحمل‬
‫غير مرغوب فيه ؟ ولى نوع من النساء ؟ هذا الجهاض المن الذى يروجون‬
‫له بطريقة أو بأخرى هو إجهاض أجنة الزنا والحمل غير الشرعى وللمراهقات‬
‫والذى يجرى بالطرق الغير مأمونة ومن وراءالكواليس وفيه ما فيه من‬
‫المضاعفات والمشاكل الصحية‪ .‬ولكن هل يبرر لنا ذلك أباحة الجهاض لهؤلء‬
‫الفتيات أو حتى المتزوجات تلبية لرغباتهم وحقوقهن النسانية ؟ إن الجهاض‬
‫غير مسموح به فى الشريعة السلمية إل فى حالت خاصة جدا و محدودة‬
‫جدا ثم يقام بعد ذلك بالطريقة المأمونة الصحيحة تحت الشراف الطبى‬
‫المتخصص ‪.‬‬
‫ونجد فى أغلب أجندة الصحة النجابية بعض الحذر فى التصريحات التى‬
‫تتناول موضوع الجهاض مباشرة حيث يدعون فى الوقت الراهن يتوفير‬
‫الخدمات الصحية لمكافحة المضاعفات التى تحدث بعد الجهاض والترويج‬
‫لخطورة الجهاض غير القانونى ويدعون إلى تدريب الكوادر الطبية جميعها‬
‫على التعامل مع مضاعفات الجهاض غير القانونى ‪Post abortion care‬ثم‬
‫يدعون للترويج للجهاض المن فى وقت لحق ‪ .‬وذلك لما تم من الحكومات‬

‫‪160‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المريكية المختلفة التى تروج لنفسها عدم موافقتها على الجهاض عموما‬
‫كنوع من الدعاية السياسية لها من ناحية ‪,‬أو عدم موافقة مذهبها الدينى‬
‫للجهاض من ناحية اخرى ‪,‬ونجد ذلك واضحا فى قرار الرئيس المريكى‬
‫الحالى فى بداية فترة توليه الحكم فى الفترة السابقة فى يناير ‪ 2001‬حيث‬
‫اصدر قانون ال )‪( Global Gag Rule‬و الذى اعلن من خلله ‪ :‬سحب الدعم‬
‫المريكى لكل المنظمات العالمية التى تدعم المنظمات المدنية )‪(NGOS‬‬
‫خصوصصا فى بلد العالم النامية إذا كانت هذه المنظمات تدعو الى أى نوع‬
‫من أنواع الترويج للجهاض من استشارات أو توجيه او تنفيذ ‪.‬‬
‫و ستأتي دور المطالبة بإلغاء القانون السائد في البلد‪ .‬وعلى الرغم من‬
‫وجود كل المضاعفات المعروفة للجهاض بجميع اشكاله غير انه فى حالة‬
‫الجهاض المن ل يجرى من وراء الكواليس‪ .‬ثم ياتى يعد ذلك الترويج لوسائل‬
‫منع الحمل لكل طبقات المجتمع بدون فرز حتى اذا كانت متزوجة او مطلقة‬
‫او حتى مراهقة ما دام انه حق من حقوقها النجابية والجنسية كبديل مناسب‬
‫يغنى عن عملية الجهاض و تكاليفها باهظة‪.‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫نلجظ أن هنالك ترويج حاصل فى بلدنا لنوع معين من انواع العقاقير التى‬
‫تؤدى للجهاض المبكر ) ‪ (RU-486‬فى خلل ال ‪ 9 -7‬الولى من الحمل بدون‬
‫وجود اى رقابة صحية لستعمالها فى هذا المجال مع العلم بان لها حوجة‬
‫طبية فى بعض الحالت ولكن لبد من مراقبة هذه العقاقير لما فيها من‬
‫خطورة بالغة على الصحة ‪.‬‬
‫مكافحة المشاكل الصحية والجتماعية الناتجة عن نشر ثقافة الصحة النجابية‬
‫‪:‬‬
‫اما بالنسبة لمواجهة المشاكل والعقبات التى تنتج عن نشر مفاهيم الثقافة‬
‫الجنسية و النحلل و الرزيلة والزنا والشذوذ الجنسى واباحية الجهاض ‪:‬‬
‫وهى‬
‫‪ -1‬مكافحة المراض الجنسية و أمراض القناة التناسلية ‪.‬‬
‫‪ – 2‬مكافحة طاعون العصر اليدز‪.‬‬
‫‪ - 3‬مكافحة سرطان الجهاز التناسلي)عنق الرحم(‬
‫‪ – 4‬مكافحة سرطان الثدى ‪.‬‬
‫‪ – 5‬مكافحة العقم ‪.‬‬
‫‪ -6‬الشيوخ والمسنين ‪.‬‬
‫‪ - 1‬مكافحة المراض الجنسية و أمراض القناة التناسلية‪:‬‬
‫هنا يتم التركيز على توزيع الواقى الذكرى والنثوى يشكل ملحوظ على انها‬
‫تعمل من جانبين وليست مثل وسائل منع لمحل الخرى التى تعمل علىمنع‬
‫الحمل فقط بينما يفترض أن تعمل الواقيات على الوقاية من الحمل بجانب‬
‫الوقاية من المراض التناسلية بما فيها مرض اليدز ‪.‬‬
‫وهل برامج مكافحة اليدز والمراض التناسلية والجنسية بطريقة الغرب ال‬
‫برامج دعائية للباحية والشذوذ الجنسى والتى اصبحت سمة هذا العصر ؟‬
‫حيث يتم ارتداء علمة الشواذ ))الربطة الحمراء ‪ (( The Red Ribbon‬من قبل‬
‫كل من يعمل فى هذه البرامج وهو قد يعلم معناها وقد ل يعلم ‪...‬‬
‫وهل استعمال هذه الرفالت يحمى من نقل فيروس اليدز ؟؟؟؟‬
‫هنالك علمة استفهام كبيرة على هذا الموضوع فقد قامت بعض الجهات‬

‫‪161‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫عالميا بفحص هذه العوازل الذكرية ومدى أمنها فى الوقاية من فيروس‬


‫اليدز وقد توصلوا الى ان هذه العوازل قد تم تصنيعها سابقا لمكافحة‬
‫المراض التناسلية التى تسببها البكتيريا ولمنع الحمل حيث ان مسامات هذه‬
‫العوازل لها القدرة على عدم مرور الباكتيربا والحيوانات المنوية ولكنها يمكن‬
‫ان تسمح بمرور الفيروس لنه اصغر بكثير من الباكتريا والحيوانات المنوية‬
‫لذلك نجد ان تشجيع الشباب على اللجوء الى استعمال هذه الوسائل قد‬
‫يؤدى الى انتشار اكثر لمرض اليدز ل للوقاية منه ‪ .‬ومن الطريف المحزن أن‬
‫نجد ان معنى كلمة الرفالت التى استعملت لتعريب كلمة‬
‫‪ condom‬نجدها فى المعاجم العربية بمعنى كيس يوضع على قضيب‬
‫)) التيس(( لكى ل يفسد !!! فكيف لنا ان ندعو الى معالجة الفساد فى‬
‫شبابنا وأولدنا بنفس الطريقة التى يعامل بها حيوان ابكم ل عقل له ول‬
‫ادراك !! وهل يعالج الفساد بفساد اكبر منه ؟؟؟‬
‫‪ – 2‬مكافحة طاعون العصر اليدز‪:‬‬
‫حملت مكافحة اليدز على طريقة المنظمات الجنبية والسياسات العالمية‬
‫التى ل علقة لها بالخلق والقيم والتعاليم والشرائع السماوية تعمل على‬
‫زيادة نشر اليدز بين الشعوب الفقيرة والضعيفة والمقصودة بالبادة‬
‫الجماعية ‪,‬فعلى الرغم من تصدير هذه المنظمات لكميات مهولة من العوازل‬
‫الذكرية والنثوية فإن أعداد الصابات والموت بهذا المرض الفتاك فى زيادة‬
‫مستمرة ‪ .‬ولبد أن يوعى المسؤلون إلى أن تتولى جهات مسؤلية برامج‬
‫مكافحة هذا الوباء وتوعية المم بان أسلم وأحسن اساليب الوقاية هى‬
‫اللتزام والنهى عن العلقات المحرمة والمشبوهه و لبتعاد من‬
‫الفواحش ما ظهر منها وما بطن و العفة والزواج المبكر والذى فيه الحصان‬
‫اللزم للشباب ‪ ,‬مثل ما حصل فى يوغندا حين تمت التوعية بهذه الطريقة‬
‫ووجدوا انخفاض هائل فى معدلت الصابة بهذا الطاعون ‪.‬‬
‫‪ - 3‬مكافحة سرطان الجهاز التناسلي)عنق الرحم(‪:‬‬
‫أما السعي لمكافحة سرطان عنق الرحم فأنه معروف لديهم انه يحدث نتيجة‬
‫لحياة الفساد و النحلل الخلقي وممارسة الجنس مع اكثر من فرد و‬
‫اللتهابات التناسلية الجنسية بواسطة فيروس ‪. 18HPV - 16‬وكما هو‬
‫معروف ايضا ان امراض الجهاز التناسلى والمراض المنقولة جنسيا بما فيها‬
‫اليدز فانها نتاج مباشر للزنا والعلقات الغير شرعية والنحلل والشذوذ‬
‫الجنسى لذا أضطرت برامج مكافحة سرطان عنق الرحم فى البلد الغربية‬
‫بعمل التحالل وأخذ العينات لتحليلها بإمكانيات مالية و تكنولوجية هائله ‪ ,‬فما‬
‫لنا نحن وزيادة التكاليف فى برامج نحن فى غنى عنها إذا تمسكنا بشعائر‬
‫ديننا وتزينا بمحاسنه ‪.‬‬
‫‪ - 4‬سرطان الثدي‪:‬‬
‫اما بالنسبة لسرطان الثدي والذي له علقة قوية بهرمون ألستروجين‬
‫المتواجد في حبوب منع الحمل و طول فترة استعمال الحبوب وتاخير الزواج‬
‫و النجاب والرضاعة و إستعمال الهرمونات المعوضة فى مرحلة إنقطاع‬
‫الطمث ‪ .‬كما أوضحت الدراسات لديهم أن نسبته قد تضاعفت لدى النساء‬
‫التي تعرضن لجراء الجهاض القسري فى الشهور الولى من الحمل في‬
‫أول حياتهن‪.‬‬
‫‪ -5‬مكافحة العقم ‪:‬‬

‫)‪(5 /‬‬

‫‪162‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫العقم ايضا أغلب ما ينتج بعد الصابة بالمراض التناسلية و المنقولة جنسيا‬
‫مما يؤدى الى خلل بانابيب فالوب و التصاقات فى داخل الحوض وحول‬
‫الجهزة التناسلية الداخلية مما يؤدى الى عدم النجاب و اللجوء الى مراكز‬
‫التلقيح الصناعى‪ .‬اهتمام خدمات الصحة النجابية بمكافحة العقم يدعو للريبة‬
‫في الوقت الذي يمنعون فيه النجاب الطبيعى غير المكلف ويشجعون‬
‫النجاب الصناعي الذى ل تقدر عليه الطبقات الفقيرة وذلك كما ذكرنا فى‬
‫تاريخ نشات حركة تحديد النسل العالمية فى انهم كانوا يسعون الى تحسن‬
‫النسل من سللت معينة لطبقات اجتماعية معينة )حركة اليوجينيا النازية (‬
‫بكل أنواعه و لعل ذلك قد يكون عونا للسر غير النمطية للحصول على أبناء‬
‫من خارج العلقات السرية الطبيعية والتلعب الحاصل عالميا فى المتاجرة‬
‫بالبويضات وحفظها بالتجميد والبنوك المنوية المنتشرة والجنة المحفوظه‬
‫ايضا والستنساخ كما حدث في أول طفل من الستنساخ و الذي زرع في‬
‫رحم إحدى السحاقيات!!!!‬
‫إذن لبد من ان تكون مثل هذة الخدمات عند وجودها فى البلد السلمية ‪-‬‬
‫لخدمة السر الطبيعية الشرعية – فى ايدى امينة تراعى المبادئ الشرعية‬
‫قبل النسانية ‪.‬‬
‫‪ – 6‬رعاية الكهول و المسنين‪:‬‬
‫من المضاعفات و الضرار التى تنتج من تنفيذ برامج الصحة النجابية تكون‬
‫طبقة اجتماعية من الشيوخ و الكهول الذين في اشد الحوجه للرعاية السرية‬
‫و الجتماعية مما أدى إلى أن تطلق على القرن الواحد والعشرين‬
‫مصطلحات عالمية عدة‪ ،‬بينها مصطلح "عصر الشيخوخة"‪ .‬والذى أدى إلى‬
‫كثير من الدراسات الجتماعية والديموغرافية مثل "الثورة الرمادية" ‪Grey‬‬
‫‪ ،Revolution‬و"الثورة الصامتة" و"النسانية الراشدة"‪ .‬وتشير تلك‬
‫المصطلحات جميعها إلى حال المسنين في هذا‬
‫القرن‪ ,‬جعل هذا المر الحكومات والمنظمات الدولية تطرح إشكالية التعامل‬
‫مع المسنين‪ ،‬ومدى استيعابهم لمتغيرات العصر وتحدياته وإرهاصاته من جهة‬
‫والحفاظ على آدميتهم وضمان حقوقهم النسانية والمدنية والمهنية من جهة‬
‫ثانية‪.‬‬
‫فى الوقت الذى تكون فيه المراة المسؤلة من رعاية هؤلء العجزة‬
‫والمسنين فى داخل البيوت فى عملها خارج بيتها مما يضطر السر‬
‫والمجتمعات الى اللجوء الى دور العجزه والمسنين ‪.‬كما هو حاصل فى‬
‫التفرق من مسؤولية الطفال بتوسيع دور حضانة الصغار‪.‬‬
‫كما يتم توزيع وسائل منع الحمل إلي النساء في سن ‪ 50-40‬سنه لمنع‬
‫حملهن فى هذه السن‪ ,‬وترهيب المهات فى هذه المرحلة من العمر من‬
‫الحمل لما يكون فيه من انجاب اطفال معوقبن ومتخلفين ومنغولين ‪ ,‬ولنا‬
‫فى أمنا السيدة خديجة السوة الحسنة حيث انجبت افضل واحسن ذرية فى‬
‫الدنيا والخرة لرسولنا الكريم وهى فى هذه الفترة من حياتها‪.‬‬
‫ويتم ايضا التشجيع على استعمال الهرمونات المعوضة في مرحلة القطوع‬
‫) سن اليأس(‬
‫‪ . HRT‬لزيادة العناية بجمال المراة وحماية شيخوختها مع ما فيها من مخاطر‬
‫جسيمة‪ ,‬والله سبحانه وتعالى أدرى منا بأحوال أجسام هؤلء النساء وهو‬
‫القادر ان يتولى تنظيم هذه الهرمونات فى جسد المرأة إن كانت فى حمجة‬
‫لها فى مثل هذه السن ‪.‬‬
‫تغيير أنماط السلوك الشخصى و الجتماعى ‪:‬‬

‫‪163‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يدعم صندوق المم المتحدة للسكان طائفة واسعة من التدخلت في مجال‬


‫التصال لتغيير السلوك والتثقيف بشأن مهارات الحياة ُتراعى فيها اعتبارات‬
‫السن ونوع الجنس والبيئة الثقافية‪ .‬ويتمثل الهدف من تلك التدخلت في‪:‬‬
‫‪ -1‬تشجيع أساليب الحياة اليجابية والصحية‪،‬‬
‫‪ - 2‬والعراف الجتماعية الجيدة‪،‬‬
‫‪ - 3‬والسلوكيات الجنسية الكثر أمانًا‪.‬‬
‫ويستتبع ذلك‪ ،‬لسيما فيما يتعلق بصغار السن‪ ،‬تشجيع المواقف والمهارات‬
‫اليجابية ـ أي احترام الذات والتفاوض والتأقلم والتفكير النقدي وصنع القرار‬
‫والتصال وتأكيد الذات‪.‬‬
‫وهذا وقد ظهرت هذه التغيرات فى الغرب بعدما نجحت الفلسفة الغربية في‬
‫اخراج المرأة من خدرها‪ ،‬واقحامها في سوق المنافسة مع الرجال‪ ،‬وبعد أن‬
‫تخلى كل نوع عن دوره الفطري الذي خلق من أجله؛ أن رجال الغرب‬
‫يتأنثون وإناثه يسترجلن حيث أصبح توجه الرجل نحو التأنث كما تتجه المرأة‬
‫نحو السترجال في المجتمعات الغربية حيث تختفي الحدود التقليدية بين‬
‫الجنسين‪ ،‬هذا ما كشفه بحث جديد قامت به مؤسسة بريطانية‬
‫متخصصة‪.‬ففي السنوات العشر المقبلة سيكون الرجل أكثر "تأنثا" حيث‬
‫يقوم أكثر فأكثر بدور فعال في تربية الصغار‪ ،‬وتزيد اهتماماته بالموضة )!(‬
‫ويستعمل أدوات التجميل)!( أكثر مثل مواد الزينة وأدوات الرشاقة وحتى‬
‫إجراء عمليات جراحةالتجميل‪ .‬فمثل؛ الدعايات التلفزيونية لترويج حضانات‬
‫)لفافات( الطفال يقوم بها الرجال الن بدل من النساء‪ ،‬هذا ما كشفه بحث‬
‫حديث قامت به مؤسسة مراقبة المعلومات البريطانية )داتامونيتر( ونشرته‬
‫صحيفة "الديلي اكسبريس" اللندنية‪.‬‬

‫)‪(6 /‬‬

‫وفي الوقت الذي يتبنى فيه الرجال سلوكيات أنثوية أكثر‪ ،‬يحدث العكس‬
‫للنساء إذ يتجهن نحو السترجال‪ ،‬حيث يلتحقن بالمدارس والجامعات أو‬
‫العمل أكثر فأكثر بدل من المكوث في البيت‪ ،‬مع ازدياد عدد اللواتي يتعاطين‬
‫الخمور باستمرار‪.‬ووصلت نسبة زيادة تناول النساء للخمور في بريطانيا خلل‬
‫السنوات الخمس الخيرة إلى ‪.% 27‬‬
‫وكشف البحث‪ ،‬الذي يتنبأ بتغير السلوكيات والعادات الجتماعية خلل العام‬
‫المقبل وما بعده‪ ،‬أيضا كيف أن الهوة بين الجيال تضيق حيث يقبل الصغار‬
‫في عمر الثانية عشرة على منتجات كانت من قبل ل يطلبها من هم اقل من‬
‫‪ 17‬عاما في العمر‪ .‬وحددت "داتا مونيتور" ما وصفته بأنه عشرة "عناصر‬
‫فعالة" ستؤثر على طبيعة حياة الرجال والنساء والطفال‪ .‬هذه العناصر هي‪:‬‬
‫الجنس )ذكر أو أنثى(‪ ،‬العمر‪ ،‬العائلة‪ ،‬الدخل‪ ،‬الفردانية‪ ،‬حياة البيت‪،‬‬
‫النترنت‪ ،‬المخاطرة‪ ،‬وسائل الراحة والصحة‪.‬‬
‫هذه هي الصحة النجابية ‪ :‬تيار غربي قوى مفروض من القوى اليهودية‬
‫الصليبية الطاغية )النظام العالمى الجديد( على الدول الفقيرة و النامية‬
‫خصوصا الدول السلمية وهى من أسلم وألطف الطرق لتفكيك أسرها‬
‫ولتحديد نسلها وتحطيم كيانها ولبادة البشرية جميعها!!وجر العالم إلى اسفل‬
‫مستنقعات الرذيلة و النحلل والفساد بطريق مباشر او غيرمباشر‪...‬‬
‫أسال الله العظيم أن يجعل كيدهم في نحورهم و يخرجنا من الظالمين آمنين‬

‫‪164‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(7 /‬‬

‫ما وظيفة الم ؟‪ [4] ...‬هل أنت أم ناجحة ؟‬


‫مفكرة السلم ‪:‬عزيزتي الم القارئة‪:‬‬
‫قد تظن الكثيرات أن وظيفة الم تقف عند إعداد الطعام للبناء‪ ،‬والحفاظ‬
‫على نظافة البيت والولد والهتمام بصحتهم‪ ،‬وأنها إذا فعلت ذلك؛ فقد بذلت‬
‫أقصى ما تستطيع‪ ،‬والب عليه أن يكمل هذه المسيرة بتوجيه البناء أو‬
‫ضربهم إذا اقتضت الحاجة لذلك‪.‬‬
‫فهل فعًل تتوقف وظيفتها عند هذا الحد؟‬
‫إن وظيفة الم تتركز في نقطتين‪:‬‬
‫الولى‪ :‬الرعاية والحماية للطفل بكل أشكالها‪ ،‬وقد تعرضنا لها بالتفصيل في‬
‫المقال السابق‪.‬‬
‫والثانية‪ :‬التربية والتدريب والبرمجة للبناء‪ ،‬وهذا هو قلب موضوعنا اليوم‪.‬‬
‫انتبهي لبرمجة ابنائك‪:‬‬
‫وسنبدأ هنا بالبرمجة الوالدية للبناء‪ ،‬وخاصة الم لهميتها في تكوين التصور‬
‫الذاتي عن الطفل لنفسه‪ ،‬فقد تصدر عن الم عبارات سلبية مثل‪ :‬أنت‬
‫ما‪ ...‬وغيرها من هذا‬ ‫كسلن‪ ،‬أنت غبي‪ ،‬أنت غير منظم‪ ،‬ستظل فاشل دائ ً‬
‫القبيل‪.‬‬
‫وليس معنى ذلك أن هذه الم تكره البناء‪ ،‬ولكنها ليست على دراية بأي‬
‫طريقة أخرى أفضل من هذه الطريقة؛ ظًنا منها أنهم بذلك سيتحسنون‬
‫ويتقدمون‪ ،‬ول تدري أنها تقوم ببرمجة العقل على ذلك؛ فيكون التحدث مع‬
‫الذات بنفس الطريقة‪ ]] :‬أنا غبي‪ ..‬أنا كسلن‪ [[ ...‬حياة النسان‪.‬‬
‫يقول د‪ .‬تاد جيمس وويات وود سمول في كتابهما 'خط الحياة'‪ ] :‬عندما نبلغ‬
‫سن الواحدة والعشرين؛ تكون جميع قيمنا قد اكتملت واستقرت في‬
‫عقولنا [‪.‬‬
‫وبهذه الطريقة نكون قد نشأنا مبرمجين؛ أما سلبًيا أو إيجابًيا‪.‬‬
‫التدريب على التهام الوجبة الولى‪:‬‬
‫ت كلبة وقد ولدت صغارها‪ ،‬وبعد فترة قصيرة ل تتجاوز عدة أشهر إذا بها‬ ‫رأي ُ‬
‫تبدأ في تدريب الصغار على الطعام‪ ،‬فأخذت ترمي من وعاء الكل قطعة خبز‬
‫ضا من اللحم حتى يشمها‬ ‫طرية أمام كل واحد منهم‪ ،‬وقطعة صغيرة أي ً‬
‫الصغار ويلعقوها بلسانهم‪ ،‬وبعد فترة قصيرة بدأت تعلمهم الهجوم‪ ،‬فتجهم‬
‫على الصغير فيقلدها‪ ،‬وهكذا‪.‬‬
‫فسبحان الله العظيم هذا ما يحدث في عالم الحيوان‪ ،‬ومثله يحدث في عالم‬
‫النسان‪ ،‬ولكن بالنسبة للنسان المسألة أعقد بكثير بسبب عمليات التفكير‪،‬‬
‫وسجايا الخلق والتربية والتعليم يأخذ وقًتا كبيًرا في حياة النسان‪ ،‬غير‬
‫الحيوان الذي قد يستغرف فترة تدريبه شهوًرا ل تصل إلى عام‪.‬‬
‫ما معنى التربية ؟‬
‫إن الطفل أمانة الله بأيدينا‪ ،‬ول حفاظ على هذه المانة إل بالتربية الحسنة‪،‬‬
‫والتربية هي عمل واٍع دؤوب ومستمر‪ ،‬هدفه تنمية الفطرة لبناء النسان‬
‫المتوازن فكرًيا وروحًيا وخلقًيا وجسدًيا‪ ..‬النسان الصالح في ذاته المصلح‬
‫لمته‪.‬‬
‫فهي إًذا علم وفن ووعي وجهاد‪ ،‬فتحتاج التربية إلى تكامل وتواصل كل‬
‫الجهود‪ ،‬إذ يشترك المهد في البيت‪ ،‬والمقعد في المدرسة‪ ،‬والمنبر في‬
‫المسجد في صياغة النسان الصالح‪.‬‬

‫‪165‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫كما تنطلق العملية التربوية ابتداًء من اللحظة الولى من عمر النسان‪ ،‬وهي‬
‫تبليغ الوليد مبادئ السلم بسنة الذان في أذنه؛ كي تشرب روحه هذه‬
‫الكلمات الخالدة التي تنجده عندما تعصف به الحياة‪ ،‬وفي هذا الذان إشعار‬
‫بأن الطفل قد أكتملت إنسانيته‪ ،‬فهو أهل لتلقي أعظم المبادئ في الوجود‪،‬‬
‫ضا إيذاًنا للمربي بأن مهمته التربوية قد بدأت من هذه اللحظة‪ ،‬وكثيًرا‬ ‫وفيه أي ً‬
‫ما تكون الخطوة الولى هي أهم عمل في مسير طويل‪.‬‬
‫التعليم عند واطسون‪:‬‬
‫ركزت النظرية السلوكية على عملية التعلم وأهميته على سلوك النسان‪.‬‬
‫فقد قال جون لوك‪ ]] :‬إن النسان صفحة بيضاء وأنا أكتب فيه ما أريد [[‬
‫ومن رواد هذه المدرسة وهذه النظرية في تفسير شخصية النسان واطسن‪،‬‬
‫الذي قال عبارته الشهيرة‪ ] :‬أعطوني مجموعة من الطفال الصحاء سليمي‬
‫البنية‪ ،‬وأنا كفيل أن ُأخرج منهم الطبيب والمحامي والفنان والتاجر ورئيس‬
‫العمل‪ ،‬بل والشحاذ واللص‪ ،‬بصرف النظر عن استعداداتهم وميولهم‬
‫وقدراتهم وأعمال آبائهم وأصولهم الوراثية‪ ،‬فليس ثمة شيء اسمه وراثة‬
‫القدرات أو المهارات أو المزاج أو التكوين العقلي [ ‪.‬‬
‫وتقوم هذه النظرية على أنه يمكن تشكيل أي شخصية عن طريق التعلم‬
‫الشرطي القائم على المثير والستجابة‪ ،‬وكذلك عن طريق التحكم في‬
‫الظروف‪.‬‬
‫وبغض النظر عن إيجابيات وسلبيات هذه النظرية؛ فإنها تؤكد على أهمية‬
‫عامل التعليم على سلوك النسان‪ ،‬وتكوين شخصيته‪.‬‬
‫وقد أقر لنا رسولنا الكريم منذ أكثر من ‪ 1400‬سنة على أهمية مبدأ التربية‬
‫والتعليم‪.‬‬
‫فقد قال صلى الله عليه وسلم‪:‬‬
‫]] لن يؤدب الرجل ولده خير من أن يتصدق بصاع [[ رواه الترمذي‬
‫دا أفضل من أدب حسن [[ رواه الترمذي‬ ‫]] ما غل والد ول ً‬
‫]] أدبوا أولدكم على ثلث خصال‪ :‬حب نبيكم‪ ،‬وحب آل بيته‪ ،‬وتلوة القرآن [[‬
‫رواه الطبراني‪.‬‬
‫ضا عليه الصلة والسلم على عامل البيئة الصالحة في أكثر من‬ ‫وقد أكد أي ً‬
‫مناسبة فقال‪:‬‬
‫جسانه [[‬‫ّ‬ ‫يم‬ ‫أو‬ ‫ينصرانه‬ ‫أو‬ ‫يهودانه‬ ‫فأبواه‬ ‫الفطرة‪،‬‬ ‫على‬ ‫يولد‬ ‫]] كل مولود‬
‫رواه البخاري‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫وُيفهم من هذا الحديث أن الولد إذا تيسر له أبوان مسلمان صالحان‪ ،‬لقناه‬
‫مبادئ اليمان والسلم؛ نشأ الولد على عقيدة اليمان والسلم‪ ،‬وهذا يؤكد‬
‫دور البيئة المنزلية في نشأة الطفل‪.‬‬
‫وأما عن البيئة الجتماعية سواء كانت مدرسة أو صديق أو‪...‬‬
‫فقد قال صلى الله عليه وسلم ]] المرء على دين خليله‪ ،‬فلينظر أحدكم من‬
‫يخالل [[ رواه الترمذي‪.‬‬
‫حا تقًيا؛ فيكتسب‬
‫وُيفهم من هذا الحديث أن الصديق للصديق‪ ،‬فإن كان صال ً‬
‫منه صفة الصلح والتقوى‪ ،‬وإن كان غير ذلك؛ فالنتيجة كذلك‪:‬‬
‫قال الشاعر‪:‬‬
‫إذا كنت في قوم فصاحب خيارهم ول تصحب الردى فتردى مع الردى‬

‫‪166‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫عن المرء ل تسل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي‬


‫ضا حديث الرجل الذي قتل‬ ‫ويؤكد أثر البيئة على تكوين شخصية النسان أي ً‬
‫سا‪ ،‬فأمره الرجل الصالح‪ ،‬فقال له‪ :‬انطلق إلى أرض كذا‬ ‫تسعة وتسعين نف ً‬
‫سا يعبدون الله‪ ،‬فاعبد الله معهم‪ ،‬ول ترجع إلى أرض قومك‪،‬‬ ‫وكذا‪ ،‬فإن بها أنا ً‬
‫فإنها أرض سوء [[ رواه البخاري ومسلم‪.‬‬
‫البناء أمانة‪:‬‬
‫قال المام الغزالي في إحيائه في تعويد الولد خصال الخير أو مبادئ الشر‬
‫باعتبار قابليته وفطرته‪:‬‬
‫ود الشر‬
‫] والصبي أمانة عند والديه‪ ،‬وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة‪ ،‬فإن عُ ّ‬
‫وُأهمل إهمال البهائم شقى وهلك‪ ،‬وصيانته بأن يؤدبه ويهذبه ويعلمه محاسن‬
‫الخلق‪[[ ...‬‬
‫وذهب ابن خلدون في مقدمته مذهب الغزالي في قابليته واستعداده‪،‬‬
‫وإمكانية إصلحه بعد فساده‪ ..‬بل كثير من فلسفة الغرب أو الشرق ذهبوا‬
‫هذا المذهب‪ ،‬أمثال واطسن وسكتر وبافلوف كما ذكرنا‪.‬‬
‫وقد قال الشاعر‪:‬‬
‫وده أبوه‬
‫وينشأ ناشئ الفتيان فينا على ما كان ع ّ‬
‫دين أقربوه‬ ‫وده الت ّ‬
‫وما دان الفتى بحجي ولكن يع ّ‬
‫وإذا سألت الم‪ :‬كل ما سبق كلم جميل ولكن نظري‪ ،‬أنا أريد كلم واقعي‬
‫يمكن تطبيقه مع البناء‪ ،‬فكيف أربي أبنائي؟ إجابتنا على هذا السؤال في‬
‫المقال التالي‪.‬‬
‫فتابعي معي عزيزتي الم المسلمة‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫ما يتقاضاه المعاق من الضمان الجتماعي‬


‫السؤال ‪:‬‬
‫ت أعمل فيها و‬ ‫تعّرضت لصابةٍ بسحر تسبب لي فيه مسؤول شركة وطنية كن ُ‬
‫م‬
‫كان القصد منه إبعادي عن العمل بعد أن قضيت ‪ 18‬سنة فيه ‪ ،‬و بالفعل ت ّ‬
‫المر ـ و تأثرت نفسيا ً ‪ ،‬و تركت عملي ‪ ،‬و كونت ملفا ً عن طريق طبيب‬
‫م لجئت إلى الصندوق الوطني للضمان الجتماعي لل ُ َ‬
‫جَراء‬ ‫أعصاب ‪ ،‬ث ّ‬
‫ة شهرية ‪ ،‬مع الِعلم أّنني قادر على الرجوع‬ ‫مال ( في بلدنا فمنحني منح ً‬ ‫) الع ّ‬
‫إلى عملي جسميا ً ‪ ،‬و لكّني خائف من جهة أخرى ‪ ،‬إذ مازلت أعاني من‬
‫الضطرابات النفسية و الجسمية و الخوف من الرجوع إلى العمل ‪.‬‬
‫سؤالي ‪ :‬هل المبلغ الذي أتقاظه من الصندوق الوطني للضمان الجتماعي‬
‫لجراء حرام أم حلل ؟ أفيدوني أفادكم الله ‪.‬‬ ‫ل ُ‬
‫الجواب ‪:‬‬
‫ً‬
‫أقول مستعينا بالله تعالى ‪:‬‬
‫ّ‬
‫ن ما تدفعه الحكومات و الشركات و المؤسسات لموظفيها من رواتب‬ ‫إ ّ‬
‫ى‬
‫ن أو بلوغ مستو ً‬ ‫دم في الس ّ‬ ‫تقاعدّية بعد توّقفهم عن العمل بسبب التق ّ‬
‫عضال ل بأس فيه‬ ‫ض ُ‬
‫مر ٍ‬ ‫مل أو الصابة ب َ‬ ‫خدمة أو العاقة عن الع َ‬ ‫دم في ال ِ‬ ‫متق ّ‬
‫من حيث المبدأ إن شاء الله ‪.‬‬
‫م‬ ‫ً‬
‫و الحالة التي ذ َك ََرها الخ ما لم يكن فيها تحاي ُل منه أو التفافا على ما ت ّ‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫قه ‪ ،‬أو الستيلء على‬ ‫ب العمل للحصول على أكثر من ح ّ‬ ‫التعاقد عليه مع ر ّ‬
‫صص له باعتباره‬ ‫حقّ غيره فل بأس في حصوله على الراتب الشهري الذي خ ّ‬

‫‪167‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫حي ّا ً عن العمل ‪.‬‬


‫معاقا ً ص ّ‬
‫و إذا وََقع الترّدد أو الحيرة بشأن حالته الصحّية ) النفسّية أو الجسدّية ( هل‬
‫ل لينظر في‬ ‫تعيق عمله أم ل ‪ ،‬وجب عليه الرجوع إلى طبيب مسلم ثقةٍ عد ٍ‬
‫معاقا ً أم ل ‪ ،‬و يلتزم بقراره ‪.‬‬
‫حاله ‪ ،‬و يقّرر ما إذا كان ُ‬
‫ل له تقاضي الراتب مع قعوده عنه ‪ ،‬و إن‬ ‫فإن كان قادرا ً على العمل لم يح ّ‬
‫ة فيه إن شاء الله ) بل النسان على‬ ‫كان عاجزا ً عنه فدخُله حلل ل شبه َ‬
‫نفسه بصيرة * و لو ألقى معاذيره ( و الله أعلم ‪.‬‬
‫وّفقنا الله و الخ السائل ‪ ،‬و سائر المسلمين لما فيه صلح الدنيا و الدين ‪ ،‬و‬
‫الحمد لله ر ّّ‬
‫ب العالمين ‪ ،‬و صلى الله و سّلم و بارك على نبّينا مح ّ‬
‫مد و آله و‬ ‫ّ‬
‫صحبه أجمعين ‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ما يجب أن تعرفه عن اليدز‬


‫د‪ .‬أبوبكر محمد عثمان*‬
‫ماهو اليدز‪:‬‬
‫كلمة أيدز هي الحروف الولي من السم النجليزي لمرض متلزمة نقص‬
‫المناعة المكتسبة ‪ ،AIDS Acquired Immune Deficiency Syndrome‬ويسببه‬
‫فيروس ‪ ،HIV‬والفيروسات هي كائنات حية اصغر كثيرا ً من الميكروبات ول‬
‫تري بالمجهر اللكتروني‪ ،‬وهو يصيب جهاز المناعة الذي يحصن جسم‬
‫النسان ضد المراض ويقاوم الجسام الغازية سواء ميكروبات أو فيروسات‬
‫أو طفيليات أو غيرها؛ فيعجز الجسم عن مقاومة أي من هذه الجسام‬
‫الغازية‪.‬‬
‫أعرض المرض‪:‬‬
‫لكل مرض مدة حضانة وهي المدة بين دخول الجسم الغازي إلى جسم‬
‫النسان وبين ظهور أعراض المرض وهي تختلف أختلفا ً كبيرًا؛ فهي تبلغ ‪24‬‬
‫ساعة في مرض الجدري الكاذب ) الجديري – البرجم( لكنها تبلغ ‪10 -5‬‬
‫سنوات في حالة اليدز ول يشعر خللها الشخص بأي أعراض بل يبدو في‬
‫صحة جيدة‪ ،‬لهذا فهو ينقل الفيروس إلى اللف من البشر الذين ل يتجنبونه‪،‬‬
‫وهذا يبين أهمية الوقاية التي هي ليست خيرا ً من العلج فحسب بل هي‬
‫العلج نفسه المتوفر لدينا حتى الن لتجنب الصابة بهذا المرض القاتل ‪.‬‬
‫لزال العلماء يبحثون عن دواء يشفي من هذا المرض خلل السنوات‬
‫العشرين الماضية‪ :‬منذ ظهوره أول مرة حوالي سنة ‪1982‬م إلى الن‪ ،‬ولم‬
‫ينجحوا إل في إيجاد أدوية تقلل من حدوث المضاعفات وتجعل حياة المريض‬
‫أقل إيلما وبؤسًا‪.‬‬
‫من أوائل أعرض هذا المرض إصابة الشخص بحمي واسهال شديدين‪ ,‬ثم‬
‫فقدان الشهية والوزن والهزال الشديد‪ ،‬فتتكالب عليه الميكروبات‬
‫والفيروسات والطفيليات لفشل جهاز المناعة في مقاومتها ثم يصاب‬
‫بسرطان يقال له كابوسي ‪ CAPOSY‬ينهي حياته‪.‬‬
‫ً‬
‫ومما يزيد من احتمال الصابة باليدز أن يكون الشخص مصابا بأحد المراض‬
‫المنقولة جنسيا ً مثل السيلن والزهرى‪.‬‬
‫وسائل انتقال المرض‪:‬‬
‫من أهم وسائل انتقال فيروس اليدز‪:‬‬
‫‪ -‬العلقات الجنسية سواء الطبيعية أو الشاذة بين المتماثلين‪.‬‬

‫‪168‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ -‬نقل الدم الملوث أو مشتقاته البلزما ودواء الهيموفيليا وغيرها‪.‬‬


‫‪ -‬الحقن الملوثة التي سبق استعمالها سواء بالعضل أو الوريد وتحت الجلد‪،‬‬
‫وهذا منتشر بصفة خاصة بين مدمني المخدرات‪ ،‬لكن ليس مقصورا ً عليهم‪.‬‬
‫‪ -‬من دم الم المرضية باليدز إلى الجنين في بطنها‪.‬‬
‫‪ -‬من دم المر المريضة إلى الرضيع بواسطة حليب الم‪.‬‬
‫‪ -‬أي آلة ملوثة تجرح الجلد مثل المواس المستعملة للحلقة أو الحجامة أو‬
‫الفصد أو الختان أو بري القلم‪.‬‬
‫‪ -‬أي آلة تخرق الجلد مثل البرة أو المسدس المستعمل بواسطة تجار‬
‫الذهب لخرم حلقة الذن لتركيب الحلق‪.‬‬
‫‪ -‬البرة الملوثة المستعملة لوشم الشفة السفلي أو الذراع أو غيرها‪.‬‬
‫كيف تقي نفسك من اليدز‪:‬‬
‫لبد لكل شخص أن يكون على علم تام بوسائل انتقال فيروس اليدز‪ ،‬ول‬
‫يكفي العلم فقط بل لبد من نشر هذه المعلومات بين أكبر عدد من الناس‬
‫بشتى الوسائل سواء بالوعظ والخطابة في أماكن التجمعات كالسجون‬
‫والمعسكرات والمصانع والمساجد والداخليات ومخيمات النازحين واللجئين‪،‬‬
‫ويكون ذلك أكثر إفادة عبر الشرح باستخدام الوسائل التعليمية المقروءة‬
‫والمسموعة والمرئية‪ ،‬دون الشعور بالحرج أو الخجل فالتجاهل ل يؤدي إلى‬
‫الحد من انتشار الصابات‪.‬‬
‫كما يجب أن نلتزم الموجهات التالية للوقاية من هذا المرض‪:‬‬
‫‪ -1‬العفاف والبتعاد عن الزنا‪.‬‬
‫‪ -2‬عدم نقل الدم أو مشتقاته إل للضرورة القصوى التي تهدد الحياة‪ ،‬حتى لو‬
‫توفرت وسائل الفحص لليدز فل زالت الفحوصات غير مضمونة ‪%100‬‬
‫‪ -3‬عدم استعمال حقنة سبق أستعمالها والتاكد من ذلك‪.‬‬
‫‪ -4‬التأكد من استعمال الحلق لموس جديدة لم يسبق استعماله لها‪ ،‬وكذلك‬
‫للحجامة أو الفصد أو برى القلم‪.‬‬
‫‪ -5‬أن ل ترضع المريضة طفل ً سليما‪ً.‬‬
‫‪ -6‬التأكد من تعقيم البرة أو المسدس المستعمل في خرق حلمة الذن‬
‫لتركيب الحلق ‪.‬‬
‫‪ -7‬التأكد من تعقيم البرة المستعملة في الوشم‪.‬‬
‫‪ -8‬التأكد من تعقيم آلت الختان بواسطة أفراد المهن الطبية المساعدة‪.‬‬
‫‪ -9‬عدم الشتراك في فرش السنان والمساويك‪ ،‬ونحو ذلك‪.‬‬
‫والله يحفظ الجميع‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ما يحق لكل إمرأة فى العالم أن تعرفه! د‪ .‬ست البنات خالد*‬


‫العلقة بين الجهاض و سرطان الثدى !!!‬
‫أعلنت منظمة الصحة العالمية في دراستها العلمية سنة ‪ 1970‬فيما يتعلق‬
‫بموضوع الجهاض و نسبة سرطان الثدي بعد دراسة ‪ 17000‬امرأة في سبع‬
‫مناطق في أنحاء العالم‪ ,‬هذة الحقائق التي لم تتغير بعد ‪ 30‬سنة وهي ‪:‬‬
‫النساء اللواتى يحملن فى سن مبكرة هن أقل عرضة لسرطان الثدى من‬
‫النساء اللواتي يحملن فى سن متأخرة او ل يحملن مطلقا ً ‪ .‬وأثبتت البحاث‬
‫أن النساء اللواتي يلدن أول مولود تحت سن ‪ 18‬سنه يأخذن ثلث نسبة‬
‫الصاية بسرطان الثدي من اللواتي يلدن طفل من سن ‪ 35‬وما فوق ذلك ‪.‬‬

‫‪169‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫و بالنسبة للجهاض أعلنت منظمة الصحة العالمية أنه ‪:‬‬


‫‪ -‬تزداد نسبة سرطان الثدي مع ممارسة عملية الجهاض بضعف نسبة‬
‫الصابة بعد الحمل الكامل و التام ‪.‬‬
‫‪ -‬البحاث الطبية الحديثة فى مختلف المجالت الطبية فى العالم ثبت من‬
‫النتائج السبب الهرموني لذلك ‪ 25‬دراسة علمية فى انحاء العالم و خاصة‬
‫عند نساء من أفريقيا و آسيا و أوربا أثبتت زيادة نسبة الصابة بسرطان‬
‫الثدي حتى من عملية إجهاض واحدة ‪.‬‬
‫‪ -‬خطر الجهاض مع خطر تأخير ولدة أول طفل يزيدان نسبة الصابة‬
‫بسرطان الثدي مرتين ‪.‬‬
‫وهل أحد منا يستغرب بعد مرور أقل من نصف قرن حيث الجهاض هو‬
‫قانوني و منتشر حين نجد ان الصابة بسرطان الثدي قد تضاعفت نسبتها فى‬
‫العالم ؟‬
‫وهل بلدنا مهيئة باجهزتها الصحية لستقبال وباء سرطان الثدي ؟؟؟‬
‫علقة هرمون الستروجين ‪ ..‬ولماذا القيام بعملية الجهاض يزيد من نسبة‬
‫سرطان الثدي ؟؟‬
‫بينما السقط الطبيعى ل خطر منه على الثدي‪.‬‬
‫تحت تاثير هرمون الستروجين يزداد نمو الثديين لكل فتاة مع التأثير على‬
‫باقى العضاء الجنسية الخرى للفتاة ‪ .‬عند بداية الحمل يزداد هذا الهرمون‬
‫لنسبة عالية جدا ً )‪ 6‬أضعاف ( عما هو عليه عند التلقيح وعند السقط‬
‫الطبيعى تكون نسبته طبيعية وكأنه لم يحدث حمل ‪ .‬الستروجين هو الذى‬
‫يجعل الثدي ينمو أكثر خلل الحمل بتاثيره على الخليا الولية والتي تتطور‬
‫فى نموها حتى تصبح خليا مصنعة للحليب بعد ذلك ‪.‬‬
‫ان الخليا الولية هى التي تتطور نحو السرطان لسباب أخرى مثل الشعة و‬
‫بعض الكيمياويات ‪..‬إلخ‬
‫لذلك إذا تم الحمل لمدة من الزمن وفجأة تمت عملية إجهاض فإن المرأة‬
‫تبقى معرضة لسرطان الثدي بسبب وجود الخليا الولية الغير متطورة والتي‬
‫هي في كمية أكثر مما لو تكن حامل ً مما يجعلها معرضة أكثر للصابة‬
‫بالسرطان وخاصة أنها بدات في التزايد فى بداية الحمل على عكس حالة‬
‫الحمل الطبيعية إلى نهايتها فإن الخليا الولية هذه تتحول إلى خليا متخصصة‬
‫لصنع الحليب والتي هي بعيدة عن الصابة بالسرطان ‪ .‬لذلك فان البحاث‬
‫ما أن الحمل الكامل بدون انقطاع )بالجهاض ( ل يقود إلى‬ ‫الطبية أثبتت دائ ً‬
‫سرطان الثدي عادة وكلما تم الحمل فى سن مبكرة دون انقطاع فان خليا‬
‫الثدي الولية تتكون نهائيا ً لتصبح خليا متخصصة لصنع الحليب مما يبعدها‬
‫مبكرا ً من أن تتعرض للسرطان لنها خليا غير أولية ‪.‬‬
‫قرار المؤتمر العالمى عن سرطان الثدي عند النساء بوجود العلقة بين‬
‫عملية الجهاض و نشوء سرطان الثدي ‪:‬‬
‫تم أول مؤتمر عالمى عن سرطان الثدي فى كنكستون فى كندا سنة ‪1997‬‬
‫و كان مساعدا ً فى تنظيمة جمعية المرأة العالمية للحفاظ على الطبيعة و‬
‫النمو ‪ ،‬وقدم الدكتور وهو اخصائى معروف في علم الغدد الصماء فى جامعة‬
‫‪ City University‬فى أمريكا ‪ Endocrinology Joel Brind prof.of‬وأيضا هو‬
‫رئيس تحرير المجلة الطبية الدورية و الجهاض – سرطان الثدي ‪ ,‬قدم بحثا ً‬
‫مفصل ً في المؤتمر وأثبت بوضوح العلقة مابين الجهاض و سرطان الثدي ‪.‬‬
‫و بعد مرور سنة ‪ 1998‬نشر المؤتمر العالمي تقريره العلمي للعالم و الذى‬
‫دعا فيه بجدية إلى العمل لمنع الصابة بسرطان الثدي و كان مما ذكر فى‬

‫‪170‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫التقرير ‪:‬‬
‫تتعرض المرأة اليوم إلى نسبة عالية من هرمون الستروجين خلل حياتها‬
‫أكثر مما كانت عليه فى الجيال السابقة ‪ ،‬والحقيقة أن المرأة اليوم تتعرض‬
‫كثيرا ً إلى كمية أكبر من الستروجين الطبيعي و الصناعي نتيجة لستعمال‬
‫حبوب منع الحمل ‪ ،‬تأخير الحمل أو عدم الحمل وعدم الرضاعة و الجهاض‬
‫والغذاء الغني باللحوم و الدهنيات و المواد الحيوانية والهرمونات المعوضة‬
‫والتي توصف وتعطى عند سن اليأس ‪ ،‬كل هذة المور تزيد من نسبة‬
‫الستروجين وسرطان الثدي ‪...‬‬
‫لذلك قبل استيراد و قبول أي شعار مثل شعار الحقوق النجابية أو الصحة‬
‫النجابية يجب على كل امرأة فى العالم أن تعرف حقها فى معرفة العواقب‬
‫والخطار و الضرار لي قرار تختاره ‪,,,‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ما يراه الخاطب من خطيبته‬


‫السؤال ‪:‬‬
‫هل يجوز للفتاة المحجبة أن تخلع حجابها لشاب أتى ليراها أول مرة قبل أن‬
‫يخطبها أو بالحرى ليقرر هل يخطبها أو ل ؟‬
‫الجواب ‪:‬‬
‫أقول مستعينا ً بالله تعالى ‪:‬‬
‫من الثابت مشروعّية نظر الخاطب إلى المرأة التي يريد خطبتها ‪ ،‬بل‬
‫ي صلى الله عليه و سّلم به ‪ ،‬فقد روى‬ ‫استحباب ذلك امتثال ً لمر النب ّ‬
‫ة رضي‬ ‫شعْب َ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫ْ‬
‫مِغيَرةِ ب ْ ِ‬
‫ن ال ُ‬
‫النسائي و ابن ماجة و أحمد عَ ِ‬ ‫َ‬
‫سنه و‬ ‫الترمذي و ح ّ‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ى صلى الله عليه وسلم ‪ » :‬ان ْظْر إ ِلي َْها‬ ‫مَرأة ً فَ َ‬
‫قا َ‬ ‫َ‬
‫ل الن ّب ِ ّ‬ ‫با ْ‬ ‫خط َ‬ ‫ه َ‬
‫َ‬
‫الله عنه أن ّ ُ‬
‫فَإن َ‬
‫ما « ‪.‬‬ ‫م ب َي ْن َك ُ َ‬ ‫ن ي ُؤْد َ َ‬‫حَرى أ ْ‬ ‫هأ ْ‬‫ِّ ُ‬
‫و روى مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال ‪ :‬كنت عند النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من النصار ‪ ،‬فقال له رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬أنظرت إليها ( قال ‪ :‬ل ‪ ،‬قال ‪ » :‬فاذهب فانظر‬
‫إليها ؛ فإن في أعين النصار شيئا « ‪.‬‬
‫قال المام النووي رحمه الله في شرح هذا الحديث ‪ ) :‬فيه استحباب النظر‬
‫إلى وجه من يريد تزوجها ‪ ,‬و هو مذهبنا و مذهب مالك و أبي حنيفة و سائر‬
‫الكوفيين و أحمد و جماهير العلماء ‪ ...‬ثم إنه إنما يباح له النظر إلى وجهها و‬
‫كفيها فقط لنهما ليسا بعورة ‪ ,‬و لنه يستدل بالوجه على الجمال أو ضده ‪ ,‬و‬
‫بالكفين على خصوبة البدن أو عدمها ‪ .‬هذا مذهبنا و مذهب الكثرين ‪ .‬و قال‬
‫الوزاعي ‪ :‬ينظر إلى مواضع اللحم ‪ ,‬و قال داود ‪ :‬ينظر إلى جميع بدنها ‪ ,‬و‬
‫هذا خطأ ظاهر منابذ لصول السنة و الجماع ( ‪.‬‬
‫و ذكر الحافظ شمس الدين ابن القيم رحمه الله ] في حاشيته ‪: [ 68 / 6 :‬‬
‫عن أحمد ثلث روايات فيما يجوز للخاطب أن ينظر إليه من جسم المخطوبة‬
‫؛ فقال ‪ ) :‬إحداهن ‪ :‬ينظر إلى وجهها و يديها ‪ ،‬و الثانية ‪ :‬ينظر إلى ما يظهر‬
‫غالبا كالرقبة و الساقين و نحوهما و الثالثة ‪ :‬ينظر إليها كلها عورة و غيرها‬
‫فإنه نص على أنه يجوز أن ينظر إليها متجردة ( ‪.‬‬
‫فين فقط‬ ‫ن من حصر نظر الخاطب إلى مخطوبته في الوجه و الك ّ‬ ‫و عليه فإ ّ‬
‫مذهب جمهور أهل العلم ‪ ،‬و من أباح له النظر إلى‬ ‫هب َ‬ ‫راعى الحوط ‪ ،‬و ذ َ َ‬
‫سع و أفَرط ‪ ،‬إذ‬ ‫سائر جسمها و هي متجّردة كما قال داوود الظاهري فقد تو ّ‬

‫‪171‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫دم للخطبة و بين الزوج بعد الدخول في ما يجوز له‬ ‫ل َفرق عنده بين ما المتق ّ‬
‫النظر إليه ‪.‬‬
‫و أوسط القوال هو المذهب الوسط عند الحنابلة ‪ ،‬و هو جواز النظر إلى ما‬
‫سها ‪ -‬غالبا ً كالرقبة و الساقين و نحوهما‬
‫جن ِ‬
‫يظهر منها – أمام محارمها و بنات ِ‬
‫ي أو‬
‫‪ ،‬و يدخل في ذلك شعرها ‪ ،‬إذا كان ذلك بمقدار الحاجة و في حضور ول ّ‬
‫محَرم ‪.‬‬‫َ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫و الذي أراه درءا للمفاسد ‪ ،‬و سدا للذرائع ‪ ،‬هو التمسك بمذهب الجمهور ‪ ،‬و‬
‫سع في هذا الباب ‪ ،‬خشية الفتنة ‪ ،‬و الله أعلم ‪.‬‬ ‫دم التو ّ‬‫ع َ‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ما يعتقده المسلم في أسماء الله وصفاته‬


‫سئل سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ـ‬
‫رحمه الله ـ ما هي عقيدتكم التي تدينون الله بها في أسماء الله وصفاته ‪،‬‬
‫وبخاصة في إثبات صفة العلو لربنا تبارك وتعالى ـ باختصار ـ بارك الله فيكم‬
‫وفي علمكم ؟‬
‫عقيدتي التي أدين الله بها ‪ ،‬وأسأله سبحانه أن يتوفاني عليها‪ :‬هي اليمان‬
‫بأنه سبحانه هو الله الحق المستحق للعبادة‪ ،‬وأنه سبحانه فوق العرش‪ ،‬قد‬
‫استوى عليه استواًء يليق بجلله وعظمته بل كيف‪ ،‬وأنه سبحانه يوصف بالعلو‬
‫فوق جميع الخلق‪ ،‬كما قال سبحانه‪ ) :‬الرحمن على العرش استوى(]طه‪،[5/‬‬
‫وقال عز وجل‪ ) :‬إن ربكم الله الذي خلق السموات والرض في ستة أيام ٍ ثم‬
‫استوى على العرش(]العراف‪ ،[54/‬وقال عز وجل في آخر آية الكرسي‪:‬‬
‫ؤود ُه ُ حفظهما وهو العلي العظيم (]البقرة‪ ،[255/‬وقال عز وجل‪:‬‬ ‫) ول ي َ ُ‬
‫) فالحكم لله العلي الكبير (]غافر‪ ،[12/‬وقال سبحانه‪) :‬إليه يصعد الكلم‬
‫الطيب والعمل الصالح يرفعه (]فاطر‪ ، [10/‬واليات في هذا المعنى كثيرة ‪.‬‬
‫وأومن بأنه سبحانه له السماء الحسنى والصفات العلى‪ ،‬كما قال عز وجل‪) :‬‬
‫ولله السماء الحسنى فادعوه بها (]العراف‪.[180/‬‬
‫والواجب على جميع المسلمين هو اليمان بأسمائه وصفاته الواردة في‬
‫الكتاب العزيز والسنة الصحيحة‪ ،‬وإثباتها له سبحانه على الوجه اللئق بجلله‬
‫من غير تحريف ول تعطيل‪ ،‬ول تكييف‪ ،‬ول تمثيل‪ ،‬كما قال سبحانه‪ ) :‬ليس‬
‫كمثله شيٌء وهو السميع البصير (]الشورى‪ ، [11/‬وقال عز وجل‪) :‬فل‬
‫تضربوا لله المثال إن الله يعلم وأنتم ل تعلمون (]النحل‪ ،[74/‬وقال سبحانه‪:‬‬
‫وا أحد (‬ ‫) قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له ك ُ ُ‬
‫ف ً‬
‫]الخلص‪1/‬ـ ‪. [4‬‬
‫وهي توقيفية ل يجوز إثبات شيء منها لله إل بنص من القرآن أو من السّنة‬
‫الصحيحة‪ ،‬لنه سبحانه أعلم بنفسه وبما يليق به‪ ،‬ورسوله ـ صلى الله عليه‬
‫وسلم ـ هو أعلم الناس به‪ ،‬وهو المبلغ عنه‪ ،‬ول ينطق عن الهوى كما قال‬
‫الله سبحانه‪ ) :‬والنجم إذا هوى * ما ضل صاحبكم وما غوى * وما ينطق عن‬
‫ي يوحى (]النجم‪1/‬ـ ‪. [4‬‬
‫الهوى * إن هو إل وح ٌ‬
‫وأومن بأن القرآن كلمه عز وجل‪ ،‬وليس بمخلوق‪ ،‬وهذا قول أهل السّنة‬
‫والجماعة من أصحاب النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ومن بعدهم‪.‬‬
‫وأومن بكل ما أخبر الله به ورسوله من أمر الجنة‪ ،‬والنار‪ ،‬والحساب‪،‬‬
‫والجزاء‪ ،‬وغير ذلك مما كان وما سيكون‪ ،‬مما دل عليه القرآن الكريم أو‬
‫جاءت به السّنة الصحيحة عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬

‫‪172‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫والله المسؤول أن يثبتنا وإياكم على دينه‪ ،‬وأن يعيذنا وسائر المسلمين من‬
‫مضلت الفتن ونزغات الشيطان ‪ ،‬وأن ينصر دينه ويعلي كلمته ‪ ،‬وأن يصلح‬
‫أحوال المسلمين جميًعا ‪ ،‬وأن يمنحهم الفقه في الدين ‪ ،‬وأن يجمع كلمتهم‬
‫على الحق ‪ ،‬وأن يوفق ولة أمرهم ‪ ،‬ويصلح قادتهم ‪ ،‬إنه ولي ذلك والقادر‬
‫عليه ‪ ،‬والسلم عليكم ورحمة الله وبركاته ‪.‬‬
‫مجموع فتاوى الشيخ ابن باز )‪(1/291‬‬
‫‪--------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫الفرق بين السماء والصفات‬
‫س ‪ :1‬ما الفرق بين السماء والصفات ؟‬
‫الجواب‪ :‬كل أسماء الله سبحانه مشتملة على صفات الله سبحانه تليق به‬
‫وتناسب كماله ‪ ،‬ول يشبهه فيها شيء ‪ ،‬فأسماؤه سبحانه أعلم عليه ونعوت‬
‫له عز وجل ‪ ،‬ومنها ‪ :‬الرحمن ‪ ،‬الرحيم ‪ ،‬العزيز ‪ ،‬الحكيم ‪ ،‬الملك ‪ ،‬القدوس ‪،‬‬
‫السلم ‪ ،‬المؤمن ‪ ،‬المهيمن ‪ ..‬إلى غير ذلك من أسمائه سبحانه الواردة في‬
‫كتابه الكريم وفي سّنة رسوله المين ‪.‬‬
‫فالواجب إثباتها له سبحانه على الوجه اللئق بجلله ؛ من غير تحريف ول‬
‫تعطيل ‪ ،‬ومن غير تكييف ول تمثيل ‪ .‬وهذا هو معنى قول أئمة السلف ‪-‬‬
‫كمالك والثوري والوزاعي وغيرهم ‪ -‬أمروها كما جاءت بل كيف ‪ .‬والمعنى أن‬
‫الواجب إثباتها لله سبحانه على الوجه اللئق به سبحانه‪.‬‬
‫أما كيفيتها فل يعلمه إل الله سبحانه ‪ ،‬ولما سئل مالك رحمه الله عن قوله‬
‫تعالى‪ ) :‬الرحمن على العرش استوى ( )طه ‪ . ( 5 :‬كيف استوى ؟ أجاب‬
‫رحمه الله بقوله ‪ :‬الستواء معلوم ‪ ،‬والكيف مجهول ‪ ،‬واليمان به واجب‬
‫والسؤال عنه بدعة ‪ .‬يعني بذلك رحمه الله‪ :‬السؤال عن الكيفية ‪ ..‬وقد روي‬
‫هذا المعنى عن شيخ ربيعة ابن أبي عبد الرحمن ‪ ،‬وعن أم سلمة رضي الله‬
‫عنها ‪.‬‬
‫وهو قول أئمة السلف جميًعا ‪ ،‬كما نقله عنهم غير واحد من أهل العلم ‪،‬‬
‫ومنهم شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله في " العقيدة الواسطية " وفي‬
‫"الحمودية" و " التدمرية " وفي غيرها من كتبه رحمه الله ‪ .‬هكذا نقله عنهم‬
‫العلمة ابن القيم رحمه الله في كتبه المشهورة‪ ،‬ونقله عنهم قبل ذلك أبو‬
‫الحسن الشعري رحمه الله‪.‬‬
‫مجموع فتاوى الشيخ ابن باز )‪(1/294‬‬
‫من رأي عدم التحدث عن توحيد السماء والصفات‬
‫س ‪ :2‬هناك طائفة من المنتسبين للدعوة السلمية يرون عدم التحدث عن‬
‫توحيد السماء والصفات بحجة أنه يسبب فرقة بين المسلمين ‪ ،‬ويشغلهم‬
‫عن واجبهم وهو الجهاد السلمي ‪ .‬ما مدى صحة تلك النظرة؟‬

‫)‪(1 /‬‬

‫الجواب ‪ :‬هذه النظرة خاطئة ‪ ،‬فقد أوضح الله سبحانه وتعالى في كتابه‬
‫وه بذلك ليعلمها المؤمنون‪ ،‬ويسموه بها‪ ،‬ويصفوه‬ ‫الكريم أسمائه وصفاته‪ ،‬ون ّ‬
‫بها ويثنوا عليه بها سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫وقد تواترت الحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبه وفي‬
‫أحاديثه مع أصحابه‪ ،‬بذكره لسماء الله وصفاته‪ ،‬وثنائه على الله بها‪ ،‬وحثه‬
‫على ذلك عليه الصلة والسلم‪.‬‬
‫فالواجب على أهل العلم واليمان أن ينشروا أسماءه وصفاته‪ ،‬وأن يذكروها‬

‫‪173‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫في خطبهم ومؤلفاتهم ووعظهم وتذكيرهم‪ ،‬لن الله سبحانه بها ُيعرف‪ ،‬وبها‬
‫ُيعبد‪ ،‬فل يجوز الغفلة عنها‪ ،‬ول العراض عن ذكرها بحجة أن بعض العامة قد‬
‫يلتبس عليه المر‪ ،‬أو لن بعض أهل البدع قد يشوش على العامة في ذلك‪،‬‬
‫بل يجب كشف هذه الشبهة‪ ،‬وإبطالها‪ ،‬وبيان أن الواجب إثبات أسماء الله‬
‫وصفاته على الوجه اللئق بالله جل وعل‪ ،‬من غير تحريف ول تعطيل ول‬
‫تكييف ول تمثيل‪ ،‬حتى يعلم الجاهل الحكم في ذلك‪ ،‬وحتى يقف المبتدع عند‬
‫حده وتقام عليه الحجة‪.‬‬
‫وقد بّين أهل السنة والجماعة في كتبهم أن الواحب على المسلمين ‪ -‬ول‬
‫سيما أهل العلم ‪ -‬إمرار آيات الصفات وأحاديثها كما جاءت‪ ،‬وعدم تأويلها‬
‫وعدم تكييف صفات الله عز وجل‪ ،‬بل يجب أن تمر كما جاءت‪ ،‬مع اليمان‬
‫بأنها حق‪ ،‬وأنها صفات الله وأسماء له سبحانه‪ ،‬وأن معانيها حق موصوف بها‬
‫ربنا عز وجل على الوجه اللئق به؛ كالرحمن‪ ،‬والرحيم‪ ،‬والعزيز‪ ،‬والحكيم‪،‬‬
‫والقدير‪ ،‬والسميع‪ ،‬والبصير إلى غير ذلك‪.‬‬
‫فيجب أن تمر كما جاءت‪ ،‬مع اليمان بها‪ ،‬واعتقاد أنه سبحانه ل مثيل له‪ ،‬ول‬
‫شبيه له‪ ،‬ول كفو له سبحانه وتعالى‪ ،‬ولكن ل نكيفها لنه ل يعلم كيفية صفاته‬
‫إل هو‪ ،‬فكما أنه سبحانه له ذات ل تشبه الذوات‪ ،‬ول يجوز تكييفها‪ ،‬فكذلك له‬
‫صفات ل تشبه الصفات‪ ،‬ول يجوز تكييفها‪.‬‬
‫فالقول في الصفات كالقول في الذات يحتذى حذوه ويقاس عليه‪ ،‬هكذا قال‬
‫أهل السنة جميًعا من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم‬
‫رضي الله عنهم جميًعا ‪ ،‬قال سبحانه‪ ) :‬قل هو الله أحد‪ ،‬الله الصمد‪ ،‬لم يلد ‪،‬‬
‫وا أحد ( ) الخلص ‪ ،(4-1 :‬وقال سبحانه ‪) :‬ليس‬ ‫ولم يولد ‪ ،‬ولم يكن له كف ً‬
‫كمثله شيء وهو السميع البصير ( ) الشورى ‪ ،(11 :‬وقال عز وجل‪ ) :‬فل‬
‫تضربوا لله المثال إن الله يعلم وأنتم ل تعلمون ( ) النحل‪ ،( 74 :‬وقال‬
‫سبحانه‪ ) :‬ولله السماء الحسنى فادعوه بها ( )العراف ‪ ، ( 180 :‬واليات‬
‫في هذا المعنى كثيرة ‪.‬‬
‫مجموع فتاوى الشيخ ابن باز )‪(1/295‬‬
‫‪--------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫تأويل آيات الصفات‬
‫س ‪ :3‬ما حكم التأويل في الصفات ؟‬
‫الجواب‪ :‬التأويل في الصفات منكر ول يجوز‪ ،‬بل يجب إمرار الصفات كما‬
‫جاءت على ظاهرها اللئق بالله جل وعل؛ بغير تحريف ول تعطيل‪ ،‬ول تكييف‬
‫ول تمثيل‪.‬‬
‫فالله جل جلله أخبرنا عن صفاته وعن أسمائه‪ ،‬وقال‪ ) :‬ليس كمثله شيء‬
‫وهو السميع البصير ( ) الشورى ‪ ،( 11 :‬فعلينا أن نمرها كما جاءت‪ ،‬وهكذا‬
‫قال أهل السنة والجماعة‪ :‬أمروها كما جاءت بل كيف‪ ،‬أي أمروها كما جاءت‬
‫بغير تحريف لها ول تأويل ول تكييف‪ ،‬بل يقر بها كما جاءت على ظاهرها‪،‬‬
‫وعلى الوجه الذي يليق بالله جل وعل‪ ،‬ومن دون تكييف ول تمثيل؛ فيقال في‬
‫قوله تعالى‪ ) :‬الرحمن على العرش استوى ( ) طه ‪ ( 5 :‬وأمثالها من اليات‬
‫إنه استواء يليق بجلل الله وعظمته ‪ ،‬ل يشبه استواء المخلوقين ‪.‬‬
‫وهكذا يقال في العين‪ ،‬والسمع‪ ،‬والبصر‪ ،‬واليد‪ ،‬والقدم‪ ،‬وغير ذلك من‬
‫الصفات الثابتة لله جل وعل والواردة في النصوص الشرعية‪ ،‬وكلها صفات‬
‫تليق بالله سبحانه‪ ،‬ل يشابهه فيها الخلق جل وعل وعلى هذا سار أهل العلم‬
‫من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم‪ ،‬ومن بعدهم من أئمة السنة؛‬
‫كالوزاعي الثوري ومالك وأبي حنيفة وأحمد وإسحاق وغيرهم من أئمة‬

‫‪174‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المسلمين رحمهم الله جميًعا‪.‬‬


‫ومن ذلك قوله تعالى في قصة نوح‪ ) :‬وحملناه على ذات ألواح ودسر تجري‬
‫بأعيننا ( )القمر‪ ،(13،14:‬وقوله سبحانه في قصة موسى‪ ) :‬ولتصنع على‬
‫عينى ( ) طه‪ : (39 :‬فسرها أهل السنة بأن المراد بقوله سبحانه‪ ) :‬تجري‬
‫بأعيننا (‪ :‬أي أنه سبحانه سيرها برعايته جل وعل‪ ،‬حتى استوت على الجودي‪،‬‬
‫وهكذا قوله في قصة موسى‪ ) :‬ولُتصنع على عينى ( أي على رعايته‬
‫سبحانه ‪ ،‬وتوفيقه للقائمين على تربيته عليه الصلة والسلم ‪.‬‬
‫وهكذا قوله سبحانه للنبي صلى الله عليه وسلم‪ ) :‬واصبر لحكم ربك فإنك‬
‫بأعيننا ( ) الطور ‪ ( 48 :‬أي أنك تحت كلءتنا وعنايتنا وحفظنا‪ ،‬وليس هذا كله‬
‫من التأويل‪ ،‬بل ذلك من التفسير المعروف في لغة العرب وأساليبها‪.‬‬
‫ومن ذلك الحديث القدسي‪ ،‬وهو قول الله سبحانه‪ " :‬من تقرب إلي شبًرا‬
‫عا‪ ،‬ومن أتاني يمشي‬ ‫عا تقربت إليه با ً‬
‫عا‪ ،‬ومن تقّرب إلي ذرا ً‬ ‫تقربت إليه ذرا ً‬
‫أتيته هروله( يمر كما جاء عن الله سبحانه وتعالى‪ ،‬من غير تحريف ول تكييف‬
‫ول تمثيل‪ ،‬بل على الوجه الذي أراده الله سبحانه وتعالى‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫وهكذا نزوله سبحانه في آخر الليل‪ ،‬وهكذا السمع والبصر‪ ،‬والغضب والرضا‪،‬‬
‫والضحك‪ ،‬والفرح‪ ،‬وغير ذلك من الصفات الثابتة‪ ،‬كلها تمر كما جاءت على‬
‫الوجه الذي يليق بالله من غير تكييف‪ ،‬ول تحريف‪ ،‬ول تعطيل‪ ،‬ول تمثيل‪،‬‬
‫عمل ً بقوله سبحانه‪ ) :‬ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ( ) الشورى‪:‬‬
‫‪ ،(11‬وما جاء في معناها من اليات‪.‬‬
‫أما التأويل للصفات وصرفها عن ظاهرها فهو مذهب أهل البدع من الجهمية‬
‫والمعتزلة ‪ ،‬ومن سار في ركابهم ‪ ،‬وهو مذهب باطل أنكره أهل السنة‬
‫والجماعة ‪ ،‬وتبرؤوا منه ‪ ،‬وحذروا من أهله ‪ .‬والله ولي التوفيق‪.‬‬
‫مجموع فتاوى الشيخ ابن باز )‪(1/297‬‬
‫تفسير قوله تعالى ) الله نور السموات والرض (‬
‫س ‪ :4‬أريد من سماحتكم تفسير قوله تعالى‪ ) :‬الله نور السموات والرض (‪.‬‬
‫الجواب ‪ :‬معنى الية الكريمة عند العلماء ‪ :‬أن الله سبحانه منورها ‪ ،‬فجميع‬
‫النور الذي في السموات والرض‪ ،‬ويوم القيامة كان من نوره سبحانه‪.‬‬
‫والنور نوران‪:‬‬
‫نور مخلوق‪ :‬وهو ما يوجد في الدنيا والخرة وفي الجنة وبين الناس الن؛ من‬
‫نور القمر والشمس والنجوم‪ .‬وهكذا نور الكهرباء والنار كله مخلوق‪ ،‬وهو من‬
‫خلقه سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫أما النور الثاني‪ :‬فهو غير مخلوق‪ ،‬بل هو من صفاته سبحانه وتعالى‪ .‬والله‬
‫سبحانه وبحمده بجميع صفاته هو الخالق وما سواه مخلوق‪ ،‬فنور وجهه عز‬
‫وجل ونور ذاته سبحانه وتعالى كلهما غير مخلوق‪ ،‬بل هما صفة من صفاته‬
‫جل وعل‪.‬‬
‫وهذا النور العظيم وصف له سبحانه‪ ،‬وليس مخلوًقا بل هو صفة من صفاته؛‬
‫كسمعه وبصره ويده‪ ،‬وقدمه وغير ذلك من صفاته العظيمة سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫وهذا هو الحق الذي درج عليه أهل السنة والجماعة‪.‬‬
‫مجموع فتاوى الشيخ ابن باز )‪(1/308‬‬
‫‪--------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫ولله المشرق والمغرب‬

‫‪175‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫س ‪ :5‬هل قول الله تعالى‪ ) :‬ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه‬
‫الله ( من آيات الصفات أم ل ؟ جزاكم الله خيًرا ‪.‬‬
‫الجواب‪ :‬بسم الله والحمد لله ‪ ..‬نعم هذه الية من آيات الصفات؛ من جهة‬
‫أن الله له وجه‪ ،‬كما قال‪ ) :‬ويبقى وجه ربك ذو الجلل والكرام ( والواجب‬
‫إثبات الوجه لله‪ ،‬والوجه اللئق بالله سبحانه وتعالى‪ ) :‬كل شي هالك إل‬
‫وجهه ( ‪.‬‬
‫وهي من آيات القبلة؛ من جهة أن المؤمن يستقبل أي جهة إذا خفي عليه‬
‫المر‪ ،‬فيجتهد ويصلي لي جهة ظن أنها قبلة‪ ،‬ويجزيه ذلك ففي السفار قد‬
‫تشتبه المور‪ ،‬فإذا اجتهد وظن أن القبلة في جهة معينة حسب اجتهاده‬
‫وصلى فل حرج عليه‪ ،‬والحمد لله ) فثم وجه الله ( جل وعل أمام المصلي‬
‫فإن الله قبل وجهه أينما كان‪.‬‬
‫وهو فوق عرشه وفوق جميع خلقه سبحانه وتعالى‪ ،‬لن صفات الله ل تشابه‬
‫صفات المخلوقين‪ ،‬وهو سبحانه فوق العرش فوق جميع الخلق‪ ،‬وأينما توجه‬
‫العباد فهم إليه سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫مجموع فتاوى الشيخ ابن باز )‪(1/309‬‬
‫‪--------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫إثبات اليد والقدرة جميًعا لله سبحانه وتعالى‬
‫س ‪ :6‬من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الخ المكرم الشيخ ‪..‬‬
‫وفقه الله آمين ‪.‬‬
‫سلم عليكم ورحمة الله وبركاته ‪ ..‬وبعد ‪:‬‬
‫اطلعت على ما ذكرتم في الرسالة المرفقة من جهة كلم الحافظ ابن حجر‬
‫على قول عبد الله بن مسعود ‪ " :‬والذي نفسي بيده ‪ ..‬إلخ ( وأن المراد باليد‬
‫القدرة‪ ،‬وفهمته‪ .‬ول شك أنه كلم ناقص مخالف لما عليه أهل السّنة‬
‫والجماعة‪.‬‬
‫والصواب ‪ :‬أن ما ورد في هذا من الحاديث والثار يراد به إثبات اليد والقدرة‬
‫جميًعا‪ ،‬فهي تدل على أن بيده كل شيء _سبحانه_ وله القدرة الكاملة ‪ ،‬كما‬
‫تدل على إثبات اليد له سبحانه على الوجه اللئق به‪ ،‬من غير أن يشابه خلقه‬
‫في شيء من صفاته‪.‬‬
‫وقد دل على هذا المعنى قوله تعالى في سورة المائدة‪ ) :‬بل يداه‬
‫مبسوطتان ( ) المائدة ‪ ،(64 :‬وقوله سبحانه في سورة ص‪ ) :‬ما منعك أن‬
‫تسجد لما خلقت بيدي ( )ص ‪ ،(75 :‬وقوله صلى الله عليه وسلم‪ ] :‬إن الله‬
‫يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء‬
‫الليل[‪ ،‬وقوله صلى الله عليه وسلم‪ " :‬يطوي الله السموات يوم القيامة ثم‬
‫يأخذهن بيده اليمنى ثم يقول‪ :‬أنا الملك أين الجبارون أين المستكبرون ثم‬
‫يطوي الرضين السبع ثم يأخذهن بشماله ثم يقول‪ :‬أنا الملك أين الجبارون‬
‫أين المتكبرون " واليات والحاديث في هذا المعنى كثيرة‪.‬‬
‫وأما السؤال عن قول الحافظ في الرد على من قال إن حرف )ل( في‬
‫قوله ‪) :‬ل أقسم( أنها زائدة ‪ ،‬وتعقب بأنها ل تزاد إل في أثناء الكلم ‪ ،‬وأجيب‬
‫بأن القرآن كله كالكلم الواحد‪.‬‬
‫سا في مثل هذا الكلم من جهة أن القرآن كله كلم‬ ‫والجواب ‪ :‬أني ل أعلم بأ ً‬
‫ضا‪ ،‬ويدل بعضه على بعض‪،‬‬ ‫الله‪ ،‬وكله محترم ومعظم‪ ،‬وكله يفسر بعضه بع ً‬
‫لكن ليس هذا الجواب بسديد‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫‪176‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫والصواب أنها تزاد حيث وضح المعنى ولو كان ذلك في أول الكلم‪ ،‬كما في‬
‫قوله تعالى في آخر سورة الحديد‪ ) :‬لئل يعلم أهل الكتب ( ) الحديد ‪،(29 :‬‬
‫ل ما حرم ربكم عليكم أل‬ ‫وقوله تعالى في سورة النعام‪ ) :‬قل تعالوا ات ُ‬
‫تشركوا به شيًئا ( ) النعام‪ (151 :‬وما أشبه ذلك‪ ،‬وهكذا قوله سبحانه‪ ) :‬ل‬
‫أقسم بيوم القيامة ( ) القيامة ‪ (1:‬و ) ل اقسم بهذا البلد ( ) البلد‪ ( 1:‬المراد‬
‫بذلك في هاتين اليتين وأمثالهما نفي ما يقوله المشركون من التعلق على‬
‫غير الله‪ ،‬والتقرب إلى آلهتهم بأنواع العبادة ليشفعوا لهم عند الله‪ ،‬وإنكارهم‬
‫المعاد‪ .‬ثم أثبت بعد ذلك إقسامه سبحانه بما أقسم به من يوم القيامة‬
‫والنفس اللوامة في السورة الولى‪ ،‬وبالبلد المين وما بعده في السورة‬
‫الثانية‪ ،‬على ما ذكره سبحانه بعد ذلك في السورتين‪.‬‬
‫ويجوز أن يقال‪ :‬إن هذا الحرف جيء به للفتتاح ل لنفي شيء‪ ،‬كما في‬
‫الحروف المقطعة الخرى في أول السور؛ نحو ) الم ( و ) الر( و)حم (‬
‫وأشباه ذلك‪ .‬وهذا هو معنى ما ذكره المام ابن جرير والحافظ ابن كثير‪.‬‬
‫وأما ما رواه الحافظ عمر بن شبة في تاريخ المدينة‪ ،‬من قول عمر رضي‬
‫الله عنه‪ :‬أنه وجد عبد الله بن عمر ريح شراب ‪ ..‬إلخ ‪.‬‬
‫فالصواب ‪ :‬أنه عبيد الله وليس عبد الله المشهور‪ ،‬ولكن وقع في اسمه‬
‫تصحيف كما تدل على ذلك روايات أخرى بّينت أنه عبيد الله بن المصغر‪ ،‬هو‬
‫تابعي وليس بصحابي غفر الله للجميع ‪ .‬والسلم عليكم ورحمة الله وبركاته ‪.‬‬
‫مجموع فتاوى الشيخ ابن باز )‪(1/310‬‬
‫‪--------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫معنى المثل العلى‬
‫س ‪ :7‬قوله سبحانه‪ ) :‬وله المثل العلى في السموات والرض()الروم‪(27:‬‬
‫هل المثل يعني الشبيه؟‬
‫الجواب ‪ :‬يعني المثل العلى‪ :‬الوصف العلى من كل الوجوه‪ ،‬فهو سبحانه‬
‫الموصوف بالكمال المطلق من كل الوجوه‪ ،‬كما قال سبحانه‪ ) :‬ليس كمثله‬
‫شيء وهو السميع البصير ( ) الشورى ‪ ،(11 :‬وقال سبحانه‪ ) :‬قل هو الله‬
‫وا أحد ( ) الخلص ‪-1 :‬‬ ‫أحد‪ ،‬الله الصمد‪ ،‬لم يلد‪ ،‬ولم يولد ‪ ،‬ولم يكن له كف ً‬
‫‪ . ( 4‬والله ولي التوفيق‪.‬‬
‫مجموع فتاوى الشيخ ابن باز )‪(1/312‬‬
‫‪--------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫الحق في معنى الساق‬
‫س ‪ :8‬طالب يسأل ويقول‪ :‬ما هو الحق في تفسير قوله تعالى‪ ) :‬يوم يكشف‬
‫عن ساق ويدعون إلى السجود فل يستطيعون ( ) القلم‪.(42:‬‬
‫الجواب‪ :‬الرسول صلى الله عليه وسلم فسرها بأن المراد يوم يجيء الرب‬
‫يوم القيام يكشف لعباده المؤمنين عن ساقه‪ ،‬وهي العلمة التي بينه وبينهم‬
‫سبحانه وتعالى‪ ،‬فإذا كشف عن ساقه عرفوه وتبعوه ‪ ..‬وإن كانت الحرب‬
‫يقال لها ‪ :‬كشفت عن ساق‪ ،‬إذا اشتدت‪ ،‬وهذا معنى معروف لغوًيا قاله أئمة‬
‫اللغة ‪ -‬ولكن في الية الكريمة يجب أن يفسر بما جاء في الحديث الشريف‪،‬‬
‫وهو كشف الرب عن ساقه سبحانه وتعالى‪ ،‬وهذه من الصفات التي تليق‬
‫بجلل الله وعظمته‪ ،‬ل يشابهه فيها أحد جل وعل‪.‬‬
‫وهكذا سائر الصفات كالوجه‪ ،‬واليدين‪ ،‬والقدم ‪ ،‬والعين‪ ،‬وغير ذلك من‬
‫الصفات الثابتة بالنصوص‪ ،‬ومن ذلك‪ :‬الغضب‪ ،‬والمحبة‪ ،‬والكراهة‪ ،‬وسائر ما‬
‫وصف به نفسه سبحانه في الكتاب العزيز‪ ،‬وفيما أخبر به عنه النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم كلها صفات حق‪ ،‬وكلها تليق بالله جل وعل‪ ،‬ل يشابهه فيها‬

‫‪177‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أحد سبحانه وبحمده‪ ،‬كما قال تعالى‪ ) :‬ليس كمثله شيء وهو السميع البصير‬
‫( ) الشورى‪ ،( 11 :‬وقال تعالى‪ ) :‬قل هو الله أحد‪ ،‬الله الصمد‪ ،‬لم يلد ولم‬
‫يولد ‪ ،‬ولم يكن له كفوا ً أحد () الخلص ‪ ، ( 4-1 :‬وهذا هو قول أهل السنة‬
‫والجماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن تبعهم بإحسان من‬
‫أئمة العلم والهدى ‪ ..‬والله الموفق ‪.‬‬
‫مجموع فتاوى الشيخ ابن باز )‪(1/317‬‬
‫‪--------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫منوا مكر الله ‪( ..‬‬‫معنى قول الله تعالى ‪ ) :‬أفأ ِ‬
‫س ‪ :9‬ما معنى قول الحق تبارك وتعالى‪ ) :‬أفأمنوا مكر الله فل يأمن مكر‬
‫الله إل القوم الخاسرون ( )العراف ‪ ( 99 :‬؟‬
‫الجواب‪ :‬هذه الية العظيمة يحذر الله فيها سبحانه عباده من المن من‬
‫مكره‪ ،‬فيقول سبحانه‪) :‬أفأمنوا مكر الله فل يأمن مكر الله إل القوم‬
‫الخاسرون ( المقصود من هذا تحذير العباد من المن من مكره؛ بالقامة‬
‫على معاصيه‪ ،‬والتهاون بحقه‪.‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫والمراد من مكر الله بهم‪ :‬كونه يملي لهم ويزيدهم من النعم والخيرات وهم‬
‫مقيمون على معاصيه وخلف أمره‪ ،‬فهم جديرون بأن يؤخذوا على غفلتهم‪،‬‬
‫ويعاقبوا على غرتهم‪ ،‬بسبب إقامتهم على معاصيه وأمنهم من عقابه وغضبه‪،‬‬
‫كما قال سبحانه‪ ) :‬سنستدرجهم من حيث ل يعلمون‪ ،‬وأملي لهم إن كيدي‬
‫متين ( ) العراف ‪ ،( 183 -182 :‬وقال عز وجل‪ ) :‬ونقلب أفئدتهم‬
‫وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ونذرهم في طغيانهم يعمهون ( ) سورة‬
‫النعام ‪ ، (110 :‬وقال سبحانه‪ ) :‬فلما نسوا ما ُذكروا به فتحنا عليهم أبواب‬
‫كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون (‬
‫) النعام ‪ (44 :‬أي آيسون من كل خير‪.‬‬
‫فالواجب على المسلمين أل يقنطوا من رحمة الله ول يأمنوا من مكره‬
‫وعقبوته‪ ،‬بل يجب على كل مسلم أن يسير إلى الله سبحانه في هذه الدنيا ‪-‬‬
‫الدار الفانية ‪ -‬بين الخوف والرجاء‪ ،‬فيذكر عظمته وشدة عقابه إذا خالف‬
‫أمره‪ ،‬فيخافه ويخشى عقابه‪ ،‬ويذكر رحمته وعفوه ومغفرته وجوده وكرمه‪،‬‬
‫فيحسن به الظن‪ ،‬ويرجو كرمه وعفوه‪ ،‬والله الموفق سبحانه ل إله غيره ول‬
‫رب سواه‪.‬‬
‫مجموع فتاوى الشيخ ابن باز )‪(1/318‬‬
‫‪--------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫معنى كلمة اسمه تعالى " الظاهر"‬
‫س ‪ :10‬ما رأي سماحتكم في من قال في معنى اسم الله الظاهر‪ ،‬أي‬
‫الظاهر في كل شيء؟ هل يدخل هذا في القول بالحلول أم ل ؟ ؟‬
‫الجواب‪ :‬هذا باطل‪ ،‬لنه خلف ما فسر به النبي صلى الله عليه وسلم الية‬
‫الكريمة؛ فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال‪ ) :‬اللهم أنت الول‬
‫فليس قبلك شيء‪ ،‬وأنت الخر فليس بعدك شيء‪ ،‬وأنت الظاهر فليس‬
‫فوقك شيء‪ ،‬وأنت الباطن فليس دونك شيء‪ ،‬فاقض عني الدين وأغنني من‬
‫الفقر ( ) أخرجه مسلم ( فالظاهر معناها العالي فوق جميع الخلق‪.‬‬
‫ولكن آيات ودلئل وجوده وملكه وعلمه‪ ،‬موجوده في كل شيء‪ ،‬وأنه رب‬
‫العالمين وخالقهم ورازقهم‪ ،‬فأنت أيها النسان الذي أعطاك الله السمع‬

‫‪178‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫والبصر والعقل‪ ،‬وأعطاك هذا البدن‪ ،‬والدوات التي تبطش بها‪ ،‬وتمشي بها ‪-‬‬
‫من جملة اليات الدالة على أنه رب العالمين ‪ -‬وهكذا السماء والرض والليل‬
‫والنهار والمعادن والحيوانات وكل شيء‪ ،‬كلها آيات له سبحانه وتعالى تدل‬
‫على وجوده وقدرته وعلمه وحكمته‪ ،‬وأنه المستحق للعبادة‪ ،‬كما قال‬
‫الشاعر‪:‬‬
‫فواعجًبا كيف يعصي الله أم كيف يجحده الجاحد‬
‫وفي كل شيء آية تدل على أنه واحد‬
‫والله يقول جل وعل‪ ) :‬وإلهكم إله واحد ٌ ل إله إل هو الرحمن الرحيم (‬
‫) البقرة‪ ،(163 :‬ثم قال بعدها‪ ) :‬إن في خلق السموات والرض واختلف‬
‫الليل والنهار والفلك تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل الله من‬
‫السماء من ماء فأحيا به الرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف‬
‫الرياح والسحاب المسخر بين السماء والرض ليات لقوم ٍ يعقلون (‬
‫عا من مخلوقاته الدالة‬ ‫) البقرة ‪ ،( 164 :‬فأوضح سبحانه في هذه الية أنوا ً‬
‫على أنه سبحانه هو الله الحق‪ ،‬الذي ل تجوز العبادة لغيره سبحانه وتعالى‪،‬‬
‫فكل شيء له فيه آية ودليل على أنه رب العالمين‪ ،‬وأنه موجود‪ ،‬وأنه الخلق‪،‬‬
‫وأنه الرزاق‪ ،‬وأنه المستحق لن يعبد سبحانه وتعالى‪.‬‬
‫وأما معنى الظاهر فهو العالي فوق جميع الخلق‪ ،‬كما تقدم ذلك في الحديث‬
‫الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫مجموع فتاوى الشيخ ابن باز )‪(1/327‬‬
‫‪--------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫بداية الثلث الخير من الليل ونهايته‬
‫س ‪ :11‬ورد في الحديث ‪ " :‬ينزل الله سبحانه وتعالى كل ليلة إلى السماء‬
‫الدنيا في الثلث الخير من الليل " الحديث ‪ ،‬متى يبدأ الثلث الخير ومتى‬
‫ينتهي ؟‬
‫الجواب ‪ :‬قد تواترت الحاديث عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‬
‫بإثبات النزول ‪ ،‬وهو قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ " ينزل ربنا إلى سماء‬
‫الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الخر ‪ ،‬فيقول من يدعوني فأستجيب له ‪،‬‬
‫من يسألني فأعطيه ‪ ،‬من يستغفرني فأغفر له ‪. " ..‬‬
‫وقد أجمع أهل السّنة والجماعة على إثبات صفة النزول على الوجه الذي‬
‫يليق بالله سبحانه ‪ ،‬ل يشابه خلقه في شيء من صفاته ‪ ،‬كما قال سبحانه ‪) :‬‬
‫وا أحد (‬ ‫قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له ك ُ ُ‬
‫ف ً‬
‫]الخلص‪1/‬ـ ‪ ، [4‬وقال عز وجل ‪ ) :‬ليس كمثله شيٌء وهو السميع البصير (‬
‫]الشورى‪. [11/‬‬
‫فالواجب عند أهل السّنة والجماعة إمرار آيات الصفات وأحاديثها كما جاءت ؛‬
‫من غير تحريف ول تعطيل ‪ ،‬ول تكييف ‪ ،‬ول تمثيل ‪ ،‬مع اليمان بها ‪ ،‬واعتقاد‬
‫أن ما دلت عليه حق ‪ ،‬ليس في شيء منها تشبيه لله بخلقه ‪ ،‬ول تكييف‬
‫لصفته ‪ ،‬بل القول عندهم في الصفات كالقول في الذات ‪ ،‬فكما يثبت أهل‬
‫السنة والجماعة ذاته سبحانه بل كيف ‪ ،‬ول تمثيل ‪ ،‬فهكذا صفاته يجب إثباتها‬
‫بل كيف ‪ ،‬ول تمثيل ‪.‬‬

‫)‪(5 /‬‬

‫والنزول في كل بلد بحسبها ؛ لن نزول الله سبحانه ل يشبه نزول خلقه ‪،‬‬
‫وهو سبحانه يوصف بالنزول في الثلث الخير من الليل في جميع أنحاء العالم‬

‫‪179‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ ،‬على الوجه الذي يليق بجلله سبحانه ‪ ،‬ول يعلم كيفية نزوله إلى هو ‪ ،‬كما ل‬
‫يعلم كيفية ذاته إل هو عز وجل ‪ ) :‬ليس كمثله شيٌء وهو السميع البصير (‬
‫]الشورى‪ ، [11/‬وقال عز وجل ‪ ) :‬فل تضربوا لله المثال إن الله يعلم وأنتم‬
‫ل تعلمون (]النحل‪. [74/‬‬
‫وأول الثلث وآخره يعرف في كل زمان بحسبه ؛ فإذا كان الليل تسع ساعات‬
‫كان أول وقت النزول أول الساعة السابعة إلى طلوع الفجر ‪ ،‬وإذا كان الليل‬
‫اثنتي عشرة ساعة كان أول الثلث الخير أول الساعة التاسعة إلى طلوع‬
‫الفجر ‪ ،‬وهكذا بحسب طول الليل وقصره في كل مكان ‪ ،‬والله ولي‬
‫التوفيق ‪.‬‬
‫مجموع فتاوى الشيخ ابن باز )‪. (1/331‬‬
‫‪--------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫علو الرب سبحانه‬
‫من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الخ المكرم ‪ ..‬وفقه الله وزاده‬
‫من العلم واليمان آمين ‪.‬‬
‫السلم عليكم ورحمة الله وبركاته ‪ .‬وبعد‬
‫صل‪ ،‬وصلكم الله بهداه وما تضمنه من المور التية‪:‬‬ ‫كتابكم المطول‪ ،‬و َ‬
‫‪ -1‬قولك في صدر الكتاب ‪ :‬الله منّزه عن الجهة ‪ ،‬ول يحيط به مكان ‪.‬‬
‫‪ -2‬قولك ‪ :‬لفت نظري واسترعى انتباهي وأنا أتصفح كتاب " صراع بين الحق‬
‫والباطل " للستاذ سعد صادق ‪ ،‬ثم ذكرت ما احتج به على علو الله من‬
‫اليات والحاديث ‪ ،‬إلى أن قلت ‪ :‬ولست أدري ما الذي يجنيه ذلك المؤلف‬
‫وأمثاله من هذا العتقاد ‪ ،‬الذي يكون في الغالب مثاًرا للفتن والضطرابات ‪،‬‬
‫وتفريق الصفوف ؟ إلى أن قلت وخاصة وأن العامة يتمسكون بما في هذا‬
‫الكتاب ‪ ،‬ويعتقدون بأن الله موجود في السماء ‪ ..‬إلخ ‪ ،‬ثم ذكرت في آخر هذا‬
‫الكتاب أنك نقلت كلم الرازي والقرطبي والصاوي للحاطة ‪ ،‬ولعلي أرد عليها‬
‫‪.‬‬
‫والذي يظهر لي من كتابك هذا أنك لست متبصًرا في أمر العقيدة في باب‬
‫السماء والصفات ‪ ،‬وأنك في حاجة إلى بحث خاص ‪ ،‬وعناية بما يوضح لك‬
‫العقيدة الصحيحة ‪ ،‬وعليه فاعلم بارك الله فيك أن أهل السّنة والجماعة من‬
‫أصحاب الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ والتابعين لهم بإحسان ‪ ،‬مجمعون‬
‫على أن الله في السماء ‪ ،‬وأنه فوق العرش ‪ ،‬وأن اليدي ترفع إليه سبحانه‬
‫كما دلت على ذلك اليات والحاديث الصحيحة ‪.‬‬
‫كما أجمعوا أنه سبحانه غني عن العرش وعن غيره‪ ،‬وأن جميع المخلوقات‬
‫كلها فقيرة إليه‪ ،‬كما أجمعوا أنه سبحانه في جهة العلو؛ فوق العرش‪ ،‬وفوق‬
‫وا‬
‫جميع المخلوقات‪ ،‬وليس في داخل السماوات‪ ،‬تعالى الله عن ذلك عل ً‬
‫كبيًرا‪ ،‬بل هو سبحانه وتعالى فوق جميع المخلوقات‪ ،‬وقد استوى على عرشه‬
‫استواًء يليق بجلله وعظمته‪ ،‬ول يشابه خلقه في ذلك‪ ،‬ول في شيء من‬
‫صفاته‪ ،‬كما قال المام مالك ـ رحمه الله ـ لما سئل عن الستواء قال‪:‬‬
‫الستواء معلوم‪ ،‬والكيف مجهول‪ ،‬واليمان به واجب‪ ،‬والسؤال عنه بدعة ـ‬
‫يعني عن كيفية الستواء ـ ‪.‬‬
‫وهكذا قال أهل السنة ـ في جميع الصفات ـ مثل قول مالك‪ :‬المعاني معلومة‬
‫على حسب ما تقتضيه اللغة العربية التي خاطب الله بها العباد‪ ،‬والكيف‬
‫ن كاملة ثابتة‪ ،‬موصوف بها ربنا سبحانه‪ ،‬ل يشابه‬ ‫مجهول‪ ،‬وتلك المعاني معا ٍ‬
‫فيها خلقه‪ ،‬والكلم في هذا يحتاج إلى مزيد بسط‪ ،‬وسنفعل ذلك إن شاء الله‬
‫بعد وصولنا إلى المدينة‪ ،‬ونقرأ عليك كتابك وننبهك على ما فيه من أخطاء‪،‬‬

‫‪180‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ونوصيك بتدبر القرآن الكريم‪ ،‬واليمان بأن جميع ما دل عليه حق لئق بالله‬
‫سبحانه فيما يتعلق بباب السماء والصفات‪ ،‬كما أن جميع ما دل عليه حق في‬
‫جميع البواب الخرى‪ ،‬ول يجوز تأويل الصفات‪ ،‬ول صرفها عن ظاهرها اللئق‬
‫بالله‪ ،‬ول تفويضها بل هذا كله من اعتقاد أهل البدع‪.‬‬
‫أما أهل السّنة والجماعة فل يؤولون آيات الصفات وأحاديثها‪ ،‬ول يصرفونها‬
‫عن ظاهرها‪ ،‬ول يفوضونها‪ ،‬بل يعتقدون أن جميع ما دلت عليه من المعنى‬
‫كله حق ثابت لله لئق به سبحانه‪ ،‬ل يشابه فيه خلقه‪ ،‬كما قال سبحانه‪ ) :‬قل‬
‫وا أحد (‬ ‫هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له ك ُ ُ‬
‫ف ً‬
‫]الخلص‪1/‬ـ ‪ ،[4‬وقال سبحانه‪ ) :‬ليس كمثله شيٌء وهو السميع البصير (‬
‫]الشورى‪ ،[11/‬فنفى عن نفسه مماثلة الخلق ‪ ،‬وأثبت لنفسه السمع والبصر‬
‫على الوجه اللئق به ‪ ،‬وهكذا بقية الصفات ‪.‬‬

‫)‪(6 /‬‬

‫ضا بمطالعة جواب شيخ السلم ابن تيمية لهل حماة ‪ ،‬وجوابه‬ ‫ونوصيك أي ً‬
‫لهل تدمر ‪ ،‬ففي الجوابين خير عظيم ‪ ،‬وتفصيل لكلم أهل السنة ‪ ،‬ونقل‬
‫لبعض كلمهم ‪ ،‬ولسيما الحموية ‪ ،‬كما أن فيهما الرد الكافي على أهل‬
‫ضا بمطالعة العقيدة النونية ‪ ،‬ومختصر الصواعق المرسلة ‪،‬‬ ‫البدع ‪ ،‬ونوصيك أي ً‬
‫وكلهما للعلمة ابن القيم ـ رحمه الله ـ وفيهما من البيان واليضاح لقوال‬
‫أهل السنة والرد على أهل البدع ‪ ،‬ما لعلك ل تجده في غيرهما ‪ ،‬مع التحقيق‬
‫والعناية بإيضاح الدلة من الكتاب والسنة وكلم سلف المة ‪ ،‬والله المسؤول‬
‫أن يوفقنا وإياك للعلم النافع ‪ ،‬والعمل الصالح ‪ ،‬وأن يمنحنا جميًعا الفقه في‬
‫دينه ‪ ،‬والثبات عليه ‪ ،‬وأن يعيذنا جميًعا من زيغ القلوب ‪ ،‬ومضلت الفتن ‪ ،‬إنه‬
‫سميع قريب ‪ ،‬والسلم عليكم ورحمة الله وبركاته ‪.‬‬
‫مجموع فتاوى الشيخ ابن باز )‪(1/299‬‬
‫‪--------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫توضيح معاني بعض آيات الصفات‬
‫من عبد العزيز ابن عبد الله بن باز إلى حضرة الخ المكرم ‪ .‬سلمه الله ‪.‬‬
‫السلم عليكم ورحمة الله وبركاته ‪ ..‬وبعد ‪:‬‬
‫فأشير إلى كتابكم الذي جاء فيه ‪ :‬نرجو من فضيلتكم توضيح معاني اليات‬
‫الكريمة التالية ‪ :‬بسم الله الرحمن الرحيم ‪ ) :‬وهو الله في السموات وفي‬
‫سع‬
‫الرض يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون (]النعام‪ ، [3/‬والية ‪ ) :‬و ِ‬
‫ؤود ُه ُ حفظهما وهو العلي العظيم (]البقرة‪/‬‬ ‫ه السموات والرض ول ي ُ‬ ‫ُ‬
‫كرسي ّ ُ‬
‫ه وهو الحكيم‬ ‫ه وفي الرض إل ٌ‬ ‫‪ ، [255‬والية ‪ ) :‬وهو الذي في السماء إل ٌ‬
‫العليم (]الزخرف‪ ، [84/‬والية ‪ ) :‬ما يكون من نجوى ثلثةٍ إل هو رابعهم ول‬
‫سُهم ول أدنى من ذلك ول أكثر إل هو معهم أين ما كانوا ثم‬ ‫خمسةٍ إل هو ساد ُ‬
‫ينبئهم بما عملوا يوم القيامة إن الله بكل شيٍء عليم (]المجادلة‪. [7/‬‬
‫وحديث الجارية الذي رواه مسلم حينما سألها رسول الله ـ صلى الله عليه‬
‫وسلم ـ وقال ‪ " :‬أين الله ؟ " فقالت ‪ :‬في السماء ‪ ،‬وقال لها ‪ " :‬من أنا ؟ "‬
‫قالت ‪ :‬رسول الله ‪ ،‬قال الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ " أعتقها فإنه‬
‫مؤمنة " ‪.‬‬
‫نرجو توضيح معاني هذه اليات الكريمة ‪ ،‬وتوضيح معنى حديث رسول الله ـ‬
‫صلى الله عليه وسلم ـ للجارية ؟‬
‫وأفيدك بأن المعنى العام لليات الكريمات والحديث النبوي الشريف ‪ ،‬هو‬

‫‪181‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الدللة على عظمة الله سبحانه وتعالى ‪ ،‬وعلوه على خلقه ‪ ،‬وألوهيته لجميع‬
‫الخلئق كلها ‪ ،‬وإحاطة علمه وشموله لكل شيء ؛ كبيًرا كان أو صغيًرا ‪ ،‬سًرا‬
‫أو علًنا ‪ ،‬وبيان قدرته على كل شيء ‪ ،‬ونفي العجز عنه سبحانه وتعالى ‪.‬‬
‫سع كرسّيه السموات والرض (‬ ‫وأما المعنى الخاص لها ‪ :‬فقوله تعالى ‪ ) :‬و ِ‬
‫ففيها الدللة على عظمة الكرسي وسعته ‪ ،‬كما يدل ذلك على عظمة خالقه‬
‫ؤود ُه ُ حفظهما وهو العلي العظيم ( أي‬ ‫سبحانه وكمال قدرته ‪ ،‬وقوله ‪ ) :‬ول ي ُ‬
‫ل يثقله ول يكرثه حفظ السموات والرض ‪ ،‬ومن فيهما ‪ ،‬ومن بينهما ‪ ،‬بل‬
‫ذلك سهل عليه يسير لديه ‪ ،‬وهو القائم على كل نفس بما كسبت ‪ ،‬الرقيب‬
‫على جميع الشياء ‪ ،‬فل يعزب عنه شيء ول يغيب عنه شيء ‪ ،‬والشياء كلها‬
‫حقيرة بين يديه ‪ ،‬متواضعة ذليلة صغيرة بالنسبة إليه سبحانه ‪ ،‬محتاجة‬
‫ما يفعل‬‫وفقيرة إليه ‪ ،‬وهو الغني الحميد الفعال لما يريد ‪ ،‬الذي ل يسأل ع ّ‬
‫وهم ُيسألون ‪ ،‬وهو القاهر لكل شيء ‪ ،‬الحسيب على كل شيء ‪ ،‬الرقيب‬
‫العلي العظيم ل إله غيره ول رب سواه‪.‬‬
‫وقوله سبحانه ‪ ) :‬وهو الله في السموات وفي الرض يعلم سركم وجهركم‬
‫ويعلم ما تكسبون ( فيها الدللة على أن المدعو الله في السموات وفي‬
‫الرض ‪ ،‬ويعبده ويوحده ويقر له باللهية من في السموات ومن في الرض ‪،‬‬
‫ويسمونه الله ‪ ،‬ويدعونه رغًبا ورهًبا ‪ ،‬إل من كفر من الجن والنس ‪ ،‬وفيها‬
‫الدللة على سعة علم الله سبحانه ‪ ،‬واطلعه على عباده وإحاطته بما‬
‫يعملونه ؛ سواء كان سًرا أو جهًرا ‪ ،‬فالسر والجهر عنده سواء سبحانه وتعالى‬
‫‪ ،‬فهو يحصي على العباد جميع أعمالهم ‪ ،‬خيرها وشرها ‪.‬‬
‫ه وهو الحكيم‬ ‫ه وفي الرض إل ٌ‬ ‫وقوله سبحانه ‪ ) :‬وهو الذي في السماء إل ٌ‬
‫العليم ( معناها أنه سبحانه هو إله من في السماء وإله من في الرض ‪،‬‬
‫يعبده أهلهما ‪ ،‬وكلهم خاضعون له أذلء بين يديه إل من غلبت عليه الشقاوة ؛‬
‫فكفر بالله ولم يؤمن به ‪ ،‬وهو الحكيم في شرعه وقدره ‪ ،‬العليم بجميع‬
‫أعمال عباده سبحانه ‪.‬‬
‫وقوله سبحانه وتعالى ‪ ) :‬ألم تر أن الله يعلم ما في السموات وما في‬
‫الرض ما يكون من نجوى ثلثةٍ إل هو رابعهم ول خمسةٍ إل هو سادسهم ول‬
‫أدنى من ذلك ول أكثر إل هو معهم أين ما كانوا ثم ينبئهم بما عملوا يوم‬
‫القيامة إن الله بكل شيء عليم ( معناه أنه مطلع سبحانه على جميع عباده‬
‫أينما كانوا يسمع كلمهم وسرهم ونجواهم ويعلم أعمالهم ‪ ،‬ورسله من‬
‫ضا مع ذلك يكتبون ما يتناجون به ‪ ،‬مع‬ ‫الملئكة الكرام والكاتبين الحفظة أي ً‬
‫علم الله به وسمعه كله ‪.‬‬

‫)‪(7 /‬‬

‫والمراد بالمعية المذكورة في هذه الية عند أهل السّنة والجماعة معية علمه‬
‫سبحانه وتعالى ‪ ،‬فهو معهم بعلمه محيط بهم ‪ ،‬وبصره نافذ فيهم ‪ ،‬فهو‬
‫سبحانه وتعالى مطلع على خلقه ل يغيب عنه من أمورهم شيء ‪ ،‬مع أنه‬
‫سبحانه فوق جميع الخلق قد استوى على عرشه استواًء يليق بجلله وعظمته‬
‫‪ ،‬ل يشابه خلقه في شيء من صفاته ‪ ،‬كما قال عز وجل ‪ ) :‬ليس كمثله‬
‫شيٌء وهو السميع البصير (]الشورى‪ ، [11/‬ثم ينبئهم يوم القيامة بجميع‬
‫العمال التي عملوها في الدنيا ؛ لنه سبحانه بكل شيٍء عليم ‪ ،‬وبكل شيٍء‬
‫محيط ‪ ،‬عالم الغيب ‪ ،‬ل يعزب عن علمه مثقال ذرة في السموات ول في‬
‫ب مبين ‪.‬‬
‫الرض ‪ ،‬ول أصغر من ذلك ول أكبر إل في كتا ٍ‬

‫‪182‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أما حديث الجارية التي أراد سيدها إعتاقها كفارة لما حصل منه من ضربها ‪،‬‬
‫فقال لها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ‪ " :‬أين الله ؟ " قالت ‪ :‬في السماء ‪،‬‬
‫قال " من أنا ؟ " قالت ‪ :‬رسول الله ‪ ،‬قال ‪ " :‬اعتقها فإنها مؤمنة " ‪ .‬فإن‬
‫فيه الدللة على علو الله على خلقه ‪ ،‬وأن العتراف بذلك وبرسالته ـ صلى‬
‫سألت عنه ‪.‬‬ ‫الله عليه وسلم ـ دليل على اليمان ‪ ،‬هذا هو المعنى الموجز لما َ‬
‫والواجب على المسلم أن يسلك في هذه اليات وما في معناها من الحاديث‬
‫الصحيحة الدالة على أسماء الله وصفاته‪ ،‬مسلك أهل السّنة والجماعة‪ ،‬وهو‬
‫اليمان بها‪ ،‬واعتقاد صحة ما دلت عليه‪ ،‬وإثباته له سبحانه على الوجه اللئق‬
‫به؛ من غير تحريف‪ ،‬ول تعطيل‪ ،‬ول تكييف‪ ،‬ول تمثيل‪ ،‬وهذا هو المسلك‬
‫الصحيح الذي سلكه السلف الصالح واتفقوا عليه‪.‬‬
‫كما يجب على المسلم الذي يريد السلمة لنفسه تجنيبها الوقوع فيما يغضب‬
‫الله ‪ ،‬والعدول عن طريق أهل الضلل الذين يؤولون صفات الله ‪ ،‬أو ينفونها‬
‫وا كبيًرا ‪ ،‬نرفق لك‬ ‫ما يقول الظالمون والجاهلون عل ً‬ ‫عنه ‪ ،‬سبحانه وتعالى ع ّ‬
‫نسخة من العقيدة الواسطية لشيخ السلم ابن تيمية ‪ ،‬وشرحها للشيخ محمد‬
‫خليل الهراس ‪ ،‬لن فيها بحًثا موسًعا في الموضوع الذي سألت عنه ‪ ،‬ونسأل‬
‫الله أن يرزق الجميع العلم النافع والعمل به ‪ ،‬وأن يوفق الجميع لما يرضيه‬
‫إنه سميع مجيب ‪ ،‬والسلم عليكم ورحمة الله وبركاته ‪.‬‬
‫مجموع فتاوى الشيخ ابن باز )‪.(1/304‬‬
‫‪--------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫شرعية التخلق بما يحب الله من معاني أسمائه وصفاته ‪:‬‬
‫من عبد العزيز بن عبد الله بن باز إلى حضرة الخ المكرم ‪ ..‬سلمه الله‬
‫وتوله ‪.‬‬
‫السلم عليكم ورحمة الله وبركاته ‪ ..‬وبعد ‪:‬‬
‫كتابكم الكريم المؤرخ ‪23/3/1986‬م وصل وصلكم الله بهداه ‪ ،‬وما تضمنه‬
‫ما قاله بعض الخطباء في خطبة الجمعة من الحث على‬ ‫من السؤال ع ّ‬
‫التصاف بصفات الله‪ ،‬والتخلق بأخلقه هل لها محمل ؟ وهل سبق أن قالها‬
‫أحد ‪ ..‬إلخ ؟‪.‬‬
‫والجواب ‪ :‬هذا التعبير غير لئق ‪ ،‬ولكن له محمل صحيح ‪ ،‬وهو الحث على‬
‫التخلق بمقتضى صفات الله ‪ ،‬وأسمائه وموجبها ‪ ،‬وذلك بالنظر إلى الصفات‬
‫التي يحسن من المخلوق أن يتصف بمقتضاها ‪ ،‬بخلف الصفات المختصة‬
‫بالله ؛ كالخلق ‪ ،‬والرّزاق ‪ ،‬والله ‪ ،‬ونحو ذلك ‪ ،‬فإن هذا شيء ل يمكن أن‬
‫يتصف به المخلوق ‪ ،‬ول يجوز أن يدعيه ‪ ،‬وهكذا ما أشبه هذه السماء ‪.‬‬
‫وإنما المقصود الصفات التي يحب الله من عباده أن يتصفوا بمقتضاها؛‬
‫كالعلم‪ ،‬والقوة في الحق‪ ،‬والرحمة‪ ،‬والحلم‪ ،‬والكرم ‪ ،‬والجود‪ ،‬والعفو‪،‬‬
‫وأشباه ذلك‪ ،‬فهو سبحانه عليم يحب العلماء‪ ،‬قوي يحب المؤمن القوي‪ ،‬أكثر‬
‫من حبه للمؤمن الضعيف‪ ،‬كريم يحب الكرماء‪ ،‬رحيم يحب الرحماء‪ ،‬عفو‬
‫يحب العفو ‪ ..‬إلخ ‪.‬‬
‫لكن الذي لله سبحانه من هذه الصفات وغيرها أكمل وأعظم من الذي‬
‫للمخلوق ‪ ،‬بل ل مقارنة بينهما ‪ ،‬لنه سبحانه ليس كمثله شيء في صفاته‬
‫وأفعاله ‪ ،‬كما أنه ل مثيل له في ذاته ‪ ،‬وإنما حسب المخلوق أن يكون له‬
‫نصيب من معاني هذه الصفات ‪ ،‬يليق به ويناسبه على الحد الشرعي ؛ فلو‬
‫تجاوز في الكرم الحد صار مسرًفا ‪ ،‬ولو تجاوز في الرحمة الحد عطل الحدود‬
‫والتعزيرات الشرعية ‪ ،‬وهكذا لو زاد في العفو على الحد الشرعي وضعه في‬
‫غير موضعه ‪ ،‬وهذه المثلة تدل على سواها ‪.‬‬

‫‪183‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وقد نص العلمة ابن القيم ـ رحمه الله ـ على هذا المعنى في كتابيه " عدة‬
‫الصابرين " و " الوابل الصيب " ‪ ،‬ولعله نص على ذلك في غيرهما كـ "‬
‫المدارج " و " زاد المعاد " وغيرهما ‪ ،‬وإليك نص كلمه في العدة والوابل قال‬
‫في العدة ـ ص‪ 310:‬ـ ‪ :‬ولما كان سبحانه هو الشكور على الحقيقة ‪ ،‬كان‬
‫أحب خلقه إليه من اتصف بصفة الشكر ‪ ،‬كما أن أبغض خلقه إليه من عطلها‬
‫‪ ،‬أو اتصف بضدها ‪ ،‬وهذا شأن أسمائه الحسنى ‪ ،‬أحب خلقه إليه من اتصف‬
‫بموجبها ‪ ،‬وأبغضهم إليه من اتصف بأضدادها ‪ ،‬ولهذا يبغض الكافر ‪ ،‬والظالم ‪،‬‬
‫والجاهل ‪ ،‬والقاسي القلب ‪ ،‬والبخيل ‪ ،‬والجبان ‪ ،‬والمهين‪ ،‬واللئيم ‪.‬‬

‫)‪(8 /‬‬

‫وهو سبحانه جميل يحب الجمال ‪ ،‬عليم يحب العلماء ‪ ،‬رحيم يحب الراحمين ‪،‬‬
‫سّتيٌر يحب أهل الستر ‪ ،‬قادر يلوم على العجز ‪،‬‬ ‫محسن يحب المحسنين ‪ِ ،‬‬
‫والمؤمن القوي أحب إليه من المؤمن الضعيف ‪ ،‬فهو عفو يحب العفو ‪ ،‬وتر‬
‫يحب الوتر ‪ ،‬وكل ما يحبه فهو من آثار أسمائه وصفاته وموجبها ‪ ،‬وكل ما‬
‫يبغضه فهو مما يضادها وينافيها ‪.‬‬
‫وقال في الوابل الصيب ـ ص‪ 43:‬ـ من مجموعة الحديث ‪ " :‬والجود من‬
‫صفات الرب جل جلله ‪ ،‬فإنه يعطي ول يأخذ ‪ ،‬ويطِعم ول يطَعم ‪ ،‬وهو أجود‬
‫الجودين ‪ ،‬وأكرم الكرمين ‪ ،‬وأحب الخلق إليه من اتصف بمقتضيات‬
‫صفاته ‪،‬فإنه كريم يحب الكرماء من عباده ‪ ،‬وعالم يحب العلماء ‪ ،‬وقادر يحب‬
‫الشجعان ‪ ،‬وجميل يحب الجمال " ‪ .‬انتهى ‪.‬‬
‫وأرجو أن يكون فيما ذكرناه كفاية وحصول للفائدة ‪ ،‬وأسال الله سبحانه أن‬
‫يوفقنا جميًعا للفقه في دينه والقيام بحقه ‪ ،‬إنه سميع قريب ‪.‬‬
‫والسلم عليكم ورحمة الله وبركاته ‪. (1/329).‬‬
‫‪--------------------------------------------------------------------------------‬‬
‫بداية الثلث الخير من الليل ونهايته‬
‫ورد في الحديث ‪ " :‬ينزل الله سبحانه وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا في‬
‫الثلث الخير من الليل " الحديث ‪ ،‬متى يبدأ الثلث الخير ومتى ينتهي ؟‬
‫الجواب ‪ :‬قد تواترت الحاديث عن رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ‬
‫بإثبات النزول ‪ ،‬وهو قوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ " ينزل ربنا إلى سماء‬
‫الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الخر ‪ ،‬فيقول من يدعوني فأستجيب له ‪،‬‬
‫من يسألني فأعطيه ‪ ،‬من يستغفرني فأغفر له ‪. " ..‬‬
‫وقد أجمع أهل السّنة والجماعة على إثبات صفة النزول على الوجه الذي‬
‫يليق بالله سبحانه ‪ ،‬ل يشابه خلقه في شيء من صفاته ‪ ،‬كما قال سبحانه ‪) :‬‬
‫وا أحد (‬ ‫قل هو الله أحد * الله الصمد * لم يلد ولم يولد * ولم يكن له ك ُ ُ‬
‫ف ً‬
‫]الخلص‪1/‬ـ ‪ ، [4‬وقال عز وجل ‪ ) :‬ليس كمثله شيٌء وهو السميع البصير (‬
‫]الشورى‪. [11/‬‬
‫فالواجب عند أهل السّنة والجماعة إمرار آيات الصفات وأحاديثها كما جاءت ؛‬
‫من غير تحريف ول تعطيل ‪ ،‬ول تكييف ‪ ،‬ول تمثيل ‪ ،‬مع اليمان بها ‪ ،‬واعتقاد‬
‫أن ما دلت عليه حق ‪ ،‬ليس في شيء منها تشبيه لله بخلقه ‪ ،‬ول تكييف‬
‫لصفته ‪ ،‬بل القول عندهم في الصفات كالقول في الذات ‪ ،‬فكما يثبت أهل‬
‫السنة والجماعة ذاته سبحانه بل كيف ‪ ،‬ول تمثيل ‪ ،‬فهكذا صفاته يجب إثباتها‬
‫بل كيف ‪ ،‬ول تمثيل ‪.‬‬
‫والنزول في كل بلد بحسبها ؛ لن نزول الله سبحانه ل يشبه نزول خلقه ‪،‬‬

‫‪184‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وهو سبحانه يوصف بالنزول في الثلث الخير من الليل في جميع أنحاء العالم‬
‫‪ ،‬على الوجه الذي يليق بجلله سبحان‬
‫من فتاوى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز‬

‫)‪(9 /‬‬

‫ما يكره ويستحب ويباح في الصلة‬


‫صالح بن فوزان الفوزان‬
‫دار القاسم‬
‫باب في بيان ما يكره في الصلة‪:‬‬
‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬والصلة والسلم على عبده ورسوله نبينا محمد‬
‫وعلى آله وأصحابه أجمعين‪ .‬أما بعد‪:‬‬
‫‪ -‬يكره للمسلم في الصلة اللتفات بوجهه وصدره؛ لقول النبي ‪ } :‬وهو‬
‫اختلس يختلسه الشيطان من صلة العبد { ]رواه البخاري[‪ ،‬إل أن يكون ذلك‬
‫لحاجة‪ ،‬فل بأس به‪ ،‬كما في حالة الخوف أو كان لغرض صحيح‪.‬‬
‫فإن استدار بجميع بدنه‪ ،‬أو استدبر الكعبة في غير حالة الخوف بطلت صلته؛‬
‫لتركه الستقبال بل عذر‪.‬‬
‫فتبين بهذا أن اللتفات في الصلة في حالة الخوف ل بأس به؛ لن ذلك من‬
‫ضروريات القتال‪ ،‬وإن كان في غير حالة الخوف‪ ،‬فإن كان بالوجه والصدر‬
‫فقط دون بقية البدن‪ ،‬فإن كان لحاجة فل بأس‪ ،‬وإن كان لغير حاجة فهو‬
‫مكروه‪ ،‬وإن كان بجميع البدن بطلت صلته‪.‬‬
‫‪ -‬ويكره في الصلة رفع بصره إلى السماء؛ فقد أنكر النبي على من يفعل‬
‫ذلك‪ ،‬فقال‪ } :‬ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلتهم؟! {‪،‬‬
‫واشتد قوله في ذلك‪ ،‬حتى قال‪ } :‬لينتهن أو لتخطفن أبصارهم { ]رواه‬
‫البخاري[‪.‬‬
‫وقد سبق أنه ينبغي أن يكون نظر المصلي إلى موضع سجوده‪ ،‬فل ينبغي له‬
‫أن يسرح بصره فيما أمامه من الجدران‪ ،‬والنقوش‪ ،‬والكتابات‪ ،‬ونحو ذلك؛‬
‫لن ذلك يشغله عن صلته‪.‬‬
‫‪ -‬ويكره في الصلة تغميض عينيه لغير حاجة؛ لن ذلك من فعل اليهود‪ ،‬وإن‬
‫كان التغميض لحاجة‪ ،‬كأن يكون أمامه ما يشوش عليه صلته كالزخارف‬
‫والتزويق‪ ،‬فل يكره إغماض عينيه عنه‪ ،‬هذا معنى ما ذكره ابن القيم رحمه‬
‫الله‪.‬‬
‫‪ -‬ويكره في الصلة إقعاؤه في الجلوس‪ ،‬وهو أن يفرش قدميه ويجلس على‬
‫عقبيه؛ لقوله ‪ } :‬إذا رفعت رأسك من السجود فل تقع كما يقعي الكلب {‬
‫]رواه ابن ماجه[‪ ،‬وما جاء بمعناه من الحاديث‪.‬‬
‫‪ -‬ويكره في الصلة أن يستند إلى جدار أو نحوه حال القيام‪ ،‬إل من حاجة؛‬
‫لنه يزيل مشقة القيام‪ ،‬فإن فعله لحاجة ‪ -‬كمرض ونحوه ‪ -‬فل بأس‪.‬‬
‫‪ -‬ويكره في الصلة افتراش ذراعيه حال السجود‪ ،‬بأن يمدها إلى الرض مع‬
‫إلصاقهما بها؛ قال ‪ } :‬اعتدلوا في السجود‪ ،‬ول يبسط أحدكم ذراعيه انبساط‬
‫الكلب { ]متفق عليه[‪ ،‬وفي حديث آخر‪ } :‬ول يفترش ذراعيه افتراش الكلب‬
‫{‪.‬‬
‫‪ -‬ويكره في الصلة العبث ‪ -‬وهو اللعب ‪ -‬وعمل ما ل فائدة فيه بيد‪ ،‬أو رجل‪،‬‬
‫أو لحية‪ ،‬أو ثوب‪ ،‬أو غير ذلك‪ ،‬ومنه مسح الرض من غير حاجة‪.‬‬
‫‪ -‬ويكره في الصلة التخصر‪ ،‬وهو وضع اليد على الخاصرة‪ ،‬وهي الشاكلة ما‬

‫‪185‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فوق رأس الورك من المستدق؛ وذلك لن التخصر فعل الكفار المتكبرين‪،‬‬


‫وقد نهينا عن التشبه بهم‪ ،‬وقد ثبت في الحديث المتفق عليه النهي عن أن‬
‫يصلي الرجل متخصرًا‪.‬‬
‫‪ -‬ويكره في الصلة فرقعة أصابعه وتشبيكها‪.‬‬
‫‪ -‬ويكره أن يصلي وبين يديه ما يشغله ويلهيه؛ لن ذلك يشغله عن إكمال‬
‫صلته‪.‬‬
‫‪ -‬وتكره الصلة في مكان فيه تصاوير؛ لما فيه من التشبه بعبادة الصنام‪،‬‬
‫سواء كانت الصورة منصوبة أو غير منصوبة على الصحيح‪.‬‬
‫‪ -‬ويكره أن يدخل في الصلة وهو مشوش الفكر بسبب وجود شيء يضايقه‪،‬‬
‫كاحتباس بول‪ ،‬أو غائط‪ ،‬أو ريح‪ ،‬أو حالة برد أو حر شديدين‪ ،‬أو جوع أو‬
‫عطش مفرطين؛ لن ذلك يمنع الخشوع‪.‬‬
‫‪ -‬وكذا يكره دخوله في الصلة بعد حضور طعام يشتهيه؛ لقوله عليه الصلة‬
‫والسلم‪ } :‬ل صلة بحضرة طعام‪ ،‬ول هو يدافعه الخبثان { ]رواه مسلم[‪.‬‬
‫وذلك كله رعاية لحق الله تعالى ليدخل العبد في العبادة بقلب حاضر مقبل‬
‫على ربه‪.‬‬
‫‪ -‬ويكره للمصلي أن يخص جبهته بما يسجد عليه؛ لن ذلك من شعار‬
‫الرافضة‪ ،‬ففي ذلك الفعل تشبه بهم‪.‬‬
‫‪ -‬ويكره في الصلة مسح جبهته وأنفه مما علق بهما من أثر السجود‪ ،‬ول‬
‫بأس بمسح ذلك بعد الفراغ من الصلة‪.‬‬
‫‪ -‬ويكره في الصلة العبث بمس لحيته‪ ،‬وكف ثوبه‪ ،‬وتنظيف أنفه‪ ،‬ونحو ذلك؛‬
‫لن ذلك يشغله عن صلته‪.‬‬
‫والمطلوب من المسلم أن يتجه إلى صلته بكليته‪ ،‬ول يتشاغل عنها بما ليس‬
‫منها‪ ،‬يقول الله سبحانه‪ :‬حافظوا على الصلوات والصلة الوسطى وقوموا لله‬
‫قانتين ]البقرة‪[238:‬؛ فالمطلوب إقامة الصلة بحضور القلب والخشوع‪،‬‬
‫والتيان بما يشرع لهما‪ ،‬وترك ما ينافيهما أو ينقصهما من القوال والفعال؛‬
‫لتكون صلة صحيحة مبرئة لذمة فاعلها‪ ،‬ولتكون صلة في صورتها وحقيقتها‪،‬‬
‫ل في صورتها فقط‪.‬‬
‫وفق الله الجميع لما فيه الخير والسعادة في الدنيا والخرة‪.‬‬
‫باب في بيان ما يستحب أو يباح فعله في الصلة‪:‬‬
‫‪ -‬يسن للمصلي رد المار من أمامه قريبا ً منه؛ لقول النبي ‪ } :‬إذا كان أحدكم‬
‫يصلى‪ ،‬فل يدعن أحدا ً يمر بين يديه‪ ،‬فإن أبى فليقاتله؛ فإن معه القرين {‬
‫]رواه مسلم[‪.‬‬
‫لكن إذا كان أمام المصلي سترة )أي‪ :‬شيء مرتفع من جدار أو نحوه( فل‬
‫بأس أن يمر من ورائها‪ ،‬وكذا إذا كان يصلي في الحرم‪ ،‬فل يمنع المرور بين‬
‫يديه؛ لن النبي كان يصلي بمكة والناس يمرون بين يديه وليس دونهم سترة‪،‬‬
‫رواه الخمسة‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫واتخاذ السترة سنة في حق المنفرد والمام؛ لقوله ‪ } :‬إذا صلى أحدكم‬


‫فليصل إلى سترة‪ ،‬وليدن منها { ]رواه أبو داود وابن ماجه من حديث أبي‬
‫سعيد[‪ ،‬وأما المأموم فسترته سترة إمامه‪.‬‬
‫وليس اتخاذ السترة بواجب؛ لحديث ابن عباس أنه } صلى في فضاء ليس‬
‫بين يديه شيء { ]رواه أحمد وأبو داود[‪.‬‬

‫‪186‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وينبغي أن تكون السترة قائمة كمؤخرة الرجل‪ ،‬أي‪ :‬قدر ذراع‪ ،‬سواء كانت‬
‫دقيقة أو عريضة‪.‬‬
‫والحكمة في اتخاذها؛ لتمنع المار بين يديه‪ ،‬ولتمنع المصلي من النشغال بما‬
‫وراءها‪.‬‬
‫وإن كان في الصحراء؛ صلى إلى شيء شاخص من شجر أو حجر أو عصا‪،‬‬
‫فإن لم يمكن غرز العصا في الرض؛ وضعه بين يديه عرضًا‪.‬‬
‫‪ -‬وإذا التبست القراءة على المام‪ ،‬فللمأموم أن يسمعه القراءة الصحيحة‪.‬‬
‫‪ -‬ويباح للمصلي لبس الثوب ونحوه‪ ،‬وحمل شيء ووضعه‪ ،‬وفتح الباب‪ ،‬وله‬
‫قتل حية وعقرب؛ لنه أمر بقتل السودين في الصلة الحية والعقرب‪ ،‬رواه‬
‫أبو داود والترمذي وصححه‪ ،‬لكن‪ ،‬ل ينبغي له أن يكثر من الفعال المباحة في‬
‫الصلة إل لضرورة‪ ،‬فإن أكثر منها من غير ضرورة‪ ،‬وكانت متوالية أبطلت‬
‫الصلة؛ لن ذلك مما ينافي الصلة ويشغل عنها‪.‬‬
‫‪ -‬وإذا عرض للمصلي أمر كاستئذان عليه‪ ،‬أو سهو إمامه‪ ،‬أو خف على إنسان‬
‫الوقوع في هلكة فله التنبيه على ذلك‪ ،‬بأن يسبح الرجل وتصفق المرأة؛‬
‫لقوله ‪ } :‬إذا نابكم شيء في صلتكم؛ فلتسبح الرجال‪ ،‬ولتصفق النساء {‬
‫]متفق عليه[‪.‬‬
‫‪ -‬ول يكره السلم على المصلي إذا كان يعرف كيف يرد‪ ،‬وللمصلي حينئذ رد‬
‫السلم في حال الصلة بالشارة ل باللفظ؛ فل يقول‪ :‬وعليكم السلم‪ ،‬فإن‬
‫رده باللفظ بطلت صلته؛ لنه خطاب آدمي‪ ،‬وله تأخير الرد إلى ما بعد‬
‫السلم‪.‬‬
‫ويجوز للمصلي أن يقرأ عدة سور في ركعة واحدة؛ لما في الصحيح‪ :‬أن‬
‫النبي قرأ في ركعة من قيامه بالبقرة وآل عمران والنساء‪ ،‬ويجوز له أن يكرر‬
‫قراءة السورة في ركعتين‪ ،‬وأن يقسم السورة الواحدة بين ركعتين‪ ،‬ويجوز‬
‫له قراءة أواخر السور وأوساطها؛ لما روى أحمد ومسلم عن ابن عباس أن‬
‫النبي كان يقرأ في الولى من ركعتي الفجر قوله تعالى‪ :‬قولوا آمنا بالله وما‬
‫أنزل إلينا‪ ...‬الية ]البقرة‪ ،[136:‬وفي الثانية الية في آل عمران‪ :‬قل يا أهل‬
‫الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم اللية ]آل عمران‪ ،[64:‬ولعموم‬
‫قوله تعالى‪ :‬فاقرءوا ما تيسر منه ]المزمل‪ ،[20:‬لكن ل ينبغي الكثار من‬
‫ذلك‪ ،‬بل يفعل أحيانًا‪.‬‬
‫‪ -‬وللمصلي أن يستعيذ عند قراءة آية فيها ذكر عذاب‪ ،‬وأن يسأل الله عند‬
‫قراءة آية فيها ذكر رحمة‪ ،‬وله أن يصلي على النبي عند قراءة ذكره؛ لتأكد‬
‫الصلة عليه عند ذكره‪.‬‬
‫هذه جملة من المور التي يستحب لك أو يباح لك فعلها حال الصلة‪،‬‬
‫عرضناها عليك رجاء أن تستفيد منها وتعمل بها؛ حتى تكون على بصيرة من‬
‫دينك‪ ،‬ونسأل الله لنا ولك المزيد من العلم النافع والعمل الصالح‪.‬‬
‫وليعلم أن الصلة عبادة عظيمة ل يجوز أن يفعل أو يقال فيها إل في حدود‬
‫الشرع الوارد عن الرسول ‪ ،‬فعليك بالهتمام بها ومعرفة ما يكملها وما‬
‫ينقصها‪ ،‬حتى يؤديها على الوجة الكمل‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫ما يمنحه الب لحد أبنائه في حياته‬


‫السؤال ‪:‬‬
‫هل مساعدة أبي لي بمبلغ من المال في حياته تعتبر كالميراث و حتى لو كان‬

‫‪187‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫هذا المال به شبهه فهو حلل لي بحكم أّنه ميراث ‪.‬‬


‫و هل الولى له الحج أم مساعدتي في الزواج ‪.‬‬
‫ما الحكم من الناحيه الشرعية في هاتين المسألتين ؟‬
‫الجواب ‪:‬‬
‫مثَله في‬ ‫س ِ‬ ‫ما يمنحه الب لبنه في حياته ل ُيعت َب َُر من الميراث ‪ ،‬و لي َ‬
‫الحكام ‪ ،‬بل يأخذ أحكام الهدّية ‪ ،‬فل تجب فيه ‪ -‬مثل ً ‪ -‬المساواة بين البناء ‪،‬‬
‫قط من حق الولد في الميراث‬ ‫ظ النثيين ‪ ،‬و ل َيس ُ‬ ‫كر مثل ح ّ‬ ‫و ل إعطاء الذ َ‬
‫مثل الذي أخذه من أبيه في حياته ‪.‬‬
‫ما في حقّ الوََرثة‬ ‫سَبه من حرام ‪ ،‬أ ّ‬ ‫م المال يقع على كاسبه إن كان ك ِ‬ ‫ن إث َ‬‫مإ ّ‬ ‫ث ّ‬
‫زر وازرة ٌ ِوزَر أخرى ( ‪ ،‬ما لم تكن عين المال‬ ‫ُ‬ ‫فالصل أّنه ح ّ‬
‫ل لهم ‪ ،‬إذ ) ل ت ِ‬
‫علم ٍ‬ ‫ة من حرام ل شبهة فيه ‪ ،‬أو يكونوا على ِ‬ ‫ة أو مكتسب ً‬ ‫الموروث مغصوب ً‬
‫بحرمته البّينة ‪.‬‬
‫ب التنّبه لها ‪:‬‬ ‫ج ُ‬ ‫ث مسائل ي ِ‬ ‫و ههنا ثل ُ‬
‫ض‬
‫ل بع ٍ‬ ‫ة تخصيص بعض البناء بهبةٍ أو عطي ّةٍ ‪ ،‬أو تفضي ُ‬ ‫المسألة الولى ‪ :‬كراهي ُ‬
‫ض فيها ) و هذا مذهب الحنفّية و المالكّية و الشافعّية ( ‪ ،‬لحديث‬ ‫على بع ٍ‬
‫النعمان بن بشير بن الحصاصية رضي الله عنهما قال ‪ :‬أتى بي أبي إلى‬
‫رسول الله صلى الله عليه و سلم ‪ ،‬فقال إني نحلت ابني هذا غلما ً فقال ‪:‬‬
‫) أكل بنيك نحلت ؟ ( قال ‪ :‬ل ‪ ،‬قال ‪ ) :‬فاردده ( ] رواه الستة و غيرهم‬
‫بألفاظ متقاربة [ ‪.‬‬
‫المسألة الثانية ‪ :‬إذا كان المال الموروث حراما ً على َوجه اليقين ل الحتمال ‪،‬‬
‫من حازه‬ ‫ن تمّلكه ل يجوز أصل ً ‪ ،‬و إذا عُِلم عين الحرام فل يجوز قبضه م ّ‬ ‫فإ ّ‬
‫ّ‬
‫من غير حله ‪.‬‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمّية رحمه الله ‪) :‬ما في الوجود من الموال‬
‫المغصوبة و المقبوضة بعقود ل ُتباح بالقبض ‪ ،‬إن عرفه المسلم اجتنبه‪ ،‬فمن‬
‫ذه من المغصوب قهرا ً‬ ‫خ َ‬ ‫صَبه فأ َ‬ ‫ت أنه سرق مال ً أو خاَنه في أمانته أو غَ َ‬ ‫علم ُ‬
‫جز لي أن آخذه منه ل بطريق الهبة ‪ ،‬و ل بطريق المعاوضة ‪ ،‬و‬ ‫بغير حق لم ي َ ُ‬
‫ن مال‬ ‫ن هذا عي ُ‬ ‫ل و فاًء عن أجرة ‪ ،‬و ل ثمن مبيٍع ‪ ،‬و ل وفاًء عن قرض ؛ فا ّ‬
‫ذلك المظلوم ( ] مجموع الفتاوى ‪. [ 323 / 29 :‬‬
‫ة في حياته ‪ ،‬و ل‬ ‫ً‬
‫و عليه فل يجوز لك أن تأخذ من مال أبيك المحّرم قطعا هدي ّ ً‬
‫إرثا ً بعد وفاته ‪.‬‬
‫فق عليه من النار ‪ ،‬و يأخذ‬ ‫المسألة الثالثة ‪ :‬من لوازم بّر الولد بوالده ‪ ،‬أن ُيش ِ‬
‫ف عن الحرام ‪ ،‬و‬ ‫حجزته عنها في حياته و بعد مماته ؛ فيعظه في الحياة بالك ّ‬ ‫ب ُ‬
‫ب حرام‬ ‫طف إليه بالموعظة ترغيبا ً و ترهيبا ً ‪ ،‬و ل ُيعينه على معصيةٍ أو كس ٍ‬ ‫يتل ّ‬
‫ق في معصية الخالق ‪ ،‬و‬ ‫ة لمخلو ٍ‬ ‫‪ ،‬و ل يطيعه في معصية الله ‪ ،‬إذ ل طاع َ‬
‫ن الطاعة في المعروف ‪.‬‬ ‫لك ّ‬
‫ي‬
‫ن الن ّب ِ ّ‬ ‫ي رضي الله عنه أ ّ‬ ‫ن عَل ِ ّ‬ ‫روى الشيخان و أبو داود و النسائي و أحمد ع ْ‬
‫ف«‪.‬‬ ‫معُْرو ِ‬ ‫ْ‬
‫ة ِفي ال َ‬ ‫طاعَ ُ‬‫ما ال ّ‬
‫ل ‪ » :‬إ ِن ّ َ‬ ‫صلى الله عليه و سلم َقا َ‬
‫فإن أصّر الب على الكسب الحرام حتى مات على ذلك ‪ ،‬فالواجب على‬
‫أبنائه رد ّ المظالم إلى أهلها ‪ ،‬و تطهير ماله من الحرام بعد وفاته ‪ ،‬برا ً به ‪ ،‬و‬
‫إحسانا ً إليه ‪.‬‬
‫ج البيت و تزويج البن فأقول جوابا ً عليه ‪:‬‬ ‫ما السؤال عن المفاضلة بين ح ّ‬ ‫أ ّ‬
‫دهما على‬ ‫جز له تقديم أح ِ‬ ‫ً‬
‫إذا امتلك الب ما يكفي للقيام بالمَرين معا ‪ ،‬لم ي ُ‬
‫خر إن َوجبا عليه جميعا ً ‪.‬‬ ‫ال َ‬
‫دهما دون الخر ‪ ،‬فليؤّده ما َوجب عليه حال ُقدرته ‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫أح‬ ‫عليه‬ ‫جب‬ ‫ما ْ َ‬
‫و‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫أ ّ‬

‫‪188‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ن الطريق ‪ ،‬و َوجب عليه‬ ‫و إن َوجب عليه الحج لمتلكه الزاد و الراحلة و أم ِ‬
‫فه‬‫أيضا ً تزويج ابنه خشية الوقوع في الفاحشة ‪ ،‬مع ُقدرته على أن ُيع ّ‬
‫ج البيت ‪،‬‬ ‫بالزواج ‪ ،‬و لم يقدر على المرين معا ً ‪ ،‬فعليه تزويجه أوّل ً ‪ ،‬ث ّ‬
‫م يح ّ‬
‫ج على التراخي ) مّرةً في العمر ‪ ،‬و يسعه تأخيره إلى عام‬ ‫ن وجوب الح ّ‬ ‫ل ّ‬
‫قنة ‪ ،‬فل يجوز‬ ‫ة أو متي ّ‬ ‫ما تزويج البن ففي تأخيره مفسدةٌ راجح ٌ‬ ‫ل(‪،‬أ ّ‬ ‫تا ٍ‬
‫تأخيره ‪.‬‬
‫و إذا كان تزويج البن من باب المباح ) كزواج الثانية ‪ ،‬أو زواج غير المضطر (‬
‫أو المستحب ) كالراغب فيه مع قدرته على الصبر ‪ ،‬و عدم تعّرضه أو تطّلعه‬
‫ب على الب أصل ً ‪ ،‬و ل يجوز له أن يتعّلل به‬ ‫إلى الحرام ( ‪ ،‬فليس هذا بواج ٍ‬
‫ج بيت الله الحرام ‪.‬‬ ‫للقعود عن أداء ركن من أركان السلم ‪ ،‬و هو ح ّ‬
‫و الله أعلم ‪ ،‬و بالله التوفيق ‪ ،‬و عليه التكال ‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫مائة نصيحة للشباب‬


‫الحمد لله وحده ‪ ،‬والصلة والسلم على من ل نبي بعده ‪ ،‬وعلى آله وصحبه‬
‫إلى يوم الدين ‪ ،‬أما بعد ‪:‬‬
‫ح عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث تميم الداري رضي الله‬ ‫فقد ص ّ‬
‫عنه أنه قال ‪ » :‬الدين النصيحة ‪ ،‬الدين النصيحة ‪ ،‬الدين النصيحة قالو لمن يا‬
‫رسول الله ؟ قال ‪ :‬لله ‪ ،‬ولكتابه ‪ ،‬ولرسوله ولئمة المسلمين وعامتهم «‬
‫] رواه مسلم [‬
‫وعن أنس بن مالك رضي الله عنه ‪ ،‬عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ‪» :‬‬
‫ل يؤمن أحدكم حتى يحب لخيه ما يحب لنفسه « ] متفق عليه [ ‪.‬‬
‫وعن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال ‪ » :‬بايعت رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم على إقام الصلة ‪ ،‬وإيتاء الزكاة ‪ ،‬والنصح لكل مسلم «‬
‫‪ ] .‬متفق عليه [‪.‬‬
‫ً‬
‫فالنصيحة ‪ -‬أخي الحبيب – ليس كما يراها البعض تدخل في شئون الخرين‬
‫بغير حق ‪ ،‬وليست إحراجا ً لهم ‪ ،‬أو انتقاصا ً من شأنهم ‪ ،‬أو إظهار لفضل‬
‫الناصح على المنصوح ‪ ،‬بل هي أسمى من ذلك وأرفع ‪ ،‬إنها برهان محبة ‪،‬‬
‫ودليل مودة ‪ ،‬وأمارة صدق ‪ ،‬وعلمة وفاء ‪ ،‬وسمة وداد ‪.‬‬
‫النصيحة ‪ :‬أداة إصلح ‪ ..‬وأجور وأرباح ‪ ..‬وصدق وفلح ‪.‬‬
‫النصيحة ‪ :‬باقة خير يهديها إليك الناصح ‪.‬‬
‫النصيحة ‪ :‬نور يتلل لينير لك الطريق ‪.‬‬
‫النصيحة ‪ :‬قارب نجاة يشق عباب أمواج الفتن الهائجة لتصل إلى بر المان ‪.‬‬
‫النصيحة ‪ :‬عبير طهر في خضم طوفان الشهوات ‪.‬‬
‫النصيحة ‪ :‬شذا عفاف يدعوك إلى الله و الدار الخرة ‪.‬‬
‫النصيحة ‪ :‬حق لك على الناصح وواجب على الناصح تجاهك ‪.‬‬
‫فيا أخي الشاب !‬
‫ً‬
‫أفسح ‪ :‬للنصيحة مجال في صدرك ‪.‬‬
‫اعلم ‪ :‬أن الناصح ما دعاه إلى نصحك إل محبته لك وخوفه عليك ‪.‬‬
‫واعلم ‪ :‬كذلك أن الناصح ما هو إل ناقل لكلم الله وكلم رسوله صلى الله‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬فإذا تواضعت له وقبلت نصحه ‪ ،‬فقد تواضعت لربك جل وعل ‪،‬‬
‫واتبعت نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬وإذا رفضت النصيحة ورددتها ‪،‬‬
‫فقد رددت – في الحقيقة – كلم ريك وسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم‬

‫‪189‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪.‬‬
‫واعلم ‪ – :‬أيها الحبيب – أن بداية الصلح هو رؤية التقصير والعتراف به‬
‫والنظر إلى النفس بعين المقت والزدراء ‪ ،‬فل تجادل بالباطل ‪ ،‬واعترف‬
‫بخطئك ول تتكبر ‪ ،‬فإن الجنة ل يدخلها من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر ‪.‬‬
‫وعليك ‪ :‬بعد اعترافك بالخطأ ‪ -‬إن كنت واقعا ً فيه – أن تترك هذه المعصية ‪،‬‬
‫وتندم على فعلها ‪ ،‬وتعزم أل تعود إليها في المستقبل ‪.‬‬
‫وإذا ‪ :‬شكرت الناصح ودعوت له ‪ ،‬فإن هذا من كرمك وسمو نفسك ‪،‬‬
‫واعترافك بالفضل لهله ‪ ،‬وإن لم تفعل فإنه ل يريد منك جزاءا ً ول شكورا ‪.‬‬
‫‪ ::.‬النصائح ‪.::‬‬
‫هذه ‪ :‬أخي الشاب نصائح ذهبية ‪ ،‬ووصايا سنية ‪ ،‬ل تحرم نفسك من خيرها‬
‫عظ‬ ‫والعمل بها ‪ .‬ول تحملها مغبة تركها ‪ ،‬والعراض عنها ‪ ،‬فإن السعيد من وُ ِ‬
‫بغيره ‪ ،‬والشقي من أعرض عما ينفعه‬
‫)‪ (1‬اعلم ‪ -‬أخي الشاب ‪: -‬‬
‫أن كلمة التوحيد )) ل إله إل الله (( ل تنفع قائلها إل بشروط ثمانية هي ‪:‬‬
‫العلم المنافي للجهل ‪ .‬اليقين المنافي للشك ‪.‬‬
‫الخلص المنافي للشرك ‪ .‬الصدق المنافي للكذب ‪.‬‬
‫المحبة المنافية للبغض ‪ .‬النقياد المنافي للترك ‪.‬‬
‫القبول المنافي للرد ‪ .‬الكفر بما ُيعبد من دون الله ‪.‬‬
‫فاحرص – رمك الله – على تحقيق هذه الشروط وإياك والتفريط في شيء‬
‫منها ‪.‬‬
‫)‪ (2‬اعلم أن نواقض السلم عشرة هي ‪:‬‬
‫الشرك في عبادة الله ‪.‬‬
‫اتخاذ الوسائط من دون الله يدعوهم ويسألهم الشفاعة ‪.‬‬
‫من لم يكفر المشركين ‪ ،‬أو شك في كفرهم ‪ ،‬أو صحح مذهبهم ‪.‬‬
‫من اعتقد أن غير هدي النبي صلى الله عليه وسلم أكمل من هديه كالذي‬
‫يفضل حكم الطواغيت على حكمه ‪.‬‬
‫من أبغض شيئا ً مما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫من استهزأ بشيء من دين الرسول صلى الله عليه وسلم أو ثوابه أو عقابه ‪.‬‬
‫السحر فمن فعله ورضي به كفر ‪.‬‬
‫مظاهرة المشركين ومعاونتهم على المسلمين ‪.‬‬
‫اعتقاد أن بعض الناس يسعه الخروج عن شريعة السلم ‪.‬‬
‫العراض عن دين الله ‪.‬‬
‫فاحذر – أخي الشاب – أشد الحذر من هذه النواقض فإنه ل ينفع معها عمل ‪.‬‬
‫)‪ (3‬اعلم أن اليمان بالله عز وجل ليس اعتقادا ً فقط أو قول ً فقط ‪.‬‬
‫إنما هو اعتقاد بالجنان ‪ ،‬وقول باللسان ‪ ،‬وعمل بالركان ‪ ،‬يزيد بالطاعة‬
‫وينقص بالعصيان ‪ .‬فعليك بطاعة الرحمن وترك العصيان ‪ ،‬فإنهما سبيلك إلى‬
‫زيادة اليمان ‪.‬‬
‫)‪ (4‬اعلم أن الله عز وجل خلقنا لعبادته وحده ل شريك له ‪:‬‬
‫كما قال سبحانه } وما خلقت الجن والنس إل ليعبدون { ]‪ :56‬سورة‬
‫الذاريات[‬
‫وإخلص العبادة ل يتحقق إل بنفي استحقاق العبادة عن غيره تعالى ‪ ،‬ثم‬
‫إثباتها لله وحده ‪ ،‬وهذا مقتضى شهادة أن ل إله إل الله ‪ ،‬قال تعالى } فمن‬
‫يكفر بالطاغوت ويؤمن بالله فقد استمسك بالعروة الوثقى ل انفصام لها‬
‫والله سميع عليم { ] سورة البقرة ‪. [265 :‬‬

‫‪190‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فعليك بإخلص العبادة لله تعالى وحده ‪ ،‬وإياك أن تصرف أي نوع من أنواع‬
‫العبادة لغير الله سبحانه وتعالى ‪.‬‬
‫)‪ (5‬اعلم أن العبادة هي لفظة جامعة لكل ما يحبه الله ويرضاه ‪:‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫من القوال والفعال الظاهرة والباطنة ‪ ،‬فاجتهد في معرفة ما يحبه ربك ‪،‬‬
‫وابحث عن فضائل تلك العمال ‪.‬‬
‫)‪ (6‬اعلم أن أفضل العبادة هي ما افترضه الله عليك ‪:‬‬
‫ي عبدي بشيء أحب‬ ‫كما قال سبحانه في الحديث القدسي ‪ » :‬وما يتقرب إل ّ‬
‫ي مما افترضته عليه « ] رواه البخاري [ فاعتن أخي الشاب بالفرائض أشد ّ‬ ‫إل ّ‬
‫ت بها على أكمل وجه ‪.‬‬ ‫العتناء ‪ ،‬وحافظ عليها أشد المحافظة ‪ ،‬وأ ِ‬
‫)‪ (7‬اعلم أن العبادة ل تقبل إل بشرطين ‪:‬‬
‫هما الخلص لله عز وجل والمتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم فالرياء‬
‫يحبط العمل ويوجب العقوبة ‪ ،‬وكذلك البتداع يوجب العقوبة ويرد العمل ‪.‬‬
‫فاجتهد – أخي الشاب – في تصفية نيتك من الرياء ورؤية المخلوقين ‪.‬‬
‫واحرص على تصفية أعمالك من البتداع والسير على طريق المصطفى‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫)‪ (8‬حافظ على أداء الصلوات المكتوبات في أوقاتها ‪:‬‬
‫فإن ذلك أفضل العمال ‪.‬‬
‫)‪ (9‬أحسن وضوءك للصلة ‪:‬‬
‫فإن الطهور شطر اليمان ‪ ،‬واعلم أن الوضوء مفتاح الصلة ‪ ،‬ول يحافظ عليه‬
‫إل مؤمن ‪.‬‬
‫)‪ (10‬ل تتأخر عن أداء الصلة في المسجد ‪:‬‬
‫فإن صلة الجماعة واجبة ل يجوز تركها دون عذر ‪.‬‬
‫)‪ (11‬احرص على إدراك تكبيرة الحرام خلف المام والصلة في الصف‬
‫الول ‪:‬‬
‫واستحضر قلبك في الصلة ‪ ،‬واجتهد في الخشوع فيها وتدبر معانيها ‪.‬‬
‫)‪ (12‬تعلم أحكام الصلة ‪:‬‬
‫وكيف كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬واستعن على ذلك ببعض‬
‫الكتب النافعة كشروط الصلة للمام محمد بن عبد الوهاب ‪ .‬وصفة الصلة‬
‫للعلمة ابن باز رحمهما الله ‪.‬‬
‫)‪ (13‬احذر من تضييع صلة الفجر والنوم عنها ‪:‬‬
‫واستعن بمن يوقظك لدائها ‪ ،‬وداوم على أدائها في مسجد واحد ‪ ،‬حتى إذا‬
‫تغيبت سأل عنك جماعة المسجد ‪.‬‬
‫)‪ (14‬احذر من السهر الطويل الذي يؤدي إلى ضياع صلة الفجر ‪.‬‬
‫)‪ (15‬احرص على الذكار المشروعة بعد الصلة ‪:‬‬
‫ول تسرع بالخروج من المسجد قبل التيان بها ‪.‬‬
‫)‪ (16‬احرص على أداء السنن الرواتب ‪:‬‬
‫وعلى أدائها في البيت ‪ ،‬وهي اثنتا عشرة ركعة ‪ :‬اثنتان قبل الفجر ‪ ،‬وأربع‬
‫قبل الظهر ‪ ،‬واثنتان بعدها ‪ ،‬واثنتان بعد المغرب ‪ ،‬واثنتان بعد العشاء ‪.‬‬
‫)‪ (17‬احذر من المرور أمام المصلي ‪:‬‬
‫ول تستهن بهذا المر بل انتظر حتى تظهر لك فرجة ‪.‬‬
‫)‪ (18‬حافظ على صلة الوتر ‪:‬‬

‫‪191‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فإن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يتركها حضرا ً ول سفرا ً ‪.‬‬
‫)‪ (19‬اعلم أن صلة الجمعة فرض ‪:‬‬
‫على كل ذكر حر مكلف مستوطن غير مسافر ‪ ،‬فاحرص على حضورها ‪،‬‬
‫والتبكير إليها ‪ ،‬والغتسال والتطيب والتسوك ولبس أحسن الثياب ‪،‬‬
‫والنصات للخطبة والهتمام بما يقال فيها ‪ ،‬واحذر من اللغو والنشغال عنها‬
‫وتخطي رقاب الناس ‪.‬‬
‫)‪ (20‬أكثر من الصلة والسلم على رسول صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫في كل يوم وبخاصة في يوم الجمعة ‪ ،‬فقد أمر بذلك رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم ‪.‬‬
‫)‪ (21‬اعلم أن في يوم الجمعة ساعة إجابة ‪:‬‬
‫فحاول اغتنامها بالصلة والدعاء وسؤال الحاجات ‪.‬‬
‫)‪ (22‬إذا كنت من أهل الزكاة فبادر بإخراجها ‪:‬‬
‫فإنها طهرة ُ لك ونماء لمالك وزكاة لنفسك ‪.‬‬
‫)‪ (23‬أكثر من الصدقات ‪:‬‬
‫فإن العبد في ظل صدقته يوم القيامة ‪.‬‬
‫)‪ (24‬تخلص من البخل والشح وعود نفسك على البذل والعطاء ‪.‬‬
‫)‪ (25‬ل تستهن بالصدقة وإن قلت ‪:‬‬
‫فقد تصدقت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بعنبة واحدة وقالت ‪ :‬كم‬
‫فيها من ذرة !! والله يقول } فمن يعمل مثقال ذّرة خيرا يره { ]‪ :7‬سورة‬
‫الزلزلة[‪.‬‬
‫)‪ (26‬احذر من الرياء في الصدقات ‪:‬‬
‫واعلم أن صدقة السر تطفئ غضب الرب ‪ ،‬فاخف صدقتك حتى ل تعلم‬
‫شمالك ما تنفق يمينك ‪.‬‬
‫)‪ (27‬شهر رمضان شهر الهدى والغفران ‪:‬‬
‫فأحسن استعدادك لهذا الشهر العظيم ‪.‬‬
‫)‪ (28‬كان السلف يدعون الله ‪:‬‬
‫ستة أشهر أن يبلغهم رمضان ‪ ،‬ويدعونه ستة أشهر أن يتقبل منهم رمضان ‪،‬‬
‫فأين أنت من هؤلء ‪.‬‬
‫)‪ (29‬رمضان شهر الصيام والقيام ‪:‬‬
‫ل شهر الكسل والنيام ‪ ،‬فاغتنم أيامه ولياليه في طاعة الله وترك معاصيه ‪.‬‬
‫)‪ (30‬ل تضيع صيامك بالسب واللعن والفحش من القوال والفعال ‪:‬‬
‫وإن تعدى عليك أحد أو شتمك فقل ‪ :‬إني امرؤ صائم ‪.‬‬
‫)‪ (31‬اجعل رمضان شهر توبة وإنابة ومحاسبة للنفس ‪:‬‬
‫وحرص على الطاعات واغتنام الوقات ‪ ،‬واعزم على أن يكون ذلك دأبك‬
‫دائما ً حتى بعد رمضان ‪.‬‬
‫)‪ (32‬حافظ على قيام رمضان مع المسلمين في مساجدهم ‪:‬‬
‫ول تنصرف حتى ينتهي المام من الصلة حتى يكتب لك أجر قيام ليلة ‪.‬‬
‫)‪ (33‬كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الواخر من رمضان ‪:‬‬
‫وهذه سنة تركها الكثرون ‪ ،‬فأحيها أحيا الله قلبك ورفع قدرك ‪.‬‬
‫)‪ (34‬اعلم أن ليلة القدر في العشر الواخر من رمضان ‪:‬‬
‫والعبادة فيها خير من عبادة ألف شهر أي ما يعادل ثلثا ً وثمانين سنة !! فماذا‬
‫أنت فاعل في هذه الليلة العظيمة المباركة ؟!‬
‫)‪ (35‬أكثر من تلوة القرآن وبخاصة في هذا الشهر الكريم ‪:‬‬
‫ن القرآن شفاء وهدى وموعظة ورحمة للمؤمنين ‪.‬‬ ‫فإ ّ‬

‫‪192‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪ (36‬كان النبي صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬


‫أجود الناس ‪ ،‬وكان أجود ما يكون في رمضان ‪ ،‬فليكن رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم أسوتك في ذلك ‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫)‪ (37‬درب نفسك على صيام النوافل ومنها ‪:‬‬


‫صيام الثنين والخميس ‪ ،‬وثلثة أيام من كل شهر وهي أيام الثالث والرابع‬
‫والخامس عشر ‪ ،‬وصيام يوم عرفة لغير الحاج ‪ ،‬فإنه يكفر ذنوب سنتين ‪،‬‬
‫وصيام عاشوراء ‪ ،‬فإنه يكفر ذنوب سنة واحدة ‪ ،‬وصيام ستة أيام من شوال ‪.‬‬
‫)‪ (38‬أحرص على أداء عمرة رمضان ‪:‬‬
‫فإنها تعدل حجة ‪.‬‬
‫)‪ (39‬ذكر الله عز وجل شفاء للقلوب ‪:‬‬
‫وجلء الحزان والنفوس ‪ ،‬فداوم على ذكر الله تعالى ‪ ،‬فإن الله مع عبده إذا‬
‫ذكره ‪ ،‬واعلم أن كثرة الكلم بغير ذكر الله قسوة للقلب ‪.‬‬
‫)‪ (40‬الزم الستغفار ‪:‬‬
‫يجعل الله لك من كل هم فرجا ‪ ،‬ومن كل ضيق مخرجا ‪ ،‬ويرزقك من حيث ل‬
‫تحتسب ‪.‬‬
‫)‪ (41‬اعلم أن الدعاء أكرم شيء على الله عز وجل ‪:‬‬
‫وأنه سبب لرفع البلء بعد نزوله ‪ ،‬وهو من أسباب حفظ الله عز وجل لعبده ‪،‬‬
‫فأكثر من الدعاء والتضرع إلى الله عز وجل ‪ ،‬واعلم أن أقرب ما يكون العبد‬
‫لربه وهو ساجد فأكثر من الدعاء ‪.‬‬
‫)‪ (42‬الحج فريضة كبيرة وركن من أركان السلم ‪:‬‬
‫وعمل من أفضل العمال فسارع بأدائه ‪ ،‬ول تؤخره فإنه واجب على الفور‬
‫على الصحيح من أقوال أهل العلم ‪.‬‬
‫ً‬
‫)‪ (43‬احرص على أن يكن حجك مبرورا ‪:‬‬
‫فإن الحج المبرور ليس له جزاء إل الجنة ‪ ،‬والحج المبرور هو ما وافق هدي‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬ولم يكن فيه رفث ول فسوق ول جدال ‪ ،‬وكانت‬
‫نفقته حلل ً ل شبهة فيها ‪.‬‬
‫)‪ (44‬اعلم أن الحج يهدم ما كان قبله من الذنوب والثام ‪:‬‬
‫فمن اهتدى بهدي النبي صلى الله عليه وسلم في حجته رجع من ذنوبه كيوم‬
‫ولدته أمه ‪ ،‬فاحرص على أن ترجع من حجك نقيا ً طاهرا ً خاليا ً من الذنوب‬
‫والثام ‪.‬‬
‫)‪ (45‬تابع بين الحج والعمرة دائما ً ‪:‬‬
‫فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد ‪.‬‬
‫)‪ (46‬أكثر من الطاعات والعمال الصالحة في العشر الوائل من ذي‬
‫الحجة ‪:‬‬
‫فإن العمل الصالح هذه اليام أحب إلى الله تعالى منه في غيرها ‪.‬‬
‫)‪ (47‬اعلم أن طلب العلم فريضة ‪:‬‬
‫فل تترك نفسك فريسة للجهل والهوى ‪.‬‬
‫)‪ (48‬اعلم أن العلوم الشرعية أعظم من أن يحيط بها عمرك ‪:‬‬
‫فاجتهد في تعلم ما يجب عليك ‪ ،‬وابدأ بالهم فالهم ‪ ،‬ول تبدد أوقاتك فيما ل‬
‫يفيد ‪ ،‬زاحم العلماء بالركب ‪ :‬واحرص على مجالسهم ‪ ،‬وإياك أن تستقل‬
‫بنفسك في الطلب‪ ،‬فمن كان شيخه كتابه كثرت أخطاؤه ‪.‬‬

‫‪193‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪ (50‬عليك بالمر بالمعروف والنهي عن المنكر ‪:‬‬


‫والنصح لكل مسلم ‪ ،‬فإن الدال على الخير كفاعله ‪.‬‬
‫)‪ (51‬اعلم أن أولى الناس بنصحك هم أهل بيتك ‪:‬‬
‫فاجتهد في نصحهم وإرشادهم وتعليمهم ‪ ،‬ثم عليك بالقرب فالقرب ‪.‬‬
‫)‪ (52‬كن رفيقا ً في أمرك ونهيك ‪:‬‬
‫حتى يقبل الناس منك ول ينفضوا حولك ‪.‬‬
‫)‪ (53‬ل تكن ممن يأمر بالمعروف ول يأتيه ‪ ،‬وينهاهم عنهم المنكر ويأتيه ‪.‬‬
‫)‪ (54‬ليكن الخوف من الله عز وجل ومراقبته شعارك في السر والعلن ‪.‬‬
‫)‪ (55‬كن متوكل ً على الله في كل أمورك ‪:‬‬
‫ول يمنع ذلك من الخذ بالسباب ‪.‬‬
‫)‪ (56‬ارض بما قسم الله لك ‪:‬‬
‫وانظر إلى من هو أسفل منك في أمور الدنيا ‪ ،‬واعلم أن الغنى في القناعة ‪.‬‬
‫)‪ (57‬ل ترج إل ربك ‪ ،‬ول تخش إل ذنبك ‪.‬‬
‫)‪ (58‬احرص على السباب الجالبة لمحبة الله عز وجل ‪:‬‬
‫من أعظمها العتصام بسنة النبي صلى الله عليه وسلم وأداء النوافل ‪.‬‬
‫)‪ (59‬الجهاد في سبيل الله ذروة سنام السلم ‪:‬‬
‫واعلم أن » من مات ولم يغزو ولم يحدث نفسه بالغزو ‪ ،‬مات على شعبة‬
‫من النفاق « ] رواه مسلم[ ‪.‬‬
‫)‪ (60‬تتبع أخبار إخوانك المسلمين في كل مكان ‪:‬‬
‫من المصادر الموثوقة ‪ ،‬وحاول دعمهم بما تستطيع ‪ ،‬ول تنس الدعاء لهم‬
‫بظهر الغيب ‪.‬‬
‫)‪ (61‬إياك وعقوق والديك ‪:‬‬
‫فإنهما أحق الناس بصحبتك‪.‬‬
‫)‪ (62‬إذا غضب عليك أحد والديك فل تهدأ حتى تسترضيه ‪.‬‬
‫)‪ (63‬أنت ومالك لبيك ‪:‬‬
‫فل تبخل بمالك ومعروفك على والديك ‪.‬‬
‫)‪ (64‬قدم أمك في البر والكرام والصلة ‪:‬‬
‫وإياك أن تغضبها فإن الجنة تحت قدميها ‪.‬‬
‫)‪ (65‬صل رحمك وإن قطعوك ‪:‬‬
‫وتعاهد أقربائك بالبر والحسان ‪.‬‬
‫)‪ (66‬إذا كانت هناك خلفات عائلية فحاول إصلحها ‪:‬‬
‫فإن إصلح ذات البين من أعظم الحسنات ‪.‬‬
‫)‪ (67‬أحسن إلى جيرانك ‪ ،‬ول تؤذ أحدا ً منهم ‪.‬‬
‫)‪ (68‬كن حسن الخلق مع أهلك وجيرانك وأصدقائك ‪:‬‬
‫فإنه ليس شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق ‪.‬‬
‫)‪ (69‬إكرام الضيف من اليمان ‪:‬‬
‫وهو دليل على المروءة وشرف النافي ‪ ،‬فأكرم ضيوفك يحبوك ‪.‬‬
‫)‪ (70‬ل تسخر وتستهزئ بأحد من المسلمين ‪:‬‬
‫فعسى أن يكون خير منك ‪.‬‬
‫)‪ (71‬صاحب الخيار ‪:‬‬
‫واحذر من مصاحبة الشرار ‪ ،‬فإن الطبع يسرق من خصال المخالطين ‪.‬‬
‫)‪ (72‬بادربالسلم على من عرفت ومن لم تعرف من المسلمين ‪:‬‬
‫فإن ذلك يدعو إلى المحبة والمودة بين الناس ‪.‬‬
‫)‪ (73‬ل تبدأ يهوديا ً ول نصرانيا ً بالسلم ‪:‬‬

‫‪194‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فإنهما ليسا من أهله ‪.‬‬


‫)‪ (74‬ارفع الذى عن طريق المسلمين ‪:‬‬
‫فإن ذلك من أسباب دخول الجنة ‪.‬‬
‫)‪ (75‬أرشد الضال ‪ ،‬وساعد المحتاج ‪ ،‬وانصر المظلوم ‪ ،‬وخذ على يد‬
‫المسيء وأعط الطريق حقها ‪.‬‬
‫)‪ (76‬غض البصر عن النساء الجنبيات ‪:‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫في الطرقات والقنوات والصحف والمجلت فقد قال أحد السلف ‪ :‬غضوا‬
‫أبصاركم ولو عن شاة أنثى !!‬
‫)‪ (77‬احفظ فرجك إل من زوجتك ‪:‬‬
‫وإياك والزنا فإنه مذهب اليمان ومورد النيران ‪.‬‬
‫)‪ (78‬إياك والعادة السرية ‪:‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫فإنها عادة خبيثة ل تزيد المرء إل شهوة وشبقا وضعفا ‪.‬‬
‫)‪ (79‬عليك بالعلج النبوي لضبط الشهوة وهو الزواج ‪:‬‬
‫فإن لم تستطع فعليك بالصيام فإنه يضعف جانب الشهوة ‪.‬‬
‫)‪ (80‬إياك وصحبة الحداث فإن صحبتهم فتنة لكل مفتون ‪.‬‬
‫)‪ (81‬إياك والخلوة والختلط بمن ل يحل لك من النساء ‪:‬‬
‫فإن الخلوة والختلط من أعظم الذرائع إلى الزنا ‪.‬‬
‫)‪ (82‬احرص على عدم تواجدك في الماكن المختلطة ‪:‬‬
‫كالسواق مثل ً ‪ ،‬وإذا اضطررت إلى التواجد ‪ ،‬فليكن ذلك على قدر حاجتك ‪.‬‬
‫)‪ (83‬احذر المعاكسات الهاتفية وغير الهاتفية ‪:‬‬
‫فإنها سلم الحسرة والندامة ‪.‬‬
‫)‪ (84‬احذر مصافحة امرأه ل تحل لك مصافحتها ‪:‬‬
‫فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصافح امرأه ل تحل له قط ‪.‬‬
‫)‪ (85‬كن متواضعا ً في كلمك ولباسك وكل شئونك ‪:‬‬
‫فإن التواضع شعار النبياء والصالحين ‪.‬‬
‫)‪ (86‬إياك وإسبال ثوبك أسفل من الكعبين ‪:‬‬
‫فإن ذلك دليل على الكبر وأمارة الخيلء ‪ ،‬قال صلى الله عليه وسلم ‪ » :‬ما‬
‫أسفل الكعبين من الزار ففي النار « ] رواه البخاري[ ‪.‬‬
‫)‪ (87‬إياك والتشبه بالكفار في ملبسهم وكلمهم وقصات شعورهم ‪:‬‬
‫فقد قال صل الله عليه وسلم » من تشّبه بقوم فهو منهم « ] رواه أحمد‬
‫وأبو داوود وصححه اللباني [‬
‫)‪ (88‬إياك والتشبه بالنساء ‪:‬‬
‫فقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من تشبه بالنساء من الرجال ‪.‬‬
‫)‪ (89‬ل تلبس الحرير ول الذهب ول القلئد ول الساور ‪:‬‬
‫فإنها من زينة النساء ‪.‬‬
‫)‪ (90‬احذر من السيجارة ‪ ،‬فإنها عنوان الخسارة ‪.‬‬
‫)‪ (91‬ل تقتل نفسك بتعاطي المسكرات والمخدرات ‪:‬‬
‫فإنهما طريق إلى الهاوية فاجتنبها ‪.‬‬
‫)‪ (92‬احفظ لسانك من الكذب والغيبة والنميمة والبهتان والسب واللعن ‪:‬‬
‫واجعل مكان ذلك ذكرا ً وتسبيحا ً وتهليل ً وتكبيرا ً وحمدا ً وثناء ‪.‬‬
‫)‪ (93‬ل تشغل نفسك بعيوب الخرين وعليك بعيوب نفسك ‪.‬‬

‫‪195‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪ (94‬احذر من سماع الموسيقى والغناء ‪:‬‬


‫واعلم أن من أدمن سماع اللحان والقيان ذهب من صدره نور القرآن ‪.‬‬
‫)‪ (95‬إياك والظلم ‪:‬‬
‫فإن الظلم ظلمات يوم القيامة ‪.‬‬
‫)‪ (96‬ل تكذب وإن كنت مازحا ‪ ،‬ول تجادل إل بالحق ‪.‬‬
‫)‪ (97‬كن حليما ً ول تغضب لغير الله ‪ ،‬فإن الغضب من الشيطان ‪.‬‬
‫)‪ (98‬اجعل حبك وبغضك وعطاءك ومنعك وكلمك وصمتك لله وفي الله ‪:‬‬
‫تؤجر في كل ما تأتي وما تذر ‪.‬‬
‫)‪ (99‬طهر بيتك من صور ذوات الرواح ‪:‬‬
‫واعلم أن الملئكة ل تدخل بيتا ً فيه كلب أو صورة ‪.‬‬
‫)‪ (100‬احذر مشاهدة القنوات الفضائية وغير الفضائية ‪:‬‬
‫التي تعرض للجنس والفساد والرذيلة ‪ ،‬وإياك والدخول إلى مواقع الفساد‬
‫على شبكة النترنت ‪.‬‬
‫)‪ (101‬كن صابرا ً عند البلء ‪:‬‬
‫شاكرا ً عند الرخاء ‪ ،‬راضيا ً بالقضاء ‪ ،‬تكن من السعداء ‪.‬‬
‫)‪ (102‬ل تحلف بغير الله ‪:‬‬
‫فإن الحلف بغير الله شرك ‪.‬‬
‫)‪ (103‬ل تؤذ مسلما ً ‪:‬‬
‫ول تشر إليه بحديدة أو نحوها ‪.‬‬
‫)‪ (104‬ل تغش ول تخدع ول تغدر ‪:‬‬
‫جر في قضية ‪.‬‬ ‫ول تخن وتخلف وعدا ً ‪ ،‬ول ت ُ‬
‫)‪ (105‬اعلم أنك على ثغر من ثغور السلم ‪:‬‬
‫فالله الله أن يؤتى السلم من قبلك ‪.‬‬
‫)‪ (106‬اجعل همك نشر السلم ‪:‬‬
‫وإعادة أمجاد المسلمين من جديد ‪.‬‬
‫)‪ (107‬ل تسرف في الطعام والشراب ‪:‬‬
‫فإن السراف فيهما يؤدي إلى الفتور والكسل وكثرة النوم ‪ ،‬وإثارة الغرائز ‪.‬‬
‫)‪ (108‬اختم يومك بالتوبة الصادقة إلى الله ‪:‬‬
‫ومحاسبة النفس ‪ ،‬وليكن يومك أفضل من أمسك ‪ ،‬وغدك أفضل من يومك ‪.‬‬
‫أسأل الله تعالى لي ولك الهداية والتوفيق والسداد ‪.‬‬
‫وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ‪.‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫مائة وسيلة لنصرة المصطفى صلى الله عليه وسلم‬


‫مواقع أخرى*‬
‫الحمد لله رب العالمين والصلة والسلم على أشرف النبياء والمرسلين ‪،‬‬
‫نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ‪ ،‬وبعد‪ :‬إن أول ركن من أركان السلم‬
‫العظيمة‪ :‬شهادة أن ل إله إل الله وأن محمدا ً رسول الله ‪ .‬وتحقيق الشطر‬
‫من الشهادتين وهو شهادة أن محمدا ً رسول الله تتم من خلل المور التالية ‪:‬‬
‫أول ً ‪ :‬تصديق النبي صلى الله عليه وسلم في كل ما أخبر به ‪ ،‬وأوله ‪ :‬أنه‬
‫رسول الله ومبعوثه إلى الجن والنس كافة لتبليغ وحيه تعالى بالقرآن والسنة‬
‫المتضمنين لدين السلم الذي ل يقبل الله تعالى دينا ً سواه ‪.‬‬
‫ثانيا ً ‪ :‬طاعته والرضى بحكمه ‪ ،‬والتسليم له التسليم الكامل ‪ ،‬والنقياد لسنته‬

‫‪196‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫والقتداء بها ‪ ،‬ونبذ ما سواها ‪.‬‬


‫ثالثا ً ‪ :‬محبته صلى الله عليه وسلم فوق محبة الوالد والولد والنفس ‪،‬مما‬
‫يترتب عليه تعظيمه ‪ ،‬وإجلله ‪ ،‬وتوقيره ‪ ،‬ونصرته ‪ ،‬والدفاع عنه ‪ ،‬والتقيد بما‬
‫جاء عنه ‪.‬‬
‫فعلى كل مسلم ؛ أن يسعى لتحقيق هذا المعنى ‪ ،‬ليصح إيمانه ‪ ،‬وليحقق‬
‫الشطر الثاني من كلمة التوحيد ‪ ،‬ولتقبل شهادته بأن محمدا ً رسول الله ‪،‬‬
‫ه‬
‫ه والل ُ‬‫م إنك لرسول ُ ُ‬ ‫فإن المنافقين قالوا ‪ } :‬نشهد إنك لرسو ُ‬
‫ل الله والله يعل ُ‬
‫ن المنافقين لكاذبون{ }المنافقون ‪ ،{ :‬فلن تنفعهم شهادتهم ‪ ،‬لنهم‬ ‫يشهد ُ إ ّ‬
‫لم يحققوا معناها ‪.‬‬
‫وإليك بعض المور التي يمكننا من خللها العمل بمقتضى تلك المحبة ‪،‬‬
‫وواجب القيام بذلك الحق للنبي صلى الله عليه وسلم تجاه هذه الهجمة‬
‫الشرسة عليه أن نفديه بأولدنا ووالدينا وأنفسنا وأموالنا ‪ ،‬كل على قدر‬
‫إمكانياته ‪ ،‬فالكل يتحمل مسؤوليته ومن خلل موقعه‪:‬‬
‫• على مستوى الفرد ‪:‬‬
‫‪ .1‬التفكير في دلئل نبوته صلى الله عليه وسلم القاطعة بأنه رسول رب‬
‫العالمين ‪ ،‬وأصلها القرآن الكريم ‪ ،‬وما تضمنه من دلئل على صدق نبوته‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪ .2‬تعلم الدلة من القرآن والسنة والجماع الدالة على وجوب طاعة النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬والمر باتباعه ‪ ،‬والقتداء به صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪ .3‬العلم والمعرفة بحفظ الله لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ‪ ,‬وذلك من‬
‫خلل الجهود العظيمة التي قام بها أهل العلم على مر العصور المختلفة ‪,‬‬
‫فبينوا صحيحها من سقيمها ‪ ،‬وجمعوها على أدق الصول التي انفردت بها‬
‫هذه المة عن غيرها من المم السالفة ‪.‬‬
‫‪ .4‬استشعار محبته صلى الله عليه وسلم في القلوب بتذكر كريم صفته‬
‫خلقية ‪ ،‬وقراءة شمائله وسجاياه الشريفة ‪ ،‬وأنه قد اجتمع فيه‬ ‫خلقية وال ُ‬ ‫ال َ‬
‫الكمال البشري في صورته وفي أخلقه صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪ .5‬استحضار عظيم فضله وإحسانه صلى الله عليه وسلم على كل واحد منا ‪،‬‬
‫إذ أنه هو الذي بلغنا دين الله تعالى أحسن بلغ وأتمه وأكمله ‪ ،‬فقد بلغ صلى‬
‫الله عليه وسلم الرسالة وأدى المانة ونصح المة‪ ،‬ورسول ً عن قومه‪.‬‬
‫‪ .6‬عزو كل خير دنيوي وأخروي نوفق إليه ونتنعم به إليه صلى الله عليه‬
‫وسلم بعد فضل الله تعالى ومنته ‪ ،‬إذ كان هو صلى الله عليه وسلم سبيلنا‬
‫وهادينا إليه ‪ ،‬فجزاه الله عنا خير ما جزى نبيا ً عن أمته‪.‬‬
‫‪ .7‬استحضار أنه صلى الله عليه وسلم أرأف وأرحم وأحرص على أمته ‪.‬قال‬
‫تعالى ‪ } :‬النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم { }الحزاب ‪.{ :‬‬
‫‪ .8‬التعرف على اليات والحاديث الدالة على عظيم منزلته صلى الله عليه‬
‫وسلم عند ربه ‪ ،‬ورفع قدره عند خالقه ‪ ،‬ومحبة الله عز وجل له ‪ ،‬وتكريم‬
‫الخالق سبحانه له غاية التكريم‪.‬‬
‫‪ .9‬اللتزام بأمر الله تعالى لنا بحبه صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬بل تقديم محبته‬
‫صلى الله عليه وسلم على النفس ‪ ،‬لقوله صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬لن يؤمن‬
‫أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وولده ووالده والناس أجمعين( ‪.‬‬
‫‪ .10‬اللتزام بأمر الله تعالى لنا بالتأدب معه صلى الله عليه وسلم ومع سنته‬
‫لقوله تعالى ‪ } :‬يا أيها الذين آمنوا ل ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ول‬
‫تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم ل تشعرون {‬
‫}الحجرات ‪ { :‬وقوله تعالى } إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله‬

‫‪197‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم { }الحجرات‬
‫‪ { :‬وقال تعالى ‪ } :‬ل تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا ً {‬
‫}النور ‪.{ :‬‬
‫‪ .11‬النقياد لمر الله تعالى بالدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫ومناصرته وحمايته من كل أذى يراد به ‪ ،‬أو نقص ينسب إليه ‪ ،‬كما قال تعالى‬
‫‪ ) :‬لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه( ‪.‬‬
‫‪ .12‬استحضار النية الصادقة واستدامتها لنصرته ‪ ،‬والذب عنه صلى الله عليه‬
‫و سلم ‪.‬‬
‫‪ .13‬استحضار الثواب الجزيل في الخرة لمن حقق محبة النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم على الوجه الصحيح ‪ ،‬بأن يكون رفيق المصطفى صلى الله عليه‬
‫وسلم في الجنة ‪ ،‬لقوله صلى الله عليه وسلم لمن قال إني أحب الله‬
‫ورسوله ‪ ) :‬أنت مع من أحببت (‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫‪ .14‬الحرص على الصلة على النبي صلى الله عليه وسلم كلما ذكر ‪ ،‬وبعد‬
‫الذان ‪ ،‬وفي يوم الجمعة ‪ ،‬وفي كل وقت ‪ ،‬لعظيم الجر المترتب على ذلك ‪،‬‬
‫ولعظيم حقه صلى الله عليه وسلم علينا ‪.‬‬
‫‪ .15‬قراءة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم الصحيحة ‪ ،‬مع الوقوف على‬
‫حوادثها موقف المستفيد من حكمها وعبرها ‪ ،‬والستفادة من الفوائد‬
‫المستخلصة من كل حادث منها ‪ ،‬ومحاولة ربطها بحياتنا وواقعنا ‪.‬‬
‫‪ .16‬تعلم سنته صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬بقراءة ما صححه أهل العلم من‬
‫الحاديث المروية عنه صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬مع محاولة فهم تلك الحاديث ‪،‬‬
‫واستحضار ما تضمنته تلك التعاليم النبوية من الحكم الجليلة والخلق الرفيعة‬
‫والتعبد الكامل لله تعالى ‪ ،‬والخضوع التام للخالق وحده ‪.‬‬
‫‪ .17‬اتباع سنته صلى الله عليه وسلم كلها ‪ ،‬مع تقديم الوجب على غيره ‪.‬‬
‫‪ .18‬الحرص على القتداء به صلى الله عليه وسلم في المستحبات ‪ ،‬ولو أن‬
‫نفعل ذلك المستحب مرة واحدة في عمرنا ‪ ،‬حرصا ً على القتداء به في كل‬
‫شيء ‪.‬‬
‫‪ .19‬الحذر والبعد عن الستهزاء بشيء من سنته صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪ .20‬الفرح بظهور سنته صلى الله عليه وسلم بين الناس‪.‬‬
‫‪ .21‬الحزن لختفاء بعض سنته صلى الله عليه وسلم بين البعض من الناس ‪.‬‬
‫‪ .22‬بغض أي منتقد للنبي صلى الله عليه وسلم أو سنته ‪.‬‬
‫‪ .23‬محبة آل بيته صلى الله عليه وسلم من أزواجه وذريته ‪ ،‬والتقرب إلى‬
‫الله تعالى بمحبتهم لقرابتهم من النبي صلى الله عليه وسلم ولسلمهم ‪،‬‬
‫ومن كان عاصيا ً منهم أن نحرص على هدايته لن هدايته أحب إلى رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم من هداية غيره ‪ ،‬كما قال عمر بن الخطاب رضي الله‬
‫عنه للعباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪) :‬مهل ً يا عباس لسلمك‬
‫يوم أسلمت كان أحب لي من إسلم الخطاب ‪ ،‬ومالي إل أني قد عرفت أن‬
‫إسلمك كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من إسلم الخطاب(‬
‫‪.‬‬
‫‪ .24‬العمل بوصية النبي صلى الله عليه وسلم في آل بيته ‪ ،‬عندما قال ‪:‬‬
‫) أذكركم الله في أهل بيتي ( ثلثا ً ‪.‬‬
‫‪ .25‬محبة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وتوقيرهم واعتقاد فضلهم‬

‫‪198‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫على من جاء بعدهم في العلم والعمل والمكانة عند الله تعالى ‪.‬‬
‫‪ .26‬محبة العلماء وتقديرهم ‪ ،‬لمكانتهم وصلتهم بميراث النبوة فالعلماء هم‬
‫ورثة النبياء ‪ ،‬فلهم حق المحبة والجلل ‪ ،‬وهو من حق النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم على أمته ‪.‬‬
‫على مستوى السرة والمجتمع ‪:‬‬
‫‪ .27‬تربية البناء على محبة الرسول صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪ .28‬تربية البناء على القتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم في جميع‬
‫أحواله ‪.‬‬
‫‪ .29‬اقتناء الكتب عن سيرته صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ .30‬اقتناء الشرطة عن سيرته صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ .31‬انتقاء الفلم الكرتونية ذات المنهج الواضح في التربية‪.‬‬
‫‪ .32‬تخصيص درس أو أكثر في السبوع عن السيرة تجتمع عليه السرة‪.‬‬
‫‪ .33‬اقتداء الزوج في معاملة أهل بيته بالرسول صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ .34‬تشجيع البناء على حفظ الذكار النبوية وتطبيق ذلك‪.‬‬
‫‪ .35‬تشجيع البناء على اقتطاع جزء من مصروفهم اليومي من أجل التطبيق‬
‫العملي لبعض الحاديث ‪ ،‬مثل ‪ :‬كفالة اليتيم ‪ ,‬إطعام الطعام ‪ ,‬مساعدة‬
‫المحتاج‪.‬‬
‫‪ .36‬تعويد البناء عل استخدام المثال النبوية في الحديث مثل المؤمن كيس‬
‫فطن ‪ ,‬ل يلدغ المؤمن من جحر مرتين ‪ ,‬يسروا ول تعسروا ‪.‬‬
‫‪ .37‬وضع مسابقات أسرية عن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪ .38‬تعريف السرة المسلمة بحياة الرسول صلى الله عليه وسلم من خلل‬
‫تطبيق مشروع ( يوم في بيت الرسول )‪.‬‬
‫على مستوى قطاع التعليم والعاملين فيه ‪:‬‬
‫‪ .39‬زرع محبة الرسول صلى الله عليه وسلم في نفوس الطلبة والطالبات‬
‫من خلل إبراز حقه صلى الله عليه وسلم على أمته ‪.‬‬
‫‪ .40‬الكثار من عقد المحاضرات التي تغطي جوانب من حياة الرسول‬
‫شخصيته صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪ .41‬حث مسئولي قطاعات التعليم إلى إضافة مادة السيرة النبوية إلى‬
‫مناهج التعليم والدراسات السلمية في التخصصات النسانية ‪.‬‬
‫‪ .42‬العمل على تمويل وضع كراسي لدراسات السيرة النبوية في الجامعات‬
‫الغربية المشهورة‪.‬‬
‫‪ .43‬تشجيع البحث العلمي في السيرة النبوية وحث الباحثيين على تصنيف‬
‫كتب السنة بتصانيف عدة مثل المغازي والشمائل ‪.‬‬
‫‪ .44‬العمل على إقامة المعارض المدرسية والجامعية التي تعرف بالرسول‬
‫صلى الله عليه وسلم مع مراعاة التمثيل الجغرافي لنشأة السلم ‪.‬‬
‫‪ .45‬تخصيص أركان خاصة في المكتبات تحوي كل ماله علقة بالرسول صلى‬
‫الله عليه وسلم وسيرته والهتمام به وجعلها في مكان بارز‪.‬‬
‫‪ .46‬العمل على إعداد أعمال موسوعية أكاديمية غنية في السيرة النبوية‬
‫تصلح كأعمال مرجعية وترجمتها إلى اللغات العالمية‪.‬‬
‫‪ .47‬إقامة مسابقة سنوية للطلبة والطالبات لفضل بحث في السيرة النبوية‬
‫وتخصيص جوائز قيمة لها‪.‬‬
‫‪ .48‬إقامة مخيمات شبابية تتضمن أنشطة تزرع محبة الرسول صلى الله‬
‫عليه وسلم والتعلق بسنته‪.‬‬

‫‪199‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫‪ .49‬إقامة دورات تدريبية متخصصة لعداد القادة بالقتداء بالمصطفي صلى‬


‫الله عليه وسلم‪.‬‬
‫على مستوى الئمة و الدعاة وطلبة العلم ‪:‬‬
‫‪ .50‬بيان خصائص دعوته ورسالته صلى الله عليه وسلم وانه بعث بالحنيفية‬
‫السمحة وأن الصل في دعوته هو حرصه على هداية الناس كافة إلى إفراد‬
‫العبادة لرب الناس‪.‬‬
‫‪ .51‬العمل على دعوة الناس وهدايتهم إلى هذا الدين ؛ بجميع أجناسهم‬
‫وقبائلهم‪.‬‬
‫خلقية قبل وبعد الرسالة ‪.‬‬‫ُ‬ ‫وال‬ ‫الخلقية‬ ‫وسلم‬ ‫عليه‬ ‫الله‬ ‫صلى‬ ‫صفاته‬ ‫‪ .52‬بيان‬
‫‪ .53‬بيان فضائل الرسول صلى الله عليه وسلم وخصائص أمته بأسلوب ممتع‬
‫‪.‬‬
‫‪ .54‬بيان مواقفه صلى الله عليه وسلم مع أهله وجيرانه وأصحابة رضوان‬
‫الله عليهم‪.‬‬
‫‪ .55‬بيان كيفية تعامله صلى الله عليه وسلم مع أعدائه من أهل الكتاب‬
‫والمشركين والمنافقين‪.‬‬
‫‪ .56‬بيان منهجه صلى الله عليه وسلم في حياته اليومية ‪.‬‬
‫‪ .57‬تخصيص الخطبة الثانية لبعض الجمع للتذكير بمشاهد من سيرة‬
‫المصطفى صلى الله عليه وسلم فضل ً عن تخصيص خطب كاملة عنه من‬
‫وقت إلى آخر‪.‬‬
‫‪ .58‬التعليق على اليات التي تتكلم عن الرسول صلى الله عليه وسلم عند‬
‫قراءتها في الصلة ولمدة ثلث إلى خمس دقائق ‪.‬‬
‫‪ .59‬إضافة حلقات لتحفيظ السنة النبوية إلى جوار حلقات تحفيظ القرآن‬
‫الكريم في المساجد‪.‬‬
‫‪ .60‬تصحيح المفاهيم الخاطئة لدى عامة الناس حول سنة المصطفى صلى‬
‫الله عليه وسلم والدعوة إلى التمسك بما صح عنه صلى الله عليه وسلم‬
‫بأسلوب بسيط واضح‪.‬‬
‫‪ .61‬ذكر فتاوى علماء المة التي تبين حكم من تعرض لرسول المة صلى‬
‫الله عليه وسلم بشيء من النتقاص ووجوب بغض من فعل ذلك والبراءة‬
‫منه ‪.‬‬
‫‪ .62‬العمل على رد الناس إلى دينهم من خلل عرض مبسط لمواقف‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم الدعوية ‪.‬‬
‫‪ .63‬التحذير في الوسائل المرئية والمسموعة والمقروءة من الغلو فيه صلى‬
‫الله عليه وسلم ‪ ،‬وبيان اليات التي تنهي عن الغلو كقوله ) ل تغلو في‬
‫دينكم ( ‪ .‬والحاديث الخاصة في ذلك كما في قوله صلى الله عليه وسلم ) ل‬
‫تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم ( ‪ ،‬وبيان أن المحبة الصادقة هي في‬
‫اتباعه صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪ .64‬حث الناس على قراءة سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم من‬
‫مصادرها الصلية وتبيين ذلك لهم‪.‬‬
‫‪ .65‬دحض وتفنيد الشبهات والباطيل التي تثار حول الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم وسيرته‪.‬‬
‫على مستوى المثقفين والمفكرين والعلميين والصحفيين ‪:‬‬
‫‪ .66‬إبراز شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم وخصائص أمته من خلل‬

‫‪200‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫نشر ذلك والتحدث عنه في المناسبات العلمية والثقافية‪.‬‬


‫‪ .67‬عدم نشر أي موضوع ينتقص فيها من سنته صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪ .68‬التصدي للعلم الغربي واليهودي المضاد والرد على ما يثيرونه من‬
‫شبهات وأباطيل عن ديننا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪ .69‬عقد اللقاءات الصحفية والعلمية والثقافية مع المنصفين من غير‬
‫المسلمين والتحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم ورسالته‪.‬‬
‫‪ .70‬نشر ما ذكره المنصفون من غير المسلمين بشأنه صلى الله عليه وسلم‬
‫‪.‬‬
‫‪ .71‬عقد الندوات والمنتديات الثقافية لبراز منهجه وسيرته وبيان مناسبة‬
‫منهجه صلى الله عليه وسلم لكل زمان وكان ‪.‬‬
‫‪ .72‬إعداد المسابقات العلمية عن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم‬
‫وتخصيص الجوائز القيمة لها‪.‬‬
‫‪ .73‬كتابة المقالت والقصص والكتيبات التي تتحدث عن الرسول صلى الله‬
‫عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ .74‬القتراح على رؤساء تحرير الصحف والمجلت لتخصيص زاوية يبين فيها‬
‫اليات والحاديث التي تدل على وجوب محبته صلى الله عليه وسلم وأن‬
‫محبته مقدمة على الولد والوالد والناس أجمعين بل ومقدمة على النفس‬
‫وأن هذه المحبة تقتضي تعظيمه وتوقيره وإتباعه وتقديم قوله على قول كل‬
‫أحد من الخلق ‪.‬‬
‫‪ .75‬القتراح على مدراء القنوات الفضائية لعداد برامج خاصة في سيرة‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم وكيفية تعامله مع زوجاته وأبناءه وأصحابه‬
‫وأعدائه وغير ذلك من صفاته الخلقية والخلقية‪.‬‬
‫‪ .76‬حث مؤسسات النتاج العلمي على القيام بإنتاج أشرطة فيديو تعرض‬
‫سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم بطريقة احترافية شيقة‪.‬‬
‫‪ .77‬حث المحطات التلفزيونية الرضية والقنوات الفضائية على إنتاج وبث‬
‫أفلم كرتونية للناشئة تحكي شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم وبعض‬
‫القصص من السنة النبوية‪.‬‬
‫على مستوى المؤسسات الخيرية والدعوية ‪:‬‬
‫‪ .78‬إنشاء لجان أو أقسام تحمل لواء نصرة الرسول صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ .79‬تخصيص أماكن في المعارض والمؤتمرات المحلية والدولية التي تشارك‬
‫بها المؤسسات لعرض الكتب والشرطة المرئية والمسموعة التي تبرز‬
‫خصائص الرسالة المحمدية‪.‬‬
‫‪ .80‬تخصيص أماكن دائمة لتوزيع الشرطة والكتب والمطويات التي تتحدث‬
‫عن الرسول صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫ً‬
‫‪ .81‬تخصيص جائزة قيمة بمعايير متفق عليها سلفا لفضل من خدم السنة‬
‫والسيرة النبوية وإقامة حفل تكريم سنوي يدعى له كبار الشخصيات‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫‪ .82‬تبني طباعة كتب السيرة النبوية باللغات الجنبية وتوزيعها على مراكز‬
‫الستشراق والمكتبات العامة والجامعية حول العالم ‪.‬‬
‫‪ .83‬إصدار مجلة أو نشرة دورية تهتم بالسيرة النبوية المطهرة وتعاليم الدين‬
‫السلمي وتبرز صفات هذة المة ومحاسن هذا الدين الذي جاء به نبينا محمد‬
‫صلى الله عليه وسلم‪.‬‬

‫‪201‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ .84‬تخصيص صناديق تبرع لتمويل حملت نصرة الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬والتأليف في السيرة والترجمة وإنشاء المواقع على الشبكة‬
‫العالمية ‪.‬‬
‫على مستوى العاملين في الشبكة العنكبوتية وأصحاب المواقع ‪:‬‬
‫‪ .85‬تكوين مجموعات تتولى إبراز محاسن هذا الدين ونظرة السلم لجميع‬
‫النبياء بنفس الدرجة من المحبة وغيره من الموضوعات ذات العلقة‪.‬‬
‫‪ .86‬إنشاء مواقع أو منتديات أو تخصيص نوافذ في المواقع القائمة تهتم‬
‫بسيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم وتبرز رسالته العالمية‪.‬‬
‫‪ .87‬المشاركة في حوارات هادئة مع غير المسلمين ودعوتةم لدراسة‬
‫شخصية الرسول صلى الله عليه وسلم والدين الذي جاء به‪.‬‬
‫‪ .88‬تضمين أو تذييل الرسائل اللكترونية التي ترسل إلى القوائم البريدية‬
‫الخاصة ببعض الحاديث والمواعظ النبوية‪.‬‬
‫‪ .89‬إعداد نشره إلكترونية ‪ -‬من حين إلى آخر‪ -‬عن شخصية الرسول صلى‬
‫الله عليه وسلم ودعوته وخاصة في المناسبات والحداث الطارئة‪.‬‬
‫‪ .90‬العلن في محركات البحث المشهورة عن بعض الكتب أو المحاضرات‬
‫التي تتحدث عن الرسول صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫على مستوى الغنياء والحكومات السلمية ‪:‬‬
‫‪ .91‬دعم النشاطات الدعوية المتعلقة بالسيرة النبوية الشريفة ‪.‬‬
‫‪ .92‬طباعة الملصقات التي تحمل بعض الحاديث والمواعظ النبوية ‪.‬‬
‫‪ .93‬المساهمة في إنشاء القنوات الفضائية والذاعات والمجلت التي تتحدث‬
‫عن السلم ونبي السلم صلى الله عليه وسلم باللغات المختلفة وبالخص‬
‫اللغة النجليزية‪.‬‬
‫‪ .94‬استئجار دقائق في القنوات أو الذاعات الجنبية لعرض أطروحات عن‬
‫السلم ونبي السلم صلى الله عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ .95‬إنشاء مراكز متخصصة لبحوث ودراسات السيرة النبوية والترجمة إلى‬
‫اللغات العالمية‪.‬‬
‫‪ .96‬إنشاء متاحف ومكتبات متخصصة في بالسيرة والتراث النبوي الشريف ‪.‬‬
‫‪ .97‬إنشاء مواقع على النترنت متخصصة في السيرة والسنة النبوية‬
‫الشريفة‪.‬‬
‫‪ .98‬طباعة ونشر الكتب والشرطة والبرامج العلمية التي تبرز محاسن‬
‫الدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وسلم وأخلقه وشمائله بعدة لغات‬
‫وخاصة اللغة النجليزية‪.‬‬
‫‪ .99‬المساهمة في دعم المسابقات الدعوية التي تهتم بالسيرة النبوية ورصد‬
‫مبالغ تشجيعية لها‪.‬‬
‫‪ .100‬الرقم نتركة لك لتكمله وتبعث به إلينا‪.‬‬
‫ل حسب‬ ‫ً‬
‫أخي المسلم أختي المسلمه ‪ ..‬إن الواجب علينا جميعا ‪ -‬ك ٌ‬
‫إستطاعته ‪ -‬أن ننصر نبينا وأمامنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم ‪،‬‬
‫ولذلك أعددنا هذة المذكرة ختى ل يبقى لحد منا عذر ‪ ،‬فلنعمل جميعا ً على‬
‫نشرها وتوزيعها ‪ ،‬ودعوة الهل وعموم الناس من خلل المجالس العائلية ‪،‬‬
‫والمكالمات الهاتفية ‪ ،‬ورسائل الجوال ‪ ،‬على نصرة الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪.‬‬
‫*** اللجنة العالمية لنصرة المصطفى صلى الله عليه وسلم‬

‫)‪(4 /‬‬

‫‪202‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫مات كما كان يتمنى!!‬


‫مفكرة السلم ‪ :‬كثيرة هي المنيات التي تحدو أذهاننا صباح مساء‪ ,‬أمنيات‬
‫في الزوجة والعمل والمركز الجتماعي والمال والمسكن ولكن من منا جلس‬
‫مع نفسه يتفكر في شكل الخاتمة التي يرجوها لهذه الحياة‪ ,‬ل شك أن الناس‬
‫يتفاوتون في أمنياتهم ورؤاهم لهذه اللحظة وما من شك أن هذا الختلف ما‬
‫هو إل انعكاس لحلم حياتهم كلها فتعالوا بنا نتأمل كيف تمنى الخرون‬
‫خاتمتهم‪:‬‬
‫** لما نزل الموت بالعابد الزاهد عبد الله بن إدريس اشتد عليه الكرب فلما‬
‫اخذ يشهق بكت ابنته‬
‫فقال ‪ :‬يا بنيتي ل تبكي فقد ختمت القرآن في هذا البيت أربعة آلف ختمة ‪..‬‬
‫كلها لجل هذا المصرع ‪..‬‬
‫ما عامر بن عبد الله بن الزبير فلقد كان على فراش الموت يعد أنفاس‬ ‫** أ ّ‬
‫الحياة وأهله حوله يبكون فبينما هو يصارع الموت سمع المؤذن ينادي لصلة‬
‫المغرب ونفسه تحشرج في حلقه وقد أشتد ّ نزعه وعظم كربه فلما سمع‬
‫النداء قال لمن حوله ‪ :‬خذوا بيدي ‪!!..‬‬
‫قالوا ‪ :‬إلى أين ؟ ‪..‬‬
‫قال ‪ :‬إلى المسجد ‪..‬‬
‫قالوا ‪ :‬وأنت على هذه الحال !!‬
‫قال ‪ :‬سبحان الله ‪ !! ..‬أسمع منادي الصلة ول أجيبه خذوا بيدي‬
‫م مات في سجوده‬ ‫فحملوه بين رجلين فصلى ركعة مع المام ث ّ‬
‫نعم مات وهو ساجد ‪..‬‬
‫** واحتضر عبد الرحمن بن السود فبكى فقيل له ‪ :‬ما يبكيك !! وأنت أنت‬
‫يعني في العبادة والخشوع ‪ ..‬والزهد والخضوع ‪..‬‬
‫م لم يزل يتلو حتى مات ‪..‬‬ ‫فقال ‪ :‬أبكي والله أسفا ً على الصلة والصوم ث ّ‬
‫** أما يزيد الرقاشي فإنه لما نزل به الموت أخذ يبكي ويقول ‪:‬‬
‫ت ؟ ومن يصوم لك ؟ ومن يستغفر لك من‬ ‫من يصلي لك يا يزيد إذا م ّ‬
‫الذنوب ثم تشهد ومات ‪..‬‬
‫** وها هو هارون الرشيد لما حضرته الوفاة وعاين السكرات صاح بقواده‬
‫وحجابه ‪:‬‬
‫اجمعوا جيوشي فجاؤوا بهم بسيوفهم ودروعهم ل يكاد يحصي عددهم إل الله‬
‫كلهم تحت قيادته وأمره فلما رآهم ‪ ..‬بكى ثم قال ‪:‬‬
‫يا من ل يزول ملكه ‪ ..‬ارحم من قد زال ملكه ‪..‬ثم لم يزل يبكي حتى مات ‪..‬‬
‫** أما عبد الملك بن مروان فإنه لما نزل به الموت جعل يتغشاه الكرب‬
‫ويضيق عليه النفس فأمر بنوافذ غرفته ففتحت فالتفت فرأى غسال ً فقيرا ً‬
‫في دكانه ‪ ..‬فبكى عبد الملك ثم قال ‪ :‬يا ليتني كنت غسال ً ‪ ..‬يا ليتني كنت‬
‫ل من أمر المؤمنين شيئا ً ‪ ..‬ثم‬ ‫نجارا ً ‪ ..‬يا ليتني كنت حمال ً ‪ ..‬يا ليتني لم أ ِ‬
‫مات ‪..‬‬
‫وهذا مشهد من عصرنا الحديث]‪:[1‬‬
‫** شاب أمريكى من أصل أسبانى ‪ ،‬دخل على إخواننا المسلمين فى إحدى‬
‫مساجد نيويورك في مدينة 'بروكلين' بعد صلة الفجر وقال لهم أريد أن أدخل‬
‫فى السلم‪.‬‬
‫قالوا ‪ :‬من أنت ؟‬
‫قال دلوني ول تسألوني‪.‬‬
‫فاغتسل ونطق بالشهادة ‪ ،‬وعلموه الصلة فصلى بخشوع نادر تعجب منه‬

‫‪203‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫رواد المسجد جميعًا‪.‬‬


‫وفى اليوم الثالث خلى به أحد الخوة المصلين واستخرج منه الكلم وقال له‪:‬‬
‫يا أخي بالله عليك ما حكايتك ؟‬
‫قال‪ :‬والله لقد نشأت نصرانيا ً وقد تعلق قلبى بالمسيح عليه السلم ولكننى‬
‫نظرت فى أحوال الناس فرأيت الناس قد انصرفوا عن أخلق المسيح تماما ً‬
‫فبحثت عن الديان وقرأت عنها فشرح الله صدرى للسلم ‪ ،‬وقبل الليلة التي‬
‫دخلت عليكم فيها نمت بعد تفكير عميق وتأمل في البحث عن الحق فجاءنى‬
‫المسيح عليه السلم فى الرؤيا وأنا نائم وأشار لى بسبابته هكذا كأنه‬
‫يوجهني‪ ،‬وقال لي‪ :‬كن محمديا ً ‪.‬‬
‫يقول ‪ :‬فخرجت أبحث عن مسجد فأرشدنى الله إلى هذا المسجد فدخلت‬
‫عليكم‪.‬‬
‫َ‬
‫ن المؤذن لصلة العشاء ودخل هذا الشاب الصلة‬ ‫بعد هذا الحديث القصير أذ ّ َ‬
‫مع المصلين ‪ ،‬وسجد فى الركعة الولى ‪ ،‬وقام المام بعدها ولم يقم أخونا‬
‫المبارك بل ظل ساجدا ً لله فحركه من بجواره فسقط فوجدوا روحه قد‬
‫فاضت إلى الله جل وعل ‪.‬‬
‫** أخي في الله تأمل طويل في هذه الخاتمة‪:‬‬
‫وهذا زوج نجاه الله من الغرق في حادث الباخرة ' سالم اكسبريس ' يحكي‬
‫قصة زوجته التي غرقت في طريق العودة من رحلة الحج يقول‪ ' :‬صرخ‬
‫الجميع ]] إن الباخرة تغرق [[ وصرخت فيها هيا اخرجي‪.‬‬
‫فقالت ‪ :‬والله لن أخرج حتى ألبس حجابى كله‬
‫فقال ‪ :‬هذا وقت حجاب !!! اخرجي!! فإننا سنهلك !!!‪.‬‬
‫قالت ‪ :‬والله لن أخرج إل وقد ارتديت حجابى بكامله فإن مت ألقى الله على‬
‫طاعة فلبست ثيابها وخرجت مع زوجها‬
‫ض‬
‫فلما تحقق الجميع من الغرق تعلقت به وقالت استحلفك بالله هل أنت را ٍ‬
‫عنى ؟‬
‫فبكى الزوج‪.‬‬
‫ض عنى ؟‬ ‫قالت هل أنت را ٍ‬
‫فبكى‪.‬‬
‫قالت أريد أن أسمعها‪.‬‬
‫ض عنك‪.‬‬ ‫قال والله إني را ٍ‬
‫فبكت المرأة الشابة وقالت ‪ :‬أشهد أن ل إله إل الله وأشهد أن محمدا ً رسول‬
‫الله ‪ ،‬وظلت تردد الشهادة حتى غرقت‬
‫فبكى الزوج وهو يقول ‪ :‬أرجو من الله أن يجمعنا بها فى الخرة فى جنات‬
‫النعيم ‪.‬‬
‫**وهذه أيضا‪....‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫وها هو رجل عاش أربعين سنة يؤذن للصلة ل يبتغى إل وجه الله ‪ ،‬وقبل‬
‫الموت مرض مرضا ً شديدا ً فأقعده فى الفراش ‪ ،‬وأفقده النطق فعجز عن‬
‫الذهاب إلى المسجد ‪ ،‬فلما اشتد عليه المرض بكى ورأى المحيطون به على‬
‫وجهه أمارات الضيق وكأنه يخاطب نفسه قائل ً يارب أؤذن لك أربعين سنة‬
‫وأنت تعلم أني ما ابتغيت الجر إل منك‪ ،‬وأحرم من الذان فى آخر لحظات‬
‫حياتي‪ .‬ثم تتغير ملمح هذا الوجه إلى البشر والسرور ويقسم أبناؤه أنه لما‬

‫‪204‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫حان وقت الذان وقف على فراشه واتجه للقبلة ورفع الذان فى غرفته وما‬
‫إن وصل إلى آخر كلمات الذان ل إله إل الله خر ساقطا ً على الفراش‬
‫فأسرع إليه بنوه فوجدوا روحه قد فاضت إلى مولها ‪.‬‬
‫**وهذه أيضا‪....‬ختامها مسك‪:‬‬
‫وهذا شيخنا المبارك عبد الحميد كشك رحمه الله يقبض فى يوم ٍ أحبه من كل‬
‫قلبه فى يوم الجمعة يغتسل ‪ ،‬ويلبس ثوبه البيض ‪ ،‬ويضع الطيب على بدنه‬
‫وثوبه ويصلى ركعتى الوضوء ‪ ،‬وفى الركعة الثانية وهو راكع يخر ساقطا ً‬
‫فيسرع إليه أهله وأولده ‪ ،‬فوجدوا أن روحه قد فاضت إلى الله جل فى عله‪.‬‬
‫لقد أجرى الكريم عادته بكرمه أن من عاش على شىء مات عليه ومن مات‬
‫على شىء بعث عليه‪.‬‬
‫هذه قصصهم فهل سيأتي يوم نكتب فيه قصتك‪......‬بفخر وشرف وعزة؟‬
‫‪-----------------‬‬
‫]‪ [1‬القصص مستقاة من سلسلة الدار الخرة للشيخ محمد حسان‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫ماجدة‬
‫عبيد الشحادة‬
‫عرضت على العلم العربي صور انتهاك السجناء العراقيين‪ ،‬غير أن الذي لم‬ ‫ُ‬
‫ُيعرض وقد حدث انتهاك أعراض السجينات العراقيات )الماجدات(!‬
‫م‬
‫تداعت نحونا المم *** وعاد الروم والعج ُ‬
‫كثَرهم‬ ‫وما هي قوة فيهم *** وليس المُر ُ‬
‫م‬ ‫حبا ً بنا له ُ‬ ‫ول من قلةٍ فينا *** ول ُ‬
‫أتونا غاصبين فما *** دعاهم عندنا الكرم‬
‫م‬
‫ة به ُ‬ ‫وليسوا آبهين إذا *** نضيق ضياف ً‬
‫م‬
‫ت بيته ُ‬ ‫بعقرِ ديارنا حّلو *** وصار البي ُ‬
‫م‬
‫وصرنا عندهم أسرى *** ونستجدي لعطفه ُ‬
‫م‬
‫م ُ‬ ‫ونرجو عندهم عدل ً *** وأن ُترعى بنا الذ ّ َ‬
‫حرم‬ ‫ك ال ُ‬ ‫ن وُتهت َ ُ‬ ‫ن بها *** ُتها ُ‬ ‫ولكن السجو َ‬
‫م‬
‫م‪ :‬معتص ُ‬ ‫ت ماجدةٍ *** تنادي اليو َ‬ ‫ويعلو صو ُ‬
‫دهم‬ ‫ل أنت ج ّ‬ ‫ً‬
‫فيا خجل ً ويا أسفا *** لنس ٍ‬
‫ب *** ُتساقُ كأنها غنم‬ ‫ويا عارا ً على عر ٍ‬
‫ض بينهم‬ ‫س العر ُ‬ ‫ث *** ُيدا ُ‬ ‫خنازيٌر ديايي ٌ‬
‫س تبريرا ً لصمته ُ‬
‫م‬ ‫َ‬
‫ويحترفون ضبط *** النف ِ‬
‫* * * ***‬
‫م‬
‫ض ماجدةٍ *** أمام الناس كله ُ‬ ‫أيسبى عر ُ‬
‫م‬‫ت ل أبالك ُ‬ ‫ب السبايا *** مكرها ٍ‬ ‫وُتغَتص ُ‬
‫أمام عيونكم جهرا *** وليست من ورائكم‬ ‫ً‬
‫م‬ ‫س الوَهَ ُ‬ ‫ووافوكم بتصويرٍ *** لكي ل ُيلب ِ َ‬
‫م‬
‫ش *** حتى ضاعَ صهُرك ُ‬ ‫ن الجي ُ‬ ‫ف فوقه ّ‬ ‫خال َ َ‬
‫تَ َ‬
‫مهم؟‬ ‫ب وع ّ‬ ‫ب هذه البناء *** في نس ٍ‬ ‫فمن أ ُ‬
‫* * * ***‬
‫م‬‫م وتحتش ُ‬ ‫أتشفقُ من علوج *** الروم ِ أقوا ٌ‬
‫م‬
‫ضه ُ‬ ‫عر ُ‬ ‫ض ِ‬ ‫ن الِعر َ‬ ‫م *** كأ ّ‬ ‫ويعصر َقلَبها أل ٌ‬

‫‪205‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫س ول ألم‬ ‫ت *** فل ح ٌ‬ ‫ل أموا ٍ‬‫وأنتم مث ُ‬


‫شيم‬ ‫حكم *** ول هّزتكم ال ّ‬ ‫ت جوار ُ‬ ‫ول اختلج ْ‬
‫م‬ ‫َ‬
‫م وف ُ‬ ‫ت *** شفاهٌ منك ُ‬ ‫ت ول همس ْ‬ ‫ول نبس ْ‬
‫م‬ ‫ر‬
‫َ َ ُ‬ ‫ه‬ ‫ال‬ ‫فيكم‬ ‫ن‬
‫ُ‬ ‫يقار‬
‫ُ‬ ‫***‬ ‫ل‬ ‫ذلك‬ ‫قبل‬ ‫وكنتم‬
‫سراع ٌ ل تسابقكم *** إلى عليائكم قَد َ ُ‬
‫م‬
‫م‬
‫قي ُ‬ ‫وكنتم خيَر أقوام ٍ *** إليكم ُتنسب ال ِ‬
‫م *** فوق أنوفكم شمم‬ ‫أباة ٌ تأنفون الضي َ‬
‫م‬
‫مكم وََر ُ‬ ‫فبانت من معادنكم *** بأن شحو َ‬
‫م‬
‫سعَ نعله ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫ب *** ولستم ِ‬ ‫ولستم من بني عر ٍ‬
‫م‬‫كأن دماَءكم ماٌء *** وما هّز العروقَ د ُ‬
‫‪ http://www.odabasham.net‬المصدر‪:‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ماذا أستطيع فعله في الزمات؟‬


‫رئيسي ‪:‬تربية ‪:‬الحد ‪ 24‬ربيع الخر ‪1425‬هـ ‪ 13 -‬يونيو ‪ 2004‬م‬
‫رد السؤال ويتكرر‪ :‬ماذا أستطيع فعله في‬ ‫تمّر الزمات بنا متتابعة متتالية‪ ،‬وي َ ِ‬
‫الزمات؟‬
‫والبعض ُيلقي بالعبء الكبر على غيره‪ ،‬ليقول‪ :‬ما بيدي شيء‪ ،‬أو يقول‪ :‬ليس‬
‫لي من المر شيء‬
‫صل من المسؤولية محتجا ً بمقارفة‬ ‫وما عِلم أن بيده خيرا ً كثيرا ً ‪ .‬وربما تن ّ‬
‫الذنوب‪ ،‬وما عِلم أن هذا ل ُيعفيه‪ ،‬بل قد أضاف ذنبا ً على ذنوب !‬
‫دم ؟ وكيف ؟ ومتى ؟‬ ‫إذا ً ماذا بأيدينا؟وماذا بوسعنا أن ُنق ّ‬
‫فأقول ‪ :‬بوسعنا الكثير‪ ،‬سواء كان على ذلك مما يعم أو مما يخص‪ ،‬ومن‬
‫ذلك‪:‬‬
‫‪ -1‬سهام الليل والسلح المعطل الذي انتصر به ُرسل الله عليهم الصلة‬ ‫ّ‬
‫والسلم‪:‬‬
‫سلح فّعال ل يملكه سوى المسلم الموقن بوعد الله ونصره‪ ،‬ومع ذلك‬ ‫وهو ِ‬
‫كثيرا ً ما نترك هذا السلح أو ُنفّرط فيه ونهمله‪ ،‬فنتكاسل أن نرفع أيدينا‪ ،‬وهذا‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫جَز عَ ْ‬ ‫ن عَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫جُز الّناس َ‬ ‫غاية العجز‪ ،‬ولذا قال عليه الصلة والسلم‪ ] :‬أعْ َ‬
‫عاِء[ رواه ابن حبان وغيره‪ ،‬وحسنه اللباني ‪.‬‬ ‫الد ّ َ‬
‫أين نحن من أوقات الجابة؟‬
‫] بين الذان والقامة – في السجود – قبل السلم من الصلة – في جوف‬
‫الليل – آخر ساعة من يوم الجمعة ‪ [ ...‬إلى غير ذلك من الوقات والحوال‬
‫ن إجابة الدعاء ‪.‬‬ ‫التي هي مظا ّ‬
‫‪ -2‬مجاهدة الكفار‪:‬‬
‫مقتصرة على السلح‪ ،‬بل هي باليد وباللسان‪ ،‬وبالمال‬ ‫وليست المجاهدة ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ديك ُ ْ‬
‫م‬ ‫م وَأي ْ ِ‬ ‫وال ِك ُ ْ‬‫م َ‬ ‫ن ب ِأ ْ‬ ‫كي َ‬ ‫شرِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫دوا ال ُ‬ ‫جاهِ ُ‬ ‫وبالقلب؛ لقوله عليه الصلة والسلم‪َ ] :‬‬
‫َ‬
‫م[ رواه أبو داود والنسائي والدارمي وأحمد‪.‬‬ ‫سن َت ِك ُ ْ‬ ‫وَأل ْ ِ‬
‫ُ‬
‫ن لَ ُ‬
‫ه‬ ‫كا َ‬ ‫مةٍ قَب ِْلي إ ِّل َ‬ ‫ه ِفي أ ّ‬ ‫ه الل ّ ُ‬ ‫ي ب َعَث َ ُ‬ ‫ن ن َب ِ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫وقال عليه الصلة والسلم‪َ ] :‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫م ُ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫خل ُ‬ ‫م إ ِن َّها ت َ ْ‬ ‫مرِهِ ث ُ ّ‬ ‫ن ب ِأ ْ‬ ‫دو َ‬ ‫قت َ ُ‬ ‫سن ّت ِهِ وَي َ ْ‬ ‫ن بِ ُ‬ ‫ذو َ‬ ‫خ ُ‬ ‫ب ي َأ ُ‬ ‫حا ٌ‬ ‫ص َ‬‫ن وَأ ْ‬ ‫وارِّيو َ‬ ‫ح َ‬‫مت ِهِ َ‬ ‫نأ ّ‬ ‫ِ ْ‬
‫ه‬
‫م ب ِي َدِ ِ‬‫جاهَد َهُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن فَ َ‬ ‫مُرو َ‬ ‫ما ل ي ُؤْ َ‬ ‫َ‬ ‫ن َ‬ ‫فعَلو َ‬‫ُ‬ ‫ن وَي َ ْ‬ ‫فعَلو َ‬‫ُ‬ ‫َ‬
‫ما ل ي َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫قولو َ‬‫ُ‬ ‫ف يَ ُ‬ ‫خلو ٌ‬ ‫ُ‬ ‫م ُ‬ ‫ب َعْدِهِ ْ‬
‫ن‬
‫م ٌ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫َ‬
‫قلب ِهِ فهُوَ ُ‬ ‫ْ‬ ‫م بِ َ‬ ‫جاهَد َهُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫م ٌ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫َ‬
‫سان ِهِ فهُوَ ُ‬ ‫م ب ِل ِ َ‬ ‫جاهَد َهُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫ن وَ َ‬ ‫م ٌ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫فَهُوَ ُ‬
‫ل[ رواه مسلم ‪ .‬فمن عجز عن جهاد‬ ‫خْرد َ ٍ‬ ‫ة َ‬ ‫حب ّ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ما ِ‬ ‫لي َ‬ ‫ناِْ‬ ‫م ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫س وََراَء ذ َل ِ َ‬ ‫وَل َي ْ َ‬

‫‪206‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الكافرين بيده؛ جاهدهم بلسانه وماله‪ ،‬وأضعف اليمان أن ُيجاهدهم بقلبه ‪.‬‬
‫فالجهاد باللسان بالدعوة والمحاجة‪..‬والدعوة بالموال بدعم إخواننا‬
‫صرهم كيف شاء‪..‬فالجهاد‬ ‫المضطهدين‪ ،‬ول ُيتركون لقمة سائغة للصليب ُين ّ‬
‫بالمال قرين الجهاد بالنفس في كتاب الله‪ ،‬ومن هذا الباب تحديث النفس‬
‫ه‬
‫س ُ‬ ‫ف َ‬‫ث ب ِهِ ن َ ْ‬ ‫حد ّ ْ‬ ‫م ي َغُْز وَل َ ْ‬
‫م يُ َ‬ ‫ت وَل َ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫بالغزو‪ ،‬لقوله عليه الصلة والسلم‪َ ] :‬‬
‫ق[ رواه مسلم ‪.‬‬ ‫فا ٍ‬ ‫ن نِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫شعْب َةٍ ِ‬ ‫ت عََلى ُ‬ ‫ما َ‬ ‫َ‬
‫‪ -3‬النكاية بالكافرين وإغاظتهم‪ :‬كيف ذلك؟‬
‫أشد ما تكون النكاية بأئمة الكفر أن تتزايد أعداد المسلمين على حساب‬
‫تعداد الكافرين أيا ً كانوا !‬
‫فمن وقف مواقف الدعوة إلى الله ‪ ،‬ولو بكلمة‪ ،‬أو جهد‪ ،‬أو كتاب‪ ،‬أو شريط‪،‬‬
‫أو محاجة‪ ،‬أو بيان حق؛ فقد وطئ موطئا ً يغيظ الكفار ‪.‬‬
‫أما أغاظوك يوم تسّلطوا على ديار ورقاب المسلمين؟‬
‫إذا ً أغظهم أنت بالدعوة إلى دين الله عز وجل‪ ،‬بل أغظهم بصلح نفسك‪،‬‬
‫والرجوع إلى الله‪.‬‬
‫أما سمعت قول الله عز وجل في أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم‬
‫فاَر‪]{[29]...‬سورة الفتح[‪ .‬؟‬ ‫م ال ْك ُ ّ‬‫ظ ب ِهِ ُ‬ ‫ورضي الله عنهم‪ }:‬ل ِي َِغي َ‬
‫ثم إن الصلح مما يدفع العقوبات‪ :‬تأمل قوله عليه الصلة والسلم وقد‬
‫ث[ رواه البخاري‬ ‫خب َ ُ‬‫م إ َِذا ك َث َُر ال ْ َ‬ ‫ل‪ ] :‬ن َعَ ْ‬ ‫ن َقا َ‬ ‫حو َ‬ ‫صال ِ ُ‬
‫ك وَِفيَنا ال ّ‬ ‫سئل‪ :‬الل ّهِ أ َن َهْل ِ ُ‬ ‫ُ‬
‫ومسلم ‪.‬‬
‫والخبث إذا كُثر‪ ،‬والمنكر إذا ظهر‪ ،‬والمعاصي إذا فشت‪ ،‬والفجور إذا انتشر‪،‬‬
‫كان ذلك سبًبا في الهلك‪ ،‬وهو أعظم من الحرب‪ ،‬قال عليه الصلة والسلم‪:‬‬
‫ذاب الّله[ رواه الحاكم‪،‬‬ ‫م عَ َ‬ ‫سهِ ْ‬ ‫ف ِ‬‫حّلوا ب ِأ َن ْ ُ‬ ‫] إَذا ظ َهر الزنا والربا في قَرية فَ َ َ‬
‫قد ْ أ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َ ّ َ َ ّ َ ِ‬ ‫ِ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫ش َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ذوا عَلى ي َد َي ْهِ أوْ َ‬ ‫خ ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫كأ ْ‬ ‫م ي َأ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ف‬ ‫م‬‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬‫ظا‬ ‫ال‬ ‫وا‬ ‫أ‬‫ر‬
‫َ ِ َ ْ‬ ‫ذا‬ ‫إ‬ ‫س‬ ‫نا‬‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ن‬
‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫]‬ ‫وقال‪:‬‬ ‫وصححه‪.‬‬
‫ه[ رواه أبو داود والترمذي وابن ماجة وأحمد ‪ .‬فالصلح‬ ‫من ُْ‬
‫ب ِ‬ ‫قا ٍ‬ ‫ه ب ِعِ َ‬ ‫م الل ّ ُ‬‫مهُ ْ‬
‫ي َعُ ّ‬
‫في النفس‪ ،‬والصلح في الغير مما يدفع الله عز وجل به العقوبة ‪.‬‬
‫‪ -4‬توعية الناس بالقضية‪ ،‬وتعرية مزاعم قوى الكفر‪:‬‬
‫جحهم بالديموقراطية والعدل‬ ‫وتبصير الناس بحقائق دعاوى الكفار‪ ،‬كتب ّ‬
‫والمساواة إلى غيرها مما ُألغيت في التعامل مع قضايا المسلمين في سائر‬
‫أقطار الرض!‬
‫وهذه الحرب قد أسقطت الكثير من القنعة‪ ،‬وتبين لكثير من الناس – حتى‬
‫دعوا فيهم – الوجه الكالح لمم الكفر‪ ،‬ولئمة الكفر !‬ ‫خ ِ‬‫من ُ‬ ‫َ‬
‫ويتبع ذلك تبّني قضايا المة‪ ،‬وليست قضية الساعة‪ ،‬فإحياء قضايا المة مما‬
‫يقض مضاجع العداء؛ لنهم ُيشغلون المة بقضية عن قضايا ‪.‬‬
‫‪ -5‬تحقيق التوكل وعدم الرجاف‪ ،‬وإخافة الناس بالوهم !‬

‫)‪(1 /‬‬

‫فإن الرجاف والتخويف سمة من سمات المنافقين‪ ،‬فاحذر أن تكون ممن‬


‫ن‬
‫فو َ‬ ‫ج ُ‬‫مْر ِ‬‫ض َوال ْ ُ‬ ‫مَر ٌ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِفي قُُلوب ِهِ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن َوال ّ ِ‬‫قو َ‬ ‫م ي َن ْت َهِ ال ْ ُ‬
‫مَنافِ ُ‬ ‫ن لَ ْ‬‫قال الله فيهم‪ }:‬ل َئ ِ ْ‬
‫َ‬
‫ما ث ُقِ ُ‬
‫فوا‬ ‫ن أي ْن َ َ‬‫مل ُْعوِني َ‬
‫ك ِفيَها إ ِّل قَِليًل]‪َ [60‬‬ ‫جاوُِرون َ َ‬ ‫م َل ي ُ َ‬ ‫م ثُ ّ‬ ‫ك ب ِهِ ْ‬‫دين َةِ ل َن ُغْرِي َن ّ َ‬ ‫ِفي ال ْ َ‬
‫م ِ‬
‫قِتيًل]‪]{[61‬سورة الحزاب[‪.‬‬ ‫ذوا وَقُت ُّلوا ت َ ْ‬ ‫أُ ِ‬
‫خ ُ‬
‫ب إرجاف وتخويف أورث الضعف والهوان‪ ،‬وإنما كان قول المؤمنين على‬ ‫ور ّ‬
‫ن‬
‫ري َ‬‫صاب ِ ِ‬‫معَ ال ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬
‫ن اللهِ َوالل ُ‬ ‫َ‬
‫ة كِثيَرةً ب ِإ ِذ ْ ِ‬ ‫َ‬
‫ت فِئ ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن فِئةٍ قِليلةٍ غلب َ ْ‬ ‫َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫َ‬
‫مر الزمان‪...}:‬ك ْ‬
‫]‪]{[249‬سورة البقرة[ ‪.‬‬

‫‪207‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ -6‬اللتفاف حول العلماء‪ ،‬والصدور عنهم تنفيذا ً للتوجيه الرباني‪:‬‬


‫ل وَإ َِلى‬ ‫سو ِ‬ ‫عوا ب ِهِ وَل َوْ َرّدوه ُ إ َِلى الّر ُ‬ ‫ف أ ََذا ُ‬ ‫خو ْ ِ‬ ‫ن أ َوِ ال ْ َ‬ ‫م ِ‬
‫َ‬
‫ن اْل ْ‬ ‫م َ‬ ‫مٌر ِ‬ ‫مأ ْ‬
‫} وإَذا جاَءهُ َ‬
‫ْ‬ ‫َِ َ‬
‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫م‪]{[83]...‬سورة النساء[ ‪.‬‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ست َن ْب ِطون َ ُ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ه ال ِ‬ ‫م ُ‬ ‫م لعَل ِ َ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫مرِ ِ‬ ‫أوِلي اْل ْ‬
‫عوا‬ ‫وعدم التفّرق والتناحر والتنازع؛ لن الضعف مرهون بالتنازع‪...}:‬وََل ت ََناَز ُ‬
‫ن]‪]{[46‬سورة‬ ‫ري َ‬ ‫صاب ِ ِ‬ ‫معَ ال ّ‬ ‫ه َ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫صب ُِروا إ ِ ّ‬ ‫م َوا ْ‬ ‫حك ُ ْ‬ ‫ب ِري ُ‬ ‫شُلوا وَت َذ ْهَ َ‬ ‫ف َ‬ ‫فَت َ ْ‬
‫النفال[ ‪.‬‬
‫فرص لبث‬ ‫وتفويت الفرصة على المنافقين المتربصين الذين يتحّينون ال ُ‬
‫سمومهم‪ ،‬والعدو إنما يدخل من خلل الثغرات التي يصنعها له الطابور‬
‫ن ث ََلث َةٍ ِفي قَْري َةٍ وََل ب َد ْوٍ لَ‬ ‫م ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫الخامس؛ ولذا قال عليه الصلة والسلم‪َ ] :‬‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫ما ي َأك ُ‬
‫ل‬ ‫ماعَةِ فَإ ِن ّ َ‬ ‫ج َ‬ ‫ك ِبال َ‬ ‫ن فَعَلي ْ َ‬ ‫شي ْطا ُ‬ ‫م ال ّ‬ ‫حوَذ َ عَل َي ْهِ ْ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫صَلة ُ إ ِّل قَد ْ ا ْ‬ ‫م ال ّ‬ ‫م ِفيهِ ْ‬ ‫قا ُ‬ ‫تُ َ‬
‫ة[ رواه أبوداود والنسائي وأحمد‪ ،‬وحسنه اللباني ‪.‬‬ ‫صي َ َ‬ ‫قا ِ‬ ‫ب ال َ‬ ‫ْ‬ ‫الذ ّئ ْ ُ‬
‫‪ -7‬ضبط الحماس‪ ،‬وطرح التصرفات الفردية ؛ لنها تضّر أكثر مما تنفع‪:‬‬
‫فالعاطفة إذا لم ُتضبط بالشرع صارت عاصفة ! ‪ -‬كما يقول الشيخ ابن‬
‫عثيمين رحمه الله‪ .-‬وعدم التطّلع للفتن والستشراف لها‪ ،‬قال عليه الصلة‬
‫ن‬‫م ْ‬ ‫خي ٌْر ِ‬ ‫م ِفيَها َ‬ ‫قائ ِ ُ‬ ‫قائ ِم ِ َوال ْ َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫خي ٌْر ِ‬ ‫عد ُ ِفيَها َ‬ ‫قا ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ن فِت َ ٌ‬ ‫كو ُ‬ ‫ست َ ُ‬ ‫والسلم‪َ ] :‬‬
‫جد َ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه وَ َ‬ ‫ْ‬
‫ست َشرِف ُ‬ ‫ْ‬ ‫ف لَها ت َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ن ي ُشرِ ْ‬ ‫ْ‬ ‫م ْ‬ ‫عي وَ َ‬ ‫سا ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م ْ‬ ‫خي ٌْر ِ‬ ‫شي ِفيَها َ‬ ‫ما ِ‬ ‫شي َوال ْ َ‬ ‫ما ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫ه[ رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬ ‫مَعاًذا فَل ْي َعُذ ْ ب ِ ِ‬ ‫جأ أوْ َ‬ ‫مل ْ َ‬ ‫َ‬
‫‪ -8‬القبال على العبادة‪ ،‬وإصلح النفس‪ ،‬وترك القيل والقال‪ ،‬ونبذ الشائعات‪:‬‬
‫ة‬
‫جَر ٍ‬ ‫والكثار من العبادة‪ ،‬قال عليه الصلة والسلم‪] :‬ال ْعَِباد َة ُ ِفي ال ْهَْرِج ك َهِ ْ‬
‫ي[ رواه مسلم ‪.‬‬ ‫إ ِل َ ّ‬
‫سَبب‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫مور الّناس‪ .‬وَ َ‬ ‫خت ِلط أ ُ‬ ‫فت َْنة َوا ْ‬ ‫مَراد ِبالهَْرِج هَُنا ال ِ‬ ‫قال المام النووي‪ ':‬ال ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫فّرغ لَها‬ ‫ن عَن َْها‪ ,‬وَل ي َت َ َ‬ ‫شت َغِلو َ‬ ‫ن عَن َْها‪ ,‬وَي َ ْ‬ ‫فلو َ‬ ‫ن الّناس ي َغْ ُ‬ ‫ضل ال ْعَِباَدة ِفيهِ أ ّ‬ ‫ك َث َْرة فَ ْ‬
‫إ ِّل أ َفَْراد'‪.‬‬
‫‪ -9‬صدقة السر‪:‬‬
‫لن صدقة السر لها أثر عجيب‪ ،‬وبها يدفع الله عن العباد والبلد ‪.‬‬
‫سوِء‪،‬‬ ‫صارِعَ ال ّ‬ ‫ْ‬ ‫م َ‬ ‫قي َ‬ ‫ف تَ ِ‬ ‫معُْرو ِ‬ ‫صَنائ ِعُ ال ْ َ‬ ‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪َ ] :‬‬
‫ب[ رواه الطبراني في الكبير‪ ،‬وحسنه‬ ‫ب ال ّْر ّ‬ ‫ض َ‬ ‫فيُء غَ َ‬ ‫سرِ ت ُط ْ ِ‬ ‫ة ال ْ ّ‬ ‫صد َقَ ُ‬ ‫وَ َ‬
‫اللباني ‪.‬‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ي‬
‫سول اللهِ أ ّ‬ ‫ت َيا َر ُ‬ ‫ن أِبي ذ َّر قال قل ُ‬ ‫ف يده ولسانه‪:‬عَ ْ‬ ‫دق فليك ّ‬ ‫فإن لم يتص ّ‬
‫َ‬ ‫ل قُل ْت أ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫اْل َعْما َ‬
‫ب‬ ‫ِ‬ ‫قا‬ ‫ر‬
‫ّ ّ‬ ‫ال‬ ‫ي‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫قا‬ ‫ه[‬ ‫ل‬
‫َ ِ ِ ِ‬‫بي‬ ‫س‬ ‫في‬ ‫د‬ ‫ها‬
‫ِ َ ُ ِ ِ َ ِ َ ُ ِ‬ ‫ج‬ ‫ل‬ ‫وا‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫بال‬ ‫ن‬ ‫ما‬ ‫لي‬ ‫]ا‬ ‫ل‪:‬‬‫َ‬ ‫قا‬ ‫ل‬‫ُ‬ ‫ض‬ ‫ل أفْ َ‬ ‫َ ِ‬
‫ل‪:‬‬ ‫ل َقا َ‬ ‫م أ َفْعَ ْ‬ ‫َ‬ ‫ل‬
‫ُ ِ ْ ْ‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫نا[‬ ‫م‬
‫ُ َ َ ً‬ ‫َ‬ ‫ث‬ ‫ها‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ث‬‫ْ‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫ها‬ ‫ل‬
‫ْ ُ َ ِ ْ َ ْ َِ َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫د‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ها‬ ‫س‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫]‬ ‫ل‪:‬‬‫َ‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫ض ُ‬
‫ل‬ ‫أفْ َ‬
‫َ‬
‫َ َ‬ ‫صن َعُ ِل َ ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫ت عَ ْ‬ ‫ف ُ‬ ‫ضعُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ت إِ ْ‬ ‫ل الل ّهِ أَرأي ْ َ‬ ‫سو َ‬ ‫ت َيا َر ُ‬ ‫ل قُل ْ ُ‬ ‫ق[ َقا َ‬ ‫خَر َ‬ ‫صان ًِعا أوْ ت َ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫]ت ُِعي ُ‬
‫ك[‬ ‫س َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ك عََلى ن َ ْ‬ ‫من ْ َ‬ ‫ة ِ‬ ‫صد َقَ ٌ‬ ‫س فَإ ِن َّها َ‬ ‫ن الّنا ِ‬ ‫ك عَ ْ‬ ‫شّر َ‬ ‫ف َ‬ ‫ل ‪] :‬ت َك ُ ّ‬ ‫ل َقا َ‬ ‫م ِ‬ ‫ض ال ْعَ َ‬ ‫ب َعْ ِ‬
‫رواه البخاري ومسلم ‪.‬‬
‫أل ترى أن من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬ورضي الله عنهم من‬
‫بكى حينما لم يجد ما ُينفق‪ ،‬ولم يجد النبي صلى الله عليه وسلم ما يحملهم‬
‫عليه؟!‬
‫سطرت أخبارهم في كتاب الله عز وجل‪ ،‬فقال‬ ‫ّ‬ ‫عرفوا بـ ' البكائين ' و ُ‬ ‫حتى ُ‬
‫ت لَ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م قُل َ‬ ‫ملهُ ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫ما أت َوْك ل ِت َ ْ‬ ‫ن إ َِذا َ‬ ‫ذي َ‬ ‫سبحانه فيمن ُرفع عنهم الحرج‪ }:‬وَل عَلى ال ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ما‬‫دوا َ‬ ‫ج ُ‬ ‫حَزًنا أل ي َ ِ‬ ‫مِع َ‬ ‫ن الد ّ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ض ِ‬ ‫في ُ‬ ‫م تَ ِ‬ ‫وا وَأعْي ُن ُهُ ْ‬ ‫م عَل َي ْهِ ت َوَل ّ ْ‬ ‫مل ُك ُ ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫ما أ ْ‬ ‫جد ُ َ‬ ‫أ ِ‬
‫ن]‪]{[92‬سورة التوبة[‪.‬‬ ‫قو َ‬ ‫ي ُن ْفِ ُ‬
‫حتى جاء في سيرة علبة بن زيد أنه خرج من الليل فصلى وبكى‪ ،‬وقال‪':‬‬
‫وى به مع‬ ‫غبت فيه‪ ،‬ولم تجعل عندي ما أتق ّ‬ ‫اللهم إنك قد أمرت بالجهاد‪ ،‬ور ّ‬
‫رسولك‪ ،‬وإني أتصدق على كل مسلم بكل مظلمة أصابني بها في جسد‪ ،‬أو‬

‫‪208‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫عرض' ‪.‬‬
‫فهذه إشارات لما نستطيع عمله‪..‬وصاحب الهمة ليس بحاجة إلى أن ُيشار له‬
‫عذرا ً للتخّلف عن ركب السائرين‪ ،‬ول القعود‬‫مة ! والمعصية ليست ُ‬ ‫نحو الق ّ‬
‫عن مشاركة العاملين‪ ،‬بل الحتجاج بالمعصية والتع ّ‬
‫ذر بها عن خدمة هذ االدين‬
‫ذنب ُيضاف إلى ذنوب صاحب الُعذر‪ ،‬والله أسأل أن ُيهيئ لمة السلم من‬
‫دا ‪.‬‬
‫أمرها رش ً‬

‫)‪(2 /‬‬

‫من ‪ ':‬ماذا أستطيع فعله في الزمات؟' للشيخ‪/‬عبد الرحمن بن عبد الله‬


‫السحيم‬

‫)‪(3 /‬‬

‫ماذا أعددت لها؟ محمد الحبر يوسف*‬


‫السلم دين يربي أتباعه على الحقائق ل على الماني والوهام ‪ ،‬قال تعالى‬
‫عن أهل الكتاب ) وقالوا لن يدخل الجنة إل من كان هودا أو نصارى تلك‬
‫أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين ( ولما تفاخر المؤمنون وأهل‬
‫الكتاب فقال أهل الكتاب نبينا قبل نبيكم وكتابنا قبل كتابكم ونحن أحق بالله‬
‫منكم ‪ ،‬قال المؤمنون نبينا خاتم النبيين وكتابنا يقضي على سائر الكتاب ‪،‬‬
‫كان لبد لهذا النوع من الجدال والمفاخرة أن يحسم فقال الله للجميع ) ليس‬
‫بأمانيكم ول أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به ول يجد له من دون‬
‫الله وليا ول نصيرا‪ .‬ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن‬
‫فأؤلئك يدخلون الجنة ول يظلمون نقيرا (‬
‫والتربية على الحقائق ل تتم في منهج السلم بإدراكها فحسب وإنما بإدراكها‬
‫ثم بإحسان التعامل معها روى البخاري ومسلم‪ -‬واللفظ لمسلم‪ -‬عن أنس‬
‫رضي الله عنه) أن أعرابيا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم متى‬
‫الساعة ؟ قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعددت لها قال حب‬
‫الله ورسوله قال أنت مع من أحببت ( فها أنت ترى أن الساعة حقيقة من‬
‫حقائق الوجود وركن من أركان اليمان والمسلم موقن بأن الساعة آتية ل‬
‫ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور ‪ ،‬ولكن الستعداد للقاء الله تعالى‬
‫بفعل الصالحات وابتدار الطاعات هو آية الحسان في التعامل مع هذه‬
‫الحقيقة وهذا ما نبه إليه النبي الكريم صلى الله عليه وسلم العرابي السائل‬
‫ولفت نظره إلى القضية الساسية التي يجب أن يهتم لها وأن تستحوذ على‬
‫تفكيره ومشاعره ) ماذا أعددت لها ؟ (‬
‫و من هنا فإن منهج القرآن في عرض الحقائق أنه ل يذكرها بمعزل عن‬
‫آثارها ومقتضياتها اقرأ قول الله تعالى ‪ ):‬والسماء بنينها بأييد وإنا لموسعون‬
‫والرض فرشنها فنعم الماهدون ‪ .‬ومن كل شيء خلقنا زوجين لعلكم‬
‫تذكرون‪ .‬ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين( فالحقيقة التي تعرض لها‬
‫هذه اليات الكريمات أن الكون وما فيه من آيات هو من صنع الله الذي أتقن‬
‫كل شيء ‪ ،‬ولكن هذه الحقيقة ل تعرض إل مقرونة بالدعوة إلى اليمان بالله‬
‫والبراءة من الشرك )ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين ول تجعلوا مع‬
‫الله إلها آخر إني لكم منه نذير مبين ( ذلك لن التسليم المجرد لحقيقة أن‬
‫الله هو الخالق الموجد لهذا الكون ل يكفي في النجاة من الهلك فإن من‬

‫‪209‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المشركين من كان يعتقد أن الله خالق هذه الكوان ولكنهم ما انتفعوا بهذه‬
‫الحقيقة يوم حجبوا قلوبهم عن الله واستنكفوا عن عبادته ) ولئن سألتهم من‬
‫خلق السموات والرض وسخر الشمس والقمر ليقولن الله فأنى يؤفكون (‬
‫ومن الحقائق القرآنية التي أحسب أننا محتاجون إلى إدراكها وإحسان‬
‫التعامل معها حقيقة أن الله ناصر عباده المؤمنين فقد تكرر ذكر هذه الحقيقة‬
‫في القرآن مرارا في قوله تعالى )إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة‬
‫الدنيا ويقوم يقوم الشهاد ( وفي قوله )وكان حقا علينا نصر المؤمنين(‬
‫وقوله)وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الرض (‬
‫وكثيرا ما نقرأ هذه اليات ثم نغفل عن القضية الساسية التي تتصل بهذه‬
‫الحقيقة القرآنية وهي أخذ النفس بالستقامة والستمساك بالحق استيفاء‬
‫لشروط النصر والتمكين قال تعالى) يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله‬
‫ينصركم ويثبت أقدامكم ( ولما دعا موسى على فرعون وملئه بالهلك )ربنا‬
‫اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فل يؤمنوا حتى يروا العذاب‬
‫الليم ( قال الله لموسى وهرون )قد أجيبت دعوتكما فاستقيما ول تتبعان‬
‫سبيل الذين ل يعلمون( إن هلك الكفار المعاندين للرسل والرسالت أمر‬
‫يجريه الله وفق سنته وليس من واجب المؤمن أن يرهق نفسه في )متى( و)‬
‫ي أن أفعل(‬ ‫كيف( ولكن الواجب الذي ينتظره التفكير فيه والعمل له )ماذا عل ّ‬
‫وهذا ما بينه الله لنبيه صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى ) فإما نذهبن بك‬
‫فإنا منهم منتقمون أو نرينك الذي وعدناهم فإنا عليهم مقتدرون فاستمسك‬
‫بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم(‬

‫)‪(1 /‬‬

‫‪210‬‬

You might also like