You are on page 1of 197

‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.

com‬‬

‫تم تحميل هذا الكتاب‬


‫من مكتبة موقع‬
‫"بّلغوا عّني ولو آية"‬
‫رسالتنا‪ :‬يصل الكثير من الناس بعض الرسائل اللكترونية عن السلم ويقومون‬
‫صصنا هذه‬‫بحذفها أو تجاهلها بحجة أنها طويلة ويثقل عليهم قراءتها‪ .‬لذلك خ ّ‬
‫الصفحة للشتراك في عظة يومية قصيرة أو حديث شريف أو آية تصل إلى بريد‬
‫المشترك بحيث لن يصعب قرائتها والستفادة منها راجيا من المولى عز وجل‬
‫الجر والثواب‪ .‬مثال ‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ‪" :‬بلّـغوا عنّـي ولو‬
‫‪".‬آية‬

‫للشتراك في هذه الخدمة الرجاء زيارة موقعنا "بلّـغوا عنّـي ولو آية" في السفل‬
‫‪ :‬وتسجيل البريد اللكتروني‬
‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ :‬أو عن طريق إرسال رسالة ولو فارغة إلى‬


‫‪subscribe@balligho.com‬‬

‫‪.‬ويمكنكم أيضا أن تتصفحوا الرشيف بالحاديث المرسلة مسبقًا‬

‫ن في السلم سنة حسنة‪ ،‬فعمل بها‬ ‫قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬من س ّ‬
‫بعده‪ ،‬كتب له مثل أجر من عمل بها‪ .‬ول ينقص من أجورهم شيء‪ ...‬الحديث‪.‬‬
‫فاحرصوا يرحمكم ال على نشرها فكل من يزور الموقع ويستفيد منه عن طريقك‬
‫تكسب من الجر الكثير وإن قام بدوره بالعمل بها ونشرها أيضا فكلنا نكسب أمثل‬
‫‪.‬أجورهم ول ينقص من الجر شيئا‬

‫والسّنة‬
‫ب َ‬
‫دة إلى الك َِتا ِ‬ ‫و َ‬‫ع ْ‬
‫منهاجنا‪َ :‬‬
‫مة‬ ‫ف ال ُ‬‫سل َ ِ‬ ‫بِ َ‬
‫ّ‬ ‫هم ِ َ‬‫ف ْ‬

‫‪1‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ةة ةةةةة ةةة ةةةةةة ةةةة ةةةةةة ةةةةةةة ةةةةةةة‬


‫)ةةةة ةةة ةةةةةةةة ةةة ةةةة ةةةةةةة ةةةةةةة ةةة‬
‫ةةةةةةةة(‬

‫الكتاب ‪ :‬موسوعة البحوث والمقالت العلمية‬


‫جمع وإعداد الباحث في القرآن والسنة‬
‫حوالي خمسة آلف وتسعمائة مقال وبحث‬
‫علي بن نايف الشحود‬

‫والتلبية أول ً والتكبير ثانيا ً هما شعار الحج ‪ ،‬وهما يحسنان في كل حين ‪ ،‬وصيغ‬
‫الذكر كثيرة ‪ ،‬ولكن الله جعل لكل مقام مقال ً ‪ ،‬ولكل عبادة ذكرا ً ‪ ،‬فمن قرأ‬
‫القرآن في الركوع والسجود كان مسيئا ً ‪ ،‬وإن كان القرآن أفضل من التسبيح‬
‫‪.‬‬
‫فلماذا ل نلبي نداء ربنا في الحج وفي غير الحج ؟ لماذا نلبي بألسنتنا ول نلبي‬
‫بقلوبنا ؟ لماذا ل يظهر أثر تلبيتنا في سلوكنا وفي أعمالنا وفي كل مظاهر‬
‫حياتنا ؟ دعا محمد صلى الله على محمد إلى ما فيه عز الدنيا ومجدها ‪،‬‬
‫وسعادة الخرة ونعيمها ‪ ،‬فقامت قريش تمنع الناس أن يلبوا دعوة محمد ‪.‬‬
‫وتؤذي من لبى وتذيقه العذاب ألوانا ً ‪ ،‬وإن كان كل ما صنعت قريش من‬
‫ألوان التعذيب ل يبلغ ما نراه أو نسمع به اليوم من الكفرة الملحدين الذين‬
‫تسلطوا على بعض بلدان المسلمين فأين قريش المشركة ؟ لقد صارت هي‬
‫نفسها مع من لبى دعوة محمد ‪ ،‬لن الله غالب على أمره ‪ ،‬والباطل كان أبدا ً‬
‫زهوقا ً ‪ ،‬وسيزهق الله باطل أعداء السلم اليوم كما أزهقه بالمس ويبقى‬
‫السلم حتى تقوم الساعة ‪.‬‬
‫ً‬
‫إنه سيأتي على الناس زمان ‪ ،‬لو سألت ألفا من أهله عن كارل ماركس وعن‬
‫شارون وشامير لما عرف واحد منهم من ماركس ومن شارون وشامير ‪ .‬ل‬
‫تعجبوا من هذا الكلم ‪ ،‬ول تحسبوه أضغاث أحلم ‪ ،‬فإن فيما مضى إشارة‬
‫إلى ما سيأتي ‪ .‬ألم يكن القرامطة يوما ً متسلطين على الناس ‪ ،‬يعيثون في‬
‫الرض فسادا ً ‪ ،‬ألم يقتحموا الحرم على الحجاج ‪ ،‬فيذبحوهم من حول‬
‫الكعبة ‪ ،‬ويأخذوا الحجر السود معهم ‪ ،‬ول يقوى أحد يومئذ على صدهم ؟‬
‫فمن يعرف اليوم من هم القرامطة ‪ ،‬وما قصتهم ؟ لقد محقهم الله من‬
‫الرض ‪ ،‬وإن بقيت بقية قليلة منهم تلبس غير ثيابها ‪ ،‬وتبدو للناس بغير جلدها‬
‫‪ ،‬محقهم الله ومحا ذكرهم من الذهان ‪ ،‬لما لبى المسلمون داعي الله ‪،‬‬
‫وكسروا القفال عن قلوبهم ‪ ،‬فتدبروا القرآن ‪ ،‬ثم عملوا بما في القرآن ‪.‬‬
‫****‬
‫ً‬
‫نقول جميعا ) لبيك اللهم لبيك ‪ ،‬لبيك ل شريك لك ‪ ،‬إن الحمد والنعمة لك‬
‫والملك ‪ ،‬ل شريك لك ‪ ،‬لبيك اللهم لبيك ( ‪ ،‬وأقول أنا )مث ً‬
‫ل(أمرتنا فأطعنا ‪،‬‬
‫ونهيتنا فاجتنبنا ‪ ،‬أقولها وحدي وهم يردون معي ) ل شريك لك ( فنطلب منه‪.‬‬
‫ول رب غيرك فندعوه ‪ ) ،‬إن الحمد والنعمة لك ( أنت المحمود بكل لسان‬
‫وأنت المنعم على كل إنسان ‪ ،‬أنت ملك الملوك ‪ ،‬وأنت الواحد القهار ‪.‬‬
‫يا أيها الخ المسلم إذا ناداك أبوك ‪ ،‬قلت ‪ :‬لبيك ‪ .‬وإن دعاك أستاذك أجبت ‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫لبيك ‪ .‬فهذا رب العالمين يدعوكم إلي تصحيح توحيده فقولوا ‪ :‬لبيك اللهم‬
‫لبيك ) وهنا نلبي جميعا ً ( ‪.‬يدعوك إلى اتباع شرعه ‪ ،‬فقولوا ‪ :‬لبيك اللهم لبيك‬
‫) وهنا نلبي ( ‪ ،‬يدعوك إلى الجهاد في سبيله ‪ ،‬فقولوا ‪ :‬لبيك اللهم لبيك ‪ ،‬هذا‬
‫كلم ربكم في قلوبكم يقول لكم ‪ :‬جاهدوا في سبيل الله بأموالكم‬
‫وأنفسكم ‪ ،‬فقولوا ‪ :‬لبيك اللهم لبيك ‪.‬‬
‫هذا صوت محمد صلى الله عليه وسلم يرن في أسماعكم ‪ ،‬يحثكم على‬
‫امتثال أمر ربكم فقولوا ‪ :‬لبيك اللهم لبيك ‪ ،‬يدعوكم لتنقذوا قبلته الولى التي‬
‫صلى إليها ‪ ،‬لتخلصوا مسراه الذي سرى إليه ‪ ،‬لتحرروا معراجه الذي عرج‬
‫منه ‪ .‬يدعوكم لتنصروا الله حتى ينصركم الله ‪ ،‬فقولوا ‪ :‬لبيك اللهم لبيك ‪.‬‬
‫اللهم إنك دعوتنا فجئنا نقول ‪ :‬لبيك اللهم لبيك ‪ ،‬إننا وقفنا ببابك ‪ ،‬ننادي ‪:‬‬
‫لبيك اللهم لبيك ‪ ،‬قمنا في رحابك ‪ ،‬نصرخ ‪ :‬لبيك اللهم لبيك ‪ ،‬لبيك ل نشكو‬
‫إل إليك ‪ ،‬لبيك ‪ ،‬ل نرجو الخير إل من يديك ‪ ،‬لبيك ‪ ،‬توكلنا عليك ‪ ،‬لبيك اللهم‬
‫لبيك ‪ ،‬ل شريك لك مالنا إله غيرك ‪ ،‬فهل تردنا عن بابك وقد جئنا نقول ‪:‬‬
‫لبيك اللهم لبيك ؟ لبيك ربنا وتعاليت ‪ ،‬لبيك لك الحمد لبيك منك النعم ‪ ،‬لبيك‬
‫يا واحد يا أحد يا فرد يا صمد ‪.‬‬
‫هذا كتاب ربكم يناديكم ‪ ،‬أن تجاهدوا في سبيل الله بأموالكم وأنفسكم ‪ ،‬أن‬
‫ل جلله ‪ ،‬وجعل‬ ‫تستشعروا عزة إيمانكم ‪ ،‬فقد جعل الله العزة المطلقة له ج ّ‬
‫العزة في الدنيا لرسوله وللمؤمنين ‪.‬‬
‫فأين عزة المؤمنين ‪ ،‬ومسرى نبيهم في أيدي اليهود ؟ أين عزة المؤمنين‬
‫وقبلتهم الولى وحرمهم الثالث بيد اليهود ؟ أين عزة المؤمنين يا من‬
‫يتوجهون إلى الكعبة من كل أرض في الرض ‪ ،‬ومن تحت كل نجم في‬
‫السماء ‪ ،‬أين تلك العزة ‪ ،‬وأنتم تسعمائة مليون ‪ ،‬إذا تركتم أقل المم ‪ ،‬وأذل‬
‫المم تأخذ منكم أقدس بقاعكم بعد الحرمين الشريفين ؟ ‪ ،‬يا مسلمون ‪،‬‬
‫مسجدكم القصى بيد اليهود ‪ ،‬لم يعد المسجد المن الذي يجد فيه المسلم‬
‫السلم ‪ ،‬ولم يعد ما حوله لنا ‪ ،‬ترفوف عليه رايتنا ‪ ،‬وتحكمه شريعتنا ‪،‬‬
‫فاذكروا وأنتم عند القبلة ‪ ،‬القبلة الولى ‪ ) ،‬اذكروا القصى ( ‪:‬‬
‫المرأة الشلء تحمي بيتها أنبيح بيت الخالق المعبود‬
‫هو حصن حق غاب عنه حماته هو قلعة لكن بغير جنود‬
‫ل العطر والند المصفى طيبه لكن رياه شذى البارود‬
‫يصلي المصلي النار في جنباته والمسلمون بنومة وهجود‬
‫أينام من تقري المدافع سمعه صوتا ً يزلزل قنة الجلمود‬
‫أينام من يمشي اللهيب بداره يشوي حميم لظاه رمل البيد‬
‫****‬

‫)‪(7 /‬‬

‫إن أبا النبياء إبراهيم بوأ الله له مكان البيت وقال له ‪ ) :‬وأذن في الناس‬
‫بالحج ( ‪ ،‬فأذن به فاستجاب له المؤمنون يلبون ) يأتون رجال ً وعلى كل‬
‫ضامر ( يأتون من البر والبحر والجو ‪ ،‬بكل ركوبة سخرها الله لهم ‪ ،‬ودلهم‬
‫عليها بالعقل الذي من به عليهم ) يأتين من كل فج عميق ( من الشرق‬
‫والغرب ‪ ،‬من الشمال والجنوب ‪ ،‬من قلب إفريقية ومن أقاصي آسية ‪ ،‬ومن‬
‫مدن أوروبة ‪ ،‬من المناطق الستوائية التي تتلظى حرا ً إلى البطاح الباردة‬
‫التي تنام وتصحو على الجليد ) ليشهدوا منافع لهم ( والسلم كله منافع‬
‫تجلب ‪ ،‬ومفاسد تدرأ ‪ ،‬وخير في الدنيا وخير في الخرة ‪ ) ،‬ويذكروا اسم الله‬

‫‪3‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫في أيام معلومات ( وذكر الله هو غاية الغايات ‪ ،‬وهو مقصد الحياة ‪.‬‬
‫المؤمنون قد استجابوا للنداء نداء رب العالمين وأسرعوا‬
‫سارت ركائبهم ضحى قد أحرموا والشوق يحفز والمدامع تدفع‬
‫ومشت قوافلهم حدا الحادي بها يصغي له رمل الفلة فيمرع‬
‫جدوا المسير وأعنقوا حتى بدى لهم وراء الفق نور يسطع‬
‫فتيقنوا أن قد رأوا أرض الهدى ودنا الوصول فهللوا وتضرعوا‬
‫وتجاوبت تلك البطاح بقولهم لبيك ربي والبطائح خشع‬
‫لبيك والدنيا تردد قولهم لبيك ربي أنصتوا وتسمعوا‬
‫لبيك اللهم لبيك ) وهنا نلبي جميعا ً ( دعاكم إلى بابه أكرم الكرمين فقولوا ‪:‬‬
‫لبيك إننا مقبلون عليك ‪ ،‬نقصد رحابك ‪ ،‬ونلزم بابك ‪ ،‬نرجو ثوابك ‪ ،‬ونخشى‬
‫عقابك ‪ ،‬لبوا حتى يلبي معكم ثرى عرفات وجبالها ‪ ،‬لبوا حتى تلبي معكم‬
‫الرض ومن عليها ‪ ،‬لبوا حتى تلبي معكم السماوات السبع ومن فيها ‪ ،‬ل‬
‫تقولوها تراعوا بها النغمات واليقاع ‪ ،‬ل تقولوها ليسمعها الناس ‪ ،‬بل أخلوا‬
‫قلوبكم مما سوى الله ‪ ،‬واحصروا أفكاركم في امتثال أمر الله أربطوا به‬
‫قلوبكم ‪،‬ليلبي كل واحد منكم وحده ‪ ،‬بينه وبين ربه ولو اختلطت الصوات ‪،‬‬
‫تصوروا أن الله يناديكم ‪ ،‬فأجيبوا ملبين ‪ ) :‬لبيك اللهم لبيك ( نحن منك مردنا‬
‫إليك ‪ ) ،‬لبيك اللهم لبيك ( ول اعتماد إل عليك لبيك جئنا مسلمين لك‬
‫مجاهدين في سبيلك ‪.‬‬
‫) لبيك ( هذا هتافنا عند المواقيت ‪ ،‬عند حدود دولة الحج ‪ ،‬ننزع ثيابنا عن‬
‫أجسادنا ‪ ،‬ونخلع عنا ما ل يرضي ربنا ‪ ،‬ونستجيب لرب العالمين نقول ‪:‬‬
‫) لبيك اللهم لبيك ( ‪ ،‬وعند انصاب الحرم ‪ ،‬الحرم دار السلم إن عمت الرض‬
‫الحرب ‪ ،‬دار المان أن شمل الدنيا الخوف ‪ ،‬الحرم حيث كل حي آمن ‪،‬‬
‫الناس والحيوان والنبات ‪ ،‬ليس ها هنا حرب وقتال ‪ ،‬الشجار ها هنا ل تقطع ‪،‬‬
‫الحيوان ها هنا ل يصاد ‪ ،‬الناس ها هنا آمنون ‪ ،‬ل عدوان على أحد ‪.‬‬
‫) لبيك اللهم لبيك ( ‪.‬‬
‫ً‬
‫لبيك ربي قد أتيتك تائبا أيرد محتاج أتى يتضرع‬
‫لبيك جد بالعفو عني ليس لي أمل بغير العفو منك ومطمع‬
‫لبيك ربي ‪ ،‬المسلمون تفرقوا من ذا يوحدهم سواك ويجمع‬
‫بعدوا عن الشرع القويم فردهم ربي إلى الشرع القويم ليرجعوا‬
‫***‬
‫لبيك والثقلن والدنيا تلبي ** لبيك رب العالمين وأنت يا الله ربي ** لبيك‬
‫صوت محمد أبدا بآذاني وقلبي‬
‫***‬
‫يا مسلمون وأين أنتم من هدى الهادي محمد ؟‬
‫عودوا إلى النهج القويم‬
‫فإن هذا العود أحمد‬
‫عودوا ي َُعد مجد الجدود‬
‫ويوم بدر يتجدد‬
‫وتروا صلح الدين عاد‬
‫ويوم حطين الممجد‬
‫محمد نادى فلبينا الندا‬
‫لم نستمع في الحق أقوال العدى‬
‫في شرعة السلم رشد وهدى‬
‫وأن فيها عزنا طول المدى‬

‫‪4‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫إنها شرعة رب العالمين‬


‫حين آخى بين كل المؤمنين‬
‫كل من صلى إلى إخوتنا‬
‫أن يختلف لساننا‬
‫أو تختلف ألواننا أو تبتعد بلداننا‬
‫فحسبنا إسلمنا‬
‫لبيك قولوها أعيدوا‬
‫) وهنا نلبي جميعا ً ( لبيك قولوها تسودوا ‪.‬‬
‫لبيك إنا مؤمنون ومسلمون ‪.‬‬
‫لبيك إنا نحو بيتك سائرون ‪.‬‬
‫لبيك إنا آيبون وتائبون ‪.‬‬
‫لبيك إنا عازمون على الجهاد ‪.‬‬
‫لبيك ربي فأهدنا سبل الرشاد ‪.‬‬
‫لبيك امددنا بنصرك يا سميع ويا مجيب ‪.‬‬
‫لبيك حتى نسترد القدس والبلد السليب ‪.‬‬
‫وترف رايتنا على يافا على القطر الحبيب ‪.‬‬
‫لبيك نصرك إن من تنصره ينصر ‪.‬‬
‫لبيك إن كبر الخصوم فأنت يا الله اكبر ‪.‬‬
‫لبيك عدنا للجهاد النصر الموفر ‪.‬‬
‫الله أكبر ما السجون وما القيود ؟‬
‫الله أكبر ما السيوف وما البنادق والجنود ؟‬
‫الله أكبر من يكون حليفه يخشى اليهود ؟‬
‫سنعود للقصى إلى يافا ونابلس نعود ‪.‬‬
‫وترف رايتنا على حيفا على أرض الحدود ‪.‬‬
‫ونرى صلح الدين عاد وجددت تلك العهود ‪.‬‬
‫مدخل ‪ ...‬ملحظات‬ ‫الكاتب ‪ ...‬المدقق اللغوي ‪ ...‬ال ُ‬
‫‪ ...‬الهبدان ‪... ...‬‬
‫‪... ... ...‬‬

‫)‪(8 /‬‬

‫مقالت في التربية‬
‫محمد الدويش‬
‫المقدمة إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه‪ ،‬ونعوذ بالله‬
‫من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا‪ ،‬من يهده الله فل مضل له‪ ،‬ومن يضلل فل‬
‫هادي له‪ ،‬وأشهد أن ل إله إل الله وحده ل شريك له‪ ،‬وأشهد أن محمدا ً عبده‬
‫ورسوله‪ ،‬أما بعد ‪ -:‬فإن العمل التربوي ‪ -‬على اختلف مستوياته ‪ -‬ضرورة ل‬
‫تستغني عنها المة السلمية‪ ،‬فهو الوسيلة لنقل الحكام الشرعية من الحيز‬
‫النظري إلى العمل والتطبيق‪ ،‬ويكفي في بيان علو منزلة التربية وصف الله‬
‫ث‬‫ذي ب َعَ َ‬ ‫سبحانه وتعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم بأنه مرب فقال} هُوَ ال ّ ِ‬
‫ة‬
‫م َ‬ ‫ب َوال ْ ِ‬
‫حك ْ َ‬ ‫م ال ْك َِتا َ‬ ‫م وَي ُعَل ّ ُ‬
‫مهُ ُ‬ ‫كيهِ ْ‬ ‫م ي َت ُْلو عَل َي ْهِ ْ‬
‫م آَيات ِهِ وَي َُز ّ‬ ‫من ْهُ ْ‬‫سول ً ّ‬ ‫ن َر ُ‬‫مّيي َ‬
‫ِفي ال ّ‬
‫ن{ )الجمعة‪ . (2:‬وقد رأينا اليوم ثمار ونتاج‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫من قَب ْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫وَِإن َ‬
‫مِبي ٍ‬ ‫ل ّ‬ ‫ضل ٍ‬ ‫في َ‬ ‫لل ِ‬ ‫كاُنوا ِ‬
‫التربية التي تولها جيل الصحوة المبارك‪ ،‬برغم هذا الواقع السيء للمة‪،‬‬
‫فخّرج هذا الجيل نماذج فذة متميزة أعادت المل بتحقق مجد المة وعزها‪،‬‬

‫‪5‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وأسهمت في حماية الشباب المسلم من أبواب الفساد وطرقه‪ ،‬وأخذت بيده‬


‫في مدارج الخير والهداية‪ .‬إن هذا الجيل المتميز الذي خرج برغم هذه‬
‫العواصف والمعوقات‪ ،‬والذي يؤمل أن يكون فرطا ً للمة في حركة التغيير‬
‫الشاملة التي تسعى إليها وقد بدأت بشائرها تلوح في الفق‪ ،‬إن هذا الجيل‬
‫كان نتاج جهد تربوي ضخم‪ ،‬جهد قام عليه أناس يرجون وجه الله والدار‬
‫الخرة ‪-‬نحسبهم كذلك والله حسيبهم ول نزكي على الله أحدًا‪ ،-‬ول يسوغ أن‬
‫يكون ما فيه من قصور أو ضعف بشري مدعاة للطعن والتثبيط فضل ً عن‬
‫الحتقار واستصغار الجهود‪ .‬والجهد التربوي جهد ل يطيقه أي إنسان‪ ،‬بل هو‬
‫جهد في غاية الصعوبة والمشقة‪ ،‬إنه تعامل مع عالم النسان هذا العالم‬
‫الغريب الذي يحوي عديدا ً من المتغيرات‪ ،‬وتؤثر فيه كثير من العوامل‬
‫والمؤثرات‪ ،‬ويبقى تعميم التجربة الفردية غير ذي بال‪ ،‬فمتى يجد الباحث في‬
‫هذا الميدان صورتين متكافئتين؟ وهو جهد يحتاج لمزيد من المعارف والعلوم‪،‬‬
‫ومزيد من القدرات والمكانات والمواهب‪ ،‬ورصيد من التجارب والخبرات‪.‬‬
‫ومع ذلك كله يزداد المر صعوبة ومشقة حين يكون في مجتمع تتجه معظم‬
‫وسائل التأثير فيه اتجاها ً مضادا ً لما يريد المربي‪ ،‬فالشارع‪ ،‬والسوق‪ ،‬وزملء‬
‫المدرسة‪ ،‬ووسائل العلم‪ ،‬وربما المنزل والمدرسة تربي الشاب والفتاة‬
‫اليوم على خلف المنهج الشرعي‪ .‬إن هذا كله يفرض على من وله الله‬
‫مسؤولية التربية والتوجيه سواء كان أبا ً أو أما ً أو معلما ً أن يعنى بأداء هذه‬
‫المانة والرسالة‪ ،‬وأل تتحول هذه الوظيفة إلى عمل آلي مجرد‪ .‬وهو يفرض‬
‫على من آتاه الله علما ً وفهما ً وتجربة في هذه الميادين أن يسهم في تصحيح‬
‫وبا ً لما يراه صوابا ً من العمل‪ ،‬ومصلحا ً لما يرى من‬ ‫المسيرة وتقويمها مص ّ‬
‫خطأ وخلل‪ ،‬ومذكرا ً بما ُيغفل عنه أو ينسى‪ ،‬ومعلما لما ُيجهل‪ .‬ومن هذا‬
‫ً‬
‫المنطلق كان للكاتب عناية بطرح الموضوعات والمسائل التربوية من خلل‬
‫المحاضرة أو الكتابة؛ شعورا ً منه بأهمية هذا المر ومسيس الحاجة إليه‪ .‬وهو‬
‫حين يسلك هذا المسلك ويسير في هذا الطريق ل يرى أنه أصبح أستاذا ً‬
‫وموجها ً للمربين‪ ،‬ول عََلما ً ينبغي أن يصدروا عن رأيه ‪ -‬عياذا ً بالله من العجب‬
‫والعتداد بالنفس ‪ -‬بل يرى أن كثيرا ً من القائمين على هذه الثغور والميادين‬
‫خير منه وأبر وأتقى لله‪ .‬وغاية ما في المر أنه رأى من نفسه قدرة على‬
‫م شتات ما‬ ‫تقديم مايفيد بعض المربين فتصدى لطرح ما لديه‪ .‬ورغبة في ل ّ‬
‫تفرق من ذلك رأيت جمعه في هذه السلسلة‪ ،‬فما يطرح في المحاضرات‬
‫المسجلة ُيغفل عنه وينسى مع طول المدة‪ ،‬إضافة إلى صعوبة الرجوع إليه‪،‬‬
‫إضافة إلى أن الحديث المسجل يغلب عليه السعي ليصال فكرة معينة‪،‬‬
‫وتفرض طبيعة الرتجال فيه نوعا ً من قلة التحرير والضبط‪ ،‬ويسود فيه‬
‫التكرار والعادة‪ .‬لذا رغبت في تدوين وكتابة بعض ما سبق طرحه مما يخص‬
‫المربين‪ ،‬ولما كانت بعض الموضوعات ل تستحق أن تفرد في كتاب مستقل‪،‬‬
‫رأيت أن أصدرها في سلسلة تحوي كل مجموعة منها عددا ً من الموضوعات‬
‫سواء مما سبق طرحه في مقال أو محاضرة أو مما لم يكن كذلك‪ .‬وأشعر‬
‫أن الحديث في المسائل التربوية لن يكون قضايا نهائية محسومة ‪ -‬حاشا ما‬
‫كان فيه نص من قرآن أو سنة ‪ -‬بل ستكون مساحة الرأي الشخصي واسعة‬
‫فيها‪ ،‬وتترك التجربة والخبرة الشخصية أثرها الواضح على المتحدث فيها‪.‬‬
‫والكاتب يأمل بعد ذلك كله من إخوانه ممن يقرؤون ما سطره في هذه‬
‫الرسائل أن يتواصلوا معه بالنصح والتصويب‪ ،‬والقتراح والتأييد والتسديد‪.‬‬
‫أسأل الله تبارك وتعالى أن يكون في هذا الجهد ما يفيد‪ ،‬وأن يجعل هذا‬
‫العمل خالصا ً لوجهه الكريم‪ ،‬ويرزقنا فيه السداد والصابة‪ ،‬وأن يمن علينا‬

‫‪6‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫بصلح أبنائنا وذرياتنا؛ إنه سميع مجيب‪ ،‬وصلى الله وسلم على نبينا محمد‬
‫وآله وصحبه‪ ،،،،‬محمد بن عبدالله الدويش ص‪.‬ب ‪ 52960 /‬الرياض ‪/‬‬
‫‪ 11573‬الرياض ‪21/5/1421‬هـ‬
‫من صفات المربي‬

‫)‪(1 /‬‬

‫من البدهيات المقررة لدى الناس أجمع أنه لبد لكل وظيفة وعمل يقوم به‬
‫النسان من إعداد وتهيئة‪ ،‬فالبناء ل يمكن أن يقوم به إل متخصص‪ ،‬والصيانة‬
‫لعمال المنزل‪ ،‬أو السيارة ل يمكن أن تتم إل على يد من يعرف هذا العمل‬
‫ويدرك أصوله‪ ،‬فكيف ببناء النسان وإعداده؟ والتربية عملية مهمة وصعبة‪،‬‬
‫إنها إعداد للنسان وغرس للقيم والمعاني‪ ،‬وهي وسيلة لزالة الرواسب‬
‫السيئة التي ترسخت لدى النسان بفعل عوامل ومؤثرات شتى‪ .‬إنها تعامل‬
‫مع عالم النسان‪ ،‬العالم الغريب بأحواله ومشاعره وعواطفه وسائر أموره‪.‬‬
‫إن من يتعامل مع غير النسان يتعامل مع آلة صماء‪ ،‬أو حتى كائن حي يمكن‬
‫السيطرة عليه وترويضه‪ ،‬أما التعامل مع النسان فهو أمر عسير؛ إنه التعامل‬
‫مع الند والقرين‪ ،‬فإذا كانت التربية كذلك فل يمكن ول يسوغ أن تتاح لكل‬
‫إنسان‪ ،‬بل وليس حمل المفاهيم الصحيحة‪ ،‬والخلفية العلمية والقدرة على‬
‫الحديث والحوار‪ ،‬ليس ذلك وحده كاف في أن يتأهل الشخص للتربية‪ .‬ومن‬
‫ثم يأتي الحديث عن صفات المربي وتحديد هذه الصفات لمور عدة‪ :‬فالمر‬
‫الول‪ :‬أن هذا يسهم في وضع ضوابط ومعايير يمكن أن يختار المربون على‬
‫أساسها؛ فل يتولى التربية إل من يملك هذه الصفات ويتمثلها؛ فليست‬
‫القدمية وطول الخبرة‪ ،‬ول المؤهل العلمي وحده كافيا ً في تأهل الشخص‬
‫دون للتربية‪،‬‬ ‫للتربية‪ .‬المر الثاني‪ :‬أن تكون منطلقا ً لتربية وتوجيه من ُيع ّ‬
‫بحيث ُيسعى إلى تحقيق وتكوين هذه الصفات لديهم؛ فالمربون ليسوا هم‬
‫الفراد الذين يحفظون كما ً من المعلومات أكثر من غيرهم‪ ،‬ول أفرادا ً‬
‫يجيدون الحديث أكثر من الخرين‪ ،‬إنهم القادرون على أداء تلك المهمة‬
‫العالية‪ :‬مهمة بناء النفوس وإعدادها‪ .‬المر الثالث‪ :‬أن ذلك يقود المربين إلى‬
‫مراجعة أنفسهم على ضوئها حتى يزداد عطاؤهم وترتفع قدرتهم ويعظم‬
‫أثرهم ونتاجهم بإذن الله‪ .‬المر الرابع‪ :‬أن هناك مفاهيم واقتناعات غير‬
‫صحيحة ترسخت اليوم عن العمل التربوي لدى طائفة من جيل الصحوة‪،‬‬
‫ومنها‪ :‬أ ‪ -‬اعتقاد أن كل الناس يجيدون التربية‪ ،‬وأن من استكمل مرحلة‬
‫معينة في البناء التربوي وحصل قدرا ً من العلم الشرعي والمفاهيم فهو‬
‫مؤهل لتربية غيره‪ ،‬ولو لم يكن يملك تلك الصفات الشخصية التي تؤهله‬
‫لذلك‪ .‬ب ‪ -‬اعتقاد أن الميدان التربوي هو وحده أفضل الميادين‪ ،‬وأنه ميدان‬
‫الناجحين‪ ،‬وأن الفشل فيه دليل على ضعف تربية صاحبه أو ضعف قدراته ‪.‬‬
‫ومع اليمان بأهمية هذا الميدان فليس هو الميدان الوحيد‪ ،‬وقد يفشل فيه‬
‫من ينجح فيما سواه‪ ،‬وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم تفاوت أصحابه‬
‫وتباين قدراتهم‪ ،‬ومع ذلك لم يكن هذا مدعاة لنتقاص ما امتاز به فرد على‬
‫آخر‪ .‬عن أنس بن مالك ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬قال‪ :‬قال رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم ‪":‬أرحم أمتي بأمتي أبو بكر‪ ،‬وأشدهم في أمر الله عمر‪،‬‬
‫وأصدقهم حياء عثمان‪ ،‬وأعلمهم بالحلل والحرام معاذ بن جبل‪ ،‬وأفرضهم زيد‬
‫بن ثابت‪ ،‬وأقرؤهم أبي‪ ،‬ولكل أمة أمين وأمين هذه المة أبو عبيدة بن‬
‫الجراح" ) رواه أحمد )‪ 3/183 (12493‬والترمذي )‪ (3790‬وابن ماجه )‬

‫‪7‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ .(154‬وكتب عبدالله القمري العابد إلى مالك يحضه على النفراد والعمل‬
‫فكتب إليه مالك رحمه الله‪ " :‬إن الله قسم العمال كما قسم الرزاق‪ ،‬فرب‬
‫رجل فتح له في الصلة ولم يفتح له في الصوم‪ ،‬وآخر فتح له في الصدقة‬
‫ولم يفتح له في الصوم‪ ،‬وآخر فتح له في الجهاد ‪ .‬فنشر العلم أفضل أعمال‬
‫البر ‪ ،‬وقد رضيت بما فتح لي فيه‪ ،‬وما أظن ما أنا فيه بدون ما أنت فيه‪،‬‬
‫وأرجو أن يكون كلنا على خير وبر"‪ .‬فلبد أن نملك الجرأة التي نواجه بها‬
‫أنفسنا حين نرى أنها ل تصلح لهذا الميدان فننأى بها عنه‪ ،‬وأن نملك الجرأة‬
‫التي تدفعنا لمصارحة من نراه غير مؤهل لذلك‪ .‬ومع أهمية الحديث عن‬
‫صفات المربي فإن السعي لستجماعها يطول‪ ،‬ويدعو الكاتب للحديث عن‬
‫ت المربي أثمن من أن يقرأها‪ ،‬خاصة أن كثيرا ً من المخاطبين‬ ‫ت وق ُ‬
‫بدهيا ٍ‬
‫بهذا الخطاب على قدر من العلم والوعي‪ ،‬ومن ثم رأيت القتصار على بعض‬
‫الصفات التي أحسب أن هناك من القراء من يحتاج للتنبيه عليها‪ ،‬لكونها لم‬
‫تخطر بباله‪ ،‬أو أنها قد خطرت لكنها تحتاج للوقوف عند بعض جوانبها‪ .‬لذا‬
‫فهذه الصفات هي أهم الصفات التي يرى الكاتب أن المربي يحتاج إلى أن‬
‫دث عنها‪ ،‬ل الصفات التي يجب أن يتحلى بها‪ - 1 .‬العلم‪ :‬والعلم الذي‬ ‫ح ّ‬
‫يُ َ‬
‫يحتاجه المربي يشمل جوانب عدة‪ ،‬منها‪ :‬أ ‪ -‬العلم الشرعي‪ :‬فالتربية في‬
‫السلم إعداد للمرء للعبودية لله تبارك وتعالى‪ ،‬وذلك ل ُيعرف إل بالعلم‬
‫الشرعي‪ ،‬والعلم الشرعي يعطي المرء الوسيلة للقناع والحوار‪ ،‬ويعطيه‬
‫القدرة على مراجعة المسائل الشرعية وبحثها‪ ،‬وهو يمنعه من النزلق أو‬
‫الوقوع في وسائل يمنعها الشرع‪ .‬والعلم الشرعي الذي يراد من المربي ل‬
‫يعني بالضرورة أن يكون عالما ً أو طالب علم مختص‪ ،‬لكن أن يملك القدرة‬
‫على البحث والقراءة والعداد للموضوعات الشرعية‪ ،‬وأن يملك قاعدة‬
‫مناسبة من العلوم الشرعية‪ ،‬ويبقى بعد ذلك التطلع لمزيد من التحصيل‬

‫)‪(2 /‬‬

‫لزيادة رصيده من العلم الشرعي‪ .‬ب ‪ -‬الثقافة العامة المناسبة‪ ،‬وإدراكه لما‬
‫يدور في عصره‪ .‬ج ‪ -‬العلم بما يحتاج إليه من الدراسات النسانية‪ ،‬كطبيعة‬
‫المرحلة التي يتعامل معها )أطفال‪ ،‬مراهقين‪ ،‬رجال…‪ ، (.‬وطبيعة النسان‬
‫ودوافعه وغرائزه واستعداداته‪ ،‬واطلعه على عدد من الدراسات التي تخص‬
‫الفئة التي يتعامل معها‪ .‬وهذا أيضا ً ل يلزم منه أن يكون مختصا ً بعلم النفس‬
‫أو التربية‪ ،‬لكن أن يملك السس العامة‪ ،‬وأن يكون قادرا ً على فهم الدراسات‬
‫والبحوث المتخصصة في هذا المجال‪ .‬د ‪ -‬المعرفة بالشخص نفسه من حيث‬
‫قدراته واستعداداته وإمكاناته‪ ،‬ويظهر هذا المر لمن يتأمل سيرة النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم ومعرفته لصحابه‪ .‬فعن أنس بن مالك ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬قال‪:‬‬
‫قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪":‬أرحم أمتي بأمتي أبو بكر‪ ،‬وأشدهم‬
‫في أمر الله عمر‪ ،‬وأصدقهم حياء عثمان‪ ،‬وأعلمهم بالحلل والحرام معاذ بن‬
‫جبل‪ ،‬وأفرضهم زيد بن ثابت‪ ،‬وأقرؤهم أبي‪ ،‬ولكل أمة أمين‪ ،‬وأمين هذه المة‬
‫أبو عبيدة بن الجراح" ) رواه الترمذي )‪ (3790‬وابن ماجه )‪ (154‬وأحمد )‬
‫‪ (3/183 (12493‬وعن أبي هريرة ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬أنه قال‪ :‬قلت‪ :‬يا رسول‬
‫الله‪ ،‬من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ":‬لقد ظننت يا أبا هريرة أن ل يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك؛‬
‫لما رأيت من حرصك على الحديث‪ ،‬أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من‬
‫قال ل إله إل الله خالصا من قبل نفسه ")رواه البخاري )‪ .(6570‬وأوصى‬

‫‪8‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫صلى الله عليه وسلم صاحبه أبا ذر ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬بوصية تنبيء عن‬
‫معرفته به‪ ،‬فعن أبي ذر ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬أن رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم قال‪ ":‬يا أبا ذر‪ ،‬إني أراك ضعيفا ً وإني أحب لك ما أحب لنفسي؛ ل‬
‫تأمرن على اثنين ول تولين مال يتيم" )رواه مسلم )‪ .(1826‬هـ ‪ -‬المعرفة‬
‫بالبيئة التي يعيشها المتربي بصفة عامة؛ إذ هي تترك آثارها الواضحة على‬
‫شخصيته‪ ،‬ومعرفة المربي بها تعينه على التفسير الصحيح لكثير من المواقف‬
‫التي يراها‪ - 2 .‬أن يكون أعلى من المتربي‪ :‬فالتربية عطاء وإعطاء‪ ،‬وأداء‬
‫ق‪ ،‬ومن ثم كان لبد أن يكون المربي أعلى ممن يربيه‪ ،‬وليس بالضرورة‬ ‫وتل ّ‬
‫ً‬
‫أعلى سنا ‪ -‬وإن كان عامل السن له أهميته‪ -‬لكن أن يكون أعلى قدرات‬
‫وخبرات وإمكانات‪" .‬وتلك حقيقة نفسية تعمل عملها في النفوس‪ ،‬فأنت لكي‬
‫تتلقى لبد أن تقتنع أنك في موقف المتلقي‪ ،‬وإل فلو أحسست أنك في‬
‫الموقف العلى فما الذي يدفعك أن تتلقى من شخص بعينه من الناس؟"‬
‫)منهج التربية السلمية )‪ .(2/44‬ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يملك‬
‫أعلى صفات البشرية في كل جانب من الجوانب فهو من خير الناس نسبا ً‬
‫ومنزلة‪ ،‬وهو أوسعهم خلقا ً فكان أحلم الناس‪ ،‬وأكرم الناس‪ ،‬وأشجع الناس‪.‬‬
‫وهاهم أصحابه ـ رضوان الله عليهم ـ يسجلون هذه الشهادة‪ :‬عن أنس ـ‬
‫رضي الله عنه ـ قال‪ :‬كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وأجود‬
‫الناس وأشجع الناس‪ ،‬ولقد فزع أهل المدينة ذات ليلة فانطلق الناس قَِبل‬
‫الصوت فاستقبلهم النبي صلى الله عليه وسلم قد سبق الناس إلى الصوت‬
‫وهو يقول‪" :‬لن تراعوا لن تراعوا" وهو على فرس لبي طلحة عري‪ ،‬ما عليه‬
‫سرج‪ ،‬في عنقه سيف فقال‪" :‬لقد وجدته بحرا ً أو إنه لبحر" )رواه البخاري )‬
‫‪ (6033‬ومسلم )‪ .(2307‬وهو صلى الله عليه وسلم أتقاهم لله وأعبدهم له‬
‫عز وجل‪ ،‬كما قال عن نفسه‪" :‬قد علمتم أني أتقاكم لله وأصدقكم وأبركم"‬
‫)رواه البخاري )‪ .(7367‬ولهذا يتفاوت الناس في مدى قدرتهم على التربية‪،‬‬
‫فمعظم الباء نظرا ً لفارق السن والخبرة يجيدون تربية أبنائهم‪ ،‬أو بمعنى‬
‫أدق‪ :‬يتجاوب معهم أبناؤهم في الصغر لشعورهم بأنهم أعلى‪ ،‬لكن كلما تقدم‬
‫ل أولئك الذين يستجيب لهم أبناؤهم‪ .‬ولهذا فمن‬ ‫السن ازداد المر صعوبة‪ ،‬وق ّ‬
‫الناس من تكون طاقته أن يربي أبناءه الصغار‪ ،‬ومنهم من يجيد تربية‬
‫مجموعة محددة من الناس‪ ،‬ومنهم من تكون أكثر من ذلك‪ ،‬ومنهم من يربي‬
‫مجتمعا ً بأسره‪ ،‬أما المة كلها على امتداد الزمان والمكان فاختار الله لها‬
‫المربي الول صلى الله عليه وسلم‪ - 3 .‬أن يملك المربي ما يقدمه‪" :‬وينبغي‬
‫أن يحس المتلقي ثانيا ً أن مربيه ‪-‬بالضافة إلى أنه أكبر شخصية منه ‪ -‬عنده‬
‫ما يعطيه‪ ،‬فليس يكفي أن تكون شخصية المربي أكبر من شخصية المتلقي ‪-‬‬
‫وهي البديهية الولى في عالم التربية ‪ -‬إنما ينبغي أن تكون عنده حصيلة‬
‫يعطيها الخرين في صورة تجربة واقعية" )منهج التربية السلمية )‪. (2/44‬‬
‫وتتمثل هذه الحصيلة في جوانب عدة منها‪ :‬أ ـ الرصيد العلمي الشرعي وهو‬
‫أمر له أهميته وسبقت الشارة إلى ذلك‪ .‬ب ـ القدرة على الجابة على‬
‫التساؤلت الملحة التي يطرحها المتربون والمتلقون‪ .‬ج ـ القدرة العقلية‬
‫والخبرة العملية التي تعينه على مساعدة من يربيهم على تجاوز مشكلتهم‬
‫فيجيد التعامل معها‪ ،‬ويجيد طرح الرأي المناسب لحلها‪ .‬وحين يفقد المربي‬
‫هذا وذاك يشعر المتربون‪ ،‬أنه ليس ثمة ما يدعوهم للرتباط بفلن من‬
‫الناس‪ ،‬وليس عنده ما يؤهله لن يتولى‬

‫)‪(3 /‬‬

‫‪9‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫تربيتهم‪ - 4 .‬أن يملك القدرة على العطاء‪" :‬هناك شخصيات كبيرة ل تستطيع‬
‫أن تعطي‪ ،‬ومن ثم ل تستطيع أن تربي‪ ،‬هو في ذاته شخصية فائقة التكوين‪،‬‬
‫متفوق عقليا ً أو روحيا ً أو نفسيا ً أو عصبيا ً أو أخلقيًا… ولكنه لسبب ما ل‬
‫يستطيع أن يعطي التجربة الواقعية لنه عزوف عن الناس‪ ،‬لنه صاحب تجربة‬
‫فكرية فقط بغير رصيد من التجربة الواقعة‪ ،‬لنه رجل مثالي حالم‪ ،‬يحلم‬
‫بالمثل ول يمارس التطبيق الواقعي‪ ،‬أو ل يحسنه…‪ .‬ومن المثلة المعهودة‬
‫أن تجد أستاذا ً جامعيا ً ممتازا ً في علمه‪ ،‬ممتازا ً في خلقه‪ ،‬ممتازا ً في‬
‫ون جيل ً من التلميذ‬ ‫محاضرته‪...‬ومع ذلك فهو ل يستطيع أن يربي‪ ،‬ول أن ُيك ّ‬
‫بمعنى الحواريين والتباع" )منهج التربية السلمية )‪ . (45-2/44‬إنهم كثير‬
‫أولئك الذين نراهم في المجالس والملتقيات يجيدون الحديث‪ ،‬ويجيدون‬
‫التنظير والنقاش‪ ،‬وربما يملكون من الخبرة والعلم والمعرفة‪ ،‬لكن ذلك وحده‬
‫ل يؤهلهم لن يتولوا التربية‪ ،‬فقد ل يستطيعون العطاء‪ ،‬وكثيرا ً ما تأسرنا‬
‫شخصيات أمثال هؤلء‪ ،‬ونظن أنهم أفضل الطاقات المؤهلة للتربية دون‬
‫النظر إلى الجوانب الخرى‪ .‬وكونه أيضا ً قادرا ً على العطاء ل يكفي بل لبد‬
‫من أمر آخر أل وهو‪ - 5 :‬أن يكون حسن العطاء‪" :‬فمجرد أن يكون لديه ما‬
‫يعطيه ليس كافيا ً في شؤون التربية‪ ،‬إنما ينبغي أن يعطيه بطريقة حسنة‬
‫كذلك‪ ،‬وإل ضاع الثر المطلوب أو انقلب إلى الضد حين يعطي المربي ما‬
‫عنده بطريقة منفرة" )منهج التربية السلمية )‪ .(2/45‬إن التربية ليست‬
‫مجرد معلومات أو توجيهات تقال للناس‪ ،‬وليست مجرد أوامر أو نواهي‪ ،‬بل‬
‫هي عطاء واسع يشمل جوانب النفس شتى‪ ،‬ويتعامل معها في أحوالها‬
‫وأطوارها المختلفة والمتفاوتة‪ .‬ومن ثم فالذي يتولى هذه المهمة لبد أن‬
‫يملك القدرة على التعامل مع هذا الواقع‪ ،‬وبناء النفس في هذه الطوار‬
‫المتفاوتة‪ .‬إن البائع الذي يسعى لترويج سلعته يدرك أن مجرد عرضها على‬
‫الناس للبيع ليس كافيا ً في ترويجها‪ ،‬فهو يحتاج لحسن عرضها‪ ،‬ويحتاج‬
‫للحديث عنها مع الناس بالطريقة التي تشعرهم بحاجتهم إليها‪ ،‬وإلى وسائل‬
‫للدعاية والعلن…‪.‬إلخ‪ .‬ويتحدث المختصون اليوم عن أساليب لتسويق‬
‫الفكار وترويجها‪ ،‬ووسائل للقناع والتأثير على الناس‪ .‬فكيف بالتربية التي‬
‫هي فوق ذلك كله؟ ولقد تحدث من كتب في المر بالمعروف والنهي عن‬
‫المنكر عن طائفة من صفات المر بالمعروف والناهي عن المنكر‪ ،‬ومنها أن‬
‫يكون‪ :‬رفيقا ً فيما يأمر به وينهى عنه‪ .‬وقد يشعر المربي أنه يكفيه إثبات حبه‬
‫لمن يربيه‪ ،‬ووجود الحب أمر ضروري للتلقي لكن الحب وحده "ل يكفي‪ ،‬فقد‬
‫تحب طفلك وتحب له الخير‪ ،‬ولكن طريقتك في تقديم الخير إليه تشككه في‬
‫حبك له‪ ،‬وتوهمه أنك تكرهه ")منهج التربية السلمية )‪ .(2/45‬إن المربي‬
‫الذي يملك حسن العطاء هو الذي يجيد استخدام السلوب المثل‪ ،‬وأن‬
‫يحقق لكل مقام مقاله المناسب‪ - 6 .‬القدرة على القيادة‪ :‬والتربية كما أنها‬
‫ق‪ ،‬فهي تتضمن جوانب أخرى لها أهميتها‪ ،‬تتمثل في قيادة الناس‬ ‫إعطاء وتل ٍ‬
‫وإدارتهم‪ ،‬وهي صفة ل يملكها كل الناس‪ ،‬فالناس يستطيعون اتخاذ قرارات‬
‫إدارية‪ ،‬وقد يستطيع بعضهم إدارة عمل أو مؤسسة‪ ،‬لكن القيادة فوق ذلك‬
‫كله‪ .‬خاصة إذا علمنا أن التلقي والتربية يصعب فرضها على الناس فرضًا‪،‬‬
‫فقد يستطيع العسكري أو السلطان أن يسوق الناس بعصاه‪ ،‬أما المربي فما‬
‫لم يكن قائدا ً قادرا ً على القيادة والقناع فلن يستطيع تربية الناس‪- 7 .‬‬
‫القدرة على المتابعة‪" :‬فالتربية عملية مستمرة ل يكفي فيها توجيه عابر‬
‫‪-‬مهما كان مخلصا ً ومهما كان صوابا ً في ذاته‪ -‬إنما يحتاج المر إلى المتابعة‬
‫والتوجيه المستمر" )منهج التربية السلمية )‪" .(47-2/46‬والشخص الذي ل‬

‫‪10‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يجد في نفسه الطاقة على المتابعة والتوجيه المستمر شخص ل يصلح‬


‫للتربية‪ ،‬ولو كان فيه كل جميل من الخصال‪ ،‬وليس معنى التوجيه المستمر‬
‫هو المحاسبة على كل هفوة! فذلك ينفر ول يربي فالمربي الحكيم يتغاضى‬
‫أحيانا ً أو كثيرا ً عن الهفوة وهو كاره لها‪ ،‬لنه يدرك أن استمرار التنبيه ضار‬
‫كاللحاح فيه‪ ،‬وحكمة المربي وخبرته هي التي تدله على الوقت الذي يحسن‬
‫فيه التغاضي‪ ،‬والوقت الذي يحسن فيه التوجيه‪ ،‬ولكن ينبغي التنبه دائما ً من‬
‫جانب المربي إلى سلوك من يربيه‪ ،‬سواء قرر تنبيهه في هذه المرة أو‬
‫التغاضي عما يفعل؛ فالتغاضي شيء‪ ،‬والغفلة عن التنبيه شيء آخر أولهما قد‬
‫يكون مطلوبا ً بين الحين والحين‪ ،‬أما الثاني فعيب في التربية خطير" )منهج‬
‫التربية السلمية )‪ - 8 .(48-2/47‬القدرة على التقويم‪ :‬التقويم ل يفارق‬
‫التربية ول تستغني عنه‪ ،‬بل هو ل يفارق أي عمل جاد مستمر‪ ،‬ويحتاج المربي‬
‫وم الفراد ويحدد قدراتهم ليعطي كلشخص ما يناسبه‪ .‬ب‬ ‫للتقويم حتى‪ :‬أ ـ ُيق ّ‬
‫وم الفراد بعد تلقيهم للتربية ليقيس مدى ما تلقوه وأثره عليهم‪ .‬ج ـ‬ ‫ـ ُيق ّ‬
‫وم المشكلت ليضعها في إطارها‬ ‫وم العمال والبرامج والحلول‪ .‬د ـ وُيق ّ‬ ‫وُيق ّ‬
‫وموقعها الصحيح دون مبالغة أو تهوين من شأنها‪ .‬والتقويم الذي‬

‫)‪(4 /‬‬

‫يحتاجه المربي هنا هو التقويم العلمي الموضوعي الذي ينطلق من أسس‬


‫محددة موضوعية‪ ،‬ل النطباع الشخصي لديه تجاه عمل أو فرد ما‪ .‬ومن ثم‬
‫وم‬‫يحتاج المربي إلى أن يتعرف على العوامل والعناصر الموضوعية التي ُيق ّ‬
‫من خللها ويعطي كل عامل نسبته ووزنه المناسب‪ .‬ثم يحتاج ثانيا ً إلى أن‬
‫يملك القدرة على التحقق من وجود هذه المعايير ودرجة ذلك‪ .‬والخبرة‬
‫والتجربة بالضافة إلى المناقشات الجماعية مع الطلع والممارسة‪ ،‬كل ذلك‬
‫مما يسهم في زيادة قدرة المربي على التقويم‪ - 9 .‬القدرة على بناء‬
‫العلقات النسانية‪ :‬التلقي فرع عن المحبة‪ ،‬وللعلقة بين التلقي والمحبة من‬
‫التصال قدر أكبر مما قد نتصور أحيانًا‪ ،‬فمن لم يغرس المحبة له في نفوس‬
‫الطلب فكثير مما يقوله ستكون نهايته عندما يتلفظ به‪ ،‬ولن يأخذ طريقه‬
‫نحو القلوب‪ ،‬فضل ً عن أن يتحول إلى رصيد عملي‪ .‬وهب أن إنسانا ً بلغ الغاية‬
‫في التأثير وقوة المنطق ورصانة الحجة‪ ،‬أتراه يكون أعلم‪ ،‬أو أفصح‪ ،‬أو أكثر‬
‫تأثيرا ً من النبي صلى الله عليه وسلم ؟ ومع ذلك قال الله سبحانه في‬
‫ن‬
‫م ْ‬‫ضوا ْ ِ‬ ‫ف ّ‬ ‫ب ل َن ْ َ‬‫قل ْ ِ‬‫ظ ال ْ َ‬
‫ت فَظ ّا ً غَِلي َ‬
‫م وَل َوْ ك ُن ْ َ‬
‫ت ل َهُ ْ‬‫ن الل ّهِ ِلن َ‬ ‫م َ‬ ‫مةٍ ّ‬ ‫ح َ‬ ‫ما َر ْ‬‫شأنه {فَب ِ َ‬
‫ل عََلى‬ ‫ت فَت َوَك ّ ْ‬ ‫م َ‬‫مرِ فَإ َِذا عََز ْ‬‫م ِفي ال ْ‬ ‫شاوِْرهُ ْ‬ ‫م وَ َ‬ ‫فْر ل َهُ ْ‬
‫ست َغْ ِ‬‫م َوا ْ‬ ‫ف عَن ْهُ ْ‬ ‫ك َفاعْ ُ‬ ‫حوْل ِ َ‬ ‫َ‬
‫ن} )آل عمران‪ . (159:‬فالنبي صلى الله عليه‬ ‫لي‬ ‫ّ‬ ‫ك‬
‫ُ َ َ ِ َ‬ ‫و‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ب‬ ‫ح‬
‫َ ُ ِ ّ‬ ‫ي‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ن‬ ‫إ‬
‫ِ ِ ّ‬ ‫ه‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬
‫وسلم مع ما آتاه الله سبحانه من وسائل التأثير‪ ،‬ومع شعور الناس أن الحق‬
‫معه وحده‪ ،‬مأمور بأن يلين لصحابه وإل انفضوا عنه‪ ،‬فكيف بغيره ممن‬
‫يحمل قائمة طويلة من صفات القصور والنقص؛ فهو حين ل يحظى بقبول‬
‫تلمذته له سيرون فيه من القصور ما يبررون به رفضهم وإهمالهم لما يقول؛‬
‫بل تفسير نصحه وتوجيهه على غير وجهه‪ .‬لذا يؤكد الستاذ محمد قطب على‬
‫هذا الرتباط فيقول‪":‬والضمان لذلك هو الحب… فما لم يشعر المتلقي أن‬
‫مربيه يحبه‪ ،‬ويحب له الخير‪ ،‬فلن يقبل على التلقي منه‪ ،‬ولو أيقن أن عنده‬
‫الخير كله بل لو أيقن أنه لن يجد الخير إل عنده؛ وأي خير يمكن أن يتم بغير‬
‫حب" )منهج التربية السلمية ) ‪ .( 45/ 2‬ولجل ذلك عني من كتب في أدب‬
‫العالم والمتعلم من السبقين بالتأكيد على حسن الخلق وجميل الرعاية‪،‬‬

‫‪11‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فيوصي ابن جماعة المربي بذلك فيقول‪" :‬وينبغي أن يعتني بمصالح الطالب‪،‬‬
‫ويعامله بما يعامل به أعز أولده من الحنو والشفقة عليه‪ ،‬والحسان إليه‪،‬‬
‫والصبر على جفاء ربما وقع منه نقص ل يكاد يخلو النسان عنه‪ ،‬وسيء أدب‬
‫في بعض الحيان‪ ،‬ويبسط عذره بحسب المكان‪ ،‬ويوقفه مع ذلك على ما‬
‫صدر منه بنصح وتلطف‪ ،‬ل بتعنيف وتعسف‪ ،‬قاصدا ً بذلك حسن تربيته‪،‬‬
‫وتحسين خلقه‪ ،‬وإصلح شأنه‪ ،‬فإن عرف ذلك لذكائه بالشارة فل حاجة‬
‫لصريح العبارة‪ ،‬وإن لم يفهم إل بصريحها أتى بها وراعى التدريج في‬
‫التلطف" )تذكرة السامع والمتكلم ) ‪ .( 50‬ويكرر الغزالي الوصية نفسها‬
‫فيرى أن من آداب المعلم‪":‬أن يزجر المتعلم عن سيء الخلق بطريق‬
‫التعريض ما أمكن ول يصرح‪ ،‬وبطريق الرحمة ل بطريق التوبيخ" )إحياء علوم‬
‫الدين ) ‪ .( 1/57‬ويؤكد المام النووي هذا المعنى فيقول‪":‬ويجريه مجرى‬
‫ولده في الشفقة عليه‪ ،‬والصبر على جفائه وسوء أدبه‪ ،‬ويعذره في سوء أدب‬
‫ض للنقائص"‬‫وجفوة تعرض منه في بعض الحيان فإن النسان معر ٌ‬
‫)المجموع شرح المهذب )‪ - 10 . (1/30‬الستقرار النفسي‪ :‬حيث إن المربي‬
‫يتعامل مع الناس‪ ،‬ومع الطبيعة النسانية المعقدة فلبد أن يملك قدرا ً من‬
‫الستقرار النفسي‪ ،‬فل يكون متقلب المزاج سريع التغير مضطربًا‪ ،‬أو يعاني‬
‫من حدة انفعالت أو سوء ظن وحساسية مفرطة‪ ،‬فضل ً عن كونه غير مصاب‬
‫بمرض نفسي‪ .‬إن المتربي بحاجة إلى أن يتعامل مع إنسان مستقر‪ ،‬بحاجة‬
‫إلى أن يتعامل مع شخص يتوقع ويتنبأ بتصرفاته‪ ،‬أما حين ل يكون مربيه‬
‫كذلك فلن يعيش هذا الفرد في جو مريح‪ ،‬وسوف يسيطر عليه الخوف‬
‫والقلق‪ - 11 .‬التوازن التصالي‪ :‬إن التربية ليست عمل ً من طرف واحد‪،‬‬
‫وليست تعامل ً مع آلة صماء‪ ،‬ومما ل يقبل أن يحول المربي المتلقي إلى‬
‫شخص مهمته أن يحسن الستماع والستقبال فحسب‪ ،‬بل لبد من قدر من‬
‫التوازن التصالي فالتربية عملية اتصال من طرفين ل من طرف واحد‪ .‬ومن‬
‫ثم فلبد من العناية بحسن الخطاب والحوار مع المتربي‪ ،‬وحسن النصات‬
‫والستماع له‪ ،‬وكذلك كان هدي النبي صلى الله عليه وسلم جامعا ً بين‬
‫المرين‪ .‬عن أنس بن مالك ‪ -‬رضي الله عنه ‪ -‬قال‪ :‬بينما نحن جلوس مع‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد دخل رجل على جمل فأناخه في‬
‫المسجد ثم عقله‪ ،‬ثم قال لهم‪ :‬أيكم محمد؟ ‪-‬والنبي صلى الله عليه وسلم‬
‫متكئ بين ظهرانيهم‪ -‬فقلنا‪ :‬هذا الرجل البيض المتكئ‪ ،‬فقال له الرجل‪ :‬يا‬
‫ابن عبدالمطلب‪ ،‬فقال له النبي صلى الله عليه وسلم‪":‬قد أجبتك" فقال‬
‫الرجل للنبي صلى الله عليه وسلم‪ :‬إني سائلك فمشدد عليك في المسألة‬
‫فل تجد علي في نفسك‪ ،‬فقال‪" :‬سل عما بدا لك" فقال‪ :‬أسألك بربك ورب‬
‫من قبلك‬

‫)‪(5 /‬‬

‫أالله أرسلك إلى الناس كلهم؟ فقال‪" :‬اللهم نعم"‪ ،‬قال‪ :‬أنشدك بالله أالله‬
‫أمرك أن نصلي الصلوات الخمس في اليوم والليلة؟ فقال ‪" :‬اللهم نعم"‪،‬‬
‫قال‪ :‬أنشدك بالله أالله أمرك أن نصوم هذا الشهر من السنة؟ فقال ‪" :‬اللهم‬
‫نعم"‪ ،‬قال‪ :‬أنشدك بالله أالله أمرك أن تأخذ هذه الصدقة من أغنيائنا‬
‫فتقسمها على فقرائنا؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم ‪":‬اللهم نعم"‪،‬‬
‫فقال‪ :‬الرجل آمنت بما جئت به‪ ،‬وأنا رسول من ورائي من قومي وأنا ضمام‬
‫ابن ثعلبة أخو بني سعد بن بكر )رواه البخاري )‪ .(63‬فانظر إلى عناية النبي‬

‫‪12‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫صلى الله عليه وسلم بالنصات والستماع لهذا الرجل‪ ،‬ومثل ذلك استماعه‬
‫صلى الله عليه وسلم للشاب الذي جاء يستأذن بالزنا‪ .‬وكما كان يعتني صلى‬
‫الله عليه وسلم بالستماع والنصات‪ ،‬فقد كان يعتني بالخطاب والحديث‪،‬‬
‫فكان حسن الحديث‪ ،‬تصفه عائشة ‪-‬رضي الله عنها‪ -‬بقولها ‪" :‬لم يكن يسرد‬
‫الحديث كسردكم" )رواه البخاري )‪ (3568‬وفي لفظ "ما كان رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم يسرد سردكم هذا‪ ،‬ولكنه كان يتكلم بكلم بينه فصل‬
‫يحفظه من جلس إليه " )رواه الترمذي )‪ (3639‬وانظر في الحديث حول‬
‫التوازن التصالي علم النفس الدعوي )‪ - 12 .(307-304‬السمت والهدي‬
‫الحسن‪ :‬إن المربي قدوة بأعماله وسلوكه قبل أن يكون موجها ً للناس بقوله‪،‬‬
‫والفعل والهدي يترك أثرا ً على النفس أعظم من أثر القول؛ وفي حديث‬
‫جرير بن عبدالله البجلي ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬ما يؤيد هذا المعنى‪ ،‬فعنه ‪-‬رضي‬
‫الله عنه‪ -‬قال‪ :‬كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدر النهار قال‬
‫فجاءه قوم حفاة عراة مجتابي النمار أو العباء متقلدي السيوف‪ ،‬عامتهم من‬
‫مضر بل كلهم من مضر‪ ،‬فتمعر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما‬
‫رأى بهم من الفاقة‪ ،‬فدخل ثم خرج فأمر بلل ً فأذن وأقام فصلى‪ ،‬ثم خطب‬
‫خل َ َ‬ ‫َ‬
‫ة} إلى آخر الية‬ ‫حد َ ٍ‬
‫س َوا ِ‬ ‫ف ٍ‬ ‫من ن ّ ْ‬ ‫قك ُ ْ‬
‫م ّ‬ ‫م ال ّ ِ‬
‫ذي َ‬ ‫قوا ْ َرب ّك ُ ُ‬
‫س ات ّ ُ‬
‫فقال‪{" :‬ي َأي َّها الّنا ُ‬
‫س‬‫ف ٌ‬ ‫ه وَل َْتنظ ُْر ن َ ْ‬
‫قوا ْ الل ّ َ‬
‫مَرِقيبا } والية التي في الحشر {ا ت ّ ُ‬ ‫ن عَل َي ْك ُ ْ‬‫كا َ‬ ‫ه َ‬‫ن الل ّ َ‬ ‫{إ ِ ّ‬
‫قوا الله} تصدق رجل من ديناره‪ ،‬من درهمه‪ ،‬من ثوبه‪ ،‬من‬ ‫ت ل ِغَد ٍ َوات ّ ُ‬
‫م ْ‬ ‫ما قَد ّ َ‬ ‫ّ‬
‫صاع بره‪ ،‬من صاع تمره حتى قال‪" :‬ولو بشق تمرة" قال‪ :‬فجاء رجل من‬
‫النصار بصرة كادت كفه تعجز عنها بل قد عجزت‪ ،‬قال‪ :‬ثم تتابع الناس حتى‬
‫رأيت كومين من طعام وثياب‪ ،‬حتى رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم يتهلل كأنه مذهبة‪ ،‬فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم‪":‬من سن‬
‫في السلم سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بعده من غير أن ينقص من‬
‫أجورهم شيء‪ ،‬ومن سن في السلم سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من‬
‫عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء" )رواه مسلم )‬
‫‪ .(1017‬فالناس قد سمعوا كلم النبي صلى الله عليه وسلم ودعوته وتأكيده‪،‬‬
‫لكنهم لما رأوا هذا الموقف من هذا الرجل تتابعوا في النفاق‪ .‬ولهذا عني‬
‫السلف بالتأكيد على جانب الهدي والسمت الحسن لدى المربي؛ روى‬
‫الرامهرمزي بإسناده عن أبي العالية قال‪":‬كنا إذا أتينا الرجل لنأخذ عنه نظرنا‬
‫إلى صلته‪ ،‬فإن أحسن الصلة أخذنا عنه‪ ،‬وإن أساء الصلة لم نأخذ عنه"‬
‫) المحدث الفاصل بين الراوي والواعي للقاضي الحسن بن عبدالرحمن‬
‫الرامهرمزي )‪ .(409‬وقال محمد بن سيرين‪" :‬إن هذا العلم دين فانظروا‬
‫عمن تأخذون دينكم" ) رواه مسلم في مقدمة صحيحه‪ .‬والخطيب في‬
‫الكفاية ‪ .121‬والرامهرمزي في المحدث الفاصل)‪ .(437‬وقال حماد بن زيد‪:‬‬
‫دخلنا على أنس بن سيرين في مرضه فقال‪":‬اتقوا الله يا معشر الشباب‪،‬‬
‫وانظروا عمن تأخذون هذه الحاديث فإنها دينكم" )رواه الخطيب في الكفاية‬
‫)‪ .(122‬والرامهرمزي في المحدث الفاصل )‪ .(440‬وقال المام مالك رحمه‬
‫الله‪":‬إن هذا العلم هو لحمك ودمك‪ ،‬وعنه تسأل يوم القيامة فانظر عن من‬
‫تأخذه" )رواه الرامهرمزي في المحدث الفاصل )‪ .(444‬وقال مجالد‪ ":‬ل‬
‫يؤخذ الدين إل عن أهل الدين" )رواه الرامهرمزي في المحدث الفاصل )‬
‫‪ .(445‬فما أحوج المربين اليوم إلى تحقيق السمت الحسن والهدي الصالح‬
‫في نفوسهم‪ -13 .‬العتدال والتزان‪ :‬سنة الله تبارك وتعالى في خلقه قائمة‬
‫على العتدال والتوازن‪ ،‬وهي سنة مطردة ل يشذ عنها شيء؛ فالشمس‬
‫والنجوم والفلك والرض بما فيها قائمة على أساس ذلك‪ ،‬وحياة النسان‬

‫‪13‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الجسمية والعقلية قائمة على أساس هذا العتدال والتوازن‪ .‬والغلو والشذوذ‬
‫أمر ممقوت أيا ً كان مصدره‪ ،‬حتى لو كان دافعه الستزادة من الخير‬
‫والجتهاد في العبادة‪ ،‬لذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم طائفة ممن شددوا‬
‫على أنفسهم في العبادة بالعتدال وإعطاء كل ذي حق حقه‪ .‬وكما يبدو الغلو‬
‫والتشدد في مواقف محددة‪ ،‬فهناك فئة من الناس يصبح الخروج عن‬
‫العتدال سمتا ً لهم وصفة ملزمة لتصرفاتهم وأحكامهم‪ .‬ويبدو أثر تلك السمة‬
‫في الحكام التي يصدرها الشخص على الناس والجهود البشرية؛ فتدور بين‬
‫الثناء والذم المبالغ فيهما‪ ،‬وفي المواقف التي يتخذها؛ فتتسم بالحسم‬
‫والقطع في المور النسبية التي تحتمل الرأي‬

‫)‪(6 /‬‬

‫الخر‪ .‬ومن آثار فقدان العتدال لدى المربي‪ :‬أ ‪ -‬أن يغرس هذه الصفة لدى‬
‫طلبه فيربيهم على الغلو والتطرف في التفكير والراء والمواقف؛ إذ هم ل‬
‫يسمعون إل رأيا ً واحدا ً يمثل الحق المطلق في كل قضية صغيرة وكبيرة‪،‬‬
‫وكل ما خالف هذا الرأي فهو باطل بكل حال‪ ،‬وما لم يتمثل العتدال لدى‬
‫المربي في صورة واقعية فلن يبقى أثر لما يطرحه من جوانب معرفية‬
‫ونظرية‪ .‬ب ‪ -‬ويبدو ذلك أيضا ً في تقويمه لعماله وبرامجه‪ ،‬ولطلبه وتلمذته‬
‫فيتسم بالتطرف والخروج عن العتدال‪ .‬ج ‪ -‬عدم القدرة على التعامل‬
‫المتزن مع تصرفات طلبه وتلمذته؛ فيقف منها موقف المتشنج‪ ،‬وتزداد‬
‫مساحة ردة الفعل في تعامله مع أخطائهم‪ ،‬أو مع ما يصنفه على أنه أخطاء‪،‬‬
‫ولو لم يرق لذلك‪ - 14 .‬التفاؤل‪ :‬إن الشعور بالنجاح وإمكانية تحقيق نتائج‬
‫مرضية شرط لبد منه في أي عمل يعمله النسان؛ فالتاجر الذي يفقد المل‬
‫في الربح يرى من العبث وإضاعة المال أن ينفق أمواله في التجارة‪ ،‬والكاتب‬
‫الذي ل ينتظر رواجا ً لفكرته وتحقيقا ً لهدافه من نشرها لن يسطر حرفًا…‬
‫وهكذا سائر العاملين أيا ً كانت أهدافهم ومشاربهم‪ .‬ولما كان الجهد التربوي‬
‫جهدا ً مضنيا ً وشاقًا‪ ،‬ويحتاج لطول نفس وصبر‪ ،‬ونتائجه حين تقاس بالمعايير‬
‫الكمية تبدو ضئيلة لول وهلة‪ ،‬أصبح التفاؤل سمة مهمة في من يتصدون‬
‫للقيام بهذا الجهد‪ .‬ويزداد القتناع بأهمية هذه السمة حين ندرك أن نتائج‬
‫التربية ل تبدو آثارها في الرقعة الزمنية المحدودة‪ ،‬وتحتاج إلى فترة قد ل‬
‫يصل إلى مداها المتسرعون والمتشائمون‪ .‬إن هناك فئة من الناس يسيطر‬
‫عليهم التشاؤم‪ ،‬ويسبق هاجس الفشل قيامهم بأي جهد أو عمل‪ ،‬فالولى‬
‫بهؤلء أن يسلكوا الميادين التي تبدو نتائجها سريعة ومغرية‪ .‬إنهم حين‬
‫يتصدون للتربية فلن تقنعهم النتائج والثار التي يرونها على تلمذتهم لنهم‬
‫يتطلعون لما هو أكبر وأسرع من ذلك‪ ،‬وتسيطر عليهم النظرة للهفوات‬
‫والخطاء ليبرهنوا بها على فشل استجابة الناس‪ ،‬أو فشلهم هم في جهدهم‬
‫وتربيتهم‪ .‬كما تبدو تلك الثار في تفكيرهم وحوارهم وأحكامهم‪ ،‬فيغرسون‬
‫الروح المتشائمة لدى من يتلقون عنهم‪ ،‬ويفشلوا في إقناع من تحت أيديهم‬
‫بقدرتهم على النمو وتجاوز الخطاء‪ - 15 .‬القدرة على النمو‪ :‬قد يملك‬
‫المربي قدرات ومعارف وخبرات جيدة‪ ،‬لكن هذا وحده ل يكفي؛ فلبد من أن‬
‫يملك القدرة على النمو‪ ،‬وتبدو هذه الصفة ضرورية للمربي للمور التية‪:‬‬
‫الول‪ :‬أن الحياة متجددة متطورة‪ ،‬فالوعي السياسي الذي يملكه شخص ما‬
‫يصبح بعد عام أو أعوام قليلة مجرد ذاكرة تاريخية‪ ،‬وقل مثل ذلك في سائر‬
‫المجالت المتطورة‪ ،‬بل حتى ميدان العلم الشرعي تتجدد فيه أمور عدة‪،‬‬

‫‪14‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فثمة كتب تطبع حديثًا‪ ،‬وثمة مؤلفون جدد ومحققون ومؤسسات علمية‪ ،‬كل‬
‫ذلك يحتاج إليه طالب العلم المربي‪ ،‬فضل ً عن المسائل والنوازل المستجدة‪،‬‬
‫وما لم يكن متابعا ً قادرا ً على النمو فسوف تضمر لديه هذه الجوانب‪ .‬الثاني‪:‬‬
‫أن تطور مجالت الحياة المتسارع ‪-‬خاصة في هذا العصر‪ -‬يترك آثارا ً واضحة‬
‫على المجتمع الذي ينشأ فيه‪ ،‬وما لم يدرك المربي ذلك ويعيه فإنه سيعيش‬
‫مع جيل غير جيله‪ ،‬وسيضع مرآة أمام عينه مستوردة من الجيل السابق ينظر‬
‫بها كل ما أمامه‪ .‬وما نراه اليوم من إصرار بعض المربين على تكرار تلك‬
‫الساليب والبرامج التي عهدوها وتلقوها إنما يمثل صورة من صور التعامل‬
‫مع الجيل الحاضر بعقلية الجيل السابق‪ .‬الثالث‪ :‬أن زاد المربي محدود لبد‬
‫أن ينفد‪ ،‬ففي مبدأ المر يدرك المتربون على يديه أنه يملك رصيدا ً هائل ً ل‬
‫يملكونه‪ ،‬وأنهم يلقون لديه الكثير‪ ،‬ثم ما يلبث هذا الشعور أن يتناقص تبعا ً لما‬
‫حصلوه منه‪ ،‬حتى يروا أنه لم يعد لديه شيء ذي بال يذكر‪ ،‬وأنهم قد‬
‫استوعبوا كل ما لديه من خبرات‪ .‬الرابع‪ :‬أن المتربين ينمون ويتطورون‪ ،‬بل‬
‫هم في موقف يشعرهم بأن المهمة الساسة لهم هي التلقي‪ ،‬ولبد أن يكون‬
‫لهم مصادر ذاتية أخرى غير ما يقدمه لهم من يربيهم‪ ،‬ومن ثم فهذا النمو ما‬
‫لم يقابله نمو من المربي فإنه سيخل بمعادلة التفوق المفترضة‪ ،‬وسيجعل‬
‫موقفه تجاههم أقل من ذي قبل‪ .‬والمربي الناجح الورع‪ ،‬الذي يتقي الله في‬
‫المانة التي حمله الله إياها‪ ،‬والذي يسعى لمصالح تلمذته أكثر من سعيه‬
‫لبناء المجد الشخصي والهالة الزائفة حول نفسه؛ الذي يكون بهذه الصفة‬
‫يكون واقعيا ً ويشخص المشكلة بوضوح‪ ،‬ويسمح لمثال هؤلء أن ينتقلوا إلى‬
‫بديل أفضل‪ .‬لكننا اليوم نرى فئاما ً من الشباب يصبحون ضحية لطائفة من‬
‫المربين أصحاب قدرات محدودة‪ ،‬ومع ذلك يتهمون الخرين بالتمرد وعدم‬
‫معرفة قدرهم‪ ،‬ويسعون لصنع هالة ضخمة لنفسهم‪ .‬الخامس‪ :‬أن انشغال‬
‫المربي بالمهمة التربوية يجعله يشعر بأن الدور الساس له هو العطاء‬
‫والتوجيه‪ ،‬وأن مرحلة النمو والتلقي والخذ قد انتهت وتجاوزها‪ ،‬فما أن يقضي‬
‫وقتا ً في هذا الميدان حتى يرى أن الخرين قد فاقوه وسبقوه‪ .‬وكان السلف‬
‫يؤكدون على من يتولى التعليم والتوجيه أل يقف عند هذا الحد‪ ،‬فقد ذكر ابن‬
‫جماعة من آداب‬

‫)‪(7 /‬‬

‫المعلم ‪" :‬أل يستنكف عن أن يستفيد ما ل يعلمه ممن هو دونه‪ ،‬بل يكون‬
‫حريصا ً على الفائدة حيث كانت‪ ،‬والحكمة ضالة المؤمن يلتقطها حيث وجدها‪،‬‬
‫قال سعيد بن جبير‪" :‬ل يزال الرجل عالما ً ما تعلم‪ ،‬فإذا ترك التعلم وظن أنه‬
‫قد استغنى واكتفى بما عنده فهو أجهل ما يكون" وأنشد بعض العرب‪ :‬وليس‬
‫العمى طول السؤال وإنما **** تمام العمى طول السكوت على الجهل‬
‫وكان جماعة من السلف يستفيدون من طلبتهم ما ليس عندهم" ) تذكرة‬
‫السامع والمتكلم )‪ .(60‬والقدرة على النمو صفة مهمة قد تكون فطرية في‬
‫النفس‪ ،‬فمن الناس من تؤهله قدراته إلى مستوى معين يقف عنده ويصعب‬
‫عليه تجاوزه‪ ،‬ومن هنا تأتي مسؤولية أولئك الذين يختارون المربين في‬
‫مراعاة تحقق هذا الجانب لدى من يؤهلون لتولي التربية‪ .‬ومع هذا المر‬
‫الفطري تبقى هناك جوانب عدة تسهم في تحقق هذا النمو لدى المربي‪،‬‬
‫ينبغي للمربين أن يسعوا لتحقيقها في أنفسهم‪ ،‬ومنها‪ -1 :‬التحصيل الذاتي‪،‬‬
‫من خلل القراءة والمطالعة‪ ،‬والتعامل مع أوعية المعلومات ومصادرها‬

‫‪15‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المختلفة‪ ،‬وينبغي أن يكون حازما ً مع نفسه ويضع لها برنامجا ً ل يخل به‪،‬‬
‫وسيجد من أوقات الفراغ والجازات‪ ،‬وتقليل الروابط الجتماعية غير‬
‫الضرورية‪ ،‬وإعادة تنظيم أوقاته مع طلبه‪ ،‬سيجد من ذلك كله ما يعينه على‬
‫تحقيق هذا الجانب‪ -2 .‬العناية بما يقدمه لطلبه من مشاركات ودروس‪،‬‬
‫بحيث يعتني بالعداد‪ ،‬ول يقف إعداده على مجرد ما سوف يلقيه ويقدمه‬
‫لهم‪ ،‬بل يجعل من إعداده لموضوع ما فرصة لستيعاب أطرافه وما طرح‬
‫وكتب فيه‪ -3 .‬اللقاء مع المربين العلى منه قدرة‪ ،‬واستشارتهم والستفادة‬
‫من خبرتهم والحرص على السماع منهم‪ -4 .‬اللقاء مع أقرانه بشكل مستمر‬
‫ودائم؛ فهذا يسهم في تبادل الهموم والخبرات والتجارب‪ ،‬ويسهم في رفع‬
‫مستوى تفكيره؛ ذلك أنه حين يعيش في أوساط من يربيهم وهم دونه سنا ً‬
‫وخبرة‪ ،‬فلبد أن يتأثر باهتماماتهم وخبراتهم‪ ،‬فيسهم حديثه معهم وتلقيه‬
‫لمشكلتهم وتساؤلتهم في حصر تفكيره وهمومه داخل هذه الدائرة‪ ،‬بل‬
‫يشعر بالتفوق والستاذية‪ ،‬لكنه حين يعيش مع أقرانه وطبقته فإن ذلك سوف‬
‫يسهم في تحقيق التوازن لديه في هذا الجانب‪ .‬الكمال عزيز‪ :‬النقص من‬
‫صفات البشر ومن ذا الذي ُترضى سجاياه كلها‪ ،‬وحين نسعى لستجماع هذه‬
‫الصفات في كل من يربي وبالقدر المثل فنحن نبحث عن عناصر نادرة ل‬
‫يمكن أن تفي بجزء من متطلبات الجهد التربوي المنوط بالصحوة اليوم‪.‬‬
‫لكنها منارات نسعى للتطلع إليها والقتراب منها‪ ،‬متذكرين أن النقص‬
‫والقصور سمة بشرية‪ ،‬وأن الكمال عزيز‪ ،‬وما ل يدرك كله ل يترك جله‪.‬‬
‫ومتخذ القرار الحصيف الذي يجمع بين الواقعية وبين رعاية المانة‬
‫والمسؤولية تجاه الجيل‪ ،‬لن يجهل أن هناك قدرا ً من الخلل في الصفات‬
‫يغتفر ويسعى لعلجه‪ ،‬ويكون احتماله خير من تعطيل الجهد والطاقات‪ ،‬وأن‬
‫هناك قدرا ً ل يمكن اغتفاره‪ .‬ونختم حديثنا بالوصية للمربين والعاملين للسلم‬
‫بأمر بالغ الهمية‪ ،‬وبدونه يصبح كل ما يقومون به من عمل وما يبذلونه من‬
‫جهد غير ذي بال‪ ،‬أل وهو الخلص لله تبارك وتعالى وإرادة وجهه‪ .‬ونحن‬
‫ندرك أن عامة من يتصدون لتربية شباب الصحوة اليوم يدفعهم لذلك حسن‬
‫النية والرغبة في تحصيل الثواب؛ إذ لنتائج دنيوية ترجى من وراء هذا العمل‪.‬‬
‫لكن ما نؤكد عليه هو استحضار النية الخالصة‪ ،‬وتذكرها واستشعارها‪ ،‬فهذا‬
‫بإذن الله علوة على ما يحقق لصاحبه من الثواب ورضا الله عز وجل‪ ،‬فهو‬
‫يزيد الهمة ويعلي الحماسة للعمل‪ ،‬ويعين صاحبه على احتمال ما يواجه من‬
‫مشاق وعقبات‪ .‬وفي النهاية يدرك المخلصون ثواب عملهم حين تسعر النار‬
‫بأولئك الذين كانوا يبحثون عن عاجل حطام الدنيا ويبتغون رضا الناس‬
‫بأعمالهم الصالحة‪ .‬عن شفي الصبحي أنه دخل المدينة فإذا هو برجل قد‬
‫اجتمع عليه الناس‪ ،‬فقال‪ :‬من هذا؟ فقالوا‪ :‬أبو هريرة‪ ،‬قال‪ :‬فدنوت منه حتى‬
‫قعدت بين يديه وهو يحدث الناس‪ ،‬فلما سكت وخل‪ ،‬قلت له‪ :‬أنشدك بحق…‬
‫حذفت من الراوي‪ (.‬لما حدثتني حديثا سمعته من رسول الله‬ ‫وبحق…‪ُ ) .‬‬
‫صلى الله عليه وسلم عقلته وعلمته فقال أبو هريرة‪ :‬أفعل‪ ،‬لحدثنك حديثا‬
‫حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عقلته وعلمته‪ ،‬ثم نشغ أبو هريرة‬
‫نشغة فمكث قليل ثم أفاق‪ ،‬فقال‪ :‬لحدثنك حديثا حدثنيه رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم في هذا البيت ما معنا أحد غيري وغيره‪ ،‬ثم نشغ أبو هريرة‬
‫نشغة أخرى ثم أفاق فمسح وجهه فقال‪ :‬لحدثنك حديثا حدثنيه رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم وأنا وهو في هذا البيت ما معنا أحد غيري وغيره‪ ،‬ثم‬
‫نشغ أبو هريرة نشغة أخرى ثم أفاق ومسح وجهه فقال‪ :‬أفعل لحدثنك حديثا‬
‫حدثنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه في هذا البيت ما معه أحد‬

‫‪16‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫غيري وغيره‪ ،‬ثم نشغ أبو هريرة نشغة شديدة ثم مال خارا ً على وجهه‬
‫فأسندته علي طويل ثم أفاق فقال‪ :‬حدثني رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫أن الله تبارك وتعالى إذا كان يوم القيامة ينزل إلى العباد ليقضي بينهم وكل‬
‫أمة جاثية‪ ،‬فأول من يدعو به رجل جمع‬

‫)‪(8 /‬‬

‫القرآن ورجل يقتتل في سبيل الله ورجل كثير المال‪ ،‬فيقول الله للقارئ‪ :‬ألم‬
‫أعلمك ما أنزلت على رسولي؟ قال‪ :‬بلى يارب‪ .‬قال‪ :‬فماذا عملت فيما‬
‫علمت؟ قال‪ :‬كنت أقوم به آناء الليل وآناء النهار‪ .‬فيقول الله له‪ :‬كذبت‪،‬‬
‫وتقول له الملئكة‪ :‬كذبت‪ .‬ويقول الله‪ :‬بل أردت أن يقال إن فلنا قارئ فقد‬
‫قيل ذاك‪ .‬ويؤتى بصاحب المال فيقول الله له‪ :‬ألم أوسع عليك حتى لم أدعك‬
‫تحتاج إلى أحد؟ قال‪ :‬بلى يارب‪ .‬قال‪ :‬فماذا عملت فيما آتيتك؟ قال‪ :‬كنت‬
‫أصل الرحم وأتصدق‪ .‬فيقول الله له‪ :‬كذبت وتقول له الملئكة‪ :‬كذبت‪ .‬ويقول‬
‫الله تعالى‪ :‬بل أردت أن يقال فلن جواد فقد قيل ذاك‪ .‬ويؤتى بالذي قتل في‬
‫ت بالجهاد في سبيلك‬ ‫سبيل الله فيقول الله له‪ :‬في ماذا قتلت؟ فيقول‪ :‬أمر َ‬
‫فقاتلت حتى قتلت‪ ،‬فيقول الله تعالى له‪ :‬كذبت‪ ،‬وتقول له الملئكة‪ :‬كذبت‬
‫ويقول الله‪ :‬بل أردت أن يقال فلن جريء‪ ،‬فقد قيل ذاك‪ .‬ثم ضرب رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم على ركبتي فقال‪ :‬يا أبا هريرة أولئك الثلثة أول‬
‫خلق الله تسعر بهم النار يوم القيامة و قال الوليد أبو عثمان فأخبرني عقبة‬
‫ابن مسلم أن شفيا ً هو الذي دخل على معاوية فأخبره بهذا قال أبو عثمان‬
‫وحدثني العلء بن أبي حكيم أنه كان سيافا ً لمعاوية فدخل عليه رجل فأخبره‬
‫بهذا عن أبي هريرة فقال معاوية‪ :‬قد فعل بهؤلء هذا فكيف بمن بقي من‬
‫الناس‪ ،‬ثم بكى معاوية بكاًء شديدا ً حتى ظننا أنه هالك‪ ،‬وقلنا قد جاءنا هذا‬
‫الرجل بشّر‪ ،‬ثم أفاق معاوية ومسح عن وجهه وقال‪ :‬صدق الله ورسوله‬
‫}من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها ل‬
‫يبخسون أولئك الذين ليس لهم في الخرة إل النار وحبط ما صنعوا فيها‬
‫وباطل ما كانوا يعملون{ ) رواه الترمذي )‪ (2382‬وأصله عند مسلم )‬
‫‪ (1905‬بأخصر من هذا‪ . (.‬نسأل الله عز وجل أن يجعلنا من عباده‬
‫المخلصين‪ ،‬العاملين له ابتغاء وجهه‪ ،‬وأل يكلنا إلى أنفسنا طرفة عين‪ ،‬وصلى‬
‫الله وسلم على نبينا محمد‪،،،،‬‬
‫افتقار العمل التربوي للضوابط الشرعية‬

‫)‪(9 /‬‬

‫ثمة اعتبارات عدة تؤكد على أن تحاط الجهود التربوية بسياج ضوابط الشرع‪،‬‬
‫منها‪ :‬العتبار الول ‪:‬التربية عبادة‪ :‬التربية عمل شرعي‪ ،‬وعبادة لله عز وجل‪،‬‬
‫فل بد لها أن تحاط بسياج الشريعة وتضبط بضوابطها‪ ،‬وإن سلمة المقصد‬
‫وحسن النية ونبل العمل ليست مسوغا ً أو مبررا ً لتسور السياج الشرعي‬
‫وتجاوز الضوابط‪ .‬وإذا كان الدافع للمربي هو تحصيل الجر وابتغاء مرضاة‬
‫ن‬ ‫الله عز وجل‪ ،‬فهذا لن يتحقق له مع مخالفة أمر الله وتجاوز حدوده {فَ َ‬
‫م ْ‬
‫َ‬
‫دا} )الكهف‪:‬‬ ‫ح ً‬ ‫شرِ ْ‬
‫ك ب ِعَِباد َةِ َرب ّهِ أ َ‬ ‫حا َول ي ُ ْ‬
‫صال ِ ً‬
‫مل َ‬
‫ل عَ َ‬ ‫قاَء َرب ّهِ فَل ْي َعْ َ‬
‫م ْ‬ ‫جوا ل ِ َ‬
‫ن ي َْر ُ‬ ‫َ‬
‫كا َ‬
‫‪ .(110‬العتبار الثاني‪:‬التربية وظيفة شرعية‪ :‬التربية شأنها شأن سائر‬
‫الوظائف الشرعية الخرى )المر بالمعروف والنهي عن المنكر‪ ،‬الحكم بين‬

‫‪17‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الناس‪ ،‬الجهاد‪ (....‬فإذا كانت هذه الوظائف لبد من إحاطتها بسياج الضوابط‬
‫الشرعية‪ ،‬فالتربية كذلك‪ .‬ولذلك ذكر أهل العلم آدابا ً للمحتسب والمر‬
‫بالمعروف والناهي عن المنكر ينبغي أن يحققها ويرعاها‪ ،‬وذكروا آدابا ً‬
‫وأحكاما ً للجهاد كالمتناع عن قتل النساء والولدان والرهبان وأهل الصوامع‪،‬‬
‫وذكروا آدابا ً للقاضي في نظره وتعامله مع الخصوم ونطقه بالقضاء‪ ،‬وفي‬
‫ل من‬ ‫كتب أدب العالم والمتعلم ذكروا طائفة مما ينبغي أن يرعاه ويتمثله ك ٌ‬
‫معلم العلم وطالبه‪ .‬العتبار الثالث‪:‬التربية قدوة‪ :‬التربية قدوة قبل أن تكون‬
‫ل‪ ،‬والمربي ينبغي عليه أن يربي الناس بفعله‬ ‫توجيهًا‪ ،‬وعمل قبل أن تكون قو ً‬
‫قبل قوله‪ ،‬فحين يجاوز حدود الشرع فكيف سيربي غيره على الورع والتقوى‬
‫ورعاية حدود الله والمتربي يرى المخالفة الشرعية ممن يربيه ويقتدي به؟‬
‫وأثر إخلل المربي بالتزام الضوابط الشرعية في تربيته وعمله ل يقف عند‬
‫حد العمل التربوي بل يتجاوز ذلك لينتج جيل ً يتهاون بحرمات الله ويتجاوز‬
‫حدوده ويقصر في أوامره في سائر ميادين حياته‪ .‬العتبار الرابع‪:‬المربي‬
‫تحت المجهر‪ :‬وكما أن المربي ُينظر إليه بعين القدوة فهناك عيون أخرى‬
‫ترقبه وتنظر إليه‪ ،‬فينظر إليه من الخارج باعتباره واحدا ً ممن يعمل للسلم‬
‫وعمله يمثل السمت والهدي الشرعي‪ ،‬وربما ُينظر إليه بعين تبحث عن‬
‫الخطأ وتفرح به؛ فتتخذ من أخطائه مدخل ً للنيل من المصلحين‪ ،‬والوقوف في‬
‫خندق واحد مع أعداء الله‪ ،‬وهو مسلك قديم ورثه هؤلء عن أولئك الذين‬
‫طعنوا في النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بأنهم انتهكوا حرمة الشهر‬
‫الحرام‪ ،‬ناسين أنهم واقعون فيما هو أكبر من ذلك من الصد عن سبيل الله‬
‫ل‬‫ل قَِتا ٌ‬ ‫ل ِفيهِ قُ ْ‬ ‫حَرام ِ قَِتا ٍ‬ ‫شهْرِ ال ْ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ِ‬ ‫ك عَ‬‫سأ َُلون َ َ‬ ‫والكفر به والمسجد الحرام } ي َ ْ‬
‫َ‬
‫ه أك ْب َُر‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ل الل ّهِ وَك ُ ْ‬
‫من ْ ُ‬ ‫ج أهْل ِهِ ِ‬ ‫خَرا ُ‬ ‫حَرام ِ وَإ ِ ْ‬ ‫جدِ ال َ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫فٌر ب ِهِ َوال َ‬ ‫سِبي ِ‬ ‫عن َ‬ ‫صد ّ َ‬ ‫ِفيهِ ك َِبيٌر وَ َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫ُ‬
‫عن ِدين ِك ْ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫ى ي َُرّدوك ْ‬ ‫حت ّ َ‬‫م َ‬ ‫ُ‬
‫قات ِلون َك ْ‬‫ن يُ َ‬ ‫ل وَل َ ي ََزالو َ‬ ‫قت ْ ِ‬ ‫ن ال َ‬ ‫م َ‬ ‫ْ‬
‫ة أكب َُر ِ‬ ‫فت ْن َ ُ‬ ‫عند َ الل ّهِ َوال ْ ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫حب ِط ْ‬ ‫ت وَهُوَ كافٌِر فَأوْلئ ِك َ‬ ‫م ْ‬ ‫عن ِدين ِهِ فَي َ ُ‬ ‫م َ‬ ‫من ْك ْ‬ ‫من ي َْرت َدِد ْ ِ‬ ‫عوا وَ َ‬ ‫ست َطا ُ‬ ‫ِإن ا ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫دون{ )البقرة‪:‬‬ ‫خال ِ ُ‬ ‫م ِفيَها َ‬ ‫ب الّنارِ هُ ْ‬ ‫حا ُ‬ ‫ص َ‬ ‫َ‬
‫خَرةِ وَأوْلئ ِك أ ْ‬ ‫م ِفي الد ّن َْيا َوال ِ‬ ‫مال ُهُ ْ‬
‫أعْ َ‬
‫‪ .(217‬وذلك كله يدعو المربي إلى أن يتقي الله ويتحرى الضوابط الشرعية‬
‫فيما يأتي ويذر‪ .‬العتبار الخامس‪:‬التوفيق بيد الله‪ :‬إن التوفيق والنجاح ليس‬
‫مرده إلى الجهد البشري وحده‪ ،‬بل قبل ذلك كله توفيق الله وعونه وتأييده؛‬
‫وهذا التوفيق له أسباب من أعظمها وأهمها رعاية العبد لحرمات الله‪ ،‬وما‬
‫أحرى أولئك الذين يتجاوزون الحدود الشرعية بالبعد عن توفيقه سبحانه‬
‫وتأييده‪ ،‬وفي التعقيب على غزوة أحد بيان أن ما أصاب المؤمنين إنما كان‬
‫ة قَد أ َصبتم مث ْل َيها قُل ْت َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫و‬
‫ل هُ َ‬ ‫ذا قُ ْ‬ ‫ى هَ َ‬ ‫م أن ّ َ‬ ‫ُ ْ‬ ‫صيب َ ٌ ْ َ ْ ُ ْ ّ ْ َ‬ ‫م ِ‬ ‫م ّ‬ ‫صاب َت ْك ُ ْ‬ ‫ما أ َ‬ ‫بسبب أنفسهم}أوَ ل َ ّ‬
‫ديٌر{ )آل عمران‪ .(165:‬هذه‬ ‫يٍء قَ ِ‬ ‫ش ْ‬‫ل َ‬ ‫ى كُ ّ‬ ‫ن الل ّ َ َ‬
‫ه عَل َ‬ ‫م إِ ّ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫عند ِ أ َن ْ ُ‬
‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫العتبارات وغيرها تدعو وتؤكد على ضرورة أن يعنى المربون برعاية الداب‬
‫الشرعية‪ ،‬وأن يكون عملهم محاطا ً بسياج الضوابط الشرعية‪ .‬والمتأمل في‬
‫الساحة السلمية يرى أن هناك تجاوزات عدة في ميدان العمل التربوي‬
‫للضوابط الشرعية تستوجب الوقوف والمراجعة‪ .‬ولعل أهم أسباب هذه‬
‫التجاوزات ما يلي‪ :‬السبب الول‪ :‬ضعف العلم الشرعي وقلة العناية به؛‬
‫فكثير من العاملين في الساحة السلمية يأخذ العلم الشرعي مرتبة متأخرة‬
‫ضمن برامجهم‪ ،‬بل إن المر تجاوز مجرد إهمال العناية بالعلم الشرعي إلى‬
‫تهميش دوره والتقليل من شأنه؛ فهو يشغل عن الدعوة إلى الله وهمومها‪،‬‬
‫أو هو شأن الخاصة والمهتمين‪ ،‬أو أن العناية باستراتيجيات الدعوة وقضاياها‬
‫ه‬
‫ج ُ‬ ‫الفكرية الساخنة أولى وأصدق دللة على عمق صاحبها!… هذه حجج يوا َ‬
‫بها من يدعو بعض العاملين للسلم لعطاء العلم الشرعي دوره اللئق به‬

‫‪18‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ضمن برامجهم الدعوية‪ .‬ونحن إذ نقول ذلك ل ندعو أيضا ً إلى أن يكون‬
‫الجانب العلمي هو وحده الهم الوحد للدعاة‪ ،‬وأن‬

‫)‪(10 /‬‬

‫يهمل ما سواه‪ ،‬ول إلى أن يكون كل جيل الصحوة فقهاء ومحدثين‬


‫ومجتهدين‪ ،‬ول أن تنسى الولويات الدعوية ونعيش في إطار هامشي محدود‪.‬‬
‫لكننا ندعو إلى أن يأخذ مكانه اللئق به‪ ،‬وأن يكون البناء العلمي من أهم‬
‫أهداف المربين للشباب اليوم؛ فبدونه يخرج جيل يجيد التقعر والتشدق‪،‬‬
‫ويحسن الخطابة والحديث دون علم شرعي يحميه من الزلل والتجاوزات‪،‬‬
‫ويسلك به منهج النبي صلى الله عليه وسلم وهديه في الدعوة‪ .‬وندعو إلى‬
‫أن يجمع المربون بين العتناء بالعلم الشرعي‪ ،‬والتعاطي المنضبط مع‬
‫الثقافة المعاصرة‪ ،‬والوعي بظروف العصر وأحواله‪ .‬السبب الثاني‪ :‬الغلو‬
‫والمبالغة في دور المربي وواجباته وتعظيم ذلك‪ ،‬وهذا يؤدي إلى نقل كثير‬
‫من المناهي الشرعية إلى دائرة الضرورة؛ إذ يرى المربي أن التربية ل تتم إل‬
‫بذلك‪ ،‬فهو بحاجة لمعرفة معلومات دقيقة عمن يربيه‪ ،‬والطلع على كوامن‬
‫في نفسه‪ ،‬وإلى أن يتجاوز الوقوف عند حدود الظاهر‪ ...‬وحين يعطى هذا‬
‫الجانب أكثر من حقه فسيشعر المربي أن الضوابط الشرعية ستقف عائقا ً‬
‫دون تأدية أدوار كثيرة فيضطر لتجاوزها‪ ،‬كما يفعل بعض الزعماء حين‬
‫يجنحون إلى إعلن حالة الطوارئ التي تسمح لهم بقدر من الحرية في تجاوز‬
‫القوانين التي قد تحد من صلحياتهم‪ ،‬مع فارق التشبيه‪ .‬وعلى أولئك الذين‬
‫يضخمون حجم المربي ويعطونه هالة ليست له أن يدعموا موقفهم بنص من‬
‫كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم يؤيد ذلك؛ إذ هو من جملة‬
‫المسلمين المخاطبين بسائر النصوص الشرعية‪ .‬والمربي ‪-‬مع التقدير لدوره‬
‫ووظيفته‪ -‬شأنه شأن القائمين بكثير من الوظائف الشرعية كالتعليم‬
‫والحتساب‪ ،‬وقد اعتنى أهل العلم قديما ً وحديثا ً ببيان ضوابط عمل هؤلء‬
‫وحدود مسؤوليتهم‪ ،‬دون أن يعتقدوا أن خصوصية مهمتهم عامل في تجاوز‬
‫الضوابط الشرعية‪ .‬ومع أهمية الجهاد وجواز الكذب فيه على العداء‪ ،‬إل أنه‬
‫مهما كانت المصالح فل يجوز الغدر ول الخيانة‪ ،‬وقد كان صلى الله عليه‬
‫وسلم يوصي من يؤمره في الجهاد بمراعاة الدب الشرعي؛ فعن سليمان بن‬
‫بريدة عن أبيه قال‪ :‬كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمر أميرا ً على‬
‫جيش أو سرية أوصاه في خاصته بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا ً‬
‫ثم قال‪":‬اغزوا باسم الله في سبيل الله‪ ،‬قاتلوا من كفر بالله‪ ،‬اغزوا ول تغلوا‬
‫ول تغدروا ول تمثلوا ول تقتلوا وليدًا… وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن‬
‫تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيه فل تجعل لهم ذمة الله ول ذمة نبيه ولكن اجعل‬
‫لهم ذمتك وذمة أصحابك فإنكم أن تخفروا ذممكم وذمم أصحابكم أهون من‬
‫أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله‪ ،‬وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن‬
‫تنزلهم على حكم الله فل تنزلهم على حكم الله ولكن أنزلهم على حكمك؛‬
‫فإنك ل تدري أتصيب حكم الله فيهم أم ل" ) رواه مسلم )‪ .(1731‬السبب‬
‫الثالث‪ :‬ضعف الورع والنضباط الشرعي‪ ،‬وهو باب بلي به كثير من الناس‬
‫في هذا الزمان‪ ،‬ومن يضعف ورعه ويرق دينه ربما تجرأ على ما يعلم علم‬
‫اليقين أنه محرم‪ ،‬أو تهاون فيما هو في دائرة المشتبهات‪ ،‬أو غلبه هواه‪.‬‬
‫وامتد أثر ذلك إلى بعض الصالحين فغلب عليهم التهاون وقلة الورع في‬
‫حياتهم الخاصة‪ ،‬ومن ثم بدا أثره في أعمالهم وجهودهم الدعوية‪ ،‬بل بعضهم‬

‫‪19‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يرفض مبدأ النقاش في هذه القضايا من أساسه‪ .‬السبب الرابع‪ :‬الغراق في‬
‫التنظير والسباب المادية والغفلة عن الخلص واستحضار النية واستشعار‬
‫العبودية لله تعالى في هذه العمال‪ ،‬وحين يغيب هذا المر تسيطر الحسابات‬
‫البشرية المادية‪ ،‬ويغفل المرء عظمة قدرة الله تبارك وتعالى‪ ،‬والتي من‬
‫أعظم نتائجها وآثارها التسليم والتفويض له‪ ،‬والشعور بأن العمل مالم يبارك‬
‫الله فيه ويكتب التوفيق لصاحبه فهو إلى بوار وهلك‪ .‬ول نعني أن يهمل‬
‫الدعاة إلى الله الخذ بهذه السباب فهي مما لبد منه‪ ،‬لكنها ينبغي أن ل‬
‫تنسينا استحضار النية والعبادة في هذه العمال‪ .‬السبب الخامس‪ :‬قلة العناية‬
‫بالمراجعة والمحاسبة؛ إذ هي توقف المرء على مدى تقصيره‪ ،‬وعلى جوانب‬
‫الخلل في عمله‪ ،‬ول يسوغ أن يكون العتياد على عمل وإرثه عن السابقين‬
‫حائل ً ومانعا ً عن المراجعة والمحاسبة‪ .‬وقد يسمع المربي النقد لبعض‬
‫أوضاعه‪ ،‬والحديث عن بعض التجاوزات الشرعية التي يقع فيها‪ ،‬فتحول‬
‫نظرته لنبل عمله وسلمة مقصده‪ ،‬أو أنه ورث هذا العمل عن من يحسن‬
‫الظن بهم ويثق بمسلكهم عن القتناع بخطأ مسلكه‪ .‬أو أن يكون النقد صادرا ً‬
‫ممن ل يرعى فيه الدب الشرعي‪ ،‬أو من أهل الثارة واللغط على‬
‫المصلحين‪ ،‬والمؤمن يقبل الحق ممن جاء به ولو ساءت نيته أو أساء الدب‬
‫في عرضه‪ .‬الصورة الولى‪ :‬التكاء والعتماد على القواعد الشرعية العامة‬
‫المجملة دون النظر للنصوص الخاصة في المسألة‪ ،‬والشريعة باب واحد ل‬
‫يمكن أن تتناقض أو تضطرب‪ ،‬والقواعد العامة للشرع إنما تفهم في إطار‬
‫سائر النصوص‪ ،‬وتسليط الفهام البشرية عليها يؤدي إلى فوضى واستهانة‬
‫بحدود الله‪ .‬ومن أهم هذه القواعد مراعاة المصلحة‪ ،‬إذ كثيٌر من المخالفات‬
‫العظام في‬

‫)‪(11 /‬‬

‫الساحة السلمية تجرأ عليها أصحابها باسم المصلحة‪ ،‬وهو المنهج نفسه‬
‫الذي يسلكه بعض علماء السوء وأهل الهواء في تبرير مواقف العلية من‬
‫الناس‪ ،‬مع اختلف الدوافع‪ .‬إن جلب المصلحة ودرء المفسدة قاعدة شرعية‬
‫عظيمة ل جدال فيها ول نقاش لكنها يجب أن تكون ضمن ضوابط من أهمها‬
‫أن ل تخالف نصا ً أو حكما ً شرعيًا‪ ،‬وإل كانت مصلحة ملغاة‪ .‬الصورة الثانية‪:‬‬
‫عدم وضوح قضية الظاهر والباطن‪ :‬من القواعد الشرعية أخذ الناس‬
‫بظواهرهم وعدم التنقيب عما وراء ذلك‪ ،‬وما ورد في الشرع من النهي عن‬
‫التجسس والتطلع داخل ضمن هذه القاعدة‪ .‬ولهذا قال صلى الله عليه وسلم‬
‫‪":‬إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس ول أشق بطونهم" )رواه البخاري )‬
‫‪ (4351‬ومسلم )‪ .(1064‬وعن ابن عمر ‪-‬رضي الله عنهما‪ -‬قال‪ :‬صعد رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم المنبر فنادى بصوت رفيع فقال‪":‬يا معشر من قد‬
‫أسلم بلسانه ولم يفض اليمان إلى قلبه ل تؤذوا المسلمين ول تعيروهم ول‬
‫تتبعوا عوراتهم؛ فإنه من تتبع عورة أخيه المسلم تتبع الله عورته‪ ،‬ومن تتبع‬
‫الله عورته يفضحه ولو في جوف رحله" )رواه الترمذي )‪ .(2032‬عن أبي‬
‫برزة السلمي ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬قال قال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪":‬يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل اليمان قلبه‪ ،‬ل تغتابوا‬
‫المسلمين ول تتبعوا عوراتهم؛ فإنه من يتبع عوراتهم يتبع الله عورته‪ ،‬ومن‬
‫يتبع الله عورته يفضحه في بيته" ) رواه أحمد )‪ ([4/421]19277‬وأبو داود )‬
‫‪ .(4880‬وقال أيضا ً لمعاوية‪":‬إنك إن اتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت‬

‫‪20‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أن تفسدهم"‪ .‬فقال أبو الدرداء كلمة سمعها معاوية من رسول الله نفعه الله‬
‫تعالى بها )رواه أبو داود )‪ .(4888‬وقال عمر بن الخطاب ‪-‬رضي الله عنه‪-‬‬
‫"من أظهر لنا خيرا ً ظننا به خيرا ً وأحببناه عليه‪ ،‬ومن أظهر لنا شرا ً ظننا به‬
‫شرا ً وأبغضناه عليه"‪ .‬وقد نص طائفة من أهل العلم على أن أحكام الشرع‬
‫مبناها على الظاهر‪ ،‬قال ابن القيم رحمه الله‪" :‬فإن الله سبحانه لم يجعل‬
‫أحكام الدنيا على السرائر بل على الظواهر والسرائر تبع لها‪ ،‬وأما أحكام‬
‫الخرة فعلى السرائر والظواهر تبع لها" ) أعلم الموقعين )‪ .(1/129‬وقال‬
‫الشاطبي‪":‬ومن هنا جعلت العمال الظاهرة في الشرع دليل ً على ما في‬
‫الباطن‪ ،‬فإن كان الظاهر منحرفا ً حكم على الباطن بذلك‪ ،‬أو مستقيما ً حكم‬
‫على الباطن بذلك أيضًا‪ ،‬وهو أصل عام في الفقه وسائر الحكام والعاديات‬
‫والتجريبيات‪ ،‬بل اللتفات إليها من هذا الوجه نافع في جملة الشريعة جدًا‪،‬‬
‫والدلة على صحته كثيرة جدًا‪ ،‬وكفى بذلك عمدة أنه الحاكم بإيمان المؤمن‬
‫وكفر الكافر وطاعة المطيع وعصيان العاصي وعدالة العدل وجرحة المجرح"‬
‫)الموافقات )‪ .(1/171‬ومن صور التجاوز نتيجة غياب هذا المفهوم ما قد‬
‫يمارسه بعض المربين‪:‬من التجسس‪ ،‬والستماع لحديث غيره دون علمه‪،‬‬
‫والطلع على ما يخصه دون إذنه‪ ...‬كل هذه المور محرمة شرعًا‪ ،‬وجرأة‬
‫مُنوا ْ‬ ‫َ‬
‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫بعض المربين على تجاوزها داخل في عموم قوله تعالى } ي َأي َّها ال ّ ِ‬
‫كم‬ ‫ض ُ‬ ‫سوا ْ وَل َ ي َغَْتب ب ّعْ ُ‬ ‫س ُ‬‫ج ّ‬ ‫م وَل َ ت َ َ‬ ‫ض الظ ّ ّ‬
‫ن إ ِث ْ ٌ‬ ‫ن ب َعْ َ‬‫ن إِ ّ‬ ‫ن الظ ّ ّ‬ ‫م َ‬‫جت َن ُِبوا ْ ك َِثيرا ً ّ‬
‫ا ْ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ب‬
‫وا ٌ‬ ‫ه تَ ّ‬‫ن الل ّ َ‬‫ه إِ ّ‬ ‫قوا ْ الل ّ َ‬‫موه ُ َوات ّ ُ‬‫مْيتا ً فَك َرِهْت ُ ُ‬ ‫خيهِ َ‬‫مأ ِ‬ ‫ل لَ ْ‬
‫ح َ‬ ‫م أن ي َأك ُ َ‬ ‫حد ُك ُ ْ‬‫بأ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ب َْعضا ً أي ُ ِ‬
‫م{ )الحجرات‪ (12:‬وقوله صلى الله عليه وسلم‪":‬من تحلم بحلم لم يره‬ ‫حي ٌ‬ ‫ّر ِ‬
‫كلف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل‪ ،‬ومن استمع إلى حديث قوم وهم له‬
‫كارهون أو يفرون منه صب في أذنه النك يوم القيامة‪) " ...‬رواه البخاري )‬
‫‪ .(7042‬والشعور بالمانة والمسؤولية ليس عذرا ً للمرء أن يتطلع إلى مال‬
‫يحل له التطلع إليه‪ ،‬فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم الرجل أن يطرق‬
‫ل‪ ،‬معلل ً ذلك بقوله‪":‬يتخونهم أو يلتمس عثراتهم" )رواه مسلم )‬ ‫أهله لي ً‬
‫‪ ، (715‬ول أظن أن مسؤولية المربي وخصوصية دوره تتجاوز مسؤولية‬
‫الزوج عن أهله‪ .‬وتدعو الشفقة والحرص والعناية المربي إلى التطلع ومحاولة‬
‫معرفة ما وراء الظاهر‪ ،‬والدافع لذلك كله حسن؛ فهو يسعى للتربية‬
‫والصلح‪ ،‬ويريد قياس نتاج تربيته‪ ،‬ويخشى أن يغتر بالمظاهر‪ ،‬لكن ذلك كله‬
‫ل يسوغ أن يكون على حساب الضوابط الشرعية‪ .‬ومما يعين المربي على‬
‫القتناع بالوقوف عند حدود الظاهر وتجاوز التطلع‪ ،‬علمه أنه غير مكلف‬
‫شرعا ً بما ل يظهر له‪ ،‬وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول عن‬
‫نفسه‪":‬إنما أنا بشر‪ ،‬وإنكم تختصمون إلي ولعل بعضكم أن يكون ألحن‬
‫بحجته من بعض وأقضي له على نحو ما أسمع‪ ،‬فمن قضيت له من حق أخيه‬
‫شيئا ً فل يأخذ؛ فإنما أقطع له قطعة من النار‪) " ..‬رواه البخاري )‪(6967‬‬
‫ومسلم )‪ ،(1713‬فإذا كان هذا الشأن في الحقوق والحكام فكيف بما هو‬
‫دونها من أمور التربية والتوجيه؟ وكذلك فالداعية والمربي ليست مهمته‬
‫إصلح الناس وهدايتهم‪ ،‬بل ذلك أمره إلى الله وحده‪ ،‬إنما مهمته دعوتهم‬
‫والجتهاد في سلوك أقرب الطرق الموصلة لستجابتهم‪ ،‬وحين ل يتحقق ذلك‬
‫ج عن دائرة مسؤوليته‪ ،‬وهاهو محمد‬ ‫فالمر خار ٌ‬

‫)‪(12 /‬‬

‫‪21‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫صلى الله عليه وسلم لم يستطع هداية عمه‪ ،‬وهاهو نوح مع ابنه‪ ،‬وإبراهيم مع‬
‫أبيه‪ ،‬ونوح ولوط مع زوجيهما‪ ،‬فوقوع المتربي في المعصية وانحرافه ليس‬
‫بالضرورة دليل ً على فشل المربي أو تقصيره في مهمته التي تنتهي عند أداء‬
‫الجهد قدر استطاعته‪ .‬وثمة سؤال له أهميته هنا‪ :‬ذلك أن العبرة بصلح‬
‫الباطن‪ ،‬وأن صلح الظاهر وفساد الباطن باب من أبواب النفاق‪ ،‬فكيف مع‬
‫ذلك نقف عند حدود الظاهر فقط؟ وكيف ل تكون عناية المربي متجهة إلى‬
‫الباطن؟ والجواب‪ :‬أن ثمة فرق بين الدعوة والتربية‪ ،‬وبين التعامل وإجراء‬
‫الحكام؛ فالدعوة والتربية يجب أن تتجه إلى إصلح القلوب‪ ،‬وتنقية السرائر؛‬
‫فصلح الباطن هو الساس‪ ،‬أما التعامل وإجراء الحكام فهو على أساس‬
‫الظواهر‪ ،‬ول يسوغ للنسان السعي للتنقيب عن الباطن‪ ،‬وحديثنا ونقدنا إنما‬
‫هو منصب على دائرة التعامل وإجراء الحكام‪ ،‬وليس على اعتناء المربي‬
‫بتوجيه الدعوة لصلح الباطن‪ .‬ومما يعين المربي على تحقيق التزان في‬
‫هذه القضية إدراك الرتباط بين صلح الظاهر والباطن‪ ،‬فصلح الباطن أو‬
‫فساده ل بد أن يبدو أثره على ظاهر النسان‪ ،‬ومن ثم فليس بحاجة إلى‬
‫التطلع إلى الباطن والتفتيش عنه‪ ،‬وفي المقابل فالعمال الصالحة الظاهرة‬
‫لها أثر في صلح باطن المرء؛ فالصلة تنهى عن الفحشاء والمنكر‪ ،‬والصدقة‬
‫تطهر وتزكي‪ ،‬والصيام طريق لتحقيق التقوى‪ ،‬والذكر تطمئن به القلوب‪،‬‬
‫وهكذا سائر العمال الصالحة‪ .‬وأولئك الذين يكلفون أنفسهم عناء البحث عن‬
‫البواطن والتفتيش في الدواخل تبدو لهم مشكلت ل يطيقون حلها‪ ،‬فيعيشون‬
‫حالة من القلق كان بإمكانهم تجاوزها لو اتبعوا المنهج الشرعي في الوقوف‬
‫عند حدود الظاهر‪ .‬الصورة الثالثة‪ :‬التهاون بحجة مسائل الجتهاد‪ :‬ثمة قضايا‬
‫كثيرة ضمن الوسائل الدعوية والتربوية اختلف فيها أهل العلم حل ً وحرمة‪،‬‬
‫ولكل منهم مأخذه ودليله‪ ،‬فهي دائرة ضمن مسائل الجتهاد‪ .‬والمر في‬
‫مسائل الجتهاد واسع‪ ،‬ول يسوغ في ذلك النكار والغلظ والتهارج‪ ،‬لكن ذلك‬
‫قد يشعر بعض المربين أن هذه المور ما دامت ضمن مسائل الجتهاد فالباب‬
‫فيها مفتوح على مصراعيه دون ضوابط‪ ،‬فيسلك فيها ما يهواه دون أي اعتبار‬
‫وغ أن يتبع فيها المرء ما‬ ‫لمر آخر‪ .‬وكون المسألة من مسائل الجتهاد ل ُيس ّ‬
‫يحلو له‪ ،‬بل ل بد أن يتحرى ويجتهد في اتباع ما يؤدي إليه الدليل الشرعي‬
‫‪-‬وليس هذا مقام بسط هذه المسألة‪ .-‬الصورة الرابعة‪ :‬إهمال الورع‬
‫ل‪ ،‬فقد شدد‬ ‫الشرعي الواجب‪ :‬ومن ذلك‪ :‬أ ‪ -‬ما يتعلق بصحبة المرد مث ً‬
‫السلف في ذلك والثار عنهم يضيق هذا المقام عن حصرها‪ ،‬ومنها‪ :‬ما رواه‬
‫البيهقي في الشعب عن بعض التابعين قال‪":‬كانوا يكرهون أن يحد الرجل‬
‫النظر إلى الغلم الجميل" )شعب اليمان ])‪ .([4/358 (5395‬وروى أيضا ً‬
‫عن بعض التابعين‪":‬ما أنا بأخوف على الشاب الناسك من سبع ضارٍ من‬
‫الغلم المرد يقعد إليه" )شعب اليمان ])‪ .([4/358 (5396‬وروى عن‬
‫الحسن بن ذكوان قال‪":‬ل تجالسوا أولد الغنياء فإن لهم صورا ً كصور‬
‫النساء‪ ،‬وهم أشد فتنة من العذارى" )شعب اليمان ])‪.([4/358 (5397‬‬
‫وروى عن عبد الله بن المبارك أنه قال‪:‬دخل سفيان الثوري الحمام‪ ،‬فدخل‬
‫عليه غلم صبيح‪ ،‬فقال‪":‬أخرجوه؛ فإني أرى مع كل امرأة شيطانًا‪ ،‬ومع كل‬
‫غلم بضعة عشر شيطانًا" )شعب اليمان ])‪ .()[4/360 (5405‬وقال ابن‬
‫جماعة ‪":‬والولى أن ل يسكنها ‪-‬المدرسة‪ -‬وسيم الوجه أو صبي ليس له فيها‬
‫ولي فطن" )تذكرة السامع والمتكلم )‪ .(295‬وقد غدت اليوم صحبة المربين‬
‫ملوا أو ُينهى المربون عن‬ ‫لهؤلء الحداث ضرورة ملحة‪ ،‬ول يسوغ أن ُيه َ‬
‫م يكن‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ف‬ ‫واقعنا‪،‬‬ ‫عن‬ ‫يختلف‬ ‫كان‬ ‫صحبتهم بحجة الورع؛ ذلك أن واقع السلف‬

‫‪22‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫البديل عندهم هو الشارع غير المنضبط‪ ،‬أو التجمعات الساقطة مما نشهده‬
‫اليوم‪ ،‬بل كانت البيوت ومؤسسات المجتمع التربوية تتكفل بتربية هؤلء‬
‫والعناية بهم‪ ،‬أما الن فالبديل لصحبة المربين لهؤلء هو أن يصحبهم شياطين‬
‫النس والمفسدين‪ ،‬والواقع شاهد بأن كثيرا ً من هؤلء حين ابتعدوا عن‬
‫الميادين الصالحة انزلقوا في طرق الفساد‪ .‬ومثل ذلك الحاجة إلى دخول‬
‫رجال الحسبة للسواق والمواطن التي تكثر فيها المنكرات‪ ،‬ويتعرضون فيها‬
‫للنظر المحرم ورؤية المنكرات‪ ،‬وفي ذلك من الثر على النفس ما فيه‪ ،‬لكن‬
‫للحاجة أجاز أهل العلم ذلك‪ .‬ومع القول بالحاجة لصحبة المربين للحداث‬
‫تبقى هذه النصوص عن السلف لها قيمتها واحترامها‪ ،‬فعلى المربي أن‬
‫يراعي ضوابط مهمة في ذلك منها‪ :‬عدم الخلوة‪ ،‬أو السفر مع المرد وحده‪،‬‬
‫ومراعاة المبيت وما يتعلق به‪ ،‬وهي أمور قد يخل بها بعض المربين‪ ،‬مما‬
‫ينشأ عنه نتائج غير محمودة‪ .‬ومن الضوابط المهمة في ذلك‪ :‬أن ُيبَعد من‬
‫ينشأ منه تقصير وتهاون في هذا المر ويلحظ منه ميل للحداث؛ أن يبعد عن‬
‫هذه الميادين التي تتطلب اتصال ً مباشرا ً بهم‪ ،‬وفي الميادين الدعوية الخرى‬
‫بديل عن ذلك)وقد يلحق بذلك من تصدر منه تجاوزات ل تليق بأمثاله وإن‬
‫تاب منها‪ ،‬ففرق بين التوبة التي ل يغلق‬

‫)‪(13 /‬‬

‫بابها‪ ،‬وبين(‪ .‬ب ‪ -‬ومن صور إهمال الورع الشرعي الواجب‪ :‬التوسع في‬
‫الوقوع في العراض‪ ،‬فقد تدعو طبيعة العمل التربوي للحديث عن قضايا‬
‫خاصة للمتربين وانتقادهم‪ ،‬وقد يتحدث بعض الساتذة عن طالب معين بما‬
‫يكرهه‪ ،‬والصل في ذلك كله هو المنع والتحريم؛ إذ هو داخل تحت النصوص‬
‫التي تحرم الغيبة وتشدد فيها‪ ،‬بل تجعل حرمة أعراض المسلمين كحرمة‬
‫الشهر الحرام والبلد الحرام‪ ،‬إل ما كان له حاجة ومصلحة شرعية واضحة‪.‬‬
‫ومن أخطر هذه البواب ما يتعلق بالعراض‪ ،‬إذ قد يصارح تلميذ أستاذه‬
‫ومربيه بمشكلة تتعلق بهذا الباب فيتجرأ هذا المربي على الحديث عنها لغيره‬
‫بما ل ضرورة له‪ .‬أما الحاجة للتقويم ووضع الرجل في المكان المناسب‬
‫فينبغي أن تقدر بقدرها‪ ،‬ومن ذلك ما ذكره بعضهم في ضوابط الصور‬
‫المستثناة من الغيبة‪ .‬وبعد‪ :‬فحين نتحدث عن مثل هذه الخطاء والتجاوزات‬
‫فيجب أن نعتدل ونتوسط‪ ،‬فل يسوغ أن تكون مجال ً للتندر والنتقاص‬
‫للعاملين لله‪ ،‬أو أن تحول إلى معول هدم للصروح التربوية ويسعى إلى‬
‫القضاء عليها بحجة النضباط الشرعي‪ .‬وندرك أيضا ً أن كثيرا ً ممن يقع في‬
‫مثل هذه التجاوزات إنما أتي من باب الغفلة‪ ،‬والذهول عن مراعاتها ل من‬
‫قبل رقة الدين‪ ،‬بل أكثرهم خير وأتقى لله منا‪ .‬وندرك المنجزات الرائعة التي‬
‫قدمها هؤلء المربون نسأل الله أن يجعل ذلك في موازين حسناتهم وأن‬
‫يبارك في جهودهم‪ ،‬ويكلل أعمالهم بالتأييد والنجاح والتوفيق‪.‬‬
‫النجباء والموهوبون‬

‫)‪(14 /‬‬

‫تعنى المم التي تحرص على بناء نهضتها ورفعة مكانتها بالموهوبين والنجباء‪،‬‬
‫وهذه العناية والهتمام لم تكن وليدة العصر الحاضر‪ ،‬ول نتاج الدراسات‬
‫النسانية المعاصرة؛ ففي قصة أصحاب الخدود يخبر النبي صلى الله عليه‬

‫‪23‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وسلم أن الكاهن قال للملك‪" :‬انظروا لي غلما فهما ً أو قال فطنا ً لقنا ً‬
‫فأعلمه علمي هذا؛ فإني أخاف أن أموت فينقطع منكم هذا العلم ول يكون‬
‫فيكم من يعلمه‪ ،‬قال‪ :‬فنظروا له على ما وصف فأمروه أن يحضر ذلك‬
‫الكاهن وأن يختلف إليه… ") رواه الترمذي )‪ (3340‬وأصل الحديث في‬
‫مسلم )‪(3005‬دون موضع الشاهد‪ .(.‬وقد برزت العناية بالموهوبين اليوم في‬
‫الدراسات النفسية والتربوية‪ ،‬وظهرت مدارس ونظريات تفسر الموهبة‬
‫والتفوق‪ ،‬وتطرح برامج لرعاية الموهوبين والهتمام بهم؛ لما لهم من أثر في‬
‫مجتمعاتهم ‪ .‬لذا كان ل غنى للمة وهي تسعى اليوم لستعادة مجدها عن‬
‫العتناء بالنجباء والموهوبين‪ ،‬وكان حريا ً بالغيورين من المصلحين أن يولوا‬
‫هؤلء ما يستحقون من عناية ورعاية‪ .‬ومن هنا جاء تناول هذا الموضوع الذي‬
‫ل يمثل دراسة علمية‪ ،‬بل هو ل يعدو أن يكون آراء وأفكارا ً شخصية‪ .‬التعريف‬
‫بالنجباء والموهوبين وخصائصهم قال ابن الثير‪":‬النجيب‪ :‬الفاضل من كل‬
‫حيوان‪ .‬وقد نجب ينجب نجابة إذا كان فاضل ً نفيسا ً في نوعه" ) النهاية في‬
‫غريب الحديث والثر )‪ .(5/17‬وقال في اللسان ‪-‬نقل عن ابن سيده ‪": -‬‬
‫النجيب من الرجال الكريم الحسيب…وقد تكرر في الحديث ذكر النجيب من‬
‫البل مفردا ً ومجموعًا‪ ،‬وهو القوي منها الخفيف السريع" )لسان العرب )‬
‫‪ .(1/748‬وقد شاع في العرف المعاصر إطلق لفظ الموهوبين على النجباء‪،‬‬
‫ويعرف المختصون الموهوب بتعريفات عدة‪ ،‬منها‪ :‬أنه الذي يظهر تفوقا ً‬
‫مستمرا ً في أي ميدان من ميادين الحياة‪ ،‬وعرفت الجمعية الوطنية‬
‫للدراسات التربوية في الوليات المتحدة الطفل الموهوب بأنه‪ :‬ذلك الطفل‬
‫الذي يظهر أداًء مرموقا ً بصفة مستمرة في أي مجال من المجالت ذات‬
‫الهمية )انظر ‪ :‬الموهوبون‪ :‬أساليب اكتشافهم وسبل رعايتهم في التعليم‬
‫الساسي الصادر عن مكتب التربية العربي‪ .(،‬ومن المقاييس الشهيرة‬
‫للموهوبين مقياس رونزويللي ويتضمن المجالت التية‪ :‬خصائص التعلم‪ :‬كبناء‬
‫الثروة اللفظية‪ ،‬نمو عادات القرار المستقلة‪ ،‬التقان السريع للمادة المتعلمة‬
‫وتذكر المعلومات‪ ،‬استخلص المباديء العامة‪ .‬خصائص الدافعية‪ :‬مثل‬
‫المبادأة الذاتية‪ ،‬الصرار على استكمال الواجبات والعمال‪ ،‬والمعاناة من‬
‫أجل الوصول إلى مستوى أفضل‪ ،‬الشعور بالملل عند أداء العمال الروتينية‪.‬‬
‫الخصائص البتكارية‪ :‬كحب الستطلع الشديد لعدد متنوع من الشياء‪ ،‬قدر‬
‫أكبر من الصالة في حل المشكلت والستجابة للفكار‪ ،‬درجة أقل من‬
‫الهتمام بالمسايرة‪ .‬الخصائص القيادية‪ :‬كالثقة بالنفس‪ ،‬والنجاح في العلقات‬
‫مع جماعات الرفاق‪ ،‬الستعداد لتحمل المسؤوليات‪ ،‬سهولة التكيف مع‬
‫المواقفالجديدة )الموهوبون‪ ،‬مصدر سابق )‪ .(46‬ومن خصائصهم العقلية‬
‫التعليمية ‪ -‬التي توصلت إليها بعض الدراسات ‪ -‬أنهم أكثر قدرة من العاديين‬
‫على القراءة السليمة والمحادثة الذكية‪ ،‬ويتميزون بالقدرة على التذكر ودقة‬
‫الملحظة‪ ،‬والقدرة على التفكير المنظم‪ .‬ومن خصائصهم في سمات‬
‫الشخصية أنهم ل يبالغون في أقوالهم‪ ،‬وتدل تصرفاتهم على النضج‪،‬‬
‫ويتمتعون بالتزان النفعالي‪ .‬وليس هذا ميدان دراسة متخصصة حول‬
‫الموهوبين وما يتعلق بهم‪ ،‬إنما إشارات سريعة يمكن أن تخدمنا فيما نحن‬
‫بصدده من الحديث عن النجباء‪ .‬ماذا نعني بالنجباء؟ حين نتحدث عن النجباء‬
‫في إطار اهتمامات جيل الصحوة‪ ،‬فل بد أن تفرض علينا خصوصيتنا قدرا ً من‬
‫الختلف في النظرة والمعايير‪ ،‬ول يسوغ أن نستورد الدراسات الجتماعية ‪-‬‬
‫التي هي أحد إفرازات وضع اجتماعي ل نتفق وإياه ‪ -‬دون تمحيص أو‬
‫مراجعة‪ .‬والعناية بالموهوبين قدر مشترك بين العقلء‪ ،‬ومن ثم فلبد من‬

‫‪24‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫نقاط اتفاق واسعة‪ ،‬لكننا قد نختلف مع هؤلء في بعض السمات والخصائص‬


‫المنطلقة من اختلف النظرة للحياة الدنيا والخرة‪ ،‬والنظرة لقيمة النسان‬
‫وغاية خلقه‪ .‬ومن ثم فقد ل نحفل كثيرا ً ببعض من تصنفهم الدراسات‬
‫المعاصرة من الموهوبين‪ ،‬كمن يتميزون بالقدرات في الفن والرسوم‬
‫والتمثيل ونحو ذلك‪ ،‬فهم ‪ -‬مع عدم اعتراضنا على مال يخالف الشرع من‬
‫أنشطتهم ‪ -‬ل يمكن أن يرقوا لمستوى القدوة والريادة في المة‪ ،‬فضل ً عن‬
‫النابغين في أنشطة محرمة كالموسيقى والغناء وغير ذلك‪ .‬ونشعر أيضا ً أن‬
‫عنايتنا بالموهوبين ل يسوغ أن تتناقض مع أصل التفاضل بالصلح والديانة‬
‫والتقوى‪ .‬ومن رزقه الله الجمع بين العلم والفهم في مقاصد الشرع‪ ،‬وفق‬
‫لسلوك الطريق الوسط والمنهج القوم في ذلك‪ .‬وانطلقا ً من هذه المقدمة‬
‫يمكن أن نقترح خصائص للنجباء الذين ينبغي أن يعنى بهم جيل الصحوة‪،‬‬
‫ومن ذلك‪ -1 :‬الذكاء المرتفع‪ ،‬والقدرة العقلية العالية‪ -2 .‬الشخصية القيادية‪.‬‬
‫‪ -3‬الشخصية المتميزة في الجد والبذل والنتاجية والمثابرة‪ -4 .‬الشخصية‬
‫التي تملك‬

‫)‪(15 /‬‬

‫المهارات الجتماعية والقدرة على كسب قلوب الناس‪ -5 .‬القدرة والمواهب‬


‫الدبية كالشعر والقصة وسائر فنون الدب‪ .‬حاجتنا إلى النجباء إن الحديث‬
‫عن النجباء وما يتعلق بهم فرع عن القتناع التام بالحاجة إليهم‪ ،‬واعتبار‬
‫كسبهم في صفوف الدعوة من الولويات والمطالب الملحة‪ ،‬فهل هذا المر‬
‫داخل ضمن نطاق اهتماماتنا الدعوية ؟ إن الولى أن تكون هذه المراحل قد‬
‫تجاوزها الدعاة إلى الله عز وجل وعادت أمورا ً بدهية مقررة‪ ،‬ولذا فسنشير‬
‫إشارة عاجلة إلى مبررات الحاجة إليهم‪ ،‬ليدفعنا ذلك إلى الحرص على‬
‫كسبهم في قطار المستجيبين للدعوة‪ ،‬ولندرك عمق الخسارة التي نجنيها‪،‬‬
‫والمعاناة التي تعانيها الدعوة من جراء سقوط أمثال هذه العناصر‪ - 1 .‬قدر‬
‫مشترك عند العقلء‪ :‬ل اختلف بين العقلء في أن الناس معادن وقدرات‬
‫متفاوتة‪ ،‬وتسمع في مجالس كثير من الناس الحديث عن فلن بأنه رجل‬
‫مؤهل‪ ،‬والخر يملك قدرة فائقة‪ ،‬والثالث ذكي سريع البديهة‪ .‬ويتفق الناس‬
‫جميعا ً على أن الرجل الغبي البليد ل يمكن أن يتحول يوما ً من اليام إلى رجل‬
‫ذكي عبقري‪ ،‬وأن الرجل الجبان ضعيف الشخصية ل يمكن أن يوصله التعليم‬
‫والتدريب والتربية لن يكون قائدا ً محنكًا‪ ،‬وقديما ً قيل‪ :‬والناس ألف منهم‬
‫كواحد **** وواحد كاللف إن أمر عنى ول يزال أصحاب العمال والتجار‬
‫يحرصون على كسب عناصر معينة من الناس تملك القدرة والمواهب الفذة‬
‫التي تؤهلها للقيام بأدوار مهمة في إدارة أعمالهم‪ ،‬ويمنحون رواتب مجزية‬
‫لمثال هذه العناصر‪ - 2 .‬الناس معادن‪ :‬عن أبي هريرة ‪-‬رضي الله عنه‪-‬‬
‫يرفعه قال‪" :‬الناس معادن كمعادن الفضة والذهب‪ ،‬خيارهم في الجاهلية‬
‫خيارهم في السلم إذا فقهوا‪ ،‬والرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف‬
‫وما تناكر منها اختلف " )رواه مسلم )‪ (2638‬ورواه البخاري بنحوه‪ .(.‬فيقرر‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث هذا المعنى فيبين أن الناس‬
‫يتفاوتون كما تتفاوت معادن الذهب والفضة‪ ،‬وأن خيرهم في السلم‪ ،‬هو‬
‫الذي كان خيرهم في الجاهلية‪ ،‬أي الذي كان من معدن نفيس‪ - 3 .‬هديه‬
‫صلى الله عليه وسلم‪ :‬إننا حين نتأمل سيرة النبي صلى الله عليه وسلم في‬
‫دعوته نجد أنه كان يولي هذا الجانب اعتبارا ً وعناية؛ فمن ذلك‪ - 1 :‬حرصه‬

‫‪25‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫على إيمان نفر من المشركين أكثر من غيرهم‪ ،‬وعنايته بدعوتهم وقد كان‬
‫يقول‪":‬اللهم أعز السلم بأحب هذين الرجلين إليك‪ :‬بأبي جهل أو بعمر بن‬
‫الخطاب" )رواه أحمد )‪ 2/95 (5363‬والترمذي )‪ .(5681‬وقد ظهر أثر ذلك‬
‫واضحًا؛ فكل من يقرأ السيرة ل يمكن أن يخفى عليه كيف كان أثر إسلم‬
‫عمر بن الخطاب ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬ولهذا قال عبدالله ابن مسعود ‪-‬رضي الله‬
‫عنه‪":-‬ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر" ) رواه البخاري )‪ - 2 .(3863‬عنايته‬
‫صلى الله عليه وسلم بمن أسلم من أصحاب الطاقات الفاعلة والمواهب‪،‬‬
‫ويصور لنا ذلك قول عمرو بن العاص ‪-‬رضي الله عنه‪":-‬ما عدل بي رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم وبخالد في حربه أحدا ً منذ أسلمنا" )رواه الطبراني‬
‫والبيهقي‪ - 3 .(.‬توجيه أصحابه توجيهات خاصة دليل على أن هناك جوانب في‬
‫النفس قد ل يمكن للمرء أن يتجاوزها لذا فقد قال صلى الله عليه وسلم‬
‫لبي ذر‪ ":‬يا أبا ذر‪ ،‬إني أراك ضعيفًا‪ ،‬وإني أحب لك ما أحب لنفسي‪ ،‬ل تأمرن‬
‫على اثنين‪ ،‬ول تولين على مال يتيم" )رواه مسلم )‪ ، (1826‬وهي مقولة‬
‫خاصة بأبي ذر ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬دون غيره من أصحابه؛ لنه صلى الله عليه‬
‫وسلم علم منه ما لم يعلمه من غيره‪ ،‬أما عامة أصحاب النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم فقد تولوا المسؤوليات والوليات‪ - 4 .‬مكاتبته صلى الله عليه وسلم‬
‫للملوك ودعوته إياهم‪ ،‬أليس هذا دليل على أن من الناس من إذا اهتدى‬
‫اهتدى بهدايته أمم؟ فلئن كان هذا يصدق على الملوك آنذاك‪ ،‬فهو يصدق‬
‫أيضا ً على قادة الفكر والرأي‪ ،‬وعلى من يملكون قدرة على إقناع الناس‬
‫ومقارعة الحجة‪ - 4 .‬هدي السلف‪ :‬وقد أدرك أصحابه رضوان الله عليهم هذا‬
‫المر فحرصوا عليه في دعوتهم؛ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال‪ :‬كان‬
‫عمر يدخلني مع أشياخ بدر‪ ،‬فقال بعضهم‪ :‬لم تدخل هذا الفتى معنا ولنا أبناء‬
‫مثله؟ فقال‪ :‬إنه ممن قد علمتم‪ ،‬قال‪ :‬فدعاهم ذات يوم ودعاني معهم‪ ،‬قال‪:‬‬
‫صُر‬ ‫وما رأيته دعاني يومئذ إل ليريهم مني‪ ،‬فقال‪ :‬ما تقولون في }إ َِذا َ‬
‫جاَء ن َ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫جا{ ؟ حتى ختم السورة‬ ‫ن الل ّهِ أفْ َ‬
‫وا ً‬ ‫خُلو َ‬
‫ن ِفي ِدي ِ‬ ‫س ي َد ْ ُ‬
‫ت الّنا َ‬
‫ح وََرأي ْ َ‬ ‫الل ّهِ َوال ْ َ‬
‫فت ْ ُ‬
‫فقال بعضهم‪ :‬أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا‪ ،‬وقال‬
‫بعضهم‪ :‬ل ندري أو لم يقل بعضهم شيئًا‪ ،‬فقال لي‪ :‬يا ابن عباس‪ ،‬أكذاك‬
‫تقول؟ قلت‪ :‬ل‪ ،‬قال‪ :‬فما تقول؟ قلت‪ :‬هو أجل رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم أعلمه الله له }إذا جاء نصر الله والفتح{ فتح مكة فذاك علمة أجلك‬
‫}فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا{ قال عمر‪ :‬ما أعلم منها إل ما‬
‫تعلم )رواه البخاري )‪ .(4294‬وهاهو مصعب بن عمير ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬وقد‬
‫أرسله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة يأتيه سعد بن معاذ ‪ -‬رضي الله عنه‬
‫‪-‬‬

‫)‪(16 /‬‬

‫ليسلم فيقول له أسيد بن حضير‪ :‬هذا رجل إن تبعك لم يتخلف من قومه أحد‪،‬‬
‫وفعل ً كان لسعد البلء المشهود في السلم‪ ،‬ومن بلئه ‪ -‬رضي الله عنه ‪-‬‬
‫موقفه في غزوة بدر‪ ،‬وحكمه في بني قريظة حتى اهتز له عرش الرحمن‬
‫حين مات‪ ،‬كل ذلك مما يفسر لنا حرص أسيد ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬على دعوة‬
‫سعد وهدايته‪ .‬ومن نماذج عناية السلف بالنجباء ما رواه الخطيب في الجامع‬
‫بإسناده عن إسماعيل بن عياش قال‪ :‬كان ابن أبي حسين المكي يدنيني‪،‬‬
‫فقال له أصحاب الحديث‪ :‬نراك تقدم هذا الغلم الشامي وتؤثره علينا؟ فقال‬
‫إني أؤمله‪ ،‬فسألوه يوما ً عن حديث حدث به عن شهر ‪ :‬إذا جمع الطعام أربعا ً‬

‫‪26‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فقد كمل‪ ،‬فذكر ثلثا ً ونسي الرابعة‪ ،‬فسألني عن ذلك‪ ،‬فقال لي‪ :‬كيف‬
‫حدثتكم؟ فقلت‪ :‬حدثتنا عن شهر أنه إذا جمع الطعام أربعا ً فقد كمل‪ :‬إذا كان‬
‫ل‪ ،‬وسمي عليه الله حين يوضع‪ ،‬وكثرت عليه اليدي‪ ،‬وحمد الله حين‬ ‫أوله حل ً‬
‫يرفع‪ .‬فأقبل على القوم‪ ،‬فقال‪ :‬كيف ترون؟ ) الجامع ‪ - 5 .(1/312‬تاريخ‬
‫السلم خير شاهد‪ :‬إن من يقرأ في السيرة النبوية يدرك تماما ً أن هناك من‬
‫أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من كان في إسلمه خيٌر كثيٌر للمة‪ ،‬وأثر‬
‫يوازي آثار غيره‪ ،‬فهذا عمر ابن الخطاب ‪-‬رضي الله عنه‪-‬منذ أن أسلم لم‬
‫يزل المسلمون في عزة ومنعة‪ ،‬وهذا خالد بن الوليد ‪-‬رضي الله عنه‪-‬لم‬
‫يمض على إسلمه أشهر معدودة حتى قاد المسلمين في غزوة مؤته وأنقذ‬
‫المسلمين من مهلكة‪ ،‬وهو مع ذلك دون كثير من أصحاب النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم فضل ً وقد قال له صلى الله عليه وسلم‪":‬ل تسبوا أصحابي؛ فإن‬
‫أحدكم لو أنفق مثل جبل أحد ذهبا ً ما بلغ مد أحدهم ول نصيفه" )رواه‬
‫البخاري )‪ (3673‬ومسلم )‪ ،(2541‬بل إن من أصحاب النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم من ل يعرف‪ ،‬ومنهم من طبقت شهرته الفاق‪ - 6 .‬ضخامة الدوار‬
‫المناطة بالصحوة‪ :‬إن الصحوة تتحمل مسؤولية ضخمة أمام المة في قيادتها‬
‫والنهوض بها‪ ،‬مما يتطلب منها إعداد قيادات للمة في مجالت شتى من‬
‫مجالت الحياة‪ ،‬تسهم هذه القيادات في إقناع المة بالمشروع السلمي‬
‫وتأهله للقيادة‪ .‬والصحوة نفسها تفتقر إلى طاقات وقدرات توجهها وتضبط‬
‫لها مسيرتها وتقودها في هذا الطريق الطويل‪ .‬وتفتقر إلى طائفة ممن‬
‫يحملون العلم الشرعي ويفقهونه حق الفقه‪ ،‬ليكونوا قيادة راشدة للمة‪،‬‬
‫ولتستغني بالطاقات التي تعيش همومها ومشكلتها‪ .‬إن هذه الدوار وتلك ل‬
‫يمكن أن يقوم بها فرد عادي‪ ،‬ومن ثم كانت الصحوة بحاجة إلى كسب‬
‫النجباء الذين يملكون التأهيل لتولي المسؤوليات القيادية على مستوى‬
‫الصحوة‪ ،‬وعلى مستوى المة أجمع‪ .‬إن تلك العتبارات وغيرها تفرض على‬
‫المربين المخلصين إعادة النظر في موقفهم من النجباء وعنايتهم بهم‪.‬‬
‫أخطاؤنا تجاه النجباء ‪ - 1‬الهمال وذلك أننا قد ل نعيرهم الهتمام اللئق بهم؛‬
‫إما في دعوتهم ابتداًء‪ ،‬أو في إعطائهم الجهد التربوي الذي يستحقونه بعد‬
‫استقامتهم؛ فل نفرق بين نجيب وغيره‪ ،‬والجهد المبذول له قد يساوي الجهد‬
‫المبذول لضعاف العقول والشخصية‪ .‬وترك أمثال هؤلء يعيشون في أجواء ل‬
‫تتناسب مع قدراتهم وإمكاناتهم يتسبب في انقطاعهم عن المسيرة‪ ،‬أو في‬
‫بقائهم داخل الصف بعد أن تذبل قدراتهم وتموت ملكاتهم‪ .‬كما أن كثيرا ً من‬
‫المعلمين والمربين التقليدين ل يعطونهم الهتمام اللئق‪ ،‬بل يتضايقون منهم‬
‫"لنهم ل يحبون النقياد والتبعية‪ ،‬كما أنهم مندفعون ومن ذوي الفكار‬
‫الغريبة‪ ،‬وغير تقليدين‪ ،‬ويبحثون عن التغيير في المجالت التي تتطلب إظهار‬
‫روح المغامرة‪ ،‬ويميلون إلى الفوضى وعدم النظام" )رعاية الموهوبين‬
‫والمبدعين‪ .‬رمضان القذافي ص )‪ - 2 .(123‬وهم الغرور‪ :‬وهذا من أكثر‬
‫الخطاء التي يقع فيها بعض المربين؛ فإنه يملك حرصا ً على طلبه‪ ،‬وحساسية‬
‫مرهفة‪ ،‬فيقف عند الشارة‪ ،‬والكلمة‪ ،‬والحركة‪ ،‬ويغرق في التحليلت‪ ،‬ويبالغ‬
‫في التوقعات ‪ -‬والحرص ما لم يخرج عن حد العتدال مطلوب ‪ -‬ونتيجة‬
‫لحرص المربي على طالبه‪ ،‬فإنه يرى أن العناية به والهتمام به‪ ،‬بل وضعه‬
‫في موضعه الطبعي يدعوه إلى التميز عن أقرانه مما يدخل العجب والغرور‬
‫إلى نفسه‪ ،‬ويمكن هنا أن نسجل بعض الملحوظات‪ - 1 :‬إن حرص المربي‬
‫على طلبته ما لم يتجاوز حد العتدال أمٌر مطلوب ول شك‪ ،‬والعناية بإصلح‬
‫ك ل جدال فيه‪ - 2 .‬ل‬ ‫أعمال القلوب وتفقدها ومدافعة أمراض النفس مسل ٌ‬

‫‪27‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫شك أيضا ً أن الغرور والعجب داء قاتل‪ - ،‬وسيأتي الحديث عنه إن شاء الله‪.-‬‬
‫‪ - 3‬ل شك أن العناية بالطالب النجيب‪ ،‬ورعايته ل بد أن ينتج عنها تميزه على‬
‫زملئه وأقرانه‪ .‬ولكن‪ :‬لماذا ل ننظر إلى المسألة إل من جانب واحد هو‬
‫الخوف عليه من الغرور؟ فلماذا ننسى أن من حقه التربية والعناية‬
‫ف آخر‬‫والرعاية ؟ ولماذا نغلب الخوف وحده دون الرجاء ؟ بل إن هناك خو ٌ‬
‫يجب أن نحكمه هنا‪ ،‬أل وهو أن إهمال النجيب‪ ،‬وترك العناية به ورعايته‬
‫مدعاة لن نخسر طاقة كان يمكن أن تستثمر‪ .‬ومن يتأمل في سيرة النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم لن يعدم الشواهد العديدة من اهتمامه صلى الله‬

‫)‪(17 /‬‬

‫عليه وسلم وعنايته بذوي القدرات من أصحابه‪ ،‬وأن هذا العتبار لم يكن‬
‫عائقا ً عن الهتمام بهم وإنزالهم المنزلة اللئقة‪ ،‬ومن ذلك‪ - 1 :‬ثناؤه صلى‬
‫الله عليه وسلم على بعض أصحابه في مواقف عديدة بعبارات حفظت‬
‫وسطرها علماء التراجم ضمن مناقبهم رضوان الله عليهم‪ ،‬ول شك أن هذه‬
‫العبارات تحمل من التزكية والثناء مال تحمله أي عبارة من غيره صلى الله‬
‫عليه وسلم‪ ،‬وأي عبارة ثناء وتقدير يسمعها من بعدهم لن تبلغ منزلة ثناء‬
‫صاحب الرسالة‪ ،‬أفلم يكن صلى الله عليه وسلم حريصا ً على حماية أصحابه‬
‫من العجب والغرور؟ ‪ - 2‬تكليفه صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه بل‬
‫والشباب منهم بمهام ل يقوم بها إل الكابر‪ ،‬ومن ذلك‪ :‬أ ‪ -‬تكليف زيد بن ثابت‬
‫‪-‬رضي الله عنه‪ -‬بكتابة الوحي وهو غلم‪ .‬ب ‪ -‬تأميره أسامة بن زيد ‪-‬رضي‬
‫الله عنه‪ -‬وهو دون العشرين من عمره على جيش يغزو الروم وفيه كبار‬
‫أصحابه‪ .‬ج ‪ -‬توليته عمرو بن سلمة ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬على الصلة بقومه )رواه‬
‫أحمد ‪ .(20355) 5/30‬د ‪ -‬حين قدم عليه وفد ثقيف وكان فيهم عثمان بن‬
‫له عليهم وأمره‬‫أبي العاص ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬وهو أصغر الوفد سنا ً و ّ‬
‫ل‪":‬أم قومك‪ ،‬فمن أم قوما ً فليخفف‪ ،‬فإن فيهم الكبير‪،‬‬ ‫بإمامتهم‪ ،‬ووجهه قائ ً‬
‫وإن فيهم المريض‪ ،‬وإن فيهم الضعيف‪ ،‬وإن فيهم ذا الحاجة‪ ،‬وإذا صلى‬
‫أحدكم وحده فليصل كيف شاء" ) الحديث في مسلم )‪ (468‬وأصل القصة‬
‫عند الطبراني كما في المجمع )‪ (9/371‬وعند ابن سعد )‪ .(6/47‬هـ وولى‬
‫عتاب بن أسيد ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬أميرا ً على مكة وكان عمره حين استعمل‬
‫نيفا ً وعشرين سنة )الصابة )‪ - 3 .(4/356‬إطلع بعض الشباب من الصحابة‬
‫على بعض المور المهمة التي ل يطلع عليها إل الكبار‪ ،‬ومن ذلك‪ :‬أ ‪ -‬تكليف‬
‫زيد بن ثابت ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬بتعلم السريانية وائتمانه على كل ما يكتبه صلى‬
‫الله عليه وسلم لليهود وما يكتبونه له وهو لما يزال غلمًابع د)رواه أحمد )‬
‫‪ (5/186‬والترمذي )‪ (2715‬وأبو داود )‪ .(3645‬ب ‪ -‬اختياره صلى الله عليه‬
‫وسلم دار الرقم لتكون مكانا ً لجتماع المسلمين في مكة مع أنه شاب لم‬
‫يبلغ العشرين بعد‪ .‬ج ‪ -‬حين شاع الحديث في الفك دعا النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم شابين من أصحابه فاستشارهما في قضية خاصة وحرجة أل وهي‬
‫فراق أهله‪ ،‬كما تحدثنا صاحبة الشأن ‪-‬رضي الله عنها‪...":-‬ودعا رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وأسامة ابن زيد حين استلبث‬
‫الوحي يستشيرهما في فراق أهله" )رواه مسلم )‪ .(2770‬والستطراد في‬
‫سرد الشواهد يطول‪ ،‬ولعل فيما أوردنا كفاية‪ - 3 .‬وضعه في غير موضعه‪:‬‬
‫وذلك بأن يوجه لمجالت وجوانب‪ ،‬ويكلف بأعمال يمكن أن يقوم بها من‬
‫دونه‪ ،‬فهذا إهدار للطاقة النادرة ابتداًء‪ ،‬ومدعاة إلى شعوره بأن هذا العمل ل‬

‫‪28‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يليق بأمثاله‪ ،‬فيرى أنه لم يقدر قدره مما يؤدي إلى تسربه وإعراضه‪ .‬وإنه‬
‫لمن الهدار للطاقة والقدرة‪ ،‬ومن التوجيه غير السليم أن يكلف مثل هذا‬
‫الطالب بأعمال صحفية وفنية في الجمعية المدرسية تستهلك عليه وقته‬
‫واهتماماته‪ ،‬في حين يقوم بها غيره ويتفرغ هو لعمال فكرية وعلمية وقيادية‬
‫تنمي المواهب الهامة التي تحتاجها المة‪ .‬ومن وضعه دون موضعه أن يتولى‬
‫تربيته طاقات غير مؤهلة تربويا ً للقيام بأمثاله‪ ،‬فإن استمر في المشوار‬
‫التربوي فسيكون دون ما هو عليه‪ ،‬فنخسر طاقته وقدرته‪ ،‬ولست أدري إلى‬
‫متى ونحن نمارس الوهام والمخادعة لنفسنا‪ ،‬فيتخيل المربي أنه قادر على‬
‫التعامل مع كافة المستويات وسائر الطبقات؟ ولم ل يتجرأ المربي فيفكر أنه‬
‫دون هذا العمل‪ ،‬وأقل من أن يقوم بفلن‪ ،‬وأي ضير في ذلك أو نقص عليه؟‬
‫إنك حين تطلب من رجل أن يرفع حجرا ً ل يطيقه يبادرك بالعتذار وأن هذا‬
‫فوق إمكانه وطاقته‪ ،‬فما باله ل يملك الشجاعة على العتذار عن تحمل هذه‬
‫العمال التي ل يطيقها؟ إن من تقدير النجيب حق قدره أن يوجه له أمثاله‬
‫ممن يملكون القدرة التربوية‪ ،‬ويقتنع أنهم يملكون ما يقدمونه له‪ .‬مشكلت‬
‫النجباء لئن كانت هناك أخطاء نقع فيها في تربية النجباء‪ ،‬فهناك مشكلت تقع‬
‫منهم أنفسهم‪ ،‬ومنها‪ - 1 :‬الغرور والعجب‪ :‬النجيب المتميز يحمل بذرة تعينه‬
‫على الغرور؛ إذ هو يدرك تميزه على أقرانه في سرعة فهمه وإدراكه‪ ،‬وسبقه‬
‫لهم في كثير من النشطة التي يشاركهم فيها‪ ،‬وحين يضاف إلى ذلك تعامل‬
‫الناس معه وإعلؤهم لشأنه وثناؤهم عليه يزيد ذلك من شعوره بالغرور‬
‫والعجب‪ .‬ولهذا رعى النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعنى؛ عن عائشة‬
‫‪-‬رضي الله عنها‪ -‬أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها فقال‪":‬لول أن‬
‫تبطر قريش لخبرتها بما لها عند الله عز وجل" ) رواه أحمد )‪ .(24721‬وعن‬
‫عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال‪ :‬أثنى رجل على رجل عند النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم فقال‪":‬ويلك قطعت عنق صاحبك‪ ،‬قطعت عنق صاحبك"‬
‫مرارا ً ثم قال‪":‬من كان منكم مادحا ً أخاه ل محالة فليقل‪ :‬أحسب فلنا والله‬
‫حسيبه ول أزكي على الله أحدًا‪ ،‬أحسبه كذا وكذا إن كان يعلم ذلك منه"‬
‫)رواه البخاري )‪ (2662‬ومسلم )‪ .(3000‬قال ابن بطال‬

‫)‪(18 /‬‬

‫‪":‬حاصل النهي أن من أفرط في مدح آخر بما ليس فيه لم يأمن على‬
‫الممدوح العجب لظنه أنه بتلك المنزلة ‪ ،‬فربما ضيع العمل والزدياد من‬
‫الخير اتكال ً على ما وصف به ") فتح الباري )‪ .(10/585‬وقال ابن‬
‫حجر‪":‬ولكن تبقى الفة على الممدوح ‪ ،‬فإنه ل يأمن أن يحدث فيه المدح‬
‫كبرا ً أو إعجابا ً أو يكله على ما شهره به المادح فيفتر عن العمل ‪ ،‬لن الذي‬
‫يستمر في العمل غالبا هو الذي يعد نفسه مقصرا ً ‪ ،‬فإن سلم المدح من هذه‬
‫المور لم يكن به بأس ‪ ،‬وربما كان مستحبًا" ) فتح الباري )‪ .(10/586‬وعن‬
‫معاوية ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬قال‪ :‬سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫يقول‪":‬إياكم والتمادح فإنه الذبح" )رواه ابن ماجه )‪ .(3743‬وحين يحل‬
‫العجب والغرور قلب امريء فهذا يعني بداية العطب والهلك‪ ،‬قال‬
‫الغزالي‪":‬والقلب بيت هو منزل الملئكة ومهبط أثرهم‪ ،‬ومحل استقرارهم‪،‬‬
‫والصفات الرديئة مثل‪ :‬الغضب والشهوة والحقد والحسد والكبر والعجب‬
‫وأخواتها‪ ،‬كلب نابحة‪ ،‬فأنى تدخله الملئكة وهو مشحون بالكلب" ) إحياء‬
‫علوم الدين )‪ -2 .(1/49‬الفراط في النقد‪ :‬ومن المشكلت التي تكثر عند‬

‫‪29‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫بعض النجباء والموهوبين الفراط في النقد‪ ،‬ذلك أن القدرات التي يملكونها‬


‫تؤهلهم أكثر من غيرهم لكتشاف الخطاء‪ ،‬ويتراكم تأثير ذلك حتى يصبح‬
‫النقد سلوكا ً مستقرا ً لدى أحدهم‪ ،‬فينتقد الشخاص والبرامج والعمال‪،‬‬
‫وبعضهم من فرط نقده قلما يرى شيئا ً أو أحدا ً يعجبه‪ .‬والنقد بحد ذاته ليس‬
‫صفة ذميمة‪ ،‬لكنه حين ينشأ لدى الشاب في وقت مبكر فقد يولد آثارا ً غير‬
‫محمودة‪ ،‬خاصة أن خبرة الشاب ل تزال تقصر عن مؤهلته وقدراته‪ .‬وينشأ‬
‫عن ذلك أيضا ً المثالية في النقد‪ ،‬نظرا ً للفراط في التجريد لدى الشاب وقلة‬
‫الخبرة‪ .‬وقد ينشأ من الفراط في النقد في هذه المرحلة المبكرة حرمان‬
‫الشاب من الستفادة من كثير من الشخاص‪ ،‬أو البرامج والفرص المتاحة‬
‫نظرا ً لنها قد ل تروق له ول تعجبه‪ - 3 .‬احتقار الخرين‪ :‬وقد ينشأ من غرور‬
‫الشاب وإعجابه بنفسه أن يحتقر الخرين؛ ذلك أنه يرى أنه أسد منهم تفكيرًا‪،‬‬
‫وأكثر اطلعًا‪ ،‬وأسرع فهما واستيعابًا‪ ،‬فيولد ذلك لديه احتقارهم واستصغار‬
‫شأنهم‪ .‬ويزيد من ذلك الشعور قدرته على النقد واكتشاف أخطاء الخرين‪4 .‬‬
‫ض النجباء شعوُرهم بالتميز وتطلعهم للتفرد‬ ‫‪ -‬الشذوذ وتتبع الغرائب‪ :‬يدفع بع َ‬
‫إلى الشذوذ في الراء‪ ،‬وتتبع الغرائب‪ ،‬ويغذي ذلك شهوة خفية توحي إليهم‬
‫أن ذلك أمارة على دقة فهمهم وسعة اطلعهم‪ ،‬وأنهم يدركون ما ل يدركه‬
‫الخرون‪ .‬وهذا المسلك إنما هو نتيجة للثقة المفرطة بالنفس والعتداد بها‪،‬‬
‫لذا فكثيٌر ممن انحرفوا في ميدان الفكر وأتوا بالغرائب والشواذ هم من‬
‫الذكياء والنجباء‪ .‬ومما يعوق أمثال هؤلء عن الرجوع للحق والستماع‬
‫للمخالف‪ ،‬شعورهم بأن ذلك يعني اعترافهم بنقص قدرهم وتميز الخرين‬
‫عليهم‪ - 5 .‬سرعة الملل والسأم‪ :‬يتسم الموهوبون ‪-‬كما سبق ‪ -‬بالشعور‬
‫بالملل عند أداء العمال الروتينية‪ ،‬ويتطلعون كثيرا ً للتجديد والتطوير‪ ،‬وهي‬
‫سمة إيجابية‪ .‬لكنها تولد مشكلت لدى كثير من المربين تتمثل في مللهم‬
‫وسأمهم من البرامج التي تقدم لهم‪ ،‬وقد ل يستطيع كثير من المربين الوفاء‬
‫بمطالبهم وملحقة تطلعاتهم‪ ،‬خاصة التقليدين منهم الذين ل يستوعبون‬
‫التطوير والتجديد‪ ،‬وتمثل الساليب التقليدية التي اعتادوها ثوابت ل يفكرون‬
‫في تجاوزها‪ .‬وقد ينتج عن هذه المشكلة انقطاع هؤلء‪ ،‬أو جنوحهم إلى‬
‫الكسل والعجز‪ ،‬أو إلى العبث والشغب‪ .‬وصايا للعتناء بالنجباء ‪ :‬أنتجت‬
‫الدراسات المعاصرة برامج ووسائل للعتناء بالموهوبين ورعايتهم‪ ،‬وثمة‬
‫مدارس عدة تتفاوت فيما بينها في وسائل الرعاية والهتمام‪ .‬لكن لما كان‬
‫هذا الحديث حديثا ً خاصا ً للمربي والمعلم الذي ل يملك التغيير في بنية التعليم‬
‫وهيكليته رأيت القتصار على بعض المقترحات التي يمكن أن يطبقها‬
‫المعلمون والباء‪ .‬وقبل ذلك أشير باختصار شديد إلى أهم وسائل رعاية‬
‫الموهوبين في البرامج التعليمية‪ - 1 :‬التجميع أو العزل وهو تجميع المتميزين‬
‫من الطلب في فصول خاصة بالمدرسة الواحدة جزءا ً من اليوم الدراسي أو‬
‫طوال اليوم‪ ،‬أو تجميعهم في مدارس خاصة‪ - 2 .‬الثراء ويقوم هذا السلوب‬
‫على أساس إغناء المنهج في إطار الصفوف العادية‪ ،‬أو في مجموعات‬
‫خاصة‪ ،‬ومن أساليب الثراء المستخدمة‪ :‬أ ‪ -‬أن تكون هناك مقررات إضافية‪،‬‬
‫أو أجزاء من المقررات ل يلزم بها الطالب العادي‪ .‬ب ‪ -‬إضافة أجزاء في كل‬
‫وحدة أو موضوع في الكتاب الدراسي كقراءات إضافية أو بحوث أو نحو‬
‫ذلك‪ .‬ج ‪ -‬إعداد كتب إضافية تصحب الكتاب المدرسي‪ - 3 .‬السراع ويتضمن‬
‫القبول المبكر في المراحل التعليمية بالنسبة لعمر الطالب الزمني‪ ،‬أو‬
‫السماح له بتخطي بعض الصفوف الدراسية‪ ،‬أو إنهاء دراسته في مدة أقل‬
‫مما تتطلبه مرحلته الدراسية )انظر‪ :‬الموهوبون ‪-180 ،63-61 ، 29-22‬‬

‫‪30‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ .(.181‬وقد تكون الستفادة المباشرة لبعض المربين من هذه الوسائل‬


‫محدودة‪ ،‬وإن كنا ننتظر من المربين أل يقفوا عند حدود‬

‫)‪(19 /‬‬

‫ما يقدم لهم جاهزا ً بل يسعوا لتوظيف خبرات الخرين بالطريقة المناسبة‪،‬‬
‫وحين يكون المربون غير قادرين على ذلك فهذا يعني الشك في تأهلهم‬
‫وقدرتهم على التربية ابتداًء‪ .‬لذا نقدم هذه الوصايا التي نأمل أن يستفيد منها‬
‫المربون في العتناء بالنجباء والموهوبين‪ - 1 :‬الحرص على التعرف عليهم‬
‫واكتشافهم ابتداء‪ ،‬وإن كانت الختبارات والمقاييس العلمية قد ل تتيسر في‬
‫ذلك‪ ،‬إل أنه يمكن أن ُتستخدم الوسائل التية التي قد تعد مؤشرات قوية‪ :‬أ ‪-‬‬
‫الملحظة المباشرة‪ ،‬وتفتقر إلى خبرة المعلم وقدرته على التقويم‪ .‬ب ‪-‬‬
‫تطوير طرق التدريس وأساليبه‪ ،‬والبعد عن الطريقة التي تعتمد على اللقاء‪،‬‬
‫والحرص قدر المكان على زيادة تفاعل الطلب ومشاركتهم‪ .‬مع ملحظة أن‬
‫المشاركة المطلوبة هنا ليست ما يفعله كثير من المعلمين من خلل طرح‬
‫أسئلة في ثنايا الدرس عما سبق أن قدمه لهم‪ ،‬فهذه تقيس التذكر‬
‫والستدعاء‪ ،‬إنما ينبغي أن تكون المشاركة في التعرف على المشكلت‪،‬‬
‫والوصول إلى النتائج‪ ،‬مع العتناء بالمستويات المتقدمة من التفكير‪ .‬ج ‪-‬‬
‫تطوير أساليب التقويم لتقيس كافة مستويات التحصيل ول تكون مقتصرة‬
‫على التذكر والستدعاء وحده‪ .‬د ‪ -‬تطوير البرامج والنشطة‪ ،‬والبعد عن‬
‫الساليب والنماط التقليدية الجامدة‪ .‬هـ ‪ -‬تنظيم المسابقات والمنافسات‬
‫والبرامج المنوعة التي تسهم في اكتشاف الطاقات والخبرات‪ ،‬مع مراعاة أن‬
‫تصاغ بطرق تخدم في التعرف على الموهوبين والنجباء‪ ،‬دون أن تكون‬
‫مركزة على اكتشاف المعلومات والمهارات السابقة لدى الطلب‪ .‬و‪-‬‬
‫الستعانة بالنتائج الدراسية‪ ،‬مع الحذر من العتماد عليها وحدها‪ ،‬فهي تعد‬
‫مؤشرا ً من المؤشرات‪ - 2 .‬الحرص على إصلحهم وهدايتهم‪ ،‬فهذه هي‬
‫الركيزة الولى للستفادة منهم‪ ،‬وتوظيف قدراتهم في سبيل الخير ونصرة‬
‫الحق‪ - 3 .‬العتناء بتربيتهم وتوجيههم‪ ،‬والحرص على تحقيق النمو المتوازن‬
‫لديهم‪ ،‬ويمكن الستفادة بصورة أو أخرى من وسائل الرعاية التي أشرنا إليها‬
‫قبل قليل‪ ،‬مع ضرورة التوازن وعدم المبالغة في إظهار الهتمام الزائد؛‬
‫فينشأ عن ذلك نتائج عكسية‪ - 4 .‬تطوير البرامج التربوية والرتقاء بها؛ بحيث‬
‫تسهم في تقديم خبرات متنوعة‪ ،‬وتتعامل مع كافة مستويات التحصيل‪ ،‬وعدم‬
‫التركيز على الجانب المعرفي وحده‪ ،‬كما هو الواقع في البرامج التربوية التي‬
‫تقدم اليوم للناشئة)المؤلف بصدد إعداد كتاب يتناول الهداف التربوية في‬
‫مرحلة الشباب ووسائل تحقيقها‪ ،‬لعله أن يقدم بعض(‪ - 5 .‬مراجعة محتوى‬
‫البرامج والنشطة التربوية ووسائلها وأهدافها بحيث تراعي الفروق الفردية‪،‬‬
‫وتضمينها قدرا ً أكبر من المرونة‪ - 6 .‬العتناء باختيار من يولى تربية‬
‫الموهوبين ورعايتهم‪ ،‬فليس كل المعلمين والمربين يجيدون التعامل مع‬
‫الموهوبين ورعايتهم‪ - 7 .‬علج المشكلت المتولدة لديهم‪ ،‬كالعجب والعتداد‬
‫بالنفس‪ ،‬قبل أن تنمو وتستفحل فيصعب علجها‪ .‬ل بد من العتدال‪ :‬إنه ومع‬
‫ضرورة العتناء بالنجباء والموهوبين فل بد من العتدال في ذلك‪ ،‬وأن يوضع‬
‫المر في الطار الطبيعي‪ ،‬بحيث ل يؤدي إلى‪ - 1 :‬إهمال دعوة سائر الناس‬
‫وتربيتهم‪ ،‬فدين الله تعالى جاء خطابا ً للجميع‪ ،‬وليس دينا ً خاصا ً بالنخبة‪- 2 .‬‬
‫العراض عمن أقبل من غير هؤلء وإهماله؛ فقد أنكر الله تبارك وتعالى على‬

‫‪31‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫نبيه محمد صلى الله عليه وسلم إعراضه عن ابن أم مكتوم حين جاء مقبل ً‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ك ل َعَل ّ ُ‬
‫ه‬ ‫ما ي ُد ِْري َ‬ ‫مى‪ .‬وَ َ‬ ‫جاءهُ العْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫س وَت َوَّلى‪ .‬أ ْ‬ ‫وانشغاله بصناديد قريش }عَب َ َ‬
‫ك ألَ‬‫ما عَل َي ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫كى‪ .‬أ َوْ ي َذ ّك ُّر فَت َن ْ َ‬
‫دى‪ .‬وَ َ‬ ‫ص ّ‬ ‫ه تَ َ‬
‫تل ُ‬ ‫َ‬
‫ست َغَْنى‪ .‬فأن ْ َ‬ ‫نا ْ‬ ‫ِ‬ ‫م‬‫ما َ‬ ‫ه الذ ّك َْرى‪ .‬أ ّ‬‫فعَ ُ‬ ‫ي َّز ّ‬
‫ه ت َل َّهى‪َ .‬‬ ‫َ‬ ‫جاء َ‬ ‫َ‬ ‫ي َّز ّ‬
‫ة‪.‬‬‫كل إ ِن َّها ت َذ ْك َِر ٌ‬ ‫ت عَن ْ ُ‬‫شى‪ .‬فَأن ْ َ‬ ‫خ َ‬ ‫سَعى‪ .‬وَهُوَ ي َ ْ‬ ‫ك يَ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬‫ما َ‬ ‫كى‪ .‬وَأ ّ‬
‫ه{‪ - 3 .‬احتقار من سواهم والنظرة إليهم نظرة قاصرة‪ ،‬وقد‬ ‫شاَء ذ َك ََر ُ‬ ‫ن َ‬
‫م ْ‬ ‫فَ َ‬
‫يكون فيهم من هو أزكى وأفضل عند الله تعالى؛ قال صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫"رب أشعث مدفوع بالبواب لو أقسم على الله لبره" )رواه مسلم )‬
‫‪. (2622‬وقال أيضا ً صلى الله عليه وسلم ‪":‬أل أخبركم بأهل الجنة؟ كل‬
‫ضعيف متضعف لو أقسم على الله لبره‪ .‬أل أخبركم بأهل النار؟ كل جواظ‬
‫زنيم متكبر"‪ ) .‬رواه البخاري )‪ (4918‬ومسلم )‪ .(2853‬وأعلى النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم منزلة الضعفاء وشأنهم؛ فقد قال لسعد بن أبي وقاص ‪-‬‬
‫رضي الله عنه‪ -‬حين رأى أن له فضل ً على من دونه‪" :‬هل تنصرون وترزقون‬
‫إل بضعفائكم؟" ) رواه البخاري )‪ ، (2896‬وقال صلى الله عليه وسلم في‬
‫حديث آخر‪" :‬أبغوني ضعفاءكم فإنكم إنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم"‬
‫) رواه أحمد )‪ (21224‬وأبو داود )‪ (2594‬والترمذي )‪ (1702‬والنسائي)‬
‫‪ . (3179‬وقال صلى الله عليه وسلم ‪" :‬طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في‬
‫سبيل الله‪ ،‬أشعث رأسه مغبرة قدماه‪ ،‬إن كان في الحراسة كان في‬
‫الحراسة‪ ،‬وإن كان في الساقة كان في الساقة‪ ،‬إن استأذن لم يؤذن له‪ ،‬وإن‬
‫شفع لم يشفع" )رواه البخاري )‪ .(2887‬بل والصحوة اليوم تحتاج‬

‫)‪(20 /‬‬

‫لطائفة من الصالحين الصادقين الذين ل يأبه لهم الناس‪ ،‬ولو لم يتولوا‬


‫مسؤوليات وأعباء‪ ،‬علها أن تنصر وتوفق بدعائهم وصدقهم مع الله تعالى‪.‬‬
‫نسأل الله تعالى أن يجعلنا هداة مهتدين‪ ،‬وأن يحشرنا في زمرة عباده‬
‫الصالحين‪ ،‬إنه سميع مجيب‪،،،‬‬
‫أخطاء في علج الخطاء‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫يمثل تصحيح الخطأ جانبا مهما من الدوار التي يقوم بها المربي؛ إذ كثيرا ما‬
‫يجد نفسه أمام أخطاء من يربيهم‪ ،‬وقد تكون أخطاًء فردية أو عامة‪ ،‬وقد‬
‫تكون نتاج البيئة المنزلية أو المجتمع الوسع‪ ،‬وقد تكون طارئة أو مزمنة‪ .‬وأيا ً‬
‫كان المر فهي تحتاج إلى مراجعة منهجنا وأساليبنا في التعامل معها‪ ،‬وفي‬
‫هذا المبحث سنتناول بعض الخطاء التي قد نقع فيها في علجنا لخطاء من‬
‫نربيهم‪ - 1 .‬اعتبار تصحيح الخطاء وحده هو منهج التربية‪ :‬يمثل تصحيح‬
‫الخطاء عند بعض المربين المنطلق الوحيد للتربية‪ ،‬وعليه فالتربية عندهم‬
‫تبدأ من تحديد قائمة بالخطاء والملحوظات‪ ،‬ومن ثم ترتيب البرامج‬
‫لتصحيحها وتلفيها‪ ،‬فتمثل الخطاء المنطلق الوحيد في رسم البرامج‪،‬‬
‫والمعيار الوحيد في تحديد نوعية ما يقدم للناس‪ ،‬وتبدو آثار هذا السلوب من‬
‫التفكير في اختيار الموضوعات التي يتحدث فيها لفئة معينة من الناس‪،‬‬
‫فحين يستضاف أحد المتحدثين ُيقترح عليه موضوعات تدور حول الخطاء‬
‫سأل هو عنها لتكون محور حديثه‪.‬‬ ‫والملحوظات الشائعة لدى المخاطبين‪ ،‬أو ي َ ْ‬
‫وهذا السلوب يتولد منه آثار غير محمودة؛ فحين نسلك هذا المسلك فغاية ما‬
‫نحققه إذا نجحنا ‪-‬ولن نحقق النجاح الكامل‪ -‬أن نحافظ على النسان عند‬
‫مستوى محدد‪ .‬وثاني هذه الثار أن تسيطر لغة النقد على حديثنا فتترك هذه‬
‫اللغة أثرها على أولئك الذين لم يعد يطرق سمعهم غيرها‪ ،‬فيعيشون حالة‬

‫‪32‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫من الحباط والشعور بالفشل والنقص على الدوام‪ .‬وفرق بين عطاء هؤلء‪،‬‬
‫وأولئك الذين غرست لديهم الثقة بإمكاناتهم وقدراتهم‪ ،‬ورفعت لهم المنارات‬
‫ليتطلعوا إليها ويسيروا نحوها‪ .‬وثالثة الثافي أن يحصر العطاء في زوايا‬
‫محددة وهي تلك التي تبدو فيها أخطاء واضحة صارخة‪ ،‬أما البناء وتفعيل‬
‫الطاقات وتنمية المواهب فلن يجد له مكانا ً عند هؤلء الذين يسيطر عليهم‬
‫هذا المنطق في التفكير‪ - 2 .‬تجاهل الخطأ حتى يستفحل‪ :‬إن المشكلت‬
‫الكبار ل تولد دفعة واحدة‪ ،‬والنار تنشأ من مستصغر الشرر‪ ،‬لذا فكثير من‬
‫الصفات السيئة في البشر تبدو بذرة صغيرة يسقيها الهمال والتسويف‪،‬‬
‫وُيمدها التجاهل بماء الحياة حتى تنمو وتترعرع لتتجذر في النفس فيصعب‬
‫ضّلون‬‫اقتلعها وزوالها‪ .‬وأعظم شاهد على ذلك ما نراه من أن كثيرا ً ممن ي ِ‬
‫بعد الهدى‪ ،‬وينتكسون بعد الستقامة‪ ،‬كان سبب ذلك أخطاء وأحوال من‬
‫الضعف تدرجت بهم وتركوها حتى تستفحل‪ .‬وكثيرة هي المشكلت والخطاء‬
‫التي نقع فيها نحن‪ ،‬أو يقع فيها من نتولى تربيته‪ ،‬ونهملها ول نعبء بها فل‬
‫تلبث أن تستفحل وتأسرنا لتصبح جزءا ً من سلوكنا‪ .‬وسواء كان الدافع لهمال‬
‫العلج وتأخيره التسويف والعجز والكسل‪ ،‬أو افتراض أن الزمن كفيل بحله‬
‫وتجاوزه‪ ،‬أو المبالغة في مراعاة نفسية المخطئ والخوف على جرح‬
‫مشاعره‪ ،‬سواء كان هذا أو ذاك فالنتيجة ل تعدو واحدة من ثلث‪ :‬أ ‪ -‬أن‬
‫يذوب السلوك السيء في نفس صاحبه ويصبح جزءا ً من شخصيته‪ ،‬فيسعى‬
‫لتبريره والدفاع عنه‪ ،‬واتهام من يلومه بالغلو والتشدد‪ ،‬وما أكثر ما نرى هذه‬
‫الصورة‪ .‬ب‪ -‬أن يستفحل في النفس فيرى صاحبه أنه قد صار صفة ملزمة‬
‫له‪ ،‬وأنه ل يستطيع الخلص منه أو الفكاك‪ ،‬وقد يدعوه ذلك إلى الفراط في‬
‫ركوب النحراف والشطط‪ .‬ج ‪ -‬أن يستفيق بعد فترة‪ ،‬فيلوم أولئك الذين‬
‫تجاهلوا هذا الخطأ‪ ،‬والغلب أن يبالغ في ذلك‪ ،‬وقد يقوده هذا إلى التخلي عن‬
‫بعض الميادين الخيرة‪ - 3 .‬ردة الفعل وعلج الخطأ بخطأ آخر‪ :‬يترك الخطأ‬
‫أثره الواضح عند من يرقبه‪ ،‬وقد تكون مشاعره جياشة فيولد وقوع الخطأ‬
‫لديه أثرا ً قد يغفل فيه عن السلوب المثل في التعامل معه‪ ،‬وهو موقف‬
‫طبعي في النفس النسانية‪ ،‬ولعل من أمثلة ذلك ما وقع لصحاب النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم في حالت عدة‪ .‬ومنها قصة العرابي الذي بال في المسجد‬
‫وهي مشهورة في السنة؛ فعن أبي هريرة ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬قال‪ :‬قام أعرابي‬
‫فبال في المسجد‪ ،‬فتناوله الناس فقال لهم النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪":‬دعوه وهريقوا على بوله سجل ً من ماء أو ذنوبا ً من ماء؛ فإنما بعثتم‬
‫ميسرين ولم تبعثوا معسرين" )رواه البخاري )‪ (220‬ورواه مسلم )‪ (284‬من‬
‫حديث أنس ‪-‬رضي الله عنه‪ .(-‬ومثله حديث أبي أمامة ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬قال‪:‬‬
‫إن فتى شابا ً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬ائذن لي‬
‫بالزنا‪ ،‬فأقبل القوم عليه فزجروه‪ ،‬قالوا‪ :‬مه مه فقال‪":‬ادنه" فدنا منه قريبًا‪،‬‬
‫قال‪ :‬فجلس‪ ،‬قال‪":‬أتحبه لمك ؟"‪ - ...‬إلى أن قال‪:‬فلم يكن بعد ذلك الفتى‬
‫يلتفت إلى شيء )رواه أحمد )‪ .(5/257 (21708‬ففي هذه النصوص نظر‬
‫الصحابة ‪-‬رضوان الله عليهم‪ -‬إلى عظم الخطأ فتعاملوا معه بما يرون أنه‬
‫يليق به‪ ،‬أما النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إلى أمر أبعد‬

‫)‪(21 /‬‬

‫من ذلك‪ ،‬أل وهو أثر ذلك على صاحب الخطأ نفسه)كثير من المتحدثين‬
‫يحتجون بهذه الحاديث وغيرها‪ ،‬ويشددون على الذين يقعون في هذا الخطأ‪،‬‬

‫‪33‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ويغفلون عن أن(‪ .‬وحين نطالب المربي بأن يكون متزنا ً في تعامله مع‬
‫الخطاء فهذا ل يعني أن نطالبه بالعصمة وبإلغاء مشاعره‪ ،‬لكن بالجتهاد قدر‬
‫المكان‪ .‬هذه حالة‪ ،‬وثمة حالة أخرى قد ل يكون المربي أمام خطأ معين‬
‫مباشر يريد علجه‪ ،‬بل أمام قصور أو ثغرة ل تتمثل في موقف محدد فهنا‬
‫يكون عذره أقل من الصورة السابقة إن هو لم يتحكم بردة فعله‪ .‬إن ردة‬
‫الفعل قد ينشأ منها تضخيم الخطأ وربما إشعار صاحبه باليأس‪ ،‬أو قد ينشأ‬
‫عنها غلو وشطط على النفس‪ ،‬أو قد ينشأ عنها خطأ آخر في الطرف‬
‫المقابل‪ .‬فقد يكتشف النسان خطأ ً في نفسه وحينئذ ٍ يدعوه الحماس إلى‬
‫تصحيحه فيتعامل مع نفسه بردة فعل غير متزنة؛ فعلى سبيل المثال‪ :‬حين‬
‫يكتشف المرء أنه مقصر في طلب العلم الشرعي‪ ،‬ويرى أن أقرانه قد فاقوه‬
‫وسبقوه سبقا ً بعيدًا‪ ،‬فيسعى إلى تصحيح هذا الخطأ ويرسم لنفسه برنامجا ً‬
‫طموحا ً ل يطيق أن يصبر على بعضه فضل ً عن أن يطيقه كله‪ ،‬وحين يبدأ‬
‫التنفيذ ويخوض الميدان يصطدم بالواقع ويرى أن ثمة مسافة هائلة بين‬
‫المثال والواقع؛ ثمة مسافة بين تلك الصورة التي رسمها لنفسه وكان يتطلع‬
‫إليها وبين ما يمكن أن يصل إليه من قدر من التصحيح‪ ،‬وحين يصل إلى هذا‬
‫الحال فإنه في الغلب ل يعود إلى التوازن مرة أخرى‪ ،‬وقد يدعوه ذلك إلى‬
‫إهمال واجبات وحقوق أخرى‪ ،‬وما أكثر ما نقع في هذا‪ .‬بل المر يتعدى ذلك‬
‫ل؛ فكم نرى من مناهج‬ ‫حين تكون ردة الفعل مسؤولة عن رسم المناهج أص ً‬
‫للتغيير يراهن أصحابها عليها ويرون أنه ل منهج لتغيير المة إل هذا‪ ،‬وأي امرئ‬
‫يسلك غير هذا الطريق بل أي امرئ ل يتطرف هذا التطرف الذي يتطرف‬
‫فيه أصحابه فهو ل يملك التأهل لنقاذ المة والتغيير‪ .‬وحين تتأمل في هذا‬
‫المنهج كله تراه ل يعدو أن يكون ردة فعل تجاه خطأ آخر‪ ،‬بل لو تأملت‬
‫الواقع ووضعت أمامك قائمة من مناهج التغيير المطروحة في الساحة لرأيت‬
‫أن عددا ً منها ل يعدو أن يكون ردة فعل لعلج خطأ في مناهج أخرى‪- 4 .‬‬
‫الفراط في العقوبة‪ :‬النفس البشرية تعتريها حالت من الضعف والقصور‪،‬‬
‫ويقعد بها الهوى وتستجيب أحيانا ً لداعي الشهوة على حساب أحكام الشرع‬
‫ومنطق العقل‪ ،‬ومن ثم احتاجت إلى أن يؤخذ بزمامها‪ ،‬وأن تسلك معها‬
‫وسائل متنوعة؛ إذ القناع وحده ل يكفي في حمل النفوس على المتثال‪.‬‬
‫ومن ثم جاء الشرع بمبدأ العقوبة لتكون رادعا ً عن وقوع النفوس في‬
‫المحظورات وتقصيرها في المأمورات‪ ،‬وتنوعت العقوبات بين العقوبات‬
‫الدنيوية التي يراها الناس حاضرة والخروية التي ُتدخر لهم في البرزخ‬
‫والقيامة ‪-‬عافانا الله وحمانا‪ -‬وبين العقوبات الكونية التي تصيب الناس في‬
‫أموالهم وأولدهم وأمنهم‪ ،‬والعقوبات الشرعية التي ُأمر الناس أن يوقعوها‬
‫على من أصاب ما يستوجب ذلك كالحدود والتعزيرات‪ .‬وكما أن إهمال‬
‫العقوبات وتعطيلها مخالف لمر الله‪ ،‬فالفراط فيها ووضعها في غير موضعها‬
‫هو الخر مخالف لمر الله تعالى‪ ،‬ومؤد ٍ لتعطل مقاصد العقوبة وفواتها‪ .‬لذا‬
‫نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أن ُيتجاوز في العقوبة ‪ -‬فيما ل معصية‬
‫فيه‪ -‬عشرة أسواط‪ ،‬فقال‪":‬ل يجلد فوق عشر جلدات إل في حد من حدود‬
‫الله" )رواه البخاري )‪ (6848‬ومسلم )‪ ، (1708‬والمقصود بحدود الله على‬
‫الصحيح المخالفات الشرعية‪ ،‬كما قال تعالى } تلك حدود الله فل تعتدوها{‬
‫وكما قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الخر ‪":‬مثل القائم على حدود‬
‫الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلها‬
‫وبعضهم أسفلها…" )رواه البخاري )‪ .(2493‬وحين يفرط المربي في العقوبة‬
‫ينقلب المر إلى تأثير مضاد‪ ،‬فيدفع المتربي شعوره بأنه مظلوم إلى الصرار‬

‫‪34‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫على الخطأ وتبريره‪ ،‬وينشغل بالعقوبة التي وجهت له عن العتناء بإصلح‬


‫الخطأ‪ ،‬وكثيرا ً ما يصر عليه ويتشبث به‪ ،‬ويكره الحق وأهله‪ .‬كما ينشأ عن‬
‫ذلك أيضا ً أن تنمو لديه مشاعر الكراهية والبغض لمن عاقبه‪ ،‬وكثيرا ً ما نرى‬
‫بعض البناء يكرهون آباءهم أو معلميهم بل ربما يتمنون هلكهم‪ ،‬والسبب في‬
‫ذلك ما يلقونه منهم من إفراط في العقوبة‪ .‬ول شك أن ترسخ هذه النظرة‬
‫لديه تجاه معلمه أو والده تقف عائقا ً كبيرا ً أمام تقبله للتوجيه والتربية‪- 5 .‬‬
‫المثالية‪ :‬حين يعيش المرء في ميدان التنظير يحلق في أجواء الخيال‪ ،‬ويرسم‬
‫صورا ً مثالية يصعب أو يستحيل تحققها‪ .‬وهو أسلوب قد يمارسه المرء مع‬
‫نفسه‪ ،‬فيرسم لها أهدافا ً وبرامج وخططا ً طموحة‪ ،‬ومن ثم يصطدم بجدار‬
‫الواقع فيرى أنه عاجز عن تحقيق جزء يسير مما رسمه لنفسه‪ .‬وقد يمارسه‬
‫المرء مع من يربيه‪ ،‬فالم كثيرا ً ما تعاتب طفلها وربما تعاقبه على أخطاء ل‬
‫ل؛ فحين يعبث ببعض أثاث المنزل‪ ،‬أو يعمد إلى آنية‬ ‫بد أن يقع فيها مادام طف ً‬
‫فيكسرها‪ ،‬أو يسيء إلى أحد إخوانه الصغار تعاتبه وتعاقبه‪ ،‬وربما كانت‬
‫العقوبة شديدة‪ ،‬إنها تطلب منه أن يكون منضبطا ً‬

‫)‪(22 /‬‬

‫مثاليا ً فل يسيء إلى إخوانه الصغار ول يعبث بالتراب ول يعبث بالثاث ول‬
‫يرفع صوتا ً ول يبكي‪ .‬والستاذ قد يرسم صورة مثالية للطالب؛ فيرى أنه ذاك‬
‫الطالب الذي يلتزم بالدب التام فل يسيء الدب مع أستاذه في استئذانه‬
‫وحديثه وتعامله‪ ،‬ول يسيء الدب مع زملئه‪ ،‬ول يمكن أن يتأخر عن أداء‬
‫الواجب يوما ً من اليام‪ ،‬ول بد أن يفهم ما يلقى عليه فهما ً سليمًا‪ ،‬ول يسوغ‬
‫له أن ينشغل عن الدرس‪ ،‬ول أن يلهو‪ ،‬ول أن يتأخر عن الحضور إلى الفصل‪،‬‬
‫ول أن يتغيب…إلخ هذه القائمة التي ربما عجز الستاذ نفسه حين كان طالبا ً‬
‫عن استجماعها وتحقيقها‪ .‬إننا حين نرسم للناس صورة مثالية سوف‬
‫نحاسبهم على ضوئها‪ ،‬فنرى أن النقص عنها يعد قصورا ً في تربيتهم‪ ،‬فتأخذ‬
‫مساحة الخطاء أكثر من مداها الطبيعي الواقعي‪ .‬وقد أخبر صلى الله عليه‬
‫وسلم أصحابه أنهم لن يصلوا إلى منزلة ل يواقعون فيها ذنبًا‪ ،‬فقال‪":‬والذي‬
‫نفسي بيده لو لم تذنبوا لذهب الله بكم‪ ،‬ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله‬
‫فيغفر لهم" )رواه مسلم )‪ .(2749‬وحين حضرت أبا أيوب النصاري ‪-‬رضي‬
‫الله عنه‪ -‬الوفاة قال‪ :‬كنت كتمت عنكم شيئا ً سمعته من رسول الله؛ سمعت‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول‪":‬لول أنكم تذنبون لخلق الله خلقا ً‬
‫يذنبون يغفر لهم" )رواه مسلم )‪ (2748‬والترمذي )‪ .(3539‬وقد قال أيضا ً‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪":‬كل ابن آدم خطاء وخير الخطاءين التوابون" )رواه‬
‫الترمذي )‪ (2499‬وابن ماجه )‪ (4251‬وأحمد )‪ .(.3/199(12637‬إن‬
‫الواقعية في التفكير‪ ،‬وإدراك الطبيعة البشرية‪ ،‬والهدوء في الدراسة‬
‫والمراجعة‪ ،‬والخبرة المتراكمة؛ كل ذلك يسهم إلى حد كبير في القتراب من‬
‫الواقعية والبعد عن المثالية المجنحة في الخيال‪ - 6 .‬الفراط في الواقعية‪:‬‬
‫وهو خطأ في الطرف المقابل للخطأ السابق‪ ،‬فينطلق صاحبه من نظرته‬
‫لبشرية الناس وامتناع عصمتهم إلى تبرير الخطاء والدفاع عنها بحجة‬
‫الواقعية‪ ،‬وهي نظرة تنعكس أيضا ً على أهداف المرء وبرامجه فتصبغها‬
‫بصبغة التخاذل ودنو الهمة والطموح‪ .‬وتسهم هذه النظرة في تكريس‬
‫الخطاء وإعطائها صفة المشروعية‪ ،‬ولعل من أصدق المثلة على ذلك ما‬
‫اعتدناه من الفوضى في مواعيدنا وأوقاتنا‪ ،‬حتى أصبح النضباط شذوذًا‪،‬‬

‫‪35‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وصار يقال إن في بني فلن رجل ً منضبطا ً في مواعيده وأوقاته‪ .‬فالمثالية في‬
‫التعامل مع هذه القضية تتمثل في التشدد في الدقائق فل يقبل المرء عذر‬
‫من تأخر عن موعده ولو لدقائق قليلة‪ ،‬والواقعية المفرطة تتمثل في‬
‫التساهل بما هو أكثر من ذلك وهو الغلب‪ ،‬وحين يراد تحديد الموعد تترك‬
‫هذه الروح الفوضوية أثرها في تفكيرنا فنضيف ساعة أو نحوا ً من ذلك‬
‫احتياطًا‪ - 7 .‬إهمال البعد الزمني في تصحيح الخطأ‪ :‬لقد خلق الله النسان‬
‫من عجل فهو يستعجل النتائج والثمرات بطبعه‪ ،‬ويريد أن يحقق في ساعات‬
‫ما ل يتم إل في أيام‪ ،‬وحين يضاف إلى ذلك حرصه على بلوغ الغاية وحماسه‬
‫لها يزداد المر عجلة‪ .‬إن إهمال البعد الزمني في التفكير مرض ورثه بعض‬
‫الدعاة والخيرين من عقلية المجتمعات السلمية التي ل تفكر إل فيما تزرعه‬
‫اليوم وتحصده في الغد وتأكله في اليوم الثالث‪ .‬فهل يمكن أن تعالج الخطاء‬
‫التربوية المتراكمة ‪-‬التي أصحبت تشكل جزءا ً من كيان الشخص وتربيته‪،‬‬
‫وترسبت لديه من خلل مؤثرات عدة‪ -‬في أيام قصيرة‪ ،‬أو من خلل توجيهات‬
‫بخطأ هذا السلوك‪ ،‬ووجوب نهج السلوك الخر؟ والمر أكثر وأشد تعقيدا ً حين‬
‫ننظر إلى جيل الصحوة أجمع‪ ،‬فعمره ل يزال قصيرًا‪ ،‬وهذا الجيل المتوافد‬
‫على الخير والهداية نتاج تربية آباء وتربية أمهات وتربية مؤسسات تربوية‬
‫عامه؛ إنه إفراز لمجتمع يعيشه‪ ،‬فمسؤولية واقعه التربوي ليست قاصرة على‬
‫الصحوة ذاتها‪ .‬وحين نسعى إلى تصحيح الخطاء في هذا الجيل‪ ،‬وإلى تحقيق‬
‫قدر من النضج فل بد أن نعطيه المدى الزمني الذي يمكن أن يؤهله لحل‬
‫هذه المشكلة إذا أردنا أن نكون واقعيين‪ - 8 .‬إحراج الواقع في الخطأ‪ :‬إنه‬
‫ليس من أهداف تصحيح الخطأ إصدار حكم بإدانة صاحبه وإثبات التهمة في‬
‫حقه‪ ،‬لذا فالجدل الطويل حول إثبات التهمة‪ ،‬أو السعي للتصريح بالعتراف‬
‫بالتقصير والوقوع في الخطأ أمر ل مبرر له‪ .‬وحين يأخذ المربي في حسبانه‬
‫مراعاة مشاعر الناس وعواطفهم‪ ،‬ويكون همه منصبا ً على الصلح والتغيير‬
‫فلن يسعى لحراج صاحبه‪ ،‬ولقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى‬
‫مراعاة هذا الجانب‪ .‬عن أبي هريرة ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬قال سمعت النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم يقول‪":‬إذا زنت أمة أحدكم فتبين زناها فليجلدها الحد ول‬
‫يثرب عليها‪ ،‬ثم إن زنت فليجلدها الحد ول يثرب‪ ،‬ثم إن زنت الثالثة فتبين‬
‫زناها فليبعها ولو بحبل من شعر" )رواه البخاري )‪ (2234‬ومسلم )‪.(1703‬‬
‫فمع أن هذه المة قد وقعت في ذنب عظيم وخطيئة كبيرة‪ ،‬إل أن إقامة الحد‬
‫كانت كافية في زجرها فل ينبغي المبالغة والتثريب عليها‪ .‬وقد طبق النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم هذا الهدي في سنته العملية؛ فعن أبي هريرة ‪-‬رضي‬
‫الله عنه‪ -‬قال‪ :‬أتي النبي صلى الله‬

‫)‪(23 /‬‬

‫عليه وسلم برجل قد شرب قال‪":‬اضربوه" قال أبو هريرة‪ :‬فمنا الضارب بيده‬
‫والضارب بنعله والضارب بثوبه‪ ،‬فلما انصرف قال بعض القوم‪ :‬أخزاك الله‪،‬‬
‫قال‪":‬ل تقولوا هكذا؛ ل تعينوا عليه الشيطان" )رواه البخاري )‪ .(6777‬وقد‬
‫ينشأ الحراج نتيجة الصرار على الدانة وانتزاع العتراف بالخطأ‪ ،‬أو نتيجة‬
‫المواجهة المباشرة‪ ،‬أو نتيجة اللوم والتأنيب والغلظ في الحديث‪- 9 .‬‬
‫المبالغة في تصوير الخطأ‪ :‬إن العتدال سنة الله في الكون أجمع‪ ،‬وحين يقع‬
‫الخطأ فليس ذلك مبررا ً للمبالغة في تصوير حجمه والحديث عنه‪ .‬إن تحويل‬
‫الحادثة إلى ظاهرة‪ ،‬والمشكلت الفردية إلى قضايا عامة‪ ،‬وربط المشكلت‬

‫‪36‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المعقدة بقضية محددة؛ كل ذلك إفراز للمبالغة في التعامل مع الخطاء‬


‫وتجنب العتدال‪ ،‬وما أكثر ما نسمع أمثلة صارخة تثير الستغراب حين‬
‫الحديث عن ظاهرة من الظواهر‪ ،‬وكون هذه المثلة تملك قدرا ً من الغرابة‬
‫أعظم دليل على شذوذها وأنها مما ل يقاس عليه‪ .‬وحتى في الحديث عن‬
‫المعاصي والمخالفات الشرعية ‪-‬فما لم يقد المر إلى الستهانة بحدود الله‪-‬‬
‫ل يجوز تحويل الشبهة إلى أمر مقطوع بتحريمه‪ ،‬واللمم والصغيرة إلى موبقة‬
‫من الموبقات‪ - 10 .‬الحتفاظ بصورة سلبية عن المخطئ‪ :‬يتطلع كثير ممن‬
‫يقع في الخطأ ويلومه الناس على ذلك أن يثبت لهم أنه قد تجاوزه‪ ،‬وأن يغير‬
‫هؤلء النظرة السلبية التي ارتسمت لديهم تجاهه‪ .‬لذا فقد كان النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم يرعى هذا الجانب فهو يعتني صلى الله عليه وسلم ببيان‬
‫الخطأ لمن يقع فيه حين يقتضي الموقف البيان‪ ،‬لكنه ل يتحول إلى نظرة‬
‫ثابتة ترسخ الشعور بالفشل والحباط لدى الواقع في الخطأ‪ ،‬أو تؤدي به إلى‬
‫الشعور بأن هذا الخطأ أصبح أمرا ً ملزما ً له ل يفارقه‪ .‬عن أنس رضي الله‬
‫عنه أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها ولم يجامعوهن في‬
‫البيوت فسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم فأنزل الله تعالى } ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا‬
‫النساء في المحيض‪ {..‬إلى آخر الية فقال رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪":‬اصنعوا كل شيء إل النكاح" فبلغ ذلك اليهود فقالوا‪ :‬مايريد هذا‬
‫الرجل أن يدع من أمرنا شيئا ً إل خالفنا فيه؛ فجاء أسيد بن حضير وعباد بن‬
‫بشر فقال‪ :‬يا رسول الله‪ ،‬إن اليهود تقول كذا وكذا فل نجامعهن؟ فتغير وجه‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ظننا أن قد وجد عليهما‪ ،‬فخرجا‬
‫فاستقبلهما هدية من لبن إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل في آثارهما‬
‫فسقاهما فعرفا أن لم يجد عليهما )رواه مسلم )‪ .(302‬وحتى حين يقتضي‬
‫الخطأ الغلظ على صاحبه والتشديد عليه‪ ،‬فإنه ل يبقى ملحقا ً له في كل‬
‫موقف‪ ،‬كما حصل مع أسامة بن زيد ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬في موقف يرويه هو‬
‫فيقول‪ :‬بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة فصبحنا القوم‬
‫فهزمناهم‪ ،‬ولحقت أنا ورجل من النصار رجل ً منهم فلما غشيناه قال‪ :‬ل إله‬
‫إل الله‪ ،‬فكف النصاري فطعنته برمحي حتى قتلته فلما قدمنا بلغ النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم فقال‪":‬يا أسامة أقتلته بعد ما قال‪ :‬ل إله إل الله؟" قلت‪ :‬كان‬
‫متعوذًا‪ ،‬فما زال يكررها حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم‬
‫مره صلى الله عليه‬ ‫)رواه البخاري )‪ (4269‬ومسلم )‪ .(96‬وبعد هذه الواقعة أ ّ‬
‫وسلم على جيش أكبر من ذلك‪ ،‬أل وهو الجيش الذي سيغزو الروم وشعر‬
‫بعض الناس أن هذه المهمة ربما ينوء بها أسامة ‪-‬رضي الله عنه‪ ،-‬وأنه لو‬
‫ولي غيره كان أولى فبين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لهم؛ فعن ابن‬
‫عمر ‪-‬رضي الله عنهما‪ -‬أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث بعثا ً وأمر‬
‫عليهم أسامة بن زيد‪ ،‬فطعن الناس في إمارته‪ ،‬فقام رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم فقال‪":‬إن تطعنوا في إمارته فقد كنتم تطعنون في إمارة أبيه من‬
‫قبل‪ ،‬وايم الله إن كان لخليقا ً للمارة‪ ،‬وإن كان لمن أحب الناس إلي وإن هذا‬
‫لمن أحب الناس إلي بعده" )رواه البخاري )‪ (4469‬ومسلم )‪ .(2426‬لقد‬
‫أعطى هذا الموقف أسامة ‪-‬رضي الله عنه‪ -‬وغيره الشعور بأن النسان يمكن‬
‫أن يتجاوز الخطأ‪ ،‬وليس بالضرورة يبقى علما ً عليه ل يفارقه‪ .‬لذا فإن ما‬
‫يمارسه بعض الباء من تكرار تذكير أبنائهم بأخطائهم أمر مخالف لهدي النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم ومنهجه في التربية‪ - 11 .‬القتصار على السلوب‬
‫المباشر وحده‪ :‬وذلك بالحديث المباشر الصريح أن هذا المر المعين خطأ‪،‬‬

‫‪37‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وأن الشخص الذي قام بذلك العمل قد أخطأ‪ .‬وثمة أخطاء تستوجب الحديث‬
‫الصريح المباشر عنها‪ ،‬وثمة حالت ل يسوغ أن يتجاوز وصفها والحديث عنها‬
‫هذه الكلمات أو مشتقاتها أو ما ينوب عنها‪ ،‬لكن ذلك ل يعني العتماد على‬
‫هذا السلوب وحده‪ .‬ومن تأمل المنهج النبوي وجد أن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم كان يعطي كل ذي حق حقه؛ فتارة يتحدث عن الخطأ حديثا ً صريحا ً‬
‫دون مواربة‪ ،‬وتارة يوميء ويشير إليه‪ ،‬ومن هذه المواقف التي كان صلى‬
‫الله عليه وسلم يستخدم فيها هذا السلوب‪ :‬عن عائشة زوج النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم قالت‪ :‬كان‬

‫)‪(24 /‬‬

‫الناس ينتابون يوم الجمعة من منازلهم والعوالي‪ ،‬فيأتون في الغبار يصيبهم‬


‫الغبار والعرق‪ ،‬فيخرج منهم العرق فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫إنسان منهم وهو عندي فقال النبي صلى الله عليه وسلم‪":‬لو أنكم تطهرتم‬
‫ليومكم هذا" )رواه البخاري )‪ (902‬ومسلم )‪ .(847‬وعن ميمونة بنت‬
‫الحارث ‪-‬رضي الله عنها‪ -‬أنها أعتقت وليدة ولم تستأذن النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم‪ ،‬فلما كان يومها الذي يدور عليها فيه قالت‪ :‬أشعرت يا رسول الله أني‬
‫أعتقت وليدتي؟ قال‪":‬أوفعلت؟" قالت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪" :‬أما إنك لو أعطيتها‬
‫أخوالك كان أعظم لجرك" )رواه البخاري )‪ (2592‬ومسلم )‪ .(999‬وحين‬
‫رأى ابن عمر ‪-‬رضي الله عنهما‪ -‬رؤيا وقصها على حفصة فقصتها حفصة على‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم قال‪":‬نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من‬
‫الليل" )رواه البخاري )‪ (1122‬ومسلم )‪ .(2479‬وعن سليمان بن صرد‬
‫‪-‬رضي الله عنه‪ -‬قال استب رجلن عند النبي صلى الله عليه وسلم ونحن‬
‫عنده جلوس وأحدهما يسب صاحبه مغضبا ً قد احمر وجهه‪ ،‬فقال النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم‪":‬إني لعلم كلمة لو قالها لذهب عنه ما يجد‪ ،‬لو قال‪ :‬أعوذ‬
‫بالله من الشيطان الرجيم" ) رواه البخاري )‪ (6115‬ومسلم )‪ .(2610‬إن‬
‫مثل هذه الساليب غير المباشرة تترك أثرها في النفس‪ ،‬فهي توصل‬
‫الرسالة التي يريدها المربي‪ ،‬وتنقذ المواجه بالخطأ من الحرج والخجل‪،‬‬
‫وتشعره بحسن الخلق والتقدير والتوقير‪ ،‬إنه أسلوب الكرام العظام‪ .‬نسأل‬
‫الله عز وجل أن يقينا شر أنفسنا‪ ،‬وأن يرينا الحق حقا ً ويرزقنا اتباعه‪،‬‬
‫والباطل باطل ً ويرزقنا اجتنابه‪ ،‬إنه سميع مجيب وصلى الله وسلم على نبينا‬
‫محمد وآله وصحبه‪،،،‬‬
‫فصول الكتاب‬
‫المقدمة‬
‫صفات المربي‬
‫افتقار العمل التربوي للضوابط الشرعية‬
‫النجباء والموهوبون‬
‫أخطاء في علج الخطاء‬

‫)‪(25 /‬‬

‫مقالت في الصحوة‬
‫حسين بن سعيد الحسنية‬
‫>‪TD/‬‬

‫‪38‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الحمد لله رب العالمين ‪ ,‬والصلة والسلم على أفضل النبياء والمرسلين‬


‫سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسّلم أجمعين وبعد‪:‬‬
‫أول ‪ /‬سبب ظهور الصحوة ‪:‬‬
‫لشك أن الصحوة السلمية بكامل جوانبها ‪ ,‬وطرق تعزيزها ‪ ,‬وتناميها‬
‫الملحوظ والمعلن عنه في الوساط الشعبية والحكومية ل شك أنها عامل ً‬
‫مهما في مسيرة هذا الدين الخالد ‪ ,‬واستطاعت أن تؤثر في سير بعض‬
‫قرارات الحكومات والنظم السياسية ‪ ,‬وأصبحت عند البعض والذين ل هم‬
‫لهم سوى انهيار الكيان السلمي كابوسا ً مخيفا ً على كل الصعدة ‪ ,‬وأصبحت‬
‫عند البعض الخر عامل ً مهما ً لشعال الفتن وتأجيج نار الحروب الهلية ‪ ,‬وبث‬
‫روح التعنصر والتحزب وأكثر أصحاب هذا الطريق هم الذين يصطادون في‬
‫الماء العكر ‪ ,‬إل أنها عند علماء المسلمين والدعاة وطلبة العلم والكثير من‬
‫المسلمين والذين ينتظرون عودة السلم بكامل حضوره وعزه ومجده سلحا ً‬
‫فتاكا ً ضد أهل النفاق والستعمار والعلمنه وحل ً مناسبا ً مع ما يشوبها من‬
‫أخطاء وتجاوزات في أن يسمع العالم صوت السلم ‪ ,‬وأن يدرك معنى‬
‫سموه وعلوه على غيره من الديان ‪ ,‬ولعل ذلك يجرني لن أذكر أهم سبب‬
‫في ظهور ما يسمى بالصحوة وهو أن المتأمل في تاريخ هذه المة منذ بزوغ‬
‫فجرها من بين جبال مكة وحتى أصبح الن من الصين إلى الصين هو‬
‫انسحاب أصحابه من ميادين الحياة ومن ثم تقديم التنازلت عن قيادة‬
‫العالم ‪ ,‬وإمامة المم ‪ ,‬وأيضا ً تكالب العداء عليه وتماشي أهله مع الفكر‬
‫الغربي باسم الحرية والديمقراطية وتقارب الديان ‪ ,‬وتفريطهم في الدين‬
‫والدنيا ‪ ,‬وجنايتهم على أنفسهم وبني نوعهم ‪ ,‬واتخاذهم القرآن مهجورا ً ‪,‬‬
‫وافتتانهم بالمال وشغفهم بجمعه وادخاره ‪ .‬فأصبحت أي )الصحوة( نورا ً يطلع‬
‫من بين دياجير الظلم ‪ ,‬وفرجا ً من بين أحلك الكروب ‪ ,‬ويسرا ً بعد عس ٍ‬
‫ر‬
‫طالما شكت المة منه فمن فتنة الخوارج وحتى حرب المغول إلى الحروب‬
‫الصليبية إلى تمزيق التتار للمبراطورية السلمية الخيرة إلى تفشي الفكار‬
‫الشيوعية والرأسمالية إلى ظهور العلمانية وتبجح أهلها بقولهم ) مال الله لله‬
‫ومال قيصر لقيصر( ‪ ,‬وحتى بغي أمريكا وتكبرها وقولها ) من أشد منا قوة (‬
‫إضافة إلى ما تخللها من مصائب وأزمات في هذا العالم ‪ ,‬وسم يراق في فم‬
‫هذه المة والتي ما إن تشفى منه حتى يراق في فمها سم آخر كل هذه‬
‫الحقائق نورت الكثير من العقول وأنارت الكثير من الدروب المظلمة والتي‬
‫طالما عاشت القهر والستبداد والحتلل مما دفعا البحث عن منقذ يقول‬
‫الندوي رحمه الله " ول يغيب عن البال أن الدين لم يزل طول هذه المدة حيا ً‬
‫محفوظا ً من التحريف والتبديل ‪ ,‬ولم يزل عاليا ً وضوءه مشرق )) يهدي به‬
‫الله من اتبع رضوانه سبل السلم ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه‬
‫ويهديهم إلى صراط مستقيم (( المائدة)‪ (16‬ولم يزل الكتاب والسنة يبعثان‬
‫في نفوس القراء ثورة على الشك والبدع ‪ ,‬وعلى الجهالة والضللة ‪ ,‬وثورة‬
‫على أخلق الجاهلية وعوائدها ‪ ,‬وثورة على ترف المترفين واستبداد الملوك ‪,‬‬
‫ولم يزل ينهض بتأثيرهما في كل دور من أدوار التاريخ السلمي ‪ ,‬وفي كل‬
‫ناحية من نواحي العالم السلمي رجال يقومون في هذه المة على طريقة‬
‫ددون لها أمر دينها ‪ ,‬وينفخون فيها روح الجهاد ‪ ,‬ويفتحون لها باب‬ ‫النبياء ‪ ,‬يج ّ‬
‫الجتهاد ‪ ,‬ويسعون لقامة حكومة إسلمية على منهاج الخلفة الراشدة ‪,‬‬
‫فمنهم من استشهد في هذه السبيل ‪ ,‬ومنهم من استطاع أن يمثل دورا ً‬
‫قصيرا ً يذكر بالخلفة الراشدة )) من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله‬
‫عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديل(( الحزاب)‬

‫‪39‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪ , (23‬وهم مصداق الحديث ‪":‬ل تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق ل‬
‫يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك " رواه مسلم ‪ ,‬فتاريخ‬
‫الجهاد والتجديد في السلم متصل ل تقطعه فترة ‪ ,‬ومشاعل الصلح‬
‫متسلسلة بعضها من بعض لم تطفئها العواصف" ‪ .‬أنظر ماذا خسر العالم‬
‫بانحطاط المسلمين ص ‪. 150‬‬
‫ثانيًا‪ /‬تاريخ الصحوة الحديثة‪:‬ـــ‬
‫لقد تحدثت في المقالة الولى وقلت إن الصحوة السلمية كان لنشوئها‬
‫سبب مهم إل وهو معاناة المة السلمية من الويلت والزمات التي تعاقبت‬
‫عليها ذلك ومن وجهة نظر خاصة أن الصحوة كما قال مهدي العطار ) هي‬
‫الظاهرة الجتماعية التي تعني عودة الوعي للمة وإحساسها بذاتها واعتزازها‬
‫بدينها وكرامتها واستغللها السياسي والقتصادي والفكري وسعيها للنهوض‬
‫بدورها الطبيعي في بناء حضارة النسان باعتبارها خير أمة أخرجت للناس (‬
‫أ‪.‬هـ ‪ ,‬ومن وجهة نظر خاصة أخرى أرى أن هذا التعريف هو لكل صحوة‬
‫إسلمية نشئت على المبادئ السلمية الصحيحة ‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫والحديث عن تاريخ الصحوة السلمية فل يخفى على الجميع سبب حضورها‬


‫والمتمثل في استحواذ التغريب والستعمار وطمس الهوية السلمية والعربية‬
‫‪ ,‬وتذويب الثوابت والسس التي قام عليها هذا الدين الحنيف ‪ ,‬إضافة إلى‬
‫انتشار الجهل والطبقية العنصرية والتمذهب الفكري في كثير من المم‬
‫ت صوت المر‬ ‫ف َ‬
‫خ َ‬
‫والجماعات قال الندوي رحمه الله ‪ :‬في هذا الجانب ) َ‬
‫شط دعاة الفساد والهدم والخلعة‬ ‫بالمعروف والنهي عن المنكر ‪ ,‬ون ِ‬
‫والمجون واللحاد والزندقة والحركات الهدامة والستخفاف بالدين وقيمة‬
‫الخلق وأسسها ‪ ".....‬أ‪.‬هـ ‪ ,‬إلى أن جاءت حركة الخوان المسلمين في‬
‫مصر والتي كانت من أقوى وأعمق الحركات تأثيرا ً واكثر إنتاجا من غيرها ‪,‬‬
‫كانت هذه الحركة تشكل أوسع نطاقا ً وأعظم نشاطا ً و اكبر نفوذا ً وأعظم‬
‫تغلغل ً في أحشاء المجتمع ‪ ,‬وأكثر استحواذا ً على النفوس ‪ ,‬ويلخص ا‪.‬د سالم‬
‫نجم ‪ ,‬تاريخها بقوله " كتب الخ الفاضل محمد عمارة عن هذا الموضوع في‬
‫عددين متتالين فقال بدأ تاريخ الصحوة بنداء الشيخ حسن العطار حيث قال‬
‫ـــ إن بلدنا لبد أن تتغير ويتجدد بها من العلوم والمعارف ما ليس فيها ـــ ثم‬
‫جاء تلميذه‬
‫رفاعة الطهطاوي يطالب بالتجديد للذات السلمية بالحياء والمستفادة من‬
‫العلوم الغربية ‪ ,‬ثم جاء جمال الدين الفغاني بمشروع الجامعة السلمية مع‬
‫المام محمد عبده وتولى نشر هذا الفكر المام محمد رشيد رضا في مجلته‬
‫َ‬
‫م أمانة هذه الصحوة إلى الحركات‬ ‫سل َ َ‬
‫الشهيرة )))) المنار (((( الذي أ َ‬
‫والتنظيمات السلمية الحديثة من الفكر إلى الحركة والعمل ‪ ,‬ويستطرد‬
‫الدكتور عمارة قوله لم تقف هذه الصحوة عند حدود‬
‫الفكر والدعوة وإنما سلكت سبيل التنظيم في مشاريع الحزب الوطني‬
‫الحر ‪ ,‬جمعية العروة الوثقى ‪ ,‬جمعية أم القرى في نهاية القرن التاسع‬
‫عشر ‪ ,‬ثم الحزب الوطني بقيادة مصطفى كامل أو انتماءه الوطني‬
‫والسلمي ‪ ,‬ولم تقتصر الصحوة السلمية على الحركات والتنظيمات‬
‫السلمية ‪ ,‬فأوسع وأعرض فصائل الصحوة السلمية هو التيار الشعبي‬
‫المستمسك بالهوية السلمية وفي مقدمات مؤسسة الصحوة السلمية‬

‫‪40‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الزهر الشريف ‪ ......‬أ ــ هـ ‪.‬‬


‫وفي عام ‪ 1935‬م توفي السيد محمد رشيد رضا صاحب )))) المنار ((((‬
‫وتزعزعت مسيرة المجلة ‪ ,‬وانطفأ أحد أسرجت العلم والمعرفة حتى عادت‬
‫في شهر يوليو ‪ 1939‬م وتولى زمام أمور بعد رشيد رضا المام حسن البنا‬
‫وفي ذلك يقول محمد مصطفى المراغي شيخ الزهر في مقدمته لهذا العدد‬
‫بمناسبة عودة المجلة " والن قد علمت أن الستاذ حسن البنا يريد أن يبعث‬
‫))))المنار((( ويعيد سيرتها الولى فسرني هذا ‪ ,‬فإن الستاذ البنا رجل مسلم‬
‫غيور على دينه ‪ ,‬يفهم الوسط الذي يعيش فيه ‪ .....‬أ‪.‬ه ‪.‬‬
‫وإلى يومنا هذا ومنذ ستة وسبعين عاما ولزالت هذه الحركة *صامدة رغم‬
‫المكائد تخرج* وانتشرت في أكثر من ثمانين قطر في كل قارات العالم‬
‫وشكلت خطرا على الغربيين وهذا حق شهدت به العداء أمثال سميث في‬
‫كتابه ) السلم اليوم ( و زوجانوسكي الروسي وغيرهم ‪.‬‬
‫ثالثًا‪)) /‬هل نجحت الصحوة السلمية في استيعاب حاجة الناس وملمسة‬
‫همومهم((‬
‫إن مقصد ظهور الصحوة السلمية هو مقصد إيماني شرعي ل غبار عليه ‪,‬‬
‫وأصحابها في الغالب ل يريدون من إبرازها والعلن عنها إل صلح المجتمع‬
‫وهداية الناس ‪ ,‬لذا أستطيع القول أنها استطاعت بشكل مباشر وغير مباشر‬
‫استيعاب حاجة الناس وملمسة همومهم ‪ ,‬وهذا ل يمنع أن هناك جوانب‬
‫أخرى من نشاطات هذه الصحوة السلمية أو مشاريعها لم تستطع استيعاب‬
‫الحاجات أو ملمسة الهموم ‪ ,‬ولعلي هنا أذكر بعض الجوانب التي استطاعت‬
‫الصحوة السلمية من خللها امتلك قلوب الناس واهتمام الناس بها‬
‫وبأفكارها وهي ‪:‬ــ‬
‫‪ //1‬أن مناهج الصحوة تدور حول الدعوة إلى الله والعمل بسنة محمد عليه‬
‫الصلة والسلم في الوقت الذي كانت فيه المجتمعات المسلمة غارقة في‬
‫ملهي ‪ ,‬واللذائذ المطغية ‪ ,‬والتي أسرت العقل والقلب والبدن حتى‬ ‫النعيم ال ُ‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫أصبح النسان المسلم والعربي بالتحديد إنسانا دنيويا غارق في بحر الشهوات‬
‫القاتلة إلى أن وصل مرحلة الفراغ الروحي والذي ل يستقر ولن يستقر إل‬
‫بكلم اليماني ‪ ,‬ومنهجه السوي ‪ ,‬فجاءت الصحوة فدعت إلى العودة إلى الله‬
‫والعمل بسنة نبيه عليه الصلة والسلم والزهد في الدنيا والعمل للخرة ‪,‬‬
‫والحرص على عمل الصالحات ‪ ,‬والبعد عن الحرام ‪ ,‬فوجد الكثير من الناس‬
‫في ذلك الوقت العصيب ضالتهم وبحثوا عن الستقرار فوجدوه من خلل هذه‬
‫الصحوة ‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫‪ //2‬لقد عانت المجتمعات المسلمة كثيرا ً من ظلم الحكومات المتسلطة ‪,‬‬


‫وقهر أعوان الغرب وأذنابها ‪ ,‬ومما يدل على ذلك تسلط أهل الحداثة على‬
‫مش فيه أهل الدعوة والثقافة‬ ‫منابر الفكر وميادين القلم المر الذي هُ ّ‬
‫السلمية والدب اليماني الجميل من السلميين المحافظين وكان ذلك في‬
‫جر العلماء وطلبهم من القيام‬ ‫السبعينات والثمانينات الميلدية ‪ ,‬وأيضا ً ُ‬
‫ح ِ‬
‫بنشاطاتهم الدعوية والصلحية في مجتمعاتهم ومضايقتهم واتهامهم بالسؤ‬
‫حتى انتهى المر إلى سجنهم وإعدام بعضهم ‪ ,‬فجاءت الصحوة وحددت‬
‫معايير النطلق ‪ ,‬وُأسس المواجهة مع الخر بالطرق الحوارية المباشرة وغير‬
‫المباشرة ‪ ,‬واتجهت بالطرق العلمية وبواسطة علماء الصحوة المثمرين‬

‫‪41‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫والنشيطين إلى السعي وراء الحصول على مساحات إعلمية ‪ ,‬ومنابر توعوية‬
‫‪ ,‬وعلقات عامة تساعد على الوصول إلى كل متلقي سواًء كان المتلقي‬
‫مسؤول أو غير مسؤول ‪ ,‬واستطاعت الصحوة والقائمين عليها من إنشاء‬
‫المراكز السلمية ‪ ,‬وأن تؤلف الكتب العلمية ‪ ,‬وأن تستضيف الفكار الخرى‬
‫لتحليلها ومراجعتها ومن ثم ترد عليها فكسبت الحترام من الخر ‪ ,‬وحصلت‬
‫على ما تريد من خلل هذه الطريقة للوصول إلى الناس وملمسة همومهم ‪,‬‬
‫وقراءة أفكارهم لستجابة طلباتهم ‪.‬‬
‫‪ //3‬اهتمت الصحوة بالجوانب الغاثية والمساعدات النسانية ‪ ,‬ودعت إلى‬
‫الهتمام بالدول الفقيرة المسلمة ‪ ,‬وإيجاد سبل عملية حثيثة لوصول تبرعات‬
‫المجتمعات المسلمة للفقراء والمعوزين في جميع البلد السلمية إضافة إلى‬
‫ما قامت هي من فتح صناديق للتبرعات الخيرية ‪ ,‬ومن إنشاء للمراكز‬
‫الصحية والتعليمية ‪ ,‬وهذا الجانب وإن كان أصحابه ينوون به الجر والنصرة‬
‫إل أنه عامل مهم في استقطاب قلوب الناس ومعايشة واقعهم ‪.‬‬
‫‪ //4‬دعت الصحوة السلمية إلى الجهاد في سبيل الله ‪ ,‬والوقوف في وجه‬
‫المحتل ‪ ,‬والعمل على إنشاء القيادات العسكرية التي بقوتها تقوى المم بعد‬
‫قوة الله تعالى ‪ ,‬وهذا من أهم متطلبات الناس والمة بوجه عام ‪ ,‬خاصة وإن‬
‫كانت قابعة تحت الحتلل والتهديد والستعمار والذل والهوان‬
‫‪ -‬وهناك الكثير من الجوانب الخرى إل أنني وكما أسلفت وقفت على أهمها‬
‫على الطلق ‪.‬‬
‫رابعًا‪)) /‬هل خرجت الصحوة من عباءة العاطفة إلى ميدان البناء الراشد‬
‫للعمل المؤسسي((‬
‫من الطبيعي أن تأسر الصحوة ونشاطاتها قلوب كثير من الناس خاصة إذا‬
‫ظهرت في أوقات الزمات والمتاعب في مسيرة الدعوة إلى الله ‪ ,‬فالناس‬
‫ينتظرون بين كل فترة وأخرى من يجدد أمور دينهم ويوعيهم وينصحهم‬
‫ن كثرت فيه الملذات والشهوات‬ ‫ويبث فيهم الروح السلمية الجميلة في زم ٍ‬
‫وتلطمت أمواج الشبهات بعضها ببعض ‪ ,‬وعملت الصحوة على تحقيق هذا‬
‫الجانب في كثير من مقالت أصحابها ومؤسسيها ومنابرها ‪ ,‬لنهم بهذا‬
‫الجانب كسبوا الكثير من أنصارهم وأتباعهم ‪ ,‬وأرى والله أعلم أن هناك من‬
‫العلماء والدعاة حفظهم الله ل يزالون يأخذون بهذا الجانب ليضمن لهم إتمام‬
‫المسيرة الدعوية ول حرج في بالنظر إلى المقصد فـ)المور بمقاصدها( والله‬
‫أعلم ‪.‬‬
‫وكما أسلفت في مداخلة سابقة أن الصحوة السلمية رغم اعتمادها على‬
‫الجانب العاطفي إل أنها ساهمت بشكل جلي في العمل المؤسسي المنظم‬
‫وأذكر من ذلك‪:‬ـــ‬
‫‪ ///1‬قيامها بإنشاء المراكز السلمية خاصة في دول شرق آسيا وأوروبا‬
‫وأمريك ‪.‬‬
‫‪ ///2‬استطاعت أن تعمل على تنشئة جيل من الدعاة والخطباء والمثقفين‬
‫والساسة الذين يتحدثون باسمها على كافة الصعدة ‪.‬‬
‫‪ ///3‬عملت على ترشيح أعضائها في النتخابات الحكومية والبلدية والعمالية ‪.‬‬
‫‪ ///4‬ساهمت وبشكل كبير في توعية الشعوب الضالة أو المنحرفة حتى ظهر‬
‫لها من النتائج ما يلمسه الجميع ‪.‬‬
‫‪ ///5‬استطاعت أن تزاحم أرباب الفكار الخرى ‪ ,‬والعقائد المختلفة على‬
‫وسائل العلم المختلفة وذلك بالبرامج الهادفة ‪ ,‬والمقالت المثمرة والتي‬
‫وجدنا نتاجها على القراء والمشاهدين والمستمعين ‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫إلى غير ذلك من مساهمات الصحوة في ميدان البناء الراشد ‪.‬‬


‫خامساً‪ )) /‬هل تحولت الدلجة والتحزب خلف الفكرة والفراد والجماعة‬
‫معضلة في حراك الصحوة الميداني((‬
‫لقد جاء هذا الدين الحنيف مبينا ً فضل التعاون واللحمة في قضاياه‬
‫المصيرية ‪ ,‬ونابذا ً للفرقة والتعنصر والحزبية والتي ل يؤول مشروعها إل‬
‫للفلس والخسارة ‪ ,‬ولعلي أذكر هنا ما يدل على ذلك ‪:‬ــــ‬
‫‪ ///1‬حينما تتحرك إحدى جماعات الصحوة ‪ ,‬وتبرز نشاطاتها ‪ ,‬وتتبلور داخل‬
‫المجتمع فإنها تأتي جماعة أخرى قد تكون موافقة لها في المقصد ولكنها‬
‫تختلف اختلفا ً كامل ً في الفكار والرؤى ‪ ,‬فُتطبق القاعدة الجتماعية التي‬
‫تقول )) متى يبلغ البنيان تمامه؟ إذا كنت تبني وغيرك يهدم (( فيشكل هذا‬
‫الختلف عائقا ً مهما ً في مسيرة الصحوة وحراكها الميداني ‪.‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫‪ ///2‬لقد اعتمدت الكثير من جهات الصحوة على الدعاية والشعارات المعلنة‬


‫بين الفينة والخرى وأعلنت عن خططها المستقبلية بشأن دعم مسيرة‬
‫الصلح المجتمعي ‪ ,‬والهداية الدينية ‪ ,‬وظهر التنافس الشديد من خلل هذه‬
‫الشعارات والخطط المر الذي وّلد الحروب الكلمية والتي ل تخلو من التهم‬
‫والقدح حتى في الذوات للسف الشديد ‪ ,‬وتخلو الساحة الصحوية من‬
‫الحوارات الفكرية الهادفة ‪ ,‬وتبدأ مسيرة تخلف وهوان للمة من جديد ‪,‬‬
‫وتتضح لنا إحدى معوقات الحراك الصحوي الميداني ‪.‬‬
‫‪ ///3‬إن من أحد المشكلت الكبيرة والتي تعاني منها المجتمعات المسلمة‬
‫هي انقياد شباب الصحوة لعالم معين يجدون فيه ما يلبي رغباتهم ‪ ,‬ويرون‬
‫فيه من يتحدث عن مشاعرهم وانطباعاتهم ‪ ,‬فيميلون له ميل ً عظيما ً فيقرونه‬
‫على الخطأ ‪ ,‬ويعززون من موقفه وإن كان موقفه سلبيا‬
‫‪ ,‬وفي المقابل تجدهم يقدحون ويتهمون عالما ً آخر خالف عالمهم في مسألة‬
‫معينة أو مسائل متعددة ‪ ,‬فيتشكل مباشرة عائقا ً آخر في مسيرة الحراك‬
‫الصحوي الميداني ‪.‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫مقالت في المنهج ‪ -‬الجزء الول‬


‫بقلم ‪:‬‬
‫الحمد لله رب العالمين ‪ ،‬أشهد أن لاله أل هو ولي المتقين ‪ ،‬وأشهد أن‬
‫محمدا صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬عبده ورسوله‪ ،،،،،‬وبعد ‪:‬‬
‫فهذه مجموعة مقالت بعنوان ) في المنهج ( سبق نشرها في الصحافة‬
‫وكتبتها على ضوء أحداث متفرقة طرأت في ساحة الدعوة السلمية بخاصة‬
‫وكذلك تناولت فيها قضايا سياسية واجتماعية وشرعية أخرى‪.‬‬
‫الفهرس‬
‫يحتوى هذا الجزء على ‪ 21‬مقال في موضعوعات مختلفة‬
‫‪1‬ـ حكم النتماء إلى الجماعة الحركية‬
‫‪2‬ـ العلم حر‬
‫‪3‬ـ العلم والتقليد‬
‫‪4‬ـ اجتماع الجيوش السلمية على غزو العلمانية اللديينة ) طويل(‬

‫‪43‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪5‬ـ الدين والدولة‬


‫‪6‬ـ جماعة التراث الحيارى‬
‫‪7‬ـ المرأة الجمبازية وفق الشريعة !!‬
‫‪8‬ـ الحرية إل !!‬
‫‪9‬ـ سبيل الخلص‬
‫‪10‬ـ الحكم بما أنزل الله‬
‫‪11‬ـ الرد على مرجئة العصر ) طويل (‬
‫‪12‬ـ تخريج الفروع الفقهية على الحوال النفسية‬
‫‪13‬ـ تقييد السلطة في السلم‬
‫‪14‬ـ ماوراء موت الميرة‬
‫‪15‬ـ حكم المتاجرة في السهم‬
‫‪16‬ـ المسألة الجوهرية‬
‫‪17‬ـ نحو مستقبل أفضل‬
‫‪18‬ـ عودة إلى مسألة اليمان‬
‫‪19‬ـ الصراع السياسي في الكويت‬
‫‪20‬ـ القطبية حقيقتها وخطرها )طويل(‬
‫‪21‬ـ القنبلة النووية قبل الخبز‬
‫@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@‬
‫المقال الول‬
‫ــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــ‬
‫حكم الولء للجماعة الحركية‬
‫قال شيخ السلم احمد بن تيمية رحمه الله ) ولهذا تجد قوما كثيرين يحبون‬
‫قوما ويبغضون قوما لجل أهواء ليعرفون معناها ولدليلها ‪ ،‬بل يوالون على‬
‫اطلقها أو يعادون من غير أن تكون منقولة نقل صحيحا عن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم وسلف المة ‪ ،‬ومن غير أن يكونوا هم يعقلون معناها ‪،‬وليعرفون‬
‫لزمها ومقتضاها ‪0‬‬
‫وسبب هذا اطلق أقوال ليست منصوصة ‪ ،‬وجعلها مذاهب يدعى اليها ويوالى‬
‫ويعادى عليها ‪ ،‬وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم كان‬
‫يقول في خطبته ) ان أصدق الكلم كلم الله وأحسن الهدي هدي محمد‬
‫صلى الله عليه وسلم ( فدين المسلمين مبني على اتباع كتاب الله وسنة نبيه‬
‫‪ ،‬وما اتفقت عليه المة ‪ ،‬فهذه الثلثة هي أصول معصومة وماتنازعت فيه‬
‫المة ردوه الى الله والرسول ‪0‬‬
‫وليس لحد أن ينصب للمة شخصا يدعو الى طريقته ويوالي ويعادي عليها ‪،‬‬
‫غير النبي صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬ولينصب لهم كلما يوالى عليه ويعادى غير‬
‫كلم الله ورسوله وما اجتمعت عليه المة ‪ ،‬بل هذا من فعل أهل البدع الذين‬
‫ينصبون لهم شخصا أو كلما يفرقون به بين المة يوالون على ذلك الكلم أو‬
‫تلك النسبة ويعادون ( مجموع الفتاوى ‪19/164‬‬
‫هذا الكلم المنقول عن امام المنقول والمعقول ابن تيمية رحمه الله ‪ ،‬أصل‬
‫عظيم في حفظ وحدة المة ونبذ الفرقة والخلف والشقاق وفساد ذات بين‬
‫المؤمنين التي هي الحالقة كما سماها النبي صلى الله عليه وسلم وقال‬
‫العلماء لنها تحلق الدين ‪0‬‬
‫القائمون على الدعوة السلمية يجب أن يفقهوا هذا الكلم حق الفقه ‪ ،‬وأن‬
‫يجعلوه نصب أعينهم ‪ ،‬ويربوا عليه الناشئة ليخالط شغاف قلوبهم من الصغر‪،‬‬

‫‪44‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وليكون كحقنة التطعيم الواقية من أمراض التعصب المقيت والتحزب‬


‫المذموم الذي يتفشى للسف خلل الصفوف هذه اليام ‪0‬‬
‫الولء في الشريعة السلمية لله ولرسوله وللمؤمنين بوصف اليمان المبين‬
‫في الكتاب والسنة ‪ ،‬وبحقائقه ونعوته وحدوده المبينة في الكتاب والسنة ‪0‬‬
‫وليجوز نصب ولء خاص يفرق به بين المؤمنين ويفسد ذات بينهم ‪ ،‬للشخص‬
‫غير النبي صلى الله عليه وسلم ول لكلم ) منهج أو أصول تنظيرية ‪000‬الخ (‬
‫غير كلم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وما اجتمعت عليه المة ‪ ،‬ومن‬
‫فعل هذا فهو مقتحم باب ضللة ‪ ،‬وسالك سبيل أهل الهواء والفرق الضالة‬
‫‪،‬الذين يحدثون لهم حزبا خاصا ويضعون له رئيسا ‪ ،‬وينصبون لهم كلما ‪،‬‬
‫يقيمون عليه ولء أخص من ولء المؤمن للمؤمن ‪ ،‬ويعادون من ليدخل في‬
‫ولءهم الخاص ‪ ،‬أو يجعلونه دون غيره الذي أدخلوه في ولءهم ـ فيما يجب‬
‫له من حقوق الخوة اليمانية ــ وان كان هذا الذي جفوه أجل وأعظم في‬
‫العلم والعمل في دين الله تعالى وبحكم الكتاب والسنة ‪0‬‬
‫وهذا ليعني البتة أن ليكون بين المتفقين على منهج الدعوة تعاون على‬
‫أساس عمل جماعي منظم ‪ ،‬ويجعلون لهم أصول ومناهج نظرية تحدد معالم‬
‫عملهم وتنظمه ‪ ،‬ويحدث بينهم بسبب ذلك نوع من التآلف والمحبة الخاصة‬
‫كما يحدث بين المتصاحبين في طلب علم أو جهاد ونحو ذلك ‪ ،‬فليس في هذا‬
‫محذور ‪0‬‬
‫وانما المحذور كل المحذور ‪ ،‬أن ينصب على هذا الساس ولء خاص ينازع‬
‫الولء العام الذي شرعه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وأمر الله به‬
‫ورسوله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬ولء المؤمن للمؤمن ) انما المؤمنون أخوة (‬
‫) المسلم أخو المسلم ( ‪ ،‬والفساد كل الفساد أن يجعل ما اجتمعوا عليه‬
‫من النظام والرأي والنظر ــ في غير مواضع الجماع ــ سبيل لتفريق‬
‫المؤمنين ‪ ،‬وضرب وحدة المة ‪ ،‬ومعاداة من ليدخل في حزبهم من‬
‫المؤمنين ‪ ،‬والدعوة الى قطيعته والتحذير منه ‪0‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ولهذا لم ينكر العلماء دراسة المذاهب الفقهية للتعلم والتفقه في الدين‬


‫لكنهم أنكروا جميعا أن يعادي المسلم أخاه المسلم لنه ليس على مذهبه ‪،‬‬
‫وأن يجعل كلم علماءه ومذاهبهم هو الميزان الذي يحكم به على المؤمنين ــ‬
‫دون كلم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم والجماع ــ فمن وافق العلماء‬
‫الذين يعظمهم فضله مطلقا ‪ ،‬ومن خالفهم حط من قدره ‪ ،‬وكان هذا من‬
‫أعظم أسباب تفرق المة في التاريخ السلمي وتغلب أعداءها عليها ‪0‬‬
‫واليوم يمتطي هذه المطية ‪ ،‬بئست المطية ‪ ،‬بعض من ينتمي الى حركات‬
‫الدعوة المعاصرة ‪ ،‬يعملون في وحدة المة والخوة اليمانية معاول الهدم‬
‫والتفتيت ‪ ،‬من حيث يشعرون أو ليشعرون ‪ ،‬ويظنون أنهم مهتدون ‪ ،‬ويزيد‬
‫جرمهم الشنيع شناعة ما يلقاه السلم هذه اليام من تكالب أعداءه عليه من‬
‫كل جهة ورميه عن قوس واحدة ‪ ،‬وهم في غيهم يدعون الى الهجر والتقاطع‬
‫والتحذير والتفريق بين المؤمنين ‪ ،‬بغير سلطان من الشرع ولعقل أهل‬
‫الحلم والنهى ‪ ،‬فل السلم نصروا ول أعداءه كسروا ‪ ،‬بل صاروا مثل الخائن‬
‫الذي يهتبل فرصة الضعف وشتات المر فيغدر غدرة السوء عافانا الله من‬
‫السوء ‪0‬‬
‫@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@‬

‫‪45‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المقال الثاني‬
‫ـــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫ـالعلم حر‬
‫العلم هوالعدو التقليدي لكل المصالح الستغللية التسلطية ‪ ،‬السياسية‬
‫والجتماعية والحزبية ) حتى لو كانت اسلمية أحيانا ( ‪ ،‬اذ تأبى العقلية‬
‫العلمية أن تدع الشياء على ما هي عليه ‪ ،‬دون أن تقلبها وتتفحصها ‪ ،‬وتبقى‬
‫في ريبة دائما منها ‪ ،‬ولتطمئن حتى ترى فيها النطباق التام على الحق ‪0‬‬
‫وليستطيع ذو العقلية العلمية أن يبقى الحقيقة العلمية في نفسه اذا اكتشفها‬
‫‪ ،‬ومنع من الصدع بها ‪ ،‬ليستطيع لنها تغلي في صدره كغلي المرجل ‪ ،‬فاذا‬
‫لم يتنفس عنها مات كمدا كما يموت الطير العاشق للحرية اذا حبس في‬
‫القفص ‪0‬‬
‫العلم حر ويجب أن يبقى حرا ليخضع ال للحقيقة المدلول عليها بالوحي‬
‫المحفوظ ‪ ،‬ويجب أن يسمح له بالتجول بحرية في كل مجالت الفكر ‪ ،‬لن‬
‫العلم كالشمس ليجوز أن يسمح لحد أن يحجبها عن أرض دون أرض أو قوم‬
‫دون قوم ‪0‬‬
‫ولما جاء السلم جاء بهذا المعنى العظيم ‪ ،‬وأمر الله تعالى نبيه أن يصدع‬
‫بالحق ويبلغه الناس جميعا ‪ ،‬ويزيل جميع الحواجز التي تقيمها المصالح‬
‫الستغللية التسلطية في وجه وصول علم الحق الذي جاء به الى البشرية‬
‫جميعا ) قل يا أيها الناس اني رسول الله اليكم جميعا ( ‪،‬ولن ماتضمنته‬
‫رسالته هو أعظم الخير والهدي والفلح لبني النسان في عاجلتهم وآجلتهم ‪،‬‬
‫أمر عليه الصلة والسلم أن يجاهد من يقف في وجه هذا الخير ويحول بين‬
‫الناس وبين معرفته ‪ ،‬ثم هم بعد ذلك بالخيار من شاء فليؤمن ومن شاء‬
‫فليكفر ‪0‬‬
‫ومن النماذج في تاريخ علماء السلم ووعيهم لهذه الحقيقة ‪ ،‬حقيقة أن العلم‬
‫حر ليجوز لحد أن يضعه في حجر ‪ ،‬نموذج فريد لحرية البحث العلمي ‪،‬تمثل‬
‫في شخصية شيخ السلم ابن تيمية ‪ ،‬يقول ابن عبدالهادي في العقود‬
‫الدرية ‪ ،‬في شأن فتيا ابن تيمية في مسألة الحلف بالطلق ) فما كان يوم‬
‫السبت مستهل جمادى الولى من هذه السنة ) ‪718‬هـ( ورد البريد من‬
‫دمشق ومعه كتاب السلطان بالمنع من الفتوى في مسألة الطلق التي رآها‬
‫الشيخ تقي الدين بن تيمية وأفتى فيها ‪ ،‬وصنف فيها والمر بعقد مجلس في‬
‫ذلك ‪ ،‬فعقد يوم الثنين ثالث الشهر المذكور بدارالسعادة ‪ ،‬وانفصل المر‬
‫على ما أمر به السلطان ‪ ،‬ونودي بذلك في البلد يوم الثلثاء ‪ ،‬رابع الشهر‬
‫المذكور ‪0‬‬
‫ثم ان الشيخ عاد الى الفتاء بذلك وقال ‪ :‬ليسعني كتم العلم ‪000‬‬
‫فلما كان بعد ذلك بمدة ‪ ،‬في يوم الخميس الثاني والعشرين من رجب من‬
‫سنة عشرين وسبعمائة ‪ ،‬عقد مجلس بدار السعادة حضره النائب والقضاة ‪،‬‬
‫وجماعة من المفتين ‪ ،‬وحضر الشيخ ‪ ،‬وعاودوه في الفتاء بمسألة الطلق ‪،‬‬
‫وعاتبوه على ذلك ‪ ،‬وحبسوه بالقلعة ‪ ،‬فبقي فيها خمسة أشهر وثمانية عشر‬
‫يوما ( ص ‪215‬‬
‫وكأنك بكثير من المتنطعين والمتحزبين بالعصبية هذه اليام ‪ ،‬ودوا لو اتهموا‬
‫شيخ السلم بمخالفة العلماء والخروج على ولة المر والتحريض على‬
‫عصيانهم ‪ ،‬وأظنه لو كان حيا هذه اليام لما تورعوا عنه نعوذ بالله من الجهل‬
‫والهوى‬

‫‪46‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫وصورة المسألة التي حبس بسببها هذا المام أن الرجل اذا حلف على غيره‬
‫أو نفسه ‪ ،‬بالطلق كأن يقول علي الطلق لتفعلن كذا أو لتفعل كذا ‪ ،‬ثم‬
‫حنثت يمينه ‪ ،‬فهل تطلق عليه امرأته ‪ ،‬فأكثر العلماء أنها تطلق بحنثه ليمينه ‪،‬‬
‫ويحكى عليها الجماع ‪ ،‬غير أن التهويل بحكاية الجماع بضاعة المقلدين وهي‬
‫لتروج عند أهل العلم المحققين ‪ ،‬ولهذا استدل شيخ السلم ‪ ،‬على قوله‬
‫بأنها يمين مكفرة ليست من باب الطلق في شيء مالم ينو الطلق ويريد‬
‫ايقاعه ‪،‬استدل وصنف وأفتى وناظر وقام بحجته ورأى أن مجرد حكاية‬
‫الجماع أو مخالفة غالب علماء زمنه ليجوز أن ترد به أدلة الشرع ‪ ،‬ورأى أن‬
‫كتم العلم ليجوز حتى لو أمر بذلك السلطان وأيده علماء الفتوى في زمنه ‪،‬‬
‫فان القادر على الستدلل اذا ظهر له الصواب في مسألة بالدليل ليحل له‬
‫تركه لقول أحد كائنا من كان ال أن يعارض بنص من كتاب الله أو سنة‬
‫رسوله أو الجماع المتيقن القديم ‪ ،‬وحينئذ يكون من باب تعارض الدلة ول‬
‫يرد كلم المستدل بالدليل الشرعي بأنك خالفت العلماء ‪ ،‬هكذا على الطلق‬
‫‪ ،‬وليرده هكذا ال جاهل بطرق الدلة الشرعية ومنازع الستدلل في الشرع‬
‫‪0‬‬
‫ونظير هذه المسألة من اختيارات شيخ السلم التي خالف فيها غالب علماء‬
‫زمنه ومن قبل زمنه ‪ ،‬قوله بجواز التيمم لمن خالف فوات العيد والجمعة‬
‫باستعمال الماء مع حضور الماء ‪ ،‬وكان يميل أخيرا رحمه الله ــ كما حكى‬
‫ابن عبدالهادي ــ الى توريث المسلم من الكافر الذمي وله في ذلك مصنف‬
‫وبحث طويل ‪ ،‬وغيرها من المسائل التي لو اطلع عليها المتهوكون‬
‫المتصايحون هذه اليام على كل من يخالف مقلديهم الذين يتعصبون لهم‬
‫وأقاموهم مقام الكتاب والسنة ‪ ،‬لصاحوا به وسعوا في التحذير منه بكل‬
‫سبيل عافانا الله من مسالك الردى ‪0‬‬
‫ومما قال عنه المام الذهبي ) وأطلق عبارات أحجم عنها الولون والخرون ‪،‬‬
‫وهابوا ‪ ،‬وجسر هو عليها ‪ ،‬حتى قام عليه خلق من علماء مصر والشام ‪ ،‬قياما‬
‫لمزيد عليه وبدعوه وناظروه ‪ ،‬وكابروه وهو ثابت ليداهن وليحابي ‪ ،‬بل‬
‫يقول الحق المر الذي أداه اليه اجتهاده ‪ ،‬وحدة ذهنه وسعة دائرته في السنن‬
‫والقوال ( العقود ص ‪82‬‬
‫وقد تطايرت هذه الروح الجريئة التي اتسم بها هذا المام المصلح فتنسمها‬
‫كثير من المصلحين بعده ‪ ،‬فأيقظت في نفوسهم همة التجديد ‪ ،‬وكانت‬
‫السبب الرئيسي في ما أحدثوه من تغيير في واقع المة وتجديد دينها ‪ ،‬ولو‬
‫أنهم رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وهابوا الصياح عليهم وتخويفهم بعدم‬
‫الخروج على المألوفات لما كتب لهم النجاح ‪0‬‬
‫@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@‬
‫المقال الثالث‬
‫ــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــ‬
‫العلم والتقليد‬
‫من درر الحكم المنقولة عن السلف قول يحيى بن عمار ‪ :‬العلوم خمسة ‪،‬‬
‫فعلم هو حياة الدين وهو علم التوحيد ‪ ،‬وعلم هو غذاء الدين وهو علم التذكر‬
‫بمعاني القرآن والحديث وعلم هو دواء الدين وهو علم الفتوى اذا نزل بالعبد‬
‫نازلة احتاج الى من يشفيه منها كما قال ابن مسعود ‪ ،‬وعلم هو داء الدين‬

‫‪47‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وهو الكلم المحدث وعلم هو هلك الدين وهو علم السحر ونحوه ( مجموع‬
‫الفتاوى لبن تيمية ‪28/146‬‬
‫وينفلق من هذه الحكمة حكم وحكم ‪ ،‬فان الدين ل يكون أصل بل توحيد‬
‫فطلب علمه مقدم على كل شيء فهو بمنزلة نفخ الروح في الجنين ‪ ،‬ثم‬
‫علم ما في الكتاب والسنة من معان وأحكام وما دل عليه القرآن من علوم‬
‫وشرحته السنة من معارف هو غذاء الدين لبقاء للدين ال بهذا العلم ‪،‬‬
‫فبالتوحيد حياته وبهذا العلم بقاؤه ‪ ،‬وهو بمنزلة‬
‫غذاء الحي الذي يحتاج اليه لستمرار الحياة ‪0‬‬
‫وأما معرفة حكم نازلة معينة يحتاج العبد الى معرفة حكم الله فيها فدواء‬
‫الدين ‪ ،‬لنه لولم تنزل به تلك النازلة فقد ليحتاج قط الى معرفة الحكم ‪،‬‬
‫وليضره عدم هذه المعرفة بخلف علم معاني الكتاب والسنة وأحكامهما‬
‫التي يحتاجها العبد دائما باطنا وظاهرا ‪ ،‬أما النوازل فيحتاجها العبد حاجة‬
‫المريض الى الدواء ‪ ،‬ولهذا جاز التقليد في هذه الصورة لنه كالمضطر ‪ ،‬وهي‬
‫منزلة العوام اذا احتاجوا الى معرفة حكم مسألة نزلت بهم ‪ ،‬وأما من يريد‬
‫طلب العلم الذي هو غذاء الدين ‪ ،‬فانه وان احتاج الى التقليد في طريقه‬
‫أحيانا لكنه يجعله سلما يرتقي به الى العلم ‪ ،‬وليقف عنده ولو وقف عنده لم‬
‫يكن طالبا للعلم بل طالب للجهل فان التقليد جهل باتفاق الناس ‪ ،‬والجهل‬
‫مذموم مطلقا ‪ ،‬لكن قد يكون صاحبه معذورا فهذا باب آخر ‪ ،‬والله تعالى ذم‬
‫الجهل وجعله من أسباب الكفر والخسران في القرآن ‪ ،‬والذي يعبد ربه على‬
‫جهل يعبده على حرف ان أصابه خير اطمأن به وان أصابته فتنة انقلب على‬
‫وجهه ‪0‬‬
‫والعجب غياب هذه الحقيقة الساطعة ــ حقيقة أن العلوم أنواع يعطى كل‬
‫نوع منها منزلته اللئقة به ــ عن قوم ينتسبون الى العلم ‪ ،‬فيكون غاية‬
‫الطلب عندهم معرفة فتاوى في نوازل بعضها ليسوا هم من أهلها اصل ‪،‬‬
‫ونهاية علمهم فيها التقليد المحض ‪0‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫وذلك مثل التقليد في الحكم على شخصية اسلمية أفضت الى ربها أو داعية‬
‫أو طائفة من الدعاة ‪ ،‬أو حركة اسلمية ‪ ،‬أوالحكم على مسألة اجتهد فيها‬
‫عالم فأخطأ أو أصاب ‪ ،‬وقد ليحتاجها ال النادر من الناس ‪ ،‬ونحو هذه‬
‫المسائل التي ربما لو جهلها العبد ماضره ذلك ‪ ،‬وربما كان الجهل بها لبعض‬
‫الناس خيرمن العلم ‪ ،‬فيحفظ الواحد منهم فتاوى بعض المعاصرين في هذه‬
‫المسائل والنوازل ‪ ،‬وهو فيها مقلد كالبهيمة العجماء التي يقود زمامها أعمى‬
‫فل هي تعرف الطريق ولهي تعلم أن قائدها يعلم أو ليعلم ‪ ،‬ويظن أنه أوتى‬
‫علما جما وحاز المعارف كلها ‪0‬‬
‫حتى حدثني بعضهم أن شابا ذكيا أنكر على شخص يعظمه جليسه غاية‬
‫التعظيم فقال له هذا الشاب‪ :‬لكنه ــ أي هذا المعظم ــ ل يحفظ القرآن ول‬
‫شيئا من السنة وليستحضر الحاديث في أصول أبواب العلم ‪ ،‬ول يعرف شيئا‬
‫في الصول واللغة ول يحسن حل مسألة فرضية ول ول ‪ ،‬فقال يكفيه أنه‬
‫عالم في المنهج ‪ ،‬فقال له ماذا تريد بالمنهج ‪ ،‬فقال انحراف الجماعات‬
‫السلمية ‪0‬‬
‫فهذا المسكين يظن أنه يطلب علما مع هذا الذي يقوده الى حيث ألقت‬
‫رحلها أم قشعم ‪0‬‬

‫‪48‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ولهذا تجد كثيرا من أمثال هؤلء المساكين الذين غرهم أولئك الجهلة‬
‫المنتسبون الى العلم ليلبثون أن ينتكسوا عن التوبة أو يضعف حالهم في‬
‫التمسك بالدين لضعف تحصيلهم للعلم الذي هو غذاء الدين ‪ ،‬وهم باشغالهم‬
‫أنفسهم بأخطاء الناس ‪،‬بمنزلة المريض الذي يتناول دواء ليحتاجه أو أكثر‬
‫من حاجته فيزداد مرضه ‪ ،‬لن هذا العلم الذي يطلبونه ـ على فرض أنه‬
‫صواب والخطأ فيه كثير عندهم ــ دواء يوضع حيث ينفع وبالقدر الذي ينفع ‪،‬‬
‫وليس هو غذاء الدين الذي يزيد به اليمان ويثبت به القلب على حقائق‬
‫اليمان وحلوته فكلما ازداد منه العبد ‪ ،‬ازداد خيرا كما في القرآن ) وقل رب‬
‫زدني علما ( ‪ ،‬وقد رأيت شابا أقبل على التوبة والتدين ‪ ،‬وابتلي المسكين‬
‫بمن أعطاه )ملفا ( مليئا بأخطاء الدعاة والشيوخ والمصلحين وجماعات‬
‫الدعوة ‪ ،‬وانشغل بذلك فأنطفأ فيه ذلك النور الذي يوقد همة التائب عادة‬
‫فيحمله على التشميروالقبال على العمل الصالح بحلوة وانشراح الصدر‪،‬‬
‫انطفأ فيه هذا النور تدريجيا حتى انتكس وعاد الى حاله الولى في المعصية ‪،‬‬
‫وكان اثمه على ذلك الجاهل الذي غره شيوخه فظن أنه من المصلحين ‪0‬‬
‫وأما قوله علم هو داء الدين فذلك كل علم محدث مخالف لما دل عليه‬
‫الكتاب والسنة ‪ ،‬كما قال المصطفى عليه الصلة والسلم شر المور‬
‫محدثاتها ‪،‬وأما هلك الدين فعلم السحر ونحوه من العلوم التي تبلغ الكفر‬
‫والعياذ بالله فان الكفر ضد التوحيد فكما أن التوحيد حياة الدين فالكفر موته‬
‫وهلكه والعياذ بالله تعالى ‪0‬‬
‫@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@‬
‫المقال الرابع‬
‫ــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــ‬
‫)اجتماع الجيوش السلمية على غزو العلمانية اللدينية(‬
‫ميكافيللي‪ ،‬كالفن ‪ ،‬توماس هوبز‪ ،‬جون لوك ‪ ،‬جون ستيوارت ‪ ،‬هولباخ ‪،‬‬
‫فولتير ‪ ،‬ديكارت ‪ ،‬مونتسكيو ‪ ،‬جان جاك روسو ‪ ،‬ثم الطبقة التي تليها هم ‪:‬‬
‫هيغل ‪ ،‬كيجارد ‪ ،‬كارليل ‪ ،‬داروين‪ ،‬انجلز ‪ ،‬ماركس ‪ ،‬نيتشه ‪ ،‬فرويد ‪ ،‬دركهايم‬
‫‪ ،‬لينين ‪ ،‬تروتسكي ‪ ،‬جون ديوي ‪ ،‬هيدجر ‪ ،‬رسل ‪ ،‬سارتر ‪ ،‬وغيرهم كثير من‬
‫المستشرقين والمفكرين والكتاب والفلسفة ‪0‬‬
‫فهؤلء كان لكتاباتهم الثر الكبر في تخريج هذه الطبقة في بلدنا العربية ‪:‬‬
‫وهي ‪ :‬ألبرت حوراني ‪ ،‬ماجد فخري ‪ ،‬عبدالرحمن بدوي ‪ ،‬عبدالعزيز الدوري ‪،‬‬
‫ساطع الحصري ‪ ،‬البستاني ‪ ،‬عثمان أمين ‪ ،‬محمد لطفي ‪ ،‬زكريا ابراهيم ‪،‬‬
‫أنطون سعادة ‪ ،‬شبلي شميل ‪ ،‬فيليب حتى ‪ ،‬سليم خياطة ‪ ،‬ورئيف خوري ‪،‬‬
‫وجميل صليبا ‪ ،‬وحسين مروة ‪ ،‬جورج طرابيشي ‪ ،‬مصطفى حجازي ‪ ،‬لطفي‬
‫السيد ‪ ،‬عبدالعزيزفهمي ‪ ،‬اسماعيل مظهر ‪ ،‬جورجي زيدان ‪ ،‬طه حسن ‪،‬‬
‫سلمة موسى وبين تواريخ وفياتهم بعض التقديم والتأخير‪ ،‬ومن النساء صفية‬
‫زغلول وهدى شعراوي‬
‫وهنا تأتي طبقة تواكب وبعضها يسبق من تقدم ‪ ،‬لكنها تنتسب الى الدين نوع‬
‫انتساب ‪ ،‬أو تظهر شيئا من ذلك ‪ ،‬مثل رفاعة الطهطاوي ومحمد عبده وتأثر‬
‫به سعد زغلول ومصطفى كامل وأحمد لطفي السيد وان لم يكونوا منتسبين‬
‫الى الدين ‪ ،‬وكان كرومر يقول ) أسميهم حبا في الختصار أتباع المرحوم‬
‫المفتي السابق الشيخ محمد عبده ( وقد تأثر به قاسم أمين أيضا وكان يقول‬
‫ان استقى كتابه عن تحرير المرأة من توجيهات محمد عبده ‪ ،‬وذكر لطفي‬
‫السيد في كتابه قصة حياتي أن قاسم أمين قرأ عليه وعلى محمد عبده كتاب‬

‫‪49‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫تحرير المرأة في جنيف قبل نشره ‪ ،‬وعبدالله النديم يلحق بتلميذ محمد‬
‫عبده ‪ ،‬ثم من المنتسبين الى الدين الكواكبي ‪ ،‬وطه حسين في بعض‬
‫كتاباته ‪ ،‬ويأتي في هذا الدور علي عبدالرازق ‪ ،‬وقد ساهم هؤلء بدور فعال‬
‫في ترويج العلمنة بالقيام بدور خاص له طبيعة خاصة ‪ ،‬سنشير اليه ‪0‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫غير أن أشدهم في الدعوة الى العلمنة والغارة على السلم لطفي السيد‬
‫وعبدالعزيز فهمي واسماعيل مظهر ‪ ،‬وأشد القائمين بهذا الدور بنوع من‬
‫التلبيس والتخفي في بعض كتاباته ‪ ،‬صديق اسماعيل مظهر الحميم طه‬
‫حسين ‪0‬‬
‫وطبقة أخرى أحدث ‪ :‬زكي نجيب محمود ‪ ،‬فؤاد زكريا ‪ ،‬غالي شكري ‪ ،‬تيزيني‬
‫‪ ،‬العروي ‪ ،‬الجابري ‪ ،‬مقالح ‪،‬أركون ‪ ،‬علي زيعور ‪ ،‬سعد الدين ابراهيم ‪ ،‬ناجي‬
‫علوش ‪ ،‬العروي ‪ ،‬حسين قبيصي ‪ ،‬نديم البيطار ‪ ،‬خليل أحمد ‪ ،‬صلح‬
‫قنصوه ‪ ،‬عادل ظاهر ‪ ،‬مطاع صفوري ‪0‬‬
‫ويذكر أيضا محمود أمين العالم ‪ ،‬أدونيس ) على أحمد سعيد ( ‪ ،‬تيزيني ‪ ،‬فرج‬
‫فودة ‪ ،‬نور فرحات ‪ ،‬خلف الله ‪0‬‬
‫وأما محمد عمارة‪ ،‬عادل حسين وطارق البشري وكمال أبو المجد ‪ ،‬فهمي‬
‫هويدي فهم بين السلفية والعلمنة ‪ ،‬مع أن الغالين في العلمنة يسمون هؤلء‬
‫)السلفيون الجدد( ويجعلون منهم حسن حنفي !! كما يفعل أمين العالم في‬
‫كتابه ) الوعي والوعي الزائف في الفكر العربي المعاصر ( ‪ ،‬ولهؤلء دور‬
‫يشبه الى حد ما دور من أشرت اليهم من المتقدمين المنتسبين الى الدين‬
‫في تسهيل تغلغل العلمنة في المجتمعات السلمية ‪ ،‬وتراهم معجبين‬
‫بكتابات الكواكبي ومحمد عبده والفغاني أيما اعجاب ‪ ،‬ومنهم من يرى في‬
‫أفكار هؤلء هي سبيل الهدى والرشاد ‪0‬‬
‫ومن العجائب أن الدكتور محمود اسماعيل في كتابه )السلم السياسي (‬
‫يعتبر هؤلء ) السلفيون الجدد ( أشد خطرا وأبعد تأثيرا في تزييف الوعي‬
‫يقول ) ويرجع ذلك الى قدرتهم على تنظير التجاه الصولي السلفي خاصة‬
‫وأن بعضهم مثل حسن حنفي ذا باع طويل في اللمام والحاطة بالفكر‬
‫الغربي ( ص ‪ ، 24‬وهم يقصدون بتزييف الوعي ‪ ،‬تقديم نصوص الوحي على‬
‫شبهات عقولهم التي يسمونها الوعي ‪ ،‬ويجعلون هذا التقديم تزييفا للوعي‬
‫كما دار عليه بحث العالم في كتابه المذكور آنفا ‪0‬‬
‫والمقصود أن هؤلء كلهم بغض النظر عن عدم الدقة في تواريخ الوفيات ‪،‬‬
‫هم منظروا العلمنة في بلدنا العربية ‪ ،‬على اختلف تياراتها بين‬
‫ماركسيةشرقية وليبرالية غربية ‪ ،‬والقومية العربية تتركب مع أحد التيارين‬
‫‪،‬على اختلف أيضا داخل كل تيار من جهتين ‪ :‬الولى نوع مدرسة المفكر ) أو‬
‫المفكرين ( الغربيين أو الشرقيين الذين تأثر بهم المفكر العربي وان كانت‬
‫داخل الليبرالية ) الهيجلية والظاهراتية والبنيوية والفرويدية والوضعية‬
‫المنطقية ‪00‬الخ ( وهي داخل الليبرالية العلمانية كاطار عام ‪ ،‬أو كانت داخل‬
‫الماركسية التي شأنها شأن الليبرالية كذلك ‪ ،‬والثانية ‪ :‬درجة الحماسة أو‬
‫الغلو في تبني العلمنة أو معاداة الدين والتراث ‪0‬‬
‫ومن هذه السلسلة انحدرت العلمانية الكويتية على اختلف توجهاتها ‪ ،‬والتي‬
‫لتعتبر توجهات جماعية من الناحية الفكرية ان صح التعبير ‪ ،‬بقدر ما هي‬
‫توجهات فردية ‪ ،‬ليس بينها رابط فلسفي ــ في وجهة نظري ــ يشكل‬

‫‪50‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫مدرسة ذات أصول فكرية واحدة أو عقل جمعي بشكل ما ‪0‬‬


‫وهي كذلك ليست ذات عمق وتوغل في النواحي الفكرية والفلسفية في‬
‫المدرسة التي تتأثر بها ‪ ،‬وليس لكثرهم ان لم يكن كلهم ‪ ،‬اضافات أو حتى‬
‫تحليل نقدي ذي قيمة فلسفية ان كانت الفلسفة لها قيمة حقيقية والحق عن‬
‫هذا بمعزل ‪ ،‬وهم صحفيون في الغالب أكثر من كونهم مفكرين ال النفر‬
‫اليسير جدا يعدون على أصابع اليد الواحدة‬
‫هؤلء كلهم ) باسثناء من أشرنا الى استثناءه ( وتلك السلسلة من المفكرين‬
‫بأسانيدها التي ترجع الى أول من اعلن )العلمنة( صنم الجاهلية المعاصرة ‪،‬‬
‫وأول من استجاب لداعيها فسجد لهذا الصنم من دون الله تعالى متخذا ذلك‬
‫الصنم ربا وشريكا مع الله في طاعته واتباع شريعته والتحاكم اليه وحده ‪ ،‬ثم‬
‫تنحدر هذه السلسلة الى من نعيش معهم الصراع اليوم على جميع الصعدة ‪،‬‬
‫في صناعة العقل العربي وفي التأثير في واقع العالم العربي ‪ ،‬في العلم‬
‫والتعليم والتشريع والفكر والثقافة والحكم والدولة وحتى الفن ‪،‬‬
‫يعيش) السلفيون بالنسبة الشرعية الصولية ل الحزبية ( الصراع معهم على‬
‫هذه المستويات من أقصى الشرق الى أقصى الغرب في بلدنا العربية ‪0‬‬
‫هؤلء يشكلون بقضهم وقضيضهم جيش الجاهلية المعاصرة وسدنة صنمها‬
‫) العلمانية اللدينية ( وكهنة معبدها العظم ) الغرب ( بعد سقوط المعبد‬
‫الملحد الخر ‪ ،‬وهم المسؤولون بعد تأسيس دولنا وأغلب حكوماتنا العربية‬
‫على هذا المبدأ ) العلمانية ( ‪ ،‬هم المسؤولون واقعا وعقل ومنطقا عن‬
‫أزماتنا التي نعيشها الن ‪ ،‬لنهم هم من يقبض على صولجان الدولة ‪ ،‬ويأبى‬
‫أن يتزحزح حتى ولوسخطته الشعوب واضطر الى سحقها ‪0‬‬

‫)‪(5 /‬‬

‫ويقابل هذه الجيش اللديني ‪ ،‬الجيش السلمي العظيم بعلمائه ومفكريه‬


‫وقادته ومجاهديه وفصائل اليقظة السلمية المعاصرة ‪ ،‬يحتشدون ليقاتلوا‬
‫في سبيل الله يغزون جيش الجاهلية التي تقاتل حول صنمها ‪ ،‬تقاتل في‬
‫سبيل الطاغوت ‪ ،‬والمعركة اليوم معركة الكلمة والقول والقلم ‪ ،‬لكن لكل‬
‫حرب ميدانها ولكل ميدان زمانه ‪ ،‬وسنذكر في الحلقة القادمة ان شاء الله ‪،‬‬
‫قادة الجيش السلمي ‪ ،‬ثم محاور الحرب وخطط الهجوم ثم تباشير النصر‬
‫وعلى من تدور الهزيمة ‪0‬‬
‫جلنا في الحلقة السابقة جولة سريعة في صفوف اللدينية‪ ،‬وذكرنا‬
‫أكبرمفكريها ودعاتها وقادتها واسنادها الذي يرجع الى ملحدة أوربا قبيل‬
‫وأثناء وبعد مايسمى عصر النهضة ‪ ،‬وقد احتشدت للدعوة الى صنمها والى‬
‫محادة دخول العباد في الستسلم لدين رب العالمين ‪0‬‬
‫وقد وقف في وجه هذا المد العارم على المة ‪ ،‬ورثة النبياء من رجال العلم‬
‫وقادة السلم ودعاة الهدى ‪ ،‬وكانوا قسمين ‪:‬‬
‫قسم لم يصطدموا بهذا المد اصطداما مباشرا ‪ ،‬غير أنهم قاموا بحماية دين‬
‫المة بتجديده فيها والدعوة اليه وتعليمه للناس وتجنيد الجيال لهذا الدين‬
‫بغرس مبادئه في نفوسهم ‪ ،‬فهم بمنزلة خطوط المداد البشري والمعنوي‬
‫للمقاتلة في الصفوف المامية ‪ ،‬وكل من يدعوا الى هذا الدين ويساهم في‬
‫الصلح ويغرس مباديء اليمان في نفس منفوسة من أفراد المة فهو أحد‬
‫جنود هذا القسم ‪ ،‬بحسب ما أوتي من علم ‪ ،‬ووفق في الصلح والدعوة‬
‫والتعليم ‪ ،‬وفوق كل ذي علم عليم ‪0‬‬

‫‪51‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫القسم الثاني ‪ :‬من ابتلي بالصدام المباشر مع موجات )العلمنة ( التي‬


‫انتشرت في العالم العربي ‪ ،‬بسبب تعرض المجتمع الذي يعيش فيه لشن‬
‫غارة مباشرة من هذا المد ‪ ،‬لجل ثقله في المة وأهميته الستراتيجية ‪ ،‬مثل‬
‫ما حدث في مصر منذ ) ‪1800‬م( ولهذا نجد أنها أكبر ميادين هذا الصراع في‬
‫الوطن العربي وأكثرها ازدخارا بالحداث وبايام معارك السلم العظمي مع‬
‫العلمنة الى يومنا هذا ‪،‬وهذا على سبيل المثال ل الحصر ‪ ،‬فقد تعرضت أكثر‬
‫البلد السلمية لمحاولة فرض العلمنة بصورة أو بأخرى ‪0‬‬
‫وهذان القسمان ومن يدخل تحتهما من العلماء والدعاة والمصلحون ‪ ،‬هم‬
‫سلسلة موكب الهدي‪ ،‬ولئن رجع اسناد اللدينية الى كفرة أوربا وملحدتها‬
‫وضلل اليهود والنصارى ‪ ،‬فان اسناد الجيش السلمي الذي واجه العلمنة منذ‬
‫غزوها لبلد السلم الى يومنا هذا ‪ ،‬يرجع اسناده الى آدم عليه السلم أول‬
‫النبيين الكرام ‪ ،‬ثم يتسلسل عبر تاريخ الرسل والنبياء الى محمد عليه‬
‫الصلة والسلم أفضلهم وقائدهم ثم أتباعه من بعده والرجال الذين صنعوا‬
‫تاريخ هذا الدين العظيم ‪ ،‬ويدخل جميعهم في قوله ) ومن يطع الله والرسول‬
‫فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين‬
‫وحسن أولئك رفيقا ( ‪ ،‬فهؤلء هم أهل طاعة الله المستسلمين لحكمه ‪ ،‬وهم‬
‫فريق واحد ‪ ،‬وموكب واحد ‪ ،‬يمتد عبر تاريخ البشرية بأسرها ‪ ،‬وهم أولياء الله‬
‫‪) ،‬الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات الى النور( وأولئك أتباع‬
‫الشيطان وأهل طاعته ومردهم الى حكمه وشريعته ‪ ،‬وهو وليهم من دون‬
‫الله ) انهم اتخذوا الشياطين أولياء من دون الله ويحسبون أنهم مهتدون ( و)‬
‫الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت‬
‫(‪0‬‬
‫واذا ذكروا مآثرهم ‪ ،‬ذكرنا مآثرعلماءنا في الحرب مع العلمنة في هذا العصر‪،‬‬
‫فكان كطلوع الشمس وانقشاع الظلمات ‪ ،‬ونذكر حينئذ امام السلم وشيخه‬
‫في زمنه محمد بن ابراهيم آل الشيخ ‪ ،‬فقد قذف بقذيفة مدمرة على‬
‫حصنهم وهي رسالته ) تحكيم القوانين ( في ناحية الحكم والتشريع من‬
‫) اللدينية ( ‪ ،‬ولعجب فانه من آل الشيخ) المجدد محمد بن عبدالوهاب (‬
‫الذي جعل شرك الطاعة ) وعليه يدور مبدأ العلمنة ( أحد أنواع الشرك‬
‫الربعة الرئيسة التي يتخذ فيها شريك مع الله تعالى ‪ ،‬وعد الطواغيت‬
‫البشرية أربعة فجعل اثنين منها في شرك )الحكم بغير ما أنزل الله تعالى (‪،‬‬
‫فأنجبت مدرسته السلفية مثل المام ابن ابراهيم ‪0‬‬
‫وذكرنا تلميذه العلمة عبدالعزيز بن باز فقد قذفهم برسالته في ) نقد‬
‫القومية العربية ( في ناحية فكرية أخرى كانت في ذلك الزمن من أشد‬
‫أركان العلمنة وأعظمها ضررا على الدين لنقضها مبدأ الولء فيه ‪ ،‬ومن هذه‬
‫المدرسة نذكر جبال عل شرفاتها رجال عظام ‪ ،‬ولهم مؤلفات كثيرة ‪،‬‬
‫ومواقف شجاعة ‪ ،‬وفي مبارزة القران صولت مذكورة مشهورة‪ ،‬و بعضهم‬
‫يدخل في القسم الول ‪ ،‬وبعضهم في القسم الثاني ‪0‬‬
‫واذا دخلنا خطوط المعركة المامية حيث يحمي الوطيس في جوف أرض‬
‫الحرب ‪ ،‬رأينا حينئذ أبطال السلم يقاتلون في سبيله كالليوث الحوارد ‪ ،‬تخلع‬
‫القلوب زمجرتهم ‪ ،‬وتذهب بالبصار صولتهم وجولتهم وسنأتي على ذكرهم‬
‫في حينه ‪0‬‬
‫وشتان بين الفريقين ‪ ،‬وما أبعد التفاوت بين الصفين ‪ ،‬صف العلمانية‬
‫الضالة ‪ ،‬وصف انصار الشريعة اللهية ‪:‬‬

‫‪52‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫شتان بين مذاهب أوصى بها بعض لبعض أول للثاني‬


‫وشريعة فطر الله عباده حقا عليها ماهما عدلن‬

‫)‪(6 /‬‬

‫لم تقذف اللدينية بكتاب يشوه السلم و يشكك في محكماته العظام ‪ ،‬ال‬
‫ورده دعاة السلم‪ ،‬وفندوا مافيه وزيفوا باطلهم وقذفوهم بالحق الذي يزهق‬
‫الباطل ‪ ،‬فيندحر صاغرا ذليل ‪:‬‬
‫وكانت حرب العلمانية على السلم على خمسة محاور‪:‬‬
‫الول ‪ :‬ضرب وحدة المسلمين ‪ ،‬بالفكر القومي والوطنيات‬
‫الثاني ‪ :‬ضرب الشريعة السلمية في الحكم بالقوانين الطاغوتية‬
‫الثالث ‪ :‬ضرب الثقافة السلمية كتراث المة الذي ينبني في الصل على‬
‫الوحي المحفوظ ‪ ،‬وبه تتميز عن جميع الثقافات الرضية ‪ ،‬بالثقافات‬
‫والفلسفات الملحدة المستورده ‪0‬‬
‫الرابع ‪ :‬ضرب البنية الجتماعية السلمية بافساد المرأة فالسرة فتقويض‬
‫معالم المجتمع السلمي ‪ ،‬وذلك بغرس أخلق المجتمعات العلمانية في‬
‫النسيج الجتماعي للمة ‪0‬‬
‫الخامس ‪ :‬ضرب مفهموم الجهاد ‪ ،‬وتصويره بأنه ارهاب وتطرف وعداوة‬
‫للنسانية والسلم ‪ ،‬وأنه ضد التعايش والتفاهم بين الحضارات‬
‫في الوقت الذي يستميتون فيه لبقاء المسلمين في حالة تخلف عسكري‬
‫ويعدون كل العدة لغصب حقوق الشعوب السلمية بالقوة العسكرية ‪0‬‬
‫فاذا تفككت هذه الركان السلمية عبر هذه المحاور وتقوض البنيان ‪ ،‬ابتلعت‬
‫الحضارة التي ينتمي اليها العلماني المحارب ‪ ،‬حضارة السلم وهيمنت‬
‫عليها ‪ ،‬وألحقت الهزيمة بالسلم هذه هي خطة الحرب ‪ ،‬وهذه امنتيهم‬
‫منتك والله المحال النفس ان طمعت بذا وخدعت بالشيطان‬
‫وتحركت جيوشهم تقذف بالكتب والمجلت والرسائل والصحف والمؤلفات‬
‫على حصون السلم ‪ ،‬وتمدها مدفعية من الفنون والسينما والمجون ‪ ،‬تزين‬
‫الخلعة وتقبح الطاعة ‪ ،‬ويغطيها سلح الجو من سلطة دول قامت على‬
‫مباديء العلمنة وفرضها بالقوة على شعوب المة ‪ ،‬وغنى أدباؤهم وشعراؤهم‬
‫أهازيج الحرب ‪ ،‬العقاد والحكيم ومن معهما ‪ ،‬فنجيب محفوظ وأنيس منصور‬
‫ومن نحا نحوهما ‪ ،‬وكانوا في حربهم شر مقاتلة ‪ ،‬ليرقبون في مؤمن ال ول‬
‫ذمة‪ ،‬وليقيمون لذي عهد عهده ‪ ،‬وليحترمون حرمات الدين وليعتدون‬
‫بمقدساته ‪0‬‬
‫نسخوا شريعة الله جهار نهارا ‪ ،‬وحكموا شريعة الطاغوت في كل شيء ال‬
‫قليل ‪ ،‬وقدموا في المناهج الثقافية والتربوية والتعليمية والعلمية والسياسية‬
‫والقتصادية والجتماعية والقضاء بين الناس ‪ ،‬تقديس مناهج عظماء الكفر‬
‫من فلسفة وقادة وحكام ‪ ،‬وسخروا من حدود الله تعالى ‪ ،‬وشريعته ‪ ،‬وتعدد‬
‫الزوجات ‪ ،‬والحجاب والعفة ‪ ،‬وصار العهر تحررا واختلط المرأة بالجانب‬
‫وارتكاب الفواحش مدنية وعصرنة ‪ ،‬وصارت المرأة التي يكون عرضها‬
‫وشرفها أهون مبذول نجمة في السماء وحاملة رسالة الفن الى العلياء ‪0‬‬
‫وتطوال بعضهم على القرآن فشكك فيه ‪ ،‬ومقام النبوة فلمز وغمز ‪ ،‬لوح أو‬
‫تجرأ فصرح ‪0‬‬
‫وصارالمرتد مفكرا متحررا ورائدا اصلحيا متنورا ‪ ،‬وفي الوقت الذي حاربوا‬
‫فيه حد الردة وسخروا منه ‪ ،‬أقاموا القتل والتنكيل والتعذيب وسفكوا آلف‬

‫‪53‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الدماء البريئة بشبهة النتماء الى جماعة للدعوة الى السلم ‪ ،‬أو لسباب‬
‫وآراء سياسية ‪0‬‬
‫وأقاموا للناس أصناما بشرية ينفخون فيها ويسخرون كل الطاقات والقوى‬
‫والعلم المزيف ليضخمها لتشغل مكان ألوهية الله تعالى في قلوب الناس ‪،‬‬
‫يلهجون بحمد هذه الشخصيات البشرية الوثنية ‪ ،‬ويرتلون بذكرها ويحشدون‬
‫لها الحشود المسبحه لتموت في سبيلها ‪0‬‬
‫وأخرجوا الناس من عبودية الله تعالى واستهزءوا بالمتبتل فيها والمتمسك‬
‫بسنة النبي صلى الله عليه وسلم في هديه وسمته وأخلقه ‪ ،‬وأحدثوا لهم‬
‫بدل ذلك شريعة العبودية للغرب أو الشرق بكل تفاصيلها الدقيقة في كل‬
‫شيء ‪ ،‬في تسريحة الشعر وأزياء الموضة ‪ ،‬فهذا للصباح وهذا لبعدالظهر‬
‫وهذا للمساء وهذا للسهرة ‪ ،‬وهذه الصباغ للوجه تحوله الى معرض لللوان ‪،‬‬
‫وينفقون على هذا كله الموال الطائلة التي ترهق كاهل الناس وتقذف مئات‬
‫المجلت بآخر أخبار الموضة كل يوم ‪ ،‬وليس في هذا التقليد العمى والنقياد‬
‫التائه للجنبي ‪ ،‬والقيود المرهقة التي تشبه العبودية في أدق التفاصيل عار‬
‫ول حرج ‪ ،‬والعار كل العار والحرج كل الحرج اذا تعبد النسان لربه في‬
‫القتداء بهدي النبوة في حياته كلها ‪ ،‬فيصير متطرفا وارهابيا ومتخلفا ورجعيا‬
‫‪0‬‬
‫وأمد الله المؤمنين بمدد من عنده ‪ ،‬وربط على قلوبهم ‪ ،‬وثبت القدام ‪،‬‬
‫فصبروا وصابروا ‪ ،‬وقاتلوا وقتلوا ‪ ،‬وأقاموا نحورهم سدا منيعا لهذا الدين ‪،‬‬
‫فمنهم من قضى نحبه ‪ ،‬ومنهم من ينتظر ‪ ،‬وما بدلوا تبديل ‪0‬‬
‫هذه العساكرقد تلقت جهرة ودنا القتال وصيح بالقران‬
‫صفوا الجيوش وعبئوها وابرزوا للحرب واقتربوا من الفرسان‬
‫تبا لكم لو تعقلون لكنتم خلف الخدور كأضعف النسوان‬
‫من أين أنتم والحديث وأهله والوحي والمعقول بالبرهان‬
‫ما عندكم ال دعاوى أوشكو ك أو شهادات على البهتان‬
‫بجعجعة وفرقعة وغمغمة وقعقعة بكل لسان‬
‫جهل وتجيهل وتلديسا وتلبيسا وترويجا على العميان‬
‫تحمون ملك كبيركم والهكم كي تحصلوا فيه على سلطان‬
‫وبحقنا نحمي الهدى ونذب عن سنن الرسول ومقتضى القرآن‬

‫)‪(7 /‬‬

‫هذه الحلقة موصولة بما سبق ذكره في تاريخ غزو الفكر العلماني للبلد‬
‫السلمية ‪ ،‬والمقصود بهذه الحلقات ‪ ،‬تثقيف شباب الصحوة بهذا التاريخ‬
‫ليربطوا الواقع بالماضي ‪ ،‬وليعرفوا حقيقة ما تواجهه الدعوة السلمية‬
‫المعاصرة من تحديات ‪ ،‬وحقيقة العدو الذي تحاربه على مستوى الفكر ‪،‬‬
‫وحقيقة الصراع الدائر اليوم بين الحركات السلمية ومن يحارب أهدافها في‬
‫عالمنا العربي والسلمي ‪ ،‬وليرتبوا أولوياتهم على أساس من المعرفة‬
‫الدقيقة والمطابقة لواقعهم ‪ ،‬ولول أني لمست في أوساط كثير من حملة‬
‫العلوم الشرعية جهل مطبقا في هذه الحقائق حمل بعضهم على تخبط عظيم‬
‫في ترتيب اوليات الدعوة ‪ ،‬لكان فيما نعيشه من صراع واضح مع الفكر‬
‫العلماني في حياتنا كل يوم غنية عن الكتابة في هذا الموضوع ‪0‬‬
‫كان من أوائل مهندسي موقع العدو في أوائل أيام المعركة ‪ ،‬هو ) كرومر (‬
‫وقد تخرج على يده أو وجه أو أثر في تلمذة على صنفين ‪ ،‬صنف يقاتل‬

‫‪54‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫السلم علنا ‪ ،‬وصنف يلبس هذه الحرب لباس الدين ليزين العلمنة‬
‫للمسلمين ‪0‬‬
‫وألفت كتب خطيرة في ترويج العلمنة وتلبيسها لباس السلم منها ) السلم‬
‫وأصول الحكم ( لعلي عبدالرازق في ناحية التشريع السلمي وحاصله أن‬
‫الحكم بما أنزل لله تعالى ليس من مهمات الدين ول يجب اللتزام بها دينا‬
‫وشرعا في كل شيء وانما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم من باب‬
‫السياسية التي ناسبت زمانه ل من باب النبوة والوحي الملزم ‪ ،‬ومنها ) في‬
‫الشعر الجاهلي () ومستقبل الثقافة في مصر( لطه حسين ‪ ،‬وحاصل ما كان‬
‫يحوم حوله في هذين الكتابين ‪ ،‬أن الثقافة السلمية وان استندت في ناحية‬
‫منها الى الوحي حتى لو كان القرآن ‪ ،‬فان شأنها شأن غيرها من الثقافات ‪،‬‬
‫يجب أن تخضع لمعايير العلوم الحديثة ‪ ،‬ومنها كتاب ) تحرير المرأة ( وحاصله‬
‫تغريب حياة المرأة وقد فتح الباب لهذا الشر فدخل منه العجب العجاب ‪،‬‬
‫ومنها كتاب ) اليوم والغد ( لسلمة موسى وكان صريحا يشن غارته على‬
‫السلم في وضح النهار جهارا ‪0‬‬
‫وأبطلت هذه الكتب ) بكتاب النكير على منكري النعمة ( لمصطفى صبري ‪،‬‬
‫وكتاب ) الخلفة أو المامة العظمى ( لمحمد رشيد رضا ‪ ،‬وكان هذا الخير‬
‫أهم كتاب ظهر في هذه الفترة ‪ ،‬بين فيه أن الحكم بالشريعة في نظام حكم‬
‫اسلمي ) الخلفة ( هو حجر الزاوية في انتظام شؤون المسلمين ‪ ،‬وقيام‬
‫شريعتهم ‪ ،‬وسلمة دينهم ‪ ،‬وتماسك بنيانهم واجتماع كلمتهم ‪ ،‬وبين فيه أن‬
‫نهضة المسلمين أنما تتوقف على اقامة الخلفة السلمية ‪ ،‬ذلك أن كتاب‬
‫على عبدالرازق ‪ ،‬بني على تهميش دور المامة الحاكمة بالشريعة واقصائها‬
‫من أن تكون من مهمات الدين ‪ ،‬فكان كتاب رشيد رضا مفندا لمافيه قبل‬
‫صدوره ‪ ،‬وغالب مافيه مادة جيدة مبنية على أصول شرعية صحيحة ‪ ،‬وان‬
‫كان فيه ما يستدرك فالكمال عزيز ‪0‬‬
‫وأما كتاب مصطفى صبري ‪ ،‬فكان ردا على كتاب صدر بالتركية وترجم الى‬
‫العربية بعنوان ) الخلفة وسلطة المة ( ألفته لجنة من الترك باشارة من‬
‫الكماليين ) وهم الذين دبروا سقوط الخلفة وعلمنة تركيا ( ويهدف هذا‬
‫الكتاب الى مثل هدف كتاب على عبدالرازق ‪،‬وهو ايجاد سند شرعي بالزور‬
‫والباطل والكذب واتباع المتشابهات ‪ ،‬لما فعله مصطفى كمال من اقصاء‬
‫الخلفة واقامة الحكم العلماني ‪ ،‬وقد رد عليه مصطفى صبري ردا بليغا قويا‬
‫محكما وكان لكتابه أثر عظيم في الدفاع عن منزلة المامة الشرعية في‬
‫السلم ) الخلفة ( وأن الحكم والسياسية جزء مهم من الدين‪ ،‬وحذر علماء‬
‫المسلمين من مكائد الداعين الى عزل علماء السلم عن السياسة بالخديعة‬
‫والمكر ‪ ،‬ومن أجزل ما فيه من القول البليغ قوله رحمه الله ‪ ):‬والذين جردوا‬
‫الدين في ديارنا عن السياسة كانوا هم واخوانهم ليرون الشتغال بالسياسة‬
‫لعلماء الدين ‪ ،‬بحجة أنه لينبغي لهم وينقص من كرامتهم ‪ ،‬ومرادهم حكر‬
‫السياسة وحصرها لنفسهم ‪ ،‬ومخادعة العلماء بتنزيلهم منزلة العجزة ‪،‬‬
‫فيقبلون أيديهم ‪ ،‬ويخيلون لهم بذلك أنهم محترمون عندهم ‪ ،‬ثم يفعلون ما‬
‫يشاؤون بدين الناس ودنياهم ‪ ،‬محررين عن احتمال أن يجيء من العلماء أمر‬
‫بمعروف أو نهي عن منكر ‪ ،‬ال ما يعد من فضول اللسان ‪ ،‬أويكمن في‬
‫القلب ‪ ،‬وذلك أضعف اليمان ‪ ،‬فالعلماء المعتزلون عن السياسة ‪ ،‬كأنهم‬
‫تواطأوا مع كل الساسة ‪ ،‬صالحيهم وظالميهم ‪ ،‬على أن يكون المر بأيديهم‬
‫ويكون لهم منهم رواتب النعام والحترام ‪ ،‬كالخليفة المتنازل عن السلطة‬
‫وعن كل نفوذ سياسي ( ‪ ،‬هذا بعض قوله ‪ ،‬فلله دره ما أجزل وصفه وأبلغه ‪،‬‬

‫‪55‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وكأنه يعيش بيننا ويرى بعينيه حالنا ‪0‬‬


‫وألف مصطفى صادق الرافعي كتابه ) بين القديم والجديد ( وكان في جله‬

‫)‪(8 /‬‬

‫غارة على كتاب طه حسين ) مستقبل الثقافة ( الذي سلك فيه مسلك‬
‫الخداع والدهاء بعد الهجوم الذي تعرض له اثر كتابه ) في الشعر الجاهلي( ‪،‬‬
‫وقد دمرت هذه الغارة الرافعية أيضا كتاب ) اليوم والغد ( لسلمة موسى‬
‫الذي يدعو فيه صراحة الى ) أن يكون التعليم أوربيا لسلطان للدين عليه (‬
‫بل يدعوا الى اقتلع ما في ثقافتنا من ) أثار العبودية والذل والتوكل على‬
‫اللهة (كما زعم ‪ ،‬في هجوم صريح على الدين ‪ ،‬غير أن كتاب طه حسن كان‬
‫أشد منه ‪ ،‬ودعى فيه الى حمل مصر على الحضارة الغربية وطبعها بها ‪،‬‬
‫وقطع ما يربطها بقديمها وباسلمها ‪0‬‬
‫ومقابل ما كانت تدعو اليه مجلت العلمنة والتغريب كالمقتطف والسياسة‬
‫وغيرها من الرتماء في أحضان الغرب ‪ ،‬كان العلماء والمفكرون والدعاة‬
‫السلميون يجابهون هذه الحرب الضروس بكل قوة ‪ ،‬وكان من قادة‬
‫المعارك البطال في ذلك الوقت شكيب أرسلن ‪ ،‬ومحب الدين الخطيب ‪،‬‬
‫اضافة الى من تقدم ‪ ،‬ودارت رحى المعركة سنين طويلة ‪ ،‬كانت محورها هو‬
‫الدفاع عن موقع الستسلم لحكام الله تعالى والوحي في هذا الدين ‪ ،‬ضد‬
‫من كان يريد أن يجتال الناس عن هذا الموقع ويجعل في محله النقياد‬
‫لحكام وشريعة وأفكار البشر من ملحدة الكفار الذين أشرت الى أسماء‬
‫شيوخهم من الوربيين في مقال سابق ‪ ،‬جعلوهم اربابا من دون الله تعالى‬
‫يقدمون قولهم على قول الله تعالى وشريعتهم على حكمه جل وعل ‪0‬‬
‫وجاء بعد هذا الفوج من العلماء والدعاة الذين وقفوا في وجه العلمنة ‪ ،‬أفواج‬
‫وأفواج ‪ ،‬منهم علماء الطريقة السلفية كأحمد شاكر وحامد الفقي وغيرهما‬
‫كثير داخل مصر وخارجها وقد قدمتهم في مقال سابق ‪ ،‬من أبرز البطال‬
‫محمد محمد حسين رحمه الله تعالى ‪ ،‬ومحمود شاكر ‪ ،‬وأبو الحسن الندوي‬
‫وغيره من القارة الهندية ‪ ،‬ومنهم الكتاب والمفكرون والدباء والشعراء‬
‫السلميون ‪،‬وفي خضم المعركة ألف سيد قطب رحمه الله كتاب الظلل‬
‫وغيرها من الكتب وكانت غالب كتبه لسيما المتأخرة منها ‪ ،‬هجوما كاسحا‬
‫على معاقل العلمنة ‪ ،‬وقد ضرب القوم ضربات مدمرة ال أن السيف نبا‬
‫نبوات والله يغفر له ‪ ،‬وقد جمع بين جهاد الكلمة وجهاد النفس ‪ ،‬وشكر‬
‫موقفه آنذاك أهل العلم ممن كان يعلم طبيعة الحرب التي كان يجابهها‬
‫والعدو الذي كان يحاربه ‪0‬‬
‫وقد انتشرت الحرب الى جميع أنحاء العالم العربي والسلمي وتواجه‬
‫الفريقان في كل قطر ‪ ،‬فريق يدعوا الى التحاكم الى الله تعالى وشريعته ‪،‬‬
‫وفريق يدعوا الى العلمنة واللدينية ‪ ،‬وقد شارك في محاربة العلمنة من‬
‫ليحصيهم ال الله تعالى من أعضاء الجماعات السلمية كالخوان المسلمون‬
‫وغيرهم من الدعاة المسلمين في جماعات الدعوة المعاصرة ‪ ،‬اما بالرد‬
‫عليهم مباشرة ‪ ،‬وأما بالرد عليهم بالدعوة الى هذا الدين واقامة شرائعه‬
‫واظهار معالمه في نواحي الحياة كلها ‪ ،‬وان كانت ناحية الحكام والتشريع‬
‫والقضاء قد حماها العدو وأحكم حصارها ‪ ،‬لنه يعلم عظم منزلتها وخطورة‬
‫أمرها ‪0‬‬
‫وقد استمرت المعركة وتناقلها الجيال ‪ ،‬يخلف الجيل السلمي جيل آخر‬

‫‪56‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فيحمل اللواء ويقود المعركة ‪ ،‬وأما العلمانية فخلف من بعدهم أيضا خلف‬
‫أضاعوا الدين واتبعوا نفس أساليب الحرب التي استعملها أشياخهم ‪،‬‬
‫ورؤوسهم يظهرون العداوة تارة ‪ ،‬ويخفونها ويمكرون مكرهم الخفي تارة ‪،‬‬
‫يدسون الكفر في كتبهم وعباراتهم ويسلكونه بخبث في عقول المسلمين ‪،‬‬
‫وقد امتلت عقولهم من الشبهات وقلوبهم من الغل على السلم ‪:‬‬
‫ياقوم شاهدنا رؤوسكم على هذا ولم نشهده من انسان‬
‫ال وحشو فؤاده غل على سنن الرسول وشيعة القرآن‬
‫وهو الذي في كتبهم لكن بلطف عبارة منهم وحسن بيان‬
‫يامن يظن بأننا حفنا عليهم كتبهم تنبيك عن ذا الشان‬
‫فانظرترى لكن نرى لك تركها حذرا عليك مصايد الشيطان‬
‫فشباكها والله لم يعلق بها من ذي جناح قاصر الطيران‬
‫ال رأيت الطيرفي قفص الردى يبكي له نوح على الغصان‬
‫ويظل يخبط طالبا لخلصه فيضيق عنه فرجة العيدان‬
‫والذنب ذنب الطير أخلى طيب الثمرات في عال من الفنان‬
‫وأتى تلك المزابل يبتغي الفضلت كالحشرات والديدان‬
‫ثم جاء جيلنا نحن وصرنا في نعيش حلقة من حلقات الصراع ‪ ،‬ورأينا من أبناء‬
‫الكويت من ترك طيب الثمرات في عالي الفنان ‪ ،‬وأتى مزابل هؤلء‬
‫العلمانيين يبتغي فضلتهم ‪ ،‬وجندوا أنفسهم للنتصار للفكر العلماني ‪،‬‬
‫وصارت هذه القضية هي أكبر معارك الثقافة والسياسة والعلم والتعليم‬
‫‪00‬الخ ‪ ،‬نعيشها كل يوم بل كل ساعة ‪0‬‬
‫وهي من أكبر قضايا العصر الذي نعيشه ‪ ،‬وهي أكبر أزمات المة في الوقت‬
‫الراهن ‪ ،‬ومنها تنحدر كل الزمات ‪ ،‬من التحاكم الى غيرشريعة رب‬
‫العالمين ‪ ،‬وتقديم تصورات البشر وأفكارهم وفلسفاتهم على الوحي الهادي‬
‫الذي جاءت به النبياء ‪ ،‬قال تعالى ) كان الناس أمة واحدة فبعث الله النبيين‬
‫مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا‬
‫فيه ( ‪0‬‬

‫)‪(9 /‬‬

‫هذا هو تاريخ قضية الصحوة المعاصرة ‪ ،‬ومنه انحدر واقعنا المعاصر الذي‬
‫نعيشه اليوم ‪ ،‬واذا أردنا أن نفصل في طبيعة المعركة هذه اليام ورجالها‬
‫سنحتاج الى حلقات طويلة ‪ ،‬ويغنينا عن ذلك أنها أحداث نعيشها ‪ ،‬فمن يتابع‬
‫صحفنا واعلمنا ومؤسسات الثقافية وما يجري في عالمنا العربي والسلمي‬
‫على كل المستويات يرى بأم عينيه وقائع المعركة لتخفى معالمها ‪0‬‬
‫ولزالت الحرب دائرة رحاها ‪ ،‬لم تضع أوزارها ‪ ،‬ولن تضع أوزراها ال اذا‬
‫سقط أخر معاقل العلمنة ‪ ،‬وقام صرح الحكم بما أنزل الله تعالى في الفرد‬
‫والسرة والمجتمع والدولة والحياة ‪0‬‬
‫ونحو هذا الهدف تتحرك الصحوة السلمية المعاصرة ‪ ،‬واليه تزحف جيوشها ‪،‬‬
‫ومن أجله تنشط جماعاتها بالدعوة ‪ ،‬وفي سبيل تحقيقه تنظم صفوفها‬
‫وتتلقى الضربات وتسقط الضحايا وتتوالى الصفوف تنطلق الى أرض‬
‫المعركة ‪ ،‬تحافظ على راية الجهاد مرفوعة ل يضعفون وليستكينون لكثرة‬
‫الشهداء فالنصر وعد أكيد والعاقبة للمتقين ‪ ،‬وللحديث بقية باقية نكملها في‬
‫الحلقة القادمة ان شاء الله تعالى ‪0‬‬
‫مصرع العلمانية )‪4‬ـ ‪(4‬‬

‫‪57‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ذكرنا أن الحرب مع العلمنة في العالم السلمي لم تضع أوزارها منذ أن‬


‫هجمت جيوشها الغازية على بلدنا السلمية ‪ ،‬وأن الصحوة السلمية هي‬
‫التي وقفت سدا منيعا في وجهها ‪ ،‬وخاضت معركة السلم ضد اعدائه‬
‫وهي تتلقى الهجمات من جهتين ‪:‬‬
‫جهة كاشفة عن مقصدها ‪ ،‬تحارب الدين وترفضه ‪ ،‬وتدعوا جهارا الى عزله‬
‫عن الحياة ‪ ،‬وأهونهم شرا من يدعوا الى جعل الدين مجرد جزء من التراث‬
‫يقوم بدوره المحدد في الحياة ‪ ،‬فيزعمون أنهم يحترمون الدين اذا بقي في‬
‫دائرته وعرف المتدينون حدودهم التي لتتعدى المسجد والمناسبات الدينية‬
‫الرسمية ومكتب المفتي الذي ليتدخل في شئون الدولة وسياساتها في‬
‫الحكم والعلم والثقافة والعلقات الداخلية والخارجية ‪ ،‬بل يكون كمنزلة‬
‫البابا في دول الغرب يحترمونه ويعظمونه اذا بقي في اختصاصاته الطقوسية‬
‫ليتعداها ‪ ،‬وهم في الحقيقة ليحترمون الدين بهذا وليوقرونه بل يقتلونه‬
‫ويمحونه ويقضون عليه بمكر وخديعة وخبث ‪0‬‬
‫وجهة تحارب الدين باسمه ‪ ،‬ترفع رايته تضليل ‪ ،‬وتلبس العلمنة لباس السلم‬
‫‪ ،‬وهي تخرج من حصن العدو نفسه ‪ ،‬الفينة بعد الفينة ‪ ،‬يحملون المصاحف‬
‫ليخدعوا أهل الجهاد ‪ ،‬ويندسون بين الصفوف ويدعون الى القاء السلح‬
‫ويعوقون عن الجهاد ويشككون في الهداف ‪ ،‬ويثبطون المسيرة ‪ ،‬وما أشبه‬
‫ما يفعله محدثوهم بما فعله متقدموهم ‪ ،‬فاقرأوا معي ما قاله الكاتب‬
‫السلمي الجهبذ المجاهد محمد محمد حسين عن الدور الذي كان يقوم به‬
‫الكواكبي يقول ) وكلم الكواكبي هنا متأثر بما كان يذيعه ساسة الدول‬
‫الستعمارية عن الجامعة السلمية ‪ ،‬من تخيل الخطر الذي يهدد الغربيين في‬
‫اجتماع كلمة المسلمين وارتباطهم برابطة السلم ‪ ،‬الذي يدعو الى مجاهدة‬
‫غير المسلمين ‪ ،‬والذي يعتبر هذا الجهاد ركنا من أهم أركان الدين ‪ ،‬على أن‬
‫الناظر في كلم الكواكبي يجده متأثرا بفكره البابا الذي اتخذ مقره في‬
‫روما ‪ ،‬مهد المسيحية الولى في أوربا ‪ ،‬والذي يرأس المجمع الدين ‪ ،‬ويتوج‬
‫الملوك رعاية لسلطان الدين ‪ ،‬كما أن الناظر في كلمه يريبه ما فيه من‬
‫تودد الى الدول المستعمرة ‪ ،‬ومن تهوين لوقوع المم السلمية تحت حكمهم‬
‫‪ ،‬واسقاط فريضة الجهاد بعد أن فسرها تفسيرا غريبا (‬
‫فهذا الكواكبي كان منتسبا الى الدين ‪ ،‬وهو مع ذلك يأتي من القول الخطل‬
‫ما يكاد يوقع بين المسلمين ويحرض ضد اجتماعهم ‪ ،‬ويدعو الى عزل الدين ‪،‬‬
‫ويهون وقوع المة في حكم الكافر ‪ ،‬ويضعف موقع الجهاد في السلم ‪ ،‬فهو‬
‫يمهد الطريق للعلمنة ‪ ،‬ويعينها على بلوغ أهدافها في العالم السلمي ‪،‬‬
‫وهكذا يفعل الشباه ‪ ،‬عندما يهونون مقالة الكفرالقائلة )الدين لله والحكم‬
‫لقيصر( ‪ ،‬ويدعون الى عزل الدعوة عن السياسية والواقع ‪ ،‬ويجعلون الجهاد‬
‫الشرعي افسادا ‪ ،‬ويدعون الى حرب دعاة المة والقضاء على الصحوة لنها‬
‫فرق ضالة أخطر من جيش العلمنة بأسره ‪ ،‬ويجعلون الحكم بغير ما أنزل‬
‫الله )مجرد معصية ( ‪،‬والمامة الحاكمة بالشريعة ما هي ال فرع من فروع‬
‫الدين لتستحق كل هذا الهتمام لقامتها ‪ ،‬فيقلبون دفة المعركة ‪ ،‬بتهوين‬
‫العلمنة ووقوع المة تحت حكم الكافر ‪،‬وتوجيه الحرب الى الصحوة نفسها‬
‫وجعلها حربا شرعية وجهادا مقدسا ‪ ،‬هؤلء الشباه انما يمهدون بمثل تمهيد‬
‫الكواكبي ‪0‬‬
‫وما أحسن وصف المام ابن القيم لحرب الكفار للسلم ومواطئة من بداخل‬
‫حصن السلم لهم ‪ ،‬في هذه البيات ‪:‬‬
‫أرأيت هذا المنجنيق فانهم نصبوه تحت معاقل اليمان‬

‫‪58‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫بلغت حجارته الحصون فهدت الشـ رفات واستولت على الجدران‬


‫لله كم حصن عليه استولت الكفـ ار من ذا المنجنيق الجاني‬
‫ومن البلية أن قوما بين أهل الحصن واطوهم على العدوان‬
‫ورموا به معهم وكان مصاب أهل الحصن منهم فوق ذي الكفران‬
‫فتركبت من كفرهم ووفاق من في الحصن أنواع من الطغيان وجرت على‬
‫السلم أعظم محنة من ذين تقديرا من الرحمن‬

‫)‪(10 /‬‬

‫والله لول أن تدارك دينه الرحمن كان كسائر الديان‬


‫لكن أقام له الله بفضله جندا من النصار والعوان‬
‫فرموا على ذا المنجنيق صواعقا وحجارة هدته للركان‬
‫وقد علمت أيها القاريء العزيز من البيت الخير أي منقلب سينقلب من‬
‫يعادي هذا الدين ‪ ،‬والى أي هزيمة نكراء سيصير حاله ‪ ،‬عندما تهد أركانه‬
‫جنود اليمان بصواعق السنة والقرآن والله المستعان ‪0‬‬
‫@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@‬
‫المقال الخامس‬
‫ــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــ‬
‫الدين والدولة‬
‫من حقائق السلم الكلية المتعلقة بالعقيدة السلمية تعلقا أساسيا أنه دين‬
‫ودولة ل انفكاك بينهما ‪،‬حتى لقد قرأت لبعض الكتاب المستشرقين الذين‬
‫أسلموا ول يحضرني الن اسمه أنه وبعد أن قرأ مافي القرآن والسنة عن‬
‫هذه الحقيقة قال ‪ :‬ل أقول السلم دين ودولة ‪ ،‬بل هو الدين وهو الدولة ‪0‬‬
‫ومرجع هذا في الشريعة الى أن الله تعالى ربط نجاة النسان في هذا الدين‬
‫بالقيام بواجب المر بالمعروف والنهي عن المنكر وذلك في سورة العصر‬
‫) والعصر ان النسان لفي خسر ال الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا‬
‫بالحق وتواصوا بالصبر ( ‪ ،‬فل نجاة من الخسران في الخرة بالكتفاء باليمان‬
‫والعمل الصالح ‪ ،‬بل لبد من المربالمعروف والنهي عن المنكر ) تواصوا‬
‫بالحق ( ول بد من الصبر على ذلك ) وتواصوا بالصبر (‬
‫ولم يؤمرالمسلمون أمرا شرعيا دينيا أن يقيموا لهم الدولة ال لهذا الغرض ‪،‬‬
‫وصار هذا من اعظم واجبات الدين كما قال شيخ السلم ابن تيمية رحمه‬
‫الله ) يجب أن يعرف أن ولية أمر الناس من أعظم واجبات الدين بل لقيام‬
‫للدين ول للدنيا ال بها ( ‪28/390‬‬
‫والغرض من اقامة الدولة أصل اقامة الدين والمر بالمعروف والنهي عن‬
‫المنكر قال شيخ السلم ) وجميع الوليات السلمية انما مقصودها المر‬
‫بالمعروف والنهي عن المنكر ‪ ،‬سواء في ذلك ولية الحرب الكبرى ‪ ،‬مثل‬
‫نيابة السلطنة والصغرى مثل ولية الشرطة ‪ ،‬وولية الحكم ‪ ،‬أو ولية المال‬
‫وهي ولية الدواوين المالية ‪ ،‬وولية الحسبة ( ‪28/66‬‬
‫والمقصود أن الدولة في السلم ‪ ،‬وكل ولياتها عملها ـ في الصل ـ المر‬
‫بالمعروف والنهي عن المنكر ‪ ،‬ولهذا قامت وهذا ـ فقط ـ هو وجه مشروعية‬
‫الدولة في السلم ‪ ،‬وولي المر يستمد مشروعيته من هذه الجهة فحسب ‪،‬‬
‫و)المر( الذي اضيف )الولي( اليه في الشريعة هو هذا المر فحسب ‪ ،‬أمر‬
‫اقامة الدين بواسطة جهاز الدولة وتسخيرها للمر بالمعروف والنهي عن‬

‫‪59‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المنكر ‪0‬‬
‫لكن ينبغي أن يعلم أن المعروف يدخل فيه كل ما يحبه الله ويرضاه من‬
‫العمال والقوال ويتحقق به مصالح العباد واصلح أحوالهم ‪ ،‬فيدخل فيه هذه‬
‫اليام حتى تنظيم المرور في الطرق ونحو ذلك ‪ ،‬والمنكر يدخل فيه كل ما‬
‫ليحبه الله وليرضاه من القوال والعمال وكل ما يكون أقرب الى فساد‬
‫العباد واضطراب أحوالهم حتى الغش في السواق وتولية من ليستحق في‬
‫ادارات الدولة وان كانت الولية صغيرة ونحو ذلك ‪ ،‬والمقصود أن هذه الكلمة‬
‫) المر بالمعروف والنهي عن المنكر ( في الشرع عامة يدخل فيها ما شرع‬
‫في الدين كله ‪0‬‬
‫وهذه الحقيقة الثابتة التي دل عليها القرآن ) لقد أرسلنا رسلنا بالبينات‬
‫وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط وأنزلنا الحديد ( ‪ ،‬ودلت‬
‫عليها السنة المطهرة ‪ ،‬هي السبيل الحق والصراط المستقيم في فهم علقة‬
‫الدين بالدولة في السلم ‪0‬‬
‫ويقابلها سبيلن فاسدتان ‪ ،‬قال شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله ) وهاتان‬
‫السبيلن الفاسدتان ــ سبيل من انتسب الى الدين ولم يكمله بما يحتاج اليه‬
‫من السلطان والجهاد والمال ‪ ،‬وسبيل من أقبل على السطان والمال‬
‫والحرب ‪،‬ولم يقصد بذلك اقامة الدين ــ هما سبيل المغضوب عليهم‬
‫والضالين ‪ ،‬الولى للضالين النصارى ‪ ،‬والثانية للمغضوب عليهم اليهود (‬
‫‪28/395‬‬
‫وقد وقع في هذه المة ــ كما ورد في الحديث لتتبعن سنن من كان قبلكم ــ‬
‫نظير ما في هاتين المتين ) اليهود والنصارى ( فمن حكامنا من يريد‬
‫السلطان والمال والحرب لقامة الدنيا غير ملتفت الى الدين ‪ ،‬ول ينصرالدين‬
‫ال ما أشرب من هواه ‪ ،‬وخيرهم من ليكون له غرض ذاتي في محاربة الدين‬
‫مالم يخاف ذهاب شهواته وحاشيته فحينئذ فالدين عندهم أهون مقتول ‪،‬‬
‫فهؤلء كاليهود كلما جاءهم رسول بما لتهوى أنفسهم استكبروا ففريقا كذبوا‬
‫وفريقا يقتلون ‪0‬‬
‫ومن المنتسبين الى العلم من يريد الدين بل سلطان ولجهاد ول مال يقيمه ‪،‬‬
‫كالنصارى الذين يقولون ) دع ما لله لله وما لقيصر لقيصر ( ‪ ،‬ويجعلون كل‬
‫من يتولى أمر المسلمين ولي أمرشرعي لتجوز منازعته في شيء ‪ ،‬سواء‬
‫من رفع الدين ومن وضعه ‪ ،‬حتى عد بعض المجازفين منهم رئيس الجمهورية‬
‫التركية ) سليمان ديمريل ( ولي أمر شرعي ‪ ،‬واستنكر سعي حزب الرفاه‬
‫للحصول على المال والسلطان والقوة للسيطرة على الدولة التركية ‪ ،‬لنه ــ‬
‫كما زعم ــ خروج على ولي المر ‪0‬‬

‫)‪(11 /‬‬

‫ولهذا تجد هؤلء تشمئز قلوبهم اذا ذكر الجهاد والحكم بما أنزل الله ‪ ،‬أو‬
‫الدعوة الى تغيير الواقع ‪ ،‬وتضيق صدروهم بمن يعتني بفضح مكائد أعداء‬
‫المة وعملئها للسيطرة على مقدرات القوة عند المسلمين ‪ ،‬وربما استعانوا‬
‫بقوة السلطان لسكاته ‪ ،‬فيصيرون عونا للسلطان على عزل الدين عن‬
‫الدولة ‪ ،‬لموافقة ذلك لما في نفوسهم من مشابهة النصارى من هذه الجهة‬
‫‪0‬‬
‫وصارت المة بسبب خيانة حكامها وانعزال كثير من علماءها أوانحراف كثير‬
‫منهم ‪ ،‬في هذه الحال من الضعف والمهانة ‪ ،‬ذلك ان الله تعالى حبس عنها‬

‫‪60‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫النصر حتى تتخلص من مشابهة هاتين السبيلين‬


‫)المغضوب عليهم والضالين ( ‪ ،‬ولهذا قال الله تعالى لموسى وهارون نبيي‬
‫السلم بعد دعائهما بالنصر على العداء ) قال قد أجيبت دعوتكما فاستقيما‬
‫ول تتبعان سبيل الذي ليعلمون ( ‪ ،‬فشرط النصر الستقامة على سبيل‬
‫الهدى فان الله تعالى لينصر ال من ينصر دينه وينصر كتابه المتضمن لهداه )‬
‫ان تنصروا الله ينصركم (‬
‫قال شيخ السلم ) والكتاب هو الحاكم بين الناس شرعا ودينا ‪ ،‬وينصر القائم‬
‫نصرا وقدرا ‪ 000‬فان الله نصر الكتاب بأمر من عنده ‪ ،‬وانتقم ممن خرج عن‬
‫حكم الكتاب كما قال ) ال تنصروه فقد نصره الله ( ( ‪28/37‬‬
‫@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@‬
‫نحذر منه يا شيخ !!‬
‫صدور مايخالف الشريعة ‪ ،‬أو يظن أنه يخالف الشريعه ‪ ،‬ممن يكون لهم‬
‫فضل في العلم أو العبادة والعمل الصالح ‪ ،‬يوجب في كثير من الحيان‬
‫اشكال عند المبتدئين في العلم فيخرجون بسبب ذلك من موجب العدل‬
‫والنصاف والرحمة المأمور بها بين المؤمنين ) رحماء بينهم ( ‪0‬‬
‫يقول شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله ) قد يصدر عن بعض المشايخ‬
‫والفقراء والصوفية من أمور يقال ‪ :‬انها تخالف الشريعة ‪ ،‬فمن يرى أنها‬
‫منكرة وان انكار المنكر من الدين ‪ ،‬ينكر تلك المور ‪،‬‬
‫وينكر على ذلك الرجل ‪ ،‬وعلى من أحسن به الظن ويبغضه ويذمه ويعاقبه ‪،‬‬
‫ومن رأى ما في ذلك الرجل من صلح وعبادة ‪ :‬كزهد وأحوال وورع وعلم‬
‫لينكرها بل يراها سائغة أو حسنة أو يعرض عن ذلك ‪ ،‬وقد يغلوا كل واحد من‬
‫هذين ‪ ،‬حتى يخرج بالول انكاره الى التكفير والتفسيق) قلت أو التبديع ( في‬
‫مواطن الجتهاد ) قلت أوفي مواطن الغلط الذي ليوجب التبديع ( ‪ ،‬متبعا‬
‫لظاهر من أدلة الشريعة ‪ ،‬ويخرج بالثاني اقراره الى القرار بما يخالف دين‬
‫السلم مما يعلم بالضطرار أن الرسول جاء بخلفه ‪ 000‬والول كثيرا ما يقع‬
‫في ذوي العلم لكن مقرونا بقسوة وهوى ‪ ،‬والثاني كثيرا ما يقع في ذوى‬
‫الرحمة لكن مقرونا بضلل وجهل ‪ ،‬فأما المة الوسط ‪ :‬فلهم الرحمة‬
‫والعلم ( ثم ذكر ما حاصله أنه يجب مع بيان الخطأ رحمة المخطيء والتماس‬
‫العذر له ان كان ممكنا مجموع الفتاوى ‪10/380‬‬
‫ويتمثل في واقعنا هذه اليام ما قاله رحمه الله بحذافيره ‪ ،‬فمن المشتغلين‬
‫بالعلم من يجد غيره واقعا في مخالفة للشريعة أو ما يظنه كذلك ويكون من‬
‫مسائل الجتهاد ‪ ،‬أو ليكون الغلط من مسائل الجتهاد ‪ ،‬لكنه أيضا ل يبلغ ما‬
‫يستوجب تبديعه أو تضليله أو تفسيقه ‪ ،‬فيذمه ويبالغ في الطعن عليه ‪،‬‬
‫ويلحق به من يحبه و يحسن به الظن ويصاحبه ‪ ،‬ويخلط هواه بمراد الشرع ‪،‬‬
‫ومن هواه الحسد والغل والحقد فيغطي هذه باظهار الحمية للدين وانكار‬
‫البدع ‪ ،‬وهو مع غير هذا المحسود من أهل البدع الغلظ ألين وأرحم ‪ ،‬لكن‬
‫هواه أوجب له التغليظ على المحسود ‪ ،‬وهذا كثير هذه اليام التي غلب فيها‬
‫الهوى وطلب العلو والمنافسة على الذكر والمنزلة عند الناس ‪ ،‬وقل فيها‬
‫اخلص الوجه لله تعالى بين حملة العلم ‪0‬‬
‫ومن الناس من ليريد أن ينكر على أحد شيئا ‪ ،‬ويقول يعذر بعضنا بعضا فيما‬
‫اختلفنا فيه مطلقا بل تفريق بين الخطأ المقطوع به والخطأ الجتهادي ‪ ،‬وبين‬
‫ما يكون في أصول العقائد وما يكون في فروع العمليات ‪ ،‬ويكثر هذا في‬
‫أهل الرادة والتشمير في العمل والعبادة فانه يحصل لهم بسبب ذلك من‬
‫الرقة في القلوب وصفاء النفوس وخلوها من المراض الباطنة ما يوجب‬

‫‪61‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫تغليب الرحمة وحب الناس ‪ ،‬لكن ينبغي أن يقترن هذا بالقيام على حدود‬
‫الشريعة وانكار ما يخالفها ‪0‬‬
‫وكل الفريقين مقصر تارك بعض ما يجب عليه من الحق ‪ ،‬والحق الكامل‬
‫فيمن قال بعلم ورحم الخلق ‪ ،‬فأنكر ما يخالف الشرع كائنا من كان المخالف‬
‫مبتغيا بذلك وجه الله ‪ ،‬ورحم المخطيء ان كان مستحقا ‪ ،‬وعذره ان كان له‬
‫عذر ‪ ،‬فان كان لبد من ذمه فل يتجاوز ما يستحق من الذم المشروع الى‬
‫العدوان ‪ ،‬ومن العدوان انكار فضله واهدار محاسنه ‪ ،‬فان الله تعالى نهى‬
‫المؤمنين في قتال الكفار الذي تحمى فيه النفوس غضبا وتطيش فيه العقول‬
‫حمية ‪ ،‬نهاهم عن العتداء ومجاوزة الحد المشروع قال تعالى ) وقاتلوا في‬
‫سبيل الله الذين يقاتلونكم ول تعتدوا ان الله ليحب المعتدين ( ‪ ،‬فكيف بحال‬
‫المسلم مع المسلم ‪0‬‬

‫)‪(12 /‬‬

‫ولهذا كانت السبيل القاصدة هي سبيل الجمع بين العلم والعمل ‪ ،‬فبالعلم‬
‫تحفظ حدود الدين وبالعمل تصلح القلوب والحوال والفعال ‪ ،‬وقد سئل‬
‫بعض السلف عن تقديم العلم أو العمل ‪ ،‬فقال خذ من هذا لهذا ومن هذا‬
‫لهذا ‪ 0‬فاللهم اهدنا وسددنا وقنا شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا انك على كل‬
‫شيء قدير ‪0‬‬
‫@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@‬
‫المقال السادس‬
‫ــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــ‬
‫جماعة التراث الحيارى‬
‫بين احياء التراث ورفضه ‪ ،‬وبين النتقائية والتوفيقية ازاءه ‪ ،‬وما هو التراث ؟‬
‫وهل هو الدين فحسب ‪ ،‬وهل هو صيغة واحدة أم لكل فرقة في التراث‬
‫تصوراتها الخاصة حول الدين ‪ ،‬هل يحمل التراث دعوة دينية منعزلة ‪ ،‬أم‬
‫أيدلوجية شاملة انبثقت منها أيدلوجيات شتى ‪ ،‬هل سخر ويسخر التراث‬
‫لخدمة النزعات الشخصية الزعامية الملكية ‪ ،‬أوالحزبية السياسية ‪ ،‬ما مدى‬
‫خصوصيته أو تاثره بما قبله ‪ ،‬هل هو خير كله أم شر كله وما معايير التمييز‬
‫بينهما ان كان جامعا لما ‪ ،‬ما علقته باستقللية الفكر وحيادية العلم ‪ ،‬وما‬
‫مدى امكانية استلهامه لنجاز مشروع نهضوي كبير ‪ ،‬وما هو المنهج الذي‬
‫يصاغ لمعالجة التراث وهل يعالج معالجة بنيوية أم تاريخية أم أيدلوجية ‪ ،‬هل‬
‫نقرأ نصوصه قراءة مثالية من منطلق لهوتي في اطار ثيولوجي غيبي ‪ ،‬أم‬
‫قراءة تاريخية اجتماعية برؤية مادية ومنهج جدلي ماركسي ‪ ،‬هل العقيدة في‬
‫التراث حلم طوبوي خرافي خيالي ‪ ،‬أم حقيقة ؟ هل يمكن صياغة برنامج‬
‫اصلح من التراث وكيف يكون ‪ ،‬ما هو النسبي والمطلق في التراث ‪،‬‬
‫اشكالية الصالة والمعاصرة فيه ‪ ،‬المعقول واللمعقول فيه ‪ ،‬ثم اسقاط حل‬
‫هذه التساؤلت على الواقع العملي والحياتي المعقد والمتغير سريعا في‬
‫الكويت ‪0‬‬
‫هل منحى أدونيس في رفض التراث رفضا باتا هو الحق أم منحى السلفية‬
‫في احياءه أم توفيق فريق حسن حنفي أم انتقائية زكي نجيب محمود ‪ ،‬أين‬
‫الطريق وأين الهدى ؟؟‬
‫لزال التيار الليبرالي في الكويت عاجزا عن وضع تصورات محددة المعالم‬

‫‪62‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫لهذه التساؤلت ‪ ،‬ومتحيرا أو متناقضا في موقفه من التراث ‪ ،‬تراث هذه‬


‫المة الذي ورثته عن دينها وتاريخها ‪ ،‬وهم بين من ليدري ماذا يريد ؟ ومن‬
‫يخفي ما يريد ‪ ،‬ومن يعلم شيئا واحدا فحسب هو ماليريد ؟ غير أنهم‬
‫مجمعون ـ وللسف ــ على أن ماليريدونه هو مشروع التيار السلمي‬
‫المتكامل وما يتفرع عنه من مشاريع جزئية توصل اليه ‪0‬‬
‫وللوم عليهم فان الساتذة الكبارأشد حيرة واضل سبيل ‪ ،‬وأعظم تناقضا‬
‫فيما بينهم ‪ ،‬فأدونيس السافر ‪ ،‬ثم فؤاد زكريا وفرج فودة ونور فرحات ‪ ،‬ثم‬
‫من هو أقرب الى هدى السلم كزكي نجيب ومحمد عابد ومن هو أقرب‬
‫كحسن حنفي وأمثاله ‪ ،‬جميعهم حيارى يتنقلون من تيه الى تيه وليهتدون الى‬
‫السبيل ‪ ،‬واذا قرأ المرأ ما يكتبون ‪ ،‬تذكر قوله تعالى ) كالذي استهوته‬
‫الشياطين في الرض ‪ ،‬حيران ‪ ،‬له أصحاب يدعونه الى الهدى ائتنا ‪ ،‬قل ان‬
‫هدى الله هو الهدى ‪ ،‬وأمرنا لنسلم لرب العالمين ( ‪0‬‬
‫وأصبح جل نشاط هذا التيار ــ المليء بالتناقضات الغريبة ــ موجها نحو هدف‬
‫اعاقة استلهام المة لنهضتها من تراثها ‪ ،‬ومحاربة الداعين الى هذا‬
‫الستلهام ‪ ،‬وقد قاموا بهذا الدور بسلح يساري اشتراكي شرقي ‪ ،‬ردحا من‬
‫الزمن ‪ ،‬ثم لما فسد هذا السلح ‪ ،‬ألقي عليهم سلح ليبرالي غربي فأخذوه ‪،‬‬
‫فليس المهم عندهم أن تقتنع بالسلح ‪ ،‬مادام يحقق ذلك الهدف الخبيث ‪0‬‬
‫والمطلوب من التيار الليبرالي ومن لف لفه في الكويت أن يحاول الفهم أن‬
‫هذه المة ل يجدي فيها ترقيع من خارج تراثها ‪ ،‬فاما تراثها واما التياثها ‪0‬‬
‫وأن يعتبر بما جري من الفشل الذريع للنماذج الليبرالية والراديكالية في‬
‫الوطن العربي ‪ ،‬ويكف عن محاولة تكرار الخيبة ‪0‬‬
‫وأن يهتدي بهدى السلم فان الله تعالى ماأنزل هذا الدين سدى ول جعل‬
‫الناس في خيرة من أمرهم فيه ‪ ،‬بل جعله الصراط المستقيم الذي من تنكبه‬
‫مشى مكبا على وجهه ) أفمن يمشى مكبا على وجهه أهدى أمن يمشي على‬
‫صراط مستقيم ( ‪0‬‬
‫@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@‬
‫المقال السابع‬
‫ـــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــ‬
‫المرأة الجمبازية وفق الشريعة!!!‬
‫شاركت الكويت في حلقة نقاشية حول ) المرأة والرياضة ( ينظمها المجلس‬
‫السيوي الولمبي ‪ ،‬وهناك ألقت رئيسة نادي الفتاة الكويتي محاضرة بينت‬
‫فيها طموح الفتاة الكويتية في المشاركة في الرياضة التي قد توصلها في‬
‫نهاية المطاف الى تمثيل الكويت في المحافل الدولية الرياضية على حد‬
‫تعبيرها ‪0‬‬

‫)‪(13 /‬‬

‫وذكر هناك مدير عام المجلس الولمبي السيوي ) وهو كويتي ( أن المجلس‬
‫بصدد العمل على اجراء التغيير الجتماعي اللزم لتقبل المشاركة النسائية‬
‫في الرياضة السيوية والولمبية وقال ) ان المجلس يعي تماما الصعوبات‬
‫لبلوغ الهدف ولكن لبد من بداية صحيحة حتى ولو تأخرنا قليل ولكن أفضل‬
‫من أن ل نبدأ ( وأضاف ) من خلل الحلقة وهي الولى في منطقة العالم‬
‫العربي ال انها ستصل الى توصيات مهمة سترفع الى المجلس الذي بدوره‬

‫‪63‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫سيأخذ القرارات المناسبة لدمجها مع خططه في المستقبل ( نشر هذا الخبر‬


‫في جريدة الوطن يوم ‪.1997 /5 /26‬‬
‫المصيبة فيما جرى أن رئيسة نادي الفتاة صرحت قائلة ) لقد ركزت في‬
‫محاضرتي على أننا في الكويت كبلد صغير ولنا عادات وتقاليد وديننا السلم‬
‫ال انه رغم ذلك نسعى الى ادخال ممارسة الفتاة للرياضة بشكل تدريجي‬
‫ليتنافى مع هذه التقاليد كي ل يكون هناك خلل اجتماعي (‬
‫بالمس صارت عروض الزياء التي هي ــ في الحقيقة ــ عروض الجساد‬
‫ذوات الزياء ‪ ،‬وحفلت الغناء التي تتمايل فيها الغواني ويرققن أصواتهن‬
‫بالغزل وسط الرجال ‪ ،‬أو تتواثب فيها البنات على )وائل كفوري ( ‪ ،‬تجري‬
‫وفق ضوابط الشريعة السلمية ‪0‬‬
‫واليوم يريدون أن تلعب المرأة الكويتية الرياضة ــ ل في سترمستور عن‬
‫أعين ذوي الفجور ــ بل في المحافل الدولية ‪ ،‬ولكن حسب ديننا وتقاليدنا‬
‫وعاداتنا الكويتية ‪0‬‬
‫أيها العقلء ‪ ،‬انه أحد أمرين ‪ ،‬اما ان الدين تغير وبعث نبي جديد فنسخ أحكام‬
‫القرآن بقرآن جديد وشرائع السنة بسنة جديدة ونحن لنشعر ‪ ،‬واما ان القوم‬
‫يسخرون من الدين ويستهزئون بالقرآن ‪ ،‬بلخوف من الله تعالى ‪ ،‬ولحياء‬
‫من الناس ‪0‬‬
‫ويا أهل الكويت ‪،‬انه أحد أمرين ‪ ،‬اما أن تقاليدنا وعاداتنا انقلبت بين ليلة‬
‫وضحاها الى عادات أهل )باريس( و)فرانكفورت( بواسطة النسخ الجيني أو‬
‫شيء من هذا القبيل ‪ ،‬واما أنه نشأ جيل جديد ليدري ما معنى تقاليد وعادات‬
‫كويتية ‪0‬‬
‫هل من المعقول أن تلعب الفتاة الكويتية في المحافل الدولية كرة الطائرة‬
‫والسلة ‪ ،‬أو ألعاب القوة والسباحة والغطس والجمباز ‪ ،‬وفق الدين السلمي‬
‫والعادات الكويتية والتقاليد الصيلة للشعب الكويتي الكريم !!! ماهذا الهراء !‬
‫والله لن يعصي النسان ربه ويقول أنا مذنب ‪ ،‬خير له من أن يفترى على‬
‫دين الله تعالى ‪ ،‬فيحلل الحرام ويكذب على ربه هذا الكذب القبيح ‪0‬‬
‫المطلوب من كل ذي غيرة على الدين والخلق في هذا البلد ويستطيع أن‬
‫يصنع شيئا أن يساهم في اتخاذ الموقف المناسب من قضيتين ‪:‬‬
‫الولى الحفاظ على الدين وأحكام الشريعة كما أنزلها الله وكف أيدي‬
‫العابثين وألسنتهم عنها ‪0‬‬
‫الثانية ‪ :‬ايقاف هذه السلسلة الطويلة الحلقات من العبث في أخلق المجتمع‬
‫قبل أن يتسع الخرق على الراقع ‪ ،‬والله المستعان على ما يصفون‬
‫@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@‬
‫المقال الثامن‬
‫ـــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــ‬
‫الحرية إل !‬
‫عجيب أمر هذه الحرية التي يطالب بها من يطلقون على أنفسهم‬
‫)الليبراليون( في كل مكان من العالم ‪ ،‬انها مبذولة لكل أحد‪ ،‬في كل وقت‬
‫وفي كل شيء ‪ ،‬ال في حال واحدة فحسب ‪ ،‬اذا كانت في صالح المسلمين‬
‫و الدعوة السلمية ‪ ،‬فهي حينئذ ممقوتة محاربة مسخوط عليها ‪0‬‬
‫عندما فرض )أتارتورك ( وهوأول من سن سنة فصل الدين عن الحياة‬
‫والدولة في أهل السلم ــ ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل‬
‫بها الى يوم القيامة ــ عندما فرض بدعة العلمانية على قومه ‪ ،‬أخذ منها كل‬

‫‪64‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫شيء في باديء المر ال الحرية اذا كانت في صالح السلم ‪ ،‬لنه لو أخذها‬
‫انقلب عليه مايخطط له رأسا على عقب ‪ ،‬لن الترك ــ لسيما آنذاك ــ لو‬
‫تركوا وحريتهم اختاروا دينهم ‪ ،‬وقد بلغ به المرأنه لم يسمح بالحرية في‬
‫أبسط المور المتعلقة بحياة النسان ‪ ،‬وهو ما يضع على رأسه من اللبا س ‪0‬‬
‫ففرض على الترك استبدال القبعة الوربية بالطربوش مع أن القبعة تكون‬
‫على رأس البله والمجنون والمتحضر والهمجي ول شأن لها بتكميل عقل‬
‫ولتحضير همجي وليس لها هذا الثر الخطير على النهضة ‪0‬‬
‫ذلك أنه لم يكن يريد القبعة لذاتها ‪ ،‬بل كان يريد تربية الرأس المسلم على‬
‫أن الوربيين قبلتك فول وجهك شطرهم وخذ حسناتهم وسيئاتهم وما يحل‬
‫وما يحرم حتى لو كانوا عورا فاستطعت أن تكون أعورا فافعل ‪ ،‬أراد أن‬
‫يسب العرب ودينهم وضاقت به الساليب التي تظهر هذه العزيمة بوضوح‬
‫فلم يف بذلك ال هذا السلوب ‪0‬‬
‫واليوم في تركيا يعود هذا الدور في مصادرة حرية الشعب التركي ــ الذي‬
‫اختار دينه ــ واغلق مدارس الشريعة وفصل الضباط المنتمين الى هذا‬
‫الختيار من الجيش وهل جرا ‪ ،‬وفي الجزائر نسج دجاجلة الليبرالية المزعومة‬
‫على هذا المنوال ‪0‬‬
‫وفي هذا المضمار يجري كل من يدين بدين )الليبرالية( ‪ ،‬انهم يريدونها اذا‬
‫كانت تنقل حياة الغرب بعجرها وبجرها الينا ‪ ،‬وليريدونها اذا كانت تؤدي الى‬
‫تأدب المجتمع بآداب السلم وأخلقه ‪0‬‬

‫)‪(14 /‬‬

‫يريدونها اذا كانت تشيع الرذيلة والعري والعهر والكفر ‪ ،‬وليريدونها اذا كانت‬
‫تلبس المجتمع لباس الفضيلة والحشمة والعفة ‪ ،‬يريدونها اذا كانت تمجد‬
‫اللحاد وتقدس مدارسه ‪ ،‬وليريدونها اذا كانت تعظم اليمان وتكرس مناهجه‬
‫‪0‬‬
‫يريدونها اذا كانت تقول لمن يشوه السلم ويشكك في ثوابته وينكر محكماته‬
‫ويستهزأ بشرائعه ‪ ،‬مفكر حر ‪ ،‬ومثقف مستنير ‪ ،‬ومتحرر من رق الرجعية ‪،‬‬
‫وداع الى التخلص من الظلمية ‪0‬‬
‫وليريدونها اذا كانت تأسس نهضة المة على قرآنها وسنة نبينها وتاريخها‬
‫المجيد ‪ ،‬واذا كان مفكروا المة يستلهمون نهضتها من تراثها ‪ ،‬فهم ليسوا‬
‫أحرارا ‪ ،‬انهم متطرفون ارهابيون أصوليون ظلميون رجعيون ‪ ،‬يتسترون‬
‫بالدين لمقاصد سياسية ‪ ،‬فشعارهم هو الحرية للجميع ال لدعاة السلم ‪،‬‬
‫وحقوق المسلمين ‪ ،‬انها حلل لهم حرام على غيرهم ‪0‬‬
‫ولعجب فان داعية الحرية في العالم وحاملة لوائها أمريكا نصيرة الشعوب‬
‫المظلومة وأسوة)الليبراليين( العظمى ‪ ،‬تلعب هذا الدور بصورة سافرة‬
‫كاشفة سوءتها لتحتشم من حياء ‪ ،‬ولتستتر من عفة ‪0‬‬
‫فهاهي في الوقت الذي تتباهى بأنها حامية حمى الحرية في العالم ‪ ،‬تصوت‬
‫بـ)الفيتو( مرتين في خلل شهرين في صالح اسرائيل في قضية مستوطنات‬
‫)أبو غنيم( وقضية )قانا( ‪ ،‬وتسعى بكل خبث لنقل عاصمتها الى القدس ‪،‬‬
‫وذلك كله في صف دولة لم تقتل أو ترهب نفرا يسيرا ‪ ،‬أو تسقط طائرة‬
‫واحدة ‪ ،‬بل دولة تقتل شعبا وتنهب أرضه وتصادر حرية امة بأسرها ‪ ،‬دولة‬
‫تطلق النار في وضح النهار ‪ ،‬على أطفال أرض يعدها العالم بأسره أرضا‬
‫محتلة ‪ ،‬وتتحدى العالم كله أن يتجرأ فيعاقبها بكلمة واحدة ولو كان مجرد‬

‫‪65‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫اعتبارها دولة ارهابية ‪0‬‬


‫جد وراءه دعاة هذه الحرية الكاذبة الزائفة ال تقويض‬ ‫ليس الغرض الذي ي ّ‬
‫الدين وتفكيك مفاهيمه الساسية في الفكر والمجتمع ‪ ،‬ومصادرة حق‬
‫المسلمين في ظهور دينهم واسترداد حقوقهم ‪،‬يريدون ليصرفوا عقولنا‬
‫ويغيروا عقائدنا ويفسدوا آدابنا ويدخلونا في مساخط الله ويهجموا بنا على‬
‫محارمه ويركبونا معاصيه ‪ ،‬ثم يتصرفون بعد في هذه المة كما يشاؤون ‪ ،‬غير‬
‫أن كيدهم هذا الذي يزينه لهم الشيطان سيدور عليهم بالسوء ‪ ،‬ذلك أن الله‬
‫حافظ دينه وناصر كتابه ) انهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا فمهل الكافرين‬
‫أمهلهم رويدا (‪0‬‬
‫@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@‬
‫المقال التاسع‬
‫ــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــ‬
‫)سبيل الخلص (‬
‫قال شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله ‪:‬‬
‫) وكذلك لما غلب على كثير من أهل الدينين العجز عن تكميل الدين ‪،‬‬
‫والجزع لما قد يصيبهم في اقامته من البلء ‪ :‬استضعف طريقتهم واستذلها‬
‫من رأى أنه لتقوم مصلحته ومصلحة غيره بها ‪ ،‬وهاتان السبيلن الفاسدتان‬
‫ــ سبيل من انتسب الىالدين ولم يكمله بما يحتاج اليه من السلطان والجهاد‬
‫والمال ‪ ،‬وسبيل من أقبل على السلطان والمال والحرب ولم يقصد بذلك‬
‫اقامة الدين ـــ هما سبيل المغضوب عليهم والضالين ‪ ،‬الولى للضالين‬
‫النصارى ‪ ،‬والثانية للمغضوب عليهم اليهود( انتهى ‪28/395‬‬
‫هذا النص من كلم شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله ‪ ،‬وهو حقا نص يستحق‬
‫أن يكتب بماء الذهب ‪ ،‬اذ هو كالعنوان العام المعبر بدقة وشمولية لزمتنا‬
‫الحضارية في هذا العصر ‪0‬‬
‫وقد ورد في النصوص ما يدل على أن ما يصيب هذه المة من ضعف أو‬
‫تقهقر حضاري يكون بسبب نوع من المشابهة للسبيلين المنحرفين ـ فيما‬
‫انحرفوا فيه ـ ) سبيل اليهود والنصارى ( وفي الحديث ) لتتبعن سنن من كان‬
‫قبلكم ( ‪0‬‬
‫وهو نتيجة حتمية منطقية للنحراف عن الصراط المستقيم ‪ ،‬الهدى الذي‬
‫اختصت به هذه المة بعد أن حرفت الملتين الضالتين الكبيرتين هدى أنبياءها‬
‫) فمن اتبع هداي فل يضل وليشقى ‪ ،‬ومن أعرض عن ذكري فان له معيشة‬
‫ضنكا ( ‪0‬‬
‫)السلطان( يعني الدولة ‪ ،‬و) الجهاد ( يعني القوة ‪ ،‬و) المال ( يعني‬
‫القتصاد ‪ ،‬في لغة العصر ‪0‬‬
‫ملخص الزمة أن المة صارت بين منتسب الى الدين ــ عالم شرعي أو‬
‫مفكر اسلمي ‪00‬الخ ال من رحم الله ــ ليريد ربط واقامة الدين بالدولة‬
‫والقوة والقتصاد ‪ ،‬خوفا من البلء ‪ ،‬وجزعا لما يصيبه في سبيل تحقيق ذلك‬
‫من الذى ‪0‬‬
‫فيفلسف عجزه وخوفه وجزعه ‪ ،‬بأن الدين هو باختصار ) دع مالله لله وما‬
‫لقيصر لقيصر ( ‪ ،‬وفي هذا المضمار يجري الخائفون من الدعوة الى‬
‫)الحاكمية ( من المنتسبين الى العلم والدين ‪ ،‬فكأنهم يقولون دعوا الدولة‬
‫والقوة والمال للحاكم ‪ ،‬واكتفوا أنتم بالدين بل دولة ولقوة ولمال ال ما‬
‫يكون تبعا لهوى الحاكم ‪ ،‬فان هذا أسلم لكم ‪0‬‬

‫‪66‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫انهم يفلسفون ) اللدينية العلمانية( التي تفصل الدين عن الحياة بفلسفة‬


‫اسلمية‬
‫ويمهدون للقضاء على الدين ‪ ،‬فان كل مبدأ ) وهذا الدين خاصة ( لتقوم به‬
‫دولة ‪ ،‬ولتحميه قوة ‪ ،‬وليقيمه مال ‪ ،‬مصيره الى الضمحلل والنحسار ‪ ،‬كما‬
‫قال الرسول صلى الله عليه وسلم محذرا من عاقبة ) الرهبانية ‪ ،‬فصل الدين‬
‫عن الحياة ( قال )انظروا الى بقاياهم في الديرة ( ‪0‬‬

‫)‪(15 /‬‬

‫ولهذا ذلت النصرانية دهرا طويل ولم تقم قائمتها ال بالسلطان والجهاد‬
‫والمال في هذا العصر ‪0‬‬
‫ولهذا ذلت اليهودية دهورا مديدة ‪ ،‬ولم تقم قائمتها ال بالسلطان والجهاد‬
‫والمال في دولة اسرائيل ‪0‬‬
‫وذل المسلمون ولن تقوم قائمتهم ال بالسلطان الذي يعز دينهم كله والجهاد‬
‫الذي يحميه والمال الذي يقيمه ‪0‬‬
‫فنحن في الحقيقة شابهناهم فيما انحرفوا فيه ‪ ،‬وتركنا ما أقاموا به أمرهم‬
‫فلم نقم به ديننا ‪0‬‬
‫صارت المة بين منتسب الى الدين هذا شأنه ) يريد أن يقال فينا ‪:‬انظروا‬
‫الى بقاياهم في الزوايا (‪ ،‬وحكام ليأخذون من الدين ال ما وافق هواهم ‪،‬‬
‫فان خالفه قتلوا الدين قتلهم الله ‪ ،‬كاليهود الذين كلما جاءهم رسول بما‬
‫لتهوىأنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون ‪0‬‬
‫ولسبيل للخلص من الزمة الحضارية التي تعيشها المة ‪ ،‬ال بالتخلص من‬
‫السبيلين الفاسدتين ‪ ،‬وبلحم الدين بالدولة والقوة والمال وتسخيرها لقامته‬
‫ورفع كلمته ‪ ،‬غير أن هذا الطريق ليس أحلما وردية ول تنزها في حدائق‬
‫الزهار ‪ ،‬انه طريق ) وامر بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك‬
‫ان ذلك من عزم المور (‪0‬‬
‫@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@‬
‫@@@@‬
‫المقال العاشر‬
‫ــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــ‬
‫الحكم بما أنزل الله تعالى‬
‫يسمى الكتاب والمفكرون العلمانيون الدولة التي تدين بالسلم بمفهومه‬
‫الحقيقي ) طاعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في كل ما جاء به (‬
‫يسمونها )الدولة الثيوقراطية ( ‪ ،‬ويزعمون ــ تلبيسا وتزييفا للحقائق ــ أن‬
‫مايطالب به السلميون حينما يدعون الى )الحكم بما أنزل الله ( انما هو‬
‫نفس )الدولة الثيوقراطية ( بمعناها الذي كان في تلك العصور عندما زعم‬
‫بعض الملوك أنهم يحكمون بأمر الهي من الله تعالى مباشرة وهو ما يسمى‬
‫بنظرية الحق اللهى ‪0‬‬
‫غير أن ما يحير العقل بل يدهشه ‪ ،‬أن الحرب على الدعوة الى الحكم بما‬
‫أنزل الله تعالى اشترك فيها طرفان لم يجمعهم ال هذا الخندق ‪ ،‬وشيء أخر‬
‫فحسب هو محاربة اليقظة السلمية المنتشرة في العالم السلمي اليوم ‪،‬‬
‫والدعوة الى التصدى للقضاء عليها بكل سبيل ‪0‬‬
‫الطرف الول هم العلمانيون ‪،‬وليستغرب منهم هذا الموقف لن موقفهم هذا‬

‫‪67‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫نابع من عدم ايمانهم بحقيقة هذا الدين أو عدم فهمهم له ‪ ، ،‬والطرف الثاني‬
‫يحملون راية اسلمية ويظهرون الهتمام بالدعوة السلمية لكنهم يقفون في‬
‫صف العلمانيين في تهوين أمر الحكم بما أنزل الله ‪ ،‬وفي حرب من يجاهد‬
‫لتحكيم ما أنزل الله تعالى ‪0‬‬
‫يقول الولون نحن ل نعارض تطبيق الشريعة لكن نعارض )الحاكمية( ‪ ،‬ويقول‬
‫الخرون نحن لننكر الحكم بما أنزل الله تعالى لكن ل تثيروا هذه القضية‬
‫لنها لتستحق الثارة ‪ ،‬ول تنزلوها على واقع المة ‪ ،‬لن مسألة فروعية‬
‫لتستحق كل هذا الهتمام ‪0‬‬
‫أنظر مثل ما يقوله د ‪ 0‬محمود اسماعيل في كتابه ) السلم السياسي بين‬
‫الصوليين والعلمانيين ( يقول ‪ ) :‬وأنوه أخيرا بكتيب عظيم الفائدة للفقيه‬
‫الستاذ ‪ /‬خليل عبد الكريم عنوانه " نعم لتطبيق الشريعة ‪ 00‬ل للحكم "‬
‫أثبت فيه خطأ الدعوات التي تكرس مفهوم الحاكمية الثيوقراطي من‬
‫المودودي الى سيد قطب الى الصوليين الجدد ( ص ‪ ، 87‬ويقصد بمفهوم‬
‫الحاكمية الثيوقراطي يريد به ) الدولة التي تحكم بالشريعة (‪0‬‬
‫تأمل في هذا المثال وقارن مع قول بعض المنتسبين الى الدعوة السلمية‬
‫حيث يقولون ‪ :‬الحاكمية اخترعها المودودي وسيد قطب ويشتغل بها الخوارج‬
‫الجدد ‪ ،‬الذين يكرسون مفهوم الحاكمية في الدولة ويهتمون به اهتماما فوق‬
‫ما يستحق ‪0‬‬
‫مثال آخر ‪ :‬يقول نفس الكاتب في ص ‪ ) : 90‬تأسيسا على ما سبق ‪ ،‬نرى‬
‫أن تشدق بعض التيارات الدينية المعاصرة باحياء الحكومة الثيوقراطية محض‬
‫شعار ‪ ،‬في ظاهره الرحمة وفي باطنة العذاب (‬
‫أنظر هذا المثال وقارن مع قول بعض المنتسبين الى الدعوة السلمية حيث‬
‫يقولون ‪ :‬المطالبة بالحكم بما أنزل الله كلمة حق أريد بها باطل ‪ ،‬وهو يوازي‬
‫قول‬
‫و تجد في هذا الكتيب العلماني كثيرا من العبارات تشبه تلك التي يرددها‬
‫أولئك المنتسبون الى الدعوة في حربهم لمن يطالب بالحكم بما أنزل الله ‪،‬‬
‫لكن بلغة علمانية ‪ ،‬ومن عقل علماني ‪ ،‬ومن الخندق العلماني ‪ ،‬في تشابه‬
‫فكري غريب بين الفريقين ‪0‬‬
‫وللمتحير أن يتمثل قول الشاعر ‪:‬‬
‫وقد يجمع الله الشتيتين بعدما يظنان كل الظن أل تلقيا‬
‫ولعل مما يخفف الدهشة قول الكاتب السابق ص ‪ ) 87‬وأنوه في هذا الصدد‬
‫بكتاب " السلم وأصول الحكم " الذي ألفه الشيخ على عبدالرازق ــ وكان‬
‫قاضيا شرعيا ــ وتبنى فيه هذا المفهوم العلماني للدولة في السلم ‪ ،‬وقدم‬
‫براهين مقنعة وأدلة دامغة من النصوص الدينية ‪ ،‬فضل عن الواقع التاريخي‬
‫لتزال صامدة الى اليوم (‬

‫)‪(16 /‬‬

‫اذن فقد كان على عبدالرازق قاضيا شرعيا وتبنى أن الحكم بما أنزل الله‬
‫تعالى في نظام الدولة ليس من مهمات الدين ول ثوابت السلم ‪ ،‬وهؤلء‬
‫المحدثون علماء شرعيون أيضا ويقاربون ما كان يقوله علي عبدالرزاق ان‬
‫لم يكن بلسان المقال فهو بلسان الحال والنتيجة واحدة على أية حال ‪ ،‬ولعل‬
‫هذا يذكرنا بقول عبدالله بن المبارك ‪:‬‬
‫وهل أفسد الدين ال الملوك وأحبار سوء ورهبانها‬

‫‪68‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫روى النسائي في سننه عن ابن عباس باسناد صحيح موقوف عليه قال ‪:‬‬
‫)كانت ملوك بعد عيسى ابن مريم عليه الصلة والسلم بدلوا التوراة‬
‫والنجيل وكان فيهم مؤمنون يقرءون التوراة ‪ ،‬قيل لملوكهم ‪ :‬مانجد شتما‬
‫أشد من شتم يشتمونا هؤلء انهم يقرءون ) ومن لم يحكم بما أنزل الله‬
‫فألئك هم الكافرون ( وهؤلء اليات مع ما يعيبونا به في أعمالنا في‬
‫قراءتهم ‪ ،‬فادعهم فليقرءوا كما نقرأ وليؤمنوا كما آمنا فدعاهم فجمعهم‬
‫وعرض عليهم القتل ‪ ،‬أو يتركوا قراءة التوراة والنجيل ال ما بدلوا منها‬
‫‪00‬الحديث ( ‪8/231‬‬
‫ما أشبه الليلة بالبارحة ‪ ،‬الملوك وأحبار السوء والتآمر على تحريف معاني ما‬
‫أنزل الله تعالى ‪ ،‬ومحاربة من يدعو الى الحكم بالتنزيل والله من ورائهم‬
‫محيط ‪0‬‬
‫@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@‬
‫المقال الحادي عشر ـ‬
‫ـــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫بيان حقيقة اليمان‬
‫والرد على مرجئة العصر فيما خالفوا فيه محكم القرآن‬
‫الحمد لله الذي نزل القرآن ‪ ،‬وفرض اليمان ‪ ،‬وبين أنه تصديق بالجنان وقول‬
‫باللسان وعمل بالركان ‪ ،‬أشهد أن لاله ال هو ‪ ،‬وأن محمدا صلى الله عليه‬
‫وسلم عبده ورسوله الذي فرق بين أهل السلم وطاعة الرحمن ‪ ،‬وأهل‬
‫التولي والكفران ‪0‬‬
‫وبعد ‪ :‬فقد كنت اطلعت على كتاب بعنوان )احكام التقرير بأحكام التكفير( ‪،‬‬
‫فراعني ما فيه ‪ ،‬وأفزعني ما يحتويه ‪ ،‬فانه قرر مذهب المرجئة في اليمان ‪،‬‬
‫واستشهد لذلك بكلم أئمتهم ‪ ،‬ظانا أنه مطابق للعتقاد الصحيح المنقول عن‬
‫أهل السنة ‪ ،‬ثم رأيت رسالة صغيرة في نقض هذا الكتاب ‪ ،‬بعنوان ) براءة‬
‫أهل السنة ( وفق فيها الكاتب وقد سمى نفسه ) أبو عبدالرحمن السبيعي (‬
‫أيما توفيق ‪ ،‬وأجاد غاية الجادة في رد ما في كتاب )احكام التقرير ( من‬
‫الباطل وفرق بينه وبين الحق أحسن تفريق ‪ ،‬فاللهم اجزه عن السلم‬
‫والمسلمين وأهل السنة المتبعين خير الجزاء آمين ‪0‬‬
‫ثم اطلعت على كتاب آخر بعنوان ) الحكم بغيرما أنزل الله وأصول التكفير (‬
‫فوجدته عل درجة عن سابقه ) وهو كتاب احكام التقرير ( ‪ ،‬غيرأنه أخطأ‬
‫الصواب في مواضع ومال عن جانبه ‪ ،‬منها أنه قرر أن كفر العمل ليخرج أبدا‬
‫عن الملة السلمية ‪ ،‬ال اذا دل على الجحود والتكذيب أو الستخفاف‬
‫والستهانة والعناد وعدم النقياد ‪ ،‬فهو وان نجا من قول من يرى‬
‫الكفرالعملي ليكون منه أبدا كفر أكبر حتى يقارنه الجحود والتكذيب ‪ ،‬كما‬
‫في الكتاب الول ‪ ،‬وهو مذهب المرجئة بعينه ‪0‬‬
‫لكنه اشترط شروطا أربعة ليكون الكفر العملي كفرا أكبر ‪ ،‬وعطف بعضها‬
‫على بعض عطف النسق ‪ ،‬وهي الستخفاف والستهانة والعناد وعدم‬
‫النقياد ‪ ،‬فكأنه يقول ليكفر من أتى بناقض عملي ال اذا قام بقلبه أربعة‬
‫مجتمعه هي المذكورة ‪ ،‬ونسب هذا الى أهل السنة ‪ ،‬واذا قلنا قصد التأكيد‬
‫بعطف مترادفات ‪ ،‬صار مذهبه بالختصار أنه يرى أن الكفر العملي ليكون‬
‫أبدا كفرا أكبر‪ ،‬حتى يقارنه أمران لبد من اجتماعهما في القلب ) الستخفاف‬
‫والعناد ( والعناد هو الستكبار ‪ ،‬فاقتضى هذا أن من يسجد للصنام طمعا في‬
‫المال ويطوف بالناس حول الضرحة ويذبح لها ويسجد لها ‪ ،‬راغبا في عرض‬

‫‪69‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الدنيا ‪ ،‬غير مستخف) من الستخفاف ( ول مستكبر ‪ ،‬أنه ليكفر على مذهبه‬


‫وبمقتضى شروطه ‪ ،‬وأن من سب دين السلم وأستهزأ بشعائره لعوض‬
‫يطلبه من متاع الدنيا ‪ ،‬غير مستخف ‪ ،‬ول مستكبر ليكون كافرا ايضا على‬
‫هذا الرأي ‪ ،‬وقد صرح الكاتب بهذا فأخرج من يفعل الكفر العملي الكبر‬
‫الناقض لليمان ‪ ،‬ل عن استكبار لكن برغبة ‪ ،‬عن أن يكون كافرا ‪ ،‬وهو خلف‬
‫اعتقاد أهل السنة ‪ ،‬وقد غلط أيضا من جهة أنه يحكي هذه الشروط وكأنها‬
‫مذهب أهل السنة الذي استقر اجماعهم عليه ‪ ،‬أفل ذكر من كفر منهم تارك‬
‫صلة واحدة حتى يخرج وقتها كاسحاق بن راهويه وغيره ‪ ،‬وأنهم لم يشترطوا‬
‫أن يكون ذلك عن استخفاف واستكبار ‪ ،‬فمن أين ــ لعمري ــ يطلق قيودا‬
‫ويشترط شروطا ما أنزل الله بها من سلطان ‪ ،‬فان كان لبد فاعل فهل ذكر‬
‫الخلف ‪ ،‬ولم يجزم أنه اعتقاد أهل السنة مجتمعين ‪ ،‬وان كانوا ــ في‬
‫التحقيق ــ لما قاله مفارقين ‪0‬‬
‫فان قيل فلعله يرى أنه ليسب الرسول صلى الله عليه وسلم راغب في‬
‫المال ‪ ،‬أو يسجد للصنام طامع في عرض الدنيا ونحو ذلك ال من هو من أهل‬
‫الستخفاف ‪ ،‬وان كان قد يجمع مع ذلك ايثار متاع دنيا أو شهوة من الشهوات‬
‫‪ ،‬فاكتفى بذكر هذا الوصف) الستخفاف ( ليكون من دللة التلزم فيحتوى ما‬
‫أشرت اليه ‪0‬‬

‫)‪(17 /‬‬

‫فالجواب أنه لم يكتف بهذا الشرط حتى ضم اليه الستكبار ‪ ،‬فمن هنا أدخل‬
‫على اعتقاد أهل السنة ــ حاكيا عنهم مذهبهم ــ أمورا جعلها في سياق‬
‫الشروط ‪ ،‬بل دليل ولبرهان ‪0‬‬
‫ولنا أن نسأل كيف لنا أن نعرف مافي قلب الساجد للصنم الساب للرسول‬
‫المستهزيء بالدين وأمثالهم ‪ ،‬هل هو معاند ومستخف أو لم يقم بقلبه شيء‬
‫من ذلك ‪ ،‬فعلى رأي الكاتب ل نحكم بكفر أحد حتى يعلن لنا بلسانه ويبين ما‬
‫في قلبه ‪ ،‬وان سب ديننا ونبينا وسجد للصلبان والصنام وألقى المصحف في‬
‫الحشوش ‪ ،‬وال فما معنى اشتراط الشروط اذا كانت لسبيل الى معرفتها‬
‫وهي في طي علم الغيوب ‪ ،‬واذا كان المؤلف ليحكم على من ينقض ايمانه‬
‫بالنواقض العملية ال اذا صرح بلسانه أنه جامع بين أمرين الستخفاف‬
‫والعناد ‪ ،‬فمذهب المرجئة القديم خير من هذا القول الرديء ‪ ،‬فان قدماء‬
‫القوم كانوا يقولون اذا أظهر السجود للصنام وسب الرسول يحكم بكفره‬
‫ظاهرا لن أحكام الدنيا مبنيةعلى الظاهر ‪ ،‬فان كان مع ذلك مصدقا بقلبه‬
‫كان مؤمنا عند الله ‪ ،‬وهذا من أحكام الخرة ولم نخاطب بها ‪ ،‬وأما هؤلء‬
‫المحدثون فانهم يقولون لنحكم بكفره حتى يعلن بلسانه انطواء قلبه على‬
‫الستخفاف والستكبار‪ ،‬أولئك أفسدوا أحكام الخرة ‪ ،‬وهؤلء أفسدوها‬
‫وأحكام الدنيا فانا لله وانا اليه راجعون ‪0‬‬
‫ثم ياقوم ‪ ،‬يا أهل العقول والنصاف ‪ ،‬ان كنتم تقولون لنكفر ساب الرسول‬
‫والساجد للصنام حتى نعلم كونه مستكبرا بقلبه مستخفا ‪ ،‬على مذهب‬
‫صاحب الكتاب المذكور ‪ ،‬خالفتم سلفكم من المرجئة وخالفتم اجماع أهل‬
‫السنة كما سيأتي بيانه ‪ ،‬وصرتم كالغراب الذي حاكى الحمامة فأضاع مشيته‬
‫وأخطأ مشيها ‪0‬‬
‫وان كنتم تقولون نكفر ساب الرسول والساجد للصنام من أهل النطق‬
‫بالشهادتين ولنسأل عما في قلبه لمتناع أن يكون منه ذلك ال مع استخفاف‬

‫‪70‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫واستكبارـ فليت شعري ـ أوليس الذي يزيح الشريعة بقوة السلطان ‪،‬بعد أن‬
‫كان يحكم بها قضاة الشرع والعلماء ‪ ،‬ثم يعاقب من يحكم بها منهم بالقتل‬
‫والتشريد والحبس وقطع الرزاق ‪ ،‬ويأتي بأحكام الطاغوت ‪ ،‬ينصبها حاكمة‬
‫بين العباد في كل أوجل أمورهم وشئون معايشهم ‪ ،‬فيفرضها فرضا ويحمل‬
‫الناس عليها ويسوم من يحاربها سوء العذاب ‪ ،‬أفل يكون هذا أولى بوصف‬
‫الستخفاف من ذلك الذي يسجد للصليب أو يسب الدين طامعا في مال ‪،‬‬
‫فمابال القوم يحومون حول هذا الحمى ويخشونه ‪ ،‬أم أن الكفرل يجتمع‬
‫والسلطان ‪ ،‬فبينهما تهاجر عظيم الشان ‪0‬‬
‫أوليس حال أكثر بلد المسلمين هذا الحال الذي وصفت ‪ ،‬فهل يقدر أحد أن‬
‫ينصب قاضيا يقضي بالشريعة اللهية ال ويزج به في أشد العذاب ‪ ،‬ويقولون ‪:‬‬
‫أفنحن لنقضي بالعدل حتى تعارض القانون ‪ ،‬أم تريد أن تجعل الشريعة ‪،‬‬
‫بدل قوانيننا الوربية العريقة ‪ ،‬ثم أتاهم من حيث لم يكونوا يحتسبون من‬
‫يفتيهم بأن قولوا نحن فيما فعلناه غير مستحلين ولمستخفين ول معاندين لله‬
‫رب العاملين ‪ ،‬فتكونون بحمد الله من جملة عصاة الموحدين ‪ ،‬وهل هناك‬
‫من ليخطيء من المؤمنين ‪ ،‬لكنكم مع ذلك من ولة أمر المسلمين وقد علم‬
‫مالكم من الحقوق العظيمة ‪ ،‬ونحن معكم كلما فعلتم ما يكفر به ‪ ،‬زدنا لكم‬
‫شرطا من الشروط يخرجكم من باب التكفير ‪ ،‬لتبقى امامتكم السلمية‬
‫على الدوام ‪ ،‬ولتنسونا بعد ذلك ‪ ،‬بالفضل والنعام ‪ ،‬فصار حال هؤلء‬
‫المرجئة ‪ ،‬وحال اهل الحق في دولة الطاغوت ‪ ،‬كما قال الشاعر ‪:‬‬
‫اذا قلت المحال رفعت صوتي = وان قلت اليقين أطلت همسي‬
‫وما أصدق وصف المام ابن القيم لهذا المذهب الرديء اذ قال ‪:‬‬
‫وكذلك الرجاء حين تقر بالمعبود تصبح كامل اليمان‬
‫فارم المصاحف في الحشوش و خرب البيت العتيق وجد في العصيان‬
‫واقتل اذا مااستطعت كل موحد وتمسحن بالقس والصلبان‬
‫واشتم جميع المرسلين ومن اتوا من عنده جهرا بل كتمان‬
‫واذا رأيت حجارة فاسجد لها بل خر للصنام والوثان‬
‫وأقر أن الله جل جلله هو وحده الباري لذي الكوان‬
‫واقر أن رسوله حقا أتى من عنده بالوحي والقرأن‬
‫فتكون حقا مؤمنا وجميع ذا وزر عليك وليس بالكفر‬
‫هذا هو الرجاء عند غلتهم من كل جهمي أخي شيطان‬
‫وصار حال الشريعة بين الحكام بالطاغوت ومن يفتيهم بمثل هذه الفتاوى ‪،‬‬
‫كحال الخلفة لما دار عليها ما يدور اليوم على الشريعة ‪ ،‬وحق لنا أن نتمثل‬
‫قول شوقي ‪:‬‬
‫عادت أغاني العرس رجع نواح ونعيت بين معالم الفراح‬
‫كفنت في ليل الزفاف بثوبه ودفنت عند تبلج الصباح‬
‫شيعت من هلع بعبرة ضاحك في كل ناحية وسكرة صاح‬
‫ضجت عليك مآذن ومنابر وبكت عليك ممالك ونواح‬
‫الهند والهة ومصر حزينة تبكي عليك بمدمع سحاح‬
‫والشام تسأل والعراق وفارس أمحا من الرض الشريعة ماح‬
‫وكانت مأساة الخلفة ‪ ،‬ثم دارت على الشريعة ‪ ،‬ثم صارالمراليوم افساد‬
‫عقائد الناس ‪ ،‬وتهوين ارتكاب الكفر الكبر ‪ ،‬بتركيبه على مذهب المرجئة ‪،‬‬
‫فانا لله وانا اليه راجعون ‪0‬‬

‫)‪(18 /‬‬

‫‪71‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫والمقصود أن في الكتاب المذكور مواضع تحتاج الى تفنيد ‪ ،‬ليس هذا هو‬
‫موضعه ‪ ،‬لكنني بعد الطلع على الكتابين المذكورين ‪ ،‬وما فيهما من مطابقة‬
‫أومقاربة مذهب أهل الرجاء ‪ ،‬قرأت لبعض الكتاب من أهل الكويت ممن‬
‫يطلب علوم الشريعة ‪ ،‬وينتسب الى عقيدة السلف ‪ ،‬مقال في صحيفة يقرر‬
‫فيه أن ما يندفع به وعيد عصاة الموحدين ‪ ،‬يندفع به حكم التكفير بجامع أنهما‬
‫من الوعيد ‪ ،‬وذلك كالحسنات الماحية والمصائب المكفرة والشفاعة أو غيب‬
‫لنعلمه ولم نؤمر أن نبحث عنه ‪ ،‬كما قال بلفظه ‪ ،‬وأظنه قرأ الكتابين فأساء‬
‫فهم مافيهما من الصواب ‪ ،‬وزاد على ما فيها من الخطأ ‪ ،‬فحاز السيئتين ‪،‬‬
‫وهكذا البدع تبدأ صغارا ثم تؤول كبارا‪ ،‬ولما رددت عليه وبينت أنه يخالف‬
‫اجماع اهل السلم ويقول بما لم يضل به حتى غلة المرجئة ‪ ،‬رد علي‬
‫قولي ‪ ،‬وتمسك بما عليه من البهتان ‪ ،‬وظن أننا في مفاخرة في الردود أو‬
‫مغالبة بين القران ‪0‬‬
‫ثم بعد هذا كله جرت احاديث في مجالس عديدة حول هذه القضية ‪،‬‬
‫وحاورني فيها طلبة متعلمون ‪ ،‬وغيرهم من المخالفين ‪ ،‬وجرى في هذه‬
‫المجالس كلم طويل متشعب ‪ ،‬وقرأنا كلما لهل العلم من المتقدمين‬
‫والمتأخرين ‪،‬ثم طلب مني بعض الخوة أن أسوق ما جرى من الكلم سياق‬
‫الحوار بين اثنين ‪ ،‬أجعل نفسي فيه طرفا وأذكر ما ذكرت من الكلم في‬
‫المجالس المتفرقة ‪ ،‬وأسوق كلم غيري مساق متكلم واحد ‪ ،‬وأزيد ما يحتاج‬
‫الى زيادة لتوضيح الكلم وايصال المعنى بأوضح عبارة ‪ ،‬وأجعل ذلك كله‬
‫كحديث مجلس واحد تمثيل للقاريء ‪ ،‬لتقرب المسألة من صغارالطلبة‬
‫ويفهمها المبتديء في تعلم العقيدة السلفية ‪ ،‬فرأيت الجابة لطلبه ‪ ،‬اقتداء‬
‫بمن تقدم من اهل العلم في تصوير مسائل العلم على هذا النحو كابن القيم‬
‫في نونيته وغيرها وغيره من العلماء‬
‫وليس مقصودي شرح جميع مسائل اليمان وبيان الفرق بين مذهب السلف‬
‫ومذهب غيرهم فيه ‪ ،‬فان ذلك يطول جدا ‪ ،‬وانما أذكر ما جرى حوله غالب‬
‫الحديث ‪ ،‬ويستفيد منه من عنده معرفة بأصول هذا الباب ‪ ،‬دون غيره ‪ ،‬والله‬
‫الموفق وعليه التوكل ‪ ،‬وهذه صورة المحاورة ‪0‬‬
‫وأنبه قبل البدأ في ذكر قولي وقول المحاور ‪ ،‬الى أن دراسة هذه القضية‬
‫انما تهدف الى ايقاف طلبة العلم على حقيقة الحكم الشرعي المذكور في‬
‫الكتاب والسنة في موضوع اليمان ونواقضة ‪ ،‬وأن هذا من الواجب المتحتم‬
‫وليجوز السكوت عن بيانه حفاظا على الدين الحق من الندراس واختلط‬
‫مفاهيمه الحقه بالباطل ‪ ،‬غير أنه ينبغي لكل مسلم أن يحتاط في باب الحكم‬
‫على الناس بنقض اليمان وليقدم عليه ال بعلم ‪ ،‬ولول انتشار الجهل في‬
‫هذه القضية ودخول مذهب الرجاء على كثير من المنتسبين الى العلم وهم‬
‫يعلمون أو ل يعلمون ‪ ،‬وخوفا من استقرار البدعة في نفوس كثير من الناس‬
‫لما احتجنا الى الكلم فيها هنا والله المستعان ‪ ،‬واليك صورة المحاورة ‪:‬‬
‫قال ‪ :‬العمل عند السلف شرط كمال في اليمان ‪0‬‬
‫قلت ‪ :‬حكاية هذا عن السلف غلط محض ‪0‬‬
‫قال ‪ :‬ذكره ابن حجر في الفتح عند شرح ترجمة البخاري ) وهو قول وفعل‬
‫يزيد وينقص ( ‪0‬‬
‫قلت ‪ :‬هات الكتاب واقرأ‬
‫قال ‪ :‬قال ابن حجر ) فالسلف قالوا ‪ :‬هو اعتقاد بالقلب ونطق باللسان‬
‫وعمل بالركان ‪ ،‬وأرادوا بذلك أن العمال شرط في كماله ومن هنا نشأ‬
‫القول بالزيادة والنقص كما سيأتي ‪ ،‬والمرجئة قالوا ‪ :‬هو اعتقاد ونطق‬

‫‪72‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فقط ‪ ،‬والكرامية قالوا ‪ :‬هو نطق فقط والمعتزلة قالوا ‪ :‬هو العلم والنطق‬
‫والعتقاد ‪،‬والفارق بينهم وبين السلف أنهم جعلوا العمال شرطا في صحته‬
‫والسلف جعلوها شرطا في كماله ( انتهى‬
‫قلت ‪ :‬رحم الله المام ابن حجر وجزاه عن السلم والمسلمين خير الجزاء ‪،‬‬
‫غير أن ما ذكره هنا عن السلف والتفريق بين قولهم وقول المعتزلة ليخلو‬
‫من نظر ‪ ،‬والصواب خلفه ‪0‬‬
‫قال ‪ :‬كيف يكون هذا ؟ ما ذكره هو ما تعلمناه ‪ ،‬أن العمل شرط كمال ‪،‬‬
‫ولذلك تارك العمل ليكفر ‪ ،‬وتارك التصديق والنطق يكفر ‪0‬‬
‫قلت ‪ :‬بل العمل جزء من حقيقة اليمان واليمان حقيقة مركبة من القول‬
‫والعمل ‪ ،‬والتولي عن العمل بالكلية زوال لحقيقة اليمان الشرعي ‪ ،‬وتارك‬
‫العمل بالكلية ليس بمؤمن عند السلف ‪ ،‬والفرق بين قولهم وقول المعتزلة‬
‫والخوارج أن تارك بعض العمل عند المعتزلة والخوارج ليس بمؤمن ‪ ،‬وجعلوا‬
‫منه مرتكب مطلق الكبائر ‪ ،‬وأما السلف فيقولون تارك العمل بالكلية ‪،‬‬
‫وتارك ما ينزل منزلة ترك العمل بالكلية كالنواقض العملية مثل ترك الصلة ـ‬
‫عند من يقول به ــ ليس بمؤمن ‪ ،‬وأما تارك بعضه الذي لينزل منزلة تركه‬
‫بالكلية ‪ ،‬كفعل الكبائر المعروفة ‪ ،‬فانه مؤمن بايمانه فاسق بكبيرته ‪ ،‬هو‬
‫مسلم فيه مطلق اليمان ‪ ,‬وليس مؤمنا اليمان المطلق الذي يستحق صاحبه‬
‫الجنة بل عقاب ‪0‬‬
‫قال ‪ :‬أنت من جماعة التكفير ‪،‬وهذا القول هو قولهم ‪ ،‬وسمعنا عنكم وهذا‬
‫أوان عرفت حقيقتكم ‪0‬‬
‫قلت ‪ :‬مهل عفا الله عنك ‪ ،‬اصبر حتى تسمع قولي فربما كان صوابا وكان‬
‫قولك هو الخطأ ‪ ،‬ول تعجل فلربما كان مع المستعجل الزلل‬

‫)‪(19 /‬‬

‫قال ‪ :‬ل ينبغي أن أسمع من أهل البدع ‪ ،‬فانه يجب هجرهم ‪0‬‬
‫قلت ‪ :‬هل سمعت مني قاصدا دعوتي الى الحق ‪ ،‬فان أخطأت علمتني وان‬
‫ضللت هديتني‪ ،‬فاني أراك لم تهجر من هو أضل مني عندك لجل دنيا‬
‫تصيبها ‪ ،‬فهل جعلتني أضل الناس ؟‬
‫قال ‪ :‬هات نسمع ‪ ،‬ونرد عليك اذا خالفت منهج السلف ‪0‬‬
‫قلت ‪ :‬حقيقة مذهب السلف أنه يتركب مما يلي ‪:‬‬
‫‪1‬ـ اليمان قول وعمل يزيد وينقص ‪ ،‬والقول هوقول القلب وهو التصديق ‪،‬‬
‫وقول اللسان وهو النطق بالشهادتين ‪ ،‬والعمل هو عمل القلب والجوارح بما‬
‫فيها اللسان ‪ ،‬وعمل القلب يدخل فيه الخوف والرجاء والمحبة والتوكل‬
‫‪00‬الخ ‪0‬‬
‫قال ‪ :‬أما هذا فصواب ‪0‬‬
‫قلت ‪2 :‬ـ اليمان حقيقة جامعة لهذه المور ‪ ،‬متركبة منها‬
‫قال ‪ :‬وهذا صواب أيضا ان شاء الله ‪0‬‬
‫قلت ‪3 :‬ـ المرجئة تقول) وهو قول أئمتهم المشهورين ( اليمان شيء واحد‬
‫فقط وهو تصديق القلب ‪ ،‬والنطق بالشهادتين شرط لجراء أحكام الدنيا‬
‫عندهم فحسب ‪0‬‬
‫قال ‪ :‬هذا هو قولهم ‪0‬‬
‫قلت ‪4 :‬ـ اذا كان عمل الجوارح انما هو نتيجة حتمية لعمل القلب وعمل‬
‫القلب نتيجة لتصديقه مالم يحل بين التصديق وبين العمل القلبي مانع ‪ ،‬فهذا‬

‫‪73‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يعني أن عمل الجوارح لزم لعمل القلب ليتخلف تخلفا تاما ال اذا زال عمل‬
‫القلب زول تاما ‪0‬‬
‫بمعنى أنه اذا كان يصدق بالله تعالى ربه ومعبوده المستحق للعبادة وكمال‬
‫الصفات ‪ ،‬فل بد أن يحبه ويخافه ويرجوه ويتوكل عليه بالتوحيد ‪ ،‬مالم يقم‬
‫بقلبه مانع الكبر أو غيره ‪0‬‬
‫واذا أحبه وخافه ورجاه وكان حبه وخوفه ورجاؤه لله أكبر مما يكون لغير الله‬
‫‪ ،‬فل بد أن يأتي بشيء من مقتضى هذا كله من عمل الجوارح‪ ،‬وليتخلف‬
‫عمل الجوارح تخلفا كليا مع وجود عمل القلب ‪ ،‬بلمانع يمنع من تخلفه ‪،‬‬
‫كعدم التمكن مثل أو مفاجأة الموت ‪ ،‬أو الجهل‬
‫قال ‪ :‬أنا موافق على هذا كله ‪ ،‬لاشكال فيه ‪0‬‬
‫قلت ‪5 :‬ـ اذن ليمكن افتراض وجود باطن اليمان ) تصديق القلب وعمله (‬
‫دون شيء من ظاهرالعمل ‪ ،‬لن حقيقة اليمان مركبة من المرين أصل ‪0‬‬
‫قال ‪ :‬فلماذا قالت المرجئة اذن ‪ ،‬بأنه يكون مؤمنا بقلبه ‪ ،‬والعمل خارج عن‬
‫اسم اليمان ‪0‬‬
‫قلت ‪ :‬لن اليمان عندهم هو التصديق فقط ‪ ،‬فلم يصعب عليهم تصور‬
‫وجوده مع فقد كل العمال بالكلية ‪0‬‬
‫قال ‪ :‬والسلف ؟‬
‫قلت ‪ :‬اليمان عندهم تصديق وعمل ‪ ،‬مركب من المرين ‪ ،‬وعمل الجوارح‬
‫لزم لعمل القلب ‪ ،‬وكلهما من اليمان نفسه وداخل مسماه ‪ ،‬ولهذا ل يوجد‬
‫اليمان مع انتفاء عمل الجوارح كله ال لمانع ‪ ،‬لن انتفاء عمل الجوارح‬
‫بالكلية بلمانع ‪ ،‬يعني انتفاء عمل القلب بالكلية ‪ ،‬وليكون الشخص مؤمنا‬
‫وليس في قلبه شيء من عمل القلب ) خوفه ورجاؤه ومحبته وتوكله‬
‫‪00‬الخ ( ‪ ،‬فاذن لايمان مع انتفاء عمل الجوارح بالكلية‬
‫قال ‪ :‬قد يكون النسان مصدقا بوجود الله تعالى لكن ليحبه وليخافه‬
‫وليرجوه أكبر من محبته وخوفه ورجاءه لغيره ‪0‬‬
‫قلت ‪:‬فاذن لن يأتي بالعمل الصالح ‪ ،‬ال على صورة يكون العمل مع الشرك‬
‫بالله ‪ ،‬فهل تسمى هذا مؤمنا ؟‬
‫قال ‪ :‬حاشا لله ‪ ،‬بل هو مشرك ‪ ،‬لكن كيف وهو مصدق ؟‬
‫قلت ‪ :‬هو مصدق بالله تعالى ‪ ،‬لكن كتصديق ابليس وفرعون ‪ ،‬ليس معه‬
‫انقياد قلبي لما صدق به ‪ ،‬بسبب مانع منع من النقياد القلبي الذي تكون معه‬
‫أعمال القلوب ‪،‬ومن السباب المانعة ‪ :‬الكبر فابليس استكبر عن النقياد مع‬
‫وجود التصديق ‪ ،‬وفرعون كذلك قال الله تعالى عنه ) وجحدوا بها واستيقنتها‬
‫أنفسهم ( ‪ ،‬ولهذا من الكفر مايكون استكبارا لتكذيبا ‪ ،‬ومن السباب المانعة‬
‫ايثار الحياة الدنيا فيسمع حجة الرسل ويعتقد صدقها بقلبه‪ ،‬ولينقاد لها لنه‬
‫ليريد النقياد لغيره اذا كان ينزعه عن حالة يحبها ويريدها ويؤثرها على اتباع‬
‫الرسل ‪ ،‬كاتباع ملة أباءه على سبيل المثال ‪ ،‬وذلك مثل أبي طالب ‪ ،‬فانه‬
‫كان يعتقد صدق الرسول وصحة رسالته لكنه آثر محمدته في قومه ومكانته‬
‫في قلوبهم على اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬وخشي أن تفوت هذه‬
‫المكانة فيسبونه ويلومونه اذا اتبعه‪ ،‬فآثرهذه على الخرة ‪ ،‬فصار كافرا بتوليه‬
‫عن الشهادتين ‪ ،‬وان كان يعتقد صدق الرسول ‪ ،‬ولو فرض أن انسانا نطق‬
‫بالشهادتين وتولى عن النقياد لها بالعمل توليا تاما لنفس السبب الذي حمل‬
‫أبي طالب على المتناع عن النطق لكان حكمه حكم أبي طالب سواء ‪،‬‬
‫ولينفعه النطق بالشهادتين مع التولي عن العمل بالكلية عند أهل السنة وان‬
‫كانت المرجئة تعتقد أنه ينفعه ‪0‬‬

‫‪74‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫قال ‪ :‬هذا واضح بحمد الله تعالى ‪ ،‬وهل هو كفر التولي المذكور في القرآن‬
‫‪0‬‬
‫قلت ‪ :‬نعم هو كفر التولي‪ ،‬كما في قوله ) فل صدق ولصلى ولكن كذب‬
‫وتولى ( ‪ ،‬فالتصديق قابله بالتكذيب ‪ ،‬وفعل الصلة التي هي أعظم العمل‬
‫وتاركها كتارك العمل كله ‪ ،‬قابله بالتولي ‪0‬‬
‫قال ‪ :‬وما تقول المرجئة في مثل أبي طالب ‪ ،‬يقولون كل من حكم الله أو‬
‫رسوله بكفره فهو مكذب في الباطن ‪ ،‬وان كان يظهر التصديق وهو مكابرة‬
‫أوقعهم فيها اصرارهم على أن اليمان هو التصديق فقط وضده هو التكذيب‬
‫فقط ‪0‬‬

‫)‪(20 /‬‬

‫قال ‪ :‬وماذا يقولون فيما لو صدق رجل بقلبه وامتنع عن النطق هل نحكم‬
‫عليه بالسلم أو الكفر ؟ فاذا كنا نحكم عليه بالكفرفقد كفرناه مع وجود‬
‫التصديق فكيف يجعلون التصديق وحده هو اليمان‪ ،‬واذا كنا نحكم عليه‬
‫بالسلم فهو خلف الجماع المتيقن‬
‫قلت ‪ :‬يقولون النطق شرط لجراء أحكام الدنيا فقط ‪ ،‬ولو تركه ثم مات‬
‫فانه مؤمن عندالله ‪ ،‬هذا قول غلتهم ‪ ،‬ويقولون ‪:‬هو مؤمن عند الله ‪ ،‬وان كنا‬
‫نطبق عليه احكام الكفر ‪ ،‬لننا مأمورون بالظاهر في اجراء احكام الدنيا‪،‬‬
‫وبعضهم يقول ) كافر قضاء مؤمن ديانة ( ‪0‬‬
‫وقلت ‪ :‬ومن قال منهم اليمان تصديق القلب وعمله ‪ ،‬فرارا من هذا القول ‪،‬‬
‫فانه يتناقض عندما يخرج عمل الجوارح لنها لزمة لعمل القلب ‪ ،‬ومن قال‬
‫منهم تصديق القلب وعمله والنطق بالشهادتين فقط من عمل الجوارح لكي‬
‫يجعل مثل أبي طالب كافرا وليوافق النقل ‪ ،‬فانه يتناقض ايضا لن جعل‬
‫النطق بالشهادتين ‪ ،‬لزما لعمل القلب ليصح اليمان ال بهما معا ‪ ،‬ثم اخراج‬
‫أعمال الجوارح كلها من هذا اللزوم ‪ ،‬تحكم وتناقض بين ‪ ،‬فان من نطق‬
‫بالشهادتين لوجود تصديق القلب وعمله ‪ ،‬لبد أن يأتي بشيء من عمل‬
‫الجوارح ‪ ،‬وليتصور أن يتركها بالكلية ‪ ،‬فان الملزوم ليتخلف عن لزمه ‪0‬‬
‫قال أو قلت ‪ :‬ذلك أن النسان حارث وهمام ‪ ،‬ليكون له ارادة ال ومعها عمل‬
‫‪ ،‬طبيعة الخلقة النسانية أنها تعمل بحسب الرادة التي تنبثق من التصديق‬
‫والعلم ‪0‬‬
‫قلت ‪ :‬صدقت ‪ ،‬فل يكون النسان ذا علم وتصديق ال ويترتب عليه ارداة‬
‫بحسب علمه وتصديقه ‪ ،‬ثم العمل يكون على وفق هذه الرادة ‪0‬‬
‫قال ‪ :‬ال لمانع يمنع من حصول محبة في القلب وارادة توافقان التصديق ‪،‬‬
‫ومن الموانع الكبر والعناد والتولي والعراض أوايثارالنقيادلغير ما صدق به‬
‫لسلطان محبة ذلك الغير على قلبه ‪ ،‬ونحو ذلك ‪0‬‬
‫قلت ‪ :‬صدقت ‪ ،‬هل علمت الن أنه ليصح أن يقال العمل شرط كمال هكذا‬
‫باطلق ‪0‬‬
‫قال ‪ :‬علمت وهو خلف الصواب وليطابق مذهب السلف‬
‫قلت ‪ :‬وهذا النص عن امام أهل السنة الناطق بمذهبهم يبين صحة ما قلناه ‪،‬‬
‫) قال الحميدي وأخبرت أن أقواما يقولون ‪ :‬ان من أقر بالصلة والزكاة‬
‫والصوم والحج ولم يفعل من ذلك شيئا حتى يموت ‪ ،‬ويظل مسندا ظهره‬
‫مستدبر القبلة حتى يموت ‪ ،‬فهو مؤمن ــ مالم يكن جاحدا ــ اذا علم أن ترك‬
‫ذلك فيه ايمانه ‪ ،‬اذا كان مقرا بالفرض واستقبال القبلة ‪ ،‬فقلت ‪ :‬هذا الكفر‬

‫‪75‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫بالله الصراح ‪ ،‬وخلف كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪،‬‬
‫وفعل المسلمين قال الله عز وجل ) حنفاء ويقيموا الصلة ويؤتوا الزكاة‬
‫وذلك دين القيمة ( قال حنبل ‪ :‬قال أبو عبدالله ) وهو المام أحمد ( ‪ :‬من‬
‫قال هذا فقد كفر بالله ورد على الله أمره وعلىالرسول ما جاء به صلى الله‬
‫عليه وسلم ( كتاب اليمان مجموع الفتاوى ‪7/209‬‬
‫و اليك هذا النص ) قال الجرى ‪ ،‬فالعمال بالجوارح تصديق عن اليمان‬
‫بالقلب واللسان ‪ ،‬فمن لم يصدق اليمان بعمله ‪ ،‬مثل الطهارة والصلة‬
‫والزكاة والصيام والحج والجهاد وأشباه لهذه ‪ ،‬ورضي لنفسه بالمعرفة‬
‫والقول دون العمل ‪ ،‬لم يكن مؤمنا ‪ ،‬ولم تنفعه المعرفة والقول ‪ ،‬وكان تركه‬
‫للعمل تكذيبا منه ليمانه ‪ ،‬وكان العمل بما ذكرنا تصديقا منه ليمانه ‪00‬وقد‬
‫قال عز وجل في كتابه ‪ ،‬وبين في غير موضع ‪ ،‬أن اليمان ليكون ال بعمل‬
‫‪،‬وبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف ما قالته المرجئة الذين لعب‬
‫بهم الشيطان ( الشريعة ص ‪121‬‬
‫قال ‪ :‬لو كان العمل مجرد شرط كمال ليصح أن يقول المام أحمد‬
‫والحميدي والجري قولهم المتقدم ‪ ،‬فان شرط الكمال لو ذهب كله يذهب‬
‫الكمال فقط ‪ ،‬وقد كنت أظنك خارجيا تكفيريا خبيثا أحذر منك ‪ ،‬فبان لي الن‬
‫أن من كان يقول فيكم هذه الوصاف ‪ ،‬ينطبق عليه قول الجري ‪ :‬مرجيء‬
‫خبيث يحذر منه ‪0‬‬
‫قلت ‪ :‬لعليك فالحق أبلج والباطل لجلج ‪،‬ومهما نفخ في الباطل فان مآله‬
‫الى اضمحلل ‪ ،‬وقد قيل عن دعاة أهل السنة من قبل أنهم خوارج وأنهم‬
‫يكفرون المسلمين فلم يطفيء ذلك نور الحق الذي دعو اليه ‪ ،‬ذلك أن الله‬
‫تعالى نصب للحق منارا هاديا ‪0‬‬
‫قال ‪ :‬لكن ما توجيه النصوص التي ذكر فيها دخول أقوام الجنة بل عمل ‪0‬‬

‫)‪(21 /‬‬

‫قلت ‪ :‬تلك محمولة على أقوام مخصوصين ‪ ،‬منعهم من العمل مانع الجهل أو‬
‫عدم التمكن أو غير ذلك والمتشابه اذا رد الى المحكم تبين وجهه ومعناه ‪،‬‬
‫أما قول من يقول انهم مؤمنون ايمانا صحيحا مع وجود عمل القلب ‪ ،‬وقد‬
‫قام في قلوبهم حب الله أعظم من غيره والخوف والرجاء كذلك ‪ ،‬ثم علموا‬
‫ما يسخط ربهم وما يرضيه ‪ ،‬وتمكنوا من العمل ‪ ،‬ثم لم ينقادوا لشيء منه‬
‫قط ‪ ،‬ول سجدوا لله سجدة ول سبحوه بألسنتهم تسبيحة واحدة قط ‪ ،‬بل‬
‫تولوا توليا كليا عن النقياد دهرهم كله حتى ماتوا ‪ ،‬فهذا ليتصور وقوعه أصل‬
‫اذا قلنا اليمان حقيقة مركبة من القول والعمل )عمل القلب والجوارح (‪،‬‬
‫وأن عمل الجوارح لزم لعمل القلب ليتخلف عنه ال لمانع خارج عن ارادة‬
‫النسان وقدرته ‪ ،‬ليتصور وقوعه على مذهب أهل السنة ‪ ،‬وانما تتصوره‬
‫المرجئة التي تقول اليمان مجرد التصديق والعمل خارج عن اسم اليمان‬
‫بالكلية ‪ ،‬وهو شرط لكماله وليس جزءا من حقيقته في عقيدتهم ‪0‬‬
‫قال ‪ :‬لكن هذا يترتب عليه أن الكفر الكبر يكون منه كفر عملي ‪ ،‬كما يكون‬
‫اعتقاديا ‪ ،‬ويترتب عليه أن المكفرات العملية ان كانت من نواقض اليمان‬
‫ليشترط فيها الستحلل والجحود ‪ ،‬بعبارة أخرى يترتب عليه أن الكفر ليس‬
‫بالجحود فقط ‪ ،‬بل يكون بعض العمال ماهو كفر أكبر ‪ ،‬وان لم يستحله‬
‫الفاعل ويجحد تحريم الشريعة له ‪ )،‬قلت ‪ :‬وهو النواقض العملية ( قال ‪ :‬لن‬
‫العمل اذا كان من اليمان ‪ ،‬فيكون منه ما يضاد اليمان ‪ ،‬كما يضاد التكذيب‬

‫‪76‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫التصديق في اليمان المركب منهما‬


‫قلت ‪ :‬ليكن كذلك ‪ ،‬ويكون من الكفر العلمي أيضا كفر أكبر وان لم نعلم‬
‫انطواء القلب على الستكبار والستخفاف أيضا‪ ،‬وتسمى النواقض العملية ‪،‬‬
‫بل هذا هو مذهب السلف ‪ ،‬ول يقول أن الكفر الكبر ليكون ال بالعتقاد‬
‫خاصة جحودا أو استحلل ال المرجئة ‪ ،‬ألم تر المام أحمد يكفر تارك الصلة‬
‫وان لم يستحل وان لم يكابر الشريعة ‪ ،‬وذلك بسبب أن اعتقاد المام مطابق‬
‫للنصوص في حقيقة اليمان التي شرحتها آنفا ‪ ،‬ووافقتني عليها ‪0‬‬
‫وقلت أيضا ‪ :‬ومن هنا يحكي شيخ السلم عن طائفة من السلف تكفيرهم‬
‫تارك الركان الربعة) الصلة والصيام والحج والزكاة ( أو بعضها وان لم‬
‫يستحل ‪ ،‬فجعلوا ترك هذه الركان بمنزلة ترك العمل كله ‪ ،‬لن ترك الركن‬
‫يبطل العبادة وال فما فائدة جعله ركنا ‪ ،‬وهذا يدل على أن فهمهم لحقيقة‬
‫اليمان أن العمل باعتبار جنسه لبعضه ركن في اليمان ‪ ،‬ويدل على أنهم‬
‫يكفرون ــ الكفر الكبرـ بأعمال مخصوصه ‪0‬‬
‫قال ‪ :‬لكن هل يكفر تارك الصوم أو الحج أو الزكاة كتارك الصلة ‪0‬‬
‫قلت ‪ :‬كل بسبب أن النصوص خصصت تارك الصلة ‪ ،‬وجاءت بعضها تنص‬
‫على أن تارك سائر الركان ليس بكافر ‪،‬مع أن تاركها بمعنى المتولي عن‬
‫فعلها الممتنع عن التزامها بالكلية حتى لو قوتل عليها لقاتل فانه يكفر‬
‫كمانعي الزكاة ‪ ،‬وان لم يجحد وجوبها ‪،‬والنصوص التي خصصت الركان‬
‫الثلثة لتتناول هذه الصورة ‪ ،‬و المقصود هنا بيان دللة تكفير من يكفر من‬
‫السلف لتارك الركان الربعة على مذهبهم في حقيقة اليمان ‪ ،‬وأن من‬
‫الكفر العملي عندهم ما يكون كفرا أكبر بسبب أن الكفر عندهم ليس‬
‫بالحجود والتكذيب فقط ‪ ،‬انطلقا من اعتقادهم أن اليمان ليس هو التصديق‬
‫فقط ‪0‬‬
‫قال ‪ :‬أما من هذه الجهة فالدللة واضحة ‪ ،‬لما كان اليمان عندهم ‪ ،‬تصديقا‬
‫قلبيا ولسانيا وعمل ‪ ،‬صار ضده وما ينقضه أيضا منه تكذيب ومنه عمل ‪0‬‬
‫قال ‪ :‬لكن الشكال لزال باقيا في الفرق بينهم وبين من يكفر بارتكاب‬
‫الكبائر كالخوارج ‪0‬‬
‫قلت ‪ :‬الفرق أن الخوارج يكفرون بمطلق الكبائركالزنى وشرب الخمر‬
‫والقتل ‪ ،‬والسلف ليكفرون بها ‪ ،‬بل بالنواقض العملية كترك الصلة عند من‬
‫يكفر بها ‪ ،‬وسب الرسول صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬والستهزاء بالمصحف‬
‫وتوجيه العبادة لغير الله تعالى ‪ ،‬ونحو هذه النواقض العملية ‪0‬‬
‫قال‪ :‬حتى ولو لم يستحل ؟‬
‫قلت ‪ :‬حتى ولو لم يستحل ‪ ،‬وليشترط الستحلل في كل تكفير ال المرجئة‬
‫‪0‬‬
‫قال ‪ :‬فهمت أن الخوارج يكفرون بكل كبيرة مطلقا ‪ ،‬والسلف يكفرون‬
‫بأفعال معينة ــ ليس منها الكبائر المعروفة ــ يسمونها النواقض العملية ‪،‬‬
‫وترك الصلة مثال واضح لهذا ‪ ،‬وكما أن من يحكم بكفر تارك الصلة من‬
‫السلف ليشترط الستحلل ‪ ،‬كذلك من يكفر بغيرها من النواقض العملية‬
‫ليشترط الستحلل ‪0‬‬
‫قلت ‪ :‬نعم ‪ ،‬غير أنهم قد يختلفون في الفعل هل هو من النواقض العملية أم‬
‫ل ‪ ،‬واختلفهم في تكفير تارك الصلة هو من هذا الوجه ‪ ،‬ل من أجل أن من‬
‫أتى بالنواقض العملية ليكفر ال بالستحلل عندهم ‪ ،‬بمعنى أن من ليكفر‬
‫بترك الصلة من السلف ليس لنه يرى رأي المرجئة الذين ليكفرون ال‬
‫بالستحلل مطلقا ‪ ،‬بل لنه ليجعل ترك الصلة من النواقض العملية ‪ ،‬وترى‬

‫‪77‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫نفس الفقيه الذي ليكفر بترك الصلة ــ ان كان على مذهب السلف في‬
‫العقائد ــ تراه يكفر ساب الرسول صلى الله عليه وسلم مثل وان لم يستحل‬
‫‪0‬‬

‫)‪(22 /‬‬

‫قال ‪ :‬لكننا نسمع كثيرا من العلماء يقولون ليكفر من فعل كذا ال أن يستحل‬
‫‪0‬‬
‫قلت ‪ :‬نعم ويكون المذكور بهذا الحكم ‪ ،‬ليس من النواقض العملية ‪ ،‬وليكون‬
‫من النواقض العملية ال ما يقتضي التكفير بحد ذاته ‪ ،‬من غير اشتراط‬
‫استحلل قلبي عندهم‬
‫قال ‪ :‬أما أن التكفير ببعض العمال التي تسمى النواقض من غير اشتراط‬
‫الستحلل يتلئم على مذهب السلف في فهمهم لحقيقة اليمان ‪ ،‬فواضح جدا‬
‫‪ ،‬لكن يبقى اشكال وهو أن من يسب الرسول صلى الله عليه وسلم مثل أو‬
‫يستهزيء بالمصحف ونحوهما ‪ ،‬ليتصور أن يكون ذلك منه ال باستحلل وعدم‬
‫تصديق ‪ ،‬وحينئذ تعود المسألة الى أن التكفير ليكون ال بالتكذيب الذي هو‬
‫ضد التصديق ‪ ،‬وأن العمال شرط كمال فقط ‪ ،‬فكأن الخلف عاد الى أن‬
‫يكون خلفا لفظيا ‪ ،‬بمعنى أن كل ناقض عملي ليتصور وقوعه ال مع عدم‬
‫تصديق قلبي ) الستحلل صورة منه ( ‪ ،‬فحينئذ النتيجة واحدة ‪0‬‬
‫قلت ‪ :‬غير صحيح البتة ‪ ،‬اذا كنت تقصد بالستحلل ‪ ،‬انه يعتقد أنه حلل في‬
‫الدين فواضح أنه قد يعتقد تحريمه ‪ ،‬ومع ذلك يفعله ‪ ،‬واذا كنت تقصد أنه‬
‫ليصدق بالله وبأن النبي صلى الله عليه وسلم حق وأنه حرم هذا الفعل ‪،‬‬
‫فكذلك واضح أنه قد يصح منه هذا التصديق ومع ذلك يقع منه السب ‪ ،‬وقد‬
‫رأينا بعض الجهلة يسبون الدين والرب تعالى في حال الغضب ويصلون أحيانا‬
‫‪ ،‬وهم كفار بسبهم وان اعتقدوا أنه محرم وصدقوا بالدين ‪ ،‬وعليهم أن يتوبوا‬
‫توبة صحيحة ليرجعوا الى السلم‬
‫قال ‪ :‬لكن ليقع ذلك منهم ال لهوان الدين في قلوبهم ‪0‬‬
‫قلت ‪ :‬نعم ‪ ،‬وقد يكون لسباب أخرى أيضا ‪،‬لن ترابط فعل الجوارح بالقلب‬
‫ضرورة خلقية ‪ ،‬لكن المقصود أن هذا الذي سميته هوان الدين وترتب عليه‬
‫فعل المكفرات العملية هو أمر أخر يختلف عن التكذيب والجحود والستحلل‬
‫الذي يشترطه المرجئة في كل حكم بالتكفير ‪ ،‬ويختلف عن العناد‬
‫والستكبارالمقارن للستخفاف كما يشترطه بعضهم ‪ ،‬ويقولون ل يكون‬
‫التكفير بالكفر الكبر ال اعتقاديا مطلقا ‪ ،‬وأما أفعال الجوارح فل يكفر بها ال‬
‫مقرونة بالستحلل والتكذيب أو الجحود فيكون التكفير بهذا العتقاد ل‬
‫بالفعل ‪0‬‬
‫قال ‪ :‬حتى لو سجد للصنم ‪ ،‬لتكفره المرجئة ال بالعتقاد المقارن؟‬
‫قلت ‪ :‬حتى لو سجد للصنم ‪ ،‬ليكون كفره عندهم لسجوده للصنم ‪ ،‬بل لما‬
‫في قلبه من اعتقاد قارن السجود ‪0‬‬
‫بل لقد حدثني بعض افاضل الدعاة أن بعض الطلبة المتأثرين بكتاب ) الحكم‬
‫بما أنزل الله وأصول التكفير ( لما سأله ذلك الفاضل عن حكم من يسجد‬
‫للصنام طمعا في متاع الدنيا غير مستحل ولمستكبر ول جاحد قال ليكفر ‪0‬‬
‫قال ‪ :‬لكن كيف لنا أن نعرف اعتقاده وما في قلبه ‪ ،‬فكيف اذن نحكم عليه ‪،‬‬
‫أليس هذا يقتضي أن ليحكم على أحد بالكفر ال اذا نطق به فقط‬
‫قلت ‪ :‬المرجئة قديما كانت تقول نحن مأمورون أن نحكم بالظاهر ‪ ،‬فنكفره‬

‫‪78‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫اجراء لحكام الدنيا فقط لنها تبنى على الظاهر ‪ ،‬واذا علم الله تعالى أنه‬
‫مصدق بالله ‪ ،‬غير مستحل السجود للصنم ‪ ،‬فانه مؤمن عند الله تعالى ناج‬
‫يوم القيامة من حكم التكفير وان عوقب على فعل المحرم ‪0‬‬
‫وقلت ‪ :‬وهم يقولون لو قدر أننا علمنا أنه كافر عند الله تعالى أيضا فهذا يدل‬
‫على أنه غير مصدق بقلبه ‪ ،‬وكل من كفره الله تعالى ورسوله صلى الله‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬فهو غير مصدق بقلبه ‪ ،‬وان كان يظهر خلف ذلك ‪ ،‬لن الكفر‬
‫ليكون ال التكذيب ‪0‬‬
‫قال ‪ :‬لكن نحن ل يهمنا ال اجراء أحكام الدنيا ‪ ،‬أما الخرة فحكمها الى الله‬
‫تعالى ‪ ،‬وحينئذ فالخلف سيكون لفظيا ‪ ،‬المرجئة والسلف متفقون على أن‬
‫ساب الرسول والساجد للصنم مثل ‪ ،‬نجري عليه أحكام التكفير في الدنيا لننا‬
‫لسبيل لنا لمعرفة ما في قلبه ‪ ،‬فيأخذ الجميع بالنواقض العملية في أحكام‬
‫الدنيا على اتفاق بينهم من باب الخذ بالظاهر والله يتولى السرائر ‪0‬‬
‫قلت ‪ :‬الخلف فيما لو زعم بلسانه أنه مصدق في حال اتيانه بالناقض العملي‬
‫كالسجود للصنم وسب الرسول صلى الله عليه وسلم مثل ‪ ،‬بمعنى أنه يفعل‬
‫ذلك ويزعم أنه غير مستحل ‪ ،‬فهل نكفره ‪ ،‬ونقيم عليه حد الرده ‪ ،‬والعجب‬
‫أن مرجئة العصر أوغل في الرجاء من المتقدمين انهم يقولون لنكفره ول‬
‫نعمل بالظاهر وان سجد للصليب وسب الرسول صلى الله عليه وسلم‬
‫ونحوها ‪ ،‬ولنكفر ال من يقر على نفسه انه مستحل جاحد فقط ‪ ،‬وهذا من‬
‫أعجب المذاهب ‪ ،‬وأعجب منه من يقول لنكفر أهل الشهادتين قط لن‬
‫الكفر قد يندفع بما يندفع به وعيد عصاة الموحدين ‪0‬‬
‫قال ‪ :‬دعنا الن من مرجئة العصر ‪ ،‬فلنفهم أول مذهب الرجاء القديم والفرق‬
‫بينه وبين مذهب السلف ‪ ،‬ثم نعود الى من تقصدهم بالتفصيل ‪ ،‬أجبني على‬
‫السؤال التالي ‪ :‬كيف يتصور أن يسجد للصنم أو يسب الرسول صلى الله‬
‫عليه وسلم ويزعم أنه مصدق بدين السلم غير مستحل لما يفعل ‪ ،‬ال ان‬
‫يكون مكرها ‪ ،‬والمكره نزل فيه قوله تعالى ) ال من أكره وقلبه مطمئن‬
‫باليمان (‬

‫)‪(23 /‬‬

‫قلت ‪ :‬يتصور أن يوافق المشركين على دينهم ايثارا لعرض من اعراض الدنيا‬
‫‪ ،‬يوافقهم فيسجد للصليب مثل ليعطوه أو يكرموه أو يجعلوه سفيرا أو أميرا‬
‫أو ينحلوه مال ‪ ،‬أو ليبقى في بلدهم حيث يتنعم فيها بملذات ليجدها في‬
‫بلده ‪ ،‬وهو في قلبه كافر بصليبهم ‪ ،‬واذا خل بالمسلم يظهر له كفره‬
‫بالصليب ‪ ،‬ويسجد له في ظاهر أمره ويعظمه ‪ ،‬موافقة للمشركين طمعا في‬
‫دنياهم ‪0‬‬
‫قال ‪ :‬أو يسب معهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم لنفس الغرض ‪ ،‬أو‬
‫يعظم دينهم ويرفعه على دين السلم ‪ ،‬لنفس الغرض ‪ ،‬أو يقاتل معهم‬
‫وينصرهم على المسلمين لنفس الغرض ‪ ،‬وهو مع ذلك ليستحل هذا كله ‪،‬‬
‫ويصدق بقلبه بدين السلم ‪ ،‬ويقر لمن يخلو به من المسلمين ان دين‬
‫السلم هو الحق وأنه ليتركه بقلبه ‪ ،‬مع نطقه بالشهادتين ‪ ،‬وأنه كافر بقلبه‬
‫بدين المشركين ‪ ،‬لكن انما يصانعهم طمعا بما في أيديهم من الدنيا ‪0‬‬
‫قلت ‪ :‬نعم ‪ ،‬فهل هذا مسلم لنه مصدق فحسب ‪ ،‬عاص فاسق بارتكاب‬
‫الكبيرة فقط‪ ،‬لم ينقض ايمانه لنه لم يستحل ؟‬
‫قال ‪ :‬كل هو ناقض ليمانه ‪ ،‬ولكرامة له ولنعمة عين ‪0‬‬

‫‪79‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫قلت ‪ :‬هذا النص الذي سأنقله لك عن شيخ السلم ابن تيمية يعد مثال‬
‫واضحا لجميع ما ذكرناه آنفا ‪،‬قال شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله ) ان‬
‫سب الله وسب رسوله كفر ظاهرا وباطنا سواء كان الساب يعتقد أن ذلك‬
‫محرم أو كان مستحل له أو كان ذاهل عن اعتقاده ‪ ،‬هذا مذهب الفقهاء‬
‫وسائر أهل السنة القائلين بأن اليمان قول وعمل ( الصارم المسلول ص‬
‫‪451‬‬
‫قال ‪ :‬ما معنى قوله ) ظاهرا وباطنا (‬
‫قلت ‪ :‬اشارة الى مخالفة قول المرجئة أنه يكفر ظاهرا فقط ‪ ،‬وهم يقولون‬
‫نكفره ظاهرا لننا مأمورون بالخذ بالظاهر ‪ ،‬أما أمر الباطن فاذا كان يعتقد‬
‫تحريم ما فعل وليستحله فانه مؤمن عند الله وان حكمنا عليه بالكفر‬
‫ظاهرا ‪ ،‬هذا مذهب المرجئة المتقدمين ‪ ،‬أما المحدثون فل يكفرونه باطنا ول‬
‫ظاهرا ال أن يصرح بالستحلل ‪ ،‬وأما أهل السنة فانه يكفر ظاهرا وباطنا‬
‫عندهم ‪ ،‬لن السب من النواقض في حد ذاته ‪0‬‬
‫قال ‪ :‬لكن واقع المرأنه ليسب النبي صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬ال من هان‬
‫عليه مقام النبي صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬وليس في قلبه من توقيره ما يوجب‬
‫كف لسانه عما ليليق به فضل عن سبه ‪0‬‬
‫قلت ‪ :‬عدنا الى ما ذكرته من قبل ‪ ،‬وهو أن هذا الذي تسميه هوان مقام‬
‫النبوة عنده ‪ ،‬هو أمر آخر غير الستحلل ‪ ،‬وهو غير اعتقاده أن الرسول صلى‬
‫الله عليه وسلم يجوز سبه ‪ ،‬أو أنه في مقام يستحق السب حاشاه صلى الله‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬والمقصود أنه قد ليعتقد هذا كله ‪ ،‬ومع ذلك يكفر بالسب ان‬
‫فعله عامدا عالما بمعنى اللفظ ‪ ،‬ولريب أنه لم يسبه ال لفساد في عمل‬
‫القلب أوجب هذا الستخفاف الذي كفر به ‪ ،‬ضرورة ارتباط عمل الجوارح‬
‫بعمل القلب ‪0‬‬
‫قال ‪ :‬لكن لماذا لم يوجب التصديق به صلى الله عليه وسلم عند هذا الساب‬
‫ما أوجب عند غيره من تعظيمه وتوقيره ‪0‬‬
‫قلت ‪ :‬لن التصديق المجرد اذا عارضه مانع ‪ ،‬فانه ليوجب عمل القلب من‬
‫حب الله تعالى الذي منه حب رسول صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬وتعظيم الله‬
‫الذي يدخل فيه تعظيم رسله ‪ ،‬والخوف من الله تعالى ورجاء ماعنده خوفا‬
‫ورجاء أعظم مما يكون لغير الله تعالى ‪ ،‬ومن الموانع الكبر والعراض ومنه‬
‫أن القلب يكون مشغول بارادة مرادات أخرى ــ كايثار الحياة الدنيا من رئاسة‬
‫أو مال ــ غلبت عليه فمنعت من اتباع ما يعلم صدقه وحب قلبه له وارادته ‪،‬‬
‫فلما انشغل القلب بهذا العمل القلبي منع من حصول مقتضى التصديق بما‬
‫جاءت به الرسل ‪ ،‬فيكون مصدقا بما جاءت به الرسل وعالما بأنه حق لكن‬
‫ليكون في قلبه عمل بمقتضى هذا التصديق ‪ ،‬فليكون في قلبه حب الله‬
‫تعالى أعظم من كل محبوب ‪ ،‬ول ارادة ما عنده أعظم من كل ارادة ول‬
‫الخوف منه أعظم من خوفه من غيره ‪ ،‬فتأتي أعمال الجوارح على وفق‬
‫مافي قلبه ‪ ،‬فيقع منه ما يكون كفرا أكبر ‪ ،‬بمقتضى ما في قلبه من فساد‬
‫في عمل القلب ‪0‬‬
‫قال ‪ :‬وهذا كله أمر آخر غير التصديق ‪0‬‬
‫قلت ‪ :‬نعم هو غير التصديق ‪ ،‬فقد يكون مصدقا بالله ‪ ،‬محبا مريدا لغير ما‬
‫صدق به ‪ ،‬والمرجئة تقول اذا كان مصدقا ‪ ،‬فهو مؤمن عند الله تعالى‪ ،‬لن‬
‫اليمان هو التصديق ‪ ،‬والعمال ليست منه ‪ ،‬ومن يقول العمال شرط كمال‬
‫فهي عنده ليست منه أيضا ‪ ،‬لن الشرط انما يكون خارج الماهية ‪ ،‬فاذا جعله‬
‫كمال فان زوال الكمال زوال تاما ليؤثر في صحة اليمان ‪ ،‬عند هؤلء ‪0‬‬

‫‪80‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫قال ‪ :‬لعل الذين اشترطوا الستحلل والتكذيب للتكفير بالنواقض العملية ‪،‬‬
‫وقالوا اذا كان مصدقا ل يكفر بالعمل قط ‪ ،‬وقالوا الكفر العملي ليكون كفرا‬
‫أكبر قط ‪ ،‬وقال بعضهم الكفر الكبر هوالعتقادي والصغر هو العملي هكذا‬
‫باطلق ‪ ،‬اشتبه عليهم المقصود باعتقاد القلب ‪ ،‬واختلط بعمل القلب‬
‫والتصديق ‪،‬وهم انما يقصدون بالعتقاد مايعم عمل القلب ‪ ،‬ولم يفطنوا الى‬
‫أن قولهم الكفر الكبر ليكون ال اعتقاديا يندرج فيه القول بأن الكفر ليكون‬
‫ال التكذيب والستحلل وهو قول المرجئة‬

‫)‪(24 /‬‬

‫قلت ‪ :‬قولهم الكفر الكبر ليكون ال اعتقاديا ‪ ،‬يعني ضد التصديق ‪ ،‬وهو‬


‫التكذيب ‪ ،‬لن عمل القلب غير اعتقاده ‪ ،‬اعتقاده هو تصديقه وعلمه ‪ ،‬وأما‬
‫عمله فأمر آخر وارءه ‪0‬‬
‫قال ‪ :‬ففي الحقيقة قولهم بعينه هو قول المرجئة ‪ ،‬أو يرجع اليه ‪0‬‬
‫قلت ‪ :‬نعم ‪ ،‬ولو أنهم قالوا الكفر العملي الكبر دليل على فساد عمل‬
‫القلب ‪ ،‬مع وجود التصديق ‪ ،‬وهذا ما نعنيه بأن الكفرالكبر هوالعتقادي ‪ ،‬أي‬
‫أن الكفر العملي الكبر ملزوم لفساد عمل القلب ‪ ،‬ولن فساد عمل القلب‬
‫هوالسبب الباعث على هذا الكفر العملي الكبر ‪ ،‬سميناه الكفر العتقادي ‪،‬‬
‫ونعده كفرا أكبر ‪ ،‬لكان صوابا في المعنى خطأ في العبارة ‪ ،‬وهو أشبه‬
‫بالخلف اللفظي ‪0‬‬
‫قال ‪ :‬لعلهم يقصدون هذا المعنى ‪ ،‬فأخطأوا اللفظ الدال على مقصودهم ‪0‬‬
‫قلت ‪ :‬يتبين بالمثال ‪ ،‬اذا قالوا ساب الرسول صلى الله عليه وسلم مثل ــ‬
‫غير المستحل ــ كافر ‪ ،‬وقد أمرنا أن نحكم بكفره ظاهرا ‪ ،‬مع عدم اطلعنا‬
‫على اختلل باطنه وفساد عمل قلبه ‪ ،‬لكننا نعلم بعلمنا بارتباط الظاهر‬
‫بالباطن أن عمل قلبه فيه فساد أوجب سبه الظاهري ‪ ،‬مع أنه قد يكون‬
‫مصدقا بالرسول وبما جاء به ‪ ،‬فقولهم صواب ل أشكال فيه على مذهب‬
‫السلف ‪0‬‬
‫وان قالوا ‪ :‬بل نحكم بكفره ظاهرا ‪ ،‬وهو في الباطن مؤمن عند الله ان كان‬
‫مصدقا غير مكذب ان كان من أهل الشهادتين ‪ ،‬فهذا مذهب الرجاء القديم‪،‬‬
‫وهؤلء كانوا يقولون لو قدر أننا علمنا أنه كافر باطنا ‪ ،‬فل يكون ال مكذبا‬
‫باطنا ‪ ،‬لن الكفر ليكون ال التكذيب والجحود ‪0‬‬
‫وان قالوا ‪ :‬ان تبين لنا انه مصدق غير مكذب ‪ ،‬ول مستحل ول جاحد ‪ ،‬لكن‬
‫وقع منه السب تهاونا ل تكذيبا ول استكبارا ‪ ،‬فهو غير كافر ‪ ،‬وان كان أتى‬
‫بعمل الكفر ‪ ،‬لن الكفر الكبر ليكون ال بالعتقاد أو الستكبار والستخفاف‬
‫وليكون بالعمل قط ‪ ،‬فهم مرجئة العصر ومذهبهم أقبح من المذهب القديم ‪،‬‬
‫لنهم يفسدون زواجر الشريعة المقصودة بحدود الردة في أحكام الدنيا ‪،‬‬
‫ويفتحون الباب لتتايع الناس في أقبح الكفر بحجة أنه معصية وليس كفرا ‪،‬‬
‫وينطوي هذا على خطر عظيم على الدين ‪ ،‬وأي فساد أعظم من زوال الحد‬
‫الفاصل بين أعظم متمايزين متضادين موجبين لعظم مطلوب أو ضده‬
‫‪،‬اليمان والكفر ‪0‬‬
‫قلت ‪ :‬واذ قد تبين لك حقيقة مذهب السلف في اليمان ‪ ،‬وما ينبني عليه من‬
‫أقوالهم في التكفير ‪ ،‬وأنهم يكفرون بالنواقض العملية ‪ ،‬وليشترطون‬
‫الستحلل والجحود والتكذيب فيها ‪ ،‬وأن المرجئة هم الذين ليكفرون ال‬
‫بالستحلل أو العتقاد أو التكذيب أو الجحود وهي الفاظ تدل على معان‬

‫‪81‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫متقاربة أومتداخلة ‪ ،‬وذلك بناء على ان اليمان عندهم هو التصديق فقط‬


‫والعمال ليست منه ‪ ،‬وأن حكاية مذهب السلف ان العمل شرط في كمال‬
‫اليمان غلط عليهم ومخالف لمذهبهم ‪ ،‬فسأنقل لك بعض النقول التي تبين‬
‫بعض أحكام نواقض اليمان ومنزلة العمل منه ‪ ،‬عن أجلة العلماء وطابق بينها‬
‫وبين ما ذكرت لك أنفا ‪:‬‬
‫‪1‬ـ قال الربيع كان الحسن البصري يقول ) اليمان كلم وحقيقته العمل فمن‬
‫لم يحقق القول بالعمل لم ينفعه القول ( البانة لبن بطة ‪2/792‬‬
‫‪2‬ـ وعن سهل بن عبدالله التستري ) اليمان اذا كان قول بل عمل فهو كفر ‪،‬‬
‫واذا كان قول وعمل بل نية فهو نفاق واذا كان قول وعمل ونية بل سنة فهو‬
‫بدعة ( البانة لبن بطة ‪2/814‬‬
‫‪3‬ـ وقال المام ابن بطة رحمه الله ) فمن زعم أنه يقر بالفرائض وليؤديها‬
‫ويعلمها وبتحريم الفواحش والمنكرات ولينزجر عنها وليتركها وأنه مع ذلك‬
‫مؤمن فقد كذب بالكتاب وبما جاء به رسوله ( البانة ‪2/795‬‬
‫‪4‬ـ شيخ السلم ابن تيمية ) والصحابة لم يقولوا ‪ :‬أأنت مقر لوجوبها أو جاحد‬
‫لها ؟ هذا لم يعهد عن الخلفاء والصحابة ‪ ،‬بل قد قال الصديق لعمر رضي‬
‫الله عنه ‪ :‬والله لو منعوني عقال أو عناقا كانوا يؤدونها الى رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم لقاتلتهم على منعها ‪ ،‬فجعل المبيح للقتال مجرد المنع ل‬
‫جحد الوجوب ‪ ،‬وقد روى أن طوائف منهم كانوا يقرون بالوجوب لكن بخلوا‬
‫بها ‪ ،‬ومع هذا فسيرة الخلفاء فيهم جميعا سيرة واحدة ‪،‬وهي قتل مقاتلتهم‬
‫وسبي ذراريهم وغنيمة أموالهم والشهادة على قتلهم بالنار ‪ ،‬وسموهم جميعا‬
‫أهل الردة ( الدرر السنية ‪8/35‬‬
‫قال ‪ :‬هل يعني هذا تكفير تارك الزكاة ؟‬
‫قلت ‪ :‬من تركها بخل أو أحيانا ‪ ،‬فهو كمن يترك الصلة أحيانا مثل أن يضيعها‬
‫ويؤخرها عن وقتها وتفوته بعض الفرائض فهذا ليكفر ‪ ،‬لكن من عزم على‬
‫تركها بالكلية امتناعا وتوليا عن التزامها ‪ ،‬حتى لو قوتل عليها لقاتل دون‬
‫دفعها ‪ ،‬فالصحابة ــ كما قال شيخ السلم ـ على تكفيره وان كان مصدقا‬
‫بدين السلم وأن الزكاة فرض فيه ‪ ،‬وهو دليل على أن هذا الفعل عندهم من‬
‫النواقض العملية ‪ ،‬وهو )العزم على ترك الزكاة بالكلية والمتناع عن التزامه‬
‫ــ توليا عن هذا الركن العظيم ــ والقتال على ذلك ( ولهذا لم يفرقوا بين‬
‫مستحل جاحد أوغيره ‪0‬‬

‫)‪(25 /‬‬

‫‪5‬ـ وقال شيخ السلم ابن تيمية أيضا ‪ ) :‬ومعلوم أنه لم يرد بالكفر هنا اعتقاد‬
‫القلب فقط لن ذلك ليكره الرجل عليه وهو قد استثنى من أكره ولم يرد‬
‫من قال واعتقد لنه استثنى المكره وهو ليكره على العقد والقول وانما‬
‫يكره على القول فقط فعلم أنه أراد من تكلم بكلمة الكفر فعليه غضب من‬
‫الله وله عذاب عظيم وأنه كافر بذلك ال من أكره وهو مطمئن باليمان ولكن‬
‫من شرح بالكفر صدرا من المكرهين فانه كافر أيضا ‪ ،‬فصار من تكلم بالكفر‬
‫كافرا ال من أكره فقال بلسانه كلمة الكفر وقلبه مطمئن باليمان ‪ ،‬وقال في‬
‫المستهزئين ) لتعتذروا قد كفرتم بعد ايمانكم ( فبين أنهم كفار بالقول مع‬
‫أنهم لم يعتقدوا صحته ( الصارم المسلول ص ‪524‬‬
‫قال ‪ :‬تقصد أن المعنى أن من اكره على ناقض قولي ــ كسب الرسول مثل‬
‫ــ ففعله مكرها ولم ينشرح صدره به ليكفر ‪،‬وأن من فعله غير مكره يكفر‬

‫‪82‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وان اعتقد التحريم ‪0‬‬


‫قلت ‪ :‬نعم هذا هو معنى الية وظاهرها ‪ ،‬وتفسير شيخ السلم لها ‪0‬‬
‫قال ‪ :‬اليس المعنى هو أنه ليكفر ال من يشرح صدره بعمل الكفر يعني‬
‫يستحله ويعتقد صحته ‪ ،‬لن الله تعالى قال ) ولكن من شرح بالكفر صدرا‬
‫‪00‬الية (‬
‫قلت ‪ :‬كل ‪ ،‬بل قوله )ولكن من شرح بالكفر صدرا( يعني من المكرهين على‬
‫قول الكفر ‪ ،‬ليكفرمن المكرهين ال من انشرح صدره بعد اكراهه وقال كلمة‬
‫الكفر منشرحا بها صدره ‪ ،‬أما غير المكره اذا قال كلمة تنقض اليمان كسب‬
‫الله تعالى ورسوله ‪ ،‬وكان طامعا راجيا لعرض من الدنيا مثل ‪ ،‬وان كان في‬
‫قلبه يكرهها ‪ ،‬فانه يكفر وان اعتقد تحريم فعله ولم يستحله ‪ ،‬وان كان من‬
‫أهل الشهادتين ‪ ،‬أل ترى مصداق ذلك في حديث ) يصبح مؤمنا ويمسى كافرا‬
‫‪ ،‬ويمسي مؤمنا ويصبح كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا ( ‪ ،‬فمن قال كلمة‬
‫الكفر الكبر كسب الله ورسوله أو الستهزاء بالدين أو عمل عمل هو من‬
‫الكفر الكبر طمعا في عرض الدنيا فقد باع دينه بعرض من الدنيا ‪ ،‬وما أكثر‬
‫ذلك هذه اليام قال تعالى ) ذلك بانهم استحبوا الحياةالدنيا على الخرة وأن‬
‫الله ليهدي القوم الكافرين ( ‪ ،‬وقد جاءت هذه الية بعد آية الكراه في سورة‬
‫النحل ‪0‬‬
‫‪7‬ـ في أجوبة ابني شيخ السلم محمد بن عبدالوهاب المامين حسين‬
‫وعبدالله مايلي ‪) :‬المسألة الثانية وهي ‪ :‬الشياء التي يصير بها المسلم مرتدا‬
‫‪ 000 ،‬الثانية ‪ :‬اظهار الطاعة والموافقة للمشركين على دينهم والدليل قوله‬
‫تعالى } ان الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان‬
‫سول لهم وأملى لهم ‪ ،‬ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم‬
‫في بعض المر والله يعلم اسرارهم ‪ ،‬فكيف اذا توفتهم الملئكة يضربون‬
‫وجوههم وأدبارهم { ‪ ،‬وذكر الفقيه سليمان بن الشيخ عبدالله بن الشيخ‬
‫محمد بن عبدالوهاب في هذه المسألة عشرين آية من كتاب الله ‪ ،‬وحديثا‬
‫عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬استدل بها أن المسلم اذا أظهر‬
‫الطاعة والموافقة للمشركين من غير اكراه ‪ ،‬أنه يكون بذلك مرتدا خارجا‬
‫من السلم ‪ ،‬وان كان يشهد أن لاله ال الله ‪ ،‬ويفعل الركان الخمسة أن‬
‫ذلك لينفعه ( مجموعة التوحيد ‪403‬‬
‫قال ‪ :‬هذا مثل ما ذكرت آنفا ‪ :‬أنه اذا سجد للصليب أو سب دين السلم أو‬
‫قاتل مع قومه الكفار أهل السلم المجاهدين لظهار الدين ‪ ،‬ونحو ذلك من‬
‫النواقض العملية أنه يكفر وان لم يستحل على مذهب السلف ‪ ،‬لنه أظهر‬
‫الطاعة والموافقة للمشركين على دينهم من غير اكراه ‪0‬‬
‫قلت ‪ :‬نعم ‪ ،‬ما ذكره علماء الدعوة السلفية النجدية هنا هو مطابق تماما‬
‫لمذهب السلف وينبيء عن فهمهم الدقيق لهذه القضية ‪ ،‬ذلك انها كانت‬
‫قضيتهم التي جاهدوا في سبيلها ‪ ،‬فهم أعلم بها من غيرهم‬
‫وقلت ‪ :‬ومعلوم أن من أسباب زيادة العلم عند بعض العلماء مزيد عنايتهم‬
‫ببعض أنواعه لحصول البلوى عندهم أكثر من غيرهم كما قال شيخ السلم‬
‫ابن تيمية ) فان أعلم الناس بالمغازي أهل المدينة ‪،‬ثم أهل الشام ‪،‬ثم أهل‬
‫العراق ‪ ،‬فأهل المدينة أعلم بها لنها كانت عندهم ‪،‬وأهل الشام كانوا أهل‬
‫غزو وجهاد فكان لهم من العلم بالجهاد والسير ما ليس لغيرهم ( التفسير‬
‫الكبير ‪2/212‬‬
‫وكذلك علماء الدعوة النجدية لما كانوا يجاهدون واحتاجوا الى هذه القضية ‪،‬‬
‫كان تحقيقهم لها ومعرفتهم بتفاصيلها أكثر من غيرهم ممن هو بعدهم ‪ ،‬وهم‬

‫‪83‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فيها أسد نظرا ‪ ،‬وأهدى سبيل ‪ ،‬وأقوم قيل ‪ ،‬وهم انما بنوها على أصول أهل‬
‫السنة في اليمان لم يخرجوا عن ذلك قيد انملة ‪0‬‬

‫)‪(26 /‬‬

‫‪8‬ـ قال شيخ السلم المجدد محمد بن عبدالوهاب ) فانهم لم يريدوا من‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم ) يعني المشركين ( تغيير عقيدته ‪ ،‬ففيه بيان لما‬
‫يكثر وقوعه ممن ينتسب الى السلم في اظهار الموافقة للمشركين خوفا‬
‫منهم ‪ ،‬ويظن أنه ليكفراذا كان قلبه كارها له ‪ ،‬الى أن قال ‪ :‬الثالثة ‪ :‬أن‬
‫الذي يكفر به المسلم ليس هو عقيدة القلب خاصة ‪ ،‬فان هؤلء الذين ذكرهم‬
‫الله لم يريدوا منه صلى الله تغيير العقيدة كما تقدم ‪ ،‬بل اذا أطاع المسلم‬
‫من أشار عليه بموافقتهم لجل ماله أو بلده أو أهله ‪ ،‬مع كونه يعرف كفرهم‬
‫ويبغضهم ‪ ،‬فهذا كافر ل من أكره ‪00‬الى أن قال ‪ :‬ولكن رحم الله من تنبه‬
‫لسر الكلم وهو المعنى الذي نزلت فيه هذه اليات ‪ ،‬من كون المسلم‬
‫يوافقهم في شيء من دينهم الظاهر ‪ ،‬مع كون القلب بخلف ذلك ‪ ،‬فان هذا‬
‫هو الذي ارادوه من النبي صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬فافهمه فهما حسنا ‪ ،‬لعلك‬
‫تعرف شيئا من دين ابراهيم عليه السلم ( مجموعة التوحيد ‪404‬‬
‫قال ‪ :‬يقصد موافقتهم في شركهم وكفرهم كتعظيم الصنام والسجود لها ‪،‬‬
‫وسب دين السلم أو محمد صلى الله عليه وسلم ونحو ذلك ‪ ،‬فانه يكفر وان‬
‫كان في قلبه ليستحل ما فعل ويكره الكفار ويبغض دينهم ‪ ،‬لكن حمله على‬
‫هذا الناقض العملي الطمع في المال أو الجاه والرئاسة ونحو ذلك ‪ ،‬كما في‬
‫الحديث ) يصبح كافرا ويمسي مؤمنا ‪ ،‬ويصبح مؤمنا ويمسي كافرا ‪ ،‬يبيع دينه‬
‫بعرض من الدنيا (‬
‫قلت ‪ :‬نعم هذا هو مقصوده ‪ ،‬وليس مجرد موافقتهم في مباح أو قبول‬
‫مشورتهم في أمر يحسنونه ‪ ،‬أو في ارتكاب كبيرة كأن يشرب معهم الخمر‬
‫مثل ‪0‬‬
‫وأما اذا كان في سلطانهم فخاف على نفسه منهم ‪ ،‬فأظهر لهم موافقته‬
‫لدينهم اذا لقيهم وقلبه كاره ‪ ،‬فانه يدخل في آية الكراه ‪ ،‬ولكن اذا لم يكن‬
‫في سلطانهم وانما حمله على موافقتهم الطمع في الدنيا ‪ ،‬فانه يكفر وان لم‬
‫يستحل وان كان قلبه كارها ‪ ،‬قال شيخ السلم محمد بن عبدالوهاب ) أن‬
‫يوافقهم في الظاهر مع مخالفته لهم في الباطن وهو ليس في سلطانهم‬
‫‪،‬وانما حمله على ذلك اما طمع في رياسة أو مال أو مشحة بوطن أو عيال ‪،‬‬
‫او خوف مما يحدث في المآل ‪ ،‬فانه في هذه الحال يكون مرتدا ول تنفعه‬
‫كراهته لهم في الباطن ‪ ،‬وهو ممن قال الله فيهم } ذلك بأنهم استحبوا‬
‫الحياة الدنيا على الخرة وأن الله ل يهدي القوم الكافرين { ‪ ،‬فاخبر أنه لم‬
‫يحملهم على الكفر الجهل أو بغضه ‪ ،‬ولمحبة الباطل ‪ ،‬وانما هو أن لهم حظا‬
‫من حظوظ الدنيا فآثروه على الدين ( مجموعة التوحيد ‪418‬‬
‫قلت ‪ :‬وتأمل قوله ) أن الذي يكفر به المسلم ليس هو عقيدة القلب خاصة (‬
‫وكيف يرد على من ل يجعل من كفر العمل كفرا أكبر قط ‪0‬‬
‫وتأمل قوله ) أو خوف مما يحدث في المآل ( وكونه لم يعذره بذلك ‪ ،‬ولم‬
‫يرفع عنه حكم التكفير ‪ ،‬وانما بما يقع عليه من الكراه في الحال ‪ ،‬وسنكمل‬
‫بقية النقول في الحلقة القادمة ان شاء الله تعالى ‪0‬‬
‫وتأمل قوله ) لعلك تعرف شيئا من دين ابراهيم ( وكيف جعل هذه القضية‬
‫من صلب الدين وأساس التوحيد‬

‫‪84‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪9‬ـ وفي أجوبة المامين حسين وعبدالله ابني الشيخ في بيان ما يصير به‬
‫المسلم مرتدا ) المر الرابع ‪ :‬الجلوس عند المشركين في مجالس شركهم‬
‫من غير انكار والدليل قال تعالى } وقد نزل عليكم في الكتاب ان اذا سمعتم‬
‫آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فل تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث‬
‫غيره انكم اذا مثلهم ان الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا {‬
‫وفي أجوبة آل الشيخ رحمهم الله تعالى ) لما سئلوا عن هذه الية الجواب‬
‫أن اليةعلى ظاهرها ‪ ،‬ان الرجل اذا سمع آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها ‪،‬‬
‫فجلس عند الكافرين المستهزئين بآيات الله من غير اكراه ولانكار ول قيام‬
‫عنهم حتى يخوضوا في حديث غيره ‪ ،‬فهو كافر مثلهم ‪ ،‬وان لم يفعل فعلهم (‬
‫مجموعة التوحيد ‪405‬‬
‫قال ‪ :‬اذا كانوا يسبون دين السلم مثل ويكذبون القرآن ويسخرون من‬
‫أحكامه ‪ ،‬وهو يجالسهم في خوضهم هذا ‪ ،‬ول ينكر عليهم ‪ ،‬من غير أن يكره‬
‫على حضور هذه المجالس ‪ ،‬بل يعدهم أهل مجلسه الذين يصاحبهم وينادمهم‬
‫ويسمع أيات الله يستهزء بها وليعرض ‪ ،‬فانه يكفر مالم ينكر أو يقوم ‪ ،‬اذا‬
‫كان هذا هو معنى الية فهو واضح ‪ ،‬وهو دليل على أن التصديق والشهادتين‬
‫لم ينفعاه لنه نقضهما ‪0‬‬
‫قلت ‪ :‬أما دللة الية فواضحة كما فسرها هذان المامان ‪ ،‬وهي دليل على أن‬
‫المكفرات العملية ل يشترط فيها الستحلل ‪ ،‬ولوكان ل يكفر حتى يستحل‬
‫بمعنى يعتقد جواز خوض أهل مجلسه في آيات الله ‪ ،‬لما كان يكفر بمجرد‬
‫هذا العمل ‪ ،‬وتأمل أنه لم يفعل شيئا غير أن سكت وبقي معهم ‪ ،‬فكيف لو‬
‫كان يسب معهم وليستحل ‪0‬‬
‫‪10‬ـ وقال رحمهما الله ) وهو أن الذي يدعي السلم ‪ ،‬ويكون مع المشركين‬
‫في الجتماع والنصرة والمنزل ‪ ،‬بحيث يعده المشركون منهم ‪ ،‬فهو كافر‬
‫مثلهم ‪ ،‬وان ادعى السلم ال أن يكون يظهر دينه ‪ ،‬وليتولى المشركين (‬
‫مجموعة التوحيد ‪406‬‬

‫)‪(27 /‬‬

‫قال ‪ :‬مفهوم هذا مع سياق ما تقدم ‪ ،‬اذا تولى المشركين بهذه الصورة بحيث‬
‫يخفي دينهم أمامهم غير مكره ‪،‬ويتولهم وينصرهم ويكون معهم بحيث يعدونه‬
‫منهم ‪،‬يوافقهم على دينهم ‪ ،‬فهذا حكمه ‪0‬‬
‫‪11‬ـ واسمع هذا النقل عن امام الدعوة المجدد محمد بن عبدالوهاب ‪ ،‬لتعلم‬
‫حقيقة ما كانوا عليه من فهم لحقيقة اليمان ونواقضه ‪ ،‬يقول رحمه الله كما‬
‫في مجموعة الرسائل والمسائل النجدية ‪ ) 4/300‬سألني الشريف) شريف‬
‫مكه آنذاك (عما نقاتل عليه وما نكفر به ؟ فقلت في الجواب ‪ :‬انا لنقاتل ال‬
‫على ما أجمع عليه العلماء كلهم ) تدبرفي حكايته الجماع على ما يكفرون به‬
‫ثم لحظ ما هي المكفرات التي كانوا يقاتلون عليها ( ‪،‬قال ‪ :‬وهو الشهادتان‬
‫بعد التعريف اذا عرف ثم انكر ونقول أعداؤنا معنا على أنواع ‪ :‬الول ‪ :‬من‬
‫عرف أن التوحيد دين الله ورسوله وأن هذه العتقادات في الحجر والشجر‬
‫والبشر انه الشرك ولم يلتفت الى التوحيد علما وعمل ول ترك الشرك فهذا‬
‫كافر نقاتله (‬
‫قال ‪ :‬هذا كفر العراض ‪ ،‬يعلم بقلبه صحة التوحيد ولكن يفعل الشرك‬
‫فيكون كافرا ‪ ،‬وقد يفعله موافقة لقومه فحسب ‪ ،‬فل ينفعه علمه بقبح‬
‫الشرك وأن دين الرسول صلى الله عليه وسلم هو التوحيد ‪ ،‬اذا كان يأتي‬

‫‪85‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الشرك ولينقاد للتوحيد ‪0‬‬


‫قلت ‪ :‬ما رأيك الن فيمن يقول لنكفر من يسجد للضرحة والقبور ويطوف‬
‫حولها ويستغيث بها ويفعل السحر ‪00‬الخ ‪ ،‬اذا علمنا أنه ليستحله بل يفعل‬
‫ذلك من باب الدجل على الناس وأكل أموالهم وحبا في رئاسة ينالها بسبب‬
‫هذه الفعال الشركية ‪ ،‬لنكفره لنه غير مستحل ‪0‬‬
‫قال ‪ :‬هذا هو مذهب المرجئة ‪0‬‬
‫قلت ‪ :‬هو مذهب الجدد أما القدماء فكانوا خيرا من هؤلء ‪ ،‬لنهم كانوا‬
‫يقولون نحكم عليه الكفر في أحكام الدنيا لننا أمرنا بالخذ بالظاهر وظاهره‬
‫الكفر ‪ ،‬واذا علم الله انه مصدق بقلبه بالتوحيد ‪ ،‬فهو مؤمن عند الله لن‬
‫اليمان هو التصديق ‪ ،‬أما الجدد فانه يقولون لنكفره حتى في أحكام الدنيا ‪،‬‬
‫ولو فعل الفعال المذكورة ‪ ،‬وزاد عليها بأن أقام حماية السلطة لعباد القبور‬
‫والضرحة وشرع لهم القوانين التي تعاقب من يتعرض لهم ‪ ،‬وأحاطهم‬
‫برعاية الدولة وتنظيمها والنفاق على هذه اللهة وتزيينها للناس وتنظيم من‬
‫يشرفون عليها ‪ ،‬تقول المرجئة الجدد لنكفره لنه ناطق بالشهادتين ‪ ،‬ولم‬
‫يصرح بأنه يستحل ويجحد ويكذب ‪0‬‬
‫قال ‪ :‬انا لله وانا اليه راجعون ‪ ،‬ومن هم هؤلء الجدد ؟‬
‫قلت ‪ :‬لنكمل الحديث عن شيخ السلم المجدد ثم نأتي على جواب سؤالك‬
‫هذا ‪0‬‬
‫ثم قال ) النوع الثاني ‪ :‬من عرف ولكن سب أهل التوحيد ومدح من عبد‬
‫يوسف والشقر وأبي علي والخضر ) وهي أضرحة كانت يطاف حولها‬
‫ويستغاث بها ويسجد لها على زعم أن المقبورين فيها من الصالحين الذين‬
‫يشفعون عند الله ( وفضلهم على من وحد الله وترك الشرك فهذا اعظم‬
‫كفرا ‪ ،‬النوع الثالث ‪ :‬من عرف التوحيد واحبه واتبعه وعرف الشرك وتركه‬
‫لكن يكره من دخل في التوحيد ويحب من بقي على الشرك فهذا أيضا‬
‫كافر (‬
‫قال ‪ :‬مهل ‪ ،‬قف هنا ‪ ،‬هذا النوع كفره المام بمجرد حبه لهل الشرك لنهم‬
‫قومه وقبيلته وكراهيته لهل التوحيد لنهم يقاتلون قومه فقط ‪ ،‬مع أنه‬
‫ليفعل ما يفعله قومه من الشرك بل يلتزم دعاء الله وحده‬
‫قلت ‪ :‬نعم ‪ ،‬انطلقا مما ذكرنا من حقيقة اليمان ‪ ،‬وارتباط الظاهر بالباطن‬
‫فيه ‪ ،‬وعمل بقوله تعالى ) لتجد قوما يؤمنون بالله واليوم الخر ‪ ،‬يوادون من‬
‫حاد الله ورسوله ولو كانوا أباءهم أو أبناءهم أو أزواجهم أو عشريتهم أولئك‬
‫كتب في قلوبهم اليمان وأيدهم بروح منه ( ‪ ،‬فاليمان بالله ورسوله الصحيح‬
‫الشرعي ‪ ،‬لم يقم بهؤلء ‪ ،‬بل قام في قلوبهم تصديق مجرد لم يوجب عمل‬
‫القلب الذي يوجب عمل الجوارح ‪ ،‬بل منع حصول موجب التصديق فيهم ‪،‬‬
‫مانع ايثاروتقديم محبة الهل والمال على النتصارلدين الله تعالى ‪ ،‬فأحبوا‬
‫قومهم المشركين وكرهوا الموحدين ‪0‬‬
‫ولنكمل كلم المام المجدد ) النوع الرابع ‪ :‬من سلم من هذا كله‬
‫تكفير من ترك أحد المباني السلمية كالصلة والزكاة والصيام والحج والثاني‬
‫ليكفر ال بالجحد والثالث التفريق بين الصلة وغيرها ‪ ،‬وكذلك المعاصي‬
‫فرقوا بين ما يصادم أصل السلم ومال ‪ ،‬وبين ما سماه الشارع كفرا ومالم‬
‫يسمه هذا ما عليه أهل السنة ( مجموعة الرسائل ‪3/14‬‬
‫قال ‪ :‬هذا الكلم يحتاج الى شرح ‪ ،‬ما معنى الخلف في أعمال الجوارح واقع‬
‫بين أهل السنة هل يكفر أو ليكفر ؟‬
‫قلت ‪ :‬يعني اختلفوا في أفعال الجوارح التي هي الركان الربعة هل يكفر‬

‫‪86‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫بتركها بدليل ما ذكره بعده فانه حكى ثلثة أقوال في ذلك ‪ ،‬وليعني كخلف‬
‫الخوارج مع أهل السنة في تكفير مرتكب مطلق الكبائر ‪ ،‬فانه أجل من أن‬
‫يقول مثل هذا القول ‪0‬‬
‫قال ‪ :‬وما معنى قوله ) وكذلك المعاصي فرقوا بين ما يصادم أصل السلم‬
‫أم ل ‪00‬الخ (‬

‫)‪(28 /‬‬

‫قلت ‪ :‬يعني المعاصي التي تكون نواقض عملية وعبر عنها بقوله ) ما يصادم‬
‫أصل السلم ( وبقوله ) وماسماه الشارع كفرا ( فهذه يفرقون بينها وبين‬
‫سائر المعاصي ‪ ،‬فالولى يكفر بها ‪ ،‬وأما سائرالمعاصي فليكفر حتى يستحل‬
‫‪ ،‬وقد قدمت لك أمثلة كثيرة ‪ ،‬وتأمل قوله هذا الذي عليه أهل السنة ‪ ،‬وقارن‬
‫بين قوله و ما يقوله المرجئة الجدد ‪0‬‬
‫‪12‬ـ قال شيخ السلم محمد بن عبدالوهاب ) الرابعة قوله أو نطق بكلمة‬
‫الكفر ولم يعلم معناها فل يكفر بذلك ‪ ،‬هل المعنى ‪ :‬نطق بها ولم يعرف‬
‫شرحها أو نطق ولم يعلم أنه تكفره ؟ فأجاب ‪ :‬فالمسألة الولى ‪ :‬قد استدل‬
‫العلماء عليها بقوله تعالى في حق بعض المسلمين المهاجرين في غزوة‬
‫تبوك ) ولئن سألتهم ليقولون انما كنا نخوض ونلعب ( وذكر السلف والخلف ‪:‬‬
‫أن معناها عام الى يوم القيامة فيمن استهزأ بالله أو القرآن أو الرسول‬
‫وصفة كلمهم أنهم قالوا ‪ :‬ما رأينا مثل قرائنا هؤلء أرغب بطونا ول أكذب‬
‫ألسنا ول أجبن عند اللقاء ‪ ،‬يعنون بذلك ‪ :‬رسول الله والعلماء من أصحابه ‪،‬‬
‫فلما نقل الكلم عوف بن مالك أتى القائل يعتذر أنه قاله على وجه اللعب‬
‫كما يفعله المسافرون ‪ ،‬فنزل الوحي أن هذا كفر بعد اليمان ولو كان على‬
‫وجه المزح ‪،‬والذي يعتذر يظن أن الكفر اذا قاله جادا ل لعبا ‪ 00‬الرابعة ‪ :‬اذا‬
‫نطق بكلمة الكفر ولم يعلم معناها صريح واضح أنه يكون نطق بما ل يعرف‬
‫معناه ‪ ،‬وأما كونه أنه ليعرف أنه تكفره فيكفي فيه قوله ) لتعتذروا قد‬
‫كفرتم بعد ايمانكم ( فهم يعتذرون للنبي صلى الله عليه وسلم ظانين أنها‬
‫لتكفرهم ‪ ،‬والعجب ممن يحملها على هذا وهو يسمع قوله تعالى ) وهم‬
‫يحسبون انهم يحسنون صنعا ( ) انهم اتخذوا الشياطين اولياء من دون الله‬
‫ويحسبون أنهم مهتدون ( ) وانهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم‬
‫مهتدون ( أيظن أن هؤلء ليسوا كفارا ؟ لكن لتستنكر الجهل الواضح لهذه‬
‫المسائل لجل غربتها ( ص ‪ 447‬تاريخ نجد ‪0‬‬
‫قلت ‪ :‬فهذا تصريح أنه اذا قال كلمة الكفر الكبر وهو يعلم معناها فانه يكفر‬
‫وان لم يستحل وان ظن انها غير مكفرة ‪0‬‬
‫‪ 13‬ـ وقال العلمة محمد الشوكاني في جواب سؤال عن قوم من العراب‬
‫ليأتون من العمل ال النطق بالشهادتين هل هم كفار ‪ ،‬فقال ) من كان تاركا‬
‫لركان السلم وجميع فرائضه ورافضا لما يجب عليه من ذلك من القوال و‬
‫الفعال ولم يكن لديه ال مجرد التكلم بالشهادتين فل شك ول ريب ان هذا‬
‫كافر شديد الكفر ‪00‬ثم قال ‪ :‬واليات القرآنية والحاديث النبوية في هذا‬
‫الشأن كثيرة ومعلومة لكل فرد من أهل العلم بل هذا المر الذي بعث الله به‬
‫رسوله وأنزل لجله كتبه والتطويل في شأنه والشتغال بنقل برهانه من باب‬
‫ايضاح الواضح وتبيين المبين ( ارشاد السائل الى دليل المسائل ص ‪43‬‬
‫قال ‪ :‬نحتاج مع هؤلء المرجئة العصرية أن نبين هذا الواضح فانا لله وانا اليه‬
‫راجعون ‪0‬‬

‫‪87‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫‪14‬ـ وقال العلمة محمد بن ابراهيم آل الشيخ رحمه الله عمن يعتقد أن تارك‬
‫جميع الجوارح ليس بكافر ) هذا من فروع مذهب المرجئة وهو الرائج في‬
‫البلدان التي أهلها يدعون السلم ‪ ،‬فالمسلم هو الذي ليكون نصرانيا‬
‫وليهوديا بالنسبة الى العمل بالدين ‪ ،‬وان كانوا لينكرون فضل من يصلى ‪،‬‬
‫لكنه مسلم على كل حال عندهم ) يعني ولو لم يعمل بشيء من الدين ومثل‬
‫لذلك بالعمال الظاهرة كالصلة ( ‪ ،‬وأنه من حزب المسلمين ‪ ،‬وأنه يبغض‬
‫الكافرين ‪ ،‬هذا بقطع النظر عن الشرك ‪ ،‬فهذه مذاهب ردية ( وقال رحمه‬
‫الله ) تجد السلم الفاشي عند الكثرية اذا لم ينتسب الى طائفة أخرى ‪،‬‬
‫يقولون مسلم وهو ليصلي ول يصوم ‪ ،‬واليمان حاصل له وهو تصديق‬
‫الرسول ( الفتاوى ‪/1‬‬
‫وقال ‪ :‬تكفي هذه النقول ‪ ،‬وهي ناطقة بوضوح أن مذهب السلف هو أن‬
‫العمل ركن في اليمان ‪ ،‬وأن اليمان يزول بالتولي عن جميع العمل ل بعضه‬
‫كما تقول الخوارج ‪ ،‬وأن الكفر الكبر منه اعتقادي ‪ ،‬ومنه عملي وان كان‬
‫القلب مصدقا ‪ ،‬وهو مع ذلك ليكون ال مع فساد في عمل القلب أوجب فعل‬
‫الجوارح للكفرالناقض لليمان ‪ ،‬ضرورة ارتباط الظاهر بالباطن في طبيعة‬
‫الخلقة النسانية ‪ ،‬غير أننا لم نؤمر بالتنقيب عن الباطن ‪ ،‬بل نحكم على من‬
‫أتى بالناقض والكفر العملي الكبر بالكفر الكبر كمن سب الرسول واستهزء‬
‫بالمصحف وسجد للصليب والصنام ونحوذلك ‪ ،‬حتى لو لم يكن مستحل ‪ ،‬ذلك‬
‫أن عمل القلب ليس هو تصديقه ‪ ،‬فقد يكون في القلب تصديق ويأتي العبد‬
‫من عمل الكفر ما يكون به كافرا الكفر الكبر ‪ ،‬هذا على طريقة أهل السنة‬
‫‪0‬‬
‫وأن مذهب المرجئة هو عدم التكفير ال بالجحود والتكذيب والستحلل فقط ‪،‬‬
‫غير أن المتقدمين منهم يجعلون من أتى بالمكفر العملي كافرا ظاهرا ‪ ،‬وأما‬
‫باطنا فهو مؤمن عندهم ان كان مصدقا ‪0‬‬

‫)‪(29 /‬‬

‫وأما المحدثون فأضل سبيل ‪ ،‬لنهم ليكفرونه ل ظاهرا ولباطنا ‪ ،‬ال أن يصرح‬
‫بأنه جاحد مكذب مستحل لما فعل أو مستخف معاند مستكبر عن اتباع‬
‫الرسل ‪ ،‬ولو طاف وسجد ودعا وذبح للصليب أو الضرحة ‪،‬وأقام المؤسسات‬
‫تحميها وتزينها للناس ‪ ،‬وتشرف عليها وتنفق على سدنتها وكهانها وتنظمها‬
‫ولوعاقب من يمسها بسوء ‪ ،‬ولواستهزء بدين السلم وسب شعائره ‪ ،‬ولو‬
‫قاتل المسلمين ‪ ،‬وأعان الكفار في حربهم للمجاهدين بما يقدر عليه من‬
‫نفس ومال ‪ ،‬ولو كانوا يقاتلون دفاعا عن المسجد القصى ‪ ،‬ليكفر من فعل‬
‫ذلك كله ــ عند مرجئة العصر ــ ال أن يستحل ذلك ‪ ،‬ويجحد ويكذب ويقول‬
‫ذلك بلسانه أو يصرح أنه مستخف معاند مستكبر عن اتباع الرسول ‪ ،‬ويقول‬
‫هؤلء قبح الله مذهبهم وقد سمعناهم ‪ :‬أل تراه مسلما يحضر خطبة المولد ‪،‬‬
‫ويبني المساجد ‪ ،‬ويقول بسم الله الرحمن الرحيم في خطابه وينطق‬
‫بالشهادتين ‪ ،‬ويقول اني مسلم ‪ ،‬فكيف تكفرونه من غير أن يصرح بأنه‬
‫مستحل أو مستكبر ‪ ،‬ورأيناهم يجعلون من يكفر مثل هؤلء الزنادقة من‬
‫الخوارج المارقة ويستحلون تأليب الطواغيت عليه وكتابة التقارير عنه‬
‫فقلت ‪ :‬هل أنت الن من جماعة التكفير ؟ ومن الخوراج ؟ لما تبين لك‬
‫حقيقة اليمان الذي عليه أهل السنة ‪0‬‬
‫قال ‪ :‬بعد ضحكة طويلة ‪000‬والله يا أخي لتلومني على ما قلته أول الحديث‬

‫‪88‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وما كنت عليه سابقا من الجهل ‪ ،‬فانني لم أكن أسمع ال التهامات والدعاوى‬
‫المرسلة والطعن فيكم ونسبتكم الى جماعة التكفير ‪ ،‬بل تحقيق ولعلم ‪ ،‬ول‬
‫وجدت من يدلني على العلم كما سمعت اليوم من هذه النصوص عن العلماء‬
‫ال اليوم ‪ ،‬فلك مني جزيل الشكر ‪0‬‬
‫وقال ‪ :‬لكن بقي عندي أمران ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬وهو أنه ليخفى عليك ‪ ،‬أن فتنة التكفير قد عاثت في الرض فسادا‬
‫ردحا من الزمن ‪ ،‬وأنها أشغلت الساحة السلمية بتكفير طائش متخبط ‪،‬‬
‫وأخذت تلك الجماعات بلوازم ما أنزل الله بها من سلطان ‪ ،‬حتى فر الناس‬
‫منها الى هذا غلو في الرجاء ‪ ،‬فكيف السبيل الى اتقاء فتنة التكفير ‪ ،‬بعد أن‬
‫تبين لنا كيف نتقي فتنة الرجاء ‪ ،‬وهل يجوز الجرأة على تكفير أهل‬
‫الشهادتين والتتايع فيها بهذا الطيش ؟‬
‫قلت ‪ :‬جماعة التكفير انطلقت من نصوص صحيحة ‪ ،‬لكنها فهمتها فهما خاطئا‬
‫‪ ،‬والتزمت لجلها لوازم باطلة ‪ ،‬فوقعت فيما وقعت فيه من تكفير الحكام‬
‫مطلقا بل تفصيل ولتحقيق ولعلم ‪ ،‬وكذا تكفير الشعوب والمجتمعات ‪،‬‬
‫فألحقت بالدعوة السلمية ضررا بالغا ‪ ،‬والعصمة منها باختصار ‪:‬‬
‫أول ‪ :‬أن ليقدم على أحكام التكفير ال أهل العلم الذين أحاطوا بقواعد‬
‫الصول وعرفوا العقائد المنقولة عن أهل السنة ‪0‬‬
‫ثانيا ‪ :‬أن نعلم أنه ليجوز تكفير أهل الشهادتين ال بعلم بما أتوا به من‬
‫النواقض العتقادية أو العملية ‪ ،‬ثم اقامة الحجة عليهم وبيان المحجة بحسب‬
‫ضوابط ذلك‬
‫ثالثا ‪ :‬أن نعلم أننا لسنا مكلفين أن ننقب عن بواطن الناس أو نفتش عن‬
‫عقائدهم ‪ ،‬لنحكم عليهم بالسلم او الكفر من غير نازلة تحتاج الى حكم‬
‫معين ‪ ،‬ول أن نجعل التكفير هدفا في حد ذاته ‪ ،‬بل من أظهر السلم وأكل‬
‫ذبيحتنا وصلى صلتنا واستقبل قبلتنا فهو المسلم له مالنا وعليه ما علينا‬
‫وليجوز امتحان المسلمين سواء ــ الحكام والمحكومون ــ لمعرفة دخائلهم ‪،‬‬
‫ويكفي المؤمن ــ ما لم تنزل به نازلة تقتضي معرفة تفصيلية ــ يكفيه أن‬
‫يكفر بالطاغوت جملة وهو كل ما يعبد من دون الله تعالى ‪ ،‬ولعليه أن يعرف‬
‫حكم هذا وذاك ـ سواء كان حاكما أو محكوما ــ تطفل ودخول فيما ليعنيه ولم‬
‫يكلف به ‪ ،‬بل هذا من الهوس وحماقة العقول الفارغة ‪0‬‬
‫هذا باختصار سبيل الخلص ‪ ،‬فهات المر الثاني‬
‫قال ‪ :‬أن هؤلء الذين وقعوا في الرجاء وهم ليشعرون ‪ ،‬انما فروا من هذه‬
‫الفتنة ‪ ،‬فتنة التفكير ‪ ،‬ويقولون لئن نخطيء في العفو أحب ألينا من أن‬
‫نخطيء في العقوبة ‪ ،‬أي نخطيء في الحكم على رجل بأنه مسلم ويكون‬
‫كافرا في واقع المر ‪ ،‬خير من أن نخطيء في تكفيره ويكون مسلما فان‬
‫تكفير المسلم من كبائر الذنوب والموبقات ‪0‬‬
‫قلت ‪ :‬نعم هو كذلك ونحن معهم ‪ ،‬اذا اشتبه المرعلى من يحتاج الى الحكم‬
‫ــ وقد قدمنا أنه ليجب على المسلم ما لم تنزل به نازلة تقتضي معرفة حكم‬
‫الشخص مسلم هو أم كافر ــ اذا اشتبه عليه المر فل يجوز أن يقدم على‬
‫تكفيرأحد من أهل الشهادتين فانهما أصل السلم ‪ ،‬وليزول بالشك ‪0‬‬
‫غير أن المستنكر أن نعتقد عقائد المرجئة وننسبها الى الدين ونغير أحكام‬
‫الشريعة ونقدم عليها آراء باطلة لفرق ضالة ‪ ،‬كما أنه من المستنكر أن‬
‫ينقض النسان دينه بنواقض مجمع عليها ويكفر بمقتضى أصول أهل السنة ثم‬
‫ليحكم عليه بالكفر ‪ ،‬ومن المستنكر أن ينسب من يكفر من هذا شأنه الى‬
‫مذهب الخوارج بالباطل والفتراء ‪0‬‬

‫‪89‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وليخفى أنه كما أن التكفير بلدليل جرم عظيم ‪ ،‬كذلك زوال الحدود‬
‫الشرعية بين الكفر واليمان ‪ ،‬وجعل الكافر مؤمنا ‪ ،‬من أعظم الفساد في‬
‫الدين ‪ ،‬والنقض لعرى اليمان ‪0‬‬

‫)‪(30 /‬‬

‫قال ‪ :‬قد شفيت وكفيت وهديت ‪ ،‬واني لك شاكر ‪ ،‬وعلى مذهب أهل السنة‬
‫بعون الله صابر‬
‫@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@‬
‫المقال الثاني عشر‬
‫ـــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــ‬
‫تخريج الفروع الفقهية على الحوال النفسية‬
‫من فنون العلم الدقيقة علم تخريج الفروع على الصول ‪ ،‬وقد كتب فيه‬
‫العلماء قديما وحديثا ‪ ،‬ويعنون بالفروع مسائل الفقه والعمليات ‪ ،‬ويعنون‬
‫بالصول القواعد التي تنبني عليها تلك الفروع العملية ‪ ،‬وهو باب جليل من‬
‫أبواب العلم يدل على أن علماءالسلم قد حازوا في مناهج البحث وضوابط‬
‫المعرفة أعلى مراتبها ‪ ،‬ويستعين طالب العلم بهذا الباب في معرفة ارتباط‬
‫الفقه باصوله وتطبيقات القواعد العامة للشريعة على صور الحكام الفروعية‬
‫العملية ويتمرن بذلك على الستدلل والستنباط وكيفية الحاق الحوادث‬
‫بالدلة والقواعد ‪ ،‬ويتحصل له بالتمرين المستمر ملكة وقدرة على الستدلل‬
‫والجتهاد ‪0‬‬
‫أما اليوم حيث اضطربت طرق تحصيل العلوم الشرعية واختلطت المناهج ‪،‬‬
‫وصارت علوم الشريعة نهبا لكل ناهب ‪ ،‬وحتى هزلت وبدا من هزالها كلها‬
‫وحتى سامها كل مفلس ‪ ،‬فانك تجد كثيرا من المنتسبين الى علوم الشريعة‬
‫يسلك من حيث يعلم أو ليعلم سبيل تخريج أحكامه الفقهية على أحواله‬
‫النفسية‬
‫فترى الجبان الرعديد الذي تخيفه كل صيحة ‪ ،‬يتبنى رأي من يقول ـ على‬
‫سبيل المثال ــ لتجوز نصيحة ولي المر مطلقا ال سرا وهمسا ـ وان كان قد‬
‫يقول ذلك بعض العلماء بناء على اجتهاد يثاب عليه ـ وترى ذلك الجبان يبحث‬
‫عن الدلة التي توافق حالته النفسية ‪ ،‬ويغضي عن سواها ‪ ،‬ثم يبالغ في‬
‫النكار على كل من يصدع بكلمة الحق ‪ ،‬ويهول عليه في كل موطن ليستر‬
‫عيب نفسه ويلبسه لباس الشرع ‪ ،‬وكان الواجب على مثل هذا أن يقر بعجزه‬
‫ويدخل نفسه في قوله تعالى) ليكلف الله نفسا ال وسعها ( ‪ ،‬ويفرح اذا قام‬
‫بالحق من أوتى شجاعة الكلمة ‪ ،‬أوعلى أضعف اليمان يكف لسانه عن‬
‫الناهين عن الفساد في الرض الباذلين أنفسهم وأموالهم في سبيل ذلك ‪0‬‬
‫وتجد مثل هذا يفر من كل مسألة في العلم يتوهم أن يلحقه بسببها أذى‬
‫ويكره ذكرها ويعادي من يذكرها ‪ ،‬انه )أبو سلمة ( فيكره كل ما يفوت عليه‬
‫السلمة وان وافق الشرع ‪ ،‬ويتبنى من آراء الفقهاء أدناها الى السلمة ‪ ،‬فان‬
‫كان مع ذلك ممن يقتدى به فهو كما قيل زلة العالم زلة‬
‫وبالضد تجد المتهور الذي تجنح نفسه الى العنف طيشا وخفة في أصل‬
‫الخلقة ‪ ،‬يبحث عما يوافق هواه من متشابه الدلة أو كلم العلماء ‪ ،‬فان كانت‬
‫نفسه تميل الى العلم تجده يبالغ في التبديع والتضليل وظلم الناس باللسان‬
‫واهدار محاسنهم بالبحث عن زلتهم ‪ ،‬وان كان ممن يتصدى للمر والنهي‬

‫‪90‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫تجده من بين أصحابه فظا غليظا عنيفا حطمة ‪ ،‬وضرره على الدعوة أكبر من‬
‫نفعه ‪ ،‬وقد رأيت من هؤلء من ليستهويه ال الذين يكفرون الحكام على‬
‫الطلق ‪ ،‬ويجعلون هجيراهم ذكر معايبهم ‪ ،‬ويجلهم اجلل عظيما وان كانوا‬
‫من اجهل الناس ‪ ،‬وما في القوم تحقيق من العلم بل وافق هذا هوى‬
‫نفوسهم ‪ ،‬واذا بحثوا في العلم ‪،‬كأن عيونهم لترى ال أدلة التكفير والعنف‬
‫والدماء ‪ ،‬ومن يحرم الرفق يحرم الخير الكثير ‪0‬‬
‫وأيضا تجد من تميل نفسه الى الغناء والطرب يترخص فيه ويتعلق بما يدل‬
‫من بعيد على الباحة وان كانت دللة ضعيفة مهجورة ‪ ،‬وقد أشار ابن القيم‬
‫رحمه الله الى شيء من هذا القبيل وقع قديما لبن حزم المام الحافظ على‬
‫جللة قدره فكيف بالجهلة ‪0‬‬
‫وقد يكون المشتغل بالعلم منتسبا الى حزب اسلمي يتبنى رأيا فقهيا يحقق‬
‫له بعض المصالح الحزبية ‪ ،‬فتهوى نفسه من الراء الفقهية ما يهواه حزبه‬
‫ويجعل الشريعة تبعا لذلك ‪ ،‬أو يكون له شيخ يجله ويعظمه وله عليه نعم‬
‫كثيرة ‪ ،‬فيطوع الدلة لتوافق آراء شيخه ‪0‬‬
‫وقد رأينا من هؤلء من كان قائما بالنهي عن المنكرات وله في ذلك صولت‬
‫وجولت يقارع أهل الفساد في كل موطن ‪ ،‬فلما تبنى حزبه الرضوخ وانكسار‬
‫الجناح ‪ ،‬صار يرى في انكار المنكرات أعظم الجناح ‪0‬‬
‫ومن الناس من يحب العزلة والوحدة فيجعلها مفضلة مطلقا ‪ ،‬أو يحب‬
‫الشرف والمكانة في قلوب الناس فيفضل الخلطة مطلقا ‪ ،‬ولو جرد نفسه‬
‫علم أن الخلطة تحمد في مواضع والعزلة في مواضع بحسب تنوع دللة‬
‫النصوص ومن قادته النصوص هدي الى صراط مستقيم ‪ ،‬ومن قاده هواه‬
‫ضل ضلل مبينا ‪0‬‬
‫وقد قرأت لبعض كبار الدعاة يقر فيه بعد تجربة طويلة عانى فيها التربية‬
‫القيادية في عدة شعوب عربية ‪ ،‬أن طبيعةالمجتمع تأثر في قبول‬
‫العناصر للمباديء الحركية ‪ ،‬فالشعب الكويتي يميل الى الدعة والرفق ولين‬
‫الجانب فتجده ينفر من دواعي التضحيات التي تتطلب شيئا من البلء‬
‫الممحص في النفس والموال ‪ ،‬وان كان فيهم رجال أولوا عزم عظيم يندر‬
‫وجود مثلهم ‪0‬‬

‫)‪(31 /‬‬

‫وفي هذا المضمار تجد العجب العجاب في طلبة العلم والمتفقهة‬


‫والمشتغلين بالدعوة والمنتمين الى الحزاب السلمية ‪ ،‬وما منا ال ‪ ،‬ولتخلو‬
‫نفس من هوى تميل معه وان دق ‪ ،‬ال من عصم الله تعالى وقليل ما هم ‪،‬‬
‫فالحمد لله الذي سبقت رحمته غضبه ووسعت كل شيء‬
‫وانما الكمال في أن يجعل المرء هواه كله تبعا لما جاء به محمد صلى الله‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬فيقول الحق وان كرهت نفسه ويقيمها عليه وان مالت الى‬
‫ضده ‪ ،‬فهؤلء هم الذين ينصبهم الله تعالى أئمة للناس ‪ ،‬ذلك أنهم يقولون‬
‫لله ‪ ،‬ويقومون بالله ‪ ،‬ويقيمون الحق الذي أقامه الله ‪ ،‬ولما خالفوا هواهم‬
‫في ذات الله تعالى ‪ ،‬استحقوا أن يكونوا أدلة على الله ‪ ،‬فاللهم زينا بزينة‬
‫اليمان واجعلنا هداة مهتدين آمين ‪.‬‬
‫@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@‬
‫@@@@@‬
‫المقال الثالث عشر‬

‫‪91‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ـــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــ‬
‫تقييد السلطة في السلم‬
‫ليس هذا البحث من فضول البحث الثقافي أو الترف الفكري في السلم ‪،‬‬
‫بل هو من صلب المفاهيم السياسية السلمية ‪ ،‬وهو كذلك من الركان‬
‫المهمة في مفهوم الحكم والدولة في الفقه السلمي ‪ ،‬والدعوة السلمية‬
‫المعاصرة لتملك ال أن تتخذ موقفا فكريا وعمليا من هذه القضية ان كان لها‬
‫مشروع تغييري في المجتمع الذي تعيش فيه وهو المفترض أن يكون ‪0‬‬
‫قبل أن نبين موقف الفقه السلمي من تقييد السلطة نقدم هذه المقدمة‬
‫بين يدي الموضوع ‪ ،‬فنقول وبالله التوفيق ‪:‬‬
‫ان تقييد السلطة السياسية ضرورة اجتماعية ‪ ،‬وذلك انطلقا من حقيقتين‬
‫اثنتين ‪:‬‬
‫الولى ‪ :‬أن تولى السلطة واحتكار أدوات القوة والقدرة على استعمال‬
‫العنف مدعاة الى الستبداد ضرورة انقياد الطبيعة البشرية لحب التسلط‬
‫المركوز فيها ‪ ،‬وهذه الطبيعة وان كانت يمكن معارضتها بالوازع الذاتي ‪ ،‬غير‬
‫أنه أمر محجوب في طي القلوب ‪ ،‬وليمكن ضمانه أو ضمان استمراره ‪،‬‬
‫فضل عن أن باب ارتكاب المحذورات بالتأويل مفتاحه الستبداد بالرأي‪ ،‬وهو‬
‫ملصق للسلطة المطلقة من القيود ‪ ،‬وهذا الباب قد دخل منه من ظن فيه‬
‫الستقامة والمثالية وقوة الوازع الذاتي ــ الذي يفترض أن يمنع من سوء‬
‫استعمال السلطة ــ الى ارتكاب عظائم من التعسف في استعمال السلطة‬
‫باسم الدين ‪ ،‬فاذن تقييد السلطة أمر لمفر منه على اية حال ‪0‬‬
‫الثاني ‪ :‬أن تضخم أجهزة الدولة في العصر الحديث وتشعبها الى مختلف‬
‫أنشطة الحياة وتملكها الى جانب أدوات استعمال العنف ) الشرطة ‪ ،‬المن ‪،‬‬
‫الجيش ‪ ،‬اجهزة الستخبارات ‪000‬الخ ( ‪ ،‬أدوات تمكنها من تشكيل العقول‬
‫وصناعتها وخداعها ) العلم ‪ ،‬التعليم ‪00‬الخ ( وأدوات التحكم في النتاج‬
‫والقتصاد ومستوى حياة الفراد المعيشية ‪ ،‬وقدرتها على زيادة هامش‬
‫التحكم في المجتمع وزيادة توسيع صلحياته المركزة واخضاع المجتمع من‬
‫فوقه بشتى أنواع وصور الخضاع ‪ ،‬كل هذا يقتضي بالضرورة العقلية‬
‫والحتمية الواقعية ‪ ،‬عدم ترك السلطة التي هذا شأنها بل قيود ‪ ،‬لن سوء‬
‫استعمال السلطة في هذه الحالة ‪ ،‬يؤدي الى كوارث شاملة ماحقة قد تصل‬
‫الى تقويض المجتمع ‪ ،‬وزواله ‪ ،‬وتغيرجذري في تاريخه ‪ ،‬وكم من أمم ودول‬
‫زالت وصارت في غابر التاريخ بسبب الستبداد وترك السلطة بل قيود ‪0‬‬
‫ومن يستقرأ تاريخ المم يلحظ بوضوح تلك النقطة البارزة التي كانت وراء‬
‫الدمار الهائل الذي أصابها في كثير من الحيان ‪ ،‬وهي نقطة استبداد الدولة ‪،‬‬
‫ومن المثلة القريبة النظام الفاشستي الذي تولى كبره موسوليني وعرفه‬
‫بقوله ) ان المفهوم الفاشستي للدولة مفهوم شامل ‪ ،‬وخارج نطاقه لوجود‬
‫لقيم انسانية أو روحية ‪ ،‬ولية قيمة أخرى ‪ ،‬كثر ذلك أم قل ‪ ،‬وبالنسبة‬
‫للفاشستية الدولة مطلقة ‪ ،‬والفراد والمجموعات ليقبل بهم ال بقدر ما‬
‫يتصرفون وفق ما تريده الدولة ( ‪ ،‬وقد اعتبر هذا التفسير الرسمي‬
‫للفاشستية بمثابة ميثاق عمل للشيوعية ‪ ،‬وليخفى أن النسان لم يكن له أي‬
‫قيمة ‪ ،‬ول لي قيم روحية أخرى في النظمة الستبدادية التي عملت بهذا‬
‫المفهوم سواء في بلدنا العربية أو غيرها ‪ ،‬واهدار قيمة النسان وحقوقه يعد‬
‫في حد ذاته كارثة لتدانيها أية كارثة ‪0‬‬
‫ومن المثلة على ذلك أيضا ما لقيته الشعوب الروسية من فرض التجربة‬

‫‪92‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الماركسية فرضا باستبداد الدولة حتى قال )يلتسن( رئيس روسيا الحالي‬
‫واصفا ما لقيه شعبه ) ان بلدنا ليست محظوظة ‪ ،‬فقد فرض علينا تنفيذ‬
‫التجربة الماركسية والقدر هو الذي دفع بنا في هذا التجاه ‪ ،‬وبدل من أن تتم‬
‫هذه التجربة على دولة ما في افريقيا مثل فقد بدأوا بنا ‪ ،‬وفي النهاية‬
‫استطعنا اثبات أنه لمكان لهذه الفكرة ‪ ،‬لكن بعد أن دفعت بنا بعيدا عن‬
‫مسار الدول المتحضرة في العالم ‪ ،‬وينعكس علينا هذا اليوم حيث أن ‪%40‬‬
‫من الشعب يعيش تحت خطر الفقر ‪ ،‬فضل عن الهانة المستمرة التي تلحق‬
‫به وهو يستخدم البطاقات للحصول على احتياجه ‪ ،‬انها اهانة مستمرة تذكر‬
‫المواطن في كل وقت بأنه مجرد عبد في هذه الدولة (‬

‫)‪(32 /‬‬

‫ولما كانت السلطة السياسية ضروة لمفر منها ولتستقيم الحياة الجتماعية‬
‫ال بها ‪ ،‬وكان تقييدها أيضا ضرورة لمفر منها ‪ ،‬فان وجود أنظمة لتقيد‬
‫السلطة السياسية‪ ،‬تكون ذات قوة تستمدها من نفس قوة السلطة ‪،‬هي‬
‫فريضة حتمية ـ سياسيا ــ لتحقيق التوازن المطلوب ‪ ،‬وتلك القيود لتستقيم‬
‫ولتقوم ال على نظام يكفل حرية الفراد بقوة السلطة ذاتها ومقتضى‬
‫نظامها الذي تقوم عليه وتستمد منه مشروعيتها ‪0‬‬
‫هذه الحرية هي التى يسمونها )حقوق المواطنة ( في الدولة الحديثة ‪ ،‬أو‬
‫غيرها من المصطلحات السياسية ‪ ،‬وأما )الدستور( فهو النظام الذي يمنح ــ‬
‫من ضمن ما يمنح ــ حقوق المواطنين ويكفل الحرية للفراد ‪ ،‬وتبني على‬
‫هذه الحرية نظم تقييد السلطة ‪ ،‬وتكون مؤسسة الدولة وآلتها التنفيذية‬
‫خاضعه لهذا الدستور وتستمد أصل وجودها وصحتها منه ‪ ،‬فهو فوق الدولة‬
‫وحاكم عليها وعلى جميع مؤسساتها ‪0‬‬
‫وبهذا يمكن أن يكفل تقييد السلطة بقيود صارمة ‪ ،‬تستمد قوتها من نفس‬
‫المصدر الذي تستمد منه السلطة قوتها ‪ ،‬حتى يتحقق التوازن المطلوب بين‬
‫ضرورة السلطة السياسية وضرورة تقييدها أيضا ‪ ،‬جمعا بين حسنتي تنظيم‬
‫الدولة والمجتمع وابقاء هذا النظام في صالح المجتمع ليس متسلطا عليه ول‬
‫مستغل اياه لمصالح فئوية أو طائفية أو عائلية أو قبلية أو حزبية ‪00‬الخ ‪،‬‬
‫وليس مبدأ فصل السلطات في النظم السياسية الحديثة ال أحد أشكال‬
‫التقنين الذي يرمي اليه هذا الهدف ‪0‬‬
‫هذا هو ملخص الحل السياسي في الدول الحديثة وما توصل اليه المفكرون‬
‫من غير المسلمين ‪ ،‬ليجاد التوازن السياسي بين ضرورة الدولة الحديثة ذات‬
‫الهيمنة الشمولية على المجتمع ‪ ،‬وحماية المجتمع من أمراض السلطة فيها ‪،‬‬
‫وهو جزء من معنى ) الديمقراطية ( ‪0‬‬
‫فماهو موقف الفقه السلمي من تقييد السلطة ‪ ،‬وهل تعد الشكال والنظم‬
‫الحديثة التي توصل اليها مفكرو السياسة الغربيون متوافقة مع الحكام‬
‫الشرعية المتعلقة بباب )المامة( ‪ ،‬بمعنى هل يسلم في الفقه السلمي أن‬
‫السلطة السياسية لبد من تقييدها وأن الضرورة في العصر الحديث أشد من‬
‫قبل ‪ ،‬وما هي الفكرة التي ينطلق منها الفكر السياسي السلمي لتقييد‬
‫السلطة السياسية ‪ ،‬هل هي موافقة للفكرة الغربية ‪ ،‬أو بعبارة أصح هل‬
‫الفكرة الغربية وافقتها ‪ ،‬وما هي الشكال والنظم التي يضعها السلم لهذا‬
‫التقييد ‪ ،‬والى أي مدى يكون ‪ ،‬وهل يصل هامش الحرية التى تنطلق منها‬
‫هذه النظم السلمية الى تقييد السلطة ‪ ،‬هل يصل الى القدرة على الغائها‬

‫‪93‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ان كان تقييدها لم يف بتحقيق التوازن ‪ ،‬بمعنى اذا كان السلطة التنفيذية‬
‫لتصلح حتى وهي مقيدة ‪ ،‬فهل في الفقه السلمي صيغة ما ‪ ،‬تمكن الفراد‬
‫ممثلين بمؤسسات ما ‪ ،‬من تغيير السلطة كما في النظم الغربية المعاصرة‬
‫‪0‬‬
‫وليخفى أن تمام بحث هذه القضية ليتبلور ال بجانبيه الفقهي ‪ ،‬وما ينبني‬
‫عليه من السياسة الشرعية للدعوة المعاصرة ‪ ،‬وسنلقى بعض الضواء على‬
‫هذا الموضوع في حلقات قادمة باذن الله تعالى وتوفيقه ‪0‬‬
‫@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@‬
‫@@@@@‬
‫المقال الرابع عشر‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــ‬
‫ما وراء موت الميرة !‬
‫المتأمل فيما جرى السبوع المنصرم من الحداث يصاب بحيرة ممزوجة‬
‫بالسى والحسرة على الحال الذي وصلنا اليه ‪0‬‬
‫سيطر على واقع الناس وفكرهم وحرك القلم وهيج المشاعر واستثار‬
‫العواطف موت أمرأة ليس لها وزن في الثقافة ول العلوم والختراعات ‪ ،‬ول‬
‫انجازات عظيمة قدمتها للبشرية سوى شيء يسير من النفاق الذي يرمي‬
‫الى أغراض دعائية واستدرار أضواء العلم ‪ ،‬وغيرها ينفق اضعافا مضاعفة‬
‫فل يرفع لهم رأس وليلقى لهم بال ‪0‬‬
‫وليدرى المرء لماذا كل هذه الضجة التي صاحبت موتها ؟‬
‫هل لنها أميرة التاج البريطاني الذي تفضل علينا بزرع دولة اليهود في قلب‬
‫المة ‪ ،‬وغذاها حتى استغلظت واستوت على سوقها ‪ ،‬ثم حماها من كل‬
‫أذى ‪ ،‬ثم عهد بها الى اعظم راع لها أميركا داعية المحبة والسلم لتواصل‬
‫مسيرة الفضال والنعام على امتنا المسكينة ‪0‬‬
‫أم لنها تنتسب الى مملكة التنصيرالعريقة التي هي أعظم راع للتنصير في‬
‫العالم في تاريخها المليء بمحاربة السلم والتشكيك فيه والدعوة الى دين‬
‫النصرانية الشركي الكافر ورعاية التبشير به في العالم ‪0‬‬
‫بعيدا عن مؤثرات العلم الغربي الذي كان متابعا لكل حركات هذه الميرة‬
‫الى درجة الجنون والسخافة ‪ ،‬ولهث اعلمنا المقلد وراء اعلمهم يتخبط على‬
‫غير هدى ‪ ،‬يستطيع العاقل أن يتجلى الحقيقة بوضوح ‪0‬‬
‫انها مجرد دمية اختارتها مؤسساتهم العلم للثارة الصحفية في عالمهم‬
‫الملحد ‪ ،‬فهي اليوم خانت زوجها ‪ ،‬وأمس خرجت مع صديق لها وخلت به‬
‫ساعات طوال‪ ،‬وقبله تكلمت مع آخر وقبلته ‪ ،‬فهي بطلة الفضائح التي تلهث‬
‫وراءها كاميرات التصوير ‪ ،‬وهي أميرة تجلب أنظار الناس وتستهوي‬
‫أسماعهم فالخبر له قيمة مادية كبيرة يستحق الملحقة ولو الى درجة القتل‬
‫‪0‬‬

‫)‪(33 /‬‬

‫وأما نحن فمجرد ضحايا وقعنا تحت تأثير العلم ‪ ،‬وكثير من بني جلدتنا‬
‫ينعقون بلعقل وراء صياح الصائحين ‪ ،‬ويهتفون بهتافاتهم ‪ ،‬وهم ليعلمون‬
‫وليدرون أنهم ليعلمون ‪0‬‬
‫وقد وقع الناس بسبب هذا الحادث في عدة محاذير يحرمها الشرع الحنيف ‪:‬‬

‫‪94‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فأول ‪ :‬اختلل الموازين الحقيقية التي يوزن بها الناس ‪ ،‬وتعرف بها أقدارهم ‪،‬‬
‫وهي قبل كل شيء اليمان بالله تعالى وصحة العقيدة فيه ‪ ،‬فمن أخطأ هذه‬
‫فهوعند الله الى سفول مهما عظم في اعين الناس كما قال تعالى ) ثم‬
‫ردنناه اسفل سافلين ال الذين آمنوا وعملوا الصالحات ( ‪0‬‬
‫وثانيا ‪ :‬اختلل ركن عظيم من عقيدة السلم في نفوس كثير من الناس وهذا‬
‫الركن هو اعتقاد ان الفوز في الخرة ليكون ال لهل اليمان ‪ ،‬وهو اساس‬
‫اليمان باليوم الخر الذي هو أحد أركان اليمان قال تعالى ) أفنجعل‬
‫المسلمين كالمجرمين مالكم كيف تحكمون ( ‪ ،‬وفي الحديث الشريف‬
‫) ليدخل الجنة ال نفس مؤمنة ( ‪ ،‬ومن اعتقد ان الفوز بالجنة يكون لهل‬
‫اليمان والكفر ‪ ،‬فقد أزال أعظم فرق بين المؤمن والكافر‪ ،‬وسوى بين‬
‫السلم وضده ‪ ،‬وأبطل معنى رسالة النبياء جميعا ‪ ،‬وهذا العتقاد من أعظم‬
‫الكفر في حد ذته ‪0‬‬
‫وثالثا ‪ :‬اهتزاز رابطة الولء اليمانية المبنية على أساس توحيد الله تعالى ‪،‬‬
‫وهي تقتضي أن نحب ما يحبه الله تعالى ونبغض ما يبغضه ونصل ما يصله‬
‫ونقطع ما يقطعه ونسالم من يسالمه ونحارب من يحاربه ‪ ،‬وليست محبة من‬
‫يبغضهم الله تعالى ويعذبهم لنهم كفروا به وبرسله وعصوه واتخذوا دينه‬
‫وراءهم ظهريا ‪،‬ليست محبتهم ومودتهم ال دليل على ضعف موالة الله‬
‫تعالى ومحبته ‪0‬‬
‫ورابعا ‪ :‬تمنى كثير من الجهلة الغافلين أن يكون حالهم كحال هذه الميرة ‪،‬‬
‫وكفى المسلم اثما أن يتمنى مثل هذه المنية الثمة ‪ ،‬ألم يعلم هؤلء التائهين‬
‫أنها نفسها كانت تعيش في خواء روحي وانهيار وقلق واضطراب نفسي مما‬
‫حملها على البحث عن السعادة في فلم تجدها حتى ماتت ‪ ،‬لن السعادة‬
‫واطمئنان الروح وانشراح الصدر وراحة البال انما تكون في اليمان بالله‬
‫تعالى وذكره وطاعته ‪ ) ،‬أل بذكر الله تطمئن القلوب ( ) سيهديهم ويصلح‬
‫بالهم ( ولكن أكثر الناس ليعلمون ‪ ) ،‬فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره‬
‫للسلم ( ‪ ،‬ولكن أكثر الناس ليعلمون ‪0‬‬
‫@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@‬
‫المقال الخامس عشر‬
‫ـــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــ‬
‫حكم المتاجرة السهم وكيفية اخراج زكاتها‬
‫الحمد لله رب العالمين والصلة والسلم على نبينا محمد وعلى وآله وصحبه‬
‫أجمعين وبعد ‪:‬‬
‫فان في بيع السهم أحكاما شرعية يجب على المسلم أن يعرفها قبل أن‬
‫يقدم على المعاملة فيها ‪ ،‬خشية أن يقع في مخالفة الشريعة فليلحقه بسبب‬
‫ذلك اثم ‪ ،‬وهذه بعض أحكامها‬
‫أول ‪ :‬ماهي السهم ‪:‬‬
‫السهم هي حصة في رأس مال شركة ــ سواء كانت شركة تجارية أو عقارية‬
‫أو صناعية أو غيرها ــ وكل سهم هو جزء من رأس المال في الشركة ‪0‬‬
‫ثانيا ‪ :‬ما علقة صاحب السهم مع الشركة ‪:‬‬
‫صاحب السهم شريك في الشركة يتعرض للربح والخسارة تبعا لنجاح‬
‫الشركة وفشلها ‪ ،‬وقد يربح ربحا كبيرا ‪ ،‬وقد يخسر خسارة عظيمة أيضا‬
‫بحسب نجاح الشركة ‪0‬‬
‫ثالثا ‪ :‬حكم شراء أسهم الشركات وبيعها ‪:‬‬

‫‪95‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫السهم قسمان ‪:‬‬


‫‪1‬ـ اسهم في شركات ذات مكاسب محرمة كالبنوك الربوية التي تتعامل‬
‫بالربا أو شركات القمار أو بيع الخمور أو السينما أو شركات التأمين التجاري‬
‫المحرم ونحوها من الشركات ذات المكاسب المحرمة في الشرعية ‪ ،‬فهذه‬
‫ليجوز التجارة في أسهمها ‪ ،‬قال تعالى ) ولتعاونوا على الثم والعدوان ( ‪،‬‬
‫وفي الحديث الصحيح قال صلى الله عليه وسلم ) ان الله اذا حرم شيئا حرم‬
‫ثمنه ( ‪0‬‬
‫‪2‬ـ أسهم في شركات ذات مكاسب وتجارة مباحة مثل تجارة الملبس وقطع‬
‫الغيار وأجهزة التصالت أو مصانع ذات تصنيع مباح مثل البتروكيماويات أو‬
‫المخابر أو غيرها أو العقار ونحوها من التجارة المباحة ‪ ،‬فهذه يجوز‬
‫المساهمة فيها اذا كانت الشركة حقيقية وليست وهمية وتجارتها معروفة‬
‫ليس فيها غرر ولجهالة ‪ ،‬لن السهم يكون في هذه الحالة جزء من رأس‬
‫المال يعود على صاحبه بربح ناشيء من كسب التجارة أو الصناعة المباحة ‪0‬‬
‫رابعا ‪ :‬كيف يزكي مالك السهم أسهمه في الشركة ؟‬
‫السهم ثلثة أنواع ‪ :‬تجارية ‪ ،‬وصناعية ‪ ،‬وعقارية ‪ ،‬ولكل نوع طريقة في‬
‫استخراج الزكاة‬
‫السهم التجارية ‪ :‬يخرج صاحب السهم زكاة أسهمه عند رأس الحول على‬
‫رأس المال والعائد ) الربح ( وذلك على قيمة السهم في السوق يوم رأس‬
‫الحول ‪0‬‬
‫السهم الصناعية ‪ :‬يخرج صاحب السهم زكاة أسهمه على الربح فقط ‪ ،‬لن‬
‫السهم جزء مشاع من المصنع وأدوات المصنع لزكاة فيها‬
‫السهم العقارية ‪ :‬وهي نوعان‬
‫النوع الول ‪ :‬اذا كانت الشركة تشتري أراض لبناءها واستغلل ما عليها من‬
‫مبان فالزكاة على الربح فقط ‪0‬‬
‫النوع الثاني ‪ :‬اذا كانت الشركة تشتري أراض للمتاجرة فيها فالزكاة على‬
‫الصل والربح ‪0‬‬

‫)‪(34 /‬‬

‫هذا والواجب على المسلم اذا أراد أن يدخل في تجارة السهم أن يتقى الله‬
‫تعالى في تجارته ويطيب كسبه ول يقدم على معاملة شركة ال بعد التأكد من‬
‫أن تجارتها مباحة ‪ ،‬وليغلبه الطمع والجشع فيخوض في الحرام بل علم ‪،‬‬
‫وليحذر أن يضارب في أسهم الشركات الوهمية وذات المكاسب المحرمة‬
‫والبنوك الربوية ‪ ،‬وينسى حدود الشريعة وحق الله تعالى عليه ‪ ،‬وليعلم أن‬
‫الحرام وان كثر فهو خبيث صائر الى زوال ممحوق البركة معجلة عقوبته في‬
‫الدنيا ‪ ،‬وأما في الخرة فانه يذوق وباله ويعذب به بقدر ما استمتع به في‬
‫الدنيا ‪ ،‬وليعلم المسلم أن ل يترك شيئا من الحرام ابتغاء وجه الله تعالى‬
‫ورجاء ما عنده ‪ ،‬ال عوضه الله تعالى به من الحلل الطيب المبارك في الدنيا‬
‫وادخر له خير الجزاء في الخرة ‪ ،‬قال تعالى ‪):‬ومن يتق الله يجعل له مخرجا‬
‫ويرزقه من حيث ل يحتسب ومن يتوكل الله فهو حسبه ان الله بالغ أمره قد‬
‫جعل الله لكل شيء قدرا ( ‪0‬‬
‫@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@‬
‫المقال السادس عشر‬
‫ــــــــــــــــــــــ‬

‫‪96‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ـــــــــــــــ‬
‫)المسألة الجوهرية(‬
‫اجتمع في عام ‪ 1978‬م ‪ ،‬في )كولورادوا( في الوليات المتحدة ‪ 150‬منصرا‬
‫يمثلون مختلف الدوائر والهيئات وأنواع رجال الدين التابعين للكنائس في‬
‫أرجاء العالم ‪ ،‬ويقول مقدم الكتاب الذي حوى نتائج هذا المؤتمر بعد أن‬
‫وصف المؤتمر بقوله ) هذه هي المرة الولى في التاريخ التي يجتمع فيها هذا‬
‫العدد الكبير ( يقول ‪ :‬لقد شكلت ردود الفعل الشجاعة والخلقة تجاه‬
‫موضوعات البحاث الساسية منطلقا لمجابهة المشاكل بشكل مباشر من‬
‫أجل تقييم تجارب الماضي وجهود الحاضر بصدق وأمانة ‪ ،‬وساعد وجود‬
‫قطاعات مختلفة من المشاركين ــ بينهم منصرين ومدراء ارساليات تنصيرية‬
‫ومتخصصين في علم الجناس البشرية والدراسات السلمية ‪ ،‬ومستشارين‬
‫في شؤون العالم الثالث ــ على اجراء مناقشة متزنة وواقعية لستراتيجيات‬
‫وخطط جديدة ( ‪0‬‬
‫وتحت عنوان )مسائل جوهرية ( وردت هذه القضية التي ناقشها المؤتمرون‬
‫في ذلك المؤتمر وهي ماعبر عنها الكتاب الذي حوى نتائج المؤتمر بقوله‬
‫) هنالك السئلة حول الطبيعة الساسية للسلم ‪ ،‬هل ان السلم أساسا‬
‫حركة حضارية اجتماعية سياسية تناصرها وتثبتها الحماسة الدينية ؟ أم أن‬
‫السلم اساسا ظاهرة دينية أي فكرة ومثالية وقد أوجدت ظاهرة حضارية‬
‫اجتماعية سياسية خاصة بها وبنية تلئم روح السلم وتعبر عنها بطريقة‬
‫مناسبة ؟ واذا استعملنا المصطلحات النصرانية ‪ ،‬فهل النظام السلمي نظام‬
‫ديني تتحكم فيه الدولة أم دولة واقعة تحت الدين بشكل يوثق عراها‬
‫ويكسبها سيادة توظف نفسها أول وقبل كل شيء للقيام بواجبها لفرض‬
‫سلطتها الدينية على الفراد ؟ واذا كان النظام السلمي هو نظام ديني‬
‫تتحكم فيه الدولة ‪ ،‬سيكون من الممكن ضرب اسفين بين الثقافة والكيان‬
‫من جانب والدين من جانب آخر وبهذا يمكن احداث تغيير في واحد منهما‬
‫دون تشويه الجانب الخر ‪ ،‬ولكن اذا كان النظام السلمي يقوم على مفهوم‬
‫دولة يسيطر عليها الدين فسيكون من الخطر على السلم تغيير أي من‬
‫التجاهين ( انتهى‬
‫والحقيقة ان من أورد هذا السؤال من المؤتمرين على دراية تامة ودقيقة‬
‫بطبيعة الحرب التي يريد خوضها مع السلم ‪ ،‬وينبيء عن أن النشاط‬
‫التنصيري الذي يغزو العالم السلمي يعتمد على تخطيط عميق ودارسات‬
‫شاملة للسلم وأحوال المسلمين ‪0‬‬
‫ويعني هذا السؤال الذي وضع تحت عنوان ) مسائل جوهرية ( ـــ بعبارة‬
‫أخرى أوضح ـ أن النظام السلمي اذا كان ليتعارض مع مبدأ أن الدولة‬
‫لتخضع للدين بالضرورة وانما توظفه لتعزيز كيان الدولة فقط ــ كما‬
‫يزعمون أن النصرانية كذلك في قولهم ) دع مالله لله وما لقيصر لقيصر( ــ‬
‫فان فصل ثقافة وكيان الدول في النظام السلمي عن الدين ممكن ‪،‬‬
‫وسيكون حينئذ سلحا فعال في غزو العالم السلمي لنه لن يعني ـ عند‬
‫المسلمين ـ تشويها لجانب الدين في الوقت الذي يضعف هذا الفصل الدين‬
‫ويهمشه في الحياة ‪ ،‬لنه يسلب منه جانب القوة بنزع السلطان منه ‪0‬‬
‫أما اذا كان النظام السلمي يعني أن الدولة انما هي وسيلة وأداة لتمكين‬
‫الدين ‪ ،‬وهذا هو الحق ‪ ،‬فالدين هو الصل الذي أقيمت المامة من أجله ‪،‬‬
‫لقامة شعائرة وتعزيز المر المعروف والنهي عن المنكر الذين ينتظمان‬
‫الدين كله ‪ ،‬كما قال تعالى ) الذين ان مكناهم في الرض أقاموا الصلة وأتوا‬

‫‪97‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ولله عاقبة المور ( ومعنى الية‬
‫أن ) سلطان الدولة ( المعبر عنه بالتمكين في الرض انما هو وسيلة لتحقيق‬
‫الهدف المذكور في الية بعد التمكين ‪ ،‬فهذا يعني أن السلم لن يقبل دق‬
‫السفين بين الدين والدولة وستكون هذه المحاولة في حد ذاتها ـ في شعور‬
‫المسلمين ــ خطرا على الدين السلمي الذي يعد فيه الفصل بين الدين‬
‫والدولة تقويضا للدين نفسه ‪ ،‬مما ينادي بردة فعل المسلمين تجاه هذه‬
‫الخطوة ‪0‬‬

‫)‪(35 /‬‬

‫والحق أن هذه المسألة هي فعل المسألة الجوهرية التي مهدت لغزو العالم‬
‫السلمي ‪ ،‬وأول ما قامت به الدول المستعمرة التي حملت معها ارساليات‬
‫التنصير هو فصل كيان الدولة عن الدين بفرض العلمنة ‪ ،‬واقصاء الحكم‬
‫بالشريعة وهيمنتها على نظام الدولة ‪،‬ولهذا فقد الدين جانب القوة الناصرة‬
‫فضعف وسهل غزوه واضعافه في العالم السلمي ‪،‬كما ورد في الحديث‬
‫الشريف ) تنقض عرى السلم عروة عروة فأولها نقضا الحكم ( وذلك انه اذا‬
‫انتقض الحكم بالشريعة اختل نظام القوة التي تحيط بالدين فتعزه كما قال‬
‫تعالى ) لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم‬
‫الناس بالقسط وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ( قال شيخ السلم ابن تيمية‬
‫) ان قوام الدين بالكتاب الهادي والحديد الناصر كما ذكره الله تعالى (‪ ،‬وقال‬
‫) وختمهم بمحمد صلى الله عليه وسلم الذي أرسله بالهدى ودين الحق‬
‫ليظهره على الدين كله ‪ ،‬وأيده بالسلطان النصير الجامع معنى العلم للهداية‬
‫والحجة ‪ ،‬ومعنى القدرة والسيف للنصرة والتعزير ( ‪ ،‬ولهذا لم يكن‬
‫المستعمر على شيء أحرص منه على محاربة الحكم بالشريعة والجهاد لن‬
‫بهما قوام الدين حقا وصدقا ‪0‬‬
‫ومن هنا فان نظام الدعوة السلمية يجب أن يقوم ــ في أولوياته ـ على‬
‫العمل لعادة الحديد الناصر للدين القاهر الى مكانته المهمة والتي هي ذروة‬
‫سنام السلم وذلك ليكون ال باقامة نظام الحكم النموذج الذي تتمثل فيه‬
‫حقيقة ) وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه (‬
‫وحقيقة ) وقاتل بمن أطاعك من عصاك ( حديث قدسي رواه مسلم ‪ ،‬واذا‬
‫لم تعمل الدعوة نحو هذا الهدف فانها تكرس نفس المفهوم الذي تمناه‬
‫أولئك المؤتمرون ويتمناه كل أعداء السلم أعنى فصل الدين عن الحكم‬
‫والدولة ‪ ،‬ويصير كيان الدعوة نفسه جزءا من خطة العدو لبقاء الدين نفسه‬
‫موظفا لصالحه ‪0‬‬
‫ان معركة السلم انما كانت من أجل اخلص العبادة لله تعالى وارجاع الحكم‬
‫والمر له وحده قال تعالى ) أل له الخلق والمر ( وفي الحديث القدسي‬
‫) اني خلقت عبادي حنفاء كلهم وانهم اتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم‬
‫وحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به‬
‫سلطانا ( رواه مسلم ‪ ،‬فهذان هما ميدانا المعركة ‪ ،‬انحراف البشرية في‬
‫التقرب الى غير الله وفي طاعة غيره في الحكم والتحليل والتحريم ‪،‬‬
‫ولتحسم هذه المعركة في البشرية ال بالجهاد ) بعثت بالسيف ( فكيف يصح‬
‫أن تتنازل )دعوة( عن أصول السلم أو تجافيها وتهمشها أوتؤخرها لتكون من‬
‫الفروع ‪ ،‬في الوقت الذي تقيم معاركها الكبرى مع الدعاة من اجل بعض‬
‫وسائل الدعوة وبعض التقسيمات الصطلحية للعلوم ‪ ،‬فسبحان الوهاب‬

‫‪98‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الهادي الى سواء السبيل ‪0‬‬


‫@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@‬
‫المقال السابع عشر‬
‫ــــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــ‬
‫) نحو مستقبل أفضل للدعوة السلمية في الكويت (‬
‫تستقبل الدعوة السلمية في الكويت عيد الفطر المبارك وهي تحمل تاريخها‬
‫المشرف من النجازات التي قدمتها لهذا المجتمع الكريم ‪ ،‬ونحن نعني‬
‫بالدعوة السلمية هذا التيار المبارك من العاملين للسلم في هذا المجتمع‬
‫الطيب ‪ ،‬والذي يمثل ـ وحده ــ المتداد الحقيقي لتاريخ هذا المجتمع وتراثه ‪،‬‬
‫كما يمثل الشعب بأسره في تاريخه وحاضره وتطلعاته لمستقبله‪ ،‬ويحقق‬
‫أهداف الدولة في بناء مجتمع دينه السلم قول وعمل ‪ ،‬والقيم السلميه هي‬
‫بنيته الثقافية الساسية ‪0‬‬
‫وفي هذا الطار وتحت هذا التيار ‪ ،‬يدخل علماء الكويت والحركات السلمية ‪،‬‬
‫والجمعيات الخيرية وهيئات الدعوة والرشاد ‪ ،‬وطلبة العلم والدعاة والخطباء‬
‫وشباب الصحوة وكل من يناصر المشروع السلمي العظيم ‪ ،‬مشروع اعادة‬
‫هذه المة الى دينها وبعث روحها ‪ ،‬فهؤلء هم الطليعة التي تعكس نبض‬
‫الشعب الكويتي بحق ‪ ،‬وتنطق بما في ضميره بصدق ‪0‬‬
‫ويقف هؤلء جميعا في صف واحد وفي خندق واحد ‪ ،‬تحدوهم آمال واحدة‬
‫ويتطلعون الى مستقبل واحد لهذه المة ‪ ،‬مستقبل يحمل نصرا لهذه المة‬
‫على أعداءها ‪ ،‬وعزا للسلم وتمكينا لشرائعه ورفعة لبناءه في الرض كلها‬
‫باذن الله تعالى ‪0‬‬
‫وأما في هذا المجمتع فيتطلعون الى انشاء مزيد من المشاريع السلمية‬
‫الكفيلة بتحقيق بناء الجيال بناء اسلميا سواء من داخل مؤسسات الدولة‬
‫وانطلقا من اهدافها التي على رأسها حماية الدين والخلق في المجتمع ‪ ،‬أو‬
‫من العمل الخيري التطوعي ‪0‬‬
‫كما يتطلعون الى مزيد من النشطة السلمية الفعالة الكفيلة بالمحافظة‬
‫على دين المجتمع وأخلقه وحمايته ممن يقومون بدور تمكين الغزو الخلقي‬
‫والثقافي والفكري ليتخلل فيه ويفسده ‪ ،‬والتصدي لهم وفضح مخططاتهم‬
‫الخبيثة ‪0‬‬
‫هذه النشطة التي تتمثل في هذا الزخم المبارك في كل أحياء الكويت‬
‫ومساجدها ومنتدياتها ‪ ،‬من أعمال الدعوة السلمية من خطب المساجد‬
‫والمحاضرات والندوات العامة والشريط والكتاب السلمي وسائر النشطة‬
‫العلمية السلمية ‪0‬‬

‫)‪(36 /‬‬

‫وهي تسير كلها لتصب في أهداف الدعوة العظمي ‪ ،‬لتحقق صورة المجتمع‬
‫الذي دعا اليه السلم ‪ ،‬المجتمع الذي يحكم بالقرآن ‪ ،‬وتتمثل فيه أخلق‬
‫القرآن ويحقق العبودية لمنزل القرآن ‪0‬‬
‫غير ان هذه المال العظيمة ‪ ،‬تحتاج لتحقيقها في أرض الواقع الى نظر‬
‫مستبصر ‪ ،‬وعمل دؤوب ‪ ،‬وتعاون بين فصائل الدعوة ‪ ،‬وتفهم لما يقوم به‬
‫أهل كل ثغر على ثغرهم ‪0‬‬
‫كما تحتاج الى تحجيم المعارك الجانبية والخلفات الداخلية بقدر المستطاع‬

‫‪99‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وتضييق هوة الخلف ليلتئم الخرق وليتسع وتفوت الفرصة على الذين‬
‫يحققون مآربهم الفاسدة باحداث الشقاق في الصف السلمي سواء كانوا‬
‫من داخله أم من خارجه ‪0‬‬
‫ان معارك التيار السلمي مع خصومه تدور اليوم على ثلثة محاور كبرى ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬اعادة تحكيم الشريعة السلمية واقصاء القوانين الوضعية التي تشكل‬
‫العائق الرئيس للصلح في أي مجتمع ‪0‬‬
‫الثاني ‪ :‬تحجيم العلم المنحرف الذي يمسخ هوية المة ومجابهته باعلم‬
‫اسلمي متطور على مستوى التحدي العصري ‪0‬‬
‫الثالث ‪ :‬حماية ثقافة المجتمع العربية السلمية من محاولت التغريب‬
‫البغيضة التي تهدف الى تقويض البنية الساسية للدين ‪ ،‬كما رأينا في الحملة‬
‫الجائرة للدفاع عن بيع الكتب التي تدعو الى اللحاد من قبل التجمعات‬
‫اللبرالية المفتونة وراء نعيق الجنبي بل عقل ول بصيرة ‪0‬‬
‫وان من أسباب النصر المهمة توجيه أعظم الجهد نحو أهم ميادينها ‪ ،‬فخذوا‬
‫حذركم يا أبناء الدعوة ول تغفلوا عن هذه الحقيقة‪ ،‬فلقد ود خصومكم لو‬
‫تغفلون عنهم فيميلون عليكم ميلة واحدة ‪ ،‬وان تنصروا الله ينصركم ويثبت‬
‫أقدامكم ‪ ،‬واعتصموا بحبل الله جميعا ولتفرقوا والله غالب على أمره ولكن‬
‫أكثر الناس ليعلمون ‪0‬‬
‫@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@‬
‫@@@@@@‬
‫المقال الثامن عشر‬
‫ــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــ‬
‫عودة الى مسألة اليمان‬
‫الحمد لله والصلة والسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد ‪ ،‬فقد كان‬
‫المقصود بنشر سلسلة المقالت في موضوع اليمان التحذير من بعض‬
‫العقائد الموروثة من مذهب الرجاء القديم في وسط طلبة العلم وشباب‬
‫الصحوة ‪ ،‬والتي ترتب عليها اختلط المفاهيم في باب التكفير والردة والحد‬
‫الفاصل بين اليمان والكفر فضل عن الجهل بحقيقة اليمان عند أهل السنة‬
‫كما ورد في النصوص ‪0‬‬
‫وقد عاد أخونا الذي حاورناه في تلك الحلقات ــ وتبين له الحق بحمد الله‬
‫تعالى ــ بعد أن ضرب في أرض الصحوة يحاور هذا ويجادل ذاك ‪ ،‬ويبين لهم‬
‫اعتقاد أهل السنة الصحيح في هذا الباب ويحذر من بدعة الرجاء ‪ ،‬عاد مرة‬
‫أخرى بعد تطوافه ‪ ،‬وجرى بيننا هذا الحوار الذي نختم به هذا الباب ‪0‬‬
‫قال ـ بعد السلم ورد التحية بأحسن الكلم ـ‪:‬‬
‫أبشر ‪ ،‬فقد رأيت أثرا صالحا لما بين في تلك المقالت في باب اليمان ‪ ،‬فان‬
‫كثيرا من الطلبة ممن كان يظن أن الكفر العملي ليكون كفرا أكبر قط ال‬
‫اذا قارنه اعتقاد في القلب من تكذيب أو استحلل ‪ ،‬قد رجع عن قوله وتبين‬
‫له أن هذا ليتفرع ال على قول اهل الرجاء ‪ ،‬وتبين لهم أن مذهب أهل السنة‬
‫‪ ،‬أن الكفر العملي منه أكبر كالنواقض العملية ‪ ،‬وان لم يقارنه اعتقاد فاسد‬
‫من تكذيب أو استحلل ‪ ،‬ومنه أصغر كقتل المؤمن ونحو ذلك من الكبائر التي‬
‫سميت كفرا وهي من الكفر الصغر ‪0‬‬
‫قلت ‪ :‬أو قد وجدت ذلك حقا ‪0‬‬
‫قال ‪ :‬نعم بحمد الله تعالى ‪ ،‬وقد زادهم هدى وبصيرة العلمة الشيخ‬
‫عبدالعزيز بن باز حفظه الله تعالى فبصرهم فاتبعوا الحق ‪ ،‬والحق أحق أن‬

‫‪100‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يتبع ما لم يصرف عنه اتباع الهوى ‪ ،‬وكم صد قوما عنه أهواؤهم ‪0‬‬
‫قلت ‪ :‬اذا كانوا يقرون بأن اليمان قول وعمل يزيد وينقص ‪ ،‬على مذهب‬
‫أهل السنة ‪ ،‬فلن ينكر ما قلناه من التكفير بالنواقض العملية أحد منهم ‪،‬‬
‫اللهم ال صاحب هوى ‪ ،‬أوجاهل بما يلزم على قوله ‪ ،‬والله المسؤول أن‬
‫يهدى الجميع للحق ‪0‬‬
‫قال ‪ :‬غير أنه بقيت مسألة غص بها بعض القوم ‪ ،‬ولزالت تخفى عليهم‬
‫ويقررون فيها مذهب الرجاء وهم ليشعرون ‪0‬‬
‫قلت ‪ :‬فما هي بارك الله فيك ‪0‬‬
‫قال ‪ :‬أن الشخص يكون مؤمنا بالتصديق والقراربالشهادتين فقط ‪ ،‬ولو تولى‬
‫عن جميع عمل الجوارح ) فعل الواجبات وترك المحرمات ( ولو لم يسجد لله‬
‫سجدة ولم يفعل واجبا قط ولم ينته عن محرم ال ما أشرب من هواه ‪ ،‬وقد‬
‫ذكرنا لهم أن هذا مذهب الرجاء ومنصوص عليه في كتبهم ‪ ،‬فما زادهم ال‬
‫نفورا عن الحق وتمسكا بهذا المذهب ‪0‬‬
‫قلت ‪ :‬هل يعنون أن ذلك يصح وقوعه من المؤمن من غير مانع يمنعه من‬
‫النقياد بالعمل الظاهري ‪ ،‬أعنى هل يقولون بعين مذهب أهل الرجاء بان‬
‫التصديق والقرار يكون بهما الشخص مؤمنا ايمانا صحيحا ظاهرا وباطنا ‪ ،‬ولم‬
‫علم ما أوجب الله تعالى عليه من الفعال الظاهرة ‪ ،‬وما حرم عليه من‬
‫المحرمات وتمكن من العمل ‪ ،‬ثم تولى عن جنسه حتى مات ‪ ،‬أنه يكون‬
‫مؤمنا اليمان الشرعي الصحيح الذي أمر الله به ورسوله صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪0‬‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪ ،‬هذا هو قولهم ‪ ،‬وهم متمسكون به ليثنيهم عنه كونه من فروع‬
‫مذهب المرجئة ‪0‬‬

‫)‪(37 /‬‬

‫قلت ‪ :‬ألم ينتفعوا بقول شيخ السلم ابن تيمية رحمه الله تعالى اذ قال‬
‫) ومن عرف ارتباط الظاهر بالباطن زالت عنه الشبه في هذا الباب ( ‪ ،‬وأن‬
‫من لم يعمل شيئا من العمال الظاهره فبالضرورة ليكون عنده عمل القلب‬
‫الواجب عليه الذي ليصح اليمان بدونه ‪ ،‬وأن من لم يكن معه عمل القلب‬
‫ليكون مؤمنا ال على مذهب غلة المرجئة ‪0‬‬
‫قال ‪ :‬قد علموا شناعة أن يقولوا من لم يكن معه عمل القلب يكون‬
‫مؤمنا ‪ ،‬ففروا من هذه قائلين أن الشخص يكون معه عمل القلب فيحب الله‬
‫أكثر من كل محبوب ويرجوه ويخافه ويعظمه أكثر من كل معظم عنده ‪،‬‬
‫ويقوم بقلبه من عمل القلب ما ليصح اليمان بدونه ‪ ،‬لكنه مع ذلك قد ليأتي‬
‫بشيء قط من عمل الجوارح ل فعل الواجبات ولترك المحرمات مع العلم‬
‫والتمكن حتى يعيش دهره كله كذلك ‪0‬‬
‫قلت ‪ :‬هذه أدهى وأمر ‪ ،‬عجبا عجبا ‪ ،‬كيف يخفى عليهم ارتباط الظاهر‬
‫الباطن على مذهب أهل السنة ‪ ،‬وقد ذكرني حالهم هذا بجواب العلمة المام‬
‫محمد بن ابراهيم آل الشيخ في فتاويه بمايشبه حال هؤلء القوم قال رحمه‬
‫الله ) هذا من فروع مذهب المرجئة وهو الرائج في البلدان التي أهلها يدعون‬
‫السلم ‪ ،‬فالمسلم ) هو( الذي ليكون نصرانيا ول يهوديا بالنسبة الى العمل‬
‫بالدين هذا سائد عندهم وان كانوا لينكرون فضل من يصلى ‪ ،‬لكنه مسلم‬
‫على كل حال عندهم ) يعني وان لم يعمل بشيء من الدين ومثل لذلك‬
‫بالعمال الظاهرة كالصلة ( ‪ ،‬وأنه من حزب المسلمين ‪ ،‬وانه يبغض‬

‫‪101‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الكافرين ـ وهذا بقطع النظر عن الشرك ــ فهذه مذاهب ردية ( وقال رحمه‬
‫الله ) تجد السلم الفاشي عند الكثرية اذا لم ينتسب الى طائفة أخرى ‪،‬‬
‫يقولون مسلم وهو ليصلى وليصوم ‪ ،‬واليمان حاصل له وهو تصديق‬
‫الرسول ( ‪246 /1‬‬
‫يعني أن التصديق والقرار يكفيان للحكم بالسلم عند جهلة العوام ولو لم‬
‫يأت بشيء من العمال الظاهرة ‪ ،‬وهو مأخوذ من مذهب الرجاء ‪ ،‬وهي‬
‫عقيدة انتشرت في المة هذا العصر ‪ ،‬وأدت الى عجزها وضعفها وانهزامها ‪0‬‬
‫قال ‪ :‬هذا هو حقيقة مذهب اخواننا هؤلء وليلتفتون لغيره ‪ ،‬والعجب أنهم‬
‫يحتجون بنقول عمن كان يميل الى مذهب الرجاء من العلماء المتقدمين ول‬
‫يعلمون ‪ ،‬ويجهلون أنهم ليعلمون‪ ،‬واذا نقلنا لهم كلم الئمة في عدم صحة‬
‫اليمان مع التولى عن العمل كله ‪ ،‬قالوا المقصود عمل القلب ل عمل‬
‫الجوارح ‪0‬‬
‫قلت ‪ :‬من كان يطلب الحق متجردا عن هواه ‪ ،‬سيعلم وسيقر بخطئه فل‬
‫تعجل على القوم ‪0‬‬
‫وقلت ‪ :‬قد بينا لهم أن عمل الجوارح لزم لعمل القلب ‪ ،‬والملزوم ليتخلف‬
‫عن لزمه وال لما كان للتلزم معنى ‪ ،‬وأما النقول فقد نصت على عمل‬
‫الجوارح ‪ ،‬كما ورد عن المام احمد أنه أنكر قول من يقول ان من يقر‬
‫بالفرائض ول يأتيها ويقر بالمحرمات ول ينتهى عنها فهو مؤمن ‪ ،‬وقد أنكر‬
‫المام هذا القول أشد النكار ونسبه الى الكفر بالله ورسوله ‪ ،‬وكذلك‬
‫الحميدي وقد تقدم النقل عنهما ‪ ،‬ونقلنا عن غيرهما كذلك ‪ ،‬والنقول أكثر من‬
‫أن تحصى وقد أجمع السلف على أن من تولى عن كل العمل الظاهري فل‬
‫يمتثل فريضة ‪ ،‬ول ينتهي عن محرم أن ذلك دليل على عدم عمل القلب ـ‬
‫وان كان ثمة عمل في قلبه فهو كحب المشركين لله ويحبون غيره كحبه ‪،‬‬
‫وكالذي يخشى الله ويخشى الناس كخشية الله أو أشد خشية ‪ ،‬فهذه العمال‬
‫الضعيفة ليعتد بها ــ واذا عدم عمل القلب الصحيح ليكون مؤمنا بحال ‪ ،‬وأنه‬
‫من الممتنع أن يقوم بقلبه عمل القلب الصحيح ول يلزم منه شيء من عمل‬
‫الجوارح مع العلم والتمكن ‪ ،‬هذا كله على مذهب أهل السنة ‪0‬‬
‫كما قال المام الجري رحمه الله ) والعمال بالجوارح تصديق لليمان‬
‫بالقلب واللسان ‪ ،‬فمن لم يصدق اليمان بعمل بجوارحه ‪00‬ورضي لنفسه‬
‫بالمعرفة والقول لم يكن مؤمنا ‪ ،‬ولم تنفعه المعرفة والقول ‪ ،‬وكان تركه‬
‫العمل تكذيبا منه ليمانه ‪ ،‬وكان العمل بما ذكرنا تصديقا منه ليمانه ‪ 00‬وقد‬
‫قال عز وجل في كتابه ‪ ،‬وبين في غير موضع ‪ ،‬أن اليمان ليكون ال بعمل ‪،‬‬
‫وبينه رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف ما قالت المرجئة الذين لعب‬
‫بهم الشيطان( الشريعة ص ‪121‬‬
‫وقال الربيع وكان الحسن البصري رحمه الله يقول ) اليمان كلم وحقيقته‬
‫العمل فمن لم يحقق القول بالعمل ‪ ،‬لم ينفعه القول ( وانما يريد عمل‬
‫الجوارح كما تقدم ‪ ،‬ذلك أن عمل القلب مما يخفى وكيف يعرف تصديق‬
‫القول بما هو خفي ‪ ،‬هذا فضل على انهما متلزمان أصل على مذهب أهل‬
‫السنة ‪0‬‬
‫وقال المام المحقق ابن بطة في البانة ) فمن زعم أنه يقر بالفرائض‬
‫وليؤديها ويعلمها وبتحريم الفواحش والمنكرات ولينزجر عنها وليتركها وأنه‬
‫مع ذلك مؤمن فقد كذب بالكتاب وبما جاء به رسوله ( ‪2/789‬‬
‫وقال رحمه الله ) فقد تلوت عليكم من كتاب الله عز وجل ما يدل العقلء‬
‫من المؤمنين أن اليمان قول وعمل وأن من صدق بالقول وترك العمل كان‬

‫‪102‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫مكذبا وخارجا من اليمان وأن الله ليقبل قول ال بعمل ولعمل ال بقول (‬
‫‪2/795‬‬

‫)‪(38 /‬‬

‫وروى باسناده عن سهل التستري قال ) اليمان اذا كان قول بل عمل فهو‬
‫كفر واذا كان قول وعمل بل نية فهو نفاق واذا كان قول وعمل ونية بل سنة‬
‫فهو بدعة ( ‪2/814‬‬
‫وبالجملة فالنقول كثيرة ‪ ،‬وهذا المر أظهر من أن يبين ويحتج له كما قدمنا‬
‫عن المام الشوكاني رحمه الله ‪0‬‬
‫قال ‪ :‬قد أتعبوا أنفسهم في البحث عن كلم لشيخ السلم يؤيد ما يتعلقون‬
‫به من مذهب الرجاء ‪ ،‬ووجدوا ضالتهم في بعض النقول الموهمة ‪ ،‬وظنوا أنه‬
‫يقول أن اليمان يصح بالتصديق والقرار وعمل القلب فحسب الذي ليلزم‬
‫منه عمل الجوارح عنده في زعمهم‪ ،‬وأنه يقول يصح أن يكون في قلب العبد‬
‫عمل القلب الذي ليصح اليمان بدونه ومع ذلك ليفعل شيئا من الواجبات ‪ ،‬و‬
‫عمر ما يتذكر فيه‬‫لينتهي عن المحرمات مع العلم والتمكن من العمل ‪ ،‬ولو ّ‬
‫من تذكر‪ ،‬وجاءه النذير تلو النذير ‪0‬‬
‫قلت ‪ :‬هكذا يفعل غالبا من يتعاظم القرار بالخطأ ‪ ،‬سيما اذا كان معتادا على‬
‫تضليل غيره وتصنيف الناس ورميهم بالنحراف ‪ ،‬ثم تبين له انه مخطيء في‬
‫بعض مسائل اليمان نفسه الذي هو أصل الدين ‪ ،‬فان النفس تنكسر انكسارا‬
‫منكرا ‪ ،‬فتفر منه الى النتفاخ والنتفاش والدعاوى البعيدة ‪ ،‬هروبا من هذه‬
‫الورطة القبيحة ‪ ،‬ولت حين مناص ‪ ،‬ومن روض نفسه للرجوع الى الحق‬
‫متى تبين له يسلم من مثل هذه الورطات ‪0‬‬
‫قال ‪ :‬العجيب أن القوم مع رميهم لغيرهم بالنحراف وولعهم بتصنيف الناس‬
‫واخراجهم الناس من السلفية لدنى شيء ‪ ،‬تكثر أخطاؤهم في أبواب العقائد‬
‫‪ ،‬وليقبلون النصح اذا نصحوا ‪ ،‬وآخر ذلك أنهم يقولون )الشيخ فلن بارك‬
‫عملنا الفلني ( ‪ ،‬ولم يعلموا أن فعل البركة وانزالها لينسب ال الى الله‬
‫تعالى وأنه من شرك السباب نسبة هذا الفعل الى غيره قال تعالى ) وباركنا‬
‫عليه وعلى اسحاق ( ‪ ،‬وان كانت البركة قد تضاف الى من يجعل الله فيه‬
‫البركة من باب اضافتها الى المحل كما في الحديث ) ماهي بأول بركتكم آل‬
‫أبي بكر ( وكما يقال شهر مبارك وكتاب مبارك وحفل مبارك ومن بركة علم‬
‫الشيخ ونحو ذلك ‪ ،‬أي بما جعل الله تعالى في ذلك كله من البركة ‪0‬‬
‫قلت ‪ :‬وهل يسلم أحد من الخطأ ‪ ،‬رحم الله شيخ السلم ابن تيمية اذ قال‬
‫) لو كان كل من أخطأ في المسائل العلمية ضال لهلك أكثر فضلء المة ( ‪0‬‬
‫قال ‪ :‬لكن ماهو الجواب عما توهموه من النقول في باب اليمان‬
‫قلت ‪ :‬قد بينا ما يجب بيانه من منهج أهل السنة في هذا الباب ما فيه كفاية‬
‫ومقنع لمن تجرد عن هواه ‪ ،‬وأما الرد على الشبهات كلها فسيكون في‬
‫البحث الذي سينشر في مجلة المشكاة العدد القادم باذن الله تعالى والله‬
‫الموفق ‪0‬‬
‫@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@‬
‫المقال التاسع عشر‬
‫ـــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــ‬
‫الصراع السياسي في الكويت‬

‫‪103‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الصراع السياسي في الكويت يجري في مضمارين ‪ ،‬الول الصراع بين كتلة‬


‫المال والتجاروالقتصاد والعائلت الدائرة في هذا الفلك في صف ‪ ،‬ويقابله‬
‫السلطة السياسية في الصف الخر ـ وان كان تميز الصفوف ليبدو واضحا‬
‫أحيانا ــ والصحافة من أقوى أسلحة بعض من ينتمي الى الصف الول مع‬
‫الثقل الجتماعي أوسلطان المال والنفوذ الذي يمنحه الثقل القتصادي ‪،‬‬
‫والقرار السياسي المعتمد على قوة السلطة وامتلكها القدرة على التنفيذ‬
‫أقوى أسلحة الصف الثاني ‪ ،‬وهذا الصراع كالحرب الباردة يقوى حينا وتضع‬
‫الحرب أوزارها في هدنة تفرضها الظروف الخارجية أوالداخلية أوالتقاء‬
‫المصالح أحيانا أخر ‪0‬‬
‫أما الساحة الثانية ـ وهي الهم والخطر ــ فهو الصراع بين المحافظين ومن‬
‫يسمون انفسهم اليوم )الليبراليين ( ‪ ،‬حيث ان الصراع هنا تدور رحاه على‬
‫قطب المباديء والقيم التي يقوم عليها المجتمع ‪ ،‬وعلى تراثه وثقافته‬
‫وأخلقه ‪ ،‬وهذه بجملتها تشكل روح المجتمع والساس الذي يقوم عليه بناء‬
‫الدولة ‪ ،‬وهنا مكمن الخطورة ‪ ،‬حيث أن مجتمعا بل مباديء وقيم وأخلق انما‬
‫هو مجتمع بل روح ‪ ،‬وان هو ال كالرض الموات لخير فيها ‪0‬‬
‫والمحافظون هم مادة الشعب الكويتي وعماده ‪ ،‬فكلهم ــ ال من صدق‬
‫عليهم ابليس ظنه ــ يريد المحافظة على دين المة وتراثها وأخلقها وما‬
‫ينبثق عن هذه كلها من عادات المجتمع الكويتي وقيمه وتقاليده ‪ ،‬وما الحركة‬
‫السلمية على اختلف تشكلتها ‪ ،‬ال صورة من صور التعبير الصادق عن واقع‬
‫الشعب ‪ ،‬نبتت من تربة أرضه ‪ ،‬وشكلتها طبيعته ‪ ،‬وغذاها تراثه ‪ ،‬وينفخ فيها‬
‫الروح ما تستلهمه من تاريخ المجتمع نفسه ‪ ،‬وما ترمي الى تحقيقه من‬
‫تطلعاته وآماله ‪0‬‬

‫)‪(39 /‬‬

‫و)الليبراليون( ــ مع التحفظ على صحة هذه النسبة أيدلوجيا في الكويت‬


‫حيث انه ليوجد عندنا مفكرون حقيقيون وراء هذا التيار فهو أشبه بالنسبة‬
‫المجردة التي يدفعها الرغبة في التعلق بأي شيء يخالف الفكر السلمي‬
‫فحسب ــ انما هي نابتة نبتت بصورة غير طبيعية في جسد المجتمع الكويتي‬
‫وهي طارئه عليه ‪ ،‬وزائر غريب غير مرغوب فيه ‪ ،‬فهم كالعضو المزروع في‬
‫جسد يرفضه‪ ،‬وليزال يفرز الفرازات ليحمي نفسه من هذا الزائر ‪ ،‬ويبقيه‬
‫وما يخرج منه من صديد وقيح في عزلة عن بقية الجسد ‪ ،‬خشية أن ينتشر‬
‫أذاه فيه فيؤدي به الى الهلك‬
‫والليبراليون طائفة تعاني من هاجس هذه العقدة النفسية ‪ ،‬أعني شعورهم‬
‫بأن المجتمع يرفضهم وليتقبل ما يحملونه من الشذوذ الفكري ‪ ،‬ومن مظاهر‬
‫التنفيس عن هذه العقدة النفسيه ‪ ،‬نبزهم الحركة السلمية بانهم جماعات‬
‫السلم السياسي ‪ ،‬يحاولون عبثا ايهام الشارع الكويتي أن ما تطالب به‬
‫الحركة السلمية انما هو مصالحهم الشخصية ليس ال ‪ ،‬وهم يعلمون في‬
‫قرارة أنفسهم انهم لكاذبون ‪ ،‬ويعلمون أن ما تطالب به الحركة السلمية هو‬
‫حقيقة ما يريده عامة الشعب الكويتي ‪ ،‬وهذا واضح جدا في مثل تحكيم‬
‫الشريعة وفي فصل الجنسين في التعليم والرقابة على العلم وسائر‬
‫مطالب الحركة السلمية ‪0‬‬
‫والغريب في أمر هذه الطائفة ــ والتي تتلون بحسب ما يملي عليها الجنبي‬
‫فهي تارة شرقية وتارة غربية وتارة قومية اشتراكية وتارة رأسمالية بل‬

‫‪104‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫قومية ‪ ،‬وتارة لهوية لها سوى التحرر من كل هوية ــ الغريب في أمرها أنها‬
‫كلما انتحلت نحلة فانها تختار أسوء مافيها ‪ ،‬ول أدل على هذه الحقيقة من‬
‫انتحالهم اليوم لما يسمى بالليبرالية ‪ ،‬وهي انما نشأت في موطنها ـ في‬
‫الصل ــ طلبا لتحرر المظلومين من الطغيان ‪ ،‬ودعوة لحقوق النسان ‪،‬‬
‫لسيما المستضعفين والقليات التي يمارس ضدها التمييز العنصري الجائر ‪،‬‬
‫ومناهضة للستبداد والدكتاتورية والتعسف في استعمال السلطة ‪0‬‬
‫أما ليبراليونا في الكويت فأختاروا من مدلول هذا اللقب الدعوة الى السماح‬
‫بالتطاول على خالقهم وشتمه ‪ ،‬والنحلل من الدين ‪ ،‬وهدم الخلق ‪،‬‬
‫والتحريض على التفسخ والدعارة والتعري ‪ ،‬واشاعة الفجور بتبني الدعوة‬
‫الى اختلط الجنسين بل ضوابط‪ ،‬والتحرر من قيود القيم ‪ ،‬كل هذا تحت ستار‬
‫النفتاح على الثقافات والتحرر من الرجعية والظلمية ‪00‬الخ ‪ ،‬ويسمون هذا‬
‫العبث )انجازاتنا الثقافية والعلمية والسياسية التي حققناها ( ‪ ،‬وهي ـ‬
‫لعمري ـ يقدر عليها رواد )أحياء الطرب ( فأي فضل فيها ‪0‬‬
‫أما اذا جد الجد وجاء دور محاسبة المسؤولين عن اخطاءهم ومنعهم من‬
‫التعسف في استعمال السلطة حفاظا على حق الشعوب ‪ ،‬وكبحهم عن‬
‫تجاوز القوانين ‪ ،‬وفرض احترامها على الصغير والكبير ‪ ،‬كما حصل في قضية‬
‫الكتب الممنوعة ‪ ،‬فان )ليبراليينا ( يكعون ويرجعون القهقرى ‪ ،‬فليست هذه‬
‫بضاعتهم ‪0‬‬
‫وذكرني حالهم هذا ـ أعني اختيارهم أسوء مافي النحل ـ بما ذكره بعض‬
‫المصنفين في تاريخ الفرق الضالة عن غرائب العتقادات في الناس ان قوما‬
‫كانوا يعتقدون ان ربهم ينزل من السماء في ليلة من العام في موضع معين ‪،‬‬
‫وأنه يركب حمارا ‪ ،‬فكانوا يأتون بالحمار ويغلقون عليه باب ذلك الموضع في‬
‫تلك الليلة ‪ ،‬فاذا أصبحوا أتوا حمارهم وأخذوا رجيعه فلطخوا به وجوههم تبركا‬
‫‪ ،‬اذ قد ركبه معبودهم فيما يزعمون ‪ ،‬قال مصنف الكتاب ساخرا من هذه‬
‫الفرقة ان عملهم هذا الخير هو أحسن ما في مذهبهم قاتلهم الله ‪ ،‬وصدق ــ‬
‫رحمه الله ــ وان كان في الظاهر هو أسوأ ما في مذهبهم‬
‫فيا أيها المعشر المنتسبون الى هذه ) الليبرالية ( ‪ ،‬ل تلطخوا وجه مجتمعنا‬
‫المشرق الوضاء بما تحملونه اليه من شذوذ وقاذورات المجتمعات الملحدة‬
‫المنحلة التي تعشقونها ‪ ،‬فنحن ــ الشعب الكويتي المحافظ ــ لن نسمح‬
‫بتخريب الدين والقيم وافساد الخلق والداب العامة‪ ،‬ولن نسمح بأن تغتالوا‬
‫روح المجتمع الكويتي ‪ ،‬ولن تستطيعوا أن تخدعوا الناس بشعاراتكم الزائفة‬
‫ما دام في هذا المجتمع الكريم أولوا بقية ينهون عن الفساد في الرض والله‬
‫غالب على أمره ولكن أكثر الناس ليعلمون‬
‫@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@‬
‫@@‬
‫المقال العشرون‬
‫ــــــــــــــــــ‬
‫ـــــــــــــــــــــــــــ‬
‫) القطبية ‪ 00‬حقيقتها وخطرها ‪1‬ـ ‪(2‬‬
‫هذه القضية لعلها أخطر أزمة تواجهها المة في الوقت الراهن ‪ ،‬فلم تتعرض‬
‫المة في التاريخ لمثل هذا الخطر الذي يحمل بين طياته أهدافا مدمرة‬
‫وخططا خبيثة لجتثاث هوية المة السلمية وافساد بنيتها العقائدية والخلقية‬
‫والحضارية ‪0‬‬
‫غير أن مراقبي السياسة الدولية المعاصرة مختلفون حول صدق التحليلت‬

‫‪105‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫التي تقضي بأن العالم يتحول من كونه )ثنائي القطبية ( كما كان قبل سقوط‬
‫التحاد السوفيتي ‪ ،‬الى )أحادي القطبية ( تقوده الوليات المتحدة المريكية‬
‫كقوة عظمي ليس لها منافس في العالم ‪0‬‬

‫)‪(40 /‬‬

‫أما الفريق الول وهم القائلون بان تحول العالم ــ في المنظور السياسي ــ‬
‫الى كونه في حالة ) القطبية الواحدة ( بقيادة الوليات المتحدة هو المترجح‬
‫واقعيا ‪ ،‬فانهم يستدلون بشواهد قوية منها ‪:‬‬
‫أنه قد تسربت وثيقتان مهمتان صادرتان عن وزارة الدفاع ) البنتاغون (‬
‫بالتعاون مع مجلس المن القومي ‪ ،‬تحددان أسس فلسفة السياسة‬
‫المريكية بعد الحرب الباردة ‪ ،‬وخطوطها العريضة هي ‪:‬‬
‫‪1‬ـ تصميم على تفرد الوليات المتحدة بمركز الدولة العملقة ودولة أولى في‬
‫العالم ‪0‬‬
‫‪2‬ـ الحيلولة دون أن يتعرض هذا المركز للخطر بسبب تنامي اي من مراكز‬
‫القوى في العالم ‪0‬‬
‫‪3‬ـ ردع المنافسين المحتملين عن لعب أي دور عالمي او اقليمي أوسع مما‬
‫تقبل به امريكا أو تحدده بنفسها ‪0‬‬
‫ولريب أنه من البدهي أن تصدر مثل هذه الوثيقة من دولة ترى نفسها أقوى‬
‫دولة في العالم بعد سقوط التحاد السوفيتي ‪ ،‬فالحياة انما تسير على‬
‫ناموس البقاء للقوى في صراع مستمر ل يستقر ‪ ،‬ولعل هذه هي الحقيقة‬
‫الوحيدة الكبرى المختفية وراء عالم السياسة المليء بالكذب والنفاق هذا‬
‫العصر ‪0‬‬
‫وانطلقا من المباديء التي تضمنتها هذه الوثيقة يمكن تفسير سياسات‬
‫الوليات المتحدة في العالم تفسيرا موضوعيا منطقيا بعيدا عن العاطفة‬
‫وزخارف القول ‪ ،‬ومن يتعرف على هذه السياسية من هذا المنطلق سيتعرف‬
‫على أنها سياسة لصلة لها بالخلق البتة ال كصلة ابليس نفسه بالتقوى ‪ ،‬وما‬
‫الخلق والقيم في السياسة المريكية ال ستار يخفي وجهها القبيح فحسب ‪0‬‬
‫ومن المثلة الواضحة اسلوب ادراة الوليات المتحدة لصراعها القتصادي ‪،‬‬
‫فقد أضحى من السس المهمة في السياسية المريكية بعد الحرب الباردة‬
‫القاعدة التي تقول ) الحلف التجارية أهم من الحلف العسكرية و السواق‬
‫هي قطع الشطرنج في الدبلوماسية الحديثة ( ‪0‬‬
‫فبعدما تبين أن أبرز السباب التي تكمن وراء العجز القتصادي للوليات‬
‫المتحدة هو أن تجميع رؤوس أموال كبيرة وثابتة يحول دونه أن رأس المال‬
‫الجنبي في الوليات المتحدة يصل الى ‪ 2926‬بليون دولر ‪ ،‬مما يعني أن‬
‫هجرة قسم كبير من رأس المال الجنبي سيؤدي حتما الى انهيار في‬
‫الدولر ‪ ،‬لذلك لبد من الموازنة بجعل أصول رأس المال المريكي في‬
‫الخارج أكبر ‪ ،‬والسيطرة على اقتصاديات عالمية أو ازعاج وارباك قوى‬
‫اقتصادية عالمية منافسة واضعافها ‪ ،‬ليبقى القتصاد المريكي هو القوى‬
‫والمسيطر على منافسيه في العالم لنه الشريان الذي يتوقف على تدفق‬
‫المال منه بقاء الوليات المتحدة سيدة العالم ‪0‬‬
‫ومن المثلة التي توضح محاولت الوليات المتحدة للسيطرة القتصادية أو‬
‫اضعاف المنافسين او ابتزاز القوى القتصادية العالمية أنها لعبت عدة أدوار‬
‫تهدف الى القضاء أي قتصاد منافس لها‪ ،‬ومن ذلك أنها استغلت نجاحها في‬

‫‪106‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫اتفاق )النافاتا ( ) منطقة التجارة الحرة لمريكا الشمالية واتفاق ) اليبك (‬


‫بين الوليات المتحدة ودول أسيوية استغلت نجاحها في التفاقين لترجيح‬
‫مصالحها في مفاوضات )الجات ( وتحولت الى ) المنظمة الدولية للتجارة (‬
‫وأجبرت بعض الدول الوربية على تنازلت لصالح الوليات المتحدة ‪0‬‬
‫وثانيا ‪ :‬ضغطت الوليات المتحدة على اليابان لنها تحقق ‪ 60‬مليار دولر‬
‫فائضا سنويا من تجارتها مع الوليات المتحدة ‪ ،‬ضغطت عليها لتحقيق تطابق‬
‫في السواق المفتوحة ‪ ،‬ففشلت وهددت اليابان وأعطتها مهلة محددة‬
‫للستجابة ‪0‬‬
‫وفي هذا يقول نيكسون في آخر كتاب صدر له ص ‪ )114‬ليس من هذه‬
‫الشياء ما يخفي حقيقة وجود مشكلة اقتصادية في علقتنا مع اليابان ‪ ،‬وهي‬
‫تكمن ليس في استيلء اليابان على موجوداتنا بل في انعدام التوازن‬
‫الحسابي الجاري ‪ ،‬اذ ازداد عجزنا التجاري مع اليابان من ‪ 10‬مليار عام‬
‫‪ 1980‬الى ‪ 51‬مليار عام ‪ ، 1992‬وتقف جملة العوامل وراء انعدام التوازن‬
‫هذا ‪ :‬تذبذب سعر الصرف ‪ ،‬التجاهات القتصادية المتضاربة ‪ ،‬العجوزات‬
‫الميزانية الثقيلة ‪ 0000‬انني اقول انه مثلما لتستطيع أمريكا أن تلقي تبعة‬
‫مشاكل عجزها على اليابان ‪ ،‬ليس لليابان ‪ ،‬أن تلقي تبعة النحطاطات‬
‫القتصادية العالمية على عاتق سياسات المريكية المالية ( انتهى ‪ ،‬ونحن‬
‫نقول بل الوليات المتحدة المريكية تلعب دورا مؤثرا وخطيرا وراء‬
‫النحطاطات القتصادية العالمية واليهود من وراءهم يمكرون بنظامهم‬
‫الربوي الخبيث ‪0‬‬
‫وثالثا ‪ :‬أنذرت الوليات المتحدة الصين بأنها لن تجدد لها اتفاق الدولة الولى‬
‫بالرعاية مالم تحسن الصين من حقوق النسان ‪ ،‬وهي مجرد ذريعة ضغط‬
‫للبتزاز القتصادي ‪ ،‬غير أن الصين لم تتزعزع عن موقفها مما اضطر‬
‫الوليات المتحدة للرضوخ وتجديد التفاقية للصين وأعلن كلينتون بعد هذا‬
‫عزمه على فصل حقوق النسان عن التجارة‬
‫ورابعا ‪ :‬بعد انهيارالتحاد السوفيتي أخذت ادارة بوش في دفع روسيا في‬
‫متاهات اقتصادية واجتماعية باسم الصلح القتصادي والجتماعي ‪ ،‬لتقع في‬
‫دوامة الفوضى الشاملة على أمل أن يؤدي هذا الى تفكك روسيا التحادية‬
‫نفسها ‪0‬‬

‫)‪(41 /‬‬

‫وخامسا ‪ :‬فان حرب الخليج الثانية قدمت للوليات المتحدة ضربة اقتصادية‬
‫عملقة ‪ ،‬ذلك أنه ليمكن ايجاد رافد خارجي للقتصاد المريكي مثل منطقة‬
‫الخليج كما أن التحكم ببترول الخليج يعني التحكم باقتصاد أو جزء مهم وكبير‬
‫من اقتصاد الدول المنافسة لسيما اليابان وأوربا ‪ ،‬كما أن اسواق الخليج ـ‬
‫الذي سيكون لمريكا الحق الكبر بعد الحرب للنفاذ فيه متى وأنى شاءت‬
‫دون الحاجة لحتلل دوله ــ هي أسواق استهلكية من الدرجة الولى فاذا‬
‫احتكرت أمريكا هذه السوق ‪ ،‬كان من أعظم الروافد للقتصاد المريكي ‪،‬‬
‫ولهذا فان حرب الخليج كانت في جوهرها حربا من اجل القتصاد في الدرجة‬
‫الولى مع ماحققته من منافع سياسية عظمى للوليات المتحدة وحليفتها‬
‫الستراتيجية اسرائيل ‪0‬‬
‫وسادسا‪ :‬سعت الوليات المتحدة لطالة الحرب في يوغسلفيا السابقة‬
‫وطمعت في انتشارها في اوربا لتحقق بذلك هدف ارباك واضعاف الدول‬

‫‪107‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الوبية ‪0‬‬
‫ويستدل المحللون المائلون الى ترجيح هذا القول بتصرف الوليات المتحدة‬
‫في سياسة الخارجية ‪ ،‬ذلك التصرف الذي يبدو واضحا للعيان انه تصرف من‬
‫يعتبر نفسه شرطي العالم بل منافس ‪0‬‬
‫أما الفريق الثاني الذي يرجح أن العالم في الحقيقة وعند تأمل الحداث بدقة‬
‫يتجه نحو تعدد القطبية ‪ ،‬وليس أدل على هذه الحقيقة ـ في نظرهم ــ ال‬
‫تنامي القوى المنافسة للوليات المتحدة المريكية في العالم سواء من‬
‫الناحية القتصادية أو العسكرية ‪ ،‬فالصين واليابان ودول جنوب شرق آسيا بل‬
‫ومحاولت روسيا اعادة هيكلة امبراطوريتها ‪ ،‬واتجاه اوربا نحو الوحدة‬
‫واصرارها على التأثير المباشر في السياسة الدولية ومنافستها للوليات‬
‫المتحدة في أكثر من ميدان ‪ ،‬ثم ان الوليات المتحدة نفسها بدأت تشعر‬
‫بثقل الدور الذي تحاول أن تلعبه في العالم على كاهلها حتى قال الناطق‬
‫باسم وزراة الخارجية المريكية في الحالي ) لن نتمكن من البقاء طويل دولة‬
‫عظمى اذا قمنا بجميع الواجبات بمفردنا (‬
‫ويقول هؤلء ان المشاكل الداخلية التي تتعاظم شيئا فشيئا تحول دون قدرة‬
‫الوليات المتحدة على التفرد بالقوة والقيادة ‪ ،‬مثل انحلل نظام السرة‬
‫وانتشار الجريمة والمخدرات كما قال نيكسون في كتابه السالف الذكرص‬
‫ص ‪ 240‬بعد أن ذكر انحطاط المجتمع المريكي في الجريمة ) ولم يعد ثمة‬
‫أمان لنى كان في كل مكان ‪ ،‬واستبد الخوف بمليين المريكان من المسير‬
‫في الشوارع أو استخدام مواقف السيارات ‪ ،‬وأخذت نسبة جرائم العنف‬
‫تزداد منذ الستينات بنسبة ‪%560‬‬
‫وفي عام ‪ 1992‬رصدت الشرطة ‪ 14‬مليون جريمة خطيرة ‪ ،‬واذن قد فشل‬
‫نظام العدالة الجنائي لحد كئيب في تحقيق ما ينبغي أن يكون أول حرية‪:‬‬
‫الحرية من الخوف ‪ ،‬أن المشكلة الكبرى تكمن في التآكل الجتماعي الذي‬
‫يخلق المجرمين في المقام الول ‪ :‬انهيار القيم ‪ ،‬وانعدام روح النضباط ‪،‬‬
‫وغياب أي احساس بالحق والباطل في نفوس كثير من شباب أمريكا ( ‪،‬‬
‫وبهذه المناسبة نقول ‪ :‬فليسمع ليبراليونا المغرورون في شهادة هذا الشاهد‬
‫من داخل أكبر داعية للحريات في العالم ‪ ،‬ان نظامهم الجنائي فشل الى حد‬
‫كئيب في كبح الجريمة ومنح الحرية الهم وهي الحرية من الخوف في عقر‬
‫دار راعية الحرية ‪ ،‬فالحمد لله الذي هدانا لليمان ‪ ،‬وعلى أية حال ‪ ،‬يقول هذا‬
‫الفريق أن هذه الحال التي وصفها الرئيس السابق للوليات المتحدة ليمكن‬
‫أن تقدر معها دولها على التفرد بأن تكون القطب الوحيد للقوة في العالم ‪،‬‬
‫ونكمل انشاء الله في المقال القادم بقية هذا الموضوع وعلقته بالعالم‬
‫السلمي وهو بيت القصيد ‪0‬‬
‫ان خطورة توجه ميزان القوى في العالم الى كونه ذا قطبية واحدة بقيادة‬
‫الوليات المتحدة المريكية تكمن وراء مايلي ‪:‬‬
‫فأول ‪ :‬هذا يعني ان تطلع دول مجلس التعاون الخليجي الى تكوين قوة‬
‫اقليمية قادرة على حماية مصالحها الحيوية الستراتيجية بنفسها سيعيقه رغبة‬
‫ذلك القطب الوحيد في تحجيم هذه القوة القليمية لئل تتأثر مصالحه في‬
‫الخليج ‪ ،‬فهذا يعني أن ماذكره الشيخ صباح الحمد وزير الخارجية ـ في لقاءه‬
‫الخيرعلى قناة اوربت ــ من أن الكويت ستبقى مضطرة الى الستعانة‬
‫بالجنبي الى أن تستطيع تكوين قوى اقليمية مع منظومة مجلس التعاون ‪،‬‬
‫أن هذه المنية الخليجية ستبقى سرابا مابقيت الوليات المتحدة طامعة في‬
‫تفردها بالقطبية ‪ ،‬وعلى أية حال فان فضيلة الشيخ حاكم المطيري قد ألقى‬

‫‪108‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الضوء على هذه النقطة بما لمزيد عليه ـ كعادته ــ في مقالته فلندع هذه‬
‫النقطة جانبا ‪0‬‬

‫)‪(42 /‬‬

‫وثانيا ‪ :‬فان ارتباط الوليات المتحدة باسرائيل واندماج مصالحهما‬


‫الستراتيجية الخارجية اندماجا كامل ‪ ،‬أخطر ما ينطوي عليه تفرد الوليات‬
‫المتحدة بالقطبية العالمية ‪ ،‬كما أجاب وزير الخارجية المريكية على سؤال‬
‫مجلة هارفاد انترناشيونال ريفيو ربيع ‪ ، 1997‬حيث أوردت المجلة السؤال‬
‫التالي ) والوليات المتحدة تاريخيا كانت ولتزال المساند الوفي لسرائيل‬
‫وكانت اسرائيل واحدة من اهم حلفائها في المنطقة ‪ ،‬كيف تغيرت العلقات‬
‫المريكية السرائيلية أو تطورت ؟ وهل هي اليوم علقة أكثر حذرا من‬
‫السابق ؟ ( قال الوزير مجيبا ) أبدا أبدا نحن لنزال المساند الكبر لسرائيل‬
‫في العالم ‪ ،‬وأمن اسرائيل ليس محل للتفاوض بالنسبة للوليات المتحدة ‪،‬‬
‫ان لدينا التزاما دائما بأمن تلك الدولة ‪ ،‬وستستمر اسرائيل واحدة من أمتن‬
‫الحلفاء ‪ ،‬وسنبقى الى البد ملتزمين بأمن اسرائيل ولم يتغير شيء في هذا (‬
‫‪0‬‬
‫فهذا التصريح الواضح الصريح ‪ ،‬يلقى الضوء على أن مصير القضية‬
‫الكبرىالتي تشغل منطقة الشرق الوسط ) النزاع العربي السرائيلي ( ـ وهي‬
‫من أكبر أسباب الزمات في الوطن العربي ــ سيكون في يد ذات القوة التي‬
‫تكرس وجود واستمرار تلك الزمة في الشرق الوسط ‪ ،‬وتخلق حالة عدم‬
‫الستقرار فيه ‪0‬‬
‫ولئل يظن اننا نبالغ اذا قررنا أن الوجود السرائيلي ـ الذي يقويه ويحيمه‬
‫ويمده بأسباب الوجود والستمرار في أي منطقةهو اعتماده على الحليف‬
‫الستراتيجي ) أمريكا ( ــ في أي مكان في العالم يعني وجود الزمات وعدم‬
‫الستقرار والفوضى والحروب والفساد فانني انقل للقاريء ماصرح به‬
‫السفير سالم أحمد سالم المين العام لمنظمة الوحدة الفريقية قال ) ان‬
‫المنظمة تجري بالتعاون مع العديد من الدول القارة الفريقية اتخاذ العديد‬
‫من القرارات والجراءات الرادعة لمنع حدوث أي تغلغل اسرائيلي في قلب‬
‫القارة الفريقية وسد جميع البواب في وجه الموساد السرائيلي وأنشطته‬
‫في العديد من العواصم الفريقية كما تحاول اسرائيل ذلك من عدة سنوات‬
‫ولكنها لم تفلح وستسعى لنهاء وتجميد أي علقات تعاون عسكري بين‬
‫اسرائيل وأي بلد افريقي بهدف الحفاظ على المن القومي الفريقي‬
‫والتصدي لمؤامرات اسرائيل بالقارة الفريقية ‪ ،‬وقال ان العديد من الفتن‬
‫والضطرابات التي تعرضت لها بعض البلدان والمناطق الجغرافية الفريقية‬
‫كانت بسبب محاولت الموساد ووقوف اسرائيل وراءها لتغذية العنف والفتن‬
‫بالقارة الفريقية ( نشر في الوطن ‪22/11/1998‬‬
‫وبهذا يتبين أن كون الوليات المتحدة تمثل ظاهرة القطبية الواحدة يعني‬
‫استمرار الزمات في منطقة الوطن العربي والتي تخلقها اسرائيل الحليفة‬
‫الستراتيجية للوليات المتحدة ‪،‬واستمرار تكريس الوجود السرائيلي وتفوقه‬
‫وبقاء احتلله للرض ومصادرته لحقوق المسلمين مستخفا بالعالم وهيئة‬
‫المم والقانون الدولي المزعوم وكل ما هنالك ‪0‬‬
‫وثالثا ‪ :‬فان تفرد الوليات المتحدة بالقطبية العالمية يعني عدم استطاعت‬
‫دول المنطقة الخروج من دوامة ما تعانيه من التفرق والضعف والتخلف‬

‫‪109‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وعدم القدرة على النهوض كقوة اقليمية ضاربة ‪ ،‬لن القوة القطبية الواحدة‬
‫ستتحرك ضد كل محاولة لخروج المنطقة من هذه الدوامة ‪0‬‬
‫وهذا هو التفسير الوحيد لمحاربة النهضة السلمية ومحاصرتها من قبل تلك‬
‫القوة القطبية ‪ ،‬ومن يواليها من أصدقاءها في دول المنطقة ‪ ،‬فان النهضة‬
‫السلمية توجد الروح التي تكمن وراء تنشيط عوامل النهوض للمة وتحييها‬
‫من جديد ‪ ،‬كما أنها تشتمل على جميع مقومات احياء المة ودفعها الى قمة‬
‫المنافسة الدولية ‪ ،‬كما يشهد بذلك التاريخ ‪ ،‬ولهذا فاننا لنستغرب تلك‬
‫الحملة العلمية المعادية للسلم وتهويل خطره في الوليات المتحدة‬
‫وشحن نفوس الشعوب الغربية ضده ‪ ،‬لن ذلك جزء من محاربة وتفكيك‬
‫عوامل تحول العالم العربي والسلمي الى قوة عالمية أو حتى اقليمية ‪0‬‬
‫ولكن المستغرب حقا ما قرره حلف شمال الطلسي في بيانات مؤتمره عام‬
‫‪ ، 1990‬والسنة التي تليها من أن الصولية السلمية تشكل تهديدا رئيسيا‬
‫للحلف ‪ ،‬وذلك مع أن الصولية السلمية لزالت لتملك شيئا البتة بالمقارنة‬
‫مع جيوش الحلف ‪ ،‬ولكن المقصود هو نفس الدول السلمية التي يتوقع منها‬
‫حدوث النهضة السلمية ومنافستها للقوى العالمية عالميا أو اقليميا ‪ ،‬انطلقا‬
‫من جهود الحركات السلمية في تحريك أسباب تجديد المة‬
‫ذكرنا في المقال السابق الخطار التي تنطوي على تفرد الوليات المتحدة‬
‫بالقطبية وكانت أول ‪ :‬اعاقتها لمشروع القوة الخليجية القليمية الذاتية ‪،‬‬
‫وثانيا استمرار تمكين وتفوق العدو اليهودي ‪ ،‬وثالثا محاربة النهضة السلمية‬
‫في المنطقة للحيلولة بينها وبين توفير عوامل تجديد المة ‪ ،‬وهذه بقية‬
‫الخطار ‪:‬‬

‫)‪(43 /‬‬

‫ورابعا ‪ :‬فان الوليات المتحدة المريكية تحمل بين طيات حضارتها سموما‬
‫أخلقية مخيفة مرعبة ‪ ،‬هي أشد فتكا من أسلحة الدمار الشامل ‪ ،‬وهي التي‬
‫عبر عنها الرئيس السابق للوليات المتحدة في كتابه الخير مارواء السلم‬
‫ص ‪ 240‬قال ‪ ) :‬في عام ‪ 1992‬وحده رصدت الشرطة ‪ 14‬مليون جريمة‬
‫خطيرة ‪00‬ان المشكلة الكبرى تكمن في التآكل الجتماعي الذي يخلق‬
‫المجرمين في المقام الول ‪ ،‬انهيار القيم ‪ ،‬وانعدام روح النضباط ‪ ،‬وغياب‬
‫أي احساس بالحق والباطل من نفوس كثير من شباب أمريكا ( وقال أيضا‬
‫ص ‪ ) : 246‬يزعم نخبة هوليود أنهم يعكسون أحوال أمريكا وأنها مريضة ‪،‬‬
‫وأرى أنهم ينظرون في المرآة لن هوليود هي المريضة ‪ 00‬والعنف والجنس‬
‫سلعتان رائجتان وهوليوود بصدد جمع الموال من وراء ذلك ‪ ،‬وهي اذ تتخلى‬
‫عن مسؤوليتها عن مراعاة المعايير الساسية للحشمة ‪ ،‬عملت على تعجيل‬
‫انهيار تلك المعايير في المجتمع لحد بعيد ( ‪0‬‬
‫فهذه الشهادة وغيرها عشرات بل مئات ‪ ،‬تدل على أن سيدة العالم اذا‬
‫تفردت بحالة القطبية الواحدة على المسرح الدولي مع التقدم العلمي‬
‫والتطور التكنلوجي ‪ ،‬فانها ستصدر هذه المظاهر الخبيثة الى مناطق العالم‬
‫التي تنظر اليها نظر الضعيف المتخلف الى القوي الراقي ‪ ،‬وهذا يعني دمار‬
‫شعوب هذه المناطق وانهيار قيمها ومبادئها وقيمها ودخولها في دوامة‬
‫التفكك والسقوط الى الهاوية ‪ ،‬وليس ثمة شيء أقرب دللة على هذا من‬
‫المثال الذي نراه في الكويت وذلك في الزيادة الملحوظة لمعدل المخدرات‬
‫والجريمة والعنف والتفلت الجنسي في فترة بعد الغزو بصورة مطردة ‪،‬‬

‫‪110‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫والعواقب المتوقعة ـ اذا استمر الحال ــ مخيفة جدا ‪ ،‬ونسأله سبحانه‬


‫العصمة والسداد ‪0‬‬
‫وخامسا ‪ :‬فان الوليات المتحدة التي تسعى لتكون سيدة العالم والقطب‬
‫الوحيد للقوة فيه تحمل معها أينما تذهب أيضا ــ وهومن تناقضات الحضارة‬
‫الغربية ــ كبرى المؤسسات التنصيرية في العالم كما كانت تفعل بريطانيا‬
‫في زمانها الغابر ‪ ،‬وان كانت الوليات المتحدة تحرص على أخفاء هذه‬
‫السوءة ‪ ،‬لكن النشاط التنصيري الذي يواكب استعراض الوليات المتحدة‬
‫لعضلتها في أنحاء العالم واضح للعيان ‪ ،‬ليحتاج الى اشارة بالبنان ‪ ،‬ولعل‬
‫أشد مافي هذا الخطر ان الصهيونية العالمية أستطاعت ان تبتلع وتسخر‬
‫المؤسسات التنصيرية في الوليات المتحدة لصالح اليهود ‪ ،‬واستطاعت من‬
‫ثم أن تتغلغل الى قمة صناعة القرار المريكي ‪ ،‬الى رؤساء الوليات المتحدة‬
‫أنفسهم ‪ ،‬فصارت الخلفية التوراتية لها تأثير ليستهان به في السياسة‬
‫المريكية من هذا المنطلق ‪ ،‬جاء في كتاب )البعد الديني في السياسة‬
‫المريكية تجاه الصراع العربي الصهيوني ‪ ،‬دراسة في الحركة المسيحية‬
‫الصولية ( ‪ :‬من كلم الرئيس كارتر في حديث القاه أمام الكنسيت‬
‫السرائيلي قال ‪ ] :‬لقد آمن سبعة رؤساء امريكيين وجسدوا هذا اليمان ‪،‬‬
‫بأن علقة الوليات المتحدة المريكية مع اسرائيل هي أكثر من مجرد علقة‬
‫خاصة ‪ ،‬بل هي علقة فريدة ‪ ،‬لنها متجذرة في ضمير وأخلق ودين‬
‫ومعتقدات الشعب المريكي نفسه ‪ ،‬لقد شكل اسرائيل والوليات المتحدة‬
‫المريكية مهاجرون طليعيون ‪ ،‬ونحن نتقاسم تراث التوراة [‬
‫وفي كتاب ) من يجرؤ على الكلم ( لعضو الكونجرس المريكي " بول فندلي‬
‫" ] الواقع ان جميع النصارى ينظرون الى الشرق الوسط من منظار الصلة‬
‫الروحية باسرائيل ‪ ،‬ومن زاوية الميل الى معارضة أو عدم تصديق أي شيء‬
‫يشكك في سياسة اسرائيل ‪ ،‬والقناعات الدينية هي التي جعلت المريكيين‬
‫يستجيبون لنداءات اللوبي السرائيل [ ‪0‬‬
‫فهذه خمسة اخطار ينطوي عليها تفرد الوليات المتحدة بحالة القطبية‬
‫الواحدة ‪ ،‬ومن هنا تترجح وجهة النظر القائلة بأن تعدد القطبية أقرب الى‬
‫مصلحة العالم السلمي في حالة الضعف التي يعيشها اليوم ‪ ،‬وعلينا في‬
‫العالم السلمي أن نسعى ــ ما استطعنا الى ذلك سبيل ــ لتقوية هذه‬
‫الظاهرة عالميا ) أعني تعدد القطبية ( واضعاف تفرد الوليات المتحدة‬
‫بالقطبية ‪ ،‬تماما كما أن من مصلحة الضعيف أن تتشتت الصوات المنافسة‬
‫في العملية النتخابية ‪ ،‬ولن تصارع القطاب المتعددة يضعفها ويفسح‬
‫للضعيف فرصة استثمار صراعها لمصالحه الخاصة ‪ ،‬والمة مع ذلك بحاجة‬
‫الى مشروع نهضوي تغييري شامل وهي موعودة بالوعد الحق‬
‫بالنصروالتمكين ان هي أقامت الدين وتمسكت بالقرآن حبل الله المتين ‪،‬‬
‫وسنة سيد المرسلين صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ‪0‬‬
‫وأما مشروع نهضة المة ورسالة الصلح والتغيير الشامل ‪ ،‬لعادة المة الى‬
‫مكانها اللئق بها لتقود البشرية ‪ ،‬فهو مشروع ضخم يحتاج الى جهود عظيمة‬
‫وجهاد طويل ‪ ،‬لكنه مع ذلك حتمي الوقوع ‪ ،‬لنه الوعد الحق الذي لمرية فيه‬
‫‪ ،‬ان الله ليخلف الميعاد ‪0‬‬
‫يخطيء من يظن أن الدافع الوحيد للصراع بين المم هو مجرد الرغبة في‬
‫العيش في رخاء ولو على حساب فقر وشقاء الخرين أي الدوافع القتصادية‬
‫فقط ‪ ،‬كما تقرر الرؤية الماركسية ‪0‬‬

‫‪111‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(44 /‬‬

‫بل ما كان يقرره الفيلسوف هيجل من أن غريزة الكبرياء والغرور ) الرغبة‬


‫في المكانة والهيبة ( هي أيضا من اعظم الدوافع في نفس النسان التي‬
‫تدفعه الى المخاطرة بالحياة من أجل ما يسميه أحيانا ذلك الفيلسوف‬
‫) الحترام الخالص ( والذي يعده الفاصل بين الحيوان و النسان ‪ ،‬ذلك‬
‫النسان الذي تتعلق رغبته في مثل علم العداء أو ميدالية الفوز ‪ ،‬بينما قد‬
‫ليكون لمثل هذه المور أي قيمة بيولوجية سوى سوى دللتها على حصوله‬
‫على المكانة والهيبة ‪0‬‬
‫أقول ماكان يقرره ذلك الفيلسوف ‪ ،‬فيلسوف ) الليبرالية ( الكبير عين‬
‫الصواب ‪ ،‬ليس لنه قاله ‪ ،‬بل لن القرآن المحفوظ شهد لما قاله ‪ ،‬فقد قرر‬
‫القرآن أن الطواغيت خاضت المعركة ضد الرسل عليهم السلم مع علمهم‬
‫بصدقهم طلبا للعلو في الرض قال تعالى ) ان فرعون عل في الرض وجعل‬
‫أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحي نساءهم ( وقال له‬
‫المل لما رأى فرعون أيات موسى التي سماها الله تعالى اليات المبصرة‬
‫لظهور دللتها على صدق رسالته قال له المل المستكبرون ) أتذر موسى‬
‫وقومه ليفسدوا في الرض ويذرك وآلهتك ‪ ،‬قال سنقتل أبناءهم ونستحيي‬
‫نساءهم وانا فوقهم قاهرون ( ولهذا يطلق القرآن على معاندي الرسل اسم‬
‫المستكبرين ‪ ،‬ذلك انهم كانوا يريدون أن يكون المر والعزة والهيبة والمكانة‬
‫لهم ل للرسل وأتباعهم فعلموا أن الحق مع الرسل لكنهم استكبروا عن‬
‫اتباعهم ‪ ،‬كما قال أوائلهم قوم نوح عليه السلم ) أنؤمن لك واتبعك‬
‫الرذلون ( وقال أواخرهم )قوم محمد( صلى الله عليه وسلم ) لن نؤمن‬
‫حتى نؤتى مثل ما أوتى رسل الله ( وقال عنهم ) استكبارا في الرض ومكر‬
‫السيء ( وقال ) اذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية (‬
‫وقال ) ولتكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ( وقال الذين بين نوح‬
‫ومحمد ) وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا أو لتعودن في‬
‫ملتنا(‬
‫وقال تعالى ) وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا ( انه اذن العلو في‬
‫الرض والستكبار ‪ ،‬ولهذا جعل الله تعالى عقوبتهم ضد ما طلبوه ) سيصيب‬
‫الذين أجرموا صغار عند الله ( وقال ) وجعل كلمة الذي كفروا السفلى‬
‫وكلمة الله هي العليا ( ) حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ( وفي‬
‫الخرة ) سيصيب الذين ظلموا صغار عند الله ( وكما قال العلماء عن الرق‬
‫في الجهاد أنه عقوبة للكافر على استكباره عن اتباع الحق فضرب عليه الرق‬
‫في الجهاد جزاء وفاقا ‪0‬‬
‫@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@@‬
‫@‬
‫المقال الحادي والعشرون‬
‫ــــــــــــــــــــــــ‬
‫ــــــــــــــــــــــــــــــــ‬
‫القنبلة النووية قبل الخبز‬
‫لم تكن الوليات المتحدة غافلة عن عزم الهند على العلن للعالم أنها‬
‫أضحت من الدول النووية الولى ‪ ،‬فلم تفاجأ فيما يبدو بما جرى السبوع‬
‫الماضي ‪ ،‬كما لم تكن في غفلة عن مدى نجاح مشروعها واقترابه من تجربة‬
‫قنابلها النووية ‪ ،‬ول يهمها المر بقدر ما يهمها لو كانت باكستان أو غيرها من‬

‫‪112‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الدول السلمية هي التي أوشكت أو قامت بالفعل بتجربة لتفجير نووي يعلن‬
‫وصولها الى مصاف الدول العظمى التي تملك هذا السلح الستراتيجي‬
‫الخطير ‪0‬‬
‫أما لو كانت احدى الدول العربية لها قدرة ما على المنافسة في هذا الميدان‬
‫فان الوليات المتحدة وحلفاءها سيكون لهم موقف آخر‪ ،‬ولن يكون موقفهم‬
‫من تجربة الهند بالنسبة اليه ال كنوع من معاتبة الصحاب الحباب ‪ ،‬وسيكون‬
‫التخطيط للطاحة بالحكم القائم من أدنى ردود الفعال في تلك الحال‬
‫وبقدر ما يكون القرب الجغرافي للدولة العربية التي تدخل هذه المنافسة‬
‫من اسرائيل سيكون الرد الغربي أعنف وأعنف ‪ ،‬لنه سيقرب الخطر حينئذ‬
‫من الحليفة الستراتيجية المدللة في حجر الوليات المتحدة الدولة العبرية‬
‫ذات النجمة السداسية التي اذا رضيت عن رئيس الوليات المتحدة بقي في‬
‫البيت البيض ليعربد في موظفاته في غرف الخلوة ‪ ،‬وان سخطت عليه‬
‫لحقته الفضائح الجنسية في كل مكان حتى يهوي الى أسفل سافلين ‪0‬‬
‫غير أن للوليات المتحدة ومن يحالفها أن يناموا نومة قرير العين فان حكامنا‬
‫مشغولون بقمع شعوبهم أو تدبير المكائد لبعضهم ‪ ،‬وحرب دينهم ومكافحة ما‬
‫أسموه بالرهاب الى أجل غير مسمى ‪0‬‬
‫ويبدو أن الوليات المتحدة قد أدمنت ازدواجية المواقف ‪ ،‬وخير دليل على‬
‫هذا أنها لن تجرؤ على اعلن نفس الموقف الذي أعلنته تجاه الهند ‪ ،‬من‬
‫اسرائيل التي تمتلك السلح النووي ‪ ،‬فهل القيام بالتجربة النووية هو الخطيئة‬
‫الكبرى ‪ ،‬أم تخرين تلك الكميات الهائلة من المواد المشعة القاتلة في‬
‫منطقة مليئة بالبشر ‪ ،‬وجعلها على رؤوس كرؤوس الشياطين جاهزة لهلك‬
‫البشرية بضغطة زر من يد اليهود الذين لم تعرف البشرية أعظم رغبة‬
‫للفساد في الرض منهم ‪ ،‬كما قال الله عنهم ) كلما أوقدوا نارا للحرب‬
‫أطفأها الله ويسعون في الرض فسادا والله ليحب المفسدين ( ‪0‬‬

‫)‪(45 /‬‬

‫ولئن قيل ان السلح النووي السرائيلي ماهو ال للردع الستراتيجي لحماية‬


‫الكيان الصهيوني ولن تستطيع اسرائيل استعماله في منطقة قريبة من مكان‬
‫انطلقه في عقر دار اليهود ‪ ،‬فلماذا هذا الردع الستراتيجي حرام على‬
‫العرب والمسلمين حلل لغيرهم ؟‬
‫وما مثل الوليات المتحدة في موقفها تجاه من يصنع هذا السلح الشيطاني‬
‫الخبيث ال كالقول المأثور ) من سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل‬
‫بها الى يوم القيامة ( ‪ ،‬فهي التي سنت هذه السنة ‪ ،‬ثم لم يعجبها ال أن‬
‫تكون من أوائل التجارب النووية التي تجريها انما هي على البشر الحقيقيين‬
‫في اليابان ولم يكونوا جيشا مقاتل بل مدنيين ‪ ،‬من الطفال والعجائر‬
‫والبرياء ‪0‬‬
‫ثم في فترة الحرب الباردة انتشر هذا السلح البغيض في أوربا انتشار النار‬
‫في الهشيم ‪ ،‬وامتلت هناك الصواريخ المتوسطة المدى بين شرقيها وغربيها‬
‫متواجهة في صورة مأساوية تهدد العالم بالفناء المحقق ‪ ،‬وقد اقترب العالم‬
‫من نقطة الصفر في أزمة الصواريخ السوفيتية في كوبا ‪ ،‬وأما الصواريخ‬
‫البعيدة المدى القابعة في صوامعها فكانت قدراتها التفجيرية فوق التصور‬
‫حتى قيل انها كانت كفيلة لو انطلقت أن تحرق الرض وستة أرضين مثلها فل‬
‫يبقى على ظهرها من دابة ‪0‬‬

‫‪113‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ان هذا اللعب بالنار الذي كان أول من اقترفه الوليات المتحدة هو الذي تدفع‬
‫البشرية ثمنه كل عام مرة أو مرتين من القلق والرهبة والفزع من المصير‬
‫المخيف المروع فيما لو جن جنون الزعماء الطواغيت ذات ليلة ‪ ،‬وقرروا‬
‫العبث بهذا السلح ‪ ،‬وان المسؤولية العظمى انما تقع على أمريكا لتطهر‬
‫الرض من خطيئتها هذه ‪ ،‬بدل أن تنتج أفلم الدعارة وتصدر الشذود الجنسي‬
‫‪ ،‬وتلحق استخباراتها المركزية دعاة السلم والمجاهدين ‪0‬‬
‫غير أن هذا كله ليعني أن يرضى المسلمون بأن يكونوا هم الضحية في هذه‬
‫اللعبة ويكتفوا بدور المتفرج ‪ ،‬ومن الحق الذي ليمارى فيه أن تسارع‬
‫باكستان الى تجربتها النووية القادمة ‪ ،‬وليلعن الله الذين صنعوا القنبلة‬
‫النووية قبل اطعام شعبهم الجائع خبزا يقيم صلبه ‪ ،‬غير أن هذا ل يستغرب‬
‫بعدما تولى زمام المور حزب متطرف غاية أمانيه أن ترضى عنه البقرة‬
‫والله المستعان‬
‫تم الجزء الول من مجموعة مقالت في المنهج‬

‫)‪(46 /‬‬

‫مقالت في المنهج ‪ -‬الجزء الثاني‬


‫بقلم ‪ :‬حامد عبدالله العلي‬
‫الفهرس‬
‫يحتوي هذا الجزء على المقالت التالية‬
‫‪1‬ـ المستثمر الجنبي‬
‫‪2‬ـ موقعنا من عولمة القتصاد‬
‫‪3‬ـ المشاغبون العلمانيون في الكويت‬
‫‪4‬ـ عالم التناقضات والخداع‬
‫‪5‬ـ معنى الليبرالية‬
‫‪6‬ـ البابا والعراق‬
‫‪7‬ـ خلفكم ليس معنا يا أحمد الديين‬
‫‪8‬ـ استثمار الرهاب‬
‫‪9‬ـ التكفير والهجرة‬
‫‪10‬ـ الختلط والختلع‬
‫‪11‬ـ الختلط والختباط والختراط‬
‫‪12‬ـ مفاسد الختلط في التعليم‬
‫‪13‬ـ بعض ماقيل في المرأة‬
‫‪14‬ـ أسرار الجينوم البشري‬
‫‪15‬ـ الوهابية‬
‫‪16‬ـ العالم لم يتغير‬
‫‪17‬ـ العولمة والرجاء‬
‫‪18‬ـ القدس عبر التاريخ‬
‫‪19‬ـ استبدال قانون الحوال الشخصية‬
‫‪20‬ـ مأساة الشيشان‬
‫المقال الول‬
‫المستثمر الجنبي بين الخطورة والضرورة‬
‫)هل حقا أن العولمة القتصادية هي من قبيل الحتميات القتصادية التي‬
‫ليمكن الوقوف في وجهها والتي ستفرض نفسها نتيجة التقدم التكنولوجي‬

‫‪114‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وانصهار العالم في قرية كونية متشابهة تنمو وتتلحم بصورة مطردة بسبب‬
‫القمار الصناعية والنترنت ومختلف أشكال ثورة التصالت ‪ ،‬أم هي نتيجة‬
‫لسياسات رسمت بقصد توجيه ثروات العالم إلى خزائن أساطين السياسة‬
‫والقتصاد وأصحاب رؤوس الموال في العالم الغربي( ‪.‬‬
‫)انه بخدعة ما يسمى العولمة ‪ ،‬يمكن إزالة جميع الحواجز أمام الشركات‬
‫العالمية الضخمة تحت شعار )تحرير السواق ( ‪ ،‬فيمكنهم بذلك إحكام‬
‫القبضة على اقتصاد أي دولة شاءوا ‪ ،‬ول يحتاج المر إلى أكثر من ومضات‬
‫شاشات الكمبيوتر ‪ ،‬بعد تحطيم جميع القيود المحلية أمام المستثمر الجنبي(‬
‫‪.‬‬
‫هاتان فقرتان من مقال نشرته سابقا في صحيفة الوطن الكويتية ‪ ،‬وقد صدر‬
‫بعد هذا مرسوم أثناء فترة حل مجلس المة ‪ ،‬أطلق عليه مرسوم )المستثمر‬
‫الجنبي( بمقتضاه يسمح للمستثمر الجنبي أن يتملك شركات برؤوس أمواله‬
‫وتسهيل الصعوبات له ‪ ،‬وإعفاءه من الضريبة كليا أو جزئيا والسماح له‬
‫بالحتكام إلى هيئات دولية عند النزاع وتخصيص العقارات اللزمة له ‪..‬الخ ‪،‬‬
‫وقد هذا المرسوم مع توجه الصلح القتصادي الذي يتضمن ‪ :‬الخصخصة‬
‫وفرض الرسوم على المواطنين ‪ ،‬في إطار مشروع يسعى لنقاذ القتصاد‬
‫والعجز في الميزانية ‪.‬‬
‫يقول الخبراء أن شركة أي بي أم للكمبيوتر‪ ،‬تعادل عوائدها ـ فليحلظ القارئ‬
‫أنها عوائدها ـ دخل مصر القومي ‪ ،‬وتنفق على أبحاثها فقط مثل رأسمال‬
‫أكبر بنك لدينا في الكويت ‪ ،‬وعوائد شركة كبرى أخرى تعادل الدخل القومي‬
‫لليونان ‪ ،‬وعوائد شركة جنرال اليكتريك تعادل الدخل القومي لسرائيل ‪،‬‬
‫ويقولون ان بضع شركات كبرى في العالم تعادل عوائدها دخول كل منطقة‬
‫الشرق الوسط ‪.‬‬
‫ويقولون أيضا ‪ :‬إن هذه الشركات العملقة ‪ ،‬ستحل محل الدول في القرن‬
‫المقبل ‪ ،‬بل إنها ستكون قادرة على التحكم في الدول ‪ ،‬ولقدرتها على‬
‫السيطرة على القتصاد ‪ ،‬يمكنها تقويض أو زعزعة بعض الحكومات ‪.‬‬
‫وان فتح بعض الدول المجال ــ بل ضوابط دقيقة ــ لتدفق رؤوس الموال‬
‫الخارجية إلى أسواق السهم والعملت خاصة ‪ ،‬يعرض تلك الدول إلى مخاطر‬
‫النهيارات القتصادية ‪ ،‬لن موجات هذه التدفقات تؤدي إلى نشاط اقتصادي‬
‫مزيف ‪ ،‬فترتفع أسعار السهم والسندات والعقارات وسعر صرف العملة‬
‫ومعدلت الفائدة ‪ ،‬ثم ـ بسبب صعوبة التحكم بهذه الموجات ـ قد ينسحب‬
‫كبار المستثمرين فيتبعهم غيرهم ساحبين معهم أموال القطاع الخاص‬
‫المحلي مما يؤدي إلى كوارث اقتصادية ‪ ،‬وتأثير خطير على العملة الوطنية‬
‫واسواق السهم ‪..‬الخ ‪.‬‬
‫وان الخطر الكبر عل اقتصاد الدول سيكون من المستثمر الجنبي الذي‬
‫يبحث عن الستثمارات قصيرة الجل والتي همها الكبر تحقيق الرباح‬
‫بسرعة ‪ ،‬فمثله ل يهمه الخروج من هذه السوق إلى أخرى ‪ ،‬مستغل العولمة‬
‫القتصادية غير مكترث بما قد يخلفه وراءه من الزمات ‪.‬‬
‫أمام هذه الحقائق المخيفة ‪ ،‬والتي ل يختص الخوف منها في منطقتنا فقط‬
‫بل هو هاجس كثير من دول العالم التي تنظر إلى هذه الشركات وهي تجوب‬
‫الرض حاملة شعار العولمة وتحرير السواق ‪ ،‬فتدخل ما شاءت من السواق‬
‫تحصد الموال ‪ ،‬ثم تخرج منها متى شاءت مخلفة وراءها الدمار القتصادي‬
‫أحيانا ‪.‬‬
‫أمام هذه الحقائق ‪ ،‬تنظر الدول ــ خاصة تلك التي ل يتعدى دخلها القومي‬

‫‪115‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫عوائد بعض الشركات العالمية ــ إلى هذه الشركات كما تنظر إلى التنين‬
‫الزاحف نحوها وهو ينفخ النار ‪ ،‬فلجرم أطلقوا على الموال المتدفقة التي‬
‫وصفتها آنفا بالموال الحارقة ‪ ،‬ولهذا وضعت كثير من الدول قيودا للمستثمر‬
‫الجنبي تلئم أوضاعها القتصادية لتحافظ على اقتصادها من التحكم الخارجي‬
‫‪.‬‬
‫أمام هذه الحقائق المخيفة وأمام أيضا حاجتنا إلى النفتاح على العالم بل‬
‫ضرورتنا إلى هذا النفتاح ‪ ،‬نحن في أمس الحاجة إلى نظرة تريث عميقة‬
‫ودراسة متأنية تصل بنا إلى التوازن بين ضرورتنا إلى النفتاح ‪ ،‬وحفاظنا على‬
‫أنفسنا من التمزق أمام سيل العولمة المتدفق ‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫والمعلوم أن الكويت دولة اقتصاد ‪ ،‬بمعنى أننا نعتمد في البقاء وجميع أنواع‬
‫التنمية الحاضرة والمستقبلية ‪ ،‬على شيء واحد فقط ـ بعد الله تعالى ـ‬
‫هوحذقنا في إدارة القتصاد الذي يعتبر الداعم الكبر له هو النفط ‪ ،‬ونحن‬
‫نحاول من عقدين دعمه بتحريك مشاريع استثمارات خارجية ‪ ،‬ثم الن‬
‫تكشفت خطط عن مشاريع لجذب المستثمر الجنبي ‪ ،‬و ليس لدينا صناعة‬
‫مثل اليابان وألمانيا ‪ ،‬ول نزرع البن ول الفول السواد ني ‍‪ ،‬ول غيرها من‬
‫الموارد ‪ ،‬ونحن مقبلون على )بلعة( عملقة اسمها )عولمة اقتصادية ( ‪،‬‬
‫سيكون نصيب السد منها ‪ ،‬إن لم يكن كل النصيب للوليات المتحدة‬
‫المريكية حيث تشكل الطماع القتصادية جل سياستها العالمية‪.‬‬
‫وقد لوحظ أن السفير المريكي يركز على أهمية الكويت في جذب الستثمار‬
‫الجنبي إلى المنطقة ‪ ،‬كما لوحظ أن نشاطا سياسيا ما يدفع بهذا التجاه‬
‫بإلحاح ‪ ،‬ومشاريع تطوير حقول الشمال داخلة في هذا الطار ‪.‬‬
‫ومن المعلوم أن تزايد نشاط اقتصادي أجنبي واسع النطاق في الكويت ‪،‬‬
‫سيواكبه حتما تغيرات اجتماعية ‪ ،‬أو إن شئت القول أن تغيرات اجتماعية ـ‬
‫في نظر المستثمر الجنبي طويل الجل ـ ستكون ضرورية لذلك النشاط ‪،‬‬
‫خاصة أن المريكان يروق له دائما التدخل في ثقافات غيرهم وأوضاعهم‬
‫الجتماعية وسفيرهم هنا خير دليل ‪0‬‬
‫المقال الثاني‬
‫موقعنا في عولمة القتصاد‬
‫أثار المقال السابق السبت الماضي عن المستثمر الجنبي ردود فعل لدى‬
‫بعض القراء لم يكن بعيدا عن توقعاتي ‪ ،‬حيث فاجأني بعض المتابعين لما‬
‫نكتب باعتراض على ما أبديته من تخوف من مرسوم المستثمر الجنبي‬
‫واضعا اعتراضه في إطار اتهام شامل لنا بنزعة النكفاء على الذات فيما‬
‫أسماه عصر )عالم القرية الواحدة ( واصفا هذه النزعة في هذا العصر بأنها‬
‫ليست سوى انتحار ذاتي ينبغي ـ والكلم للمعترض ـ للسلميين أن يقتلعوه‬
‫من أذهانهم ‪.‬‬
‫غير أنني وحالما أفقت من دهشتي من اعتراضه المفاجئ ‪ ،‬قلت لصاحبي‬
‫المعترض هل انتظرت حتى أعقب مقالتي السابقة بزيادة إيضاح في المقال‬
‫القادم فانه ربما يكون مع المستعجل الزلل ‪ ،‬فأومأ برأسه كأنه يقول لبأس ‪.‬‬
‫مشكلتنا الكبيرة في عالمنا العربي ـ والكويت عضو في هذا الجسد تجري‬
‫عليه أحكامه ـ أننا نساق إلى هذا العالم الذي يتطور إلى حد الجنون ‪ ،‬نساق‬
‫إليه ونحن نحمل على عواتقنا جميع علتنا ‪ ،‬ونجبر على اللحاق به مثقلين‬

‫‪116‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫بجميع مصائبنا ‪ ،‬ولهذا فنحن سندخل لعبة العولمة العالمية خاسرين غالبا ‪،‬‬
‫لن واضعي قوانين هذه اللعبة وضعوها بعد أن هيئوا أنفسهم لها في أحسن‬
‫الوضاع ‪ ،‬ثم قالوا لنا تعالوا إن شئتم ادخلوا معنا ‪ ،‬فسندخل ضعفاء ممزقين‬
‫في سوق قد أحكم صفقاته القوياء المتحدون ‪.‬‬
‫معنى هذا الكلم يتبين بما يلي ‪ :‬قصة منظمة التجارة العالمية التي ولدت‬
‫عام ‪ ، 1994‬أنها تطور من منظمة الجات التي كان أصلها اتفاق بين ما‬
‫سمى نادي الغنياء حيث اتفقت ‪ 23‬دولة غنية فوضعت بينها ما سمى جات‬
‫‪ 47‬بعد الحرب العالمية ‪ ،‬وهي اتفاقية تجارية بموجبها تحقق هذه الدول‬
‫مصالحها القتصادية على حساب الدول الخرى ‪.‬‬
‫بعد جولت عديدة ومعارك عبر سنوات مديدة اعترضت فيها كثير من الدول‬
‫النامية التي دعيت إلى النظمام إلى هذه المنظمة على اتجاه الدول الغنية‬
‫لمراعاة مصالحها في محاولت تطوير هذه التفاقية التجارية ‪ ،‬توصل الجميع‬
‫في آخر المطاف إلى ما يسمى منظمة التجارة العالمية ‪ ،‬وقعت فيها ‪117‬‬
‫دولة على ميثاق المنظمة ويعرف باسم النظام التجاري الدولي الجديد ‪.‬‬
‫واليوم وقع على هذه التفاقية ‪ 134‬دولة عدد الدول النامية منها ‪ ، %75‬منها‬
‫سبع دول عربية هي الكويت وقطر والبحرين والمارات ومصر وتونس‬
‫والمغرب ‪.‬‬
‫غير أن المستفيد الكبر من هذه المنظمة هي التكتلت القتصادية الكبيرة ‪،‬‬
‫فالتحاد الوربي مثل تجري داخله تجارة تعادل ثلثة أضعاف ما يجري بينه‬
‫وخارج التحاد الوربي ‪ ،‬ولهذا فان دوله غير ملزمة أن تمنح نفس المتيازات‬
‫التي تتمتع بها لدول أخرى أعضاء في المنظمة ‪ ،‬لنها ضمن تكتل اقتصادي‬
‫عملق اسمه التحاد الوربي ‪ ،‬ولنه هكذا تعطي هذه المنظمة العالمية هذا‬
‫المتياز للتكتلت القتصادية الكبيرة ولتساويها بالصغيرة ‪.‬‬
‫لن تلك الدول نظمت أوضاعها وقويت بالتحاد وخلقت التكتلت الكبيرة‬
‫العملقة ‪ ،‬ثم جلست على طاولة المنظمات الدولية تصوغ مصالحها ‪ ،‬وجئنا‬
‫نحن بضعفنا وتمزقنا وتفرقنا ‪ ،‬نريد أن نلحق بركب العولمة على علتنا ‪ ،‬نريد‬
‫أن نسير بسفننا الصغيرة مع تلك البواخر العملقة في نفس البحر الضخم ‪،‬‬
‫ونريد الحصول على نفس المكاسب في نفس اللعبة !!‬
‫أين التفاقية القتصادية الموحدة لدول مجلس التعاون الخليجي ‪ ،‬أين اتفاقية‬
‫منظمة التجارة الحرة العربية المزعومة ‪ ،‬أين السوق السلمية المشتركة ‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫إذا أردنا أن لننكفأ على الذات ‪ ،‬ونلحق بركب العولمة فلنفعل ذلك لصالحنا ‪،‬‬
‫وليس لتحقيق مصالح غيرنا وتمزيق أنفسنا ‪ ،‬يمكننا مع سائر الدول النامية‬
‫ونحن نملك ثلثي أصوات هذه المنظمة العالمية ــ منظمة التجارة العالمية‬
‫على سبيل المثال ــ إذا أوجدنا تكتل تجاريا واقتصاديا أن نستفيد من أسواق‬
‫الدول المتقدمة لصالحنا أو ننافسها بدل أن تستغلنا لستنزافنا ‪.‬‬
‫إن الحروب القادمة هي حروب أسواق ‪ ،‬الحلف القتصادية فيها أشد خطرا‬
‫من الحلف العسكرية ‪ ،‬والسواق العالمية لتعرف الرحمة ‪ ،‬هي كالغابة‬
‫يبتلع فيها القوي الضعيف ‪ ،‬والمنظمات العالمية ليست سوى تنظيم لعمليات‬
‫البتلع القتصادي هذه ‪ ،‬والتي تتم بعيدا عن شعور المواج البشرية من‬
‫الشعوب المسكينة ‪ ،‬تنما تفاجأ بذلك عند حدوث النهيارات المفاجئة كما‬
‫حدث في جنوب شرق آسيا ‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫هذه هي الحقيقة شئنا أم أبينا ‪ ،‬وهذا ما نحذر منه قائلين ‪ :‬إما أن ندخل‬
‫العولمة القتصادية أقوياء ‪ ،‬وإل فسيجرفنا التيار ويمزقنا ‪ ،‬أو سيبقينا ضعفاء‬
‫ملحقين بغيرنا ‪ ،‬ول نزعم أن دولنا لتعلم ‪ ،‬بل هي تعلم هذه الحقيقة جلية‬
‫واضحة ‪ ،‬ولهذا حاولت أيجاد مؤسسات اتحادية بينها كالتعاون الخليجي‬
‫والعربي والمغاربي والجامعة العربية ‪00‬الخ ‪ ،‬ولكنها قيادات عاجزة وأخرى‬
‫ليست على مستوى المسؤولية ‪.‬‬
‫وليست هذه المشكلة خاصة بالعولمة القتصادية بل العوملة السياسية‬
‫والثقافية مثلها تماما ‪ ،‬انه لمكان في المستقبل للكيانات الصغيرة ‪ ،‬إنها‬
‫ستكون كالسماك الصغيرة التي ستبتلعها السماك الكبيرة أو تجبرها على‬
‫السير في فلكها ‪.‬‬
‫ونحن عندما نصيح بقومنا محذرين من خطر العولمة ـ التي نراها صورة‬
‫عصرية لستعمار بثوب جديد ـ نريد منهم أن يجابهوها بقوة واتحاد يمكناهم‬
‫من دخول تحدي العولمة مع الحفاظ على الهوية والكيان ‪ ،‬وليست هي دعوة‬
‫للنكفاء على الذات ‪.‬‬
‫المقال الثالث‬
‫المشاغبون العلمانيون في الكويت‬
‫أمران يحيران المرء في شأن جماعات الشغب الثقافي والتفلت الخلقي ‪،‬‬
‫الليبرالية العلمانية في الكويت ‪:‬‬
‫الول ‪ :‬أن مشاغباتهم تأتي دائما في مغامرات من اللغو الذي لطائل تحته ‪،‬‬
‫ويحاولون أن يصنعوا من أنفسهم أبطال للحرية ‪ ،‬من بطولت وهمية ليس‬
‫من ورائها اختراع نافع ول نقد بناء ول كلمة حق أمام سلطان جائر ول موقف‬
‫شجاع ينصر فيه المظلوم من الظالم ‪ ،‬فمن أين صاروا أبطال ؟ ل أدري ‪0‬‬
‫يقول محمد عابد الجابري في كتابه تكوين العقل العربي ) وانه لمما له دللة‬
‫خاصة في هذا الصدد أن تخلو الحضارة العربية السلمية مما يشبه تلك‬
‫الملحقات والمحاكمات التي تعرض لها العلماء ‪ ،‬علماء الفلك والطبيعيات ‪،‬‬
‫في أوربا بسبب آرائهم العلمية ‪ ،‬ويكفي التذكير بما تعرضت له مؤلفات كبلر‬
‫من بتر ومنع من طرف لهوتيي عصره بسبب تأييده لنظرية كوبرنيك الفلكية‬
‫المبنية على القول بثبات الشمس ودوران الرض حولها ‪ ،‬عكس ما كان‬
‫يعتقد قبل ‪ 00‬أما في الحضارة العربية السلمية فعلى الرغم من أن فكرة‬
‫كروية الرض ودورانها كانت شائعة كغيرها من الفكار العلمية المماثلة فإنها‬
‫لم تثر أية ردود فعل ل من طرف الفقهاء ول من جانب الحكام ( ص ‪345‬‬
‫مركز دراسات الوحدة ‪0‬‬
‫ملحوظة مهمة جدا ‪ ،‬وهي من الدلة والبراهين القاطعة على أن صراع‬
‫العلمانيين مع الشريعة السلمية في بلدنا العربية والكويت ليس بسبب‬
‫الجدل حول موقف السلم من التقدم الحضاري ول العلوم العصرية النافعة ‪،‬‬
‫وهي العلوم التي تدور في فلك دراسة الطبيعة واكتشافها واختراع ما يفيد‬
‫النسان ‪ ،‬وتعتمد على المنهج التجريبي ‪ ،‬لن الشريعة السلمية ل تفرض أي‬
‫تعارض بين الدين وبين هذه العلوم النافعة ـ مثل ما كانت الكنيسة تفعل في‬
‫افتراضها هذا التعارض في أوربا قبل الثورة على سلطان الكنيسة ـ بل‬
‫الشريعة السلمية تدعو إلى تلك العلوم وتحض عليها ‪ ،‬وكلما كان العالم‬
‫ملتزما بالسلم كان أزكى عقل فيها ‪ ،‬وأعظم نفعا للناس ‪0‬‬
‫ولهذا لنكاد نجد أحدا في الكويت ــ مثل ــ في مجال هذه العلوم النافعة‬
‫نصب عداء للدين ‪ ،‬والسبب ببساطة أنه لم ير في السلم ما يشكل عائقا‬
‫أمامه البتة ‪ ،‬وان وقع من أحد منهم مثل هذا العداء فانه بسبب انتماءاته‬

‫‪118‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫السياسية أو الثقافية الخرى ل بسبب الكتشافات النافعة ‪0‬‬


‫وانما غالب المعادين للشريعة السلمية وللتيار السلمي في الكويت هم قلة‬
‫من جماعة )تجار الكلم ( ‪ ،‬جل ما لديهم مجرد الكلم المستمر‪ ،‬الممل‬
‫والمكرور‪ ،‬في الصحف في السخرية والستهزاء بالدين وأحكام الشريعة‬
‫والتباهي بأنهم أصحاب قلم يدافعون عن التقدم والعصرنة ‪0‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫فإذا فتشت عن عصر نتهم وتقدميتهم وجدتها تدور حول الدفاع عن كاتب‬
‫طعن في القرآن ل من أجل أنه اكتشف شيئا يحرم القرآن اكتشافه ‪ ،‬بل لن‬
‫المفكر الحر جدا !! الذي يدافعون عنه اكتشف فجأة أنه لم يرق له اليمان‬
‫بالبعث بعد الموت مثل لنه تربى وهو صغير في مدرسة أجنبية أو تلقى ثقافة‬
‫ملحدة ‪ ،‬فغرس في قلبه أن اليمان بالغيبيات هو شيء سخيف ل يناسب‬
‫النسان العصري ‪0‬‬
‫كما تدور حول الدفاع عن حرية بيع كتب عن الجنس الرخيص في الكويت ‪،‬‬
‫أو احترام رأي يدعو إلى اعتبار الرقص بين الجنسين اكتشاف عصري مذهل‬
‫يعبر عن تقدم الدولة ‪ ،‬ونحو ذلك من القضايا في هذا المستوى أو دونه ‪،‬‬
‫فلجرم أن ينصبوا العداء للدين أذن ‪0‬‬
‫وقد أهدروا أوقاتهم في اختلق صراع مع الدين بل فائدة ‪ ،‬ويضيعون أوقاتنا‬
‫معهم في قراءة ما يكتبون والرد عليهم خوفا على ضعفاء اليمان من‬
‫شبهاتهم ‪ ،‬أما الكتشافات العلمية النافعة فل ناقة لهم فيها ول جمل ‪ ،‬ولحتى‬
‫يحسنون أن يضيفوا إليها شيئا مفيدا ‪ ،‬أول لن هذه ليست صنعتهم إذ لو‬
‫كانت لهم صنعة مفيدة لحجزتهم عن مشكلة الفراغ التي جعلتهم من تجار‬
‫الكلم ‪0‬‬
‫وثانيا لنهم انشغلوا بشيء آخر ‪ ،‬انشغلوا بمعاداة دينهم متوهمين أنهم أبطال‬
‫المعركة مع التخلف يقودون الشعب إلى النور والمستقبل ‪ ،‬متخيلين أنهم‬
‫سينقذون الكويت من مثل قوى الظلم التي اضطهدت )جاليلو(‪00‬‬
‫مساكين !‬
‫المر الثاني ‪ :‬أنهم والقضاء الكويتي في نبأ عجيب ‪ ،‬إذا كان الكيل لهم‬
‫عظموه وأكرموه ‪ ،‬وإذا كان عليهم ضاقوا به ذرعا وأخذوا يلمزونه من بعيد ‪،‬‬
‫ويحاولون التأثير عليه ليغير الحكم الذي لم يعجبهم ‪ ،‬حتى نصبوا أنفسهم‬
‫قضاة لنفسهم ‪0‬‬
‫فقد كانوا قبل أن يحكم القضاء على تلك الصحيفة التي نشرت نكتة سخيفة‬
‫عن خروج آدم من الجنة يعظمون النكير على من يتهمونه بالتأثير على سير‬
‫العدالة ‪ ،‬حتى إذا وقع الحكم عليهم في تلك القضية ‪ ،‬لم يدخروا وسعا في‬
‫إثارة الغبار العلمي وإحداث الجلبة والصياح على القضاء ليغير الحكم ‪،‬‬
‫وكذلك فعلوا في قضية البغدادي وغيرها ‪ ،‬كلما فضح القضاء انحرافاتهم‬
‫الفكرية ولوا عنه مدبرين ‪0‬‬
‫ويركبون المركب ذاته مع الشعب ‪ ،‬فإذا وافق هواهم جعلوه مصدر السلطات‬
‫جميعا ‪ ،‬وأما إذا خالف هواهم قالوا ‪ :‬رفع أسعار المحروقات قرار صائب وان‬
‫لم يكن شعبيا ‪ ،‬وكذا في قضية الختلط ‪ ،‬وترشيح المرأة وغيرها من القضايا‬
‫‪ ،‬ينقلب الشعب الذي هو مصدر السلطات جميعا إلى حفنة من المتخلفين‬
‫الذين ل يعرفون مصالحهم فهم بحاجة إلي أوصياء من قوى الحرية لتلحقهم‬
‫بالعولمة !!‬

‫‪119‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ثم آخر المطاف رجعوا إلى أنفسهم يضلل بعضهم بعضا ‪ ،‬كما يحدث هذه‬
‫اليام بين ما يكتبه عبد اللطيف الدعيج وأحمد الديين والمنبر الديمقراطي‬
‫‪000‬الخ ‪ ،‬حتى تحيرنا في أمرهم ‪ ،‬اذا لم يكن لهؤلء القوم أمر جامع يثبتون‬
‫عليه ‪ ،‬فما هم ؟؟ ثم لم نجد أصدق عليهم من هذا العنوان ‪ ،‬انهم‬
‫) المشاغبون ( !!‬
‫قرأت لواحد منهم ذات مرة مقال يبكي فيه على العلماء الذين قتلوا لنهم‬
‫صرحوا بمعتقدا تهم في غابر التاريخ ‪ ،‬وينادي من قلب يعتصر ألما لنقاذ‬
‫الكويت من اضطهاد العلماء والمفكرين ‪ ،‬أتدرون أي علماء يقصد ؟؟ مثل‬
‫الحلج والسهر وردي وابن عربي ‪ 00‬حفنة من الزنادقة والسحرة لم يحسنوا‬
‫سوى الدعوة إلى اللحاد ‪ ،‬ويعدونهم طليعة التفكير الحر في التاريخ‬
‫السلمي ‪ 00‬لعمرك انهم لفي سكرتهم يعمهون ‪0‬‬
‫فقلت في نفسي لتخف أيها المخترع الكبير المضطهد والبطل القومي !!!‬
‫انك متى قررت أن تكون مثل العلماء من الخوارزمي إلي السمو أل في‬
‫علوم الجبر ‪ ،‬وابن الهيثم في علوم البصريات ‪ ،‬وكل من اشتغل بالنافع من‬
‫علوم الطب والفلك والجغرافيا ‪00‬الخ فلن يمسك سوء ‪ ،‬كما لم يمس أولئك‬
‫سوء في تاريخ السلم كله ‪ ،‬بل كانت الحضارة السلمية هي التي احتضنتهم‬
‫ـ حتى غير المسلمين منهم ـ وهيئت لهم أجواء حرية البحث العلمي ‪ ،‬لكن‬
‫مصيبتنا معكم أنكم لتحسنون سوى السخرية من الدين وحجاب المرأة ونحو‬
‫ذلك وتعدون هذه علومكم الباهرة التي تخافون على أنفسكم من الضطهاد‬
‫بسبب اكتشافها؟؟‬
‫انهم ل يزيدون على استنساخ التناقض الغربي نفسه الذي صفق لنجيب‬
‫محفوظ لكتشافه العظيم !! في رواية )أولد حارتنا( ‪ ،‬وصفق لنصر أبو زيد‬
‫لكتشافاته المذهلة في الستهزاء باليوم الخر !! ثم فرض الحصار القتصادي‬
‫على باكستان لصنع القنبلة النووية خوفا على مصالحه السياسية ‪ ،‬ووقف‬
‫بحزم لئل تبني السودان سدا يغذي مساحة زراعية أكبر من الكويت ‪ 48‬مرة‬
‫خوفا على القمح المريكي وما يجره من مصالح سياسية أيضا حول السودان‬
‫‪ ،‬ويحاول ما استطاع الحيلولة دون قيام سوق إسلمية تنافس تكتلت الغرب‬
‫القتصادية ‪ ،‬ويقف حجر عثرة أمام أي مشروع نهضة يدخل المسلمين‬
‫المنافسة الدولة ‪0‬‬
‫أن الغرب أرادهم أحرارا عندما يطعنون في دينهم ‪ ،‬وأرادهم عبيدا له في كل‬
‫ما سوى ذلك ‪ ،‬فكانوا كما أرادهم في كل الناحيتين ‪ ،‬ثم يتفاخرون علينا‬
‫متباهين أنهم أبطال الحرية ‪.‬‬
‫المقال الرابع‬

‫)‪(4 /‬‬

‫عالم التناقضات والخداع‬


‫لعل أصدق وصف يحكي واقع هذا العصر ‪ ،‬هو أنه عصر التناقض والخداع ‪0‬‬
‫فالغرب ـ على سبيل المثال ـ يتهم السلم بالتمييز ضد المرأة بسبب إباحة‬
‫تعدد الزوجات وحظر بعض العمال على المرأة‪ ،‬ويتباهى مخادعا بإكرام‬
‫المرأة ‪ ،‬بينما ينتشر فيه تعدد العشيقات ‪ ،‬واستغلل المرأة أسوء استغلل‬
‫في تجارة الجنس وترويج السلع في العلنات ‪ ،‬وقرأت مرة أن عدد الذين‬
‫يحاولون قتل زوجاتهم أو يقتلون بالفعل ـ دع الضرب ـ هم باللف أسبوعيا‬
‫في أوربا وحدها والعدد في ازدياد ‪0‬‬

‫‪120‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وتتهم روسيا التي نشرت آلف الرؤوس والصواريخ النووية في أوربا الشرقية‬
‫وشرقا آلي موسكو ‪ ،‬وفعلت ما فعلت في أفغانستان وغيرها‪ ،‬وساندت‬
‫الصرب وهم يتفنون في المجازر الجماعية ‪ ،‬تتهم الشيشانيين والداغستانيين‬
‫بالرهاب ‪0‬‬
‫وتتهم دوائر غربية الشعوب السلمية بالعنف والرهاب بينما فعلت بعض‬
‫شعوبها بتعاطف روسي وتراخي أوربي في مسلمي البوسنة وكوسوفا ما‬
‫يعجز القلم عن وصفه ‪ ،‬وتعبث إسرائيل بكل انتهاكات حقوق النسان في‬
‫فلسطين ولبنان باحتضان أمريكي وتعاون استخبارات وعسكري معها ومع‬
‫روسيا وبريطانيا ‪0‬‬
‫وتمتل كتب المستشرقين ـ حاشا المنصفين منهم ـ قديما ‪ ،‬والمنصرين حديثا‬
‫في إرسالياتهم التي تجوب الرض لتنصير جياع المسلمين ‪ ،‬بالطعن في‬
‫السلم ومحمد صلى الله عليه وسلم وتشويه صورته وتكذيبه ‪ ،‬واحتقار‬
‫القرآن ‪ ،‬والتعاون مع الصهيونية العالمية المعروفة بالعنصرية البغيضة والحقد‬
‫على السلم خاصة ‪ ،‬بينما يتظاهر الجميع بالتسامح الديني ‪ ،‬ويتهمون‬
‫المسلمين بالتعصب الديني ‪0‬‬
‫وينقلب ) أيهود باراك( فجأة من صاحب المجاد في سحق عظام الشعب‬
‫الفلسطيني إلى جابر عظام السلم ‪ ،‬سلم بل قدس ‪ ،‬ول لجئين ‪ ،‬ولوقف‬
‫مستوطنات ‪ ،‬ومع تمديد قانون الطوارئ ثلث سنوات أخرى ‪ ،‬وتأجيل )واي(‬
‫أو حذف بعض بنوده ‪ ،‬أو دمجه مع الحل النهائي ‪0‬‬
‫وتخدع الحكومة المواطنين بأنها ل تنقص الرواتب مهما كانت الحوال ‪ ،‬ثم‬
‫تنقصها بطريقة أخرى ‪ ،‬برسوم وزيادة أسعار سلع ضرورية ‪ ،‬وتقول إنها لن‬
‫تمس الدخل المحدود ‪ ،‬ثم تفرض عليهم المشاركة في تغطية عجز ملياري ‪،‬‬
‫بدفع سعر أغلى لبنزين يشكل مجموع إيراده ‪ %1‬فقط من تغطية العجز ‪،‬‬
‫بينما يستمر الهدر الحكومي ‪ ،‬وتبقى جيوب المنتفعين من أملك الدولة ـ‬
‫الشاليهات والمجمعات السياحية والقسائم الصناعية ـ في الحفظ والصون ‪،‬‬
‫ويؤدي رفع أسعار البنزين إلى ارتفاع أسعار سلع أخرى وخدمات ‪ ،‬مما‬
‫يعكس نتائجا سلبية على القتصاد الوطني ‪0‬‬
‫وتطالب الحكومة المواطن أن يدفع ثمنا أعلى للبنزين‪ ،‬وينطلق به في‬
‫سيارته إلى مستشفى حكومي فيوضع أنبوب معدني قابل للصدأ في بلعومه‬
‫فيقتل فلذة كبده وتزهق روحه ـ وهو مثال من آلف المثلة ــ بينما يحاول‬
‫إنقاذ روح القتصاد الوطني ‪ ،‬ول أحد يسأل أو يعاقب المتسبب في هذا‬
‫الهمال ‪ ،‬وينطلق حارقا ذلك البنزين ليسجل ابنه أو ابنته في مدرسة‬
‫حكومية في فصل مكتظ بأربعين تلميذا فيضطر إلى مدرس خصوصي ‪ ،‬يدفع‬
‫له من راتبه ليتعلم ابنه أو ابنته دروسا من ضمنها كيف يفهم المواطن دوره‬
‫في الدولة ويشارك في ازدهار اقتصادها ‪0‬‬
‫وترفع الحكومة الغرامة على تجاوز الشارة الحمراء ‪ ،‬وتجعل بين المواطن‬
‫وبين خروجه من )القرين( متاهة ل تنتهي من الشارات المرورية ‪ ،‬ليضجر‬
‫من كثرة الوقوف ‪ ،‬ثم يتجاوز ‪ ،‬ويغرم فيرفع إيرادات الدولة حسب القانون ‪،‬‬
‫ثم تأتي مناقصة جديدة لستبدال الشارات بدوارات وتدوردوائرالمنتفعين‬
‫ويدفع المواطن الرسوم ‪0‬‬
‫ويدعونا الغرب إلى العولمة ليزدهر اقتصادنا ‪ ،‬ثم يفعل فينا مثل ما فعل في‬
‫ماليزيا عندما فتحت أسواقها وبورصاتها لجشع أصحاب المليارات الغربيين ‪0‬‬
‫ويطالب العراق برفع الحصار لنقاذ أطفال العراق ويتاجر برضاعتهم لقامة‬
‫عروض أزياء واحتفالت أعياد ميلد السيد الرئيس ‪0‬‬

‫‪121‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ويطالب محمد مساعد الصالح وناجي الزيد باحترام تحريم القرآن للحم‬
‫الخنزيرفي القبس يوم ‪ ، 23/8‬ويسخران وسائر المجموعة دائما بالحجاب‬
‫الشرعي وأحكام كثيرة وردت في القرآن بل في نفس السورة القرآنية‬
‫المحرمة للخنزير ‪0‬‬
‫ويتهم العلمانيون الكويتيون التيار السلمي بغموض مشروعهم ‪ ،‬بينما هم لم‬
‫يقدموا شيئا مفيدا سوى الكلم الذي ليسمن وليغني من جوع ‪0‬‬
‫ونشتكي من كثرة جرائم العنف وأن أكثرها تسجل ضد مجهول وإعلمنا‬
‫ومجلت الجريمة تعلم الناس أحسن طرق ارتكاب الجرائم ‪0‬‬
‫ونشتكي من ارتفاع نسبة الطلق ‪ ،‬بينما نفتح أبواب الختلط الفوضوي في‬
‫العلقة بين الجنسين في الجامعة وغيرها ‪ ،‬ونضيق أبواب الرشاد السلمي ‪0‬‬
‫ونبكي على شهداءنا وأسرانا في سجون العراق ‪ ،‬والمخدرات تأسر وتقتل‬
‫اللف من شبابنا بين أيدينا كل يوم ونحن عاجزون ‪0‬‬
‫ونؤسس مجلس التعاون الخليجي ليوحدنا ‪ ،‬فيعجز عن حل مشاكلنا‬
‫الحدودية‪ ،‬وعن موقف موحد من التطبيع مع إسرائيل ‪0‬‬

‫)‪(5 /‬‬

‫ويتبجح بعض كتابنا الصحفيين بالديمقراطية ‪ ،‬ثم يرفضون إرادة الشعب في‬
‫قانون النتخاب ‪ ،‬ويسمحون للسلطة التنفيذية بالتعدي على اختصاص مجلس‬
‫المة ‪0‬‬
‫ويدعو الرئيس المريكي إلى قيم السرة وينقض قوله بفعله في بعض‬
‫الغرف الداخلية ‪0‬‬
‫ونبشر الناس أن هل فبراير سينعش القتصاد ثم تأتيهم الرسوم وارتفاع‬
‫السعار من كل مكان ‪ ،‬ونبشر المواطنين بحل مشكلة السكان ثم نسكنهم‬
‫في الصبية ‪0‬‬
‫ويركب النواب الكاديلك ويستمتعون بتوابعها والوزراء بالكماليات ويتركون‬
‫الناخبين والمواطنين يضربون رؤوسهم بالحائط عند محطات البنزين ‪0‬‬
‫ونرفض قناة الجزيرة ونعاديها ‪ ،‬ونعجز عن البديل القوي ‪0‬‬
‫ونسمح بدخول البدون واستقرارهم سنين طويلة حتى ارتبطت حياتهم في‬
‫الكويت ثم نطالبهم بالرحيل إلى المجهول ‪ ،‬ونتجاوز حقوق النسان فيهم‬
‫ونعيب على غيرنا انتهاكات حقوق النسان ‪0‬‬
‫وتشتكي بعض الدول من مجانين التطرف وهي التي جننتهم في سجون‬
‫التعذيب‬
‫ويحرم بعضهم الرقابة على الحاكم غير النصح السري ويجيز مجلس المة ‪0‬‬
‫وأخيرا تدخل على طبيب وهو يدخن ! ويكتب علىالسجائرانه مضر بالصحة‬
‫وامتنعوا عنه ‪ ،‬ثم يباع في كل مكان ‪ ،‬أليس هو عصر الخداع والتناقض‬
‫حقا ؟؟‬
‫المقال الخامس‬
‫معنى الليبرالية‬
‫جاءني شاب ل أعرفه وأول مرة أراه أمام منزلي واضعا إصبعه على جرس‬
‫الباب ‪ ،‬ألقى التحية ثم قال ‪ :‬أريدك أن تخبرني ماهي هذه الليبرالية التي‬
‫تكتبون عنها ؟ وتحاورون خليل على حيد وغيره ؟؟ فقلت ‪ :‬بسم الله ! أنت‬
‫لشك ل تؤمن بالمقدمات !! عليك إذن متابعة زاويتي في الوطن يوم السبت‬
‫وما يكتبه الدكتور عبد الرزاق الشايجي إن استطعت اللحاق به ‪ ،‬ومشكاة‬

‫‪122‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الرأي وستعرف إن شاء الله تعالى‬


‫أما الليبرالية فحتى نفهمها بكل بسهولة ‪ ،‬نضرب مثل يقربها إلى الذهان ‪،‬‬
‫ذلك المثل هو تجارب فئران المتاهة ‪ ،‬هل تعلمون قصتها ؟ كانوا يضعون فأرا‬
‫في متاهة ‪ ،‬ويربطون ذيله بسلك كهربائي ‪ ،‬وينظرون إليه من أعلى ‪ ،‬كلما‬
‫أخطأ الطريق صعقوه بتيار كهربائي خفيف فيصيء الفأر‪ ،‬وهكذا حتى يحدث‬
‫أحد المرين ‪ ،‬إما يجد الفأر طريقه إلى خارج هذه المتاهة بخفي حنين ‪ ،‬أو‬
‫يحترق من كثرة الصعق ‪0‬‬
‫وما يسمى المشروع الليبرالي في مجتمعنا كهذا الشيء تماما ‪ ،‬ماخل فرقا‬
‫واحدا ‪ ،‬هو أن الليبرالية عندنا ستجد نفسها بعد كثرة أخطاء تجاربها ‪ ،‬في‬
‫طريق ليست نافذة أيضا ‪ ،‬فهم يعلمون أن المجتمعات السلمية تقوم على‬
‫أسس حضارية تختلف جذريا عن العلمانية الليبرالية الغربية ‪ ،‬فتراثها الماضي‬
‫وطبيعة الشعوب وتاريخها والصول الفكرية والرضية الثقافية‪ ،‬والرتباط‬
‫الوثيق بالدين السلمي ‪ ،‬هذه كلها لتقبل زرع الليبرالية الغربية كما هي ‪،‬‬
‫غير أنهم يصرون على إنفاذ هذا الفأر التائه الغريب ) الليبرالية الغربية ( في‬
‫طريق مسدود ‪ ،‬وفي مجتمعات ترفضها ‪ ،‬لكنهم صيروا هذه المجتمعات حقل‬
‫لتجاربهم ‪ ،‬واصطلت هذه المجتمعات بالصعق الكهربائي من كثرة أخطاء‬
‫التجارب ‪ ،‬فل يزيد ذلك العلمانيين الليبراليين إل إصرارا ‪ ،‬ول يزيد مجتمعاتنا‬
‫إل نفورا ‪0‬‬
‫فلنضرب مثل من واقعنا ‪ :‬وجد الليبراليون الكويتيون أنفسهم في مجتمعنا‬
‫الكويتي ‪ ،‬أمام مجتمع يجعل المرأة في ضمن سياج عائلي لحمايتها ‪ ،‬لن ما‬
‫يصيبها من انحراف أخلقي يمتد ضرره إلى العائلة كلها ‪ ،‬والروابط العائلية‬
‫في السلم في منزلة سامية ‪ ،‬هكذا نحن لننا مسلمون ‪ ،‬وهكذا نحن لننا هنا‬
‫في الجزيرة العربية أيضا حيث تلقي شيم جميلة نشأ عليها العرب فطريا ‪،‬‬
‫تلقي بعدا إضافيا يؤكد تعاليم السلم ويوثقها في المجتمع ‪ ،‬ولهذا ليست‬
‫المرأة ـ على سبيل المثال ـ كالرجل في تزويج نفسها ‪ ،‬بل لبد أن يتولى‬
‫زواجها وليها ‪ ،‬كما جاء في تعاليم السلم ‪ ،‬ولن الزواج عندنا ليس رابطا بين‬
‫رجل وامرأة فقط ‪ ،‬بل رباط بين عائلتين أيضا ‪0‬‬
‫إذن المرأة ليست مساوية للرجل هنا ‪ ،‬فبينهما فرق اختلفت على إثره بعض‬
‫الحقوق بينهما ‪ ،‬وهذا يتعارض مع الليبرالية التي تفرض المساواة المطلقة ‪،‬‬
‫وتجعل للمرأة حقوقا مساوية للرجل في كل شيء ‪ ،‬ولهذا يقول خلدون‬
‫النقيب مثل ‪ ،‬ما يردده بعض دعاة العلمانية الليبرالية في صحافتنا ‪ :‬انه يجب‬
‫تغيير قانون الحوال الشخصية واستبداله بقانون وضعي لصلة له بالشريعة‬
‫السلمية ‪ ،‬لن القانون الحالي يناقض مبدأ المساواة في كل شيء بين‬
‫الجنسين كما هي العلمانية الليبرالية ‪ ،‬فيجب أن تعطى المرأة حرية الزواج‬
‫بمن شاءت دون تدخل رجل يجعل نفسه وليا عليها ‪ ،‬فل تحتاج إل إلى توثيق‬
‫رسمي كما في الغرب ‪ ،‬كما يجب أن تعطى حق تطليق الرجل كما يطلقها ‪،‬‬
‫ويكون ميراثها كالرجل تماما ‪ ،‬وتتساوى معه في كل الحقوق مطلقا ‪،‬‬
‫يقولون ‪ :‬انه لمعنى لستثناء الحقوق المتعلقة بالزواج والطلق من مبدأ‬
‫المساواة ‪ ،‬لن ذلك يكرس التمييز ضد المرأة ‪ ،‬ولنه يتناقض مع الدستور ‪،‬‬
‫وميثاق حقوق النسان ‪ ،‬والمبادئ الليبرالية ‪00‬الخ ‪0‬‬

‫)‪(6 /‬‬

‫‪123‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يقول العلمانيون الليبراليون ‪ :‬إن مجتمعاتنا مالم تغير نظرتها إلى المرأة‬
‫جذريا على أساس المنهج العلماني الليبرالي الغربي ‪ ،‬ثم تعيد تشكيل جميع‬
‫قوانينها على هذا الساس ‪ ،‬رافضة رفضا باتا إقامة أي علقة بين نظامها‬
‫الجتماعي والدين ‪ ،‬أو إبقاء أي رابط بين نظامها الجتماعي والدين ‪ ،‬مالم‬
‫تفعل هذا فهي مجتمعات متخلفة لم تطبق فيها الليبرالية بحق ‪ ،‬ويقولون ‪:‬‬
‫انه لبد من تطبيقها مهما كانت النتائج فاستمروا أيها الليبراليون إذن بصعق‬
‫الفأر ‪ ،‬فأر التجارب ‪ ،‬حتى ينفذ له الطريق في هذه المجتمعات المتخلفة أو‬
‫يحصل انفجار هائل فيها ‪ ،‬انفجار يحصل على إثره طرد الجمود والتخلف‬
‫) وهو تعبيرهم الخاص عن السلم( ويحل محله العلمانية الليبرالية الغربية‬
‫الحديثة ‪0‬‬
‫وموضوع حقوق المرأة مثال واحد فحسب ‪ ،‬ومن المثلة الشائعة أيضا‬
‫المطالبة بالسماح بنقد القرآن ‪ ،‬والطعن في الشريعة ‪ ،‬ونشر اللحاد ‪ ،‬لن‬
‫الليبرالية قائمة على أساس واحد هو ‪ :‬رفض أن يكون أي شيء مقدسا في‬
‫حياة الناس ‪ ،‬إل الحرية ‪ 00‬وأي حرية ؟ حرية خاصة مفصلة حسب معايير‬
‫غربية ل يحق لحد أن يحدد معالمها إل مفكري الغرب فحسب ‪ ،‬لحسن‬
‫العيسى ول محمد مساعد الصالح ولخليل علي حيدر ولأحمد البغدادي‬
‫ولسامي النصف ول أحمد بشارة ول ول ول ‪ 00‬لأحد له الحق أن يتدخل‬
‫فيدخل أي تعديل على حدود هذه السلعة الغربية )الحرية( ‪0‬‬
‫وانما عمل المستورد المحلي يقتصر على شيء واحد فقط ‪ 00‬هو أن يأتي‬
‫بفأر التجارب ) العلمانية الليبرالية الغربية ( معلبا ‪ ،‬ويضعه في مجتمعنا ‪ ،‬ثم‬
‫يطبق تجارب فئران المتاهة ‪ ،‬فيواصل الضغط على زر الصعق كلما اصطدم‬
‫الفأر بعائق في طريقه ‪ ،‬وصعقه ‪0‬وصعقه ‪ 0‬ثم صعقه حتى يجد له طريقا‬
‫نافذة في مجتمعنا ‪ ،‬المر الذي لن يحدث لن الطريق مسدود ! أو تصير‬
‫المور إلى حالة فوضوية شاملة وهي النفجارات التي تعيشها مجتمعاتنا‬
‫بسبب تجارب الليبراليين التعيسة فيها ‪0‬‬
‫هذه هي الليبرالية فهل عرفتها يأمن ل يؤمن بالمقدمات ؟؟‬
‫المقال السادس‬
‫البابا والعراق ‪ 00‬ومأساة شعب‬
‫أول مؤتمر لرساليات التنصير في هذا القرن عقد في القاهرة ) ‪ 1906‬م(‬
‫برئاسة صموئيل زويمر ‪ ،‬وتله مؤتمرات عديدة طيلة هذا القرن محورها‬
‫الرئيس هو التنصير بين المسلمين ‪ ،‬ومن أهمها مؤتمر )النجيل والسلم(‬
‫عقد عام ‪ 1978‬في الوليات المتحدة ‪ ،‬وقد وصف ـ كما في مقدمة الناشر‬
‫الذي طبع فعاليات هذا المؤتمر) مؤسسة ‪marc 1994‬م ( ‪ :‬بأنه أول مؤتمر‬
‫يجتمع فيه هذا العدد الكبير من أجل توحيد جهودهم في عملية تنصير‬
‫المسلمين ‪0‬‬
‫جاء في كلمة افتتاح هذا المؤتمر ما يلي ‪ ) :‬بلغت الصحوة السلمية التي‬
‫تجيش في أعماق نحو ألف مليون مسلم شأوا لم تبلغه لعدة قرون مضت ‪،‬‬
‫فقد ظل النزاع العربي السرائيلي محط النظار السياسية منذ نهاية الحرب‬
‫العالمية الثانية ‪ ،‬والبترول الذي يشكل الحياة الصناعية في الغرب هو اليوم‬
‫أساس القتصاد العالمي ‪ ،‬ول يلعب المسلمون دورا أساسيا في هذه‬
‫المشاكل فقط ‪ ،‬ولكن اهتماماتهم تشكل القضايا الرئيسية في العالم كله ‪،‬‬
‫والمثلة على ذلك كثيرة (‬
‫ثم ‪ )00‬بل إن من الضرورة الملحة أن نلتقي معا ونناقش ونصلي من أجل‬
‫الواجب الملقى على عاتق الكنيسة النصرانية تجاه نحو ألف مليون من‬

‫‪124‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫البشر يؤمنون بالسلم ‪ 00‬فل يمكننا بعد اليوم أن نعتمد الساليب القديمة‬
‫في مواجهة السلم الذي يتغير بسرعة وبصورة جوهرية (‬
‫ثم ‪ 00‬هذه العبارات ‪ ) :‬لقد حان الوقت لتوقع حصاد وافر بين المسلمين (‬
‫) لقد حان الوقت للعمل الجاد واللتزام المالي (‬
‫) لقد حان الوقت للصلة المؤمنة والتفاني المخلص والشجاعة والشهادة‬
‫لرسالة المسيح (‬
‫) لقد حان الوقت لن نؤمن أن الرب سوف يجلب مجده للعالم السلمي‬
‫كله (‬
‫) لقد حان الوقت لخلص العالم السلمي ‪ ،‬ونضج الحصاد ‪ ،‬ورب الحصاد‬
‫ينادينا فأين هم الحاصدون ؟ يجب على الكنيسة أل تتأخر أكثر من ذلك (‬
‫انتهت مواضع الستشهاد من فعاليات أكبر مؤتمر تنصيري في هذا القرن ‪،‬‬
‫نقل عن المصدر المشار إليه آنفا ‪0‬‬
‫ليست زيارة البابا يوحنا بلص الثاني إلى العراق ـ إن صدقت الخبار ـ في‬
‫ضمن جولة في الشرق الوسط ‪ ،‬والتي سيختم بها هذا القرن الميلدي‬
‫ليربط أخر المطاف الذي بدأ به زويمر بأوله ‪ ،‬ليست عمل روحانيا محضا ‪ ،‬ول‬
‫هي مجرد حج إلى عتبات مقدسة يحن إليها قلب شغف بالعاطفة الدينية ‪0‬‬
‫ولم يعد يخفى على أحد أن إرساليات التنصير التي أشعل شعلتها الولى‬
‫صموئيل زويمر إنما تتوجه إلى هدف واحد هو الغزو الديني للعالم السلمي‬
‫منذ جاءت في ردف الدول الستعمارية مطلع هذا القرن ‪ ،‬ولتكون عونا لهذه‬
‫الدول أيضا على تحقيق أهدافها السياسية أثناء وبعد انتهاء الستعمار‬
‫العسكري ‪ ،‬ومع بدأ واستمرار الستعمار السياسي والقتصادي والثقافي إلى‬
‫اليوم ‪0‬‬

‫)‪(7 /‬‬

‫يريد البابا أن يغتنم فرصة تعاطف كثير من الشعوب العربية مع الشعب‬


‫العراقي لمعاناته اللتي استطاع النظام العراقي ببراعته في الكذب والتدليس‬
‫أن يقنع تلك الشعوب العربية أنه لدخل للنظام العراقي فيها البتة ‪ ،‬وأنه‬
‫بريء مما يصيب شعبه التعيس براءة الذئب من دم يوسف عليه السلم ‪،‬‬
‫يريد البابا أن يغتنم تلك الفرصة ليرفع رصيد رسالته التي بدأها زويمر ‪0‬‬
‫وهي حقا خطوة ذكية ‪ ،‬ولضير أن يرتفع رصيد صدام حسين معه ‪ ،‬لن وجود‬
‫صدام حسين وبقاءه على رأس سلطته ‪ ،‬جزء مهم أصل ‪ ،‬إن لم يكن هو‬
‫الهم ‪ ،‬من الخطة برمتها ‪0‬‬
‫وليهم نظام صدام حسين أن يموت أطفال العراق بسبب استفادة النظام‬
‫من بيع النفط مقابل الغذاء لرفاهية أسرته وأركان الحزب والتسليح وقمع‬
‫المعارضين ‪ ،‬ثم يأتي البابا ليظهر تعاطفه مع مأساة المسلمين وليكسب‬
‫شيئا من احترام الشعوب العربية التي دوختها اللعيب السياسية فلم تعد‬
‫تفقه من أمرها شيئا ‪0‬‬
‫كما ليهم نظام صدام حسين أن يزور البابا مسقط رأس أبي النبياء إبراهيم‬
‫عليه السلم الذي قال الله تعالى عنه في القرآن العظيم ) ماكان ابراهيم‬
‫يهوديا ول نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وماكان من المشركين ‪ ،‬أن أولى‬
‫الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين ( ‪،‬‬
‫لن البابا لن يجد هناك المكان المزعوم لميلد إبراهيم عليه السلم ‪ ،‬بل‬
‫سيجد شعبا قد ذاق ألوان الذل والعذاب وسيستفيد جلدوه ـ ولو اعلميا‬

‫‪125‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ودعائيا ـ من زيارة البابا لستمرار قبضتهم عليه ‪0‬‬


‫وقد يرى البابا شعبا يبكي عند قدومه ‪ ،‬لكنه لن يبكي لقدومه ‪ ،‬بل يبكي لنه‬
‫يعلم أن البابا سيرجع بما أراد ‪ ،‬وسيحصل النظام العراقي على ما أراد ‪،‬‬
‫وسيبقي الشعب العراقي تعيسا في حصار العذاب والموت في سجنه الكبير‬
‫الذي ليعد حصار المم المتحدة بالنسبة إليه شيء‪ ،‬يتاجر به سماسرة عالم‬
‫السياسة العجيب وندفع نحن الثمن ‪ ،‬كما يتاجر باراك وعرفات بالشعب‬
‫الفلسطيني ويعود الضد إلى ضده لعادة التوطين في دول الخليج بعد موت‬
‫الحسين وبعث )واي ريفر( من جديد وندفع نحن الثمن ‪ ،‬أم أن السياسة أيضا‬
‫ل تحمي المغفلين ؟!!‬
‫المقال السابع‬
‫خلفكم ليس معنا يا أحمد الديين ‪ ،‬وهلموا إلى المناظرة‬
‫كتب الستاذ أحمد الديين في صحيفة الرأي العام بتاريخ ‪ 14‬سبتمبر‪ ،‬مقال‬
‫في الصفحة الخيرة ‪ ،‬حاول فيه تزييف الحقائق ‪ ،‬حيث جعل المدافعين عن‬
‫كل من يستخف بثوابت مجتمعنا وعلى رأسها دين السلم ‪ ،‬جعلهم أنصار‬
‫الحرية والستنارة حماة الدستور وقيم المجتمع ‪ ،‬ويقابلهم الذين يسعون‬
‫لتقويض مبادئ المجتمع وقيمه ‪ ،‬وضرب مثل لهم بـ) البيان المضاد الذي‬
‫أصدره حامد العلي المين العام للحركة السلفية ( وبالقوى السلمية أيضا ‪0‬‬
‫لست أشك ـ أيها الستاذ أحمد الديين ـ ول بمقدار حبة من خردل أن شعار‬
‫الحرية الجميل ‪ ،‬يحمله في ساحتنا الثقافية والسياسية أقوام ل يضعونه‬
‫مواضع الحق ‪ ،‬وانما يتخذونه مطية إلى حاجات في صدورهم ـ من أشنعها‬
‫الطاحة بكل القوانين التي تجرم الطعن في الدين ـ وهي تلوح منهم تارات‬
‫كثيرة في لحن القول ‪ ،‬وتارات أخرى في جليه ‪ ،‬ولست أشك أنك توافقني‬
‫على ذلك ‪ ،‬فقد وجهت بنفسك هذه التهمة إلى خصومكم من الليبراليين‬
‫حيث قلت بتاريخ ‪ 9 /8‬في الرأي العام ) اليمين الكويتي الجديد ينزع نحو‬
‫دعوات التغريب ويتنكر لهويتنا الحضارية العربية السلمية ( فإذن نحن‬
‫لنتجنى على أحد ‪ ،‬ول نلقي القول جزافا عندما نحذر من الذين يريدون‬
‫تغريب مجتمعنا متنكرين لخصوصياتنا ‪ ،‬فها أنت يا أحمد الديين تشهد بذلك ‪،‬‬
‫وان كنا نعدك شاهدا من أهلها أيضا ‪0‬‬
‫وأوضح دليل على ذلك ما أثير من الفقاعات الفارغة حول ما أطلق عليه‬
‫قضية الدكتور البغدادي السبوع الماضي ‪ ،‬فالقضية لم تكن ذات علقة بحرية‬
‫التعبير عن الرأي ‪ ،‬وانما ألصقت بها عمدا في محاولة للتأثير على القضاء‪،‬‬
‫ليس من أجل قضية البغدادي فحسب ‪ ،‬وانما بغية اتخاذها سلما للتوصل إلى‬
‫إلغاء جميع القوانين التي تجرم الطعن في دين السلم في الدولة‬
‫فأول ‪ :‬الدكتور البغدادي خالف قانونا يجرم الطعن في الدين ‪ ،‬وقد سن هذا‬
‫القانون مؤسسة شعبية منتخبة ‪ ،‬ولم يفرضه على المواطنين نظام استبدادي‬
‫كما يطلق البغدادي على الحكومة الكويتية ‪ ،‬ثم هو منبثق من المادة التي‬
‫تنص على أن دين الدولة السلم ‪ ،‬فكما أنه من غير المعقول أن يسمح‬
‫بالطعن في كيان الدولة وسيادتها أو أميرها مثل ‪ ،‬كذلك ل يسمح بالطعن في‬
‫دينها ‪0‬‬
‫فلماذا إذن يختلق الذين وصفتهم بأنهم أنصار الحرية يا أستاذ أحمد معركة‬
‫وهمية ‪ ،‬كأنهم يقاتلون طواحين الهواء ‪ ،‬زاعمين أنهم مناضلون وطنيون ضد‬
‫حكومة استبدادية أو جماعات متزمتة تجبر الحكومة على إقامة محاكم‬
‫التفتيش ؟ الجواب ‪ :‬أنها ليست سوى محاولة يائسة للتأثير على القضاء ‪،‬‬

‫‪126‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وهي محاولة تنبئ عن عدم الرضى وعدم الثقة ‪ ،‬عدم الرضى بالقانون ‪،‬‬
‫وعدم الثقة بالقضاء ‪0‬‬

‫)‪(8 /‬‬

‫وثانيا ‪ :‬نحن أمام قضية واضحة المعالم أحد طرفيها القانون والقضاء ‪،‬‬
‫والطرف الخر مواطن خالف القانون ‪ ،‬فلمعنى البتة لقحام موضوع حرية‬
‫التعبير عن الرأي هنا ‪ ،‬وكان الواجب أن يترك الموضوع يمضى كما تمضى‬
‫سائر القضايا التي تعرض على القضاء كل يوم ‪ ،‬لول أن الخلف ـ يا أحمد ـ‬
‫أصل مع القانون نفسه الذي يجرم الطعن في الدين ‪ ،‬ل مع الحركة السلفية‬
‫ول مع القوى السلمية ‪0‬‬
‫ثالثا ‪ :‬من المعلوم أن عامة الشعب الكويتي ‪ ،‬سواء على مستوى القيادات أو‬
‫جمهور الناس ‪ ،‬وسواء المثقفون ـ وعلى رأسهم عامة القضاة في المحاكم ـ‬
‫وغيرهم ‪ ،‬إل من شذ ‪ ،‬يمقتون بفطرتهم السلمية جريمة التطاول على الله‬
‫تعالى ‪ ،‬أوالنبياء أو من يمس القرآن بسوء من القول ‪ ،‬أو يحط من شأن‬
‫الشريعة السلمية ‪ ،‬واذا اقترف أحد من الناس هذه الجريمة ‪ ،‬نفرت منه‬
‫أسماعهم وزجروه ‪ ،‬وليعد الكويتيون عامة تلك الجريمة من الحرية ‪ ،‬بل هي‬
‫عندهم دليل على انتكاس في الفطرة ‪ ،‬وارتكاس في المفاهيم السوية ‪0‬‬
‫وهذه أوضح دللة على أن خلف ـ من وصفتهم بأنهم أنصار الحرية ـ أيضا مع‬
‫عامة الشعب في الكويت ‪ ،‬وليس مع الحركة السلفية ول القوى السلمية ‪،‬‬
‫ولهذا فهم ليتجرأون ـ في الغالب ـ على التصريح بما في صدورهم ‪ ،‬أعني‬
‫عزمهم على السعي في إبطال القوانين التي تجرم الطعن في الدين ‪ ،‬خشية‬
‫اصطدامهم بالرأي العام ‪0‬‬
‫رابعا ‪ :‬المغامرات الكلمية الطائشة التي تورط بها من وقع تحت طائلة‬
‫القانون وعرضه ذلك لحكم القضاء ممن نصبوا أنفسهم أنصارا للحرية ‪ ،‬لم‬
‫يكن بسبب تأويل خاطئ للقرآن ‪ ،‬أو خطأ في فهم الشريعة ممن يعظمها ‪،‬‬
‫بل في التشكيك في اصل القرآن ‪ ،‬وفي تحقير مشين للشريعة ‪ ،‬وسوء أدب‬
‫مع ثوابت الدين ‪ ،‬وقد حاولتم خلط هاذين المرين ببعضهما بأسلوب سطحي‬
‫يستغفل الناس ‪0‬‬
‫فل يوجد عاقل يسوى بين من يقول ‪ :‬إن الله تعالى أخرج آدم من الجنة لنه‬
‫لم يدفع الجرة ‪ ،‬ومن يجعل صورة الله تعالى في كاريكاتير ساخر ‪ ،‬ومن‬
‫يوجه إلى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم حكم الفشل في أكثر حياته‬
‫الرسالية ‪ ،‬ومن يصف القرآن بأنه تضمن أحكاما تحط من كرامة النسان ‪ ،‬أو‬
‫يتهم السلم بأنه ظالم في باب حقوق النسان ‪ ،‬ل يوجد عاقل يسوي بين‬
‫هؤلء كلهم وبين من أخطأ من المعاصرين فظن أن الله تعالى توفى عيسى‬
‫عليه السلم فمات قبل رفعه على سبيل المثال ‪ ،‬الولون يوجهون الطعن‬
‫الصريح في دين السلم ‪ ،‬دين الدولة والمة ‪ ،‬والثاني مثال لمن يخطئ في‬
‫فهم آي القرآن وهو كثير في المة ‪ ،‬فلم يزل فيها من يخطئ في تأويل‬
‫القرآن فيرد عليه ‪ ،‬لكنه ل يجعل كالزنادقة الذين ينقضون الدين كابن‬
‫الراوندي والسهروردي والحلج مثل ‪ ،‬وأنا أعلم أنك تعلم الفرق بي المرين‬
‫في قرارة نفسك ‪ ،‬كما تعلمون كلكم الفرق بينهما ‪ ،‬لكنكم تخلطون بينهما‬
‫بغية الوثوب إلى أمر آخر وراء الكمة ‪0‬‬
‫وأخيرا ‪ :‬فاني أدعوك إلى مناظرة علنية ‪ ،‬ومفصودي أن أوضح مشروع‬
‫الجماعة الذين اتهمتهم أنت بأنهم ينزعون إلى التغريب متنكرين لهويتنا ‪ ،‬وأنه‬

‫‪127‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫مشروع تلويث ثقافي شامل للمجتمع ‪ ،‬ولعلقة له بالحرية ‪ ،‬وأنكم أنتم أيضا‬
‫مثلهم ‪ ،‬فإما أنت على ثقة بتكذيبي فهلم فافعل ذلك على المل ‪ ،‬واما أنت‬
‫ناكص على عقبيك القهقرى ‪ ،‬فمصدق ما سأكتبه عن حقيقة مشروعكم‬
‫السبت القادم إن شاء الله تعالى ‪.‬‬
‫المقال الثامن‬
‫استثمار الرهاب‬
‫لتخرج المشاهد السياسية اليومية في عالمنا العربي عن ثلثة خانات ‪:‬‬
‫الخانة الولى ‪ :‬مشاهد هي تداعيات قصور النظمة عن تحقيق طموحات‬
‫الشعوب إما لنها أنظمة غير دستورية ولمكان لدور الشعوب فيها ‪ ،‬واما لنها‬
‫تحكمها في الحقيقة مافيات سياسية واقتصادية تتوزع فيما بينها مكاسب‬
‫المة بواسطة آلة الدولة تحت غطاء ديمقراطي ودستوري مزيف ‪ ،‬والمثلة‬
‫على ذلك حاضرة وكثيرة في أذهان القراء مما يغنينا عن سردها ‪.‬‬
‫الخانة الثانية ‪ :‬مشاهد هي آثار خلفاتنا العربية ‪ ،‬تلك المتوالية التي ل تريد أن‬
‫تنتهي ‪ ،‬وتدفع شعوبنا ثمنها غاليا على مختف الصعدة ‪.‬‬
‫الخانة الثالثة ‪ :‬مشاهد هي آثار التدخلت السياسية الخارجية فينا بغية تحقيق‬
‫الهداف والمصالح الستراتيجية للدول الكبرى وحلفاءها ‪.‬‬
‫وبطبيعة الحال فان أي أمة مهزومة ستكون مسرحا مستباحا لتأثير غيرها‬
‫فيها بشتى أنواع التأثيرات الثقافية والجتماعية والسياسية والعسكرية ‪....‬‬
‫الخ ‪ ،‬وستكون كذلك موضعا ملئما لكل من يبحث عن الطماع فيما بين‬
‫مساحات ثقوب جدارها المتهالك اليل للسقوط ‪.‬‬

‫)‪(9 /‬‬

‫وأما )الرهاب ( في عالمنا العربي ‪ ،‬فل يخرج غالبه عن أن يكون نتائج‬


‫ثانوية ‪ ،‬قابعة في زاوية من زوايا الخانات الثلث السابقة ‪ ،‬فهو إما أن يكون‬
‫كالبثور التي تنفجر بعد امتلءها بسبب استبداد النظام وبطشه بالشعب‬
‫بالوسائل البوليسية ولزومها من أساليب السيطرة والقمع والتعذيب ‪ ،‬أو‬
‫بسبب الفساد العام الذي يؤدي إلى تردي الوضاع القتصادية التي تجعل‬
‫العنف الشعبي تعبيرا تنفيسيا ليس إل ‪ ،‬أو بسبب التدخلت الخارجية كفرض‬
‫التطبيع مع العداء ـ مثلـ رغما عن الشعوب ‪ ،‬أو الغزو الثقافي الهادف إلى‬
‫فرض ثقافات آو أنماط حياة أجنبية على شعوب غير مستعدة لقبولها‬
‫كالنحلل والتفلت الخلقي الذي بدأ ينتشر مع النفتاح غير المنضبط مع‬
‫الغرب والذي واكب مرحلة بعد حرب الخليج ‪.‬‬
‫ومع ذلك فان ما يطلق عليه الرهاب ‪ ،‬ل يعدو أن يكون حوادث جزئية متناثرة‬
‫وصغيرة ‪ ،‬اذا قسناها بويلتنا ومصائبنا الكبرى على مستوى الخفاقات‬
‫الجبارة التي لم تزل تمنى بها شعوبنا العربية داخليا وخارجيا‪ ،‬غير أنها‬
‫تستحث وتستفز إعلميا ويصنع منها بالون هوائي هائل ‪ ،‬ليصبح بمثابة لعبة‬
‫مصطنعة ‪ ،‬لتحقيق هدف أخر وراء الكمة ‪ ،‬قلما ينتبه له الجمهور ‪ ،‬وهذا ما‬
‫يسمى استثمار الرهاب ‪.‬‬
‫وجدير بالملحظة والتساؤل أن التصرف المنطقي مع حوادث الرهاب ‪ ،‬يجب‬
‫أن يكون بتجاهل تلك الحوادث الجزئية إعلميا ‪ ،‬اكتفاء بالعقوبات الجزائية‬
‫والحل القانوني ‪ ،‬أو التعامل معها في وسائل العلم بحجمها الحقيقي على‬
‫القل ‪ ،‬وذلك لتفويت فرصة الستثمار العلمي على من يسمونهم إرهابيين ‪،‬‬
‫فلماذا إذن يتم التعامل إعلميا بالعكس تماما مع أنشطة الرهابيين؟‬

‫‪128‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يقول الباحث المريكي في شئون الرهاب الدولي ‪ ) Jonah Alexander‬إن‬


‫الهدف العلمي الذي تستهدفه الجماعات الثورية من خلل أجهزة العلم هو‬
‫جذب النتباه ثم العتراف وأخيرا اكتساب الشرعية ( ويقول أيضا ) إن‬
‫الرهاب عندما يشعل فتيل فانه يشعل أيضا لهيب العاطفة الوطنية أو‬
‫التعاطف السياسي إن أمكن ‪ ،‬بما يظهره من استعداد للتضحية من أجل‬
‫قضيته ‪ ،‬والجرأة والشجاعة التي يدعيها ‪ ،‬وما زال دور العلم والضوابط‬
‫التي تحكم أسلوب تعامله مع النشطة الجرامية موضوعا جدليا بين من‬
‫يرون أن في هذا أقصى ما يستهدفه الرهاب ويرغب فيه ( ‪national reginal‬‬
‫‪and global prespectives new York praeger 1976 p 115‬‬
‫إذن وسائل العلم تحقق بعض أهداف الرهابيين عندما تحولهم إلى أبطال‬
‫يحملون قضية ويضحون في سبيلها ‪ ،‬لن الرهابيين يعلمون ـ في نظر هذا‬
‫الباحث الستراتيجي ـ أن عملياتهم محدودة التأثير على الواقع غير أنها‬
‫تكتسب بعدها التأثيري في الجمهور من الزخم والتضخيم الذي تمارسه‬
‫وسائل العلم نفسها ‪ ..‬فلماذا ـ ليت شعري ــ يحقق لهم هذا الهدف ؟!‬
‫هل هو أمر موجه من الخارج إمعانا في إبقاء منطقتنا في حالة عدم‬
‫الستقرار بواسطة تضخيم حوادث العنف الجزئية إعلميا ‪ ،‬لحداث مزيد من‬
‫الصدامات الداخلية بين الدول وشعوبها لشغال الوضع العام العربي عن‬
‫مجرد التفكير في مقاومة المطامع الستراتيجية للدول الكبرى ؟ واستغلل‬
‫ذلك أيضا كوسيلة لتشويه صورة الحضارة السلمية إعلميا بغض النظر عما‬
‫يحدثه ذلك من استفادة من قبل الرهاب نفسه ‪ ،‬أم هو مجرد خطأ ترتكبه‬
‫وسائل العلم نتيجة الجهل بالعواقب ؟! ‪ ،‬أم بسبب انفصام التنسيق بين‬
‫وسائل العلم والسلطة التنفيذية ‪ ،‬فهذه تلجأ إلى تفويض حل مشكلة‬
‫حوادث العنف إلى من ل يحسنون إل أسلوب الجلد ‪ ،‬ويجد العلم في أخبار‬
‫العنف المثيرة بغيته المادية ‪ ،‬ويضخمها بالمؤثرات الفنية لزوم فن الصحافة ‪،‬‬
‫فيتحول العنف الجزئي تلقائيا إلى مارد ضخم ‪ ،‬يثير الفزع لكنه خاو ل يمثل‬
‫حقيقة على الواقع الحياتي ؟! بعبارة أخرى هل تتبرع هنا الدولة ووسائل‬
‫العلم بدور تكميلي لهداف الرهاب بتعميمها وتوزيعها الرعب مجانا ‪ ،‬وهل‬
‫ترتكب بعض الدول هذا الخطأ من حيث ل تشعر ‪ ،‬أم من حيث تشعر ‪ ،‬لنها‬
‫تريد الستفادة من مارد الرهاب المزيف الذي صنعته ‪ ،‬عندما يصلح أن يكون‬
‫ورقة رابحة أو وقودا للعبة سياسية أخرى يحتاج إليها يوما ما ؟! ولنا في إبقاء‬
‫الدول الكبرى لكبر نظام إرهابي في العراق من أجل تحصيل أكبر قدر‬
‫ممكن من المصالح الستراتيجية في اللعبة الدولية ‪ ،‬لنا شاهد على مثل ذلك‪،‬‬
‫لكن في اللعبة المحلية ‪ ،‬واللبيب بالشارة يفهم ‪.‬‬
‫المقال التاسع‬
‫التكفير والهجرة‬
‫العنف ظاهرة بشرية متشعبة ومعقدة ‪ ،‬وبواعثه يصعب عدها وحدها ‪ ،‬فمنها‬
‫القتصادية والجتماعية والسياسية والنفسية والنظم نفسها ‪ ،‬ومنها القيم‬
‫الثقافية الخاطئة ‪ ،‬سواء العلمانية ــ بالمفهوم الواسع للعلمانية الذي يشمل‬
‫كل فكر ل يلتزم بدين كالفكر الماركسي الثوري على سبيل المثال ــ‬
‫والسلمية التي اتخذت العنف سبيل لتحقيق أهدافها ‪.‬‬

‫)‪(10 /‬‬

‫‪129‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ويأخذ العنف صورا شتى فمنها العنف التكنولوجي المتطور مثل العنف‬
‫الروسي في الشيشان والسرائيلي في فلسطين ولبنان ‪ ،‬ومنها العنف‬
‫البدائي كما يحصل في أفريقيا السوداء ‪ ،‬ومنها العنف المنظم الذي تديره‬
‫الدول الكبرى وتغطيه بذكاء إعلمي وتخوضه ـ أحيانا ـ بحروب الوكالة من‬
‫وراء ستار مصالحها الستراتيجية ‪ ....‬الخ‬
‫ومن تلك الصور ‪ :‬العنف المصنع ‪ ،‬وهو ذلك العنف الذي يتم تصنيعه في‬
‫السجون عبر منظومة من المستحثات الفكرية و النفسية التي تولد‬
‫مجموعات يغرس فيها خيار العنف كحل أخير ويائس تتشبع به عند بلوغ قاع‬
‫المهانة والشعور بالظلم الجتماعي والسياسي في أثناء جرعات التعذيب‬
‫المنظم ‪ ،‬الذي يصاحبه الذلل الديني ‪ ،‬أو القومي أو الثني أو العرقي ‪ ...‬الخ‬
‫‪.‬‬
‫وتتخذ بعض الدول هذا العنف المصنع وسيلة للتعاطي السياسي ‪ ،‬إما لتسويغ‬
‫عنف الدولة الذي تلجأ إليه لحداث توازن قوى في اللعبة السياسية ‪ ،‬أو‬
‫تصفية حسابات أو أحزاب منافسة أو معارضة سياسية ‪ ،‬أو التلويح بالعصا‬
‫لفتح الطريق لتمرير تغييرات ثقافية أو صفقات دولية سياسية خارجية أو‬
‫داخلية تدر مكاسب شخصية أو ربما تكون تلك الصفقات مفروضة بضغوط‬
‫خارجية ‪ ،‬أو لثبات هيبة النظام ‪ ،‬أو لصرف النظار عن لعبة سياسية أخرى ‪،‬‬
‫أما مجموعات العنف المصنعة فإنها يتم التخلص منها بعد التضحية بها كما‬
‫تحرق الوراق في اللعبة السياسية ‪.‬‬
‫نشأ فكر التكفير والهجرة في سجون الثورة ‪ ،‬والتي سمح بعد مدة بإعلن ما‬
‫كان يجري في غياهبها من انحطاط آنساني لمثيل له في وسائل التعذيب ‪.‬‬
‫وتكون لدى تلك المجموعة في ظلمات ثلث ـ الزنزانة والنفس العقل ــ‬
‫اعتقاد راسخ أن الدولة كافرة ‪ ،‬إذ ليمكن أن يسمح بمثل هذا الجرائم‬
‫النسانية في التعذيب من في قلبه مثقال ذرة من أيمان ‪ ،‬والمجتمع الذي‬
‫تحكمه الدول الكافرة ويرضى بحكمها مجتمع جاهلي كافر أيضا ‪ ،‬وبالتالي ـ‬
‫كما يعتقدون ـ يجب أن نتعامل مع هذا المجتمع ونظامه كما تعامل الرسول‬
‫صلى الله عليه وسلم مع الجاهلية الولى ونظامها تماما ‪ ،‬سواء بسواء ‪.‬‬
‫وذلك عبر خطوتين ‪ :‬الولى بيان حكم المجتمع الجاهلي ‪ ،‬وذلك بالصدع‬
‫بتكفيره جملة ‪ ،‬كما أعلن الرسول صلى الله عليه وسلم قوله تعالى ‪ ) :‬قل‬
‫يا أيها الكافرون ( ) لكم دينكم ولي دين ( ومن هنا أطلق عليهم جماعة‬
‫التكفير ‪.‬‬
‫والثانية ‪ :‬الهجرة من المجتمع الكافر ‪ ،‬لتكوين المجتمع المسلم خارجه ‪ ،‬ثم‬
‫النقضاض على مجتمع الجاهلية بالجهاد المسلح ‪ ،‬كما فعل الرسول صلى‬
‫الله عليه وسلم لما هاجر إلى المدينة وكون المجتمع المسلم ‪ ،‬ثم جاهد أهل‬
‫مكة حتى فتحها ‪ ،‬ومن هنا أطلق عليهم جماعة التكفير والهجرة ‪.‬‬
‫وقد تكون الهجرة حسية أو شعورية ـ حسب اعتقادهم ـ بمعنى أن يجتمع‬
‫المؤمنون بهذه العقيدة في هيئة مجتمع مصغر ل يعترف بغير نظامه الداخلي‬
‫الخاص جاعل ما سواه جاهلية عمياء ‪ ،‬حتى إن أمير الجماعة يحكم على‬
‫المرأة بتطليقها من زوجها الذي لينتمي إلى )جماعة المسلمين( وهي‬
‫جماعتهم فقط ‪ ،‬ويزوجها إلى رجل آخر من المسلمين ‪ ،‬أي جماعتهم ‪.‬‬
‫وقد وظفت هذه الجماعة الضالة نصوص القرآن والسنة التي نزلت في‬
‫السلم واليمان مقابل الكفر والجاهلية ‪ ،‬ثم الهجرة والجهاد ‪ ،‬وظفتها‬
‫لمنظورها العقدي المنحرف أسوء توظيف ‪ ،‬وصارت بهذا قنبلة موقوتة ينتظر‬
‫انفجارها في المجتمع ‪ ،‬ليتلقف ثمار انفجارها المروع من صنعها بالمكر الذي‬

‫‪130‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫صفه الله تعالى بقوله ) وقد مكروا مكرهم وعند الله مكرهم وان كان‬
‫مكرهم لتزول منه الجبال ( ‪.‬‬
‫وقد انفجرت كما كان متوقعا لها في الوقت الذي خطط له ‪ ،‬وحصد أهل‬
‫المكر ثمارها السياسية والعلمية والثقافية التي تهدف إلى تشويه صورة‬
‫السلم نفسه ‪ ،‬غير انه سرعان ما صارت تلك الثمار هباء منثورا ‪ ،‬بل عادت‬
‫على صانعها بالسوء ‪ ،‬كما قال تعالى ) ول يحيق المكر السيء إل بأهله ( ‪.‬‬
‫والحق الذي لريب فيه إن المجتمعات السلمية ليست مجتمعات كافرة ‪ ،‬ول‬
‫الدول السلمية كذلك ـ مالم ترفض السلم ــ إذ كان فيها من مظاهر‬
‫السلم الشيء الكثير بحمد الله تعالى ‪ ،‬لكنها مخلوطة بآثار الغزو الجنبي‬
‫على أمتنا ‪ ،‬وليست المة السلمية اليوم كما كانت الجاهلية الولى ‪ ،‬وانما‬
‫خالطها كثير من الجاهلية المعاصرة ‪ ،‬فنحن بحاجة إلى ترميم المة وتجديدها‬
‫‪ ،‬وليس إيجادها من جديد ‪ ،‬والفرق بين المرين كبير جدا ‪ ،‬ولهذا قال‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم ) يبعث الله على راس كل قرن من يجدد‬
‫لهذه المة دينها ( و لفظ التجديد يشعر بسلمة الصل والساس والركان ‪،‬‬
‫غير أنها بحاجة إلى تجديد وبعث ‪ ،‬وهكذا فشعوبنا لزال فيها إسلم وخير كثير‬
‫‪ ،‬لكنها بحاجة إلى من يجدد لها دينها ‪.‬‬

‫)‪(11 /‬‬

‫ولهذا فان مراحل الدعوة ليست بالضرورة يجب أن تمر في نفس المراحل‬
‫التي مر بها الرسول صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬إذ كانت المقتضيات مختلفة ‪،‬‬
‫فالعلماء والدعاة داخل المة السلمية يقومون بمهمة تجديدية وترميمية‬
‫تستحث عوامل النهضة الكامنة في المة وتقودها إلى الكمال من جديد ‪،‬‬
‫وليست مهمتهم إيجاد مجتمع مسلم من مجتمع كافر جاهلي مادام ميدانهم‬
‫داخل المة السلمية ‪ ،‬ولم تزل سيرة علماء السلم تسير على هذا المنوال‬
‫إلى يومنا هذا ‪ ،‬وما فكر التكفير والهجرة إل شذوذ مصطنع ‪ ،‬قد وقى الله‬
‫شره فانقطع ‪ ،‬والحمد لله رب العالمين ‪.‬‬
‫المقال العاشر‬
‫الختلط والختلع‬
‫جميل جدا ما قالته الدكتورة سارة بنت عبدالمحسن الجلوي آل سعود في‬
‫ندوة دور المرأة في الصحافة الخليجية التي عقدت في الدوحة ) قطر(‬
‫مؤخرا ‪ ،‬وقد زاد ماقالته يقيني بان فكر التغريب العلماني شذوذ يحاول‬
‫جاهدا أن يجري ضد التيار الشعبي العام في الخليج ليفرض نفسه بالوصاية‬
‫والرهاب الفكري واستغلل المناصب والدعم الجنبي ‪ ،‬ومع ذلك فهو يفشل‬
‫في كل مرة ‪.‬‬
‫لقد قالت الدكتورة سارة في ذلك المؤتمر كلما يكتب بماء الذهب لو قدروه‬
‫حق قدره ‪ ،‬فاقرءوا ما قالت عن تيار العلمنة والتغريب ‪ ) :‬إن ذلك أوجد‬
‫تيارات ضاغطة تمارس عملية تحد للدين والقيم والخلقيات وإنها استطاعت‬
‫تغيير كثير من المفهومات الصيلة المرتبطة بالدين وأحكامه وقيمه وصبغها‬
‫بالصبغة الغربية في محاولة للباس الدين ثوبا غربيا حضاريا في قضايا مثل‬
‫الحرية والمساواة والعدالة والحلل والحرام والختلط والحجاب وتعدد‬
‫الزوجات ‪ ،‬وقامت بعملية تسطيح ثقافي خطير وانهزام نفسي وتفاهة في‬
‫الهتمامات ‪ ،‬ظهرت نتائج ذلك على الناشئة الذين مسخت شخصيتهم الذاتية‬
‫وطمست هويتهم ‪. (.....‬‬

‫‪131‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وقضية الختلط في التعليم هي إحدى القضايا التي حاولت التيارات الضاغطة‬


‫العلمانية في الخليج فرضها على مجتمعاتنا الخليجية التي ترفض ثقافتها‬
‫الصلية وعاداتها المنبثقة أصل من الدين والقيم السلمية خلط الجنسين‬
‫بالصورة التي تقع في فصول الجامعة ‪.‬‬
‫وهي قضية ـ شأنها شأن كل المشاريع العلمانية ـ لم يستشر فيها الشعب‬
‫وانما أسقطت عليه ‪ ،‬وعندما قال الشعب كلمته ‪ ،‬قال بوضوح ـ كما قال في‬
‫تطبيق الشريعة وإقحام المرأة الكويتية المعترك السياسي وكل المشاريع‬
‫السلمية الكبرى ـ قال ‪ :‬انه يرفض الختلط في التعليم ‪ ،‬و يستهجن ربط‬
‫أي علقة منطقية بين خلط شباب في سن المراهقة وشابات في مثل‬
‫أعمارهم على مقاعد سنوات الدراسة الجامعية التي قد تمتد إلى أربع أو‬
‫خمس سنين ‪ ،‬وبين التحصيل العلمي والتقدم التنكلوجي ‪ ،‬وتم على اثر ذلك‬
‫استصدار قانون يمنع الختلط في التعليم الجامعي‪.‬‬
‫غير أن التيارات العلمانية ) أدلجت ( هذه القضية الشعبية التي قال فيها‬
‫الشعب كلمته بالفطرة وسيستها ‪ ،‬وعملت على إعاقة سير القانون ‪ ،‬لن‬
‫شأنها كما عودتنا دائما نبذ القانون والرادة الشعبية وراء الظهر اذا خالفت‬
‫أفكارها الضيقة النتشار والتي تفرضها بالرهاب الفكري أيمانا منها بالوصاية‬
‫على المجتمع وثقافته ‪ ،‬فالفكر التغريبي الجنبي المستورد الطارئ على‬
‫ثقافتنا وأخلقنا هو الصل الذي هو فوق القانون والشعب وكل ثوابتنا لدى‬
‫تلك التيارات التغريبة ‪.‬‬
‫والخلصة أن الختلط في التعليم في المرحلة الجامعية حيث تستدعي‬
‫طبيعة الحياة الدراسية ومدتها التي تستمر سنوات ‪ ،‬تكوين علقات صداقة‬
‫شخصية متقاربة بين الجنسين في أخطر مرحلة من العمر ‪ ،‬يعني بلريب‬
‫تسهيل عملية )اختلع( منظم للخلق السلمية ‪ ،‬بعد )الخلع( المنظم للباس‬
‫الحشمة الذي بدأ يتزايد في الجامعة ‪ ،‬مما اضطر كثير من الساتذة أن‬
‫يقترحوا لئحة ) لباس الحشمة( بعدما بلغ السيل الربى ‪ ،‬وبعد )الخلع(‬
‫المنظم أيضا لجميع الحواجز الشرعية التي فرضها السلم لحفظ العلقة بين‬
‫الرجل والمرأة من الوقوع في الزلل والفحشاء ‪.‬‬
‫وقبل ذلك فان أخطر ما في هذه القضية هو أن جرأة الكبار على التهاون في‬
‫تطبيق القانون ـ كما حدث في قانون منع الختلط ـــ جهارا نهارا بل تردد ول‬
‫وجل ‪ ،‬ماهي إل دعوة صارخة صريحة للخروج العام على هيبة القانون ‪،‬‬
‫فلماذا إذن تلومون الصغار اذا تمردا عليه ؟!!‬
‫المقال الحادي عشر‬
‫الختلط والختباط والختراط‬
‫لماذا تتوجس الحكومة خيفة من قانون فصل الجنسين في الجامعات الخاصة‬
‫حتى حملها ذلك إلى أن تتراجع عن حماسها لقرار قانون الجامعات الخاصة‬
‫فجأة ؟‬
‫ولماذا أقرت بنفسها قانون الفصل في جامعة الكويت ‪ ،‬ثم صار ابنها العاق‬
‫الذي تريد التبرؤ منه فجأة ؟‬
‫وكيف وما هو تفسير تصويت بعض نواب المناطق التي ليصل فيها نواب‬
‫سياسة )التفلت ( إلى المجلس النيابي لن أغلبية الناخبين من المحافظين ‪،‬‬
‫مثل تصويت العيار ومبارك الخرينج مع الختلط ؟!! ‪ ،‬بينما صوت بعض‬
‫النواب من مناطق أخرى ليتعرضون فيها لضغط قوي شعبي محافظ ‪،‬‬
‫صوتوا ضد الختلط ؟!‬

‫‪132‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(12 /‬‬

‫ولماذا آثر بعض النواب والوزراء الخروج من التصويت و تسللوا لواذا من‬
‫القاعة أو تغيبوا خوفا من تبعات التصويت ؟‬
‫وكيف وما هو تفسير تصويت الوزير السلمي عادل الصبيح مع الختلط أيضا‬
‫؟!‬
‫ماهي القراءة الصحيحة هنا في هذه المواقف المتناقضة والعجيبة ؟‬
‫يبدو أن مناقشة قضية الختلط في الجامعة أدت إلى اختلط بين المبادئ‬
‫والمكاسب فأفرز هذا الختلط الثاني اختلطا في المواقف بالنسبة إلى‬
‫الختلط الول ‪ ،‬ونتج عن ذلك اختلط جديد بين القوى السياسية في‬
‫المجلس والحكومة ‪ ،‬تولد منه أيضا اختلط رابع في عقول الناخبين ‪،‬‬
‫سيفضي يوما ما إلى اختلط عام شامل في التصويت في عام ‪2003‬‬
‫لمجلس المة الجديد ‪ ،‬وهو الختلط الخامس والخير وبعده يختلط الحابل‬
‫بالنابل ونعيش في حالة من الخلطبيطة وعدم الستقرار إلى أجل ل يعلمه إل‬
‫الله تعالى ‪.‬‬
‫خاصة بعدما تبينت أول إرهاصات هذه الحالة السياسية الكويتية الجديدة مع‬
‫مطلع القرن الجديد عندما استنفرت وزارة العلم في قناتنا الفضائية ‪،‬‬
‫ووزراة الداخلية ومجلس المن القومي لوجود تنظيم التكفير والهجرة‬
‫الخطير على مستقبل البلد والعباد بسبب حادثة الفتاة ‪ ،‬ثم ‪ ..‬كأن شيئا لم‬
‫يكن ‪ ..‬وبراءة الطفال في عيون الشباب السبعة ‪ ..‬وانتهت الحكاية كلها إلى‬
‫)اختراط( من )الخرط ( أو ) اختباط ( من ) الخبط ( وكلها تدور حول معاني‬
‫متقاربة مع الختلط ‪ ،‬لن الراء واللم والباء تتبادل مع بعضها مع الخاء‬
‫والطاء ‪ ،‬وهما حرفان يوقعان في السمع نوعا من الشعور بالقلق‬
‫والضطراب وعدم الستقرار ‪.‬‬
‫والمهم أنه يجب على جميع الناخبين ــ حتى ليحصل لهم اختلط بين النائب‬
‫الصادق مع مبادئه والنائب المختلط ) الذي يخلط مبادئه مع مكاسبه‬
‫الشخصية ( أو المخترط ) الخرطي ( أو المختبط ) الذي يتخبط ( ــ يجب‬
‫عليهم رصد المواقف جيدا وعدم نسيانها ‪ ،‬وحتى التغيب عن الجلسة القادمة‬
‫هنا عذر غير مقبول البتة ‪ ،‬لن قضية الختلط ليست أمرا ثانويا ‪ ،‬بل هو أصل‬
‫مهم وقضية كبرى وأولوية تتعلق بمستقبل الجيال ومصير الخلق والقيم في‬
‫البلد ‪ ،‬والتسامح في مثل هذا المر قضية بالغة الخطورة‬
‫وفصل الختلط في التعليم هي من أهم قضايا حماية الخلق العامة التي‬
‫يتبناها التيار السلمي بمختلف فصائله ‪ ،‬كما أن الدعوة إلى الختلط في‬
‫التعليم من أهم القضايا التي يتبناها التيار العلماني ونص عليها بيان التجمع‬
‫الوطني الديمقراطي الذي ينتمي إليها وزير العلم والتربية وبعض النواب‬
‫في المجلس ‪.‬‬
‫كما أن قيمة التصويت ضد الختلط في التعليم ‪ ،‬توازي قيمته في التصويت‬
‫ضد إقحام المرأة الكويتية في دوامة الصراع السياسي ‪ ،‬وكل الموقفين‬
‫ينبغي أن يحدد به مستقبل النائب السياسي لسيما في المناطق التي وصل‬
‫فيها النائب إلى مجلس المة بأصوات محافظة ترفض سياسة التفلت‬
‫الخلقي التي يربطها التيار العلماني بالتقدم والعصرنة ظلما وزورا ‪.‬‬
‫المقال الثاني عشر‬
‫مفساد الختلط في التعليم‬
‫أخطر ما في عادة الختلط في التعليم ‪ ،‬تلك العادة السيئة جدا ‪ ،‬إنها سبيل‬

‫‪133‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫إلى إماتة الحساس بفحش الفواحش ‪ ،‬ذلك أن الفاحشة إنما سميت فاحشة‬
‫لن النفس السوية تستفحشها أي تشعر باشمئزاز من رؤيتها أو سماعها أو‬
‫مجرد التفكير في اقترافها ‪ ،‬كما سمي المنكر منكرا لن النفوس السليمة‬
‫تستنكره أي تستقبحه ‪.‬‬
‫فكيف اذا انمحى من النفوس ذلك الشعور بفحش الفاحشة واستنكار‬
‫المنكر ‪ ،‬كيف تستقيم الحياة الجتماعية والحالة هذه ؟!‬
‫حتى انك غدوت تقرأ خبرا كالذي نشرته الوطن يوم الثنين الماضي في‬
‫الصفحة الولى ‪ ،‬يقول الخبر ‪ :‬عصابة تستدرج النساء للشقق قبل اغتصابهن‬
‫وتصويرهن بالفيديو ‪ ،‬ثم تقرأ في التفاصيل انه قد تم ضبط المتهمين‬
‫الرئيسيين لهذه العصابة ‪ ،‬وبعد رؤية أشرطة الفيديو ‪ ،‬عرف آخرون من أفراد‬
‫العصابة ‪ ،‬وقد كانوا يضربون الضحايا من الفتيات وهن يتوسلن بالبكاء ‪ ،‬غير‬
‫أن ذلك ل يغني من المر شيئا ‪ ،‬ول يمنع تلك العصابة من اغتصابهن مع‬
‫تصوير هذه الجريمة البشعة ‪.‬‬
‫غدوت تقرأ هذا الخبر وتتساءل لماذا لم يعر أحد أي اهتمام للحدث ‪ ،‬وكأن‬
‫النفوس قد اعتادت وقوع مثل هذه البليا التي تقشعر لها البدان ‪ ،‬ولماذا لم‬
‫يعد الناس يبالون بما سيجري لتلك العصابة ‪ ،‬أو يسألون عن العقوبة التي‬
‫ستنالها ‪ ،‬وكأن ضياع المن واستهانة المجرمين بالعراض إلى هذه الدرجة ‪،‬‬
‫ليس سوى خبر عادي نسمعه كل يوم ‪ ..‬ترى ‪ ،‬هل زرعنا الشوك ‪ ،‬وبدأنا‬
‫نقطف ثماره ‪ ،‬فبدأ يذهب من نفوس الناس استفحاش الفواحش واستنكار‬
‫المنكر ؟!‬

‫)‪(13 /‬‬

‫أما كيف يؤدي الختلط في التعليم إلى هذه النتيجة ؟ فلن الختلط بين‬
‫الشباب والشابات في مرحلة التعليم الجامعي ‪ ،‬يستدعي تجاذب الشاب‬
‫والشابة على ما ركب في طبيعة كل منهما ‪ ،‬وهو أمر ليمكن دفعه ول‬
‫رفعه ‪ ،‬فالشابة تدعو الشاب إلى النظر إليها بإظهار الزينة المطبوعة ‪،‬‬
‫وإضفاء الزينة المصنوعة ‪ ،‬والشاب يصنع مثل ذلك ‪ ،‬ثم يتبع هذه الخطوة‬
‫خطوات ‪ ،‬كما قيل ‪ :‬نظرة فابتسامة فسلم فكلم فموعد فلقاء ‪ ،‬ولهذا قال‬
‫تعالى في هذا السياق ) يا اليها الذين آمنوا لتتبعوا خطوات الشيطان ومن‬
‫يتبع خطوات الشيطان فانه يأمر بالفحشاء والمنكر ( ‪ ،‬ومعلوم أن وقوع‬
‫الفاحشة غالبا يسبقه خطوات وخطوات ‪ ،‬وأول هذه الخطوات هو الختلط‬
‫في التعليم ‪ ،‬لنه اصبح منطلقا لتلك الخطوات فهو أشبه بالعرض العام‬
‫للنظر والتعارف ‪ ،‬و أخرها انتشار الفحشاء حتى تعتادها النفوس ‪ ،‬ويصير‬
‫المعروف منكرا والمنكر معروفا ‪ ،‬فالزنى تعبير حميم عن الحب والصداقة ‪،‬‬
‫والعفة والتعفف رجعية فكرية ‪ ،‬وعقدة نفسيه ‪ ،‬وإذا بلغ المر إلى هنا ‪ ،‬فقد‬
‫بلغ السيل الربى ‪.‬‬
‫ول يعارض هذه الحقيقة إل أحد شخصين ‪:‬‬
‫مفتون بالغرب مرتكس في فتنته ‪ ،‬حتى عمي عن رؤية ما لديهم من مخازي‬
‫لسيما على المستوى الخلق والثقافي والجتماعي ‪.‬‬
‫وطالب لذة يبتغيها من غير وجهها الحلل الذي أباحه الله ‪ ،‬فهو ل يريد أن‬
‫يمنع سمعه وبصره متعه الحديث والنظر والنس والسمر ‪ ،‬طامعا فيما وراء‬
‫ذلك ‪ ،‬ويجد في اختلط التعليم سوقا رائجة لمتعته التي ينشدها ‪.‬‬
‫وإذا تركت المجتمعات لهذين يقودان دفتها ‪ ،‬فلتسأل عن هلكتها ‪.‬‬

‫‪134‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المقال الثالث عشر‬


‫بعض ما قيل عن المرأة‬
‫قرأت كتابا لطيفا من تأليف عبدالله الجعيثن جمع فيه كثيرا مما قيل عن‬
‫المرأة من جميع الشعوب والمشهورين‪ ،‬سواء المسلمون وغيرهم ‪ ،‬فاخترت‬
‫مقتطفات منه مما يصلح نشره في هذه الزاوية من باب الستراحة بعد عناء‬
‫المعارك السياسية التي أشغلتنا السبوع الماضي ‪ ،‬وليس كل ما سأنقله يعد‬
‫صوابا من جميع الوجوه والحتمالت ولكن نذكره من باب استرواح النفس‬
‫الذي ل يخلوا من فائدة ‪ ،‬ثم ختمت بخير الهدي من قول الرسول صلى الله‬
‫عليه وسلم ‪ ،‬ولينبغي أن ننسى أن المرأة الصالحة التي وصفها الله تعالى‬
‫بقوله ) فالصالحات قانتات حافظات للغيب بما حفظ الله ( هي من أعظم‬
‫نعم الدنيا ‪ ،‬وأنهن مبرآت من بعض هذه الوصاف التي سأذكرها عن المرأة ‪،‬‬
‫غير أن النساء ــ كالرجال ــ فيهن ‪ ..‬وفيهن ‪:‬‬
‫واليكم ما اخترته لكم ‪:‬‬
‫*اذا أردت أن تعرف نقائص المرأة ‪ ..‬فقم بمدحها أمام امرأة أخرى )ماري‬
‫كويرل(‬
‫*اذا تشاجرت امرأتان ففتش عن المرأة )سقراط (‬
‫*لتحارب المرأة اتركها لمرأة أخرى )اثيان راي(‬
‫*مرحك لزوجتك ‪ ،‬وسرك أعطه لمك مثل ألماني‬
‫*لتقل لمرأة إل ما تود أن يعرفه الجميع ) بومارشيه(‬
‫*الم النشطة تجعل ابنتها كسلنه )مثل برتغالي(‬
‫*أحلى الصوات وأحبها إلى البشر صوت الم )براون(‬
‫*إن أروع معركة نشبت على الطلق على خرائط الدنيا إنها تلك التي خاضتها‬
‫المهات لحياة وصلح البناء )جواكين ميلر(‬
‫*الزوجة للوقت الجميل ولكن لشيء يعادل الم الحنون أبدا )تولستوي(‬
‫*الويل للبيت الذي تصيح الدجاجة فيه ويصمت الديك مثل ايطالي‬
‫*احذري من يخدعك بالضواء ‪ ،‬أني أتعس امرأة على هذه الرض ‪ ،‬إن‬
‫سعادة المرأة الحقيقة في الحياة العائلية الشريفة الطاهرة ‪ ،‬بل إن هذه‬
‫الحياة هي رمز سعادة المرأة بل النسانية )مارلين مونرو(‬
‫ي مهرها يروى عن علي بن أبي طالب رضي‬ ‫*من تزوج سمراء فطلقها فعل ّ‬
‫الله عنه‬
‫ي مهرها الحجاج بن يوسف الثقفي‬ ‫* من تزوج قصيرة فلم تكن كما يريد فعل ّ‬
‫*زوج ابنتك من تقي ‪ ،‬فانه إن احبها أكرمها ‪ ،‬وان كرهها لم يظلمها‬
‫)الحسن البصري(‬
‫* الرجل يحكم قلب المرأة والمرأة تحكم عقل الرجل مثل‬
‫* شكت امرأة زوجها فقالت ‪ :‬إن جاع جزع ‪ ،‬وان شبع خشع ‪.....‬‬
‫*من تزوج امرأة لها ثلث بنات تزوج أربعة لصوص )من حبهن للشراء (‬
‫* لن تعرف كم هي قاسية المرأة إل عندما تتشاجر مع صديقتها )برناردر‬
‫شو(‬
‫* طول لسان المرأة ثلث بوصات ‪ ،‬لكنه يستطيع قتل رجل طوله ست‬
‫أقدام‬
‫مثل ياباني‬
‫*قيل لحية سامة ‪ :‬أكان يسرك لو خلقت امرأة ؟‬
‫قالت ‪ :‬أنا امرأة ‪ ..‬غير أن سمي في الناب ‪ ،‬وسمها في لسانها‬
‫مصطفى صادق الرافعي‬

‫‪135‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ن بيت مشهور‬ ‫نه ّ‬


‫ن إل لنهن ه ّ‬‫* ما استعظم الله كيده ّ‬
‫*) خير النساء التي تسره اذا نظر ‪ ،‬وتطيعه اذا أمر ‪ ،‬ول تخالفه في نفسها‬
‫ول مالها بما يكره ( حديث شريف رواه النسائي‬
‫* ) خير نساء العالمين أربع ‪ ،‬مريم بنت عمران ‪ ،‬وخديجة بنت خوليد ‪،‬‬
‫وفاطمة بنت محمد ‪ ،‬وآسية امرأة فرعون ( حديث شريف رواه أحمد‬
‫المقال الرابع عشر‬
‫أسرار الجينوم البشري‬

‫)‪(14 /‬‬

‫لم يكن العلن العالمي عن أعظم اكتشاف علمي بعد الهبوط على سطح‬
‫القمر وذلك بالوصول إلى معرفة تفاصيل الجينوم البشري ‪ ،‬لم يكن مبالغة‬
‫من القول ‪ ،‬لقد كان تعبيرا دقيقا ‪ ،‬وقد وصفوا به حقا هداية الله تعالى لهذا‬
‫المخلوق البالغ التعقيد ) ابن آدم ( لكبر وأعجب حقيقة علمية عن جسد‬
‫النسان يتم التعرف عليها منذ خلقه الله تعالى إلى يومنا هذا‬
‫وفي هذا الكتشاف العجيب آية عظيمة من آيات الله تعالى في الخلق ‪ ،‬ذلك‬
‫أن قد تبين سابقا للعلماء أن داخل الجينات الوراثية ‪ ،‬تلك التي يستحيل أن‬
‫ترى بالعين وانما يحتويها حامض الحياة العجيب ‪ DNA‬بصورة منظمة داخل‬
‫الخلية البشرية في وضع أشبه برقائق الكمبيوتر التي تشتمل على مليين‬
‫المعلومات ‪ ،‬ونقول هذا من باب التشبيه الذي يقرب المعنى إلى الذهن ‪ ،‬وإل‬
‫فالحقيقة أن بين هذه الرقائق اللهية التي خلقها الله تعالى ورقائق الكمبيوتر‬
‫بون شاسع ليقدر قدره إل الله تعالى‪.‬‬
‫بعد هذا الكتشاف السابق للجينات الوراثية ‪ ،‬جاء دور معرفة التفاصيل‬
‫الدقيقة لهذه الجينات وعلقاتها التفصيلية بصفات النسان ‪.‬‬
‫وبعد جهود جبارة ‪ ،‬وقعوا على شيء مذهل جدا ‪ ،‬ليمكن وصفه ‪ ،‬ولتبلغ‬
‫الكلمات حقيقته ‪ ،‬لنه إبداع خارق يقف أمامه العقل البشري عاجزا واجما‬
‫مذهول ‪ ،‬ولهذا قالوا انهم أعظم اكتشاف للنسان بعد الهبوط على سطح‬
‫القمر ‪.‬‬
‫فماهو الذي اكتشف في داخل الجينات الوراثية ‪ ،‬التي هي داخل حمض‬
‫‪ ،DNA‬والذي هو داخل الخلية النسانية التي لتراها العين ؟ انهم وجدوا ـ‬
‫وحتى الن فقط وجدوها وعرفوا ملمحها على وجه الجمال ـ وجدوا خارطة‬
‫معقدة جدا ‪ ،‬وقد يحتاجون إلى أكثر من ثلثين عاما ـــ بالكمبيوتر ــ لقراءة‬
‫كل تفاصيلها فقط ‪.‬‬
‫و تحتوي هذه الخارطة على أكثر من ثلثة مليارات حرف ـ والحرف هنا‬
‫اصطلح خاص في علم الجينات وليس حروف اللفاظ ـ تنتظم داخلها بصورة‬
‫بالغة الصغر والدقة كل تفاصيل حياة النسان ‪ ،‬بل أدق أدق التفاصيل ‪ ،‬حتى‬
‫المراض التي يقبلها جسد هذا النسان ‪ ،‬وجميع ما يتعلق بحياته مما ورثه عن‬
‫أسلفه ‪ ،‬إلى درجة العواطف التي تتحكم به وتميل إليها نفسه من مورثاته‬
‫كلها ‪ ،‬كلها مسجلة هنا بغاية الدقة ‪ ،‬وتسجيل هذه المعلومات هنا عملية‬
‫إبداعية خارقة تدهش العقل البشري نفسه ‪ ،‬وهذا التسجيل العجيب المعجز‬
‫في غاية الحقارة ومتناهي الصغر في خلية النسان ‪ ،‬فسبحان القائل في‬
‫محكم كتابه الكريم ) وفي أنفسكم أفل تبصرون ( ‪.‬‬
‫وهذه الحروف المليارية الخارقة ‪ ،‬يستحيل ـ لو اجتمع البشر كلهم ـ أن‬
‫يفردوا تفاصيل كل حرف وما يشتمل عليه من معلومات عن النسان الذي‬

‫‪136‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يحمل هذه الحروف ‪ ،‬تستحيل معرفة ذلك لدى كل الناس ‪ ،‬لنهم يحتاجون‬
‫من الوقت والجهد والتكاليف وتوفير الخبراء بعدد كل الناس ‪ ،‬ثم يبقى كل‬
‫خبير يمضي سنوات طويلة قد تصل إلى مائة عام ـ وبمساعدة الكمبيوتر‬
‫فقط ـ لكي يصل إلى كشف جميع تفاصيل خارطة هذه الحروف المليارية‬
‫بكل تفاصيلها الدقيقة ‪.‬‬
‫غير أن العلماء يمكنهم أن يستفيدوا من هذا الكتشاف للتركيز على أمراض‬
‫معينة محددة اشتهرت بها بعض الشعوب أو البلد أو السر ‪ ،‬أو بعض فئات‬
‫العمر ‪ ،‬فيعرفوا موضعها من الجينوم البشري ‪ ،‬ثم يعملوا على استبدالها‬
‫بأخرى ليس فيها تلك المراض فيعالجوا المراض من جذور منبتها نفسها في‬
‫الخلية هذه المرة ‪ ،‬هذه هي أهم استفادة من هذا الكتشاف في الوقت‬
‫الحاضر ‪.‬‬
‫وأصبح مطروحا ولو في المستقبل البعيد أن تتم محاولت إزالة جميع‬
‫المراض من جسد النسان ـ أو على القل المراض الخطيرة والقاتلة ـ‬
‫بتعديل حروف الجينوم المسؤولة عن قابلية النسان للمرض ‪ ،‬فينقطع‬
‫ولينتقل إلى أولده أيضا ‪.‬‬
‫وهذا الكتشاف شأنه شأن غيره ‪ ،‬يحتوي على جوانب مثيرة للقلق فمثل ‪:‬‬
‫ـــ يخشى أن تحتكر معرفة أسرار الجينوم البشري بعض الدول ‪ ،‬فتنشر‬
‫ادعاءات توصلت إليها لستغللها لغراض سياسية ‪ ،‬كأن يعلن الغرب مثل أن‬
‫الجينوم البشري لدى بعض شعوب العالم الثالث تحتوي على حروف صفات‬
‫ضعف مستوى الذكاء وبالتالي فهي شعوب متخلفة بالوراثة ‪ ،‬وأن العكس‬
‫عند الغرب ‪ ،‬ولهذا لبد أن يكون هذا الكتشاف عالميا غير قابل للحتكار حتى‬
‫ل يستغل سياسيا ‪.‬‬
‫ـــ يخشى أن تستغل معرفة هذه السرار لزرع حروف أمراض فتاكة في‬
‫جينات بعض الشعوب لكي تتناقلها ويصبح المر كأنها قنبلة جينومية بيولوجية‬
‫تزرع في الخليا هذه المرة ‪ ،‬ولو عن طريق إدخالها الجسم البشري بأي‬
‫وسيلة ‪.‬‬

‫)‪(15 /‬‬

‫وختاما فان هذا الكتشاف ليس سوى آية باهرة من آيات الله تعالى القائل‬
‫في محكم كتابه ) سنريهم آياتنا في الفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه‬
‫الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد ( وتأمل كيف جعل الله تعالى‬
‫آياته في نفس النسان بازاء آيات الفاق ‪ ،‬مما يدل على أنه أودع في‬
‫النسان أسرار معجزات الخلق ‪ ،‬ولهذا قال تعالى في نظير هذه الية ) وفي‬
‫الرض آيات للموقنين ‪ ،‬وفي أنفسكم أفل تبصرون ( وكما قال سبحانه ) بلى‬
‫قادرين على أن نسوي بنانه ( فبنان النسان فيه من آيات الله تعالى ما ل‬
‫يقدر قدره إل هو سبحانه ‪ ،‬كما تبين اليوم ما في الخلية البشرية من أسرار‬
‫يعجز العقل البشري عن التوصل إلى تفاصيلها إلى اليوم ‪ ) ،‬ثم أنشأناه خلقا‬
‫آخر فتبارك الله أحسن الخالقين ( ‪ ،‬صدق الله العظيم ‪.‬‬
‫المقال الخامس عشر‬
‫الوهابية‬
‫لم تتعرض حركة إصلحية بمثل ما تعرضت له حركة المجدد محمد بن عبد‬
‫الوهاب في القرن الماضي والذي قبله من محاولت لتشويه السمعة ‪ ،‬غير‬
‫أنه قد نحج نجاحا باهرا في تجديد الدين في منبع السلم ‪ ،‬ثم بلغت مبادئ‬

‫‪137‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫حركته إلى آفاق الرض فأثرت تأثيرا بالغا في العالم السلمي وحركاته‬
‫الصلحية ‪.‬‬
‫ومن المعلوم أن المجدد محمد بن عبد الوهاب التميمي رحمه الله لم يبتدع‬
‫فكرا جديدا في السلم ‪ ،‬ولم يسم دعوته ــ ول أحد من أتباعه ــ بالحركة‬
‫الوهابية أو الدعوة الوهابية ‪ ،‬وانما أطلق هذا السم بعض الدارسين لحركته ‪،‬‬
‫سواء من منطلق تعريفي مجرد ‪ ،‬أو بقصد الساءة وتشويه السمعة في‬
‫محاولة للشعار بأنها حركة حادثة يتزعمها شخص خارج عن جسد الفكر‬
‫السلمي ‪.‬‬
‫غير أن المنصفين الذين درسوا آثار الحركة السلفية التي قادها المجدد محمد‬
‫بن عبد الوهاب ‪ ،‬أجمعوا أن حركته الصلحية لم تكن سوى إحياء لمسيرة‬
‫كل قادة الحركات الصلحية في التاريخ السلمي ‪ ،‬وانما تميزت بان الله‬
‫تعالى اختار للتجديد هذه المرة وفي هذه الدورة الزمنية من تاريخ السلم ‪،‬‬
‫اختار جزيرة العرب وهي أهم بقاع السلم أهمية ‪ ،‬فمن الناحية المعنوية فان‬
‫جزيرة العرب هي مهد الدين ومهبط الوحي ‪ ،‬وفيها منطلق الدعوة ‪ ،‬مسجد‬
‫النبي صلى صلى الله عليه وسلم ومهاجره ‪ ،‬وفيها قبلة المسلمين وتشرفت‬
‫أرضها بالمشاهد الولى لمسيرة هذا الدين العظيم ‪ ،‬ومن الناحية‬
‫الستراتيجية فقد غدت منطقة الجزيرة والخليج في هذا العصر أهم وأخطر‬
‫منطقة في العالم بأسره لما أودع الله فيها من خيرات عظيمة ‪.‬‬
‫ولعل المتأمل بلطف أقدار الله تعالى يلمح هنا عناية الحق سبحانه بأن أحدث‬
‫هذا التغيير الجذري نحو السلم في الجزيرة العربية بحركة المجدد السلفية ‪،‬‬
‫قبيل ظهور الثروة العالمية المتمثلة بالنفط فيها مما جعلها محط اهتمام‬
‫العالم ‪ ،‬المر الذي شكل سورا حصينا حمى قلعة السلم وأرض الحرمين‬
‫مما تحمله التأثيرات العالمية عادة من متغيرات ثقافية واجتماعية وأخلقية‬
‫عندما تتجه إلى خيرات الشعوب ‪.‬‬
‫ولو قدر أن حدث ذلك ـ أعني توجه الهتمام العالمي للخليج والجزيرة ـ في‬
‫غياب النقلب السياسي والجتماعي والثقافي والخلقي نحو مبادئ السلم‬
‫السلفية الصافية ‪ ،‬والذي نجحت في إحداثه حركة المجدد محمد بن عبد‬
‫الوهاب رحمه الله ‪ ،‬لو قدر ذلك لكان حال الجزيرة العربية غير الحال الذي‬
‫نراه اليوم ‪ ،‬مع خطورة موقعها وحساسيته البالغة بالنسبة إلى الحضارة‬
‫السلمية ‪ ،‬فالحمد لله الذي لطف بحسن تدبيره ‪ ،‬وبالغ حكمته ‪ ،‬ما حفظ به‬
‫دينه وأمة السلم ‪.‬‬
‫وقد قامت دعوته رحمه الله تعالى على فكرتين جوهريتين ‪.‬‬
‫الولى ‪ :‬تخليص أصل دين السلم وسر حيويته وقوته ‪ ،‬وهو التوحيد ‪ ،‬من كل‬
‫شوائبه التي علقت في حياة المسلمين ‪ ،‬فردهم إلى أصل التوحيد الذي دعا‬
‫إليه القرآن وبينته السنة وحارب كل ما يعكر على هذا الصل ‪ ،‬وطهر‬
‫الجزيرة العربية من كل مظاهر الوثنية والشرك وتعلق العباد بغير الله‬
‫تعالى ‪ ،‬وقطع كل صور الكهنوت والدجل حول الضرحة وقبور الولياء وما‬
‫يتبعها من الخرافات التي شوهت صورة السلم‪ ،‬فحمى بذلك اصل الدين‬
‫وينبوع الرسالة المحمدية ‪ ،‬وقد أشيع عنه بسبب هذه الحملة الصارمة لحماية‬
‫جناب التوحيد ‪ ،‬أنه يطعن في الرسول والولياء ويكفر المسلمين ويستبيح‬
‫دماءهم ‪ ،‬ولم يكن ذلك سوى افتراءات وأكاذيب ‪ ،‬وقد رد عليها في حياته في‬
‫مؤلفاته ‪ ،‬كما رد عليها تلميذه واتباعه من بعده في مؤلفات كثيرة وفندوها ‪.‬‬

‫)‪(16 /‬‬

‫‪138‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الثانية ‪ :‬تخليص مصدر تلقي الدين ) القرآن والسنة ( من كل الشوائب التي‬


‫تعكر على الستقاء منهما ‪ ،‬نبعا صافيا لكدر فيه ‪ ،‬فدعا المجدد إلى تقديم‬
‫الكتاب والسنة على كل ما يخالفهما من موروثات الفرق الضالة من القوال‬
‫المعتمدة على علم الكلم والفلسفة ‪ ،‬أو منامات وأذواق التصوف البدعي ‪،‬‬
‫أو التعصب لراء الرجال ‪ ،‬شأنه في ذلك شأن كل العلماء من قبله في‬
‫مسيرة التجديد كلها من عصر الخلفاء إلى يومنا هذا ‪ ،‬وبهذه الفكرة حمى‬
‫الدين وأرجع الناس إلى الصل المحفوظ ‪ ،‬لنه علم أن سر ظهور المة‬
‫وعزها هو تمسكها بهذا الصل في بادئ المر ‪ ،‬وإذا أرادت العودة إلى‬
‫الظهور والعز فعليها بالرجوع إلى ذلك السر نفسه ‪.‬‬
‫إذن فالوهابية ليست فكرة جديدة ‪ ،‬وانما هي الدعوة السلمية نفسها في‬
‫صورتها السلفية النقية الصافية ‪ ،‬وهي حركة تجديدية تعتمد على أصول‬
‫الشريعة نفسها التي قامت عليها المذاهب الفقهية الربعة المتعمدة ‪ ،‬وتستند‬
‫إلى مصادر التشريع المعتبرة ‪ ،‬وترجع إلى مراجع العلم والفتوى نفسها التي‬
‫يزخر بها التراث الفقهي السلمي ‪ ،‬غير أن اعتماد غالب علماء هذه الدعوة ـ‬
‫وليس كلهم ـ على مذهب المام أحمد بن حنبل رحمه الله في الفروع‬
‫الفقهية على أساس التباع والنتصار للدليل وليس التقليد والتعصب المذهبي‬
‫‪ ،‬واما في مسائل العتقاد فانهم لم يزيدوا قيد أنملة على ما أجمع عليه‬
‫السلف الصالح رضي الله عنه من الصحابة والتابعين اللئمة الربعة وكبار‬
‫أتباعهم وكل من له قدم صدق من أئمة الدين والعلم في كل العصور ‪.‬‬
‫ومازالت علوم ومعارف علماء الحركة السلفية من أتباع مدرسة المجدد‬
‫محمد بن عبد الوهاب رحمه الله أقرب إلى الكتاب والسنة ‪ ،‬وفتاواهم أسد‬
‫وأعدل ‪ ،‬ونهجهم أوسط المناهج في تلقي وفهم وتعليم علوم الشريعة ‪،‬‬
‫ومواقفهم أحكم وأعلم واسلم المواقف بالنظر إلى غيرهم في الجملة ‪،‬‬
‫وتمسكهم بما كان عليه السلف من العقائد والعلوم والمعارف والخلق‬
‫والسلوك في أصول الشريعة وفروعها ‪ ،‬تمسكهم بذلك أقوم وأهدى سبيل ‪.‬‬
‫ول ينكر هذا كله إل مكابر أو جاهل ل يعرف حقيقة هذه الدعوة ومكانة‬
‫علماءها ‪ ،‬أو متعصب أعماه هواه عن النصاف ‪.‬‬
‫المقال السادس عشر‬
‫العالم لم يتغير‬
‫النسان الذي وصفه الله تعالى في القرآن بقوله ) وحملها النسان انه كان‬
‫ظلوما جهول ( هو النسان ‪ ،‬ولن يغيره حتى لو وصل الكواكب السيارة‬
‫التسعة وليس القمر ‪ ،‬إل أن يؤمن بالله واليوم الخر ‪ ،‬وقليل ماهم ‪.‬‬
‫ولنضرب على هذه الحقيقة مثالين من أكبر قوتين عالميتين امتلكتا أعظم‬
‫وسائل التقدم التكنولوجي وبلغتا منتهى الذكاء النساني في الختراعات‬
‫العلمية ‪ ،‬وهما روسيا وأمريكا ‪ ،‬ولننظر مالذي قدمتاه‬
‫أما روسيا فتكفيها سوءتها في القوقاز ‪ ،‬فقد اقترفت في حربها الفاجرة ضد‬
‫شعب ضعيف شبه أعزل ‪ ،‬كل الممارسات الوحشية التي لتجد نظيرها إل‬
‫في الغابات الستوائية المازونية ‪ ،‬فحولت العمليات العسكرية الروسية‬
‫معظم مدن الشيشان إلى خرابات ‪ ،‬وغدت غروزني التي كان يطلق عليها‬
‫) جوهرة القوقاز ( قاعا صفصفا لترى فيها عوجا ول أمتا ‪.‬‬
‫يقول تقرير نشرته صحيفة )فرانكفورتر الجماينة تسايتونج ( عن الوضع في‬
‫غروزني ) لتعد جروزني المدينة الوحيدة التي دمرتها الحروب في العصر‬
‫الحديث ‪ ،‬فقد سبقتها إلى هذا المصير هيروشيما اليابانية وجيرنيكا السبانية‬
‫ودريسدن وبرلين اللمانية ولكن جروزني اختلفت عن الجميع بكون الدمار‬

‫‪139‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الذي حل بها مساويا في رأي بضع الخبراء العسكريين لما حاق بالمدن الربع‬
‫مجتمعة (‬
‫ويقول أيضا ) فعروس القوقاز التي كانت تعج بالحياة إلى وقت قريب تحولت‬
‫على أيادي يلتسن وبوتين إلى مجموعة من البنايات المتداعية والخرائب ‪،‬‬
‫وأكوام الحجارة والنقاض بعدما أمطروها بقنابل لم تترك فيها بيتا سليما ‪،‬‬
‫ووفقا لما ذكرته صحيفة كومولسكايا بوافدا فقد دمرالجيش الروسي في‬
‫جروزني وحدها ‪ 60‬ألف بيت ومبنى إداري ‪ ،‬وأحرق ‪ 30‬ألف هكتار من‬
‫الراضي الزراعية ‪ ،‬إضافة لتدميره الكامل لجميع المنشآت الصناعية (‬
‫ولماذا فعلت روسيا كل هذه الفظائع في الشيشان ؟ يقول فلديمير‬
‫كوماشيف نائب رئيس المعهد القومي للستراتجيا وشؤون المن ) روسيا (‪:‬‬
‫إن القتال سيستمر لبعض الوقت وان بصورة متقطعة فروسيا ليس عندها ما‬
‫تقدمه للشيشان ‪ ،‬إن روسيا ل تصلح أن تكون قدوة ومن ثم فان للمتطرفين‬
‫الشيشان حجة قوية لستمرار الحرب ضد القوات الروسية (‬
‫إذن روسيا فعلت ما فعلت بدافع الستبداد والتسلط والقهر والعلو فحسب ‪،‬‬
‫فهي لم تقدم شيئا للشيشان ول تريد ول تملك أن تقدم شيئا لذلك الشعب‬
‫المضطهد ‪ ،‬ولهذا فهي حتى الن لم تصنع شيئا لعادة اعمار غروزني ‪ ،‬إنها‬
‫لم تعط شيئا سوى تاريخ مليء بالظلم والضطهاد الديني ‪ ،‬فمن أين ـ ليت‬
‫شعري ـ تعاقب الشعب الشيشاني على إرادته الستقلل ‪.‬‬

‫)‪(17 /‬‬

‫وهاهي سياسة بوتين ترسم الن على أساس التوجه لتعزيز سلطات موسكو‬
‫على حساب القاليم والجمهوريات المكونة للفدرالية الروسية ‪ ،‬واعطاء دور‬
‫متزايد لجهزة الستخبارات في صياغة أولويات واجندة السياسة الخارجية ـ‬
‫لن بوتين أصل ابن هذه الجهزة وأسلوب تفكيره نابع منها ـ ومعلوم أن هذه‬
‫الجهزة تحركها دائما الهواجس المنية ‪ ،‬وهي التي تجر الدولة غالبا للتورط‬
‫في العنف الدموي المدمر ‪ ،‬وهي تدفع روسيا باتجاه عداء الدولة للسلم‬
‫تحت حجة اجتثات الرهاب الوهابي ‪.‬‬
‫هذه روسيا تعود ‪ ،‬وهذا هو النسان الذي ل يؤمن ‪ ،‬لم ولن يتغير منه شيء ‪.‬‬
‫أما أمريكا فهاهي تعلن مؤخرا اعتزامها نصب جيل جديد من الصواريخ‬
‫النووية البعيدة المدى في القواعد المريكية على الراضي البريطانية بدل من‬
‫الجيل الحالي من الصواريخ ‪ ،‬وقد رحبت وزارة الدفاع البريطانية بذلك ‪ ،‬بينما‬
‫أثارت هذه الخطوة غضب الصين وروسيا ‪.‬‬
‫وهاهي أيضا تقود ـ مع بقية الغرب ـ أكذوبة العولمة التي لم تصنع شيئا سوى‬
‫زيادة الهوة بين الغنياء والفقراء ‪ ،‬وفتح السواق العالمية لجشع أصحاب‬
‫رؤوس الموال الغربيين ‪ ،‬وليذهب أكثر من ثلثي سكان الكرة الرضية الذين‬
‫ل يتعدى دخلهم دولرين إلى ثلثة ‪ ،‬والمليار الذي ل يتعدى دخلهم دولر‬
‫واحد ‪ ،‬والذين يموتون جوعا باللف كل يوم من المجاعات ‪ ،‬ليذهبوا إلى‬
‫الجحيم ‪ ،‬كما قال الرئيس الماليزي عن صندوق النقد الدولي ـ كبير لصوص‬
‫العولمة ـ قال ‪ ) :‬الهدف الساسي لصندوق النقد الدولي هو فتح السواق‬
‫الماليزية كي تتمكن الشركات الجنبية من القدوم والستيلء على إدارة‬
‫العمال المحلية ( ‪.‬‬
‫الستبداد وإبادة الشعوب الضعيفة ‪ ،‬وتهديد المن العالمي بنشر الصواريخ‬
‫النووية ‪ ،‬وتعريض البشرية كلها للخطر الماحق ‪ ،‬ونهب خيرات الشعوب لكن‬

‫‪140‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫بوسائل اكثر تطورا وعصرية ‪ ،‬كل ذلك لم يتغير منه شيء ولن يتغير ‪ ،‬لكنه‬
‫أصبح أكثر واشد خداعا ‪.‬‬
‫المقال السابع عشر‬
‫العولمة والرجاء و القدس‬
‫العلقة بين العولمة والرجاء هي أن العولمة الثقافية والفكرية تنطلق من‬
‫إرجاء ـ والرجاء هو التأخير ـ تمسك المة السلمية خاصة بمعتقداتها اليقينية‬
‫وثوابتها المحكمة ‪ ،‬على أنها الحق الذي ليس بعده إل الضلل كما قال تعالى‬
‫) فذلكم الله ربكم الحق فماذا بعد الحق إل الضلل فأنى تصرفون ( ‪ ،‬وذلك‬
‫لحساب ثقافة عالمية جديدة يبشر بها الغرب بقيادة أمريكا ‪ ،‬وهذه الثقافة ‪،‬‬
‫كما وصفها أحد الكتاب )هوية بل هوية( ‪ ،‬فل يوجد فيها حق ول ضلل ‪ ،‬ولكفر‬
‫ول إيمان لسيما في المعتقدات الدينية ‪ ،‬وغايتها النهائية ‪ ،‬أن تتلشى الحدود‬
‫الفاصلة بين السلم وغيره لئل يكون له فضل عما سواه‪ ،‬ولهذا تسير فكرة‬
‫وحدة الديان في ركاب العولمة ‪ ،‬لنها ل تعترف بإطلق كلمة الكفر على ما‬
‫يناقض دين السلم من الديان والمعتقدات الخرى ‪ ،‬ولهذا تشمئز قلوب‬
‫المبشرين بالعولمة من كلمة التكفير حقا كان أو باطل‪ ،‬حتى عبدة الصنام‬
‫لهم وجهة نظر ينبغي احترامها في نظر العولمة ‪ ،‬وكذلك الفكر الرجائي‬
‫يتوافق من بعض الوجوه ــ أقول من بعض الوجوه ــ مع العولمة ‪ ،‬عندما‬
‫تغبش أصوله الفاسدة رؤية الحد الفاصل بين اليمان والكفر ‪ ،‬فكأن العولمة‬
‫هي المرجئة الم الكبيرة التي تولدت منها ابنتها ‪ ،‬ظاهرة الرجاء في العالم‬
‫السلمي ‪.‬‬
‫وكذلك يدعو الفكر الرجائي إلى تأخير واضعاف منزلة العمل من اليمان ‪،‬‬
‫حتى يصير اليمان صورة بل معنى ول أثر ‪ ،‬فمثل ــ في فكرهم ــ أنه مهما‬
‫كان فعل الفاعل موغل في الكفر ‪ ،‬فانه ل يخرج المسلم من السلم إل اذا‬
‫اقترن بالجحود والتكذيب بالدين ‪ ،‬فحتى لو ابطل الشريعة كلها ‪ ،‬حتى بلغ أن‬
‫أقر الشذوذ الجنسي وأجاز بتشريع أن يتزوج الرجل الرجل والمرأة المرأة‬
‫في أسرة لها مشروعية قانونية كاملة ‪ ،‬فل يكفر فاعل ذلك ممن يدعي‬
‫السلم ‪ ،‬ما لم يصرح بلسانه أنه مكذب لما جاء به الرسول ـ وليت شعري ـ‬
‫أي تكذيب للرسول أعظم مما صنع ‪ ،‬ومالذي يريده أعداء هذا الدين غير هذه‬
‫النتيجة العملية لبطال الشريعة ‪ ،‬وهل يهمهم صرح بلسانه أم ل !!!‬

‫)‪(18 /‬‬

‫كما ل يخرج المسلم من السلم ـ عند المرجئة ـ تركه كل اتباع الرسول‬


‫بجوراحه وراءه ظهرّيا‪ ،‬والعولمة الثقافية كذلك تدعو إلى أن يدع المسلمون‬
‫دول وأفرادا ‪ ،‬حكاما ومحكومين عملهم بمعتقداتهم ‪ ،‬وأل ّ ينهجوا في حياتهم‬
‫كلها وفق عقيدتهم وشريعتهم كما أمر الله تعالى في القرآن ) قل إن كنتم‬
‫تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ( وقال ) ثم جعلناك على شريعة من المر‬
‫فاتبعها ولتتبع أهواء الذين ليعلمون ( ‪ ،‬فهنا تشابه آخر ـ من بعض الوجوه‬
‫فحسب ـ فلجرم إذن تساوقت ظاهرة الرجاء ذلك الفكر الفلسفي القديم‬
‫في تاريخ الفرق السلمية في العصور الولى ‪ ،‬مع الدعوة إلى العولمة ‪،‬‬
‫وهذا يصدق النظرية القائلة أن أفكار الفرق الضالة إنما يستحث ابتداعها‬
‫وقوع المة تحت تأثير فكري لغزو خارجي أو اضطرابات سياسية أو اجتماعية‬
‫تمر بها ‪ ،‬فتظهر هذه الراء الضالة كالدمامل في الجسد المريض حينا من‬
‫الدهر ‪ ،‬ولهذا فهي ليست ثابتة على أساس علمي راسخ ‪ ،‬بينما بقيت الصول‬

‫‪141‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫التي أجمع عليها السلف الصالح بحالها لم يؤثر فيها تقلب أحوال المة بين‬
‫الضعف والقوة على مرالقرون ‪ ،‬لجهزة مبنية على الكتاب والسنة ‪ ،‬وقد‬
‫تمثل ذلك في خط أهل السنة والجماعة الذين ورد فيهم الحديث بمعناه‬
‫) لتزال طائفة من أمتي على الحق ل يضرهم من خالفهم إلى يوم‬
‫القيامة ( ‪.‬‬
‫وأما قضية القدس فقد تبين للمتابعين لما يجري في )كمب ديفيد ( أن‬
‫المعركة الحقيقية إنما دارت رحاها حول القدس ‪ ،‬فاليهود ليريدون إسرائيل‬
‫بل قدس ‪ ،‬والسلطة الفلسطينية لو رضيت بعاصمة غير القدس لبقي ذلك‬
‫عارا عليها ل ينساه التاريخ ‪ ،‬إذ كان المسجد القصى له منزلة عظيمة في‬
‫عقيدة المة السلمية وثقافتها ‪ ،‬وتسليمه لليهود طوعا والرضى بذلك كارثة‬
‫لتوازيها كارثة‪ ،‬وهو ردة عن الدين لنه بيت من بيوت الله على أرض لنا‬
‫مقدسة قدسها الله في كتابه الكريم ‪ ،‬فكيف نسلمها لتنجسها أقدام اليهود‬
‫ونقرهم على ذلك طوعا بأيدينا‪ ،‬ولنه أولى القبلتين ومسرى الرسول صلى‬
‫الله عليه وسلم ‪ ،‬ول تشد الرحال إلى مسجد في السلم إل الحرمين‬
‫والمسجد القصى كما ورد في الحديث ‪ ،‬فمن رضي بمنحه لليهود وأقرهم‬
‫على احتلله ارتد عن السلم ‪ ،‬ولست أخال أحدا يخالف هذا الحكم من‬
‫علماء السلم ‪ ،‬اللهم إل مرجئة العصر اذا أجرت أصولها الفاسدة ‪ ،‬ذلك أنهم‬
‫سيقولون ‪ :‬لعل فاعل ذلك لم يستحل ‪ ،‬لعله غير مكذب ول جاحد ‪ ...‬إلى‬
‫آخر هذا الهذيان ‪.‬‬
‫المقال الثامن عشر‬
‫القدس عبر التاريخ‬

‫)‪(19 /‬‬

‫أخذت مدينة القدس أهميتها التاريخية من وجود المسجد القصى فيها ‪ ،‬وقد‬
‫بناه أول ما بناه نبي الله يعقوب عليه السلم ‪ ،‬بعدما رفع إبراهيم عليه‬
‫السلم قواعد الكعبة المشرفة بأربعين عاما ‪ ،‬وجدد بناءه وعظمه جدا نبي‬
‫الله سليمان بن داود عليهما السلم ‪ ،‬وكانت بقعة المسجد وما حولها مركز‬
‫عاصمة دولته العظيمة التي دانت لها بقاع الرض حتى دخلت مملكة سبأ‬
‫العظمى في حكمه بإسلم الملكة بلقيس عليها من الله الرحمة والرضوان‪،‬‬
‫ثم حكى الله تعالى في القرآن أن بني إسرائيل لما طغوا وكفروا بأنبيائهم‬
‫وقتلوهم ‪ ،‬سلط الله عليهم الملك الشوري بختنصر فسامهم سوء العذاب‬
‫قتل الثلث وسبى الثلث إلى بابل وترك العجائز والمرضى ‪ ،‬وبقيت مدينة بيت‬
‫المقدس خرابا دهرا ‪ ،‬وبقي بنو إسرائيل متفرقين في الرض ‪ ،‬حتى اجتمعوا‬
‫مرة أخرى وعمروا القدس وبعث الله فيهم زكريا ويحيى وعيسى عليهم‬
‫السلم فكذبوهم وقتلوا يحيى وهموا بقتل عيسى عليهما السلم فرفعه الله‬
‫إليه ‪ ،‬وفي ذلك الزمان غلبت عليهم الروم وشردوهم في الرض مرة أخرى ‪،‬‬
‫ولما حكم الملك قسطنطين تنصر ودعا تأليه تأليه المسيح وأنه ابن الله‬
‫تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا ‪ ،‬وأحل الخنزير وحول القبلة إلى المشرق‬
‫وكان النبياء بعد موسى عليه السلم يصلون جميعا إلى المسجد القصى‬
‫وكذلك أول أمر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حتى نسخ ذلك ‪ ،‬ووضع‬
‫قسطنيطين الصور في الكنائس ‪ ،‬وأحل الخمر ‪ ،‬وحرف تعاليم النبياء إلى‬
‫الشرك والكفر بالله ‪ ،‬لكنه أذل اليهود بسبب عداوتهم للمسيح عليه السلم‬
‫وتفاخرهم أنهم قتلوه ‪ ،‬وصدقتهم النصارى على هذه الدعوى إلى يومنا هذا ‪،‬‬

‫‪142‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وألقى القمامة على الصخرة التي كانت اليهود تعظمها عند المسجد‬
‫القصى ‪ ،‬وكانت اليهود تلقي القمامة على الموضع الذي يزعمون أنهم صلبوا‬
‫فيه المسيح ‪ ،‬فلما حكم قسطنطين بنت أمه كنيسة على ما يظنون أنه قبر‬
‫المصلوب ‪ ،‬ألقت النصارى القمامة على الصخرة ‪ ،‬وبقى تحت حكم الروم‬
‫حتى فتح المسلمون بيت المقدس في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب‬
‫رضي الله عنه عام ‪16‬هـ ‪ ،‬وبقي اليهود من ذلك الحين أي قبل عام ثلثمائة‬
‫قبل ميلد المسيح شتاتا في الرض وقد ضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا‬
‫بغضب من الله كما قال الله تعالى في القرآن وذلك لقبح أفعالهم وشناعة‬
‫جرائمهم كما وصف الله تعالى ذلك بقوله ) وبكفرهم وقولهم على مريم‬
‫بهتانا عظيما وقولهم انا قتلنا المسيح عيسى بن مريم رسول الله ( وكما قال‬
‫عنهم أيضا ) لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى بن‬
‫مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون ( إلى آخر اليات التي بينت فساد‬
‫عقائدهم وكفرهم وظلمهم ‪.‬‬
‫حتى جاء عام ‪1897‬م ‪ ،‬فعقد المؤتمر الصيهوني الول في مدينة بازل‬
‫السويسرية ‪ ،‬وكان العقل المدبر وراءه اليهودي النمساوي )هرتزل (وأسست‬
‫الحركة الصهيونية بهدف وضع الخطوط العريضة لمعالم الطريق إلى دولة‬
‫يهودية في فلسطين والعودة من جديد من الشتات إلى أرض الميعاد التي‬
‫عاصمتها القدس ‪ ،‬وبعد كل هذه القرون الطويلة من التشرد ‪ ،‬أسس‬
‫الصندوق القومي اليهودي واللجان المنبثقة عن ذلك المؤتمر ‪.‬‬
‫وتوصلت الحركة الصهيونية إلى الحصول على وعد بلفور بتاريخ‬
‫‪2/11/1917‬م ‪ ،‬من بريطانيا لقامة وطن قومي لليهود في فلسطين ‪.‬‬
‫ثم وافقت المم المتحدة بتاريخ ‪29/11/1947‬م ‪ ،‬على تقسم فلسطين‬
‫المضطهد وطن لليهود وآخر للعرب وهو القرار الذي رفض عربيا‬
‫وفلسطينيا ‪.‬‬
‫ثم بمعونة بريطانيا أعلن بن غوريون قيام دولة إسرائيل بتاريخ‬
‫‪14/5/1948‬م ‪ ،‬وبدأت الحرب العربية السرائيلية رسيما لول مرة ‪.‬‬
‫ثم قامت حرب ‪1967‬م ‪ ،‬واحتلت فيها إسرائيل غزة والقدس وسيناء وصدر‬
‫بعد ذلك القرار ‪ 242‬الذي يلزم إسرائيل بالنسحاب من الراضي المحتلة‬
‫ويطالب بحل عادل لقضية اللجئين ‪.‬‬
‫ثم قامت حرب أكتوبر ‪1973‬م ‪ ،‬وصدر القرار الدولي ‪ 338‬يطالب بوقف‬
‫القتال وتطبيق القرار ‪. 242‬‬
‫ثم جاء اتفاق كامت ديفيد الول عام ‪ ،1978‬ثم توقيع اتفاقية السلم بين‬
‫مصر وإسرائيل عام ‪.1979‬‬
‫ثم صدر قرار إسرائيلي بتاريخ ‪30/7/1980‬م يقضى بتوحيد القدس عاصمة‬
‫لدولة إسرائيل ‪.‬‬
‫ثم توقع إسرائيل والوليات المتحدة المريكية بتاريخ ‪30/11/1981‬م ‪،‬‬
‫مذكرة تفاهم وتعاون استراتيجي مشترك ‪.‬‬
‫وبعده تجتاح إسرائيل الجنوب اللبناني المضطهد بيروت بتاريخ ‪، 6/6/1982‬‬
‫وتخرج المقاومة الفلسطينية وترعى مذابح صبرا وشاتيل ‪ ،‬وذلك بعد أسابيع‬
‫من تطبيق اتفاقية كامب ديفيد بالنسحاب من سيناء ‪.‬‬

‫)‪(20 /‬‬

‫‪143‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ثم تسارعت الخطى جدا بعد حرب الخليج ‪ ،‬فجاء مؤتمر مدريد عام ‪،1991‬‬
‫فأعلن المبادئ الذي يسمى اتفاق أوسلوا ‪13‬سبتمبر ‪ ،1993‬فاتفاق غزة‬
‫أريحا ‪ ،1994‬فاوسلو ‪ 2‬عام ‪ ، 95‬فمذكرة تفاهم واي ريفر ‪ ،1998‬فشرم‬
‫الشيخ ‪ ،‬وكل هذه المؤتمرات كانت تقترب من قضية القدس وتتحاماها‬
‫وتؤجلها ‪ ،‬ثم جاء مؤتمر كامب ديفيد الثاني في ‪11/7/2000‬م الذي فشل‬
‫بسبب الخلف حول مصير القدس ‪ ،‬وتبين بذلك أن قضية القدس هي قطب‬
‫الرحى ‪ ،‬وأن حركة اليهود التاريخية تتمحور حولها ‪ ،‬وليمكن بحال من‬
‫الحوال أن يتنازلوا عنها إل بالقوة ‪ ،‬وأنه لحل للحق السلمي فيها وفي‬
‫أرض فلسطين كلها إل بالجهاد ‪ ،‬وقد اجتمع للمسلمين الحق في القدس من‬
‫جميع الجهات ‪ ،‬فالحق الشرعي لن النبياء كلهم مسلمون ومنهم الذين بنوا‬
‫بيت المقدس والمسجد ‪ ،‬من يعقوب عليه السلم المضطهد المسيح عيسى‬
‫عليه السلم الذي بشر بمحمد صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬ونحن نؤمن بهم جميعا‬
‫وأما اليهود فهم قتلة النبياء ‪ ،‬وقد حرفوا تعاليمهم ‪ ،‬وقد كفروا بالله تعالى‬
‫لما كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم المبشر به في التوراة والنجيل ‪،‬‬
‫وكذلك لنا الحق التاريخي لجهزة أرض إسلمية طيلة أربعة عشر قرنا ‪،‬‬
‫وبالعرف والقانون الدولي كذلك ‪ ،‬وإذا تنازلت أمة عن مثل هذا الحق الثابت‬
‫الركان فأي حياة تستحقها بعد ذلك ؟!‬
‫‪1‬ـ أول من بنى المسجد القصى نبي الله يعقوب عليه السلم بن إسحاق ابن‬
‫إبراهيم عليهم السلم بعد بناء إبراهيم عليه السلم للكعبة بأربعين عاما ‪.‬‬
‫‪2‬ـ كانت فلسطين يسكنها الذين وصفوا في القرآن )بالجبارين(حتى فتحها‬
‫يوشع بن نون عليه السلم بعد وفاة موسى عليهما السلم وكانت وفاته آخر‬
‫زمن التيه ‪ ،‬وبين كل منهما وبين يعقوب عليه السلم أربعة آباء ‪ ،‬وكان فتحها‬
‫بعد خروج بني إسرائيل من التيه في صحراء سيناء بعد هجرتهم من مصر‬
‫ونجاتهم من فرعون ‪.‬‬
‫‪3‬ـ جدد نبي الله سليمان بن داود عليهما السلم بناء المسجد وجعل موقعه‬
‫وما حوله من المدينة عاصمة دولته العظيمة ‪ ،‬وبين داود وبين يهوذا بن‬
‫يعقوب عليه السلم عشرة آباء ‪.‬‬
‫‪4‬ـ بعد موت سليمان عليه السلم بمدة طغى بنو إسرائيل وكذبوا أنبيائهم‬
‫لشوري بختنصر‬ ‫وقتلوا بعضهم وعلوا في الطغيان فسلط الله عليهم الملك ا ِ‬
‫فسامهم سوء العذاب قتل الثلث وسبى الثلث إلى بابل وترك العجائز‬
‫والشيوخ والمرضى ‪ ،‬فبقيت المدينة خرابا دهرا ‪ ،‬وبقي بنو إسرائيل مشردين‬
‫في الرض ‪.‬‬
‫‪5‬ـ اجتمعوا مرة أخرى وعمروا المدينة وبعث الله فيهم من النبياء زكريا‬
‫ويحيى وعيسى المسيح بن مريم البتول عليهم السلم ‪ ،‬فكذبكم من كذبهم‬
‫من بني إسرائيل ودبروا قتل يحيى عليه السلم وهموا بقتل عيسى فرفعه‬
‫الله المضطهد ولم يقتل ولم يصلب ولكن شبه لهم ‪ ،‬ولكنهم أعلنوا قتله‬
‫وصلبه متفاخرين بذلك قاتلهم الله‬
‫‪6‬ـ غلبت الروم على بني إسرائيل واستولوا على بيت المقدس وشرد بنو‬
‫إسرائيل في الرجاء مرة أخرى ‪ ،‬ثم غلب على دولة الرومان الملك‬
‫قسطنطين وقد تنصر ودعا المنبثقة تاليه المسيح وأنه ابن الله ــ تعالى الله‬
‫عما يقولون علوا كبيرا ـ متأثرا بما كان يقوله قساوسة النصارى الذين حرفوا‬
‫دين عيسى الحق بعد رفعه المنبثقة السماء ‪ ،‬وأحل الخنزير وحول القبلة إلى‬
‫المشرق وكان بنو اسرائيل بعد موسى يصلون إلى المسجد القصى وكذلك‬
‫أول أمر نبينا محمد صلى الله عليه وسلم حتى نسخ ذلك ‪ ،‬ووضع قسطنطين‬

‫‪144‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫الصور في الكنائس ولم تكن كذلك ‪ ،‬وحرف تعاليم المسيح من التوحيد إلى‬
‫الشرك والكفر ‪ ،‬ولكنه أذل اليهود بسبب عداوتهم للمسيح عليه السلم‬
‫وتفاخرهم أنهم قتلوه ‪ ،‬وقد آمنت النصارى أن اليهود فعلوا ذلك ‪ ،‬وكان من‬
‫إذلل قسطنطين لليهود أن أمر بالقمامة التي كان اليهود يلقون بها على ما‬
‫يعتقدون أنه قبر المصلوب ‪ ،‬مبالغة منهم في إهانة المسيح عليه السلم‬
‫قاتلهم الله ‪ ،‬أمر أن ترمى على الصخرة عند المسجد القصى لن اليهود‬
‫كانوا يعظمون الصخرة ‪ ،‬وقد بنت أم الملك قسطنطين كنيسة على موضع‬
‫القبر الذي يظنونه قبر المصلوب وسميت كنيسة القيامة ‪ ،‬وقد بقي اليهود‬
‫مشردين ضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بغضب من الله منذ ذلك الحين‬
‫كما قص الله تعالى ذلك في القرآن ‪ ،‬ذلك بسبب كفرهم وطغيانهم ‪.‬‬
‫‪7‬ـ بقيت مدينة القدس تحت حكم الروم حتى فتحها المسلون في عهد‬
‫الخليفة الراشد عمر بن الخطاب سنة ‪16‬للهجرة ‪ ،‬وتوالى عليها الحكم‬
‫السلم من ذلك اليوم حتى دخول القوات البريطانية فلسطين اثر تداعيات‬
‫سقوط الخلفة السلمية ‪ ،‬أوائل القرن الماضي ‪ ،‬وقال قائدهم قولته‬
‫المشهورة ) الن انتهت الحروب الصليبيية ( ‪ ،‬ويستثنى من ذلك فترة‬
‫الحتلل الصليبي الذي أنهاه صلح الدين‪.‬‬

‫)‪(21 /‬‬

‫‪8‬ـ دعا اليهودي االنمساوي هرتزل إلى تأسيس الحركة الصهيونية فنجح في‬
‫إقامة مؤتمرها النصاف عام ‪1897‬م في بازل بسويسرا ‪ ،‬لوضع الخطوط‬
‫العريضة لمعالم الطريق إلى إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين والعودة‬
‫إلى ارض الميعاد عاصمتها القدس ‪ ،‬أسس في ذلك المؤتمر اللجان‬
‫والصندوق القومي للحركة ‪.‬‬
‫‪ 9‬ـ طمع اليهود ـ وقد كانت لهم يد في المؤامرة على إسقاط دولة الخلفة‬
‫السلمية ـ في منحهم وطن في فلسطين تكون عاصمته القدس ‪ ،‬وذلك فور‬
‫علمهم بنية تقسيم ممتلكات دولة الخلفة السلمية فيما عرف باتفاقية‬
‫سايكس بيكو ‪.‬‬
‫‪10‬ـ استغلوا نفوذهم في الحكومة البريطانية للحصول على وعد بلفور بتاريخ‬
‫‪2/11/1917‬م ‪ ،‬من بريطانيا لمساعدة اليهود لقامة وطن قومي لهم في‬
‫فلسطين ‪.‬‬
‫‪11‬ـ تعاظمت الهجرة اليهودية إلى فسلطين اثر صدور الوعد ‪ ،‬وتحت‬
‫الحتلل البريطاني وبمساعدته تمكن اليهود من تنظيم البنية السرية التحتية‬
‫لنظام الدولة ‪ ،‬إلى جانب العصابات الرهابية والجيش ‪.‬‬
‫‪12‬ـ لم ينته الحتلل البريطاني حتى وافقت المم المتحدة بتاريخ‬
‫‪29/11/1947‬م ‪ ،‬على تقسيم فلسطين إلى وطن لليهود وآخر للفلسطينيين‬
‫وهو القرار الذي رفض عربيا وفلسطينيا ‪.‬‬
‫‪13‬ـ أعلن بن غوريون أول رئيس وزراء لسرائيل قيام دولة إسرائيل بتاريخ‬
‫‪14/5/1948‬م ‪ ،‬وبدأت الحرب العربية السرائيلية رسميا لول مرة‬
‫‪14‬ـ توالت الحروب بين العرب واليهود ‪ ،‬حرب ‪ ،1948‬ثم حرب ‪1967‬التي‬
‫احتلت فيها إسرائيل القدس إلى جانب غزة وسيناء وصدر ذلك القرار رقم‬
‫‪ 242‬الذي يلزم إسرائيل بالنسحاب من الرض المحتلة ويطالب بحل قضية‬
‫اللجئين ‪ ،‬ثم حرب ‪1973‬م ‪ ،‬التي استفادت بسببها إسرائيل بعقد اتفاقية‬
‫كامب ديفيد عام ‪1978‬م ‪ ،‬فاتفاقية السلم بين مصر للسلم ‪1979‬م ‪،‬‬

‫‪145‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فاستطاعت تحييد مصر وشق الصف العربي ‪ ،‬وأخذت الجبهة العربية منذ‬
‫ذلك الحين في الضعف والنهزام‪.‬‬
‫‪15‬ـ صدر قرار إسرائيلي بتاريخ ‪30/7/1980‬م ‪ ،‬يقضى بتوحيد القدس‬
‫عاصمة أبدية لدولة إسرائيل ‪.‬‬
‫‪16‬ـ وقعت والوليات المتحدة المر بتاريخ ‪30/11/1981‬م ‪ ،‬مذكرة تفاهم‬
‫وتعاون استراتيجي مشترك ‪ ،‬وبعده اجتاحت إسرائيل الجنوب اللبناني إلى‬
‫بيروت بتاريخ ‪6/6/1982‬م ‪ ،‬وأخرجت المقاومة الفلسطينية ‪ ،‬وحصلت مذابح‬
‫صبرا وشاتيل ‪ ،‬وكان ذلك بعد أسابيع من تنفيذ اتفاقية كامب ديفيد‬
‫بالنسحاب الفعلي من سيناء ‪ ،‬وستطبق إسرائيل نفس سياسة غزوها سيناء‬
‫ثم النسحاب والحصول على اتفاقيات سلم وتفكيك الجبهة العربية ‪ ،‬وذلك‬
‫في النسحاب من جنوب لبنان على أمل أن تحصل إسرائيل على مكاسب‬
‫سياسية مثل اتفاقية السلم مع مصر ‪ ،‬وهو المر الهم عند إسرائيل من‬
‫احتلل الجنوب اللبناني ‪.‬‬
‫المقال التاسع عشر‬
‫استبدال قانون الجهزة الشخصية‬
‫قدمت منظمة ) مراقبة حقوق النبياء ( تقريرا موجزا يقع في ‪ 12‬صفحة ‪،‬‬
‫عن قلقها لنتهاكات كويتية لحقوق النبياء ‪ ،‬قدمته إلى لجنة حقوق النبياء‬
‫التابعة للمم المتحدة ‪ ،‬وصدرت ملحظاتها في ‪28/7/2000‬م ‪ ،‬مشيرة‬
‫المنبثقة ‪ 23‬من القضايا الرئيسية الباعثة على القلق ‪ ،‬منها التمييز ضد‬
‫المرأة في الزواج ‪ ،‬وحثت المنظمة الحكومة الكويتية على اتخاذ خطوات‬
‫فورية منها ‪:‬‬
‫‪1‬ـ سحب تحفظات الكويت على العهد الدولي لحقوق النبياء‬
‫‪2‬ـ تعديل بعض القوانين منها قانون الجهزة الشخصية‬
‫وقد وقعت الكويت على ما يسمى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية‬
‫والسياسية في ‪21/5/1996‬م ‪ ،‬ووقع عليه ‪144‬دولة أيضا ‪ ،‬ويتعين عليها‬
‫جميعا اللتزام بما ينص عليه العهد والبروتوكولين المحلقين به ‪.‬‬
‫وليس المقصود بحثها على تعديل قانون الجهزة الشخصية هو جعله أقرب‬
‫المنبثقة الشريعة السلمية واصلح ما قد يكون فيه مما يخالف الرأي الراجح‬
‫في أحكام الفقه السلم ‪ ،‬بل المقصود هو تعديله ليكون موافقا للمبادئ‬
‫العامة التي اشتمل عليها العهد الدولة لحقوق النسان بغض النظر عن‬
‫التحفظات التي أبدتها الكويت على العهد‪.‬‬
‫وذلك العهد ل يقيم وزنا للشريعة السلمية أصل ‪ ،‬بل واضعوه ـ لنهم غير‬
‫مسلمين أصل ـ يعدون أحكام الشريعة السلمية متخلفة ل تصلح لهذا الزمان‬
‫‪ ،‬وتشتمل على ظلم وتمييز ضد المرأة وذلك في أمور كثيرة منها‬
‫‪1‬ـ السماح بتعدد الزوجات‬
‫‪2‬ـ جعل الطلق بيد الرجل‬
‫‪3‬ـ نصب ولية الرجل في تزويج المرأة‬
‫‪4‬ـ منع المسلمة من الزواج بغير المسلم ‪ ،‬والمسلم من الزواج بغير‬
‫المسلمة أو الكتابية ‪.‬‬
‫‪5‬ـ منح الزوجة ربع ميراث الزوج في حالة عدم الولد للزوج المتوفى والثمن‬
‫في حالة وجوده ومنحها نصف حظ الذكر في الميراث بوجه عام حسب‬
‫أحكام الشريعة السلمية ‪.‬‬
‫وقد أصبحت الدول السلمية التي تطبق أحكام الشريعة السلمية في‬
‫الجهزة الشخصية هدفا لضغط تمارسه منظمة مراقبة حقوق النبياء التابعة‬

‫‪146‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫للمم المتحدة بغية إجبارها على استبدال قوانين الحوال الشخصية‬


‫المستمدة من الشريعة السلمية بغيرها من قوانين وضعية تتلءم وما يسمى‬
‫العهد الدولي لحقوق النسان ‪.‬‬

‫)‪(22 /‬‬

‫على أن تكون هذه القوانين الجديدة منطلقة من مبدأ المساواة المطلقة بين‬
‫الرجل والمرأة ‪ ،‬ومنحها حرية مطلقة في الزواج من غير المسلم ‪ ،‬وفي‬
‫الزواج بغير تدخل سلطة الرجل ) الولي ( ‪ ،‬ويتمثل مبدأ المساواة المطلقة‬
‫في منحها المشاركة الكاملة في حق الطلق كالرجل سواء بسواء ‪ ،‬وتعديل‬
‫قوانين الميراث ليكون حظها مثل حظ الرجل تماما ‪ ،‬وحظر تعدد الزوجات ‪.‬‬
‫ولريب أن هدف هذه الضغوط ـ ولو على المدى البعيد ـ هو إزالة ما تبقى‬
‫من أحكام الشريعة السلمية في قوانين البلد السلمية واستبدالها استبدال‬
‫تاما بقوانين وضعية عبد الوهاب بمبدأ التحاكم المنبثقة القرآن والسنة كمنهج‬
‫حياة الذي يعد أصل أساسيا في العقيدة السلمية ورفضه ردة عن الدين‬
‫بالجماع ‪.‬‬
‫والواجب على الدول السلمية ـ في ضوء هذه الضغوط ـ إبداء تحفظها بكل‬
‫وضوح على كل ما يخالف أحكام الشريعة فيما يسمى العهد الدولي لحقوق‬
‫النبياء ‪ ،‬وأن لتزيدها هذه الضغوط الدولية أكتوبر إصرارا على التمسك‬
‫بأحكام الشريعة السلمية ‪ ،‬لن هذا التمسك تعزيز للنتماء للعقيدة والهوية ‪،‬‬
‫واعتزاز بالذات ‪ ،‬ولن أحكام الشريعة السلمية المنصوص عليها في الكتاب‬
‫والسنة أحكام إلهية هادية لتقبل التشكيك ‪ ،‬وتطبيقها ـ لسيما في أحكام‬
‫السرة ـ أعظم أسباب التماسك السرى في البلد السلمية ‪ ،‬بينما يلحظ‬
‫الضد تماما في كل الدول التي ل تطبق هذه الحكام اللهية ‪ ،‬قال الحق‬
‫سبحانه ) ومن أحسن من الله حكما ( ‪.‬‬
‫كما أن الواجب على علماء الشريعة أن يبينوا بوضوح أن استبدال هذه‬
‫الحكام الشريعة بقوانين وضعية دولية تناقضها ‪ ،‬يعني طعن مباشر في‬
‫أحكام القرآن وتعاليم السنة وهدي الشريعة واعانة على هدم الدين وإثارة‬
‫الشك فيه‪ ،‬وذلك ردة بل ريب ردة عن الدين ‪.‬‬
‫المقال العشرون‬
‫مأساة الشيشان‬
‫نشرت جريدة سبعة أيام الجورجية في عددها الصادر بتاريخ ‪25/2/1999‬م‬
‫تقريرا ميدانيا من الشيشان بلسان صحفية جورجية يرافقها صحفي ألماني‬
‫وقد جاء في هذا التقرير باختصار ‪:‬‬
‫) تعتبر قرية قالمي أقرب إلهية جورجيا وتبدو حولها السيارات المحترقة من‬
‫جميع الجهات ‪ ،‬يلفها صمت رهيب باستثناء طائرة روسية تبحث عن هدف‬
‫آخر ‪ ،‬القرية كلها دمرت بالكامل ‪ ،‬وتلي هذه القرية قرية أخرى نصف مدمرة‬
‫‪ ،‬والباقون من سكانها على قيد الحياة هم الذين لم يستطيعوا الخروج ‪،‬‬
‫قادونا أول إلى منزل سوى مع الربعة ‪ ،‬ثم روضة أطفال ‪ ،‬لم يبق منها سوى‬
‫المدخل الذي كتب عليه تحية من الطفال حرقا داخل الروضة التي دمرتها‬
‫طائرات روسية ‪ ،‬وفي اليوم الثاني عندما كان أقرباؤهم يوارونهم التراب‬
‫قامت المروحيات الروسية بالتحليق فوقهم ‪ ،‬وكل ذلك يجري بجوار القرية ‪،‬‬
‫وبجانبها حافلة مليئة باللجئين ‪ ،‬تبدو لنا وجوه الطفال وهم خائفون‬
‫مرعوبون ‪ ،‬وفجأة بدأ القصف على الحافلة بالصورايخ الحارقة ‪ ،‬وكان‬

‫‪147‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫المحرك وخزان الوقود هما الهدف النسان بالنسبة لهم ‪ ،‬ثم شعرنا بقوة‬
‫النفجار والرتجاج والحافلة تحترق ‪ ،‬ولم يستطع أحد من الركاب الخروج ‪،‬‬
‫فاحترق كل من فيها من النساء والطفال ‪ ،‬وفي إحدى القرى قرب غروزني‬
‫عذب أحد السكان حتى الموت ‪ ،‬حين قام جنود فيلق روسي كامل بإطفاء‬
‫سجائرهم على جسمه العاري وأجبروه على المشي على الثلج حافي‬
‫القدمين ‪ ،‬وأمام عينيه قام الجنود الروس باغتصاب زوجته ‪ ،‬ودون رحمة قام‬
‫هؤلء بتعذيب ثلثة أفراد من عائلة شيشانية ‪ ،‬وتحمل الثلثة جميع أنواع‬
‫وفنون التعذيب الروسي الجرامي فأحدهم قتلوه رميا بالرصاص بعد تعذيبه ‪،‬‬
‫والخر قطعوا قدميه والثالث نزعوا كبده وهي حي ‪ ،‬وقطعوا يديه حتى‬
‫المرفق ( انتهى التقرير نقل عن مقال الدكتور سامي الدلل‬
‫ليس هذا التقرير سوى خبر عادي يجري مثله كل يوم في ارض الشيشان ‪،‬‬
‫وقد حاولت القيادة الروسية أن تخفي جرائمها البشعة هناك بكل سبيل ‪،‬‬
‫لكن الخبار أحيانا تخرج عن السيطرة ‪ ،‬فالصحافيون العالميون لم يبقوا سرا‬
‫هناك ‪.‬‬
‫يارب ضاق المام واشتد الفزع وهالنا من البليا ما وقع وجاشت النفس من‬
‫فرط الجزع وخانها أقدام إليك المطلع‬
‫وهل لها دونك مولى ينتجع اذا وهى حبل الرجاء فانقطع‬
‫وان كان ثمة أمر اشد على المة السلمية من مصابها في الشيشان أو مثله‬
‫في الشدة ‪ ،‬فهو المفارقات المضحكة المبكية في حياتنا ‪ ،‬فتأمل هذا‬
‫التناقض العجيب بين ما يفعله الروس ـ وغيرهم من البلد الشرقية والغربية ـ‬
‫من مظاهرات مناهضة لحكوماتهم تبلغ إلى درجة المطالبة باستقالة‬
‫زعماءهم واتهامهم بالفشل والخيانة ‪ ،‬وبين انزعاج مثقفينا العلمانيين ‪،‬‬
‫ومفكرينا الذين يزعقون علينا بالليبرالية ليل نهار ‪ ،‬انزعاجهم من تعبير سلمي‬
‫شعبي عابر هنا في الكويت عن مجرد الستياء من مجرم حرب ‪ ،‬يسحق أمة‬
‫من المسلمين ‪ ،‬ويسجل أبشع صورة في تاريخ الجرائم النسانية في مطلع‬
‫هذا القرن ‪.‬‬

‫)‪(23 /‬‬

‫ولم يكن ذلك التعبير الشعبي الذي لم يتعد الناحية العلمية الدعائية‬
‫فحسب ‪ ،‬لم يكن رشقا بالحجارة على الوزير الفرنسي حتى هرب مهرول‬
‫إلى سيارته فأوسعوها رفسا ‪ ،‬وذلك أثناء زيارته للقدس ‪،‬وذلك لمجرد أنه‬
‫سمى المقاومة اللبنانية إرهابا ‪ ،‬فصار بذلك عظة لي تصريح غير مسؤول‬
‫يصدر من دولة كبرى ‪ ،‬يسيء إلى نضال الشعوب المستضعفة ‪.‬‬
‫لم يصل التعبير عن سخط الشعب الكويتي لجرائم الحرب التي تمارسها‬
‫القوات الروسية إلى هذا الحد ‪ ،‬لقد كان مجرد تعبير رمزي ‪ ،‬لكن الليبراليين‬
‫الذين ملوا الدنيا نفاقا بالدعوة إلى الحرية والمكتسبات الدستورية ‪ ،‬استغلوه‬
‫لنفث أحقادهم‪.‬‬
‫وقد ذكرتني هذه المفارقة المضحكة بنكتة مشهورة أيام الحرب الباردة بين‬
‫الوليات المتحدة والتحاد السوفيتي ‪ ،‬ففي مناظرة بين مفكرين من‬
‫الطرفين ‪ ،‬قال المريكي أمتي خير منكم أيها الروس ‪ ،‬قد بلغنا من الحرية‬
‫أن الواحد منا يمكنه الطعن في الرئيس المريكي أمام البيت البيض دون أن‬
‫يمس بأذى ‪ ،‬فقال الروسي ‪ :‬ونحن كذلك يقدر الواحد منا بكل حرية أن‬
‫يشتم الرئيس )المريكي( ! أيضا أمام )الكرملين( ! وليصاب بأذى ‪.‬‬

‫‪148‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫أما الخوف من تأييد روسيا للعراق ‪ ،‬فلم يعد خافيا أنه قد فتحت سفارات‬
‫البحرين والمارات وقطر في العراق ـ هذه الدول المدججة بالقوات‬
‫المريكية ــ ووقفنا مشدوهين متحيرين ل ننبس ببنت شفة ‪ ،‬والحبل على‬
‫الجرار ‪ ،‬والدمية العراقية ـ وليست دمية بوتين ـ تحقق مكاسب كل يوم‬
‫ويتآكل الحصار ‪ ،‬وسيهرع المريكان والروس وغير الروس إلهية هذه الدمية‬
‫مرة أخرى اذا قرروا أصل )تشغليها( ‪ ،‬وإثارة ماتت هذه الدمية ‪ ،‬جاءوا بغيرها‬
‫‪ ،‬والعالم من حولنا مليء بالدمى التي تشغلها بطاريات نفط الخليج ‪ ،‬والمر‬
‫أعقد بكثير من أن تقلب دمية شارع الصحافة موازين المصالح العالمية ‪.‬‬

‫)‪(24 /‬‬

‫مقالت‬
‫التربية السرية مطلب ملح‬
‫تعليمنا والعلم المفقود‬
‫بين المنهج والرموز‬
‫بين المصالح الشخصية ومصالح الدعوة‬
‫بين العمل المؤسسي والعمل الفردي‬
‫القصة وسيلة دعوية‬
‫العلم والدعوة والصراع المفتعل‬
‫العادات بين طرفين‬
‫أدومه وإن قل أيضا ً‬
‫الثناء المنضبط وسيلة تربوية‬
‫حديث حول الشهرة والمشاهير‬
‫الدعاة والبعد الزمني الغائب‬
‫اتقوا الله ما استطعتم‬
‫أيها المربون‪ :‬لكل مقام مقال‬
‫إنا كل شيء خلقناه بقدر‬
‫إن مع العسر يسًرا‬
‫إلى زوجة داعية‬
‫أدومه وإن قل‬
‫السنن والعتبار‬
‫لنحترم أوقات الخرين‬
‫هل نستفيد من التجربة اليرانية؟‬
‫هذه المشكلت ليست من صنعنا‬
‫نعم للحاسب ولكن!‬
‫من للمطلقة؟‬
‫من صور التهرب من المسؤولية‬
‫من أوابد الوعاظ‬
‫معيار تصحيح الخطأ‬
‫حدثني من ل أتهم‬
‫لنكن واقعيين‬
‫حدثوا الناس بما يعرفون‬
‫لتهملوا الموعظة‬
‫لتتركوا فراغا ً بعدكم‬

‫‪149‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فرصة سانحة للدعاة‬


‫عوامل النجاح في العمل المؤسسي‬
‫رفقا ً بالشباب‬
‫دعوة للنصاف‬
‫حول المنهجية في الطلب‬
‫وما عليك أل يزكى‬
‫لو أقسم على الله لبره‬
‫أخطاء في المنهج‬
‫إنا نراك من المحسنين‬
‫حول التجديد والبداع‬
‫فقد الرموز‬
‫يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا‬
‫فيه خلف‬
‫لتنسوا كتب السلف‬
‫مساكين أطفالنا الصغار‬
‫تحزيب القرآن‬
‫الدعوة بين الحتساب والكتساب‬
‫الناس كالبل المائة‬
‫جانب مفقود في تربيتنا‬
‫العتدال في الحماس للفكرة‬
‫حتى نستفيد من التخصصات النسانية‬
‫حتى نستفيد من خطبة الجمعة‬
‫افتقار العمل التربوي للضوابط الشرعية‬
‫الخطاب الدعوي في قضية المرأة‬
‫ولتتبع أهواء الذين ليعلمون‬
‫مع أحداث الرض المباركة‬
‫الحدث الساخن‬
‫الحواجز المصطنعة‬
‫الصحوة الفكرية‬
‫سلمة المنهج والعصمة‬
‫مع الدعوة في بلد القليات‬
‫نظارة خضراء‬
‫اعبدوا الله مالكم من إله غيره‬
‫انتحار المشروعات‬
‫تعميم النموذج الشاذ‬
‫حاجتنا إلى تفعيل الطاقات‬
‫هل لمناهجنا صلة بالتطرف والرهاب؟‬

‫)‪(1 /‬‬

‫مقام النبي صلى الله عليه وسلم عند الله‬


‫د‪ .‬عبد الله الزبير عبد الرحمن*‬
‫ورقة في مقام النبي صلى الله عليه وسلم والتعريف به وبحقوقه وما يجب‬
‫على المة عند إيذائه‬

‫‪150‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫مقدمة‬
‫إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور‬
‫أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فل مضل له ومن يضلل فل هادي له‬
‫وأشهد أن ل إله إل الله وحده ل شريك له ‪ :‬شهادة مقر بربوبيته ‪ ،‬شاهد‬
‫بوحدانيته ‪ ،‬منقاد إليه لطاعته ‪ ...‬مؤمل في عفوه ورحمته ‪ ،‬طامع في‬
‫مغفرته ‪..‬‬
‫ً‬
‫وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه وخليله ‪ ،‬خيرته في خلقه وأمينه على‬
‫وحيه وسفيره بينه وبين عباده ‪ ،‬أقرب الخلق إليه وسيلة وأعظمهم عنده‬
‫جاها ً وأسمعهم لديه شفاعة‪ ،‬أحبهم إليه وأكرمهم عليه ‪ ،‬أرسله ربه باليمان‬
‫مناديًا‪ ،‬وإلى الجنة داعيا ً ‪ ،‬وإلى صراطه المستقيم هاديا ً ‪ ،‬وبكل معروف آمرا ً‬
‫وعن كل منكر ناهيا ً ‪ ،‬رفع له ذكره ‪ ،‬وشرح له صدره ‪ ،‬وجعل الذلة والصغار‬
‫على من خالف أمره ‪ ،‬والشفاعة والسعادة لمن تابع سيره‪:‬‬
‫يا سيدي يا رسول الله معذرة** إذا كبا فيك تبياني وتعبيري‬
‫ماذا أوّفيك من حق وتكرمة** وأنت تعلو على ظني وتقديري‬
‫أقبلت كالفجر وضاح السارير ** تدعو إلى الله ِفي يسر وتبشير‬
‫ج ** وفي يديك لواء العدل والنور‬ ‫على جبينك نور الحق منبل ٌ‬
‫ب نبيك بتوفيقك ‪ ،‬واتبعه بإرشادك وتسديدك ‪ ،‬وأمتنا‬ ‫اللهم اجعلنا ممن أح ّ‬
‫اللهم على ملته برحمتك ‪ ،‬واحشرنا اللهم في زمرته بنعمتك ‪...‬‬
‫أما بعد‪:‬‬
‫فهذه صفحات كتبت بسنان المحبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬وقلم‬
‫النتصار لجناب المصطفى الحبيب عليه الصلة والسلم ‪ ،‬طلبها بعض محّبي‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬راٍج رضوان ربه حين ينتصر لرسوله الكريم‬
‫عليه أفضل الصلة وأتم التسليم ‪ ،‬لتكون ورقة علمية تعّرف بالرسول الكريم‬
‫دمه للعالمين بحقيقته وأصله ‪ ،‬ومكانته وفضله‪ ،‬ومقامه عند ربه ‪ ،‬وحبه‬ ‫وتق ّ‬
‫لدى صحبه ‪ ،‬وما يجب له من النصرة والولية ‪ ،‬وما وجد من ربه من المعية‬
‫والعناية‪ ،‬والعصمة والوقاية ‪ ،‬والنصرة والحوطة والحماية صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ .‬فاستجبت لهذا الطلب مسرورا ً وفرحا ً حبورا ً للسهام الصادق في‬
‫المواجهة الفكرية والعقدية لمخطط الساءة للسلم ورسول السلم‬
‫ومقدسات السلم من اليهود ومن يقودونهم ‪.‬‬
‫فهي رسالة عاجلة إلى كل مؤمن محب لرسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫ليقف على مقام نبيه الكريم عند ربه وعند البشر ‪ ،‬فيتعّرف أكثر على حقيقة‬
‫الرسول المصطفى الكريم صلوات الله وسلمه عليه ‪ ،‬ليزداد تعلقا ً به ويزيد‬
‫صدقا ً في إيمانه به ‪ ،‬ومعرفة لحقوقه عليه وواجباته تجاهه فينصره ويعزره‬
‫ويعشق رسالته فيكون هواه تبعا ً لما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫‪.‬‬
‫ً‬
‫ثم يعلم يقينا أنه‪:‬‬
‫ـ قد خاب وخسر أهل أوربا بقيادة الدنمارك الذين تطاولوا على نبي السلم‬
‫محمد صلى الله عليه وسلم في صحفهم ‪..‬‬
‫ـ وقد ضلوا ضلل ً مبينا ً الذين سخروا من نبي المرحمة صلى الله عليه وسلم‬
‫بمقال أو برسم من خيال‪..‬‬
‫ـ وقد أسخطوا ربهم الذين سعوا للنيل من رسول العدل والحسان صلى الله‬
‫عليه وسلم بإساءة أو إهانة‪..‬‬
‫ـ وقد ُبتر من رحمة الله من شنأ رسول النسانية أو استهزأ به وهو الرحمة‬
‫المهداة والنعمة المسداة والسراج المنير صلى الله عليه وسلم ‪..‬‬

‫‪151‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫طرد من رحمة الله‬ ‫ـ وقد ُلعن من آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم و ُ‬
‫إلى المهانة البعيدة والعذاب المهين ‪ ،‬وصدق أصدق القائلين جل جلله حين‬
‫قال‪ ):‬إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والخرة وأعد ّ لهم‬
‫عذابا ً مهينا ً ()]‪.([1‬‬
‫فملعون من ربه من أساء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم !!‪..‬‬
‫ومطرود من رحمة الله من آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم !!‪..‬‬
‫ومسخوط عند ربه من أهان رسول الله صلى الله عليه وسلم !!‪..‬‬
‫ومهين في الدنيا والخرة من استهزأ برسول الله صلى الله عليه وسلم !!‪..‬‬
‫***‬
‫المبحث الول‬
‫مقام النبي صلى الله عليه وسلم عند ربه عز وجل‬
‫ن محمدا ً رسول الله صلى الله عليه وسلم هو النبي ‪ ،‬المعظم ‪ ،‬المكّرم ‪،‬‬
‫ّ‬ ‫إ ّ‬
‫المعل ‪ ،‬المجتبى ‪ ،‬المصطفى ‪ ،‬صاحب المقام المحمود والحوض المورود ‪ ،‬ل‬ ‫ّ‬
‫يداني باحة مجده بشر ول ملك ‪ ،‬ول يطرق ساحة جده مخلوق إذا سلك ‪..‬‬
‫فهو صلى الله عليه وسلم أقرب الخلق إلى الله وسيلة ‪ ..‬وأسمعهم لديه‬
‫شفاعة ‪ ..‬وأعظمهم عنده جاها ً ‪ ..‬وهو صلى الله عليه وسلم أكرمهم عليه ‪..‬‬
‫وأحبهم إليه‪..‬‬
‫أرسله ربه لليمان مناديًا‪ ..‬وإلى الجنة داعيًا‪ ..‬وإلى صراطه المستقيم هاديًا‪..‬‬
‫وبكل معروف آمرا ً وعن كل منكر ناهيًا‪ ..‬رفع له ذكره‪ ،‬وشرح له صدره‪،‬‬
‫صَغار على من خالف أمره‪ ،‬والشفاعة‬ ‫ووضع عنه وزره‪ ،‬وجعل الذِّلة وال ّ‬
‫والسعادة لمن تابع سيره‪..‬‬
‫وات‬‫هو الحبيب الذي ختم الرسالت***وجاء يهدينا نور النب ّ‬
‫هو الشفيع الذي سعد النام به**من سار في هديه نال الكرمات‬
‫وصدق الله الذي قال فيه ‪ ) :‬وإن تطيعوه تهتدوا ( ]‪[2‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫وليس كل هذا من دعاوى المحبين لرسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬ول‬
‫من مبالغاتنا فيه عليه الصلة والسلم ‪ ،‬بل كل ذلك من حقيقته وهي به‬
‫حقيقٌ صلى الله عليه وآله وسلم ‪.‬‬
‫وإننا في هذه الفقرة سنرى مقام المصطفى الحبيب عند ربه تبارك وتعالى‪،‬‬
‫مستعرضين مظاهر التعظيم اللهي والتكريم الرباني لمحمد صلى الله عليه‬
‫وسلم فارشد بها ‪ ،‬واعرف نبيك أكثر‪ ،‬ومقامه السمى ومكانه العلى ‪ ،‬لتقوم‬
‫بحقه حقًا‪.‬‬
‫‪ 1‬ــ اصطفاؤه صلى الله عليه وسلم على البشرية ‪:‬‬
‫ن محمدا ً صلى الله عليه وسلم هو خير من وطئ الحصى وخير من‬ ‫نعم! إ ّ‬
‫وطئ الغبراء وأفضل من مشى على الرض من سائر البشر ‪ ،‬إذ ربه تبارك‬
‫ظمه وكّرمه فجعله سيد ولد آدم ‪ ،‬وأرفع الناس نسبا ً ‪ ،‬وأشرفهم بيتا ً‬ ‫وتعالى ع ّ‬
‫‪ ،‬وأفضلهم عشيرة ‪ ،‬فهو أنفس الناس على الطلق‪.‬‬
‫ل من أنفسكم عزيٌز عليه ما عنتم‬ ‫وهذا مصداق قوله تعالى ) لقد جاءكم رسو ٌ‬
‫م ()]‪.([3‬‬
‫ف رحي ٌ‬
‫ص عليكم بالمؤمنين رءو ٌ‬ ‫حري ٌ‬
‫وعند المفسرين الخطاب ههنا في ] جاءكم [ يحتمل أن يكون للعرب ‪] ،‬ومن‬
‫ن تعرفونه من نقاوة جنسكم ‪ ،‬ويحتمل أن يكون الخطاب للبشر‬ ‫م ْ‬‫أنفسكم[‪َ :‬‬
‫على الطلق ومعنى ] من أنفسكم [‪ :‬أنه من خير جنس البشر ‪ ،‬وقرأ ابن‬

‫‪152‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫سكم (بفتح الفاء‪ ،‬من النفاسة والمراد من أشرف‬ ‫ف ِ‬‫عباس والزهري) أن ْ َ‬


‫العرب والناس وأفضلهم‪ ،‬وأنسبهم‪ ،‬وأخيرهم)]‪.([4‬‬
‫ح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ‪ ) :‬أنا سيد‬ ‫كد هذا المقام وُيثبته ما ص ّ‬ ‫ويؤ ّ‬
‫ولد آدم ‪ ،‬وأول من ينشق عنه القبر ‪ ،‬وأول شافع وأول مشفع ( )]‪.([5‬‬
‫وفي كتاب الفضائل من صحيح مسلم من حديث واثلة بن السقع رضي الله‬
‫عنه قال صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل‪،‬‬
‫واصطفى قريشا ً من كنانة‪ ،‬واصطفى من قريش بني هاشم‪ ،‬واصطفاني من‬
‫بني هاشم ()]‪.([6‬‬
‫وعند الطبراني من حديث ابن عمر رضي الله عنهما يقول صلى الله عليه‬
‫ن الله خلق السموات سبعا ً ثم خلق الخلق ‪ ،‬فاختار من الخلق‬ ‫وسلم ‪ ) :‬إ ّ‬
‫بني آدم ‪ ،‬ثم اختار من بني آدم العرب ‪ ،‬ثم اختار من العرب مضر ‪ ،‬ثم اختار‬
‫من مضر قريشا ً ‪ ،‬ثم اختار من قريش بني هاشم ‪ ،‬ثم اختارني من بني‬
‫هاشم ‪ ،‬فأنا خياٌر من خيار ()]‪.([7‬‬
‫دم على البشرية كافة ‪،‬‬ ‫ن ـ المصطفى على الناس أجمعين ‪ ،‬والمق ّ‬ ‫فهو ـ إذ ْ‬
‫ً‬
‫والمجتبى المختار من بين الصلب تخّيرا وانتقاًء ‪ ،‬فمحمد ٌ صلى الله عليه‬
‫وسلم هو النبي الذي تنقاه الله لدينه وكما قالوا‪:‬‬
‫قاه الله لدينه‬ ‫ي تن ّ‬ ‫ي هدي سمت محمد** نب ّ‬ ‫وأفضل هد ٍ‬
‫عليه السلم كان في النصح رحمة**وفي بره للعالمين ولينه‬
‫ت بجبينه‬‫ن الثريا عُّلق ْ‬ ‫إمام هدىً ينجاب عن وجهه الدجى**كأ ّ‬
‫‪ 2‬ــ اصطفاؤه صلى الله عليه وسلم على النبيين ‪:‬‬
‫ن أنبياء الله تعالى ـ صلوات الله وسلمه عليهم ـ هم المصطفون الخيار ‪،‬‬ ‫إ ّ‬
‫ثم اصطفى من سائر النبيين أولي العزم من الرسل الكرام وهم‪ :‬نوح‬
‫ل‬‫وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم السلم‪ ،‬ثم اصطفى رب العزة ج ّ‬
‫وعل محمدا ً صلى الله عليه وسلم على سائر النبيين والمرسلين صلوات الله‬
‫وسلمه عليهم أجمعين ‪ ،‬فكان صلى الله عليه وسلم المصطفى على‬
‫المصطفين‪ ،‬فهو مصطفى المصطفين وخير الخيار وسيد المرسلين وإمامهم‬
‫أجمعين صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫أ ـ فربنا تبارك وتعالى أخذ العهد والميثاق على النبيين أجمعين أن يؤمنوا‬
‫برسول الله صلى الله عليه وسلم ويقروا له بالنبوة والرسالة ‪ ،‬وأن من‬
‫دم‬ ‫ّ‬ ‫تق‬ ‫حضره أو عاصره أو أدركه وهو حي أن ينصره ‪ ،‬وهذا بل شك دا ّ‬
‫ل على‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم‪ ،‬وأنه المتبوع المام وأنهم التابعون‬
‫المأمومون وإن كانوا هم خير البشر صلوات الله وسلمه عليهم أجمعين ‪.‬‬
‫فالله تعالى يقول في ذلك ‪ ) :‬وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب‬
‫ل مصدقٌ لما معكم لتؤمنن به ولتنصرّنه‪ .‬قال أأقررتم‬ ‫وحكمة ثم جاءكم رسو ٌ‬
‫وأخذتم على ذلكم إصري ؟ قالوا ‪ :‬أقررنا ‪ ،‬قال فاشهدوا وانا معكم من‬
‫الشاهدين ‪ .‬فمن تولى بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون ( )]‪.([8‬‬
‫ً‬
‫قال علي بن أبي طالب وابن عباس رضي الله عنهم ‪ " :‬ما بعث الله نبيا من‬
‫النبياء إل ّ أخذ عليه الميثاق لئن بعث محمدا ً صلى الله عليه وسلم وهو حي‬
‫َ‬
‫ن به ولينصَر ّنه‪ ،‬وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته لئن ُبعث محمد وهم‬ ‫ليؤمن َ ّ‬
‫ن به ولينصُرّنه ")]‪ .([9‬ولهذا ‪:‬‬ ‫أحياء ليؤمن ُ ّ‬
‫ما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت المقدس ليلة أسري به‬ ‫ب ـ لَ ّ‬
‫جمع الله له سائر النبيين والمرسلين ينتظرون مقدمه ليقدموا له واجب‬
‫القرار بالنبوة والمامة الدينية عليهم‪ ،‬فلما جاء صلى الله عليه وسلم فعلوا‬

‫‪153‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫دموه إماما ً عليهم ليصلي بهم ركعتين في بيت المقدس عمل ً بالميثاق‬
‫ذلك وق ّ‬
‫وتحقيقا ً للقرار الذي أخذه الله عليهم ـ عليهم السلم ـ ‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫ن النبي صلى الله عليه وسلم قد اصطفاه ربه تبارك وتعالى على‬ ‫ج ـ ول ّ‬
‫النبيين أجمعين كان النبياء واجبا ً عليهم من أدركه منهم أو حضره أن يتبعه‬
‫ويقوم بالدعوة على منهاجه وإقامة شرعته والحكم بسنته والهتداء بهديه ‪،‬‬
‫كما ورد عنه من حديث جابر رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال ‪) :‬‬
‫والذي نفسي بيده لو أن موسى كان حيا ً ما وسعه إل ّ أن يتبعني()]‪. ([10‬‬
‫وليس المراد موسى وحده فهو رسول من الرسل بل هو من أولي العزم من‬
‫الرسل ‪ ،‬فكل من كان بهذه الحال من النبياء ما وسعه إل ّ أن يتبع محمدا ً‬
‫دم المطاع‪.‬‬‫صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬لنه المتبوع المام المق ّ‬
‫د ـ ولّنه المصطفى على المصطفين الخيار من النبيين صلوات الله وسلمه‬
‫عليهم أجمعين؛ كانت تكرمة الله لمته أن ينزل عليهم في آخر زمان المة‬
‫ل من الرسل بل أحد أولي العزم من الرسل ليقيم‬ ‫ي من النبياء و رسو ّ‬ ‫نب ّ‬
‫شريعة محمد صلى الله عليه وسلم ويحكم بأحكامه على منهاج محمد صلى‬
‫الله عليه وسلم ‪ ،‬فإن عيسى عليه السلم سينزل في آخر الزمان فيحكم‬
‫بكتاب الله ) القرآن( وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬وقد تواترت‬
‫الحاديث والخبار بنزول عيسى عليه السلم خليفة لمحمد صلى الله عليه‬
‫وسلم في أمته‪ ،‬وفي الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬أنا أولى‬
‫الناس بعيسى بن مريم لنه لم يكن بيني وبينه نبي‪ ،‬وإنه خليفتي على أمتي‬
‫وإنه نازل ( )]‪.([11‬‬
‫هـ ـ ولّنه صلى الله عليه وسلم المصطفى على النبيين أجمعين ؛ جعله الله‬
‫تعالى خاتم النبيين ‪ ،‬فل نبي بعده ‪ ،‬كما جعل كتابه الذي أنزله على قلبه‬
‫] القرآن الكريم [ ليكون من المنذرين الكتاب الناسخ والمهيمن على الكتب‬
‫السابقة المنزلة على النبياء‪ ،‬التوراة والنجيل والزبور وصحف إبراهيم‬
‫ً‬
‫وموسى ‪ ،‬وهذا هو معنى قوله تعالى ) وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقا لما‬
‫بين يديه من الكتاب ومهيمنا ً عليه()]‪.([12‬‬
‫ن محمدا ً صلى الله عليه وسلم هو المصطفى على المصطفين الخيار‬ ‫و ـ ول ّ‬
‫جه‬‫دمه وفضله فُيو ّ‬ ‫من الرسل الكرام ‪ ،‬يعترف له أهل النبوة يوم الحساب بتق ّ‬
‫أولوا العزم من الرسل الناس إلى صاحب المقام المحمود محمد بن عبد الله‬
‫الرسول النبي المي صلى الله عليه وسلم ليلتمسوا عنده الشفاعة لهم من‬
‫ربهم ‪.‬‬
‫فقد ثبت في الصحيح أن الناس يأتون آدم ليشفع فيقول‪ :‬نفسي نفسي ‪،‬‬
‫وكذلك يقول نوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلم ‪ ،‬وهؤلء هم أولوا‬
‫العزم من الرسل وهم أفضل الخلق ‪ ،‬ويقول لهم عيسى "اذهبوا إلى محمد‬
‫عبد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر"‪ .‬يقول النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ ) :‬فإذا رأيت ربي خررت له ساجدا ً فيقول أي محمد ارفع رأسك وقل‬
‫يسمع واسئل تعط واشفع تشفع ( فيحد لي حدا ً ‪ ،‬فأدخلهم الجنة ‪ ..‬فهذا خير‬
‫الخلق وأكرمهم على الله ")]‪.([13‬‬
‫يا خير مبعوث وأفضل مرسل**وشفيع قوم أذنبوا وأساءوا‬
‫أنوارك العظمى إذا ما أشرقت**يوم القيامة فالورى سعداُء‬
‫ن رسولنا الحبيب محمدا ً صلى الله عليه وسلم هو المصطفى على‬ ‫ز ـ ول ّ‬

‫‪154‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫شروا أقوامهم والناس‬ ‫النبيين أجمعين ‪ ،‬ك ُّلف النبياء ـ عليهم السلم ـ بأن يب ّ‬
‫أجمعين بمقدم محمد صلى الله عليه وسلم وبعثته في الناس كافة‪ ،‬فقاموا‬
‫بالبشارة بمقدم البشير وببعثة الرحمة المهداة للعالمين‪ ،‬وبالتعريف به ‪،‬‬
‫فعرفه أهل الكتاب كما يعرفون أبناءهم ‪.‬‬
‫فكان صلى الله عليه وسلم دعوة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلم إذ دعوا‬
‫الله ببعثه يقولن‪ ) :‬ربنا وابعث فيهم رسول ً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم‬
‫الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم ( )]‪..([14‬‬
‫وكان صلى الله عليه وسلم بشارة عيسى عليه السلم يبشر بأحمد‬
‫المصطفى بني إسرائيل كما أخبر تعالى ‪ ) :‬وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني‬
‫إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا ً لما بين يدي من التوراة ومبشرا ً‬
‫برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد ()]‪.([15‬‬
‫وكان صلى الله عليه وسلم معروفا ً لُتلةِ التوراة وقُّراء النجيل بسمته‬
‫ووصفه وصفته ونهجه ورسالته وسماحته وقد قال تعالى ) الذين يتبعون‬
‫الرسول النبي المي الذي يجدونه مكتوبا ً عندهم في التوراة والنجيل يأمرهم‬
‫بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث‬
‫ويضع عنهم إصرهم والغلل التي كانت عليهم ( )]‪.([16‬‬
‫وكان صلى الله عليه وسلم معروفا ً عند أهل الكتاب معرفة تامة كما يعرفون‬
‫م وقد أخبرنا ربنا بذلك فقال وهو أصدق القائلين‪ ) :‬الذين‬ ‫أبناءهم أو هي أت ّ‬
‫آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا ً منهم ليكتمون الحق‬
‫وهم يعلمون ()]‪.([17‬‬
‫فهاهو محمد صلى الله عليه وسلم المصطفى على المصطفين الخيار‬
‫ن ـ كما أخبر‪ :‬سيد ولد آدم بما‬ ‫والمجتبى على الرسل الكرام البرار ‪ ،‬فهو ـ إذ ْ‬
‫دح‪:‬‬
‫فيهم النبياء فحق أن ُيمت َ‬
‫يا خير من وطئ الغبراء أخمصه**ومن تطوف بالخضرا له قدم‬
‫ن**دبت به الروح وانجابت له الظلم‬ ‫يا سيد الرسل والملك أكرم م ْ‬
‫يا صفوة الله من لي أن أراك وقد **سريت تجتاز ما تكبو به العزم‬

‫)‪(3 /‬‬

‫‪ 3‬ــ رفع ذكره صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬


‫ن الله‬ ‫ومن مظاهر التعظيم اللهي للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أ ّ‬
‫تعالى رفع له ذكره من دون العالمين من خلقه ‪ ،‬وما ذاك إل ّ لن محمدا ً‬
‫ضل ولّنه أكرم الخلق على الله وأحب الخلق‬ ‫دم مف ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم مق ّ‬
‫إلى الله ‪ ،‬ولذلك ‪:‬‬
‫ـ فإّنه ل إيمان بل ول إسلم إل ّ بإقرار الرسالة لمحمد صلى الله عليه وسلم‬
‫مع القرار بالربوبية واللوهية لله تعالى ‪ ،‬فكلمة التوحيد حرفان ل يتحقق‬
‫التوحيد بأحدهما دون الخر حرف ‪ ):‬ل إله إل الله ( والحرف الخر ) أن‬
‫محمدا ً رسول الله ( فمن أقر لله بالتوحيد ولم يقر لمحمد بالنبوة والرسالة‬
‫كان كافرا ً ‪ ،‬فكان ل بد ّ أن يرفع ذكر محمد مع ربه تبارك وتعالى ‪.‬‬
‫ـ ويجعل الله تعالى ذكر محمد صلى الله عليه وسلم مرفوعا ً على الدوام‬
‫كلما نادى منادي الصلة ‪ ،‬مع أن الصلة تقام لذكره تعالى ‪ ،‬إل ّ أن النداء إلى‬
‫تلك الصلة ل بد ّ أن يشتمل على ذكر محمد صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬ففي كل‬
‫دقيقة وثانية ولحظة يرفع المنادون الذان في مشارق الرض ومغاربها فيرفع‬
‫ذكر محمد صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬

‫‪155‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫فأي تعظيم يرجى مع هذا التعظيم ؟! وأيّ تبجيل يكون أعلى من هذا التبجيل‬
‫؟! وأيّ رفعة لنسان غير محمد عرفت لحد في تاريخ الناس ؟!‪.‬‬
‫ن على رسوله صلى الله عليه وسلم بهذا‬ ‫فصدق الله الكريم المّنان الذي يم ّ‬
‫التعظيم والتكريم قائل ً له ‪ ) :‬ألم نشرح لك صدرك ‪ .‬ووضعنا عنك وزرك‪.‬‬
‫الذي أنقض ظهرك ‪ .‬ورفعنا لك ذكرك ()]‪.([18‬‬
‫ي كريم‪:‬‬ ‫فأعظم به من نب ّ‬
‫شهَد ُ‬‫ن يلوح وي ُ ْ‬
‫م **من الله ميمو ٌ‬ ‫وة خات ٌ‬‫أغّر عليه للنب ّ‬
‫وضم الله اسم النبي إلى اسمه**إذا قال في الخمس المؤذن أشهد ُ‬
‫جّله**ذو العرش محمود ٌ وهذا محمد ُ‬ ‫مهِ لي ُ ِ‬‫س ِ‬
‫وشق له من ا ْ‬
‫ى صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬ ‫ض َ‬‫‪ 4‬ــ المحبوب المستر َ‬
‫ن محمدا ً صلى الله عليه وسلم هو أحب الخلق إلى الله تعالى ‪ ،‬ودليل ذلك‬ ‫إ ّ‬
‫ً‬
‫ما قاله ابن عباس رضي الله عنهما ‪ " :‬ما خلق الله ول ذرا ول برأ نفسا أحب‬
‫إليه من محمد صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬وما سمعته أقسم بحياة قط غيره ‪ ،‬ثم‬
‫قرأ ) لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون ( )]‪.([19‬‬
‫ن الله تعالى تعظيما ًَ لنبيه الكريم صلى الله عليه وسلم اتخذه خليل‪ً،‬‬ ‫بل إ ّ‬
‫والخّلة أعظم مراتب المحبة وأعلها‪ ،‬ولذلك جعلها لمحمد صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ ،‬فقد ثبت في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم قال لصحابه‪ ) :‬قد‬
‫خ ّ‬
‫ل‬ ‫اتخذ الله عز وجل صاحبكم خليل ً ( )]‪ .([20‬وقال ‪ ) :‬أل إني أبرأ إلى كل ِ‬
‫ن إن صاحبكم خليل‬ ‫خّله‪ ،‬ولو كنت متخذا ً خليل ً لتخذت أبا بكر خليل ً ‪ ،‬ولك ْ‬ ‫من ِ‬
‫الله ( )]‪.([21‬‬
‫والخليل ل يترك خليله ول يفارقه ‪ ،‬فهو معه على الدوام‪ ،‬وهو يرافقه في كل‬
‫أوان ‪ ،‬ولهذا ُيعرف المرء بخليله ‪.‬‬
‫ّ‬
‫ل وعل ‪ ،‬فإنه سبحانه أكد لرسول الله صلى الله عليه‬ ‫وكذلك رب العزة ج ّ‬
‫ً‬
‫وسلم صفّيه وخليله أنه غير مفارقه ول تاركه ‪ ،‬تحقيقا للخلة لرسوله صلى‬
‫الله عليه وسلم ‪ ،‬وذلك بالقسم العظيم يقول له تعالى) والضحى ‪ .‬والليل إذا‬
‫سجى ‪ .‬ما ودعك ربك وما قلى ‪ .‬وللخرة خيٌر لك من الولى ( )]‪.([22‬‬
‫ن نبينا الكريم ـ عليه أفضل الصلوات وأتم التسليمات ـ زاده ربه بكرمه‬ ‫غير أ ّ‬
‫ى‪..‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫ض َ‬ ‫ومّنه تكريما وتعظيما فجعله صلى الله عليه وسلم المحبوب المستر َ‬
‫* يرضيه ربه فيعطيه ما أراد من الخير له ولمته حتى يرضى صلى الله عليه‬
‫ضى ( )]‬ ‫كد له ذلك رب العزة يقول له ‪) :‬ولسوف يعطيك ربك فتر َ‬ ‫وسلم يؤ ّ‬
‫‪.([23‬‬
‫* ويمنيه ربه أّنه سيرضيه وعدا ً قاطعا ً من رب قادر كريم يعطي الجزيل يعد‬
‫خليله وهو له محب فيقول له ‪ ) :‬فاصبر على ما يقولون وسبح بحمد ربك‬
‫قبل طلوع الشمس وقبل غروبها ومن آناء الليل فسبح وأطراف النهار لعلك‬
‫ترضى( )]‪.([24‬‬
‫* ويرضيه ربه تبارك وتعالى فيوليه القبلة التي يرضاها وقد قال له في ذلك )‬
‫قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر‬
‫المسجد الحرام ( )]‪.([25‬‬
‫* ويرضيه ربه جل وعل في أمته فيختار له من بين المم أمة السلم وهي‬
‫مة أخرجت للناس ‪.‬‬ ‫خير أ ّ‬
‫* ويرضيه ربه جل شأنه في كتابه فيجعل كتابه هو المهيمن الناسخ لسائر‬
‫الكتب سواه ‪ ،‬وحفظه له ‪.‬‬
‫* ويرضيه ربه جل جلله في النبوة فيجعله خاتم النبيين حيث ل نبي بعده ‪.‬‬
‫* ويرضيه ربه عز وجل في الدين فيجعل دينه المرضي عنده ‪ ،‬بل يجعل دينه‬

‫‪156‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫هو الدين الذي ل يقبل الله سواه فقال له ولمته ) ورضيت لكم السلم‬
‫ن الدين عند الله السلم ()]‪ ([27‬وقال سبحانه )‬‫دينا ً ()]‪ ([26‬وقال تعالى ) إ ّ‬
‫ومن يبتغ غير السلم دينا ً فلن يقبل منه وهو في الخرة من الخاسرين ()]‬
‫‪.([28‬‬
‫* ويرضيه ربه تبارك اسمه في صحابته فيرضى عنهم ويرضيهم وقد أنزل‬
‫عليه فيهم ) والسابقون الولون من المهاجرين والنصار والذين اتبعوهم‬
‫بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجري تحتها النهار‬
‫خالدين فيها أبدا ً ذلك الفوز العظيم ( )]‪.([29‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫فماذا أبقى له ربه تبارك وتعالى مما له به صلة ‪ ،‬إل ّ وأرضاه صلى الله عليه‬
‫ضى‬ ‫وسلم فيه ‪ ،‬فكان صلى الله عليه وسلم هو محبوب الله تعالى المستر َ‬
‫من ربه الكريم المّنان ‪.‬‬
‫]‪ [5‬اقتران لزوم محبته صلى الله عليه وسلم بلزوم محبة الله تعالى‪]) :‬‬
‫‪([30‬‬
‫الله تعالى أوجب محبة نبيه صلى الله عليه وسلم كما أوجب محبته هو‬
‫سبحانه‪ ،‬غير أنه تعظيما ً للنبي صلى الله عليه وسلم ورفعا ً لقدره وتنبيها ً‬
‫لمقامه عند ربه ؛ قرن لزوم محبة نبيه صلى الله عليه وسلم بلزوم محبته عز‬
‫وجل ‪ ،‬ليعرف الناس أن محمدا ً يجب أن تكون محبته عظيمة وأنه ل يعلو‬
‫م‬‫ن آباؤك ُ ْ‬ ‫كا َ‬ ‫ن َ‬ ‫لإ ْ‬ ‫محبة رسول الله إل ّ محبة الله تعالى ‪ ،‬فقال تعالى ‪ ) :‬قُ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫شو ْ َ‬ ‫خ َ‬ ‫جاَرة ٌ ت َ ْ‬ ‫ها وت ِ َ‬ ‫مو َ‬ ‫ل اقْت ََرفْت ُ ُ‬ ‫وا ٌ‬ ‫م َ‬‫م وَأ ْ‬ ‫شيَرت ُك ُ ْ‬ ‫م وَعَ ِ‬ ‫جك ُ ْ‬ ‫م وأْزَوا ُ‬ ‫وان ُك ُ ْ‬‫خ َ‬
‫م وإ ْ‬ ‫وأبناؤك ُ ْ‬
‫َ‬
‫ه‪،‬‬‫سِبيل ِ ِ‬ ‫جَهادٍ في َ‬ ‫سول ِهِ وَ ِ‬ ‫ن اللهِ وََر ُ‬ ‫م َ‬ ‫م ِ‬ ‫ب إل َي ْك ُ ْ‬ ‫ح ّ‬
‫ضوْن ََها ‪ ،‬أ َ‬ ‫ن ت َْر َ‬ ‫سا ْك ِ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ها ‪ ،‬وَ َ‬ ‫ساد َ َ‬‫كَ َ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫قين ( )]‪.([31‬‬ ‫س ِ‬ ‫فا ِ‬ ‫م ال َ‬ ‫قو ْ َ‬‫دي ال َ‬ ‫ه ل ي َهْ ِ‬ ‫مرِهِ ‪َ ،‬والل ُ‬ ‫ه ب ِأ ْ‬ ‫ي الل ُ‬ ‫حّتى ي َأت ِ َ‬ ‫صوا َ‬ ‫فَت ََرب َ ُ‬
‫ضا وتنبيها ودللة ‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫يقول القاضي عياض رحمه الله تعالى‪ ...«:‬فكفى بهذا ح ّ‬
‫وحجة على إلزام محبته ‪ ،‬ووجوب فرضها‪ ،‬وعظم خطرها‪ ،‬واستحقاقه لها‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬إذ قّرع تعالى من كان ماله وأهله وولده أحب إليه من‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫مرِهِ ( ثم‬ ‫ه ب ِأ ْ‬‫ي الل ُ‬ ‫حّتى ي َأت ِ َ‬ ‫صوا ْ َ‬ ‫الله ورسوله ‪ ،‬وأوعدهم بقوله تعالى) فَت ََرب َ ُ‬
‫قين( وأعلمهم أنهم ممن ض ّ‬
‫ل‬ ‫س ِ‬‫فا ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫قو ْ َ‬ ‫دي ال ْ َ‬ ‫ه ل ي َهْ ِ‬ ‫سقهم بتمام الية )َوالل ُ‬ ‫ف ّ‬
‫ولم يهده الله‪.([32]) » ..‬‬
‫فهاهو صلى الله عليه وسلم ل يداني باحة مجده بشر ول ملك ‪ ،‬ول يطرق‬
‫ساحة جده مخلوق إذا سلك ‪.‬‬
‫]‪ [6‬اقتران اسمه صلى الله عليه وسلم مع اسم الله عز وجل ‪:‬‬
‫والله تعالى ينّبه إلى مدى قرب محمد نبيه صلى الله عليه وسلم منه تبارك‬
‫وتعالى‪ ،‬كيف ل وهو صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله ‪ ،‬وصفيه وخليله ‪،‬‬
‫وخيرته في خلقه ‪ ،‬كيف ل وهو صلى الله عليه وسلم أحب الخلق إلى الله ‪،‬‬
‫وأكرمهم على الله ‪..‬‬
‫هَ‬
‫سول ُ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫ن ي ُط ِِع الل َ‬ ‫م ْ‬ ‫* فقرن اسمه مع اسمه في فوز الطاعة فقال ‪ } :‬وَ َ‬
‫ظيما ً { )]‪..([33‬‬ ‫قد ْ َفاَز فَوَْزا ً عَ ِ‬ ‫فَ َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫* وقرن اسمه مع اسمه في ضلل العصيان فقال‪ } :‬وَ َ‬
‫مِبين َا ً { )]‪.. ([34‬‬ ‫ضلل ً ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ض ّ‬ ‫قد ْ َ‬ ‫ه فَ َ‬ ‫سول َ ُ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫ص الل َ‬ ‫ي َعْ ِ‬
‫* وقرن اسمه مع اسمه سبحانه في مطلوب الرضاء فقال ) يحلفون بالله‬
‫ن كانوا مؤمنين ()]‪.([35‬‬ ‫لكم ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه إ ْ‬
‫* وقرن اسمه مع اسمه جل وعل في التبّري من المشركين فقال ) براءة‬

‫‪157‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين ()]‪.([36‬‬


‫* وقرن اسمه مع اسمه في منع الموادة لمن يحادده عز وجل فقال ‪ } :‬ل‬
‫كاُنوا‬ ‫ه وَل َوْ َ‬‫سول َ ُ‬ ‫ه وََر ُ‬ ‫حاد ّ الل َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫وآّدو َ‬ ‫خرِ ي ُ َ‬ ‫ن ِباللهِ َوال َْيوم ِ ال ِ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ما ً ي ُؤْ ِ‬‫جد ُ قَوْ َ‬ ‫تَ ِ‬
‫م{)]‪..([37‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫آَبا ُ ْ ْ ْ َ ُ ْ ْ ْ َ َ ُ ْ ْ َ ِ َ َ ُ ْ‬
‫ه‬ ‫ت‬ ‫ر‬ ‫شي‬ ‫ع‬ ‫و‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫وا‬ ‫خ‬ ‫إ‬ ‫و‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ء‬ ‫نا‬ ‫ب‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ء‬
‫]‪ [7‬جعل اتباعه وطاعته صلى الله عليه وسلم من لوازم طاعة الله و محبته‪:‬‬
‫والله تعالى ينبه على قدر نبينا صلى الله عليه وسلم فيجعل محبة الله‬
‫وطاعته جل وعل في اتباع وطاعة الرسول الحبيب صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫م‬‫ن ك ُن ْت ُ ْ‬ ‫ل إِ ْ‬ ‫* فوضع محبته تعالى في اتباعه صلى الله عليه وسلم فقال‪ } :‬قُ ْ‬
‫ه ‪([38])..{..‬‬ ‫م الل ُ‬ ‫حب ِب ْك ُ ُ‬‫ه َفات ّب ُِعوِني ي ُ ْ‬ ‫ن الل َ‬ ‫حُبو َ‬ ‫تُ ِ‬
‫ن ي ُط ِِع‬ ‫م ْ‬‫* وجعل طاعته تعالى في طاعته صلى الله عليه وسلم فقال ‪َ } :‬‬
‫فيظ ًَا{‪([39]) ..‬‬ ‫َ‬ ‫قد ْ أ َ َ‬
‫ح ِ‬
‫م َ‬ ‫ك عَل َي ْهِ ْ‬ ‫سل َْنا َ‬‫ما أْر َ‬ ‫ن ت َوَّلى فَ َ‬ ‫م ْ‬‫ه ‪ ،‬وَ َ‬ ‫طاعَ الل َ‬ ‫ل فَ َ‬ ‫سو َ‬ ‫الّر ُ‬
‫* ونفى اليمان عمن تشكك في حكمه صلى الله عليه وسلم وتحّرج ‪ ،‬فقال ‪:‬‬
‫دوا ْ في‬ ‫ج ُ‬‫م ل يَ ِ‬ ‫م‪ ،‬ث ُ ّ‬ ‫جَر ب َي ْن َهُ ْ‬‫ش َ‬‫ما َ‬ ‫ك ِفي َ‬ ‫مو َ‬ ‫حك ّ ُ‬ ‫حّتى ي ُ َ‬ ‫ن َ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ك ل ي ُؤْ ِ‬ ‫} َفل وََرب ِ َ‬
‫مًا{)]‪([40‬‬ ‫سِلي َ‬ ‫موا ْ ت َ ْ‬ ‫سل ّ ُ‬ ‫ت ‪ ،‬وَي ُ َ‬ ‫ضي ْ َ‬ ‫ما قَ َ‬ ‫م ّ‬ ‫جا ً ِ‬ ‫حَر َ‬ ‫م َ‬ ‫سهِ ْ‬‫ف ِ‬ ‫أ َن ْ ُ‬
‫فهذا هو مقام النبي صلى الله عليه وسلم الذي رفعه الله عز وجل إليه فكان‬
‫أسمى مقام وأعلى مكان وهو به حقيق عليه الصلة والسلم ؟‪.‬‬
‫كى من ربه تعالى‪:‬‬ ‫]‪ [8‬الممدوح المز ّ‬
‫إن الله تعالى زكى رسول الله صلى الله عليه وسلم تزكية تفرد بها عليه‬
‫ن تعالى تتّبع‬ ‫الصلة والسلم عن غيره من كل من زكاهم الله عز وجل ‪ ،‬فكأ ّ‬
‫كاه ‪ ،‬ولو تتبعنا القرآن لوجدناه‬ ‫في محمد عليه السلم كل شئ فمدحه فيه وز ّ‬
‫بجله إن لم يكن بكله مدحا ً وتقريظا ً وتزكية وتعظيما وتوقيرا لمحمد صلى‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫ي‪،‬‬ ‫ً‬
‫فكيف يا أخا السلم ترى نبيك والله تعالى يمدحه ذاتا ورسالة ‪ ،‬فذاته زك ّ‬
‫كي فيه‬ ‫ورسالته زاكية ‪ ،‬وشخصه ممدوح ودينه محمود ؟‪ ،‬كيف تراه والله يز ّ‬
‫كل شئ ‪ ،‬أعضاءه وجوارحه ‪ ،‬همه ومهمته ‪ ،‬صحبه وأهله ‪ ،‬معلمه ومتبعه ‪.‬‬
‫كل ذلك وأولئك ممدوح في رسول الله وبرسول الله ‪.‬‬
‫ي‬
‫ح ٌ‬ ‫ّ‬
‫ن هُوَ إ ِل وَ ْ‬ ‫ن ال ْهَوَىَ ‪ .‬إ ِ ْ‬ ‫ما ي َن ْط ِقُ عَ ِ‬ ‫كى لسانه فقال ‪ } :‬وَ َ‬ ‫• فالله تعالى ز ّ‬
‫ى { )]‪([41‬‬ ‫ح َ‬ ‫ُيو َ‬

‫)‪(5 /‬‬

‫ح لَ َ‬ ‫َ‬
‫صد َْرك { )]‪([42‬‬ ‫ك َ‬ ‫شَر ْ‬ ‫م نَ ْ‬ ‫كى صدره فقال ‪ } :‬أل َ ْ‬ ‫• وز ّ‬
‫وى {)]‪([43‬‬ ‫ما غَ َ‬ ‫م وَ َ‬ ‫حب ُك ُ ْ‬‫صا ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ض ّ‬ ‫ما َ‬ ‫كى عقله فقال‪َ } :‬‬‫• وز ّ‬
‫ما ط ََغى {)]‪([44‬‬ ‫صُر وَ َ‬ ‫ما َزاغَ ال ْب َ َ‬ ‫كى بصره فقال ‪َ } :‬‬ ‫• وز ّ‬
‫كى أذنه فقال‪ ) :‬قل أذن خير لكم يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين ورحمة‬ ‫• وز ّ‬
‫للذين آمنوا منكم ( )]‪.([45‬‬
‫كى فؤاده فقال ‪ ) :‬ما كذب الفؤاد ما رأى ()]‪.([46‬‬ ‫• وز ّ‬
‫مُهون{)]‪([47‬‬ ‫م ي َعْ َ‬ ‫ْ‬
‫سكَرت ِهِ ْ‬ ‫في َ‬ ‫َ‬
‫مل ِ‬ ‫ك إ ِن ّهُ ْ‬ ‫مُر َ‬ ‫َ‬
‫كى عمره فقال‪ } :‬لعَ ْ‬ ‫•وز ّ‬
‫م { )]‪([48‬‬ ‫حي ٌ‬ ‫ف َر ِ‬ ‫ؤو ٌ‬ ‫ن َر ُ‬ ‫مِني َ‬ ‫مؤ ْ ِ‬ ‫كى صفته فقال ‪ِ } :‬بال ْ ُ‬ ‫• وز ّ‬
‫حوِْلك{)]‪([49‬‬
‫ن َ‬
‫م ْ‬
‫ضوا ِ‬ ‫ف ّ‬‫لن َ‬‫ب ْ‬ ‫قل ْ ِ‬ ‫ظ ال ْ َ‬ ‫ت فَظ ّا ً غَِلي َ‬ ‫كى قلبه فقال‪ }:‬وَل َوْ ك ُن ْ َ‬ ‫• وز ّ‬
‫ك ذِك َْرك { )]‪([50‬‬ ‫كى ذكره فقال ‪ } :‬وََرفَعَْنا ل َ َ‬ ‫• وز ّ‬
‫كى أهله فقال ) إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت‬ ‫• وز ّ‬
‫ويطهركم تطهيرا ً ( )]‪.([51‬‬
‫قوَىَ { )]‪([52‬‬ ‫ديد ُ ال ْ ُ‬ ‫ش ِ‬ ‫ه َ‬ ‫م ُ‬ ‫كى جليسه فقال ‪ } :‬عَل ّ َ‬ ‫• وز ّ‬

‫‪158‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫كى أمته فقال‪ ) :‬كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف‬ ‫• وز ّ‬
‫وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله()]‪.([53‬‬
‫داء على الكفار رحماء بينهم ( )]‬ ‫كى صحابته فقال ) والذين معه أش ّ‬ ‫• وز ّ‬
‫‪.([54‬‬
‫م { )]‪.([55‬‬ ‫ن ل َهُ ْ‬ ‫سك َ ٌ‬ ‫ك َ‬ ‫صلت َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫كى صلته فقال‪ } :‬إ ِ ّ‬ ‫• وز ّ‬
‫كى رسالته فقال ) هو الذي أرسل رسوله بالهدي ودين الحق ( )]‪.([56‬‬ ‫• وز ّ‬
‫ً‬
‫كى دينه فقال ) ورضيت لكم السلم دينا ()]‪.([57‬‬ ‫• وز ّ‬
‫كى وجوده فقال ) وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم( )]‪.([58‬‬ ‫• وز ّ‬
‫م{)]‪([59‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫كى فعاله فقال‪}:‬وَإ ِن ّ َ‬ ‫• وز ّ‬
‫قي ٍ‬‫ست َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ط ُ‬ ‫صَرا ٍ‬ ‫ى ِ‬ ‫دي إ ِل َ‬ ‫ك لت َهْ ِ‬
‫ظيم ٍ { )]‪. ([60‬‬ ‫ق عَ ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫كى خلقه فقال ‪ } :‬وَإ ِن ّ َ‬ ‫• وز ّ‬
‫خل ٍ‬ ‫ى ُ‬ ‫ك لعَل َ‬
‫وأحسن من قال ‪:‬‬
‫ح‬ ‫ّ‬
‫يا بني السلم صونوا دينكم**ينبغي للدين أن ل ي ُطر ْ‬
‫ح‬
‫ي قام فيكم فنص ْ‬ ‫واحمدوا الله الذي أكرمكم **بنب ّ‬
‫ح‬‫ي فتح الله به **كل خير نلتموه وشر ْ‬ ‫بنب ّ‬
‫ح‬
‫مرسل لو يوزن الناس به **في التقى والبر شالوا ورج ْ‬ ‫ٌ‬
‫ح‬
‫مد َ ْ‬ ‫فرسول الله أولى بالُعل**ورسول الله أوَلى بال ْ ِ‬
‫المبحث الثاني‬
‫مظاهر الحماية الربانية لنبّيه الكريم صلى الله عليه وسلم‬
‫ف عبده؟!!(‬ ‫) أليس الّله بكا ٍ‬
‫ج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى نصرة أحد من الناس ‪ ،‬وقد‬ ‫لم يحت ْ‬
‫كفاه الله النصرة والحماية وتوله بالرعاية والعناية ‪ ،‬واكتنفه بعصمته القادر‬
‫القاهر الغالب على أمره تبارك وتعالى فأنزل عليه قوله الواعد القاطع‬
‫كد له سبحانه أنه كافيه من سوء أهل السوء‬ ‫) والله يعصمك من الناس ( ويؤ ّ‬
‫صد الكفار وتآمر الفجار فقال عز وجل ) أليس الله بكاف‬ ‫وشر الشرار وتر ّ‬
‫عبده ويخوفونك بالذين من دونه ومن يضلل الله فما له من هاد ()]‪.([61‬‬
‫ثم إنه تبارك وتعالى هو موله وحسبه ‪ ،‬وما احتاج رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم لنصير أو ظهير إل ّ كان الله هو موله وظهيره‪ :‬روح القدس جبريل مع‬
‫ن تظاهرا‬‫الملئكة وصالح المؤمنين ‪ ،‬كما صّرح ربه تعالى بذلك فقال ) وإ ْ‬
‫ن الله هو موله وجبريل وصالح المؤمنين والملئكة بعد ذلك ظهير ()]‬ ‫عليه فإ ّ‬
‫‪.([62‬‬
‫كد لرسول الحبيب صلى الله عليه وسلم أنه حسبه في كل‬ ‫بل إنه تعالى يؤ ّ‬
‫حين وقد قال ) يآ أيها الّنبي حسبك الله ومن اتبعك من المؤمنين()]‪.([63‬‬
‫ن نصرة المؤمن لرسول الله صلى الله عليه وسلم إنما ذلك‬ ‫ولذلك فإ ّ‬
‫للمؤمن‪ ،‬لحاجته أن ينصر رسول الله ل لحاجة رسول الله صلى الله عليه‬
‫فعُ ذلك ينعكس على المؤمن المحب ل على الرسول‬ ‫وسلم في نصرته‪ ،‬فن ْ‬
‫ن نصرة المؤمن لرسوله صلى الله عليه وسلم‬ ‫صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬ول ّ‬
‫من مقتضيات اليمان بالله وبرسوله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬ولن نصرته‬
‫صلى الله عليه وسلم هي حق المصطفى الحبيب الكد على كل مؤمن محب‬
‫وقد قال تعالى)إنا أرسلناك شاهدا ً ومبشرا ً ونذيرًا‪ .‬لتؤمنوا بالله ورسوله‬
‫ل( )]‪.([64‬‬ ‫وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصي ً‬
‫فذكر تعالى حقا ً مشتركا ً بينه وبين رسوله صلى الله عليه وسلم وهو اليمان‪،‬‬
‫وحقا ً خاصا ً به تعالى وهو التسبيح ‪ ،‬وحقا ً خاصا ً بنبيه صلى الله عليه وسلم‬
‫وهو التعزير والتوقير‪".‬والتعزير اسم جامع لنصره وتأييده ومنعه من كل ما‬
‫يؤذيه ‪ ،‬والتوقير اسم جامع لكل ما فيه سكينة وطمأنينة ‪ ،‬من الجلل‬

‫‪159‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫والكرام ‪ ،‬وأن يعامل من التشريف والتكريم والتعظيم بما يصونه عن كل ما‬


‫يخرجه عن حد الوقار")]‪.([65‬‬
‫أنواع وصور الكفاية والعصمة ‪:‬‬
‫لقد كفى الله عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعصمه من الناس وأذاهم‬
‫جميعا ً ‪ ،‬سواء أكان الذى ماديا ً أو جسديا ً أم كان معنويا ً وفكريا ً ‪ ،‬فكانت‬
‫الكفاية والعصمة على نوعين‪ :‬العصمة من الذى المادي والجسدي ‪،‬‬
‫والعصمة من الذى المعنوي والفكري‪.‬‬
‫ل‪ :‬العصمة والكفاية من الذى المادي والجسدي‪:‬‬ ‫أو ً‬
‫فالرسول صلى الله عليه وسلم كفاه الله أذى الكفار والمشركين والمعاندين‬
‫والعداء المتربصين به وبدعوته كله‪ ،‬وفي هذه العجالة نذكر نماذج وصورا ً‬
‫للعصمة من الذى المادي‪.‬‬

‫)‪(6 /‬‬

‫‪1‬ـ أخرج مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال‪ :‬قال أبو جهل‬
‫فر محمد وجهه بين أظهركم ‪ ،‬قال ‪ :‬فقيل ‪ :‬نعم ‪ .‬فقال ‪ :‬واللت‬ ‫‪ " :‬هل يع ّ‬
‫والعّزى لئن رأيته يفعل ذلك لطأن على رقبته أو لعفرن وجهه في التراب "‬
‫قال فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلى زعم ليطأ على‬
‫رقبته ‪ ،‬قال ‪ :‬فما فجأهم منه إل ّ وهو ينكص على عقبيه ويتقي بيديه قال‬
‫فقيل له ‪ :‬مالك ؟ فقال ‪ :‬إن بيني وبينه لخندقا ً من نار وهول ً وأجنحة " قال‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬لو دنا مني لختطفته الملئكة عضوا ً‬
‫عضوا ً ()]‪ ([66‬فأنزل الله عز وجل ) كل إن النسان ليطغى ‪ ...‬أرأيت الذي‬
‫ذب وتولى ‪ ...‬كل لئن لم ينته لنسفعا ً‬ ‫نك ّ‬ ‫ينهى عبدا ً إذا صلى ‪ ...‬أرأيت إ ْ‬
‫بالناصية ‪.([67]) (...‬‬
‫‪2‬ـ والمل من قريش اجتمعوا في الحجر فتعاقدوا باللت والعزى ومناة الثالثة‬
‫الخرى ونائلة وإساف‪":‬لو قد رأينا محمدا ً لقد قمنا إليه قيام رجل واحد فلم‬
‫نفارقه حتى نقتله"‪ .‬وأخبرته ابنته فاطمة بالذي قالوا فجاءهم وحصبهم بقبضة‬
‫دق وعد الله القوي العزيز‪) :‬والله يعصمك من الناس (‪.‬‬ ‫من تراب)]‪ ([68‬يص ّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫فما أصاب أحدهم منه إل قتل يوم بدر وألقي في القليب ‪.‬‬
‫‪3‬ـ وهذه أم جميل العوراء امرأة أبي لهب ـ حمالة الحطب في جهنم ـ حين‬
‫سمعت ما نزل فيها وفي زوجها من القرآن )تبت يدا أبي لهب تب‪ ...‬وامرأته‬
‫ة ‪ ،‬وقد ملت كفها من حجارة ‪،‬‬ ‫حمالة الحطب‪ (...‬السورة ‪ .‬أقبلت ولها وَل ْوَل َ ٌ‬
‫وهي تقول ‪:‬‬
‫مذمما ً عصينا وأمره أبينا ودينه قلينا‬
‫والنبي صلى الله عليه وسلم في المسجد) عند الكعبة( فقال أبوبكر رضي‬
‫الله عنه ‪ " :‬يارسول الله ! قد أقبلت وأخاف أن تراك ( قال صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪ ) :‬إنها لن تراني ( وقرأ قرآنا ً فاعتصم به‪ ،‬وقرأ ) وإذا قرأت القرآن‬
‫جعلنا بينك وبين الذين ل يؤمنون بالخرة حجابا ً مستورًا()]‪ ([69‬فوقفت على‬
‫أبي بكر ولم تر النبي صلى الله عليه وسلم فقالت ‪ " :‬إني أخبرت أن‬
‫صاحبك هجاني‪ ،‬ثم وّلت)]‪.([70‬وصدق الله وعده لرسوله)والله يعصمك من‬
‫الناس(‪.‬‬
‫‪4‬ـ ويروي جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنهم عندما قفل رسول الله صلى‬
‫الله عليه وسلم من غزوة ذات الرقاع‪ ،‬فأدركتهم القائلة في واد كثير العضاة‬
‫فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وتفرق الناس يستظلون الشجر‪،‬‬

‫‪160‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة علق بها سيفه ‪ ،‬قال‬
‫جابر ‪" :‬فنمنا نومة ‪ ،‬فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعونا‪ ،‬فجئناه ‪،‬‬
‫فإذا عنده أعرابي جالس‪ ،‬فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬إن هذا‬
‫اخترط سيفي وأنا نائم فاستيقظت وهو في يده صلتا ً ‪ ،‬فقال لي‪ :‬من يمنعك‬
‫مني ؟فقلت له ‪ :‬الله ‪ ،‬فها هو ذا جالس ()]‪.([71‬‬
‫وعند الواقدي وابن سعد أّنه عندما وقف بالسيف على رأس الرسول صلى‬
‫الله عليه وسلم قال ‪ :‬من يمنعك مني اليوم ؟ فقال صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫) الله ( فوقع السيف من يده ‪ ،‬فأخذه الرسول صلى الله عليه وسلم ووقف‬
‫ل‪ ) :‬من يمنعك مني اليوم ؟ ( قال ‪" :‬ل أحد ")]‪.([72‬‬‫على رأسه قائ ً‬
‫وصدقه الله وعده ) والله يعصمك من الناس (‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬العصمة والكفاية من الذى المعنوي والفكري‪:‬‬
‫وإذا كان الله تعالى عصم رسوله ونصره وحماه من كل أذى مادي وجسدي ؛‬
‫فهو كذلك ربه الذي عصمه وكفاه من كل أذى معنوي أو فكري ‪.‬‬
‫فربه تبارك وتعالى كان المدافع عنه صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬والمنافح عن‬
‫جنابه الشريف ‪ ،‬والراد ّ على المسيئين له ‪ ،‬والمعاقب للمؤذين له‪ ،‬وكافيه‬
‫المستهزئين ‪ ،‬فما قيل في رسول الله شئ ل يليق به ؛ إل ّ تولى ربه تعالى‬
‫دد بل ويسارع بالمؤاخذة ‪ ،‬دفعا ً لكل جوانب اليذاء ‪ ،‬وإبعادا ً‬ ‫عد ويه ّ‬
‫الرد ّ يتو ّ‬
‫لكل صور الساءة التي قد تنال من رسول الله صلى الله عليه وسلم من‬
‫قبل المشركين الهازئين والكفرة المعاندين وأعدائه المتربصين ‪ ،‬وقد صدق‬
‫الله رسوله وعده ) يا أيها النبي حسبك الله (‪ .‬وقد كان حسبه ربه )]‪.([73‬‬
‫مَزه‪،‬‬ ‫مَزه ول َ َ‬
‫‪1‬ـ فهذا أمية بن خلف الكافر الرعديد كان إذا رأى رسول الله ه َ‬
‫فأنزل الله تعالى فيه يتوعده بالويل ‪) :‬ويل لكل همزةٍ لمزةٍ ‪ .‬الذي جمع مال ً‬
‫وعدده ‪ .‬يحسب أن ماله أخلده ‪ .‬كل ّ لُينبذن في الحطمة ‪ .‬وما أدراك ما‬
‫الحطمة‪ .‬نار الله الموقدة ‪ .‬التي تطلع على الفئدة ‪ .‬إنها عليهم مؤصدة ‪ .‬في‬
‫عمد ممددة ( )]‪.([74‬‬

‫)‪(7 /‬‬

‫‪2‬ـ وهذا العاص بن وائل السهمي المشرك الصنديد مّر يوما ً على خباب بن‬
‫الرت صاحب رسول الله وكان قينا ً بمكة يعمل السيوف وكان قد باع من‬
‫العاص بن وائل سيوفا ً عملها له حتى كان له مال فجاءه يتقاضاه فقال له يا‬
‫خباب أليس يزعم محمد صاحبكم هذا الذي أنت على دينه أن في الجنة ما‬
‫ابتغى أهلها من ذهب أو فضة أو ثياب أو خدم ؟ قال خباب‪ :‬بلى‪ .‬قال‪:‬‬
‫فأنظرني إلى يوم القيامة يا خباب حتى أرجع إلى تلك الدار فأقضيك هناك‬
‫حقك ‪ ،‬فوالله ل تكون أنت وصاحبك يا خباب آثر عند الله مني ول أعظم حظا ً‬
‫في ذلك‪ ".‬فأنزل الله تعالى فيه يتوعده الوعيد الشديد ‪ ):‬أفرأيت الذي كفر‬
‫بآياتنا وقال لوتين مال ً وولدا ً ‪ .‬أطلع الغيب أم اتخد عند الرحمن عهدًا‪ .‬كل‬
‫سنكتب ما يقول ونمد له من العذاب مدا ً ‪ .‬ونرثه ما يقول ويأتينا فردا ً ()]‬
‫‪.([75‬‬
‫‪3‬ـ وهذا النضر بن الحارث الفاك الثيم كان إذا جلس رسول الله صلى الله‬
‫عليه وسلم مجلسا ً فدعا فيه إلى الله تعالى وتل فيه القرآن وحذر قريشا ً ما‬
‫ص عليهم أخبار‬ ‫ه في مجلسه إذ قام فحدثهم يق ّ‬ ‫أصاب المم الخالية خل َ َ‬
‫ف ُ‬
‫رستم السنديد واسفنديار وملوك فارس ثم يقول ‪" :‬والله ما محمد بأحسن‬
‫حديثا ً مني ‪ ،‬وما حديثه إل أساطير الولين اكتتبها كما اكتتبتها" فأنزل الله فيه‬

‫‪161‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫يتوعده بالويل ‪ ) :‬ويل لكل أفاك أثيم‪ .‬يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر‬
‫مستكبرا ً كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم ()]‪.([76‬‬
‫‪6‬ـ وهذا أبي بن خلف الكافر المجرم يأتي إلى رسول الله صلى الله عليه‬
‫م ‪ ،‬فقال ‪ :‬يا محمد ! أنت تزعم أن الله يبعث‬ ‫م با ٌ‬
‫ل قد أر ّ‬ ‫وسلم وبيده عظ ٌ‬
‫م ؟ ثم فته بيده ‪ ،‬ثم نفخه في الريح نحو رسول الله صلى الله‬ ‫هذا بعد ما أر ّ‬
‫عليه وسلم ‪ .‬فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬نعم أنا أقول ذلك ‪،‬‬
‫يبعثه الله وإياك بعدما تكونان هكذا ثم يدخلك الله النار ( فأنزل الله تعالى‬
‫فيه ) وضرب لنا مثل ونسي خلقه قال من يحي العظام وهي رميم؟ قل‬
‫يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم ‪ ( ....‬إلى آخر السورة )]‬
‫‪.([77‬‬
‫‪5‬ـ وهذا أبو جهل الحمق أجهل الجاهلين صاحب الجهل المركب الضارب في‬
‫أعماق الغباوة والجهالة ‪ ،‬لما ذكر الله عز وجل شجرة الزقوم ‪ ،‬قا ل ـ لعنة‬
‫الله عليه ـ ‪ :‬يا معشر قريش ! هل تدرون ما شجرة الزقوم التي يخوفكم بها‬
‫محمد ؟ قالوا‪ :‬ل؛ قال‪ :‬عجوة يثرب بالزبد ‪ ،‬وفي رواية‪ :‬تمر مضروب بالزبد ‪،‬‬
‫والله لئن استمكنا منها لنتزقمنها تزّقما ً وقال ‪ :‬هلم فلنتزّقم ‪ .‬فأنزل الله‬
‫تعالى فيه متوعدا ً إّياه بأنواع الوعيد والعذاب الشديد يقول فيه ) إن شجرة‬
‫الزقوم ‪ .‬طعام الثيم ‪ .‬كالمهل يغلي في البطون ‪ .‬كغلي الحميم ‪ .‬خذوه‬
‫فاعتلوه في سواء الجحيم ‪ .‬ثم صّبوا فوق رأسه من عذاب الحميم ‪ .‬ذق إنك‬
‫أنت العزيز الكريم ( )]‪.([78‬‬
‫‪ 6‬ـ وهذا أبو لهب لما واجه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالساءة‬
‫واليذاء ‪ ،‬وهو يدعو إلى ربه لما جمع الناس يوما ً في الصفا يقول لهم‪:‬‬
‫) أرأيتم لو أخبرتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم أما كنتم تصدقوني ؟ (‬
‫قالوا ‪ :‬بلى ‪ .‬قال ‪ ) :‬فإني نذيٌر لكم بين يدي عذاب شديد ( فقال الملعون‬
‫أبو لهب‪ ":‬تبا ً لك ألهذا دعوتنا ؟ " فأنزل الله فيه وعيده الشديد الكيد ) تبت‬
‫يدا أبي لهب وتب ‪ .‬ما أغنى عنه ماله وما كسب‪ .‬سيصلى نارا ً ذات لهب‪.‬‬
‫ل من مسد ( )]‪.([79‬‬ ‫وامرأته حمالة الحطب ‪ .‬في جيدها حب ٌ‬
‫‪ 7‬ـ وهذا الوليد بن المغيرة الكافر الجاحد المنكر العنيد جاء إلى النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم فقرأ عليه القرآن وكأنه رقَ له ‪ ،‬فبلغ ذلك أبا جهل ‪ ،‬فقال‬
‫ن يجمعوا لك مال ً ليعطوكه "فقال ‪" :‬قد علمت‬ ‫ن قومك يريدون أ ْ‬ ‫له‪" :‬ياعم إ ّ‬
‫قريش أني من أكثرها مال ً "قال ‪ :‬فقل فيه قول ً يبلغ قومك أنك منكرله‬
‫وكاره ‪ ،‬قال‪ :‬وماذا أقول ؟ فوالله ما فيكم رجل أعلم بالشعار مني ‪ ..‬والله‬
‫ن‬
‫ن لقوله الذي يقول لحلوة ‪،‬وإ ّ‬ ‫ما يشبه الذي يقول شيئا ً من هذا ‪ ،‬والله إ ّ‬
‫عليه لطلوة ‪ ،‬وإّنه لمثمر أعله ‪ ،‬مغدق أسفله ‪ ،‬وإنه ليعلوا وما ُيعلى"‬
‫قال‪":‬ل يرضى عنك قومك حتى تقول فيه " قال ‪" :‬فدعني حتى أفكر فيه "‬
‫دده‬‫فقال ‪ " :‬هذا سحر يؤثر يأثره عن غيره "‪ .‬فأنزل الله تعالى فيه يته ّ‬
‫وعده يقول ‪ ) :‬ذرني ومن خلقت وحيدا‪...‬كل إنه كان لياتنا عنيدا ً ‪.‬‬ ‫ويت ّ‬
‫سأرهقه صعودا ‪ .‬إنه فكر وقدر ‪ .‬فقتل كيف قدر ‪ .‬ثم قتل كيف قدر ‪ .‬ثم‬ ‫ً‬
‫ن هذا‬ ‫ن هذا إل سحر يؤثر‪ .‬إ ْ‬ ‫نظر ‪ .‬ثم عبس وبسر ‪ .‬ثم أدبر واستكبر ‪ .‬فقال إ ْ‬
‫إل قول البشر ‪ .‬سأصليه سقر ‪ .‬وما أدراك ما سقر ‪ .‬ل تبقي ول تذر ‪ .‬لواحة‬
‫للبشر ‪ .‬عليها تسعة عشر ()]‪.([80‬‬
‫وت لعداء‬ ‫وهكذا انتصر رب محمد لمحمد صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬ما ف ّ‬
‫رسول الله شيئا ً ‪ ،‬وما حاولوا أن يؤذوه بشئ إل ّ كان لهم فيه بالمرصاد ‪،‬‬
‫فصدقه ربه حين قال له ) يا أيها النبي حسبك الله ( فكان جل وعل حسبه‬

‫‪162‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وكافيه وناصره وحاميه‪.‬‬


‫إّنا كفيناك المستهزئين ‪:‬‬

‫)‪(8 /‬‬

‫ن الله تعالى وعد رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم بالكفاية‬ ‫ومع أ ّ‬
‫والعصمة‪ ،‬ووّفى له ما وعده ‪ ،‬زاده وفاًء بالخذ الشديد العاجل لرؤوس‬
‫الساءة والعداوة ‪ ،‬وكبراء السخرية ‪ ،‬ورواد اليذاء ‪ ،‬وعظماء الستهزاء ‪،‬‬
‫فأنزل عليه قوله الصادق المحقق ‪ ) :‬فاصدع بما تؤمر وأعرض عن‬
‫المشركين ‪ .‬إنا كفيناك المستهزئين ( )]‪.([81‬‬
‫وعظماء المستهزئين كانوا خمسة وهم ‪ :‬الوليد بن المغيرة‪ ،‬والسود بن عبد‬
‫يغوث ‪ ،‬والسود بن المطلب بن زمعة ‪ ،‬والحارث بن عيطل ‪ ،‬والعاص بن‬
‫وائل السهمي ‪ .‬فاشتد ّ إيذاؤهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكثر‬
‫استهزاؤهم له ‪ ،‬فشكاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ربه ‪ ،‬فأرسل‬
‫إليه جبريل عليه السلم ‪ ،‬فنزل إليه جبريل وهم يطوفون بالبيت فقام جبريل‬
‫وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنبه ‪..‬‬
‫ـ فمر به الوليد بن المغيرة ‪ ،‬فقال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل ‪ :‬هذا‬
‫كفيته ‪.‬‬ ‫منهم ‪ ،‬فأشار جبريل إلى أنمله وقال للنبي صلى الله عليه وسلم ‪ُ :‬‬
‫فمر الوليد برجل من خزاعة يريش نبل ً فتعلق سهم بإزاره فخدشه في أنمله‬
‫فانتقض عليه حتى قتله ‪.‬‬
‫ـ ومّر به السود بن عبد يغوث الزهري فقال النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫كفيته ‪.‬‬‫لجبريل ‪ :‬وهذا منهم ‪ .‬فأشار جبريل إلى رأسه قال لرسول الله‪ُ :‬‬
‫فخرج في رأسه قروح فامتحض قيحا ً حتى قتله‪.‬‬
‫ـ ومّر به السود بن المطلب فقال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل ‪ :‬وهذا‬
‫منهم ‪ .‬فرمى جبريل في وجهه بورقة خضراء ‪ ،‬وقال لرسول الله صلى الله‬
‫كفيته ‪ .‬فأصيب بالعمى وصار يقول ‪ :‬يا بني ! أل تدفعون عني !‬ ‫عليه وسلم ‪ُ :‬‬
‫قد قتلت ‪ .‬فجعلوا يقولون ‪ :‬ما نرى شيئا ً ‪ .‬وهو يقول ‪ :‬يا بني أل تمنعون عني‬
‫قد هلكت ‪ ،‬ها هو ذا الطعن بالشوك في عيني ‪ ،‬فجعلوا يقولون‪ :‬ما نرى شيئا ً‬
‫فلم يزل كذلك حتى مات‪.‬‬
‫ـ ومّر به الحارث بن عيطل ‪ ،‬فقال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل ‪:‬‬
‫وهذا منهم ‪ ،‬فأشار جبريل إلى بطنه وقال للنبي صلى الله عليه وسلم ‪:‬‬
‫كفيته ‪ .‬فاستسقى بطنه وأخذه الماء الصفر في بطنه حتى خرج خرؤه من‬ ‫ُ‬
‫ِفيه فمات منها ‪.‬‬
‫ـ ومّر به العاص بن وائل فقال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل ‪ :‬وهذا‬
‫كيته ‪.‬‬‫منهم ‪ .‬فأشار إلى أخمص رجله ثم قال للنبي صلى الله عليه وسلم ‪ُ :‬‬
‫شبرقة ] شوك [‬ ‫فخرج على حمار له يريد الطائف فربض به حماره على ُ‬
‫فدخلت في أخمص رجله شوكة فقتلته ‪.‬‬
‫وهكذا كفاه ربه تبارك وتعالى وصدق وعده فأخذ المستهزئين أخذ عزيز‬
‫مقتدر ‪ ،‬عاجل ً غير آجل ‪ ،‬ونالهم من العذاب المهين في الحياة الدنيا قبل‬
‫قق وعد الله لرسول الله‬ ‫الخرة ولعذاب الخرة أكبر لو كانوا يعلمون فتح ّ‬
‫) إّنا كفيناك المستهزئين (‪.‬‬
‫ن الذين يؤذون رسول الله اليوم سيكفيه الله هؤلء ‪ ،‬والله الذي كفاه‬ ‫وإ ّ‬
‫المستهزئين وهو حي يمكنه دفعهم والدفاع عن عرضه وفكره‪ ،‬لقادر أن‬
‫يكفيه المستهزئين اليوم‪ ،‬ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو رسول الله‬

‫‪163‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫طاب حيا ً وميتا ً ‪ ،‬فهو أيضا ً منصوٌر حيا ً وميتا ً ‪.‬‬


‫***‬
‫المبحث الثالث‬
‫مقام النبي صلى الله عليه وسلم عند المسلمين‬
‫صدق إيمانه ول يتحقق أصل ً إل ّ إذا كان يرى نبي الله صلى الله‬ ‫ن المؤمن ل ي ْ‬ ‫إ ّ‬
‫ن رسول‬ ‫عليه وسلم وأفضل الخلق ‪ ،‬أعظم البشر ‪ .‬بل حتى يجد في نفسه أ ّ‬
‫الله صلى الله عليه وسلم أحب إليه منها ‪ ،‬وأغلى عليه من كل شئ في‬
‫س أجمعين‪.‬‬ ‫الوجود ‪ ،‬نفسهِ ومالهِ وولدهِ ووالدهِ والنا ِ‬
‫** فالرسول صلى الله عليه وسلم أولى لكل مؤمن من نفسه كما قال‬
‫تعالى )النبي أولى بالمؤمنين من انفسهم( )]‪.([82‬‬
‫** والرسول صلى الله عليه وسلم تعظيمه في قلب وعقل وسلوك المسلم‬
‫واجب حتمي ل تبقى وشائج المحبة له صلى الله عليه وسلم إل ّ به ‪ ،‬فالله‬
‫تعالى يجعل من مقاصد بعثته وإرساله إلى جانب اليمان به تعظيمه وتوقيره‬
‫َ‬
‫ه‬
‫سول ِ ِ‬‫مُنوا ِبالل ّهِ وََر ُ‬ ‫ذيرا ً )‪ (8‬ل ِت ُؤْ ِ‬ ‫شرا ً وَن َ ِ‬ ‫مب َ ّ‬ ‫هدا ً وَ ُ‬ ‫شا ِ‬ ‫ك َ‬ ‫سل َْنا َ‬ ‫فقال سبحانه ‪:‬اّنا أْر َ‬
‫َ‬
‫صيل ً )]‪ .([83‬كما جعل تعالى تعظيمه‬ ‫حوه ُ ب ُك َْرة ً وَأ ِ‬ ‫سب ّ ُ‬‫وَت ُعَّزُروهُ وَت ُوَقُّروه ُ وَت ُ َ‬
‫سو َ‬
‫ل‬ ‫ن الّر ُ‬ ‫ن ي َت ّب ُِعو َ‬ ‫ذي َ‬ ‫وتوقيره من دلئل الفوز ومجالب الفلح حيث قال‪ :‬ال ّ ِ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬
‫هم‬‫مُر ُ‬‫ل ي َأ ُ‬ ‫جي ِ‬ ‫م ِفي الت ّوَْراةِ َوال ِن ْ ِ‬ ‫عند َهُ ْ‬ ‫مك ُْتوبا ً ِ‬ ‫ه َ‬ ‫دون َ ُ‬ ‫ج ُ‬
‫ذي ي َ ِ‬ ‫ي ال ّ ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ي ال ّ‬ ‫الن ّب ِ ّ‬
‫ث‬ ‫م ال ْ َ‬
‫خَبآئ ِ َ‬ ‫م عَل َي ْهِ ُ‬ ‫حّر ُ‬ ‫ت وَي ُ َ‬ ‫م الط ّي َّبا ِ‬ ‫ل ل َهُ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫منك َرِ وَي ُ ِ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م عَ ِ‬ ‫ف وَي َن َْهاهُ ْ‬ ‫معُْرو ِ‬ ‫ِبال ْ َ‬
‫َ‬
‫مُنوا ْ ب ِهِ وَعَّزُروهُ‬ ‫نآ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫م َفال ّ ِ‬ ‫ت عَل َي ْهِ ْ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫ل ال ِّتي َ‬ ‫م َوالغْل َ َ‬ ‫صَرهُ ْ‬ ‫م إِ ْ‬ ‫ضعُ عَن ْهُ ْ‬‫وَي َ َ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ن )]‪.([84‬‬ ‫حو َ‬ ‫فل ِ ُ‬‫م ْ‬‫م ال ْ ُ‬‫ك هُ ُ‬ ‫ه أوْل َئ ِ َ‬ ‫معَ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫صُروهُ َوات ّب َُعوا ْ الّنوَر ال ّذِيَ أنزِ َ‬ ‫وَن َ َ‬
‫والتعزير هو التعظيم ‪ ،‬والتوقير هو الجلل والتكريم ـ كما سبق بيانه ـ‪.‬‬
‫وإن تعظيمه وتوقيره يجب أن يكون له ولهديه وسنته في حياته وبعد مماته‪.‬‬

‫)‪(9 /‬‬

‫عظم النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم من أصحابه كما يليق به‬ ‫فقد ُ‬
‫ور لنا عروة بن مسعود الثقفي رضي الله عنه‬ ‫عليه الصلة والسلم ‪ ،‬وقد ص ّ‬
‫هذا التعظيم والجلل حين رجع إلى قريش بعد مفاوضة النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم في الحديبية فقال‪ " :‬أي قوم! والله لقد وفدت على الملوك ‪ ،‬ووفدت‬
‫ظمه أصحابه ما‬ ‫ن رأيت ملكا ً قط يع ّ‬‫على قيصر وكسرى والنجاشي ‪ ،‬والله إ ْ‬
‫ّ‬
‫خم ُنخامة إل وقعت في كف رجل‬ ‫ن تن ّ‬‫ظم أصحاب محمد محمدا ً ‪ ،‬والله إ ْ‬ ‫يع ّ‬
‫منهم فدلك بها وجهه وجلده ‪ ،‬وإذا أمرهم ابتدروا أمره ‪ ،‬وإذا توضأ كادوا‬
‫يقتتلون على وضوئه ‪ ،‬وإذا تكلم خفضوا أصواتهم عنده‪ ،‬وما يحدون النظر‬
‫إليه تعظيما ً له‪.([85])".‬‬
‫قه آكد عند المؤمن من حق ووالده‬ ‫** والرسول صلى الله عليه وسلم ح ّ‬
‫وولده والناس أجمعين ‪ ،‬وقد جاء في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم قال‪ ):‬فو الذي نفسي بيده؛ ل يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه‬
‫من والده وولده والناس أجمعين ( )]‪..([86‬‬
‫وقال ابن بطال رحمه الله‪ «:‬من استكمل اليمان علم أن حق النبي صلى‬
‫الله عليه وسلم آكد عليه من حق أبيه وابنه والناس أجمعين ‪ ،‬لنه به صلى‬
‫الله عليه وسلم استنقذنا الله من النار وهدانا من ضلل‪.([87]) ».‬‬
‫ـ ومن حقوق النبي صلى الله عليه وسلم الواجبة على المة ‪:‬‬
‫‪1‬ـ محبته وتقديمها على سائر المحاب‪ :‬ويؤكد هذا الحق الحديث‬
‫السابق) فوالذي نفسي بيده؛ ل يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده‬

‫‪164‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وولده والناس أجمعين(‪.‬‬


‫‪2‬ـ اتباعه وطاعته في كل ما أمر ونهي‪ :‬ولهذا قال سفيان في معنى محبة‬
‫الرسول صلى الله عليه وسلم ‪ « :‬المحبة اتباع الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم ‪.([88]) » .‬‬
‫جرا ً إ ِّل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م عَل َي ْهِ أ ْ‬ ‫سأل ُك ُ ْ‬ ‫‪3‬ـ بذل الموّدة لذوي قرباه ‪ :‬وقد قال تعالى‪ُ :‬قل ّل أ ْ‬
‫كوٌر‬ ‫ش ُ‬ ‫فوٌر َ‬ ‫ه غَ ُ‬ ‫ن الل ّ َ‬ ‫سنا ً إ ِ ّ‬ ‫ح ْ‬ ‫ه ِفيَها ُ‬‫ة ن ّزِد ْ ل َ ُ‬
‫سن َ ً‬
‫ح َ‬ ‫ف َ‬ ‫قت َرِ ْ‬‫من ي َ ْ‬ ‫قْرَبى وَ َ‬ ‫موَد ّة َ ِفي ال ْ ُ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ً‬
‫)]‪.([89‬وعن أبي بكر رضي الله عنه قال ‪ " :‬ارقبوا محمدا صلى الله عليه‬
‫وسلم في أهل بيته ")]‪.([90‬‬
‫ى‬
‫حت ّ َ‬ ‫ن َ‬ ‫مُنو َ‬ ‫ك ل َ ي ُؤْ ِ‬ ‫‪ 4‬ـ التحاكم إليه في كل شأن‪ :‬وقد قال تعالى) فَل َ وََرب ّ َ‬
‫موا ْ‬ ‫سل ُّ‬‫ت وَي ُ َ‬ ‫ضي ْ َ‬ ‫ما قَ َ‬ ‫م ّ‬ ‫ً‬
‫حَرجا ّ‬ ‫م َ‬ ‫سهِ ْ‬
‫ف ِ‬‫دوا ْ ِفي َأن ُ‬ ‫ج ُ‬ ‫م ل َ يَ ِ‬
‫م ثُ ّ‬ ‫جَر ب َي ْن َهُ ْ‬‫ش َ‬ ‫ما َ‬ ‫مو َ‬
‫ك ِفي َ‬ ‫حك ّ ُ‬ ‫يُ َ‬
‫سِليما )]‪.([91‬‬‫ً‬ ‫تَ ْ‬
‫‪ 5‬ـ عدم الصبر على أذاه‪:‬‬
‫مل الذى على رسول الله صلى الله عليه‬ ‫فالمؤمن الصادق ل يقدر على تح ّ‬
‫وسلم ول يصبر على ذلك مهما كان هذا الذي أوذي به صلى الله عليه وسلم‬
‫صغيرا ً أو حقيرا ً ‪ ،‬فكيف إذا كان اليذاء للحبيب المصطفى صلى الله عليه‬
‫وسلم عظيما ً شديدا ً ؟؟‪.‬‬
‫ولهذا فالمؤمن المحب لرسول الله صلى الله عليه وسلم حبا ً صادقا ً ل‬
‫ب أو‬ ‫يحتمل أن يطعن في رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬ول أن يس ّ‬
‫ب النبي صلى الله عليه‬ ‫يؤذى بأي أصناف الذى ‪ ،‬وقد حكموا على أن من س ّ‬
‫وسلم يقتل ول تقبل له توبة ول إسلم‪.‬‬
‫ب النبي صلى الله عليه‬ ‫ولقد أهدر الصحابة رضي الله عنهم دم كل من س ّ‬
‫وسلم وآذاه وطعن فيه ‪ ،‬وأوجبوا قتله ‪.‬‬
‫مة على قتل الساب‪:‬‬ ‫وأجمعت ال ّ‬
‫ب النبي‬ ‫ن على من س ّ‬ ‫ـ يقول ابن المنذر في كتابه الجماع ‪ «:‬وأجمعوا على أ ّ‬
‫صلى الله عليه وسلم القتل‪.([92])».‬‬
‫ـ ويقول ابن تيمية في الصارم المسلول‪ « :‬وأما إجماع الصحابة على أن‬
‫ب ينقض اليمان والمان ‪ ،‬ويوجب القتل ؛ فقد نقل عنهم في قضايا‬ ‫الس ّ‬
‫ً‬
‫متعددة ينتشر مثلها ويستفيض ‪ ،‬ولم ينكرها أحد منهم ‪ ،‬فصارت إجماعا ‪])» .‬‬
‫‪([93‬‬
‫ـ ويقول ابن القيم في زاد المعاد ‪ ... « :‬وقضاء خلفائه من بعده رضي الله‬
‫عنهم ] قتل من سّبه صلى الله عليه وسلم [ ول مخالف لهم من الصحابة ‪،‬‬
‫وقد أعاذهم الله من مخالفة هذا الحكم ‪ ....‬إلى أن قال‪ ...:‬وفي ذلك بضعة‬
‫عشر حديثا ً مابين صحاح وحسان ومشاهير " )]‪([94‬‬
‫ب الله‬ ‫وعن مجاهد أن ابن عباس رضي الله عنهما قال ‪ « :‬أيما مسلم س ّ‬
‫ب أحدا ّ من النبياء فقد كذب برسول الله صلى الله عليه‬ ‫ورسوله ‪ ،‬أو س ّ‬
‫ب الله أو‬ ‫وسلم وهي ردة يستتاب فإن رجع وإل قتل ‪ ،‬وأيما معاهد عاند فس ّ‬
‫ب أحدا ً من النبياء أو جهر به فقد نقض العهد فاقتلوه‪([95])».‬‬ ‫س ّ‬
‫فالمة بأفرادهم وجماعاتهم ل يصبرون على أذى النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫سخر منه ‪ ،‬أو استهزئ به ‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ول يجوز لهم ‪ ،‬خاصة إذا ُ‬
‫شتم أو أسيء إليه ‪ ،‬أو ُ‬
‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مهما كان الشاتم أو الساب أو المستهزؤ ‪ ،‬قريبا أو حبيبا ‪ ،‬أو زعيما ‪ ،‬أو أخا ‪،‬‬
‫أو أختا ً أو أبا ً ‪ ،‬أو زوجا ً ‪ ،‬أو معاهدا ً أو غيره ‪.‬‬
‫فلشاتم الرسول الصارم المسلول ‪ ،‬ليس له سواه ول يستحق حياة ول بقاًء‬
‫في الدنيا وفي الخرة العذاب المهين‪.‬‬
‫ُيقتل مؤذي النبي صلى الله عليه وسلم ولو كان امرأة ‪:‬‬

‫‪165‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ب النبي صلى الله عليه وسلم فقتله‪ ،‬ثم‬


‫‪1‬ـ أتى عمر رضي الله عنه برجل س ّ‬
‫ً‬
‫ب أحدا من النبياء فاقتلوه‪([96])».‬‬
‫ب الله ورسوله ‪ ،‬أو س ّ‬
‫قال عمر ‪ :‬من س ّ‬
‫‪ 2‬ـ وأخرج أحمد بإسناده أن امرأة سبت النبي صلى الله عليه وسلم فقتلها‬
‫خالد بن الوليد رضي الله عنه ‪([97]).‬‬

‫)‪(10 /‬‬

‫ويقتل شاتم النبي صلى الله عليه وسلم ولو كان معاهدا ً ‪،‬‬
‫ً‬
‫ـ وهذا غرفة بن الحارث الكندي رضي الله عنه‪ ،‬سمع نصرانيا شتم النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم فضربه فدقّ أنفه فرفع ذلك إلى عمرو بن العاص فقال‬
‫له ‪ :‬إنا قد أعطيناهم العهد ‪ .‬فقال له غرفة ‪ :‬معاذ الله أن نعطيهم العهد على‬
‫أن يظهروا شتم النبي صلى الله عليه وسلم ‪ .‬فقال عمرو ‪ :‬صدقت ‪([98]).‬‬
‫ـ وعن علي رضي الله عنه أن يهودية كانت تشتم النبي صلى الله عليه وسلم‬
‫وتقع فيه‪ ،‬فخنقها رجل حتى ماتت‪ ،‬فأبطل رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫دمها‪([99]).‬‬
‫ـ وعن البراء بن عازب في البخاري ‪ :‬قال ‪ :‬بعث رسول الله صلى الله عليه‬
‫مر عليهم عبد الله بن‬ ‫وسلم إلى أبي رافع اليهودي رجال ً من النصار ‪ ،‬وأ ّ‬
‫عتيك ‪ ،‬وكان أبو رافع يؤذي النبي صلى الله عليه وسلم ويعين عليه ‪ ،‬وكان‬
‫في حصن بأرض الحجاز ‪...‬القصة ‪ ...‬وقد قتله عبد الله بن عتيك ووضع‬
‫ضبيب السيف في بطنه حتى أخذ في ظهر ‪ ..‬فلما جاء عبد الله إلى النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم يخبره بمقتل أبي رافع قال له رسول الله ‪ :‬أبسط‬
‫رجلك ‪ .‬فبسطها ‪ ،‬فمسحها ‪ .‬يقول ‪ :‬فكأنما لم أشتكها قط)]‪..([100‬‬
‫وُيقتل شاتم النبي صلى الله عليه وسلم ولو كان أخًا‪:‬‬
‫ـ فعن جابر رضي الله عنه في الصحيحين وغيرهما قال ‪ :‬قال رسول الله‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪ ) :‬من لكعب بن الشرف فإنه قد آذى الله ورسوله‪(.‬‬
‫فقال محمد بن مسلمة أخوه من الرضاعة ‪ :‬يا رسول الله ! أتحب أن أقتله ؟‬
‫قال ‪ :‬نعم ‪ ..‬فقتله محمد بن مسلمة وأبو نائلة وغيرهما ‪([101]).‬‬
‫ويقتل شاتم النبي صلى الله عليه وسلم ولو كان زوجا ً حبيبا ً ‪:‬‬
‫ـ فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن أعمى كانت له أم ولد تشتم النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم وتقع فيه ‪ ،‬فينهاها فل تنتهي ‪ ،‬ويزجرها فل تْنزجر ‪ ،‬فلما‬
‫كان ذات ليلة جعلت تقع في النبي صلى الله عليه وسلم وتشتمه‪ ،‬فأخذ‬
‫المعول فجعله في بطنها واتكأ عليه فقتلها‪ ،‬فلما أصبح ذكر ذلك للنبي صلى‬
‫الله عليه وسلم فجمع الناس فقال ‪ ) :‬أنشد الله رجل ً فعل ما فعل لي عليه‬
‫حق إل قام ‪ (.‬فقام العمى يتخطى الناس وهو يتزلزل حتى قعد بين يدي‬
‫النبي صلى الله عليه وسلم فقال ‪ :‬يا رسول الله ! أنا صاحبها‪ ،‬كانت تشتمك‬
‫وتقع فيك فأنهاها فل تنتهي ‪ ،‬وأزجرها فل تنزجر‪ ،‬ولي منها ابنان مثل‬
‫اللؤلؤتين ‪ ،‬وكانت بي رفيقة ‪ ،‬فلما كان البارحة جعلت تشتمك وتقع فيك‪،‬‬
‫فأخذت المعول فوضعته في بطنها ‪ ،‬واتكأت عليه حتى قتلتها ‪ .‬فقال النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم ‪) :‬أل اشهدوا أن دمها هدر ( ‪([102]).‬‬
‫ويقتل شاتم النبي صلى الله عليه وسلم ولو كان أختا ً عزيزة ‪:‬‬
‫ـ فعن عمير بن أمية أنه كانت له أخت ‪ ،‬فكان إذا خرج إلى النبي صلى الله‬
‫عليه وسلم آذته فيه وشتمت النبي صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬وكانت مشركة ‪،‬‬
‫فاشتمل لها يوما ً على السيف ثم أتاها فوضعه عليها فقتلها ‪ ،‬فقام بنوها‬
‫فصاحوا وقالوا ‪ :‬قد علمنا من قتلها ‪ ،‬أفتقتل أمنا وهؤلء قوم لهم آباء‬

‫‪166‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وأمهات مشركون ؟ فلما خاف عمير أن يقتلوا غير قاتلها ‪ ،‬ذهب إلى النبي‬
‫صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال له‪ :‬أقتلت أختك؟‪ .‬قال ‪ :‬نعم‪ .‬قال‪ :‬ولم ؟‬
‫قال ‪ :‬إنها كانت تؤذيني فيك ‪ ،‬فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى بنيها‬
‫فسألهم ‪ ،‬فسموا غير قاتلها ‪ ،‬فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم وأهدر‬
‫دمها‪([103]).‬‬
‫وُيقتل شاتم النبي صلى الله عليه وسلم ولو كان زعيم قبيلة أو حاكما ً او‬
‫أميرا ً ‪:‬‬
‫ـ وقد روى الواقدي أن أبا عفك وكان شيخا ً من بني عمرو بن عوف ‪ ،‬بلغ‬
‫عشرين ومائة سنة حين قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة‪ ،‬فكان‬
‫يحرض على عداوة صلى الله عليه وسلم فلما خرج رسول الله إلى بدر‬
‫ظفره الله بما ظفره ‪ ،‬فحسده فقال قصيدة يهجو فيها النبي صلى الله عليه‬
‫ي نذر أن أقتل أبا عفك أو‬ ‫وسلم ومن اتبعه ‪ .‬فقال سالم بن عمير ‪" :‬عل ّ‬
‫أموت دونه"‪ .‬فأمهل فطلب له غرة حتى كانت ليلة صائفة فنام أبو عفك‬
‫بالفناء في الصيف ‪ ،‬فأقبل سالم بن عمير فوضع السيف على كبده حتى‬
‫ش في الفراش ‪([104]).‬‬ ‫خ ّ‬
‫وُيقتل شاتم النبي صلى الله عليه وسلم ولو كان أبا ً جليل‪ً:‬‬

‫)‪(11 /‬‬

‫ـ فهذا عبد الله ابن رأس النفاق ] عبد الله بن أبي بن سلول [ لما قال أبوه‬
‫من َْها اْل َذ َ ّ‬
‫ل‬ ‫ن اْل َعَّز ِ‬
‫ج ّ‬‫خرِ َ‬ ‫دين َةِ ل َي ُ ْ‬ ‫جعَْنا إ َِلى ال ْ َ‬
‫م ِ‬ ‫ن ل َِئن ّر َ‬‫قوُلو َ‬ ‫يؤذي رسول الله ي َ ُ‬
‫ن )]‪ ([105‬وقف‬ ‫مو َ‬‫ن َل ي َعْل َ ُ‬ ‫قي َ‬ ‫مَنافِ ِ‬‫ن ال ْ ُ‬
‫ن وَل َك ِ ّ‬ ‫سول ِهِ وَل ِل ْ ُ‬
‫مؤ ْ ِ‬
‫مِني َ‬ ‫وَل ِل ّهِ ال ْعِّزةُ وَل َِر ُ‬
‫بباب المدينة واستل سيفه وجعل الناس يمرون عليه فلما جاء أبوه قال له‬
‫ابنه ‪ :‬وراءك ! فقال مالك ويلك ؟ فقال البن المحب لرسول الله ممن ل‬
‫يحتمل في رسول الله أدنى مقالة ‪ :‬والله ل تجوز من ههنا حتى يأذن لك‬
‫رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬فإنه العزيز وأنت الذليل‪ ..‬وفي روايه قال‬
‫لبيه ‪ :‬والله ل تدخل المدينة أبدا ً حتى تقول رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫العز وأنا الذل ‪ ..‬ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال ‪ :‬يا رسول الله !‬
‫إنه بلغني أنك تريد أن تقتل أبي‪ ،‬فوالذي بعثك بالحق ما تأملت وجهه قط‬
‫هيبة له ‪ ،‬ولئن شئت أن آتيك برأسه لتيتك فإني أكره أن أرى قاتل أبي )]‬
‫‪.([106‬‬
‫ـ ومن اشتد ّ آذاه لرسول الله صلى الله عليه وسلم ل ُتقبل له توبة ول إسلم‬
‫‪:‬‬
‫ولهذا أهدر المسلمين يوم الفتح دم الذين آذوا رسول الله صلى الله عليه‬
‫وسلم مع عفوهم عن جميع أهل مكة ‪ ،‬ومن هؤلء الذين ُأهدر دمهم‪:‬‬
‫* ابن الّزبعَرى‪ ،‬وقد كان شديد اليذاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫بلسانه‪.‬‬
‫* الحويرث بن نقيد ‪ :‬وكان ممن يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫فقتله علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه ‪.‬‬
‫* مقيس بن صبابة ‪ :‬ليذائه الشديد له صلى الله عليه وسلم ‪ ،‬فقتله غيلة بن‬
‫عبد الله رجل من قومه ‪ ..‬وفي النسائي ‪ :‬أدركه الناس في السوق فقتلوه ‪.‬‬
‫* عبد العزى بن خطل ‪ :‬كان شديد الذى لرسول الله صلى الله عليه وسلم‬
‫فأهدر دمه وأمر بقتله وإن وجد تحت أستار الكعبة ‪ ،‬فقتله سعيد بن حريث‬
‫المخزومي وأبو برزة السلمي ‪ ،‬قتله وهو متعلق بأستار الكعبة‪.‬‬

‫‪167‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫* جاريتا عبد العزى بن خطل ] أرنب ‪ ،‬وأم سعد [ وكانتا تغنيان بهجو رسول‬
‫الله صلى الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫* الحارث بن طلطل ‪ :‬وقد كان يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم ‪،‬‬
‫فقتله علي بن أبي طالب رضي الله عنه ‪..‬‬
‫وغير هؤلء ممن ُأهدر دمهم يوم الفتح ‪([107]) ..‬‬
‫ب النبي صلى الله عليه وسلم وآذاه ‪،‬‬ ‫وكل هذا بالتأكيد يدل على أن من س ّ‬
‫حكمه أن يقتل ‪ ،‬وأنه ل يستحق الحياة ‪ ،‬وأن المسلم ـ نصرة للنبي صلى الله‬
‫عليه وسلم وتعبيرا ً عن حبه له وإجلله وتعظيمه ـ ينبغي أن يكون معدوم‬
‫الصبر تجاه من يؤذيه ‪ ،‬يسارع بالنتقام له ولدعوته ولرسالته ولمته صلى‬
‫الله عليه وسلم ‪.‬‬
‫‪----‬‬
‫)]‪ ([1‬سورة الحزاب ‪. 57 ،‬‬
‫]‪ [2‬سورة النور ‪. 54 ،‬‬
‫)]‪ ([3‬سورة التوبة ‪. 128 ،‬‬
‫]‪ [4‬يراجع تفسير الطبري ‪ ،‬وتفسير القرطبي ‪ ،‬وتفسير ابن كثير ‪، ،‬‬
‫المقتطف من عيون التفاسير ‪ ،‬مصطفى الخيري المنصوري حققه محمد‬
‫علي الصابوني ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص ‪ 445‬دار القلم دمشق والدار الشامية بيروت ‪ .‬ط ‪1‬‬
‫‪ 1416‬هـ ‪1996‬م‪.‬‬
‫)]‪ ( [5‬صحيح مسلم برقم ‪. 2278‬‬
‫)]‪ ([6‬صحيح مسلم كتاب الفضائل حديث رقم ‪. 2276‬‬
‫)]‪ ([7‬أخرجه الطبراني في الكبير والوسط ‪ ،‬قال في المالي المطلقة )ج‬
‫‪1‬ص ‪ (68‬هذا حديث حسن ‪ ،‬قلت ‪ :‬ويقويه حديث مسلم السابق ‪.‬‬
‫)]‪ ([8‬سورة آل عمران ‪. 82-81 ،‬‬
‫)]‪ ([9‬تفسير ابن كثير ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص ‪ 357‬والسيرة النبوية لبن كثير ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‬
‫‪.320‬‬
‫)]‪ ([10‬أخرجه أحمد في المسند ج ‪ 3‬ص ‪ ، 387‬وابن أبي شيبة في المصنف‬
‫ج ‪ 5‬ص ‪ ، 312‬وقال الحافظ ابن حجر ‪ :‬رجاله موثوقون " وانظر ‪ :‬أضواء‬
‫البيان ‪ ،‬ج ‪ 3‬ص ‪ ، 332 – 331‬وابن كثير ج ‪ 1‬ص ‪.357‬‬
‫)]‪ ([11‬الطبري في التفسير ج ‪ 3‬ص ‪ ، 291‬والدر المنثور ج ‪ 2‬ص ‪، 736‬‬
‫وعزاه السيوطي إلى ابن أبي شيبة وأحمد وأبي داود وابن جرير وابن حبان ‪.‬‬
‫)]‪ ([12‬سورة المائدة ‪،‬من الية ‪. 48‬‬
‫)]‪ ([13‬كتب ورسائل وفتاوى ابن تيمية في العقيدة ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص ‪. 106‬‬
‫)]‪ ([14‬سورة البقرة ‪. 129 ،‬‬
‫)]‪ ([15‬سورة الصف ‪. 6 ،‬‬
‫)]‪ ([16‬سورة العراف ‪. 157 ،‬‬
‫)]‪ ([17‬سورة البقرة ‪. 146 ،‬‬
‫)]‪ ([18‬سورة الشرح ‪.‬‬
‫)]‪ ([19‬سورة الحجر ‪. 72 ،‬‬
‫)]‪ ([20‬مسلم ‪ ،‬كتاب فضائل الصحابة ‪ ،‬باب من فضائل أبي بكر الصديق ‪،‬‬
‫برقم ] ‪ :[3‬ج ‪ 15‬ص ‪ ، 148 - 147‬بشرح النووي‪.‬‬
‫)]‪ ([21‬صحيح مسلم ‪ ،‬كتاب فضائل الصحابة ‪ ،‬باب من فضائل أبي بكر ‪،‬‬
‫برقم ] ‪ : [7‬ج ‪ 15‬ص ‪ 149 - 148‬بشرح النووي ‪ ،‬والترمذي ‪ ،‬كتاب المناقب‬
‫‪ ،‬باب مناقب أبي بكر الصديق ‪ ،‬حديث رقم ] ‪ : [ 3735‬ج ‪ 5‬ص ‪ ،267‬وابن‬
‫ماجة في المقدمة ‪ ،‬باب في فضائل أصحاب رسول الله صلى الله عليه‬

‫‪168‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫وسلم )فضل أبي بكر الصديق( حديث رقم ] ‪ : [93‬ج ‪ 1‬ص ‪. 36‬‬
‫)]‪ ([22‬سورة الضحى ‪. 4 – 1 ،‬‬
‫)]‪ ([23‬سورة الضحى ‪. 5 ،‬‬
‫)]‪ ([24‬سورة طه ‪. 130 ،‬‬
‫)]‪ ([25‬سورة البقرة ‪. 144 ،‬‬
‫)]‪ ([26‬سورة المائدة ‪. 3 ،‬‬
‫)]‪ ([27‬سورة آل عمران ‪. 19 ،‬‬
‫)]‪ ([28‬سورة آل عمران ‪. 85 ،‬‬
‫)]‪ ([29‬سورة التوبة ‪. 100 ،‬‬
‫)]‪ ([30‬راجع بتوسع كتابنا ‪ :‬محبة النبي صلى الله عليه وسلم في الفقرات‬
‫الثلث الباقيات‪.‬‬
‫)]‪ ([31‬سورة التوبة ‪. 24 :‬‬

‫)‪(12 /‬‬

‫)]‪ ([32‬الشفا بتعريف حقوق المصطفى ص ‪ ،‬للقاضي عياض ‪ :‬ج ‪ 2‬ص ‪- 14‬‬
‫‪. 15‬طبعة ‪ 1369‬هـ ـ ‪1950‬م‪ ،‬مصطفى البابي الحلبي وأولده ‪ ،‬بمصر ‪.‬‬
‫)]‪ ([33‬سورة الحزاب ‪. 71 :‬‬
‫)]‪ ([34‬سورة الحزاب ‪. 36 :‬‬
‫)]‪ ([35‬سورة التوبة ‪. 62 ،‬‬
‫)]‪ ([36‬سورة التوبة ‪. 1 ،‬‬
‫)]‪ ([37‬سورة المجادلة ‪. 22 :‬‬
‫)]‪ ([38‬سورة آل عمران ‪. 31 :‬‬
‫)]‪ ([39‬سورة النساء ‪. 80 :‬‬
‫)]‪ ([40‬سورة النساء ‪. 65 :‬‬
‫)]‪ ([41‬سورة النجم ‪. 4 - 3 :‬‬
‫)]‪ ([42‬سورة الشرح ‪. 1 :‬‬
‫)]‪ ([43‬سورة النجم ‪. 2 :‬‬
‫)]‪ ([44‬سورة النجم ‪. 18 - 17 :‬‬
‫)]‪ ([45‬سورة التوبة ‪. 61 ،‬‬
‫)]‪ ([46‬سورة النجم ‪. 11 ،‬‬
‫)]‪ ([47‬سورة الحجر ‪. 72 :‬‬
‫)]‪ ([48‬سورة التوبة ‪. 128 :‬‬
‫)]‪ ([49‬سورة آل عمران ‪. 159 :‬‬
‫)]‪ ([50‬سورة الشرح ‪. 2 :‬‬
‫)]‪ ([51‬سورة الحزاب ‪. 33 ،‬‬
‫)]‪ ([52‬سورة النجم ‪. 5 :‬‬
‫)]‪ ([53‬سورة آل عمران ‪. 110 ،‬‬
‫)]‪ ([54‬سورة الفتح ‪. 29 ،‬‬
‫)]‪ ([55‬سورة التوبة ‪. 103 :‬‬
‫)]‪ ([56‬سورة الصف ‪.9 ،‬‬
‫)]‪ ([57‬سورة المائدة ‪.3 ،‬‬
‫)]‪ ([58‬سورة النفال ‪. 33 ،‬‬
‫)]‪ ([59‬سورة الشورى ‪. 52 :‬‬

‫‪169‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)]‪ ([60‬سورة القلم ‪. 4 :‬‬


‫)]‪ ([61‬سورة الزمر ‪. 36 ،‬‬
‫)]‪ ([62‬سورة التحريم ‪. 4 ،‬‬
‫)]‪ ([63‬سورة النفال ‪. 64 ،‬‬
‫)]‪ ([64‬سورة الفتح ‪. 9 - 8 ،‬‬
‫)]‪ ([65‬الصارم المسلول لبن تيمية ‪ ،‬ص ‪ ، 422‬ومحبة النبي صلى الله عليه‬
‫وسلم وتعظيمه عبد الله الخضيري وعبد اللطيف الحسن ص ‪. 60‬‬
‫)]‪ ([66‬مسلم حديث رقم ‪ ، 2797‬والبخاري رقم ‪. 4958‬‬
‫)]‪ ([67‬سورة العلق ‪.‬‬
‫)]‪ ([68‬أحمد في المسند ج ‪ 4‬ص ‪ ، 269‬برقم ‪ 2762‬وصححه أحمد شاكر‪،‬‬
‫والهيثمي في مجمع الزوائد ج ‪8‬ص ‪. 228‬‬
‫)]‪ ([69‬سورة السراء ‪. 45 ،‬‬
‫)]‪ ([70‬سيرة ابن هشام ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص ‪ ، 6‬سير أعلم النبلء للذهبي ج ‪ 1‬ص ‪77‬‬
‫– ‪ 78‬عن الحميدي في مسنده ج ‪ 1‬ص ‪ ،154‬وأبي يعلى في مسنده ج ‪ 1‬ص‬
‫‪.53‬‬
‫)]‪ ( [71‬البخاري برقم ‪ 4135‬و ‪ ، 4136‬ومسلم برقم ‪ 843‬كتاب المسافرين‬
‫‪،‬صل الخوف‪ .‬وانظر ‪ :‬السيرة النبوية في ضوء المصادر الصلية د‪ .‬مهدي‬
‫رزق الله ‪ ،‬ص ‪. 426‬‬
‫)]‪ ([72‬السيرة النبوية في ضوء المصادر الصلية ‪ ،‬ص ‪. 376‬‬
‫)]‪ ([73‬يراجع بتوسع ‪ :‬السيرة النبوية لبن هشام ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص ‪ 5‬وما بعدها ‪،‬‬
‫والسيرة النبوية لبن كثير ‪ ،‬ج ‪ 2‬ص ‪ 83‬وما بعدها ‪ ،‬تفسير القرطبي للية‬
‫) إنا كفيناك المستهزئين (‪.‬‬
‫)]‪ ([74‬سورة الهمزة ‪.‬‬
‫)]‪ ([75‬سورة مريم ‪. 80 – 77 ،‬‬
‫)]‪ ([76‬سورة الجاثية ‪. 8 – 7 ،‬‬
‫)]‪ ([77‬سيرة ابن كثير ج ‪ 2‬ص ‪ ، 55‬والسورة يس من ‪ 78‬إلى آخرها‪.‬‬
‫)]‪ ([78‬سورة الدخان ‪ ، 49 – 43 ،‬وانظر‪ :‬سيرة ابن هشام ج ‪ 2‬ص ‪، 10‬‬
‫وسيرة ابن كثير ج ‪ 2‬ص ‪. 55‬‬
‫)]‪ ([79‬سورة المسد ‪ ،‬وانظر ‪ :‬أسباب النزول للواحدي النيسابوري ‪ ،‬ص‬
‫‪. 262 – 261‬‬
‫)]‪ ([80‬أسباب النزول للواحدي ‪ ،‬ص ‪ ، 251 - 250‬سورة المدثر‪.‬‬
‫)]‪ ([81‬سورة الحجر ‪. 95 – 94 ،‬‬
‫]‪ [82‬سورة الحزاب الية )‪.(6‬‬
‫)]‪ ([83‬سورة الفتح ‪. 9 – 8 ،‬‬
‫)]‪ ([84‬سورة العراف ‪. 157 ،‬‬
‫)]‪ ( [85‬البخاري برقم ‪ 2732 ، 2731‬بفتح الباري ج ‪ 5‬ص ‪.388‬‬
‫)]‪ ([86‬أخرجه البخاري في كتاب اليمان ‪ ،‬باب حب الرسول صلى الله عليه‬
‫وسلم حديث برقم ] ‪ [14‬و] ‪ : [15‬ج ‪ 1‬ص ‪ . 75- 74‬ومسلم كتاب اليمان ‪،‬‬
‫باب وجوب محبة رسول الله ص ‪ :‬ج ‪ 2‬ص ‪ ، 15‬عن أنس بن مالك وأبي‬
‫هريرة وغيرهمارضي الله عنهم‪.‬‬
‫)]‪ ([87‬شرح النووي لصحيح مسلم ‪ :‬ج ‪ 2‬ص ‪. 15‬‬
‫)]‪ ([88‬انظر ‪ :‬الشفا بتعريف أحوال المصطفى ‪ ،‬للقاضي عياض ‪ :‬ج ‪ 2‬ص‬
‫‪. 23‬‬
‫)]‪ ([89‬سورة الشورى ‪. 23 ،‬‬

‫‪170‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)]‪ ( [90‬البخاري برقم ‪ ، 3713‬وانظر ‪ :‬محبة النبي وتعظيمه ‪ ،‬عبد الله‬


‫الخضيري وعبد اللطيف الحسن ص ‪. 44‬‬
‫)]‪ ([91‬سورة النساء ‪. 65 ،‬‬
‫)]‪ ([92‬كتاب الجماع لبن المنذر ‪ :‬ص ‪ 153‬المسألة رقم ] ‪. [ 722‬‬
‫)]‪ ([93‬الصارم المسلول على شاتم الرسول لبن تيمية بتقريب د‪ .‬صلح‬
‫الصاوي ‪103 :‬‬
‫)]‪ ([94‬زاد المعاد ‪ :‬ج ‪ 3‬ص ‪ ، 214‬والصارم المسلول نفسه ‪ :‬ص ‪ 103‬ـ‬
‫‪. 104‬‬
‫)]‪ ([95‬زاد المعاد نفسه ‪.‬‬
‫)]‪ ([96‬زاد المعاد ‪ :‬ج ‪ 3‬ص ‪ ، 214‬والصارم المسلول نفسه ‪ :‬ص ‪ 103‬ـ‬
‫‪. 104‬‬
‫)]‪ ([97‬الصارم المسلول ‪ :‬ص ‪. 105‬‬
‫)]‪ ([98‬الصارم المسلول ‪ :‬ص ‪ 105‬ـ ‪. 106‬‬
‫ب النبي ص ‪ :‬ج‬ ‫)]‪ ([99‬أخرجه أبو داود ‪ :‬كتاب الحدود ‪ /‬باب الحكم فيمن س ّ‬
‫‪ 4‬ص ‪ 129‬برقم ] ‪. [ 4362‬‬
‫)]‪ ([100‬انظره بتمامه في صحيح البخاري ‪ ،‬كتاب المغازي ‪ ،‬باب قتل أبي‬
‫حقيق حديث رقم ] ‪ :[ 4039‬ج ‪ 7‬ص ‪ 395‬ـ ‪، 396‬‬ ‫رافع عبد الله بن أبي ال ُ‬
‫بفتح الباري ‪.‬‬
‫)]‪ ([101‬البخاري ‪ :‬كتاب المغازي ‪ ،‬باب قتل كعب بن الشرف ‪ ،‬حديث رقم‬
‫] ‪ : [4037‬ج ‪ 7‬ص ‪ 337 - 336‬بفتح الباري ‪ .‬ومسلم ‪ :‬كتاب الجهاد‬
‫والسير ‪ /‬باب قتل كعب بن الشرف طاغوت اليهود ‪ :‬ج ‪ 12‬ص ‪ 371‬ـ ‪373‬‬
‫بشرح النووي ‪.‬‬
‫ب النبي ص ‪ :‬ج ‪ 4‬ص‬ ‫)]‪ ([102‬أبو داود ‪ :‬كتاب الحدود ‪ /‬باب الحكم فيمن س ّ‬
‫ب‬
‫‪ 129‬برقم ] ‪ . [ 4361‬والنسائي ‪ :‬كتاب تحريم الدم ‪ /‬باب الحكم فيمن س ّ‬
‫رسول اللهص ‪ :‬ج ‪ 7‬ص ‪ . 108‬وسنن الدارقطني ‪ :‬كتاب القضية والحكام ‪/‬‬
‫باب في المرأة التي تقتل إذا ارتدت ‪ :‬ج ‪ 4‬ص ‪ . 216‬واحتج به أحمد كما في‬
‫نيل الوطار ‪ :‬ج ‪ 7‬ص ‪ . 199‬وقال الحافظ في بلوغ المرام ) ج ‪ 3‬ص ‪( 351‬‬
‫بسبل السلم ‪ :‬رواته ثقات ‪.‬‬

‫)‪(13 /‬‬

‫)]‪ ([103‬قال في مجمع الزوائد ) ج ‪ 6‬ص ‪ :( 260‬رواه الطبراني عن تابعيين‬


‫‪ ،‬أحدهما ثقة وبقية رجاله ثقات ‪.‬‬
‫)]‪ ([104‬انظر ‪ :‬الصارم المسلول بتقريب د‪ .‬صلح الصاوي ‪ :‬ص ‪. 87‬‬
‫)]‪ ([105‬من الية ]‪ [ 8‬من سورة المنافقون ‪.‬‬
‫)]‪ ([106‬راجع ‪ :‬تفسير ابن كثير ‪ :‬ج ‪ 4‬ص ‪ ، 372‬وتفسير فتح القدير‬
‫للشوكاني ‪ :‬ج ‪ 5‬ص ‪. 278‬‬
‫)]‪ ([107‬راجع كل هذه الحداث في ‪ :‬فتح الباري ‪ :‬ج ‪ 8‬ص ‪11‬ـ ‪ . 12‬سنن‬
‫النسائي بشرح السيوطي‪ :‬ج ‪ 7‬ص ‪ 105‬ـ ‪ 106‬كتاب تحريم الدم ‪ /‬باب‬
‫الحكم في المرتد ‪ .‬سيرة ابن هشام ‪ :‬ج ‪ 4‬ص ‪ 27‬ـ ‪ . 30‬السيرة النبوية‬
‫الصحيحة د‪ .‬أكرم ضياء العمري‪ :‬ج ‪ 2‬ص ‪ 479‬ـ ‪ . 480‬السنن الكبرى‬
‫للبيهقي ‪ :‬ج ‪ 9‬ص ‪ . 121‬الرحيق المختوم ‪ :‬ص ‪ 373‬ـ ‪. 374‬‬
‫* مدير مركز أبحاث القرآن الكريم والسنة النبوية‪ -‬جامعة القرآن الكريم‬

‫‪171‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(14 /‬‬

‫مقتدى الصدر ‪ ..‬قنبلة ل تنفجر ‪2 -1‬‬


‫أحمد فهمي‬
‫" القنبلة التي ل تنفجر " مصطلح سياسي جديد يمكن أن يفسر بعض أنماط‬
‫الداء السياسي للدول المجاورة للعراق وعلى الخص إيران ‪ ،‬كما يمكن أن‬
‫يقدم لنا رؤية جيدة لكيفية إدارة الصراع في هذه البقعة المضطربة من‬
‫العالم العربي ‪ ،‬وهذا المصطلح يعني حرفيا أن ‪ :‬التهديد بالقنبلة يمكن أن‬
‫يكون في أحيان كثيرة أكثر نفعا من تفجيرها ‪ ،‬ومن الناحية السياسية يمكن‬
‫ترجمة هذا المصلح بأنه " استغلل وتوجيه قوة سياسية في مجتمع مضطرب‬
‫تجاه تصعيد الحداث بصورة متكررة إلى ما دون النفجار وذلك بغرض تحقيق‬
‫مكاسب سياسية " ‪..‬‬
‫وإيران لها تجربتان بارزتان في تطبيق هذا المفهوم السياسي المكيافيللي ‪،‬‬
‫وهما ‪ :‬حزب الله في لبنان ‪ ،‬وتيار مقتدى الصدر في العراق ‪ ،‬فكل التيارين‬
‫خاضع لدرجة كبيرة لسياسة ومصالح طهران ‪ ،‬ويتم توجيههما عن بعد ضمن‬
‫اللعبة السياسية ‪ ،‬ورغم إقرار واعتراف جميع القوى بالعلقة الخاصة بين‬
‫إيران وهذين التيارين إل أن ذلك لم يؤثر على استمرار هذه العلقة بل‬
‫وتناميها ‪..‬‬
‫ونحاول في هذه العجالة أن نلقي نظرة تحليلية على العلقة اليرانية‬
‫الصدرية من خلل المفهوم السابق " القنبلة التي ل تنفجر " ‪ ،‬وبداية هناك‬
‫شروط لبد من توفرها لكي تصلح قوة سياسية أن تستخدم في هذا الطار ‪،‬‬
‫وهذه الشروط توفرت بجدارة في حزب الله ‪ ،‬وفي تيار مقتدى الصدر ‪،‬‬
‫ويمكن تلخيصها فيما يلي ‪:‬‬
‫أول ‪ :‬النتماء الطائفي ‪ :‬وهو شرط أساسي ‪ ،‬ويضاف لذلك أن تكون هناك‬
‫التبعية الدينية للتيار المطلوب تبنيه لمرجعية موجودة في إيران ‪ ،‬وهذا‬
‫متحقق في حزب الله ‪ ،‬وبالنسبة لتيار الصدر فالمفترض تاريخيا أن له‬
‫مرجعية مستقلة عن إيران تمثلت في باقر الصدر ثم صادق الصدر ‪ ،‬ولكن‬
‫بعد وفاة صادق والد مقتدى الصدر انتقلت مرجعية التيار إلى كاظم الحائري‬
‫الذي يقيم في إيران منذ عقود ‪ ،‬وهو عراقي من أصل إيراني ‪.‬‬
‫ولحكومة المللي في طهران محاولت عديدة لستقطاب حركات إسلمية‬
‫سنية جهادية لكي تطبق عليها نفس السلوب ولو جزئيا ‪ ،‬ولكن أيا منها لم‬
‫تحقق نجاحا بسبب التباين العقدي ‪..‬‬
‫مختار صالحا‬‫ثانيا ‪ :‬المشاركة في لعبة التوازنات ‪ :‬لكي يكون التيار ال ُ‬
‫لستغلله يجب أن تتوفر لديه القدرة على المشاركة في التوازنات السياسية‬
‫الداخلية ‪ ،‬وفي العراق فإن تيار الصدر يمثل أحد القوى الرئيسية الشعبية‬
‫للشيعة ‪ ،‬نظرا لتاريخه الطويل وجهود أبرز قادته " باقر وصادق الصدر " ‪،‬‬
‫وتبدو أهمية هذا الشرط في أن مثل هذا التيار لن تكون التضحية به سهلة‬
‫بالنسبة للقوى المتصارعة ‪ ،‬وستكون هناك حاجة إليه على الدوام لتحقيق‬
‫الموازنة بين القوى الشيعية من ناحية وبين الشيعة والسنة من ناحية أخرى ‪،‬‬
‫ولو كان التيار المختار هامشيا في لعبة التوازن فسرعان ما ستخسره‬
‫حكومة طهران وتضيع الجهود المبذولة لدعمه لن سحقه من قبل الحتلل‬
‫المريكي لن يكون مكلفا ‪ ،‬وهنا تكمن البراعة السياسية في إدارة الصراع ‪،‬‬
‫فحكومة المللي تلعب مع الحتلل المريكي بورقة ضغط ل يمكن حرقها ‪،‬‬
‫ولذلك فإن الرئيس المريكي جورج بوش لم تكد أسابيع قليلة تمر على‬

‫‪172‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫اتهامه لمقتدى الصدر بأنه قاطع طريق مناهض للديمقراطية ‪ ،‬حتى تغير‬
‫موقفه وأعلن تقديره لعتزام الصدر التحول إلى العمل السياسي ‪ ،‬وهو ما‬
‫أوقع الدارة المريكية في تناقضات محرجة ‪ ،‬حيث جاء تصريح بوش متزامنا‬
‫مع تصريح دان سيمور أحد المتحدثين باسم الدارة بالقول ‪ " :‬هناك مذكرة‬
‫اعتقال عراقية صادرة ضد مقتدى الصدر تربطه بعملية قتل بشعة ‪ -‬عبد‬
‫المجيد الخوئي ‪ -‬وأنا ل أرى كيف يكون مؤهل لدور سياسي قبل حل قضية‬
‫القتل هذه " ‪..‬‬
‫ويمكن أيضا تلمس ذلك بسهولة عند المقارنة بين أسلوب المواجهة المريكية‬
‫لجيش المهدي ‪ ،‬وبين المواجهة لفصائل المقاومة السنية في الفلوجة وغيرها‬
‫‪ ،‬بل أكثر من ذلك فإن إعلن إدارة الحتلل المريكي عن شراء السلحة‬
‫التي يتم نزعها من تيار الصدر يعتبر رشوة مفضوحة ل سبيل لنكارها ‪ ،‬فمن‬
‫المسلم به أن أي عملية نزع للسلح محدودة المكان والتمويل في العراق لن‬
‫تنجح بهذه السهولة لن كميات السلحة المتوفرة بأيدي العراقيين ل يمكن‬
‫حصرها ‪ ،‬وبالتالي فإن تقديم عدة مليين من الدولرات مقابل كميات من‬
‫السلحة يسهل جدا تعويضها ليس إل تقديم دعم مقنع لجيش المهدي أو‬
‫تعويض مالي ‪ ،‬وقد صرح قيس الخزعلي أحد الناطقين باسم مقتدى الصدر‬
‫أن " العراق يمكن أن يتحول إلى دولة مصدرة للسلح إذا شاء لكثرة وجود‬
‫السلح لدى المواطنين العاديين " ‪..‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ثالثا ‪ :‬القدرة على ممارسة نشاط عسكري ‪ :‬وهذا النشاط ليس هدفه بالطبع‬
‫تحقيق الهداف الدعائية المعلنة مثل الستقلل أو طرد المحتل ‪ ،‬بل هدفه‬
‫تحقيق مستوى من المشاغبة الميدانية تدفع الوضاع في اتجاه يناسب‬
‫المصالح اليرانية ‪ ،‬وإذا كان حزب الله يمتلك خبرة عسكرية محدودة‬
‫تراكمت بتأثير الحرب الهلية اللبنانية وتوابعها ‪ ،‬فإن تيار الصدر كان مفتقرا‬
‫لخبرة مشابهة ‪ ،‬و لذلك تم تسليح جيش المهدي على عجل وتولت‬
‫المخابرات اليرانية تدريب كوادره بسرعة بالقدر الذي يمكنه من أداء الدور‬
‫المنوط به ‪ ،‬وهذا ما كان واضحا في النتفاضتين الصدريتين منذ الحتلل‬
‫المريكي للعراق ‪ ،‬فقد كان ملموسا ضعف الداء العسكري لجيش المهدي ‪،‬‬
‫وعدم قدرته على ممارسة أسلوب حرب العصابات ‪ ،‬وكانت عملياته‬
‫العسكرية تتصف بالعشوائية والتردد ‪ ،‬فكانت عناصره تحتل المباني‬
‫الحكومية لترفع عليها صور مقتدى الصدر ثم تنسحب وتتراجع بل أي هدف ‪،‬‬
‫واتسمت تحركاتهم بسمة إثارة الفوضى أكثر منها مقاومة للمحتل ‪ ،‬وهذا ما‬
‫كان يقصده مخططو السياسة اليرانية في العراق ‪..‬‬
‫وتكشف قلة الخبرة السياسية لعوان مقتدى الصدر هذا المر بجلء ‪ ،‬إذ‬
‫يصرح قيس الخزعلي لصحيفة الحياة في محاولة لنفي شبهة الميلشيا عن‬
‫جيش المهدي ‪ " :‬جيش المهدي ل يملك شيئا ً من مقومات الميليشيات‬
‫المسلحة ‪ ,‬اذ ليست هناك رواتب أو تجهيزات عسكرية وإنما المظاهر‬
‫المسلحة موجودة في كل العراق " ويقول ‪ " :‬جيش المهدي هو عبارة عن‬
‫تيار جماهيري ‪ ,‬سمينا القاعدة العريضة التي يعتمد عليها باسم جيش المهدي‬
‫مستلهمين الروايات التي تربط الشيعة بالمام الثاني عشر المهدي " ‪ ،‬وهو‬
‫بذلك يغفل عن حقيقة أن كل تيارات المقاومة للحتلل في أي بلد تعلن‬
‫بوضوح أن لها جناحا عسكريا ‪ ،‬وهناك قوى شيعية أخرى لديها ميلشياتها‬

‫‪173‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫العسكرية مثل حزب الدعوة والمجلس العلى للثورة السلمية ‪ ،‬فلماذا إذن‬
‫يحرص الخزعلي على نفي تهمة الميلشيا مع الصرار على تسميته في نفس‬
‫الوقت بـ" الجيش " ؟ ‪!..‬‬
‫رابعا ‪ :‬الفتقار إلى الدعم ‪ :‬لكي تتمكن طهران من الستحواذ على التيار‬
‫المستهدف لبد أن يكون مفتقرا إلى الدعم بقوة ‪ ،‬سواء من الناحية‬
‫السياسية أو المالية أو العسكرية ‪ ،‬وإن كان حزب الله قد تأسس في الصل‬
‫في أروقة المخابرات اليرانية ‪ ،‬فإن تيار الصدر صاحب التاريخ العريق في‬
‫المعارضة للنفوذ اليراني في العراق ‪ ،‬لم يجد بدا من تغيير مواقفه مائة‬
‫وثمانين درجة لكي يسد جوانب الخلل والضعف لديه ‪ ،‬أضف إلى ذلك أن‬
‫مقتدى الصدر كان يواجه ضعفا آخر تمثل في عجزه عن تولي الزعامة للتيار‬
‫نظرا لضعف مقوماته الشخصية ‪ ،‬فكان حتميا بالنسبة له أن يلقي بنفسه في‬
‫شبكة العنكبوت اليرانية ‪..‬‬
‫خامسا ‪ :‬القدرة على المشاركة السياسية ‪ :‬النشاط العسكري له مجاله‬
‫وتوقيته ‪ ،‬وعندما تتغير الظروف والمرحلة لبد من تحول النشاط العسكري‬
‫إلى سياسي‪ ،‬وكان يمكن لليرانيين أن ينتقوا بعض المرتزقة من شيعة‬
‫العراق ويقوموا بتدريبهم وتسلحيهم لثارة الشغب ‪ ،‬ولكن اختيار تيار الصدر‬
‫يوحي بأن الهدف ليس الشغب العسكري ‪ ،‬بل المطلوب أن تكون لحكومة‬
‫طهران قدرة على التأثير في التوازن السياسي داخل العراق سواء في‬
‫سنة أو في مواجهة شيعة العراق‬ ‫مواجهة المصالح المريكية أو في مواجهة ال ُ‬
‫أنفسهم ‪..‬‬
‫وبالعودة إلى تصريحات الخزعلي ‪ -‬قليل الخبرة ‪ -‬يمكن استنباط النوايا‬
‫اليرانية ‪ ،‬فقد صرح الخزعلي ‪ " :‬لقد نقلوا أن في نيتنا تحويل جيش المهدي‬
‫إلى تيار أو حزب سياسي‪ ,‬لكننا قلنا سابقا ً أكثر من مرة أن جيش المهدي‬
‫ليس ميليشيا مسلحة سيجري تحويلها إلى أي شيء آخر " ولكنه في نفس‬
‫الوقت صرح في مناسبة أخرى ‪ " :‬التيار الصدري يواصل تشكيل تنظيم‬
‫سياسي جديد يكون ضمن التشكيل الجديد للعراق الجديد وأن مناقشات ل‬
‫تزال مستمرة لخراج هذا التنظيم على أن يكون له حضور في النتخابات‬
‫المقبلة " ‪..‬‬
‫وفي الجزء الثاني من المقال نحاول الجابة على التساؤلت التالية ‪ :‬ما الذي‬
‫يثبت تحول تيار الصدر إلى قنبلة إيرانية ل تنفجر ؟ ولماذا يلقى هذا التيار‬
‫تغاضيا أمريكيا عن الماضي وترحيبا في المستقبل ؟ وما هي إنجازات التيار‬
‫الثورية التي نجح في تحقيقها حتى الن ؟‬
‫مقتدى الصدر ‪ ...‬قنبلة ل تنفجر ‪2 - 2‬‬
‫أحمد فهمي‬
‫لم يكن تيار الصدر يحتل مكانته الحالية في الخريطة السياسية اليرانية قبل‬
‫الحتلل المريكي للعراق ‪ ،‬فقد كانت هناك أحزاب ومنظمات عراقية شيعية‬
‫أخرى تتلقى الدعم اليراني من أبرزها حزب الدعوة والمجلس الشيعي‬
‫العلى للثورة السلمية ‪ ،‬ولكن بعد الحتلل تغيرت الرؤى والجندات ‪،‬‬
‫وأصبح الراعي المريكي سيد الموقف وأوشكت الخيوط أن تفلت من بين‬
‫الصابع اليرانية ‪ ،‬ولكنها سرعان ما استدعت تيار الصدر من على مقاعد‬
‫الحتياط وبدأت بتفعيله مباشرة حيث نفذ مهامه الولى بنجاح وهي النتقام‬
‫من متنكبي الطريق اليراني مثل عبد المجيد الخوئي ‪ ،‬وباقر الحكيم ‪..‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫‪174‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ومع تتبع الداء السياسي لتيار الصدر في مرحلة الحتلل المريكي يمكن أن‬
‫نبرهن بوضوح على أنه تحول إلى أداة طيعة في أيدي مخططي السياسة‬
‫اليرانية ‪ ،‬وحسب المفهوم السابق الشارة إليه " قنبلة ل تنفجر " ‪ ،‬ونذكر‬
‫من ذلك بعض الشواهد التي تفيد في توقع مستقبل التبعية الصدرية ليران‬
‫في المرحلة المقبلة ‪..‬‬
‫أول ‪ :‬تيار ثوري بل مطالب ‪ :‬ل أحد يستطيع أن يجزم على وجه التحديد‬
‫بأهداف تيار الصدر من مشاغباته الثورية ‪ -‬مجازا ‪ -‬فليست هناك مطالب‬
‫محددة ‪ ،‬وانتفاضاته التي يقوم بها تنتهي في الغالب بتحقيق رغبات لم تنشأ‬
‫الحاجة إليها إل بتأثير النتفاضة ‪ ،‬فما الداعي إليها إذن ؟ ‪..‬‬
‫عندما أعلن عن التفاق الخير بين تيار الصدر والحتلل المريكي أصدر‬
‫مكتب الصدر بموجب التفاق بيانا إلى أتباعه قال فيه ‪ " :‬إلى كل فرد من‬
‫أفراد جيش المهدي الذين ضحوا بالغالي والنفيس ولم يقصروا أمام ربهم ول‬
‫أمام مجتمعهم " ثم دعاهم إلى أن " يرجعوا إلى محافظاتهم للقيام‬
‫بواجباتهم وما يرضي الله ورسوله وأهل البيت " ولم يفهم أحد لماذا جاءوا‬
‫ول لماذا رجعوا ؟ ‪..‬‬
‫ويمكن بمقارنة تيار الصدر بحركة مقاومة أخرى مثل حماس مثل ‪ ،‬أن نتبين‬
‫المأزق الستراتيجي للصدريين ‪ ،‬فحماس مطالبها واضحة ومحددة وقادتها‬
‫هم الذين يحددون أهدافها لنهم من يحركون كوادرها ‪ ،‬بينما ل يقدم مقتدى‬
‫الصدر أي رؤية واضحة ول يعطي أهدافا مقنعة ‪ ،‬وذلك لنه ليس من يحرك‬
‫كوادر تياره ‪ ،‬وعندما يحدث هذا اللبس لدى قادة أي حركة فإن ذلك ُيعد دليل‬
‫على أن قرارها ليس بيدها بل يتم اتخاذه من وراء الكواليس ‪..‬‬
‫ويؤكد ذلك حجم التناقضات التي يقع فيها التيار ‪ ،‬فقد تحول من رفض‬
‫المحتل ورفض المشاركة السياسية والدعوة إلى القتال ‪ ،‬إلى الموافقة على‬
‫النتخابات والعلن عن تأسيس حزب سياسي ‪ ،‬أي بعبارة أخرى ‪ :‬الدخول‬
‫في عباءة الحتلل المريكي ‪..‬‬
‫وهذا التذبذب في الرؤية والتخبط في اتخاذ القرارات يتضح من تصريحات‬
‫قيس الخزعلي الناطق باسم مقتدى الصدر ‪ ،‬والذي يفتح المجال لكل‬
‫الحتمالت وبنفس مستوى التناقض ‪ ،‬فيقول ‪ " :‬هذا الجيش ‪ -‬المهدي ‪ -‬لن‬
‫ينتهي وجوده مع تشكيل الحزب السياسي ‪ ،‬وسيشكل الجيش حلقة الوصل‬
‫بين القيادة الدينية والقاعدة الشعبية ‪ ..‬لقد عدنا للتنظيم السياسي ونحن‬
‫مستمرون فيه وسنعود للتنظيم المسّلح لو ُأجبرنا على ذلك " ول يستطيع‬
‫أحد أن يفهم من هذه التصريحات لماذا لجأوا للتنظيم المسلح ؟ ثم ما الذي‬
‫تغير ليعودوا للتنظيم السياسي ؟ وما الذي يمكن أن يحدث مستقبل ول‬
‫يحدث الن لكي يعودوا مرة أخرى للتنظيم المسلح ؟ وأيضا لم يبين الخزعلي‬
‫كيف تتحول ميلشيا مكونة من مرتزقة وغوغاء إلى حلقة وصل بين القيادة‬
‫الدينية والقاعدة الشعبية ؟ ‪..‬‬
‫وكانت حكومة المللي سعيا منها لوضع مقتدى الصدر في الطار اليراني‬
‫بصورة أكثر وضوحا قد دعته إلى زيارة طهران ‪ ،‬فسافر إلى الحدود اليرانية‬
‫برا ثم نقلته طائرة مع مجموعة من أتباعه إلى طهران حيث أقاموا في شقة‬
‫فاخرة أعدت لهم ‪ ،‬والتقى الصدر بالمرشد خامنئي وخاتمي ورفنسجاني ‪..‬‬
‫ثانيا ‪ :‬المريكان يحافظون على مقتدى أكثر من النجف وكربلء ‪ :‬من‬
‫المفارقات العجيبة في المواجهات بين القوات المريكية وجيش المهدي الذي‬
‫يتزعمه مقتدى الصدر صراحة أنه لم ُيصب بخدش واحد ولم يتعرض لهجوم‬
‫حقيقي أو محاولة اغتيال أو اعتقال من قبل المريكيين ‪ ،‬ولم تعلن عن جائزة‬

‫‪175‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫مليونية لعتقاله حيا أو ميتا ولم يوصف بأنه إرهابي ولم تنطلق خلفه جيوش‬
‫الف بي آي والسي آي إيه ‪ ،‬ولذر الرماد في العين ظهر علينا مقتدى الصدر‬
‫في خطبة الجمعة التي يعرف الجميع مكانها وموعدها لكي يتهم المريكيين‬
‫بمحاولة اغتيال فاشلة لم تسفر إل عن رباط من الشاش حول كف يده ‪،‬‬
‫والكثر عجبا أن القذائف المريكية أحدثت دمارا في المزارات المقدسة لدى‬
‫الشيعة في النجف وكربلء رغم إدراكها لقداستها لدى شيعة العراق والعالم ‪،‬‬
‫ولكنها لم تجسر على التعرض لمقتدى الصدر ‪ ،‬وخرج علينا مجلس الشؤون‬
‫الخارجية المريكية ‪ -‬وهو منشأة بحثية حكومية تشارك في صياغة القرار‪-‬‬
‫لكي ُيعلن في دراسة له أن الخيار الفضل لدى المريكيين حيال الصدر هو‬
‫نفيه إلى أذربيجان ‪ ،‬أما اعتقاله أو التورط في قتله فإن ذلك سيترتب عليه‬
‫ردود أفعال غير مأمونة العواقب ‪ ،‬والغريب أن المجلس الموقر لم يقدم لنا‬
‫دراسة عن تأثير تفجير مقدسات الشيعة في النجف وكربلء وعن تقبل‬
‫الشيعة لغتيال باقر الحكيم والخوئي من قبل ومحاولة اغتيال السيستاني‬
‫دون أن تصدر عنهم ردود أفعال غاضبة حقيقة ‪..‬‬
‫ورغم أن هذه ملحظات ل تخفى على أي متابع ‪ ،‬فإن المر المستغرب ترويج‬
‫بعض الصحفيين والكتاب العرب لبطولة مقتدى الصدر التي ُتذكرهم بالمآثر‬
‫الهوائية لحسن نصر الله ‪..‬‬

‫)‪(3 /‬‬

‫ولم يكد التفاق بين الصدر والحتلل يتم حتى سارع الجميع إلى التعبير عن‬
‫فرحهم بذلك بدءا بالرئيس المريكي جورج بوش الذي صرح بأن " الوليات‬
‫المتحدة لم تعد تستبعد احتمال أن يلعب مقتدى الصدر دورا في الحياة‬
‫السياسية العراقية " وحتى الرئيس العراقي غازي الياور شارك في مظاهرة‬
‫الترحيب بالصدر فقال ‪ " :‬لطالما قلت إنني لو كنت مكانه لحاولت التوجه‬
‫إلى الميدان السياسي عوضا عن رفع السلح " وقال ‪ " :‬لديه أنصار ‪ ،‬لديه‬
‫دوائر انتخابية ‪ ،‬عليه النخراط في العملية السياسية وأنا أثني على الخطوة‬
‫الذكية التي قام بها " وفي رد على السؤال الحساس حول دور مقتدى الصدر‬
‫في عملية اغتيال الخوئي ‪ ،‬قال الياور ‪ " :‬إن الزعيم الشيعي برئ حتى تثبت‬
‫إدانته " ‪..‬‬
‫وكانت صحيفة " إشراقات الصدر " التي تصدر عن أتباع مقتدى الصدر قد‬
‫هاجمت اختيار الدارة المريكية لغازي الياور رئيسا للعراق ‪ ،‬وكتبت تتساءل ‪:‬‬
‫مل الكثير من نظام صدام‬ ‫ضرب وتح َّ‬
‫" هل من المعقول أن يرضى شعب ُ ِ‬
‫حسين وعانى من ذل المحتل لكثر من عام ‪ ،‬أن يحكمه رئيس سني ورئيس‬
‫وزراء أكثر خبثا من اليهودي ؟ " ‪..‬‬
‫وهذا الحرص المريكي على بقاء تيار الصدر واستئناسه ليس خوفا من‬
‫مشاغباته العسكرية التي كان لها أن تشوش على انتخابات الرئاسة فقط ‪،‬‬
‫بل إن وجود الصدر ضروري للمريكيين لموازنة القوى الشيعية الخرى من‬
‫الناحية السياسية ‪ ،‬فالدور اليراني خلف تيار الصدر وطبيعة هذا التيار الثورية‬
‫من شأنها أن تحدث دوما انشقاقات وتصدعات في وحدة الموقف الشيعي‬
‫وهذا يجعل احتلل العراق أقل صعوبة بالنسبة للمريكيين ‪ ،‬كما أن تركيز‬
‫السياسة اليرانية على تيار الصدر كممثل غير معلن لمصالحها يعطي مخطط‬
‫السياسة المريكية في العراق تعقيدا أقل ووضوحا أكثر ‪ ،‬ويقدم ميدان‬
‫مساومة مقبول من الطرفين يتبادلن فيه الضغوط بالضافة إلى ميدان‬

‫‪176‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫النشاط النووي ليران ‪..‬‬


‫ولكن إذا كانت الرهانات اليرانية على تيار الصدر قد لقت نجاحا معقول حتى‬
‫الن ‪ ،‬فهل يمكن لهذا النجاح أن يستمر رغم ما يبدو من تغيرات في‬
‫الظروف والحوال ‪ ،‬وخاصة بعد فوز الرئيس المريكي جورج بوش بفترة‬
‫رئاسة ثانية ‪ ،‬وهو ما يعني تأييد الشعب المريكي لجندته في العراق ؟ هذا‬
‫ما سنحاول تحليله في مقالت قادمة بإذن الله‪..‬‬

‫)‪(4 /‬‬

‫مقترحات قبل رمضان‬


‫المصدر‪/‬المؤلف‪ :‬حسين بن سعيد الحسنيه‬
‫الحمد لله وحده والصلة والسلم على من ل نبي بعده‪ ..‬وبعد‪..‬‬
‫فإليك ‪ -‬أخي الكريم ‪ -‬هذه الجملة من المقترحات المختصرة والتي تساعد‬
‫على تهيئة النفس والبيت والمسجد في استقبال شهر رمضان المبارك والذي‬
‫نسأل الله أن يبلغنا وجميع المسلمين صيامه وقيامه إنه على كل شيء قدير‪:‬‬
‫ل‪ :‬النفس‪:‬‬ ‫أو ً‬
‫‪ -1‬إخلص العمل لله عز وجل‪.‬‬
‫‪ -2‬استشعار نعمة الله علينا بهذه المواسم‪.‬‬
‫‪ -3‬العلم بأنه ميدان منافسة على العتق من النار‪.‬‬
‫‪ -4‬تهيئة المصحف والنقطاع عن الشواغل‪.‬‬
‫‪ -5‬اختيار كتاب من كتب التفسير ككتاب السعدي رحمه الله للرجوع إليه عند‬
‫الحاجة‪.‬‬
‫‪ -6‬أن يخصص النسان لنفسه تلوتين‪ ،‬الولى‪ :‬تلوة تدبر بقراءة جزء واحد‬
‫في كل يوم بتدبره ويقف عند عجائبه وآياته‪ .‬والثانية‪ :‬تلوة أجر وهي التي‬
‫يكثر فيها الختمات ابتغاء الجر‪.‬‬
‫‪ -7‬إعداد جدول للقراءة يوفق فيه النسان بين قدراته وأعماله‪.‬‬
‫‪ -8‬تعويد النفس على الدعاء ورفع اليدين‪.‬‬
‫‪ -9‬تعويد النفس على الجلوس في المسجد أدبار الصلوات وخاصة صلتي‬
‫الفجر والعصر‪.‬‬
‫‪ -10‬تعويد النفس على الصدقة والبذل والعطاء‪.‬‬
‫‪ -11‬الحرص على تحفيز النفس ومضاعفة دورها في العمل الصالح مثل‬
‫قراءة حياة السلف وحالهم في رمضان‪.‬‬
‫‪ -12‬الستماع إلى الشرطة وقراءة المطويات الخاصة بذلك‪.‬‬
‫‪ -13‬تعويد النفس على القيام وذلك بالزيادة في الوتر والتهجد‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬البيت‪:‬‬
‫‪ -1‬شراء مصاحف وحاملت مصاحف لجميع أعضاء السرة‪.‬‬
‫‪ -2‬تخصيص مصلى في المنزل‪.‬‬
‫‪ -3‬شراء الشرطة والمطويات وعمل مسابقات عائلية خاصة برمضان‪.‬‬
‫‪ -4‬عقد جلسة مع أفراد السرة والتحدث عن رمضان وفضله وأحكامه‪.‬‬
‫‪ -5‬تجهيز المنزل بما يتطلبه من مأكولت ومشروبات بشرط عدم السراف‪.‬‬
‫‪ -6‬اتخاذ قرار مجمع عليه تجاه وسائل العلم وما تبثه في رمضان‪.‬‬
‫‪ -7‬تنسيق وتوزيع الدوار بين أهل البيت في الخدمة حتى تجد المرأة حظها‬
‫في برامج العبادة‪.‬‬
‫‪ -8‬تنسيق برامج الزيارات والستضافات الرمضانية مع الهل والجيران‬

‫‪177‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫والصدقاء‪.‬‬
‫‪ -9‬إعداد برنامج للعمرة والعتكاف لجميع أعضاء السرة‪.‬‬
‫‪ -10‬المشاركة في إعداد الطبق اليومي ولو كان شيئا ً يسيرا يهدى لوجبة‬
‫ً‬
‫تفطير الصائمين في المسجد‪.‬‬
‫‪ -11‬مسابقة في حفظ أحاديث كتاب الصيام مثل كتاب بلوغ المرام أو رياض‬
‫الصالحين‪.‬‬
‫ثالثًا‪ :‬المسجد‪:‬‬
‫‪ -1‬أن يتهيأ المام في المواظبة بالقيام بجميع الفروض في مسجده طيلة‬
‫أيام الشهر‪.‬‬
‫‪ -2‬إعداد إنارة المسجد وتنظيم أثاثه‪ ،‬والعناية بالذاعة والصوتيات‪.‬‬
‫‪ -3‬الهتمام بدورات المياه والقيام على تجهيزها وتنظيفها‪.‬‬
‫‪ -4‬العمل على حث جماعة المسجد في جمع تبرعات للمسجد وما يحتاجه‬
‫من الماء والمناديل الورقية والطيب‪.‬‬
‫‪ -5‬استضافة بعض العلماء وطلبة العلم في المسجد للقاء الكلمات‬
‫والمواعظ قبل رمضان وأثناءه‪.‬‬
‫‪ -6‬اختيار المام للكتاب المناسب وقراءته على جماعة المسجد بعد إحدى‬
‫الصلوات‪.‬‬
‫‪ -7‬إعداد المسابقات اليومية والسبوعية لجماعة المسجد‪.‬‬
‫‪ -8‬تخصيص لجنة تقوم بإعداد وجبة إفطار الصائم والشراف عليها‪.‬‬
‫‪ -9‬توزيع الشرطة على أهل الحي‪.‬‬
‫‪ -10‬إعداد برامج للجاليات من مطويات وأشرطة‪.‬‬
‫‪ -11‬تخصيص ليلتين أو ثلث من الشهر يجتمع فيها جماعة المسجد لفطار‬
‫جماعي يأتي كل واحد منهم باليسير من زاده ويجتمعون عليه في المسجد‬
‫تحت إشراف المام وتنسيقه‪.‬‬
‫‪ -12‬إعداد برنامج ترفيهي لشباب الحي‪.‬‬
‫‪ -13‬الحرص على أن يختم المام ولو ختمة واحدة في صلة التراويح‪.‬‬
‫‪ -14‬إقامة دورية للحي‪.‬‬
‫‪ -15‬الحرص على أن تقدم برامج تكون بدائل ومزاحمات إعلمية‪.‬‬
‫‪ -16‬إعداد برنامج لجمع الزكاة وتوزيعها على فقراء الحي‪.‬‬
‫‪ -17‬إعداد برنامج لعيد رمضان مثل اجتماع الجيران بعد صلة العيد في‬
‫المسجد‪.‬‬
‫وبالله التوفيق‪ ،‬وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫مقترحات للدورات العلمية‬


‫الشيخ‪/‬محمد بن إبراهيم الحمد ‪9/6/1424‬‬
‫‪07/08/2003‬‬
‫الحمد لله‪ ،‬و الصلة والسلم على رسول الله أما بعد‬
‫فإن من أعظم نعم الله علينا في هذه الزمان قيام كثير من الدورات العلمية‬
‫في شتى الفنون سواء في العقيدة أو الفقه‪ ،‬أو الحديث‪ ،‬أو التفسير أو‬
‫الصول‪ ،‬أو العربية‪ ،‬أو ما جرى مجرى ذلك‪.‬‬
‫ً‬
‫ولقد نفع الله بتلك الدورات‪ ،‬وصار القبال عليها يتزايد عاما بعد عام‪.‬‬
‫والحديث هنا سيدور حول بعض المقترحات للدورات العلمية؛ رغبة في‬

‫‪178‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫النهوض بها‪ ،‬وعموم الفائدة منها‪.‬‬


‫وهذه المقترحات منها ما يعود على المنظمين المستضيفين لها‪ ،‬ومنا ما يعود‬
‫على القائمين بها والمشاركين فيها‪ ،‬ومنها ما هو مشترك بين أولئك‪.‬‬
‫وإليكم هذه المقترحات دون ترتيب‪ ،‬أو تخصيص؛ إذ بعضها قد يكون داخل ً في‬
‫بعض‪.‬‬
‫‪ -1‬العناية باختيار الموضوعات الملئمة‪ ،‬والكتب المناسبة‪ ،‬فلكل فئة ما‬
‫يلئمها‪ ،‬ولكل بلد ما يناسب أهله‪.‬‬
‫‪ -2‬الحرص على تكثيف الدعاية للدورات؛ حتى يكثر مرتادوها‪.‬‬
‫‪ -3‬تسجيل الدورات‪ ،‬ونقلها عبر النترنت؛ لن ذلك أبقى للثر‪ ،‬وأعم للفائدة‪،‬‬
‫ل‪ ،‬فإذا‬‫وأدعى لحضور المشايخ؛ لنهم ربما يعتريهم الملل إذا كان العدد قلي ً‬
‫اعلموا أنها تنقل عبر النترنت تشجعوا‪ ،‬ونشطوا‪.‬‬
‫‪ -4‬الحرص على التنسيق في الدورات‪ ،‬حتى ل يقع التكرار في دورات البلد‬
‫الواحد‪ ،‬أو البلدان المتقاربة‪.‬‬
‫‪ -5‬التجديد في الدورات‪ ،‬كعقد الدورات المتخصصة في بعض العلوم‬
‫والموضوعات التي تدعو الحاجة إليها‪ ،‬ويقل الطرح لها‪ ،‬كوضع دورات في‬
‫علوم البلغة‪ ،‬ودورات في تصحيح النطق والقراءة والملء‪ ،‬ودورات في‬
‫ممارسة الخطابة‪ ،‬ودورات في التدرب على على الكتابة والساليب النشائية‬
‫الراقية‪ ،‬حتى يكون لدى المشاركين قدرة على الكتابة السليمة‪ ،‬والساليب‬
‫المحكمة‪،‬‬
‫والتحريرات العالية‪ ،‬ويكون لهم قدرة على الخطابة‪ ،‬واللقاء؛ إذا هي من‬
‫أعظم أسلحة طالب العلم؛ فل يليق به أن يعري منها‪.‬‬
‫ثم إن في ذلك توسيعا ً لدائرة الفائدة؛ حيث تحصل المشاركة من عدة‬
‫طوائف من المتخصصين في شتى الفنون‪.‬‬
‫‪ -6‬ويا حبذا أن توضع دورات متخصصة في البحث العلمي‪ ،‬وطرائقه‪ ،‬وكيفية‬
‫التعامل مع الكتب‪ ،‬وما إلى ذلك‪.‬‬
‫‪-7‬ويا حبذا أن تكثف الدروس في أدب الطلب؛ إذا هو زينة الطالب‪ ،‬وبهجته؛‬
‫فلعل القائمين على الدورات يعنون بهذا الجانب‪ ،‬ويجعلون له نصيبا ً من‬
‫جهدهم المبارك؛ بحيث يكون ضمن موضوعات تلك الدورات في تدريس‬
‫كتب في هذا الشأن مثل‪ :‬اقتضاء العلم العمل للخطيب البغدادي‪ ،‬والجامع‬
‫لخلق الراوي وأدب السامع للخطيب ‪ -‬أيضا ً ‪ -‬ومثل الخلق والسير لبن‬
‫حزم‪ ،‬ورفع الملم لبن تيمية‪ ،‬وكتاب الجامع من بلوغ المرام لبن حجر‬
‫العسقلني‪ ،‬وكتاب أدب الطلب للشوكاني‪ ،‬وكتاب حلية طالب العلم للشيخ‬
‫بكر أبو زيد‪ ،‬وغيرها من الكتب في هذا الشأن‪.‬‬
‫فتدريس مثل هذه الكتب ينير الطريق لطالب العلم‪ ،‬ويدله على أصول‬
‫المكارم‪ ،‬ويضاعف فائدته ونفعه للناس؛ لن أخلقه أثر علمه‪ ،‬وموطن القدوة‬
‫فيه‪.‬‬
‫‪-8‬العلن عن وضع امتحان في نهاية الدورة لكل كتاب أو موضوع يلقى‪،‬‬
‫ويكون المتحان تحريريًا‪ ،‬ويتم تصحيح السئلة‪ ،‬أو يكون المتحان شفهيًا‪ ،‬ومن‬
‫ثم يتم إعلن النتيجة‪ ،‬وإعطاء الجازات العلمية على ذلك‪.‬‬
‫‪-9‬تنظيم الحضور‪ ،‬والنصراف وذلك عبر الكشوفات التي يتم من خللها كتابة‬
‫اسم المشارك‪ ،‬حتى ُيتأكد من حضوره‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫‪-10‬يحسن بالمنظمين للدورة أن يرسلوا برنامجا مقترحا للشيخ المشارك‬
‫قبل الدورة بفترة خصوصا ً إذا كان قادما ً من خارج البلد الذي تقام فيه‬
‫صل من خلله ما سيقوم به من‬ ‫الدورة؛ بحيث يوضع له برنامج مقترح يف ّ‬

‫‪179‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫نشاط طيلة أيام الدورة‪ ،‬ويعطى فرصة التعديل‪ ،‬والزيادة والنقصان؛ إذا قد‬
‫تكون مدة الدورة أسبوعا ً أو أكثر أو أقل‪ ،‬ومع ذلك ل يكون للشيخ إل ساعة‬
‫من نهار أو ليل‪ ،‬وبقية الوقت يذهب دون استفادة منه‪.‬‬
‫‪-11‬العناية براحة الشيخ‪ ،‬وإعداد السكن الملئم بحسب القدرة‪.‬‬
‫والحرص على التنسيق معه‪ ،‬واستقباله‪ ،‬وإعداد كل ما يعينه على أداء ما هو‬
‫بصدده‪.‬‬
‫ً‬
‫‪-12‬وحبذا وضع المرغبات في الدورة خصوصا إذا كانت الدروس متصلة‬
‫ببعض‪ ،‬وذلك كإعداد وجبات خفيفة بين الدروس‪ ،‬وكالعناية بالقادمين من‬
‫بعيد‪ ،‬على أن يضبط ذلك بأوقات محددة حتى ل يكون المر فوضى‪.‬‬
‫ومما يحسن في هذا الصدد أن تعد بعض الجوائز والمحفزات التي تتخلل‬
‫الدرس‪ ،‬بحيث توضع أسئلة فيما مر ذكره في الدرس‪ ،‬ومن يجيب عليها‬
‫يعطى جائزة؛ فذلك مما يطرد السآمة‪ ،‬ويبعث على حضور الذهن‪.‬‬
‫‪-13‬يحسن بالتي للقاء الدورة أن يفيد البلد الذي أتى إليه‪ ،‬فل يقتصر على‬
‫إلقاء الدروس فحسب‪ ،‬بل يحسن به أن يمل وقته بنفع البلد وأهله؛ فإذا كانت‬
‫الدورة في أيام الدراسة فليحرص على زيادة المدارس‪ ،‬وإلقاء الكلمات فيها‪،‬‬
‫وإذا كانت في الجازة فليحرص على زيارة الدوائر الحكومية‪ ،‬والمراكز‬
‫الصيفية والسجون‪ ،‬وغيرها من أماكن تجمعات الناس‪.‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫‪-14‬وليحرص على إلقاء خطبة الجمعة؛ لن الناس يحضرون الجمعة بكثرة؛‬


‫فجميل أن يشارك القادم في هذا المجال‪.‬‬
‫‪-15‬ويحسن بالمنظمين أن يرتبوا للقادم زيارات لهل العلم‪ ،‬والفضل‬
‫والحسان؛ لشعارهم بمنزلتهم‪ ،‬وتشجيعهم على بذل المزيد من الجهد‪،‬‬
‫والمال‪ ،‬وما إلى ذلك‪.‬‬
‫ً‬
‫‪-16‬ويحسن بهم ‪ -‬أيضا ‪ -‬أن يعقدوا المجالس العلمية التي تكون فيها‬
‫المشاورات والمطارحات‪.‬‬
‫‪-17‬ويحسن بالشيخ القادم أن يصطحب معه بعض طلبه؛ لتدريبهم على إلقاء‬
‫الكلمات‪ ،‬ونفع الناس على أن ينسق مع المنظمين للدورة؛ ليسهلوا مهمة‬
‫أولئك؛ وبهذا تحصل الفائدة من جهتين‪ :‬من جهة تدريب أولئك‪ ،‬ومن جهة‬
‫نفعهم وتوجيههم للناس‪.‬‬

‫)‪(2 /‬‬

‫مقتطفات ممتعة من الكتاب المقدس‬


‫إلى القمص المنكوح‬
‫ذى الدبر المقروح‪:‬‬
‫مقتطفات ممتعة من الكتاب المقدس‬
‫أ‪.‬‬
‫د‪/‬إبراهيم عوض‬
‫‪ibrahim_awad9@yahoo.com‬‬
‫فى أحد المواقع التبشيرية قرأت العبارة التالية فى مقال يحاول صاحبه على‬
‫نحو مضحك أن يقنع قارئه المسلم بأن القرآن يشهد لعيسى بن مريم‬
‫باللوهية‪ ،‬وهى بعنوان "نصيحة مهمة لقراءة نص الكتاب المقدس"‪" :‬لقد‬

‫‪180‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ت أنت في حالة عدم اليقين بخصوص أبديتك كل هذه السنين‪ ،‬ول‬ ‫عش َ‬
‫تستطيع أن تتحمل تكاليف خسارة البدية‪ .‬لذلك قبل كل مرة تأتي فيها‬
‫ل‪ :‬يا‬ ‫لقراءة كلمات النجيل المباركة ارفع قلبك بصلة صغيرة إلى الله قائ ً‬
‫رب‪ ،‬أرشدني لفهم كلمات كتابك وشدد إيماني كي أقبل ما تقنعني أنت به‪.‬‬
‫ساعدني لكي أفهم مشيئتك ولكي أعمل إرادتك في حياتي"‪ .‬وقد نزلت على‬
‫رأى الكاتب رغبة منى فى تمحيص أفكارى واقتناعاتى‪ ،‬وقرأت الكتاب‬
‫المقدس من جديد أكثر من مرة‪ ،‬ودعوت الله من عمق أعماق قلبى أن ينير‬
‫بصيرتى للحق وأن يرفع عن عينى غشاوة الباطل إذا كان ثمة باطل عندى‬
‫يشوش على عقلى ويختم على قلبى‪ ،‬فكانت النتيجة هى الخروج من قراءتى‬
‫بالمختارات التالية التى ألهمنى الله‪ ،‬بعد أن دعوته وألحفت فى الدعاء‪ ،‬أل‬
‫وا من‬ ‫احتجزها لنفسى بل أشرك فيها قرائى العزاء معى‪ .‬فما رأيكم؟ ت ََعال َ ْ‬
‫فضلكم لنقرأ ونستمتع‪:‬‬
‫مص المنكوح‪:‬‬ ‫ق ّ‬ ‫إلى ال ُ‬
‫مقتطفات ممتعة من الكتاب المقدس‬
‫د‪ .‬إبراهيم عوض‬
‫م المسلمين‪ ،‬إذ يحاولون‬ ‫يسلك المبشرون سبيل مخادعة عند مخاطبتهم لعوا ّ‬
‫أن يوهموهم بأن الكتاب المقدس الذى مع اليهود والنصارى الن هو التوراة‬
‫والنجيل اللذان ورد ذكرهما فى القرآن المجيد وقال عنهما إنهما وحى أوحاه‬
‫الله لموسى وعيسى‪ .‬إنه خداع رخيص واستغفال للعقول‪ ،‬فالتوراة والنجيل‬
‫شىء‪ ،‬والكتاب المقدس شىء آخر‪ .‬الكتاب المقدس هو‪ ،‬فى أحسن أحواله‪،‬‬
‫يشبه على نحوٍ ما السيرة النبوية‪ ،‬إذ كتبه رجال الدين اليهود والنصارى بعد‬
‫ب النصارى "العهد َ‬ ‫ب اليهود ُ "العهد َ القديم"‪ ،‬وكت َ َ‬ ‫وفاة موسى وعيسى‪ :‬ك َت َ َ‬
‫الجديد"‪ ،‬أما التوراة والنجيل اللذان يتحدث عنهما القرآن فقد اختفيا‪ ،‬وإن لم‬
‫يمنع هذا من وجود بعض العبارات أو المعانى من التوراة والنجيل فى‬
‫الكتابين المذكورين‪ .‬فى ضوء هذا أرجو من القراء أن يصحبونا فى هذه‬
‫طلع فيها على بعض النصوص الممتعة التى‬ ‫الجولة خلل الكتاب المقدس ن ّ‬
‫انتقيتها لهم لكى ي ََرْوا بأنفسهم أن ذلك الكتاب ليس هو الوحى اللهى الذى‬
‫نزل على موسى وعيسى عليهما السلم‪ ،‬بل هو شىء آخر سطرته يد البشر‬
‫بما فى عقول البشر وقلوبهم من أهواء ونزوات وشهوات وأخطاء مضحكة ل‬
‫تدخل العقل! فهيا إلى هناك‪:‬‬
‫تكوين ‪) 2‬الله عندهم يتعب ويستريح‪ ،‬فالحمل ثقيل عليه! أستغفر الله(‪:‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫سابِع ِ‬ ‫ه ِفي ال ْي َوْم ِ ال ّ‬ ‫ها‪2 .‬وَفََرغ َ الل ُ‬ ‫جن ْدِ َ‬ ‫ل ُ‬ ‫ض وَك ُ ّ‬ ‫ت َوالْر ُ‬ ‫ماَوا ُ‬ ‫س َ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫مل َ ِ‬ ‫‪1‬فأك ْ ِ‬
‫م َ‬
‫ل‪.‬‬ ‫ذي عَ ِ‬ ‫مل ِهِ ال ّ ِ‬ ‫ميِع عَ َ‬ ‫ج ِ‬‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫سابِع ِ‬ ‫ح ِفي ال ْي َوْم ِ ال ّ‬ ‫ست ََرا َ‬ ‫ل‪َ .‬فا ْ‬ ‫م َ‬ ‫ذي عَ ِ‬ ‫مل ِهِ ال ّ ِ‬ ‫عَ َ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫‪3‬وََباَر َ‬
‫ذي‬ ‫مل ِهِ ال ِ‬ ‫ميِع عَ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫ست ََرا َ‬ ‫ه ِفيهِ ا ْ‬ ‫ه‪ ،‬لن ّ ُ‬ ‫س ُ‬ ‫سابعَ وَقَد ّ َ‬ ‫م ال ّ‬ ‫ه الي َوْ َ‬ ‫ك الل ُ‬
‫قا‪.‬‬ ‫خال ِ ً‬ ‫ه َ‬ ‫ل الل ُ‬ ‫م َ‬ ‫عَ ِ‬
‫تكوين ‪) 3‬إله هذا أم شيخ بلد يتفقد أملكه ساعة العصر؟(‪:‬‬
‫َ‬
‫م‬
‫خت َب َأ آد َ ُ‬ ‫ب ِريِح الن َّهاِر‪َ ،‬فا ْ‬ ‫عن ْد َ هُُبو ِ‬ ‫جن ّةِ ِ‬ ‫شًيا ِفي ال ْ َ‬ ‫ما ِ‬ ‫للهِ َ‬ ‫با ِ‬ ‫ت الّر ّ‬ ‫صوْ َ‬ ‫مَعا َ‬ ‫س ِ‬ ‫‪8‬وَ َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫م‬‫ه آد َ َ‬ ‫لل ُ‬ ‫با ِ‬ ‫ة‪9 .‬فََناَدى الّر ّ‬ ‫جن ّ ِ‬‫جرِ ال َ‬ ‫ش َ‬ ‫ط َ‬ ‫س ِ‬ ‫للهِ ِفي وَ َ‬ ‫با ِ‬ ‫جهِ الّر ّ‬ ‫ن وَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫مَرأت ُ ُ‬ ‫َوا ْ‬
‫ت‪ ،‬لّني‬‫َ‬ ‫جن ّةِ فَ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫قا َ‬ ‫ت؟«‪10 .‬فَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫وََقا َ‬
‫شي ُ‬‫خ ِ‬ ‫صوْت َك ِفي ال َ‬ ‫ت َ‬ ‫معْ ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ل‪َ » :‬‬ ‫ن أن ْ َ‬ ‫ه‪» :‬أي ْ ْ َ‬ ‫لل ُ‬
‫ت«‪.‬‬ ‫خت َب َأ ُ‬ ‫ن َفا ْ‬ ‫عُْرَيا ٌ‬
‫تكوين ‪) 3‬يا له من إله حاقد!(‪:‬‬
‫شّر‪.‬‬ ‫خي َْر َوال ّ‬ ‫ْ‬
‫عارِفا ال َ‬ ‫ً‬ ‫مّنا َ‬ ‫حد ٍ ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫َ‬
‫صاَر ك َ‬ ‫ن قد ْ َ‬ ‫َ‬ ‫سا ُ‬ ‫ه‪» :‬هُوََذا ال ِن ْ َ‬ ‫لل ُ‬ ‫با ِ‬ ‫ل الّر ّ‬ ‫‪22‬وََقا َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫د«‪.‬‬ ‫حَيا إ َِلى الب َ ِ‬ ‫ل وَي َ ْ‬ ‫ضا وَي َأك ُ ُ‬ ‫حَياةِ أي ْ ً‬ ‫جَرةِ ال ْ َ‬ ‫ش َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫خذ ُ ِ‬ ‫مد ّ ي َد َه ُ وَي َأ ُ‬ ‫ه يَ ُ‬ ‫ن ل َعَل ّ ُ‬ ‫وال َ‬
‫من َْها‪24 .‬فَط ََرَد‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫خ‬ ‫ُ‬ ‫أ‬ ‫تي‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ض‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫ة‬ ‫ن‬ ‫ج‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫لل‬ ‫ا‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ال‬ ‫ه‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫خ‬ ‫َ‪23‬فَأ َ‬
‫ِ ِ‬ ‫ْ َ ِ‬ ‫ِ ُ ِ ْ َ ّ ِ َ ْ ٍ َِْ َ‬ ‫ْ َ َ ُ ّ ّ‬

‫‪181‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬
‫َ‬
‫ة‬
‫س ِ‬
‫حَرا َ‬ ‫قل ّ ٍ‬
‫ب لِ ِ‬ ‫مت َ َ‬
‫ف ُ‬‫سي ْ ٍ‬ ‫م‪ ،‬وَل َِهي َ‬
‫ب َ‬ ‫ن ال ْك َُروِبي َ‬
‫جن ّةِ عَد ْ ٍ‬
‫ي َ‬
‫شْرقِ ّ‬ ‫م َ‬ ‫ن‪ ،‬وَأَقا َ‬
‫سا َ‬‫ال ِن ْ َ‬
‫ة‪.‬‬
‫حَيا ِ‬ ‫ْ‬
‫جَرةِ ال َ‬ ‫ق َ‬
‫ش َ‬ ‫طَ ِ‬
‫ري ِ‬
‫تكوين ‪) 6‬الله ينجب ذكورا ل إناثا‪ ،‬ويندم على ما خلق!(‪:‬‬

‫)‪(1 /‬‬

‫ه‬ ‫ث ل َما ابتدأ َ الناس يك ْث ُرون عََلى ال َرض‪ ،‬وول ِد ل َهم بنات‪2 ،‬أ َ َ‬
‫ن أب َْناَء الل ِ‬ ‫ّ‬ ‫ْ ِ َ ُ َ ُ ْ ََ ٌ‬ ‫ّ ُ َ ُ َ‬ ‫حد َ َ ّ ْ َ َ‬ ‫‪1‬وَ َ‬
‫خَتاُروا‪.‬‬ ‫ما ا ْ‬ ‫ن كُ ّ‬ ‫َ‬ ‫خ ُ‬ ‫ت‪َ .‬فات ّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ل َ‬ ‫م ْ‬ ‫ساًء ِ‬ ‫م نِ َ‬ ‫سهِ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫ذوا لن ْ ُ‬ ‫سَنا ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫ن َ‬ ‫س أن ّهُ ّ‬ ‫ِ‬ ‫ت الّنا‬ ‫َرأْوا ب ََنا ِ‬
‫شٌر‪.‬‬ ‫ه‪ ،‬هُوَ ب َ َ‬ ‫د‪ ،‬ل َِزي ََغان ِ ِ‬ ‫ن إ َِلى ال َب َ ِ‬ ‫سا ِ‬ ‫حي ِفي ال ِن ْ َ‬ ‫ن ُرو ِ‬ ‫دي ُ‬ ‫ب‪» :‬ل َ ي َ ِ‬ ‫ل الّر ّ‬ ‫قا َ‬ ‫‪3‬فَ َ‬
‫م‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ض طَغاة ٌ ِفي ت ِل َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ة«‪َ 4 .‬‬ ‫ع ْ‬ ‫مئ َ ً‬ ‫َ‬ ‫وَت َ ُ‬
‫ك الّيا ِ‬ ‫َ‬ ‫ن ِفي الْر ِ‬ ‫كا َ‬ ‫سن َ ً‬ ‫ن َ‬ ‫ري َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ة وَ ِ‬ ‫ه ِ‬ ‫م ُ‬
‫َ‬
‫ن أّيا ُ‬ ‫كو ُ‬
‫م‬‫م أوْل ًَدا‪ ،‬هؤُل َِء هُ ُ‬ ‫ن لهُ ْ‬ ‫َ‬ ‫س وَوَلد ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫خ َ‬ ‫ضا إ ِذ ْ د َ َ‬ ‫وَب َعْد َ ذل ِ َ‬
‫ت الّنا ِ‬ ‫ل ب َُنو اللهِ عَلى ب ََنا ِ‬ ‫ك أي ْ ً‬
‫م‪.‬‬ ‫س‬‫من ْذ ُ الد ّهْرِ ذ َُوو ا ْ‬ ‫ن ُ‬ ‫ذي َ‬ ‫جَباب َِرةُ ال ِ‬‫ّ‬ ‫ال ْ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٍ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫كارِ قَل ْب ِ ِ‬
‫ه‬ ‫صوّرِ أفْ َ‬ ‫ل تَ َ‬ ‫ن كُ ّ‬ ‫ض‪ ،‬وَأ ّ‬ ‫ِ‬ ‫ن قَد ْ ك َث َُر ِفي ال َْر‬ ‫سا ِ‬ ‫شّر ال ِن ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫بأ ّ‬ ‫‪5‬وََرأى الّر ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ف‬ ‫س َ‬ ‫ض‪ ،‬وَت َأ ّ‬ ‫ن ِفي الْر ِ‬ ‫سا َ‬ ‫ل ال ِن ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه عَ ِ‬ ‫ب أن ّ ُ‬ ‫ن الّر ّ‬ ‫حزِ َ‬ ‫م‪6 .‬فَ َ‬ ‫ل ي َوْ ٍ‬ ‫شّريٌر ك ّ‬ ‫ما هُوَ ِ‬ ‫إ ِن ّ َ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه‪7 .‬فَ َ‬ ‫ْ‬
‫ن‬ ‫سا َ‬ ‫ه‪ ،‬ال ِن ْ َ‬ ‫قت ُ ُ‬ ‫خل ْ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ِ‬ ‫سا َ‬ ‫ض ال ِن ْ َ‬ ‫جهِ الْر َ ِ‬ ‫ن وَ ْ‬ ‫حو عَ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ب‪» :‬أ ْ‬ ‫ل الّر ّ‬ ‫قا َ‬ ‫ِفي قَلب ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫جد َ‬ ‫ح فوَ َ‬ ‫ما ُنو ٌ‬ ‫م«‪8 .‬وَأ ّ‬ ‫ملت ُهُ ْ‬ ‫ت أّني عَ ِ‬ ‫حزِن ْ ُ‬ ‫ماِء‪ ،‬لّني َ‬ ‫س َ‬ ‫ت وَطُيورِ ال ّ‬ ‫م وَد َّباَبا ٍ‬ ‫معَ ب ََهائ ِ َ‬ ‫َ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ي الّر ّ‬ ‫ة ِفي عَي ْن َ ِ‬ ‫م ً‬ ‫ن ِعْ َ‬
‫سكر "طينة" وتتعرى سوأته!(‪:‬‬ ‫َ‬ ‫تكوين ‪) 9‬نبى الله نوح ي َ ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ح يَ ُ‬ ‫َ‬
‫سك َِر وَت َعَّرى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ر‬ ‫م‬
‫ََ ِ َ َِ َ َ َ ْ ِ‬ ‫خ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ش‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫‪21‬‬ ‫ما‪.‬‬ ‫حا َ َ َ ْ ً‬ ‫ر‬ ‫ك‬ ‫س‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫غ‬ ‫و‬ ‫ن فَل ّ ً‬ ‫كو ُ‬ ‫‪َ20‬واب ْت َد َأ ُنو ٌ‬
‫خبائ ِه‪22 .‬فَأ َبصر حا َ‬
‫جا‪.‬‬ ‫خارِ ً‬ ‫خوَي ْهِ َ‬ ‫خب ََر أ َ‬ ‫ه‪ ،‬وَأ ْ‬ ‫ن عَوَْرة َ أِبي ِ‬ ‫م أُبو ك َن َْعا َ‬ ‫ْ َ َ َ ٌ‬ ‫ل ِ َ ِ‬ ‫خ َ‬ ‫َدا ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ست ََرا‬ ‫شَيا إ َِلى ال ْوََراِء‪ ،‬وَ َ‬ ‫م َ‬ ‫ما وَ َ‬ ‫ضَعاه ُ عََلى أك َْتافِهِ َ‬ ‫ث الّرَداَء وَوَ َ‬ ‫م وََيافَ ُ‬ ‫سا ٌ‬ ‫خذ َ َ‬ ‫‪23‬فَأ َ‬
‫ق َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ظ‬ ‫ست َي ْ َ‬ ‫ما ا ْ‬ ‫ما‪24 .‬فَل َ ّ‬ ‫صَرا عَوَْرة َ أِبيهِ َ‬ ‫م ي ُب ْ ِ‬ ‫ما إ َِلى ال ْوََراِء‪ .‬فَل َ ْ‬ ‫جَهاهُ َ‬ ‫ما وَوَ ْ‬ ‫عَوَْرة َ أِبيهِ َ‬
‫ن! عَب ْد َ‬ ‫ن ك َن َْعا ُ‬ ‫ملُعو ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ل‪َ » :‬‬ ‫قا َ‬ ‫صِغيُر‪25 ،‬فَ َ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫ل ب ِهِ اب ْن ُ ُ‬ ‫ما فَعَ َ‬ ‫م َ‬ ‫ه‪ ،‬عَل ِ َ‬ ‫مرِ ِ‬ ‫خ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫ُنو ٌ‬
‫دا‬ ‫ن عَب ْ ً‬ ‫ن ك َن َْعا ُ‬ ‫م‪ .‬وَلي َك ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫مَباَر ٌ‬ ‫ه«‪26 .‬وََقا َ‬ ‫ال ْعَِبيد ِ ي َ ُ‬
‫سا ٍ‬ ‫ه َ‬ ‫ب ِإل ُ‬ ‫ك الّر ّ‬ ‫ل‪ُ » :‬‬ ‫خوَت ِ ِ‬ ‫ن لِ ْ‬ ‫كو ُ‬
‫م«‪.‬‬ ‫دا ل َهُ ْ‬ ‫ن عَب ْ ً‬ ‫ن ك َن َْعا ُ‬ ‫م‪ ،‬وَل ْي َك ُ ْ‬ ‫سا ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫ساك ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِفي َ‬ ‫سك ُ َ‬ ‫ث فَي َ ْ‬ ‫ه ل َِيافَ َ‬ ‫فت َِح الل ُ‬ ‫م‪27 .‬ل ِي َ ْ‬ ‫ل َهُ ْ‬
‫تكوين ‪) 11‬هل يمكن أن يكون الله حقودا‪ ،‬وإلى هذه الدرجة؟(‪:‬‬
‫دا وَل ُغَ ً‬ ‫َ‬
‫شْرًقا‬ ‫م َ‬ ‫حال ِهِ ْ‬ ‫ث ِفي اْرت ِ َ‬ ‫حد َ َ‬ ‫ة‪2 .‬وَ َ‬ ‫حد َ ً‬ ‫ة َوا ِ‬ ‫ح ً‬ ‫ساًنا َوا ِ‬ ‫ض ك ُل َّها ل ِ َ‬ ‫ت الْر ُ‬ ‫كان َ ِ‬ ‫‪1‬وَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ض‪» :‬هَل ُ ّ‬
‫م‬ ‫م ل ِب َعْ ٍ‬ ‫ضهُ ْ‬ ‫ل ب َعْ ُ‬ ‫ك‪3 .‬وََقا َ‬ ‫سك َُنوا هَُنا َ‬ ‫شن َْعاَر وَ َ‬ ‫ض ِ‬ ‫ة ِفي أْر ِ‬ ‫قعَ ً‬ ‫دوا ب ُ ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫م وَ َ‬ ‫أن ّهُ ْ‬
‫ن‬‫كا َ‬ ‫م َ‬ ‫مُر َ‬ ‫ح َ‬ ‫م ال ْ ُ‬ ‫ن ل َهُ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫ر‪ ،‬وَ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫كا َ‬ ‫م َ‬ ‫ن َ‬ ‫م الل ّب ْ ُ‬ ‫ن ل َهُ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫شّيا«‪ .‬فَ َ‬ ‫ويهِ َ‬ ‫ش ِ‬ ‫صن َعُ ل ِب ًْنا وَن َ ْ‬ ‫نَ ْ‬
‫ع‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫صن َ ُ‬ ‫ماِء‪ .‬وَن َ ْ‬ ‫س َ‬ ‫ه ِبال ّ‬ ‫س ُ‬ ‫جا َرأ ُ‬ ‫ة وَب ُْر ً‬ ‫دين َ ً‬ ‫م ِ‬ ‫سَنا َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ن لن ْ ُ‬ ‫م ن َب ْ ِ‬ ‫ن‪4 .‬وَقالوا‪» :‬هَل ّ‬ ‫ال َطي ِ‬
‫ة‬
‫دين َ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ب ل ِي َن ْظَر ال َ‬ ‫ض«‪5 .‬فن ََزل الّر ّ‬ ‫جهِ كل الْر ِ‬ ‫ما ل ِئل ن َت َب َد ّد َ عَلى وَ ْ‬ ‫س ً‬ ‫سَنا ا ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫لن ْ ُ‬
‫ن‬ ‫سا‬
‫ْ ٌ َ ِ ٌ َِ َ ٌ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫د‬ ‫ح‬ ‫وا‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫ش‬ ‫َ‬ ‫ذا‬‫َ‬ ‫و‬
‫ُ َ‬ ‫ه‬ ‫»‬ ‫ب‪:‬‬ ‫ّ ّ‬ ‫ر‬ ‫ال‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫‪6‬‬ ‫ما‪.‬‬ ‫ه‬
‫َ َ َُْ َُ َ‬ ‫ن‬ ‫نو‬ ‫ب‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫د‬ ‫آ‬ ‫نو‬ ‫َ َُ‬ ‫ب‬ ‫ن‬ ‫كا‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ال‬ ‫ج‬ ‫َوال ْ ُ ْ َ‬ ‫ر‬ ‫ب‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫ْ ِ‬
‫ن‬
‫نأ ْ‬ ‫وو َ‬ ‫ما ي َن ْ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫م كُ ّ‬ ‫مت َن ِعُ عَل َي ْهِ ْ‬ ‫ن ل َ يَ ْ‬ ‫ل‪َ .‬وال َ‬ ‫م ِ‬ ‫م ِبال ْعَ َ‬ ‫داؤُهُ ْ‬ ‫ذا اب ْت ِ َ‬ ‫م‪َ ،‬وه َ‬ ‫ميعِهِ ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫حد ٌ ل ِ َ‬ ‫َوا ِ‬
‫ض«‪.‬‬ ‫ن ب َعْ ٍ‬ ‫سا َ‬ ‫م لِ َ‬ ‫ضهُ ْ‬ ‫معَ ب َعْ ُ‬ ‫س َ‬ ‫حّتى ل َ ي َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫سان َهُ ْ‬ ‫ك لِ َ‬ ‫ل هَُنا َ‬ ‫ل وَن ُب َل ْب ِ ْ‬ ‫م ن َن ْزِ ْ‬ ‫ه‪7 .‬هَل ُ ّ‬ ‫مُلو ُ‬ ‫ي َعْ َ‬
‫َ‬
‫ة‪،‬‬ ‫دين َ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ن ب ُن َْيا ِ‬ ‫فوا عَ ْ‬ ‫ض‪ ،‬فَك َ ّ‬ ‫ل الْر ِ‬ ‫جهِ ك ُ ّ‬ ‫ك عََلى وَ ْ‬ ‫ن هَُنا َ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ِ‬ ‫م الّر ّ‬ ‫‪8‬فَب َد ّد َهُ ُ‬
‫ن هَُنا َ‬
‫ك‬ ‫َ‬ ‫ن كُ ّ‬ ‫ك ب َلب َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ب هَُنا َ‬ ‫َ‬ ‫مَها »َباب ِ َ‬ ‫‪ِ9‬لذل ِ َ‬
‫م ْ‬ ‫ض‪ .‬وَ ِ‬ ‫ل الْر ِ‬ ‫سا َ‬ ‫ل لِ َ‬ ‫ن الّر ّ‬ ‫ل« ل ّ‬ ‫س ُ‬ ‫يا ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ك دُ ِ‬
‫ض‪.‬‬ ‫َ‬ ‫جهِ ك ُ ّ‬ ‫َ‬
‫ل الْر ِ‬ ‫ب عَلى وَ ْ‬ ‫م الّر ّ‬ ‫ب َد ّد َهُ ُ‬
‫ش! أمعقول هذا؟(‪:‬‬ ‫زوجته من أجل شوّية موا ٍ‬ ‫تكوين ‪) 12‬إبراهيم يدّيث على‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫جوعَ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫ب هَُناك‪ ،‬ل ّ‬ ‫صَر ل ِي َت َغَّر َ‬ ‫م ْ‬ ‫م إ ِلى ِ‬ ‫حد ََر أب َْرا ُ‬ ‫ض‪َ ،‬فان ْ َ‬ ‫جوع ٌ ِفي الْر ِ‬ ‫ث ُ‬ ‫حد َ َ‬ ‫‪10‬وَ َ‬
‫ه َقا َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ي‬
‫ساَرا َ‬ ‫ل لِ َ‬ ‫صَر أن ّ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫خ َ‬ ‫ن ي َد ْ ُ‬ ‫بأ ْ‬ ‫ما قَُر َ‬ ‫ثل ّ‬ ‫حد َ َ‬ ‫دا‪11 .‬وَ َ‬ ‫دي ً‬ ‫ش ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ض كا َ‬ ‫ِفي َالْر ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ن إ َِذا َرآ ِ‬ ‫ر‪12 .‬فَي َكو ُ‬ ‫من ْظ ِ‬ ‫ة ال َ‬ ‫سن َ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫مَرأة ٌ َ‬ ‫كا ْ‬ ‫ت أن ّ ِ‬ ‫م ُ‬ ‫ه‪» :‬إ ِّني قَد ْ عَل ِ ْ‬ ‫مَرأت ِ ِ‬ ‫ا ْ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ك‬‫ك‪ُ13 .‬قوِلي إ ِن ّ ِ‬ ‫قون َ ِ‬ ‫ست َب ْ ُ‬ ‫قت ُلون َِني وَي َ ْ‬ ‫ه‪ .‬فَي َ ْ‬ ‫مَرأت ُ ُ‬ ‫ن‪ :‬هذِهِ ا ْ‬ ‫قولو َ‬ ‫م يَ ُ‬ ‫ن أن ّهُ ْ‬ ‫صرِّيو َ‬ ‫م ْ‬ ‫ال ْ ِ‬
‫ك«‪.‬‬ ‫َ‬ ‫خِتي‪ ،‬ل ِي َ ُ‬ ‫أُ ْ‬
‫جل ِ ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫سي ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫حَيا ن َ ْ‬ ‫ك وَت َ ْ‬ ‫سب َب ِ ِ‬ ‫خي ٌْر ب ِ َ‬ ‫ن ِلي َ‬ ‫كو َ‬

‫‪182‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫)‪(2 /‬‬
‫ل أ َبرام إَلى مصر أ َن ال ْمصريين رأ َوا ال ْ َ َ‬
‫دا‪.‬‬ ‫ج ّ‬ ‫ة ِ‬ ‫سن َ ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫مْرأة َ أن َّها َ‬ ‫َ‬ ‫ِ ْ ِ ّ َ َُ ْ‬ ‫ِ ْ َ ّ‬ ‫ِ‬ ‫خ َ َْ ُ‬ ‫ما د َ َ‬ ‫ث لَ ّ‬ ‫حد َ َ‬ ‫‪14‬فَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ن‪ ،‬فَأ ِ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫مْرأة ُ إ ِلى ب َي ْ ِ‬ ‫ت ال َ‬ ‫خذ َ ِ‬ ‫دى فِْرعَوْ َ‬ ‫ها ل َ‬ ‫حو َ‬ ‫مد َ ُ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫ساُء فِْرعَوْ َ‬ ‫ها ُرؤَ َ‬ ‫‪15‬وََرآ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ميٌر وَعَِبيد ٌ‬ ‫ح ِ‬ ‫قٌر وَ َ‬ ‫م وَب َ َ‬ ‫ه غَن َ ٌ‬ ‫صاَر ل ُ‬ ‫سب َب َِها‪ ،‬وَ َ‬ ‫خي ًْرا ب ِ َ‬ ‫م َ‬ ‫صن َعَ إ ِلى أب َْرا َ‬ ‫ن‪16 ،‬فَ َ‬ ‫فِْرعَوْ َ‬
‫ُ‬
‫ب‬
‫سب َ ِ‬ ‫ة بِ َ‬ ‫م ً‬ ‫ظي َ‬ ‫ت عَ ِ‬ ‫ضَرَبا ٍ‬ ‫ه َ‬ ‫ن وَب َي ْت َ ُ‬ ‫ب فِْرعَوْ َ‬ ‫ب الّر ّ‬ ‫ضَر َ‬ ‫ل‪17 .‬فَ َ‬ ‫ما ٌ‬ ‫ج َ‬ ‫ن وَ ِ‬ ‫ماٌء وَأت ُ ٌ‬ ‫وَإ ِ َ‬
‫ت ِبي؟‬ ‫ّ‬ ‫ما ه َ‬ ‫م وََقا َ‬ ‫َ‬ ‫م‪18 .‬فَد َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫صن َعْ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ذا ال ِ‬ ‫ل‪َ » :‬‬ ‫ن أب َْرا َ‬ ‫عا فِْرعَوْ ُ‬ ‫مَرأةِ أب َْرا َ‬ ‫ساَرايَ ا ْ‬ ‫َ‬
‫خذ ْت َُها ِلي‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫حّتى أ َ‬ ‫خِتي‪َ ،‬‬ ‫يأ ْ‬ ‫ت‪ :‬هِ َ‬ ‫ماَذا قل َ‬ ‫مَرأت ُك؟ ‪19‬ل ِ َ‬ ‫خب ِْرِني أن َّها ا ْ‬ ‫م تُ ْ‬ ‫ماَذا ل ْ‬ ‫لِ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ن‬
‫صى عَلي ْهِ فِْرعَوْ ُ‬ ‫ب!«‪20 .‬فأوْ َ‬ ‫ها َواذ ْهَ ْ‬ ‫خذ ْ َ‬ ‫مَرأت ُك! ُ‬ ‫ن هُوََذا ا ْ‬ ‫جِتي؟ َوال َ‬ ‫ن َزوْ َ‬ ‫ل ِت َكو َ‬
‫ه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫جال ً ف َ‬ ‫َ‬
‫نل ُ‬ ‫ما كا َ‬ ‫ه وَكل َ‬ ‫مَرأت َ ُ‬ ‫شي ُّعوه ُ َوا ْ‬ ‫رِ َ‬
‫تكوين ‪) 17‬الله يعاهد إبراهيم وذريته إلى البد على الختان‪ ،‬فيأتى بولس‬
‫ويلغيه(‪:‬‬
‫ن ب َعْدِ َ‬ ‫سل ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ف ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ك ِفي‬ ‫م ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫ت وَن َ ْ‬ ‫دي‪ ،‬أن ْ َ‬ ‫ظ عَهْ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ت فَت َ ْ‬ ‫ما أن ْ َ‬ ‫هيم‪» :‬وَأ ّ‬ ‫ه ل ِب َْرا ِ‬ ‫ل الل ُ‬ ‫‪9‬وََقا َ‬
‫ف ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫سل ِ َ‬ ‫ن نَ ْ‬ ‫م‪ ،‬وَب َي ْ َ‬ ‫ه ب َي ِْني وَب َي ْن َك ُ ْ‬ ‫ظون َ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ذي ت َ ْ‬ ‫دي ال ّ ِ‬ ‫ذا هُوَ عَهْ ِ‬ ‫م‪10 .‬ه َ‬ ‫جَيال ِهِ ْ‬ ‫أ ْ‬
‫ة عَهْدٍ‬ ‫م َ‬ ‫ن عَل َ َ‬ ‫كو ُ‬ ‫م‪ ،‬فَي َ ُ‬ ‫حم ِ غُْرل َت ِك ُ ْ‬ ‫ن ِفي ل َ ْ‬ ‫خت َُنو َ‬ ‫ر‪11 ،‬فَت ُ ْ‬ ‫ل ذ َك َ ٍ‬ ‫م كُ ّ‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫خت َ ُ‬ ‫ك‪ :‬ي ُ ْ‬ ‫ب َعْدِ َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‪،‬‬ ‫م‪ :‬وَِليد ُ الب َي ْ ِ‬ ‫جَيال ِك ُ ْ‬ ‫ل ذ َك َرٍ ِفي أ ْ‬ ‫م كُ ّ‬ ‫من ْك ُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫خت َ ُ‬ ‫مان ِي َةِ أّيام ٍ ي ُ ْ‬ ‫ن ثَ َ‬ ‫م‪12 .‬ا ِب ْ َ‬ ‫ب َي ِْني وَب َي ْن َك ُ ْ‬
‫خَتاًنا وَِليد ُ ب َي ْت ِ َ‬
‫ك‬ ‫ن ِ‬ ‫خت َ ُ‬ ‫ك‪13 .‬ي ُ ْ‬ ‫سل ِ َ‬ ‫ن نَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ب لي ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ري ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ن غَ‬ ‫ل اب ْ‬ ‫نك ّ‬ ‫ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ضةٍ ِ‬ ‫ف ّ‬ ‫مب َْتاع ُ ب ِ ِ‬ ‫َوال ْ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬
‫ف‬ ‫ما الذ ّك َُر ال َغْل َ ُ‬ ‫دا أب َدِّيا‪14 .‬وَأ ّ‬ ‫م عَهْ ً‬ ‫مك ُ ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫دي ِفي ل َ ْ‬ ‫ن عَهْ ِ‬ ‫كو ُ‬ ‫ك‪ ،‬فَي َ ُ‬ ‫ضت ِ َ‬ ‫ف ّ‬ ‫مب َْتاع ُ ب ِ ِ‬ ‫َوال ْ ُ‬
‫ث‬ ‫ه قَد ْ ن َك َ َ‬ ‫شعْب َِها‪ .‬إ ِن ّ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ف ُ‬ ‫ك الن ّ ْ‬ ‫قط َعُ ت ِل ْ َ‬ ‫حم ِ غُْرل َت ِهِ فَت ُ ْ‬ ‫ن ِفي ل َ ْ‬ ‫خت َ ُ‬ ‫ذي ل َ ي ُ ْ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫دي«‪.‬‬ ‫عَهْ ِ‬
‫تكوين ‪ ) 19‬ابنتا لوط اغتصبتا أباهما وحبلتا منه! يا واقعة مطّينة!(‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫سك َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫فأ ْ‬ ‫خا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه‪ ،‬لن ّ ُ‬ ‫معَ ُ‬ ‫ل‪َ ،‬واب ْن ََتاه ُ َ‬ ‫جب َ ِ‬ ‫ن ِفي ال ْ َ‬ ‫سك َ َ‬ ‫صوغََر وَ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ط ِ‬ ‫صعِد َ ُلو ٌ‬ ‫‪30‬وَ َ‬
‫ة‪» :‬أُبوَنا‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫صِغيَر ِ‬ ‫ت الب ِكُر ِلل ّ‬ ‫ه‪31 .‬وَقال ِ‬ ‫مَغاَرةِ هُوَ َواب ْن ََتا ُ‬ ‫ن ِفي ال َ‬ ‫سك َ‬ ‫صوغَر‪ .‬ف َ‬ ‫ِفي ُ‬
‫م‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قَد ْ َ‬
‫ض‪32 .‬هَل ّ‬ ‫خل عَلي َْنا َ كَعاد َةِ كل الْر ِ‬ ‫جل ل ِي َد ْ ُ‬ ‫ض َر ُ‬ ‫س ِفي الْر ِ‬ ‫شاخ‪ ،‬وَلي ْ َ‬
‫َ‬ ‫س ً‬ ‫ض َ‬ ‫َ‬
‫ما‬ ‫قَتا أَباهُ َ‬ ‫س َ‬ ‫ل«‪33 .‬فَ َ‬ ‫ن أِبيَنا ن َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫حِيي ِ‬ ‫ه‪ ،‬فَن ُ ْ‬ ‫معَ ُ‬ ‫طجعُ َ‬ ‫مًرا وَن َ ْ‬ ‫خ ْ‬ ‫قي أَباَنا َ‬ ‫س ِ‬ ‫نَ ْ‬
‫َ‬
‫م ي َعْل َ ْ‬
‫م‬ ‫معَ أِبيَها‪ ،‬وَل َ ْ‬ ‫ت َ‬ ‫جعَ ْ‬ ‫ضط َ َ‬ ‫ت ال ْب ِك ُْر َوا ْ‬ ‫خل َ ِ‬ ‫ة‪ ،‬وَد َ َ‬ ‫ك الل ّي ْل َ ِ‬ ‫مًرا ِفي ت ِل ْ َ‬ ‫خ ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ة‪» :‬إ ِّني قَدِ‬ ‫صِغيَر ِ‬ ‫ت ِلل ّ‬ ‫ن ال ْب ِك َْر َقال َ ْ‬ ‫ث ِفي ال ْغَد ِ أ ّ‬ ‫حد َ َ‬ ‫مَها‪34 .‬وَ َ‬ ‫قَيا ِ‬ ‫عَها وَل َ ب ِ ِ‬ ‫جا ِ‬ ‫ضط ِ َ‬ ‫ِبا ْ‬
‫ه‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ضا َفاد ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫معَ ُ‬ ‫جِعي َ‬ ‫ضط ِ‬ ‫خِلي ا ْ‬ ‫ة أي ْ ً‬ ‫مًرا اللي ْل َ‬ ‫خ ْ‬ ‫قيهِ َ‬ ‫س ِ‬ ‫معَ أِبي‪ .‬ن َ ْ‬ ‫ة َ‬ ‫ح َ‬ ‫ت الَبارِ َ‬ ‫جعْ ُ‬ ‫ضط َ‬ ‫ا ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫مًرا ِفي ت ِل َ‬ ‫َ‬ ‫س ً‬ ‫َ‬
‫ت‬‫م ِ‬ ‫ضا‪ ،‬وََقا َ‬ ‫ك اللي ْلةِ أي ْ ً‬ ‫خ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫قَتا أَباهُ َ‬ ‫س َ‬ ‫ل«‪35 .‬فَ َ‬ ‫ن أِبيَنا ن َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ي ِ‬ ‫حي ِ َ‬ ‫فَن ُ ْ‬
‫ت اب ْن ََتا‬ ‫حب ِل ِ‬ ‫َ‬ ‫مَها‪36 ،‬فَ َ‬ ‫قَيا ِ‬ ‫عَها وَل َ ب ِ ِ‬ ‫جا ِ‬ ‫ضط ِ َ‬ ‫م ِبا ْ‬ ‫م ي َعْل ْ‬ ‫َ‬ ‫ه‪ ،‬وَل ْ‬ ‫َ‬ ‫معَ ُ‬ ‫ت َ‬ ‫جعَ ْ‬ ‫ضط َ‬ ‫َ‬ ‫صِغيَرة ُ َوا ْ‬ ‫ال ّ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ب«‪ ،‬وَهُوَ أُبو‬ ‫موآ َ‬ ‫ه» ُ‬ ‫م ُ‬ ‫س َ‬ ‫تا ْ‬ ‫ت الب ِكُر اب ًْنا وَد َعَ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ما‪37 .‬فَوَلد َ ِ‬ ‫ن أِبيهِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ط ِ‬ ‫ُلو ٍ‬
‫َ‬
‫مي«‪،‬‬ ‫ن عَ ّ‬ ‫ه »ب ِ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫س َ‬ ‫تا ْ‬ ‫ت اب ًْنا وَد َعَ ِ‬ ‫ضا وَل َد َ ِ‬ ‫صِغيَرةُ أي ْ ً‬ ‫م‪َ38 .‬وال ّ‬ ‫ن إ ِلى الي َوْ ِ‬
‫ْ‬ ‫موآب ِّيي َ َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫م‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫مو َ َ‬ ‫َ‬
‫ن إ ِلى الي َوْ ِ‬ ‫وَهُوَ أُبو ب َِني عَ ّ‬
‫تكوين ‪) 22‬كيف يكون إسحاق هو وحيد إبراهيم‪ ،‬وكان قد أنجب إسماعيل‬
‫قبل ذلك بسنوات؟(‪:‬‬

‫)‪(3 /‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫م!«‪.‬‬ ‫هي ُ‬ ‫ه‪َ» :‬يا إ ِب َْرا ِ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫قا َ‬ ‫م‪ ،‬فَ َ‬ ‫هي َ‬ ‫ن إ ِب َْرا ِ‬ ‫ح َ‬ ‫مت َ َ‬ ‫ها ْ‬ ‫ن الل َ‬ ‫مورِ أ ّ‬ ‫ث ب َعْد َ هذِهِ ال ُ‬ ‫حد َ َ‬ ‫وَ َ‬
‫ب إ َِلى‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫ذ‬‫وا‬ ‫ق‪،‬‬ ‫حا‬ ‫س‬ ‫إ‬ ‫ه‪،‬‬ ‫ب‬ ‫ح‬ ‫ت‬ ‫ذي‬ ‫ّ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ك‪،‬‬‫َ‬ ‫د‬ ‫حي‬ ‫و‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ن‬ ‫ب‬‫ا‬ ‫ذ‬ ‫خ‬ ‫»‬ ‫َ‬
‫ل‪:‬‬ ‫قا‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫‪2‬‬ ‫ذا«‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ن‬‫ل‪» :‬هأ َ‬ ‫َ‬ ‫قا‬‫فَ َ‬
‫ِ ُ ِ ّ ُ ِ ْ َ َ َ َ ْ‬ ‫َ ِ َ‬ ‫ُ ِ َْ‬ ‫َ‬
‫ل لَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أ َْر‬
‫ك«‪3 .‬فَب َك َّر‬ ‫ذي أُقو ُ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫جَبا ِ‬ ‫حدِ ال ْ ِ‬ ‫ة عََلى أ َ‬ ‫حَرقَ ً‬ ‫م ْ‬‫ك ُ‬ ‫صعِد ْه ُ هَُنا َ‬ ‫مرِّيا‪ ،‬وَأ ْ‬ ‫ض ال ْ ُ‬ ‫ِ‬
‫ه‪،‬‬‫حاقَ اب ْن َ ُ‬ ‫س َ‬ ‫ه‪ ،‬وَإ ِ ْ‬ ‫معَ ُ‬‫مان ِهِ َ‬ ‫ن ِغل ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫خذ َ اث ْن َي ْ ِ‬ ‫ه‪ ،‬وَأ َ َ‬ ‫مارِ ِ‬ ‫ح َ‬‫شد ّ عََلى ِ‬ ‫حا وَ َ‬ ‫صَبا ً‬ ‫م َ‬ ‫هي ُ‬ ‫إ ِب َْرا ِ‬
‫ه‪4 .‬وَِفي‬ ‫ه الل ُ‬ ‫ل لَ ُ‬‫ذي َقا َ‬ ‫ضِع ال ّ ِ‬ ‫مو ْ ِ‬ ‫ب إ َِلى ال ْ َ‬ ‫م وَذ َهَ َ‬ ‫ة‪ ،‬وََقا َ‬ ‫حَرقَ ٍ‬ ‫م ْ‬‫حط ًَبا ل ِ ُ‬ ‫قق َ َ‬ ‫وَ َ‬
‫ش ّ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫هي ُ‬‫ل إ ِب َْرا ِ‬ ‫قا َ‬ ‫د‪5 ،‬فَ َ‬ ‫ن ب َِعي ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫ضع َ ِ‬ ‫مو ْ ِ‬ ‫صَر ال َ‬ ‫م عَي ْن َي ْهِ وَأب ْ َ‬ ‫هي ُ‬ ‫ث َرفَعَ إ ِب َْرا ِ‬ ‫ال ْي َوْم ِ الّثال ِ ِ‬

‫‪183‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ب إ َِلى هَُنا َ‬ ‫حمار‪ ،‬وأ َ َ‬ ‫َ‬


‫ك‬ ‫م فَن َذ ْهَ ُ‬ ‫ما أَنا َوال ْغُل َ ُ‬ ‫معَ ال ْ ِ َ ِ َ ّ‬ ‫ما ههَُنا َ‬ ‫سا أن ْت ُ َ‬ ‫جل ِ َ‬ ‫ه‪» :‬ا ْ‬ ‫مي ْ ِ‬ ‫ل ِغُل َ َ‬
‫ه عََلى‬ ‫َ‬
‫ضعَ ُ‬ ‫حَرقَةِ وَوَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ال ْ ُ‬ ‫حط َ َ‬ ‫م َ‬ ‫هي ُ‬ ‫خذ َ إ ِب َْرا ِ‬ ‫ما«‪6 .‬فَأ َ‬ ‫م ن َْرجعُ إ ِل َي ْك ُ َ‬ ‫د‪ ،‬ث ُ ّ‬ ‫ج ُ‬ ‫س ُ‬ ‫وَن َ ْ‬
‫حاقُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫س َ‬ ‫م إِ ْ‬ ‫مًعا‪7 .‬وَكل َ‬ ‫ما َ‬ ‫ن‪ .‬فذهََبا ك ِلهُ َ‬ ‫سكي َ‬ ‫خذ ب ِي َدِهِ الّناَر َوال ّ‬ ‫ه‪ ،‬وَأ َ‬ ‫حاقَ اب ْن ِ ِ‬ ‫س َ‬ ‫إِ ْ‬
‫ل‪» :‬هُوََذا الّناُر‬ ‫قا َ‬ ‫ذا َيا اب ِْني«‪ .‬فَ َ‬ ‫ل‪» :‬هأ َن َ َ‬ ‫قا َ‬ ‫ل‪َ» :‬يا أ َِبي!«‪ .‬فَ َ‬ ‫م أ َِباه ُ وََقا َ‬ ‫إ ِب ْ َ ِ َ‬
‫هي‬ ‫را‬
‫َ‬
‫ه‬‫ه ي ََرى ل َ ُ‬ ‫م‪» :‬الل ُ‬ ‫هي ُ‬ ‫ل إ ِب َْرا ِ‬ ‫قا َ‬ ‫ة؟« ‪8‬فَ َ‬ ‫حَرقَ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ف ل ِل ْ ُ‬ ‫خُرو ُ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ن أي ْ َ‬ ‫ب‪َ ،‬ولك ِ ْ‬ ‫حط َ ُ‬ ‫َوال ْ َ‬
‫مًعا‪.‬‬ ‫ما َ‬ ‫حَرقَةِ َيا اب ِْني«‪ .‬فَذ َهََبا ك ِل َهُ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ف ل ِل ْ ُ‬ ‫خُرو َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ْ‬ ‫ه‪ ،‬ب ََنى هَُنا َ‬ ‫َ‬ ‫ذي َقا َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫ح وََرت ّ َ‬ ‫مذ ْب َ َ‬ ‫م ال َ‬ ‫هي ُ‬ ‫ك إ ِب َْرا ِ‬ ‫ه الل ُ‬ ‫لل ُ‬ ‫ضِع ال ِ‬ ‫مو ْ ِ‬ ‫ما أت ََيا إ ِلى ال َ‬ ‫‪9‬فَل ّ‬
‫مد ّ‬ ‫م َ‬ ‫ب‪10 .‬ث ُ ّ‬ ‫حط ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫مذ ْب َِح فَوْقَ ال َ‬ ‫ه عَلى ال َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ضعَ ُ‬ ‫ه وَوَ َ‬ ‫حاقَ اب ْن َ ُ‬ ‫س َ‬ ‫ب وََرب َط إ ِ ْ‬ ‫َ‬ ‫حط َ‬ ‫َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ل‪:‬‬‫ماِء وََقا َ‬ ‫س َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ب ِ‬ ‫ك الّر ّ‬ ‫مل َ ُ‬ ‫ه‪11 .‬فََناَداه ُ َ‬ ‫ح اب ْن َ ُ‬ ‫ن ل ِي َذ ْب َ َ‬ ‫كي َ‬ ‫س ّ‬ ‫خذ َ ال ّ‬ ‫م ي َد َه ُ وَأ َ َ‬ ‫هي ُ‬ ‫إ ِب َْرا ِ‬
‫ك إ ِلى الغُل َم ِ وَل َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫مد ّ ي َد َ َ‬ ‫َ‬
‫ل‪» :‬ل َ ت َ ُ‬ ‫قا َ‬ ‫ذا« ‪12‬فَ َ‬ ‫ل‪» :‬هأن َ َ‬ ‫قا َ‬ ‫م!«‪ .‬فَ َ‬ ‫هي ُ‬ ‫م! إ ِب َْرا ِ‬ ‫هي ُ‬ ‫»إ ِب َْرا ِ‬
‫حيد َكَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ك اب ْن َك وَ ِ‬ ‫س ِ‬ ‫م ِ‬ ‫م تُ ْ‬ ‫ه‪ ،‬فَل ْ‬ ‫ف الل َ‬ ‫خائ ِ ٌ‬ ‫ت أن ّك َ‬ ‫م ُ‬ ‫ن عَل ِ ْ‬ ‫شي ًْئا‪ ،‬لّني ال َ‬ ‫ل ب ِهِ َ‬ ‫فعَ ْ‬ ‫تَ ْ‬
‫ة‬
‫سكا ِفي الَغاب َ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ً‬ ‫م َ‬ ‫م ْ‬ ‫ش وََراَءه ُ ُ‬ ‫َ‬
‫م عَي ْن َي ْهِ وَن َظَر وَإ َِذا كب ْ ٌ‬ ‫َ‬ ‫هي ُ‬ ‫عَّني«‪13 .‬فََرفَعَ إ ِب َْرا ِ‬
‫ه‪14 .‬فَد َ َ‬ ‫حَرقَ ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫عا‬ ‫ن اب ْن ِ ِ‬ ‫ضا عَ ِ‬ ‫عو َ ً‬ ‫ة ِ‬ ‫م ْ‬ ‫صعَد َه ُ ُ‬ ‫ش وَأ ْ‬ ‫خذ َ الكب ْ َ‬ ‫م وَأ َ‬ ‫هي ُ‬ ‫ب إ ِب َْرا ِ‬ ‫ه‪ ،‬فَذ َهَ َ‬ ‫قْرن َي ْ ِ‬ ‫بِ َ‬
‫ل‬ ‫ْ‬ ‫قا ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫جب َ ِ‬ ‫م‪ِ» :‬في َ‬ ‫ل الي َوْ َ‬ ‫ه يُ َ‬ ‫حّتى إ ِن ّ ُ‬ ‫ه«‪َ .‬‬ ‫ضِع »ي َهْوَه ْ ي ِْرأ ْ‬ ‫مو ْ ِ‬ ‫م ذل ِك ال َ‬ ‫س َ‬ ‫ما ْ‬ ‫هي ُ‬ ‫إ ِب َْرا ِ‬
‫ب ي َُرى«‪.‬‬ ‫الّر ّ‬
‫ت‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫م ُ‬ ‫س ْ‬ ‫ماِء ‪16‬وَقال‪» :‬ب ِذاِتي أق َ‬ ‫س َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م َ‬ ‫ة ِ‬ ‫م ثان ِي َ ً‬ ‫هي َ‬ ‫ب إ ِب َْرا ِ‬ ‫ملك الّر ّ‬ ‫‪15‬وََناَدى َ‬
‫ك‪،‬‬ ‫حيد َ َ‬ ‫و‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫ا‬ ‫ك‬ ‫س‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ر‪،‬‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ذا‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫أ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ني‬ ‫َ‬ ‫قو ُ‬
‫َ ِ‬ ‫ْ َ َ ْ ُ ْ ِ ِ َْ‬ ‫َ َ‬ ‫ِ ْ ْ ِ ّ‬ ‫ل الّر ّ ّ‬‫أ‬ ‫ب‪،‬‬ ‫يَ ُ‬
‫ذي عََلى‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ل ال ّ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫كالّر ْ‬ ‫ماِء وَ َ‬ ‫س َ‬ ‫جوم ِ ال ّ‬ ‫ك ت َك ِْثيًرا ك َن ُ ُ‬ ‫سل َ َ‬ ‫ة‪ ،‬وَأك َث ُّر ن َ ْ‬ ‫مَباَرك َ ً‬ ‫ك ُ‬ ‫‪17‬أَبارِك ُ َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫سل ُ َ‬
‫مم ِ‬ ‫ميعُ أ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ك َ‬ ‫سل ِ َ‬ ‫ك ِفي ن َ ْ‬ ‫ه‪18 ،‬وَي َت ََباَر ُ‬ ‫دائ ِ ِ‬ ‫ب أعْ َ‬ ‫ك َبا َ‬ ‫ث نَ ْ‬ ‫ر‪ ،‬وَي َرِ ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ئ ال ْب َ ْ‬ ‫شاط ِ ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫موا‬ ‫قا ُ‬ ‫ه‪ ،‬فَ َ‬ ‫مي ْ ِ‬ ‫م إ َِلى غُل َ َ‬ ‫هي ُ‬ ‫جعَ إ ِب َْرا ِ‬ ‫م َر َ‬ ‫قوِْلي«‪19 .‬ث ُ ّ‬ ‫ت لِ َ‬ ‫معْ َ‬ ‫س ِ‬ ‫ك َ‬ ‫ل أن ّ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ض‪ِ ،‬‬ ‫الْر ِ‬
‫سب ٍْع‪.‬‬ ‫م ِفي ب ِئ ْرِ َ‬ ‫هي ُ‬ ‫ن إ ِب َْرا ِ‬ ‫سك َ َ‬ ‫سب ٍْع‪ .‬وَ َ‬ ‫مًعا إ ِلى ب ِئ ْرِ َ‬ ‫َ‬ ‫وَذ َهَُبوا َ‬
‫وا بكورية إسماعيل لسحاق‪ ،‬خدع يعقوب بن إسحاق‬ ‫َ‬
‫تكوين ‪) 25‬كما أعط ْ‬
‫أخاه عيسو واشترى منه بكوريته بطبق عدس!(‪:‬‬
‫ق‬
‫حا ُ‬ ‫س َ‬ ‫ن إِ ْ‬ ‫ق‪20 .‬وَكا َ‬ ‫َ‬ ‫حا َ‬ ‫س َ‬ ‫م إِ ْ‬ ‫هي ُ‬ ‫م‪ :‬وَل َد َ إ ِب َْرا ِ‬ ‫هي َ‬ ‫ن إ ِب َْرا ِ‬ ‫حاقَ ب ْ ِ‬ ‫س َ‬ ‫واِليد ُ إ ِ ْ‬ ‫م َ‬ ‫‪َ19‬وهذِهِ َ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ت ب َُتوِئي َ‬ ‫ة‪ ،‬رِفْ َ‬ ‫خذ َ ل ِن َ ْ‬ ‫َ‬ ‫اب َ‬
‫ت لَبا َ‬ ‫خ َ‬ ‫ي‪ ،‬أ ْ‬ ‫م ّ‬ ‫ل الَرا ِ‬ ‫ة ب ِن ْ َ‬ ‫ق َ‬ ‫ج ً‬ ‫سهِ َزوْ َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ما ات ّ َ‬ ‫ةل ّ‬ ‫سن َ ً‬ ‫ن َ‬ ‫ن أْرب َِعي َ‬ ‫ْ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫َ‬
‫مَرأت ِهِ لن َّها كان َ ْ‬ ‫لا ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫بل ْ‬ ‫حاقُ إ ِلى الّر ّ‬ ‫َ‬ ‫س َ‬ ‫صلى إ ِ ْ‬ ‫ّ‬ ‫م‪21 .‬وَ َ‬ ‫ن أَرا َ‬ ‫دا ِ َ‬ ‫ن فَ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ي ِ‬ ‫م ّ‬ ‫ال ََرا ِ‬
‫ةا َ‬
‫ن ِفي‬ ‫دا ِ‬ ‫م ال ْوَل َ َ‬ ‫ح َ‬ ‫ه‪22 .‬وَت ََزا َ‬ ‫مَرأت ُ ُ‬ ‫ق ُ ْ‬ ‫ت رِفْ َ‬ ‫حب ِل َ ْ‬ ‫ب‪ ،‬فَ َ‬ ‫ه الّر ّ‬ ‫ب لَ ُ‬ ‫جا َ‬ ‫ست َ َ‬ ‫عاقًِرا‪َ ،‬فا ْ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫قال لَها‬ ‫ب‪23 .‬ف َ‬ ‫سأل الّر ّ‬ ‫ت ل ِت َ ْ‬ ‫ض ْ‬ ‫م َ‬ ‫ماَذا أَنا؟« ف َ‬ ‫ذا فل ِ َ‬ ‫ن هك َ‬ ‫ن كا َ‬ ‫ت‪» :‬إ ِ ْ‬ ‫قال ْ‬ ‫ب َطن َِها‪ ،‬ف َ‬
‫وى عَلى‬ ‫َ‬ ‫ن‪َ :‬‬ ‫فت َرِقُ َ‬ ‫ح َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ق َ‬ ‫ب يَ ْ‬ ‫شعْ ٌ‬ ‫شعَْبا ِ‬ ‫ك يَ ْ‬ ‫شائ ِ ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ن‪ ،‬وَ ِ‬ ‫مَتا ِ‬ ‫كأ ّ‬ ‫ب‪ِ» :‬في ب َطن ِ ِ‬ ‫الّر ّ‬
‫ر«‪.‬‬ ‫شعْ ٍ َ ِ ٌ ُ َ ْ َ ْ َ ُ ِ َ ِ ٍ‬
‫غي‬ ‫ص‬ ‫ل‬ ‫د‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫بي‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫و‬ ‫ب‪،‬‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫مَر‪ ،‬ك ُل ّ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫لأ ْ‬ ‫ج ألوّ ُ‬ ‫خَر َ‬ ‫ن‪25 .‬فَ َ‬ ‫ما ِ‬ ‫مَها ل ِت َل ِد َ إ َِذا ِفي ب َط ْن َِها ت َوْأ َ‬ ‫ت أّيا ُ‬ ‫مل َ ْ‬ ‫ما ك َ ُ‬ ‫‪24‬فَل َ ّ‬
‫َ‬ ‫و«‪26 .‬وَب َعْد َ ذل ِ َ‬ ‫كَ َ‬
‫ة‬
‫ض ٌ‬ ‫خوه ُ وَي َد ُه ُ َقاب ِ َ‬ ‫جأ ُ‬ ‫خَر َ‬ ‫ك َ‬ ‫س َ‬ ‫عي ُ‬ ‫ه» ِ‬ ‫م ُ‬ ‫س َ‬ ‫وا ا ْ‬ ‫ر‪ ،‬فَد َعَ ْ‬ ‫شعْ ٍ‬ ‫فْروَةِ َ‬
‫ما‬ ‫ة لَ ّ‬ ‫سن َ ً‬ ‫ن َ‬ ‫سّتي َ‬ ‫ن ِ‬ ‫حاقُ اب ْ َ‬ ‫س َ‬ ‫ن إِ ْ‬ ‫كا َ‬ ‫ب«‪ .‬وَ َ‬ ‫قو َ‬ ‫ه »ي َعْ ُ‬ ‫م ُ‬ ‫س ُ‬ ‫يا ْ‬ ‫ع َ‬ ‫سو‪ ،‬فَد ُ ِ‬ ‫عي ُ‬ ‫ب ِ‬ ‫ق ِ‬ ‫ب ِعَ ِ‬
‫ما‪.‬‬ ‫وَل َد َت ْهُ َ‬

‫)‪(4 /‬‬

‫ب‬
‫قو ُ‬ ‫ة‪ ،‬وَي َعْ ُ‬ ‫ن ال ْب َّري ّ ِ‬ ‫سا َ‬ ‫د‪ ،‬إ ِن ْ َ‬ ‫صي ْ َ‬‫ف ال ّ‬ ‫ساًنا ي َعْرِ ُ‬ ‫سو إ ِن ْ َ‬ ‫عي ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ن‪ ،‬وَ َ‬ ‫ما ِ‬ ‫‪27‬فَك َب َِر ال ْغُل َ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ما‬
‫دا‪ ،‬وَأ ّ‬ ‫صي ْ ً‬
‫مهِ َ‬ ‫ن ِفي فَ ِ‬ ‫سو َ ل َ ّ‬ ‫عي ُ‬ ‫حاقُ ِ‬ ‫س َ‬ ‫ب إِ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫م‪28 .‬فَأ َ‬ ‫خَيا َ‬ ‫ن ال ْ ِ‬ ‫سك ُ ُ‬ ‫مل ً ي َ ْ‬ ‫كا ِ‬ ‫ساًنا َ‬ ‫إ ِن ْ َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬‫ق ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ن ال َ‬ ‫م َ‬ ‫سو ِ‬ ‫عي ُ‬ ‫خا‪ ،‬فَأَتى ِ‬ ‫ب طِبي ً‬ ‫قو ُ‬ ‫خ ي َعْ ُ‬ ‫ب‪29 .‬وَطب َ َ‬ ‫قو َ‬ ‫ب ي َعْ ُ‬ ‫ح ّ‬ ‫ت تُ ِ‬ ‫ة فَكان َ ْ‬ ‫رِفْ َ‬
‫ق ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مرِ لّني قَد ْ‬ ‫ح َ‬ ‫ذا ال ْ‬ ‫نه َ‬ ‫م ْ‬ ‫مِني ِ‬ ‫ب‪» :‬أطعِ ْ‬ ‫قو َ‬ ‫سو ل ِي َعْ ُ‬ ‫عي ُ‬ ‫ل ِ‬ ‫قا َ‬ ‫وَهُوَ قَد ْ أعَْيا‪30 .‬فَ َ‬
‫م‬ ‫ْ‬ ‫قا َ‬ ‫م«‪31 .‬فَ َ‬ ‫َ‬ ‫ت«‪ِ .‬لذل ِ َ‬ ‫َ‬
‫ب‪» :‬ب ِعِْني الي َوْ َ‬ ‫قو ُ‬ ‫ل ي َعْ ُ‬ ‫ه »أُدو َ‬ ‫م ُ‬ ‫س ُ‬ ‫يا ْ‬ ‫ع َ‬ ‫ك دُ ِ‬ ‫أعْي َي ْ ُ‬
‫عيسو‪َ َ » :‬‬
‫ة؟«‬ ‫كورِي ّ ٌ‬ ‫ماَذا ِلي ب َ ُ‬ ‫ت‪ ،‬فَل ِ َ‬ ‫مو ْ ِ‬ ‫ض إ َِلى ال ْ َ‬ ‫ما ٍ‬ ‫ها أَنا َ‬ ‫ل ِ ُ‬ ‫قا َ‬ ‫ك«‪32 .‬فَ َ‬ ‫كورِي ّت َ َ‬ ‫بَ ُ‬
‫ب‪.‬‬ ‫قو َ‬ ‫ه ل ِي َعْ ُ‬ ‫كورِي ّت َ ُ‬ ‫ه‪ ،‬فََباع َ ب َ ُ‬ ‫ف لَ ُ‬ ‫حل َ َ‬ ‫م«‪ .‬فَ َ‬ ‫ي ال ْي َوْ َ‬ ‫ف لِ َ‬ ‫حل ِ ْ‬ ‫ب‪» :‬ا ْ‬ ‫قو ُ‬ ‫ل ي َعْ ُ‬ ‫قا َ‬ ‫‪33‬فَ َ‬

‫‪184‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ضى‪.‬‬ ‫م َ‬ ‫م وَ َ‬ ‫ب وََقا َ‬ ‫شرِ َ‬ ‫ل وَ َ‬ ‫س‪ ،‬فَأ َك َ َ‬ ‫خ عَد َ ٍ‬ ‫خب ًْزا وَط َِبي َ‬ ‫سو َ ُ‬ ‫عي ُ‬ ‫ب ِ‬ ‫قو ُ‬ ‫طى ي َعْ ُ‬ ‫‪34‬فَأ َعْ َ‬
‫ة‪.‬‬ ‫كورِي ّ َ‬ ‫سو ال ْب َ ُ‬ ‫عي ُ‬ ‫قَر ِ‬ ‫حت َ َ‬ ‫َفا ْ‬
‫تكوين ‪) 26‬وإسحاق يقلد أباه فى التدييث هو أيضا على زوجته(‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ب‬‫َ َ‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ذ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫م‪،‬‬ ‫ن ِفي أّيام ِ إ ِب َْرا ِ َ‬
‫هي‬ ‫كا َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫جوِع الوّ ِ‬ ‫جوع ٌ غَي ُْر ال ْ ُ‬ ‫ض ُ‬ ‫ن ِفي ا َلْر ِ‬ ‫كا َ‬ ‫‪1‬وَ َ‬
‫ل‪:‬‬ ‫ب وََقا َ‬ ‫ه الّر ّ‬ ‫جَراَر‪2 .‬وَظ َهََر ل َ ُ‬ ‫ن‪ ،‬إ َِلى َ‬ ‫طين ِّيي َ‬ ‫س ِ‬ ‫فل ِ ْ‬ ‫ك ال ْ ِ‬ ‫مل ِ ِ‬ ‫ك َ‬ ‫مال ِ َ‬ ‫حاقُ إ َِلى أِبي َ‬ ‫س َ‬ ‫إِ ْ‬
‫َ‬ ‫ل لَ َ‬ ‫ض ال ِّتي أُقو ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ض‬
‫ب ِفي َهذِهِ الْر ِ‬ ‫ك‪3 .‬ت َغَّر ْ‬ ‫ن ِفي الْر ِ‬ ‫سك ُ ْ‬ ‫صَر‪ .‬ا ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ل إ َِلى ِ‬ ‫»ل َ ت َن ْزِ ْ‬
‫سم ِ‬ ‫ق َ‬ ‫ْ‬
‫ميعَ هذِهِ الب ِل َِد‪ ،‬وَأِفي ِبال َ‬ ‫ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫طي َ‬ ‫ك أعْ ِ‬
‫ُ‬ ‫سل ِ َ‬ ‫ك وَل ِن َ ْ‬ ‫َ‬
‫ك‪ ،‬لّني ل َ‬ ‫َ‬ ‫ك وَأَبارِك َ َ‬ ‫ُ‬ ‫معَ َ‬ ‫ن َ‬ ‫كو َ‬ ‫فَأ َ ُ‬
‫سل َ َ‬ ‫ُ‬ ‫سل َ َ‬ ‫ُ‬ ‫م أ َِبي َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫طي ن َ ْ‬ ‫ماِء‪ ،‬وَأعْ ِ‬ ‫س َ‬ ‫جوم ِ ال ّ‬ ‫ك ك َن ُ ُ‬ ‫ك‪4 .‬وَأك َث ُّر ن َ ْ‬ ‫هي َ‬ ‫ت ل ِب َْرا ِ‬ ‫م ُ‬ ‫س ْ‬ ‫ذي أقْ َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫ك جميع أ ُمم ال َرض‪5 ،‬من أ َج َ‬ ‫ميعَ هذِهِ ال ْب ِل َِد‪ ،‬وَت َت ََباَر ُ‬
‫م‬‫هي َ‬ ‫ن إ ِب َْرا ِ‬
‫َ‬
‫لأ ّ‬ ‫ِ ْ ْ ِ‬ ‫سل ِ َ َ َ ِ ُ َ ِ ْ ِ‬ ‫ك ِفي ن َ ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫شَرائ ِِعي«‪6 .‬فَأَقا َ‬ ‫ضي وَ َ‬ ‫ري وَفََرائ ِ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫فظ ِلي‪ :‬أَوا ِ‬ ‫ُ‬ ‫ح َ‬ ‫ما ي ُ ْ‬ ‫فظ َ‬ ‫َ‬ ‫ح ِ‬ ‫قوِْلي وَ َ‬ ‫مع َ ل ِ َ‬ ‫س ِ‬ ‫َ‬
‫جَراَر‪.‬‬ ‫حاقُ ِفي َ‬ ‫س َ‬ ‫إِ ْ‬
‫ل‪:‬‬ ‫قو َ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫قا َ‬ ‫ه‪ ،‬فَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ه أهْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫فأ ْ‬ ‫خا َ‬ ‫ه َ‬ ‫خِتي«‪ .‬لن ّ ُ‬ ‫يأ ْ‬ ‫ل‪» :‬هِ َ‬ ‫مَرأت ِ ِ‬ ‫نا ْ‬ ‫ن عَ ِ‬ ‫مكا ِ‬ ‫ل ال َ‬ ‫سأل ُ‬ ‫‪7‬وَ َ‬
‫ة‬
‫سن َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل رِفْ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ل أهْ َ‬ ‫َ‬ ‫مَرأِتي« لعَ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ح َ‬ ‫ت َ‬ ‫ة« لن َّها كان َ ْ‬ ‫ق َ‬ ‫ج ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫قت ُلون َِني ِ‬ ‫ن‪» :‬ي َ ْ‬ ‫مكا ِ‬ ‫ل ال َ‬ ‫»ا ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫طين ِّيي َ‬ ‫س ِ‬ ‫فل ِ ْ‬ ‫مل ِك ال ِ‬ ‫َ‬ ‫مال ِك َ‬ ‫َ‬ ‫ن أِبي َ‬ ‫م هَُناك أ ّ‬ ‫َ‬ ‫ه الّيا ُ‬ ‫تل ُ‬ ‫ث إ ِذ ْ طال ْ‬ ‫حد َ َ‬ ‫ر‪8 .‬وَ َ‬ ‫من ْظ ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫أَ ْ‬
‫ك‬ ‫مال ِ ُ‬ ‫عا أِبي َ‬ ‫ه‪9 .‬فَد َ َ‬ ‫مَرأت َ ُ‬ ‫ةا ْ‬ ‫ق َ‬ ‫ب رِفْ َ‬ ‫ع ُ‬ ‫حاقُ ي ُل َ ِ‬ ‫س َ‬ ‫ن ال ْك ُوّةِ وَن َظ ََر‪ ،‬وَإ َِذا إ ِ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ف ِ‬ ‫شَر َ‬
‫ق‪:‬‬ ‫حا ُ‬ ‫س َ‬ ‫ه إِ ْ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫قا َ‬ ‫خِتي؟« فَ َ‬ ‫ي أُ ْ‬ ‫ت‪ :‬هِ َ‬ ‫ف قُل ْ َ‬ ‫ك! فَك َي ْ َ‬ ‫مَرأ َت ُ َ‬ ‫يا ْ‬ ‫ما هِ َ‬ ‫ل‪» :‬إ ِن ّ َ‬ ‫حاقَ وََقا َ‬ ‫س َ‬ ‫إِ ْ‬
‫ت‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫ص‬ ‫ذي‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ذا‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ما‬ ‫»‬ ‫ك‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ما‬ ‫بي‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫‪10‬‬ ‫ها«‪.‬‬ ‫ب‬ ‫ب‬ ‫س‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫مو‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫لي‬ ‫ّ‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ت‪:‬‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫ني‬ ‫َ‬
‫َ َْ َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ِ َ ِ‬ ‫ُ ُ ِ َ ََِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫» ّ‬ ‫ل‬
‫ت عَل َي َْنا ذ َن ًْبا«‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫جل َب ْ َ‬ ‫ك فَ َ‬ ‫مَرأت ِ َ‬ ‫مع َ ا ْ‬ ‫ب َ‬ ‫شعْ ِ‬ ‫حد ُ ال ّ‬ ‫جع َ أ َ‬ ‫ضط َ َ‬ ‫لل ْ‬ ‫ب َِنا؟ ل َوْل َ قَِلي ٌ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬
‫مَرأت َ ُ‬ ‫ل أوِ ا ْ‬ ‫ج َ‬ ‫ذا الّر ُ‬ ‫سه َ‬ ‫م ّ‬ ‫ذي ي َ َ‬ ‫ل‪» :‬ال ّ ِ‬ ‫ب َقائ ِ ً‬ ‫شعْ ِ‬ ‫ميعَ ال ّ‬ ‫ج ِ‬ ‫ك َ‬ ‫مال ِ ُ‬ ‫صى أِبي َ‬ ‫‪11‬فَأوْ َ‬
‫ت«‪.‬‬ ‫مو ُ‬ ‫موًْتا ي َ ُ‬ ‫َ‬
‫تكوين ‪) 27‬أية بركة هذه التى يحصل عليها صاحبها بالغش والحقد؟ ومن هو؟‬
‫إنه نبى ابن نبى‪ ،‬وبمساعدة أمه زوجة النبى!(‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه الكب ََر‬ ‫ْ‬ ‫سوَ اب ْن َ ُ‬ ‫عي ُ‬ ‫عا ِ‬ ‫ه دَ َ‬ ‫ر‪ ،‬أن ّ ُ‬ ‫ن الن ّظ ِ‬ ‫ت عَ َي َْناه ُ عَ ِ‬ ‫حاقُ وَك َل ّ ْ‬ ‫س َ‬ ‫خ إِ ْ‬ ‫شا َ‬ ‫ما َ‬ ‫ث لَ ّ‬ ‫حد َ َ‬ ‫‪1‬وَ َ‬
‫ت‬‫س ُ‬ ‫ت وَل ْ‬ ‫َ‬ ‫خ ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل‪» :‬إ ِن ِّني قَد ْ ِ‬ ‫قا َ‬ ‫ذا«‪2 .‬فَ َ‬ ‫ه‪» :‬هأن َ َ‬ ‫لل ُ‬ ‫َ‬ ‫قا َ‬ ‫ه‪َ» :‬يا اب ِْني«‪ .‬فَ َ‬ ‫لل ُ‬ ‫َ‬ ‫وََقا َ‬
‫ة‬
‫ج إ ِلى الب َّري ّ ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫خُر ْ‬ ‫سك‪َ ،‬وا ْ‬ ‫َ‬ ‫جعْب َت َك وَقَوْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫خذ ْ عُد ّت َك‪ُ :‬‬ ‫ن ُ‬ ‫م وََفاِتي‪َ3 .‬فال َ‬ ‫ف ي َوْ َ‬ ‫أ َعْرِ ُ‬
‫ك‬ ‫حّتى ت َُبارِك َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ب‪ ،‬وَأ ْت ِِني ب َِها لك ُ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ما أ ُ ِ‬ ‫ة كَ َ‬ ‫م ً‬ ‫صن َعْ ِلي أط ْعِ َ‬
‫َ‬
‫دا‪َ4 ،‬وا ْ‬ ‫صي ْ ً‬ ‫صي ّد ْ ِلي َ‬ ‫وَت َ َ‬
‫ت«‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫سي قب ْ َ‬ ‫َ‬
‫مو َ‬ ‫نأ ُ‬ ‫لأ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫نَ ْ‬

‫)‪(5 /‬‬

‫سو إ َِلى ال ْب َّري ّةِ‬ ‫عي ُ‬ ‫ب ِ‬ ‫ه‪ .‬فَذ َهَ َ‬ ‫سو اب ْن ِ ِ‬ ‫عي ُ‬ ‫مع َ ِ‬ ‫حاقُ َ‬ ‫س َ‬ ‫م إِ ْ‬ ‫ة إ ِذ ْ ت َك َل ّ َ‬ ‫معَ ً‬ ‫سا ِ‬ ‫ة َ‬ ‫ق ُ‬ ‫ت رِفْ َ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫‪5‬وَ َ‬
‫ة فَ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ص َ‬
‫ة‪» :‬إ ِّني قَد ْ‬ ‫ب اب ْن َِها َقاِئل ً‬ ‫قو َ‬ ‫ت ي َعْ ُ‬ ‫كلم ْ‬ ‫ق ُ‬‫ما رِفْ َ‬ ‫ه‪6 .‬وَأ ّ‬ ‫ي بِ ِ‬ ‫دا ل ِي َأت ِ َ‬ ‫صي ْ ً‬ ‫طاد َ َ‬ ‫ي يَ ْ‬ ‫كَ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬‫ة لك ُ َ‬ ‫م ً‬ ‫صن َعْ ِلي أط ْعِ َ‬ ‫صي ْد ٍ َوا ْ‬ ‫ل‪7 :‬ائ ْت ِِني ب ِ َ‬ ‫ك َقائ ِ ً‬ ‫خا َ‬ ‫سو َ أ َ‬ ‫عي ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ك ي ُك َل ّ ُ‬ ‫ت أَبا َ‬ ‫معْ ُ‬ ‫س ِ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫مُر َ‬ ‫آ‬ ‫نا‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ما‬ ‫في‬ ‫لي‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫س‬ ‫ا‬ ‫ني‬ ‫ب‬ ‫ا‬ ‫يا‬ ‫ن‬ ‫فال‬ ‫َ‬ ‫‪8‬‬ ‫تي‪.‬‬ ‫فا‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫ما‬‫َ‬ ‫أ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ُ‬
‫َ َ ُ‬
‫َ‬
‫ِ‬ ‫ْ َ ْ ِ ِْ‬ ‫َ َ ِْ‬ ‫َ َ ّ ّ ْ َ ِ‬ ‫وَأ َ ِ‬
‫ر‬ ‫با‬
‫ما‬ ‫صن َعَهُ َ‬ ‫معَْزى‪ ،‬فَأ ْ‬ ‫ن ال ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ج ْي ّد َي ْ ِ‬‫ن َ‬ ‫ج َد ْي َي ْ ِ‬ ‫ك َ‬ ‫ن هَُنا َ‬ ‫م ْ‬ ‫خذ ْ ِلي ِ‬ ‫ب إ َِلى ال ْغَن َم ِ وَ ُ‬ ‫ه‪9 :‬ا ِذ ْهَ ْ‬ ‫بِ ِ‬
‫حّتى ي َُبارِك َ َ‬ ‫ك ل ِي َأك ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ك قَب ْ َ‬
‫ل‬ ‫ل َ‬ ‫ها إ ِلى أِبي َ‬ ‫ضَر َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ب‪10 ،‬فَت ُ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫ما ي ُ ِ‬ ‫ك كَ َ‬ ‫ة لِبي َ‬ ‫م ً‬ ‫أطعِ َ‬
‫َ‬ ‫ل أَ ْ‬ ‫سو أ َ ِ‬ ‫ق َ ُ‬ ‫ب ل ِرِفْ َ‬ ‫ه«‪11 .‬فَ َ‬
‫ل‬‫ج ٌ‬ ‫شعَُر وَأَنا َر ُ‬ ‫ج ٌ‬ ‫خي َر ُ‬ ‫عي ُ‬ ‫ه‪» :‬هُوََذا ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ةأ ّ‬ ‫قو ُ‬ ‫ل ي َعْ ُ‬ ‫قا َ‬ ‫وََفات ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سي‬ ‫ف ِ‬ ‫ب عَلى ن َ ْ‬ ‫جل ِ ُ‬ ‫ن‪ ،‬وَأ ْ‬ ‫مت ََهاوِ ٍ‬ ‫َ‬
‫ن ِفي عَي ْن َي ْهِ ك ُ‬ ‫ُ‬
‫سِني أِبي فَأكو ُ‬ ‫ج ّ‬ ‫ما ي َ ُ‬ ‫س‪ُ12 .‬رب ّ َ‬ ‫مل َ ُ‬ ‫أ ْ‬
‫ق ْ‬ ‫قال َت ل َ ُ‬
‫ط‬ ‫قوِْلي فَ َ‬ ‫مع ْ ل ِ َ‬ ‫س َ‬ ‫ي َيا اب ِْني‪ .‬ا ِ ْ‬ ‫ك عَل َ ّ‬ ‫ه‪» :‬ل َعْن َت ُ َ‬ ‫م ُ‬ ‫هأ ّ‬ ‫ة«‪13 .‬فَ َ ْ ُ‬ ‫ة ل َ ب ََرك َ ً‬ ‫ل َعْن َ ً‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫كا َ‬ ‫ما َ‬ ‫ة كَ َ‬ ‫م ً‬ ‫ه أط ْعِ َ‬ ‫م ُ‬ ‫تأ ّ‬ ‫صن َعَ ْ‬ ‫ه‪ ،‬فَ َ‬ ‫م ِ‬‫ضَر ل ّ‬ ‫ح َ‬ ‫خذ َ وَأ ْ‬ ‫ب وَأ َ‬ ‫خذ ْ ِلي«‪14 .‬فَذ َهَ َ‬ ‫ب ُ‬ ‫َواذ ْهَ ْ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ت رِفْ َ‬ ‫َ‬ ‫أ َُبوه ُ ي ُ ِ‬
‫ها‬ ‫عن ْد َ َ‬ ‫ت ِ‬ ‫خَرةَ الِتي كان َ ْ‬ ‫فا ِ‬ ‫سو اب ْن َِها الكب َرِ ال َ‬ ‫عي ُ‬ ‫ب ِ‬ ‫ة ث َِيا َ‬ ‫ق ُ‬ ‫خذ َ ْ‬ ‫ب‪15 .‬وَأ َ‬ ‫ح ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫جُلود َ‬ ‫قهِ ُ‬ ‫ة عُن ُ ِ‬ ‫س َ‬ ‫مل َ َ‬ ‫ت ي َد َي ْهِ وَ َ‬ ‫س ْ‬ ‫صغََر‪16 ،‬وَأل ْب َ َ‬ ‫ب اب ْن ََها ال ْ‬ ‫قو َ‬ ‫ت ي َعْ ُ‬ ‫س ْ‬ ‫ت وَأل ْب َ َ‬ ‫ِفي ال ْب َي ْ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ب اب ْن َِها‪.‬‬ ‫قو َ‬ ‫ت ِفي ي َد ِ ي َعْ ُ‬ ‫صن َعَ ْ‬ ‫خب َْز ال ّ ِ َتي َ‬ ‫ة َوال ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ت الط ْعِ َ‬ ‫معَْزى‪17 .‬وَأعْط َ ِ‬ ‫ي ال ْ ِ‬ ‫جد ْي َ ِ‬ ‫َ‬
‫ت َيا اب ِْني؟«‬ ‫َ‬ ‫قال‪» :‬هأن َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن أن ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ذا‪َ .‬‬ ‫خل إ ِلى أِبيهِ وَقال‪َ» :‬يا أِبي«‪ .‬ف َ‬ ‫‪18‬فد َ َ‬

‫‪185‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫س‬
‫جل ِ ْ‬ ‫مت َِني‪ .‬قُم ِ ا ْ‬ ‫ما ك َل ّ ْ‬ ‫ت كَ َ‬ ‫ك‪ .‬قَد ْ فَعَل ْ ُ‬ ‫سو ب ِك ُْر َ‬ ‫عي ُ‬ ‫ه‪» :‬أ ََنا ِ‬ ‫ب ل َِبي ِ‬ ‫قو ُ‬ ‫ل ي َعْ ُ‬ ‫قا َ‬ ‫‪19‬فَ َ‬
‫ذي‬ ‫ذا ال ّ ِ‬ ‫ما ه َ‬ ‫ه‪َ » :‬‬ ‫حاقُ لب ْن ِ ِ‬ ‫س َ‬ ‫ل إِ ْ‬ ‫قا َ‬ ‫ك«‪20 .‬فَ َ‬ ‫س َ‬ ‫ف ُ‬ ‫ي ت َُبارِك َِني ن َ ْ‬ ‫دي ل ِك َ ْ‬ ‫صي ْ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫وَك ُ ْ‬
‫سَر ِلي«‪21 .‬فَ َ‬ ‫ب ِإلهَ َ‬ ‫َ‬
‫قا َ‬
‫ل‬ ‫ك قَد ْ ي َ ّ‬ ‫ن الّر ّ‬ ‫ل‪» :‬إ ِ ّ‬ ‫قا َ‬ ‫جد َ َيا اب ِْني؟« فَ َ‬ ‫ت ل ِت َ ِ‬ ‫سَرعْ َ‬ ‫أ ْ‬
‫َ‬ ‫ََ‬
‫ل؟«‪.‬‬ ‫م َ‬ ‫سو أ ْ‬ ‫عي ُ‬ ‫ت هُوَ اب ِْني ِ‬ ‫ك َيا اب ِْني‪ .‬أأن ْ َ‬ ‫س َ‬ ‫ج ّ‬ ‫م لَ ُ‬ ‫قد ّ ْ‬ ‫ب‪» :‬ت َ َ‬ ‫قو َ‬ ‫حاقُ ل ِي َعْ ُ‬ ‫س َ‬ ‫إِ ْ‬
‫َ‬
‫ب‪،‬‬ ‫قو َ‬ ‫ت ي َعْ ُ‬ ‫صو ْ ُ‬ ‫ت َ‬ ‫صو ْ ُ‬ ‫ل‪» :‬ال ّ‬ ‫ه وََقا َ‬ ‫س ُ‬ ‫ج ّ‬ ‫ه‪ ،‬فَ َ‬ ‫حاقَ أِبي ِ‬ ‫س َ‬ ‫ب إ َِلى إ ِ ْ‬ ‫قو ُ‬ ‫م ي َعْ ُ‬ ‫قد ّ َ‬ ‫‪22‬فَت َ َ‬
‫َ‬
‫سو‬ ‫عي ُ‬ ‫ن ك َي َد َيْ ِ‬ ‫شعَِرت َ َي ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫كان ََتا ُ‬ ‫ن ي َد َي ْهِ َ‬ ‫هل ّ‬ ‫م ي َعْرِفْ ُ‬ ‫سو«‪23 .‬وَل َ ْ‬ ‫عي ُ‬ ‫دا ِ‬ ‫ن يَ َ‬ ‫ن الي َد َي ْ ِ‬
‫َولك ِ ّ ْ‬
‫َ‬ ‫أَ ِ‬
‫و«‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ل‪» :‬أَنا هُ‬ ‫قا َ‬ ‫سو؟« فَ َ‬ ‫عي ُ‬ ‫ت هُوَ اب ِْني ِ‬ ‫ل أن ْ َ‬ ‫ل‪» :‬هَ ْ‬ ‫ه‪24 .‬وََقا َ‬ ‫ه‪ ،‬فََباَرك َ ُ‬ ‫خي ِ‬
‫ل‪،‬‬‫ه فَأ َك َ َ‬ ‫م لَ ُ‬ ‫قد ّ َ‬ ‫سي«‪ .‬فَ َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ك نَ ْ‬ ‫حّتى ت َُبارِك َ َ‬ ‫صي ْدِ اب ِْني َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫م ِلي لك ُ َ‬ ‫ل‪» :‬قَد ّ ْ‬ ‫قا َ‬ ‫‪25‬فَ َ‬
‫م وَقَب ّلِني َيا اب ِْني«‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قا َ‬ ‫ب‪26 .‬فَ َ‬ ‫مًرا فَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قد ّ ْ‬ ‫ه‪» :‬ت َ َ‬ ‫حاقُ أُبو ُ‬ ‫س َ‬ ‫ه إِ ْ‬ ‫لل ُ‬ ‫شرِ َ‬ ‫خ ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ضَر ل ُ‬ ‫ح َ‬ ‫وَأ ْ‬
‫ة‬
‫ح ِ‬ ‫ة اب ِْني ك ََرائ ِ َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ل‪» :‬ان ْظ ُْر! َرائ ِ َ‬ ‫ه‪ ،‬وََقا َ‬ ‫ة ث َِياب ِهِ وََباَرك َ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫م َرائ ِ َ‬ ‫ش ّ‬ ‫ه‪ ،‬فَ َ‬ ‫م وَقَب ّل َ ُ‬ ‫قد ّ َ‬ ‫‪27‬فَت َ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ض‪.‬‬
‫سم ِ الْر ِ‬ ‫ن دَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ماِء وَ ِ‬ ‫س َ‬‫دى ال ّ‬ ‫ن نَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫ب‪28 .‬فَلي ُعْط ِك الل ُ‬ ‫ه الّر ّ‬ ‫قل قَد ْ َباَرك ُ‬ ‫ح ْ‬ ‫َ‬
‫دا‬‫سي ّ ً‬ ‫ن َ‬ ‫ُ‬
‫ل‪ .‬ك ْ‬ ‫جد ْ لك قََبائ ِ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫س ُ‬ ‫ب‪ ،‬وَت َ ْ‬ ‫شُعو ٌ‬ ‫َ‬
‫ست َعْب َد ْ لك ُ‬‫َ‬ ‫ر‪29 .‬ل ِي ُ ْ‬ ‫م ٍ‬ ‫خ ْ‬‫حن ْطةٍ وَ َ‬ ‫َ‬ ‫وَكث َْرةَ ِ‬ ‫َ‬
‫ن«‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫خوَت ِ َ‬
‫كي َ‬ ‫مَباَر ِ‬ ‫مَبارِكوك ُ‬ ‫ن‪ ،‬وَ ُ‬ ‫ملُعوِني َ‬ ‫عُنوك َ‬ ‫نل ِ‬ ‫مك‪ .‬ل ِي َك ْ‬ ‫جد ْ لك ب َُنو أ ّ‬ ‫س ُ‬ ‫ك‪ ،‬وَلي َ ْ‬ ‫لِ ْ‬

‫)‪(6 /‬‬

‫ن‬ ‫ن ل َد ُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫خَر َ‬ ‫ب قَد ْ َ‬ ‫قو ُ‬ ‫ب‪ ،‬وَي َعْ ُ‬ ‫قو َ‬ ‫ن ب ََرك َةِ ي َعْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫حاقُ ِ‬ ‫س َ‬ ‫ما فََرغ َ إ ِ ْ‬ ‫عن ْد َ َ‬ ‫ث ِ‬ ‫حد َ َ‬ ‫‪30‬وَ َ‬
‫خلَ‬ ‫ة وَد َ َ‬ ‫م ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ضا أطعِ َ‬ ‫صن َعَ هُوَ أي ْ ً‬ ‫ه‪31 ،‬ف َ‬ ‫صي ْدِ ِ‬ ‫ن َْ‬ ‫م ْ‬ ‫خاه ُ أَتى ِ‬ ‫سو َ أ َ‬ ‫عي ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫ه‪ ،‬أ ّ‬ ‫حاقَ أِبي ِ‬ ‫س َ‬ ‫إِ ْ‬
‫ك«‪.‬‬ ‫س َ‬ ‫ف‬
‫ْ‬ ‫ن‬ ‫ني‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ر‬ ‫با‬ ‫ت‬ ‫تى‬ ‫ح‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫ا‬ ‫د‬ ‫ي‬ ‫ص‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ل‬‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫أ‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫بي‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫ي‬ ‫ل‬ ‫»‬ ‫ه‪:‬‬ ‫بي‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ه‬ ‫بي‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫لى‬ ‫َ‬
‫ِ ْ َ ْ ِ ِْ ِ َ ّ َُ ِ ِ َ ُ‬
‫َ‬
‫ََ‬ ‫َِ ْ ِ‬
‫َ‬
‫ِ ِ‬
‫َ‬
‫ِ ِ َ‬ ‫ب َِها ِ‬
‫إ‬
‫سو«‪.‬‬ ‫عي ُ‬ ‫ك ِ‬ ‫ك ب ِك ُْر َ‬ ‫ل‪» :‬أَنا اب ْن ُ َ‬ ‫قا َ‬ ‫ت؟« فَ َ‬ ‫ن أن ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه‪َ » :‬‬ ‫حاقُ أُبو ُ‬ ‫س َ‬ ‫ه إِ ْ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫قا َ‬ ‫‪32‬فَ َ‬
‫دا‬ ‫صي ْ ً‬ ‫طاد َ َ‬ ‫ص َ‬ ‫ذي ا ْ‬ ‫ن هُوَ ال ّ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل‪» :‬فَ َ‬ ‫دا وََقا َ‬ ‫ج ّ‬ ‫ما ِ‬ ‫ظي ً‬ ‫حاقُ اْرت َِعاًدا عَ ِ‬ ‫س َ‬ ‫‪َ33‬فاْرت َعَد َ إ ِ ْ‬
‫َ‬ ‫ن ال ْك ُ ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫كا«‪.‬‬ ‫مَباَر ً‬ ‫ن ُ‬ ‫كو ُ‬ ‫م‪ ،‬وَي َ ُ‬ ‫ه؟ ن َعَ ْ‬ ‫جيَء‪ ،‬وََباَرك ْت ُ ُ‬ ‫ن تَ ِ‬ ‫لأ ْ‬ ‫ل قَب ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ت ِ‬ ‫ي فَأك َل ْ ُ‬ ‫وَأَتى ب ِهِ إ ِل َ ّ‬
‫عيسو ك َل َ َ‬
‫ه‪:‬‬ ‫ل ل َِبي ِ‬ ‫دا‪ ،‬وََقا َ‬ ‫ج ّ‬ ‫مّرةً ِ‬ ‫ة وَ ُ‬ ‫م ً‬ ‫ظي َ‬ ‫ة عَ ِ‬ ‫خ ً‬ ‫صْر َ‬ ‫خ َ‬ ‫صَر َ‬ ‫م أِبيهِ َ‬ ‫َ‬ ‫مع َ ِ ُ‬ ‫س ِ‬ ‫ما َ‬ ‫‪34‬فَعِن ْد َ َ‬
‫خذ َ ب ََرك َت َ َ‬ ‫َ‬
‫مك ْرٍ وَأ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ك«‪.‬‬ ‫ك بِ َ‬ ‫خو َ‬ ‫جاَء أ ُ‬ ‫ل‪» :‬قَد ْ َ‬ ‫قا َ‬ ‫ضا َيا أِبي«‪35 .‬فَ َ‬ ‫»َبارِك ِْني أَنا أي ْ ً‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫خذ َ ب َكورِي ِّتي‪،‬‬ ‫ن! أ َ‬ ‫مّرت َي ْ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫قب َِني ال َ‬ ‫قد ْ ت َعَ ّ‬ ‫ب‪ ،‬فَ َ‬ ‫قو َ‬ ‫ي ي َعْ ُ‬ ‫ع َ‬ ‫ه دُ ِ‬ ‫م ُ‬ ‫س َ‬ ‫نا ْ‬ ‫ل‪» :‬أل َ إ ِ ّ‬ ‫قا َ‬ ‫‪36‬فَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫جا َ‬ ‫ة؟« ‪37‬فَأ َ‬ ‫ت ِلي ب ََرك ً‬ ‫قي ْ َ‬ ‫ما أب ْ َ‬ ‫ل‪» :‬أ َ‬ ‫م َقا َ‬ ‫خذ َ ب ََركِتي«‪ .‬ث ُ ّ‬ ‫ن قَد ْ أ َ‬ ‫وَهُوََذا ال َ‬
‫ه‬
‫خوَت ِ ِ‬ ‫ميعَ إ ِ ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫ت إ ِلي ْهِ َ‬ ‫َ‬ ‫دا لك‪ ،‬وَد َفَعْ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫سي ّ ً‬ ‫ه َ‬ ‫جعَلت ُ ُ‬ ‫ْ‬ ‫سو‪» :‬إ ِّني قَد ْ َ‬ ‫ل ل ِِعي ُ‬ ‫حاقُ وََقا َ‬ ‫س َ‬ ‫إِ ْ‬
‫صن َعُ إ ِلي ْك َيا اب ِْني؟« ‪38‬فَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سو‬ ‫عي ُ‬ ‫ل ِ‬ ‫قا َ‬ ‫ماَذا أ ْ‬ ‫ر‪ .‬فَ َ‬ ‫م ٍ‬ ‫خ ْ‬ ‫حن ْطةٍ وَ َ‬ ‫ه بِ ِ‬ ‫ضد ْت ُ ُ‬ ‫دا‪ ،‬وَعَ َ‬ ‫عَِبي ً‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سو‬ ‫عي ُ‬ ‫ضا َيا أِبي«‪ .‬وََرفعَ ِ‬ ‫َ‬ ‫قط َيا أِبي؟ َبارِكِني أَنا أي ْ ً‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫حد َة ٌ ف َ‬ ‫ة َوا ِ‬ ‫َ‬
‫ه‪» :‬ألك ب ََرك ٌ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل َِبي ِ‬
‫سك َن ُ َ‬ ‫سم ِ ال َْرض ي َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه وَب َ َ‬
‫ك‪،‬‬ ‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫كو ُ‬ ‫ِ‬ ‫ه‪» :‬هُوََذا ب ِل َ د َ َ‬ ‫حاقُ أُبو ُ‬ ‫س َ‬ ‫ب إِ ْ‬ ‫جا َ‬ ‫كى‪39 .‬فَأ َ‬ ‫صوْت َ ُ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ن ي َكو ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫د‪َ ،‬ولك ِ ْ‬ ‫ست َعْب َ ُ‬ ‫خيك ت ُ ْ‬ ‫ش‪ ،‬وَل ِ‬ ‫فك ت َِعي ُ‬ ‫سي ْ ِ‬ ‫ق‪40 .‬وَب ِ َ‬ ‫ن فو ْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ماِء ِ‬ ‫س َ‬ ‫دى ال ّ‬ ‫وَب ِل ن َ َ‬
‫ك«‪.‬‬ ‫ق َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ما َ ْ َ ُ ّ ُ ّ ُ ِ َ ُ َ ْ ُ ُ ِ‬
‫ن‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ه‬ ‫ر‬ ‫ني‬ ‫ر‬ ‫س‬ ‫ك‬ ‫ت‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ح‬ ‫م‬ ‫ج‬ ‫ت‬ ‫حين َ َ‬ ‫ِ‬
‫سو‬ ‫عي‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ه‪.‬‬ ‫بو‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ها‬ ‫ب‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ر‬ ‫با‬ ‫تي‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ة‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ر‬ ‫ب‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ب‬ ‫قو‬ ‫ُ‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫لى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫سو‬ ‫عي‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫‪41‬‬
‫ِ ُ‬ ‫َ ِ ْ ْ َ ِ َ َ ِ ِ َ َ ُ ِ َ ُُ ُ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ ِ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ة‬‫َِ ْ ِ ُ‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ْ‬ ‫ف‬ ‫ر‬ ‫ت‬ ‫ر‬ ‫ب‬ ‫خ‬ ‫ْ‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫‪42‬‬ ‫خي«‪.‬‬ ‫َ ِ‬ ‫أ‬ ‫ب‬ ‫قو‬ ‫ُ‬ ‫ع‬
‫ُ َْ‬ ‫ي‬ ‫ُ‬
‫ل‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ق‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫بي‪،‬‬ ‫ه‪» :‬قَ ُ َ ْ ّ ُ َ َ َ ِ ِ‬
‫أ‬ ‫ة‬ ‫ح‬ ‫نا‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫يا‬ ‫أ‬ ‫ت‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ِفي قَل ْب ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‪:‬‬ ‫ت لَ ُ‬ ‫صغََر وََقال َ ْ‬ ‫ب اب ْن ََها ال ْ‬ ‫قو َ‬ ‫ت ي َعْ ُ‬ ‫ت وَد َعَ ْ‬ ‫سل َ ْ‬ ‫ر‪ ،‬فَأْر َ‬ ‫سوَ اب ْ َن َِها الك ْب َ ِ‬ ‫عي ُ‬ ‫ب ِك َل َم ِ ِ‬
‫قت ُل َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫جهَت ِ َ‬ ‫خو َ‬
‫ع‬
‫م ْ‬ ‫س َ‬ ‫ن َيا اب ِْني ا ْ‬ ‫ك‪َ43 .‬فال َ‬ ‫ه يَ ْ‬ ‫ك ب ِأن ّ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫س ّ‬ ‫مت َ َ‬ ‫ك ُ‬ ‫سو أ ُ‬ ‫عي ُ‬ ‫»هُوََذا ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫حّتى‬ ‫ة َ‬ ‫ما قَِليل ً‬ ‫عن ْد َه ُ أّيا ً‬ ‫م ِ‬ ‫ن‪44 ،‬وَأقِ ْ‬ ‫حاَرا َ‬ ‫ن إ ِلى َ‬ ‫خي ل ََبا َ‬ ‫ب إ ِلى أ ِ‬ ‫قوِْلي‪ ،‬وَقُم ِ اهُْر ْ‬ ‫لِ َ‬
‫ك عَن ْ َ‬ ‫خي َ‬ ‫َ‬ ‫خي َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫ه‪ .‬ث ُ ّ‬ ‫ت بِ ِ‬ ‫صن َعْ َ‬ ‫ما َ‬ ‫سى َ‬ ‫ك‪ ،‬وَي َن ْ َ‬ ‫بأ ِ‬ ‫ض ُ‬ ‫حّتى ي َْرت َد ّ غَ َ‬ ‫ك‪َ 45 .‬‬ ‫خط أ ِ‬ ‫س ْ‬ ‫ي َْرت َد ّ ُ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل َفآ ُ‬ ‫ُ‬
‫د؟«‪.‬‬ ‫ح ٍ‬ ‫ما ِفي ي َوْم ٍ َوا ِ‬ ‫م اث ْن َي ْك َ‬ ‫ماَذا أعْد َ ُ‬ ‫ن هَُناك‪ .‬ل ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫خذ ُك ِ‬ ‫س ُ‬ ‫أْر ِ‬
‫َ‬
‫ب‬ ‫قو ُ‬ ‫ن ي َعْ ُ‬ ‫كا َ‬ ‫ن َ‬ ‫ث‪ .‬إ ِ ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫ت ِ‬ ‫ل ب ََنا ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫حَياِتي ِ‬ ‫ت َ‬ ‫مل ِل ْ ُ‬ ‫ق‪َ » :‬‬ ‫حا َ‬ ‫س َ‬ ‫ة لِ ْ‬ ‫ق ُ‬ ‫ت رِفْ َ‬ ‫‪46‬وََقال َ ْ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ة؟«‪.‬‬ ‫حَيا ٌ‬ ‫ماَذا ِلي َ‬ ‫ض‪ ،‬فَل ِ َ‬ ‫ت الْر ِ‬ ‫ن ب ََنا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل هؤُل َِء ِ‬ ‫مث ْ َ‬ ‫ث ِ‬ ‫ح ّ‬ ‫ت ِ‬ ‫ن ب ََنا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫ج ً‬ ‫خذ ُ َزوْ َ‬ ‫ي َأ ُ‬
‫تكوين ‪) 22‬يعقوب يصارع الله ويعكمه فل يستطيع الفلفصة!(‪:‬‬
‫َ‬ ‫خذ َ ا َ‬ ‫ك الل ّي ْل َةِ وَأ َ َ‬
‫شَر وَعَب ََر‬ ‫حد َ ع َ َ‬ ‫جارِي َت َي ْهِ وَأوْل َد َهُ ال َ َ‬ ‫مَرأت َي ْهِ وَ َ‬ ‫ْ‬ ‫م ِفي ت ِل ْ َ‬ ‫م َقا َ‬ ‫‪22‬ث ُ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ب‬‫قو ُ‬ ‫ي ي َعْ ُ‬ ‫ق َ‬ ‫ه‪24 .‬فب َ ِ‬ ‫نل ُ‬ ‫ما كا َ‬ ‫جاَز َ‬ ‫ي‪ ،‬وَأ َ‬ ‫وادِ َ‬ ‫م ال َ‬ ‫جاَزهُ ُ‬ ‫م وَأ َ‬ ‫خذ َهُ ْ‬ ‫ق‪23 .‬أ َ‬ ‫ة ي َّبو َ‬ ‫ض َ‬ ‫خا َ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬

‫‪186‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ر‪25 .‬وَل َ ّ‬
‫ما‬ ‫ج ِ‬ ‫حّتى ط ُُلوِع ال ْ َ‬
‫ف ْ‬ ‫ن )هو الله‪ ،‬أستغفر الله( َ‬ ‫سا ٌ‬ ‫ه إ ِن ْ َ‬ ‫صاَرعَ ُ‬ ‫ه‪ ،‬وَ َ‬ ‫حد َ ُ‬ ‫وَ ْ‬
‫ب ِفي‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قو َ‬ ‫خذ ِ ي َعْ ُ‬ ‫حق ّ ف ْ‬ ‫خلعَ ُ‬ ‫ه‪ ،‬فان ْ َ‬ ‫خذ ِ ِ‬ ‫حق ّ ف ْ‬ ‫ب ُ‬ ‫ضَر َ‬ ‫ه‪َ ،‬‬ ‫قدُِر عَلي ْ ِ‬ ‫ه ل يَ ْ‬ ‫َرأى أن ّ ُ‬
‫ل‪» :‬ل َ أ ُط ْل ِقُ َ‬
‫ك‬ ‫قا َ‬ ‫جُر«‪ .‬فَ َ‬ ‫ف ْ‬‫ه قَد ْ ط َل َعَ ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫قِني‪ ،‬لن ّ ُ‬ ‫ل‪» :‬أ َط ْل ِ ْ‬ ‫ه‪26 .‬وََقا َ‬ ‫معَ ُ‬ ‫صاَرعَت ِهِ َ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫ل‪» :‬ل َ‬ ‫قا َ‬‫ب«‪28 .‬فَ َ‬ ‫ُ‬ ‫قو‬ ‫ُ‬ ‫ع‬
‫َْ‬ ‫ي‬ ‫»‬ ‫ل‪:‬‬ ‫َ‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ك؟«‬ ‫َ‬ ‫م‬
‫ْ ُ‬ ‫س‬ ‫ا‬ ‫ما‬
‫َ‬ ‫»‬ ‫ه‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫‪27‬‬ ‫ني«‪.‬‬ ‫ْ‬
‫إِ ْ ْ ُ َ ِ ِ‬
‫ك‬ ‫ر‬ ‫با‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ن‬
‫س‬ ‫ل‪ ،‬لن ّ َ‬‫َ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫ب بَ ْ‬ ‫م َ‬
‫معَ اللهِ َوالّنا َ ِ‬ ‫ت َ‬ ‫جاهَد ْ َ‬ ‫ك َ‬ ‫ل إِ ْ‬
‫َ‬
‫قو َ‬ ‫ما ب َعْد ُ ي َعْ ُ‬ ‫ك ِفي َ‬
‫َ‬
‫س ُ‬ ‫عى ا ْ‬ ‫ي ُد ْ َ‬
‫ل‬‫سأ ُ‬ ‫ماَذا ت َ ْ‬ ‫ل‪» :‬ل ِ َ‬ ‫قا َ‬ ‫ك«‪ .‬فَ َ‬ ‫م َ‬ ‫س ِ‬ ‫خب ِْرِني ِبا ْ‬ ‫ل‪» :‬أ ْ‬ ‫ب وََقا َ‬ ‫قو ُ‬ ‫ل ي َعْ ُ‬ ‫سأ َ‬ ‫ت«‪29 .‬وَ َ‬ ‫وَقَد َْر َ‬
‫ك‪.‬‬ ‫ه هَُنا َ‬ ‫مي؟« وََباَرك َ ُ‬ ‫س ِ‬ ‫نا ْ‬ ‫عَ ِ‬
‫ه‪،‬‬
‫ج ٍ‬ ‫جًها ل ِوَ ْ‬ ‫ه وَ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل« َقائ ِ ً‬ ‫ن »فَِنيِئي َ‬ ‫م َ‬ ‫ْ‬ ‫‪30‬فَد َ َ‬
‫ت الل َ‬ ‫ل‪» :‬لّني ن َظْر ُ‬ ‫كا ِ‬ ‫م ال َ‬ ‫س َ‬ ‫با ْ‬ ‫قو ُ‬ ‫عا ي َعْ ُ‬
‫َ‬ ‫س إ ِذ ْ عَب ََر فَُنوِئي َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫معُ عَلى‬ ‫خ َ‬ ‫ل وَهُوَ ي َ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫ه ال ّ‬ ‫تل ُ‬ ‫شَرقَ ْ‬ ‫سي«‪31 .‬وَأ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫ت نَ ْ‬ ‫جي َ ْ‬ ‫وَن ُ ّ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ك ل َ ي َأك ُ‬ ‫ه‪ِ32 .‬لذل ِ َ‬
‫خذِ إ ِلى ه َ‬
‫ذا‬ ‫ف ِْ‬‫حقّ ال َ‬ ‫ذي عَلى ُ‬ ‫سا ال ِ‬ ‫عْرقَ الن ّ َ‬ ‫ل ِ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫ل ب َُنو إ ِ ْ‬ ‫خذ ِ ِ‬ ‫فَ ْ‬
‫سا‪.‬‬ ‫َ‬ ‫حق ّ ف َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ق الن ّ َ‬ ‫عْر ِ‬ ‫ب عَلى ِ‬ ‫قو َ‬ ‫خذ ِ ي َعْ ُ‬ ‫ب ُ‬ ‫ضَر َ‬ ‫ه َ‬ ‫م‪ ،‬لن ّ ُ‬ ‫الي َوْ ِ‬
‫تكوين ‪) 31‬بنت النبى يعقوب يغتصبها شاب فل يرى أبوها فى المر شيئا(‪:‬‬

‫)‪(7 /‬‬

‫ها‬ ‫ض‪2 ،‬فََرآ َ‬ ‫ِ‬ ‫ت ال َْر‬ ‫ب ل ِت َن ْظ َُر ب ََنا ِ‬ ‫قو َ‬ ‫ة ال ِّتي وَل َد َت َْها ل ِي َعْ ُ‬ ‫ة ل َي ْئ َ َ‬ ‫ة اب ْن َ ُ‬ ‫ت ِدين َ ُ‬ ‫ج ْ‬ ‫خَر َ‬ ‫‪1‬وَ َ‬
‫ّ‬
‫معََها وَأذ َلَها‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫خذ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫جع َ َ‬ ‫ضط َ‬ ‫ها َوا ْ‬ ‫ض‪ ،‬وَأ َ‬ ‫س الْر َ ِ‬ ‫حوّيّ َرِئي ِ‬ ‫موَر ال ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م اب ْ ُ‬ ‫كي ُ‬ ‫ش ِ‬
‫م‬
‫كي ُ‬ ‫مش ِ‬ ‫َ‬ ‫ة‪4 .‬فكل َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فتا َ‬ ‫ف ال َ‬ ‫ْ‬ ‫فَتاة َ وَلط َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ب ال َ‬ ‫ْ‬ ‫ح ّ‬ ‫ب‪ ،‬وَأ َ‬ ‫قو َ‬ ‫ة اب ْن َةِ ي َعْ ُ‬ ‫دين َ َ‬ ‫ه بِ ِ‬ ‫س ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫ت نَ ْ‬ ‫ق ْ‬ ‫ّ‬
‫‪3‬وَت َعَل َ‬
‫ة‬ ‫ن‬ ‫دي‬ ‫س‬ ‫ج‬ ‫ن‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ب‬ ‫قو‬ ‫ُ‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫س‬ ‫و‬ ‫‪5‬‬ ‫ة«‪.‬‬ ‫ج‬ ‫و‬ ‫ز‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫ص‬ ‫ال‬ ‫ه‬ ‫ذ‬ ‫ه‬ ‫لي‬ ‫ْ‬ ‫ذ‬ ‫خ‬ ‫»‬ ‫ل‪:‬‬ ‫ً‬ ‫موَر ِ ُ ِ‬
‫ئ‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫با‬ ‫َ‬ ‫أ‬
‫ُ ّ ُ َ ّ َ ِ َ َ‬ ‫َ َ ِ َ َْ‬ ‫ّ ِّ َ َ ْ َ ً‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُ ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫َ‬
‫جاُءوا‪.‬‬ ‫تى‬ ‫ح‬ ‫ب‬ ‫قو‬ ‫ُ‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫س‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ل‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫ق‬ ‫ح‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫في‬ ‫ه‬ ‫شي‬ ‫وا‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫نوا‬ ‫كا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ُ َ ّ‬ ‫َ َ َْ‬ ‫َ ِ‬ ‫َ َ َ َ ِ ِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫اب ْ َ َ ُ َ ّ َ ُ ُ‬
‫ه‬ ‫نو‬ ‫ب‬ ‫ما‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫ه‪.‬‬ ‫ت‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫ب ِ‬ ‫قو َ‬ ‫ه‪7 .‬وَأَتى ب َُنو ي َعْ ُ‬ ‫معَ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ب ل ِي َت َك َل ّ َ‬ ‫قو َ‬ ‫م إ َِلى ي َعْ ُ‬ ‫كي َ‬ ‫ش ِ‬ ‫موُر أُبو َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ج َ‬ ‫خَر َ‬ ‫‪6‬فَ َ‬
‫ة ِفي‬ ‫ح ً‬ ‫صن َعَ قََبا َ‬ ‫َ‬ ‫ل َواغَْتا ُ‬ ‫جا ُ‬ ‫مُعوا‪ .‬وَغَ ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ه َ‬ ‫دا لن ّ ُ‬ ‫ج ّ‬ ‫ظوا ِ‬ ‫ب الّر َ‬ ‫ض َ‬ ‫س ِ‬ ‫ن َ‬ ‫حي َ‬ ‫ل ِ‬ ‫ق ِ‬ ‫ح ْ‬
‫ل‪:‬‬‫م َقائ ِ ً‬ ‫معَهُ َ‬ ‫موُر َ‬ ‫ح ُ‬ ‫م َ‬ ‫ّ‬
‫ع‪8 .‬وَت َك َل َ‬ ‫صن َ ُ‬ ‫ذا ل َ ي ُ ْ‬ ‫ب‪َ ،‬وهك َ َ‬ ‫قو َ‬ ‫جعَةِ اب ْن َةِ ي َعْ ُ‬ ‫ضا َ‬ ‫م َ‬ ‫ل بِ ُ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫إِ ْ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫صاهُِروَنا‪.‬‬ ‫ة ‪9‬وَ َ‬ ‫ج ً‬ ‫ها َزوْ َ‬ ‫م‪ .‬أعْطوه ُ إ ِّيا َ‬ ‫ه ِباب ْن َت ِك ُ ْ‬ ‫س ُ‬ ‫ف ُ‬ ‫ت نَ ْ‬ ‫ق ْ‬ ‫م اب ِْني قَد ْ ت َعَل َ‬ ‫كي ُ‬ ‫ش ِ‬ ‫» َ‬
‫ض‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫خ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫ن الْر ُ‬ ‫معََنا‪ ،‬وَت َكو ُ‬ ‫ن َ‬ ‫سكُنو َ‬ ‫م ب ََنات َِنا‪10 .‬وَت َ ْ‬ ‫ن لك ْ‬ ‫ذو َ‬ ‫م‪ ،‬وَت َأ ُ‬ ‫ت ُعْطون ََنا ب ََنات ِك ْ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬
‫خوَت َِها‪:‬‬ ‫م لِبيَها وَل ِ ْ‬ ‫كي ُ‬ ‫ش ِ‬ ‫ل َ‬ ‫م َقا َ‬ ‫ملكوا ب َِها«‪11 .‬ث ُ ّ‬ ‫جُروا ِفيَها وَت َ َ‬ ‫سك ُُنوا َوات ّ ِ‬ ‫م‪ .‬ا ْ‬ ‫مك ُ ُ‬ ‫دا َ‬ ‫قُ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫دا‬‫ج ّ‬ ‫ي ِ‬ ‫طي‪12 .‬كث ُّروا عَل ّ‬ ‫ن ِلي أعْ ِ‬ ‫قولو َ‬ ‫ذي ت َ ُ‬ ‫م‪َ .‬فال ِ‬ ‫ة ِفي أعْي ُن ِك ْ‬ ‫م ً‬ ‫جد ْ ن ِعْ َ‬ ‫عوِني أ ِ‬ ‫»د َ ُ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ة«‪.‬‬ ‫ج ً‬ ‫فَتاة َ َزوْ َ‬ ‫ن ِلي‪ .‬وَأعْطوِني ال َ‬ ‫قولو َ‬ ‫ما ت َ ُ‬ ‫يك َ‬ ‫ة‪ ،‬فَأعْط ِ َ‬ ‫مهًْرا وَعَط ِي ّ ً‬
‫َ‬
‫َ‬
‫س‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ب َ‬ ‫َ‬
‫ج َ‬ ‫ن قد ْ ن َ ّ‬ ‫ه كا َ‬ ‫موا‪ .‬لن ّ ُ‬ ‫مكرٍ وَت َكل ُ‬ ‫موَر أَباه ُ ب ِ َ‬ ‫ح ُ‬ ‫م وَ َ‬ ‫كي َ‬ ‫ش ِ‬ ‫قو َ‬ ‫ب ب َُنو ي َعْ ُ‬ ‫جا َ‬ ‫‪13‬فأ َ‬
‫خت ََنا‬ ‫يأ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فعَل ه َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ة أُ ْ‬
‫ن ن ُعْط ِ َ‬ ‫مَر أ ْ‬ ‫ذا ال ْ‬ ‫ن نَ ْ‬ ‫طيعُ أ ْ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫ما‪» :‬ل ن َ ْ‬ ‫وا لهُ َ‬ ‫قال ُ‬ ‫م‪14 ،‬ف َ‬ ‫خت َهُ ْ‬ ‫ِدين َ َ‬
‫م ك ُلّ‬ ‫خت ْن ِك ُْ‬ ‫مثلَنا ب ِ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫عاٌر لَنا‪15 .‬غي َْر أن َّنا ِبه َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫م ِ‬ ‫صْرت ُ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫م‪ :‬إ ِ ْ‬ ‫ذا ُنواِتيك ْ‬ ‫ه َ‬ ‫ف‪ ،‬لن ّ ُ‬ ‫جل أغل َ‬ ‫ل ِر ُ‬
‫دا‪.‬‬ ‫ح‬ ‫وا‬ ‫با‬ ‫ع‬ ‫ش‬ ‫َ‬ ‫ر‬ ‫صي‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫س‬ ‫ن‬ ‫و‬ ‫م‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ت‬ ‫نا‬ ‫ب‬ ‫نا‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ذ‬ ‫خ‬ ‫ذ َ َك َر‪16 .‬نعطيك ُم بناتنا ونأ ْ‬
‫ْ ً َ ِ ً‬ ‫َ ََ ِ ْْ ََ ْ ُ َ َ ْ ََ ِ ُ‬ ‫ُْ ِ ْ ََ َِ ََ ُ‬ ‫ٍ‬
‫ضي«‪.‬‬ ‫م‬ ‫ن‬‫و‬ ‫نا‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫ا‬ ‫ُ‬ ‫ذ‬ ‫خ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫نوا‪،‬‬ ‫ت‬ ‫ت‬ ‫خ‬ ‫ت‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫نا‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫عوا‬ ‫َ‬
‫َََْ ََ ْ ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َُِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫‪ُ َ ْ َ ْ ْ ِ َ 17‬‬
‫م‬ ‫س‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫و‬
‫َ‬
‫ر‬
‫خ ِ‬ ‫م ي َت َأ ّ‬ ‫موَر‪19 .‬وَل َ ْ‬ ‫ح ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م بْ ِ‬ ‫كي َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ي َ‬ ‫موَر وَِفي عَي ْن َ ْ‬ ‫ح ُ‬ ‫ي َ‬ ‫م ِفي عَي ْن َ ْ‬ ‫مهُ ْ‬ ‫ن ك َل َ ُ‬ ‫س َ‬ ‫ح ُ‬ ‫‪18‬فَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫ميِع ب َي ْ ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن أك َْر َ‬ ‫كا َ‬ ‫ب‪ .‬وَ َ‬ ‫قو َ‬ ‫سُروًرا ِباب ْن َةِ ي َعْ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ن َ‬ ‫كا َ‬ ‫ه َ‬ ‫مَر‪ ،‬لن ّ ُ‬ ‫ل ال ْ‬ ‫فعَ َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫مأ ْ‬ ‫ال ْغُل َ ُ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ما‬ ‫دين َت ِهُِ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ما أهْ َ‬ ‫ما‪ ،‬وَك َل َ‬ ‫دين َت ِهُِ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ب َ‬ ‫ه إ ِلى َبا ِ‬ ‫م اب ْن ُ ُ‬ ‫كي ُ‬ ‫ش ِ‬ ‫موُر وَ َ‬ ‫ح ُ‬ ‫ه‪20 .‬فَأَتى َ‬ ‫أِبي ِ‬
‫َ‬ ‫ن ل ََنا‪ .‬فَل ْي َ ْ ُ‬ ‫ن‪»21 :‬هؤُل َِء ال ْ َ‬
‫جُروا ِفيَها‪.‬‬ ‫ض وَي َت ّ ِ‬ ‫سكُنوا ِفي الْر ِ‬ ‫ْ‬
‫مو َ‬ ‫سال ِ ُ‬ ‫م َ‬ ‫م ُ‬ ‫قو ْ ُ‬ ‫َقائ ِِلي َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫م ب ََنات َِنا‪.‬‬ ‫طيهِ ْ‬ ‫ت وَن ُعْ ِ‬ ‫جا ٍ‬ ‫م َزوْ َ‬ ‫خذ ُ لَنا ب ََنات ِهِ ْ‬ ‫م‪ .‬ن َأ ُ‬ ‫مهُ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫نأ َ‬ ‫ة الطَرفَي ْ ِ‬ ‫سعَ ُ‬ ‫ض َوا ِ‬ ‫وَهُوََذا الْر ُ‬
‫َ‬
‫خت ْن َِنا‬ ‫دا‪ :‬ب ِ َ‬ ‫ح ً‬ ‫شعًْبا َوا ِ‬ ‫صيَر َ‬ ‫معََنا ل ِن َ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ذا فَ َ‬ ‫ه ِبه َ‬ ‫‪22‬غَي َْر أن ّ ُ‬
‫سك ِ‬ ‫م عَلى ال ّ‬ ‫قو ْ ُ‬
‫َ‬
‫قط ُيواِتيَنا ال َ‬
‫م ل ََنا؟‬ ‫مهِ ْ‬ ‫ل ب ََهائ ِ ِ‬ ‫م وَك ُ ّ‬ ‫قت ََناهُ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م وَ ُ‬ ‫شيهِ ْ‬ ‫وا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن َ‬ ‫كو ُ‬ ‫ن‪23 .‬أل َ ت َ ُ‬ ‫خُتوُنو َ‬ ‫م ْ‬ ‫م َ‬ ‫ما هُ ْ‬ ‫ل ذ َك َرٍ ك َ َ‬ ‫كُ ّ‬
‫ن‬‫جي َ‬ ‫خارِ ِ‬ ‫ميعُ ال ْ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫م اب ْن ِهِ َ‬ ‫كي َ‬ ‫ش ِ‬ ‫موَر وَ َ‬ ‫ح ُ‬ ‫مع َ ل ِ َ‬ ‫س ِ‬ ‫معََنا«‪24 .‬فَ َ‬ ‫ن َ‬ ‫سك ُُنو َ‬ ‫ط فَي َ ْ‬ ‫ق ْ‬ ‫م فَ َ‬ ‫ُنواِتيهِ ْ‬
‫ة‪.‬‬ ‫دين َ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ب ال َ‬ ‫ْ‬ ‫ن َبا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫جي َ‬ ‫خارِ ِ‬ ‫ل ال َ‬ ‫ْ‬ ‫ر‪ .‬ك ّ‬ ‫ُ‬ ‫ل ذ َك ٍ‬ ‫َ‬ ‫نك ّ‬ ‫ُ‬ ‫خت َت َ َ‬ ‫ة‪َ ،‬وا ْ‬ ‫دين َ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ب ال َ‬ ‫ْ‬ ‫ن َبا ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ي‬
‫ن وَلوِ َ‬ ‫مُعو َ‬ ‫ش ْ‬ ‫ب‪ِ ،‬‬ ‫قو َ‬ ‫ي ي َعْ ُ‬ ‫ن اب ْن َ َ ْ‬ ‫نأ ّ‬ ‫جِعي َ‬ ‫مت َوَ ّ‬ ‫ث إ ِذ ْ كاُنوا ُ‬ ‫ث ِفي الي َوْم ِ الّثال ِ ِ‬ ‫حد َ َ‬ ‫‪25‬ف َ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫أَ َ‬
‫ر‪.‬‬ ‫ن وَقت َل كل ذ َك ٍ‬ ‫م ٍ‬ ‫دين َةِ ب ِأ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه وَأت ََيا عَلى ال َ‬ ‫ف ُ‬ ‫سي ْ َ‬ ‫حد ٍ َ‬ ‫ذا كل َوا ِ‬ ‫خ َ‬ ‫ة‪ ،‬أ َ‬ ‫خوَيْ ِدين َ َ‬

‫‪187‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫جا‪.‬‬
‫خَر َ‬ ‫م وَ َ‬ ‫كي َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ت َ‬ ‫ن ب َي ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫ذا ِدين َ َ‬ ‫خ َ‬ ‫ف‪ ،‬وَأ َ َ‬ ‫سي ْ ِ‬ ‫حد ّ ال ّ‬ ‫ه بِ َ‬ ‫م اب ْن َ ُ‬ ‫كي َ‬ ‫ش ِ‬ ‫موَر وَ َ‬ ‫ح ُ‬‫‪26‬وَقَت َل َ َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫م أ ََتى ب َُنو ي َعْ ُ‬
‫م‪.‬‬
‫خت َهُ ْ‬ ‫سوا أ ْ‬ ‫ج ُ‬ ‫م نَ ّ‬ ‫ة‪ ،‬لن ّهُ ْ‬ ‫دين َ َ‬ ‫م ِ‬‫لى وَن َهَُبوا ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫قت ْ َ‬
‫ب عََلى ال ْ َ‬ ‫قو َ‬ ‫‪27‬ث ُ ّ‬
‫َ‬
‫ه‪.‬‬
‫ذو ُ‬ ‫خ ُ‬‫لأ َ‬ ‫ق ِ‬ ‫ما ِفي ال ْ َ‬
‫ح ْ‬ ‫دين َةِ وَ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ما ِفي ال ْ َ‬ ‫ل َ‬ ‫م وَك ُ ّ‬ ‫ميَرهُ ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫م وَ َ‬ ‫قَرهُ ْ‬ ‫م وَب َ َ‬ ‫مهُ ْ‬ ‫‪28‬غَن َ َ‬
‫َ‬
‫ت‪.‬‬‫ما ِفي ال ْب ُُيو ِ‬ ‫ل َ‬ ‫م وَك ُ ّ‬ ‫ساَءهُ ْ‬ ‫م‪ ،‬وَن ِ َ‬ ‫فال ِهِ ْ‬ ‫ل أط ْ َ‬ ‫م وَك ُ ّ‬ ‫ل ث َْروَت ِهِ ْ‬ ‫وا وَن َهَُبوا ك ُ ّ‬ ‫سب َ ْ‬‫‪29‬وَ َ‬
‫ن‬‫كا ِ‬ ‫س ّ‬‫عن ْد َ ُ‬ ‫ما إ ِّيايَ ِ‬ ‫ريهِك ُ َ‬ ‫ماِني ب ِت َك ْ ِ‬ ‫ن وَل َِوي‪» :‬ك َد ّْرت ُ َ‬ ‫مُعو َ‬ ‫ش ْ‬ ‫ب لِ َ‬ ‫قو ُ‬ ‫ل ي َعْ ُ‬ ‫قا َ‬ ‫‪30‬فَ َ‬
‫َ‬ ‫ال َْر‬
‫ضرُِبون َِني‪،‬‬ ‫ي وَي َ ْ‬ ‫ن عَل َ ّ‬ ‫مُعو َ‬ ‫جت َ ِ‬‫ل‪ .‬فَي َ ْ‬
‫فع ُ ُ‬
‫فٌر قَِلي ٌ‬ ‫ن‪ ،‬وَأَنا ن َ َ‬ ‫َ‬ ‫فرِزِّيي‬ ‫ن َوال ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫ض ال ْك َن َْعان ِّيي‬ ‫ِ‬
‫خت َِنا؟«‪.‬‬ ‫ل ب ِأ ْ‬ ‫ظيَر َزان ِي َةٍ ي َ ْ َ‬
‫قا َ َ‬
‫ل‪» :‬أن َ ِ‬ ‫فَأ َِبيد ُ أ ََنا وَب َي ِْتي«‪31 .‬فَ َ‬
‫تكوين ‪) 35‬الله يظهر ليعقوب مرة أخرى بعد مباراة المصارعة(‪:‬‬

‫)‪(8 /‬‬
‫حين جاَء من فَدا َ‬ ‫َ‬
‫ه‪:‬‬ ‫ه الل ُ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫ه‪10 .‬وََقا َ‬ ‫م وََباَرك َ ُ‬ ‫ن أَرا َ‬ ‫ِ ْ ّ َِ‬ ‫ضا ِ َ َ‬ ‫ب أي ْ ً‬ ‫قو َ‬ ‫ه ل ِي َعْ ُ‬ ‫‪9‬وَظ َهََر الل ُ‬
‫ك‬ ‫م َ‬ ‫س ُ‬ ‫نا ْ‬ ‫كو ُ‬ ‫ل يَ ُ‬ ‫ب‪ ،‬ب َ ْ‬ ‫قو َ‬ ‫ما ب َعْد ُ ي َعْ ُ‬ ‫ك ِفي َ‬ ‫م َ‬ ‫س ُ‬ ‫عى ا ْ‬ ‫ب‪ .‬ل َ ي ُد ْ َ‬ ‫قو ُ‬ ‫ك ي َعْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫س ُ‬ ‫»ا ْ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل«‪11 .‬وََقا َ‬ ‫ل«‪ .‬فَد َ َ‬
‫مْر‬ ‫ديُر‪ .‬أث ْ ِ‬ ‫ق ِ‬ ‫ه ال َ‬ ‫ه‪» :‬أَنا الل ُ‬ ‫ه الل ُ‬ ‫لل ُ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫ه »إ ِ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫س َ‬ ‫عا ا ْ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫إِ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ض‬
‫صلب ِك‪َ12 .‬والْر ُ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫جو َ‬ ‫خُر ُ‬ ‫سي َ ْ‬ ‫ملوك َ‬ ‫من ْك‪ ،‬وَ ُ‬ ‫ن ِ‬ ‫مم ٍ ت َكو ُ‬ ‫ةأ َ‬ ‫ماعَ ُ‬ ‫ج َ‬ ‫ة وَ َ‬ ‫م ٌ‬ ‫َواكث ُْر‪ .‬أ ّ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫طي‬ ‫ن ب َعْدِك أعْ ِ‬ ‫َ‬ ‫م ْ‬ ‫سل ِك ِ‬ ‫َ‬ ‫طيَها‪ ،‬وَل ِن َ ْ‬ ‫ق‪ ،‬لك أعْ ِ‬ ‫َ‬ ‫حا َ‬ ‫س َ‬ ‫م وَإ ِ ْ‬ ‫هي َ‬ ‫ت إ ِب َْرا ِ‬ ‫ال ِّتي أعْطي ْ ُ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ب‬ ‫ص َ‬ ‫ه‪14 .‬فَن َ َ‬ ‫معَ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ذي ِفيهِ ت َك َل ّ َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫كا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه ِفي ال ْ َ‬ ‫ه عَن ْ ُ‬ ‫صعِد َ الل ُ‬ ‫م َ‬ ‫ض«‪13 .‬ث ُ ّ‬ ‫الْر َ‬
‫ب عَل َي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫سك َ َ‬ ‫ر‪ ،‬وَ َ‬ ‫ج ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫موًدا ِ‬ ‫ه‪ ،‬عَ ُ‬ ‫معَ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ذي ِفيهِ ت َك َل ّ َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫كا ِ‬ ‫م َ‬ ‫موًدا ِفي ال ْ َ‬ ‫ب عَ ُ‬ ‫قو ُ‬ ‫ي َعْ ُ‬
‫ه‬ ‫ع‬
‫ُ َ َ ُ‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫الل‬ ‫م‬
‫ِ ِ َ َ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ت‬ ‫ه‬ ‫في‬ ‫ذي‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ن‬
‫َ ِ‬ ‫كا‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫م‬‫ْ َ‬ ‫س‬ ‫ا‬ ‫ب‬ ‫ُ‬ ‫قو‬ ‫ُ‬ ‫ع‬ ‫ي‬
‫َ َ َ َْ‬ ‫عا‬ ‫د‬ ‫و‬ ‫‪15‬‬ ‫تا‪.‬‬ ‫س ِ ً َ َ ّ َ ْ ِ َ ًْ‬
‫ي‬ ‫ز‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ص‬ ‫و‬ ‫با‪،‬‬ ‫كي‬ ‫َ‬
‫ل«‪.‬‬ ‫ت ِإي َ‬ ‫»َْ َ‬ ‫ي‬ ‫ب‬
‫تكوين ‪) 38‬يهوذا بن يعقوب النبى وأخو يوسف النبى يزنى بزوجة ابنه!(‪:‬‬
‫مَرأ َة ُ ي َُهوَذا )ابن يعقوب‪ ،‬وأخو يوسف(‪.‬‬ ‫شوٍع ا ْ‬ ‫ة ُ‬ ‫ت اب ْن َ ُ‬ ‫مات َ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ما ُ‬ ‫ل الّز َ‬ ‫طا َ‬ ‫ما َ‬ ‫‪12‬وَل َ ّ‬
‫ي‪.‬‬ ‫م ّ‬ ‫ه العَد ُل ّ ِ‬ ‫ْ‬ ‫حب ُ ُ‬ ‫صا ِ‬ ‫حيَرة ُ َ‬ ‫ة‪ ،‬هُوَ وَ ِ‬ ‫من َ َ‬ ‫مهِ إ ِلى ت ِ ْ‬ ‫َ‬ ‫جّزازِ غَن َ ِ‬ ‫صعِد َ إ ِلى ُ‬ ‫َ‬ ‫م ت َعَ ُّزى ي َُهوَذا فَ َ‬ ‫ثُ ّ‬
‫ه«‪.‬‬ ‫م ُ‬ ‫جّز غَن َ َ‬ ‫ة ل ِي َ ُ‬ ‫من َ َ‬ ‫عد ٌ إ ِلى ت ِ ْ‬ ‫َ‬ ‫صا ِ‬ ‫ك َ‬ ‫مو ِ‬ ‫ح ُ‬ ‫ل لَها‪» :‬هُوََذا َ‬ ‫َ‬ ‫ماُر وَِقي َ‬ ‫ت َثا َ‬ ‫خب َِر ْ‬ ‫‪13‬فَأ ْ‬
‫ل‬ ‫خ ِ‬ ‫مد ْ َ‬ ‫ت ِفي َ‬ ‫س ْ‬ ‫جل َ‬ ‫َ‬ ‫ت‪ ،‬وَ َ‬ ‫ف ْ‬ ‫ف َ‬ ‫َ‬
‫ت ب ِب ُْرقٍُع وَت َل ّ‬ ‫ّ‬
‫مل َِها‪ ،‬وَت َغَط ْ‬ ‫ب ت ََر ّ‬ ‫ت عَن َْها ث َِيا َ‬ ‫خلعَ ْ‬ ‫َ‬ ‫‪14‬فَ َ‬
‫هَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫م ت ُعْط ل ُ‬ ‫يل ْ‬ ‫ة قَد ْ كب َُر وَهِ َ‬ ‫شيل َ‬ ‫ن ِ‬ ‫تأ ّ‬ ‫ة‪ ،‬لن َّها َرأ ْ‬ ‫من َ َ‬ ‫ق تِ ْ‬ ‫ري ِ‬ ‫م الِتي عَلى ط ِ‬ ‫عَي َْناي ِ َ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ما َ‬
‫ل‬ ‫جهََها‪16 .‬فَ َ‬ ‫ت وَ ْ‬ ‫ت قَد ْ غَط ْ‬ ‫ة‪ ،‬لن َّها كان َ ْ‬ ‫سب ََها َزان ِي َ ً‬ ‫ح ِ‬ ‫ها ي َُهوَذا وَ َ‬ ‫ة‪15 .‬فَن َظَر َ‬ ‫ج ً‬ ‫َزوْ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‪:‬‬ ‫قال ْ‬ ‫ه‪ .‬فَ َ‬ ‫م أن َّها كن ّت ُ ُ‬ ‫َ‬ ‫م ي َعْل ْ‬ ‫هل ْ‬
‫ُ‬
‫ك«‪ .‬لن ّ ُ‬ ‫ل عَلي ْ ِ‬ ‫خ ْ‬ ‫هاِتي أد ْ ُ‬ ‫ل‪َ » :‬‬ ‫ق وََقا َ‬ ‫ري ِ‬ ‫إ ِل َي َْها عَلى الط ِ‬
‫ّ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫معَْزى ِ‬ ‫جد ْيَ ِ‬ ‫ل َ‬ ‫س ُ‬ ‫ل‪» :‬إ ِّني أْر ِ‬ ‫قا َ‬ ‫ي؟« ‪17‬فَ َ‬ ‫ل عَل َ ّ‬ ‫خ َ‬ ‫ي ت َد ْ ُ‬ ‫طيِني ل ِك َ ْ‬ ‫ماَذا ت ُعْ ِ‬ ‫» َ‬
‫ذي‬ ‫ن ال ِ‬‫ّ‬ ‫ما َ الّرهْ ُ‬ ‫قال‪َ » :‬‬ ‫َ‬ ‫ه؟«‪18 .‬ف َ‬ ‫َ‬ ‫سل ُ‬ ‫َ‬ ‫حّتى ت ُْر ِ‬ ‫طيِني َرهًْنا َ‬ ‫ت‪» :‬هَل ت ُعْ ِ‬ ‫ْ‬ ‫قال ْ‬ ‫َ‬ ‫م«‪ .‬ف َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ا ُلغَن َ ِ‬
‫ها‬ ‫طا َ‬ ‫ك«‪ .‬فَأعْ َ‬ ‫ك ال ِّتي ِفي ي َدِ َ‬ ‫صا َ‬ ‫ك وَعَ َ‬ ‫صاب َت ُ َ‬ ‫ع َ‬ ‫ك وَ ِ‬ ‫م َ‬ ‫خات ِ ُ‬ ‫ت‪َ » :‬‬ ‫قال َ ْ‬ ‫ك؟« فَ َ‬ ‫طي ِ‬ ‫أعْ ِ‬
‫ت‬ ‫س‬ ‫ب‬ ‫َ‬
‫َ ْ َ َ َ ْ َ َ َ ْ ََْ ُْ َ َ َ ِ َ ْ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ها‬ ‫ع‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫ر‬ ‫ب‬ ‫ها‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ت‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫خ‬ ‫و‬ ‫ت‬ ‫ض‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫م‬‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ث‬ ‫‪19‬‬ ‫ه‪.‬‬ ‫َ ِ ْ ِ ْ ُ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ها‪،‬‬ ‫َ َْ‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫خ‬‫وَد َ َ‬
‫مل َِها‪.‬‬ ‫ب ت ََر ّ‬ ‫ث َِيا َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن ي َدِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫خذ َ الّرهْ َ‬ ‫ي ل ِي َأ ُ‬ ‫م ّ‬ ‫حب ِهِ ال ْعَد ُل ّ ِ‬ ‫صا ِ‬ ‫معْ ََزى ب ِي َد ِ َ‬ ‫جد ْيَ ال ْ ِ‬ ‫ل ي َُهوَذا َ‬ ‫س َ‬ ‫‪20‬فَأْر َ‬
‫ة ال ِّتي َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ت ِفي‬ ‫كان َ ْ‬ ‫ن الّزان ِي َ ُ‬ ‫ل‪» :‬أي ْ َ‬ ‫كان َِها َقائ ِ ً‬ ‫م َ‬ ‫ل َ‬ ‫ل أهْ َ‬ ‫سأ َ‬ ‫ها‪21 .‬فَ َ‬ ‫جد ْ َ‬ ‫م يَ ِ‬ ‫ة‪ ،‬فَل َ ْ‬ ‫مْرأ ِ‬ ‫َ‬
‫جعَ إ َِلى ي َُهوَذا‬ ‫َ َ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫‪22‬‬ ‫ة«‪.‬‬ ‫ٌ‬ ‫ي‬
‫ْ ُ َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫زا‬ ‫نا‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫»‬ ‫لوا‪:‬‬ ‫ُ‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ق؟«‬ ‫ِ ِ‬ ‫ري‬ ‫ّ‬ ‫ط‬ ‫ال‬ ‫لى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫عَي ْ ِ َ‬ ‫ي‬ ‫نا‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫قا َ‬
‫ل‬ ‫ة«‪23 .‬فَ َ‬ ‫ن ههَُنا َزان ِي َ ٌ‬ ‫م ت َك ُ ْ‬ ‫ضا َقالوا‪ :‬ل ْ‬ ‫ن أي ْ ً‬ ‫كا ِ‬ ‫م َ‬ ‫ل ال َ‬ ‫ها‪ .‬وَأهْ ُ‬ ‫جد ْ َ‬ ‫مأ ِ‬
‫ْ‬
‫ل‪» :‬ل ْ‬ ‫وََقا َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫تل ْ‬ ‫جد ْيَ وَأن ْ َ‬ ‫ذا ال َ‬ ‫ته َ‬ ‫سل ُ‬ ‫ة‪ .‬إ ِّني قَد ْ أْر َ‬ ‫هان َ ً‬ ‫صيَر إ ِ َ‬ ‫سَها‪ ،‬ل ِئ َل ّ ن َ ِ‬ ‫ف ِ‬ ‫خذ ْ ل ِن َ ْ‬ ‫ي َُهوَذا‪» :‬ل ِت َأ ُ‬
‫ها«‪.‬‬ ‫جد ْ َ‬ ‫تَ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ها‬‫ماُر كن ّت ُك‪ ،‬وَ َ‬ ‫ت َثا َ‬ ‫ه‪» :‬قَد ْ َزن َ ْ‬ ‫لل ُ‬ ‫خب َِر ي َُهوَذا وَِقي َ‬ ‫ر‪ ،‬أ ْ‬ ‫شهُ ٍ‬ ‫حوُ ث َلث َةِ أ ْ‬ ‫ن نَ ْ‬ ‫ما كا َ‬ ‫‪24‬وَل ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ما‬ ‫ي فَل ّ‬ ‫ما هِ َ‬ ‫ق«‪25 .‬أ ّ‬ ‫حَر َ‬ ‫ها فَت ُ ْ‬ ‫جو َ‬ ‫خرِ ُ‬ ‫ل ي َُهوَذا‪» :‬أ ْ‬ ‫قا َ‬ ‫ن الّزَنا«‪ .‬فَ َ‬ ‫م َ‬ ‫ضا ِ‬ ‫حب ْلى أي ْ ً‬ ‫ي ُ‬ ‫هِ َ‬
‫حب ْلى!«‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ميَها َقائ ِل ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أُ ْ‬
‫ه أَنا ُ‬ ‫ذي هذِهِ ل ُ‬ ‫ل ال ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫ن الّر ُ‬ ‫م َ‬ ‫ة‪ِ » :‬‬ ‫ح ِ‬ ‫ت إ ِلى َ‬ ‫سل ْ‬ ‫ت أْر َ‬ ‫ج ْ‬ ‫خرِ َ‬
‫ل‪:‬‬ ‫قَها ي َُهوَذا وََقا َ‬ ‫ق َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ه«‪26 .‬فَت َ َ‬ ‫صا هذِ ِ‬ ‫ة َوال ْعَ َ‬ ‫صاب َ ُ‬ ‫م َوال ْعِ َ‬ ‫خات ِ ُ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م ِ‬ ‫قق ْ ل ِ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫ت‪َ » :‬‬ ‫وََقال َ ْ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ضا‪.‬‬ ‫م ي َعُد ْ ي َعْرِفَُها أي ْ ً‬ ‫ة اب ِْني«‪ .‬فَل َ ْ‬ ‫شيل َ َ‬ ‫م أعْط َِها ل ِ ِ‬ ‫مّني‪ ،‬لّني ل َ ْ‬ ‫ي أب َّر ِ‬ ‫»هِ َ‬

‫‪188‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬
‫كان في ول َدت ِها أ َ َ‬ ‫َ‬
‫ما‬‫حد َهُ َ‬ ‫نأ َ‬ ‫ّ‬ ‫ِ َ َ‬ ‫ن‪28 .‬وَ َ َ ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫ت وِل َد َت َِها إ َِذا ِفي ب َط ْن َِها ت َوْأ َ‬ ‫‪27‬وَِفي وَقْ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ل«‪.‬‬ ‫ج أوّ ً‬ ‫خَر َ‬‫ذا َ‬ ‫ة‪» :‬ه َ‬ ‫مًزا‪َ ،‬قائ ِل َ ً‬ ‫ت عََلى ي َدِهِ قِْر ِ‬ ‫ة وََرب َط َ ْ‬ ‫قاب ِل َ ُ‬‫ت ال ْ َ‬ ‫خذ َ ِ‬ ‫دا فَأ َ‬ ‫ج يَ ً‬‫خَر َ‬ ‫أَ ْ‬
‫ك‬‫ت؟ عَل َي ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ح ْ‬ ‫ماَذا اقْت َ َ‬ ‫ت‪» :‬ل ِ َ‬ ‫قال َ ْ‬‫ج‪ .‬فَ َ‬ ‫خَر َ‬ ‫خوه ُ قَد ْ َ‬ ‫ه‪ ،‬إ َِذا أ َ ُ‬ ‫ن َرد ّ ي َد َ ُ‬ ‫حي َ‬ ‫ن ِ‬‫‪َ29‬ولك ِ ْ‬
‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‬ ‫د‬
‫َ ِ ِ‬ ‫ي‬ ‫لى‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ذي‬ ‫ل‬ ‫ا‬
‫َ َ َ ُ ُ ِ‬ ‫ه‬ ‫خو‬ ‫أ‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫خ‬ ‫ك‬ ‫ل‬‫ذ‬ ‫د‬
‫ََْ َ ِ‬ ‫ع‬‫ب‬ ‫و‬ ‫‪30‬‬ ‫ص«‪.‬‬ ‫ِ َ‬ ‫ر‬ ‫فا‬ ‫»‬ ‫ه‬ ‫م‬ ‫س‬
‫ُ ِ َ ْ ُ ُ‬ ‫ا‬ ‫ي‬ ‫ع‬ ‫د‬ ‫ف‬ ‫م!«‪.‬‬ ‫حا ٌ‬ ‫اقْت ِ َ‬
‫ح«‪.‬‬ ‫ه »َزاَر َ‬ ‫م ُ‬ ‫س ُ‬ ‫يا ْ‬ ‫ع َ‬ ‫مُز‪ .‬فَد ُ ِ‬ ‫قْر ِ‬ ‫ال ْ ِ‬
‫خروج ‪) 1‬ملفقو العهد القديم يقولون إن ابنة فرعون التقطت الطفل موسى‬
‫من بين الحلفاء على شاطئ النهر‪ ،‬وهى تقول‪ :‬بل من النهر نفسه! فمن‬
‫نصدق؟(‪:‬‬

‫)‪(9 /‬‬
‫خذ َ بنت ل َوي‪2 ،‬فَحبل َت ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ت اب ًْنا‪.‬‬ ‫مْرأة ُ وَوَل َد َ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ت ل َِوي وَأ َ ِ ْ َ‬ ‫ن ب َي ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫ج ٌ‬ ‫ب َر ُ‬ ‫‪1‬وَذ َهَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫خذ َ ْ‬ ‫د‪ ،‬أ َ‬ ‫ه ب َعْ ُ‬ ‫خب ّئ َ ُ‬ ‫ن تُ َ‬ ‫مك ِن َْها أ ْ‬ ‫م يُ ْ‬ ‫ما ل ْ‬ ‫ر‪3 .‬وَل ّ‬ ‫شهُ ٍ‬ ‫ةأ ْ‬ ‫ه ث َلث َ َ‬ ‫َ‬ ‫خب ّأت ْ ُ‬ ‫ن‪َ ،‬‬ ‫س ٌ‬ ‫ح َ‬ ‫ه َ‬ ‫ه أن ّ ُ‬ ‫ما َرأت ْ ُ‬ ‫وَل َ ّ‬
‫ن‬‫ه ب َي ْ َ‬ ‫ضعَت ْ ُ‬ ‫ه‪ ،‬وَوَ َ‬ ‫ت ال ْوَل َد َ ِفي ِ‬ ‫ضعَ ِ‬ ‫ت‪ ،‬وَوَ َ‬ ‫مرِ َوالّزفْ ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ه ِبال ْ ُ‬ ‫ن ال ْب َْردِيّ وَط َل َت ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫طا ِ‬ ‫ف ً‬ ‫س َ‬ ‫ه َ‬ ‫لَ ُ‬
‫ُ‬
‫ه‪.‬‬ ‫ل بِ ِ‬ ‫فعَ ُ‬ ‫ماَذا ي ُ ْ‬ ‫ف َ‬ ‫ن ب َِعيد ٍ ل ِت َعْرِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫خت ُ ُ‬ ‫تأ ْ‬ ‫ف ْ‬ ‫ر‪4 .‬وَوَقَ َ‬ ‫حافَةِ الن ّهْ ِ‬ ‫فاِء عََلى َ‬ ‫حل ْ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ب‬ ‫جان ِ ِ‬ ‫ت عََلى َ‬ ‫شَيا ٍ‬ ‫ما ِ‬ ‫واِريَها َ‬ ‫ج َ‬ ‫ت َ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫ل‪ ،‬وَ َ‬ ‫س َ‬ ‫ن إ َِلى الن ّهْرِ ل ِت َغْت َ ِ‬ ‫ة فِْرعَوْ َ‬ ‫ت اب ْن َ ُ‬ ‫‪5‬فَن ََزل َ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫ه َرأ ِ‬ ‫حت ْ ُ‬ ‫ما فَت َ َ‬ ‫ه‪6 .‬وَل َ ّ‬ ‫خذ َت ْ ُ‬ ‫مت ََها وَأ َ‬ ‫تأ َ‬ ‫سل َ ْ‬ ‫فاِء‪ ،‬فَأْر َ‬ ‫حل ْ َ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫ط ب َي ْ َ‬ ‫ف َ‬ ‫س َ‬ ‫ت ال ّ‬ ‫ر‪ .‬فََرأ ِ‬ ‫الن ّهْ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن«‪.‬‬ ‫ن أوْلدِ العِب َْران ِّيي َ‬ ‫َ‬ ‫م ْ‬ ‫ت‪» :‬هذا ِ‬ ‫َ‬ ‫ه وَقال ْ‬ ‫َ‬ ‫تل ُ‬ ‫كي‪ .‬فَرق ْ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ي ي َب ْ ِ‬ ‫صب ِ ّ‬ ‫د‪ ،‬وَإ ِذا هُوَ َ‬ ‫َ‬ ‫ال ْوَل َ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ن‬
‫م َ‬ ‫ة ِ‬ ‫ضعَ ً‬ ‫مْر ِ‬ ‫مَرأة ً ُ‬ ‫كا ْ‬ ‫عو ل َ ِ‬ ‫ب وَأد ْ ُ‬ ‫ل أذ ْهَ ُ‬ ‫ن‪» :‬هَ ْ‬ ‫ه لب ْن َةِ فِْرعَوْ َ‬ ‫خت ُ ُ‬ ‫تأ ْ‬ ‫قال َ ْ‬ ‫‪7‬فَ َ‬
‫ت‬ ‫ن‪» :‬اذ ْهَِبي«‪ .‬فَذ َهَب َ ِ‬ ‫ة فِْرعَوْ َ‬ ‫ت ل ََها اب ْن َ ُ‬ ‫قال َ ْ‬ ‫د؟« ‪8‬فَ َ‬ ‫ك ال ْوَل َ َ‬ ‫ضع َ ل َ ِ‬ ‫ت ل ِت ُْر ِ‬ ‫ال ْعِب َْران ِّيا ِ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ه‬
‫ضِعي ِ‬ ‫ذا ال ْوَل َد ِ وَأْر ِ‬ ‫ن‪» :‬اذ ْهَِبي ِبه َ‬ ‫ة فِْرعَوْ َ‬ ‫ت ل ََها اب ْن َ ُ‬ ‫قال َ ْ‬ ‫د‪9 .‬فَ َ‬ ‫م ال ْوَل َ ِ‬ ‫تأ ّ‬ ‫فَتاة ُ وَد َعَ ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ما ك َب َِر ال ْوَل َد ُ‬ ‫ه‪10 .‬وَل َ ّ‬ ‫ضعَت ْ ُ‬ ‫مْرأةُ ال ْوَل َد َ وَأْر َ‬ ‫ت ال ْ َ‬ ‫خذ َ ِ‬ ‫ك«‪ .‬فَأ َ‬ ‫جَرت َ ِ‬ ‫طي أ ْ‬ ‫ِلي وَأَنا أعْ ِ‬
‫ت‪:‬‬ ‫سى« وََقال ْ‬ ‫َ‬ ‫مو َ‬ ‫ه» ُ‬ ‫م ُ‬ ‫س َ‬ ‫تا ْ‬ ‫صاَر لَها اب ًْنا‪ ،‬وَد َعَ ِ‬ ‫َ‬ ‫ن فَ َ‬ ‫ت ب ِهِ إ َِلى اب ْن َةِ فِْرعَوْ َ‬ ‫جاَء ْ‬ ‫َ‬
‫ماِء«‪.‬‬ ‫ن ال َ‬ ‫ْ‬ ‫م َ‬ ‫ه ِ‬ ‫شلت ُ ُ‬ ‫ْ‬ ‫»إ ِّني ان ْت َ َ‬
‫َ‬
‫خروج ‪) 1‬هل يعقل أن يكون نبى الله قَّتال قَت َلة؟(‪:‬‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ث ِفي ت ِل ْ َ َ‬
‫خوَت ِهِ ل ِي َن ْظَر ِفي‬ ‫ج إ ِلى إ ِ ْ‬ ‫خَر َ‬ ‫ه َ‬ ‫سى أن ّ ُ‬ ‫مو َ‬ ‫ما ك َب َِر ُ‬ ‫ك الّيام ِ ل َ ّ‬ ‫حد َ َ‬ ‫‪11‬وَ َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫ه‪َ12 ،‬فالت َ َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫أ َث ْ َ‬
‫ت إ ِلى هَُنا‬ ‫ف َ‬ ‫خوَت ِ ِ‬ ‫ن إِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫عب َْران ِّيا ِ‬ ‫جل ِ‬ ‫ب َر ُ‬ ‫ضرِ ُ‬ ‫صرِّيا ي َ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫جل ِ‬ ‫م‪ ،‬فََرأى َر ُ‬ ‫قال ِهِ ْ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫ج ِفي‬ ‫خَر َ‬ ‫م َ‬ ‫ل‪13 .‬ث ُ ّ‬ ‫م ِ‬ ‫مَره ُ ِفي الّر ْ‬ ‫صرِيّ وَط َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ال ْ ِ‬ ‫قت َ َ‬ ‫د‪ ،‬فَ َ‬ ‫ح ٌ‬ ‫سأ َ‬ ‫ن ل َي ْ َ‬ ‫ك وََرأى أ ْ‬ ‫وَهَُنا َ‬
‫ب‬ ‫ضرِ ُ‬ ‫ماَذا ت َ ْ‬ ‫ب‪» :‬ل ِ َ‬ ‫مذ ْن ِ ِ‬ ‫ل ل ِل ْ ُ‬ ‫قا َ‬ ‫ن‪ ،‬فَ َ‬ ‫ما ِ‬ ‫ص َ‬ ‫خا َ‬ ‫ن ي َت َ َ‬ ‫عب َْران ِّيا ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫جل َ ِ‬ ‫ال ْي َوْم ِ الّثاِني وَإ َِذا َر ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ما‬ ‫قت ِْلي ك َ َ‬ ‫ت بِ َ‬ ‫فت َك ٌِر أن ْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ضًيا عَل َي َْنا؟ أ ُ‬ ‫سا وََقا ِ‬ ‫ك َرِئي ً‬ ‫جعَل َ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل‪َ » :‬‬ ‫قا َ‬ ‫ك؟« ‪14‬فَ َ‬ ‫حب َ َ‬ ‫صا ِ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ع‬
‫م َ‬ ‫س ِ‬ ‫مُر«‪15 .‬ف َ‬ ‫ف ال ْ‬ ‫قا قد ْ عُرِ َ‬ ‫ح ّ‬ ‫سى وَقال‪َ » :‬‬ ‫َ‬ ‫مو َ‬ ‫ف ُ‬ ‫خا َ‬ ‫ي؟«‪ .‬ف َ‬ ‫صرِ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ال ِ‬ ‫قَت َل َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫جهِ فِْرعَوْ َ‬ ‫ن وَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫سى ِ‬ ‫مو َ‬ ‫ب ُ‬ ‫سى‪ .‬فَهََر َ‬ ‫مو َ‬ ‫ل ُ‬ ‫قت ُ َ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫بأ ْ‬ ‫مَر‪ ،‬فَط َل َ َ‬ ‫ذا ال ْ‬ ‫نه َ‬ ‫فِْرعَوْ ُ‬
‫َ‬
‫ر‪.‬‬ ‫عن ْد َ ال ْب ِئ ْ ِ‬ ‫س ِ‬ ‫جل َ َ‬ ‫ن‪ ،‬وَ َ‬ ‫مد َْيا َ‬ ‫ض ِ‬ ‫ن ِفي أْر ِ‬ ‫سك َ َ‬ ‫وَ َ‬
‫خروج ‪) 4‬ما هذه الجلفة فى الكلم مع الله؟ وهل يمكن أن يكون موسى‬
‫إلها لهارون؟(‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫س‬
‫م ِ‬ ‫من ْذ ُ أ ْ‬ ‫ب ك َل َم ٍ ُ‬ ‫ح َ‬ ‫صا ِ‬ ‫ت أَنا َ‬ ‫س ُ‬ ‫د‪ ،‬ل ْ‬ ‫سي ّ ُ‬ ‫معْ أي َّها ال ّ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫ب‪» :‬ا ْ‬ ‫سى ِللّر ّ‬ ‫مو َ‬ ‫ل ُ‬ ‫قا َ‬ ‫‪10‬فَ َ‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن«‪.‬‬ ‫سا ِ‬ ‫فم ِ َوالل َ‬ ‫ل ال َ‬ ‫قي ُ‬ ‫ل أَنا ث َ ِ‬ ‫ك‪ ،‬ب َ ْ‬ ‫ت عَب ْد َ َ‬ ‫م َ‬ ‫ن ك َل ْ‬ ‫ِ‬ ‫حي‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫س‪ ،‬وَل َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫م‬
‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫وَل َ أوّ ِ‬
‫م أ َْو‬ ‫ص ّ‬ ‫س أوْ أ َ‬
‫َ َ‬
‫خَر َ‬ ‫صن َعُ أ َ ْ‬ ‫ن يَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ما؟ أوْ َ‬
‫َ‬
‫ن فَ ً‬ ‫سا ِ‬ ‫صن َعَ ل ِل ِن ْ َ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ب‪َ » :‬‬ ‫ه الّر ّ‬ ‫ل لَ ُ‬ ‫قا َ‬ ‫‪11‬فَ َ‬
‫مكَ‬ ‫ك وَأ ُعَل ُّ‬ ‫م َ‬ ‫مع َ ف َ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ب وَأَنا أكو ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن اذ ْهَ ْ‬ ‫ب؟ ‪َ12‬فال َ‬ ‫ما هُوَ أَنا الّر ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫مى؟ أ َ‬ ‫صيًرا أوْ أعْ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫بَ ِ‬
‫ل«‪.‬‬ ‫س ُ‬ ‫س ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قا َ‬ ‫ه«‪13 .‬فَ َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ن ت ُْر ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ب ِي َد ِ َ‬ ‫د‪ ،‬أْر ِ‬ ‫سي ّ ُ‬ ‫معْ أي َّها ال ّ‬ ‫ست َ ِ‬ ‫ل‪» :‬ا ْ‬ ‫م بِ ِ‬ ‫ما ت َت َكل ُ‬ ‫َ‬
‫ك؟ أناَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫خا‬ ‫ن اللوِيّ أ َ‬ ‫هاُرو ُ‬ ‫س َ‬ ‫ل‪» :‬ألي ْ َ‬ ‫سى وََقا َ‬ ‫مو َ‬ ‫ب عَلى ُ‬ ‫ب الّر ّ‬ ‫ض ُ‬ ‫ي غَ َ‬ ‫م َ‬ ‫ح ِ‬ ‫‪14‬فَ َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‪،‬‬ ‫قلب ِ ِ‬ ‫ح بِ َ‬ ‫فَر ُ‬ ‫ما ي ََراك ي َ ْ‬ ‫َ‬ ‫حين َ َ‬ ‫قَبال ِك‪ .‬فَ ِ‬ ‫َ‬ ‫ست ِ ْ‬ ‫جل ْ‬ ‫خارِ ٌ‬ ‫ها هُوَ َ‬ ‫ضا َ‬ ‫م‪ ،‬وَأي ْ ً‬ ‫ه هُوَ ي َت َكل ُ‬ ‫َ‬ ‫م أن ّ ُ‬ ‫أعْل َ ُ‬
‫ُ‬ ‫ه‪ ،‬وَأ ََنا أ َ ُ‬
‫ما‬ ‫مك ُ َ‬ ‫ه‪ ،‬وَأعْل ِ ُ‬ ‫م ِ‬ ‫مع َ ف َ ِ‬ ‫ك وَ َ‬ ‫م َ‬ ‫مع َ ف َ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫كو ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ت ِفي فَ ِ‬ ‫ما ِ‬ ‫ضعُ ال ْك َل ِ َ‬ ‫ه وَت َ َ‬ ‫م ُ‬ ‫‪15‬فَت ُك َل ّ ُ‬
‫َ‬
‫ن لَ ُ‬
‫ه‬ ‫كو ُ‬ ‫ت تَ ُ‬ ‫ما‪ ،‬وَأن ْ َ‬ ‫ك فَ ً‬ ‫ن لَ َ‬ ‫كو ُ‬ ‫ك‪ .‬وَهُوَ ي َ ُ‬ ‫ب عَن ْ َ‬ ‫شعْ َ‬ ‫م ال ّ‬ ‫ن‪16 .‬وَهُوَ ي ُك َل ّ ُ‬ ‫صن ََعا ِ‬ ‫ماَذا ت َ ْ‬ ‫َ‬

‫‪189‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬
‫ْ‬
‫ت«‪.‬‬ ‫صن َعُ ب َِها الَيا ِ‬ ‫صا ال ِّتي ت َ ْ‬ ‫ك هذِهِ ال ْعَ َ‬ ‫خذ ُ ِفي ي َدِ َ‬ ‫ِإلًها‪17 .‬وَت َأ ُ‬
‫خروج ‪ ) 7‬يا مؤلفى الكتاب المقدس‪ ،‬ارسوا على بر‪ :‬موسى‪ ،‬إله لهارون أم‬
‫إله لفرعون؟(‪:‬‬
‫ن‬ ‫ُ‬
‫كو‬ ‫ي‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫خو‬‫هارون أ َُ‬ ‫و‬ ‫ن‪.‬‬ ‫و‬ ‫ع‬ ‫ر‬ ‫ف‬ ‫ل‬ ‫ها‬ ‫إل‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ت‬‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ع‬ ‫ج‬ ‫نا‬‫َ‬ ‫أ‬ ‫ر!‬ ‫ُ‬ ‫ظ‬ ‫ن‬‫»ا‬ ‫سى‪:‬‬ ‫قا َ‬ ‫‪1‬فَ َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ ْ َ َ َ ُ ِ ً ِ ِ ْ َ ْ َ َ َ ُ ُ‬ ‫ب لِ ُ َ‬
‫مو‬ ‫ل الّر ّ‬
‫ن ل ِي ُط ْل ِقَ ب َِني‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م فِْرعَوْ َ‬ ‫ك ي ُك َل ّ ُ‬
‫خو َ‬ ‫نأ ُ‬ ‫هاُرو ُ‬ ‫ك‪ ،‬وَ َ‬ ‫مُر َ‬ ‫ما آ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫م ب ِك ُ ّ‬ ‫ت ت َت َك َل ّ ُ‬ ‫ك‪2 .‬أن ْ َ‬ ‫ن َب ِي ّ َ‬
‫ه‪.‬‬ ‫َ‬ ‫سَراِئي َ‬
‫ض ِ‬‫ن أْر ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫إِ ْ‬
‫خروج ‪) 12‬موسى يوصى بنى إسرائيل بسرقة ذهب المصريين وفضتهم‪:‬‬
‫خ منسر؟(‪:‬‬ ‫ل هذا أم شي ُ‬ ‫رسو ٌ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫ض ٍ‬‫ة فِ ّ‬ ‫مت ِعَ َ‬
‫نأ ْ‬ ‫صرِّيي َ‬ ‫م ْ‬‫ن ال ِ‬ ‫م َ‬‫سى‪ .‬طلُبوا ِ‬ ‫مو َ‬ ‫ل ُ‬ ‫ب قَوْ ِ‬ ‫س ِ‬ ‫ح َ‬ ‫ل بِ َ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫ل ب َُنو إ ِ ْ‬ ‫‪35‬وَفَعَ َ‬
‫ْ‬ ‫ة ِلل ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫حّتى‬‫ن َ‬ ‫صرِّيي َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ال ِ‬ ‫عُُيو ِ‬
‫ب ِفي ِ‬ ‫شعْ ِ‬ ‫م ً‬‫ب ن ِعْ َ‬ ‫ب وَث َِياًبا‪36 .‬وَأعْطى الّر ّ‬ ‫ة ذ َهَ ٍ‬ ‫مت ِعَ َ‬ ‫وَأ ْ‬
‫ن‬
‫صرِّيي َ‬ ‫م ْ‬ ‫سل َُبوا ال ْ ِ‬ ‫م‪ .‬فَ َ‬ ‫عاُروهُ ْ‬ ‫أَ َ‬

‫)‪(10 /‬‬

‫ف للراقصات‬ ‫خروج ‪) 15‬مريم أخت موسى‪ ،‬وهى نبية عندهم‪ ،‬تمسك بالد ّ ّ‬
‫ص!(‪:‬‬ ‫وتنقر َ لهن على واحدة ون ُ ّ‬
‫ها‬‫ساِء وََراءَ َ‬ ‫ميعُ الن ّ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ت َ‬ ‫ج ْ‬ ‫خَر َ‬ ‫ها‪ ،‬وَ َ‬ ‫ف ب ِي َدِ َ‬ ‫ن الد ّ ّ‬ ‫هاُرو َ‬ ‫ت َ‬ ‫خ ُ‬ ‫ة أُ ْ‬ ‫م الن ّب ِي ّ ُ‬ ‫مْري َ ُ‬ ‫ت َ‬ ‫خذ َ ْ‬ ‫‪20‬فَأ َ‬
‫م‪ .‬ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫س‬
‫فَر َ‬ ‫ه قَد ْ ت َعَظ ّ َ‬ ‫ب فَإ ِن ّ ُ‬ ‫موا ِللّر ّ‬ ‫م‪َ» :‬رن ّ ُ‬ ‫مْري َ ُ‬ ‫م َ‬ ‫جاب َت ْهُ ْ‬ ‫ص‪21 .‬وَأ َ‬ ‫ف وََرقْ ٍ‬ ‫ب ِد ُُفو ٍ‬
‫ر«‪.‬‬ ‫ح ِ‬ ‫ما ِفي ال ْب َ ْ‬ ‫حهُ َ‬ ‫ه ط ََر َ‬ ‫وََراك ِب َ ُ‬
‫خروج ‪) 32‬النبى هارون يصنع العجل من الذهب المسروق من المصريين‬
‫كى يعبده بنو إسرائيل!(‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ما َرَأى ال ّ‬
‫ب‬‫شعْ ُ‬ ‫معَ ال ّ‬ ‫جت َ َ‬ ‫ل‪ ،‬ا ْ‬ ‫جب َ ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ل ِ‬ ‫سى أب ْط َأ ِفي الن ُّزو ِ‬ ‫مو َ‬ ‫ن ُ‬ ‫بأ ّ‬ ‫شعْ ُ‬ ‫‪1‬وَل َ ّ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫عََلى َ‬
‫ج َ‬
‫ل‬ ‫سى الّر ُ‬ ‫مو َ‬ ‫ذا ُ‬ ‫نه َ‬ ‫مَنا‪ ،‬ل ّ‬ ‫ما َ‬ ‫سيُر أ َ‬ ‫ة تَ ِ‬ ‫صن َعْ لَنا آل ِهَ ً‬ ‫ه‪» :‬قُم ِ ا ْ‬ ‫ن وََقالوا ل ُ‬ ‫هاُرو َ‬
‫َ‬ ‫ال ّذي أ َصعدنا م َ‬
‫ن‪:‬‬ ‫هاُرو ُ‬ ‫م َ‬ ‫ل ل َهُ ْ‬ ‫قا َ‬ ‫ه«‪2 .‬فَ َ‬ ‫صاب َ ُ‬ ‫ماَذا أ َ‬ ‫م َ‬ ‫صَر‪ ،‬ل َ ن َعْل َ ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ض ِ‬ ‫ن أْر ِ‬ ‫ْ َ ََ ِ ْ‬ ‫ِ‬
‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م َواُتوِني ب َِها«‪.‬‬ ‫م وَب ََنات ِك ْ‬ ‫م وَب َِنيك ْ‬ ‫سائ ِك ْ‬ ‫ن نِ َ‬ ‫ب الِتي ِفي آَذا ِ‬ ‫عوا أقَْراط الذ ّهَ ِ‬ ‫»ان ْزِ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ن‪.‬‬ ‫هاُرو َ‬ ‫وا ب َِها إ ِلى َ‬ ‫م وَأت َ ْ‬ ‫ب الِتي ِفي آَذان ِهِ ْ‬ ‫ب أقَْراط الذ ّهَ ِ‬ ‫شعْ ِ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫‪3‬فَن ََزع َ ك ّ‬
‫َ‬
‫ُ‬ ‫سُبوكا‪ .‬فَ َ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫‪4‬فَأ َ‬
‫ه‬
‫قالوا‪» :‬هذِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫جل َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫صن َعَ ُ‬ ‫ل‪ ،‬وَ َ‬ ‫مي ِ‬ ‫صوَّره ُ ِبال ِْز ِ‬ ‫م وَ َ‬ ‫ديهِ ْ‬ ‫ن أي ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫خذ َ ذل ِك ِ‬
‫ما ن َظ ََر َ‬ ‫كم َ‬ ‫َ‬
‫ن ب ََنى‬ ‫هاُرو ُ‬ ‫صَر«‪5 .‬فَل َ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫ض ِ‬ ‫ن أْر ِ‬ ‫صعَد َت ْ َ ِ ْ‬ ‫ل ال ِّتي أ ْ‬ ‫سَراِئي ُ‬ ‫ك َيا إ ِ ْ‬ ‫آل ِهَت ُ َ‬
‫َ‬
‫ب«‪6 .‬فَب َك ُّروا ِفي ال ْغَدِ‬ ‫عيد ٌ ِللّر ّ‬ ‫دا ِ‬ ‫ل‪» :‬غَ ً‬ ‫ن وََقا َ‬ ‫هاُرو ُ‬ ‫ه‪ ،‬وََناَدى َ‬ ‫م ُ‬ ‫ما َ‬ ‫حا أ َ‬ ‫مذ ْب َ ً‬ ‫َ‬
‫ُ‬ ‫ل َوال ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫س ال ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫م‬‫بث ّ‬ ‫شْر ِ‬ ‫ب ل ِلك ِ‬ ‫شعْ ُ‬ ‫جل َ‬ ‫ة‪ .‬وَ َ‬ ‫م ٍ‬ ‫سل َ‬ ‫ح َ‬ ‫موا ذ ََبائ ِ َ‬ ‫ت وَقد ّ ُ‬ ‫حَرقا ٍ‬ ‫م ْ‬ ‫دوا ُ‬ ‫صعَ ُ‬ ‫وَأ ْ‬
‫ب‪.‬‬ ‫موا ل ِلعِ ِ‬ ‫ّ‬ ‫َقا ُ‬
‫تثنية ‪) 20‬حروب الكتاب المقدس حروب إبادة واستئصال(‪:‬‬
‫ك إ َِلى‬ ‫َ‬
‫جاب َت ْ َ‬ ‫نأ َ‬ ‫صل ِْح‪11 ،‬فَإ ِ ْ‬ ‫عَها إ َِلى ال ّ‬ ‫ست َد ْ ِ‬ ‫حارِب ََها ا ْ‬ ‫ي تُ َ‬ ‫دين َةٍ ل ِك َ ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ِ‬ ‫قُر ُ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫حي َ‬ ‫» ِ‬
‫ست َعْب َد ُ‬ ‫خيرِ وَي ُ ْ‬ ‫س ِ‬ ‫ك ِللت ّ ْ‬ ‫ن لَ َ‬ ‫كو ُ‬ ‫جود ِ ِفيَها ي َ ُ‬ ‫مو ْ ُ‬ ‫ب ال ْ َ‬ ‫شعْ ِ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫ك‪ ،‬فَك ُ ّ‬ ‫ت لَ َ‬ ‫ح ْ‬ ‫صل ِْح وَفَت َ َ‬ ‫ال ّ‬
‫ب‬‫ها‪13 .‬وَإ َِذا د َفَعََها الّر ّ‬ ‫صْر َ‬ ‫حا ِ‬ ‫حْرًبا‪ ،‬فَ َ‬ ‫ك َ‬ ‫معَ َ‬ ‫ت َ‬ ‫مل َ ْ‬ ‫ل عَ ِ‬ ‫ك‪ ،‬ب َ ْ‬ ‫م َ‬ ‫سال ِ ْ‬ ‫م تُ َ‬ ‫ن لَ ْ‬ ‫ك‪12 .‬وَإ ِ ْ‬ ‫لَ َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ميعَ ذ ُ ُ‬ ‫ك إ ِلى ي َدِ َ‬ ‫َ‬ ‫ِإلهُ َ‬
‫فا ُ‬
‫ل‬ ‫ساُء َوالط َ‬ ‫ما الن ّ َ‬ ‫ف‪14 .‬وَأ ّ‬ ‫سي ْ ِ‬ ‫حد ّ ال ّ‬ ‫ها ب ِ َ‬ ‫كورِ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ب َ‬ ‫ضرِ ْ‬ ‫ك َفا ْ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ة‬
‫م َ‬ ‫ل غَِني َ‬ ‫ك‪ ،‬وَت َأك ُ ُ‬ ‫س َ‬ ‫ف ِ‬ ‫مَها ل ِن َ ْ‬ ‫مت َِها‪ ،‬فَت َغْت َن ِ ُ‬ ‫ل غَِني َ‬ ‫ة‪ ،‬ك ُ ّ‬ ‫دين َ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ما ِفي ال َ‬ ‫ل َ‬ ‫م وَك ُ ّ‬ ‫َوال ْب ََهائ ِ ُ‬
‫من ْ َ‬
‫ك‬ ‫ن ال ْب َِعيد َةِ ِ‬ ‫مد ُ ِ‬ ‫ميِع ال ْ ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫ل بِ َ‬ ‫فعَ ُ‬ ‫ذا ت َ ْ‬ ‫ك‪15 .‬هك َ َ‬ ‫ب ِإلهُ َ‬ ‫ك الّر ّ‬ ‫طا َ‬ ‫ك ال ِّتي أ َعْ َ‬ ‫دائ ِ َ‬ ‫أعْ َ‬
‫َ‬
‫ب ال ِّتي‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫شُعو ِ‬ ‫ن هؤُل َِء ال ّ‬ ‫مد ُ ُ‬ ‫ما ُ‬ ‫مم ِ هَُنا‪16 .‬وَأ ّ‬ ‫ن هؤُل َِء ال َ‬ ‫مد ُ ِ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ت ِ‬ ‫س ْ‬ ‫دا ال ِّتي ل َي ْ َ‬ ‫ج ّ‬ ‫ِ‬
‫ما‪:‬‬ ‫ري ً‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ها‬ ‫ّ َ‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ر‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ل‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫‪17‬‬ ‫ما‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫ة‬
‫ً‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫س‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ها‬‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ق‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫با‬ ‫ً‬ ‫صي‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ه‬
‫ِ ُ‬ ‫إل‬ ‫ب‬ ‫ّ‬ ‫ر‬
‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫طي‬‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ع‬ ‫يُ‬
‫مَركَ‬ ‫حويين وال ْيبوسيين‪ ،‬ك َما أِ َ‬ ‫ْ‬
‫ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫َ َ‬ ‫ن َوال ِ ّ ّ َ َ َ ُ ِ ّ َ‬ ‫فرِّزّيي َ‬ ‫ن َوال ِ‬ ‫ن َوالكن َْعان ِّيي َ‬ ‫مورِّيي َ‬ ‫ن َوال ُ‬ ‫حث ّّيي َ‬ ‫ال ِ‬
‫ملوا‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سهِم ِ الِتي عَ ِ‬ ‫جا ِ‬ ‫ميِع أْر َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ب َ‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫ملوا َ‬ ‫ن ت َعْ َ‬ ‫مأ ْ‬ ‫موك ْ‬ ‫ي ل ي ُعَل ُ‬ ‫ب ِإلهُك‪18 ،‬ل ِك ْ‬ ‫الّر ّ‬
‫م‪.‬‬ ‫ُ‬
‫ب ِإلهِك ْ‬ ‫خط ِئوا إ ِلى الّر ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫م‪ ،‬فت ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫لل ِهَت ِهِ ْ‬
‫حكم الله فى الكتاب المقدس!(‪:‬‬ ‫َ‬ ‫صِلب فهو ملعون‪ :‬بهذا َ‬ ‫تثنية ‪) 21‬كل من ُ‬

‫‪190‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ة‪23 ،‬فَل َ‬ ‫شب َ ٍ‬ ‫خ َ‬ ‫ه عََلى َ‬ ‫قت َ ُ‬‫ل وَعَل ّ ْ‬ ‫قت ِ َ‬ ‫ت‪ ،‬فَ ُ‬ ‫مو ْ ُ‬ ‫قَها ال ْ َ‬ ‫ح ّ‬‫ة َ‬ ‫خط ِي ّ ٌ‬ ‫ن َ‬ ‫سا ٍ‬ ‫ن عََلى إ ِن ْ َ‬ ‫كا َ‬ ‫»وَإ َِذا َ‬
‫مل ُْعو ٌ‬ ‫َ‬
‫ه‪.‬‬
‫ن الل ِ‬ ‫م َ‬ ‫ن ِ‬ ‫معَل ّقَ َ‬ ‫ن ال ْ ُ‬ ‫م‪ ،‬ل ّ‬ ‫ك الي َوْ ِ‬
‫ه ِفي ذل ِ َ ْ‬ ‫ل ت َد ْفِن ُ ُ‬ ‫ة‪ ،‬ب َ ْ‬ ‫شب َ ِ‬‫خ َ‬ ‫ه عََلى ال ْ َ‬ ‫جث ّت ُ ُ‬‫ت ُ‬ ‫ت َب ِ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫صيًبا‪.‬‬ ‫ب ِإلهُك ن َ ِ‬ ‫طيك الّر ّ‬ ‫ضك الِتي ي ُعْ ِ‬ ‫س أْر َ‬ ‫ج ْ‬ ‫فَل َ ت ُن َ ّ‬
‫تثنية ‪) 23‬الربا حلل أم حرام؟(‪:‬‬
‫ض ب ِرًِبا‪،‬‬ ‫م‪ ،‬أوْ رَِبا َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫خا َ‬ ‫ض أَ َ‬ ‫»ل َ ت ُ ْ‬
‫قَر ُ‬ ‫ما ي ُ ْ‬ ‫م ّ‬‫ما ِ‬ ‫يٍء ّ‬ ‫ش ْ‬ ‫ة‪ َ ،‬أوْ رَِبا طَعا ٍ‬ ‫ض ٍ‬ ‫ك ب ِرًِبا‪ ،‬رَِبا فِ ّ‬ ‫قرِ ْ‬
‫ك ِفي‬ ‫ب ِإلهُ َ‬ ‫ك الّر ّ‬ ‫ض ب ِرًِبا‪ ،‬ل ِي َُبارِك َ َ‬ ‫ك ل َ تُ ْ‬ ‫خي َ‬ ‫َ‬
‫قرِ ْ‬ ‫نل ِ‬ ‫ض ب ِرًِبا‪َ ،‬ولك ِ ْ‬ ‫قرِ ُ‬ ‫ي تُ ْ‬ ‫جن َب ِ ّ‬ ‫‪20‬ل ِل ْ‬
‫مت َل ِك ََها‪.‬‬ ‫َ‬ ‫خ ٌ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مت َد ّ إ ِلي ْهِ ي َد ُ َ‬ ‫كُ ّ‬
‫ل إ ِلي َْها ل ِت َ ْ‬ ‫ت َدا ِ‬ ‫ض الِتي أن ْ َ‬ ‫ك ِفي الْر ِ‬ ‫ما ت َ ْ‬ ‫ل َ‬
‫تثنية ‪) 25‬إما أن تتزوج زوجة شقيقك الميت بالكراه أو تبصق فى وجهك(‪:‬‬
‫حد منهم ول َيس ل َه ابن‪ ،‬فَل َ تصر ا َ‬
‫ت‬
‫مي ْ ِ‬‫مَرأةُ ال ْ َ‬ ‫َ ِ ِ ْ‬ ‫ت َوا ِ ٌ ِ ْ ُ ْ َ ْ َ ُ ْ ٌ‬ ‫ما َ‬ ‫مًعا وَ َ‬ ‫خوَة ٌ َ‬ ‫ن إِ ْ‬ ‫سك َ َ‬ ‫‪»5‬إ َِذا َ‬
‫م‬ ‫خذ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫خ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫إ َِلى َ‬
‫قو ُ‬ ‫ة‪ ،‬وَي َ ُ‬ ‫ج ً‬ ‫سهِ َزوْ َ‬ ‫ف ِ‬ ‫ها ل ِن َ ْ‬ ‫ل عَلي َْها وَي َت ّ ِ‬ ‫جَها ي َد ْ ُ‬ ‫خو َزوْ ِ‬ ‫ي‪ .‬أ ُ‬ ‫جن َب ِ ّ‬ ‫جل أ ْ‬ ‫خارٍِج ل َِر ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫حى‬ ‫م َ‬ ‫ت‪ ،‬ل ِئ َل ّ ي ُ ْ‬ ‫مي ْ ِ‬‫خيهِ ال ْ َ‬ ‫سم ِ أ ِ‬ ‫م ِبا ْ‬ ‫قو ُ‬ ‫ذي ت َل ِد ُه ُ ي َ ُ‬ ‫خي الّزوِْج‪َ6 .‬وال ْب ِك ُْر ال ّ ِ‬ ‫بأ ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫ل ََها ب ِ َ‬
‫ل‪.‬‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫ن إِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫م ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ا ْ‬

‫)‪(11 /‬‬
‫ْ‬
‫ب إ َِلى‬ ‫ِ‬ ‫خيهِ إ َِلى ال َْبا‬ ‫مَرأ َة ُ أ َ ِ‬ ‫صعَد ُ ا ْ‬ ‫ْ‬ ‫ه‪ ،‬ت َ‬ ‫خي ِ‬ ‫مَرأ َة َ أ َ ِ‬ ‫خذ َ ا ْ‬ ‫ن ي َأ ُ‬ ‫لأ ْ‬
‫‪»7‬وإن ل َم يرض الرج ُ َ‬
‫َِ ْ ْ َْ َ ّ ُ‬
‫شأ ْ‬ ‫َ‬
‫م يَ َ‬ ‫َ‬
‫سَراِئيل‪ .‬ل ْ‬ ‫َ‬ ‫ما ِفي إ ِ ْ‬ ‫س ً‬ ‫خيهِ ا ْ‬ ‫مل ِ‬ ‫َ‬
‫قي َ‬ ‫ن يُ ِ‬ ‫جي أ ْ‬ ‫خو َزوْ ِ‬ ‫ل‪ :‬قَد ْ أ ََبى أ ُ‬
‫َ‬ ‫قو ُ‬ ‫شُيوِخ وَت َ ُ‬ ‫ال ّ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‪ .‬فإ ِ ْ‬ ‫معَ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫مو َ‬ ‫دين َت ِهِ وَي َت َكل ُ‬ ‫م ِ‬ ‫عوه ُ شُيوخ َ‬ ‫خي الّزوِْج‪8 .‬في َد ْ ُ‬ ‫بأ ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫وا ِ‬ ‫م ِلي ب ِ َ‬ ‫قو َ‬ ‫ن يَ ُ‬ ‫أ ْ‬
‫خيه إل َيه أ َما َ‬ ‫قد م ا َ َ‬ ‫ن أ َت ّ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫شُيوِخ‪،‬‬ ‫ن ال ّ‬ ‫م أعْي ُ ِ‬ ‫مَرأة ُ أ ِ ِ ِ ْ ِ َ َ‬ ‫ها‪9 .‬ت َت َ َ ّ ُ ْ‬ ‫خذ َ َ‬ ‫ضى أ ْ‬ ‫ل‪ :‬ل َ أْر َ‬ ‫صّر وََقا َ‬ ‫أ َ‬
‫ل‬‫ج ِ‬ ‫ل ِبالّر ُ‬ ‫فعَ ُ‬ ‫ذا ي ُ ْ‬ ‫ل‪ :‬هك َ َ‬ ‫قو ُ‬ ‫ح وَت َ ُ‬ ‫صر ُ‬ ‫ه‪ ،‬وَت ُ َ‬ ‫جهِ ِ‬ ‫صقُ ِفي وَ ْ‬ ‫ه‪ ،‬وَت َب ْ ُ‬ ‫جل ِ ِ‬ ‫ن رِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫خل َعُ ن َعْل َ ُ‬ ‫وَت َ ْ‬
‫َ‬
‫ل«‪.‬‬ ‫خُلوِع الن ّعْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ت َ‬ ‫ل »ب َي ْ َ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫ه ِفي إ ِ ْ‬ ‫م ُ‬ ‫س ُ‬ ‫عى ا ْ‬ ‫ه‪10 .‬فَي ُد ْ َ‬ ‫خي ِ‬ ‫تأ ِ‬ ‫ذي ل َ ي َب ِْني ب َي ْ َ‬ ‫ال ّ ِ‬
‫يشوع ‪) 6‬التدمير والستئصال واجب عسكرى فى شريعة الكتاب المقدس(‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫فل َ ً‬ ‫مغَل ّ َ‬ ‫َ‬ ‫‪1‬وَ َ‬
‫ل‪.‬‬ ‫خ ُ‬ ‫حد ٌ ي َد ْ ُ‬ ‫ج وَل َ أ َ‬ ‫خُر ُ‬ ‫حد ٌ ي َ ْ‬ ‫ل‪ .‬ل َ أ َ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫ب ب َِني إ ِ ْ‬ ‫سب َ ِ‬ ‫ة بِ َ‬ ‫ق ّ‬ ‫م َ‬ ‫ة ُ‬ ‫ق ً‬ ‫حا ُ‬ ‫ت أِري َ‬ ‫كان َ ْ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫س‪.‬‬ ‫جَباب َِرةَ الب َأ ِ‬ ‫مل ِك ََها‪َ ،‬‬ ‫حا وَ َ‬ ‫ك أِري َ‬ ‫ت ب ِي َدِ َ‬ ‫ع‪» :‬ان ْظْر‪ .‬قَد ْ د َفَعْ ُ‬ ‫شو َ‬ ‫ب ل ِي َ ُ‬ ‫ل الّر ّ‬ ‫قا َ‬ ‫‪2‬فَ َ‬
‫ذا‬ ‫َ‬
‫ة‪ .‬هك َ‬ ‫حد َ ً‬ ‫مّرة ً َوا ِ‬ ‫دين َةِ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ل ال َ‬ ‫ْ‬ ‫حو ْ َ‬ ‫ب‪َ .‬‬ ‫حْر ِ‬ ‫ل ال َ‬ ‫ْ‬ ‫جا ِ‬ ‫ميعُ رِ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ة‪َ ،‬‬ ‫دين َ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ْ‬
‫ن َدائ َِرةَ ال َ‬ ‫دوُرو َ‬ ‫‪3‬ت َ ُ‬
‫ت‪.‬‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫م الّتاُبو ِ‬ ‫ما َ‬ ‫ةأ َ‬ ‫سب ْعَ َ‬ ‫ف ال ّ‬ ‫واقَ الهَُتا ِ‬ ‫ن أب ْ َ‬ ‫ملو َ‬ ‫ح ِ‬ ‫ة كهَن َةٍ ي َ ْ‬ ‫سب ْعَ ُ‬ ‫م‪4 .‬وَ َ‬ ‫ة أّيا ٍ‬ ‫ست ّ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫فعَلو َ‬ ‫تَ ْ‬
‫ن‬‫ضرُِبو َ‬ ‫ة يَ ْ‬ ‫ت‪َ ،‬والكهَن َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫مّرا ٍ‬ ‫سب ْعَ َ‬ ‫دين َةِ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ْ‬
‫ن َدائ َِرةَ ال َ‬ ‫دوُرو َ‬ ‫سابِع ت َ ُ‬ ‫وَِفي الي َوْم ِ ال ّ‬ ‫ْ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ق‪5 .‬وَي َ ُ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫صوْ َ‬ ‫م َ‬ ‫عك ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫ست ِ َ‬ ‫عن ْد َ ا ْ‬ ‫ف‪ِ ،‬‬ ‫ن الهَُتا ِ‬ ‫ت قَْر ِ‬ ‫صو ْ ِ‬ ‫دادِ َ‬ ‫مت ِ َ‬ ‫عن ْد َ ا ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫كو ُ‬ ‫وا َِ‬ ‫ِبالب ْ َ‬
‫ه‪،‬‬ ‫كان ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫دين َةِ ِفي َ‬ ‫م ِ‬ ‫سوُر ال ْ َ‬ ‫ط ُ‬ ‫ق ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ما‪ ،‬فَي َ ْ‬ ‫ظي ً‬ ‫ف هَُتاًفا عَ ِ‬ ‫ب ي َهْت ِ ُ‬ ‫شعْ ِ‬ ‫ميعَ ال ّ‬ ‫ج ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ق‪ ،‬أ ّ‬ ‫ال ُْبو ِ‬
‫م‪:‬‬ ‫ل ل َهُ ُ‬ ‫ة وََقا َ‬ ‫ن ال ْك َهَن َ َ‬ ‫ن ُنو ٍ‬ ‫شوع ُ ب ْ ُ‬ ‫عا ي َ ُ‬ ‫ه«‪6 .‬فَد َ َ‬ ‫جهِ ِ‬ ‫مع َ و َ ْ‬ ‫جل َ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫ب كُ ّ‬ ‫شعْ ُ‬ ‫صعَد ُ ال ّ‬ ‫وَي َ ْ‬
‫ت‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫م َتاُبو ِ‬ ‫ما َ‬ ‫فأ َ‬ ‫ق هَُتا ٍ‬ ‫وا ِ‬ ‫ة أب ْ َ‬ ‫سب ْعَ َ‬ ‫ة كهَن َةٍ َ‬ ‫سب ْعَ ُ‬ ‫مل َ‬ ‫ح ِ‬ ‫د‪ .‬وَلي َ ْ‬ ‫ت العَهْ ِ‬ ‫ملوا َتاُبو َ‬ ‫ح ِ‬ ‫»ا ْ‬
‫جّرُد‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬
‫َ َِ َ َ ِ َ ِ َ َ ْ َ ِ ُ َ َ‬ ‫ز‬ ‫ت‬ ‫ج‬ ‫ي‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫ة‪،‬‬ ‫ن‬ ‫دي‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ة‬ ‫ر‬ ‫ئ‬ ‫دا‬ ‫روا‬ ‫َ ُ ُ‬ ‫دو‬ ‫و‬ ‫زوا‬ ‫ْ َ ُ‬‫تا‬ ‫ج‬ ‫»ا‬ ‫ب‪:‬‬ ‫ْ ِ‬ ‫ع‬ ‫ش‬ ‫ّ‬ ‫لل‬ ‫ِ‬ ‫لوا‬ ‫ُ‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫‪7‬‬ ‫ب«‪.‬‬ ‫الّر ّ‬
‫ة ال ْك َهَن َ ُ‬ ‫َ‬
‫ة‬ ‫سب ْعَ ُ‬ ‫جَتاَز ال ّ‬ ‫ب‪ .‬ا ْ‬ ‫شعْ ِ‬ ‫شوع ُ ِلل ّ‬ ‫ل يَ ُ‬ ‫ما َقا َ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫كا َ‬ ‫ب«‪8 .‬وَ َ‬ ‫ت الّر ّ‬ ‫م َتاُبو ِ‬ ‫ما َ‬ ‫أ َ‬
‫ب‬ ‫َ‬ ‫حامِلين أ َبواقَ ال ْهتاف السبع َ َ‬
‫ت عَهْدِ الّر ّ‬ ‫ق‪ .‬وََتاُبو ُ‬ ‫وا ِ‬ ‫ضَرُبوا ِبالب ْ َ‬ ‫ب‪ ،‬وَ َ‬ ‫م الّر ّ‬ ‫ما َ‬ ‫ةأ َ‬ ‫ّ َْ‬ ‫ُ َ ِ‬ ‫َ ِ َ ْ َ‬
‫ة‬ ‫ساقَ ُ‬ ‫وال‬ ‫ق‪.‬‬ ‫وا‬ ‫ضاربين بال َْ‬
‫ب‬ ‫ال‬ ‫ة‬ ‫ن‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫ما‬ ‫ل متجرد سائ ِر أ َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫و‬ ‫‪9‬‬ ‫م‪،‬‬
‫َ ِ َ ّ‬ ‫ّ ِِ َ ِ‬ ‫َ َ ِ‬ ‫ُ َ َ ّ ٍ َ ٌ َ َ‬ ‫َ‬ ‫سائ ٌِر وََراَء ْ‬
‫ُ‬ ‫ه‬ ‫َ‬
‫شوعُ‬ ‫مَر ي َ ُ‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫‪10‬‬ ‫ق‪.‬‬ ‫وا‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫ل‬ ‫با‬ ‫ن‬ ‫بو‬ ‫ر‬ ‫ض‬ ‫ي‬ ‫و‬ ‫ن‬ ‫رو‬ ‫سي‬ ‫ي‬ ‫نوا‬ ‫كا‬ ‫َ‬ ‫ت‪.‬‬ ‫بو‬ ‫تا‬ ‫ال‬ ‫َ‬ ‫ء‬ ‫را‬ ‫و‬ ‫ٌ‬ ‫ة‬ ‫ر‬ ‫ِ‬ ‫ئ‬ ‫سا‬
‫َ َ‬ ‫ُ َ ََ ْ ُِ َ ِ ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ َ ََ‬
‫ة‬
‫م ٌ‬ ‫م ك َل َِ‬ ‫واهِك ُْ‬ ‫ْ‬ ‫ف‬ ‫خر ِج من أ َ‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫م‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫ص‬ ‫عوا‬ ‫م‬ ‫س‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫فوا‬ ‫ُ‬ ‫ت‬ ‫ه‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫»‬ ‫ل‪:‬‬‫ً‬ ‫ئ‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫ال ّ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫شعْ َ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫دين َ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ل ال َ‬ ‫حو ْ َ‬ ‫ب َ‬ ‫ت الّر ّ‬ ‫داَر َتاُبو ُ‬ ‫ن«‪11 .‬فَ َ‬ ‫فو َ‬ ‫فوا‪ .‬فَت َهْت ِ ُ‬ ‫م‪ :‬اهْت ِ ُ‬ ‫ل لك ُ‬ ‫م أُقو ُ‬ ‫حّتى ي َوْ َ‬ ‫َ‬
‫ة‪.‬‬‫حل ِ‬ ‫ّ‬ ‫م َ‬ ‫ْ‬
‫ة وََباُتوا ِفي ال َ‬ ‫ّ‬
‫حل َ‬ ‫م َ‬ ‫خلوا ال َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫م دَ َ‬ ‫ة‪ .‬ث ُ ّ‬ ‫حد َ ً‬ ‫مّرةً َوا ِ‬ ‫َ‬

‫)‪(12 /‬‬

‫ة ال ْك َهَن َ ُ‬
‫ة‬ ‫سب ْعَ ُ‬
‫ب‪َ13 ،‬وال ّ‬ ‫ت الّر ّ‬ ‫ل ال ْك َهَن َ ُ‬
‫ة َتاُبو َ‬ ‫م َ‬ ‫ح َ‬ ‫شوع ُ ِفي ال ْغَ ِ‬
‫د‪ ،‬وَ َ‬ ‫‪12‬فَب َك َّر ي َ ُ‬
‫َ‬ ‫ال ْحامُلو َ‬
‫ن‬
‫ضارُِبو َ‬ ‫سي ًْرا وَ َ‬ ‫ن َ‬
‫سائ ُِرو َ‬
‫ب َ‬ ‫ت الّر ّ‬
‫م َتاُبو ِ‬ ‫ما َ‬ ‫ةأ َ‬ ‫سب ْعَ َ‬‫ف ال ّ‬ ‫واقَ ال ْهَُتا ِ‬
‫ن أب ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ِ‬

‫‪191‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬
‫بال َبواق‪ ،‬وال ْمتجردون سائ ِرو َ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ت الّر ّ‬ ‫سائ َِرةٌ وََراَء َتاُبو ِ‬ ‫ة َ‬ ‫ساقَ ُ‬ ‫م‪َ ،‬وال ْ ّ‬ ‫مهُ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫نأ َ‬ ‫ِ ْ َ ِ َ ُ َ َ ّ ُ َ َ ُ َ‬
‫مّرةً‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫دين َةِ ِفي الي َوْم ِ الثاِني َ‬ ‫م ِ‬ ‫ق‪14 .‬وََداُروا ِبال َ‬ ‫ِ‬ ‫وا‬ ‫ن ِبالب ْ َ‬ ‫ضرُِبو َ‬ ‫ن وَي َ ْ‬ ‫سيُرو َ‬ ‫كاُنوا ي َ ِ‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن ِفي الي َوْم ِ‬ ‫كا َ‬ ‫م‪15 .‬وَ َ‬ ‫ة أّيا ٍ‬ ‫ست ّ َ‬ ‫ذا فَعَُلوا ِ‬ ‫ة‪ .‬هك َ َ‬ ‫حل ّ ِ‬ ‫م َ‬ ‫جُعوا إ َِلى ال ْ َ‬ ‫م َر َ‬ ‫ة‪ ،‬ث ُ ّ‬ ‫حد َ ً‬ ‫َوا ِ‬
‫ل‬ ‫وا‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ذا‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫لى‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ة‬ ‫ن‬ ‫دي‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ة‬ ‫ر‬ ‫ئ‬ ‫دا‬ ‫روا‬ ‫دا‬ ‫و‬ ‫ر‬ ‫ج‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ع‬ ‫لو‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ط‬ ‫د‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫روا‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ِ ْ َ ِ‬ ‫َ َِ َ َ ِ َ ِ َ‬ ‫ْ ِ َ َ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ْ َ‬ ‫ال ّ ِ ّ ُ ْ َ ُ‬
‫ك‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ع‬ ‫ساب‬
‫ن ِفي‬ ‫كا َ‬ ‫ت‪16 .‬وَ َ‬ ‫مّرا ٍ‬ ‫سب ْعَ َ‬ ‫دين َةِ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ط َداُروا َدائ َِرةَ ال ْ َ‬ ‫ق ْ‬ ‫ك ال ْي َوْم ِ فَ َ‬ ‫ت‪ِ .‬في ذل ِ َ‬ ‫مّرا ٍ‬ ‫سب ْعَ َ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫فوا‪،‬‬ ‫ب‪» :‬اهْت ِ ُ‬ ‫ْ ِ‬ ‫ع‬ ‫ش‬ ‫ّ‬ ‫لل‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫شو‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ن‬
‫ََ ِ ْ َ ِ ّ َ‬ ‫أ‬ ‫ق‬ ‫وا‬ ‫ب‬ ‫ل‬ ‫با‬ ‫ة‬
‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ب‬ ‫ّ َِ ِ ْ َ َ َ َ َ‬‫ر‬ ‫ض‬ ‫ما‬ ‫د‬ ‫ن‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫ة‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫سا‬ ‫ال‬ ‫ال ْ َ ّ ِ‬
‫ة‬ ‫ر‬ ‫م‬
‫َ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ما ِللّر ّ‬ ‫حّر ً‬ ‫م َ‬ ‫ما ِفيَها ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ة وَك ُ ّ‬ ‫دين َ ُ‬ ‫م ِ‬ ‫ن ال َ‬‫ْ‬ ‫كو ُ‬ ‫ة‪17 .‬فَت َ ُ‬ ‫دين َ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ْ‬
‫م ال َ‬ ‫َ‬
‫ب قَد ْ أعْطاك ُ ُ‬ ‫ن الّر ّ‬ ‫لَ ّ‬
‫َ‬
‫ت‬ ‫خب ّأ ِ‬ ‫ت‪ ،‬ل َن َّها قَد ْ َ‬ ‫معََها ِفي ال ْب َي ْ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ي وَك ُ ّ‬ ‫حَيا هِ َ‬ ‫ط تَ ْ‬ ‫ق ْ‬ ‫ة فَ َ‬ ‫ب الّزان ِي َ ُ‬ ‫حا ُ‬ ‫َرا َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫موا‪،‬‬ ‫حّر ُ‬ ‫حَرام ِ ل ِئ َل ّ ت ُ َ‬ ‫ن ال َ‬ ‫م َ‬ ‫حت َرُِزوا ِ‬ ‫م َفا ْ‬ ‫ما أن ْت ُ ْ‬ ‫ما‪18 .‬وَأ ّ‬ ‫سلَناهُ َ‬ ‫ن أْر َ‬ ‫ن اللذ َي ْ ِ‬ ‫سلي ْ ِ‬ ‫مْر َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ْ‬
‫ة‬
‫ض ِ‬ ‫ف ّ‬ ‫ل ال ْ ِ‬ ‫ها‪19 .‬وَك ُ ّ‬ ‫ة وَت ُك َد ُّرو َ‬ ‫م ً‬ ‫حّر َ‬ ‫م َ‬ ‫ل ُ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫ة إِ ْ‬ ‫حل ّ َ‬ ‫م َ‬ ‫جعَُلوا َ‬ ‫حَرام ِ وَت َ ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ذوا ِ‬ ‫خ ُ‬ ‫وَت َأ ُ‬
‫ب«‪.‬‬ ‫خَزان َةِ الّر ّ‬ ‫ل ِفي ِ‬ ‫خ ُ‬ ‫ب وَت َد ْ ُ‬ ‫سا ِللّر ّ‬ ‫ن قُد ْ ً‬ ‫ديد ِ ت َكو ُ‬ ‫ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫س َوال َ‬ ‫ْ‬ ‫َوالذ ّهَ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫حا ِ‬ ‫ب َوآن ِي َةِ الن ّ َ‬
‫ن‬
‫قأ ّ‬ ‫ت الُبو ِ‬ ‫ْ‬ ‫صوْ َ‬ ‫ب َ‬ ‫شعْ ُ‬ ‫معَ ال ّ‬ ‫س ِ‬ ‫ن َ‬ ‫حي َ‬ ‫ن ِ‬ ‫ق‪ .‬وَكا َ‬ ‫َ‬ ‫وا ِ‬ ‫ضَرُبوا ِبالب ْ َ‬ ‫ب وَ َ‬ ‫شعْ ُ‬ ‫ف ال ّ‬ ‫‪20‬فَهَت َ َ‬
‫ب إ ِلى‬ ‫َ‬ ‫شعْ ُ‬ ‫صعِد َ ال ّ‬ ‫ه‪ ،‬وَ َ‬ ‫مكان ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫سوُر ِفي َ‬ ‫قط ال ّ‬ ‫َ‬ ‫س َ‬ ‫ما‪ ،‬فَ َ‬ ‫ظي ً‬ ‫ف هَُتاًفا عَ ِ‬ ‫ب هَت َ َ‬ ‫شعْ َ‬ ‫ال ّ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫دين َةِ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ما ِفي ال َ‬ ‫ل َ‬ ‫موا ك ّ‬ ‫ُ‬ ‫حّر ُ‬ ‫ة‪21 .‬وَ َ‬ ‫دين َ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ذوا ال َ‬ ‫خ ُ‬ ‫ه‪ ،‬وَأ َ‬ ‫جهِ ِ‬ ‫مع َ و َ ْ‬ ‫جل َ‬ ‫ل َر ُ‬ ‫ُ‬
‫دين َةِ ك ّ‬ ‫م ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫َ‬
‫ف‪.‬‬ ‫سي ْ ِ‬ ‫حد ّ ال ّ‬ ‫ميَر ب ِ َ‬ ‫ح ِ‬ ‫م َوال ْ َ‬ ‫قَر َوال ْغَن َ َ‬ ‫حّتى ال ْب َ َ‬ ‫شي ٍْخ‪َ ،‬‬ ‫فل وَ َ‬ ‫ن طِ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ة‪ِ ،‬‬ ‫مَرأ ٍ‬ ‫جل َوا ْ‬ ‫َر ُ‬
‫ة‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مْرأةِ الّزان ِي َ ِ‬ ‫ت ال َ‬ ‫خل ب َي ْ َ‬ ‫ض‪» :‬اد ْ ُ‬ ‫سا الْر َ‬ ‫س َ‬ ‫ج ّ‬ ‫ن تَ َ‬ ‫ن اللذي ْ ِ‬ ‫جلي ْ َ ِ‬ ‫‪22‬وَقال ي َشوع ُ ِللّر ُ‬
‫ن‬ ‫ُ َ ِ‬ ‫ما‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫غ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫خ‬
‫َ َ‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫‪23‬‬ ‫ها«‪.‬‬ ‫َ‬
‫َ َ ُ َ َ‬ ‫ل‬ ‫ما‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ح‬ ‫ما‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ها‬‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ما‬ ‫ل‬‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ك ال ْ َ ْ َ َ‬
‫و‬ ‫ة‬ ‫أ‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫ن هَُنا َ‬ ‫م ْ‬ ‫جا ِ‬ ‫خرِ َ‬ ‫وَأ َ ْ‬
‫ل‬ ‫جا ك ُ ّ‬ ‫خَر َ‬ ‫ما ل ََها‪ ،‬وَأ َ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫خوَت ََها وَك ُ ّ‬ ‫مَها وَإ ِ ْ‬ ‫ها وَأ ّ‬
‫خرجا راحاب وأ َبا َ ُ‬
‫ن وَأ ْ َ َ َ َ َ َ َ‬
‫َ‬
‫سا ِ‬ ‫سو َ‬ ‫جا ُ‬ ‫ال ْ َ‬
‫َ‬
‫ما‬ ‫ل َ‬ ‫مع َ ك ُ ّ‬ ‫ة ِبالّنارِ َ‬ ‫دين َ َ‬ ‫م ِ‬ ‫حَرُقوا ال ْ َ‬ ‫ل‪24 .‬وَأ ْ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫حل ّةِ إ ِ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ج َ‬ ‫خارِ َ‬ ‫م َ‬ ‫كاهُ ْ‬ ‫ها وَت ََر َ‬ ‫شائ ِرِ َ‬ ‫عَ َ‬
‫ب‪.‬‬ ‫ت الّر ّ‬ ‫خَزان َةِ ب َي ْ ِ‬ ‫ها ِفي ِ‬ ‫جعَُلو َ‬ ‫ديد ِ َ‬ ‫ح ِ‬ ‫س َوال ْ َ‬ ‫حا ِ‬ ‫ة الن ّ َ‬ ‫ب َوآن ِي َ ُ‬ ‫ة َوالذ ّهَ ُ‬ ‫ض ُ‬ ‫ف ّ‬ ‫ما ال ْ ِ‬ ‫ب َِها‪ ،‬إ ِن ّ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ط‬‫س ِ‬ ‫ت ِفي وَ َ‬ ‫سك َن َ ْ‬ ‫ما لَها‪ ،‬وَ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ت أِبيَها وَك ُ ّ‬ ‫ة وَب َي ْ َ‬ ‫ب الّزان ِي َ َ‬ ‫حا َ‬ ‫شوع ُ َرا َ‬ ‫حَيا ي َ ُ‬ ‫ست َ ْ‬ ‫‪َ25‬وا ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ي‬ ‫شوع ُ ل ِك َ ْ‬ ‫ما ي َ ُ‬ ‫سلهُ َ‬ ‫ن أْر َ‬ ‫ن اللذ َي ْ ِ‬ ‫سلي ْ ِ‬ ‫مْر َ‬ ‫ت ال ُ‬ ‫خب ّأ ِ‬ ‫م‪ ،‬لن َّها َ‬ ‫ذا الي َوْ ِ‬ ‫ل إ ِلى ه َ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫إِ ْ‬
‫حا‪.‬‬ ‫َ‬
‫سا أِري َ‬ ‫س َ‬ ‫ج ّ‬ ‫ي َت َ َ‬
‫يشوع ‪) 8‬التدمير والستئصال واجب عسكرى فى شريعة الكتاب المقدس(‪:‬‬

‫)‪(13 /‬‬

‫ك أ َد ْفَعَُها«‪.‬‬ ‫ي ل َّني ب ِي َدِ َ‬ ‫عا ٍ‬ ‫حو َ َ‬ ‫ك نَ ْ‬ ‫ذي ب ِي َدِ َ‬ ‫مْزَراقَ ال ّ ِ‬ ‫مد ّ ال ْ ِ‬ ‫ع‪ُ » :‬‬ ‫شو َ‬ ‫ب ل ِي َ ُ‬ ‫ل الّر ّ‬ ‫قا َ‬ ‫‪18‬فَ َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫سْرعَةٍ ِ‬ ‫ن بِ ُ‬ ‫مي ُ‬ ‫َ‬
‫م الك ِ‬ ‫ْ‬ ‫قا َ‬ ‫ة‪19 .‬ف َ‬ ‫َ‬ ‫دين َ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ْ‬
‫حوَ ال َ‬ ‫ذي ب ِي َدِهِ ن َ ْ‬ ‫ّ‬
‫مْزَراقَ ال ِ‬ ‫ْ‬
‫شوعُ ال ِ‬ ‫مد ّ ي َ ُ‬ ‫فَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫حَرُقوا‬ ‫عوا وَأ ْ‬ ‫سَر ُ‬ ‫ها‪ ،‬وَأ ْ‬ ‫ذو َ‬ ‫خ ُ‬ ‫ة وَأ َ‬ ‫دين َ َ‬ ‫م ِ‬ ‫خُلوا ال ْ َ‬ ‫ه‪ ،‬وَد َ َ‬ ‫مد ّ ي َد َ ُ‬ ‫ما َ‬ ‫عن ْد َ َ‬ ‫ضوا ِ‬ ‫كان ِهِ وََرك َ ُ‬ ‫م َ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫دين َ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ن ال َ‬‫ْ‬ ‫خا ُ‬ ‫م وَن َظُروا وَإ َِذا د ُ َ‬ ‫َ‬ ‫ي إ ِلى وََرائ ِهِ ْ‬ ‫َ‬ ‫عا ٍ‬ ‫جال َ‬ ‫ُ‬ ‫ت رِ َ‬ ‫ف َ‬ ‫ْ‬
‫ة ِبالّناِر‪20 .‬فالت َ َ‬ ‫َ‬ ‫دين َ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ال َ‬ ‫ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ب‬ ‫ْ ُ‬ ‫ع‬ ‫ش‬ ‫ّ‬ ‫وال‬ ‫َ‬ ‫ك‪.‬‬ ‫نا‬ ‫ه‬
‫ٌ ِ َ َ ِ َُ ْ َُ‬‫و‬ ‫أ‬ ‫نا‬ ‫ه‬
‫َ‬
‫ب‬ ‫ر‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫كا‬ ‫م‬ ‫م‬
‫ْ َ ْ ُ ْ َ‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫ك‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ل‬ ‫ف‬ ‫ء‪.‬‬ ‫ِ‬ ‫ما‬ ‫ّ َ‬ ‫س‬ ‫ال‬ ‫لى‬ ‫قَد ْ َ ِ َ ِ‬
‫إ‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫ص‬
‫ن‬‫لأ ّ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫ميعُ إ ِ ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫شوع ُ وَ َ‬ ‫ما َرأى ي َ ُ‬ ‫طارِِد‪21 .‬وَل َ ّ‬ ‫ب عََلى ال ّ‬ ‫قل َ َ‬ ‫ب إ َِلى ال ْب َّري ّةِ ان ْ َ‬ ‫ال َْهارِ ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬‫جا َ‬ ‫ضَرُبوا رِ َ‬ ‫وا وَ َ‬ ‫د‪ ،‬ان ْث َن َ ْ‬ ‫صعِ َ‬ ‫دين َةِ قَد ْ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫خا َ‬ ‫ن دُ َ‬ ‫ة‪ ،‬وَأ ّ‬ ‫دين َ َ‬ ‫م ِ‬ ‫خذ َ ال ْ َ‬ ‫ن قَد ْ أ َ‬ ‫مي َ‬ ‫ال ْك َ ِ‬
‫ل‪ ،‬هؤُل َِء‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫ط إِ ْ‬ ‫س ِ‬ ‫كاُنوا ِفي وَ َ‬ ‫م‪ ،‬فَ َ‬ ‫قائ ِهِ ْ‬ ‫دين َةِ ل ِل ِ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫جوا ِ‬ ‫خَر ُ‬ ‫ي‪َ22 .‬وهؤُل َِء َ‬ ‫عا ٍ‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ت‪.‬‬ ‫فل ِ ٌ‬ ‫من ْ َ‬ ‫شارِد ٌ وَل َ ُ‬ ‫م َ‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫م ي َب ْقَ ِ‬ ‫حّتى ل ْ‬ ‫م َ‬ ‫ضَرُبوهُ ْ‬ ‫ك‪ .‬وَ َ‬ ‫ن هَُنا َ‬ ‫م ْ‬ ‫ك ِ‬ ‫ن هَُنا وَأولئ ِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫ع‪24 .‬وَ َ‬ ‫َ‬ ‫س ُ‬ ‫َ‬ ‫مل ِ ُ‬ ‫َ‬
‫ما ان ْت ََهى‬ ‫نل ّ‬ ‫كا َ‬ ‫شو َ‬ ‫موا ب ِهِ إ ِلى ي َ ُ‬ ‫قد ّ ُ‬ ‫حّيا وَت َ َ‬ ‫كوه ُ َ‬ ‫م َ‬ ‫ي فَأ ْ‬ ‫عا ٍ‬ ‫ك َ‬ ‫ما َ‬ ‫‪23‬وَأ ّ‬
‫م‬
‫قوهُ ْ‬ ‫ح ُ‬ ‫ثل ِ‬ ‫َ‬ ‫حي ْ ُ‬ ‫ل ِفي الب َّري ّةِ َ‬ ‫ْ‬ ‫ق ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ْ‬
‫ي ِفي ال َ‬ ‫عا ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫سكا ِ‬ ‫ّ‬ ‫ميِع ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫ل َ‬ ‫ن قَت ْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫سَراِئي ُ‬ ‫إِ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ي‬ ‫عا ٍ‬ ‫جعَ إ ِلى َ‬ ‫ل َر َ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫ميعَ إ ِ ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫ن َ‬ ‫حّتى فَُنوا‪ ،‬أ ّ‬ ‫ف َ‬ ‫سي ْ ِ‬ ‫حد ّ ال ّ‬ ‫ميًعا ب ِ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫قطوا َ‬ ‫س َ‬ ‫وَ َ‬
‫جال‬ ‫ن رِ َ‬ ‫م ْ‬ ‫قطوا ِفي ذل ِك الي َوْم ِ ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫س َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ّ‬
‫ميعُ ال ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ف‪25 .‬فَكا َ‬ ‫َ‬ ‫سي ْ ِ‬ ‫حد ّ ال ّ‬ ‫ها ب ِ َ‬ ‫ضَرُبو َ‬ ‫وَ َ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ها‬ ‫مد ّ َ‬ ‫م ي َُرد ّ ي َد َهُ الِتي َ‬ ‫شوع ُ ل ْ‬ ‫ي‪26 .‬وَي َ ُ‬ ‫عا ٍ‬ ‫ل َ‬ ‫ميعُ أهْ ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫فا‪َ ،‬‬ ‫شَر أل ً‬ ‫ي عَ َ‬ ‫ساٍء اث ْن َ ْ‬ ‫وَن ِ َ‬
‫ة‬
‫دين َ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ْ‬
‫ة ت ِلك ال َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫م ُ‬ ‫م وَغِني َ‬ ‫َ‬ ‫ن الب ََهائ ِ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ِبال ْ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ي‪27 .‬لك ِ ِ‬ ‫عا ٍ‬ ‫ن َ‬ ‫سكا ِ‬ ‫ميعَ ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫م َ‬ ‫حّر َ‬ ‫حّتى َ‬
‫َ‬
‫ق َ‬ ‫مْزَرا ِ‬
‫ق‬
‫حَر َ‬ ‫ع‪28 .‬وَأ ْ‬ ‫شو َ‬ ‫مَر ب ِهِ ي َ ُ‬ ‫ذي أ َ‬ ‫ب ال ّ ِ‬ ‫ل الّر ّ‬ ‫ب قَوْ ِ‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫م َ‬ ‫سهِ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫ل لن ْ ُ‬ ‫سَراِئي ُ‬ ‫ن َهَب ََها إ ِ ْ‬
‫ه عَلى‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫خَراًبا إ ِلى ه َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫يَ ُ‬
‫ق ُ‬ ‫ي عَل َ‬ ‫عا ٍ‬ ‫مل ِك َ‬ ‫م‪29 .‬وَ َ‬ ‫ذا الي َوْ ِ‬ ‫جعَلَها ت َل أب َدِّيا َ‬ ‫عايَ وَ َ‬ ‫شوع ُ َ‬

‫‪192‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫ه عَ ِ‬ ‫جث ّت َ ُ‬ ‫شوع ُ فَأن َْزُلوا ُ‬ ‫مَر ي َ ُ‬ ‫سأ َ‬ ‫مَ ِ‬ ‫ش ْ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫عن ْد َ غُُرو ِ‬ ‫ساِء‪ .‬وَ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ت ال ْ َ‬ ‫شب َةِ إ َِلى وَقْ ِ‬ ‫خ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ة‬
‫جاَر ٍ‬ ‫ح َ‬ ‫ة ِ‬ ‫م َ‬ ‫ج َ‬ ‫موا عَل َي َْها ُر ْ‬ ‫ة‪ ،‬وَأَقا ُ‬ ‫دين َ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ب ال ْ َ‬ ‫ل َبا ِ‬ ‫خ ِ‬ ‫مد ْ َ‬ ‫عن ْد َ َ‬ ‫ها ِ‬ ‫حو َ‬ ‫شب َةِ وَط ََر ُ‬ ‫خ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫م‪.‬‬ ‫ة إ َِلى ه َ ْ‬
‫ذا الي َوْ ِ‬ ‫م ً‬ ‫ظي َ‬ ‫عَ ِ‬
‫يشوع ‪) 10‬التدمير والستئصال واجب عسكرى فى شريعة الكتاب‬
‫المقدس(‪:‬‬
‫مل ِك ََها هُ َ‬
‫و‬ ‫م َ‬ ‫حّر َ‬ ‫ف‪ ،‬وَ َ‬ ‫سي ْ ِ‬ ‫حد ّ ال ّ‬ ‫ضَرب ََها ب ِ َ‬ ‫ك ال ْي َوْم ِ وَ َ‬ ‫قيد َة َ ِفي ذل ِ َ‬ ‫م ّ‬ ‫شوع ُ َ‬ ‫خذ َ ي َ ُ‬ ‫‪28‬وَأ َ َ‬
‫ل بمل ِ َ‬
‫حا‪.‬‬ ‫ك أِري َ‬ ‫ما فَعَ َ ِ َ ِ‬ ‫قيد َة َ ك َ َ‬ ‫م ّ‬ ‫ك َ‬ ‫مل ِ ِ‬ ‫ل بِ َ‬ ‫شارًِدا‪ ،‬وَفَعَ َ‬ ‫ق َ‬ ‫م ي ُب ْ ِ‬ ‫س ب َِها‪ .‬ل َ ْ‬ ‫ف ٍ‬ ‫ل نَ ْ‬ ‫وَك ُ ّ‬
‫ة‪.‬‬ ‫ب ل ِب ْن َ َ‬ ‫حاَر َ‬ ‫ة‪ ،‬وَ َ‬ ‫ه إ ِلى ل ِب ْن َ َ‬ ‫َ‬ ‫معَ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫ل إِ ْ‬ ‫قيد َة َ وَك ُ ّ‬ ‫م ّ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫شوع ُ ِ‬ ‫جَتاَز ي َ ُ‬ ‫ما ْ‬ ‫‪29‬ث ُ ّ‬
‫ف وَك ُ ّ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫سي ْ ِ‬ ‫حد ّ ال ّ‬ ‫ضَرب ََها ب ِ َ‬ ‫مل ِك َِها‪ ،‬فَ َ‬ ‫مع َ َ‬ ‫ل َ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫ضا ب ِي َد ِ إ ِ ْ‬ ‫ي أي ْ ً‬ ‫ب هِ َ‬ ‫‪30‬فَد َفَعََها الّر ّ‬
‫َ‬
‫جَتاَز‬ ‫ما ْ‬ ‫حا‪31 .‬ث ُ ّ‬ ‫ك أِري َ‬ ‫مل ِ ِ‬ ‫ل بِ َ‬ ‫ما فَعَ َ‬ ‫َ‬
‫مل ِك َِها ك َ‬ ‫ل بِ َ‬ ‫شارًِدا‪ ،‬وَفَعَ َ‬ ‫ق ب َِها َ‬ ‫م ي ُب ْ ِ‬ ‫س ب َِها‪ .‬ل َ ْ‬ ‫ف ٍ‬ ‫نَ ْ‬
‫حاَرب ََها‪32 .‬فَد َفَ َ‬
‫ع‬ ‫ل عَلي َْها وَ َ‬ ‫َ‬ ‫ش وَن ََز َ‬ ‫خي َ‬ ‫َ‬
‫ة إ ِلى ل ِ‬ ‫َ‬ ‫ن ل ِب ْن َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫معَ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫ل إِ ْ‬ ‫ُ‬
‫شوع ُ وَك ّ‬ ‫يَ ُ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ف وَك ّ‬ ‫سي ْ ِ‬ ‫حد ّ ال ّ‬ ‫ضَرب ََها ب ِ َ‬ ‫ها ِفي الي َوْم ِ الّثاِني وَ َ‬ ‫خذ َ َ‬ ‫ل‪ ،‬فَأ َ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫ش ب ِي َد ِ إ ِ ْ‬ ‫خي َ‬ ‫بل ِ‬ ‫الّر ّ‬
‫ة‬
‫عان َ ِ‬ ‫جاَزَر ل ِ َ‬ ‫مل ِك َ‬ ‫ُ‬ ‫م َ‬ ‫هوَرا ُ‬ ‫صعِد َ ُ‬ ‫حين َئ ِذ ٍ َ‬ ‫ة‪ِ 33 .‬‬ ‫ل ب ِل ِب ْن َ َ‬ ‫ما فَعَ َ‬ ‫ل َ‬ ‫بك ّ‬ ‫ُ‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫س ب َِها َ‬ ‫ف ٍ‬ ‫نَ ْ‬
‫شارًِدا‪.‬‬ ‫ه َ‬ ‫قل ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫مع َ َ‬ ‫ه يَ ُ‬ ‫لَ ِ‬
‫م ي ُب ْ ِ‬ ‫حّتى ل ْ‬ ‫شعْب ِهِ َ‬ ‫شوع ُ َ‬ ‫ضَرب َ ُ‬ ‫ش‪ ،‬وَ َ‬ ‫خي َ‬
‫ن فَن ََزُلوا عَل َي َْها‬ ‫جُلو َ‬ ‫ش إ َِلى عَ ْ‬ ‫خي َ‬ ‫ن لَ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫معَ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫ل إِ ْ‬ ‫شوع ُ وَك ُ ّ‬ ‫جَتاَز ي َ ُ‬ ‫ما ْ‬ ‫‪34‬ث ُ ّ‬
‫َ‬
‫س‬ ‫ف ٍ‬ ‫ل نَ ْ‬ ‫م كُ ّ‬ ‫حّر َ‬ ‫ف‪ ،‬وَ َ‬ ‫سي ْ ِ‬ ‫حد ّ ال ّ‬ ‫ها ب ِ َ‬ ‫ضَرُبو َ‬ ‫ك ال ْي َوْم ِ وَ َ‬ ‫ها ِفي ذل ِ َ‬ ‫ذو َ‬ ‫خ ُ‬ ‫ها‪35 ،‬وَأ َ‬ ‫حاَرُبو َ‬ ‫وَ َ‬
‫ع‬ ‫مي‬
‫ُ َ َ ِ ُ‬ ‫ج‬ ‫و‬ ‫ع‬ ‫شو‬ ‫ُ‬ ‫ي‬
‫ّ َ ِ َ َ‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫ص‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ث‬ ‫‪36‬‬ ‫ش‪.‬‬ ‫َ‬ ‫خي‬ ‫َ ِ ِ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ع‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ما‬‫َ‬ ‫ّ‬
‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ب‬ ‫َ ْ ِ َ َ َ‬‫س‬ ‫ح‬ ‫م‬ ‫و‬ ‫ي‬ ‫ْ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ك‬‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ذ‬ ‫في‬ ‫ب َِها ِ‬
‫َ‬
‫حد ّ‬ ‫ها ب ِ َ‬ ‫ضَرُبو َ‬ ‫ها وَ َ‬ ‫ذو َ‬ ‫خ ُ‬ ‫ها‪37 ،‬وَأ َ‬ ‫حاَرُبو َ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫حب ُْرو َ‬ ‫ن إ َِلى َ‬ ‫جُلو َ‬ ‫ن عَ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ه ِ‬ ‫معَ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫إِ ْ‬
‫ما فَعَ َ‬
‫ل‬ ‫ل َ‬ ‫ب كُ ّ‬ ‫س َ‬ ‫ح َ‬ ‫شارًِدا َ‬ ‫ق َ‬ ‫م ي ُب ْ ِ‬ ‫س ب َِها‪ .‬ل َ ْ‬ ‫ف ٍ‬ ‫ل نَ ْ‬ ‫مد ُن َِها وَك ُ ّ‬ ‫ل ُ‬ ‫مل ِك َِها وَك ُ ّ‬ ‫مع َ َ‬ ‫ف َ‬ ‫سي ْ ِ‬ ‫ال ّ‬
‫س ب َِها‪.‬‬ ‫ف ٍ‬ ‫ل نَ ْ‬ ‫مَها وَك ُ ّ‬ ‫حّر َ‬ ‫ن‪ ،‬فَ َ‬ ‫جُلو َ‬ ‫ب ِعَ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫شوع ُ وَك ُ ّ‬
‫مل ِك َِها‬ ‫مع َ َ‬ ‫ها َ‬ ‫خذ َ َ‬ ‫حاَرب ََها‪39 ،‬وَأ َ‬ ‫ه إ ِلى د َِبيَر وَ َ‬ ‫معَ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫ل إِ ْ‬ ‫جع َ ي َ ُ‬ ‫م َر َ‬ ‫‪38‬ث ُ ّ‬
‫ما‬ ‫شارًِدا‪ ،‬ك َ َ‬ ‫ق َ‬ ‫َ‬ ‫موا ك ُ ّ‬ ‫وَك ُ ّ‬
‫م ي ُب ْ ِ‬ ‫س ب َِها‪ .‬ل ْ‬ ‫ف ٍ‬ ‫ل نَ ْ‬ ‫حّر ُ‬ ‫ف وَ َ‬ ‫سي ْ ِ‬ ‫حد ّ ال ّ‬ ‫ها ب ِ َ‬ ‫ضَرُبو َ‬ ‫مد ُن َِها‪ ،‬وَ َ‬ ‫ل ُ‬
‫مل ِك َِها‪.‬‬ ‫ة وَ َ‬ ‫ل ب ِل ِب ْن َ َ‬ ‫ما فَعَ َ‬ ‫َ‬
‫مل ِك َِها‪ ،‬وَك َ‬ ‫ل ب ِد َِبيَر وَ َ‬ ‫ك فَعَ َ‬ ‫ن كذل ِ َ‬ ‫َ‬ ‫حب ُْرو َ‬ ‫ل بِ َ‬ ‫فَعَ َ‬

‫)‪(14 /‬‬

‫مُلوك َِها‪.‬‬ ‫ل ُ‬ ‫فوِح وَك ُ ّ‬ ‫س ُ‬ ‫ل َوال ّ‬ ‫سهْ ِ‬ ‫ب َوال ّ‬ ‫جُنو ِ‬ ‫ل َوال ْ َ‬ ‫جب َ ِ‬ ‫ض ال ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ل أ َْر‬ ‫شوع ُ ك ُ ّ‬ ‫ب يَ ُ‬ ‫ضَر َ‬ ‫‪40‬فَ َ‬
‫َ‬
‫م‬ ‫ضَرب َهُ ْ‬ ‫ل‪41 .‬فَ َ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫ه إِ ْ‬ ‫ب ِإل ُ‬ ‫مَر الّر ّ‬ ‫ما أ َ‬ ‫َ‬
‫مةٍ ك َ‬ ‫س َ‬ ‫ل نَ َ‬ ‫مك ّ‬ ‫ُ‬ ‫حّر َ‬ ‫ل َ‬ ‫شارًِدا‪ ،‬ب َ ْ‬ ‫ق َ‬ ‫م ي ُب ْ ِ‬ ‫لَ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫خذ َ‬ ‫ن‪42 .‬وَأ َ‬ ‫جب ُْعو َ‬ ‫ن إ َِلى ِ‬ ‫ش َ‬ ‫جو ِ‬ ‫ض ُ‬ ‫ميعَ أْر ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫ش ب َْرِنيعَ إ َِلى غَّزة َ وَ َ‬ ‫ن َقاد َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫شوع ُ ِ‬ ‫يَ ُ‬
‫سَراِئيلَ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫يَ ُ‬
‫ه إِ ْ‬ ‫ب ِإل َ‬ ‫ن الّر ّ‬ ‫ة‪ ،‬ل ّ‬ ‫حد َ ً‬ ‫ة َوا ِ‬ ‫م د ُفعَ ً‬ ‫ضهِ ْ‬ ‫ك وَأْر ِ‬ ‫ملو ِ‬ ‫ميعَ أولئ ِك ال ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫شوع ُ َ‬
‫َ‬
‫حلةِ إ ِلى‬ ‫ّ‬ ‫م َ‬ ‫ْ‬
‫ه إ ِلى ال َ‬ ‫َ‬ ‫معَ ُ‬ ‫َ‬
‫سَراِئيل َ‬ ‫ميعُ إ ِ ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫شوع ُ وَ َ‬ ‫جع َ ي َ ُ‬ ‫م َر َ‬ ‫ُ‬
‫سَراِئيل‪43 .‬ث ّ‬ ‫َ‬ ‫ن إِ ْ‬ ‫ب عَ ْ‬ ‫حاَر َ‬ ‫َ‬
‫ل‪.‬‬ ‫ا ِ َ ِ‬ ‫جا‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ْ‬ ‫ل‬
‫يشوع ‪) 11‬التدمير والستئصال واجب عسكرى فى شريعة الكتاب‬
‫المقدس(‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫ف‪ ،‬ل ّ‬ ‫سي ْ ِ‬ ‫مل ِك ََها ِبال ّ‬ ‫ب َ‬ ‫ضَر َ‬ ‫صوَر وَ َ‬ ‫حا ُ‬ ‫خذ َ َ‬ ‫ت وَأ َ‬ ‫ك ال ْوَقْ ِ‬ ‫شوع ُ ِفي ذل ِ َ‬ ‫جع َ ي َ ُ‬ ‫م َر َ‬ ‫‪10‬ث ُ ّ‬
‫ضَرُبوا ك ُ ّ‬ ‫ْ‬ ‫ميِع ت ِل َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫صوَر َ‬
‫حد ّ‬ ‫س ب َِها ب ِ َ‬ ‫ف َ ٍ‬ ‫ل نَ ْ‬ ‫ك‪11 .‬وَ َ‬ ‫مال ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ك ال َ‬ ‫ج ِ‬ ‫س َ‬ ‫ت قَب ْل ً َرأ َ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫حا ُ‬ ‫َ‬
‫شوع ُ ك ُ ّ‬
‫ل‬ ‫خذ َ ي َ ُ‬ ‫صوَر ِبالّناِر‪12 .‬فَأ َ‬ ‫حا‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ر‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫ة‪،‬‬ ‫ٌ‬ ‫م‬ ‫س‬ ‫ن‬ ‫ق‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫م‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫مو‬ ‫ر‬ ‫ح‬ ‫ف‪.‬‬ ‫ي‬ ‫س‬ ‫ال‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ ْ‬ ‫ّ ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫مَر‬ ‫ك ال ْمُلوك وجميع مُلوكها وضربهم بحد السيف‪ .‬حرمهم ك َما أ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ئ‬ ‫أول‬ ‫مدن ُ‬
‫ّ َ ُ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ ُ ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ ُ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ل‪،‬‬ ‫سَراِئي ُ‬ ‫حرِقَْها إ ِ ْ‬ ‫م يُ ْ‬ ‫ة عَلى ت ِلل َِها ل ْ‬ ‫م َ‬ ‫قائ ِ َ‬ ‫ن ال َ‬ ‫مد ُ َ‬ ‫ن ال ُ‬ ‫ب‪13 .‬غَي َْر أ ّ‬ ‫سى عَب ْد ُ الّر ّ‬ ‫مو َ‬ ‫ُ‬
‫م ن َهَب ََها‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن َوالب ََهائ ِ َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫د‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ِ‬ ‫ة‬ ‫م‬
‫َ‬ ‫ني‬
‫ِ‬ ‫غ‬ ‫ل‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫‪14‬‬ ‫ع‪.‬‬ ‫ُ‬ ‫شو‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ها‬ ‫َ َ‬ ‫ق‬ ‫ر‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫أ‬ ‫ها‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫ح‬
‫ْ‬ ‫و‬
‫ُ َ َ‬ ‫ر‬ ‫صو‬ ‫حا‬ ‫َ‬ ‫دا‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ما‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫حّتى‬ ‫ف َ‬ ‫سي ْ ِ‬ ‫حد ّ ال ّ‬ ‫ميًعا ب ِ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫م َ‬ ‫ضَرُبوهُ ْ‬ ‫ل فَ َ‬ ‫جا ُ‬ ‫ما الّر َ‬ ‫م‪ .‬وَأ ّ‬ ‫سهِ ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫ل لن ْ ُ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫ب َُنو إ ِ ْ‬
‫سى‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫سى عَب ْد َه ُ هك َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مو َ‬ ‫مَر ُ‬ ‫ذا أ َ‬ ‫مو َ‬ ‫ب ُ‬ ‫مَر الّر ّ‬ ‫ما أ َ‬ ‫ة‪15 .‬ك َ‬ ‫م ً‬ ‫س َ‬ ‫قوا ن َ َ‬ ‫م ي ُب ْ ُ‬ ‫م‪ .‬ل ْ‬ ‫أَباُدوهُ ْ‬
‫َ‬
‫سى‪.‬‬ ‫مو َ‬ ‫ب ُ‬ ‫مَر ب ِهِ الّر ّ‬ ‫ما أ َ‬ ‫ل َ‬ ‫ن كُ ّ‬ ‫م ْ‬ ‫شي ًْئا ِ‬ ‫ل َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ي ُهْ ِ‬ ‫ع‪ .‬ل َ ْ‬ ‫شو ُ‬ ‫ل يَ ُ‬ ‫ذا فَعَ َ‬ ‫ع‪َ ،‬وهك َ َ‬ ‫شو َ‬ ‫يَ ُ‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫خذ َ ي َ ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ش َ‬ ‫جو ِ‬ ‫ض ُ‬ ‫ب‪ ،‬وَكل أْر ِ‬ ‫جُنو ِ‬ ‫جب َل‪ ،‬وَكل ال َ‬ ‫ض‪ :‬ال َ‬ ‫شوع ُ كل ت ِلك الْر ِ‬ ‫‪16‬فأ َ‬

‫‪193‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫عد ِ إ َِلى‬ ‫َ‬ ‫ن ال ْ َ‬


‫صا ِ‬ ‫ل القَْرِع ال ّ‬ ‫جب َ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ه‪ِ 17 ،‬‬ ‫سهْل َ ُ‬ ‫ل وَ َ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫ل إِ ْ‬ ‫جب َ َ‬ ‫ة وَ َ‬ ‫ل َوال ْعََرب َ َ‬ ‫سهْ َ‬ ‫َوال ّ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ملوك َِها‬ ‫ميعَ ُ‬ ‫ج ِ‬ ‫خذ َ َ‬ ‫ن‪ .‬وَأ َ‬ ‫مو َ‬ ‫حْر ُ‬ ‫ل َ‬ ‫جب َ ِ‬ ‫ت َ‬ ‫ح َ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫قعَةِ لب َْنا َ‬ ‫جاد َ ِفي ب ُ ْ‬ ‫ل َ‬ ‫سِعيَر إ ِلى ب َعْ ِ‬ ‫َ‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ة‪19 .‬ل ْ‬ ‫ما كِثيَر ً‬ ‫ك أّيا ً‬ ‫ملو ِ‬ ‫معَ أولئ ِك ال ُ‬ ‫حْرًبا َ‬ ‫مل ي َشوع ُ َ‬ ‫م‪18 .‬فعَ ِ‬ ‫م وَقت َلهُ ْ‬ ‫ضَرب َهُ ْ‬ ‫وَ َ‬
‫ع‬ ‫مي‬ ‫ج‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ذوا‬ ‫ُ‬ ‫ل أ ََ‬
‫خ‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ن‪،‬‬ ‫عو‬ ‫ب‬ ‫ج‬ ‫ن‬ ‫ّ‬
‫كا‬ ‫س‬ ‫ن‬ ‫يي‬ ‫و‬ ‫ح‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ئي‬ ‫ت َك ُ ْ َ ِ َ ٌ َ َ ْ َ ِ ِ ْ َ ِ‬
‫را‬ ‫س‬ ‫إ‬ ‫ني‬ ‫ب‬ ‫ت‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫صا‬ ‫ة‬ ‫ن‬ ‫دي‬ ‫م‬ ‫ن‬
‫َ ِ َ‬ ‫َ ِ ُْ َ َ‬ ‫ِ ّّ َ ُ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫سَراِئي َ‬
‫ل‬ ‫حّتى ي ُل َُقوا إ ِ ْ‬ ‫م َ‬ ‫شد ّد َ قُُلوب َهُ ْ‬ ‫ن يُ َ‬ ‫بأ ْ‬ ‫ل الّر ّ‬ ‫ن قِب َ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫كا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ب‪20 .‬لن ّ ُ‬ ‫حْر ِ‬ ‫ِبال ْ َ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫سى‪.‬‬ ‫مو َ‬ ‫ب ُ‬ ‫مَر الّر ّ‬ ‫ما أ َ‬ ‫ن كَ َ‬ ‫ل ي َُباُدو َ‬ ‫ة‪ ،‬ب َ ْ‬ ‫م َرأفَ ٌ‬ ‫ن عَل َي ْهِ ْ‬ ‫كو ُ‬ ‫موا‪ ،‬فَل َ ت َ ُ‬ ‫حّر ُ‬ ‫حاَرب َةِ فَي ُ َ‬ ‫م َ‬ ‫ل ِل ْ ُ‬
‫قضاة ‪) 1‬التدمير والستئصال واجب عسكرى فى شريعة الكتاب المقدس(‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫صعَد ُ‬ ‫مّنا ي َ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ن‪َ » :‬‬ ‫ب َقائ ِِلي َ‬ ‫سأُلوا الّر ّ‬ ‫ل َ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫ن ب َِني إ ِ ْ‬ ‫شوع َ أ ّ‬ ‫ت يَ ُ‬ ‫مو ْ ِ‬ ‫ن ب َعْد َ َ‬ ‫كا َ‬ ‫‪1‬وَ َ‬
‫َ‬
‫ت‬ ‫د‪ .‬هُوََذا قَد ْ د َفَعْ ُ‬ ‫صعَ ُ‬ ‫ب‪» :‬ي َُهوَذا ي َ ْ‬ ‫ل الّر ّ‬ ‫قا َ‬ ‫م؟« ‪2‬فَ َ‬ ‫حاَرب َت ِهِ ْ‬ ‫م َ‬ ‫ن أوّل ً ل ِ ُ‬ ‫إ َِلى الك َن َْعان ِّيي َ‬ ‫ْ‬
‫مِعي ِفي قُْرعَِتي ل ِك َ ْ‬
‫ي‬ ‫صعَد ْ َ‬ ‫ه‪» :‬ا ِ ْ‬ ‫خي ِ‬ ‫ن أَ ِ‬ ‫مُعو َ‬ ‫ش ْ‬ ‫ل ي َُهوَذا ل ِ ِ‬ ‫قا َ‬ ‫ه«‪3 .‬فَ َ‬ ‫ض ل ِي َدِ ِ‬ ‫الْر َ‬
‫َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ه‪.‬‬‫معَ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫مُعو ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫ب ِ‬ ‫ك«‪ .‬فَذ َهَ َ‬ ‫ك ِفي قُْرعَت ِ َ‬ ‫معَ َ‬ ‫ضا َ‬ ‫صعَد َ أَنا أي ْ ً‬ ‫ن‪ ،‬فَأ ْ‬ ‫ب ال ْك َن َْعان ِّيي َ‬ ‫حارِ َ‬ ‫نُ َ‬
‫م ِفي‬ ‫من ْهُ ْ‬ ‫ضَرُبوا ِ‬ ‫م‪ ،‬فَ َ‬ ‫ن ب ِي َدِهِ ْ‬ ‫فرِّزّيي َ‬ ‫ْ‬
‫ن َوال ِ‬ ‫ب الكن َْعان ِّيي َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫صعِد َ ي َُهوَذا‪ ،‬وَد َفَعَ الّر ّ‬ ‫‪4‬فَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ضَرُبوا‬ ‫حاَرُبوه ُ وَ َ‬ ‫ق‪ ،‬فَ َ‬ ‫ي َباَزقَ ِفي َباَز َ‬ ‫دوا أُدون ِ َ‬ ‫ج ُ‬ ‫جل‪5 .‬وَوَ َ‬ ‫ف َر ُ‬ ‫شَرةَ آل ِ‬ ‫َباَزقَ عَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫م‬‫سكوه ُ وَقطُعوا أَباهِ َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫م َ‬ ‫ق‪ ،‬فت َب ُِعوه ُ وَأ ْ‬ ‫َ‬ ‫ب أُدوِني َباَز َ‬ ‫ن‪6 .‬فهََر َ‬ ‫َ‬ ‫فرِّزّيي َ‬ ‫ن َوال ِ‬ ‫ال ْك َن َْعان ِّيي َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ق ُ‬ ‫َ‬
‫م‬
‫ديهِ ْ‬ ‫م أي ْ ِ‬ ‫ة أَباهِ ُ‬ ‫طوعَ ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫كا َ‬ ‫مل ِ ً‬ ‫ن َ‬ ‫سب ُْعو َ‬ ‫ق‪َ » :‬‬ ‫ل أُدوِني َباَز َ‬ ‫قا َ‬ ‫ه‪7 .‬فَ َ‬ ‫جل َي ْ ِ‬ ‫ي َد َي ْهِ وَرِ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫وا ب ِهِ‬ ‫ه«‪ .‬وَأت َ ْ‬ ‫ي الل ُ‬ ‫جاَزان ِ َ‬ ‫ت كذل ِك َ‬ ‫ما فعَل ُ‬ ‫مائ ِد َِتي‪ .‬ك َ‬ ‫ت َ‬ ‫ح َ‬ ‫ن تَ ْ‬ ‫قطو َ‬ ‫م كاُنوا ي َلت َ ِ‬ ‫جل ِهِ ْ‬ ‫وَأْر ُ‬
‫ك‪.‬‬ ‫ت هَُنا َ‬ ‫ما َ‬ ‫م فَ َ‬ ‫شِلي َ‬ ‫إ َِلى ُأوُر َ‬

‫)‪(15 /‬‬

‫ة‬
‫دين َ َ‬ ‫م ِ‬ ‫شعَُلوا ال ْ َ‬ ‫ف‪ ،‬وَأ َ ْ‬ ‫سي ْ ِ‬ ‫حد ّ ال ّ‬ ‫ها ب ِ َ‬ ‫ضَرُبو َ‬ ‫ها وَ َ‬ ‫ذو َ‬ ‫خ ُ‬ ‫م وَأ َ َ‬ ‫شِلي َ‬ ‫ب ب َُنو ي َُهوَذا ُأوُر َ‬ ‫حاَر َ‬ ‫‪8‬وَ َ‬
‫ب‬‫جُنو ِ‬ ‫ل َوال ْ َ‬ ‫جب َ ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫كا ِ‬ ‫س ّ‬ ‫ن ُ‬ ‫حاَرب َةِ ال ْك َن َْعان ِّيي َ‬ ‫م َ‬ ‫ل ب َُنو ي َُهوَذا ل ِ ُ‬ ‫ك ن ََز َ‬ ‫ِبالّناِر‪9 .‬وَب َعْد َ ذل ِ َ‬
‫م‬‫س ُ‬ ‫نا ْ‬ ‫كا َ‬ ‫ن‪ ،‬وَ َ‬ ‫حب ُْرو َ‬ ‫ن ِفي َ‬ ‫ساك ِِني َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ساَر ي َُهوَذا عَلى الك َن َْعان ِّيي َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ل‪10 .‬وَ َ‬ ‫سهْ ِ‬ ‫َوال ّ‬
‫ن هَُنا َ‬
‫ك‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫شي َ‬ ‫َ‬ ‫ن قَب ْل ً قَْري َ َ‬
‫م ْ‬ ‫ساَر ِ‬ ‫ي‪11 .‬وَ َ‬ ‫ما َ‬ ‫ن وَت َل َ‬ ‫ما َ‬ ‫خي َ‬ ‫شايَ وَأ ِ‬ ‫ضَرُبوا ِ‬ ‫ع‪ .‬وَ َ‬ ‫ة أْرب َ َ‬ ‫حب ُْرو َ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫ضرِ ُ‬ ‫ذي ي َ ْ‬ ‫ّ‬
‫ب‪» :‬ال ِ‬ ‫ل كال ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قا َ‬ ‫ر‪12 .‬فَ َ‬ ‫ف ٍ‬ ‫س َ‬ ‫ة َ‬ ‫م د َِبيَر قَب ْل ً قَْري َ ُ‬ ‫س ُ‬ ‫ن د َِبيَر‪َ ،‬وا ْ‬ ‫سكا ِ‬ ‫ّ‬ ‫عَلى ُ‬ ‫َ‬
‫ن قََناَز‪،‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬
‫ل بْ ُ‬ ‫ها عُث ِْنيِئي ُ‬ ‫خذ َ َ‬ ‫ة«‪13 .‬فَأ َ‬ ‫مَرأ ً‬ ‫ة اب ْن َِتي ا ْ‬ ‫س َ‬ ‫طيهِ عَك َ‬ ‫ها‪ ،‬أعْ ِ‬ ‫خذ ُ َ‬ ‫فرٍ وَي َأ ُ‬ ‫س َ‬ ‫ة َ‬ ‫قَْري َ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ة‪.‬‬ ‫مَرأ ً‬ ‫ها ْ‬ ‫ة اب ْن َت َ ُ‬ ‫س َ‬ ‫ْ‬
‫ه‪ .‬فَأعْطاه ُ عَك َ‬ ‫َ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫صغَُر ِ‬ ‫ب ال ْ‬
‫َ‬ ‫خو كال َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫أَ ُ‬
‫قضاة ‪) 2‬الله يندم مرة أخرى! كان الله فى عونه!(‪:‬‬
‫ب‬‫م‪12 .‬وَت ََركوا الّر ّ‬ ‫ُ‬ ‫دوا الب َعِْلي َ‬ ‫ْ‬ ‫ب وَعَب َ ُ‬ ‫ي الّر ّ‬ ‫في عَي ْن َ ِ‬ ‫شّر ِ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫ل ب َُنو إ ِ ْ‬ ‫‪11‬وَفَعَ َ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫ن آل ِهَ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫خَرى ِ‬ ‫ساُروا وََراَء آل ِهَةٍ أ ْ‬ ‫صَر‪ ،‬وَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ض ِ‬ ‫ن أْر ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫جهُ ْ‬ ‫خَر َ‬ ‫ذي أ ْ‬ ‫ه آَبائ ِهِم ِ ال ّ ِ‬ ‫ِإل َ‬
‫دوا‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ال ّ‬
‫ب وَعَب َ ُ‬ ‫ب‪13 .‬ت َركوا الر ّ‬ ‫دوا لَها وَأغاظوا الّر ّ‬ ‫ج ُ‬ ‫س َ‬ ‫م‪ ،‬وَ َ‬ ‫حوْلهُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ب ال ِ‬ ‫شُعو ِ‬
‫ل‪ َ ،‬فَدفَعه ّم بأ َ‬ ‫َ‬
‫دي‬ ‫ي‬
‫َ َ ُ ْ ِ ْ ِ‬ ‫َ‬ ‫ئي‬ ‫را‬
‫ِ ْ َ ِ‬ ‫س‬ ‫إ‬ ‫لى‬ ‫ع‬
‫ّ ّ َ‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ال‬ ‫ب‬
‫َ ُ‬ ‫ض‬ ‫َ‬ ‫غ‬ ‫ي‬
‫َ ِ َ‬ ‫م‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫‪14‬‬ ‫ث‪.‬‬ ‫َ َ َ ُ َ‬ ‫رو‬ ‫تا‬ ‫ش‬ ‫ْ‬ ‫ع‬ ‫و‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ال ْب َ ْ‬
‫ع‬
‫َ‬
‫قدُِروا ب َعْد ُ عََلى ال ْوُُقو ِ‬
‫ف‬ ‫م يَ ْ‬ ‫م‪ ،‬وَل َ ْ‬ ‫حوْل َهُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫دائ ِهِ ْ‬ ‫م ب ِي َد ِ أعْ َ‬ ‫م‪ ،‬وََباعَهُ ْ‬ ‫ن ن َهَُبوهُ ْ‬ ‫َناهِِبي َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ب‬‫م الّر ّ‬ ‫ما ت َك َل ّ َ‬ ‫شّر‪ ،‬ك َ َ‬ ‫م ِلل ّ‬ ‫ب عَل َي ْهِ ْ‬ ‫ت ي َد ُ الّر ّ‬ ‫كان َ ْ‬ ‫جوا َ‬ ‫خَر ُ‬ ‫ما َ‬ ‫حي ْث ُ َ‬ ‫م‪َ 15 .‬‬ ‫دائ ِهِ ْ‬ ‫م أعْ َ‬ ‫ما َ‬ ‫أ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫وك َ َ‬
‫م‬
‫صوهُ ْ‬ ‫خل ّ ُ‬ ‫ضاة ً فَ َ‬ ‫ب قُ َ‬ ‫م الّر ّ‬ ‫دا‪16 .‬وَأَقا َ‬ ‫ج ّ‬ ‫مُر ِ‬ ‫م ال ْ‬ ‫ضاقَ ب ِهِ ُ‬ ‫م‪ .‬فَ َ‬ ‫ب ل َهُ ْ‬ ‫م الّر ّ‬ ‫س َ‬ ‫ما أقْ َ‬ ‫َ َ‬
‫خَرى‬ ‫وا وََراَء آل ِهَةٍ أ ُ ْ‬ ‫ل َزن َْ‬ ‫مُعوا‪ ،‬ب َ ْ‬ ‫ْ َ ْ َ‬ ‫س‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ضا‬ ‫َ ِ ْ ْ ً‬ ‫ي‬ ‫قضات ِهم أ َ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫و‬ ‫‪17‬‬ ‫م‪.‬‬ ‫ِ ِ ْ‬ ‫ه‬ ‫بي‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫نا‬‫َ‬ ‫ِ‬ ‫د‬ ‫ن َ‬
‫ي‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫صاَيا‬ ‫مِع وَ َ‬ ‫س ْ‬ ‫م لِ َ‬ ‫ساَر ب َِها آَباؤُهُ ْ‬ ‫ق الِتي َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ري ِ‬ ‫ن الط َ ِ‬ ‫ريًعا عَ ِ‬ ‫س ِ‬ ‫حاُدوا َ‬ ‫دوا لَها‪َ .‬‬ ‫ج ُ‬ ‫س َ‬ ‫وَ َ‬
‫ع‬
‫م َ‬ ‫ب َ‬ ‫ن الّر ّ‬ ‫ة‪ ،‬كا َ‬ ‫َ‬ ‫ضا ً‬ ‫م قُ َ‬ ‫ب لهُ ْ‬ ‫َ‬ ‫م الّر ّ‬ ‫ما أَقا َ‬ ‫حين َ َ‬ ‫ذا‪18 .‬وَ ِ‬ ‫َ‬
‫فعَلوا هك َ‬ ‫ُ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫ب‪ ،‬ل ْ‬ ‫َ‬ ‫الّر ّ‬
‫ل‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫مك ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ج ِ‬ ‫نأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ب ن َدِ َ‬ ‫ن الّر ّ‬ ‫ضي‪ ،‬ل ّ‬ ‫قا ِ‬ ‫ل أّيام ِ ال َ‬ ‫دائ ِهِ ْ‬ ‫ن ي َد ِ أعْ َ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫صهُ ْ‬ ‫خل َ‬ ‫ضي‪ ،‬وَ َ‬ ‫قا ِ‬
‫م‪19 .‬‬ ‫َ‬
‫ميهِ ْ‬ ‫ح ِ‬ ‫م وََزا ِ‬ ‫قيهِ ْ‬ ‫ضاي ِ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ب ُ‬ ‫سب َ ِ‬ ‫م بِ َ‬ ‫أِنين ِهِ ْ‬
‫قضاة ‪) 3‬استئصال! استئصال! استئصال!(‪:‬‬

‫)‪(16 /‬‬

‫‪194‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫مل ِ َ‬
‫ك‬ ‫ن َ‬ ‫جُلو َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ب ِ‬ ‫شد ّد َ الّر ّ‬ ‫ب‪ ،‬فَ َ‬ ‫ي الّر ّ‬ ‫شّر ِفي عَي ْن َ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫مُلو َ‬ ‫ل ي َعْ َ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫عاد َ ب َُنو إ ِ ْ‬ ‫‪12‬وَ َ‬
‫معَ إ ِلي ْهِ ب َِني‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ملوا ال ّ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ج َ‬ ‫ب‪13 .‬ف َ‬ ‫ي الّر ّ‬ ‫شّر ِفي عَي ْن َ ِ‬ ‫م عَ ِ‬ ‫سَراِئيل‪ ،‬لن ّهُ ْ‬ ‫ب عَلى إ ِ ْ‬ ‫موآ َ‬ ‫ُ‬
‫ل‪14 .‬فعَب َد َ ب َُنو‬ ‫َ‬ ‫خ ِ‬ ‫ة الن ّ ْ‬ ‫دين َ َ‬ ‫م ِ‬ ‫مت َلكوا َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫سَراِئيل‪َ ،‬وا ْ‬ ‫َ‬ ‫ب إِ ْ‬ ‫ضَر َ‬ ‫ساَر وَ َ‬ ‫ق‪ ،‬وَ َ‬ ‫ماِلي َ‬ ‫ن وَعَ َ‬ ‫مو َ‬ ‫عَ ّ‬
‫ل إ َِلى‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫َ َ َ َُ ِ ْ‬ ‫إ‬ ‫نو‬ ‫ب‬ ‫َ‬
‫خ‬ ‫ر‬ ‫ص‬ ‫و‬ ‫‪15‬‬ ‫ة‪.‬‬ ‫ن‬
‫َ َ ِ َ َ َ َ َ َ ً‬ ‫س‬ ‫ة‬ ‫ر‬ ‫ش‬ ‫ْ‬ ‫ع‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ما‬ ‫َ‬ ‫ث‬ ‫ب‬ ‫موآ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫َ َ ِ‬‫ل‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫لو‬ ‫ُ‬ ‫ج‬‫ِ ْ‬ ‫ع‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ئي‬ ‫س َ ِ‬ ‫را‬ ‫إِ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ل‬‫س َ‬ ‫سَر‪ .‬فَأْر َ‬ ‫جل ً أعْ َ‬ ‫ي‪َ ،‬ر ُ‬ ‫مين ِ ّ‬ ‫جيَرا ال ْب َن َْيا ِ‬ ‫ن ِ‬ ‫هود َ ب ْ َ‬ ‫صا إ ِ ُ‬ ‫خل ّ ً‬ ‫م َ‬ ‫ب ُ‬ ‫م الّر ّ‬ ‫م ل َهُ ُ‬ ‫ب‪ ،‬فَأَقا َ‬ ‫الّر ّ‬
‫فا‪َ ،‬ذا‬ ‫سي ْ ً‬ ‫سهِ َ‬ ‫ف ِ‬ ‫هود ُ ل ِن َ ْ‬ ‫ل إِ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ب‪16 .‬فَعَ ِ‬ ‫موآ َ‬ ‫ك ُ‬ ‫مل ِ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫جُلو َ‬ ‫ة ل ِعِ ْ‬ ‫ل ب ِي َدِهِ هَدِي ّ ً‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫ب َُنو إ ِ ْ‬
‫ة‬
‫م الهَدِي ّ َ‬ ‫ْ‬ ‫مَنى‪17 .‬وَقَد َ ّ‬ ‫خذِهِ الي ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ت ث َِياب ِهِ عَلى فَ ِْ‬ ‫َ‬ ‫ح َ‬ ‫قلد َه ُ ت َ ْ‬ ‫ّ‬ ‫ع‪ ،‬وَت َ َ‬ ‫ه ذَِرا ٌ‬ ‫ن طول ُ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫حد ّي ْ ِ‬ ‫َ‬
‫ن‬ ‫ْ‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫هى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫ن‬ ‫ا‬ ‫ما‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫كا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫‪18‬‬ ‫دا‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫ج‬‫ِ‬ ‫نا‬‫ً‬ ‫مي‬ ‫ِ‬ ‫س‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ل‬ ‫ج‬‫ُ‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ن‬‫ُ‬ ‫لو‬ ‫ُ‬ ‫ج‬
‫ْ‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫كا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ب‪.‬‬ ‫َ‬ ‫موآ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫م‬‫َ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫لو‬ ‫ُ‬ ‫ج‬
‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ع‬ ‫لِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫عن ْدِ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫جع َ ِ‬ ‫ما هُوَ فََر َ‬ ‫ة‪19 ،‬وَأ ّ‬ ‫مِلي الهَدِي ّ ِ‬ ‫حا ِ‬ ‫م َ‬ ‫قو ْ َ‬ ‫ف ال َ‬ ‫صَر َ‬ ‫ة‪َ ،‬‬ ‫ديم ِ الهَدِي ّ ِ‬ ‫ق ِ‬ ‫تَ ْ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫ل‪:‬‬‫قا َ‬ ‫ك«‪ .‬فَ َ‬ ‫مل ِ ُ‬ ‫ك أي َّها ال َ‬ ‫سّر إ ِلي ْ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ل‪ِ» :‬لي كل َ ُ‬ ‫َ‬ ‫ل وََقا َ‬ ‫جا ِ‬ ‫جل َ‬ ‫دى ال ِ‬ ‫ت الِتي ل َ‬ ‫حوَتا ِ‬ ‫من ْ ُ‬ ‫ال ْ َ‬
‫س‬‫جال ِ ٌ‬ ‫هود ُ وَهُوَ َ‬ ‫ل إ ِل َي ْهِ إ ِ ُ‬ ‫خ َ‬ ‫ه‪20 .‬فَد َ َ‬ ‫ن ل َد َي ْ ِ‬ ‫في َ‬ ‫واقِ ِ‬ ‫ميعُ ال ْ َ‬ ‫ج ِ‬ ‫عن ْدِهِ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫خَر َ‬ ‫ه«‪ .‬وَ َ‬ ‫ص ْ‬ ‫» َ‬
‫ن‬ ‫م اللهِ إ ِلي ْك«‪ .‬فَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه‪ .‬وََقا َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬
‫م عَ ِ‬ ‫قا َ‬ ‫دي كل ُ‬ ‫عن ْ ِ‬ ‫هوُد‪ِ » :‬‬ ‫ل إِ ُ‬
‫َ‬
‫حد َ ُ‬ ‫ه وَ ْ‬ ‫تل ُ‬ ‫ِفي عُلي ّةِ ب ُُرودٍ كان َ ْ‬
‫ه‬
‫ضَرب َ ُ‬ ‫مَنى وَ َ‬ ‫خذِهِ الي ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ن فَ ْ‬ ‫ف عَ ْ‬ ‫سي ْ َ‬ ‫خذ َ ال ّ‬ ‫سَرى وَأ َ‬ ‫هود ُ ي َد َهُ الي ُ ْ‬ ‫ْ‬ ‫مد ّ إ ِ ُ‬ ‫ي‪21 .‬فَ َ‬ ‫س ّ‬ ‫ال ْك ُْر ِ‬
‫َ‬ ‫ل‪ ،‬وَط َب َقَ ال ّ‬ ‫َ‬ ‫ل ال ْ َ‬
‫ه‬
‫ل لن ّ ُ‬ ‫ص ِ‬ ‫م وََراَء الن ّ ْ‬ ‫ح ُ‬ ‫ش ْ‬ ‫ص ِ‬ ‫ضا وََراَء الن ّ ْ‬ ‫م أي ْ ً‬ ‫قائ ِ ُ‬ ‫خ َ‬ ‫ه‪22 .‬فَد َ َ‬ ‫ِفي ب َط ْن ِ ِ‬
‫ق‬
‫ن الّرَوا ِ‬ ‫م َ‬ ‫هود ُ ِ‬ ‫ج إِ ُ‬ ‫خَر َ‬ ‫حَتاِر‪23 .‬فَ َ‬ ‫ن ال ْ ِ‬ ‫م َ‬ ‫ج ِ‬ ‫خَر َ‬ ‫ه‪ .‬وَ َ‬ ‫ن ب َط ْن ِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ف ِ‬ ‫سي ْ َ‬ ‫ب ال ّ‬ ‫جذ ُ ِ‬ ‫م يَ ْ‬ ‫لَ ْ‬
‫جاَء عَِبيد ُه ُ وَن َظ َُروا وَإ َِذا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ج‪َ ،‬‬ ‫خَر َ‬ ‫ما َ‬ ‫فل ََها‪24 .‬وَل َ ّ‬ ‫ب ال ْعِل ّي ّةِ وََراَءهُ وَأقْ َ‬ ‫وا َ‬ ‫وَأغْل َقَ أب ْ َ‬
‫خد َِع ال ْب ُُروِد«‪25 .‬فَل َب ُِثوا‬ ‫َ‬
‫م ْ‬ ‫جل َي ْهِ ِفي ُ‬ ‫ط رِ ْ‬ ‫مغَ ّ‬ ‫ه ُ‬ ‫قاُلوا‪» :‬إ ِن ّ ُ‬ ‫ة‪ ،‬فَ َ‬ ‫فل َ ٌ‬ ‫ق َ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ال ْعِل ّي ّةِ ُ‬ ‫وا ُ‬ ‫َ‬ ‫أب ْ‬
‫َ‬ ‫فت َ‬
‫م‬
‫سي ّد ُهُ ْ‬ ‫حوا وَإ َِذا َ‬ ‫ح وَفَت َ ُ‬ ‫فَتا َ‬ ‫م ْ‬ ‫ذوا ال ْ ِ‬ ‫خ ُ‬ ‫ة‪ .‬فَأ َ‬ ‫ب ال ْعِل ّي ّ ِ‬ ‫وا َ‬ ‫ح أب ْ َ‬ ‫جُلوا وَإ َِذا هُوَ ل َ ي َ ْ َ ُ‬ ‫خ ِ‬ ‫حّتى َ‬ ‫َ‬
‫ت‬ ‫تا‬ ‫حو‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫و‬ ‫ن‪،‬‬ ‫تو‬ ‫هو‬ ‫ب‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫ْ‬ ‫ذ‬ ‫إ‬ ‫جا‪،‬‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫د‬ ‫هو‬ ‫ُ‬ ‫إ‬ ‫ما‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫‪26‬‬ ‫تا‪.‬‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫ض‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫لى‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ط‬‫ٌ‬ ‫ق‬ ‫سا‬
‫َ ْ ُ َ ِ‬ ‫ْ َ ُْ ُ َ َ ََ‬ ‫َ ّ ِ ُ َ َ‬ ‫ْ ِ َ ًْ‬ ‫َ ِ‬
‫م‪،‬‬ ‫ي‬ ‫را‬ ‫ْ‬ ‫ف‬ ‫جيئ ِه أ َنه ضر ِب بال ْبوق في جبل أ َ‬ ‫م‬ ‫د‬ ‫ن‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫كا‬‫َ‬ ‫و‬ ‫‪27‬‬ ‫ة‪.‬‬ ‫ر‬ ‫عي‬ ‫س‬ ‫لى‬ ‫َ‬
‫َ ِ َ‬ ‫َ َ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ُ َ َ َ ِ ُ ِ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ ِ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫وَن َ َ ِ‬
‫إ‬ ‫جا‬
‫ن‬ ‫َ‬
‫م‪» :‬ات ْب َُعوِني ل ّ‬ ‫َ‬ ‫م‪28 .‬وََقا َ‬ ‫ل وَهُوَ قُ ّ‬ ‫ْ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫فَن ََز َ‬
‫ل لهُ ُ‬ ‫مهُ ْ‬ ‫دا َ‬ ‫جب َ ِ‬ ‫ن ال َ‬ ‫ل عَ ِ‬ ‫ه ب َُنو إ ِ ْ‬ ‫معْ ُ‬ ‫ل َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ض‬
‫خاوِ َ‬ ‫م َ‬ ‫ذوا َ‬ ‫خ ُ‬ ‫م«‪ .‬فَن ََزلوا وََراَءه ُ وَأ َ‬ ‫ن ل ِي َدِك ُ ْ‬ ‫موآب ِّيي َ‬ ‫م ال ُ‬ ‫داَءك ُ ُ‬ ‫ب قَد ْ د َفَعَ أعْ َ‬ ‫الّر ّ‬
‫َ‬
‫ك‬‫ب ِفي ذل ِ َ‬ ‫موآ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫م ْ‬ ‫ضَرُبوا ِ‬ ‫دا ي َعْب ُُر‪29 .‬فَ َ‬ ‫ح ً‬ ‫عوا أ َ‬ ‫م ي َد َ ُ‬ ‫ب‪ ،‬وَل ْ‬ ‫َ‬ ‫موآ َ‬ ‫ن إ ِلى ُ‬ ‫َ‬ ‫ال ُْرد ُ ّ‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫د‪.‬‬ ‫ح ٌ‬ ‫جأ َ‬ ‫م ي َن ْ ُ‬ ‫س‪ ،‬وَل َ ْ‬ ‫ٍ‬ ‫ل ِذي ب َأ‬ ‫ط‪ ،‬وَك ُ ّ‬ ‫شي ٍ‬ ‫ل نَ ِ‬ ‫جل‪ ،‬ك ُ ّ‬ ‫ف َر ُ‬ ‫شَرةِ آل َ ِ‬ ‫حو َ ع َ َ‬ ‫ت نَ ْ‬ ‫ال ْوَقْ ِ‬
‫َ‬ ‫ك ال ْي َوْم ِ ت َ ْ‬
‫ن‬‫ماِني َ‬ ‫ض ثَ َ‬ ‫ت الْر ُ‬ ‫ح ِ‬ ‫ست ََرا َ‬ ‫ل‪َ .‬وا ْ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫ت ي َد ِ إ ِ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫ن ِفي ذل ِ َ‬ ‫موآب ِّيو َ‬ ‫ل ال ْ ُ‬ ‫‪30‬فَذ َ ّ‬
‫ة‪.‬‬ ‫سن َ ً‬ ‫َ‬
‫جل‬ ‫مئةِ َر ُ‬ ‫َ‬ ‫ت ِ‬ ‫س ّ‬ ‫ن ِ‬ ‫طين ِّيي َ‬ ‫س ِ‬ ‫فل ِ ْ‬ ‫ن ال ِ‬ ‫ْ‬ ‫م َ‬ ‫ب ِ‬ ‫ضَر َ‬ ‫ة‪ ،‬ف َ‬ ‫َ‬ ‫ن عََنا َ‬ ‫جُر ب ْ ُ‬ ‫م َ‬ ‫ش ْ‬ ‫ن ب َعْد َه ُ َ‬ ‫‪31‬وَكا َ‬ ‫َ‬
‫سَراِئيل‪َ.‬‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ص إِ ْ‬ ‫خل َ‬ ‫ضا َ‬ ‫ر‪ .‬وَهُوَ أي ْ ً‬ ‫ق ِ‬ ‫س الب َ َ‬ ‫سا ِ‬ ‫من ْ َ‬ ‫بِ ِ‬
‫قضاة ‪) 4‬استئصال! استئصال! استئصال!(‪:‬‬
‫م‬ ‫َ َ ُ ُ‬ ‫ه‬ ‫ع‬ ‫با‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫‪2‬‬ ‫د‪،‬‬ ‫ي ّ ّ َْ َ َ ْ ِ ِ ُ َ‬
‫هو‬ ‫إ‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ال‬ ‫شّر ِفي عَي ْن َ ِ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫مُلو َ‬ ‫ل ي َعْ َ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫عاد َ ب َُنو إ ِ ْ‬ ‫‪1‬وَ َ‬
‫سَرا‪،‬‬ ‫سي َ‬ ‫شهِ ِ‬ ‫جي ْ ِ‬ ‫س َ‬ ‫صوَر‪ .‬وََرِئي ُ‬ ‫حا ُ‬ ‫ك ِفي َ‬ ‫مل َ َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ن ال ّ ِ‬ ‫ك ك َن َْعا َ‬ ‫مل ِ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ب ب ِي َد ِ َياِبي َ‬ ‫الّر ّ‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ن لَ ُ‬
‫ه‬ ‫كا َ‬ ‫ه َ‬ ‫ب‪ ،‬لن ّ ُ‬ ‫ل إ َِلى الّر ّ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫خ ب َُنو إ ِ ْ‬ ‫صَر َ‬ ‫م‪3 .‬فَ َ‬ ‫م ِ‬ ‫شةِ ال َ‬ ‫حُرو َ‬ ‫ن ِفي َ‬ ‫ساك ِ ٌ‬ ‫وَهُوَ َ‬
‫ة‪.‬‬ ‫سن َ ً‬ ‫ن َ‬ ‫ري َ‬ ‫ش ِ‬ ‫ع ْ‬ ‫ة‪ِ ،‬‬ ‫شد ّ ٍ‬ ‫ل بِ ِ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫ضاي َقَ ب َِني إ ِ ْ‬ ‫د‪ ،‬وَهُوَ َ‬ ‫دي ٍ‬ ‫ح ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫مْرك َب َةٍ ِ‬ ‫مئ َةِ َ‬ ‫سع ُ ِ‬ ‫تِ ْ‬

‫)‪(17 /‬‬

‫ت‪.‬‬‫ك ال ْوَقْ ِ‬ ‫ل ِفي ذل ِ َ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫ة إِ ْ‬ ‫ضي َ ُ‬‫ي َقا ِ‬ ‫ت‪ ،‬هِ َ‬ ‫دو َ‬ ‫في ُ‬ ‫ة لَ ِ‬‫ج ُ‬ ‫ة َزوْ َ‬ ‫مَرأ َة ٌ ن َب ِي ّ ٌ‬ ‫‪4‬وَد َُبوَرةُ ا ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‬‫م‪ .‬وَكا َ‬ ‫ل أفَْراي ِ َ‬ ‫جب َ ِ‬ ‫ل ِفي َ‬ ‫ت ِإي َ‬ ‫مةِ وَب َي ْ ِ‬ ‫ن الّرا َ‬ ‫خلةِ د َُبوَرة َ ب َي ْ َ‬ ‫ت نَ ْ‬ ‫ح َ‬ ‫ة تَ ْ‬ ‫س ٌ‬ ‫جال ِ َ‬ ‫ي َ‬ ‫‪5‬وَهِ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ن أِبيُنوعَ َ‬ ‫ت َباَراقَ ب ْ َ‬ ‫ت وَد َعَ ْ‬ ‫سل ْ‬ ‫ضاِء‪6 .‬فَأْر َ‬ ‫ق َ‬ ‫ن إ ِلي َْها ل ِل َ‬ ‫دو َ‬ ‫صعَ ُ‬ ‫ل يَ ْ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫ب َُنو إ ِ ْ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ف إ ِلى‬ ‫ح ْ‬ ‫ب َواْز َ‬ ‫ل‪ :‬ا ِذ ْهَ ْ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫ه إِ ْ‬ ‫ب ِإل ُ‬ ‫مرِ الّر ّ‬ ‫م ي َأ ُ‬ ‫ه‪» :‬أل ْ‬ ‫تل ُ‬ ‫فَتاِلي‪ ،‬وََقال ْ‬ ‫ش نَ ْ‬ ‫َقاد َ ِ‬
‫ن‪،‬‬ ‫ُ‬
‫ن ب َِني َزُبولو َ‬ ‫م ْ‬ ‫فَتاِلي وَ ِ‬ ‫ن ب َِني ن َ ْ‬ ‫م ْ‬‫جل ِ‬ ‫ف َر ُ‬ ‫َ‬
‫شَرةَ آل ِ‬ ‫معَك عَ ْ‬ ‫َ‬ ‫خذ ْ َ‬ ‫ل َتاُبوَر‪ ،‬وَ ُ‬ ‫جب َ َ ِ‬‫َ‬
‫ه‬
‫مُهورِ ِ‬ ‫ج ْ‬
‫مْركَبات ِهِ وَ ُ‬ ‫َ‬ ‫ن بِ َ‬ ‫ش َياِبي َ‬ ‫ب إ ِلي ْك‪ ،‬إ ِلى ن َهْرِ ِقي ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫جذ ُ َ‬ ‫‪7‬فَأ ْ‬
‫جي ْ َ ِ‬ ‫س َ‬ ‫سَرا َرِئي َ‬ ‫سي َ‬ ‫ن ِ‬ ‫شو َ‬
‫َ‬
‫م ت َذ ْهَِبي‬ ‫نل ْ‬ ‫َ‬ ‫ب‪ ،‬وَإ ِ ْ‬ ‫مِعي أذ ْهَ ْ‬ ‫ت َ‬ ‫ن ذ َهَب ْ ِ‬ ‫ق‪» :‬إ ِ ْ‬ ‫ل لَها َباَرا ُ‬ ‫َ‬ ‫قا َ‬ ‫َ‬
‫ه ل ِي َدِك؟« ‪8‬ف َ‬ ‫َ‬ ‫وَأد ْفَعَ ُ‬
‫ن لَ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫خٌر ِفي‬ ‫ك فَ ْ‬ ‫كو ُ‬ ‫ه ل َ يَ ُ‬ ‫ك‪ ،‬غَي َْر أن ّ ُ‬ ‫معَ َ‬ ‫ب َ‬ ‫ت‪» :‬إ ِّني أذ ْهَ ُ‬ ‫قال َ ْ‬ ‫ب«‪9 .‬فَ َ‬ ‫مِعي فَل َ أذ ْهَ ُ‬ ‫َ‬

‫‪195‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫ت‬ ‫ة«‪ .‬فَ َ‬ ‫الط ّريق ال ِّتي أ َنت سائ ِر فيها‪ .‬ل َن الرب يبيع سيسرا بيد ا َ‬
‫م ْ‬ ‫قا َ‬ ‫مَرأ ٍ‬ ‫ّ ّ ّ َِ ُ ِ َ َ َِ ِ ْ‬ ‫ْ َ َ ٌ ِ َ‬ ‫ِ ِ‬
‫ش‪.‬‬ ‫معَ َباَراقَ إ ِلى قاد َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت َ‬ ‫د َُبوَرة ُ وَذ َهَب َ ْ‬
‫جل‪.‬‬ ‫ف َر ُ‬ ‫ه عَشَرةُ آل ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫معَ ُ‬ ‫صعِد َ وَ َ‬ ‫ش‪ ،‬وَ َ‬ ‫ي إ ِلى قاد َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫فَتال ِ َ‬ ‫ن وَن َ ْ‬ ‫عا َباَراقُ َزُبولو َ‬ ‫ُ‬ ‫‪10‬وَد َ َ‬
‫مي‬ ‫ح‬
‫ُ َ َ َ ِ‬ ‫ب‬ ‫با‬ ‫حو‬ ‫ني‬ ‫ب‬
‫ِ َ ِ ْ َِ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ن‪،‬‬ ‫ي‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫ن‬
‫ِْ ّ ْ َ َ ِ ْ‬ ‫م‬ ‫د‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ن‬‫ا‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ر‬‫َ َ ُِ‬ ‫ب‬ ‫حا‬ ‫و‬ ‫‪11‬‬ ‫ه‪.‬‬ ‫صعِد َ ْ َ ُ َ ُ َ َ ُ‬
‫ع‬ ‫م‬ ‫ة‬ ‫ر‬ ‫بو‬ ‫د‬ ‫ت‬ ‫وَ َ‬
‫َ‬ ‫م ال ِّتي ِ‬
‫خب َُروا‬ ‫ش‪12 .‬وَأ ْ‬ ‫عن ْد َ َقاد َ َ‬ ‫صعََناي ِ َ‬ ‫حّتى إ َِلى ب َّلوط َةٍ ِفي َ‬ ‫م َ‬ ‫خي ّ َ‬ ‫سى‪ ،‬وَ َ‬
‫َ‬
‫مو َ‬ ‫ُ‬
‫ع‬ ‫مي‬ ‫ج‬ ‫را‬ ‫س‬ ‫سي‬ ‫عا‬
‫َ‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫‪13‬‬ ‫ر‪.‬‬ ‫بو‬ ‫تا‬ ‫ل‬ ‫ب‬ ‫ج‬ ‫لى‬ ‫َ‬ ‫إ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫نو‬ ‫بي‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫را‬ ‫با‬ ‫د‬ ‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ص‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫ب‬ ‫را‬ ‫س‬ ‫سي‬
‫ِ َ َ َ ِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ِ َ ُ َ‬ ‫َ ِ‬ ‫ْ ُ ِ ُ‬ ‫ِ َ َ ِ ّ ُ ْ َ َ َ َ‬
‫ة‬
‫ش ِ‬ ‫حُرو َ‬ ‫ْ َ‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ه‬
‫َ َ ُ‬ ‫ع‬ ‫م‬ ‫ذي‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ب‬ ‫ْ ِ‬ ‫ع‬ ‫ش‬ ‫ّ‬ ‫ال‬ ‫ع‬
‫َ َ َ‬ ‫مي‬ ‫ِ‬ ‫ج‬ ‫و‬ ‫د‪،‬‬ ‫ٍ‬ ‫دي‬ ‫ِ‬ ‫ح‬‫ْ َ‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ٍ‬ ‫ة‬ ‫مْرك َب َ‬ ‫مئ َةِ َ‬ ‫سع َ ِ‬ ‫ه‪ ،‬ت ِ ْ‬ ‫مْرك ََبات ِ ِ‬ ‫َ‬
‫ذي‬ ‫ّ‬
‫م ال ِ‬ ‫و‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ُ‬ ‫ه‬ ‫ذا‬‫َ‬ ‫ه‬ ‫ن‬‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫م‪،‬‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫»‬ ‫ق‪:‬‬ ‫َ‬ ‫را‬ ‫با‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ة‬ ‫ر‬ ‫بو‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫‪14‬‬ ‫ن‪.‬‬ ‫َ‬ ‫شو‬ ‫ُ‬ ‫قي‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ن‬ ‫لى‬ ‫َ‬ ‫إ‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ال ُ‬
‫ْ ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ِ‬ ‫َ ِ ِ‬
‫ل‬ ‫ب‬ ‫ج‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫را‬ ‫با‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫ز‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ك؟«‬ ‫َ‬ ‫م‬ ‫دا‬ ‫ُ‬ ‫ق‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ال‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫خ‬
‫ْ‬ ‫ي‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ك‪ .‬أ َ‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫ي‬ ‫ِ‬ ‫ل‬ ‫را‬ ‫س‬ ‫سي‬ ‫ب‬ ‫ر‬ ‫ال‬ ‫ه‬ ‫د َفَعَ ِفي‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ُ َِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫ّ‬ ‫ِ‬
‫ل‬‫ت وَك ّ‬ ‫ُ‬ ‫مْركَبا ِ‬ ‫َ‬ ‫ل ال َ‬ ‫ْ‬ ‫سَرا وَك ّ‬ ‫ُ‬ ‫سي َ‬ ‫ب ِ‬ ‫ج الّر ّ‬ ‫جل‪15 .‬فَأْزعَ َ‬ ‫ف َر ُ‬ ‫شَرةُ آل َ ِ‬ ‫َتاُبوَر وَوََراَءهُ عَ ْ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ب عَلى‬ ‫مْركب َةِ وَهََر َ‬ ‫َ‬ ‫ن ال َ‬ ‫ِ‬ ‫سَرا عَ‬ ‫سي َ‬ ‫ل ِ‬ ‫ق‪ .‬فَن ََز َ‬ ‫م َباَرا َ‬ ‫ما َ‬ ‫فأ َ‬ ‫سي ْ ِ‬ ‫حد ّ ال ّ‬ ‫ش بِ َ‬ ‫ِ‬ ‫جي ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ق َ‬ ‫ُ‬ ‫ش إ َِلى َ‬ ‫ت َوال ْ َ‬
‫ل‬‫ط كُ ّ‬ ‫س َ‬ ‫م‪ .‬وَ َ‬ ‫م ِ‬ ‫شةِ ال َ‬ ‫حُرو َ‬ ‫جي ْ َ‬ ‫مْرك ََبا ِ‬ ‫ه‪16 .‬وََتبعَ َباَراقُ ال ْ َ‬ ‫جل َي ْ ِ‬ ‫رِ ْ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ب عَلى‬ ‫سَرا فَهََر َ‬ ‫سي َ‬ ‫ما ِ‬ ‫د‪17 .‬وَأ ّ‬ ‫ح ٌ‬ ‫م ي َب ْقَ وَل َوا ِ‬ ‫ف‪ .‬ل ْ‬ ‫سي ْ ِ‬ ‫حد ّ ال ّ‬ ‫سَرا ب ِ َ‬ ‫سي َ‬ ‫ش ِ‬ ‫جي ْ ِ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫عي َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مل ِ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫ن َياِبي َ‬ ‫ح ب َي ْ َ‬ ‫صل ٌ‬ ‫ن ُ‬ ‫ه كا َ‬ ‫ي‪ ،‬لن ّ ُ‬ ‫قي ْن ِ ّ‬ ‫حاب َِر ال َ‬ ‫مَرأةِ َ‬ ‫لا ْ‬ ‫مةِ َيا ِ‬ ‫خي ْ َ‬ ‫جلي ْهِ إ ِلى َ‬ ‫رِ ْ‬
‫ه‪:‬‬ ‫تل ُ‬ ‫َ‬ ‫سَرا وَقال ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫سي َ‬ ‫ل ِ‬ ‫قَبا ِ‬ ‫ست ِ ْ‬ ‫عيل ل ْ‬ ‫ُ‬ ‫ت َيا ِ‬ ‫ج ْ‬ ‫خَر َ‬ ‫ي‪18 .‬ف َ‬ ‫َ‬ ‫قي ْن ِ ّ‬ ‫حاب َِر ال َ‬ ‫ْ‬ ‫ت َ‬ ‫صوَر وَب َي ْ ِ‬ ‫حا ُ‬ ‫َ‬
‫ف‪.‬‬ ‫حا ِ‬ ‫ّ‬
‫ه ِبالل َ‬ ‫مةِ وَغطت ْ ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫خي ْ َ‬ ‫ْ‬
‫مال إ ِلي َْها إ ِلى ال َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف«‪ .‬ف َ‬ ‫َ‬ ‫خ ْ‬ ‫ي‪ .‬ل ت َ َ‬ ‫َ‬ ‫مل إ ِل ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫دي‪ِ ،‬‬ ‫سي ّ ِ‬ ‫مل َيا َ‬ ‫ْ‬ ‫» ِ‬
‫ن‬ ‫ب الل َّ‬
‫ب‬ ‫َ‬ ‫ط‬ ‫و‬ ‫ت‬ ‫ح‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ت«‪.‬‬ ‫ش‬ ‫ْ‬ ‫ط‬
‫ْ َ ِ‬ ‫ع‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ني‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ٍ‬ ‫ء‬ ‫ما‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫لي‬‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ني‬ ‫ْ ِ ِ‬‫قي‬ ‫س‬ ‫»ا‬ ‫ها‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫َ‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫‪19‬‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫كون إَذا جاَء أ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫د‬
‫َ ٌ‬ ‫ح‬ ‫ُ ِ َ‬ ‫ي‬ ‫و‬
‫ْ َ ِ ََ‬ ‫ة‪،‬‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫خ‬‫َ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ب‬‫َِ َ ِ‬ ‫با‬ ‫ب‬ ‫في‬ ‫ِ ِ‬ ‫ق‬ ‫»‬ ‫ها‪:‬‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ل‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫‪20‬‬ ‫ه‪.‬‬ ‫ْ ُ‬ ‫ت‬ ‫ط‬ ‫غ‬ ‫م‬‫ه ثُ ّ‬ ‫قت ْ ُ‬ ‫س َ‬ ‫وَأ ْ‬
‫حاب َِر وَت َد َ ال ْ َ‬ ‫لا َ‬ ‫ل«‪21 .‬فَأ َ‬ ‫ن َ‬ ‫وسأ َل َك‪ :‬أ َهُنا رج ٌ َ‬
‫ة‬
‫م ِ‬ ‫خي ْ َ‬ ‫مَرأة ُ َ‬ ‫عي ُ ْ‬ ‫ت َيا ِ‬ ‫خذ َ ْ‬ ‫قوِلي َ‬ ‫ك تَ ُ‬ ‫ل؟ أن ّ ِ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َ َ ِ‬
‫فذ َ إ َِلى‬ ‫صد ِْغهِ فَن َ َ‬ ‫ُ‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫د‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫و‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ت‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ر‬
‫َ َ ْ ِ ْ َ َ َ َ‬ ‫ض‬ ‫و‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫إ‬ ‫ت‬ ‫ر‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ها‪،‬‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫ي‬ ‫في‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ة‬ ‫َ‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫مي‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬‫ا‬ ‫ت‬ ‫ِ‬ ‫جعَل َ‬ ‫وَ َ‬
‫سَرا‪،‬‬ ‫سي َ‬ ‫ت‪22 .‬وَإ َِذا ب َِباَراقَ ي ُطارِد ُ ِ‬ ‫َ‬ ‫ما َ‬ ‫ب‪ ،‬فَ َ‬ ‫مت ْعَ ٌ‬ ‫ل ِفي الن ّوْم ِ وَ ُ‬ ‫ق ٌ‬ ‫مت َث َ ّ‬ ‫ض‪ ،‬وَهُوَ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ال َْر‬
‫ت َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫ه«‪.‬‬ ‫طال ِب ُ ُ‬ ‫ذي أن ْ َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫ج َ‬ ‫ك الّر ُ‬ ‫ل فَأرِي َ َ‬ ‫ه‪» :‬ت ََعا َ‬ ‫ت لَ ُ‬ ‫قَبال ِهِ وََقال َ ْ‬ ‫ست ِ ْ‬ ‫لل ْ‬ ‫عي ُ‬ ‫ت َيا ِ‬ ‫ج ْ‬ ‫خَر َ‬ ‫فَ َ‬
‫ه ِفي ذل ِ َ‬ ‫ه‪23 .‬فَأذ َ ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ٌ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ل الل ُ‬ ‫صد ِْغ ِ‬ ‫مي ًْتا َوالوَت َد ُ ِفي ُ‬ ‫ساقِط َ‬ ‫سَرا َ‬ ‫سي َ‬ ‫جاَء إ ِلي َْها وَإ َِذا ِ‬ ‫فَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ل ت َت ََزاي َد ُ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫ت ي َد ُ ب َِني إ ِ ْ‬ ‫خذ َ ْ‬ ‫ل‪24 .‬وَأ َ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫م ب َِني إ ِ ْ‬ ‫ما َ‬ ‫نأ َ‬ ‫مل ِك كن َْعا َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ن َ‬ ‫ال ْي َوْم ِ َياِبي َ‬
‫ن‪.‬‬ ‫ك ك َن َْعا َ‬ ‫مل ِ َ‬ ‫ن َ‬ ‫ضوا َياِبي َ‬ ‫حّتى قََر ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ك ك َن َْعا َ‬ ‫مل ِ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫سو عََلى َياِبي َ‬ ‫ق ُ‬ ‫وَت َ ْ‬
‫قضاة ‪) 8‬استئصال! استئصال! استئصال!(‪:‬‬

‫)‪(18 /‬‬

‫ن‬‫معِْيي َ‬ ‫ه ُ‬ ‫معَ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ل ال ّ ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫مئ َةِ الّر ُ‬ ‫ث ِ‬ ‫ن وَعَب ََر هُوَ َوالث ّل َ ُ‬ ‫ن إ َِلى ال ُْرد ُ ّ‬ ‫عو ُ‬ ‫جد ْ ُ‬ ‫جاَء ِ‬ ‫‪4‬وَ َ‬
‫م‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫مِعي لن ّهُ ْ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫قوْم ِ ال ِ‬ ‫خب ْزٍ ل ِل َ‬ ‫ة ُ‬ ‫ف َ‬ ‫ت‪» :‬أعْطوا أْرِغ َ‬ ‫سكو َ‬ ‫ل ُ‬ ‫قال لهْ ِ‬ ‫ن‪5 .‬ف َ‬ ‫مطارِِدي َ‬ ‫وَ ُ‬
‫ت‪:‬‬ ‫كو‬ ‫ّ‬ ‫س‬ ‫ُ‬ ‫ء‬ ‫سا‬ ‫َ‬ ‫ؤ‬ ‫ر‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫قا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫‪6‬‬ ‫ن«‪.‬‬ ‫يا‬ ‫د‬ ‫م‬ ‫ي‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ع‬ ‫نا‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ص‬ ‫و‬ ‫ح‬ ‫ب‬ ‫ز‬ ‫َ‬ ‫ء‬ ‫را‬ ‫َ‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ‬ ‫َ َ َ َ َ ُ ّ َ َ ِ ْ ِ َْ َ‬ ‫م ُْ َ َ َ َ ٍ ََ‬
‫و‬ ‫ع‬ ‫سا‬ ‫نا‬ ‫أ‬ ‫و‬ ‫ن‪،‬‬ ‫يو‬ ‫ع‬ ‫ُ‬
‫قا َ‬
‫ل‬ ‫خب ًْزا؟« ‪7‬فَ َ‬ ‫ك ُ‬ ‫جن ْد َ َ‬ ‫ي‬ ‫ط‬ ‫ع‬ ‫ن‬ ‫تى‬ ‫ح‬ ‫ن‬ ‫ال‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫د‬ ‫ي‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫نا‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ص‬ ‫و‬ ‫ح‬ ‫ب‬ ‫ز‬ ‫دي‬ ‫ي‬ ‫ل أَ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ه‬ ‫»‬
‫َ َ ّ ُْ ِ َ ُ‬ ‫َِ ِ‬ ‫ْ ِ َ َ َ َ َ ُ ّ‬
‫ع‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫م‬ ‫ح‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫س‬ ‫ر‬ ‫د‬ ‫عندما يدفَع الرب زبح وصل ْمناع َ بيدي أ َ‬ ‫ك‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫لذ‬ ‫»‬ ‫ن‪:‬‬ ‫عو‬
‫ُْ ُ ْ َ ْ َ َ‬ ‫َِ ِ‬ ‫ِ ْ َ َ َ ْ ُ ّ ّ َ َ َ َ َ ُ ّ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫جد ْ‬ ‫ِ‬
‫ه‬ ‫ب‬ ‫جا‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫ذا‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ك‬ ‫ه‬ ‫م‬ ‫ه‬ ‫م‬ ‫ّ‬ ‫ل‬‫َ‬ ‫ك‬ ‫و‬ ‫َ‬
‫ل‬ ‫ئي‬ ‫نو‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫لى‬ ‫َ‬ ‫إ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫نا‬ ‫ه‬ ‫ن‬ ‫م‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫ص‬ ‫و‬ ‫‪8‬‬ ‫ج«‪.‬‬ ‫ر‬ ‫وا‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫َ َ ُ‬ ‫َ َ ُ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫َ َ َ ِ ْ َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫أ َ ِ َّ ّ ِ ِ ّ َ‬
‫ن‬ ‫بال‬ ‫ة‬ ‫ي‬ ‫ر‬ ‫ب‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ك‬ ‫وا‬ ‫ش‬
‫عن ْد َ‬ ‫ل‪ِ » :‬‬ ‫ل َقائ ِ ً‬ ‫ل فَُنوِئي َ‬ ‫ضا أ َهْ َ‬ ‫م أي ْ ً‬
‫كوت‪9 ،‬فَك َل ّ َ‬
‫َ‬ ‫س ّ َ‬ ‫ل ُ‬ ‫ب أ َهْ ُ‬ ‫جا َ‬ ‫ما أ َ‬
‫ل كَ َ‬
‫ل فَُنوِئي َ َ‬ ‫أ َهْ ُ‬
‫َ‬
‫ج«‪.‬‬ ‫ذا ال ْب ُْر َ‬ ‫مه َ‬ ‫سل َم ٍ أهْدِ ُ‬ ‫عي ب ِ َ‬ ‫جو ِ‬ ‫ُر ُ‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫فا‪ ،‬ك ّ‬
‫ل‬ ‫شَر أل ً‬ ‫ة عَ َ‬ ‫س َ‬ ‫م َ‬ ‫خ ْ‬ ‫حو ُ َ‬ ‫ما ن َ ْ‬ ‫معَهُ َ‬ ‫ما َ‬ ‫شهُ َ‬ ‫جي ْ ُ‬ ‫مّناع ُ ِفي قَْرقََر وَ َ‬ ‫صل ُ‬ ‫ح وَ َ‬ ‫ن َزب َ ُ‬ ‫‪10‬وَكا َ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ّ‬ ‫ْ‬
‫ف‬
‫ن أل َ‬ ‫شُرو َ‬ ‫ع ْ‬ ‫ة وَ ِ‬ ‫مئ َ ٌ‬ ‫قطوا ِ‬ ‫س َ‬ ‫ن َ‬ ‫ذي َ‬ ‫ق‪َ .‬وال ِ‬ ‫شرِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ش ب َِني ال َ‬ ‫جي ْ ِ‬ ‫ميِع َ‬ ‫ج ِ‬ ‫ن َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫ال َْباِقي َ‬
‫ي‬‫شْرقِ ّ‬ ‫خَيام ِ َ‬ ‫ساك ِِني ال ْ ِ‬ ‫ق َ‬ ‫ري ِ‬ ‫ن ِفي ط َ ِ‬ ‫عو ُ‬ ‫جد ْ ُ‬ ‫صعِد َ ِ‬ ‫ف‪11 .‬وَ َ‬ ‫سي ْ ِ‬ ‫طي ال ّ‬ ‫خت َرِ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫جل ُ‬ ‫َر ُ‬
‫ع‪،‬‬
‫مّنا ُ‬ ‫صل ُ‬ ‫ْ‬ ‫ح وَ َ‬ ‫ب َزب َ ُ‬ ‫مئ ِّنا‪12 .‬فَهََر َ‬ ‫مط َ‬‫ْ‬ ‫ش ُ‬ ‫جي ْ ُ‬ ‫ْ‬
‫ن ال َ‬ ‫ش وَكا َ‬ ‫َ‬ ‫جي ْ َ‬ ‫ب ال َ‬‫ْ‬ ‫ضَر َ‬ ‫ة‪ ،‬وَ َ‬ ‫جب َهَ َ‬ ‫ح وَي ُ ْ‬ ‫ُنوب َ َ‬
‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫جي ْش‪.‬‬ ‫ل ال َ‬ ‫جك ّ‬ ‫مّناع َ وَأْزعَ َ‬ ‫صل ُ‬ ‫ح وَ َ‬ ‫ن َزب َ َ‬ ‫مد َْيا َ‬ ‫ي ِ‬ ‫مل ِك ْ‬ ‫سك َ‬ ‫م َ‬ ‫ما وَأ ْ‬ ‫فَت َب ِعَهُ َ‬
‫سكَ‬ ‫قبة حارس‪14 ِ .‬وأمَ‬ ‫ْ‬
‫َ ْ َ‬ ‫عن ْد ِ عَ َ َ ِ َ َ َ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ب ِ‬ ‫حْر ِ‬ ‫ن ال َ‬ ‫م َ‬ ‫ش ِ‬
‫َ‬ ‫ن ُيوآ َ‬ ‫ن بْ ُ‬ ‫عو ُ‬ ‫جد ْ ُ‬ ‫جع َ ِ‬ ‫‪13‬وََر َ‬
‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫سب ْعَ ً‬ ‫خَها‪َ ،‬‬ ‫شُيو َ‬ ‫ت وَ ُ‬ ‫سكو َ‬ ‫ساَء ُ‬ ‫ه ُرؤَ َ‬ ‫بل ُ‬ ‫ه‪ ،‬فكت َ َ‬ ‫َ‬ ‫سأل ُ‬ ‫ت وَ َ‬ ‫سكو َ‬ ‫ل ُ‬ ‫ن أهْ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ما ِ‬ ‫غُل َ ً‬

‫‪196‬‬
‫مكتبيييييييية موقييييييييع بّلغييييييييوا عّنييييييييي ولييييييييو آييييييييية‬ ‫‪http://www.balligho.com‬‬

‫مّناعُ الل ّ َ‬ ‫َ‬


‫ن‬
‫ذا ِ‬ ‫صل ْ ُ‬ ‫ح وَ َ‬ ‫ل‪» :‬هُوََذا َزب َ ُ‬ ‫ت وََقا َ‬ ‫كو َ‬ ‫س ّ‬ ‫ل ُ‬ ‫ل إ َِلى أهْ ِ‬ ‫خ َ‬ ‫ل‪15 .‬وَد َ َ‬ ‫ج ً‬ ‫ن َر ُ‬ ‫سب ِْعي َ‬ ‫وَ َ‬
‫جال َكَ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫طي رِ َ‬ ‫حّتى ن ُعْ ِ‬ ‫ن َ‬ ‫مّناع َ ب ِي َدِك ال َ‬ ‫صل ُ‬ ‫ح وَ َ‬ ‫دي َزب َ َ‬ ‫ن‪ :‬هَل أي ْ ِ‬ ‫ما قائ ِِلي َ‬ ‫موِني ب ِهِ َ‬ ‫عَي ّْرت ُ ُ‬
‫ّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫م ب َِها‬ ‫ج وَعَل َ‬ ‫وارِ َ‬ ‫واك الب َّري ّةِ َوالن ّ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫دين َةِ وَأش َ‬ ‫م ِ‬ ‫خذ شُيوخ ال َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫خب ًْزا؟« ‪16‬وَأ َ‬ ‫ن ُ‬ ‫معِْيي َ‬ ‫ال ْ ُ‬
‫ة‪.‬‬ ‫دين َ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ل ال ْ َ‬ ‫جا َ‬ ‫ل رِ َ‬ ‫ل وَقَت َ َ‬ ‫ج فَُنوِئي َ‬ ‫م ب ُْر َ‬ ‫ت‪17 .‬وَهَد َ َ‬ ‫كو َ‬ ‫س ّ‬ ‫ل ُ‬ ‫أ َهْ َ‬
‫قضاة ‪) 9‬استئصال! استئصال! استئصال!(‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫خذ َ‬ ‫ك‪43 .‬فَأ َ‬ ‫مال ِ َ‬ ‫خب َُروا أِبي َ‬ ‫ل وَأ ْ‬ ‫ق ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ج إ َِلى ال ْ َ‬ ‫خَر َ‬ ‫ب َ‬ ‫شعْ َ‬ ‫ن ال ّ‬ ‫ن ِفي ال ْغَد ِ أ ّ‬ ‫كا َ‬ ‫‪42‬وَ َ‬
‫ج‬‫خُر ُ‬ ‫ب يَ ْ‬ ‫شعْ ُ‬ ‫ل وَن َظَر وَإ َِذا ال ّ‬ ‫َ‬ ‫ق ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ن ِفي ال َ‬ ‫ْ‬ ‫م َ‬ ‫ث فَِرق‪ ،‬وَك َ َ‬ ‫م إ ِلى ث َل َ ِ‬ ‫َ‬ ‫مهُ ْ‬ ‫س َ‬ ‫م وَقَ َ‬ ‫قو ْ َ‬ ‫ال ْ َ‬
‫َ‬
‫موا‬ ‫ح ُ‬ ‫ه اقْت َ َ‬ ‫معَ ُ‬ ‫ة ال ِّتي َ‬ ‫فْرقَ ُ‬ ‫ك َوال ْ ِ‬ ‫مال ِ ُ‬ ‫م‪44 .‬وَأِبي َ‬ ‫ضَرب َهُ ْ‬ ‫م وَ َ‬ ‫م عَل َي ْهِ ْ‬ ‫قا َ‬ ‫ة‪ ،‬فَ َ‬ ‫دين َ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ن ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ِ‬
‫مَتا عَلى ك ُ ّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫ن ِفي‬ ‫م ْ‬ ‫ل َ‬ ‫ج َ‬ ‫ن فَهَ َ‬ ‫فْرقََتا ِ‬ ‫ما ال ِ‬ ‫ة‪ .‬وَأ ّ‬ ‫دين َ ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ب ال َ‬ ‫ل َبا ِ‬ ‫خ ِ‬ ‫مد ْ َ‬ ‫فوا ِفي َ‬ ‫وَوَقَ ُ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ة‬
‫دين َ َ‬ ‫م ِ‬ ‫خذ َ ال َ‬ ‫م‪ ،‬وَأ َ‬ ‫ك الي َوْ ِ‬ ‫ل ذل ِ َ‬ ‫ةك ّ‬ ‫ُ‬ ‫دين َ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ك ال َ‬ ‫مال ِ ُ‬ ‫ب أِبي َ‬ ‫حاَر َ‬ ‫ه‪45 .‬وَ َ‬ ‫ضَرب ََتا ُ‬ ‫ل وَ َ‬ ‫ق ِ‬ ‫ح ْ‬ ‫ال ْ َ‬
‫حا‪.‬‬ ‫مل ْ ً‬ ‫ة وََزَرعََها ِ‬ ‫دين َ َ‬ ‫م ِ‬ ‫م ال ْ َ‬ ‫ذي ب َِها‪ ،‬وَهَد َ َ‬ ‫ب ال ّ ِ‬ ‫شعْ َ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫وَقَت َ َ‬
‫صموئيل الول ‪)15‬استئصال! استئصال! استئصال! وندم إلهى كالعادة(‪:‬‬
‫ه‬ ‫كا عََلى َ‬ ‫مل ِ ً‬ ‫ح َ‬ ‫س َ‬ ‫َ‬ ‫شاوُ َ‬ ‫ل لِ َ‬ ‫موِئي ُ‬ ‫‪1‬وََقا َ‬
‫شعْب ِ ِ‬ ‫ك َ‬ ‫س ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ب لِ َ‬ ‫ل الّر ّ‬ ‫ل‪» :‬إ ِّيايَ أْر َ‬ ‫ص ُ‬ ‫ل َ‬
‫َ‬
‫جُنوِد‪ :‬إ ِّني قدِ‬ ‫ب ال ُ‬ ‫ْ‬ ‫ل َر ّ‬ ‫قو ُ‬ ‫ذا ي َ ُ‬ ‫ب‪2 .‬هك َ‬ ‫َ‬ ‫ت كلم ِ الّر ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫صوْ َ‬ ‫مع ْ َ‬ ‫س َ‬ ‫ن فا ْ‬ ‫َ‬ ‫ل‪َ .‬وال َ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫إِ ْ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫صُعودِهِ ِ‬ ‫عن ْد َ ُ‬ ‫ق ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫افْت َ َ‬
‫ري ِ‬ ‫ه ِفي الط ِ‬ ‫فل ُ‬ ‫ن وَق َ‬ ‫حي َ‬ ‫سَراِئيل ِ‬ ‫ماِليقُ ب ِإ ِ ْ‬ ‫مل عَ َ‬ ‫ما عَ ِ‬ ‫ت َ‬ ‫قد ْ ُ‬
‫ل‬‫م بَ ِ‬ ‫ف عَن ْهُ ْ‬ ‫ه وَل َ ت َعْ ُ‬ ‫ما ل َ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫موا ك ُ ّ‬ ‫حّر ُ‬ ‫ق‪ ،‬وَ َ‬ ‫ماِلي َ‬ ‫ب عَ َ‬ ‫ضرِ ْ‬ ‫ب َوا ْ‬ ‫ن اذ ْهَ ْ‬ ‫صَر‪َ3 .‬فال َ‬ ‫م ْ‬ ‫ِ‬
‫ضَر‬ ‫ح‬ ‫ت‬ ‫س‬ ‫فا‬ ‫َ‬ ‫‪4‬‬ ‫را«‪.‬‬ ‫ما‬ ‫ح‬ ‫و‬ ‫ً‬ ‫ل‬ ‫م‬ ‫ج‬ ‫ما‪،‬‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫غ‬ ‫و‬ ‫را‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ب‬ ‫عا‪،‬‬ ‫ضي‬ ‫ر‬ ‫و‬ ‫ً‬ ‫ل‬ ‫ْ‬ ‫ف‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ْ َ ْ َ‬ ‫َ َ َ ِ َ ً‬ ‫ََ ِ ً َ ً َ َ ً‬ ‫ا ُ َ ُ َ ْ َ ً ِ‬
‫ط‬ ‫ة‪،‬‬ ‫أ‬ ‫ر‬ ‫م‬ ‫وا‬ ‫ل‬ ‫ج‬ ‫ر‬ ‫ل‬ ‫ت‬ ‫ق‬
‫َ‬
‫ن‬ ‫م ْ‬ ‫جل ِ‬ ‫ف َر ُ‬ ‫شَرةَ آل َ ِ‬ ‫جل‪ ،‬وَعَ َ‬ ‫ف َرا ِ‬ ‫ي أل ْ ِ‬ ‫مئ َت َ ْ‬ ‫م‪ِ ،‬‬ ‫ب وَعَد ّه ُ ِفي ط َل َي ِ َ‬ ‫شعْ َ‬ ‫ل ال ّ‬ ‫شاوُ ُ‬ ‫َ‬
‫ي َُهوَذا‪.‬‬
‫ن‪:‬‬‫قي ْن ِّيي َ‬ ‫ل ل ِل ْ َ‬ ‫شاوُ ُ‬ ‫ل َ‬ ‫واِدي‪6 .‬وََقا َ‬ ‫ن ِفي ال ْ َ‬ ‫م َ‬ ‫ماِليقَ وَك َ َ‬ ‫دين َةِ عَ َ‬ ‫م ِ‬ ‫ل إ َِلى َ‬ ‫شاوُ ُ‬ ‫جاَء َ‬ ‫م َ‬ ‫‪5‬ث ُ ّ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬
‫م قَد ْ فَعَلت ُ ْ‬
‫م‬ ‫م‪ ،‬وَأن ْت ُ ْ‬ ‫معَهُ ْ‬ ‫م َ‬ ‫قةِ ل ِئ َل ّ أهْل ِك َك ُ ْ‬ ‫مال ِ َ‬ ‫ط العَ َ‬ ‫س ِ‬ ‫ن وَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫دوا ان ْزِلوا ِ‬ ‫حي ُ‬ ‫»اذ ْهَُبوا ِ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ي ِ‬ ‫قي ْن ِ ّ‬ ‫ْ‬
‫حاد َ ال َ‬ ‫صَر«‪ .‬فَ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫صُعودِهِ ْ‬ ‫عن ْد َ ُ‬ ‫ل ِ‬ ‫سَراِئي َ‬ ‫ميِع ب َِني إ ِ ْ‬ ‫ج ِ‬ ‫مع َ َ‬ ‫معُْروًفا َ‬ ‫َ‬
‫ّ‬
‫شوَر الِتي‬ ‫ك إ ِلى ُ‬ ‫َ‬ ‫جيئ ِ َ‬ ‫َ ِ‬ ‫م‬ ‫تى‬ ‫ّ‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫ة‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫وي‬ ‫ِ‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫ن‬
‫ْ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫لي‬ ‫ِ‬ ‫ما‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ل‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫و‬ ‫شا‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫َ‬ ‫ر‬ ‫َ َ‬ ‫ض‬
‫َ‬ ‫و‬ ‫‪7‬‬ ‫ق‪.‬‬ ‫َ‬ ‫لي‬ ‫ِ‬ ‫ما‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ط‬
‫ِ‬ ‫س‬‫وَ َ‬
‫ميعَ ال ّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫قاب َِ َ‬
‫حد ّ‬ ‫ب بِ َ‬ ‫شعْ ِ‬ ‫ج ِ‬ ‫م َ‬ ‫حّر َ‬ ‫حّيا‪ ،‬وَ َ‬ ‫ماِليقَ َ‬ ‫مل ِك عَ َ‬ ‫ج َ‬ ‫جا َ‬ ‫سك أ َ‬ ‫م َ‬ ‫صَر‪8 .‬وَأ ْ‬ ‫م ْ‬ ‫ل ِ‬ ‫م َ‬ ‫ُ‬
‫ن‬ ‫يا‬ ‫ن‬ ‫ّ‬ ‫ث‬ ‫وال‬ ‫ر‬ ‫َ‬ ‫ق‬ ‫ب‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫وا‬ ‫م‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫غ‬ ‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ا‬ ‫ر‬ ‫يا‬ ‫خ‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫و‬ ‫ج‬ ‫جا‬ ‫َ‬ ‫أ‬ ‫ن‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫ع‬ ‫ّ‬
‫ش‬ ‫وال‬ ‫ل‬ ‫ُ‬ ‫و‬ ‫شا‬ ‫َ‬ ‫فا‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫و‬ ‫‪9‬‬ ‫ف‪.‬‬ ‫ي‬ ‫س‬ ‫ال‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ِ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ّ‬
‫ها‪ .‬وك ُ ّ ِ َ‬ ‫ل ال ْجيد‪ ،‬ول َم يرضوا أ َ‬
‫ة‬
‫قَر ِ‬ ‫حت َ َ‬ ‫م ْ‬ ‫ك ال ْ ُ‬ ‫مل َ ِ‬ ‫ل ال ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫مو‬ ‫ُ‬ ‫ر‬ ‫ّ‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ي‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ّ‬ ‫َ‬ ‫ّ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫ف‪ْ َ ،‬‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫و‬ ‫خَرا ِ‬ ‫َوال ْ ِ‬
‫ها‪.‬‬ ‫مو َ‬ ‫حّر ُ‬ ‫مهُْزول َةِ َ‬ ‫َوال ْ َ‬

‫)‪(19 /‬‬

‫‪197‬‬

You might also like