Professional Documents
Culture Documents
عقيدة شيخنا المام السيد أحمد الكبير الرفاعي رضي الله عنه
ملة والدين ،سلطان الولياء والعارفين محيي السنة والشريعة وال ِ )هذه عقيدة شيخنا ُ
السيد أحمد الكبير الرفاعي رضي الله عنه ووفقنا لتباعه ومحبته وللتمسك بآثاره
وطريقته آمين(
وهي نافعة جامعة كافية ل يحتاج المريد بعدها لغيرها من الزوائد لما فيها من الحقائق
الشافية والعبارات الكافية ولله د ُّره ُ فإنه بلغ من مراتب الولية الغاية ومن منازل
حد َ فيه بين تلك
ق واحدٍ و ّ
الصديقية النهاية وجمع بين الشريعة والطريقة والحقيقة بنس ٍ
خّلص العارفين رضي الله عنهم أجمعين. المصادر والموارد وهذا طريق أهل الحق ال ُ
)قال شيخنا المام جمال الدين الخطيب الحدادي رحمه الله ،قال شيخنا وسيدنا
عنا السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه على كرسيه في أم عبيدة يوم جمعة بعدومفَز ُ
صلة الجمعة سنة سبعين وخمسمائة وقد أحدق به أصحابه وأئمة العصر رضوان الله
عليهم أجمعين(:
"طريقي عقيدة ٌ طاهرة وسريرةٌ عامرة والقبال على الله لوجه الله بترك مطامع
الدنيا والخرة" ،فلما أتم مجلسه المبارك قال له الشيخ يعقوب بن كراز سيدي لو
ول عليه مريدوك بعدك فأجابه ل عليه ،ومثلنا أيضا ً يع ّكتبت لنا كتابا ً في العقيدة نعوّ ُ
وأمر بالدواة والقرطاس .وقال اكتبوا:
"بسم الله الرحمن الرحيم )الحمد لله المبدئ المعيد( الفعال لما يريد ،ذي العرش
المجيد ،والبطش الشديد ،الهادي صفوة العبيد ،إلى المنهج الرشيد ،والمسلك السديد،
المنعم عليهم بعد شهادة التوحيد ،بحراسة عقائدهم عن ظلمات التشكيك والترديد،
السائق لهم إلى اتباع رسوله المصطفى صلى الله عليه وسلم واقتفاء صحبه الكرمين
بالتأييد والتسديد ،المتجلي لهم في ذاته وأفعاله بمحاسن أوصافه التي ل يدركها إل من
مثل له، ف إياهم في ذاته )أنه واحد ٌ ل شريك له( فرد ٌ ل ِ معَّر ِ ألقى السمع وهو شهيد ،ال ُ
ة له مستمُر الوجودِ ل ي ل بداي َ م ل أول له أزل ّ ضد ّ له منفرد ٌ ل ن ِد ّ له .وأنه قدي ٌ صمد ٌ ل ِ
م له ،لم يزل ول يزل م ل انصرا َ م ل انقطاع له ،دائ ٌ ة له ،قيو ٌ آخر له أبديّ ل نهاي َ
م المادِ وانقراض الجال ،بل هو صّر ُت الجلل ل ُيقضى عليه بالنقضاء وت َ َ موصوفا ً بُنعو ِ
در .وأنه ل ق ّ
م َ
ل والخر والظاهر والباطن .وأنه ليس بجسم ٍ مصوّرٍ ول جوهٌر محدود ٌ ُ الو ُ
يماثل الجسام ل في التقدير ول في قبول النقسام .وأنه ليس بجوهرٍ ول تحله
ض ول تحله العراض بل ل يماثل موجودا ً ول يماثله موجود ،وليس الجواهر ول بعََر ٍ
حد ّه ُ المقدار ول تحويه القطار ،ول تحيط به كمثله شيء ول هو مثل شيء .وإنه ل ي ِ
الجهات ول تكنفه السموات .وأنه مستوٍ على العرش على الوجه الذي قاله وبالمعنى
حلول والنتقال ،ل ن وال ُسة والستقرار والتمك ّ ِ من َّزها ً عن المما ّ الذي أراده استواءا ً ُ
ه محمولون بلطف ُقدرته ومقهورون في قبضته وهو مل َت ُ ُ
ح َش بل العرش و َ ه العر ُ يحمل ُ ُ
ة ل تزيده ُقربا ً إلى العرش فوق العرش وفوق كل شيء إلى تخوم الثرى فوقي ً
والسماء بل هو رفيع الدرجات عن العرش كما أنه رفيع الدرجات عن الثرى وهو مع
ب من كل موجود وهو أقرب إلى العبيد من حبل الوريد فهو على كل شيء ذلك قري ٌ
ل في ه ُقرب الجسام كما ل تماثل ذاته ذات الجسام .وأنه ل ي ِ
ح ّ شهيد ،إذ ل يماثل قرب ُ ُ
ده زمان ،بل ح ّ
دس عن أن ي ِ ل فيه شيء تعالى عن أن يحويه مكان كما تق ّ ح ّ
شيء ول ي ِ
ن بصفاته عن كان قبل أن خلق الزمان والمكان وهو الن على ما عليه كان .وأنه بائ ٌ
1
س عن التغّير والنتقال ل تحل ّ ُ
ه خلقه ليس في ذاته سواه ول في سواه ذاته .وأنه مقد ٌ َ
من ََزها ً عن الزوال وفي ت جلله ُ الحوادث ول تعتريه العوارض بل ل يزال في ُنعو ِ
مستغنيا ً عن زيادةِ الستكمال وأنه في ذاته معلوم الوجود بالعقول مرأى صفات كماله ُ
ة منه ولطفا ً بالبرار في دار القرار وإتماما للنعيم بالنظر إلى الذات بالبصار ،نعم ً
ة ول نوم سن ٌ ي قادٌر جباٌر قاهٌر ل يعتريه قصوٌر ول عجٌز ول تأخذه ِ وجهه الكريم .وأنه ح ّ
ول يعارضه فناء ول موت .وأنه ذو الملك والملكوت والعزة والجبروت له السلطان
والقهر والخلق والمر والسموات مطويات بيمينه والخلئق مقهورون في قبضته .وأنه
درالمتفرد بالخلق والختراع المتوحد باليجاد والبداع خلق الخلق وأعمالهم وقَ ّ
أرزاَقهم وآجالهم ل يشذ ّ عنه مقدور ول يعزب عن علمه تصاريف المور ،ل ُتحصي
ط بما يجري من م بجميع المعلومات ،محي ٌ مقدوراته ول تتناهى معلوماته .وأنه عال َ ٌ
تخوم الرضين إلى أعلى السموات ،ل يعزب عن علمه مثقال ذرةٍ في الرض ول في
السماء بل يعلم دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء ويدرك
سّر وأخفى ويط ِّلع على هواجس الضمائر وخفيات حركة الذر في جو الهواء ويعلم ال ِ
ل في متجددٍ حاص ٍ ي لم يزل موصوفا به في أزل الزال ل بعلم ٍ ُ ً السرائر ،بعلم ٍ قديم ٍ أزل ٍ
ملك مد َب ٌّر للحادثات فل يجري في ال ُ ت ُ ل والنتقال .وأنه مريد ٌ للكائنا ِ ذاته بالحلو ِ
ن
عرفا ٌ ن أو كفرِ ، ضّر ،إيما ٌ ل ول كثير ،صغيٌر أو كبير ،خيٌر أو شر ،نفعٌ أو ُ والملكوت قلي ٌ
حكمه ة أو عصيان إل بقضائه وقدره و ُ خسر ،زيادةٌ أو نقصان ،طاع ٌ أو نكر ،فوٌز أو ًُ
ومشيئته ،فما شاء كان وما لم يشأ لم يكن ،ل يخرج عن مشيئته لفتة ناظر ول فلتة
ب لقضائه ول ق َ حكمه ول مع ّ خاطر ،بل هو المبدئ المعيد الفّعال لما يريد ،ل راد ّ ل ُ
مهرب لعبدٍ عن معصيته إل بتوفيقه ورحمته ول قوة له على طاعته إل بمحبته وإرادته،
لو اجتمع النس والجن والملئكة والشياطين على أن يحركوا في العاَلم ذرة أو
ة بذاته في جملة صفاته يسكنوها دون إرادته ومشيئته لعجزوا عن ذلك وأن إرادته قائم ٌ
درها لم يزل كذلك موصوفا ً بها مريدا في أزله لوجود الشياء في أوقاتها التي ق ّ
جدت في أوقاتها كما أراده في أزله من غير تقدم ول تأخر بل وقعت على وفق فوُ ِ
ل ول تغّير ،دبر المور ل بترتيب أفكار وتربص زمان ،فلذلك مهِ وإرادته من غير تبد ّ ٍ عل ِ ِ
لم يشغله شان عن شان .وأنه سميعٌ بصير يسمع ويرى ل يعزب عن سمعه مسموع،
ق ،ل يحجب سمعه ُبعد ،ول يدفع رؤيته ي ول يغيب عن رؤيته مرأى وإن د ّ وأنه خف ّ
ظلم يرى من غير حدقةٍ وأجفان ويسمع من غير أصمخةٍ وآذان ،كما يعلم بغير قلب
خلق كما ل تشبه ذاته ويبطش بغير جارحة ويخلق بغير آلة إذ ل تشبه صفاته صفات ال َ
ي قديم قائم بذاته ل يشبه كلم م آمٌر ناهٍ واعد ٌ متوعد ٌ بكلم ٍ أزل ّ ذوات الخلق .وأنه متكل ٌ
الخلق ،فليس بصوت يحدث من انسلل هواء واصطكاك أجرام ول بحرف يتقطع
من َّزلة على ه ال ُ شفةٍ أو تحريك لسان ،وأن القرآن والتوراة والنجيل والزبور ك ُت ُب ُ ُ بإطباق ِ
ب في المصاحف محفوظ في القلوب .وأنه مع ٌ رسله وأن القرآن مقروٌء باللسنة مكتو ٌ
م بذات الله ل يقبل النفصال والفراق بالنتقال إلى القلوب والوراق، م قائ ٌ ذلك قدي ٌ
ت ول حرف كما يرى البرار ذات الله وأن موسى عليه السلم سمع كلم الله بغير صو ٍ
مريدا ً سميعا ً ً ً ً
من غير جوهرٍ ول عََرض ،وإذا كانت له هذه الصفات كان حي ّا عاِلما قادرا ُ
متكلما ً بالحياة والعلم والقدرة والرادة والسمع والبصر والكلم ل بمجرد الذات. بصيرا ً ُ
ض من عدله على أحسن الوجوه وأكملها ث بفعله وفائ ٌ وأنه ل موجود ٌ سواه إل هو حاد ٌ
ل في أقضيته ول ُيقاس عدله بعدل العباد ،إذ م في أفعاله عاد ٌ وأتمها وأعدلها .وأنه حكي ٌ
ُ
ملك غيره ول ُيتصوُّر الظلم من الله ،فإنه ل ظلم بتصرفه في ُ العبد ُيتصوُّر منه ال ُ
س وجن ُ ً
ُيصادف لغيره ملكا حتى يكون تصرفه فيه ظلما ،فكل ما سواه من إن ٍ
مَلك وسماء وأرض وحيوان ونبات وجوهر وعرض ومدرك ومحسوس حادث وشيطان و َ
اختراعه بقدرته بعد العدم اختراعا ً وإنشاؤه إنشاءا ً بعد أن لم يكن شيئا ،إذ كان في
خلق بعده إظهارا لقدرته وتحقيقا ً لما الزل موجودا ً وحده ولم يكن معه غيره فأحدث ال َ
سبق من إرادته ولما حقّ في الزل من كلمته ل لفتقاره إليه وحاجته .وأنه متفض ٌ
ل
2
ل بالنعام والصلح ل عن لزوم فله خلق والختراع والتكليف ل عن وجوب ،ومتطوّ ٌ بال َ
الفضل والحسان والنعمة والمتنان ،إذ كان قادرا ً على أن يصب على عباده أنواع
العذاب ويبتليهم بضروب اللم والوصاب ،ولو فعل ذلك لكان منه عدل ً ولم يكن ُقبحا ً
ب عباده على الطاعات بحكم الك ََرم والوعد ل بحكم الستحقاق ول ُ
ظلما .وأنه ُيثي ُ
واللزوم إذ ل يجب عليه فعل ول ُيتصوُّر منه ظلم ول يجب لحد عليه حق وأن حقه في
الطاعات وجب على الخلق بإيجابه على لسان أنبيائه ل بمجرد العقل ولكنه بعث
الرسل وأظهر صدقهم بالمعجزات الظاهرة فبّلغوا أمره ونهيه ووعده ووعيده فوجب
على الخلق تصديقهم فيما جاؤا به .وأنه بعث النبي المي القرشي محمدا ً صلى الله
عليه وسلم برسالته إلى كافة العرب والعجم والجن والنس فنسخ بشرعه الشرائع إل
ضله على سائر النبياء وجعله سيد البشر ،ومنع كمال اليمان بشهادة ما قرره وف ّ
التوحيد وهي قول )ل إله إل الله( ما لم تقترن بها شهادة الرسول وهي قول )محمد ٌ
خلق بتصديقه في جميع ما أخبر عنه من أمر الدنيا والخرة .وأنه رسول الله( وألزم ال َ
ل يقبل إيمان عبد حتى يؤمن بما أخبر عنه بعد الموت وأوله سؤال منكر ونكير وهما
شخصان مهيبان ُيقِعدان العبد في قبره سويا ً ذا روح وجسد فيسألنه عن التوحيد
من نبيك وهما فّتانا القبر وسؤالهما أول فتنة بعد من ربك وما دينك و َ والرسالة ويقولن َ
الموت ،وأن يؤمن من بعذاب القبر وأنه حق وحكمة وعدل على الجسم والروح كما
يشاء ،وأن يؤمن بالميزان ذي الكفتين واللسان وصفته في العظم أنه مثل طباق
السموات والرض توزن فيه العمال بقدرة الله وتتضح يومئذ مثاقيل الذّر والخردل
تحقيقا ً لتمام العدل وُتطَرح صحائف الحسنات في صورة حسنة في كفة النور فيثقل
بها الميزان على قدر درجاتها عنده بفضل الله وُتطرح صحائف السيئات في كفة
الظلمة فيخف بها الميزان بعدل الله ،وأن يؤمن بأن الصراط حق وهو جسر ممدود
ل عنه أقدام الكافرين بحكم الله على متن جهنم أحد ّ من السيف وأدق من الشعر تزِ ّ
فيهوي بهم إلى النار ويثبت عليه أقدام المؤمنين فُيساقون إلى دار القرار ،وأن يؤمن
بالحوض المورود حوض محمد صلى الله عليه وسلم يشرب منه المؤمنون قبل دخول
ه مسيرة ض ُ
ة لم يظمأ بعدها أبدا ،عر ُ من شرب منه ُ
شرب ً الجنة وبعد جواز الصراطَ ،
شهر أشد بياضا ً من اللبن وأحلى من العسل ،حوله أباريقٌ عددها عدد نجوم السماء
ش في فيه ميزابان يصبان من الكوثر ،ويؤمن بالحساب وتفاوت الخلق فيه إلى متناقَ ٍ
من يدخل الجنة بغير حساب وهم المقربون ،فيسأل مٍح فيه وإلى َالحساب وإلى مسا َ
سلين من شاء من الكفار عن تكذيب المر َ من النبياء عن تبليغ الرسالة و َ من يشاء ِ َ
ويسأل المبتدعة عن السنة ويسأل المسلمين عن العمال ويؤمن بإخراج الموحدين
حد بفضل الله تعالى ،ويؤمن بشفاعة من النار بعد النتقام حتى ل يبقى في جهنم مو ّ
ل على حسب جاهه النبياء ثم الولياء ثم العلماء ثم الشهداء ثم سائر المؤمنين ك ّ
رج بفضل الله فل يخلد في النار ُ
ومنزلته ومن بقي من المؤمنين ولم يكن له شفيع أخ ِ
من كان في قلبه مثقال ذرة من اليمان ،وأن يعتقد فضل مؤمن بل يخرج منها َ
الصحابة وترتيبهم وأن أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم
ن الظن بجميع الصحابة وُيثني س َ عمر ثم عثمان ثم علي رضوان الله عليهم وأن ُيح ِ
عليهم كما أثنى الله تعالى ورسوله عليهم أجمعين ،فكل ذلك مما وردت به الخبار
موِقنا ً به كان من أهل الحق وعصابة ال ُ
سنة وشهدت به الثار فمن اعتقد جميع ذلك ُ
وفارق رهط الضلل وحزب البدعة فنسأل الله تعالى كمال اليقين والثبات في الدين
لنا ولكافة المسلمين إنه أرحم الراحمين ،انتهى.
المرجع:
كتاب خلصة الكسير في نسب سيدنا الغوث الرفاعي الكبير،
للشيخ المام علي أبي الحسن الواسطي الشافعي رضي الله عنه.
3