You are on page 1of 167

‫اإلهداء‬

‫إلى كل نفس حابرة فً دوامات الصراع والقلق‪.‬‬


‫إلى كل نفس محرومة من الهدوء واألمان والراحة واإلطمبنان‪.‬‬
‫وإلى كل نفس نالت الحٌاة األبدٌة بدم الفادي ولكن إبت لعتها دوامات الحٌاة‬
‫الزمنٌة بمشاكلها وأحزانها‪.‬‬
‫وإلى كل نفس تشتاق لحٌاة الفرح والسبلم الذي ال تعصؾ به الهموم واآلالم‪.‬‬
‫هللا‬
‫ذلك السبلم الذي ال ٌمكن للعالمأن ٌمنحه لنا وال أن ٌؤخذه منا ألنه سبلم ‪.‬‬
‫إلى كل هإالء‬
‫أقدم هذا الكتاب راجٌة من مخلصً تبارك اسمه أن ٌجعله‬
‫سببا ًا فً رجوع البعٌدٌن‬
‫وشفاء المرتدٌن‬
‫وتقوٌة للمإمنٌن‬
‫وتعزٌة لكل قلب مجروح وحزٌن‬

‫{ أمٌن }‬

‫أنصاؾ نعٌم تاٌه‬

‫‪-3-‬‬
‫مقدمه المؤلفة‬
‫إني أقدم للقارئ والقاربة هذا الكتاب كشهادة إلعبلن الحق اإللهً فً المسٌح‬
‫ٌسوع ربنا الذي حول ؼروب شمسنا إلى شروق منذ اللحظة األولى لقبوله‬
‫مخلصا ًا وفادٌا ًا وملكا ًا متوجا ًا على القلب وسٌظل عمله العجٌب لخبلصنا أم جد‬
‫وأعظم حقٌقة فً حٌاتنا وسٌظل شخصه المبارك موضوع تسبٌح قلوبنا إلً‬
‫دهر الدهور‪.‬‬
‫وأننً إذ اقدم الشونمٌة كالمرأة العظٌمة اعلم تماما ًا أننً لم ابلػ جمال تلك‬
‫القصة الرابعة اآلخاذة التى سجلها الوحً اإللهً فً سفر الملوك الثانً (من‬
‫عدد‪ )27-8‬واننً لن أستطٌع أن أرقً بحال من األحوال إلً سمو وجمال‬
‫وكمال تلك القصة الرابعة التً تقؾ شاهدة على مر العصور واألجٌال فً كل‬
‫زمان ومكان بعظمة عمل نعمة هللا فً تلك المرأة العظٌمة‪.‬‬
‫وقد قادنً الروح القدس لكتابة هذا الجزء األول من هذه السلسلة من كتب‬
‫بن الشونمٌة لٌست متقدمة بحسب الترتٌب الكتابً أو‬ ‫المرأة فً المسٌح علما ًا أ‬
‫ًا‬ ‫ُ‬
‫الزمنً لنساء الكتاب المقدس إال أنها تعد مثاال لتجلً عمل نعمة هللا فً أجمل‬
‫وأبهً صوره فاإلنسان الطبٌعً بدون المسٌح ما هو إال بطل رواٌة محزنة فً‬
‫وسط عالم مظلم تنتظره وقابد أبدٌة فً الجحٌم ولكن النعمة تنقله من دابرة‬
‫المسٌح‬
‫‪.‬‬ ‫ص إلً دابرة البر والقداسة فً‬ ‫الذات وما تحمله من عٌوب ونقائ‬
‫ولكن ربما ٌقول قابل أٌن الشونمٌة التً وردت قصتها فً العهد القدٌم‬
‫والمسٌح الذي جاء بالجسد بعد مبات السنٌن من تلك القصة؟‬
‫ولذلك المعترض أقول أن كل الكتاب بعهدٌه القدٌم والجدٌد كتبه أناس هللا‬
‫القدٌسون مسوقٌن من الروح القدس وٌدور كله حول شخص الفادي تبارك‬
‫اسمه النه المركز والمحور وعمله الكفاري هو األساس الوحٌد لقبولنا أمام هللا‬
‫فمن ٌقبله مخلصا ًا شخصٌا ًا له ٌتصالح مع اآلب ومع نفسه ومع اآلخرٌن من‬
‫تقبل عزٌزى‬ ‫حوله وٌصبح ابنا ًا هلل وو ارثا ًا مع المسٌح لكل أمجاد السماء فهل ُ‬
‫القارئ إلً ذلك المخلص العجٌب وتجثو عند قدمٌه باتضاع وخشوع من كل‬
‫قلبك فتنال الؽفران‪.‬‬
‫عزٌزي القارئ تعال اآلن إلً المخلص العجٌب واقبله فً قلبك قبل فوات‬
‫األوان أل ن نعمته خصصت لكل خاطا فاجر ولكل مإمن عاثر فهل تقبل إلٌه‬
‫اآلن؟ النه ٌوجد أٌضا لك مكان فً قلبه الحنان‪.‬‬

‫أمين‬
‫أنصاؾ نعٌم تاٌه‬

‫‪-4-‬‬
‫مقدم ة خادم الرب األمٌن األخ طلعت فكري الضبع‬
‫أشكر هللا ألجل أختنا الفاضلة أنصاؾ التً تتمتع بدؾء الشركة مع إخوتنا‬
‫بالكنسٌة المحلٌة بملوي ولها خدمتها مع األخوات‪.‬‬
‫وقد تناولت قصة الشونمٌة بطرٌقة جذابة أخذتنا من خبلله ا إلى جولة فً أهم‬
‫الموضوعات الروحٌة التً ٌحتاج إلٌها كل انسان وكل ذلك فً أسلوب واضح‬
‫ومسلسل نلمس منه مدى إدراك الكاتبة لؽنى وعمق كلمة هللا وقوة تؤثٌرها كما‬
‫نبلحظ التسلسل الدقٌق فً سرد الحقابق والمعانً الرمزٌة عن شخص ربنا‬
‫ٌسوع المسٌح تبارك اسمه‪.‬‬
‫ًا‬
‫وٌسعدنً أن اقدم هذا الكتاب راجٌا من الرب أن ٌستخدم كل ما جاء بطٌاته‬
‫لمجد اسمه فً جذب نفوس البعٌدٌن وتقوٌة المإمنٌن وثباتهم وتعزٌة المتؤلمٌن‬
‫كً ٌعود المجد لشخصه المبارك‪.‬‬
‫خادم الرب‬
‫طلعت فكري الضبع‬

‫‪-5-‬‬
‫الفهرس‬

‫صفحة‬ ‫المحتوٌـــــــــــات‬
‫ٖ‬ ‫اإلهـــــداء‪........................................................‬‬
‫مقدم ة‬
‫ٗ‬
‫المـــإلفة‪....................................................‬‬
‫مقدمة االخ طلعت فكري الضبع خادم الرب‬
‫٘‬
‫األمٌن‪.....................‬‬
‫الباب األول‬
‫الفصل األول‬
‫(ٔ)‬
‫‪9‬‬
‫مقدم ة‪........ ..................................................‬‬
‫(ٕ) الشونمٌة وشهادة هللا‬
‫ٕٔ‬
‫عنها‪......................................‬‬
‫‪ -‬ما هً مقٌاس العظمة الحقٌقٌة فً نظر‬
‫ٕٔ‬
‫هللا‪..................‬‬
‫(ٖ) محبة المإمنٌن واستضافة‬
‫٘ٔ‬
‫القدٌسٌن‪...............................‬‬
‫(ٗ) معرفة‬
‫‪ٔ9‬‬
‫الحق‪.....................................................‬‬
‫(ٔ) الٌشع صورة رمزٌة وظل باهت خفٌؾ‬
‫ٕٕ‬
‫للمسٌح‪................‬‬
‫(ٕ) المسٌح له المجد هو محور الكتاب المقدس‬
‫‪ٕ7‬‬
‫كله‪..................‬‬
‫(ٔ) بعض الرموز والظبلل التً وردت فً سفر‬
‫‪ٕ7‬‬
‫التكوٌن‪...........‬‬
‫(ٕ) بعض الرموز والظبلل التً وردت فً سفر‬
‫ٖٓ‬
‫الخروج‪............‬‬
‫ٖٓ‬ ‫(ٖ) بعض الرموز والظبلل التً وردت فً سفر‬
‫‪-6-‬‬
‫البلوًٌن‪...........‬‬
‫(ٗ) بعض الرموز والظبلل التً وردت فً سفر‬
‫ٖٔ‬
‫العدد‪..............‬‬
‫(٘) بعض الرموز والظبلل التً وردت فً األسفار‬
‫ٕٖ‬
‫الشعرٌة‪........‬‬
‫الفصل الثانً‬
‫(ٔ) الطابع الممٌز لحٌاة االٌمان‬
‫‪ٖ7‬‬
‫المسٌحً‪..............................‬‬
‫(ٔ) المإمن الحقٌقً موضع ثقة اآلخرٌن من‬
‫‪ٖ7‬‬
‫حوله‪..................‬‬
‫(ٕ) سمو سلوك‬
‫ٖٗ‬
‫المإمن‪.. ...........................................‬‬
‫(ٖ) الشبع الكامل‬
‫ٗٗ‬
‫بالرب‪..........................................‬‬
‫(ٗ) اإلتكال الكامل على الرب هو مصدر سعادة‬
‫‪ٗ8‬‬
‫المإمن‪................‬‬
‫(ٔ) ما هو المصدر الحقٌقً‬
‫‪ٗ9‬‬
‫للسعادة‪.............................‬‬
‫(ٕ) إتمام الوعد‬
‫ٕ٘‬
‫الصادق‪. .....................................‬‬
‫(ٕ) خطة هللا فً حٌاة‬
‫ٖ٘‬
‫المإمن‪.........................................‬‬
‫(ٔ) هللا ٌرٌد أن ٌكون موضوع مشؽولٌة قلب‬
‫ٗ٘‬
‫المإمن‪.............‬‬
‫(ٕ) هللا ٌعلم كل مإمن كٌؾ ٌسلم له‬
‫‪٘7‬‬
‫األمور‪.....................‬‬
‫(ٖ) واجب المإمنٌن لٌس فقط تحمل كل ما ٌحدث من‬
‫ٓ‪ٙ‬‬ ‫وإنم ا التضامن مع برنامج‬ ‫ظروؾ الحٌاة‬
‫السماء‪..........................‬‬

‫‪-7-‬‬
‫الباب الثانً‬
‫الفصل األول‬
‫(ٔ) متً ٌلمع اإلٌمان‬
‫‪ٙٙ‬‬
‫المسٌحً؟‪......................................‬‬
‫(ٕ) م اذا ٌفعل المإمنٌن عند حدوث اآلالم‬
‫‪ٙ7‬‬
‫والمحن؟‪.....................‬‬
‫(ٔ) الشونمٌة وسلوكها‬
‫‪ٙ7‬‬
‫المزكى‪.....................................‬‬
‫(ٕ) ماذا فعل أٌوب إمام‬
‫ٖ‪7‬‬
‫الصابرٌن‪. ................................‬‬
‫(ٖ) إلى من نلجؤ وسط اآلالم‬
‫‪78‬‬
‫والمحن‪................................‬‬
‫(ٗ) كٌؾ نلجؤ إلى هللا وسط اآلالم‬
‫٘‪8‬‬
‫والمحن؟‪........................‬‬
‫(ٖ) تقدٌم العطاء‬
‫‪87‬‬
‫للرب‪. ............................................‬‬
‫الفصل الثانً‬
‫(ٔ) سبلم هللا‬
‫ٔ‪9‬‬
‫لؤلتقٌاء‪...............................................‬‬
‫(ٔ) ما هو‬
‫ٔ‪9‬‬
‫السبلم؟‪. ...............................................‬‬
‫(ٕ) سبلم هللا لقلة قلٌلة من‬
‫ٕ‪9‬‬
‫األتقٌاء‪.............................‬‬
‫(ٔ) سبلم هللا لبطرس فً‬
‫ٖ‪9‬‬
‫السجن‪. ..............................‬‬
‫(ٕ) سبلم هللا لبولس وسٌبل فً‬
‫٘‪9‬‬
‫السجن‪.........................‬‬
‫لدانًل فً جب‬ ‫آ‬ ‫(ٖ) سبلم هللا‬
‫‪9ٙ‬‬
‫األسود‪. ..........................‬‬
‫‪-8-‬‬
‫(ٗ) سبلم هللا للفتٌة فً‬
‫‪98‬‬
‫اآلتون‪. ...............................‬‬
‫(ٖ) كل آمال المإمن فً الرب‬
‫ٔٓٔ‬
‫وحده‪.................................‬‬
‫(ٗ) موقؾ االتقٌاء تجاه احداث‬
‫ٗٓٔ‬
‫البري‪...........................‬‬
‫ة‬
‫(ٔ) اإلتضاع امام‬
‫ٗٓٔ‬
‫هللا‪. .........................................‬‬
‫(ٕ) على االتقٌاء الحذر من جٌحزى و‬
‫ٗٓٔ‬
‫أمثاله‪...................‬‬
‫(ٖ) جٌحزى ال ٌمجد هللا والعكاز ال ٌعط ي‬
‫‪ٔٓ8‬‬
‫الحٌاة‪..............‬‬
‫الباب الثالث‬
‫الفصل األول‬
‫(ٔ) معجزة إقامة ابن الشونمٌة من بٌن‬
‫ٔٔٔ‬
‫األموات‪.......................‬‬
‫(ٔ) الحالة قبل وصول ألٌشع‬
‫ٔٔٔ‬
‫البٌت‪. ..............................‬‬
‫(ٕ) الصورة الرمزٌة لفادي‬
‫ٔٔٔ‬
‫البشرٌة‪..............................‬‬
‫(ٕ) اإلٌمان‬
‫ٖٔٔ‬
‫المسٌحً‪.................................................‬‬
‫(ٔ) إٌمان‬
‫ٗٔٔ‬
‫الخبلص‪...............................................‬‬
‫( الخبلص بالمسٌح وحده وعلى أساس‬
‫‪ٔٔ7‬‬
‫النعمة)‪.................‬‬
‫أوال‪ :‬الخبلص من دٌنونة‬
‫‪ٔٔ9‬‬
‫الخطٌة‪................................‬‬
‫ٕٔٔ‬ ‫(ٔ) الخبلص بالمسٌح ابن هللا وحده ال‬
‫‪-9-‬‬
‫سواه‪....................‬‬
‫(ٕ) عظم ة الخبلص‬
‫ٕٔٔ‬
‫ومداه‪....................................‬‬
‫أوال‪ :‬خبلص ماضً‬
‫ٕٕٔ‬
‫نلناه‪...................................‬‬
‫ثانٌا‪ :‬خبلص حاضر‬
‫ٕٕٔ‬
‫نحٌاه‪................................‬‬
‫ثالثا‪ :‬خبلص مستقبلً‬
‫ٕٕٔ‬
‫نترجاه‪. ............................‬‬
‫(ٖ) إٌمان‬
‫ٕٕٔ‬
‫التعلٌم‪.............................................‬‬
‫(ٔ) كلمة هللا هً ٌنبوع‬
‫ٖٕٔ‬
‫الحٌاة‪. .............................‬‬
‫(ٖ) إٌمان‬
‫ٕ٘ٔ‬
‫الثق‪.................................................‬‬
‫ة‬
‫الفصل الثانً‬
‫ٖٔٔ‬ ‫(ٔ) الســــــــــــجود‪..............................................‬‬
‫(ٕ) لماذا اآلالم‬
‫ٖٗٔ‬
‫؟‪.....................................................‬‬
‫الباب الرابع‬
‫‪ٔ٘8‬‬ ‫خاتمــــــة‪.......................................................‬‬

‫‪-10-‬‬
‫الباب األول‬
‫الفصل األول‬
‫(ٔ) مقدمـــة‬
‫وردت قصة هذه المرأة فً الكتاب المقدس فً العهد القدٌم فً سفر الملوك‬
‫الثانً واإلصحاح الرابع من عدد (‪ 8‬حتى ‪.)38‬‬
‫ومن المعروؾ أن هذه المرأة تعرؾ بالمرأة الشونمٌة نظراًا ألنها من مدٌنة‬
‫شونم وهً مد ينة كنعانٌة مقابل جبل جلبوع (ٌش ‪ )17،18 :19‬وكانت من‬
‫نصٌب بنً ٌساكر ومن هذه المدٌنة أٌضا ابٌشج الشونمٌة التً تم اختٌارها‬
‫لتكون حاضنة الملك داود وهذه المدٌنة تسمى الٌوم "سولم " وتبعد ‪ 16‬مٌبلًا‬
‫عن جبل الكرمل حٌث كان ألٌشع النبً ٌقٌم‪.‬‬
‫أما عنوان هذا الكتاب (المرأة العظٌمة) فهذا ما سوؾ توضحه لنا كلمة هللا‬
‫من خبلل طٌات هذا الكتاب‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫كما إننً أفضل أن ٌطلع القارئ والقاربة أوال على تلك القصة الجمٌلة‬
‫بحسب ما دونها لنا الوحً اإل لهً فما أجمل وما أعمق وما أعظم كلم ة هللا فبل‬
‫ٌوجد أشهى وأحب إلى القلب من أقوال هللا فكل كبلم البشر سوؾ ٌزول‬
‫أو ؼٌرها من‬ ‫ولٌست الكاتبة هً أول وال آخر من تكلم عن هذه المرأة‬
‫القدٌسين والقدٌسات ولكن األ فكار تتؽٌر واآلراء تتبدل وتبقً الكلمة اإللهٌة‬
‫باقٌة بل إن السماء واألرض تزوالن ولكن كلم ة هللا ال تزول وفً هذا المعنى‬
‫قال المبشر المعروؾ مودي كثٌرون ٌظنون أن الكتاب المقدس لم ٌعد ٌبلبم‬
‫عصرنا ألنه كتاب قدٌم وهذا نفس الفكر الخاطا الذي ٌعت قد أن الشمس لم‬
‫تعد صالحة الٌوم ألنها منذ قرون وال حاج ة لنا إلٌها اآل بل تكفً الكهرباء ‪..‬‬
‫أما بالنسبة لً فكما أتمسك بالشمس القدٌمة للنور والدؾء أتم سك بالكتاب‬
‫المقدس أل ن نوره ٌعطً الحٌاة دؾء المحبة وفٌض السبلم ولقد آمنت‬
‫(‪)2‬‬
‫بواسطته بالرب ٌسوع المسٌح فوجدت الطرٌق والحق والحٌاة‬

‫(‪)1‬‬
‫عن قاموس الكتاب المقدس‪.‬‬
‫(‪)2‬‬
‫وردت بمجلة الشباب المسيحي (أبريل ‪ 1992‬صـ ‪.)29‬‬
‫‪-11-‬‬
‫ء‬ ‫وأنا أضٌؾ لقول مودى بؤنه كما نتمسك بالشمس القدٌمة للنور والدؾ‬
‫نتمسك بالكتاب المقدس فانا وان أمكننً ٌوما ما أن أتخلً عن نور الشمس‬
‫القدٌمة ودفبها فلن ٌمكننً أبداًا أن أتخلً عن نور ودؾء الحٌاة فً كلمه هللا‬
‫فً الكتاب المقدس الذي هو دستور الحق وقاعدته‪.‬‬
‫وقال جون داربً‬
‫إن من عظمة سلطان كلم ة هللا أن السٌد المسٌح له كل المجد فً كل تجربة‬
‫فً رده علً الشٌطان لم ٌستخدم اكثر من عدد واحد من كلم ة هللا وقد كان‬
‫كافٌا لهزٌمة الشٌطان وإسكاته (‪ )1‬وٌذكر أن فتاه فقدت بصرها ونادت وهً‬
‫علً فراش الموت طالبه بلهفة ا لكتاب المقدس لكً تقرأ فٌه للمرة األخٌرة‬
‫وهً تعلم أنها سوؾ تفارق الحٌاة وتصل إلى األبدٌة بسبلم وقد تعلمت طرٌقة‬
‫براٌل فً القراءة(‪ ..)2‬ولكن ما أن أمسكت بالكتاب ومرت بؤصابعها كعادتها‬
‫حتى شعر كل من حولها بانقباضه مفاجبة فً وجهها فقد عجزت هذه المرة‬
‫عن أن تقرأ أل ن المرض قد ّأثر علً أصابعها مما افقدها القدرة علً‬
‫اإلحساس ولكنها أطبقت الكتاب واحتضنته بحب شدٌد وقبلته بشفتٌها وهً‬
‫تقول ٌا كتابً الؽالً لن اقرأ فٌك بعد اآلن ولكنً الزلت احبك ثم ؼمرتها‬
‫فرحه مفاجبة ‪ ..‬لقد اكتشفت أنها الزالت تحس بشفتٌها وجاءها الحل (لم ال‬
‫تستخدم شفتٌها فً القراءة؟) وبالفعل مرت بشفتٌها علً الحروؾ البارزة فً‬
‫كتابها ووصلت الكلمات كعادتها إلى عقلها ثم إلى قلبها ورددت كم أنت حلو‬
‫أٌها الكتاب السماوي فهٌا أخً القارئ وأختً القاربة إلى كتابك المقدس الذي‬
‫انسً هذه الفتاه آالمها ورفعها فوق محنتها فالكتاب ا لمقدس كما قٌل هو دلٌل‬
‫المسافر وزمٌل السابح وسبلح المحارب ودرع المقاتل وهو تلٌسكوب اإلٌمان‬
‫ومٌكروسكوب الضمٌر ومرآة وجه المسٌح(‪.)3‬‬

‫(‪ )1‬وردت بمجلة الشباب المسيحي ( ابريل ‪ 1992‬م صـ ‪. ) 29‬‬


‫(‪ )2‬ىي طريقة معروفة للمكفوفين بحروف رمزية بارزة ( علي شكل نقط )‪.‬‬
‫(‪ )3‬وردت ىذه القصة بمجلة رسالة الشباب المسيحي ( يناير ‪ 1993‬ص ‪) 19 ، 18‬‬
‫‪-12-‬‬
‫(‬ ‫لنهتؾ مع المرنم (قابلٌن ) ابتهج أنا بكبلمك كمن وجد ؼنٌمة وافرة‬
‫مز‪ )ٕٔٙ:ٔٔ9‬ففً كلم ة هللا نعرؾ الحق والحق ٌحررنا وفٌها شبع للنؾ س‬
‫وراحه للقلب‪.‬‬
‫ولذلك فإننً أبدأ بتقدٌم تلك القصة كما أوردها الروح القدس وهً كاالتً‪:‬‬
‫وفً ذات ٌوم عبرألٌشع إلى شونم ‪ ..‬وكانت هناك إمر أة عظٌمة فؤمسكته لٌؤكل‬
‫خبزاًا‪ .‬وكان كلما عبر ٌمٌل إلى هناك لٌؤكل خبزاًافقالت لرجلها قد علمتأنه رجل‬
‫ً علً الحابط صؽٌرة ونضع له هناك‬ ‫هللا مقدس الذي ٌمر علٌنادابما ًا‪ .‬فلنعمل ُعلّ ة‬
‫إلٌهاوفً ذات ٌوم جاء إلً‬ ‫سرٌراًا وخوانا ًا وكرسٌا ًا ومنارة حتى إذا جاء إلٌنا ٌمٌل ‪.‬‬
‫هناك ومال إلً ال ُعلًّة وأضجع فٌها ‪ .‬فقال لجٌحزي ؼبلمه ِا ُدع هذه الشونمٌة ‪.‬‬
‫فدعاها فوقفت أمامه فقال له قل لها هوذا قد انزعجت بسببنا كل هذا االنزعاج‪.‬‬
‫الجٌش فقالت إنما أنا‬
‫‪.‬‬ ‫لك هل لك ما ٌُتكلم به إلى الملك أو إلى ربٌس‬ ‫فماذا ٌصنع ‪.‬‬
‫ساكنه فً وسط شعبً ‪ .‬ثم قال فماذا ٌُصنع لها ‪ .‬فقال جٌحزي إنه لٌس لها ابن‬
‫ورجلها قد شاخ فقال ادعها‪ .‬فدعاها فوقفت فً الباب‪ .‬فقال فً هذا المٌِعاد نحو‬
‫الحًة تحتضنٌن ابنا ًا‪ .‬فقالت ال ٌا سٌدي رجل هللا ال تكذب علً جارٌتك ‪.‬‬ ‫ا‬ ‫زمان‬
‫فحبلت المرأة وولدت ابنا ًافً ذلك المٌعاد نحو زمان ال احةًِكما قال لها ألٌشع وكبر‬
‫أبً إلى الحصادٌن‪ .‬وقال ألبٌه رأسً رأسً‪ .‬فقال‬ ‫إل ه‬ ‫الولد وفً ذات ٌوم خرج ى‬
‫هر‬ ‫ُ‬
‫للؽبلم احمله إلى أمه فحمله وأتى به إلى أمه فجلس على رُكبتٌها إلى الظ ِ‬
‫علًوخرجت‪ .‬ونادت‬ ‫ومات‪ .‬فصعدت و أضجعته علً سرٌر رجل هللا وأؼلقت ه‬
‫رجلها وقالت أرسل لً واحداًا من الؽلمان وإحدى األتن فاجري إلى رجل هللا‬
‫سبلم وشدت‬‫وأرجع‪ ..‬فقال لماذا تذهبٌن إلٌه الٌوم ال راس شهر وال سبت فقالت ‪..‬‬
‫ؼبلمها سق وسر وال تتعوق ألجلً فً الركوب أن لمأقل لك‬ ‫علً األتان وقالت ل‬
‫الكرملفلما رآها رجل هللا من بعٌد‬
‫‪.‬‬ ‫وانطلقت حتى جاءت إلى رجل هللا إلى جبل‬
‫قال لجٌحزي ؼبلمه هوذا تلك الشونمٌة‪ ..‬اركض اآلن للقابها وقل لها أسبلم لك‪.‬‬
‫أسبلم لزوجك ‪ .‬أسبلم للولد ‪ .‬فقالت سبلم ‪ .‬فلما جاءت إلى رجل هللا إلى الجبل‬
‫أمسكت رجلٌه ‪ .‬فتقدم جٌحز ي لٌدفعها‪ .‬فقال رجل هللا دعها أل ن نفسها مرة فٌها‬
‫والرب كتم األمر عنً ولم ٌخبرنً‪ ..‬فقالت هل طلبت ابنا ًا من سٌدي ‪ .‬ألم أقل ال‬
‫صدفت أحداًا‬ ‫نطلق وإذا ا‬ ‫تخدعنً فقال لجٌحزي اشدد حقوٌك وخذ عكازي بٌدِكا و‬
‫فبل تباركه وإن باركك أحد الؾتجبه‪ .‬و ضع عكازي علً وجه الصبً‪ .‬فقالت أم‬
‫أترككفقام وتبعها‪ .‬وجاز جٌحزي‬ ‫الصبً حً هو الرب وحٌة هً نفسك إننً ال ‪.‬‬

‫‪-13-‬‬
‫مصػ فرجع للقابه‬‫‪.‬‬ ‫قدامهما ووضع العكاز علً وجه الصبً فلم ٌكن صوت وال‬
‫وأخبره قاببل لم ٌنتبه الصبً ‪ .‬ودخل ألٌشع البٌت وإذا بالصبً مٌت ومضطجع‬
‫الرب ثم صعد‬
‫ره‪ .‬فدخل واؼلق الباب على نفسٌهما كلٌهما وصلى إلى ‪.‬‬ ‫على سري‬
‫واضطجع فوق الصبً ووضع فمه على فمه وعٌنٌه على عٌنٌه وٌدٌه على ٌدٌه‬
‫وتمدد علٌه فسخن جسد الولد‪ .‬ثم عاد وتمشى فً البٌت تارة إلى هنا وتارة إلى‬
‫هناك وصعد وتمدد علٌه فعطس الصبً سبع مرات ثم فتح الصبً عًنٌه فدعا‬
‫جٌحزي وقال اد ُع هذه الشونمٌة فدعاها ولما دخلت إلٌه قال احملً ابنك فؤتت‬
‫وسجدتلى األرض ثم حملت ابنها وخرجت ( ٕمل ٗ ‪8 :‬‬ ‫إ‬ ‫وسقطت على رجلٌه‬
‫‪.) ٖ7 -‬‬
‫(ٕ) الشونمٌة وشهادة هللا عنها ‪- :‬‬
‫حٌنما ٌنظر شخص لشخص أخر نظرة تقدٌر واعجاب وٌصفه بؤنة انسانا‬
‫عظٌما ففً هذا شهادة طٌبة لذلك االنسان وتزداد عظمة الشهادة حٌن ٌضم‬
‫شخصان او اكثر صوتهم معا لمدح ذلك االنسان‪.‬‬
‫وكم تكون العظمة حٌنما تصؾ جماعة هللا ( الكنٌسة ) أخا ًا أو أختا ًا بالعظمة‬
‫ففً هذا كمال الجمال ولكن ما رأي القراء فً عظمة هذه المرأة التً ٌشهد‬
‫لها هللا بذاته فنحن نعلم ٌقٌنا ان الكتاب المقدس هو كبلم هللا بحسب قوله (كل‬
‫الكتاب هو موحى به من هللا ) ( ٕ تً ٖ ‪.) ٔٙ :‬‬
‫وٌؤخذنا الروح القدس مباشرة الى القول ( وفً ذات ٌوم عبر الٌشع الى‬
‫شونم وكانت هناك امرأة عظٌمة )‪ٕ ( .‬مل ٗ ‪.) 8 :‬‬
‫كما نبلحظ ان الروح القدس ٌقدم هذه المرأة دون ان ٌذكر لنا أي وصؾ‬
‫سابق لها ودون ان ٌذكر حالتها او مركزها االجتماعً او حتى مجرد اسمها‬
‫وهذا ٌعنً ان هللا ال تهمه االسماء الرنانة وال ٌوجد فً السماء حساب او‬
‫مكان للوظٌفة المرموقة او المركز االجتماعً او الشهادة العلٌا فهذه كلها‬
‫مقاٌٌس بشرٌة‪ .‬ولكن مقاٌٌس هللا تختلؾ تماما عن مقاٌٌس البشر فٌقول الرب‬
‫(الن افكاري لٌست افكاركم وال طرقكم طرقً ٌقول الرب ‪ .‬النه كما علت‬
‫السموات عن االرض هكذا علت طرقً عن طرقكم وافكاري عن افكاركم )‬
‫(أش ٘٘‪.)9 ،8:‬‬

‫(ٔ) ما هو مقٌاس العظمة الحقٌقٌة فً نظر هللا ؟‬

‫‪-14-‬‬
‫نبلحظ من خبلل كلمة هللا ان العظمة الحقٌقٌة ألي إنسان تقاس بمدى ما فً‬
‫القلب من اٌمان بوجود هللا وقدرته وخبلصه العجٌب ومحبته الفابقة له ولكل‬
‫من ٌقبل الى الرب بثقة وٌقٌن‪.‬‬
‫(سار‬ ‫إن اجمل شهادة ٌمكن ان تقال عن انسان هً ما قٌل عن اخنوخ‬
‫اخنوخ مع هللا) (تك ٘ ‪ )ٕٕ :‬وأٌضا (إذ قبل نقله شهد له بؤنه قد أ رضى هللا )‬
‫(عبٔٔ‪.)٘:‬‬
‫ان بر االنسان لٌس فً ذاته بل باٌمانه بمن ٌبرر الفاجر ولذلك ٌرد قول‬
‫الرب فً سفر العبرانٌٌن االصحاح الحادي عشر بعد الشهادة التً شهدها‬
‫الروح القدس عن اخنوخ ( ولكن بدون اٌمان ال ٌمكن ارضاإه النه ٌجب ان‬
‫الذي ٌاتً الى هللا ٌإمن بؤنه موجود وانه ٌجازي الذٌن ٌطلبونه ) ( عب ٔٔ ‪:‬‬
‫‪.) ٙ‬‬

‫قال احدهم ‪:‬‬


‫انه عظٌم حقا من هو صؽٌر فً عٌنً ذاته ‪ ،‬ومن ال ٌعمل حسابا الي‬
‫(‪)1‬‬
‫كرامة شخصٌة فً سبٌل ارضاء الرب‪.‬‬
‫وقال احدهم ‪:‬‬
‫كلما ادركنا المقام العالً الذي اوصلتنا الٌه النعمة كلما استطعنا ان نتمثل‬
‫بالسٌد الجلٌل فً إتضا عه ذلك الذي كان شعاره ( انا بٌنكم كالذي ٌخدم ) ( لو‬
‫ٕٕ ‪.) ٕ7 :‬‬
‫لقد كان له كل المجد أسمى مثال للمإمنٌن ذلك العظٌم صاحب السلطان‬
‫والقدرة والقوة والجبروت نراه ٌُخلى نفسه أخذاًا صورة عبد وهو المعبود‬
‫والخالق فكما ٌقول الوحً ( فلٌكن فٌكم هذا الفكر الذي فً المسٌح أٌضا ‪..‬‬
‫الذي اذ كان فً صورة هللا لم ٌحسب خلسة ان ٌكون معادال هلل ‪ .‬لكنه اخلى‬
‫نفسه اخذا صورة عبد صابرا فً شبه الناس ‪ .‬و إذ وجد فً الهٌبة كانسان‬
‫وضع نفسه واطاع حتى الموت موت الصلٌب ) ( فً ٕ ‪.) 8 - ٘ :‬‬
‫ب‬ ‫وٌدون لنا الوحً المقدس قصة المرأة الكنعانٌة التً خرجت الى الر‬
‫ٌسوع المسٌح ( قابلة ‪ :‬ارحمنً ٌا سٌد ٌا ابن داود ابنتً مجنونة جدا فلم‬

‫(‪ )1‬مجلة مياه الراحة العدد (‪ )25‬الغالف االخير ‪.‬‬


‫‪-15-‬‬
‫‪.‬‬ ‫ٌجٌبها بكلمة ‪ .‬فتقدم تبلمٌذه وطلبوا الٌه قابلٌن إصرفها ألنها تصٌح ورابنا‬
‫فاجاب وقال لم أُُُ رسل إال إلى خراؾ بٌت اسرابٌل الضالة فاتت وسجدت له‬
‫ذ خبز البنٌن وٌطرح‬ ‫قابلة ٌا سٌد أعّنً فؤجاب وقال لٌس حسنا ان ٌإخ‬
‫للكبلب‪ .‬فقالت نعم ٌا سٌد والكبلب اٌضا تؤكل من الفتات الذي ٌسقط من مابدة‬
‫أربابها ‪ .‬حٌنبذ اجاب ٌسوع وقال لها ٌا امرأة عظٌم اٌمانك لٌكن لك كما‬
‫ترٌدٌن فشفٌت ابنتها من تلك الساعة) (مت٘ٔ‪)ٕ8-ٕٕ:‬‬
‫المرأة شٌبا ُ‬ ‫ونرى فً معاملة الرب ٌسوع المسٌح له كل المجد مع هذه‬
‫مخالفا لما ألفناهُ فً شخصه الحنان وفً رقة قلبه المحب ‪ .‬لكنه كاإلله الذي‬
‫ٌعلم كل شا لم ٌقصد أن ٌقسو على هذه المر أة لكي ٌذلها ولكنه أراد أن ٌظهر‬
‫مدى ما فً قلبها من إٌمان ودلٌل هذا اإلٌمان العظٌم هو اإلتضاع‪.‬‬
‫وٌقدم لنا الروح القدس تلك األقوال الم باركة ( ٌسوع وهو عالم أن اآلب قد‬
‫دفع كل شا إلً ٌدٌه فانه من عند هللا خرج والً هللا ٌمضً ‪ .‬قام عن العشاء‬
‫وخلع ثٌابه وأخذ منشفة وأتزر بها ‪ .‬ثم صب ماء فً مؽسل وابتدأ ٌؽسل أرجل‬
‫التبلمٌذ وٌمسحها بالمنشفة التً كان مبتزرا ُ بها) (ٌـو ٖٔ‪.)ٗ-ٔ:‬‬
‫وقد كانت هذه المهمة ( م همة ؼسل األرجل ) هً مهمة الخادم‪.‬‬
‫كما أن فً هذا األمر اشارة إلً عمله الشفاعً فً المإمنٌن عندما‬
‫ٌتعرضون للسقوط فً الخطٌة ‪ .‬إال أنه أٌضا ٌعلمنا أعظم إتضاع ‪.‬أال ٌكفً‬
‫التلمٌذ أن ٌكون كمعلمه والعبد كسٌده‪.‬‬
‫إتضاعهم‬ ‫ان العظمة الحقٌقٌة التً ٌبلؽها المإمنون الحقٌقٌون تتضح فً‬
‫تنفٌذاًا لوصٌة السٌد والمعلم الذي قال ( احملوا نٌري علٌكم وتعلموا منى ألنى‬
‫ودٌع ومتواضع القلب فتجدوا راحه لنفوسكم ) (مت ٔٔ ‪.) ٕ9:‬‬
‫فعلى كل مإمن ٌشتاق إلى حٌاة روحٌة سامٌة أن ٌتؤمل فً المسٌح هذا‬
‫القدوس العظٌم الذي جاء إلً أرضنا فً إتضاع عجٌب وبدأ حٌا ته بالمزود‬
‫ألنه لم ٌكن له هنا مكان مع انه الخالق لكل األشٌاء ولم ٌنتظر مجداًا أٌضا مع‬
‫انه ٌستحق ولذلك ( قال له المجد عن نفسه ) ( كما أن ابن اإلنسان لم ٌؤت‬
‫فدي عن كثٌرٌن )‪ ( .‬مت ٕٓ‪)ٕ8 :‬‬ ‫لٌُخدم بل ل ٌَخ ُدم ولٌبذل نفسه ة‬

‫‪-16-‬‬
‫فؤي عظمة ٌا ترى تلك التً بلؽتها هذه المرأة العظٌمة بحق فهً عظٌمة فً‬
‫اٌمانها (‪ )1‬وعظٌمة فً معرفتها (‪ )2‬بالحق وعظٌمة فً سلوكها وتصرفها ‪.‬‬
‫(‪)3‬‬

‫فاإلٌمان المسٌحً ال ٌتم بالحفظ النظري العقلً ألقوال هللا بل بالحفظ القلبً‬
‫العلمً ولذلك فقد سجل لنا الوحى المقدس‬ ‫‪.‬‬ ‫ولٌس بالدرس النظري بل بالسلوك‬
‫هذه القصة لتقؾ ش اهداًا على مر العصور واالجٌال بعظمة تلك المرأة بل‬
‫بعظمة نعمة هللا فٌها‪.‬‬
‫إن قلوب المإمنٌن ستذوب حبا وتقدٌراًا وإجبلال ‪ .‬لذلك القدوس البار الذي‬
‫أعطاهم هذا المركز السامً العجٌب فالواقع ٌإكد أن عظمة تلك المرأة لٌست‬
‫فً ذاتها بل فً ؼنى عمل النعمة فٌها فنحن نعلم أن اإلنسان كل إنسان بحسب‬
‫الطبٌعة البشرٌة مولود بالخطٌة حسب قول مرنم إسرابٌل الحلو ( هاأنذا باإل ثم‬
‫صورت وبالخطٌة حبلت بً أمً) ( مز ٔ٘ ‪)٘ :‬‬
‫ًا‬
‫بل إن الكتاب المقدس ٌنعت جمٌع البشر بالقول (لٌس بارا وال واحد لٌس من‬
‫ٌفهم من ٌطلب هللا الجمٌع زاؼوا وفسدوا معا لٌس من يعمل صبلحا ًا لٌس وال‬
‫واحد) (روٖ‪)ٕٔ-ٔٓ:‬‬
‫إذن من أٌن أتى هإالء العظماء؟‬
‫ان الذي ٌاتً إلً هللا ٌإمن انه موجود وانه ٌجازي الذٌن ٌطلبونه وانه قد‬
‫اعد خبلصا وؼفرانا ابدٌا كامبل لكل من ٌقبله مخلصا وفادٌا شخصٌا ُ له‬
‫فتمحى خطاٌاه وآثامه وٌصٌر انسانا ًا جدٌدا ُ حسب قول هللا ( إن كان أحد فً‬
‫المسٌح فهو خلٌقة جدٌده األشٌاء العتيقة قد مضت هوذا الكل قد صار جدٌداًا‬
‫ولكن الكل من هللا الذي صالحنا لنفسه بٌسوع المسٌح ) (ٕكوه ‪)ٔ8 ،ٔ7 :‬‬
‫فان كل انسان لم ٌؤت إلى المسٌح ٌعتبر مازال مرتبطا بآدم راس الخلٌقة‬
‫الساقطة اما كل المإمنٌن الذٌن قبلو ا خبلص المسٌح فقد اصبحوا مرتبطٌن‬
‫(‪)1‬‬
‫بالمسٌح فً السماء الذي هو راس الخلٌقة الجدٌدة‪.‬‬

‫(‪ )1‬سنعود مرة أخرى اليضاح ىذه النقطة‬


‫(‪ )2‬سنعود مرة أخرى اليضاح ىذه النقطة‬
‫(‪ )3‬سنعود مرة أخرى اليضاح ىذه النقطة‬
‫(‪ )1‬سوف نعود إلي موضوع الخالص بالمسيح يسوع لو كل المجد ‪.‬‬
‫‪-17-‬‬
‫(ٖ) محبة المإمنٌن واستضافة القدٌسٌن‬
‫ونعود إلى قول الكتاب المقدس (وفً ذات ٌوم عبر الٌشع إلى شونم وكانت‬
‫هناك امرأة عظٌمة فؤمسكته لٌؤكل خبزاًا‪ .‬وكان كلما عبر ٌمٌ ُل إلى هناك لٌؤكل‬
‫خبزاًا) (ٕملٗ‪.)8:‬‬
‫ٌقول الرسول ٌوحنا فً رسالته األولى ( اٌها االحباء ان كان هللا قد أحبنا‬
‫هكذا ٌنبؽً لنا أٌضا أن نحب بعضنا بعضا ) ( ٌوٗ ‪.)ٔٔ :‬‬
‫إن من أهم ما ٌمٌز المإمنٌن الحقٌقٌٌن فً هذا العالم هو محبتهم بعضهم‬
‫لبعض من قلب طاهر بشده وأٌضا محبتهم لكل البشر حتى األعداء فهذا هو‬
‫الفٌصل الحقٌقً الذي ٌكشؾ عن معدن المإمن المولود من هللا ( أٌها األحباء‬
‫لٌحب بعضنا بعضا الن المحبة هً من هللا وكل من ٌحب فقد ولد من هللا‬
‫وٌعرؾ هللا ومن ال ٌحب لم ٌعرؾ هللا الن هللا محبه ) ( ا ٌوٗ ‪)7،8:‬‬
‫وقال السٌد له المجد لتبلمٌذه‬
‫( وصٌه جدٌدة أنا اعطٌكم أن تحبوا بعضكم بعضا كما احببتكم انا تحبون‬
‫انتم اٌضا بعضكم بعضا ‪ .‬بهذا ٌعرؾ الجمٌع انكم تبلمٌذي ان كان لكم حب‬
‫بعضا لبعض) (ٌوٖ٘‪)ٖٗ:ٖٔ،‬‬
‫إن قانون الحب السماوي‬
‫أنا أخٌراًا‬ ‫أخً ثانٌا‬ ‫هللا أوال‬
‫نعم إن كل ما ٌعانً منه العالم من الجرٌمة واالنحراؾ والس لوك البلسوي‬
‫‪ .‬منذ‬ ‫وؼٌر ذلك من األمراض النفسٌة واالجتماعٌة التً تبن منها الخلٌقة‬
‫وجدت ‪ ،‬ما هً إال مظاهر متنوعة لعجز المحبة وافتقارههم إلى نور محبة‬
‫هللا فً قلوبهم وكم نشكر هللا الذي أعطى أوالده شركة فً طبٌعته األدبٌة‬
‫المقدسة التً هً نور ومحبة‪.‬‬
‫فهذه المحبة تتقبل المحن وتبتسم لآللم وتتخطى كل حواجز الخوؾ والندم‬
‫الن المحبة فٌنا هً النسمة السارٌة فً عذوبة النؽم ‪ .‬بل هً جوهر الحٌاة‬
‫وأقوى روابطها وهً العبلمة الممٌزة لكل أوالد هللا‪.‬‬
‫ومحبة أوالد هللا بعضهم لبعض كضوء الشمس ال ٌمكن أن ٌحجبه أحد ‪ .‬هذه‬
‫المحبة التً تمؤل قلوب األتقٌاء من أوالد هللا ال تسمح أبدا بوجود جراثٌم‬
‫الؽٌرة والكراهٌة بل تجعلهم ٌعطون الكثٌر وال ٌتوقعون حتى القلٌل وال‬

‫‪-18-‬‬
‫ٌنتظرون شٌبا ًا مقابل هذه المحبة الن أساسها محبة الفادي الذي احبنا فضبلًا‬
‫وبذل نفسه ألجلنا وكم من آٌات مباركة وردت فً كلمة هللا عن المحبة ‪ .‬بل أن‬
‫هللا ٌإكد لنا أن المحبة هلل وألوالده ولكل البشر من جانب المإمن هً فً حد‬
‫ذاتها اعظم من كل شا‪ .‬إن المإمن الناجح روحٌا ٌعبد هللا ال خوفا من عقابه‬
‫وال حبا فً ثوابه ولكن حبا به شخصٌا كما ٌحب الناس حبا ًا بالرب فٌحبهم فً‬
‫ذلك المحب وهذه هً المحبة التً ٌعظمها الرب حتى عن اإلٌمان والرجاء‬
‫فاإلٌمان سوؾ ٌبطل حٌن نراه بالعٌان والرجاء سوؾ ٌتحقق فً األبدٌة فبل‬
‫ٌكون بعد رجاء بل حقٌقة نتمتع بها إلى دهر الدهور أما المحبة فإنها سوؾ‬
‫تبقى بقاء هللا نفسه‪.‬‬
‫وفً هذا ٌقول الرسول بولس فً رسالته إلى أهل كورنثوس‬
‫(‪)1‬‬
‫( آما اآلن فٌثبت اإلٌمان والرجاء والمحبة هذه الثبلثة ولكن أعظمه ن المحبة)‬
‫(اكؤٖ‪)ٖٔ:‬‬
‫ًا‬
‫ان قول الكتاب عن الشونمٌة (… فؤمسكته لٌؤكل خبزا ‪ .‬وكان كلما عبر‬
‫ٌمٌل إلى هناك لٌؤكل خبزاًا … )‪.‬‬
‫لقد ظهرت محبة هذه المرأة إللٌشع رجل هللا الذي ٌرمز للمسٌح وهذا ما‬
‫سوؾ نوضحه فٌما بعد وهً بذلك تعبر بصورة فعلٌة عما عبر عنه الرسول‬
‫ٌوحنا ( نحن نحبه النه هو احبنا اوال ) ( ٌٔو ٗ‪ )ٔ9 :‬إن محبتها لٌست‬
‫بالكبلم وال باللسان بل بالعمل والحق‪.‬‬
‫ٌذكر لنا الكتاب المقدس اخت فاضلة من االخوات القدٌسات وهً لٌدٌة بابعة‬
‫االرجوان التً وردت قصتها فً سفر اعمال الرسل فحٌن تكلم بولس ٌذكر‬
‫لنا الوحً ذلك القول ( فكانت تسمع امرأة اسمها لٌدٌة بابعة إرجوان من مدٌنة‬
‫(‪)2‬‬
‫ثٌاترا متعبده هلل‬

‫‪13‬‬ ‫(‪)1‬لالفادة واالستزادة يمكن الرجوع إلي رسالة كورنثوس األولي اصحاح‬
‫( اصحاح المحبة )‬
‫(‪ )2‬سنعود مرة أخري لشرح ىذه النقطة‬
‫‪-19-‬‬
‫(ففتح الرب قلبها لتصؽً إلى ما كان ٌقوله بولس فلما اعتمدت هً وأهل‬
‫بٌتها طلبت قابلة ان كنتم قد حكمتم أنً مإمنة بالرب فادخلوا بٌتً وامكثوا‬
‫( أع ‪.)ٔٗ،ٔ٘: ٔٙ‬‬ ‫فالزمتنا )‬
‫نعم ألزمتهم بالدخول إلً بٌتها إلكرامهم ألنها أحبت الرب فؤحبتهم فٌه ألنهم‬
‫أوالده وخدامه االتقٌاء وهكذا كل القدٌسٌن والقدٌسات ٌجب ان تكون بٌوتهم‬
‫مفتوحة ألوالد هللا‪.‬‬
‫ان بٌت الشونمٌة فً شونم هو مكان راحة الٌشع رجل هللا فهل بٌوتنا مفتوحة‬
‫وتعد مكان راحة للقدٌسٌن أم أن مشاؼل الحٌاة جعلتنا ننسى هذه الحقٌقة؟‬
‫ان دخول القدٌسٌن بٌوتنا هو عبلمة بركة بل هو امتٌاز لنا حقا كما انه‬
‫اٌضا مصحوب بوعود صادقة وأمٌنة من الرب لكل من ٌضٌؾ القدٌسٌن ببل‬
‫دمدم ة ‪ .‬ألنه مكتوب( كونوا مضٌفٌن بعضكم بعضا ُ ببل دمدمة) ( ٔبطٗ‪.)9 :‬‬
‫ورد فً سفر التكوٌن عن إبراهٌم ( وظهر له الرب عند بلوطات (‪ )1‬ممرا‬
‫وهو جالس فً باب الخٌمة وقت حر النهار ‪ .‬فرفع عٌنٌه ونظر وإذا ثبلثة‬
‫رجال واقفون لدٌه (‪ )2‬فلما نظر ركض الستقبالهم من باب الخٌمة وسجد إلى‬
‫األرض وقال ٌا سٌد إن كنت قد وجدت نعمة فً عٌنٌك فبل تتجاوز عبدك‬
‫لٌإخذ قلٌل ماء واؼسلوا أرجلكم واتكبوا تحت الشجرة فآخذ كسرة خبز‬
‫فتسندون قلوبكم ثم تجتازون ألنكم قد مررتم على عبدكم فقالوا هكذا تفعل كما‬
‫تكلمت فؤسرع إبراهٌم إلً الخٌمة إلً سارة وقال أسرعً بثبل ث كٌبلت دقٌقا‬
‫سمٌذا اعجنً واصنعً خبز مله ‪ .‬ثم ركض إبراهٌم إلى البقر وأخذ عجبلًا‬
‫رخصا وجٌداًا وأعطاه للؽبلم فؤسرع لٌعمله ثم أخذ زبدا ولبنا والعجل الذي‬
‫عمله ووضعها قدامهم وإذ كان هو وافقا لدٌهم تحت الشجرة وأكلوا ‪ .‬وقالوا له‬
‫اٌن سارة امرأتك فقال ها هً فً الخٌمة ‪ .‬فقال أنً ارجع إلٌك نحو زمان‬
‫الحٌاة وٌكون لسارة امرأتك ابن ) ( تك ‪)9- ٔ: ٔ8‬‬

‫(‪ )1‬ىو مشهد احدي ظهورات الرب لو المجد في العهد القديم لقديسو‬
‫(‪ )2‬الثالثة ىم الرب وم الكان وفي ذلك ظل سابق لما كان تمهيداُ ان يتم في وقتو بمجيء‬
‫المسيح بالجسد كانسان ( أنظر د‪ .‬جرانت سفر التكوين في ضوء العهد الجديد ‪1982‬صـ‪140‬‬
‫‪-20-‬‬
‫إسحاق وفً‬ ‫فقد كانت البركة إلبراهٌم و أعطى الوعد المبارك بوالدة‬
‫الرسالة الى العبرانٌٌن ٌعلمنا الوحً قاببل ( لتثبت المحبة االخوٌة ال تنسوا‬
‫) ( عب ٔ‪:‬‬ ‫إضافة الؽرباء الن بها اضاؾ اناس مبلبكة وهم ال ٌدرون‬
‫ٕ‪)ٔ،‬‬
‫ان بٌوت المإمنٌن ٌجب أن تفتح ابوابها الضافة القدٌسٌن ورجال هللا ألنها ملكا‬
‫للرب والقدٌسٌن أوالد هللا والن من قبل مإمنا باسم الرب فكؤنه قبل الرب ذاته‪.‬‬
‫فقد قال الرب ( من ٌقبلكم ٌقبلنً ومن ٌقبلنً ٌقبل الذي ارسلنً ومن ٌقبل نبٌا‬
‫ب فاجر بار ٌاخذ ومن سقى احد‬ ‫باسم نبً فؤجر نبً ٌؤخذ ومن ٌقبل باراًا باسم ار‬
‫أجره‬
‫هإالء الصؽار كؤس ماء بارد فقط باسم تلمٌذ فالحق اقول لكم انه ال ٌضٌع )‬
‫( مت ٓٔ ‪.)ٖٗ- ٗٓ:‬‬
‫وربما اكون قد اطلت الحدٌث عن هذا األمر ألننا فً الواقع نحتاج أن نتعلم‬
‫من أبطال االٌمان مثل هذه المرأة العظٌمة التً لم تكن اضافتها إللًشع مجرد‬
‫إضافة وقتٌة عابرة لكنها اضافة ؼٌر عادٌة فكون رجل هللا ٌجد راحة فً هذا‬
‫البٌت لعمق محبة هذه األخت الفاضلة التقٌة التً ٌوضحها لنا الوحً فً العدد‬
‫العاشر قولها لرجلها ‪:‬‬
‫( فلنعمل عُلًاٌه على الحابط صؽٌرة ونضع له هناك سرٌرا وخوانا وكرسٌا‬
‫ًا‬
‫ومنارة حتى إذا جاء الٌنا ٌمٌل إلٌها ) (ٕمل ٗ‪)ٔٓ :‬‬
‫أي حجرة بها سرٌر ودوالب وكرسً واضاءة فٌاله من اكرام فقد اعدت‬
‫إللٌشع ؼرفة كاملة مجهزة بل تركتها له خصٌصا ًا‪.‬‬
‫أال نتعلم كجماعة مإمنٌن من هذه االخت الفاضلة ‪ .‬أال نخجل إذا ما قسنا‬
‫أجرإ فؤقول ربما كان‬ ‫أحوالنا الحالٌة وقلة اضافتنا للقدٌسٌن ؟ بل اننً‬
‫ضٌوفنا فً هذا الٌوم لٌسوا على االطبلق ممن ٌعرفون هللا بحق فنحن‬
‫نستضٌؾ اصحاب المصلحة أو نستضٌؾ كل الناس وربما ال ٌدخل بٌوتنا‬
‫أحد من رجال هللا ألٌس هذا فً حد ذاته خطٌة بل عار على المسٌحٌة فاٌن‬
‫محبتنا بعضنا لبعض أن هللا ٌؤمرنا بقوله (طهرو ا نفوسكم فً طاعة الحق‬
‫بالروح للمحبة االخوٌة العدٌمة الرٌاء فاحبوا بعضكم بعضا من قلب طاهر‬
‫بشدة ) ( ابط ٔ‪)ٕٕ :‬‬
‫وهذه المحبة لٌست بالكبلم فقط بل ٌجب ان تظهر وتترجم فً صورة عملٌة‬
‫لذلك ٌكتب الرسول ٌوحنا فً رسالته األول ى(ٌا أوالدي ال نحب بالكبلم وال‬

‫‪-21-‬‬
‫باللسان بل با لعمل والحق وبهذا نعرؾ اننا من الحق ونسكن قلوبنا‬
‫قدامه)(ٌٔوٖ‪)ٔ9-ٔ8:‬‬

‫(ٗ) معرفة الحق‬


‫ًا‬
‫أن معرفة الحق االلهً والثبات فٌه أمر هام جدا فً حٌاة المإمن ونموه‬
‫ونضوجه الروحً ال ٌتؤتى اال بالسجود طوٌبل فً محضر هللا ألن السجود فً‬
‫وعظمته ومحبته لنا وٌعلمنا‬ ‫محضر هللا ٌقودنا إلً التؤمل فً صبلح هللا‬
‫الخضوع لمشٌبته وٌمبلنا بروح الطاعة واالرشاد وسٌادة الروح القدس على‬
‫حٌاتنا كمإمنٌن (‪.)1‬‬
‫متنٌه أمام العدد التاسع من نفس االصحاح الذي نحن بصدد‬ ‫وهنا نقؾ وقفة أ‬
‫الحدٌث عنه (فقالت لرجلها قد علمت أنه رجلهللا مقدس الذي ٌمر علٌنا دابما)‬
‫فان كلمة ( علمت ) التً قالتها هذه المرأة العظٌمة لرجلها كلمة عظٌمة بحق‬
‫فما أجمل وما أعظم ما علمته هذه المرأة فعلمها عظٌم حقا ًا والبد لكل مإمن‬
‫حقٌقً أن ٌكون لدٌه قسطا كافٌا من معرفة الحق اإللهً‪.‬‬
‫والواقع أن معرفة الحق االلهً تعنً شٌبان اساسٌان هما الحق ذاته أو الحق‬
‫المطلق وهو هللا ذاته ومعرفة الحق هنا تعنً معرفة الحق ذاته جل جبلله فاهلل‬
‫هو الحق والحقٌقة وما عداه السراب وكل الذي فوق التراب تراب ‪ .‬والمسٌح‬
‫له كل المجد هو هللا وهو الحق المطلق‪.‬‬
‫وقد قال عن نفسه وقوله الحق ( أنا هو الطرٌق والحق والحٌاة ) ( ٌو ٗٔ‬
‫‪)ٙ:‬‬
‫( اآلب‬ ‫ومعرفة الحق تقوم على اساس االٌمان باهلل الواحد المثلث االقانٌم‬
‫واالبن والروح القدس ) وهذا االله الواحد موجود بذاته ( هللا اآلب) ناطق‬
‫بكلمته(‪ ( )1‬هللا االبن) حً بروحه ( هللا الروح القدس )‪.‬‬
‫هللا بعد ما كلم االباء باالنبٌاء‬
‫قاببل‬
‫ولذلك ٌحدثنا الروح القدس فً سفر العبرانٌٌن (‬
‫كثٌرة كلمنا فً هذه االٌام االخٌرة فً ابنه الذي جعله وارثا‬ ‫قدٌما بانواع وطرق ‪.‬‬

‫(‪ )1‬سوف نعود مرة أخرى للحديث عن الصالة بالتفصيل‬


‫(‪ )1‬انظر الجزء التالي المسيح لو كل المجد ىو محور الكتاب المقدس كلو ‪.‬‬
‫‪-22-‬‬
‫العالمٌنالذي وهو بهاء مجده ورسم جوهره وحامل‬ ‫‪.‬‬ ‫لكل شا الذي به اٌضا عمل‬
‫ًا‬
‫كل األشٌاء بكلمة قدرته بعد ما صنع بنفسه تطهٌرا لخطاٌانا جلس فً ٌمٌن العظمة‬
‫فً االعالى) (عب ٔ ‪)ٖ:‬‬
‫ًا‬
‫كما أن معرفة الحق اٌضا تعنً من جانب آخر معرفة اقوال هللا ووصاٌاه‬
‫المدونة فً الكتاب المقدس كتاب هللا الذي سجله لنا روح هللا القدوس الساكن‬
‫فً قلب كل مإمن حقٌقً ٌثق من كل قلبه فً كفاٌة عمل ربنا ٌسوع المسٌح‬
‫(‪)2‬‬
‫ابن هللا الذي أُُُ سلم ألجل خطاٌانا واقٌم ألجل تبرٌرنا‬
‫( الذي ٌرٌد أن جمٌع الناس‬ ‫كما أن معرفة الحق هً تتمٌم لمشٌبة هللا‬
‫ٌخلصون وإلى معرفة الحق ٌقبلون ) ( اتً ٕ ‪)ٗ:‬‬
‫إن إرادته أن نخلص من دٌنونة الخطٌة ومن سلطان الخطٌة ولٌس ذلك فقط‬
‫بل أن نعرؾ الحق لنصٌر أحراراًا وال ننساق لكل رٌح تعلٌم بل أن نثبت ؾ ي‬
‫الحق الن الحق ٌحرر االنسان من كثٌر من االستحسانات البشرٌة والقٌود‬
‫التً ال اساس لها فً كلمة هللا ولذلك ٌقول الكتاب المقدس ‪( :‬تعرفون الحق‬
‫والحق ٌحرركم) (يو‪.)ٖٕ:8‬‬
‫كما أن معرفة الحق تعطً استنارة وتمٌٌزاًا روحٌا الن عدم التمٌٌز ٌإدي‬
‫إلى انحدار الحٌاة الروحٌة ‪ .‬ولذلك ٌقول الكتاب المقدس ذلك القول العجٌب‬
‫(هلك شعبً لعدم المعرفة ) ( هو ٗ‪.)ٙ :‬‬
‫ان معرفة الحق الكتابً ال تتؤتى إال بدارسة كلمة هللا وهللا ٌوجهنا قاببل‬
‫(فؤجاب ٌسوع وقال لهم تضلون اذ ال تعرفون الكتب وال قوة هللا ) (مت ٕٕ‬
‫‪)ٕ9:‬‬
‫فكم من خطاه تؽٌرت حٌاتهم بدراسة ك لمة هللا وصاروا من األتقٌاء ولعل‬
‫قصة القدٌس اوغ سطًنوس فٌلسوؾ المسٌحٌة فً العصور الوسطى والذي‬
‫كان من أشر الخطاة وهذا ما قاله فً اعترافاته ولكن بعد سنوات طوٌلة‬
‫حوالً عشرون عاما وأم أوؼسطٌنوس تصلى ألجله بإٌمان ولجاجة استجاب‬
‫ته وبمجرد قراءة كلمة هللا ركع‬ ‫هللا لدموعها وارشد عبده لدراسة كلم‬
‫اوؼسطٌنوس بقٌادة روح هللا بكل خشوع وخضوع طابعا ًا لصوت هللا وطالبا‬

‫(‪( )2‬انظر رسالة روميو ‪)25: 14‬‬


‫‪-23-‬‬
‫للؽفران والنجاة وفرحت السماء بهذا الخاطا الذي اصبح من أعظم القدٌسٌن‬
‫المسٌحً‬
‫‪.‬‬ ‫الذي ٌحفل بهم سجل تارٌخ الجهاد‬
‫نعم فً كلمة هللا بذور الحٌاة االبدٌة واالستنارة القل بٌة التً تقشع عنا ظبلم‬
‫العالم وترفعنا فوق عثرات الطرٌق وفٌها زاداًا للمإمن فً طرٌق البرٌة‬
‫الصعبة وهً السراج المنٌر فً لٌل الظبلم فكما ٌقول المرنم (سراج لرجلً‬
‫كبلمك ونور لسبٌلً) ففً كلمة هللا ومن خبللها تهتدي خطواتنا فً الطرٌق‬
‫وهكذا تكون كل خطوة تلو االخرى ع لى ضوء الكلمة المقدسة فنسٌر رحلة‬
‫الؽربة فً نور محبة ونعمة هللا وارشاده من خبلل أقواله‪.‬‬
‫إن كل مإمن ناجح فً االٌمان ال ٌمكن ان ٌتجاهل او حتى ٌتساهل فً‬
‫دراسة كلمة هللا‪.‬‬
‫كما اننً أُُُ ذكر كل مإمن ان تكون له فرص فردٌة خاصة فٌها ٌقرأ الكتاب‬
‫المقدس فً روح الصبلة والخشوع واإلتضاع طالبا من هللا ان ٌوضح له بروحه‬
‫القدوس ما استعصى علٌه فهمه وسوؾ ٌتذوق حبلوة كلمة هللا وٌهتؾ من كل قلبه‬
‫مذلتًمز‪.)9ٖ:ٔٔ9‬‬ ‫مع المرنم(لو لم تكون شرٌعتك هً لذتً لهلكت حٌنبذ فً ) (‬
‫( بطرٌق شهاداتك فرحت كما على كل الؽنى ) ( مز ‪ ) ٔٗ : ٔٔ9‬نعم ان‬
‫كبلم هللا بحق اؼلى من كل كنوز الدنٌا عند االتقٌاء ولكن قد تتسبب ضؽوط‬
‫الحٌاة وهجوم عدو الخٌر احٌانا فً افقادنا الشهٌة للصبلة ولدراسة كلمة هللا‬
‫فبل عبلج لنا اال بالصبلة‪.‬‬
‫فلنقبل على الصبلة حتى ولو احسسنا بالفتور وعدم الرؼبة فٌها ونطلب من‬
‫هللا ان ٌعلمنا كٌؾ نصلً و ان ٌفتح شهٌتنا لها ولدراسة كلمته فبل عبلج‬
‫ألمراض الصبلة إال بالصبلة ذاتها حتى ولو بدأنا الصبلة بفتور فعلٌنا ان‬
‫(‪)1‬‬
‫نطالب الرب ان ٌعلمنا السجود الحقٌقً الذي ٌشبع قلبه وٌعزي قلوبنا‪.‬‬
‫ٔ) الٌشع صورة رمزٌة وظل باهت خفٌؾ للمسٌح‬
‫ان الٌشع رجل هللا الذي عاصرته هذه المرأة العظٌمة ما هو اال صورة باهتة‬
‫وظل خفٌؾ ورمز لشخص ربنا ومخلصنا ٌسوع المسٌح ‪ .‬ولذلك فان علم هذه‬
‫المرأة بشخصٌة الٌشع رمزا اٌضا لعلمها ومعرفتها بكماالت ربنا المبارك‬
‫وٌؤخذنا الروح القدس الى شهادته الصادقة التً وردت فً الرسالة الى‬

‫(‪ )1‬وسوف نعود مرة اخرى للحديث عن السجود ‪.‬‬


‫‪-24-‬‬
‫العبرانٌٌن (هللا بعد ما كلم االباء باالنبٌاء قدٌما بانواع وطرق كثٌرة كلمنا فً‬
‫هذه االٌام االخٌرة فً ابنه الذي جعله وارثا لكل شا الذي به اٌضا عمل‬
‫العالمٌن) (عبٔ‪)ٔ:‬‬
‫فقد تكلم هللا اآلب إلً اآلباء فً العهد القدٌم بصور رمزٌة وبظبلل لؤلشٌاء‬
‫األرضٌة والسماوٌة التً للرب ٌسوع المسٌح له كل ا لمجد و الٌشع أحد تلك‬
‫الظبلل فقد كان الٌشع ٌخدم إٌلٌا رجل هللا الذي تمٌزت شهادته بمقاومة الشر‬
‫واحتمال اآلالم وقد طلب الرب من إٌلٌا أن ٌمسح الٌشع بن شافاط الذي من‬
‫أبل محولة نبٌا عوضا عنه فعندما كان إٌلٌا عابدا من جبل هللا حورٌب ٌقول‬
‫الكتاب ‪ ( :‬فذهب من هناك و وجد الٌشع بن شافاط ٌحرث واثنا عشر فدان بقر‬
‫ءه علٌه فترك البقر‬ ‫قدامه وهو مع الثانً عشر فمر إٌلٌا به وطرح ردا‬
‫وركض وراء إٌلٌا وقال دعنً اقبل أبى وأمً وأسٌر ورابك فقال له اذهب‬
‫راجعا ألنً ماذا فعلت لك فرجع من ورابه واخذ فدان بقر وذبحهما ‪ .‬وسلق‬
‫اللحم بؤدوات البقر واعطى الشعب فاكلوا ثم قام ومضً وراء إٌلٌا وكان‬
‫ٌخدمه ) ( ا مل ‪.) ٕٔ - ٔ9 : ٔ9‬‬
‫ونرى فً قول إٌلٌا إللٌشع (اذهب راجعا ماذا فعلت لك)‪.‬‬
‫ان الٌشع لم ٌكن قد تهٌؤ للخدمة بعد فنراه ٌحتاج ابٌه وامه ونقؾ امام عظمة‬
‫كلمة هللا ونشاهد ان الرب ٌسوع المسٌح له كل المجد قد ا شار بكبلمه الذي‬
‫ورد فً انجٌل لوقا بان الٌشع كان ٌعمل بالمحراث ولكنه تردد ونظر الى‬
‫( وقال آخر‬ ‫الوراء قلٌبل وقد كان قول الرب الحد الذٌن طلبوا ان ٌتبعوه‬
‫اٌضا اتبعك ٌا سٌد ولكن أ ئذن لً اوال ان اودع الذٌن فً بٌتً فقال له ٌسوع‬
‫لٌس احد ٌضع ٌده على المحراث و ٌنظر الى الوراء ٌصلح لملكوت هللا ) ( لو‬
‫‪.) ٕٙ ، ٙٔ : 9‬‬
‫إال أننا نرى بعد ذلك ان الٌشع نما فً حٌاة االٌمان والشركة فقد دربه هللا‬
‫لٌكون انسانا روحٌا ناجحا ومُقدراًا لعظم شرؾ الشهادة والخدمة هلل فبل ٌجب‬
‫ان ٌعٌقه عن هذه الخدمة أي شا بل علٌه ان ٌدٌر ظهره للعالم ؾ ال ابوه وال‬
‫امه وال أي شا اخر ٌمنعه من تلك الخدمة لقد اصبح بفضل ؼنى النعمة‬
‫الوي حقٌقً ( كاهن ) ال ٌهمه سوى الرب وحده وهذا هو الشرط االساسً‬
‫لنجاح الخدمة المقرونة بالشركة الروحٌة والسجود طوٌبل فً محضر هللا‪.‬‬

‫‪-25-‬‬
‫ودنا الى‬ ‫ونرى ان الٌشع ظل باهت لشخص الرب له كل المجد وهذا ٌق‬
‫االجابة عن سإال هام مإداه ‪:‬‬

‫ما هً الجوانب الرمزٌة فً شخص الٌشع والتً تشٌر الى شخص الرب له‬
‫كل المجد ؟‬
‫نجد ان الٌشع رجل هللا الذي كان ٌعمل فً خدمة إٌلٌا رجل هللا اٌضا قد تمتع‬
‫بؽفران هللا وستر خطاٌاه باالٌمان أما الرب ٌسوع المسٌح له كل المجد فهو‬
‫هللا الظاهر فً الجسد‪.‬‬
‫وان كان الٌشع كما سبق القول عندما دعاه إٌلٌا لخدمته احتج ب أبٌه و أمه‬
‫ولكن ما ابعد كماالت ربنا ٌسوع المسٌح الذي لما حضر عرس قانا الجلٌل‬
‫حسب قول الكتاب ( كان عرس فً قانا الجلٌل وكانت ام ٌسوع هناك ‪ .‬ودعى‬
‫اٌضا ٌسوع وتبلمٌذه الى العرس‪ .‬ولما فرغت الخمر قالت ام ٌسوع لٌس لهم‬
‫خمر قال لها ٌسوع مالً ولك ٌا امرأة لم تؤت ساعتً بعد ) ( ٌوحنا ٕ ‪) ٗ:‬‬
‫وهو المكتوب عنه ( حٌنبذ قلت هاأنذا أجا بدرج الكتاب مكتوب عنً ان‬
‫افعل مشٌبتك ٌا الهً سررت وشرٌعتك فً وسط احشابً ) ( مز ٓٗ ‪، 7 :‬‬
‫‪.) 8‬‬
‫وأما عن اسم ألٌشع فمعناه هللا ٌخلص‪.‬‬
‫لكن الرب ٌسوع المسٌح له كل المجد فهو هللا ذاته وهو المخلص فقد قال‬
‫المبلك لٌوسؾ خطٌب العذراء ( ٌا ٌوسؾ ابن داود ال تخؾ ان تؤخذ مرٌم‬
‫امرأتك الن الذي حبل به فٌها هو من الروح القدس فستلد ابنا وتدعو اسمه‬
‫ٌسوع النه ٌخلص شعبه من خطاٌاهم ) ( فً ٔ ‪.) ٕٔ ، ٕٓ :‬‬
‫وقال المبلك للرعاة الذٌن كانون ٌحرسون رعٌتهم باللٌل ( واذا مبلك الرب‬
‫وقؾ بهم ومجد الرب اضاء حولهم فخافوا خوفا عظٌما فقال لهم المبلك ال‬
‫تخافوا ها انا أبشركم بفرح عظٌم ٌكون لجمٌع الشعب إنه ولد لكم الٌوم فً‬
‫مدٌنة داود مخلص هو المسٌح الرب ) ( لو ٕ‪ )ٔٔ-9 :‬وهو القابل عن نفسه‬
‫وقوله الحق ‪-:‬‬
‫( أنا أنا الرب ولٌس ؼٌري مخلص ) ( أشٕٗ ‪)ٔٔ:‬‬
‫وشهد الروح القدس عنه قاببل ‪:‬‬
‫( ولٌس بؤحد ؼٌره الخبلص ) ( أعٗ ‪)ٕٔ :‬‬

‫‪-26-‬‬
‫ومن جانب آخر فقد تمٌزت خدمة الٌشع بالقوة والنعمة وهذه القوة قد نالها‬
‫الٌشع من هللا فهً لٌست فً ذاته بل أعط ٌت له بالسجود طوٌبلًا فً محضر‬
‫هللا فقد قال الرب (إدعنً فؤجٌبك و أخبرك بعظابم وعوابص لم تعرفها ) ( أر‬
‫ٖٖ ‪)ٖ :‬‬
‫قال أحدهم ‪-:‬‬
‫ان الركب الساجدة أقوى كثٌراًا من الجٌوش الزاحفة‪.‬‬
‫وقال أٌضا أحد القدٌسٌن كان ٌحس أن الٌوم الذي ال ٌقضً فٌه ساعتٌن أمام‬
‫هللا ٌوم ضابع م ن حٌاته‪.‬‬
‫وقٌل أٌضا أن المسٌحٌٌن الحقٌقٌٌن ٌدٌرون توازن القوي فً العالم من خبلل‬
‫(‪)1‬‬
‫الصبلة‬
‫وقال ٌوحنا وسلً ‪:‬‬
‫أنه ٌجب ان ٌقضً خادم الكلمة أربع ساعات ٌومٌا فً الصبلة‪.‬‬
‫والشك ان الٌشع كان رجل صبلة ألنه خادم هللا وخدمته كانت ناجحة فكل‬
‫مإمن حقٌقً فً حاجة إلً الصبلة وبصفة خاصة خادم هللا سواء كان مبشراًا‬
‫أو معلما ًا أو راعٌا فهو ٌحتاج لقوة روحٌة لمواجهة صعوبات الخدمة وهذه‬
‫القوة ببساطة شدٌدة معناها أن ٌكون هللا فً كلمته وبالصبلة الحارة تصبح هذه‬
‫القوة مبلزمة للكرازة وهذه القوة ال تؤتً إلً خادم هللا فً مكتبه بل فً‬
‫مخدعه‪.‬‬
‫قال أحدهم‪:‬‬
‫هل ٌستطٌع خادم الكلمة أن ٌعالج النفس بالراحة والتعب والضٌق بالفرج؟‬
‫كبل لكن هللا ٌفعل ذلك بٌنما الخدام على ركبهم ٌسؤلون وٌطلبون ألن القلوب‬
‫التً دنستها الخطٌة والقوى التً عرقلها الشٌطان تحتاج الى عمل إلهً‬
‫واقتناع داخلً فً القلب وهذا ال ٌملكه الخادم بل هللا ولذلك ٌعلمنا الكتاب قاببل‬
‫( ال بكبلم الحكمة االنسانٌة المقنع بل ببرهان الروح والقوة ‪ .‬لكً ال ٌكون‬
‫اٌمانكم بحكم ة الناس بل بقوة هللا) ( ٕكو ٕ ‪)٘ ،ٗ:‬‬
‫وقول الرب أٌضا ًا (‪ ..‬ال بالقدرة وال بالقوة بل بروحً قال رب الجنود ) (زك‬
‫ٗ ‪)ٙ :‬‬

‫(‪ )1‬وردت مبجلة مياة الراحة العدد ‪24‬صـ‪4‬‬


‫‪-27-‬‬
‫وهكذا كانت خدمة الٌشع تستمد قوتها من هللا بالصبلة والتضرع والسجود‪ .‬له‬
‫أما الرب ٌسوع المسٌح له كل المجد فهو صاحب القوة والقدرة والسلطان‬
‫ألنه هو هللا الظاهر فً الجسد ومهما بلؽت عظمة الٌشع فهو انسان عبد لذلك‬
‫الخالق المعبود الرب ٌسوع المسٌح له كل المجد ولذلك فؤننا نقول أن فٌه‬
‫رمزاًا أو ظبلًا باهتا ًا أي أنه ال ٌرقً باي حال من األحوال إلى كماالت ذلك‬
‫الشخص العجٌب الفرٌد وهو الذي قال عن نفسه ( أنا هو االلؾ والٌاء البداٌة‬
‫)‬ ‫والنهاٌة ٌقول الرب الكابن والذي كان والذي ٌؤتً والقادر على كل شا‬
‫(رإٔ‪)8:‬‬
‫أن الٌشع مهما بلؽت عظمته فهو انسان قد أكرمه هللا واٌده بقوة من عنده‬
‫إلتمام مقاصده فً خدمة اخوته من البشر واإلنسان هو اإلنسان ولو بلػ المجد‬
‫والمسٌح هو هللا ولو كان آخذاًا صورة عبد ‪ ،‬والبشر جمٌعا بمن فٌهم التبلمٌذ‬
‫ٌنطبق علٌهم القول (‪( )1‬متى فعلتم كل ما أمرتم به فقولوا أننا عبٌد بطالون )‬
‫(لو‪)ٔٓ:ٔ7‬‬
‫ولكن الفضل كل الفضل ٌعود إلً عمل نعمة هللا فً اإلنسان‪.‬‬
‫فكما إن الماس كان فً األصل فحم أسود ولكن لوجوده فً ظروؾ ؼٌر‬
‫عادٌة تحول من فحم إلى حجر كرٌم وهكذا االنسان بالطبٌعة العتٌقة المورثة‬
‫من أدم هو فحم اسود لٌس فٌه شا صالح ولكن بإٌمانه وتصدٌقه ألقوال هللا‬
‫وكفاٌة عمل هللا فً المسٌح الذي بموته على الصلٌب صنع فداءاًا ابدٌا ًا ٌتحول‬
‫(‪)2‬‬
‫هذا االنسان إلى انسان جدٌد مخلوق لعمل البر والصبلح‬
‫ويعلمنا الرب ٌسوع المسٌح له كل المجد قاببل ( من أحب أبا أو أما أكثر‬
‫منى فبل ٌستحقنً ومن أحب ابنا أو ابنة أكثر منى فبل ٌستحقنى من وجد حٌاته‬
‫ٌضٌعها ومن أضاع حٌاته من أجلً ٌجدها(‪( )3‬مت ٓٔ ‪)ٕ9- ٕ7:‬‬
‫وقد تعلم الٌشع هذا الدرس الهام لحٌاة أي خادم أمٌن هلل ولذلك نراه قبل‬
‫صعود إٌلٌا عنه فً المركبة النارٌة التً حملته إلً السماء وعندما سؤله إٌلٌا‬

‫ثانية‪ 1998‬صـ‪162‬‬
‫البشائرالجزء األول طبعة )‬
‫(‪ )1‬لألخ صليب عبد السيد في كتابو المسيح في (‬
‫(‪ )2‬قالها األخ يوسف رياض في إحدى تأمالتو في برنامج خبز الحياة بإذاعة حول العالم‬
‫(‪ )3‬يمكن الرجوع إلي موضوع خطو اهلل في حياة المؤمن‬
‫‪-28-‬‬
‫(اطلب ماذا افعل لك قبل أن أإخذ منك فقال الٌشع لٌكن نصٌب ا ثنٌن من‬
‫روحك علىّ فقال صعّبت السإال ‪ .‬فان رأٌتنً أإخذ منك ٌكون لك كذلك وإال‬
‫فبل ٌكون ‪ .‬وفٌما هما ٌسٌران وٌتكلمان إذا مركب ة من نار وخٌل من نار‬
‫فصلت بٌنهما فصعد إٌلٌا فً العاصفة إلى السماء فكان الٌشع ٌرى وهو‬
‫ٌصرخ ٌا أبً ٌا أبً مركبة إسرابٌل وفرسانها ولم ٌره بع د‪ .‬فؤمسك ثٌابه‬
‫ومزقها قطعتٌن‪ .‬ورفع رداء إٌلٌا الذي سقط عنه ورجع ووقؾ على شاطا‬
‫األردن‪ .‬فؤخذ رداء إٌلٌا الذي سقط عنه وضرب الماء وقال أٌن هو الرب اله‬
‫إٌلٌا ثم ضرب أٌضا فانفلق إلى هنا وهناك فعبر الٌشع ‪ .‬ولما رآه بنو األنبٌاء‬
‫الذٌن فً أرٌحا قبالته (‪ )1‬قالوا قد استقرت روح اٌلٌا على الٌشع فجاءوا للقابه‬
‫وسجدوا له إلى األرض) ( ٕمل ٕ‪)ٔ٘-9 :‬‬
‫الرمز الختطاؾ الكنٌسة المقدسة فً المسٌح‬
‫وٌشٌر صعود اٌلٌا فً المركبة النارٌة إلً السماء قول الوحً‬
‫( ولم ٌره بعد ) واذكر ما قاله الوحً أٌضا عن شخص آخر من رجال هللا‬
‫األتقٌاء فً العهد القدٌم وهو اخنوخ الذي ذكره فً رسالة العبرانٌٌن (باإلٌمان‬
‫نقل اخنوخ لكً ال ٌرى الموت ولم ٌوجد الن هللا نقله إذا قبل نقله شهد له بؤنه‬
‫قد أرضى هللا ) ( عب ٔٔ‪.)٘ :‬‬
‫وفى هذٌن الرجلٌن اٌلٌا و اخنوخ نرى تصوٌرا الختطاؾ الكنٌسة المفدٌة عند مجىء‬
‫المقدس‬ ‫الس فسوؾ ٌتم هذا االختطاؾ حسب قول الكتاب ‪.‬‬ ‫المسٌح الثانً من ماء‪.‬‬
‫(هوذا سر أقوله لكم ال نرقد كلنا ولكننا كلنا نتؽٌر فً لحظة فً طرفة عٌن‬
‫عند سماع البوق األخٌر‪ .‬فانه سٌبوق فٌقام األموات عدٌمً فساد ونحن نتؽٌر‬
‫الن هذا الفاسد البد أن ٌلبس عدم فساد وهذا المابت ٌلبس عدم موت ‪ .‬ومتى‬
‫لبس هذا الفاسد عدم فساد و يلبس هذا المابت عدم موت فحٌنبذ تصٌر الكلمة‬
‫ؼلب (اكو٘ٔ‪)٘٘-٘ٔ :‬‬ ‫المكتوبة أُبتلع الموت إلً ة )‬
‫وٌقصد الوحً المقدس باألموات عدٌمً فساد أي الفساد الذي حدث فً أجسامهم‬
‫بالتحلل نتٌجة الموت فسوؾ ٌعطٌهم الرب جسداًا ممجداًا خالٌا من كل فساد إذهو‬
‫قادر على كل شا والمابت الذي ٌلبس عدم موت هو أجساد األحٌاء التً هً عرضه‬
‫لؤلمراض والموت فسوؾ ال ٌكون للموت سلطان علٌهم فٌما‪ .‬بعد‬

‫(‪ )1‬انظر سفر الملوك الثاني واالصحاح الثاني‬


‫‪-29-‬‬
‫ولذلك ٌقول الروح القدس اٌضا ‪-:‬‬
‫( ولكن شكراًا هلل الذي ٌعطٌنا الؽلبة بربنا ٌسوع المسٌح ) ( ٔكو ٘ٔ‪)٘7 :‬‬
‫الناباد بموته على الصلٌب ذاك الذي له سلطان الموت أي‬ ‫أي الؽلبة على الموت ه‬
‫ابلٌس‪.‬‬
‫ٕ) المسٌح له كل المجد هو محور الكتاب المقدس كله ‪.‬‬
‫ان دراسة العهد القدٌم ورموزه ٌزٌد اٌماننا رسوخا بشخص المسٌح له كل‬
‫المجد فهو محور وموضوع الكتاب المقدس كله من بداٌة سفر التكوٌن إلى‬
‫نهاٌة سفر الرإٌا‪.‬‬
‫وانه بحق ٌعوزنً الوقت وتضٌق امامً صفحات هذا الكتاب واحتاج إلً‬
‫عشرات السجبلت إذا أردت أن اسرد بكل وضوح وجبلء كل ما جاء عن‬
‫شخصه العظٌم الذي هو هللا الظاهر فً الجسد ولذلك فسوؾ اذكر بعض االمثلة‬
‫ومنه‬
‫الواضحة التى وردت فً العهد القدٌم وتمت بالفعل فً العهد الجدٌد ا‪.‬‬

‫بعض الرموز والظبلل التً وردت فً سفر التكوٌن ‪-:‬‬


‫نتؤمل فً قول هللا حٌنما خلق آدم‬
‫(وقال هللا نعمل االنسان على صورتنا كشبهنا) ( تك ٔ‪)ٕٙ :‬‬
‫ونبلحظ أن الروح القدس ٌتحدث هنا بضمٌر جماعً أنه ٌشٌر إلً الثالوث‬
‫األقدس ( اآلب ‪ -‬االبن ‪ -‬الروح القدس) كما انه من جان ب آخر فٌه رمز بل‬
‫صورة فً علم هللا السابق لمجًء المسٌح بحسب الجسد كاإلنسان الكامل فً‬
‫( هكذا‬ ‫صورة آدم األخٌر الذي سوؾ ٌؤتً فً الوقت المعٌن من السماء‬
‫مكتوب اٌضا‪ .‬صار آدم اإلنسان األول نؾسا حٌه وآدم األخٌر روحا محٌٌا )‬
‫(اكو٘ٔ‪.)ٗ٘ :‬‬
‫لقد جاء المسٌح بحسب الجسد ا لى عالمنا الذي شوهته الخطٌبة مولودا من‬
‫العذراء المطلوبة مرٌم فً صورة إنسان كما ٌقول الوحً االلهً ( االنسان‬
‫االول من االرض ترابً االنسان الثانً الرب من السماء ‪ .‬كما هو الترابً‬
‫هكذا الترابٌون اٌضا وكما هو السماوي هكذا السماوٌون اٌضا ) ( اكو ٘ٔ‪:‬‬
‫‪)ٗ8-ٗ7‬‬
‫وٌحدثنا البشٌر ٌوحنا فً مطلع إنجٌله الذي ٌقدم المسٌح كابن هللا الحً (فً‬
‫البدء كان الكلمة والكلمة كان عند هللا وكان الكلمة هللا) ( ٌؤ‪.)ٔ:‬‬

‫‪-30-‬‬
‫والكلمة التً نطق بها ٌوحنا البشٌر وؼٌره من سابر االنبٌاء والرسل ال تفٌد‬
‫اللفظ فقط واال لقال كانت الكلمة ولكنه ٌشٌر إلً شخص مع لوم ذ و وجود‬
‫أزلى ابدي (المسٌح ابن هللا األزلً) وكلمة فً البدء تشٌر إلً ذلك البدء الذي‬
‫ال بدء له أي األزل السحٌق ولذلك ٌقول ٌوحنا بروح هللا عن شخص المسٌح‬
‫الممجد (كان فً العالم وكون العالم به ولم ٌعرفه العالم) (ٌؤ‪.)ٔٓ :‬‬
‫أي انه الخالق لكل األشٌاء لذلك ٌقول ا لروح القدس ( كل شا به كان وبؽٌره‬
‫لم ٌكن شا مما كان ) ( ٌو ٔ‪)ٖ :‬‬
‫نعم ان الكلمة الحً ( ابن هللا االزلً االبدي ) هو موضوع ومركز الكلمة‬
‫المكتوبة(‪ )1‬لذلك ٌقول روح هللا ( الذي كان من البدء الذي سمعناه الذي رأٌناه‬
‫بعٌوننا الذي شاهدناه ولمسته أٌدٌنا من جهة كلمة الحٌاة) ( ٌٔو ٔ‪.)ٔ:‬‬
‫أي انه هو نفسه الكلمة األزلً األبدي هو هو الكلمة المتجسد فحٌنما جاء إلى‬
‫عالمنا بالجسد مولداًا من العذراء المطلوبة مرٌم قٌل عنه بالروح القدس(والكلمة‬
‫صار جسدا وحل بٌننا ورأٌنا مجده مجداًا كما لوحٌد من اآلب مملوءاًا نعمة )‬
‫وحقا‬
‫(ٌؤ‪.)ٔٗ :‬‬
‫المقدس‬ ‫أي انه فً الوقت المعٌن جاء بالجسد فً صورة إنسان حسب قول الكتاب ‪.‬‬
‫(ولكن لما جاء ملء الزمان أرسل هللا ابنه مولوداًا من امرأة مولوداًا تحت‬
‫الناموس لٌفتدي الذٌن تحت الناموس) (ؼلٗ‪ٗ:‬و٘)‬
‫وفً سفر التكوٌن نجد إشارة لعمل المسٌح الكامل على الصلٌب بجانب ما نراه‬
‫المجد كما سبق القول نجد أٌضا‬‫)‬ ‫فً آدم من ظل آلدم األخٌر(شخص المسٌح له‬
‫فً صنع هللا آلدم وحواء (بعد سقوطها فً الخطٌة أقمصة من جلد والبسهما )‬
‫فهذا الجلد جاء من ذبٌحة والذبٌحة تشٌر إلى الدم والفداء لم ٌتم بالكامل آلدم‬
‫ونسله من بعده إال فً صلٌب المسٌح له كل المجد فاهلل العالم بكل شا قد رأى‬
‫النهاٌة من البداٌة واعد خبلصا كامبل فً ابنه الحبٌب الذي قال عنه ٌوحنا‬
‫العالم(ٌؤ‪)ٕ9:‬‬
‫المعمدان بروح هللا‪(.‬هوذا حمل هللا الذي ٌرفع خطٌة )‬
‫وفً عتاب هللا آلدم وحواء وفً عقابة للحٌة بعد سقوطهما فً الخطٌة باألكل من‬
‫الشجرة المنهً عنها نجد قول هللا للحٌة (فقال الرب اإلله للحًة ألنك فعلت هذا‬
‫ملعونة أنت من جمٌع البهابم ومن جمٌع وحوش البرٌة على بطنك تسعٌن وترابا‬

‫(‪ )1‬وردت مبجلة مياه الراحة العدد (‪ )25‬الغالف االخري‬


‫‪-31-‬‬
‫تؤكلٌن كل اٌام حٌاتك واضع عداوة بٌنك وبٌن المرأة وبٌن نسلك ونسلها هو ٌسحق‬
‫عقبه(تكٖ‪)ٔٗ،ٔ٘ :‬‬
‫رأسك وأنت تسحقٌن )‬
‫والمقصود بنسل المرأة هنا هو المسٌح له كل المجد الذي ولد من العذراء‬
‫والذي بموته على صلٌب الجلجثة سحق رأس الشٌطان‪.‬‬
‫وماذا نقول عن تقدٌم قربان هابٌل الذي ٌرمز لقبول الخاطا؟‬
‫وماذا نقول عن تقدٌم إسحاق الذي ٌرمز للمسٌح وعن الكبش الممسك بقرنٌه‬
‫فً الؽابة والذي قُدم بدل إسحاق والذي ٌرمز لحمل هللا‪.‬‬
‫ونرى فً فلك نوح رمزاًا للمسٌح اٌضا فكل من ٌحتمً فٌه أو كل من ٌدخل‬
‫بداخل الفلك ٌنجو من الطوفان وكذلك كل من ٌلجؤ إلى الرب ٌسوع وٌحتمً‬
‫(‪)1‬‬
‫فٌه ٌنجو من دٌنونة هللا ( تك اصحاح ‪)8،7،ٙ‬‬
‫ونرى فً شخصٌة ٌوسؾ الذي تؤلم ال ألجل الخطٌة بل ألجل البر فقد‬
‫أُبؽض ٌوسؾ من اخوته ورفض وهذا رمزاًا للسٌد له كل المجد الذي أُبؽض‬
‫من الٌهود الذٌن جاء لخبلصهم ولذلك ٌقول الكتاب عن شخص ربنا ٌسوع‬
‫المسٌح ( إلى خاصته جاء وخاصته لم تقبله) ( ٌؤ ‪)ٔٔ:‬‬
‫وقد بٌع ٌوسؾ عبدا ُ بعشرٌن من الفضة ( تك ٕ٘‪.) ٖ7-‬‬
‫وهذا رمزاًا للسٌد له كل المجد الذي بًع بثبلثٌن من الفضة ( وقال ٌهوذا ماذا‬
‫) ( مت‬ ‫ترٌدون ان تعطونً وأنا اسلمه إلٌكم فجعلوا له ثبلثٌن من الفضة‬
‫‪.)ٔ٘ :ٕٙ‬‬
‫ودخل ٌوسؾ السجن وتؤلم دون ذنب وهو بار لم ٌفعل خطٌة بل على العكس‬
‫فلقد قدمت إلٌه الخطٌة على طبق من ذهب إذا جاز التعبٌر ولكنه رفضها بكل‬
‫قوة وإباء قاببل لزوجة فوطٌفار ( كٌؾ اصنع هذا الشر العظٌم وأخطا إلً‬
‫هللا ) ( تك ‪)9 : ٖ9‬‬
‫وورد فً سفر المزامٌر ذلك القول العجٌب ‪:‬‬
‫(أرسل امامهم رجبل بٌع ٌوسؾ عبداًا آذوا بالقٌد رجلٌه فً الحدٌد دخلت نفسه )‬
‫(مز٘ٓٔ‪ٔ7:‬و‪)ٔ8‬‬

‫(‪ )1‬يمكن للقارئ الرجوع إلى سفر التكوين وقراءة اإلصحاحات ‪ 8،7،6‬كاملة لمعرفة قصة‬
‫الفلك ونجاة نوح واسرتو ( ثماني انفس فقط)‬
‫‪-32-‬‬
‫وقد جاء الٌوم المعٌن الذي خرج فٌه ٌوسؾ من السجن وصار ملكا متوجا ًا‬
‫متسلطا على كل أرض مصر وفً هذا اٌضا رمز لربنا ٌسوع المسٌح‬
‫المرفوض من العالم اآلن ولكن سوؾ ٌؤتً الٌوم الذي ٌملك فٌه على العالم‬
‫وتخضع له كل الخلٌقة وهكذا نرى فً ٌوسؾ أقرب مثال لشخص ربنا ٌسوع‬
‫المسٌح ولكن نرى انه ظل باهت خفٌؾ ورمز لذلك القدوس الكام ل مع الفارق‬
‫واإلنسان‬
‫‪.‬‬ ‫الكبٌر بٌن المخلوق والخالق وبٌن السٌد والعبد وبٌن هللا‬
‫وهكذا نرى سفر التكوٌن الذي هو سفر البداٌات ٌحدثنا كله جمل ة وتفصٌبل‬
‫عن شخص المسٌح‪.‬‬
‫(ٔ) بعض الرموز والظبلل التً وردت فً سفر الخروج ‪-:‬‬
‫دٌة فرعون‬ ‫نرى فً موسى رجل هللا الذي انقذ شعب اسرابٌل من عبو‬
‫وقادهم فً البرٌة أربعٌن سنة وعبر بهم بحر سوؾ (البحر األحمر ) رمزا‬
‫لربنا ومخلصنا ٌسوع المسٌح الذي خلصنا من كل خطً ة وعبر بنا بحر‬
‫الموت والدٌنونة الرهٌبة‪.‬‬
‫كما نرى اٌضا فً خروؾ الفصح الذي ٌرمز بكل جبلء ووضوح لذلك‬
‫الحمل الودٌع الذي ٌرفع خطٌة العالم ( خ روج ٕٔ‪ )ٔٗ-ٔ :‬وٌقول الرسول‬
‫بولس بالروح القدس ( ألن فصحنا المسٌح قد ذبح ألجلنا ) ( ٔكو ٘‪.)7 :‬‬
‫جمل وتفصٌبل ٌشٌر‬ ‫ونرى فً الم سكن أو خٌمة االجتماع ان كل ما جاء بها ة‬
‫إلً المسٌح الذي فٌه وبه ٌلتقً هللا باالنسان ‪ .‬وٌذكر ٌوحنا الرسول ذلك بالقول‬
‫والكلمة صار جسداًا " رمزاًا للخٌمة " وحل بٌننا "أي خٌم بٌننا " ورأٌنا‬
‫مجده مجدا كما لوحٌد من األب مملوءاًا نعمة وحقا ( ٌؤ‪.)ٖٔ :‬‬
‫(ٕ) ما جاء من رموز فً سفر البلوٌٌن ‪-:‬‬
‫نرى الذبابح والقرابٌن وكلها مجتمعة معا تشٌر إلً أعظم واقدس وأكمل‬
‫ذبٌحة الفادي المسٌح ففً موته الكفاري على الصلً ب فداء لكل الجنس‬
‫البشري ( كل من ٌإمن به ) والفداء أو الستر تم لمإمنً العهدٌن القدٌم‬
‫والجدٌد بدم المسٌح‪.‬‬
‫وربما ٌقول قابل أن اآلباء األقدمٌن كانوا ٌتبررون بالذبابح‬
‫( الثٌران ‪ -‬الؽنم‪ ...‬الخ ) ولكن هذه الذبابح كانت رموز فبٌنما كانت عٌون‬
‫مإمنً العهد القدٌم مس تقرة على موت الذبابح الحٌوانٌة كانت عٌنا اآلب‬
‫السماوى مستقرة لحسابهم على موت ابنه الحبٌب فهم كانوا ٌنظرون إلً‬

‫‪-33-‬‬
‫( انه ال‬ ‫الرمز أما اآلب المحب فكان ٌنظر إلى المرموز إلٌه ولذلك ٌقول‬
‫ٌمكن إن دم ثٌران وتٌوس ٌرفع الخطاٌا) ( عب ٓٔ‪.)ٗ :‬‬
‫وأما عن مخلصنا تبارك اسمه ؾٌقول الروح القدس ( وألجل هذا هو وسٌط‬
‫عهد جدٌد لكً ٌكون المدعوون إذا صار موت لفداء التعدٌات التً فً العهد‬
‫األول ٌنالون وعد المٌراث االبدي ) ( عب ‪)ٔ٘ :9‬‬
‫وٌقول الرسول بولس فً رسالته إلى أهل رومٌة ( متبررٌن مجانا بنعمته‬
‫بالفداء الذي بٌسوع المسٌح الذي قدمه هللا كفارة باإلٌمان بدمه إلظهار بره من‬
‫اجل الصفح عن الخطاٌا السالفة بإمهال هللا إلظهار بره فً الزمان الحاضر‬
‫لٌكون بارا وٌبرر من هو من اإلٌمان بٌسوع ) ( رو ٖ ‪.) ٕٙ - ٕٗ :‬‬
‫وٌإكد الروح القدس بالقول (عالمٌن أنكم افتدٌتم ال بؤشٌاء تفن ى بفضة أو‬
‫ذهب من سٌرتكم الباطلة التً تقلدتموها من اآلباء بل بدم كرٌم كما من حمل‬
‫ببل عٌب وال دنس دم المسٌح معروفا سابقا قبل تؤسٌس العالم ‪ .‬ولكن قد أُظهر‬
‫فً األزمنة األخٌرة من أجلكم ) ( ابط ٔ ‪ ) ٕٓ-ٔ8 :‬فإلى موت المسٌح وحد ه‬
‫أبدٌا ًا لذلك ٌقو ل‬ ‫ٌرجع الفضل كل الفضل فً قبول قدٌسً العهدٌن قبوالًا‬
‫الروح القدس ( بقربان واحد قد اكمل إلى األبد المقدسٌن ) (عب ٔ‪.) ٔٗ :‬‬
‫(ٖ) بعض الرموز والظبلل التً وردت فً سفر العدد ‪-:‬‬
‫( فً االصحاح التاسع )‬ ‫نجد امر هللا لموسى بتقدٌم خروؾ الفصح‬
‫وخروؾ الفصح هنا ٌرمز للرب ٌسوع المسٌح الذي تم فٌه القول‪...‬‬
‫(ولكنه اآلن قد اظهر مرة عند انقضاء الدهور لٌبطل الخطٌة بذبٌحة نفسه )‬
‫(عب‪.)ٕٙ :9‬‬
‫وٌقول الرسول بولس الهل افسس ‪:‬‬
‫قربانا وذبٌحة رابحة‬‫(واسلكوا فً المحبة كما احبنا المسٌح اٌضا واسلم نفسه ألجلنا‬
‫طٌبة) (أؾ٘‪)ٕ:‬‬
‫وأٌضا ما جاء فً االصحاح الحادي والعشرون من نفس السفر حٌن لدؼت‬
‫الحٌات المحرقة الشعب ومات كثٌرون من اسرابٌل وجاء كثٌرون منهم الً‬
‫موسى وطلبوا منه الصبلة وصلً إلى هللا فؤمر الرب قاببل ‪:‬‬
‫محرق وضعها علً راية فكل من لدغ‬ ‫ة‬ ‫حً‬
‫( فقال الرب لموسى اصنع لك ة‬
‫الراي فكان متى‬
‫ة‬ ‫ونظر الٌها ٌحٌا فصنع موسى حٌة من نحاس ووضعها علً‬

‫‪-34-‬‬
‫حً النحاس ٌحٌا ) ( عد ٕٔ ‪ ) 8،9 :‬وهذا ما تم‬ ‫لدؼت حٌة انسانا ونظر إلى ة‬
‫فً موت المخلص العجٌب وحسب ما ورد فً انجٌل ٌوحنا‪.‬‬
‫( وكما رفع موسى الحٌة فً البرٌة هكذا ٌنبؽً ان ٌرفع ابن االنسان لكً ال‬
‫الحًة األبدٌة ) ( ٌو ٖ‪)ٔ٘.ٔٗ :‬‬‫ٌهلك كل من ٌإمن به بل تكون له ا‬
‫ولعل ما ورد بانجٌل ٌوحنا قد اوضح لنا تحقٌق ذلك األمر كامبل بكل جبلء‬
‫ووضوح فالحٌة النحاسٌة ترمز لشخص الرب تبارك اسمه فان كانت النظرة‬
‫قدٌما الً الحٌة النحاسٌة تعطً الحٌاة لمن لدؼته الحٌة فهً إشارة لخبلص‬
‫خشب الصلٌب وهو تبارك اسمه الذي قال‬ ‫ة‬ ‫هللا بواسطة ابن هللا الذي علق على‬
‫عن نفسه بروح النبوة اٌضا‪.‬‬
‫)‬ ‫(التفتوا إلىّ واخلصوا ٌا جمٌع أقاصً األرض ألنً أنا هللا ولٌس أخر‬
‫(اش٘ٗ ‪ )ٕٕ:‬فكل من ٌرفع قلبه لذلك المصلوب ٌنال باسمة ؼفران الخطاٌا‬
‫وٌنجو بدمه من الدٌنونه الرهٌبة حسب قول ٌوحنا بالروح القدس‪.‬‬
‫( الذي ٌإمن به ال ٌدان والذي ال ٌإمن قد دٌن ) ( ٌو ٖ‪) ٔ8 :‬‬
‫وأٌضا فً اإلصحاح الخامس والثبلثٌن من نفس السفر نجد مدن الملجؤ ونجد‬
‫الوصٌة بان كل من قتل نفسا سهوا وهرب الً مدن الملجؤ فانه ٌنجو من حكم‬
‫الموت وهً اٌضا إشارة لذلك الملجؤ االمٌن والحصن الحصٌن لكل من ٌقبل‬
‫الٌه حسب قوله‪(.‬من ٌقبل إلىّ ال أخرجه خارجا ) (ٌو ‪) ٖ7 : ٙ‬‬
‫وهو المكتوب عنه‪ ( :‬هللا فً قصورها ٌعرؾ ملجؤ ) (مز ‪)ٖ: ٗ8‬‬
‫ولذلك ٌهتؾ كل من لجؤ للرب قاببل مع المرنم ‪:‬‬
‫( الرب حصن حٌاتً ممن ارتعب ) ( مز ‪) ٔ: ٕ7‬‬
‫انه ملجؤ الخطاة وطرٌق النجاة للهالكٌن ومصدر الحمى للمإمنٌن‪.‬‬
‫(ٗ) بعض الرموز والظبلل التً وردت فً األسفار الشعرٌة ‪-:‬‬
‫وهً سفر المزامٌر واألمثال وسفر الجامعة ونشٌد اإلنشاد فقد ٌقول البعض‬
‫ممن ال ٌدرسون كلم ة هللا وان كانوا ٌدرسونها فلٌس باإلتضاع المطلوب عند‬
‫قراءة كلمة هللا ولذلك ألنهم ٌظنون أن العهد القدٌم ال ٌقدم لنا بصورة واضحة‬
‫لفظ ابن هللا والً هإالء اذكر علً سبٌل المثال ولٌس الحصر ما جاء فً سفر‬
‫المزامٌر‪.‬‬
‫( إنً اخبر من جهة قضاء الرب قال لً انت ابنً انا الٌوم ولدتك اسؤلنً‬
‫فاعطٌك األمم مٌراثا لك واقاصً االرض ملكا لك ) ( مز ٕ ‪) 7،8 :‬‬

‫‪-35-‬‬
‫واٌضا فً قوله ( قبلوا االبن لببل ٌؽضب فتبٌدوا من الطرٌق النه عن قلٌل‬
‫ؼضب‪ .‬طوبى لجمٌع المتكلٌن علٌه) ( مز ٕ ‪.) ٕٔ:‬‬
‫ه‬ ‫ٌتقد‬
‫وٌقول داود بروح النبوة مسوقا بروح هللا ( قال الرب لربً اجلس عن ٌمٌنً‬
‫حتى أضع أعداءك موطبا لقدمٌك ) ( مز ٓٔٔ ‪.) ٔ:‬‬
‫وفً سفر االمثال ( من صعد الً السموات ونزل ‪ .‬من جمع الرٌح فً‬
‫حفنتٌه‪ .‬من صر المٌاه فً ثوب ‪ .‬من ثبت جمٌع اطراؾ االرض‪ .‬ما اسمه وما‬
‫اسم ابنه إن عرفت ( ام ٖٓ ‪.) ٗ:‬‬
‫وماذا أقول عما ورد فً سفر المزامٌر عن موت واآلم ذلك المخلص‬
‫العجٌب ففً مزمور (‪ ) 22‬الذي ٌبدأ بالقول ‪:‬‬
‫(إلهً إلهً لماذا تركتنً بعٌدا عن خبلصً عن كبلم زفٌري ) وهذه هً‬
‫الصرخة األلٌمة التً صرخها الرب علً الصلٌب ففً بشارة مرقس الرسول‬
‫ورد هذا القول العجٌب إتماما لتلك النبوة الصادقة(وفً الساعة التاسعة صرخ‬
‫ٌسوع بصوت عظٌم قاببل الوي الوي لما شبقتنً الذي تفسٌره إلهً إلهً لماذا‬
‫تركتنً) (مر٘ٔ‪)ٕٗ:‬‬
‫وفً عددي ‪ 7،6‬من مزمور ‪ٌ 22‬قول ( اما انا فدودة ال انسان عار ع ند‬
‫ه‬ ‫البشر ومحتقر الشعب كل الذٌن ٌروننً ٌستهزبون بً ٌفؽرون الشفا‬
‫وٌنػضون الرأس قابلٌن اتكل علً الرب فلٌنجه لٌنقذه ألنه سر به ) ( مز ٕٕ‬
‫‪.) 8، 7 :‬‬
‫ومن عدد ‪ 14‬الً عدد ‪: 18‬‬
‫( كالماء انسكبت‪ .‬انفصلت كل عظامً‪ .‬صار قلبً كالشمع قد ذاب فً وسط‬
‫أمعابً ‪ٌ .‬بست مثل شقفة ق وتً ولصق لسانً بحنكً والً تراب الموت‬
‫تضعنً‪ .‬ألنه قد أحاطت بً كبلب جماع ة من األشرار إكتنفنً ‪ .‬ثقبوا ٌدي‬
‫ورجلً أحصى كل عظامً‪ .‬وهم ٌنظرون وٌتفرسون فً ٌقسمون ثٌابً بٌنهم‬
‫وعلً لباسً ٌقترعون) ( مز ٕٕ‪.) ٔ8 - ٔٗ :‬‬
‫وكل هذه النبوات بل كل هذه اآلالم التً قالها الروح القدس بفم داود النبً‬
‫كانت تشٌر الً االم الصلٌب التً تمت كلها فً شخص ذلك المحب العجٌب‬
‫وبٌن داود والمسٌح بحسب الزمان حوالً الؾ سنة ولكن الكاتب او الموحى‬
‫بهذا الكبلم هو روح هللا الذي لٌس عنده ماضً وال حاضر وال مستقبل بل كل‬
‫لدي وقد تمت هذه األقوال كلها فً شخص ذلك القدوس‬ ‫شا معروؾ وحاضر ه‬

‫‪-36-‬‬
‫البار والمحب العجٌب الذي قبل بكل حب واختٌار أن ٌموت عنا مٌته المهانة‬
‫والعار ٌاله من أمر فٌه العقل ٌحار فمن ٌرجع إلى البشابر األربعة متى ‪، 27‬‬
‫مرقس ‪ ، 15‬لوقا‪ٌ ،23‬وحنا ‪ٌ ، 19‬قرأ عن تحقٌق هذه النبوات‪.‬‬
‫واذكر على سبٌل المثال ما جاء بإ نجٌل ٌوحنا ( إصحاح ‪( )ٕٖ،ٕٗ :ٔ9‬‬
‫ثم أن العسكر لما كانوا قد صلبوا ٌسوع أخذوا ثٌابه وجعلوها أربعة أقسام لكل‬
‫عسكري قسما واخذوا القمٌص أٌضا وكان القمٌص بؽٌر خٌاطة منسوجا كله‬
‫من فوق‪ .‬فقال بعضهم لبعض ال نشقه بل نقترع علٌه لمن ٌكون لٌتم الكتاب‬
‫القابل اقتسموا ثٌابي بٌنهم وعلى لباسً القوا قرعة ) ( ٌو ٘ٔ‪.)ٕٗ، ٕٖ :‬‬
‫(على‬ ‫وأٌضا جاء بسفر المزامٌر ذلك القول العجٌب عن الرب ٌسوع‬
‫ظهري حرث الحراث طولوا أتبلمهم ) ( مز ‪ )ٕ :ٕٔ9‬وهذا ما تم بالفعل فً‬
‫جسد الرب تبارك اسمه فقد تم بحسب ما جاء فً الكتاب ( فبٌبلطس اذ كان‬
‫ٌرٌد أن ٌعمل للج مع ما ٌرٌحهم اطلق لهم باراباس واسلم ٌسوع بعد ما جلده‬
‫لٌصلب) (مر٘ٔ‪.)ٔ٘:‬‬
‫وأٌضا ٌذكر سفر االمثال عن شخصه الكرٌم المشار إلٌه بالحكمة فالحكمة‬
‫هً شخصه ففً قوله بالروح القدس فً امثال ‪-: 8‬‬
‫( أنا الحكمة اسكن الذكاء وأجد معرفة التدابٌر لً المشورة والرأي أنا الفهم‬
‫لً القدرة بً تملك الملوك وتقضً العظماء عدال بً تترأس الرإساء‬
‫والشرفاء كل قضاة األرض ) (أم‪ )ٔٙ-ٕٔ : 8‬هكذا إلى نهاٌة اإلصحاح‬
‫الثامن التً تنتهً بالقول (ألنه من ٌجدنً ٌجد الحٌاة وٌنال رضً من الرب‬
‫ومن ٌخطا عنً ٌضر نفسه كل مبؽضً ٌحبون الموت ) ( ٔم ‪)ٖ٘،ٖٙ : 8‬‬
‫فإذا تؤملنا فً احد االعداد على سبٌل المثال العدد ‪ ( 35‬النه من ٌجدنً ٌجد‬
‫الحٌاة‪)..‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وهذا القول هو قول الرب ٌسوع المسٌح الذي ٌقابله ما جاء بإنجٌل ٌوحنا‪.‬‬
‫( أنا هو القٌامة والحٌاة من آمن بً ولو مات فسٌحٌا ) ( ٌو ٔٔ‪)ٕ٘ :‬‬

‫(‪ )1‬يمكن للقارئ الرجوع لسفر االمثال االصحاح الثامن لالفادة والتأمل فيما جاء من أقوال‬
‫بالروح القدس عن شخص ربنا الحبيب تبارك اسمو ‪.‬‬
‫‪-37-‬‬
‫وسفر نشٌد االنشاد الذي ٌعتبر بحق قدس اقداس للكتاب المقدس وأنشودة‬
‫( أي‬ ‫الحب الخالدة بٌن المسٌح له كل المجد كالعرٌس المبارك وخاصته‬
‫عروسه)‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫فٌقول عن عروسه األرضٌة ‪:‬‬
‫( أختً العروس جنة مؽلقة عٌن مقفلة ٌنبوع مختوم ) ( نش ٗ ‪)ٕٔ:‬‬
‫فهذا السفر العجٌب هو حوار المحبة الروحٌة المتبادلة بٌن العرٌس المبارك‬
‫ربنا ٌسوع المسٌح وبٌن خاصته‪.‬‬
‫وٌعوزنا الوقت للحدٌث عن كل الرموز التً وردت بكل اسفار العهد القدٌم‬
‫وال سٌما سفر اشعٌاء الذي تحدث عن مٌبلد المسٌح من العذراء المطوبة‬
‫مرٌم وآالمه وموته وقٌامته‪.‬‬
‫ألن السٌد المسٌح له كل المجد هو محور الكتاب المقدس كله وهو موضوع‬
‫مشؽولٌة ومسرة األب ( وبهاء مجده ورسم جوهره وهو الحامل لكل االشٌاء‬
‫بكلمة قدرته كما قال الوحً االلهً ( الذي وهو بهاء مجده ورسم جوهر ه‬
‫وحامل كل االشٌاء بكلمة قدرته بعد ما صنع بنفسه تطهٌرا لخطاٌانا جلس فً‬
‫ٌمٌن العظمة فى األعالً ) ( عب ٔ‪.)ٖ،ٗ :‬‬
‫(‪)3‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫ولم ٌعرؾ خطٌه ولٌس فٌه‬ ‫هذا هو قدوس هللا الذي لم ٌفعل خطٌه‬
‫خطٌه (‪ )4‬والذي حوله تدور كلمة هللا إلظهار كماالته وكمال عمله الكفاري‬
‫العظٌم ومُلكه الرفٌع وجبلله واقتداره فقد كلمنا هللا اآلب بالروح القدوس عن‬

‫(‪ )1‬للرب يسوع عروسا ارضيو ىي عروس سفر النشيد المعبر عنها بأورشليم االرضية‬
‫( انظر أش ‪ ) 3-1 :6‬وه و كالملك وىذا ما ورد في سفر المزامير ( ‪ )17-6 :45‬والكنيسة‬
‫ىي جماعة المؤمنين المفديين بدم المسيح الكريم في كل مكان وزمان فكل مؤمن وكل مؤمنة في‬
‫العالم عضو في ىذا الجسد الكريم وقد بدأت الكنيسة يوم الخمسين في سفر األعمال (‪-1:2‬‬
‫‪. )4‬‬
‫(‪ ( )2‬ابط ‪)22 :2‬‬
‫(‪2( )3‬كو ‪)21 : 5‬‬
‫(‪1( )4‬يو ‪)5 : 3‬‬
‫‪-38-‬‬
‫شخصه الفرٌد بٌن ضفتً الكتاب المقدس بعهدٌه القدٌم والجدٌد ففً العهد‬
‫القدٌم قدمه لنا فً شكل رموز وظبلل كما هو مكتوب (هللا بعدما كلم اآلباء‬
‫باألنبٌاء قدٌما بؤنواع وطرق كثٌرة كلمنا فً هذه األٌام األخٌرة فً ابنه الذي‬
‫جعله وارثا لكل شا الذي به أٌضا عمل العالمٌن) (عب ٔ‪.)ٔ،ٕ :‬‬
‫فقد كلمنا فً شكل نبوات سابقة قد تحققت بالفعل فً حٌاته وعمله وكلمنا فً‬
‫شكل رموز وظبلل فً شخصٌات العهد القدٌم من االنبٌاء والرسل وخبلل‬
‫لوجه‬
‫ذبابح واحداث رمزٌة اما فً العهد الجدٌد فاننا نلتقً معه وجها ‪.‬‬
‫فالبشابر األربعة تحكً حٌاته وكماالته وأمجاده األدبٌة فهو هللا الظاهر فً‬
‫الجسد وهو وحده الؽٌر متؽٌر فً ذاته وفً مح بته فقٌه تجلت النعمة والحق‬
‫التقٌا البر والسبلم تبلثما وفٌه تمت مصالحة السماء باألرض ورد لؤلب مجده‬
‫المسلوب الذي سلبناه بخطاٌانا رده المسٌح المبارك بموته الكفارى على‬
‫الصلٌب ولذلك فهو وحده الدٌان لكل األموات واألحٌاء باعتباره أبن اإلنسان‬
‫وأبن هللا األزلً األبدي والذي ُدفع إلٌه وحده كل سلطان فً السماء وعلً‬
‫األرض وباعتباره الشخص الوحٌد الذي وفً عدل هللا وسدد دٌن الخطٌة‬
‫ولذلك قال عنه الكتاب المقدس‪ ( .‬لذلك رفعه هللا أٌضا ًا واعطاه أسما فوق كل‬
‫أسم‪ .‬لكً تجثو باسم ٌسوع كل ركبة ممن فً السماء ومن علً األرض ومن‬
‫تحت األرض وٌعترؾ كل لسان أن ٌسوع المسٌح هو رب لمجد هللا األب ) (‬
‫فً ٕ‪ )ٔٔ-9 :‬فهل تسجد أٌها القارئ خاشعا ًا وخاضعا ًا ومعترفا ًا بخطاٌاك‬
‫للمسٌح اآلن لتنال الؽفران والحٌاة قبل فوات األوان ‪ ،‬واعلم ٌقٌنا ًا أن كل‬
‫إنسان سوؾ ٌؤتً الوقت الذي فٌه ٌسجد لذلك الدٌان العظٌم المهوب جبار‬
‫البؤس وصاحب السلطان حتى كل الذٌن ٌنكرون اسمه اآلن وٌنكرون الهوته‬
‫وٌتطاولون علً اسمه العظٌم سوؾ ٌسجدون له سواء أردوا أو لم ٌرٌدوا‪.‬‬

‫‪-39-‬‬
‫الفصل الثانً‬

‫(ٔ) الطابع الممٌز لحٌاة اإلٌمان المسٌحً ‪.‬‬


‫ٔ) المإمن الحقٌقً موضع ثقة اآلخرٌن من حوله‪.‬‬
‫نجد أنه بعد أن أورد لنا الوحً المقدس فً العدد التاسع ( فقالت لرجلها قد‬
‫علمت أن رجل هللا مقدس الذي ٌمر علٌنا دابما ًا فلنعمل عّلٌه علً الحابط‬
‫صؽٌرة ونضع له هناك سرٌراًا وخوانا ًا وكرسٌا ًا ومنارة حتى إذا جاء الٌنا ٌمٌل‬
‫إلٌها ) (ٕمل ٗ‪ٌ )ٔٓ-9 :‬ؤتً العدد الحادي عشر قاببلًا ‪-:‬‬
‫( وفً ذات ٌوم جا ء إلً هناك ومال إلً العّلٌة وأضطجع فٌها ) (ٕمل ٗ ‪:‬‬
‫ٔٔ) وهنا نجد أن كلمة هللا ال تحدثنا عن رد زوجها بالقبول أو الرفض لما‬
‫قالته وهذا معناه أنه ال اعتراض علً كل ما قالته من جهة زوجها أو حتى‬
‫مجرد تعلٌق لكن كلمة هللا تؤتً مباشرة بمجىء الٌشع إلً العّلٌة ألٌس هذا‬
‫إحقاقا لكلمة الحق عن تلك المرأة الفاضلة التً ٌحدثنا عنها وعن أمثالها سفر‬
‫األمثال اإلصحاح الحادي والثبلثون قاببل ( امرأة فاضلة من ٌجدها الن ثمنها‬
‫ٌفوق الآللا بها ٌثق قلب زوجها فبل ٌحتاج إلً ؼنٌمة) (أم ٖٔ ‪.) ٔٓ،ٔٔ :‬‬
‫‪ ‬وٌقول الكاتب الفرنسً دودٌه‬
‫(اذا كنت استحق فخراًا فئلمراتً نصفه)‬
‫‪ ‬وقال شتر‬
‫(‪)1‬‬
‫ال ٌمكن للرجل ان ٌحٌا حٌاة سعٌدة فاضلة ما لم ٌكن بقربه زوجه‬
‫وأنا أضٌؾ لقول شتر أن الرجل ال ٌمكن ان ٌحٌا حٌاة سعٌدة فاضلة ما لم‬
‫ٌكن بقربه زوجة فاضلة تقٌه فلٌست كل زوجة فً إمكانها خلق السعادة فً‬
‫قلب الرجل ما لم تكن امرأة فاضلة‪.‬‬
‫نعم ان الشونمٌة زوجة تقٌة فاضلة مإمنة بها ٌثق قلب زوجها فبل ٌحتاج إلً‬
‫ؼنٌمة وهكذا كل امرأة مإمنة فاضلة ٌجد فٌها زوجها جمال الحٌاة وهدوءها‬
‫فً ظل حماٌة ورعاٌة وسبلم هللا‬

‫– تأليف انصاف نعيم تايو القاىرة –دار الثقافة –‬ ‫(‪ )1‬ورد ذكرىا في كتاب رحلة في أعماق حواء‬
‫‪1992‬ص ـ‪. 183‬‬
‫‪-40-‬‬
‫‪ ‬قال تشارلس كنخرلً‪.‬‬
‫إن السر فً سعادتً أن لً صدٌقٌن احدهما فً السماء وهو المسٌح‬
‫م خلصً والثانً على األرض وهو زوجتً التً جعلها هللا لً مبلكً‬
‫الحارس‪.‬‬
‫وانا ال أعارض قول تشارلً فً أن الزوجة األمٌنة هً عطٌة ثمٌنة لزوجها‬
‫(‬ ‫ألن ثمنها ٌفوق الآللا أما المبلك الحارس فهو مبلك هللا كما هو مكتوب‬
‫مبلك الرب حال حول خابفٌه وٌنجٌهم ) ( مز ٖٗ‪.)7 :‬‬
‫‪ ‬وقال الشهٌد برسنٌوس‬
‫لقد خلق هللا النساء قادرات على أن ٌُقبلن الى كل بر وكل فضٌلة‬
‫‪ ‬وقال اكلمٌدس السكندري ‪:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫إن محبة الحكمة واجبه للرجل والمرأة على حد سواء‬
‫وماذا أقول عن النساء الفاضبلت البلبى ذكرن فً كلمة هللا وٌعوزنا الوقت‬
‫وتضٌق صفحات هذا الكتاب إذا أرد نا أن نسرد سٌرة كل النساء الفاضبلت‬
‫البلبى ورد ذكرهن فً الكتاب المقدس والبلبى سوؾ أتحدث عنهم أن تؤنً‬
‫الرب فً مجٌبه أو إن أعطانً هللا بقٌة من أٌام الحٌاة وبحسب إرشاد روح‬
‫هللا‬
‫فلقد كانت الشونمٌة موضوع حدٌثنا من ذلك الطراز من النساء التً تقود‬
‫زوجها وأهل بٌتها إلً طرق الخٌر والبر والصبلح والبعد عن الشر والعداوة‬
‫والبؽضاء فٌداها تشهد بعمل الخٌر وقدماها بالسٌر المستقٌم وعٌناها ترنو‬
‫ببرٌق دافا صادق ‪ ،‬وٌلمع فً وجهها جمال االٌمان وروعة المحبة والسبلم‪.‬‬
‫نعم‪ .‬سعٌد هو الرجل الذي منحه هللا مثل هذه الزوجة الفاضلة بل لعلها تلك‬
‫المرأة التً جعلت فٌكتور هوجو ٌهتؾ بكل قلبه قاببل ( أٌتها المرأة إذا صؽر‬
‫العالم فانت تبقٌن كبٌرة )‪.‬‬
‫وقال أحدهم عن زوجته ( كٌتس ) ‪:‬‬
‫(كانت جمٌلة كالنسٌم وكنت احبها ‪ ،‬فقد كانت اجمل من الحٌاة ) ولعل مثل‬
‫هذه المرأة التً جعلت نابلٌون بونابرت ٌقول عنها (المرأة التً تهز المهد‬
‫بٌمٌنها ‪ ،‬وتزلزل العالم بٌسارها )‪.‬‬

‫(‪ )1‬ورد ذكرىا في كتاب ( رحلة في أعماق حواء ) ‪1992‬‬


‫‪-41-‬‬
‫ان المرأة المإمنة التقٌة بمثابة اآللة الموسٌقٌة العذبة االلحان والتً‬
‫ٌستخدمها هللا لخٌر وإسعاد أهل بٌتها باإلرشاد والقدوة واإلٌحاء لؤلبناء‬
‫والزوج ولكل من حولها للتمسك باالٌمان باهلل وعبادته وتقواه ‪ .‬فاالٌمان باهلل‬
‫هو الشًء الوحٌد الذي ٌذهب الخوؾ وٌوجد االمن والسبلم والمحبة ‪ .‬فمنذ ان‬
‫بدأت الحٌاة على وجه االرض والصراع قابم بٌن الخٌر والشر وهللا ٌهب‬
‫االنسان سبلح الخٌر وٌتجاهله الناس ‪ ،‬وٌصارعون وٌسقطون صرعى‬
‫الكبرٌاء والشر ولكن سعٌد هو البٌت الذي ٌوجد فٌه هذه المرأ ة التقٌة الفاضلة‬
‫ففٌها تتجسم صورة االٌمان باهلل وروح الشكر والحمد والسجود هلل جل‬
‫جبلله‪ ...‬فهً المرأة التً تتقبل صعاب الحٌاة بالشكر فبل تتذمر وال تتكدر وال‬
‫تشكو بل تشكر‪ .‬انها اذا جاعت صبرت واذا شبعت شكرت هللا ‪ .‬فهً الرفٌق‬
‫للرجل فً رحلة الحٌاة ‪ ،‬وهً الشرٌك ال ذي ٌخفؾ عنه العناء وسط االلم‬
‫والضٌق تمد ٌداها لتمسح العرق والدموع وتجفؾ بجناحٌها قسوة الحٌاة ففً‬
‫ٌدٌها بلسم شاؾ من اوجاع الحٌاة ‪ ،‬وفً عٌنها برٌق االمل فهً خٌر للرجل‬
‫من كل كنوز الدنٌا وهً خٌر ألوالدها ‪ .‬وسعٌد هو البٌت الذي تضم جدرانه‬
‫تلك المرأة الفاضلة فتخرج منه أعظم الرجال الذٌن ٌؽٌرون وجه االرض ذات‬
‫الطول والعرض‪.‬‬
‫‪ ‬ولذلك قال أحد الحكماء ‪:‬‬
‫( اعطنً جٌبل من االمهات القدٌسات وانا المسبول عن تؽٌٌر وجه المجتمع‬
‫فً عدة شهور قلٌلة )‪.‬‬
‫‪ ‬وٌقول مثل صٌنً قدٌم ‪:‬‬
‫( ان كنوز العالم ال تساوي المرأة الفاضلة المتعلمة )‪.‬‬
‫ولعل الشونمٌة من ذلك النوع من النساء الفاضبلت والمتعلمات اعظم علم فربما‬
‫تكون هذه المرأة ال تعرؾ القراءة والكتابة الن الكتاب المقدس ال ٌحدثنا عن‬
‫مستواها التعلٌمً فً امور الحٌاة وعلوم الزمان الحاضر ولكنه ٌحدثنا عن‬
‫معرفتها للحق االلهً كما سبق القول بل عن مخافتها الفعلٌة هلل وفً ذلك ٌقول‬
‫فهم(أم‪.)ٔٓ:9‬‬
‫الروح القدس (بدء الحكمة مخافة الرب ومعرفة القدوس )‬
‫ففً االٌمان باهلل والثقة الكاملة واالتكال الكامل على الرب وحفظ وصاٌاه‬
‫واحكامه ( ال بالحفظ العقلً بل بالحفظ القلبً ) والسٌر بمقتضى ارادة هللا‬

‫‪-42-‬‬
‫وعلى مسمع ومرأى من كل المحٌط ٌن وتقبل صعاب الحٌاة بروح الشكر‬
‫والحمد والسجود هلل وهذا كمال الجمال‪.‬‬
‫وكل امرأة تتمتع بهذه الصفات وكل انسان اٌضا رجبل كان او امرأة له حٌاة‬
‫االٌمان البد من ان ٌتمتع بحب وثقة كل من حوله‪.‬‬
‫وان كان حدٌثنا عن الشونمٌة التً تعتبر بحق امرأة فاضلة بالقول والفعل‬
‫والتً ٌنطبق علٌها قول الكتاب المقدس ‪:‬‬
‫(حتى وان كان البعض ال ٌطٌعون الكلمة ٌربحون بسٌرة النساء بدون كلم ة )‬
‫(ٔ بطٖ‪)ٔ:‬‬
‫فالمرأة الفاضلة التً تخاؾ هللا وتتقٌه فً كل امور الحٌاة صؽٌرها وكبٌرها‬
‫والتً تسلك سلوكا مرضٌا امام هللا فان كل من ٌقترب منها ٌشعر برابحة‬
‫الطٌب الحقٌقٌة النابعة من تلك النفس الفٌاضة بالحب الطاهر الخبلق والعطاء‬
‫الباذل ‪ .‬وكلما اقترب االنسان منها فانه البد سوؾ ٌزداد حبا لها وتقدٌراًا‬
‫لجمالها الروحً وشخصٌتها الوقورة فلسانها ال ٌزرع االكاذٌب وال ٌفوه‬
‫بااللفاظ النابٌة وعٌناها ترنوان ببرٌق من الوداعة والصؾ ا وقلبها مملوء‬
‫باالٌمان والثقة فً هللا‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وهناك اقصوصة تقول‬
‫قالت الفتاة المؤخوذة بروعة جلٌستها مع سٌدة عظٌمة ٌا سٌدتً ‪:‬‬
‫اننً مستعدة ان اضحً بالعالم كله اذا كان لً ان احصل على مثل هذا‬
‫البهاء والجمال المتوفرٌن لشخصك ‪ ،‬والظاهرٌن فً حٌاتك والمرسومٌن‬
‫على وجهك‪.‬‬
‫واجابت االخرى بكل هدوء ورصانة ‪ ،‬وهذا ٌا ابنتً هو الثمن الذي دفعته‬
‫بالضبط للحصول على ذلك‪.‬‬
‫ولعله مهما قٌل عن تلك المرأة الفاضلة فبل نجد أعظم وال اعمق وال اجمل‬
‫من قول هللا‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر – انصاف نعيم تايو – كتاب رحلة في اعماق حواء – دار الثقافة ‪ 1992‬ص‪90 ، 70‬‬
‫‪.‬‬
‫‪-43-‬‬
‫( امرأة فاضلة من ٌجدها الن ثمنها ٌفوق الآللا بها ٌثق قلب زوجها فبل‬
‫) (أمٖٔ ‪، ٔٓ :‬‬ ‫ٌحتاج الى ؼنٌمة ‪ .‬تصنع له خٌرا ال شرا كل اٌام حٌاتها‬
‫ٔٔ)‬
‫ًا‬
‫وٌقصد بكلمة فاضلة الوفاء وتتضمن أٌضا العفة الن الزوجة الوفٌة امٌنة‬
‫لزوجها ‪ .‬كما ان المرأة الفاضلة هً امرأة على درجة عالٌة من الكفاءة‬
‫والنشاط ‪ .‬واالحساس بكرامة واهمٌة خدمة البٌت ‪ ،‬فان قٌمتها ال ٌمكن ان‬
‫تقارن بالآللا مهما تكن ثمٌنة ومثل هذه الزوجة ٌجد فٌها زوجها كنزا عظٌما‬
‫بحٌث ال ٌحتاج الى ؼنٌمة وال ٌفتقر مهما تكن الظروؾ التً ٌوجد فٌها ‪ .‬ثم‬
‫ان تؤثٌرها للخٌر ولٌس للشر كل اٌام حٌاتها وهذه الصورة جمٌلة للمرأة‬
‫المإمنة التقٌة ( الفاضلة )‪.‬‬
‫كما انها تمثل صورة جمٌلة اٌضا للعبلقة المتبادلة بٌن المسٌح له كل المجد‬
‫والكنٌسة التً هً عروس المسٌح والتً تعترؾ بالرب كرأسها المجٌد وتتعبد‬
‫(‪)1‬‬
‫له وتحبه والرب من جانبه ٌجد فٌها فرحه‬
‫( تفتح فمها بالحكمة وفً لسانها سنة المعروؾ ) ( ام ٖٔ ‪ .) ٕٙ :‬إن هذه‬
‫المرأة الفاضلة تعمل دون ان تتكلم‪ .‬وهً اٌضا تعرؾ متى وكٌؾ تتكلم ‪ .‬فهً‬
‫تنطق ( بالكلمة فً وقتها ) وعندما تفتح فمها فانها تتكلم بحكمة ‪ .‬وهذا ٌقابل ما‬
‫نجده فً كلمة هللا ( ال تخرج كلمة ردٌه من افواهكم بل كل ما كان صالحا‬
‫للبنٌان حسب الحاجة كً ٌعطً نعمة للسامعٌن ) ( افسس ٗ ‪.) ٕ9 :‬‬
‫( قانون ) وذلك بالمقابلة مع‬ ‫( وفً لسان ها سنة المعروؾ‬
‫( ناموس الوصاٌا فً فرابض ) ( اؾ ٕ ‪ .) ٔ٘ :‬فهً ال تتعامل بالناموس‬
‫ولكنها تنطق بكلمات النعمة التً توافق صفاتها الفابضة بالنعمة ‪ .‬فكلمة ( سنة‬
‫) هنا ال تشٌر إلً الناموس ولكن إلً مبدأها وهو المعروؾ ‪ .‬كما انه قانون‬
‫سلوكه ا انه أبعد ما ٌكون عن التسٌب واالنفبلت ولكنه حازم فً تقدٌر ما‬
‫ٌحتاجه اآلخرٌن من معروؾ واحسان (‪.)2‬‬
‫وٌذكر لنا سفر االمثال اٌضا ذلك القول العجٌب‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر كتاب دراسات في سفر االمثال بقلم ىـ‪ -‬أ – أيرنسيد ‪ -‬القاىرة – مكتبة االخوة ‪.‬‬
‫(‪)2‬وردت بمجلة المراعي الخضراء في اكتوبر ‪ 1988‬صـ ‪. 203‬‬
‫‪-44-‬‬
‫‪ .‬الحسن ؼش‬ ‫( بنات كثٌرات عملن فضبل اما انت ففقت علٌهن جمٌعا‬
‫من ثمر ٌدٌها‬ ‫والجمال باطل اما المرأة المتقٌة الرب فهً تمدح اعطوها‬
‫ولتمدحها اعمالها فً االبواب ) ( ام ٖٔ ‪.) ٖٔ - ٕ9 :‬‬
‫وهنا نجد اشارة للعروس االرضٌة ( اسرابٌل ) باالرتباط مع الملك االرضً‬
‫ولكن تشٌر اٌضا الى العروس السماوٌة (الكنٌسة ) كما تشٌر الى كل امرأة‬
‫فاضلة فنحن فً نظر هللا عروس المسٌح كؤفراد أو كجماعة وهذا ما ٌجعل‬
‫قلوبنا تذوب حبا له وتقدٌرا لؽنى نعمته ومحبته الفابقة لنفوسنا‪.‬‬
‫كما ان اآلٌة األخٌرة ( عدد ‪ ) 31‬التً ٌختم بها هذا السفر العجٌب والذي‬
‫ٌتكلم عن مخافة هللا وتقواه حٌث ٌاخذنا الروح القدس الى تلك المفارقة العجٌبة‬
‫تحسٌن منظرهم‬ ‫بٌن مدح البشر لبعضهم البعض والتً تنصب على‬
‫( ولكن عٌنا‬ ‫ومظهرهم الخارجً فً جمال الوجه او لبس الثٌاب الجمٌلة‬
‫الرب تنظران الى ما هو اعمق من المنظر الخارجً ‪ ،‬الى القلب فً الداخل‬
‫ٌكشؾ اسراره وخباٌاه فهو لن ٌخدع بالحسن الظاهري والجمال الخارجً‬
‫(‪)1‬‬
‫على االطبلق )‪.‬‬
‫اما كلمة ( فهً تمدح ) فان هذا القول العجٌب ٌذكرنا بكرسً المسٌح ‪ .‬فلن‬
‫ٌعرؾ اآلخرون قٌمتها ولكنها سوؾ تمدح من الرب الذي هو فوق الكل‪.‬‬
‫والذي لن ٌخفى عنه شا ولن ٌنسى شا من ثمر اإلٌمان العامل بالمحبة‬
‫وسوؾ ٌنال المدح كل من سار باالمانة وفعل ما ٌرضٌه ولكنها لن تمدح فقط‬
‫بل سوؾ تعطى أٌضا ًا من ثمر ٌدٌها وكما اقام الرب العهد الذى ربح عشر‬
‫أمناء على عشر مدن هكذا وسوؾ ٌكافا الرب اولبك الذٌن تعبوا بحق من‬
‫أجل أسمه المبارك(‪ )1‬وأخٌراًا ( فستمدحها أعمالها فى األبواب ) فى ٌوم قادم‬
‫فٌه ٌستعلن كل هذه األعمال وهذا ما أشار إلً ه الروح القدس فً قول ه عن‬
‫العروس ( الكنٌسة )‬
‫القدٌسٌن رإ‪.) 8 : ٔ9‬‬
‫)(‬ ‫ًا‬ ‫ًا‬ ‫ًا‬
‫(واعطٌت أن تلبس بزا نقٌا بهٌا ألن البز هو تبررات‬
‫(ٕ) سمو سلوك المإمن‬

‫(‪ )1‬وردت بمجلة المراعي الخضراء في اكتوبر ‪ 1988‬صـ ‪. 204‬‬


‫(‪ )1‬انظر انجيل لوقا (‪.)26-24 :19‬‬
‫‪-45-‬‬
‫إننا إذا أردنا أن نتعرؾ على مدى سمو وجمال وجبلل السلوك المسٌحً‬
‫الحقٌقً فً المرأة بصفة خاصة فإننا نراه واضحا جلٌا فً هذه المرأة‬
‫العظٌمة إذا ٌطلعنا العدد الحادي عشر بقول هللا ( وفً ذات ٌوم جاء إلى هناك‬
‫لجٌجزي ؼبلمه ادع هذه الشمونمٌة‬ ‫وقام إلى العلٌة واضطجع فٌها فقال‬
‫فدعاها فوقفت أمامه) ( ٕمل ٗ‪.)ٔٔ،ٕٔ :‬‬
‫ٌالها من امرأة عظٌمة بحق تترك لرجل هللا فً بٌتها مكانه البلبق به والذي‬
‫اعدته له خصٌصا ًا ‪ .‬كما تترك له حرٌته بكل حب ووقار فلٌس هو الضٌؾ‬
‫ولكنه بمثابة صاحب البٌت وعندما ٌدعوها الٌشع تحضر وتقؾ امامه بكل‬
‫احترام وتقدٌر وإجبلل ووقار إنها تحترم رجل هللا لوقار شخصٌتها وسمو‬
‫اخبلقها فلم تزٌل الكلفة بٌنها وبٌنه النه فً بٌتها او النه قد اعتاد النزول‬
‫واالقامة عندها‪.‬‬
‫كما انها تحب وتحترم فٌه مخافة هللا فمن عبلمات االٌمان المسٌحى الحقٌقً‬
‫النظرة الفاضلة لكل المإمنٌن القدٌسٌن‪.‬‬
‫‪ ‬ولذلك قال أحدهم‬
‫( إذا وجد أي صبلح فٌك ‪ ،‬ثق انه ٌوجد اكثر منه فً اآلخرٌن ‪ ،‬هكذا‬
‫ٌلزمك أن تحتفظ باإلتضاع ) (‪ )1‬ألن برك لٌس من ذاتك بل من فضل و‬
‫إحسان هللا لك فلقد كان الكتبة والفرٌسٌون الموجودٌن فً أٌام وجود الرب‬
‫ٌسوع له كل المجد بالجسد على األرض مملوءٌن ؼروراًا وتكبراًا وتظاهراًا‬
‫وقلوبهم فارؼة من عمل نعمة هللا‪.‬‬
‫ولذلك كانوا ٌفضلون الصبلة فً المجامع وفً زواٌا الشوارع وٌنادون‬
‫بالبوق للصدقات وما هذه االمور إال بدافع حب الظهور والكبرٌاء التً هً‬
‫اساس سقوط االنسان األول ( آدم) ولذلك فقد علمنا مخلصنا الحبٌب المتضع‬
‫(‪)2‬‬
‫ان نتواضع تحت ٌد هللا القوٌة فٌرفعنا‬
‫‪ ‬وقال أحدهم‬

‫(‪ )1‬وردت بمجلة مياه الراحة‬


‫(‪ )2‬قد سبق الحديث عن االمر ( في الشونمية وشهادة اهلل عنها)‬
‫‪-46-‬‬
‫عن الخدمة فً عمل الرب بؤن الخدمة الممسوحة بالروح القدس تقودنا إلى‬
‫(‪)1‬‬
‫أن نضع وجوهنا فً التراب‬
‫بل ان عبلمات المإمن الناجح الذي له ثمار روحٌة فً عمل هللا والذي ٌكون‬
‫بمثابة ؼصن مثمر فً الكرمة فمن المعروؾ ان الؽصن المثمر دابما تثقله‬
‫الثمار فٌنحنً إلى اسفل بٌنما الؽصن الفارغ ٌرتفع شامخا ًا متعالٌا لكن كلما‬
‫كثرت االثمار على الؽصن كلما انحنً الؽصن الى اسفل‪.‬‬
‫(ٖ) الشبع الكامل بالرب‬
‫ونرى الٌشع حٌنما طلب من جٌحزى أن ٌدعو الشونمٌة ولما دعاها ووقفت‬
‫أمامه ‪ .‬ففً األعداد التالٌة ( فقال له قل لها لقد انزعجت بسببنا كل هذا‬
‫االنزعاج فماذا ٌُصنع لك ‪ .‬هل لك ‪ .‬ما ٌتكلم به إلً الملك إو إلى ربٌس‬
‫الجٌش ‪ .‬فقالت أنا ساكنه فً وسط شعبً ‪ .‬ثم قال فماذا ي صنع لها ‪ .‬فقال‬
‫جٌحزى انه لٌس لها ابن ورجلها قد شاخ فقال ادعها فدعاها فوقفت فً الباب )‬
‫(ٕمل ٗ‪.)ٔ٘-ٖٔ :‬‬
‫ونرى الٌشع ٌقول لهذه األخت الفاضلة انك قد تعبت كثٌرا من أجلنا ونحن‬
‫نرٌد أن نرد لك شٌبا فاطلبً إن كان عندك مشكلة أو شٌبا ًا تحتاجٌنه أو شكوى‬
‫نرفعها إلً الملك‪ .‬ونجد الشونمٌة تقول (إنما أنا ساكنة فً وسط شعبً ) وهذا‬
‫القول المبارك إن دل على شا فهو ٌدل على شبع النفس وراحة القلب وهذا‬
‫لسان حال كل مإمن وجد شبعه فً الرب ‪ .‬إنها لؽة الشبع والفٌض ‪ .‬بل هً‬
‫لؽة الرضا والسبلم واالطمبنان التً لم ٌختبرها سوى أوالد هللا الذٌن ٌعٌشون‬
‫تحت ستر العلً وفً ظل حماه على الدوام انهم ٌهتفون مع ارمٌا قدٌما قابلٌن‬
‫(مبارك الرجل الذي ٌتكل على الرب وكان الرب مُتكله فانه ٌكون كشجرة‬
‫مؽروسة على مٌاه وعلى نهر تمد أصولها وال ترى إذا جاء الحر وٌكون‬
‫) ( أر ‪:ٔ7‬‬ ‫ورقها أخضر وفً سنة القحط ال تخاؾ وال تكؾ عن اإلثمار‬
‫‪)7،8‬‬
‫نعم ما أحوجنا إلى مثل هذا االٌمان فً هذه االٌام التً كثر فٌها القلق حتى‬
‫قال علماء النفس ان هذا العصر هو عصر القلق فما أكثر التذمر واألنٌن‬
‫والشكوى حتى وسط جماعة المإمنٌن‬

‫(‪ )1‬وردت برسالة الشباب المسيحي مارس ‪(1991‬الغالف االخير)‬


‫‪-47-‬‬
‫لكن لٌس كل المإمنٌن فهناك من سمت حٌاتهم وارتفعت نظرتهم فوق كل‬
‫االعواز واالحتٌاجات وتضابل العالم كله بالنسبة لهم ‪ .‬ونحن نقؾ امام اٌمان‬
‫هذه المرأة العظٌمة التً تتاح لها فرصة ذهبٌة وهً تعلم ان فً قول الٌشع كل‬
‫الصدق وقد قال لها اطلبً ما ترٌدٌن من الملك او من ربٌس الجٌش ‪ .‬نعم إنها‬
‫فرصة العمر بالنسبة للكثٌرٌن منا ‪ .‬انها فرصة قد ال تعوض ابد ا ُ‪ .‬اننا جمٌعا‬
‫حٌنما تتاح لنا فرصة امام عظٌم من العظماء فً هذا العالم نقول ان الفرصة قد‬
‫اتت وال داعً ان نتركها تفلت من قبضتنا انها تضم صوتها مع مرنم اسرابٌل‬
‫الحلو قابلة‪( :‬الرب راعً فبل ٌعوزنً شا) (مزٖٕ‪.)ٔ:‬‬
‫انها لؽة االٌمان والشبع التً تهتؾ قابلة ‪:‬‬
‫( ذوقوا وانظروا ما اطٌب الرب طوبى للرجل المتوكل علٌه إتقوا الرب ٌا‬
‫قدٌسٌه النه لٌس عوز لمتقٌه ‪ .‬االشبال احتاجت وجاعت واما طالبوا الرب فبل‬
‫ٌعوزهم شًء من الخٌر ) (مز ٖٗ ‪.) ٔٓ - 8:‬‬
‫نعم ان الشونمٌة كانت تحٌا حٌاة االٌمان وتمتلك بذلك السعادة الحقٌقٌة التً‬
‫تصؽر امامها كل مؽرٌات العالم وكل ملذاته‪.‬‬
‫ان من ٌملك هذا االٌمان الذي تمتعت به هذه المرأة ٌملك كل شًء ان انسان‬
‫العالم ٌقول لً كثٌر ( تك ٖٖ ‪ ) 9:‬أما إنسان هللا أو رجل هللا فٌقول لً كل‬
‫(‪)1‬‬
‫شًء (تك ٖٖ ‪)ٔٔ:‬‬
‫روى أحد خدام هللا االتقٌاء بان احد االخوة فً الكنٌسة كان ٌعمل مزارعا‬
‫فً ارضه وعند جمع الحصاد انتجت االرض احدى عشر اردب قمح ‪ .‬فقال‬
‫االخ معاتبا للرب لماذا ٌارب لم تجعل المحصول اثنى عشر إردب ألنك تعلم‬
‫أننا نحتاج إلردب كل شهر فمن اٌن آتً باإلردب األخٌر ‪ .‬وفً نفس اللٌلة‬
‫شؽله الرب بان ٌقوم وٌحمل طعاما الحدى االخوات االرامل والتً ت عول‬
‫‪ .‬وكان اللٌل قد‬ ‫اطفالها بعد وفاة زوجها الذي لم ٌترك لها مورد للرزق‬
‫انتصؾ‪ .‬وقام االخ وحمل طعاما لتلك االرملة وعندما طرق الباب اتاه الرد‬
‫من الداخل ( من الطارق ) فقال انا فبلن ‪ .‬اجابت وما سبب قدومك فً مثل‬

‫(‪ )1‬وردت في مجلة مياه الراحة العدد (‪ )24‬صـ ‪ 16‬ولالفادة يمكن الرجوع الى ( سفر التكوين‬
‫‪) 9 : 33‬‬
‫‪-48-‬‬
‫هذا الوقت المتؤخر من اللٌل فقال اتٌت بطعام العشاء أل والدك‪ .‬قالت الحمد هلل‬
‫اوالدي تعشوا ‪ .‬فاجاب افتحً وخذي الطعام لبلفطار ‪ .‬فقالت هللا الذي عشا‬
‫اوالدي قادر ان ٌرسل لهم االفطار فً الصباح فً موعد االفطار وعاد االخ‬
‫الى منزله متؤمبل فً تلك المرأة التً لٌس لدٌها طعام لبلفطار ولكنها تإمن‬
‫بان هللا سوؾ ٌرسل الطعام فً حٌنه وصلى الى هللا قاببل سامحنً ٌا الهً‬
‫وعلمنً كٌؾ اتكل علٌك‪.‬‬
‫مخطامن منا ٌدري ما تخببه لنا‬ ‫‪.‬‬ ‫نعم ان من ٌحسب حساباته لبلٌام القادمة فهو‬
‫االٌام فقد تؤتً االٌام ونكون نحن ؼٌر موجودٌن فمن منا ٌضمن حٌاته ولو‬
‫دفة الكون‪.‬‬
‫لحظات‪ .‬فعلٌنا ان نسلم كل امورنا لٌد القدٌر الذي ٌدٌر‬
‫وٌذكر لنا الروح القدس ما حدث مع رجل هللا اٌلٌا التشبً الذي صلى الى هللا‬
‫بان ال ٌكون طل وال مطر فاستجاب هللا لصبلته ولم تمطر السماء ثبلث سنٌن‬
‫وستة اشهر‪ .‬وكان قول هللا إلٌلٌا ( انطلق من هنا واتجه نحو المشرق واختبا‬
‫عند نهر كرٌت الذي هو مقابل االردن‪ .‬فتشرب من النهر وقد امرت الؽربان‬
‫ان تعولك هناك‪ .‬فانطلق وعمل حسب كبلم الرب وذهب فاقام عند نهر كرٌت‬
‫الذي هو مقابل االردن‪ .‬وكانت الؽربان تؤتً الٌه بخبز ولحم صباحا وبخبز‬
‫ولحم مساءا وكان ٌشرب من النهر ) (امل ‪.) ٙ -ٖ : ٔ7‬‬
‫لقد كانت الؽربان تؤتً إلٌلٌا بخبز ولحم صباحا ومساءا فماذا نقول أمام هذا‬
‫األمر العجٌب فً أعٌننا ولكنه لٌس عجٌبا أمام الخالق الذي خلق كل الكابنات‬
‫والقادر أن ٌؽٌر طبٌعتها لخدمة قدٌسٌه إن قدرة هللا الذي ٌقول فٌكون وٌؤمر‬
‫فٌصٌر انه قادر أن ٌخرج لنا من اآلكل اوكبلًا ومن الجافً حبلوة حسب قوله ‪.‬‬
‫ان علٌنا ان نسلك باالٌمان ال بالعٌان حسب قول الكتاب ( الننا باالٌمان نسلك‬
‫ال بالعٌان ) ( ٕ كو ٘ ‪.) 7 :‬‬
‫ان المإمن ٌثق من كل قلبه ان هللا ٌدبر كل اموره وٌسدد كل إعوازه ولذلك‬
‫ٌقول مرنم اسرابٌل الحلو بروح هللا ‪:‬‬
‫(بسبلمة اضطجع بل اٌضا انام النك انت ٌا رب منفردا فً طمؤنٌنة تسكننً )‬
‫(مز ٗ ‪.)8 :‬‬
‫هذا هو لسان حال المإمن ‪:‬‬
‫ولكن عجبً لمن ٌ ّدعون االٌمان وال ٌهدءون ولو لحظات فاعصابهم‬
‫مشدودة ومتوترة وهم قلقون وقد ال ٌحصلون على قسط من النوم اال‬

‫‪-49-‬‬
‫باالقراص المنومة وال شًء ٌمبل فراغ قلوبهم المتعبة ‪ .‬فهإالء اما مزٌفٌن‬
‫(لهم صورة التقوى و لكنهم منكرون قوتها) كما ٌصفهم الكتاب المقدس ‪ .‬وإما‬
‫مإمنٌن ضعفاء مهزومٌن امام صعاب ومؽرٌات الحٌاة وشركتهم بالرب‬
‫مقطوعة الن برٌق العالم جذبهم كما ٌجذب النور الفراشات من حوله ‪ .‬ولذلك‬
‫فنفوسهم عطشى وال ٌملكون الشبع الحقٌقً بالرب الذي ال ٌتؤتى اال بالسجود‬
‫وعمق الشركة ودراسة كلمة هللا والتمتع بحضور هللا الدابم فً الحٌاة الذي‬
‫ٌعطً شبع فً القلب فتبلػ به النفس مدى الطمؤنٌنة والهدوء وهذا الشبع ال‬
‫ٌقوم اصبل على اٌة عوامل خارجٌة ‪ .‬واال فكان ٌزول بزوالها ولكنه شبع ٌنبع‬
‫من شخص الرب له كل المجد وٌفٌض فً القلب‪.‬‬
‫قال الرب له كل المجد لمرثا اخت مرٌم ولعازر الذي اقامه من االموات‬
‫حٌنما اتت عاتبة على الرب وشاكٌة ألختها مرٌم التً كانت جالسة عند قدمٌه‬
‫تستمع لكلمات النعمة الخارجة من شفتٌه‪.‬‬
‫( مرثا مرثا انت تهتمٌن وتضطربٌن الجل امور كثٌرة ‪ .‬ولكن الحاجة الى‬
‫واحد فاختارت مرٌم النصٌب الصالح الذي لن ٌنزع منها ) ( لو ٓٔ ‪.) ٕٗ :‬‬
‫وهتؾ مرنم اسرابٌل الحلو قاببل بالروح القدس ( قلت للرب انت سٌدي‬
‫خٌري ال شًء ؼٌرك ) ( مز ‪.) ٕ : ٔٙ‬‬
‫نعم ال ٌشبع القلب وال ٌرٌح النفس سوى شخصه الكرٌم فبل دواء ألمراضنا‬
‫وال بلسان لجراحنا وال عزاء لقلوبنا اال فٌه وحده فدعونا نه تؾ من كل قلوبنا‬
‫قابلٌن مع المرنم ‪:‬‬
‫(قلت للرب أنت سٌدي خٌري ال شًء ؼٌرك) (مز ‪.)ٕ :ٔٙ‬‬
‫ولذلك ٌهتؾ كل تقً قاببل ‪:‬‬
‫صوته أٌضا عبلج‬ ‫شخصه طبٌب نفسً‬
‫وٌفٌض بابتهاج‬ ‫وبه ٌطٌب قلبً‬
‫هذا الفٌض الداخلً الذي ٌمبل القلب فٌبدو جلٌا على الوجه‪.‬‬
‫قال احد الفبلسفة ‪:‬‬
‫( إذا افتقدت السعادة ففتش بداخلك عما ٌدارٌها )‬
‫واعتقد انه ال توجد سعادة فً العالم مثل شبع القلب المملوء بخٌر الرب‬
‫واحسانه النه شبع ال ٌبنى على تحقٌق ارباح فابضة او بلوغ مناصب علٌا بل‬
‫انه اسمى واعظم من كل عوامل واسباب ومعطٌات الدنٌا باسرها‪.‬‬

‫‪-50-‬‬
‫ٌقول المرنم‬
‫الرحم والبطن‬ ‫حمولٌن من‬ ‫علٌه م‬
‫والشٌب ٌعتنً‬ ‫كذا الى الشٌخوخة‬
‫والرب ال ٌنسى‬ ‫فاالم قد تنسى الرضٌع‬
‫رجاه ال ٌخزي‬ ‫ومن علٌه ٌعتمد‬
‫اذن فبل نفشل‬ ‫واالب ٌعتنً بنا‬
‫من قبل ان نسؤل‬ ‫وٌعلم احتٌاجنا‬
‫دوما بعزم القلب‬ ‫اذا علٌه نتكل‬
‫اعنتنا ٌا رب‬ ‫هنا‬ ‫قابلٌن الى‬
‫(ٗ) االتكال على الرب هو مصدر سعادة المإمنٌن‬
‫ان النجاح الحقٌقً فً الحٌاة بل ان السعادة الحقٌقة ال توجد اال فً حٌاة‬
‫االٌمان الحقٌقً باهلل فاالٌمان ٌرى ان هللا وحده هو الحق والحقٌقة والعون‬
‫والقوة وما عداه السراب وكل الذي فوق التراب تراب لقد ظل شعب اسرابٌل‬
‫فً مصر فً حمى ٌوسؾ فً اٌام فرعون الذي احب ٌوسؾ واكرمه ونجد‬
‫( فاآلن ال تخافوا ‪ .‬انا‬ ‫ان ٌوسؾ المحب الذي ٌنسى االساءة ٌقول الخوته‬
‫اعولكم وأوالدكم ) ( تك ٓ٘ ‪.)ٕٔ :‬‬
‫ولكن جاء ٌوم مات فٌه ٌوسؾ ومات فرعون ٌوسؾ وجاء فرعون القاسى‬
‫العنٌد الذي أهان الشعب وأزله فطوبى لكل انسان ال ٌضع ثقته فً انسان حتى‬
‫ولو كان ٌوسؾ بل ٌجعل كل اتكاله على الرب (هكذا قال الرب ملعون الرجل‬
‫قلبه‪.)٘:ٔ7‬‬
‫الذي ٌتكل على االنسان وٌجعل البشر ذراعه وعن الرب ٌحٌد) (أر‬
‫وٌقول هللا اٌضا( مبارك الرجل الذي ٌتكل على الرب وكان الرب متكله ) (‬
‫ار ‪.)7 :ٔ7‬‬
‫وٌقول الرب لكل المإمنٌن بصوت المحبة (انا معكم كل االٌام والى انقضاء‬
‫الدهر ) ( مت ‪.)ٕٓ: ٕ8‬‬
‫وٌقول المرنم ( طوبى ألناس عزهم بك طرق بٌتك فً قلوبهم ) ( مز ٗ‪:8‬‬
‫٘)‪.‬‬
‫ٌقول المرنم‬
‫على سٌدى المسٌح‬ ‫ما ألذ االتكال‬
‫اطمبن استرٌح‬ ‫وبوعده الكرٌم‬
‫‪-51-‬‬
‫بل متكل علٌك‬ ‫انً واثق‬ ‫ٌا الهً‬
‫ها أنا بٌن ٌدٌك‬ ‫كل وعد منك صادق‬
‫على ربً ذي البهاء‬ ‫ما ألذ االتكال‬
‫معنا حتى المنتهى‬ ‫من وعدنا أن ٌكون‬
‫على مفتدى االنام‬ ‫ما ألذ االتكال‬
‫راحة أٌضا سبلم‬ ‫فهو ٌعطٌنً سروراًا‬
‫‪ ‬ما هو المصدر الحقٌقً للسعادة ؟‬
‫ان السعادة هً قمة ما ٌبؽٌه االنسان فً حٌاته وكفاحه وهً الضالة‬
‫المنشودة وان االنسان ٌحاول دابما اكتشاؾ واختراع ما ٌعمل على سعادته ‪،‬‬
‫ولكنه كثٌراًا ما ٌفشل فً تحقٌق هذه السعادة وال ٌشعر بها فً أعماقه ‪ .‬فؤٌن‬
‫توجد السعادة الحقٌقٌة ٌا ترى ؟‬
‫ان البعض ٌعتبر السعادة هً الرضا عن ا لحٌاة الواقعٌة التً ٌعٌشها االنسان‬
‫بحلوها ومرها‪ .‬ولكن هذه ال تعتبر سعادة بل خنوع وخضوع للواقع او استبلم‬
‫دون وجود سبلم‪.‬‬
‫والبعض ٌرى ان السعادة تكمن فً جمع المال ولكن المال ال ٌمكن ان ٌحقق‬
‫سعادة على االطبلق وهو وان كان وسٌلة فقط لقضاء أعواز االنسان لكنه‬
‫لٌس م صدراًا لسعادته ولقد قٌل عنه‪-:‬‬
‫‪ٌ- 1‬ستطٌع المال ان ٌشترى سرٌرا ُ ‪ ،‬لكنه ال ٌشترى النوم‪.‬‬
‫‪ٌ- 2‬ستطٌع المال ان ٌشترى الكتب ‪ ،‬لكنه ال ٌشترى العقول‪.‬‬
‫‪ٌ- 3‬ستطٌع المال ان ٌشترى الطعام ‪ ،‬لكنه ال ٌشترى الشهٌة‪.‬‬
‫‪ٌ- 4‬ستطٌع المال ان ٌشترى الحلى ‪ ،‬لكنه ال ٌشترى الجمال‪.‬‬
‫‪ٌ- 5‬ستطٌع المال ان ٌشترى الدواء ‪ ،‬لكنه ال ٌشترى الصحة‪.‬‬
‫‪ٌ- 6‬ستطٌع المال عددا هاببل من المادٌات ولكنه ال ٌشترى السبلم‪.‬‬
‫‪ٌ - 7‬ستطٌع المال ان ٌحٌطك بالمتملقٌن ‪ ،‬لكنه ٌعجز عن اآلتٌان بالصدٌق ‪.‬الوفً‬
‫‪ٌ- 8‬ستطٌع المال ان ٌسكت اصوات المتهمٌن لك ‪ ،‬ولكنه ال ٌقدر على‬
‫اخماد صوت الضمٌر‪.‬‬
‫الخطٌبة‬
‫‪.‬‬ ‫‪ٌ - 9‬ستطٌع المال ان ٌدفع كل دٌونك ‪ ،‬ولكنه ال ٌكفً لدفع دٌون‬
‫السماء‬
‫‪ٌ- 10‬ستطٌع المال ان ٌعطٌك مكانا فً اعظم وسط ولكنه ال ٌدخلك ‪.‬‬

‫‪-52-‬‬
‫وباختصار فان المال ٌعطٌنا مظهر االشٌاء ال جوهرها وهو خادم مطٌع‬
‫ولكنه سٌد قاسً‪.‬‬
‫ولكنى ال اجد اعظم من قول الكتاب المقدس ( ألن محبة الما ل أصل لكل‬
‫الشرور الذي اذ ابتؽاه قوم ضلوا عن اإلٌمان وطعنوا أنفسهم بؤوجاع كثٌر ة)‬
‫(ٔتً‪)ٔٓ:ٙ‬‬
‫والبعض من البشر ٌرى ان سعادته تكمن فً احترام اآلخرٌن له ولكن هذا‬
‫االحترام سرعان ما ٌزول بزوال سبب هذا االحترام الي خطؤ ٌصدر عن‬
‫االنسان والبعض االخر ٌرى أن سعادة االنسان تكمن فً السعى لتحقٌق هدؾ‬
‫معٌن ولكن الواقع ٌوضح بل وٌإكد ان االنسان فً اثناء سعٌه لتحقٌق هذا‬
‫الهدؾ ٌظل ٌتؤرجح بٌن الفرح والملل طبقا لمحاوالته الناجحة والفاشلة‬
‫لتحقٌق هدفه وبالتالى فان السعادة ال تستقر فً اعماقه ‪ .‬بل ان االنسان إذا ما‬
‫حقق هدفه قد ٌسعد به قلٌبل ثم ٌعود لٌبدأ الكفاح من جدٌد لهدؾ آخر ٌظن ان‬
‫فٌه سعادته وهكذا ٌدور االنسان فً دوامة مؽلقة لتحقٌق امنٌة ضابعة او‬
‫ضلة منشودة اسمها السعادة‪.‬‬
‫ا‬
‫وٌرى البعض وخاصة من دعاة الفكر والعلم واألدب الفلسفة ان السعادة‬
‫تكمن فً تحقٌق الذات أو احترام الذات ولكن مبدأ اال ٌمان باهلل ٌساعد االنسان‬
‫على تحقٌق ذاته باإلتضاع والتواضع فاالنسان الطبٌعى ( ؼٌر المإمن ) قد‬
‫ٌحقق ذاته ولكن فً أنانٌة وكبرٌاء وٌكون تحقٌق ذاته احٌانا على حساب‬
‫اآلخرٌن بالتعالى علٌهم ولكن أعظم تحقٌق لذات االنسان هو انكاره لذاته ولن‬
‫ٌحقق االنسان ذاته اال فً جو الشركة والصبلة النه فً محضر هللا ٌعرؾ‬
‫حقٌقته كإنسان وٌعرؾ عظمة نعمة هللا التً ؼٌرته وصٌرته إنسانا ًا جدٌداًا‬
‫مخلوقا ألعمال صالحة إن قٌمته تساوى الثمن الؽالً الذي دفع فٌه لٌصٌر‬
‫انسانا ًا جدٌداًا‪ .‬فان أهل العالم ٌقولون ان الذي ٌملك قرشا ٌساوى قرشا والذي‬
‫ٌملك قرشٌن ٌساوى قرشٌن ولكن ما رأٌكم فً الذي ٌملك كل شا النه ٌملك‬
‫قدٌسً قاببل ( فان كل شا لكم ) ( ٔكو ٖ ‪)ٕٔ:‬‬ ‫ه‬ ‫الخالق لكل شا والذي وعد‬
‫أخً ‪..‬أختً ‪ ..‬انه بقدر الثمن الؽالى الذي دفع فٌك على الصلٌب ٌحسب‬
‫قدرك ألٌس فً هذا تحقٌقا ًا لحٌاتك بإنكارك لذاتك لكً ٌعود الفضل كل ا لفضل‬
‫لذلك المحب الذي نقلك من الموت إلى الحٌاة ومن الظلمة إلى النور ومن‬
‫العبودٌة (عبودٌة الشٌطان) الى حرٌة مجد اوالد هللا ‪ .‬ألٌس فً هذا االختبار‬

‫‪-53-‬‬
‫ما ٌعطً لقلب كل مإمن إحساسا ًا بما هو اعظم من كل سعادة النه ٌملك‬
‫مإمن ناجح فً‬ ‫السبلم مع هللا ومع نفسه ومع اآلخرٌن اٌضا بل ان كل‬
‫االٌمان ٌشعر لٌس بالسبلم مع هللا فقط بل بسبلم هللا اٌضا الذي اعطانا سبلمه‬
‫قاببل (سبلما أترك لكم سبلمً اعطٌكم لٌس كما ٌعطً العالم اعطٌكم انا ال‬
‫تضطرب قلوبكم وال ترهب ) ( ٌو ٗٔ‪ )ٕ7 :‬وهل بعد هذا السبلم من سعادة‬
‫تفٌض فً القلب وتمؤل الكٌان كله وهذا ما سوؾ نعود إلٌه مرة أخرى لكى‬
‫نوضحه فٌما بعد‪.‬‬
‫وقد ٌرى البعض ان السعادة فً وجود االوالد الناجحٌن فً الحٌاة ولكن وان‬
‫كنا ال ننسً ان عطٌة االوالد من بركات هللا لئلنسان ولكن شبع النفس وراحة‬
‫القلب لٌست فً االوالد فكم اناس علموا أوالدهم ووصلوا بكفاحهم مع االو الد‬
‫الى بلوؼهم ارقً المناصب واعظمها ‪ .‬ولكن جاء الوقت الذي نراهم فٌه‬
‫ٌشكون الوحدة القاسٌة وتسؤلهم اٌن االوالد وتكون االجابة ان كل ابن فً بٌته‬
‫اوفً بلد ما وها هم ٌعانون قسوة المشٌب‪ .‬والوحدة واإلعٌاء والضعؾ بل ان‬
‫كثٌرا من االباء واالجداد المسنٌن ٌهربون إلً بٌو ت المسنٌن لكً ٌجدوا ما‬
‫ٌمؤل فراغ حٌاتهم ولو بالكلمات ولست فً الواقع اُقسى االباء على االبناء كبل‬
‫وألؾ كبل فؤنا ام احب اوالدى جداًا ولكن تبٌن لً من خبلل عشرتً وشركتى‬
‫مع الرب ان من ٌحب احد اكثر من الرب فبل ٌستحق الرب ان ٌكون له‬
‫واسمعوا ما قاله الرب لتبلمٌذه (من أحب ابا او أما اكثر منً فبل ٌستحقنى‬
‫ٌستحقنً (متىٓٔ‪ٖ7:‬و‪)ٖ8‬‬
‫)‬ ‫ومن أحب ابنا او ابنة اكثر منى فبل‬
‫ان محبة هللا ٌجب ان تحصرنا فنحب هللا فوق كل شا ونحب من نحب بعد‬
‫ذلك حبا ًا فٌه وبه تبارك اسمه النه اوصانا بالمحبة لكن ٌجب ان ٌكون للرب‬
‫المكان األول فً القلب‪.‬‬
‫ولكن قد ٌقول قابل وما دخل كل ذلك بالشونمٌة ولذلك اقول ان الشونمٌة قد‬
‫ضربت لنا اروع االمثلة لبلكتفاء والشبع واالرتواء بالرب مما جعلها تتمتع‬
‫بما ال تساوٌه كل الكنوز الدنٌا بؤسرها فهً تعلن عن عدم حاجتها إلى أي شا‬
‫سواء وهى تلقً بكل اتكالها على الرب ولسان حالها ٌهتؾ مع المرنم (الرب‬
‫راعً فبل ٌعوزنً شا ) (مز ٖٕ‪ .)ٔ :‬ولكن نرى أن جٌحزى ؼبلم الٌشع‬
‫ٌكشؾ عن وجود امر هام بقوله ( أنه لٌس لها ابن ورجلها قد شاخ )‪ .‬وأنً‬

‫‪-54-‬‬
‫أتسابل ألم تكن تعلم هذه األخت الفاضلة انه لٌس لدٌها ابن ؟ وهل هذه مشكلة‬
‫تنسً؟‬
‫ألٌست هذه المشكلة فً حد ذاتها مشكلة المشاكل فً كثٌر من البٌوت ؟‬
‫ألٌست كل زوجه ال تنجب تشعر فً نفسها بالعجز والضٌق والحزن‪.‬‬
‫أخً‪..‬أختً‪ ..‬إن للرب قصداًا مباركا ًا فً حٌاتك اذا كنت ابنا ًا له وسمح لك‬
‫بمثل هذا االمر فانه ٌرٌدك له ببل هم وال أثقال لكً تخدمه فانت ملكه فبل‬
‫تتعجب من ذلك فان للرب قصداًا سوؾ تدركه فً االبدٌة فؤشكر هللا من كل‬
‫قلبك وال تكن كالجهال الذٌن ال ٌعرفون الحق وأعلم انك إذا أحببت الرب بكل‬
‫قلبك فلن تجد فً القلب فراؼا للهموم وال للمتاعب فطوبى لك ان احببته من‬
‫كل قلبك فهو وحده شبع النفس وراحة القلب‪.‬‬
‫‪ ‬إتمام الوعد الصادق‬
‫نبلحظ ان اكرام هللا لهذه المر أة الفاضلة امر حتمى بحسب وعده الصادق‬
‫واألمٌن (حاشا لً فؤنً اكرم الذٌن ٌكرموننً ) (ٔصم ٔ‪.)ٖ :‬‬
‫وقد وعدها الٌشع رجل هللا(فقال فً هذا المٌعا د نحو زمان الحٌاة تحتضنٌن ابنا)ًا‬
‫(ٕملٗ‪)ٔٙ:‬‬
‫وتجٌب الشونمٌة على رجل هللا بقولها(ٌا سٌدي رجل هللا ال تكذب على جارٌتك)‬
‫(ٕملٗ‪)ٔ7:‬‬
‫وهنا اقؾ بكل تعجب وحذر بل بتردد وانا أتؤمل بخوؾ هللا واحتاج من كل‬
‫ارشاد الروح القدس لبلجابة على سإال مضمونه محٌر هل كانت الشونمٌة‬
‫تقصد بكبلمها ان الٌشع ٌكذب علٌها ؟‬
‫اعتقد بؤن هذا لٌس قصدها فكبل وألؾ كبل ان ٌكون هذا قصدها فهً تعلم‬
‫تماما ان رجل هللا ال ٌكذب بل انها تنادٌه بكل احترام واجبلل وتقدٌر ووقار‬
‫(‪ٌ..‬ا سٌدى رجل هللا ‪ ) ..‬وهً التً سبق ان قالت لزوجها عنه ( علمت انه‬
‫رجل هللا مقدس ) فكٌؾ اذن تعتبره كاذبا بل اننً ارى فً قولها هذا ما ٌدل‬
‫ة الى ابن على‬ ‫على انها تقول له أنا ال اطلب ابنا وال اشعر اننً بحاج‬
‫االطبلق فهً راضٌة بحٌاتها كل الرضى قانعة بنصٌبها سعٌدة بربها ولعلها‬
‫تضم صوتها مع بولس الرسول حٌنما قال بروح هللا ( تعلمت ان اكون مكتفٌا‬
‫بما انا فٌه ) ( متى ٗ‪.)ٔٔ :‬‬

‫‪-55-‬‬
‫ولكن ربما ٌقول قابل ولماذا لم ٌكن قولها دلٌبل على أن االمر مستحٌل الن‬
‫وقت السن بالنسبة لها كان قد مضى وقد اصبحت ؼٌر قادرة على اإلنجاب؟‬
‫ولكن كٌؾ ٌكون هذا قصد امرأة عظٌمة مثل هذه تعلم بؤن قدرة هللا وارادته‬
‫فوق كل شا وقد اتضح إٌمانها العظٌم عملٌا عند وفاة ابنها كما سنرى فٌما‬
‫بعد أن هذه المرأة العظٌمة قد وجدت فً الرب ما ٌشبع قلبها مما ج علها ال‬
‫تنتظر شٌبا ًا آخر سواه فهى ال تضع قلبها على ابن او بنت ولٌست سعادتها فً‬
‫أي انسان على االطبلق مهما كان هذا االنسان‪.‬‬
‫انه من الجمٌل بل إن من بركات هللا لنا أن ٌهبنا البنٌن والبنات ولكن‬
‫هل نضع قلوبنا وآمالنا واتكالنا على االبناء ؟ وهل نتذكر العطٌة‬
‫وننسى العاطً ؟‬
‫بل ان هذه المر أة تذكرنا بقول سلٌمان الحكٌم الذي متع نفسه بكل‬
‫شا ولكن فً نهاٌة المطاؾ قدم لنا اختباراًا لٌس من السهل على أي‬
‫مإمن ان ٌقدمه سوى الشخص الناجح روحٌا الذي علمته االٌام‬
‫( باطل األباطٌل الكل‬ ‫والسنون خبلل عشرته مع هللا ان ٌهتؾ قاببل‬
‫باطل وقبض الرٌح وال منفعة تحت الشمس ) ( ام ٕ‪.)ٔ7 :‬‬
‫قال المرنم‬
‫عن كل منظر هنا‬ ‫ٌارب حول نظرى‬
‫فٌه المرار والعنا‬ ‫فكل منظر سواك‬
‫والواقع ان هذا االختبار ال ٌجده اال كل انسان قرٌب من الرب وكل انسان‬
‫وجد فً الرب كفاٌته وشبع قلبه وفً نفس الوقت عرؾ حقٌقة الحٌاة بحلوه ا‬
‫ومرها ووصل فً نهاٌة المطاؾ الى القول الصادق ( فلنمسع ختام األمر كله‪.‬‬
‫اتق هللا وأحفظ وصاٌاه ألن هذا هو االنسان كله ) ( جا ٕٔ‪)ٖٔ :‬‬
‫( ال‬ ‫ولذلك نرى فً قول الكتاب المقدس بعد اجابة الشونمٌة على الٌشع‬
‫تكذب على جارٌتك تؤتً مباشرة دون أي فاصل او حتى كلمه رد او‬
‫اعتراض من الٌشع ٌنتقل الوحً المقدس مباشرة إلً القول ( فحبلت المرآة‬
‫وولدت ابنا فً ذلك المٌعاد نحو زمان الحٌاة كما قال لها الٌشع ) (ٕمل ٗ‪:‬‬
‫‪.)ٔ7‬‬

‫‪-56-‬‬
‫‪ ‬خطة هللا فً حٌاة المإمن‬
‫ان هلل خطة إلهٌة فً الخلٌقة وتدبٌرات إلهٌة عجٌبة قد اعدها لخبلص البشر‬
‫كما سبق أن رأٌنا فً ا لرموز والظبلل التً اشارات إلى تدبٌر هللا لخبلص‬
‫االنسان فً شخص الرب ٌسوع المسٌح له كل المجد ‪ .‬كما أن للرب أوقاتا ًا‬
‫وازمنة معٌنة مرسومة فً علمه السابق لتحقٌق خطته االلهٌة فً الخلٌقة‬
‫وكذلك هلل خطة اٌضا خاصة فً حٌاة كل مإمن ولذلك ٌؤتً قول الرب فً‬
‫عدد ‪ ( 18‬وكبر ا لولد وفً ذات ٌوم وخرج إلً أبٌه إلً الحصادٌن وقال‬
‫البٌه رأسى رأسى فقال للؽبلم احمله إلً امه فحمله واتً به الى امه فجلس‬
‫على ركبتها إلً الظهر ومات) ( ٕمل ٗ‪)ٕٓ-ٔ8 :‬‬
‫ولسنا نعلم كٌؾ مات الولد وهل اصابته ضربة شمس فً الطرٌق إلى الحقل‬
‫اننا ال نعلم شٌبا عن ذلك سوى ا نه قال البٌه ( رأسً رأسً ) كما ٌذكر‬
‫الكتاب المقدس‪.‬‬
‫ولكننا نقؾ لنتؤمل فً تلك الحكمة االلهٌة العجٌبة فً قول هللا ( كبر الولد )‬
‫ألن كل كلمة بل كل حرؾ ورد فً كلمة هللا له معنى وقصد الهً مبارك فً‬
‫حٌاتنا وال توجد كلم ة قد وردت جزافا بل إنها بحكمة ُدونت بحسب فكر هللا‬
‫العجٌب وحكمته الفابقة فبعد ان اصبح الولد ٌمؤل البٌت سروراًا وبهجة وأمؤل‬
‫وقد تعلق به قلب االم فٌالها من حكمة فابقة‪.‬‬
‫وقد نسمح لعقولنا ان تتساءل لماذا لم ٌمت هذا الطفل وهو فً رحم امه حتى‬
‫ال ٌكون قلبها قد تعلق به ؟ أو لماذا لم ٌمت وهو فً المهد؟ ولماذا ؟ ولم اذا ؟‬
‫ان فً هذه االسبلة حٌرة لبلنسان بل هً فرصة للشٌطان اٌضا لكً ٌشككنا‬
‫فً محبه هللا لنا ولكن ارادة هللا وحكمته العجٌبة فً هذه السطور فً كلمته‬
‫وفً حٌاتنا اٌضا حكم ة تفوق ادراك العقول ألن معامبلت هللا مع أوالده‬
‫عجٌبة وخاصة‪.‬‬
‫وقد تبدو ؼرٌبة على ؼٌر المإمنٌن ا لذٌن لم ٌختبروا معامبلت هللا ألنها‬
‫معاملة خاصة تختلؾ كل االختبلؾ عن منظور العالم‪.‬‬
‫‪ -1‬هللا ٌرٌد أن ٌكون مشؽولٌة قلب كل مإمن ‪:‬‬

‫‪-57-‬‬
‫قال احدهم ‪ -:‬إن كانت أجسادنا هً هٌكل هللا فان قلبنا هو قدس االقداس فً‬
‫ذلك الهٌكل(‪ )1‬وؼٌرة رب الجنود تؤكل كل من ٌدخل الٌه خبلؾ ربٌس الكهنة‬
‫االعظم ربنا ٌسوع المسٌح‪.‬‬
‫وان كان ملكوت هللا داخلنا فان القلب هو عرش ذلك الملكوت‪.‬‬
‫وؼٌرة رب الجنود تقضً بذبح كل من ٌتربع على ذلك العرش ولو كان‬
‫إسحاق االبن المحبوب (‪.)1‬‬
‫إن على كل مإمن حقٌقى مولود من هللا ان ٌترك للرب قٌادة حٌاته وان‬
‫ٌتقبل منه بشكر كل م ا ٌسمح به وٌعلم ٌقٌنا ان ارادة هللا من نحوه صالحة‬
‫ومرضٌة وكاملة النه مكتوب عن معلمنا وسٌدنا الحبٌب تبارك اسمه‪.‬‬
‫‪ .‬وإذا كمل صار لجمٌع الذٌن‬ ‫( مع كونه ابنا تعلم الطاعة مما تؤلم به‬
‫ٌطٌعونه سبب خبلص ابدى ) ( عب ٘‪.)8،9 :‬‬
‫إن كل مإمن مطٌع لصوت هللا ٌسلم له زمام األ مور بل انه ٌعطى للرب‬
‫الفرصة لكً ٌصٌؽه كما ٌرٌد ‪ .‬فطرٌق الطاعة هلل لٌس طرٌقا سهبلًا بالمرة‬
‫النه ٌتطلب من المإمن التخلى عن ذاته وال ٌمكن السٌر فٌه إال إذا كان النظر‬
‫مثبتا فً هللا والضمٌر تحت تؤثٌر حقه المقدس وكلمته (‪.)2‬‬
‫والطاعة هً طرٌق البركة لٌس اننا ننتظر ال قوة لكً نستطٌع بل نستطٌع‬
‫لكً نحصل على القوة‪ .‬فالرب لم ٌشفى الٌد الٌابسة لكً ٌمدها بل امر الرجل‬
‫المصاب ان ٌمدها لكً تشفى(‪ )3‬وهكذا شفٌت‪.‬‬
‫كما أننا ٌجب أن نعطى الرب الفرصة لتنقٌة حٌاتنا بالطرٌقة التً ٌراها هو‬
‫ال التً نراها نحن وإنه مما ٌعزى قلوبنا قول الرب ٌسوع (أنا الكرمة الحقٌقة‬
‫وابً الكرام كل ؼصن فً ال ٌؤتً بثمر ٌنزعه ‪ .‬وكل ما ٌؤتً بثمر ٌنقٌه لٌؤتً‬
‫بثمر أكثر) ( ٌو٘ٔ‪.)ٔ،ٕ :‬‬

‫(‪ )1‬وىذا ال ينطبق اال على المؤمن الذي صار ملكا للرب وحده ىيكال للرب كذلك كما ان‬
‫الكنيسة ككل ىي ىيكال للرب‪.‬‬
‫(‪ )1‬وردت بمجلة الشباب المسيحى فبراير ‪ 1992‬صـ‪24‬‬
‫(‪ )2‬وردت بمجلة الشباب المسيحي مايو ‪ 1992‬الغالف األخير‬
‫(‪ )3‬وردت بمجلة الشباب المسيحي مايو ‪ 1992‬الغالف األخير‬
‫‪-58-‬‬
‫ونجد أن الرب ٌشبه نفسه بالكرمة والمإمنٌن باالؼصان ولكً ٌؤتً الؽصن‬
‫بثمر كثٌر فالكرام ٌنقٌه بآلة حادة فبلبد من األلم لنزع كل معطل لنموه حت ى‬
‫(‪)4‬‬
‫ٌؤتً بثمر ٌنقٌه لٌؤتً بثمر أكثر‬
‫انه لمن المعزى لقلوبنا ان ننظر إلى اآلالم مهما كان نوعها كرسول‬
‫سماوى لنا تؤتً بشىء من عند هللا فمع انها قد تظهر ضاره واحٌانا بالؽة‬
‫الضرر لكنها فً الوقت نفسه نافعة ومباركة روحٌا لنا ‪ .‬وٌجب ان نتؤكد بؤن‬
‫كثٌر من البركات العظٌمة التً انحدرت الٌنا فً الماضً انما هً ثمر الحزن‬
‫واأللم وال ننسى ان الفداء العظٌم وهو اعظم البركات التً ٌنالها االنسان هو‬
‫ثمر اعظم اآلالم التى شاهدتها األرض فعندما تتعمق سكٌن الكرام وٌشتد االلم‬
‫كؤنه ٌتلفها لكن فً‬‫ٌكون من دواعً التعزٌة( ألن ابً الكرام) الذي ٌقلم الكرمة ؾ‬
‫الحلو‬
‫محبته ٌعلم أنها مستقببل ستكون محملة بعناقٌد العنب ‪.‬‬
‫إن هذه حقٌقة ٌجب ان نتعلمها جٌداًا وترسخ فً عقولنا وقلوبنا فبدونها نحتار‬
‫‪ .‬بل ٌجب أن تختلؾ نظرة اوالد هللا‬ ‫عن ادارك مقاصد هللا فً حٌاتنا‬
‫لمعامبلت هللا معهم عن نظرة أهل العالم وهذا ا لكبلم قد ٌبدو سهبل من الناحٌة‬
‫النظرٌة فاننا فً اثناء رحب العٌش وسٌر األمور فً هدوء ببل عواصؾ او‬
‫امواج تبلطم سفٌنة الحٌاة قد نستطٌع ان نتحدث كثٌراًا عن الصبر والشكر وقد‬
‫نحفظ كثٌراًا من أقوال هللا التً تتحدث عن الصبر والشكر عند اآلالم‬
‫والتجارب ولكن حٌاة االٌمان الحقٌقة وثمار االٌمان العملٌة تظهر فٌنا وتتجلى‬
‫بكل وضوح فً السلوك العملً والخضوع الفعلى ولٌس الفعلى ولٌس النظرى‬
‫ومثالنا فً ذلك هو شخص الرب نفسه‪.‬‬
‫فمن الجمٌل جداًا ان نحفظ أقوال هللا بكل خشوع ودقة الن ذلك ٌدفعنا للتسلٌم‬
‫واالتكال على هللا ‪ .‬ولكن ما اعظم ان تت كلم حٌاتنا وتحكً تصرفاتنا وٌلمع‬
‫إٌماننا حٌنما تواجهنا الصعاب وتهب علٌنا الرٌاح العاتٌة‬
‫قال أحدهم ‪-:‬‬
‫ان أرق الترنٌمات عذوبة هً التً تؤتً عندما ٌجبرنا لٌل الظروؾ على االتكال‬
‫(‪)1‬‬
‫على هللا‬

‫(‪ )4‬وردت بمجلة مياه الراحة العدد (‪ )25‬من صـ‪ 7‬الى صـ‪)11‬‬
‫‪-59-‬‬
‫وقال احدهم ‪-:‬‬
‫نحن نشتهً ان نجتاز الطرٌق دون ان تقابلنا تجربة ولكن فً ذ لك خسارة‬
‫كبرى لنا فؤنه عندما ٌسمح الرب لنا بالتجربة فاننا نتمتع اكثر بالشعور‬
‫(‪)2‬‬
‫بقربه‬
‫( أما أنا فاالقتراب إلى هللا حسن لً ) ( مز ٖ‪)ٕ8 : 7‬‬
‫وهناك قصة تروي عن شخص مإمن عجز بعٌنه وقطعت احدى رجلٌه‬
‫وكان ٌبدو فرحا مهلبل دابما وقٌل له كٌؾ انت سعٌد وانت ال تستطٌع ا لقراءة‬
‫فً الكتاب المقدس او حضور االجتماعات والشركة مع القدٌسٌن فؤجاب (انا‬
‫جالس تحت شجرة التفاح وثمرة حلوة لحلقً ) كما اننً انتظر النه فً الوقت‬
‫القرٌب والقرٌب جداًا سوؾ ال ٌكون جورج اعمى او برجل واحدة حمدا‬
‫السمه)‪.‬‬
‫ثم اجاب اٌضا بقوله ‪:‬‬
‫أما عن عدم قراءة الكتاب المقدس حالٌا فاننً اعٌش على ما اختزنته فً‬
‫الصٌؾ لوقت الخرٌؾ وللٌوم المطٌر لذلك انا اوصً كل شاب حكٌم قاببل‬
‫(أذكر خالقك فً اٌام شبابك قبل ان تؤتً أٌام الشر او تجًء السنون اذ تقول‬
‫لٌس فٌها سرور (‪( ))1‬جإٔ‪)ٔ :‬‬
‫وقال أحد القدٌسٌن‬
‫إنً ال أعرؾ ماذا ٌؤتً به الٌوم والؽد مجهول عندى ولكنً اعرؾ المسٌح‬
‫الذي ال ٌتؽٌر ‪ ،‬أعرؾ أن ربً على عرش السماء ولست اعلم كم من مشقات‬
‫فً طرٌقً ولكنً اعلم انه ال خطر على طالما هو معى الذي مسكنً فبل‬
‫أضٌع ‪ .‬كما إنً ال أعلم كم من االفراح او الدموع امامً ولكننً اعلم ان‬
‫اموري لٌست فً ٌد انسان بل هً فً ٌد الهً الحكٌم المحب الذي ٌزن كل‬
‫شا وٌرتب كل شا لخٌرى لذلك لن اخشى من أي شا فوعد الرب ال ٌتؽٌر‬
‫وقوله صادق أمٌن‪.‬‬

‫(‪ )1‬وردت بمجلة الشباب المسيحي يونيو ‪ 1992‬ص ـ‪89‬‬


‫(‪ )2‬وردت بمجلة الشباب المسيحي يونيو ‪ 1992‬الغالف األخير‬
‫(‪)1‬وردت بمجلة الشباب المسيحي يونيو ‪1992‬‬
‫‪-60-‬‬
‫)( أش‬ ‫( أنً أنا الرب إلهك الممسك بٌمٌنك القابل لك ال تخؾ انا اعٌنك‬
‫ٕٔ‪.)ٖٔ :‬‬
‫‪ -2‬هللا ٌعلم كل مإمن كٌؾ ٌسلم له االمور‬
‫هناك قصة تروى بان مج موعة من االطفال الموجودٌن بإحدى المبلجا‬
‫كانوا ممن ٌعانون من فقد السمع والنطق ( الصم ‪ -‬البكم ) فحدث أن إحدى‬
‫المدرسات ( وهى ؼٌر مإمنه بالطبع ) وجهت سإاال قاسٌا لبلطفال كتبته‬
‫على السبورة هو‪:‬‬
‫لماذا سمح هللا لكم بذلك وما الفابدة من كونكم هكذا صم بكم ؟‬
‫و تآلم ا ألطفال من ذلك السإال المجحؾ القاسً ‪ .‬ولكن قام أحدهم ممن‬
‫أدركته نعمة هللا وكتب االجابة على السبورة بخط واضح وجمٌل وكانت‬
‫االجابة (‪ ( )1‬هكذا صارت المسرة امامك) ( مت ٔٔ‪.)ٕٙ :‬‬
‫فبلبد لكل مإمن حقٌقً ان ٌثق فً محبة هللا وٌعلم ان كل ما ٌسمح به له هو‬
‫خٌر النه مكتوب‪ ( .‬ونحن نعلم ان كل االشٌاء تعمل معا للخٌر للذٌن ٌحبون‬
‫هللا الذٌن هم مدعوون حسب قصده ) ( رو ‪.)ٕ8 :8‬‬
‫إن على كل مإمن ان ٌسلم لآلب السماوى فٌقوده لبلمان والسبلم واالطمبنان‬
‫وٌصٌػ منه شٌبا ًا صالحا ُ لخدمته وتمجٌداًا ألسمه القدوس وعلٌه ان ٌثق كل‬
‫الثقة فً محبة الرب له النه مكتوب ( ألنً عرفت األفكار التً أنا مفتكر بها‬
‫عنكم ٌقول الرب افكار سبلم ال شر ألعطٌكم أجرة ورجاء فتدعوننً‬
‫وتذهبون وتصلون إلى فاسمع لكم ) ( ٔر ‪ )ٔٔ،ٕٔ :ٕ9‬فقد ٌسمح الرب لنا‬
‫باآلالم والضٌق احٌانا ولكن هذا لخٌرنا واصبلح نفوسنا النه ٌعلم ما بداخلنا‬
‫وٌنقٌنا من الداخل وٌعلمنا كٌؾ نقترب إلٌه ونجد فٌه شبع نفوسنا وراحة قلوبنا‬
‫لذلك ٌهتؾ داود بروح هللا قاببلًا‪.‬‬
‫( وٌفرح جمٌع المتكلمٌن علٌك الى االبد ٌهتفون وتظللهم وٌبتهج بك محبوا‬
‫اسمك‪ .‬ألنك أنت تبارك الصدٌق ٌارب كؤنه بترس تحٌطه بالرضا ) ( مز ٘‪:‬‬
‫ٕٔ‪)ٔٔ،‬‬

‫(‪ )1‬يمكن الرجوع الى انجيل متى اصحاح( ‪ )6 :11‬وسوف نعود لهذا االمر للحديث عن ايمان‬
‫الثقة فيما بعد‬
‫‪-61-‬‬
‫إن الرب يسوع المسٌح تبارك اسمه بعد ان صنع معجزة إشباع الجموع‬
‫ومعهم تبلمٌذه بخمسة أرؼفة وسمكتٌن وكان الذٌن اكلوا نحو خمسة آالؾ‬
‫رجل ورفعوا ما فضل عنهم اثنتى عشرة قفة مملوءة من الكسر ومن‬
‫السمك(‪ .)2‬نجد أن الرب له كل المجد ٌلزم تبلمٌذه بؤن ٌدخلوا السفٌنة وٌسبقوه‬
‫إلى العبر وبعد ان صار المساء والسفٌنة فً وسط البحر والتبلمٌذ معذبٌن‬
‫الن الرٌح كانت ضدهم ‪ .‬ولكن ٌنتظر الرب حتى الهزٌع الرابع من اللٌل ثم‬
‫تخافوا (مر‪.)٘ٓ:ٙ‬‬
‫)‬ ‫لهمثقوا أنا هو ال‬
‫ٌؤتٌهم ماشٌا على الماء وٌقول (‬
‫ثم باقتدار عجٌب ٌسكت الرٌح النه صاحب السلطان وحده‪.‬‬
‫قال توم هٌس ‪- :‬‬
‫ان اإلٌمان ٌجب أن ٌمتحن ولذلك ٌكلمنا الرسول بطرس فً رسالته األولى‬
‫ؾني مع انه ٌمتحن بالنار‬ ‫(لكً تكون تزكٌة إٌمانكم وهً اثمن من الذهب ال ا‬
‫توجد للمدح والكرامة والمجد عند إستعبلن ٌسوع المسٌح) (ابطٔ‪.)7:‬‬
‫وقد ال نهتم عندما ٌوضع اٌمان اآلخرٌن تحت االختبار ‪ ،‬لكننا ال نحب ان‬
‫ٌجٌزنا هللا فً النٌران ‪ ،‬ومع ذلك فبلبد أن هللا ٌختبر كل منا بطرٌقته‬
‫الخاصة‪ .‬وقد ٌكون البعض وسط حزن شدٌد ولكن هللا ٌمنح النشٌد فً ظلمه‬
‫اللٌل كما فً النهار الساطع‪.‬‬
‫وفً سفر التكوٌن اصحاح ‪ 22‬نجد اربعه كلمات تتكرر كثٌرا فً الكتاب‬
‫المقدس هً ( المحبة – السجود – خوؾ هللا – الطاعة ) وهذه الحقابق‬
‫(‪ )1‬وان‬ ‫محزومه بحزمه واحده والرباط الذي ٌربطها جمٌعا هو الطاعة‬
‫الشخص المستند علً هللا سٌكون راؼبا فً الخضوع له وهناك فرق بٌن‬
‫الخضوع واالستسبلم فالخضوع ٌتوفر فٌه عنصر اإلرادة اما االستسبلم‬
‫فٌكون أمام األعداء وذلك لٌس خضوعا الن األسٌر ٌتحٌن الفرصة للهروب ‪.‬‬
‫أما القلب المستند علً هللا فهو سٌخضع نفسه لسٌادة وسلطان الخالق وال‬
‫تكون مستسلمٌن هلل بل خاضعٌن له والشخص المستند علً هللا ٌكون راؼبا‬

‫(‪ )2‬انظر مرقس ‪6‬من ‪ ،44 -30‬من عدد ‪53-45‬‬


‫(‪ )1‬المترجم لكتاب ( ليس إسحاق فقط بل اكثر )‪ 1986‬لمؤلفو توم ىيس بعنوان‬
‫‪God doesn’t want your . Issac’s , he just want more of you .‬‬
‫‪-62-‬‬
‫فً ان ٌتقوى (‪ .)2‬ولذلك ٌقول الروح القدس علً لسان الرسول بطرس تلك‬
‫الكلمات المعزٌة لقلوبنا ( وإله كل نعمه الذي دعانا الً مجده االبدي فً‬
‫المسٌح ٌسوع بعد ما تؤلمتم ٌسٌرا هو ٌكملكم وٌثبتكم وٌقوٌكم وٌمكنكم ) ( ٔ‬
‫بط ٘ ‪) ٔٓ :‬‬
‫(‪)1‬‬
‫وقال توم هٌس‬
‫كانت جدتً تعانً من التهاب المفاصل وتتحرك بصعوبة باستخدام عكازٌن‬
‫ولكنها كانت تصر علً الذهاب الً ا لكنٌسة وكانت تتسلق درجات المدخل‬
‫بمساعدة أبً من ناحٌة وع متي وعمً من الناحٌة األخري وحدث ذات ٌوم‬
‫انها سقطت فكسر عظم الحوض واضطرت الً استخدام كرسً متحرك‬
‫والزالت تستخدمه حتى سن التسعٌن ومع ذلك فقد كانت تذهب الً الكنٌسة‬
‫وٌوضع لها لوحا خشبٌا منحدرا عند مدخل الكن ٌسة لكً تصعد علٌه ومثل‬
‫هذه السٌدة كان فً امكانها ان تبقً فً منزلها ولها عذرها الشدٌد فالمرض‬
‫ٌعوقها ولكن قلبها الملتهب بمحبه هللا بل رؼبتها الصادقة فً طاعة هللا بل‬
‫اقناعها القلبى الكامل فً حسن وعظمه مشٌبة السماء وهذا ٌقودنا الً حقٌقة‬
‫اخري وهً الرؼبة الصادقة لدي كل مإمن ناجح فً الطاعة الكاملة وهذه‬
‫لٌست مجرد القدرة علً تحمل ما ٌحدث من ظروؾ صعبه بصبر وبشكر‬
‫فقط بل اٌضا ٌجب ان ٌكون لدٌه استعداد للتضامن والثقة الكاملة فً برنامج‬
‫السماء‪ٌ .‬قول المرنم مناجٌا سٌده تبارك اسمه ‪:‬‬
‫ٌك‬ ‫أنا كالخزؾ بٌن ٌد‬ ‫أٌها الفخاري األعظم‬
‫مثلما ٌحسن فً عٌنٌك‬ ‫عُد واصنعنً وعاء آخر‬
‫ألصابعك تشكل فًَّ‬ ‫اخضع ذاتً دون عناد‬
‫فانا اشتقت لعملك فًَّ‬ ‫لن أتوجع لن أتراجع‬
‫ثقتً فً نعمتك وٌدٌك‬ ‫آتً إلٌك بكل فسادي‬
‫قلبً اتجه اآلن إلٌك‬ ‫ال للٌؤس وال للماضً‬

‫(‪ )2‬نفس المرجع السابق‬


‫(‪ )1‬توم ىيس ‪ :‬نفس المرجع السابق‬
‫‪-63-‬‬
‫‪ -3‬واجب المإمنٌن لٌس فقط تحمل كل ما ٌحدث من ظروؾ وانما التضامن‬
‫مع برنامج السماء ‪:‬‬
‫من األمور المإسفة ان البعض ٌنظرون الى مشٌبة هللا كما لو كانت شبكة‬
‫سحرٌة مخٌفة اعدها هللا لكً ٌلقى بها من السماء وٌقتنصنا (‪.)1‬‬
‫لكن المإمنٌن الذٌن اختبروا معامبلت هللا ولهم عٌون االٌمان المبصرة‬
‫ٌعلمون ان هللا ٌؤخذ المإمن من مجد الى مجد ‪ ،‬ومن قوة الى قوة‪.‬‬
‫إن عملٌة التدرٌب الروحً فً حٌاة المإمن ال تشمل فقط استمرار المعامبلت‬
‫اإللهٌة حسب المشٌبة االلهٌة ولكنها تشمل اٌضا ارتباط كل االمور فً حٌاة‬
‫للؽد‬
‫المإمن ببعضها الن االمس مرتبط بالٌوم وان الٌوم ٌجهزنا ‪.‬‬
‫فاننا اذا نظرنا لحٌاة رجل هللا ابراهٌم باختصار شدٌد لوجدنا ان هناك امور‬
‫تدرب فٌها حتى وصل الى قمة الطاعة واستطاع ان ٌنجح فً امتحان االٌمان‬
‫بدرجة امتٌاز وصار مثاال للطاعة فنجد فً طاعته للخروج من ارضه‬
‫وعشٌرته وبٌت ابٌه (تك ٕٔ) ثم حدوث الخبلؾ بٌنه وبٌن لوط (تك ٖٔ)‬
‫والخبلؾ العابلً ( تك ٖٔ ‪ ) ٔ8 - ٘ :‬ثم الحرب النقاذ لوط (تك ٗٔ) ثم‬
‫انتظار الموعد بوالدة إسحاق باالٌمان (تك ٘ ‪ .)ٕ8-ٕٔ :‬ثم المشاكل التً‬
‫عاناها لوجود اسماعٌل وقلقه على انتظار مشٌبة هللا (تك ٕٔ ‪.)ٕٔ- 9 :‬‬
‫لمذابح (‪ )1‬وهً تشٌر‬‫وال ننسى ان حٌاة ابراهٌم خبلل هذه االمور تمٌزت ببناء ا‬
‫الى حٌاة السجود والشركة ثم نجد قول الرب(وحدث بعد هذه االمور ) ما اجمل‬
‫هذه العبارة التً توضح لنا ان كل االمور السابقة كانت ُتعد ابراهٌم لهذا العمل‬
‫االٌمانتكٕٕ‪.)ٕ:‬‬
‫(‬ ‫العظٌم فقد جاءت بعد كل هذه االمور نٌران امتحان‬
‫ونرى ان هذه المراحل السابقة مرتبطة بتعلٌم مشٌبة هللا ونجد فً سمو اٌمان‬
‫ابراهٌم ان هللا لم ٌضطر ان ٌنادي على ابراهٌم ست او سبع مرات الن‬
‫ابراهٌم كان مستعدا ومصؽٌا وكانت اذنه مع الرب ومن هنا نعرؾ ان اله‬

‫(‪ )1‬ورد في كتاب ليس إسحاق فقط بل اكثر صـ ‪19 ، 18‬‬


‫(‪ )1‬ذكرت ىذه االحداث مختصرة مع ذكر الشواىد للرجوع اليها لالستزادة (سفر التكوين)‬
‫وذلك لضيق الصفحات عن استيعاب كل ما يذكر ‪.‬‬
‫‪-64-‬‬
‫الطاعة لٌس هو اله الصمت فقد كان عنده شًء لٌقوله البراهٌم ومازال عنده‬
‫شًء ٌقوله لكل قلب مطٌع‪.‬‬
‫ان الشخص الذي تدرب على روح الطاعة هلل ٌكون لدٌه اشتٌاق لتنفٌذ مشٌبة‬
‫هللا ولذلك ٌقول الكتاب فً سفر التكوٌن عن ابراهٌم ( فبكر ابراهٌم صباحا‬
‫وذهب الى الموضع الذي قال له هللا ) ( تك ٕٕ ‪.) ٖ :‬‬
‫لقد اعد ابراهٌم الحطب والسكٌن والؽلمان و إسحاق وسار مسٌر ة ثبلثة اٌام‬
‫ونجد فً سإال إسحاق البراهٌم ابٌه ( هوذا النار والحطب ولكن اٌن‬
‫الخروؾ للمحرقة) (‪( )2‬تك ٕٕ ‪.)7 :‬‬
‫ونجد هنا رؼبة صادقة من ابراهٌم لٌس فً طاعة هللا فقط بل تضامنه مع‬
‫برنامج السماء ولذلك نجد معونة بل قدرة هللا فً اجابة ابراهٌم ( هللا ٌرى له‬
‫الخروؾ للمحرقة ٌا ابنً) (تك ٕٕ ‪.)8 :‬‬
‫وهنا نرى ثبلثة اشٌاء عجٌبة تإكد قدرة هللا فً تلك االجابة وهً‪-:‬‬
‫‪ ‬التؤكٌد اإللهً فً الكلمات ( هللا ٌرى )‪.‬‬
‫‪ ‬وفً كلمة ٌرى نرى المقدرة االلهٌة‪.‬‬
‫‪ ‬ونحن نرى أمامنا نبوة عجٌبة من اعظم النبوات فً العهد القدٌم عن‬
‫مجًء المسٌح بالجسد نعم ان فً قول المسٌح له كل المجد ( إبراهٌم تهلل بان‬
‫ٌرى ٌومً فرأى وفرح ) ( ٌو ‪.) ٘ٙ : 8‬‬
‫ٌرى بعض شراح الكلمة المقدسة ان السٌد تبارك اسمه ٌشٌر الى قول‬
‫ابراهٌم ( هللا ٌرى له الخروؾ للمحرقة ٌا ابنً ) (تك ٕٕ ‪.) 8 :‬إن إبراهٌم‬
‫متجسدا فً شخص ٌسوع‬ ‫سبق ورأى الٌوم الذي فٌه سٌعطً هللا نفسه ‪،‬‬
‫إسحاق وعن كل‬ ‫المسٌح له كل المجد لٌكون النابب والبدٌل العظٌم عن‬
‫الخطاة‪.‬‬
‫وقد قال ؾ‪ .‬ب‪ .‬ماٌر (‪ ( )1‬ان هذه الكلمات ممتلبة بالمعان والبصٌرة النبوٌة‬
‫الممتزجة بالثقة الؽٌر مزعزعة فً ذلك الذي كان ابراهٌم ٌتؤلم الجله ) فقد‬

‫(‪ )2‬وردت في كتاب وليس إسحاق فقط بل اكثر صـ ‪20‬‬


‫(‪ )1‬وردت في كتاب ليس إسحاق فقط بل اكثر صـ ‪39‬‬
‫‪-65-‬‬
‫سبق ابراهٌم واعلن بذلك عن مشٌبة هللا فً تقدٌم الرب ٌسوع المسٌح نفسه‬
‫ذبٌحة الجل خطاٌانا‪.‬‬
‫وهنا نرى أن هللا ٌقدم نفسه ألن الرب ٌسوع تبارك أسمه قال ( أنا واألب‬
‫واحد ) ( ٌو ٔ‪ ) ٖٓ :‬وفى قولة له المجد ( الذى رآنى فقد رأى األب ) ( ٌو‬
‫ٗٔ‪ ) 9 :‬كما نجد فى كلمة ( هللا ٌرى الخروؾ )‪.‬وما أشا ر إلٌة ٌوحنا‬
‫المعمدان على الرب هل كل المجد كحمل هللا قاببلًا ( هوذا حمل هللا الذى ٌرفع‬
‫خطٌة العالم) ( لؤ‪.)ٕ9 :‬‬
‫ًا‬
‫وهو الذي تنبؤ عنه اشعٌاء قاببل ( كشاه تساق إلى الذبح وكنعجة صامته‬
‫أمام جازٌها لم ٌفتح فاه ) ( أش ٖ٘ ‪.)ٙ :‬‬
‫وهنا أشار إلى صلٌب الجلجثة حٌث قدم الفادي كالحمل ( كما من حمل ببل‬
‫عٌب وال دنس ) ( ابط ٔ‪ )ٔ9 :‬كما إننا نلمح أٌضا جمال الرمز العجٌب‬
‫الوارد فً اقوال هللا فً سفر التكوٌن االصحاح الثانً والعشرٌن من عدد ‪( 9‬‬
‫فلما أتٌا إلً الموضع الذي قال له هللا بنً هناك إبراهٌم فٌه المذبح ورتب‬
‫الحطب وربط إسحاق ابنه ووضعه على المذبح فوق الحطب ثم مد ابراهٌم‬
‫ٌده وأخذ السكٌن لٌذبح ابنه فناداه مبلك الرب من السماء وقال ابراهٌم ابراهٌم‬
‫فقال هاأنذا فقال ال تمد ٌدك للؽبلم وال تفعل به شٌبا النً االن علمت انك‬
‫خابؾ هللا فلم تمسك ابنك وحٌدك عنً فرفع ابراهٌم عٌنٌه ونظر واذا كبش‬
‫وراءه ممسكا فً الؽابة بقرنٌه ‪ .‬فذهب إبراهٌم وأخذ الكبش واصعده محرقة‬
‫عوضا عن ابنه فدعا ابراهٌم اسم ذلك الموضع ٌهوه ٌرأه حتى انه ٌقال الٌوم‬
‫فً جبل الرب ٌرى) ( تك ٕٕ ‪.)ٔٗ -9:‬‬
‫ونرى أن هللا قد ارسل الكبش الذي كان ممسكا فً الؽابة بقرنٌه لٌكون بدٌبل‬
‫عن إسحاق وهذا الكبش هو اشارة لذلك الحمل الودٌع الذي قدم نفسه نٌابة عن‬
‫كل الخطاة الذٌن ٌحتمون فً دمه الكرٌم كما نرى عظمة المكافؤة البراهٌم‬
‫ونتٌجة الطاعة والتضامن مع إرادة هللا نجد قول الرب ‪:‬‬
‫( ونادى مبلك الرب ابراهٌم ثانٌة من السماء وقال بذاتً اقسمت ٌقول الرب‬
‫انً من اجل انك فعلت هذا االمر ولم تمسك ابنك وحٌدك ‪ .‬أباركك مباركة‬
‫واكثر نسلك تكثٌرا كنجوم السماء وكالرمل الذي على شاطا البحر وٌرث‬
‫نسلك باب أعدابه وتتبارك فً نسلك جمٌع امم األرض ‪ .‬من اجل انك سمعت‬
‫لقولً ) (تك ٕٕ ‪)ٔ8 -ٔ٘ :‬‬

‫‪-66-‬‬
‫كما نلمح بكل اختصار فً قول الرب (تتبارك فً نسلك جمٌع أمم األرض )‬
‫إشارة إلً مجًء المسٌح له كل المجد فً نسل ابراهٌم بحسب الجسد‪.‬‬
‫كما نجد عظمة األجرة البراهٌم نتٌجة روح الطاعة والتضامن مع مشٌبة‬
‫السماء وهكذا ٌكون حال كل مإمن حقٌقى تقى فالطاعة المر هللا والخضوع‬
‫إلرادته لٌست مجرد القدرة على تحمل صعاب الحٌاة و كل ما ٌحدث من آالم‬
‫بصبر وبشكر فقط بل اٌضا ٌجب ان ٌكون لدٌه تضامن وثقة كافٌة فً برنامج‬
‫ًا‬
‫عاتٌة والبحر مضطربا ًا‬ ‫السماء نحوه ومهما كانت الرٌاح شدٌدة والعواصؾ‬
‫واآلالم كبٌر ًاة إال أن هإالء االتقٌاء الذٌن ٌحبون هللا ٌعلمون ٌقٌنا أن برنامج‬
‫كان معاكسا ان جاز التعبٌر التجاهاتهم‬ ‫السماء هو األفضل لهم مهما‬
‫ورؼباتهم الذاتٌة او مٌولهم الشخصٌة ولن ٌتؤتى لدى المإمن طاعة كاملة‬
‫لمشٌبة هللا إال بوجود ثقة كاملة فً محبته فالمحبة التى ال تتعرض للشك تجعل‬
‫لدى المإمن إحساسا باألمان واالطمبنان وبالتالً تسلٌما لذلك القدوس المحب‬
‫فالٌد المحبة وان قدمت لنا كؤسا ًا مراًا إال أنه لٌس فٌه سم على االطبلق لكن‬
‫على العكس فٌه عبلج وشفاء المراض واسقام خفٌه ٌعلم ها هللا وٌعالجنا منها‬
‫بطرٌقته اإللهٌة‪.‬‬
‫وقد ٌقول قابل ما دخل قصة طاعة ابراهٌم وتقدٌم إسحاق بما حدث للمرآة‬
‫الشونمٌة التى مات ابنها ولذلك اقول لمن ٌتساءل ان هذه المرأة العظٌمة كان‬
‫عندها اٌمان جدها ابراهٌم وقد ظهر ذلك بوضوح وجبلء فً تصرفها الحكٌم‬
‫إٌمان‬ ‫بعد ذلك وفً ثقتها الشدٌدة فً عظمة ومحبة هللا لها وثقة االٌمان بل‬
‫الثقة ٌتجلى فً مثل هذه الظروؾ وهذا ما سوؾ نراه فٌما بعد‪.‬‬
‫كما ان القاسم المشترك األعظم الذي جمع سحابة الشهود التً ورد ذكرها‬
‫فً سفر العبرانٌٌن االصحاح الحادى عشر هو االٌمان وباالٌمان سمت‬
‫حٌاتهم فوق مستوى الظروؾ‪.‬‬
‫( بل ان كل فضابل االنسان اذا خلت من نعمة االٌمان صارت رذابل‬
‫ولٌست فضابل(‪) )1‬‬

‫(‪ )1‬من أقوال القس برسوم شحاتو في مقالو لو بجريدة وطنى بعنوان حقيقة السعادة في‬
‫‪ 1989/2/25‬صـ‪23‬‬
‫‪-67-‬‬
‫فتصرؾ إبراهٌم أبو المإمنٌن فً تقدٌم إسحاق ذبٌحة اذا خبل من االٌمان بل‬
‫اذا لم ٌكن أساسه اإلٌمان باهلل وطاعته والتضامن الكامل مع مشٌبته فؤننا نراه‬
‫عبارة عن مشروع فً قتل أو تقدٌم ذبٌحة بشرٌة وتقدٌم الذبابح البشرٌة‬
‫مخالؾ تماما ًا للشرٌعة اإللهٌة‪ .‬لكن إبراهٌم أبو المإمنٌن مثال الطاعة الكاملة‬
‫هلل قدم إسحاق بروح االٌما ن والطاعة والخضوع لمشٌبة هللا حسب قول‬
‫الكتاب المقدس‪.‬‬
‫( باالٌمان قدم ابراهٌم إسحاق وهو مجرب قدم الذي قبل المواعٌد وحٌده‬
‫الذي قٌل له أنه بإسحاق ٌدعى لك نسل) ( عبٔٔ‪.)ٔ8-ٔ7 :‬‬
‫ًا‬
‫وفً ضوء االٌمان اصبح ابراهٌم بهذا العمل العظٌم عمبلقا ورابدا فً‬
‫االٌمان بل صار اب و المإمنٌن بل أن السماء نفسها تسمى حضن ابراهٌم‬
‫بحسب شهادة شخص ربنا الحبٌب ٌسوع المسٌح تبارك اسمه حٌنما ٌقول فً‬
‫مثل الؽنى ولعازر ‪:‬‬
‫( كان إنسان ؼنً وكان ٌلبس االرجوان والبز وهو ٌتنعم كل ٌوم مترفها‬
‫وكان مسكٌن اسمه لعازر الذي طرح عند بابه مضروبا بالقروح وٌشته ى ان‬
‫ٌشبع من الفتات الساقط من مابدة الؽنى ‪ .‬بل كانت الكبلب تؤتً وتلحس‬
‫قروحه فمات المسكٌن وحملته المبلبكة إلى حضن ابراهٌم ومات الؽنى اٌضا‬
‫ودفن فرفع عٌنٌه فً الهاوٌة وهو فً العذاب ورأي ابراهٌم من بعٌد ولعازر‬
‫ر لٌبل طرؾ‬ ‫فً حضنه فنادى وقال ٌا ابى ابراهٌم ارحمنى وارسل لعاز‬
‫اصبعه بماء وٌبرد لسانً النى معذب فً هذا اللهٌب(‪ ()1‬لو ‪.)ٕٗ-ٔ9: ٔٙ‬‬
‫ألٌس فً هذا المثل دلٌبل كافٌا على عظمة ومكانة ابراهٌم واكرام هللا له لقد‬
‫( أكرم الذٌن‬ ‫أكرم إبراهٌم الرب فؤكرمه الرب لقد تم فٌه قول الرب‬
‫ٌكرموننً والذٌن ٌحتقروننً ٌصؽرون) (ٔصمٕ‪)ٖ :‬‬
‫نعم إن المكان الذي حمل إلٌه لعازر هو مقر راحة نفوس االبرار وهو‬
‫الفردوس‪.‬‬
‫وهنا نجد أن الفردوس هو عٌنه المسمى بحضن ابراهٌم ‪ .‬وفً هذه األقوال‬
‫المقدسة إعبلن إلهً عجٌب عن عظمة األجرة التً صارت البراهٌم ابو‬
‫مان والنفس‬ ‫المإمنٌن ألٌست العظمة فً االٌمان ألن القلب العامر باالي‬

‫(‪ )1‬انظر بقية ما جاء عن هذا األمر يف اجنيل لوقا ‪ 16‬من عدد ‪19‬إىل عدد ‪31‬‬
‫‪-68-‬‬
‫الفٌاضة باالٌمان نفس عظٌمة ولقد كان فً قلب الشونمٌة نفس هذا االٌمان‬
‫العظٌم والثقة الكاملة فً هللا القادر على أن ٌقٌم ابنها وحٌدها من الموت وهذا‬
‫ما سوؾ نراه فٌما بعد‪.‬‬

‫‪-69-‬‬
‫الباب الثانً‬
‫الفصل األول‬
‫( ٔ) متى ٌلمع اإلٌمان المسٌحً ؟‬
‫و اآلن نقؾ أمام اعظم المشاهد فً هذه القصة الرابعة التً تقؾ على مر‬
‫العصور واالجٌال معلنة لكل الخلٌقة بكل وضوح وجبلء عظمة االٌمان‬
‫المسٌحى الذي تجلى بؤوضح صورة فً هذه المرأة العظٌمة التً سلكت بحق‬
‫سلوك االتقٌاء الذٌن ٌراعون وجود الخالق جل وعبل فً كل ظروؾ الحٌاة‬
‫بحلوها ومرها‪ .‬فبعد أن مات ابنها الوحٌد كما سبق ان عرفنا نجد قول الوحى‬
‫المقدس ( فصعدت واضجعته على سرٌر رجل هللا وأؼلقت علٌه وخرجت ) (‬
‫ٕمل ٗ ‪ )ٕٔ:‬ونرى فً قول الرب فصعدت امراًا مدهشا حقا وهذا القول وان‬
‫كان صعوداًا جؽرافٌا كما سبق ان عرفنا أن الؽرفة التً اقامتها لرجل هللا على‬
‫الحابط ( الدور األعلى ) فان هذا الصعود من الدور األول لما فوق وان كان‬
‫صعودا جؽرافٌا فان هللا ال تهمه النواحى الجؽرافٌة فً حٌاتنا بقدر ما تهمه‬
‫امورنا الروحٌة وان قلنا ذلك فلماذا لم ٌتجاهل الوحى المقدس كلمة صعدت‬
‫بل ٌقول مباشرة ( فؤضجعته على سرٌر رجل هللا ) لكن المقصود هنا هو‬
‫صعود وارتفاع وسمو روحً بالدرجة األولى وربما ٌتساءل البعض من ؼٌر‬
‫المإمنٌن او من ضعاؾ االٌمان قابلٌن وهل ٌحدث للمإمن صعود روحً فً‬
‫مثل هذه الظروؾ ؟ وكٌؾ ؟‬
‫ًا‬
‫ان كلمه الصعود ذكرت كثٌرا فً الكتاب المقدس وفً كل مرة كان ٌقصد‬
‫بها الصعود الجؽرافً والصعود الروحى اٌضا بل الصعود الروحً بالدرجة‬
‫األولى ونذكر على سبٌل المثال ولٌس الحصر‪.‬‬
‫**صعود ابرام من مصر حٌث نراه ٌتوجه ( إلى بٌت اٌل إلى المكان الذي‬
‫كانت خٌمته فٌه فً البداءه بٌن بٌت (‪ )1‬اٌل وعاى إلى مكان المذبح ) ( تك‬
‫ٖٔ‪.)ٗ -ٔ :‬‬
‫ونبلحظ هنا ارتباط الخٌمة ب المذبح فالخٌمة تدل على أن المإمن ؼرٌب ‪،‬‬
‫مسافر من هذا العالم إلً السماء والمذبح ٌدل على الشكر والسجود هلل‪.‬‬

‫(‪ )1‬بيت ايل ىو بيت اهلل حيث المذبح وتقديم الذبائح والشكر للرب‬
‫‪-70-‬‬
‫ونجد صعود إسحاق إلً ببر سبع ( ثم صعد من هناك إلى ببر سبع فظهر له‬
‫الرب فً تلك اللٌلة وقال انا اله ابراهٌم ابٌك التخؾ النً معك وأباركك‬
‫وأكثر نسلك‬
‫ًا‬
‫من ا جل ابراهٌم عبدى ‪ .‬فبنى هناك مذبحا ودعا باسم الرب ) ( تك ‪:ٕٙ‬‬
‫ٖٕ)‪.‬‬
‫وهنا أٌضا نبلحظ نفس االرتباط السابق بٌن الخٌمة والمذبح الن المإمن‬
‫ٌشعر ان هذه االرض لٌست وطنه بل انها فترة ؼربة ولذلك لم ٌقل بنً منزال‬
‫بل خٌمة وذلك دلٌبلًا على قصر االٌام واعتبارها فترة ؼربة و هذا الؽرٌب البد‬
‫له من السفر لموطنه االصلً الذي هو السماء لذلك ٌقول رجل هللا ( ؼرٌب‬
‫انا فً األرض‪ .‬ال تخؾ عنى وصاٌاك ) ( مز ‪.)ٔ9 :ٔٔ9‬‬
‫وهذا ما نراه فً شهادة الرب عن سحابة الشهود فً سفر العبرانٌٌن‬
‫واالصحاح الحادى عشر ( واقروا بؤنهم ؼرباء ونزالء على االرض ) ( عب‬
‫ٔٔ‪.)ٖٔ :‬‬
‫وهذا المعنى اٌضا نجده فً قول الرب لٌعقوب ( ثم قال هللا لٌعقوب قم اصعد‬
‫إلى بٌت اٌل واقم هناك واصنع هناك مذبحا هلل الذي ظهر لك حٌن هربت من‬
‫وجه عٌسو اخٌك ) ( تك ٖ٘‪)ٔ :‬‬

‫(ٕ) ماذا ٌفعل المإمن عند حدوث اآلالم والمحن ؟‬


‫(ٔ) الشونمٌة وسلوكها المزكً‬
‫ونعود لنفس اآلٌة السابقة ( فصعدت واضجعته على سرٌر رجل هللا وأؼلقت‬
‫علٌه وخرجت ) ( ٕمل ٗ‪ )ٕٔ :‬ولقد سبق الحدٌث عن كلمة صعدت وما‬
‫تعنٌه من صعود روحً وصعود جؽرافً بل أن الصعود الروحً هو المعنى‬
‫االسمى والمقصود بكلمة هللا بالدرجة األولى ولعل الدلٌل القاطع على ذلك‬
‫الصعود الروحً الواضح هو ما فعلته تلك المرأة الفاضلة فقد اضجعت ابنها‬
‫المٌت على سرٌر الٌشع رجل هللا وأؼلقت علٌه باب الؽرفة وخرجت‪.‬‬
‫وهنا نقؾ طوٌبلًا لنتؤمل فً هذا التصرؾ العظٌم الحكٌم من قبل امرأة مؤل‬
‫االٌمان قلبها فعبرت فً صمت جم اعظم واصدق تعبٌر عما فً قلبها من‬
‫اٌم ان عظٌم دون ان تنبت ببنت شفه‪.‬‬

‫‪-71-‬‬
‫وقبل أن نخوض فً شرح التفاصٌل الدقٌقة لما فعلته هذه المرأة الفاضلة‬
‫علٌنا ان نعلم ان على كل مإمن إذا سمح له هللا باالجتٌاز فً التجارب واآلالم‬
‫أن ٌتصرؾ تصرفٌن ال ثالث لهما‪.‬‬
‫أوال ‪ :‬أن ٌشكر هللا على كل حال وفً كل حال ومن أجل كل حال‪.‬‬
‫ًا‬
‫ثانٌا ‪ :‬إذا لم ٌستطٌع المإمن ان ٌشكر من عمق قلبه هلل فلٌصمت طالبا عونه‬
‫وبالطبع فان الشكر اسمى كثٌراًا من الصمت ولكن هذا الشكر ال ٌـؤتٌه المإمن‬
‫إال من خبلل اٌمان عمٌق وثقة شدٌدة فً صبلح هللا وجوده وعظم محبته‪.‬‬
‫والواقع أن الشونمٌة قد اجادت الشكر والصمت اٌضا فهى حٌنما صعدت‬
‫صعوداًا روحٌا كان صعودها متضمنا شكرها القلبً وكؤنما بها تقول فً نفسها‬
‫شكراًا هلل الن له فً هذا األمر قصداًا عجٌبا ‪ .‬فقد جاء هذا الولد الذي لم اكن‬
‫انتظره وال طلبته ولكنه عطٌة من هللا لً بل هو هبه وإكرام لً واآلن قد سمح‬
‫الرب فؤخذه ولكنى اثق من كل قلبً ان عطاٌا هللا وهباته هً ببل ندامة حسب‬
‫قوله المبارك (الن هبات هللا ودعوته هً ببل ندامة) (رؤٔ‪)ٕ9:‬‬
‫(‪)1‬‬
‫كما أننً اثق فً محبة هللا لً وحسن صنٌعه بً‬
‫وبناء على ما فً قلبها من افكار صالحة احسنت التصرؾ حٌن اضجعت‬
‫ابنها المٌت على سرٌر الٌشع رجل هللا وكؤنها تقو ل بصوت قلبً ؼٌر مسموع‬
‫لآلذان ولكنه محسوس وملموس للعٌان فربما قالت فً قلبها بل وهذا هو‬
‫بالفعل لسان حالها ٌقول ان وجود الٌشع فً منزلى كان سببا ًا فً وجود هذا‬
‫االبن الذي هو عطٌة من هللا لً فمن هللا وحده وهبت هذا االبن وعن طرٌق‬
‫الٌشع ومن هللا وحده وعن طرٌق الٌشع استرده ثانٌة للحٌاة‪.‬‬
‫ت بهذا الكبلم وهذا الخٌال الواسع وهل سمعت‬ ‫وقد ٌقول معترض من أٌن أتٌ ِ‬
‫صوتها حٌنما قالت هذا الكبلم فً قلبها ولهذا المعترض أقول إن هذا الكبلم‬
‫هو ما عبر عنه بولس فً رسالته للعبرانٌٌن عن اٌمان هذه المرأة فٌالعمق‬
‫ؼنً وعظمة كلمة هللا وصدقها ا لعجٌب فهً كلمه هللا الصادقة التً كتبها‬
‫اناس هللا القدٌسون مسوقٌن من الروح القدس الذي راي ما فً قلبها وسجل‬
‫بكل فخر واعزاز شهادته الصادقة عنها بقولة فً االصحاح الحادي عشر‬
‫وهو االصحاح المعروؾ باصحاح االٌمان والذي ٌرد فٌه ذكر سحابه الشهود‬

‫(‪ )1‬سوف نوضح ىذه النقطة تفصيال فيما بعد‬


‫‪-72-‬‬
‫( أي شهود االٌمان ) القدٌسٌن الذٌن لمع اٌمانهم وتجلً امام هللا والناس‬
‫وسجلت اسمابهم فً لوحه الشرؾ االلهٌة العجٌبة ففً العدد الخامس‬
‫والثبلثٌن نجد اشارة الٌمان هذه المرأة العظٌمة بقول الرب ( باالٌمان اخذت‬
‫نساء امواتهن بقٌامة ) ( عب ٔٔ‪.) ٖ٘ :‬‬
‫كما ان هذه المرأة العظٌمة احسنت الصم ت اٌضا فلم تفعل ما ٌمكن ان تفعله‬
‫اٌة امرا ة فً مثل هذه الظروؾ ألنها مختلفة تماما عن بقٌة النساء ؼٌر‬
‫المإمنات فحٌن اضجعت جثه ابنها و أؼلقت الؽرفة وخرجت فاننا نسؤل هل‬
‫خرجت لتبكً وتصرخ بؤعلى صوتها حتى ٌسمع الجٌران نحٌبها وبكابها‬
‫فٌاتون وٌبكون معها علً فلذة كبد ها كما تفعل كل ام فً تلك الساعات‬
‫الحرجة االلٌمة ؟ كبل والؾ كبل ‪ .‬فقد قال المرنم ( صمت ال افتح فمً النك‬
‫انت فعلت ) ( مز ‪) ٙ : ٖ9‬‬
‫وقال داود بارشاد روح هللا القدوس( اجعل ٌارب حارسا لفمً احفظ باب شفتً‬
‫) ( مز ٔٗٔ ‪ ..)ٖ :‬نعم إن مثل هذه الظروؾ العصٌبة تظهر صورة المإمن‬
‫الحقٌقً‪.‬‬
‫لقد كانت الشونمٌة بحق طرازا نادرا من النساء الفاضبلت انها حقا عمٌقة‬
‫‪ .‬ألن المرأة‬ ‫فً كل شا وتتؤمل كل شا فً عاطفتها وتتحفظ فً كبلمها‬
‫الكثٌرة الكبلم والتً تطلق للسانها العنان فً مثل هذه الظروؾ العصٌبة‬
‫تكون قلٌلة العمق قلٌلة التؤمل والتفكٌر ‪ .‬وكلما كانت المرأة اقل عمقا كانت اقل‬
‫اتزانا فً مثل هذه الظروؾ فهً تكون شبٌها بالنباتات المتسلقة تستعٌن‬
‫بؽٌرها علً النمو واالرتفاع دون ان تلجؤ الً هللا ولذلك فهً ال تستطٌع ابدا‬
‫ان تواجه الحٌاة وال تختبر أعماقها فتطلق لسانها بالتذمر واالنٌن ألن ٌدٌها‬
‫قاصرتان عن عمل هللا وإذا لم ٌكن للٌد عمل امتد اللسان وطال‪.‬‬
‫أما الشونمٌة فقد ظهر جمال معدنها السماوي ولمع اٌمانها العظٌم الذي ال‬
‫تظهره الصرخات الصاعدة من األلسنة بل ٌتجلى فً اعماق الوجدان ألنها‬
‫امراة مثمرة فً عمل الرب وقد اثقلتها الثمار فجعلت فٌها ذلك التؤثٌر القوي‬
‫األخاذ فً لؽة الصمت األبلػ من الكبلم احٌانا ففٌها تتجلى روعه االٌمان حٌن‬
‫تنكشؾ الحٌاة البشرٌة عارٌة علً حقٌقتها فً لحظات الشدة واآللم فلٌس‬
‫هناك اقدر من اآللم علً كشؾ معدن االنسان ألن االلم ٌلقً دابما بؤنواره‬

‫‪-73-‬‬
‫الكاشفة علً ما فٌنا من اخبلق وطباع (‪ )1‬وإٌمان عظٌم ٌلمع كشعاع من النور‬
‫فً وسط ظبلم الحٌاة فلقد زها نورها ولمع وامتد الً احشاء الزمن وتؽلؽل‬
‫فً جنبات التارٌخ البشري كله لذلك ٌقول الرب‪.‬‬
‫(كذلك اٌتها النساء كن خاضعات لرجالكن حتى وان كان البعض ال ٌطٌعون‬
‫الكلمة ٌربحون بسٌرة النساء بدون كلمة ) ( ابط ٖ‪)ٔ :‬‬
‫روي احد خدام هللا‬
‫بؤنه سمع ٌوما ما عن احد القدٌسٌن األفاضل أخبارا طٌبة عن حٌاته الروحٌة‬
‫واٌمانه العمٌق باهلل مما جعله ٌتمنً ان ٌراه وٌتحدث معه وذهب للكنٌسة التً‬
‫ٌشترك فٌها ذلك االخ الفاضل ولما س أ ل عنه بعد االجتماع لم ٌجده وقال‬
‫االخوة انه لم ٌحضر هذه اللٌلة وهذا علً خبلؾ المعتاد فهو من اكثر االخوة‬
‫مواظبة علً حضور االجتماع وان تؽٌبه هذه اللٌلة علً ؼٌر المعتاد ولما‬
‫سؤل خادم هللا عن سبب تؽٌبه قال احد االخوة له إن األخ له ظروؾ فهو فقٌر‬
‫وقد تؤخر عن سداد اإلٌجار لشقته لفترة طوٌلة فقام صاحب المنزل برفع‬
‫علً وصدر االمر بطرده من المنزل واخر موعد لتسلٌم الشقة باكرا‬ ‫قضٌة ه‬
‫فقال الخادم وهل وجد شقة اخري ؟ ‪ ..‬قالوا ال فقال وما مصٌره؟ قالوا‬
‫الشارع طبعا فقال الخادم وهل بالصندوق (صندوق الكنٌسة ) ما ٌكفً لسداد‬
‫المبلػ المطلوب ؟ اجابوا ال فالمبلػ كبٌر فقال الخادم وما الحل ٌا اخوة هل‬
‫تتركوا أخاكم فً هذه المحنة دون ان تفعلوا شٌبا لماذا ال نساهم كلنا االن كل‬
‫بقدر ما ٌستطٌع وما هً إال لحظات وجمع المبلػ المطلوب رؼم ضخامته‬
‫ورؼم حالة الكنٌسة وحالة االخوة فقد كانوا فقراء ولكن هللا ؼنً ومن ؼناه‬
‫نؽتنً وكما قال الكتاب (القلٌل الذي للصدٌق خٌر من ثروة اشرار كثٌرٌن ) (‬
‫مز ‪) ٔٙ: ٖ7‬‬
‫وتوجه الخادم (الضٌؾ ) ومعه احد األخوة لزٌارة األخ ولما طرقا الباب‬
‫فتحت زوجته وبالسإال عنه قالت انه نابم وسوؾ أوقظه وذهبت مسرعة‬
‫واٌقظته وقام وحضر مرحبا باالخوة وسؤله الخادم بعد لحظات سمعت بما‬
‫حدث وارٌد ان اطمبن علً ظروفك فهل وجد ت شقة اخري النً اري االثاث‬
‫ة ومربط ة إٌذانا بالرحٌل ‪..‬‬ ‫فً حاله إعداد فقد كانت اثاثات الشقة مفكك‬

‫(‪)1‬من كتاب رحلة في اعماق " حواء صـ ‪" 182‬‬


‫‪-74-‬‬
‫فؤجاب األخ ال وسؤله الخادم سإاال اخر قاببل وكٌؾ تنام اذن وانت فً مثل‬
‫هذه الظروؾ ؟ اجاب ولماذا ال أنام والرب ساكن العبل موجود؟ ونظر الخادم‬
‫بكل حب اعجاب وقال له حسب اٌمانك ٌكون لك‪ .‬ثم سلمه المبلػ وقال له هذا‬
‫ارسله لك الرب حسب اٌمانك فٌه وثقتك بمحبته فقال االخ شكرا هلل فانا نمت‬
‫إال‬ ‫هادبا مطمبنا فقد كنت اثق فً الهً واعلم ٌقٌنا انه ال ٌتركنً وما هً‬
‫لحظات واستدعً االخ بعض االحباء واعادوا االثاث كل فً مكانه‪.‬‬
‫وهكذا تكو ن حالة وثقة المإمن فً مثل هذه الظروؾ فٌنام ملء الجفون‬
‫حبٌب نوما ) ( مز ‪.) ٕ: ٕٔ7‬‬‫ه‬ ‫فمهما كانت االمور (لكنه ٌعطً‬
‫لماذا االضطراب والقلق وهللا موجود ولماذا ال نثق فً محبته فنشكره علً‬
‫كل شا وفً كل حال ومن اجل كل حال‪.‬‬
‫إن إحساس المإمن بان هللا ابوه السماوي وانه ي حبه محبة عجٌبة فابقة وال‬
‫ٌمكن ان ٌسمح له بما ٌضره ومن منطلق تلك المحبة فان المإمن اذا داهمته‬
‫المحن قال فً أعماقه البد أن لحبٌبً قصدا طٌبا انا ال اعرفه النه ال ولن‬
‫ٌرضً باالمً ومن خبلل هذا الفكر المقدس ٌرتقً وٌسمو تصرفه فٌجد نفسه‬
‫فً حاله شكر هلل علً كل أمر والشكر ال ٌاتً إال بالتسلٌم بهذا المبدأ االساسً‬
‫بان هللا ابونا المحب الذي ٌهمه أمرنا والذي فٌه وبه حٌاتنا وراحتنا وسبلمنا‬
‫( ان‬ ‫وهذا االحساس ٌعطً المإمن قوة لبلنتصار ولذلك ٌقول روح هللا‬
‫ارتخٌت فً ٌوم الضٌق ضاقت قوتك ) (أم ٕٗ ‪.) ٔٓ :‬‬
‫أي إن ضعفت عند البلٌة ؾ ان قوتك قلٌلة والقوه ال تاتً اال بالتسلٌم للرب‬
‫واالحساس بل الٌقٌن الكامل فً محبته لنا فالمحب ال ٌقدم اال كل الخٌر ‪.‬لمحبٌه‬
‫وٌروي ان شخصا كان ٌعمل خادما (عبدا مشتري بالمال فً زمن العبٌد )‬
‫لدي رجل ثري وكان العبد ٌحب سٌدة محبة شدٌدة وٌخلص له كل االخبلص‬
‫وسٌده يعلم ذلك تماما‪ .‬وفً ذات ٌوم صنع سٌد ذلك العبد ولٌمة عظٌمة ودعا‬
‫الٌها الكثٌر من أصحابه وفً اثناء تقدٌم الخادم للطعام والمشروبات للسٌد‬
‫وأصحابه قال سٌد ذلك الخادم ألصحابة انظروا انه ٌحبنً كثٌرا جدا‬
‫وٌخلص لً كل االخبلص ومهما طلبت منه فإنه ٌطٌعنً طاعة كاملة فقا ل له‬
‫اصحابه البد أنه ٌحبك ألنك صاحب الفضل علٌة فاذا مسسته ولو بشىء‬
‫بسٌط من االلم فانه سوؾ ٌظهر كل جحود ونكران أجاب الرجل قاببل ال ولن‬

‫‪-75-‬‬
‫ٌحدث ذلك ولو اظهر جمٌع عبٌدي الجحود والنكران فان هذا العبد المخلص‬
‫االمٌن ال ٌتمرد علً ابدا‪.‬‬
‫وفكر الرجل لحظات قلٌلة ثم قال الصحابه سوؾ اثبت لكم كم ٌحبنى ذلك‬
‫العبد االمٌن وطلب من احد العبٌد اآلخرٌن احضار كاس مملإه مشروبا بالػ‬
‫المرارة فاحضروا له ما اراد وتامل السٌد فى الكؤس واستدعى ذلك العبد وقال‬
‫له هذه الكؤس عطٌة من ٌدى لك وارٌد منك ان تشربها االن قال العبد شكراًا ٌا‬
‫سٌدي وامسك بالكؤس ورفعها على فمه واذا بها مرا شدٌدا ال ٌطاق وتوقؾ‬
‫بهتمام شدٌد والحظ‬ ‫برهة ولكنه حدق النظر فى عٌنى سٌده الذى كان ٌراقبه إ‬
‫ان سٌده ٌنظر الٌه ومعه اصحابه ٌنظرون وٌتفرسون فقال فى نفسه البد ان‬
‫لسٌدي ؼرضا ًا من شربً هذه الكؤس المرٌرة وان سٌدى ٌحبنى جدا ولماذا ال‬
‫اشرب الكؤس مادامت من ٌده ولماذا ال اطٌعه‪.‬‬
‫أمام أصحابه واؼمض العبد عٌنٌه ورفع الكؤس بٌدٌه وتجرعها كامله بكل‬
‫عكرها فى سرعة فابقة وافاق على صوت سٌده ٌهتؾ امام اصحابه بكل حب‬
‫وفخر وإعزاز انظروا كٌؾ ٌحبنى هذا العبد األمٌن وٌخلص لً وٌطٌعنً‬
‫وعلى الفور اصدر أوامره بمنح مكافؤة عظٌمة لذلك العبد المطٌع‪.‬‬
‫ان سٌدنا العجٌب ٌعرؾ مقدار ما ٌقدمه لنا من آالم وٌقدر قٌمتها وعمقها‬
‫ولكن تقدٌره لطاعتنا وخضوعنا لمشٌبته اعظم بكثٌر جداًا جدا بما ال ٌقاس‪.‬‬
‫ان المإمن الحقٌقً الذي ٌعٌش حٌاة القداسة والتقوى وٌعرؾ معنى السجود‬
‫الذي ٌُشبع قلب هللا ٌدرك ببل شك ان الهه ٌحبه وٌعتنً به وٌرعاه وٌقوده‬
‫وٌسٌر معه كل الطرٌق إلى انقضاء الدهر كما وعد قاببل (‪ ..‬هاأنا معكم كل‬
‫االٌام إلى انقضاء الدهر ) ( مت ‪.)ٕٓ :ٕ8‬‬
‫كما أن اإلٌمان ٌحول النظر إلً المجازاة فتلمع الحٌاة وتتحول الكوارث‬
‫والنكبات إلى تعزٌات وبركات وهكذا ٌكون لسان حال االتقٌاء‪.‬‬
‫( ونحن ؼٌر ناظرٌن إلً االشٌاء التً ترى بل إلى التً ال ترى ألن التً‬
‫ترى وقتٌة وأما التى ال ترى فؤبدٌة ) ( ٕكوٗ‪.)ٔ8 :‬‬

‫(ٕ) ماذا فعل اٌوب إمام الصابرٌن ؟‬

‫‪-76-‬‬
‫ذكر لنا الكتاب المقدس قصة إمام الصابرٌن أٌوب الذي كان رجبل كامبل‬
‫ومستقٌما كما وصفه الكتاب المقدس قاببل ( كان رجل فً أرض عوص اسمه‬
‫أٌوب‪ .‬وكان هذا الرجل كامبل ومستقٌما ٌتقً هللا و ٌحٌد عن الشر )( أي ٔ‪:‬‬
‫ٕ‪.)ٔ،‬‬
‫وكان الرجل ؼنٌا فً االٌمان وفً الزمان كانت مواشٌه سبعة آالؾ من الؽنم‬
‫وثبلثة آالؾ جمل وخمس مابة فدان بقر وخمس مابة( أتان ) وله عبٌد كثٌرون‬
‫)(أئ‪)ٖ:‬‬ ‫جداًا فقد كان كما قال الكتاب(فكان هذا الرجل اعظم كل بنً المشرق‬
‫وٌقول الكتاب المقدس ‪-:‬‬
‫( وكان ذات ٌوم أنه جاء بنو هللا ٌمثلوا امام الرب وجاء الشٌطان اٌضا فً‬
‫وسطهم فقال الرب للشٌطان من اٌن جبت فؤجاب الشٌطان للرب وقال من‬
‫الجوالن فً األرض ومن التمشى فٌها فقال الرب للشٌطان هل جعلت قلبك‬
‫على عبدى اٌوب ألنه لٌس مثله فً األرض ‪ .‬رجل كامل ومستقٌم ٌتقى هللا‬
‫وٌحٌد عن الشر ) ( أي ٔ‪)8-ٙ :‬‬
‫ونبلحظ من خبلل كلمة هللا الصادقة أن الشٌطان فً كل زمان ومكان وحتى‬
‫حول العابدٌن الساجدٌن قد ٌؤتً ال لكً ٌسجد فهو عدو كل بر ولكن لكً‬
‫ٌشتكى علٌهم إلزعاجهم وٌجتهد بكل قوته ان ٌسبب لهم آالما مختلفة النه‬
‫عدو وخصم لكل من ٌتقى هللا وٌحفظ وصاٌاه وال عجب فً ذلك فالشٌطان ال‬
‫ٌحارب االنسان الخاطا النه واحد من اتباعه وجنوده‪ .‬أما كل مإمن تقً فهو‬
‫عدو له‪ .‬ألنه مصدر قلق وازعاج للشٌطان فقد خرج من قبضته بعد أن كان‬
‫ملكا له وصار ملكا ًا هلل ولذلك فان الشٌطان ٌصوب له السهام باستمرار لكً‬
‫ٌرجعه للضبلل ولذلك ٌقول الكتاب المقدس عن ذلك العدو اللدود للمإمن (‬
‫سمعت صوتا عظٌما قاببل فً السماء اآلن صار خبلص الهنا وقدرته وملكه‬
‫وسلطان محبته النه قد طرح المشتكى على اخوتنا الذي ٌشتكى علٌهم أمام‬
‫إلهنا نهاراًا ولٌبلًا ) ( رو ٕٔ‪.)ٔٓ :‬‬
‫وربما ٌظن البعض معنى ذلك ان االشرار ال ٌتعرضون للببلٌا واآلالم مثل‬
‫االتقٌاء ‪ .‬ولكن ٌعلمنا الكتاب المقدس قاببل ( كثٌرة هى نكبات الشرٌر أما‬
‫ًا‬
‫المتوكل على الرب فالرحمة تحٌط به ) (م زٕٖ‪ )ٔٓ:‬كما ٌعلمنا اٌضا قاببل ‪:‬‬
‫(كثٌرة هً ببلٌا الصدٌق ومن جمٌعها ٌنجٌه الرب) (مزٖٗ‪.)ٔ9:‬‬

‫‪-77-‬‬
‫ولكن لببل ٌشككنا عدو الخٌر فً محبة هللا لنا فنظن ان االتقٌاء فقط هم‬
‫المجربون والمتؤلمون ولكن لنعلم ان للشرٌر ببلٌا ولكن ال توجد عبارة من‬
‫جمٌعها ٌنجٌه الرب‪ .‬أما المإمن فله الوعد بالنجاة والمعونة فً وسط الضٌق‬
‫لذلك ٌقول الكتاب لكل مإمن (معه أنا فً الضٌق انقذه وأمجده) (مزٔ‪)ٔ٘:9‬‬
‫ولذلك‪ٌ .‬هتؾ داود قاببل بالروح القدس ‪-:‬‬
‫األٌام‬
‫(إنما خٌر ورحمة ٌتبعاننً كل اٌام حٌاتً واسكن فً بٌت الرب الى مدى )‬
‫(مزٖٕ‪.)ٙ:‬‬
‫المإمن ابن هللا وموضوع م شؽولٌة ومحبة هللا والشٌطان ال ٌستطٌع ان ٌفعل‬
‫به أي ضرر وشبه احدهم ذلك االمر بقوله ‪-:‬‬
‫الشٌطان عدو للمإمن لكنه ال ٌملك سلطة التصرؾ من ذاته فً اٌذابه والبد‬
‫له من تقدٌم طلب لصاحب كل سلطان (هللا) والبد من موافقة هللا على أي أمر‬
‫(كمدٌر العمل الذي ٌعتمد ومعنى كلم ة ٌعتمد (أمٌن ) أو موافق وبدون ذلك ال‬
‫ٌمكن تنفٌذ األمر إال بموافقة ملك الملوك ورب االرباب وصاحب االمر‬
‫والنهً لكل العباد وهذا وحده ٌكفً إلطمبنان كل مإمن بؤنه لٌس رٌشه فً‬
‫مهب الرٌح‪.‬‬
‫ًا‬
‫ان الشٌطان نفسه ٌعلم تماما أن أوالد هللا محفوظٌن منه ومن شره ومحاطٌن‬
‫بسٌاج امٌن ونرى ذلك فً قول الشٌطان للرب ( فؤجاب الشٌطان الرب وقال‬
‫هل مجانا ٌتقى اٌوب هللا ‪ .‬ألٌس إنك سٌجت حوله وحول بٌته وكل ما له من‬
‫كل ناحٌة ) ( أي ٔ‪.)ٔٓ :‬‬
‫ولكن لٌعلم المإمن ان الشٌطان ال ٌستطٌع وال ٌملك القدرة على أن ٌسا إلً‬
‫المإمن إال بسماح من هللا والد لٌل على ذلك هو قول الرب للشٌطان ‪( :‬فقال‬
‫الرب هوذا كل ماله فً ٌدك وانما إلٌه ال تمد ٌدك) ( أي ٔ‪.)ٕٔ :‬‬
‫فلٌطمبن المإمن بؤن الذي أصدر األمر بتجربته هو االب السماوى المحب‬
‫الذي ال ولن ٌسلمنا للعدو وإن كان ٌسمح احٌانا لنا باآلالم ولكن وراء هذه‬
‫اآلالم بركة لحٌاتنا (‪ )1‬لذلك فالمإمن ٌسلم للرب تسلٌما كامبلًا‪.‬‬

‫(‪ )1‬سوف نعود لتوضيح ذلك فيما بعد ‪.‬‬


‫‪-78-‬‬
‫كما نبلحظ قسوة عدو الخٌر ( الشٌطان ) على المإمنٌن فهم مستهدفٌن وهو‬
‫ٌحاول جاهدا ان ٌشتكى علٌهم وأن ٌسقطهم ولكن اٌوب الرجل التقى ٌرد على‬
‫الرسول القاسى الذي جاء ٌبلؽه األمر عن فقد كل ممتلكاته حسب قول الكتاب‪.‬‬
‫(أن رسوال جاء إلى اٌوب وقال البقر كانت تحرث واألتن ترعى بجانبها فسقط‬
‫علٌها السبٌبٌون واخذوها وضربوا الؽلمان بحد السٌؾ ونجوت انا وحدى‬
‫(ٔ)‬
‫ألخبرك) (أئ‪ٔ٘:‬وٗٔ)‪.‬‬
‫ونجد أن هذا الكبلم ٌثٌر ؼضب المجرب المتؤلم الذي ٌحتاج لتوصٌل الخبر‬
‫بطرٌقة رحٌمة ‪ .‬ولكن أٌوب ال ٌقول له ٌالك من م زعج ولكنه ٌسمعه صامتا‬
‫ذلك القول‪-:‬‬ ‫متؤمبلًا ولكن ما أعجب أمور هللا مع أوالده االتقٌاء اذ نسمع أ‬
‫ونقر‬
‫( وبٌنما هو ٌتكلم اذ جاء آخر وقال بنوك وبناتك كانوا ٌؤكلون وٌشربون‬
‫خمراًا فً بٌت اخٌهم األكبر واذا رٌح شدٌدة جاءت من عبر القفر وصدمت‬
‫زواٌا البٌت األربع فسقط على الؽلمان فماتوا ونجوت أنا وحدى ألخبرك فقام‬
‫أٌوب ومزق جبته وجز شعر رأسه وخر على األرض وسجد وقال عرٌانا ًا‬
‫خرجت من بطن أمً عرٌانا أعود إلً هناك الرب أعطى والرب أخذ فلٌكن‬
‫اسم الرب مباركا ًا ) ( أي ٔ‪)ٕٕ-ٔ8 :‬‬
‫ٌاله من رد انسان تقً ٌسلم للرب كمن ٌقضً بعدل فالخسارة المادٌة فادحة‬
‫حقا فقد اٌوب كل أمواله وممتلكاته ولكن قد ٌحتمل االنسان مثل هذه الخسارة‬
‫المادٌة والسٌما المإمن فالمادة بالنسبة له لٌست المكانة األولى فً حٌاته بل‬
‫األخٌرة ولٌست ؼاٌة بل هً وسٌلة فقط‪.‬‬
‫ولكن ما اصعب خسارة األوالد وللقارئ ان ٌتصور معى عظم الكارثة الي‬
‫انسان فقد أحد ابنابه مع كل امواله ماذا ٌكون حاله ؟ ولكن أوالد هللا أمثال‬
‫اٌوب ٌختلفون تماما ًا فلم تكن الخسارة خسارة مادٌة فقط بل ومعها وفاة أحد‬
‫أوالده بل كل األموال والممتلكات وكل األوالد والبنات (سبعة بنٌن وثبلث‬
‫بنات) معا فً وقت واحد ٌالهول الفاجعة وٌا لقسوة الشٌطان فما أن سمح له هللا‬
‫بتجربة اٌوب حتى كان بهذه القسوة‪.‬‬

‫(‪ )1‬رسول الشيطان كان يخبره باخبار الخسارة المادية الواحدة تلو األخرى كما يقال ان الباليا ال‬
‫تأتي فرادى ‪.‬‬
‫‪-79-‬‬
‫لكن ما أعظم صبر اٌوب وما أجمل رده لقد عبر عما فً قلبه من فهم لحقٌقة‬
‫ذاته وحقٌقة حٌاته فقد قال ‪( :‬اإلنسان مولود المرأة قلٌل االٌام وشبعان تعب )‬
‫(أيٗٔ‪.)ٔ:‬‬
‫لقد مزق جبته وجز شعر رأسه وسجد على األرض إعبلنا لعرفانه بضرورة‬
‫الطاعة والخضوع والسجود لذلك الخالق المعبود جل جبلله وعرفانا بمدى‬
‫صؽر االنسان امام عظمة وكمال هللا ‪ .‬ونجد ذلك فً إقراره بؤنه خرج من‬
‫بطن امه عرٌانا ًا أي لم ٌكن ٌملك شٌبا ًا من تلك االشٌاء فهً من هللا وإلٌه وحده‬
‫ٌرجع المصٌر فالمإمن ٌعلم ت ماما انه وكل ماله ملكا لذلك الخالق القدوس‬
‫المسٌطر على كل شا ‪ .‬و أقر أٌوب أٌضا بؤنه البد وسوؾ ٌعود ٌوما إلى‬
‫تراب األرض عرٌانا وكل هذه الممتلكات هً أصبل ملكا هلل الذي أعطاه إٌاها‬
‫لذلك نجد ذلك القول العجٌب الذي قاله اٌوب ٌتردد صداه على مر األجٌال‬
‫واألزمنة وٌجد عند كل مإمن صادق معنى جمٌبل فً قوله (الرب أعطى‬
‫والرب أخذ فلٌكن اسم الرب مباركا ًا ) ( أي ٔ‪)ٕٔ :‬‬
‫ٌاله من تسلٌم عجٌب وخضوع لمشٌبة هللا ولذلك نجد فً العدد الثالث‬
‫والعشرون قول الكتاب المقدس ‪:‬‬
‫( فً كل هذا لم ٌخطا اٌوب ولم ٌنسب هلل جهالة ) ( أي ٔ‪)ٕٖ :‬‬
‫(‪)1‬‬
‫أي لم ٌتذمر على أمر هللا أو ٌقل كلمه تدل على عدم الرضى والتسلٌم ‪.‬‬
‫ولكن ال تنتهى قصة صبر اٌوب عند هذا الحد بل تتخطاه إلً ما هو اعظم‬
‫فقد عاد الشٌطان مرة ثانٌة وكان رد هللا على الشٌطان شهادة ما أعظمها لذلك‬
‫ٌم‬ ‫الرجل التقى الصابر الذي ارضً هللا بصبره ومجده بالخضوع والتسل‬
‫الرادته جل جبلله(‪.)2‬‬
‫( اصحوا واسهروا ألن‬ ‫ولكن ما أقسى عدونا الذي حذرنا منه هللا قاببل‬
‫ابلٌس خصكم كؤسد زابر ٌجول ملتمسا ًا من ٌبتلعه هو فقاوموه راسخٌن فً‬

‫(‪ )1‬لم يقل أيوب هلل لماذا لم تترك لي خمسة من األوالد وتأخذ خمسة أو لماذا لم تترك واحد‬
‫ليعولني في شيخوختى كال وألف كال فلم ينسب هلل جهالة‪.‬‬
‫(‪ )2‬يمكن الرجوع الى سفر ايوب االصحاح الثاني من عدد‪ 3 -1‬وما بعده‬
‫‪-80-‬‬
‫االٌمان عالمٌن أن نفس هذه اآلالم ُتجرى على اخوتكم الذين فً العالم ) (ٔبط‬
‫٘‪)8،9 :‬‬
‫لقد افترس الشٌطان اٌو ب افتراسا ًا قاسٌا حٌنما نراه ٌرد بكل وقاحة على‬
‫الرب قاببل (‪ ..‬جلد بجلد وكل ما لئلنسان ٌعطٌه ألجل نفسه ) ( أي ٕ ‪.)ٗ:‬‬
‫وكانه ٌقول للرب أن اٌوب تهمه نفسه بالدرجة األولى وال ٌهمه أمواله‬
‫وأوالده فطالما هو بخٌر وصحته جٌدة فبل ٌهم شا آخر وكؤنه ٌصور صبر‬
‫اٌوب وجماله نوعا ًا من القسوة محاوال تشوٌه الجمال الحقٌقى بقبح مزٌؾ‬
‫وهذا ما ٌفعله الشٌطان والعالم مع كل صابر أمٌن فً وقت اآلالم والمحن‬
‫فعٌون االشرار مثل ربٌسهم (الشٌطان) تعمى من الجمال وتحوله إلً قبح فبل‬
‫نندهش اٌها االحباء اذا حاول المحٌطون بنا أن ٌفعلوا معنا ذلك فهذه ط رٌقتهم‬
‫وطرٌقة ربٌسهم عدو كل بر الذى قال للرب عن اٌوب بكل قسوة (ولكن ابسط‬
‫االن ٌدك ومس عظمة ولحمه فؤنه فً وجهك ٌجدؾ علٌك ) ( ايٕ‪.)٘ :‬‬
‫ولكن نجد أن الرب العجٌب فً وسط الؽضب ٌذكر الرحمة فهو ابو الرأفة‬
‫واله كل تعزٌة وهو حنان رحٌم حتى وان سمح باآلالم لكنه ٌقول للشٌطان‬
‫(ها هو فً ٌدك ولكن احفظ نفسه) ( أي ٕ‪)ٙ :‬‬
‫وما ان أخذ الشٌطان الموافقة من هللا حتى خرج مسرعا وضرب اٌوب فً‬
‫جسده ضربه قاسٌة جداًا ( بقرح ردىء من باطن قدمه إلً هامته ) ( أي ٔ‪:‬‬
‫‪.)7‬‬
‫ونبلحظ أمر آخر فً قول الكتاب ‪-:‬‬
‫( فقالت له امرأته أنت متمسك بعد بكمالك بارك هللا ومت )(أي ٕ‪)9 :‬‬
‫أي إلى هذا الحد أنت مازلت متمسكا بصبرك وخضوعك هلل ( بارك هللا )‬
‫ومت أي ٌكفٌك ما حدث واطلب الموت لتسرٌح من كل هذه اآلالم ‪ .‬لكن ما‬
‫أجمل صبر اٌوب وما أجمل رد اٌوب ‪( .‬فقال لها تتكلمٌن كبلما كإحدى‬
‫الجاهبلت أالخٌر نقبل من عند هللا والشر ال نقبل فً كل هذا لم ٌخطا اٌوب‬
‫(‪)1‬‬
‫بشفتٌه) (أيٕ‪)ٔٓ:‬‬

‫(‪ )1‬يمكن الرجوع الى سفر ايوب اصحاح ‪ 42‬لزيادة الفائدة‬


‫‪-81-‬‬
‫ولذلك فقد صمد اٌوب امام هذه اآلالم وكم كان صبره جمٌبل وكم كانت‬
‫عاقبه الرب لهذا الصبر اجمل واعظم ‪ .‬لذلك ٌهتؾ اٌوب قاببل للرب ( بسمع‬
‫األذن قد سمعت عنك واآلن رأتك عٌنى) ( أي ٕٗ‪)٘ :‬‬
‫فما أجمل هذا القول الذي ٌدل على اختبار ذلك الرجل الذي ٌخاطب هللا‬
‫ولسان حاله ٌقول هلل ما أعظمك وما أجملك من اله لٌس مثلك فقد قال النبً‬
‫اشعٌاء بروح هللا ( لم ترى عٌن إلها ًا ؼٌرك ٌصنع لمن ٌنتظره ) ( اشٗ‪:ٙ‬‬
‫ٗ)‪.‬‬
‫هكذا تبدو محبة هللا وهكذا ٌراه كل تقى فً كل شا ٌراه وسط االفراح‬
‫فٌشكره النه المصد ر الوحٌد للفرح وٌراه ‪ .‬وسط اآلالم معٌنا ومعزٌا ورفٌقا‬
‫ومشجعا ًا فٌعظم اسمه القدوس ‪ .‬ألنه ٌعلم ٌقٌنا ان كل شا به كان وبؽٌرة لم‬
‫ٌكن شا مما كان وما دامت ٌده المُحبة تقدم لنا كل شا فلنسلم له خاضعٌن‬
‫وشاكرٌن وعالمٌن انه المحب األلزق من األخ‪ .‬قال رسول المحبة بولس ذلك‬
‫القول العجٌب حٌنما تعرضت السفٌنة التً كان ي ستقلها هو و آخرٌن معه‬
‫للؽرق وحاولوا النجاة ولكن عبثا فقال (فلما خطفت السفٌنة ولم ٌمكنها أن‬
‫تقابل الرٌح سلمنا فصرنا نحمل ) ( اع ‪.)ٔ٘ :ٕ7‬‬
‫ٌالها من نعمة ٌتمتع بها كل مإمن ٌسلم فتحمله ٌد العناٌة االلهٌة ألنه مكتوب‬
‫( اإلله القدٌم ملجؤ واألذرع االبدٌة من تحت) (متٖٖ‪.)ٕ7 :‬‬
‫وقال المرنم‬
‫وحمانا الوطٌد‬ ‫هللا قوة لنا‬
‫ونصٌر شدٌد‬ ‫فً الضٌق عون قادر‬
‫والقلب ال ٌفزع‬ ‫فلذا لسنا نجزع‬
‫والرب معٌن‬ ‫ولماذا نزعزع‬
‫ودهتها المخاطر‬ ‫االرض إن تزحزحت‬
‫ناصر‬ ‫فلنا الرب‬ ‫او قلبت جبالها‬
‫ومعٌن الكنٌسة‬ ‫هللا وسط شعبه‬
‫بركات نفسٌة‬ ‫تفرحها من فٌضه‬
‫متعال ممجد‬ ‫عظٌم الرب العلً‬
‫وحمنا الموطد‬ ‫للدهر معنا حصننا‬
‫(ٖ) إلى من نلجؤ وسط اآلالم والمحن ؟‬
‫‪-82-‬‬
‫ان الشونمٌة احسنت التصرؾ بااللتجاء إلً هللا حٌن أضجعت ابنها المٌت‬
‫على سرٌر رجل هللا وارسلت لرجلها حسب قول الرب عنها ( ونادت رجلها‬
‫وقالت أرسل لً واحداًا من الؽلمان واحدى االتن فؤجرى إلً رجل هللا‬
‫وارجع) (ٕملٗ‪)ٕٕ:‬‬
‫وقد سبق القول بان الٌشع كان فً العهد القدٌم ٌعتبر رمز باهت وظل خفٌؾ‬
‫للرب ٌسوع المسٌح حٌن كانت الرموز والظبلل تشٌر إلً شخصه الكرٌم‬
‫المبارك‪.‬‬
‫أما اآلن فما أحرانا نحن أوالد هللا ونحن نعٌش فً زمن النعمة بااللتجاء إلً‬
‫هللا مباشرة فلم نعد فً حاجة إلى ظبلل فالحقٌقة واضحة أمامنا والحق متجلى‬
‫بكل وضوح وجبلء فً شخص ربنا ٌسوع المسٌح ولٌس لنا ملجؤ سواه فى‬
‫وقت اآلالم والمحن‪.‬‬
‫قال المرنم ‪ ( :‬أرفع عٌنً إلً الجبال من حٌث ٌؤتً عونً ‪ .‬معونتً من‬
‫عند الرب صانع السموات واألرض ) ( مز ٕٔٔ‪)ٔ،ٕ :‬‬
‫قال بطرس للسٌد ‪-:‬‬
‫( ٌارب إلى من نذهب كبلم الحٌاة االبدٌة عندك ) ( ٌو ‪)ٙ8 :ٙ‬‬
‫وقال المرنم ( إلٌك رفعت عٌنً ٌا ساكنا فً السموات )(مز ٖٕٔ ‪) ٔ :‬‬
‫وٌتمنع‬
‫وٌقول سلٌمان الحكٌم بروح (هللااسم الرب برج حصٌن ٌركض إلٌه الصدٌق )‬
‫(ام‪.)ٔٓ:ٔ8‬‬
‫قال أحدهم ( قد ٌقؾ لنجدتك صدٌق أو قرٌب وقد ال تشك فً معونتهما لك‬
‫لكنك إذا أردت ضمانا أكثر وأعظم فبل تحول نظرك عن الرب )‬
‫وفً نفس االصحاح الرابع من سفر الملوك الثانً ترد لنا قصة أخرى عن‬
‫احدى القدٌسات الفاضبلت والتً أشٌر إلٌها اآلن إال أننً أرٌد بمشٌبة هللا أن‬
‫اكتب عنها فٌما بعد فٌقول الوحً المقدس ابتداء من العدد األول ‪-:‬‬
‫( وصرخت الى الٌشع امرأة من نساء بنً االنبٌاء قابلة ان عبدك زوجى قد‬
‫مات وأنت تعلم أن عبدك كان ٌخاؾ الرب ‪ .‬فؤتً المرابً لٌؤخذ ولدى له‬
‫عبدٌن‪...‬فقال لها الٌشع ماذا أصنع لك ‪ .‬اخبرٌنً ماذا لكِ فً البٌت فقالت لٌس‬
‫لجارٌتك شا فً البٌت إال دهنه زٌت ‪ .‬فقال اذهبً استعٌري لنفسك أوعٌة من‬
‫خارج من عند جمٌع جٌرانك أوعٌة فارؼة ال تقللى ثم ادخلى وأؼلقً الباب‬
‫على نفسك وعلى بًتك وصبً فً جمٌع هذه األوعٌة وما امتؤل انقلٌه ‪ .‬فذهبت‬

‫‪-83-‬‬
‫من عنده وأؼلقت الباب على نفسها وعلى بنٌها ‪ ...‬فكانوا هم ٌقدمون لها‬
‫األوعٌة وهً تصب ‪ .‬ولما امتؤلت األوعٌة قالت البنها قدم لً أٌضا ًا وعاء‬
‫فقال لها ال ٌوجد بعد وعاء فوقؾ الزٌت فؤتت وأخبرت رجل هللا فقال اذهبً‬
‫بٌعى الزٌت وأوفً دٌنك وعٌشى أنت وبنوك بما بقً) (ٕمل ٗ‪.)7-ٔ :‬‬
‫وفً هذه القصة التً ٌوردها لنا الوحً المقدس عن تلك األرملة المإمنة‬
‫التقٌة التً ٌصفها بؤنها من نساء بنً االنبٌاء والتً صرخت الى الٌشع رجل‬
‫هللا قدٌما والمعروؾ أن الٌشع كما سبق القول هو رمز لذلك القدوس المرموز‬
‫إلٌه والذي هو محور الكتاب المقدس كله فكونها تلجؤ إلً الٌشع معناه اللجوء‬
‫إلً الرب إله الٌشع وما أحرانا نحن مإمنى العهد الجدٌد عهد النعمة ان نلجؤ‬
‫إلً هللا‪.‬‬
‫( هللا لنا ملجؤ وقوة عونا فً الضٌقات وجد شدٌداًا ) ( مز ‪)ٔ :ٗٙ‬‬
‫ٌقول الرسول بولس فً رسالتة للعبرانٌٌن ‪-:‬‬
‫ًا‬
‫( فلنتقدم بثقة إلً عرش النعمة لكً ننال رحمة ونجد نعمة عونا فً حٌنه ) (‬
‫عبٗ‪)ٔٙ :‬‬
‫أننً ال أرٌد أن أطٌل التعلٌق على هذه القصة الرابعة فبل ٌوجد أقوى وأعظم‬
‫وأجل وأعمق من كلمة هللا ‪ .‬التً تعلمنا اإللتجاء إلٌه فً وقت ضٌقنا وآالمنا‬
‫فهذه األرملة التقٌة صرخت إلً رجل هللا قابلة ان عبدك زوجً مات و أنه‬
‫مإمنا وانها مدٌونة لذلك الرجل القاسً الذي لم ٌجد لدٌها ما ٌكفً لسداد الدٌن‬
‫فطلب أن ٌؤخذ ولدٌها نظٌر ذلك الدٌن الذي التملك منه شٌبا ًا‪.‬‬
‫ونجد فً قولها عن زوجها الذي مات بؤنه كان ٌخاؾ الرب وفً هذه‬
‫االقوال معنى عمٌق وثقة شدٌدة ومعرفة بذلك االختبار الصادق االمٌن القابل‬
‫بارشاد من روح هللا وعلى لسان داود النبً ‪:‬‬
‫ًا‬
‫(كنت فتى وقد شخت ولم أرى صدٌقا تخلى عنه وال ذرٌة له تلتمس خبزا )‬
‫سك ِن قُدسْ ٌه ) (‬ ‫امى و َقاضِ ى األَرامل َ‬
‫هللاُ فًِ َم ْ‬ ‫(مز ‪ )ٕ٘ :ٖ7‬فاهلل هو ( أَبو الٌَ َت َ‬
‫مز ‪.)٘ :ٙ8‬‬
‫فهً فً هذه الكلمات تتذكر و عد الرب وكؤنها ان جاز التعبٌر ُتذكر رجل‬
‫هللا بذلك الوعد انه لٌس عجٌبا ان نطالب هللا بتحقٌق وعوده الصادقة واألمٌنة‬
‫لنا ألن هذا دلٌل ثقتنا به فهذا هو اٌمان الثقة وٌعلمنا الرب قاببل ( ال تطرحوا‬
‫ثقتكم التً لها مجازاة عظٌمة ) ( عب ٓٔ‪.)ٖ٘ :‬‬

‫‪-84-‬‬
‫كما أن اٌمان الثقة ال ٌزداد وٌنمو إال فً ممارسة الطاعة ومخافة الرب‬
‫وتنفٌذ وصاٌاه وأحكامه‪.‬‬
‫وٌقول الحكٌم بالروح القدس (فً مخافة الرب ثقة شدٌدة وٌكون لبنٌه ملجؤ )‬
‫(أمٗٔ‪.)ٕٙ:‬‬
‫ًا‬
‫وهذه المرأة تثق فً أن أوالدها الذٌن كان ابوهم ٌخاؾ هللا ال ٌمكن ابدا ان‬
‫ٌسمح الرب بؤن المرابً ٌؤخذهما له عبدٌن بؤي حال من االحوال من اجل‬
‫ذلك اتت بكل ثقة وطرحت المشكلة امام الٌشع لتجد لها حبلًا‪.‬‬
‫زٌت‬
‫كما ان فً ردها على رجل هللا بقولها(لٌس لجارٌتك شا فً البٌت إال دهنه )‬
‫(ٕملٗ‪.)ٖ:‬‬
‫فهل دهنه الزٌت بحسب المنطق البشري والفهم االنسانً تعتبر رصٌداًا او‬
‫تركة ٌورثها أب أل والده وهل فً دهنه الزٌت شا ٌذكر لسداد ذلك الدٌن‬
‫الثقٌل ٌا للعجب فً قول تلك المرأة المإمنة التً لم تنسى فضل هللا واحسانه‬
‫ألنها حٌنما قالت وبحق ( الشىء لجارٌتك فً البٌت ) أي ال ٌوجد مال أو‬
‫ممتلكات فً البٌت على االطبلق ‪ .‬ولكنها لم تنسى ابداًا فً البٌت دهنه زٌت‬
‫اٌها القارئ العزٌز ان دهنه الزٌت رمز روحً لعمل روح هللا فً القلب وفً‬
‫الحٌاة‪.‬‬
‫فالقلب المآلن والعامر باالٌمان والثقة فً هللا ال ٌمكن ان ٌفشل امام الصعاب‬
‫حتى وان كانت الٌد قاصرة وال تملك شٌبا ًا على االطبلق وهذا ٌذكرنا بقول‬
‫)‬ ‫(كؤن ال شا لنا ونحن نملك كل شا‬ ‫الرسول بولس بالروح القدس‬
‫(ٕكو‪.)ٔٓ:ٙ‬‬
‫العالم كله‬ ‫ًا‬ ‫ًا‬
‫ان اإلٌمان الذي تمتلكه هذه المرأة اعظم وأؼنى كثٌرا جدا من ممتلكات ‪.‬‬
‫ان اإلٌمان باهلل هو الفٌض الذي ٌمؤل الصدور والقلوب ‪ ،‬وهو القوة التً‬
‫ٌمتلكها االنسان لنفسه فتجعل منه انسانا قوى االرادة (‪ )1‬ألن االٌمان باهلل طاقة‬
‫قادرة على رفع االنسان الى النجاح فً الحٌاة ‪ ،‬والتؽلب على صعاب الحٌاة‬
‫وهمومها وأحزانها فٌوجد االمن والسبلم وٌذهب الخوؾ وعدم االطمبنان‬
‫وٌوجد فً االنسان روح التفاإل والثقة فٌتطلع الى الناحٌة الجمٌلة فً الحٌاة ‪.‬‬
‫فاذا ؼابت الشمس واظلمت الدنٌا فً عٌنه تطلع وتؤ مل فً جمال القمر وسحر‬

‫(‪ )1‬وردت في كتاب رحلة في أعماق حواء للمؤلفة ص‪65‬‬


‫‪-85-‬‬
‫النجوم وهدوء اللٌل وإذا احرقته أشعة الشمس حمد هللا أن نسٌم اللٌل العلٌل‬
‫فً طرٌقه إلٌه النه ٌثق من كل قلبه ان كل هذه االشٌاء من صنع الخالق‬
‫العظٌم والقدوس المهوب الذي ٌحبه وٌضمن له الحٌاة والنجاة والخلود وال‬
‫ٌمكن ان ٌعوزه شا من الخٌر أل ن هللا المحب لم ٌبخل على أوالده واحباء‬
‫قلبه بشىء ولن ٌمنع شٌبا ًا من الخٌر عن السالكٌن بالكما ل وٌكفً كل مإمن‬
‫حقٌقى عرؾ وذاق طعم المحبة االلهٌة ان ٌتؤمل فً تلك الكلمات الصادقة‬
‫األمٌنة التً تذوب أمامها قلوبنا ( تؤوه الودعاء قد سمعت ٌارب تثبت قلوبهم ‪.‬‬
‫تمٌل اذنك لحق الٌتم والمنسحق لكً ال ٌعود اٌضا ٌرعبهم انسان من األرض‬
‫) ( مز ٓٔ‪.)ٔ7،ٔ8 :‬‬
‫وقال هللا أٌضا عن المإمنٌن االتقٌاء ‪:‬‬
‫(الذي تثبت ٌدى معه أٌضا ذراعً تشدده ال ٌرؼمه عدو وابن االثم ال ٌذهلل )‬
‫(مز‪)ٕٔ:89‬‬
‫وٌذكر لنا الكتاب المقدس عن رجل هللا داود انه قد تعرض لموقؾ مإلم جداًا‬
‫حٌن عاد هو ورجاله إلً صقلػ ووجد ان العمالقة قد ؼزوا الجنوب وصقلع‬
‫واحرقوها بالنار وسبوا النساء والبنٌن وجمٌع ممتلكات شعب اسرابٌل وسبٌت‬
‫إمرأتا داود أٌضا (اخينوعم وابٌجاٌل) وحزن داود جداًا وؼضب الرجال الذٌن‬
‫كانوا معه وبكوا بشدة وفكر جمٌع الشعب فً رجم داود فتضاٌقت نفسه جداًا‬
‫ولكن ما أجمل ما قٌل عنه‪.‬‬
‫(‪ ...‬واما داود فتشدد بالرب إلهه ) ( اصمٖٓ‪)ٙ :‬‬
‫وذهب داود وست مابة رجل معه ولحق بالعمالقة الؽزاة وتخلؾ عنه من‬
‫رجاله مبتا رجل وأعاد داود ورجاله كل ما أخذه العمالقة وانقذ كل النساء‬
‫واالطفال السباٌا وكل الممتلكات وٌقول الكتاب المقدس ‪-:‬‬
‫(واستخلص داود كل ما أخذه عمالٌق وأنقذ داود امرأتٌه ولم ٌفقد لهم شا ال صؽٌر‬
‫وال كبٌر وال بنون وال بنات وال ؼنٌمة والشىء من جمٌع ما أخذوا لهم بل رد داود‬
‫الجمٌع) (ٔصمٖٓ‪)ٔ8،ٔ9 :‬‬
‫وقد كان ذلك نتٌجة اٌمان وثقة داود فً الرب الهه مما جعله ي تشدد فً هذا‬
‫الموقؾ المإلم العصٌب‪.‬‬
‫نعم اٌها االحباء ان هزٌمة االنسان امام التجارب وضعفه ال ٌؤتً من حجم الكارثة‬
‫الدوس هللى‬
‫‪:‬‬ ‫وضخامتها ولكنه ٌؤتً من ضعؾ االٌمان والثقة باهلل وكما قال‬

‫‪-86-‬‬
‫(لٌست التجارب ما ٌقع لبلنسان من حوادث ولكنها ماذا ٌفعل االنسان إذا‬
‫وقعت الحوادث)‬
‫بل ان الهزٌمة تؤتي عندما ٌلجؤ االنسان إلى أي ملجؤ أخر ؼٌر الرب وٌقول‬
‫داود فً سفر المزامٌر بالروح القدس هذه الكلمات الصادقة األمٌنة‪.‬‬
‫(االحتماء بالرب خٌر من التوكل على انسان االحتماء بالرب خٌر من التوكل على‬
‫الرإساء (مز‪.)8،9:ٔٔ8‬‬
‫)‬
‫ان صاحبة دهنه الزٌت م ن نساء بنً االنبٌاء أي من أوالد هللا القدٌسٌن‬
‫كانت تعرؾ تماما ًا هذه الوعود الصادقة وتثق بها كل الثقة ألنها اقوال هللا بل‬
‫لعلها رفعت صوتها وقلبها مع مرنم اسرابٌل الحلو حٌنما هتؾ بالروح القدس‬
‫قاببل ‪:‬‬
‫( لك ذراع القدرة قوٌة ٌدك مرتفعة ٌمٌنك ) (مز ‪)ٖٔ :89‬‬
‫فما اسعد المإمن وما اتعس الخاطا البعٌد عن هللا ألنه ضعٌؾ وعاجز امام‬
‫صعاب الحٌاة‪.‬‬
‫وذلك الن عدم االٌمان او ضعفه أحٌانا ٌجعلنا نلجؤ للبشر أو إلى مصادر‬
‫أخرى ؼٌر الرب ونسمع قول الرب‪.‬‬
‫(‪ ..‬هكذا قال الرب ملعون الرجل الذي ٌتكل على االنسان وٌجعل البشر‬
‫ذراعه وعن الرب ٌحًد قلبه وٌكون مثل العرعر فً البادٌة وال ٌرى إذا جاء‬
‫) ( أر ‪:ٔ7‬‬ ‫الخٌر بل ٌسكن الحر َة فً البرٌة ارضا سبخه وؼٌر مسكونة‬
‫٘‪.)ٙ،‬‬
‫ولكن على عكس ذلك نسمع قول الرب ‪:‬‬
‫(‪ ..‬مبارك الرجل الذي ٌتكل على الرب وكان الرب متكلة فانه ٌكون‬
‫كشجرة مؽروسة على مٌاه وعلى نهر تمد اصوله ا وال ترى إذا جاء الحر‬
‫)(‬ ‫وٌكون ورقها أخضر وفً سنه القحط ال تخاؾ وال تكؾ عن االثمار‬
‫أر‪ )7،8 :ٔ7‬اذن لنلجؤ إلً هللا فً وسط اآلالم فلٌس ؼٌره معٌن لنا ولنقل‬
‫للرب مع داود‪.‬‬
‫)(مز ‪)ٕٔ :ٔٓ8‬‬ ‫(‪ ..‬اعطنا عونا فً الضٌق فباطل هو خبلص االنسان‬
‫ولنهتؾ مع رجل هللا ارمٌا قا بلٌن ( لنرفع قلوبنا وأٌدٌنا إلً هللا فً السموات )‬
‫( مراثً ٖ‪)ٗٔ :‬‬

‫‪-87-‬‬
‫لذلك ٌقول اشعٌاء بروح هللا ( الؽلمان ٌعٌون وٌتعبون والفتٌان ٌعثرون تعثرا‬
‫وأما منتظروا الرب فٌجددون قوة ٌرفعون اجنحة كالنسور ٌركضون وال‬
‫ٌتعبون ٌمشون وال ٌعٌون )(اش ٓٗ ‪)ٖٓ،ٖٔ:‬‬
‫هذا هو حال المتوكلون علً الرب النه مكتوب (‪ ..‬المتكلون علً الرب مثل‬
‫جبل صهٌون الذي ال ٌتزعزع بل ٌسكن الً الدهر ) (مزٕ٘ٔ ‪) ٔ:‬‬
‫وقال المرنم اٌضا ‪:‬‬
‫( الرب عزي وترسً علٌه اتكل قلبً فانتصرت ) (مز ‪)7 :ٕ8‬‬
‫وما اجمل ما قاله مرنم اسرابٌل الحلو بروح هللا ‪:‬‬
‫‪ ( ‬هوذا عٌن الرب علً خابفٌة الراجٌن رحمته لٌنجً من الموت انفسهم‬
‫ولٌستحٌٌهم فً الجوع )(مزٖٖ ‪.) ٔ9، ٔ8 :‬‬
‫‪( ‬مبلك الرب حال حول خابفٌة وٌنجٌٌهم ) ( مز ٖٗ‪.) 7 :‬‬
‫ان هللا فً محبة عجٌبة جعل المبلبكة خدام للمإمنٌن الوارثٌن للمجد ولكل‬
‫مإمن جنود سماوٌة مكلفة من هللا بحماٌته كل ا ٌام حٌاته كما هو مكتوب عن‬
‫المبلبكة ‪ ( ..‬الٌس جمٌعهم ارواحا خادمه مرسله للخدمة الجل العتٌدٌن ان‬
‫ٌرثوا الخبلص ) (عب ٔ ‪) ٔٗ :‬‬
‫روي احدهم‪..‬‬
‫ان إحدى القدٌسات الفاضبلت كانت تسكن فً القاهرة بمفردها نظرا‬
‫لظروفها وكانت فاضلة محبة للمإمنٌن ومستضٌفة لرجال هللا وخدامه‬
‫القدٌسٌن وحدث ٌوما ما أن أحد خدام هللا االتقٌاء اتصل بها هاتفٌا واخبرها‬
‫بقدومه وزوجته لزٌارتها ورحبت به كل الترحٌب وفرحت بقدومه وظلت‬
‫تنتظره الً ان انتصؾ النهار وأقبل اللٌل ولم ٌحضر الخادم كما وعد ونظراًا‬
‫ألنها كانت متوقعة قدومه قالت فً نفسها البد وان شٌبا ما قد أخره وظلت‬
‫لوقت من اللٌل فً انتظاره وفً تمام الساعة الواحدة بعد منتصؾ اللٌل رن‬
‫جرس الباب واسرعت االخت بطرٌقة تلقابٌة وعفوٌة لفتح الباب ظنا منها بؤنه‬
‫خادم هللا الذي وعدها بالحضور وما ان فتحت الباب حتى فوجبت باحد‬
‫األشخاص وقد بدا علٌة الؽدر وشعرت فً نفسه ا بؤنه شخص عرؾ إنها‬
‫وحٌدة وأراد بها سوء فإذا بها ترفع عٌنٌها الً السماء وتصرخ بؤعلى صوتها‬
‫قابلة ( ٌا رب ٌسوع )‪.‬‬

‫‪-88-‬‬
‫وما أن كانت الكلمات علً شفتٌها حتى سقط هذا االنسان علً ظهره الً‬
‫الخلؾ وتدحرج علً السلم وكؤن قوة خفٌة دفعته بسرعة شدٌدة وفً اثناء‬
‫سقوطه أحدث صوتا وضجٌجا من دحرجته علً السبللم فاستٌقظ السكان‬
‫بالعمارة وامسكوه وحاولوا ضربه وتسلٌمه للشرطة ولكنه اقر قاببل بان ه اراد‬
‫ان ٌقتلها وٌسرقها وال ٌعلم كٌؾ حدث ذلك فقالت السٌدة التقٌة اتركوه لٌته‬
‫ٌعود بقلبه للرب الذي سمع صراخً حٌنما دعوته بكل قلبً فانقذنً فً‬
‫ضٌقً كما هو مكتوب ( فً ٌوم خوفً انا علٌك اتكل ) ( مز ‪.) ٖ: ٘ٙ‬‬
‫(إلً الرب فً ضٌقً صرخت فاستجاب لً ) (مز ٕٓٔ‪ ) ٔ :‬إن المإمن‬
‫الحقٌقً لٌس له ملجؤ فً ضٌقة ؼٌر الرب وحده لذلك قال المرنم ‪( :‬طلبت إلى‬
‫الرب فاستجاب لً ومن كل مخاوفً انقذنً‪.‬نظروا إلٌة واستناروا ووجوههم‬
‫لم تخجل ) (مز ٖٗ ‪)ٗ،٘ :‬‬
‫نعم ما اعظم الرب وما اعظم االتكال علٌة وااللتجاء الٌه‪.‬‬
‫فمن ٌلجؤ إلٌه ال ٌخٌب ومن ٌطلبه ٌجده فً كل وقت فهو معٌن وملجؤ وحمً‬
‫لكل المتكلٌن علٌة وال ٌوجد انسان واحد لجؤ إلٌه وخاب آمله أبدا بل إن كل‬
‫من ٌتكل علً الرب وٌحتمً فً حماه تكون له ال ؼلبة والنصرة علً كل‬
‫الظروؾ وعلً كل صعاب الحٌاة بل وعلً كل من ٌحاول ان ٌقاومه النه‬
‫مكتوب (لٌخز ولٌخجل الذٌن ٌطلبون نفسً لٌرتد الً الوراء وٌخجل‬
‫المتفكرون بإساءتً اما نفسً فتفرح بالرب وتبتهج بخبلصه )(مز ٖ٘ ‪9، ٗ :‬‬
‫)‪.‬‬
‫وقال المرنم اٌضا عن المحتمٌن بالرب ذلك الوعد الصادق‬
‫)‬ ‫(وٌعًنهم الرب وٌنجٌهم وٌنقذهم من االشرار وٌخلصهم النهم احتموا به‬
‫(مز‪.)ٗ:ٖ7‬‬
‫إذن أٌها األحباء ما أحوجنا أن نراجع تصرفاتنا فبل نعود نذهب الي انسان‬
‫وال نلجؤ الً عون او مصدر ؼٌر الرب ألن من ٌلجؤ لسواه ٌحصد مرارة‬
‫المر النه مكتوب ‪:‬‬
‫( تكثر أوجاعهم الذٌن اسرعوا وراء آخر ) ( مز ‪ )ٗ :ٔٙ‬لذلك هتؾ المرنم‬
‫بروح هللا قاببل لكل تقً ‪:‬‬
‫(القً على الرب همك فهو ٌعولك ال ٌدع الصدٌق ٌتزعزع إلً االبد ) ( مز‬
‫٘٘‪.)ٕٖ :‬‬

‫‪-89-‬‬
‫ان الوعد لكل من ٌتقى هللا وٌحفظ وصاٌاه وٌلجا إلٌه وحده وال سواه ما‬
‫أجمله وما أعظمه فلنستمع لذلك الوعد الصادق‪.‬‬
‫(النك قلت أنت ٌارب ملجابً جعلت العلى مسكنك ال ٌبلقٌك شر وال تدنو‬
‫ضربه (‪ )1‬من خٌمتك) (مزٔ‪)9:9‬‬
‫( ألنه تعلق بً انجٌه ‪ .‬أرفعه ألنه عرؾ اسمى ‪ٌ .‬دعونً فاستجٌب له ‪ .‬معه‬
‫أنا فً الضٌق ‪ .‬أنقذه وأمجده من طول االٌام اشبعه وارٌه خبلصً ) ( مز ٔ‪:9‬‬
‫ٗٔ‪.)ٔٙ-‬‬
‫(ٗ) كٌؾ نلجؤ إلً هللا وسط اآلالم والمحن ؟‬
‫قالت الشونمٌة لرجلها فً العدد السابق شرحه (فؤجرى إلً رجل هللا وأرجع )‬
‫(ٕملٗ‪.)ٕٕ:‬‬
‫لقد علمتنا الشونمٌة ان نذهب للرب فً آالمنا بسرعة بل بؤقصى سرعة‬
‫والنفكر فى سواه‬
‫ان الشونمٌة لم تخبر زوجها بموت ابنه وحٌده وال كٌؾ اضجعته جثمانا ًا‬
‫مسجى على سرٌر رجل هللا‪.‬‬
‫انها لم تحاول ان تشرح تفاصٌل ما حدث لزوجها الذي هو أبو الولد بل أول‬
‫ما فكرت فكرت فً هللا وتصرفت كما سبق الحدٌث احسن تصرؾ بكل حكمه‬
‫ووقار ٌلٌق بؤوالد هللا القدٌسٌن وهنا نراها تجرى أي تسرع الخطى لطلب‬
‫وجه الرب لطلب المعونة ان سبب ضعؾ الكثٌرٌن أمام اآلالم والمحن وعدم‬
‫قدرتهم على تمجٌد سٌدهم فى آالمهم وتجاربهم ٌرجع إلً أنهم ٌحاولون ان‬
‫ٌقلبوا المؤساة وٌعددوا تفاصلٌها ألنفسهم واآلخرٌن ممن ٌظنون انهم شركاء‬
‫لهم فً اآلالم‪.‬‬
‫ان الذٌن ٌنشؽلون بالتفكٌر طوٌبل فً عمق وفداحة الكارثة أو فً مدى‬
‫الخسارة التً تحدثها او فً الظروؾ المخالفة والرٌاح المضادة من كل ناحٌة‬
‫ٌستطٌعوا ان ٌمجدوا هللا فً اآلالم ولعل ما فعلته الشونمٌة درسا ًا نافعا لحٌاتنا‬
‫فانها أخذت االمر من ٌد الرب مباشرة لم تلجؤ ألحد لتخبره بحقٌقة وتفاصٌل‬

‫(‪ )1‬يمكن للقارئ الرجوع لنفس المزمور لقراءة بقية االعداد من عدد‪ 9‬حتى عدد ‪ 16‬النها وعود‬
‫صادقة ومعزبو وان كنت لم استطع ذكرىا كلها لضيق الصفحات‪.‬‬
‫‪-90-‬‬
‫المشكلة ولم تخبر الجٌران واالقارب وال حتى زوجها لم ت رسل له رسالة‬
‫لٌحضر وٌشاركها آالمها فً ولٌدها الوحٌد لكنها أخذت الكؤس من ٌد الرب‬
‫وأحسنت التصرؾ كما سبق الكبلم واسرعت باقصى سرعتها لرجل‬
‫(‪)2‬‬
‫هللا(‪)1‬ونبلحظ تؤكٌد ذلك اٌضا فً العدد الرابع والعشرٌن الذي ٌقول‬
‫( وشدت على االتان وقالت لؽبلمها سق وسر وال تتعوق ألجلى فً الركوب‬
‫ان لم اقل لك وانطلقت حتى جاءت الى رجل هللا إلى جبل الكرمل ) ( ٕمل ٗ‪:‬‬
‫ٕ٘)‪.‬‬
‫وكما سبق ان قلت ان إلتجابها إلً الٌشع الذي ٌرمز لشخص المسٌح‬
‫المبارك ٌعنً إلتجابها للرب فقد نفذت بكل ٌقٌن كامل قول الرب ( ادعنى ٌوم‬
‫الضٌق انقذك فتمجدنً ) ( مز ٓ٘‪.)ٔ٘ :‬‬
‫الن الرب بالنسبة للمإمن بمثابة مخبؤ امٌن وحصن حصٌن ومن المعروؾ ان‬
‫المخبؤ هو مكان معد خصٌصا ًا لبلحتماء به عند حدوث القذابؾ الملتهبة أو‬
‫الطلقات النارٌة فاذا وجد مخبؤ بجوار بعض الجنود فً أي معركة واحس‬
‫الجندي ان النٌران تبلحقه او ان طابرات العدو تقذؾ حمما ًا فانه ٌسرع باقصى‬
‫ما ٌمكنه وٌرتمً فً المخبؤ قبل ان ٌفكر فً أي شا فلو تؤملنا أن جندٌا ما وقت‬
‫الحرب أحس بؤن طابرة العدو تقذؾ نٌرانا قاتلة وكؤن المخبؤ قرٌبا منه لكنه‬
‫حاول أن ٌفكر وٌتؤمل فً شكل ولون وحجم القذابؾ النارٌة فبلبد انه فً خبلل‬
‫تلك اللحظات سٌصاب حتما ًا ولكن من المعروؾ والمؤلوؾ ان المخبؤ عُمل لكً‬
‫ٌسرع إلٌه قبل كل شا وٌلقى بنفسه دون أى تفكٌر ومن خبلله ٌستطٌع بعد ذلك‬
‫ٌشاء‬
‫ان ٌرد على العدو وان ٌتصرؾ كما ‪.‬‬
‫هكذا عبلقة المإمن بخالقة ومخلصه ألنه مخبؤ امٌن فً زمن الضٌق‪.‬‬
‫بركات خفٌه لنا‬ ‫لنتؤكد تماما ان اآلالم والتجارب التً بحسب فكر هللا‬
‫وإحسانات ال نستطٌع ان ندركها إال من خبلل روح الخضوع والسجود وان‬
‫عدو كل بر ٌحاربنا بكل قوته لٌشككنا فً محبة هللا فٌطلق علٌنا سهامه‬

‫(‪ )1‬قد سبق أن اوضحنا ان اليشع رمز للمسيح في العهد القديم‬


‫(‪ )2‬سوف نوضح فيما بعد كيف أسرعت للرب حتى تتكمل فصول ىذه القصة الرائعة كما أوردىا‬
‫لنا الوحي المقدس ‪.‬‬
‫‪-91-‬‬
‫الملتهبة ولكن على كل مإمن ان ٌواظب على دراسة كلمة هللا وٌتؤمل فً قوله‬
‫العجٌب المبارك ( اسم الرب برج حصٌن ٌركض إ لٌه الصدٌق ويتمنع )‬
‫( أم‪ )ٔٓ :ٔ8‬ومن خبلل هذه الكلمات الصادقة نجد ان كلمة حصن تعطى‬
‫معنى أعمق من كلمة مخبؤ التً سبق الحدٌث عنها ففً المخبؤ ٌختبا االنسان‬
‫فقط اما فً الحصن فؤنه ٌختبا اٌضا وٌجد مناعة وحماٌة حٌث ان الحصون‬
‫عبارة عن اماكن بها ابواب حدٌدٌة خارجٌة واسوار عالٌة أو محاطة بقبلع‬
‫شامخة من شؤنها أن تمنع دخول أي ضرراًا أو عدو هكذا اسم الرب برج‬
‫حصٌن بل هو برج لٌس مثل هذه االبراج النه لٌس مصنوعا من الحدٌد‬
‫الفوالذ القوى ولكنه هللا ذاته فاسمه ٌعنً ذاته وهو بذاته حصن حصٌن لكل‬
‫مإمن امٌن فهل تستطٌع كل سهام الشرٌر الملتهبة ان تخترقه حاشا له ألنه‬
‫الخالق لكل شا وهل ٌستطٌع المخلوق أو هل ٌستطٌع الشٌطان ان ٌقترب منه‬
‫كبل والؾ كبل فالرب صاحب السلطان قد قهر الشٌطان ووعد أوالده بالؽلبة‬
‫واالنتصار‪.‬‬
‫ان سر االنتصار للمإمنٌن الذٌن لمع اٌمانهم وصاروا منظراًا للناس‬
‫والمبلبكة هو إسرا عهم باإللتجاء للرب بكلمة شكر من كل القلب او طلبهم‬
‫للحفظ والصبر والعزاء والثبات فً الرب‪.‬‬

‫(ٖ) تقدٌم العطاء للرب‬


‫نرى فً حٌاة الشونمٌة صورة واضحة للحٌاة المسٌحٌة العملٌة وٌتضح ذلك‬
‫من سإال زوجها حٌنما ارسلت الٌه تطلب ؼبلما وإحدى األتن لتذهب الى‬
‫الٌشع رجل هللا ( فقال لماذا تذهبٌن الٌه الٌو م ال رأس شهر وال سبت فقالت‬
‫سبلم)(‪ٕ( )1‬مل ٗ ‪.)ٕٖ :‬‬
‫وفً سإال زوجها نجد انه ال ٌندهش لذهابها الى الٌشع رجل هللا ولكنه ٌسؤل‬
‫قاببل لماذا تذهبٌن الٌه الٌوم ال رأس شهر وال سبت ؟‬
‫وهذا السإال ٌعرفنا بحسب تعالٌم ووصاٌا هللا لشعبه فً العهد القدٌم وبحسب‬
‫المتبع لدى االفاضل والقدٌسٌن انهم ٌقدمون للرب العشور (عشور كل شًء )‬
‫وٌبدو ان الشونمٌة كانت كعادتها تذهب الى الٌشع رجل هللا فً كل رأس شهر‬

‫(‪ )1‬سوف نعود مرة اخرى لتوضيح معنى ( فقالت سالم )‬


‫‪-92-‬‬
‫(بداٌة الشهر ) وكل سبت (بداٌة االسبوع ) لتقدٌم العشور وفً هذا االمر‬
‫ت اب المقدس قاببلًا‬ ‫إطاعة لوصاٌا وتعالٌم هللا وٌعلمنا الك‬
‫) ( أم ٖ ‪ ) ٔ:‬لٌس‬ ‫( ٌا ابنً ال تنسً شرٌعتً بل لٌحفظ قلبك وصاٌاي‬
‫بالحفظ العقلً بل بالحفظ القلبً لذلك ٌقول ‪ ( :‬لٌحفظ قلبك وصاٌاي ) ولٌس‬
‫بالدرس النظري بل بالتطبٌق العملً‪.‬‬
‫وهذه الكلمات التً ترد فً سإال زوج الشونمٌة ان دلت على شًء فانما‬
‫تدل على ان تلك المرأة التقٌة تحفظ وصاٌا هللا واحكامه بكل دقة وبامانة‬
‫شدٌدة ونتعلم من تلك المرأة الفاضلة ان على كل مإمن ان ٌتمم قول الرب ‪.‬‬
‫(هاتوا جمٌع العشور‪ ...‬وجربونً )( مبل ٖ ‪.) ٔٓ :‬‬
‫(اكرم الرب من مالك ومن باكورات ؼلتك فتمتلا خزابنك شبعا وتفٌض‬
‫معاصرك مسطارا) (امٖ‪.)9:‬‬
‫واذا كان مإمن العهد القدٌم مطالبا امام هللا بتقدٌم العشور فان مإمن العهد‬
‫الجدٌد مطالب بما هو أكبر وأعظم من العشور فلم ٌحدد لنا الرب نحن أبناء‬
‫عهد النعمة قٌمة عشر من كل ما نملك ولكن علٌنا ان نقدم االفضل من‬
‫العشور‪.‬‬
‫ٌقول الرب (ولكن ال تنسوا فعل الخًر والتوزٌع النه بذبابح مثل هذه ٌسر هللا )‬
‫(عبٖٔ‪.)ٔٙ:‬‬
‫ان ذبابح مإمنً العهد الجدٌد هً ذبابح الحمد والشكر بالصبلة والتسبٌح الن‬
‫تقدٌم الشكر هلل على احسانه لنا ذبٌحة مقبولة لدٌه وقد ورد فً سفر المزامٌر‬
‫ذلك القول االلهً العجٌب (ذابح الحمد ٌمجدنً والمقوم طرٌقه اري ه خبلص‬
‫هللا) (مز ٓ٘ ‪.) ٕٖ :‬‬
‫فلنرنم للرب كل اٌام الحٌاة الن الترانٌم الصاعدة من قلب المإمن هً ذبابح‬
‫حمد لمجد هللا لذلك ٌقول الرب ‪-:‬‬
‫( اذبح هلل حمدا وأوؾ العلً نذورك ) ( مز ٓ٘ ‪.) ٔٗ :‬‬
‫وٌقول الرسول بطرس بالروح القدس ‪:‬‬
‫( كونوا انتم اٌضا مبنٌٌن كحجارة حٌة بٌتا روحٌا كهنوتا مقدسا لتقدٌم ذبابح‬
‫روحٌة مقبولة عند هللا بٌسوع المسٌح ) (ٔ بط ٕ ‪.) ٘ :‬‬
‫(فلنقدم به فً كل حٌن هلل ذبٌحة التسبٌح أي ثمر شفاه معترفة‬
‫باسمه)(عبٖٔ‪.)ٔ٘:‬‬

‫‪-93-‬‬
‫كما أن افتقاد الٌتامى واالرامل فً ضٌقهم واحتٌاجاتهم ٌعد اكبر دلٌل على‬
‫فاعلٌه اٌمان المإمن الحقٌقي‪.‬‬
‫الن لكل مإمن احشاء رآفة ومحبة تجاه المعوزٌن والمتضاٌقٌن وال سٌما‬
‫اهل االٌمان اخواتنا فً المسٌح ٌسوع تبارك اسمه لذلك ٌقول الرسول ٌعقوب‬
‫بروح هللا ‪:‬‬
‫( الدٌانة الطاهرة النقٌة عند هللا االب هً افتقاد الٌتامى واالرامل فً ضٌقهم‬
‫وحفظ االنسان نفسه ببل دنس من العالم ) ( ٌع ٔ ‪.) ٕ7 :‬‬
‫نعم ما أعظم وما أجمل تلك الكلمات التً تحس كل مإمن على افتقاد الٌتامى‬
‫واالرامل أي زٌارتهم والسإال عنهم وتقدٌم المعونة لهم فً صمت ودون ان‬
‫نجرح مشاعرهم فهم اعضاء جسد الرب له كل المجد وان كان الرب قد منح‬
‫الكثٌرٌن منا سعة العٌش فهذا معناه اننا نسعى ونبحث عن المعوزٌن لتقدٌم‬
‫الشكر هلل فً خدمتهم وافتقادهم وفً الرسالة الى أهل رومٌة ٌقول الروح‬
‫القدس للمإمنٌن هذا الكبلم المبارك ‪:‬‬
‫(مشتركٌن فً احتٌاجات القدٌسٌن عاكفٌن على اضافة الؽرباء ) (رو ٕٔ ‪:‬‬
‫ٖٔ)‬
‫وٌعلمنا الكتاب القدس اٌضا قاببل ‪:‬‬
‫( ال تمنع الخًر عن اهله حٌن ٌكون فً طاقة ٌدك ان تفعله ) (ام ٖ ‪) ٕ7 :‬‬
‫أي اذا كان بامكان المإمن ان ٌقدم المساعدة المعنوٌة والمادٌة ألخوته من‬
‫المعوزٌن ال ٌتؤخر بل ٌسرع الن فً ذلك طاعة لصوت هللا وبركة لحٌاته الن‬
‫المإمن حٌنما ٌعطً فهو ٌقدم بعض ما اعطاه هللا ولسان حاله ٌقول ‪:‬‬
‫(‪...‬الن منك الجمٌع ومن ٌدك اعطٌناك ) ( ٔأخ ٔ ‪.) ٔٗ :‬‬
‫كان فورد شخصا مإمنا تقٌا ٌحٌا حٌاة متوسطة المعٌشة وكان ٌحرص كل‬
‫الحرص ان ٌكون امٌنا فً العشور من كل ما ٌملك وبارك هللا لهذا الشخص‬
‫ُشرٌن عن كل ما ٌملك بدال من العشر ثم لما نمت‬ ‫فً كل ممتلكاته فبدأ ٌقدم ع ِ‬
‫ممتلكاته اكثر بدأ ٌقدم ثبلثة من كل ما ٌملك ثم اربعة اعشار من كل ما ٌملك‬
‫وكلما كانت امكانٌاته تتسع وتزداد كان ٌقدم عشورا اكثر حتى اصبح فً‬
‫النهاٌة ٌقدم للرب تسعة اعشار ما ٌملك من امواله وامكانٌاته وممتلكاته‬
‫واصبح ٌعٌش هو بالعشر فقط ولكن هذا العشر فً حد ذاته جعله من اؼنى‬

‫‪-94-‬‬
‫اؼنٌاء العالم وهناك شركات عالمٌة باسمه وارباح فابضة (‪ )1‬لذلك الشخص‬
‫االمٌن للرب وهكذا ٌكرم الرب كل من ٌكرمه‪.‬‬
‫وقال احدهم ‪:‬‬
‫ان اكرامك اٌها المإمن للرب اذا كان فً الوقت والجهد فان هللا ٌبارك‬
‫جهودك وٌنجح اعمالك فً كل ما تمتد الٌه ٌدك وإذا كان تقد ٌرك للرب فً‬
‫المال فان الرب ٌبارك بحسب نوع العطاء الذي تقدمه له هذا باالضافة الى‬
‫البركات الروحٌة التً ال تقدر بمال‪.‬‬

‫(‪ )1‬شركات فورد المعروفة للسيارات ‪.‬‬


‫‪-95-‬‬
‫الفصل الثانً‬
‫(ٔ) سبلم هللا لبلتقٌاء‬
‫(ٔ) ما هو السبلم ؟‬
‫ٌذكر الكتاب المقدس فً العددٌن الخامس والعشرٌن والسادس والعشرٌن من‬
‫الشونمٌة ( فانطلقت حتى جاءت إلى رجل هللا جبل الكرمل ‪ .‬فلما رآها رجل‬
‫هللا من بعٌد قال لجٌحزي ؼبلمه هوذا تلك الشونمٌة‪ .‬اركض االن للقابها وقل‬
‫لها اسبلم لك‪ .‬اسبلم لزوجك‪ .‬اسبلم للولد‪.‬فقالت سبلم )(ٕمل ٗ‪)ٕ٘،ٕٙ :‬‬
‫فقالت سبلم)‪.‬‬
‫زوجها‬
‫واترك حدٌث الشونمٌة عن نفسها لحظة واذكر اجابتها عن (‬
‫وربما ٌقول قابل ان سبلم للزوج لعدم معرفته المؤساة ألنها لم تخبر زوجها‬
‫بوفاة االبن الوحٌد حٌنما ارسلت الٌه تطلب ؼبلما وإحدى االتن لتذهب الى‬
‫الٌشع‪.‬‬
‫والكتاب لم ٌحدثنا عن امر زوجها شٌبا وانما إنصب الحدٌث كله عن‬
‫الشونمٌة النه ٌبدو انها هً االكثر إٌمانا وتقوى وربم ا اٌضا الن زوجها لٌس‬
‫له عبلقة بالرب هذه االمور ال ٌمكننا ان نحكم فٌها ولكن المهم انها هً نفسها‬
‫موضوع مشؽولٌة قلب هللا ولذلك تدور حولها االحداث وهذا هو مركز‬
‫المإمنٌن وٌقول سٌدنا العظٌم وراعٌنا الصالح تبارك اسمه ‪:‬‬
‫( خرافً تسمع صوتً وانا اعرفها فتتبعنً ) (ٌو ‪.)ٕ7 : 7‬‬
‫وٌقول الكتاب المقدس اٌضا ‪:‬‬
‫( ٌعلم الرب الذٌن هم له ) ( ٕ تً ٕ ‪.) ٔ9 :‬‬
‫وٌوجه الرب حدٌثه للمإمن ‪:‬‬
‫( دعوتك باسمك انت لً ) ( اش ٖٗ ‪.) ٔ :‬‬
‫فهل ٌعلم كل مإمن ان االختبارات ( اآلالم ) تدور حوله النه ممٌز ومحبوب‬
‫ومفضل لدي هللا ولٌس منسٌا كما ٌظن البعض و هذا لؽرض صالح من جهة‬
‫المإمن فلنفرح حٌنما نقع فً تجارب متنوعة (‪ )1‬حسب وعد هللا لنا‪ .‬وال ننسى‬
‫انه اذا كان االب ٌشعر بسبلم لعدم المعرفة فهذا السبلم ال ٌدوم‪.‬‬
‫اما قولها عن ابنها ( سبلم ) وهً التً وضعته جثمانا مسجى على سرٌر‬
‫رجل هللا واؼلقت علٌه وخرجت‪.‬‬

‫(‪ )1‬سوف نعود اليضاح ذلك فيما بعد ‪.‬‬


‫‪-96-‬‬
‫فقد ٌكون هذا السبلم هو سبلم رقاد المإمنٌن على رجاء القٌامة كما ٌقول‬
‫المرنم ‪:‬‬
‫على رجاء القيامة‬ ‫ارقد في سالمة‬
‫متى آن األوان‬

‫فالمإمن ٌرقد فً سبلم تام او قد ٌكون استنتاج النه طفل وقد مات فً‬
‫طفولته والمسٌحٌة تعلمنا ان االطفال لهم ملكوت السموات بحسب قول سٌدنا‬
‫العظٌم تبارك اسمه‪.‬‬

‫(ٕ) سبلم هللا لقلة قلٌلة من االتقٌاء‬


‫ونعود ادراجنا لما سبق ان قالته تلك المرأة العظٌمة حٌنما سؤلها جٌحزي‬
‫أسبلم لك " قالت سبلم " أي نوع من السبلم هذا ٌا ترى ؟‬
‫انه السبلم الذي ال ٌعرفه اهل العالم باي حال من االحوال وقد سبق‬
‫واوضحت فً مقدمه هذا الكتاب عن نوعٌن من السبلم هما سبلم مع هللا‬
‫وسبلم هللا والسبلم مع هللا نحصل علٌه كمإمنٌن بالخبلص من الخطٌة عن‬
‫طرٌق اٌماننا بكفاٌة عمل المسٌح على الصلٌب الجلنا وبفاعلٌة دمه الكرٌم اما‬
‫سبلم هللا الذي نالته الشونمٌة فهذا ال ٌختبره اال قلة قلٌلة جدا من اوالد هللا‬
‫الذٌن ٌعٌشون بالتقوى واضعٌن هللا نصب اعٌنهم فً كل أمر من االمور‬
‫ومسلمٌن له االرادة والمشٌبة فتكون حٌاتهم الحٌاة المرضٌة أمامه ‪ٌ .‬تعمقون‬
‫فً العشرة والشركة وٌنمون فً النعمة وفً معرفة هللا ‪ .‬إن هإالء الؽالبٌن‬
‫ٌشعرون بهذا السبلم العجٌب فً اشد اوقات االلم ووس ط لٌل الدجى الكبٌب‬
‫ذلك السبلم الذي ٌاتً حٌنما تظلم السحب وتشتد الكروب والمحن وٌتعمق‬
‫الجرح وااللم إنه سبلم هللا الذي ٌفوق ادراك العقول‪.‬‬
‫هذا السبلم الذي تركه مخلصنا تبارك اسمه لتبلمٌذه وهو عالم بان ساعته قد‬
‫جاءت لٌنتقل من هذا العالم الى االب قاببل لهم ‪ ( :‬سبل ما اترك لكم سبلمً‬
‫اعطٌكم لٌس كما ٌعطً العالم اعطٌكم انا ) ( ٌو ٗٔ ‪.) ٔ7 :‬‬
‫وهذا السبلم ٌعد نوعا ممٌزا من الهبات الروحٌة للحٌاة المسٌحٌة المنتصرة‬
‫فبل ٌستطٌع العالم ان ٌعطٌه لنا وال أن ٌؤخذه منا باي حال من االحوال‪.‬‬

‫‪-97-‬‬
‫هذا السبلم الذي أحسته الشونمٌة فً اشد لحظات االلم وٌمكننا بسهولة ان‬
‫نتصور موقؾ ام ثكلى فقدت وحٌدها الذي رزقت به بعد وقت طوٌل وربما‬
‫كانت فً سن ال ٌسمح لها باالنجاب ولكنه عطٌة هللا نتٌجة تعبها مع رجل هللا‬
‫وحسب وعد رجل هللا لها‪.‬‬
‫وفً وقت لم ٌكن ابدا فً الحسبان ‪ .‬حٌث ذهب الولد الى ابٌه الى الحقل ثم‬
‫عاد م حموال على اكتاؾ احد الؽلمان واجلسته االم الحنون على حجرها وما‬
‫هً اال لحظات حتى فارق الحٌاة‪.‬‬
‫ٌا لها من حكمة الهٌة عجٌبة جعلت المرنم ٌهتؾ قاببل ‪:‬‬
‫)‬ ‫( ما اعظم اعمالك ٌا رب كلها بحكمة صنعت مآلنة االرض من ؼناك‬
‫( مز ٗٓٔ ‪.) ٖٗ :‬‬
‫واٌضا ٌا له من سبلم عجٌب ٌفوق كل حدود وتعبٌرات وتقدٌرات العقول‬
‫البشرٌة لكنه حق وحٌاة نعٌشه ونختبره ونحٌاه وال ٌستطٌع أي انسان ان‬
‫ٌعرفه اال اذا اختبر عمق وعظمة وسمو وروعة العشرة مع هللا ‪ .‬ونذكر من‬
‫االمثلة التً وردت فً كلمة هللا عن االتقٌاء الذٌن تمتعوا بهذا السبلم رؼم كل‬
‫اآلالم وهم ‪:‬‬
‫(ٔ) سبلم هللا لبطرس فً السجن‬
‫وهذا السبلم العجٌب الذي اعطاه ربٌس السبلم لبطرس وهو مقٌد فً السجن‬
‫( أع ٕٔ ‪ ) ٔ8 - ٔ :‬وفً الوقت الذي كان فٌه بطرس محروسا فً السجن‬
‫وسط اربعة أرابع من العسكر(‪ 16‬عسكرٌا ) وٌقول الكتاب ‪:‬‬
‫( ولما كان هٌرودس مزمعا ان ٌقدمه كان بطرس فً تلك الل ٌلة نابما بٌن‬
‫عسكرٌٌن مربوطا ًا بسلسلتٌن وكان قدام الباب حراس ٌحرسون السجن ) ( أع‬
‫ٕٔ ‪.) ٙ :‬‬
‫وٌمكننا ببساطة شدٌدة ان نتخٌل لو اننا كنا مكان بطرس فكم تكون اآلالم‬
‫الجسمٌة والنفسٌة والمعنوٌة التً ال ٌمكن باي حال من االحوال ان تجعل‬
‫النوم ٌقترب الى جفوننا فقد كان ا المر المنتظر بجانب القٌود وااللم حسب‬
‫تعلٌمات هٌرودس الملك القاسً العنٌد ان ٌقتل بطرس فً الٌوم التالً ( أي‬
‫ان بطرس سجٌن مقٌد ٌنتظر حكم االعدام بعد ساعات قلٌلة ) ‪ ،‬لقد كان االمر‬
‫بحق قاسٌا اشد القسوة مإلما اشد االلم ظالما الى ابعد حدود الظلم لكنه العجب‬
‫العجاب ان بطرس كان فً سبلم تام جعله ٌنام ملء جفنٌه ٌا له من سبلم‬

‫‪-98-‬‬
‫ٌتخطى الواقع والمنظور وٌفوق ادراك العقول لقد تمتع بطرس بهذا السبلم‬
‫العجٌب الذي قال عنه الكتاب ‪:‬‬
‫)‬ ‫(وسبلم هللا الذي ٌفوق كل عقل ٌحفظ قلوبكم وافكاركم فً المسٌح ٌسوع‬
‫(فًٗ ‪.)7 ، ٙ :‬‬
‫ولكن قد تحقق بعد لح ظات حٌنما وجد نفسه خارج اسوار السجن حرا‬
‫ودلٌلنا الى ذلك قول الكتاب ‪:‬‬
‫( فقال بطرس وهو قد رجع الى نفسه االن علمت ٌقٌنا ان الرب ارسل‬
‫مبلكه وانقذنً من ٌد هٌرودس ومن كل انتظار شعب الٌهود ‪ .‬ثم جاء وهو‬
‫منتبه الى بٌت مرٌم ام ٌوحنا الملقب مرقس حٌث كان كثٌرون مجتمعًن وهم‬
‫ٌصلون ) (أع ٕٔ ‪.) ٕٔ ، ٔٔ :‬‬
‫وهكذا نام بطرس فً سبلم بدون أي انزعاج او قلق بٌنما كانت األمور من‬
‫حوله ال تبشر بالخٌر ولكنه كان ٌعلم ٌقٌنا أنه بٌن ٌدي هللا كخالق أمٌن فً‬
‫عمل الخٌر فسلم قضٌته برمتها ألعظم وأعدل قاض وأكبر محام وهو ٌعلم أنه‬
‫موضوع مشؽولٌة قلب هللا المحب وقد شؽل هللا قلب القدٌسٌن االتقٌاء بمشكلته‬
‫فكانت الكنٌسة مجتمعة فً بٌت مرٌم للصبلة بلجاجة إلى هللا من أجل بطرس‬
‫فً نفس الوقت سلم فٌه بطرس نفسه ونام فً سبلم واستجاب هللا صبلة‬
‫االتقٌاء النقاذ بطرس وأرسل مبلكة النقاذه‪.‬‬
‫فهل ننزعج من شا ونحن فً ٌد القادر على كل شا الذي ٌقول فٌكون‬
‫وٌؤمر فٌصٌر‪.‬‬
‫انك اذا أردت ان تختبر هذا السبلم فسلم كل أمورك بالتمام لؤلب‬
‫المحب وإذا سلمت بخضوع وثقة فسوؾ تحملك ٌد القدٌر وتعطٌك هذا‬
‫السبلم الذي جعل بطرس ٌنام نوما ًا عمٌقا هانبا ًا وال ٌفكر لحظة فٌما‬
‫‪ .‬ولم ٌفكر لحظة فً فقدان حٌاته أو‬ ‫سوؾ ٌراه من مقصلة االعدام‬
‫مصٌر أسرته أو الى آخر ما نفكر فٌه فلو ان بطرس فكر لحظة فً‬
‫‪ .‬لكن‬ ‫هذه األمور لما استطاع ان ٌشعر بالسبلم ولما استطاع ان ٌنام‬
‫سبلم هللا جعله ٌنام فً هدوء تام إتماما لقول الكتاب المقدس عن‬
‫شخص الرب ( لكنه ٌعطى حبٌبه نوما ) ( مز ‪.)ٕ :ٕٔ7‬‬
‫فقد نام بطرس نوما ًا من أعمق درجات النوم حٌث ٌحلم النابم احبلما‬
‫‪ ( :‬وإذا مبلك الرب أقبل ونور اضاء فً‬ ‫وٌقول الكتاب عن بطرس‬

‫‪-99-‬‬
‫لتان‬ ‫البٌت ‪ .‬فضرب جنب بطرس وأٌقظه قاببل قم عاجبل فسقطت السلس‬
‫‪ .‬فقال له‬ ‫من ٌدٌه ‪ .‬وقال له المبلك تمنطق والبس نعلٌك ففعل هكذا‬
‫البس نعلً ك واتبعنى ‪ .‬فخرج ٌتبعه وكان ال ٌعلم أن الذي جرى‬
‫بواسطة المبلك هو حقٌقى بل ٌظن انه ٌنظر رإٌا ) ( اعٕٔ‪.)9-7 :‬‬
‫وهنا اقتاده المبلك وانفتحت امامه م ا ( المبلك وبطرس ) أبواب السجن‬
‫وانفتح الباب الحدٌدى المإدى إلً المدٌنة من تلقاء ذاته حتى أصبح بطرس‬
‫فً امان تام ‪ .‬ولكن ٌبدو أن بطرس كان من تؤثٌر النوم ٌظن انه ٌحلم ‪ .‬انه‬
‫السبلم الذي ٌختبره المإمن وٌحٌا ه فً وسط أشد آالم وزوابع الحٌاة ‪ .‬حٌنما‬
‫تظلم الدنٌا فً وجهه وتوصد كل األبواب أمامه وتحٌط األمواج بسفٌنة حٌاته ‪.‬‬
‫واسمع ٌاعزٌزى قول هللا ‪:‬‬
‫( أما األشرار فكالبحر النه ال ٌستطٌع أن ٌهدأ وتقذؾ مٌاهه حم أة وطٌنا ًا ‪.‬‬
‫لٌس سبلم قال الهى لؤلشرار ) (اش‪)ٕٓ،ٕٔ :٘7‬‬
‫أما المإمن فٌناجً ربه قاببل‪:‬‬
‫(عند كثرة همومً فً داخلى تعزٌاتك تلذذ نفسى ) ( مز ٗ‪)ٔ9 :ٙ‬‬
‫وٌحدثنا المرنم بروح هللا عن الفارق بٌن أهل العالم وبٌن أوالد هللا االتقٌاء‬
‫قاببل‪ ( :‬كثٌرون ٌقولون من ٌرٌنا خٌراًا‪( )..‬مزٗ‪)ٙ :‬‬
‫أما المإمن فٌقول‪:‬‬
‫( جعلت سرورا ُ فً قلبً أعظم من سرورهم اذ كثرت حنطتهم وخمرهم ‪.‬‬
‫بسبلم ة اضطجع بل أٌضا أنام النك انت ٌارب منفرداًا فً طمؤنٌنة تسكننً ) (‬
‫مز ٗ‪)8-ٙ :‬‬
‫وٌهتؾ المرنم قاببل‪:‬‬
‫( الساكن فً ستر العلى فً ظل القدٌر ٌبٌت) ( مزٔ‪)ٔ :9‬‬

‫(ٕ) سبلم هللا لبولس وسٌبل فً السجن‬


‫وهذا السبلم العجٌب هو الذي أعطى بولس وسٌبل الفرح الذي جعلهما‬
‫ٌصلٌان وٌسبحان هللا فً السجن حٌنما كانا مقٌدٌن بقٌود حدٌدٌة مإلمة بعدما‬
‫ضُربا ضربات كثٌرة بالعصى وٌكفى ان نذكر قول الكتاب‪.‬‬
‫( نحو نصؾ اللٌل كان بولس وسٌبل ٌصل ٌان وٌسبحان هللا والمسجونون‬
‫ٌسمعونهما فحدث بؽتة زلزلة عظٌمة حتى تزعزعت أساسات السجن‬

‫‪-100-‬‬
‫فانفتحت فً الحال االبواب كلها وانفكت قٌود الجمٌع ‪ .‬و لما استٌقظ حافظ‬
‫السجن ورأى أبواب السجن مفتوحة استل سٌفه وكان مزمعا أن ٌقتل نفسه‬
‫ظانا أن المسجونٌن قد هربوا ‪ .‬فنادى بولس بصوت عظٌم قاببل ال تفعل بنفسك‬
‫شٌبا ردٌا ألن جمٌعنا ههنا‪( )..‬اع ‪)ٕ8-ٕ٘: ٔٙ‬‬
‫لقد تم فً بولس وسٌبل قول الكتاب المقدس‪.‬‬
‫( احسبوه كل فرح ٌا أخوتً حٌنما تقعون فً تجارب متنوعة) (ٌع ٔ‪)ٕ :‬‬
‫لقد فرح بولس وسٌبل رؼم القٌود الحدٌدٌة المإلمة والضربات القاسٌة لكنهما‬
‫فرحا فرحاًا عظٌما حتى هتفا من قلبٌهما بالحمد والشكر والتسبٌح فاهتز المكان‬
‫وانفتحت أبواب السجن وانفكت قٌود الجمٌع ( بولس وسٌبل ) وكل السجناء‬
‫معهما‪.‬‬
‫فما اجمل وما أعظم تسبٌحات االتقٌاء فً وسط لٌالى اآللم والمحن وما‬
‫ُ‬
‫أعظم محبة هللا التً اتجهت إلً ذلك السجان العنٌد القاس ي الذي كثٌرا ما‬
‫اسخنهما بالجراح والسٌاط ‪ .‬وما أبعد الفارق بٌن السجان الخاطا و بولس‬
‫وسٌبل التقٌٌن فقد ناداه بولس قاببل له ال تفعل بنفسك شٌبا ًا ردٌا ‪ٌ .‬الها من محبة‬
‫وشهادة للرب‪.‬‬
‫نعم ما أعظم المإمن حٌن ٌُسبح والدموع فً عٌنٌه وسبلم هللا ٌمؤل قلبه‪.‬‬
‫وهكذا كانت النتٌجة ( نجاه ذلك السجان ) الذي قبل المسٌح مخلصا وخلص‬
‫معه اٌضا جمٌع أهل بٌته حسب قول الكتاب‬
‫(ولما اصعدهما إلى بٌته قدم لهما مابدة وتهلل مع جمٌع بٌته إذ كان قد آمن‬
‫باهلل) (أع‪)ٖٗ:ٔٙ‬‬

‫(ٖ) سبلم هللا لدانٌال فً جب االسود‬


‫قد ؼدر رفاق العمل الذٌن كانوا ٌعملون مع دانًال فً قصر الملك دارٌوس‬
‫نتٌجة حقدهم وحسدهم لما وصل الٌه دانٌال من رفعة ومكانة عظٌمة فتحاٌلوا‬
‫ودبروا مكٌدة أحكموا تفاصٌلها اشد االحكام حتى انتهً االمر بإلقاء دانٌال فً‬
‫جب االسود إلفتراسه ‪ .‬ولكن دانٌال تمتع بهذا السبلم العجٌب فً هذه اللحظة‬
‫التً امسك به رجال الملك إللقابه فً الجب اتماما وتنفٌذا المر الملك الذي ال‬

‫‪-101-‬‬
‫ٌرد (‪ )1‬مما جعل األمر ٌتحول تماما عن قصد االشرار وٌصٌر فً صالح‬
‫دانٌال وٌظهر صبلبة إٌمانه وثقته فً إلهه وتمتعه بسبلم هللا العجٌب وٌكفى‬
‫أن نذكر للقارئ بعض فصول تلك القصة الرابعة‪.‬‬
‫فبعد أن القً دانٌال فً الجب بؤمر الملك ٌقول الكتاب المقدس ‪:‬‬
‫( حٌبنذ مضً الملك إلً قصره وبات صابما ولم ٌإت قدامه بسراريه فطار‬
‫عنة نومه‪ .‬ثم قام الملك باكرا عند الفجر و ذهب مسرعا إلً جب االسود‪ .‬فلما‬
‫اقترب إلً الجب نادي دانٌال بصوت أسٌؾ ‪ .‬أجاب الملك وقال لدانٌال ٌا‬
‫دانٌال عبد هللا الحً هل الهك الذي تعبده دابما قدر على أن ٌنجٌك من األسود‬
‫فتكلم دانٌال مع الملك ٌا اٌها الملك عش إلً األبد ‪ .‬الهً أرسل مبلكه وسد‬
‫أفواه االسود فلم تضرنً النً وجدت برٌبا قدامه وقدامك اٌضا اٌها الملك لم‬
‫أفعل ذنبا ًا ) (دا ‪)ٕٖ -ٔ8 :ٙ‬‬
‫ما امر بإحضار المشتكٌن‬ ‫وامر الملك بإصعاد دانٌال من الجب ك‬
‫المتآمرٌن على دانٌال وألقاهم فً الجب مع جمٌع نسابهم وأوالدهم‬
‫فبطشت بهم االسود‪ .‬اما دانٌال فقد أكرمه هللا فجعل الملك ٌكرمه‪.‬‬

‫قال أحد اإلتقٌاء ‪:‬‬


‫(‪)1‬‬
‫ان هللا‬ ‫عندما ٌضع هللا ثقبل فوقك ‪،‬فانه ٌضع ذراعه تحتك فبل تهتز‬
‫دانٌال ارسل مبلكا ًا واحداًا فسد أفواه االسود‬ ‫فً محبته الفابقة لعبده‬
‫الضارٌة وبات دانٌال لٌلته مسترٌحا وربما نام حتى الصباح فقد كان‬
‫هذا األمر فً وقت الشتاء القارص البرودة وكانت االسود تخرج‬
‫انفاسها الدافبة بمثابة جهاز تكٌٌؾ طبٌعى لدانٌال لٌنام لٌلته مسترٌحا‬
‫بٌن ٌدي العناٌة االلهٌة ا لعجٌبة وقد ٌكون دانٌال قد نام على ظهر‬
‫االسود التً تبلقت لتبتعله وإذ بها ال تستطٌع ان تفتح افواهها وهً‬
‫بالطبع ال تدري ما الذي حدث وقد قال احد خدام هللا البسطاء ربما‬
‫ه لٌكون بمثابة‬ ‫ٌكون دانٌال قد اختار أسداًا صؽٌراًا ٌضع علٌه رأس‬

‫(‪ )1‬يمكن للقارئ الرجوع إلي سفر دانيال االصحاح السادس لمعرفة تفاصيل القصة كاملة‬
‫(‪ )1‬وردت بمجلة مياه الراحة‬
‫‪-102-‬‬
‫وسادة ٌسترٌح فوقها حتً الصباح ؾ هل هناك اعظم من هذا السبلم‬
‫العجٌب فً وسط لٌل الدجى الكبٌب‪ .‬انه حقا سبلم هللا‪.‬‬
‫عزٌزى القارئ اذا كان مبلكا واحد استطاع بإرادة هللا ان ٌسد افواه‬
‫االسود الضارٌة فان هللا مستعد ان ٌرسل لك اثنى عشر جٌشا ًا من‬
‫المبلبكة لو احتاج األمر لذلك‪.‬‬
‫لقد أرسل هللا مبلكا واحد اٌام حزقٌا الملك واشعٌاء بن أموص النبً‬
‫فقتل المبلك من جٌش سنحارٌب مابة وخمسة وثمانون ألفا ًا من جنوده‬
‫ة اشور وهناك قتله أوالده‬ ‫وعاد بعد ان عٌر شعب هللا بخزى إلً محل‬
‫و هكذا نجا الملك التقً ونبً هللا اشعٌاء‪.‬‬
‫ه العجٌب‬ ‫هذه قدرة إلهنا فلماذا نضطرب ولماذا نحزن ولنا هذا االل‬
‫القادر على كل شا‪.‬‬
‫‪ٌ .‬ظلمك ‪ٌ .‬قاومك ببل‬ ‫أخى ‪ ..‬اختى ‪ ..‬هل تتؤلم من انسان ٌضاٌقك‬
‫سبب فٌسبب اتعابا ًا وآالما وجراحا نفسٌه وجسٌمة ومعنوٌة ‪ ،‬ثق فً‬
‫هللا وال تخشاه واسمح لً أن اتخٌل معك مدى ما ٌمكن أن ٌفعله هذا‬
‫االنسان مهما كانت قوته أو سطوته‪.‬‬
‫ان مبلكا واحدا قتل االلوؾ وسد افواه االسود فماذا تساوى قوة ذلك‬
‫االنسان المقاوم‪.‬‬
‫اخى ال تخؾ من احد وال تخشى من شا فالعالم كله بمن فٌه وما فٌه‬
‫ال شا بالمرة امام قدرة خالقك المحب فسلم له أمورك لتهنؤ بهذا‬
‫السبلم العجٌب سبلم هللا الذي هو عطٌة من عطاٌاه لكل قلب ٌحب هللا‬
‫الن المحبة كما قال الكتاب تطرح الخوؾ إلً خارج‪.‬‬

‫(ٗ) سبلم هللا للفتٌة فً االتون‬


‫اننا نرى سبلم هللا واضحا فً الفتٌة الثبلثة الذٌن رفضوا السجود‬
‫لتمثال الذهب الذي أعده الملك نبوخذ نصر واجابوا على سإال الملك‬
‫بكل شجاعة وقوة قابلٌن ‪:‬‬
‫( ٌا نبوخذ نصر ال ٌلزمنا ان نجٌبك عن هذ ا األمر ‪ .‬هوذا ٌوجد الهنا الذي‬
‫نعبده ٌستطٌع ان ٌنجٌنا من آتون النار المتقدة وأن ٌنقذنا من ٌدك اٌها الملك )‬
‫( دا ٖ ‪.) ٔٙ :‬‬

‫‪-103-‬‬
‫ُحمى االتون سبعة اضعاؾ وٌؤمر‬ ‫وإذ بالملك ٌمتؤل ؼٌظا ًا وٌؤمر بان ٌ َ‬
‫‪.‬‬ ‫جبابرة القوة من رجاله بإلقاء الفتٌة الثبلثة فً االتون بعد ان قٌدوهم‬
‫وسقط الفتٌة الثبلثة بقٌودهم فً االتون وسط النٌران المتقدة حٌث كان‬
‫من شدة لهٌب النار انها قتلت الرجال الذٌن القوا بالفتٌة‪.‬‬
‫ولكن حدث أمرا عجٌبا جداًا جعل الملك ٌتحٌر وٌقول الصحابه‬
‫الجالسٌن حوله‪.‬‬
‫(‪ ..‬ألم نلق ثبلثة رجال فً وسط النار ‪ .‬فؤجابوا وقالوا للملك صحٌح أٌها‬
‫الملك‪ .‬أجاب وقال ها أنا ناظر أربعة رجال محلولٌن ٌتمشون فً وسط النار‬
‫وما بهم ضرر ومنظر الرابع شبٌه بابن اآللهة) (دا ٖ‪.)ٕٗ،ٕ٘ :‬‬
‫ان تساإل الملك دلٌل حٌرته ودهشته لما رآه لقد ألقى فً النار ثبلثة‬
‫ا‬ ‫رجال مقٌدٌن بالحدٌد فً اٌدٌهم وأرجلهم ولكنهم فً االتون لٌسو‬
‫ثبلثة بل اربعة ولٌسوا مقٌدٌن بل محلولٌن‪.‬‬
‫أخً أن نٌران التجارب والمصاعب واآلالم ال ٌمكنها ان تحرقك ما‬
‫الكتاب‬
‫دمت تثق فً هللا الذي سوؾ ٌحملك على األذرع االبدٌة كقول ‪.‬‬
‫( اإل هل القدٌم لنا ملجؤ واألذرع األبدٌة من تحت ) ( تث ٖٖ‪)ٕ7 :‬‬
‫النٌران بالفتٌة انها فكت قٌودهم‬ ‫ان كل ما استطاعت ان تفعله‬
‫الحدٌدٌة لقد كان للنار سلطان على الحدٌد النه كان مإلما للفتٌة ومقٌدا‬
‫لحرٌتهم ‪ .‬ولم ٌكن لها سلطان ( النار ) علٌهم وال على اجسادهم النهم‬
‫فً حمى القدٌر والحظ ان الملك ومشٌرٌه لم ٌروا ثبلثة رجال بل‬
‫أربعة والرابع فً وسطهم شبٌه باب ن االلهة حسب قول الملك الوثنى‬
‫‪ .‬إن هللا‬ ‫الذي ٌعبد ألهه متعددة فانه ٌقر بؤن الرابع هو هللا وهذا حق‬
‫موجود معهم فً االتون ألن الرابع الذي ظهر بكل وضوح وجبلء فً‬
‫م قبل مجٌبه‬ ‫وسطهم هو ربنا ٌسوع المسٌح تبارك اسمه فقد جاء إلٌه‬
‫حنان قلبه المحب ان االمر‬ ‫الٌنا بالجسد ‪ .‬لقد جاء النه رأي فً رقة و‬
‫ٌحتاج لحضوره فنزل مسرعا ووصل مقتدرا إلً الفتٌة لٌعزٌهم‬
‫وٌطٌب قلوبهم وٌشجع اٌمانهم فكٌؾ ٌكون االتون بعد ذلك اتونا؟‬
‫ان النٌران كانت بالفعل موجودة ومحماه سبعة أضعاؾ لكن النٌران‬
‫ى‬ ‫فقدت خاصٌتها امام الخالق كما فقدت األسود من قبل قدرتها عل‬
‫االفتراس أتدرون اٌها االحباء لماذا ٌشعر االتقٌاء بسبلم هللا فً وسط‬

‫‪-104-‬‬
‫اآلالم والمحن ‪ .‬ألن هللا ٌرافقهم ‪ٌ ،‬عزٌهم ‪ٌ ،‬طٌب قلوبهم ‪ٌ ،‬عطٌهم‬
‫سبلمه وافضل ان اذكر قول الكتاب الذي ال ٌضارعه قول امام هذا‬
‫المشهد العجٌب حقا ‪:‬‬
‫( ثم اقترب نبوخذ نصر الى باب أتون النار المت قدة وأجاب فقال ٌا شدرخ‬
‫ومٌشخ وعبدنؽو ٌا عبٌد هللا العلى اخرجوا وتعالوا ‪ .‬فخرج شدرخ ومٌشخ‬
‫وعبدنؽو من وسط النار) (دا ٖ‪.)ٕٙ :‬‬
‫لقد احرقت النار من ألقوا بهم اما هم فان رابحة النار لم تؤت علٌهم‬
‫وأن الفارق بٌن الخاطا والمإمن ٌتضح بكل جبلء فً مثل هذه‬
‫األمور الن ا النسان البعٌد عن هللا تحطمه الظروؾ حتى أن رابحة‬
‫النٌران البعٌدة قد تقتله لكن أوالد هللا حتى وان سمح لهم بدخول‬
‫االتون فهو معهم وبالتالً فسوؾ ٌمشون فً االتون كما لو كانوا فً‬
‫جنة خضراء ٌانعة الثمار واالزهار ولم ال فاهلل معهم‪.‬‬
‫معى لو أننً افترضت ان‬ ‫اننً ٌا عزٌزى أدعوك إلى أن تتؤمل‬
‫هإالء الفتٌة امامً اآلن ووجهت لهم سإاال هاما مإداه ما هى أجمل‬
‫‪ .‬أتدرون ماذا سوؾ تكون‬ ‫لحظات قضٌتموها وانتم هنا على األرض‬
‫إجابتهم ؟‬
‫لماذا‬
‫سوؾ ٌجٌبون حٌن كنا فى االتون المحمً سبعة اضعاؾ وأسؤل ؟‬
‫ٌجٌبون ألن هللا نفسه كان معنا ‪ .‬لقد رأٌناه بع ٌوننا ولمسناه بؤٌدٌنا ‪ .‬لقد‬
‫كنا قبل االتون نراه بالقلب وباالٌمان اما فً االتون رأٌناه بالعٌان‪.‬‬
‫نعم طوباكم اٌها الفتٌة وما أعظم ما رأٌتم لقد رأٌتم من هو ابرع‬
‫جماال من بنً البشر انهم لو ُخ ٌِروا لقالوا للملك دعنا ننتظر فً االتون‬
‫بنا الؽالى الذي فرح قلوبنا‬ ‫اطول وقت ممكن ألننا نعٌش مع حبً‬
‫وأعطانا سبلم ه العجٌب الذي ٌفوق ادراك العقول‪.‬‬
‫أخً لماذا تخشى وتنزعج من اآلالم وانت فً ٌد اله السبلم‪.‬‬
‫وٌهتؾ المرنم لسٌده مسبحا ‪-:‬‬
‫كذلك حبٌبً بٌن البنٌن‬ ‫كالتفاح بٌن شجر الوعر‬
‫مرٌح التعابى معزى الحزٌن‬ ‫وتحت ظله اشتهٌت الجلوس‬
‫مع الفتٌة ٌمشً فى مشهد عجٌب‬ ‫نراه قدٌما فً وسط االتون‬
‫وٌطفا بسلطان الهوته اللهٌب‬ ‫وٌعطؾ علٌهم بقلبه الحنون‬

‫‪-105-‬‬
‫اننا اٌها االحباء أوالد هللا وقد اصبحنا بحق جسد المسٌح (كنٌسته ) بعد ان‬
‫أخلى المسٌح نفسه الجلنا وقدم نفسه ذبٌحة وقربنا لفدابنا فقد نزل إلً أر ضنا‬
‫فً اتضاع عجٌب وبدأ رحلته بٌننا مبتدأ بالمزود ومنتهٌا بصلٌب العار والقبر‬
‫المستعار‪ .‬ثم قام من بٌن االموات بكراًا للراقدٌن واعطى لنا الحٌاة والخلود‬
‫ألنه اباد بموته ذاك الذي له سلطان الموت ( ابلٌس ) وصعد إلى السماء حٌث‬
‫جلس فً ٌمٌن العظمة فً االعالى حسب قوله الصادق‪.‬‬
‫( الذي وهو بهاء مجده ( مجد االب ) ورسم جوهره وحامل كل االشٌاء‬
‫بكلمة قدرته بعد ما صنع بنفسه تطهٌرا لخطاٌانا جلس فً ٌمٌن العظمة فً‬
‫األعالى )( عبٔ‪.)ٖ :‬‬
‫انه تبارك اسمه جلس فً ٌمٌن العظمة فً األعالً لٌشفع فٌنا بمعنى‬
‫أخذ بٌدنا وٌإنس وحدتنا‬ ‫ٌحامى عنا وٌعٌن ضعفنا وٌشد أزرنا وي‬
‫وٌفرج ضٌقتنا وٌشفى آالمنا وٌضمد جراحنا وٌحفظ إٌماننا وٌرد‬
‫نفوسنا النه ٌرثً لضعفنا وٌعرؾ جبلتنا وٌذكر اننا تراب وهو الذي‬
‫دفع فٌنا أؼلى ثمن فلم ٌبخل بنفسه الجلنا فكٌؾ ال ٌهبنا معه كل شا‪.‬‬
‫صراخ دمه‬ ‫انه المحب الذي ذكر هابٌل قدٌما وقبل قربانه وسمع‬
‫وذكر نوحا فً الفلك وهاجر فً البرٌة واٌوب فً الرماد وموسى فً‬
‫السفط وٌوسؾ فً الببر وفً السجن وداود فً الكهؾ و دانٌال فً‬
‫الجب والفتٌة فً االتون وبطرس فً السجن و بولس فً العاصفة لن‬
‫ٌنسانا ابدا فطوبى لنا الن به وحده تفرح قلوبنا‪.‬‬

‫(ٖ) كل آمال المإمن فً الرب وحده‬


‫قالت الشونمٌة فً معرض حدٌثها لرجل هللا تلك العباره العجٌبة التً‬
‫اقؾ أمامها فً تؤنً طالبة ارشاد روح هللا قبل ان انبت ببنت شفه‬
‫ألننى اعلم ٌقٌنا ان اقوالً مهما كانت عذبه و رنانه إال انها لن تؤتً‬
‫مٌة‬ ‫‪.‬واذكر تلك العبارة للشون‬ ‫بثمر ما لم ٌمحصها وٌصححها روح هللا‬
‫والتً وردت فً العدد الثامن والعشرٌن‪.‬‬

‫‪-106-‬‬
‫‪ .‬ألم أقل ال تخدعنً ) وهنا ٌجدر‬ ‫( فقالت هل طلبت ابنا من سٌدى‬
‫بنا ان نعود ادراجنا لما سبق ان قدمناه فً بداٌة الحدٌث عن الشونمٌة‬
‫وشبعها الكامل بالرب‪.‬‬
‫وهنا نراها تقؾ أمامنا معلنة مرة أخرى عن اكتفاء نفسها وشبع قلبها‬
‫‪ .‬وكؤن‬ ‫بالر ب وحده ال سواه سواء قبل ان ٌولد ابنها او حتى بعد الوفاة‬
‫( تعلمت ان اكون‬ ‫بها تردد ما قاله بولس اعظم رسول للمسٌحٌة‬
‫) ( فً ٗ‪ .)ٔٔ :‬الن االكتفاء باهلل هو مصدر‬ ‫مكتفٌا بما انا فٌه‬
‫السعادة الحقٌقٌة ‪ .‬ولٌعلم كل انسان ان مصدر سعادتنا لٌست فٌما‬
‫ورثناه وال فٌما كسبناه وال فٌما حققناه من قٌم أدبٌة او امكانٌات مادٌة‬
‫أو مناصب عالمٌة فهذه كلها الشا أمام مقٌاس االٌمان وتدارك الحٌاة‬
‫الروحٌة‪.‬‬
‫التً تري هللا فً كل شا بل وتري ان العالم كله بكل ما فٌه ومن‬
‫فٌه ال شا وهللا وحده هو كل شا‪.‬‬
‫منظر هنا فكل منظر‬ ‫لذلك قال المرنم ‪ٌ :‬ارب حول نظرى عن كل‬
‫سواك فٌه المرار والعناء أما فً قولها لرجل هللا (ألم أقل ال تخدعنً )‬
‫وهنا أعود بالقارئ فً حذر شدٌد لما سبق ان ابدته تلك المرأة‬
‫العظٌمة من احترام وإكرام لرجل هللا حتى ال ٌلوح للقارئ انها تسا‬
‫(‪ ..‬ال تكذب على‬ ‫إلى الٌشع فقد سبق فً قولها حٌن وعدها بهذا االبن‬
‫جارٌتك ) ولكننا نراها هنا تجعلنا نعود ادراجنا لما سبق وادركته عن‬
‫رجل هللا وٌبدو انها اٌضا تفهم حقٌقة الحٌاة خبلل مدة السٌاحة للسماء‬
‫حٌث تحٌط بنا اآلالم والتجارب والضٌقات فً اثناء عبورنا بحر‬
‫الحٌاة إلى ان نصل إلً شاطا االمان بسبلم‪.‬‬
‫و الشونمٌة فً قولها هذا تإكد لنا حقٌقة هامة قد نجهلها كؤمهات‬
‫وكؤباء فنظن أن المستقبل واألمل فً االبناء وأن السعادة الحقٌقة فً‬
‫وجودهم وال أنسى كؤم ان األوالد عطٌة من هللا لنا وٌجب أن نحافظ‬
‫علٌها وأن نربٌهم فً مخافة هللا وانذاره فهم أمانة فً عنقنا وبركة لنا‬
‫من هللا ولكن الخطؤ كل الخطؤ ان تتعلق قلوبنا بالعطٌة وننسً العاطً‬
‫‪ .‬والخطؤ ان نعلق علٌهم‬ ‫وان ننشؽل بهم عن الرب الذي أعطانا إٌاهم‬
‫آمالنا فنرى فٌهم السند والعضد والعون واالمل‪.‬‬

‫‪-107-‬‬
‫وهنا ٌجب ان نتعلم من هللا كٌؾ تصحح هذه االخطاء فٌنا نحن كبنٌن‬
‫نتدرب باآلالم التً ٌسمح هللا‬ ‫شرعٌٌن ووارثٌن مع المسٌح ٌجب أن‬
‫‪ .‬فعلى الرؼم من ان البعض‬ ‫لنا بها لكً ٌعلمنا ما نحتاجه من دروس‬
‫منا قد ٌكونوا علمٌا متبحرٌن فً الفلسفة أو الطب أو الكٌمٌاء أو‬
‫ؼٌرها من علوم الحٌاة ولكننا أحوج ما نكون إلى تعلم أول حروؾ‬
‫الهجاء فً مدرسة هللا‪.‬‬
‫نعم ما أعظم ما نتعلمه ؾ ي مدرسة هللا فنعرؾ قٌمة الناس واالشٌاء‬
‫والذات والعالم والظروؾ الحاضرة المحٌطة بنا ومدى تؤثٌراتها‬
‫فنستطٌع ان نضع كل االمور فً مٌزانها الصحٌح فتقل اخطاإنا‬
‫وتسترٌح نفوسنا وتثبت طرقنا وتتهٌؤ قلوبنا فً الخفاء قبل العلن‬
‫شهاداتنا تؤثٌراًا على‬ ‫وتتقدس افكارنا وٌزداد طرٌقنا نوراًا وتزداد‬
‫اآلخرٌن من حولنا‪.‬‬
‫ان هللا الذي وصؾ الشونمٌة بالعظمة هو وحده ٌعرؾ فكر قلبها وعما‬
‫قرٌب حٌنما ٌؤتً الرب الذي ٌنٌر خفاٌا الظبلم وٌظهر آراء القلوب حٌنبذ‬
‫الكتاب‬
‫ٌكون المدٌح للشونمٌة ولؽٌرها من القدٌسٌن من هللا حسب قول ‪.‬‬
‫( اذا ال تحكموا فً شا قبل الوقت حتى ٌؤتً الرب الذي سٌنٌر خفاٌا الظبلم‬
‫وٌظهر أراء القلوب وحٌنبذ ٌكون المدح لكل واحد من هللا )( ٔكو ٗ‪.)٘ :‬‬
‫وٌقول ماكنتوش فً شرح سفر الخروج ص‪:27‬‬
‫كم من اآلراء التً ٌنشؽل بها القلب ولكن ألسباب وظروؾ مختلفة‬
‫لن عندما ٌؤتً الرب ‪.‬‬ ‫ال تقوى الٌد على تنفٌذها ولكن أراء كهذه ستع‬
‫وما اشهى النعمة التً سبقت فاخبرتنا بهذه االمور‪.‬‬
‫لنعرؾ أن آراء القلب المقترنة بعواطؾ المحبة هً أثمن لدي الرب‬
‫من عمل الٌدٌن مهما كان باهراًا‪.‬‬
‫فان عمل الٌدٌن قد ٌلمع أمام عٌون الناس أما قلب الرب فٌتعلق‬
‫س أما أراء القلوب فستعلن‬ ‫بآراء القلوب واألعمال قد تذاع بٌن النا‬
‫أمام هللا ومبلبكته القدٌسٌن‪.‬‬

‫‪-108-‬‬
‫(ٗ) موقؾ االتقٌاء تجاه احداث البرٌة‬
‫(ٔ) اإلتضاع أمام هللا‬
‫الشمونمٌة‬
‫‪:‬‬ ‫ٌذكر الكتاب فً العدد السابع والعشرٌن من نفس االصحاح عن‬
‫( فلما جاءت الى رجل هللا الً الجبل امسكت رجلٌه فتقدم جٌحزى لٌدفعها ‪.‬‬
‫فقال رجل هللا دعها الن نفسها مرة فٌها والرب كتم األمر عنً ولم ٌخبرنً )‬
‫وقد سبق واوضحت أن الٌشع رمز للمسٌح وكون الشونمٌة جاءت‬
‫الٌه إلً الجبل وأمسكت رجلٌه وهنا نقؾ قلٌبلًا لندرك مدي إتضاعها‬
‫الذي جعلها تنحنً حتى القدمٌن متخلٌة عن الطبٌعة البشرٌة التً من‬
‫شؤنها إعبلء الذات وا لكبرٌاء ولكنها هنا فً مركز اإلتضاع واالنكسار‬
‫والطبٌعة البشرٌة تؤبً ذلك فهل أمٌل لئلعبلء والتظاهر ولكن طرق هللا‬
‫ومعاملته معنا تلزمنا بكسر الذات وهذا هو مصدر البركة فً حٌاتنا‬
‫ألنه ٌعلم بحكمته العجٌبة حقٌقة مركز الطبٌعة ولذلك ٌسمح لنا باآلالم‬
‫أحٌانا ًا لنعرؾ أؾ كاره من جهتنا ونتضع عند قدمٌه لٌرفعنا فً حٌنه‬
‫وطوبى لنا إذا سلكنا سبٌل اإلٌمان بالخضوع الكامل و اإلتضاع عند‬
‫منسحقه‬
‫‪.‬‬ ‫قدمً مخلصنا وفادي نفوسنا بقلب منكسر وروح‬
‫( ذبابح هللا هً روح منكسرة ‪ .‬القلب المنكسر والمنسحق ٌا هللا ال تحتقره ) (‬
‫مز ٔ٘‪)ٔ7 :‬‬
‫مخلصنا‬
‫‪.‬‬ ‫إن المكان الذيٌجب أن نوجد فٌه عند تجاربنا هو عند قدمً‬
‫(ٕ) على االتقٌاء الحذر من جٌحزي وأمثاله‬
‫وفً قول الكتاب ( فتقدم جٌحزى لٌدفعها‪)..‬‬
‫وجٌحزي هو ؼبلم أو خادم ألٌشع وقد عاشره طوٌبل ورأي‬
‫المعجزات التً أجراها الرب على ٌدٌه ولكنه كان انسانا ًا بطٌبا ًا فً‬
‫ادراك صبلح هللا وه و من النوع الذي ٌإجل التوبة وال ٌدرك ؼنً‬
‫نعمة هللا وتمادي فً عناد قلبه والدلٌل على ذلك انه رأي بعٌنه كٌؾ‬
‫ان هللا أقام ابن الشونمٌة على ٌدى رجل هللا الٌشع وكٌؾ شفً نعمان‬
‫السرٌانً (ٕمل ٘)‬
‫فانه بدال من ان ٌتذوق نعمة هللا وٌتعمق فً الشركة مع هللا نتٌجة‬
‫معاشرته إللٌشع نبً هللا نراه ٌكذب على نعمان السرٌانً وٌجرى‬
‫وراء شهوته للمال والفضة والذهب فقد اخذ من نعمان وزنتً فضة‬

‫‪-109-‬‬
‫‪ .‬وترك‬ ‫وحلتً ثٌاب وخدع الٌشع وكذب علٌه فضربه الرب بالبرص‬
‫الٌشع ؼٌر مبال‪.‬‬
‫ولكننا نرى ذكر لجٌحزي بعد عدة سنوات من حادثة اقامة ابن‬
‫الشونمٌة حٌث نراه ي خبر الملك عن المعجزات التً اجراها هللا بٌد‬
‫نبٌه الٌشع ‪ .‬وحٌنما جاءت الشونمٌة إلً الملك تصرخ الجل امبلكها‬
‫التً اؼتصبت منها فً سنً ؼٌابها فً أرض الفلسطٌنٌٌن هربا من‬
‫المجاعة التً حدثت فً اسرابٌل وبعد ان استشارت رجل هللا نجد‬
‫)‬ ‫ابنها الذي أحٌاه الٌشع‬ ‫قول جٌحزي للملك (هذه هً المرأة وهذا‬
‫(ٕمل‪.)٘:8‬‬
‫ولما قصت الشونمٌة على الملك كل قصتها رد لها بٌتها وحقلها وكل‪ .‬ؼبلتها‬
‫وجٌجزي رؼم كل ذلك مازال ٌإجل التوبة وهو من هذا النوع العنٌد‬
‫الذي ٌظل ٌؽالط نفسه حتى تنصب علٌه دٌنونه هللا العادلة وكم من‬
‫ون من المترددٌن على الكنابس‬ ‫اناس حولنا أمثال جٌحزي وقد ٌكون‬
‫وٌسمعون كثٌراًا ولكن قلوبهم بعٌدة عن هللا كل البعد وهإالء ٌنطبق‬
‫علٌهم قول هللا‪.‬‬
‫( ام تستهٌن بؽنى لطفه وإمهاله وطول أناته ؼٌر عالم أن لطؾ هللا انما‬
‫ٌقتادك إلً التوبة ‪ .‬ولكنك من أجل قساوتك وقلبك ؼٌر التابب تذخر لنفسك‬
‫ؼضبا ًا فً ٌوم الؼضب واستعبلن دٌنونة هللا العادلة الذي سٌجازى كل واحد‬
‫حسب أعماله) (رو ٕ‪.)ٙ-ٗ :‬‬
‫فلقد أخذ جٌحزي البرص والبرص ٌشٌر إلً الخطٌة وذلك بعد حٌاته‬
‫مع الٌشع ورإٌته لما تم من معجزات‪.‬‬
‫وجٌحزي ٌرٌنا ان المعجزات تعمق وتزٌد ثقة المإمن فً سٌدة لكنها‬
‫ال تإدي إلً تبكٌت ضمٌر الخاطا‪.‬‬
‫فقد اسرع فرعون وراء موسى وشعب هللا فً البحر ؼٌر مبال بما‬
‫حدث من معجزات وكانت النتٌجة الموت المحتم له ولكل جنده‪.‬‬
‫فالخاطا ال ٌحتاج لمعجزة تجرى أمامه ولكنه ٌحتاج لمعجزة تجري‬
‫فٌه لكً ٌتؽٌر قلبه النجس و ٌعمل دم المسٌح المسفوك من أجله وهذا‬
‫هو عمل روح هللا فً القلب‪.‬‬
‫ونحن ٌلٌق بنا كابناء هللا نشكره من كل قلوبنا على عمل نعمتة فٌنا‪.‬‬

‫‪-110-‬‬
‫كما أن علٌنا ان ال نجاري أهل العالم الذٌن ٌحضرون لمجاملتنا أو‬
‫مشاركتنا فى آالمنا بل علٌنا ان نتحذر من أفعالهم واقوالهم التً من‬
‫دفعنا بعٌداًا‬ ‫شؤنها االنقٌاد وراء ضعؾ الطبٌعة البشرٌة وهم ٌحاولون‬
‫عن مقر راحتنا ومصدر سبلمنا وقد ٌكون ذلك دون قصد فهم ال‬
‫ٌدركون عمل نعمة هللا فٌنا ولذلك فهم ٌرددون وٌفعلون فً مثل هذه‬
‫الظروؾ أموراًا ال تلٌق بؤوالد هللا أما نحن فٌجب أن ٌكون سلوكنا‬
‫مزكً أمام هللا والناس حتى وأن ؼضب العالم علٌنا الن أهل العالم ال‬
‫‪ .‬أما نحن‬ ‫ٌتعدى نظرهم تحت اقدامهم فهم ٌرون الواقع والمنظور فقط‬
‫أوالد هللا ٌجب علٌنا ان نترفع عن كل ما ال ٌمجد هللا فٌنا وهم قد‬
‫ٌحكمون على تصرفاتنا بؤننا ال نبالى بالظروؾ ولكن الحقٌقة التى ال‬
‫ٌدركها البعٌدٌن عن هللا خبلؾ ذلك فصمتنا وشكرنا هلل وعدم مجاراتنا‬
‫لتقالٌد احزان العالم ( صراخ‪ -‬عوٌل‪ -‬بكاء ‪ -‬تجدٌؾ‪..‬الخ)‪.‬‬
‫كلها أمور بالطبع ترضً العالم وكثٌرون حولنا ٌمثلون جٌحزى من‬
‫ٌترددون على الكنابس ولكنهم مازالوا فً خطاٌاه وبالرؼم من‬
‫معاشرتهم للمإمنٌن وطول فترة ترددهم على أماكن العبادة أال أنه من‬
‫األمور المحزنة جداًا ا نهم ٌظنون بؤنهم اتقٌاء لما ٌحفظون من آٌات‬
‫كتابٌة وترانٌم روحٌة وٌرددون على ألسنتهم أقوال االٌمان ولكن‬
‫قلوبهم لم تتؽٌر بعد ولم ٌختبروا الحٌاة الحقٌقٌة فً المسٌح وقد قال‬
‫(ٌقترب إلًّ هذا الشعب بفمه وٌكرمنً‬ ‫الرب عن شعب اسرابٌل‬
‫بشفتٌه أما قلبه فمبتعداًا عنً بعٌدا ) ( مت ٘ٔ‪)8 :‬‬
‫ًا‬
‫وهإالء ٌسٌبون للمسٌحٌة بشكل مخٌؾ وقد ٌظن من ٌقترب إلٌهم‬
‫‪ .‬ولكن ما ابعد الفارق بٌن‬ ‫أن كل المإمنٌن هكذا مما ٌسبب العثرات‬
‫الٌشع وجٌحزي ‪ ،‬بٌن المإمن الحقٌقً المولود من هللا والمتدٌن‬
‫الظاهري فهناك اناس كنسٌون ولكنهم ؼٌر مإمنٌن على االطبلق وهم‬
‫بة عنٌدة محٌرة فبل هم خطاه ٌمكنك ان تقدم لهم المسٌح وال هم‬ ‫ؾ‬
‫مإمنون ٌمكنك ان تتمتع معهم باالٌمان المشترك ان هإالء فبة قاسٌة‬
‫وما اصعبها وما اشق الحدٌث معا النهم اعثروا انفسهم وٌعثرون‬
‫اآلخرٌن معهم‪.‬‬

‫‪-111-‬‬
‫وهإالء ٌجب ان ال نجارٌهم وال نشاركهم فهإالء قد قال الرب عنهم‬
‫‪:‬‬
‫( لهم صورة التقوى ولكنهم منكرون قوتها ) ( ٕتى ٖ‪)٘ :‬‬
‫فالرب ٌوصٌنا بؤن نتجنبهم وهذا هو ما فعلته الشونمٌة فٌما بعد كما‬
‫سنرى ولكننا نجد فً قول رجل هللا لجٌحزي‪.‬‬
‫(دعها ألن نفسها مرة فٌها والرب كتم االمر عنى ولم ٌخبرنً ) (ٕمل ٗ‪:‬‬
‫‪.)ٖ8‬‬
‫ولً تعلٌقا بسٌطا اقدمه بحذر ش دٌد لكً اكون امٌنة لكلمة هللا راجٌة‬
‫القدوس‬
‫‪.‬‬ ‫من هللا ان ٌرشدنً إلً ما ٌوافق فكر هللا وارشاد روحة‬
‫فقد ٌنصب البعض من الخطاة انفسهم قضاة على تصرفات أوالد هللا‬
‫فٌقولون خطؤ عن المإمن الصابر الشاكر بؤنة ٌتصرؾ عن قلب قاس‬
‫من قلب هللا المحب‬ ‫وٌنسون بالطبع ان االنسان المإمن الذي اقترب‬
‫ٌعرؾ كٌؾ تكون المحبة ولكنه فً نفس الوقت ٌسود على قلبه حب‬
‫هللا وطاعته والخضوع له فوق أي حب آخر سواه‪.‬‬
‫والمإمن له من العواطؾ والمشاعر واألحاسٌس ما ٌفوق الوصؾ‬
‫لكنه ٌضع نفسه فً المكان البلبق به لكً ٌكون فً الصورة التً‬
‫تمجد هللا ‪ .‬أما الخطاة او حتى ضعاؾ االٌمان ممن لٌست لهم الحواس‬
‫المدربة ولٌست لهم االختبارات الروحٌة الكافٌة لصٌاؼة حٌاتهم ولذلك‬
‫ٌرون فً تصرؾ االتقٌاء ما ٌسمونه عدم المباالة بالظروؾ واآلالم‬
‫وقد ٌطلقون أللسنتهم العنان فٌخطبون فً حق هللا وفً حق أوالده‬
‫االتقٌاء‪.‬‬
‫فلٌست تصرفات االتقٌاء فً مثل هذه الظروؾ عدم مباالة بل هً‬
‫ترفعا ًا عن اٌمان حقٌقً تجعل المإمن ال ٌؽالً فً اظهار العواطؾ‬
‫الفراق‬
‫‪.‬‬ ‫الطبٌعٌة وقد ٌتساءل البعض فٌقول وهل المإمن ال ٌبكً آلالم‬
‫واجٌب نعم قد ٌبكً فقد سبق وبكً رب المجد آلالم مرٌم ومرثا‬
‫(ٌؤٔ‪)ٖٙ-ٕٓ:‬‬
‫ولكن عواطؾ االنسان التقً ال تؤتً بنا وتقؾ عند مشهد مإلم فنظل‬
‫نبكً ونبكً وال نفعل ؼٌر البكاء الن قوة االٌمان فً قلوبنا تحفظنا‬
‫فً حضرة هللا الذي ٌعطٌنا السبلم‪.‬‬

‫‪-112-‬‬
‫لذلك ٌخاطبنا روح هللا قاببل ‪:‬‬
‫( ال تحزنوا كالباقٌن الذٌن ال رجاء لهم ) ( ا تسٗ ‪)ٖٗ :‬‬
‫آذانن لكل ما ٌقال حتً نستطٌع ان نمجد‬ ‫ا‬ ‫نحن واجبنا كؤوالد هللا ان ال نعطً‬
‫هللا فٌنا وحتى ٌعلن عن اٌماننا وحتى نتمتع بما سبق ان ذكره من سبلم هللا‬
‫وحتى ٌتم لنا ذلك فٌجب ان ال نحسب حسابا ًا لجٌحزي ولكل جٌحزي وهذا ما‬
‫فعلته الشونمٌة ولعل االٌمان العظٌم الذي ؼمر قلبها قادها لعمل أعظم وكؤنها‬
‫تري بعٌن اٌما نها ما سوؾ ٌمجد هللا وهً بذلك قد افسحت المجال هلل لكً‬
‫ٌعمل عمله ولذلك كافبها هللا بؤن حقق لها بالعٌان ما كانت تراه باالٌمان فً‬
‫اقامة ابنها من االموات‪.‬‬
‫فبل نعطى لجٌحزى اآلذان وال ننسى اٌها االحباء ان مدٌح البشر‬
‫ٌنا جامات من‬ ‫متؽٌر ومتقلب فالذٌن ٌمدحوننا الٌوم قد ٌصبون عل‬
‫االهانات والؽضب ؼدا‪.‬‬
‫وقد قال احدهم‪.‬‬
‫(اذا اقتنعت بعمل ما انه نافع وصالح فاعمله بكل قوتك وصم اذنٌك عن‬
‫لوم البلبمٌن)‬
‫فبل تخشى فً الحق لوم ة البم‪.‬‬
‫واذا كان العمل فً الحٌاة الزمنٌة ٌحتاج لذلك فكم وكم ٌكون عمل‬
‫هللا قد ٌقابل هنا بالمقاومة‬ ‫هللا وتقدٌره فً قلوبنا وال ننسى ان عمل‬
‫والرفض التام ولكن المدٌح ٌنتظر من الرب وحده‪.‬‬
‫كما ان مدٌح البشر قد ٌصٌبنا بالؽرور او الكبرٌاء فنتحطم على تلك‬
‫الصخرة التً كثٌرا ما حطمت أبطاال ‪ .‬كما قد ٌحدث ان نصاب بالفشل‬
‫بعد‬ ‫اذا فإجبنا بخبلؾ ما كنا ننتظره فقد ٌنقلب علٌنا مدٌح االنسان‬
‫ساعات وربما للحظات فالبشر ٌا عزٌزي الذٌن استقبلوا رب الحٌاة‬
‫بالهتاؾ قابلٌن مبارك االتً باسم الرب عند دخوله أورشلٌم هم انفسهم‬
‫(أصلبه أصلبه دمه علٌنا وعلى‬ ‫الذٌن صرخوا قابلٌن لبٌبلطس‬
‫أوالدنا)(لو ٖٕ‪) ٕٖ-ٕٔ :‬‬
‫واال لسقطنا‬ ‫فكم تؽٌر الحال وهكذا االنسان فبل ٌعطً له االذان‬
‫وفشلنا من هول المفاجبات وقسوة الصدمات ممن كنا نظن أنهم سوؾ‬
‫ٌؤخذون بٌدنا وٌساعدوننا على جهادنا وما علٌنا إال أن نؽلق االذان‬

‫‪-113-‬‬
‫عن كل ما ٌقال من مدٌح الناس فالمدٌح ٌؤتً من الرب وحده حٌنما‬
‫نقؾ أمامه نعطً حسابا عن وكالتنا وحٌنبذ سوؾ تعلن افكار قلوبنا‬
‫وسوؾ نعطى االجرة عن كل عمل قدمناه بؤمانة حتى األفكار التً لم‬
‫نتمكن من أدابها باٌدٌنا والتً رآها فاحص القلوب فً قلوبنا فسوؾ ال‬
‫نحرم فٌها من األجرة العظٌمة من ذلك القدوس الذي ٌرى افكار القلب‬
‫وٌعرؾ أناته المقدسة وسوؾ ٌكافا الرب انات قلوبنا الصامتة التً‬
‫لم ٌسمعها أحد سواه‪.‬‬
‫وان كان جٌحزي ممن ال ٌدركون ذلك فلندركه نحن أوالد هللا ننمو‬
‫فً النعمة من ٌوم إلً ٌوم‪.‬‬
‫أما فً قول الشونمٌة اللٌشع ‪:‬‬
‫‪ٕ( )..‬مل ٗ‪:‬‬ ‫( حً هو الرب وحٌه هً نفسك أنً ال أتركك فقام وتبعها‬
‫ٖٓ)‪.‬‬
‫فهذا تؤكٌد على أن الشونمٌة ال ترؼب فً اصطحاب جٌحزي كما‬
‫سبق أن ذكرت وفً نفس الوقت تتمسك بإلٌشع الذي هو رمز للرب‪.‬‬
‫نعم ان سر االنتصار هو التمسك بالرب وذلك بالصبلة والوجود فً‬
‫محضر هللا فً عرش النعمة حٌنما ٌذهب المإمن إلى مقر راحته‬
‫وٌناجً حبٌبه بكل ما اصابه وٌطلب نجدته وحٌنبذ تنهمر ٌنابٌع الفرح‬
‫والسبلم فً قلبه فتجعله ٌتخطى كل الصعاب‪.‬‬

‫(ٖ) جٌحزى ال ٌمجد هللا والعكاز ال ٌعطً الحٌاة‬


‫نجد قول هللا فً العدد التالً‪:‬‬
‫( وجاز جٌحزي قدامهما ووضع العكاز على وجه الصبً فلم ٌكن وصوت‬
‫وال مصػ‪ .‬فرجع للقابه واخبره قاببل لم ٌنتبه الصبً ) ( ٕمل ٗ‪)ٖٔ :‬‬
‫بكل سرعة وكل دقة‬ ‫فقد أسرع جٌحزي ونفذ قول الٌشع رجل هللا‬
‫ولكن الصبً لم ٌقم ‪ ،‬وهذا معناه أن عمل هللا أوال ال ٌؤتً من خبلل‬
‫الخطاة ولكنه ٌؤتً من خبلل قلب امتلك الحٌاة فعلى الرؼم من ان‬
‫جٌحزي قدم شكبل جمٌبل فً التنفٌذ إال انه نسى انه هو نفسه ٌحتاج‬
‫مى ان ٌقود‬ ‫للحٌاة والمٌت روحٌا ال ٌمكن ان ٌقٌم مٌتا فبل ٌمكن ألع‬
‫اعمى واال سقط االثنان فً حفره العكاز ال ٌعطً الحٌاة‪.‬‬

‫‪-114-‬‬
‫أما فً وضع عكاز الٌشع رجل هللا على وجه الصبً المٌت القامته‬
‫ومنحه الحٌاة فانه ال ٌنفع مطلقا حتى ولو كان عكاز رجل هللا‪.‬‬
‫فالصبً مٌت والموت ٌشٌر للخطٌة وأجرة الخطٌة هً الموت وال‬
‫ٌمكن أن ٌقوم شخص من االموات بواسطة عمل اجراءات او استخدام‬
‫أدوات أو فعل ممارسات الن المٌت ٌحتاج للرب نفسه وٌحتاج لعمله‬
‫داخل القلب وبالتحدٌد ٌحتاج لدم المسٌح لكً ٌتطهر من كل خطٌه‬
‫وٌنال الحٌاة االبدٌة‪.‬‬
‫وكلمة هللا ترٌنا ان الرب نفسه حٌنما خلق االنسان وكل الخلٌقة تكلم‬
‫دون ان ٌتألم النه هللا صاحب السلطان القادر على كل شا ولكن حٌن‬
‫فدانا على الصلٌب تؤلم ولم ٌتكلم لٌدافع عن نفسه بل وضع نفسه وقدم‬
‫فنسه ذبٌحة وقربانا لكً ننال بواسطته الحٌاة االبدٌة النه ٌعلم أن امر‬
‫خبلصنا ٌتوقؾ على موته وسفك دمه الكرٌم الذي ٌطهرنا من كل‬
‫خطٌه‪.‬‬

‫‪-115-‬‬
‫الباب الثالث‬
‫الفصل األول‬
‫(ٔ) معجزة اقامة ابن الشونمٌة من بٌن االموات‬
‫(ٔ) الحالة قبل وصول الٌشع البٌت‬
‫ورد فً العدد الثانً والثبلثٌن قول هللا‬
‫( ودخل الٌشع البٌت واذا بالصبً مٌت ومضطجع على سرٌره ) (ٕمل ٗ‪:‬‬
‫ٕٖ)‬
‫عندما دخل الٌشع بٌت الشونمٌة وبالتحدٌد فً حجرته الخاصة به ( العّلٌة )‬
‫وجد الصبً ( ابن الشونمٌة مٌتا ومضجعا على سرٌره ) وقد سبق وذكرنا‬
‫مراراًا وتكراراًا ان الٌشع رمز للمسٌح ‪ ،‬وقبل دخوله أي دخول المسٌح لحٌاة‬
‫االنسان فاالنسان مٌت بحسب الطبٌعة الساقطة المورثة من آدم‪.‬‬
‫لو مارس‬ ‫وهذا معناه انه بدون وجود المسٌح فً القلب فبل حٌاة حتى و‬
‫االنسان الصلوات واألصوام والصدقات ‪ .‬وؼٌرها من األمور المنسوبة للبر‬
‫الذاتً فكلها بدون المسٌح ال قٌمة لها فً نظر هللا فالحاجة إلً شخص المسٌح‬
‫ذاته والحاجة إلً دمه المطهر آلن هذا هو االساس الذي وضعه هللا للحٌاة‬
‫المسٌحٌة وكما ٌقول الرسول بولس‪.‬‬
‫( الذي ٌإم ن باالبن له حٌاة ابدٌة والذي ال ٌإمن باالبن لن ٌري حٌاة بل‬
‫ٌمكث علٌه ؼضب هللا) (ٌوٖ‪.)ٖٙ :‬‬
‫فعند دخول المسٌح بٌتك انك البد وان ٌتؽٌر الحال وٌحدث المحال النه رب‬
‫القدرة والجبلل ونجد فً كلمة هللا الصادقة أن كرنٌلٌوس كان رجبل متعبدا (‬
‫متدٌنا) بصلوات وأصوم ولكن كان هذا الرجل ٌحتاج لدم المسٌح ولذلك أرسل‬
‫هللا له الرسول بطرس فبشره بالمسٌح فصارت له الحٌاة حسب ما جاء بسفر‬
‫االعمال عن شخص المسٌح المبارك‪.‬‬
‫( له ٌشهد جمٌع االنبٌاء ان كل من ٌإمن به ٌنال باسمه ؼفران الخطاٌا ) (‬
‫أع ٓٔ‪)ٖٗ :‬‬
‫(ٕ) الصورة الرمزٌة لفادي البشرٌة‬
‫سبق ا ن ذكرنا ان الٌشع حٌن دخل بٌت الشونمٌة كان الصبً مٌت‬
‫ومضطجعا على سرٌره‪.‬‬
‫ولكن الٌشع كما ٌقول الكتاب ‪:‬‬

‫‪-116-‬‬
‫‪ .‬ثم صعد‬ ‫( فدخل وأؼلق الباب على نفسٌهما كلٌهما وصلً إلً الرب‬
‫واضطجع فوق الصبً ووضع فمه على فمه وعٌنٌه على عٌنٌه وٌدٌه على‬
‫ٌدٌه وتمدد علٌه فسخن جسد الولد ‪ .‬ثم عاد وتمشى فً البٌت تارة إلى هنا‬
‫وتارة إلى هناك وصعد وتمدد علٌه فعطس الصبً سبع مرات ثم فتح الصبً‬
‫عٌنٌه ) (ٕمل ٗ‪)ٖ٘-ٖٖ :‬‬
‫وعندما دخل الٌشع إلً حٌث كان الصبً المٌت اؼلق الباب على نفسٌهما‬
‫كلٌهما (أي الٌشع والصبً ) وهنا نرى ان الحً ارتبط وانفرد بالمٌت فً‬
‫مكان واحد فٌالها من صورة رمزٌة عجٌبة تفوق الوصؾ واالدراك البشري‬
‫المحدود لذلك القدوس واهب الحٌاة الذي قبل طابعا ًا ان ٌرتبط بنا نحن الخطاة‬
‫الذٌن كنا امواتا بالذنوب والخطاٌا فً نظر هللا‪.‬‬
‫وفً قول الكتاب عن الٌشع‬
‫(ثم صعد واضطجع فوق الصبً ووضع فمه وعٌنٌه على عٌنٌه وٌدٌه على‬
‫ٌدٌه وتمدد علٌه‪)...‬‬
‫وهنا نجد الصورة الرمزٌة البن هللا المبارك الذي اخلى نفسه واخذ صورة‬
‫العبد ( االنسان الكامل ) وهذه الصورة ال ٌستطٌع العقل المحدود ان ٌدركها ‪.‬‬
‫وان كان فً هذا المشهد تقرٌبا رمزاًا فلو أننا تؤملنا كٌؾ ان الٌشع الشٌخ‬
‫المسن وقد صعد فوق جسد الصبً الصؽٌر المٌت‪.‬‬
‫انه لو صعد فوقه وهو حً فان جسده الصؽٌر الضعٌؾ ال ٌحتمل ثقل جسد‬
‫الٌشع الشٌخ فكٌؾ ٌصعد فوقه بعد أن فارقته الحٌاة ثم بهذه الصورة مع‬
‫الصبلة تعود للصبً الحٌاة‪.‬‬
‫ان ربنا المبارك قد قدم نفسه ووضع نفسه وبذل نفسه ألجلنا فوق الصلٌب‬
‫وبذلك أخذ عقوبتنا وحمل وزر خطاٌانا ومات الجلنا فاعطانا بموته الحٌاة ‪.‬‬
‫واباد بموته ذلك الذي له سلطان الموت حسب قول الكتاب كما نبلحظ انه‬
‫بتمدد الٌشع بهذه الصورة متحدا بالؽبلم سخن جسده‪.‬‬
‫وهً ترمز لعمل هللا فً القلب بالروح القدس حٌنما ٌوبخ االنسان الخاطا‬
‫على خطاٌاه وٌقود ه إلً الصلٌب ولكن ٌذكر لنا الوحً المقدس العجٌب ان‬
‫الٌشع كان ٌتردد متمشٌا فً البٌت تارة إلً هنا وتارة إلً هناك‪.‬‬
‫كما أن الصبً عطس سبع مرات ثم فتح عٌنٌه‪.‬‬

‫‪-117-‬‬
‫والرقم سبعة فً الكتاب المقدس ٌشٌر إلً الكمال والكمال ال ٌوجد إال فً‬
‫القدوس الكامل وفً كفاٌة عمله الكامل ع لى الصلٌب والذي كتب عنه انه اسلم‬
‫الروح قال مناجٌا األب‪:‬‬
‫رأس وأسلم الروح ) ( ٌو ‪) ٖٓ : ٔ9‬‬
‫(‪ ..‬قد أكمل‪ .‬ونكس ه‬
‫أي أن كل ما كتب عنً وكل ما أتٌت الجله وكل ما ٌوفى اآلب حقه وٌرد له‬
‫المجد المسلوب الذي سلبه آدم ونسله بالخطٌة قد عاد لصاحبه وان العدل‬
‫االلهً قد استوفى كل حقه وان خبلص االنسان صار خبلصا ًا تاما وكامبل فقد‬
‫اكمل بهذا كل ما ٌلزم لخبلصنا‪.‬‬
‫ولكً تكتمل الؽاٌة من هذا الكتاب وتتضح الصورة أمام القارئ العزٌز‬
‫فسوؾ نتحدث عن االٌمان المسٌحً بما تعنٌه المسٌحٌة‪.‬‬

‫(ٕ) االٌمان المسٌحً‬


‫قال القدٌس اوؼسطٌنوس ‪:‬‬
‫ؼٌر المسٌحٌة تقول لبلنسان اعقل لكً تإمن فاهلل عرفوه بالعقل واما‬
‫المسٌحٌة فتقول آمن لكً تعقل فاهلل معروؾ بالقلب قبل العقل‪.‬‬
‫فالعقل البشري محدود وال ٌستطٌع بمحدودٌته أن ٌدرك فكر هللا وتدبٌراته‬
‫ؼٌر المحدودة أو أن ٌدرك ذات هللا ؼٌر المحدود فمن أٌن للمخلوق القاصر‬
‫العاجز ان ٌدرك ذات هللا ؼٌر المحدود لذلك ٌقول الكتاب ‪ ( :‬االنسان الطبٌعً‬
‫ال ٌقبل ما لروح هللا ألنه عنده جهالة) ( ٔكو ٕ‪)ٔٗ :‬‬
‫وٌقول أٌضا ‪:‬‬
‫( ولٌس احد ٌقدر أن ٌقول ٌسوع رب اال بالروح القدوس ) ( اكؤٕ‪)ٖ :‬‬
‫وٌقول الرسول بولس‬
‫( وباالجماع عظٌم هو سر التقوى هللا ظهر فً الجسد‪ ( )..‬اتً ٖ‪)ٔٙ :‬‬
‫نعم انه سر عظٌم كشفه هللا بالروح القدس لبلنسان المحدود ألن حقٌقة‬
‫عظمى كهذه ال ٌمكن لبلنسان بذاته ان ٌدرك سموها ‪ .‬فمن اٌن لبلنسان ان‬
‫ٌدرك حقٌقة كون هللا العظٌم ٌتجسد وٌؤخذ صورة العبد ( االنسان ) وٌجتاز‬
‫لً صلٌب العار إلً القبر‬ ‫فً أرضنا برحلة تبدأ من مزود االبقار إ‬
‫المستعارهذه كلها امور ٌصعب علٌنا ادراكها بمحدودٌة عقولنا الضعٌفة ما لم‬
‫ٌكشفها لنا روح هللا‪.‬‬

‫‪-118-‬‬
‫وروح هللا ( الروح القدس ) ٌوضح لنا من خبلل كلمة هللا ان هذا االٌمان‬
‫بدوره ٌنقسم إلى ثبلث درجات هً ‪ :‬اٌمان الخبلص ‪ ،‬واٌمان التعلٌم ‪ ،‬واٌمان‬
‫الثقة ولكن بدون اٌمان الخبلص ال ٌحصل االنسان على اٌمان التعلٌم وال على‬
‫اٌمان الثقة وسوؾ نتحدث عن اٌمان الخبلص بوضوح قدر المستطاع وعن‬
‫اٌمان التعلٌم ‪ ،‬أما اٌمان الثقة فهذا هو االٌمان الذي تحدثنا عنه فً حٌاة‬
‫الشونمٌة وؼٌرها من أوالد هللا من خبلل كل ما احتواه و ما طواه هذا الكتاب‬
‫من صور رابعة لحٌاة عملٌة معبرة عن عظمة الثقة فً هللا عبر رحلة الحٌاة‪.‬‬

‫(ٔ) اٌمان الخبلص‬


‫هو االٌمان الذي ٌجعل الخاطا االثٌم ٌثق من كل قلبه ان فً موت المسٌح‬
‫على الصلٌب كل الكفاٌة لخبلص نفسه ‪ ،‬وهو ببساطة ثقة شدٌدة فً قلب‬
‫االنسان بؤن المسٌح تبارك اسمه قد جاء من السماء وأخذ صورة االنسان‬
‫وصلب على خشبه الصلٌب ألجل خبلصه ومات وقُبر وقام الجل تبرٌره‪.‬‬
‫وهو ثقة كاملة بنعمة هللا فالنعمة هً العطٌة العظمى لمن ال ٌستحق وأولى‬
‫خطوات هذا االٌمان هو الشعور بثقل الخطاٌا والمذنوبٌة الرهٌبة امام هللا‬
‫وهً إحساس الخاطا بثقل الدٌنونة الرهٌبة والطرح فً الجحٌم الذي ٌنتظره‬
‫بعد نهاٌة الحٌاة‪.‬‬
‫وٌذكر لنا السٌد تبارك اسمه مثل الفرٌسً والعشار اللذان صعدا إلً الهٌكل‬
‫لٌصلٌا ‪:‬‬
‫ووقؾ الفرٌسً فً كبرٌاء وؼرور امام هللا مصلٌا وقاببل‪:‬‬
‫(‪ ..‬اللهم أنا اشكرك انً لست مثل باقً الناس الخاط فٌن الظالمٌن الزناة وال‬
‫مثل هذا العشار‪ .‬أصوم مرتٌن فً االسبوع وأعشر كل ما أقتنٌه ) ( لو ‪:ٔ8‬‬
‫ٔٔ)‬
‫بٌنما وقؾ العشار خاشعا منكسرا واحنى رأسه واؼمض عٌنٌه وهو ال ٌشاء‬
‫ان ٌرفع عٌنٌه نحو السماء ( وأما العشار فوقؾ من بعٌد ال ٌشاء أن ٌرفع‬
‫عٌنٌه نحو السماء بل قرع علىصدره قاببل اللهم ارحمنى أنا الخاطا) ( لو ‪:ٔ8‬‬
‫ٖٔ)‬
‫وٌقول الرب‬

‫‪-119-‬‬
‫( اقول لكم ان هذا نزل إلى بٌته مبرراًا دون ذاك‪ .‬الن من ٌرفع نفسه ٌتضع‬
‫ومن ٌضع نفسه ٌرتفع ) ( لو ‪)ٔٗ :ٔ8‬‬
‫فالعشار شعر بثقل خطاٌاه وذنوبه أمام هللا وكم كان حزٌنا ونادما فلم ٌستطٌع‬
‫ان ٌرفع عٌنٌه خجبل وتذلبل وأحنى الرأس منكسرا وطلب الؽفران فقبله هللا‬
‫آلن هللا ال ٌرٌد منه أكثر من ذلك‪.‬‬
‫فبل علٌك عزٌزى القارئ الذي لم ٌتمتع بعد بالؽفران سوى ان تحنى ركبتٌك‬
‫ورأسك وتؽمض عٌنٌك وترفع قلبك معترفا بذنبك نادما على خطاٌاك وتطلب‬
‫الؽفران ممن فداك فقد أتً المسٌح خصٌصا الجلك‪.‬‬
‫قد ترك عرشه المجٌد فً السماء وجاء إلى أرضنا محتمل العناء وقاسً كل‬
‫آالم الصلٌب الجلى والجلك انه قدوس بار لم ٌفعل خطٌه ولم ٌعرؾ خطٌه‬
‫ولٌس فً فمه ؼش وقد تم فٌه قول الكتاب ‪ ( -:‬ألنه جعل الذي لم ٌعرؾ‬
‫خطٌة‪.‬خطٌه الجلنا لنصٌر نحن بر هللا فٌه )(ٕكو٘‪.)ٖٔ :‬‬
‫انه الجلى والجلك والجل كل خاطا ٌإمن به وضع نفسه واخلى نفسه وقدم‬
‫نفسه وبذل نفسه وصنع بنفسه تطهٌراًا لخطاٌانا وتبارك اسمه الذي قال عن‬
‫نفسه‪:‬‬
‫ًا‬
‫(‪..‬النً لم آت الدعو ابرارا بل خطؤه إلً التوبة) ( مت ‪)ٖٔ : 9‬‬
‫(‪ ...‬الٌحتاج االصحاء إلً طبٌب بل المرضى) ( مت ‪)ٕٔ :9‬‬
‫وهو وحده الذي قدم نفسه طابعا ًا لكً ٌموت عن الخطاة الفجار حسب قول‬
‫الكتاب المقدس ‪:‬‬
‫( الن المسٌح إذا كنا بعد ضعفاء مات فً الوقت المعٌن ألجل الفجار ) (رو‬
‫٘‪)ٙ :‬‬
‫ان فً االٌمان بعمله أعظم رجاء الشر الخطاة ( ألن ابن االنسان قد جاء لكً‬
‫ٌطلب وٌخلص ما قد هلك)( لو ‪.)ٔٓ :ٔ9‬‬
‫فان كنت فاجرا فؤنت المطلوب عند ذلك القدوس المصلوب لقد حكم علٌك بالموت‬
‫حبا بك‬
‫االبدي والهبلك االبدي ولكنه اتً لخبلصك وتحمل الصلٌب وآالمه ‪.‬‬
‫لقد احبك ٌا عزٌزى حبا عجٌبا ال ٌمكننً أن أصفه لك مهما كانت كلماتً‬
‫وٌعجز عقلى عقلك عن ادراك مداه وابعاده لقد احبك واحب كل الخطاة امثالك‬

‫‪-120-‬‬
‫ممن ٌلجؤون إلٌه لقد تحدث أحد الشباب عن كٌفٌة عمل المسٌح فً قلبه لنوال‬
‫(‪)1‬‬
‫الؽفران فقال‬
‫كنت اعتقد ان الشمس فً سمابً قد حجبتها سحب قاتمة فقد اخطؤت كثٌرا‬
‫الى هللا ولم ٌعد امامً رجاء لقد صلٌت كثٌرا والرب ٌعلم كٌؾ صلٌت ‪ .‬قرأت‬
‫الكتاب المقدس وكنت أتؤمل فً كثٌر من المواعٌد االلهٌة واالمتٌازات التً‬
‫للمإمنٌن ‪ ،‬ولكنً كنت متٌقنا انها لٌست لمثلً ‪ ،‬لقد نشؤت فً ببلد مسٌحٌة ‪،‬‬
‫وتربٌت فً بٌت مسٌحً ‪ ،‬ولكن مع هذا كله لم اكن قد تذوقت نعمة الخبلص‪.‬‬
‫لقد ترددت على كثٌر من أماكن العبادة فً بلدتً ‪ ،‬ولكنً لم اسمع بشارة‬
‫االنجٌل بالكٌفٌة وبالبساطة التً تقودنً الى الفادي والمخلص ‪ .‬فمثبل كنت‬
‫اسمع عظات عن القوة االلهٌة ‪ .‬ومع انً كنت اسمعها بسرور لكن ماذا كانت‬
‫تجدي النسان خاطا مسكٌن ٌرٌد ان ٌعرؾ طرٌق الخبلص ؟‬
‫النسان مثلً‬
‫؟‬ ‫ولكن ماذا كانت تجدي بالنسبة‬
‫وصاٌا هللا‬
‫وسمعت عظات اخرى عن حفظ ‪.‬‬
‫واخٌرا تذكرت القول ‪:‬‬
‫( امن بالرب ٌسوع المسٌح فتخلص‪( ) ....‬اع ‪.)ٖٔ : ٔٙ‬‬
‫ولكن لم اكن اعرؾ كٌؾ اإمن ‪ ،‬وكنت سؤظل على هذه الحالة من الظبلم‬
‫والٌؤس لوال عناٌة هللا التً اعترضت طرٌقً وقادتنً الى التقابل مع المخلص‬
‫العظٌم‪.‬‬
‫ففً صباح ٌوم أحد ‪ ،‬بٌنما كنت فً طرٌقً الى بٌت هللا ‪ ،‬ارسل هللا عاصفة‬
‫ثلجٌة قاسٌة جعلتنً ال استطٌع مواصلة السٌر ‪ ،‬واذ قفلت راجعا وصلت فً‬
‫سٌري الى اجتماع صؽٌر كان ٌجتمع فٌه ما ٌقرب من خمسة عشر شخصا ‪.‬‬
‫وفً ذلك الٌوم لم ٌحضر الواعظ اذ اعاقته الثلوج عن الحضور ‪ .‬وتقدم الى‬
‫المنبر رجل بسٌط كان فً الؽالب اسكافٌا او حابك مبلبس وفتح الكتاب وقرأ ‪:‬‬
‫االرض (اش٘ٗ‪.)ٕٕ:‬‬
‫)‬ ‫(التفتوا الًّ واخلصوا ٌا جمٌع اقاصً‬
‫واستمر ٌكرر هذه اآلٌة اذا كان عامٌا وؼالبا لم ٌكن لدٌه ما ٌستطٌع ان‬
‫ٌقوله اكثر من ذلك ‪ .‬بدا لً فً الحال شعاع من رجاء ‪ .‬ثم ابتدأ الرجل ٌتحدث‬
‫قاببل( ٌا أعزابً إنها عبار ة ؼاٌة فً البساطة ‪ ،‬انها تقول التفتوا ‪ ،‬وااللتفات‬
‫ال ٌكلؾ مجهودا ‪ ،‬انه ال ٌكلفكم رفع الٌد او الرجل ولكن مجرد نظرة فقط ‪.‬‬

‫(‪ )1‬وردت بمجلة المراعي الخضراء العدد الصادر في مايو ‪ 1992‬صـ ‪98، 97‬‬
‫‪-121-‬‬
‫االمر ال ٌحتاج الى الذهاب الى احدى الكلٌات ‪ ،‬وال ٌحتاج الى بلوغ سن‬
‫معٌنة ‪ ،‬كل واحد ٌمكنه ان ٌلتفت ‪ .‬المتعلم كما الجاهل ‪ .‬الطفل كما الشٌخ ‪ .‬ان‬
‫بعضا منكم ٌلتفتون الى انفسهم ‪ .‬ولكن ال فابدة لبلنسان من التفاته الى نفسه‬
‫النه لن ٌجد فٌها راحة ان المسٌح ٌقول ‪ " :‬التفتوا الًّ … "‬
‫‪ ‬التفتوا الًّ … اننً مت من اجلكم‪.‬‬
‫‪ ‬التفتوا الًّ … اننً قمت من االموات وصعدت الى السموات‪.‬‬
‫‪ ‬التفتوا الًّ … اننً جالس فً ٌمٌن العظمة‪.‬‬
‫‪ ‬التفتوا الًّ … التفتوا الًّ ‪.‬‬
‫ثم التفت الرجل من فوق المنبر وكان كبلمه موجها الًّ وقال (اٌها الشاب‬
‫انك تبدوا كبٌبا‪ ،‬وستستمر كبٌبا‪ ،‬وستستمر طوال حٌاتك تعٌسا ان كنت ال‬
‫تطٌع صوت هللا لك‪ .‬أما إن اطعت االن وفً هذه اللحظة فانك ستخلص)‪.‬‬
‫ثم صاح قاببل ( أٌها الشاب التفت إلً ٌسوع المسٌح الذي مات ألجلك وكتب‬
‫لك بدمه وثٌقة الؽفران ) وعندبذ التفت باإلٌمان ( إٌمان الخبلص ) إلً الرب‬
‫ٌسوع وسلمته حٌاتً ومنذ ذلك الحٌن انقشعت السحب من حٌاتً ولما وقفنا‬
‫للترنٌم كنت أكثر الحاضرٌن حماسا ًا وابتهاجا ًا إذ تهلل قلبً بخبلص الرب‬
‫العجٌب الذي أعلنه فً بساطة اإلٌمان بااللتفات إلً الرب ٌسوع وحده‪.‬‬
‫إنها ببل شك حادثة مدبرة تدبٌراًا حكٌما ًا ومرتبة ترتٌبا عجٌبا اما هذا الشاب‬
‫الذي قاده روح هللا للخبلص فهو تشارلً سبرجن الذي اطلق علٌه فٌما بعد‬
‫لقب امٌر الوعاظ فقد كانت شهادته للمسٌح سببا فً خبلص آالؾ ال نفوس‬
‫التً اتت الى المسٌح المخلص تبارك اسمه‪.‬‬
‫الرب ٌسوع ٌنادي كل الخطاة المثقلٌن بحمل الخطٌة قاببل ‪:‬‬
‫) ( مت ٔٔ‬ ‫( تعالوا الًّ ٌا جمٌع المتعبٌن والثقٌلً االحمال وانا ارٌحكم‬
‫‪ .) ٕ8:‬نعم ما اثقل الخطٌة ٌا عزٌزي وما اثقل الشعور بالذنب لكن ما اعظم‬
‫المسٌح وما اعظم عمله معنا وما اعظم حبه وما اعظم خبلصه الذي اعده لك‪.‬‬
‫الخبلص بالمسٌح وعلى اساس النعمة‬
‫النعمة هً العطٌة العظمى المجانٌة المقدمة لمن ال ٌستحقها وهً التً ال‬
‫ٌستطٌع ان ٌدركها إال من اختبرها انها احسان عجٌب ألناس مثلً ال‬
‫ٌستحقون االحسان فانا وانت ال نستحق لكنه اع طانا هذا االحسان بحسب‬
‫عظمة حبه لنا‪.‬‬
‫‪-122-‬‬
‫لقد احبنا فضبل ودون أي استحقاق فً ذواتنا وجاء من السماء متجسدا واسلم‬
‫نفسه الجلنا حسب قول الكتاب ‪:‬‬
‫( متبررٌن مجانا بنعمته بالفداء الذي بٌسوع المسٌح ) ( رو ٖ ‪.) ٕٗ :‬‬
‫( ألنكم بالنعمة مخلصون باالٌمان وذلك لٌس منكم هو عطٌة هللا ) ( اؾ ٕ ‪:‬‬
‫‪.) 8‬‬
‫( لٌس من اعمال كٌبل ٌفتخر احد ) ( اؾ ٕ ‪.) 9 :‬‬
‫( إذا نحسب ان االنسان ٌتبرر باالٌمان بدون اعمال الناموس ) ( رو ٖ ‪ٕ8 :‬‬
‫)‬
‫ان الخبلص عطٌة مجانٌة من هللا على اساس النعمة والرحمة وال فضل الي‬
‫انسان فٌها حسب قول هللا ( الجمٌع زاؼوا وفسدوا معا‪ .‬لٌس من ٌعمل صبلحا‬
‫لٌس وال واحد ) ( رو ٖ ‪.) ٖٔ :‬‬
‫(ان هللا كان فً المسٌح مصالحا العالم لنفسه ؼٌر حاسب لهم خطاٌاهم ) ( ٕ‬
‫كو ٘ ‪.) ٔ9 :‬‬
‫( اذا ان كان احد فً المسٌح فهو خلٌقة جدٌدة ‪ .‬االشٌاء العتٌقة قد مضت‬
‫هوذا الكل قد صار جدٌدا ) (ٕ كو ٘ ‪.)ٔ7 :‬‬
‫( الن ابن االنسان قد جاء لكً ٌطلب وٌخلص ما قد هلك ) ( لو ‪ٔٓ : ٔ9‬‬
‫)‪.‬‬
‫ان كل البشرٌة ببل استثناء اخطؤت وسقطت فً الخطٌة منذ ان سقط ادم‬
‫ابونا االول وصدر الحكم على جمٌع الناس بالموت االبدي‪.‬‬
‫( من اجل ذلك كؤنما بانسان واحد دخلت الخطٌة الى العالم وبالخطٌة الموت‬
‫وهكذا اجتاز الموت الى جم ٌع الناس اذ اخطؤ الجمٌع ) ( رو ٘ ‪ .) ٕٕ :‬ولكن‬
‫من ٌاتً الى المخلص ٌنال الخبلص من ثبلثة اشٌاء هً ‪- :‬‬
‫(‪ )1‬الخبلص من دٌنونة الخطٌة ‪:‬‬
‫(اذا ال شًء من الدٌنونة االن على الذٌن هم فً المسٌح ٌسوع)(رو ‪) ٔ : 8‬‬
‫(الن اجرة الخطٌة هً موت وأما هبة هللا فهً حٌاة ابدٌة بالمس ٌح ٌسوع‬
‫ربنا)(رو‪.)ٖٙ:ٙ‬‬
‫(‪ )2‬الخبلص من سٌادة وسلطان الخطٌة ‪:‬‬
‫ٌقول الرسول بولس بالروح القدس ‪:‬‬

‫‪-123-‬‬
‫(فإن الخطٌة لن تسودكم ألنكم لستم تحت الناموس بل تحت النعمة ) ( رو ‪: ٙ‬‬
‫ٗٔ )‪.‬‬
‫(النه ان كنا ونحن اعداء قد صولحنا مع هللا بموت ابنه فباالولى كثٌرا ونحن‬
‫مصالحون نخلص بحٌاته) (رو٘‪.)ٔٓ:‬‬
‫(‪ )3‬الخبلص من جسد الخطٌة ‪:‬‬
‫(فان خبلصنا االن اقرب مما كان حٌن آمنا قد تناهى اللٌل وتقارب النهار )‬
‫(رؤٖ‪ٔٔ:‬ؤٕ)‪ .‬هذا ما نترجاه بنعمة هللا عند مجًء ربنا من السماء‪.‬‬
‫الخبلص من دٌنونة الخطٌة ‪:‬‬
‫خبلص اللص المصلوب مع الرب‬
‫إتماما للنبوات التً وردت عن الفادي المبارك فقد صلب تبارك اسمه مع‬
‫لصٌن حسب قول هللا ( فتم الكتاب القابل واحصً مع اثمه ) ( مز ٘ٔ ‪ٕ8 :‬‬
‫)‪.‬‬
‫وفً بداٌة الصلب كان اللصان ٌعٌرانه (انظر مت ‪ ( ، )ٗٗ : ٕ7‬مر ٘ٔ ‪:‬‬
‫ٕٖ )‪.‬‬
‫ولكن بعد لحظات انتهر احد اللصٌن االخر قاببل حسبما جاء بانجٌل لوقا ‪:‬‬
‫(فاجاب االخر وانتهره قاببل اوال انت تخاؾ هللا اذ انت تحت هذا الحكم بعٌنه‬
‫اما نحن فبعدل الننا ننال استحقاق ما فعلناه ‪ .‬واما هذا فلم ٌفعل شٌبا لٌس فً‬
‫محله) (لوٖٕ‪ٗٓ:‬ؤٗ)‬
‫وٌا لها من كلمات ان دلت على شًء فانها تدل على العرفان بكمال وقداسة‬
‫الرب ٌسوع‪ .‬وال شك ان الروح القدس هو الذ ي قاد هذا االنسان المجرم االثٌم‬
‫لٌعرؾ تلك المعرفة وٌرى تلك الحقٌقة التً ٌعمى عنها ؼٌر المإمنٌن ‪ .‬فعلى‬
‫الرؼم من ان الرب ٌسوع مصلوب بجواره اال ان اللص علم انه قدوس ‪.‬بار‬
‫ان اللص رأي عظمة وكماالت السٌد العظٌم رؼم انه كان ٌبدو للعٌن العادٌة‬
‫وبحسب المنطق البشري ؾ ي اشد لحظات الضعؾ وهو ٌتحمل االهانات‬
‫والتعٌٌرات من البشر‪ .‬ولكن هذا ما اعلنه روح هللا لذلك الخاطا ‪ .‬كما جعله‬
‫ٌرى نفسه من هو فرأى نفسه انه ٌستحق العقاب والعذاب والطرح بعد ذلك‬
‫فً جهنم النار‪.‬‬
‫هذه حقا خطوات التوبة الصادقة المإدٌة للخبلص فنطق قاببل للرب ٌسوع ‪:‬‬
‫( اذكرنً ٌا رب متى جبت فً ملكوتك ) ( لو ٖٕ ‪.) ٖٗ :‬‬

‫‪-124-‬‬
‫وٌا لها من كلمات عجٌبة تصدر من لص ‪ ،‬مجرم ‪ ،‬فاجر ولكنه عرؾ ان‬
‫هذا المصلوب ( هو هللا ) وال شك ان روح هللا هو الذي قاده لٌصرخ تلك‬
‫الصرخة حسب قول الكتاب ‪:‬‬
‫( الذي لنا فٌه الفداء بدمه ؼفران الخطاٌا ) (كو ٔ ‪.)ٔٗ :‬‬
‫لقد قالها بعد ان علم فً قلبه ان هذا القدوس المصلوب بجواره لٌس مجرد‬
‫بولس‬
‫انسان بل هو هللا الظاهر فً الجسد وكؤن لسان حاله ٌقول مع الرسول ‪:‬‬
‫( فانه فٌه ٌحل كل ملء البلهوت جسدٌا ) ( كو ٕ ‪.) 9 :‬‬
‫لقد رفع اللص قلبه فلم ٌكن فً امكانه ان ٌرفع ٌده الن ٌداه سمرتا بالص لٌب‬
‫وقد رأى الرب ٌسوع المسٌح صدق قول هذا اللص وعرؾ ما فً قلبه النه‬
‫فاحص القلوب‪ .‬وقد تم فً هذا اللص قول الكتاب المقدس‪:‬‬
‫(كل من ٌدعو باسم الرب ٌخلص) ( رو ٓٔ ‪.) ٖٔ :‬‬
‫(ال ٌهلك كل من ٌإمن به بل تكون له الحٌوة االبدٌة )( ٌو ٖ ‪.) ٔٙ :‬‬
‫(الن القلب ٌإمن به للبر والفم ٌعترؾ به للخبلص ) (رو ٓٔ ‪.) ٔٓ :‬‬
‫(الن الكتاب ٌقول كل من ٌإمن به ال ٌخزى )( روٓٔ ‪.) ٔٔ :‬‬
‫ولهذا جاءه جواب المخلص على الفور قاببل ‪:‬‬
‫(الحق اقول لك انك الٌوم تكون معً فً الفردوس) ( لو ٖٕ ‪.) ٕٗ :‬‬
‫لقد اتت االجابة لذلك اللص كافٌة وشافٌة ووافٌة لكل خطاٌاه فصار م بررا‬
‫وطاهرا امام هللا حسب قول الكتاب المقدس ‪:‬‬
‫(النك ان اعترفت بفمك بالرب ٌسوع وامنت بقلبك ان هللا اقامه من االموات‬
‫خلصت) (روٓٔ‪.)9:‬‬
‫لقد ذهب اللص الى الفردوس فً الحال النه آمن بقلبه بالرب ٌسوع‬
‫واعترؾ بفمه لقد دخل الفردوس على اساس نعمة هللا‪.‬‬
‫لقد دخل الفردوس رافعا رأسه النه لم ٌكن بصحبة بطرس او ٌعقوب او‬
‫ؼٌره من المإمنٌن بل كان بصحبة المسٌح نفسه صاحب الفردوس‪.‬‬
‫طوبى لذلك اللص الذي ؼمرته نعمة هللا‪.‬‬
‫لقد قال احدهم ‪:‬‬
‫( ان اخطر مجرم له اعظم رجاء على اساس نعمة هللا اذا ما جاء تاببا بكل‬
‫قلبه لمن بذل نفسه من اجل اشر الخطاة )‪.‬‬
‫قال احد االتقٌاء‪( :‬حٌنما اصل للسماء سوؾ ارى ثبلث عجابب)‪:‬‬

‫‪-125-‬‬
‫االولى ‪ :‬اننً سؤشاهد اشخاصا لم اكن اتوقع ان اراهم هناك‪.‬‬
‫الثانٌة ‪ :‬هً انً لن ارى كثٌرٌن ممن كنت اتوقع ان اراهم هناك‪.‬‬
‫الثالثة ‪ :‬هً انً ساكون هناك ضمن الجماهٌر المفدٌٌن بدم المسٌح هذا طبعا‬
‫على اساس نعمة هللا الؽنٌة المجانٌة وحدها‪.‬‬
‫نعم ان اٌمان الخبلص الذي بواسطته ٌتبرر الفاجر وٌنخلع من نسبته الدم‬
‫الساقط المحكوم علٌه بالموت وٌنتسب الدم االخٌر الرب ٌسوع المسٌح تبارك‬
‫اسمه الذي ٌعتبر رأس الخلٌقة الجدٌدة ‪ .‬ولذلك ٌقول الرسول بولس بروح هللا‬
‫الى المإمنٌن فً رومٌة ‪:‬‬
‫( فاذاًا كما بخطٌة واحدة صار الحكم الى جمٌع الناس للدٌنونة هكذا ببر واحد‬
‫صارت الهبة الى جمٌع الناس لتبرٌر الحٌاة ‪ .‬النه كما بمعصٌة االنسان الواحد‬
‫)(‬ ‫جعل الكثٌرون خطاة هكذا اٌضا باطاعة الواحد ٌجعل الكثٌرون ابرارا‬
‫رو ٘ ‪.) ٔ9 ، ٔ8 :‬‬
‫الن ابٌنا ادم حٌن اخطؤ الى هللا طرد من جنة عدن وحكم علٌه بالموت‬
‫االبدي وهكذا صار الحكم الى جمٌع نسل ادم الن الجمٌع اخطاإا وورثوا‬
‫الحكم بالدٌنونة اٌضا ‪ .‬ولكن بمجًء مخلصنا وإتمام عمله الجلنا صارت لنا‬
‫الحٌاة االبدٌة بدال من الموت حٌث اصبح بر المسٌح ذاته محسوبا لنا الن‬
‫موته كان نٌابة عنا وهذا هو اساس بر المإمن واساس العٌشة فً حٌاة القداسة‬
‫واعتبار ان المإمن قد مات عن الخطٌة بموت المسٌح وقام الجل البر فً‬
‫شخص المسٌح‪.‬‬
‫(‪ )1‬الخبلص بالمسٌح ابن هللا وحده ال سواه ‪:‬‬
‫وٌقول لنا الروح القدس ‪:‬‬
‫( فاذ قد تبررنا باالٌمان لنا سبلم مع هللا بربنا ٌسوع المسٌح)( رو ٘ ‪.) ٔ :‬‬
‫ان الطرٌق الوحٌد للخبلص من ثقل الخطٌة ومن الدٌنونة االبدٌة الرهٌبة هو‬
‫شخص ربنا ٌسوع المسٌح واالٌمان به كمخلص فادي شخصً لكل نفس النه‬
‫مكتوب ‪:‬‬
‫( من له االبن فله الحٌاة ومن لٌس له ابن هللا فلٌست له الحٌاة ) ( ٔ ٌو ٘ ‪:‬‬
‫ٕٔ )‪.‬‬
‫( الذي اسلم من اجل خطاٌانا واقٌم الجل تبرٌرنا ) ( رو ٗ ‪.) ٕ٘ :‬‬
‫وهو الذي قال عن نفسه ‪:‬‬

‫‪-126-‬‬
‫( ألٌس أنا الرب وال إله آخر ؼٌري ‪ .‬إله بار ومخلص لٌس سواي ) ( أش‬
‫٘ٗ ‪.) ٕٕ :‬‬
‫وهو المرموز له فً العهد القدٌم بالرموز والظبلل التً تكلمنا عن شخصه‬
‫وكماالته وكفاٌة عمله الكفاري الجلنا حسب قول هللا ‪:‬‬
‫(وهذه هً الشهادة ان هللا اعطانا حٌاة ابدٌة وهذه الحٌاة هً فً ابنه) ( ٔ ٌو‬
‫٘ ‪.) ٔٔ :‬‬
‫( ولٌس باحد ؼٌره الخبلص‪ .‬الن لٌس اسم اخر تحت السماء قد اعطً بٌن‬
‫الناس به ٌنبؽً ان نخلص ) ( أع ٗ ‪.) ٕٔ :‬‬
‫(‪ )2‬عظمة الخبلص ومداه‬
‫ان الخبلص الذي ٌهبه لنا ربنا ٌسوع المسٌح باالٌمان بشخصه وبكفاٌة عمله‬
‫خبلص تام وعجٌب وهذا الخبلص الذي نحصل علٌه باالٌمان اٌمان الخبلص‬
‫الذي بواسطته نحصل على الخبلص الشامل الذي ٌبدأ معنا منذ لحظة التوبة‬
‫والى أبد اآلبدٌن فهو خبلص ماضً وحاضر ومستقبل وٌمكن ان نقسمه الى‬
‫ثبلث درجات ‪:‬‬
‫‪- 1‬خبلص ماضً نلن اه ‪ :‬باالٌمان بكفاٌة عمل المسٌح على الصلٌب قد‬
‫ؼفرت كل خطاٌانا‪.‬‬
‫‪- 2‬خبلص حاضر نحٌاه ‪ :‬باالٌمان بشفاعة ابن هللا الجالس فً ٌمٌن العظمة‬
‫فً االعالً الجلنا‪.‬‬
‫‪- 3‬خبلص مستقبلً نترجاه ‪ :‬وهو الخبلص الذي نترجاه بمجًء مخلصنا‬
‫(‪)1‬‬
‫المبارك لخبلص اجسادنا‪.‬‬

‫(ٕ) اٌمان التعلٌم‬


‫سبق وذ كرت ان الشونمٌة علمت ان الٌشع رجل هللا مقدس وتحدثنا عن‬
‫الرموز والظبلل التً اشارت الى الرب ٌسوع المسٌح الذي هو محور‬
‫واساس كلمة هللا‪.‬‬
‫واالن اعود فاتحدث عن اٌمان التعلٌم ومعرفة الحق‪.‬‬
‫والحق هو شخص الرب نفسه‪.‬‬

‫(‪ )1‬للمزيد من المعرفة يمكن الرجوع الى كتاب االيمان المسيحي (ايمان الخالص) للمؤلفة ‪.‬‬
‫‪-127-‬‬
‫والحق اٌضا هو كلمة هللا‪.‬‬
‫وكما ان اٌمان الخبلص البد م نه لنوال الحٌاة االبدٌة والنجاة من الدٌنونة‬
‫الرهٌبة والموت االبدي بالطرح فً جهنم الى ابد اآلبدٌن حسب قول الرسول‬
‫ٌوحنا ‪:‬‬
‫الوحٌد‬
‫)‬ ‫(الذي ٌإمن به ال ٌدان والذي ال ٌإمن قد دٌن النه لم ٌإمن باسم ابن هللا‬
‫(ٌوٖ‪.)ٔ8:‬‬
‫فهناك حقٌقة هامة جدا انه بدون اٌمان الخبلص ال ي مكن لبلنسان ان ٌحصل‬
‫على اٌمان التعلٌم حسب قول الرب نفسه ‪:‬‬
‫( الذي من هللا ٌسمع كبلم هللا‪ٌ ( ) ...‬و ‪.) ٗ7 : 8‬‬
‫(ان احبنً احد ٌحفظ كبلمً وٌحبه ابً والٌه نؤتً وعنده نصنع منزال ) (ٌو‬
‫ٗٔ ‪.) ٕٖ :‬‬
‫والخبلص من هللا هو عطٌة وهبة مجانٌة ولكن التعلٌم مقدم لنا فً كلمة هللا‬
‫وعلٌنا كؤوالد هللا ان نسعى بالبحث والدراسة لمعرفة الحق الن هللا ٌرٌدنا ان‬
‫الصالحة‬
‫‪:‬‬ ‫نتعلم الحق حسب قول الرسول بولس لتٌموثاوس عن هللا وارادته‬
‫(الذي ٌرٌد ان جمٌع الناس ٌخلصون والى معرفة الحق ٌقبلون ) ( ٔ تً ٕ ‪:‬‬
‫ٗ )‪.‬‬
‫إن ارادة هللا الصالحة المرضٌة الكاملة ه ي خبلص الخطاة ومعرفتهم للحق‪.‬‬
‫(‪ )1‬كلمة هللا هً ٌنبوع الحٌاة‬
‫حسب قول الرب ٌسوع له المجد ‪:‬‬
‫( الحق الحق اقول لكم ان من ٌسمع كبلمً وٌإمن بالذي ارسلنً فله حٌاة‬
‫ابدٌة وال ٌؤتً الى دٌنونة بل قد انتقل من الموت الى الحٌاة )( ٌو ٘ ‪) ٕٗ :‬‬
‫فالخاطا ٌخلص بمعرفة وطاعة كلمة هللا حسب قول هللا ‪:‬‬
‫( اذا االٌمان بالخبر والخبر بكلمة هللا ) ( رو ٓٔ ‪.) ٔ7 :‬‬
‫وٌقول الرسول ٌوحنا ‪:‬‬
‫( وهذا هو الخبر الذي سمعناه منه ونخبركم به‪ٌ ٔ ( )..‬و ٔ ‪.) ٘ :‬‬
‫وقال الرب ٌسوع ‪:‬‬
‫( فتشوا الكتب ألنكم تظنون أن لكم فٌها حٌاة ) ( ٌو ٘ ‪)ٖ9 :‬‬
‫وٌقول المرنم ( ألن قولك احٌانً‪ ( )..‬مز ‪)٘ٓ :ٔٔ9‬‬
‫وٌقول الرسول ٌعقوب‬

‫‪-128-‬‬
‫( فاقبلوا بوداعة الكلمة المؽروسة القادرة أن تخلص نفوسكم) (ٌع ٔ‪)ٕٔ :‬‬
‫وقد ُخلص أوؼسطٌنوس لمجرد قراءته بعض اقوال هللا وٌقول الرسول‬
‫بولس بروح هللا لتٌموثاوس ‪:‬‬
‫(‪ ..‬متربٌا بكبلم االٌمان والتعلٌم الحسن الذي تتبعته) ( اتً ٗ‪)ٙ :‬‬
‫( الحظ نفسك والتعلٌم وداوم على ذلك إذا فعلت هذا تخلص نفسك والذٌن‬
‫ٌسمعونك اٌضا ) ( اتً ٗ‪.)ٔٙ :‬‬
‫( شاء فلولدنا بكلمة الحق لكً نكون باكورة من خبلبقه ) ( ٌع ٔ‪)ٔ8 :‬‬
‫األبد‬
‫(مولودٌن ثانٌة ال من زرع ٌفنً بل مما ال ٌفنً بكلمة هللا الحٌة الباقٌة إلى )‬
‫(ابط ٔ‪)ٕٖ :‬‬
‫كلمة هللا مشبهه بالماء الحً أو ماء الحٌاة لذلك أوصانا هللا قاببل ‪:‬‬
‫( ومن ٌعطش فلٌؤت ومن ٌرد فلٌؤخذ ماء حٌوة مجانا) (رإٕٕ‪)ٔ7 :‬‬
‫وفً حوار دار بٌن الرب ٌسوع المسٌح والمرأة السامرٌة التً قالت للرب‪:‬‬
‫منها هو وبنوه‬ ‫( ألعلك أعظم من ابٌنا ٌعقوب الذي أعطانا الببر وشرب‬
‫ومواشٌه) (ٌو ٗ‪ )ٕٔ :‬وكان جواب الرب لها‪:‬‬
‫(‪ ..‬كل من ٌشرب من هذا الماء ٌعطش أٌضا ) (ٌوٗ‪)ٖٔ :‬‬
‫أي أن كل ماء العالم سواء الماء الحرفً أو ما ٌرمز له ال ولن ٌروي ظمؤ‬
‫القلب البشري‪.‬‬
‫لذلك قال الرب للسامرٌة‪:‬‬
‫( ولكن من ٌشرب من الماء الذي أعطٌه أنا فلن ٌعطش إلً األبد ‪ .‬بل الماء‬
‫الذي اعطٌه ٌصٌر فٌه ٌنبوع ماء ٌنبع إلً حٌوه ابدٌة ) ( ٌوٗ‪)ٔٗ :‬‬
‫وٌنادي أشعٌاء النبً بروح هللا قاببل‪:‬‬
‫( اٌها العطاش جمٌعا هلموا إلً المٌاه‪ ( ) ...‬اش ٘٘‪)ٔ :‬‬
‫وكما انه البد من الماء الستمرار حٌاة النبات والحٌوان واالنسان على‬
‫األرض فكذلك البد من كلمة هللا التً هً أساس نجاة الخطاة النه بواسطتها‬
‫ٌتعرفون على الرب وبها ٌنمون فً النعمة وفً معرفة ربنا ٌسوع المسٌح من‬
‫ٌوم إلً ٌوم‪.‬‬
‫ٌحكً أن احد موزعً الكتاب المقدس عرض علً احدى العاببلت فً‬
‫فرنسا نسخة من الكتاب المقدس كهدٌة مجانا فقبله رب العابلة وشكر ه‪ .‬ولكن‬

‫‪-129-‬‬
‫سرعان ما أخرج ؼلٌونه وانتزع من الكتاب بعض األوراق واستخدمها فً‬
‫اشعال سٌجارته فذهب الموزع حزٌنا ًا‪.‬‬
‫وبعد سنٌن عاد الموزع إلى هذه المنطقة وزار نفس العابلة بعد أن عرؾ أن‬
‫االبن الوحٌد لهذه االسرة قد مات فً الحرب وارسلت خصوصٌاته لتلك‬
‫األسرة والحظ الضٌؾ ان الكتاب المقدس الذي استعمله رب هذه االسرة فً‬
‫اشعال ؼلٌونه موجودا بٌن خصوصٌات االبن المتوفى فتناول الكتاب وفتحه‬
‫‪ :‬لقد احتقرت كلمة هللا فً البداٌة‬ ‫واذا على الؽبلؾ من الداخل مكتوب‬
‫وسخرت منها ولكنى اخٌراًا امنت بها ‪ ،‬وبواسطتها نلت خبلصً‪.‬‬
‫وهناك قصة أخرى تروى عن أحد الجنود الذٌن كانوا مع صدٌقهم المإمن‬
‫فً القطار وكان الصدٌق ٌقرأ الكتاب المقدس فسخر منه الزمبلء وضحكوا‬
‫حٌن امتدت ٌد أحدهم وقذفت بالكتاب المقدس الذي فً ٌد الجندى الورع وثار‬
‫الجندى فً اعماقه ولكنه تذكر قول معلمه العظٌم ( آلنً ودٌع ومتواضع‬
‫القلب ) ( مت ٔٔ‪ )ٕ9 :‬فحزن والذ بالصمت‪.‬‬
‫ولم تمضً اٌام حتى تسلم الجندى كتابه المقدس مع رسالة من احد عمال‬
‫السكة الحدٌد ٌقول فٌها لقد وجدت كتابك المقدس بٌن خطوط السكة‬
‫الحدٌد‪.‬وعندما قرأته التقٌت بالمسٌح الذي خلصنً من خطاٌاي بدمه الثمٌن‬
‫واعطانً الحٌاة االبدٌة ‪ .‬وعندبذ ادرك الجند ي لماذا سمح هللا بان ٌفترق عن‬
‫كتابه المقدس تلك االٌام القبلبل وفهم ان الشٌطان الذي اثار علٌه زوبعة‬
‫االشرار قد تكبد هزٌمة كبرى‪.‬‬
‫لقد قال الرب ‪:‬‬
‫( امٌلوا آذانكم وهلموا إلً‪ .‬اسمعوا فتحٌا انفسكم‪ ( )..‬اش ٘٘‪)ٖ :‬‬
‫وكما انه البد من الماء لبداٌة الحٌاة للنبات واستمر اره والستمرار الحٌاة لكل‬
‫الكابنات فكذلك كلمة هللا هً اساس النجاة للخاطا فبواسطتها ٌعرؾ الرب‬
‫ٌوم‬
‫وبواسطتها ٌنمو فً النعمة وفً معرفة ربنا ٌسوع المسٌح من ٌوم إلً ‪.‬‬
‫لذلك ٌقول الرب عن كلمته ‪:‬‬
‫( ألنه كما ٌنزل المطر والثلج من السماء وال ٌرجعان إلً هناك بل ٌروٌان‬
‫األرض وٌجعبلنها تلد وتنبت وتعطً زرعا للزراع وخبزاًا لآلكل ‪ .‬هكذا تكون‬
‫كلمتى التً تخرج من فمً‪ .‬ال ترجع إلً فارؼة بل تعمل ما سررت به وتنجح‬
‫فً ما أرسلتها له) (إش٘٘‪ٔٓ:‬ؤٔ)‬

‫‪-130-‬‬
‫(ٖ) اٌمان الثقة‬
‫ٌقول الكتاب فً اصحاح االٌمان الذي ارجو من القارئ أن ٌعود إلٌه فً‬
‫الرسالة إ لى العبرانٌٌن االصحاح الحادي عشر لٌقرأه بتمهل وامعان والذي‬
‫ٌبدأ بالقول‪.‬‬
‫( وأما االٌمان فهو الثقة بما ٌرجً واالٌقان بؤمور ال ترى) ( عب ٔٔ‪)ٔ :‬‬
‫واٌمان الثقة كما سبق ان ذكرت نكتشفه فً حٌاة الشونمٌة فً اقامة ابنها‬
‫وفً كل القدٌسٌن الذٌن لمعت اسماإهم فً اصحاح اال ٌمان أو ما نسمٌهم‬
‫بسحابة الشهود ( لوحة الشرؾ) فً سماء المجد‪.‬‬
‫ونرى فً العدد الخامس والثبلثٌن من نفس االصحاح شهادة هللا عنها‪.‬‬
‫(‪ ..‬باالٌمان‪ ...‬أخذت نساء أمواتهن بقٌامة) ( عب ٔٔ‪)ٖ٘ :‬‬
‫واٌمان الثقة كما سبق ان ذكرت ٌختلؾ فٌه كل مإمن عن اآلخر واذكر‬
‫للقارئ ‪-:‬‬
‫بؤن ربٌس الكهنة كان ٌدخل إلً قدس االقداس بحسب الناموس مرة واحدة‬
‫فً السنة لٌكفرعن خطاٌاه وخطاٌا الشعب كله فً ٌوم الكفارة العظٌم‪.‬‬
‫وكان حٌنما ٌدخل ٌلبس زٌا خاصا وعلى صدره ما ٌسمى بستر ة القضاء ‪.‬‬
‫وكان على هذه الستر ة اثنى عشر حجراًا تشٌر إلً أسباط اسرابٌل اإلثنً‬
‫عشر‪.‬‬
‫وكان حٌنما ٌقؾ ربٌس الكهنة امام تابوت عهد الرب فان االحجار االثنً‬
‫عشر تصدر لمعه عجٌبة واحدة‪.‬‬
‫وقٌل ان هذه اللمعة الموجودة لكل االحجار الكرٌمة تشٌر إلى الخبلص او‬
‫إلى اٌمان الخبلص الذي ٌتمتع به كل المإمنٌن النه صادر من مصدر واحد‬
‫وال فضل لحجر فٌه على اآلخر انه اشارة لعطٌة الخبلص المجانً على‬
‫حساب الذبٌح االعظم ودمه الكرٌم الذي ٌطهر كل مإمن فبل فضل الي منا‬
‫على اآلخر ألن الفضل كل الفضل ٌعود للمخلص الذي صنع بنفسه تطهٌراًا‬
‫لخطاٌانا ولكن فً نفس الوقت كانت االحجار الكرٌمة تتؤلأل ببهاء وكل منها‬
‫ٌصدر لمعانا خاصا فبرٌق الذهب خبلؾ الزمرد والفضة وؼٌرها‪.‬‬

‫‪-131-‬‬
‫وهذه اللمعات المدهشة التً تختلؾ من معدن آلخر تشٌر إلً اختبلؾ اٌمان‬
‫الثقة من مإمن آلخر وهذا ٌقود للصبر والجهاد وهنا تختلؾ المكافؤة حسب‬
‫قول هللا ‪:‬‬
‫( ألن نجما ٌمتاز عن نجم فً المجد) ( اكو ٘ٔ‪)ٗٔ :‬‬
‫قال احد االتقٌاء ‪:‬‬
‫عند مجىء الر ب ومبلقاتنا لجبلله فً الهواء فان فٌنا من ٌترك كنوزه هنا‬
‫وفٌنا من القدٌسٌن االتقٌاء سوؾ ٌذهبون لكنوزهم التً ادخروها فً السماء‬
‫لٌؤخذونها حٌن نقؾ جمٌعا امام كرسً المسٌح لٌعطً كل منا حساب وكالته‪.‬‬
‫فالوكٌل االمٌن الحكٌم الذي اتجر بوزناته وربح سوؾ ٌؤخذ االجرة وام ا من‬
‫لم ٌتاجر ولم ٌربح ومن لم ٌدخر رصٌد فً السماء فسوؾ ٌجرد من األكالٌل‬
‫وستكون المكافؤة بقدر ما أدخر فهناك مإمنٌن كرسوا حٌاتهم للرب بالكامل‬
‫وقدموا من جهدهم ومالهم ووقتهم للرب بكل سخاء وحب وهناك مإمنٌن‬
‫العبادة الفاترة‬ ‫لبلسؾ شؽلهم العالم وجذبهم برٌقه فتكاسلوا واكتفوا بمجرد‬
‫واضاعوا الوقت فً تعب باطل وربما ٌكونون قد كنزوا لهم كنوزا هنا على‬
‫األرض فهذه الكنوز سوؾ تحترق ألنها موضوعة فً العالم والعالم كله‬
‫سوؾ ٌحترق بالنار ولكن امام كرسً المسٌح وحٌن ٌكشؾ الرب عن الخفاٌا‬
‫فسوؾ تعلن كل خفاٌا القلوب وسوؾ ٌكافا الرب الذي ن خدموه بكل قلوبهم‬
‫وكان ؼرضهم األول هو مجده واما من كانت اعمالهم مظهرٌة أمام الناس‬
‫ولؽرض مدٌح البشر ولٌست بحسب مقاصد الرب فسوؾ تحترق‪.‬‬
‫فهل ٌتساوى ابراهٌم خلٌل هللا بلوط؟‬
‫كبل والؾ كبل‪ .‬فمع ان لوط دخل الفردوس وسوؾ ٌدخل مع القدٌسٌن إلى‬
‫بٌت االب على حساب ؼنى النعمة الذى ال فضل له وال لنا فٌه على االطبلق‬
‫إال أن اجره ابراهٌم الذي قال له الرب ‪:‬‬
‫( أجرك كثٌراًا جداًا ) ( تك ٘ٔ‪)ٔ :‬‬
‫(‪)1‬‬
‫فابراهٌم عاش فً خٌام والزم المذبح للعبادة وكانت له شهادة ولمع اٌمانه‬

‫(‪ )1‬سوف نعود لتوضيح ذلك مرة أخرى فيما بعد‬


‫‪-132-‬‬
‫أما لوط فقد نظر واشتهى واختار أرض سدوم وعموره وجلس عند باب‬
‫المدٌنة فً سدوم متصوراًا أنه قد حصل على المال والجاه والسلطة التً سعى‬
‫إلٌها وحرص علٌها اكثر من حرصه على رضً هللا‪.‬‬
‫وكما قال بطرس عن لوط ( وانقذ لوط البار مؽلوبا من سٌرة األردٌاء فً‬
‫الدعارة‪ .‬اذ كان البار بالنظر والسمع وهو ساكن بٌنهم ٌعذب ٌوما ًا فٌوما نفسه‬
‫البارة باألفعال اآلثمة ) ( ٕبط ٕ‪)7،8 :‬‬
‫انه كان باراًا ولكنه شابه أهل العالم وركض وراء مؽرٌات العالم فخسر كل‬
‫شا حتى زوجته التً صارت عمود ملح‪.‬‬
‫نعم ‪ .‬ان اٌمان الثقة ٌختلؾ حقا من مإمن آلخر وبالتالً ٌختلؾ السلوك‬
‫والتصرفات فً الحٌاة وفق درجة ثقة المإمن باهلل‪.‬‬
‫لذلك ٌوصٌنا الرب قاببل‪:‬‬
‫( فبل تطرحوا ثقتكم التً لها مجازاة عظٌمة ) ( عب ٓٔ‪)ٖ٘ :‬‬
‫ان هللا العادل ال ٌساوى مطلقا بٌن مإمن ضعٌؾ متكاسل وآخر قوى‬
‫االٌمان قد وضع فٌه كل ثقته وآماله وتوكل على الرب بكل قلبه فسلك طرٌق‬
‫الحق بحٌاة فاضله وشهادة المعة وسلك باالٌمان ال بالعٌان حسب قول‬
‫الرسول بولس الهل كورنثوس ‪-:‬‬
‫( ألننا باالٌمان نسلك ال بالعٌان ) ( ٕكو ٘‪)7 :‬‬
‫إن إٌمان الثقة ٌجعلنا نسلك حٌاة ملإها الشكر والحمد والتسبٌح والتقدٌر‬
‫ناظرٌن ال إلً انفسنا وال إلى آخرٌن من البشر فهم جمٌعا تحت اآلالم مثلنا‬
‫بل ناظرٌن إلى ربٌس االٌمان ومكمله الر ب ٌسوع المسٌح الذي احتمل‬
‫الصلٌب مستهٌنا بالخزى فصار لنا مثاالًا كامبلًا نقتفً خطواته ونتعلم منه‬
‫ونعمل كل شا لمجده واثقٌن ان لنا أجرنا عنده وان تعبنا لٌس باطبل فٌه‬
‫حسب قول الرسول بولس بالروح القدس‪.‬‬
‫( إذا ٌا أخوتى االحباء كونوا راسخٌن ؼٌر متزعزعٌن مكثرٌن فً عم ل‬
‫الرب كل حٌن عالمٌن ان تعبكم لٌس باطبل فً الرب) ( ٔكو ٘ٔ‪.)٘8 :‬‬
‫كما ان إٌمان الثقة ٌقوى المإمن فً مواجهة كل الصعاب كما قاد الشونمٌة‬
‫للثقة فً الرب فتمجد هللا فً اٌمانها وفً حٌاتها وسلوكها‪.‬‬

‫‪-133-‬‬
‫ان السبب الربٌسً فً فشل الكثٌرٌن منا هو ضعؾ ثقتهم فً محبه الرب‬
‫ومعونته لهم مما ٌضعؾ خدمتهم وشهادتهم لذلك ٌقول الرسول للمإمنٌن من‬
‫اهل تسالونٌكً وأهل ؼبلطٌه ‪:‬‬
‫( اما انتم أٌها االخوة فبل تفشلوا فً عمل الخٌر ) ( ٕتس ٖ‪.)ٖٔ :‬‬
‫(فبل نفشل فً عمل الخٌر ألننا سنحصد فً وقته إن كنا ال نكل ) ( ؼبل ‪ٙ‬‬
‫‪)9:‬‬
‫ان اٌمان الثقة فٌنا كؤوالد هللا ٌدفعنا لعمل الخٌر من كل قلوبنا عالمٌن‬
‫وواثقٌن ثقة الٌقٌن ان الذي ٌرانا سوؾ ٌكافبنا هنا وفً االبدٌة لٌس انسان بل‬
‫هللا المحب العادل حسب قول الرسول‪.‬‬
‫(إن كان لنا فً هذه الحٌاة فقط رجاء فً المسٌح فاننا اشقى جمٌع الناس ) (‬
‫اكو ٘ٔ‪)ٔ9 :‬‬
‫ولكن نحن نعلم ٌقٌنا ودون ا دنً شك ان أجرنا من عند الرب حسب قول‬
‫الرب فً أخر وعد وعدنا به تبارك اسمه قاببل ‪:‬‬
‫( وها أنا اتً واجرتً معى الجازي كل واحد كما ٌكون عمله ) (رإٕٕ‪:‬‬
‫ٕٔ)‬
‫وٌعوزنً الوقت ان اتحدث عن كل ما جاء عن مواعٌد هللا العظمى لنا والتً‬
‫تشجعنا وتدفعنا ان نسلك بالتقوى حسب قول الرسول بولس‬
‫( فاذ لنا هذه المواعٌد أٌها االحباء لنطهر ذواتنا من كل دنس الجسد والروح‬
‫مكملٌن القداسة فً خوؾ هللا ) ( ٕكو ‪)ٔ :7‬‬
‫فهل تتساوى الشونمٌة التً وثقت بالرب فقام ابنها وتمجد هللا من خبلل‬
‫اٌمانها بؽٌرها من المإمنات البلتً تعبن باطبل فً العالم‪.‬‬
‫ٌالها من امرأة عظٌمة حقا عرفت فكر هللا وسلكت فً حٌاتها وفق وصاٌاه‬
‫فً ثقة كاملة فً امانته ووعوده وحماٌته ورعاٌته وعظمة محبته وعطاٌاه‬
‫وهباته فصارت واحده من سحابة الشهود التً شهدت عملٌا لخالقها فً حٌاتها‬
‫هنا وصارت لذكر أبدي واآلن هً فً السماء مع القدٌسٌن فً فردوس النع ٌم‬
‫وسوؾ ٌعلن امام كل الخلٌقة اٌمانها وصبرها هً وؼٌرها من المإمنٌن‬
‫والمإمنات الذٌن عاشوا للرب بؤمانة واثقٌن فً عظم محبته لهم وصدقوا‬
‫وعوده الصادقة‪.‬‬

‫‪-134-‬‬
‫وبذلك استحقت ان تضم إلً لوحه الشرؾ السماوٌة وتذكر ضمن القدٌسٌن‬
‫الذٌن لمع اٌمانهم ومجدوا هللا فً حٌاتهم لقد كان ت الشونمٌة جالسة فً بٌتها‬
‫ولكنها نالت نصٌبا تساوى مع من استشهدوا من اجل المسٌح‪ .‬ما أعظم مبادئ‬
‫الهنا ومحبته فقد قسم النصٌب بمنطق الهً عجٌب ففً أٌام الحرب ما بٌن‬
‫شعب هللا وعمالٌق وعند العودة بالؽنٌمة قال الملك داود ( النه كنصٌب النازل‬
‫إلى الحرب نصٌب الذي ٌقٌم عند االمتعة فانهم ٌقتسمون بالسوٌة ) (ٔصم ٖٓ‪:‬‬
‫ٕٗ)‪.‬‬
‫لقد جلست الشونمٌة فً بٌتها وذهبت لرجل هللا بقلب مآلن باالٌمان وسلكت‬
‫بحسب فكر هللا فاستحقت ما استحقه الشهداء الذٌن قال عنهم الرب‪.‬‬
‫( الذٌن باالٌمان قهروا ممالك صنعوا برا نالوا مواعٌد سدوا أفواه أطفؤوا قوة‬
‫النار نجوا من حد السٌؾ تقووا من ضعؾ صاروا اشداء فً الحرب هزموا‬
‫جٌوش ؼرباء ) (عبٔٔ‪)ٖٖ :‬‬
‫وبٌن هإالء وؼٌرهم من سحابه الشهود التً لمعت فً سماء المجد تذكر‬
‫الشونمٌة كما سبق القول فً العدد الخامس والثبلثٌن من نفس اصحاح االٌمان‬
‫فطوبى لها ولكل أخ وأخت نظٌرها‪.‬‬
‫طوبى لكل مإمن له اٌمان الثقة العملٌة الذي ٌشهد للعالم عن محبة ربنا‬
‫وحبٌبنا المعبود حسب قول البشٌر ٌوحنا بروح هللا‪.‬‬
‫(‪ ..‬فً العالم سٌكون لكم ضٌق ولكن ثقوا أنا قد ؼلبت العالم) ( ٌو‪)ٖٖ :ٔٙ‬‬
‫كما ان اٌمان الثقة ٌنمو بالصبلة والدارسة لكلمة هللا فٌمتلا القلب حبا بالرب‬
‫فٌقودنا للشهادة العملٌة والحٌاة النقٌة النابعة عن فهم كافً لمشٌبة هللا وتسلٌم‬
‫كامل الرادته وثقة عظمى فً وعوده تقودنا لخدمة ناجحة تقود البعٌدٌن‬
‫لشخصه الكرٌم كما تحسب لنا فً االبدٌة حسب قول الرب فً وعودة االمٌنة‬
‫الصادقة‪ ( .‬النه البد اننا جمٌعا نظهر امام كرسى المسٌح لٌنال كل واحد ما‬
‫كان بالجسد بحسب ما صنع خٌرا كان ام شرا ) ( ٕكو ٘ ‪)ٔٓ:‬‬
‫فلٌعطى الرب لكل منا فهما عمٌقا وٌقٌنا كامبل لوعوده ‪ ،‬وعظم جوده لكً‬
‫نكون شهوده االمناء فً هذه الحٌاة‪.‬‬
‫فبل ننسى اٌها االحباء ان اٌمان الثقة ٌختلؾ نصٌب كل منا فٌه ولذلك ٌختلؾ‬
‫الصبر والشكر واالحتمال واالجر اٌضا‪.‬‬

‫‪-135-‬‬
‫وهذا االٌمان هو الذي مؤل قلب موسى الذي كان امٌنا على كل بٌت هللا وقاد‬
‫شعبه فً البرٌة الذي شهد عنه الوحً قاببل‪.‬‬
‫( باالٌمان موسى لما كبر ابً ان ٌدعى ابن إبنه فرعون مفضبل باألحرى ان‬
‫ٌذل مع شعب هللا على ان ٌكون له تمتع وقتى بالخطٌة ‪ .‬حاسبا ًا عار المسٌح‬
‫ن كان ٌنظر إلى المجازاة ) ( عب ٔٔ‪-ٕٗ :‬‬ ‫ؼنى أعظم من خزابن مصر أل ه‬
‫‪)ٕٙ‬‬
‫لقد رفض موسى ان ٌكون أمٌراًا فً قصر فرعون وفضل ان ٌعٌش ذلٌبل مع‬
‫شعب هللا ألنه رأي وحسب ان عار المسٌح افضل من كل خزابن الذهب التً‬
‫كانت فً مصر ولم ٌسعى لكً ٌحصل علٌها بل رفض ها بكل سمو وترفع ما‬
‫أعظم هذا االٌمان الذي ٌقود المإمن فتهون امامه كل الصعاب وٌرتفع قلبه فوق‬
‫كل دناٌا العالم النه ٌرى ماال ٌراه اهل العالم اكمقٌل عن موسى‬
‫(‪ ..‬ألنه تشدد كؤنه ٌرى من ال ٌرى ) ( عب ٔٔ‪ )ٕ7 :‬أن امور الزمان‬
‫التً نراها بالعٌان وقتٌة وزابلة أما أ مور االٌمان فؤنها ال ترى ولكنها أبدٌة ال‬
‫تنتهى ومكافؤة االٌمان ان نرى وقتا ما آمنا به وصدقناه فشكراًا هلل الذي اعطانا‬
‫هذا االٌمان الذي جعلنا نستعذب آالم هذا الزمان الحاضر الننا ننتظر المجد‬
‫العتٌد الذي سوؾ ٌستعلن فٌنا وهذا سوؾ ٌقودنا لنقطة اخرى وهً لماذا‬
‫اآلالم وهذا ما سوؾ نوضحه فٌما بعد‪.‬‬

‫‪-136-‬‬
‫الفصل الثانً‬
‫(ٔ) السجود ‪:‬‬
‫المقدس‬
‫ونؤتً إلى مسك الختام فً تلك القصة الرابعة العجٌبة فنجد قول الكتاب ‪.‬‬
‫( فدعا جٌحزى وقال ادع هذه الشونمٌة ‪ .‬فدعاها ولما دخلت إلٌه قال احملى‬
‫نها‬ ‫ابنك فؤتت وسقطت على رجلٌه وسجدت إلً األرض ثم حملت اب‬
‫وخرجت) ( ٕمل ٗ‪)ٖ7 ،ٖٙ :‬‬
‫فقد سبق وذكرنا فً الباب االول ان الٌشع رجل هللا كان من الساجدٌن‬
‫الحقٌقٌٌن فكان خادما ناجحا ‪ ،‬ونراه عندما دخل بٌت الشونمٌة ورأي ابنها‬
‫مٌتا ومضطجعا على سرٌره اؼلق الباب على نفسه وعلى الصبً المٌت‬
‫وصلى وهنا نراه ٌعٌد إلى أفكارنا وقلوبنا ضرورة الصبلة قبل أي عمل من‬
‫اعمال هللا‪.‬‬
‫وهنا نجد الشونمٌة التً دعاها الٌشع لتؤخذ ابنها حٌا بعد اقامته من االموات‬
‫وحٌنما رأته حٌا سجدت إلى االرض‪.‬‬
‫ونقؾ متؤملٌن فى صفه عظٌمة أخرى فً حٌاة تلك المرأة التً بدت عظٌمة‬
‫عند انتصار اٌمانها ‪ .‬وقد‬ ‫عند آالمها حٌن مات ابنها واآلن نراها اعظم‬
‫تصرفت فً المحنة تصرؾ االبطال وها هً االن تتصرؾ تصرؾ اشجع‬
‫االبطال فتقدم السجود لصاحب العطٌة قبل ان تتسلم العطٌه‪.‬‬
‫فهً لٌست ممن ٌفرحون بالعطٌه وٌنسون العاطى لقد قال لها رجل هللا‬
‫احملى ابنك ولكنها اسرعت بالسجود وهذا هو الفٌصل بٌن ضعاؾ االٌمان‬
‫الذين تشؽلهم العطاٌا فٌنشؽلون بها عن العاطى‪.‬‬
‫فلو انها حملت ابنها وخرجت أوال لما كان لنا أن نلومها فهذا هو المنطق‬
‫البشري والفكر الطبٌعى ولكنها كانت اعظم واكبر واجمل من كل مقاٌٌس‬
‫المنطق البشري المحدود فقد اسرعت لتقدٌم الشكر لواهب الحٌاة ‪ .‬لقد اسرعت‬
‫بقلب مملوء امتنان وشكر وعرفان لصاحب االحسان ولذلك احنت ركبتٌها‬
‫إلى األرض وسجدت فٌالها من كلمة عجٌبة ( سجدت)‪.‬‬
‫فالسجود صبلة مرفوعة ال لؽرض الطلبة من هللا بل لؽرض مجد هللا وتقدٌم‬
‫الحمد والشكر على نعمته وهباته وعطاٌاه والقلب الذي ٌقدم السجود قلب‬
‫معترؾ بؽنى نعمة هللا وعظم محبته‪ .‬ولعل سبب قوة اٌمان تلك المرأة وثباتها‬

‫‪-137-‬‬
‫امام التجربة وسبلم هللا الذي ؼمر كٌانها فجعلها تتخطى كل المحن وال تخشى‬
‫من الصعاب واآلالم هو كثرة تواجدها فً عرش النعمة‪.‬‬
‫بل ان ابرز واوضح عبلمات الحٌاة الجدٌدة فً المسٌح هو الصبلة واالنسان‬
‫المولود من هللا والذي شعر بنجاته من الدٌنونه الرهٌبة وسرت فً قلبه نبضات‬
‫الحٌاة ال ٌستطٌع باي حال من االحوال أن ٌستؽنً عن الصبلة فالصبلة معناها‬
‫صله وهى صله المخلوق بالخالق وصله العابد بالمعبود وصلة االنسان المحدود‬
‫القدٌر‬
‫‪.‬‬ ‫باهلل ؼٌر المحدود فهى شركه مع هللا ومعاشرة مع‬
‫والصبلة هً السلم الذي ٌصعد علٌه المإمن من األرض إلً السماء فهً‬
‫جسر العبور الى السموات‪.‬‬
‫والصبلة هى القوة االعظم التً تمكن االنسان ان ٌمسك بها وهً القدرة‬
‫االعظم التً نسوس بها الناس فهً قوة تسلم لها كل القوى وهً امتٌاز لٌس‬
‫له مثٌل بواسطتها ٌظهر القدٌر اهتمامه بحاجة اوالده والعناٌة بهم‪.‬‬
‫ولذلك فان سبب ضعفنا وفشلنا امام صعاب الحٌاة هو اهمالنا للصبلة فإهمال‬
‫الصبلة ٌإدي الى الخوار الروحً والتعثر واالعٌاء‪.‬‬
‫والصبلة قناة تجرى من خبللها انهار نعمه هللا وتصب فً نفس المإمن حٌت‬
‫(‪)1‬‬
‫ٌرتفع قلبه إلً السماء وهً مٌناء امٌن للنفس وكنز ثمٌن للقلب‬
‫(‪)2‬‬
‫قال الفونس كار‬
‫( ان الذي خلق الشمس واودعها النور والزهور واودعها العطر والجسم‬
‫واودعه الروح‪ ،‬والعٌن واودعها النور قد خلق القلب واودعه الحب وما بارك‬
‫هللا شٌبا كما بارك القلب الخاشع العابد هلل الطالب ارادته العامل بوصٌته )‬
‫وجاء بمجلة مٌاه الراحة والعدد (‪ )14‬ذلك القول ‪:‬‬
‫( ان كنت ترٌد حٌاه ملٌبة بالعزم والقوة واالبداع التصق بالشخص الوحٌد‬
‫الذي منه تتدفق تلك الطاقات إلٌك)‬
‫والصبلة مفتاح السماء فقد صلً إٌلٌا رجل هللا فاؼلقت السماء وصل اٌضا‬
‫فانفتحت السماء ونزل المطر بعد الجوع والجدب( انظر ٔمل ‪ ٔ7‬من عددٔ)‬

‫(‪ )1‬وردت بمجلة ىو وىي العدد (‪ )138‬في مارس ‪1989‬‬


‫(‪ )2‬ورت بمجلة ىو وىى العدد (‪ )214‬في مايو ‪1995‬‬
‫‪-138-‬‬
‫وقال احد االتقٌاء‬
‫( المنجزات العظٌمة تتؤخر ألننا لم نجثو على ركبنا وانه لشا مدهش ان‬
‫ارادة هللا المعطى بسخاء ٌمكن أن تتوقؾ فً حالة عدم رؼبتنا فً الصبلة)‬
‫وقد علمنا الرب قاببل ‪ (:‬ولستم تمتلكون ألنكم ال تطلبون ) ( ٌع ٗ‪)ٕ :‬‬
‫وقال احد القدٌسٌن‬
‫( نستطٌع ان نؽٌر احداث العالم ونشكل التارٌخ من خبلل انجازات بسٌطة‬
‫فعالة هً الصوم والصبلة )‬
‫وٌعلمنا الرسول بولس بالروح القدس قاببل ‪:‬‬
‫( واظبوا على الصبلة ساهرٌن فٌها بالشكر ) ( كوٗ‪)ٕ :‬‬
‫( صلوا ببل انقطاع ) ( اتس ٘‪)ٔ7 :‬‬
‫وقد علمنا اعظم معلم تبارك اسمه قاببل‪:‬‬
‫( اسالوا تعطوا ‪ .‬اطلبوا تجدوا ‪ .‬اقرعوا ٌفتح لكم ‪ .‬الن كل من ٌسؤل ٌؤخذ ‪.‬‬
‫ومن ٌطلب ٌجد ومن ٌقرع ٌفتح له) ( مت ‪.)7،8 :7‬‬
‫فكم نحتاج كؤفراد وكجماعة للصبلة ألجل تنقٌة الحٌاة واخضاع ذواتنا هلل‬
‫وتعمٌق شركتنا معه ونجاح خدمتنا لمجده‪.‬‬
‫ان الصبلة هً دلٌل االٌمان والمحبة للرب وهً التً تستحضر كل بركه‬
‫(‪)1‬‬
‫من فوق وتجعل اٌمان المإمن المعا‬
‫ان من ٌعرؾ الخلوة ٌستشعر عبٌر السماء وٌدرك عن عمق وفاعلٌة محبة‬
‫هللا ولذلك قال احد رجال هللا‪.‬‬
‫( بقدر كثرة ارتٌادك مخدعك ٌزداد تمتعك بالرب )‬
‫وجاء بمجلة المراعً هذا النداء‪.‬‬
‫( لٌتك تجعل المذبح الفردى مشتع ال دابما فهذا هو سر كل تقوى وال تكؾ‬
‫عن تقدٌم الذبٌحة الروحٌة بمواظبة وانتظام وفً اعتزال تام عن كل ما ٌعٌقك‬
‫)‬

‫(‪ )1‬ملحوظة ‪ :‬يمكن للقارئ ان يعود لموضوع الصالة باكثر توسعا من خالل كتاب السجود‬
‫للمؤلفة وتحت الطبع‪.‬‬
‫‪-139-‬‬
‫لقد نجحت خدمة الٌشع رجل هللا النه عرؾ الصبلة ومارسها باالٌمان‬
‫فاستطاع بقدرة هللا ان ٌقٌم باالٌمان ابن الشونمٌة‪.‬‬
‫وهكذا ٌنبؽً على كل أخ أو كل أخت ٌقو م بخدمة هللا ان ٌكون مصلٌا وان‬
‫تسبق صبلته خدماته حتى تنجح خدمته‪.‬‬
‫قال احد االتقٌاء ‪-:‬‬
‫( اولبك الذٌن ٌرٌدون انجاز مهام عظٌمة علٌهم ان ٌستٌقظوا مبكراًا للصبلة)‬
‫وقال آخر‬
‫( مالم تكن مستعدا الن تصرؾ وقتا كافٌا فً الصبلة كل ٌوم ‪ ،‬فسٌكون من‬
‫العسٌر علٌك ان تمٌز قٌادة روح هللا لك خبلل الٌوم)‬
‫واخٌرا ارجو من كل مإمن ان ٌخصص الوقت الكافً للصبلة وٌفضل ان‬
‫ٌكون فً الصباح الباكر وبمجرد ان ٌستقبل اشراقة شمس الصباح الجدٌد علٌه‬
‫ان ٌجلس فً مخدعه وٌسكب قلبه لحظات دون ان ٌتفوه بكلمة قبل الصبلة بعد‬
‫ان ٌقرأ جزء من كلمة هللا فً روح الخشوع واالتضاع لكً ٌنحصر بالروح‬
‫وبذهن كامل فً محضر هللا فٌستطٌع ان ٌقدم السجود الذي ٌلٌق بمجد هللا وٌشبع‬
‫قلبه بتقدٌم فابض الحمد والشكر هلل على عمله العجٌب فوق الصلٌب وعلى‬
‫وعطاٌاه‬
‫‪.‬‬ ‫احسانه له ورفقته له فً كل اٌام الحٌاة وعلى كل هباته‬
‫وقال احد رجال هللا ‪-:‬‬
‫(ان كنت ترٌد ان تعرؾ وتحٌا فً مشٌبة هللا ٌجب ان تخضع صبلتك‬
‫وافكارك وأعمالك لما جاء فً كلمة هللا)‬
‫فنصلى إلً هللا لكً ٌعٌن ضعفاتنا وٌقود خطواتنا ‪ ،‬ولنصلى اٌها االحباء من‬
‫اجل انتشار كلمة هللا من خبلل خدامه وعبٌده االتقٌاء ومن خبللنا لمجد اسمه‬
‫ولربح الخطاه‪.‬‬
‫وعلٌنا ان نصلى من اجل الرإساء وكل االحباء ( انظر اتً ٕ‪ )ٕ ،ٔ :‬وان‬
‫نصلى من اجل المرضى للشفاء ومن اجل الحزانى لٌعزٌهم هللا ( انظر ٌع ٘‪:‬‬
‫٘ٔ)‬
‫وان نصلى من اجل بٌوتنا واوالدنا ‪ .‬ألجل المإمنٌن منهم لٌقوٌهم هللا والجل‬
‫الخطاة منهم لٌعودوا للرب بكل قلوبهم ولتدركهم نعمة هللا‬
‫أن ام اؼسطٌنوس ظلت تصلى ألجله بدموع عشرٌن عاما دون شك ودون‬
‫ملل وباٌمان تام وانتظار لوعد هللا واستجاب هللا لصبلتها ونظر لدموعها‬

‫‪-140-‬‬
‫ورجع اوؼسطٌنوس ابنها إلى الرب بكل قلبه وصار فٌلسوؾ المسٌحٌة‬
‫العظٌم فً القرن العشرٌن‪ .‬ولذلك قٌل ‪ ( :‬ان ابن الدموع لن ٌضٌع)‪.‬‬

‫(ٕ) لماذا اآلالم ؟‬


‫قبل ان نتحدث عن ؼرض هللا من آالمنا كؤوالد هللا البد ان نوضح نقطتٌن‬
‫اساسٌتٌن هما‪:‬‬
‫‪ )1‬هناك آالم ٌسمح هللا لنا بها نتٌجة عصٌاننا وعدم امانتنا وهى آالم‬
‫التؤدٌب‪.‬‬
‫‪ )2‬هناك آالم ٌسمح هللا لنا بها لنمونا وسمو حٌاتنا واعبلن اسمه من خبللنا‪.‬‬
‫وٌجب علٌنا ان نمٌز بٌن هذه وتلك‬
‫(ٔ) اآلالم التً لتؤدٌبنا‬
‫هً أالم من هللا نتٌجة العصٌان والسقوط فً الخطٌة وهً فً حد ذاتها‬
‫تعبٌر عن محبة هللا لنا ألنها لخٌرنا وصبلحنا حسب قول هللا ‪:‬‬
‫( الن الذي ٌحبه الرب ٌإدبه وٌجلد كل ابن ٌقبله) ( عب ٕٔ‪)ٙ :‬‬
‫تنطبق على االشرار البعٌدٌن ألن‬ ‫وهذه اآلالم تخص المإمنٌن وال‬
‫‪ .‬ولكن ٌؤتً سإال هام ‪ .‬ماذا‬ ‫المإمن ٌنبؽى ان ٌحٌا فً البر والقداسه‬
‫ٌحدث لو أخطؤ المإمن ؟ وهل ٌهلك ؟‬
‫والجواب ‪ :‬المإمن المخلص بدم المسٌح اذا أخطؤ لن ٌهلك بل له شفاعة‬
‫المسٌح كما سبق ان تحدثنا عن الخبلص الذي نحٌاه ولكن قد ٌسمح هللا‬
‫للمإمن بالتؤدٌب لنٌل قداسة هللا ومحبته حسب قوله ‪:‬‬
‫( انً كل من احبه اوبخه وأودبه فكن ؼٌورا وتب ) ( رإ ٖ‪)ٔ9 :‬‬
‫وٌقول سلٌمان بروح هللا مخاطبا ًا كل مإمن ‪:‬‬
‫)(ام‪:ٔ9‬‬ ‫( اسمع المشورة واقبل التؤدٌب لكً تكون حكٌما فً اخرتك‬
‫ٕٓ)‪.‬‬
‫الذهب المختار )(ام‪:8‬‬ ‫(خذوا تؤدٌبً ال الفضة والمعرفة اكثر من‬
‫ٓٔ)‬
‫)‬ ‫( من ٌحب التؤدٌب ٌحب المعرفة ومن ٌبؽض التؤدٌب فهو بلٌد‬
‫(امٕٔ‪.)ٔ :‬‬

‫‪-141-‬‬
‫وعلى كل مإمن ان ٌقبل التؤدٌب النه عبلمة على طاعته وخضوعه‬
‫وبنوته هلل ‪ .‬وقد ٌكون هذا التؤدٌب بالمرض او الحرمان من شا عزٌز‬
‫او بخسارة مادٌة او معنوٌة فلٌقبل تؤدٌب االببكل خضوع وشكر‪.‬‬
‫وٌقول الرسول بولس بروح هللا للمإمنٌن فً رسالة العبرانٌٌن‪.‬‬
‫( وقد نسٌتم الوعظ الذي ٌخاطبكم كبنٌن ٌا ابنً ال تحتقر تؤدٌب‬
‫الرب وال تخر اذ وبخك) ( عب ٕٔ‪)٘ :‬‬
‫به ابوه ‪.‬‬ ‫( ان كنتم تحتملون التؤدٌب ٌعاملكم هللا كالبنٌن فؤي ابن ال ٌإد‬
‫ولكن ان كنتم ببل تؤ دٌب قد صار الجمٌع شركاء فٌه فانتم نؽول ال‬
‫بنون)(عب ٕٔ‪)ٙ،7 :‬‬
‫ٌقول الحكٌم بروح هللا القدوس‬
‫) (أمٖٔ‪:‬‬ ‫( من ٌمنع عصاه ٌمقت ابنه ومن احبه ٌطلب له التؤدٌب‬
‫ٕٗ)‪.‬‬
‫واالب المحب فً محبته وابوته لنا ٌإدبنا لكً ٌنقً حٌاتنا وٌزٌل‬
‫نم ٌقول ( تؤدٌبا ادبنً الرب‬ ‫منها كل ما ال ٌلٌق بنا كاوالد هللا والمر‬
‫والى الموت لم ٌسلمنى)(مز‪.)ٔ8 :ٔٔ8‬‬
‫‪ ‬لماذا التؤدٌب؟‬
‫تؤدٌب اآلب السماوى ألوالده اعظم بركه فً حٌاتهم وثمار التؤدٌب‬
‫بولس‬
‫طٌبه لكل من ٌقبلها وٌعرؾ مقاصد الرب حسب قول الرسول ‪.‬‬
‫( ولكن كل تؤدٌب فً الحاضر ال ٌرى انه للفرح بل للحزن واما‬
‫اخًراًا فٌعطى الذٌن ٌتدربون به ثمر بر للسبلم ) (عب ٕٔ‪)ٔٔ :‬‬
‫والتؤدٌب للمإمن هنا على األرض لكى ال ٌدان مع االشرار وقبل ان‬
‫نتقدم إلى عشاء الرب بدون تمٌٌز حسب قول الرسول بولس‪.‬‬
‫( ألننا لو كنا حكمنا علً أنفسنا لما حكم علٌنا ولكن إذ قد حكم علٌنا‬
‫نإدب من الرب لكً ال ندان مع العالم ) ( ٔكو ٔٔ ‪.) ٖٕ، ٖٔ :‬‬
‫لرب‪-:‬‬
‫كما ان التؤدٌب ٌثمر بركات عظمى فً حٌاة المإمنٌن حسب اقول‬
‫( ان الذٌن ٌإدبون فٌنعمون وبركة خٌر تؤتً علٌهم ) (امٕٗ‪)ٕ٘ :‬‬
‫) ( أم‬ ‫( فقر وهوان لمن ٌرفض التؤدٌب ومن ٌبلحظ التوبٌخ ٌكرم‬
‫ٖ‪)ٔ8 :‬‬
‫وٌقول الرسول للعبرانٌٌن ‪-:‬‬

‫‪-142-‬‬
‫‪ .‬افبل نخضع باالولى‬ ‫ثم قد كان لنا اباء اجسادنا مإدبٌن وكنا نهابهم‬
‫‪.‬‬ ‫جداًا البً االرواح فنحٌا ألن أولبك ادبونا اٌاما قلٌلة حسب استحسانهم‬
‫)(‬ ‫واما هذا (أي تؤدٌب هللا ) فؤلجل المنفعة لكً نشترك فً قداسته‬
‫عب ٕٔ‪.)9،ٔٓ :‬‬
‫آلالم من هذا النوع‬ ‫أٌها القارئ العزٌز اذا كان الرب قد سمح لك با‬
‫فاشكره واقبل تؤدٌبه وثق فً محبته لك واعلم ٌقٌنا ان كل ما ٌفعله‬
‫معك هو لخٌرك ونمو حٌاتك وتدرٌبك فً منهج قداسته‪.‬‬
‫(ٕ) اآلالم التى لبلمتحان‬
‫عظمى‬‫وهذه اآلالم التً إلمتحان االٌمان فً المإمن ٌسمح هللا بها الؼراض الهٌة ‪.‬‬
‫وهذه اآلالم ٌسمح بها لقدٌسٌه االتقٌاء الذٌن ٌحفظون وصاٌاه وٌبتؽون مجده‬
‫ورضاه وهذا األمر ٌحتاج ان نفهمه وندركه بروح هللا ولذلك ٌقول الرسول‬
‫بولس بالروح القدس لتلمٌذه المحبوب تٌموثاوس ( افهم ما أقول ‪ .‬فلٌعطك‬
‫الرب فهما فً كل شا ) (ٕتً ٕ‪.)7 :‬‬
‫قال احد األتقٌاء ‪:‬‬
‫(ؼالبا ما تكون اآلالم عبار ة عن سور من الشوك حولنا ٌجعلنا نبلزم‬
‫مرعى حسنا ‪ .‬أما النجاح فقد ٌكون بمثابة ثؽرة تنزلق اقدامنا من خبللها‬
‫فنخرج ونضل بعٌداًا )‬
‫وقال آخر‬
‫‪ .‬األول حاجز الحماٌة‬ ‫( ٌوجد حاجزان ٌسٌج بهما هللا حول أوالده‬
‫وبواسطته ٌجنبهم الشرور والثانً حاجز اآللم وبه ٌمنع الشر عن‬
‫الوصول إلٌهم )‪.‬‬
‫نضطرب‬ ‫وهو فً محبته قد أعلن عن هذه اآلالم حتى ال ننزعج وال‬
‫منها بل نقبلها فقد قال ‪-:‬‬
‫) ( ٌو‬ ‫( فً العالم سٌكون لكم ضٌق ولكن ثقوا انا قد ؼلبت العالم‬
‫‪.)ٖٖ :ٔٙ‬‬
‫وبذلك ٌمكنا ان نقول ان هذه اآلالم التً المتحان إٌماننا قد وهبت‬
‫لتلك األؼراض العظمى التً اذكر منها بروح هللا ما ٌلً ‪-:‬‬
‫(‪ٌ )1‬حفظنا فً روح االتضاع‬
‫ٌقول الرسول بولس‬

‫‪-143-‬‬
‫( ولببل ارتفع بفرط االعبلنات اعطٌت شوكة فً الجسد مبلك‬
‫الشٌطان لٌلطمنى لببل ارتفع ‪ .‬من جهة هذا تضرعت الى الرب ثبلث‬
‫مرات ان ٌفارقنً فقال لً تكفٌك نعمتى الن قوتً فً الضعؾ‬
‫تكمل‪ٕ( )..‬كؤٕ‪)9-7 :‬‬
‫والشوكة هنا اعطٌت لبولس كعطٌة من هللا والعطٌة كما قال‬
‫(‪ ..‬اعطٌت شوكه فى الجسد‪)..‬‬
‫اى انها هبه أو هدٌة من هللا المحب الوالده المحبوبٌن فهل نرفضها‬
‫هل نرفض تقدمه من ٌدٌه هل نرفض كؤسا ًا ٌقدمها لنا للشفاء الروحى‬
‫ل هً عبلج لحالتنا‬ ‫حتى ولو كان طعمها مراًا ولكن لٌس فٌها سما ب‬
‫لتقوٌة اٌماننا وحفظنا‪.‬‬
‫قال خادم الرب االخ بدٌع ارتٌن ‪- :‬‬
‫( ان قوة االٌمان الحقٌقى لٌست فً االعمال العظٌمة فقط بل هً فً‬
‫االحتمال والصبر واالناه والحكم على الذات )‪.‬‬
‫وٌقول الرسول بولس ‪-:‬‬
‫ان تتؤلموا‬ ‫(النه قد وهب لكم الجل المسٌح ال أن تإمنوا فقط بل اٌضا‬
‫الجله) (فًٔ‪)ٖ9:‬‬
‫وقال احد االتقٌاء ‪:‬‬
‫(الرجاء المسٌحى كنجوم السماء ‪ٌ ،‬بدو المع واجمل عندما تبدو الحٌاة اقسى‬
‫(‪)1‬‬
‫واشد ظبلما)‬
‫لقد تضرع بولس للرب طالبا الشفاء ولكن هللا بدال من ان ٌشفٌه‬
‫اعطاه نعمه وقوة الحتمال آالم المرض فقد كان المرض سبب بركه‬
‫لحٌاة ا لرسول الذي كثٌرا ما كانت صبلته سبب شفاء لكثٌرٌن ولكن‬
‫ما اعظم فكر هللا مع قدٌسٌه لذلك نجد الرسول ٌقول ‪:‬‬
‫(‪ ..‬فبكل سرور افتخر بالحري فً ضعفاتى لكً تحل على قوة‬
‫المسٌح ‪ .‬لذلك أسر بالضعفات والشتابم والضرروات واالضطهادات‬
‫فحٌنبذ انا قوى )‬ ‫والضٌقات ألجل المسٌح ألنً حٌنما انا ضعٌؾ‬
‫(ٕتً ٕٔ‪)9،ٔٓ :‬‬

‫(‪ )1‬وردت بمجلو مياه الراحة العدد (‪ )6‬والغالف األخير‪.‬‬


‫‪-144-‬‬
‫(‪ )2‬لتنقٌة الحٌاة واإلتٌان بثمر‬
‫ٌقول الرب عن نفسه عن المإمنٌن الذٌن صاروا بفضل محبته ونعمته‬
‫اعضاء فً جسده ( أنا الكرمة الحقٌقة وابً الكرام ‪ .‬كل ؼصن فً ال ٌؤتً‬
‫بثمر ٌنزعه‪ .‬وكل ما ٌؤتى بثمر ٌنقٌه لٌؤتً بثمر أكثر ) (ٌو٘ٔ‪)ٔ،ٕ :‬‬
‫فقد ٌسمح هللا لنا باآلالم لتنقٌة حٌاتنا حتى وان تعمق الجرح وااللم ولكن‬
‫سوؾ تؤتً هذه العملٌة ( التنقٌه ) بحلو الثمر فً حٌاتنا‪.‬‬
‫عبر موسٌقى المانً عن ذلك بقوله (‪: )2‬‬
‫( ان جٌبل ال ٌعتصره اآللم ال ٌستطٌع ان ٌشدو بحلو النؽم )‬
‫(‪)3‬‬
‫قال نورمان فنست‬
‫سؤلته‬
‫مر إلً جوار موسٌقى معروؾ وحٌنما اتصل الحدٌث بٌننا ‪.‬‬ ‫جاءت جلستى ة‬
‫ما هى السٌمفونٌة التً تإثرها وتحبها عن ؼٌرها ؟‬
‫‪ .‬فؤعدت علٌه‬ ‫قال ال استطٌع ان احدد واحده بعٌنها فكلها فً أذنً عذبه‬
‫السإال فً صٌؽه ال ٌملك معها إال ان يجٌب إجابه محددة فقلت فاذا وافتك‬
‫فرصه ال تسمح إال باإلستم اع لسٌمفونٌة واحدة فما عساها تكون ؟‬
‫اجاب على الفور ( السٌمفونٌة التاسعة لبٌتهوفن)‪.‬‬
‫سؤلته ‪ :‬فلماذا هذه السٌمفونٌه بالذات‪ .‬قال ألنه ألفها بعد ان اصٌب بالصمم ‪.‬‬
‫وفٌها انؽام شجٌه قال عنها خبراء مختصٌن كؤنها وحى علوى اثٌرى قد هبط‬
‫الجمال فً اللحن واالداء الن اذنا‬ ‫على الشٌخ االصم فكانت قمة من قمم‬
‫بتهوفن وقد كفتا عن االستماع النؽام هذه الدنٌا عوضه هللا عنها بحاسة داخلٌه‬
‫استطاعت ان تلهمه هذه النؽمات االثٌرٌة العلوٌة‪.‬‬
‫لذلك قال نورمان اٌضا ‪:‬‬
‫( اللإلوة التى نحصل علٌها من المحاره انما هً نتاج معاناة كابدتها المحاره‬
‫‪ ،‬ومخاض دونه الموت مرت به )‬
‫وقال احدهم‬
‫( ان الرٌح العاصفة التى التقتلعنى من جذوري تثبت عودى)‬

‫(‪ )2‬من كتاب فن الحياة في ضوء تعاليم المسيح لنورمان فنست ص‪. 79‬‬
‫(‪ )3‬وردت في نفس الكتاب السابق لنورمان فنست ص ‪. 79‬‬
‫‪-145-‬‬
‫فبل تضجر عزٌزى وال تتذمر من اآلالم بل تعلم كٌؾ تقبلها بشكر ألنها من‬
‫ٌد االب المحب لذلك ٌوصى بطرس الرسول قاببل ‪-:‬‬
‫(فاذا الذٌن ٌتؤلمون بحسب مشٌبة هللا فلٌستودعوا أنفسهم كما لخالق أمٌن فً‬
‫عمل الخٌر) (ابط ٗ‪)ٔ9 :‬‬
‫لذلك قال احدهم‬
‫( الرجل االكثر اتضاعا فً ذاته واالكثر خضوعا هلل ‪ ،‬سٌكون االكثر حكم ة‬
‫وله والنظرة والصحٌحة لكل االمور(‪))1‬‬
‫وقال خادم الرب االخ ٌوسؾ رٌاض ‪-:‬‬
‫(ان مدافع نابلٌون التً شوهت وجه ابو الهول اظهرت فً نفس الوقت قوته‬
‫وصبلبته(‪))2‬‬
‫وقال احدهم ‪:‬‬
‫( ٌنبؽً ان ٌكون اجتهادنا ان ننتصر على ذواتنا فنزداد قوة ٌوما بعد ٌوم‬
‫كما ننمو فً القداسة العملٌة)‬
‫فالمسٌحٌة لٌست تعالٌم نظرٌة وفرابض سماوٌة تحفظ فقط بل سلوك وحٌاة ‪ :‬وقد قٌل‬
‫( المعرفة المتضعه لذاتك هً السبٌل االقرب نحو هللا أ كثر من البحث العقلً‬
‫العمٌق )‬
‫وقال احدهم‬
‫( للمإمن ) لكن‬ ‫( مع أن التعلٌم ؼٌر ملوم ‪ ،‬والمعرفة حسنه ومطلوبة‬
‫الضمٌر الصالح والحٌاة الفضلى هً اسمى ما نتمتع به (‪) )1‬‬
‫ال ٌستطٌع المإمن ان ٌدرك عمق محبة هللا وسمو حٌاة القداسة إال اذا اجتاز‬
‫اآلالم والصعاب‬
‫لذلك قال احدهم‬
‫ان كل معامبلت هللا معك اٌها المإمن‪ .‬كل امر ٌمنحك اٌاه للفرح أو أي حزن‬
‫(‪)2‬‬
‫ٌسمح لك به ‪ ،‬الكل لنهاٌة وؼرض واحد وان تكون شرٌكا قً قداسته‬

‫(‪ )4( ، )3( ، )1( )1‬كلها وردت بمجلة الراحة العدد (‪ )19‬والغالف األخير‬
‫(‪ )2‬من أقوال االخ يوسف رياض في كتاب الشيطان ‪1992 -‬‬
‫(‪ )1‬مجلو مياه الراحو العدد (‪ )19‬والغالف االخير‬
‫‪-146-‬‬
‫(‪ )3‬لنتعلم فضٌلة الصبر ‪:‬‬
‫ان هللا المحب فً محبته ٌسمح لنا باآلالم لٌعلمنا فضٌلة الصبر‬
‫حسب قوله ‪:‬‬
‫( عالمٌن ان امتحان اٌم انكم ٌنشا صبرا ‪ .‬واما الصبر فلٌكن له عمل‬
‫تام لكً تكونوا تامٌن وكاملٌن ؼٌر ناقصٌن فً شا ) ( ٌع ٔ‪)ٖ،ٗ :‬‬
‫وٌقول الرسول بطرس عن عطاٌا هللا وهباته الوالده ‪:‬‬
‫( كما ان قدرته االلهٌة قد وهبت لنا كل ما هو للحٌاة والتقوى‬
‫) (ٕبط ٔ‪ )ٖ :‬ثم ٌعود الرسول‬ ‫بمعرفة الذي دعانا بالمجد والفضٌلة‬
‫فٌتحدث عن المجد والفضٌلة قاببل بروح هللا ‪-:‬‬
‫( اللذٌن بهما قد وهب لنا المواعٌد العظمى والثمٌنة لكً تصٌروا بها شركاء‬
‫الطبٌعة االلهٌة هاربٌن من الفساد الذي فى العالم بالشهوة ‪ .‬ولهذا عٌنه وانتم‬
‫باذلون كل اجتهاد قدموا فً اٌمانكم فضٌلة وفً الفضٌلة معرفة وفً المعرفة‬
‫تعففا ًا وفً التعفؾ صبراًا وفً الصبر تقوى) (ٕبط ٔ‪)ٗ،٘ :‬‬
‫اذن اآلالم هبه من هللا وباآلالم نتعلم الصبر والصبر فضٌلة وتقوى‪.‬‬
‫وقد قال احد الشعراء ‪-:‬‬
‫وبالتقوى ٌلٌن لك الحدٌد‬ ‫أال بالصبر تبلػ ما ترٌد‬
‫ما ٌرٌد‬ ‫لكن هللا ٌفعل‬ ‫ترٌد النفس ان تبلػ مناها‬
‫وقد قال احد االتقٌاء ‪:‬‬
‫(من ٌمتلك فضٌلة الصبر له تقدٌر أكثر من شخص له لسان موهوب وهو ال ٌتحلى‬
‫الصؾ‬
‫ة)‬ ‫بهذه‬
‫وٌهتؾ المرنم قاببل ‪:‬‬
‫ًا‬
‫وانتظارا ٌا حبٌب‬ ‫ربنا اعطنا صبرا‬
‫بلقابك عن قرٌب‬ ‫حتى تنتهى الببلٌا‬
‫وٌهتؾ مرنم اسرابٌل الحلو قاببل ‪-:‬‬

‫(‪ )2‬مجلة مياه الراحة العدد (‪ )41‬والغالف االخير‬

‫‪-147-‬‬
‫(انتظر الرب واصبر له وال تؽر من الذي ٌنجح فً طرٌقة من الرجل المجرى‬
‫مكاٌد) (مز‪)7:ٖ7‬‬
‫(‬ ‫ومثالنا فً الصبر هو شخص الرب نفسه ولذلك ٌقول الرسول بولس‬
‫والرب ٌهدي قلوبكم إلً محبة هللا وإلً صبر المسٌح ) (ٕتس ٖ ‪.) ٘ :‬‬
‫وٌقول رسول الجهاد للعبرانٌٌن‬
‫( ألنكم تحتاجون إلى الصبر حتى اذا صنعتم مشٌبة هللا تنالون الموعد )(عب‬
‫ٓٔ‪)ٖٙ :‬‬
‫والصبر المطلوب للمإمن والذي هو بحسب فكر هللا هو البر والتقوى ال‬
‫الصبر على اآلالم التً ٌجنٌها المإمن نتٌجة الوقوع فً الخطؤ‪.‬‬
‫لذلك ٌقول الرسول بطرس موضحا هذا المعنى ‪:‬‬
‫(النه أي مجد هو ان كنتم تلطمون م خطبٌن فتصبرون ‪ .‬بل ان كنتم تتؤلمون‬
‫)( ابط ٕ‪:‬‬ ‫عاملٌن الخٌر فتصبرون فهذا فضل عند هللا ألنكم لهذا دعٌتم‬
‫ٕٔ‪.)ٕٓ،‬‬
‫خٌر أفضل منه وانتم صانعون‬ ‫(الن تؤلمكم ان شاءت مشٌبة هللا وانتم صانعون اًا‬
‫شراًا)(ابطٖ‪.)ٔ7:‬‬
‫فصبرك له قٌمته فً نظر سٌدك العظٌم الذي كان مثالنا االعظم فً الصبر‪.‬‬
‫لذلك ٌقول الرسول بطرس ‪:‬‬
‫خطواته‬
‫)‬ ‫(ألنكم لهذا دعٌتم فإن المسٌح أٌضا ًا تؤلم ألجلنا تاركا ًا لنا مثاالًا لكً تتبعوا‬
‫(ٔبطٕ‪)ٕٔ:‬‬
‫وٌقول رسول الجهاد للعبرانٌٌن وكل المإمنٌن ( فتفكروا فً الذي احتمل من‬
‫الخطاة مقاومة لنفسه مثل هذه لببل تكلوا وتخ وروا فً نفوسكم ) ( عب ٕٔ‪:‬‬
‫ٖ)‬
‫ان المسٌح ملك الملوك ورب االرباب ذلك القدوس البار احتمل من اٌدى‬
‫اآلثمة آالما مبرحة وهو صامت وقد كان بامكانه ان ٌبٌدهم بكلمة من فمه‪.‬‬
‫ولذلك قال عنه اشعٌاء بروح النبوة ‪:‬‬
‫( ظلم اما هو فتذلل ولم ٌفتح فاه كشاه تساق إلً الذبح وكنعجة صامته امام‬
‫جازٌها فلم ٌفتح فاه)( اش ٖ٘‪)7 :‬‬
‫لذلك ٌقول الرسول بطرس ‪:‬‬

‫‪-148-‬‬
‫(الن هذا فضل ان كان أحد من أجل ضمٌر نحو هللا ٌحتمل احزانا متؤلما‬
‫بالظلم) (ابطٕ‪)ٔ9:‬‬
‫كما ان هذا الصبر من اجل اسم المسٌح والذي ٌظهر فً احتمال اآلالم ألجل‬
‫مجد المسٌح بجانب انه فضٌلة عظمى فله اٌضا اجراًا عظٌما وتقدٌراًا فً نظر‬
‫هللا لذلك ٌقول الرسول بطرس ‪:‬‬
‫(نفتخر أٌضا فً الضٌقات عالمٌن ان الضٌق ٌنشا صبراًا والصبر تزكٌه‬
‫والتزكٌة رجاء والرجاء ال ٌخزى الن محبه هللا قد انسكبت فً قلوبنا بالروح‬
‫القدس المعطى لنا) (رو٘‪ٖ:‬وٗ)‬
‫وٌقول الرسول ٌعقوب‬
‫( واما الصبر فلٌكن له عمل تام لكى تكونوا تامٌن وكاملٌن ؼٌر ناقصٌن فً‬
‫شا ) ( ٌع ٔ‪)ٗ :‬‬
‫( خذوا ٌا اخوتً مثاال الحتمال المشقات واالناه االنبٌاء الذٌن تكلموا باسم‬
‫الرب‪ .‬هانحن نطوب الصابرٌن‪ .‬قد سمعتم بصبر اٌوب ورأٌتم عاقبة الرب ‪)..‬‬
‫(ٌع٘‪)ٔٓ :‬‬
‫ان كل من ٌصبر على اآلالم فً هذا الزمان فسوؾ ٌنا ل أجره ومكافؤته من‬
‫ذلك المحب العادل لذلك ٌقول الرسول العظٌم بولس الذي احتمل اآلالم من اجل‬
‫اسم المسٌح بصبر وشكر منتظراًا أجره من سٌده بكل ثقة وٌقٌن ‪:‬‬
‫قاببل‬
‫( ان كنا نصبر فسنملك اٌضا معه) ( ٕتً ٕ‪)ٕٔ :‬‬
‫(‪ )4‬لكً نشعر بوجوده فً حٌاتنا ونتمتع بجوده لنا‬
‫قال اٌوب فً نهاٌة تجربته وآالمه للرب‬
‫( بسمع األذن قد سمعت عنك واآلن رأتك عٌنً) ( أي ٕٗ‪)٘ :‬‬
‫ونرى فً استفانوس الذي ٌعتبر أول شهٌد سفك دمه من اجل الشهادة السم‬
‫المسٌح فلما سمع الٌهود اقواله حنقوا علٌه ولكنه نظر إلً السماء حسب قول‬
‫الكتاب (ٔع ‪)٘٘،٘ٙ :7‬‬
‫( وحٌنما كانوا ٌرجمونه وهو ناظر وجه سٌده المبارك قابما ًا عن ٌمٌن هللا‬
‫وكؤنه ٌقول له مرحبا بك ٌا استفانوس ولذلك استطاع ان ٌملك المقدرة على‬
‫(‪)1‬‬
‫المؽفرة لراجمٌه كما فعل سٌدهم حسب قول الكتاب)‬

‫(‪ )1‬أنظر ( أعمال الرسل ‪. ) 60 : 7‬‬


‫‪-149-‬‬
‫وعندما وقؾ شعب اسرابٌل امام البحر األحمر والتفتوا الى البحر فلم ٌجدوا‬
‫طرٌقا للعبور وكان فرعون قد الحقهم من الخلؾ فاذا بالبحر امامهم والعدو‬
‫بخٌله ومركباته خلفهم فتذمروا على موسى قابلٌن ‪:‬‬
‫تن لنموت فً البرٌة ) (خر ٗٔ‪)ٔٔ :‬‬ ‫(‪ ..‬هل النه لٌست قبور فً مصر أخذ ا‬
‫وهذه لؽة الضعؾ وعدم الثقة فً محبة وعناٌة الرب بشعبه وقدٌسٌه ‪ ،‬لكن‬
‫موسى رجل هللا الذي كان ا مٌنا على كل بٌته والذي أختبر عمق محبه هللا قال‬
‫للشعب بكل ثقة واٌمان وٌقٌن‪:‬‬
‫‪ .‬فانه كما رأٌتم‬ ‫(‪ ...‬قفوا وانظروا خبلص الرب الذي ٌصنعه لكم الٌوم‬
‫المصرٌٌن الٌوم ال تعودون ترونهم اٌضا إلى األبد ‪ .‬الرب ٌقاتل عنكم وانتم‬
‫تصمتون ) ( خر ٗٔ‪)ٖٔ،ٔٗ :‬‬
‫لبحر‪.‬‬‫فضرب‬
‫ا‬ ‫رب فامره الرب بان ٌضرب البحر بعصاه‬ ‫ولما صلى موسى الى ال‬
‫وٌمكن للقارئ قراءة سفر الخروج االصحاح الرابع عشر والخامس عشر‬
‫ولنسمع قول الكتاب لنعرؾ عمق محبة هللا وسمو قدرته ‪:‬‬
‫( ومد موسى ٌده على البحر فاجرى الرب البحر برٌح شرقٌة شدٌدة كل‬
‫اللٌل وجعل البحر ٌابسة وانشق الما ء ‪ ،‬فدخل بنو اسرابٌل فً وسط البحر‬
‫على الٌابسة والماء سور لهم عن ٌمٌنهم وعن ٌسارهم ) ( خرٗٔ‪)ٖٔ،ٖٕ :‬‬
‫وعندما رأي فرعون ذلك اندفع وراء موسى وشعب هللا ولكن ما اعظم هللا‬
‫وما اجل قدرته اذ ٌوضح لنا الكتاب المقدس‬
‫(‪ ...‬فدفع الرب المصرٌٌن فً وسط البحر ‪ .‬فرجع الماء وغ طى مركبات‬
‫وفرسان جمٌع جٌش فرعون الذي دخل وراءهم فً البحر لم ٌبق منهم وال‬
‫واحد) ( خر ٗٔ‪)ٕ7،ٕ8 :‬‬
‫وٌقول الكتاب المقدس ‪:‬‬
‫( فخلص الرب فً ذلك الٌوم اسرابٌل من ٌد المصرٌٌن ونظر اسرابٌل‬
‫المصرٌٌن امواتا على شاطا البحر ) ( خر ٗٔ‪)ٖٓ :‬‬
‫وحٌنبذ رنم موسى وبنو اسرابٌل ه ذه التسبحة للرب وقالوا ‪:‬‬
‫( ارنم للرب فانه قد تعظم ‪ .‬الفرس وراكبه طرحهما فً البحر ‪ .‬الرب قوتً‬
‫ونشٌدى وقد صار خبلص ي هذا الهً فامجده اله ابً فارفعه ) ( خر ٘ٔ‪:‬‬
‫ٕ‪.)ٔ،‬‬

‫‪-150-‬‬
‫وهكذا رأي الشعب خبلص الرب وشعروا بوجوده معهم ورعاٌته ورأوا‬
‫كٌؾ عظم عمله لهم فصاورا فرحٌن ورنموا ترانٌم الؽلبة واالنتصار ‪ .‬وٌذكر‬
‫الكتاب المقدس عن مرٌم اخت موسى وهارون هذا القول‪.‬‬
‫( فاخذت مرٌم النبٌه اخت هرون الدؾ بٌدها وخرجت جمٌع النساء وراءها‬
‫بدفوؾ ورقص ‪ .‬واجابتهم مرٌم رنموا للرب فانه قد تعظم ‪ .‬الفرس وراكبه‬
‫طرحهما فً البحر ) (خر ٘ٔ‪.)ٔٓ :‬‬
‫ان للمرأة نصٌبا ال ٌقل عن الرجل فً المسٌح وفً كفاٌه عمله ولها عمبل‬
‫وكرامة ومكانه وٌجب ان ٌكون لها دورها فً خدمة الفادي وتمجٌد اسمه‬
‫العظٌم ‪ ،‬ان ترنٌم مرٌم ومعها نساء اسرابٌل دلٌل على تمتعهم بوجود الرب‬
‫معهم وعظم جوده لهم واعتراؾ افواههم بالحمد والشكر له‪.‬‬
‫نعم لقد رأي الفتٌه الثبلثة شخص المسٌح المبارك معهم فى االتون فلم ٌصبح‬
‫اتونا بل روضه مرٌحة جمٌلة وٌمكن للقارئ العودة لما سبق ان ذكرته عن‬
‫هذا االمر فً موضوع سبلم هللا للفتٌة فً االتون‪.‬‬
‫وماذا اقول عن وجود الرب معنا ورعاٌته ومحبته وعظم جوده لنا‪.‬‬
‫(‪ )5‬لفك قٌودنا من العالم وٌحول انظارنا إلٌه‬
‫نعم ‪ :‬ماذا فعل االتون فً الفتٌة االبرار؟‬
‫قد رأي نبوخذ نصر الملك أربعة رجال بدال من ثبلثة واألربعة كما وصفهم‬
‫محلولٌن ولهذا فقد اندهش الملك وسؤل مشٌرٌه قاببل‪:‬‬
‫(‪ ..‬الم نلق ثبلثة رجال فً وسط النار (‪( ) )1‬دا ٖٔ ‪.)ٕٗ :‬‬
‫لقد كانت النٌران شدٌدة ولكنها لم تستطٌع ان تحرق ثٌابهم ولكنها استطاعت‬
‫ان تفك القٌود الحدٌدٌة التً وضعت على اٌدٌهم وارجلهم فانطلقوا احراراًا‬
‫وهذا ما تفعله نٌران التجارب باالتقٌاء‪.‬‬
‫عزٌزى اذا كنت مإمنا صابراًا شاكراًا فلن تستطٌع اآلالم سوى ان تفك‬
‫قٌودك من هذا العالم فقد ٌكون قلبك معلقا بصدٌق او حبٌب او ابن تنتظر منه‬
‫شٌبا ًا أو ماال او عقاراًا تعلق علٌه آمبل ‪ .‬وهذه كلها قٌود تعوق تمتعك باالتكال‬
‫على الرب وحده السواه‪.‬‬

‫(‪ )1‬يمكن الرجوع لموضوع سالم الفتيو في االتون‬


‫‪-151-‬‬
‫اخً ال تنتظر من انسان ما شٌبا ًا على االطبلق بل انتظر الرب واصبر له‬
‫وتعلم ان ٌكون كل اتكالك علٌه وكل نظرك إلٌه لقد نظر بطرس إلً البحر‬
‫وإلً نفسه فكاد ٌؽرق لكن الرب علمه درسا جمٌبل حٌن قال بطرس للرب ‪:‬‬
‫( ان كنت انت هو فمرنً ان اتً الٌك على الماء فقال تعالى فنزل بطرس‬
‫من السفٌنة ومشى على الماء لٌاتً إلى ٌسوع ‪ .‬ولكن لما راى الرٌح شدٌدة‬
‫خاؾ واذ ابتدأ ٌؽرق صرخ قاببل ٌارب نجنى ‪ .‬ففً الحال مد ٌسوع ي ده‬
‫وامسك به وقال له ٌا قلٌل االٌمان لماذا شككت ) ( متٗٔ‪)ٖٔ-ٕ8 :‬‬
‫ولما مشى بطرس على الماء باٌمان وثقة شدٌدة تعلم درسا جمٌبل هو النظر‬
‫إلً شخص الرب فلننظر إلى الرب وحده مهما كانت الظروؾ من حولنا وال‬
‫نحول انظارنا لؽٌره ألن من ٌتحول للنظر النسان ما أو لشىء ما ؼً ر الرب‬
‫فهو مسكٌن وبابس وحزٌن‪.‬‬
‫لذلك ٌقول المرنم ‪:‬‬
‫( انتظر الرب لٌتشدد ولٌتشجع قلبك وانتظر الرب ) ( مز ‪)ٔٗ :ٕ7‬‬
‫ان من ٌنظر وٌنتظر الرب فٌتم فٌه قول الرب على لسان داود‪:‬‬
‫( نظروا إلٌه واستناروا ووجهوهم لم تخجل ) ( مز ٖٗ‪)٘ :‬‬
‫وحٌنما ٌتعلم المإمن من مدرسة اآلالم كٌؾ ٌتحرر من كل رُبط العالم‬
‫وقٌوده فبل ٌكون له اتكال إال على الرب وحده وال ٌضع ثقته اال فً الرب‬
‫وال ٌنتظر لمنقذ له سواه من أي ضٌق او آلم وهكذا ٌتحقق بالسلوك الع م لً ال‬
‫النظرى اننا نختبر صدق اقواله ونحٌاها‪.‬‬
‫( ونحن نعلم ان كل االشٌاء تعمل معا للخٌر للذٌن ٌحب ون هللا الذٌن هم‬
‫مدعون حسب قصده) ( عب ‪)ٕ8 :8‬‬
‫(‪ )6‬لكً ٌزكً اٌماننا وٌلمع امام اآلخرٌن‬
‫ٌقول الحكٌم بروح هللا‬
‫( البوطه للفضة والكور للذهب وممتحن القلوب الرب) (أم‪.)ٖ :ٔ7‬‬
‫ان قارورة الطٌب التً كانت فً ٌد مرٌم المجدلٌه لم تفوح رابحتها الطٌبة و‬
‫تمؤل المكان اال بعد ان كسرت‪ .‬وهكذا قلب المإمن ال ٌلمع اٌمانه إال اذا اجتاز‬
‫اآلالم بصبر وشكر وتسلٌم وسبلم فلو كان الطرٌق ٌا عزٌزى مفروشا‬
‫بالورود لما دون عن اٌمانك شٌبا ولما لمع اسمك وسط الؽالبٌن‪.‬‬
‫فلوال اجتٌاز الشونمٌة تلك التجربة وخضوعها للرب وصبرها وثباتها‬
‫وتسلٌمها وسبلمها الذي عبرت عنه لما دون لنا الوحى قصتها الخالدة التً‬

‫‪-152-‬‬
‫ستظل على مر العصور واالزمنة تشهد لهذا االٌمان العظٌم بل ولِما شهد‬
‫عنها هللا بؤنها امرأة عظٌمة فقد لمع اٌمانها كما لمع من قبل اٌمان جدها‬
‫ابراهٌم‪.‬‬
‫ان االٌمان المسٌحى ٌلمع فً المرأة المإمنة كما فً الرجل المإمن أٌضا‬
‫وٌدون الوحى قصتها فً سفر الملوك وٌشهد الروح القدس فً سفر العبرانٌٌن‬
‫( عب ٔٔ‪ )1( ) ٖ٘ :‬وٌضمها الروح القدس لسحابة الشهود قاببل‪.‬‬
‫( فً االٌمان مات هإالء اجمعٌن وهم لم ٌنالوا المواعٌد بل من بعٌد‬
‫نظروها وصدقوها وحٌوها وأقروا بؤنهم ؼرباء ونزالء على األرض )(عب‬
‫ٔٔ‪)ٖٔ :‬‬
‫وٌذكر الوحى اٌضا تلك الكلمات العظٌمة عن هإالء االتقٌاء‪:‬‬
‫(لذلك ال ٌستحى بهم هللا ان ٌدعى الههم النه اعد لهم مدٌنة )(‪ ( )2‬عب ٔٔ‪:‬‬
‫‪.)ٔٙ‬‬
‫ولكى تتضح الصورة امام القارئ فانً أتساء ل واجٌب‬
‫كٌؾ ٌعلن المإمن المسٌحى عن اٌمانه ومتى؟‬
‫ان حٌاة االٌمان المسٌحى حٌاة فردٌة ومعامبلت هللا مع المإمن فردٌة‬
‫وسرٌة فالمإمن ٌسجد وٌتعبد وٌصوم وٌقدم عطاٌاه هلل سرا وفً الخفاء حسب‬
‫تعلٌم مخلصنا المبارك لكل من ٌتقٌه قاببل ( فمتى صنعت صدقه فبل تصوت‬
‫قدامك بالبوق كما ٌفعل المراإون فً المجامع وفً االزقة لكً ٌمجدوا من‬
‫الناس‪ .‬الحق اقول لكم انهم قد استوفوا اجرهم‪ .‬واما انت فمتى صنعت صدقة‬
‫فبل تعرؾ شمالك ما تفعل ٌمٌنك ‪ .‬لكً تكون صدقتك فً الخفاء فؤبوك الذي‬
‫ٌرى فً الخفاء ٌجازٌك عبلنٌة )(مت‪)ٗ-ٔ :ٙ‬‬
‫هذه وصٌة الرب من جهة الصدقة وٌمكن للمإمن ان ٌعود لقراءة ما سبق ان‬
‫ذكرته عن تقدٌم العشور للرب وك ذلك الصبلة ٌجب أن تكون فً السر أي‬
‫صبلة المخدع ( الصبلة الفردٌة ) فلنسمع قول المعلم العظٌم‬

‫(‪ )1‬يمكن الرجوع لسفر العبرانيين لقراءة االية وحتى التكررىا فقد سبق ذكرىا‬
‫(‪ )2‬االستزادة والتعزية يمكن للقارئ الرجوع إلي سفر العبرانيين االصحاح الحادى عشر‬
‫‪-153-‬‬
‫( واما انت فمتى صلٌت فادخل الى مخدعك واؼلق بابك وصل الى ابٌك‬
‫الذي فً الخفاء فابوك الذي ٌرى فً الخفاء ٌجازٌك عبلنٌة ) ( مت ‪)ٙ :ٙ‬‬
‫ان الصبلة سرٌة وكذلك الصوم ٌقول الرب لكل مإمن‬
‫( واما أنت فمتى صمت فادهن رأسك واؼسل وجهك ‪ .‬لكً ال تظهر للناس‬
‫صابما بل البٌك الذي فً الخفاء‪ .‬فابوك الذي ٌرى فً الخفاء ٌجازٌك عبلنٌه )‬
‫(مت‪)ٔ7،ٔ8 :ٙ‬‬
‫اذن فاالٌمان المسٌحى ال ٌعلن عنه اال فً امر واحد فقط هو اآلالم‬
‫واحتمالها بصبر وشكر وتسلٌم وسبلم لوال صبر الشونمٌه وتسلٌمها وسبلمها‬
‫الذي اعلنته لما لمع إٌمانها وتزكى ولما دون هللا لنا قصتها‪.‬‬
‫واما التظاهر بالصدقة او الصوم والصبلة معناه فراغ القلب من محبه هللا وضٌاع‬
‫االجر من هللا ان احتمال اآلالم بصبر وشكر واجتٌازها بسبلم هً الحالة الوحٌدة‬
‫التً ٌتاح فٌها للمإمن ان ٌقول ها انا فبل تظاهر فً المسٌحٌة للعطاء أو للصبلة او‬
‫للصوم فاالمر خبلؾ ما ٌدعى البعض ممن ال ٌعرفون ‪.‬الحق‬
‫ان القاسم المشترك االعظم الذي جمع سحابة الشهود واظهر اٌمانهم هو صبرهم‬
‫صورة‬‫وشكرهم فً احتمال اآلالم مما جعل اٌمانهم المسٌحى ظهر بؤجلى ‪.‬‬
‫الن االيمان المسٌحى مإسس على اساس النعمة وتطهٌر القلب بدم المسٌح‬
‫الذي ال فضل لنا فٌه لذلك علٌنا ان نشكره ونعٌش له فً خشوع واتضاع ‪ .‬اما‬
‫دافع التظاهر فوراءه الكبرٌاء وحب الظهور وتضخم الذات والمسٌحٌة تبؽض‬
‫الكبرٌاء وتنادى باالتضاع وانكار الذات الن االنتصار على الذات هو اعظم‬
‫االنتصارات وكسر الذات هً بداٌة البركات‪.‬‬
‫وان هللا ٌعطى لكل مإمن فرصة وحٌدة ٌثبت فٌها اٌمانه وهً السماح له‬
‫باآلالم الن احتمال اآلالم بصمت وصبر وشكر وسبلم وثقة فً هللا القادر‬
‫( ٌعلم الرب ان ٌنقذ‬ ‫على انقاذه من كل ضٌق حسب وعده االمٌن القابل‬
‫االتقٌاء من التجربة)(ٕبط ٕ‪.)9 :‬‬
‫وحٌن ٌنتصر أوالد هللا على التجارب واآلالم والمحن بالصبر والشكر‬
‫والشهادة للرب وقتبذ ٌلمع فٌهم جمال االٌمان فٌتم فٌهم قول الرسول بولس ‪:‬‬
‫( ولكن شكراًا هلل الذي ٌقودنا فً موكب نصرته فً المسٌح كل حٌن وٌظهر‬
‫بنا رابحة معرفته فً كل مكان الننا رائ حة المسٌح الذكٌة هلل فً الذٌن‬
‫ٌخلصون وفً الذٌن ٌهلكون)( ٕكو ٘ٔ‪)ٔٗ،‬‬

‫‪-154-‬‬
‫ان شعب بابل لم ٌدرك عظمة دانٌال اال بعد ان خرج من جب األسود فقد‬
‫شهد له الملك وهذه الشهادة هً تزكٌة لبلٌمان الذي فٌه وهكذا كل االتقٌاء‬
‫الذٌن ٌحملون اآلالم ملقٌن كل ما ٌواجههم من ضٌق على الرب بثقة وٌقٌن‬
‫فٌخرجون من ضٌقهم الى رحب ال حصر فٌه وٌلمع اٌمانهم وٌراه كل من‬
‫ٌراهم فٌشهد الخرٌن وهذه هً تزكٌة االٌمان بمدحه من هللا والناس حسب‬
‫قول الرب‪.‬‬
‫( فلٌضا نوركم هكذا قدام الناس لكً ٌروا اعمالكم الحسنه وٌمجدوا اباكم‬
‫الذي فً السموات )( مت ٘‪)ٔٙ :‬‬
‫(وان تكو ن سٌرتكم بٌن االمم حسنه لكً ٌكونون فً ما ٌفترون علٌكم‬
‫كفاعلى شر ٌمجدون هللا فً ٌوم االفتقاد من اجل اعمالكم الحسنه التى‬
‫ٌبلحظونها ) ( ابط ٕ‪)ٕٔ :‬‬
‫إن هللا قد ٌدخلنا فً وسط نٌران اآللم وقد ٌسمح بمضاعفة النٌران النفسٌة‬
‫والجسدٌة والمعنوٌة لنخرج منها أكثر لمعانا فً اٌماننا‪.‬‬
‫ولكً ٌتضح المعنى للقارئ اذكر هذا التشبٌه ‪:‬‬
‫ان صانع الذهب حٌنما ٌحاول تشكٌله فلٌس امامه افضل من وضعه فً النار‬
‫ولكن لهذه العملٌة ترمومتر خاص ٌظل الجواهرجً ممسكا به وهو ٌضاعؾ‬
‫او ٌقلل من النٌران حتى تتضح صورته فً ذلك المعدن الثمٌن والنفٌس وحٌنبذ‬
‫يطفا النار وٌدرك ان هذا الذهب نقٌا ال توجد فٌه شوابب (‪ )1‬وهكذا ٌفعل هللا‬
‫الجهاد(ٌا‬
‫‪:‬‬ ‫بؤوالده حٌنما ٌسمح لهم بدخول بوتقه اآلالم حتى ٌتم فٌنا قول رسول‬
‫فٌكم (ؼبلٗ‪)ٔ9 :‬‬
‫أوالدى الذٌن اتمخض بكم اٌضا إلً ان ٌتصور المسٌح )‬
‫لذلك ٌقول الرسول بولس ‪:‬‬
‫( فاشترك انت فً احتمال المشقات كجندى صالح لٌسوع المسٌح )(ٕتً ٔ‪:‬‬
‫ٖ)‬
‫وهذا معناه ان المإمن فً حٌاته هنا على االرض صوره ومثال حً ٌسلك‬
‫بمقتضى مقاصد القدٌر وٌخضع لمشٌبته بكل صبر واحتمال فٌكون متشبها‬
‫بؤعلى مثال لنا وهكذا ٌنجح االٌمان وٌزكً ولذلك ٌقول اٌوب فً تجربته التً‬
‫اجتازها بنجاح‬

‫(‪ )1‬الشوائب ىي المواد االخرىالغريبة غير النفيسة التي قد تكون مختلطة بالذىب ‪.‬‬
‫‪-155-‬‬
‫( ألنه ٌعرؾ طرٌقى‪ .‬اذا جربنً اخرج كالذهب ) ( أي ٖٕ‪)ٔٓ :‬‬
‫ولذلك ٌناشد الرسول بطرس المإمنٌن قاببل ‪:‬‬
‫(انتم الذٌن بقوة هللا محروسون باٌمان لخبلص مستعد ان ٌعلن فً الزمان‬
‫االخٌر الذي به ٌبتجهون مع انكم اآلن إن كان ٌجب تحزنون ٌسٌرا بتجارب‬
‫متنوعة‪ .‬لكً تكون تزكٌة اٌمانكم وهً اثمن من الذهب الفانً مع انه ٌمتحن‬
‫بالنار توجد للمدح والكرامة والمجد عند إستعبلن ٌسوع المسٌح ) ( ابط ٔ‪-٘ :‬‬
‫‪)7‬‬
‫فكم من النساء كن فً اسرابٌل فً اٌام الشونمٌة ولكن الوحً دون لنا‬
‫واحتمالها‬
‫ـ‬ ‫قصتها تقدٌرا م ـن الرب ذاته لعظمة اٌمانها وصبرها وتسلٌمها‬
‫(‪)1‬‬
‫فتقبلتها بكل‬ ‫وسبلمها فً وسط تجارب الحٌاة التً اعطٌت لها من هللا‬
‫صبر وشكر فحصلت على أعظم وسام حٌن اتاها المدح ال من الناس بل من‬
‫هللا الذي شهد لها بؤنها امرأة عظٌمة‪.‬‬
‫وكم من الرجال كانوا فً اسرابٌل اٌام دانٌال والفتٌه الثبلثة ولكن هللا دون‬
‫لنا بطولة هإالء تزكٌة لهم وقد زكاهم الملك حسب قول الكتاب‪.‬‬
‫( ثم اقترب نبوخذ نصر الى باب اتون النار المتقدة واجاب فقال ٌا شدرخ‬
‫ومٌشخ وعبدنؽو ٌا عبٌد هللا العلى‪( )..‬دٔ ٖ‪)ٕٙ :‬‬
‫ان التسلٌم للرب واالحتمال بشكر وصبر هو الترجمة الفعلٌة لبلٌمان‬
‫الحقٌقى المزكً من هللا والناس لذلك ٌوصٌنا الهنا قاببل‪.‬‬
‫( انظروا إلى نهاٌة سٌرتهم فتمثلوا باٌمانهم )(عب ٖٔ‪)7 :‬‬
‫ال بل اكثر من ذلك اذا ٌعلمنا اعظم معلم على لسان بولس الرسول قاببل ‪:‬‬
‫( لذلك نحن اٌضا اذ لنا سحابه من الشهود مقدار هذه محٌطة بنا لنطرح كل‬
‫ثقل والخطٌة المحٌطة بنا بسهولة ولنحاضر بالص بر فً الجهاد الموضوع‬
‫امامنا ‪ .‬ناظرٌن إلى ربٌس االٌمان ومكمله ٌسوع الذي من اجل السرور‬
‫الموضوع امامه احتمل الصلٌب مستهٌنا بالخزي)(عبٕٔ‪)ٖ-ٔ :‬‬

‫(‪ )1‬عند موت ابنها وحيدىا ويمكن للقارئ الرجوع لما سبق شرحو بعنوان متى يلمع االيمان‬
‫المسيحى ‪.‬‬
‫‪-156-‬‬
‫وبما اننا نرى هإالء االبطال الذي سمت حٌاتهم ولمع اٌمانهم فً سحاب‬
‫المجد فعلٌنا ان نصبر وننظر ال الٌهم فقط بل الى من هو اعظم بما ال ٌقاس‬
‫لآلالم‬
‫فالرب وحده ال نظٌر له فهو مثالنا االعظم الذي ننظر إلٌه فً احتماله ‪.‬‬
‫(‪ )7‬لكى نختبر بالتسلٌم سبلم هللا‬
‫رأٌنا كٌؾ تمتع االتقٌاء بسبلم هللا لهم فً وسط ضٌقهم وآالمهم وٌمكن‬
‫للقارئ الرجوع لما سبق ذكره عن السبلم ولكن لٌعلم القارئ ان الؽرض من‬
‫حدوث التجارب والمحن واآلالم لبلتقٌاء هو أن ٌختبروا هذا السبلم العجٌب‬
‫المخالؾ لمنطق البشر والذي ٌقول عنه الرسول ‪:‬‬
‫( وسبلم هللا الذي ٌفوق كل عقل ٌحفظ قلوبكم وافكاركم فً المسٌح ٌسوع )‬
‫(فً ٗ‪.)7 :‬‬
‫نعم ان فرح المإمنٌن وسبلم الرب لهم عجٌب حقا وال ٌستطٌع ان ٌدرك‬
‫ابعاده إال من عاش اآلالم ورأى هللا وسط أشد لٌالى المحن وااللم وذاق طعم‬
‫هذا السبلم العجٌب فٌستطٌع ان ٌتؽنى بسبلم هللا وٌرنم مع المرنم‪.‬‬
‫( الرب ٌعطى عزا لشعبه الرب ٌبارك شعبه بالسبلم ) (مز ‪)ٔٔ :ٕ9‬‬
‫(‪ )8‬لكً ٌتمجد هللا فٌنا وبنا‬
‫ان المإمن الذي ٌتحمل التجربة بثقة وٌقٌن وبصبر وسبلم من اجل اسم‬
‫المسٌح ٌعطى الفرصة للرب لكً ٌعلن عن مجده من خبلله ولعل االمثلة التً‬
‫وردت فً الكتاب المقدس كثٌرة جداًا وال مجال لنا لحصرها كلها ولكن نذكر‬
‫على سبٌل المثال بعضا مما سبق ان ذكرناهم على اعتبار ان آالمهم سبق ان‬
‫عرضناها‪ .‬فدانٌال مثبل عندما وثق فً الهه كل الثقة بؤنة قادر على ان ٌنجٌه‬
‫فبالفعل انقذه الرب من الجب وتمجد من خبلله ونرى ذلك واضحا من خبلل ما‬
‫جاء بكلمة هللا‪.‬‬
‫( ثم كتب الملك دارٌوس إلً كل الشعوب واالمم واأللسنة الساكنٌن فً‬
‫االرض كلها‪ .‬لٌكثر سبلمكم‪ .‬من قبلى صدر امر بؤنه فً كل سلطان مملكت ى‬
‫ٌرتعدون وٌخافون قدام اله دانٌال النه هو االله الحً القٌوم إلى االبد وملكوته‬
‫لن ٌزول وسلطانه إلً المنتهى هو ٌنجى وٌنقذ وٌعمل اآلٌات والعجابب فً‬
‫السموات وفً االرض‪ .‬هو الذي نجى دانٌال من ٌد االسود)(دا ‪)ٖ7- ٖ٘ :ٙ‬‬
‫وهكذا عاد المجد لصاحب المجد والسلطان والقدرة والجبلل من خبلل ثقة‬
‫عبده دانٌال وتمسكه برضاه فوق كل عزٌز وؼالى‪.‬‬

‫‪-157-‬‬
‫فلٌكن هذا لسان حالك ٌا عزٌزى القارئ فتمسك باٌمانك وثقتك بالهك القدٌر‬
‫وال تحسب حسابا لنفسك وال لؽٌرك فاهلل وحده قادر ان ٌحفظك وٌعلن اسمه‬
‫من خبللك‪.‬‬
‫ن تطٌع وتخضع‬ ‫فهل ٌمكنك ٌا عزٌزى القارئ ان تعزم من كل قلبك ا‬
‫لسٌدك مهما كلفك األمر ؟‬
‫إنك اذا سلمت نفسك لطاعته بكل قلبك واحتملت كل ما ٌسمح به لك فسوؾ‬
‫تختبر عظم جوده وٌكفٌك فخراًا ان ٌعمل هللا من خبلل حٌاتك فتصٌر نبع‬
‫تجرى من خبلله انهار محبه هللا للعالم‪.‬‬
‫ولوال اٌمان الفتٌة بخبلص هللا لهم وتمسكهم برضاه وعد م سجودهم لتمثال‬
‫الذهب الذي صنعه الملك فقد كان االتون المحمى سبعه اضعاؾ اهون علٌهم‬
‫من مخالفة سٌدهم والسجود لؽٌره فهو وحده معبودهم وحبٌب قلوبهم الذي من‬
‫اجله هانت الحٌاة ولهذا تمجد هللا فٌهم وبهم وٌكفى ان نذكر ما جاء عنهم‬
‫بكلمة هللا ‪:‬‬
‫( واجتمعت المرازبه الشح ن والواله ومشٌروا الملك ورأوا هإالء الرجال‬
‫الذٌن لم تكن للنار قوة على اجسامهم وشعره من رإوسهم لم تحترق‬
‫وسراوٌلهم لم تتؽٌر ورابحة النار لم تؤت علٌهم ‪.‬أجاب نبوخذ نصر وقال‬
‫تبارك اله شدرخ ومٌشخ وعبدنؽو الذي ارسل مبلكه وانقذ عبٌده الذٌن اتكلوا‬
‫علٌه وؼٌروا كلمة ا لملك واسلموا اجسادهم لكٌبل ٌعبدوا او ٌسجدوا الله ؼٌر‬
‫الههم‪ .‬فمنى قد صدر امر بؤن كل شعب وامه ولسان ٌتكلمون بالسوء على اله‬
‫شدرخ ومٌشخ وعبد نؽو فؤنهم ٌصٌرون اربا اربا وتجعل بٌوتهم مزبله اذ‬
‫لٌس اله آخر ٌستطٌع ان ٌنجى هكذا ) (دٔ ٖ ‪)ٖٓ-ٕ7 :‬‬
‫قٌاء عن احد االتقٌاء من رجال هللا القس حبٌب بقطر‬ ‫وهناك قصة ٌرددها االت‬
‫راعً الكنٌسة االنجٌلٌة بطما انه فً ذات ٌوم من أٌام اآلحاد عندما استٌقظ‬
‫الخادم وزوجته وبٌنما هما ٌستعدان لحضور اجتماع االحد طلب القس من‬
‫ؾ‬
‫زوجته ان توقظ االوالد لٌستعدوا لحضور االجتماع فاذا بؤحد االبناء قد رقد ي‬
‫الرب وانزعجت األم وحٌنما علم الخادم بذلك طلب منها ومن أوالده ان ال‬
‫ٌتحدثوا أو ٌعلنوا ألحد عن ذلك حتى ٌتم عقد االجتماع المزمع عقده فً صباح‬
‫ذلك الٌوم وقد حاولت االم كثٌراًا ولكن رجل هللا شدد علٌها وعلى أوالده قاببل‬
‫ال ٌجب ان أعلن عن وفاة ابننا النً ال استطٌع باي حال من االحوال ان اعطل‬

‫‪-158-‬‬
‫اجتماع الرب للعبادة وال اقبل ان ٌلؽى االجتماع بسبب امر كهذا ‪ .‬وبالفعل‬
‫حضر الخادم وزوجته واوالده االجتماع حٌث كان االجتماع اسفلالطابق الذي‬
‫ٌسكنه الخادم وسار االجتماع كالعادة حٌث ترنمت الكنٌسة وقدم الخادم عظه‬
‫مباركة فقد الهمه هللا تلك الكلمات الحلوة النه فضل طاعته ورضاه على نفسه‬
‫وبعد انتهاء اإلجتماع طلب الخادم من الحاضرٌن االنتظار قلٌبل النه ٌوجد تنبٌه‬
‫خاص وظن الحاضرون ان التنبٌه ٌخص الكنٌسة ولكن عمت الدهشة الجمٌع‬
‫حٌن علموا من خادمهم ان ابنه قد توفى فً صباح ذلك الٌوم وانه جثمان‬
‫م سجى على فراشه‪.‬‬
‫ولكن تالم الجمٌع آلالم خادمهم االمٌن ولكنهم مجدوا هللا الٌمانه وقد اثر‬
‫موقفه هذا فً نفوسهم اكثر من الخدمات التً قدمها طوال كل السنٌن التً‬
‫قضاها بالكنيسة فقد كان موقفه بحق مثاال حٌا للصبر واالحتمال والتسلٌم‬
‫الرادة هللا ورأوا فً خادمهم االمٌن اعظم موعظة عملٌة اثرت فٌهم كثٌر‬
‫كثٌراًا جدا من كل العظات النظرٌة التً القاها من فوق المنبر‪.‬‬
‫وهكذا ٌا عزٌزى ٌتمجد الفادى فً االتقٌاء الذٌن من اجل اسمه تهون امامهم‬
‫كل صعاب وآالم الحٌاة‪.‬‬
‫ملحوظة هامة‬
‫ولكن قد ٌسمح هللا بؤن ٌتؤلم االتقٌاء باٌدي اآلثمة قد ٌموتون تحت اآلالم كما‬
‫حدث للشهداء فً عصور االستشهاد‪ .‬فهل هذا ٌمجد هللا؟‬
‫نعم وحتى ولو انتهت حٌاة االتقٌاء تحت اآلالم المبرحه التً قد تاتً من اٌدى‬
‫ٌتمجد‬
‫االشرار فبل تتعجب ٌاعزٌزى وال تحار فالرب له ؼرض وسوؾ ‪.‬‬
‫الرابع‬
‫‪.‬‬ ‫البعد‬
‫واذكر تلك القصة التى رواها خادم الرب القس بول واى شو فًبه كتا‬
‫قال الراوى ان احد خدام الرب االتقٌاء تعرض لتهدٌد من بعض السلطات‬
‫الحاكمة فً كورٌا بؤنه اذا لم ٌمتنع عن ذكر اسم المسٌح والمناداة باالٌمان‬
‫المسٌحى فسوؾ ٌموت ولكن الخادم كان امٌنا لسٌده فلم ٌنكر مسٌحه ولم‬
‫ٌتوقؾ عن التبشٌر بالمسٌح فما كان من السلطات ان استدعت الخادم وزوجته‬
‫وولدٌه الصؽار وامام آالؾ الجموع فً مٌدان عام طلب منه ان ٌنكر اسم‬
‫المسٌح واال فسوؾ ٌموت بدفنه تحت التراب هو وزوجته واوالده وسوؾ‬
‫ٌذرى على رإوسهم التراب وهم احٌاء حتى ٌؽطٌهم تماما وٌستمر فوقهم‬
‫حتى ٌموتون امام مرأى الجموع الؽفٌرة وعندما سإل الخادم امام الجموع هل‬

‫‪-159-‬‬
‫تنكر المسٌح ام تموت انت وزوجتك واوالدك اآلن تحت التراب وحٌنما سمع‬
‫االطفال الصؽار ذلك وتعلقوا بابٌهم قابلٌن ال ٌا بابا اننا سوؾ نموت وكاد‬
‫االب ان ٌهتز وٌضعؾ امام دموع اطفاله ولكن زوجته المإمنة التقٌة‬
‫الشجاعة االمٌنة لسٌدها تعلقت به وبشدة نهرته قابلة ال تنكر المسٌح ومرحبا‬
‫بالموت فهً لحظات وسوؾ نكون امامه فرحٌن فً السماء ال تخشى على‬
‫االطفال فاهلل فً انتظارنا وسوؾ ٌرٌحنا ٌا عزٌزى ‪ .‬حٌنبذ تشجع الرجل‬
‫وقالها بكل قوته وبدا المسبولون ٌذرون التراب علٌهم ولكنهم كانوا ٌرنمون‬
‫ترانٌم الفرح بلقاء الحبٌب وبالطبع كان الطفلٌن الصؽٌرٌن اول من ؼطاهم‬
‫التراب ثم ؼطى التراب القس وزوجته واختفت اصواتهم ولكن ما اعجب‬
‫الرب فقد اثر هذا المنظر العجٌب فً آالؾ الجموع وسلم الكثٌرٌن منهم‬
‫انفسهم للرب ٌسوع وهكذا تمجد هللا فٌهم ومن خبللهم ألن هللا سمح لهم بذلك‬
‫لمجد اسمه واما هم فسوؾ نراهم امام كرسى المسٌح مكللٌن بالمجد والكرامة‬
‫وفوق رإوسهم اكالٌل الحٌاة وهم سوؾ ٌضٌبون فً ملكوت ابٌهم كالكواكب‬
‫إلً أبد الدهور‪.‬‬
‫(‪ )9‬لكً نشترك فً قداسته‬
‫خطاٌاه‬
‫)‬ ‫هللاأي التً لٌست نتٌجة‬‫وهذه اآلالم التً تواجه المإمن بحسب مشٌبة (‬
‫لذلك ٌقول الرسول‬
‫( فبل ٌتؤلم احدكم كقاتل أو سارق او فاعل شر او متداخل فً امور ؼٌره‬
‫ولكن ان كان كمسٌحى فبل ٌخجل بل ٌمجد هللا من هذا القبٌل ) ( ابطٗ‪)ٔ٘ :‬‬
‫وٌقول الرسول بطرس بروح هللا للمإمنٌن‪:‬‬
‫فان من تؤلم فً الجسد كؾ‬ ‫(فاذ قد تالم المسٌح الجلنا بالجسد تسلحوا انتم بهذه ‪.‬النٌة‬
‫عن الخطٌة لكً ال ٌعٌش اٌضا الزمان الباقً فً الجسد لشهوات الناس بل الرادة‬
‫هللا)(ابط ٗ‪)ٔ،ٕ :‬‬
‫لذلك ٌقول الرسول بطرس بروح هللا القدوس ‪:‬‬
‫( ولكن ان ت أ لمتم من أجل البر فطوباكم واما خوفهم فبل تخافوا وال‬
‫تضطربوا) (ابط ٖ‪)ٔٗ :‬‬
‫ولذلك على كل مإمن ان ٌسلك وفق منهج القداسة فً الرب وٌتجنب كل ما‬
‫ٌخالؾ شرٌعة هللا واضعا فً قلبه ان ٌفعل مشٌبة سٌده محتمبل أي آلم‬
‫وتضحٌة فً سبٌل ارضاء هللا لذلك ٌقول الكتاب المقدس لكل االتقٌاء‪.‬‬

‫‪-160-‬‬
‫( ولكم ضمٌر صالح لكً ٌكون الذٌن ٌشتمون سٌرتكم الصالحه فً المسٌح‬
‫ٌخزون ما ٌفترون علٌكم كفاعلى شر ) (ابط ٖ‪)ٔٙ :‬‬
‫أي ال ٌجدون فٌكم ما ٌبرر افتراءاتهم ‪ .‬فبل تهتزوا من أي افتراء مادمتم‬
‫مطٌعٌن للحق وثقوا ان هللا قد سمح لكم بهذه اآلالم لخٌركم واسمعوا قول‬
‫الرب المشجع للقلوب‪.‬‬
‫(ألن تؤلمكم ان شاءت مشٌبة هللا وانتم صانعون خٌرا افضل منه وانتم صانعون‬
‫شرا) (ابطٖ‪)ٔ7 :‬‬
‫فان تؤلمت من اجل اسم المسٌح ومن اجل شهادة الحق او من اجل الصدق‬
‫والعفة وطهارة الحٌاة فبل تحزن بل افرح من كل قلبك ‪ .‬ولكً نتعزى ونفرح‬
‫باآلالم فلننظر لسٌدنا المبارك الذي احتمل اآلالم الرهٌبة الجلنا‪.‬‬
‫لذلك ٌقول الرسول بولس‬
‫( فتفكروا فً الذي احتمل من الخطاة مقاومة ل نفسه مثل هذه لببل تكلوا‬
‫وتخوروا فً نفوسكم )( عب ٕٔ‪)ٖ :‬‬
‫فان المسٌح وهو هللا الظاهر فً الجسد وهو ملك الملوك ورب االرباب‬
‫وصاحب السلطة والسلطان قد احتمل مقاومات عنٌفة واهانات شدٌدة من اٌدى‬
‫خطاه اثمه فهل نحن أفضل منه اال ٌكفٌنا ان نفكر فٌه فبل نضعؾ وال نفشل فان‬
‫رإوسنا‬
‫‪.‬‬ ‫هذه اآلالم التً تصٌبنا من أجل حٌاة البر هً تٌجان توضع فوق‬
‫لذلك ٌقول رسول الجهاد بولس الذي احتمل اآلالم والضربات ‪(.‬فً ما بعد ال‬
‫ٌجلب احد على اتعابا ًا النً حامل فً جسدى سمات الرب ٌسوع ) (ؼل ‪:ٙ‬‬
‫‪)ٔ7‬‬
‫لذلك قال احد االتقٌاء ‪:‬‬
‫إن كل معامبلت هللا معك اٌها ا لمإمن كل امر ٌمنحك اٌاه للفرح او أي حزن‬
‫ٌسمح به لك الكل لنهاٌة وؼرض واحد وهو ان نشترك فً قداسته حسب قول‬
‫الرسول بولس ‪:‬‬
‫(‪ ..‬واما هذا فبلجل المنفعة لكً نشترك فً قداسته) ( عب ٕٔ‪)ٔٓ :‬‬
‫اى اآلالم التً هً من هللا وبحسب مشٌبته تجعلنا نشترك فً قداسته تبارك‬
‫اسمه الن هذه اآلالم التً ٌسمح الرب لنا بها تجعلنا نلجؤ إلٌه ونصرخ إلٌه‬
‫ونكون فً حالة ٌقظة روحٌة لذلك ٌقول الرسول بطرس ‪:‬‬

‫‪-161-‬‬
‫(اصحوا واسهروا الن ابلٌس خصمكم أكسد زابر ٌجول ملتمسا ًا من ٌبتلعه هو ‪.‬‬
‫فقاوموه راسخٌن فى االٌمان عالمٌن ان نفس هذه اآلالم تجرى على اخوتكم‬
‫الذٌن فً العالم)(ابط٘‪8:‬و‪)9‬‬
‫وٌقول الرسول بطرس اٌضا ‪:‬‬
‫( إن عٌرتم باسم المسٌح فطوبى لكم الن روح المجد وهللا ٌحل علٌكم ‪( )....‬‬
‫ابط ٗ‪.)ٔٗ :‬‬
‫انك ٌا عزٌزى المإمن ال تتؤلم وحدك فقد تؤلم المسٌح قبلك وٌتؤلم اخوتك‬
‫االتقٌاء فً كل مكان مثلك‪.‬‬
‫ولكن كل هذه اآلالم مادامت من الرب والجله فطوباك‪.‬‬
‫(‪ )10‬لكً نشاركه امجاده فً االبدٌة‬
‫إن هللا ٌسمح الوالده االتقٌاء باجتٌاز اآلالم لكً ٌكون لهم حسب وعده حق‬
‫التمتع باالمجاد السماوٌة لذلك ٌقول الرسول بولس‪.‬‬
‫(‪ ..‬ان كنا نتؤلم معه لكً نتمجد اٌضا معه) ( رو ‪)ٔ7 :8‬‬
‫ان المإمن الذي ٌتحمل اآلالم بصبر وشكر من أجل اسم المسٌح فان روح‬
‫هللا ٌعٌنه وفً نفس الوقت ٌتم فٌه قول هللا‪.‬‬
‫(‪)3‬‬
‫الذي‬ ‫( باحثٌن أي وقت او ما الوقت الذي كان ٌدل علٌه روح المسٌح‬
‫فٌهم اذ سبق فشهد باآلالم التً للمسٌح واالمجاد التً بعدها (ابطٔ‪)ٔٔ :‬‬
‫لذلك قال احد االتقٌاء‬
‫( حقا امام كرسى المسٌح سٌمتحن لٌس ما قرأناه ‪ ،‬بل ما قد فعلن اه ‪ ،‬لٌس‬
‫كٌؾ فكرنا بل كٌؾ تصرفنا وسلكنا ) ان المإمن الذي ٌشارك المسٌح فً‬
‫آالمه ( أي ٌحتمل اآلالم من اجل اسمه ) سوؾ ٌشاركه فً مجده ولذلك فهذه‬
‫اآلالم قد وهبت لنا منه تبارك اسمه وعلٌنا ان ال نرفضها بل نقبلها بشكر على‬
‫اعتبار انها عطٌة عظمى من ٌد هللا المحب‪.‬‬
‫ولكن لٌفهم كل قارئ ان هذه اآلالم لٌست لخبلصنا فقد تممه مخلصنا العظٌم‬
‫ولكنها آالم الجهاد فً طرٌق الؽربة من اجل البشارة رسالة المحبة لكل الناس‬
‫ومن اجل الشهادة السم ذلك القدوس البار ومن أجل المكافؤة التً لنا منه‬
‫والتً وعدنا حسب قوله تبارك اسمه ‪:‬‬

‫(‪ ) 3‬الروح القدس‬


‫‪-162-‬‬
‫( طوبى للمطرودٌن من اجل البر ‪ .‬الن لهم ملكوت السموات ‪ .‬طوبى لكم اذا‬
‫عٌروكم وطردوكم وقالوا علٌكم كل كلمة شرٌرة من أجلى كاذبٌن ‪ .‬افرحوا‬
‫وتهللوا الن اجركم عظٌم فً السموات‪ ( )..‬مت ٘‪)ٕٔ - ٔٓ :‬‬
‫دفتى‬ ‫ان الحدٌث عن االمجاد التً للمإمنٌن الصابرٌن الشاكرٌن ال ٌكفٌه‬
‫كتاب واحد ولكننً اكتفى ببعض التلمٌحات واركز على الوعود السماوٌة‬
‫الصادقة لٌطمبن قلب كل مإمن ٌمر باآلالم بل ٌفرح قلبه كما سبق وفرح‬
‫التبلمٌذ النهم اهٌنوا من اجل اسم المسٌح‪.‬‬
‫لذلك هتؾ رسول الجهاد قاببل بروح هللا‬
‫خؾ ضٌقتنا الوقتٌه تنشا لنا اكثر فاكثر ثقل مجد ابدى ) (ٕكو ٗ‪:‬‬ ‫(الن ة‬
‫‪.)ٔ7‬‬
‫وهناك قصة وردت برسالة الشباب المسٌحى مضمونها ‪:‬‬
‫ان أحد االؼنٌاء سؤل ابنته الصؽٌرة وهً جالسة على ركبتٌه وحول عنقها‬
‫عقد من الزجاج اذا كانت تحب اباها حقا ‪ .‬واذا كانت تحبه لدرجة انها مستعدة‬
‫لتؤخذ عقدها هذا وتقذؾ به فً النار ‪ ..‬فنظرت اال بنة الى وجه ابٌها بتعجب‬
‫وألم ‪ ،‬ألنها لم تستطع ان تصدق ان اباها ٌعنى حقا ما ٌقول ولكن مبلمح‬
‫وجهه اكدت للصؽٌرة ان االب جاد فٌما ٌقول وفً خطوات متثاقلة سارت‬
‫الصؽٌرة وفً بطء تقدمت إلى درج المدفؤة وهً ممسكة باصابع مرتعشة‬
‫بعقدها ‪ ،‬واخٌرا قذفت به فً النار‪.‬‬
‫ثم عادت إلً ذراعً ابٌها وهً تشهق وتبكً فً سكوت من اجل تضحٌتها ‪.‬‬
‫ولقد تركها االب تتعلم هذا الدرس كامبل ‪ .‬ولكن بعد اٌام قلٌلة وجدت االبنة‬
‫على المنضدة فً حجرتها ٌوم عٌد مٌبلدها علبه صؽٌرة ‪ ،‬وعندما فتحتها‬
‫وجدت بداخلها عقداًا من اللإلإ النادر ٌحمل اسمها ‪ ،‬وكلمة محبه من أبٌها ‪.‬‬
‫وسرعان ما امسكت االبنة بالهدٌة وانطلقت الى ابٌها والقت بنفسها بٌن‬
‫ذراعٌه وهى تقول ( بابا آسفة جداًا النً لم افهم )‪.‬‬
‫وٌقول كاتب القصة ‪:‬‬
‫احٌانا ٌدعونا الرب ٌسوع الى تضحٌة ضخمة ٌطلب منا أن نقوم بها ‪ ،‬وهو‬
‫سٌعوضنا اضعافا ًا مضاعفة فً المستقبل ‪ .‬فٌوما ما ٌا أخً الحبٌب ‪ ،‬وبٌن‬

‫‪-163-‬‬
‫ذراعً ستفهم أنت اٌضا ‪ .‬انه ال ٌشرح لنا كل شا اآلن ‪ .‬أنه ٌدعونا لنحمل‬ ‫ه‬
‫(‪)1‬‬
‫الصلٌب بحدته االلٌمة وٌتركنا قلٌبل‪ ..‬ولكننا سنفهم فٌما بعد‬
‫ولكن ٌا عزٌزى لماذا ال تؤتً االن وتحتمل صابراًا وشاكراًا بل مرحبا بهذه‬
‫اآلالم التً تهلل بها رسول الجهاد ا لمسٌحى حٌنما قال ‪ (:‬فانى احسب ان آالم‬
‫الزمان الحاضر ال تقاس بالمجد العتٌد ان ٌستعلن فٌنا)( رو ‪)ٔ8 :8‬‬
‫قال احد االتقٌاء‪(:‬ما ننسجه فً الزمان الحاضر سنرتدٌه فً االبدٌة (‪))2‬‬
‫نعم ان الشونمٌة التً ُكتب عن اٌمانها وصبرها وسبلمها وشهادة هللا عنها‬
‫ألنً لست أول وال آخر من كتب عنها ولكن قصتها ستبقى ما بقٌت الحٌاة‬
‫شاهدة على عظم نعمة هللا و فً السماء سوؾ نراها مع القدٌسٌن مكلله‬
‫باكالٌل المجد التً وعد بها الرب لكل االتقٌاء حسب قول الرسول بولس‬
‫( قد جاهدت الجهاد الحسن اكملت السعى حفظت االٌمان واخٌرا وضع لً‬
‫اكلٌل البر الذ ي ٌهبه لً فً ذلك الٌوم الرب الدٌان العادل ولٌس لً فقط بل‬
‫لجمٌع الذٌن ٌحبون ظهوره اٌضا ) ( ٕتً ٗ‪)7،8 :‬‬
‫لقد وضع للرسول بولس اكلٌل البر وهو ٌقول لٌس لً فقط بل لجمٌع‬
‫المإمنٌن الذٌن ٌنتظرون الرب فً ظهوره العظٌم حٌن ٌكافا قدٌسٌه امام كل‬
‫العالم أمام من قدروهم ومن اهانوهم‪.‬‬
‫عزٌزى طوباك ان كنت تتحمل آالما مبرحة من اجل اسمه الن لك اكلٌل‬
‫الحٌاة حسب وعده ‪(.‬طوبى للرجل الذي ٌحتمل التجربة النه اذا تزكً ٌنال‬
‫اكلٌل الحٌاة ) ( ٌع ٔ‪.)ٕٔ :‬‬
‫فطوباك ٌا عزٌزى اذا احتملت بصبر وشكر النك اظهرت إٌمانك للعالم‬
‫وتزكً اٌمانك كما سبق ان ذكرت فسوؾ تتمتع بهذا االكلٌل الذي ٌتساوى فٌه‬
‫الصابرٌن الشاكرٌن بالشهداء الذٌن قتلوا من اجل كلمة هللا والشهادة ألسمه ‪.‬‬
‫فطوبى لكل أخ او أخت قد وهبتهم السماء الن هللا اعد لهم اكلٌبل هو اكلٌل‬
‫الحٌاة لذلك نرى الرب ٌنادى كل مإمن ٌتعرض للشهادة لكً ٌكون امٌنا‬
‫فٌقول ‪:‬‬

‫(‪ )1‬وردت بمجلة مياه الراحة العدد (‪ )6‬والغالف االخير‬


‫(‪ )2‬وردت بمجلة مياة الراحة العدد (‪ )6‬والغالف االخير‬
‫‪-164-‬‬
‫(‪ ...‬كن أمٌنا الى الموت فسؤعطٌك اكلٌل الحٌاة )( رإٕ‪)ٔٓ :‬‬
‫وهكذا ٌتساوى الشهداء االبرار الذٌن ماتوا رمٌا بالرصاص أو حرقا بالنٌران كما‬
‫كان ٌفعل باالتقٌاء فً عصور االستشهاد فالمإمنٌن المجربٌن الشاكرٌن وهم فً‬
‫بٌوتهم وفً اماكنهم لذلك فاننً أناجى كل أخ بصفةامهع وكل أخت بصفة خاصة‬
‫الن هللا قد اعطً لها من خبلل التجارب واآلالم ان ال تحرم من هذا االكلٌل إذا‬
‫احتملت فً صمت فً شكر وسبلم وهً فً مكانها فً البٌت او العمل فلتفرح من‬
‫كل قلبها الن هذه اآلالم هً امتٌاز لها واٌضا لكل مإمن ولذلك ٌقول الرسول ٌعقوب‬
‫لكل المإمنٌنالمجربٌن المتؤلمٌن‪:‬‬
‫( احسبوه كل فرح ٌا اخوتً حٌنما تقعون فً تجارب متنوعة) (ٌع ٔ‪.)ٕ :‬‬

‫‪-165-‬‬
‫الباب الرابع‬
‫خاتمة‬
‫اننً اشكر هللا من كل القلب النه قد اعاننى بالروح القدس على اكمال هذا ‪.‬الكتاب‬
‫تلك االسا‬
‫ولكنى أرجو من كل قارئ بعد ان ٌطلع على هذا الكتاب ان ٌسال نفسه لة‪.‬‬
‫‪ ‬لماذا خلقنً هللا وما هو الؽرض من وجودى فً الحٌاة ؟ وكٌؾ أحٌا ؟‬
‫ان هللا خلقك لمجده فهل هذا هو هدفك فً الحٌاة ام انك ولدت لكً تؤكل‬
‫وتشرب وتلبس وتتزوج وتنجب أوالد وتستمر فً تربٌتهم إلى ان تموت وتدفن‬
‫فً أدٌم األرض وهكذا تنتهى القصة ‪ .‬إذا كان هذا هو دورك أ و هو ما ٌدور‬
‫فً حٌاتك فسامحنى اذا قلت لك ان الحٌوان ٌولد مثلك وٌؤكل وٌشرب وقد ٌلبس‬
‫كما ٌفعل بعض القردة وٌتكاثر بالؽرٌزة وٌنشا نسبل ثم ٌموت ‪ ،‬فإذا كنت ٌا‬
‫عزٌزى ال تجد فً الحٌاة سوى ذلك فمعذرة اذا قلت لك ان الحٌوان اسعد حظا‬
‫منك فالحٌوان حٌنما ٌموت فً نهاٌة المطاؾ فان روحه فً دمه وهكذا بموته‬
‫ٌؽلق ملؾ الحٌاة وتنتهى قصته إلى االبد‪ .‬أما اإلنسان المسكٌن فان ه عند موته‬
‫تطفا والدود الذي‬ ‫سوؾ ٌرفع عٌنٌه فٌجد نفسه فً العذاب حٌث النار التً ال ن‬
‫اآلبدٌن‬
‫‪.‬‬ ‫ال ٌموت وسٌبقى فً الجحٌم الى ابد‬
‫اما اذا قادك روح هللا لذلك المخلص ا لعجٌب الذي اتً الى أرض الشقاء‬
‫واحتمل كل العناء لخبلصك فبل تإجل واسمع قول هللا لك‪.‬‬
‫(هوذا اآلن وقت مقبول هوذا االن ٌوم خبلص ) (ٕكو ‪)ٕ :ٙ‬‬
‫فتعال ٌا عزٌزى إلً ذلك الفادي المحب لتنال خبلص هللا‪.‬‬
‫وإذا كنت ٌا عزٌزى من ذلك النوع التعس من البشر الذٌن ٌكرهون الحٌاة‬
‫وال ٌجدون فٌها سوى الشقاء والبإس وااللم فتذكر ٌا عزٌزى ان المسٌح قد‬
‫احتمل فوق رابً ة الجلجثة أعظم اآلالم التً حدثت فً االرض من أجلك‬
‫فتعال إلٌه وأرفع عٌنٌك إلى السماء وسترى ان كل خٌرات هذه الحٌاة تحسب‬
‫ال شا امام عطٌته العظمى وكل اآلالم ستزول امام محبته العجً بة وسوؾ‬
‫ٌشرق فً قلبك بنوره العجٌب فاسرع وتعال إلٌه راكعا ًا خاشعا تاببا قبل فوات‬
‫األوان‪.‬‬
‫أما إذا كنت من اوالد هللا فواظب على الصبلة باستمرار وادرس كلمة هللا‬
‫بعمق وفً روح الصبلة وتذكر قول خادم هللا االخ حنا لبٌب فً برنامج عبر‬
‫الكتاب خبلل شهر ٌناٌر ‪ 1994‬عن كًفٌة دراسة الكتاب للمإمن اذ ٌقول ‪:‬‬

‫‪-166-‬‬
‫إبدأ الدراسة بالصبلة واقرأ بصفاء ‪ ،‬وادرس ببل عناء ‪ ،‬وتؤمل برجاء واطلع‬
‫على تفاسٌر القدٌسٌن الحكماء واختر منها ما ٌتفق مع ما جاء فً الكتاب‬
‫بروح هللا ‪ ،‬وطبق تعالٌم الكتاب بنقاء وانتظر مواعٌد هللا ‪ ،‬واخٌرا تحدث عن‬
‫تعالٌم الكتاب لبلصدقاء واذا كنت ٌا عزٌزي تعانً من اآلالم فاعرؾ نوعٌة‬
‫هذه اآلالم هل هً آالم التؤدٌب ان كانت كذلك فحسنا اقبلها واشكر هللا النه‬
‫ٌحبك الن هذه اآلالم وان كانت قاسٌة على نفسك لكنها ضرورة هامة جداًا‬
‫لحٌاتك‪.‬‬
‫وان كانت اآلالم الجل اسم المسٌح فطوبى لك اذا احتلمت فً صبر وشكر‬
‫الن هللا ال ٌنسى حتى أنات قلبك وسوؾ ٌعطٌك ألجلها األجر فتشجع وثق ان‬
‫من بذل نفسه الجلك سوؾ ٌهبك االحتمال وٌسٌر بوجهه امامك فٌرٌحك‬
‫وٌنجح طرٌقك النك قد صرت مكرما ًا عزٌزاًا وال تنسى مقامك الذي اوصلتك‬
‫إلٌه النعمة فقد صرت بالنسبة هلل االب إبنا وللمسٌح عضوا فً جسده وللروح‬
‫القدس مسكنا ًا‪.‬‬
‫والى اللقاء ٌا عزٌزى مع كتاب اخر وشخصٌة نسابٌة اخرى من نساء‬
‫الكتاب المقدس لتعرؾ االخوات القدٌسات كما هن مطوبات فً المسٌح فبعد‬
‫ان كان الٌهودى قدٌما وبالتحدٌد الفرٌسى المتعبد ٌبدأ ٌومه بالشكر هلل النه لم‬
‫ٌولد امرأة أو ابرص أو اعمى او نجس ‪ .‬وقد كان البعض ٌضع المر أة فً‬
‫عداد االطفال ‪ .‬لكن شكراًا لما أوجده المسٌح تبارك اسمه للمرأة ‪ .‬فقد جاء‬
‫مولودا من العذراء المطوبة مرٌم ‪ .‬وقد حملت بشارة القٌامة مرٌم المجدلٌة‬
‫التً كانت مع خٌوط الفجر فً أول األسبوع والظبلم باق امام قبر المسٌح‬
‫بدافع م حبتها القوٌة المتدفقة التً جعلتها تخرج مسرعة وحدها فلم تخشى من‬
‫مخاوؾ الطرٌق الن قلبها المتعطش شوقا لرإٌة الفادى جعلها تنسى كل شا‬
‫فلم ٌرهبها وحشة المكان وال الحراس ولم تفكر فً ذلك الحجر الضخم الذي‬
‫وضع على باب القبر فقد تخطت محبتها كل العقبات وكؤنه ا تردد فً قلبها مع‬
‫رسول الجهاد ‪:‬‬
‫( لكننً لست احتسب لشىء وال نفسى ثمٌنة عندى ‪ ( )..‬أع ٕٓ ‪)ٕٗ:‬‬
‫ولذلك اطلق علٌها هٌولٌتس المدعو بالرومانً لقب رسول الرسل ألنها حملت‬
‫للتبلمٌذ ولبطرس خبر القٌامة وماذا اقول عن برٌسكبل التً ٌذكر الكتاب‬
‫المقدس انها وضعت عنقها مع أكٌبل زوجها ألجل نجاة الرسول بولس أنظر‬

‫‪-167-‬‬
‫(رو‪ٖ:ٔٙ‬وٗ) وأختنا فٌبى خادمة الكنٌسة التً فً كنخزٌا (رو‪ )ٔ:ٔٙ‬ومرٌم‬
‫التً ذكر رسول الجهاد انها تعبت الجل القدٌسٌن كثٌر(اًارو‪)ٙ:ٔٙ‬‬
‫وٌقول الرسول بولس الهل رومٌه ‪-:‬‬
‫( سلموا على ترٌفٌنا وترٌفوسا التاعبتٌن فً الرب سلموا على برسٌس‬
‫المحبوبة التً تعبت كثٌراًا فً الرب) (رو‪.)ٕٔ :ٔٙ‬‬
‫وماذا أقول عن المرٌمات الثبلثة البلتً كن ٌبكٌن عند الصلٌب بٌنما اختفى‬
‫التبلمٌذ خوفا من الٌهود وانكره بطرس وهرب احدهم تاركا رداإه خوفا من‬
‫الٌهود بٌنما ٌذكر الوحى عن النساء هذا القول‪:‬‬
‫( وكانت هناك نساء كثٌرات ٌنظرن من بعٌد وهن قد تبعن ٌسوع من الجلٌل‬
‫)‬ ‫ٌخدمنه وبٌنهن مرٌم المجدلٌة ومرٌم ام ٌعقوب وٌوسى وام ابنً زبدى‬
‫(مت‪.)٘٘،٘ٙ :ٕ7‬‬
‫وٌقول البشٌر لوقا ‪:‬‬
‫( وبعض النساء كن قد شفٌن من ارواح شرٌرة وامراض ومرٌم التً تدعى‬
‫المجدلٌة التً خرج منها سبعة شٌاطٌن وٌُونا امرأة خوزى وكٌل هٌرودس‬
‫وسوسنه وأخرٌات كثٌرات كن ٌخدمنه من اموالهن) ( لو‪)ٕ،ٖ :8‬‬
‫وماذا اقول عن دبورة قاضٌة اسرابٌل وابٌجاٌل زوجة داود ومرٌم اخت‬
‫موسى وؼٌرهن من نساء الكتاب المقدس وهكذا ٌلمع االٌمان فً النساء‬
‫القدٌسات كما فً الرجال االبرار وٌقول الرسول بولس بروح هللا ( ؼٌر ا ن‬
‫الرجل لٌس من دون المرأة وال المرأة من دون الرجل فً الرب ألنه كما أن‬
‫المرأة هً من الرجل هكذا الرجل اٌضا هو بالمرآة ‪ .‬ولكن جمٌع االشٌاء هً‬
‫من هللا ) ( اكو ٔٔ‪)ٔٔ،ٕٔ :‬‬
‫ولذلك ٌقول ٌوحنا ذهبى الفم‪-:‬‬
‫( ان كان جٌدا للرجل ان ٌموت من اجل الفضٌلة والحرٌة والخبلص ‪ ،‬فان‬
‫المرأة تتساوى معه فً ذلك فان هذه السٌرة لٌست وقفا على طبع الرجال‬
‫ولكنها تختص بالصالحٌن )‬
‫على اننً اطلب من كل االتقٌاء الذٌن ٌقرءون هذا الكتاب ان ٌصلوا من‬
‫اجلى لكً ٌعٌننً سٌدي إن تؤنً فً مجٌبه واعطاني بقٌة من الحٌاة فً أرض‬
‫ؼربتً ان أكتب بحسب ارشاد روحه القدوس عن شخصٌة نسابٌة أخري‬
‫لمجد اسمه العظٌم وله كل المجد إلى أبد اآلبدٌن‪.‬‬

‫‪-168-‬‬

You might also like