Professional Documents
Culture Documents
[نص محاضرة ألقاها الشيخ :صالح الفوزان بمدينة الطائف ،يوم الثنين ،الموافق:
3/3/1415هـ في مسجد الملك فهد بالطائف].
$المقدمة
الحمـد ل رب العالميـن وصـلى ال وسـلم على نبينـا محمـد ،وعلى آله وصـحبه
أجمعين.
أما بعد:
فإن الحديث عن الفرق ليس هو من باب السرد التاريخي ،الذي يقصد منه الطلع
على أصـول الفرق لمجرد الطلع ،كمـا يطلع على الحوادث التاريخيـة ،والوقائع
التاريخية السابقة ،وإنما الحديث عن الفرق له شأن أعظم من ذلك؛ أل وهو الحذر
من شر هذه الفرق ومن محدثاتها ،والحث على لزوم فرقة أهل السنة والجماعة.
وترك ما عليه الفرق المخالفة ل يحصل عفوا للنسان ،ل يحصل إل بعد الدراسة،
ومعرفة ما الفرقة الناجية ؟
من هم أهل السنة والجماعة ،الذين يجب على المسلم أن يكون معهم ؟
ومن الفرق المخالفة ؟.
وما مذاهبهم وشبهاتهم ؟ .حتى يحذر منها.
لن (من ل يعرف الشر يوشك أن يقع فيه) ،كما قال حذيفة بن اليمان -رضي ال
عنه : -
(كان الناس يسألون رسول ال صلى ال عليه وسلم عن الخير ،وكنت أسأله عن
الشر مخافة أن يدركني ،فقلت :يا رسول ال ،إنا كنا في جاهلية وشر ،فجاءنا ال
بهذا الخير ،فهل بعد هذا الخير شر ؟ .قال " :نعم " .فقلت :هل بعد ذلك الشر من
خير ؟ .قال " نعم ،وفيه دخن " .قلت :وما دخنه ؟ .قال " :قوم يستنون بغير سنتي،
ويهدون بغ ير هد يي ،تعرف من هم وتن كر " .فقلت :هل ب عد ذلك الخ ير من شر ؟.
قال " :نعم ،دعاة على أبواب جهنم ،من أجابهم إليها قذفوه فيها " .فقلت :يا رسول
ال ،صفهم ل نا .قال " :ن عم ،قوم من جلدت نا ويتكلمون بأل سنتنا " .قلت :يا ر سول
ال ،فمـا ترى إن أدركنـي ذلك ؟ .قال " :تلزم جماعـة المسـلمين وإمامهـم " فقلت:
فإن لم ت كن ل هم جما عة ول إمام ؟ .قال " :فاعتزل تلك الفرق ،ولو أن ت عض على
أصل شجرة حتى يدركك الموت ،وأنت على ذلك ") [رواه البخاري في صحيحه :
( )3606و( ،)7084وم سلم في صحيحه -أي ضا ،)1847( :-وأح مد مطول( :
)403 ،5/386ومختصـرا )399 ،5/391( :ومختصـرا بلفـظ مختلف،)5/404( :
وأبو داود السجستاني ،)4244( :وبلفظ مختلف ،)4246( :والنسائي في الكبرى( :
،)18 ،5/17وابن ماجه )4027( :و( ،)4029وأبو داود الطيالسي في مسنده ( :
،)442وبلفظ مختلف )443( :ص ،59وأبو عوانة في الصحيح المسند4/474( :
و ،)475وع بد الرازق في م صنفه ،)11/341( )20711( :وا بن أ بي شي بة في
كتاب الفتـن )2449( :و( )18961( )8960و( ،)18980والحاكـم فـي مسـتدركه
؟!! )4/432( :وصحح إسناده ،ووافقه الذهبي ؟!].
فمعر فة الفرق ومذاهب ها وشبهات ها ،ومعر فة الفر قة الناج ية ،أ هل ال سنة والجما عة،
ومـا هـي عليـه؛ فيـه خيـر كثيـر للمسـلم ،لن هذه الفرق الضالة عندهـا شبهات،
وعندهـا مغريات تضليـل ،فقـد يغتـر الجاهـل بهذه الدعايات وينخدع بهـا؛ فينتمـي
إليها ،كما قال صلى ال عليه وسلم لما ذكر في حديث حذيفة :
( هل ب عد ذلك الخ ير من شر؟ .قال " :ن عم ،دعاة على أبواب جه نم ،من أجاب هم
إلي ها قذفوه في ها " .فقلت :يا ر سول ال ،صفهم ل نا .قال " :ن عم ،قوم من جلدت نا
ويتكلمون بألسنتنا ").
فالخطر شديد ،وقد وعظ النبي صلى ال عليه وسلم أصحابه ذات يوم -كما في
حديث العرباض بن سارية : -
أنـه وعظ هم موعظـة بليغـة ،وجلت من ها القلوب ،وذر فت منهـا العيون .قل نا :يا
رسـول ال كأنهـا موعظـة مودع فأوصـنا .قال( :أوصـيكم بتقوى ال ،والسـمع
والطاعة ،وإن تأمر عليكم عبد؛ فإنه من يعش منكم فسيرى اختلفا كثيرا ،فعليكم
ب سنتي و سنة الخلفاء الراشد ين من بعدي ،تم سكوا ب ها ،وعضوا علي ها بالنوا جذ،
وإيا كم ومحدثات المور؛ فإن كل محد ثة بد عة ،و كل بد عة ضللة)[ .رواه أح مد
فـي مسـنده ،)4/127( ،)4/126( :والترمذي ،)2676( :وأبـو داود،)4607( :
وابـن ماجـه )34( :فـي المقدمـة ،والدارمـي فـي سـننه ،)95( :وابـن حبان فـي
صـحيحه ،)5( :والطـبراني فـي الكـبير،623 ،622 ،619 ،618 ،18/617( :
،)642 ،624والجري فـي الشريعـة ص ،)47 - 46( :وابـن أبـي عاصـم فـي
السـنة ،)54 ،57 ،32 ،27( :وابـن بطـة العكـبري فـي البانـة الكـبرى( )142( :
،)1/305والللكائي في شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة ،)81( :ومحمد
بن ن صر المروزي في ال سنة ص ،21 :والبغوي في شرح ال سنة )205( :و في
تفسيره ،)3/209( :والطحاوي في مشكل الثار ،)2/69( :والبيهقي،)6/541( :
والحاكم في المستدرك ].)97 - 1/96( :
فأ خبر صلى ال عل يه و سلم أ نه سيكون هناك اختلف وتفرق وأو صى ع ند ذلك
بلزوم جما عة الم سلمين وإمام هم ،والتم سك ب سنة الر سول صلى ال عل يه و سلم،
وترك ما خالف ها من القوال ،والفكار ،والمذاهب المضلة ،فإن هذا طر يق النجاة،
وقد أمر ال -سبحانه وتعالى -بالجتماع والعتصام بكتابه ،ونهى عن التفرق،
قال -سبحانه : -
عَل ْيكُ مْ إِذْ كُنتُ مْ أَعْدَاء
ت اللّ هِ َ
جمِيعا وَلَ تَ َفرّقُواْ وَا ْذ ُكرُواْ ِن ْعمَ َ
حبْلِ اللّ هِ َ
صمُواْ ِب َ
{وَاعْتَ ِ
ن النّارِ َفأَنقَذَكُم
عَلىَ شَفَا حُ ْف َرةٍ مّ َ
خوَانا َوكُنتُ مْ َ
حتُم ِب ِن ْع َمتِ هِ إِ ْ
صبَ ْ
فََألّ فَ َبيْ نَ ُقلُو ِبكُ مْ َفأَ ْ
ّم ْنهَا كَ َذِلكَ ُي َبيّنُ اللّهُ َلكُمْ آيَاتِهِ َل َعّلكُمْ َت ْهتَدُونَ} [ سورة آل عمران ].
إلى أن قال -سبحانه وتعالى : -
خ َتلَفُواْ مِن َبعْدِ مَا جَاءهُ مُ ا ْل َب ّينَا تُ َوُأ ْولَـ ِئكَ َلهُ مْ عَذَا بٌ
{وَلَ َتكُونُواْ كَالّذِي نَ تَ َفرّقُواْ وَا ْ
ـ [قال البغوي -رحمـه ال -فـي تفسـير هذه اليـة (( :)2/86قال أكثـر
عَظِيم ٌ
المفسرين :هم اليهود والنصارى .وقال بعضهم :المبتدعة من هذه المة .وقال أبو
أما مة -ر ضي ال ع نه :-هم الحرور ية بالشام -أي :الخوارج .-قال ع بد ال
بن شداد :و قف أ بو أما مة وأ نا م عه على رأس الحرور ية بالشام فقال " :هم كلب
ـ تَ َفرّقُواْ
النار ،كانوا مؤمنيـن فكفروا بعـد إيمانهـم " ،ثـم قرأ{ :وَلَ َتكُونُواْ كَالّذِين َ
خ َتلَفُواْ مِن َبعْدِ مَا جَاءهُ مُ ا ْل َب ّينَا تُ} إلى قوله -تعالى َ{ :-أكْ َفرْتُم َبعْدَ إِيمَا ِنكُ مْ})
وَا ْ
سوَدّ وُجُوهٌ} [ .سورة آل عمران ].
اهـَ * ].يوْمَ َت ْبيَضّ وُجُوهٌ َوتَ ْ
قال ابن عباس -رضي ال عنهما ( :-تبيض وجوه أهل السنة والجماعة ،وتسود
وجوه أهـل البدعـة والفرقـة) [ذكره البغوي فـي تفسـيره ،)2/87( :وابـن كثيـر( :
)2/87طبعة الندلس].
وقال -سبحانه وتعالى : -
شيْءٍ ِإنّمَا َأ ْمرُهُ مْ ِإلَى اللّ هِ ثُمّ
ستَ ِم ْنهُ مْ فِي َ
شيَعا لّ ْ
{إِنّ الّذِي نَ َفرّقُواْ دِي َنهُ مْ َوكَانُواْ ِ
ُي َن ّب ُئهُم ِبمَا كَانُواْ يَ ْف َعلُونَ} [ سورة النعام ].
فالدين واحد ،وهو ما جاء به رسول ال صلى ال عليه وسلم ،ل يقبل النقسام إلى
ديانات وإلى مذاهب مختلفة ،بل دين واحد هو دين ال -سبحانه وتعالى ،-وهو
ما جاء به ر سوله صلى ال عل يه و سلم ،وترك أم ته عل يه ،ح يث ترك صلى ال
عليه وسلم أمته على البيضاء ،ليلها كنهارها ،ل يزيغ عنها إل هالك.
وقال صلى ال عل يه و سلم( :تر كت في كم ما إن تم سكتم به لن تضلوا بعدي أبدا:
كتاب ال ،وسنتي) [رواه مالك في الموطأ ،)2/1899( :والحاكم في المستدرك ( :
)1/93موصول عن أبي هريرة -رضي ال عنه .-
ورواه مطول دون لفظة وسنتي مسلم ،)1218( :وابن ماجه ،)3110( :وأبو داود:
( )1909من حديث جابر بن عبد ال -رضي ال عنه ،-وفيه صفة حجة النبي
صلى ال عليه وسلم وخطبته بهم].
و ما جاء التفرق في الكتاب العز يز إل مذمو ما ومتوعدا عل يه ،و ما جاء الجتماع
على الحق والهدى إل محمودا وموعودا عليه بالجر العظيم ،لما فيه من المصالح
العاجلة والجلة.
وجاء عن النبي صلى ال عليه وسلم في السنة أحاديث كثيرة تأمر بلزوم الجماعة
[قال ابن حجر في " الفتح " ...( :)13/391( :وورد بلزوم الجماعة في عدة أحاديث ،منها :ما أخرجه الترمذي مصححا من حديث
الحارث بن الحارث الشعري -رضي ال عنه ،-فذكر حديثا طويل وفيه( :وأنا آمركم بخمس أمرني ال بهن :السمع ،والطاعة،
والجهاد ،والهجرة ،والجما عة ،فإن من فارق الجما عة ق يد شبر ف قد خلع رب قة ال سلم من عن قه)( .رواه مرفو عا المام أح مد في
مسـنده ،)5/344 ،4/202 ،4/130( :والترمذي ( )2864 - 2863وقال :حديـث حسـن صـحيح غريـب) .وفـي خطبـة عمـر
المشهورة ،التي خطبها بالجابية " :عليكم بالجماعة ،وإياكم والفرقة ،فإن الشيطان مع الواحد ،وهو من الثنين أبعد " (رواه مرفوعا
المام أحمد في مسنده ،)1/18( :والترمذي في سننه ،)2165( :والنسائي في " الكبرى " ،)9226( )9219( :والبغوي في تفسيره
،)2/86( :وابـن أبـي عاصـم فـي " السـنة " ،)88 _ 86( :والللكائي فـي " شرح أصـول اعتقاد أهـل السـنة "،)107 - 1/106( :
والحاكم في " مستدركه " )1/114( :وصححه ،ووافقه الذهبي) .وفيه " :ومن أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة " .قال ابن بطال" :
مراد الباب الحض على العتصام بالجماعة ...والمراد بالجماعة أهل الحل والعقد من كل عصر " وقال الكرماني " :مقتضى المر
بلزوم الجماعة أنه يلزم المكلف المتابعة لما أجمع عليه المجتهدون " )...انتهى من فتح الباري .وقال الترمذي في سننه بعد الحديث
رقم (( :)2167وتفسير الجماعة عند أهل العلم هم :أهل الفقه ،والعلم ،والحديث) انتهى .ولهمية هذا المر بوب البخاري -رحمه
ال -في صحيحه( :باب ..وكذلك جعلناكم أمة وسطا ..وما أمر النبي صلى ال عليه وسلم بلزوم الجماعة ،وهم أهل العلم) .وبوب
النووي في صحيح م سلم( :باب وجوب ملز مة جما عة الم سلمين ع ند ظهور الف تن ،و في كل حال ،وتحر يم الخروج على الطا عة،
ومفارقة الجماعة) .وبوب الترمذي في سننه باب ما جاء في لزوم الجماعة .وكذلك بوب الدرامي في سننه بابين فيه ،أولهما في "
كتاب السير "( :باب في لزوم الطاعة والجماعة) ،والخر في " كتاب الرقاق "( :باب في الطاعة ولزوم الجماعة) .وبوب الجري
في " الشريعة " بابين -كذلك ،-الول( :باب ذكر المر بلزوم الجماعة) ،والثاني( :باب ذكر أمر النبي صلى ال عليه وسلم أمته
بلزوم الجماعة ،وتحذيره إياهم الفرقة) وغيرهم من أئمة الحديث ثم ساقوا -رحمهم ال -بعد ذلك الحاديث التي جاءت في ذلك،
ومنها :حديث ابن عباس -رضي ال عنهما -عن النبي صلى ال عليه وسلم قال( :من رأي من أميره شيئا يكرهه فليصبر ،فإنه
ل يس من أ حد يفارق الجما عة شبرا فيموت إل مات مي تة جاهل ية)( .رواه أح مد في م سنده ،)310 ،297 ،1/275 ( :والبخاري( :
،)7143( )7054( )7053وم سلم ،)1849( :والدرا مي ،)2519( :والبغوي ،)2458( :وا بن أ بي عا صم في " ال سنة "،)1101( :
والطبراني في " المعجم الكبير " ،)12759( :والبيهقي .))8/157( :وعن عوف بن مالك الشجعي يقول :سمعت رسول ال صلى
ال عل يه و سلم يقول"( :خيار أئمت كم الذ ين تحبون هم ويحبون كم ،وت صلون علي هم وي صلون علي كم ،وشرار أئمت كم الذ ين تبغضون هم
ويبغضونكم ،وتلعنونهم ويلعنونكم " قلنا :أفل ننابذهم يا رسول ال عند ذلك ؟ .قال " :ل .ما أقاموا فيكم الصلة ،أل من ولي عليه
وال فرآه يأتي شيئا من معصية ال فليكره ما يأتي من معصية ال ،ول ينزعن يدا من طاعة)( .رواه أحمد في مسنده ،)6/24 ( :
ومسلم ،)1855( :والدرامي ،)2797( :وابن أبي عاصم في " السنة " ،)1017( :والبيهقي .))8/158( :وعن ابن عباس -رضي
ال عنهما -قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم( :يد ال مع الجماعة)( .رواه الترمذي .))2166( :وعن ابن عمر -رضي
ال عنه ما -أن ر سول ال صلى ال عل يه و سلم قال( :إن ال ل يج مع أم تي على ضللة ،و يد ال مع الجما عة ،و من شذ شذ إلى
النار)( .رواه الترمذي ))2167( :وعن أبي ذر -رضي ال عنه -عن النبي صلى ال عليه وسلم أنه قال( :اثنان خير من واحد،
وثلثة خير من اثنين ،وأربعة خير من ثلثة ،فعليكم بالجماعة ،فإن ال -عز وجل -لن يجمع أمتي إل على هدى) (رواه أحمد
في " المسند " ))5/145( :وعن رجل قال :انتهيت إلى النبي صلى ال عليه وسلم وهو يقول( :أيها الناس عليكم بالجماعة ،وإياكم
والفر قة ،أي ها الناس علي كم بالجما عة ،وإيا كم والفر قة) ثلث مرار( .رواه أح مد في " الم سند " .)5/371( :ول ت ضر جهالة الر جل
لنه صحابي ،والصحابة كلهم عدول بالجماع ،رضي ال عنهم أجمعين) .وعن معاذ بن جبل -رضي ال عنه -أن نبي ال صلى
ال عليـه وسـلم قال( :إن الشيطان ذئب النسـان كذئب الغنـم ،يأخـذ الشاه القاصـية والناحيـة ،فإياكـم والشعاب ،وعليكـم بالجماعـة،
والعامة ،والم سجد)( .رواه أحمد في مسنده .))243 ،5/233( :وعن أبي هريرة -رضي ال عنه -قال :قال رسول ال صلى
ال عليه وسلم( :الصلة إلى الصلة التي قبلها كفارة ،والجمعة إلى الجمعة التي قبلها كفارة ،والشهر – (المقصود بالشهر هنا " شهر
رمضان " ك ما في الروا ية الخرى) -إلى الش هر الذي قبله كفارة ،إل من ثلث -قال :فعرف نا أ نه أ مر حدث :-إل من الشرك
بال ،ونكث الصفقة ،وترك السنة - .قال - :أما نكث الصفقة :فأن تعطي رجل بيعتك ثم تقاتله بسيفك ،وأما ترك السنة :فالخروج
من الجماعة)( .رواه أحمد في مسنده ))2/506( ،)2/229( :ولما في مفارقة الجماعة من مفاسد جمة ،جعل الشارع الحكيم القتل
عقو بة ل من فارق الجما عة :ف عن عرف جة الشج عي قال :رأ يت ال نبي صلى ال عل يه و سلم على الم نبر يخ طب الناس ،فقال( :إ نه
سيكون بعدي هنات وهنات ،فمن رأيتموه فارق الجماعة ،أو يريد يفرق أمر أمة محمد صلى ال عليه وسلم كائنا من كان فاقتلوه،
فإن يد ال على الجماعة ،فإن الشيطان مع من فارق الجماعة يركض).
(رواه مسلم ،)1852( :وأبو داود )4762( :باب في قتل الخوارج.
ويؤخذ من تبويب أبي دواد على هذا الحديث :أن من فارق الجماعة فإنه خارجي .ورواه النسائي )4032( :واللفظ له).
وبوب النسائي عليه في كتاب " تحريم دم المسلم " من " سننه "( :باب قتل من فارق الجماعة).
فما بالك بمن فارق الجماعة ،ولحق بأعداء ال المشركين في بلدهم ،يدعي أنه ينصر دين ال بذلك وبما يبثه من منشورات ،ينتقص
فيها العلماء ،ويهون فيها من قدر الولة والمراء ،ورسول ال صلى ال عليه وسلم يقول( :من جامع المشرك وسكن مع فإنه مثله).
(رواه أبو داود في سننه من حديث سمرة بن جندب -رضي ال عنه .))2787( :-
وقال صلى ال عليه وسلم"( :أنا بريء من كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين" قالوا :يا رسول ال ،لم ؟ .قال" :ل تراءى ناراهما").
(رواه أبو داود ،)2645( :والترمذي.))1604( :
قال الف ضل بن زياد :سمعت أح مد -رح مه ال تعالى -ي سئل عن مع نى " :ل تراءى ناره ما " فقال( :ل تنزل من المشرك ين في
موضع إذا أوقدت رأوا فيه نارك ،وإذا أوقدوا رأيت فيه نارهم ،ولكن تباعد عنهم).
وقال جريـر بـن عبـد ال البجلي -رضـي ال عنـه ( :-بايعـت رسـول ال صلى ال عليـه وسـلم على إقام الصـلة ،وإيتاء الزكاة،
والنصح لكل مسلم ،وعلى فراق المشركين).
(رواه المام أحمد في مسنده ،)4/365( :والنسائي ،)7/148( :والبيهقي.))9/13( :
قال الشيخ العلمة :حمود بن عبد ال التويجري -رحمه ال -في كتابه " تحفة الخوان " ص ( :27وقد ورد النهي عن مجامعة
المشرك ين ،وم ساكنتهم في ديار هم ،والتغل يظ في ذلك ،لن مجامعت هم وم ساكنتهم من أع ظم ال سباب الجال بة لموالت هم وموادت هم.
والحاديث في ذلك كثيرة).
ثم ساق الشيخ عدة أحاديث ،ثم قال :
عبَادِ {
(فليتأمل المسلمون الساكنون مع أعداء ال -تعالى -هذه الحاديث ،وليعطوها حقها من العمل ،فقد قال -تعالى َ { :-فبَشّرْ ِ
سنَهُ ُأ ْوَل ِئكَ الّذِينَ َهدَاهُمُ اللّهُ وَُأوَْل ِئكَ هُمْ ُأوْلُوا الَْأ ْلبَابِ}) اهـ( .سورة الزمر) ].
ستَ ِمعُونَ ا ْل َقوْلَ َفيَّت ِبعُونَ أَحْ َ
ن يَ ْ
}17الّذِي َ
قال صـلى ال عليـه وسـلم"( :إن بنـي إسـرائيل تفرقـت على ثنتيـن وسـبعين ملة،
وتفترق أمتـي على ثلث وسـبعين ملة ،كلهـم فـي النار إل ملة واحدة" .قالوا ومـن
[أخرجـه الترمذي،)2641( : هـي يـا رسـول ال ؟ .قال " :مـا أنـا عليـه اليوم وأصـحابي ")
والللكائي في " شرح اعتقاد أهل السنة " ،)147( :والجري في " الشريعة " ص ،15والمروزي في السنة ص ،18وابن بطة في
" البانة الكبرى " )165 ،264( :من حديث عبد ال بن عمرو بن العاص -رضي ال عنهما .-
وفيه عبد الرحمن بن زياد الفريقي :ضعيف .لكن الحديث يصح بشواهده ،ومنها :
- 1حديث أبي هريرة -رضي ال عنه : -
رواه المام أحمد في مسنده ،)2/332( :وأبو داود ،)4596( :والترمذي ،)2640( :وابن ماجه ،)3991( :والجري في " الشريعة
" ص ،25وا بن ب طة في " البا نة ال كبرى " ،)252( :وا بن أ بي عا صم في " ال سنة " ،)66( :والحا كم في " م ستدركه ")1/128( :
وقال " :هذا حد يث صحيح على شرط م سلم ،ولم يخرجاه " وواف قه الذ هبي .و صححه ا بن حبان ،)2614( :ورواه -أي ضا -أ بو
يعلى الموصلي في مسنده ،)542 - 541( :والمروزي في السنة ص .17
- 2حديث معاوية بن أبي سفيان -رضي ال عنهما : -
رواه أح مد ،)4/201( :وأ بو داود ،)4597( :وأ بو داود الطيال سي ،)2754( :والدرا مي ،)2521( :والللكائي في " شرح أ صول
اعتقاد أهل السنة " ،)150( :وابن أبي عاصم ،)65( )1( :والجري في " الشريعة " ص ،18والمروزي في السنة ص ،15 - 14
وابن بطة في " البانة الكبرى " ،)266( :والطبراني في " الكبير ".)885 - 19/884( :
- 3حديث أنس بن مالك -رضي ال عنه : -
أخرجه أحمد ،)145 ،3/120( :والجري في " الشريعة " ص ،16والللكائي في " شرح أصول اعتقاد أهل السنة " ،)148( :وابن
بطة في " البانة الكبرى " ،)271 - 270 - 269( :وابن أبي عاصم في " السنة ".)74( :
- 4حديث عوف بن مالك -رضي ال عنه : -
رواه ا بن ما جه ،)3992( :والبزار ،)172( :والللكائي ،)149( :وا بن أ بي عا صم في " ال سنة " ،)63( :وا بن ب طة في " البا نة
الكبرى " , " )272( :والحاكم في " مستدركه ".)4/430( :
- 5حديث ابن مسعود -رضي ال عنه : -
أخر جه ا بن جر ير في تف سيره ،)27/239( :وال طبراني في " ال كبير " ،)10531( )10375( :وا بن أ بي عا صم،)71 - 70( :
والمروزي في السنة ص .16
- 6حديث أبي أمامة -رضي ال عنه : -
أخرجه الللكائي في " شرح اعتقاد أهل السنة " ،)152 - 151( :والمروزي في السنة ص 16وص ،17وابن أبي عاصم،)86( :
والطبراني في " الكبير " ،)8051 - 8035( :والبيهقي.)8/88( :
- 7حديث علي بن أبي طالب -رضي ال عنه : -
رواه المروزي في السنة ص ،19وابن وضاح ص ،85وابن بطة في " البانة الكبرى ".)275 - 274( :
- 8حديث سعد بن أبي وقاص -رضي ال عنه : -
رواه ابن بطة في " البانة الكبرى " ،)267( )266( )263( :والمروزي في السنة ص ،17والجري في " الشريعة " ص .17
وفيه :موسى بن عبيدة الربذي :ضعيف].
هؤلء هم (الضالون) ومنهم النصارى ،وكل من عبد ال على جهل وضلل ،وإن
كانـت نيتـه حسـنة ومقصـده طيبًا ،لنّ العـبرةَ ليسـتْ بالمقاصـد فقـط ،بـل العـبرةُ
بالتباع.
ش َترَ طٌ في كلّ عملٍ ،أن يتو ّفرَ ف يه شرطان ،ليكو نَ مقبولً ع ند ال ،ومثابًا
ولهذا يُ ْ
عليه صاحبُه :
الشرط الول :الخلص ل -عز وجل -
الشرط الثاني :المتابع ُة للرسول صلى ال عليه وسلم قال -تعالى : -
عَل ْيهِ مْ وَلَ هُ مْ
خوْ فٌ َ
جرُ هُ عِندَ َربّ هِ وَلَ َ
جهَ هُ ِللّ هِ وَ ُهوَ ُمحْ سِنٌ َفلَ هُ أَ ْ
سلَمَ وَ ْ
{ َبلَى مَ نْ أَ ْ
ح َزنُونَ} [ .سورة البقرة ]
يَ ْ
وإسلم الوجهِ يعني :الخلصَ لِ.
والحسانُ هو المتابعةُ للرسولِ صلى ال عليه وسلم.
التفرقـ
ِ الكتابـ والسـنّةِ ،ونهانـا عـن
ِ بالجتماعـ على
ِ فال -جـل وعل -أمرَ
والختلف.
والنبيّ صلى ال عليه وسلم كذلك أمرنا بالجتماع على الكتاب والسنّةِ ،ونهانا عن
التفرق والختلف .لمـا فـي الجتماع على الكتاب والسـّنة مـن الخيـر العاجـل
والجل ،ولما في التفرقِ من المضارِ العاجلةِ والجلة في الدنيا والخرة.
فالمرُ يحتاجُـ إلى اهتمامٍـ شديدٍ ،لنـه كلمـا تأخّر الزمانُـ َكثُرتِـ ال ِفرَقـُ ،وكثرتِـ
الدعايات ،كثرتِ النّحَلُ والمذاهبُ الباطلةُ ،كثرتِ الجماعاتُ المتفرقةُ .لكن الواجب
ظرَ ،فما وافق كتا بَ ال وسنّةَ رسولهِ صلى ال عل يه و سلم أخذَ
على المسلم أن َينْ ُ
به ،ممن جاءَ به ،كائنًا من كان؛ لن الحقّ ضالةُ المؤمن.
أمـا مـا خالف مـا كان عليـه الرسـولُ صـلى ال عليـه وسـلم تركَه ،ولو كان مـع
جماعتِ هِ ،أو مع من ينت مي إلي هم ،مادام أن هُ مخال فُ للكتاب وال سنّة؛ لن الن سان
يريدُ النجاةَ ل يري ُد الهلكَ لنفسه.
والمجاملةُ ل تنف عُ في هذا ،المسألةُ مسألةُ جنّةٍ أو نار ،والنسانُ ل تأخذُه المجاملةُ،
أو يأخذه التع صبُ ،أو يأخذُه الهوى في أن ينحازَ مع غ ير أ هل ال سنّةِ والجماعةِ،
لنه بذلك يضرّ نفسّهُ ،ويُخرِجُ نفسَه من طريق النجاةِ إلى طريقِ الهلكِ.
وأهلُ ال سنّةِ والجماعةِ ،ل يضّر هم من خالف هم سواءً كن تَ مع هم ،أو خالفتَ هم .إن
كنتـ معهـم فالحمدُ ل ،وهـم يفرحون بهذا ،لّنهـم
َ كنتـ معهـم ،أو خالفتهـم .إن
َ
فأنتـ ل تضرّهـم ،ولهذا قال صـلى ال عليـه
َ يريدون الخيرَ للناس ،وإن خالفتَهـم
وسلم( :ل تزالُ طائفةٌ من أمتي ظاهرين على الحق ،ل يضرهم من خذلهم ،حتى
يأتيَ أمرُ ال وهم كذلك).
أخر جه بهذا الل فظ :م سلم ،)1920( :وأ بو داود ،)4252( :وف يه " :ل يضر هم من
خالفهم " ،وزيادةٌ طويلةٌ في أ ّولِه .وأخرجه -أيضًا -الترمذي )2229( :مختصرًا
وصـحّحه ،وأخرجـه ابـن ماجـة فـي " المقدمـة " )10( :وفـي )3952( :مطوّلً،
وأخرجه أحمد )5/278( :مطولً ،وفي )5/279( :مختصرًا.
وأبـو عوانـة )5/109( :مختصـرًا ،وأبـو نعيـم ،)192( :والبيهقـي،)9/181( :
والحاكم )4/449( :مطولً.
وأخرجه من حديث المغيرة بن شعبة -رضي ال عنه : -
البخاري ،)959( )3640( :ومســـلم ،)1921( :وأحمـــد،)252 ،4/244( :
والدارمـي ،)3437( :وأبـو عوانـة ،)5/109( :والللكائي ،)167( :وأبـو نعيـم( :
،)437والطبراني في " الكبير ".)962( )960( )659( :
وأخرجه من حديث معاوية -رضي ال عنه : -
البخاري ،)3641( :ومسلم ،)3/1524( :وأحمد ،)4/101( :وأبو عوانة5/106( :
،)107 -والللكائي ،)166( :وأبـو نعيـم ،)311( :والبغوي فـي تفسـيره ( :
)2/218مختصرًا.
وأخرجه من حديث جابر بن سمرة -رضي ال عنه : -
المام أحمد ،)5/103( :ومسلم ،)1922( :وأبو عوانة ،)5/105( :والطبراني في
" الكبير " ،)1819( :والحاكم.)4/449( :
وأخرجه من حديث جابر بن عبد ال -رضي ال عنه : -
م سلم ،)1923( :وأ بو عوا نة ،)5/105( :وأح مد )384 ،3/345( :وأ بو يعلى في
مسنده ،)313( :والبيهقي.)8/180( :
ومن حديث سعد بن أبي وقاص -رضي ال عنه : -
أخرجه مسلم ،)1925( :وأبو عوانة ،)5/109( :والللكائي ،)170( :وأبو نعيم( :
.)214
ورُويَ الحديثُ عن عدد من الصحابة غير هؤلء ،منهم :عمر بن الخطاب ،وسلمة
الكندي ،وعمران بن حصين ،والنواس بن سمعان ،وأبو أمامة ،وقرة المزني ،وأبو
هريرة -رضي ال عنهم ] .-
فالمخالفُ ل يضرّ إل نفسَه.
وليست العبرةُ بالكثرةِ ،بل العبرةُ بالموافقةِ للحق [ هذا هو الحق الذي ندينُ ال به،
بخلف ما اعتمدت هُ بع ضُ الجماعات في الدعوةِ إلى ال؛ بأن الهدف هو التجمي عُ
والتكتيلُ فقـط ،ولو اختلفت ِـ العقائدُ ،فيجعلون فـي جماعتِهـم الشعريّ ،والجهميّ،
والمعتزليّ ،والرافضيّ ،ورب ما الن صرانيّ واليهوديّ ،ويقولون( :نجت مع على ما
اتفقنا عليه ،ويعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه !)] .
،ولو لم يكنْ عليه إل ِقلّةٌ من الناس ،حتى ولو لم يكن في بعض الزمان إل واحدٌ
من الناس؛ فهو على الحق ،وهو الجماعة.
فل يلز مُ من الجماع ِة الكثرةُ ،بل الجماعةُ من واف قَ الحقّ ،وواف قَ الكتاب والسنّة،
ولو كان الذي عليه قليلٌ.
أما إذا اجتمعَ كثرةٌ وحقٌ ،فالحمد ل هذا قوة.
أما إذا خالفته الكثرة ،فنحن ننحازُ مع الحقّ ،ولو لم يكنْ معه إل القليلُ.
وكمـا أخـبرَ بـه صـلى ال عليـه وسـلم مـن حصـول التفرق والختلف قـد وقَعـَ،
خرَ الزمان ،يتط ّورُ التفر قُ والختلف إلى أن تقوم ال ساعةُ ،حكمةٌ
ويتطور كل ما تأ ّ
من ال -سبحانه وتعالى ،-ليبتلي عبادَهُ ،فيتميزُ من كان يطل بُ الحقّ ،ممن يؤثرُ
الهوى والعصبية :
سبَ النّا سُ أَن ُي ْت َركُوا أَن يَقُولُوا آ َمنّا وَهُ مْ لَا يُ ْف َتنُو نََ .ولَقَدْ َف َتنّا الّذِي نَ مِن َق ْبِلهِ مْ
{أَحَ ِ
ن صَدَقُوا َوَل َي ْعَلمَنّ ا ْلكَا ِذبِينَ} [ سورة العنكبوت ].
َفَل َي ْعَلمَنّ اللّهُ الّذِي َ
وقال -سبحانه وتعالى : -
لمْلنّ
خلَ َقهُ مْ َو َتمّ تْ َكِلمَةُ َربّ كَ َ
خ َتلِفِي نَ .إِلّ مَن رّحِ مَ َربّ كَ َولِ َذلِ كَ َ
{وَلَ َيزَالُو نَ ُم ْ
ج َمعِينَ} [ .سورة هود ]
جنّةِ وَالنّاسِ أَ ْ
ج َهنّمَ مِنَ الْ ِ
َ
فحصـول هذا التفرق ،وهذا الختلف؛ ابتلءٌ مـن ال -سـبحانه وتعالى ،-وإل
فهو قادر -سبحانه -أن يجمعَهم على الحق :
علَى ا ْلهُدَى} [ سورة النعام ،الية.}35 :
ج َم َعهُمْ َ
{ َوَلوْ شَاء اللّهُ لَ َ
هو قادر على هذا ،لكنّ حكمتَ هُ اقَتضَ تْ أ نْ يبتليَ هم بوجودِ التفرق والختلف ،من
ب الهوى والتعصب.
أجل أنْ يتميزَ طالبُ الحقّ من طال ِ
ومكانـ ينهون عـن هذا الختلف ،ويوصـون
ٍ زمانـ
ٍ ومازالَ علماءُ المـة فـي كلّ
بالتمسك بكتابِ ال وسنّةِ رسول ِه صلى ال عليه وسلم في كتبهم التي بقيتْ بعدَهم.
تجدون في كتاب " صحيح البخاري " مثلً " :كتاب العتصام بالكتاب والسنّة ".
تجدون في كتب العقائد ذكرَ الفرقِ الهالكة ،وذكرَ الفِرقة الناجية.
وأقربُ شيئٍ لكم شرحُ الطحاوية ،وهي بين أيديكم الن.
والغر ضُ من هذا بيا نُ الحقّ منن الباطل؛ إذ وق عَ ما أخبرَ به صلى ال عليه وسلم
من التفرق والختلف.
فالواج بُ أن نعملَ بما أوصانا به الرسولُ صلى ال عليه وسلم في قوله " :فعليكم
سبَقَ تخريجه ص ،7 :وهو جزءٌ من
بسنتي وسنّة الخلفاء الراشدين من بعدي "َ [ .
حديث العرباض بن سارية -رضي ال عنه ] .-
ل نجاةَ من هذا الخطر إل بالتمسكِ بكتاب ال وسنّة رسوله صلى ال عليه وسلم،
حصُلُ بسهولةٍ ،ل بد أن يكونَ فيه مشقةً.
ول تحسبَنّ هذا المرَ يَ ْ
لكـن يحتاج إلى صـبرٍ وثباتـٍ ،وإل فإن المتمسـك بالحقّ -خصـوصًا فـي آخـر
الزمان -سـيعاني مـن المشاق ،ويكونُـ القابضُـ على دينِه كالقابضِـ على الجمرِ،
كما صَحّ عن النبي صلى ال عليه وسلم [ أخرجه الترمذي ،)2260( :وابن بطة
في " البانة الكبرى " )195( :عن أنس -رضي ال عنه -أنه قال :قال رسول
ال صـلى ال عليـه وسـلم " :يأتـي على الناس زمانـٌ ،الصـابرُ فيهـم على دينـه
كالقابِضِ على الجمر " وفيه :عمر بن شاكر :ضعيف ،كما في " التقريب ".
سنَهُ ال سيوطي ك ما في " الجا مع ال صغير " ،)9988( :وأورده اللبا ني
والحد يث حّ ّ
في " الصحيحة " برقم )957( :وصَحّحَه.
وللحديث شواهد:
الول :أخرجه أحمد في مسنده ( )391 - 2/390عن أبي هريرة مرفوعًا ،ولفظه:
ل للعر بِ من شرّ قد اقترب؛ ِفتَنًا كقِطَ ِع الل يل المظلم ،ي صبح الر جل مؤمنًا
" وي ٌ
ويم سي كافرًا ،يبيع قو مٌ دينَ هم ب َعرَ ضٍ من الدن يا قل يل ،المتم سك يومئذٍ على دي نه
كالقابضِـ على الجمـر -أو قال :على الشوك " -وفيـه :ابـن لهيعـة ،قال اللبانـي
بعده -ك ما في ال صحيحة( :- )2/682( :قل تُ :وإ سناده ل بأ سَ به في الشوا هد،
رجاله ثقات ،غيرَ ابن لهيعة؛ فإنه سيء الحفظ).
الثا ني :أخر جه الترمذي ،)3058( :وأ بو داود ،)4341( :وا بن ما جه،)4063( :
والبغوي في شرح ال سنة ،)14/344( :و في تف سيره )3/110( :بلف ظٍ مطوّل في
آخره .." :فإن من ورائكم أيامًا ،الصبرُ فيهنّ مثلُ القبض على الجمر ،للعامل فيهم
مثل أجر خمسين رجلً يعملون مثل عملَكم ".
ومدار إسناده على:
- 1عتبة بن أبي حكيم :صدوق يخطئ.
- 2عمرو بن جارية :مقبول.
شعْباني الدمشقي :مقبول.
- 3أبي أُميّةَ ال ّ
الثالث :عـن ابـن مسـعود -رضـي ال عنـه -مرفوعًا بلفـظ " :يأتـي على الناس
زمانٌ ،المتمسكُ فيه بسنتي عند اختلفِ أمتي كالقابضِ على الجمر ".
قال اللبا ني بعده " )2/683( -ال صحيحة " ( :-أخر جه أ بو ب كر الكلباذي في "
مفتاح المعانـي " ق ،118/2والضياء المقدسـي فـي " المنتقـى ...99/1 :" ..وقـد
عزاه السيوطي للحكيم الترمذي عن ابن مسعود ،وبيض له المناوي !.
وجملة القول :أنّ الحديثَ بهذه الشواهد -أي :حديثَ أنس السابق -صحيحٌ ثابتٌ،
ن بعضها الترمذي وغيرُه.
لنّه لي سَ في شيء من طرقها متهم ،ل سيما وقد ح سّ َ
وال أعلم) اهـ.
قال المباركفوري فـي شرحـه لحديـث أنـس السـابق ،فـي " تحفـة الحوذي "( :
( :)6/445قال الطيـبي " :المعنـى :كمـا ل يقدر القابـض على الجمـر أن يصـبرَ
ـ يومئذٍ ل يقدرُ على ثباتِـه على دينِـه؛ لغلَبةِ العصـَاةِ
لحراق يدِه ،كذلك المتدين ُ
والمعاصي ،وانتشار الفسقِ ،وضعفِ اليمان " انتهى.
َبضـ على الجمرةِ إل
ُ يمكنـ الق
ُ قال القاري " :الظاهرُ أن معنـى الحديثـِ :كَمـا ل
ِهـ
حفظـ دين ِ
ُ بصـبرٍ شديدٍ وتحمـل غلبةِ المشقةِ ،كذلك فـي ذلك الزمان ،ل يتصـ ّورُ
عظيمـ " انتهـى) اهــ مـن التحفـة ،] .والمتمسـكون بسـنة
ٍ ونورِ إيمانِه إل بصـبرٍ
الر سول صلى ال عل يه و سلم ،وال سائرون على من هج ال سلف؛ يكونون غرباء في
آ خر الزمان ،ك ما أ خبر بذلك صلى ال عل يه و سلم بقوله " :فطو بى للغرباء الذ ين
صلِحُونَ ما أفسدَ النا سُ من بعدي من سنتي " [ .أخرجه الترمذي )2630( :بهذا
يُ ْ
الل فظ وقال " :ح سن صحيح " ،وأخر جه أ بو نع يم في " الحل ية " ،)98( :والبغوي
معلقًا في شرح السنة )121 - 1/120( :من حديث عمرو بن عوف -رضي ال
عنه .-
وفي سنده كثير بن عبد ال المزني :متروك.
والحديث صحيح من وجوهٍ أخرى؛ فأخرجه مسلم في صحيحه )145( :من حديث
أ بي هريرة -ر ضي ال ع نه -بل فظ " :بدأ ال سلم غريبًا و سيعودُ -ك ما بدأ -
غريبًا ،فطوبى للغرباء ".
ورواه أح مد ،)2/389( :وا بن ما جه ،)3986( :والللكائي ،)174( :والجري في
كتاب " الغرباء " ،)4( :وابن منده في " اليمان ".)423 - 422( :
ومن حديث ابن عمر -رضي ال عنهما : -
رواه مسلم ،)146( :وابن منده في " اليمان ".)421( :
ومن حديث ابن مسعود -رضي ال عنه : -
رواه أح مد ،)1/398( :والترمذي ،)2629( :وا بن ما جه ،)3988( :والدار مي( :
،)2758والجري في كتاب " الغرباء " ،)2( :والبغوي في شرح السنة .)64( :
وأخرجه أحمد ( )1/184من حديث سعد بن أبي وقاص -رضي ال عنه .-
وأخرجه ابن ماجه ،)3987( :والجري في كتاب " الغرباء " )5( :من حديث أنس
-رضي ال عنه ] .-
صلُحُونَ إذا فسدَ الناسُ " [ .أخرج الحديثَ بهذا اللفظ:
وفي رواية " :الذين َي ْ
الطبراني في " الكبير " ،)7659( :والجري في كتاب " الغرباء " )5( :من حديث
أبي الدرداء ،وأبي أمامة ،وواثلة بن السقع ،وأنس بن مالك -رضي ال عنهم .-
وفي إسناده كثير بن مروان الشامي :متروك.
وأخرجه الللكائي ،)173( :والطبراني في " الوسط " كما في المجمع)7/278( :
من حديث جابر -رضي ال عنه ،-وفيه :أبو عياش النعمان المعافري :مجهول.
ومن حديث ابن عمر -رضي ال عنهما : -
أخرجه أبو يعلى في مسنده .ذكره في " المطالب العالية " لبن حجر.)483( :
ومن حديث عبد الرحمن بن سنة:
أخر جه ع بد ال بن المام أح مد في " الزوائد " ،)74 - 4/73( :وا بن عدي في "
الكامل ".)4/1615( :
ومن حديث سهل بن سعد الساعدي -رضي ال عنه : -
أخرجـه الطـبراني فـي " الكـبير " ،)6/202( :وفيـه :بكـر بـن سـليم الصـواف:
ضعيف].
ج إلى العلم أولً؛ بكتا بِ ال و سنّة ر سوله صلى ال عل يه و سلم ،والعل مِ
فهذا يحتا ُ
بمنهجِ السلف الصالح وما كانوا عليه.
ويحتا جُ الت سمكُ بهذا إلى صبرٍ على ما يلح قُ الن سانَ من الذى في ذلك ،ولذلك
يقولُ -سبحانه وتعالى : -
صوْا
ع ِملُوا ال صّالِحَاتِ َو َتوَا َ
سرٍِ .إلّا الّذِي نَ آ َمنُوا وَ َ
صرِ .إِنّ الْإِن سَانَ لَفِي خُ ْ
{وَالْعَ ْ
ص ْبرِ} [ .سورة العصر ]
بِالْحَقّ َو َتوَاصَوْا بِال ّ
ِالصـْبرِ} هذا يدلُ على أنّهـم سـيلقون مشقةً فـي إيمانهـم وعملهـم،
َاصـوْا ب ّ
{ َو َتو َ
وتواصيهم بالحق ،سيلقون عنتًا من الناس ،ولومًا من الناس وتوبيخًا ،وقد يلقون
تهديدًا ،أو قد يلقون قتلً وضربًا ،ول كن يصبرون ،ماداموا على الحق ،يصبرون
على ال حق ويثبتون عل يه ،وإذا تبين ل هم أنّ هم على شيءٍ من الخ طأ يرجعون إلى
الصواب ،لنه هدفُهم.
لقد حد ثَ التفر قُ في وق تٍ مبكرٍ ،ونح نُ في هذ هِ المحاضرةِ سنتكلمُ عن أرب عِ فر قٍ،
هي أصول الفرقِ تقريبًا.
$الفرقة الولى :القدرية
فأولُ ما حدثُ ،فرقةُ " القدرية " في آخر عهد الصحابة.
" القدريةُ " :الذ ين ينكرو نَ القدرَ ،ويقولون :إنّ ما يجري في هذا الكون ليس بقدر
يحدثـ بفعـل العبـد ،وبدون
ُ وقضاءٍ مـن ال -سـبحانه وتعالى ،-وإنمـا هـو أمرٌ
سابقِ تقدير من ال -عز وجل ،-فأنكروا الركن السادسَ من أركانِ اليمان ،لنّ
واليومـ الخرِ،
ِ اليمانـ بال ،وملئكتِهـِ ،وكتب ِه ،ورسـلِه،
ُ أركانـ اليمان سـتةٌ:
َ
واليمانِ بالقدرِ خيره وشرهُ ،كلّه من ال -سبحانه وتعالى .-
سمّوا " بمجوس " هذه المة ،لماذا ؟.
سمّوا " بالقدرية " ،و ُ
وُ
خلُقُـ فعلَ نف سِه ،ولم يكن ْـ ذلك بتقديرٍ من ال ،لذلك
لنهـم يزعمون أنّ كُلّ واحدٍ َي ْ
الكونـ له خالقانـِ " :النور
َ أثبتوا خالقيـن مـع ال كالمجوس الذيـن يقولون( :إن ّ
والظلمة " ،النورُ خلقَ الخيرَ ،والظلمةُ خل َقتِ الشرّ).
" القدريةُ " زادوا على المجوسـِ ،لنهـم أثبتوا خالقَيـن متعدّدِيـن ،حيـث قالوا( :كُلٌ
سمّوا " بمجوسِ هذه المة ".
يخلُقُ فعلَ نفسِه) ،فلذلك ُ
وقا َبَلتْهـم " فرقةُ الجبريـة " الذيـن يقولون " :إنّ العبدَ مجبورٌ على فعلِه ،وليـس له
فعلٌ ول اختيارٌ ،وإنما هو كالريشةِ التي تحركُها الريحُ بغير اختيارها.
ُسـمّونَ " بالجبريـة " وهـم " غُلةُ القدريـة " ،الذيـن غلوا فـي إثبات القدر،
فهؤلء ي َ
سلَبوا العبدَ الختيارَ.
وَ
غلَو فيه ،حتى قالوا :إنه
والطائفةُ الولى منهم على العكس ،أثبتوا اختيارَ النسان و َ
يخلُقُ ِفعْلَ نفسِهِ مستقلً عن ال ،تعالى ال عما يقولون.
وهؤلء يُسمّون " بالقدرية النفاةِ " .ومنهم " :المعتزلةُ " ,ومن سارَ في ركابهم.
هذه فرقة القدرية بقسميها:
- 1الغلةُ في النفي.
- 2والغلةُ في الثباتِ.
وتفرّق تِ " القدريةُ " إلى فرقٍِ كثيرةٍ ،ل يعلمها إل ال؛ لنّ النسانَ إذا تر كَ الحق
فإنه يهيمُ في الضلل ،كُلّ طائفةٍ تُحدثُ لها مذهبًا وتنشقُ به عن الطائفة التي قبلها،
ل الضللِ؛ دائمًا في انشقاقٍ ،ودائمًا في تفرقٍ ،ودائمًا تحدثُ لهم أفكارٌ
هذا شأنُ أه ِ
وتصوراتٌ مختلفة متضاربة.
ـ ول اختلفـٌ ،لنهـم
ـ عندَهـم اضطراب ٌ
أمـا أهلُ السـنّةِ والجماعةِ؛ فل يَحدُث ُ
متمسكون بالحق الذي جاء عن ال -سبحانه وتعالى ،-فهم معتصمون بكتابِ ال
وبسنةِ رسوله صلى ال عليه وسلم؛ فل يَحْ صُلُ عندَهم افترا قٌ ول اختل فٌ ،لّنهم
يسيرونَ على منهجٍ واحدٍ.
$الفرقة الثانية :الخوارج
وهم الذين خرجوا على ولي المر في آخر عهدِ عثمان -رضي ال عنه ،-ونتَجَ
عن خروجهم قتلُ عثمان -رضي ال عنه .-
ثم في خلفةِ علي -رضي ال عنه -زادَ شرُهم ،وانشقوا عليه ،وكفّروه ،وكفّروا
الصـحابة؛ لنهـم لم يوافقوهـم على مذهبهـم ،وهـم يحكُمون على مـن خالفَهـم فـي
الخلقـ وهـم صـحابةُ رسـولِ ال صـلى ال عليـه
ِ مذهبهـم أنـه كافرٌ ،فكفّروا خيرةَ
وسلم .لماذا ؟ .لنّهم لم يوافقوهم على ضللِهم وعلى كفرهم.
ومذهبُ هم :أنّ هم ل يلتزمون بال سنّة والجما عة ،ول يطيعون وليّ ال مر ،ويرون أن
الخرو جَ عليه من الدين ،وأن شَقّ العصا من الدين [وفي عصرنا ربما سمّوا من
يرى السـمعَ والطاعةَ لولياء المور فـي غيـر مـا معصـية عميلً ،أو مداهنًا ،أو
مغفلً .فترا هم يقدحون في وَليّ أمر هم ،ويشّهرون بعيو به من فوق المنابر ،و في
تجمعاتهم ،والرسولُ صلى ال عليه وسلم يقولُ( :من أرادَ أن ينصحَ لسلطان بأمر؛
فل يبدِ له علنيةً ولكن ليأخذْ بيدِه ،فيخلوا به ،فإن َقبِلَ منه فذّا كَ ،وإل كان قد أدّى
الذي عليه) رواه أحمد )3/404( :من حديث عياض بن غنم -رضي ال عنه ،-
ورواه -أيضًا -ابن أبي عاصم في " السنة ".)2/522( :
إيقافـ أحدِهـم عـن الكلم فـي المجامـع العامـة؛ تجمعوا
َ أو إذا رأى ولي ّ المرِ
و ساروا في مظاهرات ،يظنو نَ -جهلً منهم -أنّ إيقا فَ أحدِ هم أو سجنَهُ يسوغُ
الخروج ،أ َولَ مْ ي سمعوا قولَ ال نبي صلى ال عل يه و سلم في حد يث عوف بن مالك
الشجعي -رضي ال عنه ،-عند مسلم (( :)1855ل .ما أقاموا فيكم الصلة).
و في حد يث عبادة بن ال صامت -ر ضي ال ع نه -في " ال صحيحين "( :إل أن
تروا كفرًا بواحًا ،عندكم فيه من ال برهان) وذلك عند سؤال الصحابة واستئذانهم
له بقتال الئمة الظالمين.
أل يعلمُـ هؤلء كـم لبث َـ المامُـ أحمدُ فـي السـجنِ ،وأين َـ مات َـ شيخُـ السـلمِ ابنُـ
تيمية ؟!.
ألم ي سجن المام أح مد ب ضع سنين ،ويجلد على القول بخلق القرآن ،فل ما لم يأ مر
الناس بالخروج على الخليفة ؟!.
وألم يعلموا أن شيخ السلم مكث في السجن ما يربو على سنتين ،ومات فيه ،لِ مَ
ج على الوالي -مع أنّهم في الفضلِ والعلمِ غايةٌُ ،فيكف بمن
لَ مْ يأمرِ الناسَ بالخرو ِ
دونهم -؟؟!.
إنّ هذه الفكارَ والعمالَ لم تأ تِ إلي نا إل بعد ما أصبحَ الشبا بُ يأخذون علمَ هم من
المف ّكرِ المعا صرِ فلن ،و من الد يب الشاعرِ فلن ،و من الكات بِ ال سلمي فلن،
ويتركو نَ أ هل العل مِ ،وكت بَ أ سلفِهم خلفَ هم ظهريًا؛ فل حولَ ول ق ّوةَ إل بال،] .
وعكس ما أمر ال به في قوله:
ل ْمرِ مِنكُمْ} [ .سورة النساء ،الية] 59 :
{أَطِيعُو ْا اللّهَ َوأَطِيعُو ْا الرّسُولَ َوُأ ْولِي ا َ
ال -جل وعل -جعل طاعة ولي المر من الدين ،والنبي صلى ال عليه وسلم
جعَلَ طاع َة وليّ المرِ من الد ين قال صلى ال عل يه و سلم( :أو صيكم بتقوى ال
َ
يعشـ منكـم فسـيرى اختلف ًا
ْ والسـمعِ والطاعةِ ،وإن تَأ ّمرَ عليكـم عبدٌ ،فإنـه مـن
كثيرًا [ .)..سبق تخريجه ص] .7 :
فطاع ُة وليّ المرِ الم سلمِ من الد ين .و " الخوار جُ " يقولون :ل ،نح نُ أحرارٌ .هذه
ت اليوم.
طريقة الثورا ِ
فــ " الخوراج ُـ " الذيـن يريدون َـ تفريق َـ جماعةِ المسـلمين ،وشّقّ عصـا الطاعـة،
ومعصية ال ورسولهِ في هذا المر ،ويرون أن مرتكبَ الكبيرةِ كافرٌ.
ومرتكبُـ الكـبيرة هـو :الزانـي -مثلً ،-والسـارقُ ،وشارب ُـ الخمـر؛ يرون أنـه
كافرٌ ،في ح ين أنّ أهلَ ال سنّةِ والجماعةِ يرون أن هُ " م سلمٌ ناق صُ اليمان " [ ح تى
لو فعل الكبيرة مستخفًا بها ل يكفر ما لم يستحلها ،خلفًا لما يقوله بعضُهم :من أنّ
مرتكبَ الكبيرة إذا كان مستخفًا يكفر كفرًا مخرجًا عن الملّة.
وهذا القولُ هو عينُ قولِ الخوارجِ ،كما قال ذلك شيخنا الشيخ :عبد العزيز بن عبد
ال بن باز ،عندما سئل عنه بالطائف عام 1415هـ] .
خرِ جُ من
،ويسمونه بالفاسق الملّي؛ فهو " مؤم نٌ بإيمان هِ فاسقٌ بكبيرته " ،لنه ل ي ُ
السلم إل الشر كُ أو نواق ضُ السلم المعروفة ،أما المعاصي التي دون الشرك؛
فإنها ل تُخرجُ من اليمانِ ،وإن كانتْ كبائرَ ،قال ال -تعالى : -
شرَ كَ بِ هِ َو َيغْ ِفرُ مَا دُو نَ َذلِ كَ لِمَن يَشَاءُ} [ سورة الن ساء،
{إِنّ اللّ هَ لَ َيغْ ِفرُ أَن يُ ْ
اليتان.] 116 ،48 :
و " الخوار جُ " يقولون :مرتك بُ ال كبيرة كافرٌ ،ول يٌغفرُ له ،و هو مخلّدٌ في النار.
وهذا خلفُ ما جاءَ في كتاب ال -سبحانه وتعالى .-
والسببُ :أنهم ليسَ عندهم فقهٌ.
لحظُوا أن السببَ الذي أو َق َعهُم في هذا أنهم ليس عندَهم فقه ،لنّهم جماعةٌ اشتدوا
فـي العبادةِ ،والصـلةِ ،والصـيامِ ،وتلوةِ القرآنـِ ،وعندهـم غَيرةٌ شديدةٌ ،لكنهـم ل
يفقهون ،وهذه هي الفة.
فالجتهادُ في الورعِ والعبادةِ؛ ل بدّ أن يكونَ مع الفقه في الدين والعلم.
ولهذا وصفهم النبيّ صلى ال عليه وسلم لصحابه ،بأن الصحابةَ يحقرون صلتهم
إلى صلتهم ،وعبادت هم إلى عبادت هم ،ثم قال صلى ال عل يه و سلم " :يمرُقُون من
الد ين ك ما يمرق ال سهم من ال ّرمّيةِ " [ جزءٌ من حدي ثٍ طو يل ،أخر جه أح مد( :
ـائي،)4112( )2577( :
ـلم ،)1064( :والنسـ
،)3/73والبخاري ،)7432( :ومسـ
وأبو داود ،)7464( :والطيالسي )2234( :من حديث أبي سعيد -رضي ال عنه
.-
ومن حديث علي ابن أبي طالب -رضي ال عنه : -
البخاري ،)6930( )5057( )3611( :ومسـلم ،)1066( :وأبـو داود،)4767( :
والطيالسي ،)168( :والنسائي ،)4113( :وأحمد.)1/113( )1/81( :
ومن حديث جابر -رضي ال عنه ،-عند :أحمد ،ومسلم ،والنسائي ،وابن ماجه.
ومن حديث سهل بن حنيف -رضي ال عنه ،-عند :الشيخين ،والنسائي.
ومن حديث ابن مسعود -رضي ال عنه ،-عند :أحمد ،والترمذي ،وابن ماجه.
ومـن حديـث أبـي برزة السـلمي -رضـي ال عنـه ،-عنـد :أحمـد ،والطيالسـي،
والنسائي ،والحاكم.
ومـن حديـث أبـي سـعيد وأنـس -رضـي ال عنهمـا ،-عنـد :أحمـد ،وأبـي داود،
والحاكم في " مستدركه ".
ومن حديث أبي بكرة -رضي ال عنه ،-عند :أحمد ،والطبراني.
ومن حديث عامر بن وائلة -رضي ال عنه ،-عند :الطبراني] .
مع عبادتهم ،ومع صلحهم ،ومع تهجدهم وقيامهم بالليل ،لكن لما كان اجتهادُهم
ل يس على أ صلٍ صحيحٍ ،ول على عل مٍ صحيح ،صار ضللً ووباءً وشرًا علي هم
وعلى المةِ.
عرِ فَ عن " الخوار جِ " في يو مٍ من اليام أنهم قاتلوا الكفار ،أبدًا ،إنما يقاتلون
وما ُ
المسـلمين ،كمـا قال صـلى ال عليـه وسـلم " :يقتلون أهلَ السـلمِ ويَدَعُون أهلَ
الوثا نِ " [ .جزءٌ من حدي ثٍ طويل ،أخرجه أحمد )3/68( )3/73( :ومختصرًا( :
،)3/72والبخاري )4667( )7432( :مختصـرًا ،ومسـلم ،)1064( :والنسـائي( :
،)4112( )2577وأبو داود ،)7464( :والطيالسي] .)2234( :
فما عرفنا في تاريخ " الخوارجِ " ،في يومٍ من اليام أنّهم قاتلوا الكفار والمشركينَ،
وإنمـا يقاتلون المسـلمين دائم ًا :قتلوا عثمان .وقتلوا علي بـن أبـي طالب .وقتلوا
الزبير بن العوام .وقتلوا خيار الصحابة .وما زالوا يقتلون المسلمين.
وذلك ب سبب جهل هم في د ين ال -عزّ وجلّ ،-مع ورَعِ هم ،و مع عبادت هم ،و مع
اجتهادهم ،لكن لما لم يك نْ هذا مؤ سّسًا على عل مٍ صحيح؛ صارَ وبالً عليهم ،ولهذا
يقول العلمةُ ابنُ القيم في وصفهم :
( َوَلهُمْ ُنصُوصٌ َقصّروا في َف ْه ِمهَا ** فَُأ ُتوْا مِنَ الت ْقصِيرِ في ال ِعرْفَانِ)
[ نونية ابن القيم المسمّاة " :الكافية الشافية في النتصار للفرقة الناجية " ص.97 :
]
فهم استدلوا بنصوصٍ وهم ل يفهمونها ،استدلوا بنصوصٍ من القرآن ومن السنّة؛
فـي الوعيدِ على المعاصـي ،وهـم ل يفقهون معناهـا ،لم يُرجعوهـا إلى النصـوص
الخرى ،التـي فيهـا الوعدُ بالمغفرة ،والتوبـة لمـن كانـت معصـيتُه دون الشرك؛
فأخذوا طرفًا وتركوا طرفًا .هذا لجهلهم.
مؤسـسًا على علمـٍ،
ّ يكونـ هذا
َ َنـ
والحماسـ ل يكفيان ،ل بـد أ ْ
ُ والغيرةُ على الديـن
وعلى فق هٍ في دين ال -عز وجل ،-يكو نُ ذلك صادرًا عن عل مٍ ،وموضوعًا في
محله.
والغيرةُ على الديـن طيبةٌ ،والحماسُـ للديـن طيّبـ ،لكـن ل بـد أن يُرشًّدَ ذلك باتباع
الكتابِ والسنة.
غ َيرَ على الد ين ،ول أن صحَ للم سلمين؛ من ال صحابة -ر ضي ال عن هم ،-
ول أَ ْ
ومع ذلك قاتلوا " الخوارج "؛ لخطرهم وشرّهم.
قاتَل هم عليّ بن أ بي طالب -ر ضي ال ع نه ،-ح تى قتَل هم شرّ ِق ْتلَةٍ في وقعةِ "
النهروان " ،وتحقق في ذلك ما أخبر به صلى ال عليه وسلم :من أنّ النبي صلى
شرَ من يق ُتلُ هم بالخ ير والج نة .فكان علي بن أ بي طالب هو الذي
ال عل يه و سلم بَ ّ
قتلَهم ،فحصَلَ على البشارةِ من الرسول صلى ال عليه وسلم [ .روى البخاري في
صـحيحه ،)6930( :ومسـلم فـي صـحيحه ،)1066( :وأحمـد فـي مسـنده ( :
،)1/113وابن أبي عاصم في " السنة " ،)914( :وعبد ال ابن المام أحمد في "
السنة ": )1487( :
عن علي -رضي ال عنه -قال :سمعتُ رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول" :
يخر جُ في آخرِ الزما نِ قو مٌ أحدا ثُ السنانِ ،سفهاءُ الحل مِ ،يقولون من خير قول
البريةِ ،ل يجاوزُ إيمانُ هم حناجرَ هم ،فأين ما لقيتمو هم فاقُتلوهُم؛ فإنّ َق ْتلَ هم أجرٌ ل من
ق َتلَهم يوم القيامة ".
قال أبـو سـعيد الخدري -رضـي ال عنـه -بعدمـا روى حديث ًا فـي الخوارج
وعلماتِ هم ،رواه أح مد في " الم سند " ،)3/33( :واب نه في " ال سنة "- )1512( :
قال( :فحدثني عشرون أو بض عٌ وعشرون من أصحابِ رسولِ ال صلى ال عليه
وسلم أنّ عليّا َوِليَ ق ْتلَهم).
وروى أحمد ،)1/59( :ومسلم ،)1066( :وعبد ال بن المام أحمد في " السنة "( :
)1471عن علي -رضي ال عنه -قال :قال رسول ال صلى ال عليه وسلم" :
يخر جُ قو مٌ في هم رجلٌ مود نٌ اليدِ ،أو مثدون اليدِ ،أو مخدج اليدِ ،ولول أن تبطروا
لنبأتكم بما وَعَدَ ال الذين يقاتلونهم على لسان نبيه ".
وروى مسلم ،)1065( :وأبو داود ،)4667( :وعبد ال بن المام أحمد في " السنة
" )1511( :عن أ بي سعيد الخدري -ر ضي ال ع نه -أن ر سول ال صلى ال
عليـه وسـلم قال( :تَمرق مارقةٌ فـي فِرقَةٍ مـن المسـلمين ،يق ُتلُهمـا أولى الطائفتيـن
بالحق).
هذا ،وقد جاء المرُ بقتلِهم وفضلِه في أحاديثَ كثيرةٍ ،ليسَ هذا مجالُ ذِكرِها] .
َق َتَلهُم ليدفعَ شرّهم عن المسلمين.
وواجبٌ على المسلمين في كلّ عصرٍ إذا تحققوا من وجودِ هذا المذهبِ الخبيثِ؛ أن
يعالجوه بالدعوة إلى ال أولً ،وتبصـيرِ الناس بذلك؛ فإن لم يمتثلوا قا َتلُوهـم دفعًـا
لشرّهم.
وعليّ بن أبي طالب -رضي ال عنه -أرسلَ إليهم ابنَ عمه :عبدَ ال بنَ عباس،
ح ْبرَ ال مة ،وترجما نَ القرآن؛ فناظرَ هم ،ورَجَ عَ من هم ستّةُ آلف ،وب قي من هم بقيةٌ
َ
ـ أبـي طالب ومعـه
كثيرةٌ لم يرجعوا ،عندَ ذلك قا َتلَهـم أميرُ المؤمنيـن عليّـ بن ُ
الصحابة؛ لدفعِ شرّهم وأذاهم عن المسلمين.
هذه " فرقةُ الخوراج " ومذهبُهم.
$الفرقة الثالثة :الشيعة
ل البيت.
" الشيعة " :هم الذين يتشيّعون له ِ
و " التشيّع " في الصل :التباعُ والمناصرةُ :
{ َوإِنّ مِن شِي َعتِهِ لَِإ ْبرَاهِيمَ} [ .سورة الصافات ]
يعني :أتباعه إبراهيم ،ومن أنصار ملتِه؛ لنّ ال -سبحانه -لما ذكر قصةَ نو حٍ
قالَ { :وإِنّ مِن شِي َعتِهِ لَِإ ْبرَاهِيمَ}.
فأصلُ " التشيّع " :التبا عُ والمناصرةُ ،ثم صار يُطل قُ على هذه الفِرقة ،التي تزعم
أنها متّبعةٌ لهل البيت -وهم :عليّ بنُ أبي طالب -رضي ال عنه -وذريتُه .-
ويزعمون أن عليّا هو الوصي بعد الرسول صلى ال عليه وسلم على الخلفِة ،وأنّ
أ با ب كر ،وعمرَ ،وعثما نَ ،وال صحابةَ؛ ظلموا عَليّ ا ،واغت صبوا الخلفةَ م نه .هكذا
يقولون.
وقد كذبوا في ذلك ،لن الصحابة أجمعوا على بيعة أبي بكرٍ ومنهم عليّ -رضي
ال عنه ،-حيثُ بايَعَ لبي بكرٍ ،وبايعَ لعمر ،وبايعَ لعثمان.
فمعنى هذا :أنهم خونوا عليّا -رضي ال عنه .-
ـ أبـا بكرٍ وعمرَ،
وقـد كَفّروا الصـحابةَ إل عددًا قليلً منهـم ،وصـاروا يعلنون َ
ويلقّبونهما " بصنمي قريش ".
ومن مذهبهم :أنهم يُغلون في الئمةِ من أهلِ البيت ،ويُعطونَهم حقّ التشريع ونسخَ
الحكام.
حرّف َـ ونُقّصـَ ،حتـى آل بهـم المرُ إلى أن اتخذوا الئمةَ
ويزعمون أن القرآن قـد ُ
شيّدوا عليها القبا بَ ،وصاروا
أربابًا من دون ال ،وبنوا على قبورهم الضرحةَ ،و َ
يطوفونَ بها ،ويذبحون لها وينذرون.
ق كثيرة ،بعضُ ها أخَفّ من ب عض ،وبعضُ ها أشَدّ من
وتفّر قت " الشي عة " إلى فر ٍ
بعض ،منهم " :الزيدية " ،ومنهم " :الرافضة الثنا عشرية " ،ومنهم " :السماعيلية
َقـ
" و " الفاطميـة " ،ومنهـم " :القرامطـة " ،ومنهـم ،..ومنهـم ،..عددٌ كـبيرٌ ،و ِفر ٌ
كثيرة.
وهكذا ..كلّ من تركَ الحقّ فإنهم ل يزالون في اختلفٍ وت َفرّقٍ ،قال -تعالى : -
س َيكْفِي َكهُمُ
{فَإِ نْ آ َمنُواْ ِب ِمثْلِ مَا آمَنتُم بِ هِ فَقَدِ ا ْهتَدَواْ ّوإِن َت َوّلوْاْ َفِإنّمَا هُ مْ فِي شِقَا قٍ فَ َ
سمِيعُ ا ْل َعلِيمُ} [ .سورة البقرة ]
اللّهُ وَ ُهوَ ال ّ
ف من تر كَ الحقّ يُبتلى بالبا طل ،والزي غِ ،والتفرّ قِ ،ول ينت هي إلى نتي جة ،بل إلى
الخسارة -والعياذُ بال .-
ق كثيرةٍِ ،ونِحَلٍ كثيرة.
وتفرّقت " الشيعةُ " إلى فر ٍ
وتفرّقت " القدرية ".
وتفرّ قت " الخوارج " إلى فرق كثيرة " :الزار قة " ،و " الحرور ية " ،و " النجدات
" ،و " الصفرية " ،و " الباضية " ،ومنهم الغلةُ ،ومنهم من هو دون ذلك.
$الفرقة الرابعة :الجهمية
" الجهميةُ " ،وما أرداك مالجهمية ؟!!.
" الجهميةُ " :نسبةً إلى " الجهم بن صفوان " ،الذي تتلمذَ على " الجعد بن دِرهم "،
و " الجعـد بـن درهـم " تتلمذَ على " طالوت " ،و " طالوت " تتلمـذ على " لبيـد بـن
العصم " اليهودي؛ فهم تلميذ اليهود.
وما هو " مذهبُ الجهمية " ؟.
" مذه بُ الجهم ية " :أن هم ل يُثبتون ل ا سمًا ول صفةً ،ويزعمون أ نه ذا تٌ مجرّدةٌ
إثباتـ السـما ِء والصـفاتِ -بزعمهـم -يقتضـي
َ عـن السـما ِء والصـفاتِ؛ لن
الشركَ ،وتعدّدَ اللهة -كما يقولون .-
هذه شبهتُهم اللعينة.
ول ندري ماذا يقولون في أنفسهم ؟ .فالواحدُ منهم يوصفُ بأنه عال مٌ ،وبأنه غنيّ،
وبأ نه صانعٌ ،وبأ نه تاجرٌ .فالواحدُ من هم له عِ ّدةُ صفاتٍ ،هل مع نى ذلك أن يكو نَ
عِ ّدةَ أشخاصٍ ؟؟!!.
هذه مكابرةٌ للعقولِ؛ فل يلزمُ من تعددِ السماءِ والصفاتِ تعدّدَ اللهةِ ،ولهذا لمّا قال
المشركون من قبلُ َلمّ ا سمعوا ال نبي صلى ال عل يه و سلم يقول ( :يا رح من ،يا
رح يم) قالوا :هذا يز عم أ نه يعبدُ إلهًا واحدًا ،و هو يد عو آلهةً متعددةً ،فأنزل ال -
سبحانه وتعالى -قوله :
سنَى} [ تفسير ابن
سمَاء الْحُ ْ
حمَـنَ َأيّا مّا تَدْعُواْ َفلَهُ الَ ْ
{قُلِ ادْعُواْ اللّ هَ َأوِ ادْعُواْ الرّ ْ
كثير [ ] .)4/359( :سورة السراء ،الية] 110 :
فأ سماء ال كثيرة ،هي تُدلّ على كمالِه وعظمتِه -سبحانه وتعالى ،-ل تدلّ على
تعدّدّ اللهةِ -كما يقولون ،-بل تدلّ على العظمة ،وعلى الكمالِ.
أ ما الذا تُ المجرّدةُ ال تي ل يس ل ها صفاتٌ فهذ هِ ل وجودَ ل ها ،م ستحيلٌ يوجدُ شيٌء
وليس له صفاتٌ ،أبدًا ،ولو على القل صفة الوجود.
ومن شبههم " :أن إثباتَ الصفاتِ يقتضي التشبيه ،لنّ هذه الصفات يوجد مثلها في
المخلوقين ".
وهذا قولٌ با طل ،لنّ صفات الخالق تل يق به ،و صفات المخلوق ين تلي قُ ب هم؛ فل
تشابه.
و " الجهميةُ " جمعوا إلى ضللِ هم في ال سماء وال صفاتِ ال جبرَ في القدر ،لن "
ج َبرٌ على
الجهميةَ " يقولون( :إنّ العبدَ ليس له مشيئةٌ ،وليس له اختيارٌ ،وإنما هو مُ ْ
أفعالِه).
ومعنى هذا :أنّه إذا عُذّبَ على المعصيةِ يكونُ مظلومًا ،لنّها ليستْ ِف ْعلَهُ ،وإنما هو
مجبرٌ عليها -كما يقولون ،-تعالى ال عن ذلك.
فهـم جمعوا بيـن " الجـبرِ فـي القدر " ،وبيـن " التجهّمـ فـي السـماءِ والصـفاتِ "،
وجمعوا إلى ذلك " القولَ بالرجاءِ " ،وأضافوا إلى ذلكــَ " القول بخلقــِ القرآن "
{ظلماتٌ بعضُها فوقَ بعضٍ}.
قال ابن القيم :
ح ُرفٍ ِب ِوزَانِ
جيْمٌ َم ْع ُهمَا ** مَ ْقرُونَةً مَعْ أَ ْ
جيْمٌ ثُمّ ِ
جيْمٌ و ِ
ِ
جهّمٍ ** َف َتَأمّلِ المجمُوعَ في ا ْل ِم ْيزَانِ
جيْمُ َت َ
ج ْبرٌ وِإرْجَاءٌ وَ ِ
َ
صَلتْ ** بخلصِهِ مِنْ ِربْقَةِ اليمانِ
ح ُ
حكُمْ بِطاِلعِها ِلمَنْ َ
فَا ْ
[ نونية ابن القيم ،ص] .115 :
جهّ مٍ " و "إِرجاءٍ " ،ثل ثُ جيمات ،والجِي مُ الرابعةُ
ج ْبرٍ " و " تَ َ
يع ني :جمعوا ب ين " َ
جِيمُ جهنّم.
الحاصلُ :أن هذا " مذه بَ الجهميةِ " ،والذي اشتهرَ فيه نف يُ السما ِء والصفاتِ عن
ب المعتزلةَ " ،و " مذه بُ الشاعرة " ،و
ال -سبحانه وتعالى ،-انشَقّ عنه " مذه ُ
" مذهبُ الماتريدية ".
مذهبـ المعتزلة " :أنهـم أثبتوا السـما َء ونفوا الصـفات ،لكـن أثبتوا أسـماءً
ُ و"
مجرّدة ،مجرّدَ ألفاظٍ ل تدلّ على معانٍ ول صفاتٍ.
سـمّوا " بالمعتزلة " :لن إمامهـم " واصـل بـن عطاء " كان مـن تلميـذ الحسـن
ُ
الب صري -رح مه ال ،-الما مَ التاب عي الجل يل ،فلمّ ا سئُلَ الح سن الب صري عن
مرت كب ال كبيرة ،ما حك مه ؟ .فقال بقولِ أ هل ال سنّةِ والجما عة( :إ نه مؤم نٌ ناق صُ
اليمان ،مؤمنٌ بإيمانِه فاسقٌ بكبيرته).
بنـ عطاء " بهذا الجواب مـن شيخـه؛ فاعتزلَ وقال( :ل .أنـا
يرضـ " واصـلُ ُ
َ فلم
أرى أنه ليس بمؤم نٍ ول كافر ،وأنه في المنزلةِ بين المنزلتين) .وانشَقّ عن شيخه
-الحسن -وصار في ناحيةِ المسجد ،واجتم عَ عليه قو مٌ من أوبا شِ الناس وأخذوا
بقوله.
وهكذا دعاةُ الضللِ في كلّ وقتٍ ،ل بدّ أن ينحازَ إليهم كثيرٌ من الناس ،هذه حِكمةٌ
من ال.
تركوا مجل سَ الحسنِ ،شي خِ أهلِ السنّةِ ،الذي مجل سُه مجل سُ الخيرِ ،ومجل سُ العل مِ،
ل المضِل.
وانحازوا إلى مجلسِ " المعتزلي :واصلِ بنِ عطاء " الضا ِ
وينحازونـ إلى
َ يتركونـ علماءَ أهلِ السـنّة والجماعةِ،
َ أشباهـ فـي زماننـا،
ٌ ولهـم
أصحابِ الفكرة المنحرف [ .فتجدهم يقتنون أشرطتهم ،وكتبهم ،ويحرصون عليها،
وإذا قلت ل هم :إن في هذه الك تب ما يخالف معت قد أ هل ال سنة والجما عة ،ال سلف
الصالح ،من قول بخلق القرآن ،أو من تأويل للصفات ،أو من تحريض على أولياء
المور ،أو غيره .قالوا " :هذه أخطاءٌ ب سيطةٌ ،ل تمن عُ من قراءت ها وا ستماعها "،
مـع أن فـي كتـب علمائنـا -سـلفًا وخلفًا -الغنيـة عنهـا وهكذا يضللون كـل مـن
علْ مٍ
ح ِملُواْ َأ ْوزَارَهُ مْ كَا ِملَةً َيوْ مَ الْ ِقيَامَةِ َومِ نْ َأ ْوزَارِ الّذِي نَ ُيضِلّو َنهُم ِب َغ ْيرِ ِ
سمعهمِ{ :ليَ ْ
أَلَ سَاء مَا َي ِزرُونَ} [ النحل ].
ألم يعلموا أن من سلفنا الصالح من هجر من قال ببدعةٍ واحدة ،أو أوّلَ صفةً واحدةً
فقط ؟.
فهذا عبدُ الوهاب ب نُ عبدِ الحكم الوراق ،و هو من أ صحاب أح مد -رحم هم ال -
يسئل عن أبي ثور فقال( :ما أدين فيه إل بقول أحمد بن حنبل " :يُهجرُ أبو ثور،
ومَن قال بقوله ").
وذلك لنه أول حديث الصورة ،وخالف قول السلف فيها.
فكيف بمن ل تجمع أخطاءه ول تحصيها إل الكتبُ ؟؟!
ومع ذلك تسم ُع بعضَهم يقولُ :أخطاءٌ بسيطة ل تمنعُ من قراءتِها !!.
فل حول ول قوة إل بال] .
سمّوا " بالمعتزلة " ،لنهم اعتزلوا أهلَ السنّة والجماعة؛ فصاروا
ومن ذلك الوقت ُ
ينفو نَ الصفات عن ال -سبحانه وتعالى ،-ويثبتون له أسماءَ مجرّدة ،ويحكُمون
ح َكمَ تْ به " الخوارجُ "( :أنه مخلّدٌ في النار) ،لكن اختلفوا
على مرتكبِ الكبيرة بما َ
عن " الخوارج " في الدنيا ،وقالوا( :إنه يكون بالمنزلة بين المنزلتين ،ليس بمؤمن
ول كافر).
بينما " الخوارجُ " يقولون( :كافر).
يا سبحانَ ال ! هل يُعقَلُ أنّ النسانَ ل يكونُ مؤمنًا ول كافرًا ؟!.
وال -تعالى -يقول :
خلَ َقكُمْ َفمِنكُمْ كَا ِفرٌ َومِنكُم ّم ْؤمِنٌ} [ .سورة التغابن ،الية] 2 :
{ ُهوَ الّذِي َ
ما قال :ومنكم من هو بالمنزلة بين المنزلتين .لكن هل هؤلء يفقهون ؟؟!!.
ب المعتزلةِ " " مذهبُ الشاعرة ".
ثمّ تَ َفرّعَ عن " مذه ِ
و " الشاعرة " :يُنسبونَ إلى " أبي الحسن الشعري " -رحمه ال .-
بطلنـ مذهـب
َ وعرفـ
َ وكان أبـو الحسـن الشعري معتزليًا ،ثـم مَنّ ال عليـه،
ب المعتزلة ،وخل عَ
المعتزلة ،فوقف في المسجد يو مَ الجمعة وأعل نَ برا َءتَ هُ من مذه ِ
ب المعتزلةِ ،كما خلع تُ ثوبي هذا) .لكنّه صار إلى "
ثوبًا عليه وقال( :خلع تُ مذه َ
ل ِبيّة " :أتباعِ " عبدِ ال بن سعيد بن كُلّب ".
مذهبِ الكُ ّ
و" عبدُ ال ب نُ سعيد بن كُلّب " :كان يُثبِ تُ سبعَ صفاتٍ ،وين في ما عدا ها ،يقول:
(لنّ العقلَ ل يدُلّ إل على سبعِ صفاتٍ فقط " :العل مُ " ،و " القدرةُ " ،و " الرادةُ "،
و " الحياةُ " ،و " السمعُ " ،و " البصرُ " ،و " الكلمُ ") يقول( :هذه دَلّ عليها العقل،
أما ما لم يدلّ عليه العقل -عنده -فليس بثابتٍ).
لبِيّةِ " ،ورج َع إلى
ثم إنّ ال مَنّ على " أبي الحسن الشعري " ،وتر كَ " مذهب الكُ ّ
إمامـ أهلِ السـنّة
ُ مذهبـ المام أحمـد بـن حنبـل ،وقال( :أنـا أقولُ بمـا يقولُ بـه
ِ
والجماعة أحمد بن حنبل :إنّ ال استوى على العرش ،وإنّ له يدًا ،وإنّ له وجهًا).
َذ َكرَ هذا في كتا به " :البا نة عن أ صول الديا نة " ،و َذ َكرَ هذا في كتا به الثا ني" :
مقالت السـلميين واختلف المصـلين " َذ َكرَ (أنّهـ على مذهـب المام أحمـد بـن
حنبل) .وإن بَ ِق َيتْ عن َدهُ بعضُ المخالفات..
ولكنّ أتباعَ هُ بقوا على " مذ هب الكُلب ية "؛ فغالبُهٍم ل يزالون على مذه به الول،
ولذلك يُسَممّون " بالشعرية " :نسبةً إلى الشعري في مذهبه الول.
أ ما بعدَ أن رج عَ إلى مذه بِ أهلِ ال سنّة والجما عة؛ فن سبةُ هذا المذ هب إل يه ظل مٌ،
ل ِبيّ ة " ،ل مذ هب أ بي الح سن الشعري -رح مه
وال صوابُ أن يُقال " :مذه بُ الكُ ّ
صنّفَ في ذلك كتا به " :البا نة عن أ صول الديا نة "،
ال -؛ ل نه تا بَ من هذا ،و َ
سكِه بما كان عليه أهلُ السنّة والجماعة -خصوصًا المام:
و صَرّح برجوعه ،وتم ّ
بعضـ المخالفات ،مثلُ قولِه فـي
ُ أحمـد بـن حنبـل رحمـه ال ،-وإن كانـت عندَه
الكلم( :إنّ ه المع نى النف سي القائم بالذات ،والقرآن حكا ية -أو عبارة -عن كلم
ال ،ل أنّه كلمُ ال).
ب المعتزلةِ ".
هذا " مذهبُ الشاعرة " ،منشَقّ عن " مذه ِ
ب المعتزلةِ " منشَقّ عن " مذهبِ الجهمية ".
" ومذه ُ
ب كثيرةٌ ،كلّها أصلُها " مذهبُ الجهمية ".
ثُمّ تفرّعت مذاه ُ
هذه -تقريبًا -أصول ال ِفرَ قِ [ قال ا بن أ بي رندقه الطرطو شي في كتا به " كتاب
الحوادث والبدع " ص( :14 :اعلم أن علماء نا -ر ضي ال عنهم -قالوا :أ صول
البدع أرب عة ،و سائر ال صناف الثنت ين و سبعين فر قة من هؤلء تفرقوا وتشعبوا،
و هم " :الخوارج " و هي أول فر قة خر جت على علي بن أ بي طالب -ر ضي ال
عنه ،-و " الروافض " ،و " القدرية " ،و " المرجئة ")] .
على الترتيب.
أولً " :القدريةُ ".
ثُمّ " :الشيعةُ ".
ثُمّ " :الخوراجُ ".
ثُمّ " :الجهمية ".
هذه أصول ال ِفرَق.
ق كثيرةٌ ل يحصيها إل ال ،وصُنّفتْ في هذا كتبٌ ،منها :
وتفرّقت بعدها ِفرَ ٌ
- 1كتاب " :ال َفرْق بين ال ِفرَق " للبغدادي.
- 2كتاب " :المِلل والنّحَل " لمحمّد بن عبد الكريم الشهرستاني.
- 3كتاب " :ال ِفصَل في المِلل والنّحَل " لبن حزم.
- 4كتاب " :مقالت السلميين واختلف المصلين " لبي الحسن الشعري.
كُلّ هذه الكتب في بيان ال ِفرَقِ ،وتنوّعِها ،وتعدادِها ،واختلفِها ،وتطوراتِها.
ول تزالُ إلى عصرنا هذا تتطوّر ،وتزيدُ ،وينشأُ عنها مذاه بُ أخرى ،وتنشَقّ عنها
أفكارٌ جديدةٌ منبثقةٌ عن أصلِ الفكرة ،ولم يب قَ على الحقّ إل أهلُ السنّة والجماعة،
في كُلّ زما نٍ ومكان هم على ال حق إلى أن تقو مَ ال ساعةُ ،ك ما قال صلى ال عل يه
و سلم( :ل تزالُ طائفةٌ من أم تي ظاهر ين على ال حق ،ل يضرّ هم من خذَل هم ح تى
يأتي أمرُ ال وهم كذلك) [ .سبق تخريجه ص] .)21( :
أهلُ السنّة والجماعة -والحمدُ لِ -يخالفون " القدرية النفاة ":
فيؤمنون بالقدر ،وأنّه من أركان اليمان الستة ،وأنه ل يحصُلُ في هذا الكونِ شيءٌ
إل بقضائه وقدره -سبحانه وتعالى ،-لنّه الخلّق ،الربّ ،الماَلكُ ،المتصرفُ :
شيْءٍ َوكِيلٌ .لَهُـ مَقَالِيدُ السّـمَاوَاتِ وَالَْأرْضـِ}.
علَى كُلّ َ
شيْءٍ وَ ُهوَ َ
{اللّهُـ خَالِقُـ كُلّ َ
[ سورة الزمر ]
الكونـ إل بمشيئت ِه -سـبحانه ،-وإرادت ِه ،وقدرت ِه،
ِ ل أح َد يتصـ ّرفُ فـي هذا
وتقديرِه.
علِ مَ ال ما كان ،و ما سيكون في الزَلِ ،ثم كت به في اللو حِ المحفو ظِ ،ثم شاءَه
َ
وأوجدَه وخلقَه -سبحانه وتعالى .-
ج َبرٌ على أفعال هِ -
وأنّ للع بد مشيئةً ،وك سبًا ،واختيارًا ،ل أنّ ه م سلوبُ الرا َدةِ ،مُ ْ
كما تقول " الجبرية الغُلة " -؛ فهم يخالفونهم.
ومذهبُ هم في صحابة ر سولِ ال صلى ال عل يه و سلم :أنّ هم يوالونَ هم كلّ هم ،أهلَ
الب يت وغيرَ أ هل الب يت ،يوالون ال صحابة كل هم ،المهاجر ين ،والن صار ،والذ ين
اتبعوهم بإحسان ،ويمتثلونَ بذلك قولَهُ -تعالى :-
سبَقُونَا بِالْإِيمَانِ َولَا
خوَا ِننَا الّذِينَ َ
{وَالّذِينَ جَاؤُوا مِن َبعْدِهِمْ يَقُولُونَ َر ّبنَا اغْ ِفرْ َلنَا َولِإِ ْ
غلّا ّللّذِينَ آ َمنُوا} [ .سورة الحشر ،الية] 10 :
جعَلْ فِي ُقلُو ِبنَا ِ
تَ ْ
فهـم يخالفون " الشيعـة " ،لنّهـم يفرّقون بينَـ أصـحابِ رسـولِ ال صـلى ال عليـه
و سلم فيوالون بعض هم ،ويعادون بعض هم .فأهلُ ال سنّة يوالون هم جميعًا ،ويحبون هم
جميعًا ،والصـحابةُ يتفاضلون ،وأفضلُهـم :الخلفاءُ الراشدون ،ثـم بقيّة العشرة ،ثـم
المهاجرون أفضلُ مـن النصـارِ ،وأصـحابُ بدرٍ لهـم فضيلةٌ ،وأصـحابُ بيعةِ
الرضوانِ لهم فضيلةٌ ،فلهم فضائلُ -رضي ال عنهم .-
ويعتقدون :ال سمعَ والطاعةَ -خلفًا " للخوار جِ " -؛ ف هم يعتقدون ال سمعَ والطاعةَ
لولةِ أمورِ المسـلمين ،ول يرونَـ الخروجَـ على إمامِـ المسـلمين ،وإن ْـ حصَـلَ منـه
خطأ ،ما دا مَ هذا الخطأُ دون الكفر ،ودون الشرك ،حيث نهى صلى ال عليه وسلم
عن الخرو جِ علي هم لمجرّدِ المعا صي ،وقال( :إل أن تروا كفرًا بواحًا ،عندَ كم ف يه
من ال برهان) [ .جزءٌ من حدي ثِ عبادة بن ال صامت ،ولف ظه( :دعا نا ر سول ال
صلى ال عليه وسلم فبايعناه ،فكان فيما أخذ علينا ،أن بايعنا على السمع والطاعة،
في منشط نا ومكره نا ،وع سرنا وي سرنا ،وَأ َث َرةٍ علي نا ،وأن ل ُننَازع ال مر أهله -
قال - :إل أن تروا كفرًا بواحًا ،عندكم من ال فيه برهان).
رواه البخاري ،)7056( :ومسلم] .)42( )3/1470( :
وكذلك هم يخالفون " الجهم ية " ومشتقات هم في أ سماء ال و صفاته :فيؤمنو نَ ب ما
وصفَ ال به نف سَهُ ،وما و صَفَهُ به رسولُه صلى ال عليه وسلم ،ويتّبعون في ذلك
ب والسنّة ،من غير تشبيهٍ ول تمثيل ،من غير تحري فٍ ول تعطيل ،على حَدّ
الكتا َ
السـمِيعُ البَصـِيرُ} [ .سـورة
شيْءٌ وَ ُهوَ ّ
ِهـ َ
ْسـ َك ِم ْثل ِ
قوله -سـبحانه وتعالى َ{ :-لي َ
الشورى ]
فمذه بُ أهلِ السنّةِ والجماعةِ -ولِ الحمدِ -جام عٌ للحقّ ُكلّه ،في جمي عِ البوا بِ،
وفي جميعِ المسائل ،ومخالفٌ لكُلّ ما عليه ال ِفرَقُ الضال ُة والنّحَلُ الباطلة.
فمن أراد النجاةَ فهذا مذهبُ أهلِ السنّةِ والجماعة.
َتـ بـه
يعبدونـ ال على مقتضَى مـا جاء ْ
َ بابـ العبادةِ:
ِ وأهلُ السـنّةِ والجماعةِ فـي
الشريعةُ ،خلفًا " لل صوفيةِ " و " المبتدعةِ " و " الخرافي ين " ،الذ ين ل يتقّيدو نَ في
سمَهُ ل هم شيو خُ الطُر قِ ،وأئمةُ
ب وال سنّةِ ،بل يتبعون في ذلك ما رَ َ
عبادتِ هم بالكتا ِ
الضلل.
نسألُ ال أنْ يجعلني وإياكم من أهلِ السنّةِ والجماعةِ؛ ب َمنّهِ وك َرمِهِ ،وأن يرينا الحقّ
حقّا ويرزقنا اتباعَهُ ،وأنْ يرينا الباطلَ باطلً ويرزقَنا اجتنابَهُ .إنه سميعٌ مجيب.
هذا ،وصلى ال وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.
$الجابة على بعض السئلة
وسئل الشيخُ -حفظه ال -بعد المحاضرةِ ع ّدةَ أسئلة ،منها :
$$السؤال الول:
لقد نهَى ال ورسوله صلى ال عليه وسلم عن الغُلو في الدين؛ فهل سببُ انحرا فِ
ال ِفرَقِ عن أهلِ السنّةِ والجماعةِ الغُلو ؟ .وما أمثلةُ ذلك من ال ِفرَق ؟.
الجواب :
" الخوراجُـ " ظاهرٌ أن سـببَ انحرافِهـم الغُلو فـي الديـن؛ لنّهـم تشدّدُوا فـي العبادةِ
ـ الكُ ْفرَ عـن غي ِر بصـيرة ،لنّهـم
على غيرِ هُدى وبصـيرة ،وأطلقوا على الناس ِ
يخالفونهم في مذهبهم.
فل شك أن الغلو في الدين هو أساس البلء ،قال -تعالى : -
غ ْيرَ الْحَقّ} [ .سورة المائدة ،الية] 77 :
{قُلْ يَا أَهْلَ ا ْل ِكتَابِ لَ َت ْغلُواْ فِي دِي ِنكُمْ َ
قال صـلى ال عليـه وسـلم " :إياكـم والغلو؛ فإنمـا أهلك مـن كان قبلكـم الغلو ".
[ أخرجـه أحمـد ،)347 ،1/215( :والنسـائي ،)269 - 5/268( :وابـن ماجـة( :
،)3029وا بن أ بي عا صم ،)98( :وا بن خزي مة ،)4/274( :وا بن الجارود في "
المنتقـى " ،)473( :وابـن حبان ،)1011( :والطـبراني فـي " الكـبير "،)12747( :
والحا كم ،)1/466( :والبيه قي ،)5/127( :وأ بو يعلى المو صلي)357 ،4/316( :
من حديث ابن عباس -رضي ال عنه ] .-
والغلو في كل شيء هو :الزيادة عن الحد المطلوب (وكل شيء تجاوز حده انقلب
إلى ضده).
ون جد أن " المعطلة لل صفات " سبب انحراف هم الغلو في التنز يه ،و سبب انحراف "
الممثلة والمشبهة " غلوهم في الثبات.
فالغلو بلء ،والوسط والعتدال هو الخير في كل المور.
فل شك أن للغلو دورًا في ضلل الفرق عن الحق ،كل غلوه بحسبه.