You are on page 1of 68

-2-



-3-
‫مد محيي الدّين مينو‬
‫مح ّ‬

‫مملكة الكراسي‬
‫الخشبيّة‬
‫قصص للطفال‬

‫‪-4-‬‬
-5-
‫الهــداء‬

‫إلى أطفال (قانا) وشهدائها‪..‬‬


‫إلينا معا ً في ذكراكم الدّامية‪:‬‬
‫(‪ 18‬نيسان ‪ /‬أبريل ‪.)1996‬‬

‫دبّي في ‪8/3/2000‬‬

‫محمّد‬

‫‪-6-‬‬
-7-
‫ي‬
‫جيش صلح الدّين اليّوب ّ‬
‫سألَ معلّمٌ تلميذَه‪:‬‬
‫‪"-‬ماذا تودّون أن تكونوا في المستقبلِ؟"‪.‬‬
‫فقالَ أحدُهم‪:‬‬
‫‪"-‬أنا جائعٌ‪ ،‬أري ُد أن أصبحَ رغيفَ خبزٍ"‪.‬‬
‫وقالَ آخرُ‪:‬‬
‫‪"-‬أنا يتيمٌ‪ ،‬أريدُ أن أصيرَ أبا"‪.‬‬

‫‪-8-‬‬
‫وقالَ ثالثٌ‪ ،‬وهو يرفرفُ بجناحيه‪:‬‬
‫‪"-‬أنا عُصفورٌ‪ ،‬أحبّ الحريّةَ‪ ،‬وأكرهُ القفاصَ‪،‬‬
‫عصْفورا"‪.‬‬ ‫ولن أكونَ في المستقبلِ إلّ ُ‬
‫وحين لحظَ المعلّمُ أنّ سامرا لم َي ْنبِس‬
‫بكلمةٍ(‪ ،)1‬اقتربَ منه‪ ،‬وربّت على كتِفه‪ ،‬وسأَله‪:‬‬
‫‪"-‬بمَ تف ّكرُ‪ ،‬يا سامرُ؟ ماذا ستكونُ في‬
‫المستقبلِ؟"‪.‬‬
‫فكّر سامرٌ هنيهاتٍ‪ ،‬وقالَ‪:‬‬
‫ن صلحَ الدّينِ اليّوبيّ"‪.‬‬
‫‪"-‬أريدُ أن أكو َ‬
‫عندئذٍ صفّقَ التّلميذُ لسامرٍ‪ ،‬وصمّموا أن‬
‫يكونوا من ُفوْرهم جنودا في جيشِ صلحِ الدّينِ‬

‫() لم يَ ْنبِ سْ بكل مة‪ :‬لم تتحرّك شفتاه بش يء‪ ،‬وأك ثر ما ي ستعمل‬ ‫‪1‬‬

‫هذا التّركيب في النّفي‪.‬‬

‫‪-9-‬‬
‫اليّوبيّ‪.‬‬

‫‪‬‬

‫‪- 10 -‬‬
‫حلوى العيد‬

‫أضجرته الوحدةُ‪ ،‬فقالَ طارقٌ لمّه‪:‬‬


‫‪"-‬أريدُ أخا صغيرا"‪.‬‬
‫فقالتِ المّ‪ ،‬وهي تضمّه إلى صدرها‪:‬‬
‫‪"-‬غدا أشتري لكَ عروسا جميلةً"‪.‬‬
‫وقالَ البُ‪ ،‬وهو يضحكُ‪:‬‬
‫‪"-‬بل سنشتري لكَ حصانا"‪.‬‬

‫‪- 11 -‬‬
‫وفي اليومِ التّالي ركبَ طارقٌ حصانَه‬
‫الخشبيّ‪ ،‬وأخذَ يجري من غرفةٍ إلى غرفةٍ‪ ،‬وهو‬
‫يصهلُ‪ ،‬فقال الحصانُ‪:‬‬
‫‪"-‬لماذا َتزْعَقُ بوجهي؟ لقد أجْ َف ْلتَني‪ ،‬وأخفتَني"‪.‬‬
‫فقالَ طارقٌ‪:‬‬
‫‪"-‬أنا أصهلُ‪ ،‬ل أزْعَقُ"‪.‬‬
‫ثمّ أردفَ الحصانُ‪:‬‬
‫‪"-‬كاد الرّسَنُ يخنُقني‪ ،‬اِرمِهِ من ي ِدكَ"‪.‬‬
‫حرَنَ الحصانُ(‪ ،)2‬وهوى على الرضِ‬
‫وحين َ‬
‫متعبا‪ ،‬استلقى طارقٌ على سريرِه لهثا‪ ،‬وسألَ‬
‫أمّه‪:‬‬

‫‪ )(2‬حَرَنَ الحصان‪ :‬وقف حين طُلب جريه‪ ،‬ورجع القهقرى‪.‬‬

‫‪- 12 -‬‬
‫‪"-‬كيف أتيتُ؟"‪.‬‬
‫ابتسمتِ المّ‪ ،‬وقالتْ‪:‬‬
‫‪"-‬اشترينا يومَ العيدِ عُلب َة حلوى صغيرةً‪،‬‬
‫ضتَ منها كالعِفريتِ‪،‬‬‫وحينَ فتحنا العلبةَ‪ ،‬نه ْ‬
‫حتَ تصيحُ‪ :‬ماما‪ ،‬بابا‪."..‬‬ ‫ور ْ‬
‫ضحكَ طارقٌ‪ ،‬حتّى دمعتْ عيناه‪ ،‬وقرّر أن‬
‫يغفوَ اللّيلةَ‪ ،‬وينتظرَ أيّامَ العيدِ الكبيرِ‪ ،‬حتَى يشتريَ‬
‫عُلبةَ حلوى كبيرةً‪.‬‬

‫‪- 13 -‬‬
- 14 -
‫العصافير تهاجر بعيداً‬

‫ت النّجومُ‪ ،‬وه ّ‬
‫ب‬ ‫نفخَ جنديّ في بوقِه‪ ،‬فاستيقظ ِ‬
‫جنو ُد المملكةِ من نومهمْ مذعورين‪ ،‬واجتمعوا في‬
‫شرْفةِ متجهّمَ‬
‫فِنا ِء القصرِ‪ ،‬وحين أطلّ الملكُ من ال ّ‬
‫الوجهِ‪ ،‬أرعدتِ السّماءُ‪ ،‬وأبرقتْ‪ ،‬حتّى ملتِ‬
‫الجنودَ مطرا وخوفَا‪.‬‬
‫ل الملكُ‪ ،‬وهو في أقصى الغضبِ‪:‬‬
‫قا َ‬
‫‪"-‬أنتم جبناءُ‪ ،‬ترتعدون أمامَ أعدا ِء الوطنِ‬

‫‪- 15 -‬‬
‫كالفئرانِ‪ .‬غزا العدا ُء أطرافَ المملكةِ‪ ،‬وتوغّلوا‬
‫كالنّملِ في شوارعِها وساحاتِها‪ ،‬حتّى غدتْ مثلَ‬
‫ل التّآمرُ عليّ‬
‫عُلبةِ كِبريتٍ‪ ،‬وأنتم ل عملَ لديكم إ ّ‬
‫وعلى حاشيتي‪ .‬ماذا سيكتبُ عنكم التّاريخُ؟ وماذا‬
‫سيقولُ؟ أيّها الوزيرُ‪ ،‬هؤلء الجنودُ غيرُ مخلصين‬
‫ل الموتَ"‪.‬‬‫لي وللوطنِ‪ ،‬وهم ل يستحقّون إ ّ‬
‫وهكذا سيقَ الجنودُ إلى السّجنِ‪ ،‬حتّى ا ْكتَظّ‬
‫بهم‪ .‬همسَ أحدُهمْ في أذن آخر قائلً‪:‬‬
‫‪"-‬في أيّ عص ٍر يعيشُ صاحبُ الجللةِ؟! لب ّد‬
‫أن يستيقظَ من نومِه الطّويلِ‪ ،‬حتّى يرى أنّ سيوفَنا‬
‫قد تثلّمتْ(‪ ،)3‬وأنّ طائراتِ العداءِ تحصدُ‬
‫رؤوسَنا"‪.‬‬
‫قالَ الخرُ‪ ،‬وهو يتل ّمسُ رأسَه‪:‬‬

‫‪ )(3‬تثلّمت السّيوف‪َ :‬كلّ حدّها‪ ،‬وتفّر‪ ،‬فلم تقطع‪.‬‬

‫‪- 16 -‬‬
‫‪"-‬هذا الملكُ قصيرُ النّظرِ‪ ،‬ل يرى أبعدَ من‬
‫المشانقِ والسّجونِ"‪.‬‬
‫ضحكا في سرّهما معا‪ ،‬وأغفى كلّ منهما ليلتَه‬
‫حلُمٍ جميلٍ‪ ،‬ل سلطةَ فيه إلّ ل َمِلكِ النّومِ‪ .‬وفي‬‫على ُ‬
‫الصّباحِ استيقظَ الجنودُ على قرارٍ ملكيّ بالفراجِ‬
‫عنهم جميعا‪ ،‬لنّ جلل َة الملكِ عق َد ليلةَ البارحةِ‬
‫صُلحا مع العداء‪ ،‬فنجتْ رؤوسُهم من المشانقِ‪،‬‬
‫ونجا الملكُ وحاشيتُه من المكائدِ والدّسائسِ‪.‬‬
‫بكتْ يومئذٍ العصافيرُ‪ ،‬وهاجرتْ إلى بلدٍ‬
‫بعيدةٍ بعيدةٍ‪.‬‬

‫‪‬‬

‫‪- 17 -‬‬
- 18 -
‫النّورس التّائه‬

‫عرْ ِ‬
‫ض‬ ‫ض نورسٌ طريقَ موجةٍ في ُ‬ ‫اعتر َ‬
‫البحرِ‪ ،‬فاكْ َف َهرّ وجهُ الموجةِ‪ ،‬وعله ال ّزبَدُ‪ .‬هاجتِ‬
‫الموجةُ‪ ،‬وماجتْ‪ ،‬ولكنّ النّورسَ لم يأبه لها‪ ،‬بل‬
‫أمعنَ في اللّحاقِ بها‪ ،‬ثمّ حطّ على ظهرِها‪ ،‬وأرادَ‬
‫أن يستريحَ من عَناءِ الطّيرانِ الطّويلِ قليلً‪.‬‬
‫صرختْ في وجهه‪ ،‬وقالتْ‪:‬‬
‫‪"-‬إلمَ تعترضُ طريقي‪ ،‬أيّها النّورسُ؟"‪.‬‬

‫‪- 19 -‬‬
‫جَفَلَ النّورسُ‪ ،‬و َفزِعَ‪ ،‬وقالَ متلعثما‪:‬‬
‫‪"-‬أنا تائهٌ في هذا المدى المَخوفِ‪ ،‬ل أعرفُ‬
‫طريقا إلى الشّاطئ‪ .‬غفوتُ هنيهةً‪ ،‬وحين فتحتُ‬
‫س ْربَ النّوارسِ‪ .‬أنا وحيدٌ‪ ،‬أيّتها‬
‫عينيّ‪ ،‬افتقدتُ ِ‬
‫الموجةُ‪ ،‬ل أبَ لي ول أمّ‪ ،‬ول صديقَ لي سواكِ"‪.‬‬
‫قالتِ الموجةُ‪ ،‬وهي تهيجُ‪ ،‬وتموجُ غضبا‪:‬‬
‫‪"-‬ابتعدْ عن طريقي‪ ،‬أيّها النّورسُ‪ ،‬وابح ْ‬
‫ث‬
‫عمّن يحمُلكَ إلى الشّاطئ‪ ،‬فالبحرُ كبيرٌ‪ ،‬والمواجُ‬
‫كثيرةٌ"‪.‬‬
‫قال النّورسُ‪ ،‬وهو يركبُ ظهرَ الموجةِ‪،‬‬
‫ويتودّدُ إليها‪:‬‬
‫‪"-‬أنا متعبٌ‪ ،‬أيّتها الموجةُ‪ ،‬ل أقوى على‬
‫الطّيرانِ‪ .‬سأكونُ صدي َقكِ الودودَ‪ ،‬وسأحكي لكِ‬
‫قصّةً جميلةً‪ ،‬هي قصّةُ هجرةِ النّوارسِ من بلدِهم‬

‫‪- 20 -‬‬
‫الباردةِ إلى بلدٍ دافئةٍ"‪.‬‬
‫أ ْزبَ َدتِ الموجةُ‪ ،‬وراحتْ تتقّلبُ غيظا‪ ،‬وتتململُ‬
‫سُخطا‪ ،‬حتّى كادَ النّورسُ أن يغرقَ‪ ،‬فطارَ عنها‪،‬‬
‫ق ببصرِه إلى بعيدٍ‪ ،‬وهو يضربُ بجناحيهِ‬ ‫وحلّ َ‬
‫خوفا و َهلَعا‪ ،‬فرأى شاطئَ البحرِ‪ ،‬ولمحَ سِربْا من‬
‫سرُ على‬ ‫النّوارسِ يتطايرُ هنا وهناك‪ ،‬والمواجُ تتك ّ‬
‫الشّاطئ موجةً في إثرِ موجةٍ‪ ،‬ثمّ ترتدّ‪ ،‬وتتلشى‪.‬‬
‫من بعيدٍ‪..‬‬
‫أبصرَ النّورسُ الموجةَ‪ ،‬وهي تقتربُ من‬
‫الشّاطئ‪ ،‬وتلهثُ من التّعبِ لهاثا مسموعا‪ ،‬فطارَ‬
‫إليها‪ ،‬وحنا عليها قائلً‪:‬‬
‫‪"-‬لن أنسى فضَلكِ عليّ‪ ،‬ولن أنساكِ ما‬
‫حييتُ"‪.‬‬
‫هدأتِ الموجةُ‪ ،‬واطمأنتْ‪ ،‬ثمّ تراجعتْ رويدا‬

‫‪- 21 -‬‬
‫عرْضِ البحرِ‪ ،‬وهي تتر ّقبُ بلهفةٍ عودةَ‬ ‫رويدا إلى ُ‬
‫ذلك النّورسِ التّائهِ إلى بلدِه يوما ما‪.‬‬
‫دبي في ‪25/2/1999‬‬

‫‪- 22 -‬‬


- 23 -
‫سل ْ ُ‬
‫مون‬ ‫أحلم سمكة َ‬

‫س ْلمُون أن تعودَ إلى بلدِها‬‫قرّرتْ يوما سمكةُ َ‬


‫البعيدةِ‪ ،‬فلوتْ رأسَها‪ ،‬وحدّقتْ بعينين دامعتين إلى‬
‫الخلفِ‪ ،‬فلم ترَ إلّ نهرا دافقا‪ ،‬يهدرُ ماؤه كالرّيحِ‬
‫ل القلبَ َهلَعا وخوفا‪.‬‬
‫في ليلةٍ عاصفةٍ‪ ،‬فيم ُ‬
‫أس ّرتِ السّمكةُ ما عزمتْ عليه‪ ،‬وراحتْ تتحيّنُ‬
‫الفرص َة للعودةِ‪ ،‬ولكنّ النّهر لم يسكنْ‪ ،‬ولم يهدأْ‪.‬‬
‫انتظرتْ يوما‪ ،‬ث ّم انتظرتْ أسبوعا فشهرا‪ ،‬والنّهرُ‬
‫ق غزيرا‪ ،‬ويوغلُ في السّهولِ والوديانِ‪ ،‬فتبتعدُ‬ ‫يتدفّ ُ‬

‫‪- 24 -‬‬
‫السّمكةُ عن بلدِها أكثرَ فأكثرَ‪.‬‬
‫ضاقتْ السّمكةُ بالنّهرِ َذرْعا(‪ ،)4‬فسألتْه ب َ‬
‫حنَقٍ‬
‫وغضبٍ‪:‬‬
‫‪"-‬إلى أين‪ ،‬أيّها النّهرُ؟"‪.‬‬
‫أجابَ النّه ُر بصوتٍ هادرٍ كالعاصفةِ‪:‬‬
‫‪"-‬هناك حقولٌ وبساتينُ عطشى‪ ،‬تنتظرني منذ‬
‫زمنٍ بعيدٍ"‪.‬‬
‫س ْلمُونِ‪:‬‬
‫قالتْ سمكةُ ال ّ‬
‫‪"-‬أريدُ أن أعودَ إلى بلدي حالً"‪.‬‬
‫قالَ النّهرُ‪ ،‬وهو يضحكُ‪:‬‬
‫‪"-‬سيجرُ ُفكِ التيّارُ إلى أمامٍ‪ ،‬ولن تقدري على‬

‫‪ )(4‬ضاقتْ بالنّهر ذَرْعا‪ :‬ضجرت منه‪ ،‬وتألّمت‪.‬‬

‫‪- 25 -‬‬
‫الرّجوعِ خطوةً أو خطوتين إلى الوراءِ"‪.‬‬
‫قالتْ السّمكةُ في أسى وحزنٍ‪:‬‬
‫‪"-‬اِهدأ قليلً‪ ،‬أيّها النّه ُر الودودُ‪ ،‬وحاولْ أن‬
‫تساعدَني مثلما تساعدُ أهلَ القرى‪ ،‬أينما سرتَ‪،‬‬
‫وكيفما اتجهتَ"‪.‬‬
‫قال النّهرُ‪:‬‬
‫س الجبا َل‬‫ج على رؤو ِ‬ ‫‪"-‬طريقُنا طويلةٌ‪ ،‬والثّلو ُ‬
‫ق‬
‫ض الماءُ‪ ،‬ويتدف ُ‬
‫ب أيّا َم الرّبيعِ‪ ،‬فيفي ُ‬
‫كثيفةٌ‪ ،‬تذو ُ‬
‫ق‬
‫ث تتشّق ُ‬‫هادرا‪ .‬أيّتها السّمك ُة الطّيبةُ‪ ،‬سنمضي حي ُ‬
‫س جوعا‪ ،‬ونحن خي ٌر‬ ‫ض عطشا‪ ،‬ويتض ّو ُر النّا ُ‬ ‫الر ُ‬
‫ض وللنّاسِ‪ .‬قدرُنا واحدٌ‪ ،‬وهو أن نسي َر‬ ‫وحياٌة للر ِ‬
‫ت إلى الورا ِء أبدا"‪.‬‬ ‫معا إلى أما ٍم حتّى النّهايةِ‪ ،‬فل نلتف ُ‬
‫ض النّهرُ‪،‬‬
‫بكتْ يومئذٍ السّمكةُ‪ ،‬بكتْ حتّى فا َ‬
‫ستْ‬ ‫وكاد أن يُغرقَ القرى‪ ،‬ولكنّها ذاتَ صباحٍ أح ّ‬

‫‪- 26 -‬‬
‫أنّ النّهرَ قد ضَحَلَ ماؤه وقلّ‪ ،‬فعزمتْ على العودةِ‬
‫إلى بلدِها‪ ،‬والبلدُ خلفَها تنأى‪ ،‬وتبتعدُ‪ ،‬فل يبقى‬
‫حلُمٌ وذكرى‪.‬‬
‫منها إلّ ُ‬
‫س ْلمُونِ‪ ،‬وارت ّدتْ إلى الوراءِ‪،‬‬
‫تقاوتْ سمكةُ ال ّ‬
‫س التيّار بسرعةٍ‪ ،‬والتيّارُ يصدّها‬ ‫وراحتْ تسبحُ عك َ‬
‫م ّرةً‪ ،‬ويرأفُ بها م ّرةً أخرى‪ ،‬حتّى قطعتْ سهولً‪،‬‬
‫واجتازتْ أوديةً‪ ..‬وفي طريقِها الطّويلةِ صادفت‬
‫السّمكةُ جبلً شاهقا‪ ،‬ل يَطولُ ذِروتَه أحدٌ‪ ،‬فتوقّفتْ‬
‫عن السّباحةِ‪ ،‬وأخذتْ تف ّكرُ كيف تخرجُ من هذا‬
‫المأزقِ الخطيرِ؟ والجبلُ يعلو‪ ،‬ويعلو أمام عينيها‪،‬‬
‫حلُ ُم العودةِ‪،‬‬
‫حتّى يصلَ عَنانَ السّماءِ‪ ،‬فيتلشى ُ‬
‫غرْنوقٍ على‬ ‫وينأى الوطن بعيدا‪ .‬فجأةً حطّ طائرُ ُ‬
‫ضفّةِ النّهرِ‪ ،‬ليشربَ من مائِه العذبِ‪ ،‬فلمحَ سمكةَ‬
‫حبَ وجهها واسودّ‪،‬‬ ‫س ْلمُونِ مكتئبةً حزينةً‪ ،‬شَ َ‬
‫ال ّ‬
‫و َهزَلَ جسمها ونَحَلَ‪ ،‬فسألها‪:‬‬

‫‪- 27 -‬‬
‫‪"-‬ما بكِ‪ ،‬أيّتها السّمكةُ؟ أراكِ شاحبةً هزيلةً!"‪.‬‬
‫صرُ قلبَها‪:‬‬
‫ن يعت ِ‬
‫أجابت السّمكةُ‪ ،‬والحز ُ‬
‫‪"-‬أريدُ أن أعودَ إلى بلدي‪ ،‬وهذا الجبلُ‪-‬ك ما‬
‫يقفس كالجدار فسي وجهسي‪ ،‬فل أسستطيعُ أن‬
‫ُ‬ ‫ترى‪-‬‬
‫أجتازَه"‪.‬‬
‫ضحكَ طائرُ ال ُغرْنوقِ‪ ،‬وأخ َذ يضربُ بجناحيه‬
‫سعيدا‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫‪"-‬أنا سأحمُلكِ إلى الطّرفِ الخرِ من النّهرِ‬
‫خلفَ الجبلِ"‪.‬‬
‫جبٍ‪:‬‬
‫سألته السّمكةُ بلهفةٍ وتع ّ‬
‫‪"-‬أحقّا تستطيعُ‪ ،‬أيّها الطّائرُ؟! أخشى أن‬
‫تستغرقَ وقتا طويلً‪ ،‬فأختنقَ‪ ،‬وأنا خارجَ الماءِ"‪.‬‬
‫قال ال ُغرْنوقُ في عزيم ٍة وإصرارِ‪:‬‬

‫‪- 28 -‬‬
‫‪"-‬ستكونين على الطّرفِ الخرِ من النّهرِ في‬
‫غمضةِ عينٍ‪ .‬إنّها مجرّدُ ثوانٍ‪ ،‬ل أكثرَ ول أقلّ‪."..‬‬
‫س ْلمُونِ‪،‬‬
‫قبض ال ُغرْنوقُ بقدميه على سمكةِ ال ّ‬
‫وطارَ بها بعيدا‪ ،‬حتّى اعتلى قمّةَ الجبلِ‪ ،‬ثم هوى‬
‫على النّهرِ سريعا‪ ،‬وألقى السّمكةَ في الماءِ برفقٍ‪،‬‬
‫وهي تلهثُ‪ ،‬وتتلوّى‪ ،‬ولمّا استر ّدتْ أنفاسَها شكرتْ‬
‫لطائرِ ال ُغرْنوقِ معروفَه الجميلَ‪ ،‬ومضتْ في‬
‫س التيّار‪ ،‬وتحثّ الخطى‬ ‫ح عك َ‬‫طريقها الطّويلةِ‪ ،‬تسب ُ‬
‫نحو المجهولِ‪.‬‬
‫‪‬‬

‫‪- 29 -‬‬
- 30 -
‫الدّرس المشؤوم‬

‫حلّقَ عُقابٌ ماكرٌ في أعالي السّماءِ‪ ،‬وراحَ‬


‫ينافسُ الطّيورَ في التّحليقِ بعيدا‪ ،‬وحين بدا عليها‬
‫التّعبُ حطّ العُقابُ على رابيةٍ‪ ،‬تتبعه الطّيورُ‪ ،‬وهي‬
‫تلهثُ‪ ،‬ثمّ أخذتْ تتنافسُ فيما بينها‪ ،‬وتتبارى‪ ،‬فقالَ‬
‫طائرُ لَ ْقلَقٍ‪ ،‬وهو يقفُ على قدمٍ واحدةٍ‪:‬‬
‫‪"-‬من منكم يستطيعُ مثلي أن يقفَ على قدمٍ‬
‫واحدةٍ؟"‪.‬‬

‫‪- 31 -‬‬
‫ص ْعوُ‪ -‬وهو أصغرُ الطّيورِ‪ -‬قائلً‪:‬‬
‫أجابَ ال ّ‬
‫سكَ كثيرا‪ ،‬أيّها البلهُ‪ ،‬لستَ إلّ‬
‫‪"-‬ل تغترّ بنف ِ‬
‫أعرجَ"‪.‬‬
‫وأردفَ ببغاءٌ ساخرا‪:‬‬
‫‪"-‬ل شكّ في أ ّنكَ تحتاجُ عكّازين‪ ،‬فلعّلكَ تقدرُ‬
‫على المشي جيّدا"‪.‬‬
‫ثم رفع هُدْهُدٌ رأسَه عاليا‪ ،‬وأشار إلى ُق ْنزُعَةٍ‬
‫عليه قائلً‪:‬‬
‫‪"-‬من منكم يستطيعُ مثلي أن يحملَ هذه‬
‫ال ُق ْنزُعَةَ على رأسه؟"‪.‬‬
‫أجابَ نورسٌ‪:‬‬
‫ك الكريهةِ‪،‬‬
‫‪"-‬أيّها الحمقُ‪ ،‬هي مصدرُ رائح ِت َ‬
‫فل تتعالَ بها علينا‪ ،‬ول تتغافلْ"‪.‬‬

‫‪- 32 -‬‬
‫وأردفَ غُرابٌ ضاحكا‪:‬‬
‫ك ملكٌ‬
‫‪"-‬حقّا‪ ،‬إ ّنكَ تبدو كالملكِ المتوّجِ‪ ،‬ولك ّن َ‬
‫بل مملكةٍ‪ ،‬ونحن لسْنا رعاياكَ"‪.‬‬
‫ستْ نعامةٌ رأسها في التّراب‪ ،‬وقالتْ‪،‬‬ ‫ثمّ د ّ‬
‫وهي تتمايل َيمْنةً ويَسْرةً‪:‬‬
‫‪"-‬من منكم يستطيعُ مثلي أن يدسّ رأسه في‬
‫التّراب هكذا"‪.‬‬
‫ستْ النّعامةُ رأسَها في التّرابِ انق ّ‬
‫ض‬ ‫وحين د ّ‬
‫عليها العُقاب‪ ،‬وقبضَ عليها بمخالبه الحا ّدةِ‪ ،‬وطارَ‬
‫بها بعيدا‪.‬‬
‫جَ َفَلتِ الطّيورُ‪ ،‬وطارتْ إلى البعيدِ سربا‬
‫واحدا‪ ،‬ل يتعالى عليه لَقلَقٌ ول هُدْهُدٌ‪ ،‬ول يحتالُ‬
‫عليه نسرٌ ول عُقابٌ‪ .‬ومنذ ذلك اليومِ تعلّمَ كلّ‬
‫طائرٍ منها درسا قاسيا‪ ،‬لن ينساه طوالَ حياتِه‪.‬‬

‫‪- 33 -‬‬


- 34 -
- 35 -
‫مملكة الكراسي الخشبيّة‬

‫إلى صديقي عبد اللّطيف الباير‪:‬‬


‫‪"-‬بُصرى مملكتك‪ ،‬ول أرضى لك أن تكون ملكا"‪.‬‬

‫ي في ‪10/3/1999‬‬
‫دب ّ‬

‫يُحكى أن في قديمِ الزمانِ جنديا‪ ،‬غافلَ يوما‬


‫الملكَ‪ ،‬وجلسَ على عرشه‪ ،‬وراحَ يصرخُ صراخا‬

‫‪- 36 -‬‬
‫مُدويّا‪:‬‬
‫‪"-‬أنا الن ملكُ البلدِ"‪.‬‬
‫تردّدتْ صرختُه في أرجاءِ القصرِ‪ ،‬ووصل ْ‬
‫ت‬
‫ع الملكِ وحاشيتِه الّذين فاجؤوا الجنديّ‪ ،‬وهو‬‫أسما َ‬
‫مازالَ جالسا على العرشِ‪ ،‬يرتجفُ من َهوْلِ‬
‫المفاجأةِ‪ ،‬والجنودُ يُشهرون سيوفَهم الّلمعةَ في‬
‫وجهِه‪ ،‬ولكنّ الملكَ أمرهم أن ينصرفوا عنه‪،‬‬
‫ويتركوه وهذا الجنديّ‪.‬‬
‫نهضَ عندئذٍ الجنديّ من مكانِه‪ ،‬فأشار إليه‬
‫الملكُ أن يجلسَ‪ ،‬فجلس‪ ،‬والسّيافُ يتراءى أمام‬
‫عينيه المذعورتين شاهرا سيفه‪ ،‬يهُ ّم بضربِ عُنقِه‪،‬‬
‫فيرتعدُ َهلَعا وخوفا‪ .‬حاول الجنديّ أن يفتحَ عينيه‪،‬‬
‫ويرفعَ رأسَه قليلً‪ ،‬فلم يستطعْ‪ ،‬وحاولَ أن ينهضَ‬
‫من مكانِه ثانيةً‪ ،‬فلم تحملْه قدماه‪ ،‬والقصرُ يدورُ‬

‫‪- 37 -‬‬
‫به‪ ،‬فل يهدأُ‪ ،‬ول يستقرّ‪.‬‬
‫سأله الملكُ مستغربا‪:‬‬
‫‪-‬أتظنّ أنّ هذا الكرسيّ الخشبيّ يجعُلكَ‬
‫ملكا؟!"‪.‬‬
‫أجابَ الجنديّ‪ ،‬وهو يتلعثمُ‪:‬‬
‫حلُمٍ‪ ،‬يا صاحبَ الجللةِ‪ ،‬ظلّ‬
‫‪"-‬هو مجرّدُ ُ‬
‫يراودني منذ صغري"‪.‬‬
‫ف الملكُ ضاحكا‪:‬‬
‫ثمُ أرد َ‬
‫‪"-‬أنتَ الن ملكٌ‪ ،‬وأنا أحدُ رعاياكَ‪ .‬بمَ ستحكمُ‬
‫ت عليكَ"‪.‬‬
‫عليّ لو انقلب ُ‬
‫هبّ الجنديّ واقفا‪ ،‬وقالَ معتذرا‪:‬‬
‫‪"-‬أستغفرُ الَ‪ ،‬يا صاحبَ الجللةِ‪ ،‬ما أنا إلّ‬

‫‪- 38 -‬‬
‫عبدٌ من عبي ِدكَ"‪.‬‬
‫ل الملكُ‪:‬‬
‫قا َ‬
‫‪"-‬اجلسْ‪ ،‬اجلسْ‪ ،‬أيّها الجنديّ‪ ،‬وقلْ لي‪ :‬كيف‬
‫ستحكمُ بين هؤلء النّاسِ الذين ل همّ لهم إلّ التآمرُ‬
‫عليّ وعلى مملكتي"‪.‬‬
‫قالَ الجنديّ‪ ،‬وهو مطرقُ الرّأسِ‪:‬‬
‫‪"-‬إنّهم‪-‬يا صاحبَ الجللةِ‪ -‬ل يستحقّون إلّ‬
‫الموتَ‪ ،‬فل رأفةَ بهم‪ ،‬ول عطفَ عليهم"‪.‬‬
‫ل الملكُ‪:‬‬
‫قا َ‬
‫‪"-‬ل شكّ في أ ّنكَ جنديّ مخلصٌ لي وللوطنِ‪.‬‬
‫أيّها الجنديّ‪ ،‬أنتَ منذ اليومِ وليّ عهدي المينُ"‪.‬‬
‫ن وليّ العهدِ انقلبَ يوما على‬
‫يُحكى بعدئذٍ أ ّ‬
‫الملكِ‪ ،‬وزجّه في السّجنِ‪ ،‬حتّى ماتَ‪ ،‬وجلسَ على‬

‫‪- 39 -‬‬
‫عرشِه منتشيا‪ ،‬ل يفارقُه لحظةً‪ ،‬ولكنّ جنديّا غافله‬
‫يوما‪ ،‬وجلسَ عليه‪ ،‬وهو يقولُ‪:‬‬
‫‪"-‬أنا الن ملكُ الزّمانِ"‪.‬‬
‫ّسس عندئذٍ رأسسَه‪ ،‬وهسو‬
‫الملكس تلم َ‬
‫َ‬ ‫أنس‬
‫ويحكسى ّ‬
‫س مكانَسه‪ ،‬وأمرَ مسن فوره‬ ‫يرى أحدَ جنودِه يجلس ُ‬
‫ال سّيافَ أن يضرِ بَ عنقَه‪ ،‬حتّى يكو نَ عِبرةً لغيره‬
‫من الجنودِ الذين ل يرو قُ لهم من كراسي القصرِ‬
‫ي الملكِ‪.‬‬
‫جميعِها إلّ كرس ّ‬
‫‪‬‬

‫‪- 40 -‬‬
‫للحريّة أفق كبير‬

‫أغفى عُصفورٌ ليلتَه‪ ،‬وهو يحلمُ بالحريّة‪ ،‬فرأى‬


‫صيّادا‪ ،‬يتربّصُ(‪ )5‬بسربٍ من العصافير‪ ،‬وجعلَ‬
‫يح ّذرُ العصافيرَ من بندقيّةِ الصيّادِ‪ ،‬ويقولُ لها‪:‬‬
‫ك والصيّادَ"‬
‫‪"-‬إيّا ِ‬
‫وحين نجتِ العصافيرُ‪ ،‬التفتَ إليه الصيّادُ‪،‬‬

‫() تربّص بسه‪ :‬انتظسر بسه خيا أو شراّ‪ ،‬يلّ بسه‪ .‬وأكثسر مسا يسستعمل هذا‬ ‫‪5‬‬

‫التّركيب ف الشّرّ‪.‬‬

‫‪- 41 -‬‬
‫وقالَ‪:‬‬
‫‪"-‬سينامُ أولدي جياعا"‪.‬‬
‫قالَ العُصفورُ متعجّبا‪:‬‬
‫‪"-‬ضاقت الدّنيا بكَ وبأولدكَ‪ ،‬فلم تجدْ سوانا‬
‫طعاما!"‪.‬‬
‫وعندما استيقظَ العُصفورُ من غفوتِه مذعورا‪،‬‬
‫ألفى بابَ القفصِ مفتوحا‪ ،‬صفقَه بعنفٍ‪ ،‬زلزلَ‬
‫الدّنيا‪ ،‬وأرعدَها‪ ،‬وطارَ بعيدا‪ ،‬يحلّقُ في الفقِ‬
‫الكبيرِ‪.‬‬

‫‪‬‬

‫‪- 42 -‬‬
‫وردة حمراء لديمة‬

‫"صباحُ الخيرِ‪ ،‬أيّها الصبّاحُ‬


‫أنا ديمةُ من أقصى الجنوبِ‬
‫انتظرني قليلً‬
‫سآتي يوما‪،‬‬
‫وأحملُ إليكَ ورد ًة حمراء"‪.‬‬

‫‪- 43 -‬‬
‫قانا في ‪18/4/1996‬‬
‫من دفتر ديمة‬

‫نزلتْ قطرةُ مطرٍ على أرضٍ عطشى‪،‬‬


‫والفصلُ خريفٌ‪ ،‬فارتوتِ الرضُ‪ ،‬وجرتِ‬
‫النهارُ‪ ..‬وسقطتْ دمعةٌ حا ّرةٌ من عين لجئٍ على‬
‫التّرابِ‪ ،‬فنبتتْ سنبلةٌ‪ ،‬وتعالت نخلةٌ‪ ..‬ووقعتْ‬
‫قطرةُ دمٍ من شهيدٍ على حقل ألغامٍ‪ ،‬فأزهرتْ وردةٌ‬
‫حمراءُ‪ .‬وحين نهضتْ ديمةُ من نومها أشرقتِ‬
‫الشّمسُ‪.‬‬

‫َب َه َرتِ الشّمسُ عيونَ العداءِ‪ ،‬فسدّدوا بنادقَهم‬


‫إلى صدرها‪ ،‬وأخذوا يطلقون النّارَ وابلً‪ ،‬فأصابتْ‬
‫رصاصاتُهم الطائشةُ ديمةَ‪ ،‬وهي في طريقها إلى‬

‫‪- 44 -‬‬
‫المدرسةِ‪ ،‬وأجهزَ واحدٌ منهم عليها ‪ ،‬فهوتْ ديمةُ‬
‫(‪)6‬‬

‫على الرض‪ ،‬وسال دمُها على التّراب أنهارا‪،‬‬


‫نبتتْ على ضفافها ورودٌ حمراءُ‪ ،‬والعدوُ يطلق‬
‫النّارَ على الشّمس الّتي غابتْ توّا خلف ظهور‬
‫الرّجالِ‪.‬‬

‫‪‬‬

‫‪ )(6‬أجهز عليه‪ :‬أسرع ف قتله‪ ،‬وتّم عليه‪.‬‬

‫‪- 45 -‬‬
- 46 -
‫فتى ل يعرف المستحيل‬

‫(‪)1‬‬
‫قال الرّاوي‪ :‬في مملكةٍ من ممالكِ الزّمانِ‬
‫وسالف العصر والوانِ كان ما كان‪.‬‬
‫يُحكى أنّ ملكا من الملوك شاخ‪ ،‬حتّى بلغ‬
‫الثّمانينَ من عمره‪ ،‬فأشار عليه حكيمٌ أن يوّليَ‬
‫المملكةَ أحدَ أولدِه الثّلثةِ‪ ،‬وإلّ سيتربصُ(‪ )7‬بها‬
‫‪ )(7‬تربّص به‪ :‬انتظر به شراّ‪.‬‬

‫‪- 47 -‬‬
‫العداءُ‪ ،‬وسينقضّون يوما عليها فريسةً سهلةً‪،‬‬
‫فناداهم الملكُ العجوزُ على عَجَلٍ‪ ،‬وأمر الحكيمَ أن‬
‫يختبرَ ق ّوةَ عزيمتهم وسدادَ رأيهم(‪ ،)8‬فالتفتَ إليهم‬
‫الحكيمُ قائلً‪:‬‬
‫‪"-‬الملكُ منكم مَنْ يُقْدِمُ على عملٍ مستحيلٍ‪،‬‬
‫يجعله وليّا لعهدِ مولي المينِ"‪.‬‬
‫تهلّلتْ وجوهُ المراءِ الثلثة فرحا‪ ،‬واستأذنوا‬
‫الملكَ أن يمهلهم ثلثةَ أيّامٍ‪ ،‬يف ّكرُ خللها كلّ واحدٍ‬
‫منهم بعملٍ ما‪ ،‬فوافق الملكُ على مَضضٍ(‪،)9‬‬
‫وأمرهم بالنصرافِ إلى شؤونهم‪ ،‬وحين هَمّ‬
‫المراءُ بالخروج من المجلس ناداهم من جديدٍ‬
‫محذّرا‪:‬‬

‫‪ )(8‬سداد الرّأي‪ :‬استقامته وصوابه‪.‬‬


‫‪ )(9‬على مضض‪ :‬على كره‪.‬‬

‫‪- 48 -‬‬
‫‪"-‬أمامكم ثلثةُ أيّامٍ‪ ،‬وإلّ سيحيطُ بنا العداءُ‬
‫كما يحيطُ السّوارُ بال ِم ْعصَمِ"‪.‬‬
‫انحنى المراءُ الثّلثةُ‪ ،‬وخرجوا إلى قصورهم‬
‫واجمين‪ ،‬يف ّكرُ كلّ منهم بعملٍ عظيمٍ‪ ،‬يحظى‬
‫برضى الملكِ‪ ،‬فالكبيرُ علءُ الدّينِ يحلمُ منذ صغره‬
‫أن يصبحَ ملكا‪ ،‬فكان يضع تاجَ والدِه خِلسةً على‬
‫رأسه‪ ،‬ويتباهى به أمام إخوته الصّغار‪ ،‬والوسطُ‬
‫صلحُ الدّين يحلم أن يصبحَ وليّا للعهد‪ ،‬فكان يرفع‬
‫صوْلجانَ(‪ )10‬الملك في وج ِه الصّغيرِ عزّ الدّينِ‪،‬‬
‫ويأمره أن ينحنيَ له‪ ،‬فينحني الصّغير صاغرا(‪،)11‬‬
‫وهو يحلمُ أن يغافلَ يوما والدَه‪ ،‬ويجلسَ مكانَه على‬
‫ي الوثيرِ‪.‬‬
‫عرشِه العاج ّ‬

‫‪ )(10‬ال ّ‬
‫صوْلان‪ :‬عصا معقوفة‪ ،‬يملها اللوك والسّلطي‪.‬‬
‫‪ )(11‬صاغرا‪ :‬ذليلً مهانا‪.‬‬

‫‪- 49 -‬‬
‫(‪)2‬‬
‫قال الرّاوي‪ ،‬وهو يقلّبُ كتابا أمامه‪ ،‬اهترأتْ‬
‫أوراقُه‪ ،‬واصفرّتْ‪:‬‬
‫ح اليوم التّالي أتى الميرُ علء الدّين‬
‫في صبا ِ‬
‫القصرَ لهثا‪ ،‬ودخل المجلسَ بل استئذانٍ‪ ،‬فلمه‬
‫حكي ُم المملكةِ‪ ،‬وأمره أن يستأذنَ الحاجبَ في‬
‫الدّخول على الملك‪ ،‬وحين وقف الميرُ بين يدي‬
‫الملكِ قال‪:‬‬
‫‪"-‬أنا أستطيعُ‪ -‬يا صاحبَ الجللةِ‪ -‬أن أقلبَ‬
‫النّهارَ ليلً"‪.‬‬
‫ابتسم الحكيمُ في وجهِ الملكِ المتجهّمِ(‪ ،)12‬وسأل‬
‫الميرَ ضاحكا‪:‬‬
‫‪"-‬كيف ستقلب النّهارَ ليلً‪ ،‬يا سيّدي المير؟"‪.‬‬
‫‪ )(12‬التجهّم‪ :‬العابس‪.‬‬

‫‪- 50 -‬‬
‫أجاب الميرُ‪ -‬وهو يرفعُ قبضتَه في الوجوه‪-‬‬
‫قائلً‪:‬‬
‫‪"-‬سآمرُ جنو َد المملكةِ الشّجعانَ أن يلقوا‬
‫الشّمسَ في زنزانة"‪.‬‬
‫غضبتْ يومئذٍ الشّمسُ غضبا شديدا‪ ،‬وغربتْ‬
‫باكرا‪ ،‬فساد المملكةَ ظل ٌم دامسٌ‪ .‬خاف عندئذٍ‬
‫الملكُ أن يباغتَ العدا ُء المملكةَ‪ ،‬فأمر‪ -‬والشّمسُ‬
‫تشرقُ بوجهٍ ساحرٍ‪ -‬بإغلق السّجونِ في وجه ذلك‬
‫الميرِ المغفّل‪.‬‬
‫وفي اليوم الثّاني جاء الميرُ صلحُ الدّينِ‬
‫قصرَ والدِه الملكِ‪ ،‬و َدَلفَ إلى مجلسه مستبشرا‪،‬‬
‫فوجد الملكَ وحكي َم المملكةِ في انتظاره‪ ،‬ألقى‬
‫عليهما السّلمَ‪ ،‬وأردفَ قائلً‪:‬‬
‫‪"-‬أنا أجرؤُ‪ -‬يا صاحبَ الجللةِ‪ -‬أن أمنعَ نهرَ‬

‫‪- 51 -‬‬
‫المملكةِ من الجريان"‪.‬‬
‫سأله الحكيمُ‪ ،‬وهو يبتسمُ‪:‬‬
‫‪"-‬كيف ستمنعُ النّهرَ من الجريان‪ ،‬يا سيّدي‬
‫المير؟"‪.‬‬
‫أجاب الميرُ‪ -‬والملكُ يكادُ يتم ّيزُ من‬
‫الغيظ(‪ -)13‬قائلً‪:‬‬
‫‪"-‬سأقيم في وجه النّهرِ سدّا منيعا"‪.‬‬
‫ضحك النهرُ في سرّه ضحكا خبيثا‪ ،‬وراح‬
‫يتر ّقبُ اليومَ الذي ينفّذُ فيه ذلك الميرُ المغفّلُ ما‬
‫عزَمَ عليه‪ ،‬لنّه عندئذٍ سيخزُنُ وراءه ماءً غزيرا‪،‬‬ ‫َ‬
‫يروي به الفلحون حقولَهم وبساتينَهم بعد أن كان‬
‫عرْضِ البحرِ‪.‬‬ ‫يذهبُ هدرا في ُ‬

‫‪ )(13‬تيّز من الغيظ‪ :‬تقطّع‪ ،‬وتزّق‪.‬‬

‫‪- 52 -‬‬
‫وفي اليوم الثّالث حضر الميرُ عزّ الدّين‬
‫المجلسَ‪ ،‬وطأطأ رأسه بين يدي والدِه الملكِ‪ ،‬فأمره‬
‫الحكيمُ أن يرفعَ رأسه قليلً‪ ،‬ويعرض ما عنده من‬
‫الرّأي أمام صاحبِ الجللةِ‪ ،‬فقال الميرُ‪:‬‬
‫‪"-‬أنا‪ -‬يا صاحبَ الجللةِ‪ُ -‬أصْلحُ ما أفسده‬
‫الدّهرُ بيننا وبين العداءِ"‪.‬‬
‫فسأله الحكيمُ متعجّبا مستغربا‪:‬‬
‫‪"-‬كيف ستصلح ما أفسده الدّهرُ بيننا وبين‬
‫العداء؟ بيننا وبينهم دمٌ ل ماءٌ‪ ،‬يا سيّدي المير!"‪.‬‬
‫بوجهه عن‬ ‫(‪)14‬‬
‫أجاب الميرُ‪ ،‬وهو يُعرِضُ‬
‫وجه والدِه المتجهّمِ‪:‬‬
‫‪َ "-‬نعْقِدُ معهم صُلحا"‪.‬‬

‫‪ )(14‬أعرض بوجهه عنه‪ :‬صدّ‪ ،‬وولّى‪ ،‬ومال‪.‬‬

‫‪- 53 -‬‬
‫ك كعصفورِ ذبيحٍ‪ ،‬وطلب من حكيم‬ ‫انتفض المل ُ‬
‫ن من القصر‬‫المملكةِ أن يخرجَ هذا الميرَ الجبا َ‬
‫حالً‪ ،‬ثمّ أمر بنفيه إلى جزيرة نائية‪ ،‬ل إنسَ فيها‬
‫ول جنّ‪.‬‬

‫(‪)3‬‬
‫قال الرّاوي‪ ،‬وهو يطوي صفحةً من كتابه‬
‫الصفر‪:‬‬
‫تبرّأ الملكُ من أولدِه الثّلثةِ‪ ،‬وأوصى الحكيم‬
‫ألّ حقّ لهم في ُم ْلكٍ ول إرثٍ‪ ،‬وأرسل إلى الرّعية‬
‫رسولً‪ ،‬يطوف بهم شارعا شارعا‪ ،‬وينادي فيهم‬
‫عاليا‪:‬‬
‫‪"-‬أيّها الناسُ‪ ،‬مَنْ يُقْدِمْ على عملٍ مستحيلٍ‪،‬‬
‫يُرضي به وجهَ الِ وجلل َة الملكِ‪ ،‬يكنْ وليّا لعهدِ‬
‫مولي المين"‪.‬‬

‫‪- 54 -‬‬
‫ب المملكةِ ورجالُها‪ ،‬وراح كلّ‬ ‫سمع النّداءَ شبا ُ‬
‫منهم يف ّكرُ بعملٍ ما‪ ،‬وكلّما دخل أحدُهم القصرَ‬
‫رجع خائبا‪ ،‬ولكنّ فتى منهم‪ -‬وهو المنتصرُ بال‪-‬‬
‫ألحّ على الحاجب أن يقابلَ جلل َة الملكِ على‬
‫انفرادٍ‪ ،‬فلم يأذن له‪ ،‬وظلّ هذا الفتى يتردّدُ على‬
‫القصر أيّاما‪ ،‬حتّى سمع الملك بقصّته‪ ،‬فطلبه‪،‬‬
‫ورحّب به في مجلسه قائلً‪:‬‬
‫‪"-‬قل ما عندك‪ ،‬يا بنيّ"‪.‬‬
‫وقف المنتصرُ بال بين يدي الملكِ رابطَ‬
‫ي العزيمةِ(‪ ،)15‬وقال له‪:‬‬
‫الجَ ْأشِ قو ّ‬
‫‪"-‬إذا كان أبناؤك‪ -‬يا صاحبَ الجللةِ‪ -‬قد‬
‫خذلوك‪ ،‬فأنا يتيمٌ‪ ،‬ليس لي أبٌ سواك‪ ،‬أضع‬
‫عمري بين يديك‪ ،‬لتبقى شابا قويّا‪ ،‬أنا ل أعرف‬

‫‪ )(15‬رابط الأش‪ :‬ثابت عند الشدائد‪ ،‬وقويّ العزية‪ :‬قويّ الرادة‪.‬‬

‫‪- 55 -‬‬
‫المستحيلَ‪ ،‬يا سيّدي"‪.‬‬
‫لم يتمالك الملكُ نفسَه‪ ،‬فأقبل‪ -‬وعيناه تَذرفان‪-‬‬
‫على الفتى‪ ،‬يحتضنه كابنه‪ ،‬وير ّبتُ على كتفه‪ ،‬ثمّ‬
‫ب المملكة‪ ،‬وقال‬
‫أجلسه إلى جانبه‪ ،‬واستدعى كات َ‬
‫له‪:‬‬
‫ك الملوكِ‪ -‬قرّرنا أن نتنازلَ‬‫‪"-‬اكتب‪ :‬نحن‪ -‬مل َ‬
‫عن عرشِنا الجليلِ لفتى الفتيانِ المنتصرِ بال"‪.‬‬

‫(‪)4‬‬
‫قال الرّاوي‪ ،‬وهو يغلق كتابَه الكبيرَ أمامه‪:‬‬
‫وهكذا تنازل الملكُ عن عرشه لهذا الفتى‪،‬‬
‫وزوّجه من ابنتِه الوحيدةِ بدر البدور التي سُرعان‬
‫ما طلبتْ منه العفوَ عن إخوتها الثلثة‪ ،‬فرفض‬
‫ن الملك الرّاحل كان قد أوصاه‪ -‬وهو في‬ ‫طلبَها‪ ،‬ل ّ‬

‫‪- 56 -‬‬
‫ال ّنزْعِ الخيرِ(‪ -)16‬أن يتركَهم وشأنَهم في منفاهُم‬
‫البعيدِ البعيدِ‪.‬‬

‫دبيّ في ‪30/12/1999‬‬

‫‪‬‬

‫‪ )(16‬النّزْع الخي‪ :‬احتضار الريض‪ ،‬ونَزَع‪ :‬أشرف على الوت‪.‬‬

‫‪- 57 -‬‬
‫سّر الّرياح الكبير‬

‫وقف شرطيّ في وجه الرّياحِ‪ ،‬والرّيا ُ‬


‫ح‬
‫تعصِفُ بالشجار‪ ،‬فل تَ َذرُ على الرضِ منها‬
‫زيتونةً ول نخلةً‪ ،‬وسألها مستغربا‪:‬‬
‫‪"-‬ماذا أصابك‪ ،‬أيّتها الرّياحُ؟"‪.‬‬
‫أجابتِ الرّياحُ‪ ،‬وهي تجهشُ‪:‬‬
‫‪"-‬أنا حزينةٌ‪ ،‬أيّها الشّرطيّ"‪.‬‬

‫‪- 58 -‬‬
‫لم يسألِ الشّرطيّ الرّياحَ عندئذٍ عن س ّر‬
‫حزنِها‪ ،‬لنّه كان قد قرأ في الكتبِ القديمةِ أنّ‬
‫الرّياحَ ل تحزنُ ول تغضبُ إلّ إذا استسلم النّاسُ‬
‫للعداء‪.‬‬

‫دبيّ في ‪31/12/1999‬‬

‫‪‬‬

‫‪- 59 -‬‬
‫كلم من ذهب‬

‫خرج تمثالٌ يوما عن صمته الزليّ(‪،)17‬‬


‫وصرخ في الوجوه قائلً‪:‬‬
‫س "ليس السّكوتُ من ذهبٍ ول الكلمُ من‬
‫ِفضّةٍ"‪.‬‬
‫أرجف صراخُُه التّماثيلَ الُخرى في ال ُمتْحف‪،‬‬
‫ن الرّوحَ قد نُفختْ‬
‫وأرعد أطرافَها‪ ،‬فتململتْ‪ ،‬وكأ ّ‬

‫‪ )(17‬الزلّ‪ :‬القدي‪.‬‬

‫‪- 60 -‬‬
‫في صدورها‪ ،‬وحين سمع شرطيّ ما قاله التّمثال‬
‫أطبقَ فمَهُ بيده‪ ،‬وقال له محذّرا‪:‬‬
‫س "اسكتْ‪ ،‬فالسّكوتُ أنفعُ للتّماثيل‪ .‬من‬
‫سيصدّقُ س أيّها الغبيّ س أنّ تمثالً يخرجُ عن‬
‫صمتِه؟!"‪.‬‬
‫حمل الشّرطيّ التّمثالَ من مكانِهِ‪ ،‬ورماهُ جانبا‬
‫سرَ قطعةً‬
‫في ركنٍ مظلمٍ من أركانِ المُتحفِ‪ ،‬فتك ّ‬
‫قطعةً‪ ،‬ولمّا رأتِ التّماثيلُ الخرى ما جرى للتّمثالِ‬
‫الكبر انزوتْ في أركانها‪ ،‬ولذت منذ ذلك الزّمانِ‬
‫البعيدِ بالصّمتِ‪.‬‬

‫دبي في ‪.31/12/1999‬‬

‫‪‬‬

‫‪- 61 -‬‬
- 62 -
‫المحتوى‬
‫الهــداء‪6.........................................................................................‬‬
‫جيش صلح الدّين اليّوبيّ‪8...................................................................‬‬
‫حلوى العيد‪11....................................................................................‬‬
‫العصافير تهاجر بعيداً‪15.......................................................................‬‬
‫النّورس التّائه‪19.................................................................................‬‬
‫أحلم سمكة سَ ْلمُون‪24..........................................................................‬‬
‫الدّرس المشؤوم‪31..............................................................................‬‬
‫مملكة الكراسي الخشبيّة‪36.....................................................................‬‬
‫للحريّة أفق كبير ‪41.............................................................................‬‬
‫وردة حمراء لديمة‪43...........................................................................‬‬
‫فتى ل يعرف المستحيل‪47.....................................................................‬‬
‫سرّ الرّياح الكبير‪58.............................................................................‬‬
‫كلم من ذهب‪60.................................................................................‬‬
‫المحتوى‪63.......................................................................................‬‬
‫صدر للمؤلّف‪65.................................................................................‬‬
‫***‬

‫‪- 63 -‬‬
- 64 -
‫صدر للمؤلّف‬

‫س الدّائرة‪ ،‬قصص‪ ،‬حماة ‪.1981‬‬


‫س العالم للجميع‪ :‬قصص للطفال‪ ،‬حمص ‪.1996‬‬
‫س شعر عمرو بن أحمر الباهليّ‪ :‬دراسة وتحقيق‪ ،‬بيروت‬
‫‪.1999‬‬
‫س أوراق عبد الجبّار الفارس الخاسرة‪ :‬قصص‪ ،‬دمشق‬
‫‪.1999‬‬
‫س قصّة الطّفل العربيّ‪ :‬دراسة (مشترك)‪ ،‬أبو ظبي ‪.1999‬‬
‫س الغّواصون السّبعة‪ :‬قصّة طويلة للطفال‪ ،‬أبو ظبي‬
‫‪.1999‬‬
‫ن القصّة القصيرة‪ :‬مقاربات أولى‪ ،‬دبيّ ‪.2000‬‬
‫‪-‬ف ّ‬

‫‪- 65 -‬‬


- 66 -
‫الخشبية‪ :‬قصص للطفال‪ /‬محمد محي‬ ‫مملكة الكراسي‬
‫الدين مينو– دمشق‪ :‬اتحاد الكتاب العرب‪،‬‬
‫‪ 57 – 2001‬ص؛ ‪17‬سم‪.‬‬

‫‪ -2‬العنوان‬ ‫‪ 813.01 -1‬م ي ن‬

‫‪ -3‬مينو‬

‫مكتبة السد‬ ‫ع‪2001/1547/8 -‬‬

‫‪‬‬

‫‪- 67 -‬‬
- 68 -

You might also like