You are on page 1of 30

‫م القرى‬ ‫جامعة أ ّ‬

‫الكل ّّية الجامعّية بالقنفذة‬


‫قسم المناهج وطرائق التدريس‬

‫بحث بعنوان‬

‫مفهوم المنهج‬
‫‪Curriculum Concept‬‬

‫إعداد‬

‫د ‪ .‬غازي مفلح‬

‫مفهوم المنهج‬
‫‪Curriculum Concept‬‬
‫الهداف ‪:‬‬
‫قع من الدارس بعد الطلع أن يكون‬ ‫يتو ّ‬
‫قادرا ً على ‪:‬‬
‫‪ -‬أن يعّرف كل ّ من المنهج‬
‫ي والمنهج الحديث ‪.‬‬ ‫التقليد ّ‬
‫ضح أبرز النتقادات‬ ‫‪ -‬أن يو ّ‬
‫ي‪.‬‬
‫جهة إلى المنهج التقليد ّ‬ ‫المو ّ‬
‫دد العوامل التي أسهمت‬ ‫‪ -‬أن يع ّ‬
‫ور مفهوم المنهج ‪.‬‬ ‫في تط ّ‬
‫ونات المنهج‬ ‫‪ -‬أن يبّين مك ّ‬
‫بمفهومه الحديث ‪.‬‬
‫‪ -‬أن يقارن بين المنهج الحديث‬
‫ي من حيث الهداف‬ ‫والمنهج التقليد ّ‬
‫ل من المعّلم‬‫ونات ودور ك ّ‬ ‫والمك ّ‬
‫والمتعّلم ‪.‬‬
‫‪ -‬أن يشرح المنهج بوصفه نظاما ً ‪.‬‬
‫‪ -‬أن يعّرف بعض المصطلحات‬
‫المتعّلقة بالمنهج ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫مفهوم المنهج‬
‫‪Curriculum Concept‬‬
‫دمة ‪:‬‬
‫مق ّ‬
‫ي‬
‫مة ‪ ,‬وفي الدب التربو ّ‬ ‫تتواتر في الدراسات النسانّية بعا ّ‬
‫على وجه الخصوص كلمة منهج ‪ ,‬ويختلف معنى هذه‬
‫الكلمة بحسب السياق الذي ترد فيه ‪ ,‬وأجمع كثير من‬
‫ن اليونان هم أّول من استخدم هذه الكلمة ‪,‬‬ ‫الباحثين أ ّ‬
‫ي ‪ " :‬الطريقة التي‬ ‫فهي تعني بأصل وضعها الغريق ّ‬
‫يّتخذها الفرد ‪ ,‬أو النهج ‪ Course‬الذي يجريه ليسرع به‬
‫إلى تحقيق هدف معّين ‪ ,‬فالمريض مثل ً حين يستهدف‬
‫الشفاء من مرضه يشرب الدواء بنظام معّين ‪ ,‬ويمتنع عن‬
‫أكل بعض المطعومات ‪ ,‬ويخضع للحقن بدواء يصفه‬
‫ل ذلك معناه منهج هذا المريض في الوصول‬ ‫الطبيب ‪ ,‬وك ّ‬
‫إلى الشفاء "‪. 1‬‬
‫ن كلمة المنهج مأخوذة من الفعل‬ ‫وفي لغتنا العربّية نجد أ ّ‬
‫دة نهج ( "‬ ‫نهج ينهج نهجا ً ‪ ,‬ورد في المعجم الوجيز ) ما ّ‬
‫ضح واستبان ‪ ,‬ونهج الطريقَ ‪:‬‬ ‫نهج الطريقُ ـ نهجا ً ‪ :‬و َ‬
‫بّينه ‪ ,‬وسلكه ‪ ,‬ويقال ‪ :‬نهج نْهج فلن ‪ :‬سلك مسلكه ‪,‬‬
‫وانتهج الطريقَ ‪ :‬استبانه وسلكه ‪ ,‬واستنهج سبيل فلن ‪:‬‬
‫مْنهاج ‪ :‬الطريق الواضح والخ ّ‬
‫طة‬ ‫سلك مسلكه ‪ ,‬وال ِ‬
‫المرسومة ‪ ,‬ومنه ‪ :‬منهاج الدراسة ‪ ,‬ومنهاج التعليم‬
‫ونحوهما ‪) ,‬ج ( مناهج ‪ ,‬والمنهج ‪ :‬المنهاج ) ج (مناهج ‪" .‬‬
‫‪.2‬‬
‫وتعود كلمة منهج ‪ Curriculum‬في اللغات الجنبّية الحديثة‬
‫إلى الكلمة اللتينّية ‪ " Currere‬وتعني ) حلبة السباق (‬
‫التي يتنافس فيها المتنافسون للوصول إلى نقطة الفوز ‪,‬‬
‫‪ - 1‬حسين سليمان قورة ) ‪ : ( 1977‬الصول التربوّية في بناء‬
‫المناهج ‪ ,‬ط ‪ , 5‬القاهرة ‪ ,‬دار المعارف ‪ ,‬ص ‪.237‬‬
‫‪ -2‬مجمع اللغة العربّية ) ‪ : ( 1989‬المعجم الوجيز ‪ ,‬ص ‪.. 636‬‬

‫‪3‬‬
‫سسة تعليمّية نجده بأّنه‬ ‫فإذا ما نظرنا إلى منهج أي مؤ ّ‬
‫عبارة عن مجموعة من الخطط والنظم التي تؤّلف وحدة‬
‫طة إلى أخرى عبر‬ ‫كبيرة تهدف إلى نقل التلميذ من مح ّ‬
‫سلسلة من الرشادات والمعارف والمهارات التي تفيده‬
‫سسة التعليمّية‬ ‫في حياته في المستقبل ‪ ,‬وفي داخل المؤ ّ‬
‫وق في المواد ّ‬ ‫نجد التلميذ يتنافسون من أجل النجاح والتف ّ‬
‫الدراسّية ‪. 3 "0‬‬
‫ور مفهوم المنهج في قواميس اللغة الجنبّية‬ ‫وقد تط ّ‬
‫بشكل مستمّر ‪ ,‬فقد كانت كلمة منهج ‪ Curriculum‬تعني‬
‫ص بالجامعة ‪ ,‬وبهذا المعنى وردت هذه الكلمة‬ ‫المنهج الخا ّ‬
‫لّول مّرة في قاموس ) وبستر ( طبعة عام ‪ , 1856‬وفي‬
‫عام ‪1966‬وردت كلمة ‪ Curriculum‬في قاموس‬
‫ظمة من الدروس‬ ‫) بانكروفت ( بمعنى " سلسلة من ّ‬
‫‪4‬‬
‫دت للدراسة "‬ ‫أع ّ‬
‫ما في الطبعة الثالثة من قاموس التربية‬ ‫أ ّ‬
‫‪ Dictionary of Education‬لجود ‪ Good‬عام ‪ , 1973‬فقد‬
‫وردت لكلمة المنهج ‪ Curriculum‬ثلثة تعريفات هي ‪: 5‬‬
‫" ‪ -1‬مجموعة من المقّررات ‪ ,‬أو المواد ّ الدراسّية التي‬
‫تلزم للتخّرج ‪ ,‬أو الحصول على درجة علمّية في ميدان‬
‫رئيس من ميادين الدراسة ‪ ,‬مثل منهج المواد ّ الجتماعّية ‪,‬‬
‫أو منهج الرياضّيات ‪.‬‬
‫مة شاملة للمواد التي ينبغي أن يدرسها‬ ‫طة عا ّ‬ ‫‪ -2‬خ ّ‬
‫التلميذ في المدرسة ؛ ليحصل على درجة علمّية‬
‫هله للعمل بمهنة أو حرفة ‪.‬‬‫) شهادة ( تؤ ّ‬

‫‪ -3‬وليد عبد اللطيف هوانة ) ‪ : ( 1988‬المدخل في إعداد‬


‫المناهج الدراسّية ‪ ,‬الرياض ‪ ,‬دار المريخ ‪ ,‬ص ‪. 32‬‬

‫‪Bancroft and Co ( 1966 ) : Bancroft English -‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪.Dictionary , First published , London , S . W . 1 .p 92‬‬


‫‪ -‬إبراهيم بسيوني عميرة ) ‪ : ( 1991‬المنهج‬ ‫‪5‬‬

‫وعناصره ‪ ,‬ط ‪ , 3‬القاهرة ‪ ,‬دار المعارف ‪ ,‬ص ‪. 29‬‬

‫‪4‬‬
‫‪ -3‬مجموعة من المقّررات والخبرات التي يكتسبها التلميذ‬
‫في المدرسة أو الكلّية " ‪.‬‬
‫دمها المدرسة‬ ‫وبذلك أصبح المنهج يعني الخبرات التي تق ّ‬
‫لبها للوصول إلى الهداف التربوّية ‪ ,‬ونظرا ً لختلف‬ ‫لط ّ‬
‫الهداف التربوّية على مّر العصور تبعا ً لختلف الفلسفات‬
‫ورت وفق تغّير‬ ‫السائدة ‪ ,‬فقد تغّيرت دللة المنهج وتط ّ‬
‫ورها ‪ ,‬غير أّننا يمكن أن نمّيز نوعين من‬ ‫هذه الهداف وتط ّ‬
‫ل على المنهج بمفهومه‬ ‫معاني المنهج ‪ ,‬الّول ويد ّ‬
‫ل على المنهج بمفهومه الحديث ‪.‬‬ ‫التقليديّ ‪ ,‬و الثاني ‪ ,‬ويد ّ‬
‫ي للمنهج ‪:‬‬ ‫المفهوم التقليد ّ‬
‫تتأّثر المناهج التربوّية في أيّ مكان وزمان بالفلسفة‬
‫دد معنى المنهج‬ ‫السائدة في المجتمع ؛ فهي التي تح ّ‬
‫جه التربية‬‫ومفهومه ‪ ,‬فقد كانت الفلسفة الغريقّية تو ّ‬
‫إلى وضع مناهج تسهم في إعداد الطفل للمستقبل‬
‫لتحقيق أهداف تتسم بالثبات ؛ لّنها – أي الهداف التربوّية‬
‫‪ -‬تعّبر عن حقائق مطلقة ل يمكن مناقشتها ‪ ,‬فالمناهج‬
‫كد أهمّية العلوم‬‫عندهم تغاير طبيعة الطفل ‪ ,‬وتؤ ّ‬
‫والفنون ‪ ,‬وما على الطفل سوى تعّلمها – ولو باستخدام‬
‫دة ‪ -‬بغض النظر عن درجة صعوبتها أو مدى ملءمتها‬ ‫الش ّ‬
‫ن هذه العلوم والفنون‬ ‫ميول الطفل واهتماماته ؛ ل ّ‬
‫تستحقّ أن تعّلم لذاتها ؛ ولّنها الطريق الوحيد لتحقيق‬
‫الهداف التربوّية الساعية إلى الوصول بالطفل إلى إدراك‬
‫الحقيقة المطلقة أو تغذية عقله ‪ ,‬أو السمو بنفسه ‪.‬‬
‫لقد مّثلت الفنون السبعة ) النحو والبلغة والمنطق‬
‫والحساب والهندسة والفلك والموسيقى ( محتوى المنهج‬
‫م أضيفت لهذه الفنون مع الزمن علوم أخرى‬ ‫ي‪,‬ث ّ‬
‫الغريق ّ‬
‫كالتاريخ والجغرافية والعلوم والرسم والشغال ‪.‬‬
‫وقد ظّلت هذه الفلسفة سائدة في الوساط التربوّية‬
‫دة طويلة طالت بدايات القرن العشرين ‪ ,‬فكان المنهج‬ ‫لم ّ‬
‫ل هذه الفلسفة هو " مجموعة الموادّ الدراسّية‬ ‫في ظ ّ‬
‫‪ Subjects or Subject- Matter‬التي يتوّلى‬
‫صصون إعدادها أو تأليفها ‪ ,‬ويقوم‬ ‫المتخ ّ‬

‫‪5‬‬
‫لب‬‫المعّلمون بتنفيذها أو تدريسها ‪ ,‬ويعمل الط ّ‬
‫على تعّلمها أو دراستها " ‪.6‬‬
‫ن المنهج‬ ‫ونظر إليه بعضهم نظرة مشابهة ‪ ,‬فقد ذكروا أ ّ‬
‫ي ‪Content of the Subject-‬‬ ‫هو محتوى المقّرر الدراس ّ‬
‫ن المنهج بمفهومه التقليديّ عبارة‬ ‫‪ , Matter‬وبذلك نرى أ ّ‬
‫عن المقّررات الدراسّية ) أو محتواها ( التي‬
‫صصون – انطلقا ً من قناعتهم‬ ‫دها المتخ ّ‬‫أع ّ‬
‫بضرورتها لتحقيق الهداف التربوّية – وكّلف‬
‫ي أسلوب يرونه مناسبا ً ‪,‬‬ ‫المعّلمون تدريسها بأ ّ‬
‫وطلب إلى التلميذ استظهارها وإدراك حقائقها‪,‬‬
‫دون أدنى اعتبار لستعداداته وميوله ‪.‬‬
‫ي‬
‫ن المنهج بمفهومه التقليد ّ‬ ‫وبذلك نستطيع أن نقول ‪ :‬إ ّ‬
‫اقتصر على المقّررات الدراسّية ‪ ,‬والمعارف والمعلومات‬
‫ضح الشكل التي‬ ‫منها تلك المقّررات ‪ ,‬ويو ّ‬ ‫التي تتض ّ‬
‫المنهج بمفهومه التقليديّ الضّيق ‪:‬‬

‫المق‬
‫المن‬ ‫ّرر‬
‫هج‬ ‫الدرا‬
‫ي‬
‫س ّ‬

‫شكل رقم ) ‪ : ( 1‬المنهج بمفهومه التقليديّ‬


‫ي‪:‬‬ ‫إعداد المهج التقليد ّ‬
‫م عملّية إعداد المنهج التقليديّ وفق الخطوات التية ‪:‬‬ ‫تت ّ‬
‫صصون بتحديد المعلومات اللزمة لك ّ‬
‫ل‬ ‫" ‪ -1‬يقوم المتخ ّ‬
‫ماّدة دراسّية ‪.‬‬
‫دة على المراحل الدراسّية ‪,‬‬ ‫ل ما ّ‬‫‪ -2‬توّزع معلومات ك ّ‬
‫ل مرحلة منها ‪.‬‬ ‫ف في ك ّ‬ ‫لص ّ‬ ‫وعلى ك ّ‬
‫ف ضمن كتاب‬ ‫لص ّ‬ ‫ل ماّدة في ك ّ‬‫‪ -3‬تجمع معلومات ك ّ‬
‫ي‪.‬‬‫ل ‪ ,‬هو الكتاب المدرس ّ‬ ‫مستق ّ‬

‫‪ -‬جودت أحمد سعادة ) ‪ : ( 1990‬مناهج الدراسات‬ ‫‪6‬‬

‫الجتماعّية ‪ ,‬ط ‪ , 2‬بيروت ‪ ,‬دار العلم للمليين ‪. 58 ,‬‬

‫‪6‬‬
‫ل كتاب على أشهر‬ ‫دة في ك ّ‬ ‫‪ -4‬توّزع موضوعات ك ّ‬
‫ل ما ّ‬
‫ل شهر ‪.‬‬ ‫ي ‪ ,‬وعلى أسابيع ك ّ‬ ‫العام الدراس ّ‬
‫دد الطرائق والوسائل المساعدة على تدريس ك ّ‬
‫ل‬ ‫‪ -5‬تح ّ‬
‫ل ماّدة دراسّية ‪.‬‬‫موضوع ‪ ,‬في ك ّ‬
‫ف‪.‬‬ ‫لص ّ‬ ‫ل ماّدة دراسّية في ك ّ‬ ‫‪ -6‬تحد ّ أساليب تقويم ك ّ‬
‫ي‪:‬‬
‫جهة إلى المنهج التقليد ّ‬ ‫النتقادات المو ّ‬
‫أصبح مفهوم المنهج بمعناه التقليديّ الذي يتمّثل‬
‫جهات التربوّية الحديثة‬ ‫بالمقّررات الدراسّية ل يلّبي التو ّ‬
‫دة الدراسّية‬‫التي نقلت مركز الهتمام التربويّ من الما ّ‬
‫إلى المتعّلم ‪ ,‬فتعّرض هذا المفهوم التقليديّ للمنهج‬
‫ددين ‪ ,‬ومن بينها ما‬ ‫لجملة من انتقادات التربويين المج ّ‬
‫ذكره سرحان الذي يمكن إجمال أبرز انتقاداته بما يأتي ‪:‬‬
‫‪7‬‬

‫‪ - 7‬الدمرداش عبد المجيد سرحان ) ‪ : ( 1996‬المناهج‬


‫المعاصرة ‪ ,‬الكويت ‪ ,‬جامعة الكويت ‪ ,‬ص ‪. 14-12‬‬

‫‪7‬‬
‫" ‪ -1‬اقتصار وظيفة المدرسة على الهتمام‬
‫ي‪:‬‬‫بالجانب المعرف ّ‬
‫اقتصرت وظيفة المدرسة على الهتمام بالمعرفة ‪,‬‬
‫وأهملت جميع الجوانب النفسّية والجتماعّية والفكرّية‬
‫بمعناها الشامل ‪ ,‬وقد ترّتب على ذلك في كثير من‬
‫دة ‪ ,‬ويحفظونها ‪,‬‬ ‫ن التلميذ كانوا يدرسون الما ّ‬ ‫الحيان أ ّ‬
‫ن صلتهم‬ ‫ولكّنهم يبغضونها في الوقت نفسه ؛ وبذلك فإ ّ‬
‫بما كانوا يدرسونه كانت صلة موقوتة ‪ ,‬تنتهي بانتهاء‬
‫دون إلى‬ ‫الدراسة ‪ ,‬وحصولهم على الشهادة ؛ وكانوا يرت ّ‬
‫المّية في مجال دراستهم بعد فترة من الزمن بسبب‬
‫النسيان من جهة ‪ ,‬وعدم القدرة على ملحقة‬
‫ورات السريعة في مجال العلم والثقافة من جهة‬ ‫التط ّ‬
‫ن المعرفة التي كان‬ ‫أخرى ‪ ,‬كما ترّتب على ذلك أيضا ً أ ّ‬
‫صلونها كانت من النوع الهامد الميت الذي ل‬ ‫التلميذ يح ّ‬
‫يغّير نظرة النسان إلى نفسه أو بيئته أو حياته ‪ ,‬ول‬
‫ن التربية الحّقة إّنما‬ ‫كرنا أ ّ‬‫دل سلوكه ‪ ,‬فإذا تذ ّ‬ ‫يع ّ‬
‫تستهدف تعديل سلوك النسان في الّتجاهات‬
‫المطلوبة ‪ ,‬فإننا نستطيع أن نرى مدى إخفاق التربية‬
‫التي تسير وفق هذا المفهوم الضّيق للمنهج في تحقيق‬
‫رسالتها الكبرى ‪ ,‬وهي بناء الشخصّية ‪ ,‬وتوجيه السلوك‬
‫‪ ,‬وبناء أجيال جديدة من البشر يقودون مسيرة الحياة ‪.‬‬
‫‪ -2‬العزلة بين المدرسة والحياة ‪:‬‬
‫دى الخذ بهذا المفهوم الضّيق للمنهج إلى عزلة‬ ‫لقد أ ّ‬
‫كبيرة بين المدرسة والحياة ‪ ,‬فالمدرسة غارقة في‬
‫اهتمامها بتحفيظ ما في الكتب من معلومات قّلما ترتبط‬
‫بحياة التلميذ ارتباطا ً وثيقا ً ‪ ,‬والمدرسة ل تعد ّ للحياة‬
‫بجميع ما تتطّلبه من مهارات واّتصالت ‪ ,‬وقدرة على‬
‫ل المشكلت ‪ ,‬والمشاركة‬ ‫مل المسؤولّيات ‪ ,‬وح ّ‬ ‫تح ّ‬
‫دم والنماء ‪.‬‬ ‫فمجالت التق ّ‬
‫إهمال الجوانب الدائّية والعملّية‬
‫والتطبيقّية ‪:‬‬
‫كز المنهج بمفهومه الضّيق على الجوانب النظرّية‬ ‫ر ّ‬
‫واللفظّية ‪ ,‬واّتخذ المتحانات بصورتها التقليدّية وسيلة‬

‫‪8‬‬
‫دى‬ ‫لتحديد مدى ما اكتسبه التلميذ من المعرفة ‪ ,‬وقد أ ّ‬
‫ل ذلك إلى إهمال النواحي العملّية والتطبيقّية ‪ ,‬واقتصر‬ ‫ك ّ‬
‫تحصيل التلميذ للمعرفة على أدنى مستوياتها وهو‬
‫ما المستويات العليا‬ ‫ي‪,‬أ ّ‬‫مستوى الحفظ والسترجاع الل ّ‬
‫من المعرفة ‪ ,‬وهي الفهم والتطبيق والممارسة الذكّية‬
‫والنقد والبتكار والبداع ‪ ,‬فلم تكن تدخل في نطاق‬
‫أهداف المدرسة القديمة ‪.‬‬
‫تقييد حرّية المعّلم ‪:‬‬ ‫‪-4‬‬
‫دى الخذ بالمفهوم الضّيق للمنهج إلى تقييد حرّية‬ ‫لقد أ ّ‬
‫المعّلم ‪ ,‬ذلك أّنه ل يستطيع أن يتحّرك إل ّ في مجال‬
‫محدود ‪ ,‬وهو مجال شرح الدروس وتحفيظها وتسميعها ؛‬
‫ن‬
‫وبذلك أغلقت مجالت الجتهاد والبتكار أمامه ‪ ,‬ذلك أ ّ‬
‫الجتهاد والبتكار إّنما يتجّلى في أروع صوره عندما تتع ّ‬
‫دد‬
‫الهداف أمام المعّلم ‪ ,‬بحيث يستطيع أن يبتكر الطرائق‬
‫والساليب لتوجيه الميول ‪ ,‬وتنمية المواهب والستعدادات‬
‫‪ ,‬ورعاية القدرات‬
‫البتكارّية لدى التلميذ ‪ ,‬وتدريبهم على المهارات‬
‫المنشودة ‪ ,‬والسهام في تقويم شخصّياتهم ‪ ,‬وتوجيه‬
‫سلوكهم ‪ ,‬وتحقيق أقصى ما تبلغه إمكاناتهم " ‪.‬‬
‫وذكر الخليفة إضافة إلى النتقادات السابقة انتقادات‬
‫أخرى نتبعها إلى ما سبق ‪ ,‬منها ‪:8‬‬

‫ي المعاصر‬
‫‪ -‬حسن جعفر الخليفة ) ‪ : ( 2005‬المنهج المدرس ّ‬
‫‪8‬‬

‫‪ ,‬الرياض ‪ ,‬مكتبة الرشد ‪ ,‬ص ‪.18‬‬

‫‪9‬‬
‫إهمال حاجات المتعّلمين وميولهم ‪:‬‬
‫" أهمل المنهج التقليديّ حاجات المتعّلمين وميولهم ‪,‬‬
‫لب‬ ‫ددة ‪ ,‬فما على الط ّ‬ ‫وما بينهم من فروق فردّية متع ّ‬
‫دة الدراسّية المفروضة عليهم ‪,‬‬ ‫إل ّ أن يدرسوا الما ّ‬
‫ويحفظونها ‪.‬‬
‫إغفال دور القدوة الحسنة في توجيه‬
‫السلوك ‪:‬‬
‫أغفل هذا المنهج دور القدوة الحسنة والقيم التربوّية‬
‫ن تزويد‬‫في توجيه السلوك ؛ إذ يعتقد أنصاره أ ّ‬
‫المتعّلمين بالمعارف يكفي وحده لتوجيه سلوكهم بما‬
‫يّتفق وتلك المعارف ‪ ,‬وقد ثبت خطأ هذا العتقاد ؛‬
‫فالفرد ل يسلك في جميع الحالت وفقا ً لعلمه ومعرفته‬
‫‪.‬‬
‫صصين‬ ‫‪ -8‬حصر اختيار محتوى المنهج بالمتخ ّ‬
‫فحسب ‪:‬‬
‫دة الدراسّية وتنظيمها في‬ ‫اقتصر اختيار محتوى الما ّ‬
‫صصين والخبراء ‪ ,‬الذين ل‬ ‫كتب مدرسّية على المتخ ّ‬
‫يأخذون في حسبانهم وجهة نظر المعّلمين والتلميذ ‪,‬‬
‫ما كان له أكبر الثر في ضعف حماسة المعّلمين‬ ‫م ّ‬
‫للتدريس ‪ ,‬وعزوف التلميذ عن الدروس ‪.‬‬
‫‪-9‬استبعاد النشطة المدرسّية ‪:‬‬
‫ل المنهج التقليديّ – معظم‬ ‫استبعد المعّلمون – في ظ ّ‬
‫دوها مضيعة‬ ‫النشطة المدرسّية غير الصّفّية ‪ ,‬بل ع ّ‬
‫للوقت ‪ ,‬صارفة عن الحفظ الذي يترّتب عليه النجاح‬
‫في المتحانات ‪ ,‬وهو الهدف السمى للتقويم في‬
‫مفهوم المنهج التقليديّ " ‪.‬‬
‫ي وأحمد جملة من النتقادات ‪ ,‬ول‬ ‫وأضاف الشريف ّ‬
‫دة الدراسّية ‪,‬‬ ‫سّيما تلك التي تتعّلق بالتلميذ والما ّ‬
‫ويمكن إضافتها إلى النتقادات السابقة ‪ ,‬وهي ‪: 9‬‬

‫مد أحمد )‪: ( 2004‬‬


‫ي ‪ ,‬وأحمد مح ّ‬
‫‪ -‬شوقي السّيد الشريف ّ‬
‫‪9‬‬

‫المناهج التعليمّية ‪ ,‬الرياض ‪ ,‬مكتبة الرشد ‪ ,‬ص ‪.17-16‬‬

‫‪10‬‬
‫" ‪ -10‬تعويد التلميذ السلبّية وعدم العتماد‬
‫على النفس ‪:‬‬
‫دته وتبسيطها ‪ ,‬وعلى‬ ‫ل معّلم بشرح موضوعات ما ّ‬ ‫يقوم ك ّ‬
‫منه‬ ‫التلميذ أن يسمع ويستوعب ما يقوله المعّلم ‪ ,‬وما تتض ّ‬
‫م فدور التلميذ داخل الفصل النصات‬ ‫الكتب ‪ ,‬ومن ث ّ‬
‫م والسلبّية المطلقة ‪ ,‬ومن هنا نشأ‬ ‫والصغاء والخضوع التا ّ‬
‫التلميذ وهو معتمد على المعّلم والكتاب ‪ ,‬وبالتالي بدأ‬
‫ود السلبّية ‪ ,‬وعدم العتماد على النفس ‪.‬‬ ‫يتع ّ‬
‫خم المقّررات الدراسّية ‪:‬‬ ‫‪ -11‬تض ّ‬
‫نتيجة للزيادة المستمّرة في المعرفة بشّتى جوانبها‪, ,‬‬
‫ص بها‬‫دة التي اخت ّ‬ ‫صص بالما ّ‬ ‫ل متخ ّ‬ ‫ونتيجة لهتمام ك ّ‬
‫م مؤّلفو المواد ّ الدراسّية بإدخال الضافات‬ ‫فقط ‪ ,‬فقد اهت ّ‬
‫خمت ‪ ,‬وأصبحت عبئا ً ثقيل ً‬ ‫المستمّرة عليها ‪ ,‬حّتى تض ّ‬
‫م الّول بالشرح والتلخيص ‪,‬‬ ‫على المعّلم والتلميذ ‪ ,‬فاهت ّ‬
‫م الثاني بالحفظ والترديد ‪ ,‬وضاعت الهداف التربوّية‬ ‫واهت ّ‬
‫المنشودة في زحام المعلومات المتزايدة ‪.‬‬
‫‪ -12‬عدم ترابط الموادّ ‪:‬‬
‫دة التي يقوم بتدريسها إلى‬ ‫ل معّلم بالما ّ‬ ‫دى اهتمام ك ّ‬ ‫أ ّ‬
‫خلق حاجز قويّ بين المواد ّ الدراسّية ‪ ,‬وبالتالي لم يعد‬
‫بينها ترابط أو تكامل ‪ ,‬فإذا سأل التلميذ معّلمه عن‬
‫ن إجابة هذا السؤال‬ ‫معلومة معّينة ‪ ,‬أجاب المعّلم ‪ :‬إ ّ‬
‫دة أخرى ‪. ".‬‬ ‫ص معّلم ما ّ‬ ‫تخ ّ‬
‫وفي نهاية حديثنا عن هذه النتقادات ‪ ,‬يمكن أن نصّنفها‬
‫وفق الجدول التي ‪:‬‬
‫ي‬
‫جه إلى المنهج التقليد ّ‬ ‫النقد المو ّ‬ ‫عناصر‬
‫العملّية‬
‫التعليمّية‬
‫ي‪,‬‬
‫التركيز على تنمية الجانب العقل ّ‬ ‫‪-‬‬ ‫التلميذ‬
‫وإهمال جوانب النمو المختلفة‪.‬‬
‫إهمال حاجات التلميذ وميوله‬ ‫‪-‬‬
‫ورغباته ‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫إهمال مراعاة الفروق الفردّية بين‬ ‫‪-‬‬
‫المتعّلمين ‪.‬‬
‫إهمال توجيه السلوك ‪ ,‬وتكوين‬ ‫‪-‬‬
‫المهارات والّتجاهات اليجابّية ‪ ,‬وإغفال‬
‫دور القدوة الحسنة في ذلك‪.‬‬
‫تعويد التلميذ السلبّية ‪ ,‬وعدم‬ ‫‪-‬‬
‫الهتمام أو الشعور بالمسؤولّية‪.‬‬
‫ي‪,‬‬
‫نفور التلميذ من الجوّ المدرس ّ‬ ‫‪-‬‬
‫وشعوره بالملل ؛ بسبب عدم جذب‬
‫ف ‪ ,‬وفي باحة‬‫اهتمامه داخل الص ّ‬
‫المدرسة ‪.‬‬
‫قطع التلميذ عن مشكلت بيئته ‪.‬‬ ‫‪-‬‬

‫‪ -‬تقييد حرّية المعّلم ‪ ,‬وحرمانه من البداع‬ ‫المعّلم‬


‫والبتكار ‪.‬‬
‫التقليل من شأنه ‪ ,‬وعد أخذ رأيه‬ ‫‪-‬‬
‫فيما يدّرسه ‪.‬‬
‫تحميل المعّلم جهدا ً كبيرا ً بسبب‬ ‫‪-‬‬
‫ي في الشرح‬ ‫العتماد عليه بشكل كل ّ ّ‬
‫والتسميع والمتابعة والتقويم ‪.‬‬
‫شعور المعّلم بالقلق وعدم‬ ‫‪-‬‬
‫الطمأنينة نظرا ً لساليب تقويمه‬
‫المعتمدة على التفتيش ‪ ,‬وتسّقط‬
‫الغلط ‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫خم‬‫دة الدراسّية ‪ ,‬وتض ّ‬ ‫خم الما ّ‬ ‫تض ّ‬ ‫‪-‬‬ ‫دة‬
‫الما ّ‬
‫المشكلت المترّتبة على ذلك ‪ ,‬والتي‬ ‫الدراسّية‬
‫ل من التلميذ والمعّلم‬ ‫تقع على كاهل ك ّ‬
‫وولي المر ‪.‬‬
‫م بين المواد ّ ‪ ,‬وعدم‬ ‫النفصال التا ّ‬ ‫‪-‬‬
‫التكامل فيما بينها ‪ ,‬ناهيك عن عدم‬
‫دة الواحدة ‪.‬‬ ‫التكامل بين أفرع الما ّ‬
‫الهتمام بالجانب النظريّ ‪ ,‬وإغفال‬ ‫‪-‬‬
‫دة ‪.‬‬
‫الجوانب التطبيقّية للما ّ‬
‫دة بالحياة ‪,‬‬ ‫عدم ارتباط الما ّ‬ ‫‪-‬‬
‫وبالتالي انخفاض درجة القبال على‬
‫تعّلمها ‪ ,‬وسرعة نسيانها بسبب عدم‬
‫ل مشكلت المتعّلم ‪.‬‬ ‫توظيفها في ح ّ‬
‫التركيز على تقويم المستويات‬ ‫‪-‬‬ ‫أساليب‬
‫ي ) الحفظ‬ ‫الدنيا من المجال المعرف ّ‬ ‫التقويم‬
‫والسترجاع ( ‪.‬‬
‫القتصار على السئلة المقالّية ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الشعور بالخوف والقلق والرهبة‬ ‫‪-‬‬
‫من أجواء المتحانات‪.‬‬
‫‪ -‬البتعاد عن العلقة النسانّية الجاذبة ‪,‬ول‬ ‫و‬
‫الج ّ‬

‫‪13‬‬
‫سّيما بين المعّلم الذي يسعى إلى إفراغ ما‬ ‫ي‬
‫المدرس ّ‬
‫لديه من معلومات بأيّ وسيلة‪ ,‬والتلميذ‬ ‫م‬‫العا ّ‬
‫المكره على تعّلم معلومات ل تلّبي اهتمامه ‪,‬‬
‫وشيوع ظواهر سلبّية في تلك العلقة ‪ ,‬ومنها‬
‫ظاهرة العقاب الجسديّ ‪.‬‬
‫ل ما يجذب‬ ‫ي عن ك ّ‬ ‫‪ -‬ابتعاد الجوّ المدرس ّ‬
‫التلميذ ؛ ولذلك ظهور ما يعّرف بالتسّرب‬
‫ي على نطاق واسع ‪ ,‬والرتداد إلى‬ ‫المدرس ّ‬
‫المّية ‪.‬‬
‫‪ -‬خلو الحياة المدرسّية من النشطة المنهجّية‬
‫‪ ,‬والترويحّية ‪.‬‬
‫م بين المدرسة والبيئة‬ ‫الفصل التا ّ‬ ‫‪-‬‬ ‫البيئة‬
‫المحلّية ‪.‬‬ ‫المحلّية‬
‫عدم تلبية مخرجات التعليم في‬ ‫‪-‬‬

‫‪14‬‬
‫ظ ّ‬
‫ل المنهج التقليديّ لحاجات سوق‬
‫العمل المحلّية ‪.‬‬

‫المنهج بمفهومه الوسع ) الحديث (‬


‫الرهاصات ‪:10‬‬
‫كزت على‬ ‫ل المدرسة التقليدّية ر ّ‬ ‫ن المناهج في ظ ّ‬ ‫رأينا أ ّ‬
‫دة التعليمّية ‪ ,‬وأهملت المتعّلم ‪ ,‬ولم تعر بال ً لميوله‬ ‫الما ّ‬
‫ورغباته وغرائزه واهتماماته ‪ ,‬كما أّنه لم تفسح المجال‬
‫أمامه لكتساب القيم المرغوب فيها ‪ ,‬وصقل المهارات‬
‫ل مشكلته ‪ ,‬ولم‬ ‫التي يحتاج إليها لتلبية احتياجاته ‪ ,‬وح ّ‬
‫تعمل على تفّتق مواهبه المختلفة ‪ ,‬وطاقاته الكامنة‬
‫ورعايتها في مختلف الجوانب ‪ ,‬ول سّيما الفنّية منها ‪,‬‬
‫والرياضّية ‪ ,‬والدبّية ؛ وذلك من خلل وقوفها في وجه‬
‫دها نوعا ً من الفوضى ومضيعة‬ ‫النشطة المدرسّية ‪ ,‬وع ّ‬
‫الوقت ‪ .‬أو أّنها ثانوّية في أحسن الحوال ‪.‬‬
‫ور التربويّ بفعل الفكار التجديدّية التي‬ ‫لقد حدث التط ّ‬
‫‪11‬‬
‫ورون ‪ ,‬فقد نادى ) روسو (‬ ‫طرحها التربوّيون المتن ّ‬
‫دها أفضل من‬ ‫بضرورة تفاعل الطفل مع الطبيعة ‪ ,‬وع ّ‬
‫معّلم ‪ ,‬فهي التي تكسبه المعرفة ‪ ,‬وهي التي تجعله‬
‫قادرا ً على استخدام عقله لمواجهة مشكلته وحّلها ‪.‬‬
‫ما المرّبي ) جون ديويّ (‪ 12‬قد أشار في كتابه ] المدرسة‬ ‫أ ّ‬
‫ل المنهج‬ ‫والمجتمع [ إلى سلبّيات الحياة المدرسّية في ظ ّ‬
‫‪ - 10‬الرهاص بالمطر ‪ :‬اليذان به ‪ ,‬ومنه الرهاصات المؤذنة بعمل ما ‪.‬‬
‫) المجمع ‪. ( 279 , 1989 ,‬‬
‫ي‬
‫‪ - 11‬جان جاك روسو ) ‪ 1778 – 1712‬م ( فيلسوف وناقد اجتماع ّ‬
‫جهات التربوّية الحديثة التي كان لها‬ ‫ي ‪ ,‬أسهم في في تأسيس التو ّ‬ ‫فرنس ّ‬
‫ولت التربوّية التي شهدها القرن العشرون ‪ ,‬من أبرز‬ ‫بالغ الثر في التح ّ‬
‫مؤّلفاته ‪ :‬العقد الجتماع ّ‬
‫ي ‪ ,‬وإميل ‪.‬‬
‫‪ - 12‬جون ديوي ) ‪ 1952 – 1859‬م ( ‪ :‬فيلسوف وعالم نفس ومرب‬
‫أمريكي شهير ‪ ,‬وصف بأّنه من مناصري الفلسفة البرجماتّية من خلل‬
‫فلسفته الذرائعّية ‪ ,‬وكان رائد التربية المجتمعّية القائمة على الحياة‬
‫دمّية في مدرسته‬ ‫الديمقراطّية ‪ ,‬طّبق تجاربه وأفكاره التربوّية التق ّ‬
‫النموذجّية في جامعة شيكاغو ‪ ,‬من أبرز مؤّلفاته ‪ :‬المدرسة والمجتمع ‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫خصها بأّنه وضعت كل ّ من‬ ‫القديم والتربية التقليدّية ‪ ,‬ول ّ‬
‫دة في مركز جاذبّية العملّية التربوّية ‪ ,‬بينما‬ ‫المعّلم الما ّ‬
‫بقس المتعّلم خارج دائرة هذه الجاذبّية ‪.‬‬
‫لقد نقلت التربية الحديثة الطفل من هامش العملّية‬
‫دت إلى‬ ‫التربوّية إلى مركزها ‪ ,‬فأحدثت بذلك ثورة تربوّية أ ّ‬
‫متها ‪ ,‬تماما ً كما أحدث‬ ‫تطوير العملّية التربوّية بر ّ‬
‫كوبرنيكوس ثورة علمّية بنقله مركز الجاذبّية من الرض‬
‫إلى الشمس‪ .‬أسهب في ذلك في وصف واقع المدرسة‬
‫القديمة قائ ً‬
‫ل‪:‬‬
‫وتوالت الدعوات من قبل العلماء والمفكرين ؛ لعادة‬
‫النظر في المناهج الدراسية والتربوية من أجل تحويل‬
‫المدرسة إلى صورة مصغرة من المجتمع مع شيء من‬
‫التهذيب ‪ ,‬وبما يتناسب والهداف التربوّية الموضوعة ؛‬
‫لكي يمارس التلميذ حياتهم الفعلية والطبيعّية فيها ‪،‬‬
‫صلوا إلى التعميمات بأنفسهم ‪،‬‬ ‫ويستنبطوا الحقائق ‪ ,‬ويتو ّ‬
‫ويكتسبوا القيم والّتجاهات والمهارات بتفاعلهم مع البيئة‬
‫المدرسّية والبيئة المحلّية ؛ وليصبح الكتاب والمّعلم‬
‫مصدرين من مصادر التعّلم ‪ ,‬وليسا المصدرين الوحيدين ‪.‬‬
‫دها ولعبها‬ ‫لقد أصبحت المدرسة حياة قائمة بذاتها في ج ّ‬
‫وتفاعلتها ‪ ,‬وعاش المتعّلم طفولته من أجل مستقبله ‪,‬‬
‫وأصبحت الوظيفة التقليدّية للمدرسة بأّنها إعداد للحياة‬
‫متخّلفة وقاصرة ‪.‬‬
‫ي‬‫وكان لبد ّ للتربية من مفهوم جديد للمنهج المدرس ّ‬
‫جهات التربوّية الحديثة ‪ ,‬ومن هنا كانت ولدة‬ ‫ينسجم والتو ّ‬
‫المفهوم الحديث الواسع ‪.‬‬
‫المنهج بمفهومه الواسع ) الحديث ( ‪:‬‬
‫وردت في كتب المناهج تعريفات عديدة للمنهج بمفهومه‬
‫الحديث ‪ ,‬وجاءت هذه التعريفات متقاربة إلى حد ّ بعيد ‪,‬‬
‫ن بعضها كان متطابقا ً ‪ ,‬فهو‬ ‫بل نستطيع القول إ ّ‬
‫"مجموعة الخبرات التربوّية ‪ ,‬والجتماعّية ‪ ,‬والثقافّية ‪,‬‬
‫ططها المدرسة ‪ ,‬وتهّيئها‬ ‫والرياضّية ‪ ,‬والفن ّّية التي تخ ّ‬
‫لتلميذها ؛ ليقوموا بتعّلمها داخل المدرسة أو خارجها‬
‫بهدف إكسابهم أنماطا ً من السلوك أو تعديل أو تغيير‬

‫‪16‬‬
‫أنماط أخرى من السلوك نحو الّتجاه المرغوب فيه ‪,‬‬
‫ومن خلل ممارستهم لجميع النشطة اللزمة‬
‫والمصاحبة لتعّلم تلك الخبرات بما يساعدهم في إتمام‬
‫وهم " ‪. 13‬‬ ‫نم ّ‬
‫وهو " مجموع الخبرات التربوّية ) الثقافّية والرياضّية‬
‫والجتماعّية والفن ّّية التي تهيئها المدرسة لتلميذها داخل‬
‫المدرسة وخارجها بقصد مساعدتهم على النموّ الشامل‬
‫في جميع النواحي الجسمّية والعقلّية والجتماعّية‬
‫‪14‬‬
‫والنفعالّية ‪ ,‬وتعديل سلوكهم طبقا ً لهدافها التربوّية "‬
‫‪.‬‬
‫ل الخبرات ‪ ,‬أو النشطة ‪,‬أو الممارسات‬ ‫وهو " ك ّ‬
‫المخططة والهادفة التي توفرها المدرسة لمساعدة‬
‫المتعّلمين على تحقيق النتاجات التعليمّية المنشودة‬
‫بأفضل ما تستطيعه قدراتهم سواء كان ذلك داخل قاعة‬
‫‪15‬‬
‫الدرس أو خارجها‪".‬‬
‫ن المنهج هو " مجموعة من الخبرات‬ ‫وذكر الخليفة بأ ّ‬
‫دمها المدرسة للتلميذ داخلها وخارجها‬ ‫والنشطة التي تق ّ‬
‫‪ ,‬بقصد مساعدتهم على النمو الشامل المتكامل ‪ ,‬الذي‬
‫دي إلى تعديل سلوكهم ‪ ,‬ويضمن تفاعلهم مع بيئتهم‬ ‫يؤ ّ‬
‫ومجتمعهم ‪ ,‬ويجعلهم يبتكرون حلول ً مناسبة لما يوجههم‬
‫من مشكلت " ‪.16‬‬
‫ن المفهوم الحديث للمنهج يّتصف بالخصائص‬ ‫وبذلك فإ ّ‬
‫التية ‪:‬‬
‫‪ -‬فؤاد سليمان قلدة ) ‪ : ( 1976‬أساسّيات المناهج ‪,‬‬ ‫‪13‬‬

‫القاهرة ‪ ,‬دار نهضة مصر‬


‫‪ ,‬ص ‪. 11‬‬

‫‪ - 14‬هشام الحسن ‪ ,‬و شفيق القايد ) ‪ : ( 1990‬تخطيط المنهج وتطويره ‪,‬‬


‫مان ‪ ,‬دار صفاء للنشر والتوزيع ‪ ,‬ص ‪. 11‬‬
‫ع ّ‬

‫‪ -15‬هاشم السامرائ ّ‬
‫ي ‪ ,‬وآخرون ) ‪ : (2000‬المناهج ) أسسها ‪ ,‬تطويرها ‪ ,‬نظرّياتها ( ‪ ,‬إربد ‪ ,‬دار‬
‫المل ‪ ,‬ص ‪.12‬‬
‫ي المعاصر ‪ ,‬مرجع‬
‫‪ - 16‬حسن جعفر الخليفة ) ‪ ( 2005‬المنهج المدرس ّ‬
‫سابق ‪ ,‬ص ‪. 20‬‬

‫‪17‬‬
‫‪ .1‬يشتمل المنهج الحديث على جميع الخبرات‬
‫دمها‬ ‫والنشطة الصفّية وغير الصفّية التي تق ّ‬
‫المدرسة ‪ ,‬وتشرف على تنظيمها ؛ من أجل تحقيق‬
‫ددة تشتمل تنمية المتعّلم من مختلف‬ ‫أهداف مح ّ‬
‫النواحي ‪ ,‬وإكسابه المهارات الضرورّية لمجابهة‬
‫ديات الحياة ‪ ,‬وزرع القيم والّتجاهات اليجابّية نحو‬ ‫تح ّ‬
‫مته ‪ ,‬والعمل‬ ‫ذاته ‪ ,‬ونحو الخرين ‪ ,‬ونحو العالم بر ّ‬
‫على تعديل سلوكه بما يتوافق والمعرف والمهارات‬
‫والقيم المكتسبة ‪.‬‬
‫ن‬
‫ي في إعداده ‪ ,‬فمن الواضح أ ّ‬ ‫‪ .2‬العمل التشارك ّ‬
‫وعة التي يشتمل عليها المنهج‬ ‫تلك الخبرات المتن ّ‬
‫الحديث ل تستطيع جهة واحدة بعينها إعدادها‬
‫واختيارها ؛ ولذلك يشترك في وضع تلك الخبرات‬
‫عدد كبير من الكاديميين والتربويين والمعّلمين من‬
‫صصات ‪ ,‬ورجال الفكر والسياسة‪,‬‬ ‫مختلف التخ ّ‬
‫وأرباب العمل والقتصاد ‪ ,‬إضافة إلى عينة من الفئة‬
‫التي يستهدفها المنهج ‪ ,‬وبعض أولياء المور من ذوي‬
‫ن المنهج‬ ‫الثقافات المختلفة والمتفاوتة ‪ ,‬وبذلك فإ ّ‬
‫ي من الجهات‬ ‫ي تعاون ّ‬‫الحديث يعد ّ بأسلوب تشارك ّ‬
‫التي يعنيها المر كاّفة ‪ ,‬وبشكل يحّقق التوازن‬
‫والتكامل بين الخبرات ‪.‬‬
‫‪ .3‬يستند المنهج الحديث إلى رؤية واضحة تراعي‬
‫كدته العلوم‬ ‫الفلسفة التربوّية السائدة ‪ ,‬وما أ ّ‬
‫ل‬‫النفسّية ‪ ,‬ونظرّيات التعّلم ؛ وما يناسب منها لك ّ‬
‫فئة عمرّية ‪ ,‬وما أثبتته الدراسات الرصينة في‬
‫مجالي التعّلم والتعليم ؛ لتحقيق أفضل نموّ متكامل‬
‫للمتعّلم ‪ ,‬وذلك من خلل تنويع الطرائق والساليب‬
‫التدريسّية والتقويمّية ‪ ,‬ومراعاة الفروق الفردّية ‪,‬‬
‫وتوفير بيئة تعليمّية تعّلمّية آمنة وجاذبة ‪.‬‬
‫‪ .4‬يسعى المنهج الحديث إلى توظيف المبتكرات‬
‫العلمّية لتحقيق أهدافه ‪ ,‬ول سّيما تلك المبتكرات‬
‫المتعّلقة بتكنولوجيا التعليم ‪ ,‬ومصادر التعّلم‬
‫الحديثة ‪ ,‬واستغلل شبكة الّتصالت الدولّية للحصول‬

‫‪18‬‬
‫على أحدث ما يستجد ّ في مجال العلوم التربوّية‬
‫والنفسّية والكاديمّية ‪.‬‬
‫‪ .5‬يعمل المنهج الحديث على مراعاة المجتمع‬
‫وقيمه‪ ,‬وتعزيز قيمه وثقافته ‪ ,‬وتلبية حاجاته ‪ ,‬من‬
‫خلل ربط مخرجات التعليم بمتطّلبات سوق العمل ‪,‬‬
‫ولذلك تنفتح المدرسة على البيئة لتعّرف ما يتوافر‬
‫فيها من مصادر إضافّية للتعّلم ‪ ,‬وما تواجهه من‬
‫جهات ‪,‬‬ ‫ديات ومشكلت ‪ ,‬وما تزخر به من قيم وتو ّ‬ ‫تح ّ‬
‫فتفيد المدرسة من البيئة ‪ ,‬وفي الوقت نفسه تعمل‬
‫على إمدادها بمخرجات بشرّية يسهمون في‬
‫ي‬
‫ل مشكلتها ‪ ,‬وإحداث التغيير اليجاب ّ‬ ‫تطويرها ‪ ,‬وح ّ‬
‫كد الصفة الجتماعّية للمنهج‬ ‫فيها ‪ ,‬وهذا ما يؤ ّ‬
‫الحديث ‪.‬‬
‫ي‬‫كد المنهج الحديث ضرورة العمل الجماع ّ‬ ‫‪ .6‬يؤ ّ‬
‫در البداع الفرديّ ؛ ويعمل‬ ‫ي المشترك ‪ ,‬ويق ّ‬ ‫التعاون ّ‬
‫على إكساب المتعّلم مهارات جديدة تتعّلق بالتعّلم‬
‫ي ‪,‬‬ ‫ي ‪ ,‬والتعّلم ضمن الفريق ‪ ,‬والتعّلم الذات ّ‬ ‫الجماع ّ‬
‫كما يعمل على إكساب المتعّلم قيم قبول الخر‬
‫ي‬
‫واحترام رأيه ‪ ,‬وتقّبل النقد ‪ ,‬والعمل الشور ّ‬
‫مل‬ ‫ي ‪ ,‬والعتماد على الذات ‪ ,‬وتح ّ‬ ‫الديمقراط ّ‬
‫المسؤولّية ‪ ,‬واحترام العمل اليدويّ ‪.‬‬
‫ي‬
‫‪ .7‬يعمل المنهج الحديث على ربط ما هو نظر ّ‬
‫ي‬
‫ي ‪ ,‬من خلل النشاط المدرس ّ‬ ‫بما هو تطبيق ّ‬
‫الهادف ؛ وذلك من أجل تعزيز الخبرات ‪ ,‬وتحويلها‬
‫إلى خبرات مرّبية ‪.‬‬
‫م المنهج الحديث بمختلف مستويات المجال‬ ‫‪ .8‬يهت ّ‬
‫كز على المستويات العليا للمعرفة ‪,‬‬ ‫ي ‪ ,‬وير ّ‬ ‫المعرف ّ‬
‫ي ؛ للنتقال‬ ‫ي والناقد والبداع ّ‬‫ومهارات التفكير العلم ّ‬
‫بالمتعّلم من الهتمام بواقع المعرفة وبنيتها إلى‬
‫الهتمام بطريقة البحث في هذه البنية من أجل‬
‫تطويرها ‪.‬‬
‫ور مفهوم المنهج ‪:‬‬ ‫العوامل التي أسهمت في تط ّ‬

‫‪19‬‬
‫ور‬‫‪ .1‬التغّيرات الثقافّية والجتماعّية الناتجة عن التط ّ‬
‫ي‪ ,‬وما ترّتب عليها من تغّيرات في‬ ‫ي والتكنولوج ّ‬‫العلم ّ‬
‫القيم والمفاهيم والّتجاهات والنظرة إلى الحياة والنسان ‪.‬‬
‫التغير الذي طرأ على أهداف التربية نتيجة التغّيرات‬ ‫‪.2‬‬
‫السابقة ‪ ,‬وما استتبع ذلك من تغّير النظرة إلى وظيفة‬
‫ورات التي حصلت في‬ ‫المدرسة‪ ,‬وضرورة مواكبتها التط ّ‬
‫ميادين العلوم المختلفة ‪ ,‬ول سّيما ميدان علم النفس‬
‫والعلوم التربوّية والجتماعّية ‪ ,‬وتلبيتها حاجات المجتمع إلى‬
‫القوى البشرّية القادرة على النهوض به ‪ ,‬والوفاء بأهدافه ‪.‬‬
‫نتائج البحوث والدراسات التربوّية التي سّلطت‬ ‫‪.3‬‬
‫الضوء على نواحي القصور في المنهج التقليديّ ‪ ,‬وأوصت‬
‫بتطويره والخذ بالمفهوم الواسع للمنهج ‪.‬‬
‫نتائج البحوث والدراسات التي تناولت المتعّلم ‪,‬‬ ‫‪.4‬‬
‫ل مرحلة من مراحل هذا‬ ‫وه ‪ ,‬ومتطّلبات ك ّ‬‫وخصائص نم ّ‬
‫النموّ ‪ ,‬وحاجاته وميوله ‪ ,‬وسيكولوجّية تعّلمه ‪ ,‬وطبيعة‬
‫دى‬ ‫ل ذلك أ ّ‬ ‫عملّية التعّلم ذاتها ‪ ,‬والنظرّيات التي تناولتها ‪ ,‬ك ّ‬
‫وناته‬‫ي ‪ ,‬ومك ّ‬‫إلى إعادة النظر بأهداف المنهج الدراس ّ‬
‫الخرى محتوى ‪ ,‬وطرائق ‪ ,‬ووسائل ‪ ,‬وأنشطة ‪ ,‬وأساليب‬
‫تقويم ‪ ,‬فلم يعد المنهج التقليدي الذي يهدف إلى تنمية‬
‫ي قادرا ً على تنمية المتعّلم تنمية شاملة‬ ‫الجانب المعرف ّ‬
‫متكاملة ‪ ,‬تلك التنمية التي دعت إليها التربية الحديثة ‪,‬‬
‫ي ‪,‬‬ ‫وأصبح من الضروريّ إعادة النظر بالمنهج المدرس ّ‬
‫والنتقال به من المفهوم التقليديّ الضّيق إلى مفهوم‬
‫حديث أرحب وأوسع وأشمل ‪.‬‬
‫طبيعة المنهج التربويّ نفسه‪ ,‬فهو انعكاس‬ ‫‪.5‬‬
‫ي السائد في البيئة والمجتمع‬ ‫للواقع الفكريّ والجتماع ّ‬
‫ي‬
‫ي أن يأخذ المنهج التربو ّ‬ ‫؛ وبالتالي فمن الطبيع ّ‬
‫التغّيرات الحاصلة في الحسبان ‪ ,‬ويسعى إلى تحقيق‬
‫ولت‬ ‫الهداف المستحدثة في المجتمع نتيجة التح ّ‬
‫الثقافّية والفكرّية ‪ ,‬وليس المنهج تابعا ً للمجتمع‬
‫فحسب ‪ ,‬بل هو عامل تغيير وتطوير مستمّر له ‪,‬‬
‫وبالتالي فهو المحّرض والمهّيئ لعملّية التغيير‬
‫دات‬ ‫ي ؛ بحيث يتيح للمجتمع توظيف المستج ّ‬ ‫الجتماع ّ‬

‫‪20‬‬
‫العالمّية لصالحه ‪ ,‬ول سّيما في عصر أصبح العالم فيه‬
‫قرية صغيرة ‪ ,‬فالعلقة بين المنهج والمجتمع علقة‬
‫تفاعلّية متبادلة ومستمّرة ‪.‬‬
‫ونات المنهج بمفهومه الواسع ‪:‬‬ ‫مك ّ‬
‫لم يقتصر المنهج بمفهومه الواسع ) الحديث ( على‬
‫ي‬
‫المقّررات الدراسّية فحسب ‪ ,‬كما كان المنهج التقليد ّ‬
‫ل ما له علقة بالعملّية التعليمّية‬ ‫الضّيق ‪ ,‬بل اشتمل على ك ّ‬
‫ونات عديدة هي ‪ :‬الهداف ‪,‬‬ ‫التعّلمّية ‪ ,‬فهو يشتمل على مك ّ‬
‫المقّرر ‪ ,‬المحتوى ‪ ,‬الكتب والمراجع ‪ ,‬النشاطات ‪ ,‬طرائق‬
‫التدريس وأساليبه ‪ ,‬الوسائل والمواد ّ التعليمّية ‪ ,‬أساليب‬
‫التقويم ‪ ,‬المرافق المدرسّية ‪ ,‬وسنتطّرق إلى هذه‬
‫ونات المنهج ‪ ,‬والشكل التي‬ ‫ونات عند حديثنا عن مك ّ‬‫المك ّ‬
‫ونات المنهج بمفهومه الواسع ) الحديث ( ‪:‬‬ ‫ضح مك ّ‬ ‫يو ّ‬

‫التق‬
‫الهد‬
‫ويم‬ ‫اف‬

‫النش‬ ‫المنه‬
‫اط‬ ‫ج‬ ‫المح‬
‫توى‬

‫الو‬
‫سائ‬
‫ل‬ ‫الطرائق‬

‫‪21‬‬
‫ونققات المنهققج بمفهققومه‬ ‫ضققح مك ّ‬ ‫شققكل رقققم ) ‪ : ( 2‬يو ّ‬
‫الواسع ‪.‬‬
‫المنهج بوصفه منظومة أو نظاما ً ‪: System‬‬
‫لم يعرف المنهج على أّنه علم ومجال للدراسة إل ّ في‬
‫بداية القرن الماضي ) القرن العشرين ( " حيث تتابعت‬
‫النظرّيات والجتهادات التربوّية في سبيل تطوير المنهج ‪,‬‬
‫وإيجاد نظام له ‪ ,‬ونتيجة لتلك الجهود التربوّية برز لدينا‬
‫نظام يكاد يكون هو السائد في مجتمع العصر الحاضر ‪,‬‬
‫ويتمّثل هذا النظام للمنهج في مدخلت وعملّيات‬
‫‪17‬‬
‫ومخرجات وتغذية راجعة "‬
‫وقد انتقل مفهوم النظام من العلوم البيولوجّية التي‬
‫منه من أجهزة أو‬ ‫ي ‪ ,‬وما يتض ّ‬ ‫مت بجسم الكائن الح ّ‬ ‫اهت ّ‬
‫ي ‪ ,‬النظام‬ ‫أنظمة مفردها نظام ‪ ) System‬النظام الهضم ّ‬
‫ي ‪ ,‬النظام‬ ‫ي ‪ ,‬النظام الخراج ّ‬ ‫الدوريّ ‪ ,‬النظام التنّفس ّ‬
‫ي إلخ ‪ (....‬إلى العلوم التربوّية ‪ " ,‬والساس في‬ ‫العصب ّ‬
‫ون من مجموعة من الجزاء أو‬ ‫مصطلح النظام أّنه يتك ّ‬
‫ونات التي ترتبط فيما بينها ارتباطا ً عضوي ّا ً وثيقا ً‬ ‫المك ّ‬
‫ل منها في غيره ‪ ,‬ويتأّثر به " ‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫بحيث يؤّثر ك ّ‬
‫كل من مجموعة‬ ‫ومصلح النظام في المنهج يعني أّنه يتش ّ‬
‫ونات المترابطة المتشابكة المتفاعلة‬ ‫من العناصر أو المك ّ‬
‫فيما بينها ) الهداف ‪ ,‬المحتوى ‪ ,‬الطرائق ‪ ,‬الوسائل ‪,‬‬
‫النشطة ‪ ,‬أساليب التقويم إلخ ‪ , ( ....‬بحيث يؤّثر ك ّ‬
‫ل‬
‫ونات ويتأّثر بها ‪.‬‬ ‫ون في بقّية المك ّ‬ ‫مك ّ‬
‫ي في علم المنهج ل يقتصر‬ ‫إن الخذ بالمدخل المنظوم ّ‬
‫ونات‬ ‫على حتمّية الترابط والتكامل والتشابك بين مك ّ‬
‫ل منها نظاما ً أصغر‬ ‫كل ك ّ‬‫منظومة المنهج ‪ ,‬والتي يش ّ‬

‫‪ - 17‬علي عبد ال اليافع ّ‬


‫ي) ‪ : ( 1995‬رؤى مستقبلّية في مناهجنا التربوّية ‪ ,‬قطر ‪ ,‬دار الثقافة للطباعة‬
‫والنشر والتوزيع ‪ ,‬ص ‪. 17‬‬
‫‪ - 18‬الدمرداش عبد المجيد سرحان ) ‪ , ( 1996‬المناهج المعاصرة ‪, ,‬‬
‫إربد ‪ ,‬دار المل ‪ ,‬ص ‪.12‬‬
‫مرجع سابق ‪ ,‬ص ‪. 19‬‬

‫‪22‬‬
‫ضمن منظومة المنهج ‪ ,‬وإّنما يتجاوز ذلك إلى تبادل‬
‫ل‪,‬‬‫العلقة والتأّثر والتأثير بين منظومة المنهج كك ّ‬
‫والمنظومات الخرى الكبر ذات الصلة ‪ ,‬فالمنهج كنظام‬
‫ون واحد من نظام آخر أكبر هو التربية ‪ ,‬والتربية‬ ‫هو مك ّ‬
‫ون من نظام أكبر هو المجتمع ‪ ,‬وهكذا ‪...‬‬ ‫بدورها مك ّ‬
‫ن المنظومة دائمة التفاعل والتأّثر والتأثير‬
‫وبذلك يّتضح أ ّ‬
‫بين المنظومات الصغر التي تنضوي في بنيتها ‪,‬‬
‫والمنظومات الكبر التي هي جزء من شبكتها وبنيتها ‪.‬‬
‫ضح الشكل التي موقع منظومة المنهج من‬ ‫ويو ّ‬
‫المنظومات الخرى الكبر ‪:‬‬

‫المجتمع‬ ‫منظومة‬
‫منظومة منظومة‬
‫التربية المنهج‬

‫ضح موقع منظومة المنهج من‬ ‫شكل رقم ) ‪ : ( 3‬يو ّ‬


‫المنظومات الكبر داخل الدولة‬
‫ونات والعناصر التي‬
‫ول تكمن أهمّية المنظومة من المك ّ‬
‫كل منها ‪ ,‬وإّنما تكمن أهمّيتها في مدى تفاعل هذه‬ ‫تتش ّ‬
‫ونات فيما بينها للوصول إلى نتاجات ذات معايير‬ ‫المك ّ‬
‫خى تحقيقها من تفاعل‬ ‫ددت سلفا ً في الهداف التي يتو ّ‬ ‫ح ّ‬
‫ونات ‪ ,‬ومن هنا يمكن تشبيه المنظومة بمعمل‬ ‫هذه المك ّ‬
‫ددة ‪,‬‬
‫أقيم لنتاج ماّدة معّينة ‪ ,‬ذات مواصفات ومعايير مح ّ‬

‫‪23‬‬
‫م زّود هذا المعمل بالمواد ّ والخامات الولّية لنتاج هذه‬ ‫ث ّ‬
‫دة ‪ ,‬ووّفرت الشروط اللزمة لتفاعل هذه المواد ّ ‪,‬‬ ‫الما ّ‬
‫م‬
‫ونتيجة لتفاعل هذه المواد ّ فيما بينها داخل المعمل ‪ ,‬يت ّ‬
‫دة المنتجة ل‬ ‫دد ‪ ,‬فإذا كانت الما ّ‬ ‫الوصول إلى النتاج المح ّ‬
‫ددة ‪ ,‬كان ل بد ّ من إعادة‬ ‫تفي بالمواصفات والمعايير المح ّ‬
‫النظر بهذه المعايير أو إعادة النظر بالمواد ّ الولّية ‪ ,‬أو‬
‫إعادة النظر بالشروط التي حدثت في ظّلها التفاعلت‬
‫بين المواد ّ الولّية داخل المعمل ‪ ,‬وهذا ما يعرف بالتغذية‬
‫ون‬‫ن المنهج كمنظومة يتك ّ‬ ‫الراجعة ‪ ,‬وبذلك يمكن القول بأ ّ‬
‫ونات التية ‪:‬‬ ‫من المك ّ‬
‫‪-1‬المعّلم والتلميذ والهداف والمحتوى والطرائق‬
‫مى‬ ‫والوسائل والنشطة وأساليب التقويم وتس ّ‬
‫) مدخلت المنهج ( ‪.‬‬
‫‪-2‬التفاعلت التي تجري ضمن الشروط التي‬
‫ونات ‪ ,‬ول سيما‬ ‫وّفرتها المدرسة بين تلك المك ّ‬
‫بين المعّلم وما لديه من معلومات وما يستخدمه‬
‫من طرائق وأساليب ووسائل وعلقات إنسانّية ‪,‬‬
‫وما يوّفره من أنشطة ‪ ,‬وما يستخدمه من أساليب‬
‫تقويم ‪ ,‬وبين التلميذ ‪ ,‬وما يقوم به من نشاط ‪,‬‬
‫وتفاعل مع المعّلم وزملئه ‪ ,‬ومع مصادر التعّلم‬
‫المتوافرة في المدرسة ) كتب ‪ ,‬مراجع ‪ ,‬نشاط‬
‫ي ‪ ,‬وتعّلم ذاتي ‪ ,‬علقات صفّية‬ ‫ي تعاون ّ‬ ‫تعّلم ّ‬
‫مى بق‬ ‫ومدرسّية وغير ذلك ( ‪ ,‬وهذا ما يس ّ‬
‫) العملّيات ( ‪.‬‬
‫‪-3‬المعلومات والمهارات والّتجاهات والقيم التي‬
‫اكتسبها التلميذ نتيجة مروره بالتفاعلت السابق ‪,‬‬
‫مى بق ) المخرجات ( ‪.‬‬ ‫وهذا ما يس ّ‬
‫كد من مدى اكتساب التلميذ المعلومات‬ ‫‪-4‬التأ ّ‬
‫والمهارات والّتجاهات والقيم وفقا ً للهداف‬
‫الموضوعة ‪ ,‬فإذا تحّققت الهداف كما هو مطلوب‬
‫ما إذا لم‬‫م تعزيز المدخلت والعملّيات ‪ ,‬أ ّ‬ ‫‪,‬ت ّ‬
‫تتحّقق الهداف كما هو مطلوب ‪ ,‬فل بد ّ من‬
‫العودة إلى المدخلت أو العملّيات ‪ ,‬وإعادة النظر‬

‫‪24‬‬
‫فيها ‪ ,‬أو في بعضها ؛ لتعديلها ‪ ,‬وتحسينها ؛ من‬
‫م الوصول إلى المخرجات بالشكل‬ ‫أجل أن يت ّ‬
‫مى بق ) التغذية الراجعة ( ‪.‬‬ ‫المطلوب ‪ ,‬وهذا ما يس ّ‬
‫ونات المنهج على أّنه نظام ‪:‬‬ ‫ضح الشكل التي مك ّ‬ ‫ويو ّ‬
‫العملّيات‬ ‫المدخلت‬
‫المخرجات‬
‫تحقيق أهداف‬ ‫ل من‬ ‫‪ -‬تدريب ك ّ‬ ‫‪-‬الهداف التربوّية‬
‫المنهج من‬ ‫المشرف والمدير‬ ‫‪-‬المجتمع وقيمه‬
‫خلل التنمية‬ ‫والمعّلم في تنفيذ‬ ‫وعاداته ‪.‬‬
‫الشاملة‬ ‫المنهج ‪.‬‬ ‫‪-‬المتعّلمون وحاجاتهم‬
‫المتكاملة‬ ‫ل من‬ ‫‪ -‬فاعلّية ك ّ‬ ‫وخبراتهم ‪.‬‬
‫ي للمتعّلمين التي‬‫المعّلم والمتعّلم وول ّ‬ ‫‪ -‬المعّلمون‬
‫والمشرفون وما لديهم المر في تنفيذ المنهج تتمّثل‬
‫باكتسابهم‬ ‫من خبرات ومهارات ‪. .‬‬
‫‪-‬متابعة تجريب المنهج الخبرات ‪,‬‬ ‫‪-‬الكتب والمراجع‬
‫وتطويره على مختلف وتعديل السلوك‬ ‫والمواد ّ التعليمّية ‪.‬‬
‫نحو ما هو‬ ‫المستويات ‪.‬‬ ‫‪-‬المرافق والمكانات‬
‫مرغوب فيه ‪.‬‬ ‫‪ -‬الفادة من البيئة‬ ‫الماد ّّية في المدرسة‬
‫كأحد مصادر التعّلم ‪.‬‬ ‫والبيئة ‪.‬‬

‫التغذية الراجعة‬
‫ضح المنهج على أّنه نظام‬
‫شكل رقم )‪ (4‬يو ّ‬

‫ن فّعالّية منظومة المنهج تقاس بدرجة التطابق بين‬ ‫إ ّ‬


‫ددت سلفا ً ‪ ,‬والتي بنيت‬‫مخرجاتها والهداف التي ح ّ‬
‫دد من مرونتها ‪ ,‬بحيث‬ ‫المنظومة من أجلها ‪ ,‬كما تتح ّ‬
‫وناتها لتواكب ما يستجد ّ في مختلف‬ ‫تستطيع تطوير مك ّ‬
‫المؤّثرات التي تؤّثر في المنهج ‪ ,‬سواء أكانت هذه‬
‫المؤّثرات داخلّية من بنية المنهج ذاته ‪ ,‬أم خارجّية من‬
‫المنظومات الخرى الكبر‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫ن مفهوم المنهج بوصفه نظاما ً يقتضي مّنا النظر إليه‬ ‫إ ّ‬
‫نظرة شاملة ل تغفل المؤّثرات الداخلّية والخارجّية التي ل‬
‫وناته ‪ ,‬وتترك بصماتها البّينة‬ ‫ك تؤّثر في المنهج ‪ ,‬ومك ّ‬ ‫تنف ّ‬
‫ور ؛ لتصافها بالحيوّية‬ ‫فيه ‪ ,‬وبذلك فإنها دائمة التغّير والتط ّ‬
‫والدينامّية ‪ ,‬فهي انعكاس لمنظومة الحياة ذاتها ‪ ,‬والحياة‬
‫ور ‪.‬‬ ‫منظومة دائمة التغّير والتط ّ‬
‫‪ -1‬المنهج الظاهر والمنهج المستتر أو‬
‫الخفي ‪:‬‬
‫دد في علم المناهج ما يعرف بالمنهج المستتر أو‬ ‫يتر ّ‬
‫ي ‪ ,‬فما المقصود‬ ‫ي والمنهج الظاهر أو الرسم ّ‬ ‫الخف ّ‬
‫ن التسمية‬ ‫ل منهما ‪ ,‬وللجابة عن هذا السؤال نرى أ ّ‬ ‫بك ّ‬
‫ي هو‬ ‫مى ‪ ,‬فالمنهج الظاهر أو الرسم ّ‬ ‫ل على المس ّ‬ ‫تد ّ‬
‫مم بشكل مدروس ومقصود لتحقيق‬ ‫المنهج الذي ص ّ‬
‫ن‬
‫أهداف معّينة معرفّية ومهارّية ووجدانّية ‪ ,‬وبالتالي فإ ّ‬
‫معظم ما يكتسبه المتعّلمون يكون نتيجة لتفاعلهم‬
‫ونات ذلك المنهج ‪ ,‬وهو‬ ‫طط مع مك ّ‬ ‫ظم والمخ ّ‬ ‫المن ّ‬
‫مة خبرات‬ ‫نث ّ‬ ‫) المنهج الظاهر ( ‪ ,‬إل ّ أّننا نكتشف أ ّ‬
‫منها المنهج الظاهر أو‬ ‫أخرى اكتسبها المتعّلمون لم يتض ّ‬
‫طط لكتسابها ‪ ,‬فمن أين اكتسب‬ ‫ي ‪ ,‬ولم يخ ّ‬ ‫الرسم ّ‬
‫المتعّلمون هذه الخبرات ؟‬
‫ن تفاعل التلميذ فيما بينهم داخل الفصل وخارجه ‪,‬‬ ‫إ ّ‬
‫وناتها ومرافقها‬ ‫وتفاعلهم مع البيئة المدرسّية بكل مك ّ‬
‫أكسبهم خبرات جديدة لم تقصد المدرسة إكسابهم‬
‫ن تعّلما ً حدث خارج سيطرة المدرسة ‪ ,‬هذا‬ ‫إّياها ‪ ,‬وكأ ّ‬
‫التعّلم غير المقصود هو المسؤول عن الخبرات‬
‫ي هو ما يعرف‬ ‫المكتسبة خارج نطاق المنهج الرسم ّ‬
‫ي‪.‬‬ ‫بالمنهج المستتر أو الخف ّ‬
‫ي‪:‬‬ ‫ي والمنهج الواقع ّ‬ ‫‪ -‬المنهج الرسم ّ‬
‫ضحناه فققي الفقققرة السققابقة هققو‬ ‫ي كما و ّ‬ ‫المنهج الرسم ّ‬
‫مم بشققكل مققدروس ومقصققود لتحقيققق‬ ‫المنهج الذي ص ق ّ‬
‫مققا المنهققج‬ ‫أهداف معّينة معرفي ّققة ومهاري ّققة ووجداني ّققة ‪ ,‬أ ّ‬
‫ي فهو الصورة الحقيقّية للمنهج عند تطبيقه علققى‬ ‫الواقع ّ‬
‫أرض الواقع ‪ ,‬فقد يكققون هنققاك اختلف واضققح بيققن مققا‬

‫‪26‬‬
‫ي ومققا يطب ّققق فعل ً علققى أرض‬ ‫ورد فققي المنهققج الرسققم ّ‬
‫الواقع ‪ ,‬وقد يظهر التقارب والنسجام ‪ ,‬بل قد يبققدو مققا‬
‫ي كما وضققع ‪,‬‬ ‫يطّبق على أرض الواقع هو المنهج الرسم ّ‬
‫وناته ‪ ,‬ويعود السبب في التفاوت بين المنهجين‬ ‫ل مك ّ‬‫بك ّ‬
‫ل فققرد فققي‬ ‫ي إلققى مسققتوى فهققم ك ق ّ‬ ‫ي والرسققم ّ‬ ‫الققواقع ّ‬
‫ي وأهققدافه ‪,‬‬ ‫الميدان الققتربويّ مضققمون المنهققج الرسققم ّ‬
‫ي‪,‬‬ ‫منه المنهققج الرسققم ّ‬ ‫ودرجة حماسته أو تأييده ما تض ق ّ‬
‫وة بيققن المنهجيققن لبقد ّ مققن اسققتمرار‬ ‫ولكققي تققزول الهق ّ‬
‫ططققي المناهققج ومصققمميها والقققائمين‬ ‫التواصل بين مخ ّ‬
‫على تنفيذها في الميدان ‪ ,‬وقد ذكر جلتهورن نقلا ً عن‬
‫دة أمققور يمكققن أن ترفققع مققن مسققتوى‬ ‫مولين دبارك عق ّ‬
‫وة الفاصققلة بيققن النظري ّققة‬ ‫تطبيق المنهج بحيث تقّلل اله ّ‬
‫ي‪,‬‬ ‫ي والمنهققج الققواقع ّ‬ ‫والتطبيق ‪ ,‬أي بين المنهج الرسم ّ‬
‫وهي ‪:‬‬
‫‪-1‬تقققوفير المقققواد ّ التعليمي ّقققة المسقققاعدة للمنهقققج‬
‫الجديد ‪.‬‬
‫مققل مسققؤولّية‬ ‫‪-2‬تشجيع مديري المدارس علققى تح ّ‬
‫تطبيق المنهج الجديد فققي مدارسققهم ‪ ,‬وإعطققاؤهم‬
‫التدريب الضروريّ لذلك ‪.‬‬
‫‪-3‬تبّنقققي مقققديري المقققدارس المنهقققج الجديقققد ‪,‬‬
‫واقتناعهم به ‪.‬‬
‫‪-4‬تهيئة الفققرص للمعّلميققن لتبققادل الققرأي حققول‬
‫المنهج الجديد ‪.‬‬
‫‪-5‬مساهمة المعّلمين في المنهج الجديققد ‪ ,‬تققدريب‬
‫المعّلميققن علققى المنهققج الجديققد ‪ .‬تأييققد المجتمققع‬
‫للمنهج الجديد ‪.19 " .‬‬
‫‪ -‬تخطيط المنهج ‪:‬‬
‫تناول التربويون مصطلح تخطيط المنهج بشكل مسهب‬
‫ور لما ينبغي أن‬ ‫‪ ,‬فهو عند بعضهم ‪ " :‬عبارة عن تص ّ‬
‫يكون عليه المنهج ‪ ,‬من حيث التصميم ) تحديد الهداف‬
‫ي )‪: ( 1998‬تخطيط المناهج‬
‫‪ -‬إبراهيم أحمد مسلم الحارث ّ‬ ‫‪19‬‬

‫ي ‪ ,‬الرياض ‪ ,‬مكتبة الشقريّ ‪ ,‬ص‬


‫وتطويرها من منظور واقع ّ‬
‫‪.142‬‬

‫‪27‬‬
‫‪ ,‬واختيار المحتوى وتنظيمه ( ‪ ,‬وكذلك الصورة التي‬
‫يجب أن يكون عليها تنفيذ المنهج ‪ 0‬جميع الممارسات‬
‫صة بمعالجته في الواقع ‪ ,‬أو الميدان التربويّ ( ‪,‬‬ ‫الخا ّ‬
‫بالضافة إلى عملّية التقويم التي يجب أن يراعيها‬
‫ضح‬ ‫المنهج ‪ ,‬من حيث تحديد أساليب التقويم التي تو ّ‬
‫لب ؛ للستفادة من‬ ‫ي لدى الط ّ‬ ‫ي ‪ /‬التعّلم ّ‬
‫العائد التعليم ّ‬
‫‪20‬‬
‫ذلك في تحسين المنهج وتطويره "‬
‫ي وزميله بأّنه ‪ " :‬جميع العملّيات‬ ‫وعّرفه السامّرائ ّ‬
‫اللزمة للتخطيط نفسه ‪ ,‬ابتداء من تلك الفكرة التي‬
‫طط ‪ ,‬إلى أن يصل إلى كتابة‬ ‫تخطر ببال النسان ليخ ّ‬
‫الوثيقة أي ) المنهج ( ‪. 21 ".‬‬
‫ل الخطوات والعملّيات‬ ‫فالمقصود بتخطيط المنهج هو ك ّ‬
‫التي يقوم به خبراء المناهج لوضع منهج يّتصف‬
‫بالمعايير السائدة المعتمدة للمنهج في مجتمع معّين ‪,‬‬
‫كل هذه العملّيات والخطوات‬ ‫وفي زمن معّين ‪ ,‬وتتش ّ‬
‫من ‪:‬‬
‫دراسة الواقع ‪ ,‬وتحليله ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫مة للمنهج ‪.‬‬ ‫صوغ الهداف العا ّ‬ ‫‪-‬‬
‫مة الملّبية للهداف ‪.‬‬ ‫اختيار الموضوعات العا ّ‬ ‫‪-‬‬
‫ترجمة الموضوعات إلى خبرات تفصيلّية تّتسم‬ ‫‪-‬‬
‫اختيار بالدّقة والشمول‪ ,‬وتنظيمها وتنسيقها بشكل‬
‫يحّقق الربط والتوازن والتتابع ‪.‬‬
‫اختيار الساليب الوسائل والنشاطات وأساليب‬ ‫‪-‬‬
‫التقويم المناسبة لتلك الخبرات ‪.‬‬
‫تجريب المنهج ‪ ,‬وجمع الملحظات الميدانّية‬ ‫‪-‬‬
‫حول المنهج المجّرب ‪.‬‬

‫مد إبراهيم ) ‪ : ( 2004‬المنهج‬


‫‪ - 20‬جودت أحمد سعادة ‪ ,‬وعبدالله مح ّ‬
‫مان ‪ ,‬دار الفكر ) ناشرون وموّزعون‬‫ي المعاصر ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ع ّ‬
‫المدرس ّ‬
‫( ‪ ,‬ط ‪ , 4‬ص ‪. 457‬‬
‫ي ‪ ,‬وزميله ) ‪ : (2000‬المناهج‬ ‫‪ -‬هاشم السامّرائ ّ‬
‫‪21‬‬

‫) أسسها ‪ ,‬تطويرها ‪ ,‬نظرّياتها ( ‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬ص ‪. 147‬‬

‫‪28‬‬
‫ونات المنهج وفق الملحظات‬ ‫إعادة النظر بمك ّ‬ ‫‪-‬‬
‫الميدانّية في مدارس التجريب ‪.‬‬
‫تعميم المنهج ‪ ,‬ومتابعة تقويمه وتطويره ‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫ن عملّية تخطيط المنهج عملّية شاملة‬ ‫وبالتالي فإ ّ‬
‫ل ما يتعّلق بهندسة المنهج ‪ ,‬وبنائه ‪,‬‬
‫من معناها ك ّ‬‫يتض ّ‬
‫وتنظيمه ‪ ,‬وتطويره ‪ ,‬وتقويمه ‪.‬‬
‫تطوير المنهج )‪ : Curriculum Development‬هي‬ ‫‪-‬‬
‫م بها‬‫م عن طريقها تحديد الكيفّية التي سيت ّ‬ ‫العملّية التي يت ّ‬
‫تشييد المنهج والتي تعتمد على الجوانب التالية ‪:‬‬
‫أ ق طبيعة المجتمع ‪ .‬ب ق المتعّلم ‪.‬ج ق المعرفة ‪ .‬د ق‬
‫الهداف ؛‬
‫ولذا يلزم أن يكون هناك تكامل بين البناء والتطوير‪ ،‬ول‬
‫كز على‬ ‫يمكن إغفال هذا التكامل ‪ ,‬فبناء المنهج عملية تتر ّ‬
‫جه عملية تطوير المنهج نحو كيفية‬ ‫المنهج نفسه ‪ ,‬بينما تتو ّ‬
‫تشييد المنهج ‪ ,‬فعمليات البناء والتطوير ليست عمليات‬
‫م على التوازي فيما بينها‪.‬‬ ‫تتابعّية من الناحية الزمنية ‪ ,‬بل تت ّ‬
‫تحسين المنهج ‪Curriculum Improvement‬‬ ‫‪-‬‬
‫م بناء المنهج وتطويره تأتي مرحلة التطبيق‬ ‫بعد أن يت ّ‬
‫والتجريب التي تواكبها – حّتى النهاية ‪ -‬عملّية التقويم ‪,‬‬
‫وة المنهج ‪ ,‬ونقاط ضعفه ‪,‬‬ ‫حيث تظهر من خللها نقاط ق ّ‬
‫وة ‪ ,‬وتجاوز نقاط الضعف ‪,‬‬ ‫وهنا تبدأ عملّية تعزيز نقاط الق ّ‬
‫وهذه العملّية هي عملّية تحسين ‪ ،‬وبذلك نحصل على‬
‫المردود الذي يستفاد منها في إعادة النظر في علميات‬
‫م‬
‫التشييد والتطوير وفي عمليات المراجعة والتحسين ‪ ، ،‬ث ّ‬
‫ي ‪ ،‬وتستخدم‬ ‫م التوصل إليه على أساس تجريب ّ‬ ‫يطّبق ما يت ّ‬
‫م الحصول عليها نتيجة هذا التجريب؛‬ ‫المعلومات التي يت ّ‬
‫بهدف المزيد من البناء والتطوير وتعديل أساليب التحسين‬
‫والتطبيق ‪.‬‬
‫هندسة المنهاج ‪Curriculum engineering‬‬ ‫‪-‬‬
‫هذا المصطلح حديث نسبي ّا ً في ميدان المناهج بالمقارنة‬
‫بالمصطلحات السابقة ‪ ,‬وعادة ما يرتبط‬
‫هذا المصطلح بعملّية بناء المنهج على أّنه نظام ‪ ,‬حيث يعّرف‬
‫ل العملّيات اللزمة لجعل‬ ‫بوشامب هندسة المنهج بأّنها ك ّ‬
‫‪22‬‬
‫دي وظيفته في المدرسة ‪.‬‬ ‫المنهج كنظام يؤ ّ‬

‫‪Beauchamp , George :(1981) : Curriculum Theory ,4Ed , Itasca , Illinois , - - 22‬‬


‫‪. Peacock Company , p141‬‬

‫‪29‬‬
30

You might also like