You are on page 1of 24

‫أصول الحياة‬

‫الزوجية‬
‫إعداد موقع المنبر‬
‫‪/http://www.alminbar.net‬‬

‫نشره موقع صيد الفوائد‬


‫‪/http://www.saaid.net‬‬
‫أولً‪ :‬تعريف وبيان‪:‬‬
‫النكاح لغة‪ :‬بكسر النون‪ ،‬مصدر نكح‪ ،‬وهو‪ :‬الضم والمع والتداخل‪.‬‬
‫قال ابن منظور‪" :‬نكح فلن امرأة ينكحها نكاحا إذا‪ :‬تزوجها"[‪.]1‬‬
‫وهو شرعا‪ :‬عقد بي الزوجي يل به الوطء[‪.]2‬‬

‫[‪ ]1‬لسان العرب (‪.)2/625‬‬


‫[‪ ]2‬نيل الوطار (‪.)6/227‬‬
‫ثانيًا‪ :‬مشروعية النكاح‪:‬‬
‫ع فَإِنْ خِ ْفتُمْ أَلّ تَعْدِلُوْا فَوٰحِدَةً َأوْ مَا‬
‫ـثَ وَرُبَا َ‬
‫قال ال تعال‪{ :‬فَٱن ِكحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ ّمنَ ٱلّنسَاء مَثَْنىٰ وَثُلَ ٰ‬
‫مَلَ َكتْ أَْيمَـٰنُكُمْ} [النساء‪.]3:‬‬
‫وقال تعال‪{ :‬وَلَقَدْ أَ ْرسَلْنَا رُ ُسلً مّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا َلهُمْ أَزْوَاجًا َوذُرّيّةً} [الرعد‪.]38:‬‬
‫قال القرطب‪" :‬فيه مسألتان‪:‬‬
‫الول‪ :‬قيل‪ :‬إن اليهود عابوا على النب صلى ال عليه وسلم الزواج وعيّرته بذلك‪ ،‬وقالوا‪ :‬ما نرى لذا‬
‫الرجل هة إل النساء والنكاح‪ ،‬ولو كان نبيا لشغله أمر النبوة عن النساء‪ ،‬فأنزل ال هذه الية وذكّرهم أمرَ داود‬
‫وسليمان‪ ،‬فقال‪{ :‬وَلَقَدْ أَ ْرسَلْنَا رُ ُسلً مّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا َلهُمْ أَزْوَاجًا َوذُرّيّةً} أي‪ :‬جعلناهم بشرا يقضون ما أحل ال‬
‫من شهوات الدنيا‪ ،‬وإنا التخصيص ف الوحي‪.‬‬
‫الثانية‪ :‬هذه الية تدل على الترغيب ف النكاح والض عليه‪ ،‬وتنهى عن التبتل وهو ترك النكاح‪ ،‬وهذه سنة‬
‫الرسلي كما نصت عليه هذه الية‪ ،‬والسنة واردة بعناها قال صلى ال عليه وسلم‪(( :‬تزوجوا فإن مكاثر بكم‬
‫المم)) الديث‪ ...‬وقال‪(( :‬من تزوج فقد استكمل نصف دينه‪ ،‬فليتق ال ف النصف الثان))‪ ،‬ومعن ذلك أن‬
‫النكاح يعف عن الزنا‪ ،‬والعفاف أحد الصلتي اللتي ضمن رسول ال صلى ال عليه وسلم عليهما النة‪ ...‬وف‬
‫صحيح مسلم عن سعد بن وقاص قال‪ :‬أراد عثمان أن يتبتل فنهاه النب صلى ال عليه وسلم ولو أجاز له ذلك‬
‫لختصينا"[‪.]1‬‬
‫عن أنس بن مالك رضي ال عنه قال‪ :‬جاء ثلثة رهط إل بيوت أزواج النب صلى ال عليه وسلم يسألون عن‬
‫عبادة النب صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فلما أُخبوا كأنم تقَالّوها فقالوا‪ :‬وأين نن من النب صلى ال عليه وسلم؟! قد‬
‫غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر‪ ،‬قال أحدهم‪ :‬أما أنا فإن أصلي الليل أبدا‪ ،‬وقال آخر‪ :‬أنا أصوم الدهر ول أفطر‪،‬‬
‫وقال آخر‪ :‬أنا أعتزل النساء فل أتزوج أبدا‪ ،‬فجاء رسول ال صلى ال عليه وسلم إليهم فقال‪(( :‬أنتم الذين قلتم‬
‫كذا وكذا‪ ،‬أما وال إن لخشاكم ل وأتقاكم له‪ ،‬لكن أصوم وأفطر‪ ،‬وأصلي وأرقد‪ ،‬وأتزوج النساء‪ ،‬فمن رغب‬
‫عن سنت فليس من))[‪.]2‬‬
‫قال الافظ‪" :‬ف الديث دللة على فضل النكاح والترغيب فيه"[‪.]3‬‬
‫وقال ابن قدامة‪" :‬وأجع السلمون على مشروعية النكاح‪ ،‬واختلف أصحابنا ف وجوبه"[‪.]4‬‬

‫[‪ ]1‬الامع لحكام القرآن (‪.)328-9/327‬‬


‫[‪ ]2‬أخرجه البخاري ف النكاح‪ ،‬باب‪ :‬الترغيب ف النكاح (‪ )5063‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم ف النكاح (‪.)1401‬‬
‫[‪ ]3‬فتح الباري (‪.)9/106‬‬
‫[‪ ]4‬الغن (‪.)7/3‬‬
‫ثالثًا‪ :‬الحكمة من النكاح وفوائده‪:‬‬
‫‪ -1‬الزوج سكن‪:‬‬
‫قال ال تعال‪{ :‬وَجَعَلَ مِ ْنهَا زَوْ َجهَا ِلَيسْ ُكنَ إَِل ْيهَا} [العراف‪.]189:‬‬
‫قال الطبي‪" :‬ليأوي إليها لقضاء حاجته ولذّته"[‪.]1‬‬
‫وقال ابن كثي‪" :‬أي‪ :‬ليألفها ويسكن با"[‪.]2‬‬

‫‪ -2‬فيه بقاء النسل النسان‪:‬‬


‫عن معقل بن يسار رضي ال عنه قال‪ :‬جاء رجل إل النب صلى ال عليه وسلم فقال‪ :‬إن أصبت امرأة ذات‬
‫حسب وجال‪ ،‬وإنا ل تلد أفأتزوجها ؟ قال‪(( :‬ل))‪ ،‬ث أتاه الثانية فنهاه‪ ،‬ث أتاه الثالثة‪ ،‬فقال‪(( :‬تزوجوا الودود‬
‫الولود‪ ،‬فإن مكاثر بكم المم))[‪.]3‬‬
‫قال الناوي‪" :‬وهذا حث عظيم على الرص على تكثي الولد‪ ،‬وف ضمنه ني عن العزل‪ ،‬وتوبيخ على فعله‪،‬‬
‫وأنه ينبغي للنسان رعاية القاصد الشرعية وإيثارها على الشهوات النفسانية"[‪.]4‬‬
‫وقال شس الدين آبادي‪((" :‬الودود)) أي‪ :‬الت تب زوجها‪(( ،‬الولود)) أي‪ :‬الت تكثر ولدتا‪ ،‬وقيد بذين‬
‫لن الولود إذا ل تكن ودودا ل يرغب الزوج فيها‪ ،‬والودود إذا ل تكن ولودا ل يصل الطلوب وهو تكثي المة‬
‫بكثرة التوالد‪ ،‬ويعرف هذان الوصفان ف البكار من أقاربن‪ ،‬إذ الغالب سراية طباع القارب بعضهن إل بعض"[‬
‫‪. ]5‬‬
‫وقال السندي‪((" :‬الودود)) أي‪ :‬كثية الحبة للزوج‪ ،‬كأن الراد با البكر‪ ،‬ويُعرف ذلك بال قرابتها‪ .‬وكذا‬
‫معرفة ((الولود)) أي‪ :‬كثي الولدة‪ ،‬يعرف بذلك ف البكر‪ .‬واعتبار كونا ودودا مع أن الطلوب كثرةُ الولد كما‬
‫يدل عليه التعليل لن الحبة هي الوسيلة إل ما يكون سببا للولد"[‪.]6‬‬

‫‪ -3‬فيه غض للبصر وإحصان للفرج‪:‬‬


‫عن عبد ال بن مسعود رضي ال عنه قال‪ :‬كنا مع النب صلى ال عليه وسلم فقال‪(( :‬من استطاع الباءة‬
‫فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر‪ ،‬وأحصن للفرج‪ .‬ومن ل يستطع فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء))[‪.]7‬‬
‫قال الصنعان‪" :‬فيه الث على تصيل ما يغض به البصر ويصن الفرج"[‪.]8‬‬
‫قال أبو حامد الغزال ف بيان فوائد النكاح‪" :‬وفيه فوائد خس‪ :‬الولد‪ ،‬وكسر الشهوة‪ ،‬وتدبي النل‪ ،‬وكثرة‬
‫العشية‪ ،‬وماهدة النفس بالقيام بن‪.‬‬
‫الفائدة الول‪ :‬الولد‪ ،‬وهو الصل‪ ،‬وله وضع النكاح‪ ،‬والقصود إبقاء النسل وأن ل يلو العال عن جنس‬
‫النس‪ ،‬وإنا الشهوة خلقت باعثة مستحِثّة كالوكّل بالفحل ف إخراج البذر‪ ،‬وبالنثى ف التمكي من الرث‪،‬‬
‫تلطفا بما ف السياقة إل اقتناص الولد بسبب الوقاع‪ .‬وف التوصل إل الولد قربةٌ من أربعة أوجه هي الصل ف‬
‫الترغيب فيه عند المن من غوائل الشهوة‪ ،‬حت ل يب أحدهم أن يلقى ال عزبا‪ :‬الول موافقة مبة ال بالسعي ف‬
‫تصيل الولد لبقاء جنس النسان‪ .‬والثان‪ :‬طلب مبة رسول ال صلى ال عليه وسلم ف تكثي مباهاته‪ .‬والثالث‪:‬‬
‫طلب التبك بدعاء الولد الصال بعده‪ .‬والرابع‪ :‬طلب الشفاعة بوت الولد الصغي إذا مات قبله‪.‬‬
‫أما الوجه الول‪ :‬فهو أدقّ الوجوه وأبعدُها عن أفهام الماهي‪ ،‬وهو أحقّها وأقواها عند ذوي البصائر النافذة‬
‫ف عجائب صنع ال تعال وماري حكمه‪ ،‬وبيانه أن السيد إذا سلّم إل عبده البذر وآلت الرث وهيّأ له أرضا‬
‫مهيأة للحراثة‪ ،‬وكان العبد قادرا على الراثة‪ ،‬ووكل به من يتقاضاه عليها‪ ،‬فإن تكاسل وعطّل آلة الرث وترك‬
‫البذر ضائعا حت فسد‪ ،‬ودفع الوكل عن نفسه بنوع من اليلة كان مستحِقا للمقت والعتاب من سيده‪ ،‬وال تعال‬
‫خلق الزوجي‪ ،‬وخلق الذكر والنثيي‪ ،‬وخلق النطفة ف الفقار‪ ،‬وهيأ لا ف النثيي عروقا وماري‪ ،‬وخلق الرحم‬
‫قرارا ومستودَعا للنطفة‪ ،‬وسلّط متقاضي الشهوة على كل واحد من الذكر والنثى‪ ،‬فهذه الفعال واللت تشهد‬
‫بلسان ذلق ف العراب عن مراد خالقها‪ ،‬وتنادي أرباب اللباب بتعريف ما أُعدّت له‪...‬‬
‫الوجه الثان‪ :‬السعي ف مبة رسول ال صلى ال عليه وسلم ورضاه بتكثي ما به مباهاته؛ إذ قد صرح رسول‬
‫ال صلى ال عليه وسلم بذلك‪ .‬ويدل على مراعاة أمر الولد جلةٌ بالوجوه كلها‪ ...‬قال عليه السلم‪(( :‬خي‬
‫نسائكم الولود الودود))‪.‬‬
‫الوجه الثالث‪ :‬أن يُبقي بعده ولدا صالا يدعو له‪ ،‬كما ورد ف الب أن جيع عمل ابن آدم منقطع إل ثلثا‪،‬‬
‫فذكر‪ :‬الولد الصال‪ .‬وقول القائل‪ :‬إن الولد ربا ل يكن صالا‪ ،‬ل يؤثر‪ ،‬فإنه مؤمن‪ ،‬والصلح هو الغالب على‬
‫أولد ذوي الدين‪ ،‬ل سيما إذا عزم على تربيته وحله على الصلح‪ .‬وبالملة دعاء الؤمن لبويه مفيد برا كان أو‬
‫فاجرا‪ ،‬فهو مثاب على دعواته وحسناته فإنه من كسبه‪ ،‬وغي مؤاخذ بسيئاته‪ ،‬فإنه ل تزر وازرة وزر أخرى‪.‬‬
‫ـهُمْ ّم ْن َعمَلِهِم مّن شَىْء} أي‪ :‬ما نقصناهم من أعمالم وجعلنا‬
‫ولذلك قال تعال‪{ :‬أَْلحَقْنَا ِبهِمْ ذُرّيَّتهُمْ وَمَا أَلَتَْن ٰ‬
‫أولدهم مزيدا ف إحسانم‪.‬‬
‫الوجه الرابع‪ :‬أن يوت الولد قبله فيكون له شفيعا‪ ،‬قال صلى ال عليه وسلم‪(( :‬من مات له ثلثة ل يبلغوا‬
‫النث أدخله ال النة بفضل رحته إياهم))‪ ،‬قيل‪ :‬يا رسول ال واثنان؟ قال‪(( :‬واثنان))‪ .‬فقد ظهر بذه الوجوه‬
‫الربعة‪ ،‬أن أكثر فضل النكاح لجل كونه سببا للولد‪.‬‬
‫الفائدة الثانية‪ :‬التحصّن من الشيطان‪ ،‬وكسر التّوَقان‪ ،‬ودفع غوائل الشهوة‪ ،‬وغض البصر وحفظ الفرج‪،‬‬
‫وإليه الشارة بقوله‪(( :‬عليكم بالباءة‪ ،‬فمن ل يستطع فعليه بالصوم‪ ،‬فإن الصوم له وجاء))‪.‬‬
‫الفائدة الثالثة‪ :‬ترويح النفس وإيناسها بالجالسة والنظر واللعبة‪ ،‬وإراحة للقلب وتقوية له على العبادة‪ ،‬فإن‬
‫النفس ملول‪ ،‬وهي عن الق نفور؛ لنه على خلف طبعها‪ .‬فلو كلفت الداومة بالكراه على ما يالفها جحت‪،‬‬
‫وإذا روحت باللذات ف بعض الوقات قويت ونشطت‪ ،‬وف الستئناس بالنساء من الستراحة ما يزيل الكرب‬
‫ويروّح القلب‪ ،‬وينبغي أن يكون لنفوس التقي استراحات بالباحات‪ ،‬ولذلك قال ال تعال‪{ :‬لَِيسْ ُكنَ إِلَ ْيهَا}‬
‫[العراف‪ ،]189:‬وقال صلى ال عليه وسلم‪(( :‬حبب إلّ من دنياكم ثلث‪ :‬الطيب‪ ،‬والنساء‪ ،‬وجعلت قرة عين‬
‫ف الصلة))‪.‬‬
‫فهذه أيضا فائدة ل ينكرها من جرّب إتعاب نفسه ف الفكار والذكار وصنوف العمال‪ ،‬وهي خارجة عن‬
‫الفائدتي السابقتي‪.‬‬
‫الفائدة الرابعة‪ :‬تفريغ القلب عن تدبي النل‪ ،‬والتكفل بشغل الطبخ‪ ،‬والكنس والفرش‪ ،‬وتنظيف الوان‪،‬‬
‫وتيئة أسباب العيشة‪ .‬فإن النسان لو ل يكن له شهوة الوقاع لتعذر عليه العيش ف منله وحده‪ ،‬إذ لو تكفّل بميع‬
‫أشغال النل لضاع أكثر أوقاته‪ ،‬ول يتفرّغ للعلم والعمل‪ .‬فالرأة الصالة للمنل عون على الدين بذه الطريق‪،‬‬
‫واختلل هذه السباب شواغل ومشوّشات للقلب ومنغّصات للعيش‪ .‬ولذلك قال أبو سليمان الداران‪ :‬الزوجة‬
‫الصالة ليست من الدنيا‪ ،‬فإنا تفرغك للخرة‪ .‬وإنا تفريغها بتدبي النل وبقضاء الشهوة جيعا‪.‬‬
‫الفائدة الامسة‪ :‬ماهدة النفس ورياضتها بالرعاية والولية‪ ،‬والقيام بقوق الهل‪ ،‬والصب على أخلقهن‪،‬‬
‫واحتمال الذى منهن‪ ،‬والسعي ف إصلحهن وإرشادهن إل طريق الدين‪ ،‬والجتهاد ف كسب اللل لجلهن‪،‬‬
‫والقيام بتربيته لولده‪ .‬فكل هذه أعمال عظيمة الفضل‪ ،‬فإنا رعاية وولية‪ ،‬والهل والولد رعية‪ ،‬وفضل الرعاية‬
‫عظيم‪ ،‬وإنا يترز منها من يترز خيفةً من القصور عن القيام بقها‪ ،‬وإل فقد قال صلى ال عليه وسلم‪(( :‬أل كلكم‬
‫راع وكلكم مسئول عن رعيته))‪.‬‬
‫فهذه فوائد النكاح ف الدين الت با يكَم له بالفضيلة"[‪.]9‬‬
‫وقال ابن القيم ف ذلك‪" :‬استدل على تفضيل النكاح على التخلي لنوافل العبادة بأن ال تعال عز وجل اختار‬
‫النكاح لنبيائه ورسله‪ ،‬فقال تعال‪{ :‬وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُ ُسلً مّن قَبْلِكَ وَجَعَ ْلنَا َلهُمْ أَزْوَاجًا َوذُرّيّةً} [الرعد‪ ،]38:‬وقال‬
‫ف حق آدم‪{ :‬وَجَعَلَ مِ ْنهَا زَوْ َجهَا ِلَيسْ ُكنَ إَِل ْيهَا} [العراف‪ ،]189:‬واقتطع من زمن كليمه عشر سني ف رعاية‬
‫الغنم مهرَ الزوجة‪ ،‬ومعلوم مقدار هذه السني العشر ف نوافل العبادات‪ ،‬واختار لنبيه ممد أفضلَ الشياء فلم يب‬
‫له ترك النكاح بل زوّجه بتسع فما فوقهن‪ ،‬ول هدي فوق هديه‪ .‬ولو ل يكن فيه إل سرور النب يوم الباهاة بأمته‪،‬‬
‫ولو ل يكن فيه إل أنه بصدد أنه ل ينقطع عمله بوته‪ ،‬ولو ل يكن فيه إل أنه يرج من صلبه من يشهد بال‬
‫بالوحدانية ولرسوله بالرسالة‪ ،‬ولو ل يكن فيه إل غض بصره وإحصان فرجه عن التفاته إل ما حرم ال تعال‪ ،‬ولو ل‬
‫يكن فيه إل تصي امرأة يعفها ال به ويثيبه على قضاء وطره ووطرها فهو ف لذاته وصحائف حسناته تتزايد‪ ،‬ولو‬
‫ل يكن فيه إل ما يثاب عليه من نفقته على امرأته وكسوتا ومسكنها ورفع اللقمة إل فيها‪ ،‬ولو ل يكن فيه إل تكثي‬
‫السلم وأهله وغيظ أعداء السلم‪ ،‬ولو ل يكن فيه إل ما يترتّب عليه من العبادات الت ل تصل للمتخلي‬
‫للنوافل‪ ،‬ولو ل يكن فيه إل تعديل قوته الشهوانية الصارفة له عن تعلق قلبه با هو أنفع له ف دينه ودنياه‪ ،‬فإن تعلّق‬
‫القلب بالشهوة أو ماهدته عليها تصدّه عن تعلّقه با هو أنفع له‪ ،‬فإن المة مت انصرفت إل شيء انصرفت عن‬
‫غيه‪ ،‬ولو ل يكن فيه إل تع ّرضُه لبنات إذا صب عليهن وأحسن إليهن كنّ له سترا من النار‪ ،‬ولو ل يكن فيه إل أنه‬
‫إذا قدّم له فرطي ل يبلغا النث أدخله ال بما النة‪ ،‬ولو ل يكن فيه إل استجلبه عون ال له فإن ف الديث‬
‫الرفوع‪(( :‬ثلثة حق على ال عونم‪ :‬الناكح يريد العفاف‪ ،‬والكاتب يريد الداء‪ ،‬والجاهد))"[‪.]10‬‬

‫[‪ ]1‬جامع البيان ‪.)9/142‬‬


‫[‪ ]2‬تفسي القرآن العظيم (‪.)2/285‬‬
‫[‪ ]3‬أخرجه أبو داود ف النكاح‪ ،‬باب‪ :‬النهي عن تزويج من ل يلد من النساء (‪ )2050‬واللفظ له‪ ،‬والنسائي ف النكاح‪ ،‬باب‪:‬‬
‫كراهية تزويج العقيم (‪ ،)3227‬والطبان ف الكبي (‪ .)508(/20‬وصححه ابن حبان (‪ ،)4056‬والاكم (‪ ،)2/162‬واللبان‬
‫ف صحيح أب داود (‪.)1805‬‬
‫[‪ ]4‬فيض القدير (‪.)2/187‬‬
‫[‪ ]5‬عون العبود (‪.)34-6/33‬‬
‫[‪ ]6‬حاشية السندي على النسائي‪.‬‬
‫[‪ ]7‬أخرجه البخاري ف الصوم‪ ،‬باب‪ :‬الصوم لن خاف على نفسه الغزبة (‪ )1905‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم ف النكاح (‪.)1400‬‬
‫[‪ ]8‬سبل السلم (‪.)3/110‬‬
‫[‪ ]9‬إحياء علوم الدين (‪ )2/75‬وما بعدها بتصرف‪.‬‬
‫[‪ ]10‬بدائع الفوائد (‪.)159-3/158‬‬
‫رابعًا‪ :‬السس التي يقوم عليها نظام الحياة الزوجية‪:‬‬
‫‪ -1‬النكاح ف السلم مبن على أساس عقدي‪:‬‬
‫قال ال تعال واصفا عقد النكاح باليثاق الغليظ‪{ :‬وَكَ ْيفَ تَأْخُذُونَهُ َوقَدْ َأفْضَىٰ بَعْضُكُمْ إِلَىٰ بَ ْعضٍ وَأَخَذْنَ‬
‫مِنكُم مّيثَـٰقا غَلِيظا} [النساء‪.]21:‬‬
‫قال الطبي‪" :‬وأول هذه القوال بتأويل ذلك‪ ،‬قول من قال‪ :‬اليثاق الذي عن به ف هذه الية هو‪ :‬ما أخذ‬
‫للمرأة على زوجها عند عقدة النكاح من عهد على إمساكها بعروف أو تسريها بإحسان‪ ،‬فأقر به الرجل؛ لن ال‬
‫جل ثناؤه بذلك أوصى الرجال ف نسائهم"[‪.]1‬‬
‫وف خطبة الوداع قال صلى ال عليه وسلم‪(( :‬فاتقوا ال ف النساء‪ ،‬فإنكم أخذتوهن بأمان ال‪ ،‬واستحللتم‬
‫فروجهن بكلمة ال))[‪.]2‬‬
‫ـنٍ} [البقرة‪ .]229:‬وقيل‪:‬‬
‫سرِيحٌ بِإِ ْحسَ ٰ‬
‫قال النووي‪" :‬قيل معناه‪ :‬قوله تعال‪{ :‬فَإِ ْمسَاكٌ ِبمَ ْعرُوفٍ أَوْ َت ْ‬
‫الرادكلمة التوحيد‪ ،‬وهي ل إله إل ال ممد رسول ال؛ إذ ل تل مسلمة لغي مسلم‪ .‬وقيل‪ :‬الراد بإباحة ال‪،‬‬
‫والكلمة‪ :‬قوله تعال‪{ :‬فَٱن ِكحُواْ مَا طَابَ لَكُمْ ّمنَ ٱلّنسَاء} [النساء‪ .]3:‬وهذا الثالث هو الصحيح‪ .‬وبالول قال‬
‫الطاب والروي وغيها‪ .‬وقيل‪ :‬الراد بالكلمة الياب والقبول‪ ،‬ومعناه على هذا بالكلمة الت أمر ال تعال با‪.‬‬
‫وال أعلم"[‪.]3‬‬
‫وقال ممد شس الق آبادي‪" :‬أي‪ :‬بشرعه أو بأمره وحكمه"[‪.]4‬‬
‫‪ -2‬النكاح طاعة وعبادة‪:‬‬
‫عن أب ذر رضي ال عنه قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪(( :‬ف بضع أحدكم صدقة))‪ ،‬قالوا‪ :‬يا‬
‫رسول ال‪ ،‬أيأت أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر ؟! قال‪(( :‬أرأيتم لو وضعها ف حرام‪ ،‬أكان عليه فيها وزر؟!‬
‫فكذلك إذا وضعها ف اللل كان له أجرًا))[‪.]5‬‬
‫قال النووي‪((" :‬بُضع)) هو‪ :‬بضم الباء‪ ،‬ويطلق على الماع ويطلق على الفرج نفسه‪ ،‬وكلها تصح إرادته‬
‫هنا‪ .‬وف هذا دليل على أن الباحات تصي طاعات بالنيات الصادقات‪ ،‬فالماع يكون عبادة إذا نوى به قضا َء حقّ‬
‫الزوجة ومعاشرتَها بالعروف الذي أمر ال تعال به‪ ،‬أو طلبَ ول ٍد صال أو إعفافَ نفسه أو إعفافَ الزوجة‪،‬‬
‫ومنعَهما جيعا من النظر إل حرام أو الفكر فيه أو الم به‪ ،‬ذلك من القاصد الصالة"[‪.]6‬‬

‫‪ -3‬العدالة التامة بي الزوجي‪:‬‬


‫قال ال تعال‪{ :‬وَلَ ُهنّ ِمثْلُ ٱلّذِى عَلَ ْي ِهنّ بِٱْلمَ ْعرُوفِ} [البقرة‪.]228:‬‬
‫قال ابن عباس رضي ال عنهما‪( :‬إن أحبّ أن أتزيّن للمرأة‪،‬كما أحبّ أن تتزيّن ل؛ لن ال تعال ذكره يقول‪:‬‬
‫{وَلَ ُهنّ ِمثْلُ ٱلّذِى عَلَ ْي ِهنّ بِٱْلمَ ْعرُوفِ})[‪.]7‬‬
‫وقال ابن الوزي‪" :‬وهو العاشرة السنة والصحبة الميلة"[‪.]8‬‬
‫وقال ابن القيم‪" :‬ودخل ف قوله‪{ :‬وَلَ ُهنّ ِمثْلُ ٱلّذِى عَلَ ْي ِهنّ بِٱْلمَ ْعرُوفِ} جيع القوق الت للمرأة وعليها‪ ،‬وإن‬
‫مر ّد ذلك إل ما يتعارفه الناس بينهم‪ ،‬ويعلونه معروفا ل منكرا‪ ،‬والقرآن والسنة كفيلن بذا أتّ كفالة"[‪.]9‬‬
‫وقال ابن كثي‪" :‬أي‪ :‬ولن على الرجال من الق مثل ما للرجال عليهن‪ ،‬فليؤدّ كلّ واحد منهما إل الخر ما‬
‫يب عليه بالعروف"[‪.]10‬‬
‫وقال اللوسي‪" :‬كأنه قيل‪ :‬ولن عليهم مثل الذي لم عليهن‪ ،‬والراد بالماثلة‪ :‬الماثلة ف الوجوب ل ف جنس‬
‫الفعل‪ ،‬فل يب عليه إذا غسلت ثيابه أو خبزت له أن يفعل لا مثل ذلك‪ ،‬ولكن يقابله با يليق بالرجال"[‪.]11‬‬
‫وقال ابن سعدي‪" :‬أي‪ :‬وللنساء على بعولتهن من القوق واللوازم مثل الذي عليهن لزواجهن من القوق‬
‫اللزمة والستحبة"[‪.]12‬‬

‫‪ -4‬مبدأ الشورى بي الزوجي‪:‬‬


‫قال ال تعال‪{ :‬وَشَاوِرْهُ ْم فِى ٱل ْمرِ} [آل عمران‪.]159:‬‬
‫قال ابن جرير الطبي‪" :‬وأول القوال بالصواب ف ذلك أن يقال‪ :‬إن ال عز وجل أمر نبيه صلى ال عليه‬
‫وسلم بشاورة أصحابه فيما حزَبَه من أمر عدوّه ومكايد حربه‪ ،‬تأليفا منه بذلك مَن ل تكن بصيتُه بالسلم البصيةَ‬
‫الت يؤمَن عليه معها فتنةَ الشيطان‪ ،‬وتعريفا منه أمتَه ما ف المور الت تزبم من بعده ومطلبها‪ ،‬ليقتدوا به ف ذلك‬
‫عند النوازل الت تنل بم‪ ،‬فيتشاوروا فيما بينهم‪ ،‬كما كانوا يرونه ف حياته صلى ال عليه وسلم يفعله‪ ،‬فأما النب‬
‫صلى ال عليه وسلم فإن ال كان يعرّفه مطالب وجوه ما حزَبَه من المور بوحيه أو إلامه إياه صوابَ ذلك‪ ،‬وأما‬
‫أمتُه فإنم إذا تشاوروا مستنّي بفعله ف ذلك‪ ،‬على تصادق وتوخّ للحق‪ ،‬وإرادة جيعهم للصواب‪ ،‬من غي ميل إل‬
‫هوى‪ ،‬ول حيد عن هدى‪ ،‬فال مس ّددُهم وموفّقهم"[‪.]13‬‬
‫وقال ابن سعدي‪" :‬أي‪ :‬المور الت تتاج إل استشارة ونظر وفكر‪ ،‬فإن ف الستشارة من الفوائد والصال‬
‫الدينية والدنيوية ما ل يكن حصره"[‪.]14‬‬
‫وقال تعال ف وصف عباده الؤمني‪{ :‬وَأَ ْمرُهُمْ شُو َرىٰ بَيَْنهُمْ} [الشورى‪.]38:‬‬
‫قال الطبي‪" :‬يقول‪ :‬وإذا حزبم أمر تشاوروا بينهم"[‪.]15‬‬
‫وقال البغوي‪" :‬أي‪ :‬يتشاورون فيما يبدو لم ول يعجلون"[‪.]16‬‬
‫وقال اللوسي‪" :‬أي‪ :‬ذوو شورى ومراجعة ف الراء بينهم‪ ...‬وف الية مدح للتشاور"[‪.]17‬‬
‫وف قصة الديبية‪ ،‬عن السور بن مرمة رضي ال عنه قال‪ :‬فلما فرغ من قضية الكتاب‪ ،‬قال رسول ال صلى‬
‫ال عليه وسلم لصحابه‪(( :‬قوموا فانروا‪ ،‬ث احلقوا))‪ ،‬قال‪ :‬فوال‪ ،‬ما قام منهم رجل‪ ،‬حت قال ذلك ثلث‬
‫مرات‪ ،‬فلمال يقم منهم أحد دخل على أم سلمة‪ ،‬فذكر لا ما لقي من الناس‪ ،‬فقالت أم سلمة‪ :‬يا نب ال‪ ،‬أتبّ‬
‫ذلك؟ اخرج ث ل تكلّم أحدا منهم كلمةً حت تنحر بدنك‪ ،‬وتدعوَ حالقَك فيحلقك‪ .‬فخرج فلم يكلّم أحدا منهم‬
‫حت فعل ذلك؛ نر بدنه ودعا حالقه فحلقه‪ ،‬فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا‪ ،‬وجعل بعضهم يلق بعضا حت كاد‬
‫بعضهم يقتل بعضا غمّا[‪.]18‬‬
‫قال ابن حجر‪" :‬وفيه‪ :‬فضل الشورة‪ ،‬وأن الفعل إذا انضم إل القول كان أبلغ من القول الجرد‪ ،‬وليس فيه أن‬
‫الفعل مطلقا أبلغ من القول‪ ،‬وجواز مشاورة الرأة الفاضلة"[‪.]19‬‬
‫وف حادثة نزول الوحي على الرسول صلى ال عليه وسلم قالت عائشة رضي ال عنها‪ :‬فرجع با رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم يرجف فؤاده‪ ،‬فدخل على خدية بنت خويلد رضي ال عنها فقال‪(( :‬زملون زملون))‬
‫فزملوه‪ ،‬حت ذهب عنه الروع‪ ،‬فقال لدية وأخبها الب‪(( :‬لقد خشيت على نفسي))‪ ،‬فقالت خدية‪ :‬كل وال‬
‫ما يزيك ال أبدا؛ إنك لتصل الرحم‪ ،‬وتمل الكَلّ‪ ،‬وتكسب العدوم‪ ،‬وتقري الضيف‪ ،‬وتعي على نوائب الق‪.‬‬
‫فانطلقت به خدية حت أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ابن عم خدية‪ ،‬وكان امرَأً قد تنصّر ف‬
‫الاهلية‪ ،‬وكان يكتب الكتاب العبان‪ ،‬فيكتب من النيل بالعبانية ما شاء ال أن يكتب‪ ،‬وكان شيخا كبيا قد‬
‫عمي‪ ،‬فقالت له خدية‪ :‬يا ابن عم‪ ،‬اسع من ابن أخيك‪ ،‬فقال له ورقة‪ :‬يا ابن أخي‪ ،‬ماذا ترى؟ فأخبه رسول ال‬
‫صلى ال عليه وسلم خب ما رأى‪ ،‬فقال له ورقة‪ :‬هذا الناموس الذي نزّل ال على موسى‪ ،‬يا ليتن فيها جذعا‪ ،‬ليتن‬
‫أكون حيا إذ يرجك قومك‪ ،‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪(( :‬أومرج ّي هم؟!))‪ ،‬قال‪ :‬نعم‪ ،‬ل يأت رجل‬
‫قط بثل ما جئت به إل عودي‪ ،‬وإن يدركن يومُك أنصرْك نصرا مؤزرا‪ .‬ث ل ينشب ورقة أن توف[‪.]20‬‬

‫‪ -5‬الحبة والرحة بي الزوجي‪:‬‬


‫قال ال تعال‪{ :‬وَمِ ْن ءايَـٰتِهِ أَنْ خَ َلقَ لَكُم ّمنْ أَن ُفسِكُمْ أَزْوٰجا لَّتسْكُنُواْ إَِل ْيهَا َوجَعَلَ بَيْنَكُم مّ َودّةً وَرَ ْحمَةً إِ ّن فِى‬
‫ـتٍ لّقَ ْومٍ َيتَفَ ّكرُونَ} [القصص‪.]21:‬‬
‫ذَلِكَ ليَ ٰ‬
‫قال الطبي‪" :‬يقول‪ :‬جعل بينكم بالصاهرة والتونة مودّةً تتوادّون با‪ ،‬وتتواصلون من أجلها‪ ،‬ورحةً رحكم‬
‫با‪ ،‬فعطف بعضكم بذلك على بعض"[‪.]21‬‬
‫وقال اللوسي‪" :‬فإن الراد بما ما كان منهما بعصمة الزواج قطعا‪ ،‬أي‪ :‬جعل بينكم بالزواج الذي شرعه لكم‬
‫توادا وتراحا من غي أن يكون بينكم سابق ُة معرفة‪ ،‬ول مرابطة مصححة للتعاطف من قرابة أو رحم"[‪.]22‬‬
‫وعن عائشة رضي ال عنها‪ ،‬قالت‪ :‬كنت أشرب وأنا حائض‪ ،‬ث أناوله النب صلى ال عليه وسلم فيضع فاه‬
‫ف فيشرب‪ ،‬وأتعرّق العرْق[‪ ]23‬وأنا حائض‪ ،‬ث أناوله النب صلى ال عليه وسلم فيضع فاه على‬
‫على موضع ّ‬
‫موضع فّ[‪.]24‬‬
‫وعن عائشة رضي ال عنها‪ :‬أنا كانت مع النب صلى ال عليه وسلم ف سفر قالت‪ :‬فسابقته فسبقتُه على‬
‫ت اللحمَ سابقته فسبقن‪ ،‬فقال‪(( :‬هذه بتلك السبقة))[‪.]25‬‬
‫رجلي‪ ،‬فلما حل ُ‬
‫وقال ابن القيم‪" :‬فمن الحبة النافعة مبة الزوجة وما ملكت يي الرجل‪ ،‬فإنا معينة على ما شرع ال سبحانه‬
‫له من النكاح وملك اليمي من إعفاف الرجل نفسه وأهله‪ ،‬فل تطمح نفسه إل سواها من الرام‪ ،‬ويعفها فل‬
‫تطمح نفسها إل غيه‪ ،‬وكلما كانت الحبة بي الزوجي أتّ وأقوى كان هذا القصود أت وأكمل"[‪.]26‬‬

‫‪ -6‬درجة الرجل على الرأة‪:‬‬


‫قال ال تعال‪{ :‬وَلِلرّجَا ِل عَلَ ْي ِهنّ دَرَجَةٌ} [البقرة‪.]228:‬‬
‫قال ابن كثي‪" :‬أي‪ :‬ف الفضيلة ف الَلق والُلق والنلة وطاعة المر والنفاق والقيام بالصال‪ ،‬والفضل ف‬
‫الدنيا والخرة"[‪.]27‬‬
‫وقال اللوسي‪" :‬زيادة ف الق؛ لن حقوقهم ف أنفسهن‪ ،‬فقد ورد أن النكاح كالرق‪ .‬أو شرف فضيلة؛ لنم‬
‫قوام عليهن وحراس لن يشاركونن ف غرض الزواج من التلذذ‪ ،‬وانتظام مصال العاش‪ ،‬و َيصّون بشرفٍ يصل‬
‫لم لجل الرعاية والنفاق عليهن"[‪.]28‬‬
‫وقال ابن سعدي‪" :‬أي‪ :‬رفعة ورياسة وزيادة حق عليهن"[‪.]29‬‬
‫عن أب سعيد الدري رضي ال عنه قال‪ :‬أتى رجل بابنته إل رسول ال صلى ال عليه وسلم فقال‪ :‬إن ابنت‬
‫هذه أبت أن تتزوج‪ ،‬فقال لا رسول ال صلى ال عليه وسلم‪(( :‬أطيعي أباك))‪ ،‬فقالت‪ :‬والذي بعثك بالق ل‬
‫أتزوج حت تبن‪ :‬ما حق الزوج على زوجته؟ قال‪(( :‬حق الزوج على زوجته لو كانت به قرحة فلحستها أو انتثر‬
‫منخراه صديدا أو دما ث ابتلعته ما أدت حقه))[‪.]30‬‬
‫وعن أنس بن مالك رضي ال عنه‪ ،‬قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪(( :‬ل يصلح لبشر أن يسجد‬
‫لبشر‪ ،‬ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر لمرت الرأة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليها‪ ،‬لو كان من قدمه إل‬
‫مفرق رأسه قرحة تنبجس بالقيح والصديد ث استقبلته فلحسته‪ ،‬ما أدت حقه))[‪.]31‬‬
‫وعنه رضي ال عنه قال‪ :‬قال النب صلى ال عليه وسلم‪(( :‬أل أخبكم برجالكم ف النة؟)) قلنا‪ :‬بلى يا‬
‫رسول ال‪ ،‬قال‪(( :‬النبّ ف النة‪ ،‬والصديق ف النة‪ ،‬والرجل يزور أخاه ف ناحية الصر ل يزوره إل ل ف النة‪.‬‬
‫أل أخبكم بنسائكم ف النة؟))‪ ،‬قلنا‪ :‬بلى يا رسول ال‪ ،‬قال‪(( :‬كل ودود ولود إذا غضبت أو أُسيءَ إليها أو‬
‫غضب زوجها قالت‪ :‬هذه يدي ف يدك‪ ،‬ل أكتحل بغمض حت ترضى))[‪.]32‬‬

‫‪ -7‬قوامة الرجل على الرأة‪:‬‬


‫ضهُ ْم عَلَىٰ بَعْضٍ وَِبمَا أَنفَقُواْ ِمنْ أَمْوِٰلهِمْ}‬
‫قال ال تعال‪{ :‬ٱلرّجَا ُل قَوّامُو َن عَلَى ٱلّنسَاء ِبمَا فَضّلَ ٱللّهُ بَعْ َ‬
‫[النساء‪.]34:‬‬
‫قال الطبي‪" :‬يعن بقوله جل ثناؤه‪{ :‬ٱلرّجَا ُل قَوّامُو َن عَلَى ٱلّنسَاء} الرجال أهل قيام على نسائهم ف تأديبهن‬
‫ضهُمْ عَلَىٰ بَ ْعضٍ} يعن‪ :‬با فضل ال به‬
‫والخذ على أيديهن فيما يب عليهن ل ولنفسهم؛ {بِمَا فَضّلَ ٱللّهُ بَ ْع َ‬
‫الرجال على أزواجهم‪ ،‬من سوقهم إليهن مهورَهن وإنفاقِهم عليهن أموالَم وكفايتِهم إياهن مؤنتَن‪ ،‬وذلك تفضيل‬
‫ال تبارك وتعال إياهم عليهن‪ ،‬ولذلك صاروا قُواما عليهن نافذي المر عليهن فيما جعل ال إليهم من أمورهن"[‬
‫‪.]33‬‬
‫وقال ابن كثي‪" :‬يقول تعال‪{ :‬ٱلرّجَا ُل قَوّامُو َن عَلَى ٱلّنسَاء} أي‪ :‬الرجل قيّم على الرأة‪ ،‬أي‪ :‬هو رئيسها‬
‫ضهُ ْم عَلَىٰ بَعْضٍ} أي‪ :‬لن الرجال أفضل من‬
‫وكبيها والاكم عليها ومؤدّبا إذا اعوجّت؛ {ِبمَا فَضّلَ ٱللّهُ بَعْ َ‬
‫النساء‪ ،‬والرجل خي من الرأة؛ ولذا كانت النبوة متصةً بالرجال‪ ،‬وكذلك اللك العظم‪ ...‬وكذا منصب القضاء‬
‫وغي ذلك‪{ ،‬وَِبمَا أَنفَقُواْ ِمنْ أَمْوِٰلهِمْ} أي‪ :‬من الهور والنفقات والكلف الت أوجبها ال عليهم لن ف كتابه وسنة‬
‫نبيه صلى ال عليه وسلم‪ ،‬فالرجل أفضل من الرأة ف نفسه‪ ،‬وله الفضل عليها والفضال‪ ،‬فناسب أن يكون قيما‬
‫عليها"[‪.]34‬‬
‫[‪ ]1‬جامع البيان (‪.)4/316‬‬
‫[‪ ]2‬أخرجه مسلم ف الج (‪ )1218‬من حديث جابر بن عبد ال رضي ال عنهما‪.‬‬
‫[‪ ]3‬شرح مسلم (‪.)8/183‬‬
‫[‪ ]4‬عون العبود (‪.)5/263‬‬
‫[‪ ]5‬أخرجه مسلم ف الزكاة (‪.)1006‬‬
‫[‪ ]6‬شرح مسلم (‪.)7/92‬‬
‫[‪ ]7‬أخرجه ابن أب شيبة ف الصنف (‪ ،)4/196‬وابن جرير ف تفسيه (‪ ،)2/453‬والبيهقي ف الكبى (‪.)14505‬‬
‫[‪ ]8‬زاد السي (‪.)1/261‬‬
‫[‪ ]9‬إعلم الوقعي (‪ 1/334‬ـ ‪.)335‬‬
‫[‪ ]10‬تفسي القرآن العظيم (‪.)1/272‬‬
‫[‪ ]11‬روح العان (‪.)2/134‬‬
‫[‪ ]12‬تيسي الكري الرحن (‪.)1/183‬‬
‫[‪ ]13‬جامع البيان (‪.)4/496‬‬
‫[‪ ]14‬تيسي الكري الرحن (‪.)1/286‬‬
‫[‪ ]15‬جامع البيان (‪.)25/37‬‬
‫[‪ ]16‬معال التنيل (‪.)4/129‬‬
‫[‪ ]17‬روح العان (‪.)25/46‬‬
‫[‪ ]18‬أخرجه البخاري ف الشروط‪ ،‬باب‪ :‬الشروط ف الهاد والصالة مع أهل الرب (‪.)2732‬‬
‫[‪ ]19‬فتح الباري (‪.)5/347‬‬
‫[‪ ]20‬أخرجه البخاري ف بدء الوحي‪ ،‬باب‪ :‬بدء الوحي (‪ )4‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم ف اليان (‪.)160‬‬
‫[‪ ]21‬جامع البيان (‪.)21/31‬‬
‫[‪ ]22‬روح العان (‪.)21/31‬‬
‫[‪ ]23‬العرق بفتح العي الهملة وسكون الراء‪ ،‬هو العظم الذي عليه بقية من اللحم‪.‬‬
‫[‪ ]24‬أخرجه مسلم ف اليض (‪.)300‬‬
‫[‪ ]25‬أخرجه أحد (‪ ،)6/39‬وأبو داود ف الهاد‪ ،‬باب‪ :‬ف السبق على الرجل (‪ )2578‬واللفظ له‪ ،‬وابن ماجه ف النكاح‪،‬‬
‫باب‪ :‬حسن معاشرة النساء (‪ ،)1979‬والميدي (‪ ،)261‬وصححه ابن حبان (‪ ،)4691‬واللبان ف صحيح أب داود (‬
‫‪.)2248‬‬
‫[‪ ]26‬إغاثة اللهفان (‪.)2/139‬‬
‫[‪ ]27‬تفسي القرآن العظيم (‪.)1/272‬‬
‫[‪ ]28‬روح العان (‪.)2/135‬‬
‫[‪ ]29‬تيسي الكري الرحن (‪.)1/183‬‬
‫[‪ ]30‬أخرجه ابن أب شيبة ف الصنف (‪ ،)3/557‬والبزار (‪ 1465‬ـ كشف الستار ـ)‪ .‬وقال النذري ف الترغيب (‪:)3/35‬‬
‫"رواه البزار بإسناد جيد‪ ،‬رواته ثقات مشهورون"‪ ،‬وقال اليثمي ف الجمع (‪" :)4/307‬رواه البزار ورجاله رجال الصحيح‪ ،‬خل‬
‫نار العبدي وهو ثقة"‪ .‬وقال اللبان ف صحيح الترغيب (‪" :)1934‬حسن صحيح"‪.‬‬
‫[‪ ]31‬جزء من حديث أخرجه أحد (‪ ،)3/158‬والبزار (‪ ،)2454‬وأبو نعيم ف الدلئل (‪ ،)287‬وصححه الضياء ف الختارة (‬
‫‪ .)1895‬وقال النذري ف الترغيب (‪" :)3/35‬رواه أحد بإسناد جيد‪ ،‬رواته ثقات مشهورون"‪ ،‬وقال اليثمي ف الجمع (‪:)9/4‬‬
‫"رواه أحد والبزار‪ ،‬ورجاله رجال الصحيح غي حفص ابن أخي أنس وهو ثقة"‪ .‬وأورده اللبان ف صحيح الترغيب (‪.)1936‬‬
‫[‪ ]32‬أخرجه الطبان ف الوسط (‪ ،)1743‬والصغي (‪ )118‬من طريق إبراهيم بن زياد القرشي عن أب حازم عن أنس‪ ،‬وقال‪:‬‬
‫"ل يروه عن أب حازم إل إبراهيم هذا‪ ،‬ول يروى عن أنس إل من هذا الوجه"‪ .‬وإبراهيم هذا فيه مقال‪ ،‬قال النذري ف الترغيب (‬
‫‪" :)3/37‬رواه الطبان ورواته متج بم ف الصحيح‪ ،‬إل إبراهيم بن زياد القرشي فإنن ل أقف فيه على جرح ول تعديل"‪ ،‬وله‬
‫شواهد عدة لذا صححه اللبان ف الصحيحة (‪.)287‬‬
‫[‪ ]33‬جامع البيان (‪.)5/57‬‬
‫[‪ ]34‬تفسي القرآن العظيم (‪.)1/492‬‬
‫خامسًا‪ :‬الحقوق المشتركة بين الزوجين‪:‬‬
‫‪ -1‬الوفاء بشروط العقد‪:‬‬
‫عن عقبة بن عامر رضي ال عنه قال‪ :‬قال النب صلى ال عليه وسلم‪(( :‬أحق ما أوفيتم من الشروط أن توفوا‬
‫به ما استحللتم به الفروج))[‪.]1‬‬
‫قال الطاب‪" :‬قد تتلف الشروط ف عقود النكاح‪ ،‬فمنها ما يب الوفاء به‪ ،‬ومنها ما ل يب‪.‬‬
‫فأما الذي يب الوفاء به فهو الهر والنفقة وحسن العشرة‪ ،‬وقد شرط ال تعال هذه المور لن على الزواج‬
‫ـنٍ} [البقرة‪.]229:‬‬
‫سرِيحٌ بِإِ ْحسَ ٰ‬
‫بقوله‪{ :‬فَإِ ْمسَاكٌ ِبمَ ْعرُوفٍ أَوْ َت ْ‬
‫وأما الذي ل يلزم من الشروط فهو ما نى النب صلى ال عليه وسلم عن اشتراطه كقوله‪(( :‬ل يل لمرأة أن‬
‫تسأل طلق أختها لتكفأ ما ف إنائها)) ونو ذلك من شروط الضرار"[‪.]2‬‬
‫وقال النووي‪" :‬قال الشافعي وأكثر العلماء‪ :‬إن هذا ممول على شروط ل تناف مقتضى النكاح‪ ،‬بل تكون من‬
‫مقتضياته ومقاصده‪ ،‬كاشتراط العشرة بالعروف والنفاق عليها وكسوتا وسكناها بالعروف‪ ،‬وأنه ل يقصّر ف‬
‫شيء من حقوقها‪ ،‬ويَقسم لا كغيها‪ ،‬وأنا ل ترج من بيته إل بإذنه‪ ،‬ول تنشز عليه‪ ،‬ول تصوم تطوعا بغي إذنه‪،‬‬
‫ول تأذن ف بيته إل بإذنه‪ ،‬ول تتصرف ف متاعه إل برضاه ونو ذلك‪ .‬وأما شرط يالف مقتضاه كشرط أن ل‬
‫يَقسم لا‪ ،‬ول يتسرى عليها‪ ،‬ول ينفق عليها‪ ،‬ول يسافر با ونو ذلك‪ ،‬فل يب الوفاء به‪ ،‬بل يلغو الشرط ويصحّ‬
‫النكاح بهر الثل لقوله صلى ال عليه وسلم‪(( :‬كل شرط ليس ف كتاب ال فهو باطل))"[‪.]3‬‬

‫‪ -2‬حق الستمتاع‪:‬‬
‫عن أب هريرة رضي ال عنه قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪(( :‬إذا دعا الرجل امرأته إل فراشه‬
‫فأبت فبات غضبان عليها‪ ،‬لعنتها اللئكة حت تصبح))[‪.]4‬‬
‫وعن عون بن أب جحيفة عن أبيه قال‪ :‬آخى النب صلى ال عليه وسلم بي سلمان وأب الدرداء‪ ،‬فزار سلمان‬
‫أبا الدرداء‪ ،‬فرأى أم الدرداء متبذّلة‪ ،‬فقال لا‪ :‬ما شأنك؟ قالت‪ :‬أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة ف الدنيا‪ .‬فجاء‬
‫أبو الدرداء فصنع له طعاما فقال‪:‬كل‪ ،‬قال‪ :‬فإن صائم‪ ،‬قال‪ :‬ما أنا بآكل حت تأكل‪ ،‬قال‪ :‬فأكل‪ .‬فلما كان الليل‬
‫ذهب أبو الدرداء يقوم قال‪ :‬ن‪ ،‬فنام‪ ،‬ث ذهب يقوم فقال‪ :‬ن‪ ،‬فلما كان من آخر الليل قال سلمان‪ :‬قم الن‬
‫فصليا‪ .‬فقال له سلمان‪ :‬إن لربك عليك حقا‪ ،‬ولنفسك عليك حقا‪ ،‬ولهلك عليك حقا‪ ،‬فأعط كل ذي حق حقه‪.‬‬
‫فأتى النب صلى ال عليه وسلم فذكر ذلك له‪ ،‬فقال النب صلى ال عليه وسلم‪(( :‬صدق سلمان))[‪.]5‬‬
‫قال ابن حجر‪" :‬وفيه مشروعية تزيّن الرأة لزوجها‪ ،‬وثبوت ح ّق الرأة على الزوج ف حسن العشرة‪ ،‬وقد‬
‫يؤخذ منه ثبوت حقها ف الوطء لقوله‪( :‬ولهلك عليك حقا)‪ ،‬ث قال‪( :‬وائت أهلك)‪ ،‬وقرّره النب صلى ال عليه‬
‫وسلم على ذلك"[‪.]6‬‬
‫وقال ابن حزم‪" :‬وفرض على الرجل أن يامع امرأته الت هي زوجته‪ ،‬وأدن ذلك مرة ف كل طهر إن قدر‬
‫على ذلك‪ ،‬وإل فهو عاص ل تعال"([‪.)]7‬‬

‫‪ -3‬أل يبوح أحدها با دار بينهما ساعة الباشرة‪:‬‬


‫عن أب سعيد الدري رضي ال عنه قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪(( :‬إن من أشر الناس عند ال‬
‫منلة يوم القيامة الرجل يفضي إل امرأته وتفضي إليه ث ينشر سرها))[‪.]8‬‬
‫قال النووي‪" :‬وف هذا الديث تري إفشاء الرجل ما يري بينه وبي امرأته من أمور الستمتاع‪ ،‬ووصف‬
‫تفاصيل ذلك‪ ،‬وما يري من الرأة فيه من قول أو فعل ونوه‪ ،‬فأما مرد ذكر الماع فإن ل تكن فيه فائدة ول إليه‬
‫حاجة فمكروه؛ لنه خلف الروءة وقد قال صلى ال عليه وسلم ((من كان يؤمن بال واليوم الخر فليقل خيا أو‬
‫ليصمت))‪ ،‬وإن كان إليه حاجة أو ترتب عليه فائدة بأن ينكر عليه إعراضه عنها‪ ،‬أو تدعّي عليه العجز عن الماع‬
‫أو نو ذلك‪ ،‬فل كراهة ف ذكره‪ ،‬كما قال صلى ال عليه وسلم‪(( :‬إن لفعله أنا وهذه))‪ ،‬وقال صلى ال عليه‬
‫وسلم لب طلحة‪(( :‬أعرستم الليلة؟))‪ ،‬وقال لابر‪(( :‬الكيس الكيس))‪ .‬وال أعلم"[‪.]9‬‬
‫وعن أساء بنت يزيد رضي ال عنها أنا كانت عند رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬والرجال والنساء قعود‬
‫عنده‪ ،‬فقال‪(( :‬لعل رجلً يقول ما فعل بأهله‪ ،‬ولعل امرأة تب با فعلت مع زوجها))‪ ،‬فأرم القوم‪ ،‬فقلت‪ :‬إي وال‬
‫يا رسول ال‪ ،‬إنم ليفعلون وإنن ليفعلن‪ ،‬قال‪(( :‬فل تفعلوا‪ ،‬فإنا مثل ذلك مثل شيطان لقي شيطانة فغشيها والناس‬
‫ينظرون))[‪.]10‬‬
‫قال أبو الطيب آبادي‪" :‬والديث يدل على تري إفشاء أحد الزوجي لا يقع بينهما من أمور الماع‪ ،‬وذلك‬
‫لنّ كون الفاعل لذلك بنلة شيطان لقي شيطانة فقضى حاجته منها والناس ينظرون‪ ،‬وذلك من أعظم الدلة الدالة‬
‫على تري نشر أحد الزوجي للسرار الواقعة بينهما الراجعة إل الوطء ومقدماته"[‪.]11‬‬

‫‪ -4‬التوارث‪:‬‬
‫قال ال تعال‪{ :‬وَلَكُمْ نِصْفُ مَا َت َركَ أَ ْزوٰجُكُمْ إِنْ لّمْ يَ ُكنْ ّلهُنّ وَلَ ٌد فَإِن كَانَ َل ُهنّ وَلَ ٌد فَلَكُمُ ٱلرّبُعُ ِممّا َترَ ْكنَ‬
‫صيّةٍ يُوصِيَ ِبهَا أَ ْو دَْينٍ وََل ُهنّ ٱلرُّبعُ ِممّا َترَكْتُمْ إِن لّمْ يَ ُكنْ لّكُمْ وَلَ ٌد فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَ ٌد فَلَ ُهنّ ٱلّث ُمنُ ِممّا‬
‫مِن بَعْدِ َو ِ‬
‫صيّةٍ تُوصُونَ ِبهَا أَ ْو دَْينٍ} [النساء‪.]12:‬‬
‫َترَكْتُم مّن بَعْدِ َو ِ‬
‫قال الطبي‪" :‬يعن بذلك جل ثناؤه‪ :‬ولكم ـ أيها الناس ـ نصف ما ترك أزواجكم بعد وفاتن من مال‬
‫ومياث‪ ،‬إن ل يكن لن ولد يوم يدث لن الوت ل ذكر ول أنثى‪{ ،‬فَإِن كَانَ َلهُنّ وَلَدٌ} أي‪ :‬فإن كان لزواجكم‬
‫يوم يدث لن الوت ولد ذكر أو أنثى‪ ،‬فلكم الربع ما تركن من مال ومياث‪ ،‬مياثا لكم عنهن‪{ ،‬مِن بَعْدِ َوصِيّةٍ‬
‫يُوصِيَ ِبهَا أَ ْو دَْينٍ} يقول‪ :‬ذلكم لكم مياثا عنهن ما يبقى من تركاتن وأموالن من بعد قضاء ديونن الت يت‬
‫وهي عليهن‪ ،‬ومن بعد إنفاذ وصاياهن الائزة إن كن أوصي با‪.‬‬
‫وقوله تعال‪{ :‬وَلَ ُهنّ ٱلرُّبعُ ِممّا َترَكْتُمْ إِن لّمْ يَ ُكنْ لّكُمْ وَلَ ٌد فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَ ٌد فَ َل ُهنّ ٱلّث ُمنُ ِممّا َترَكْتُم مّن بَعْدِ‬
‫َوصِيّةٍ تُوصُونَ ِبهَا أَ ْو دَيْنٍ} يعن جل ثناؤه بقوله‪{ :‬وََلهُنّ ٱلرُّبعُ ِممّا َترَكْتُمْ إِن لّمْ َي ُكنْ لّكُمْ وَلَدٌ}‪ :‬ولزواجكم ـ‬
‫أيها الناس ـ ربع ما تركتم بعد وفاتكم من مال ومياث‪ ،‬إن حدث بأحدكم حدث الوفاة ول ولد له ذكر ول‬
‫أنثى‪{ ،‬فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ} يقول‪ :‬فإن حدث بأحدكم حدث الوت وله ولد ذكر أو أنثى‪ ،‬واحدا كان الولد أو‬
‫جاعة‪{ ،‬فَ َلهُنّ ٱلّث ُمنُ ِممّا َترَكْتُم} يقول‪ :‬فلزواجكم حينئذ من أموالكم وتركتكم الت تلفونا بعد وفاتكم الثمن‬
‫من بعد قضاء ديونكم الت حدث بكم حدث الوفاة وهي عليكم‪ ،‬ومن بعد إنفاذ وصاياكم الائزة الت توصون‬
‫با"[‪.]12‬‬
‫[‪ ]1‬أخرجه البخاري ف النكاح (‪ ،)5151‬ومسلم ف النكاح (‪.)1418‬‬
‫[‪ ]2‬أعلم الديث (‪.)3/1979‬‬
‫[‪ ]3‬شرح مسلم (‪.)9/202‬‬
‫[‪ ]4‬أخرجه البخاري ف بدء اللق‪ ،‬باب‪ :‬ذكر اللئكة (‪ )3237‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم ف النكاح (‪.)1736‬‬
‫[‪ ]5‬أخرجه البخاري ف الصوم‪ ،‬باب‪ :‬من أقسم على أخيه ليفطر ف التطوع‪.)1968( ...‬‬
‫[‪ ]6‬فتح الباري (‪.)4/212‬‬
‫[‪ ]7‬الحلى (‪.)10/40‬‬
‫[‪ ]8‬أخرجه مسلم ف النكاح (‪.)1437‬‬
‫[‪ ]9‬شرح مسلم (‪.)9-10/8‬‬
‫[‪ ]10‬أخرجه أحد (‪ ،)6/456‬وعزاه اليثمي ف الجمع (‪ )4/294‬للطبان‪ .‬وله شاهد من حديث أب هريرة رضي ال عنه عند‬
‫أب داود ف النكاح (‪ ،)2174‬وابن أب شيبة (‪ .)4/39‬ومن حديث سلمان رضي ال عنه عند أب نعيم ف اللية (‪ ،)1/186‬لذا‬
‫قال اللبان ف آداب الزفاف (ص ‪" :)37‬فالديث بذه الشواهد صحيح أو حسن على القل"‪.‬‬
‫[‪ ]11‬عون العبود (‪.)6/158‬‬
‫[‪ ]12‬جامع البيان (‪.)4/283‬‬
‫سادسًا‪ :‬حقوق الزوج على زوجته‪:‬‬
‫‪ -1‬أن تقوم على خدمته بالعروف‪:‬‬
‫عن الصي بن مصن رضي ال عنه قال‪ :‬إن عمة له أتت النب صلى ال عليه وسلم ف حاجة‪ ،‬ففرغت من‬
‫حاجتها‪ ،‬فقال لا النب صلى ال عليه وسلم‪(( :‬أذات زوج أنت؟))‪ ،‬قالت‪ :‬نعم‪ ،‬قال‪(( :‬كيف أنت له؟)) قالت‪ :‬ما‬
‫آلوه إل ما عجزت عنه‪ ،‬قال‪(( :‬فانظري أين أنت منه‪ ،‬فإنا هو جنتك ونارك))[‪.]1‬‬
‫قال اللبان‪" :‬والديث ظاهر الدللة على وجوب طاعة الزوجة لزوجها‪ ،‬وخدمتها إياه ف حدود استطاعها‪،‬‬
‫وما ل شك فيه أن من أول ما يدخل ف ذلك الدمة ف منله وما يتعلق به من تربية أولده‪ ،‬ونو ذلك"[‪.]2‬‬
‫وعن علي رضي ال عنه أن فاطمة اشتكت ما تلقى من الرحى ما تطحن‪ ،‬فبلغها أن رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم أت بسب‪ ،‬فأتته تسأله خادما‪ ،‬فلم توافقه‪ ،‬فذكرت لعائشة‪ ،‬فجاء النب صلى ال عليه وسلم فذكرت ذلك‬
‫عائشة له‪ ،‬قال‪ :‬فأتانا وقد دخلنا مضاجعنا‪ ،‬فذهبنا لنقوم فقال‪(( :‬على مكانكما)) حت وجدت برد قدميه على‬
‫صدري‪ ،‬فقال‪(( :‬أل أدلكما على خي ما سألتماه‪ ،‬إذا أخذتا مضاجعكما فكبا ال أربعا وثلثي‪ ،‬واحدا ثلثا‬
‫وثلثي‪ ،‬وسبحا ثلثا وثلثي؛ فإن ذلك خي لكما ما سألتماه))[‪.]3‬‬
‫قال ابن حبيب‪" :‬حكم النب بي عليّ بن أب طالب رضي ال عنه وبي فاطمة رضي ال عنها حي اشتكيا إليه‬
‫الدمة‪ ،‬فحكم على فاطمة بالدمة الباطنة خدمة البيت‪ ،‬وحكم على عليّ بالدمة الظاهرة‪ ...‬والدمة الباطنة‬
‫العجي والفرش وكنس البيت واستقاء الاء وعمل البيت كله"[‪.]4‬‬
‫وعن أساء بنت أب بكر رضي ال عنهما قالت‪ :‬تزوجن الزبي وما له ف الرض من مال ول ملوك ول شيء‬
‫غي ناضح وغي فرسه‪ ،‬فكنت أعلف فرسه‪ ،‬وأستقي الاء‪ ،‬وأخرز غربه‪ ،‬وأعجن‪ ،‬ول أكن أحسن أخبز‪ ،‬وكان يبز‬
‫جارات ل من النصار‪ ،‬وكن نسوة صدق‪ ،‬وكنت أنقل النوى من أرض الزبي الت أقطعه رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم على رأسي‪ ،‬وهي من على ثلثي فرسخ‪ ،‬فجئت يوما والنوى على رأسي‪ ،‬فلقيت رسول ال صلى ال عليه‬
‫وسلم ومعه نفر من النصار‪ ،‬فدعان ث قال‪(( :‬إخ إخ)) ليحملن خلفه‪ ،‬فاستحييت أن أسي مع الرجال‪ ،‬وذكرت‬
‫الزبي وغيته‪ ،‬وكان أغي الناس‪ ،‬فعرف رسول ال صلى ال عليه وسلم أن قد استحييت فمضى‪ ،‬فجئت الزبي‬
‫فقلت‪ :‬لقين رسول ال صلى ال عليه وسلم وعلى رأسي النوى ومعه نفر من أصحابه فأناخ لركب‪ ،‬فاستحييت‬
‫منه وعرفت غيتك‪ ،‬فقال‪ :‬وال‪ ،‬لملك النوى كان أشدّ عليّ من ركوبك معه‪ ،‬قالت‪ :‬حت أرسل إل أبو بكر بعد‬
‫ذلك بادم تكفين سياسة الفرس فكأنا أعتقن[‪.]5‬‬
‫قال ابن تيمية‪" :‬فعليها أن تدمه الدمة العروفة من مثلها لثله‪ ،‬ويتنوع ذلك بتنوع الحوال‪ ،‬فخدمة البدوية‬
‫ليست كخدمة القروية‪ ،‬وخدمة القوية ليست كخدمة الضعيفة"[‪.]6‬‬

‫‪ -2‬أن تطيعه ف غي معصية‪:‬‬


‫عن عبد الرحن بن عوف رضي ال عنه قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪(( :‬إذا صلت الرأة خسها‪،‬‬
‫وصامت شهرها‪ ،‬وحفظت فرجها‪ ،‬وأطاعت زوجها‪ ،‬قيل لا‪ :‬ادخلي النة من أي أبواب النة شئت))[‪.]7‬‬
‫قال الناوي‪((" :‬إذا صلت الرأة خسها)) الكتوبات المس‪(( ،‬وصامت شهرها)) رمضان غي أيام اليض إن‬
‫كان‪(( ،‬وحفظت)) وف رواية‪(( :‬أحصنت فرجها)) عن الماع الحرم والسحاق‪(( ،‬وأطاعت زوجها)) ف غي‬
‫معصية‪(( ،‬دخلت)) ل يقل‪( :‬تدخلُ) إشارة إل تقق دخول النة إن اجتنبت مع ذلك بقية الكبائر‪ ،‬أو تابت توبة‬
‫نصوحا أو عفي عنها‪ ،‬والراد مع السابقي الولي‪ ،‬وإل فكل مسلم ل بد أن يدخل النة وإن دخل النار‪ .‬فإن‬
‫قلت‪ :‬فما وجه اقتصاره على الصوم والصلة ول يذكر بقية الركان المسة الت بن السلم عليها؟ قلت‪ :‬لغلبة‬
‫تفريط النساء ف الصلة والصوم‪ ،‬وغلبة الفساد فيهن‪ ،‬ولن الغالب أن الرأة ل مال لا تب زكاته ويتحتم فيه‬
‫الج فأناط الكم بالغالب‪ ،‬وحثها على مواظبة فعل ما هو لزم لا بكل حال والفظ والصون والراسة‪ ،‬والفرج‪:‬‬
‫يطلق على القبل والدبر؛ لن كل واحد منفرج‪ ،‬أي‪ :‬منفتح‪ ،‬وأكثر استعماله عرفا ف القبل"[‪.]8‬‬

‫‪ -3‬أل تصوم نفلً وهو حاضر إل بإذنه‪:‬‬


‫عن أب هريرة رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪(( :‬ل يل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد‬
‫إل بإذنه))[‪.]9‬‬
‫قال النووي‪" :‬هذا ممول على صوم التطوع والندوب الذي ليس له زمن معي‪ ،‬وهذا النهى للتحري صرّح به‬
‫أصحابنا‪ ،‬وسببه أن الزوج له حق الستمتاع با ف كل اليام‪ ،‬وحقّه فيه واجب على الفور فل يفوته بتطوع ول‬
‫بواجب على التراخي‪ .‬فإن قيل‪ :‬فينبغي أن يوز لا الصوم بغي إذنه فان أراد الستمتاع با كان له ذلك ويفسد‬
‫صومها؟ فالواب‪ :‬أن صومها ينعه من الستمتاع ف العادة؛ لنه يهاب انتهاك الصوم بالفساد‪ .‬وقوله صلى ال‬
‫عليه وسلم‪(( :‬وزوجها شاهد)) أي‪ :‬مقيم ف البلد‪ ،‬أما إذا كان مسافرا فلها الصوم؛ لنه ل يتأتى منه الستمتاع‬
‫إذا ل تكن معه"[‪.]10‬‬

‫‪ -4‬أن تافظ على ماله ومتلكاته‪:‬‬


‫عن أب أمامة الباهلي رضي ال عنه قال‪ :‬سعت رسول ال صلى ال عليه وسلم ف خطبته عام حجة الوداع‬
‫يقول‪(( :‬ل تنفق امرأة شيئا من بيت زوجها إل بإذن زوجها))‪ ،‬قيل‪ :‬يا رسول ال‪ ،‬ول الطعام؟ قال‪(( :‬ذاك أفضل‬
‫أموالنا))[‪.]11‬‬
‫وعن أب هريرة رضي ال عنه أن رسول ال صلى ال عليه وسلم قال‪(( :‬ل يل للمرأة أن تصوم وزوجها‬
‫شاهد إل بإذنه‪ ،‬ول تأذن ف بيته إل بإذنه‪ ،‬وما أنفقت من نفقة عن غي أمره فإنه يؤدّى إليه شطرُه))[‪.]12‬‬
‫قال النووي‪" :‬قوله صلّى اللّه عليه وسلّم‪(( :‬وما أنفقت من كسبه من غي أمره فإنّ نصف أجره له)) فمعناه‪:‬‬
‫من غي أمره الصّريح ف ذلك القدر العيّن‪ ,‬ويكون معها إذن عا ّم سابقٌ متناو ٌل لذا القدر وغيه‪ ,‬وذلك الذن‬
‫الّذي قد أوّلناه سابقًا إمّا بالصّريح وإمّا بالعرف‪ ,‬ول بدّ من هذا التّأويل‪ ,‬لنّه صلّى اللّه عليه وسلّم جعل الجر‬
‫مناصفة‪ ,‬وف رواية أب داود‪(( :‬فلها نصف أجره))‪ ,‬ومعلوم أنّها إذا أنفقت من غي إذن صريح ول معروف من‬
‫العرف فل أجر لا‪ ,‬بل عليها وزر‪ ,‬فتعيّن تأويله‪ .‬واعلم أنّ هذا كلّه مفروض ف قدرٍ يسيٍ يعلم رضا الالك به ف‬
‫العادة‪ ,‬فإن زاد على التعارف ل يز ‪ ,‬وهذا معن قوله صلّى اللّه عليه وسلّم‪(( :‬إذا أنفقت الرأة من طعام بيتها غي‬
‫مفسدة)) فأشار صلّى اللّه عليه وسلّم إل أنّه قدر يعلم رضا الزّوج به ف العادة‪ ,‬ونبّه بالطّعام أيضًا على ذلك; لنّه‬
‫يسمح به ف العادة بلف الدّراهم والدّناني ف حقّ أكثر النّاس‪ ,‬وف كثي من الحوال"[‪.]13‬‬
‫‪ -5‬أل تُدخل أحدا ف بيته إل بإذنه‪:‬‬
‫عن أب هريرة رضي ال عنه قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪(( :‬ول تأذن ف بيته إل بإذنه))[‪.]14‬‬
‫قال النووي‪" :‬والختار أن معناه‪ :‬أن ل يأذنّ لحد تكرهونه ف دخول بيوتكم واللوس ف منازلكم‪ ،‬سواء‬
‫كان الأذون له رجل أجنبيا أو امرأة أو أحدا من مارم الزوجة‪ ،‬فالنهي يتناول جيع ذلك‪ .‬وهذا حكم السألة عند‬
‫الفقهاء أنا ل يل لا أن تأذن لرجل أو امرأة ول مرم ول غيه ف دخول منل الزوج إل من علمت أو ظنت أن‬
‫الزوج ل يكرهه؛ لن الصل تري دخول منل النسان حت يوجد الذن ف ذلك منه‪ ،‬أو من أذن له ف الذن ف‬
‫ذلك‪ ،‬أو عرف رضاه باطراد العرف بذلك ونوه‪ ،‬ومت حصل الشك ف الرضا ول يترجح شيء ول وجدت قرينة‬
‫ل يل الدخول ول الذن وال أعلم"[‪.]15‬‬
‫عن سليمان بن عمرو بن الحوص قال‪ :‬حدثن أب أنه شهد حجة الوداع مع رسول ال صلى ال عليه وسلم‪،‬‬
‫فحمد ال وأثن عليه وذكر ووعظ‪ ،‬ث قال‪(( :‬أل إن لكم على نسائكم حقا‪ ،‬ولنسائكم عليكم حقا‪ ،‬فأما حقكم‬
‫على نسائكم فل يوطئن فرشكم من تكرهون‪ ،‬ول يأذن ف بيوتكم لن تكرهون))[‪.]16‬‬

‫‪ -6‬أن تشكر نعمته ول تحد عشرته وإحسانه‪:‬‬


‫عن ابن عباس رضي ال عنهما قال‪ :‬قال النب صلى ال عليه وسلم‪(( :‬أُريت النار فإذا أكثر أهلها النساء؛‬
‫يكفرن))‪ ،‬قيل‪ :‬أيكفرن بال؟ قال‪(( :‬يكفرن العشي‪ ،‬ويكفرن الحسان‪ ،‬لو أحسنتَ إل إحداهن الدهر ث رأت‬
‫منك شيئا قالت‪ :‬ما رأيت منك خيا قط))[‪.]17‬‬
‫قال الافظ‪" :‬فيه تري كفران القوق‪ ،‬ووجوب شكر النعم"[‪.]18‬‬

‫[‪ ]1‬أخرجه أحد (‪ )4/341‬واللفظ له‪ ،‬والميدي (‪ ،)355‬والطبان ف الكبي (‪ ،)25/183‬والوسط (‪ ،)529‬والبيهقي ف‬
‫الكبى (‪ ،)7/291‬وصححه الاكم (‪ .)2/189‬وقال النذري ف الترغيب (‪" :)3/34‬رواه أحد والنسائي بإسنادين جيدين"‪.‬‬
‫وصححه اللبان ف آداب الزفاف (ص ‪.)118‬‬
‫[‪ ]2‬آداب الزفاف (ص ‪.)118‬‬
‫[‪ ]3‬أخرجه البخاري ف فرض المس‪ ،‬باب‪ :‬الدليل على أن المس لنوائب رسول ال (‪ )3113‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم ف الذكر‬
‫والدعاء (‪.)2727‬‬
‫[‪ ]4‬انظر‪ :‬أقضية رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬لبن فرج الالكي (ص ‪ ،)73‬وزاد العاد (‪.)5/186‬‬
‫[‪ ]5‬أخرجه البخاري ف النكاح‪ ،‬باب‪ :‬الغية (‪ )5224‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم ف السلم (‪.)2182‬‬
‫[‪ ]6‬مموع الفتاوى (‪.)34/91‬‬
‫[‪ ]7‬أخرجه أحد (‪ ،)1/191‬والطبان ف الوسط (‪ ،)8805‬وفيه ابن ليعة‪ .‬وله شاهد من حديث أب هريرة عند ابن حبان (‬
‫‪ ،)4163‬وآخر من حديث أنس عند البزار (‪ ،)1463‬وأب نعيم ف اللية (‪ .)6/308‬قال اللبان ف آداب الزفاف (ص‬
‫‪" :)120‬حديث حسن أو صحيح‪ ،‬له طرق"‪.‬‬
‫[‪ ]8‬فيض القدير (‪.)1/392‬‬
‫[‪ ]9‬أخرجه البخاري ف النكاح‪ ،‬باب‪ :‬ل تأذن الرأة ف بيت زوجها لحد إل بإذنه (‪ )5195‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم ف الزكاة (‬
‫‪.)1026‬‬
‫[‪ ]10‬شرح مسلم (‪.)7/115‬‬
‫[‪ ]11‬أخرجه أحد (‪ ،)5/267‬والترمذي ف الزكاة‪ ،‬باب‪ :‬ف نفقة الرأة من بيت زوجها (‪ ،)670‬وابن ماجه ف التجارات‪،‬‬
‫باب‪ :‬ما للمرأة من مال زوجها (‪ .)2295‬قال الترمذي‪" :‬حديث أب أمامة حديث حسن"‪ ،‬وحسنه اللبان ف صحيح ابن ماجه (‬
‫‪.)1873‬‬
‫[‪ ]12‬أخرجه البخاري ف النكاح‪ ،‬باب‪ :‬ل تأذن الرأة ف بيت زوجها لحد إل بإذنه (‪ )5195‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم ف الزكاة (‬
‫‪.)1026‬‬
‫[‪ ]13‬شرح مسلم (‪.)113-7/112‬‬
‫[‪ ]14‬تقدم تريه‪.‬‬
‫[‪ ]15‬شرح مسلم (‪.)8/184‬‬
‫[‪ ]16‬جزء من حديث أخرجه الترمذي ف الرضاع‪ ،‬باب‪ :‬ما جاء ف حق الرأة على زوجها (‪ ،)1163‬وابن ماجه ف النكاح‪،‬‬
‫باب‪ :‬حق الرأة على زوجها (‪ .)1851‬قال الترمذي‪" :‬حديث حسن صحيح"‪ .‬وأورده اللبان ف تعليقه على الترغيب (‬
‫‪.)1930‬‬
‫[‪ ]17‬أخرجه البخاري ف اليان‪ ،‬باب‪ :‬كفران العشي وكفر دون كفر (‪ )29‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم ف الكسوف (‪.)907‬‬
‫[‪ ]18‬فتح الباري (‪.)2/543‬‬
‫سابعًا‪ :‬حقوق الزوجة على زوجها‪:‬‬
‫‪ -1‬الصداق‪:‬‬
‫قال ال تعال‪{ :‬وَءاتُواْ ٱلّنسَاء صَ ُدقَـِٰت ِهنّ ِنحْلَةً} [النساء‪.]4:‬‬
‫قال الطبي‪" :‬يعن بذلك تعال ذكره‪ :‬وأعطوا النساء مهورهن عطية واجبة وفريضة لزمة"[‪.]1‬‬
‫وقال ابن تيمية‪" :‬والستحب ف الصداق مع القدرة واليسار أن يكون جيع عاجله وآجله ل يزيد على مهر‬
‫أزواج النب ول بناته‪ ،‬وكان ما بي أربعمائة إل خسمائة بالدراهم الالصة‪ ،‬نوا من تسعة عشر دينارا‪ ،‬فهذه سنة‬
‫رسول ال من فعل ذلك فقد است بسنة رسول ال ف الصداق‪ ...‬فمن دعته نفسه إل أن يزيد صداق ابنته على‬
‫صداق بنات رسول ال صلى ال عليه وسلم اللوات هن خي خلق ال ف كل فضيلة وهن أفضل نساء العالي ف‬
‫كل صفة فهو جاهل أحق‪ .‬وكذلك صداق أمهات الؤمني‪ .‬وهذا مع القدرة واليسار‪ .‬فأما الفقي ونوه فل ينبغي‬
‫له أن يصدق الرأة إل ما يقدر على وفائه من غي مشقة"[‪.]2‬‬

‫‪ -2‬أن يسكها بعروف أو يسرحها بإحسان‪:‬‬


‫قال ال تعال‪َ { :‬وعَاشِرُو ُهنّ بِٱْلمَ ْعرُوفِ} [النساء‪.]19:‬‬
‫قال ابن كثي‪" :‬أي‪ :‬طيبوا أقوالكم لن‪ ،‬وحسنوا أفعالكم وهيآتكم بسب قدرتكم‪ ،‬كما تب ذلك منها‬
‫فافعل أنت با مثله‪ ،‬كما قال تعال‪{ :‬وَلَ ُهنّ ِمثْلُ ٱلّذِى عَلَ ْي ِهنّ بِٱْلمَ ْعرُوفِ} [البقرة‪ ،]228:‬قال رسول ال صلى ال‬
‫عليه وسلم‪(( :‬خيكم خيكم لهله‪ ،‬وأنا خيكم لهلي))‪ ،‬وكان من أخلقه صلى ال عليه وسلم أنه جيل العشرة‬
‫دائم البشر‪ ،‬يداعب أهله ويتلطف بم ويوسعهم نفقة‪ ،‬ويضاحك نساءه حت إنه كان يسابق عائشة أم الؤمني‬
‫رضي ال عنها يتودد إليها بذلك‪ ،‬قالت‪ :‬سابقن رسول ال صلى ال عليه وسلم فسبقته وذلك قبل أن أحل اللحم‪،‬‬
‫ث سابقته بعدما حلت اللحم فسبقن‪ ،‬فقال‪(( :‬هذه بتلك))‪ ،‬ويتمع نساؤه كل ليلة ف بيت الت يبيت عندها‬
‫رسول ال صلى ال عليه وسلم فيأكل معهن العشاء ف بعض الحيان ث تنصرف كل واحدة إل منلا‪ ،‬وكان ينام‬
‫مع الرأة من نسائه ف شعار واحد يضع عن كتفيه الرداء وينام بالزار‪ ،‬وكان إذا صلى العشاء يدخل منله يسمر‬
‫مع أهله قليل قبل أن ينام يؤانسهم بذلك صلى ال عليه وسلم‪ ،‬وقد قال تعال‪{ :‬لّقَدْ كَانَ لَكُ ْم فِى رَسُولِ ٱللّهِ‬
‫أُسْوَةٌ َحسَنَةٌ} [الحزاب‪.]3["]21:‬‬
‫وقال ابن سعدي‪" :‬وهذا يشمل العاشرة القولية والفعلية‪ ،‬فعلى الزوج أن يعاشر زوجته بالعروف‪ ،‬ويدخل ف‬
‫ذلك النفقة والكسوة ونوها‪ .‬فيجب على الزوج لزوجته العروف من مثله لثلها ف ذلك الزمان والكان‪ ،‬وهذا‬
‫يتفاوت بتفاوت الحوال"[‪.]4‬‬
‫وعن جابر رضي ال عنه قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم ف خطبة الوداع‪(( :‬واتقوا ال ف النساء‪،‬‬
‫فإنكم أخذتوهن بأمان ال))[‪.]5‬‬
‫قال النووي‪" :‬فيه الث على مراعاة حق النساء والوصية بن ومعاشرتن بالعروف‪ .‬وقد جاءت أحاديث‬
‫كثية صحيحة ف الوصية بن‪ ،‬وبيان حقوقهن‪ ،‬والتحذير من التقصي ف ذلك"([‪.)]6‬‬
‫وعن أب هريرة رضي ال عنه قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪(( :‬ل يفرك مؤمن مؤمنة‪ ،‬إن كره منها‬
‫خلقا رضي منها آخر))[‪.]7‬‬
‫قال الشوكان‪" :‬فيه الرشاد إل حسن العشرة‪ ،‬والنهي عن البغض للزوجة بجرد كراهة خُلُق من أخلقها‪،‬‬
‫فإنا ل تلو مع ذلك عن أمر يرضاه منها‪ ،‬وإذا كانت مشتملة على الحبوب والكروه فل ينبغي ترجيح مقتضى‬
‫الكراهة على مقتضى الحبة"[‪.]8‬‬

‫‪ -3‬أن يطعمها ويكسوها من غي تقتي ول إسراف‪:‬‬


‫عن جابر بن عبد ال رضي ال عنهما ف خطبة الوداع قال‪ :‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪(( :‬ولن‬
‫عليكم رزقهن وكسوتن بالعروف))([‪.]9‬‬
‫قال النووي‪" :‬فيه وجوب نفقة الزوجة وكسوتا‪ ،‬وذلك ثابت بالجاع"[‪.]10‬‬
‫وعن حكيم بن معاوية القشيي عن أبيه قال‪ :‬قلت‪ :‬يا رسول ال‪ ،‬ما حق زوجة أحدنا عليه؟ قال‪(( :‬أن‬
‫تطعمها إذا طعمت‪ ،‬وتكسوها إذا اكتسيت أو اكتسبت‪ ،‬ول تضرب الوجه‪ ،‬ول تقبح‪ ،‬ول تجر إل ف البيت))[‬
‫‪.]11‬‬
‫قال الصنعان‪" :‬دل الديث على وجوب نفقة الزوجة وكسوتا‪ ،‬وأن النفقة بقدر سعته ل يكلّف فوق وسعه‪،‬‬
‫لقوله‪(( :‬إذا طعمت)) كذا قيل‪ ،‬وف أخذه من هذا اللفظ خفاء‪ ،‬فمت قدر على تصيل النفقة وجب عليه أن ل‬
‫يتص با دون زوجته‪ ،‬ولعله مقيد با زاد على قدر سدّ خلته لديث‪(( :‬ابدأ بنفسك))‪ ،‬ومثله القول ف الكسوة‪.‬‬
‫وف الديث دليل على جواز الضرب تأديبا إل أنه منهي عن ضرب الوجه للزوجة وغيها‪ .‬وقوله‪(( :‬ل تقبح)) أي‪:‬‬
‫ك ال ونوه من الكلم الاف‪ ،‬ومعن قوله‪(( :‬ل تجر إل ف البيت)) أنه إذا أراد‬
‫ل تسمعها ما تكره وتقول‪ :‬قبّح ِ‬
‫هجرها ف الضجع تأديبا لا كما قال تعال‪{ :‬وَٱ ْهجُرُو ُه ّن فِى ٱْلمَضَا ِجعِ} [النساء‪ ]34:‬فل يهجرها إل ف البيت‪،‬‬
‫ول يتحول إل دار أخرى أو يوّلا إليها"[‪.]12‬‬

‫‪ -4‬أن يعلمها الي ويأمرها به‪:‬‬


‫قال ال تعال‪{ :‬وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصّلوٰةِ وَٱصْطَِب ْر عَلَ ْيهَا لَ َنسْأَلُكَ رِزْقا ّنحْنُ َنرْزُقُكَ وَٱلْعَـٰقِبَةُ لِلتّقْ َوىٰ} [طه‪:‬‬
‫‪.]132‬‬
‫قال الطبي‪" :‬يقول تعال ذكره لنبيه ممد صلى ال عليه وسلم‪ :‬وأمر ـ يا ممد ـ أهلك بالصلة واصطب‬
‫عليها‪ ،‬يقول‪ :‬واصطب على القيام با وأدائها بدودها أنت"[‪.]13‬‬
‫وقال ابن كثي‪" :‬وأمر أهلك بالصلة‪ ،‬واصطب عليها أي‪ :‬استنقذهم من عذاب ال بإقام الصلة‪ ،‬واصب أنت‬
‫على فعلها"[‪.]14‬‬
‫حجَارَ ُة عَلَ ْيهَا مَلَـئِكَ ٌة ِغلَظٌ‬
‫وقال تعال‪{ :‬يٰأَيّهَا ٱلّذِي َن ءامَنُوْا قُواْ أَن ُفسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارا َوقُودُهَا ٱلنّاسُ وَٱْل ِ‬
‫شِدَادٌ لّ يَعْصُونَ ٱللّهَ مَا أَ َمرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْ َمرُونَ} [التحري‪.]6:‬‬
‫قال الطبي‪" :‬قوله‪{ :‬وَأَهْلِيكُمْ نَارا} يقول‪ :‬وعلموا أهليكم من العمل بطاعة ال ما يقون به أنفسهم من‬
‫النار"[‪.]15‬‬
‫وقال ابن سعدي‪" :‬قوله‪{ :‬قُواْ أَن ُفسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارا} موصوفة بذه الوصاف الفظيعة‪ .‬ووقاية النفس‬
‫بإلزامها أمر ال امتثال‪ ،‬ونيه اجتنابا‪ ،‬والتوبة عما يسخط ال‪ ،‬ويوجب العذاب‪ .‬ووقاية الهل والولد بتأديبهم‬
‫وتعليمهم وإجبارهم على أمر ال‪ .‬فل يسلم العبد إل إذا قام با أمر ال به ف نفسه وفيمن تت وليته وتصرفه"[‬
‫‪.]16‬‬
‫وعن عبد ال بن عمر رضي ال عنهما أنه سع رسول ال صلى ال عليه وسلم‪(( :‬كلكم راع ومسئول عن‬
‫رعيته‪ ،‬فالمام راع وهو مسئول عن رعيته‪ ،‬والرجل ف أهله راع وهو مسئول عن رعيته‪ ،‬والرأة ف بيت زوجها‬
‫راعية وهي مسئولة عن رعيتها‪ ،‬والادم ف مال سيده راع وهو مسئول عن رعيته))[‪.]17‬‬
‫قال النووي‪" :‬قال العلماء‪ :‬الراعي هو الافظ الؤتن اللتزم صلح ما قام عليه وما هو تت نظره‪ .‬ففيه أن‬
‫كل من كان تت نظره شيء فهو مطالب بالعدل فيه والقيام بصاله ف دينه ودنياه ومتعلقاته"[‪.]18‬‬

‫‪ -5‬حق اللع‪:‬‬
‫قال ال تعال‪{ :‬وَلَ َيحِلّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ ِممّا ءاتَيُْتمُو ُهنّ شَيْئًا ِإلّ أَن َيخَافَا أَلّ يُقِيمَا حُدُودَ ٱللّ ِه فَإِنْ خِ ْفتُمْ أَلّ‬
‫ح عَلَ ْي ِهمَا فِيمَا ٱفْتَدَتْ بِهِ} [البقرة‪.]229:‬‬
‫يُقِيمَا حُدُودَ ٱللّ ِه َفلَ ُجنَا َ‬
‫قال ابن كثي‪" :‬وقوله‪{ :‬وَلَ َيحِلّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ ِممّا ءاتَيُْتمُو ُهنّ َشيْئًا} أي‪ :‬ل يل لكم أن تضاجِروهن‬
‫وتضيّقوا عليهن ليفتدين منكم با أعطيتموهن من الصدقة أو ببعضه كما قال تعال‪{ :‬وَلَ تَعْضُلُو ُهنّ لِتَذْ َهبُوا بِبَعْضِ‬
‫مَا آتَيُْتمُو ُهنّ إِلّ أَن يّأِْتيَ بِفَا ِحشَةٍ مّبَيّنَةٍ}‪ .‬فأما إن وهبته الرأة شيئا عن طيب نفس منها فقد قال تعال‪{ :‬فَإِن طِ ْبنَ‬
‫لَكُ ْم عَن َش ْيءٍ مّنْهُ نَ ْفسًا فَكُلُوهُ هُنِيئًا ّمرِيئًا}‪ .‬وأما إذا تشاقق الزوجان ول تقم الرأة بقوق الرجل وأبغضته ول تقدر‬
‫على معاشرته فلها أن تفتدي منه با أعطاها‪ ،‬ول حرج عليها ف بذلا له‪ ،‬ول حرج عليه ف قبول ذلك منها‪ ،‬ولذا‬
‫قال تعال‪{ :‬وَلَ َيحِلّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ ِممّا ءاتَيُْتمُو ُهنّ شَيْئًا ِإلّ أَن َيخَافَا أَلّ يُقِيمَا حُدُودَ ٱللّ ِه فَإِنْ خِ ْفتُمْ أَلّ يُقِيمَا‬
‫ح عَلَ ْي ِهمَا فِيمَا ٱفْتَدَتْ بِهِ‪ }..‬الية"[‪.]19‬‬
‫حُدُودَ ٱللّ ِه َفلَ ُجنَا َ‬
‫عن ابن عباس أن امرأة ثابت بن قيس أتت النب صلى ال عليه وسلم فقالت‪ :‬يا رسول ال‪ ،‬ثابت بن قيس ما‬
‫أعتب عليه ف خلق ول دين‪ ،‬ولكن أكره الكفر ف السلم‪ .‬فقال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪(( :‬أتردين عليه‬
‫حديقته))‪ ،‬قالت‪ :‬نعم‪ ،‬قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪(( :‬اقبل الديقة وطلقها تطليقة))[‪.]20‬‬
‫قال الافظ‪" :‬فيه أنّ الخبار الواردة ف ترهيب الرأة من طلب طلق زوجها ممولة على ما إذا ل يكن بسببٍ‬
‫يقتضي ذلك لديث ثوبان‪(( :‬أيّما امرأة سألت زوجها الطّلق فحرا ٌم عليها رائحة النّة)) رواه أصحاب السّنن‬
‫وصحّحه ابن خزية وابن حبّان; ويدلّ على تصيصه قوله ف بعض طرقه‪(( :‬من غي ما بأسٍ))"[‪.]21‬‬
‫وصلى ال وسلم وبارك على نبينا ممد وعلى آله وصحبه أجعي‪،،‬‬

‫[‪ ]1‬جامع البيان (‪.)3/583‬‬


‫[‪ ]2‬مموع الفتاوى (‪.)32/194‬‬
‫[‪ ]3‬تفسي القرآن العظيم (‪.)1/477‬‬
‫[‪ ]4‬تيسي الكري الرحن (‪.)1/332‬‬
‫[‪ ]5‬جزء من حديث أخرجه مسلم ف الج (‪.)1218‬‬
‫[‪ ]6‬شرح مسلم (‪.)8/183‬‬
‫[‪ ]7‬أخرجه مسلم ف الرضاع (‪.)1469‬‬
‫[‪ ]8‬نيل الوطار (‪.)359-6/358‬‬
‫[‪ ]9‬أخرجه مسلم ف الج (‪.)1218‬‬
‫[‪ ]10‬شرح مسلم (‪.)8/184‬‬
‫[‪ ]11‬أخرجه أحد (‪ ،)4/447‬وأبو داود ف النكاح‪ ،‬باب‪ :‬ف حق الرأة على زوجها (‪ )2142‬واللفظ له‪ ،‬وابن ماجه ف‬
‫النكاح‪ ،‬باب‪ :‬حق الرأة على الزوج (‪)1850‬‬
‫[‪ ]12‬سبل السلم (‪.)298-3/297‬‬
‫[‪ ]13‬جامع البيان (‪.)16/236‬‬
‫[‪ ]14‬تفسي القرآن العظيم (‪.)3/172‬‬
‫[‪ ]15‬جامع البيان (‪.)28/236‬‬
‫[‪ ]16‬تيسي الكري الرحن (‪ 5/269‬ـ ‪.)270‬‬
‫[‪ ]17‬أخرجه البخاري ف الستقراض وأداء الديون‪ ،‬باب‪ :‬العبد راع ف مال سيده (‪ )2409‬واللفظ له‪ ،‬ومسلم ف المارة (‬
‫‪.)1829‬‬
‫[‪ ]18‬شرح مسلم (‪.)12/213‬‬
‫[‪ ]19‬تفسي القرآن العظيم (‪.)1/273‬‬
‫[‪ ]20‬أخرجه البخاري ف الطلق (‪.)5273‬‬
‫[‪ ]21‬فتح الباري (‪.)403-9/402‬‬

You might also like