Professional Documents
Culture Documents
لكل قاصد
للعارف بالله تعالى سيدى
الناشر
دار جوامع الكلم
17شارع الشيخ صالح الجعفرى
الدراسة – القاهرة – ت 5898029 :
2
وصلى ا على سيدنا ومولنا محمد وعلى آله وسلم فى كل لمحة ونفس عدد ما
وسعه علم ا
قال سيدى أحمد بن إدريس رضى ا تعالى عنه :
" أما بعد :فالمر الجامع ،والقول السامع ،والسيف القاطع "
قال سيدى الشيخ صالح الجعفرى رضى ا تعالى عنه :
المر الجامع :
الذى يجمع بين العبد وربه ،كما قال سيدى أحمد بن إدريس رضى ا تعالى عنffه
" حتى ل أرى فى uوفى كل شئ إل إياك " والذى يجمع بينه وبيffن النffبى صffلى ا
عليه وآله وسلم ،كما قال أيضا " :واجمع بينى وبينه كما جمعت بين الروح والنفس
ظاهرا وباطنا يقظة ومناما".
القول السامع :
أى :المر الذى يوصلك إلى مقام السماع اللهى ،كما قال أيضffا " :وأوقفنffى وراء
الوراء بل حجاب عند اسمك المحيط فى مقام السماع العام اللهى " .
السيف القاطع :
الذى يقطع الكوان عنك كما قال أيضا " :وقلدنى سيف )جاء الحق وزهق
الباطل إن الباطل كان زهوقا( ،فإنك يا أخانا فى ا تعالى كلمffا أكffثرت مffن هfذا
الذكر الذى اختصنا ا تعالى بfه وصffلت إلffى الجمعيffن ،ف )ل إلffه إل ا (تجمffع
بينك وبين الحق سبحانه وتعالى ،و )محمد رسول ا (تجمع بينك وبين حffبيب ا
صلى ا عليه وآله وسلم .
وهذان الجمعان ل حد ول حصر لنواع الفيوضات فيهما.
حكم جعفرية
وعلى قدر الكثار تتزاحم عليك النوار. -
وعلffى قfدر السffتعداد يتنffزل عليfك المffداد ،وعلffى قffدر التفصffال -
يحصل لك التصال.
وعلى قدر ملزمتك لحزابنا تشرب من شرابنا. -
وعلى قدر تمسكك بالكتب والسنة تنال الكمال والثبات والمنة. -
وعلى قدر تمسكك بالشريعة الغffراء فffى نفسffك وأهلffك تفتffح لffك -
أبواب وصلك.
5
ومن العطاء أن تعطى نفسك لعبادة ربك التى خلقت من أجلها( ،و†م†ا خ†ل†ق…ت‡ ال…ج„نu
†ال„ن…س† إ„ل uل„ي†ع…ب‡د‡ون„()الذريات(56:
و …
لنك إذا أعطيت نفسك لله يسرك لليسرى ،ومن أنواع اليسرى بل وأجلها مffا أشffار
إليه شيخ الولياء سيدى أحمffد بffن إدريffس -رضffى ا تعffالى عنffه -بقffوله " :ثffم
تأخذنى العناية اللهية إليها فتجذبنى جffذبا قويffا مغمffورا بffالنور مصffحوبا بffأنواع
اللطف والرحمات فتلقينى فى وسط لجة بحر الذات فتغرقنى فيه غرقffا ل حffد لffه
ول حصر حتى تكون ذاتى كلها بصرا ذاتيا إليها صرفا من جميع الجهات".
قال مهبط النوار والسرار سيدى المام الشيخ صالح الجعفرى –رضffى ا
تعالى عنه " : -وهناك يحصل التخلى بعده التجلى:
وإن هى ناجتنى فكلى مسامع إذا ما بدت ليلى فكلى أعين‹
وإذا كانت الffذات بصffرا إلهيffا أدركffت مffا ل يffدركه المffدركون ،وأبصffرت مffا
ليبصره المبصرون:
ترى ما ل يراه الناظرونا قلوب العارفين لها عيون‡
وقوله –رضى ا تعالى عنه " : -فتفيfض علfى جميfع ذاتfى أنfوار شfهود
الذات فيضا منزها عن الحدود والكيفيات".
قال سيدنا ومولنا خزينة النffوار والسffرار الحسffينية فضffيلة الشffيخ صffالح
الجعفرى –رضى ا تعالى عنه " : -واعلم يا أخانا أنه كما ل حصر لشهود الffذات
فى قلبك ل حصر لفيوضات الذات على روحك ،وكما أخفى سر روحك عنك أخفffى
حصر فيوضاته عليffك ،وكمffا أخفffى عنffك اتصffال روحffك بffه أخفffى عليffك اتصffال
فيوضاته النازلة عليك به ،وهكذا يا أخانا ل تزال تسبح فى بحر منffزه عffن الحffدود
والكيفيات ،طول الحياة وبعد الممات ،جادا على منهاج سراج أفق اللوهية ومعدن
السرار الربانية ،مصحوبا بنوره ،مغمورا فى ألطاف ربك ،وفffى قffوله –رضffى ا
تعالى عنه " : -مغمورا بالنور مصحوبا بأنواع اللطف والرحمات" قال سيدى الffولى
أبو سيدى عبد الغنى الغوث سيدى صالح الجعفرى –رضى ا تعالى عنه ": -فيffه
الشارة إلى الصلة على النبى –صلى ا عليه وآله وسffلم –إذ بهffا يكffون –صffلى
ا عليه وآله وسلم – معك ،وهffو النffور الffذى يمكنfك أن تبصffره ،لن نffور الffذات
القدس ل يرى فى الدنيا ،واللطف والرحمة يتنزلن عليك بسبب الصffلة عليffه كمffا
9
فى الحديث ) :من صلى على uمرة صلى ا عليه بها عشرا(وصلة ا عليك رحمة
عليك ولطف بك.
ولنرجع إلى تفسير " طريق" فالطاء طهر ،وقد تقدم شرحه.
والراء :رحمة .
لنك إذا تطهرت فقد أعددت نفسك لرحمة ربك وهى الطاعة ،قال تعffالى :
و†ل†و…ل ف†ض…ل‡ اللuه„ ع†ل†ي…ك‡م… و†ر†ح…م†ت‡ه‡ م†ا ز†ك†ى م„ن…ك‡م… م„ن… أ†ح†د› أ†ب†دا()النور :من الية (21
والمعصية عذاب لمن لم يطهروا ظاهرهم وبffاطنهم ،فمffتى طهffرت فقffد ر†حمffت
ور‡حمت.
فالطهر كحفر الساس ،والرحمة كأول بناء يوضع فى السffاس ،قfال عليfه
الصلة والسلم ) :من ل يرحم ل يرحم(فمن رحم نفسfه بتطهيرهfا مffن معاصfى
ربها رحمه ا بطاعته والتوفيق إليها ،فدخولك فى طريق أهل ا سبب يوصffلك
الخ„fر†ة† و†س†fع†ى ل†ه†ffا س†fع…ي†ه†ا و†ه‡fو† م‡fؤ…م„ن‹
إلى رحمة ا ،قال تعffالى ( :و†م†fن… أ†ر†اد† …
ف†أ‡ول†ئ„ك† ك†ان† س†ع…ي‡ه‡م… م†ش…ك‡ورا()السراء(19:
فطريق ا هو السعى الموصل إلى رحمة ا تعffالى ،ومffن أخطffأه فقffد
أخطأ طريق الرحمة.
" والياء :يقين " .
هى عبادرة عما يحصل للنسان الذاكر بسبب الواردات والكسف مما يجعله يffزداد
إيمانا ويقينا ،قال تعالى ( :و†إ„ذ†ا ت‡ل„ي†ت… ع†ل†ي…ه„م… آي†ات‡ه‡ ز†اد†ت…ه‡م… إ„يم†انا ()النفffال :مffن اليffة
(2
ومن اليات المعجزات للرسل الكرام عليهم الصلة والسلم،كقوله تعالى(:اق…ت†ر†ب† fت„
السuاع†ة‡ و†ان…ش†ق uال…ق†م†ر .و†إ„ن… ي†ر†و…ا آي†ة` ي‡ع…ر„ض‡وا و†ي†ق‡ول‡وا س„ح…ر‹ م‡س…ت†م„ر)(œالقمر ( 2-1
ومن اليات كرامات الولياء الخارقة للعادة يزداد بها الولى إيمانا ويزداد غيfره مfن
المؤمنين إيمانا.
" والقاف :قرب ".
قرب من ا تعالى ،وذلك بعد الطهر والرحمة واليقين كما قال سيدى أبو الحسffن
الشاذلى رضى ا تعالى عنه.
10
وأقرب منى قربا يمحو عنى كffل حجffاب محقتffه عffن إبراهيffم خليلffك فلffم
يحتك لجبريل رسولك ول لسؤاله منك ،وكيffف ل يحجffب عffن مضffرة العffداء مffن
غيبته عن منفعة الحياء؟.
قوله :طريق ا
الضافة للتشريف ،أى من دخله كان محفوفا ببركة ا تعالى ولطفه ،وبره وكرمه،
وحفظه وعنايته وإكرامه ،وإحسانه وبركاته ،ووارداتffه وألطffافه الظffاهرة والخفيffة
ممتدا من شجرة الصل النورانية.
فتتزاحم عليه العلوم والمعارف ،وتتنزل عليه الرقائق واللطائف.
قال سيدى عبد السلم السمر –رضى ا تعالى عنه : -أخبرنى جدى عليffه
السلم :عن تالى وردى يموت على السلم.
وقال –رضى ا تعffالى عنffه : -مffن تل وردى بffإذن ا يffبرأ ويعيffش فffى الffدنيا
فرحان.
وقال –رضى ا تعالى عنه : -يا داخل حزبى بشراك ،الخيffر أتffاك ،فل تخffف كيffد
الشيطان.
قال شيخنا –رضى ا تعالى عنه ) :إن العاقل الذى يريد نجffاة نفسffه مffن
جميع المهالك ،ويريد أن يدخله ا فى سلك المقربين فى جميع المسالك(.
قال سللة آل البيت سيدى صالح الجعفرى –رضى ا تعالى عنه : -عffرف بعffض
العلماء العقل بأنه نور روحانى ،بد تدرك النفffس العلffوم الضffرورية ،وهffو أعظffم
النعم على النسان،إذ به يكون إنسانا ،وبغيره ل يساوى بهيمة ،وقffد جعffل ا بffه
التكليف ،وبدون يرفع القلم.
قال بن عاشر رضى ا تعالى عنه " :وكل تكليف بشرط العقل ".
قال صاحب الورد الثرى سيدى الشيخ صالح الجعفرى –رضى ا تعffالى عنffه" : -
العاقل هو الذى يفكر فى نجاة نفسه من نفسه ،قال تعffالى( :إ„ن uالنuف… fس† †ل†مffuار†ة‹
ب„السžوء„ إ„ل uم†ا ر†ح„م† ر†بˆي()يوسف :من الية (53
فنجاتك بعقلك من سوء نفسك بما سيذكره لك الشيخ ودخولك فى حضffرة
المقربين.
قوله رضى ا تعالى عنه ) :إذا أراد أن يدخل فى أمر مffن أمffوره قffول ` أو
فعل ` فليعلم أن ا تعالى لبد أن يوقفه بين يديه ويسffأله عfن ذلffك المffر ،فليعfد
11
الجواب لسؤال الحق تعالى قبل أن يدخل فى ذلك المر ،فإن رأى الجواب صffوابا
وسدادا يرتضيه الحق تعالى ويقبله منه فليدخل فى ذلffك المffر فعffاقبته محمffودة
دنيا وأخرى(.
)إذا أراد أن يدخل فى أمر من أموره(
قال وحيد عصره وزمانه صاحب النوار والسرار سffيدى صffالح الجعفffرى –رضffى
ا تعالى عنه " :معناه نوى أن يقوله أو أن يفعله ،والنية هى العزم علffى الشffئ
مقترنا بفعله ،ومحلها القلب ،والقلب بيت التجلى ،ومكffان التخلffى والتحلffى ،وتffارة
يكون مع ملك ،وتارة يكون من شيطان.
قال السهروردى –رضى ا تعffالى عنffه " : -والffذى يكشffف لنffا عffن هffذا
ويوضحه لنا الحديث النبوى ،قال عليه الصلة والسلم ) :إن للملك لمffة وللشffيطان
لمة ،فلمة الملك إبعاد بالخير وتكذيب للشر ،ولمة الشffيطان إبعffاد بالشffر وتكffذيب
للخير(.
ونقل المام الشريف السيد أحمد بن إدريffس –رضffى ا تعffالى عنffه فffى
كتابه روح السنة ما نصه :
" قال عليه الصلة والسلم )إن الشيطان واضع خطمه على قلffب ابffن آدم
فإن ذكر ا خنس وإن نسى التقم قلبه(.
واعلم يا أخانا فى ا تعالى أن الخاطر الذى يخطر بقلبك طالبfا منfك فعل `
أو قول ` فاعرضه على الكتاب والسنة ،فإن قبله فاعلم أنه من الملffك فسffارع فffى
إنفاذه ،وإن لم يقبله ففر منه فرارك من السبع واعلم أنه من الشيطان.
وقد يوسوس الشيطان للنسان بأشياء لو نطق بهffا لكفffر ،فffإذا وصffل إلffى ذلffك
فليعلم أنه وصل إلffى كمffال اليمffان ،ول يجffادل الشffيطان فffإن المجادلffة تزيffده
تمكينا ،كما نقffل ذلffك عffن سسffيدى أحمffد زروق رضffى ا تعffالى عنffه ونظمffه
الناظم بقوله الذى سمعته عن شيخى المحدث الشيخ حبيب ا الشنقيطى رحمffه
ا تعالى بالمسجد الحسينى:
والقلب يأباه هو اليمان وما به يوسوس الشيطان
فإنه يزيده تمكينا فل تجادل عنده اللعينا
ولم تزل أرواقه تروق قاعدة أسسها زروق
قال شيخنا رضى ا تعالى عنه :
12
) قول` وفعل`(
يقول سيدى العارف بالله تعالى الشيخ صالح الجعفرى رضffى ا تعffالى عنffه " :
القول ما يلفظ به اللسffان ،والفعffل هffو الffذى تفعلffه الجffوارح ،وعلffى كffل ثffواب
وعقاب ،وفى كل نور وظلمة ،وسfعادة وشffقاوة ،ورضffا وسffخط ،وراحffة وتعffب،
وقرب وبعد ،وجنون وعقل ،وعزل وذل ،وغنى وفقر ،وعلم وجهل ،وبركة ومحقة،
وعدل وظلم ،وقبول ورد ،وتقدم وتأخر ،وجنة ونار.
قال ا تعالى(:إ„ن… ت†تuق‡وا اللuه† ي†ج…ع†ل… ل†ك‡م… ف‡ر…ق†انا ()النفال :من الية(وهffذا الفرقffان
هو المميز الذى يعرف به النسان الخير وما يتبعه ،والشر وما يتبعه ،وأهل تجلffى
الفعال يحجبهم عن كل ما يغضب ا من قول وفعل.
قوله رضى ا تعالى عنه:
"فليعلم أن ا تعالى لبد أن يوقفه بين يديه ويسأله عن ذلك المر".
الوقوف بين يدى ا تعالى
يقول العارف بالله تعالى سيدى الشيخ صffالح الجعفffرى رضffى ا تعffالى عنffه :
الوقوف بين يدى ا تعالى يوم القيامة أمر عظيم يرعffب النفffس ويخيffف القلffب،
ويبعث على الفرار من كل ما فيه غضب ا تعالى.
قال تعالى ) :أل يظن أولئك أنهم مبعوثون .ليوم عظيم .يوم يقffوم النffاس
لرب العالمين(.
وكذلك الحساب أمر يبعث النفس على نقد عملها من قول أو فعل ،لن من
علم أن سيحاسب حاسب نفسه ،قال الشاعر:
لكان الموت راحة كل حى ولو أنا إذا متنا تركنا
ونسأل بعد ذا عن كل شئ ولكنا إذا متنا بعثنا
ومن المواقف :الصلة ،لن المصلى يناجى ربه ،فffإذا تffذكر أن يقffف بيffن
يدى الحق تعالى كل يوم خمس مرات كان زاجرا له عن الوقوع فى شئ يغضبه.
واعلم يا أخانا أن الذان يمنزلة النفخ فffى الصffور ،والقيffام للصffلة بمنزلffة
البعث ،لنه وقوف بين يدى ا تعالى ،وفيها سماع لكلم ا ،وذكر لله ،وخشffوع
وخضوع لله.
وإذا كان المر كذلك فكل من يتffذكر أن سffيقف هffذا الموقffف لبffد أن ينهffاه هffذا
التذكار للصلة وموقفها وروعته وما فيها من خشوع وخشffية للffه عffز وجffل وتلffذذ
13
بسماع كلمه العظيم ،وإجلل وإكبار لمشاهدة هيبffة كمffال جلل الحffق سffبحانه،
كل ذلك لبد أن يكون ناهيا وزاجرا عن الدخول فffى أمffر ل يحبffه ا ول يرضffاه،
مصداقا لقوله تعالى ( :إ„ن uالصuلة† ت†ن…ه†ى ع† fن„ ال…ف†ح…ش†ffاء„ و†ال…م‡ن…ك† fر„ ()العنكبffوت :مffن
الية (4
إذا فهمت كلمى هffذا لبffد أن ينقffدح فffى قلبffك معنffى غريffب لهffذه اليffة
الكريمة.
صلة الواصلين
وصلة السائرين إلى ا
وكثير من النffاس يقffول :فلن يصffلى ويفعffل المنكffر ،لنهffم فهمffوا أن المصffلى
يستحيل عليه فعل المنكر ،ولعل معنى )تنهى(يختلف باختلف الشffخاص ،فمنهffم
من تنهاه عن الوقوع فffى المنكffر بمعنffى تمنعffه ،ومنهffم مffن تنهffاه بعffد الوقffوع
بمعنffى تلffومه وتffؤنبه ،فffالول :صffلى صffلة الواصffلين ،والثffانى :صffلى صffلة
السائرين(ع†س†ى اللuه‡ أ†ن… ي†ت‡وب† ع†ل†ي…ه„م…()التوبffة :مffن اليffة (102وكffذلك تلوة القffرآن
تعتبر كحستب من ا تعالى للنسان ،فمن صلى كان كمن وافى الموقف ،ومffن
سمع القرآن كان كمن وافى الحساب.
فكم لم من موقف وأنت ل تفكر.
وكم لك من محاسبة وأنت ل تتدبر.
ونومك موت ،ويقظتك بعث.
فكم لك كم موت وأنت لهى.
وكم لك من بعث أنت ساهى.
قال شيخنا رضى ا تعالى عنه " :فإن رأى الجواب صوابا وسدادا يرتضffيه
الحق سبحانه وتعالى ويقبله منه فليffدخل فffى ذلffك المffر فعffاقبته محمffودة دنيffا
وأخرى".
أجرا عظيما ،ويصدق عليك قوله تعالى( :م†ن… ع†م„ل† ص†ال„حا م„ fن… ذ†ك† fر› أ†و… أ‡ن…ث†ffى و†ه‡ fو†
م‡ؤ…م„ن‹ ف†ل†ن‡ح…ي„ي†نuه‡ ح†ي†اة` ط†يˆب†ة` و†ل†ن†ج…ز„ي†نuه‡م… أ†ج…ر†ه‡م… ب„أ†ح…س†ن„ م†ا ك†ان‡وا ي†ع…م†ل‡ون†()النحل(97:
وأعظم شئ فى الحياة الطيبة صffحبة الحffق سffبحانه وتعffالى ومشffاهدته
والنس به والتلذذ بذكره ،ومناجاته ودعائه ،وبذلك يكون فى جنة المشffاهدة الffتى
شرفها التواضع ،كما قال سيدى عمر بن عبد الفارض رضى ا تعالى عنه:
فضرف قدرى فى هواها التواضع توضعت ذل ` وانخفاضا لعزها
والتوجه فيها إلى الجمال العالى ،كما قال أيضا رضى ا تعالى عنه:
إليه وجهت كلى جمالكم نصب عينى
والقلب طور التجلى وسركم فى ضميرى
وبذلك تشرب من صافى شراب بحر عشق سffلطان العاشffقين مffن رحيffق
مختffوم مسfك " وتجfل uلfى يfا إلهfى بسfر توحيfد الذاتالمطلسfم فfى آيfة النانيfة
الموسوية( :إ„نuن„ي أ†ن†ا اللuه‡ ل إ„ل†ه† إ„ل uأ†ن†ا ف†اع…ب‡د…ن„ي و†أ†ق„م„ الصuلة† ل„ذ„ك…ر„ي()طfه(14:
حتى يكون ذلك السر روحا لذاتى من جميع الوجوه.
فقال ابن الفارض رضى ا تعالى عنه :
مذ صار بعضى كلى وصرت موسى زمانى
وتقدم مولنا صاحب العلم النفيس سيدنا أحمد بن إدريس رضffى ا تعffالى عنffه
فقال" :وينادينى منادى التحقيق مffن حضffرة القffدس العلffى بلسffان التصffديق( :
ف†اع…ل†م… أ†نuه‡ ل إ„ل†ه† إ„ل uاللuه‡ ()محمد :من الية (19محمد رسول ا صلى ا عليه وآله
وسلم.
وقال سلطان المادحين الغوث سيدى صالح الجعفرى رضى ا تعالى عنه
وأنت وارثه على قدمه تهدى بهديه إلى صراط مستقيم ،مرآة الذات المحمدية لكffل
ذى بصيرة بصيرية ،آخذا عنffه بواسffطة السلسffلة المباركffة المتصffلى بffذى المقffام
المحمود وبل واسطة من طريق الجمع الحقيقى بالffذى ليffس معffه لبffاب إغلق،
على بساط أنس ":واجمع بينى وبينه كما جمعت بين الروح والنفس ظffاهرا" فيمffا
يمكن إظهاره " ،وباطنا " فيما يجب إخفاؤه ،وما ظهffرت علffوم وحكffم ،ومعffارف
وعوارف ،وخوارق ودقائق ومffدارك ،وعجffائب وغffرائب ،والffزم البعffض الكتمffان
يقظة فى عالم المشاهدة ،ومناما فى عالم الغيب " ،واجعله يارب روحffا لffذاتى "
بدل روح حياتى حتى أحيا به حياته ممدا منه ممffدا لحبffابه ،إذ لffول الواسffطة لمffا
15
حصلت المعرفة ،فبه عرفت وبه عرفت الحباب الذين حبهم منffه وإليffه والقffائمين
بالصلة والسلم بين يديه حتى غابوا عن أنفسهم بنفائس درر معانى نظراته ،فى
ميادين مجامع حضراته ،فنقلوا عنه ما عز نقله وظهر فضله:
غرفا من البحر أو رشفا من الديم وكلهم من رسول ا ملتمس
قال شيخنا رضffى ا تعffالى عنfه " :حffتى تكfون حقيقffتى هfى البرنامffج
الكبير الجامع المحيط بأسرار كتاب حضرات الديوان اللهى ،وأكون المفيffض علffى
الكل من الفيض القffدس ينبffوع عيffن مffادة الوجffود اللهfى الزلffى ،نبيfك سfيدنا
ومولنا محمد صلى ا عليه وآله وسلم نقطة وجه جمال حسffن الحffق المشffهود
اللهى البدى ،حتى ل يبقى على عين بصيرتى بffل ول علffى عيffن ذاتffى كلهffا مffن
خيالت الباطل من شئ حتى تنهزم جيوش الباطل كلها وتنعدم لما جffاء نصffر ا
والفتح".
قال سراج الواصلين وقدوة المحققين الغوث سيدى صالح الجعفرى رضffى
ا تعالى عنه " :والنصر والفتح هffو الجتمffاع العظffم بffه صffلى ا عليffه وآلffه
وسلم".
ول شك أن مشاهدة الحسffن المشffهود بffه يحصffل تمffام الشffهود القffاطع
لمشاهدة خيالت الباطل الحاصلة باستتار شffمس الحقيقffة بأوهffام غيffوم سffحب
العلقئق العائقة عن تمام الشهود ،إذ بتمام شهوده يحصل النصر المنشffود ،الffذى
بسيفه يزهق كل باطل مفقود ،ويظهر كل حق موجود.
قال شيخنا رضى ا تعالى عنه :وقلدنى سيف ( :و†ق‡ل… ج†اء† ال…ح†ق žو†ز†ه†ق† ال…ب†اط„ل‡
إ„ن uال…ب†اط„ل† ك†ان† ز†ه‡وقا()السراء(81:
قال مفخرة السلف وقدوة الخلف الغوث سيدى صالح الجعفرى رضffى ا
تعالى عنه :أمام تلfك النffوار المحمديfة والسfرار الحمديfة والنظffرات الجماليffة
والهيبة الجللية:
إن تلقه السد فى آجامها تجم ومن تكن برسول ا نصرته
أو يرجع الجار منه غير محترم حاشاه أن يحرم الراجى مكارمه
وجدته لخللصى خير ملتزم ومنذ ألزمت أفكارى مدائحه
16
وبذلك تتحق الوراثة النبوية التى بها الجمع ونزول الفيض ،حتى يكون هو المفيض
على الكل بعد التصال بمن كارت من رشاشات فاقتسمتها بحكffم المشffيئة جميffع
المبدعات من بحر زاخر وديم فياض.
غرفا من البحر أو رشفا من الديم وكلهم من رسول ا ملتمس
وكما قال ختم أهل العرفان سيدنا الشريف السيد محمد عثمffان الميرغنffى
رضى ا تعالى عنه:
كعيون من بحور تمتل علمه من العلوم منه العلوم
فكم لشيخنا علمffة زمffانه وفريffد وقتffه وأوانffه مولنffا الشffريف ذى العلffم
النفيffس سffيدى أحمffد بffن إدريffس رضffى ا تعffالى عنffه مffن فيوضffات تلقاهffا،
ومعارف أملها ،فأضاءت به قلوب صفت ،ووصffلت بffه أنفffس رقffت ،ووصffلت بffه
رجال تخلت ،وشاهدت به أرواح تعلت ،فكان علمه كالكسير ،الذى به النحاس إلى
ذهب يصير.
فكم حل من أسير ،وأغنى من فقير.
وكم هذب بكلماته ،وربى بنظراته ،وله فى كل زمان تربيات ،ومع كل مريffد
كرامات ،فهو كالشمس مدت شعاعها ،وأضاءت بقاعهffا ،فلffن تحجبهffا السffماء ،إل
عمن كان تحت سماء ،فاخرج نفسك من تحت سقف كسلك وخمولك ،كى تحظffى
بعد تلوة أورادك بنورك ووصولك ،فترى مffا ل يffراه النffاظرون ،وتصffدق مffا قffاله
العارفون ،فابشربخير ما ساقك إلى وردك المورود ،فعن قريب ستحظى بحffوض
شيخك المورود ،وإنك لهو كما هو أنت ،بروابfط أسfرار أنfوار لوامffع علئق روابfط
عffالم أزل يffوم أن نffوديت فffأجبت ،يffوم أن حصffل التعffارف ،بينffك وبيffن شffيخك
العارف ،فعرفك وأنت له منكر.
(و†ج†اء† إ„خ…و†ة‡ ي‡وس‡ف† ف†د†خ†ل‡وا ع†ل†ي…ه„ ف†ع†ر†ف†ه‡م… و†ه‡م… ل†ه‡ م‡ن…ك„ر‡ون†()يوسف(58:
فلما قال لهم ) :هل علمتم(عرفوه ،وكذلك المشايخ ل يتعرفون للمريffدين إل بعffد
أن يعلم المريد علم الحقيقة ،وتوهب لffه تلffك الرقيقffة فيقffول لشffيخه – إذ ذاك –
أأنت الذى كنت معى هناك؟ فيحصffل أنffس بعfد أنfس ،وقffرب بعffد لبffس ،ولكffن
بفضل ا الذى أحصى كل شئ عددا.
(و†ل†و…ل ف†ض…ل‡ اللuه„ ع†ل†ي…ك‡م… و†ر†ح…م†ت‡fه‡ م†ffا ز†ك†ffى م„ن…ك‡fم… م„fن… أ†ح†fد› أ†ب†ffدا()النfور :مffن اليfة
(21فبتزكية ا لعباده ،يظهر فيهم أثر إرشاده.
17
أولى اللباب ،فل خوف أقلقك من غيره له حتى تطمئن بذكره ،ول بعث فيك غيرة
تسبيح الطائر فى وكره.
أما آن لffك أن تتخلffص مffن أقفffاص نفسffك وظلمffات حجبffك ،إلffى أنffوار تجليffات
مشاهدة ربك ،حتى تتنزل عليك كمالت ل تتناهى ،فتدخل فى فلح (ق†د… أ†ف…ل†ffح† م† fن…
ز†كuاه†ا()الشمس (9:فتكتسى من سندس (†عال„ي†ه‡م… ث„ي†ffاب‡ س‡fن…د‡س› خ‡ض…fر‹ و†إ„س…fت†ب…ر†ق‹ (
)النسان :من الية (21ونفسك قد زكت وربffك ناداهffا(ي†ffا أ†يuت‡ه†ffا النuف… fس‡ ال…م‡ط…م†ئ„نf uة‡(
)الفجر(27:ذكرت فزكت فصفت فاطمأنت فصغت فسمعت )ارجعى(عffن السffوى،
فقد أضر بك البعد عن خالقك ،فهلم يا نفس هلم )إلى ربك(الذى خلقffك فسffواك،
وبما ناسب مستواك رباك ،وكنffت ميتffا بffذكره أحيffاك ،وفffى وادى قدسffه أجلسffك
وهناك)راضية(به عمن سواه لما مزقت للسودى ،وأعرضت عن الملك ومffا حffوى،
فصارت )مرضية(عند من على العرش استوى.
فأذن لها بالدخول فى حضرة أهل الوصول )فادخلى فى عبادى(فهffم أفضffل مffن
يحبهم ،ولولهم ما خلقت النة ،فهم الوارثون وهو تراثهم ،وهfم المنعمfون وهfى
نعيمهم.
)وادخلى جنتى(جنة الشهود اللهى فى الffدنيا معهffم فffى حضffرات أذكffارهم " إذا
مررتم برياض الجنة فارتعوا" وجنة النعيم فى الخرة(إ„ن uال…م‡تuق„ين† ف„ي ج†نuات› و†ن†ه† fر›(
)القمر(54:
فكم أشغلت نفسك عنا بأمور تريد فتح أبوابهffا فمffا فتحffت لffك البffواب ،وأحزابنffا
مفتوحة لك أبوابها وترفك حجابهffا ،وقffد أذنffاك كمffا أذن لمffا مffن ينبffوع الحقffائق
الوجودية صلى ا عليه وآله وسلم.
فادن أيها المريد من حضرة الشيخ تنل ما تريد وفوق ما تريد.
قال سيدى عبد السلم السمر رضى ا تعالى عنه:
ول تخالف علىu أدن منى نعطيك مناك
" وأما أن رأى أن ذلك الجواب ل يقبله الحق تعffالى منffه ول يرتضffيه فليشffرد مffن
ذلك المر ،أى أمر كان فإنه وبال عليه إن دخل فيه"
فإن قيل :إن المكروه هو الذى ل عقاب فى فعله ،فكيف يكون وبال̀؟
" الجواب" :أن الوبال أقسام ومنه الوبال الروحانى القلffبى ،ول شffك أن المكffروه
يضر الروح والقلب.
فإن قيل :إن حديث النفس بالسوء معفو عنه فكيف يكون وبال̀؟
قال عليه الصلة والسلم ) :إن ا تجاوز عن أمتى ما حدثتها به أنفسها(.
"والجواب" :كما قال سيدى أبو الحسن الشاذلى رضى ا تعالى عنه :القلffب لffه
عينان يؤذيهما التفكر فى الحرام والمكروه كما يؤذى الريح الشديد البصر.
خرق الحجب
واعلم يا أخانا بارك ا فينا وفيك أن رؤيته صلى ا عليه وآله وسلم يقظة تكffون
عن طريق خرق العادة ،وذلك بعد أن تصل إلى رؤية ما وراء الجffدار ونحffوه ،ول
يكون بعين البصر ،وإنما يكون بعين البصيرة القلبية ،ويكون فى حال› عجيب ،وعند
احتجابه صلى ا عليه وآله وسلم عنك ترجع إلى حالتك الولى ،وذلك لعلو قffدره
صلى ا عليه وآله وسلم.
وإذا حضر صلى ا عليه وآله وسلم بمجلس ولffم تحصffل لffك رؤيتffه ربمffا
شعرت باهتزاز الرض ،وذلك لك دون غيرك ،وربما شممت رائحة طيبة.
أقرب الطرق الموصلة لرؤية النبى صلى ا عليه وآله وسلم
وفى الصلة العظيمية ما يكشف لك كثيرا من مثل هذا ،فعليك بها إن أردت أقffرب
الطرق الموصلة وأهونها عليك بهذه الشروط وهى :
أن تسبغ الوضوء مراعيا فضائله مع استعمال السواك. -1
صلة ركعتين :الولى بالفاتحة والنصر ،والثانية بالفاتحة والخلص. -2
بعد السلم تذكر ذنوبك وتنوى التوبة النصوح مffن جميffع المعاصffى، -3
ثم تتلو الستغفار الصغير سبعين مرة والسfتغفار الكffبير سffبع مffرات ،ثfم
تتلو الفاتحة لشيخك وتشاهده بقلبك عن يمينك ثم تشاهد الحضرة النبويffة
أمامك.
ثم تتلو الصلة العظيمية بقدر الستطاعة وتفتح عينى قلبffك عنffد قولffك " تعظيمffا
لحقك يا مولنا يا محمد يا ذا الخلق العظيم".
ول تزال تترقى ما داومت على هذه الكيفية ،وقد أشار إليه السيد الختم الميرغنffى
رضى ا تعالى عنه ،وقليل من هذا خير من كثير.
فل تجعلن قولى هffذا منffك موضffع الهمffال ،حffتى يفتffح ا لffك مffا تعسffر مffن
القفال.
واجتنب عند ذلك أكل البصل النيئ والثوم والكرات والفسيخ وكل ذى رائحة كريهffة،
ولبد من حلق ما أمرت بحلقه ،ونتف البffط وتقليffم الظffافر ،وأن تطيffب جسffمك
بالطيب وثيابك ،والمسك أطيب ،وبخور المستكى التركى مع شئ من العود أو عود
الند.
قال بن النحوى رحمه ا تعالى
فاحذر إذ ذاك من العرج وإذا أبصرت منار هدى
26
قال سيدى الشيخ صالح الجعفرى رضى ا تعالى عنffه :أى ذلffك المffر الممنffوع
شرعا.
والوبال هو العذاب ،فتارة يكون فى الدنيا والخرة ،وتارة يكون فى الffدنيا ،وتffارة
يكون فى الخرة.
واعلم يffا أخانffا هffداك ا وهffدانا :أن مشffايخ الطريffق يقولffون فffى كلمهffم " :
تجمعنا الطاعة وتفرق بيننا المعصية".
وأى وبال أشد على المريد من التفرقة بينه وبين شيخه؟
فالشيخ باب الحضرة النبوية ،والحضرة النبوية باب الحضرة القدسffية ،فمffن عffرف
البابين دخل فى الحضرتين ،قال سيدى الشيخ صffالح الجعفffرى رضffى ا تعffالى
عنه فى ذلك:
به الوصل بالمختار فى حضرة القرب فبابك للمختار شيخك يا فتى
ويدنيك من رب الوجود بل حجب وبالسيد المختار ترقى إلى العل
تنبيه خطير
وأردت بالشيخ شيخ الطريق الذى فى الffبرزخ ،وأمffا الffذى تلقيffن عنffه الوراد فهffو
بابك إلى الشيخ صاحب الوراد ،وبدونه يتعذر عليك الوصول ،ويكفى فيfه اسffتقامة
الظffاهر مffن فعffل الواجبffات وتffرك المحرمffات ،لن طffاعته ل تنفعffك ومصffيته ل
تضرك.
وإنمffا اتصffالك بفعالffك ومقالffك وبشffيخك المجffازى هffذا الffى شffيخط الحقيقffى
المأذون من الحضرة النبوية.
فائدة
رأيت فى منامى وأنا فى الزهر الشريف رجل ` يقدم إلى الزهر ،ولحت لى إشارة
من سيدى السيد عبffد القffادر الجيلنffى رضffى ا تعffالى عنffه أن اسffتقبله ،وبعffد
الرؤية حضر رجل من الجزائر يبلغ الستين من عمره ،وعليه عبffاءة مغربيffة خلقffة،
وكنت قد أحضرت ثوبا أبيض من السودان يسمى )شقة(وذهبffت بffه إلffى الخيffاط،
وأمرته أن يجعله لى عباءة مغربية فمffاطلنى مffدة شffهرين ،فلمffا ذهبffت بffه إلffى
الخياط قال لى :هذا صاحب العباءة ل أنت ،وخاطها فى يومها وأعطيتهffا لffه ،ثffم
قلت له :ما اسمك؟
قال :أحمد الجيلنى.
قلت :ما طريقك؟
28
قال :قادرى.
فمكث فى الزهر أشهرا وهو يصوم النهار ويقوم الليل ،ويجلس وحده منعزل ` عن
الناس ،فدخلت عليfه ذات يfوم ونfويت بقلffبى أن ألتمffس منffه شffيئا مffن السffرار،
فوجدته جالسا مستقبل القبلة يذكر السم المفرد بالمد)ا (ودمffوعه تتقffاطر مffن
عينيه ،فجلست عن يمينه ،فالتفت إلfى uونظfر بغضffب وقfال لfى :لكونffك أكرمتنffى
وخدمتنى تريد أن أعطيك سرا من أسرار ا؟ ما فى لك عندى شئ ،ما فى إذن.
ثم هدأ غضبه وقال لى :يا بنى لكونك أكرمتنى سأدلك على شئ هffو أعظffم مffن
السر الذى تريده :اعلم أن كل شيخ طريق مأذون من رسffول ا صffلى ا عليffه
وآله وسلم ،فالمدد فى أوراده لمريديه ،فعليك بأوراد الشيخ الذى أنfت تنتمfى إليfه
ففيها المدد لك ل فى غيرها ،فل مدد فى ورد بغيffر إذن ،ول إذن لمريffد فffى غيffر
أوراد شيخه ،فل تطلب شيخاً` غيره ول وردا غير ورده.
وأصول الصوفية تنحصر فى هذه الكمالت:
فناء فى الشيخ.
فإذا رأى منك قدمك إلى رسول ا صلى ا عليه وآله وسلم.
فإذا رأى منك النبى صلى ا عليه وآله وسffلم الفنffاء فيffه صffلى ا عليffه
وآله وسلم قدمك إلى ا تعالى.
ثم سافر هذا الرجل إلffى المدينffة المنffورة ومكffث بهffا زمنffا ،ثffم رجffع إلffى بلده
وتوفى بها عام 1370ه fتقريبا عليه الرحمة والرضوان.
ومن الوبال على المريد إنكffاره علffى شffيخه المباشffر ،أو علffى شffيخه الffذى فffى
البرزخ ،وعليه أن يسلم تسليما.
ثلثة على خطر
سمعت من شيخى وأستاذى الذى هو كان سببا لى فffى الخيffر الكffثير أخffذت عنffه
العهد منذ خمسة وثلثين عامffا وذكffرت معffه كffثيرا ،وخffدمته ولزمتffه ورأيffت منffه
الكرامات والبركات ،سللة السبط سيدنا ومولنا السيد الحسffن رضffى ا عنffه ،أل
وهو السيد محمد بن السيد عبد العالى ابن المام شيخ الطريقة ومعffدن الحقيقffة
سيدنا ومولنا السيد أحمد بن إدريس رضى ا تعالى عنهم أجمعين.
سمعته وهو شيخى وأستاذى السيد محمد بن السffيد عبffد العffالى الملقffب بالسffيد
الشريف يقول:
29
وهكذا إن شاء ا كلما وقفت فكرتffى رددت سffفينتى حffتى يقffال لffى :ذاك مffن
الشيخ ل منك.
إشارات خفية خطيرة
وهكذا فى الحال ما يغنى عن المقال ،وفى الشارة ما يغنى عffن العبffارة ،وفffى
التسليم شارب التسنيم ،وفى المحبة شراب المربة ،وفى المشاهدة ما يغنffى عffن
المجاهدة ،وفى مشاهدة ابن إدريس ما يغنى عن التدريس ،وفى ملحظته تنزيل
عبارته ،وفى خياله فيوضات مقاله ،وفffى إكبffاره هffاطلت أسffراره ،وفffى لمعffان
أنواره وأحزابه فتح بابه ،وفى أوراده نفع أولده ،وفffى تكريffم أولده عيffد وداده،
وفى حب ابنه السييد عثمان ما يقربك من خمر الدنان.
وقد سلمنا له حاله ومقاله فاستفتح سماء العلو ،ففتح له ما عز على غيره ،فكffان
منا مكان القلب من الجسffد ،فكشffف لffه بحبffه لشffيخه ونffال بانتسffابه إليffه الffدرر
الغوالى ابنه السيد عبد العالى.
وكم من مغترف ،وكم من سامع ،وكم سابح فى بحره المتلطffم المffواج المffالئ
للفجاج ،فعليك بالتباع لهذا الشيخ عالى الهمم ،راسخ القدم حتى تذوق من مودته
وتنال من بركته)رحمة ا وبركاته عليكfم أهffل الfبيت إنfه حميfد مجيfد(مffن كنfوز
غيوب أسرار أوراد شيخه وبخدمتك له ما يسخر لك العوالم.
وقد نال ابن السنوسى مffن إخلصffه لشffيخه الوراثffة الجامعffة للصffفات المحيطffة
بجميع التجليات ،فقيل فيه كشيخه ذى الفعال الحمدية ،وهكذا جذب ابن الهدل،
جذب الشيخ من مكة إلى اليمن فأكمل ،وهكذا جffذب المجffذوب ،ونffال بffه ظffافر
فظفر ،وأظهر الرشيد العجائب والعبر.
وهكذا كان السيد أحمد بن إدريس رضى ا تعالى عنه بحfر علfم زاخfر ،وفيfض
قدس طاهر ،مربيا ربانيا ،وطبيبffا روحانيffا ،مffا غمffدت أسffيافه ،ول أنكffرت القffرى
أضيافه ،فإن أردت الدليل فعليك بأوراده ،لتكون من جمله وراده.
فكم ورد عليه واردون ،وانتفع بعلمه سامعون ،وكم أحيffا قلوبffا فاسffتنارت ،وإلffى
سماء العلو طارت ،تلميذه عارفون ،واتباعهم أحمديون.
31
له فى كل زمان رجال تظهfر ،وأسfرار تبهfر ،وعلمffات نجميfة ،ومfدارك إدريسfية،
تربيته ل تنقطع عن أحبابه ،ولهم مffوائد أنسfه واقffترابه ،لffه دول وجfولت ،وجنffود
كالجبال الراسيات ،وكم عليه من نعم من ا تترا (اع…م†ل‡ffوا آل† د†او‡د† ش‡ fك…را ()سfffبأ:
من الية (13ومن الوبال على المريد اختلطه بالمنكرين الذين كلمهم كالحجffارة،
وإن قلب المريد كالزجاجffة " والزجاجffة كسffرها ل يجffبر" فمffن عffرض لهffم فقffد
عرض زجاجته للكسر.
واعلم يا أيها المريد هدانا ا وإياك لنوره التام ،وأدخلنا وإياك فى حضرة القffدس
التى ل يكدر صفوها بوجه من الوجوه :أن الية فى اللغة هى العلمffة الffتى تffدل
على الشئ المراد ،وهى إما قولية كآيات القffرن الحكيffم ،وإمffا فعليffة بل واسffطة
كالسffماء والرض ،وإمffا بواسffكة كffالمعجزات للرسffل عليهffم الصffلة والسffلم،
والكرامات للولياء ،لن اليffة مffن القffرآن العظيffم دليffل علffى وجffود ا تعffالى،
والسموات والرض وما فيهن كذلك.
والمعجزة من الرسول صلى ا عليه وآله وسلم دليل على صدقه ،والكرامffة مffن
الولى دليل على صدق الرسول صلى ا عليه وآله وسلم.
إذا علمت كلمى هذا علمت معنى قوله تعالى ( :و†إ„ذ†ا ر†أ†ي…fت† الfuذ„ين† ي†خ‡وض‡ffون† ف„ffي
آي†ات„ن†ا ف†أ†ع…ر„ض… ع†ن…ه‡م… ح()النعام :من الية (68
فجلوسك مع المنكرين وسماعك لقولهم حffرام ،إذ أنffت مffأمور بffالعراض عنهffم،
ففكر فى قولى هذا ول تهمله فإنه نفيس إن شاء ا تعالى.
قال سيدى الشيخ صالح الجعفرى رضى ا تعالى عنه هقب هذا اللهام:
فكلمهم شؤم على من يسمعه أعرض عن الجهال ل تسمع لهم
وذكرت سيرته فقولك يفجعه وإذا ذكرت لواحد› أهل الهدى
تلقاه يسمع للكلم ويجمعه وإذا ذكرت سواه من اهل الدنا
ويسر بالروث الدنئ وينفعه كالجعل يؤذيه الغوالى طيبها
تلقاه يقرأ للحديث ويجمعه عرج على ابن ادريس فى حلقاته
فهو المام لنا بحق نتبعه فعساك أن ترقى به من نظرة
أكرم به روض الحقائق مرتعه تلميذه فى الذكر يرتع والهدى
قال سيدى أحمد بن إدريس صffاحب العلffم النفيffس رضffى ا تعffالى عنffه :الب
أبوان :
32
أبو الروح.
وأبو الجسد ،وأبو الروح أفضل من أبو الجسد ،وأراد رضى ا تعffالى عنffه
بأبى الروح شيخ الطريق.
وأما إن كان الشيخ من العترة الطاهرة النبوية فيجب حبه لذلك زيادة على حبه
لكونه شيخا.
وإننى أعجب بهذين البيتين للشيخ الكبر سيدى محيffى الfدين بffن عربffى رضfى
ا تعالى عنه:
على رغم أهل البعد يورثنى القربى جعلت ولئى آل طه فريضة
ببعثته إل المودة فى القربى فما طلب المبعوث أجرا على الهدى
قال سيدى الشيخ صالح الجعفرى فى البردة الحسنية الحسينية:
من نور جدهم جاءوا بسرهم ل تنكر السر فى آل الرسول فهم
باب العلوم على فارس المم وذاك أنهمو منه ووالدهم
ومن الوبال على المريد انتماؤه للمffدعين ممffن يffدعون الجتهffاد ،وينكffرون علffى
الئمة رضffوان ا تعffالى عليهffم ،وهffم ل يعرفffون القffرآن ول الحffديث ول علffم
الصول ،فهم فتنة بين المسلمين ،وهم أضر على المريد السالك من المعاصى.
ومن العجب أن حالهم ل يعجب أحدا إل لجهال وشركهم ل يصطاد إل الجهال كمffا
قال الشاعر :إن الطيور على أشكالها تقع.
ومن علماتهم غبرة على وجوههم ،وأنهم من أهل الوجهين ،وبخلهم إل على من
يوافق قولهم ،وكثرة كلمهم بغير ذكر ا تعffالى ،وإظهffار الحماقffة عنffد الحffديث
معهم ،واحتقارهم لمن هو دونهم ولو كان أعلم وأشرف ،كثرة غفلتهffم عffن ذكffر
ا تعالى ،وكثرة الرياء واعتناؤهم بما يراه الناس ،وبغضهم للصوفية ،وإنكffارهم
عليهم ،وإنكffار كرامffات الولياء fواتخffاذهم قfولهم مهنffة للعيffش ،وعجزهfم عنffد
المناظرة مع أى عالم ،واحتقار جميع المسلمين وتضليلهم وتسفيه آرائهم.
فالمريد السالك فى طريق ا تعالى يحذر هؤلء ،ويصحب الخيار كمffا قffال ابffن
عاشر المالكى رضى ا تعالى عنه:
يقيه فى طريقه المهالك يصحب شيخا عارف المسالك
قال شيخ الشيوخ وسلطان الرسوخ سيدى الشيخ صالح الجعفرى رضى ا تعالى
عنه :
33
ومن الوبال على المريد أن تحدثه نفسه برؤيffة الحffق سffبحانه يقظffة ،أو أن يffرى
نورا منه ،أو يسمع له كلما ،أو يشم له رائحة.
كل ذلك من صفات الحوادث ومستحيل على الحق سبحانه وتعالى.
وإذا رأى نورا أو شم رائحة` طيبة ،أو سمع صوتا بكلم طيب فإنه يكون ممffن قffال
ا تعالى له( :إ„ن uالuذ„ين† ي‡ب†اي„ع‡ون†ك† إ„نuم†ا ي‡ب†اي„ع‡ون† اللuه† ()الفتح :من الية (10
فكما أنه ناب عن ا تعالى فى البيعة لستحالتها عليه تعالى بالكيفيffة المعهffودة،
كذلك ينوب عنه فيما يراه السالك الذاكر من خوارق العادات ،أو أن يكون ملكا من
قبل الحق سبحانه وتعالى ،أو أن العمل نفسffه ينتقffل إلffى درجffة الحffس فتقffوى
الروح فترى نوره وتشم رائحته الطيبة ،وا تعالى أعلم.
ومن الوبال على المريد الصادق تعلق حب الffدنيا بقلبffه ،وذلffك دليffل علffى حيffاته
الولى النفسية العادية.
قال بن الفارض رحمه ا تعالى " :ها أنت حى œإن كنت صادقا مت" يعنى ميولffك
إلى الدنيا وإلى شهواتها واغترارك بنفسك ،ورؤية عملك دليل على حياتك.
إن كنت صادقا فى حبك لله تعالى كن معه كالميت الذى ترك الدنيا وما فيها:
كل المور إلى المليك العادل ومن الدلئل أن تراه مسلما
واعلم يا أخانا فى ا تعالى أن الموت الffذى أشfار إليffه ابfن الفffارض رحمfه ا
تعالى هو الذى عبر عنه بالحياة فى قوله:
وفى حياتى قتلى فالموت فيه حياتى
والمراد بالموت قطع النفس عن شهواتها كما ينقطع الجسم بعد الموت عن عيش
الدنيا ولذائذها.
ومعنى الحياة أن تتغلب الروح على الجسد ،ويكون لها الحكffم النffورانى والتعليffق
الرحمانى.
جنود الهوى
35
فكانت العين تهوى النظر إلى ما تشتهى ،والذن تهوى سماع ما تشffتهى ،واللسffان
يهوى من الكلم ما يشتهى ،واليد تتحرك إلى ما تأمر بffه النفffس ،والرجffل تمشffى
إلى ما تأمر به النفس ،والبطن والفرج إلى ما تffأمر بffه النفffس ،فهffذه هffى جنffود
الهوى للنفس المارة ،فإن تغلبت النفس واستولت على تلك الجنffود كffان النسffان
حيا بالحياة الحيوانية الشهوانية ،وإن تغلبت الروح على الجسد كان لها الحكم علffى
تلك الجنود ،فالول هو الميت يعنى يالشffهوات ،والثffانى هffو الحffى يعنffى بالحيffاة
الروحية الملكية ،قال بن الفارض رحمه ا تعالى :فأهل الهوى جنffدى وحكمffى
على الكل.
فاستمع إلى تلك الغرائب لعلك أن تشهد بعض العجائب ،ففى الحزبين الولين من
أحزابنا ما يكشف لك عffن سffر كلمنffا ،فجffل فيهمffا بروحffك حffتى تمffوت نفسffك،
وينقطع عن السوى أنسك ،ثم تموت وتحيا بها ،وتكسى ثياب القبول والبهاء.
فمن كلماتها ينهلعليك فرات عذبها المنهل ،من مناهل غيffوب مffا وراء المثffل ،وقffد
جعلنا لك فيها ما أودعه ابن عربى فى مؤلفاته ،وابن الفارض فى منظوماته.
ل تثريب عليك إن لم تقرأ غير تلك الحزاب ،فقد جمعت لك ما حضر وما غاب.
هذه الكعبة ولكن أين الطائفون ،وهذه عرفات فأين الواقفون ،هffذه يخffرج منهffا
شفاء للناس فأين الشاربون؟
واعلم أن لكل شيخ طريق عقاقير فى أوراده تصلح لولده السالكين طريقه ،فيها
فيتامينات التقوية والتغذية ،وفيها بلسم الشffفاء ،وفيهffا مffا يهffدى النفffوس ويقffوى
الروح.
فمن أراد الوصول فل وصول له إل بأوراد شيخه فهى سبيله ،وباب وصffوله وهffى
روحه وريحانه.
ويقول سيدى عبد السلم السمر رضى ا تعالى عنه:
يا تارك وردى ما تنده بى
ويقول :واللى عرف شيخه يحمبه ،واللى خدم شيخه من خمرته يسقيه.
ويقول :مريدى ينطق بريقى فى كل قصيدة.
ويتكلم عن شيخه رضى ا تعالى عنه:
من البعد جاءنى يرعانى سيدى وأبى وسلطانى
كالطير حايم آه آه
36
وعلى المريد العاقل إذا سمع كلما لى ولى وصف به شيخه أيضا ول يffرى شffيخه
أ‹ل من غيره بل يغتفر له تقديمه على أقرانه من أهل زمانه.
قال ابن الفارض رحمه ا تعالى:
وفى حياتى قتلى.
فهما قتلن وحياتان ،فالقتل الول قتل الروح ،وهو كناية عن تغلffب النفffس عليهffا،
والقتل الثffانى قتffل النفffس وهffو كنايffة عffن تغلffب الffروح عليهffا ،وهكffذا شffهداء
المعارك.
واعلم يfا أخانfا إذا أردت أن تffدخل فffى شfهداء المعfارك لتنfال إحffدى الحسffنيين
بإحدى القتلتين فى ميffدان القتffال ،فffاقتحم ميffدان الرياضffة والعزلffة والنفصffال،
فتحيا بإحدى القتلتين يحاة الشهداء الذين هم أحياء بعد قتلهم وعنffد ربهffم ،ولهffم
اتصال بأحبابهم ،ولهم فرح بهم وبقدومهم إليهم.
إما فى جنة الفردوس وإما فى مشاهدة ربهم ،ولكل إدراك وتوجه ،وانتباه وقرب،
وجذب وحب ،وإمدادات وبركات ،ونفحات وخيرات.
وتهيأ يا عبد ا بروحك ،وأنصت بقلبك لما سيلقى عليك :إن حب الدنيا فى قلب كل
مريد(ك†م†ث†ل„ ال…ع†ن…ك†ب‡وت„ اتuخ†ذ†ت… ب†ي…تا و†إ„ن uأ†و…ه†ن† ال…ب‡ي‡وت„ ل†ب†ي…ت‡ ال…ع†ن…ك†ب‡وت„()العنكبffوت :مffن
الية (41فحرك نسمات قربك الماحية لنعوتك ،لتمحو معها بيوت عنكبوتك ،فما حل
حب إلهى فى بيت عنكبوت ،ل ،والذى نفسى بيده حتى يومت ،فتخل عن سفاسف
أمورك ،وانظر بعين قلبك إلينا وما سطرته يدك من سطورك.
(ف†م†ا أ†و…ج†ف…ت‡م… ع†ل†ي…ه„ م„ن… خ†ي…ل› و†ل ر„ك†اب›()الحشر :من الية ،(6و)ه†ذ†ا ع†ط†اؤ‡ن†ا ف†ام…ن‡ن… أ†و…
أ†م…س„ك… ب„غ†ي…ر„ ح„س†اب›()ص(39:V
،وإن حجابك عنا رؤيتك لنفسك ،وغفلتك عم حظيرة قدسك ،وإن سفاسف أمورك
اشتغالك بدار غرورك ،أو ميول قلبك إليها لتغنى ،إذ كلما مال إليها مال عنا.
فل ميول فى طريقنا لمن تذوق المعانى ،ودخل فى الميدان ،وظهرت له المرائى،
وصار هو المرئى والرائى ،وعرف ما لم يعرفه الغيffر ،وكffان علffى جffادة الطريffق
فى السير.
عليكم بالحزاب بعد تلوة القرآن العظيم
فعليك بالحزاب بعد تلوة القرآن العظيم ،تتنزل عليك معانى أسرار السبع المثانى
والحواميم.
37
ثم عليك بالحزاب التى مffا سffطرها ولffى فffى أوراده ،ول قffدمها متقffدم لولده،
فهى خطيبك الذى يهتز منبر قلبك لعظمته ،وشيخك الحاضffر الffذى تصfغى بروحfك
لجواهر كلماته ،وغناك من فقرك ،وعلمك بعد جهلffك ،وجنffدك الناصffر ،وسffلطانك
المجند ،وقصرك المشيد ،فإذا أهملتها فقد أضعت عزك ،وأوقفت سffيرك ،وعطلffت
النجب واليعملت ،وحق لك أن تبكى عليك الباكيات.
وهكذا حال من ترك الوراد ،واقتحم العقبة بغيffر زاد و أدخffل سffيفه فffى قرابffه،
والعدو على بffابه ،ونسffى الحffرب والمعركffة ،ولffم يffذكر قffوله تعffالى) :و†ل ت‡ل…ق‡ffوا
ب„أ†ي…د„يك‡م… إ„ل†ى التuه…ل‡ك†ة„()البقرة :من الية (195قال صاحب العلم الffثرى سfيدى صffالح
الجعفرى :
يشده الكثار بالمعان الورد للنسان كالبنيان
تكراره يزيد فى التأييد وصلة بالشيخ والمريد
بتركه يكون فى كساد ومنه ما يراد من إمداد
ما لم تكن بنوره مغمورة والنفس عن أورادها نفوره
ول ترى مقصرا كسلنا فاحذر أخى النفس والشيطانا
واعلم يا أيها النسان إن أثمرت أشجارك بالورد ،فبما أعطيناك مffن ورد ،ومffا شfم
منك من طيبها ل منك ،ومنا وإليك ل عنك ،فلدينا بحار تعلو أمواجها ،وبعجزك عبffور
فجاجها.
فالذى علم سوء العاقبة ففر من سوء العمل)ف†ه‡و† ع†ل†ى ن‡ور› م„fن… ر†بˆfه„()الزمffر :مffن
الية (22والذى علم ولم يرجع فهو كما قال ا تعالى ) :و†أ†ض† fلuه‡ اللf uه‡ ع†ل†ffى ع„ل… fم›(
)الجاثfية :من الية (23ومن لم يعلم فهو ضال خاض مع الخائضين بل علffم )و†ك‡نffuا
ن†خ‡وض‡ م†ع† ال…خ†ائ„ض„ين†()المدثر(45:
أى بل علم ول عقيدة فهو منزل منزلة المجنون.
فمن جعل هذه القاعدة أساسا لعمله فقد فاز ،وأسس بنينانه على أسffاس مffتين
)ف†م†ن… أ†سuس† ب‡ن…ي†ان†ه‡ ع†ل†ى ت†ق…و†ى م„ن† اللuه„ و†ر„ض…و†ان› خ†ي…ر‹ أ†م… م†ن… أ†سuس† ب‡ن…ي†ان†ه‡ ع†ل†ى ش† fف†ا
ج‡ر‡ف› ه†ار› ف†ان…ه†ار† ب„ه„ ف„ي ن†ار„ ج†ه†نuم†()التوبة :مffن اليffة (109ومffن تحقffق فffى هffذه
القاعدة كانت أحواله كلهffا علffى الكتffاب والسfنة ظfاهرا بمراعfاة الظffاهر وباطنffا
بمراعاة الباطن.
والظاهر :العمال والقوال.
والباطن :القلب ،وفى الحديث " ........ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم"
وكلم السيد رضى ا تعالى عنه يدخل تحffت قffوله تعffالى ( :إ„ن uالf uذ„ين† اتuق† fو…ا إ„ذ†ا
م†سuه‡م… ط†ائ„ف‹ م„ن† الشuي…ط†ان„ ت†ذ†كuر‡وا ف†إ„ذ†ا ه‡م… م‡ب…ص„ر‡ون†()العراف(201:
أى وسواس )تذكروا(أن ا نffاظر إليهffم)فffإذا هffم مبصffرون(سffبيل النجffاة .أه. f
الجللين.
قال سيدى الشيخ صالح الجعفرى ) :تذكروا(أى ذكروا ا مع وجود غفلffة فنقلهffم
ن ذكffر مffع وجffود غفلffة إلffى ذكffر مffع وجffود حضffرة ،فاطمffأنت قلffوبهم بعffد
اضطرابها)أل بذكر ا تطمئن القلوب(.
فلما اطمأنوا شاهدوا ،فلما شاهدوا جاهدوا)و†ج†اه„د‡وا ف„ي اللuه„ ح†ق uج„ه†اد„ه„()الحج:
من الية (78فلما جاهدوا اهتدوا )و†الuذ„ين† ج†اه†د‡وا ف„ين†ا ل†ن†ه…fد„ي†نuه‡م… س‡fب‡ل†ن†ا()العنكبffوت:
من الية (69فلما اهتدوا وعهم الحسنى وزيادة)للذين أحسنوا الحسنى وزيادة(.
فلما زادهffم جعلffوا حبffه زادهffم ،واشffتاقوا إلffى وجهffه الكريffم ودعffوه بالغffداة
والعشى)ي†د…ع‡ون† ر†بuه‡م… ب„ال…غ†د†اة„ و†ال…ع†ش„يˆ ي‡ر„يد‡ون† و†ج…ه†ه()الكهف :مffن اليffة (28فffإذا
النداء القدس من الكمال اللهى المقدس :أين المشتاقون إلىu؟ فجفffت جنffوبهم
عن المضاجع ونورهم لمع)تتجffافى جنffوبهم عffن المضffاجع يffدعون ربهffم خوفffا
وطمعا(فسهروا الليالى ،وأضاءوا كالللى ،وشمروا قانتين ساجدين وقffائمين(أ†مf uن…
ه‡و† ق†ان„ت‹ آن†اء† اللuي…ل„ س†اج„دا و†ق†ائ„ما ()الزمر :من الية (9
40
فلما انسffلخوا عffن بشffريتهم وتغلبffت عليهffم روحffانيتهم ،فهffوؤلء لبffد أن تكffون
أحوالهم كلها مبنية على السداد؛ لنها أحوال روحيانية مجردة عن دسffائس النفffس
ظاهرا وباطنا ،كصفة الروح فإنها نورانية ظاهرا وباطنا ،وكذلك ما صدر منها يكffون
كذلك.
وقد نشأ ا المرسلين والنبياء عليهم الصلة والسلم على هذا الحال فلم يصffدر
منهم خلل ما بوجه من الوجوه.
وهذه الصفة فى الرسل عليهم الصلة والسلم حقيقية وفى التباع ورائية.
وكذلك كل ما صدر من خوارق وعلوم ومعارف فإنها بطريق التباع والوراثة.
وكان من أجلهم وأوسعهم دائرة فى هذا المقام نبينا صلى ا عليffه وآلffه وسffلم،
فإن الرسول كان يرسل لقومه خاصة وقد أرسله صلى ا عليffه وآلffه وسffلم ربنffا
إلى الناس كافة ،فجميع الورثffة مffن جميffع المffم إلffى يffوم القيامffة هffم وارثffوه
وتابعوه صلى ا عليه وآله وسلم.
وقد أجاد شيخنا الشفا القطب النفيس مولنا السffيد أحمffد بffن إدريffس رضffى ا
تعالى عنه حينما وكلنا إللى رسول ا صلى ا عليه وآله وسلم يتولى تربيتنا ،وقد
شاهد كثير من إخواننا ذلك إلى يومنا هذا.
فاختص ا الخذين لطريقه الحمدى بالتربية المحمدية.
وكأن السيد لحظ حين تلقيه الffذكر الخffاص بfه وأنfه فيffه الجمfع بيffن الحضffرتين
وهو :ل إله إل ا محمد رسول ا ،وكذلك فى قوله :واجمع بينى وبينffه ...الffخ،
ما يزيد على التربية لن الجمع والملزمة يزيدان على التربية.
فامتاز هffذا الطريfق فffى أوراده بهffذه الميfزات لffه ،وأن صffاحبه كffانت لffه القffدم
الراسخة فى المتابعة المحمدية الظاهرة فى جميع أحffواله ،فكffانت الرابطffة بينffه
وبين رسول ا صلى ا عليه وآله وسلم رابطة قوية متينة ،وقالوا :إن كffل مريffد
يرث من مقام شيخه وحاله على قدر اجتهاده واستعداده ووثوق الشيخ به.
نقل بن الثير عن سيدنا على رضى ا تعالى عنه وكرم ا وجهه أنffه قffال " :إن
فى هذا الصدر لعلما لم أجد له لقنffا لكffن أصffبت لقنffا غيffر ثقffة" ومعنffى اللقffن:
الفهم.
41
قال مولنا العffارف بffالله تعffالى الشffيخ صffالح الجعفffرى رضffى ا تعffالى عffن
أجداده":فالشيخ ينظر إلى ذكاء المريد وأمانته على السرار وعدم اغتراره بها بعffد
ظهورها عليه ،ومراعاة الدب مع الشيخ وحفظ مقامه ودرجته عنده وإل كان ليس
بذاك ،نعوذ بالله من ذلك.
كل ما يصدر من الشيخ غيث للمريد
واعلم يا أخانffا هffداك ا وهffدانا :أن مثffل المشffايخ كالسffحب تحمffل رحمfة ا
المساقة لسقى القلوب المحمدية لتحيا بها الحياة الطيبة ،وأن رياح حبك وإخلصك
إليهم تسوق سحب غيثهم إليك.
فرضاهم غيث ،ودعاؤهم غيث ،ونظراتهم غيث ،وأورادهم غيث ،وطعامهم غيffث،
وشرابهم غيث ،واطعامهم غيث ،وخدمتهم غيث ،وتffوجههم غيffث ،وكلمهffم غيffث،
وثناؤهم عليك غيث ،وذمهم لك غيث ،وتأديبهم لك غيث ،وكffل شffئ حاصffل منهffم
غيث.
فهئ نفسك لغيوث شيخك عسى أن تحيى أرض قلبك فتخرج من موت روحك إلى
حياتها ،ومن غفلتها إلى التفاتها ،ومن سجنها إلى إخراجها ،ومن قيدها إلffى حلهffا،
ومن حرامها إلى حللها ،ومن حلها إلى حرمها ،ومن حرمهffا إلffى معرفffة حرمتهffا،
ومن حرمتها إلى عرفات معرفتها ،ومن معرفتها إلى فرط حبها ،ومffن فffرط حبهffا
إلى حيرتها.
كما قال سيدى ابن الفارض رضى ا تعالى عنه:
وارحم حشا بلظى هواك تسعرا زدنى بفرط الحب فيك تحيرا
وبذلك تصل إلى ما وراء ذلك ،وتغيب عن ملك نفسك وجميع الممالك.
وتفكر فى قوله تعالى ) :كل شئ هالك إل وجهه(.
فتبحث بعد حياتك عن الحى ،وبعد فنائك عن الباقى ،فتffدرك ببحثffك كffل شffئ إل
الذى )ليس كمثله شئ(.
فعند ذلك تكون حيرتك عبرة ،وجهلك حكمة ،وعجزك قدرة ،وعدم إدراكك إدراكا.
ثم تفكر فى العرش العظيم وفى مكانه وزمانه فيرجffع عقلffك إليffك عffاجزا كليل̀،
فكيف أنت أمام خالقه ومبدعه؟ قد أعجزتك روحك علما وهو بين جنبيك.
وهكذا عجزك عنها بين يديك دواليك.
42
فهل عرفت روحك يابن التراب والسffماء؟ أم وقفffت عنffد جسffمك الffذى هffو مffن
الطين والماء؟ وهل نظرت بعينك مقر رزقك وكيف ينزل عليك؟
فإذا عجزت عن شئونك فكيف تدرك من بيده الشئون ،وأمره بين الكاف والنffون؟!
فل تحم حول الحمى فيقتلك الظما.
وفكر فى قوله تعالى )و†م†ا ر†م†ي…fت† إ„ذ… ر†م†ي…fت† و†ل†ك„fن uاللfuه† ر†م†ffى()النفffال :مffن اليffة
(17فسبحان الظاهر والباطن وهو بكل شئ عليم.
قال كنز العطايا اللهية مولنا الشيخ صالح الجعفرى:
تذكرت روحى كيف روحى فلم أجد لروحى سبيل ` والسبيل هو الوقف
له العقل مخلوق كذا الروح والكيف فكيف لعقلى أن يفكر فى الذى
له الخير والكرام والعطف واللطف له الملك والملك والعز وحده
وليس لنا من بعد ما قاله وصف على العرش رب العرش لكن كقوله
قال السيد أحمد بن إدريس رضى ا تعالى عنه:
وهذا معنى قوله صلى ا عليه وآله وسلم " حاسffبوا أنفسffكم قبffل أن تحاسffبوا
وزنوها قبل أن توزن عليكم" .
قال سيدى العارف بالله تعffالى الشffيخ صffالح الجعفffرى رضffى ا تعffالى عنffه :
جعل السيد رضى ا تعالى عنه القاعدة الولى كلهffا شffرحا لهffذا الحffديث ،وإنffه
لشرح عظيم مطابق لمعنى الحديث.
فإذا رجعت إلى القاعدة من أولها علمffت ذلffك ،وا الموفffق إلffى سffواء السffبيل
وهو حسبى ونعم الوكيل.
قوله ":حاسبوا أنفسكم .........ألخ"
قال مفخرة السلف وقدوة الخلف سيدى صالح الجعفرى رضى ا تعالى عنه :
المحاسبة أنواع فيحاسب نفسffه علffى الختلس ،وعلffى الحffرف فffى القرطffاس،
وعلى البرق إذا لمع ،وحمام اليك إذا سجع.
وسجع الحمام لدمع همى وهل ذكرها البرق بريق الحمى
وقول المهيمن ) :إذ هما (فالشئ بالشئ يذكر ،والذنب بالتوبة يغفر.
ويحاسب النفس على نفاستها وتكريمها )و†ل†ق†د… ك†رuم…ن†ا ب†ن„ي آد†م†()السffراء :مffن اليffة
(70وعلى تعليمها بعد جهلها)علم النسان ما لم يعلم(وعلى خطاهffا علffى الرض
وأين سارت(و†ن†ك…ت‡ب‡ م†ا ق†دuم‡وا و†آث†ار†ه‡م…()يfVس :من الية (12
43
وعلى غفلة حجبتها ،ونظرة سمتها ،وفى الحديث النبوى " :النظرة سffهم مسffموم
من سهام إبليس".
وعلى كلمة قالتها :لو مزجت بالبحار لمزجتها ،أل وهى الغيبة التى أجمffع العلمffاء
على أنها من الكبائر ،ول تجوز غيبfة المسffلم مطلقffا علffى أى حffال مffن الحffوال،
وهذه هو ظاهر الكتاب والسنة.
ويحاسب نفسه على تركها من العلم ما وجب ،وعلى المال ما اكتسffب ،ومffن أيffن
طريقه ،ومن أين جاء وإلى أين ذهب؟
وعلى الموت إذا نزل بإنسffان ،وهffل ذكffره ذلffك مffوته وفراقffه الهffل والخffوان.
وعلى ما أنبتت الرض من الزرع والزهور ،وهل ذكره ذلك البعث والنشور؟.
وعلى النffار إذا أججffت ،وهffل ذكرتffه الجحيffم إذا سffعرت .وعلffى رؤيتffه للحffدائق
والثمار ،وهل ذكره ذلك دار القرار ،وعلى نظره إلى المبدعات والجبffال الراسffيات
والبحار الطامحات ،والرتع السارحات ،والطفال والمهات ،والسفن الجاريات.
وهل تذكرت نفسه عند ذلك قوله تعالى) :ومن آياته الجوار فى البحffر كffالعلم(؟
أم ظن أنه علfى غفلتffه عffن ذلffك ل يلم؟ إذا كffان كffذلك فمffا الفffرق بينffه وبيffن
النعام؟.
خلقك ا أيها النسان لتحاسب نفسك ،وتارة تهوى مع الهاوين)ث‡م uر†د†د…ن†ffاه‡ أ†س…ffف†ل†
س†اف„ل„ين†()التين(5:
)و†م†ن… ي†ح…ل„ل… ع†ل†ي…ه„ غ†ض†ب„ي ف†ق†د… ه†و†ى()طfه :من الية (81
طريقنا كله حساب ومحاسبة
فعجل بحسابك ،قبل أن يعجل بذهابك ،فليس بعد الذهاب من الffدنيا مffن رجعffة،
وليس بعد ترك المحاسبة من فجعة.
واعلم يا أخانا أن طريقنا هذا كله حساب ومحاسبة ،واقتراب ومراقبة ،ل سيما لمن
واظب على الحزاب ،ورتلها بالسحار ،مع المشاهدة والتذكار ،وغلffب عنffد تلوتهffا
روحه على جسده ،ويومه على أمسffه ،وغffائبه علffى حسffه ،حffتى تتلشffى أمffامه
الزائلت ،وترسخ فى قلبه الباقيات الصالحات ،حتى يكون قلبه ينبوع حكمffة روحffه
المفاض عليها من فيض فيضان قدس معالم غيبها النازلة من رحيق مختوم ختffم
كلمات ربها.
44
فعليك يا عبد ا بالكثار من قيامك وصومك ،وتذكرك ربك)و†إ„نuه‡ ل†ذ„ك…ر‹ ل†ك† و†ل„ق†و…م„ك†(
)الزخرف :من الية (44وعرج على الصلوات الربع عشرة اللffواتى بحرهffن زاخffر،
لعلك أن تحوز لتلك المفاخر ،وادخل بكليتك الروحية ،فى معانى كلماتهffا النورانيffة،
عساك أ ،تتصل بالنور اللمع فتستنير ،والسffر الهffامع فيسffير بffك إليffه فffى حضffرة
القدوس البديع.
فكم قد شرب من رحيقها شارب ،وكم قد اهتدى بهديها فى المشارق والمغارب.
وحسبت قول من اهديت إليه فيها ،فإنه أدرى بمعانيها ،وهو سيدى الشريف السffيد
أحمد بن إدريس رضى ا تعالى عنه حيث يقول فى فضلها:
" إن هذه الصلوات قد استوت على عرش النوار ،وأرجلهن متffدليات علffى كرسffى
السرار ،تصلين فى كتاب الكمالت المحمدية بقرآن الحقائق الحمدية ،قد طلعffت
فى سماوات العلى شمسها ،وارتفع عن وجه الكمال المحمffدى نقابهffا ،وبحرهffن
فى الحقائق اللهية زاخر ،ولهن فى القسمة من المعffارف المحمديffة حffظ وافffر،
خذهن إليك يا مffن أراد أن يسffبح فffى كfوثر النffور المحمffدى ،وجffل فfى عجffائب
معانيها يا من يبتغى الغتراف من البحر الحمدى ،تتلffو عليffك مffن كتffاب الحقffائق
المحمدية محكم اليات ،وتفسر لك بعض نقش حروف آيffاته البينffات -وا يهffدى
من يشاء إلى صراط مستقيم".
قال سيدى الشيخ صالح الجعفرى رضى ا تعالى عنه :قد جعل السيد أحمد بfن
إدريس رضى ا تعالى عنه الصلوات الربع عشرة مفتاحا لمن أراد أن يسبح فffى
كوثر النور المحمدى.
فيوضات جعفرية
اعلم يا أخانا واسمع مقالنا هذا بمسامع قلبك عساك أن تشرب من صffافى وردك
أن ا تعالى جعل فى الدنيا شمسا للنهار وقمرا لليل ،فأهل النهار يسffبحون فffى
ضوء شمس نهارهم ،وأهل الليل يسبحون فffى ضffوء قمffر ليلهffم ،ويشffترط فffى
إدراك نوريهما سلمة ما به الدراك.
45
وجعل ا تعالى النبى صلى ا عليه وآله وسلم شمس نهار القلوب وقمffر ليلهffا،
فمن شاهده بقلبه السليم الدراك سبح فffى كffوثر نfور شمسffه وقمffره صffلى ا
عليه وآله وسلم ،كما أن من سبح فى ضffوء شffمس نهffاره ونffور قمffر ليلffه تffأتى
أعماله كاملة كما ينبغى ،لوجود النور الذى يميز بffه ،كffذلك الffذى يسffبح بقلبffه فffى
كوثر النور المحمدى تأتى أعماله الدينية والدتيوية كاملة بالكمال المحمffدى ،وهffذا
الكوثر النورانى هو المسمى بالسر السارى فffى سffائر السffماء والصffفات ،أعنffى
أسffماءك فffى درجاتffك وخطffوات روحffك ،فتffارة تسffمى راضffية ،وتffارة تسffمى
مرضية .....إلخ.
وصفاتك من قبض وبسط إلfى غيfر ذلfك ،فكfل صfفاتك وأسfماءك تكfون كاملffة
بسبحك فى كوثر النور المحمدى الذى به تكون نورا فffترى كffامل ` مكمل̀ ،ويناسffبك
فى هذا المقام الكثار من الصffلة الكاملffة لسffيدى أحمffد بffن إدريffس رضffى ا
تعالى عنه وهى " :يا كامل الذات يا جميffل الصffفات ،يffا منتهffى الغايffات ،يffا نffور
الحق ،يا سراج العوالم ،يا سيدى يا محمffد ،يffا سffيدى يffا أحمffد ،يffا سffيدى يffا أبffا
القاسم ،جل كمالك أن يعبر عنffه إنسffان ،وعffز جمالffك أن يكffون مffدركا لنسffان،
وتعاظم جللك أن يخطر فى جنان ،صلى ا سبحانه وتعالى عليffك يffا سffيدى يffا
رسول ا يا مجلى الكمالت اللهية العظم.
سائل ` بقلبك الغتراف من البحر الحمدى ،وإن أتمه وأكمله ما كان يعد رؤيته صلى
ا عليه وآله وسلم يقظة ،وقد يكون بواسطة حال روحانى مع مشاهدة باطنيffة،
وتارة يكون من حيث يعلم المفاض عليه ،وتارة مffن حيffث ل يعلffم ،ولسffعة مffدد
الفيض ل يدخل تحت حصر هذه الغتراف المشار إليه.
وقد أخبر صحاب هذه الصلوات رضى ا تعالى عنه بأن من واظب على تلوتهffن
ينال من هذا الغتراف ،فل تكن مستريبا فيما ل ريffب فيffه ،عسffاك أن تغffترف مffا
قدره ا تعالى لك مع الذين اغffترفوا وكffانوا هffادين مهتffدين ،ولهffا أربffع عشffرة
صورة نورانية ،تزف بجنود حبfك وإخلصfك إلffى خيfر البريfة صfلى ا عليfه وآلfه
وسلم.
46
" أخبرنى بهذه الحكاية عبد ا بن السffتاذ المffروروى بمffرورو مffن بلد النffدلس
وكان ثقة صدروقا.
انتهى الجزء الرابع ص 217من الفتوحات المكية وهناك تمام البحث فffارجع إليffه
إن شئت.
قال سيدى الغوث الشيخ صالح الجعفرى رضى ا تعالى عنه " :واعلم يا عبد ا
ما سيلقى عليك كشرح لطيف لكلم الشيخ الكبر سffيدى محيffى الffدين بffن عربffى
رضى ا تعالى عنه يقول :إن العمل الصالح إذا عمله المؤمن يجعلffه ا تعffالى
نخلوقا حيا يسبح ا تعالى كالملئكة الكرام.
اعلم أيها الخ أن النسان فيه روح من أمر ا تعالى ل يتصل بها شئ مffن العمffل
إل أحياه ا تعالى كما أحيا الجسffم المتصffل بffذلك الffروح ،وتمffام حيffاة الجسffم
تكون بتمام الجسم وسلمته ،والعمل يكون متصل ` بالروح بواسطة الخلص،فffإذا
أخلص العامل فى عمله صار العمل حيا بواسطة الخلص الذى وصل به لروحffه،
وإل كان العمل كالجماد ،ولذلك أعمال الكفffار وأعمffال النعffام سffواء ،كمffا قffال
تعالى„) :إن… ه‡م… إ„ل uك …
†ال†ن…ع†ام„ ب†ل… ه‡م… أ†ض†ل)(žالفرقان :من الية (44
لن النعام ليسوا مكلفين ،فل لوم عليهم فffى مffوت أعمffالهم ،ولن حيffاة الكفffار
روحية ،وحياة النعام حيوانية غير عاقلة.
وأنصت بقلبك لتلك الفائدة التى تجعل عملك حيا يسبح ا تعالى ول تهملهffا فإنهffا
عالية.
فائدة أخرى
قال سيدى الشيخ محيى الدين بن عربى رضى ا تعالى عنه فى النصffف الثffانى
من الجزء الرابع فى الفتوحات ص :344
" كما أعطت النوافل أن يكو ن الحffق سffمعك وبصffرك ،فححffق فيمffا أبffديته لffك
نظرك فإنك إذا علمت حكمت ونسبت ونصبت وكنت أنت أنت ،وصاحب هffذا العلffم
ل يقول إننى أنا ا وحاشاه من هذا حاشاه ،بل يقول :أنا العبffد علffى كffل حffال،
وا الممتن على باليجاد وهو المتعال".
48
قال مولنا سيدى الشيخ صالح الجعفرى رضى ا تعالى عنffه :يقffول لffك الشffيخ
أكبر سيدى محيى الدين بن عربى رضى ا تعالى عنه :ل تتهffاون بالنوافffل ،فffإن
سوقها عند ا حافل ،ولها عنده شأن أى شأن ،حيffث جعلffت الحffق سffبحانه لffك
سمعا وبصرا يffا إنسfان ،فعليfك بحافffل سffوقها بالليffل إذا عسfعس ،وبالصffبح إذا
تنفس ،وفى الضحى والسحار ،وفى البرارى والقفffار ،حffتى يتحقffق فيffك معنffى
الحديث القدسى ":ول يزال عبدى يتقرب إلى uبالنوافل حتى أحبه ،فffإذا أ؛ببتffه كنffت
سمعه الذى يسمع به ،وبصره الذى يبصر به ".......إلخ.
ولما كان ظاهر هذا الحديث يسffتحيل عليffه تعffالى أولتffه وقلffت فيffه بفضffل ربffى
تعالى ":كنت سمعه ...الخ" أى كان حبى فى سمعه وبصره وجميffع جffوارحه ،لن
الحب القلبى إذا زاد سرى إلى جميع الجوارح ،وزيادته تكون بسبب حب ا تعffالى
لعبده الذى يجعل الحب اللهى ساريا فى جميع أجزائه.
فالمدار على حب ا تعالى لك ل على حبك لffه ،وبحبffك لffه عبffدته ،وبعبادتffك لffه
أحبك ،فل تنس الحب وأسبابه ،واجعل نوافلك مدامك ،حتى تبصر مرامك.
فمن وافق قسم عيشه قسم نوره كان عيشه نffورا ،ولحمffه نffورا ،وعظمffه نffورا،
ودمه نورا ،وبصره نورا ،وعقله نورا ،وكلمه نورا ،وبدنه نورا ورجله نffورا ،وشffعره
نورا ،وعروقه نورا ،وخffاطره نffورا ،وحاضffره نffورا ،وغffائبه نffورا ،وجميffع حركffاته
وسكناته وخطراته وأنفاسه نورا ،وموته نورا وقبره نورا وبعثه نورا ،وعلى الصراط
يرى نورا ،وفى المحشر يرى نffورا ،قffال تعffالى) :يffوم تffرى المffؤمنين والمؤمنffات
يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم(.
" حكاية صحيحة"
روى لى أن السيد عبد العالى رضffى ا تعffالى عنffه عمffل ببلffدة الزينيffة بصfعيد
مصر )حول `(وهو المسمى شffرعا صffدقة علffى الميffت ويسffمى فffى صffعيد مصffر
بالمولد لوالده سيدنا ومولنا السيد أحمد بن إدريس الشريف رضى ا تعالى عنه،
فكان السيد عبد العالى بقطع الخبز ويقول " :إنى لرى لهذا الخبز نورا"
وهذا الكلم من قبيل ما قدمته لك فى كلمى هذا ،وما أخبر به السيد فهffو كشffف
حقيقى ،لن سيدى عبد اعالى رضى ا تعالى عنه يكفيffه أن والffده هffو العلمffة
والشريف مولنا السيد أحمد بن إدريس رضى ا تعالى عنه ،وأن مربيه وأسffتاذه
ومرشده هو شيخ العلماء العاملين فى عصره ،والذى لم يخالف شيخه قيد شعرة
سيدنا ومولنا الشريف السيد محمد بن على السنوسى رضى ا تعالى عنه.
وقد يكون النور حسيا متفاوتا فى مرآه لختلف القابليات المدركة له ،كffذلك النffور
المعنوى يختلف باختلف المدركين.
وقد رأى سيدى عبد العالى الخبز نورا ،وغيره يراه خبزا ،وكلهما قد طابق الواقffع
إبصاره ،فمن أبصر بعين قلبه أبصر نورا ،ومن أبصر بعين رأسه أبصر خبزا.
ولمناسبة ذكر الحول الذى يعمله سيدى عبد العالى لوالده رضى ا تعالى عنهمffا
فقد ظفرت بخطاب فى اليوم الثالث مffن كتffابتى لهffذا الموضffوع ،وهffذا الخطffاب
لسيدى عالم زمانه ،وإمام أوانه ،صffاحب العلffوم والكرامffات ،والنفحffات والبركffات
سيدى إبراهيم الرشيد الffدويحى رضffى ا تعffالى عنffه أرسffله لتلميffذ لffه يسffمى
إسffماعيل ،فل أدرى هffل هffو السffيد إسffماعيل النffواب المشffهور ؟ أم إسffماعيل
غيره؟ ؛ لن الخط الذى وجدته هو هكذا" اسماعيل البلياب".
وهذا هو الخطاب:
بسم ا الرحمن الرحيم
50
اللهم صلى وسلم وبارك على مولنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم فى كل لمحffة
ونفس عدد ما وسعه علم ا .
فمن عبد ربه إبراهيم الرشيد لطف به الحميد المجيد
إلى الخ المحترم المكرم ،والعز المجد الحشم ،الشيخ إسماعيل البليffاب حفظffه
ا آمين.
أما بعد
السلم عليكم ورحمة ا وبركاته ،نعرفكم بأن كتابكم الكريم قffد وصffل ،وفهمنffا
ما فيه وما عليه اشتمل.
أما من جهة أذكار الطريقة ،أعنى طريقة سيدى أحمد ابن إدريس رضى ا تعالى
عنه ،التهليل والعظيمية والستغفار الكبير.
وقال بعض الناس لسيدى أحمد رضى ا تعالى عنه :دلنى على من أسffبق إلffى
ا تعالى ،فقال :عليك بالتهليل ،وسأله آخر فقال :عليffك بالعظيميffة ،ومffا يفضffل
عليها شئ فى السبقية إلى الوصول إلى ا سبحانه وتعالى ،والسستغفار وقffت
السحر ،والتهليل مقدم على غيره.
والنس يكون بحسب حاله ووقته ،فكل مffا يفتffح بffه البffاب وسحصffل منffه زيffادة
الحوال فى هذه الذكار يكثر منه.
ومن جهة الحزاب وحزب السيف فلكم الذن فى قراءتهم ،ولكن الحسن أن يكثر
أول ` من التهليل والعظيمية ،لن الحزاب ل تدرك معانيها إل بعد الفتوح.
ومن جهة الحصون فالحصون التى هى فى الحزاب يتحصن بها صباحا ومساءا.
ومن جهة التسابيح الواردة فى السنة فكffان سffيدى أحمffد رضffى ا تعffالى عنffه
يشير إليها :سبحان ا وبحمده)مائة مرة(بعffد الصffبح إلffى الطلffوع ،وبعffد صffلة
العصر إلى الغروب ،وثوابها كل مائة منها ألف حسنة وأربعة وعشرون ألف حسنة،
وهو عدد النبياء والمرسلين عليهم الصلة والسلم.
وسبحان ا والحمد لله ول إله إل ا وا أكffبر كffذلك بعfد الصffبح إلffى الطلfوع،
وبعد العصر إلى الغروب مائة مرة ،وثوابهffا بكffل مffائة كffأنه أعتffق مffائة مffن ولffد
إسماعيل عليه السلم ،وكأنما حج مffائة حجffة ،وكأنمffا قffرب مffائة بدنffة إلffى للffه،
وكأنما ألجم مائة فرس فى سبيل ا.
51
وإن زاد :ول حول ول قوة إل بالله العلى العظيم فى كffل لمحfة ونفfس عffدد مfا
وسعه علم ا العظيم ،ثوابها بل حساب.
والفضل المذكور عن ذكرهما قبل الغروب وقبل الطلوع ،وإذا ذكرهما فى قتيهمffا
المذكورين يكون أزيffد مffن ذلffك موافقffة لليffة ) :وسffبح بحمffد ربffك قبffل طلffوع
الشمس وقبل غروبها(.
وسبحان ا وبحمد وأستغفر ا إنه كان توابا" سبعين مرة" فى الصباح فقط بعد
صلة الصبح وثوابها سبعمائة حسنة.
ومن جهة ما ذكرت أن المريد إذا تلقى الذكر عن شيخه مffع تركffه محبffة شffيخه أو
تركه رأسا ثم رجع إليه ،فإذا رجع فهو مقبول ولfو مffن غيffر تجديffد " :التffائب مffن
الذنب كمن ل ذنب له".
ومن جهة ما ذكرت مffن الوراد الخffر مffن المسffبعات وغيرهffا لffه الثffواب ،ولكffن
الفضل أن يلزم على أذكار أوراد شيخه ،لن السر والمدد فيها.
ومن الحول فإنها أسلوب أهل الحجاز مع أن كل إنسان يصffنع ذلffك صffدقة لميffت
على حول وفاته كل سنة ،وما يصنعه إل أحب الخلق إليه ،ونحن ما أحد أحب إلينffا
من سيدى أحمد بن إدريس رضى ا تعالى عنه.
ومن جهة فضله لفاعله والمعين فيه والمتسبب فيه ومن حضffره فشffئ ل يحصffى
ول تسعه كتابة الدفاتر ول تسعه العقول ول يسعه إل اليمان بالله تعالى.
ولفاعله اليد العليا عند سيدى أحمد بن إدريس رضى ا تعالى عنه ،لن أهffل ا
أهل المروءة والكرم فيكافئون من صنع معهم المعروف بأضعاف كffثيرة بحسffب
مقامهم.
ومن سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة.
وفى هذا القدر كفاية ،وشدوا حيلكم على التعاون فffى الطريffق ،وإدخffال النffاس
فيه لحصول النفع للمسلمين ،لن أهل السffموات وأهffل الرض حffتى النملffة فffى
جحرها والحوت فى البحر يصلون على معلمى الناس الخير ،والمتسبب فى الخير
كفاعله ،وبلغوا سلمنا إلى كافة من يحوى مقامكم ،والسلم.
قوله ":وقال بعض الناس لسيدى أحمد رضffى ا تعffالى عنffه :دلنffى علffى مffن
أسبق إلى ا تعالى ،فقال :عليك بالتهليل":
قال سيدنا ومولنا العارف بالله تعالى الشيخ صffالح الجعفffرى وفقffه ا تعffالى:
للشيخ الواصل نظر للمريد يكشف به عن حاله ،ثم يلقنه الffذكر الffذى يليffق بحffاله،
كالطبيب يعرف المرض ثم يصف الدواء الشافى له ،ولعل هذا السائل كانت نفسه
أمارة ظلمانية ،فأمره السيد بالتهليل لتذهب ظلمته ويستنير قلبffه ،فرضffى ا عffن
سيدى أحمد بن إدريس صاحب العلم النفيس.
قوله" :وسأل آخر قال " عليك بالعظيمية وما يفضل عليها شئ فى السبقية إلffى
الوصول إلى ا سبحانه وتعالى":
قال سيدنا ومولنا الشيخ صالح الجعفرى رضى ا تعالى عنه :لعل هffذا السffائل
كانت نفسه نورانية فاستحقت الوصول ،فدله السيد بنفسه العالى إلى أفضل شئ
فى السبقية ،وهى الصلة العظيمية المختصffة بطريffق سffيدى أحمffد رضffى ا
تعالى عنه ،ووجه الفضلية الجمع به صلى ا عليه وآله وسلم.
واعلم يا أخانا أن النسان:
تارة يمزق الحجب بأعماله.
وتارة باتصاله.
وتارة يستصبح فى طريقه بتوفيقه.
وتارة بتحقيقه.
وتارة يرى أعباء على نفسه ،فينقص فى انسه ،وتارة يرى أعباء على غيره
فيغدق فى خيره ،ومتى اتصلت بسيد السادات ،فقد ضffلت عنffك المضffلت،
وتنزلت عليك البركات ،ولم يحاسبك البواب.
" يدخل الجنة من امتى سبعون ألفا بغير حساب"
فالداخلون جنة الشهود بغير حساب ،هم المتصffلون بffالنبى الواب صffلى ا عليffه
وآله وسلم.
وإذا كانت هذه الصلة العظيمية توصل تاليهffا وتffدخله فffى حضffرة القffدس بغيffر
حساب ،فلزم عليها ما استطعت فإنها نعمت التجارة وقد ربحت.
" لطيفة"
53
التقيت برجل صالح من الشام مffن ذريffة سffيدى عبffد الغنffى النابلسffى رضffى ا
تعالى عنه يسمى السيد عبد ا النابلسى رحمه ا ،وذلك منذ عشرين عاما وكان
مشهورا لنه يعطى أحبابه أذكارا يذكرونها وفوائد تنفعهم ،فقبلت يده وقلffت لffه يffا
سيدى أريد منك فائدة ،فنظر إلى رأسى ثم إلى جميع جسمى ثم قffال لffى :صffل
على النبى صلى ا عليه وآله وسلم" وكنت قد رأيffت النffبى صffلى ا عليffه وآلffه
وسلم قبل ذلك فأمرنى بالصلة عليه صلى ا عليه وآله وسلم ،ثم رأيته صلى ا
عليه وآله وسلم بعد ذلك وأمرنى بالصلة عليه صلى ا عليه وآله وسلم.
ومرة رأيته صلى ا عليه وآله وسلم وأنا أقرا الصلة العظيمية فقلت له صلى ا
عليه وآله وسلم :أصلى عليك بهذه الصffيغة يffا رسffول ا؟ فقffال صffلى ا عليfه
وآله وسلم " بها وبغيرها".
" وللمناسبة" لما توفى السffيد عبffد ا النابلسffى وذلffك بعffد وفffاة السffيد محمffد
الشريف رضى ا تعالى عنه قال لى بعض الخوان من السودان :إن السيد عبffد
ا النابلسى يأتيك فfى النffوم فتحfدث معfه بمfا تريfد واطلfب منfه فfائدة لقضffاء
الحوائج.
وبعد العشاء قرأت له الفاتحة ويس ،ونمت ناويا بقلبى مقffابلته ،ففffى أول منffامى
رأيت أنى أدخل باب غرفة ورأيت السيد محمد الشريف عبد اعffالى شffيخى جالسffا
على سرير ،فقال لى بغضب ورفع يديه " :ماذا تريد من السيد عبffد ا النابلسffى؟
ألم نأذن لك بالحزاب والوراد؟ مثل هذا كثير عند والدى" فاستيقظت مffن منffامى
وأنا فى تعجب من أمرى هذا.
قوله ":والنس يكون بحسب حاله ووقته"
قال القطب الغوث سيدنا ومولنا الشيخ صffالح الجعفffرى رضffى ا تعffالى عنffه:
النس بالذكر التلذذ به ،ووجود حلوته فى القلب يكون بأمرين:
الول :حال الروح وهو الصفاء الذى يكون عند التلوة كالذوق عند الطعام.
والثانى :الوقت المناسب كضوء النهار عند القراءة ،فكما أن الحوال تتفاوت كffذلك
الوقات تتفاوت.
وقد جعل سيدى أحمد بن إدريس رضى ا تعالى عنffه حينمffا كffان بffاليمن ثلثffة
أوقات للدروس ،وقتا بعد الشراق إلى ارتفاع الشمس ،ووقتا بعffد العصffر ،ووقتffا
خاصا بعد العشاء.
54
كذلك الحزاب تقوى الروح حتى تffدرك مffن معانيهffا مffا علffى وفffق قوتهffا وعلمffا
وصفائها ،فالحزاب تدرى بالحزاب ،وباقى الذكار تقوى الروح على الدراك ،ولكل
ذكffر فfائدة وخصوصffية ،فمثfل الذكffار كffالفواكه المتنوعffة تحمfل للجسfم أغذيfة
مختلفة بها تتكامل قواه ،كذلك الروح مع الذكار المختلفة.
قوله ":ولكن الفضل أن يلزم على أوراد شيخه ،لن السر والمدد فيها".
يقول سيدنا ومولنا الشيخ صالح الجعفرى رضى ا تعffالى عنffه :قffد تقffدم هffذا
البحث عند قصة الشيخ أحمد الجيلنى الجزائرى فى هذا الكتاب.
وقول الشيخ الرشيد رضى ا تعالى عنه ":لن السر والمدد فيها"
ظاهر لمن كشف ا عن بصيرته.
الخير كل الخير فى أوراد الطريق
اعلم أن أوراد الشيخ فيها خيرات كثيرة من اهمها السر والمدد ،فالمدد هو عبffارة
عن أنوار الذكر المأذون فيه تمد به الروح لتقوى وتتهيأ للتجليات.
والسر هو ما يحصل لها من الكشف بعد ذلك.
فالمدد فى الوراد يتوقف على شيئين :الشيخ والذن.
ويتبعهما شيئان :الستقامة والجتهاد.
وينشأ عن ذلك شيئان :جب للشيخ وعدم اتخاذ شيخ آخر معه.
وينشأ عن ذلك شيئان :المدد والسر.
وينشأ عنهما شيئان :انفصال واتصال.
وينشأ عنهما شيئان :التخلى والتجلى.
وينشأ عنهما شيئان الكشف والشهود.
وينشأ عنهما شيئان الوجد والحال.
وينشأ عنهما شيئان القرب والتلذذ.
وينشأ معهما شيئان كان ا ول شئ معه وهو الن على ما عليه كان ،وعنffد ذلffك
تفوح أعطاره ،وتلوح أنواره ،وتظهر أخباره ،وتكثر زواره ،وتكffثر رقffائقه ،وتffتزاحم
حقائقه ،وينطق بالحكمة وينفع للمة.
قال ابن الوردى رحمه ا تعالى:
كل من سار على الدرب وصل ل تقل قد ذهبت أربابه
قال بحر العلوم ونبراس الفهوم مولنا الشيخ صالح الجعفرى
56
يقول وحيد عصره وفريد دهره بحر العلffوم اللدنيffة وكنffز العطايffا اللهيffة وخزينffة
المدادات الحسينية مولنffا الشffيخ صffالح الجعفffرى رضffى ا تعffالى عنffه :هffذه
الجملة الطيبة ذات القول السديد لم ينفرد بها سيدى إبراهيم الرشيد ،ولكffن قالهffا
سيدى الختم السيد محمد عثمان ،وقالها سيدى محمد بن علffى السنوسfى ،وقالهffا
سيدى محمد بن سليمان الهدل مفتى زبيد ،وقالها كل من أخذ عن سffيدى أحمffد
رضى ا تعالى عنه ،وكل من أخذ ورده إلى يومنffا هffذا رضffى ا تعffالى عنهffم
أجمعين.
ومعنى هذه الكلمة :ل أحد أحب إلينا بعد ا تعالى وبعffد رسffول صffلى ا عليffه
وآله وسلم وبعد أهل بيته رضوان ا تعالى عنهم وبعد أصحابه رضى ا تعالى
عنهم من سيدى أحمد بffن إدريffس رضffى ا تعffالى عنffه ،اللهffم انفعنffا بمحبتffه
وإخواننا أجمعين آمين.
ولنرجع إلى كلم سيدى أحمد بن ادريس فى ثنائه على صلواته:
قال رضى ا تعالى عنه " :تتلو عليك من كتاب الحقائق المحمدية محكم اليffات،
وتفسر لك بعض نقش حروف آياته البينات.
يقول العبد الفقير مولنا الشيخ صffالح الجعفffرى المفتقffر إلffى رحمffة ربffه العلffى
القدير:
كتاب الحقائق المحمدية هو الذى وصل إليه العfارفون بمعرفتهfم بعfد أن كشffفوا
الحجاب بهمتهم ،فاتصلوا بعين الحقائق ،فأملى عليهfم مffن بfديع الfدقائق مffا عfز
على عقولهم الوصول إليه إل به ،فتعرفوا إليه به فى عالم ما وراء الحس من غير
ريب ول لبس ،كما تلقاها شيخ المشايخ عن صاحبه ،فصارت بديعة فى عجائبها.
فتارة تسمع " قوة الحوقلة ،وكفاية الحسبلة ،ورحمة البسملة".
إذ لوله صلى ا عليه وآله وسلم ما نفعك شئ من هffذه الذكffارن فاليمffان بffه
صلى ا عليه وآله وسلم هو السر الذى به تصل إلى منافع الذكار والعبادات.
قال عين الحسن والكمال سيدى الشيخ صالح الجعفرى
إيماننا إسلمنا كل ول لول النبى المصطفى ما قبل
والحج والزكاة ثم النحر صلتنا صيامنا والذكر
مفضل مشفع فى الزلل سر القبول فى جميع العمل
كل ول كنا من الكياس لوله لم نعرف إله الناس
58
فإذا تمكن فى هذا المقام رفعت عنffه التبعffات والملمffة ،ول يضffع قffدمه فيffه إل
بالخلص لله تعالى ،وهو أن يقصد بعملffه وقffوله وجffه ا تعffالى ،فffإذا قصffده
وجده ،وإذا وجده عبده ،وإذا عبده قربffه ،وإذا قربffه تجلffى عليffه بتجلffى الفعffال،
المنقذ له من الباطيل والوحffال ،لن العمffل كالراحلffة الموصffلة إذا وجهfت إلffى
الجهة المقصودة وصلت ،وإذا وجهت إلى غيرها كلمffا سffارت ابتعffدت ،فل تجعلffن
عملك المقرب مبعدا ،ول قلبك لما فيه من اليقين مفندا ،إنما إخلصffك مffن يقينfك،
وإن يقينك هو عين دينك.
قال عليه الصلة والسلم) :اللهم إنى أعوذ بك من الشك فى الحق(
ومن ذلك الخلص الذى أوصى به السيد ابن إدريس رضى ا تعالى عنه.
فيوضات وحكم وأنوار جعفرية
قال سيدنا ومولنا الشيخ صالح الجعفرى
حكمة غريبة أفيضت بفضل ا تعالى علffى قلffبى ستسffمعها إن شffاء ا تعffالى
فأقول:
العم يا من هداه ا إلى دينه ،ومن عليه بعين يقينه ،أنfك إذا أخلصffت للffه تعffالى
فى عملك ،وأقبلت عليه بقلبك ،أقبل الحffق سfبحانه عليfك ،وإذا أ‹بfل عليfك صffارت
الدنيا والخرة كأنهما بين يديك ،وتغلبت روحك على جسمك بffرزت ،وأنffوار أقوالffك
على أقوالك فلمعت ،وآثار أفعالك علffى أفعالffك فسffطعت ،فصffار جسffمك عيونffا
إلهية للتجلى ،وتأهبت روحك للتخلى ،ورددت قول بffن الفffارض رضffى ا تعffالى
عنه:
مذ صار بعضى كلى
فصرت تسمع القرآن منك لمffا تكffرم عليffك ورضffى عنffك ،وجعffل لسffانك معمffرا
للوحى اللهى المنزل على القلب المحمffدى ،وجعffل قلبffك مهبffط الفهffم الربffانى،
ومحل التنزل لذلك السر الخفى ،فقلت ما قاله بن الفارض الصالح الولى:
يدريه من كان مثلى ولح سر‡ خفىœ
61
وكلما خرقت العادة فى إخلصك ،أطلقت من وخيم أقفاصك ،حتى تصffل بffه إلffى
ما وصل المخلصون ممن تجلى عليهم الحق سبحانه بنعمة الخلص السارى فffى
السر السارى ،وبه يفتح لشعاع شمسه فتضئ جوانب قلبه ،فيشffاهد رئيffس حffزب
ا مع حزبه( :أ‡ول†ئ„ك† ح„ز…ب‡ اللuه„ أ†ل إ„ن uح„ز…ب† اللuه„ ه‡م‡ ال…م‡ف…ل„ح‡ون†()المجادلة :من الية
(22والعمل كالجسم والخلص فيه كالروح ،فعمل بغير روح ما عليه نور يلوح ،ول
منه طيب يفوح ،فاسق يا أخانا أشجار ورودك بالخلص الذى فى وردك كى تحيffا
أشجاره ،وتفوح أعطاره ،وتغرد على أفنانه أطياره ،فتطربك نغماتها fوتحركك إلى
المل العلى غريب لغاتها ،فتهتز منك الروح طربا ،ويدهش العقل عجبffا ،عنffد رفfع
أستار غffوامض دقffائق حقffائق خفيffات أمffور عffز علffى القلffم تسffطيرها ،وقلبffك
ترجمانها وخبيرها ،فسله عنها ،فإنه ل يسلو عنها ،وسله عن الخلص وأيffن مقffره
فيه ،إذ به قرت عيناه ،وعظمت جدواه ،واهتزت أرضه وربت ،أحبت وعشقت ،ولبت
فأنبتت ما حير الفكار الوصول إلى جنffى ثمffاره ،والوقffوف علffى دقffائق أخبffاره،
والنظر إلى وامض برق أنواره.
وهر عرفت الخلص حتى تطلبه؟ فإذا طلبته وجدته ،وإذا وجدته أعجزك حصffره،
وحيرك سره ،فكيف تخلص لمن خلق إخلصك ،وبيffده خلصffك ،أم كيffف تقصffده
بالعمل وقد خلقه وأبداه؟ وكونه وبراه ،وبعلمه يراه قبل أن تقصده به وتخلص له
فيه ،فواعجبا ثم واعجبا ممffن قصffد بffه غيffره وليffس لغيffره فيffه ذرة بffوجه مffن
الوجوه ،ولذلك قال بعضهم:
الخلص أن ل ترى الخلص
ومعناها من ضمن الخلص لله فى العمffل والقffول أن ل تffرى إخلصffك منسffوبا
إليك خلقا وإيجادا ،ول أنت الذى سقته إليك حيffث وجffدت اسffتعداده ،فهffذا القffائل
يذكرك بكلمه أن المهيمن هو ا تعالى ،وأنه ل حول ول قوة إل بالله.
وبعضهم يقول :الخلص أن تقصد بعملك وجه ا تعالى ،قاله النووى رحمه ا
تعالى ،ويقال لصاحب هذا القول كيف يقصد من ل قصد له؟! وكيف نسffب مffن ل
عمل له؟! فffإن قffال عملffت فمffا أخلffص ،وإن قffال قصffدت فمffا أنصffف ،فكيffف
الوصول إلى الخلص يا أهل الصفا؟!
62
قالوا :هو لمن صفا وتبرأ من الحول والقوة وأنصف وغffاب فffى إخلصffه وعملffه،
وعن تفكيره وأمله فيما هو اعز وأبقى ،حيث طلعffت شمسffه وترقffى ،فسffار ليلffه
كنهاره ،وأضاء ليله بأقماره ،واستشهد بالنجم حيث سهر وقال:
جفنى وكيف يزور من لم يعرف واسأل نجوم الليل هل زار الكرى
وتلذذ بخطابه حيث وقف على بابه.
وقال له ما قال ،وهو فى مقffام النffس والffدلل ،نffادته الجنffة وحورهffا فffأعرض
عنها ،ونادته النار فما خاف منها ،وظهرت له الدنيا فما مال قلبه إليهffا ،وتيسffرت لffه
السباب فلم يعول عليها،وصار وهو فى أمصاره كسكان البوادى،هffاجرا للمحافffل
والنوادى ،راضيا وحده بأنيسه ،تائها بدندنته مه جليسه ،قال عليه الصلة والسffلم :
)حولها ندندن(.
فقال أهل الظاهر :حول الجنة الزكية.
وقال أهل التصffوف :حffول الحضffرة العليffة) ،و†ل„ك‡fل« و„ج…ه†fة‹ ه‡fو† م‡و†لˆيه†ffا ف†اس…fت†ب„ق‡وا
ال…خ†ي…ر†ات„()البقرة :من الية (148فهل استبقت مع المستبقين ،أم كنت مffن النffائمين،
أم لعبت بالدنيا مع من لعبوا بها فألبستهم ثوب الخيلء ،وتسلط عليهم إبليس فffأمر
فيهم ونهى )أ‡ول†ئ„ك† ح„ز…ب‡ الشuي…ط†ان„ أ†ل إ„ن uح„ز…ب† الشuي…ط†ان„ ه‡م‡ ال…خ†اس„ر‡ون†()المجادلة:
من الية (19فهل قffارنت بيffن الحزبيffن ،أم تجffاهلت المقارنffة لوضffوح الفffرق ،أم
التبس عليك المffر حffتى قلffت :ل خلف ول فffرق ،وكيffف يffدرك الفffرق مffن فقffد
البصيرة ،وهو يدرك بها لمن ظهر نور بصيرته ،فكان دليل ` بعد حيرته ،فوصffل إلffى
علم بعد جهل.
وإلى عدل بعد ظلم ،وإلى غنى بعد فقر.
واعلم أن هذه الثلثة التى ذكرها السيد أحمد رضى ا تعالى عنه هى :
الولى :صحة القصد لوجهه تعالى.
والثانية :غسل القلب من الشوائب.
والثالثة :الرسوخ ،فهى أوتاد الخيمة الffتى سffترى عجائبهffا ،وتعffرض عليffك
غرائبها ،وفكر كيف السيد رتبها بهذا الترتيب؟!.
63
وذلك أن مثل التوجه والغسل والرسوخ كمن قصد زيارة السffلطان ،فffإنه إذا صffح
قصده اغتسل ونظف ثيابه للمقابلة ،فإذا وقف أمffامه رسffخ وثبffت ،واعلffم يffا مffن
توجه إليه فؤادنffا ،وخاطبنfاه بروحنfا :أن المريfد إذا قصffد بعملfه وجfه ا تعfالى
خرجت روحه من جسده ،وهذا هو غسلها حتى تتلقى مشاهدة من تلشffت أمffام
معرفة كنه ذاته العقول ،بمصباح من أمره ل مادةله ول أفول ،فتسقى فى حضرة
أنسه ما فى وصفه ابن الفارض رضى ا تعالى عنه يقول:
ونور‡ ول نار‹ وروح ول جسم صفاء‹ ول ماء‹ ولطف‹ ول هوى
وبهذا الشراب الذى تشرفت بشاربيه البرازخ ،يكون المريد مريffدا ،ويوصffف بالثffابت
الراسخ ،والحذر ثم الحذر من الزلل بعد الرسوخ فى طريق ا ) :فتزل قffدم` بعffد
ثبوتها وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل ا(فما زل من عرف ،ومن عffرف مffا
انحرف.
وسبيل ا تعالى كتبه ورسله وأنبياؤه عليهffم الصffلة والسffلم ،وأوليffاؤه وعلمffاء
شريعته العاملون العارفون رضى ا تعالى عنهم ،فمن دعا إليهffم دعffا إلffى ا،
ومن صد الناس عنهم صد عن سffبيل ا ،لنهfم يبلغfون الخلffف عfن ا بطريfق
الوحى أو بطريق الوراثة والتباع)لعلمه الذين يستنبطونه منهم(.
64
قال صاحب العلم النفيس سffيدى أبffو العبffاس العرائشffى مولنffا الشffريف السffيد
أحمد بن إدريس رضى ا تعالى عنه:
" وصار ل يتكلم ول يفعل فعل ` إلى عن تثبت وتأن".
قال سيدنا ومولنا سللة بيffت النبffوة وحيffد عصffره وفريffد دهffره القطffب الغffوث
سيدى الشيخ صالح الجعفرى رضى ا تعالى عنه ونفعنffا بffه فffى الffدارين آميffن
يارب العالمين:
فلما رسخ قلبه ،زال عيبffه ،وسffمى قلبffه ثابتffا فصffار ل يصffدر عنffه شffئ إل وهffو
مصحوب بالثبات كاللقمة الخارجة من العسل ل تخرج إل وهffى ممزوجffة بالعسffل
65
وكالثوب الذى يوضع فى صندوق فيه عطر إذا لبسته شم منه رائحffة العطffر ولهffذا
قيل " :كل قول برز وعليه كسوة القلب الذى برز منه".
ويؤخذ من كلم شيخنا السيد أحمد رضى ا تعالى عنه أن الفعل كffذلك ،ومعنffى
الثبات :هو ثبات القلب عند مشاهدة الحق سبحانه وتعالى عن أن يرى ما ل يليffق
بمشاهدته تعالى.
" حكاية" كان الشيخ حجة السلم الغزالffى رضffى ا تعffالى عنffه يffدرس الفقffه
فوصل إلى باب الحيض ،فوقف يصلى إماما وفكر فى باب الحيض الذى سffيقرؤه،
وكان له أخ عابد صوفى يصلى خلفه فكسف له عن ذلك فخرج من الصلة.
فيجب على الصوفى العfارف أن يكfون ثfابت القلffب عنfد المشfاهدة اللهيfة عfن
الحركة القلبية إلى الغير أو التفكير فى أى شئ سوى هذا الحال ،وفى الحديث " :
أن تعبد ا كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك".
والعمل والقول اللذان يكونان عن تثبت وسوخ هما مثبوتان فى سجل الثابتين.
قال ا تعالى) :يثبت ا الذين آمنوا بالقول الثابت فى الحياة الدنيا وفى الخرة(.
والقول الثابت يتبعه العمل الثابت ،ومffن ثبffت عنffد القffدوم علffى القffول والعمffل،
حفظ من الثام والزلل ،قال سيدى الشيخ صالح الجعفرى :
وجffدت ثبffاتى عنffد قffبرى وبعثffتى فحقffق ثبffاتى يffا إلهffى وإن أمffت
جليسى أنيسى بffل إمffامى وقffدوتى وشيخى هو ابن ادريس بحfر مffوارد
ومfffا غfffاب عfffن روحfffى ول عfffن فإن غاب عن عينى فمffا غffاب حبffه
بصffffffffffffffffffffffffffffffffffffffيرتى عليffffه رضffffاء ا ثffffم سffffلمه
وروح وريحfffffان وازكfffffى تحيfffffة وآل أصfffحاب وكfffل مfffن انتمfffى
إلffى ورده السffامى لffدى كffل أمffة
قال سيدى صاحب العلم النفيس مولنا الشريف السيد أحمد بن ادريس رضfى ا
تعالى عنه:
" وصارت أعماله كلها خالصة ل مخالطة فيها بوجه من الوجوه".
قال إثمد العينين مولنا الشffيخ صffالح الجعفffرى رضffى ا تعffالى عنffه :العمffال
تشمل القوال كما فى قوله تعالى ) :و†اللuه‡ خ†ل†ق†ك‡م… و†م†ا ت†ع…م†ل‡ون†()الصافات(96:
66
،لنه لما ثبت ورسخ أخلffص إخلص العffارفين وذاق شffراب الثffابتين فأحيffاه ا
بالخلص.
وهذا يكاد أن يدخل بالتلويح فى مقام شهود ثبات صffاحب العلffم النفيffس ،سffيدنا
السيد أحمد بن إدريس رضى ا تعالى عنهfم حيffث يقffول" حffتى ل تتصffرف لffى
جارحة إل بإذن صريح".
قال نور العينين مولنا الشيخ صالح الجعفرى رضى ا تعالى عنه :وهffذا الذن ل
بالذن يسمع ولكن لمن عل نوره مناره فصffار فffى مقffام الجمffع يجمffع ،فانتقffل
بالوداد ،من واد إلى واد ،وهناك الذن الصريح لهل النداء.
قد صفا وقتنا ورق الشراب
وتجلت لنا وزال العتاب
وسمعنا من الحبيب الخطاب
ولذلك صار ل مخالفة فى أعماله بوجه من الوجوه ،لما ترك جميffع الوجffوه لffوجه
واحد ،وشمر فى مقام الشهود عن السffاعد ،واسffتعان بمffن أخلffص لffه عffن كffل
معين وسائد ،فهجر الوسائد ،وصنوف الموائد ،فنادته من الجنffة قصffورها ،وحيتffه
من خيامها حورها ،ففر إلى منى ذات الخيام ،فذكرته خيامهffا الخيffام ،فسffاق إليffه
ريح الجنة نحو مسجد الخيق روائح ،وذكر المطية على الصراط لما راى من الهدايا
الذبائح ،فإنها تذكر الضاحى لمن أضحوا مضحين ،وكأنها سارت بهم على الصراط
إلى دار المتقين.
وذكرته القبة التى فى وسط مسجد الخيف النبى النور صلى ا عليه وآله وسffلم،
لنه نزلت عليه فيها سورة الكوثر ،وتffذكر الخليffل ورؤيتffه ،والذبيffح وقصffته عليهمffا
السلم ،وهكذا تنفع المؤمنين الذكرى ،فذكر فلك البشرى.
واعلم يا من أحبنا فى ا الكرم ،وفقك ا للعمffل بمffا تعلffم ،ل تجعلffن حجffاب
نفسك ساترا لك عن طهر قدسك ،ول تقوينه بكثرة طعامك وشرابك.
تلوة القرآن تفتح لك البواب
ولقد كان لنا فى تلوة القرآن أجل تمزيق لتلك الحجب ،وأسرع ما يكون فى رفffع
الرتب ،فل تجعلن كلمى هذا منك موضع الغفffال ،ولزم تلوة القffرآن تفتffح لffك
القفال ،فما وجدنا أسرع للفتح منه لمريدنا ممن عرفناه وعرفنا.
67
واعلم ثم اعلم وافتح مسامع قلبك لما سيلقى عليffك ،أن لكffل حffرف مffن القffرآن
نورا وعلما وسرا ولطفا وخيرا وبرا ونصرا وكشفا ووجدا وقربا ونصحا وحبا وثباتffا،
ويثاب التالى بكل حرف عشر حسنات.
فإذا تلوته حركت سحب غيث حروفه جميعها فيهطل عليك نفيffس نفffائس جffواهر
باهر ما فيها ،فتتلضى أمامه الدنيا ومبانيها ،فهو إمامffك المffبين ،وجليسffك الميffن،
يبين لك ما أبهم عليك ،ويفتح باب الخيرات إليك ،،ودواء قلبك إذا سقم ،وأرحم بffك
من كل قريب ورحم ،وهو المدافع عنك أمام الهواء إذا عصفت عواصفها ،ويصف
لك سبل نجاة عز واصفها ،وهئ نفسfك عنfد تلوتfه لمfا هffو أعظfم ،وسfلم عنfد
متشابهه وقل ا تعالى أعلم.
قال سيدى الشفاء سللة خاتم النبياء صلى ا عليه وآله وسffلم مولنffا الشffريف
السيد أحمد بن إدريس رضى ا تعالى عنه:
" وهذا معنى قول خالقنا جل وعل لحبيبه الكرم ورسول العظم صffلى ا عليffه
وآله وسffلم ):و†اص…fب„ر… ن†ف…س†fك† م†fع† الfuذ„ين† ي†fد…ع‡ون† ر†بuه‡fم… ب„ال…غ†fد†اة„ و†ال…ع†ش„fيˆ ي‡ر„يfد‡ون†
و†ج…ه†ه‡ً†()الكهف :من الية (28أى ل غيره فى جميع أمورهم.
قال إمام العffارفين وقffدوة المحققيffن وسffلطان المffادحين شffيخنا سffيدى صffالح
الجعفرى رضى ا تعالى عنه وعن أجداده:
استدل السيد رضى ا تعالى عنه بهذه الية على ما قدمه لك فى هffذه القاعffدة
الثانية ،ثم فسر وجه الدللة بقوله " :أى ل غيره فى جميع أمورهم"
قال سللة خاتم النبياء مولنا الشيخ صالح الجعفرى رضى ا تعالى عنه ونفعنffا
به آمين :معنى المور :الحوال ،وهى إما أخروية ،وإما دنيويffة ،فالخرويffة تسffمى
عبادات ،والدنيوية تسمى عادات.
والعبادات يثاب على فعلها ،والعادات قد يثاب عليها بالنية كمن أكل الطعffام ونffوى
به التقوية على الطاعة ،وكمن لبس الثوب ونffوى بffه سffتر العffورة للصffلة ،وبهffذا
يستطيع أن يريد بجميffع أمffوره وجffه ا تعffالى ،حffتى لffو أطعffم كلبffا أو هffرا أو
ساقهما أو قدم أكل ` لبهيمة أو سقاها إلى غير ذلffك ،قffال عليffه الصffلة والسffلم":
فى كل ذات كبد رطبة أجرا".
أى فى كل حيوان من إنسان أو حيوان أو بهيمة أو طير تفعل معه خيرا لffوجه ا
تعالى ،ولو أن تنقله من الشمس إلى الظل لك صدقة وثواب.
68
قال الشاعر:
وانظر إليهم بعين اللطف والشفقة كن راحما لجميع الخلق كلهم
وقد ورد فى الحديث أن أمرأة دخلت الجنة بسقيها لكلffب ،وأن امffرأة دخلffت النffار
بهرة قتلتها عطشا وجوعا.
وقول السيد أحمد رضى ا تعالى عنه :
" ل غيره فى جميع أمورهم"
قال خزينة النffوار والسffرار الحسffينية شffيخنا سffيدى صffالح الجعفffرى رضffى ا
تعالى عنه :هffذا نفffى للغيffر عنffد مffن نفffوا عffن أنفسffهم الغيffار وأميطffت عffن
أرواحهم الستار ،فلم يشهدوا غيره حتى يرديوه ،ول رقيبا غير ا حffتى بffأمورهم
يقصدوه ،غابوا عمن سواه فغاب من سواه عنهم ،رضffوا بffالله مffرادا فرضffى ا
عنهم ،الغير ظلم وهم قد سلخ ليلهم عن نهارهم ،فصاروا فffى نهffار ل ليffل معffه
لمحو آثار أوزارهم ،تريد أن تخدعهم الffدنيا فخffدعوها ،وتريffد أن تملكهfم النفffس
فملكوها ،إذا ضحكت لهffم الffدنيا قffالوا " :شffر أهffر ذا نffاب" وإذا عرضffت عليهffم
نفسها قالوا لها " :الدنيا جيفة وطلبها كلب".
وانظر إلى قوله تعالى) :واصبر نفسك مع الffذين يffدعون ربهffم بالغffداة والعشffى
يريدون وجهه(
وكيف أكرمهم ا تعالى حيث أمر نبيه صلى ا عليه وآله وسffلم بالصffبر معهfم،
ولم ينالوا هذه المنقبة بذكرهم بالغداة والعشى ،ولكن بما هffو أشffرف مffن هffذا
وهو إرادتهم وجه ا الكريم ،فالرادة حققت الكرامة ،فلمfا أرادوا وجffه ا )كffل
شئ هالك إل وجهه(أمر خير خلقه صلى ا عليه وآلffه وسffلم بffأن ل تعffدو عينffاه
عنهم ،فهم وإن كانوا فى شوق إلى من غابت عنهم رؤيته ،فقد أقffر أعينهffم بمffن
شffرفتهم نظرتffه ،إذا رأوه ذهبffت احزانهffم ،وازداد إيمffانهم ،وإذا رآهffم قffواهم
ورباهم ،سراج منير تستنير به قلوبهم ،وشاهد ومبشر لهم بما تقر به أعينهم ،ونذير
لهم ينذرهم ويحذرهم ،وداع لهم إلى ا بالله إذا جاءوه أو جاءهم )ولو أنهffم إذ
ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا ا واستغفر لهfم الرسfول لوجffدوا ا( ،ولمffا
كان صلى ا عليه وآله وسلم نبى التوبة ونبى الرحمة قال سffبحانه) :لوجffدوا ا
توابا رحيما(.
" فائدة"
69
يقول سيدى المام العارف بالله تعffالى شffيخ الطريقffة الجعفريffة فضffيلة الشffيخ
صالح الجعفرى رضى ا تعالى عنه مستمدا من فيض الffرب الكffبر" :إذا عصffتك
نفسك وخالفت وعن الفضائل تخلفت ،وعن دعوة الحق تffولت ،وصffارت جموحffة
الخلق ،منفرة للرفاق ،أجدبت أرض قلبها ،بنسيانها لذكر ربها ،وتسربلت بffالخمول
والكسل ،وصارت حليفة البطالة والفشل.
عليكم بالكثار من الصلة على رسول ا صلى ا عليه وآله وسلم
فعليك بالكثار من الصلة على نffبى التوبffة صffلى ا عليffه وآلffه وسffلم ،لنffك إذا
أكثرت من الصلة والسلم عليه وصلك ،وإذا وصلك تاب ا عليك ورحمك.
وهذا أقرب سبل الخير المنقذة لك ،واجعله المرئى لمرآة قلبك ،متوجهffا بffه صffلى
ا عليه وآله وسلم إلى ربك ،فهو إمام روحك المبين)وما هو على الغيب بضنين(،
سراج أفق اللوهية ،لمن أراد أن يسير فى ضffوئه إلffى حضffرة اللوهيffة ،ومعffدن
السرار الربانية ،لمن أراد أن يطلع على السرار الخفيffة ،لffوح علffم ا المخffزون،
لمن أراد أن يطلع على الجوهر المكنffون ،تبصffرة المستبصffر ،وتffذكرة المسffتذكر،
ومفتاح فتح الفاتحين ،وقدوة الراسخين المرشدين.
وشطرت بيت السيد الميرغنى رضى ا تعالى عنه:
ذات المختار أبى السرج واشهدنى نور جمالك فى
كلتا الدارين وطب أرج واجعله ممدى بالتحف
شffهودا خارجffا عffن المعقfولت والمحسوسffات لكامffل الffذات ،وجميfل الصffفات،
ومنتهى الغايات ،واجعله لى إماما ،يقظة ومناما ،فى عالمى المعنffى والحffس ،بل
حجاب ول لبس ،واهدنى بنورك إلى نffورك ،حffتى أكffون مffن اهffل شffهود نffورك،
وكملنى فى قدم المرقى بنفحات كمالك ،حتى أكون من أهل شهود نور جمالك.
فهو صلى ا عليه وآله وسلم الذات المكملة النورانية ،بمشاهدته يحصل الكمffال
والنور ،ويتفاوت الكمال والنور تفاوتا عظيما على حسب مراتffب القffرب منffه صffلى
ا عليه وآله وسلم ،فجرد نفسك لنفffائس قدسffك ،لتحظffى بجنffة قربffك ،وتffأدب
بآداب القوم ،خشية العتاب واللوم ،لكى حبل وصلك يقوى.
)إن الffذين يغضffون أصffواتهم عنffد رسffول ا أولئك الffذين امتحffن ا قلffوبهم
للتقوى(.
ول تحد النظر إليه إذا رزقت الجلوس بين يديه:
70
فى عسكر حين تلقاه وفى حشم كأنه وهو فرد فى جللته
وشطرت هذا البيت الذى للشيخ البوصيرى رحمه ا تعالى:
فى هيبة السد إذ كانت لدى أجffم كfffأنه وهfffو فffffرد فfffى جللتffffه
فى عسكر حين تلقاه وفى حشffم كfffأنه حيfffن يمشfffى مfffن مهfffابته
قال سيدنا ومولنا فضيلة الشيخ صالح الجعفرى رضى ا تعالى عنه:
والمصطفى قffد سffار فffى أنffواره انظfffر إلfffى جبريfffل حيfffن تfffأخرا
يقfffوى بحfffول ا فfffى أنfffواره جبريffل يخشffى الخffتراق وأحمffد
كشف الحجاب ونffال مffن أسffراره نffffور الجلل لffffه الجلل وبعffffد ذا
أهل الشffهود كffذاك فffى أعطffاره نfffور ولكfffن ليfffس كfffالنوار يfffا
لحfffت لfffه النfffوار فfffى أذكfffاره أمfffffر غريfffffب للقريfffffب بقربfffffه
أول ما خلق ا نور نبيك صلى ا عليه وآله وسلم فنبffأه وعلمfه ،وجملfه وكملfه،
وقدمه وكرمه ،وقربه ورفعه ،وآواه وقرن اسمه بإسمه.
فقال السييد الميرغنى رضى ا تعالى عنه فى الهيام " :وأشهدنى نور جمالك".
أى نور جمال إبداع قدرتك ،فى روح منبع حياة حب أهffل محبتffك" وطffب أرج" لن
مشاهدته صلى ا عليه وآله وسلم يتبعها النffور والرج ،الطيffب الffذى يفffوق كffل
طيب ومعه الفرج ،الذى هو لسان كلمات ا التامات المبين للناس ما أنffزل إليهffم
من ربهم بالبيان اللهى):و†م†ا ي†ن…ط„ق‡ ع†ن„ ال…ه†و†ى()النجم(3:
السراج المنير المسرج لسرج اللهيين ،ومعfدن كنfوز السfرار الffدافع بffأنواره شfرر
الشر عن أهل محبته بلوامع أنواره.
كنت بالجامع الزهر الشريف يffوم الحffد الخffامس مffن ربيffع الول سffنة 1381هf
الموافق الخامس مffن أغسffطس سffنة 1962م ،fوقffد شffطرت بيتffا مffن منفرجffة
سيدى مصطفى البكرى الخلوتى رضى ا تعالى عنه:
واتل القرآن بل حرج ودع الكوان وقم غسقا
واصدق فى القول وفى اللهج واطرب واشرب ماءا غدقا
قال سيدنا وحبيبنffا خزينfة المffدادت الحسffينية الشfيخ صffالح الجعفffرى رضfى ا
تعالى عنه:
71
وعلم)غين(غيرتها على دينهffا؛ لتنffال الغايfة القسffوى فffى التبffاع المحمffدى ،قfال
تعالى) :لقد كان لكم فى رسول ا أسوة حسنة(.
وعلم)فاء(فلحها فى عالم تزكيتها ،قال تعالى) :قد أفلح من زكاها(.
وعلم)قاف(قربها فى عالم حبها عند مشاهدة حبها ،قال تعالى) :ونحن أقرب إليffه
من حبل الوريد(.
وعلم)كاف(كفايتها شر غوايتها وشر أعدائها ،قffال تعffالى) :فسffيكفيكهم ا وهffو
السميع العليم(.
وعلم)لم(لومها لنفسها من هيبة ربها ،قال تعالى) :ول أقسم بالنفس اللوامة(.
وعلم)ميم(موتها قبل أن تموت لتحيا بالحياة الملكية ،قال تعffالى) :يسffبحون الليffل
والنهار ل يفترون(.
وعلم)نون(نورها بنور ربها الذى هو نfور السfموات والرض ،قfال تعfالى)ا نfور
السموات والرض(.
وعلم)هاء(هدايتها لسبل ربها بإذن ربها ،قال تعالى) :والذن جاهدوا فينffا لنهfدينهم
سبلنا(.
وعلم)واو(ولية ربها لها فى عالم النور والبهاء ،قال تعالى) :ا ولى الذين آمنوا(.
وعلم)ل(من ل حول ول قوة إل بالله العلى العظيم.
وعلم)ياء(يسرها ،قال تعالى ،فسنيسره لليسرى(.
فهذه تسعة وعشرون علمfا التسfعة بمنزلfة الشfهر الffتى يfتربى بهfا الجسffد فfى
البطن ،والعشرون بمنزلة العامين)لمن أراد أن يتم الرضاعة( ،فffإذا أتffم الرضffاعة
لزمته القناعة ،وصحبته الطاعة ،فالقناعة تورث الزهد ،والطاعة تورث التقوى.
)فزاى(الزهد زكاة ،و )هffاؤه(هدايffة ،و )دالffه(دللffة ،فيلزم الزكffاة وهffى طهffارة
الظاهر والبffاطن ،ويلزم الهدايffة لنفسffه وللنffاس ،ويلزم الدللffة علffى ا فيffدل
نفسه وغيره على ا.
و )تاء(التقوى توكل ،و )قافها(قرب ،و )وواوه(ورع ،و ياؤها)يقين( ،فيحصffل علffى
القناعة والطاعة والتقوى والزهد والدللة والتوكل والقرب والورع واليقين.
فهذه التسعة تضاف إلى تسعة وعشfرين فيكfون العffدد ثمانيfة وثلثيfن ،ويضffاف
إليها السلم واليمان تبلغ أربعين منزلة بمنزلة أربعين ليلة التى هى الميقات)فتffم
ميقات ربه أربعين ليلة(.
74
وبعد ذلك يكون قد تهيأ للمكالمة اللهية التى أشار إليهffا السffيد أحمffد بffن إدريffس
رضى ا تعالى عنه بقوله" غاية مكالمتك" .
وتلك المكالمة الروحية الذوقية الغيبية هى التى عليها مدار الولية ،وهى مffن بffاب
خرق العادة مما ل تثل إليه الشارة ،ول تومئ إليه العبارة ،أمرها مفهوم ،وسffرها
مكتوم ،وشر بها مختوم )ختامه مسك وفى ذلك فليتنافس المتنافسون(.
فال سللة بيت النبوة مولنا الشيخ صالح الجعفرى فى ذلك بفضل ربه المالك:
وكسول قد غره الدينار موقف عز عن أكول نؤوم
شغلته عما يراد الديار ومحب لنفسه وهواها
وقال مولنا العارف بالله تعالى الشيخ صالح الجعفرى رضى ا تعالى عنه:
لما رآك القلب بالتقديس ولقد جعلتك فى الفؤاد محدثى
وأبحت جسمى من أراد جلوسى والروح مسرور بخير مورث
قال سيدى الشفاء مولنا السيد أحمد بن إدريffس رضffى ا تعffالى عنffه " وغايffة
مكالمتك" يعنى وأسألك يارب غالية مكالمتك ،وهى التى بها يعلو النور والبهاء فى
حضرة النس من وراء عالم الحس ،حيث تتلشى الغايات بغايffة المكالمffة للffذين
يريدون وجهه ،وقد أرادهم قبffل إرادتهffم لffه ،وسffبقت إليهffم منffه الحسffنى ،قffال
تعالى) :إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنهffا مبعffدون( ،اى مبعffدون عffن
نار القطيعة فى الدنيا ،وعن نار الجحيم فى الخرة ،فقد فارقتهم إرادة ،وغشيتهم
إرادة ،شغلتهم عن شواغل العبادة ،تكاثرت عليهم اليات ،فتزاحمت فffى سffاحتهم
الواردات ،تشتاق قلوبهم لحبيبهم إذا اشتاقت القلوب إلى أحبابها ،مffروا علffى أهffل
الجنة فوجدوهم عاكفين على بابها ،فقالوا لهم ما أردنا هffذا النعيffم ،ولكffن أردنffا
وجه الكريم ،فبشرهم سبحانه بقوله) :وجوه يومئذ› ناضرة .إلى ربها ناظرة(
فصبروا أنفسهم ،فأمر الحق سيدهم عليه الصلة والسلم أن يصبر نفسffه معهffم،
فتشرفوا به حيث اتحدت إرادتهffم مffع إرادتffه صffلى ا عليffه وآلffه وسffلم)واصffبر
نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه(.
قال صاحب العلم النفيس رضى ا تعالى عنه :
" وقال ا عز وجل) :وما لحد عنده من نعمة تجزى إل ابتغاء وجffه ربffه العلffى
ولسوف يرضى(.
قال مولنا الغوث الشيخ صالح الجعفرى رضى ا تعالى عنه:
75
استدل السيد رضى ا تعالى عنه بهذه اليات ليفيدنا بأن الffذى يريffد بعملffه وجffه
ا تعالى جزاؤه على ا أن يرضيه ،لنه أرضى ا تعالى بالخلص فى العمل،
فوعده ا تعffالى بالرضffا فfى الجنffة ،وبالرضffا فfى الffدنيا يجنfة المشfاهدة بعfد
الفتح)إذا جاء نصر ا والفتح(.
اعلم أن الفتح بالنصر ،أن النصر بالهداية وأن الهداية بالجهاد)وجاهدوا فى ا حق
جهاده() ،والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا( ،فffإذا وصffلت إلffى الفتffح فتحffت لffك
أبواب جنة المشاهدة الثمانية :جنة المراقبffة ،وجنffة المحاسffبة ،وجنffة المشffاهدة،
وجنة التجلى ،وجنة التلذذ بالذكر ،وجنة الوحشة من الغير ،وجنة النس بالله ،وجنة
الفناء لما سواه.
قال البوصيرى رحمه ا تعالى:
فادخلوها بسلم آمنينا ودعوا أن تلكمو الديار لكم
قال ا تعالى عن أهل الجنة)ادخلوها بسلم آمنين(وقال تعالى)ل يffذوقون فيهffا
الموت إل الموتة الولى(.
كذا أهل الشهود الذين أماتوا أنفسهم وشهواتها فأحياهم ا ،فأمنوا موت القلوب،
لما شربوا من ماء سماء الغيوب ،ما تلشت به عنهم الغفلة والعيوب.
وقال تعالى) :وما كان ا ليضيع إيمانكم( ،وقال تعffالى)صffبغة ا ومffن أحسffن
من ا صبغة(.
وقال تعالى) :إنا نحن نزلنا الذكر وإنffا لffه لحffافظون( ،وكمffا أنfه سffبحانه وتعffالى
حفظ القرآن العظيم حفظ مقره ومكانه تكريما له ،قال تعالى)بل هو قرآن مجيد
.فى لوح محفوظ( ،وقال عليه الصلة والسلم " :فإن النffار ل تحffرق قلبffا وعffى
القرآن" فبشرى لحفظة القرآن بحفظ ا لهم ولقلوبهم لجل القرآن.
فهو السور المنيع ،والحصffن القffوى ،والصffاحب الffوفى ،إن حفظتffه حفظffت ،وإن
تلوته أثبت ،وإن عملت به نجوت ،وإن دعوت إليه هffديت ،وإن حكمffت بffه عffدلت،
وإن حكم عليك سعدت بقبول الشهادة لك إن أحسffنت العشffرة وراعيffت الصffحبة
وقدست الحكمة.
من جاهد به فقد جاهد ،ومن تدبر آياته فقد شاهد ،له السلطان القffاهر ،والحجffة
البالغة ،واليات الجامعة ،إذا جهلت علمك ،وإذا أظلمت نورك ،وإذا تكاسلت نهضك،
76
قول فصل يفصل بين الحق والباطل ،ويرد ببلغته كل ملحد وجاهل ،ما أكثر ثمffار
أشجاره ل تنقطع ثمارها كلما دنوت قطفت )إنه لقرآن كريم(.
فكما ربيت جسمك بأنواع الثمرات الرضية ،فل تحرمن روحك مffن أنffواع الثمffرات
السماوية ،فعرج على كل ثمراته لتحيا بها حياة أهل الذكرى.
فإذا تدبرت آياته رأيت حكمه عليك ترى ،فتحييك كما أحيffت الffذين مffن قبلffك ،قffال
تعالى) :وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا( ،وقال تعالى)وإنه لذكر لك ولقومك(
اعلم أن للجسد روح الحياة ،وللروح حياة النبات ،فالجسد يحيا بروحه ،والروح تحيffا
بروحها ،والحى من يجمع بين الروحين ،وروح الحياة ل كسب له فيها ،وروح القرآن
لها فيها كسب ولكن الولى بعد خلق ) :فإذا سويته ونفخت فيه من روحى(.
والثانية بعد اصطفاء ،قال تعالى) :ثم أورثنا الكتffاب الffذين اصffطفينا مffن عبادنffا(،
وما أحسن الخلق والصطفاء إذا اجتمعا.
قال الذى فتح ا تعالى به مغاليق العلم سيدى الشيخ صالح الجعفرى رضى ا
تعالى عنه:
ثم اصطفاء الحفظ للقرآن خلق ونفخ الروح فى النسان
تكليفه ومنحه الفهوما تكريمه تعليمه العلوما
مفارقا خمول أهل الحس كى يرتقى سماء أهل القدس
رقى أرباب الجهاد والخفر يرقى بآيات الكتاب والسور
ولما أرضى سيدنا أبو بكر الصديق رضffى ا تعffالى عنffه بلل ` بffن ربffاح الحبشffى
رضى ا تعالى عنه ،رضى ا تعالى عنه كما فى الحديث الوارد.
وقد لقب بالصديق والرفيق العتيق لنه أنفق ماله ابتغffاء وجffه ا الكريffم ،فنffال
من ا تعالى الرضا والتكريم ،وكان بلل ` حينما يعذبه الكفffار يقffول " :أح fد‹ أح fد‹"
ولما حضرته الوفاة قيل له :نأتى لك بطبيب؟ وهو يقول:
محمدا وصحبه غدا نلقى الحبة
وهكذا إذا دنت ركائبهم تذكروا أحبابهم ،وودوا ذهابهم.
وكانت آخر كلمة قالها سيدى عبد العالى الدريسى رضffى ا تعffالى عنffه " :ا"
ومدها فخرجت روحه الشريفة معها.
77
وهكذا الحباب ل يخرجون من الدنيا حتى تغيب عنهم الffدنيا بمشffاهدة محبffوبهم،
قلوبهم تشكره ،ولسانهم يذكره ،قد نسوا جميع الوجوه لتعلقهfم بfوجه واحfد)كffل
شئ هالك إل وجهه(.
المعنى قول النبى صلى ا عليه وآله وسلم لبى بكر الصffديق رضffى ا تعffالى
عنه " ل تحقرن أحدا من المسلمين فإن صغير المسلمين عند ا كبير".
قال صاحب العلم النفيس مولى السيد أحمد بن إدريس رضى ا تعالى عنه:
" أن يوطن قلبه على الرحمة لجميع المسلمين كبيرهم وصغيرهم ويعطيهffم حffق
السلم من التعظيم والتوقير".
قال صاحب العلم الثرى سيدى الشيخ صالح الجعفرى رضى ا تعالى عنffه :وقffد
أشار النبى صلى ا عليه وآله وسلم إلى هذه المعانى بقوله " :ليس منا مffن لffم
يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه" أى ليس على سنتنا السمحاء.
ومن يكون كذلك فله حظ وافر فى الرث المحمدى ،قال تعالى " :وما أرسلناك إل
رحمة للعالمين( ،وقال صلى ا عليه وآله وسلم " :إنما بعث رحمة" .
فمن أراد الرحمة لنفسه فليرحم غيره ،قال عليه الصلة والسلم " من ل يرحffم ل
يرحم".
وقد رويت هذه الحديث المسلسل بالولية عن شffيخى الشffيخ علffى محمffد إمffام
مسجد دنقل المتصل نسبه الى الشريف السيد أحمد بن إدريffس رضffى ا تعffالى
عنه إلى منتهى السند ،وكان ذلك فى عام 1345ه ،fوأيضا قffد تلقيتffه بإسffناد آخffر
عن السيد عبد الحى الكتانى بالمسجد الحسينى بمصر ،وذلك فى عام 1360ه.f
عن عبد ا بن عمرو بن العاص قال :قال رسول ا صلى ا عليه وآله وسلم :
" الراحمون يرحمهم الرحمن تبارك وتعالى ،ارحموا من فى الرض يرحمكم مffن
فى السماء" ،ومن جعل قلبه رحمة للمؤمنين فقffد اسffتجلب الرحمffة اللهيffة إليffه،
وفتح أبوابها نحوه ،فينال من الرث المحمدى على قدر تمكنه فى هذا المقام.
قال تعالى فى وصفه لنبيه صلى ا عليه وآله وسلم ) :بffالمؤمنين رؤوف رحيffم(،
وعلى قدر الرث يكون التصال بالمورث ،وعلى قدر الرحمة تكون المنفعة للعباد،
قال صلى ا عليه وآله وسffلم " :أحffب الخلffق إلffى ا تعffالى أنفعهffم لعبffاده"
فتدخله الرحمة فى مظهر اسمه تعالى " النافع" ،فل يتعرض لضرر المؤمنين بوجه
من الوجوه ،بل يتسبب فى جلب النفع إليهم.
قال عليه الصلة والسلم " :من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل"
وقال سيدى أبو الحسن الشاذلى رضى ا تعالى عنffه " :الffولى فffى زماننffا هffذا
الذى ينتفع به أعداؤه يؤذونه ويدعو لهم بالخير".
79
فمffن ذهffب إلffى بلد الكفffر ليffدعوهم إلffى السffلم ،وذهffب مجffالس الفسffاق
ليffدعوهم إلffى التوبffة ،وإلffى بلد الجهffال ليعلمهffم أمffور دينهffم ،وإلffى العffاملين
المؤمنين ليذكرهم ،فقد أخذ بالرحمتين وتخلق بالخلتين ،قال عليه الصلة والسلم
" تخلقوا بأخلق ا " يعنى التى يجffوز للخلffق أن يتخلقffوا بهffا ،كالرحمffة والعفffو
والكرم والرأفة والعلم والعدل والحسان وغير ذلك.
)إن ا يأمر بالعدل والحسان () ،وليعفوا وليصفحوا(.
أخرج صffاحب هffذه القواعffد فffى رسffالته المسffماة " روح السffنة ،وروح النفffوس
المطمئنة " هذه الحاديث:
وربما تعرضت لشرح بعض كلماتها على وفق اللهام والمدد اللهffى فffإنه ل حffول
ول قوة إل بالله العلى العظيم.
فأقول بالسند المتصل إلى السffيد أحمffد بffن إدريffس رضffى ا تعffالى عنffه عffن
رسول ا صلى ا عليه وآله وسلم أنه قال:
" والذى نفسى بيده ل يدخل الجنة إل رحيم ،قالوا :كلنا رحيم ،قffال :ل .....حffتى
ترحم العامة".
قلت :وهذا ما أشرت به إليك آنفا من الرحمة المطلقة التى يكون صffاحبها كffالبحر
يروى كل من يرده ،قال الشاعر:
وانظر إليهم بعين اللطف والشفقة كن راحما لجميع الخلق كلهم
وراع فى كل خلق حق من خلقه وقر كبيرهمو وارحم صغيرهمو
وقال سيدى صالح الجعفرى رضى ا تعالى عنه:
كن راحما لجميع الخلق كلهم يا من يريد جنان الخلد للنعم
يرى الخوة فى قاص› وذى رحم فالله يرحم ذا القلب الرحيم ومن
الدين يجمع بين العرب والعجم أخوة الدين أقوى من قرابتنا
والجنة جنتان :معجلة وهى جنة المشاهدة اللهية فى الffدنيا ،ويكffون التلffذذ فيهffا
بذكر ا تعالى كما يتلذذ أهل الجنة بنعيم الجنة ،ولذلك كان صffلى ا عليffه وآلffه
وسلم تقر عينه بالصلة ،وللعارفين على قدر درجاتهم فى الرث المحمدى ،وجنffة
المشاهدة فى الدنيا لها أبواب كثيرة من أجلها :أن يوطن قلبه على الرحمة لجميع
المسلمين ،فإن كان من أرباب الترقى الروحى وصلت به رحمته إلى جمعية عيffون
الحقائق الرحموتية صلى ا عليه وآله وسلم فينال فى ذلك على قدر أهليتffه ،ثffم
81
يتلو لسان رحمة ذاته من جميع جهاته فى جميع جهات الخلق آيffة الرحمffة اللهيffة
المطلقة ،وبلسانه الذى يتكلم به فى مقام إجابة لسانه إذا ترجم عن جنffانه ،وعنffد
ذلك تقول الروح للسان :ا حسبك) :أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك(فيستطيع
أن يتلو من جميع جهاته فى جميع جهات الخلق على طريق التراث المحمدى لمffن
على جميع الخلق عل وسما المشار إلي مقامه صلى ا عليه وآلffه وسffلم بقffول
ربه تعالى) :وما رميت إذ رميت ولكن ا رمى(.
واعلم يا أخانا فى اله تعالى أن مدارك الدراك تشffبه دورة حركffة الفلك ،فنظffم
مدار حركة إدراكك ،بعد تنظيم حركة دورة أفلكك ،حتى ل ينبغى لشمس حقيقتffك
أن تدرك قمر شريعتك فيقع خسوف التخليط ،ول لليل غيب سffرك أن يسffبق نهffار
روحك فى الوجد والشهود.
فإذا انتظمت أفلكك ظهرت أنوارك ،فتكون ذاتك كلها نورا ذاتيffا صffرفا مffن جميffع
الوجوه ،فتجلس روحك على منبر قدسك منورة بنffور ربffك ،وقffد أشffرقت شffمس
نهارك على أرض جسffمك ،فتنزلffت الرحمffات علffى قلبffك ،فتffوطن علffى الرحمffة
لجميع المسلمين ،وصرت رحمة بين عباد ا ،ملحوظا بعين ا ،مرحومffا برحمffة
ا)سيجزيهم وصفهم() ،وما ربك بظلم للعبيد(.
وبالسند المتصل إلى الشريف مولى السيد أحمد بن إدريس رضى ا تعالى عنffه
قال :وعنه صلى ا عليه وآله وسلم أنه قال) :يقول ا عز وجل :إن كنتم تحبون
رحمتى فارحموا خلقى(.
قال القطب الكبير سيدى صالح الجعفرى رضى ا تعالى عنه:
انظر كيف جعل ربك وصول رحمته تعالى إليك متوقفا على رحمتك لخلقه؟! فffإذا
رحمت الخلق فإنما أنffت فffى الحقيقffة ترحffم نفسfك ،وإذا حرمتهffم رحمتffك فقffد
حرمت نفسك ،كالذى يسقى الشجار بالماء لينتفع بثمرها ،فهو فى الظاهر يسقى
الشجار ،وفى الحقيقة إنما هو يسقى نفسه ،وإذا ترك سffقيها فقffد تffرك مصffلحة
نفسه ورحمته إياها.
وبالسند المتصل إلى سيدى الشريف مffولى السffيد أحمffد ابffن إدريffس رضffى ا
تعالى عنه أنه قال :وعنه صلى ا عليه وآله وسلم أنffه قffال) :ليffس منffا مffن لffم
يبجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه(.
82
إيش تبجيل الكبير؟ احترامه وتوقيره لكبر سنه ،وذلك من عادة الشffارف والعffرب
إلى يومنا هذا ،ورحمة الصغير :الشفقة والعطف عليه لضعفه وصغر سنه وعقلffه،
ويعرف للعالم حقه من الرث المحمffدى ،قffال عليffه الصffلة والسffلم ) :العلمffاء
ورثة النبياء(.
وحق الفضلية ،قال عليه الصلة والسلم ) :فضل العالم على العابد كفضلى على
أدناكم(.
فمعرفة حق العالم واجبة على كل مسffلم ،ويجffب احffترامه لجffل الخلفffة ،قffال
عليه الصلة والسلم ) :رحم ا خلفائى ،قالوا :ومن خلفاؤك يا رسول ا؟ قال:
الذين يأتون من بعدى يبلغون الناس سنتى(.
والمffة بخيffر مffا دام العلمffاء فيهffا ،والمffة بخيffر مffا وقffرت علماءهffا واسffتمعت
لقوالهم وعملت بها ،قال البوصيرى رحمه ا تعالى:
وارثوا نور هديك العلماء كيف نخشى الضلل من بعدك وفينا
وبالسند المتصل إلى صاحب العلم النفيس رضى ا تعffالى عنffه أنffه قffال :وعنffه
صلى ا عليه وآله وسلم أنه قffال) :مffن سffره أن يقيfه ا مffن فffور جهنffم يffوم
القيامة ويجعله فى ظله فل يكن بالمؤمنين غليظا وليكن بهم رحيما(.
قال كنز العطايا اللهية والسرار الربانية سيدى صالح الجعفffرى رضffى ا تعffالى
عنه :إيش؟ لن الجزاء من جنس العمل ،فالذى يرحم المؤمنين فى الدنيا يرحمه
ا تعالى بالنجاة من عذاب جهنم ويظله تحت العرض يوم القيامة.
وبالسند المتصل إلى صاحب العلم النفيffس أنffه قffال :وعنffه صffلى ا عليffه وآلffه
وسلم أنه قال) :إن العبد ليقف بين يدى ا تعالى فيطيل ا وقوفه حffتى يصffيبه
من ذلك كرب شديد فيقول :يارب ارحمنى اليوم ،فيقول :هffل رحمffت مffن خلقffى
من أجلى فأرحمك؟ هات ولو عصفورا(.
قال سيدى الغوث العارف بالله تعالى الشيخ صالح الجعفرى رضى ا تعالى عنه
:أيش ؟ كن رحيما بخلffق ربfك يرحمfك يfوم ل ينفعfك مfال ول بنfون ،واعلfم أن
الرحمة تنفعك ولو لحيوان أو طير أو بهيمة ،لن ا تعالى خلقهم مثل مffا خلقffك،
قال تعالى ) :وما من دابة فى الرض ول طائر يطير بجناحيه إل أمم أمثالكم(.
قال صاحب العلم النفيس رضى ا تعالى عنه:
83
" ويعطيهم حق السffلم مffن التعظيffم والتffوقير ،فffإن رسffخ فffى هffذه القاعffدة
واستقام فيها قلبه أفاض ا سبحانه تعالى على سائر جسده أنوار الرحمة اللهية
وأذاقه حلوتها ،فنال من الرث النبوى حظا وافرا عظيما من قffول ا عffز وجffل:
)وما أرسلناك إل رحمة للعالمين(وهذا معنى قول رسول ا صلى ا عليffه وآلffه
وسلم )إن لله ثلث حرمات فمن حفظهن حفظ ا عليه أمر دينه ودنياه ،ومن لffم
يحفظهن لم يحفظ ا له شيئا :حرمة السلم وحرمتى وحرمة رحمى(.
وفى هذا المعنى قول النبى صلى ا عليه وآله وسلم لبى بكر رضى ا تعffالى
عنه " :ل تحقرن أحدا من المسلمين فإن صغير المسلمين عند ا كبير".
قال سيدنا ومولنا العارف بالله تعالى الشيخ صالح الجعفرى عفا ا تعالى عنffه:
الحرمات :الحقوق ،فمعنى حرمffة السffلم :أى مffا يطلبfه السffلم مffن المسffلم،
وهى أمور كثيرة ل يكمffل السffلم إل بهffا كقffوله :صffلى ا عليffه وآلffه وسffلم ":
المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده" وكقوله صلى ا عليه وآله وسffلم ":
المسلم أخو المسلم " ،وكقوله صلى ا عليه وآله وسلم " :ل يزنى الزانffى حيffن
يزنى وهو مؤمن( ،وكقوله صلى ا عليه وآلffه وسffلم " :أمffرت أن أقاتffل النffاس
حتى يشهدوا أن ل إله إل ا وأنى رسول ا ،فإذا قالوها عصموا منffى دمffاءهم
وأموالهم إل بحق السffلم وحسffابهم علffى ا" ،وكقffوله تعffالى ) :بئس الغسffم
الفسوق بعد اليمان(.
وبالجملة فمن راعى ما وجب فى السلم ففعل ،وما حرم فترك فقد عظم حرمة
السلم ،ويدخل فى قوله صلى ا عليه وآله وسلم " افحظ ا يحفظffك" ،ومffن
لم يكن كذلك فلم يعظم حرمة السلم وحينئذ› فجزاؤه الضياع.
وفffى الحffديث ":تffدعو الصffلة علffى مffن أضffاع وقتهffا فتقffول :ضffيعك ا كمffا
ضيعتنى".
وحرمة النبى صلى ا عليه وآله وسلم :حقه الذى أوجبه ا تعالى علينا كطاعته
فى قوله وفعله ،واحترامه وتوقيره وتكريمه ،والعتراف بفضله وشفاعته ،وجffاهه
ورفع ذكره وعلو درجته ،وأنه موصوف منذ خلقه ا تعالى بالزيffادة فffى اليمffان
والعلوم والنوار والدرجات والبركات والسرار والنفحات والخيرات.
وكذلك يكون بعد أن لحق بالرفيق العلى أعلى مقاما وأجل إكرامffا وأوسffع علمffا
وإدراكا وكشفا وشهودا وسماعا وردا للسلم ،ول يجوز لمؤمن أن يعتقffد فيffه غيffر
84
ذلك ،أو أنه قد مات كموت الخلق ،بل أحياه ا تعالى بعد موته بحياة تفوق حيffاة
النبيين والمرسلين عليه وعليهم الصلة والسلم ،وحياة الشffهداء ،وحيffاة الملئكffة
الكرام ،وحياة الحياء من أهل الدنيا.
ويجب عليك أن تحبه صلى ا عليه وآله وسلم أكثر من نفسك ،وأن تصلى وتسffلم
عليه ،وأن تزور روضته الشريفة لتحظffى بffرد سffلمه صffلى ا عليffه وآلffه وسffلم
عليك ،وتحصل لك بركته صلى ا عليه وآله وسلم وبركة نظره إليك ودعائه لك.
وقد وردت أحاديث كثيرة فى فضل أهل بيت النبوة رضى ا تعffالى عنهffم ،ومffن
أعظم الصلة لهم زيارتهم بعد مماتهم ،والتسليم عليهم والترضى عنهم.
" ل تحقرن أحدا من المسلمين " إحتقار المسلم هو الزدراء به والتكبر عليه ،قffال
عليه الصلة والسلم " :بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم".
وقد نادى ا تعالى فى القرآن بما يدل على الخوة والمساواة فقال) :يا عبادى :
يا أيها الناس ،يا أيها الذين آمنوا(.
وبالجملة فالذى تحب أن يواجهffك النffاس بffه مffن الكلم الطيffب والقffول الحسffن
والفعل الجميل فافعله مع خلق ا تعالى ،ومffا تكffره أن يعاملffك العبffاد بffه مffن
الكلم الخبيث والقول القبيح والفعل الكريه فاتركه ،فإن ا يعامل العبffد بوصffفه
وخلقه الذى يعامل الخلق بfه ،فffإن المجffازاة علffى الوصffف بالوصffف )سffيجزيهم
وصفهم()جزاءا وفاقا(فمن كان للخلق جنة ورحمة وظل ` ظليل ` يستريحون فيه كان
ا له كذلك ،فمن أكرم العبد مراعاة لسيده فإنما أكffرم السfيد ،وكffذلك جffاء فfى
الحديث عffن ا عffز وجffل أن يقffول للعبffد يffوم القيامffة :جعffت فلffم تطعمنffى،
واستسقيتك فلم تسقنى ،ومرضت فلم تعدنى ،فيقول العبد :كيف تجوع وأنffت رب
العffالمين؟! وكيffف تستسffقى وأنffت رب العffالمين؟! وكيffف تمffرض وأنffت رب
العالمين؟! فيقول له سبحانه وتعالى مفسرا ذلك :أما إنه مffرض عبffدى فلن فلffو
عبffدته لوجffدتنى عنffده ،وجffاع عبffدى فلن ،فلffو أطعمتffه لوجffدت ذلffك عنffدى،
واستسقاك عبدى فلن ،أما إنك لو أسقيته لوجدت ذلك عندى"
مفسرا سبحانه نفسه فى قوله) :جعffت ومرضffت واستسffقيت بقffوله :جffاع عبffدى
فلن ،ومرض عبدى فلن ،واستسقاك عبدى فلن ،فمعاملة العبد لملحظة سfيده
هى معاملة السيد بل شك.
فمن رسخ قدمه فى هذا المقام صارت معاملته مع الحق جل جلله فى كل شئ
فل يراقب غير ا تعالى.
ومجمع مكارم الخلق مع ا تعالى ومع عباده قول النffبى صffلى ا عليffه وآلffه
وسلم ) :أكرموا ا أن يرى منكم مfا نهfاكم عنfه(وهfو أن ل يfراك سfبحانه حيffث
نهاك ول يفقدك حيث أمرك.
والمر الذى يبعث العبد على الحياء من ا تعالى هو ان يعلم علم حضور أن ا
على كل شئ› رقيب ،وعلى كل شfئ شfهيد ،وهfو قfوله تعfالى ) :واعلمfوا أن ا
يعلم ما فى أنفسكم فاحذروه(فإذا شغل العبد قلبه بهذه المراقبة واستعملها حتى
اعتادها وألفها لزمه الحياء من ا تعالى أن يقffول قffول ` أو يفعffل فعل ` ل يرضffاه
ا ول يليق بجلله ،وهو حاضر القلب)وهو معكم أينما كنتم(فإن ا تعffالى معfه
وناظر إليه.
فإن العبد إذا أراد أن يزنى مثل ` أو يسرق والنffاس نffاظرون إليffه ل يقffدر أن يقffدم
على ذلك مع علمه بنظر الناس إليه ،فإنه يستقبح ذلك من نفسffه ويسffتخبثه ،فffإذا
86
كان الحال هكذا مع المخلوق الذى ل يملك ضرا ول نفعا ،والحامffل لfه علfى ذلfك
كله مخافة أن يسقط من أعين الناس ويحط قدره عنffدهم ،ول شffك أنffه إذا كffان
حاضر القلب عند الشروع فى الفعل الذى ل يرضاه ا تعffالى تffرك ذلffك الفعffل
قطعا ،وهذه معنى قول النبى صلى ا عليه وآله وسلم فى الحسffام ) :أن تعبffد
ا كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك(.
فمن كان بهذه الحالة لزمه أن يحسن تلك العبادة ويتقنها على قدر قffوة علمffه أن
ا ناظر إليه ،وبالله التوفيق.
وصلى ا على مولنا محمد وآله وسلم فى كل لمحة ونفس عدد ما وسعه علffم
ا.
قال بحر العلوم الغوالى والد السيد عبد العالى الشffريف مffولى السffيد أحمffد بffن
إدريس رضى ا تعالى عنه:
" مكارم الخلق التى بعث الرسول صلى ا عليه وآله وسلم لتمامهffا وهffو قffول
النبى صلى ا عليه وآله وسلم " :إنما بعثت لتمم مكارم الخلق".
قال بحر العلوم اللدنية سيدى صالح الجعفرى رضى ا تعالى عنه :أيش؟ اعلffم
أيه النسان الذى أنس بأورادنا ،وصار من أولدنا ،ورحه من روحنا ودنffا ومل قلبffه
بودنا ،وإن ناءت بلدنا ،أن لهذا الحديث معنى أعز معنffى وهffو أنffه عليffه الصffلة
والسلم أول من نبأ عن الحق سبحانه فهو أساس مكارم الخلق بنبوته والمتمffم
لها بببثته.
وهو أول من عرف الحق بالحق ،وأول مظهر للقدرة والرادة ،فهffو أول المفffاض
عليهم وآخر الموحى إليهم.
فهffو صffلى ا عليffه وآلffه وسffلم فاتحffة الموجffودات ،ومجمffع بحffرى الحقffائق
والبديات) ،يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان(.
النبوات والوليات فى أزليات )ثم جاءكم رسول مصدق لما معكffم( ،وفffى أبffديات
)لقد جاءكم رسول من أنفسكم(.
فهو صلى ا عليه وآله وسلم متمم النبوات فى عالم )لتؤمنن به ولتنصرنه(ومتمم
مكارم الخلق فى عالم )قم فأنذر .وربك فكبر(.
وفى عالم التباع المحمدى منزلة منزلة على سبيل)لقد لكم فى رسول ا أسffوة
حسنة(.
87
مكارم الخلق
فجاء صلى ا عليه وآله وسلم بمكارم الخلق التى أبدلت الظلمة نورا ،والشffرك
توحيدا ،وحولت الجهالة علما ،والعداوة صلحا ،فصار الناس فى عداوة بعffد ظلffم،
وقوة بعد ضعف ،وعلم بعد جهل ،وكرم بعد بخل ،وتواصل بعد تقاطع ،وشffجاعة
بعد جبن ،وجهاد بعد استسلم ،وعزة بعد ذلة ،وتعاون بعد تخاذل ،واجتمffاع بعffد
فراق ،وائتلف بعد تنافر ،وشعور بعد ل شعور ،وإحساس بعد ل أحساس ،وحيffاة
بعد موت ،ونور بعد ظلمة)أو من كان ميتا فأحييناه وجلعنا لها نورا يمشffى بffه فffى
الناس(.
فغرس صلى ا عليه وآله وسلم فى قلوب المؤمنين شجرة طيبة ثمارها التواضع
والسخاء والعفة والوفاء ،يتواضffع أميرهffم لفقيرهffم ،ويffوقر صffغيرهم كffبيرهم،
ويرحم كبيرهم صغيرهم ،الملهوف بينهffم يغffاث ،والمريffض يعffاد ،والميffت تشffيع
جنازته ،والسائل ل ينهر ،واليتيم ل يقهر ،والمانة ل تضيع.
والعffالم يسffمع قffوله ويعffرف حقffه ،والقffرآن يكتffب ،والعلffم يطلffب ،والحقffوق
موفورة ،والمساجد معمورة ،هاجرين قيل وقال ،وكثرة السؤال ،وإضffاعة المffال،
أمرهم شورى بينهم ،ولم يختل فى شعوبهم أمنهم ،كل ذلffك مffن مكffارم الخلق
التى جاء بها صلى ا عليه وآله وسلم.
قال سيدنا ومولنا العارف بالله تعالى الشيخ صالح الجعفرى رضى ا تعالى عنه
ونفعنا بعلومه آمين:
لمكارم الخلق فى الفاق بعث النبى متمما ومعمما
شرك الضلل بشرعة الخلق قد جاء بالدين القومي مبدل `
تنجو بها من ربقة ووثاق فانهض إلى تلك المكارم يا فتى
قال مؤسس الطريقة الجعفرية صffاحب درس الجمعffة الشffهير بffالزهر الشffريف
سيدنا ومولنا الشيخ صالح الجعفرى رضى ا تعالى عنه :
بعث النبى متمما لمكارم الخلق قد
للعالمين معلما أكرم به من مرشد
صلى عليه وسلما فإذا أردت رضاءه
واعلم بأن مffن أجffل أخلقffك دخولffك فffى حضffرة خلقffك ،وسffبحك فffى عffالم
المكارم والتكريم ،حتى يضئ بذكرك الليل البهيم ،جادا فffى أمffورك علffى المنهffاج
88
القويم ،جانيا من غرس المكارم النبوية ثمارها ،رادا من نفسك شيطانها وعارهffا،
جالسا على كرسى )واجمع بينى وبينه(زائرا كالسبع ،ورافعا لراياتك السffبع ،متقلffدا
سيف)جاء الحق وزهق الباطل( ،متوكل ` علffى ربffك فل يتعffرض لffك فffى طريقffه
إنس ول جن إل أعدمته بسيفك ،متلقيا درر معانى جffواهر نفfائس غffوالى العلffوم
والمعلومات ،من فيض من طارت منه رشاشات فاقتسمتها بحكم المشffئية اللهيffة
جميع المبدعات ،ناظرا بعينى قلبك إلى مقر قرار الفهوم والقراءات ،الذى من لffوح
كنهه قرأ المقربون كلهم حقيقة التجلياتن شجرة الصffل النورانيffة فل نffور إل منهffا
استنار سناه ،ولمعة القبضة الرحمانية التى بنضرتها تنضffر كffل نضffر مffرآه ،معffدن
السرار الربانية فل سر إل من سره مسffراه ،فتعffرض لffذلك السffر بكffثرة الصffلة
والسلم على سر الخلوة اللهية ليلة السراء ،لعffل قلبffك ممffا فيffه يffبرا ،وتffتزاحم
علي بابه نفائس الدرر الغوالى التى عزت على غير عزيز بربffه ،مكيffن فffى قربffه،
مديم لحزبه.
قال سيدى صاحب المقال العالى أبو الشريف عبد اعالى سيدى أحمد بffن إدريffس
رضى ا تعالى عنه :
" وهذه القاعدة هى زبدة الدين " .
قال سيدى الشيخ صffالح الجعفffرى رضffى ا تعffالى عنffه :يعنffى قاعffدة مكffارم
الخلق لن العمل بالدين ينتج مكارم الخلق ،فهffى زبffدته وثمرتffه ،وبالتجffارب :
الرجل التقى يوفق لمكارم الخلص ،وغيره يظهر منه سئ الخلق.
قال سليل بيت العلم والتقى سيدى الشيخ صالح الجعفرى رضى ا تعالى عنه:
تطلب مكارمها بغير تدين يا من تريد مكارم الخلق ل
عرج على الدين القومي البين فالدين يثمرها وأصل ثمارها
ثم شرع السيد رضى ا تعالى عنه فى بيان حقيقة مكارم الخلق فقال:
وحقيقتها أن يكون العبد هينا لينا‡ مع أهل بيته وعبدع ومع جميع الخلق.
قال سيدى الشيخ صالح الجعفرى رضى ا تعالى عنه " :آل" فffى العبffد للكمffال
وهو العبد الكامل الذى وصفه السيد أحمد رضى ا تعالى عنه فى أحزابه بقوله:
" واجعلنى يا رب لك عبدا محضا عبودية خالصة ل رائحة ربوبية فيها على أحد مffن
خلقك".
89
وإذا كان كذلك كان هينا لينا متواضعا فى غير ضياع للحقوق ول انتصار لباطffل ول
جبن أمام ظالم.
والحديث) :وخالق الناس بخلق حسن(والخلق الحسن يشمل القول والفعل ،فمن
عامل الخلق بالخلق الحسن فقد عاملهم بمكارم الخلق.
قال بحر الكمالت الربانية شيخ الطريقة الجعفرية سيدى الشffيخ صffالح الجعفffرى
رضى ا تعالى عنه:
تكثر مخاصمة الخوان كالخصم كن هينا لينا‡ للعالمين ول
للمؤمنين وأهل البيت والرحم واجعل فؤادك موفورا برحمته
القربون ومن بالحل والحرم من عاش فظا غليظ القلب يبغضه
قد أكرم الشيخ ابن ادريس بالنعم كالميرغنى فكن بحرا لوارده
وفى هذا البيت الخير إشارة إلى ما روى لى عن السيد مصطفى الدريسى رضى
ا تعالى عنه :قال السيد محمد عثمان الميرغنffى رضffى ا تعffالى عنffه :أكffرم
جدى السييد أحمد بن إدريس رضى ا تعالى عنه بمكة غاية الكرام.
وفى بعض الحيان كان سيدى يتمثل بحديث رسول ا صلى ا عليه وآله وسلم
الذى قاله لسيدنا عثمان بن عفان رضى ا تعالى عنه لما جهffز جيffش العسffرة،
والذى جاء بمعناه العارف بالله تعالى سيدى محمد سر الختم الميرغنى رضى ا
تعالى عنه بقوله:
غفر ا له ما اكتسبا ل يخف عثمان شيئا بعد ذا
والحديث هو ) :ما ضر عثمان ذنب بعد اليوم(.
قال صاحب العلم النفيس رضى ا تعffالى عنffه مسffتدل ` بالحffديث التffى مffن أن
المؤمن يكون هينا لينا:
قال صلى ا عليه وآله وسلم :
)أهل الجنة كل هين لين سهل قريب ،وأهل النار كل شffديد قبعffثرى ،قffالوا :ومffا
قبعثرى يا رسول ا؟ قال :الشديد على الهل الشديد على الصاحب الشديد على
العشيرة(.
قال مولنا وسيدنا الشيخ صالح الجعفرى رضى ا تعالى عنه :
90
يصffف النffبى صffلى ا عليffه وآلffه وسffلم أهffل الجنffة بقffوله) :هيffن ليffن سffهل
قريب(وذلك بالمؤمنين كما قال تعالى) :رحماء بينهم(فالمؤمن من يكون مع أخيffه
هينا لينا ليس صعبا قاسيا ،سهل ` ليس وعرا قريب الرضا ليس ببعيده.
وفى الحديث ) :المؤمن هين لين سريع الغضب قريب الرضا(فالمؤمن حقا يعمffل
بقوله تعالى) :والكاظمين الغيظ والعffافين عffن النffاس(وبقffوله تعffالى ) :وإذا مffا
غضبوا هم يغفرون( ،وبقوله تعالى )ويدرأون بالحسنة السيئة(يعنى من قدم إليهم
سيئة قدموا إليه حسffنة ،وهffذه الصffفة مffن أجffل مكffارم الخلق ،وقffد وعffد ا
فاعلها بأنه عدوه يكون بعfد العfداوة ناصfرا لfه محبffا حبffا عظيمfا ،فتلfك مكافffأة
معجلة فى الدنيا للذين يتصفون بهذه الصفة الكريمة.
قال سيدنا ومولنا الشيخ صالح الجعفرى رضى ا تعالى عنه:
ويألفوك وهذا الوصف محمود كن هينا للخلق تألفهم
اللفة سبب التحابب
وفى الحديث قال عليه الصلة والسلم ) :المؤمن من يألف و يؤلف ول خير فيمffن
ل يألف ول يؤلف( ،وقال تعالى) :وألف بين قلوبهم(.
فاللفة التى بين قلوب المؤمنين منة عظيمة مffن أعظffم المنffن ونعمffة مffن أجffل
النعم؛ إذ بها يحصffل التحffابب والتعffاون والتffآزر ،فل يسffمح المffؤمن بضffرر أخيffه
ومقاطعته واستسلمه لعدوهن بل يكون له أخا ،كريما ل لئيما ،مساعدا ل معانfدا،
مواصل ` ل مقاطعا ،محققا قول الحق سبحانه) :فأصبحتم بنعمته إخوانا(.
وقد وصف صلى ا عليه وآله وسfلم أهffل النfار بالشfدة علfى الهfل والصffاحب
والعشيرة ،وفى الحديث)والمنافق إذا خاصم فجر(.
فل تكffن شffديد علffى أهلffك فيبغضffوك ،ول علffى أصffحابك فيهجffروك ،ول علffى
العشيرة فيبدلون العشرة قطيعة لك.
وقد قال تعالى) :إن ذلك لحق تخاصم أهل النار(فوصffف ا سffبحانه أهffل النffار
بالتخاصم وهم فى النار ،ووصف أهل الجنة بالخلص والخوة فffى الجنffة فقffال
سبحانه) :ونزعنا ما فى صدورهم من غل› إخوانا على سرر متقffابلين(فأهffل النffار
أهل تباغض وتقاطع فى الدنيا والخرة ،وأهل الجنة أهل توادد وتحابب فى الدنيا
والخرة ،قال عليه الصلة والسلم ) :أهل المعروف فى الدنيا هم أهل المعروف
فى الخرة(.
91
فمن فكر فى هذه اليات الكريمة وتلfك الحffاديث الصffحيحة حffافظ علffى لسffانه
تمام المحاظة ل سيما بعد أن علم أن الملffك يكتffب عليffه كffل كلمffة يقولهffا ،قffال
تعالى ) :ما يلفظ من قول إل لديه رقيب عتيد( ،وقال تعالى) :مffال هffذا الكتffاب ل
يغادر صغيرة ول كfبيرة إل أحصfاها( ،قfال ابfن عبffاس رضfى ا تعffالى عنهمfا:
الكبيرة :الضحك ،والصغيرة :التبسم.
قال سيدنا الشريف السيد أحمد بن إدريس رضى ا تعالى عنه:
"وبالجملة فالذى تحب أن يواجهك به الناس به من الكلم الطيب والقffول الحسffم
والفعل الجميل فافعله مع خلق ا ،وما تكffره أن يعاملffك العبffاد بffه مffن الكلم
الخبيث والقول القبيح والفعل الكريه فاترك الناس والخلق منه".
قال شيخ الشيوخ وسلطان الرسوخ مولنا الشيخ صالح الجعفرى رضى ا تعffالى
عنه :أشار بهذا القول إلى ما قاله سيدنا على كرم ا وجهه لبنه سffيدنا الحسffيين
رضى ا تعالى عنه " :يا بنى اجعل نفسك ميزانا فيمffا بينffك وبيffن غيffرك ،أحبffب
لغيرك ما تحب لنفسك واكره له ما تكره لها(.
قffال عليffه الصffلة والسffلم ) :المسffلم أخffو المسffلم( ،وحينئذ› فل ينبغffى للخ أن
يعامل أخاه بالمعاملة التى يكرهها لنفسه ،لن أخوة اليمان ارتباط باطنى عظيffم
أقوى من ارتباط النسffاب ،وانظffر إلffى قffوله تعffالى) :ول تلمffزوا أنفسffكم(وهffل
النسان يلمز نفسه؟ ولكن لشدة التصال الخوى جعل القffرآن الffذى يلمffز لخيffه
المسلم كأنه لمز نفسه ،وقال عليffه الصffلة والسffلم ) :النffاس سواسffية كأسffنان
المشط( ،وكيف يكون المر كffذلك إذا عامffل المسffلم أخffاه المسffلم بمffا يكffره أو
اسمعه ما يكره.
قال سيدنا ومولنا الشيخ صالح الجعفرى رضى ا تعالى عنه:
ول تفه بقبيح القول للناس أسمع لغيرك ما يرضيك مسمعه
أو كان يغضبها من منطق قاسى النفس ميزان ما يرضيك من أحد
وما يسئ فل تذكره للناس فاجعل لغيرك ما يرضيك يرض به
نعم النصيحة فى قلب وقرطاس واسمع نصيحة ابن إدريس سيدنا
قال صاحب العلم النفيس الشريف السيد أحمد بن ادريس رضى ا تعالى عنه:
" إن ا تعالى يعامل العبد بوصفه وخلقه الذى يعامل الخلق بffه ،فffإن المجffازاة
على الوصف بالوصف)سيجزيهم وصفهم()جزاءا وفاقا(.
93
قال صاحب النوار والسرار سيدى الغوث الشيخ صالح الجعفرى رضى ا تعالى
عنه :وكلم السيد هذا يشبه كلم سيدى محيى الدين بن عربffى رضffى ا تعffالى
عنه " :معاملتك للخلق معاملة الحق لك".
يعنى أن الحق سبحانه يعاملك من جنس معاملتك لخلقه ،وقد استدل سيدى أحمد
رضى ا تعالى عنه بهذه الية ) :سيدجزيهم وصفهم(.
وجعل المجازاة فى الية عامة فffى الffدنيا والخffرة ،لن المحسffن لffه الجنffة فffى
الخرة ،وله البشرى فى الحياة الدنيا وفى الخرة ،قال تعالى ) :لهم البشffرى فffى
الحياة الدنيا وفى الخرة( ،وقال تعالى ) :فاستبشروا ببيعكم الذى بايعتم به وذلك
هو الفوز العظيم( ،والفوز العظيم فى الدنيا والخرة ،وأى فوز أعظم من التوحيffد
ومن مشاهدة الرسول صلى ا عليه وآله وسلم ؟.
قال سيدى الشيخ صالح الجعفرى رضى ا تعالى عنه :
وللمناسبة أذكر شيئا من هذا فأقول وا حسبى ونعم الوكيل :مشاهدة الصffحابة
رضى ا تعالى عنهم لرسول ا صلى ا عليه وآله وسلم كffانت بالبصffر ،وبعffد
أن لحق صلى ا عليه وآله وسلم بالرفيق العلى كانت بالقلب عن سffابق رؤيتffه،
ولعامة المؤمنين إلى يوم القيامة عم سماع أوصافه صffلى ا عليffه وآلffه وسffلم،
فارتقت الروح وصفت ووصلت إلffى مشffاهدة حقيقيffة ،فهffو صffلى ا عليffه وآلffه
وسلم مشاهد للولين والخرين ،ومحبوب للولين والخرين ،فهffو صffلى ا عليffه
وآله وسلم محبوب العوالم العلوية والسفلية ،وقد استدل سيدى أحمد ابن إدريffس
رضى ا تعالى عنه على أن الجزاء من ا تعffالى يكffون وفffق عمffل النسffان،
فاستدل بقوله تعالى ) :جزاءا وفاقا(.
قال الشريف أحمد بن إدريس رضى ا تعالى عنه:
فمن كان للخلق جنة ورحمة وظل ` ظليل ` يستريحون فيه كffان ا لffه كffذلك ،فمffن
أكرم عبدا مراعاة لسيده فإنما أكرم السيد ،ولذلك جffاء فffى الحffديث عffن ا عffز
وجل أن يقول للعبد يوم القيامة ":جعت فلم تطعمنى ،واستسقيتك فلffم تسffقنى،
ومرضت فلم تعدنى ،فيقول العبد :كيف تجوع وأنت رب العالمين؟ وكيffف تمffرض
وأنت رب العالمين؟ وكيف تستسقينى وأنت رب العالمين؟ فيقول سبحانه وتعffالى
مفسرا له ذلك :أما أنه مرض عبدى فلن فلو عدته لوجدتنى عنffده ،وجffاع عبffدى
فلن أما إنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندى".
94
قال المام أحمد بن حنبل رضى ا تعالى عنه :الزهد ثلثffة أوجffه :تffرك الحffرام
وهو زهد العوام ،وترك فضول الحلل وهو زهد الخواص ،والعراض عما يشغل
عن ا وهو زهد العارفين".
وقال سفيان بن عيينة رحمه ا تعالى " :الزهد ثلثة أحffرف :زاى وهffاء ودال،،
إشارة إلى العراض عن زينة الدنيا وعن الهوى وعن الدعاوى.
ثم يرجع إلى أرض الطبffع التركيffبى مffع مباشffرة السffباب ،أو مffع التجريffد شffيخأ
معلما ،أو أستاذا مرشدا فى مقام البسط ،أو فى مقام الحب ،أو فى مقام الجذب،
أو فى عزلة عن الناس ،فى جوف غار ،أو رأس طود ،أو على ساحل بحر ،أو فى
وطنه ،أو فى غربة ،أو فى صحو ،أو سكر ،أو محffو ،أو فنffاء ،أو بقffاء ،أو فffرح ،أو
بكffاء ،أو وجffد ،أو شffوق ،أو تلffذذ ،أو سffماع ،أو سffياحة ،أو شffعث ،أو نضffرة ،أو
فكرة ،أو حضffرة ،أو جلffوة ،أو عشffق ،أو هيffام ،أو فطffر ،أو صffيام ،أو ناطقffا ،أو
صffامتا ،أو مطرقffا ،أو شاخصffا ،أو بالمطffاف كffل عffام ،أو بمنffى يffوم الجمffار ،أو
بعرفات مع الخيار ،أو بين المروة والصفا ،أو فى زيارة المصطفى صلى ا عليffه
وآله وسلم ،أو فى المواجهة عند الروضة النبوية ،أو فffى مشffاهدة خيffر البريffة ،أو
فى الترقى إلى العوالم العلوية ،أو فى مشاهدة الحضرة اللهية.
فهذه تسعه وأربعون إلى الخمسين المتقدمة تكون تسعة وتسffعين بعffدد أسffماء
ا الحسنى وعند ذلك ينال المقام السنى.
قال سيدى الشيخ صالح الجعفرى رضى ا تعالى عنه:
لمfffffن يريfffffد حضfffffرة للماجfffffد إحfffffدى وعشfffffرون صfffffفات الزاهfffffد
مfffffن الثيfffffاب ذلfffffك ارتقfffffاؤه عشffffffرون بعffffffد تسffffffعة كسffffffاؤه
ومffffن لffffه أنffffواره لقffffد نمffffت خمسfffون يfffا فfffتى صfffفات قfffد سfffمت
مffا كffان مffن صffفات مffن بهffا عل تسffffffع وأربعffffffون بعffffffدها علffffffى
صffffffffاحبها مffffffffزود بالمffffffffدد تسffffffع وتسffffffعون جميffffffع العffffffدد
وتنffffزل الغيffffوث مffffن رجffffائه تجلfffffى بfffffه الحوبfffffاء مfffffن دعfffffائه
كمffffا أجffffاب معشffffر الصffffحابة يرجffffffو إلffffffه العffffffرش بالجابffffffة
علffffى النffffبى الهاشffffمى محمffffد ثfffffم الصfffffلة بالسfffffلم السfffffرمدى
والتfffffffابعين منهfffffffج البfffffffرار وآلfffffffffffه وصfffffffffffحبه الخيfffffffffffار
تقضfffى لfffه يfffا ربنfffا المصfffالح حسffffffن الختffffffام يرتجيffffffه صffffffالح
طريfffق ابfffن ادريfffس ذى الفيfffض وآلffffffffه وصffffffffحبه ومffffffffن لffffffffزم
الخضffffffffffffffffffffffffffffffffffffffم
قال بحر العلوم وكنffز العطايffا سfيدنا ومولنffا الشffيخ صffالح الجعفffرى رضffى ا
تعالى عنه ونفعنا به فى الدارين:
تلقffffاه فffffارق فالبقffffا للبffffاقى إزهfffد لكfffل مفfffارق مfffن قبfffل أن
98
تلقfffاه قfffد ولfffى بغيfffر تلقfffى ل سffffيما الffffدنيا كظffffل يffffا فffffتى
فfffffأرته ذل الهfffffون بfffffالملق كfffم مfffن غfffرور قfffد رآهfffا جنfffة
لمffffا اكتفffffى بمffffوائد الffffرزاق وتfffffرى القنfffffوع بهfffffا أراح فfffffؤاده
هffffذا النعيfffم لكffffل قلffffب راق فازهffffد تجffffد قلبffffا لffffديك منعمffffا
حضرة الحب فائح ،وجرت له فى بحffار الحffب الجffوارى كffالعلم ،وتحمffل مffوائد
الحب لرواح التجريد والحرام.
قال صاحب العلم النفيس الشريف سffيدى أبffو العبffاس العرائشffى مffولى السffيد
أحمد بن إدريس رضى ا تعالى عنه:
" وجمع مكارم الخلق مع ا تعالى ومع عباده قول النبى صffلى ا عليffه وآلffه
وسلم " :أكرموا ا أن يرى منكم ما نهffاكم عنffه وهffو أن ل يfراك سffبحانه حيffث
نهاك ول يفقدك حيث أمرك".
قال العبد الفقير المفتقر إلى رحمffة ربffه القffدير مولنffا الشffيخ صffالح بffن محمffد
الجعفرى كان ا له معينا ولهله وأحبابه آمين :معنى أكرموا ا أى استحيوا مffن
ا ،لن الحياء من اليمان ،أعله الحياء من ا عffز وجffل ،وهffو يبعffث النسffان
على فعل الواجبات ،فل يفقده الحق حيث أمره ،أى ل يراه تاركا للواجبات ،وأيضffا
يبعث النسان على البعد عن المعاصى فل يراه ربه يفعل فعل ` أو يقول قول ` نهffاه
عنه سبحانه.
وإذا كان كذلك فقد اتصف بأعلى أوصاف الحياء.
ويتفرع من ذلك أن ل يترك شيئا أوجبه ا تعالى عليه لخلقه ،ول يقدم إليهم شffيئا
نهاه ا تعالى أن يقدمه لهffم ،قffال عليfه الصffلة والسffلم " :المسffلم مffن سffلم
المسلمون من لسانه ويده".
قال سيدى الشفاء سللة خfاتم النبيfاء صffلى ا عليfه وآلfه وسfلم بحfر العلffوم
ونبراس الفهوم الشريف السيد أحمد بن إدريس رضى ا تعالى عنه:
)والمر الذى يبعث العبد على هذه المور هو الحياء من ا تعالى ،وهو أن يعلffم
علم حضور أن ا عز وجل على كل شئ رقيب ،وعلى كل شfهيد ،وهfو قfول ا
تعالى ) :واعلموا أن اللع يعلم ما فى أنفسكم فاحذروه(.
قال سيدى بحر العلوم ونبراس الفهوم فضيلة الشffيخ صffالح الجعفffرى رضffى ا
تعالى عنfه :أشffار السfيد رضffى ا تعfالى عنffه إلffى أن اسffباب الحيffاء المراقبffة
والمشاهدة وهما مظهران لسميه تعالى الرقيب والشهيد.
فمن علم أن ا تعالى يراقبه راقبه ،ومن علم أن ا تعالى شهيد عليه شffاهده،
فمن شاهده فله الشهد ،وكان ممن أوفى بالعهد ،ومن لم يشاهده كان كالبهffائم،
100
ل يشخى لومة لئم ،فى فعل الثffام والجffرائم ،ومffن أيقffن أن ا يعلfم مffا فffى
نفسه ،خرج من عوالم نفسه ،وشهوات عالم حسه ،إلى عوالم أنسه.
وقد أخبر السيد رضى ا تعالى عنه بفوائد الحياء وأسبابه فقال:
" فإذا أشغل العبد قلبه بهذه المراقبة ،واستعمله فيها ،وألزمه إساها حتى اعتادهffا
وألفها ،لزمه الحياء من ا تعالى أن يقffول قffول ` أو يفعffل فعل ` ل يرضffاه ا ول
يليق بجلله وهو حاضر القلب)وهو معكم أينما كنتم( ،فإن ا تعالى معfه ونfاظر
إليه ،فإن العبد إذا أراد أن يزنffى مثل ` أو يسffرق والنffاس إليffه نffاظرون ل يقffدر أن
يقدم على ذلك مع علمه بنظر الناس إليه فإنه يستقبح ذلك مffن نفسffه ويسffتخبثه،
فإذا كان الحال هكذا مع المخلوق الذى ل يملك ضرا ول نفعffا ،والحامffل لffه علffى
ذلك كله مخافة أن يسقط من أعين الناس ويحط قدره عندهم".
ول شك أنه إذا كان حاضffر القلffب عنffد الشffروع فffى العمffل الffذى ل يرضffاه ا
تعالى ترك ذلك الفعل قطعا ،وهذا معنى قول النبى صffلى ا عليffه وآلffه وسffلم
فى الحسان ) :أن تعبد ا كأنك تراه فإن لم تكن تffراه فffإنه يffراك( ،فمffن كffان
بهذه الحالة لزمه أن يحسن تلك العبادة ويتقنها على قدر قffوة علمffه أن ا نffاظر
إليه ،وبالله التوفيق ،وصلى ا على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم فى كffل
لمحة ونفس عدد ما وسعه علم ا.
قال سيدنا ومولنا الشيخ صالح الجعفرى رضى ا تعالى عنه:
لقد أفاد السيد رضى ا تعالى عنه وأجاد ،وأتى بما يسffتنير بffه الفffؤاد ،جffزاه ا
تعالى عنا أحسن الجزاء ورضى ا عنه وأرضffاه ،ولقffد أشffار رضffى ا تعffالى
عنه إلى أعلى مقامات الحسان بقوله " :وتجل لى يا إلهى بمقام الحسان الجامع
لسرار كمال اعبد ا كأنك تffراه ،حffتى أشffاهد الحسffن الffذاتى اللهffى الكمffالى
المطلق السارى فى جميع جزئيات العالم وكليffاته ،فتنجffذب روحffى وجسffمى بffل
كلى وسائرى إلى مغناطيس الجمال اللهى ،فأذوب فيffه ولوعffا وعشffقا عffن كffل
شئ سواه ،حتى أكون عين العشق اللهى ،بل عين الحسffن والجمffال ،بffل حffتى
تكون ذاتى كلها عشقا ذاتيا وجمال ` إليها صرفا من جميع الوجوه".
قال عين الحسن والجمال شيخ الرجال مولنا وحبيبنا صffالح الجعفffرى رضffى ا
تعالى عنه :ومن كشف له عن الحسن الذاتى كيف يميل قلبه إلى الفئ الغيffرى؟!
ومن شاهد الكمال المطلق السار كيف ينظر إلffى خيffالت الغيffار؟! ومffن جffذبت
101
روحه وجسمه إلى مغناطيس الجمال كيffف ل يتخلffص مffن الوهffام والوحffال؟!
ومن ذاب ولوعا وعشقا عن كل شئ سواه كيف ل يتلذذ بذكر موله؟!.
ومن كان عين العشق اللهى كيف ل تشتاق إليه الكffوان وتسffتنير بنffوره القلffوب
والبدان؟! ومن كان عين الحسن والجمال كيف ل يكون ذا إتصال وتنتفffع بffأقواله
الرجال؟! ومن كانت ذاته عشقا ذاتيا فقد ارتقى مقاما عليا ،ومن كانت ذاته جمffال `
إلهيا كان عند ربع مرضيا ،وقد أشار السيد رضى ا تعالى عنه إلffى مقffام الحيffاء
بقوله " :وتجل لى يا إلهى بمقام الحياء الجffامع لكffل خيffر سffر قffول نبيffك سffيدنا
ومولنا محمد صلى ا عليه وآله وسلم ) :إن ا تعالى حيffى كريffم يسffتحيى إذا
رفع العبد إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين(.
وهذا أشبه بقوله تعالى ) :وليعفوا وليصفحوا أل تحبffون أن يغفffر ا لكffم(يعنffى
من كان يحب مغفرة ا تعالى وعغوه فليعف وليصffفح عffن عبffاده ،ويؤخffذ مffن
هذا أن ا يحب المتصفين بصفات الكمال ويتجلى عليهم بمثلها ) :للffذين أحسffنوا
الحسنى وزيادة(ويفعل معهم مثلها ،وحقيق أن مقام الحياء جامع لكل خير ،وفffى
هذا إشارة إلى الحديث) :فإن الحياء ل يأتى إل بخير(.
ومن وصل إلى هذا التجلى ل يبالى بالناس ،إذ الحياء من ا تعالى يتلشى معffه
الحياء من الناس ،والذين لم يكونوا كذلك إنما يسffتحيون مffن النffاس فffإذا غffابوا
عنهم فعلوا ما شاءوا ،وإن حضروهم تركfوا مffا يسffتقبح مfن أجلهfم ،وأمfا الffذين
حياؤهم من أجل الذى ل يغيب فهم ل يسffتطيعون أن يفعلffوا شffيئا مffن القبffائح،
ونورالحضرة لديهم لئح ،همهffم رفffع درجffاتهم لffديه ولffو سffقطوا عنffد غيffره ،ل
يبالون بالقواطع إل عنه ،ول بالموانع إل منه ،فاتق ا ما استطعت وافتffح لنفسffك
بالله أبواب القر ،فما فتحت على عبد إل جffاز بهffا أعffالى الرتffب ،وعليffك بالتمسffك
بالكتاب والسنة ،فمن تمسك بهما فقد نال غاية المنة ،ونادته السعادة وأقبلت عليه
وأناخت له ذلولها ،ودقت له فى عوالمها طبولها.
أيها المريد الصادق
انف عنك ما سواه
انف عن نفسك ما سواه لترتقى ،فما دخل الحضرة إل بالقلب النقى ،فffإذا ظفffرت
بالنقاوة ،ذقت لذكر ربك حلوة ،إذا بقلبك حلت ،لحلوة غير العبادة عنك جلت فإذا
102
جلت عنك الغيار ،أزيلت عن قلبك الستار ،وهبطت عليfه أنffواع السfرار ،عنfد كfل
نفس وحركة وقول وفعل ،وحياك ابن الفارض رحمه ا بقوله:
يدريه من كان مثلى ولح سر خفى
للشمس ضوء قبل الشراق ،وللتجلى سر قبل التلق ،فأكثر من قول ل إلffه إل ا
لتعرف النفffى والثبffات ،وتبffدل منffك الصffفات بالصffفات ،فصffفات نفسffك حجffاب
قدسك ،فمزقها ب )ل إله اله ا محمد رسول ا فى كل لمحffة ونفffس عffدد مffا
وسعه علم ا(لتكسى من صفات محمد رسول ا صلى ا عليه وآله وسلم.
واعلم يا اخان فى ا نظر ا إلينا أجمعين بألطاف أهffل وليتffه ،أن هffذا الffذكر
ثقيل على النفس لنفاسته وسرعة هدايته ،ويحصل به إمران عظيمان عليهما مffدار
الصلح ،وهما عنوان الخير والصلح.
الول :تمزيق الصفات النفسية ،وهو أثر قولك ل إله إل ا.
والثانى :اتصافك بالصفات المحمدية ،وهو أثر قولك محمffد رسffول ا صffلى ا
عليه وآله وسلم؛ لنه باب ا تعffالى الموصffل إلffى حضffرة الحffب والقffرب ،قffال
سيدى أبيض الوجه البكرى رضى ا تعالى عنه:
أتاه من غيرك ل يدخل وأنت باب ا أى امرئ
والتيان من هذا الباب يكون بأمرين :
الول :حبه صلى ا عليه وآله وسلم كما ينبغى .
الثانى :متابعته صلى ا عليه وآله وسلم فى القوال والفعال.
وكأنى بك إذا أكثرت من هذا الذكر ستفتح لك أبواب ما خطرت ببال ،ولطالما بحثت
عن ورد غير هذا طالبا ما حدثتك به نفسك ،ولقد دللناك علffى كنffز لffو فطنffت لffه،
ولكنك ل زلت تنظffر إلffى الجيفfة علfى غيfر مffا هfى عليfه ،ولfو كشffف ران قلبfك
لبصرت ما أبصره العارفون ،ولffوليت عنهffا إلffى مffا أبصffرته بصffيرتك ،وعلقffت بffه
سريرتك ،وعندى فى إورادى ما يكل عنه تعبير لسانك ،وتفكير جنانffك ،فffإلى مffتى
وبيننا المباينة؟! أما آن لك أن تكffون مffن أهffل المعاينffة! فمffا دخلffت لمffا قلبffا ول
خطرت لنا بخاطر ،ولقد فررنffا منهffا حينمffا فfر إليهffا غيرنfا ،وكffان فرارنffا إلffى ا
)ففروا إلى ا (.
103
واعلffم أن أرض طريقنffا هffذا ل يصffقى إل بمffاء الffدين الخffاص)أل للffه الffدين
الخالص( ،ول يثمر إل الكلمة الطيبة التى تصل إلى السماء)ألم تر كيffف ضffرب ا
مثل ` كلمة طيبة كشرجة طيبة ألصلها ثابت وفرعها فى السماء(.
فما عبدناه سبحانه للدنيا التى هى كهشيم تذروه الرياح ،ولكن لنفحات تتنffزل فffى
المساء والصباح ،وابتغاء وجهه الكريم ،والتلذذ بقربه وحبه ومناجffاته والتffذلل بيffن
يffده ،والقبffال عليffه ،وشffهوده شffهودا خارجffا عffن المعقffولت والمحسوسffات
والفكريات والنظريات ،فكيف اشتغلت بذكره وعبادته وما شغلك؟
ويقول بن الفارض رحمه ا تعالى
فأصبح لى عن كل شغل بها شغل
يعنى الحضرة الليهة ،والتجليات الربانية ،فى مقام كشف الحجاب وإزالة السffباب،
وغيبة وحضور ،وفرح وحبور وصفاء ونور ،فى مقام الفنffاء لffدار الغffرور ،وصffرف
القلب عن الجنات والقصور ،إلى ما هو أجل أعلى )سffبح اسffم ربffك العلffى() ،يffا
حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلى كffانوا بffه مسffتهزئين(,أى حسffرة أشffد
من حسرة مffن فffاته اليمffان ،وغffره الشffيطان ،وحffرم مffن الطاعffات ،واحتضffن
المخالفات ،وحرم من لذة العبادة ،وجعلها عنده كعادة ،وحرم من التخلffى ،ومنffع
من التحلى ،ولم يكن من أهل التجلى؟!فffإلى مffتى يffا أخانffا وأنffت فffى سffكرتك،
مكبل ` بغفلتك ،غرتك من طردناها ،وشغلتك من سلوناها؟!
قال المام الشافعى رضffى ا تعffالى عنffه " :النفffس إن لffم تشffغلها شffغلتك"،
يعنى إن لم تشغلها بأوامر ا شغلتك بأوامرها وهكذا الحال ،رحffم ا الرجffال،
كيف عرفوا فأثمرت معرفتهم؟ وكيffف روا فسffلمت نجffائبهم؟ وكيffف كشffفوا عffن
خفيات المور لما استنارت منهم النفس والصدور؟
أيها المريد نهض نفسك بنفسك وابك على يومك وأمسك
فإلى متى يا عبد ا وأنت تسمعنا سماع المستريب فيما يسمع؟! وعنffدك سffيوف
تلمع ،لو حركتها لكانت لكل القواطع عنك تقطع ،كم من ليال قد نمتها فمffا عffادت
عليك إل بما عادت؟ وكم من أيام فيما كffان ليfس يعنيfك أنfك قfد أضfعتها؟ وفfى
ظنك أنك أضعت الليالى واليام ،ولكن أضعت عمرك الذى كلما مر منه يوم فليffس
يعود إلى يوم القيامة ،وأراك تبكى علffى فلن إذا قيffل مffات وانقضffى عمffره ،ول
تبكى على عمرك وهو كffل يffوم ينقffص ول يزيffد ،وأخشffى أن تلحffق بنffا مفلffس
104
الحال ،مكبل البال ،منغمسا فى الوحال ،فنهض نفسك بنفسك ،وابك علffى يومffك
وأمسك.
أيها المريد ماذا تريد من هذه الدنيا
فواعجباه منك ثم واعجباه! ماذا تريد من جيفة يؤذيك ريحها ويثقلك أكلها ،ويطغيك
قربها ،ويعاديك اهلهffا ،إن أقبلffت عليهffا شffغلتك ،وإن أعرضffت عنهffا خffدمتك ،وإن
أهنتها أكرمتك ،وإن أكرمتها اهانتك ،قولها يضحك أهلها وفعلها يبكيهم.
عجوز شمطاء ،فى صورة فتاة حسناء ،عffدوة لحبffاب ا تعffالى ،فلمffا عادوهffا
ذللها لهم سيدهم ،فصارت طوع أمرهم ،تخيف غيرهم وهffم اخافوهffا ،وتسffتعبد
غيرهم وهم استعبدوها ،فل فرق عنffدهم بيffن البعffد والقffرب)فلمffا رآه مسffتقرا
عنده قال هذا من فضل ربى( ،فهى تحت إشارتهم ،ولكن تمffر علffى قffولبهم مffن
بعد مر السffحاب ،فيقffول الحffق سffبحانه لمffن جffاء إليهffا وهffو مشffغول بالمعffاد
والمآل) :هذا عطاؤنا فامنن أو امسك بغير حساب(.
سبحانه ذكره ا تعالى )فاذكرونى أذكركffم(وإذا ذكffر الffرب عبffده اطمffأن القلffب
بذكر ا عبده؛ لنه أكبر من ذكرك لربك)ولذكر ا أكبر(لنfه بfه تحصffل الطمأنينfة
للقلب ،وكأنه يشاهد ما وراء الغيب ،أناس قلffوبهم مشffغولة بffالرزاق ،وهffو قلبffه
مشغول بالخلق ،وهم يعملون للدنيا كأنهم يخلدون ،وهو يعمل للخرة عمffل مffا
قيل لهم عدا يرتحلون.
اطمأن قلبه إلى زوال الدنيا فنظffر إليهffا وكأنهffا أمffامه زائلffة ،واطمffأن إلffى الجنffة
ونعيمها فكأنها أمامه حاضرة ماثلة ،إذا فزعت القلوب إلى بعيد ،فزع إلى مffن هffو
أقرب إليه من حبل الوريد ،وإذا خاف الناس من عاجز بالقضاء مقهffور ،خffاف هffو
ممن بيده تصاريف المور ،فل المزعجات تذهب الطمأنينffة إذا اسffتقرت ،ول الffدنيا
تدخل قلبه إذا أقبلت أو تولت.
متوكل على خالقه وموله ،واثق بما عنده عما عند ما سواه ،إذا بكffى غيffره علffى
فان› تراه يبكى من خشية ا ،وإذا اشتاق غيره إلى الغيار شاقه ذكffر ا ،نهffاره
كليله وليله كنهار ،يزيل عن سبل السffعادة مfا حفffت بfه مffن مكfاره ،فل تصfطاده
بمصائد الشهوات ،ول تخدعه النفس بما لها من رغبات.
وكيف ل يكون كذلك وقد ذكره الحق سبحانه فأخffذ فffى السffباب فffدخل حضffرة
الحباب ،والحباب ل يحبون ما يكره حبيبهم بل يكرهون ،والحباب يحبون ما حيffب
حبيبهم بل ويوقرونه.
ولما كانوا كذلك سموا أحبابا ،وشربوا من شراب الحب أكوابffا ،ذكرهffم شffعارهم،
وحبهم دثffارهم ،جffذبتهم يffد العنايffة فهffم المجffذوبون ،واحتضffنتهم الهدايffة فهffم
المهديون ،كم سهروا من ليل وكم ركبوا للجهffاد مffن خيffل ،عبffاد بالليffل وفرسffان
بالنهار ،فطناء أذكياء ل يخدعهم خداع ول تعطلهم عن جهffادهم أوجffاع ،ل يبffالى
أحدهم أشffبع أم جffاع؟ أضffاءوا الكffون بأذكffارهم ،لهffم بالنهffار جffولت ،وبالليffل
حضرات ،رحم ا بهم عباده وهدى بهم ،وجعل الخلص فffى قلffوبهم ،ذكffر ا
تعالى شعارهم ،والحياء دثارهم ،والتوحيد عقيffدتهم ،والجهffاد بغيتهffم ،والسffلم
دعوتهم ،والقرآن إمامهم ،والنبى صلى ا عليه وآله وسلم حبيبهم وقدوتهم.
وكان الفراغ من هذا الشرح المبارك بالجامع الزهر الشريف يوم الثنين 8جمادى
الثانية 1382هf
أسأل ا تعالى أن يجعله خالصا لوجهه الكريم ،وأن ينفع به المسلمين آمين .
106
وصلى ا على مولنا محمد وعلى آله وسلم فى كل لمحة ونفس عدد ما وسffعه
علم ا .