Professional Documents
Culture Documents
مكتب النور
مكتب النور
مكتب النور
مكتب النور
الطبعة الثانية
1431هـ 2010 -م
جميع احلقوق حمفوظة باتفاق ،ال ي�سمح ب�إعادة �إ�صدار هذا الكتاب �أو �أي جزء منه
�أوتخزينة يف �أي نظام ال�سرتجاع املعلومات �أو نقله ب�أي �شكل من الأ�شكال.
مكتب النور
جلسة
احلمد هلل ،والصالة والسالم عىل سيدنا رسول اهلل وعىل آله
وصحبه ومن وااله وبعد ؛
متى يكون وأما رس النسبة والعناية فعظيمة االختالف ،حتى بني مراتب
للعمل أثر يف
أهل الرش يف رشهم وأهل اخلري كذلك يف خريهم ،وحتى ما
الواقع
يرتب عليه احلق من تأثريات يف واقع اخللق ،وما يرتب عليه
من اظهار أحوال من شؤون ( :ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ) [الرمحن،]29:
9 معامل الدعاة يف طريق حبيب اهلل معامل الدعاة يف طريق حبيب اهلل 8
ما هلا تكييف وال حرص وال حد .. هذه األشياء هي أيض ًا يف أشكاهلا تتشابه مع ما ال يكون له أثر،
ومع ما ال يكون له يف الواقع خرب ،ومع ما ال يرتتب عليه تأثري،
فما عرف حق الدعوة من قنع بالقليل يف ميدانها ،وال من ارت�ضى
أو تقديم وتأخري ،تتشابه يف شكلها ،ولكن مظاهر العناية يف
ب�أدنى الدرجات يف �أحوالها ،فمن مل يعلم �أنه ميكن �أن تواجهه يف
هذه تبدو يف1:صدق الوجهات2 ،وصفاء الطويات3 ،وقوة
بعظيم املنن نفي�س ،فلي�س عنده يف فهم الدعوة
ٍ النف�س من اهلل
العزمات4،واخلضوع واإلخبات5،والوقار يف احلركات
ح�سن ت�أ�سي�س ،وامليدان ما �أنف�سه وما �أو�سعه
والسكنات6 ،والطمأنينة والثبات ،هذه مظاهر العناية يف أن
ال تقوم
وحقيقة الدعوة التي يرتتب عليها اخلري األكرب لألمة يف هذا األمر مثمر ومؤثر ،ويرتتب عليه بحكم اإلرادة يشء كبري يف
الدعوة إال
ٍ
مشاهبة تامة للصحب الزمان ،من دون حتصيل طلب بصدق يف الوجود ،وهذه اختصاصات من بحر الكرم واجلود ،خيتص هبا
بصفات
الصحابة األوائل أنفسهم ال تقوم ،إنام تقوم حقائق الدعوة التي ينتفع من يشاء ،فاهلل جيعلنا وإياكم منهم يف عافية تامة .
هبا العامل يف هذا القرن عىل مظاهر اصطفائات اهلل يف قلوب فيجدون أثر الرسايات وظهور العالمات يف ماهلم من حتركات
طلب الزيادة
تصدق حتى تتهيأ إلرث الصحابة يف 1وجهاهتم2 ،وحمباهتم، مع قوة عزمات ،ثم حيسون ويقتبسون ويرتقبون للزيادة ،كلام والرتقي
3وتفانيهم4 ،وتضحياهتم5 ،وذلتهم6 ،وخشيتهم7 ،وإنابتهم، مرت هبم سنوات بل أشهر بل أيام بل ساعات ،أما صاحب
8ورهبانية ليلهم9 ،وفرسانية هنارهم ،والعني التي نظرت �إليهم الصدق القوي منا هو حيس ويتحسس من تلك الزيادة يف
ذاك الزمن هي الناظرة يف هذا القرن �أي�ض ًا ،واهلل ما نق�ص من نظرها اللحظات ال يف الساعات ،واحلقيقة أن املتاجرة مع كرم ربوبية،
�شيء ،لكن النواقص عندنا ،عند أهل الزمان وأهل القرن ،مع فمن حقه أن يكون يف اللحظة الواحدة ما ال ُيتصور ،وما ال
يقني أن احلق سيختار بال مرية ،وسيربز أقوام ًا يف هذا القرن ُيقدَ ر قدره ،وألجل ذلك ما عرف حق الدعوة من مل يعرف
ويصطفيهم وجيتبيهم ويرتضيهم ويدنيهم ويصافيهم ويذيقهم عظمة املعطي إىل حد يستشعر أن املطلوب منه ارتقاء إىل مراتب
11 معامل الدعاة يف طريق حبيب اهلل معامل الدعاة يف طريق حبيب اهلل 10
حتى تربزوا يف النا�س لرب النا�س ب�صورة ما يعرفها النا�س ،ما ويلذذهم بحالوة جوده ،وفهم خطابه ،وصالت صافية
يعتادها النا�س . قوية به وبنبيه ال تكاد خُتيل ،هذا الصنف من احلق تعاىل إرادة
ستظهرهم .
ال بد أن خترقوا هذه العادة أنتم ،عادة الناس حماسبة ،عادة
وال�ش�أن �أن الواحد منا ما يتخلف ،وال يرىض ،يمكن قول هذا
ُ
احلمل تعظيم مظاهر ،عادة الناس
ُ إيثار فاين ،عادة الناس
الناس ُ
الكالم بكل طمأنينة وبكل ثقة ،مع أن أكثر أفكار املسلمني
عىل من آذا ،عادة الناس من ال حيرتمك ال حترتمه ،عادة الناس
الزالت يف انحطاط ،ومع أن عامة ما يدور بينهم إىل اهلبوط
من سبك احقد عليه ،كل هذه العادات حتتاج إىل خرق منكم
أقرب ،مع هذا كله فيمكن أن نقول هذا الكالم بكل طمأنينة ،
قوي ،يصبح احلال عندنا غري هذا .
وبكل ثقة ،وبكل يقني ،وبكل استقرار ،
تعظيم فاين عندنا احتقاره ،ايثار باطل عندنا رفضه ،محل عىل
ِ
ال���ن���اس إن ف���ي���ض ف��ض��ل��ه يف
من آذا عندنا احسان ،بغض من سب عندنا حمبة ،استثقال
ِ
وال���ق���ي���اس َّ
ج����ل ع���ن ال��ت��ق��ي��ي��د
مقرص عندنا رمحته ،سوء ظن بمن عىص عندنا حسن ظن به .
ِ
األن�����ف�����اس ط����رق����ه ب����ع����دد
عندنا حسن ظن بمن يعيص ،تعرفون هذا الكالم؟ فكيف ِ ٍ
ح����ال ج�������ار ب���ك���ل وج��������وده
بمن يطيع؟ هذه العادات كلها موجودة بني الناس ال بد هلا
(ﮔﮕﮖ ﮗ ﮘﮙﮚﮛ ﮜﮝﮞﮟﮠ)
من خرق ،واعلموا أن الذين يسبقون بخرقها هم الذين تسابق
[إبراهيم]47:
اإلرادة والقدرة خلرق العادة هلم بعد لنرصة الرشيعة ،لذا قال
وما اح�سن لو تهي�أمت �أنتم ،برفض قواطع 1االشمئزاز ..
�سيدنا الإمام احلداد :فمن خرق العادة من نفسه انخرقت له
2االغرتار 3 ..التعايل 4 ..الرتفع 5 ..التقاعد ..وباقتالع
العادات يف الكون ،اهلل يوفقكم .
جذور 1الكرب 2والعجب 3والغرور ..
13 معامل الدعاة يف طريق حبيب اهلل معامل الدعاة يف طريق حبيب اهلل 12
ويف جمتمعات املسلمني نفسها تنكر ،تنكرت لدينها وملتها ، اهلل ما مدح فتية �أهل الكهف لتخلوا �أزمان الأمة من �أمثالهم
تنكرت لقواعد رشيعتها ،فماذا نظن يف مثل ذلك أين امللجأ ؟ (ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ) نحن ..هل سمعت ؟ قال
وماذا حيصل ؟ اعتزلوهم وجلأوا إىل رهبم فابعدهم من قدّ امهم، نحن!! (ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ) اهلل اهلل أنت بنفسك يا
(ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ﭘ ﭙ) حق ؟ تقول احلق ؟ وتتوىل حكاية قصتهم ..سبحانك.
َأ َج َ
عل هلم كهف ًا ومل جيعل لكم كهف ًا ؟؟ [الكهف]13: (ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ)
(( إهنم فتية آمنوا برهبم )) ..آمنوا برهبم وانطرحوا عىل بابه ،
واهلل كهفنا �أح�سن من كهفهم ..
وال ذوا بأعتابه ،نزلوا برحابه ،آثروه عىل كل ما سواه ،قصدوه
هل تريد ميني �أكرث من باهلل العظيم ؟
وافردوا القصد له (( ،وزدناهم هد ًا * وربطنا عىل قلوهبم ))
[الكهف] (ﭚ ﭛ ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ) حتابوا تراوحوا ،يكاد الواحد منهم أن يفدي أخاه بروحه ،ال
مالذي حصل يا ربنا ،الكائنات كلها سخرهتا هلم (ﭥ ﭦ يرىض أن يسقط أخاه ،وال أن يقرص يف حق أخيه ،وال هيمل
ﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱ شأنه (ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ
[الكهف]17: ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ) ﯨ ﯩ ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳﯴ ﯵ
ايش هذا ؟ (ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﯶﯷﯸﯹﯺﯻﯼﯽﯾﯿﰀﰁ
وفوق ذلك كله حتفه العنايات ،وتظهر عليه الرعايات وهو عىل ونقلبهم( ،ﮗ ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ
يقني من التأييدات ،وال عرفت منه املسبات ،وال املذمات وال ﮠ ﮡ ﮢ ﮣ ﮤ ﮥ) طيب إن كان هؤالء أهل
الشتامت ،ومع ذلك كله كان يبني ويوضح ،وال يتقهقر وال الكهف ما أحد من انبياءهم ُنرص بالرعب ،لكن نحن نبينا نرص
يلتفت ،وال يرجع عن يشء مما أمر اهلل به ،ومع ذلك ال يألوا بالرعب مسرية شهر ،هذا من خصائصه اخلمس التي ذكرها
جهد ًا يف التبيني ،وال أداء اللني ،وال الرتفق يف األمور ،وال هو ،مل تكن لنبي قبله ( ،ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ)
التلطف يف األسباب ،مع ذلك كله يقول (( لو و�ضعوا ال�شم�س [الكهف]19:
يف مييني والقمر يف ي�ساري على �أن �أترك هذا الأمر ما تركته ،حتى
إىل آخر ما قص اهلل سبحانه وتعاىل ..
يظهره اهلل �أو �أهلك دونه فتنفرد �سالفتي هذه )) .
فال بد أن فتية اهلدى يأخذووا معاين اإلهتداء ،إذا عندنا يف
ت�أمل الآداب �أنت والنظرة ،هل قال حتى انت�صر ؟ ال ،حتى معنى
كل ذلك مقتدا ،فليس االعتزال عندنا لسائر التنكرات للرشيعة اإلعتدال
�أظهره ؟ ال ،حتى �أقوم به ؟ ال ،لكن حتى يظهره اهلل� ،سبحان
بتشددات وال سوء ظنون ،وال جمادالت ..وال منازعات ..
اهلل ما هو �أنا وال جهدي وجدي وال َجهدي وال اجتهادي وال
وال خماصامت ..وال استعجاالت ..وما إىل ذلك .
جهادي ،حتى يظهره اهلل �أو �أهلك دونه ..وا�ستمر على هذا آل النبي
احلال ،هذا قدوتكم .. نحن عندنا القدوة ملا ُبعث يف املجتمع املتنكر بكل ما جاء به صىل اهلل
كيف نتعامل ونحن إن تنكر لنا املجتمع فنحن نصبرّ ما نتنكر ،ما نقابل التنكر جلس بينهم1 :وبسط ُخلقه 2 ،ونرش رمحته ورأفته 3 ،وطرق كل عليه وسلم
مع تنكر
مع تنكر
بتنكر ،إن تنكر لنا تلطفنا به ،وإن اشتد علينا ترفقنا به ،فال هو باب 4 ،وقام بكل وسيلة 5 ،وثبت 6وصرب وحتمل 7 ،واطمأن الناس له
املجتمع
حيملنا عىل سب وال شتم ،وال يصل منا إىل تأخري وال ختذيل، ووثق 8 ،وتابع وواصل 9 ،وخضع واستسلم للحق يف كل
بل نحن عىل مبدأ لو تنكر كل يشء يف الوجود مل ينقص من األقضية واألقدار واألطوار التي مرت به ُ ،حبس يف الشعب،
عزمنا ذرة. رمي باحلجارة ،وضع السال فوق الظهر الرشيف ،أسمعت؟
17 معامل الدعاة يف طريق حبيب اهلل معامل الدعاة يف طريق حبيب اهلل 16
اختاروا العنا عىل اهلنا ،ورضوا باألماين بدل نيل املنى ،فال لأنا ما عزمنا لأجل الوجود املتنكر ،نحن عزمنا للموجود الذي
هم من أهل مكة وال أهل عرفة وال أهل منى ،فإن هلا أهل قد ال يتغري
علمهم ربكم ،قالوا :
فيجب أن يكون عزمنا ال يتغري ،ونحن عزمنا ألجل الذي ال
ن����ع����رف ال���ب���ط���ح���ا وت��ع��رف��ن��ا ينقص ،فيجب أن يكون عزمنا ال ينقص ،بل يزداد ..بل يزداد
1
وال���ص���ف���ا وال���ب���ي���ت ي��أل��ف��ن��ا ..بل يزداد ،ألن الذي عزمنا من أجله ال يزال يزيد ويزيد،
ول����ن����ا امل����ع��ل�ا وخ����ي����ف م��ن��ى (ﭑ [ق]35: حتى ينتهي إىل (ﰝ ﰞ ﰟ ﰠ ﰡ ﰢ ﰣ)
ِ
وك����ن ف���اع���ل���م���ن ه�����ذا وك�����ن ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ) [يونس( ،]26:ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ
وهل معكم �شيء �آخر قالوا : ﯶ ﯷ) [حممد( ،]17:ﭯ ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ
ﭵ ﭶ) [التوبة( ]124:ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ
ول�����ن�����ا خ��ي��ر األن����������ام أب����و [الكهف]13: ﯞ)
وع����ل���ي امل������رت���ض��ى ح��س��ب
وال بد أن العزائم من أجله تزيد ،ويستوي عندنا الصد
ن��ن��ت��س��ب
ُ وإىل ال���س���ب���ط�ي�ن
واإلستجابة من حيثية الوجهه ،وال يبقى إال واجباتنا بالفرح
ن���س���ب��� ًا م�����ا ف���ي���ه م�����ن دخ���ن
للعباد بطاعة اهلل ،واحلزن عليهم من معصية اهلل عبودية هلل ،
وطريقكم ما هي ؟
تام ما تغريه الليايل واأليام ،وماعند الناس فيام يقابل مع ٍ
ثبات ّ
ك�����م إم��������ام ب����ع����ده خ��ل��ف��وا ذلك إال خياالت وأوهام ،غري الصادق يتزعزع هبا ،ويتثبط
م���ن���ه س��������ادات ب������ذا ع���رف���وا هبا ،ويتكاسل هبا ،وينقطع هبا ،ويتأخر هبا ،ويتشكك هبا .
((( أبيات من قصيدة اإلمام احلداد : وتشكك املتثبطون فكأهنم ليسوا هنا ،مع أن هنا ُّ
كل اهلنا ،لكن
ي��ا ح��ي��اة ال����روح وال��ب��دن ك��م بقلبي فيك م��ن شجن
19 معامل الدعاة يف طريق حبيب اهلل معامل الدعاة يف طريق حبيب اهلل 18
من ختيل هالكهم ،هم أحياء بشهادة احلي املحي ،سبحان اهلل! وهب������ذا ال����وص����ف ق����د وص���ف���وا
م����ن ق���دي���م ال����ده����ر وال���زم���ن
واهدنا احلسنى بحرمتهم بربكتهم فانفعنا رب
فمن هم مناذجكم ؟
وم��ع��اف��اة م��ن الفتن وأم��ت��ن��ا يف طريقتهم
واعلموا عظمة الأمر ،عظمته بعظمة اهلل وعظمة رسوله ،وذلك م���ث���ل زي�����ن ال���ع���اب���دي���ن ع�لي
ما ال يوصل فيه إىل حد ،وال يقوى عىل حرصه أحد ،العظمة واب�����ن�����ه ال����ب����اق����ر خ��ي��ر ويل
املطلقة هي يف هذه الدعوة وهي يف هذه الرتكة ،وهي يف هذه واإلم���������ام ال�����ص�����ادق احل��ف��ل
املوروثات ،وما ورثوها من لفالف ،وال ورثوها من سفاسف، وع���ل��ي ذي ال����ع��ل�ا ال��ي��ق��ن
وال ورثوها من عاديني من الناس ،ورثوها من حمل نظر اهلل �أنتم ذكرمت القمة :
يف خلقه ،ورثوها من أصفياء اهلل يف بريته ،ورثوها من أعظم
ف���ه���م ال����ق����وم ال����ذي����ن ه����دوا
الناس عند اخلالق ،فهي واهلل عظيمة ،اهلل يعرفنا وإياكم ..
وب���ف���ض���ل اهلل ق�����د س���ع���دوا
اغتنموا االنطالق عىل الصفا والوفاء والتواضع وحسن اخللق، ول�����غ��ي��ر اهلل م�����ا ق����ص����دوا
تصفية
الصفات وترقبوا الصفات ،صفات الصحابة ..كيف كانت صفات ِ
ق�����رن وم�������ع ال������ق������رآن يف
الصحابة وائمتكم والتابعني ،جيب توجد يف بيوتنا ويف منازلنا ملا ما قصدوا غريه رست رساياهتم إىل اجتامع الليلة هذه
ويف سياراتنا ويف دكاكينا ويف مكاتبنا ،ال بد توجد ،كأهنم هم والساعة هذه ..ألهنم ما قصدوا غريه ..شف آثارهم وبركاهتم
يشء ونحن يشء ثاين ؟ صوهتم هذا هو ..
رضوري صفاهتم ترسي فينا ،ألنا نحن اتباع ،ما لنا رعيل فهم هنا وهكذا ..سبحان اهلل ..مات من ظن موهتم ،وهلك
أول غريهم ،فالبد أن ترسي هذه الرسايات فينا ،وفكروا يف
21 معامل الدعاة يف طريق حبيب اهلل معامل الدعاة يف طريق حبيب اهلل 20
احلق هي التي تصلح األمور . إجياداها عىل وجهها ،فاجتهدوا اهلل يبارك يف اجتهادكم .
معكم املوسم املبارك والفرصة العظيمة التي أقبلت عليكم ، والآن الذي تتمنون من اهلل تعاىل حتقيقه يف العامل حققوه
بداية التغيري
إغتنام
املوسم وعرفات هذا العام ال بد هلا من خرب يف األنام أيض ًا . بينكم ،وعلى قدر �صربكم �أنتم وحتقيقه بينكم ،لكم ال�ضمانة يف املعامل
ب�أنه يحققه هو يف العامل ..
فال بد من صدق الوجهة والتهيؤ ،والعزيمة يف تصفية القلوب،
نريد للعامل ألفة حققوها بينكم ،نريد للعامل أخوة حققوها بينكم
والعزيمة باستدامة احلضور مع اهلل بام أمكن ،يشء فيشء ال ختيل
،نريد للعامل صفا حققوه بينكم ،نريد للعامل إيثار اهلل عىل من
نفسك ،ال تستسلم هلواك ،قليل قليل اجتهد اجتهد إبذل ،حتى
سواه حققوه بينكم ،نريد للعامل تعاون ينترش بينهم حققوه
يغلبك احلضور مع اهلل .
بينكم ،نريد للعامل تواضع حققوه بينكم ،وما حتققونه بينكم
واعلم أن وظيفتك أنت خترق العادات يف الناس ،فلك نظرة فاهلل تعاىل حمقق ًا أضعافه يف عاملكم يف أمة نبيه ،ال بنا وال بجهدنا
وظيفتنا يف
الناس غري نظرهتم ،مع خرقك هلا بوجه اللطف والرأفة والرمحة وحسن ولكن سبق رمحته اقتىض هذا ،وهلذا قال تعاىل:
الظن ،ما َ
تتطاول ..ما تشهد امليزة ..ما تشهد اخلصوصية يف
الباقي ما هو (ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ)
نفسك ،إنام تشهد امل ّنة من املنان فيزيدك من م ّنته( ،ﭣ ﭤ
[النساء]84:
ﭥﭦﭧﭨﭩﭪﭫﭬﭭﭮﭯﭰﭱﭲﭳﭴ
عليك ،سبحان القوي !!
[النور]21: ﭵ ﭶ ﭷ) البد تقوى بينكم األوصاف التي نريد نرشها يف األمة فتكون
فام أعظم ما ُورثتم و ُترك فيكم من حرضة النبوة ،وحفظته بينكم يف غاية القوة ،وبعد نرشها قريب ،وسهل عىل اهلل ،نريد
خزائن الصدق والفتوة لكم ،يف قوم بعد قوم ،ورجال بعد األمة تعظم الدين انرشوه بينكم ،نريد األمة تعشق الصلوات
رجال ،حتى وصل إىل زمانكم حمفوظ ًا كام ً
ال ما فيه نقص ،بل واألوراد والقرآن حققوه بينكم ،البد من هذا ،اعرفوا خطاكم
يزداد ،دين اهلل وتركة نبيه ما تقبل النقص ،إنام ربام يف فرتات كيف متشون ،امشوا بثبات وطمأنينة ،ومهة وعزيمة ،وعناية
23 معامل الدعاة يف طريق حبيب اهلل معامل الدعاة يف طريق حبيب اهلل 22
تأخذون مدد اهلل من األحجار واألشجار واألعواد واألخشاب تنقص األعداد لكن ما ينقص اإلمداد ،وهلل املراد فيام أراد .
واحلديد واألسمنت فخذوا ،فإن مدد اهلل مبثوث يف كائناته ، اغتنام
وجميل اغتنام املو�سم العظيم ملق�صد �صاحب املو�سم ،وا�ستثمار
املوسم
مفاتيحه األدب وحسن الظن . املنا�سك ملهمات �صاحب املنا�سك ،الذي �أخذنا عنه املنا�سك ، ملقصد
((خذوا عني منا�سككم )) صاحبه
ابذلوا جهدكم يف التقريب والتحبيب ،والتأليف والتعريف،
خالصة
مسئوليتنا وإقامة العالئق وحتديد املقاصد ،واألدب والتعاون التام ، هل سمعت أنه عمل املناسك وذهب ؟ وإال يف طول املناسك
واخلضوع واخلشوع ،وإيصال هذه اخلريات إىل من حواليكم ، وهو يكلم ذا ..ويعلم ذا ..وخيطب هنا ..وخيطب هنا ..ويفتي
بلطف ورقة ورمحة ورأفة وحكمة ،وإخراج كل اعتامد عىل غري ذا ..كيف رأيته يف مناسكه ؟ حامل هم وإال أقام مناسك فقط ؟
اهلل من قلوبكم ،اعتمدوا عليه وحده ،ال نحن وال جهدنا نقدم كان وهو يف الطريق يعلم ويرشد ،وهو يف عرفة يعلم ويرشد ،
وال نؤخر ،وال ننفع وال نرض ،هو تعاىل إن شاء وفق وحقق . وهو يف مزدلفة يعلم ويرشد ،ويرجع إىل منى يعلم ويرشد ويبني
ويقعد القواعد ،ويؤدي للناس املهام والواجبات ،
ويوضح ّ ،
إن يل يف اهلل آم�������االً ط��وي��ل��ة
ويؤكد يف البالغ عنه ،ويؤكد يف دعوته ،ويودع أمته ،هكذا
وط���ن���ون���ا ح��س��ن��ه ف���ي���ه مج��ي��ل��ة
كان منسكه (( خذوا عني منا�سككم )) ،فال بد أن تستمر مجيع
ل��ي��س يل يف ن��ي��ل م��ا أرج���و وسيلة
املناسك يف مقاصده هو ،ما نحج كام نريد نحن ،نحج كام يريد
غ�ير ط��ه امل��ص��ط��ف��ى زي���ن ال��وج��ود
هو ،وال نقف وال نطوف ونسعى كام نريد نحن ،بل كام يريد
هاتوا ما عندكم ،هذا مما عندنا فهاتوا ما عندكم تفضلوا ..
منا هو ،حتتكم التبعية بيننا وبينه ،نكون أتباع له خالصني .
تكلموا ..تساءلوا ..ختاطبوا ..تعارفوا ..تبينوا ..تواصوا
مو�سم عظيم فيه من أهل الظاهر والباطن أصناف من أهل
وتواصلوا ..واقبلوا وقابلوا ..وتقابلوا ..
اإلستمداد
مراتب الوالية وأهل اإلرث ،البد متتلئون بحسن الظن واألدب
وتستعدون للتلقي من بني آدم واجلن واملالئكة ،وإن عرفتم
السؤال األول:
قال سيدي :تأمل حال القدوة ملا يصل األمر إىل حد إقامة حد
يس ُّبونه ..فيقول
عىل شارب مخر ،أول مرة وثاين مرة ..وبعد ُ
ال تكن عون ًا للشيطان عىل أخيك إنه حيب اهلل ورسوله ،قدوتنا ثم سأله بعض
يرصف شهادة باملحبة لواحد يقام عليه احلد مرات ِم ْن شرُ ب
الحاضرين عما
اخلمر ،ويؤدب هبذا األمة إىل يوم القيامة ،كأنه يقول حتى لو
رأيتم واحد يصل إىل إقامة احلدود عليه ،أنتم تأدبوا مع إرادة
يلي
ربكم ما تدرون ماذا يريد به ،هذا وأنا أشهد له باملحبة ،واملرء
مع من أحب ،إذا كان إىل هذا احلد وصل لنا ،إذ ًا مهام رأينا من
عيوب الناس ما تصل إىل حد إقامة احلدود عليهم ،فلعلهم من
أهل هذا الصنف ،ثم نعلم أن الذي أجرى عىل أيدهيم هذه
املظاهر املعيبة ،ماذا فرض علينا نحوهم ،وماذا أمرنا أن نظن
هبم ،وكيف أمرنا أن نعاملهم ،ثم إنه من املمكن أن يحُ ِّول حال
الواحد منهم يف حلظة ،فيصري شفيع ًا لك يف القيامة ،كل هذا
27 معامل الدعاة يف طريق حبيب اهلل معامل الدعاة يف طريق حبيب اهلل 26
السؤال الثاني :كيف يكون النظر إلى الترتيبات في ممكن ،ومع امكان كل هذا أي عذر لك يف أن حتمل ظنونك
الدعوة والموازنة بينها وبين الشؤون األخرى ؟ وأوهامك يف برت الناس ،أو قطع الناس ،أو احلكم يف اآلخرة
أو الدنيا عىل الناس ،ما أذن لك اخلالق أن تيسء الظن إال يف
فقال سيدي :حتتاج إىل ارتقاء يف الفهم ..والعلم ..والكتم ..
نفسك ،فاسئ الظن فيها ،اهلل يعيننا وإياكم ..
واألدب ..والصفة ..واإلدراك ..واملعاملة ..صحيح ترتيب
األمور ،وإقامة الوسائل واألسباب جزء من عمل الدعوة والطالب بصدق ُيعطى ،ويع ّلمه اهلل تعاىل كيف يقطع املراحل،
ليس كل عمل الدعوة ،صاحب هذه األعامل قد ينهمك فيها ، رأيت إنسان عىل معصية
اللهم أعنا ..يقول بعض العارفني إذا ُ
فيقرص يف واجب ورد ،يف واجب تذكر ،يف واجب خلق ،يف ثم حالت بيني وبينه شجرة العتقدت أنه من أولياء اهلل ،ألنه
واجب إزاحة قاطع من القواطع يف الطريق ،يف واجب طلب ربام يف تلك اللحظة أحدث توبة صادقة فتحولت هبا سيئاته إىل
أمر مهم له ،صحيح فلهذا حيتاج أصحابنا يرتبون ترتيب، حسنات ،ياهلل بالتوفيق .
بواسطة ما عندهم من إخوان وأرشطة خاصة وكتب خاصة مع أنّا نحن يف هذا املجال ننكر كل ما انكره الرشع ونزجر عنه،
وأعامل خاصة ،ويشء من شؤون اخللوة تتم بينهم ،ويتعودون بالكيفيات التي نرى أهنا تؤدي للمطلوب والنتيجة ،فال تنكر
اخللوة برهبم يف سويعات ،يف االنطراح عليه ،واالرمتاء عليه املنكر بام يؤدي إىل منكر أكرب ،وطوايانا حمفوظة عن سوء الظن،
والتذلل ،ويتباكون إن مل يبكوا . حتى وإن اقمنا احلد وزجرنا وإن هنينا وإن حذرنا ،فنحن ما
والبد نطالع سري القائمني بالدعوة قبلنا ،وتآلفهم نطالع كتبهم نستحل سوء الظن بزجرنا وال بنهينا.
يف فضائل األخوة يف اهلل ،والتعاون عىل طاعة اهلل ،والتآلف يف
اهلل والتحابب يف اهلل والتزاور يف اهلل ،ونحييها بيننا .
29 معامل الدعاة يف طريق حبيب اهلل معامل الدعاة يف طريق حبيب اهلل 28
ثم سأله بعض األخوان قال : السؤال الثالث :كيف يكون الصدق في السير والوصول
إلى المقصود؟
�سيدي يف كالمكم حدو قوي يجمع على اهلل وتتحرك له القلوب
ومعاين الداللة فيه وا�سعة وقريبة ..لكن بعد جند يف �أنف�سنا حواجز قال سيدي :يعني عليه أن ال يغيب عن الذهن والشعور أن
بيننا وبني ما حتدونا �إليه حتى يف �أب�سط الأ�شياء مثل التوقر و�ضبط املقصود هو اهلل والقرب منه ،واعلم أو ً
ال :أن كل عملٍ ما أفادك
الهيئة وال�سمت ،وما ندري ما الذي �ص ّعب علينا م�سك طرف ميكننا من بزيادة إيامن وقرب من الرمحن فام هو عىل وجهه .ثاني ًا :تأخذ
املقا�صد التي حتدونا �إليها ؟ القواعد يف احلرص عىل علم ما البد منه من األحكام وصفات
قال سيدي :املوسم هذا موسم املداواة واملعاجلة هلذه وأمثاهلا، القلوب .ثالث ًا :االنتباه من جانب األخوة والصدق يف الوالء
حيتاج منكم من ساعتكم تعاون تام عىل حتقيق ذلك ،ورشح من أجل اهلل واإليثار حتى يتم االندماج واالمتزاج واالتصال
صدور بعضكم لبعض ،وإرادتكم أن يتحقق يف إخوانكم ما مع األخوان عىل وجه تام .رابع ًا :احلرص عىل عبادات كرواتب
تصبون إليه وزيادة ،وتأخذوا األمر بجد ،احلق يقول ( :ﭑ ووتر وضحى ،وصوم يف الشهر ولو يوم أو ثالثة أيام ،وانفاق
ويقول لسيدنا موسى ( :ﭫ [مريم]12: ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ) ما تيرس ولو قل ..هذه األشياء تكون ثابتة عندك .خامس ًا:
[األعراف]145: ﭬﭭﭮﭯﭰﭱ ) يشء من األذكار واألوراد مع احلرص عىل حضور القلب ،
وبعد تتوضح لك األشياء يشء فيشء ،وتتبني لك أكثر ،وال
تط ّلبوا حتقيق هذه املعاين من ساعتكم يف املوسم ستأتيكم أشياء
يزال احلق ُيمدك ،مهام صدقت ومتسكت بأذيال الرتتيب الذي
كثرية ،كل متشبث بالطلب أو حتقيقها ستواصله نفحات يف هذه
وضعه لك ،وإرادتك رضاه ،وأن تقدم ما هو األهم عنده ،
األيام املباركات ،ونتمنى عىل اهلل أن الكل منكم يتجاوزون
ويمدك بمعونته وتفهيمه وتبيينه يشء فيشء ،وال تزال منه يف
هذا ويقطعونه يف املوسم ،نتمنى عىل اهلل ذلك ،ألنه يف كثري
مزيد .
سيقطعون هذا ،وسيتجاوزون هذه املرحلة بال خلخلة .
31 معامل الدعاة يف طريق حبيب اهلل معامل الدعاة يف طريق حبيب اهلل 30
نريد تتم منكم حسن املقاتلة هلم يف الفرتة هذه وبعدين قتال ثم قال بعض األخوان:
الكفار ما هو إال تبع .
كثري �إذا �سمعنا منكم هذا الكالم ال ت�سكن الأنف�س �إال بالإحلاح
قال بعض األخوان : عليكم ف�إذا وعدمت بوعد �أو ب�شارة يح�صل بعد ذلك برود بدل زيادة
�سيدي نريد �صحة الن�سبة بكم لأجل �إن جاهدناهم و�إن كانوا �ضعاف اله ّمة فاحلال م�شكل ولوال ف�ضل اهلل لقلنا كثري علينا م�صاحبتكم .
ما نقدر نهزمهم ،لكن �إن �أنتم جاهدتوهم ما يقوون �أمامكم . فقال سيدي :من يطلب فوق كيف ينقص عنده الشوق ،
فقال سيدي :أستغفر اهلل العظيم ما نحن .فقال األخ :قال اهلل البد يتقرر يف البواطن عظمة ما نطلب ،واآلن البد أوصاف
تعاىل حكاية عن الصادقني من املؤمنني قالوا (( :إذهب أنت صحبه أنفسهم تظهر يف األمة ،وإال ما يتم األمر ،فإذا كان
وربك فقاتال إنا معكم مقاتلون )) إن صحت املعية واألصل األمر كذلك فام أعظم املقامات ،وماذا حيتاج م ّنا ؟ أمامكم
أنت وربك .فقال سيدي :إنا معكم مقاتلون ..هم هكذا قالوا إن شاء اهلل اإلحلاح يف هذه األيام ،وجدّ ية األمر وأخذه بقوة
له صحبه األوائل ،واآلن أيض ًا حيتاج م ّنا نقول له هكذا ،نصل وصدق ،نريد الزيادة قلنا يف األيام بل يف الساعات ! البد أن
إىل حتقيق هذا ،سمعت !! وهو ما نقص منه يشء ،وال ربه ، يكون كذلك ،أما يشء من شؤون البرشية والضعف اإلنساين
وهو حارض ،وال خيوض الصادقون من أمته معركة إال وهو البد من وجوده ،ويشء من تأثري النفوس ،ثم من تأثري عيون
معهم ،اآلن نحن البد نقول له هكذا كام قال الصحابة (( ،إنا اإلنس واجلن ،ثم من تأثري حسد األنفس والدنيا والشياطني
معكام مقاتلون )) وحسن جوابه ما ينقص . ومنازعتهم حيصل ،فيجندون جنودهم ألهنم ما خيافون إال من
مثل هذا اجلهد أن يقوم يف األرض ،فهم جيتهدون عليكم ،
يكون عندنا هم بالقبول ،عند اهلل وعند رسوله ،نكون صادقني
فأنتم اجتهدوا هلل وباهلل عليهم ( ،ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ
يف هذه الكلمة نقوهلا لرسول اهلل ،واآلن إن شاء اهلل مع املوسم
[النساء]76: ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ)
يقر اهلل قبوهلا ورسوله إن شاء اهلل ،فيكون عندنا هم بالقبول
33 معامل الدعاة يف طريق حبيب اهلل معامل الدعاة يف طريق حبيب اهلل 32
مع استحضار اجلناب النبوي ،وكثرة الصالة عليه ،إذا أقمت ف��إهن��ا إن قابلت نلتم مطالب سنية
هذه القواعد وسط هذا السياج ،حصل اإلمداد من احلق تعاىل وارت��ق��ي��ت��م إىل رت��ب��ة جليلة علية
بالعناية يف تقويم كل معوج ،وإهلام الرشد فيام يأيت اإلنسان و�س�أله بع�ضهم عن بركة الوقت وكيف يعمل االن�سان يف �أوقاته
ويدع . املن�شغلة ب�ش�ؤون حياته ؟
و�س�أل بع�ضهم ما الذي ينبغي �أن يدار من كالم بني الأخوان يف فقال سيدي :إنام يكلفنا اهلل بام قدرنا عليه ،وبام تيرس لنا ،
جمال�سهم العامة واخلا�صة ؟ فنرصفه يف أهم املهامت ،ويبق رس التعلق وإرادة النفع واخلدمة
قال سيدي :يدور بينهم الكالم عن احلق وعظمته ،وآياته قائمة معنا يف خمتلف أحوالنا وأوقاتنا وأعاملنا ،يف الوقت الذي
ورسله ومعجزاته ومكانته وحمبته ،واألوامر والنواهي ،واآلخرة نتفرغ فيه ،ويف الوقت الذي نشتغل فيه بأي عمل من رضوريات
واملصري ،والرمحة باخللق ونفعهم ،هذا الذي يدور بينهم . حياتنا وغريها ،اإلرادة واهلمة والعزيمة والنية ،واحلضور مع
اهلل تكون عندنا .
ثم تكلم بع�ض الأخوان و�شكوا �أحوالهم وطلبوا احلنان والعطف
و�صالح �أحوالهم . و�س�أله بع�ضهم :كيف يتم ثبات العبد على منهج اال�ستقامة حتى
يكون يف �إمداد وترقي دائم ؟
فقال سيدي :كل ليلة ينادي هل من مستغفر فأغفر له ..من
يقول هكذا ؟ والذي حدثنا هبذا اخلرب نبيه ،ويقول أال هل من فقال سيدي :له سياج وقواعد داخل السياج ،أما سياجه العام
تائب فأتوب عليه ،ويف مثل هذه الساعة يقول ..هل من مبتىل الولع وصدق الوالء ألجل اهلل واملحبة واالنطواء .
فأعافيه ،هل من طالب حاجة فأقيض حاجته ،صدق رسول وأما قواعده داخل السياج فالتحسس من داوعي النفس
اهلل ،ما دام يقول هكذا ،فقد سعدنا هبذا الرب ،هو ربنا وهو ومراداهتا ورفضها ،يف كل ما تدعو إليه وتقويم وتقوية قاعدة
حسبنا وعليه اعتامدنا ،وأما هذا الفقري عبده فأنا أقل من أن أذكر التوكل عىل اهلل ،وتفويض األمر إليه ،واستعامل االستخارة
35 معامل الدعاة يف طريق حبيب اهلل معامل الدعاة يف طريق حبيب اهلل 34
إىل اهلل تعاىل من دون إثبات الرسالة للرسل ،فهل يتأتى اثبات فض ً
ال عن أي يشء آخر ،وإنام ما تتعلقون به أنتم فهو عبارة عن
الرسالة بدون اثبات وراثة ووالية ؟؟ ما يتأتى أيض ًا مع ذلك مظاهر تركة احلبيب ووراثه ،والصلة بالرجال والسند إىل ورثته
كله يف أمور ُك ّلفنا باالقتداء هبا ،وأمور كلفنا بالترصيح هبا ، هذا أمر .
وأمور كلفنا بإخفاءها ،وأمور كلفنا بجعلها خاصة ،وأمور
ومن هنا جيب عليكم ويلزمكم يف الطريق :أن تعلموا دعوتكم
كلفنا بجعلها عامة ،وأمور كلفنا بتقديم غريها عليها ،فالبد
للخلق بلسان الرشيعة ،من حيث وصلهم باهلل عن طريق
أن نميش عىل حسب التكليف من اهلل تعاىل ،والنفوس هلا ترسع
األوامر والنواهي ،وتعظيم احلق ورسوله واالستعداد للدار
أحيان ًا إىل تقديم غري األهم واألفضل .
اآلخرة ،فال خيرج إليهم دعوة بلسان انطوائكم يف شيخ وال
هذا من ناحية أما من ناحية من طلبتموه نحن ما نعرف أكرم انتامئكم ألهل والية ،وال طريقة من طرق الصاحلني ،هذا األمر
منه ،ومن توسلتم به وهو رسوله ما نعرف أكرم عليه منه ، ما ينبغي أن يظهر منكم يف جمامع دعوتكم ،وتوجيهاتكم للناس
فال يكون من املعقول واملعهود أن يسعد باملجلس أناس بعيدي ،نحن مطالبني من قبل احلق ببيان رشيعته للخلق ،وخماطبتهم
املسافة أنس وجن ثم يشقى أحد من جالسه ..بكرم اهلل يتحول عىل قدر عقوهلم ،وهلذا كثري من شؤون رجالنا وأسالفنا وما إىل
قوم من الشقاء إىل السعادة يف غري الدار هذا . ذلك ما نحب ذكرها يف املجالس العامة ،وال نخاطب هبا العامة،
من باب إنزال الناس منازهلم ،أحتبون أن ُيكذب اهلل ورسوله ،
عىل أي حال تفانوا يف ربكم واصدقوا معه يف كل أحوالكم،
هذا أمر ،فيجب يأخذ منا مأخذ فيصري هذا يف أصحابنا الدعاة
واعشقوا لقاءه حتى تلقوه ،ترمجوا ذلك بامتثال األوامر،
واملتعلقني ،يعرفون واجبهم يف خطاب اخللق ،ألن حقيقة األمر
واملسابقة إىل كريم األخالق والشامئل ،وكسب الفضائل،
نحن ما ندعو إىل أشخاص وال إىل مجاعة ،وإن كان حقيقة األمر
واقتالع شجر الرذائل ،ومواصلتكم حتى تواصلوا .
أن من ندعو إىل معرفتهم وحمبتهم هم أبواب اهلل تعاىل ،وهم
جود اهلل وكرمه ،هذا من غري شك ،كام ال تتأتى الدعوة مث ً
ال
37 معامل الدعاة يف طريق حبيب اهلل معامل الدعاة يف طريق حبيب اهلل 36
رشيعته ،واملنهج منهجه ،والوحي وحيه ،وما هو تاركه واآلن ف���ارمح���ا ريب وق���ويف مل أزل ب��ال��ب��اب واق��ف
إن شاء اهلل ترتكز وجهتكم وطلبكم وحرضة احلق يالحظ ف������أدم ريب ع��ك��ويف وب��وادي الفضل عاكف
الطلب وهو حيب امللحني ...
ف��ه��و خ�ل�ي وحليفي وحل��س��ن ال��ظ��ن أالزم
داوموا عىل الطلب يف هذه األيام واملوسم ،وابرشوا باهلل تعاىل ط����ول ل��ي�لي وهن����اري وأن����ي��س�ي وج��ل��ي�سي
وبرسوله ورجال سندنا األكرمني ..وما مجعكم ليخيبكم ..
فاقضها ي��اخ�ير قايض حاجة يف النفس يارب
ونحن ندخل إن شاء اهلل يف بركتكم ..
م��ن ل��ظ��اه��ا وال��ش��واظ وقلبي رسي وأرح
وأصناف املتوجهني يف الساعة هذه منهم عدد ما شاء اهلل ما
وإذا م��ا ك��ن��ت رايض وح���ب���ور رسور يف
هم قليل ،ويف املوسم املقبل أعداد من أصناف اخللق كثرية ،
ونحن إن شاء اهلل ندخل يف بركتكم وبركتهم ،وال نخرج إال وش���ع���اري ودث����اري ف��اهل��ن��ا وال��ب��س��ط ح��ايل
بعطاء من اهلل عظيم ،واملقصود املعطي ال العطاء ،واملقصود ي��ا بختنا بالنبي ي��ا بختنا بالرسول
املحسن ال اإلحسان ،واملقصود الوهاب ال املواهب ،هكذا، ذخ��ري وفخري وبامحل عليه احلمول
ولغري اهلل ما قصدوا ،ومقصدهم الرمحن يف القول والفعل ، إن قلت املجلس يف جدة صدقت ،وإن قلت املجلس يف املدينة
اهلل سبحانه ،يا فوزهم برهبم والنبي حممد ،ونحن نقاسمهم إن صدقت من وجه آخر ،واحلقيقة إال (كانوا معكم حب�سهم العذر)
شاء اهلل ونشاركهم ،كانوا يرمحون حتى من ذكرهم وهو حمب وامثال هكذا ..ويقول سيدنا أبوبكر تركت هلم اهلل ورسوله.
يدخلونه معهم ،هم القوم ال يشقى جليسهم هبم .
عىل كل حال أنا ما أنا يشء ،وال عندي يشء ،وال يل يشء ،
وال أنا حق يشء ،وال أصلح ليشء ،لكن له حق أن يصلح ....
الدعوة أصلها دعوة واحد أسمه حممد واألمة أمته ،والرشيعة
39 معامل الدعاة يف طريق حبيب اهلل معامل الدعاة يف طريق حبيب اهلل 38
..وبجميع أحوالنا ،ويرسه بأوالدنا وأهلنا ،ويرسه بام يعطي ثم �أن�شد �أحد الأخوان من كالم �سيدي :
وهيب يف زماننا .اللهم أرسه بكل ذلك وزد ،بجاهه عندك ،
يرعاين املصطفى يف كل حني وحال ...
وبمحبتك له وحمبته لك .
ثم �أن�شد غريه ل�سيدي :
اللهم صل وسلم عىل سيدنا حممد أول متلق لفيضك األول ،
ريب قبل انقضا العمر انظر أوجه النور
وأكرم حبيب تفضلت عليه فتفضل ،وعىل آله وصحبه وتابعيه
يف كثري من األصحاب من كل مشكور
وحزبه ما دام تلقيه منك وترقيه إليك ،وإقبالك عليه وإقباله
قال سيدي آمني ياهلل آمني ،وزيادة من حرضتك وعناية منك
عليك صالة نشهدك هبا من مرآته ونصل هبا إىل حرضتك من
يا جميد ،ورعاية من حبيبك احلميد ،ومن أهل حقيقة التوحيد،
حرضة ذاته ،قائمني لك وله باألدب الوافر مغمورين منك ومنه
اقبلنا عىل ما فينا ياهلل ،وأقبل بوجهك الكريم علينا ياهلل ،ما
باملدد الباطن والظاهر .
أسعد صباح من يصبح وأنت مقبل عليه ،ما أطيب عيش من
اللهم صل وسلم عليه وعىل آله وأصحابه وأهل حرضة اقرتابه يعيش وأنت مقبل عليه ،ما أحسن خامتة من يموت وأنت مقبل
من أحبابه . عليه ،ما أمجل حال من يرد قربه وأنت مقبل عليه ،ما أعظم سنا
اللهم صل وسلم يف كل حلظة أبد ًا عىل حبيبك املصطفى ونبيك من حيرش وأنت مقبل عليه ،ما أعجب حال من يسعد ساعة
املجتبى وشفيعك املختار وحبيبك املنتقى سيد أهل األرض املقابلة بمالحظتك العلية .
وسيد أهل السامء سيدنا وموالنا حممد وعىل آله وصبحه مأل
رب ال ط��ف��ن��ا ب���ج���اه امل��ص��ط��ف��ى
امليزان ومنتهى العلم وعدد النعم وزنة العرش ،كل صالة وأس���ق���ن���ا ال��غ��ي��ث ف���إن���ا ضعفا
من تلك تفتح لنا باب مواصالتك ومواصالته ،وتسعدنا هبا سبحان من أرسله إليكم ،احلمد هلل يوم واسطتكم ُ
عظمت
بعطياتك وعطياته ،وعناياتك وعناياته ،نزداد هبا يف كل ملحة
رمحته ..تبسمه عني رضا اهلل تعاىل ،اهلل يرسه بنا إن شاء اهلل
41 معامل الدعاة يف طريق حبيب اهلل معامل الدعاة يف طريق حبيب اهلل 40
مزق حجابنا بيننا وبني حبيبك حممد ،مزق بيننا وبني حبيبك
ونفس قرب ًا منك ودنو ًا إليك ورض ًا منك ورض ًا عنك ،وقبو ً
ال
حممد كل حجاب ،وافتح به يف اخلري كل باب ،وارفعنا
ال لك ،وخضوع ًا بني يديك بمحض ال عليك ،وتذل ًمنك وإقبا ً
إىل أعىل مراتب االقرتاب يا كريم يا وهاب .الفاحتة إىل
حرضته الرشيفة وورثته أئمتنا ومشائخنا يف الدين وأصوهلم فضلك .
وفروعهم ،وقطب زماننا وأهل احلل والعقد ومجيع عباد اهلل نسألك به وبوجاهته عندك ال تسلط عىل أمته الفجار والكفار
الصاحلني ،وإىل أرواح والدينا وذوي احلقوق علينا خاصة واألرشار ،ازح عنهم مجيع املضار والرشور واألرشار ،عجل
وأرواحنا معهم وفيهم وأرواح املؤمنني إىل يوم الدين عامة بإغاثة امللهوف منهم واملكروب واملهضوم واملؤذا بغري حق ..
.الفاحتة . ياهلل تدارك أمة حبيبك ..إنا نسرتمحك هلم فارمحهم ،نستعطفك
هلم فاعطف عليهم ،نستنرصك هلم فانرصهم ،ما ألمة حبيبك
غريك ،وإن كثرت ذنوبنا وازدادت عيوبنا ،لكن لك رمحة ولك
جود فنسألك ونستغيثك فأغثنا ،فأغثتنا يا مغيث يا من أنزلت
[األنفال]9: علينا (ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ )