You are on page 1of 15

‫يعتبر الرشاد النفسي من الموضوعات التربوية الحيوية و التي تمس جوهر العملية‬

‫التربوية‪ ،‬من خلل وضع اليد على المعيقات النفسية و الجتماعية و التي تعيق تحصيل‬
‫الطالب الكاديمي و تخريجه من المدرسة بشكل يعود بالفائدة على أسرته و مجتمعه و‬
‫هناك نظريات كثيرة تناولت جانب النسان النفسي و من بين هذه النظريات نظرية‬
‫التحليل النفسي ‪Psychoanalysis theory‬ة و ‪ ،‬و التي وضع العالم النمساوي سيجماند‬
‫فرويد قواعدها الساسية ‪.‬‬
‫الرضية العائلية لفرويد هي العامل الساسي لفهم نظريته ‪ ،‬فقد ولد في النمسا لعائلة‬
‫مكونة من ثلثة أولد و خمس بنات ‪ ،‬و كان والده أبا ً متسلطا ً ‪ ،‬عاشت عائلته في شقة‬
‫ضيقة ‪ ،‬و بسبب إرثه اليهودي عانت عائلته بسبب ظاهرة اللسامية التي كانت منشرة‬
‫في أورويا في تلك الفترة ‪ ،‬اهتم والده في تعليمه و قد تخرح من كلية الطب و عمل‬
‫كز فرويد في جزء كبير من حياته من أجل تطوير‬ ‫محاضرا ً في جامعة فيينا ‪ .‬و قد ر ّ‬
‫نطريته في التحليل النفسي ‪.‬‬
‫كانت المرحلة الكثر إبداعا ً تلك التي عانى قيها من اضطرابات نفسية عندما كان في‬
‫بداية الربعينات من عمره حيث عانى من اضطرابات جسدية نفسية ‪Psychosomatic‬‬
‫‪ Disorders‬بسبب الخوف من الموت ‪ ،‬في تلك الفترة كان منغمسا ً في مهمة صعبة و‬
‫هي تحليل الذات ‪ ،‬و بتفسير أحلمه اكتشف القوى المحركة في تطور الشخصية ‪ ،‬ففي‬
‫البداية اختبر ذكريات طفولته ليدرك العداء الذي شعر به تجاه والده المتسلط ‪ ،‬كما‬
‫ً‬
‫استدعى المشاعر الجنسية لوالدته الجذابة و الجميلة ؛ ليشكل نظريته الجديدة إكلينيكيا ‪.‬‬
‫)‪(1‬‬
‫و بطرح نظرية التحليل النفسي وضع فرويد نفسه في خانة المبدعين ‪ ،‬فقد أبدع‬
‫باكتشاف تقنيات جدبدة لفهم السلوك النساني ‪ ،‬و قد أنتجت جهوده النظرية الكثر‬
‫شمول ً للشخصية و للعلج عن طريق التحليل النفسي ‪ .‬و في خريف عام ‪ 1886‬استقر‬
‫به المر في فيينا كطبيب أخصائي في المراض النفسية ‪ ،‬و قد استخدم في ذلك الوقت‬
‫العلج الكهربائي و التنويم المغناطيسي ‪ ،‬و في عام ‪ 1891‬ظهرت أول بحوث فرويد عن‬
‫الشلل الدماغي ‪ ،‬و شاركه في ذلك العالم أوسكار و قد تأثر فرويد بعلم الطبيعة و‬
‫الديناميات ‪ ،‬و بفضل مجهوداته فقد اكتشف أّنه من الممكن تطبيق الديناميات‬
‫شخصية النسان ‪ ،‬و عندها بدأ يرسي دعائم علم النفس الدينامي و الذي يدرس تحولت‬
‫الطاقة و تغييراتها المتبادلة في صميم الشخصية ‪ ،‬و قد كان "هذا العمل من أعظم‬
‫إنجازات فرويد وهو الحدث الجوهري في علم النفس" )‪ . (1‬و في عام ‪ 1900‬م أصدر‬
‫م أصدر عددا ً من الكتب الممتازة في فترة قصيرة‬ ‫فرويد كتابه الشهير "تفسير الحلم" ث ّ‬
‫ن‬
‫منها "علم النفس المرضي في الحياة اليومية" و فيه يعرض الرأي الجديد القائل بأ ّ‬
‫لت اللسان و الغلط ترجع إلى بواعث ل شعورية" )‪ ، (2‬و توفي فرويد في لندن سنه‬ ‫"ز ّ‬
‫‪ 1939‬بعد عمر زاخر بالعطاء العلمي‪.‬‬
‫وفي هذه الورقة البحثية سنسلط الضوء على نظرية التحليل النفسي من خلل المحاور‬
‫التالية‪:‬‬
‫‪ -1‬فلسفة التحليل النفسي‪.‬‬
‫‪ -2‬المفاهيم الساسية في نظرية التحليل النفسي‪.‬‬
‫)‪ (2-1‬منظور الطبيعة النسانية‪.‬‬
‫)‪ (2-2‬تركيبة الشخصية ‪.‬‬
‫)‪ (2-3‬الشعور و اللشعور ‪.‬‬
‫)‪ (2-4‬القلق ‪.‬‬
‫‪ -3‬مراحل النمو تطور الشخصية ‪. Development of Personality‬‬
‫‪ -4‬النظرية التحليلية و دورها في الرشاد‪.‬‬
‫‪ -5‬الساليب العلجية في النظرية التحليلية‪.‬‬
‫‪ -6‬نقد النظرية التحليلية‬
‫‪ -7‬تطبيق العلج عن طريق التحليل النفسي ‪ :‬حالة ستان ‪.‬‬
‫)‪ (2)(1‬الخواجا عبد الفتاح محمد سعيد ‪ ،‬الرشاد النفسي و التربوي بين النظرية و‬
‫مان ‪ ،‬الدار العلمية‬
‫التطبيق ‪ :‬مسؤليات و واجبات المرشدين دليل الباء و المرشدين ‪ ،‬ع ّ‬
‫للنشر و التوزيع ‪ ، 2002 ،‬ص ‪42‬‬
‫‪ -1‬فلسفة التحليل النفسي‪:‬‬
‫استمرت رؤى فرويد بالتأثير على التطبيقات المعاصرة في العلج النفسي ‪ ،‬و ل زالت‬
‫الكثير من مفاهيمه الساسية تشكل الساس الذي بنيت عليه الكثير من النظريات ‪ ،‬كما‬
‫أن الكثيرمن نظريات الرشاد و العلج النفسي و التي سنتطرق إليها في المخاضرات‬
‫القادمة تأثرت بآراء نظرية التحليل النفسي ‪ ،‬إن نظام فرويد في العلج النفسي هو‬
‫نموذج لـ تطور الشخصية و فلسفة الطبيعة البشرية ‪ ،‬و منهج للعلج النفسي ‪ ،‬فقد‬
‫أعطى فرويد التحليل النفسي أفقا ً جديدا ً للعلج النفسي ‪.‬‬
‫"سّلط فرويد الضوء على العوامل النفسية المحركة ‪ PsychodynamicFactors‬و التي‬
‫كز على دور اللشعور ‪ ،‬و طور أول إجراءات في العلج‬ ‫فز السلوك ‪ ،‬كما أّنه أيضا ً ر ّ‬ ‫تح ّ‬
‫النفسي من أجل فهم و تعديل التركيبة الساسية لشخصية الفرد" )‪ . (1‬إن نظرية فرويد‬
‫) التحليل النفسي تنظر إلى النسان على أّنه "شهواني و عدواني و مع ذلك فهذه‬
‫النظرية هامة جدا ً لي عملية إرشاد نفسي ‪ ،‬و التي تتضمن إجراءات من عملية التحليل‬
‫النفسي مثل التداعي الحر و التنفس النفعالي ‪.‬‬
‫ن التحليل النفسي هو إجراء قائم بذاته و مستقل بنوعه يقوم على أساس‬ ‫يوضح فرويد أ ّ‬
‫التسليم بنظرية العقل الباطن و التي تفترض تقسيم الحياة العقلية إلى الشعور و‬
‫ن تفكيرنا الظاهر و تصرفاتنا الشعورية ما هي إل ّ نتيجة للعمليات‬ ‫اللشعور ‪ ،‬و إ ّ‬
‫اللشعورية و التي تحدث في العقل الباطن ‪ ،‬و تكون مستقلة عن إرادتنا ‪ ،‬و يمكن‬
‫التدليل على وجوده بظواهر التنويم المغناطيسي و الحلم ‪ ،‬و يمكن أن يعّرف التحليل‬
‫النفسي بأّنه ‪ " :‬فن دراسة العقل الباطن ‪ ،‬و التي تقوم على أسلوب فني خاص يسمى‬
‫أسلوب التداعي الحر لسبر غور أعماق اللشعور و كشف ما يحتويه من غرائز و ميول‬
‫فطرية أو نزعات أو شهوات مكبوته يجهلها الفرد و لكّنها ذات أثر فّعال في حياته‬
‫الشعورية"‪)2) .‬‬

‫‪ -2‬المفاهيم الساسية في نظرية التحليل النفسي ‪:‬‬


‫يمكن تلخيص المبادئ الساسية التالية في التحليل النفسي‪":‬‬
‫‪ -1‬منهج التحليل النفسي ‪ :‬يقوم على أساس استعادة حقيقية للحداث القديمة عند الفرد‬
‫‪ ،‬و ذلك لخراج ما في اللشعور إلى الشعور ‪.‬‬
‫‪ -2‬الغريزة الجنسية ‪ :‬تلعب دورا ً بالغ الهمية في نشأة الشخصية و بنائها و كذلك لها دور‬
‫بالنسبة للمراض النفسّية و العقلّية ‪.‬‬
‫‪ -3‬السنوات الخمس الولى من عمر النسان‪ :‬فهذه السنوات الولى لها دور هام في بناء‬
‫الشخصية سواء كانت تتجه نحو أن تكوت شخصية سوّية ‪ ،‬أو تتجه نحو المرض النفسي ‪.‬‬
‫‪ -4‬توجد حياة نفسّية ‪ :‬و هي اللشعور ‪ ،‬و ما قبل الشعور ‪ ،‬و منطقة الشعور ‪ ،‬و بالنسبة‬
‫لت الّلسان ‪.‬‬ ‫للشعور فيتم الكشف عنه من خلل الحلم و ز ّ‬
‫جيه ثم القضيبّية ثم الكمون و‬ ‫مية ثم الشر ّ‬ ‫‪ -5‬نمو النسان يمر بمراحل خمسة و هي ‪ :‬الف ّ‬
‫أخيرا ً التناسلية ‪ ،‬ويمكن تفسير شخصية النسان الراشد تبعا للمرحلة النفسّية التي حدث‬
‫ً‬
‫فيها "تثبيت" ‪.‬‬
‫ونات الشخصية هي ‪ :‬النا و الهو و النا العلى ‪ ،‬و يتوقف مدى تحقيق الصحة‬ ‫‪ -6‬مك ّ‬
‫النفسية على كفاءة الوظيفة التوفيقية للنا ‪.‬‬
‫‪ -7‬يعتمد التحليل النفسي كطريقة للعلج على التداعي الحر من قبل المريض و تفسير‬
‫الحلم من قبل المعالج و كذلك تنفيس الضطرابالذي يهييء تعبيرا ً أو مصرفا ً للنفعال‬
‫المكبوت ‪.‬‬
‫م كبيتها ‪ ،‬و العلل و الرغبات‬ ‫ّ‬ ‫ت‬ ‫التي‬ ‫و‬ ‫بأنواعها‬ ‫الرغباب‬ ‫إلى‬ ‫ترجع‬ ‫العصابية‪:‬‬ ‫المراض‬ ‫‪-8‬‬
‫ث عنها في الماضي‬ ‫ح ْ‬ ‫التي يجب أن ي ُب ْ َ‬
‫‪ -9‬يعتمد التحليل النفسي على عملية التحويل‪ :‬عند المريض سواء كانت إيجابية أم سلبية‬
‫و يقوم المعالج بتفسير هذا التحويل ‪(1) ".‬‬
‫)‪ ، (1‬ص ‪45‬‬
‫)‪ (2-1‬منظور الطبيعة النسانية ‪:View of Human Nature‬‬
‫م‬
‫ن النسان غير مخّير ‪ ، Deterministic‬ث ّ‬ ‫ن وجهة نظر فرويد في الطبيعة النسانية هي أ ّ‬ ‫إ ّ‬
‫ن السلوك النساني محكوم بقوى و دوافع ل شعورية و‬ ‫ّ‬ ‫إ‬ ‫و‬ ‫‪،‬‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫شرير‬ ‫أو‬ ‫ً‬ ‫ا‬ ‫ير‬‫ّ‬ ‫خ‬ ‫ليس‬ ‫ً‬ ‫ا‬‫أيض‬ ‫نه‬
‫أّ‬
‫بيولوجية و غريزية جنسية خلل السنوات الولى من حياة النسان ‪ .‬كما اعتبر فرويد‬
‫الغرائز "الدوافع البيولوجية" أمور أساسية في نظريته ‪ ،‬و قد عّرف الغرائز ‪Instincts‬‬
‫ض وجودها وجودها وراء جميع التوترات و حاجات النسان ‪ ،‬و‬ ‫فَتر ْ‬ ‫بأّنها‪" :‬عبارة عن قوة ي ُ ْ‬
‫م إّنها هي التي تحقق الشباع و تخدم البقاء‬ ‫تهدف الغرائز إلى القضاء على التوتر ‪ ،‬ث ّ‬
‫للنسان و العنصر البشري" )‪ . (1‬إن فلسفة فرويد عن الغرائز تعكس توجهه البيولوجي ‪،‬‬
‫ض وجودها وراء التوترات‬ ‫فت ََر ْ‬
‫و الغرائز عبارة عن تركيب رمزي غير مشاهد‪ ،‬أو قوة ي ُ ْ‬
‫صلة في حاجات الكائن العضوي الحي ‪ ،‬و تمّثل مطالب الجسم من الحياة النفسية ‪.‬‬ ‫المتأ ّ‬
‫الطاقة النفسية ل تختلف عن الطاقة البدنية و كل منهما يمكن تحويله إلى الخر ‪،‬‬
‫ول في الطاقة البدنية إلى طاقة‬ ‫فالغرائز تنطوي على طاقة نفسية تعّبرعن انتقال و تح ّ‬
‫نفسية ‪ ،‬و الغرائز تثير السلوك و توجهه ‪ ،‬و هدف السلوك هو إشباع الحاجات ‪ ،‬و الهدف‬
‫جه‬‫الذي يحقق إشباع الحاجات مرتبط بالغرائز ‪ ،‬و الحاجات تسبب التوتر‪ ،‬و السلوك مو ّ‬
‫نحو تخفيف التوتر‪ ،‬و التوتر أمر غير لذيذ و تخففه أمر لذيذ ‪ ،‬و هذا التصور للحاجات هو‬
‫مبدأ اللذة و هو محاولة إبقاء التوتر في أقل درجاته‪.‬‬
‫ن هدفها العودة بالشخص إلى الحالة السابقة و‬ ‫يمكن القول بأن الغريزة محافظة ل ّ‬
‫تحقيق الشباع ‪ ،‬و ُيقال بأّنها متقّلصة متكّررة لّنها تعاود الفرد باستمرار ‪ ،‬و يوجد لكل‬
‫دها بالطاقة الضرورية و هي حالة من التوتر )التهّيج( داخل الجسم ‪،‬‬ ‫غريزة مصدر يم ّ‬
‫فالغريزة لها موضوع و هو ما تتجه إليه لتحقيق الشباع أو توصل إليه‪ .‬و لها هدف و هو‬
‫القضاء على التوتر بتحقيق الشباع والوصول إلى اللذة ‪ ،‬فمثل ً موضوع غريزة الجوع هو‬
‫ما بالنسبة لمكان و مستودع هذه‬ ‫تناول الطعام ‪ ،‬و موضوع الغريزة الجنسية هو الجماع ‪ ،‬أ ّ‬
‫الغرائز فهو "الهو" ‪Id‬‬
‫ً‬
‫الحاجات البدنية )الدوافع( هي المصادر الرئيسية للطاقة الغريزية فمثل الحالة الماّدية‬
‫جه هذه الطاقة الغريزية‬ ‫م تو ّ‬
‫شط غريزة الجوع و ذلك بتزويدها بالطاقة و من ث ّ‬ ‫للجوع تن ّ‬
‫سية الخاصة بالدراك و التذكر ‪ ،‬فيقوم النسان بالبحث عن الطعام ‪ ،‬و‬ ‫العمليات النف ّ‬
‫م فإّنه يخطط من أجل الحصول عليه‪.‬‬ ‫يحاول أن يتذكر مكانه ‪ ،‬و من ث ّ‬
‫سم فرويد الغرائز إلى مجموعتين رئيسيتين و هما )‪:(1‬‬ ‫ق ّ‬
‫‪ -1‬مجموعة إيروس ‪ : Eros‬و معناها الحب أو إثارة المشاعر الجنسية أو غريزة الحياة ‪ ،‬و‬
‫التي تهدف إلى حفظ الذات و تحقيق البقاء و حب الحياة و الزواج و حب الولد و الحب‬
‫الجنسي و طاقة هذه الغريزة تسمى الليبيدو ‪ ، LIBIDO‬الذي استتخدمه فرويد في البداية‬
‫ن‬
‫ليشير إلى الطاقة الجنسية ‪ ،‬فقد اعتقد أن الطاقة أو الدافعية النسانية هي الجنس و أ ّ‬
‫دل هذا المفهوم ليشمل الطقاة القادمة‬ ‫الفراد مدفوعين للحصول على المتعة ‪ ،‬و لكنه ع ّ‬
‫من كل غرائز الحياة ‪ ،‬فكل هذه الغرائز تخدم هدف البقاء للفرد و و للجنس البشري ‪ ،‬و‬
‫هي موجهة فطريا ً نحو النمو و التطور و البداع ‪ ،‬و بالتالي فإن الليبيدو هو مصدر الدافعية‬
‫ن فرويد‬ ‫و الذي يتضمن كل أنواع الطاقة بما فيها الطاقة الجنسية ‪ ،‬تجدر الشارة إلى أ ّ‬
‫ن هدف الحياة القوى‬ ‫كل سلوكات المتعة في مفهوم غرائز الحياة ‪ ،‬و تتلخص رؤيته في أ ّ‬
‫هو الحصول على اللذة و تجنب اللم ‪.‬‬
‫‪ -2‬مجموعة ثاناتوس ‪ : Thanatos‬و معناها غريزة الموت ‪ ،‬و تهدف هذه الغريزة إلى‬
‫معارضة مجموعة الحياة ‪ ،‬و تدفع هذه الغريزة إلى التدمير و العدوان و الحرب ‪ ،‬وتوجه‬
‫ن النسان من خلل‬ ‫ي إلى حالتة الماضية غير العضوية‪ .‬و يقرر فرويد بأ ّ‬ ‫كل ما هو ح ّ‬
‫تصرفاته اللشعورية يظهر أمنية ل شعورية للموت و إيذاء نفسه و الخرين ‪ ،‬و من وجهة‬
‫النظر الفرويدية فإن دوافع العدوان و الجنس عبارة عن محددات قوية جدا ً للجابة على‬
‫السؤال الجدلي لماذا يتصرف النسان هكذا أو بتلك الطريقة‪.‬‬
‫‪ -‬السلوك النساني في ضوء هاتين المجموعتين من الغرائز‪(1) :‬‬
‫أشار فرويد إلى أن السلوك النساني يحدث نتيجة لنوعين من المؤثرات و هما‪:‬‬
‫‪ -1‬الحوادث الظرفية البيئية ‪.‬‬
‫‪ -2‬الدوافع الغريزية‪.‬‬
‫و الدوافع الغريزية هي أسباب للعديد من تصرفاتنا و مسلكياتنا ‪ ،‬و حالة عدم التزان‬
‫)التوتر( يمكن التخلص منها بإحدى الطرق التالية‪:‬‬
‫‪ Ø‬الطريقة الولية ‪ :‬و تعتمد على مبدأ التزان الجسماني ؛ و ذلك من خلل البحث عن‬
‫اللذة و تحقيق الشباع الفوري‪.‬‬
‫ن هذه الطريقة‬ ‫‪ Ø‬الطريقة الثانوية‪ :‬يتم من خللها خفض التوتر بالطرق العقلنية ‪ ،‬أي أ ّ‬
‫تتضمن تحكم النسان بالنشطة و السلوك من خلل العتماد على مبدأ الواقع‬
‫و ل تعتبر جميع الستجابات وسائل مباشرة لخفض التوتر فبعض الستجابات تزيد من‬
‫ن الغرائز هي مصدر الطاقة في‬ ‫ما سبق بأ ّ‬ ‫التوتر كالستجابات الحسّية ‪ .‬و يتضح م ّ‬
‫السلوك ‪ ،‬و الغرائز هي التي تنظم دينامبات الشخصية ‪.‬‬
‫كل مزيجا ً من الغريزتين الحياة و الموت ‪ ،‬و هناك صراعا بين‬
‫ً‬ ‫إذا ً فالسلوك النساني يش ّ‬
‫دوافع الحياة أي غريزة الحياة ‪ ،‬و دوافع الموت أي غريزة الموت ‪ ،‬و يقّرر فرويد بأّنه‬
‫ليس قدرا ً على النسان أن يكون ضحّية للعدوان أو الدمار الذاتي ‪ ،‬ففي كتاب الحضارة و‬
‫ن التحدي الكبر الذي يواجه الجنس‬ ‫إحباطاتها عام ‪ 1930‬يعطي فرويد بأن النطباع بأ ّ‬
‫البشري هو كيفة التحكم و ضبط دوافع العدوان ‪ ،‬فعدم الراحة والقلق الذي يعاني منه‬
‫ن العنصر البشري يمكن أن يزول ‪.‬‬ ‫البشر يرتبط حسب رأي فرويد بعرفة الناس بأ ّ‬
‫ن الصراع بين غريزتي الحياة و الموت هو صراع بين الحب و الكراهية ‪،‬‬ ‫يعتبر فرويد بأ ّ‬
‫فعندما تأتي الكراهية مشحونة بالغضب تكون عندها دوافع العدوان قوّية ‪ ،‬و غالبا ً تعمل‬
‫الغريزتان معا ً كما هو الحال في عملية الكل التي تحافظ على الحياة ‪ ،‬فتتضمن عملية‬
‫الكل أشكال ً عدوانية مثل المضغ والعض ‪ ،‬كما هو الحال عند الجنود الذين يعبرون عن‬
‫ما اللعاب الرياضية فتمّثل حلول و مخارج أكثر قبول ً‬ ‫عدوانيتهم من خلل القتال ‪ ،‬أ ّ‬
‫ة بأشكال تعبيرية ‪،‬‬ ‫للعدوان الجسدي ممّثل ً‬
‫و غالبا ً ما تعبرعنها دوافع الليبيدو و العدوان بدون وعي من الفرد ‪ .‬و يؤكد فرويدعلى أ ّ‬
‫ن‬ ‫ّ‬
‫السلوك النساني هو عبارة عن مريج متوافق أو متعارض من الغريزتين المتضادتين‬
‫الحياة و والموت ‪ ،‬و أي خلل فيهما يؤدي إلى ضطراب في الشخصية‪.‬‬
‫)‪ (2-2‬تركيبة الشخصية ‪(Structure of Personality : (1‬‬
‫تبعا ً لرؤية التحليل النفسي تتكون الشخصية من ثلثة أنظمة و هي الهو‬
‫‪ ، ID‬و النا ‪ ، Ego‬و النا العلى ‪ ، Superego‬و هي عبارة عن عمليات نفسية‬
‫يجب أن ل نفكر بها كأجهزة تعمل منفصلة عن بعضها البعض ‪ .‬فالهو يمّثل‬
‫العنصر البيولوجي ‪ ،‬و النا العنصر النفسي ‪ ،‬النا العلى العنصر الخلقي‬
‫الجتماعي ‪ .‬ومن وجهة نظر فرويد يمثل الناس أنظمة طاقة حيث تتكون‬
‫عناصر الشخصية من الطرق التي توّزع بها الطاقة إلى الهو و النا و النا‬
‫العلى ‪.‬‬
‫‪ -1‬الهو ‪ ID‬يقابل اللشعور‪ :‬هو النظام الساسي في الشخصية ‪ ،‬و عند‬
‫و‬
‫الولدة فالنسان هو عبارة عن "هو"‪ At birth a person is all id‬و الدّ أو اله ّ‬
‫هو عبارة عن النظام الساسي للطاقة النفسية و مستودع للغرائز ‪ ،‬ينقصه‬
‫مثاْر دائما ً و‬ ‫التنظيم و يتميز بالعمى ‪ ،‬و هو مّلح و متطلب ‪ ،‬و ل ّ‬
‫ن الدّ ُ‬
‫يسعى للثارة فهو ل يستطيع تحمل التوتر ‪ ،‬فيعمل على تصريفه و العودة‬
‫ذة الذي‬ ‫بالعضوية ‪ Homeostatic‬إلى حالة من التوازن ‪ .‬فالدّ يحكمه مبدأ الل ّ‬
‫يهدف إلى التقليل من اللم و إزالته و التخلص من التوتر و الحصول على‬
‫و أو الدّ غير منطقي و غير أخلقي يحّركه اعتبار واحد هو‬ ‫المتعة ‪ ،‬و اله ّ‬
‫ذة ‪ .‬و هنا تجدر‬ ‫إشباع الحاجات الغريزية بما يتماشى مع مبدأ المتعة و الل ّ‬
‫الشارة إلى أن الدّ هو الجانب المدّلل في الشخصية ‪ ،‬فهى ل يفكر بل‬
‫ّ‬
‫يتمنى و يتصرف ‪ ،‬فهو بعيد عن الوعي و تتم معظم نشاطاته في اللشعور‬
‫و التي لها تأثير قوي جدا ً على الفرد‬
‫‪ -2‬النا ‪ Ego‬و الذي يقابل الشعور ‪ :‬للنا أو )اليغو( اتصال مباشر مع العالم‬
‫كم و ينظم و يسيطر على‬ ‫الخارجي فهو الجزء التنفيذي الذي الذي يتح ّ‬
‫الشخصية ‪ ،‬و كالشارة الضوئية فهو يتوسط بين الغرائز و البيئة المحيطة ‪،‬‬
‫فهو يتحكم بالشعور و يمارس الرقابة ‪ ،‬تتحكم به المبادئ الواقعية ‪ ،‬فهو‬
‫يقوم بالتفكير المنطقي و الواقعي ‪ ،‬و يعمل اليغو على إعداد خطط‬
‫و ؟ فالنا هو‬ ‫العمل من إشباع الحاجات ‪ .‬و الن ما هي علقة النا باله ّ‬
‫مستودع الذكاء و الواقعية ‪ ،‬يفحص و يسيطر على الدوافع )النبضات (‬
‫و يعرف فقط الواقعية الذاتية‬ ‫و ‪ ،‬بينما اله ّ‬
‫العمياء ‪ Blind Impulses‬لله ّ‬
‫)الغرائزية( المجردة ‪ ،‬و النا يمّيز بين الصور العقلية و الشياء في العالم‬
‫الخارجي ‪.‬‬
‫‪ -3‬النا العلى ‪ : Superego‬يمّثل السلطة القضائية بالنسبة للشخصية و‬
‫يتضمنشيفرة الشخص الخلقية ‪ ،‬فهو عبارة عن نظام يصدر الحكم حول ما‬
‫إذا كان التصرف جيدا ً أو سيئا ً ‪ ،‬أي أّنه يمّثل الجانب المثالي ل الجانب‬
‫ذة و المتعة بقدر سعيه إلى الكمال ‪ ،‬كما أّنه‬ ‫الواقعي ‪ ،‬و ل يسعى إلى الل ّ‬
‫ت‬ ‫َ‬
‫قل ْ‬ ‫يمثل القيم الخلقية التقليدية ‪ ،‬و مثاليات المجتمع النساني كما ن ُ ِ‬
‫ن‬‫إليه من والدية في طفولته المبكرة من خلل المكافآت و العقوبات ‪ .‬إ ّ‬
‫ة الجنسية منها و‬ ‫و خاص ً‬ ‫وظيفة النا العلى الساسية هي كبح اندفاعات اله ّ‬
‫العدوانية‪ ،‬و إقناع النا بأن يستبدل أهدافه الواقعية بأخر مثالية أخلقية و‬
‫السعي دوما ً نحو الكمال‪.‬‬
‫)‪ (2-3‬الشعور و اللشعور ‪(Consciousness & Unconscious : (1‬‬
‫تعتبر إسهامات فرويد في مفاهيمه حول اللشعور و مستويات الشعور‬
‫التي تشكل الساس لفهم السلوك و مشكلت الشخصية من أعظم ما‬
‫توصل إليه‪.‬‬
‫‪ -1‬الشعور‪ :‬هو منطقة الوعي الكامل و التصال بالعالم الداخلي و‬
‫الخارجي ‪ ،‬فيرى فرويد أن الشعور عبارة عن شريحة صغيرة جدا ً من العقل‬
‫ن الجزء الكبر منه يوجد تحت سطح الوعي ‪ ،‬فهو يمثل الجزء‬ ‫البشري ‪ ،‬و أ ّ‬
‫العلى لقمة ا لجبل الجليدي داخل محيط من الماء ‪ ،‬و بمعنى آخر هو‬
‫منطقة الوعي ا لكامل و التصال بالعالم الخارجي و الجزء السطحي من‬
‫الجهازالتنفسي ‪ ،‬فالوعي الشعوري جزء صغير جدا ً من حياة الفرد‬
‫العقلية ‪ ،‬فالفرد يشعر بالبرد و الدفئ و يعي وجود المكتب و الحاسوب‪.‬‬
‫‪ -2‬ما قبل الشعور ‪ :‬و يتضمن ما قبل الشعور ذكريات الحداث و التجارب‬
‫دم به الفرد ‪ ،‬فما قبل‬ ‫التي يمكن تذكرها بجهد قليل مثل امتحان سابق تق ّ‬
‫ون جسرا ً من العقل المدرك الواعي ‪ ،‬أي أّنه يحتوي على ما هو‬ ‫الشعور يك ّ‬
‫كامن أي أّنه ل يكون في الشعور و لكّنه متاح و يسهل استدعاؤه إلى‬
‫الشعور مثل الذكريات‪.‬‬
‫ون هذا الخير معظم الجهاز النفسي ‪ ،‬و هو يحتوي على‬ ‫‪ -3‬اللشعور ‪ :‬يك ّ‬
‫ما كامن و غير متاح ‪ ،‬فيراه فرويد على أّنه وعاء يشتمل على الذكريات‬
‫ددة للعقل الواعي و يخّزن فيه كل الخبرات و الدوافع و الغرائز التي‬ ‫المه ّ‬
‫ً‬
‫ل نستطيع الوصول إليها و يجب أن تدفع و تطرد بعيدا مثل المشاعر‬
‫الجنسية و العدوانية نحو أحد الوالدين و آلم الطفولة المنسية و الساءات‬
‫و الحاجات و الدوافع التي يكون الفراد غير واعيين لها ‪ ،‬فاللشعور ل‬
‫يمكن دراسته و فهمه إل ّ من خلل‪:‬‬
‫· الحلم و هي تمثيل رمزي للحاجات اللشعورية المكبوته و المنيات و‬
‫الصراعات و التناقضات ‪ ،‬ويتم من خلل تفسير الحلم التي تتضمن‬
‫خيالت تمثل حاجات و رغبات و صراعات ل شعورية عديدة ‪.‬‬
‫لت اللسان و النسيان و هي أمثلة تعبر عن اللشعور ‪ ،‬و من المثلة‬ ‫·ز ّ‬
‫على ذلك نسيان إسم شخص مألوف لديك ‪ ،‬أو عندما ينادي شخص ما زوجته‬
‫بإسم صديقة سابقة له ‪ ،‬فإن السم الذي نطقه يمثل نوع من الرغبات و‬
‫الصراعات ‪.‬‬
‫· إيماءات و اقتراحات ما بعد التنويم المغناطيسي و المواد المشتقة من‬
‫استخدام أسلوب التداعي الحر ‪ ،‬و الساليب السقاطية في الشخصية و‬
‫المحتويات الرمزية للعراض الذهنية ‪ ،‬و لقد اعتبر فرويد أن الضحك و‬
‫م تصنيعها ‪.‬‬ ‫النكات هي تعبيرات عن صراعات و أماني و رغيات ت ّ‬
‫قد يكرر المرضى أنماط مدمرة من السلوك تمثل حاجات ل شعورية و‬
‫صراعات داخلية ‪ ،‬فمفهوم اللشعور عند فرويد ليس تجريديا ً نظريا ً بل‬
‫ن إحضار المادة اللشعورية كانت و‬ ‫يمكن تطبيقه لكي يكون حقيقيا ً ‪ ،‬غير أ ّ‬
‫ل زالت المهمة الصعبة بالنسبة لفرويد و لجميع المحّللين النفسيين و‬
‫تحتاج لعمل جاد و جهد كبير‪.‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫ن فهم دور اللشعور يعتبر جزءا أساسيا من عمل المرشد و المعالج‬ ‫إ ّ‬
‫النفسي ‪ ،‬لن اللشعور يؤثر بقوة في سلوك المسترشد ‪ ،‬فالعمليات‬
‫اللشعورية هي الساس في أعراض القلق و الضطرابات النفسية ؛ لذلك‬
‫يعتبر الكشف عن معاني و أسباب هذه العراض و كذلك الكشف عن المادة‬
‫المكبوته هدف العلج التحليلي‪.‬‬
‫)‪ (2-4‬القلق ‪(Anxiety : (1‬‬
‫يمّثل القلق أحد المفاهيم الساسية في النظرية التحليلية ‪ ،‬و يعّرف القلق‬
‫على أّنه حالة من التوتر تدفعنا إلى عمل شئ ما ‪ ،‬تتطور هذه الحالة من‬
‫خلل صراع بين الهو و النا و النا العلى في محاولة كل منهم السيطرة‬
‫على الطاقة النفسية لدى الفرد ‪ ،‬فوظيفة القلق هو دق ناقوس الخطر و‬
‫التحذير من الخطر الحتمي ‪.‬‬
‫و للقلق أنواع متعددة منها ‪:‬‬
‫‪ o‬القلق الواقعي ‪ : Reality‬هو الخوف من الخطر القادم من العالم‬
‫الخارجي و يتناسب مع درجة التهديد الحقيقي للشخص ‪.‬‬
‫‪ o‬القلق العصابي ‪ : Neurotic‬و ينتج عن الخوف من فقدان السيطرة على‬
‫الغرائز و الدوافع )الغرائز( ؛ فتسبب للشخص شيئا ً يمكن أن يعاقب عليه‬
‫‪ o‬القلق الخلقي ‪ : Moral‬و هو الخوف القادم من ضمير ا لشخص ‪ ،‬و يكون‬
‫عند الشخاص الذين يطورون ضمائر قوية حية ‪ ،‬فيشعر هؤلء الشخاص‬
‫بالذنب عندما يعلمون شيئا ً ما يناقض المعايير الخلقية‪.‬‬
‫ُيثار القلق العصابي و الخلقي عن طريق التهديدات لميزان القوى عند‬
‫الشخص ‪ ،‬حيث يبعث هذان النوعان من القلق إشارة إلى النا تفيد بأّنه إذا‬
‫لم يأخذ النا خطوات ضرورية فإن الخطر سيزداد إلى درجة رمي النا خارج‬
‫حلبة الصراع ‪ ،‬و عندها ل يستطيع النا التحكم بالقلق عن طريق وسائل‬
‫عقلنية مباشرة فإّنه يلجأ إلى الكبت كإحدى الوسائل غير الشعورية أي ما‬
‫يطلق عليه بالحيل الدفاعية الذي سوف ننافشها في الصفحات القادمة ‪.‬‬
‫)‪ (2-4-1‬الضطراب النفسي‪:‬‬
‫إن الضطرابات النفسية ترجع إلى الكبت اللشعوري و الصراع بين دوافع‬
‫ور حالة من القلق ‪ ،‬و‬ ‫ما يط ّ‬
‫الهو و متطلبات النا العلى ودفاعات النا م ّ‬
‫عندما ل يستطبع النا التحكم بالقلق عن طريق وسائل عقلنية ‪ ،‬فيلجأ‬
‫مباشرة إلى استخدام الوسائل الدفاعية‪.‬‬
‫إضطرابات الشخصية ‪:‬‬
‫و و النا و النا‬ ‫ونات الشخصية ) اله ّ‬ ‫الصراع ‪ :‬ل بدّ أن تنسجم و تتناغم مك ّ‬
‫و‬
‫العلى ( ؛ و ذلك لتحقيق التوازن و الستقرار ‪ ،‬فإذا ما ظهر دافع في اله ّ‬
‫يتدخل النا و الذي يخضع لبدأ الواقع ‪ ،‬فيرى فيما إذا بإمكانه تحقيق هذه‬
‫ن هذا الدافع‬ ‫الدافع ‪ ،‬بحيث ل يتعارض مع الظروف الخارجية ‪ ،‬و إل ّ فأ ّ‬
‫ع ‪ ،‬و هنا يكون النا العلى متيقظا ً إن وجد شئ يتناقض‬ ‫من َ ْ‬
‫ت و يُ ْ‬
‫كب ْ‬‫سوف ي ُ ْ‬
‫مع التجاهات و القيم ‪.‬‬
‫ويا ً فإ ّ‬
‫ن‬ ‫جه النا هذا الصراع فإذا كان ق ّ‬ ‫‪ -1‬الصراع بين النا و الهو‪ :‬يو ّ‬
‫ما إذا كان النا ضعيفا ً أما الهو عندها لن‬ ‫النسان يعمل بشكل سليم ‪ ،‬أ ّ‬
‫يستطيع أن يتحكم بنزوات الهو المتدفقة‪ ،‬و هنا ينشأ القلق و الصراع ‪.‬‬
‫‪ -2‬الصراع بين النا و النا العلى ‪:‬أحيانا ً يحاول النا العلى تعطيل مبدأ‬
‫اللذة و مبدأ الدافع‪ ،‬و يسمح النا للهو بإشباع الغريزة بطريقة تعتبرها النا‬
‫مقبولة ‪ .‬و لكن قد ل يرضي النا العلى عن طريقة الشباع ؛ فُيعاقب النا‬
‫من خلل جعله يشعر بالثم ‪ ،‬و في هذه الحالة تسيطر على الفرد مشاعر‬
‫احتقار و لوم الذات‪.‬‬
‫يمكن للنا أن تخضع للنا العلى فتصبح معطلة غير قادرة على القيام‬
‫بوظيفتها ؛ و بذلك تقع فريسة للصراع و القلق و عرضة لظهور العراض‬
‫ما بالنسبة للفرد الذي يسيطر عليه‬ ‫المرضية و استخدام الحيل الدفاعية ‪ .‬أ ّ‬
‫الهو فهو على الغلب يميل ليكون انفعاليا ً ‪ ،‬والفرد الذي يسيطر عليه النا‬
‫ما النا فهي التي تحول بين‬ ‫العلى فسيكون مبالغا ً بالتمسك بالخلق ‪ ،‬أ ّ‬
‫الفرد و التطرف في التجاهين‪.‬‬
‫الدينامكية و السلوك‪ :‬إذا سيطر الهو على النا و النا العلى فإن السلوك‬
‫ي كما يراه منهج التحليل‬ ‫وية ‪ ،‬و السلوك اللسو ّ‬ ‫سم باللس ّ‬ ‫سوف يت ّ‬
‫النفسي هو السلوك الناتج عن المشاعر المكبوتة من مرحلة الطفولة ‪ ،‬و‬
‫هو ناجم عن التضارب بين مختلف دوافع الشخص و رغباته و بين الفرص‬
‫التي تتاح للفرد لشباع دوافعه‪.‬‬
‫العصاب ‪ :‬ويتكون نتيجة للدوافع و النزعات المتصارعة في الشخصية ‪ ،‬و‬
‫القلق هو لب العصاب‪ ،‬و الكبت هو الميكانيزم الساسي للعصاب‪.‬‬
‫الذهان‪ :‬بحسب فرويد يعتبر صورة خطيرة للضطراب السلوكي ‪ ،‬وتظهر‬
‫فيه تغييرات مرضية في إدراك الواقع و السيطرة على الذات‪.‬‬
‫)‪ (2-4-2‬ميكانيزمات الدفاع ‪: Defense Mechanism‬‬
‫تساعد ميكانيزمات الدفاع النسان على التكّيف مع القلق و تمنع النا من‬
‫أن يغمره القلق ‪ ،‬فالذات تلجأ إلى الوسائل الدفاعية المختلفة أمام موقف‬
‫يواجهها و يهددها ‪ ،‬فتواجه بهذه الوسائل مصادر القلق ‪ ،‬و تبدأ الوسائل‬
‫الدفاعية بالنمو مع كفاح الطفل ضد رغباته الجنسية خلل الخمس سنوات‬
‫الولى من عمره ‪ ،‬و تعمل هذه الوسائل على إنكار الحقيقة و تزييفها أو‬
‫تشويهها ‪ ،‬و هي تعمل على مستوى لشعوري وقد تستمر في تعطيل‬
‫السلوك الحقيقي أو الواقعي فترة طويلة بعد انتهاء الجاجة إليها‪.‬‬
‫ن النسان يستخدم وسائله الدفاعية من أجل التكّيف ‪ ،‬و التي تكون‬ ‫إ ّ‬
‫طبيعية و يمكن أن يكون لها قيمة تكيفية ‪ ،‬و يعتمد استخدامها على على‬
‫مستوى الشخص النمائي و على درجة القلق لديه‪ ،‬و يكون لدينا مشكلة‬
‫عندما تصبح الوسائل الدفاعية تمثل حالة من التطرف و شكل ً من النحراف‬
‫و الضطراب ‪ ،‬و يستخدمها السوياء و غير السوياء ‪ ،‬فهذه الوسائل ل‬
‫تشكل في حد ذاتها سلوكا ً مرضيا ً أو عصابيًا‪.‬‬
‫و من أهم ميكانيزمات الدفاع ما يلي‪(1):‬‬
‫‪ .1‬الكف ‪ : Inhibition‬و هو إيقاف مفاجئ لفعالية نفسية بناء على خطر‬
‫مفاجئ أو نشاط كابح لنشاط آخر مثل الخوف و الغضب و القلق‪.‬‬
‫‪ .2‬الكبت ‪ : Repression‬يعتبر من أهم الوسائل الدفاعية و هو الساس في‬
‫الضطرابات النفسية و خاصة القلق‪ ،‬و يعمل الكبت على إبعاد المواد‬
‫ددة و المؤلمة و الفكار و المشاعر المؤذية من الشعور ‪ ،‬و يؤ ّ‬
‫كد‬ ‫المه ّ‬
‫ن‬
‫فرويد بأن الكبت إزاحة ل إرادية لشيء ما يهدد الشعور ‪ ،‬كما أّنه افترض أ ّ‬
‫ت من‬ ‫الحداث الحياتية المؤلمة في السنوات الخمس الولى قد أ ُب ْ ِ‬
‫عد َ ْ‬
‫الشعور إل ّ أّنها مؤثر قوي في سلوك اللحق ‪ ،‬و للكبت نوعان‪ :‬الول يتمّثل‬
‫في جعل الخبرة ل شعورية ‪ ،‬أي دفع المادة الموجودة فيما قبل الشعور و‬
‫ما النوع الثاني من الكبت‬ ‫التي ل يمكن قبولها في الشعور إلى اللشعور ‪ .‬أ ّ‬
‫فهو المادة الغير مقبولة أصل ً فيما قبل الشعور أن تبقى حبيسة في‬
‫اللشعور‪ .‬فالخبرات المكبوتة تسعى للتعبير عن نفسها من خلل الحلم و‬
‫لت اللسان ‪ ،‬و يحدث الكبت مبكرا ً في سن السادسة ‪ ،‬و عندما يحدث‬ ‫ز ّ‬
‫فإّنه على الغلب يصعب التخلص منه‪.‬‬
‫ن هذه‬ ‫ّ‬
‫‪ .3‬النكار ‪ : Denial‬يلعب النكار كوسيلة دفاعية دور الكبت ‪ ،‬إل أ ّ‬
‫الوسيلة تعمل على مستوى ما قبل الشعور و مستوى الشعور‪ ،‬فإنكار‬
‫سر فرويد النكار على أّنه‬ ‫الواقع هو أسهل أنماط السلوك الدفاعي ‪ ،‬و يف ّ‬
‫ً‬
‫ن هناك أمرا مؤلما ‪ ،‬يمنع استخدام‬ ‫ً‬ ‫تشويه للحقيقة عندما يدرك الشخص أ ّ‬
‫دد‬‫هذه الوسيلة الصابة بالقلق ؛ و ذلك بأن يتجاهل الشخص وجود قلق مه ّ‬
‫واقعي‪.‬‬
‫‪ .4‬السقاط ‪ : Projection‬هو عبارة عن طريق أخرى لخداع الذات ‪ ،‬يتضمن‬
‫إسقاط رغبات و دوافع الفرد غير المقبولة على الخرين ‪ ،‬فالسقاط هو‬
‫إلقاء اللوم على الخرين فيما يتصل بأخطاء نرتكبها نحن‪ ،‬فالطالب يلقي‬
‫اللوم على المعّلم بسبب فشله في المتحان‪ ،‬و بعبارة أخرى فالسقاط هو‬
‫أن ينسب الفرد حوافزه و أفكاره إلى الخرين‪.‬‬
‫‪ .5‬التكوين العكسي ‪ : Reaction Formation‬يتصرف النسان هنا على‬
‫النقيض تماما ً للرغبات أو المنيات غير المقبوله و المرعبة لديه ‪ ،‬فالناس‬
‫هنا ل يواجهون القلق الذي ينتج عن رغباتهم المرعبة بل يتصرفون على‬
‫دعي الفرد الحب و هو يخفي وراءه الكراهية ‪ ،‬أو أن‬ ‫نقيض ذلك ‪ ،‬فقد ي ّ‬
‫تكون لطيفا ً جدا ً مع الناس لتخفي مشاعرك السلبية اتجاههم ‪ ،‬و بعبارة‬
‫أخرى هو استبدال للدوافع المثيرة للقلق بنقيضها تمامًا‪.‬‬
‫ول الفرد دوافعه و اندفاعاته من‬ ‫‪ .6‬الزاحة ‪ : Displacement‬هو أن يح ّ‬
‫الموضوع الذي يسبب له القلق و التهديد إلى موضوع آمن غير مثير للقلق ‪،‬‬
‫فمثل ً الرجل الذي يقمعه مديره في العمل ‪ ،‬يذهب إلى البيت و يفرغ‬
‫عدوانيته على أطفاله و زوجته‪.‬‬
‫‪ .7‬التبرير ‪ : Rationalization‬هو شرح لفشل أو خسارة بحيث يتم تبرير‬
‫حه للذات أي النا المصابة‬ ‫هل قبول الضربات المو ّ‬ ‫سلوكيات معينه ‪ ،‬و يس ّ‬
‫المجروحة ‪ ،‬فهو نوع من الكذب للدفاع عن النفس ‪ ،‬فمثل ً عندما يتقدم‬
‫شخص لوظيفة معّينه و ل يحصل عليها ‪ ،‬فإّنه يقوم بتقديم شروحات‬
‫منطقية لعدم حصوله على الوظيفة ‪ ،‬و يحاول إقناع نفسه بأّنه ل يريد أن‬
‫يحصل على الوظيفة ‪ ،‬أي عقلنة السلوك و تفسيره و ربطه بأسباب تبدو‬
‫معقولة و مقبولة‪.‬‬
‫‪ .8‬التسامي ‪ : Sublimation‬هو التحويل الطاقة سواء كانت جنسية أو‬
‫عدوانية إلى قنوات أخرى تكون أكثر قبول ً من الناحية الجتماعية كالرياضة‬
‫و الرسم ‪ ،‬فدوافع دافينتشي لرسم مادوناس كان لعلء علقة دافئة مع‬
‫أمه التي انفصل عنها في سن مبكرة‪.‬‬
‫ّ‬
‫‪ .9‬النكوص ‪ : Regression‬هي أن يعود الفرد إلى سلوكيات سابقة تعلمها‬
‫في الماضي لمواجهة الضغوطات النفسية و التكيف مع القلق ‪ ،‬فمثل ً يلجأ‬
‫طلبة الدراسات العليا إلى سلوكيات ل تناسب أعمارهم إذ شعروا بالخوف‬
‫من برامج دراستهم‪.‬‬
‫‪ .10‬التشرب أو البتلع ‪ : Introjections‬و المقصود بها أخذ و تشرب قيم و‬
‫معايير الخرين و هذه قد تكون إيجابية أو سلبية‪.‬‬
‫‪ .11‬التقمص ‪ : Identification‬هو جزء من العملية النمائية و التي يتعلم عن‬
‫طريقها الطفال السلوكيات الجنسية ‪ ،‬و يمكن أن تكون كذلك آلية دفاع‬
‫أولية‪ ،‬فالتقمص يعّزز قيمة الذات و يحمي الشخص من الحساس بالفشل‬
‫يتضمن التقمص تجمع خصائص شخص آخر في داخل الذات‪.‬‬
‫‪ .1‬التعويض ‪ : Compensation‬تتشكل هذه اللية من تغطية ضعف مدرك أو‬
‫بتطوير صفات إيجابية لتعويض نقاط الضعف ‪ ،‬فالشخاص الذين يشعرون‬
‫جهوا جزءا ً كبيرا ً من طاقاتهم‬ ‫بالدونية وعدم القدرة العقلية يمكن أن يو ّ‬
‫لبناء أجسامهم ‪ ،‬و الشخاص الذين تنقصهم الكفاءات الجتماعية المناسبه‬
‫وروا‬‫يمكن أن يطوروا الشعور بالوحدة و العزلة‪ ،‬كما يمكن لهم أن يط ّ‬
‫قدرات عقلية ‪ ،‬و يمكن أن تكون لهذه اللية قيمة تكّيفية مباشرة و يمكن‬
‫كل محاولة جيدة للشخص أن يقول‪ :‬ل تشاهدوا جوانب ضعفي ‪ ،‬بل‬ ‫أن تش ّ‬
‫شاهدوا كفاءاتي الخرى‪.‬‬
‫‪ -3‬مراحل النمو تطور الشخصية ‪(Development of Personality :(1‬‬
‫‪ -1‬المرحلة الفمية )السنة الولى( ‪ : The Oral Stage‬تبدأ منذ الولدة و‬
‫ص الرضيع لصدر أمه أي الرضاعة يجعله‬ ‫نم ّ‬‫تنتهي بنهاية السنة الولى ‪ ،‬إ ّ‬
‫يشبع حاجته للطعام و المتعة ‪ ،‬و قد يأخذ المص شكل مص أصابع اليدين أو‬
‫ن مص‬ ‫ساسة و مثيرة ‪ ،‬فإ ّ‬ ‫ن الفم و الشفاه هي مناطق ح ّ‬ ‫القدمين ‪ ،‬و بما أ ّ‬
‫الثدي ينتج عنه مشاعر سارة جدا ً مرتبطة بالمتعة و الثارة و الحيوية لدى‬
‫الرضيع ‪ .‬و هناك نشاطان مهمان في هذه المرحلة و هما‪:‬‬
‫‪ -‬السلوك الفمي السهامي ‪ : Oral-Incorporative Behavior‬يدور هذا‬
‫سية الممتعة للفم حيث أن طاقة الليبيدو تتر ّ‬
‫كز‬ ‫السلوك حول الثارة الح ّ‬
‫م مع النضج لعضاء أخرى في الجسم ‪ ،‬فتصبح العضاء‬ ‫في الفم أول ً ‪ ،‬ث ّ‬
‫الناضجة هي نقاط الشباع الرئيسية ‪ .‬فالشخاص الذين‬
‫ميه مبالغ فيها مثل مضغ العلكة و الكل الزائد عن الحاجة و‬ ‫لديهم حاجات ف ّ‬
‫ن حرمان الطفل من‬ ‫وروا تثبيت فمي ‪ ، Oral Fixation‬كما أ ّ‬ ‫التدخين قد ط ّ‬
‫الشباع الفمي الضروري يمكن أن يقود إلى مشاكل لحقة عندما يصبح‬
‫بالغًا‪.‬‬
‫‪ -‬السلوك الفمي العدواني ‪ : Oral – Aggressive behavior‬يبدأ بظهور‬
‫ن خصائص‬ ‫السنان حيث يصبح سلوك العض هو النشاط الرئيسي ‪ ،‬إ ّ‬
‫وروا تثبيت فمي عدواني يؤدي إلى سمات مثل السخرية و‬ ‫البالغين الذين ط ّ‬
‫العدائية و العدوانية و النميمة و إصدار تعليقات جارحة بحق الخرين ‪ ،‬و‬
‫الستغلل و السلوك الجدلي و الهزلي و الشخصية السادية لها صلة في‬
‫مرحلة النمو الفمي العدواني‪.‬‬
‫ن أهم مشاكل الشخصية التي تتطور فيما بعد تتضمن ما يلي‪:‬‬ ‫إ ّ‬
‫· عدم الثقة بالنفس‬
‫·الخوف من التصال‬
‫رفض العاطفة و الحنان‬
‫·الخوف من الحب و الثقة بالخرين‬
‫·القيمة المتدنية بالذات‬
‫·العزلة و النسحاب‬
‫ً‬
‫·عدم القدرة علىبناء علقات قوية جدا مع الخرين‪.‬‬
‫ن المنطقة‬ ‫‪ -2‬المرحلة الشرجية )‪ 3-1‬سنوات( ‪ : Anal Stage‬يرى فرويد بأ ّ‬
‫الشرجية تصبح العنصر الهم في تكوين الشحصية حيث تيدأ من بداية السنة‬
‫الثانية و تمتد مع بداية السنة الثالثة و على الطفل اتقان المهمات التالية‬
‫خلل هذه المرحلة و هي ‪:‬‬
‫· تعّلم الستقلل‪.‬‬
‫· الحساس بالقدرة الشخصية‪.‬‬
‫· تعّلم كيفية إدراك المشاعر السلبية و التعامل معها‪.‬‬
‫· مواجهة متطلبات الوالدين‪.‬‬
‫دي‬‫تمّثل هذه المرحلة أول تجربة للطفل في التعامل مع والديه بشكل ج ّ‬
‫مع بداية السنة الثانية أو خللها ‪ ،‬حيث يبدأ الهل على تدريب الطفل على‬
‫ضبط عمليات الخراج ‪ ،‬فوسائل التدريب و مشاعر و اتجاهات الوالدين و‬
‫ردود أفعالهم اتجاه أطفالهم لها آثار كبيرة جدا ً و بعيدة المدى في تكوين‬
‫سمات شخصية لحقة مثل السلوكات القهرية ‪ Compulsive Obsession‬يؤ ّ‬
‫كد‬
‫فرويد أهمية المرحلة الشرجية بقوله‪ ":‬دع الطفال في هذه المرحلة من‬
‫تجربة الشياء بأنفسهم ‪ ،‬و دعهم يقترفون الخطاء ‪ ،‬و دعهم يشعرون‬
‫بأّنهم محبوبين و مقبولين بالرغم من ارتكابهم للخطاء "‬
‫ن النشاط الجنسي‬ ‫‪ -1‬المرحلة القضيبية )‪ (6-3‬سنوات ‪ : The Phalic Stage‬إ ّ‬
‫دة ‪ ،‬و تصبح منطقة العضاء الجنسية هي أساس النشاط ؛‬ ‫يصبح أكثر ش ّ‬
‫ن‬
‫فيستمتع الطفل باللعب بأعضاء جسمه المختلفة ‪ ،‬و يعتقد فرويد بأ ّ‬
‫الصراع الرئيسي هنا يدور حول الرغبات الجنسية اللشعورية المحّرمة التي‬
‫ت لّنها مهددة‬ ‫ورها الطفل نحو الب و الم ‪ ،‬فهذه المشاعر ت ُك ْب َ ْ‬ ‫يط ّ‬
‫بطبيعتها ‪ ،‬و لكن لها دور أساسي في التكيف و التطور الجنسي اللحق ‪،‬‬
‫يبدأ الضمير بالتطور في هذه المرحلة ‪ ،‬فالطفال يتعلمون المعايير‬
‫الخلقية بالتلقين الجامد و الغير واقعي لها من قبل الوالدين ‪ ،‬فمن وجهة‬
‫نظر المدرسة التحليلية تصبح السيطرة للنا العلى ‪ ،‬فيشعر الطفال‬
‫بالذنب بسبب دوافعهم ‪ ،‬و قد يحملون الشعور بالذنب خلل مرحلة البلوغ ‪،‬‬
‫ما يؤدي إلى تطور إعاقة شخصية في الستمتاع بالقرب من الخرين و‬ ‫م ّ‬
‫ن هذا التلقين الوالدي السلبي يقود إلى ما‬ ‫بناء علقات حميمة معهم ‪ ،‬إ ّ‬
‫أسماه فرويد بتكوين الضمير الطفلي ‪ Infantile Conscience‬و هو عبارة عن‬
‫خوف شديد و ليس ضمير حقيقي ‪ ،‬كما له آثارا ً جانبية كالجمود و غياب‬
‫المرونه و صراعات عنيفة و شعور بالذنب و الندم و استنكار للذات و‬
‫لعنها ‪ .‬و يشير فرويد إلى تزامن الشعور بالحب و القرب نحو الم من قبل‬
‫ن الطفال يجّربون‬ ‫الطفل الذكر و نحو الب من قبل الطفلة النثى ‪ ،‬إ ّ‬
‫مشاعر و رغبات جنسية و صراعات يتم كبتها من خلل مرحلتين أساسيتين‬
‫‪:‬‬
‫ن الطفل‬ ‫‪ -2‬المرحلة القضيبية للذكر و عقدة أوديب ‪ : Odipus Complex‬إ ّ‬
‫الذكر في هذه المرحلة يتشوق لمه و يشعر بالبتعاد و الكره لوالده الذي‬
‫سيعاقبة بسبب مشاعره الجنسية المحرمة تجاه أمه ‪ ،‬في هذه العقدة تصبح‬
‫الم موضوع حب الولد و يتشوق جنسيا ً لها من خلل سلوكاته و تخيلته ‪،‬‬
‫ففي خلل ما سوف تصبح الم موضوع الحب بالنسبة لبنها و بهذا تكون‬
‫عملية الكبت قد بدأت ‪ ،‬و هذا الكبت يمنع الطفل من الدراك الواعي‬
‫ما يؤدي به إلى تطوير مشاعر مخاوف‬ ‫الشعوري لمشاعره اتجاه والدته م ّ‬
‫متعلقة بالقضيب و صفها فرويد بقلق الخصاء ‪ Castration Anxiety‬أي خوف‬
‫الطفل من الب بأن يقوم بقطع قضيبه بسبب مشاعره اتجاه أمه ‪ ،‬فيرغم‬
‫على إطاعة والده لتجنب الخصاء ‪ ،‬و دور المرشد هنا يكمن في حل عقدة‬
‫ول مشاعره الجنسية اتجاه والدته بأشكال مقبولة‬ ‫أوديب بجعل الطفل يح ّ‬
‫من الحنان و العاطفة‪.‬‬
‫‪-3‬المرحلة القضيبية للنثى و عقدة إليكترا ‪ : Electra Complex‬إن موضوع‬
‫مها ‪ ،‬ولكن هذا الحب ينتقل إلى الب خلل هذه‬ ‫الحب لدى البنت هنا هو أ ّ‬
‫المرحلة ‪ ،‬إن البنت تطور مشاعر سلبية تجاه الم ‪ ،‬و عندما تكتشف غياب‬
‫وجود القضيب لديها فتشعر بحالة الحسد القضيبي ‪ ، Penis Envy‬و في هذه‬
‫العقدة يصبح لدى البنت رغبة حقيقية في منافسة أمها حب والدها ‪ ،‬و‬
‫عندما تدرك أيضا ً بأّنها ل تستطيع أن تحل محل أمها أو تنافسها‪ ،‬فإّنها أيضا ً‬
‫تبدأ بكبت المشاعر ‪ ،‬باستخدام وسيلة الدفاع التقمص ‪ ،‬فتأخذ من سمات‬
‫الم و تقّلد سلوكياتها‪.‬‬
‫ن السماح للطفل بإشباع ميوله الجنسية أو حرمانه منها يقوده إلى تثبيت‬ ‫إ ّ‬
‫في هذه المرحلة ‪ ،‬و للمرحلة القضيبية مضامين إرشادية هامة للمرشد‬
‫الذي يتعامل مع البالغين ‪:‬‬
‫‌أ‪ -‬أن يدرك و يتعرف على أهمية التجارب الولية في حياة البالغين )‪(6-3‬‬
‫سنوات‬
‫ً‬
‫ب‪ -‬مساعدة المسترشد حتى يصبح واعيا لخبرات الطفولة المبكرة عن‬ ‫‌‬
‫طريق التخيل‪.‬‬
‫ت‪ -‬عندما يعيش البالغين هذه الخبرات مرة ثانية ‪ ،‬يشعرون بالحاسيس‬ ‫‌‬
‫المدفونه السابقة ‪ ،‬و يصبحون قادرين على خلق نهايات جديدة للمتاعب‬
‫التي جربوها في طفولتهم‬
‫كلت في‬ ‫ث‪ -‬أن يشعر و يدرك المشترشد أن اتجاهاته و سلوكاته الحالية ش ّ‬ ‫‌‬
‫الماضي و هنا أيضا ً على المسترشد أن حياته الحالية ضحية بقائها في‬
‫الماضي‪.‬‬
‫‪ -2‬المرحلة الرابعة الكمونية )‪ (12-6‬سنة ‪ : The Latency Stage‬و تتميز هذه‬
‫المرحلة‬
‫ً‬
‫أبنية الشخصية الساسية )الهو ‪،‬و النا و النا العلى( قد تأسست تقريبا ‪.‬‬
‫بعد اجتياز الفرد لمشاكل المرحلة القضيبية و الضغوطات المجتمعة من‬
‫المرحلتين الفمية و الشرجية يبدأ بالستمتاع بفترة من الراحة النفسية‬
‫والهدوء‪.‬‬
‫تبدأ التنشئة الجتماعية خارج السرة و العلقات الخارجية مع الخرين و‬
‫تستمر حتى بداية البلوغ‪.‬‬
‫يتسامي الفرد و يتوجه بدافعه الجنسي إلى النشطة المدرسية و تطوير‬
‫الهوايات و اللعاب الرياضية و الصداقات من نفس الجنس ‪.‬‬
‫لم ينظر فرويد إلى هذه الفترة من الكمون و كأّنها خالية من النشاط‬
‫ن هناك عملية وضع ستارة جزئية للدوافع الجنسية‬ ‫الجنسي ‪ ،‬و إّنما تصور أ ّ‬
‫ن‬‫الطفولية ‪ ،‬ولم يستبعد الظهر الجزئي لهذه الطاقة الهائلة و يقول‪ " :‬إ ّ‬
‫حركة هذه الدوافع الطفولية ل تتوقف خلل فترة الكمون هذه و إن كانت‬
‫طاقتها تتحول كليا ً أو جزئيا ً من استعمالتها الجنسية و تتوجه إلى نواح‬
‫أخرى ‪ ،‬و قد افترض فرويد أن هذا التحويل يأخذ اتجاهين إثنين وهما‪ :‬الرد‬
‫المعاكس ‪ Reaction Formation‬كالشمئزاز و الشعور بالعار ‪ ،‬و التسامي‬
‫‪ Sublimation‬و به تتحول الطاقة الجنسية جزئيا ً نحو القضايا الجمالية ‪ ،‬و‬
‫ن هاتين العمليتين تكونان‬ ‫الفكار الخلقية ‪ ،‬و من وجهة نظر فرويد فإ ّ‬
‫جوهر مرحلة الكمون ‪.‬‬
‫ن الفرد‬ ‫‪ -3‬المرحلة التناسلية ‪ 18-13‬سنة ‪ : The Genital Stage‬يرى فرويد بأ ّ‬
‫يصل إلى هذه المرحلة مع بعض الصراعات ؛ بسبب التصادم بين الرغبات‬
‫الغريزية و القيود الجتماعية ‪ ،‬و يثبت بعض الفراد عند المراحل الفمية و‬
‫الشرجية و القضيبية و لن يكون هناك نضج إذا ما بقي هؤلء الفراد مثبتين‬
‫في إحدى هذه المراحل و تتميز هذه المرحلة بما يلي‪:‬‬
‫· يتحرك الشباب نحو المرحلة الجنسية من جديد ‪ ،‬إل ّ إذا كان هناك تثبيت‬
‫في إحدى المراحل ا لسابقة ‪ ،‬و تعود معاني عقدتي أوديب و أليكترا للحياة‬
‫مرة أخرى بعد السكون السابق في مرحلة الكمون‪.‬‬
‫· يطور المراهق اهتمامات غرامية و جنسية نحو الجنس الخر و التجريب‬
‫الجنسي و ممارسة بعض مسؤوليات الكبار‪.‬‬
‫ون المراهق علقات حميمة مع الخرين و‬ ‫· بعد انتهاء مرحلة المراهقة يك ّ‬
‫ور من اهتماماته بالخرين ‪.‬‬ ‫يتحرر من سلطة الوالدين ‪ ،‬و يط ّ‬
‫يعتقد فرويد أن أهداف الشباب في نهاية هذه المرحلة أن يصبحوا بالغين‬
‫ناضجين ‪ ،‬و يتضح ذلك من خلل قدرتهم على أن يحبوا و يعملوا ‪ ،‬و من‬
‫ن الرضا و الشباع الناتج عن الحب و العمل مهم في حياة‬ ‫وجهة نظره فإ ّ‬
‫النسان و هو الكثر أولوية و ديمومة ‪ ،‬و لقد اهتم فرويد في حل القضايا‬
‫الجنسية التي تؤثر على الفرد في السنوات الست الولى من عمره ‪ ،‬و لم‬
‫يهتم كثيرا ً بالمشاكل المرتبطة بالمراهقة و حياة البالغين‪.‬‬
‫‪ -4‬النظرية التحليلية و دورها في الرشاد‪.‬‬
‫ن هناك هدفان أساسيان‬ ‫قبل الدخول في هذا الموضوع ل بدّ أن نشير إلى أ ّ‬
‫للعلج التحليلي و هما‪" :‬جعل اللشعور شعور و تقوية النا من أجل جعل‬
‫بناء سلوك على أسس أكثر واقعية و البتعاد قدر المكان عن الشهوات و‬
‫الندفاعية و الغرائز")‪. (1‬‬
‫فالعلج التحليلي الناجح يحدث تعديل هام في بناء شخصية الفرد حيث يتم‬
‫التركيز على استعمال طرق تحليلية لحضار المواد اللشعورية و العمل من‬
‫خللها ‪ ،‬و خلل هذ العملية يتم إعادة تركيب خبرات الطفولة و فهمها و‬
‫مناقشتها و تفسيرها و تحليلها ‪ ،‬حيث تركز هذه المادة على فهم واضح‬
‫للماضي و قلب النقاط الهامة فيه حتى يستطيع تطوير مستوى جيد من‬
‫الفهم الذاتي لما حدث ‪ ،‬و بالتالي إحداث تغيير ضروري في بناء‬
‫الشخصية ‪(2) .‬‬
‫الهدف الرئيسي لطريقة العلح بالتحليل النفسي هو أن تحضر إلى الشعور‬
‫تلك الدوافغ المكبوتة المسببة للقلق أي دوافع الهو و التي لم يتمكن النا‬
‫من معالجتها بنجاح ‪ ،‬و خلل عملية التحليل النفسي يعطي المسترشد‬
‫الفرصة لمواجهة تلك المواقف التي لم يستطع معالجتها بنجاح من قبل ‪،‬‬
‫إذ يخلق المحلل النفسي موقفا ً خاليا ً من التهديدات و الخطار‪ ،‬و عليه فإ ّ‬
‫ن‬
‫خطوات التحليل النفسي فهي تختلف من حالة إلى أخرى فقد تكون عدة‬
‫أشهر أو بضعة سنين ‪ ،‬و يفضل أن تكون فترات العلج متقاربة بحيث ل‬
‫تقل عن ثلث جلسات أسبوعيا ً و أن ل تقل مدة الجلسة الواحدة عن ساعة‬
‫واحدة من الزمن ‪ ،‬و من أبرز خطوات العلج التحليلي‪:‬‬
‫‪ -1‬خلق أجواء و علقات علجية تتميز بالثقة بين المرشد و المسترشد‪.‬‬
‫‪ -2‬التنفيس النفعالي ‪ ، Gets These Feelings off This Chest‬فإخراج‬
‫النفعالت من مخاوف و ذنوب يؤدي إن نقصان التوتر و الصراع المرتبط‬
‫به ‪ ،‬و يقوم المحلل بهذه المهمة من خلل طرحه للسئلة و التفسير و‬
‫التداعي الحر‪.‬‬
‫صدْ بها استبصار المريض بعدم ملئمة أفكاره أو‬ ‫ق َ‬‫‪ -3‬عملية الستبصار و ي ُ ْ‬
‫نقص فهمه لبعض المور و كذلك تفسيراته لها و عدم فهمه السابق‬
‫لمشاكله‪.‬‬
‫)‪ (4-1‬العلقة بين المعالج و المسترشد ‪The Relationship Between‬‬
‫‪Counselor and‬‬
‫ن العلقة بين المرشد و المشترشد هي عبارة عن علقة‬ ‫يرى فرويد بأ ّ‬
‫ثنائية ‪ ،‬تتميز بثقة المسترشد بالمرشد و التعاون معه ‪ ،‬فيعبر عن مشاعره‬
‫اليجابية و السلبية في عمليات التحويل نحو المعالج ‪ ،‬و قد يكون العكس‪،‬‬
‫ول دفاعاته و خبراته السابقة على المحلل ‪ ،‬فيساعده‬ ‫ن المسترشد يح ّ‬ ‫إ ّ‬
‫على فهمها و تقديم المساعدة للمسترشد ليفهم أسبابها فتنتقل فتنتقل‬
‫ما هو ل شعوري إلى شعوري ‪ ،‬فالمحّلل هو عبارة عن شاشة يعكس‬ ‫م ّ‬
‫كد فرويد على أهمية الحترام و‬ ‫المسترشد عليها ما لديه من دفاعات ‪ ،‬و يؤ ّ‬
‫التقبل غير المشروط و التعاطف في علقة المحلل بمسترشده و يعتبرها‬
‫جزءا ً هاما ً في العملية العلجية‪.‬‬
‫ن فهم العلقة بين المعالج و المسترشد ل يتم إل ّ من خلل‬ ‫يرى فرويد بأ ّ‬
‫فهم عملية التحويل ‪ Transference‬و التي تمّثل محور النظرية التحليلية و‬
‫التي تتضمن‪:‬‬
‫‪ -1‬تحويل من المسترشد باتجاه المرشد ‪.Transference‬‬
‫‪ -2‬التحويل المضاد ‪. Countertransference‬‬
‫‪ -1‬تحويل من المسترشد باتجاه المرشد ‪: Transference‬‬
‫ن عملية التحويل تمّثل تغيير ل شعوري باتجاه المحلل من قبل المسترشد‬ ‫إ ّ‬
‫و تحمل معها مشاعر و تخيلت‬
‫الخرين سواء كانت إيجابية أو سلبية ‪ ،‬فهذه العملية عبارة عن إعادة تحويل‬
‫ردود أفعال من قبل المسترشد لشخاص مهمين في حياته ‪ ،‬و يسمح‬
‫التحويل للمسترشد بنقل العمال غير المنتهيه و المكبوتة و إسقاطها في‬
‫شخص المحلل ‪.‬‬
‫دم العلج تبدأ‬ ‫ّ‬ ‫يتق‬ ‫فعندما‬ ‫‪،‬‬ ‫الماضي‬ ‫بناء‬ ‫و‬ ‫إحياء‬ ‫إعادة‬ ‫العلج‬ ‫تتضمن عملية‬
‫مشاعر المسترشد الطفولية تطفو على السطح قادمة من أعماق اللشعور‬
‫)نكوص المسترشد النفعالي( ‪ ،‬فتظهر المشاعر السابقة نتيجة لصراعات‬
‫ماضية كالمشاعر المرتبطة بالحب و الكره ‪ ،‬بالثقة و عدم الثقة‪ ،‬و يظهر‬
‫التحويل عندما يبدأ المسترشد يسترجع من سنواته السابقة خبرات و‬
‫صراعات لها علقة علقات بالحب و الجنس و القلق و العدائية و الحساس‬
‫بالظلم ‪ ،‬فيتم إحضار هذه المشاعر فتطفو على السطح و إعادة تجريبها و‬
‫إلصاقها بالمحلل ؛ فيرى المسترشد في المحلل رمزا ً للسلطة التي‬
‫تعاقب ‪.‬‬
‫‪ -2‬التحويل المضاد ‪: Countertransference‬‬

‫ن فكرة عدم وجود حرية كاملة من الماضي و تأثيراتها على‬ ‫يرى فرويد أ ّ‬
‫ً‬
‫الشخص لها مضامين مهمة جدا لولئك المحللين الذين يهتمون بمساعدة‬
‫المسترشد على حل الصراعات الماضية في حياتهم‪ ،‬و التحويل المضاد هو‬
‫عبارة عن ردود أفعال غير عقلنية يوجهها المعالج نحو المسترشد ‪ ،‬فقد‬
‫يرى فيه صورة الب أو الم أو الحبيب ‪ ،‬بمعنى أّنها صراعات داخلية غير‬
‫شعورية و ل منتهية ‪ ،‬فالعلقة الرشادية القوية في التحليل النفسي تميل‬
‫أحيانا ً إلى إشعال صراعات ل شعورية داخل المحلل نفسه‪.‬‬
‫يتلخص دور المعالج في التحويل المضاد بأن يطور مستوى معين من‬
‫الموضوعية و عدم التصرف بطريقة ل عقلنية أو ذاتية أمام غضب‬
‫المسترشدين أو حبهم أو إعجابهم أو كرههم أو نقدهم‪.‬‬
‫‪-5‬الساليب العلجية في النظرية التحليلية‪:‬‬
‫هناك ستة أساليب علجية نجملها فيما يلي‪(1):‬‬
‫)‪Corey Gerald ,previous resource , P 117-118 (1‬‬
‫‪ -1‬المحافظة على الطار التحليلي ‪:Maintaining the analytic framework‬‬
‫كز النظرية التحليلية على الحفاظ على إطار تحليلي خاص بها من أجل‬ ‫تر ّ‬
‫تحقيق الهداف العلجية ‪ ،‬و يشير مصطلح المحافظة هنا إلى العوامل و‬
‫الساليب الجرائية التي يتقيد بها المحلل ‪ ،‬و منها المحافظة على درجة‬
‫معينة من الغموض لديه ‪ ،‬و انتنظام و ثبات الجتماعات ‪ ،‬و البدء في‬
‫ً‬
‫الجلسات العلجية في وقت محدد و إنهائها في الوقت المحدد مسبقا ِ ‪.‬‬
‫ن التنويم المغناطيسي طريقة من‬ ‫‪ -2‬التنويم المغناطيسي ‪ : Hypnosis‬إ ّ‬
‫أجل تمكين المسترشد من السترخاء ليقول ما عنده بشكل حر من‬
‫تداعيات و أفكار ‪ ،‬و قد استخدمه فرويد في بداية طريقته العلجية غير أّنه‬
‫استبدله بالتداعي الحر‪.‬‬
‫‪ -3‬التداعي الحر ‪ : Free Association‬يلعب التداعي دورا ً أساسيا ً في‬
‫الحفاظ على الطار التحليلي ‪ ،‬فهو عبارة عن إخراج الرغبات المكبوته من‬
‫أفكار و مشاعر و تخيلت و صراعات و الفكار اللشعورية خلل الجلسات‬
‫الرشادية من اللشعور إلى الشعور ‪ ،‬أي أن يقول المسترشد كل ما لديه‬
‫من دون أن يستخدم أي وسيلة من وسائل الدفاع ‪ ،‬و دور المرشد أو‬
‫المعالج التحليلي‪ :‬تحديد المواد المكبوتة ‪ ،‬فهم الحداث و الصعوبات التي‬
‫مّر بها المسترشد ‪ ،‬التوقف عن التداعي الحر و محاولت المسترشد عدم‬
‫إكمال جمل أو ذكريات أو أحداث تمثل مواد مثيرة لقلقه فهي مواد مهمة‬
‫في التحليل‪ ،‬الستماع إلى التداعي الحر الظاهر و إلى المعاني الخفية فيه‬
‫‪.‬‬
‫دمها‬‫‪ -4‬التفسير ‪ : Interpretation‬عو عبارة عن عملية تغذية راجعة يق ّ‬
‫المرشد للمسترشد ‪ ،‬فهي عملية تدريجية بطيئة هدفها تحقيق الستبصار‬
‫‪ Insight‬الذي يأتي به التفسير للمقاومة و التحويل‪.‬‬
‫‪ -5‬تحليل الحلم ‪ : Dream Analysis‬يرى فرويد بأن الحلم هي طريق‬
‫موصل إلى اللشعور و من خللها يعبر عن عن الرغبات و المواد و الحاجات‬
‫و المخاوف اللشعورية ‪ ،‬فلكل شخص دوافع غير مقبولة بعبر عنها من‬
‫خلل أقنعة أو أشكال رمزية بدل ً من التعبير المباشر‪ ،‬فالحلم وسيلة‬
‫عالة و واقعية للتعبير عن المواد غير المقبولة‪ .‬و يرى فرويد أو لكل حلم‬ ‫ف ّ‬
‫مستويين ‪ :‬المحتوى الكامن ‪ Latent Content‬و المحتوى الظاهر ‪، Manifest‬‬
‫فالمحتوى الكامن فيحتوي على المواد المخفية الرمزية و الرغبات و‬
‫الدوافع و المخاوف و المنيات اللشعورية ‪ ،‬و لن محتوى هذا المستوى‬
‫مؤلما ً لّنه يحتوي على الندفاعات العدوانية و الجنسية ‪ ،‬فإّنها تنتقل و‬
‫تتحول إلى مستوى مقبول هو المستوى الظاهري و الذي هو الحلم كما‬
‫يبدو للحالم ‪ ،‬فالعملية التي ينتقل بها الحلم من المستوى الكامن إلى‬
‫المستوى الظاهر تسمى بعمل الحلم ‪ ، Dream Work‬و وظيفة المرشد هنا‬
‫هو كشف المعاني المقنعة الموجودة في الحلم عن طريق دراسة الرموز‬
‫التي تظهر في المستوى الظاهر عن طريق التداعي الحر ‪ ،‬كأن يسأل‬
‫المرشد المسترشد أن يتكلم عن عنصرا ً من عناصر المستوى الظاهر لحلمه‬
‫من أجل أن يكشف المعاني الكامنة للحلم‪.‬‬
‫‪ -6‬تحليل المقاومة ‪ : Analysis of Resistance‬تعتبر المقاومة مفهوم هام‬
‫دم العلج و‬ ‫في التحليل النفسي ‪ ،‬و تعّرف على أّنها أي شيء يعمل ضد تق ّ‬
‫تمنع المسترشد من إنتاج المواد اللشعورية ‪ ،‬أي امتناع أو تردد المسترشد‬
‫في إحضار المواد اللشعورية المكبوته إلى سطح الوعي أو الشعور ‪ ،‬و‬
‫بالتالي إبقاء الوضع على ما هو عليه ‪.‬‬
‫‪ -7‬تحليل و تفسير التحويل ‪: Analysis and Interpretation Transference‬‬
‫تظهر عملية التحويل في العملية العلجية في النقطة التي تؤثر فيها‬
‫العلقات السابقة المبكرة في حياة المسترشد على سلوكياته الحالية في‬
‫العلقة الرشادية‪ ،‬بحيث يسلك المسترشد مع مرشده كما يسلك مع شخص‬
‫ود المسترشد بفرصة نادرة من‬ ‫هام في حياته السابقة ‪ ،‬فعملية التحويل تز ّ‬
‫أجل تجريب مشاعر لم يعتد عليها ‪ ،‬فيتمكن المسترشد من التعبير عن‬
‫مشاعر و معتقدات مكبوتة في اللشعور‪.‬‬
‫‪ -6‬نقد النظرية التحليلة ‪:‬‬
‫ددات النظرية التحليلية بالنقاط التالية‪(1):‬‬ ‫يمكن أن نجمل مح ّ‬
‫ن إمكانية تطبيق النظرية التحليلية في المدارس و العيادات صعبة‬ ‫‪ -1‬إ ّ‬
‫بسبب عامل الوقت و التكلفة‪.‬‬
‫‪ -1‬تهتم النظرية التحليلية بالمرضى أكثر من السوياء و هي أفضل من‬
‫الرشاد إن كانت الحالة تتطلب علجا ً نفسيا ً ‪.‬‬
‫‪ -2‬بالغ فرويد في تأكيده على العوامل البيولوجية في النمو النساني ‪ ،‬و‬
‫تأكيده المطلق على النمو الجنسي بشكل كبير‪.‬‬

‫‪ -3‬معظم المضطربين نفسيا ً يعانون من ضعف في قوة النا ‪ ،‬فوجود أنا‬


‫قوية ضروري في التعامل مع قضايا التحويل المرضية‪.‬‬
‫أما النتقادات الكبرى للمنهج التحليلي فكانت من خلل‪(1):‬‬
‫ن‬
‫‪ -1‬المنظور السلوكي ‪ : Behavioral Perspective‬يرى السلوكيون بأ ّ‬
‫ن مفاهيم‬ ‫التحليل النفسي عبارة عن نظرية ذاتية تفتقر إلى العلم ‪ ،‬و إ ّ‬
‫التحليل النفسي للشعور و الدوافع عبارة عن عمليات عقلية ل ترتبط‬
‫بسلوك ملحظ يمكن قياسه بشكل موضوعي يمكن أن تصادق النا و تقره ‪،‬‬
‫علوة على عدم وجود فائدة علمية من التحليل النفسي‪.‬‬
‫ن التحليل‬ ‫‪ -2‬المنظور الوجودي ‪ : Existential Perspective‬يرى الوجوديون بأ ّ‬
‫النفسي عملي و نظري و لكّنه غير علمي و غير موضوعي ‪ ،‬فالقيود التي‬
‫وضعها فرويد على الناس و تكبيلهم بالغرائز جعلهم عبيدا ً لها ‪.‬‬
‫كز النظرية التحليلية‬ ‫‪ -3‬المنظور الموقفي ‪ : Contextual Perspective‬تر ّ‬
‫على الصراعات النفسية و تهمل العوامل الموقفية و البيئية و أثرها في‬
‫الضطرابات النفسية‪.‬‬
‫‪ -4‬المنظور التكاملي ‪ : Integrated Perspective‬يرى التكامليون أن النظرية‬
‫التحليلية لها إطار نظري غني و لكنها لغاية الن غير مستخدمة و ليس لها‬
‫فائدة بما يتعلق بنتائجها العلجية مقارنة بأي نوع آخر من العلج‪.‬‬
‫‪-7‬تطبيقات نظرية التحليل النفسي في الرشاد المدرسي‪:‬‬
‫يمكن إجمال تطبيقات نظرية التحليل النفسي في الرشاد المدرسي في‬
‫النقاط التالية‪(1):‬‬
‫‪ -1‬في مجال التعبير الحر و الستماع إلى المسترشد أو ما يعرف بالتنفيس‬
‫النفعالي‪.‬‬
‫‪ -2‬تفسير و تحليل ميكانيزمات الدفاع ‪.‬‬
‫‪ -3‬الستفادة من مجال المقاومة و التحليل‪.‬‬
‫‪ -4‬النظرية تؤكد على معرفة أسباب الحالة و ل تكتفي بالتفسير الظاهر‬
‫ويمكن أن يستخدم العلج التحليلي في الحالت التالية‪ :‬علج الضطرابات‬
‫النفسية كالفصام‪ ،‬عدم التكيف الجتماعي والمهني ‪ ،‬الشك الدائم ‪،‬‬
‫الشعور بالثم ‪ ،‬التأتأة ‪ ،‬التبول اللإردي ‪ ،‬النحرافات الجنسية كالسادية و‬
‫الماسوشية ‪ ،‬المخاوف المرضية ‪ ،‬الندفاعية ‪ ،‬القلق‬

You might also like