Professional Documents
Culture Documents
com/2010/03/28/
أضف تعليق «
العلم التجريبى الحديث ،كما وضع أصوله وقواعده روجر بيكون وتالمذته ،قائم بشكل مطلق على
المشاھدة واإلستنتاج…مشاھدة الظواھر الطبيعية – أو آثارھا ودالئلھا – بالحواس الخمسة ،ثم
اإلستنتاج أو اإلستنباط المبنى على المنطق العقلى المحض ،وھو علم ال يؤمن بوجود الخالق ،أو بمعنى
آخر علم يبنى أصوله وقواعده على فرضية أن العالم قد وجد بالصدفة – كما فى نظرية اإلنفجار الكبير
لجورج ليميت -أو أن ھذا العالم سرمديٌ – كما فى نظرية األكوان المتعددة لماكس تيجمارك -أى
أن أصول العلم التجريبى مشيدة على مبدأ عدم وجود خالق لھذا الكون الذى يستطيع البشر اإلستدالل
على وجوده من خالل العلم التجريبى
بطبيعة الحال فإن أكبر مشكلة – أصولية إن جاز التعبير – تواجه العلم الحديث منذ أن صاغ أينشتين
النظرية النسبية العامة ھى إستحالة التسليم بإحدى ھاتين النظريتين لتفسير )حدوث( الكون ،وبالتالى
إستحالة التسليم بانعدام الخالق .لقد نشأت ھذه المشكلة منذ أن عجز العلم التجريبى عن صياغة
)إستنتاج( منطقى للعديد من الظواھر الكونية التى إستدل عليھا العلماء المعاصرون بالحواس الخمسة ،
وأھم ھذه الظواھر ھى:
-1اإلتساع المطرد للكون -وقد تم طرح بعض اإلستنتاجات والتفسيرات لھذه الظاھرة ،من أھمھا
أن اإلنفجار الكبير ال يزال يحدث ،وسيظل يحدث ،ومن أھمھا أطروحة الثابت الكونى ألينشتين ،وفرضية
الطاقة المظلمة )السلبية( التى تغمر الكون بين األجرام السماوية… ولكن كل ھذه التفسيرات ظلت
مجرد أطروحات نظرية بحتة ال يقوم عليھا أى دليل…
-2غياب الكتلة المفترضة للكون – فعند حساب قوى التجاذب بين األجرام السماوية ،ومقارنتھا بكتلة تلك
األجرام يتضح أن ھذه القوى ھائلة جدا بالنسبة لكتلة األجرام الخاضعة لھا ،وقد فتحت ھذه المشاھدة
الباب أمام واحدة من )أسخف( األطروحات فى الفيزياء النظرية وھى أطروحة المادة المظلمة ،والتى تقول
بأن الفضاء الذى يحيط باألجرام السماوية له كتلة ما ،ولكنه مكون من مادة ال يمكن للبشر إدراكھا…وھذا
بالطبع يتناقض مع أصل العلم التجريبى التى تحيل تفسير كل الظواھر إلى اإلدراك البشرى
-3التدقيق المتناھى Fine Tuningللقوى الكونية ،فعلى سبيل المثال لو فرض أن قوة الجاذبية األرضية
أصغر من قيمتھا الحالية ) 9.8م/ث (2بقيمة أصغر من 1على ألف تريليون من القيمة الحالية ،فإن النظام
الطبيعى على سطحكوكب األرض يختل تماما بحيث تستحيل الحياة على سطح األرض ،وكذلك بالنسبة
لقوى التجاذب بين الجرام السماوية ،فإذا إختلت تلك القوى بمقدار متناھى فى الصغر ) قد يقدر بواحد
على يساره 180صفر قبل العالمة العشرية( فإن النظام الكونى قد ينھار تماما…ھذا التدقيق المتناھى
للكون يطرح شكوك ھائلة حول نظرية اإلنفجار الكبير ،إذ أن النموذج الحالى للكون بھذا التدقيق المتناھى
ال يمكن أن يكون خاضع التساع مطرد عشوائى يھيمن على أجرامه السماوية ومداراته ،وھذا التدقيق
المتناھى أيضا يفتح الباب على مصراعيه أمام أطروحة التصميم الذكى Intelligent Designللكون ،والتى
تنتھى باإلستدالل على الخالق
ھذه ھى ثالثة أمثلة ،طرحتھا فقط إلثبات أن العلم التجريبى الحديث – اآلن – يواجه أصعب مراحله منذ
نشوئه فى القرنين الخامس عشر والسادس عشر الميالديين ،وھذه المرحلة قد تنتھى بتحطيم قواعد
العلم التجريبى كما عرفناه طوال ھذه القرون…مشكلة العلم التجريبى الحديث أنه بنى على فرض أن
الكون مستمر وباق بدون أى رعاية أو ضبط مستمر لحركته وصفاته ،وحتى يتم ذلك فإن العلم التجريبى
أيضا قد افترض أن ھناك مجموعة من القوانين الدقيقة الجامدة التى تحكم ھذا الكون ،وأن الحواس
البشرية تستطيع الوضول إليھا بواسطة المشاھدة واإلستنتاج…ثم فى النھاية تبين أن كل القوانين التى
يضعھا البشر بواسطة قواعد العلم الحديث تنھدم كلما تطورت أدوات المشاھدة ! ھذه ھى المشكلة
الحقيقية…ويالھا من مشكلة…!
على النقيض تماما من العلم التجريبى يقف العلم الطبيعى فى اإلسالم… .باختصار شديد ،العلم
الطبيعى من المنظور اإلسالمى مبنى على اإليمان بوجود صانع وخالق لھذا الكون ،ھذا الصانع يتصف
بصفات الكمال المطلقة كما يمكن أن يتخيلھا المنطق البشرى ،والتصافه بھذه الصفات فإن الكون الذى
خلقه منضبط إلى ھذا الحد الھائل ،بل وفوق ھذا الحد أيضا ،كما ال يمكن لبشر أن يتخيل…أما حدود
اإلدراك البشرية فتنتھى عند إدراك بعض القوانين التى نتجت عن إحكام خلق الكون ،وبواسطة موھبة
اإلستنتاج والتفكير الذكى الذى وضعه ھذا الخالق فى عقل البشر ،فإنھم يستطيعون إستنباط القوانين
التى تمكنھم من الحياة برفاھية على سطح األرض من المشاھدات الطبيعية…وعندما يطرح اإلسالم مبدأ
أن القوانين المدركة )ناتجة( عن النظام الذى وضعه خالق الكون وليست )حاكمة( لھذا الكون فإنه يفتح
الباب على مصراعيه أمام أى مشاھدة تخالف ما عرفه البشر من نظريات أو قواعد ،وبھذا فإنه يعطى حرية
فكرية أوسع وأكبر لإلستنتاج واإلستنباط ،وفى نفس الوقت يكرس اإليمان بصفات )القدرة( و)الملك(
و)الحكمة( المطلقة التى يتصف بھا الخالق الذى يستطيع أن يغير كل ھذه القوانين الطبيعية أو بعضھا
كيفما شاء ووقتما شاء ،وھنا يكتفى العلم التجريبى الحديث بكلمة )ظاھرة غير مفسرة Unexplained
(Phenomenonأو )ظاھرة مما وراء الطبيعة (Metaphysical Phenomenonلوصف ما يحدث…
إذن يمكننا من ھذا أن نستنتج أنه من المستحيل أن يؤمن المرء بأصول وقواعد العلم التجريبى الحديث
واإلسالم فى آن واحد…! نعم ! ألنه إذا ادعى المرء ھذا التناقض فأول ما سيصطدم به عند تعمقه فى
دراسة أى فرع من فروع العلوم الطبيعية ھو )تفسير( الظواھر الطبيعية الغير مألوفة…فإذا نحا
نحو تفسيرھا تبعاً للقوانين المعروفة والموضوعة بأصول العلم التجريبى الحديث فسيكون الفشل الذريع
من نصيبه…وإذا حاول أن يعزو ھذه الظواھر لتدخل ذو طبيعة )إلھية( فسيكون أضحوكة العلماء التجريبيين
الحداثيين ،بل وسينقض قواعد العلم الذى يؤمن به…
الضوابط العقلية والفكرية التى يجب أن تحكم علماء المسلمين الذين إنتووا أن يمخروا عباب العلوم
الطبيعية ھى )اإليمان( المطلق بأن القوانين التى يستدلون عليھا من مشاھداتھم إنما )نتجت( عن تصرف
)الخالق( جل وعال فى ملكه وليست تلك القوانين ھى التى )تحكم( تصرف الظواھر الطبيعية التى
يشاھدونھا…فعلى سبيل المثال ،يجب أن يؤمن علماء الفلك المسلمون بأن حركة القمر حول الشمس
والقوانين التى تحكمھا إنما نتجت عن مقادير معينة قدرھا ﷲ لھذه األجرام ،وھو قادر على أن يغيرھا
لثانية أو حتى فمتوثانية ،وأنھا ليست تلك الوانين ھى التى تحكم حركة القمر وال غيره من األجرام
السماوية
وثانى ھذه الضوابط ھو )تقديس( نصوص الوحيين ألن فيھا علم يقينى ال يشوبه النقصان أو الخلل ،وإعطاء
ھذه النصوص أھمية تزيد بقدر ھائل عن األھمية التى تعطى لغيرھا من النصوص من حيث مكانتھا فى
اإلستدالل على الحقائق الكونية والطبيعية ،ومن حيث مكانتھا فى التطبيق والتشريع وما إلى
ذلك…وأعنى بكلمة )التقديس( الخضوع واإلنقياد لنصوص الوحيين ومنع )أدوات( العلم التجريبى الحديث من
)تلويثھا( والخوض فيھا…فعال سبيل المثال ليس ألحد األطباء المسلمين أن يقارن بين حديث فى
الصحيحين وبين تقرير طبى أعده بعض العلماء التجريبيين بأدواتھم وعلومھم وأصولھم التى مكانھا اآلن
التشكيك والسؤال والتمحيص…ال ينبغى لطبيب مسلم أن يفعل ھذا ،وإال كان عليه أن يراجع
إيمانه )بقدسية( الوحى…
أما ثالث ھذه الضوابط فھو )معرفة قدر حواسه( وقدراتھا وحدودھا ،فيصون عقله وقلبه ووقته من أن يضيعه
فى أمور قد قدر ﷲ علي البشر أنھم لن يدركوھا…فإذا كان من العالم المسلم حق الخضوع لسلطان ﷲ
وملكه ،والمعرفة بقدره جل وعال وتسلطه المطلق على كافة خلقه ،فسيتوقف عن الخوض فى مسائل
الجدل النظرية التى ال مقصد من مقاصد عمارة األرض واستخالفھا من ورائھا ،فإذا شعر بأنه بصدد مسألة
تتعلق بإرادة ﷲ وتصرفه فى ملكه ،كان ذلك صارفاً له عن تلك المسألة إلى غيرھا مما يسر ﷲ للبشر
إدراكه لتحقيق مقصد من مقاصد الشريعة…
العلم اليقينى ھو ماجاء به النبى – صلوات ﷲ وسالمه عليه – وما دون ذلك كله فظنٌ…وإن الظن ال يغنى
من الحق شيئاً
Written by saqure
أرسلت فى فلسفة الرياضيات ,نقد العلوم الحديثة ,الحضارة اإلسالمية ,الحضارة الغربية ,المادة المظلمة,
الفيزياء الكونية ,ماھية الكون ,التطرف الغربى ,عصر التنوير ,الحداثة ,اإللحاد ,التقدم العلمى ,العالمانية
وسوم الموضوع العلم الحديث ,رياضيات ,المنھج التجريبى ,الدين و العلم ,نظرية المعرفة ,الحضارة الغربية,
الفيزياء الكونية ,حدود الكون ,الجاذبية الكونية ,النظرية النسبية ,التطرف الغربى ,المبدأ األنثروبى ,اإللحاد
الغربى ,فرضية األكوان المتعددة ,ماھية الكون ,تفسير كوبنھاجن ,علوم الشريعة ,العلوم الطبيعية ,العالقة
بين الدين والعلم ,التغريب
اترك رد
* Your email address will not be published. Required fields are marked
االسم *
* Email
الموقع
Comment
>""=You may use these HTML tags and attributes: <a href="" title=""> <abbr title
>""=<acronym title=""> <b> <blockquote cite=""> <cite> <code> <pre> <del datetime
<<em> <i> <q cite=""> <strike> <strong
خدمة RSS
RSS - Posts
RSS - Comments
أدخل بريدك اإللكترونى ھنا لتشترك فى مدونة "ھل نبقى ؟" وسيمكنك تلقى إشعارات عند نشر مقاالت
أو مواد جديدة
أحدث تدويناتى
أحدث التعليقات
Blogroll
مدونة أفكار
عن المدونة
مفاھيم – تعريفات
مدونة أفكــــار
معلومات عن المدونة
صاحب المدونة
صفحات
مفاھيم – تعريفات
مدونة أفكــــار
معلومات عن المدونة
صاحب المدونة
بحث
أرشيف ھل نبقى ؟
متفرقات
تسجيل
تسجيل الدخول
خالصة آخر التدوينات RSS
خالصة آخر التعليقات RSS
WordPress.com
وسوم المدونة
االستدالل بالحقائق العلمية في الفقه اإللحاد العلمى األنثروبي ألبرت أينشتين إثبات
علوم الشريعة