You are on page 1of 5

‫"االعالم االلكتروني ‪..

‬غير منظم قانونيا ومعاقب على الجرائم المرتكبة بواسطته "‬

‫المحامي محمد قطيشات‬

‫وضع المشرع األردني االعالم – لغايات تنظيمه ‪ -‬في عدة قوالب قانونية محددة بحيث جعل كل‬
‫قالب قانوني في تشريع مستقل ‪ .‬وكانت الحكمة من وراء ذلك التفريق في التخصصات‬
‫واالختصاصات واعطاء كل قسم من أقسام االعالم الخبرة التي تحتاجها ‪ ,‬فنجده وضع االعالم‬
‫المرئي والمسموع= ‪ -‬بما يشمله من بث هوائي ( اذاعة ومحطات أرضية وفضائية )‪ -‬في قانون‬
‫االعالم المرئي والمسموع= وكذلك وضع الصحافة المكتوبة بما يشملها من صحف وكتب ومجالت‬
‫في قانون المطبوعات والنشر= ‪ .‬وحدد في كل قانون النطاق الذي يجب ان يشمله القانون ‪.‬‬

‫وبقي االعالم االلكتروني عن طريق= الشبكة الدولية للمعلومات " االنترنت " الذي ينظر اليه المشرع‬
‫االردني أنه اعالم عالمي وليس من المنطق أن يقوم بوضع تشريع تنظيمي= محلي العالم عالمي‬
‫يمارس من خارج االردن ويُقرأ في مواقع الكترونية خارج االردن وهي ايضا ال تنتمي الى بلد‬
‫معين ‪ .‬لذا نجده استثناه من تطبيق أي قانون خاصة قانون االعالم المرئي والمسموع وهو المكان‬
‫الطبيعي للمواقع االلكترونية‪.‬‬

‫وفي تفنيد ذلك ومعالجته قانونيا‪ ،‬نرى أن المادة الثانية من قانون المطبوعات والنشر تعرف‬
‫المطبوعة بأنها "كل وسيلة نشر دونت فيها المعاني أو الكلمات أواألفكار= بأي طريقة من الطرق"‪،‬‬
‫مما يوحي بأن "المواقع اإللكترونية تدخل في تعريف المطبوعة" الواردة في هذه المادة وهو أمر‬
‫"مغلوط"‪.‬‬

‫ويرجع ذلك إلى أن "تعريف المطبوعة ال ينظر اليه بشكل مستقل؛ فالمشرع عندما يضع تعريفا ً‬
‫عاما ً ويلحقه بتعريفات تفصيلية ال يبقى العام عاما وإنما يصبح هذا التعريف خاصا‪ ،‬وهو ما يطبق‬
‫على قانون المطبوعات والنشر= الذي قسم المطبوعات إلى عدة أنواع لغايات التنظيم‪.‬‬
‫وتتمثل هذه األنواع في المطبوعات الدورية التي تشمل المطبوعات الصحفية من يومية وغير يومية‬
‫تصدر بانتظام‪ ،‬فضال عن المتخصصة التي تعنى في "مجاالت محددة"‪.‬‬

‫وبالتالي ال يمكن القول بأن المشرع كان يقصد شمول الصحافة اإللكترونية بتعريف= المطبوعة؛ إذ‬
‫لو قصد المشرع ذلك لقاله كما فعل بالتعريفات السابقة دون أن يترك األمر دون تحديد‪.‬‬

‫كما أن كل نوع من انواع المطبوعات الواردة في التعريفات السابقة له احكام قانونية وتنظمية واردة‬
‫في القانون "وهذا منطقي"‪ ،‬في حين أن ال يوجد أي حكم ينظم الصحافة االلكترونية سواء في هذا‬
‫القانون أوفي أي قانون آخر‪.‬‬

‫كما أنه "من غير المعقول" أن يعتبر المشرع أمرا ما ضمن النطاق التطبيقي ألي قانون دون ان‬
‫يضع له احكامه القانونية التنظيمية في القانون ذاته ألنه "سيكون من قبيل اللغو والمشرع ال يلغو"‪.‬‬

‫والسؤال المطروح هنا "هل تصلح نصوص قانون المطبوعات والنشر رقم ‪ 27‬لسنة ‪2007‬‬
‫للتطبيق على المواقع االلكترونية والصحافة االلكترونية ؟"‪.‬‬

‫إن اإلجابة على هذا التساؤل تفرض طرح تساؤالت أخرى أكثر عمقا‪ ،‬فهل نصوص القانون التي‬
‫تفترض وجود صفة الصحفي‪ ،‬وهو عضو النقابة المسجل في نقابة الصحفيين فقط‪ ،‬ينطبق على‬
‫مسؤولي= المواقع اإللكترونية في حين أن قانون نقابة الصحفيين ال يشملهم أساساً‪.‬‬

‫وهل شروط= واجراءات الترخيص الواردة في القانون والتي تقتصر فقط على رخص المطبوعات‬
‫الدورية والمتخصصة من الممكن أن تنطبق على المواقع االلكترونية؟‬

‫وهل شروط= مالكي المطبوعات الدورية والمتخصصة ومدراءها= ورؤساء تحريرها= تنطبق على‬
‫مالكي ومدراء ورؤساء تحرير المواقع= االلكترونية؟‪ ،‬كما أن النصوص القانونية التجريمية الخاصة‬
‫بعمل الصحفي الذي يعمل في المطبوعات الدورية هل تنطبق على المواقع اإللكترونية؟‬

‫إن اإلجابة على هذه التساؤالت القانونية والتي يفترض أن تكون قانونية أيضا وليست "اعتباطية"‬
‫تتمثل في أن "المشرع عندما يضع نص قانوني= يعالج حالة معينة ال يجوز= تجاوزها بأي حال من‬
‫االحوال لذا يجب اإللتزام بالتعريفات والصيغ الواردة في كل نص قانوني"‪.‬‬
‫وبالتالي ال يمكن بأي حال من االحوال تطبيق= النصوص الخاصة بالمطبوعات الدورية بأنواعها‬
‫وبرؤساء= التحرير والصحفيين الواردة في نصوص قانون المطبوعات والنشر= على المواقع=‬
‫االلكترونية‪.‬‬

‫و القول بخالف ذلك يجافي= الحقيقة القانونية التي يمكن فهمها مباشرة من خالل الصياغة العامة‬
‫لنصوص هذا القانون واألسباب الموجبة له وتعريفات المحاكم وتفسيراتها= للمطبوعة والتي تدور‬
‫كلها على ان المقصود= بالمطبوعة هي المطبوعات الدورية وفقا لتعريفات القانون ‪.‬‬

‫كما أن أي تفسير يقول بعكس ذلك انما هو تفسير غير قانوني لعدم جواز "تفسير نص قانوني= فسرته‬
‫المحاكم أساسا"‪.‬‬

‫و يتجه البعض للقول بأن هذا النوع من اإلعالم ينضوي تحت مظلة قانون اإلعالم المرئي‬
‫والمسموع= "وهو ما ال أتفق معه"؛ فنصوص هذا القانون واضحة وصريحة‪.‬‬

‫و عرفت المادة الثانية من القانون الإعالم المرئي والمسموع بأنه "كل عملية بث تلفزيوني أو إذاعي‬
‫توصل للجمهور أو فئات معينة منه إشارات أو صورا= أو أصواتا= أو كتابات من أي نوع كانت ال‬
‫تتصف بطابع المراسالت الخاصة بواسطة القنوات والموجات واجهزة البث والشبكات وغيرها من‬
‫تقنيات ووسائل= واساليب البث او النقل‪.‬‬

‫كما عرف القانون عملية البث بأنها "إرسال الأعمال أو البرامج الإذاعية والتلفزيونية‪ ،‬بواسطة‬
‫موجات كهرومغناطيسية أوعبر أقمار= صناعية أو تقنيات أو وسائل أخرى مهما كان وصفها‬
‫أوطبيعتها= تمكن الجمهور من استقبالها عبر جميع الوسائل الفنية بمختلف= مسمياتها= ويستثنى= من ذلك‬
‫الشبكة الدولية للمعلومات (االنترنت)"‪.‬‬

‫كما نجد ان المشرع االردني= نص في المادة ‪ 38‬من قانون المعامالت االلكترونية رقم ‪ 85‬لسنة‬
‫‪ 2001‬على ان "كل من يرتكب فعال يشكل جريمة بموجب التشريعات= النافذة بواسطة استخدام‬
‫الوسائل الإلكترونية بالحبس مدة ال تقل عن ثالثة اشهر وال تزيد على سنة أو بغرامة ال تقل عن‬
‫ثالثة االف دينار وال تزيد على عشرة االف دينار او بكلتا هاتين العقوبتين"‪.‬‬
‫و يعاقب بالعقوبة الأشد إذا كانت العقوبات المقررة في تلك التشريعات تزيد على العقوبة المقررة في‬
‫هذا القانون‪.‬‬
‫وفي تطبيق قضائي= حديث لمحكمة استئناف= عمان في قضية نظرتها= ‪،‬كان المشتكى عليه موقع‬
‫الكتروني= وجدت المحكمة ان قانون المعامالت االلكترونية ال ينطبق= ايضا على نشر االخبار من‬
‫خالل المواقع االلكترونية ذلك ان المادة الثانية من قانون المعامالت االلكترونية عرفت المعامالت‬
‫االلكترونية المقصودة بالقانون انها تلك التي تتم بين طرفين= او اكثر النشاء التزامات على طرف‬
‫واحد او التزامات تبادلية بين اكثر من طرف ويتعلق= بعمل تجاري او التزام مدني او بعالقة مع اي‬
‫دائرة حكومية وبناء عليه فان نشر االخبار= من خالل المواقع االلكترونية ال يعتبر من ضمن‬
‫المعامالت المقصودة في قانون المعامالت االلكترونية‪.‬‬

‫بيد أن األسئلة التي تدور= مرارا وتكرارا حول اإلعالم اإللكتروني‪ ،‬ماذا لو ارتكب القائم على هذه‬
‫الوسائل اإللكترونية جريمة من الجرائم؟‪ ،‬فما الذي سيحكمه‪ ،‬وكيف سيعاقب؟‪ ،‬في ظل "عدم وجود=‬
‫قانون يحكم هذه المواقع اإللكترونية"‪.‬‬

‫إن اإلجابة على هذه األسئلة تستدعي العودة إلى الأحكام والقواعد العامة في قانون العقوبات‬
‫وترتكب من خالل الإعالم بوسائله المختلفة؛ إذ تنص الفقرة الثالثة من المادة ‪ 73‬من قانون‬
‫العقوبات أنه تعد من وسائل العلنية"الكتابة والرسوم= والصور= اليدوية والشمسية واألفالم=‬
‫والشارات والتصاوير= على اختالفها= إذا عرضت في محل عام أو مكان مباح للجمهور‪ ،‬أو‬
‫معرض لألنظار أو بيعت أو عرضت للبيع أو وزعت على أكثر من شخص"‪ ،‬ما يعني وجود‬
‫أساس قانوني لمسائلة أي شخص يرتكب جريمة من خالل أي موقع الكتروني= إخباري أو‬
‫إعالمي‪ ،‬فيما تحدد عقوبة الفعل بموجب نوع الجريمة المرتكبة من ذم وقدح وغيرها وفق‬
‫أحكام المادة ‪ 189‬من قانون العقوبات‪.‬‬

‫وعرفت المادة الثانية من قانون االتصاالت االردني= االتصاالت بأنها "نقل أو بث أو استقبال أو‬
‫إرسال الرموز أو اإلشارات أو األصوات أو الصــــور أو البيانات‪ ،‬مهما كانت طبيعتها‪ ،‬بواسطة‬
‫الوسائل السلكية أو الراديوية أو الضوئية أو بأي وسيلة أخرى من األنظمة اإللكترونية"‪ ،‬فيما عاقبت‬
‫الفقرة (أ) من المادة ‪ 75‬من القانون ذاته كل من اقدم= ‪ ،‬باي وسيلة من وسائل االتصاالت ‪ ،‬على‬
‫توجيه رسائل تهديد أو اهانة أو رسائل منافية لالداب أو نقل خبرا مختلقا ً بقصد اثارة الفزع يعاقب‬
‫بالحبس مدة ال تقل عن شهر وال تزيد على سنة أو بغرامة ال تقل عن ‪ 300‬دينار وال تزيد على‬
‫ألفي دينار أو بكلتا هاتين العقوبتين‪.‬‬

You might also like