Professional Documents
Culture Documents
وضع المشرع األردني االعالم – لغايات تنظيمه -في عدة قوالب قانونية محددة بحيث جعل كل
قالب قانوني في تشريع مستقل .وكانت الحكمة من وراء ذلك التفريق في التخصصات
واالختصاصات واعطاء كل قسم من أقسام االعالم الخبرة التي تحتاجها ,فنجده وضع االعالم
المرئي والمسموع= -بما يشمله من بث هوائي ( اذاعة ومحطات أرضية وفضائية ) -في قانون
االعالم المرئي والمسموع= وكذلك وضع الصحافة المكتوبة بما يشملها من صحف وكتب ومجالت
في قانون المطبوعات والنشر= .وحدد في كل قانون النطاق الذي يجب ان يشمله القانون .
وبقي االعالم االلكتروني عن طريق= الشبكة الدولية للمعلومات " االنترنت " الذي ينظر اليه المشرع
االردني أنه اعالم عالمي وليس من المنطق أن يقوم بوضع تشريع تنظيمي= محلي العالم عالمي
يمارس من خارج االردن ويُقرأ في مواقع الكترونية خارج االردن وهي ايضا ال تنتمي الى بلد
معين .لذا نجده استثناه من تطبيق أي قانون خاصة قانون االعالم المرئي والمسموع وهو المكان
الطبيعي للمواقع االلكترونية.
وفي تفنيد ذلك ومعالجته قانونيا ،نرى أن المادة الثانية من قانون المطبوعات والنشر تعرف
المطبوعة بأنها "كل وسيلة نشر دونت فيها المعاني أو الكلمات أواألفكار= بأي طريقة من الطرق"،
مما يوحي بأن "المواقع اإللكترونية تدخل في تعريف المطبوعة" الواردة في هذه المادة وهو أمر
"مغلوط".
ويرجع ذلك إلى أن "تعريف المطبوعة ال ينظر اليه بشكل مستقل؛ فالمشرع عندما يضع تعريفا ً
عاما ً ويلحقه بتعريفات تفصيلية ال يبقى العام عاما وإنما يصبح هذا التعريف خاصا ،وهو ما يطبق
على قانون المطبوعات والنشر= الذي قسم المطبوعات إلى عدة أنواع لغايات التنظيم.
وتتمثل هذه األنواع في المطبوعات الدورية التي تشمل المطبوعات الصحفية من يومية وغير يومية
تصدر بانتظام ،فضال عن المتخصصة التي تعنى في "مجاالت محددة".
وبالتالي ال يمكن القول بأن المشرع كان يقصد شمول الصحافة اإللكترونية بتعريف= المطبوعة؛ إذ
لو قصد المشرع ذلك لقاله كما فعل بالتعريفات السابقة دون أن يترك األمر دون تحديد.
كما أن كل نوع من انواع المطبوعات الواردة في التعريفات السابقة له احكام قانونية وتنظمية واردة
في القانون "وهذا منطقي" ،في حين أن ال يوجد أي حكم ينظم الصحافة االلكترونية سواء في هذا
القانون أوفي أي قانون آخر.
كما أنه "من غير المعقول" أن يعتبر المشرع أمرا ما ضمن النطاق التطبيقي ألي قانون دون ان
يضع له احكامه القانونية التنظيمية في القانون ذاته ألنه "سيكون من قبيل اللغو والمشرع ال يلغو".
والسؤال المطروح هنا "هل تصلح نصوص قانون المطبوعات والنشر رقم 27لسنة 2007
للتطبيق على المواقع االلكترونية والصحافة االلكترونية ؟".
إن اإلجابة على هذا التساؤل تفرض طرح تساؤالت أخرى أكثر عمقا ،فهل نصوص القانون التي
تفترض وجود صفة الصحفي ،وهو عضو النقابة المسجل في نقابة الصحفيين فقط ،ينطبق على
مسؤولي= المواقع اإللكترونية في حين أن قانون نقابة الصحفيين ال يشملهم أساساً.
وهل شروط= واجراءات الترخيص الواردة في القانون والتي تقتصر فقط على رخص المطبوعات
الدورية والمتخصصة من الممكن أن تنطبق على المواقع االلكترونية؟
وهل شروط= مالكي المطبوعات الدورية والمتخصصة ومدراءها= ورؤساء تحريرها= تنطبق على
مالكي ومدراء ورؤساء تحرير المواقع= االلكترونية؟ ،كما أن النصوص القانونية التجريمية الخاصة
بعمل الصحفي الذي يعمل في المطبوعات الدورية هل تنطبق على المواقع اإللكترونية؟
إن اإلجابة على هذه التساؤالت القانونية والتي يفترض أن تكون قانونية أيضا وليست "اعتباطية"
تتمثل في أن "المشرع عندما يضع نص قانوني= يعالج حالة معينة ال يجوز= تجاوزها بأي حال من
االحوال لذا يجب اإللتزام بالتعريفات والصيغ الواردة في كل نص قانوني".
وبالتالي ال يمكن بأي حال من االحوال تطبيق= النصوص الخاصة بالمطبوعات الدورية بأنواعها
وبرؤساء= التحرير والصحفيين الواردة في نصوص قانون المطبوعات والنشر= على المواقع=
االلكترونية.
و القول بخالف ذلك يجافي= الحقيقة القانونية التي يمكن فهمها مباشرة من خالل الصياغة العامة
لنصوص هذا القانون واألسباب الموجبة له وتعريفات المحاكم وتفسيراتها= للمطبوعة والتي تدور
كلها على ان المقصود= بالمطبوعة هي المطبوعات الدورية وفقا لتعريفات القانون .
كما أن أي تفسير يقول بعكس ذلك انما هو تفسير غير قانوني لعدم جواز "تفسير نص قانوني= فسرته
المحاكم أساسا".
و يتجه البعض للقول بأن هذا النوع من اإلعالم ينضوي تحت مظلة قانون اإلعالم المرئي
والمسموع= "وهو ما ال أتفق معه"؛ فنصوص هذا القانون واضحة وصريحة.
و عرفت المادة الثانية من القانون الإعالم المرئي والمسموع بأنه "كل عملية بث تلفزيوني أو إذاعي
توصل للجمهور أو فئات معينة منه إشارات أو صورا= أو أصواتا= أو كتابات من أي نوع كانت ال
تتصف بطابع المراسالت الخاصة بواسطة القنوات والموجات واجهزة البث والشبكات وغيرها من
تقنيات ووسائل= واساليب البث او النقل.
كما عرف القانون عملية البث بأنها "إرسال الأعمال أو البرامج الإذاعية والتلفزيونية ،بواسطة
موجات كهرومغناطيسية أوعبر أقمار= صناعية أو تقنيات أو وسائل أخرى مهما كان وصفها
أوطبيعتها= تمكن الجمهور من استقبالها عبر جميع الوسائل الفنية بمختلف= مسمياتها= ويستثنى= من ذلك
الشبكة الدولية للمعلومات (االنترنت)".
كما نجد ان المشرع االردني= نص في المادة 38من قانون المعامالت االلكترونية رقم 85لسنة
2001على ان "كل من يرتكب فعال يشكل جريمة بموجب التشريعات= النافذة بواسطة استخدام
الوسائل الإلكترونية بالحبس مدة ال تقل عن ثالثة اشهر وال تزيد على سنة أو بغرامة ال تقل عن
ثالثة االف دينار وال تزيد على عشرة االف دينار او بكلتا هاتين العقوبتين".
و يعاقب بالعقوبة الأشد إذا كانت العقوبات المقررة في تلك التشريعات تزيد على العقوبة المقررة في
هذا القانون.
وفي تطبيق قضائي= حديث لمحكمة استئناف= عمان في قضية نظرتها= ،كان المشتكى عليه موقع
الكتروني= وجدت المحكمة ان قانون المعامالت االلكترونية ال ينطبق= ايضا على نشر االخبار من
خالل المواقع االلكترونية ذلك ان المادة الثانية من قانون المعامالت االلكترونية عرفت المعامالت
االلكترونية المقصودة بالقانون انها تلك التي تتم بين طرفين= او اكثر النشاء التزامات على طرف
واحد او التزامات تبادلية بين اكثر من طرف ويتعلق= بعمل تجاري او التزام مدني او بعالقة مع اي
دائرة حكومية وبناء عليه فان نشر االخبار= من خالل المواقع االلكترونية ال يعتبر من ضمن
المعامالت المقصودة في قانون المعامالت االلكترونية.
بيد أن األسئلة التي تدور= مرارا وتكرارا حول اإلعالم اإللكتروني ،ماذا لو ارتكب القائم على هذه
الوسائل اإللكترونية جريمة من الجرائم؟ ،فما الذي سيحكمه ،وكيف سيعاقب؟ ،في ظل "عدم وجود=
قانون يحكم هذه المواقع اإللكترونية".
إن اإلجابة على هذه األسئلة تستدعي العودة إلى الأحكام والقواعد العامة في قانون العقوبات
وترتكب من خالل الإعالم بوسائله المختلفة؛ إذ تنص الفقرة الثالثة من المادة 73من قانون
العقوبات أنه تعد من وسائل العلنية"الكتابة والرسوم= والصور= اليدوية والشمسية واألفالم=
والشارات والتصاوير= على اختالفها= إذا عرضت في محل عام أو مكان مباح للجمهور ،أو
معرض لألنظار أو بيعت أو عرضت للبيع أو وزعت على أكثر من شخص" ،ما يعني وجود
أساس قانوني لمسائلة أي شخص يرتكب جريمة من خالل أي موقع الكتروني= إخباري أو
إعالمي ،فيما تحدد عقوبة الفعل بموجب نوع الجريمة المرتكبة من ذم وقدح وغيرها وفق
أحكام المادة 189من قانون العقوبات.
وعرفت المادة الثانية من قانون االتصاالت االردني= االتصاالت بأنها "نقل أو بث أو استقبال أو
إرسال الرموز أو اإلشارات أو األصوات أو الصــــور أو البيانات ،مهما كانت طبيعتها ،بواسطة
الوسائل السلكية أو الراديوية أو الضوئية أو بأي وسيلة أخرى من األنظمة اإللكترونية" ،فيما عاقبت
الفقرة (أ) من المادة 75من القانون ذاته كل من اقدم= ،باي وسيلة من وسائل االتصاالت ،على
توجيه رسائل تهديد أو اهانة أو رسائل منافية لالداب أو نقل خبرا مختلقا ً بقصد اثارة الفزع يعاقب
بالحبس مدة ال تقل عن شهر وال تزيد على سنة أو بغرامة ال تقل عن 300دينار وال تزيد على
ألفي دينار أو بكلتا هاتين العقوبتين.