Professional Documents
Culture Documents
قبل الحديث عن أهم الضمانات القانونية لحرية الصحافة ل بد لنا ابتداء من تسليط
الضوء على أهم الركان التي تقوم عليها هذه الحرية .وذلك لن الغطاء القانوني
لحرية الصحافة ل يمكن أن يؤدي الغرض المقصود منه وهو ضمان ممارسة
الصحفيين لعملهم وتحقيق غاياته السامية في النطاق الدستوري المرسوم لها ما
لم يغلف كل عنصر من عناصر هذه الحرية بالغلف القانوني الذي ل يسمح
بالنتقاص منها او تضييق ممارستها .
ومن هنا نقول انه وبالستناد الى أهم المعايير الدولية لحرية الصحافة والعلم فانه
يمكن لنا أن نعتبر الحريات التالية من اهم العناصر الضرورية لقيام حرية الصحافة :
من الطبيعي أن نجد علقة مباشرة بين حرية اصدار الصحف والمطبوعات وبين
حرية الصحافة فلو تم تكبيل الحق في اصدار الصحف والمطبوعات بالعديد من
الشروط مثل شرط الترخيص المسبق وشرط رأس المال المطلوب لغايات
الترخيص ل يمكن لنا القول بوجود حرية كاملة للصحافة .
فلقد أصبحت معظم البلدان الديمقراطية تأخذ بنظام الشعار دون الخذ بنظام
الترخيص المسبق .
فل تتطلب )( 1أي بلد من البلدان الوروبية ول الوليات المتحد المريكية أو استراليا
اي شكل من اشكال الموافقة الحكومية على اصدار الصحف سواء أكانت تلك
الصحف دورية ام غير دورية .وفي فرنسا واسبانيا والمملكة المتحدة تفرض
شروطا للتسجيل لكنها ل تملك حق رفض هذا التسجيل
ة نعتقد أن حرية اصدار الصحف تمتد لتشمل عاملين أساسيين هما : وحقيق ً
حرية الطبع والنشر والتوزيع والعرض . •
وحظر أي شكل من أشكال الرقابة المسبقة أو اللحقة •
ً
على الصحف والمطبوعات وذلك وفقا للنظرة الدستورية لحرية
الصحافة والطباعة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (1المصدر :حرية الصحافة من منظور حقوق النسان_ كراسات ابن رشد -2تقديم د .محمد السيد سعيد.
الناشر مركز القاهرة لدراسات حقوق النسان .دراسة مقارنة لحرية الصحافة في الديمقراطيات الوروبية
وغير الوروبية .الصادر عن منظمة المادة ) (19عام .1993
وعليه يفترض وجود آلية معينة تلزم المصادر التي تحوز المعلومات لغايات تمكين
الصحفي من الحصول على المعلومات وأن تعطي لهذا الصحفي حق التظلم
والستئناف للجهات القضائية عند حبس المعلومات عنه .وهذا يعني بحكم الضرورة
عدم وجود قانون آخر يجعل الصل حظر نشر المعلومات .
وهذه بعض النماذج من الدول الوروبية .
)فتوفر النمسا وهولندا والسويد صراحة الحق الدستوري في الوصول الى
المعلومات التي بحوزة الحكومة وتتبع السويد والنمسا مبدأ اتاحة الطلع العام
على كل الوثائق ما لم يوجد تشريع يسمح صراحة باستثناء عكس ذلك ،وفي
النمسا يوجد شرح مسهب لذلك المبدأ في المواد القانونية )الفيدرالية وتلك
الخاصة بالمقاطعات( المتعلقة بحرية تداول المعلومات ،وحتى لو كان طلب
المعلومات يمس احد المجالت المستثناه فل بد ان توازن السلطات بين المصلحة
التي تعود على الصالح العام من كشف المعلومة والمصلحة التي تعود عليه من
بقائها طي الكتمان ،والسلطات السويدية ملزمة بالبت في طلب المعلومة في بحر
) (2
يوم واحد وال تعين عليها ان تقدم اسباب تأخرها في تلبية الطلب
لذا نعتقد بضرورة وجود تشريع يضمن حق الوصول للمعلومات لضمان هذا الركن
المهم من أركان حرية الصحافة و ان يقوم هذا التشريع على المبادئ الساسية
) (3
التالية:
إن طلبات الحصول على المعلومات يجب أن يكفل لها القانون
سرعة البت فيها وان يوفر طريقة طعن محددة في قرار رفض التصريح
بها ،بما في ذلك إمكانية اللجوء إلى القضاء للطعن في قرار رفض إعطاء
المعلومات دون رسوم أو برسوم مخفضة .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (2المصدر :حرية الصحافة من منظور حقوق النسان_المصدر السابق .
) (3تستند هذه المبادئ-نتيجة دراسات طويلة وتحاليل واستشارات يشرف عليها المركز الدولي لمناهضة
الرقابة على حرية التعبير وتسمى )منظمة المادة -(19إلى الخبرة الواسعة والعمل الشامل مع منظمات
شريكة في عدد من بلدان العالم .وقد صدقت هذه المبادئ من قبل مقرر المم المتحدة الخاص عن حرية
الرأي والتعبير )التقرير السنوي لعام E / 4/ 2000 / 63 ، 2000الفقرة .( 43كما صدق عليها المقرر
الخاص لهيئة الوليات المريكية عن حرية الرأي والتعبير
)التقرير السنوي لعام ( 1999
يجب أن ينص القانون على أن تكون جميع اجتماعات الهيئات العامة
الحاكمة مفتوحة للجمهور ،حتى يصبح الجمهور واعيا بما تقوم به السلطات
ويتمكن من المشاركة في عملية صنع القرار ،كما ينبغي العلن عن
الجتماعات بموجب إخطار مناسب .
يتعين أن يتضمن القانون نصا يفسر كل النصوص المتعلقة بتداول
المعلومات في أي قانون آخر تفسيرا يسمح بحرية الوصول إليها ،وإذ ساد
خلف بين حرية الوصول إلى المعلومات أو سريتها تسو د النصوص القانونية
التي تتيح حرية الوصول إلى المعلومات .
أخيرا يجب أن يتضمن القانون حماية حقيقية وفاعلة للفراد الذين
يدلون بمعلومات بحسن نية ويناء على اعتقاد معلل لن المعلومات كانت
صحيحة إلى حد كبير وأنها كشف دلئل حول خرق القانون ،مع وضعهم
مباشرة تحت حماية القانون
وحيقة ونحن في هذا الصدد أرجو أن أستأذن زملئي الصحفيين المشاركين في
تسليط الضوء على أربع مصطلحات قانونية قد تكون مطروقة على مسامعهم
إل انها بحاجة إلى توضيح وذلك لرتباطها المباشر بموضوع هذه المحاضرة :
.1مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات .
.2مبدأ قرينة البراءة .
.3مبدأ شخصية العقوبة .
.4التوقيف ) الحبس الحتياطي (
وخلصة هذا المبدأ أنه ل يمكن ان يسأل أي شخص عن فعله إذا لم يكن هذا
الفعل خاضع لنص قانون يجرم هذا الفعل ويعتبره جريمة ويبين أركانها
وعناصرها بدقة بشكل ل يكتنفه الغموض ويحدد له عقوبة معينة .
ويجب لعمال مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات أن يحدد المشرع بلغة
مفهومه_ ليس لرجال القانون فقط بل للفرد العادي ايضًا_ تحديدا ً كافيا ً
الفعال التي اقتضت الضرورة تجريمها وان يبين بوضوح تام مختلف
عناصرها واركانها بحيث يكون الفرد العادي على علم تام بما اذا كان فعله او
امتناعه مباحا ام مجرما ول ينزلق الى التعبيرات الغامضة او المتميعة
)(5
المحملة باكثر من معنى .
وتتجلى مخالفة المشرع لهذا المبدأ بكثرة النصوص المجرمة التي تصاغ
بطريقة فضفاضة واسعة ومرنة بحيث ل يمكن ضبطها بمعيار واحد ومحدد .
مثل الشعور القومي ,هيبة الدولة ....الخ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (5الستاذ عبد الله خليل _ الحماية القانونية للصحفيين واخلقيات العمل العلمي _ اصدارات مركز حماية
وحرية الصحفيين عام 2000
ثانيا ً :قرينة البراءة
ومؤداها أن النسان بريء الى ان تثبت إدانتـه بحكـم قضـائي قطعـي فتنهـار
عندئذ قرينة البراءة .فالقانون يقيم قرينــة قانونيــة علــى بــراءة كــل انســان
وبمقتضاها ل يكلف باثبات براءته ,وانما يقع ذلك علــى عــاتق النيابــة العامــة
ضمن وظيفتها الساسية في كشف الحقيقــة فتلــتزم باثبــات وقــوع الجريمــة
ونســبتها الــى المشــتكى عليــه وتقــديم الدلــة علــى ارتكــابه لهــا ول يكلــف
المشتكى عليه أن يثبت انه بريء .
رابعا ً :التوقيف
هو سلب حرية المشتكى عليه مدة من الزمن تحددها مقتضيات التحقيق
ومصلحته وفق ضوابط حددها القانون ,وتتمثل العلة من التوقيف لعتبارات
هامة تتمثل بالحتياط لحتمال فرار المتهم أو احتمال قيامه بتشويه أدلة
التهام ,وقد يكون له دور في حماية المتهم نفسه من اهل المجني عليه .
وتعتبر هذه العلل والمبررات أحد اهم الشروط الواجب توافرها في قانونية
التوقيف .اذ بدونها يكون التوقيف سلب للحرية دون وجه مشروع .
بعد هذه الطللة السريعة على أهم المقومات التي لها دور نعتقد انه رئيسي في
تدعيم جذور حرية الصحافة ,سنتوجه مباشرة في الفصل القادم الى اهم
الضمانات في البناء القانوني الردني والتي تمثل ضمانة لحرية الصحافة ,أما ما
مدى نجاح هذه الضمانات في توفير الحماية القانونية للصحفيين وهل لها دور كبير
في قيام أركان حرية الصحافة على أرض الواقع فسيكون ذلك مدار بحث الفصل
الثاني من هذه المحاضرة .
الفصل الول
الضمانات التشريعية لحرية الصحافة
أول ً :الصحافة والعلم في الدستور الردني لسنة : 1952
من المعروف أن الصحافة والعلم بشكل عام هما مظهرين أساسيين لحرية الرأي
والتعبير بل وهما عنصرين ضروريين لوجود حرية الرأي والتعبير .
ومن المعروف أن حرية الرأي والتعبير هي إحد أهم الحقوق والحريات العامة التي
ل يجوز المساس بها والتي كفلتها الدساتير وحرصت على النص عليها في مطلع
موادها وقبل الحديث عن أجهزة الدولة ونظام الحكم .
وكون حرية الرأي والتعبير حق لصيق بشخص النسان فهي من ضمن حريته
الشخصية أيضا ً والتي ضمنتها معظم دساتير العالم ومنها الدستور الردني بالنص
عليها باعتبار ) الحرية الشخصية مصونة (
ولقد كفل الدستور الردني لسنة 1952وفي المادة ) (15منه حرية الرأي والتعبير
بشكل عام بل وخصص الصحافة والطباعة بحرية مستقلة .حيث نصت تلك المادة
على التي -:
المادة )-: (15
تكفل الدولة حرية الرأي ،ولكل أردني أن يعرب بحرية عن رأيه -1
بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير بشرط أن ل يتجاوز حدود
القانون .
الصحافة والطباعة حرتان ضمن حدود القانون . -2
ل يجوز تعطيل الصحف ول إلغاء امتيازها إل وفق أحكام القانون . -3
يجوز في حالة إعلن الحكام العرفية أو الطوارئ أن يفرض القانون -4
على الصحف والنشرات والمؤلفات والذاعة رقابة محدودة في المور التي
تتصل بالسلمة العامة وأغراض الدفاع الوطني .
ينظم القانون أسلوب المراقبة على موارد الصحف . -5
وحقيقة يمكننا أن نستخلص مبدأ جامع من هذين المبدأين وهو أن القانون ل يجوز
أن يفرغ الحقوق الدستورية ومن ضمنها الحق في التعبير من مضمونها بدعوى
تنظيمها وأن عليه واجب إحترامها وتوسيع نطاق ممارستها ومنع أي قيود عليها
ترهقها .وأن النص القانوني الذي ل يحترم ذلك يعتبر في حقيقته نصا ً غير دستوريا ً
يمكن الطعن عليه وتجاهله .
ولقد كان للقضاء الردني عدة تجارب في هذا المجال وأهمها :
قرار محكمة العدل العليا بتاريخ 26/1/1998م بإعتبار قانون المطبوعات والنشر
رقم ) (27لسنة 1997مؤقت قانونا ً مخالفا ً للدستور ويجب وقف العمل به .ومن
أهم ما جاء بذلك القرار -:
) إن معالجة أوضاع الصحافة ليست خطرا ً جسيما ً واضحا ً ول وضعا ً طارئا ً مهما ً
فليس شأن الصحافة شأن الكوارث التي تقع أو الحرب التي تنشب فجأة أو الفتنة
التي توجب مجابهة سريعة لئل ينشر خطرها في كيان الدولة وتعصف
بمؤسساته ( .
___________________________________________________
) (6المصدر :المحامي بالنقض الستاذ نجاد البرعي /حرية التعبير بين الدساتير العربية والعهد الدولي
للحقوق المدنية
والسياسية /اصدارات مركز حماية وحرية الصحفيين.
)(7حكم المحكمة الدستورية العليا 6ابريل 1996مجموعة أحكام المحكمة الجزء السابع ص . 551
) (8حكم المحكمة الدستورية العليا 5أغسطس 1995مجموعة أحكام المحكمة الجزء السابع ص . 106
ثانيا ً :الصحافة والعلم في المعاهدات والمواثيق الدولية:
تعتبر الصحافة أحد أهم أشكال حرية الرأي والتعبير وهذه الحرية من أهم حقوق
النسان والتي تعتبر لصيقة بشخص النسان.
ً
ولقد وضعت المم المتحدة وبعض الوكالت المتخصصة منذ نشأتها نظاما لحماية
حقوق النسان وتعزيزها يرتكز على نوعين من آليات التطبيق :تعرف الولى
بالليات التعاهدية أي التي تستند إلى التزامات ملزمة قانونا أخذتها الدول على
عاتقها بموجب مختلف المعاهدات مثل العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية
وغيرها من المعاهدات الدولية .أما الثانية فتعرف بأسم الليات غبر التعاهدية أي
تلك التي أنبثقت من إجراءات إتخذتها أحهزة المم المتحدة للنظر في النتهاكات
التي تقع داخل نطاق إختصاصها .
وذلك بخلف " العلن " والذي هو عبارة عن نص دولي يتضمن مجموعة من
المبادئ الساسية المتعلقة بموضوع معين ويصدر العلن بالجماع إما في إختتام
مؤتمر دولي خاص بموضوع معين أو عن الجمعية العامة للمم المتحدة وليس
للعلن أي قوة إلزامية بل قوة معنوية أو أدبية .مثال :العلن العالمي
لحقوق النسان .
و لقد كفلت العديد من المعاهدات والمواثيق الدولية والعلنات حرية الرأي
والتعبير كضمانة أساسية لحرية الصحافة والعلم .ومن أهم هذه المعاهدات
والمواثيق الدولية التي إنضم إليها الردن وصادق عليها .
على أن تلك المادة ل تعترف بتلك الحرية بشكل مطلق ولكنها تضع لها بعض
الضوابط القانونية وهذا ما نصت عليها الفقرة الثالثة من المادة )-: (19
/3تستتبع ممارسة الحقوق المنصوص عليها في الفقرة ) (2من هذه المادة
واجبات ومسئوليات خاصة وعلى ذلك يجوز إخضاعها لبعض القيود ولكن
شريطة أن تكون محددة بنص القانون وأن تكون ضرورية -:
أ( لحماية المن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الداب العامة
ب( لحترام حقوق الخرين أو سمعتهم .
وفضل ً عن ذلك فإن المادة ) (20من العهد تضع قيدين أساسيين على حرية التعبير
هما الدعاية إلى الحرب ،والدعوة إلى الكراهية فتنص المادة على أنه -:
)) تحظر بالقانون أي دعاية للحرب ،كما تحظر بالقانون أي دعوة إلى الكراهية
القومية أو العنصرية أو الدينية تشكل تحريضا ً على التمييز أو العداوة أو العنف ((
على أن تلك القيود والضوابط جميعها ووفقا ً لحصر لفظ العهد الدولي للحقوق
المدنية والسياسية في المادة ) (19يتعين أن تكون تلك القيود مقبولة في مجتمع
ديمقراطي .ووفقا ً للتعليق العام رقم ) (10والصادر من لجنة حقوق النسان في
المم المتحدة على نص المادة ) (19من العهد) . (9فقد قالت اللجنة بشأن الحق
في اعتناق آراء دون مضايقة ) هذا حق ل يسمح العهد بأي استثناء له أو قيد
عليه ( .
وبشأن الفقرة الثانية من المادة ) (19المتعلقة بحماية الحق في حرية التعبير
قالت اللجنة -:
) أنه نظرا ً لتطور وسائل العلم الجماهيرية المدنية ،يلزم اتخاذ التدابير الفعالة
لمنع الرقابة على وسائط العلم بشكل يتعارض مع حق كل فرد في حرية التعبير
بطريقة ل ينص عليها في الفقرة ). ( (3
ولقد نصت المادة الثانية من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية على التي -:
-1تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد باحترام الحقوق المعترف بها فيه ،وبكفالة
هذه الحقوق لجميع الفراد الموجودين في إقليمها والداخلين في وليتها .
-2تتعهد كل دولة طرف في هذا العهد ،إذا كانت تدابيرها التشريعية أو غير
التشريعية القائمة ل تكفل فعل ً إعمال الحقوق المعترف بها في هذا العهد .بأن
تتخذ طبقا ً لجراءاتها الدستورية ولحكام هذا العهد ،ما يكون ضروريا ً لهذا
الاعمال من تدابير تشريعية أو غير تشريعية .
___________________________________________________________________
) (9وثيقة المم المتحدة A/38/40المرفق السادس ،اعتمدته اللجنة ضمن أعمال دورتها التاسعة عشرة
عام . 1983
ولقد صدق الردن على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في 28
أيار . (10)1975
ولقد صدرت الرادة الملكية السامية بالموافقة على قرار مجلس الوزراء رقم )
(1197تاريخ 23/3/2004المتضمن الموافقة على الميثاق العربي لحقوق النسان
ونشر الميثاق في الجريدة الرسمية عدد 4658تاريخ . 16/5/2004
الفصل الثاني
القيود الواردة على حرية الصحافة في التنظيم القانوني الردني
ل بد من التأكيد على أن حرية الصحافة والعلم تجسد إلىحد كبير المستوى الذي
بلغته حرية الرأي والتعبير في هذه الدولة أو تلك وذلك لننا ل نستطيع بأي حال من
الحوال عندما نتحدث عن الصحافة والعلم أن نتجاهل حق حرية الرأي والتعبير ول
نستطيع أن ننكر هذا الحق الدستوري المقدس لكل أردني حسب تعبير الدستور
الردني في المادة 15منه ) لكل أردني أن يعرب بحرية عن رأيه بالقول والكتابة
والتصوير وسائر وسائل التعبير بشرط أن ل تتجاوز حدود القانون ( .
ومن هنا وبعد إستعراضنا للضمانات الدستورية والدولية لحرية الصحافة والعلم
وبعد الطللة السريعة على العديد من القوانين والنظمة المتعلقة بالصحافة
والعلم يمكننا بإطمئنان طرح التساؤل التي -:
هل ينطلق المشرع من رؤيا توسع من حرية الصحافة والعلم
وتستلهم نص وروح الدستور والمعايير والمعاهدات والمواثيق الدولة
المتعلقة بالصحافة والعلم ؟! وإذا كانت نقطة إنطلقه تتجه نحو كل
ذلك هل نصوص التشريعات صالحة وكافيه ليصاله إلى ذلك الهدف ؟!
حقيقة يمكننا الجابة على التساؤل السابق من خلل المحاور التالية -:
المحور الول :المسؤولية الجزائية وإجراءات التحقيق والمحاكمة
والمحكمة المختصة .
المحور الثاني :دائرة التجريم والعقاب .
المحور الثالث :حق الوصول على المعلومات والحصول عليها وتداولها .
المحور الرابع :حرية الصحافة والطباعة والرقابة عليها في قانون نقابة
الصحفيين و قانون المطبوعات والنشر .
إن المسؤولية المقررة في هذا النص وهي المسؤولية على أساس التتابع وبما أنها
واردة في قانون العقوبات وهو قانون عام فإنه يطبق على جميع الجرائم المرتكبة
خلفا ً لحكام القانون مالم يرد نص خاص بشأن المسؤولية .
أما المسؤولية عن جرائم المطبوعات المرتكبة خلفا ً لحكام قانون المطبوعات
فقد فرق قانون المطبوعات والنشر رقم ) (8لسنة 1998وتعديلته بين الجرائم
المرتكبة بواسطة المطبوعات الدورية وبين الجرائم المرتكبة بواسطة المطبوعات
غير الدورية وذلك في المادة 41من القانون .
حيث نصت م/41 /ب على ما يلي -:
) تقام دعوى الحق العام في جرائم المطبوعات الدورية على رئيس التحرير
المسؤول وكاتب المادة الصحفية أو معدها بإعتبارهم فاعلين أصليين ويكون مالك
المطبوعة مسؤول ً بالتضامن والتكافل عن الحقوق الشخصية الناجمة عن تلك
الجرائم وفي نفقات المحاكم ،ول يترتب عليه أي مسؤولية جزائية إل إذا ثبت
إشتراكه أو تدخله الفعلي في الجريمة ( .
بمعنى أن المشرع جعل المسؤولية الجزائية عن جرائم المطبوعات الدورية مثل
الصحف اليومية والسبوعية مسؤولية مفترضة على رئيس التحرير.
و جعلها مسؤولية جزائية وفق أحكام القواعد العامة على كاتب المادة الصحفية
بإعتباره فاعل ً أصليا ً وكذلك الحال لمسؤولية مالك المطبوعة الجزائية فهي وفق
الحكام العامة للشتراك الجرمي .
ولقد نصت المادة 74/1عقوبات على أنه ) ل يحكم على أحد بعقوبة ما لم يكن قد
أقدم على الفعل عن وعي وإرادة ( .
ونصت المادة ) (75عقوبات على أن ) فاعل الجريمة هو من أبرز إلى حيز الوجود
العناصر التي تؤلف الجريمة أو ساهم مباشرة في تنفيذها ( .
وعليه تكون المسؤولية الجزائية على أساس التتابع والمسؤولية المقترضة لرئيس
تحرير المطبوعة الدورية .فيه مخالفة صارمة لمبدأ شخصية العقوبة ناهيك عن
مخالفة مبدأ قرينة البراءة والذي يعني أن الصل في النسان البراءة وكأحد أهم
النتائج المترتبة علىذلك المبدأ هو إلقاء عبء الثبات على النيابة العامة وليس على
المشتكى عليه
وذلك لن مثل هاتين المسؤوليتين تعني إعفاء النيابة العامة من واجبها في إثبات
العلم والراده لدى رئيس التحرير وهو ما يعني بذات الوقت نقل عبء إثبات نفي
الجرم على كاهل رئيس التحرير.
وتطبيقا ً لذلك فقد قضت المحكمة الدستورية العليا في القضية رقم )
(19قضائية دستورية في أول فبراير سنة 1997حكما ً تاريخيا ً يقضي
بعدم دستورية المادة 195عقوبات مصري التي تفترض مسؤولية
رئيس التحرير .حيث تنص تلك المادة على ) :مع عدم الخلل بالمسؤولية
الجنائية بالنسبة لمؤلف الكتابة أو واضع الرسم أو غير ذلك من طرق التمثيل
يعاقب رئيس تحرير الجريدة أو المحرر المسؤول عن قسمها الذي حصل فيه
النشر إذا لم يكن ثمة رئيس تحرير بصفته فاعل ً أصليا ً للجرائم التي ترتكب
بواسطة صحيفته ومع ذلك يعفى من المسؤولية الجنائية إذا أثبت أن النشر حصل
دون علمه وقدم منذ بدء التحقيق كل مالديه من المعلومات والوراق للمساعدة
على معرفة المسؤول عما نشر .أو إذا أرشد في أثناء التحقيق عن مرتكب
الجريمة وقدم كل مالديه من المعلومات والوراق لثبات مسؤوليته ،وأثبت فوق
ذلك أنه لو لم يقم بالنشر لعرض نفسه لخسارة وظيفته في الجريدة أو لضرر
جسيم ( .
ويتشابه نص المادة /41ب مطبوعات ونشر أردني مع نص م195 /
عقوبات مصري مع فارق إيجابي يحسب لصالح النص المصري حيث
قرر بذات النص حالت لعفاء رئيس التحرير من المسؤولية الجنائية .
ومع ذلك فقد حكمت المحكمة الدستورية العليا المصرية عدم دستورية ذلك النص
ومن أهم ما جاء بذلك الحكم :
)وحيث أن المقرر كذلك أن الصل في الجريمة أن عقوبتها ل يتحمل بها إل من
أدين كمسؤول عنها ،وهي عقوبة يجب أن تتوازن وطأتها مع طبيعة الجريمة
وموضوعها بما مؤداه أن الشخص ل يزر غير سوء عمله …… ..وأن ) شخصية
العقوبات ( وتناسبها مع الجريمة عملها يرتبطان بمن يعد قانونا ً ) مسؤول ً عن
إرتكابها ( ومن ثم نفترض شخصية العقوبة التي كفلها الدستور بنص م66 /
) شخصية المسؤولية الجنائية ( .
وأضافت المحكمة ) :ويندرج تحت هذه الحقوق إفتراض البراءة بإعتبارها أصل ً
ثابتا ً يتعلق بالتهمة الجنائية من ناحية إثباتها وليس بنوع أو قدر العقوبة المقررة لها
ولن مؤداه أل تعتبر واقعة تقوم بها الجريمة ثابتة بغير دليل وحيث أن إفتراض
براءة المتهم وصون الحرية الشخصية من كل عدوان عليها أصلن كفلهما
الدستور ( .
ً
وحيث كفل الدستور الردني ضمنا في نصوصه وكذلك العديد من التفاقيات الدولية
ومن أهمها العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية -هذين المبدأين ) شخصية
العقوبة وقرينة البراءة ( فإنني أستطيع القول أن النصوص التي تقرر المسؤولية
الجزائية الناجمة عن الجرائم المرتكبة بواسطة المطبوعات المستندة إلى التتابع أو
الفتراض هي نصوص غير دستورية ومجافية للعدالة ومجافية للمنطق السليم إذ
ليس من الممكن أن يحيط رئيس التحرير ويلم بكل ما ينشر في صحيفة تتعدى
صفحاتها وتكثر مقالتها ويبحث في كل جزئية أو عبارة تضمنتها المقالت بعينين
الفاحص .
ولماذا نفترض مسؤولية رئيس التحرير ابتداءً طالما أنه ُيسأل وفق
القواعد العامة في قانون العقوبات التي تقرر المسؤولية الجزائية
وفق قواعد الشتراك الجرمي .فتمييزه بهذا الشكل يخالف نصا ً
دستوريا ً وهو أن الجميع أمام القانون سواء .
حقيقة إن الناظر للتشريعات الجزائية الردنية يجد أنها ل تجيز حضور محام وكيل
عن الصحفي أمام المحاكم إل بوجود ذلك الصحفي .
حيث أن جريمة النشر ) المطبوعات( التي يحال عليها الصحفي إما أن تكون جناية
أو جنحة ،ولقد أفرد المشرع الردني نصوصا ً قانونيا ً خاصة بأصول الجراءات
الجزائية أمام المحكمة بصفتها محكمة جنح وأخرى بصفتها محكمة جنايات في
قانون أصول المحاكملت الجزائية رقم) (9لسنة .1961كما وحدد قانون محاكم
الصلح ايضا ً كيفية حضور المشتكى عليه جلسات المحاكمة.
وفي القانونين يجبر المشرع الردني الصحفي على المثول أمام المحاكم طوال
جلسات المحاكمة ورتب نتائج سلبية على عدم مثوله .
ال انه يوجد نص في قانون اصول المحاكمات الجزائية يجيز للصحفي عدم المثول
أمام المحاكم أو أن ينيب عنه وكيل ً في حالة واحدة نصت عليها المادة 168من
ذات القانون حيث نصت -:
]يسوغ للظنين في دعاوي الجنحة غير المعاقب عليها بالحبس أن ينيب عنه وكيل ً
ما لم تقرر حضوره بالذات [.
وحقيقة ل يوجد تطبيق عملي لهذه المادة في المحاكم هذا من جهة ومن جهة
أخرى يقتصر حق الصحفي في ذلك فقط عندما تكون الجنحة غير معاقب عليها
بالحبس ،وهذا فقط يكون عندما يعاقب بموجب قانون المطبوعات والنشر لن
كل العقوبات الواردة فيه هي من نوع الغرامة .
وهذا يعني أن الصحفي إذا ما أسند له جريمة من اختصاص محكمة أمن الدولة
يكون من حق الضابطة العدلية الحتفاظ به ومنع التصال بينة وبين أي شخص
لمدة سبعة أيام .ول يخفى على أحد مخاطر ذلك كوسيلة إكراه تؤثر على إرادة
الصحفي .
وهذا على الرغم من أن نص المادة 114من قانون أصول المحاكمات الجزائية
الردني رقم ) (9لسنة 1961وتعديلته أوجبت على أفراد الضابطة العدلية وتحت
طائلة البطلن سماع أقوال المشتكى عليه فور إلقاء القبض عليه ،وإرساله خلل
أربع وعشرين ساعة إلى المدعي العام .
أما فيما يتعلق بتوقيف الصحفي فلقد أجاز المشرع توقيفه وفقا ً للشروط
التالية :
• ففد نصت المادة 114من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم ) (9لسنة
1961وتعديلته على :
] بعد استجواب المشتكى عليه يجوز للمدعي العام أن يصدر بحقه
مذكرة توقيف لمدة ل تتجاوز خمسة عشر يوما ً إذا كان الفعل
المسند إليه معاقبا ً عليه بالحبس لمدة تزيد على سنتين أو بعقوبه
جنائية مؤقته ،وتوافرت الدلئل التي تربطه بالفعل المسند إليه ،
ويجوز له تجديد هذه المدة كلما إقتضت مصلحة التحقيق ذلك … [ .
*نصت المادة ) (7فقرة )ب ( 2/من قانون محكمة أمن الدولة رقم ) (17لسنة
1959وتعديلته على :
] على الرغم مما ورد في قانون أصول المحاكمات الجزائية المعمول
به للمدعي العام إصدار مذكرة توقيف بحق المشتكى عليه في الجنح
الداخلة في إختصاص أمن الدولة لمدة ل تتجاوز خمسة عشر يوما ً
قابلة للتجديد إذا إقتضت مصلحة التحقيق ذلك على أن ل تتجاوز مدة
التجديد شهرين [
بمعنى أن الجرائم التي تقع من الصحفيين و تكون خلفا لحكام قانون المطبوعات
ل يتم فيها توقيف الصحفيين لن هذا القانون ل يعاقب على تلك الجرائم بالحبس
ويكتفي فقط بالغرامة .
وكذلك الحال فانه ل يتم توقيف الصحفيين في الجرائم التي تكون من اختصاص
محكمة الصلح فقط لن عقوبة هذه الجرائم الحبس لمدة ل تزيد على سنتين مثل
جرائم الذم والقدح.
أما الجرائم والتي تدخل ضمن اختصاص محكمة أمن الدولة فهذه يتم فيها توقيف
الصحفيين .وبالرجوع إلى معظم تلك الجرائم وخاصة الجرائم الواقعة على أمن
الدولة الداخلي والخارجي نجد أن مبررات التوقيف ل تتوافر فيها .فهذه الجرائم ل
تستدعي التوقيف حيث ل يخشى من تأثير الصحفي على المن العام ول يوجد
خطورة إجرامية في الفعل أو الفاعل تستدعي عزله عن المجتمع.
لذا نعتقد بعدم قانونية مثل هذا التوقيف ابتداءً .ناهيك عما يمثله التوقيف من عقوبة
مسبقة سيكون أثرها ليس على سلب حرية الصحفي فقط وانما تقييد لحرية
الرأي والتعبير وحرية الصحافة بحيث اصبح التوقيف قيدا يخافه الصحفي أثناء عمله
ووسيلة ضغط على الصحفيين.ول بد من وجود نص قانوني يمنع توقيف الصحفيين .
فمثل ً لقد نصت المادة 135من قانون أصول المحاكمات الجنائية والمادة 41من
قانون تنظيم الصحافة المصريين على حظر توقيف الصحفي إل في حالة واحدة
وهي ذم رئيس الجمهورية.
وكذلك الحال في لبنان فانه ل يجوز توقيف الصحفيين من جرائم المطبوعات.
و يعتبر التوقيف قيداً على حرية الصحافة ويعتبر عدم جواز التوقيف
في الجرائم التي ترتكب بواسطة الصحف حصانة للصحفي لضرورة
الحرص على تأكيد حرية الصحافة وتوفير اكبر قدر من الطمأنينة لهم
) (12
أثناء تأدية عملهم.
حقيقة يمكنني القول أن الستمرار في توقيف الصحفيين يعطي طابع غير مريح
عن حرية الصحافة في الردن الديمقراطي.
فمثل ً لقد اعتبرت العديد من المنظمات المحلية والدولية توقيف صحفي في بداية
شهر أيار من هذا العام )انه يهدف إلى الضغط على الصحافة الردنية التي تمارس
على نفسها رقابة ذاتية واسعة حتى ل تتخطى الخطوط الحمر التي وضعتها
) (13
السلطات(.
جرائم النشر )المطبوعات( أما أن تكون جناية ) أي أن الجريمة تكون عقوبتها ثلث
سنوات وأعلى( و إما أن تكون جنحة ) أي أن الجريمة تكون عقوبتها دون الثلث
سنوات (.
وهذه الجرائم الجنائية والجنحوية اما أن تكون من اختصاص المحاكم العادية أو من
اختصاص محكمة أمن الدولة.
أما بالنسبة لختصاص المحاكم العادية: -
فقد نصت المادة 270من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم ) (9لسنة
1961على انه:
)يقبل الطعن بطريق التمييز جميع الحكام والقرارات الجنائية الصادرة عن
محكمة الستئناف وقرارات منع المحاكمة الصادرة عن النائب العام في
القضايا الجنائية(.
من هنا نستطيع القول ان جرائم النشر الجنائية التي تنظرها المحاكم العادية
يمكن الطعن فيها أمام محكمة التمييز.
واما جرائم النشر الجنحوية فل يمكن تمييزها إل عن طريق
) النقض بأمر خطي( وفقا للمادة 291أصول جزائية بأمر من وزير العدل
لوقوع إجراء فيها مخالف للقانون او لصدور حكم او قرار فيها مخالف
للقانون وكان الحكم او القرار مكتسب الدرجة القطعية ولم يسبق لمحكمة
التمييز التدقيق في الجراء او الحكم او القرار المطعون فيه.
ومن المعروف أن مثل هذا الطعن يطبق في حدود ضيقة جدا لعتبارات قانونية
وواقعية عديدة ل مجال لذكرها في هذا المقام.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (12يحيى شقير – المعايير الدولية لحرية الصحافة – منشورات بمركز حماية الصحفيين
) (13منظمةمراسلون بل حدود – خبر صحفي – المشرق العلمي12/05/2004 .
حقيقة ومن واقع تجربة عملية متواضعة نجد أن هذه النوعية من القضايا
تتمتع بخصوصية معينة لعدة اعتبارات أهمها:
ارتباط حرية الصحافة والعلم بحق دستوري وهو حرية الرأي -
والتعبير.
أن حرية الصحافة مكفولة بموجب معاهدات دولية والردن -
أحد أطراف هذه المعاهدات.
أن الصحفي في العادة والصل يهدف إلى تحقيق مصلحة -
عامة.
أخيرا وهذا حقيقة هو الهم أن هناك العديد من -
النقاط القانونية المتصلة بهذا النوع من القضايا هي محل
خلف بين المحاكم ول يوجد استقرار قضائي عليها خاصة
كونها مسائل اجتهادية.
والكل يعلم أهمية الدور الذي تلعبه محكمة التمييز الموقرة في وضع سوابق
قضائية مستقرة تهتدي بها المحاكم عند تعرضها لمسائل اجتهادية.
لجميع تلك العتبارات نرى ضرورة وأهمية بالغة لرقابة محكمة التمييز من الناحية
الموضوعية وليس فقط من الناحية القانونية على جميع جرائم المطبوعات.
يقول المستشار هشام البسطويسي نائب رئيس محكمة النقض المصرية الحالي
)( 14
عن محكمة النقض المصرية وقضائها:
إن قضاة محكمة النقض )) اتخذوا من فكرة مراقبة صحة تطبيق القانون – في
أحوال كثيرة – إطارا عاما يتسع لخضاع الحكم الجائر لمعايير العدالة والمساواة
والحرية والديمقراطية .ولم يقتصر هذا المسلك لقضاة النقض على قضايا الرأي
والحريات العامة ولكن كان هذا مسلكهم في كل أنواع القضايا والمنازعات انتصارا
لعقيدة الحرية والعدالة المساواة التي فطر الله الناس عليها ووثقها لهم برسالت
رسله ،ولكنه في خصوص قضايا حرية الصحافة كان هذا المسلك خطا ثابتا وظاهرا
جعلت له حدودا وضوابط((.
وتنبع أهمية هذا الموضوع إلى أن قضايا النشر والمطبوعات ل تقتصر على دعاوى
الذم والقدح ولكنها تمتد لتشمل عددا من القضايا المختلفة مثل الجرائم الواقعة
على أمن الدولة أو ازدراء الديان ويعتبر البدء في تفسير عبارات المقال مسألة
أولية لمعرفة النموذج العقابي الذي يندرج تحت وصفه المقال موضوع الدعوى.
ومنبع الخلف بالنسبة لتفسير المقال أن البعض يقوم بتفسير المقال فقط على
أساس العبارة أو العبارات الواردة فيه دون النظر إلى مجموع الكلم أي المقال
ككل.
وفي هذا المجال يقول المحامي نجاد البرعي ) (15وفي مجال جرائم القذف انه إذا
كانت اللفاظ عربية سليمة عادية فسرها القاضي طبقا لمعناها الطبيعي إل إذا
أثبت أن لها معنى آخر ،فان كانت عامية أو سوقية أو اصطلحية في الحرف أو
التجارة فان الظروف هي التي تحدد حقيقة المراد منها مع ملحظة العرف والعادة
المعلومين للمتهم والمجني عليه ولمن نشر بينهم القول أو الكتابة.
وخلصة ما تقدم أن التفسير ينظر فيه إلى مجموع الكلم والى اللغة والعرف
والظروف الخاصة بالجاني و المجني عليه والوسط الذي نشر فيه الكلم.
لذا نعتقد بأهمية وجود قرارات تمييزية ترسي قواعد لتفسير المقال أو
الكاريكاتير وغيرها من النقاط محل الخلف وذلك وصول نحو تحقيق العدالة.
وهذا ل يتحقق إل بوجود رقابة لمحكمة التمييز على أحكام المحاكم في
قضايا المطبوعات.
من خلل النظرة الشمولية للنصوص القانونية التي تتضمن قواعد التحريم والعقاب
المتعلقة بالصحافة والعلم والتي تتناثر بين عدة قوانين يمكننا القول أن المشرع
الردني يوسع من دائرة التجريم والعقاب كأحد أهم الوسائل للضغط على حرية
الصحافة والرقابة عليها ما أمكن .فتارة نجده يكثر من استخدام المصطلحات
الغامضة والمطاطية والتي قد يكون من الصعب إيجاد معيارمحدد لتوضيحها وإزالة
ما بها من غموض مما يؤدي للخروج عن مبدأ شرعية الجرائم .وتارة اخرى أخرى
يخرج عن مبدأ قرينة البراءة ناهيك عن التشدد في العقوبات السالبة للحرية .
ومن المثلة على ذلك :
أول ً :ذم مجلس المة او أحد أعضائه أو الهيئات الرسمية
والموظفين العمومميين .
فقد عالجت المواد من 130إلى 132من قانون العقوبــات الردنــي جريمــة النيــل
من هيبة الدولة ومن الشعور القومي ،فنصت المادة 130على انه " مــن قــام فــي
المملكة في زمن الحرب أو عند توقع نشوبها بدعايــة ترمــي إلــى إضــعاف الشــعور
القومي أو إيقاظ النعرات العنصرية أو المذهبية عــوقب بالشــغال الشــاقة المؤقتــة
".
وتذهب المادة 131بند 1إلى انه " يستحق العقوبة المبينة في المادة السابقة من
أذاع في المملكة في الحوال عينها أنباء يعرف أنها كاذبة أو مبالغ فيها من شانها أن
توهن من نفسية المة " وتضيف المادة ذاتها في البند الثاني " إذا كــان الفاعــل قــد
أذاع هذه النباء وهو يعتقد صحتها ،عوقب بالحبس مدة ل تقل عن ثلثة اشهر " .
أما المادة 132فتعاقب في البند الول " كل أردني يذيع في الخارج وهو على بينة
من المر أنباء كاذبة أو مبالغ فيها من شانها أن تنال من هيبة الدولة أو مكانتها ،
يعاقب بالحبس مدة ل تنقص عن ستة اشهر وبغرامة ل تزيد على خمسين دينارا "
ول تقل العقوبة عن سنة واحد ة إذ كان ما ذكر موجها ضد جللة الملك أو ولي
العهد أو أحد أوصياء العرش ".
• الملحظة الولى :أن المشرع لجأ إلى عبارات غير منضبطة أو فضفاضة ،
فالمادة 131بند 1ل تعاقب فقط على نشر أنباء كاذبة وهو أمر منضبط وسهل
الثبات ولكنها تعاقب على نشر أنباء مبالغ فيها ،وهو أمر ل يمكن معرفة معياره
لضبطه فما قد يعتبره فرد انه مبالغة قد ير ى آخرون انه اقل من الحقيقة بكثير ،
فضل عن أن النطاق الزماني للنص يدعو إلى البلبلة ،فالحديث عن زمن الحرب
معلوم وهو وجود عمليات عسكرية على الجبهة واشتباك بين قوات الدولة وقوات
معادية لها ،لكن عبارة أو توقع نشوبها ،تحمل كثير من الغموض ،فتوقع نشوب
الحرب من عدمه مسالة تختلف فيها التقديرات فالوضع المتوتر الراهن بين الكثير
من الدول العربية وإسرائيل قد يدعو إلى توقع نشوب حرب بينها رغم وجود
معاهدات سلم مع مصر والردن ،وهو المر الذي ل يمكن أن يعرفه حتى الكثير
من المتنفذين .
• الملحظة الثانية :إن تلك النصوص ل تعتبر أن حسن النيـة سـببا للباحـة أو حـتى
مانعا للعقاب ،فلو أذاع الردني في الخارج أنباء يعتقد بصــحتها ،مســتندا فــي ذلــك
لسباب معقولة فان هذا المر لن يعفيه من عقوبة الحبس لثلثة اشهر.
وكما لحظنا فان النشر في الخارج هو محل التجريم حتى لو كان صحيحا مادام هذا
النشر ينال من هيبة الدولة او شــرفها او اعتبارهــا … فــإذ نشــر شــخص مقــال عــن
وقائع فساد مالي في الردن مثل فان ذلك كله يقع تحت طائلــة التجريــم حــتى وان
كان ما نشره صحيحا مادام ذلك يمس هيبة الدولة او شرفها.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (19المصدر_)جرائم النشر ذات الطابع السياسي في القانون الردني بالتطبيق على القانون المصري(
نجاد البرعي المحامي بالنقض/اصدارات مركز حماية وحرية الصحفيين .2003
)كل كتابة او خطابــة او عمــل بقصــد منــه او ينتــج عنــه إثــارة النعــرات المذهبيــة او
العنصرية او الحض على النزاع بين الطوائف ومختلف عناصر المة يعاقب بــالحبس
مدة ستة اشهر الى ثلث سنوات وبغرامة ل تزيد على خمسين دينار(
ال انه وبتاريخ 2/10/2001تم تعديل هذه المادة بموجب قانون مــؤقت رقــم )(54
لسنة 2001ونشر بالجريدة الرسمية بتاريخ 8/10/2001ويلحظ ان التعــديل جــاء
بعد حوالي شهر من الهجمات الرهابيــة علـى نيويـورك .وهــذا القـانون المعـدل لـم
يقتصر على تعديل م 150/فقط بل وعدل المادة ) (147عقوبات المتعلقة بتعريــف
الرهاب.
وقد يتساءل البعض ما الغاية من التنويه لذلك .حقيقففة أننففا نتجففه فففي
هذا المثال ليس لبيان المآخذ على النص القانوني وتعديله وانما لبيان
الظروف المحيطة بتعديل النص القانوني مففع بيففان السففباب الموجبففة
للتعففديل وذلففك لتوضففيح السياسففة التشففريعية الففتي يتبعهففا المشففرع
الجزائي.
ومن هنا نقول لقد كانت لئحة السباب الموجبة للقانون المـؤقت رقـم ) (54لسـنة
2001قانون معدل لقانون العقوبات تنص على:
) نظرا لن مفهوم العمل الرهابي قد توسع وتعددت أســاليب تنفيــذه بحيــث اصــبح
النص المتعلق به في قانون العقوبات النافذ المفعول قاصـرا ً علـى شـمول أحكـامه
لجميع حالت ووسائل تنفيذ العمال الرهابية ونظرا لضرورة تشديد العقوبات علــى
كل من يرتكب جرائم الرهاب فقد تم وضع هذا القانون المعــدل لســد هــذا النقــص
) (20
في قانون العقوبات الحالي وبصورة خاصة للسباب التالية:
توسيع نطاق مفهوم العتداء علــى أمــن الدولــة ســواء كــان فرديــا او -1
جماعيــا وتجريـم أعمـال الخطـف بقصــد ابــتزاز الجهـات الرسـمية والخاصـة
وتجريم اي أعمال تؤدي الى المساس بأمن الدولة الداخلي والخارجي.
منع الصحف والمطبوعات من نشــر مــا يســيء الــى الوحــدة الوحــدة -2
الوطنيـــة وحريـــات الشـــخاص وكرامتهـــم والـــى هيبـــة الدولـــة وســـمعتها
وكرامتها ..........الخ
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
-1على الرغم مما ورد في اي تشريع آخر ،يعاقب بــالحبس علــى كــل كتابــة او
خطاب او عمل يذاع باي وسيلة كانت او على نشر خبر بصحيفة او باي مطبوعة
من شان اي منها الساءة للوحدة الوطنية او التحريض على ارتكاب الجــرائم او
زرع الحقــاد وبــذر الكراهيــة و الشــقاق بيــن أفــراد المجتمــع أو اثــارة النعــرات
المذهبيــة أو العنصــرية أو الســاءة الــى كرامــة الفــراد وســمعتهم وحريــاتهم
الشخصــية أو زعزعـة أوضــاع المجتمــع الساســية بالترويــج للنحــراف او فســاد
الخلق او بنشر معلومات او إشاعات كاذبة او بالتحريض علــى الضــطرابات او
العتصامات او على عقد الجتماعات العامة بشــكل يخــالف أحكــام التشــريعات
النافذة او بأي فعل من شأنه المس بهيبة الدولة او سمعنها او كرامتها.
-2إذا تم نشر الخبر بواسطة صحيفة او مطبوعة فيكون رئيس تحرير الصــحيفة
ومالكها مسؤولين عما ينشر فيها ويعاقب كل منهمــا بــالحبس مــدة ل تقــل عــن
ثلثة اشهر ول تزيد عن ستة اشهر او بغرامــة ماليــة ل تزيــد علــى خمســة آلف
دينار او بكلتا العقوبتين كما ويقضى بإغلق الصحيفة او المطبوعة بصورة مؤقتة
او دائمة وفقا لما تقرره المحكمة.
ولن أتطرق للمآخذ الواضحة جدا على هذه المادة أهمهــا افــتراض مســئولية رئيــس
التحرير ومالك الصحيفة ،لكن أود الشارة الى ان هــذه المــادة بقيــت بهــذا الشــكل
لمدة سنتين تقريبا .وقد صدر عن محكمة أمن الدولة خللها بعــض الحكــام اســتنادا
لهذه المادة ومنها قرار قضى بحبس كاتب مقال لمــدة سـتة اشــهر ومــدير التحريـر
لمدة شهرين ورئيس التحرير ثلثة اشــهر .وتــم إغلق الصــحيفة لمــدة شــهرين مــن
(21).
تاريخ الغلق الصادر عن المدعي العام
علــى أي حــال عــاد المشــرع وقــام بتعــديل نــص المــادة 150عقوبــات بتاريــخ
21/4/2003بموجب قانون معدل رقم ) (45لسنة . 2003و أرجعه للنص القــديم
ولكن الملفت للنظر ما ورد في السباب الموجبة للتعديل حيث جاء فيها:
)لقد تم وضع هذا القانون المعدل بهدف العودة الــى النــص الصــلي للمــادة )(150
عقوبات قبل التعديل حيث ان هذه المادة سبق تعديلها لسد فراغ فــي ظففل عففدم
وجود جهات تمارس الرقابة على مهنة الصففحافة ،وبعــد تشــكيل المجلــس
العلى للعلم وتحمله لمهامه بموجب قانون المجلس العلى للعلم كان ل بد مــن
تعديل هذه المادة والعودة للنص السابق .(..
يقول الدكتور محمد نور فرحات أستاذ القانون والمستشــار القــانوني للتحــاد العــام
للصحفيين العرب) .(22عند حديثه عن حالة الصحافة العربية في عام 2003بموضوع
القانون والحرية -:ان الموازنة الدقيقة بيــن قيمــة الحريــة مــن ناحيــة وقيمــة المــن
والنظام من ناحية ثانية ،هي موازنة مختلــة فــي التشــريعات العربيــة لصــالح الكفــة
الثانية دون الولى .ويحار المرء عنــدما يطـالع عـددا مـن التشــريعات العربيــة كيـف
يمكــن للســلطات العامــة فــي هــذه المجتمعــات ان تطبــق هــذا الكــم الهــائل مــن
التشريعات المطاطة الغامضة العبارة القاسية الزاجرة في وقت يتحدث فيه الجميع
عن اللتزام بقيم التعددية والديمقراطية وحقوق النسان؟
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
) (21قرار رقم . 103/2003قطعي .تاريخ 17/2/2003
) (22حالة الصحافة العربية 2003المؤتمر السنوي للمنظمة العربية لحرية الصحافة
وكيف يمكن للصحفيين أهل الفكر والرأي ان يباشروا عملهم وان يعبروا عن آرائهم
مع ضمان حد أدنى من أمنهم الشخصي في وجود هــذا الكــم الهــائل مــن النصــوص
العقابية التي تعاقب على الفكر والرأي....
المواد التي تعاقب على التحريض على بغض طائفة او طوائف -
من الناس
المواد التي تعاقب على التحريض على عدم النقياد للقوانين -
المواد التي تعاقب على العيب في حق ممثل دولة أجنبية -
المواد التي تعاقب على ســب مجلــس الشــورى أو غيرهــا مــن -
الهيئات.
-ولقد قسم هذا القانون السرار والوثائق المحمية إلى ثلثة أقسام درجات -:
-3محدود -2سري -1سري للغاية
اضافة الى ذلك اعتبر القانون نفسه في المادة ) (10منه انه حتى الوثائق التي ل
ً
تشملها احكام هذا القانون تعتبر وثائق عادية ولكن ل يجوز افشاء مضمونها لغير
اصحاب العلقة بها ما لم يصرح بنشرها!!!
كما ونصت المادة ) (13من القانون على:
)يحظر اخراج الوثائق المحمية من الدوائر الرسمية ما لم تكن الضرورة قد اقتضت
ذلك ولمنع الحتفاظ بها في المساكن والماكن العامة ويحظر طباعة او نسخ
الوثائق المحمية خارج الدوائر الرسمية(.
ومن خلل المادة ) (16من ذات القانون نلحظ مدى تشدد المشرع والمغالة في
العقوبة حيث نصت على :
من وصل إلى حيازته أو علمه أي سر من السرار أو المعلومات أو أية وثيقة محمية
بحكم وظيفته أو كمسؤول أو بعد تخليه عن وظيفته أو مسئوليته لي سبب من
السباب فأبلغها أو أفشاها دون سبب مشروع عوقب بالشغال الشاقة المؤقتة مدة
ل تقل عن عشر سنوات
والملحظ على هذا القانون ان المشرع لم يضع معيارا لهمية تلك السرار كما لم
يتضمن القانون وسيلة وطريقة للتظلم من قرارات تصنيف السرار فضل عن
توسعه في عملية التصنيف واستخدامه عبارات غير منضبطة في صياغة النصوص.
ومنها المادة ) (8فانون حماية اسرار ووثائق الدولة والتي تذهب الى انه ) تصنف
بدرجة )محدود( اية معلومات او وثائق محمية تتضمن معلومات تنطبق عليها
الوصاف التالية :التقارير التي من شأن افشاء مضمونها احداث تأثير
سيىء على الروح المعنوية للمواطنين ما لم يؤذن بنشرها(.
وبناء على ما تقدم يمكننا القول بأن القانون الردني يعتبر ان الصل هو السرية
وان العلنية بالنسبة لوثائق الدولة هي استثناء وهو يشمل بالحماية مواد ل يجب ان
تشملها الحماية ،بل يعتبر شمولها بالحماية ضد الدستور الردني ذاته الذي كفل
حرية الراي في المادة 15منه.
حقيقة نعتقد انه من المستوعب جدا ان تضع اي دولة وثائقها واسرارها في
تصنيف السرية مثل المعومات العسكرية كقيد على حرية الوصول للمعلومات لن
هذه القيود منطقية ولها اسبابها ومبرراتها المشروعة.
لكن من غير المستوعب ان يكون الصل هو الحظر والستثناء هو العلنية وايضا ان
يكون تصنيف سرية الوثائق بقانون كامل و ليكون هناك قانون يحمي حق الوصول
للمعلومات يضمن حق الحصول على المعلومات والوثائق الدارية والرسمية ويكون
فيه استثناءات محددة ومحدودة في المعلومات بمجالت معينة مثل المن والحياة
الشخصية .بما يضمن توسيع دائرة الشفافية والرقابة المطلوبة على الجهزة.
لذا يمكننا القول باطمئنان ان المشرع ينظر الى حق الصحفيين بالحصول على
المعلومات وتداوله نظرة متشددة ويكاد يكون المبدأ الحاكم بهذا الشأن هو مبدأ
الحظر ل الباحة والتقييد ل التاحة.وهو بذلك يهدم ركن هام جدا من اركان حرية
الصحافة والعلم في الردن.
لقد عرفت المادة ) (2من قانون المطبوعات والنشر الصحفي بأنه عضو
النقابة المسجل في سجلها واتخذ الصحافة مهنة له وفق احكام
قانونها.
ونصت المادة 10منه على أنه :
ل يجوز لغير الصحفي ممارسة مهنة الصحافة باي شكل من اشكالها
بما في ذلك مراسلة المطبوعات الدورية ووسائل العلم الخارجية او
تقديم نفسه على انه صحفي ول يشمل ذلك من يقتصر عمله على
كتابة المقالت.
حقيقة ان ارتباط الصحافة بحق حرية الرأي والتعبير بصفتها أحد أهم مظاهر
ممارسة ذلك الحق يجعل من اشتراط عضوية النقابة لممارسة هذا الحق أو
الشتغال بالصحافة انتهاكا ً صارخا ً للمبدأ الدستوري الذي يقرر حقا ً دستوريا ً متساويا ً
لجميع الردنيين في المعرفة والتعريف والتعبير الوارد بنص المادة ) (15من
الدستور .كما ويخالف العديد من المواثيق الدولية التي صادق عليها الردن والتي
تنص على جواز النتساب للنقابات وليس على الزامية العضوية فيها .
أما من حيث الرقابة على الصحف فإنه حقيقة ل يوجد نصوص قانونية تجيز الرقابة
المسبقة أو اللحقة على الصحف إل في حالة أعلن ال ولكن يعتقد بعض
الصحفيون ) أن هناك نوعا ً من الرقابة المسبقة على الصحف حيث دخل مصطلح
ديكتاتورية ،المطابع ،إلى قاموس الحياة السياسة من أوسع أبوابه وبعد أن
تكرست فكرة الرقابة المسبقة ،على عمل الصحفيين ،كحقيقة واقعية في كثير
من الحيان .ويشير هذا البعض أن الصحف السبوعية ،أكثر من غيرها من هذه
الرقابة ،بالنظر إلى الوضاع القتصادية التي تعاني منها ،مما يضطرها إلى
الطباعة لدى إحدى الصحف اليومية الثلث ،الرأي ،الدستور والعرب اليوم حيث
تمتلك هذه الصحف مطابع تجارية خاصة بها .وبطبيعة الحال فإن هذه اللية تتيح
للسلطات بشكل أو بآخر الطلع على مضامين ما ينشر في الصحف السبوعية (
وضربوا مثل ً على ذلك منع صحيفة المجد من الطباعة ) (7مرات بسبب نشرها
لخبار سياسية مختلفة .وذلك وفقا ً لما جاء في تقرير حالة الحريات العلمية في
الردن عام 2003الصادر عن مركز حماية وحرية الصحفيين والذي شارك فيه عدد
من الصحفيين البارزين .
أن اكبر انتهاك لحرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير هو فرض رقابــة مســبقة علــى
الطباعة .ووجميع هذه المــواد تفــرض بشــكل صــريح الرقابــة المســبقة .وفــي ذلــك
مخالفة صارخة للدستور الردني والمواثيق الدولية التي صادق عليها الردن .
المادة )(5
على المطبوعات احترام الحقيقة والمتناع عن نشر مايتعارض مع
مبادئ الحرية والمسؤولية الوطنية وحقوق النسان وقيم المة
العربية والسلمية .
أن العبارات الواردة في تلك الفقرات تعتبر عبارات واسعة وفضفاضة وليس لها
ضابط محدد .كذلك أن الفقرة )د( من القانون الصلي أو المشروع المعدل تضع
قيدأ ُ كبيرا على حرية الصحافة .لن المشرع استخدم عبارات ) من شأنه أن يثير
العنف ) (....من شأنه التحريض على العنف أو الدعوة ( فهذه العبارات ليس لها
ضابط محدد .
حق النقد
عند استعراض جميع نصوص القوانين الخاصة بالصحافة والمطبوعات بما فيها
قانون المطبوعات والنشر ل يمكننا أن نجد معيار وضبط واحد وواضح لمفهوم حق
النقد والحدود الفاصلة بينه وبين الذم والقدح ومدى هذا الحق .
فل بد من وضع مفهوم واضح وشامل لحق النقد لتغطية حالت النقد المباحة قانونا ً
بالشكل الذي يفعل ممارسة الصحفيين لهذا الحق .
إن هذه المادة ل تمنع بعض المحاكم الخرى من النظر في بعض جرائم
المطبوعات فبالرجوع إلى المادة ) (3من قانون محكمة أمن الدولة رقم )(7
لسنة 1959وتعديلته نجدها تعطي لمحكمة أمن الدولة الختصاص بالنظر في
بعض قضايا المطبوعات باعتبارها محكمة استثنائية خاصة تشكل في أحوال خاصة
تقتضيها المصلحة العامة مما يجعل قانونها أولى بالتطبيق .
] لطفا ً أنظر قرار محكمة التمييز رقم 492/99تاريخ 1/8/99صفحة
673/8من المجلة القضائية لسنة 1999والذي جاء فيه :
ل تستطيع المحاكم النظامية النظر بأي جريمة داخله في اختصاص
محكمة أمن الدولة بموجب قانونها الخاص [ .
هف .تقام دعوى الحق العام في جرائم المطبوعات غير الدورية على
مؤلف المطبوعة كفاعل اصلي وعلى ناشرها كشريك له واذا لم يكن
مؤلفها او ناشرها معروفا فتقام الدعوى على مالك المطبعة ومديرها
المسؤول .
طالما أن رئيس التحرير أو غيره مثل مدير المطبوعة المتخصصة ابتداًء يمكــن أن
ُيسأل وفق القواعد العامة ) أحكام الشتراك الجرمي ( في قانون العقوبات لماذا
نفــترض مســؤوليتة ناهيــك عــن مخالفــة افــتراض المســؤولية الجزائيــة لمبــدأين
أساسيين هما :شخصية العقوبة وقرينة البراءة .