Professional Documents
Culture Documents
اعداد
المحامي
محمد قطيشات
مدير وحدة المساعدة القانونية للعلميين
مدير وحدة البحث والتدريب في المجموعة الحقوقية للمحاماة
والدراسات
تغطية الجرائم في مرحلة التحقيق ومرحلة المحاكمة.
القسم الول :مرحلة التحقيق
رأى المشرع أنه ليس من المصلحة العامة أن يفرض حظرا شامل على نشر
أخبار التحقيقات الجنائية في جميع الحالت ول يوجد ما يدعو الى ذلك.
بل أن المصلحة العامة قد تقتضي في بعض الحالت وجوب هذا النشر ,بغية
إظهار الحيدة في مباشرة هذه التحقيقات أمام الرأي العام منعا ً للقالة
وإرضاء لشعور المواطنين بتحقيق العدالة.
هذا من ناحية ,ومن ناحية أخرى فان القول بفرض حظر مطلق على نشر
كافة أخبار التحقيقات البتدائية في جميع الحالت ,يتعارض يقينا ً مع ممارسة
الصحافة لرسالتها في خدمة المجتمع بنشر الخبار والموضوعات التي تهم
الرأي العام ,كما يتعارض أيضا ً مع حرية الصحافة وحقها في النشر باعتباره
أحد المبادىء الساسية في الدستور.1
(15) 1من الدستور الردني -:
تكفل الدولة حرية الرأي ،ولكل أردني أن يعرب بحرية عن رأيه بالقول والكتابة والتصوير -1
وسائر وسائل التعبير بشرط أن ل يتجاوز حدود القانون .
الصحافة والطباعة حرتان ضمن حدود القانون . -2
ل يجوز تعطيل الصحف ول إلغاء امتيازها إل وفق أحكام القانون . -3
يجوز في حالة إعلن الحكام العرفية أو الطوارئ أن يفرض القانون على الصحف -4
والنشرات والمؤلفات والذاعة رقابة محدودة في المور التي تتصل بالسلمة العامة وأغراض
الدفاع الوطني .
كما نصت المادة الثامنة والثلثون من الدستور السوري على انه :
لكل مواطن الحق في أن يعرب عن رأيه بحرية وعلنية بالقول والكتابة وكافة وسائل التعبير الخرى وأن
يسهم في الرقابة والنقد البناء بما يضمن سلمة البناء الوطني والقومي ويدعم النظام الشتراكي وتكفل
الدولة حرية الصحافة والطباعة والنشر وفقا ً للقانون.
ولذلك نجد أن المشرع قد حرص على أن يوازن بين مصلحة الناس في
معرفة ما يجري حولهم من أخبار الجرائم والتحقيقات التي تتم فيها ,وضمان
عدم تأثير النشر على هذه التحقيقات وكذا ضمان حق الشخاص في الحفاظ
على سمعتهم من جراء هذا النشر.
حيث أعطى القانون صفة السرية على إجراءات التحقيق وجعل
الصل حظر نشر هذه الجراءات والستثناء هو جواز النشر
بإجازة من النيابة العامة .
وجدير بالذكر أن مجرد مخالفة هذا الحظر ,يعتبر في ذاتها جريمة بصرف
النظر عما اذا كان النشر المخالف يتضمن ذم ا ً أو قدحا ً أو اهانة أم ل.
وهذه الجريمة هي احدى جرائم النشر التي اوردها كل من التشريع الردني
ويشرط لقيام هذه الجريمة توافر الركن المعنوي ,وهوالقصد الجنائي العام
الذي يتمثل في اتجاه ارادة الجاني الى نشر المور المحظور افشاؤها أو
اذاعتها مع العلم بطبيعتها ,فل يتوافر القصد الجنائي اذا نشر شخص معلومات
بتحقيق وهو ل يعلم بقيام التحقيق أو بأنه محظور نشره.
محل الحظر: •
يتناول الحظر المنصوص عليه في المواد السابقة نشر أخبار بشأن تحقيق
جزائي قائم ومن ثم يكون محل الحظر هو نشر أخبار التحقيقات الجزائية .
النشر: •
تحدد المواد السابقة النشر المحظور بأنه النشر الذي يتم بإحدى طرق
العلنية المنصوص عليها في المادة 73عقوبات أردني وهي على النحو
التي :
تعد وسائل للعلنية:
- 1العمال والحركات إذا حصلت في محل عام أو مكان مباح
للجمهور أو معرض للنظار أو حصلت في مكان ليس من
المحال المذكورة غير أنها جرت على صورة يستطيع معها أن
يشاهدها أي شخص موجود في المحال المذكورة .
- 2الكلم أو الصراخ سواء جهر بهما أو نقل بالوسائل اللية
بحيث يسمعها في كل الحالين من ل دخل له في الفعل.
- 3الكتابة والرسوم والصور اليدوية والشمسية والفلم
والشارات والتصاوير على اختلفها إذا عرضت في محل عام
أو مكان مباح للجمهور ،أو معرض للنظار أو بيعت أو عرضت
للبيع أو وزعت على أكثر من شخص .
كما تتحقق المخالفة اذا تقرر الحظر ثم نشر أي خبر من أخبار التحقيق ,حتى
إذا كان هذا الخبر قد قدحق نشره فيما مضى قبل أن يصدر قرار الحظر.فل
يجوز القول بأن أعادة النشر لتعد مخالفة للحظر باعتبار أن الخبر متى أصبح
معلوما ً للكافة بالنشر الول ,فل يصبح هنالك محل للحظر أو معنى للحظر
ذلك ان القانون قد قرر عدم قبول أي مبرر أوعذر من أحد للفلت من
المسئولية الجزائية عن وقوع أي جريمة من جرائم النشر أو الجرائم التي
تقع بواسطة الصحف
ولما كان الحظر ينصب على نشر أخبار بشأن التحقيق ,فأنه ليتناول نشر
أية تعليقات ذات صفة عامة ولو كانت تشير الى الجريمة التي يجري التحقيق
بشأنها .فنشر مقال بمناقدحة وقوع جريمة معينة أو سلسلة من الجرائم
ينتقد فيه كاتبه سلطات المن لتهاونها في اتخاذ الجراءات اللزمة لضبط
الجناة في الوقت المناقدح ,أو نشر انتقاد للتراخي في التحقيق أو مطالبة
باذاعة بيان عن نتيجة التحقيق .كل ذلك يعتبر تعليقات ليشملها طالما أن
هذه التعليقات لتتناول وقائع التحقيق.
النطاق الزمني للحظر: •
لقد أشار القانون ان نطاق الحظر يبدأ ببدأ التحقيق ,وبأي مرحلة من مراحل
التحقيق وبالمنطق فانه ينتهي بانتهاء هذا التحقيق سواء بالحالة الى المحكمة
أم بالحفظ فبصدور هذا القرار تخرج القضية من حوزة المحقق ويعتبر
التحقيق غير قائم.
ما ولو كان التحقيق قد انتهى
ولكن لبد من الشارة الى أن الحظر يظل قائ ً
ل ,مادامت سلطة التحقيق لم تتصرف فيه بعد لي قدحب من القدحاب . فع ً
على العكس من مرحلة التحقيق تاتي مرحلة المحاكمة فقد قرر المشرع
الردني والسوري أن تكون المحاكمات علنية يستطيع الجميع حضورها بما
في ذلك الصحفيين وتغطيتها اخباريا :
وعلى ذلك نصت المادة ) ( 39من قانون المطبوعات والنشر
الردني رقم ) (8لسنة : 1998
] للمطبوعة حق نشر جلسات المحاكم وتغطيتها ما لم تقرر
المحكمة غير ذلك [ .
وعلى الرغم من ذلك فإن نشر أخبار التحقيقات الجزائية سواء
بإجازة من النيابة العامة ام عدم إجازتها أو أخبار المحاكمات
العلنية أو السرية إذا كان من شأنه التأثير في رجال النيابة أو
غيرهم من الموظفين المكلفين بالتحقيق وفق قانون أصول
المحاكمات الجزائية الردني أو السوري أو من شأنه التأثير في
الشهود الذين يطلبون لداء الشهادة في ذلك التحقيق أو أمورا ً
من شأنها منع شخص من الفضاء بمعلومات هامة للمحقق أو
كان من شأن ذلك النشر التأثير في الرأي العام لمصلحة أحد
أطراف التحقيق أو ضده أو المتهم أو ضده أو التأثير في القضاة
فإن مثل هذا النشر يعتبر جريمة) تسمى جريمة التأثير على
سير العدالة ( ويعاقب عليها قانون إنتهاك حرمة المحاكم
الردني بالحبس مدة ل تتجاوز ستة أشهر وبغرامة ل تزيد على
خمسين دينارا أو بإحدى هاتين العقوبتين
حيث ينص المادة 11من قانون انتهاك حرمة المحاكم رقم ) (9لسنة 1959
علي عقاب " كل من نشر بإحدى الطرق المنصوص عليها في الفقرة الثالثة
من المادة ) 2(68من قانون العقوبات أمورا من شانها التأثير في القضاة
اللذين يناط بهم الفصل في دعوى مطروحة امام اية جهة من جهات القضاء
في الردن او في رجال القضاء او النيابة او غيرهم من الموظفين المكلفين
بتحقيق وفق احكام قانون اصول المحاكمات الجزائية او التاثير في الشهود
اللذين قد يطلبون لداء الشهادة في تلك الدعوى او في ذلك التحقيق أو أمور
من شانها منع شخص من الفضاء بمعلومات أولي الشان أو التأثير في الرأي
العام لمصلحة طرف في الدعوى أو التحقيق أو ضده يعاقب بالحبس مدة ل
تتجاوز ستة اشهر و بغرامة ل تزيد علي خمسين دينار أو بإحدى هاتين
العقوبتين" ،و أركان هذه الجريمة تماثل أو تقترب من أركان الجريمة
المنصوص عليها في المادة 15من ذات القانون والتي تنص علي أن "كل من
نشر طعنا بحق قاض أو محكمة أو نشر تعليقا علي حكم قاصدا بذلك تعريض
مجرى العدالة للشك و التحقير يعاقب بالحبس مدة ل تزيد علي سنة واحدة
أو بغرامة ى تتجاوز مائة دينار أو بكلتا هاتين العقوبتين".
ولكن السؤال الذي يثور في هذا المقام ما هي الحكام القانونية
التي تتعلق بجرائم التأثير على سير العدالة وما هي الطريقة
لتغطية اخبار المحاكمات دون التأثير على أي طرف من أطراف
الخصومة ؟
3حكم صادر من محكمة القاهرة البتدائية –دائرة الجنح المستأنفة في الدعوى رقم 6290لسنة 1955جنح
عابدين.
4الحكم الصادر في دعوى النيابة العمومية رقم 807لسنة 1962في 13ديسمبر ، 1962وتتلخص القضية
في أن أحد النقاد كان قد كتب تعليقا علي دعوى رفعها أحد الشعراء ضد وزارة الثقافة وآخرين يطالبهم فيها
بتعويض قدره ثلثة اللف جنية لنها نشرت أبياتا من شعرة علي إنها من شعر المرحوم الشاعر ناجي ،
وعلق الناقد علي ذلك متهكما بان هذه الدعوى ليست إل محاولة انتهازية من المدعي ليحتل له مكانا تحت
الشعر ومكانا تحت البنك مع انه لو بيع شعر المدعي كلة لما قدروه في سوق الشعر بثلثة مليمات .
وكان المدعي قد رفع دعواه بمباشرة عن تهم الذم والسب والتأثير في القضاء ،وفي أثناء نظر الدعوى
تنازل المدعي عن دعواه ،ولكن المحكمة راءت بحق أن هذا التنازل ل يؤثر علي سير الدعوى الجنائية
بالنسبة لجريمة التأثير .فقضت بانقضاء الدعوى الجنائية بالنسبة لجريمتي الذم والسب مع تغريم كل من
المسئول عن النشر والكاتب خمسة جنيهات مع إيقاف التنفيذ وذلك عن تهمة التأثير .
د .جمال العطيفي مرجع سابق ص .122
.3-2القصد الجنائي .هو ركن أساسي من أركان الجريمة ،فتلك الجريمة
من الجرائم العمدية والتي يجب أن يتوافر فيها القصد الجنائي العام لدي
المتهم بالضافة إلى القصد الجنائي الخاص و الذي يستخلص من ذات الكتابة
المنشورة .فيجب أن يتوافر لدي المتهم اول العلم بكافة عناصر الجريمة
وإرادة إحداث النتيجة ،وليس معني ذلك أن النيابة العامة يتعين عليها أن
إثبات قصد التأثير لدى الناشر في الشخاص المذكورين في مادة العقاب أو
في الرأي العام ،ولكن يكفي أن تكون المادة بطبيعتها وما أحيط بها كافية
لحداث التأثير حتى لو لم يقصد المتهم الي ذلك بل وحتي لو لم يكن يرغب
فيه أصل .
. 3-3التأثير .
حماية أطراف الخصومة من التأثير هو الهدف النهائي الذي تغياة الشارع من
نصوص القانون المانعة ،وهدفه النهائي هو أن تمضي الخصومة بأطرافها
في جو هادئ ل تتأثر إل بما يطرح في مجلسها من اوجه دفاع ودفوع ،ومن
هنا فإن ركن التأثير هو الركن الجوهري في قيام تلك الجريمة .
.3-3-1التأثير في القضاة اللذين ينظرون دعوى مطروحة أمامهم:
يحمي المشرع من تأثير النشر القضاة اللذين يناط بهم الفصل في الدعوى
آيا كانت المحكمة التي يجلس فيها القاضي .و العبرة بتحديد صفة القاضي
الذي يحميه المشرع من التأثير هو القانون ،فيجب بداءة ان يكون مختصا
بالفصل في خصومة قضائية ،فالمحكم يعتبر علي هذا الساس قاضيا لنه
يقوم بوظيفة قضائية و يكون التأثير في القضاة بآي طريقة يمكن بواسطتها
إحداثه كالتهديد أو التلويح أو تصعيب الفصل في القضية "كالصحفي الذي
يقول في مقالة بمناقدحة نظر دعوى سياسية أن مهمة القضاة اللذين
يحكمون في قضايا سياسية في هذه اليام ليست سهلة إذ اصبح من
المحتمل أن تشكل وزارة جديدة في خلل مدة قصيرة و أن ما يعد جريمة
في عهد هذه الوزارة سوف تحقدحه الوزارة التية إحدى الحسنات فضل عن
أن الحركة القضائية القادمة سيحل موعدها في غير هذا العهد و القاضي
يجب أن يكون بعيد النظر و أل يتعجل فان في العجلة الندامة" .
و تحمي هذه المادة القاضي أو القضاة وهم ينظرون في أي إجراء من
إجراءات الخصومة مثل مد الحبس الحتياطي ،كما تحمي قاضي الحالة و
قضاة المحاكم المدنية و المجالس الحقدحية و المحاكم الشرعية و المجالس
العسكرية و محكمة القضاء الداري و أي جهة أخرى من جهات القضاء في
البلد .
ولكن ل تمتد تلك الحماية الستثنائية من التأثير إلى معاوني القضاء مثل
الخبراء و المحضرين و وموظفي أقلم الكتاب لن هؤلء جميعا ل يباشرون
وظيفة قضائية تختص بالتحقيق أو الحكم ،ولكنهم من معاوني القضاة. 5
5إذ كان من الصحيح أن تلك المادة ل تمد الحماية ضد التأثير إلى أعوان القضاة ممن يقومون بأعمال إدارية
،إل إننا نري أن مد تلك الحماية إلى الخبراء ضروريه فهم يقومون بأعمال فنية من ناحية ،كما أن القضاة
يعتنقون آراؤهم في الغالب باعتبار انه من الصعب علي القضاة أن يشقوا طريقهم في بعض الدعاوى بغير
الستناد علي آراء هؤلء الخبراء ،مثال ذلك الطباء الشرعيين ،والخبراء الحسابيين والهندسيين ….الخ .
أما عن الساس القانوني لحماية القضاة فيحكمه مبدأ القتناع الشخصي -في
المسائل الجنائية -وهو مبدأ مستقر في جميع التشريعات الجنائية سواء
يتعلق بتقدير الدلة أم بتقدير العقوبات و يسرى هذا المبدأ علي المحقق كما
يسرى علي القاضي
وحماية القاضي من التأثير -في وجهة نظرنا – هو أهم انواع الحماية واشدها
طلبا ،فالقاضي يعيش في المجتمع فل يمكن أن يبقي منعزل عما يجرى فيه
و عما يحسه كل فرد و هذا القاضي إنسان كالخرين فهو ليس بالضرورة
قديسا أو بطل فمن الممكن أن يخضع في قضائه للتحيز و الهوى .
فما دام القضاء يتوله بشر فل معدي لنا بالتسليم بان القاضي قد تسيطر
عليه فكرة ثابتة و قد يتأثر بها في حكمه و تدفعه إلى التحيز فالتحيز صفة
تغلب علي الطباع البشرية هو يدخل حرم القضاء ل مع القاضي وحده بل مع
الشهود و مع المحامين … و لكن ليس هناك ما هو اخطر من التحيز في
محراب العدالة فلذلك يجب أن تتوافر في القاضي درجة عالية من الذكاء و
الثقافة و الخبرة.6
و من هذا يبدو وجوب إحاطة القاضي بسياج واق ضد التحيز و الهوى و هو ما
يدعو إلى حسن اختيار القضاة و توفير الستقلل لهم و وضع قواعد بشأن
صلحية القاضي و أهليته للفصل في الدعوى و تحديد الحالت التي تعتبر
قرينة علي عدم حيدته و التي تترتب عليها منعه من الحكم أو جواز رده عنه
مثلما إذا كانت له علقة بأحد الخصوم أو كان له رأى أو مصلحة يخشى معها
أل يفصل في الدعوى بحيادية تامة و لذلك أجيز للقاضي أن يتنحى إذا
استشعر الحرج من أن ينظر الدعوى التي طرحت عليه.
ولن القضاة كبشر يختلف بعضهم عن بعض ،فمنهم من يسهل التأثير عليه
بما تنشره الصحف و منهم من يصعب التأثير عليه ،فإن القانون ل يشترط
في جريمة نشر أمور من شانها التأثير في القضاة ،أن يقع التأثير فعل
فالمعيار ليس معيار تأثر قاضي بالذات ،لنه يكاد يكون من المستحيل أن
نعرف هل المقال الذي تضمن تعليقا علي دعوى منظورة قد أحدثت تأثيره
في القاضي ؟ و إلى أي مدى ؟ فليس المهم أن المحكمة كانت ضعيفة إلى
حد أنها قد تأثرت فعل بالنشر بل يكفي أن تكون قد تعرضت لمثل هذا النشر
الذي كان من شانه يحدث هذا الثر أو الذي قصد به إلى إحداث هذا الثر ذلك
أن حيدة القاضي قد تتأثر سواء بوعي منه أم بغير وعي نتيجة هذا النشر.
و إذا افترضنا أن المحكمة لن تتأثر بما تنشره الصحف من تعليقات ضارة
بشان قضية منظورة أمامها سواء أكانت هذه التعليقات تتسم بالتحيز ضد
طرف في الدعوى أم لمصلحته أم تقترن بالتلويح للقضاء بوعيد أو ترغيب
فهل يصدق الرأي العام أن حكم القضاء الذي صدر بعد ذلك هو عنوان الحق
و العدل؟.
- 6و قد ذكر الستاذ كردوازا آن هناك قوى خفية تؤثر علي حكم القاضي مثل المور التي يحبها و التي ل
يحبها و ما يميل إليه و ما يتحامل عليه و مثل العقد الغريزية و العواطف و العادات و المعتقدات التي تكون
شخصية النسان
. 3-3-2الموظفون المكلفون بإجراء تحقيقا ما :
الموظف المكلفون بإجراء تحقيق ما هم هؤلء الذين ل يقومون بمهمة
القاضي ولكنهم يوطئون له اكناف مهمته ،ويدخل في عدادهم قضاة التحقيق
و رجال النيابة و الضبطية القضائية في الحوال التي تكون لهم فيها سلطة
التحقيق قانونا ،و غيرهم من الموظفين اللذين يقومون بتحقيق أمر معين
كمفتشي وزارة الداخلية أو موظفي إدارات التحقيقات بالوزارات و المصالح
سواء أقاموا بالتحقيق من تلقاء أنفسهم بناء علي حق يستمدونه من القانون
أو بناء علي انتداب ممن يملك ندبهم لتحقيق أمر جنائي أو إداري أو مدني.
.3-3 – 3الشهود اللذين يطلبون لداء الشهادة في الدعوى أو التحقيق :
الشهادة هي الطريق المألوف للثبات في المسائل الجنائية كما أنها إحدى
قدحل الثبات المحدودة في المسائل المدنية.7
8
و لما كانت الشهادة الخاطئة أو المضللة من أهم أقدحاب الخطاء الجنائية
و ل يمكن للقاضي في حالت كثيرة أن يكشف خطأها أو تضليلها فلذلك
أحاطها المشرع بكثير من الضمانات للتحقق من صدقها فالشاهد يحلف
اليمين حتى يشعر بمسئوليته عن صدق روايته أمام الله و الضمير ، 9و
القانون يرسم طريقة سماع أقوال الشهود و كيفية مناقشتهم و مواجهتهم
للتحقق من أن الشاهد غير متحيز أو متأثر 10فإذا ثبت انه شهد زورا كان
مسؤول عن جريمة الشهادة الزور و إذا تبين أن هناك من أغراه علي هذه
الشهادة كان هذا المحرض مسؤول أيضا كشريك في هذه الجريمة .11
و الواقع أن الشهادة هي نتاج نفسي يجب تحليله حتى يمكن التحقق من انه
قد تكون تكوينا سليما و حتى يمكن للقاضي الطمئنان إليه ،فالشاهد يتأثر
بعوامل مختلفة قد ل يكون منها الحق أو حتى تحقيق مصلحة خاصة أو الرغبة
في النتقام كما أنها قد ل تكون إكراها أو ضغطا أو تهديدا
وتأتي أهمية حماية الشاهد من تأثير النشر من انه قد يندفع نتيجة هذه
الفكار التي تتسلط علي ذهنه و نتيجة ما يستقر في باطنه من أن القضية
التي يشهد فيها قد حظيت باهتمام الرأي العام أو سخطه إلى المبالغة في
التصوير أو التحريف في الرواية إلى تصديق ما سمعه و ما قرأه عنها
خصوصا إذا لم يكن متأكد من المعلومات التي سيدلي بها أو إذا كان ممن
يخضعون بسهولة لليحاء فتختلط معلوماته الشخصية بالتعليقات و النباء التي
نشرت عنها و يبدو ذلك واضحا في الحالت التي تنشر فيها الصحف ما تتوقع
أن يدلي به الشاهد من أقوال مما يحمله علي أن يجعل أقواله مسايرة
- 7فالمسائل المدنية يمكن فيها إعداد الدليل مقدما بعكس المسائل المدنية فموضوعها جرائم ترتكب و ل
يتصور إعداد دليل كتابي سابق بشأنها
- 8و قد أشارت المذكرة اليضاحية لمشروع تنقيح القانون المدني المصري إلى عيوب الشهادة كوسيلة
للثبات حتى في المسائل المدنية )مجموعة العمال التحضيرية ،الجزء الثالث ،ص (359
- 9انظر المادة 283إجراءات جنائية و المادة 212من قانون المرافعات المصري والمادة 219فقره 2من
قانون أصول المحاكمات الجزائية الردني.
- 10فالشاهد يؤدى شهادته علي انفراد بغير حضور بقية الشهود )المادتين 112و 278إجراءات و 210
مرافعات(
11تراجع المواد من 214إلى 217من قانون العقوبات الردني والذي يحكم موضوع الشهادة الزور .
لتجاهات النشر كما أن هناك خطا من أن هذا النشر قد يجعل بعض
الشخاص يحجمون عن التقدم للدلء بشهادتهم
ل يشترط أن يكون الشاهد قد اعلم ليحضر أمام المحكمة أو أمام المحقق
بل يكفي احتمال دعوته للشهادة و تقدير هذا الحتمال متروك لقاضي
الموضوع ،و ل يشترط أن يكون التأثير في شخص معين طلب للشهادة أو
يحتمل طلبه بل تتوافر أركان التأثير عاما غير موجه إلى شخص معين ما دام
من شانه منع شخص مجهول من الفضاء بمعلومات لولى المر و مثاله أن
يقول صحفي "أن الذي يتقدم للشهادة لمصلحة هذا المتهم إنما يطعن وطنه
الطعنة النجلء فان الجريمة واقعة علي البلد كلها في شخص رئيس حكومتها
و زعيم أغلبيتها البرلمانية و سيعرف الوطن من هم أولئك الخونة اللذين
يتجرءون بشهادتهم المصطنعة علي معاونة هذا الثيم علي الفلت من يد
العدالة و سيكشف عن اليدي الخفية التي تحركه و سيحاقدح أصحابها حسابا
عسيرا ل هوادة فيه".
. 3-3-4التأثير في الرأي العام :
يعرف الرأي العام في القانون و الفقه بانه الحكم الذي يصدره المجتمع في
مسالة ذات أهمية عامة بعد بحث واع معقول .
و في تعريف للرأي العام أدق و أوضح انه تعبير عن موضوع معين يكون
موضوع مناقشة و بأنه اتجاهات أفراد الشعب إزاء مشكلة معينة في حالة
انتمائهم إلى مجموعة اجتماعية واحدة و بأنه موقف الجمهور من مسالة
عامة جارية و بأنه اتفاق الفكار حول أي شيء يهم النسان و بأنه مجموعة
من الفكار و المشاعر المشتركة بين أغلبية الناس في بلد معين بصدد
مسألة تهم الجموع و بأنه الشعور الذي يسيطر علي جماعة معينة يحس
أفرادها بأنه يربطهم معا و لعل هذا التعريف الخير هو افضل التعريفات
لوضوحه و بساطته.
و لبد لتكوين الرأي العام من أن يتعرف كل فرد علي ما يعرفه سائر الفراد
في الجماعة و ما يدور بخلدهم بصدد مسالة معينة لكي تبرز المسالة واضحة
للوعي الجتماعي فيصل إلى حكم بشأنها فهو متوقف علي التصال المستنير
فإذا لم يكن ثمة اتصال البتة فل رأى عام و كلما زادت متانة التصال لتعميم
التعليم و تبادل النصاف و المودة بين الموسرين و الفقراء و اصبح التعبير
السليم عادة مستفيضة في جميع طبقات المجتمع .
و الرأي العام الحقيقي رهين بالحكم الديمقراطي الحر فالبلد التي ترهق
القيود القانونية صحفها و تستأذن الدارة في عقد اجتماعاتها العامة ،ول
يجوز فيها أن تصدر الصحف بغير موافقات متعددة من الحكومات ول يباح
فيها تملك الفراد لوسائط التصال ،مثل تلك البلدان ل يتكون فيها رأى عام
صحيح.
وتعد الصحافة في مقدمة العوامل التي تؤثر في تكوين الرأي العام و في
توجيهه و مثلها الوسائل الحديثة للتصال بالجماهير مثل الذاعة و
التليفزيون ،ففي كل مجتمع يتولد شعور عام يهتم بالمسائل العامة
المشتركة و الصحافة و غيرها من وسائل النشر ترضي نزعة الهتمام بهذه
المسائل و هي تنبه الرأي العام و تحرك مشاعره و تفرض عليه منطقها إذ
هي توزع أفكارها علي المليين بسرعة و في نفس الوقت فيتولد نوع من
التوافق في الفكار لن الفرد في المجتمع يتجه إلى أن يتصرف كالخرين
فاتحاد الفكار الذي تحققه الصحف يجذب أفراد المجتمع و يصبهم في قوالب
متماثلة.
غير أن الصحافة أحيانا ل يهمها القيام بواجبها في الرقابة و التوجيه بقدر ما
يهمها أن تعمل علي زيادة توزيعها ،و إذا كان الرأي العام هو الجهاز الذي
تقاس به القيم الجتماعية فان هذا الجهاز يجب أن يبقي مصونا من العوامل
المصطنعة للتأثير ،و إذا كانت أحكام القضاء يجب أن تكون صدى لضمير
المجتمع و إذا كان ل يمكن أن تبقي بمعزل عن القيم الجتماعية التي يعبر
عنها الرأي العام فان الصحافة قد تتجه إلى إحداث تأثير في ضمير المجتمع
في مسائل يجب أن يكون الرأي فيها مستمدا من الوقائع المعروضة علي
القضاء وحدها .
و من هذا تبدو خطورة التأثير الذي يحدثه النشر علي الرأي العام بصدد
دعوى معينة مطروحة علي القضاء .فقد أصبحت الصحافة قوة ضخمة تبعث
القارئ علي تصديق ما ينشر بها ،و حتى القارئ المثقف ل يمكنه أن يميز
فيما يطالعه بين الحقائق و الراجيف و ليس ما لديه الوقت الكافي لن يمعن
التفكير فيما يطالعه و أن يكون فيها رأى سليم بل ليس هناك ما يدعوه إلى
أن يجهد نفسه في تحري حقيقة ما نشرته الجريدة .فالجهل و التسرع و
عدم المبالة كلها عوامل تلعب دورها و تساعد علي أن يحدث النشر أثره
فاغلب القراء ل يعرفون أل أن جريمة قد ارتكبت و أن شخصا تعسا عليه أن
يدفع الثمن.
الفرع الثاني
جريمة نشر ما يجري في الجلسات السرية للمحاكم وما يلحق بها من
تحقيقات .
الصل أن المحاكمات علنية والتحقيقات سرية تلك هي القاعدة العامة ،
فالمحاكمات يجب أن تجري تحت بصر الجمهور الذي قد يجد فيها نوع من
إشباع الشعور بالعدالة أو لون من ألوان الردع.
علي أن المحكمة قد تجد في بعض الحيان لدواع تقدرها أن تأمر بجعل
الجلسة سرية ،أما مراعاة لشعور أحد أطراف الخصومة مثل جرائم
الغتصاب مثل ،أو لتعلق بعض المعلومات التي سوف تتداول بالمن القومي
للبلد ،وغير ذلك من العتبارات التي تقدرها ،ومن نافلة القول أن نقرر بان
الجلسة ل تكون سرية علي المحاميين ول المتهمين ول أعضاء النيابة العامة ،
ولكنها قد تكون سرية علي الجمهور ،وفي تقديري فان القول بان وقائع
الجلسة تجري في غير علنية أوقع كثير واضبط من القول بأنها سرية ،كما
أن هناك بعض الجرائم التي يري المشرع أن مصلحة المجتمع أو افراده
تقتضي عدم النشر فيها إطلقا ،مثل جرائم الشرف أو الخلق أو دعاوي
الحوال الشخصية وغير ذلك .
.1النصوص في القانون الردني مثال ً . :
تنص المادة 12من قانون انتهاك حرمة المحاكم رقم ) (9لسنة 1959علي
عقاب "كل من نشر باحدى الطرق المتقدم ذكرها في الدعاوى الحقوقية او
الجزائية التي قررت المحاكم سماعها في جلسة سرية او في الدعاوى
المتعلقة بالجرائم التي تقع بواسطة الصحف أو دعاوى الذم و القدح و القدح
و افشاء السرار او في دعاوى الطلق و الهجر و البنوة الطبيعية يعاقب
بالحبس مدة ل تتجاوز سنة و بغرامة ل تقل عن عشرين دينارا و ل تزيد علي
المائة دينار او باحدى هاتين العقوبتين".وتستطرد المادة المشار اليها فتقرر
بانه " و ل يعاقب علي مجرد نشر موضوع الشكوى او علي مجرد نشر
الحكم و مع ذلك ففي الدعاوى التي يجوز فيها اقامة الدليل علي المور
المدعي بها يعاقب علي اعلن الشكوى او علي نشر الحكم بالعقوبة
المنصوص عليها في هذه المادة ما لم يكن نشر الحكم او الشكوى قد حصل
بناء علي طلب الشاكي او اذنه".
وفضل عما تقدم تنص المادة 13من القانون المشار اليه ايضا بعقاب "كل
من نشر باحدى الطرق المتقدم ذكرها ما جرى في المداولت السرية في
المحاكم او نشر بغير امانة و بسوء قصد ما جرى في الجلسات العلنية في
المحاكم يعاقب بالحبس مدة ل تتجاوز سنة و بغرامة ل تقل عن عشرين
دينارا و ل تزيد علي مائة دينار او باحدى هاتين العقوبتين "
و تنص المادة 14من القانون نفسة علي معاقبة "كل من نشر باحدى
الطرق المتقدم ذكرها إذاعات بشان تحقيق جزائي قائم يعاقب بالحبس مدة
ل تتجاوز ستة اشهر و بغرامة ل تزيد عن خمسين دينار او بإحدى هاتين
العقوبتين"