You are on page 1of 34

‫حقوق الصحفي والبرلمان‬

‫تمهيد ‪:‬‬
‫إن العلقة بين الصحافة والبرلمان تحكمها العديد من العتبارات‬
‫مثل العتبار السياسي والعتبار الجتماعي والهم من ذلك كيف‬
‫ينظر البرلمانييون الى الصحافة ودورها في الدولة وكيف ينظر‬
‫الصحفييون الى البرلمانيين ودورهم داخل قبة البرلمان ‪ ,‬والحقيقة‬
‫أن هذه العتبارات تثير جدلية كبيرة ليس من السهولة بمكان وضع‬
‫أطر عامة لحتواء هذه الجدلية خاصة في هذه الورقة ‪.‬‬
‫ولكن يمكن القول أن العتبار القانوني الذي يحكم العلقة بين‬
‫الطرفين هو اعتبار واضح ومحدد بالقانون ول يثير تلك الجدلية‬
‫الواسعة‪ ,‬حيث أن هذه العلقة تحكمها النصوص التشريعية بشكل‬
‫صريح ومباشر وبغض النظر عن تفصيلت هذه العلقة _ سواء‬
‫أكانت تعطي للصحفيين حقوقهم في ممارسة كاملة لحرية عملهم‬
‫الصحفي أم تمنحهم حقوقا ناقصة عن الشكل الدستوري المقرر لها‬
‫_ ال أنها بالنتيجة محددة بموجب نصوص تشريعية ‪.‬‬
‫وبعيدا عن الجانب الفقهي يمكننا القول بأن الحقوق التي يتمتع بها‬
‫الصحفيين تجاه البرلمان قد تكون داخل قبة البرلمان مثل حضور‬
‫الجلسات البرلمانية وتغطية أخبار البرلمان وحقوق أخرى خارج قبة‬
‫البرلمان مثل تقييم أداء البرلمان والبرلمانيين ونقده ‪.‬‬
‫لذا سنقسم هذه الورقة الى بابين رئيسين على النحو التي ‪:‬‬
‫الباب الول ‪ :‬حقوق الصحفيين داخل قبة البرلمان ‪.‬‬
‫الباب الثاني ‪ :‬حقوق الصحفيين خارج قبة البرلمان ‪.‬‬

‫الباب الول ‪ :‬حقوق الصحفيين داخل قبة البرلمان‬


‫‪.‬‬
‫يقصد بهذه الحقوق هي تلك الحقوق التي تمكن الصحفيين من‬
‫ممارسهم عملهم في تغطية شؤون واخبار البرلمان بشكل كامل‬
‫ودون أن يكون هناك أي مسؤولية عليهم ال عند التعسف في‬
‫استعمال هذه الحقوق ‪ .‬وبشكل يضمن نقل الحقيقة الكاملة الى‬
‫المواطنين عن مدى كفاءة النواب الذين انتخبوهم و عن مدى‬
‫كفاءة البرلمان بشكل عام على القيام بواجباته الدستورية ‪.‬‬
‫وبالتالي يمكننا القول بأن هذه الحقوق تتمثل بالتي ‪:‬‬
‫‪ .1‬حق الصحفيين في حضور الجلسات البرلمانية وتغطيتها‬
‫اخباريا ‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫حق الصحفيين في حضور جلسات اللجان الدائمة و‬ ‫‪.2‬‬
‫المؤقتة وتغطيتها اخباريا ‪.‬‬
‫حق الصحفيين في الحصول على محاضر الجلسات و‬ ‫‪.3‬‬
‫اوراق وبيانات البرلمان ونشرها ‪.‬‬
‫ما هو المصدر أو الساس القانوني لهذه الحقوق ؟‬ ‫•‬
‫ان حق الصحفيين في تغطية أخبار البرلمان يستند الى حق أكبر‬
‫وأشمل وهو حق الوصول الى المعلومات والحصول علها من‬
‫مصاردها وتداولها ‪ .‬وحقيقة ان هذا الحق ضمنته نصوص الدستور‬
‫الردني والمواثيق الدولية والقليمية التي صادق عليها الردن‬
‫واعتبرها جزءا من نظامه القانوني ووضعها في مرتبة أعلى من‬
‫القوانين الوطنية ‪.‬‬
‫ومن المعروف أن الدستور هو القانون السمى والذي تنتتدرج تحتتته‬
‫التشريعات الختترى مثتتل القتتوانين والنظمتتة ولقتتد نتتص الدستتتور‬
‫الردنتتي فتتي المتتادة ) ‪ ( 15‬منتته علتتى أن الصحافة والطباعععة‬
‫حرتان ضمن حدود القانون ‪ .‬وعند القول بحرية الصحافة لبد متتن‬
‫النظر الى أركان هذه الحرية مجتمعة ‪ .‬متتن حريتتة اصتتدار الصتتحف‬
‫وحرية الطباعة والنشر وعدم وجتود رقابتة مستبقة أو لحقتة عليهتا‬
‫والركن الساسي وهو حق الصحفيين في الحصول على المعلومات‬
‫وتتتداولها وانستتيابها الطتتبيعي متتن مصتتدرها التتى أن تصتتل التتى‬
‫الجمهور ‪.‬‬
‫كما نص الدستور وفي المادة ‪: 85‬‬
‫تكون جلسات كل من المجلسين علنية على انه يجوز عقد جلسات‬
‫سرية بناء على طلب من الحكومة أو طلب خمسة من العضاء ثم‬
‫يقرر المجلس قيود الطلب الواقع أو رفضه‬
‫وبالتالي يكون الدستور الردني قد ضمن للصحفيين حقهم في‬
‫تغطية أخبار البرلمان لنه في الساس ضمن لهم حق الحصول‬
‫على المعلومات هذا كله من جانب ‪.‬‬
‫ومن جانب آخر ضمنت المواثيق الدولية والقليمية حق الحصول‬
‫على المعلومات بشكل صريح للجمهور عامة وللصحفيين خاصة‪,‬‬
‫حيث نصت المادة ) ‪ (19‬من العهد الدولي الخاص بالحقوق‬
‫المدنية والسياسية‪-: 1‬‬
‫‪ " /1‬لكل إنسان حق في اعتناق آراء دون مضايقة " ‪.‬‬
‫‪ 1‬اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق بموجب قرار الجمعية العامة للمم المتحدة ‪ 2200‬المؤرخ في ‪16‬‬
‫ديسمبر ‪ 1966‬تاريخ بدء النفاذ ‪23‬أذار ‪. 1976‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ /2‬لكل إنسان حق في حرية التعبير ‪ ،‬ويشمل هذا الحق‬
‫حريته في التماس مختلف ضروب المعلومات والفكار‬
‫وتلقيها ونقلها إلى آخرين دونما إعتبار للحدود ‪ ،‬سواء‬
‫على شكل مكتوب أو مطبوع أو في قالب فني بأي وسيلة أخرى‬
‫يختارها ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫ولقد كفل الميثاق العربي لحقوق النسان أيضا الحق في العلم‬
‫وحرية الرأي والتعبير وكذلك الحق في استقاء النباء والفكار‬
‫وتلقيها ونقلها إلى الخرين بأي وسيلة ودونما اعتبار للحدود‬
‫الجغرافية وهذا ما جاءت به المادة )‪ (32‬من الميثاق ‪.‬‬

‫ولكن هل حافظت التشريعات الوطنية على هذه الحرية‬ ‫•‬


‫بالشكل المطلوب أم انتقصت منه ؟‬
‫أول ‪ :‬فيما يتعلق بحق الصحفيين في حضور الجلسات‬
‫البرلمانية وتغطيتها اخباريا ‪.‬‬

‫حقيقة بالنسبة إلى تغطية الجلسات البرلمانية الصل فيها العلنية‬


‫لكن قد تكون سرية في بعض الحالت‪ .‬وعلى ذلك نصت المادة ‪84‬‬
‫من النظام الداخلي لمجلس النواب لعام ‪ 1996‬على أن‪:‬‬
‫) جلسات المجلس علنية‪ ،‬غير انه اذا طلبت الحكومة او تقدم‬
‫خمسة نواب على القل بطلب خطي ان تكون الجلسة سرية تخلى‬
‫قاعة الجلسة من الحضور من غير الوزراء والعيان ويطرح الرئيس‬
‫الطلب على المجلس للمداولة فيه فاذا أقره تظل الجلسة سرية‬
‫الى حين النتهاء من الموضوع الذي طلب عقدها سرية لجله‪( .‬‬

‫كما ونصت المادة ‪ 31‬من النظام الداخلي لمجلس العيان لعام‬


‫‪:1998‬‬

‫) جلسات المجلس علنية ‪ ،‬غير أنه إذا طلبت الحكومة أو تقدم‬


‫خمسة من أعضاء المجلس بطلب أن تكون الجلسة سرية تخلى‬
‫قاعة المجلس إل من العضاء والحكومة والمين العام ويطرح‬
‫الرئيس الطلب على المجلس للمداولة فيه ‪ ،‬فإذا أقره تظل‬
‫الجلسة سرية إلى حين النتهاء من الموضوع الذي طلب عقدها من‬
‫‪ 2‬صدرت الرادة الملكية السامية بالموافقة على قرار مجلس الوزراء رقم ) ‪ (1197‬تاريخ ‪23/3/2004‬‬
‫المتضمن الموافقة على الميثاق العربي لحقوق النسان ونشر الميثاق في الجريدة الرسمية عدد ‪4658‬‬
‫تاريخ ‪. 16/5/2004‬‬

‫‪3‬‬
‫أجله ‪ ،‬وللوزراء أن يصطحبوا مستشاريهم وكبار موظفي وزاراتهم‬
‫لحضور هذه الجلسة‪( .‬‬

‫من الدستور الردنتتي‬ ‫ويأتي هذا النص منسجما مع نص المادة ‪85‬‬


‫والتي نصت على أن ‪:‬‬

‫) تكون جلسات كل من المجلسين علنية على انه يجوز عقد‬


‫جلسات سرية بناء على طلب من الحكومة أو طلب خمسة من‬
‫العضاء ثم يقرر المجلس قيود الطلب الواقع أو رفضه‪( .‬‬
‫كما و نصت المادة ) ‪ /83‬ب ( من النظام الداخلي لمجلس النواب على أن‬
‫] على أجهزة العلم المختلفة مراعاة الدقة عند نقل جلسات المجلس‬
‫العلنية ‪ [ .‬ونصت الفقرة ج من نفس المادة على أنه ] اذا عمدت أي وسيلة‬
‫اعلمية الى تحريف ما قيل في الجلسة أو تشويهه ‪ ,‬فللرئيس أن يتخذ بحقها‬
‫ما يراه مناسبا من ارجاءات [‬

‫كما ونصت المادة ‪ / 30‬ج من النظام الداخلي لمجلس العيان‪:‬‬

‫) للرئيس أن يتخذ ما يراه مناسبا من الجراءات بحق أي من‬


‫أجهزة العلم ووسائله المختلفة إذا عمدت إلى تشويه ما قيل في‬
‫الجلسة أو تحريفه أو عدم الدقة في نقله (‪.‬‬
‫ولكن قد تثار مسألة على درجة عالية من الهمية ‪ ,‬تتمثل بقيام الصحفي‬
‫بنشر عبارات قيلت أثناء الجلسة البرلمانية أو أفعال وقعت أثناء الجلسة‬
‫وتشكل ذما أو قدحا تجاه أي شخص داخل قبة البرلمان سواء أكان نائبا أم‬
‫وزيرا أومهما كانت صفته ‪ .‬هل يكون الصحفي مسؤول ً جزائيا عن نشر مثل‬
‫هذه العبارات أو الفعال وبالتالي يعاقب على نشرها أم أن ذلك يدخل في‬
‫باب الذم والقدح المباح والذي ل يسأل عنه الصحفي ؟ ؟‬

‫حقيقة أجابت المادة ‪ 198‬من قانون العقوبات الدرني والتي نصت على‬
‫أنه ‪:‬‬
‫إيفاءً للغاية المقصودة من هذا القسم‪ ،‬إن نشر أية مادة تكون ذما ً‬
‫أو قدحا ً يعتبر نشرا ً غير مشروع إل‪:‬‬
‫‪ - 1‬إذا كان موضوع الذم أو القدح صحيحا ً ويعود نشره بالفائدة‬
‫على المصلحة العامة ‪.‬‬
‫‪ - 2‬إذا كان موضوع الذم أو القدح مستثنى من المؤاخذة بناًء على‬
‫أحد السباب التية‪:‬‬

‫‪4‬‬
‫د ‪ .‬إذا كان موضوع الذم أو القدح هو في الواقع بيان‬
‫صحيح لي أمر قيل أو جرى أو أذيع في مجلس المة ‪.‬‬

‫ومن هنا يمكن للصحفي أن ينشر كل ما يدور في الجلسة البرلمانية‬


‫سواء أكان ذلك من معلومات أو عبارات مدونة في محضر الجلسة‬
‫أم أي عبارات أو افعال وقعت أثناء الجلسة ولم تدون في ذلك‬
‫المحضر ‪ .‬ولكن لبد من الملحظة أن تكون هذه العبارات أوالفعال‬
‫قد وقعت أثناء الجلسة البرلمانية بمعنى تحت القبة ‪ .‬ول يجوز أن‬
‫نشر أي عبارات أو أفوال تشكل ذما او قدحا خارج الجلسة‬
‫البرلمانية وحتى لو وقعت داخل مبنى مجلس المة مثل أروقة‬
‫المجلس أو مكاتب النواب ‪ .‬لن المشرع عندما منح تلك الرخصة‬
‫انما كان القصد منها اعطاء الصحفيين حصانة للنشر بكل ما يدور‬
‫أثناء الجلسات البرلمانية فقط‪ .‬وهذا يتطلب من الصحفي اثبات أن‬
‫ما نشره قد وقع تحت قبة البرلمان‪.‬‬

‫ويرتبط بهذه المسألة حالة أخرى شبيه لها وهي حالة قيام الصحفي‬
‫بنشر عبارات وردت في بيان صادر عن مجلس المة أو في محاضر‬
‫رسمية صادرة عن مجلس المة وكانت تشكل ذما أو قدحا فهل‬
‫يسأل الصحفي مثل هذه الحالة عن النشر ويعاقب أم ل ؟‬

‫قد اجابت أيضا المادة ‪ 198‬من قانون العقوبات على ذلك حيث‬
‫نصت على أنه ‪:‬‬
‫إيفاًء للغاية المقصودة من هذا القسم‪ ،‬إن نشر أية مادة تكون ذما ً‬
‫أو قدحا ً يعتبر نشرا ً غير مشروع إل‪:‬‬
‫أ ‪ .‬إذا كان موضوع الذم أو القدح قد نشر من قبل‬
‫الحكومة أو مجلس المة أو في مستند أو محضر‬
‫رسمي‪.‬‬

‫ثانيا ‪ :‬فيما يتعلق بحق الصحفيين في حضور جلسات‬


‫اللجان الدائمة و المؤقتة وتغطيتها اخباريا ‪.‬‬

‫لقد أشار النظام الداخلي لمجلس النواب في المادة ‪ 35‬منه‬


‫على أن ‪:‬‬
‫ينتخب المجلس في بدء كل دورة عادية أعضاء اللجان التالية ‪:‬‬
‫‪ ‬اللجنة القانونية ‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫اللجنة المالية والقتصادية ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫لجنة الشؤون العربية والدولية ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫اللجنة الدارية ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫لجنة التربية والثقافة والشباب ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫لجنة التزجيه الوطني ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫لجنة الصحة والبيئة ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫لجنة الزراعة والمياه ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫لجنة العمل والتنمية الجتماعية ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫لجنة الطاقة والثروة المعدنية‬ ‫‪‬‬
‫لجنة الخدمات العامة والسياحة والثار ‪.‬‬ ‫‪‬‬
‫لجنة الحريات العامة وحقوق المواطنين‬ ‫‪‬‬
‫لجنة فلسطين‬ ‫‪‬‬
‫لجنة الريف والبادية ‪.‬‬ ‫‪‬‬

‫ولقد بين المشرع اختصاصات كل لجنة من هذه اللجان في المواد‬


‫من ) ‪ 36‬الى ‪ ( 49‬من النظام الداخلي لمجلس النواب‪.‬‬
‫ولقد بين المشرع أيضا في المادة ‪ 51‬من النظام ذاته أن للمجلس‬
‫أن يشكل لجانا مؤقتة يرى أن الحاجة ماسة لتشكيلها ‪ ,‬وأشار في‬
‫المادة ‪ 52‬من النظام أن لكل لجنة من اللجان الدائمة أو المؤقتة‬
‫أن تختار من اعضائها لجنة فرعية لدراسة مواضيع معينة ‪.‬‬
‫ولقد نصت المادة ‪ 11‬من النظام الداخلي لمجلس العيان على أنه‬
‫‪:‬‬
‫ينتخب المجلس لمدة سنتين أعضاء اللجان التالية ‪:‬‬
‫‪ .1‬لجنة الشؤون القانونية ‪.‬‬
‫‪ .2‬لجنة المالية والقتصادية ‪.‬‬
‫‪ .3‬لجنة الشؤون الخارجية ‪.‬‬
‫‪ .4‬لجنة الشؤون التربوية والتعليمية والثقافية ‪.‬‬
‫‪ .5‬لجنة شؤون البيئة والصحة والتنمية الجتماعية ‪.‬لجنة‬
‫الشؤون الدارية ‪.‬‬
‫‪ .6‬لجنة شؤون الزراعة والمياه ‪.‬‬

‫ولكن المشرع وفي المادة ‪ / 56‬أ من النظام‬ ‫‪‬‬


‫الداخلي لمجلس النواب أشار الى انه ‪:‬‬

‫‪6‬‬
‫) يقتصر حضور جلسات اللجان على أعضاء المجلس وأمانة سر كل‬
‫لجنة والخبراء اللذين تستدعيهم ‪( .‬‬
‫كما اعتبرالمشرع أيضا اجتماع جلسات لحان مجلس العيان سرية‬
‫أيضا ً ‪ .‬حيث نصت المادة ‪ 15‬من النظام الداخلي لمجلس العيان‪:‬‬
‫) على جلسات اللجان سرية على أنه يجوز لي عضو في المجلس‬
‫أن يحضر اجتماعات اللجان التي ل يكون عضوا فيها دون أن يكون‬
‫له حق المشاركة في المناقشة أو التصويت ‪(.‬‬
‫بمعنى أن المشرع حظر تماما حضور الصحفيين هذه الجلسات‬
‫وهذا حقيقة تقييد كبير لحرية الصحافة والصحفيين ‪ .‬ول يتمشى مع‬
‫المعايير الديمقراطية لعمل البرلمان لن الديمقراطيات حتى‬
‫الحديثة منها تسمح بتغطية واسعة لجلسات اللجان الدائمة وحتى‬
‫المؤقتة منها مثل لجان الستماع أو لجان تقصي الحقائق ‪.‬‬
‫وحقيقة إن وجود هذا النص هو الذي يبيح منع حضور الصحفيين‬
‫جلسات اللجان الدائمة أو المؤقتة‪.‬‬
‫وما جرت عليه العادة والعرف _ دون وجود نص قانوني _ في‬
‫مجلس المة أنه قد يسمح للصحفيين بحضور احدى اجتماعات‬
‫اللجان عند مناقشة موضوع ما وذلك وفقا لما يراه رئيس اللجنة‬
‫المجتمعة ‪ ,‬ولكن في الغالب ل يسمح لهم بدخول قاعة الجتماع‬
‫لتغطية الجتماع ‪ ,‬وفي هذه الحالة يقوم المكتب العلمي لمجلس‬
‫المة بتغطية الجتماع وتزويد الصحفيين بأخبار الجتماع والتي تكون‬
‫دائما أخبارا رسمية ‪.‬‬
‫ثالثا ً ‪ :‬فيما يتعلق بحق الصحفيين في الحصول على‬
‫محاضر الجلسات و اوراق وبيانات الرلمان ونشرها ‪.‬‬
‫من المعروف ان مجلس النواب يعد العديد من الوراق و المحاضر‬
‫سواء أكانت لجلساته العلنية أم السرية ‪ .‬ولجتماعات اللجان‬
‫الدائمة أو المؤقتة ‪ .‬فهناك جدول أعمال لكل جلسة ) علنية أم‬
‫سرية ( من جلسات المجلس ‪ ,‬وهناك محضر تفصيلي لكل جلسة‬
‫من جلسات اللجان تدون فيه وقائع الجلسة وما اتخذ فيها من‬
‫قرارات وكذلك الحال بالنسبة لجلسات المجلس والتي قد تنتهي‬
‫بقرارات مكتوبة ‪.‬‬

‫ومن هنا فقد فرق المشرع الردني بين محاضر‬ ‫‪‬‬


‫الجلسات البرلمانية العلنية وبين محاضر الجلسات السرية و‬
‫أوراق وبيانات المجلس ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫بالنسبة لمحاضر الجلسات البرلمانية العلنية ‪:‬‬
‫لقد اعتبر المشرع أن محاضر الجلسات البرلمانية ) النواب والغيان‬
‫علنيةو متاحة للجميع وأن من حق الجمهور الطلع عليها وقد قرر‬
‫هذا الحق عندما ألزم البرلمان بشقيه النواب والعيان بضرورة نشر‬
‫محضر الجلسة البرلمانية في ملحق الجريدة الرسمية ‪ .‬وهذا ما‬
‫نصت عليه المادة ‪ 31‬من النظام الداخلي لمجلس العيان والمادة‬
‫‪ 82‬من النظام الداخلي لمجلس النواب ‪.‬‬
‫بالنسبة لمحاضرالجلسات السرية لباقي أوراق المجلس‬
‫البيانات التي يصدرها‪:‬‬
‫بين المشرع الردني في المادة ‪/83‬أ من النظام الداخلي لمجلس‬
‫النواب أنه ‪:‬‬
‫تعتبر أوراق المجلس وبياناته سرية ل يجوز نشرها أو نشر أي شيء‬
‫منها ال بعد ادراجها في جدول العمال أو تحويلها للحكومة ‪.‬‬
‫كما ونصت المادة ‪ 85‬من النظام الداخلي لمجلس النواب على ‪:‬‬
‫يحرر محضر للجلسة السرية ‪ ,‬ال اذا قرر المجلس غير ذلك ويقوم‬
‫بتحرير المحضر مساعدا رئيس الجلسة ويوقعه معهما رئيس‬
‫الجلسة ثم يحفظ في المكان الذي يحدده رئيس المجلس ول يجوز‬
‫لغير النواب والحكومة الطلع عليه ‪.‬‬
‫في حين لم يمنع النظام الداخلي لمجلس العيان من نشر أوراق‬
‫المجلس وبياناته ‪ ,‬أما بالنسبة لمحاضر الجلسات السرية فقد اعتبر‬
‫أنها سرية أيضا ول يجوز لغير العيان والحكومة الطلع عليها وهذا‬
‫ما نصت عليه المادة ‪ 32‬من النظام ‪.‬‬

‫ومن المسائل المهمة الني تطرح في مسألة الجلسات السرية‬


‫ومحاضرها حالة قيام الصحفي بنشر ماجرى في الجلسات السرية‪,‬‬
‫كأن يعطي نائب معين تصريح لهذا الصحفي عما دار في الجلسة‬
‫السرية ‪ ,‬أو ان هذا الصحفي حصل على مادار في الجلسة السرية‬
‫أو محاضرها من مصادره الخاصه ‪.‬‬

‫وحقيقة هذا الموضوع لم يطرق أمام القضاء الى الن ‪ ,‬وعند‬


‫البحث في النظام الداخلي والتشريعات الردنية بعين الفاحص‬
‫القانوني نجد أن النظام الداخلي لمجلس النواب او غيره من‬
‫التشريعات لم يرتب أي جزاء على النشر في مثل هذه الحالة حتى‬
‫أنه ل يوجد نص قانوني يجرم هذا النشر أساسا أي يعتبره فعل‬
‫مجرما ‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫ولتوضيح هذا المر نقول أنه وان كان النظام الداخلي لمجلس‬
‫النواب قد أجاز عقد جلسات سرية ل يمكن للصحفيين تغطيتها‬
‫مباشرة في المادة ‪ 84‬وأشار أنه ل يجوز لغير النواب والحكومة‬
‫الطلع على محاضر الجلسة السرية في المادة ‪. 85‬ال أن النظام‬
‫نفسه لم يرتب أي مسوؤلية على مخالفة هذا الحظر بمعنى أن‬
‫نصوص النظام الداخلي للمجلس أو في أي تشريع آخر _ على حد‬
‫علمنا المتواضع _ وحيث أن الصل في المور الباحة وحيث أن مبدأ‬
‫الشرعية ) الركن المفترض في أي جريمة ( يقول أنه ل جريمة ول‬
‫عقوبة ال بنص وحيث أن ل يوجد نص قانوني يجرم و ‪ /‬أو يعاقب‬
‫على النشر في نثل هذه الحالة فيكون قيام الصحفي بنشر ما دار‬
‫في الجلسات السرية أمرا مباحا ً ‪.‬‬

‫وحتى لو تضمن ما يكتبه عبارات تشكل ذما أو قدحا طالما انها‬


‫قيلت داخل قبة البرلمان ‪ .‬وحتى ولو نشر محاضر الجلسة السرية‬
‫طالما انه نقلها كما هي دون تحريف ‪.‬خاصة أن هذه المحاضر‬
‫لتخضع لقانون حماية أسرار ووثائق الدولة ‪.‬‬

‫الباب الثاني ‪ :‬حقوق الصحفيين خارج قبة‬


‫البرلمان‬
‫ونقصد بهذه الحقوق هي تلك الحقوق التي يمكن للصحفيين‬
‫أن يمارسوها تجاه البرلمان غير التغطية الصحفية لخبار‬
‫البرلمان ‪ .‬وتتمثل هذه الحقوق بحق نقد البرلمان سواء اكان‬
‫نقدا للداء العام لمجلس المة أم أداء مجلس النواب أم أداء‬
‫مجلس العيان ‪ .‬ام نقد البرلمانيين أنفسهم ‪.‬‬

‫ومن هنا نقول أن قانون العقوبات الردني يعاقب على الذم‬


‫الموجهة الى مجلس المة أحد أعضاءه أثناء عمله أو بسبب‬

‫‪9‬‬
‫ما أجراه بحكم عمله ‪ .‬حيث نصت المادة ‪ 191‬من قانون‬
‫العقوبات على‪:‬‬
‫] يعاقب على الذم بالحبس من ثلثة أشهر ال سنتين اذا كان‬
‫موجها الى مجلس المة أو أحد أعضاءه أثناء عمله أو بسبب‬
‫ما أجراه بحكم عمله أو الى احدى الهيئات الرسمية او‬
‫المحاكم أو الدارات العامة أو الجيش أو الى أي موظف أثناء‬
‫قيامه بوظيفته أو بسبب ما أجراه بحكمها ‪[ .‬‬
‫ولكن هل هذا يعني أنه ل يجوز التعرض بالنقد الى أداء‬
‫البرلمان والبرلمانيين ‪ ,‬وهل يمكن التعرض الى الحياة الخاصة‬
‫النواب أو العيان أم أن ذلك من قبيل المحرمات تلتي ل‬
‫يجوز القتراب منها ‪.‬‬
‫حقيقة للجابة على هذه الستفسارات لبد من معرفة الحدود‬
‫الفاصلة بين الذم والقدح من جهة وبين حق النقد كاحدى‬
‫صور الذم والقدح المباح ‪.‬‬
‫لذا سنقسم هذا الباب الى قسمين ‪:‬‬
‫الفسم الول ‪ :‬جريمة الذم والقدح بين النظرية والتطبيق ‪.‬‬
‫القسم الثاني ‪ :‬حق النقد وتطبيقاته على البرلمان و‬
‫البرلمانيين‬

‫الفسم الول ‪ :‬جريمة الذم والقدح بين النظرية‬


‫والتطبيق‬

‫علة تجريم الذم والقدح‪:‬‬


‫عندما يقوم المشرع بتجريم وقائع أو أفعال معينة فانه يقوم بذلك‬
‫حماية لحقوق أساسية أو جوهرية ل غنى عنها لبقاء كيان المجتمع‬
‫‪3‬‬
‫بدونها‪.‬‬
‫فهو عندما يجرم فعل القتل الواقع على النسان انما يحمي حق‬
‫هذه النسان في الحياة لن هذا الحق يعتير ضروري بالنسبة لكل‬
‫المجتمع لضمان استمراريته‪.‬‬
‫وعلى ذلك فقد جرم المشرع أفعال الذم لنه باسناد مادة معينة‬
‫الى شخص معين تنال من كرامتة وشرفه وتعرضه الى بغض الناس‬
‫واحتقارهم سواء أكانت تلك المادة المسندة اليه تستوجب العقاب‬
‫أم ل‪.‬‬

‫الدكتور كامل السعيد ‪ ,‬قانون العقوبات القسم العام‬ ‫‪3‬‬

‫‪10‬‬
‫وكذلك جرم القدح لنه يشكل اعتداء على كرامة الغير أو شرفه أو‬
‫اعتباره حتى بدون بيان مادة معينة‪.‬‬

‫علة تبرير جرائم الذم والقدح‪:‬‬


‫قد يضع المشرع أسبابا في بعض الحيان لتبرير ما كان قد جرمه‬
‫من أفعال وذلك بعد أن يكون قد وازن بين حقين ورجح أحدهما‬
‫على الخر فمثل نجده قد جرم فعل القتل وبذات الوقت برره‬
‫عندما يكون دفاعا عن النفس‪.‬‬
‫وعليه فبعد أن جرم المشرع أفعال الذم والقدح نجده قد برر هذه‬
‫الفعال في سبيل حقا أهم من حق الكرامة والعتبار الشخصي‬
‫وهذا الحق يتمثل بالمصلحة العامة ومصلحة المجتمع في الوقوف‬
‫على الحقائق بعينها‪ ,‬أو في صيانة حق المجتمع بتقويم أعمال‬
‫موظفيها من خلل الطعن على أعمال الموظف العام مثل ‪.‬‬

‫‪ .1‬تعريف الذم والقدح ‪:‬‬


‫الذم هو اسناد مادة معينة الى شخص معين ويكون من شأن هذه‬
‫المادة أن تؤدي الى النيل من شرف وكرامة واعتبار هذا الشخص و‬
‫بغض النظر عن السلوب الذي يتم فيه السناد وبغض النظر أيضا‬
‫عن كون تلك المادة جريمة تستوجب العقاب أم ل‪.‬‬
‫وبذات التعريف يكون القدح ولكنه يختلف عنه بشيء واحد فقط‬
‫وهو أن القدح هو اعتداء على كرامة وشرف واعتبار ذلك الشخص‬
‫ولكن من دون تحديد مادة معينة‪ .‬وهذا يتطلب من قاضي الموضوع‬
‫التمييز بين الواقعة ذات الكيان المستقل ) الذم ( وبين الحكم العام‬
‫او الوصف العام أو اسم الفاعل أو صيغة التشديد ) القدح (كلفظة‬
‫مسند‬
‫سارق أو مغتصب أو هاتك عرض أو قاتل قتال قتلى‪ .‬ف ُ‬
‫الواقعة ذات الكيان المستقل يعتبر ذاما في حين أن من يصدر‬
‫حكما عاما أو قيما يعتبر قادحا ‪ ,‬حتى وأن كان قد استخلص هذا‬
‫‪4‬‬
‫الحكم من واقعة يعلمها ولكنه لم يصرح بها‪.‬‬
‫ولعل هذا هو السبب في أن عقاب الذم أشد من عقاب القدح في‬
‫بعض القوانين لن اسناد مادة معينة يجعل تصديق الواقعة أقرب‬
‫الى الحتمال وتأثيرها على المحنى عليه أشد وطأة‪.‬‬
‫ولكن من الهمية بمكان أن نشير الى أن التفرقة بين الذم والقدح‬
‫أو بين تحديد الواقعة أو ابهامها ل يمكن التوصل لها من خلل صيغة‬

‫الدكتور كامل السعيد ‪ /‬الحدود الفاصلة بين النقد المباح والذم والقدح‪ /.‬ورقة عمل‬ ‫‪4‬‬

‫‪11‬‬
‫السناد فقط وانما ل بد من الخذ بعين العتبار الظروف‬
‫والملبسات التي أحاطت بالكلم فمثل وصف الصحفي لشخص أنه‬
‫سارق ل يعد قدحا اذا ثبت أنه كان يقصد واقعة معينة يمكن‬
‫تحديدها من الظروف والملبسات التي تحيط بالسناد‪.‬‬
‫ويمكن التأكيد على التعريف السابق للذم والقدح ) القذف والسب‬
‫( من خلل نص المادة ‪ 188‬فقره ‪ 1‬من قانون العقوبات الردني‬
‫على أن " الذم هو إسناد مادة معينة إلى شخص ما ولو في معرض‬
‫الشك والستفهام من شأنها أن تنال من شرفه وكرامته‪ ،‬أو تعرضه‬
‫إلى بغض الناس واحتقارهم سواء أكانت تلك المادة جريمة تستلزم‬
‫العقاب أم ل "‪ ،‬في حين تضمنت في الفقرة الثانية تعريفا للقدح‬
‫بأنه " العتداء على كرامة الغير أو شرفة أو اعتباره ولو في معرض‬
‫الشك والستفهام من دون بيان مادة معينه "‪.‬‬
‫‪ .2‬كيف تقوم جريمة الذم أو القدح ‪:‬‬
‫يمكن لنا أن نستنتج من خلل التعريف المتفق عليه على مفهوم‬
‫الذم والقدح أنه لبد من توافر الركان التالية في الفعل الذي يصدر‬
‫عن الجاني ) الذام أو القادح ( وهي ‪:‬‬
‫‪ 2-1‬الركن الول ‪ :‬ركن مادي ‪:‬‬
‫وهو ببساطة شديدة فعل السناد الذي يتم فيه نسبة المادة موضوع‬
‫الذم الى المجني عليه ‪ ,‬أو ما ينسبه القادح للمجني عليه والذي‬
‫يجب في الحالتين أن يكون من شأنه أن يؤدي الى النيل من‬
‫كرامة وشرف واعتبار المجني عليه أو من شأنه تعرضه الى بغض‬
‫الناس واحتقارهم‪.‬‬
‫وفي هذا المجال ل بد من أخذ الملحظات التالية بعين العتبار ‪:‬‬
‫الملحظة الولى ‪:‬‬ ‫•‬
‫أنه لفرق بين من يقوم باسناد وقائع أو آراء أو أفعال من نسج‬
‫الذام أم نسج غيره ام بوصفها رواية ينقلها عن الغير ‪ ,‬فل فرق‬
‫بين من ينشر أفكاره الشخصية وبين أفكار غيره على شكل خبر‬
‫أو اشاعة ‪ ,‬فنافل الكفر كافر في هذا المقام ‪ ,‬وذلك لن الذام‬
‫اسند بالنتيجة في كل الحالتين أمورا من شأنها النيال من كرامة‬
‫المجني عليه وشرفه‪.‬‬
‫فقد قضي برفض دفاع للمتهم بأنه نقل العبارات التي نشرها عن‬
‫جريدة أجنبية ) بانه يستوي أن تكون عبارات القذف والسب التي‬
‫أذاعها الجاني منقولة عن الغير أو من إنشائه هو ذلك أن نقل‬

‫‪12‬‬
‫الكتابة التي تتضمن جريمة ونشرها يعتبر في حكم القانون‬
‫‪5‬‬
‫كالنشر الجديد سواء بسواء (‬
‫وعلى ذلك نصت المادة ‪ 37‬من قانون المطبوعات والنشر‬
‫الردني رقم ‪ 8‬لسنة ‪ 1998‬على ‪:‬‬
‫) تعامل المادة الصحفية المقتبسة أو المتضمنة معاملة المادة‬
‫المؤلفة أو الصلية (‬
‫الملحظة الثانية ‪:‬‬ ‫•‬
‫يشترط لقيام الذم أن تنتسب الواقعة الى الماضي والحاضر ‪,‬‬
‫فل يقوم الذم اذا اسند الشخص لخر واقعة تنتسب الى‬
‫المستقبل ‪ ,‬كما لو نشر صحفي مقال عن نائب نجح في‬
‫النتخابات للتو يشير فيه الى أن هذا النائب لن يقوم بأي‬
‫شيء يخدم فيه الداء البرلماني ‪.‬‬
‫الملحظة الثالثة ‪:‬‬ ‫•‬
‫أن السناد ل بد أن يقع على شخص معين ‪ ,‬والتعيين المقصود‬
‫في هذا المقام ليس بالضرورة أن يكون بالسم الجزئي أو‬
‫الكامل ‪ ,‬وانما يكفي أن تكون العبارات التي صيغ بها السناد‬
‫صادرة بشكل يسهل معه تعييم ومعرف شخص المجني عليه‬
‫الذي يقصده الجاني دون أدنى شك ‪ ,‬ومن ذلك أن يذكر صحفي‬
‫في مقاله الحرف الول للمجني عليه أو حدد مهنته وموقعه‬
‫الوظيفي ومكان عمله الحالي أو السابق أو المدينة أو القرية‬
‫الذي ولد فيه أو يقطن فيه‪.‬مثل أن يذم صحفي نائب‬
‫ويقول " أن ذلك النائب هو المحامي الوحيد في اللجنة‬
‫الزراعية "‬
‫الملحظة الرابعة ‪:‬‬ ‫•‬
‫أن فعل السناد يقع على الشخص الطبيعي ) النسان ( ويمكن‬
‫أن يقع على الشخص المعنوي فالقانون الردني جرم الذم و‬
‫القدح الموجه الى مجلس المة أوالهيئات الرسمية أو الجيش أو‬
‫حتى الشركات والجهات الخاصة‪ .‬والسبب في ذلك الى أن‬
‫المشرع قد اعترف اساسا لهذا الشخص المعنوي بالشخصية‬
‫المعنوية وبكامل الحقوق المتفرعة عنها ومنها حقه في الشرف‬
‫والعتبار‪ ,‬ناهيك عن وظيفته الجتماعية التي تكون في العادة‬
‫أهم من وظيفة الشخص العادي‪.‬‬

‫نقض ‪ 20‬ديسمبر ‪ 1960‬مجموعة الحكام س ‪ 11‬رقم ‪ 181‬ص ‪.962‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪13‬‬
‫ولبد في هذا المقام من التنويه الى أنه ل بد من التفريق‬
‫بين الذم الذي يوجه الى الشخص المعنوي وبين الذم الذي يوجه‬
‫الى احد الفراد أو الموظفين الذين يعملون داخل هذا الشخص‬
‫المعنوي‪ .‬فاسناد واقعة الى هيئة ل يعني أن هذا السناد موجه‬
‫الى العاملين فيها اللهم ال من عينت أشخاصهم وثبت امتداد‬
‫الواقعة اليهم ‪ ,‬والعكس صحيح‪ .‬كما أنه ل بد من الملحظة الى‬
‫أن ذم ممثل الشخص المعنوي ل يعني ذم الشخص المعنوي‬
‫نفسه وعليه لو أسند صحفي الى رئيس مجلس النواب‬
‫واقعة جارحة فل تقبل الدعوى من مجلس النواب أو‬
‫من أحد أعضاءه مادام أن المستهدف من الذم شخص‬
‫رئيس المجلس دون المجلس أو أعضاءه‪.‬‬
‫وأخيرا يمكن أن يقع فعل السناد على أي مجموعة من الناس‬
‫حتى ولو لم تكن لها شخصية معنوية ويمكن لي فرد من أفراد‬
‫هذه المجموعة أن يقاضي الذام‪.‬‬
‫الملحظة الخامسة ‪:‬‬ ‫•‬
‫ليلزم في السناد أن يكون صريحا بل قد يكون في معرض‬
‫الشك أو الستفهام وقد يستخلص من الكلم في مجموعه‪.‬فاذا‬
‫كان من الممكن لمن انتشر بينهم الكلم ان يفهموه على ان‬
‫المقصود منه واقعة شائنة الى شخص معين قامت الجريمة‬
‫واستحق العقاب‪.‬‬
‫• الملحظة السادسة ‪:‬‬
‫ويتحقق السناد بأن تنسب الواقعة إلى الشخص باعتباره فاعل لها‬
‫أو باعتباره معتدى عليه بصورة مهينة قد تمس اعتباره وكرامته‬
‫وتحط من قدرة بين الناس‪ .‬مثال ذلك‪ :‬ما اعتبرته محكمة النقض‬
‫من أن )نشر إحدى الصحف أن اثنين اقتحما مكتب محام وقذفاه‬
‫بزجاجات الكوكاكول وانهال عليه ضربا بالعصي الغليظة وأمراه بخلع‬
‫ملبسه ووقف المحامي عاريا في مكتبه ثم أوثقاه بحزام جلد(‪.‬‬
‫)نقض ‪ 16‬يناير سنة ‪ 1962‬مجموعة الحكام س ‪ 13‬ص ‪( 47‬‬

‫‪ 2-1-1‬مجالت السناد‪.‬‬
‫أول ‪ :‬السناد في مجال العقيدة الدينية‪:‬‬
‫اذا أسند شخص لخر أنه ينتمي الى دين معين أو الى عقيدة‬
‫معينة أو أنه على غير ذي دين فنعتقد أن مثل هذا السناد ليعتبر‬
‫من قبيل الذم انطلقا من مبدأ حرية الديان المقررة في‬

‫‪14‬‬
‫التشريعات ‪ ,‬ولكن يورد الفقه الحالة التي من شأن هذا السناد‬
‫أن يؤدي الى بغض الناس أو احتقارهم أو نفورهم منه مثل القول‬
‫ان المدير الفلني على دين كذا ول يقبل تعيين أي عامل لم يكن‬
‫من هذا الدين‪ .‬او رجل الدين فلن يدين بدين آخر سرا بدين‬
‫آخر‪ .‬ومثل القول ان فلن رجل ملحد او من عبدة الشيطان‪.‬‬
‫ول يسعنا ال أن نأخذ بهذا الرأي لوجاهته بل نرى أنه من غير‬
‫الممكن ان يكون هناك قاعدة عامة تحكم هذا الموضوع في كل‬
‫المجتمعات اذ ل بد أن يأخذ كل بلد على حده فالمجتمعات‬
‫السلمية مثل السعودية يكون السناد فيها بان فلن غير دينه‬
‫الى المسيحية من قبيل الذم‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬السناد في المجال المهني أو الفني ‪:‬‬


‫يقول أستاذنا الجليل الدكتور محمود نجيب حسني " أن القانون‬
‫‪6‬‬
‫يحمي العتبار المهني ولكنه ل يحمي المجد المهني "‬
‫وقد قضت محكمة النقض المصرية " أنه مع التسليم بأن نسبة‬
‫الهمال في الدفاع لمحام في قضية معينة ل تعد قذفا حسب‬
‫رأي علماء القانون ال أنه من المتفق عليه أن هذه النسبة تعد‬
‫قذفا اذا تعدت حد النتقاد ومست كرامة المحامي في صناعته‬
‫وذلك كمن ينسب لمحام أنه قصر في الدفاع لن القضية أحيل‬
‫عليه بل مقابل او أن أتعابه كانت قليلة " ‪.7‬‬
‫من هنا يمكننا القول أن هذه الراء تود القول أن السناد في‬
‫المجال المهني قد يكون من باب النقد المباح وقد يكون من باب‬
‫الذم المعاقب عليه‪.‬والحد الفاصل بينهما يقوم على التفرقة بين‬
‫المتطلبات الساسية للهلية الكاملة لممارسة المهنة والتمتع‬
‫بآدابها وأخلقياتها وبين المكانيات المطلوبة لجادتها والبداع‬
‫فيها‪.‬‬
‫حيث يكون السناد ذما اذا جاء ينكر على شخص صلحيته أو‬
‫اهليته لممارستها بأن يشير الى عدم توفر المعلومات أو القدرة‬
‫اللزمة أو يطعن باخلقه المهنية وآداب المهنة‪ .‬ويستوي الحال‬
‫اذا أسند له وقائع من شأنها أن تؤدي الى ذات النتيجة‪.‬‬

‫شرح قانون العقوبات – القسم الخاص – دار النهضة العربية القاهرة ‪ 1986‬ص ‪.631‬‬ ‫‪6‬‬

‫عابدين الجزائية ‪ 5/8/1909‬استقلل س ‪6‬ر ‪ ,419‬المرصفاوي في قانون العقوبات ف ‪ 3177‬ص ‪.1030‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪15‬‬
‫بينما من ل ينكر للشخص أهليته وقدرته المهنية واخلقياته‬
‫المهنية ولكن جاء ليجادل في مستوى هذه الهلية و والقدرة‬
‫ومدى خبرته ل يعتبر ذاما‪ .‬مثل قيام موجه الكلم بالموازنة بين‬
‫هذا الشخص وبين زملئه في نفس المهنة ويعطيه تقدير أقل‬
‫منهم‪.‬أو أن ينسب اليه وقائع يستفاد منها أنه لم يبذل كل مافي‬
‫وسعه من خبرات وقدرات‪.‬‬
‫ونحن نعتقد بمنطقية الفقه والقضاء المصري لنه يوازن بين‬
‫مصلحتين الولى هي فتح المجال لي صاحب مهنة لن يمارس‬
‫مهنته بطمأنينة ويمكنه من استغلل قدرته على البداع لما في‬
‫ذلك من مصلحة للمجتمع كله‪ .‬والثانية تمكين الناقد والمتخصص‬
‫والعلم عامة من سلطة الرقابة على أعماله وكشف أخطائه‬
‫حتى يتجنبها مستقبل وهذا يحقق مصلحة المجتمع أيضا‪.‬‬
‫أخيرا لبد من الشارة الى أنه ل يعد من قبيل الذم السناد الذي‬
‫يؤثر على المركز المالي أو التجاري للمسند اليه ‪ ,‬كما لو أسند‬
‫احدهم الى تاجر أنه على وشك الفلس أو انه خسر على نحو‬
‫فادح في مضاربته أو أنه يبيع بضاعة قديمة فمثل هذا ل يشكل‬
‫جريمة تبعا لذلك ل يستوجب عقابا ول احتقارا بخلف القول أن‬
‫فلن يغش في الكاييل أو في البضاعة ‪ ,‬لن مثل هذا اما ان‬
‫يشكل جريمة أو يستوجب احتقاره‪.8‬‬

‫ثالثا ‪ :‬السناد في مجال الحياة الخاصة ‪:‬‬


‫ل يمكن لنا الوقوف وراء الرأي الذي يعتبر الحياة الخاصة حرمة‬
‫خالصة ل يمكن تناولها ‪ ,‬اذ اننا نعتقد بامكان تناول هذه الحياة‬
‫الخاصة دون أن يكون السناد مجرما ‪ ,‬حيث اذا كانت الواقعة‬
‫صحيحة المسندة وكانت هذه الواقعة استعمال لحق يقرره‬
‫القانون ل نعتقد أن اسناد مثل هذه الواقعة يعتبر من قبيل الذم‪.‬‬
‫ومثاله القول أن فلن طلق زوجته لسباب غير وجيه ‪ ,‬ول الى‬
‫شخص يسمح له دينه بتعدد الزوجات لنه قد تزوج مثنى وثلث ‪,‬‬
‫ولو أضاف الى ذلك بأنه لم يكن مقتضى لذلك‪ 9.‬وهذا على خلف‬
‫من يتناول الحياة الخاصة وكان من شأن ذلك تحقيق نقيصة‬
‫أخلقية‪ .‬مثل القول أن فلن تزوج من فلن طمعا بأموالها‪.‬‬

‫‪ 8‬د‪ .‬محمود محمود مصطفى‪ -‬شرح قانون العقوبات القسم الخاص – الطبعة الثامنة ‪ 1984‬و مطبعة جامهة‬
‫القاهرة ص ‪351‬‬
‫‪ 9‬الدكتور كامل السعيد المرجع السابق‬

‫‪16‬‬
‫‪ 2-1-2‬الفئة التي يجب أن ُيحدث السناد بالنسبة اليها‬
‫بغضا أو احتقارا أو ينال من شرف المجني عليه في‬
‫نظرها ‪:‬‬
‫هذه الفئة هي الناس الذين يحيطون به من خلطاءه وعشرائه‬
‫ومعارفه في الوسط الذي يعيش فيه أو يعمل به قل مهما كان‬
‫عددهم‪.‬‬

‫‪ 2-1-3‬جريمة الذم أو القدح من جرائم الخطر ل‬


‫الضرر ‪:‬‬
‫وهذا يعني أنه ل يشترط أن يؤدي السناد الى وقوع الضرر فعل‬
‫وانما يكفي أن يكون من شأنه احداث ذلك الضرر حتى وأن لم‬
‫يقع فعل ‪.‬‬

‫‪ 2-2‬الركن الثاني ‪ :‬العلنية‬


‫من المعروف ان ما يهم المشرع الجزائي ان ل تقع الجريمة‬
‫على أي حق من حقوق النسان بغض النظر كيف وقعت بفعل‬
‫ايجابي أم سلبي بوسيلة مادية أو معنوية ‪ ,‬ولكنه في بعض‬
‫الحيان يتطلب وسيلة معينة يجب أن تقع بها هذه الجريمة ومن‬
‫ثم يعتبر هذه الوسيلة ركن أساسي من أركان وعناصر قيام هذه‬
‫الجريمة‪.‬‬
‫وهذا مكان في جريمة الذم أو القدح اذ اشترط المشرع العربي‬
‫وقوع هذه الجريمة باحدى وسائل العلنية والتي تعددت في‬
‫معظم القوانين العربية‪ .‬ومن وسائل العلنية المعروفة قانونا‬
‫العمال والحركات اذا حصلت في مكان عام الكتابة والرسوم‬
‫والصور والفلم اذا عرضت في محل عام أو مكان مباح‬
‫للجمهور أو معرض للنظار أو بيعت أو عرضت للبيع أو وزعت‬
‫على أكثر من شخص‪.‬‬
‫بمعنى آخر وكون ما يهمنا في هذا المقام زملئنا الصحفيين ل بد‬
‫أن يكون المقال قد نشر فعل ‪ ,‬ول يكفي مجرد كتابة المقال‬
‫حتى يقال بأن الصحفي قد ارتكب جريمة الذم‪.‬‬

‫‪ 2-3‬الركن الثالث ) القصد الجرمي ( هل هو قصد عام‬


‫فقط أم ل بد من توافر القصد الخاص ) سوء النية(‬

‫‪17‬‬
‫باستقراء الصيغ التي استخدمت في النصوص القانونية والتي‬
‫جرمت الفعال التي تقوم عليها جريمة الذم والقدح ) القذف‬
‫والسب ( يمكن لنا الستناج بل التأكيد على أن جريمة الذم‬
‫والقدح هي من الجرائم القصدية التي تقوم على العلم والرادة‬
‫ويكفي فيها القصد العام ‪ ,‬بمعنى أن هذه الجريمة ل تقوم على‬
‫الخطأ حتى ولو ترتب عليها المساس بكرامة أو شرف المجني‬
‫عليه‪.‬وبالتالي فانها ل تستوجب العقاب وان كانت المسؤولية‬
‫المدنية متوافرة وتستوجب التعويض المدني‪.‬‬
‫و القصد الجرمي هذا المتمثل بالعلم والرادة ل بد أن ينصرف‬
‫الى كافة أركان جريمة الذم والقدح وهي فعل السناد والعلنية‬
‫حسبما تقدم‪.‬‬
‫والعلم بالسناد انما يكون من خلل توافر العلم اليقيني‬ ‫•‬
‫لدى المتهم بأن العبارات التي يستخدمها من شأنها المساس‬
‫بكرامة وشرف المجني عليه‪.‬‬
‫أما بالنسبة للعلم بركن العلنية انما يتحقق بعلم الجاني بان‬
‫النشاط – وهو السناد ‪ -‬الذي قام به انما وقع بصورة علنية ‪ ,‬فاذا‬
‫اعتقد بأن نشاطه ليس علنيا انتقى القصد الجرمي وسقطت‬
‫الجريم‪.‬‬
‫ومن هنا نقول اذا كان الذم أو القدح بواسطة المطبوعات يجب‬
‫أن يعلم الصحفي أن مقاله سوف ينشر في الصحيفة أو المجلة‪..‬‬
‫الخ‪ .‬أما اذا اعتقد أن هذا المقال لن ينشر فل يقوم القصد‬
‫الجرمي‪.‬‬
‫وعليه لو أن صحفي أرسل مقاله لرئيس التحرير لمراجعته‬
‫وتدقيقه وليس لغايات النشر وقام رئيس التحرير بنشرها ل يقوم‬
‫القصد الجرمي بحقه‪.‬‬
‫وبما أن القصد الجرمي يقوم على الرادة أيضا فل بد‬ ‫•‬
‫أن ينصرف ذلك لفعل السناد والعلنية أيضا‪.‬‬
‫وعليه اذا كان الذم أو القدح بواسطة المطبوعات فلبد أن تكون‬
‫ارادة الصحفي قد اتجهت نحو كتابة مقال من شأنه الساءة الى‬
‫كرامة أو شرف المجني عليه‪.‬‬
‫وعلى هذا قضت محكمة النقض المصرية في حكم شهير لها "‬
‫بأنه اذا كان الحكم قد ادان المتهم على أساس أنه قصد العيب‬
‫في الذات الملكية ‪ ,‬ثم قال ما مفاده أن هذا المتهم حين ارتجل‬
‫الخطبة المقول بتضمنها العيب كان في حالة انفعال وثورة‬

‫‪18‬‬
‫نفسانية فجمح لسانه وزل بيانه وانزلق الى العبارة التي تضمنت‬
‫العيب ‪ ,‬فانه بكون قد اخطأ و لنه اذا صح أن عبارة العيب قد‬
‫صدرت عفوا من المتهم في الظروف والملبسات التي ذكرها‬
‫‪10‬‬
‫الحكم ‪ ,‬فان القول بأنه قصد أن يعيب يكون غير سائغ "‬
‫وكذلك الحال بالنسب الى ركن العلنية فلبد أن تتجه ارادة‬
‫الصحفي انتشار عبارات المقال –المتضمن الذم أو القدح – بين‬
‫الناس وهو ما يسمى) بقصد أو ارادة الذاعة ( عند بعض‬
‫‪11‬‬
‫الفقهاء‪.‬‬

‫‪ 2-3-1‬والسؤال الكبير الذي يثور هنا هل لحسن النية‬


‫دور في العفاء من المسؤولية عن جرائم الذم‬
‫والقدح أم هي من قبيل البواعث والتي لتعتبر عنصرا‬
‫من عناصر التجريم وبالتالي ل تؤثر على قيام أو‬
‫انهدام الجريمة ؟‬
‫وفي هذا المجال نقول لقد أوردت معظم قوانين العقوبات‬
‫العربي حسن النية من المبادئ العامة وضمن كليات القانون فان‬
‫ذلك يكفي للخذ بحسن النية كسبب للعفاء من العقاب في‬
‫جريمة الذم والقدح ولقد أخذ القضاء العربي على هذا الرأي في‬
‫العديد من قراراته فلقد استقر القضاء في الردن على أن حسن‬
‫النية هو أمر معتبر في تبرير الذم أو القدح ومن ذلك ‪:‬‬
‫‪ .1‬قرار محكمة بداية جزاء عمان رقم ‪1127/2002‬‬
‫تاريخ ‪ 16/7/2002‬والذي جاء فيه ‪:‬‬
‫اضافة الى ذلك فان حسن النية وهدف الظنين من النشر‬
‫ظاهر من خلل عبارات المقال بمجملها حيث من قراءة‬
‫المقال بمجمله فانه يهدف الى المطالبة بالهتمام بالجهاز‬
‫القضائي والحفاظ على استقلليته من أي تهديد أو تدخل‬
‫خارجي المر الذي تجد معه المحكمة من أن النية الجرمية‬
‫المتمثلة بسوء نية الظنينين وهي أحد أركان الجرم المسند‬
‫لهما متوافرا في وقائع هذه الدعوى‪ .‬لذا تقرر المحكمة اعلن‬
‫عدم مسؤوليتهما‪.‬‬

‫‪ 10‬نقض ‪ 7‬ديسمبر مجموعة القواعد القانونية ج ‪ 6‬رقم ‪ 214‬ص ‪591‬‬


‫‪ 11‬المحامي شريف بدوي – اسباب الباحة في جرائم القذف و السب – ‪ 1987‬دار الثقافة للطباعة والنشر‬
‫القاهرة ص ‪ 55‬وأيضا الدكتور كامل السعيد – الحدود الفاصلة بين النقد المباح و والذم والقدح ) مرجع‬
‫سابق (‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫‪ .2‬قرار محكمة بداية جزاء عمان رقم ‪8503/95‬‬
‫تاريخ ‪ 5/6/97‬الذي جاء فيه ‪:‬‬
‫وبالتدقيق تجد المحكمة بأن الظنين قد قدم للمحكمة‬
‫المصادر التي قام ببناء مقاله عليها ‪ ,‬مما يتضح للمحكمة‬
‫ويثبت حسن نيته كما أن واجبه كصحفي يحتم عليه نشر مثل‬
‫هذه الخبار والمعلومات‪ .‬لذا تقرر المحكمة اعلن عدم‬
‫مسؤوليته‪.‬‬

‫‪ 2-3-2‬والسؤال الثاني ما هي الشروط المعتبرة لتوافر‬


‫حسن النية في جريمة الذم والقدح ؟‬
‫نقول في هذا المجال أننا نأخذ بما ذهب اليه القضاء المصري فلقد‬
‫استقر قضاء محكمة النقض المصرية على أن حسن النية يقوم‬
‫على اعتقاد المتهم بصحة الوقائع التي ينسبها لغيره‪ .‬وأن يكون‬
‫قصده من ذلك مصلحة البلد ل مجرد التشهير ‪ ,‬أي أن ل يكون الذم‬
‫مسببا عن ضغينة شخصية بل يقصد النتقاد بطريقة معقولة خدمة‬
‫للمصلحة العامة‪ ,‬ومناط ذلك هو أن يكون المتهم قد قدر المور‬
‫التي نسبها للمجني عليه تقديرا كافيا أي أن يكون قد بذل ما في‬
‫وسع الشخص العادي في مثل هذه الظروف من أسباب التحري‬
‫لكي يتحقق من صحة الوقائع وذلك لنه ليس من المصلحة العامة‬
‫اسناد وقائع عن اهمال وتقصير سببه الطيش والخفة ول نعتقد أن‬
‫من ينسب وقائع الى آخر وهو عالم بعدم صحتها يستهدف المصلحة‬
‫العامة‪.‬‬
‫وبناء على ما تقدم ‪ ,‬فان حسن النية يعد منتفيا بالنسبة للمتهم في‬
‫احدى الحلت التالية ‪:12‬‬
‫‪ .1‬اذا ثبت أنه لم يكن يستهدف المصلحة العامة‪.‬‬
‫‪ .2‬اذا كان يعلم بعدم صحة الوقائع التي أسندها الى المجني‬
‫عليه‪.‬‬
‫‪ .3‬اذا كان اعتقاده بصحتها ل يستند الى تقدير كاف للمور بل‬
‫كان ناجما عن طيش وخفة‪.‬‬
‫كنا قد قلنا أن المشرع عندما يبرر فعل مجرما انما يقارن بين‬
‫مصلحتين ويرجح احداهما على الخرى وهذه المصلحة‬
‫المرجحة هي الولى والهم بالرعاية من الخرى وهذا ما كان‬
‫عندما شرع الشارع حق النقد‪.‬‬

‫‪ 12‬الدكتور كامل السعيد المرجع السابق‬

‫‪20‬‬
‫القسم الثاني ‪ :‬حق النقد وتطبيقاته على البرلمان‬
‫و البرلمانيين‬

‫تعريف النقد ‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫النقد بصفة عامة هو ابداء الرأي في أحد التصرفات أو العمال أو‬
‫الراء ‪ ,‬دون المساس مباشرة بشخص صاحبها‪.‬‬
‫ويستند الحق فيه الى ما للنسان من حرية – أو حق – في العلن‬
‫عن الرأي ‪ ,‬والتعبير عنه بكافة وسائل التعبير المشروعة‪ .‬بمعنى‬
‫حق النسان في نقد ما حوله من اشياء ونظم وأشخاص وأن‬
‫يعطيها علنية القيمة التي يعتقد انها تستحقها ايجابية او سلبية وذلك‬
‫وفقا لفكاره ومثله واعتقاداته‪ .‬ومن ثم يشتمل معنى النقد على‬
‫الستحسان والستنكار والقدح والمدح ‪ ,‬لكن في العادة تنصرف‬
‫كلمة النقد الى بيان العيوب فقط‪.‬‬

‫مصدر مشروعية حق النقد ‪:‬‬ ‫‪‬‬


‫ويستند حق النقد الى قاعدة أساسية من قواعد الدستور التي تقرر‬
‫حرية الرأي والقول والكتابة بكافة وسائل التعبير مراعاة للصالح‬
‫العام ودعما للتقدم والبناء الديمقراطي‪.‬‬
‫حيث نصت المادة )‪ (15‬من الدستور الردني على أن ‪-:‬‬
‫تكفل الدولة حرية الرأي‪ ،‬ولكل أردني أن يعرب بحرية عن رأيه‬
‫بالقول والكتابة والتصوير وسائر وسائل التعبير بشرط أن ل يتجاوز‬
‫حدود القانون‪.‬و الصحافة والطباعة حرتان ضمن حدود القانون‬

‫ويخلص مما تقدم أن المشرع الدستوري قد أرسى مبدأ حرية النقد‬


‫أو حق النقد ‪ ,‬وذلك بأن أباح للشخص أن يعبر عن جميع آرائه‬
‫السياسية والقتصادية والجتماعية والدينية وغيرها بالكتابة أو‬
‫بالتصوير أو بالقول أو بغير ذلك من وسائل التعبير ‪ ,‬وذلك في حدود‬
‫النظام حسبما هو مقرر في القانون‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫واذا كان الدستور قد قرر مبدأ حق النقد وصاغه صراحة ضمن‬
‫نصوصه وقواعده‪ .‬فل يمكن أن نغل أن القوانين الوطنية كفلت هذا‬
‫الحق أيضا ومن ذلك قانون العقوبات الردني لسنة ‪ 1960‬حيث‬
‫نصت المادة) ‪ (192‬من قانون العقوبات ‪:‬‬
‫)‪ -1‬اذا طلب الذام ان يسمح له باثبات صحة ما عزاه الى الموظف‬
‫المعتدى عليه فل يجاب الى طلبه ال ان يكون ما عزاه متعلقا‬
‫بواجبات وظيفة ذلك الموظف او يكون جريمة تستلزم العقاب‬
‫قانونًا‪.‬‬
‫‪ -2‬فاذا كان الذم يتعلق بواجبات الوظيفة فقط وثبتت صحته فيبرأ‬
‫الذام وال فيحكم عليه بالعقوبة المقررة للذم‪.‬‬
‫‪ -3‬واذا كان موضوع الذم جريمة وجرت ملحقة ذلك الموظف بها‬
‫وثبت ان الذام قد عزا ذلك وهو يعلم براءة الموظف المذكور‬
‫انقلب الذم افتراء ووجب عندئذ العمل بأحكام المواد القانونية‬
‫المختصة بالفتراء (‬

‫وكذلك المادة ) ‪ (194‬من قانون العقوبات ‪:‬‬


‫) اذا طلب القادح ان يسمح له باثبات صحة ما عزاه الى الموظف‬
‫المعتدى عليه فلى يجاب الى طلبه ال أن يكون ما عزاه متعلقا ً‬
‫بواجبات ذلك الموظف ويقف موقف ذلك الذام وذلك بتحويل‬
‫عبارات القدح الى شكل مادة مخصوصة وعندئذ يعامل معاملة‬
‫الذام(‬
‫و لقد عرفت المادة )‪ (169‬من قانون العقوبات الردني الموظف‬
‫العام بأنه ] كل موظف عمومي في السلك الداري أو القضائي‪،‬‬
‫وكل ضابط من ضباط السلطة المدنية أو العسكرية أو فرد من‬
‫أفرادها‪ ،‬وكل عامل أو مستخدم في الدولة أو في إدارة عامة‪[.‬‬
‫‪.‬‬
‫و يخلص من تلك النصوص مايأتي ‪:‬‬

‫أول ً ‪ :‬إباحة توجيه أي أمر أو واقعة الى الموظف العام ما دامت‬


‫ليست كاذبة‪.‬‬
‫ثانًيا‪ :‬من حق من يسند الى الموظف العام أي أمر من المور التي‬
‫لوصحت لوجبت عقابه أو احتقاره ‪ ,‬من حقه أن يثبت صحة هذه‬
‫المور‪.‬‬

‫‪22‬‬
‫ثالثا ‪ :‬ان يكون النقد موجها للواجبات الوظيفية أو ان يكون جريمة‬
‫تستلزم العقاب‪.‬‬
‫وتفصيل ذلك أن حق النعي على التصرفات الموظفين العمومين هو‬
‫في الحقيقة حق نقدهم فيما يتعلق باعمال وظائفهم التي تهم‬
‫المجتمع‪.‬وقد أباحت المادة ‪ 192‬عقوبات استعمال هذا الحق اذاكان‬
‫عن وقائع ثابتة وتتعلق باعمال الوظيفة‪ .‬وهذه الشروط هي ذاتها‬
‫الشروط اللزمة لستعمال حق النقد بصفة عامة ‪ ,‬أي النقد‬
‫الموجه للموظفين العمومين أو الموجه لغيرهم من آحاد الناس‪.‬‬

‫ولكن قد يقول قائل ان حق النقد مقرر فقط‬ ‫‪‬‬


‫تجاه الموظفين العموميين فقط دون غيرهم‬
‫بحسب تعبير النص القانوني التي قصرت ذلك الحق‬
‫وحددت شروط ممارسته فقط تجاه الموظفين‬
‫العموميين ول يشمل هذا الحق البرلمان‬
‫والبرلمانيين‪.‬‬

‫نقول ولئن كانت تلك المادة القانونية قد نصت صراحة على‬


‫استعمال هذا الحق في مواجهة الموظف العام ومن في حكمه‬
‫فقط ‪ ,‬فان علة ذلك هي رغبة المشرع في أن يبرز مدى أهمية حق‬
‫النقد فنص عليه في أخطر مكان له وادقه وهو ميدان الوظيفة‬
‫العامة وما في حكمها اذ هو الميدان الوحيد الذي يمكن أن يثار‬
‫الشك والجدل حول مدى امكان استعمال حق النقد فيه ‪ ,‬وذلك‬
‫بسبب ما يحظى به الموظف العام من حصانات وامتيازات بحكم‬
‫‪13‬‬
‫الوظيفة العامة‬
‫ولما كان الهدف من ارساء مبدأ حق النقد وتقنينه هو تتبع‬
‫التصرفات والعمال والراء التي ترتبط بالمصالح الجتماعية‬
‫المختلفة أو تتصل بها ‪ ,‬وتناولها بالمناقشة والتقييم وابداء الرأي‬
‫فيها بغية مقاومة الفساد والنحراف وتصحيح الخطاء في كافة‬
‫الميادين بما يحقق تقدم المجتمع نحو الفضل‬

‫‪ 13‬النقد المباح سنة ‪ ,1977‬المستشار الدكتور عماد عبد الحمية النجار ص ‪85‬ومابعدها‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫فمن غير المتصور أن يقصر المشرع استعمال حق النقد على‬
‫ااتصرفات أو العمال الراء التي تصدر عن الموظفين العمومين‬
‫ومن في حكمهم فحسب دون غيرهم‪.‬‬
‫فغني عن الذكر أن كثيرا ً من هذه التصرفات أو العمال أو الراء‬
‫التي تتصل بالمصالح الجتماعية تصدر من أشخاص ليعتبرون من‬
‫الموظفين العمومين ومن هم في حكمهم من ذوي الصفة النيابية‬
‫العامة أو المكلفين بخدمة عامة‪.‬اذ لمراء أنه يوجد الكثير من‬
‫الشخاص –غير الموظفين العمومين ومن في حكمهم –يؤدون‬
‫أعمال ً أو يمارسون أنشطة في مجالت مختلفة وعديدة لتعد جزءا ً‬
‫من العمل العام أوتتصل به بشكل من الشكال ‪ ,‬فتؤثر بالتالي‬
‫تأثيرا ً مباشرا ً وواضحا ً على المصالح الجتماعية المختلفة في كافة‬
‫‪14‬‬
‫الميادين ومختلف المجالت‪.‬‬

‫ومن ذلك البرلمان والبرلمانيين و – على سبيل المثال –‬


‫زعماء الحزاب أعضاء مجالس ادارتها ولجانها الفرعية ‪ ,‬ورؤساء‬
‫النقابات وأعضاء مجالس ادارتها وفروعها‪.‬ورؤساء الجمعيات‬
‫والمنظمات والهيئات والمؤسسات وسائر التكتلت والتجمعات غير‬
‫الحكومية التي تباشر خدمة عامة أياكان نوعها وكذا أعضاء مجالس‬
‫ادارتها ولجانها الفرعية وفروعها ‪ ,‬والكتاب والمفكرون والفنانون‬
‫في مختلف المجالت الفنية ‪ ,‬والرياضيون المعتمدون في التحادات‬
‫الرياضية أو الندية الرياضية في كافة اللعاب الرياضية ومختلف‬
‫ميادين الر يضاضة ‪ ,‬وغير ذلك ممن يؤدون اعمال أو يمارسون‬
‫نشاطات مختلفة ترتبط بالمصالح ترتبط بالمصالح الجتماعية على‬
‫أختلف أنواعها و أشكالها‪.‬‬

‫وللدللة على ذلك نقول أن المشرع عندما قرر حق النقد أقتضى‬


‫ذلك حتما اباحة الوسيلة الى أستعماله ‪ ,‬أي أباحة الفعال التي‬
‫تستهدف الستعمال المشروع للحق ‪ ,‬سواء للحصول على‬
‫مايتضمنه من مزايا أولمباشرة مايخوله من سلطات‪.‬وأساس اعتبار‬
‫أستعمال الحق سببا ً للباحة هو وجوب تحقيق التساق وعدم‬
‫التناقض بين قواعد القانون ‪ ,‬اذ يصطدم المنطق أن يقرر المشرع‬
‫حقا ً ثم يعاقب على الفعال التي يستعمل بها ‪,‬فيكون معنى ذلك‬
‫التناقض بين قواعد القانون وتجريد الحق من كل قيمة‪.‬‬

‫‪ 14‬الجرائم الصحفية سنة ‪ 1984‬القاضي شريف كامل ص ‪ 18‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫وعلى ذلك يكون حق النقد سببا ً لباحة ما قد يشتمل عليه من‬
‫مساس بالغير من جهة اعتباره أو سمعته أو شرفه ‪ ,‬بعبارات تعتبر‬
‫‪15‬‬
‫قذفا ً أوسببا ً أو أهانة في نظر قانون العقوبات‬

‫نطاق حق النقد‬ ‫‪‬‬

‫نقصد بنطاق حق النقد معنيين اثنين المعنى الول ‪ :‬شمول حق‬


‫النقد لتصرفات الشخص وللشخص نفسه و المعنى الثاني ‪ :‬أمتداد‬
‫حق النقد لمواجهة تصرفات الشخص العام‬

‫المعنى الول ‪ :‬شمول حق النقد لتصرفات الشخص‬


‫وللشخص نفسه‪.‬‬
‫النقد المشروع‪ -‬بحسب الصل – هو فعل ليس فيه قذف ولسب‬
‫واهانة أي ليس فيه مساس بشرف الغير أو أعتباره أو سمعته ‪,‬‬
‫وأنما فيه نعي أو استنكار لتصرفه أو عمله بغير قصد المساس‬
‫بشخصه من جهة شرفه أو اعتباره‪.‬‬
‫فالحكم على الشخص أنما يكون بالحكم على تصرفاته‪,‬وذلك باعتبار‬
‫أن النعي على التصرفات هوبالضرورة نعى على نفس الشخص‬
‫صاحب التصرف فيؤثر بالقطع على شرفه أو اعتباره أو سمعته ‪,‬‬
‫وبعبارة أخرى فان تعييب أعمال الشخص أو آرائه أو استهجانها‬
‫واستظهار ما يشوبها من عوار وأوجه نقص وقصور ‪ ,‬هو حتما ً تعيب‬
‫للشخص نفسه ومساس به بشكل أو بآخر من جهة أعتباره ومكانته‬
‫وقيمته في المجتمع الذي يعيش فيه‪.‬‬
‫ولمراء أن القول بأن النقد ‪ -‬في جميع الحوال‪-‬هو مجرد نعي‬
‫فقط على تصرفات الشخص أو أعماله أو آرائه دون مساس البتة‬
‫بالشخص نفسه ‪,‬لمراء أن هذا القول هو قول نظري بحت يتنافى‬
‫مع حقيقة الواقع العملي الذي نعرفه جميعا ً ونعيشه في دنيا الناس‪.‬‬
‫والحقيقة والواقع أن النعي أو النقد لتصرفات الغير أوأعماله أو‬
‫آرائه يتضمن في ذات الوقت – في جل الحالت ان لم يكن كلها –‬
‫نقدا ً موجها ً لذات الشخاص أصحاب هذه التصرفات أو العمال أو‬

‫‪ 15‬الدكتور محمود نجيب حسنى المرجع السابق ص ‪175‬والدكتور محمود مصطفى في شرح قانون‬
‫العقوبات القسم العام سنة ‪1974‬ص ‪ ,161‬والستاذ محمد عبد الله في جرائم النشر سنة ‪ ,1951‬ص‬
‫‪309‬ومابعدها‬

‫‪25‬‬
‫الراء ‪,‬بما يمكن أن يمس مكانتهم أو سمعتهم أو شرفهم بحسب‬
‫الحوال‪.‬‬
‫ولذلك قيل – بحق – في ضوء هذا النظر لمعنى نطاق حق النقد ‪,‬‬
‫قيل )‪ ...‬وبالتالي يكون النقد في العادة مكونا في الغلب العم‬
‫لجريمة القذف أو السب أو الهانة‪(...‬‬
‫وعلى حد تعبير بعض الفقه الذي ذهب في ايضاح هذا المعنى الى‬
‫القول بان ‪ ):‬حق النقد مباح مادام منصبا ً على العمل ومناقشته من‬
‫الوجهة الفنية‪.‬ومادام النقد في هذا النطاق فل شأن للقانون الجنائي‬
‫به ولو صيغ في عبارة قاسية أو عبارة تهكمية‪...‬ولكن اذا تعدى النقد‬
‫الى شرف الشخص وأعتباره الذي يحميه القانون الجنائي انقلب‬
‫الى قذف ووقع تحت طائلة العقاب‪(..‬‬
‫وصفوة القول أن حق النقد أو النقد المشرع ينصب – أصل ً – على‬
‫تصرفات الشخاص أو أعمالهم أو آرائهم ‪ ,‬ويشتمل في معظم‬
‫الحيان الشخاص أنفسهم أصحاب هذه التصرفات أو العمال أو‬
‫الراء وذلك بحكم الضرورة وبحكم التصال الطبيعي الذي ليمكن‬
‫تجزئته بين الشخص ننفسه وتصرفاته وأعمال وآرائه‪.‬‬

‫غير أنه يشترط في كل الحوال حتى يظل النقد في دائرة‬


‫المشروعية ‪:‬‬

‫أول ً ‪ :‬أل يكون منصبا ً أصل ً على الشخاص فقط دون أعمالهم أو‬
‫تصرفاتهم او آرائهم ‪ ,‬أي أل يكون النقد موجها ً‬
‫لذات الشخاص وواقعا ً عليهم فحسب‪.‬‬
‫ثانيًا‪ :‬أل يكون النقد – ولو تعلق بالتصرفات أو العمال أو الراء –‬
‫مستهدفا ً به أساسا ً المساس بالشخص نفسه بقصد‬
‫الساءة اليه من جهة شرفه أ و أعتباره أوو سمعته ‪ ,‬أي أل‬
‫يكون النقد وسيلة لتلويث سمعة الشخص واداة أو فرصة‬
‫للتشهير به والحط من مكانته في المجتمع‪.‬‬

‫وبعبارة أخرى تقدير مااذا كان النقد قد وقع على الشخاص أنفسهم‬
‫بغير داع ودون مقتض ‪ ,‬أم انه قد شملهم بغير قصد في سياق‬
‫تناوله أصل ً لثمة تصرف أو عمل او راي خاص بهم بحكم التصال‬
‫الطبيعي بين الشخص وبين ما يصدر عنه من تصرفات أو أعمال أو‬
‫آراء‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫تقدير ذلك يعتبر من أدق المسائل وأكثرها أختلفا ً في الرأي وهوو‬
‫يرتبط بغير شك أرتباطا ً وثيقا ً بمسألة مدى أستناد الرأي او التعليق‬
‫الى الواقعة الثابتة محل النقد ومدى تناسبه معها ‪ ,‬وبمسألة مدى‬
‫ملءمة الرأي أو التعليق للواقعة الثابتة محل النقد ومدى تناسبه‬
‫معها ‪ ,‬وبمسألة حسن النية‬
‫ويدخل تقدير ذلك كله في اختصاص محكمة الموضوع طبقا ً للقواعد‬
‫العامة في القانون‪.‬‬

‫المعنى الثاني ‪ :‬أمتداد حق النقد لمواجهة تصرفات‬


‫الشخص العام ‪:‬‬
‫من غير المتصور إباحة حق نقد تصرفات أو أعمال أو آراء بعض‬
‫الشخاص دون غيرهم ‪ ,‬وال كان معنى هذا تقسيم المجتمع الى‬
‫أشخاص معرضة تصرفاتهم أو أعمالهم أو آرائهم للنقد وأشخاص‬
‫فوق النقد كل مايصدر عنهم – مهما كان – من ابداء أي رأي أو‬
‫تعليق عليه‪.‬‬
‫وعلى ذلك يكون حق النقد وأبداء الرأي حقا ً دستوريا ً عاما ً ليجوز‬
‫تخصيصه وقصر استعماله للنعي على تصرفات أو أعمال أو آراء فئة‬
‫من الشخاص فحسب دون غيرها ‪ ,‬وال أدى ذلك الى إهدار مبادئ‬
‫الدستور‪.‬‬
‫والحق فإن النقد ينصرف أساسا ً لمواجهة تصرفات أو أعمال أو آراء‬
‫الشخص العام ‪ ,‬ذلك الذي رأى بأختياره أن يشارك في الحياة‬
‫العامة وأن يسهم بثمة دور فعال فيها‪.‬‬

‫ويقصد بالشخص العام‪ 16‬كل شخص طبيعي رجل ً كان أو امرأة ‪,‬‬
‫وكذا كل شخص أعتباري وكل مؤسسة أو هيئة أو منظمة ‪ ,‬ولو لم‬
‫تكن لها شخصية اعتبارية مستقلة – يتصدى أو تتصدى لقيادة الناس‬
‫أو أرشادهم أو سياستهم أو العمل باسمهم في أمر من المور‬
‫العامة سواء مس مصلحة عامة شاملة أو مصلحة محلية محدودة أو‬
‫مصلحة خاصة بفئة من الناس‪.‬فيصدق هذا الوصف على الموظفين‬
‫العمومين والمكلفين بخدمة عامة ومن لهم صفة نيابية كأعضاء‬
‫مجلس المة أو مجالس المحافظات أو المدن أو القرى ‪,‬‬
‫والمرشحين للتنخاب أو العضوية في هذه المجالس‪ .‬ويصدق هذا‬
‫الوصف على أعضاء مجالس ادارات النقابات وفروعها والجمعيات‬

‫‪ 16‬الجرائم الصحفية سنة ‪ 1984‬القاضي شريف كامل ص ‪ 30‬وما بعدها‪.‬‬

‫‪27‬‬
‫والمؤسسات التي تباشر خدمة عامة والمرشحين لعضويتها وعلى‬
‫زعماء الحزاب وأعضاء مجالس إدارتها ولجانها الفرعية‪ .‬كما يصدق‬
‫هذا الوصف على الصحف والدوريات ودور النشر ورؤساء تحريرها‬
‫ومحرريها والمشرفين على ادارتها‪.‬‬
‫ويصدق أيضا ً على مديري وأعضاء مجالس المؤسسات المالية‬
‫والقتصادية والتجارية التي تعتمد في تمويلها على اكتتاب الجمهور‬
‫أو دعوته للكتتاب فيها‪.‬وينطبق كذلك هذا الوصف على المهندسين‬
‫والطباء سواء كانوا من العاملين في الحكومة أو القطاع العام أم‬
‫كانوا من غير العاملين في الحكومة أو القطاع العام‪.‬وأيضا ً هذا‬
‫الوصف على الكتاب والمفكرين والفنانين في مختلف مجالت‬
‫الفن‪ .‬وكذا ينطبق على التحادات الرياضية والندية الرياضية‬
‫والرياضين التابعين لها في كافة اللعاب الرياضية ومختلف ميادين‬
‫الرياضة‪.‬فكل من هؤلء اذ يتصدى لعمل عام – كل في مجاله –‬
‫يتحمل حتما ً مسئولية تصديه الدبية والجتماعية والقانونية ومايلزم‬
‫ذلك بالضرورة من امكان أن تتعرض تصرفاته أو أعماله أو آرائه‬
‫لبداء الرأي فيها ونقدها ‪ ,‬مع ما قد يترتب على ذلك من شمول‬
‫النقد للشخص نفسه بحكم التصال الطبيعي بين الشخص وكل‬
‫مايصدر عنه من تصرفات أو أعمال أو آراء وذلك على نحو ما سلف‬
‫بيانه‪.‬‬
‫ولما كان التصدي للعمل العام بهذا المعنى الواسع هو الذي‬
‫يستوجب زيادة نصيب الشخص من عبء حق النقد ‪ ,‬ومن ثم فان‬
‫حق النقد ليس له من حياة الشخص ال الجانب المتصل بعمله‬
‫العام أما الجانب الذي ليتصل قط بهذا العمل وليس من شأنه أن‬
‫يؤثر فيه فينبغي أن يبقى مستورًا‪.‬‬
‫بيد أنه كثيرا ً ماتؤثر ظروف الحياة الخاصة للشخص على‬
‫عمله العام تأثيرا ً واضحا ً‪.‬حالئذ يكون لحق النقد أن يقتحم هذه‬
‫الظروف الخاصة للشخص وأن يكشف سبرها ويميط اللثام عنها‬
‫باعتبارها تتصل بعمله العام‪.‬‬
‫ومن البديهي أن هذه التصرفات والعمال والراء التي تتعلق‬
‫بمصلحة المجتمع يمكن أن تصدر من جميع الشخاص الذي ينطبق‬
‫عليهم وصف الشخص العام ‪ ,‬وذلك سواء كانوا من الموظفين‬
‫العمومين أم من غيرهم ‪ ,‬فمن الممكن التعرض لحياة النائب‬
‫الخاصة اذا كانت تصرفاته الخاصة من شأنها التأثير على أداءه‬
‫داخل البرلمان ‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫‪17‬‬
‫شروط حق النقد‬

‫يمكن ان ننتهي إلى ان حق النقد مباح بشروط أربعة هي أن يكون‬


‫الموضوع الذي يوجه إليه النقد ثابتا ومسلم به وان يكون الموضوع‬
‫الذي يوجه إليه النقد مما يهم الجمهور وان يكون النقد موجها‬
‫أساسا لهذا الموضوع وان يكون النقد ملئما ومناسبا مع الموضوع‬
‫الذي يوجه إليه مقترنا بحسن النية‪ .‬وسوف نتناول باليضاح تلك‬
‫الشروط الخمسة علما بان بعض القوانين العربية تشترط شروطا‬
‫اضافية من قبيل ان القاذف ل بد وان يبلغ السلطات بمضمون‬
‫الجريمة التي اكتشفها ومن اجلها استعمل رخصة القذف والسب‬
‫في حق الموظف العام‪.‬‬
‫أول ‪ :‬الواقعة ثابتة ومسلم بها‪.‬‬

‫يذهب الفقه إلى إن الناقد ل يباشر حق النقد إل على أساس نوعين‬


‫من بين الوقائع ‪:‬‬
‫النوع الول هي وقائع أصبحت بالفعل في حوزة الجمهور بفعل‬
‫أصحابها نتيجة عرضهم إياها على الجمهور أو أصبحت كذلك نتيجة‬
‫الشهرة التي استقرت بها الواقعة في البيئة المحلية أو العامة على‬
‫إنها واقعة مسلمة معروفة‪.‬‬
‫والنوع الثاني هي وقائع لم تصبح بعد في حوزة الجمهور وإنما‬
‫يكشفها الناقد‪ .‬على أن ثبوت الواقعة ل يقتضي أن تكون ثابتة‬
‫سلفا ً و إنما إذ أثير الجدل في صحتها يكون في وسع الناقد التصدي‬
‫لثباتها و إقامة الدليل عليها‬
‫وتقول محكمة استئناف ابو ظبي في هذا الخصوص " الطعن في‬
‫حق الموظفين العمومين ونقدهم يستلزم توافر حسن النية‪ ،‬وحسن‬
‫النية يجب ان يتضمن درجة معقولة من العناية والنتباه في اسناد‬
‫امر او واقعة تحوي قدحا‪ ،‬فالمتهم اذا لم يوفق في اثبات صحة ما‬
‫اسندة إلى الموظف فل اقل من ان يوضح السانيد المعقولة التي‬
‫دفعته إلى نشر ذلك‪ ،‬وانه كان مدفوعا بدوافع نبيلة ولم يكن مهمل‬
‫في تحري ما اسنده ونشرة والتثبت منه‪ ،‬ونفس القواعد المطبقة‬
‫على الموظفين العمومين تطبق ايضا على كل المشتغلين بالمسائل‬
‫العامة‪ ،‬ويجب ان تكون المسئلة متعلقة بالصالح العام اي متعلقة‬
‫بالحكومة او إحدي مصالحها او بسعادة الجمهور او بالمجتمع بصفة‬
‫‪ 17‬المصدر المحامي نجاد البرعي – المباح والمعاقب عليه في القذف والسب – ورقة عمل مقدمة في‬
‫ورشة الحماية القانونية للمحامين‪ -‬البحر الميت ‪2002‬‬

‫‪29‬‬
‫عامة‪ ،‬وكن النقد يجب ان يكون تعبير عن رأي صادر بامانة دون‬
‫تعسف في التقدير او الستنتاج ول تحركة الهواء الشخصية وهدفة‬
‫خدمة الصالح العام ل المصالح الخاصة‪ ،‬وإذ كان مبنيا على وقائع‬
‫وجب ان تكون تلك الوقائع ثابتة وان يكون ابداء الرأي بحسن نية‬
‫اي مع العناية والتثبت والتحري‬
‫ثانيا ً ‪ :‬الهمية الجتماعية للواقعة‬

‫الهمية الجتماعية للواقعة شرطا ً أوليا لباحة القذف وان كان من‬
‫المسلم انه ليس ميدان الوظيفة العامة وحده هو ما يهم الناس‬
‫فكثير من الميادين يتصل اتصال ً وثيقا ً وحيويا ً بحياة الناس ول يتعلق‬
‫بالوظيفة العامة أو شاغلها‪ ،‬ومن المعلوم أن هناك جانب من حياة‬
‫بعض الفراد الخاصة لد دللته و أثره على حياتهم العامة أو‬
‫الوظيفية مما يكون من المفيد كشفه حماية للمجتمع فرجل الدين‬
‫الذي يتعاطى المخدرات مثل ً ل يكون في نقد هذا الجانب الخاص‬
‫من حياته قذفا ً بل من المصلحة كشف هذه العورة حتى يرتدع هو‬
‫وغيره عن هذا السلوك الشائن صيانة للدين‪ ،‬ويبقي تقدير الهمية‬
‫الجتماعية للواقعة محل خلف‪ ،‬فمن المعروف ان هناك من الوقائع‬
‫ما يهم مجموع الجمهور قطعا مثل حالت فساد داخل السلطة‬
‫التشريعية‪ ،‬او سؤ انفاق داخل مؤسسات مالية‪ ،‬اوحتى السلوك‬
‫الشخصي لكثير من قادة الرأي والفكر باعتبار ان السلوك‬
‫الشخصي للشخص العام المسئول ل ينفصل عن طريقة اداؤة‬
‫لعملة وينعكس في بعض الحيان سلبا علية‪ ،‬ولكن ماذا عن السلوك‬
‫الشخصي لفنانة او فنان‪ ،‬او ل عب كرة‪ ،‬البعض يري ان كل من‬
‫يحب ان تتابعه الصحف ل بد وان يتحمل نصيبة من متابعة الصحف‬
‫قدحا او مدحا وبالتالي فان هؤلء وقد وضعوا انفسهم في دائرة‬
‫الضؤ فان تصرفاتهم جميعا تعتبر مما يهم الجمهور‪ ،‬فهو والموظف‬
‫العام سواء بسواء‪ ،‬والبعض الخر يري انتصرفات هؤلء ليس لها‬
‫قيمة اجتماعية ولن الصحف تنشرها من باب النميمة‪ ،‬ول يمكن ان‬
‫يعتبر ما يوجه اليهم نوع من النقد المباح‪ ،‬إل ان انصب على‬
‫اعمالهم المهنية دون حياتهم الشخصية‪.‬‬
‫وهناك اتفاق على ان كل من يدخل في ميدان السياسة ومن يدخل‬
‫فيها يجب أن يكون محل ً للمراجعة والمراقبة والمناقشة والنقد‬
‫والنتقاد لما يتضمنه هذا الميدان من خطورة و أهمية بحيث ل يمكن‬
‫حمايتها أو السهر عليها مع تقييد حرية اللسنة والقلم وتطبيقا ً‬

‫‪30‬‬
‫لذلك قضى بأنه لما كان الكاتب السياسي لم يمس ذات المنقود‬
‫الشخصية فان كل نقد مها بلغ من العنف والمرارة ليس إهانة ول‬
‫سب‬
‫ويقول الستاذ شريف كامل انه " بالنسبة للشخاص الذين يدخلون‬
‫مجال السياسة بأي صفة أيا كانت وعلى اختلف مواقعهم فان‬
‫العتبار السياسي للشخص يباح للبحث والتعليق والمناقشة والتقييم‬
‫وإبداء الرأي دون أن يعتبر المساس به إساءة إلى اعتباره‪.‬‬

‫ثالثا ً ‪ :‬أن يكون النقد موجها ً أساسا إلى العمل‪.‬‬


‫الصل في النقد انه يوجه إلى تصرفات الشخص‪ ،‬فل تثريب على‬
‫الناقد في نقد ذات أشخاص أصحاب التصرفات بحكم ذلك التصال‬
‫الطبيعي بين الشخص وبين تصرفاته و أعماله و أرادته‪.‬‬
‫والفقه على انه يجب دائما ً أن يكون الموضوع بالنسبة إلى النقد‬
‫بمثابة السباب بالنسبة للحكم تشهد بصحته أو بخطئه وبقصده أو‬
‫بشططه فإذ ذكر الرأي بغير ذكر الموضوع الذي يستند إليه ل يكن‬
‫نقدا ً ويستطيع الناقد وهو يبدى الرأي في عمل الشخص أو تصرفه‬
‫أن يلمس جانبا من حياته الخاصة و أخلقه الشخصية مهما كانت‬
‫قوة العبارة المستعملة في النقد مادام أن ذلك من مقتضيات النقد‬
‫ومن لوازمه بحسب نوع الموضوع الذي يتناوله النقد وما دام لم‬
‫يثبت أن ذلك النقد كان وسيلة مقصورة أو فرصه لتلويث سمعة‬
‫الشخص والساءة إلى شرفه أو اعتباره أو مكانته في المجتمع‪.‬‬

‫رابعا ً ‪ :‬أن يكون النقد متلئم مع الموضوع الذي يوجه إليه‬


‫وبحسن نية‬
‫ول يبقى من شروط إباحة النقد إل كونه متلئما ً مع الموضوع وان‬
‫يكون بحسن نية ومعنى ذلك أن الناقد حكم عليه أن يتعرض للنفع‬
‫العام فيما يبديه من آراء وان يعتقد صحة رأيه‪.‬‬
‫وفى ذلك تقول محكمة النقض " إذا كانت العبارات المنسوبة إلى‬
‫المتهم مقذعة وجاءت بأسلوب عام ل تبرز فيه واقعة بعينها يمكن‬
‫القول بان المتهم كان ينقدها‪ ،‬ومن أثرها إن تصور في خيال القارئ‬
‫افدح المكارة أذرى الصفات التى يمكن أن تسند إلى هيئة الحكم‬
‫في البلد فصيغة التعميم هذه تشهير صريح ل يفيد فيه القول‬
‫بحسن نية كما أن التعميم ل ينقلب إلى تخصيص بوقائع معينة جائز‬
‫إثباتها لمجرد ورودها على لسان المتهم "‬

‫‪31‬‬
‫كما انه من المستقر عنده انه " ل تترتب على الناقد أن يلجأ إلى‬
‫السخرية من الشخص أو العمل الذي ينفذه ول يبطله أن نستعمل‬
‫فيه عبارات مرة وقاسية إذ المناسبة التي يساق فيها النقد قد‬
‫تقتضي نوعا ً من قارس القول ومر العبارة وعنف اللفظ ول يعد‬
‫ذلك قذفا ً ول سبا ً ما دام الناقد يبغى المصلحة العامة وليس‬
‫التشهير ومرتبطا ً بالواقعة محل النقد ومتصل ً بها وثمة صلة بين‬
‫الواقعة وبين ما يقول ذلك إن الحدود بين النقد المباح وبين السب‬
‫المعاقب عليه ليست ثابتة أو جامدة "‬

‫صععور النعععقد‬ ‫‪‬‬

‫)‪ (1‬حق نقد العتبار السياسي‪:‬‬

‫ونقد العتبار السياسي للشخص مباح للمناقشة والبحث والشك‬


‫والنكار دون أن يعتبر المساس به قذفا أو سبا‪ .‬لن طبيعة النظام‬
‫الديمقراطي بما تستوجبه من حق المناقشة العامة وحق المعارضة‬
‫ورقابة الرأي العام على الساسة والقادة وضرورة الحتكام إلى‬
‫الناخبين في أوقات دورية ‪ -‬وإشراك الشعب في مسؤوليات الحكم‬
‫تجعل من المستحيل حماية العتبار السياسي بجزاء جنائي‪.‬‬

‫وكذلك لن كل ما يدخل في ميدان السياسة ومن يدخل فيها يجب‬


‫أن يكون محل المراقبة والمراجعة والنقد والنتقاد إذ المصالح التي‬
‫تزدحم في هذا الميدان من الهمية والخطورة بحيث ل يمكن‬
‫إعطاؤها حقها من الحماية مع تقييد حرية اللسنة والقلم‪.‬‬

‫)‪ (2‬النقد الدبي والعلمي والفني‪:‬‬

‫إذا كان القانون يدافع عن شرف وسمعة الفراد فهو ليس كذلك‬
‫فيما يتعلق بالموهبة الدبية أو الفنية لهم‪ ،‬فالقانون يترك باب النقد‬
‫مفتوحا على مصراعيه فيما يتعلق بثمرات الفنون والداب والعلوم‪،‬‬
‫فحرية النقد فيها تكاد تكون بل حدود ما دام ينشد النفع العام ول‬
‫يتجاوز العمل الفني أو الدبي أو العلمي الذي عرضه صاحبه لحكم‬
‫الجمهور‪ ،‬فلكل إنسان أن ينتقد كتابا أو مقال أو قصيدة أو رسما‬
‫وأن يبين سخفه أو غلطه وأن يسخر من مؤلفه بشرط أن يقصد‬
‫النفع العام وأل يهاجم خلق صاحبه فيما ل صلة له بالكتاب أو‬
‫المقال أو الشعر أو الرسم ول دليل عليه منه‪ ،‬أما إذا استطرد من‬

‫‪32‬‬
‫التعليق على العمل إلى ذكر وقائع ليست مذكورة فيه وارد فها‬
‫بتعليقات جارحة تشين المؤلف عندئذ قد خرج من النقد إلى‬
‫القذف‪.‬‬

‫وفي هذا المعنى قالت محكمة مصر البتدائية‪) :‬أن النقد العلمي‬
‫والدبي جائز ما دام ل يتناول سوى المؤلفات نفسها بدون تعرض‬
‫إلى شخصية المؤلف أو كرامته ول حرج على من ينقد أي مؤلف‬
‫أدبي أو علمي ولو بألفاظ بالغة منتهى الشدة لن المؤلف إذ أدلى‬
‫بمؤلفاته إلى الجمهور أصبح من حقهم أن يتناولوه بكل قدح أو مدح‬
‫لن المؤلفات الدبية أو العلمية ل تتولد لها أية حياة في عالم الداب‬
‫والعلوم إل بتقدير الجمهور لها ‪ -‬بذلك يكون من حق كل قارئ أن‬
‫يتناول تلك المؤلفات بالتحبيذ أو بالتقريع وأن يبحث مآخذها‬
‫ومصادرها وأن ينقد أسلوبها والخطاء التي حوتها إلى غير ذلك‪،‬‬
‫وعلى المؤلف أن يتسع صدره بحيث يحتمل كل طعنات يطعن فيها‬
‫مؤلفه مهما كانت شديدة وقارصة لن من ينشر كتابه يعتبر أنه قبل‬
‫ضمنا أن يستهدف لكل نقد أو تقريع ولو بأسلوب تهكمي سخري‬
‫فضل عن أن حرية النقد لزمة لرتقاء الفنون والداب وهذا صالح‬
‫عام يجب أن تضحي في سبيله اعتبارات الفراد‪.‬‬

‫)‪ (3‬النقد الفنعععي‪:‬‬

‫فالنقد الفني يؤدي إلى جعل التجربة الجمالية أفضل عن طريق‬


‫جعل الدراك الجمالي أقدر على التمييز‪ ،‬وهو يتيح لنا أن نرى ما لم‬
‫نكن نراه من قبل‪ .‬وهو يوجه انتباهنا إلى تألق المادة الحسية أو‬
‫سحرها‪ ،‬وإلى عمق الشكل والطريقة التي يؤدى بها بناؤه الشكلي‬
‫إلى توحيد العمل‪ ،‬وإلى معنى الرموز والروح المعنوية والروح‬
‫التعبيرية للعمل بأسره‪ ،‬والنقد يعطينا إحساسا ً " بالمقصد الجمالي‬
‫" للعمل )أنظر كتاب النقد الفني دراسة جمالية وفلسفية تأليف‬
‫جيروم ستولنتيز ترجمة د‪ .‬فؤاد زكريا بطبعة جامعة عين شمس‬
‫‪ 1974‬صت ‪ (748‬ويمكن القول بأن النقد الفني هو الذي يجعلنا‬
‫ننظر إلى شيء لم ننظر إليه أبدا ً من قبل‪.‬‬

‫)‪ (3‬النقعد التاريخععي‪:‬‬

‫‪33‬‬
‫أما بالنسبة للنقد التاريخي فهو يتعلق بالمنهج التاريخي ونقد‬
‫النصوص التاريخية للتأكد من صحتها وعدم تناقضها‪ ،‬والمر الذي‬
‫يجعل النقد ضروريا ً في مجال التاريخ هو نفسه الذي يجعل النقد‬
‫ضروريا ً في العمل القضائي‪ .‬فالنقد هنا يعني التيقن والتحقق‬
‫والفحص والتحليل وكشف التناقض‪ ،‬وإن مهمة النقد التاريخي هي‬
‫أن نميز في الوثيقة ما يمكن قبوله على أنه حق‪ 18.‬ومن ثم فإذا‬
‫كانت ضرورة النقد في المجال التاريخي تتحدد بما شوهه من‬
‫تناقض ل سبيل إلى دفعه بين وثيقتين فإن ضرورة النقد في العمل‬
‫القضائي تأتي من منطلق إمكانية وجود التناقض بين شهود الواقعة‬
‫الواحدة )المرجع السابق ص ‪.(20‬‬

‫وخلصة القول أنه يجوز للصحافة نقد الداء البرلماني سواء أكان‬
‫البرلمان أم البرلمانيين وذلك استنادا للحكام والشروط السابقة‬

‫‪) 18‬أنظر في ذلك كتاب النقد التاريخي نصوص ترجمها عن الفرنسية واللمانية ‪ /‬عبد الرحمن بدوي‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربية ‪.(1970‬‬

‫‪34‬‬

You might also like